الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

المجلد1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت

بقلم: العاملی

المجلد الأول

بحوث تمهیدیة : قصة الشیعة فی شبکات الحوار - بحوث فی المنهج

دارالسيرة

بیروت - لبنان

ص - ب : 25/49 ﻫ - 2000 م

جمیع الحقوق محفوظة للمؤلف

ص: 2

إهداء

بسم الله الرحمن الرحيم

إلي نور الله في أرضه.. مصباح المشكاة الربانية..

المذخور لتبديد الظلام البشري.. ثمرة الشجرة المحمدية..

موعود أنبياء الأمم.. بشارة خاتم الرسل..

ختام أوصياء الأنبياء.. جندي الله المستور..

قائد جنود الغيب.. ولله جنود السماوات والأرض..

الظاهر عندما يبلغ مسار البشرية أمراً هو بالغه..

هذه يا سيدي بضاعة مزجاة..

غير أن شفيعها عطركم أهل البيت..

صلوات الله عليكم.. وروحي فداكم.

ص: 3

ص: 4

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وآله المعصومين

أما بعد:

فهذا قطافٌ واسعٌ من صفحات النقاش في شبكات الإنترنت..

وهو صورة ناطقةٌ للعقائد والأفكار المتطرفة التي ما زالت تعيش في رؤوسِ أناسٍ يحاولون مصادرة الإسلام، وحصره في قوقعة جمودهم وخشونتهم!!

وسوف تري من منطقهم أنهم مصابون بمرض العنف في القول والعمل، والتعطش إلي تكفير المسلمين، وهدر دمائهم، واستباحة أموالهم وأعراضهم!!

وتري أنهم ينكرون مقام أهل بيت نبيهم صلي الله عليه وعليهم، ويلوون وجوههم عنهم، وعن حديثهم، ويكرهون من يواليهم ويلهج بحبهم!

هذا وهم يصلون عليهم كل يوم خمس مرات في صلاتهم!!

وسوف تري مقابلها.. صوراً رائعة لمذهب التشيع لأهل البيت النبوي الطاهرين صلوات الله عليهم.. ونماذج مما يتحلي به أتباعهم من علم وأخلاق وقوة حجة.. وصبرٍ علي الأذي والتهم الظالمة..

ولك بعد ذلك.. أن تعرف الحق وأهله.. ثم تختار لدنياك وآخرتك.

وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين.

العاملي

غرة رمضان المبارك 1420

ص: 5

الباب الاول: ابحاث تمهيدية

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: شبكات الحوار العربية

الفصل الثاني: أصول الفكر عند خوارج العصر

الفصل الثالث: الشيعة في شبكات الحوار

الفصل الرابع: فوائد النقاش المذهبي ومضاره

الفصل الخامس: نقاط في مناهج البحث العلمي

ص: 6

الفصل الأول: شبكات الحوار العربية

اشاره

عناوين المواضيع:

صور من أفكار الخوارج هم وأعمالهم

فتوي (علمائهم) بأن تهديدات المراقبين ومقصاتهم لا تكفي!

نماذج من موضوعات الشيعة التي حذفتها (شبكة الساحات)!

تكفير الشيعة وإباحة دمائهم! ومنعهم من الدفاع عن أنفسهم!

نماذج من شتائم الخوارج ومحاولاتهم تخريب (شبكة أنا العربي)

ولادة شبكة هجر الثقافية

الموسوعة الشيعية تتقدم بين شبكات الحوار

ولادة شبكة الحق الثقافية

ص: 7

ص: 8

افتتاح أول شبكة عربية للحوار

في سنة 1998 ميلادية، افتتحت أول شبكة باللغة العربية للحوار والمناقشة الحرة في دولة الإمارات العربية المتحدة، باسم الساحات العربية، بإدارة متعصبين من أتباع (أمير المؤمنين) ملا عمر الطالبان، وصهره الشيخ أسامة بن لادن!

ومن عقائدهم أنهم يكفرون كل من خالف رأيهم من المسلمين من السلف والخلف!

الأمر الذي استحقوا به اسم (خوارج العصر)!

وقد فتحوا في شبكتهم ساحة نقاش حرة، ودعوا المسلمين إلي المشاركة فيها..

وسرعان ما فتحوا النار علي الجميع، وكالوا لهم التهم وأصدروا عليهم الأحكام، بأنهم كفار، مشركون، ضالون، أهل بدع، ملحدون.. إلي آخر ما في جعبتهم.. المملوءة!

وسجل في شبكتهم نحو عشرين مشتركاً من الشيعة، ومثلهم من أتباع المذاهب الأربعة، والمتصوفة، والإخوان المسلمين، وغيرهم..

ودخلوا معهم في نقاشات ثبت فيها ضعف حجج علماء الخوارج وكتّابهم..

ص: 9

فضاقت صدورهم، وظهر عليهم الندم لأنهم سمحوا لغيرهم بالنقاش!

ففتحوا (جعبة الشتائم) ووزعوا بركاتها علي جميع المسلمين! وكان للشيعة منها النصيب الأوفر!!

وعندما لم تنفع الشتائم في تقوية الأدلة! بادروا إلي إقفال باب النقاش وتحريمه، وألغوا اشتراكات المناقشين، وحذفوا الكثير من مواضيعهم!

ثم.. أقفلوا باب النقاش كلياًّ.. ليخلو لهم الجو وحدهم!!

وها هم الآن في موقعهم (الساحات العربية) خلا لهم الجو فهم يبيضون ويصفرون في ساحاتهم،

ويكفرون جميع من خالفهم من المسلمين، بلا معترض يستطيع أن يواجههم باعتراضه، ولا مجيب يستطيع أن يوصل إليهم صوته!!

وقد اقتدت بالساحة العربية شبكة الجارح القطرية، نسبة إلي صاحبها الجارح ومشاركيه الجارحين!

أما شبكة سحاب فقد أنشئت بعد الجارح لتكون خاصة لفكر الطالبان وابن لادن، واتخذت قراراً أن لا تقبل مشتركاً من غير حزبها، ولا فكراً مخالفاً لفكرها!

فإذا صادف أن طرح أحد شيئاً من ذلك، انهال عليه الأخوة المجاهدون بعصي الفتاوي الميسرة، والقول الجميل!!

وهكذا أثبت هؤلاء الخوارج الجدد، أنهم أضيق صدراً من خوارج صدر الإسلام، وأقل إيماناً بالحرية من كل الأنظمة العربية التي ينتقدونها!!

فهم لا يتحملون الرأي المخالف.. حتي لو كان علمياً هادئاً، وحتي لو كان من رفيق عمرهم وجهادهم!!

ص: 10

مراقبون ثقافيون.. أم شرطة قمعية؟!

وظفت الساحات العربية أكثرمن عشرة مراقبين لمتابعة مواضيع الحوار، وخولتهم أن يحذفوا الموضوع الذي لايحبونه، وأن يؤنبوا صاحبه ويوبخوه، وأن يلغوا اشتراكه و (يطردوه) طرد الكلاب!

علي حد تعبيرهم!

ومع أنهم سلفيون متشددون، لا يرون علي وجه الأرض شرعية لغير دويلة الطالبان، لكنهم لم يقلدوا الطالبان في نظرتهم إلي المرأة!

فأعطوا منصب رئاسة الرقابة إلي امرأة سمت نفسها.. بل سموها (بنت الإسلام)!

فصارت هذه المحجبة حاكمة عليا علي كل المواضيع والنقاشات، وبيدها حذف الموضوعات، وإلغاء الإشتراكات، وطرد العضو.. طرد الكلاب!!

ومن لاحظ أساليب عمل الأميرة ومعاونيها العشرة، توارد علي ذهنه سؤال: من هو الأرحم في معاملة المسلمين: شرطة بلادنا العربية، أم هؤلاء الرجال العشرة الذين تقودهم امرأة؟!

صور من أفكارهم و أعمالهم
اشاره

كتب (المرابط 1) وهو سني، بتاريخ 15-1-1999:

إلي المراقب العاشر، السلام عليكم.

موضوعي الذي بعنوان (مذهب الرفض ينتشر في المغرب)..

ص: 11

لا يخالف أي بند من البنود التي ذكرتها.. فلماذا تم إلغاؤه..؟ أرجو الجواب...

وكتب (مناصر الشارف) وهو سني، بتاريخ 15-1-1999:

تُصدّق أني قلت لأحد الإخوان: إني سأشارك في الساحة، فقال: الله يعيننا وإياك علي تحمل أمثال المراقب 10 اللي (الذي) يقرأ العنوان فقط! راجع ملفي لديكم ومن ثم مارس عقدك!!

وكتب (نظير) بتاريخ 24-3-1999، سؤالاً إلي المراقب:

لماذا تحذف المواضيع التي تشارك في الساحة؟

وكتب (الشهم) وهو شيعي، بتاريخ 9-3-1999:

سبحان الله، تترضون علي يزيد بن معاوية وهو المعروف بشرب الخمر وتوابعه!

وهو الذي قتل الحسين ابن بنت رسول الله ظلماً، ثم استحل مدينة رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم لمدة ثلاثة أيام لجيش الشام، فلم يبقوا بكراً إلا و... وأخذوا يقتلون المسلمين! ورجم الكعبة بالمنجنيق!!! ونحن يا أعزائي لا نستطيع أن نذكر هذه الأمور لأن المراقبين لا يسمحون لنا!

وكتب (مشترك جديد) سني، باسم (نور الظلام) بتاريخ 9-4-1999:

أحبتي:

سجلتُ في الساحة منذ وقت قريب، ولكن هناك شيئاً هالني جداً، فعندما يحتدم النقاش بين السنة والرافضة، أجد أن هذا الموضوع يقفل، وحسب ما هو مكتوب أن بعض الأشخاص يلغي اشتراكهم!

ص: 12

السؤال الذي يطرح نفسه (وأخشي أن أجد نفسي غداً ملقي في.. خارج الساحة):

لماذا هذه الأفعال؟؟ ألستم تدعون أن هذه الساحة حرة؟

وليكن في علمكم أن المناقشة تكشف الباطل وتظهر الحق أينما كان..

ولكنكم أنتم حاولتم (وما زلتم) تمنعون ظهور الحق أينما كان!!

يا أخي يا مراقب: أترك هذه المواضيع مفتوحة فلربما مع النقاشات المستمرة نستطيع أن نؤثر علي بعض هؤلاء الرافضة فنضمهم إلي دين الإسلام الحق.. وما ذلك علي الله بعزيز، وتقبلوا تحياتي. وشكراً.

وكتب (المسلم الصادق) وهو سني، بتاريخ 14-4-1999، معترضاً علي إلغاء اشتراك دكتورة شيعية، جاء فيه:

أخت السنة والشيعة: زهراء. السلام عليك ورحمة الله وبركاته...

ولكن أنا أدعوك للحوار معي في مسألة الفرقة الناجية وإذا كنت أستاذة في الفلسفة فأنا لدي دكتوراه في الفلسفة ولا فخر.. ولذا فأنا أعتقد بأن حوارنا سيكون مثالياً ومتقارباً لحد كبير..

وليكن حوارنا علي ضوء القرآن والسنة والفلسفة.. ونترك للقارئ الإنصاف في الحكم..

وأما بالنسبة إلي عدم تمكنك من إرسال المواضيع باسمك.. فإن لم يكن بسبب خلل فني، فأنا أطالب رؤساء الساحة بإعادة تسجيلك فوراً، فإنه من وجهة نظري إجراء غير منصف البتة..

أخوك في الله المسلم الصادق.

ص: 13

وكتب (موسي العلي)، وهو شيعي، بتاريخ 22-4-1999:

الأخ العزيز قاسم جبر الله، بعد التحية والإحترام:

بارك الله في جهدك العلمي وحوارك المنطقي.

ولا يقدر هذا البحث إلا من يسعي نحو الموضوعية في الحوار.

للأسف لم أجد موضوع التقريب بين المذاهب الذي طرحته قبل أيام وحذفه الرقيب!

يقولون: يستحيل أن يتم التقريب بين أهل السنة والشيعة، لأننا نختلف معهم في أصل التوحيد!!

نعم ربما يكون ذلك مع (أتباع منهج السلف) فقط لأنهم لديهم تصور عن التوحيد يختلف عن الآخرين. أما مع سائر المسلمين فلا...

وعلماء السنة في الأزهر الشريف وسوريا ولبنان والسودان والمغرب العربي، أثبتوا خلاف ذلك بانفتاحهم علي الشيعة وحضور ملتقياتهم العلمية وتأييدهم لهذه الفكرة.

وختاماً: أري من الأفضل أن لا تبذل جهداً مع من يريد الجدل فقط.

والحذر مطلوب في هذه الساحة، ويا غريب كن أديب! ودمت موفقاً بدعاء أخيك الصغير.

وكتبت أميرة الساحة (بنت الإسلام) بتاريخ 4-5-1999، موضوعاًَ بعنوان (إلي المعترضين علي عمل المراقبين)، قالت فيه:

إن من أخطر مسائل الخلاف الذي حدث في تاريخ الأمة هو ما يتعلق بمسائل الإعتقاد والكلام في ذات الله وأسمائه وصفاته وغير ذلك من الأبواب..

ص: 14

لذا نحب أن نبين لجميع الإخوة والأخوات من رواد هذه الساحة بأننا كمراقبين في هذه الساحة الحساسة التي تحمل اسم ديننا الحنيف!

نعرف خطورة هذه الأمانة التي أسندت إلينا، وإننا مسؤولون عنها أمام الله عز وجل، لذا نتحري إبقاء كل خير فيها ينتفع منه المسلمون وحذف كل شر يضل به عباد الله، لأن الشبهات من الأسباب التي تؤدي إلي الإنحراف عن المعتقد الصحيح.

ونظراً لكون بعض القراء ليست لديه حصيلة من العلم، ولا سلاح يقدر به علي مواجهة خصومه في الإعتقاد، بالإضافة إلي أن وقت القادرين علي دفع هذه الشبهات ليس متاحاً.

لذا نري من الأصلح دفع هذا الشر واستئصاله، ولا شك أن هذا العمل لا يدل علي ضعف اعتقادنا كما يذكر البعض، بدليل أن النصراني لو ألقي شبهاً علي مسلم وما استطاع المسلم أن يرد عليها فإن ذلك لا يدل علي صحة مذهب النصراني، وهذا مقرر عند أهل العلم.

وما كتبه الأخوة المنتقدون لحذفنا مثل هذه المقالات فهذه لا تعدو أن تكون وجهة نظرهم كذلك نحب

أن نبين للجميع أنه لا يتم حذف ولا منع في هذه الساحة بدون سبب والمراقب ليس مطالباً ببيان حذفه لكل موضوع والممنوع عليه مراجعة ساحة الشكاوي لمعرفة سبب منعه.

كذلك نبين لبعض الإخوة أنه لا يوجد شئ يحمل اسم الحوار الحر المطلق!

فكل حوار له حد يجب الوقوف عنده. أما قول البعض بأنه لا داعي لمنع أي فكر فيه ضلال، لأن هذه الأشياء منتشرة في الكتب بين الناس، فنقول له: إن

ص: 15

انتشار هذه الضلالات وما تحويه من سموم في الكتب لا يعطينا الحق، وإن كنا نتركها أحياناً إذا وجد من طلبة العلم من يتصدي لها، وإلا فلا داعي لإبقائها!! لأن هذه الساحة كما يدخلها العالم وطالب العلم، يدخلها أيضاً الجاهل العامي.

ولقد أعددنا لهذه الساحة ضوابط سيعلن عنها قريباً، أرجو أن يتقبلها الجميع برحابة صدر.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فأجابها (يوسف ناصر)، قائلاً:

مع احترامي لكِ ولجميع الإخوة المراقبين: هناك ظلم فادح يرتكب في هذه الساحة يومياً ضد الإسلام والمسلمين، فهناك من يتطاول علي معتقدات المذاهب الأخري غير مذهب أهل السنة والجماعة، وهذا لا يجوز.

يجب أن تحترم جميع المذاهب كما يجب معرفة شئ أساسي.. بأن المذاهب ما هي إلا حجرات في بيت الإسلام الكبير، يجب علي المراقبين والمسؤولين في الساحة احترامها، وذلك من خلال تطبيق القوانين علي الجميع.

والكل يلاحظ بأن الكثير من المواضيع سخيفة ولا تستحق البقاء هنا، ولكن الإنحياز واضح للجميع، كما يوجد هناك سياسة واضحة لا أحد يستطيع إنكارها.. وهي سياسة مهاجمة المذهب الجعفري (الشيعي) وهو هدف أساسي لهذه الساحة، وتطور الأمر إلي تكفير وشتم وسب!

أين دوركم أيها المراقبون وأين مقصكم؟يجب أن تعترفوا بأخطائكم الكبيرة.

وتقبلوا هذا النقد برحابة صدر، وعدم حذفه أيضاً.. وشكراً.

وأجابها (محمد شرعي):

ص: 16

أسأل الله أن يجزي الأخوة والأخوات المراقبين خير الجزاء، وأن يوفقهم إلي ما فيه خير الإسلام والمسلمين.

وأقول للأخ يوسف ناصر: إن ما يخالف مذهب أهل السنة والجماعة من العقائد لا يجوز نشره بين الناس، أعتقد لو أن للرافضة موقعاً يشرفون عليه ما كانوا ليسمحوا بنشر ما يخالف مذهبهم.

وأجابها (حمزة فتي الجبل)، وهو سني:

أختي في الله بنت الإسلام: جزيتي (كذا) خيراً علي هذه الشفافية مع رواد الساحة وتوجيه رسالة إلي المعترضين. نحن هنا لا نريد أن نقول إن هذا المذهب علي صح، أو هذا المذهب علي خطأ، أو هؤلاء يستحقون الرد أو هؤلاء لا يستحقون المشاركة، أو.. إلخ.

نحن هنا نريد تصحيح مسار الساحة الإسلامية ونجعلها مفتوحة أمام الجميع بدون تمييز، ضمن ضوابط جديدة تضعونها أمام المشاركين في الساحة، ويلتزم الجميع بالتقيد بهذه الضوابط لأجل استمرارية الساحة علي نهجها التعددي، وحرية الرأي المتزنة والملتزمة بالضوابط.

وأجابها (محب أهل البيت)، وهو خارجي غير دموي:

يوسف ناصر: بإذن الله تعالي سينتهي السب للشيعة إذا ما بدأنا نقاش علمي (كذا) وتقبله الشيعة بصدر رحب وأقروا بالحقيقة!!

وأنا معاك (كذا) في رفض السب كطريقة للحوار، وسأسعي جاهداً في أن يتجه الأخوة المناقشين

ص: 17

(كذا) للشيعة علي نفس المنوال بإذن الله تعالي، لأن الأخوة عندهم حق.. لكن عرضهم للحق الذي معهم لا يناسبه!!

وأنا متأكد بأن أهل السنة لو ناقشوا بهدوء وروية فالحقيقة أوضح ما تكون، وهذه دعوة للأخوة المناقشين في لزوم الهدوء (ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك).

الأخت بنت الإسلام: بعد التحية والإحترام، فإن سجعك لا أعتقد أنه كان صحيحاً (الحمد لله وكفي) لأنه من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، وإذا كان قصدك الحمد وليس الشكر، كلمة كفي قد لا تكون مناسبة هنا. والله أعلم.

أما بعد: فإننا نري أن الساحة الإسلامية، ليست بأكثر من ساحة سب الشيعة!

وللأسف لو تصفحت جميع المواضيع فيها لم تجدي غير هذا، فهل هذا كل الإسلام، وليس هناك أعداء للإسلام غير الشيعة؟!

حاولت في رسائل سابقة أن أطرح مواضيع إسلامية ليس فيها خلاف، فرأيتها تحذف خلال دقائق!!

رجائي منك يا أختي العزيزة أن تطرحي بنفسك موضوعاً إسلامياً لا يمس بأحد، وسأكون شاكراً من إخوانك المراقبين إذا لم يحذفوه!!

وأجابها (تباشير الفجر)، وهو شيعي:

معذرة عندي سؤال: هل لهذه الدرجة العقيدة السلفية والمذهب السني من الضعف بمكان، بحيث تعد كتابات عوام الشيعة خطراً يهز الأركان.. ويضعضع الأصول..؟!!

ص: 18

من جهتي رغم كوني شيعياً أري بأن المذهب السني أرقي وأجمل مما يعرض هنا في ساحتكم الكريمة.. وأعتقد بأن ترك مساحة الحوار القائم علي الإلتزام العلمي والأدبي بين المسلمين كافٍ لاتضاح

الحقيقة النيرة.. وأنا معك بأنه يجب مسح كل ما يمس بالصحابة شتماً وسباً، ما عدا الذين ذمهم أهل السنة أمثال يزيد ومعاوية..

وفي الحقيقة لم تنظر عيني بعد إلي مقال شيعي شتم الصحابة رضي الله عنهم..

بل وجدت دعاوي من جانب السلفيين وتقريعاً وتنديداً لا أكثر..

وأعتقد رغم كوني شيعياً بأن مذهبكم لن ينفعه إلا أمثال محب أهل البيت الذين يلتزمون أدب الحوار نقاشاً وأسلوباً.. وأما البقية...!!

وثانياً: نحن من حقنا أن نكشف الستار عن الأكاذيب والإفتراءات التي تنسب إلينا.. أليس كذلك؟ أم أنك تقبلين بسياسة الكبت والقمع لنا، حتي من جهة ردنا علي الأكاذيب الملفقة علينا؟!!

علي كل حال أنا أشكر هذه الساحة ومراقبيها جميعاً ما دامت عندهم نية خدمة الإسلام الحنيف وأتمني لهم حفظ حقيقته.. كما أشكرهم لإتاحة الفرصة لنا في التسجيل والمشاركة..

وأجابها (موسي العلي)، وهو شيعي، بتاريخ 5-5-1999:

الأخت بنت الإسلام، بعد التحية والإحترام.

المسؤولية ثقيلة جداً، وإن شاء الله تكوني (كذا) بالمستوي المطلوب!

ص: 19

ولا حاجة لتكرار ما قلته لكم وللمراقبين سابقاً، ولكن أؤكد علي استمرار وتنمية التعددية في الآراء والأفكار، التي تنادي بها الساحة العربية وكتبها عند إضافة كل موضوع أو رد!

وأجابها (عارف التيمي)، وهو سني:

الأخت المراقبة بنت الإسلام والمؤهلة لأن تكون الناطق الرسمي للساحة العربية: بعد التحية والسلام..

لقد فهمت من مقالك إشارة إلي موضوعي الذي حذف، وأنا راضي (كذا) بحذفه احتراماً لجهودكم المشكورة، ولكني أشير أيضاً بأن النار التي في الغرفة لا يصح غلق باب الغرفة عنها، فإن النار

ستحرق الغرفة وتحرق باب الغرفة أيضاً، فينبغي مواجهة النار بالماء الزلال للقضاء عليها، وأرجو من الأخت الكريمة أن تتأمل في كلامي وتعطيه شيئاً من الإعتبار.

وأجابها المدعو (123456)، مطالباً بتطبيق رأي الطالبان في المرأة:

الأخت بنت الإسلام مراقبة الساحة: أنا لا أعتقد أن امرأة تصلح أن تكون مراقبة.. قَضَوْا الرجال؟؟ اجلسي في البيت أحسن لك وخل عمل الرجال للرجال..

وضع الرجل المناسب في المكان المناسب.. لا تزعلين (كذا) مني هذه وجهة نظري..

ص: 20

مراقب يمتحن المشتركين الشيعة امتحان صف أول ابتدائي

كتب (عمار)، وهو شيعي، بتاريخ 24-1-1998:

إلي الأخ المزروعي:

مرة تقولون إن الرافضة ظهرت بسبب ابن سبأ!

والآن ذكرتم أنه كان لهم (الشيعة) دور أيام خلافة عمر..

(ما ترسيلكم علي بر!! أي تثبت علي وجه واحد)، أو أنه مجرد تلفيق كلام.. وخلاص؟؟؟

اعلم أن الله يعلم بكل ما تفعلونه، وشاهد علي أكاذيبكم. فنعم الحكم الله، والموعد القيامة.

فأجابه (مفتار) بتاريخ 24-10-1998:

الشيعة من اليهود شئت أم أبيت... والكلام الفاضي ها.. يخليك اتقولها في الشارع...

ياعيّل اتقول قلة حيلة... وأنت يا عمار ما تفهم.. موب قادر إترد علي السؤال..

ولا كيف يا رافضي؟؟

وأقول لك نعم.. كراهية الشيعة ورثناها أب عن جد من أيام التابعين الكرام... وإلي يومك...

وأنتم السبب في كل مشاكل المسلمين... لكم الله أنا (كذا) تؤفكون...

ولو تعلمون فسيرة أبو (كذا) جهل وأبو لهب أشرف من سيرة الروافض...

ص: 21

اللهم دمرهم بدداً ولا تبق منهم أحداً... إنك إن تذرهم لا يلدوا إلا فاجراً كفاراً.. وبعد كل شيعي متعنتر.. سوف نبيد اليهود...

فأجابه (عمار) بتاريخ 24-10-1998:

صدقت والله عندما تقول إنكم ورثتموها أبا عن جد، وما فعله جدكم خير دليل، حشركم الله معه ومع من تلطخت (يداه) بقتل سيد شباب أهل الجنة سلام الله عليه.

لن أنزل أكثر إلي مستواك، وأقول لك سلاماً، فنعم الحكم الله والموعد القيامة.

وكتب (مفتار) بتاريخ 24-10-1998:

يا عمار: لم تجب علي سؤالي... ولماذا لا أحشر مع يزيد، وقد قال الرسول الكريم عنه..

مغفور له من غزا الروم. أو كما قال صلي الله عليه وسلم.

وكتب (موالي) بتاريخ 25-10-1998:

إلي المراقب الرابع... لا والله ولا عندك أي إنصاف.

أما أنت يا عمار فأدعو من الله أن لا تكون إماماً يصلي الناس خلفك...

لأن إذا كانت هذه أخلاق المسلمين فعلي الإسلام السلالالالام.

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم..

وأنا واثق يا المراقب الرابع.. أنك تمسح ما كتبته.

فكتب (المراقب الرابع) بتاريخ 25-10-1998:

لا لن أمسح ما كتبته يا موالي.. لأنك لم تخرج عن قوانين الساحة.

ص: 22

ولكن ما هو الإنصاف في نظرك؟ واسمح لي بهذا السؤال رجاء..

أعرف أن المفروض أن أوجه هذا السؤال كمساهم وليس كمراقب، ولكن لكي تعلم جديتي بالموضوع فأنا فعلاً أود أن أسأله كمراقب وليس كمساهم، وأريد الجواب بلا أو بنعم، ولا أكثر من ذلك رجاء: من الأفضل أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب أو الخميني؟

تذكر بأني أريد الجواب واضحاً جداً، وحتي أسهلها عليك سأعطيك اختيارين وما عليك سوي اختيار واحد منهما.

1. عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق رضي الله عنهم أفضل.

2. الخميني أفضل.

فكتب (مفتار) بتاريخ 25-10-1998

العزيز... المراقب الرابع. لقد قارنت شيئاً بشئ لا يقارن...

وكأنك تقارن الدرة بالتراب... ويا المراقب يا بو جاسم.. ما أنصفت..

ولو أنصفت.. كان ذكرت وايدين في رسالتك السابقة..

فكتب (سيف الدين):

السلام عليكم أيها المراقب:

والله إنك من الصابرين، وتذكر أن إرضاء العباد غاية لا تنال، وقيل وزعت الأرزاق فلم يقتنع أحد برزقه، وحين وزعت العقول أخذ كل إنسان عقله وفرح به، فكيف الحال إذا كان نقاشك مع أناس يرضعون حب الجدال مع حليب الأم! محال محال.. الله يكون بعونك ويصبرك علي هذه المحنة.

فكتب (التلميذ)، وهو شيعي:

ص: 23

إلي المراقب الرابع:

إن أكرمهم وأفضلهم عند الله أتقاهم، وذلك استناداً لقوله تعالي: إن أكرمكم عند الله أتقاكم.

فمن كان منهم لله أطوع ومنه أخوف وله أتقي، فهو أفضل.

الخطاب في الآية الكريمة موجه لجميع الناس لا فرق بينهم أبداً، فالله سبحانه وعلا عنده مقياس واحد للمفاضلة بين بني البشر لا ثاني له، وهو التقوي، فالتقي هو الأفضل وهو القريب من ربه سبحانه وتعالي.

ولا داعي يا أخي العزيز لإثارة مثل هذه الأسئلة فهي تبعد بين المسلمين أكثر مما تقرب، نسأل الله لنا ولكم وللجميع الهداية والسلوك لطريق الحق. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فأجابه (المراقب الرابع) بتاريخ 25-10-1998:

يا تلميذ: أقول لك من الأفضل أبو بكر أو عمر رضي الله عنهم وأرضاهم، أم الخميني؟

تقول لي إن أكرمهم عند الله أتقاهم؟!! والله لقد أضحكتني وشر البلية ما يضحك.

وإني استحلفك بالله لو كنت مؤمناً حقاً...

هل تري في أفضلية أبو (كذا) بكر وعمر رضي الله عنهم جدال أو نقاش (كذا)؟

ولكن أقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وكتب (الذيب)، وهو سني، بتاريخ 25-10-1998:

إخوة الإسلام الأعزاء.. ويا خير أمة أخرجت للناس:

ص: 24

سامحكم الله جميعاً، سواء كنتم كاثوليك أو بروتستانت، عفواً سنة وشيعة!

والله ثم والله ثم والله أدمي قلبي وأحزنني بل وكاد يقتلني كلامكم وأنتم تتبادلون الشتائم والتكفير،

وأين في أضخم ساحة أو مساحة مكشوفة للعالم اللي (التي) هي الإنترنت!! وكأنكم في مجلس بروحكم (وحدكم)!!

يا مسلمين عيب والله العظيم، عيب اللي (الذي) تسوونه، فضحتونا وشمتوا الأعداء فينا، ورويتوا غليلهم، ولا تحسبون إن ما حد (لا أحد) يعرف عربي إلا أنتم...

ولي رجاء خاص للإخوة أنهم إذا ما رضوا بالنصيحة.. أنهم يستخدمون أسماء الناس اللي (الذين) لو هم موجودين الحين (الآن)...

والناس اللي توفوا يرحمهم الله مثل استخدامكم لاسم الخميني رحمه الله..

وقبل الهجوم الغاشم من كلا الطرفين أعرفكم بنفسي أنا عربي 100 % وبدوي 100 % وعلي مذهب سيد ولد آدم عليه الصلاة والسلام سيدنا محمد الرسول الكريم

ص: 25

فتوي علماء الخوارج بأن تهديدات المراقبين و مقصاتهم لا تكفي
اشاره

طالب (السلفيون الثائرون المجاهدون) بالمزيد من حذف المواضيع وإغلاقها!!

فكتب (أبو عبد الله الأندلسي) بتاريخ 16-4-1999:

يا أخي.. ألا تري معي بأن هؤلاء الروافض المشركين يرفضون الحق رغم بيانه لكل ذي عينين..

ولكن كما قال المولي عز وجل: فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.

ولذا فإنهم يلجؤون دائماً إلي الهروب والتشكيك في كل من يفضحهم ويبين فساد معتقدهم، مع أن الكلام المستدل به علي بيان انحرافهم وضلالهم وشركهم وكفرهم.. و.. و.. يكون منقولاً من مصادرهم المعتمدة...

وأنا شخصياً أنصح الأخوة القائمين علي مراقبة هذه الساحة بعدم السماح لهؤلاء الروافض بنشر كفرياتهم علي هذه الساحة..

وكانت إحدي الأخوات من المراقبات قد ذكرت شيئاً من هذا القبيل - أعني بعدم السماح لأي شخص بنشر أي موضوع يخالف ديننا الحنيف - وهذا هو الواجب.

إلا أننا نريد من المراقبين تطبيق هذا الأمر وبطرد هؤلاء الروافض المجرمين، فإن لهم صفحات خاصة بهم فليذهبوا إليها وينشروا بها ضلالاتهم.. أما هنا فلا مقام لهم.

ص: 26

وأقول بأن هؤاء القوم لا ينفع معهم إلا السيف.. ولا ينفع معهم البيان.. ولكن ينفع معهم شئ واحد.. ألا وهو السنان.

وكتب (غوستان) بتاريخ 18-4-1999:

نظراً لما ينشره الرافضي الكذاب عبر مقالاته من أكاذيب وافتراءات علي الإسلام والمسلمين وبطريقة خبيثة وماكرة، لذا أرجو من القائمين علي هذه الساحة بطرد هذا الشخص بمنع نشر أفكاره الهدامة. انتهي.

قال (العاملي):

طبعاً مقصودهم بالأفكار ضد الإسلام والمسلمين، أنها ضدهم هم، لأنهم هم الإسلام والمسلمون، وغيرهم كفار!!

فأجابه (المراقب الرابع نجم):

أخي الكريم:

لقد تم طرد هذا الحقير طردة الكلاب من الساحة منذ مدة!!

كما أحيطك علماً بأني أراقب تحركاتهم أولا بأول، وأحصي مقالاتهم وأعدهم عداًّ!!

وكتب (الموحد) بتاريخ 27-8-1999، وهو خارجي مراقب في الساحة العربية، وصار فيما بعد مشرفاً علي أهم ساحة في شبكة سحاب:

الأخ الذهبي والأخ شاعر العرب: جزاكما الله خيراً. ولا مكان هنا للروافض ولا لنقاشهم.

الأخ الصمصام والأخ سليل المجد: رجاء لا تبادرا بالاتهام، وكونوا علي ثقة من أن أخاكم الموحد حين يتهم يحذف ويمنع دون ضجيج. وفقكما الله.

ص: 27

وكان (محمد الفاتح) كتب بتاريخ 15-4-1999، رسالة إلي المراقبين حثهم فيها علي التشدد في حذف المواضيع، وإلغاء الإشتراكات!! قال:

إلي عبد الرحمن، والتميمي، والجمل، وإحسان العتيبي، والمنهاج، وإلي (أبو المقداد)، والفارس المغوار، وأبو النصر، والمتوكل، وبنت الأصول، وسيف المزروعي، والمرابط، وثائر، وأبو معاذ..

أحب أن أزف إليكم وإلي جميع أهل السنة بشري افتتاح الموقع الإسلامي (سحاب) للحوار العربي، وقد أعجبني تصميم القائمين عليه علي عدم السماح لأي مبتدع أن ينشر فكره عبر الموقع، وهذا ما يتمناه كثير من الإخوة الذين ضاقت صدورهم برؤية مقالات الرافضة والأباضية والأحباش والعلمانيين والنصاري.. ولا شك أن مشاكلنا نحن أهل السنة ليست بالقليلة، فكيف نضيع أوقاتنا في منعطفات الطريق مع هؤلاء...؟!

وإني آمل أن يحذو القائمون علي الساحات حذو إخوانهم في سحاب، أو علي الأقل أن يستفتوا أهل العلم في حكم نشر مقالات المبتدعة بين الناس، ولا يقولن أحد: هناك ردود علي الشبه، فالشبه خطافة، وكم من رد لا يصلح، وكم من شبهة تستقر، والناس متفاوتون فهماً وإدراكاً..

وكم لكم من مقالات طيبة منعني من قراءتها ومتابعتها كراهتي أن أشارك هؤلاء، والله المستعان.

وإليكم ما كتبه مراقب سحاب مفتخراً بذلك:

نرحب بالإخوة المشاركين، ونتمني أن ينال المنبر إعجابهم وأن يحقق الأهداف المرجوة من إنشائه. ولعل أهم الأهداف التي نتوخي تحقيقها:

ص: 28

1 - دعوة الناس إلي الخير، وترغيبهم في الطاعات، وحثهم علي الإجتماع والإئتلاف، ونبذ الفرقة والإختلاف.

2 - نشر العقيدة الصحيحة بأسلوب سهل بعيداً عن لغة المناظرات وضجيج المعارك المفتعلة، التحذير من البدع والمخالفات، فغايتنا الدعوة والتنوير، لا التنفير والتشهير.

3 - هدفنا أن يكون الموقع خالصاً للسنة وبأقلام أهل السنة، فلا مجال لأي فكر دخيل، ولا فرصة لأي صاحب بدعة، إلا أن يقرأ ويتعلم أو يسأل ويشارك بأدب.

4 - نعلم أنه قد ضاقت صدور الكثيرين بما يرونه في ساحات الحوار الأخري من التهارج، والتقاذف والسباب وكثرة الإختلافات، وتجاوباً مع هذه النفوس الطيبة والصدور المكلومة، نحاول تطهير هذا المنبر من ذلك كله.

5 - فليعلم الإخوة المشاركون أن مقص المراقب جاهز علي الفور، مدرب علي القنص، لن يسمح بهذه الصورة المشوهة للحوار التي تسئ للإسلام والمسلمين. انتهي.

ص: 29

عاصفة شبكة الساحات ضد مشتركيها السنة والشيعة

وأخيراً لم تستطع أعصاب الخوارج المتوترة أساساً أن تتحمل ردود مخالفيهم من الشيعة والسنة، حتي لو كانت بحثاً علمياً مؤدباً وأحاديث من صحاحهم!!!

فقاموا بحذف موضوعات كل من شموا منه عطر مخالفة آرائهم، وألغوا اشتراكاتهم!

كتب (الفارس المغوار) بتاريخ 26-5-1999، ويظهر أنه من مالكي الساحة، موضوعاً بعنوان (إلي الرابع نجم، مشرف الإسلامية، المراقب العاشر، بنت الإسلام، حفظهم الله)، قال فيه:

الإخوة المراقبين (كذا) الأعزاء: الرابع نجم، مشرف الإسلامية، المراقب العاشر، بنت الإسلام حفظهم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الرجاء حذف كل المواضيع التي نشرها الرافضي المدعو العاملي، لما فيها من طعن للصحابة رضي الله عنهم أجمعين وافتراء عليهم. والسلام.

فأجاب (سماحة)، وهو شيعي:

لم يروِ العاملي إلا من كتب السنة وصحاحهم، وهذا ما أرجوك ملاحظته. إن كانت هذه الأحاديث لا تلائم مزاجك، فالعاملي غير مذنب.

وأجابه (فيصل المتروك)، وهو شيعي:

لماذا تريد حذف المقال؟ هل هو خطر، أم ماذا؟

هات ما عندك من رد بدون أي حذف.. أي مقال لا يتماشي معك تريد حذفه، وإلا من الأفضل

أن تغلق الساحة ولا أحد يكتب.

ص: 30

وأجابه (فرزدق)، وهو شيعي:

الأخ الفارس المغوار:

لماذا تطلب حذف مقالات العاملي ولا تطلب ممن سأل تلك الأسئلة أن لا يسأل؟ (يشير إلي مقال: أسئلة إلي كل شيعي متعقل).

وما مقالات العاملي إلا جواب عليها، بل هي من باب الدفاع عن النفس إن صح التعبير، ولم تكن إلا مما دونه التأريخ وذكرته الصحاح...

وهي لا تخلو من أمرين: إما حق وإما باطل... فإن كانت حقاًّ فهي أولي بالإتباع.

وإن كانت باطلاًَ، فردها بالدليل والبرهان وليس بالتراجع والإنهزام... ولي إليك نصيحة:

وهي أن تكون فارساً مغواراً، كما سميت نفسك، وتدخل ميدان النقاش العلمي الحر، وليس أن تتبع طريقة الضعفاء – وهي خلاف تسميتك - إلا أن تكون اسماً علي غير مسمي..

وختاماً: وأنا أكتب هذا الرد وجدت أن مواضيع العاملي قد حذفت، فيا أسفي عليها وعلي كل جواب علمي بناء قد ذهب أدراج الرياح...

وكتب (حازم)، وهو شيعي، بتاريخ 20-10-1998:

الأخ الكريم المراقب، السلام عليك:

لماذا تم شطب ردي علي الموضوع، أهي عنصرية، أم ماذا؟

ص: 31

تبجح الخوارج بأنهم (طردوا) المناقشين الشيعة من ساحاتهم

كتب (أبو حسن)، الوهابي، بتاريخ 27-6-1998، في شبكة أنا العربي الشيعية موضوعاً بعنوان (مساكين الشيعة لا يوجد من يقبلهم علي الإنترنت؟!)، قال فيه:

نعم، لقد بات الروافض مطرودين من أكثر ساحات النقاش العربية، وعلي سبيل المثال:

1 - ساحة (العربية) = ممنوع دخول الشيعة

2 - شبكة (سحاب) = ممنوع دخول الشيعة

3 - (واحة العرب) = ممنوع دخول الشيعة

4 - (والف) = ممنوع دخول الشيعة

الغريب أن لدي الشيعة ساحات نقاش شيعية لكنها شبه خالية، مثال: شيعة لنك وغيرها.

أليس لديهم مواضيع وأمور تحتاج إلي نقاش.. يفيدهم في حياتهم اليومية؟

مما يدل أن الشيعة لا يريدون إلا الجدال والطعن في عقائد المسلمين وإلقاء الشبه.

ولعل هذا سبب طردهم، والله أعلم.

ولا أدري هل ساحات النقاش الغربية تسمح بدخولهم أم لا؟

فأجابه (عرباوي 4)، وهو شيعي:

الشيعة يقولون كلمة الحق ولا يخافون إلا الله، وكلمة الحق مرة - بضم الميم - القليل جداً هو الذي يستسيغها ويقبل بها... هذا هو السبب في منعهم لأنهم

ص: 32

قويو الحجة والمنطق... والآخرين (كذا) يخافون من أن يسطع عليهم نور الشمس!!

وكتب (دانيال)، في اليوم التالي، وهو شيعي:

لماذا يقفلونها في وجوه الشيعة؟!

لأنه كثيراً من إخواننا السنة – وليس الوهابيين - السنة المتفهمين الواعين أصحاب العقول، والمفكرين والراغبين بالوصول إلي الحق، والباحثين عن الحقيقة، قد تركوا المذهب السني إلي المذهب الشيعي، إلي الحق، إلي الصراط المستقيم، إلي خط آل البيت عليهم السلام.

وأجاب (عبد الله)، وهو شيعي، بتاريخ 29-6-1999:

إن الحق وللأسف دائماً يستقبل بالرفض والقساوة علي أهله، فها هو رسول الله (صلی الله علیه و آله) عندما ذهب إلي الطائف استقبلوه بالحجارة والضرب، وفي مكة كانوا يضعون له الأشواك والأوساخ في طريقه، وها هم المسلمون الذين جاهدوا من أجل الحق ومن أجل إعلاء كلمة الله قد عذبوا، كأمثال عمار بن ياسر وأهله، وبلال وأبو (كذا) ذر الغفاري وغيرهم..

إن الحق سيصارع في كل الأزمان حتي ظهور المهدي المنتظر عليه السلام، ولكن يجب الثبات وعدم التراجع عن الحق..

وفقنا الله وإياكم للثبات علي هذا الدين وإعلاء كلمة الله، ونسأل الله العلي القدير أن يغفر لنا ولكم ولكل المسلمين. والحمد لله رب العالمين..

وكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 29-6-1999، وهي سعودية سنية:

إلي السيد أبو الحسن (كذا): السلام عليك.

ص: 33

ولي سؤال يا سيدي.. يعني لو تتكرم وتجيبني عليه أكن لك من الشاكرين: ما هي الإستفادة التي خرجت بها من هذا الموضوع؟ أريد الإجابة!!!

دعنا نري.. شتم وسب للشيعة ونسبتهم لليهود وللأمريكان، واتهام عرب الجزيرة بالقذارة، واتهامنا بضعف الحجة.. ماذا استفدت؟!

هل تحب الشتائم؟! أنت تعرف مسبقاً الأجوبة! فلماذا تجيب لنفسك ولمذهبك الذي هو مذهبي!!

الحقيقة أن بعض السنة هنا يصيبون المرء بالإحباط!! لماذا تعطونهم مبررات لشتمكم؟! لماذا تظهروننا بهذا المظهر؟! كتبت موضوعاً عن الوحدة فلم يشترك فيه سني واحد، واشترك فيه أكثر من 8 شيعة! لماذا لم تشتركوا؟ هل تكرهون الوحدة؟

صراحة أنا سنية، ولكني لم أر في حياتي أناساً بهذا التعصب!

صحيح أن هناك من الشيعة من هو قليل أدب ولسانه يستاهل القطع ومتعصب وسفيه، ولكن هذا ليس مبرراً لمجاراتهم. كما أن فيهم معتدلون (كذا) كثر.

فإذا أردتم الإستمرار علي هذا النحو فرجاء تكلموا بالنيابة عن أنفسكم، فأنتم مع احترامي الشديد لا تمثلوننا. وأرجو أن لا تغضبوا من صراحتي وتشنوا علي هجوماً مريعاً.

فما أردت إلا النصح، إن قبلتوه (كذا) يا هلا ومرحب، وإن رفضتوه (كذا) فهذا شأنكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وكتب المدعو (الحبيب) بتاريخ 26-6-1999، وهو خارجي، موضوعاً جاء فيه:

ص: 34

إلي الرافضة المطرودين من جميع الساحات:

أنتم إن طردتم من جميع الساحات ولكن تحبون إثارة الفتن بين المسلمين!

ليش ما ترحون شيعة لينك كلينك للعلاج من جنون السنة؟!! (أي لماذا لا تذهبون إلي شبكتكم شبكة الموسوعة الشيعية حتي تخلصوا من السنة)!

والله عندكم وجه قوي (جرأة) وليست حجة قوية!

والحين (الآن) ما تعرفون ابن سبأ اللي (الذي) علمكم التقية واللطم والصفع علي الخدود؟

إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ.

فأجابه (فرزدق)، وهو شيعي، في نفس اليوم:

لو قرأت ما كتبته عنك عند موضوعك عن ليلة عاشوراء وما كتبه عنك الآخرون..

وأيضاً ما كتبته عن أمثالك رداًّ علي (محب أهل البيت) عندما اتهمني بسوء الأدب معك..

نعم لو قرأت ذلك كله.. لاستحيت من نفسك ومن الآخرين..

ولوليت هارباً في مجاهيل إفريقيا أو غابات الأمزون..

ولغيرت اسمك وجسمك ورسمك.. ووو.. وعلي كل حال..

من يدري فلعلك تأتي بمصادر علومك من هناك.. وأنك هناك فعلاً.. من يدري؟؟؟

ص: 35

نماذج من موضوعات الشيعة التي حذفتها (شبكة الساحات العربية)

البحث في سند حديث شريف حرام!

كتب (فاروق البكري) بتاريخ 21-5-1999، موضوعاً بعنوان (حديث الدار)

وهو بحث حول تصحيح سند الحديث الشريف، وبين خطأ ابن تيمية في تضعيفه الحديث.

فكتب المدعو (أبو المقداد)، وهو من حركة الطالبان:

موضوع حديث الدار (فاروق بكر) يطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية (حاذروا)!!

إقرأ الموضوع بتمعن!

فبادرت رئيسة المراقبين إلي حذفه، وكتبت بتاريخ 21-5-1999:

يبدو أنك تريد مخالفة ضوابط الساحة الإسلامية بالمنع من نشر المعتقدات المخالفة لتوجه هذه الساحة فيما نعتقده بالله تعالي ورسوله وصحابته الكرام، والتي هي علي معتقد السلف الصالح أهل السنة والجماعة، لذا فأنت ممنوع من الكتابة في هذه الساحة..

وكذلك كل من يتدخل في الخوض بما نعتقده وندين الله تعالي به وسنلقاه عليه.

مراقبة الساحة الإسلامية

ص: 36

وكتب (العاملي) في شبكة الساحات بتاريخ 9-5-1999، موضوعاً بعنوان (رسالة إلي عقلاء الساحة الإسلامية)، قال فيه:

لعل نصف الموضوعات التي طرحت في (الساحة الإسلامية) تتعلق بالشيعة!

ولا بأس بالنقد، ولكن البأس بالأسلوب.. أسلوب الطرح وأسلوب الرد أيضاً!

إن نتيجة الأساليب غير العلمية: أن رواد هذه الساحة قد يكثرون، ولكنها كثرة موقتة، وطفح بسبب أن شبكة الإنترنيت جديدة..

لكن سيزول هذا الطفح إذا وجدت مواقع أكثر اتزاناً واحتراماً للقارئ، ولجميع المسلمين، بل لجميع الناس حتي الكفار منهم..

لذا أقدم نصيحتي إلي عقلاء الساحة، وفيها عقلاء والحمد لله..

أن يأخذوا علي أيدي أصناف بني آدم الآخرين، ولا يخربوا سمعة هذا الموقع..

وأول واجباتهم: التمييز والفرز وفصل الحسابات بعضها عن بعض.. لأن أعظم مشكلة في الساحة هي الخلط بين الأمور والأشخاص والجهات!!

والأسئلة التي يجب أن يبحثوها ويقدموا الأجوبة عليها كثيرة، أكتفي منها بثلاثة:

السؤال الأول: هل الساحة تمثل الحركة الوهابية، وتتبني أفكارها؟!

وإذا كان الجواب بالإيجاب، فأي وهابية تمثل.. لأن الوهابية في فهمنا أربعة أنواع:

ص: 37

وهابية ابن تيمية.. ووهابية المسعري وابن لادن.. ووهابية ابن باز والألباني.. ووهابية الحكم السعودي الخفيفة اللون، التي تحترم كل المسلمين علي اختلاف مذاهبهم، ومنهم الشيعة.

والسؤال الثاني: هل المطلوب.. في الموضوعات التي تطرح ضدنا نحن الشيعة.. سماع الجواب العلمي عنها، أم هي أحكام قراقوشية غير قابلة للدفاع؟!!

وإذا كان سماع الرد مطلوباً.. فلماذا تقوم الساحة بحذف الردود الشيعية..

ولماذا تقفل الموضوع قبل أن يتم؟

ولماذا عندما يطرح الشيعي مسألة علمية تسمح بالرد عليه بالسب الفاحش.. إلخ.

والسؤال الثالث: لماذا تسمح الساحة بطرح موضوعات أو ردود فيها تكفير لأهل أي مذهب من مذاهب المسلمين، ما داموا يعلنون الشهادتين، ويحسبون من أهل القبلة؟

وإذا فتحت باب التكفير، أو كانت مقلدة فيه لسماحة المفتي ابن باز، فيجب عليها أولاً أن تحكم علي نفسها بالكفر، لأنها تعتقد بكروية الأرض ودورانها، والمفتي ابن باز يفتي بأن من يعتقد بذلك فهو كافر، مرتد، واجب القتل، ووجوب قتله كفائي علي كل المسلمين، لكي يخلصوا البشرية من شره!!!

وأخيراً، فإن بعض الأخوة قد ملوا من مواضيع الساحة وأساليبها.. أما أنا فما زلت آمل بعقلاء الساحة... وأرجو أن يتحقق أملي وأملكم..

وتحية لكم من جنوب لبنان.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فكتب (لقمان):

ص: 38

يا ابن عامل.. يا متولي.

اسألني أنا.. هذه شنشنة (دندنة) أعرفها. ولكوني أعرف.. أنقل لك هذه البشارة: هم قلة والله.. وأقل مما تتصور.. لكنهم، والحق يقال، أكثر ضجيجاً.

ولو علم العلماء منهم بما يفعلون في سبيل تفريق الأمة لحرموا عليهم حتي استخدام الكمبيوتر.

وأسأل أنت أحد علماءك، وقل له إنك تكتب كذا وكذا ضد المسلمين، فإن أيدك فهو مخدوش في دينه وإيمانه.

وكتب المدعو (المجد):

أقول: يسأل (العاملي) هل الساحة تمثل الحركة الوهابية.. ويقول الوهابية في فهمنا أربعة أنواع.. وأجيبه بما يلي:

أولاً.. أنتم تكفرون الوهابية، وتقولون نحن لا نكفر أهل السنة، وسؤالي هو: هل الصحابة الكرام وبالأخص الخلفاء الثلاثة رضي الله عنهم أجمعين من الحركة الوهابية..

ثانياً.. الوهابية ليست حركة منفصلة عن أهل السنة بل هي امتداد للدعوات الإصلاحية.. ولقد كان لمواقفها من الرافضة وهدمها لقبة قبر الحسين رضي الله عنه أثر كبير في سعي الرافضة لتشويه صورة هذه الدعوة المباركة التي أصولها أصول أهل السنة والجماعة..

ثالثاً.. كما زعمت بأن الوهابية أربعة أنواع.. يقال.. والرافضة أنواعهم أكثر.. ففيهم من يقول بتكفير الصحابة وتحريف القرآن والرجعة والمتعة وإمامة علي رضي الله عنه وغير ذلك من أصولهم المعروفة.. وهؤلاء هم غالبية الرافضة.. ومنهم من يقول بأن جبريل الأمين خائن.. إذ أنه بعث بالنبوة إلي علي فذهب بها

ص: 39

إلي محمد عليه الصلاة والسلام، ومنهم من يقول بألوهية علي.. ومنهم الإخباريون.. ومنهم الأصوليون.. ومنهم غير ذلك.. فأيهم يمثل هذا (العاملي)؟

والسؤال الثاني.. جوابه.. الرد العلمي عندكم هو تنقص الصحابة رضي الله عنهم والطعن عليهم.. وهذا ما لا يقبل أبداً.. وحتي المسائل التي تزعم أنها علمية وتطرح من جهتكم..

فهي لا تعدوا (كذا) محاولات للإلتفاف علي العقول واستغفالها وإيقاعها في الشبه والشكوك وجرها للوقوع في خير القرون.. أو علي الأقل السكوت عن طرحكم..

والسؤال الثالث.. جوابه.. أنتم تكفرون المسلمين قاطبة وتلعنونهم وعلي رأسهم علي وأهل بيته رضي الله عنهم.. ثم إن تكفير الكافرين أصل أصيل من أركان الدين.. إذ أن من لم يكفر الكافرين أو شك في كفرهم فهو كافر بالله تعالي.. ثم أليس هناك نواقض للإسلام.. أما ما نسبته إلي الشيخ ابن باز حفظه الله فله ثلاث حالات:

أولاً.. أن فتوي الشيخ هي: من قال بكروية الأرض ودورانها وثبوت الشمس فهو كافر.. فهي علي هذ القول فتوي صائبة موفقة..

ذلك أن من قال بثبوت الشمس مكذب لله تعالي الذي يقول: والشمس تجري لمستقر لها..

ثانياً.. أن يكون الشيخ أفتي بذلك.. وأخطأ.. وقد رجع عن قوله وتاب منه.. وكل يؤخذ من قوله ويرد إلا النبي عليه الصلاة والسلام.. والشيخ حفظه الله اجتهد وهو أهل للإجتهاد..

ص: 40

ثالثاً.. أن (العاملي) لم ينقل الفتوي بنصها عن الشيخ.. فربما أن الناظر إلي الفتوي بمجملها يدرك مقصود الشيخ ومراده.. فلو نقلها بنصها ربما لم يكن له حجة فيها.. كما لا ننسي أن الرافضة قوم بهت وكذب وزيادة ونقص..

ولا يفوتني أن أذكر (العاملي) بأن رواياتهم تقول إن الأرض محمولة علي قرن ثور..

وأما جنوب لبنان فقد كثر فيه الرافضة الذين خدعوا السذج بما يسمونه المقاومة.. وعلي فرض أنهم يقاومون.. فما ذاك إلا دفاعاً عن أرض.. واستجلابا لنفوذ.. ومتي ما ابتعد اليهود عن الجنوب اللبناني فستسقط المقاومة راية المقاومة.. وغداً تتضح الرؤية وتسقط الأقنعة.. والحمد لله رب العالمين..

فأجاب (العاملي):

1 - نحن شيعة أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله، لا نكفر من يعلن الشهادتين حتي تحت السيف، عملاً بسيرة النبي صلي الله عليه وآله في مشركي مكة، الذين شهد القرآن بأن فيهم فراعنة!!

وكذلك لا نكفر من أنكر ضرورياً من ضروريات الدين لشبهة عرضت عليه ما دام بينه وبين ربه يتصور أنه مسلم. ولذلك فنحن لا نكفر الوهابيين وإن كفرونا وكفروا أكثر المسلمين، مع الأسف.

2 - من الواضح أن الصحابة لم يكونوا وهابيين، لأنهم كانوا قبل صاحب الدعوة الوهابية وإمامه ابن تيمية، أما أفكارهم فلم أجد عند أحد منهم تأييداً لتصور الوهابية عن الله تعالي، بل وجدت حملة شديدة من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها علي من يقول بأن الرسول صلي الله عليه وآله قد رأي ربه أو أنه يمكن أن يراه!!

ص: 41

فقد روي البخاري في صحيحه: 6/50:

عن عامر، عن مسروق قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أمتاه هل رأي محمد صلي الله عليه وسلم ربه؟

فقالت: لقد قف شعري مما قلت! أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمدا صلي الله عليه وسلم رأي ربه فقد كذب، ثم قرأت: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب، ومن حدثك أنه يعلم

ما في غد فقد كذب، ثم قرأت: وما تدري نفس ماذا تكسب غداً. ومن حدثك أنه كتم فقد كذب ثم قرأت: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. الآية.

ولكنه رأي جبرئيل عليه السلام في صورته مرتين.

وروي البخاري: 8/166:

عن الشعبي، عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثك أن محمداً صلي الله عليه وسلم رأي ربه فقد كذب، وهو يقول: لا تدركه الأبصار. ومن حدثك أنه يعلم الغيب فقد كذب، وهو يقول: لا يعلم الغيب إلا الله.

وروي نحوه في مجلد 2 جزء 4 ص 83 و مجلد 3 جزء 6 ص 50 و مجلد 4 ص 83.

وروي مسلم في صحيحه: 1/110:

عن عائشة: من زعم أن محمداً رأي ربه فقد أعظم علي الله الفرية.

وروي نحوه النسائي في تفسيره: 2/339، وفي ص 245:

عن أبي ذر أن النبي رأي ربه بقلبه لا ببصره.

ص: 42

وروي الترمذي في سننه: 4/328، عن مسروق قال:

كنت متكئاً عند عائشة، فقالت: يا أبا عائشة، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم الفرية علي الله: من زعم أن محمداً رأي ربه فقد أعظم الفرية علي الله، والله يقول: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب.

وكنت متكئاً فجلست.فقلت: يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني، أليس الله تعالي يقول: ولقد رآه نزلة أخري. ولقد رآه بالأفق المبين؟

قالت: أنا والله أول من سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن هذا.

قال: إنما ذلك جبريل، ما رأيته في الصورة التي خلق فيها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطاً من السماء ساداًّ عظم خلقه ما بين السماء والأرض، ومن زعم أن محمداً كتم شيئاً مما أنزل الله عليه فقد أعظم الفرية علي الله، يقول الله (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك). ومن زعم أنه يعلم ما في غد فقد أعظم الفرية علي الله، والله يقول: لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله).

هذا حديث حسن صحيح. ومسروق بن الأجدع يكني أبا عائشة. انتهي.

وروي نحوه أحمد في مسنده: 6/49، وفيه، قالت: سبحان الله لقد قف شعري لما قلت... إلخ.

3 - لم أجد وهابياًّ يدعي أنهم هدموا قبر الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء، نعم هدموا قبور الإمام الحسن وأئمة أهل البيت عليهم السلام وقبور غيرهم في البقيع!

ولا أظنهم يقبلون منك إثارة هذه الحساسيات (والإفتخار) بها!!

4 - نحن الشيعة كبقية المذاهب، عدة فرق، والموجودون منهم في عصرنا ثلاث فرق فقط:

ص: 43

الإثنا عشرية، والزيدية، والإسماعيلية..

وكلهم لا يكفرون أحداً من المسلمين، ويحكمون بكفر كل من ادعي الألوهية أو المشاركة بالألوهية لأحد من البشر، سواء كان من أهل البيت أو غيرهم.

ويحكمون بكفر من يزعم خيانة الأمين جبرئيل عليه السلام، وأن علياًّ عليه السلام نبي، أو كانت له النبوة ثم نزلت علي غيره!

فأين الشيعة الذين تتكلم عنهم أيها الأخ؟!

أرجو أن ترشدني إلي واحد منهم علي وجه الكرة الأرضية، أو إلي مصدر لهم فيه ما نسبته إليهم!

وإذا لم تجد أثراً لذلك، فأرجو أن لا تتكلم مرة أخري بدون مستند..

5 - كيف يصح قولك المتناقض إنا نعتقد بنبوة علي عليه السلام، وإنا نكفر الصحابة وأهل البيت عليهم السلام؟!

6 - أرجو أن تعذر الشيعة في شدة حبهم وولائهم لأهل بيت نبيهم صلي الله عليه وآله، فنحن نعتقد أن ولاءهم فريضة وجزء من الدين، ومسؤولية يوم القيامة، والصلاة عليهم جزء من الصلاة..

وأهل البيت يا أخي صحابة أيضاً!!

والصحابة عندنا محترمون، ولكن نعتقد أن باب البحث فيهم مفتوح للمسلمين، وأنه يحق للمسلم أن يعتقد فيهم ما يوصله إليه البحث بينه وبين ربه.

وإذا لم يبحث المسلم عن مكانتهم وفضائلهم وخلافاتهم وحروبهم مع بعضهم، وأوكل أمرهم إلي الله تعالي فهو معذور شرعاً، ولا يسأل عنهم يوم

ص: 44

القيامة، ولا يسألون عنه، إلا بمقدار ما يتعلق بأهل بيت نبيه صلي الله عليه وعليهم.

7 - فتوي مفتي المملكة الشيخ ابن باز صريحة، وقد ألف فيها كتاباً سماه (الأدلة النقلية والحسية علي جريان الشمس وسكون الأرض) طبع مؤسسة مكة، ونشر الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.

وقد طرح الموضوع أخيراً في شبكة المنتدي.

والفرق كبير - أيها الأخ - بين أن توجد في مصادر الشيعة أو السنة روايات أو إسرائيليات بأن الأرض علي قرن ثور وما شابه، وبين أن يفتي بها كبار العلماء ويتبنوها، ويكفروا من لا يعتقد بها.

8 - تفاجأت بموقفك من المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، حيث شككت في أصل وجودها، ثم حكمت علي دوافعها ونوايا أصحابها بأنها رياء لغير الله تعالي، وأنها مزيفة، وسوف ينكشف زيفها.. لماذا هذا الإفراط، والحكم علي شئ بدون علم؟!

والحل أن ندعوك إلي زيارة شباب المقاومة، لتري بنفسك إيمانهم وتقواهم وإخلاصهم، ودوافعهم الإسلامية، التي يخشع المسلم أمام إخلاصها.. علي أنه يمكنك أن تقتنع بإيمان شباب المقاومة من القرآن الكريم حيث قال الله تعالي: لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود.

وأكثر من يكرههم اليهود في عصرنا، وتشتد لهم عداوتهم هم شباب المقاومة، فهذا دليل علي أنهم من طليعة المؤمنين. والحمد لله رب العالمين.

ص: 45

تكفير الشيعة و إباحة دمائهم! و منعهم من الدفاع عن أنفسهم
اشارة

فتح (المجد) في شبكة الساحات بتاريخ 24-5-1999، موضوعاً بعنوان (قالوا في الرافضة)، جاء فيه:

ومن أهل البدع: الرافضة.. الذين يتبرؤون من أبي بكر وعمر..

ويدعون موالاة أهل البيت..

وهم أكذب الخلق وأضلهم وأبعدهم عن موالاة أهل البيت.. وعباد الله الصالحين..

وزادوا في رفضهم حتي سبوا أم المؤمنين رضي الله عنها وأكرمها..

واستباحوا شتم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم إلا نفراً يسيراً..

ومنهم من يقول: غلط الأمين وكانت النبوة لعلي رضي الله عنه..

وهم جهمية في صفات الله.. زنادقة في باب أمره وشرعه!!

والحمد لله رب العالمين.

ص: 46

الكذب الصريح علي الشيعة من عالم يدعي التخصص في الحديث

كتب (أبو عبد الرحمن الطحاوي) في شبكة الساحات العربية، بتاريخ 28-5-1999، مقالاً بعنوان (الكلمة الأخيرة - للذين يستدلون بكتاب نهج البلاغة)، قال فيه:

لقد وجدت في الحوار الدائر بين أخي في الله (محب آل البيت) والشيعة، (الفرزدق) وغيره، الذين دائماً يشكرونه علي (الفاضي والمليان) أنهم في الحوار الأخير قد استدلوا بأقوال علي رضي الله عنه من كتاب نهج البلاغة، وبذلك قد أوقعوا أنفسهم من حيث لا يعلمون في حرج شديد.

وبذلك تنتهي الحوارات معهم لما هو آت.

جاء في هذا الكتاب ما يثبت وينفي أن علي (كذا) رضي الله عنه هو أحق بالولاية من أبو (كذا) بكر وعمر وإليكم الدليل:

عندما أراد المسلمون الموالون لعلي أن يبايعوه علي الإمامة، أنظروا ماذا قال لهم: دعوني والتمسو

غيري فأن أكون لكم وزيراً خير لكم من أن أكون لكم أميراً. كتاب نهج البلاغة:1/181-182.

قولوا لي بالله عليكم: أهذا قول من تكون له الولاية بالنص؟؟؟

إن قلتم: نعم.كذبتم بهذا الكلام، وغيره من الأدلة القادمة. وإن قلتم: لا. كان حقاًّ أن تكونوا مثلنا في الإعتقاد.

2 - وقال علي رضي الله عنه أيضاً: والله ما كان لي في الولاية رغبة ولا في الإمارة إربة، ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها. نهج البلاغة: 1/322

يا الله يا خالق العقل. أبعد هذا الكلام لا يزالون يتكلمون عن ضلالاتهم؟؟

ص: 47

3 - قال علي رضي الله عنه في كتاب نهج البلاغة: وإنا لنري أبا بكر أحق بها - أي بالخلافة - ورب الكعبة إنه لصاحب الغار وإنا لنعرف سنه. ولقد أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم بالصلاة خلفه وهو حي!! نهج البلاغة: 1/132. ووالله ليس لكم كلام بعد ذلك إلا الضلال...

وختم الطحاوي كلامه قائلاً:

والله إن هناك أدلة أخري كثيرة تدحض ضلالاتكم في هذا الكتاب وغيره، ولكن حسبي فيما ذكرت الكفاية والدليل، لمن كان له عقل وقلب يتدبر.

فأجابه (خادم آل محمد) بتاريخ 30-5-1999، قائلاً:

هل لك أن تذكر من هو شارح نهج البلاغة، ورقم الخطبة حتي يسهل علينا البحث؟؟

فكتب (الطحاوي) بتاريخ 31-5-1999:

إن شارح نهج البلاغة المعني هنا هو: العلامة الشيعي الشريف المرتضي. وهناك غيره أيضاً.

المهم أن تبحثوا وتقرأوا كتبكم فإن فيها الكثير، ومنها علي سبيل المثال لا الحصر: أن الحسن رضي الله عنه قد تنازل للخلافة لمعاوية (كذا) رضي الله عنه، وأنا أستعجب (كذا) كيف يتنازل وهو منصوص عندكم (كما تدعون) علي أن الخلافة له من بعد أبيه؟؟؟؟؟

وقد جاء ذلك في رجال الكشي للكشي ص 103.. وكتاب مروج الذهب ص 432 وغيره من الكتب للشيعة طبعاً.

وأجابه (خادم آل محمد) بتاريخ 1-6-1999:

ص: 48

إلي أبي عبدالرحمن.. سألتك سؤالاً محدداً.. فلماذا اللف والدوران؟؟

وهل يصعب عليك مراجعة الكتاب، وذكر رقم الخطبة؟؟

أم أنك تنقل من كتب المتعصبين ضد الشيعة؟؟

وأرجو أن تأتي أيضاً بمصادر الحديث الذي ذكرته (إن ابني هذا سيد)...

الذي تزعم بأنه صحيح عند الفريقين.

أتمني أن أحصل علي الإجابة علي هذه الأسئلة.. وشكراً والسلام عليكم.

فأجابه (الطحاوي):

لم أتهرب أبداً من أي حوار مع أي شخص كان حتي لو كان معه الحق فأرجع إليه، لأن الرجوع للحق فضيلة.

أما وأني علي يقين بأني علي الحق كما أني علي يقين بأن الله واحد حق، وأن محمد (كذا) صلي الله عليه وسلم حق. فكيف أتهرب؟؟!! قلت لك أن الكتاب هو: نهج البلاغة للعلامة الشيعي الشريف المرتضي، المطبوع في إيران سنة 1297 ه-.

وذكرت لك رقم الصفحة والجزء، فهل تريد أن آتي إليك وأفتح لك الكتاب لتري، أم ماذا؟؟؟؟!!!

أما حديث (إن ابني هذا سيد) فقد جاء في البخاري برقم 2505.

وجاء أيضاً في سنن الترمذي برقم 3706.

وجاء أيضاً في مسند الإمام أحمد برقم 19497، 19550، 19572، 19611 وهناك روايات كثيرة للحديث.

ولاحظ أنها جاءت عن آل البيت رواية، وقد ذكرت لك سابقاً مصادر الشيعة مثل كتاب رجال الكشي للكشي، وغيره. هذا والحمد لله رب العالمين.

ص: 49

وسأله (خادم آل محمد):

إلي أبي عبد الرحمن.. تختلف كل طبعة عن الأخري في أرقام صفحات الخطب..

فأرجو ذكر رقم الخطبة؟!

انتهي.

قال (العاملي):

وطبعاً غاب الطحاوي المتخصص ولم يستطع أن يجيب، لأنه كذب كذبتين مفضوحتين:

الأولي: أنه لا توجد في نهج البلاغة ولا في غيره من مصادر الشيعة الكلمة التي نسبها إلي علي عليه السلام في حق أبي بكر!!!

والثانية: أنه لم يذكر مصدراً شيعياً يصحح حديث (إن ابني هذا سيد..)!!

كما كذب كذبة ثالثة فيها تدليس!

حيث استدل بكلام علي عليه السلام (دعوني...) الذي قاله لجمهور المسلمين الذين جاؤوه متظاهرين مصرين علي أن يبايعوه بعد مقتل عثمان، فقد قاله ليقيم عليهم الحجة بذلك، ويأخذ من التعهد والإلتزام بطاعته!!

ولم يقبل أن يبايعوه في بيته، بل في المسجد..

وليس في كلامه أي إشارة إلي أنه ليس هو صاحب الحق الشرعي في الخلافة!!

ص: 50

وكتب (أبو عبد الرحمن الطحاوي) أيضاً في شبكة الساحات العربية، موضوعاً بعنوان (إلي كل شيعي متعقل)، ونشره أيضاً بعنوان (إلي عقلاء الشيعة)!! قال فيه:

هذه أسئلة دائماً تأتي في ذهني عندما أفكر في أمر الشيعة ومذهبهم.

1 - هل قال علي رضي الله عنه يوماً (بسند صحيح) إلعنوا أبو (كذا) بكر وعمر؟

2 - وهل قال أيضاً أنا أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعاً؟ أو أنهما اغتصبا الخلافة مني؟

3 - ولماذا يسمي علي رضي الله عنه أبناءه بأبي بكر وعمر وعثمان، إن حقاًّ يبغضهم وكذلك الحسن والحسين رضي الله عنهما؟

4 - ولماذا زوج علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه،كما جاء ذلك في الكافي 5/346 باب تزويج علي ابنته أم كلثوم، وكذلك جاء في كتاب الإستفسار (كذا) للطوسي 3/350، وكذلك كتاب منتهي الآمال للقمي 1/186. هل ذلك هو علي الفارس المغوار الذي يزوج ابنته تقية أو خوفاً؟؟

5 - هل قال علي بأن هذا القرآن محرف؟ وأنه هناك قرآن آخر؟ ولماذا إذن كان يقرأ به علي المسلمين وفي أيام خلافته أيضاً.

6 - لماذا تقدسون يوم موت الحسين رضي الله عنه مع أنه في الجنة؟ والذي في الجنة لا يبكي عليه بل يفرح المرء له أشد الفرح؟

ص: 51

7 - ولماذا موت النبي صلي الله عليه وسلم لا يكون أشد قداسة - إن جاز ذلك كله - مع أنه عليه الصلاة والسلام مات شهيداً أيضاً كما جاء في أحد (كذا) الروايات (متأثراً بالسم الذي أكله من طعام اليهودية)؟

8 - ولماذا زيارة قبور الأئمة أفضل عندكم من 100 حجة مع أن ذلك لا يكون للنبي (صلی الله علیه و آله) عندكم؟

9 - وما هو الدليل علي أن الأئمة يعلمون الغيب، مع أن النبي صلي الله عليه وسلم لا يعلمه بنص القرآن؟

10 - ولماذا لا تتباكوا (كذا) علي الحسن كما تفعلون مع الحسين رضي الله عنهما؟ مع العلم أن الذي خذل الحسين هم شيعته بنص كتبكم أي أنكم أنتم الذين قتلتموه؟

11 - ولماذا في كتب الشيعة الموجودة الآن أن القرآن محرف، مثل الكافي، تفسير القمي، والحكومة الإسلامية للخميني ص 52.. وغيرها من كتب الشيعة الموجودة الآن؟

12 - وإن كان القرآن غير محرف كما تدعون، فلماذا لا تقومون بحذف ما في تلك الكتب، أو علي الأقل يقوم علمائكم (كذا) بإنكار ذلك وهذا أضعف الإيمان؟

إن في صدري أسئلة كثيرة جداً، ولكن لا مجيب والله المستعان علي ما تصفون والحمد لله رب العالمين.

فأجابه (قاسم جبر الله)، بقوله:

ص: 52

نعم لقد طرحت هذه الأسئلة في الجارح وقد طرحها (بندر)، وقام البعض من أبناء الشيعة في الإجابة عليها. وأعتقد أن الإجابة عليها هنا سيؤدي إلي محذور والكل يعرفه!

وعليه أقول رداًّ علي الطحاوي.. إلي الأخ أبي عبد الرحمن الطحاوي:

أحببت أن أقدم لك شيئاً من الإجابة باختصار حول ما طرحته من أسئلة، هذا بعد الإذن من إخواني أبناء الشيعة، ولكن أحببت أن أشير قبل البدء إلي أمرين:

الأول: ما قلته وتفضلت به بعبارتك (إن في صدري أسئلة كثيرة كثيرة ولكن لا مجيب)..

فهذا القول لا ينبغي منك أن تقوله وتسطره.. لأن جميع هذه الأسئلة وغيرها بكثير قد طرحت بين المتناظرين من علماء الطرفين، ودونت الكتب والموسوعات حولها في العقائد والتاريخ والملل والنحل وعلوم القرآن والتفسير والفلسفة بمعناها الخاص والعام، والحديث والفقه والأصول، فهذه المكتبات ترزخ (كذا) بمثل هذه المدونات، وقد قام علماء الشيعة بالرد عليها بالدليل العقلي والنقلي، والبرهان المقنع والجلي، وبالحجة والمنطق السليم.

فكان الأولي بك يا أخي وأنت مثقف مطلع علي كتب الدين - هذا ما يفترض فيك - وتقرأ في المسائل الدينية، أن تلم بكتب الشيعة، وخاصة مثل هذه الكتب والمدونات التي تدور حول موضوع الخلاف ومسائل الإختلاف.

فقولك (لا مجيب) غير دقيق وغير علمي، ولا يقبل منك وفيه تسرع ولو قلت (الإجابات والردود غير مقنعة) لكان أفضل. ومن ثم أذكر الموارد التي لم تقتنع بها ليدور الحوار حولها.

ص: 53

الأمر الثاني: إن الإجابة علي هذه الأسئلة أو بعضها فيه خروج علي القوانين التي رسمتها أسرة الساحة، وعليه يكون حذف الرد أو منع الكاتب مساغ (كذا)!

فهل هناك ضمان بعدم حذف الموضوع ومنع الذي يقوم بالرد عليه؟

أعطني الضمان!! أريد ضماناً وسماحاً بحرية الإجابة من أسرة المراقبين، ومن ثم نبدأ بالحوار والسلام.

وأجابه (العاملي):

الأخ أبو عبد الرحمن الطحاوي المحترم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..

فهذه إجابات مختصرة علي أسئلتك التي طرحتها هنا، وطرحتها أنت أو غيرك أيضاً في شبكة الجارح، وقد جمعت المتجانس منها حتي لا أحتاج إلي تكرار الجواب، وكما تعرف فإن أرقام التسلسل فيها غير دقيقة.

المحور الأول منها حول تحريف القرآن.. وأسئلتك حوله هي:

4 - هل قال علي بأن هذا القرآن محرف؟ وأنه هناك قرآن آخر؟ ولماذا إذن كان يقرأ به علي المسلمين وفي أيام خلافته أيضاً.

11 - ولماذا في كتب الشيعة الموجودة الآن أن القرآن محرف، مثل الكافي، تفسير القمي، والحكومة الإسلامية للخميني ص 52، وغيرها من كتب الشيعة الموجودة الآن؟

12 - وإن كان القرآن غير محرف كما تدعون، فلماذا لا تقومون بحذف ما في تلك الكتب، أو علي الأقل يقوم علماؤكم بإنكار ذلك وهذا أضعف الإيمان؟

والجواب عن ذلك:

ص: 54

نحن نعتقد أن القرآن كان مجموعاً من زمن النبي صلي الله عليه وآله، وكانت نسخه موجودة في أيدي المسلمين في المدينة وخارجها، ويوجد حديث يقول إنه كان بين منبر الرسول صلي الله عليه وآله والحائط مقدار ما تمر العنز، وكان فيه دواة وقرطاس، فكلما نزلت سورة كتبوها ووضعوها هناك، لكي يكتبها من يريد.

وأبسط دليل علي ذلك أنه ثبت عند الجميع بسند صحيح متواتر، أن الرسول أوصي المسلمين بالتمسك من بعده بالقرآن والعترة، ولا تصح الوصية بقرآن لم تجمع نسخته!

وقد كانت أكمل نسخة من القرآن عند علي عليه السلام، لأنه كان يكتب القرآن والسنة بأمر النبي صلي الله عليه وآله في حياته.

وبعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله جاء علي عليه السلام بنسخة القرآن إلي المسجد، وفيه كبار

الصحابة، وكانت ملفوفة بثوب أصفر، فقال لهم: لقد أوصاكم النبي صلي الله عليه وآله بالقرآن والعترة، وهذا القرآن وأنا العترة.

ولكنهم لم يقبلوا النسخة منه، وقالوا: لا حاجة لنا به عندنا القرآن.

فقال لهم: إذن والله لن تروه، فقد أمرني النبي صلي الله عليه وآله أن أعرضه عليكم إن قبلتم.

ولم تعتمد دولة الخلافة نسخة علي، وكذلك جاء الأنصار ليكتبوا القرآن فمنعتهم الدولة... إلخ. وهكذا لم تتبن الدولة الإسلامية نسخة رسمية للقرآن، وقد وعدت المسلمين بذلك، وشكلت لجنة لجمعه، لكن لم يصدر عنها القرآن المدون.. واستمر الأمر كذلك إلي أن انتهت خلافة أبي بكر، وعمر، وشطر من خلافة عثمان!

ص: 55

وفي هذه المدة كان المسلمون يكتبون نسخ القرآن في العراق والبلاد المفتوحة من جهتها من نسخة عبد الله بن مسعود، وفي الشام والبلاد المفتوحة من جهتها من نسخة أبي بن كعب، وفي البصرة والبلاد المفتوحة من جهتها من نسخة أبي موسي الأشعري.. وكانوا يكتبون عن نسخ صحابة آخرين أيضاً..

وقد نشأت بسبب ذلك مشكلة الإختلاف في القراءات واتسعت بين المسلمين، حتي انفجرت وكادت تصل إلي القتال بين جيش المجاهدين في فتح أرمينية، حيث شارك فيه جيش الشام وجيش الكوفة، ووقع بينهم اختلاف في القراءات، وأعلن بعضهم كفره بقرآن الآخر، وكاد يقع قتال، فأصلح

بينهم قائدهم حذيفة بن اليمان بحكمته ومكانته، وجاء في وفد إلي المدينة ليعالج المشكلة وساعده علي ذلك علي عليه السلام، وأقنعوا الخليفة عثمان بضرورة أن تتبني الدولة نسخة من القرآن، وتوحد نسخه في جميع البلدان، فقبل بذلك وأصدر أمره بتدوين النسخة الأم الفعلية..

فالنسخة الفعلية تم تدوينها بطلب حذيفة وعلي، وتدل الروايات علي أنها كتبت عن نسخة علي.. فكيف يمكن أن يصدر عنه كلام بأنها محرفة؟!

وفي هذا الموضوع بحوث ودراسات لا يتسع لها المجال.

أما ما ذكرت من الروايات الموجودة في كتبنا عن التحريف في القرآن والعياذ بالله، فهي مردودة عند علمائنا أو مؤولة.. وهي مشكلة لا تختص بمصادرنا أيها الأخ، فإن ما عندنا.. نقطة في بحر.. مما يوجد في مصادركم، من الصحاح وغيرها!

وإن شئت أهديت لك عشرين رواية صحيحة منها!!

ص: 56

فلا بد من معالجة المشكلة في مصادر الطرفين، وعلاجها عندنا أسهل، لأنا لا نقول بصحة كل ما في الكافي، ولا أي مصدر غيره، بل نخضع أحاديثنا كلها للبحث العلمي واجتهاد المجتهدين الجامعين لشروط الإجتهاد.

فمشكلة أحاديث التحريف نظرية، وليست عملية والحمد لله، والجميع متفقون علي أن القرآن معصوم عن التحريف، وأن الأحاديث التي توهم تحريفه يجب أن ترد أو تؤول.

والمحور الثاني من أسئلتك:

حول الخلافة، وموقف علي من خلافة أبي بكر وعمر. وأسئلتك حوله هي:

1 - هل قال علي رضي الله عنه يوما (بسند صحيح) إلعنوا أبو (كذا) بكر وعمر؟

2 - وهل قال أيضاً أنا أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعاً؟ أو أنهما اغتصبا الخلافة مني؟

3 - ولماذا يسمي علي رضي الله عنه أبناءه بأبي بكر وعمر وعثمان إن حقاًّ يبغضهم وكذلك الحسن والحسين رضي الله عنهما؟

4 - ولماذا زوج علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما جاء ذلك في الكافي 5/346 باب تزويج علي ابنته أم كلثوم، وكذلك جاء في كتاب الإستفسار (كذا) للطوسي 3/350، وكذلك كتاب منتهي الآمال للقمي 1/186، هل ذلك هو علي الفارس المغوار الذي يزوج ابنته تقية أو خوفاً؟؟

والجواب:

ص: 57

أنه لا يوجد عندنا حديث لا بسند صحيح ولا ضعيف يأمر بلعن أبي بكر ولا عمر ولا عثمان.

نعم روت مصادرنا ومصادركم أن علياًّ كان يلعن في قنوته معاوية، وعمرو بن العاص، وأبا موسي وأبا الأعور السلمي وغيرهم.. وقد علله بعض فقهائكم بأنه كان معهم في حالة حرب.

أما كلامه بأن الخلافة حقه الشرعي، ووصية شرعية له من النبي صلي الله عليه وآله فهو كثير وواضح، يبلغ في مصادرنا أكثر من ثلاثين نصاًّ، وفي مصادركم منه عدة نصوص:

منها احتجاجه عندما فرغ من مراسم جنازة النبي صلي الله عليه وآله ودفنه وجاءه خبر السقيفة.

ومنها احتجاجه عندما امتنع عن البيعة وجاؤوا إلي بيته وهددوه بإحراقه عليه إن لم يبايع.

ومنها احتجاجه علي أهل الشوري.. إلخ.

وأما السؤال لماذا لم يحاربهم وبايعهم، وسمي أولاده بأسمائهم؟

فماذا تريد من شخص أجبر علي البيعة تحت تهديد القتل، وهو حريص علي أن لا يحدث قتال بين أصحاب النبي صلي الله عليه وآله فيرتد العرب ويقولوا إن أصحاب محمد اختلفوا بعده علي ملكه!

إن الظروف التي كانت بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله لم تكن ظروفاً عادية أبداً، وإن بطولة علي عليه السلام في صبره وتحمله أعظم من بطولته في فتح خيبر!

لقد كان هدف علي عليه السلام أن يسجل موقفه ويقيم الحجة علي حقه، ثم يعمل مع أي حكومة لنصرة الإسلام وتثبيته.

ص: 58

فاقرأ ما حدث من أي المصادر شئت لتصل إلي هذه النتيجة.

واقرأ قول علي عليه السلام، كما في نهج البلاغة: 3/118، شرح الشيخ محمد عبده:

26 - ومن كتاب له عليه السلام إلي أهل مصر مع مالك الأشتر لما ولاه إمارتها:

أما بعد فإن الله سبحانه بعث محمداً صلي الله عليه وآله نذيراً للعالمين ومهيمناً علي المرسلين، فلما مضي عليه السلام تنازع المسلمون الأمر من بعده، فوالله ما كان يلقي في روعي ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده صلي الله عليه وآله عن أهل بيته، ولا أنهم منحوه عني من بعده، فما راعني إلا انثيال الناس علي فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتي رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلي محق دين محمد صلي الله عليه وآله، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أري فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به علي أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان كما يزول السراب، أو كما يتقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتي زاح الباطل وزهق، واطمأن الدين وتنهنه. انتهي

والمحور الثالث من أسئلتك:

حول مراسم العزاء في ذكري شهادة سيد شباب الجنة الإمام الحسين عليه السلام، وقد تضمنته أسئلتك التالية:

5 - لماذا تقدسون يوم موت الحسين رضي الله عنه مع أنه في الجنة؟ والذي في الجنة لا يبكي عليه بل يفرح المرء له أشد الفرح؟

ص: 59

6 - ولماذا موت النبي صلي الله عليه وسلم لا يكون أشد قداسة - إن جاز ذلك كله - مع أنه عليه الصلاة والسلام مات شهيدا أيضاً كما جاء في أحد (كذا) الروايات (متأثراً بالسم الذي أكله من طعام اليهودية)؟

9 - ولماذا لا تتباكوا (كذا) علي الحسن كما تفعلون مع الحسين رضي الله عنهما. مع العلم أن الذي خذل الحسين هم شيعته بنص كتبكم أي أنكم أنتم الذين قتلتموه؟

والجواب عن ذلك:

أنه قد صحت الأحاديث عن النبي عندنا وعندكم، بأنه صلي الله عليه وآله بكي علي الحسين في حياته عندما أخبره الله تعالي بأن أمته سوف تقتله!!

وصح عندنا عن النبي صلي الله عليه وآله أنه يستحب للمسلمين البكاء علي الحسين عليه السلام.

وصح عند الجميع أن النبي صلي الله عليه وآله أوصي الأمة بالقرآن والعترة بحديث الثقلين المتواتر، وغيره.

فالعترة النبوية عندنا هم عدل القرآن ومفسروه، وهم مبلغو السنة النبوية ومبينوها، وقولهم حجة شرعية علينا بنص رسول الله صلي الله عليه وآله.

وعندما قال صلي الله عليه وآله: أخبرني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

كما في الصحيح، دل ذلك علي وجود حجة لله تعالي علي العباد من أهل بيته صلي الله عليه وآله في كل عصر.

ص: 60

فقول العترة المطهرين عندنا حجة شرعية، لأنه بنص النبي الصريح القطعي، وحينئذ فكل ما ثبت عنهم بسند صحيح فهو حجة شرعية، يضاف إلي حجية القرآن الكريم، وحجية ما ثبت من سنة النبي صلي الله عليه وآله.

واحتفاؤنا بمراسم العزاء علي الإمام الحسين عليه السلام، فيه أحاديث صحيحة السند متواترة عن أئمة العترة النبوية الطاهرة، ولا توجد مثلها في إقامة مجالس العزاء والبكاء علي غيره..

فالحكم الشرعي عندنا: أن إقامة المجالس التي تتلي فيها فضائل ومناقب النبي صلي الله عليه وآله وأهل بيته المعصومين، وتذكر فيها مصائبهم ويبكي فيها عليهم، مستحبة، وهي من أفضل القربات إلي الله تعالي.. لكن للإمام الحسين عليه السلام حكماً شرعياً خاصاً مؤكداً، حيث وردت فيه أحاديث لم ترد في غيره، وعمل بها أتباع أهل البيت عليهم السلام من صدر الإسلام إلي يومنا هذا، فانضم ذلك إلي الأحاديث الصحيحة سيرة المتشرعين الموالين لأهل البيت النبوي عبر العصور.

والمحور الرابع:

حول اعتقادنا بمقام الأئمة من أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله وزيارة قبورهم، وقد تضمنته أسئلتك التي قلت فيها:

7 - ولماذا زيارة قبور الأئمة أفضل عندكم من 100 حجة مع أن ذلك لا يكون للنبي صلي الله عليه وآله عندكم؟

8 - وما هو الدليل علي أن الأئمة يعلمون الغيب، مع أن النبي صلي الله عليه وسلم لا يعلمه بنص القرآن؟

والجواب:

إن علم الغيب مختص بالله تعالي، هذا صحيح.

ص: 61

ولكن هل تمنع حضرتك أو غيرك الله تعالي أن يعلم شيئاً من غيبه لنبيه صلي الله عليه وآله فيعلمه النبي لمن أراد؟!!

ألم تقرأ إخبارات النبي صلي الله عليه وآله بكثير من الأمور الغيبية التي علمه إياها الله تعالي؟!

ولماذا لا يكون علم أهل البيت عليهم السلام ببعض غيب الله تعالي، بتعليم النبي صلي الله عليه وآله وقد أوصي الأمة بعده ب-: القرآن، وبهم؟

ثم أين أنت عن علم الغيب بالإلهام، الذي تثبتونه للخليفة عمر في قصة (يا سارية الجبل) وغيرها؟

بل أين أنت عن علم الغيب الذي تثبتونه للساحر الكافر..

بل يثبت له عدد من علمائكم الولاية التكوينية والقدرة علي التصرف في الكائنات (تغيير الأعيان)!!

وكيف تقبل لنفسك الإعتقاد بأن للساحر قدرة عظيمة أكثر من قدرة النبي والوصي؟!!

والنتيجة: أن من يدعي أن نبياً أو وصياً أو مخلوقاً يعلم الغيب من دون الله تعالي، فقد اتخذه إلهاً! والعياذ بالله وكفر!

أما من يدعي لأحد أن عنده علم شئ من الغيب بتعليم من الله تعالي.. فيطالب بالدليل عليه، لأنه أمر ممكن يثبت منه مقدار ما دل عليه الدليل.. وهذا هو اعتقادنا بعلمهم عليهم السلام، دون زيادة ولا نقصان.

والمشكلة الذهنية عند كثيرين أنهم.. لا يفرقون بين:

علم الغيب من دون الله، وعلم الغيب بتعليم الله تعالي.

ص: 62

وكذلك بين الأولياء من الله، والأولياء من دونه.. وبين الشفعاء من الله، والشفعاء من دونه..

وبين الوسيلة من الله، والوسيلة من دونه.. إلخ.

وكأنهم لم يقرؤوا هذه المفاهيم في آيات القرآن؟!

وأما زيارة قبر النبي صليالله عليه وآله والأئمة من عترته عليهم السلام.

فإن من الثابت في سيرة المؤمنين في كل الأديان، من عهد أبينا آدم عليه السلام إلي بعثة نبي الإسلام، هو احترام قبور أنبيائهم وأوصيائهم وأوليائهم، وتشييدها وزيارتها..

بل إن ذلك سيرة عقلائية عند كل الأمم والشعوب، فتراهم يحترمون قبور موتاهم، خاصة المهمين العزيزين عندهم. وقد أكدت الأديان السابقة هذه السيرة، كما نري في مصادر المسلمين عن نبي الله إبراهيم، واهتمامه بقبره وشرائه جبل الخليل، وأن الله تعالي أمر نبيه موسي أن ينقل جثمان يوسف من مصر إلي الخليل.. إلخ.

وكان احترام القبور من عادات العرب أيضاً، وكانت الإستجارة بالقبر العزيز علي القبيلة وسيلة مهمة للعفو عمن استجار به، أو تحقيق طلبه..

وقصة الاستجارة بقبر غالب في الكاظمة قرب الكويت معروفة، ذكرها الفرزدق في شعره..

ونلاحظ أنه في أيام وفاة النبي صلي الله عليه وآله.. والإختلاف الذي وقع بين صحابته وأهل بيته علي خلافته، روي بعض الصحابة أحاديث مفادها أنه صلي الله عليه وآله أوصي أن لا يبني علي قبره، ولا يصلي عند قبره، ولا يجتمع المسلمون عند قبره.. إلخ.

ص: 63

ومنعت الدولة الصلاة والتجمع عند قبر النبي صلي الله عليه وآله ولم تبنِ قبره، وقد ورد في حديث عن عائشة أنهم لو بنوا قبره فلربما استجار به أحد... إلخ.

وعندما تروي عن النبي صلي الله عليه وآله أحاديث ويعارضها أهل البيت الطاهرون، فنحن لا نتردد في الأخذ بقولهم، عملاً بالوصية النبوية فيهم.

وأحاديثنا في استحباب زيارة قبر النبي وآله صلي الله عليه وآله متواترة وصحيحة وبها نعمل، وقد نص بعضها علي أنه من أعظم القربات إلي الله تعالي.

فليعذرنا الذين يرون ذلك حراماً، كما نعذرهم لصحة أحاديث النهي عندهم.

أما الأحاديث التي تقول إن ثواب ذلك أفضل من مئة حجة، فهي تقصد الحجة المستحبة لا الواجبة.. ولم أحقق في سند هذه الأحاديث، ولكنا عندما نقبل أن الذي يترك الحج المستحب ويعطي نفقته إلي عائلة مسلمة فقيرة فهو أفضل له عند الله تعالي من الحج، فقد قبلنا مبدأ تفضيل بعض الأعمال علي الحج المستحب..

والأعمال التي فيها تأكيد ارتباط المسلم بنبيه وآله صلي الله عليه وعليهم وتعظيمهم واحترامهم، هي من الدرجة الأولي في ميزان الله تعالي.

وأخيراً: بقيت ملاحظة علي المصادر التي ذكرتها، فأرجو أن تري المصدر بعينك وتنقل عنه، لأن الصحيح في اسم الكتاب الذي ذكرته (الإستبصار) لا (الإستفسار).

كما أني راجعت أحد المصادر فلم أجد فيه ما ذكرت، فلا تعتمد علي نقل آخرين..

والحمد لله رب العالمين. انتهي.

ص: 64

قال (العاملي):

هذا، وقد طرح أتباع ابن تيمية عدة مواضيع ووجهوا أسئلة متنوعة إلي الشيعة، حول تحريف القرآن، وحول مغاضبة فاطمة الزهراء عليها السلام لأبي بكر، وأجاب عليها العلماء والكتاب الشيعة.

مثل: عمار، وقاسم جبر الله، والفرزدق، ويوسف ناصر، والعاملي، والتلميذ، موسي العلي، وسماحة، وخادم آل البيت، وفيصل المتروك، وكويتي، وغيرهم...

ولكن مراقبي الساحة حذفوا أكثر الأجوبة، وبقيت أسئلتها!!

ص: 65

ولادة موقع (أنا العربي) أول شبكة حوار شيعية

أمام هذا الواقع بادر أحد الشباب الكويتيين إلي تأسيس (شبكة أنا العربي) وأعلن فتح المجال فيها للحوار والنقاش العلمي أمام الشيعة والسنة..

وسرعان ما توافد إليها (المطرودون) من ساحات الخوارج، كما توافد إليها عدد من الكتاب والعلماء الخوارج أنفسهم، وجرت فيها نقاشات في مواضيع متنوعة، كان أكثرها انتقادات وتهماً وجهها الوهابيون إلي الشيعة وغيرهم، وأجاب الشيعة عليها، وانتقدوا فكر ابن تيمية وأتباعه.

ولم يمض إلا زمن قليل، حتي اتضح للقراء والمشاركين قوة حجج الشيعة، فغضب لذلك أتباع ابن تيمية، وضاعفوا من تهجمهم وشتائمهم..

ورغم أن المناقشين كانوا متطرفين لا يعترفون بشرعية الحكم السعودي، فقد اشتكوا إلي مركز البروكسي السعودي مطالبين بمنع شبكة (أنا العربي) في المملكة العربية السعودية، ولكن المسؤولين لم يستجيبوا لهم، والحمد لله.

عند ذاك قام الخوارج بتهديد صاحب الموقع.. الذي أخفي اسمه وسمي نفسه (روبن هود)، فعرفوا اسمه وهاتف منزله، وهددوه إذا لم يقفل الشبكة، وسببوا له مشكلة وأزمة في أسرته، حتي أن والدته أصيبت بسكتة قلبية، فأدخلت المستشفي وعافاها الله!!

ولم يكتف أتباع ابن تيمية بذلك، بل واصلوا محاولات تخريب شبكة (أنا العربي) بالأساليب الكمبيوترية، وساعدهم علي ذلك أن صاحبها بطيبته وبساطته

ص: 66

أعطاهم مجالاً، وجعل منهم مراقبين، فنفذوا إلي الشبكة، وسببوا فيها اختلالات أساسية، عدة مرات!

في هذه الأثناء أبدي صاحب الموقع تعبه وتخوفه، فاتصل به عدد من الشيعة ليشتروا منه الموقع..

أو ليعاونهم في تأسيس موقع جديد..

نماذج من شتائم الخوارج و محاولاتهم تخريب (شبكة أنا العربي)
اشاره

كتب (مشارك) بتاريخ 24 - 7-1999 موضوعاً بعنوان (دعوة من مشارك لإخواني أهل السنة)، قال فيه:

قاطعوا صفحة روبن اليهود (أنا المجوسي)!

أدعوكم إخواني جميعاً لترك صفحة المجوس هذه، وسأسعي لمنعها في السعودية لأنها (والذي خبث لا يخرج إلا نكداً)، فهل أنتم معي في ذلك؟

إلي التلميذ: لقد حذف روبن اليهود مقالي، فيمكنك أن ترسل لي رسالة لنكمل في مكان آخر.

فأجابه (التلميذ)، في نفس اليوم:

إلي مشارك: تتهم الشيعة بأنهم مجوس والموقع بأنه مجوسي!!

ثم تطلب مني أن أحاورك في موقع آخر؟! كلا وألف كلا أيها الناصبي النجس.

فابحث عن نجس مثلك يتحاور معك، فإن الطيور علي أشكالها تقع!

ص: 67

فالمفروض من الذي يريد الحوار مع شخص أن يتأدب معه، لا أن يقذفه بالألفاظ القبيحة الوسخة، أيها الوسخ.

كتب (مشارك)، في نفس اليوم، وسمي نفسه (المدمر)!!:

أيها الكذاب متي قلت أنكم شيعة؟ أنتم روافض وشر من وطأ الحصي، وجوهكم مسخوطة، علامة وآية من الله فيكم يا روافض، كثير منكم زنادقة ومجوس، وقد تحاور كثير من العلماء مع الزنادقة والمجوس، ولكنكم لا عقل ولا نقل.

فأجابه (عربي 1)، في نفس اليوم:

و ذي سفه يخاطبني بجهل... فأكره أن أكون له مجيب

يزيد سفاهة وأزيد حلماً... كعود زاد بالإحراق طيب

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وأجابه (العاملي) في نفس اليوم أيضاً:

هذا الأسلوب يثبت ضعف حجتك يا مشارك.

لأن صاحب الحجة واثق من انتصارها وغلبتها ولو بعد حين..

أما إذا أظهر صورته الحقيقية مخرباً شاتماً حاقداً، فقد دل بذلك علي باطله..

الحمد لله الذي جعلك عجولاً فكشف واقعك، ووصلت رائحته إلي كل أفكارك التي طرحتها.

وإن كنت مستعجلاً علي ظهور الحق واضحاً صارخاً لكل ذي عينين، فهناك طريقة أخري أبلغ من عبثك وشتمك، وهي المباهلة الشرعية، ولها شروط وأحكام، وبواسطتها يظهر الله تعالي نقمته في المبطل من الطرفين فيهلكه، فافهم

ص: 68

المباهلة الإسلامية واطلبها منا إن أردت، عسي الله أن يرينا آية تنفع المسلمين. انتهي.

فلم يجب مشارك بشئ، ولكنه واصل هو وجماعته عملهم في تخريب الشبكة بإغراقها بموضوعات سب وشتم مكررة، ملأت عشرات الصفحات وسببت ضغطاً علي موقع الشبكة فأحدثت فيه اختلالات.. وأخيراً استطاعوا إدخال (فيروس) إلي الشبكة عن طريق (الإسكنر)! فتعطل الموقع!

وكتب (كلمة الحق) بتاريخ 27-7-1999، موضوعاً يهدد فيه المراقب لأنه حذف له موضوعه الذي أفحش فيه في سب الشيعة، وعنوانه (إلي المراقب المكرم: أعدك أن يأتي يوم قريب جداً.. سنتقابل فيه وفي الدنيا... وستعرفني)، قال فيه:

إلي المراقب: هذا عهد ووعد علي أن آتيك وأمحص عنك وأفتش عن أهلك وأقربائك.. حتي أصل إليك... والله هذا عهد علي ووعد في رقبتي... وإذا رأيتني ستعرفني جيداً من شكلي... عندها ستعلم من أنا وماذا سأفعل بك... والله قريب جداً.

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين / يزيد عليه السلام.

من أقواله عليه الرضوان: أيها الناس... سافروا بأبصاركم في كر الجديدين. ثم أرجعوها كليلة عن بلوغ الأمل. وإن الماضي عظة للباقي. ولا تجعلوا الغرور سبيل العجز عن المجد. فتنقطع حجتكم في موقف الله سائلكم فيه. ومحاسبكم

ص: 69

علي ما أسلفتم... أيها الناس: إن أعمالكم مطيات آجالكم والصراط ميدان يكثر فيه العثار والسالم ناج والعاثر في النار.

مع تحيات أبو خالد... المكلف بالدفاع عن ميراث بني أمية الخالد. انتهي.

قال (العاملي):

وقد استعمل هذا الخارجي هذه الإسطوانة لبني أمية، وكررها في كل موضوعاته.

وأجابه (صادق)، في نفس اليوم:

هل تهدد المراقب يا محب يزيد؟؟!! تسخر من نفسك!! فلنضحك قليلاً!!

فأجابه (كلمة الحق)، مساء ذلك اليوم:

أنت يا صغيري لا تعرفني. المراقب هو من سيعرفني، ووالله سوف يراني قريباً عاجل (كذا)..

وأنا أعرف من أين تؤكل الكتف.. وأعرف كيف أصل لمن أريد.. وسأصل له عن طريق الرافضة.. في سوريا حي المرجا - المرجعية الإيرانية، أو قبر زينب خلف المسجد الأموي..

هذا فيما يخص روبن اليهود... أما هذا المراقب فهو سيعرف من أين يؤتي!!

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين / يزيد عليه السلام... مع تحيات أبو خالد... المكلف بالدفاع عن ميراث بني أمية الخالد!.........

قال (العاملي): إلي آخر إسطوانته!

فكتب (صادق)، مساء ذلك اليوم:

حسناً اكشف عن حقيقتك أكثر فأكثر.. نحن بانتظار المفاجآت..!!

ص: 70

وكتب (عمار):

أنصحك بالزواج لأن الظاهر العزوبية مأثرة علي عقلك. ليش ما تكبر شوي؟

وتشوفلك فرد شغلة تفيدك أحسن من اللي تسويه هنا؟! مو عيب عليك جاي تهدد بالعالم وكأننا في عصر جاهلية وهمج؟ ولك شوي اخجل علي نفسك! من عابت هالتربية الزفرة.

وكتب (العاملي):

هذه هي مواضيعك التي تطالبنا بالدفاع عنها يا كلمة...؟!!

فأجابه (كلمة الحق):

أينك من أسئلتي القاصمة الثلاث الموجهة للرافضة القدرية؟

وعلي العموم صدقني أنني أتابع ردودك ومواضيعك.. وبعدها قررت.. أنك أقرب الشيعة للهداية. وأنا وراك وراك إن شاء الله.. لين أخليك من أهل الحق أهل السنة.. ولن أيأس..

فأنا أعلم أنك مثقف ومطلع وجرئ وتحس بشئ من الإضطراب والحيرة والشك وتخشي أن تظهرها فتفقد الأتباع..

ولكن الله العظيم أغلي من كل ما في الأرض... صارحني وأنا أفتح لك صدري وعيوني.

بعد شو خيو قلت؟

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين يزيد عليه السلام!!......

قال (العاملي): إلي آخر إسطوانته!

وأجابه (عربي 1)، في نفس اليوم:

ص: 71

ما هذه المسخرة يا كلمة الباطل؟ تهديد ووعيد و.. دع عنك هذه الطفولية والجاهلية!

فكتب (كلمة الحق):

إلي التائه... المتخبط... نحن نحرم المتعة أو إن شأت (كذا) سمها الزنا... ونحن أبناء شيوخ ومستورة ولله الحمد... ولكن مثلك يحلل المتعة... ولن أقول في أمك ولا أختك شئ (كذا)... لأنهم ليس لهم ذنب...

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين / يزيد عليه السلام.........

قال (العاملي): إلي آخر أسطوانته!

وكتب المدعو (الوسيم) بتاريخ 28-7-1999 أيضاً موضوعاً، قال فيه:

أيها الروافض أنا لكم؟؟؟ أيها الروافض؟؟؟

أنا لكم من اليوم مع إخواني أهل السنة لكم بالمرصاد.

فأجابه (فلمون)، في نفس اليوم:

ما تشوف شر... الله يشفيك...

وأجاب (القطيف) علي كلام (وسيم):

مادح نفسه كذاب! قال.. وسيم.. قال! أنت واحد كوكو من الدرجة الرابعة!

روح تعلم إملاء! ولا أقول لك خلك علي جهلك! حالتك ميئوس منها! كوكو!

قال (العاملي):

ص: 72

وخلاصة قصة (الكوكو) أن شيعة السعودية أطلقوا هذا الإسم علي مدعي السلفية من أهل اللحي الطويلة والدشاديش القصيرة، فانتشر هذا الاسم في السعودية وصار مثلاً!

واستعمله هذا الأخ القطيفي في الإنترنيت، فجن جنون الخوارج، وطالبوا بعدم استعماله، فطالب القطيفي بعدم استعمال لقب (رافضي) للشيعي، وجعل اسم (الكوكو) للخارجي، مقابل

نبزهم للشيعة باسم الرافضة!

ص: 73

ضغط الخوارج علي صاحب شبكة أنا العربي لكي يغلقها

كتب (كلمة الحق) بتاريخ 28-7-1999 موضوعاً بعنوان (إلي أخينا المراقب المكرم: لا تكن حسيناً آخر... فيغرر بك؟ نصيحة!!)، قال فيه:

أخي المراقب المسؤول عن (أنا العربي) قد آلمنا ما حصل لوالدتك المسكينة عافاها الله وشفاها من كل مكروه.. وأسأل الله أن لا يعافي من أفزع مسلماً أو مسلمة...

أخي لقد ظلمتني واتهمتني ظلماً وزوراً... ووالله لقد تبتلت إلي الله أدعو عليك البارحة من كل قلبي أن ينتقم الله منك... لأن الظلم مرّ.. وظلمات يوم القيامة..

أنا المسلم.. أشيع الدعارة؟؟؟؟ أنا المسلم مخرب؟؟؟

والله ما نمت البارحة كلها إلا وأنا أدعو عليك (!) كل لحظة...

أخي إن كنت صادقاً فيما ادعيتَه من تهديدٍ وصلك.. ولم يكن قصدك استثارت (كذا) العواطف نحوك والجماهير الغثائية.. فتب إلي الله واستغفره واعترف باتهامك للغير كذباً وزوراً...

وإن اعترفت فوالله أنا أسامحك أمام الناس وأوقف دعائي عليك... والإعتراف بالحق فضيلة...

ثم أوجه لك نصيحة أخري... أخي روبن.. ومهما يكن بيننا من خصومة إلا أن المسلم أخو المسلم ينصره ولا يخذله وينصحه ولا يخدعه... أخي روبن: لا تغتر بالجمهور الغثائي المصفق.. فلن ينفعك منهم واحد والله إذا حدث لك مكروه - لا قدر الله - أينهم (كذا) يوم هددك الهمجي؟؟

ص: 74

أينهم لو أتاك معتدي (كذا)؟؟ الكل يجعلك وساحتك ملهاة للوقت... إذا ذهبت فأين يقضون وقت فراغهم...

أخي لقد نالت الجماعات الإرهابية والتكفيرية من (فرج فودة) أمام الناس وفي الظهيرة ولم ينفعه الجمهور المصفق.. مات وذهب!!

ولست قد (كذا) مشاكل الإستخبارات والجماعات الأخطبوطية التي تصل يدها إلي من تريد وبدون سابق إنذار... لن يستأذنوك.. ولن يستدعونك (كذا) فقط!

راح يرسلون شخص همجي (كذا) من الرعاع ومن أصحاب السوابق وهو كفيل بإنهاء المشكلة بكل هدوء.. الحق مر.. والصديق من صدقك لا من صدقك... تب إلي الله.. واعتذر لمن ظلمته....

واحمي (كذا) أعراض الصحابة وأهل البيت... ودافع عن القرآن... والإسلام... ولا تتدخل في السياسة... فوالله إن الرؤوس فيها تطير ودول فيها تزول، فما بالك بالمسكين روبن هود...

المؤمن لا يغش وها أنا أصدقك وأعتذر إلي نفسي وأنصحك.. وأفوض أمري إلي الله... والله يحميك من كل سوء... ويشفي أمك والتي هي في منزلة أمي.. شافاها الله وردها إليكم سالمة غانمة... ومعافات (كذا) من كل مكروه... آمين.

صديقك: ديكارت

كتب (إسماعيل الحكاك)، ظهر ذلك اليوم:

أخي العزيز روبن هود:

لا تهتم بقول هذا الوهابي ودعائه عليك، وما دعاء الظالمين إلا بورا (كذا).

ص: 75

فلا تهتم واستمر علي طريقك الحق، فوالله إنا لم نغتر بأئمتهم حتي نغتر بالآخرين! ونسأل الله أن يشافي كل مريض من مرضي المسلمين!

فأجابه (كلمة الصدق)، في عصر ذلك اليوم:

اتق الله... ولا تغرر بأخيك من أجل شهوتك في الكتابة.. والردود..

وعموماً لا يعرف النار إلا من وطئها... ولا يعرف الخطر إلا من جربه.. ولا يعرف التهديد إلا من سمعه وعايشة...

لا تلقي بأخوك (كذا) إلي التهلكة.. وأحب له ما تحب لنفسك وخاف (كذا) عليه ما تخاف علي

نفسك وإياك والتغرير به... وإياك من العواطف الكاذبة... وقد خاب من افتري.

وكتب (الفاروق)، في مساء ذلك اليوم:

حمداً لك اللهم علي ما أنعمت به علينا من نعمة الإسلام، وصلي الله وسلم علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، إلي يوم الدين، وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

كلمة بل نصيحة إلي المراقب المحترم من كان ومهما كان.. سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته، أخي الغالي:

إن كان الحوار في دين الله تعالي.. يجعل صحابة رسول الله وأمهات المؤمنين بهذه الصورة التي تدمي القلب!! فأنا أنصحك بأن تتقي الله تعالي في دينك وفي صحابة رسول الله وأمهات المؤمنين!!

أخي الغالي:

ص: 76

أنا أستغرب والله كل الإستغراب لمن يعطي هذه الفرصة الذهبية لأولئك الروافض الأخباث في التعرض للصحابة ولأمهات المؤمنين.

يا أخي: إعلم بأنك والله موقوف أمام الله تعالي مساؤل (كذا) عن كل ما جري ويجري في هذه الساحة، سبحان الله يا أخي اقتدي (كذا) بالساحة العربية واسمح لي بهذا الكلام.

بالله هل رأيت لأولئك الروافض أهل الكذب والدياثة وجود (كذا) في الساحة؟ لا والله، لماذا؟ لأنه يا أخي تري هذه مسؤولية عظيمة أمام الله أولاً، ومن ثم أمام الناس.

يا أخي: إتقي (كذا) الله في دينك وفي صحابة رسول الله وأمهات المؤمنين، الله أكبر أصبح عرض النبي صلي الله عليه وسلم ملهاة لأولئك البشر الساقطين من أهل الرفض! وأصبح الصحابة العظام الذين مدحهم الله في كتابة ورضي عنهم تلوك ألسنة خفافيش الظلام بسيرتهم الطاهرة..

أنا في النهاية أوقفك والله أمام نفسك، وأترك أهل الحق والسنة أن يدمغوا رؤوس هؤلاء الروافض، بل وأمنعهم من الدخول في هذه الساحة حتي لا ينجسوها ولا يشوهوا صورتها! نحن لا نري بالتهديد ولكن أولئك الروافض حقهم والله أن نذكيهم كما نذكي الشاة، إي والله!!!

ولكن أنا أقول سوف يأتي ذلك اليوم الذي يري فيه هؤلاء الأخباث، بل أقول أن كل من أعان علي سب الصحابة وأمهات المؤمنين في مثل هذه الساحات فإنه آثم، بل قد كفر بدين الله تعالي، لأنه سمح للحثالة من البشر أن يتعدوا علي من رضي الله عنهم وذكرهم في كتابه.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون... حسبنا الله ونعم الوكيل.

ص: 77

وكتب (العاملي) في مساء ذلك اليوم أيضاً، موضوعاً بعنوان (المنهزمون أمام الحجج المنطقية القوية، يلجؤون إلي السب والشتم والتهديد!)، قال فيه:

هذه هي عادة المبطلين، وهذا تاريخهم متصل بحاضرهم!!

فهم عندما يعجزون عن مقارعة الحجة بالحجة يلجؤون إلي أسلوب العنف الكلامي والتهديد والوعيد. وصاحب الحجة أقوي منهم، عند الله وعند عباده المنصفين.

وصاحب الحجة أشجع منهم، لأنه يملك شجاعة اعتقاد الحق والقول به، حتي في زمن الغربة!!

هنيئاً لصاحب الحق فقد كسب رضا الحق تعالي، ورضا شفيع القيامة وحاكمها ومعاونيه محمد وآله الطيبين الطاهرين، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

فأجابه (الإماراتي راشد):

أما قولك: فهم عندما يعجزون عن مقارعة الحجة بالحجة يلجؤون إلي أسلوب العنف الكلامي والتهديد والوعيد.

فأقول لك صدقت والله، ولذلك لما عجز الشيعة الجبناء عن الرد علي حجج الشيخ إحسان إلهي ظهير فجروه بقنبلة وظنوا أن بقتلهم له ستتوقف الحجج. لا والله، نحن الذين سنفجركم بالحجج العلمية أشد من قنابلكم الخائنة النذلة لشيخنا.

ص: 78

وهذا تاريخكم من القدم إن عجزتم عن الحجة مكرتم في الخفاء مكر الثعالب، كقدوتكم أبي لؤلؤة المجوسي الذي ما زلتم تحتفلون بأعياد له تكريماً علي قوة تقيته ونفاقه.

وكتب (كلمة الحق) بتاريخ 30-7-1999:

قديماً قيل: علي قدر الألم يكون الصراخ. لقد رد الرافضة حجج العلامة إحسان إلهي ظهير بالقنبلة

وردوا علي حجج القاضي الشيخ الحجة أحمد الكسروي بالطعن بالسكين، ولما نجا حاوروه بالرشاش فهلك. واليوم أحمد الكاتب المسكين يهرب إلي بلاد الأوروبيين خوفاً من حوار الشيعة لأن حوارهم بالقنبلة!! لقد ظهر من هو الجبان الرعديد الذي يهرب من المقالات النارية هروب الحباري من الصقر النادر.. رمتني بدائها وانسلت؟؟؟

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين يزيد عليه السلام...

قال (العاملي): إلي آخر الإسطوانة!

فأجاب (العاملي)، في نفس اليوم:

يظهر أن (راشداً الإماراتي).. باكستاني أو هندي، وله خبرة بالخلافات بين الشيعة والسنة في شبه القارة الهندية.

إن الإنسان يشك في الصراع المستمر بين السنة والشيعة هناك، أن يكون وراءه غير المسلمين.

كما يشك في أن أعداء الإسلام يريدون إيقاع الحرب بين الهند وباكستان بعد أن صارت باكستان أول دولة إسلامية نووية.

ص: 79

فأخبرنا يا راشد.. من الذي بدأ هذا النزاع، وأخبرنا عن (ميليشا الصحابة) المتخصصة في قتل الشيعة في مساجدهم وحسينياتهم، وهل أفرادها مرتزقة يتقاضون رواتب، أم متدينون؟

وكم عدد الذين قتلوهم من علماء الشيعة وشخصياتهم، وكم الذين قتلهم الشيعة منهم؟

أما كلمة ال... الذي يتعصب للكاتب المرتد أحمد كسروي الإيراني..

فهل تعرف أنه سمي نفسه (كسروي) لأنه كان يدعو إلي إحياء القومية الفارسية وأمجاد كسري، مثل دعاة القومية الفرعونية والبابلية وغيرها، الذين يريدون هذه القوميات بديلة عن الإسلام..

ولذلك أفتي العلماء بارتداده!!!

لكن يبدو أنك تمدح كل من يذمه الشيعة وتقول هو جيد.. وعليه السلام!!

فهل تمدح الشيطان لأن الشيعة يذمونه؟!!

فكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 31-7-1999:

الرد علي العاملي: أما قولك يظهر أن راشداً الإماراتي باكستاني أو هندي.

فأقول لك وهل الولاء والبراء علي الدين، أم علي الجنسية؟!

أما أنت فلم تذكر أسماء من المناظرين الشيعة أن قتلناهم (كذا) نحن أو فجرناهم..

ثم إننا نحن نتكلم عن موضوع تكميم الأفواه بالقنابل، ولا نتكلم عن أمور عامة مشتركة، لا نعلم تفاصيلها بوجه فاصل! نعرف من ورائه.. من يحركه. إن كان الكاتب أحمد مرتد (كذا) فهل أنتم أصلاً لا تعتبرون من أصبح سنياً بعد أن كان شيعياً مرتد (كذا)؟!؟ أنتم قلتم بردة الصحابة فكيف بمن ترككم

ص: 80

وأصبح سنياً؟؟ وهل سمعت عن الدكتور الشيعي موسي الموسوي صاحب كتاب الشيعة والتصحيح؟ وكتاب إيران بعد صقوط (كذا) الخميني؟! هل هو مرتد أيظاً (كذا)؟؟!؟!

لماذا يحاول الشيعة قتله، فهرب عنهم إلي لندن؟!؟! يجد الأمان في بلاد الكفر - لندن - علي تأييد ما يقول السنة، ولكنه لم يستطع أن يتكلم أمام مكروفونات القنابل في بلاده فهرب.

فأجابه (علي 110):

أيها الإماراتي: مهلاً مهلاً، لا تأخذك المذاهب الشيطانية فتهلك.

أيها المحترم إن الذي تتهم الشيعة الكرام به لَهُو مصادرة بالمطلوب.

أين الدليل علي ذلك وأين البراهين التي تعتمد عليها؟

ثمت (كذا) سؤال أيها المحترم: التعجب من الشيعة الكرام، أم منكم؟

الأنطاكي رحمه الله تعالي من الشيعة، أم منكم كان واستبصر؟

إن الذين يستبصرون من أعلامكم وأعيانكم ومفكريكم، هل السبب كان السلاح أو الدليل المقنع؟!! ثم تعال وأخبرني.. أيها المحترم: هل كتاب المراجعات قنبلة؟ هل كتاب الألفين سكين؟

هل دلائل الصدق أكاذيب؟

اتق الله تعالي وانتبه لما تكتب، كي لا تندم يوم القيامة، فإن معاداة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام آخرها النار، وبئس المصير!! والحمد لله رب العالمين.

وكتب (العاملي) في مساء 28-7-1999، موضوعاً بعنوان (أيها الأقوياء: مزيداً من الشجاعة، مزيداً من الأدب، مزيداً من العطاء..)، يشجع

ص: 81

فيه الكتاب الشيعة والمعتدلين السنة علي مواصلة الكتابة في (شبكة أنا العربي) رغم محاولات أتباع ابن تيمية تخريبها أو تركها! قال فيه:

الأخوة المهذبون، من شيعة أهل البيت الطاهرين، ومن السنيين المنطقيين، ومن أتباع ابن تيمية المؤدبين المعتقدين بأن ما هم عليه هو الحق.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بأقلامكم وفكركم وأدبكم، عمرت هذه الساحة، وبجهدكم في تقديم الحق الذي يعتقد كل واحد منكم به ويدعو إليه.

وقد ساء ذلك أهل الباطل العيارين، فاستعملوا مع هذا الموقع أساليب التهريج والعبث والتخويف والتهديد!!

وكان من آثار ذلك أن والدة الأخ صاحب الموقع مرضت من خوفها علي ابنها شافاها الله.

وأن الأخ قرر أن يسلم الموقع إلي آخرين، نسأل الله أن يوفقهم، ونرجو أن يكونوا أكثر شجاعة وأحسن ظروفاً من الأخ روبن هود.

والمهم لنا نحن المشاركين أن يكون عندنا وعي وضبط أعصاب، لكي نستطيع أداء خدمة لله ورسوله وأهل بيته المظلومين المضطهدين صلوات الله وسلامه عليهم، لأن السب والشتم والإنحطاط الأخلاقي سيتوجه إلينا أكثر!!

فينبغي أن نتفق ونتباني علي أصول نعمل بها لكي نعزل الطفيليين العابثين، ونعزل الموضوعات الغثة، والفحاشين الذين ليس علي ألسنتهم وشفاههم إلا كلمات الرذالة والبذاءة!

أقترح أن لا يجاب علي مواضيعهم وكلامهم نهائياً، حتي لا يجدوا أحداً يسبونه إلا... أنفسهم.

ص: 82

وحتي أصحاب (المواضيع) الذين لا يفقه أحدهم ماذا يقول، ولا ماذا يقص ويلصق من كلام ابن تيمية!!

فإني أفضل عدم الدخول معه في نقاش إلا لماماً ومختصراً حيث يجب.

والثقافة الإسلامية غنية بالمواضيع التي نحتاج أن نطرحها، ونبحث فيها، نحن ويستفيد منها عامة المسلمين.. وشكراً.

فأجابه (مالك الأشتر)، في نفس اليوم:

الأخ العاملي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحسنت وجزاك الله خيراً، نعم الرأي ما رأيت، وفقك الله، وسدد خطاك وجميع المناشدين للحق.

ص: 83

ولادة شبكة هجر الثقافية
اشاره

قام الأخ موسي العلي وهو كاتب شيعي سعودي، بمساعدة (روبن هود) الكويتي بتأسيس شبكة (هجر) الثقافية.. وحول إليها موضوعات النقاش من شبكة (أنا العربي).

ولكن المخربين استطاعوا أن يتلفوا جميع الموضوعات السابقة في فترة نقلها، ولم يسلم منها إلا ما حفظه المشتركون في أجهزتهم الشخصية!!

لكن شبكة هجر بدأت رحلتها من الصفر وتابعت مسيرتها.. وفتحت باب التسجيل للجميع سنة وشيعة، وسرعان ما عمرت واشتهرت..

وجمعت نحو ثلاثين كاتباً وعالماً من الشيعة والسنة والخوارج!!

وجرت فيها بحوث في موضوعات عقائدية وفكرية متنوعة، تصلح لأن تكون نماذج لشبهات خصوم الشيعة، وأجوبة الشيعة عنها.

محاولاتهم تخريب شبكة هجر

عندما ظهر تفوق الشيعة العلمي في شبكة هجر، لجأ خوارج العصر كعادتهم إلي استعمال أساليب السب والشتم، ومحاولات تخريب الموقع، واشتكوا إلي الحكومة السعودية لكي تحجب شبكة هجر عن مواطنيها، وأثروا علي بعض مسؤولي (البروكسي) السعودي، فقاموا بحجبها لفترة..

وفرح بذلك الخوارج.. وتبادلوا التهاني في مواقعهم!!

ص: 84

حجب هجر في السعودية

وكتب (المسلول) في سحاب بتاريخ 2-11-1999، منتصراً شامتاً مستهزئاً بالشيعة، موضوعا بعنوان (الله أكبر أغلقت ساحة الرافضة)، قال فيه:

الله يعين علي المتشردين الآن من الرافضة (غجر)، طبعاً عندنا في السعودية وأصبحت محجوبة.

فكتب (بو عبد الرحمن):

أي ساحة؟!

فأجابه (الصارم):

غجر، طبعاً عندنا في السعودية، وأصبحت محجوبة.

فكتب (بو عبد الرحمن):

مبروك.

وكتب (سليل المجد):

يا حظكم (يالحظكم)، أجل أغلقت عندكم في السعودية.

يا ليت عندنا مثل مدينة الملك عبد العزيز للإنترنيت، لكن إلي الله المشتكي.

(سلمان وسفر والعمر) في قلوبنا. إذا لم تستح فاحذف ما شئت.

وكتب (الصارم المسلول):

بو عبد الرحمن حبيب ألبي (قلبي) والله ورفيق الكفاح أيام زمان أيام سراب 99 والسردال.

http://www.islamway.com/arabic/indext.htm

ص: 85

أخويا (أخي) سليل المجد: يا أخي لا تحسدنا.

فأجابه (سليل المجد):

هذا مو (ليس) حسد وإنما غبطة.

سلمان وسفر والعمر في قلوبنا. إذا لم تستح فاصنع ما شئت. انتهي

قال (العاملي):

ويشير سليل المجد بذلك إلي (سلمان العودة، وسفر الحوالي، وناصر العمر) الذين كانوا مسجونين في السعودية لأنهم من الخوارج علي الدولة، وقد منع البروكسي السعودي موقعاً يتعلق بهم.

وهو يقصد الحكومة السعودية بقوله (إذا لم تستح فاحذف ما شئت)!

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 2-11-1999:

يا أخي، الحمد لله رب العالمين.

وكتب (شفاء العليل):

يا سليل المجد، طالبوا.. إنهم يحجبون عنكم الموقع! فكثرة التطرق (كذا) تلين الحديد.

قل خير (كذا) أو أصمت.

فكتب (حوار):

سليل المجد، ألست في السعودية؟؟

فأجابه (سليل المجد):

من قال ذلك؟

سلمان وسفر والعمر في قلوبنا. إذا لم تستح فاصنع ما شئت.

ص: 86

وكتب (البدوي)، بتاريخ 3-11- 1999، ناصحاً لهم أن لا يشمتوا بالشيعة لمنع موقع هجر فقال:

أفأ والله عليكم (أحسنتم، للتوبيح).. يعني وش (ماذا) بنستفيد إذا نحن قلنا لهم: اقطعوا واخسوا؟؟؟ هذا كلام غير منطقي.

يا إخواني عسي الله يهديكم، هذولا (هؤلاء) مواطنين ولهم من الحقوق مثل ما لنا.

لو نفرض أن نحن منعنا أي جماعة من الكلام، (بما فيهم أنتم) تعتقدون أن هذه الجماعة سوف تستسلم!

أبداً لن تستسلم، بل ستزداد وهجاً. تعوذوا من الشيطان، وكونوا مواطنين صالحين.

ما قل دل، وزبدة الهرج نيشان.

فكتب (الصارم المسلول):

أهلاً أخوي البدوي، رجعنا لطير يلي (قصة طير يلي)، ما قل دل.. ولاّ...!!!

فأجابه (البدوي)، وهو وهابي عاقل يعيش في الغرب:

الأخ الحبيب السيف المسلول: إفْهَمني جعل عمرك سنين طويلة.

يا أخي إقرأ كلامي السابق 5 مرات، وحاول أنك تفهم كلام أخوك البدوي اللي (الذي) ما يعرف شئ.

يالحبيب.. حاول أنك تفهم طريقتي، أنا أدوّر (أهدف) المصلحة العامة، ياخوي أنا مقهور من تطور الغرب ومن معاملتهم لبعض، ومن احترامهم لحقوق الأقليات.

ص: 87

نعم نحن الأغلبية، ولكن يجب أن نصون حقوق الأقلية. عسي الله لا يورينا مكروه ولا شر.

ما قل دل وزبدة الهرج نيشان.

قال (العاملي):

ولكن حجب شبكة هجر لم يدم طويلاً، لأن الحكومة السعودية أدركت أنها شبكة ثقافية وليست سياسية، وأنها شبكة سعودية وطنية لا تسمح بأي موضوع معاد للسعودية وحكومتها..

وأن الذين اشتكوا عليها وطالبوا بمنعها، قد تستروا بالغيرة للصحابة.. وأنهم من خوارج العصر وأتباع ابن لادن وملا عمر الطالبان!

اغراء الخوارج لصاحب (أنا العربي) بالمال

إلي تاريخ 11-10-1999، تعرضت شبكة هجر لمحاولات تخريب كثيرة، وكانت تتوقف أحيانًا عن العمل أياماً لإصلاح التخريب..

ولكن أكبر محاولة تخريب لها كانت في العملية الذميمة التي قام بها صاحب موقع (أنا العربي) حيث خضع للإغراء المالي من خوارج العصر، فباع موقعه ببضعة آلاف من الدولارات إلي أحد خوارج العصر (الصارم المسلول) وقبل شرطه أن يخرب شبكة هجر، بحكم أنه مهندس ساعد في تأسيسها، ويملك كلمة المرور إليها!!

وقد توقفت شبكة هجر كلياً، وأعلنت أنها تعيد بناءها من جديد..

ص: 88

بينما أعلن المسلول شراء (أنا العربي) وتخريب شبكة هجر بفرح بالغ، وشاركه الفرحة كل الخوارج في شبكة سحاب، والمواقع الأخري!!

كتب (المسلول) في شبكة سحاب بتاريخ 11-10-1999، يبشر الخوارج فيها فقال: تم شراء موقع أنا العربي، وتم تدمير هجر.

فأجابه (أبو سعدة):

ما شاء الله خبر جميل. ابتسامة، مع تحيات.

وكتب له (المقدام):

وفقك الله للخير دائماً... وأقترح تسميته أنا المسلم...

وكتب (الجمل):

شئ عجيب!.. أخي الفاضل الصارم المسلول.. أتمني منك توضيحاً لهذا الخبر الجديد..

وكيف دمرت غجر! وماذا ستفعل بهذا الموقع علي سمعته الرديئة؟

وكتب (أبو سلمان):

يالوليد.. أظنك لم تطلع علي المواضيع جيداً. وهناك شئ آخر: الرافضة ليسوا مسلمين؟!

ص: 89

ادعاءات (مجموعة هاكرز) التابعة للخوارج

ما إن اشتري الخوارج موقع (أنا العربي) وخرب لهم صاحبه شبكة (هجر)، حتي ادعي أحد الخوارج باسم مجموعة (الهاكرز) أي مجموعة تخريب المواقع في الإنترنيت.. أنهم هم الذين خربوا هجر!

فكتب أحدهم في شبكة سحاب بتاريخ 15-10-1999:

بسرعة روحوا لموقع أنا العربي، أسقطوه الهاكرز!

فأجابه (التلميذ):

مكشوووووفة.

الرافضي سعود هو صاحب الموقع، وقد ألغي الموقعين معاً، وكان حجزهم من شركة أمريكية اسمها com. www. Galaxy - web انتهي.

قال (العاملي):

وأخذت مواقع الخوارج تكتب عن البطل المجاهد الصارم المسلول!!

خاصة شبكة سحاب وشبكة القلعة...

من مواضيع شبكة القلعة حول المسألة ما كتبه المدعو (دايم مغوار) بتاريخ 3-11-1999 تحت عنوان (من هو الصارم المسلول؟)، وقد أعطي معلومات شخصية مهمة عن المسلول، ووجه إليه بعض الأسئلة بهدوء، فاضطر المسلول أن يجيبه علي تخوف وتوجس!! جاء في مقال (دايم):

من هو الصارم المسلول؟؟

هو شخصية أثارت الكثير من الجدل حولها؟!

ص: 90

له من اسمه نصيب فأسلوبه يتميز بالشدة والصرامة. الآن تغير أسلوبه تغيراً كلياً الأمر الذي جعل أشد مخالفيه من أقرب المقربين إليه ومنهم أنا، و (رهيب)!!

صفاته الشكلية والجسمانية:

طويل نوعاً ما، أبيض البشرة، ملتحي (كذا) وله لحية خفيفة.

الحالة الإجتماعية والإقتصادية:

متزوج من فترة قريبة، له ولد واحد اسمه أحمد، يمتلك سيارة فورد.

نشاطاته ودراسته:

بكالوريوس علوم. ماجستير في العلوم الطبيعية، لم يكملها إلي الآن؟؟؟ ليه يا صارم؟؟

من شباب الدعوة، سافر للدعوة في الفلبين مراراً.

لي معاه ذكريات كثير بساحات الحوار، من أهمها موقفنا معاه أنا ورهيب، لما دخلنا سحاب للدفاع عن أحد المواقع!!!!!

وابتدينا نحتكّ بالصارم، ووصل الموضوع إلي شتائم من الوزن الثقيل، وانطردت أنا ورهيب أكثر من عشر مرات! وبكل مرة نرجع بإسم...

ثم وجه (دايم)، إلي المسلول بعض الأسئلة، منها:

الصارم يناقش في أمور فقهية ومذهبية، هل هو رجل دارس؟ أم هل ما يكتبه منقول؟ أو هناك أحد يملي عليه ما يكتبه؟ أم هي مشاغبات فقط؟!!

فأجابه (الصارم):

ص: 91

أولاً: أعتذر للإخوة في كل مكان عن أسلوبي الذي سوف أرد فيه علي المهندس دايم.

بالنسبة للكلام والأوصاف السابقة والمعلومات أنا لا أنكرها. وسوف أبدأ بالأسئلة.

أخويا (أخي) دايم.. مسألة نقاشاتي في بعض المواضيع وردي علي بعضها الآخر..

لتعلم وليعلم الجميع إن أي إنسان عادي ممكن أن يرد علي أهل البدع والأهواء والمخالفين لسنة محمد صلي الله عليه وسلم... هل يحتاج هذا إلي علم أو يحتاج إلي شخص يلقنك لتكتب بالطبع: لا.

الحمد لله كان لي الشرف أن قمت بعدت (كذا) عمليات جهادية تصحيحية وليست تخريبية يا دايم، لبعض المواقع، ولا أود ذكرها وهذا شرف وفخر اعتز فيه، ولا اعتبره اتهام (كذا).

ثم كتب له (دايم):

حبيبي أنت يبو محمد، بس ما قلت لنا ليه ما كملت الماجستير.

ووقتها بسحاب كنت تكرهنا أنا ورهيب، والحين (الآن) لا زال بقلبك شئ علينا.

وبعدين وشهي (ما هي) انطباعاتك عن الدعوة بالفلبين؟

فأجابه (صارم):

أما الذكريات مع أخويا دايم ورهيب، الله لا يردها من ذكريات شتم وبهذلة.

تتذكر لما دخلت أنت ورهيب وتطالبون وتدافعون عن موقع الرافضة.

ص: 92

الله يصلحكم موقع رافضة ويدافع عنه عيال الحمايل (أبناء العوائل). أفا والله (أحسنتم، معاتباً). المهم دخل عمنا دايم ورهيب الناوي كان هذاك الزمان ويا أرض انشقي ما عليكي قدي (أي يختال ويفتخر) وصياح وزعيق في سحاب.

وأنا أدخل عليك كل شويه وأقول لك ما زلت أحسن الظن فيك.

وأنت صدقت في البداية، وأنا ناويك نية قشرة (نية سيئة).

حتي ولعت شرارة الناوي رهيب، طبعاً.. وسال الدم (أي توترت الأمور).

فسأله (دايم):

وبعد ما سال الدم؟

فأجابه (المسلول):

المهم أنهم لسانهم طويل، ومعذرة أخويا دايم علي هذي الكلمة.

ويطالبون من سحاب أن تعتذر لهم. المهم اعتذرنا لأهل مكة الطيبين وجبال مكة.

وهذا كل شويه (فترة) داخل في سحاب باسم: مرة الدلة، ومرة إبريق الشاهي، و...

بصراحة أنا ارتفع ضغط الدم عندي من أسلوب دايم.. عله ما يقتنع ويتبهلل.

وأبو عابد.. طيّب.. يداريهم هنا وهناك حتي... دخلت عليهم أريد استأسف لهم (أعتذر).

وكان ودي يتدخلون.. وقلت حبيت امرن أصابعي (أي في الكتابة).

عاد الأخ عبد الله.. أسرع.. وقال روح مرن أصابعك بعيد.

المهم الأخ دايم أو المهندس دايم أتعب الأخ عبد الله مرّرررره. (كثيراً)

ص: 93

أما رهيب والشهادة لله.. تحس من نقاشاته هناك انه أجودي (بسيط) ولاعب عليه دايم.

اخيراً نطق دايم وانتهي الموضوع، وراح فرحان مبسوط عند الرافضة إنه فعل ودافع عن موقعهم!

لكن الرافضة شر من وطئ الحصي.

أول ما طردوا المحامي بتاعهم (محاميهم لأنه انتقد تخريب موقعهم) الذي (هو) دايم ولحقوا رهيب فيه (صاحبه رهيب).

وسأل (المسلول):

هل بقي أسئلة؟

فقال له (دايم):

ما كملت بالنسبة للماجستير ليه ما كملت (لماذا لم تكمل).

والدعوة بالفلبين وش (ما هي) قصتها؟

فأجابه الصارم:

الماجستير ما كملتها لظروف خاصة، وثق تمام الثقة أني لا أكن لكم إلا كل حب وتقدير، وخاصة بعد وقوفكم في وجه الرافضة وأعداء الله، وتصدق عندما أتي أحد الأعضاء وقال إن رهيب مات، قلقت وحزنت وخشيت أنه لم يسامحني.

أما الدعوة في الفلبين فحقيقة كانت من أجمل الرحلات بالنسبة لي...

وكتب المدعو (كتموتو)، محذراً من دايم:

سواها فيك دايم علي البال.

ص: 94

محد مسو لي (مسبب) لنا هاي (هذه) المشاكل.. إلا دايم.

ما أدري منهو إلي (من هو الذي) يعطيه هاي (هذه) المعلومات عنا!!

مجموعة (هاكرز) الشيعية تثأر

دخل المدعو (سلام) وهو شيعي، مخترقاً شبكة سحاب المتعصبة، بدون اشتراك!!

وكتب فيها موضوعاً بعنوان (الصارم المسلول)، قال فيه:

ستبقي كلمة الله هي الحق، وكلمة الشيطان هي الباطل، وسيبقي قاصد خير معك إلي النهاية.

ولا تحزن فإننا سنتقابل عما قريب.

أما (أنا العربي) أصبحت مثل البناء من دون أساس.

وهجر باقية إن شاء الله، ونحن وأنتم قادمون علي عهد جديد؟؟

فأجابه (الواضح):

!! ربما تكون هذه الرسالة تهديدا ل- (الصارم المسلول)!!!!!!

فخذوا حذركم.. فإن الشر يعم!!!!!!!!

كن واضحاً صادقاً.

فكتب (سلام):

يا أخي لا داعي للذعر فلست بمخرب أو مهدد. لا عليك.

بالله عليك هي فقط توضيح لأخي الصارم فقط، فنحن أخوة ومن أبد بعيد؟

ص: 95

لا نامت عيون الجبناء... والموت الموت للطغاة.

فكتب له (الواضح):

ليس هذا ذعراً.. ولكن كلامك وعنوانك لا يوحي إلا بأخذ الحذر!!

كن واضحاً صادقاً.

فكتب له (سلام):

أخي لا عليك. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. لا تخاف (كذا) وأنا أخوك.

(تعددت الأسباب والموت واحد)

لا نامت عيون الجبناء. والموت الموت للطغاة.

وكتب (الفريق أول):

من الأمثال: اللي علي رأسه بطحة يحسسها (مثل لمن يخبئ شيئاً).

لو فكرنا في العصافير ما زرعنا الدخن. الأخوة.. السكينة السكينة...

الأخ سلام: عليك السلام، دعنا نري كيف تكون أنا العربي بعد تغيير إدارتها...

نأمل أن نجد فيها ما يسر الجميع... لأننا نتمني أن نري مواقع إسلامية هادفة تعود بالنفع للجميع.

فكتب له (الواضح):

الله تعالي يقول: وخذوا حذركم..!!

كن واضحاً صادقاً.

وكتب (سلام):

ص: 96

جيد جداً (في العجلة الندامة وفي التأني السلامة) سوف ننتظر وننتظر حتي نري كلمة الحق سراجاً منيراً علي رأس كل ظالم متجبر.

لا نامت عيون الجبناء... والموت الموت للطغاة.

فأجابه (الصارم المسلول)، الذي اشتري العربي وخرب هجر:

إسمع (تري) شرف كبير وعظيم لك أني أرد عليك!!

وسوف أمنحك هذا الشرف فاسمع وبلغ من (وراك):

إن الصارم المسلول أيده الله بنصره، قد اشتري ساحة الروافض سابقاً (أنا العربي)..

وقد غيرت مسماها إلي (أنا المسلم)..

بمعني أن الروافض والزنادقة والعلمانيين لا مكان لهم فيها، ولا مكان لأعداء الدين.

بل أنا الآن بصدد إعداد مفاجأة أخري وأقوي من الأولي، واحذر أن تخاطب الصارم بهذا الأسلوب مرة أخري، لأن ردي قد يصل إلي عقر دارك!!

وهذا تهديد وليس تحذير! والوعد قدام (في المستقبل)!

وكتب (الواضح) بتاريخ 13-11-1999:

هذا (سلام - قاصد خير).. يهدد بأشياء ستأتي بعد انتظار..!

وله أقول: دع عنك هذا.. وأقبل علي كتاب ربك قراءة وتأملاً وتدبراً..

وانظر كيف أثني الله تعالي علي الصحابة رضي الله عنهم..

وكيف أثني علي أمهات المؤمنين رضي الله عنهن.

وانظر كيف أمر الله تعالي بعبادته وحده دون سواه..

ص: 97

وكيف نهي عن الشرك. وكيف أن الدعاء عبادة لا تصرف إلا لله تعالي.

فأهل القبور لا يملكون لأنفسهم بعد موتهم نفعاً ولا ضراً.. فضلاً عن أن يملكوا لغيرهم..!!

اللهم اهده للحق.. ونعم: لا نامت أعين الجبناء، وما من ظالم إلا سيبلي بأظلم.

كن واضحاً صادقاً.

وكتب (أبو سمية):

ونحن جاهزون معك أيها الصارم المسلول، وسر علي بركة الله فنحن قادمون بإذن الله لتدميرهم.

وكتب (شاكر):

السكينة السكينة.. سبح سبح سبح.. هلل هلل هلل هلل.. سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.. ولا حول ولا قوة إلي بالله..

يا أيها الذين أمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله.

وكتب (ذو النورين):

يا جماعة ما هذه التهديدات التي تطلقونها، فالكل يستطيع إرسال فيروسات..

هذه لا يوجد أسهل من عندها... رجاءً لا أحد يطلّع عضلاته..

وللأسف يا أخ صارم أنك ترد بهذا المستوي، فالكل يستطيع أن يدخل هذا المنبر تحت أي اسم ويفعل الهوايل (العجائب).

يجب أن تكون حذر ولكن فطن (كذا).

إذا تجرأت علي الشيعة... تعرض جهازك للخطر!!

ص: 98

صدقني لقد حدث لي وأن احترق جهازي... بأن أرسل إلي أحد الخبثاء فايروس.

لا تستصغرن الصغير.. فأكبر النار من مستصغر الشرر.

وكتب (سلام) بتاريخ 14-11- 1999:

سمعت وفهمت، والآن أتي دورك لتسمع وتفهم يا صارم: التهديد والوعيد ليست لغتي.

وكل ما في الأمر كنت أريد أن أتأكد من امتلاكك ساحة (العربي) سابقاً و (المسلم) حالياً.

أما بخصوص.. شرف عظيم لي، فأعتقد أن العظمة لله سبحانه وتعالي.

وما كتبته بمداخلتك السابقة يدل علي محدودية تفكيرك وقصر نظرك.

وأما أنك تأتي إلي داري وتهددني فهذه لن تحدث أبداً، وتعلم لماذا؟

لأنني أعيش حالياً في أمريكا، وإذا تجرأت وفعلت ذلك تعلم ماذا يحدث لك! ولبيتك ولمدينتك ولبلدك. (قاصد خير).

لا نامت عيون الجبناء... والموت الموت للطغاة. انتهي.

قال (العاملي):

وأخذ المسلول يرتب موقعه الجديد (أنا العربي) وسماه (أنا المسلم)..

وجاءه الخوارج وشاركوه الفرحة..

ولكن لم يطل انتظارهم، وإذا بشخص شيعي يدخل إلي الموقع جهاراً نهاراً، ويكتب فيه ضدهم، ويسخر بهم دون أن يستطيعوا فعل شئ!

ص: 99

فكتب (أبو أحمد) بتاريخ 13-11- 1999، موضوعاً بعنوان (يا صارم اعمل شئ (كذا))، قال فيه:

السلام عليكم، الأخ العزيز الصارم المسلول.

لا بد تشوف حل (نبحث عن حل) لأشباه الرجال!

وش الأطفال اللي يلعبون بالنار!

لا بد من اتخاذ إجراء ضدهم شغل. الأمر يحتاج تضافر الأخوان ضد هؤلاء.

الله يحفظكم ويجعلكم ذخر (كذا) للإسلام وأهله، وسدد خطاكم.

انتهي.

قال (العاملي):

وواصل (سلام الشيعي) سيطرته علي موقع المسلول، يمسح مواضيعه، ويعطل صفحاته، ويكتب باسم صاحبه المسلول!!

ويعلن أن الموقع تحت سيطرته ولا يمكن للمسلول ولا لغيره أن يدخلوه!!!

وينشر فيه صوراً غير أخلاقية!!

فأسقط في يد المسلول، وتخلي عنه عدد من الخوارج في سحاب ووجهوا إليه اللوم، لأنه هو الذي بدأ القرصنة علي شبكة هجر!!

وهكذا فقد المسلول موقعه الذي اشتراه، ولم يتمكن من استعادته!!

واضطر لأن يشتري برنامجاً جيداً ويعمل فيه أسابيع، ليبدأ موقعه عمله من الصفر!!

وهو نفس العمل الذي عمله مع شبكة هجر.. وكما تدين تدان!!

ص: 100

الموسوعة الشيعية تتقدم بين شبكات الحوار

اختارت شبكة هجر أن تمنع النقاش المذهبي وتقتصر علي النقاش المعاصر، الذي يكتب فيه عدد من العلمانيين والمتدينين، ويطرحون قضايا فكرية واجتماعية وسياسية متنوعة.. ويبتعدون عن النقاش المذهبي.

وفي نفس الوقت كانت شبكة (الموسوعة الشيعية - shia link) التي يملكها شاب كويتي، تشق طريقها بصفتها موقعاً مميزاً يرحب بالمشتركين علي اختلاف مذاهبهم ومشاربهم، ويسهل لهم الحوار في الموضوعات التي يختارونها، بدون تدخل الإدارة العامة..

وبذلك جمعت عدداً كبيراً من الرواد من بلاد مختلفة، وعمرت بالموضوعات والمناقشات..

وما زالت الموسوعة الشيعية إلي تاريخ اليوم السابع والعشرين من صفر الخير لسنة 1421 للهجرة الشريفة، الموقع الأول في الحوار الحر بين الإتجاهات الإسلامية.

كما دخل فيها عدد من المسيحيين وجرت معهم مناقشات في العقيدة المسيحية من قبل بعض العلماء والكتاب الشيعة.

وعلي الرغم من محاولات الخوارج المختلفة.. المسنودة بالفتاوي (الشرعية)! لتخريب الشبكات الشيعية، وإلحاقهم أضرارا بالموسوعة الشيعية، إلا أنها تغلبت عليها والحمد لله..

وما زالت إلي هذا اليوم تحتل المرتبة الأولي في ساحات النقاش.

ص: 101

ولادة شبكة الحق الثقافية

قام أحد الأفاضل الشيعة بتأسيس شبكة الحق الثقافية.. ورحب بهذه الخطوة الكتاب الشيعة والسنة، واشترك فيها أكثر من مئة عضو.. وهي آخذة بشق طريقها بمتانة، كثاني مركز للحوار بعد الموسوعة الشيعية.

وفي الوقت نفسه عادت شبكة هجر وفتحت واحة الحوار الإسلامي، وجعلتها مجالاً للحوار فيه حرية إلي حد لا بأس به.

كما توجد شبكات أخري للحوار بين المذاهب، أبرزها شبكة الملتقي العربي الشيعية، وشبكة سبلة العمانية الأباضية، التي تقبل مشتركين من مختلف المذاهب.

ص: 102

الفصل الثاني: اصول الفكر (الإسلامي) عند خوارج العصر

اشارة

ص: 103

ص: 104

الأصل الأول: الثورة واجبة.. والهدف دولة الخلافة الجميلة في الأذهان

وهذا الأصل يمثل فكرهم (الإسلامي) الستراتيجي، وخلاصته:

أنهم يتصورون أن مسار التاريخ الإسلامي من بعثة النبي صلي الله عليه وآله إلي يوم القيامة هو:

خلافة علي منهاج النبوة هي الخلافة الراشدة للخلفاء الأربعة..

ثم ملك عضوض، هو الملك الأموي الشرعي، وملك العباسيين، والمماليك، والعثمانيين.

ثم أنظمة حكم جبرية قهرية هي الأنظمة المعاصرة.

ثم تأتي بعدها مرحلة الخلافة علي منهاج النبوة علي أيديهم هم، وليس علي يد الإمام المهدي الموعود عليه السلام.

بل يزعمون أن هذا المهدي الموعود من الله ورسوله واحد منهم، من نوع جهيمان أو بن لادن! ويلهجون بذكر شاب في السعودية بتحفظ، يأملون أن يكون هو المهدي الموعود!!

ص: 105

الأصل الثانی: كل الدول الإسلامية دول كافرة يجب جهاده

وكل حكامها كفار يجب قتلهم شرعاً، ولا يوجد دولة شرعية علي وجه الأرض، إلا المنطقة التي يحكمها الطالبان ويقودها الملا عمر الأفغاني، والد زوجة الشيخ أسامة بن لادن السعودي.

الأصل الثالث: المسلمون كلهم كفار ما عدا هؤلاء الخوارج المحترمين

والسبب في ذلك:

أولاً: أن مواد التكفير التيمية تنطبق عليهم.

وثانياً: وهو الأهم، لأن المسلمين هادنوا الحكام الخونة الكفار، ولم يجاهدوهم!

وبذلك يجمع هؤلاء في آن بين تطرف ابن تيمية في التكفير، وتطرف حركة التكفير والهجرة المصرية (جماعة إسماعيل لطفي وعبود الزمر)!!

الأصل الرابع: التوحيد و الجهاد

فالتوحيد علي طريقتهم في التجسيم والتشبيه هو المحور العقائدي لدعوتهم..

ومن خالف فهو مشرك واجب القتل إن لم يتب!!

ص: 106

أما المحور العملي لدعوتهم إلي (توحيدهم) فهو (الجهاد) ومفهومه عندهم: العنف مع كل الناس، وحتي مع النفس! وحتي مع الحيوانات والطبيعة وجهاز التلفون والكمبيوتر!!

الأصل الخامس: القائد هو المقاتل الذي يكفر المسلمين مثلهم

بشرط أن يفتي بجهادهم ويقود الحركة، وهو فعلاً الشيخ أسامة بن لادن، العالم الثري السعودي، ومعه والد زوجته الملا عمر قائد الطالبان، وحاكم أكثر مناطق أفغانستان.

وعندما تسمح الظروف، لا بد أن يعلن ابن لادن دعوته إلي مسلمي العالم ليبايعوه خليفة للمسلمين، وعندها يجب علي المسلمين إجابته وبيعته علي أنه خليفة النبي صلي الله عليه وآله، ويجب عليهم القتال معه حتي يقيم دولة الخلافة في العالم الإسلامي كله.

الأصل السادس: انهم إلتقاطيون إنتقائيون

فهم ينتقون عقائدهم وفتاواهم وأفكارهم حسب أمزجتهم..

ويبحثون عن أي مصدر يجدون فيه فكرة متطرفة تستند بشكل ما إلي آية أو حديث، أو إلي كلام عقلي يعجبهم فيزينونه لأنفسهم!

وعندما يصطدمون بآيات وأحاديث وأدلة تخالف آراءهم، تراهم يعرضون عن ظاهرها الصريح ويؤولونها، ويبحثون عن متشابهات تؤيد آراءهم!

ص: 107

وعندما توجههم أدلة علي عدم وجوب الجهاد لعدم توفر شروطه، يبحثون عن متشابهات توجب الجهاد والخروج علي الحاكم علي أي حال!

وعندما توجد أحاديث توجب أن يكون الخليفة من قبائل قريش، وتمنع أن يطرحوا أسامة بن لادن خليفة علي المسلمين، يبحثون عن فتوي تلغي هذا الشرط وتفتح الباب أمام ابن لادن لخلافة المسلمين المنشودة، المزينة في أذهانهم!

الأصل السابع: كلهم مجتهدون.. في كل أمور الدين

تراهم جميعا مجتهدين، حتي الحفاة علمياً!

وتري كل من عرف حرفين يتكلم بالأدلة والمصادر، ويجد عند الشاطبي، أو عند الشوكاني، أو في كتب ابن تيمية، أو عند الماوردي... ما يسند رأيه المتطرف، فيكبر ثلاثاً لهذا الفتح العلمي، دون أن ينظر إلي مجموع آراء هذا العالم، ولا إلي الآراء الأخري المعارضة له وأدلتها!!

فباب الإجتهاد عند هؤلاء مفتوح علي مصاريعه، والدخول فيه بدون شروط!

وحتي النساء منهم تجتهد، وتفتي في الصوم والصلاة، وحتي بالكفر والإيمان، وهدر الدماء وإباحة الأعراض!!

ولذلك سرعان ما يقع الإختلاف بينهم أنفسهم، وينشقون عن بعضهم.. ويكفر بعضهم بعضاً.. وتتكاثر فرقهم، كالأميبا.. فهذه طائفة بن لادن، وهذه طائفة المسعري، وتلك الطائفة السرورية، والحوالية، والمانعية، والمدخلية، والسحابية... إلي آخر ما هو موجود، وما هو تحت الولادة..

ص: 108

وما هو في أشهر الحمل!!

نماذج من أفكارهم بأقلامهم من ترشح للخلافة؟

كتب المدعو (أبو بنان كركوكلي) في الساحة العربية بتاريخ 8-9-1999، موضوعاً بعنوان (من ترشح لمنصب خليفة المسلمين؟)، قال فيه:

إلي كافة المسلمين والمسلمات في أنحاء العالم: سؤال يعيش في قلبي من صغري وأحب أن تشاركوني ليطمئن قلبي.. ولكم الشكر والموفقية في الدنيا والآخرة.

سؤال: إذا عادت الخلافة الإسلامية إن شاء الله تعالي من ترشحه لمنصب الخليفة أو أمير المؤمنين أو بأي اسم إسلامي آخر؟

بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبي للغرباء.

فاعترض عليه (عاشق الوطن)، بتاريخ 25-10-1999، قائلاً:

إلي الأخوة جميعاً وأخص أبو بنان (كذا):

وهل المجتمع الآن مهيأ لتطبيق الشريعة الإسلامية علي أكمل وجه؟

هذا من جهة، ومن جهة أخري قبل طرح من يمكن أن يرشح لهذا المنصب باعتقادك يوجد تربة خصبة وواقع يسمح بقيام نظام إسلامي وحكم إسلامي؟

ولكن (ممجد الحق) أيده، فكتب بتاريخ 16-11-1999، قائلاً:

ولكن يا إخوة: إذا نادي أحدهم بالخلافة في أي من الدول العربية..

هل يتوجب علينا نصرته، خصوصاً إذا كان الظاهر من أمره الإخلاص؟

ص: 109

أم أنه علينا أن ننتظر إمام (كذا) من قريش ولا نعترف بالآخرين؟

واعترض عليه (بني عامر)، بتاريخ 18-11-1999، فقال:

الأخ أبو بنان كركوكلي:

إلي متي ستظل تعيد كتابة هذا الموضوع؟

أليس عندك شئ تنفع به المسلمين غير هذه الفتنة؟

ما الذي تريد أن تقوله بالتحديد؟ هل تريد تحريض الناس ضد حكامهم؟

تركت أمتي علي المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.

أما المدعو (المنفي طوعاً)، فقال:

إن الخليفة يجب أن يكون من قريش، ولا يجوز أن يكون من آل سعود!

قال (العاملي):

ومع ذلك مال إلي ترشيح ابن لادن لمنصب خلافة الأمة الإسلامية..

وكتب بتاريخ 20 -11- 1999:

الخلافة ليست بالترشيح يا أخي إذ إنه لا يوجد في الإسلام حق للأكثرية علي حساب الأقلية وهذا هو الفرق بين الشوري والديموقراطية.

فلو اجتمعت الإنس والجن لكانت الأكثرية مقابل رسول الله ولكن لا يحق إلا الحق.

وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله.. الأنعام – 116.

يخضع تعيين الخليفة من قبل أهل الحل والعقد (وليس من الشعب).

ص: 110

ويخضع لشروط كثيرة، منها أن يكون قرشياً (وليس سعودياً) لقوله صلي الله عليه وسلم: إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار علي وجهه ما أقاموا الدين.

رواه البخاري في كتاب الأحكام.

أما إن كنت تعني من نظنه كفؤاً أن يكون خليفة للمسلمين فهذا شئ آخر. وأنا لا أزكي علي الله أحد (كذا) ولكني أظن بأخي بن لادن خيراً. والسلام عليكم ورحمته وبركاته.

ص: 111

تكفير المسلمين أسهل عندهم من شرب الماء

تصلح موضوعات شبكة الساحة العربية أن تكون قصصاً طريفة أو مواد علمية نافعة..

وما زال أكثرها في (أرشيف) الموقع المذكور، ولا يتسع المجال إلا لنموذج من أفكار هؤلاء الخوارج الجدد، الذين يفتون بضربة واحدة بكفر مليار مسلم لأنهم يخالفونهم في الرأي!!

ولا يستثنون منهم أحداً إلا بضعة آلاف، هم... حضراتهم المحترمة!!

أما لماذا صار التكفير عندهم سهلاً محبباً إلي قلوبهم، كشرب الماء البارد في الصحراء القاحلة؟!

فالجواب: أن الجماعة لشدة تقواهم يعيشون شوقاً قوياً دائماً إلي (الجهاد في سبيل الله تعالي) وجهاد من خالفهم يتوقف علي... تكفيره واستحلال سفك دمه، واستحلال عرضه إماء مملوكة لمجاهدين بملك شرعي!!!

لذلك يرون أنفسهم مضطرين إلي ترتيب مواد (شرعية) إذا انطبقت علي المسلم مادة واحدة منها يصير ضالاً أو مشركاً أو ملحداً، يجب عليهم قتله!

ويحل لهم ماله وعرضه، والحمد لله رب العالمين!!!

من هذه المواد علي سبيل المثال:

أن يقول المسلم إن معني اليد في قوله تعالي (يد الله فوق أيديهم) أن قدرته فوق قدرتهم، لأنه لا يمكن أن تكون اليد في الآية بمعني أيدينا وجوارحنا!

فبذلك يصير عندهم متأولاً كافراً يعبد غير الله، لأن الله له يد حقيقية لا مجازية!!

فيجب عليك أن تترك قولك هذا، وتشهد علي نفسك بالكفر بسببه!!

ص: 112

وتتوب وتدخل في (الإسلام) من جديد، وإلا.. فقد وجب قتلك، وحل مالك ودمك وعرضك حلالاً زلالاً لهم!!

ومنها: أن تزور ضريح صالح من أهل البيت عليهم السلام، أو غيرهم من أولياء الله تعالي، وتصلي عند قبره وتستشفع به إلي الله تعالي!

فتصير بزعمهم عابداً لذلك الولي من دون الله تعالي، ويجب عليهم قتلك، ويحل لهم دمك ومالك وعرضك!

ومنها: أن تقول (اللهم إني أتوجه وأتوسل إليك بنبيك محمد أن تغفر لي)! فتصير بزعمهم عابداً للنبي صلي الله عليه وآله مكان الله تعالي!

وبذلك يجب عليهم قتلك، ويحل لهم دمك ومالك وعرضك!

ومنها: أن تقول أنا أخالفكم في تكفير المسلمين، ولا أكفر الذين تكفرونهم.

فتصير بذلك كافراً يجب عليهم قتلك، لأن من لم يكفر الكافر فهو كافر! ويحل لهم دمك ومالك وعرضك!!!

ص: 113

حتي الدولة السعودية كافرة تجب الثورة عليه

كتب (محمد بن قاسم) بتاريخ 20-1-1999، موضوعاً بعنوان (هل السعودية دولة إسلامية؟ الكواشف الجلية في كفر الدولة السعودية)، قال فيه:

سبحان الله، ليس أدل من كفر هذه الدولة إلا بما تسمي، المملكة العربية السعودية، فلا المملكة من الإسلام وليس الإنتماء العربي كعصبية من الإسلام، وليست كلمة السعودية تدل علي الإسلام.

سبحان الله، لقد جمعوا إسم دولتهم من ثلاث كلمات لا تمت للإسلام بصلة، فهذه التسمية لا تدل من قريب أو بعيد علي الإسلام، بل العكس صحيح!

فكلمة المملكة تقليد للغرب الكافر كالمملكة المتحدة البريطانية، والظاهر المعلوم أن آل سعود ومن لف حولهم كالمملكة الهاشمية قد افتتنوا بأسيادهم الكفرة من الإنجليز، فقلدوهم شبراً بشبر وذراع (كذا) بذراع حتي التسمية قبل المضمون. بالله عليكم، أفتونا بهذه البدعة المحدثة.

ما هو الدليل الشرعي علي استعمال كلمة المملكة بدل الخلافة؟

واستعمال كلمة العربية بدل الإسلامية؟

واستعمال السعودية بدل الراشدة؟

بالله عليكم، لو استخدم أحدنا كلمة المحمدية بدل الإسلامية، كالخلافة المحمدية، لقامت الدنيا وقعدت وقيل بأنها بدعة ومن شر الأمور.

المملكة العربية السعودية، تسمية لا تدل إلا علي واقعها، أي هذه الدولة هي ملك لآل سعود وهم من العرب، أي عرب؟ عرب الجاهلية، أم عرب الإسلام؟

ص: 114

لو سميت بالمملكة الإسلامية السعودية ولو صورياً، كان من الممكن أن نأول ونحسن الظن، ولكن آل سعود أبوا إلا حذف اسم الإسلام، ويأتي قائل بأنها دولة إسلامية رغماً عن الجميع، أليست هذه هي العصبية بعينها التي نهانا عنها الحبيب المصطفي صلي الله عليه وسلم.

ألم نسمع بأن الرسول صلي الله عليه وسلم أخبرنا بأنه ستكون ملكاً عاضاً ثم ملكاً جبرية بعد الخلافة علي منهاج النبوة، سبحان الله، يأبي آل سعود إلا أن يسموا دولتهم بالملك ولا يكتفوا بالجبرية، حتي يكونوا مصداقاً لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: ثم تكون ملكاً جبرية.

ولكن هيهات، فالخلافة الإسلامية الراشدة علي منهاج النبوة قادمة بإذن الله لتزهق الباطل وتحق الحق، والويل لمن أحدث في ديننا وجعل الخلافة ملكاً، والإسلام عصبية عربية، والراشدة سعودية.

والآن، ما يضير آل سعود لو أعلنوا الخلافة الإسلامية الراشدة اليوم، في ذكري تأسيس المملكة العربية السعودية منذ مئة عام.

فالحمد لله، لا أحد من المسلمين يزايد عليهم في عقيدة التوحيد، فلولاهم والعياذ بالله لكنا كفار

مرتدين، فهم الذين نشروا العقيدة الصحيحة السلفية، وسنأتي علي كيفية انتشار السلفية بالسيف والدم.

ثم ما شاء الله فقد وهبهم الله آبار (كذا) نفطية تدر عليهم الأموال الكثيرة ولا حسد، فهي ملك أجدادهم وموروثة لأحفادهم، ولا يطالبهم أحد من المسلمين بحصة، فآل سعود من الكرم وشيم الأخلاق يغدقوننا بأموالهم ولا يمنون علينا.

ص: 115

أما رجال الدولة وصفاتهم، فهم من الحنكة والحيلة أنهم سخروا أمريكا الدولة العظمي لتكون تحت قيادتهم في حرب الخليج، وجعلوهم حرساً وخدماً يأتمرون ويطيعون الملك، وحاشيته.

وغير هذا كثير من الإنجازات الخارقة، فبدل القصر الواحد للخليفة المنتظر، فقد شيدوا القصور، وما ذلك إلا لفخر وعزة بلادهم، فالأمجاد بحاجة للقصور الفخمة والسيارات الفاخرة، ليس فقط في بلادهم بل في كل أنحاء المعمورة.

إن لم يكونوا عملاء للغرب الكافر، فماذا ينتظرون لإعلان الخلافة الإسلامية؟

وكتب (شادي) يوم 16-1-1999، موضوعاً بعنوان (جحيم السجون السعودية كما يرويها معتقل)، قال فيه:

سقطت كابول.. واشتعلت الفتنة بين المجاهدين، فكففنا أيدينا ونأينا بأنفسنا عن التورط في مثل هذه الفتنة الحالكة.

عدت إلي المملكة أنشد فيها الأمن والأمان، وأبحث عن العلاج لساقي المبتورة.

بقيت في جدة، وجاورت المستشفي في شقة صغيرة، لا يشغلني سوي أمر علاجي.

وبعد انفجار الرياض بأيام فوجئت بمن يطرق باب الشقة طرقاً شديداً، فهرعت إلي عكازتي، وتوجهت لأفتح الباب. لم يمهلني طارقو بابي، فكسروا الباب واقتحموا الشقة!

ص: 116

ظننتهم عصابة من اللصوص، صحت فيهم: من أنتم وماذا تريدون...؟... إلخ...

فأجابه (سيف العرب) بتاريخ 16-1-1999:

إن كان ما تقوله، لعنهم الله. والله والله لو كان ذلك صحيح لحل لنا قتلهم.

جزاك الله خيراً.

وأيده (التميمي)، فقال:

وللعلم أيضاً.. لقد وردت لنا منذ وقت قريب شهادة إخوة لنا فروا من سجن سعودي..

ورووا لنا ما عانوه من شدة التعذيب علي أيدي جلادي حسني مبارك الوافدين خصيصاً (وضمن اتفاقيات التضامن العربي) إلي السجون السعودية ليفيد الوطن من خبراتهم في تعذيب المسلمين، وقتل الدعاة الصادقين، وتحويل البلاد لسجن كبير.

ولقد روي الإخوة تفنن سجاني خادم الحرمين (حفظه الله) في سب الله تعالي ورسوله صلي الله عليه وسلم، فضلاً عن العلماء كسماحة الشيخ ابن باز، بأقذع ما يمكن أن يشتم به مخلوق وذلك أثناء حفلات التعذيب اليومية.

وكتب (أبو الزبير المدني) بتاريخ 16-4-1999، موضوعاً بعنوان (بروكسي لتنقية مواقع الجنس! أم لتنقية المواقع الإسلامية؟)، قال فيه:

إخواني في الله:

بروكسي السعودية.. هل هو لتنقية المواقع الجنسية الفاضحة، أم هو لمنع وصول الرأي الآخر لمواطني المملكة، مثل محاضرات الشيخان سفر وسلمان

ص: 117

التي منعا (كذا) من المملكة، فبارك الله في علمهما، ونشر كاملاً علي الإنترنت من خلال العديد من المواقع مثل:

1.www. islamway. aisunnah. com

2. www. safar.salman com

فهل سيكون البروكسي قيداً جديداً ولثاماً تسيطر به الحكومة علي الآراء الأخري، كما هي العادة التي جرت في بلادنا؟ والله أكبر والعزة لله ولرسوله والمؤمنين.

فأجابه (ابن الجزيرة)، مؤيداً:

الأخ أبو الزبير المدني:

لولا علمهم أنهم ليسوا علي الطريق الصحيح، لما منعوا هذه المواقع.. إنه الخوف من بيان الحق..

أقل ما يقال عنهم أنهم غاية في الجبن..

ورد عليه (أبو سعدون)، في اليوم الثاني:

السلام عليكم: يا أبا الزبير اتق الله في نفسك، وتأكد من الشئ قبل إذاعته.

موقع alsunnah. com غير مقفل.

وكذلك الحال بالنسبة ل-. islamway. com www.

أما موقع www. safar.salman com، فهذا الموقع ليس له وجود علي الإنترنت.

تأكد من عنوان الموقع ثم أخبرني وإذا كان مقفلاً سأجعلك تطلع عليه.

ويا ابن الجزيرة لا تكن مع الخيل يا شقراء. تأكدوا يرحمكم الله.

نسأل الله أن يتجاوز عنا وعنكم. أخوكم أبو سعدون

ص: 118

وكتب (ثريد):

عنوان الموقع هو http: // www. safar. salman.org

يعني وليسcom والموقع هدفه نبيل، ألا وهو المطالبة والضغط لإطلاق علمائنا الأجلاء الشيخ سفر الحوالي وسلمان العودة من السجن.

لكن لي ملاحظة مهمة علي الموقع.. ألا وهي: لماذا يلمز القائمون علي الموقع وفقهم الله للخير وهداهم علماءنا الكبار من أمثال الشيخ ابن باز وغيره وتسميتهم بالعلماء الرسميين.

إن حسن الظن بهم واجب شرعي والتماس العذر لهم خلق إسلامي.

فأجاب (أبو الزبير المدني):

لم أقل يا أخي إن هذه المواقع قد منعت، بل أتوقع ذلك في غضون فترة قريبة لا قدر الله وهو حادث شئنا أم أبينا.

فكما منع انتشار الأشرطة بين طلبة العلم والملتزمين فلن يتركوها لهم علي الكمبيوتر، والله أعلم.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد ألا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

وكتب (أبو سالم) بتاريخ 17-4-1999:

السلام عليكم: يا إخوة تكلموا همساً حتي لا يسمعكم أذناب آل س...

فهم كثر في الساحة: dreem 00 والمزورع والمبثوث والضال وغيرهم، فيقيموا عليكم الدنيا ولا يقعدوها في مدح صنيع آل... هود.

فأجابه المدعو (KKK):

المريض مريض، واللي متعود الكذب.. مسكين.

ص: 119

وكتب له (الشهاب الحارق):

يا أبو الجهل المدني:

قلنا لكم ألف مرة أنت وأمثالك ثائر الخائن، ومن والاكم علي الطريقة الخارجية، يا هالك: لو كانت عندكم غيرة علي الإسلام وبلاد الإسلام، لما تهكمتم وجرحتم بلاد التوحيد.

والواجب يا أبو جهالة أن تعلم أن مشايخك علي طريقة محمد بن سرور شين العابدين رأس الخوارج في هذا العصر.

فاتقوا الله يا جهال، واعلموا أننا في نعمت (كذا) لا يعلم قدرها إلا الذين زرعوا في قلوبكم هذا الحقد علي بلاد كل المسلمين!

وتقربوا بعد ذلك بدمائنا إلي الله كما فعلها الخوارج من قبل، فأنتم سلفهم الطالح فتوبوا إلي الله، وكفوا عن هذا الخني! والله أعلي وأعلم.

وكتب (ثريد) بتاريخ 18-4-1999:

طيب وش فايدة السب؟ إنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب (جميل الجمال):

يا رب يمنعوهم اليوم قبل بكرة، علشان نفتك من أشكالكم، مالت عليكم كلكم!

وأجاب (أبو الزبير المدني) بتاريخ 18-4-1999:

في البداية: أسأل الله عز وجل أن يعفو عن كل من هجاني، وأن يجعل ذلك في ميزان حسناتي إنه علي ما يشاء قدير.

إخواني في الله: أتعتقدون أنكم فقط من يحب بلاد الحرمين؟

ص: 120

كلا وألف كلا.. إن لها حباً في قلوبنا عميقاً متأصلاً في تربينا علي أرضها وتنعمنا بخيراتها ووجود أطهر البيوت بها.

ونحن لسنا خوارج سامحكم الله.. نحن لا نريد إلا شرع الله.. حكموا علينا من يحكم.. فلا نريد حكماً ولكن نريد أن يكون الحكم بما أنزل الله عز وجل حكماً ليس فيه موالاة للكافرين.. أو قهر للدعاة أو تقييد لطلبة العلم.

حكماً يرضي به الله عز وجل ورسوله صلي الله عليه وسلم، ونحن لم ندع لحرب الأسلحة.. بل كل ما فعلناه هو مجرد نقد الأوضاع..

لتصحيح ما لا يعرفه المسلمون وتقوم وسائل الإعلام بطمسه وإخفائه أو تشويهه، أحسست بندم بعد أن كتبت الموضوع.

ومع أني لم أشعل نار الفتنة بين المدارس الفكرية ولم أبدأها، ولكنها اشتعلت داخل هذا الحوار، ولكن يا إخواني بمختلف أفكاركم التي تتطابق مع الكتاب والسنة ولا تتعارض معه.. أما لنا شيئاً أنفع لديننا بدلا من القتال.. فرحم الله مجاهدي الأفغان أيام الجهاد الحقيقي.. كانوا يرون أخطاء غريبة، ولكنهم لأنهم هدفهم الآن أكبر من تسبيب فتنة لا تغني ولا تسمن من جوع، كانوا يتغاضون عنها.

أما نتحد حتي ولو روحياً ضد أعداء الله الذين يكيدون للإسلام والمسلمين ويزيدونهم فرقة.

والله المستعان. والسلام عليكم.

ص: 121

كل الدول الإسلامية كافرة و يجب الخروج عليه

كتب الخارجي (أبو إلياس) بتاريخ 29-10-1999، في شبكة سحاب، وهي شبكة متطرفة أكثر من الساحات العربية، موضوعاً بعنوان (هل الخروج علي الحكام محرم مطلقاً؟)، قال فيه:

هذا موضوع كنت قد شاركت به في الساحة العربية منذ مدة، رأيت إعادة نشره للفائدة:

إن بعض الناس لا يسوءه شئ مثل ما يسوءه أن يُتكلّم في الحكام المرتدين، فتجده لا يحرك ساكناً عندما يطعن في الدين ويستهزأ به..

ولكن عندما يتعلق الأمر بالحكام يجن جنونه، فيذهب يقلب في الكتب ويحضر لك كل ما يتعلق بطاعة الحكام وحرمة الخروج عليهم..

فيُنزِل الآيات التي نزلت في ولاة الأمر المسلمين والأحاديث التي قيلت فيهم علي هؤلاء المرتدين..

ولا يكلف نفسه عناء البحث عما إذا كانت هناك أدلة علي كفرهم عند خصمه.. ومدي صحتها..

فالخلاف الذي بيننا وبينهم يجب أن يكون حول كفر الحكام أو عدمه.. هل يسوغ الخروج عليهم وفضحهم في الملأ، أم لا..

فالمسلم البسيط يعلم أن طاعة ولاة الأمر واجبة.. ولكن.. بشرط أن يكونوا مسلمين!!

ولتبيين بعض الأشياء الخاصة بهذا الأمر الذي نحن بصدده، نقلت لكم النص التالي عن كتاب الجامع في طلب العلم الشريف للشيخ عبد القادر بن عبد العزيز..

ص: 122

آثار الحكم بالقوانين الوضعية علي الحاكم:

والمقصود بالحاكم هنا رأس الدولة سواء كان رئيساً أو ملكاً، وهو الحاكم بهذه القوانين والآمر بالحكم بها. وحكمه أنه يكفر بذلك كفراً أكبر للأدلة المذكورة بالمسألة السادسة والإجماع المذكور بالمسألة السابعة. ويترتب علي كفره:

1 - بطلان ولايته وتحريم طاعته.

لقوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم. النساء - 59.

والكافر ليس منا، فلا يكون ولياً للأمر علينا ولا طاعة له علينا.

ولقوله تعالي: ولن يجعل الله للكافرين علي المؤمنين سبيلاً. النساء - 141.

والولاية والطاعة من أعظم السبل، فلا ولاية ولا طاعة لكافر علي مسلم.

ولما رواه عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:

دعانا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فبايعناه، فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا علي السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا، وأن لا ننازع الأمر أهله. قال: إلا أن تروا كفرا بواحاً عندكم من الله فيه برهان. متفق عليه.

فإذا وجد الكفر البواح من أولي الأمر فقد سقطت طاعتهم ووجبت منازعتهم في الولاية.

والحق أن الحكام الذين يحكمون بلاد المسلمين بالقوانين الوضعية، لم يكونوا حكاماً شرعيين في وقت من الأوقات..

فقد تولوا ولايتهم علي أساس الحكم بالدستور والقانون، لا علي العمل بالكتاب والسنة، وبالتالي فلم تنعقد لهم ولاية شرعية من الأصل..

ص: 123

ولما كان كثير من هؤلاء الحكام يدعون الإسلام فقد صاروا بكفرهم مرتدين.

2 - وجوب خلع الحاكم الكافر.

لحديث عبادة السابق، وفي شرح هذا الحديث قال النووي:

قال القاضي عياض: أجمع العلماء علي أن الإمامة لا تنعقد لكافر، وعلي أنه لو طرأ عليه كفر انعزل.. إلي قوله: فلو طرأ عليه كفر، وتغيير للشرع، أو بدعة خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته ووجب علي المسلمين القيام عليه، وخلعه، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر، ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه، فإن تحققوا العجز لم يجب القيام، وليهاجر المسلم عن أرضه إلي غيرها ويفر بدينه. صحيح مسلم بشرح النووي: 12/229.

وقال ابن حجر:

إذا كفر الحاكم.. وملخصه: أنه ينعزل بالكفر إجماعاً، فيجب علي كل مسلم القيام في ذلك.

فتح الباري: 13/123.

وقال ابن حجر أيضاً: قال ابن التين:

وقد أجمعوا أنه - أي الخليفة - إذا دعا إلي كفر أو بدعة أنه يقام عليه، واختلفوا إذا غصب الأموال وسفك الدماء وانتهك، هل يقام عليه، أو لا. انتهي.

وما ادعاه من الإجماع علي القيام فيما إذا دعا الخليفة إلي البدعة مردود، إلا إن حمل علي بدعة تؤدي إلي صريح الكفر. فتح الباري: 13/116.

والمقصود هو خلع الحاكم الكافر وإقامة حاكم مسلم.

ص: 124

فإن أمكن خلع الكافر بغير قتال فقد تم المقصود، فإن لم يكن ذلك إلا بقتال فهو واجب، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.

وحديث عبادة بن الصامت وإن اقتصر علي بيان جواز منازعتهم: وألا ننازع الأمر أهله.

إلا أن الأحاديث الأخري فسرت المنازعة بالقتال.

كما في حديث أم سلمة مرفوعاً قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: لا، ما صلوا.

وحديث عوف بن مالك، مرفوعاً قيل يا رسول الله: أفلا ننابذهم بالسيف؟

فقال: لا ما أقاموا فيكم الصلاة. الحديثان رواهما مسلم في كتاب الإمارة من صحيحه.

وذكرت في نقد كتاب القول القاطع فيمن امتنع عن الشرائع - بمبحث الإعتقاد - التوفيق بين هذه الأحاديث:

وأنه إذا ترك الحاكم الصلاة فقد كفر فيُخرج عليه، ويكون ترك الصلاة هو أحد أنواع الكفر البواح المذكور في حديث عبادة، وإذا كفر من وجه آخر غير ترك الصلاة، فإنه يخرج عليه أيضاً لعموم حديث عبادة، وإن كان مصلياً.

ويتأكد وجوب الخروج علي الحاكم الكافر وتقديم قتاله علي قتال غيره من الكفار من وجوه ثلاثة:

الأول: أنه جهاد دفع متعين وهو يقدم علي جهاد الطلب، أما كونه جهاد دفع فلأن هؤلاء الحكام هم عدو كافر تسلط علي بلاد المسلمين، قال تعالي: إن الكافرين كانوا لكم عدواً مبيناً. النساء - 101.

وقال ابن تيمية رحمه الله:

ص: 125

وأما قتال الدفع، فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين، فواجب إجماعاً، فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شئ أوجب بعد الإيمان من دفعه، فلا يشترط له شرط، بل يدفع بحسب الإمكان. الإختيارات الفقهية ص 309.

وقد تقرر أن الجهاد يتعين إذا نزل العدو ببلد المسلمين. المغني والشرح الكبير: 10/366.

ولا فرق بين كون الكافر المتسلط أجنبياً عن البلد، أو من أهلها فكفر وتسلط عليها، إذ أن علة وجوب جهاده هي الكفر، وهذه العلة قائمة في الحالين، قال تعالي: إن الكافرين كانوا لكم عدواً مبيناً. النساء.

ولم تفرق الآية بين كافر أجنبي وكافر وطني، كما أن المرتد قد صار بكفره أجنبياً عن المسلمين من أهل البلدة، ودليله أن نوح (كذا) عليه السلام قال عن ابنه الكافر: رب إن ابني من أهلي، فقال تعالي: يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح. هود 45 - 46.

ولهذا لا يكون الأب الكافر محرماً لابنته المسلمة لأنه بكفره صار أجنبياً عنها.

الوجه الثاني: أنهم مرتدون..

قال ابن تيمية رحمه الله: وكفر الردة أغلظ بالإجماع من الكفر الأصلي. مجموع الفتاوي: 28/487.

وقال أيضاً:

وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة، منها أن المرتد يقتل وإن كان عاجزاً عن القتال بخلاف الكافر الأصلي الذي هو ليس من أهل القتال، فإنه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد، ولهذا كان مذهب الجمهور أن المرتد يقتل كما هو

ص: 126

مذهب مالك والشافعي وأحمد.. ومنها أن المرتد لا يناكح ولا تؤكل ذبيحته، بخلاف الكافر الأصلي إلي غير ذلك من الأحكام. مجموع الفتاوي: 28/534.

وقال ابن تيمية أيضاً:

والصديق رضي الله عنه وسائر الصحابة بدأوا بجهاد المرتدين قبل جهاد الكفار من أهل الكتاب، فإن جهاد هؤلاء حفظ لما فتح من بلاد المسلمين وأن يدخل فيه من أراد الخروج عنه..

وجهاد من لم يقاتلنا من المشركين وأهل الكتاب من زيادة إظهار الدين، وحفظ رأس المال مقدم علي الربح. مجموع الفتاوي: 30/158 - 159.

الوجه الثالث: لكون قتالهم مقدم علي قتال غيرهم أنهم الأقرب إلي المسلمين.

قال ابن قدامة: مسألة: ويقاتل كل قوم من يليهم من العدو والأصل في هذا قول الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار. التوبة - 123. ولأن الأقرب أكثر ضرراً.

المغني والشرح الكبير 10/372.

وقوله (ولأن الأقرب أكثر ضرراً) لا يخفي، فإن ما يفعله هؤلاء الحكام المرتدون - بما أوتوا من سلطان - في بلاد المسلمين من إشاعة الفواحش والفجور، وإفساد دين الناس، وحكمهم بغير شريعة الإسلام، وما يترتب علي ذلك من تحريم الحلال وتحليل الحرام، مع قتلهم وتعذيبهم للدعاة إلي الله، لا يخفي أن هذا الحال يهدد جماهير غفيرة من المسلمين بالردة الشاملة، وهي الفتنة المذكورة في قوله تعالي: وقاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله. الأنفال - 39.

ص: 127

ومما سبق يتبين أن جهاد هؤلاء الحكام فرض عين علي كل مسلم، لأنهم عدو كافر حل بين المسلمين، وهذا من مواضع وجوب الجهاد العيني باتفاق أهل العلم. أنظر: المغني والشرح الكبير: 10 / 366 لابن قدامة..

ولما كان جهادهم فرض عين، فقد قال ابن حجر رحمه الله، فيما نقلته عنه آنفاً: فيجب علي كل مسلم القيام في ذلك. فتح الباري 13/132. إنتهي.

قال أبو محمد المقدسي في رسالته كشف شبهات المجادلين: قال النووي في صحيح مسلم:

إقامة الصلاة إشارة إلي إقامة الدين. ا نتهي.

فليس المقصود إقامة الصلاة وحدها بغير توحيد!!

فسأله الكاتب (كلنا سفر) بتاريخ 29-10-1999:

هل نفهم من كلامك أنه لا يوجد حاكم مسلم اليوم..!

أرجو أن تجيب بصراحة ووضوح (..) التوحيد؟؟؟

إذا كانت الإجابة نعم فأقول:

يكفيكم (وحسبكم) هذا التفاوت بيننا... وكل إناء بما فيه ينضح.

فأجابه (أبو ذر):

لا. ومن ادعي غير ذلك فهو جاهل... إما بالواقع أو بالحكم.

ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً...

آخر الكلام:

واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

ص: 128

فشكره (أسد الإسلام)، بقوله:

جوزيت خيراً يا أبا ذر.

سبحانك ربي لا إله إلا أنت، أستغفرك اللهم وأتوب إليك.

فرد عليه (أبو ربيع)، مخالفاً بتاريخ 29-10-1999:

وبدأ أحفاد أبي قتادة وأبي حمزة.. العمل!!

فأجابه (أبو ذر)، قائلاً:

وبدأ أحفاد جهم في تخريب العمل.

فقاتلهم الله من قوم لا يجيدون سوي التخريب!

ووالله إنهم لمن أعظم أسباب تأخر ثمار العمل الإسلامي.

متي يستكمل البنيان يوماً تمامه... إذا كنت تبنيه وآخر يهدم

آخر الكلام: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

فكتب (أبو ربيع)، قائلاً:

بيوت العنكبوت!!!!

فأجابه (أبو ذر):

قاتل الله التقليد بكل أشكاله!!

آخر الكلام: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

فكتب (كلنا سفر):

ص: 129

بارك الله فيك أبا ربيع. دعهم لا تتنزل معهم، فسوف يظهر الله عوارهم.

فكتب (الموحد)، وهو المشرف علي ساحة سحاب:

إلي المسمي ب- (كلنا سفر):

الكلام علي من يحكم بالقوانين الوضعية، وسؤالك يفهم منه أنك تعتقد أن جميع الحكام يحكمون بالقوانين، فهل تعتقد ذلك؟؟؟

ولا أدري وجه حفاوتك وفرحك بتعليق المسمي بأبي ربيع، فهذا تعليق أهل الفتنة الذين لا يجيدون غير الفتنة، فلو كان عنده علم مخالف فليدل بدلوه.

وأما التنفير من الحق بنسبته إلي بعض الأشخاص أو الجماعات فهذا من أفعال المنافقين.

وهذا أعتبره آخر تحذير له ولشيعته، فمن كان لديه رد علمي فليكتب.

وأما مجرد التعليق علي الكلام العلمي بأنه من مقولات فلان أو فلان، أو الإكتفاء بأسئلة الفتنة، فلن يسمح لكم بذلك من الآن (!!!)

فكتب (الإعجاز)، مخالفاً بصورة مغلفة:

هذه المسألة تحتاج إلي شرح طويل... وأنصحكم بسؤال أهل العلم بدل الخوض فيها.

الحمد لله علي كل حال ونعوذ بالله من حال أهل النار!

فكتب (كلنا سفر)، منتقداً مشرف شبكة سحاب:

الأخ الموحد: هدانا الله وإياه إلي الحق..

ما سألت عنه ليس من مسائل الإعتقاد بل من مسائل فقه الواقع.

ص: 130

ولا أظنك تجهل أن الجميع يحكمون بالقوانين، إن لم يكن في كل أحكامهم فعلي الأقل في بعضها. فهل توافقني علي هذه المعلومة؟

إذا كانت الإجابة بلا، فأرجو أن تسأل مشائخك من أهل فقه الواقع.

وإذا احتجت إلي مساعدتي فسوف أدلك علي الأشرطة التي صرح فيها المشائخ بذلك.

وإذا وافقتني، فهل أنت من الذين يفرقون بين الحكم بالقانون في مسألة وبين الحكم به في أكثر من مسألة؟

لا أظنك من الذين يفرقون، إذا عليك أن تمسح الموضوع أعلاه وتتوب إلي الله، وإلا فسوف تتحمل عاقبة موافقتك عليه والدفاع عنه.

وصدقني أني أقول هذا شفقة عليك، وأرجوك أن تترك أسلوب التهديد بهذه الطريقة، لأن هذا من دأب الضعفاء وأحسبك لست منهم.

فأجابه (أبو إلياس):

وأما بعد.. الأخ الفاضل الموحد: جزاك الله خيراً.

لاحظت كما لاحظ غيري كثرة السفهاء في (سحاب) في الآونة الأخيرة والله المستعان.

وأري أن الطريقة المثلي في التعامل مع هؤلاء هي التجاهل التام..

نسأل الله أن يعينكم ويسدد خطاكم.

وكتب (أبو ذر)، مؤيداً للموحد أيضاً:

الله أكبر الله أكبر الله أكبر!

ص: 131

وأخيراً والحمد لله فهذا ما كنا ننتظره منك يا موحد... وجزاك الله خيراً علي إعطائهم فرصة للنقاش، فهكذا ترتقي سحاب وليس بالسماح لهم مطلقاً... نسأل الله أن يهديهم، ووالله إننا لنفرح بذلك، فجزاك الله خيراً.

آخر الكلام: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.

وكتب (عز الدين) بتاريخ 30-10- 1999، مفتياً بأن قتال الحكام جائز لا واجب، قال:

بل هو جائز، ما دام الحاكم لم يحكم شرع الله، ولكن الضرورة تختلف بحسب الحال، ولا أظن أن في هذه القضية نقاش.

فكلهم خونة (عدا رئيس السودان وحكومة أفغانستان)، وكلهم يجوز الخروج عليهم، ولا أقول يجب طبعاً فلكل دولة حالتها.. والله أعلم..

قال تعالي علي لسان نبيه شعيب عليه السلام: إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت.

وكتب (أسد الإسلام) بتاريخ 30-10-1999، مؤيداً رأي عز الدين:

إذا توفرت الإستطاعة، وإلا فلا. راجع كتاب السلفية بين الولاة والغلاة.

سبحانك ربي لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليك.

وكتب (أبو عبيدة السلفي)، بتاريخ 1-11- 1999، وهو سلفي وليس خارجياً، مهاجماً صاحب الموضوع أبا إلياس، والموحد المشرف علي الشبكة، فقال:

الخوارج كلاب النار... انتبه أيا أبا إلياس. إلا أن تروا كفراً بواحاً...

ص: 132

أنظر كتاب فتنة التكفير للألباني بتقريظ الإمامين ابن باز والعثيمين، فهذا الكتاب شوكة في حلوق الخوارج، وكذلك كتاب معاملة الحكام لابن برجس. فليسكت الخوارج.

أخرجهم الله من هذه الساحة. من وقر صاحب بدعة فقد أعان علي هدم الإسلام!

وكتب (الواضح)، بتاريخ 1 -11- 1999، مؤيداً أبا إلياس والموحد:

إلي (أبو عبيدة السلفي) و (كلنا سفر) ومن كان معهم:

سؤال: هل يجوز الخروج علي (صدام حسين) أم لا..!؟ ولماذا..!؟

سؤال: ما الفرق بين حكم (صدام حسين) وبقية الحكام الذين يعلنون حكمهم بغير الشريعة..!؟

ما حكم من خرج علي (صدام حسين) وما حكم من خرج علي (خامنئي) وما حكم من خرج علي الحكام الذين يعلنون الحكم بغير الشريعة..!؟

كن واضحاً صادقاً!

وكتب (أبو إلياس)، بتاريخ 2-11-1999، معلقاً علي كلام (كلنا سفر، والسلفي):

وافق شن طبقه.

وكتب (الأنصاري الأثري)، بتاريخ 2-11-1999، مهاجماً الثوريين ومفنداً تكفيرهم للحكام وللمسلمين:

ص: 133

أما بعد: فإن مسألة الكفر من أدق المسائل العلمية وأصعبها، لذا فقد ضلت في فهمها، ومعرفة الحق فيها كثير من الطوائف والفئات المنتسبة للإسلام قديماً وحديثاً.

ولست في صدد ذكر التفصيل والتطويل في تأريخ هذه المشكلة العقائدية العسيرة، والرد علي شبهات خوارج القرون الأولي، الذين عرف عنهم أنهم يقاتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان.

وأن تكفيرهم للصحابة لم يكن إلا من باب الحاكمية والموالاة كما هو معروف عنهم بالنسبة لقضية التحكيم.

ولست في صدد ذكر التفصيل والرد كذلك علي خوارج هذا القرن الذين كفروا الأمة وضللوا الأئمة، فهؤلاء بساطهم مطوي ولم تعد أفكارهم تنطلي علي أحد بعد تراجع رؤوس فكرهم، أقطاب دعوتهم.

وإنما بحثي الوجيز هذا حصرته في ذكر ثلاثة من الشباب الغيورين علي شرع الله وأحكام دينه.

فيلتفتون فلا يرون إلا بعداً عن تطبيق شرع الله، ويستمعون فلا يسمعون المخالفة لأوامر الله سبحانه وتعالي.

فقالوا في أنفسهم لأنفسهم: لا شك أن من كان علي هذه الشاكلة فهو كافر، ومن يعاونه مثله..

وتراهم يوردون تدليلاً علي مقولاتهم هذه بعض الآيات أو الأحاديث التي يؤيد ظاهرها - وأخذها بمعزل عن باقي الآيات والأحاديث - ما يرمون إليه من تكفير.

ص: 134

فيغتر بشبهاتهم هذه بعض طيبي القلوب ممن لم يُحْكموا المنهج الإسلامي في الفهم والتطبيق للوحيين الشريفين: كتاب الله وسنة رسوله، والأمر كما يقول الإمام الذهبي رحمه الله: القلوب ضعيفة، والشبه خطافة.

فلا تمكنن أخي - رعاك الله - الشبهات من أذنك، فإنها إذا مرت استقرت، فتحتال قلبك وتحرفك عن المنهج الوسط الذي وسم الله به هذه الأمة في كتابه العزيز ك وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً.

فلا غلو ولا تقصير، ولا إفراط ولا تفريط، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: دين الله بين الغالي فيه والجافي عنه.

وهكذا في هذه المسألة المهمة، فتري شباباً يجمحون إلي التكفير بأقل شبهة ظنية، ليس عندهم فيها من الله برهان، وهذا خطير علي دينهم!

فقد قال النبي (صلی الله علیه و آله) من قال لأخيه: يا كافر، فقد باء بها أحدهما.

والكفر: الجحود وإعراض القلب، هذا هو التعريف الشرعي واللغوي الصحيح له، فمن ظن مجرد فعل ما يقوي علي كبيرة التكفير، فقد أخطأ الصواب.

وكذا الإسلام: يقين وإخلاص، فالنبي يقول: من قال: لا إله إلا الله صادقاً من قلبه، وفي رواية.. مخلصاً من قلبه.. دخل الجنة.

فطالما أن الدخول في الإسلام عن يقين، فكذلك الخروج منه عن يقين.

وللإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه النافع السيل الجرار مقالة طيبة في توكيد هذا المعني وشرحه وبيانه، لا بد من سياقها، يقول رحمه الله:

ص: 135

اعلم أن الحكم علي الرجل المسلم بخروجه من دين الإسلام، ودخوله الكفر لا ينبغي لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقدم عليه إلا ببرهان أوضح من شمس النهار، فإنه قد ثبت في الأحاديث الصحيحة المروية من طريق جماعة من الصحابة أن: من قال لأخيه يا كافر، فقد باء بها أحدهما.

هكذا في الصحيح وفي لفظ آخر في الصحيحين وغيرهما: من دعا رجلاً بالكفر، أو قال: عدو الله، وليس بذلك إلا حار عليه. أي رجع. وفي لفظ في الصحيح فقد كفر أحدهما.

ففي هذه الأحاديث وما ورد موردها أعظم زاجر وأكبر واعظ عن التسرع في التكفير وقد قال الله عز وجل: ولكن من شرح بالكفر صدراً. فلا بد من شرح الصدر بالكفر، وطمأنينة القلب به وسكون النفس إليه.

فلا اعتبار بما يقع من طوارق عقائد الشر، لا سيما الجهل بمخالفتها لطريقة الإسلام، ولا اعتبار بصدور فعل كفري لم يرد به فاعله الخروج عن الإسلام إلي ملة الكفر، ولا اعتبار بلفظ تلفظ به المسلم يدل علي الكفر وهو لا يعتقد معناه. انتهي.

أقول: هذا هو المنهج المحكم المتين المنضبط الذي به تأتلف الدلائل ولا تختلف، وعليه تتفق البراهين ولا تفترق. أما من أخذ نصاً وترك آخر، فسيقع في تناقضات عجيبة ومفارقات غريبة.

والأدلة علي ما تقدم من كلام الشوكاني كثيرة جداً، أشهرها ما ورد من قصة (ذات أنواط) وكيف أن النبي (صلی الله علیه و آله) لم يكفر الصحابة الذين طلبوا ما يخالف التوحيد، وإنما علمهم.

ص: 136

وكذا قصة الرجل الذي قال للنبي: ما شاء الله وشئت يا رسول الله، وصنع رسول الله (صلی الله علیه و آله) معه ما صنع مع أولئك.

وقصة حاطب بن أبي بلتعة لما (تولي) كفار مكة ونقل إليهم خبر النبي، فلم يكفره النبي (صلی الله علیه و آله) وإنما استفصل منه، فلما علم منه إيمانا حقيقياً يخالف فعله الخاطئ الذي صدر منه، قال له: لعل الله اطلع علي أهل بدر فغفر لهم.

ومعلوم أنه لو كان كفراً حقيقياً لما غفر له الله سبحانه، فهو عز شأنه يقول: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.

فلعل في هذه الدلالات والبينات ما يوقظ الغفلي من الشباب المسلم الذي أسلس قياده لعاطفته، دونما تعميق فكر وتحقيق نظر في معرفة " الكفر " في نظر الشرع الحكيم كتاباً وسنة، ولو أننا أردنا الجدل العقلي مع هؤلاء الشباب، لألزمناهم بتكفير أنفسهم إذ هم - دونما شك - يعيشون تحت ظلال أنظمة الحكم المخالفة لشريعة الله، ويتعاملون بنقودها ومالها، ويدفعون لها مستحقات يلزمونهم بها..

وغير ذلك مما لا يمكن أحداً من أن يقطع صلته بالمجتمع المعاصر الذي يعيش فيه، فهلا قلنا لهم:

ومن يتولهم منكم فإنه منهم؟؟

إذا فإن هذه المسألة الجليلة ينبغي أن ينظر فيها بعين التحقيق والتدقيق، لا بعين العاطفة والشبهات الزائفة.

والله سبحانه الهادي لأقوم طريق، وهو ولي التوفيق، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

بقلم: الشيخ علي حسن عبد الحميد الحلبي الأثري

ص: 137

فأجابه (الموحد)، المشرف في شبكة سحاب بتاريخ 3-11-1999، محتجاً عليه بأن الشيخ ابن باز أفتي بالتكفير لأمور، وهي تنطبق علي الحكام:

الأخ الأنصاري:

نحن معك في ضرورة التثبت والتأني والإحتياط عند إطلاق لفظ التكفير، وأنه يجب أن يعرف الإنسان أن الكفر ربما عاد عليه... إلخ.

ولكن استغربت قولك: والكفر: الجحود وإعراض القلب، هذا هو التعريف الشرعي واللغوي الصحيح له، فمن ظن مجرد فعل ما يقوي علي كبيرة التكفير، فقد أخطأ الصواب. انتهي.

وحصر الكفر الشرعي في الجحود ضلالة كبري، وزلة خطيرة.

فإن الكفر الشرعي يكون جحوداً باللسان، وتكذيباً بالقلب، كما يكون قولاً باللسان، وعملاً بالجوارح، وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة، خلافاً للجهمية الذين يحصرونه في الجحود.

وقد سبق أن نقلت فتوي اللجنة الدائمة في الرد علي كتاب أحكام التقرير الذي ألفه مراد شكري، وقدم له علي حسن عبد الحميد، وصرحت اللجنة بأن هذا منهج المرجئة.

فأعيذك بالله أن تكون من هؤلاء، وأرجو منك التراجع وقبول الحق.

وأخطر ما في كلامك هو نقلك لكلام الشوكاني وإقراره، وزعمك أن الأدلة تدل عليه وكلام الشوكاني هذا هو من الباطل الذي لا يقبل بحال.

وقد قاله في السيل الجرار ونقله صديق حسن في الروضة الندية، والسيد سابق في فقه السنة، وكثير ممن كتب في العذر بالجهل.

ص: 138

ومن فهم من آية النحل: إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً.

من فهم منها أنه يشترط في الكفر انشراح الصدر به، فقد قال قولاً منكراً، وفهم فهماً خاطئاً قطعاً.

فإن هذا الشرط هو في حق المكرهين فقط، كما هو نص الآية، فمن أكره علي الكفر فقال كلمة الكفر لم يكفر، إلا أن كان قلبه أثناء الإكراه منشرحاً بالكفر راضياً به.

ولشيخ الإسلام بيان واضح في هذه المسألة، وفي تفسير هذه الآية ذكره في كتاب الإيمان في موضعين وفي الصارم المسلول، ولعلي أنقله لك إن شاء الله.

ومن خلطك في هذه المسألة:

أنك تستدل لكلام الشوكاني بقصة ذات أنواط، وأنه لم يكفروا لعدم علمهم، وبغض النظر عن صحة الإستدلال بالقصة علي عذر الجاهل إلا أني أقول:

فرق بين العذر بالجهل واشتراط قيام الحجة، وبين اشتراط انشراح الصدر بالكفر أو قصد القلب.

فإن من أقيمت عليه الحجة، صار كافراً، أما صدره وقلبه.. فمنهم من يكون راضياً بالكفر شارحاً صدره به، ومنهم من يكون غير راض به.

لكن فعل الكفر خوفاً علي مال أو مشحة بوطن أو استكباراً وعناداً مع كراهيته للكفر، علي أنه لا سبيل إلي معرفة ما في صدره من انشراح أو غيره إلا أن يصرح بلسانه، فصار المناط المكفر هو قول اللسان، لا ما في القلب!! وليس في علماء الإسلام من قال إنه لا يكفر المسلم إلا إذا صرح بلسانه أنه راض بالكفر مريد له.

ص: 139

وأنصح الإخوة بمتابعة ما ينقله الأخ عبد الله زقيل من كتاب التوسط والإقتصاد في أن الكفر يكون بالقول والفعل والإعتقاد، وقد قرأه الشيخ ابن باز رحمه الله وقدم له.

وعندي نصوص عديدة في عدم اشتراط القصد والإعتقاد في التكفير.

وكما أن موضوع التكفير ليس سهلاً، فإن وضع الضوابط له ليس سهلاً كذلك، ورحم الله من عرف قدر نفسه.

وبعد كتابتي هذا الرد فوجئت أن هذا ليس كلامك وإنما هو كلام علي حسن عبد الحميد، فزال العجب، فالرجل ضليع في مذهب المرجئة، وقد سمعت أنه تاب بعد رد اللجنة، فلعل هذا الكلام قبل التوبة! وأنصحك ألا تأخذ منه شيئاً في مسائل الإيمان.

فأجابه (أبو عبيدة السلفي) بتاريخ 3-11-1999:

فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون.

ثم أجابه (الموحد):

وهذه فتوي اللجنة الدائمة: رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء - الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء: فتوي رقم (20212) وتاريخ 7 / 2 / 1419:

الحمد لله وحده والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده... وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء علي ما ورد إلي سماحة المفتي العام من المستفتي إبراهيم الحمداني والمحال إلي اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء رقم (942) وتاريخ 1- 2- 1419، وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه:

ص: 140

سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز...

سلمه الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

يا سماحة الشيخ نحن في هذه البلاد، المملكة العربية السعودية في نعم عظيمة ومن أعظمها نعمة التوحيد وفي مسألة التكفير نرفض مذهب الخوارج ومذهب المرجئة.

وقد وقع في يدي هذه الأيام كتاب بإسم إحكام التقرير في أحكام التكفير بقلم: مراد شكري الأردني الجنسية.

وقد علمت أنه ليس من العلماء وليست دراسته في علوم الشريعة، وقد نشر فيه مذهب غلاة المرجئة الباطل هو أنه لا كفر إلا كفر التكذيب فقط.

وهو فيما نعلم خلاف الصواب وخلاف الدليل الذي عليه أهل السنة والجماعة، والذي نشره أئمة الدعوة في هذه البلاد المباركة، وكما قرر أهل العلم في أن الكفر يكون بالقول وبالفعل وبالإعتقاد وبالشك.

نأمل إيضاح الحق حتي لا يغتر أحد بهذا الكتاب الذي أصبح ينادي بمضمونه الجماعة المنتسبون للسلفية

في الأردن، والله يتولاكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد دراسة اللجنة للإستفتاء أجابت بأنه بعد الإطلاع علي الكتاب المذكور وجد أنه متضمن لما ذكر من تقرير مذهب المرجئة ونشره من أنه لا كفر إلا كفر الجحود والتكذيب.

ص: 141

وإظهار هذا المذهب المردي بإسم السنة والدليل، وأنه قول علماء السلف وكل هذا جهل بالحق وتلبيس وتضليل لعقول الناشئة بأنه قول سلف الأمة والمحققين من علمائها.

وإنما هو مذهب المرجئة الذين يقولون لا يضر مع الإيمان ذنب، والإيمان عندهم هو التصديق بالقلب، والكفر هو التكذيب فقط.

وهذا غلو في التفريط يقابله مذهب الخوارج الباطل الذي هو غلو في الإفراط في التكفير، وكلاهما مذهبان باطلان مرديان من مذاهب الضلال ويترتب عليهما من اللوازم الباطلة ما هو معلوم.

وقد هدي الله أهل السنة والجماعة إلي القول الحق والمذهب الصدق والإعتقاد الوسط بين الإفراط والتفريط من حرمة عرض المسلم وحرمة دينه وأنه لا يجوز تكفيره إلا بحق قام الدليل عليه.

وأن الكفر يكون بالقول والفعل والترك والإعتقاد والشك كما قامت علي ذلك الدلائل من الكتاب والسنة.

لما تقدم:

فإن هذا الكتاب لا يجوز نشره وطبعه ولا نسبة ما فيه من الباطل إلي الدليل من الكتاب والسنة، ولا أنه مذهب أهل السنة والجماعة.

وعلي كاتبه وناشره التوبة إلي الله فإن التوبة تغفر الحوبة، وعلي من لم ترسخ قدمه في العلم الشرعي أن لا يخوض في مثل هذه المسائل، حتي لا يحصل من الضرر وإفساد العقائد أضعاف ما كان يؤمله من النفع والإصلاح، وبالله التوفيق... وصلي الله علي نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.

ص: 142

الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن باز.

نائب الرئيس: عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ.

عضو: صالح بن فوزان الفوزان.

عضو: بكر بن عبد الله أبو زيد.

عضو: عبد الله بن عبد الرحمن الغديان. انتهي.

قال (العاملي):

وهدف (الموحد) من هذه الفتوي أن يؤيد بها رأيه ورأي المدعو (أبو إلياس).. ويثبت أن كل حكام المسلمين بمن فيهم حكام السعودية كفار يجب الخروج عليهم وقتالهم!!

ص: 143

اتباع المذاهب الأربعة كفار عندهم، لأنهم في العقائد أشعريون

لم يكتف خوارج العصر بتكفير حكام المسلمين، ومنهم آل سعود الوهابيون..

بل كفروا أتباع المذاهب، الذين هم غالبية المسلمين في شرق العالم وغربه، لأنهم أتباع العقيدة الأشعرية!! كما كفروا أتباع الطرق الصوفية الذين هم غالبية مسلمي إفريقيا والهند والمغرب العربي!

وكذلك كفروا حسن البنا وأتباعه الإخوان المسلمين، والقرضاوي.. وكل من خالف رأيهم!!

فالدول والحكام كفار، والشعوب والمجتمعات المسلمة أيضاً كفار..

ولا يبقي مسلم علي وجه الأرض.. إلا هذه الحفنة القليلة من خوارج العصر!!

كتب (الهاشمي) وهو سني من أتباع المذاهب الأربعة، في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 15-3-1999، موضوعاً بعنوان (أهل السنة والجماعة الأشاعرة)، جاء فيه:

لقد أحزنني اتهام الأخ الحمداني لأهل السنة الأشاعرة بأنهم فرقة ضالة منحرفة!!

سئل الإمام ابن رشد الجد المالكي رحمه الله تعالي الملقب عند المالكية بشيخ المذهب، عن رأي المالكية في السادة الأشاعرة وحكم من ينتقصهم كما في فتاواه: 2/802، وإليكم نص السؤال والجواب:

ص: 144

ما يقول الفقيه القاضي الأجل.. أبو الوليد وصل الله توفيقه وتسديده، ونهج إلي كل صالحة طريقه، في الشيخ أبي الحسن الأشعري، وأبي إسحاق الإسفراييني، وأبي بكر الباقلاني، وأبي بكر بن فورك وأبي المعالي.. ونظرائهم ممن ينتحل علم الكلام، ويتكلم في أصول الديانات، ويصنف للرد علي أهل الأهواء؟ أهم أئمة رشاد وهداية، أم هم قادة حيرة وعماية؟ وما تقول في قوم يسبونهم وينتقصونهم ويسبون كل من ينتمي إلي علم الأشعرية، ويكفرونهم ويتبرأون منهم، وينحرفون بالولاية عنهم ويعتقدون أنهم علي ضلالة، وخائضون في جهالة، فماذا يقال لهم ويصنع بهم، ويعتقد فيهم؟ أيتركون علي أهوائهم، أم يكف عن غلوائهم...؟

فأجاب: تصفحت - عصمنا الله وإياك - سؤالك هذا ووقفت عليه، وهؤلاء الذين سميت من العلماء أئمة خير وهدي، وممن يجب بهم الإقتداء، لأنهم قاموا بنصر الشريعة، وأبطلوا شبه أهل الزيغ والضلالة وأوضحوا المشكلات، وبينوا ما يجب أن يدان به من المعتقدات، فهم بمعرفتهم بأصول الديانات العلماء علي الحقيقة لعلمهم بالله عز وجل، وما يجب له وما يجوز عليه، وما ينتفي عنه، إذ لا تعلم الفروع إلا بعد معرفة الأصول، فمن الواجب أن يعترف بفضائلهم ويقر لهم بسوابقهم، فهم الذين عني رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم بقوله: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين.

فلا يعتقد أنهم علي ضلالة وجهالة إلا غبي جاهل، أو مبتدع زائغ عن الحق مائل، ولا يسبهم وينسب إليهم خلاف ما هم عليه إلا فاسق، وقد قال الله تعالي: والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً مبيناً.

ص: 145

فيجب أن يبصر الجاهل منهم، ويستتاب المبتدع الزائغ عن الحق إذا كان مستسهلاً ببدعة، فإن تاب وإلا ضرب أبداً حتي يتوب، كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصبيغ المتهم في اعتقاده من ضربه إياه حتي قال يا أمير المؤمنين إن كنت تريد دوائي فقد بلغت مني موضع الداء وإن كنت تريد قتلي فأجهز عليّ، فخلّي سبيله. والله أسأل العصمة والتوفيق برحمته. قاله محمد بن رشد. انتهي.

فأجابه (أبو محمد التيمي):

اتركنا من هذا الكلام كله!

إذا خالف عالم أو مجموعة من العلماء طريقة الصحابة والسلف في أمر من أمور المعتقد، واتفق العلماء علي هذه المخالفة، بحيث يقول مثل الحافظ بن حجر (وليس ابن تيمية!) قال السلف وأئمة الحديث كذا.. وقال الأشاعرة كذا.. فهل علي من اتبع مذهب السلف، وانتصر له من تثريب؟

ثانياً: نقول أيهما أعلم بأمور الدين أصوله وفروعه السلف، أم الخلف؟

الجواب علي هذين السؤالين يحل الإشكال، وينهي الجدال، وماذا بعد الحق إلا الضلال!

فأجابه (إحسان العتيبي)، بتاريخ 16-3-1999، وهو من الخوارج:

وبعد: قال الإمام ابن خويزمنداد المالكي في كتاب الشهادات، في تأويل قول مالك: ولا تجوز شهادة أهل البدع والأهواء.

قال: وأهل الأهواء عند مالك وسائر أصحابنا هم أهل الكلام. فكل متكلم فهو من أهل الأهواء والبدع أشعرياً!! أو غير أشعري، ولا تقبل له شهادة في

ص: 146

الإسلام أبداً!! ويهجر ويؤدب علي بدعته. فإن تمادي عليها استتيب منها. إنتهي.

قال الحافظ أبو عمر بن عبد البر: ليس في الإعتقاد كله، في صفات الله وأسمائه، إلا ما جاء منصوصاً في كتاب الله، أو صح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأجمعت عليه الأمة. وما جاء في أخبار الآحاد من ذلك كله - أو نحوه - يسلم له ولا يناظر فيه. انتهي. جامع بيان العلم وفضله: 2/96 ط. العلمية. انتهي.

قال (العاملي):

فانظر إلي هذا الخارجي.. كيف استغل فتوي مالك التي نقلها عنه ابن خويزمنداد الفارسي المجسم، واستغل كلام ابن عبد البر، ليستدل بهما علي ضلال الأشعرية وكفرهم، ووجوب استتابتهم وقتلهم إن لم يتوبوا!

وذلك بجرم أنهم من (أهل الكلام) أي أنهم يدرسون علم الكلام في العقائد، ويستدلون بالأدلة العقلية والنقلية!!

وعندما تقول له ولأمثاله: إن ابن تيمية درس الفلسفة واستعمل علم الكلام في كتبه، بحيث لا تري فرقاً بين أساليب استدلاله وأساليب الأشعرية!!

يقولون: كلا، إنه درس الفلسفة ليرد علي الفلاسفة، واستعمل علم الكلام ليرد علي المتكلمين الضالين!!

فعلم الكلام لهم ولإمامهم حلال، ولغيرهم حرام يوجب الكفر والضلال!

وأجابه (أبو عبد الله السلفي) بتاريخ 17-3-1999، فقال:

ص: 147

لماذا لا تُعرض اعتقادات الأشاعرة، وتُناقش واحدة واحدة.. لكي يتبين هل هم فعلاً علي ما كان عليه السلف، أم هو مجرد ادعاء ادعته الأشاعرة لنفسها، وهو الذي أعتقد وأدين الله به؟

أعتقد أنه بدون هذا لن تتوصلوا لأية نتيجة.

كتب (الإماراتي راشد)، وهو خارجي، في شبكة هجر بتاريخ 17-8- 1999، فقال:

أولاً: أقول لك يجب أن تعلم أن من أهل السنة من هم يعتبرون معنا بالجملة في التلقي من مصادر أهل السنة، أما في مسألة الأسماء والصفات فيخرج المعتزلة والأشعرية وغيرهم عن كونهم من أهل السنة والجماعة.

فلا تلزمنا بكلام صاحب كتاب تفسير الجلالين أو الزمخشري مثلاً، إذا كان الكلام عن الأسماء والصفات... نقلك عن صاحب كتاب تفسير الجلالين لا يفيد بشئ...

وفي الآية: وما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي؟

لما استخدم الله عز وجل صيغة التثنية في كلمة بيدي - بكسر الباء وفتح الياء وفتح الدال وفتحه مع الثقل علي الياء - علمنا أنهما اليدان الحقيقيتان اللتان لا تشابهان أو تماثلان أيادي المخلوقين، حيث أنه لا يوجد مجاز في اللغة العربية في صيغة التثنية المقرونة بالباء.

ص: 148

دولة الطالبان هي الدولة الإسلامية الوحيدة و تجب الهجرة إليها

من المعروف للجميع أن المملكة العربية السعودية هي التي أسست حركة الطالبان الأفغانية ومولتها، وأن أمريكا مدتها بالأسلحة المدفوعة الثمن من السعودية، لمحاربة روسيا.. وأن باكستان قدمت لها الإسناد والمساعدات.

هذا المولود السعودي الأمريكي الباكستاني... صار في فتوي الخوارج المتدينين ولداً مؤمناً صالحاً باراً، ولكن آباءه الثلاثة كفار، ويجب عليه شرعاً قتال آبائه وأمهاته!!

كتب (سيف العرب) في الساحات العربية بتاريخ 15-4-1999، عنواناً هو كل الموضوع قال فيه:

الإمارة الإسلامية في أفغانستان هي الدولة الإسلامية الوحيدة، فتجب الهجرة علي المسلمين إليها!!

فأجابه (دريمر)، في اليوم التالي:

إلي سيف العرب: وهل تسمي أفغانستان دولة؟!

الناس لا تأمن علي دمائها وأموالها وأعراضها.. وتسميها دولة!!

وكتب (عاشق الحوراء) في الساحات العربية بتاريخ 14-10- 1998، موضوعاً بعنوان (اتقوا الله في حركة طالبان)، قال فيه:

أتعجب كثيراً عندما أري كثيراً من أبناء الحركات الإسلامية والمثقفين..

عندما يحكمون علي حركة طالبان بكل سهولة، ودون تثبت ويسمونه بالتخلف والتطرف والعمالة للأمريكان..

ص: 149

وأنهم صناعة المخابرات الأمريكية والباكستانية، أين التثبت والتأكد...

إطلاق الأحكام هكذا جزافاً من صفات المنافقين!

نعم نحن دائماً نحكم علي الأشياء عن طريق ما نسمعه من الإعلام العالمي اليهودي الحاقد.

فيا أخي أنا لا أجبرك لكي تتخذ موقفاً معيناً من حركة طالبان...

لكن أطالبك أن تتثبت وتتأكد قبل الحكم عليهم، فإن كنت تريد معرفة الحركة نشأة وتاريخاً وفكراً فزور (كذا) موقعهم في الإنترنت العنوان com. taliban. www

فأجابه (الدكتور نبيل شرف الدين):

الأخ العزيز عاشق الحوراء: تحياتي وبعد.

فأنا يا عزيزي أعمل كما يمكن أن تكون قد علمت.. بالصحافة، وترد لي الأخبار من مصادر متعددة ومتنوعة، كما أسافر هنا وهناك وأري بعيني وأسمع بأذني..

وإليك هذا التقرير الذي ورد مؤخراً من 22 وكالة أنباء عربية وغربية، وتحققت من مصدره الأصلي بالأمم المتحدة: نص التقرير:

أفادت دراسة أعدتها الأمم المتحدة أن أفغانستان التي تحكمها حركة طالبان الأصولية عززت مركزها كأول منتج عالمي للأفيون في العام 1998 بعدما وصل إنتاجها إلي 3200 طن بارتفاع بلغ 16 بالمئة.

وأظهرت هذه الدراسة الميدانية لبرنامج الأمم المتحدة حول الرقابة الدولية علي المخدرات إن مساحة 63674 هكتاراً من الأفيون زرعت في موسم 1997 - 1998 الأمر الذي يمثل زيادة قرابة 9 % بالنسبة للسنة السابقة.

ص: 150

وقال البرنامج الدولي استناداً إلي التقديرات التي قدمها المزارعون قبل الحصاد:

يبلغ إنتاج الأفيون هذا العام قرابة 3269 طناً بزيادة 16 % تقريباً بالنسبة لحصاد السنة التي فاتت.

وحسب الأمم المتحدة فإن طالبان تسيطر علي ما يقارب 96 بالمئة من إنتاج الأفيون.

وأوضح التقرير السنوي الخامس لبرنامج الأمم المتحدة أن الزيادات الرئيسية في الإنتاج كانت في إقليم باغلان (184 بالمئة) وأقاليم قندهار وننغارهار.

وكان إقليم باغلان (شمال) حتي شهر أغسطس الماضي تحت سيطرة المعارضة الأفغانية، لكن حركة طالبان استولت عليه بعد انتصاراتها الأخيرة ضد المعارضة المسلحة. وتسيطر طالبان علي أقاليم قندهار (جنوب) وننغارهار (شرق) منذ العام 1996 وهما يؤمنان حوالي 72 بالمئة من إجمالي إنتاج الأفيون في أفغانستان.

وحسب الدراسة التي جرت في الأقاليم ال- 14 المنتجة، حلّ إقليم هلمند (جنوب) في المرتبة الأولي في زراعة الأفيون وهو يؤمن ما يقارب نصف الإنتاج، فيما حل إقليم نانغارهار ثانياً.

ولا تسيطر المعارضة حالياً سوي علي إقليم باداكشان المنتج (شمال شرق البلاد) وبعض المناطق الأخري في إقليم لاغمان (شمال كابول).

ويحظي إقليم باداكشان بأفضل الأرباح من إنتاج الأفيون، حيث يصل متوسط سعر البيع 91 دولاراً للكيلو غرام الواحد في وقت يساوي فيه الكيلو غرام نفسه في إقليم ننغارهار 28 دولاراً.

ص: 151

وقدرت الدراسة أن الإنتاج يدر بالإجمال حوالي 105 ملايين دولار علي المزارعين في الأقاليم ال- 14 التي تمثل نصف أقاليم البلاد.

وكانت طالبان أكدت أكثر من مرة أن زراعة وتعاطي المخدرات ممنوعة في المناطق الواقعة تحت سيطرتها، والتي فرضت فيها التزاماً دقيقاً للشريعة الإسلامية.

وقد أكدت وزارة الخارجية التابعة لطالبان في سبتمبر 1997 أن تعاطي الهيروين والحشيش ليس مسموحاً به لدي الإسلام. وطلبت أيضاً إلي المزارعين الحد من إنتاجهم.

أرجو التعليق بموضوعية بعيداً عن قصة الإعلام الحاقد هذه.

فأجابه (الضرغام) بتاريخ 14-10-1998:

لماذا يا أخي لا تريد الرد بقصة الإعلام الحاقد؟

أليس الإعلام المسيطر عليه من قِبَل اليهود هو الذي يشوه الإسلام ويدس السموم في الأخبار؟

هل هذه اللجان التي ذكرتها مستقلة، وتبحث عن الحقائق (والحقائق فقط) من غير غايات أخري؟

أخي العزيز: لقد اكتوينا بنار الإعلام الذي لم يُبقي (كذا) في الإسلام والمسلمين أي صفة سيئة إلا وألصقوه بنا وبديننا. وأما قضية الدولية في هذه اللجان، فلا يعني صِدْقها... والسلام عليكم.

كما أجابه (عبد الرحمن)، في اليوم نفسه:

ص: 152

يا أيها الذين آمنوا إذا جائكم فاسق (الأمم المتحدة، وكالات الأنباء اليهودية، وكالة الأنباء الإيرانية) بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين...

وكتب (عبد الله العماني)، في اليوم التالي:

وماذا تقول.. إذا جئتك بما قالته إحدي الصحف الباكستانية التي تؤكد ذلك، وتوجه اللوم إلي الحكومة الباكستانية لوقوفها إلي جانب طالبان، تنفيذاً لرغبات أمريكا؟

وأجابه (سيف المزروعي):

لو لم تكن الجمهورية الرافضية خائفة من قيام دولة للسنة في أفغانستان، لما حشدت كل هذه القوات علي الحدود؟

والسؤال: كيف لإيران الوقاحة في أن تطلب من الإمارة الإسلامية إشراك الرافضة الهزار في الحكم، وهي تفتك ليل نهار في السنة في جمهوريتها الرافضية؟

وماذا كان يفعل الجواسيس الإيرانيين (كذا) في مزار شريف، وماذا كانوا يفعلون بالسلاح؟

الجواب: أن هؤلاء الرافضة شاركوا في إبادة عشر (كذا) آلاف من جنود الطالبان.

ومن الأخبار الواردة من باميان أن أهل السنة هناك ولأول مرة صلوا صلاة الجمعة بعد افتتاح مسجد أبو (كذا) بكر الصديق في وسط المدينة، بعدما

ص: 153

أزالت قوات طالبان الصور لآية الرافضة الخميني، والتي كانت معلقة في كل أرجاء المدينة.

وتقول التقارير من (كذا) أن حزب الوحدة الشيعي كان قد أباد الكثير من السنة ودمرت بيوتهم واحتكرت التجارة للهزار أيام حكمهم للمنطقة، والله ينصر عباده الذين يترحمون علي أبو (كذا) بكر وعمر وعثمان وعلي الصحابة أجمعين، رضي الله عنهم وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه

(ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين).

وكتب (عاشق الحوراء):

الأخ الكريم نبيل شرف الدين: قرأت ما نقلته، وسأحاول أن أرد بموضوعية وباختصار:

أولاً: الكل متفق أنه إلي الآن المخدرات والأفيون... إلخ، تزرع في أفغانستان.

ثانياً: القضاء علي هذه الزراعة التي تمتد لعشرات السنين عمل غير سهل.

أو تظن أنه يمكنهم في يوم وليلة أن يقضوا علي ذلك، فلو منعوهم بالقوة لثارت القبائل في وجه طالبان ولحصل حرب أهلية بسبب هذا.

فالمسألة تحتاج لوقت طويل، ولدراسة عميقة، ولتعاون من الدول الأخري، ومن الأمم المتحدة.

أبسط شئ يحتاجون أن يقدموا مبالغ ضخمة للمزارعين لكي يتحولوا إلي زراعات أخري..

ص: 154

وأنت تعلم أن خزائن طالبان مملوءة بالملايين، وللعلم طلبوا من الأمم المتحدة الدعم مالياً وتكفلوا أن ينهوا زراعة المخدرات خلال ست سنوات، ومما يعقد المسألة أن البلد لا زال في حرب..

فهم لم يتفرغوا كلياًّ لكي يوجهوا جهودهم لحل هذه المشكلة.

وأكرر.. مسألة القضاء علي ذلك عمل غير سهل، فكما تعلم أن الخمر حرم علي درجات وفترات في أطهر مجتمع علي وجه الأرض، فالمخدرات تزرع في الجبال والوديان.. ولمنعهم يحتاجون أن يضعوا في كل مكان جنود (كذا).. وقبل ذلك يحتاجون أن يقدموا البدائل..

فمن تمنعه من زراعة ذلك إذا قال لك كيف أعيش ومن أين أكسب؟ فماذا يكون الجواب؟

فيجب تقديم البدائل وبعد ذلك يأتي المنع علي درجات.

وكما تعلم الأمم المتحدة والغرب غير متعاونين في هذه المسألة مع طالبان إطلاقاً، وتأكد أن هذا لا يشغل بالهم كثيراً.. فالذي يشغل بالهم ليل نهار حكومة طالبان وكيفية القضاء عليهم.

وقد التقيت بأحد الأفغان الذي يعيش علي المنطقة الحدودية بين أفغانستان وباكستان، وقال لي في آخر زيارة له لأهله، أن طالبان منعوا زراعة المخدرات في منطقة كونر ومنطقة أخري نسيتها.

ومما لا شك فيه، وهذا ما تعرضه وكالات الأنباء والتقارير الإخبارية أن المناطق اليʘәʘטѠطالبان عليها ينتشر فيها الأمن والأمان وينعدم الإجرام وقطع الطرق، وهذا بفضل تطبيق الشريعة.

وكتب (سيف الحق):

ص: 155

أنا برأيي أن نكف ألسنتنا عنها حتي نعلم حقيقة الأمور، والله غالب علي أمره.

وكتب (عبد الرحمن):

إن الذي أوصل زراعة المخدرات إلي أفغانستان.. وعلم الناس كيفية زراعتها هي:

السي آي إي (المخابرات الأمريكية).. وقد شاهدت فيلم تسجيلي (كذا).. يعترف فيه ضباط المخابرات بأنهم هم من وصل المخدرات إلي هناك.

وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال... لكن الله غالب علي أمره ولو كره المشركون.

وكتب (نبيل شرف الدين) بتاريخ 18-10-1998:

الأخ المراقب الرابع: أشهدك علي الشتام الذي طالما تحرش بي.

وأشهد الساحة عليك، فأنت تراه يبدأ السباب وتصمت ولا توجه له سوي كلمات عتاب رقيقة..

أما أنت فاسمع يا هذا: أنا لست شيعياًّ حتي تهددني وتبتزني كما تفعل معهم!

أنا لست عاجزاً عن توجيه الصاع صاعين لك ولمن هم علي شاكلتك من الشتامين.

الجحيم والجنة هي من علم الله ومن فيض كرمه، فبأي حق تخوض فيما لا يعنيك!

كف أذاك عن خلق الله، وإلا تفرغت لك وجعلتك عبرة لمن لا يعتبر.

وحتي تظهر حقيقتك علي الملأ.. فأنت عضو بما يسمي بتنظيم (الجماعة الإسلامية) الإرهابية التي تلوثت أيديكم بدماء الأطفال!!

ص: 156

ونحن في مصر نعرف كيف نعاملكم، وقد أدركنا الوسيلة المثلي لذلك، وكم وقفنا كصحفيين مدافعين عما يحدث لكم.

أما وقد رأينا فعلكم فأنتم تستحقون ما ينزل بكم، بل وأكثر من هذا أيضاً.

(طفشتم) الخلق كلها من الساحات، وبقيتم فيها كالغربان والحدادي.

لكن والله لن أتركها إلا مطروداً، فأنا أجيد قتال الخوارج، أجد فيه متعة لا تعادلها متعة، ولم يعد الكلم الطيب ينفع معكم، والبادي أظلم.

فأجابه (عبد الرحمن):

مجنون ولا إيش!! هو أنا جبت إسمك؟ قلت علماني، هو أنت اسمك علماني!

سبحان الله.. والا اللي علي راسو بطحة يحسس بيها.. ثم أنا لست مصري (كذا).. يا دك-... وليتك تتفرغ لي شوية!!

والمسلمين في مصر أحرص بكثير علي دماء الأطفال منكم يا من تقبلون أيادي ال-... حتي يسمحوا لكم أن تأكلوا فتات موائدهم..

وإن كنت تجد متعة في قتال (الخوارج) فأنا أجد متعة لا تعادلها متعة في محاربة العلمانيين!!

وكتب (سيف المزروعي):

الشيخ نبيل يدافع عن الشيخ الجليل إمام الزمان مجدد القرآن الحافظ الطنطاوي.

ص: 157

من غيرته علي الإسلام وأهله ومجهوداته الجبارة في نشر التوحيد والعودة إلي الكتاب والسنة وكسر القباب علي القبور التي تملي (كذا والصواب تملأ) مساجد مصر.

والله لم أكتب هذا إلا لشدة غيظي لتناقضات المدعو نبيل، ولم ولن ننسي كلامه في مشايخ الطائفة المنصورة.

فأجابه الدكتور (نبيل شرف الدين) بتاريخ 19-10-1998:

المراقب المتحيز نمرة أربعة:

لينفذ صبرك أو لا ينفذ، لم أعد أبال (كذا) بك أو بهذه الساحات..

فهل قرأت ما كتبه الوهابيون جميعاً بحقي وحق بلدي.. أهي شعر؟ أم تراها أحاديث شريفة؟

هل قرأت ما كتب عن الطبل والعصي؟ هل قرأت ما كتب عن الدعارة وغيرها؟

هل ذهبت للساحة المفتوحة وقرأت ما كتب عن القاهرة؟

هل أعجبتك قصة الذباب هذه التي كتبت في صدر هذا الموضوع؟

وتري لو كنت أنا الذي بادرت بالكتابة، هل كنت ستبقي علي ما كتبت؟

ولماذا محوت دفاعي.. وكان دفاعاً ولم يكن هجوماً..

سواء في موضوع الوهابية أو موضوع الأزهر أو موضوع سيف الإسلام؟

هل تتذكر مناشداتي ورجائي لذلك الذي بادر بسب شيخ الأزهر والمفتي؟

وهل كنت ستسمح بذلك لو كان الأمر يتعلق بابن باز أو حتي بابن لادن؟؟؟

أصمت.. فقد حكمت فظلمت..

ص: 158

ودع هؤلاء ينفردون بالساحات لتصبح إسمها الساحات الوهابية.. هذا إسم مناسب جداً.

تطاولوا علي الشيعة فناصرتهم (وطفشت) الشيعة المساكين، ومنعت بعضهم من دخول الساحات، وفي هذا رحمة بهم من حرق الدم.

تطاولوا علي بعض الميول وأقول مجرد الميول الصوفية.. فحدث ولا حرج عما جري وما أصاب هؤلاء من السادة الذين تناصرهم، كما تفعل أمريكا مع إسرائيل.. بالباطل ثم الباطل.

وقد بلغ بأحدهم الثقة لأن يؤكد أن هذا الكلام سيمحي وقد حدث.. ليس معي فقط بل مع الرجل المدعو آدم الترابي وغيره..

أنا حاولت فتح موضوعات جادة شارك فيها ناس جادون ومحترمون، أما التافهون عشاق السباب والمتاجرة بالدين اختفوا منها تماماً وتفرغوا للبحث عن عدو جديد ليمارسوا فيه هوايتهم المحببة!

ألا تري ردود عبد الرحمن، يا أخي بالله عليك؟

وهل هي - سواء معي أو مع غيري - لائقة؟

ولماذا نُسَبّ نحن ونصمت، وهم يسبون فتحمونهم؟

هل هذا ما يضيق صدرك، أم صلابتي أمام هذه الجحافل العدوانية؟

هل تريدني أن أسب فاصمت.. واعتذر؟

هل تتصور هذا اليوم الذي يرحل فيه الجميع، ويبقي هؤلاء.. ماذا سيحدث؟

سوف ينقلبون علي بعضهم البعض ويتنابزون بالألفاظ فيما بينهم.. وستصبح الساحات مشتمة..

ماذا يحدث بالضبط.. أجبني بالعقل والحجة وليس بمقصك..

ص: 159

أنا ابن واحدة من أعرق العائلات العربية في صعيد مصر، ومن بيت فيه علماء ووزراء ومقاعد في البرلمان.. وأساتذة جامعة وقافلة من الجنرالات السابقون والحاليون (كذا).

واسأل الدكتور صلاح المغربي يحدثك عنها وعني.

ثم يأتي من يسبني ويسب أهلي وبلدي، وحينما يغلي الدم في عروقي وأرد، تمحو كلامي ثم تعنفني رغم أنني لم أعاتبك ولم أفكر في إرسال بريد أتساءل فيه عما حدث لردودي.. لأني أعلم يقيناً أنك لن ترد لي حقاًّ، ولن تدع المعركة متكافئة مع جيش من الشتامين لينفذ صبرك..

أقولها ثانية، لقد نجحتم في ما فشلت فيه سنوات الغربة الطويلة.. لقد دافعت طيلة عشر سنوات عن العرب، ضد زملاء لي كانوا من كل بلدان العالم تقريباً..

وقاتلت كل من كان يفكر بتوجيه لفظ سيئ للعروبة والإسلام، وما أكثر ما يفعل ذلك الغربيون، خاصة السياسيون والإعلاميون والمثقفون منهم..

ثم آتي لأسعد بأن هناك من عرب إنترنت، وأغبط هؤلاء الذين فكروا ونفذوا هذا الموقع، لكن فرحتي لم تدم..

في اليوم التالي اكتشفت... كنت أفكر بأنني آخر من يمكن أن يقال له ذلك.. ماذا؟

إنني عدو الله.. (قالها عبد الرحمن) ثم ماذا.. إنني زنديق!

لم تزل في موضوع الوهابيين للآن.. ماذا أيضاً؟

أنني دكتور في الكباريهات... وما رحمنا الله بنسيانه أكثر!

أليست قصة مؤلمة بربك يا عزيزي الرقيب الظالم؟

إذهب يا شيخ، فوالله لن أسامحك فيها حتي يحكم بيننا العادل.

ص: 160

ودمتم.. ودامت مقصاتكم الجائرة!!

كتب (زكي عبد المجيد) في الساحات العربية بتاريخ 22-8- 1998، وهو عراقي من منظري الخوارج المتطرفين، موضوعاً بعنوان (الإسلام قادم بعز سيف بن لادن أو بذل كل حاكم خائن)، قال فيه:

يقول صلي الله عليه وسلم أيضاً: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة علي منهاج النبوة فتكون علي ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً عارضاً (عاضاً) فيكون ما شاء الله أن يكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون ملكاً جبرياً فتكون ما شاء الله أن تكون، ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون خلافة علي منهاج النبوة تعمل في الناس بسنة النبي، ويلقي الإسلام جرانه في الأرض، يرضي عنها ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطر إلا صبته مدراراً، ولا تدع الأرض من نباتها ولا بركاتها شيئاً إلا أخرجته.

ذكره حذيفة مرفوعاً، ورواه الحافظ العراقي عن طريق أحمد، وقال هذا حسن صحيح..

هذه مبشرات بأن المستقبل بيد الإسلام، الذي به سيحسم قضايا الكفر وعربدته وغطرسته وتبجحه، المتمثل بقوة أمريكا الطاغية، التي أخذت تفقد توازنها واستقرارها أمام فئة مؤمنة قليلة العدد والعدة.. ولكنها سنة الله الماضية، فقد هزم الروس أمام جنود باعوا النفوس لله وهاجروا الشهوات والملذات،

ص: 161

يأكلون من كلأ الأرض، ويسكنون كهوف الجبال، رهباناً في الليل وفرساناً في النهار، يطلقون الرصاص بصيحة الله أكبر، ولا يعلو صيحتهم صيحة!

وجعلوا الروس علي حال لا يحسدهم عليه أحد.. وما زالت صيحة الله أكبر تدوي، وما زالت البندقية التي هزمت الروس تعمل بين أيدي فتية مؤمنة وعزيزة بعزة الإسلام، ومنصورة من الله.

والله غالب علي أمره، ومظهر هذا الدين ولو كره الكافرون.. وأمة محمد صلي الله عليه وسلم أمة مباركة، لا تدري أولها خير أم آخرها، كما جاء في معني الحديث النبوي من رواية ابن عساكر بأن النبي صلي الله عليه وسلم قال: أمتي أمة مباركة لا تدري أولها خير أم آخرها..

فإن قتال العدو فرض علي كل مسلم ومسلمة وكما فرض الله الصوم بقوله: كتب عليكم الصيام.. فإنه جل جلاله فرض القتال بقوله: كتب عليكم القتال.. وهو كره لكم..

وقتال العدو عن قريب أو بعيد فرض علي كل مسلم ومسلمة.

ولا أجد فرضية للجهاد كفرضيتها اليوم بعدما عاث المجرمون الفساد بين عباد الله، وانتهكوا مقدسات الله وحرمات المسلمين، وسكنوا ديارهم رغم أنوفهم بقدرة الحكام والسلاطين المارقين الخارجين علي الإسلام جهاراً، يقتلون عباد الله المخلصين ليلاً ونهاراً، عطلوا حكم الله، وأجبروا أنفسهم علي عباد الله ويظهرون الفساد ويمنعون الخير..

إن من استباح دماء المسلمين بالظلم والعدوان فدمه حلال، وقتاله عبادة وقربة إلي الله، ومن يظهر العداوة للمسلمين ويروعهم في ديارهم، فقتاله واجب وفرض في شرع الله وحكمه.

ص: 162

ومن لم يفعل هو آثم لا ينفع مع إثمه هذا عبادة ولا توبة، حتي يخرج في سبيل الله بالمال والنفس..

إن الذين سكتوا علي الحرمات التي ينتهكها الكفار، ولا يرون في هدر دم المسلم جريمة هم ليسوا من أمة محمد صلي الله عليه وسلم، حكاماً كانوا أو محكومين..

وإن الذين يحمون الكفار من انتقام المسلمين هم ليسوا من أمة محمد صلي الله عليه وسلم، حكاماً كانوا أو محكومين!

وإن الذين يمكنون الكفار من المسلمين ليسوا من أمة محمد صلي الله عليه وسلم، حكاماًَ كانوا أو محكومين!

وإن من لا يغار لكرامة المسلم وعزته، ليس من جسد الأمة الذي إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي، حكاماً كانوا أو محكومين!

إن من يتقرب لليهود بتعذيب المسلمين ويرضي الصليبية كي لا يحسبوه من المتطرفين، ويرضي عن سخط الله، ويفرح برضا الأمريكان وعهوده المهين (كذا)، ليسوا من هذه الأمة، وإن قالوا وادعوا أنهم مسلمين (كذا)!

نحن مع أسامة بن لادن ما دام هو مصر (كذا) علي إقرار الحق المهدور، وثابت (كذا) علي العهد المقدس الغائب أو المعطول (كذا)، ويعمل بقوله تعالي: فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب..

ما دام سيفه عزة لنا.. ولأعداء الله إرهاب (كذا)..

ما دام يحفظ لنا كرامتنا.. بعد أن أضاعها الولاة..

ما دام يرد لنا حقوقنا الذي أهدره (كذا) العصاة..

ما دام يعطينا بجهاده كل ما أخذه أهل الإغتصاب..

ص: 163

ما دام مؤمناً بالله ولا يضع جبينه لكل فاجر كان للظالم سنداً وأصحاب (كذا)..

ما دام يرفع لنا راية مع دخان البنادق من بين الأدغال والوديان ولا يسقط الجهاد..

أراد الله انبعاثه، وثبط انبعاث أصحاب الخطب والمؤتمرات، وسكان فنادق خمسة (كذا) نجوم، والسهر مع الغانيات..

يقول صلي الله عليه وسلم: إذا ضمن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة، وتركوا الجهاد في سبيل الله، وأخذا (كذا) أذناب البقر، أنزل الله عليهم السماء بلاء فلا يرفعه منهم حتي يراجعوا دينهم.. فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتي إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما مناًّ بعد وإما فداء..

فهذا أمر الله لمن بايع الله علي الموت في سبيله، وإقامة دينه وحكمه، ووظف جهوده لمصلحة دينه وملته.. فأمن إلي الله من مكر الأعداء..

فإن مات فموته عزة وشهادة فيفرح في جنة ونعيم، وإن عاش يبقي علي طمعه لينال الحسني والفوز فيفرح بذلك المؤمنين، وإن مدد الله لا ينقطع عن الصالحين..

أما الذين خانوا الله فانقلبوا أسلحة تصفي الحسابات علي سواعدهم، لأنهم خافوا شراسة الأعداء.. أعداء الله وإمكاناتهم الظاهرة، وهالهم قدرة الكفر، وأصابت نفوسهم الوهن، وعطلت عقولهم من التدبير والتفكير، وخويت (كذا) قلوبهم من الإيمان، وارتاحت إلي الخور والملك والجبروت، وتوقف عن متابعة المسير، وجلب لأمتنا الخزي والعار، وفقدوا احترام أعدائهم وتوقير كرامتهم، وتركوا أبناء شعوبهم كالأيتام علي موائد اللئام..

ص: 164

فإن ماتوا فلا مفر لهم من قصاص الله الحق، وإن عاشوا فلا نجاة لهم من سيوف رفعت في سبيل الله.. فأي الفريقين أولي بالأمان..

فقد ارتعبت أمريكا من قلة مؤمنة شردتهم الطغاة والحكام المجرمين (كذا) بين الجبال والأدغال فلا يهابون إلا الله، يقبلون عليه بأموالهم وأنفسهم ويطمعون في رحمته، ويرجون من فضله ويسعون لشرعه وحكمه، بعد أن جاهرت الحكام في عزله، ووالوا أعداءه الذين أهانوا كرامة المسلمين بسواعد حكامنا الظالمين، الذين جلبوا علينا خيول الشياطين فهدموا ديارنا، وقتلوا أبناءنا واستباحوا أعراضنا..

فتلك الدماء التي تقطر في أفغانستان، والديار التي هدمت في فلسطين، والمصانع التي خربت في السودان، والأطفال والنساء والشيوخ الذين هلكوا جوعاً في العراق، والمدافع التي قتلوا بها الأمن في ربوع لبنان، والمكر الذي يحاول سحق الإسلام في فلبين وإريتريا وجنوب السودان..

وتلك المجازر التي حدثت في بوسنيا، والسكاكين التي مثلت في أجسادنا وأجسام أطفالنا، هي عينها التي تذبح المسلمين اليوم في كوسوفا..

كل هذا ليس في نظرهم إرهاب وإرعاب (كذا).. وكل هذا ليس جريمة تستحق الثأر والإنتقام.. وهؤلاء الثكلي (كذا) في فلسطين، والأيتام والمشردون بين الخيام، لا حق لهم في أرضهم، ولا عزة لمقدساتهم، ويجب أن يحاربوا في لقمة خبزهم، لأن الذي يملك الرزق تذلل له الرقاب، فذلت لهم رقاب الطامعين من أهل الغدر، وهتكوا عرض الكرامة بسلام افتعلوه مع الذين كانوا بالأمس يغنون: فوق التل تحت التل إسأل عنا راح تندل.

ص: 165

وعندما سألنا عنهم وجدناهم تحت الذل يفتخرون، ولأمريكا واليهود يرقصون، ويذبحون أهل الدين قربة لآلهة الكفر، لعلهم ينالوا (كذا) رضاء القردة والخنازير والمشركين..

وتعساً للتاريخ الذي يسطرونه وفيه للحقارة يسبّحون، فيقولون عن جند الله أنهم متطرفون.. فاحذروهم وإلا ستهلكون.. وسلام علي عباد الله المخلصين وإن جند الله لهم المنصورون..

والخزي والعار لمن باع فلسطين وطرد المؤمنين، وأسكن المشركين في ديار المسلمين، ولم يحكم بكتاب رب العالمين، وفرح أن يضرب سيادة المسلمين بصواريخ الكفرة والمجرمين..

وسبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

وفيما يلي بعض إجابات الموافقين والمخالفين لرأي زكي عبد المجيد

فقد أجابه (هادي)، موافقاً لزكي علي أصل أفكاره، ولكنه يختلف عنه في آماله العريضة بالطالبان، قال:

أشكر لك دفاعك عن الإسلام وحرقتك علي أمة الإسلام، وأرجو السماح لي بالرد علي ما كتبته في هذه العجالة:

ما حصل من الأمريكان ويحصل أمر ليس بمستهجن، فَهُم دولة لها مطامعها وسياساتها التي تحقق هذه المطامع، وهم فوق ذلك كفار، فلو سحقونا سحقاً لما كان لنا أن نلومهم فليس بعد الكفر ذنب، وهم أعداؤنا الذين حذرنا الله منهم فقال: ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم قل إن هدي الله هو الهدي ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا

ص: 166

نصير. وقال عز من قائل: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق.

فهم ونحن نقيضا مبدأ أبداً، فلا نلتقي إذن حتي ينطق القمر، والدول لا يعاديها أفراد بل يعاديها دول، فالأفراد مهما أوتوا من قوة وعدة فإنهم يظلون أفراداً وقد يصل بهم الحال للإتفاق مع دول للحصول علي السلاح، مع ما فيه التنازل بعض الشئ عن مبدئهم أو مطالباتهم كما كان الأفغان – علي الرغم من صحة جهادهم - يتعاملون مع الأمريكان في الحصول علي السلاح.

صحيح أن الجهاد قائم لا يبطله عدل عادل ولا جور جائر، كما قال الرسول الكريم عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، ولكن الإسلام أيضاً أمرنا أن نسير بالطريقة الشرعية لتنفيذه في الواقع، فأمرنا أن نقيم دولة تكون هي الكيان التنفيذي السياسي لتطبيق الإسلام علي المسلمين وغير المسلمين في الداخل، وتحمله دعوة للعالم في الخارج الجهاد (كذا)، وهي كما تفضلت أخي الكريم دولة الخلافة التي ستكون راشدة بإذن الله تعالي.

فتفجير المؤسسات الأمريكية وقتل الأمريكان لا يقضي علي أمريكا ولا يقيم خلافة، ولو صبت جهود بن لادن وغيره كحركة طالبان – ربيبة باكستان - في الوعاء الصحيح لما كان هذا حالهم.

يقول الرسول عليه وآله أفضل الصلاة والسلام: الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقي به.

ويقول عليه السلام: ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.

لذا فإن أوجب الواجبات علي مسلمي اليوم هو العمل الجاد الدؤوب لإقامة الخلافة وفق الطريقة الشرعية، وهي طريقة الرسول عليه السلام التي أقام بها الدولة في

ص: 167

المدينة، حيث أنه لم يقم بالأعمال المادية بل سار في طريق الكفاح السياسي والصراع الفكري، ثم طلب النصرة وأقام الحكم الإسلامي في دار الإسلام يثرب.

إن التفجيرات والتقتيل في أعدائنا تشفي صدورنا وتفرح قلوبنا، ولكن الخلافة إذا ما قامت فإنها ستعلن الجهاد وستكون جيوش المسلمين الجرارة جيوشها، وعدة المسلمين عدتها، وسيكون الجهاد طريقتها في فتح العالم، إن كان هذا العالم أمريكا أو غيرها، أما الأفراد الذين يظنون أنهم بالتفجير والقتل سيحققون شيئاً فهم واهمون، وسيجدون أنفسهم يوماً ما تحولوا إلي حركات مسلحة همها القتل والتفجير، وآخر ما تفكر فيه هو إقامة الخلافة الإسلامية!

وأقرب دليل علي ذلك الوضع في السودان وأفغانستان، فالسودان رغم ادعائها بأنها تريد الإسلام، فقد أقرت مؤخراً دستوراً وضعياً ينافي الإسلام!

وطالبان التي تنادي بالإسلام أمعنت في قتل من كان بالأمس يقاتل الروس، بحجة توحيد البلاد، فتحولت أفغانستان من جهاد مسلمين وكفار إلي قتال مسلمين ومسلمين، وها هي إلي الآن تتخبط في حكمها، فلم تتحدث عن الحكم بالإسلام في دولة الخلافة، ولم يظهر عليها إلا ما أصدرته من مصادرة التلفزيونات والأمر بإطالة اللحية وغير ذلك من الأحكام الجزئية، أما أحكام الخلافة والجهاد والمعاهدات والمعاملات، وباقي أحكام الإسلام فهي علي الرف.

وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضي لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً، يعبدونني لا يشركون بي شيئاً انتهي.

ص: 168

ثم كتب (هادي):

الأخ الكريم زكي عبد المجيد:

نسيت أن أدعوك لقراءة ما كتبته حول هذا الموضوع في الساحة الإسلامية:

(1) واخليفتاه: ولا خليفة للسودان وأفغانستان التاريخ: 20-8-1998

(2) الجهاد: السياسة الخارجية لدولة الخلافة التاريخ: 22-8-1998

فأرجو التفضل لقراءة الموضوعين ولا تحرمنا من رأيك الثاقب. ولك جزيل الشكر.

فأجابه (زكي عبد المجيد) بتاريخ 24-8-1998:

أشكرك أخي الفاضل علي تعقيبك الطيب وكلماتك الصادقة التي قرأتها عل هذه الساحة جزاكم الله خيراً ونفع بكم الإسلام وأهل الإيمان..

قد أخالفك في بعض ما كتبت وأوافقك في بعض ولكن النظرة لمعاناة المسلمين من زاوية معينة لا تنصف قضايانا، ولا تأخذنا نحو النجاة من المأساة..

ولا تنحصر مشاكل المسلمين في مسألة واحدة أو في قضية منفردة، فواقعهم الذي هم عليه اليوم بما فيه من مرارة وألم، ليس ناتج (كذا) عن خطأ أو أخطاء معينة، أو غياب من يجب أن يكون في يده الحلول..

رغم ضرورة وجوب الإلتفاف حول قيادة تجتمع حولها كلمة المسلمين كافة..

هناك أمراض أصيب المسلمون بها، وهذه الأمراض ليست غريبة عن حياة الأمم الأرضية التي تصيب البنيان العقيدي وتؤدي إلي وفاتها وانتهائها من عالم الوجود..

ص: 169

يقول المولي عز وجل: أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا قل هو من عند أنفسكم.. نعم أخي الفاضل نحن أوتينا من قبل أنفسنا وأصابنا الوهن، كما أخبر بذلك نبي الرحمة صلي الله عليه وسلم: ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن.

قالوا: وما الوهن يا رسول الله..؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت..

فحب الدنيا وكراهية الموت هو آخر شئ نفعله بعد أن تركنا عبادة الجهاد وعبادة مراقبة الحاكم أو الولي ومحاسبته في (كذا) أخطائه، كما يحاسب الفرد منا علي مثل تلك الأخطاء..

وهذه الأمة التي نحن منها قد أصابت أبناءها فقدان العقيدة السليمة (عقيدة التوحيد) وعجزت من محاسبة ولاتها علي تهاونها في دينها، أصبحت هذه الأمة تتعرض لنكبات ومصائب تستوجب الجهاد، والملة ثقيلة ملتصقة علي (كذا) الأرض، لا تقدر من (كذا) الحركة.

والمتربصون بها يكيدون لها الكيد، كي لا تقوم لها قائمة ولا تجتمع لها كلمة..

فصارت الجلة (كذا) الكثيرة من أبناء هذه الأمة لا تقدر علي شئ، بل لا تقدر علي شئ كان يقدر عليه المنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار.. لأن خشيتهم من الناس أن يذمونهم (كذا) فيعتذرون للمخلصين وقائد المجاهدين، ولا يعتذرون لرب العالمين.

وقالوا: شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا.. استغفر لنا.. حتي عن هذه الكلمة عجزت أبناء جيلنا الحاضر وحكامنا المائعين (كذا)..

ص: 170

وهذا الإستغفار لا يرجونه! وفي أعماق نفوسهم هم عن هذا الدين معرضون، ويظهرون للناس ما لا يبطنون..

بل صاروا يقولون ويرددون ما اصطلح عليه كلمة الكفار بقولهم عن المؤمنين المتقين بأنهم مجرمون..

أصوليون.. إرهابيون.. مخربون.. أشرار..

إن المعاهدة التي عاهد بها أجدادنا الله تبارك وتعالي نحن اليوم أضعف من الوفاء بها لله..

إنها حقيقة ملموسة بأن الله يكره انبعاث هذا الجيل المعاصر من أمة الخير، لأنهم بعثروا جهود المخلصين ورضوا القعود مع الخوالف، وتركوا الدين والديار والأعراض للعابثين والصليبية والمخربين وعبدة العجل من بني إسرائيل..

وعندما ظهرت هذه الحقيقة في المنافقين قال الله تعالي عنهم: ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة.. ولكن الله كره انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين..

إنني لا أخالفك علي وجوب البيعة، ولا يشك أحد من علماء المسلمين في وجوب نصب الإمام بل روي الإجماعَ علي وجوب ذلك كلُّ من تكلم في هذه المسألة من العلماء.

فقد قال الشيخ محمد أمين الشنقيطي: من الواضح المعلوم من ضرورة الدين، أن المسلمين يجب عليهم نصب إمام تجتمع عليه الكلمة وتنفذ به أحكام الله في أرضه. راجع أضواء البيان.

وقال القرطبي في معني قوله تعالي: إني جاعل في الأرض خليفة:

ص: 171

ولا خلاف في وجوب ذلك بين الأمة ولا بين الأئمة، إلا ما روي عن الأصم حيث كان عن الشريعة أصم.. وكما يقول الشيخ محمد شاكر الشريف:

الإنسان لا بد من تواجده في تجمع من بني جنسه، ولا بد لمثل هذا التجمع من شرع يحكم شؤونه، ونظراً لأن هذا الشرع الحاكم لا بد له من سلطان حارس يقوم تنفيذه وحراسته فإن كل تجمع إنساني لا يستغني عن السلطان أو الإمام أو الحاكم أو ما شابه ذلك من هذه المسميات. وهذا أمر تدركه العقول السليمة والفطر المستقيمة..

ولكن السؤال الذي أطرحه: من هو هذا الولي أو السلطان أو الحاكم من حكامنا اليوم فيه أهلية القيام بواجب حماية الشريعة السماوية، كي نتم له البيعة المطلوبة..؟

فبحق الذي رفع السماء بلا عمد، وهذا قسم من داخل وجداني أقولها صريحة واضحة لو كان من الممكن أن تكون البيعة للحذاء الذي نلبسه فلا أري من الممكن أن يكون لنا بيعة لهؤلاء الحكام الذين داسوا علي كرامة الإسلام والمسلمين بأحذيتهم، وصافحوا أيادي الغاصبين وكثروا سواد الباكين من الأشجان والمتألمين من الطغيان، والمشردين من (كذا) الهاربين عن أصحاب الغدر والخذلان..

فلمن تكون بيعتنا إذ نحن فقدنا من هو أهل لها، فنحن أولي لتمكين (كذا) من هو أهل لها.

يقول الشاطبي عن (الولاية) رحمه الله:

يصح أن يقال أنه واجب علي الجميع علي وجه من التجوز، لأن القيام بذلك الفرض، قيام بمصلحة عامة، فهم مطلوبون بسدها علي الجملة، فبعضهم هو

ص: 172

قادر عليها مباشرة، وذلك من كان أهلاً لها، والباقون وإن لم يقدروا عليها، قادرون علي إقامة القادرين، فمن كان قادراً علي الولاية فهو مطلوب بإقامتها، ومن لم يقدر عليها مطلوب بأمر آخر، وهو إقامة ذلك القادر وإجباره علي القيام بها، فالقادر إذا مطلوب بإقامة الفرض، وغير القادر مطلوب بتقديم ذلك القادر، إذ لا يتوصل إلي قيام القادر إلا بالإقامة. راجع كتاب الموافقات للشاطبي.

ويقول المارودي: فإذا ثبت وجوب الإمامة ففرضها علي الكفاية. راجع الأحكام السلطانية.

وطلب الكفاية كما يقول العلماء بالأصول: متوجه علي الجميع لكن إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين. راجع كتاب الموافقات للشاطبي رحمه الله.

وعلي ذلك ففرض الكفاية ما لم يتحقق، فالإثم لاحق لكل مكلف، كل علي حسب قدرته وعلي حسب تقصيره.. راجع كتاب الطريق إلي الخلافة للشيخ محمد شاكر الشريف.

يقول المارودي: فإن الله جلت قدرته ندب للأمة زعيماً خلف به النبوة، وحاط به الملة وفوض إليه السياسة، ليصدر التدبير عن دين مشروع، وتجتمع الكلمة علي رأي متبوع، فكانت الإمامة أصلاً عليه استقرت قواعد الملة، وانتظمت به مصالح الأمة. راجع الأحكام السلطانية.

وقال القرطبي رحمه الله: إنها ركن من أركان الدين الذي به قوام المسلمين. راجع الجامع لأحكام القرآن.

وقال ابن تيمية رحمه الله: يجب أن يعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها. راجع السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية.

ص: 173

بعد هذا تجدني أخي الفاضل مقراً بوجوب البيعة وإقامة الولاية، ولكن لا بيعة لمن أراد للشريعة أن تعطل، ولا بيعة لمن للرذيلة يرتفع رأسه، ولا بيعة لمن يخون المسلمين ويطعنونهم (كذا) من الغفلة، ولا بيعة لمن وضع جبينه للفاحش الزاني، وشرد وطارد عباد الله وجنده، ولا بيعة لملك عاهر يحكم

موطن قبلة المسلمين، ولا بيعة لملك الأردن صنع الإنكليز عقله ومخه، ولا بيعة لوالي الرافدين الذي سجد للصليب، وكان قائده ومرشده عفلق.

ولا بيعة لمن حكم أم الدنيا يزج بالسجون كل من أخلص لله قلبه، ويعلق جماجمهم علي أعواد المشانق وكان به أنسه، ولا بيعة لخائن المؤمنين وعبيد الإفرنج، ولم يرض أن يكون لله عبداً.

ولا بيعة لأصحاب العمائم السود الذين عهدهم (كذا) الأمة بالخيانة ونشر البدع وهدم دين رب العالمين..

لا.. ولن تكون لنا بيعة إلا لمؤمن تقي أخلص لله نية وجاهد بماله ونفسه، فأغاظ الكفار وألزم الناس نبذ الشرك وعبادة الله وحده، ويدفع عنا بشرع الله كل مفسدة وشرها، ويجلب لنا بها كل مصلحة وخيرها.

نعم كانت له البيعة، ومن له منا ستكون البيعة، ولكن أين هو ومن هو؟

إن كان الناس في حيرة، فهذه الأمة ولدت (كذا) منها صلاح الدين وتقدر أن تنجب لنا مثله..!

وتجدد لنا خالداً كخالد الصديق، أم مثل سعد الذي أطفئ (كذا) نيران المجوس، وعمرو بن العاص الذي هزم الروم وكسر صلبانهم.

أخبرني يا أخي لمن ستكون في هذه الزمان.. البيعة.. وكيف نرفع عن أنفسنا الإثم إن كان خير الناس أضحوا مشردين، أو بين الجدران مكممين، وعلي (

ص: 174

كذا) السلاسل مكبلين، وعلي المشانق معلقين، أو في بلاد الكفر لاجئين، ومن فتنة الطاغي لا ينجون..؟ أخبروني كيف ستكون البيعة..؟

من (كذا) لم يسجد لله سجدة إلا رياء الناس وتضليل العباد والتظاهر أمامهم أنه مسلم، وهو معطل لحكم الله وشرعه المبين..!!

نحن نفرح أن يفتن أعدائنا (كذا) علي أيدي قلة من أبنائنا باعوا أنفسهم لله كما نحسبهم، وهم يفرحون عندما يشعرون نحن معهم بقلوب صادقة دامعة وأفئدة متعلقة بالله بالرجاء والدعاء لهم أن يحفظهم من شر الطغاة المتجبرين..

ونغبطهم بنفوس طامعة للخير الذي أعطوا.. إذا كان هؤلاء قد ارتفعوا عنا بأفضل العبادات في الإسلام الذي عطله الحكام، وحرموا المسلمين من أجرها في الدنيا والآخرة، فإننا نغبط هؤلاء المخلصين علي هذا الخير، ونتألم من الحرمان الذي نحن فيه..

وهؤلاء وهم علي نعمة لا يشعر حقيقتها إلا من رزقها وعاشها..

إن المعركة بين طالبان وخصمهم هي سببها (كذا) الشريعة، وإقامة الدين في الدولة التي ما رضي بها أحمد شاه مسعود، وكان يجامل بناظير بوتو علي مبادئ الديمقراطية، وينافسها أن يقيم دولة يديرها كبناظير بوتو..

نعم إن الفرد لا يمكنه أن يقاوم دولة كما تبرهن ذلك المعادلات الرياضية، ولكن المعادلة الربانية لها لغز آخر، وما كان الأنبياء إلا أفراد (كذا)، ولكنهم كانوا في ميزان الله زعماء دولة وقادة أمة.

ومثل هذه الحسابات لا يفهمها لغة الرياضيات المادية لأنها محدودة بقوانين. والمعادلات الدينية أحياناً تخرق القوانين، وحاصل الناتج يكون صحيحاًَ.. ومن يتوكل علي الله فهو حسبه.

ص: 175

فكتب (أبو السعيد) بتاريخ 26-8-1998، موافقاً له قائلاً:

في بداية دخولي معكم في هذا النقاش أريد أن أتقدم إليكما بالشكر والتقدير علي هذا المجهود الذي تبذلوه (كذا) لنصرة دين الله.

وأشكركم علي هذا الأسلوب الجميل في النقاش الذي يدل علي نية صادقة في العمل لنصرة الإسلام.

أريد أن أبدأ في موضوع الجهاد. الجهاد هو حكم شرعي وهو فرض علي المسلمين مثل الصلاة والزكاة والحج وإقامة الخلافة الإسلامية، ومن ينكر هذا الفرض فهو كافر.

والجهاد هو قتال الكفار أو بمعني آخر هو إزالة الحواجز المادية التي تقف في وجه الدعوة، وهو طريقة الإسلام في نشر الدعوة الإسلامية. حيث يعرض الإسلام علي الناس فإذا قبلوه ودخلوا فيه أصبحوا جزء (كذا) من الأمة الإسلامية فصار لهم ما للمسلمين وعليهم ما علي المسلمين ويطبق عليهم

الإسلام مثل باقي المسلمين.

وإن رفضوا الإسلام فعليهم دفع الجزية مع تطبيق الإسلام عليهم، ويترك لهم ما يعتقدون، وإن رفضوا فليس هناك إلا قتالهم حتي يدفعوا الجزية ويطبق عليهم الإسلام.

ويكون الجهاد أيضاً في الدفاع عن بلاد المسلمين وتحريرها من أيدي الكفار بالقتال.

والجهاد هو فرض كفاية فإذا حصلت الكفاية سقط الفرض عن باقي المسلمين، وإن لم تحدث يتوسع الفرض حتي تحدث الكفاية.

وهنا يأتي السؤال:

ص: 176

ما هو نوع الجهاد الذي تتولي الحركات الإسلامية في حربها علي أمريكا ومصالحها؟

هل أمريكا محتلة أو مستعمرة لبلاد المسلمين؟

أي هل هناك حالة حرب فعلية بين المسلمين وأمريكا، أم أن الحركات التي تحارب أمريكا ومصالحها تتولي الجهاد لنشر الإسلام وتبليغ الدعوة؟

ومن الواضح للجميع أن أمريكا دولة عدوة للإسلام والمسلمين، وهي دولة استعمارية تنهب خيرات المسلمين، وتنتهك حرماتهم ومقدساتهم، وبإقدام أمريكا علي ضرب المسلمين عسكرياً سواء في أفغانستان أو السودان أو العراق، تكون قد فتحت جبهة للحرب الفعلية علي المسلمين، وأصبح الجهاد فرض (كذا) علي المسلمين للدفاع عن بلادهم، فيجب تعبئة الأمة الإسلامية وحشد الجيوش والإمكانيات المادية والمعنوية للخوض في حرب ضد الوجود الأمريكي في بلاد المسلمين.

وتأخذ هذه الحرب كل الوجوه من العسكري والإقتصادي والسياسي.

والدور العسكري لا يتم إلا بوجود القوة الكافية لردع القوة الأمريكية، وهذه القوة تتمثل بالجيش، والقوة العسكرية المتاحة في بلاد المسلمين من أفراد وعتاد.

والدور الإقتصادي يتمثل بمحاربة الصناعات الأمريكية ومنتجاتها، وطرد كل الشركات وفض كل المعاملات التجارية بين المسلمين وأمريكا.

والدور السياسي يتمثل في كشف مخططات أمريكا وعملائها وطرد السياسين والدبلوماسيين الأمريكان وقطع كل العلاقات السياسية وإعلان الحرب.

ص: 177

ومن هذا كله نجد أن الحرب مع أمريكا وغير أمريكا تحتاج إلي كيان يقوم بتنفيذ هذا كله والدخول في حرب مع أمريكا وغيرها.

وإيجاد هذا الكيان يحتم إزالة الكيانات الهزيلة العميلة القائمة في بلاد المسلمين. وهذا الكيان هو الخلافة الإسلامية.

وللأمة تجربة مريرة في حربها ضد الإحتلال والغزو , والدليل علي ذلك وجود إسرائيل واليهود وما هم إلا بضع ملايين من البشر، وإمكانياتهم المادية والعسكرية لا تقارن بإمكانيات أمريكا، ورغم ذلك نجد أن إسرائيل بدأت بالعمل علي السيطرة علي المنطقة بأكملها وسفاراتها موجودة في بلاد المسلمين.

والمراد قوله أن بالعمل المخلص لإيجاد الخلافة الإسلامية ينطوي (كذا) العمل في الجهاد في سبيل الله ليس لتحرير بلاد المسلمين فقط بل لغزو الكفار في بلادهم.

ويجب أن نعلم أن الأمة الإسلامية لم تنهزم في حرب دخلتها بوصفها أمة إسلامية.

ولا يفهم من هذا.. أن ما يقوم به أفراد من الأمة الإسلامية هو باطل.. سواء في حربهم ضد أمريكا.. أو إسرائيل طالما تبنوا الجهاد في سبيل الله.

بل هو جهاد في سبيل الله زمن سقطوا من أبناء المسلمين في هذه الحرب (كذا)، هم بإذن الله شهداء وعلينا أن ندرك أن من يتولي الجهاد في قتال الكافر المستعمر لبلاد المسلمين لا يهادن ولا يداهن بل يضع فرض الله أمام عينيه.

والعمل لإقامة الخلافة الإسلامية وإعادة الإسلام مطبق (كذا) في واقع الحياة، والجهاد في سبيل الله فرضان يجب علي المسلمين العمل بهما في وقت واحد.

ص: 178

لذلك نجد أن العمل لإقامة الخلافة الإسلامية وهو عمل لإقامة الإسلام كله بما فيه من جزئيات، من فروض غائبة، ولتطهير بلاد المسلمين من وجود الكفار وأفكارهم وعملائهم الخونة وحمل الإسلام رسالة عالمية للبشرية جمعاء.

لذلك ندعوا (كذا) الإخوة لتجميع الجهود في هذا العمل لإقامة دين الله ونصرته.

فمن خلال هذا فإنني أتفق مع الأخ الكريم هادي فيما ينادي له، ونسأل الله التوفيق لأبناء هذه الأمة الكريمة المخلصين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب (سيف العرب) بتاريخ 26-8-1998، مؤيداً لزكي عبد المجيد، فقال:

إخواني المسلمين: الله أكبر، الله أكبر، والله أكبر.

منكم من قال إن بن لادن وإخوانه من المسلمين هم أفراد وليست (كذا) دولة.

نعم، لكن ليس أصحاب كل ذي حق هم دول.

إن الرسول (صلی الله علیه و آله) بدأ دعوته بمفرده حتي آمنوا (كذا) به وبدعوته أفراد هاجروا وجاهدوا، حتي بان الحق وانتصروا علي الكفرة.

من هنا بدأ، والمسلمون يحكمون أنفسهم غير محكومين (كذا).

إن بن لادن وإخوانه هم أفراد، هاجروا وجاهدوا حتي هزم الإتحاد السوفيتي أقوي دولة في العالم ذلك الوقت. إن بن لادن يستطيع أن يعيش في جنة دنياوية آمن (كذا) علي حياته، ويعامل معاملة الملوك العظماء الكفرة. لكنه آثر الموت في سبيل الله مثله مثل سائر المؤمنين المجاهدين.

ص: 179

إن أولئك المجاهدين الذين سميتموهم إرهابيين كما أفهموكم (كذا) الغرب، إنما هم أعز المسلمين في هذا الوقت.

إن الإسلام في أشد الحاجة إلي مجاهدين أشد من حاجته إلي أي شئ آخر.

إن الذين يقولون يا مسلمين.. إذهبوا إلي الأمم المتحدة اشكوهم أعداءكم..

إنما هو واهم أو جاهل (كذا).. إن من يحكم الأمم المتحدة هم أعدائنا (كذا).

إن الغرب خائفون من أن نعود نحن المسلمين إلي أصول ديننا الحنيف وتزدهر (كذا) حضارة الإسلام ونعود ننشر الإسلام ونحكم الجميع بالعدل.

ينبغي علينا أن نترك كل أفكار الغرب ومعتقداتهم والتمسك بالإسلام وعاداتنا.

جزاك الله خيرا يا أسامة بن لادن وجميع المجاهدين والمسلمين.

وكتب (أبو السعيد)، مؤيداً أيضاً، فقال:

الأخ الكريم سيف العرب:

أظن أنه قد أصبح عندك خلط في نقطتين أود أن أوضحهما لك.

هناك فرق بين الحكم الشرعي، وهو إقامة الخلافة الإسلامية.. أي تحويل الدار من دار حرب إلي إسلام.

والحكم الشرعي المتعلق بالجهاد في سبيل الله، سواء كان جهاد فتح لنشر الدعوة الإسلامية.. أو جهاد (كذا) لتحرير بلاد المسلمين ورد غزو الكافر عنها.

وهنا أقول إن أسامة بن لادن تولي محاربة أمريكا ليس لنشر الدعوة الإسلامية في أمريكا وتطبيق الإسلام عليهم، ولا أظن أن هناك من الأمة من يقول هذا،

ص: 180

والواضح أن بن لادن تولي محاربة أمريكا حسب ما يقال لأن أمريكا دولة تكيد للإسلام والمسلمين وهي دولة مستعمرة لها مطامع في بلادنا لنهب خيراتها.

فعلينا أن نفرق بين هذين الحكمين الشرعيين..

فليس هناك أي علاقة بين العمل لإقامة الخلافة ومحاربة أمريكا، فالعمل لتحويل الدار من دار كفر إلي دار إسلام وإقامة دولة الإسلام مرتبط بالأمة الإسلامية في إزالتها لأنظمة الحكم القائمة علي الكفر في بلاد المسلمين ومبايعة رجل مسلم أهل للخلافة يحكم بهم حسب شرع الإسلام في كل جوانب الحياة. وهناك الطريقة الشرعية التي تبين طريقة العمل المطلوب.

أما عن الجهاد وقتال الكفار، فهذا يتوقف علي طبيعة القتال، فإذا كان القتال لنشر الدعوة الإسلامية فلا تقوم به إلا دولة الإسلام التي تعلن الجهاد وتجهز الجيوش للمعركة.

وعلينا أن ندرك أن قتال الكفار في هذه الحالة لنشر الإسلام وتبليغه للناس وتطبيقه عليهم، فلا يعقل أن يقوم المسلمين (كذا) بتطبيق الإسلام علي غيرهم ولا يطبقونه علي أنفسهم.

أما إذا كان القتال من أجل تحرير بلاد المسلمين من الكفار كما في فلسطين، فإن الجهاد في هذه الحالة يقوم به الأفراد والجماعات حتي تحدث الكفاية.

أما عن استدلالك بفعل الرسول صلي الله عليه وسلم حيث أنه بدأ فرداً ثم كوّن الجماعة من الصحابة ثم كتل هذه الجماعة، وثبت فيها العقيدة الإسلامية، ثم خاض صراعاً فكرياً وسياسياً مع قريش، ورغم ما لاقاه عليه الصلاة والسلام من أذي هو وأصحابه فلم يقوم (كذا) بأي عمل عسكري ضد قريش وأمر أصحابه بعدم قتال القوم، وهم قريش حتي وجد النصرة من الأنصار وهاجر

ص: 181

وأقام الدولة الإسلامية هناك وجهز الجيوش وأرسل الرسل، وبذلك أعلن الجهاد أي بعد أن أوجد الدولة.

وهذا ما جاءت به السنة النبوية.

فعلينا أن ندرك طبيعة الحرب التي أعلنها بن لادن علي أمريكا وبعدها نحكم.. هل الدور المطلوب دور الدولة أم دور الأفراد والجماعات في هذه الحرب. وأعتقد أنني قد وضحت هذا الخلط في هذا الموضوع.

فأجابه (زكي عبد المجيد):

إنه لا بد من الأولي فالأولي. وكما قال المولي سبحانه وتعالي في كتابه الكريم: قاتلوا الذين يلونكم من الكفار..

قال ابن كثير: أمر الله تعالي المؤمنين أن يقاتلوا الكفار أولاً فأولاً.. الأقرب فالأقرب، إلي حوزة الإسلام، ولهذا بدأ الرسول صلي الله عليه وسلم بقتال المشركين في جزيرة العرب فلما فرغ منهم ودخل الناس من سائر أحياء العرب في دين الله أفواجاً شرع في قتال أهل الكتاب.. راجع تفسير ابن كثير رحمه الله: 2/401.

فمن هذا المبدأ لا أري بيننا خلاف (كذا) في وجوب قتال هؤلاء الولاة الغير الأكفاء (كذا) لصون الدين وحماية المسلمين وإقامة دولة الخلافة تحكم بشرع رب العالمين..

لأنهم أقرب من الأمريكان، إلا أن عساكر أمريكان وجنودهم المدججون (كذا) بالأسلحة والتقنيات صاروا يعملون كمرتزقة يحمون هذه العصابة التي جنت وتجني علي أمة الخير..

وكما هو معلوم بأن المستولي علي منصب الإمامة في جميع أمصار المسلمين يستوجب خلعهم، لذا فهم غير موجودين في الحقيقة (كذا) (أي لا يوجد

ص: 182

ولي أمر للمسلمين علي الحقيقة) وإن كان موجوداً علي الصورة، ولكن زماننا شاغر عن الإمام وإن لم يكن شاغراً صورة.

وعند شغور الزمان من الأمراء فالأمر مناط بالعلماء وأولي الأمر المأمور بطاعتهم وهم الأمراء والعلماء، فإذا خلي (كذا) الزمان عن الأمراء كان العلماء هم أولو الأمر..

ولكننا في زمان إن صح تسميته بزمن الفتن، وهذه الفتن كقطع الليل المظلمة لا يميز فيها الجاني عن المجني فالكل فيها سواء، ومن فيه القدرة والكفاءة والعلم صار بين جدران السجون قابعاً وعن الكلام محرماً (كذا)..

إذاً فلا ضير إن جاهد المجاهد مرتزقة الولاة أو سدنتهم العصاة، فإنهم يقدمون المستطاع والمقدور من الجهاد المأمور به والمداوم عليه من إعداد العدة والإستطاعة التي تدخل بها الرهبة والرعب في قلوب أعداء الدين من الولاة والسلاطين وحماتهم وحراسهم.. وهذا ما أظن عليه العصابة المؤمنة اليوم.

وإن أحب الأعمال إلي الله أدومه وإن قل.. والجهاد في اللغة هو بذل أقصي ما يستطيعه الإنسان من طاقة لنيل محبوب أو لدفع مكروه. راجع لسان العرب والقاموس المحيط.

وليس هناك شئ أحب إلينا من دين الله، ولا مكروه نريد دفعه عنا مثل عصابة المفسدين من ولاة أمور المسلمين، الذين كفروا كفراً صراحاً بواحاً لا يقبل التأويل، بعد اتهامهم شرع الله بالنقص وعدم صلاحيته، ونبذه وعدم الحكم به مع وجود القدرة علي تحكيمه، ولكن لا يوجد عندهم العزيمة علي إقامته، كي لا يحزن النصاري أو يغضب الأمريكان، ويصرخ (كذا) في العالم منظمة الأمم المتآمرة علي الإسلام، وينادي بحقوق الإنسان..

ص: 183

نعم، حقوق إنسان صليبي (أي الإنسان الصليبي). وليس حق للإنسان المسلم ولا حرمة لآدميته وبشريته ولا حزن عليه إن ذل أو صرخ من ألم الأشجان والأحزان، لأنهم ما نقموا منهم إلا أن آمنوا بالله العزيز الحميد..

والجهاد في مصطلح الفقهاء هو القتال، قال الأحناف: الجهاد هو دعوة الكفار إلي دين الحق وقتالهم إن لم يقبلوا. راجع فتح القدير.

وقالت المالكية: قتال المسلم كافراً غير ذي عهد لإعلاء كلمة الله، أو حضوره له، أو دخوله في أرض له. راجع حاشية العدوي والشرح الصغير، وأقرب المسالك للدردير.

وقالت الحنابلة: قتال الكفار..

وقالوا أيضاً: الجهاد هو القتال وبذل الوسع منه لإعلاء كلمة الله تعالي. أنظر مطالب ذوي النهي وعمدة الفقه ومنتهي الإرادات.

ففي القتال حياة للمؤمن واستعلاء، والعدو الكافر لا يريد للمؤمن حياة ولا استعلاء.

وفي القتال تحرر للمؤمن من قيود الذل والإستصغار، والعدو الكافر لا يريد للمؤمن الحرية ولا يفرح أن يفك عنه قيوده ويسعي لإهانته واستصغاره، ولكن الله أراد للمؤمن الإستعلاء والتخلص من قيود التبعية والإستذلال والحيرة والإنطلاق نحو القمم والشموخ، فوضع الله له منهجاً في كتابه للقتال وحثهم علي الجهاد في سبيله وأنه أفضل العبادات، فقال تعالي: فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسي الله يكف (كذا) بأس الذين كفروا والله أشد بأساً وأشد تنكيلاً.

ص: 184

والجهاد اليوم فرض علي المسلمين فرض عين، ما لم يتحرر الأندلس وبيت المقدس وينصب للمسلمين ولي عادل تقي في دولة واحدة وخلافة علي منهج النبوة.

وهذا الفرض لا يكون فرض كفاية، إلا بعد أن يستأمن المسلمون علي أرواحهم وأموالهم وأعراضهم وعقائدهم..

وإذا تم ذلك يكون الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض يسقط عن الآخرين إلا إذا لم يقدروا علي العدو فالإثم عليهم حتي يقهروا العدو.. هذا والله أعلم.

وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.

فكتب (هادي) بتاريخ 26-8-1998، علي طريقة حزب التحرير الإسلامي، مؤيداً وجوب جهاد الحكام، وإقامة الخليفة، ومنتقداً الطالبان:

الأخ الكريم زكي عبد المجيد حفظه الله ورعاه، الأخ الكريم أبو السعيد حفظه الله ورعاه، الأخ الكريم سيف العرب حفظه الله ورعاه، بعد التحية ومزيد من الإحترام والتقدير أقول:

إن الموضوع ليس فيمن يبايعه المسلمون خليفة، فالأمة الإسلامية ملأي بالرجال المخلصين الواعين

ومنهم العلماء ومنهم المجتهدون، ولا شك أن أدني واحد فيهم مرتبة هو خير للأمة من حكامها الذين اتضح لها واقعهم السئ ولم تعد الأمة تعتبرهم أو تبكي عليهم.

فالفرض هو إيجاد خليفة، ولا يتصور أن يكون واحد من حكام المسلمين خليفة بل الخليفة هو الذي يجب علي الأمة أن تأتي به وتبايعه لتسقط عنها الإثم، والأدلة علي ذلك مستفيضة أذكر منها:

ص: 185

1 - قال تعالي مخاطباً الرسول عليه السلام: فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق. وقال: وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك.

وخطاب الرسول خطاب لأمته ما لم يرد دليل التخصيص، وهنا لم يرد دليل تخصيص فيكون خطاباً للمسلمين بإقامة الحكم. ولا يعني إقامة الخليفة إلا إقامة الحكم والسلطان.

2 - روي مسلم عن طريق نافع قال: قال لي ابن عمر، سمعت رسول الله عليه السلام يقول: من خلع يداً من طاعة، لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.

فالنبي عليه السلام فرض علي كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة، ووصف من يموت وليس في عنقه بيعة بأنه مات ميتة جاهلية. والبيعة لا تكون إلا للخليفة ليس غير.

وقد أوجب الرسول علي كل مسلم أن تكون في عنقه بيعة لخليفة، ولم يوجب أن يبايع كل مسلم الخليفة. فالواجب هو وجود بيعة في عنق كل مسلم، أي وجود خليفة يستحق في عنق كل مسلم بيعة بوجوده.

فوجود الخليفة هو الذي يوجد في عنق كل مسلم بيعة سواء بايع بالفعل أم لم يبايع، ولهذا كان الحديث دليلاً علي وجوب نصب الخليفة وليس دليلاً علي وجوب أن يبايع كل فرد الخليفة. لأن الذي ذمه الرسول هو خلو عنق المسلم من بيعة حتي يموت، ولم يذم عدم البيعة.

ص: 186

3 - أجمع الصحابة رضوان الله عليهم علي لزوم إقامة خليفة لرسول الله عليه السلام بعد موته، وأجمعوا علي إقامة خليفة لأبي بكر، ثم لعمر، ثم لعثمان بعد وفاة كل منهم.

وقد ظهر تأكيد إجماع الصحابة علي إقامة خليفة من تأخيرهم دفن رسول الله عليه السلام عقب وفاته واشتغالهم بنصب خليفة له، مع أن دفن الميت عقب وفاته فرض، ويحرم علي من يجب عليهم الإشتغال في تجهيزه ودفنه الإشتغال في أي شئ غيره حتي يتم دفنه.

فهذه الأدلة وغيرها مما تعرفه أخي الكريم توجب علي المسلمين أن يكون لهم خليفة.

ولا أظن يا أخي الكريم أن الأمة خالية اليوم من رجل يصلح لمنصب الخلافة، بل إن فيها من لو تسربلوا بالخلافة لفعلوا الأعاجيب ولأصبحت دولة الخلافة بسياستهم الدولة الأولي في العالم وبخاصة أن الرسول قد بشرنا بها بعد انقطاع، في حديث الإمام أحمد الصحيح.

لذا فإن البحث يجب أن ينصب علي كيفية إيجاد الخليفة، فإن سار المسلمون علي الطريقة الشرعية لإيجاد الخليفة فإنهم يكونون قد وضعوا أيديهم علي الطريق الصحيح للخلاص ومن ثم يكون ما يرضي الله تعالي ما دمنا سرنا في طريق رضاه.

وما أروع استدلالك بأقوال الفقهاء كقول الشاطبي: والباقون وإن لم يقدروا عليها، قادرون علي إقامة القادرين فمن كان قادراً عل الولاية فهو مطلوب بإقامتها، ومن لم يقدر عليها مطلوب بأمر آخر، وهو إقامة ذلك القادر وإجباره

ص: 187

علي القيام بها. فالقادر إذا مطلوب بإقامة الفرض وغير القادر مطلوب بتقديم ذلك القادر إذ لا يتوصل إلي قيام القادر إلا بالإقامة.

فإن فهم الشاطبي رحمه الله يؤكد أن الوجوب يشمل الفريقين: الفريق القادر علي إقامتها، والفريق الغير قادر عليها، فالقادر عليه أن يتولاها، والغير قادر عليه أن يأتي بالقادر وهكذا.

أما قول الماوردي: فإذا ثبت وجوب الإمامة ففرضها علي الكفاية.

فإن هذا يعني أن فرضية إقامة الخلافة ليست عيناً علي الكل بل هي علي الكفاية، بمعني أنه إذا أقامها البعض سقط الإثم عن الباقين، ولكننا نعلم أن فرض الكفاية إذا لم يقدر البعض أن يقيمه فإنه يصبح فرضاً علي الجميع حتي يقام، أرأيت صلاة الجنازة والإشتغال بتكفين الميت وتجهيزه فإنها فرض كفاية بمعني أن البعض قادرون علي القيام بها، فلو مات رجل وقام ثلاثة رجال لتجهيزه والباقون جالسون فلا إثم عليهم، ولكن لو لم يستطع الثلاثة تجهيزه بسبب ضعفهم أو عدم قدرتهم علي حمله للمقبرة.

فهل يعفي الباقون (الجالسون) من الإثم؟

لا بل إنهم آثمون حتي يتلبسوا بالقيام بتجهيز الميت ودفنه، لأن الفرض لم يتحقق إذ لم تتحقق الكفاية، فالكفاية شرط لعدم حصول الإثم علي من لم يقم بفرض الكفاية، فهو فرض كفاية بمعني أن تتحقق الكفاية للقيام به، فإن لم تتحقق سقط الإثم عمن تلبس بالعمل، وإن لم يتم الفرض أثم الباقون لقدرتهم

علي تحقيق الكفاية ولم يفعلوا، لذلك قال الفقهاء إذا قام به البعض وقام فعل ماضي (كذا) يفيد حصول الفعل في الزمن السابق، ولم يقولوا إذا تلبس بالقيام به البعض.

ص: 188

أما موضوع طالبان وغيرها ممن اتخذ الطريق العسكري سبيلاً لتحقيق أهدافه.

فإني لست بصدد الهجوم عليهم، ولكن أقول إنهم أنفسهم ليسوا طلاب خلافة وإنما عملهم هو السيطرة علي أفغانستان، فقوات طالبان تستمر حالياً بالتقدم في مناطق الشيعة والمناطق التي يسيطر عليها مسعود بهدف السيطرة علي كل الأراضي الأفغانية، تمهيداً للإعتراف بسلطتها دولياً في أفغانستان.

وهذه النجاحات السريعة والحاسمة التي حققتها الحركة تدل علي أن هناك تحولات سياسية كبيرة تجاه أفغانستان قد طرأت علي الوضع الدولي والإقليمي في المنطقة.

والذي يدل علي هذا التغير ما لوحظ في الآونة الأخيرة من انتظام انحسار قوة (المجاهدين القدامي) من جهة، وتنامي قوة طالبان من الجهة الأخري، ولا يوجد من سبب لذلك الإنحسار وذاك التنامي إلا وقف الدعم الباكستاني عن (المجاهدين) واستمراره بقوة لصالح حركة الطالبان.

فباكستان هي الدولة الإقليمية الوحيدة المهيأة والقادرة علي التأثير في الخريطة السياسية لأفغانستان، وذلك لأن البشتون، وهم أكثرية سكان أفغانستان، لهم امتدادات قبلية في باكستان نفسها. وكذلك لأن باكستان هي العمق الطبيعي الجغرافي لأفغانستان، ولولا باكستان لما استطاع (المجاهدون) في أواخر الثمانينيات أن يطردوا الروس، بعد مقاومتهم طيلة عشر سنوات. وعندما كانت باكستان تدعم (المجاهدين) الأفغان بمختلف حركاتهم وانتماءاتهم، ثبت هؤلاء (المجاهدون) وأوقعوا بالغزاة السوفيات ما يزيد عن الخمسة عشر ألف قتيل.

ص: 189

ولما رفعت باكستان دعمها عن (المجاهدين) خسروا الحرب وانهزموا أمام حركة طالبان التي لم يكن لها تجربة في القتال ولا في السياسة، ما يدل بشكل قاطع علي أن دعم باكستان لأية حركة أو فصيل في أفغانستان هو سبب نجاحها أو نجاحه ليس إلا.

أما السبب في تخلي باكستان عن (المجاهدين) والتخلص منهم، وتبنيها لحركة طالبان وتمكينها من السيطرة علي أفغانستان بمفردها، فيعود إلي رغبة أميركا في إيجاد دولة مستقرة وقوية في أفغانستان بعد فشل (المجاهدين) في إقامة مثل هذه الدولة بسبب اختلافاتهم القبلية والعرقية والمذهبية، والتي لم

تمكنهم من تحقيق ذلك الهدف.

والذي يدل علي ضرورة إيجاد دولة قوية في أفغانستان من وجهة النظر الأميركية هو محاذاة بلاد الأفغان لدول طاجكستان وأوزبكستان وتركمنستان التابعة لروسيا، والداخلة في مجالها الحيوي.

وموقعها هذا أكسبها أهمية استراتيجية بالغة بالإضافة إلي كونها مجاورة لباكستان وإيران اللتين تقعان تحت النفوذ الأميركي.

فطالبان كما أسلفت تسعي بالمساعدة الباكستانية والرضا الأمريكي أن تسيطر علي أفغانستان لتوجد دولة قوية ستكون مثل دول المنطقة ليست خلافة شرعية، بل دولة لها انتماءاتها السياسية مع باكستان وأمريكا، ومثل هذه الحركة من الخطأ أن نضع بيضنا في سلتها لأنه سرعان ما يتكسر، فنرجع بخفي حنين.

بل علينا كمسلمين أن نعمل لإيجاد دولة الخلافة الراشدة بإذن الله والتي لن تقوم بهوي الأمريكان ولا الإنجليز ولا غيرهم، بل ستكون دولة مخلصة للإسلام والمسلمين غير ملوثة سياسياً.

ص: 190

أقول ما تقدم وأستغفر الله لي ولكم.

فأجابه (سيف العرب) بتاريخ 26-8-1998، مؤيداً:

إلي الأخ أبو سعيد: جزاك الله خيراً.

يظهر لي أنك نسيت أن الغرب والأمريكان قتلوا وشردوا الملايين من المسلمين.

هل نسيت الغزو الثقافي والمحاولات الناجحة منهم لتدمير الإسلام.

لم يتصدي (كذا) أحد من المسلمين لهؤلاء لوقفهم للأبد.

علي العكس نري الدول الإسلامية تتسابق إلي العدو لكي تحظي بوده وصداقته.

يهاجمون بعضهم بعضاً بسبب أنواع حكوماتهم المختلفة والمتناقضة.

ما بالك بالذي يقول هيا يا أمة الإسلام نقف جميعاً متحدين أمام عدونا لا لنقاتلهم بل لنسألهم أن يتركوا المسلمين وشأنهم.. سوف يسجن ويعذب، لا ليس من العدو بل من حكومته ودولته المسلمة.

أحياناً تفعلها الدولة المسلمة رغم أنفها وأحياناً تفعلها بسبب مؤازرة العدو وتشجيعهم لها.

هنا يأتي دور الأفراد، حيث يجب علي كل مسلم التصدي لدولته التي يطلق عليها دولة إسلامية وهي الإسلام منها تبرأ.

قلت: جزاك الله خيراً.. إني خلطت بين نقطتين.

والواضح أني تكلمت عن نقطتين اثنتين فقط لهما صله بمشاكل المسلمين اليوم.

ص: 191

يجوز أن تقول أني خلطت بين نقطتين، لأني لم أشرح أو أتكلم بما فيه الكفاية عنهما.

وأود أن أشرح شيئاً مهم (كذا) بالنسبة للرد.

كل الذي ذكرته في ردك صحيح، لكن عندما تريد دولة إسلامية يحكمها خليفة بايعوه (كذا) جميع المسلمين، يجب أن يكون لك أنصار وأرض تحكمون فيها حتي يتسني لكم العيش بسلام.

لكن عندما يكون هناك من يحاول إيقاف إقامة دولتك، ماذا تفعل؟

يجب مقاتلتهم كما فعل رسول الله (صلی الله علیه و آله) في غزوة بدر وباقي غزواته (صلی الله علیه و آله).

إنك قلت: إن الرسول (صلی الله علیه و آله) هاجر وبايع الأنصار.

هنا أقول: بن لادن وإخوانه بايعوا حكومة طالبان الحاكمة في أفغانستان.

وهو الآن يجاهد ليس لغرض نشر الإسلام، بل لقيام دولة إسلامية.

هو يريد من أعداء الإسلام عدم التدخل في شؤون المسلمين.

ابن لادن يريد من أمريكا الخروج بجنودها من السعودية.

ابن لادن يريد أمريكا تتوقف لدعمها (كذا) إسرائيل.

هو وإخوانه المجاهدين (كذا) يدركون أنهم سيواجهون العالم أجمع كأعداء، لكنهم آثروا الموت، وهدفهم ليس قيام دولة إسلامية وتحرير أرض المسلمين فقط، بل تشجيع المسلمين علي مقابلة العدو.

إني حتي الآن لم أعرف كيفية إيصال نقطتي، لعدم وجود حروف عربية علي ال keyboard ولهذا يأخذني وقت طويل لكتابة بضعة سطور، وهذا ينسيني ما كان في خاطري للرد.

ص: 192

وإن صوتي في صف الإسلام، وإن كنت علي حق فأعينوني، وإن كنت علي ما هو غير الحق فأرشدوني جزاكم الله خير (كذا).

فكتب (أبو السعيد) بتاريخ 27-8-1998:

الإخوة الكرام: زكي عبد المجيد، هادي، وسيف العرب حفظهم الله.

لقد أسعدتني ردودكم حول الموضوع المثار للنقاش، ولكن حتي الآن لم نخرج برأي من هذا النقاش وخصوصاً بعد أن أخذ الموضوع بالتشعب. وسوف أتطرق في هذا الرد إلي نقطة واحدة أو نقطتين.

أولاً: وجدت من خلال ما قرأت للأخ زكي عبد المجيد، أنه يقول: إن قتال الحاكم وأتباعه من الخونة القائمين علي الحكم في بلاد المسلمين هو الطريقة لإقامة الخلافة الإسلامية، وهم أولي بالقتال من غيرهم من الكفار.

واستدل بفعل الرسول صلي الله عليه وسلم في قتاله للكفار في الجزيرة العربية ثم قتال القرس والروم خارج الجزيرة العربية.

إن هذا الإستدلال غير دقيق ولا ينطبق علي الواقع الذي نحن بصدده.

نعم إن الرسول عليه الصلاة والسلام قام بهذا، ولكنه قام به بعد أن أقام الدولة الإسلامية الأولي في المدينة بعد الهجرة، ثم جهز الجيش وأعلن الجهاد علي الكفار.

لذلك يكون هذا الإستدلال علي أفعال حدثت بعد إقامة الدولة، وليست قبل قيام الدولة.

فلإقامة الدولة الإسلامية يجب علينا أن نتبع أفعال الرسول صلي الله عليه وسلم التي قام بها قبل ذلك لإيجاد الدولة.

ص: 193

وهذه الأفعال أحكام شرعية حيث أنها تبين الطريقة للقيام بالفرض، وهو إقامة الدولة الإسلامية. ولتأكيد هذا نجد أن الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه لم يقوموا بقتال الكفار ولم يتبنوا العمل المادي قبل إقامة الدولة، بل طلب منهم كف أيديهم. وهذا ما جاءت به السيرة النبوية.

أما الإخوة الذين يتبنون قتال الحاكم والنظام كطريقة لإقامة الدولة الإسلامية فهم يستدلون بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم الذي يتناول معاملة شرار الأئمة من ولاة أمور المسلمين حيث أنه عليه الصلاة والسلام طلب منابذتهم بالسيف إذا لم يحكموا بالإسلام، وهذا الحديث المستدل به لا ينطبق علي حكام المسلمين اليوم.

فالحديث يتناول معاملة إمام المسلمين الذي يأخذ البيعة الشرعية من الناس علي أن يحكم بهم بالشرع ثم يخرج عن الإسلام في حكمه فيجب عندئذ قتاله.

أما حكام اليوم فهم ليسوا ولاة أمور المسلمين ولم يأخذوا البيعة الشرعية من الناس ليحكموا بالإسلام، فهذا الحديث لا ينطبق علي هؤلاء.

وهذا لا يعني دفاع (كذا) عن هؤلاء الحكام المجرمين الخونة، فطريقة الإسلام في العمل تقوم علي فهم الواقع المراد تغييره، ثم تطبيق الحكم الشرعي الذي يعالج هذا الواقع.

ثانياً: يقول الأخ سيف العرب: إن بن لادن ومن معه قد أعطوا البيعة لحركة طالبان.

فأنا لم أسمع هذا الكلام، ولا أعتقد أن هناك من المسلمين سمع بهذا، ولكن قبل كل شئ نقول إن البيعة تكون لرجل واحد من المسلمين يبايع من الناس علي أن يحكم بالإسلام، ولا تكون لحركة أو لدولة.

ص: 194

ثم إن حركة طالبان لم تعلن بأنها تعمل لإقامة الخلافة، وتريد أن تقيم دولة الخلافة الإسلامية في أفغانستان وطلبت البيعة من المسلمين.

فحركة طالبان في أفغانستان تقوم بقتال المنافسين لها في السلطة، وإن نجحت في تصفيتهم، وأقامت دولة، فلن تكون أفضل من باكستان أو إيران أو السعودية.

فهذه الحركة ليس لها همّ إلا أن تفوز بالسلطة، وتحاول جادة بأن يعترف بها مجلس الأمن والأمم المتحدة. وعلاوة علي ذلك فهي تعترف بالحدود والدول المجاورة لها بأنظمتها.

وأخيراً ضغطت علي بن لادن بعدم القيام بعمليات من أراضيها ضد المصالح الأمريكية أو غيرها!

بمجرد النظر لهذه الحركة يدرك الإنسان ما تريده وما تسعي إليه، فهذا السلوك وهذه الأفعال لا تقوم بها جماعة تريد إقامة الخلافة الإسلامية وتوحيد بلاد المسلمين ومحاربة العالم كله.

هذا ما سمح لي من الوقت لنقاش النقطتين السابقتين، وإن شاء الله سوف يكون للحديث بقية. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فأجابه (سيف العرب) بتاريخ 27 أيضاً، مدافعاً:

إلي الأخ المكرم أبو السعيد:

إنني عندما ذكرت أن أسامة بن لادن بايع حكومة طالبان أي أنهم بايعوه علي حمايته ومؤازرته، ولم أقل بايعوه كخليفة للمسلمين.

لقد شبهت بيعته كبيعة الأنصار للرسول للدفاع عنه حتي يبلغ رسالته ويخلص من غرضه.

ص: 195

وما فعله الرسول بمعني آخر هو أنه وجد له حلفاء وأنصار (كذا) كما يفعل بن لادن.

بالطبع هناك اختلاف بينهما، لكن كلاهما وراء إيجاد أنصار وحلفاء.

وقولك: إن حكومة طالبان ضغطت علي بن لادن بأن لا يشن هجوم (كذا) من أفغانستان، فهذا كما يشاع رأي أشارته حكومة طالبان علي بن لادن وإخوانه، ووافق عليه بن لادن كما كان أصحاب الرسول يشيرون عليه.

وقد يكون من وراء هذا الرأي هدف سياسي وإنما الحرب خدع، فأرجو عدم استباق الأحداث.

ثانياً: أنظروا لحال المسلمين اليوم! من الذي سوف يقيم دولة إسلامية من الدول أو القادة؟ لا أحد! لذلك يجب علي الأفراد التحرك.

لقد قلت إنه يجب علي المسلمين أن يجمعوا علي مبايعة أحد المسلمين.

كلام صحيح، لو أنهم يعيشون الخلافة الإسلامية والشريعة الإسلامية، لكن الوضع مختلف الآن حيث المسلمين (كذا) لا يعيشون هكذا.

فعندما يقوم أحد المسلمين ليسأل المسلمين أن يبايعوه أو يبايعوا أحد المسلمين لحورب (كذا) وانتقد. فلذلك من أراد ذلك فعليه مواجهة المشاكل.

اليوم من أراد الخلافة الإسلامية تقوم، فهنالك القليل من المسلمين الذين سوف يبايعون أي مسلم الذي (كذا) تتوفر فيه شروط الخلافة.

ولسوف يقولون (كذا) أناس من المسلمين إن هؤلاء أفراد، وليسوا دولة إسلامية كي تتوفر فيهم الشروط لإقامة الخلافة.

لكن لكل حال حلّ وطريقة في الإسلام، ولو أن الأفراد يعيشون في دولة إسلامية صحيحة يحكمها خليفة لما هربوا منها أو اضدهدوا (كذا).

ص: 196

وإن أسامة بن لادن لم يعلن نفسه خليفة، بل إنه يناشد المسلمين أن يتحدوا ويقيموا الخلافة.

إن هدفه الآن هو أن يخرج الكفرة من الأراضي الإسلامية، وهذا واجب كل مسلم إذا لم يري (كذا) في قائده حب الإسلام.

لم لا تتحرك أي دولة مسلمة للدفاع عن الإسلام، ويجب علي كل مسلم الذهاب إلي أقرب دولة إسلامية صحيحة ليبنيها، ثم يحرروا المسلمين من الكفرة ويجعلونها جزء (كذا) من الدولة الإسلامية الصحيحة.

وإن الإسلام بني علي أفراد اضدهدوا (كذا) وانتقدوا بمخالفتهم العادات وقوانين تافهة وجاهلية.

إن كل الدول بنيت علي أفراد. جزاكم الله خيراً.

وكتب (أمواج) بتاريخ 30-8-1998، معارضاً لهم، قائلاً:

سؤال واحد فقط: هل هم العلماء أولئك الذين تأخذون منهم مثل هذا الكلام؟

أم أن كل واحد منكم جالس علي أريكته يفتي لنفسه؟؟؟

وكتب (ابن الجراح) بتاريخ 31-8-1998، مخالفاً:

أما بعد: جزاكم الله خيراًَ عن ذلك الموضوع، ولكني أود أن ألفت انتباهك إلي أمرين:

الأول: قراءة موضوع الأخ بدر الكندري.

الثاني: أن الجهاد ليس بذلك الأسلوب.

ص: 197

وانظر يا أخي إلي عظمة ديننا، فلقد نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه، وعن قتل الأطفال، والشيوخ، والنساء، فكل ذلك يعطينا مدلول (كذا) عن آداب الجهاد.

ونحن لا نقدح في أسامة بن لادن بل نظن فيه كل الخير ولكنه الفهم والأسلوب.

الجهاد سبيلنا والموت في سبيل الله أسمي أمانينا.

وكتب (زكي عبد المجيد) بتاريخ 7-9-1998:

قبل كل شئ أستميحكم العذر لهذا الإنقطاع الذي حصل بسبب سفري و مرضي لدي عودتي من السفر.. كان لا بد لنا من متابعة النقاش الذي سأواصله قريباً بإذن الله..

مرة أخري، اعذروني عن هذا الإنقطاع وإلي لقاء قريب بإذن الله تعالي.

ثم كتب (زكي) بتاريخ 9-9-1998:

الأخوة الأكارم.. هادي.. وأبو السعيد.. وسيف العرب.. وابن الجراح.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أظن أننا علي اتفاق لضرورة البيعة وفرضيتها ووجوب نصب الإمام والجهاد في سبيل الله في ظل راية الوالي العدل، ممن يتوفر فيه شروط الإمامة والولاية، المنصوص عليه في شرع الله عز وجل..

ولكن السؤال إلي الأخ هادي:

من هو هذا الذي يجب أن يتم له البيعة في وقتنا الحاضر؟

ومن الذي يتم له الزعامة العامة في مهمات الدين والدنيا؟

ص: 198

ومن الذي يقوم في حق الرعية وإقامة الدعوة بالحجة والسيف وكف الجنف والحيف، وينصف (كذا) للمظلومين من الظالمين ويستفئ الحقوق من الممتنعين ويفئ به (كذا) علي المستحقين؟

كما أورد ذلك إمام الحرمين أبي المعالي الجويني في رسالته غياث الأمم في التياث الظلم. إن الإمام يرعي بنظره الدنيا والدين، فهذه الإمامة التي يعرفها المسلمون، لا يعرفون إمامة دينية مفصولة عن النظر في شؤون الدنيا وسياستها علي أساس الدين.

وتعاريف أئمة الإسلام وعلمائه للإمامة أو الخلافة كلها تدور حول الجمع بين زعامة الدين والدنيا، وأن الإمام يرعاهما ويحوطهما بنظره معاً، وأنه يسوس الدنيا علي مقتضي الشرع..

فمن رام فصل الدنيا عن الدين، أو السياسة عن الدين، أو الدولة عن الدين فقد خالف سبيل المؤمنين، والله يقول: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيراً..

فكل الزعامات في الدول الإسلامية قد شاققت الرسول وسلكت سبيل غير المؤمنين، وخالفوا الكتاب والسنة وإجماع الأمة علي أن الحكم لله وحده..

إذا لا بيعة لهؤلاء العاهرين من الولاة الزناة وقتلة العلماء وأولياء الله الصالحين.. رغم أن نصب الإمام عند الإمكان واجب، باتفاق مذاهب العلماء قاطبة..

أين من يجتمع (كذا) كلمة المسلمين حوله ويتحد (كذا) قواهم تحت لوائه، وينصرون دين الله في ظل زعامته وخلافته؟

من هي الجهة التي تحدد شخص الإمام وتعينه؟

ص: 199

هل جاءت النصوص بتحديد أسماء معينة لتولي هذا المنصب؟

أم هل حددت النصوص الصفات المطلوب توافرها، وعلي أهل الإختيار أن يبحثوا عمن تتوافر فيه هذه الصفات؟

فقد ذهب طائفة من أهل السنة أنه لا يصلح لعقد الإمامة إلا للمجتهد المستجمع لشرائط الفتوي وذهب القاضي الباقلاني في عصب من المحققين إلي:

أنا لا نشترط بلوغ العاقد مبلغ المجتهدين، بل يكفي أن تكون (كذا) ذا عقل وكيس وفضل، وتعهد إلي عظائم الأمور، وبصيرة متقدة بمن يصلح للإمامة.. فقد أضاف الإمام الجويني شرطاً آخر فقال:

ولكني أشترط أن يكون المبايع ممن يفيد مبايعته منة (كذا) واقتهاراً. راجع كتاب الطريق إلي الخلافة لمحمد شاكر الشريف.

وجاء في نفس المصدر الذي أنقل لك بعض معظم (كذا) الكلام، والحديث ما قاله الماوردي في بيان شروط أهل الحل والعقد، فيقول:

فأما أهل الإختيار فالشروط المعتبرة فيهم:

أولاً: العدالة الجامعة لشروطها..

ثانياً: العلم الذي يتوصل به معرفة من يستحق الإمامة علي الشروط المعتبرة فيها..

ثالثاً: الرأي والحكمة المؤديان إلي اختيار من هو للإمامة أصلح وبتدبير المصالح أقوي وأعرف..

راجع الأحكام السلطانية ونفس المرجع السابق لمحمد شاكر الشريف.

فمَن مِن هؤلاء الذين يتزعمون المسلمين اليوم يتدبرون مصالح المسلمين؟

ص: 200

بل العكس هم يتدبرون مصالح أعداء المسلمين رغم أنف المسلمين.. ثم هؤلاء الرافضة أحفاد عبدة النار والمجوس، يطوقون المسلمين تحت دعاوي إسلامية.

وهناك الكثيرون يجدون في أنفسهم الثقة في أصحاب العمائم الملونة الذين يسعون لإحياء الإمبراطورية الفارسية بعد أن انطفأ نارهم بجهاد الصحابة في زمن الخلافة الراشدة والذي تم فتح بلاد الفارس (كذا) في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه..

فمن من هؤلاء الزعماء اليوم لهم القدرة في رعاية مصالح المسلمين من الرافضة الخارجة علي الملة بجيشها وعتادها، وهي الآن تحاصر بلاد الخرسان (كذا) وتهدد وتروع الآمنين من الأطفال والشيوخ والنساء العاجزين عن كل شئ؟.. أقول كل شئ حتي لقمة الطعام..

هذا الحرب المأزوم (كذا) من أجل حفنة من الرافضة الكافرة التي استحقت الموت علي أيدي المجاهدين بسبب اندساسها وتآمرها علي أمة الإسلام وأمة القرآن.

الأخ أبو السعيد:

إنني حينما استشهدت بالآية الكريمة في قتال الكفار من قوله تعالي: وقاتلوا الذين يلونكم من الكفار..

إنما كنت أقصد بها ما قام به النبي صلي الله عليه وسلم بعد أن فرض الجهاد. الجهاد فرض في المدينة.. فإن النبي صلي الله عليه وسلم شرع في قتال الأقرب ثم الأقرب حتي أن (كذا) دانت له كل جزيرة العرب شرع في قتال الروم.

ص: 201

وهذا التسلسل هو المطلوب في الوقت الحاضر، لأننا لا يمكننا أن نترك الحكام الكفرة متسلطين علي رقاب المسلمين، وننشغل من هم (كذا) أبعد منا ومن ديارنا من الأعداء..

وجزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب (أبو السعيد) بتاريخ 9-9-1998:

الأخ الكريم زكي عبد المجيد:

أسعدتني جداً عودتك إلي المشاركة في الساحة، وخصوصاً في هذا الموضوع.

أعتقد أننا في طريقنا للإتفاق علي رأي واحد.

ولكن كي توضح الصورة كاملة نعود للتذكرة بما ورد في هذا الموضوع، ونحدد النقط المتفق عليها، والنقاط التي لم نتفق عليها حتي الآن.

أولاً: نحن نتفق علي أن نصب خليفة للمسلمين فرض عليهم، وأقصد من هذا أنه يجب علي المسلمين إقامة دولة الخلافة الإسلامية التي تحكمهم حسب شرع الله وترعي شؤونهم في كل مجالات حياتهم حسب أحكام الإسلام.

ثانياً: تقوم الأمة الإسلامية بمبايعة رجل من المسلمين علي أن يكون خليفة لهم، وهناك شروط شرعية تحدد صفات وشخصية مثل هذا الرجل، وهي سبعة شروط: أن يكون مسلماً، أن يكون ذكراً، أن يكون بالغاً، أن يكون عاقلاً، أن يكون عدلاً، أن يكون حراً وليس عبداً، أن يكون قادراً علي أعباء

الحكم وليس عاجزاً. هذه هي الشروط الشرعية للخليفة.

وهناك شروط الأفضلية: مثل أن يكون مجتهداً وشجاعاً أو عربياً أي يتحدث العربية ويتقنها تماماً، وغير هذه من الصفات التي تساعده علي الحكم.

ص: 202

والأمة الإسلامية فيها الكثير مثل هذا الرجل، وهذه ليست مشكلة، بل المشكلة تتمثل في كيفية العمل لوضع هذا الرجل في محله كخليفة للمسلمين، في وجود الأنظمة الفاجرة الظالمة القائمة في بلاد المسلمين، وغياب صورة الإسلام عن عقول الأمة الإسلامية إلي جانب وقوف الكفار للحيلولة دون

ذلك.

ثالثاً: الجهاد فرض علي المسلمين، وهو في حد ذاته فرض كفاية فإذا حدثت الكفاية سقط الفرض عن الباقين. والجهاد نوعين (كذا):

جهاد الطلب: وتقوم به الدولة الإسلامية لفتح البلاد لنشر الدعوة الإسلامية وتطبيق الإسلام علي الناس وإخراجهم من الظلمات إلي النور.

وتقوم به الدولة التي تجهز الجيوش وتعقد المعاهدات وتتولي العمل في السياسة الخارجية للدولة.

والنوع الثاني: هو جهاد الدفاع وحماية بلاد المسلمين وتحرير بلاد المسلمين من الإحتلال إذا حدث ذلك. وتقوم به الدولة وكذلك الأفراد لحماية المسلمين، كما هو الحال في فلسطين.

وكما ذكرت فالجهاد فرض كفاية، فإذا لم تحدث الكفاية يصبح فرض عين علي المسلمين كلهم حتي تحدث الكفاية.

ومن هذا نجد أن هناك فرضان يجب علي المسلمين العمل بهما وهما: العمل لإقامة الدولة الإسلامية، وكذلك الجهاد لتخليص بلاد المسلمين من الكفار وحماية بلادهم.

والواقع يقول إن جهاد الطلب معطل وغير معمول به، وهذا لغياب دولة الإسلام التي تتولي العمل به.

ص: 203

أما الجهاد لتحرير بلاد المسلمين فيجب للأمة (كذا) القيام به في وجود الدولة وفي عدم وجودها، لأنه فرض لتخليص المسلمين من الكفار وليس لتبليغ الدعوة الإسلامية لهم.

وأتمني أن نكون متفقين علي هذه النقاط، وإذا كان هناك اختلاف أو أسألة (كذا) في هذه النقاط علينا مناقشتها معاً.

فإذا اتفقنا علي ذلك نطرح هذا السؤال: ما هي طبيعة الحرب بين المسلمين وأمريكا؟

وما هو نوع الجهاد إذا كان هناك جهاد ضد أمريكا. الرجاء الإجابة علي هذا السؤال.

ولكم جزيل الشكر.

وكتب (أبو ذر) بتاريخ 17-3-1999، يلوم ابن لادن لوماً خفيفاً:

يا جماعة...

أنا أعتقد أن أسامة بن لادن يسعه كفرد ما لا يسع الجماعة.

والنبي قال لأبي بصير فيما معناه: ويل أمّهِ مسعرُ حربٍ لو كان معه رجال!

ففهم رضي الله عنه المعني، فقام يقطع الطريق علي قوافل قريش دون وضع المسلمين في وضع حرج..

وهنا أمر آخر وهو أن كل واحد يعمل حسب طاقته وإمكانياته.

فهناك المجاهد وهناك المربي وهناك الفقيه، وهناك المشتغل بعمل الخير ورعاية الأيتام، ونشر الفكر الإسلامي و فليعمل كل من زاويته...

رحمكم الله، ولنتعاون فيما اتفقنا فيه وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.

وتقبلوا مع خالص تحياتي واحترامي.

ص: 204

العامية والسطحية والغلظة.. من صفات التفكير عند الخوارج

وهكذا.. يلاحظ من يقرأ فكرهم أو يري منطقهم وعملهم، أن الفاهمين منهم المنظرين لأفكارهم، مثل زكي عبد المجيد، وأبي عبد الرحمن، وأبي قتادة.. يحملون أفكاراً جاهزة، يظهرون أنهم مقتنعون بها، متمسكون بها بشدة!

وأنهم إن بحثوا في الكتب فإنما يبحثون ليجدوا أي شئ يؤيد أفكارهم، عند هذا المؤلف أو ذاك، وفي هذه الآية أو هذا الحديث.. بقطع النظر عن آراء ذلك العالم وأقواله الأخري!

بل بقطع النظر عن الآيات والأحاديث الأخري التي تعارض ما أعجبهم وتبنوه دليلاً!!

فهم عوام ولكنهم (مجتهدون) لعاميتهم!!

وهم مجتهدون، ولكن ليس اجتهاد الباحث المتجرد عن ذاتيته، الذي يناقش الأدلة ويهدف الوصول إلي الحق.. بل غرضهم من اجتهادهم تأييد أفكارهم وذاتيتهم بكل ما يتصورونه ممكناً!!

وعليك أن تتصور مثلهم أن تأييد أفكارهم بأي شئ ممكن.. وإلا فأنت كافر خبيث!!

ص: 205

تكفير الخوارج لبعضهم البعض!!

من حفر بئراً لأخيه وقع فيه..

وقد وقع الخوارج فيها ووصل الموسي إلي لحاهم!!

وهي النتيجة الطبيعية لمن يؤسس فكره علي الخشونة ويستعمل سيف التكفير ضد المسلمين، ويستبيح دماءهم وأموالهم وأعراضهم! فلا بد أن يستعملها مع جماعته، ثم مع أسرته!!

نشر المدعو (الرقيب) موضوعاً بتاريخ 24-7-1999، في شبكة أنا العربي، بعنوان (الوهابية تكفر بعضها البعض).

ونشر فيه نص كتاب اسمه (الرد علي شريط الألباني فتنة التكفير)، قال فيه:

المحتويات: مقدمة.

الفصل الأول: قضية الخروج علي الحاكم الكافر.

الفصل الثاني: قضية كفر التشريع.

المقدمة الأولي: تحرير ما جاء عن ابن عباس في ذلك.

المقدمة الثانية: أثر ابن عباس ليس القول الوحيد في المسألة.

المقدمة الثالثة: ليس ما قلناه تأويلاً.

الأدلة علي صحة ما قلناه:

أولاً: الأدلة علي أن التشريع من دون الله كفر أكبر.

ثانياً: الأدلة علي أن القوانين الوضعية كفر بواح.

ثالثاً: أثر ابن عباس لا ينطبق علي حكام عصرنا.

رابعاً: بيان كفر الحكام الحاليين.

ص: 206

الفصل الثالث: وقفات أخري مع الشيخ الألباني.

فهم غريب لقضية الأعداد، ما فائدة تكفير الحكام مع عدم القدرة علي قتالهم؟

الخلط بين جماعة التكفير والقائلين بتكفير الحكام.

من مسائل الجهاد.

توضيح مهم حول الموقف في مصر..

كلمة أخيرة.

ومما جاء في مقدمته:

من الأمور التي دفعتني إلي كتابة هذه الرسالة أني وجدت الحديث في مثل هذه الموضوعات قد صار سمة عامة في أحاديث الشيخ ومجالسه.

فلو كان الأمر أمر مجلس واحد عرض فيه الشيخ رأيه لهان الأمر، ولكنا وجدنا الشيخ علي مدي سنوات مضت قد أكثر من الحديث في مثل هذين الموضوعين، ناعياً علي القائلين بخلاف قوله جهلهم وتعجلهم مستعملاً في ذلك العبارات الشديدة القاسية.

بينما لا نجد شيئاً من هذه القسوة علي الطرف الآخر وهم الحكام العلمانيون الذين هم السبب الأكبر في بلاء هذه الأمة بما اقترفوا في حقها من إبعادها عن كتاب ربها وسنة نبيها صلي الله عليه وسلم ومن إجبارها علي السير في فلك الغرب الكافر والرضا بمخططات اليهود والنصاري.

ولقد كان مما رأيناه من آثار منهج الشيخ هذا أن كثيراً من الشباب ممن يتبعون الشيخ ويسيرون علي نهجه صاروا ينظرون إلي هؤلاء الحكام المغيرين

ص: 207

المبدلين لشرع الله علي أنهم أولياء الأمور الذين يجب أن نسمع لهم ونطيع. وأن الخروج عليهم كالخروج علي أئمة المسلمين الأولين.

بينما نراهم ينظرون إلي إخوانهم الذين يعادون هؤلاء الحكام علي أنهم خوارج مبتدعة لا يستحقون إلا الذم والقدح والتقريع، بل ربما ذهب البعض إلي ما هو أبعد من ذلك كاستعداء السلطات عليهم وغير ذلك.

ومن هنا فقد رأيت الإقدام علي كتابة هذه الصفحات مع ما في ذلك من مشقة بالغة علي النفس فإني لم أكن أود يوماً أن أقف من الشيخ ناصر حفظه الله موقف الراد أو المعترض، ولكنه الحق الذي علمنا ديننا أنه أحب إلينا من علمائنا ومشايخنا والناس أجمعين، وبهذه المناسبة فإني أود أن أعلن أننا حين نختلف مع الشيخ في بعض المسائل العلمية فإننا نبرأ إلي الله من أولئك المبتدعة الذين يعادون الشيخ ويبغضونه لأجل تمسكه بالسنة ودفاعه عن العقيدة الصحيحة.

ونسأل الله أن يجعل خلافنا معه في إطار أهل السنة والجماعة، أهل الحق والعدل الذين هم علي ما كان عليه النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه، وأن لا يجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا إنه رؤوف رحيم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

أبو إسراء الأسيوطي

مساء السبت 11 من شعبان 1417 ه الموافق 21 / 12 / 1996.

ولمن أراد عليه مراجعة صفحة النور الإسلامية.

ص: 208

الخوارج أدعياء السلفية.. وليسوا سلفيين

كتب (العاملي) بتاريخ 15-6-1999، موضوعاً بعنوان (المسلمون السنيون يشكون من الوهابيين)، جاء فيه:

قال الشيخ محمد أبو زهرة في تاريخ المذاهب الإسلامية:1/225:

نقصد بالسلفيين أولئك الذين نحلوا أنفسهم ذلك الوصف، وإن كنا سنناقش بعض آرائهم من حيث كونها مذهب السلف، وأولئك ظهروا في القرن الرابع الهجري وكانوا من (الحنابلة) وزعموا أن جملة آرائهم تنتهي إلي الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيا عقيدة السلف وحارب دونها، ثم تجدد ظهورهم في القرن السابع الهجري، أحياه شيخ الإسلام ابن تيمية وشدد في الدعوة إليه، وأضاف إليه أموراً أخري قد بعثت إلي التفكير فيها أحوال عصره، ثم ظهرت تلك الآراء في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري، أحياها محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية وما زال الوهابيون ينادون بها، ويتحمس بعض العلماء من المسلمين لها، ولذلك كان لا بد من بيانها.

وقد تعرض هؤلاء الحنابلة للكلام في التوحيد وصلة ذلك بالأضرحة، كما تكلموا في آيات التأويل والتشبيه، وهي أول ما ظهروا به في القرن الرابع الهجري، ونسبوا كلامهم إلي الإمام أحمد بن حنبل، وناقشهم في هذه النسبة بعض فضلاء الحنابلة.

وقد كانت المعارك العنيفة تقوم بينهم وبين الأشاعرة، لأنهم كانوا يظهرون حيث يكون للأشاعرة سلطان قوي لا ينازع، فتكون بين الفريقين الملاحاة الشديدة وكل فريق يحسب أنه يدعو إلي مذهب السلف، وقد بينا مذهب

ص: 209

الأشاعرة في ذاته وإن كنا لم نبين مقدار صلته بالآراء التي أثرت عن السلف، وفي هذا الجزء سنتعرض لتمحيص العقيدة السلفية في أثناء عرضنا لتفكير هؤلاء الذين نحلوا أنفسهم ذلك الإسم موازنين بين الاسم والحقيقة.

وقال أبو زهرة في ج 1 ص 232:

وهكذا يثبتون كل ما جاء في القرآن أو السنة من أوصافه سبحانه أو شؤونه، فيثبتون له المحبة والغضب والسخط والرضا والنداء والكلام والنزول إلي الناس في ظلل الغمام، ويثبتون له الإستقرار علي العرش والوجه واليد من غير تأويل ولا تفسير بغير الظاهر..

فهو (ابن تيمية) بهذا يري أن مذهب السلف يثبت لله اليد من غير كيف ولا تشبيه، والوجه من غير كيف، والفوقية والنزول وغير ذلك من ظواهر النصوص القرآنية، ويقصد الظواهر الحرفية لا الظواهر ولو مجازية، وهو يعد ذلك المذهب ليس مجسماً ولا معطلاً ويقول في ذلك:

ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل فلا يمثلون صفات الله تعالي بصفات خلقه، كما لا يمثلون ذاته بذوات خلقه ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، فيعطلوا أسماءه الحسني وصفاته العليا، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويلحدون في أسماء الله وآياته، وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل جامع بين التعطيل والتمثيل.

ويكرر هذا المعني فيقول مؤكداً إن الله ينزل ويكون في فوق وتحت من غير كيف:

ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا عن أحد من سلف الأمة ولا من الصحابة والتابعين ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن

ص: 210

الأهواء والإختلاف، حرف واحد يخالف ذلك لا نصاً ولا ظاهراً، ولم يقل أحد منهم إن الله ليس في السماء، ولا أنه ليس علي العرش، ولا أنه في كل مكان، ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل ولا منفصل، ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها. الحموية الكبري في مجموعة الرسائل الكبري ص 419.

وعلي ذلك يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما جاء في القرآن من فوقية وتحتية واستواء علي العرش ووجه ويد ومحبة وبغض، وما جاء في السنة من ذلك أيضاً من غير تأويل وبالظاهر الحرفي، فهل هذا هو مذهب السلف حقاًّ؟

نقول في الإجابة عن ذلك - والكلام لأبي زهرة -:

لقد سبقه بهذا الحنابلة في القرن الرابع الهجري كما بينا وادعوا أن ذلك مذهب السلف، وناقشهم العلماء في ذلك الوقت وأثبتوا أنه يؤدي إلي التشبيه والجسمية لا محالة، وكيف لا يؤدي إليهما والإشارة الحسية إليه جائزة!

ولذا تصدي لهم الإمام الفقيه الحنبلي الخطيب ابن الجوزي ونفي أن يكون ذلك مذهب السلف، ونفي أيضاً أن يكون ذلك رأي الإمام أحمد.

وقال ابن الجوزي في ذلك:

رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح.. فصنفوا كتباً شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلي مرتبة العوام فحملوا الصفات علي مقتضي الحس، فسمعوا أن الله خلق آدم علي صورته فأثبتوا له صورة، ووجهاً زائداً علي الذات، وفماً، ولهوات، وأضراساً، وأضواء لوجهه، ويدين وإصبعين، وكفاً،

ص: 211

وخنصراً، وإبهاماً، وصدراً، وفخذاً، وساقين، ورجلين، وقالوا ما سمعنا بذكر الرأس!

وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة، ولا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلي النصوص الصارفة عن الظواهر إلي المعاني الواجبة لله تعالي، ولا إلي إلغاء ما توجبه الظواهر من صفات الحدث. ولم يقنعوا أن يقولوا صفة فعل حتي قالوا صفة ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات قالوا لا نحملها علي توجيه اللغة، مثل اليد علي النعمة والقدرة، ولا المجئ والإتيان علي معاني البر واللطف، ولا الساق علي الشدة، بل قالوا نحملها علي ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين!

والشئ إنما يحمل علي حقيقته إن أمكن، فإن صرف صارف حمل علي المجاز.

ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون: نحن أهل السنة!!

وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام، وقد نصحت التابع والمتبوع وقلت:

يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل واتباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط:

كيف أقول ما لم يقل، فإياكم أن تبتدعوا من مذهبه ما ليس منه.

ثم قلتم في الأحاديث: تحمل علي ظاهرها، فظاهر القدم الجارحة، ومن قال استوي بذاته المقدسة فقد أجراه سبحانه مجري الحسيات، وينبغي ألا يهمل ما

ص: 212

يثبت به الأصل وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالي وحكمنا له بالقدم، فلو أنكم قلتم نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر أحد عليكم، وإنما حملكم إياه علي الظاهر قبيح، فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل السلفي ما ليس فيه!

وقد استفاض ابن الجوزي في بيان بطلان ما اعتمدوا عليه من أقوال.

ولقد قال ذلك القول الذي ينقده ابن الجوزي، القاضي أبو يعلي الفقيه الحنبلي المشهور المتوفي سنة 457 وكان مثار نقد شديد وجه إليه، حتي لقد قال فيه بعض فقهاء الحنابلة:

لقد شان أبو يعلي الحنابلة شيناً لا يغسله ماء البحار.

وقال مثل ذلك القول من الحنابلة ابن الزاغوني المتوفي سنة 527.

وقال فيه بعض الحنابلة أيضاً:

إن في قوله من غرائب التشبيه ما يحار فيه النبيه. انتهي.

وهكذا استنكر الحنابلة ذلك الإتجاه عندما شاع في القرن الرابع والقرن الخامس!

ولذلك استتر هذا المذهب حتي أعلنه ابن تيمية في جرأة وقوة..

ونري هنا أنه يجب أن نذكر أن ادعاء أن هذا مذهب السلف موضع نظر، وقد نقلنا رأي ابن الجوزي في ذلك الرأي عندما شاع في عصره.

ولنا أن ننظر نظرة أخري وهي من الناحية اللغوية، لقد قال سبحانه: يد الله فوق أيديهم، وقال: كل شئ هالك إلا وجهه.

أهذه العبارات يفهم منها تلك المعاني الحسية، أم أنه تفهم منها أمور أخري تليق بذات الله تعالي، فيصح أن تفسر اليد بالقوة أو النعمة، ويصح أن تفسر

ص: 213

الوجه بالذات، ويصح أن تفسر النزول إلي السماء الدنيا بمعني قرب حسابه، وقربه سبحانه وتعالي من العباد.

إن اللغة تتسع لهذه التفسيرات، والألفاظ تقبل هذه المعاني، وكذلك فعل الكثيرون من علماء الكلام ومن الفقهاء والباحثين، وهو أولي بلا شك من تفسيرها بمعانيها الظاهرة الحرفية والجهل بكيفياتها كقولهم إن لله يداً ولكن لا نعرفها، وليست كأيدي الحوادث، ولله نزولاً وليس كنزولنا إلي آخره، فإن هذه إحالات علي مجهولات لا نفهم مؤداها ولا غاياتها!

بينما لو فسرناها بمعان تقبلها اللغة وليست غريبة عنها، لوصلنا إلي أمور قريبة فيها تنزيه وليس فيها تجهيل). انتهي كلام الشيخ أبي زهرة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 21-8-1999، موضوعاً بعنوان (السقاف يفضح المستوي العلمي لإمامهم الشيخ سفر الحوالي!!)، قال فيه:

اطلعت علي كتاب طريف للحافظ الباحث حسن السقاف، نقداً لكتاب الشيخ سفر الحوالي (منهج الأشاعرة في العقيدة) وقد سماه السقاف اسماً غزلياً هو: تهنئة الصديق المحبوب ونيل السرور المطلوب بمغازلة سفر المغلوب..

جاء في مقدمته:

أما بعد: فقد اطلعت علي كثير مما يكتبه المتمسلفون في هذه الأيام وينشرونه من الكتب والرسائل الهزيلة التي يدعون في طوايا جملها وعباراتها أنهم أهل الإختصاص في علم التوحيد والعقيدة، وأنهم هم الذين بنوا هذا العلم علي نصوص الكتاب والسنة!

ص: 214

وأن لهم الباع الطويل الواسع في الإطلاع علي علم الحديث والجرح والتعديل!! بتبجح بالغ!

مع أنهم في الحقيقة يخبطون في تلك المؤلفات والتعليقات خبط عشواء!

برجل عرجاء! وعقول قاصرة عوجاء!

فرأينا من الواجب علينا في هذه المرة أن نبين لبعضهم غلطه، وفساد قواعده، وبهارج كلامه وأمره!

وللحق كرة بعد كرة!!! وصاحبنا في هذه الكرة هو المدعو: سفر الحوالي.

صاحب كتاب منهج الأشاعرة في العقيدة، حيث سعي فيه مؤلفه الذي يدعي (التخصص!!)

والإطلاع الواسع في علم الجرح والتعديل ومن وراءه من (السروريين)!!

بكل ما أوتي من جهد سعياً حثيثاً لإثبات أن الأشاعرة فرقة خارجة عن دائرة أهل السنة والجماعة!!! بطرق سقيمة وأساليب ملتوية لا بد من تزييفها وبيان أوجه فسادها! لأنها مبنية علي جرف هار.

وقد طبع هذا الكتاب آلافاً من النسخ ووزع في عدة بلدان علي المدن والقري ووضع في أيدي كثير من العامة!!!

تمهيداً لترويج مذهب التشبيه والتجسيم بين العامة!! وتشكيكاً بمذهب أهل الحق أئمة أهل السنة والجماعة.

وتغريراً وخداعاً لطلاب العلم الذين لا يعرفون ماهية القضية ولا جلية الأمر الذي يسعي لنشره سفر الحوالي (السروري) وأهل نحلته من المتمسلفين!!

وكتابه هذا هو حلقة ضمن خطة مدبرة لتسهيل انفضاض الناس عن عقيدة التوحيد الصافية (باسم التوحيد) المبنية علي قواعد الكتاب الكريم والسنة

ص: 215

المطهرة إلي عقيدة الشيخ ابن تيمية الحراني الذي يقول بعقيدة التشبيه والتجسيم!! (1) .

التي منها قوله:

(ب) قدم العالم بالنوع وكذا استقرار معبوده علي ظهر بعوضة (2) وأن الله تعالي جسم (3)، وأن المقام المحمود الذي وعد به نبينا صلي الله عليه وسلم هو جلوسه بجنب الله علي العرش في المساحة المتبقية والمقدرة عند هذه الطائفة بأربع أصابع!!!

وغير ذلك من الترهات، لا سيما وأن هذه الطائفة تبني عقائدها علي الإسرائيليات والأحاديث الواهية والموضوعة وكذا علي المتشابه من بعض الصحيح!

مع أنها تتظاهر برفض الأخذ بالأحاديث الضعيفة حتي في فضائل الأعمال!

ولله تعالي في خلقه شؤون! لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

وسنبين بالأدلة والبراهين الواضحة كل ما ادعيناه مما مر أثناء الرد علي عبارات المذكور ومزاعمه وتلفيقاته التي جاء بها.

وعلي كل حال فالذي يهمنا الآن هنا هو تفنيد ما افتراه سفر الحوالي في كتابه منهج الأشاعرة في العقيدة، وإثبات أنه فاقد للعلم الذي يؤهله لأن يخوض في مسائل العقيدة والتوحيد فضلاً عن مناطحة السادة الأشاعرة ومقارعتهم!!

وهم الذين يمثلون سواد الأمة المحمدية علي مر العصور والأيام (ولله الأمر من قبل ومن بعد).

فعلي المرء أن يقوم بواجبه في كل وقت تاركاً التكاسل والتخاذل! المخيم علي أهل الشأن في هذا العصر!!

ص: 216


1- أنظر منهاج سنة الشيخ الحراني 1/41 و 1/109 وكذا موافقة معقوله لمنقوله 1/245، 75/2. وشرحه علي حديث عمران بن حصين ص 391 ونقده لمراتب الإجماع ص 671 - 681.
2- أنظر كتابه التأسيس في الرد علي أساس التقديس 1/568.
3- أنظر أيضاً التأسيس 1/101 ومنهاج سنته 1/180.

والتوفيق والنجاح بيد الله سبحانه وليس بيد العبيد الذين يدفعون المال لنشر آرائهم.

يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون.

وكتب (العاملي) بتاريخ 15-6-1999 موضوعاً بعنوان (يكفرون أكثرية المسلمين ثم يتحدثون باسمهم!!)، جاء فيه:

وجد في تاريخ الإسلام أفراد تأثروا بثقافة اليهود والنصاري في تجسيم الله تعالي.

ومنهم يهود بالأصل، ومنهم أتباع لهم.

وقد سماهم الرسول صلي الله عليه وآله في خطبته الشديدة (المتهوكون) وهو تعبير نبوي مبتكر للمتهودين ثقافياً!

ومن هؤلاء بعض الصحابة، وكعب الأحبار، ووهب بن منبه، ومقاتل بن سليمان وتلاميذهم، وهم كثيرون..

ثم تبعهم بعض الحنابلة وادعوا أن الإمام أحمد بن حنبل كان يوافقهم علي تصوراتهم الخاطئة عن الله تعالي!!

ص: 217

وكان موقف المسلمين منهم علي طول التاريخ رد أفكارهم ورفضها، فخمد صوتهم..

حتي قام ابن تيمية فرفع رايتهم، ووقف في وجهه علماء المسلمين، وحكموا بانحرافه، وبعضهم حكم بكفره!!

وقد ناقشهم ابن الجوزي الحنبلي في كتبه، وألف كتاباً خاصاً ضدهم سماه: دفع شبه التشبيه بأكف التنزيه!

وفي المرحلة الأخيرة رفع رايتهم ابن عبد الوهاب، وكفر كل المسلمين إلا من أطاعه!!

وقد حكم علماء المسلمين بانحرافه، حتي أبوه وأخوه الشيخ سليمان، وألف الأخير كتاباً فند فيه أفكار أخيه الخاطئة خاصة تكفيره للمسلمين!!

ويظهر من كتابه أنه أعلم من أخيه، وأكثر خبرة بالحديث الشريف!

ومع كل هذا، نجد الوهابيين يصرون علي تسمية أنفسهم بأهل السنة والجماعة ونراهم يتحدثون باسم غالبية المسلمين الذين يكفرونهم، ويسمونهم قبوريين مشركين!!

وصلتني رسالة من أخ حنفي كريم، يبث فيه مظلومية الأحناف وغيرهم منهم!

جاء فيها:

أخي في الإسلام العاملي: بادئ ذي بدء أحيي فيك ردك الممتاز علي الوهابي الذي أطلق لسان عنانه علي الشيعة والصوفية يكفرهم تارة ويرميهم بالألقاب تارة أخري.

ص: 218

حقيقة أخي في الله أنا من السنة الأحناف، ودرست في مدارس الوهابية، وسمعتهم كيف يترحمون علي يزيد بن معاوية (...)

وكيف أنهم كانوا يقولون في الشيعة وفي الصوفية أقوالاً بعيدة كل البعد عن منظور الأدب الإسلامي في الحوار، وعرفت بطلان مذهبهم، وقد كنت أسمع من والدي رحمه الله...

وكيف أنهم قتلوا الكثير من الأحناف ضرباً بالسياط في الحرم النبوي باتهامهم بالتصوف، لا بارك الله فيهم!

المهم أخي العاملي، لقد لمست في ردك علي الوهابي مدي علمك، وحقيقة هناك أسئلة تدور في ذهني منذ زمن، وهي أنني بالفعل أريد أن أدرس المذهب الجعفري دراسة تريني الحق والحقيقة..

هناك أسئلة كثيرة وأرجو منك أخي أن تساعدني في حلها...

أرجو منك الرد سريعاً وصلي الله وسلم علي سيدنا محمد وعلي آله الطيبين الطاهرين. انتهي.

إن الوضع الطبيعي للإنسان الذي يعرف قدر نفسه أن يتحدث باسمه الشخصي، أو باسم الذين يحمل أفكارهم وعقائدهم.

أما إذا كان يعتبرهم مشركين بسبب زيارتهم القبور وأمثالها، فأقل ما يجب عليه أن يسكت عن الحديث باسمهم!!

إن العالم الإسلامي من مصر إلي آخر إفريقيا، وآسيا، وحتي أوروبا، في كل بلد منه مشاهد مشرفة ومزارات لأهل البيت الطاهرين، والأولياء والصالحين، وهي عامرة بالزوار والمصلين والحمد لله، رغم فتوي الخوارج!

ص: 219

وحتي فلسطين، فيها قبر هاشم جد النبي صلي الله عليه وعلي آله وأجداده، وهو مزار ومصلي، رغم أن الوهابيين يعتبرونه كافراً!!

وقد سألت إحدي الشخصيات الفلسطينية عن قبر هاشم فقال: مسألته عند شعبنا محلولة وثابت عندهم إيمانه، والكل يذهبون إلي غزة لزيارته والصلاة عند قبره.

قلت له: ألم يؤثر في الناس كلام الوهابيين وفتاواهم؟

قال: أبداً، إن دعوة هؤلاء إنما تنجح في مناطق التخلف الفكري فقط، كما تري في قري الهند وباكستان وأفغانستان، ولا نصيب لها في شعبنا!

ص: 220

الفصل الثالث: الشيعة في شبكات الحوار

اشاره

عناوين المواضيع:

شهادات من مثقفين سنيين

الأحناف ينتقدون الخوارج

الأزهر ينتقد الخوارج

السلفيون يحرمون مناقشة الشيعة

ص: 221

ص: 222

شهادات من مثقفين سنيين

كتب (هشام العابر)، وهو مثقف من الرياض يعيش في الغرب، في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 5-1-2000، السابعة صباحاً، مقالاً بعنوان (مبروك للإخوة الشيعة انتصاراتهم المتتالية)، قال فيه:

كما يعلم جميع الإخوة أنني مسلم سني.

ولكن من خلال مشاركتي في ساحات الحوار منذ عام تقريباً، وأنا أشاهد الإنتصارات التي يحققها الإخوة الشيعة من خلال الدعوة إلي الله بالحسني، وقبول الآخرين ممن يخالفونهم بكل رحابة صدر، تنم عن روح إسلامية حقة.

يقابل ذلك هزائم متوالية للمذهب السني لا نتيجة عيب منهجي في المذهب نفسه، ولكن بسبب الحماس الزائد لدي البعض، وتهور بعض الصبية من أمثال هذا الجلاد الذي خرج مؤخراً.

مع العلم أن هذا الجلاد وجماعته لا يمكن أن يحكم علي السنة، أو علي شعب البلد الذي ينتمون إليه من خلالهم، فمشكلة هؤلاء وأمثالهم ناتجة عن مرض نفسي بسبب إدمان العادة السرية والعياذ بالله.

لكن هؤلاء المرضي يسيئون لمذهبهم شر إساءة وهم لا يعلمون.. رغم أنني أشك في أنهم لا يعلمون.

ص: 223

لأنني لا أعتقد بأن هناك تربية تصل بالإنسان إلي هذا المستوي من الإنحطاط.

فكتب (مالك الحزين) بتاريخ 5 -1-2000، الحادية عشرة والنصف مساءً:

ليس انتصاراً للإخوة الجعفرية يا عزيزي.. بل هي انتكاسة للأمة..

الشيعة والسنة ليسا دينين منفصلين في نهاية المطاف.. وما بينهما من فوارق لا تعادل عشر ما بين الكاثوليك والبروتسانت مثلاً...

نحن كسنة لا نختلف مع الجعفرية في الذات والطبيعة الإلهية.. كما هو الحال بين بعض المذاهب المسيحية أو اليهودية..

لكن هناك من قرر أن يدفع بصنبور الخراب ليغرق الحرث والزرع بهؤلاء الأوباش.. صغار الأسنان سفهاء الأحلام..

وحينها سيجلس الجميع ليشاهدوا فصول مباراة لمصارعة الديوك بين الشيعة والسنة..

وغداً بين الحنابلة والشافعية.. وبعده بين الإمامية والزيدية.. وبعده بين إمامية إيران وإمامية العرب.. وبعده بين تلاميذ بن باز وطلبة آل الشيخ..

وسنصبح نحن يهود التاريخ.. نسكن (جيتو) طالبان.. ونتلذذ بالصوت ولا صدي..

ونحرس خيرات لا نملكها.. ونملك خيرات لا نحرسها..

ولسان حال أبناء العمومة يردد: تبقي قابلوني.

ص: 224

الاحناف ينتقدون الخوارج

كتب (سيد محمود كاساني) في شبكة الساحة الإسلامية، بتاريخ5-5-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً، موضوعا بعنوان (إلي أدعياء السلفية)، قال فيه:

سبب إضافة موضوعي هذا هو أنني أري في هذه الساحة مواضيع يكتبها أشخاص هم بعيدون كل البعد عن فهم الإسلام الحنيف وروحه وتعليماته.

أري أشخاص (كذا) ليس همهم إلا التعرض للإخوة الصوفية والإخوة الإثني عشرية بالسب والشتم والإستهتار، وكأنهم ليسوا بمسلمين مثلنا.

ماذا استفدنا من هذه المجادلات؟ لا شئ. ماذا استفاد اليهود والنصاري منها؟ كل شئ.

ليس كل الصوفية يعتقدون في الحلول والإتحاد، وليس كل الشيعة يقولون بتحريف القرآن أو بما تتهمونهم من أباطيل.

أنا لست صوفياً ولا شيعياً، ولكنني مسلم والحمد لله، وأري أن الوحدة الإسلامية لا تقوم ونحن نرجم آخرنا بالحجارة ونتجادل بمواضيع لا فائدة فيها.

الشخص الذي يؤمن بالله وبرسوله وباليوم الآخر هو مسلم بكامل إسلاميته.

من أين تعرف بما في قلبه وقربه إلي الله سبحانه وتعالي.

الله سبحانه وتعالي هو الذي سيحاسبنا علي أعمالنا وبما في قلوبنا.

من أعطاكم الحق في تكفير أو في تسفيه الصوفية أو الإخوة الإثني عشرية؟

هل أنتم في الجنة وهم في النار؟

ص: 225

أريد جواباً واضحاً: الصوفية هم مسلمون مؤمنون موحدون، والشيعة الإثنا عشرية كذلك، ونحن معهم تحت مشيئة الرحمن إن شاء عذبنا وإن شاء غفر لنا، والله من وراء القصد.

قد يسأل البعض عن مذهبي، وأخبركم بأنني علي مذهب الإمام الأعظم رحمه الله.

ص: 226

الازهر ينتقد الخوارج
اشارة

كتب (مالك الحزين)، في شبكة هجر الثقافية، واحة الحوار المعاصر، بتاريخ 14-1- 2000، السادسة والنصف مساء، موضوعاً بعنوان (مساجد وأضرحة آل البيت في مصر)، قال فيه:

http://home.moe.edu/arabic/library/general/mosque/fatemy.htm

وهذا عنوان موقع فيه تعريف بأهم المساجد والمشاهد في مصر، ومنها بضعة عشر مشهداً تتعلق بأهل البيت وذرياتهم عليهم السلام.

فكتب (العاملي) بتاريخ 14-1-2000، الثامنة والنصف مساء:

أشكرك جداً يا دكتور مالك علي هذا الموضوع..

لقد أثَرْت حنيني إلي مصر وربوعها ومشاهدها، وعبق أهل البيت النبوي فيها..

وعسي أن أتوفق لتجديد العهد بها والأنس بأهلها، والتزود من أجواء مشاهدها الروحانية.

وأخشي أن يأتي شيخ ويقول هذا شرك، والشعب المصري شعب مشرك!!

فكتب (أبو هاجر)، بتاريخ 14-1-2000، التاسعة إلا الثلث مساء، متسائلاً ساخراً!!:

هل زرت سور الصين أيضاً!!

وكتب (النورس) بتاريخ 14-1-2000، التاسعة والربع مساءً:

ص: 227

يا سلام عليك يا دكتور.. تصدق شوقتنا مرة نجي نشوف مصر.

وكتب (العاملي) بتاريخ 14-1-2000، التاسعة والنصف مساءً:

مالك يا أبا هاجر لا تفرق بين ما هو من دون الله، وما هو من الله تعالي؟

أعد قراءة آيات القرآن، لتري أنه يوجد: أولياء من دونه الله، وأولياء بأمره.

وشفعاء من دون الله، وشفعاء بإذنه.

ومتوسل بهم من دونه، ومتوسل بهم بقوله (اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة).

وأخيراً.. يوجد دعاة إلي الله بإذنه، ودعاة بدون إذنه..

وما رأيك لو ناقشك أحد في دعوتك إلي إقامة كيان الإسلام وتطبيقه، وأثبت لك أنك لا تملك الشرعية، وأنك داعية إلي الله بغير إذنه!!

وكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 14-1- 2000، العاشرة إلا ربعاً مساءً:

شكراً لك يا مالك. وفقك الله لكل خير. سأكون في تلك الربوع وربوع مصر الحبيبة الشهر القادم إن شاء الله تعالي.

آمل أن نلتقي. اللهم ثبتنا علي ولاية محمد وآل محمد. اللهم آمين يا رب العالمين.

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 14-1-2000، العاشرة والنصف مساءً:

الأخ الكريم العاملي: قولك: ومتوسل بهم، بقوله: اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة..

بدون الدخول في جدال، هل تتكرم علينا بإكمال الآية ليسهل فهمها؟

ص: 228

قولك: وما رأيك بمن لو ناقشك في دعوتك إلي إقامة كيان الإسلام وتطبيقه، لأثبت لك أنك لا تملك الشرعية، وأنك داعية إلي الله بغير إذنه!!

بكل سرور يا أخي، المهم الإثبات. والسلام عليكم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 14-1-2000، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ أبا هاجر: عندنا ثلاث مسائل، أرجو عدم الخلط بينها:

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهي فريضة عامة عينية وكفائية..

والجهاد الدفاعي، لدفع عدوان الكفار علي بلاد المسلمين، وهي فريضة عامة عينية وكفائية..

والعمل لإقامة حكم إسلامي، في حال عدم وجوده، أو الخروج علي الحاكم الشرعي سابقاً، في حال جواز هذا الخروج أو وجوبه.. وهذا إنما يجوز لمن يملك الشرعية وحق الحكم.

وحق الحكم الإسلامي محصور في مذاهب الخلافة القرشية بعالم قرشي، أي من الثلاث وعشرين قبيلة التي تتكون منها قريش.

ومحصور في مذهب أهل البيت في زمن الفترة وغيبة الإمام المعصوم بالمرجع الجامع للشروط، أعلم الفقهاء..

فحتي يكون عملك شرعياً، لا بد لك من خليفة يأمرك بالدعوة إليه..

وإلا كان عملك فاقداً للشرعية، بل حراماً، لأنه يشوش علي الخليفة الشرعي الذي يجب أن يكون.

وكذا الأمر في المسلم الشيعي فلا بد أن يكون عمله بأمر مرجع جامع للشروط.

وكتب (مالك الحزين) في 14-1- 2000 الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ص: 229

الأخ الفاضل العاملي: نعم يا أخي.. توقعت وأنا أكتب هذا الموضوع أن يأتي أحدهم ليقول ما قاله أبو هاجر.. وأتوقع المزيد..

أعتبره فخاًّ لاصطياد هذا الصنف من المخلوقات التي تكره كل ما هو طيب وجميل...

تعرف يا عاملي.. أن أحد كبار علماء الأزهر (سناًّ ومنزلة) ذات يوم قال لي منذ أكثر من عشرين سنة، وكنت لم أزل يافعاً: هؤلاء يا بني لا يحبون حتي الرسول صلي الله عليه وسلم...

والآن أتذكر هذه المقولة التي توصل إليها فقيه عرك الحياة وعركته... أنا شخصياً سني المذهب لكني أهيم شوقاً بآل البيت الأطهار.. وأتبرك بأضرحتهم.. وأصلي في مساجد شرفت برفاتهم..

وأعتقد بإذن الله القبول.. فالحسين رضوان الله عليه، وهو من هو، لا ينتظر شهادة صلاحية من مشارك أو من أبي هاجر.. ودمتم سالمين

الأخ الفاضل عبد الحسين:

بالطبع لا بد لنا أن نتقابل، وهذا رقم هاتفي المحمول بمجرد وصولك مصر أرجو أن تهاتفني وسوف أسعد بهذا: 0123564159

الأخت الكريمة بنت الكرام النورس:

شكراً علي إطرائك الذي يذيبني خجلاً من أدبك الجم، والشئ من معدنه لا يستغرب.

وكتب (صعصعة بن صوحان) بتاريخ 15-1- 2000، الخامسة صباحاً:

حبيبنا مالك:

ص: 230

بل هو فخ لنا الشيعة قبل أن يكون للآخرين، ولكنه فخاًّ (كذا) للقلوب، فخاًّ للحنين، فخاًّ لكل من يحمل الولاء لأهل البيت سلام الله عليهم. آه قتلتنا شوقاً لهذه المراقد المباركة الشريفة العظيمة.

الأخ عبد الحسين:

وفقكم الله وتقبل الله أعمالكم، ونسألكم الدعاء عند هذه البقاع المباركة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 15-1- 2000، الثالثة ظهراً:

الأخ أبا هاجر:

زيارة مشاهد أهل البيت عليهم السلام، في مصر وغيرها، وضرائح الأولياء عموماً، وتعميرها، وإعمارها، والصلاة فيها.. مما أجمعت عليه الأمة علي اختلاف مذاهبها ومشاربها، من القرن الأول إلي يومنا هذا.

فعلي أي مذهب كنت، ستجد في فقهه وتاريخه إثبات ذلك..

وقد كان الإمام أحمد يزور قبر الشافعي ويتوسل به إلي الله تعالي، بل رووا أنه غسل قميص الشافعي وشرب ماءه..

وإلي اليوم قبر الإمام أحمد مزار في بغداد، فهل تريد من صدام أن يمنع الناس من زيارته ويهدمه؟!

والجهاد في الآية 35 من سورة المائدة (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة، وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون).. أعم من جهاد المعرفة وجهاد هوي النفس وجهاد العدو..

وهو إلي الأولين أقرب لذكره بعد التقوي والبحث عن الوسيلة..

ص: 231

ويؤيده أنه لا جهاد إلا مع إمام، والإمام يجب أن يكون أقرب، أو من أقرب الناس وسيلة إلي الله.. وهذا يتصل بموضوع الدعوة إلي الله والجهاد في سبيله بإذنه أو بغير إذنه..

وحسب فقه المذاهب، فإنه لا تبرأ ذمة المسلم في الجهاد ولا في العمل لإقامة حكم الإسلام، إلا بالعمل مع إمام، عادل، وقد أجازوا الجهاد مع الإمام الجائر.

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 15-1-2000، الثالثة والثلث ظهراً:

الأخ الكريم العاملي: مع احترامي وتقديري الصادق، كلامك غير صحيح.

التفصيل: قولك: زيارة مشاهد أهل البيت عليهم السلام في مصر وغيرها، وضرائح الأولياء عموماً، وتعميرها، وإعمارها، والصلاة فيها.. مما أجمعت عليه الأمة علي اختلاف مذاهبها ومشاربها، من القرن الأول إلي يومنا هذا.... وقد كان الإمام أحمد يزور قبر الشافعي ويتوسل به.. إلخ.

ليس فيه أي دليل شرعي يعتد به، بل هو مجرد روايات تاريخية.

قولك: والجهاد في الآية 35 من سورة المائدة (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة، وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون).. أعم من جهاد المعرفة وجهاد هوي النفس وجهاد العدو..

وهو إلي الأولين أقرب لذكره بعد التقوي.. إلخ.

وما حاولت أن تقيسه (كما أنه ينبغي أن يكون للجهاد أمير، فكذلك الوسيلة ينبغي أن تكون موجهة لشخص) هو غير صحيح.

لأن الجهاد لا يشترط في أميره أن يكون أتقي الناس وإنما أعلم الناس بفنون الحرب، ولم يكونوا قادة السرايا علي عهد الرسول أتقي من في الجيش..

ص: 232

والرسول أقر خالد بن الوليد وامتدحه عندما تولي القيادة في مؤتة.. أما باقي أنواع الجهاد فلا يشترط لها أمير أصلاً.. فلا محل للقياس.

قولك: حسب فقه المذاهب، فإنه لا تبرأ ذمة المسلم في الجهاد ولا في العمل لإقامة حكم الإسلام، إلا بالعمل مع إمام، عادل، وقد أجازوا الجهاد مع الإمام الجائر.

يؤيد قولي أعلاه. والسلام عليكم.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 16-1-2000:

شكراً لك يا دكتور نبيل علي هذه المواقع الجميلة، ولقد أضفتها إلي المفضلة لدي.

وكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 16-1-2000:

شكراً لك يا دكتور، وسأتشرف بلقاءك إن شاء الله تعالي.

أخوك: عبد الحسين البصري.

اللهم ثبتنا علي ولاية محمد وآل محمد. اللهم آمين يا رب العالمين.

وكتبت (النورس) بتاريخ 23-1-2000:

مواضيع الدكتور للأعلي دائماً.

إذا قلت لشئ هذا مستحيل.. فقد جعلته مستحيلاً.

وكتب (علي الأول) بتاريخ 26-1-2000:

للرفع. الناس أعداء ما جهلوا...

ص: 233

وكتب (العاملي) في شبكة هجر، بتاريخ 19-2-2000، الثالثة والنصف بعد الظهر موضوعاً بعنوان (مكانة أهل البيت رضي الله عنهم، بقلم: شيخ الأزهر الشيخ الطنطاوي) جاء فيه:

مكانة أهل البيت

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الله تعالي: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً.

وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله عز وجل، حبل ممدود بين السماء والأرض، أو ما بين السماء إلي الأرض، وعترتي أهل بيتي، وأنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض.

ولقد مدح الله سبحانه وتعالي وأثني علي أهل البيت في القرآن الكريم. فقال جل شأنه: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت.

وروي عن أبي بكر رضي الله عنه، فيما أخرجه الإمام البخاري قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا أيها الناس، ارقبوا محمداً في أهل بيته.

وأخرج الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: يا بني عبد المطلب، إني سألت الله لكم ثلاثاً: أن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم وأن يعلم جاهلكم، وسألت الله، أن يجعلكم جوداً، نجداء، رحماء.

ص: 234

ومن طريق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعه الحسن وحسين، هذا علي عاتقه وهذا علي عاتقه، وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة، حتي انتهي إلينا، فقال: من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: الحسن والحسين ابناي، من أحبهما أحببته ومن أحببته أحب الله، ومن أحبه الله، أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما أو بغي عليهما ما أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله ومن أبغضه الله أدخله نار جهنم وله عذاب مقيم.

وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول فيما أخرجه الطبراني: ما بال أقوام يتحدثون فإذا رأوا الرجل من أهل بيتي قطعوا حديثهم؟ والذي نفسي بيده لا يدخل قلب امرئ الإيمان حتي يحبهم لله ولقرابتهم مني.

والسنة الشريفة والأسانيد الصحيحة في محبة آل البيت ومكانتهم ومنزلتهم لا تعد ولا تحصي حتي أن أصحاب الكتب الصحاح أفردوا لها أبواباً كاملة [عبارة غير واضحة][وعنواناً لما]بقولهم:(فضل آل البيت (أو) مناقب أهل البيت).

وقد ذخرت كتب التراث الإسلامي الأصيل بذكر أسمائهم ممن خلد الشرع ذكراهم، ودون التاريخ سيرتهم.

وحفلت الشريعة بنصوص الترغيب في حب أهل البيت وحسن المعاملة معهم والمحافظة علي مودتهم كما أنهما جاءت مليئة بالنهي عن بغضهم وعدم مودتهم والتحذير من عداوتهم.

ص: 235

وحكمة الترغيب في حبهم، إيصال نتيجة لهم وهو النفع الدنيوي لهم، ونية التقرب بذلك لرسول الله صلي الله عليه وسلم، والعفو عن مسيئهم. [عبارة غير واضحة]

[وليس أول علي ذلك مما] فعله أمام دار الهجرة الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه كما ثبت في قصته مع جعفر بن سليمان العباسي - عامل المدينة المنورة – علي ساكنها أفضل الصلاة وأعظم التحية - أنه لما ضربه ونال منه قال: أشهدكم أني جعلت ضاربي في حلّ.

ثم سئل عن ذلك فقال: خفت أن أموت وألقي النبي صلي الله عليه وسلم، واستحي منه أن يدخل بعض آله النار بسببي.

ولا شك أن هذا يعد بحق أبلغ ما يكون في تقدير أهل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأعظم عفو عمن أساء منهم علي وجه الفرض حسبة لوجه الحق سبحانه وتعالي.

وحكمة الترهيب من بغضهم كف نتيجة البغض عنهم وهي أذيتهم أو السعي بهم إلي من يؤذيهم ويبغضهم.

ومحبة أهل البيت المعتمدة هي المحبة التي توصل إلي حب الله سبحانه وتعالي دنيا وأخري، وهي المحبة القلبية التي تمتزج باتباع سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم. وفي محبة أهل البيت يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يؤمن عبد حتي أكون أحب إليه من نفسه وتكون عترتي أحب إليه من عترته، ويكون أهلي أحب إليه من أهله، وتكون ذاتي أحب إليه من ذاته.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من سره أن يحيي حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن التي غرسها

ص: 236

ربي، فليوال علياً من بعدي، ويوال وليه، وليقتدي بأهل بيتي من بعدي، فإنهم عترتي - خلقوا من طينتي، ورزقوا فهمي وعلمي - فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي، القاطعين فيهم صلتي - لا أنا لهم الله شفاعتي.

وفي الختام نتمثل بقول القائل:

يا أهل بيت رسول الله حبكموا... فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكموا من عظيم الأجر أنكموا... من لم يصل عليكم لا صلاة له

اللهم حببنا في آل البيت وارض عنهم وارض عنا معهم، وارض عن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم جميعا، الذين قال الله تعالي فيهم: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم) التوبة - 100. وصلي الله علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه وسلم.

شيخ الأزهر الشريف: دكتور محمد سيد طنطاوي

13 جمادي الآخرة 1418 ه- 15 اكتوبر 1997 م

فكتب الدكتور (مالك الحزين) بتاريخ 19-2-2000، الحادية عشرة والربع مساءً:

ليس تعصباً لأحد، لكن هكذا اعتدنا من مدرسة الأزهر..

بصرف النظر عن أسماء القائمين عليها.. تتبدل الأسماء والوجوه، وتظل تلك المنارة شامخة سامقة، تأبي الخضوع لكهنة التعصب وأبواق التكفير.. وتدعم كل ما له صلة بالتقارب بين المسلمين...

ثم إن هذه المدرسة تعكس الفهم المصري للإسلام، وهو القائم علي التسامح وقبول الآخر، وبغض التعصب والجلافة، فالمصريون جميعاًَ، باستثناء

ص: 237

من طالتهم لوثة التعصب السلفي التي تفشت في المنطقة مؤخراً لأسباب غير خافية...

وفي الآخر، فإن الأزهر نفسه كان من أوائل الجامعات التي تدرس الفقه وأصول الدين علي المذاهب الأربعة، إلي جانب المذهب الشيعي الذي صدرت فتوي صريحة بجواز التعبد به من الشيخ شلتوت كما تعرفون.

وأظن أن المخرج الحقيقي لهذه الأمة هو التسامح، فليس من المتصور أن يتشيع كل أهل السنة، كما أنه ليس من العقل أن نطالب الشيعة بترك مذهبهم وتراثهم الروحي والفقهي، والأمر يقتضي نوعاً من التعايش، والنظر لهذا الإختلاف باعتباره اختلاف تنوع، لا اختلاف تضاد كما يسعي الجهلة والحمقي وأذناب المستعمر والطغيان لهذا، فيدفعون بالأمة لهاوية التناحر والتآكل من الداخل..

وتفضلوا موفور الإحترام وخالص المحبة.

قدسوا الحرية، حتي لا يحكمكم طغاة الأرض..

فكتب (أبو المقداد) بتاريخ 20-2- 2000، الثانية والثلث صباحاً:

يا مالك! ما لك... تشيعت؟!!

سل العاملي عن أبي بكر وعمر! وبعد ذلك تكلم في المذهب الشيعي!

المذهب الشيعي الذي أفتي الشيخ شلتوت بجواز التعبد به، لا يحتوي علي لعن الخليفتين أبو بكر وعمر.

بالله عليك إن كنت تخشي الله.. سلْهُ عن عمر وأبي بكر.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 20-2-2000، التاسعة والنصف صباحاً:

يا أبا مقداد لا تحمل الخشبة بالعرض..

ص: 238

مع أن شيخ الأزهر والدكتور مالك يحملان المحبة والإحترام لأبي بكر وعمر، فانظر إلي هذه العاطفة الغزيرة عندهما تجاه أهل البيت عليهم السلام.. وسعة الصدر لمن يتبعون مذهبهم.

هذا هو الوضع الطبيعي للمسلمين.. فلماذا لا تكون طبيعياً؟!!

ولماذا تفترض أن حب أهل البيت والتفهم لشيعتهم يستوجب تكفير أبي بكر وعمر؟!

أرجو أن تكون مسلماً طبيعياً، لا متنطعاً يا أبا مقداد!

فكتب (أبو عمر) بتاريخ 20-2-2000، الحادية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

المحترم الأستاذ العاملي:

سأورد ردك أولاً علي الحيدري في مسألة النصب والنواصب، ثم تجد استفساراتي بعدها بإذن الله:

(الأخ الكريم الحيدري.. هذه المسألة اجتهادية، وفيها عدة آراء حول مفهوم الناصب.. تبدأ من القول بأن النصب لا يتحقق إلا بنصب العداوة قلباً وقولاً وعملاً، وتصل إلي القول بأن عدم إطاعة النبي فيهم نصب، وتفضيل غيرهم عليهم نصب، وعدم حبهم نصب، وحبهم مع مخالفيهم نصب.. وما بين الطرفين متوسطات.. أعاذنا الله وإياكم من كل أنواع النصب، ومن روائحه الكريهة، وروائح ما جاورها ومن جاورها، ورائحة من لا يشمها).

الأستاذ العاملي:

ص: 239

كان هذا هو ردك علي الحيدري، وقد فهمت منه بناء علي قول بعض فقهائكم إنه لا يخلو أحد منا أهل السنة من النصب، حتي الشيخ طنطاوي نفسه الذي أتيت بمقالته يعتبر ناصبي (كذا) بناء علي مقولتك المدونة أعلاه.

أو ليس دعائه لآل البيت وللصحابة جميعاً كما قال، يعتبر علي الأقل جمع بين حبهم وحب مخالفيهم. ولك مني التحية.

مالك الحزين (الناصبي)!!:

التعايش. نعم.. هذا ما نطالب به جميعاً، وخاصة أبناء الحركة الجهادية في مصر، وأظنك تعرفهم جيداً، وتعرف أنهم سلفيوا العقيدة، ومع ذلك فلم يدخلوا أنفسهم أو يزجوا بأنفسهم في خلاف الشيعة والسنة.

بل تعلم أنهم كانوا الفئة الوحيدة في مصر التي وقفت للهالك السادات عند استقباله لأخاه (كذا) الهالك شاه إيران، وأن التهمة التي لا تكاد تخلوا (كذا) منها أي قضية يتهم فيها إخواننا هي تهمة العمالة لإيران، تلميحاً أو تصريحاً!!

والصحافة المصرية وأنت أدري مني بها، دائماً ما تشير إلي ذلك.

وتعلم أيضاً أن السبب الرئيسي لعدم عودة العلاقات المصرية الإيرانية إلي طبيعتها هو وجود اسم خالد الإسلامبولي علي أحد شوارع طهران، كما قال مبارك، وكما قال مستشاره أسامة الباز، في أكثر من مناسبة.

إذن فمن اتهمتهم بالسلفية في مصر، والتعميم الذي عممته ليس صحيحاً.

فالأولوية عندنا ليست للخلاف الشيعي السني وإن كان يؤذينا أشد الأذي ما نراه ونسمعه من الشيعة، ولكننا نصبر ونحتسب، ونعلم أن عدونا لا يفرق بين مسلم سني ومسلم شيعي، حتي أعداؤنا من أبناء جلدتنا عندما تقع الواقعة لا يفرقون بيننا.

ص: 240

وإن كان هناك شئ من الغزل الآن بين الشيعة وبعض الطوائف الأخري فسينتهي سريعاً، لأنه ليس حباً في الشيعي خاصة الملتزم منهم، ولكنه كراهية في السني الملتزم أو السني السلفي.

تبقي كلمة أخيرة: وهي ما تفسيرك للكلام الذي ساقه الأستاذ العاملي في رده علي الحيدري؟

وهل هذا الكلام يساعد علي التعايش والتقريب؟؟؟؟؟

ومن منا في مصر لا يخفق قلبه وينبض ويختلط فيه حب أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأولاد رسول الله صلي الله عليه وسلم وأحفاده وأحفاد أحفاده وكل من انتسب لذرية نبينا صلوات الله وسلامه عليه؟؟؟

إذن فبناء علي ما ذكره الأستاذ العاملي فنحن جميعاً نواصب!

وبما أن الغالبية عندنا من النواصب، لذا أنصح تغيير اسم مصر من (جمهورية مصر العربية) إلي جمهورية مصر الناصبية.

نقطة أخيرة، وأرجو أن تسمح لأخاك (كذا) الصغير أن يقولها لك: إن كان لا بد من الهجوم فاعدل في هجومك، فالتشدد والتنطع والتكفير موجود هنا أيضاً تحت عينيك، ولكنك تغض الطرف عنه.

وتقبل مني التحية. أبو عمر

فأجابه (العاملي) بتاريخ 20-2-2000، الثالثة عصراً:

لا تستعجل يا أخ أبا عمر، مثل أبي المقداد..

فجوابي للأخ الحيدري عن أقوال فقهاء الشيعة عبر القرون في تعريف الناصبي وحكمه..

وكان الأحري بك أن تسألني ماذا يتبني فقهاء الشيعة المعاصرون في المسألة؟

ص: 241

فاعلم أن الأكثرية الساحقة من فقهاء مذهبنا قديماً وحديثاً يفتون بأن الناصب هو المبغض المعادي لأهل البيت عليهم السلام، المعلن عداءه.

فهذا هو الناصب المحكوم بنفاقه في الأحاديث الصحيحة وكفره..

وبقية الأقوال المتشددة يتبناها قلة من فقهائنا مثل الشيخ المفيد والشهيد الثاني والمحقق البحراني..

وإليك نماذج من فتاوي قدماء فقهائنا ومعاصريهم تفرق في الحكم بين السني والناصبي:

قال المحقق الحلي في شرائع الإسلام: 3/639:

الناصب وهو الذي يسب أو يعادي الأئمة الاثني عشر أو بعضهم، فإنه بحكم الكافر وإن صام وصلي.

وقال المحقق الحلي في الرسائل التسع ص 278:

وما روي أن الناصب من قدم علينا، لا يعمل به، وليس الناصب إلا من نصب العداوة لأئمة الدين كالخوارج، حسب.

وقال العلامة الحلي في قواعد الأحكام: 3/308:

الذابح، ويشترط فيه الإسلام أو حكمه، والتسمية. فلو ذبح الكافر لم يحل، وإن كان ذمياً. وكان ميتة. ولا يحل لو ذبحه الناصب، وهو المعلن بالعدواة لأهل البيت عليهم السلام كالخوارج، وإن أظهر الإسلام، ولا الغلاة.

وقال في منتهي المطلب: 1/152:

الناصب، فإنه قادح في أمير المؤمنين عليه السلام، وقد علم بالضرورة من الدين تحريم ذلك، فهو من هذه الحيثية داخل في الكفار لخروجه عن الإجماع. وأما الغلاة فإنهم وإن أقروا بالشهادة إلا أنهم خارجون عن الإسلام أيضاً.

ص: 242

وقال في منتهي المطلب: 3/224:

حكم الناصب حكم الكافر، لأنه ينكر ما يعلم من الدين ثبوته بالضرورة، والغلاة أيضاً كذلك، وهل المجسمة والمشبهة كذلك؟ الأقرب المساواة، لاعتقادهم أنه تعالي جسم، وقد ثبت أن كل جسم محدث.

وقال في تذكرة الفقهاء: 1/68:

الناصب، وهو من يتظاهر ببغضه أحد من الأئمة عليهم السلام.

وقال الشهيد الأول في الدروس الشرعية: 1/111:

الصلاة علي كل مسلم ومن بحكمه، ممن بلغ ست سنين.

ولو اشتبه المسلم بالكافر صلي علي الجميع بإفراد المسلم بالنية، ولا يصلي علي الكافر، والغالي، والناصب.

وقال الشيخ الجواهري في جواهر الكلام: 6/66:

ومن جميع ما ذكرنا يظهر لك الحال في الفرق المخالفة من الشيعة من الزيدية والواقفية وغيرهم، إذ الطهارة فيهم أولي من المخالفين قطعاً.

وروي في جواهر الكلام: 30/99:

عن الفضيل بن يسار: سألت أبا جعفر - الإمام محمد الباقر عليه السلام - عن المرأة العارفة هل أزوجها الناصب؟ قال: لا، إن الناصب كافر. قال: فأزوجها الرجل الغير الناصب ولا العارف؟

فقال: غيره أحب إلي منه...

نعم لا يصح نكاح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام، ولا نكاح الناصبية كذلك، لارتكابه ما يعلم بطلانه من دين الإسلام، مع فرض تدينهما بذلك، فهو حينئذ إنكار لضروري من ضروريات الدين، ودخول في سبيل الكافرين،

ص: 243

كغيره ممن كان كذلك بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، والنصوص كادت تكون متواترة فيه، بل هي كذلك.

وقال السيد الخميني في تحرير الوسيلة: 2/146:

1 - يشترط في الذابح أن يكون مسلما أو بحكمه كالمتولد منه، فلا تحل ذبيحة الكافر، مشركاً كان أم غيره حتي الكتابي علي الأقوي، ولا يشترط فيه الإيمان، فتحل ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا الناصب وإن أظهر الإسلام.

وقال السيد الخوئي في منية السائل ص 118:

س: هل يجري علي الناصبي - المحرز نصبه العداء - في أحكام الزواج ما يجري علي الكافر من بطلان العقد ابتداء، وانفصال بزوجته عنه، ولو طرأ النصب بعد العقد؟

ج: نعم يجري عليه حكم الكافر كاملاً.

وقال الشيخ جواد التبريزي: نعم يجري عليه حكم الكافر غير الكتابي.

قال الميرزا جواد التبريزي في صراط النجاة: 2/413:

الناصب هو الذي يظهر العداوة لأهل البيت عليهم السلام.

وقال السيد الگلپايگاني في إرشاد السائل ص 15:

س 33: النصب.. هل العداوة الناطنية حتي لو لم نعلم بها، أم هو إظهار العداوة؟

ج: وأما من أظهر الإسلام ولم يظهر النصب والعداوة، فهو محكوم بالإسلام والطهارة، والله العالم.

وقال الشيخ محمد أمين زين الدين البحراني في كلمة التقوي: 1/38:

ص: 244

المسألة 117: الخارجي والناصبي نجسان، وكذلك الغالي إذا رجع غلوه إلي الشرك بالله أو إلي إنكار ذاته تعالي، أو رجع إلي إنكار أحد ضروريات الإسلام مع الإلتفات إلي كونه ضرورياً.

ولا يحكم بنجاسة المجسمة، ولا المجبرة، ولا القائلين بوحدة الوجود، إذا هم التزموا بأحكام الإسلام، ولا بنجاسة سائر فرق المسلمين، ولا سائر فرق الشيعة إلا إذا ثبت نصبهم وعداؤهم لبعض أئمة أهل البيت عليهم السلام.

وقال زين الدين في كلمة التقوي: 6/309:

المسألة 93: الناصب هو من أظهر المعاداة للأئمة المعصومين من أهل البيت أو لبعضهم، من أي الفرق كان، ولا يختص بفرقة معينة أو مذهب مخصوص، ويعم كل من أضمر العداء لهم أو لبعضهم، إذا ثبت ذلك عليه بأحد المثبتات الشرعية ومنه الخارجي إذا كان كذلك.

ولا تحل ذبيحة الغالي إذا رجع غلوه إلي الشرك بالله أو إلي إنكار ذاته سبحانه أو إلي جحد ضروري من ضروريات الإسلام مع الإلتفات إلي كونه ضرورياً، فيكون ذلك تكذيباً للرسالة.

وقال السيد السيستاني في منهاج الصالحين: 3/70:

يجوز زواج المؤمن من المخالفة غير الناصبية، كما يجوز زواج المؤمنة من المخالف غير الناصبي، علي كراهة، نعم إذا خيف عليه أو عليها الضلال حرم.

وقال السيستاني في المسائل المنتخبة ص 455:

مسألة 1173: يشترط في تذكية الذبيحة أمور: الأول: أن يكون الذابح مسلماً - رجلاً كان أو امرأة أو صبياً مميزاً - فلا تحل ذبيحة الكافر حتي الكتابي وإن سمي علي الأحوط، وكذا الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام.

ص: 245

وقال الشيخ لطف الله الصافي في هداية العباد: 2/275:

مسألة 1211: لا يجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام، ولا الغالي المعتقد بألوهيتهم أو نبوتهم. وكذا لا يجوز للمؤمن أن ينكح الناصبة والغالية، لأنهم بحكم الكفار وإن انتحلوا دين الإسلام.

مسألة 1212: لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبة، وأما نكاح المؤمنة المخالف غير الناصب، فالجواز مع الكراهة لا يخلو من قوة.وقال السيد محمد سعيد الحكيم في منهاج الصالحين: 1/127:

مسألة 401: الناصب نجس - علي الأحوط وجوباً - إذا رجع نصبه إلي إنكار الضروري بالنحو الموجب للكفر، الذي تقدم في المسألة السابقة.

وكذا الغالي إذا رجع غلوه إلي إنكار التوحيد لله تعالي أو إنكار النبوة، أو إنكار الضروري بالنحو المتقدم. انتهي.

وقد لاحظت أني أوردت آراء عدد من كبار فقهاء الشيعة من القدامي والمعاصرين من العرب والعجم.

وكتب (هاشم) بتاريخ 20-2-2000، السابعة مساءً:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إضافة إلي كلام الأستاذ العاملي، أنقل لكم هذه الأقوال..

قال الشهيد السعيد السيد عبد الحسين دستغيب في كتابه القيم القلب السليم:

قال تعالي: إنما المؤمنون أخوة.

لقد أثبت الله تعالي في هذه الآية الشريفة الأخوة بين المؤمنين، وبناء علي هذا فعلي الجميع أن يتعاونوا ويتعاضدوا ويتشاركوا في الهموم أحدهم مع الآخر

ص: 246

، فإذا ما نشب خلاف بين طائفتين منهم فيجب إصلاح ذات بينهما، كما توحي هذه الآية الشريفة. والمراد بالمؤمنين أولئك الذين يؤمنون بالله والقرآن والمعاد، ولا ينكرون حكماً من أحكام الإسلام الضرورية، ولو أنهم من وجه القصور لم يتولوا الأئمة الاثني عشر، واتبعوا في فروع الأحكام غيرهم...

في الكافي بإسناده الصحيح عن الصادق (علیه السلام) قيل له: أرأيت من صام وصلي واجتنب المحارم وحسن ورعه، ممن لا يعرف ولا ينصب؟ فقال (علیه السلام): إن الله يدخل أولئك الجنة برحمته.

وفيه: قال رجل للصادق (علیه السلام): إنا نتبرأ من قوم لا يقولون كما نقول.

فقال (علیه السلام): يتولونا ولا يقولون، تتبرأون منهم؟!

قال: قلت: نعم.

قال (علیه السلام): فهو ذا عندنا ما ليس عندكم، فينبغي لنا أن نتبرأ منكم.... إلي أن قال: فتولوهم ولا تتبرأوا منهم...

قال الشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله تعالي: بل المسلم الذي يشهد الشهادتين مصون المال محقون الدم، مصور العرض (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفسه) بل المسلم أخو المسلم عليه من حقوق الأخوة لأخيه... إلي آخر كلامه في (عقائد الإمامية).

وفق الله المسلمين جميعاً لما يحب ويرضي. والسلام عليكم

فكتب (أبو عمر) بتاريخ 22-2-2000، الثانية عصراً:

المحترمان الأستاذ العاملي والأستاذ هاشم: شكراً علي الرد.

أبو عمر

ص: 247

وكتب (عرفج) في شبكة أنا العربي بتاريخ 23-8-1999، التاسعة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (النقاط القوية عند أصحاب الدعوة السلفية)، قال فيه:

استفادت الحركة السلفية في انتشارها الأفقي من عاملين اثنين:

أولاً: الموقع الجغرافي.

فبسبب قيام الحركة السلفية الوهابية في الحجاز وسيطرتها علي الحرمين الشريفين، أعطي هذا العامل بعداً تاريخياً مقدساً للحركة وخاصة في أذهان المسلمين الذين لم يتماسوا مع الحركة، ولم يتعايشوا مع دعاتها عن قرب.

ثانياً: الوفرة المالية.

استفادت الحركة من هذا العامل في إنشاء المؤسسات الدعوية ونشر الكتب وتوزيعها مجاناً والسيطرة الإعلامية علي بعض الصفحات الدينية في الجرائد والمجلات العربية. ولنا عودة إن شاء الله.

لا يكذب الرائد أهله.

فكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 23-8-1999، الواحدة ظهراً:

تصحيحاً للمعلومات.. الدعوة السلفية قامت في نجد (الدرعية تحديداً) وقامت مع الدولة السعودية الأولي ثم السعودية الثانية وظلت أيضاً في نجد.

ثم الثالثة (دولتنا الحبيبة المملكة العربية السعودية) وهنا وصلت لكل أرجاء الدولة عن طريق التعليم وباقي أمور الحياة، ومن ضمن هذه المناطق (الحجاز).

وأتفق معك في أن هذين العاملين القدسي والمادي ساعدا الدعوة كثيراً، ولكن هذا لا يعني أنهما كل شئ وأنه لولاهما لما انتشرت!!

ص: 248

أخي إن مقاتلي أفغانستان والشيشان وحالياً داغستان كلهم علي السلفية رغم بعدهم الجغرافي ورغم عدم وجود علاقات معهم منذ زمن طويل بسبب انضمامهم تحت روسيا الشيوعية.

إذن لا بد من أسباب أخري ساعدت الدعوة علي الإنتشار، وهذه الأسباب موجودة فيها نفسها، وإلي هنا أقف لأني لا أود الخوض في أي مناقشات مذهبية، لعدم اطلاعي الكافي، وكرهي للجدال إنما أحببت أن أوضح بعض المعلومات وشكراً.

وكتب (العاملي) بتاريخ 23-8-1999، الثانية ظهراً:

الأخ عرفج.. بعد السلام عليكم:

في اعتقادي أنه ينبغي التركيز علي فكر ابن تيمية، لأن الإفراط والتشدد جاء إلي فكر الحركة الوهابية منه.. ومسألتنا معهم في الفكر قبل التاريخ.

كما ينبغي التفريق بين فعاليات المملكة العربية السعودية في العالم الإسلامي ومناصرتها للحركات الإسلامية ومساعدتها للشعوب الإسلامية.. وبين فعالية أتباع ابن تيمية باسم الوهابية أو السلفية وحتي باسم المملكة السعودية..

هما فعلان متميزان عن بعضهما في الواقع، حتي أنَّا في كثير من البلدان نري النشاط المسمي بالسلفي معارضاً وعدواً للمملكة العربية السعودية، وإن كان يتمول جزئياً منها، وجزئياً من تجار سعوديين!!! لذلك لا يصح إصدار الحكم من بعيد علي النشاطات والحركات السلفية إلا بعد معرفة مصدرها وولائها.

فهناك سلفية بالمعني العام، ناعمة منفتحة علي بقية مذاهب المسلمين، هي نوعاً تساندها المملكة.

وسلفية متشددة خشنة تكفر المسلمين وتكفر الحكم في المملكة أيضاً!!

ص: 249

وقد يتبع لونها شخصية المسؤول السعودي، أو السفير الذي يديرها!!

إلي آخر التفصيلات والحالات في هذا الموضوع....

وكتب (عرفج) بتاريخ 24-8-1999، التاسعة صباحاً:

مع احترامي لرأي الأخ الأستاذ العاملي، إلا أنني أسأل: تصور لو أن هذه الحركة التيمية سيطرت علي رقعة جغرافية غير حدود المملكة العربية السعودية الحالية، ألا تتوقع أن يكون تأثير حركتهم مماثل لتأثير حركة طالبان؟

وأنا أعي تماماً ما تتعرض له أفكار ابن تيمية من انحسار في كثير من مناطق المملكة السعودية، ولكن هذا لا يعني بأن ما ذكرته من عوامل لم يكن سبباً في إيجاد موطئ قدم لها بين بقية الأفكار.

لا يكذب الرائد أهله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 24-8-1999، الخامسة عصراً:

مقولة أن الحركة الوهابية لو استطاعت أن تحقق لها وجوداً خارج السعودية لكانت من نوع الطالبان في تكفيرها للمسلمين، وتحليلها دماء من خالفها وأموالهم وأعراضهم!! وتقديمها نموذجاً متخلفاً من الإسلام.. هذه المقولة صحيحة..

ولكن الوهابية لا قوة لها بغير المملكة العربية السعودية إطلاقاً!

فهي من ناحية لا تملك جاذبية فكرية ولا جاذبية روحية ولا سياسية، والحمد لله..

بل للمسلمين حساسية تجاهها.. لأنها تكفرهم بسبب زيارتهم مشاهد أهل البيت وضرائح الأولياء، وغير ذلك..

سألت مثقفاً فلسطينياً من غزة عن قبر هاشم جد النبي صلي الله عليه وآله؟

ص: 250

فقال: هو عندنا مزار، يقصده المسلمون من كل أنحاء فلسطين، ويعتقدون به وينذرون له النذور، وعلي القبر قطيفة خضراء لأنه جد السادات الهاشميين، وعليه مسجد عامر بالمصلين..

سألته: ألا يوجد عندكم وهابيون؟

قال: كما تعلم فإن لشعبنا صلات واسعة بالسعودية، صلات عمل وتنقل، ويوجد من الفلسطينيين من صاروا وهابيين..

ولكن مسألة هاشم جد النبي عند شعبنا محلولة وغير قابلة للكلام، فهم يعتقدون بأنه مؤمن وأن كل أجداد النبي مؤمنون، ولا يجرؤ أحد أن يعترض علي زيارته..

بل إن بعض المتمسلفين يزوره مع الناس!!

ثم تابع قائلاً: إن الوهابية لا خبز لها في بلاد المسلمين التي فيها وعي، ولا تنجح إلا في المناطق المتخلفة كما هو الحال في فقراء الهند وقري باكستان وأفغانستان!!

وهذه النظرية في اعتقادي صحيحة تماماً.. فلو رفعت السعودية غطاءها عن الوهابية، الغطاء المالي والسياسي.. لعجزت الوهابية أن تحقق لنفسها مجموعة قليلة من الأنصار، بل لما بقي لها في العالم وجود يذكر!

ص: 251

خوف الوهابيين من نشاط الشيعة في شبكات الإنترنت

كتب (محب أهل البيت) في شبكة الساحات، بتاريخ 21-1- 1999، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هل نتوقف عن الحوار الهادف مع الشيعة؟)، قال فيه:

سألني أحد الأحبة: لماذا لا نتوقف عن الحوار مع الشيعة بسبب عنادهم وبالذات بعد طرد بعض أهل السنة من الساحة الشيعية - أنا العربي - من أجل نقلهم كلام الخميني في أهل السنة وفي الإمامة وغيرها مما يستشنعه العقل.

أما لماذا يجب أن نكمل مسيرة الحوار، فلأننا نحرص علي هداية الشيعة ولا نرضي أن نأتي يوم القيامة فيسألنا الله عز وجل عن دورنا في بيان الحق وعن تقصيرنا فيه.

يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلي الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل، إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئاً والله علي كل شئ قدير.

لننصرن هذا الدين يا أخي العزيز حتي نقطع من الوريد إلي الوريد، لعل الله يجعلنا وإياكم وجميع الإخوة من الذين قال فيهم: من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً.

ولنقل لتلك الشرذمة - الشيعة -: إن محمداً عليه الصلاة والسلام الذين يدعون أنه لم يربي (كذا) أصحابه، رباهم وربي رجالاً لم يروه بل آمنوا به ولم يروه، وهم علي عهده ماضون إلي أن يلقوا الله عز وجل.

ص: 252

قال تعالي: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا.. الآية تلت آيات في مدح المهاجرين والأنصار، خير صحب لخير البشر محمد عليه الصلاة والسلام.

فكتب (أبو محمد الدوسري) بتاريخ 21-1-1999، الثالثة ظهراً:

أخي الحبيب محب أهل البيت حفظه الله ورعاه، وسدد علي طريق الخير خطاه. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

أيها الحبيب لآل الحبيب صلي الله عليه وآله وسلم، لقد أثلج صدري ما تريد وكلنا حول هذا ندندن، لكن يا أخي لم أجد في الساحة مكانه.

فلو تكونت مجموعة طيبة من أهل العلم والحوار الذي يستند علي الأدلة والبراهين من القرآن والسنة ولديهم الحجة في الفصل، وأيضاً يدعمون من مكاتب مراكز الدعوة ويتجهون إلي القري الشيعية التي لم تصلها الدعوة، وهم من نعومة أظفارهم وهم يدلس عليهم ويكذب عليهم في حسينياتهم مواقع النصب والكذب والفجور!!

ويستمرون في الدعوة دون كلل.. لا شك ستكون الفائدة كبيرة لأن هؤلاء الناس لم يسمعوا الحق ولا يكلفون أنفسهم الإطلاع وقراءة الكتب أو حتي الكتيبات!! أو الإستماع إلي الأشرطة، فاستماعهم موجّه من قبل الفجرة المكابرين أعوان الشيطان الضالين!

فهم ألفوا آبائهم عليه وهم يسيرون علي ذلك. وإذا لم ندركهم سيستمرون إلا من رحم الله.

ألا توافقني، والله من وراء القصد.

ص: 253

وكتب (من الحجاز) في شبكة سحاب، بتاريخ 28-8-1999، الساعة الثامنة والثلث مساءً موضوعاً بعنوان (لماذا تخافون من الشيعة وتنهون اشتراكهم؟ ناقشوهم حتي نعلم أن حجتكم أقوي من حجتهم)، قال فيه:

العنوان هو الموضوع؟؟؟

فأجابه (الصارم المسلول) بتاريخ 28-8-1999، الساعة الثامنة والنصف مساءً:

إقلب وجهك علي الصفحة الأخيرة.

فكتب (أبو مصعب) بتاريخ 28-8-1999، الساعة العاشرة والنصف مساءً:

وهل أنت منهم؟ أمثالكم أيها الرافضي لا يخشي حتي الذباب منهم..

إقلب وجهك إلي غير صفحة...

وكتب (شعاع) بتاريخ 29-8-1999، الساعة الثامنة والربع صباحاً:

الصارم المسلول قدس سره أبو مصعب..

أنتم بطريقتكم هذه تشككون ضعفاء العقول من أهل السنة بمذهبهم.

وأنا أدعو للنقاش معهم ما دام أنهم لا يتعرضون علي (كذا) القرآن، ولا علي الصحابة، ولا يطعنون بهم.

أما مجرد النقاش معهم فلعل الله أن يهدي علي يديك رجل واحد (كذا) خير من الدنيا وما عليها.

يقول الله: ادع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن.

ص: 254

ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فلم يستخدم أسلوبكم هذا مع من أخرجوه من ديارهم، ومن قاتلوه، وتأتون أنتم بهذا الأسلوب لتنفروا الناس من الحق...

وأنا أقول نعلم أن كثيراً منهم يأتون ويتكلمون تقية، ولكن ليس معني ذلك أنهم لن يهتدوا، وإنما أتوا للجدال، وخير دليل علي ذلك قصة إسلام عمر رضي الله عنه، فلماذا أخذ الصحيفة من أخته، ولكن لما قرأ القرآن شرح الله صدره للإسلام، وأقول إن من هدي عمر قادر علي أن يهدي غيره.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب (الراجي عفو ربه) بتاريخ 29-8-1999، الساعة الثامنة والثلث صباحاً:

بل لا نقبل بوجود الرافضة بتاتاً وتحت أي عذر. وجودهم في أي مكان كان فهو خراب وعدم. قاتلهم الله أني يؤفكون، إسلام أهل السنة والجماعة - أيدهم الله - هو الإسلام الصحيح والنقي الملازم للحق.

وكتب (زكي عبد المجيد) بتاريخ 29-8-1999، التاسعة والنصف صباحاً:

نخاف...!! وهل مثلنا يخاف؟!!..

نحن نجابههم كل يوم ليس علي صفحات الإنترنت بل وجهاً لوجه.

فهم كأبو (كذا) جهل أو أبو لهب، يريدون النقاش للجدال وليس النقاش للمعرفة..

نحن سلاحنا العلم والمعرفة..

والمعرفة هي أفتك سلاح والعلم أقوي سلاح فمن سلاحه هكذا يخاف؟!!

ص: 255

فقد كان القرآن ينزل في مكة، ورسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقرؤه رغم ذلك كان الناس يكفر ويصد (كذا)..

فكيف بنا ونحن لسنا أنبياء ولا ينزل علينا وحي، أتريد أن نهدي من أضله الله وتكبر علي الحق؟

فهم اختاروا طريق المكابرة والتعنت وعدم تحكيم العقل والقلب.. فلهم دينهم ولنا ديننا..

نعم، لا مكان للرافضة بيننا.. ولا حوار معهم وهم يصدون عن سبيل الله.. لا، بل ليس بيننا إلا المنازلة، ونحن نصد الباطل بسيف الحق، فحوارنا حوار السيوف لا حوار المكائد والخبائث واللعب بالكلام.. سنة كاملة ونحن نقارع الرافضة وجهاً لوجه، خلال هذه السنة لم يهتد إلا واحد وهم يسمونه مجنون.. فهؤلاء القوم عاقلهم عندهم هو المجنون.

كيف تريدنا أن نناقشهم.. جدال.. وجدال.. وجدال.. بل حتي أنهم قد أخفقوا أن يثبتوا لنا أنهم من المسلمين.. بيننا وبينهم فارق كبير، هم علي دين غير دين محمد صلي الله عليه وسلم..

وفي ضميرهم أحقاد التاريخ.. نخاف..!! عجيب..!! قال إننا نخاف..!! غريب..

أنا أجزم أنك منهم رافضي دماً وعرقاً وفكراً لأنك تقول نحن نخاف.. وأهل الحق أبداً لا يقولون: تخافون.. لأنهم يعلمون أنه ليس للحق من أن يخاف من الباطل..

وكتب (من الحجاز) بتاريخ 29-8-1999، الساعة الحادية عشرة والنصف صباحاً:......

ص: 256

فحذف موضوعه المراقب (الموحد)

وكتب (أبو مصعب) بتاريخ 29-8-1999، الساعة الواحدة والنصف ظهراً:

شعاع.. هل عرفت قبلاً ما هي الحكمة التي تدعو إليها الآية؟

دعني أخبرك أنها وضع الأمور في نصابها ومكانها الصحيح.. حاول أن تتجول في الصفحات السابقة للساحة العربية وغيرها، لتري أنها كانت مفردة لنقاشات (الرافضة) وبلا طائل، فقلوبهم غلف والعياذ بالله.. فلا مكان لهم هنا أبداً.. ولا لمن يدندن بوجودهم ومن يدعو للتقريب معهم..

من الحجاز:

أي شرف في سب الصحابة رضوان الله عليهم؟؟!!

إذا لم تسبهم هنا فمن المؤكد أن لك في ساحاتكم العفنة قلم سال من القذارة...

نسأل الله أن نكون ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه..

قال (العاملي)

لا تعليق علي هذا الموضوع ولا علي الموضوع السابق ل-(محب أهل..)

ص: 257

تحريم السلفيين مناقشة الشيعة

كتب (أبو المقداد) بتاريخ 10-3-1999، الخامسة والنصف صباحاً، في شبكة الساحات، موضوعاً بعنوان (الرجاء من الإخوة الكرام عدم مناقشة الروافض)، قال فيه:

لو ناقشت الروافض 1000 سنة فلن يجدي ذلك معهم، المشكلة هي هل هم يناقشوكم (كذا) لأجل الهداية؟ كلا.. فقط إنهم قوم يحبون الجدال، يقول أهل العلم: إذا رأيت الرجل يجادل هذا ويجادل هذا ويطرح نفس الشبهات، فاعلم أنه من أهل البدع والأهواء وهذا هو حالهم.

لذا الرجاء التوقف تماماً عن النقاش معهم.

وكتب (جبل) بتاريخ 10-3-1999، السابعة النصف صباحاً:

حاضرين للطيبين.

وكتب (الشهم) بتاريخ 10-3-1999، الثامنة صباحاً:

هذا أمر جيد. ولكن أنتم الخاسرون.

لأننا إلي الآن لم نجد أجوبة لما كتبناه من إشكالات لا تزال تحير الألباب..

ونحن إنما نتناقش ولا نسبكم وأنتم - إلا النزر القليل - يحمل علينا بالشتم واللعن والتكفير.

نحن نبحث يا أعزائي للوصول إلي الحقيقة، من غير تقديس للشخصيات فنناقش إن أتانا عن سيرتهم شيئاً (كذا).

وأنتم تقدسونها ولا تقبلون أن تبحثون (كذا) في أفعالهم وإن أخطأوا.

فكم أتمني أن أري الجميع يتعامل معاملة المسلم للمسلم.

ص: 258

وإن كفرتمونا فعاملوا الكفار - في اعتقادكم - بمعاملة المسلم المتأدب بأدب الإسلام... ربما يهديه الله فيصبح من أعز أعزائك. قال علي عليه السلام: أحبب حبيبك هوناً ما، عسي أن يكون بغيضك يوماً ما وأبغض بغيضك هوناً ما، عسي أن يكون حبيبك يوماً ما.

مع أجمل المني وأرق تحياتي.

وكتب (شامس 22) بتاريخ 10-3-1999، التاسعة صباحاً:

أنا بالنسبة لي لا أجادلهم ليهتدوا، أعرف ذلك من كتبهم.. أهل جدال.

ولكن كلما كثر جدالهم بما أنهم أهل تقيه ولف ودوران تطلع كلمة من هذا، جملة من ذاك تفسر مقاصدهم وتوضح لمن لم تتضح له الأمور عقيدتهم وخططهم ونواياهم.

مثل نيتهم للسني من أحاديثهم … وفيها مثال للتقية عندهم … اقلب عليه حائطاً أو أغرقه في الماء ولا يشهد عليك أحد، وبدد أمواله..

وهذا حديث من أحاديثهم تكرر كذا مرة وتجاهلوه وكذا مرة أعيده يتجاهلونه.

والقصد أن هذا الحديث لم ينكره أحد منهم، وهذا دليل علي سوء نواياهم وأن لهم وجهين، وكذلك من فتاوي الخوئي أن إذا صلي الشيعي في مسجد السنة وراء إمام سني، هل تحسب له الصلاة؟

وكانت الفتوي إذا كانت الصلاة بنية التقية فيحسب لك أجر الصلاة والتقية.

بمعني أن إذا صلي الشيعي بمسجد السنة ليس معناه أنه يحب السنة، أو أنه يعترف بصلاتهم، وهذا سابقاً علي الأقل لم يكن واضحاً للسنة، وليس مهماًّ

ص: 259

عندي الشيعة، هم يرون ما يرون، ولكن تتضح أمور وأمور لم تكن في الحساب وأكون شاكراً لهم لو استمروا بالجدل.

وكتب (مشارك) بتاريخ 2-2-2000، الواحدة صباحاً، في شبكة هجر الثقافية، موضوعاً بعنوان (نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن.. رداً علي العضو الإستشاري العاملي وغيره)، قال فيه:

رداًّ علي العاملي الذي يصر علي نشر عقيدة ابن سبأ اليهودي في أن الصحابة يكفرون بعضها (كذا) البعض..

الحمد لله ولي المتقين وقاهر الجبارين.. ها قد رأينا الزلازل والكوارث تحل في ديارنا وقريباً منها، زلزال تركيا وقبله في مصر والجزائر، وها هي الهزات الأرضية الخفيفة ترصد وبكثرة في الكثير من المدن الإسلامية!

ولكن هل يوجد متعظ؟ هل يتنبه الغافل؟ هل يتحرك الخامل؟ هل نحن علي مستوي الحدث؟

نعم نعلم ضلال المرجئة وخطرهم، ولكن هل يختلف واقع الكثيرين منا عن واقعهم؟

ها هي الرايات الرافضية السوداء تهب من جديد من جهة المشرق، رايات قد أعماها الحقد الأعمي وما ربيت عليه في جحور الباطنية.

وها هم ينشرون ما لقنهم إياه اليهودي عبد الله بن سبأ في شتي أصقاع العالم حتي دخل في الرفض بعض الجهال من أهل السنة والله المستعان..

ص: 260

متي ندرك حجم الخطر الذي يتهددنا؟ ماذا نتوقع أن يكون حال بلاد المسلمين بعد خمس سنين إذا كان هذا هو جهدنا وعملنا؟ انتهي.

قال (العاملي):

ومشارك هذا.. عالم دين وهابي يسكن في جدة، وهو متعصب تعصباً أعمي، وقد ناقشه الشيعة مناقشات عديدة وأفحموه.

وهو الآن مراقب في شبكة سحاب المتعصبة.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 23-6-1999، الخامسة عصراً، في شبكة أنا العربي موضوعاً بعنوان (بارك الله فيكم أيها الإخوة، فالوهابية فقدوا السيطرة علي أعصابهم)، قال فيه:

أحيي الإخوة الشيعة الكرام علي ردودهم العلمية الموثقة علي الوهابية.

وكما قلت لكم سابقاً إنهم أصبحوا يحاربون مذهب أهل البيت من خلال عناوين المواضيع التي يطرحونها، فمواضيعهم لا تحوي سوي السب والشتم والتجريح بالكلام والاتهام بالزندقة واليهودية والكفر وغيرها.

وقد فقد القوم أعصابهم فأخذوا يأتون بمواضيع قد كتبوها ونشروها في ساحات ومواقع مختلفة وأكثر من مرة يأتون لينشرونها (كذا) هنا، فعملية القص واللصق عند القوم مستمرة، وأعصابهم وصلت درجة الحرارة فيها إلي 99 % وهي قريبة إلي درجة الغليان، وطبعاً هذا الأسلوب هو أسلوب العاجز الذي يعجز عن مقارعة الحجة بالحجة، والبرهان بالبرهان والدليل بالدليل فيلجأ إلي

ص: 261

السب والشتم والفوضي والتضليل والتحايل إلي ما هنالك، ومن يفحم منهم يغالط ويعد بالرد، ثم يهرب!

كما فعل محب أهل البيت، وكما يفعل مشارك!!

ص: 262

الفصل الرابع: فوائد النقاش المذهبي و مضاره

اشاره

عناوين المواضيع:

فوائد النقاش والمناظرة.

مناقشة آراء المخالفين للحوار.

آداب الحوار.

من أجل ترشيد الحوار.

خوف النواصب من مناقشة الشيعة!!

(هجر) توقف النقاش مع الوهابيين، والمشتركون يعترضون.

ص: 263

ص: 264

فوائد النقاش والمناظرة

للنقاش والجدال والمناظرة، أحكام فقهية بينتها آيات القرآن والسنة، وشرحها الأئمة المعصومون عليهم السلام، ودون أحكامها الفقهاء الأعلام رضوان الله عليهم..

وقد حفلت مصادرنا بالعديد من مناظرات الأئمة عليهم السلام وأصحابهم مع المخالفين.

وفي نفس الوقت، ورد عنهم النهي لبعض أصحابهم عن المناظرة..

وهذا يدل علي أن الجدال والمناظرة لإثبات الحق جائز شرعاً، وأنه قد يكره أو يحرم لما يترتب عليه من أضرار..

وقد بحث المشاركون في شبكات الحوار فوائد المناقشة والمناظرة المذهبية..

وهذه أهم آراء المؤيدين والمعارضين.

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 6-9-1999، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً، موضوعاً بعنوان (النقاش الفكري والمذهبي.. علي المدي الطويل يؤتي ثماره المباركة، وأضراره تزول..)، قال فيه:

ص: 265

بالنظرة الأولي، يتألم الإنسان لما يراه بين المسلمين من اختلافات مذهبية ومناقشات تخرج أحياناً عن الحدود اللائقة.

ولذلك تجد بعضهم لا يحبذ النقاش بين أتباع المذاهب الإسلامية إطلاقاً.. ولكن بنظرة معمقة نري أن فوائد النقاش المذهبي كثيرة مستقرة، وسلبياته قليلة زائلة.

فلا يصح أن نغالي في ضرر النقاش بين الشيعة والسنة في هذا الموقع وغيره..

فالنقاش طريق مهمّ إلي الفهم والتفاهم..

إنه نوع من التواصل المباشر بعد انقطاع طويل.. وبعد تراكمات فرضها البعد والتعتيم الإعلامي والقمع، ومنع الرأي الآخر أن يعبر عن نفسه!!

مثلاً، من أكثر الأشخاص الذين احتككت بهم شخصياً في النقاش هو الأخ مشارك، وأعتقد أني لو التقيت به لأنسنا ببعضنا، وعرفنا كيف نعيش بمشتركاتنا في مقابل الغربيين والعلمانيين، وحتي في مقابل جهلة السنة والشيعة..

وهذا مكسب كبير، رغم شدتنا في النقاش.. وعلي هذا فقس ما سواه..

أرجو من الإخوة الكرام أن يتفضلوا بآرائهم في الفوائد التي يحققها النقاش المذهبي والفكري، ويذكروا الأضرار التي قد تكون، حتي نتجنبها أو نعالجها إن شاء الله.. وشكراً.

فكتب (عمار) بتاريخ 6-9-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

كان للكثير من الأخوة آراء سلبية عن الشيعة، ولكن بحمد الله تعالي عن طريق بعض النقاشات اتضحت الفكرة، وبدؤوا يفرقون بين الذي يسمعوه (كذا) من افتراءات، وبين ما تعتقده الشيعة، وما علينا من كلام الجهلة.

والكلام نفسه يرجع إلي إخواننا من أهل السنة.

ص: 266

وكأن الواحد قبل أن يصير هذا الإنفتاح يسمع الكلام من شيوخه ولا يستطيع التحقق منه بسبب التعتيم ومنع الرأي الآخر.

أما الآن فبمجرد فتح الجهاز والدخول علي (النت) يمكنك معرفة حقيقة ما تقرؤه أو تسمعه من فلان أو (فلتان)، عن طريق سؤال الذين يخصهم الكلام.

نحمد الله تعالي ونشكره علي نعمه. وعلينا أن نستخدمها بصورة مفيدة، لأن كل شئ له إيراد سلبي وإيجابي. والسلام عليكم.

وكتب (شبير) بتاريخ 6-9-1999، الرابعة صباحاً:

بلا شك هذا التواصل مطلوب بيننا نحن المسلمين.

وكتب (مشارك) في شبكة هجر بتاريخ 17-8-1999، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (حوار مع الشيعة الإثني عشرية - ماذا استفدنا من النقاش حتي الآن؟)، قال فيه:

والموضوع هو العنوان.

فكتب (عرفج) بتاريخ 17-8-1999، السابعة مساءً:

الأخ مشارك: من ناحيتي استفدت الكثير منكم.

وكتب (الشيباني) بتاريخ 17-8-1999، السابعة والنصف مساءً:

لقد أسمعت لو ناديت حياًّ... ولكن لا حياة لمن تنادي

وناراً لو نفخت بها أضاءت... ولكن أنت تنفخ في رماد

لم نستفد من النقاش معهم أي فائدة تذكر، لأن القوم لا ينطلقون في النقاش من العقل، وإنما ينطلقون من القلب والعاطفة، ومن كانت هذه حاله فأني له أن يذعن؟

ص: 267

وانظر إلي كلام العاملي حين يقول (حالة الفوران العاطفي التي تبلغ أوجها في يوم عاشوراء)..

وإلي دروس الوائلي التي يختمها بذكر أحداث عاشوراء ليدغدغ العواطف والمشاعر ولو كان موضوع المحاضرة بعيد (كذا) عن الأحداث بعد المشرق عن المغرب..

فوفر يا أخي الحبيب علي نفسك الجهد والتعب.

أسأل الله أن يثيبك علي حسن نيتك وأسأل الله أن يهدي القوم للعقيدة الصحيحة والإعتدال في الحب والبغض.

وكتب (طالب الحقيقة) بتاريخ 18-8-1999، الثامنة إلا ربعاً مساءً:

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: لقاء الأخوان مغنم جسيم.

وورد في الأثر: رحم الله من ضم عقول الناس إلي عقله.

ونحن استفدنا كثيراً حيث عرفنا آراء الطرف الآخر بسلبياتها وإيجابياتها..

ولم أكن أعتقد أن هناك من يحقد علي أهل البيت عليهم السلام إلي هذا الحد، ولكني الآن عرفت ذلك من خلال النقاش.. أسأل الله الهداية للجميع..

وكتب (عمار) بتاريخ 18-8-1999، الثامنة والربع مساءً:

إلي الشيباني، لاحظت كثيراً ما تستدلون بالعقل أنت وغيرك من الإخوة.

فإن كان العقل بهذه الأهمية، فلماذا آثرتم القياس وأهملتم العقل؟

القرآن، السنة، الإجماع والقياس. لماذا لم تستعملوا العقل بدلاً من القياس؟

خاصة وأنكم تؤكدون علي مسألة العقل كثيراً؟ والسلام.

عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال: خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم وإن عشتم حنوا إليكم.

ص: 268

وكتب (إسماعيل الحكاك) بتاريخ 19-8-1999، الواحدة صباحاً:

يا مشارك:

إن الفائدة موجودة في كل وقت بشرط أن تكون طالباً للحق وأهل الحق، لا نكران الحق وأهله! وأنت لو حكمت عقلك مبتعداً عن العصبية لرأيت أن الشيعة والسنة يعبدون الله وحده، ولا يشركون به طرفة عين أبداً، وإن قبلتهم واحدة، ودينهم الإسلام، وكتابهم القرآن، وهو الذي بين الدفتين، ولا تحريف فيه، أشداء علي الكفار رحماء بينهم تراهم كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمي، وما اختلفا فإنما هو كاختلاف علماء المذهب الواحد في المسائل لا غير!!

ثم هل سألتَ مرة واحدة: لماذا الشيعة تستدل علي أحقيتها من كتبكم أنتم؟

أليس هذا فخراً للشيعة والفخر ما شهدت به الأعداء!

ثم انظر أليس هذا الأمر مما يثبت لك أن المذهب الذي تمسكت به هو بمرور الزمان يبتعد عن الصراط المستقيم أكثر فأكثر؟

فلماذا لا تتحقق عن أحقية الشيعة أكثر فأكثر لتستفيد حق الإستفادة؟!

وكتب (مشارك) بتاريخ 19-8-1999، الثانية صباحاً:

يا حكاك: أسألكم ماذا استفدنا من النقاش وتأتي لتناقش!!! ألا تفهم ما المقصود؟

وكتب (هادي 2) بتاريخ 19-8-1999، الثالثة صباحاً:

يسرني أن أخبرك ماذا استفدنا؟

استفدنا يقيناً زائداً ودليلاً ساطعاً علي مذهب الإمامية الحق..

ص: 269

واستفدنا في إيصال رسالة التشيع لعل من كان علي الفطرة السليمة يهتدي إلي سبيل الحق..

واستفدنا زيادة في المعرفة والإطلاع علي المذهب الآخر.. لعلنا لو سئلنا لأمكننا الجواب بحق.

وفي الأخير: الحوار مفيد مهما كان الأمر وإن لم يمكن الوصول إلي حسم.

وكتب (الشيباني) بتاريخ 19-8-1999، الخامسة صباحاً:

عجباً لك يا عمار؟!! وهل العمل بالقياس إلا ضرب من استعمال العقل؟! لأن من الأدلة علي العمل بالقياس قوله تعالي: فاعتبروا يا أولي الأبصار، فهل يعتبر من ليس له عقل؟!؟!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 19-8-1999، السادسة صباحاً:

طبعاً هذا العنوان لا يصلح أن يدرج تحته نقاش. كما قال المشكك في الفائدة (مشارك).

ولكن لا عليك يا شيباني.. هل تعرف ما هي أقسام القياس؟؟؟؟

وهل بوسعك أن تميز بين القياس والوهم الذي لا ينطلق من قرار عقلي أزيد من كونه وهمياً؟؟؟؟؟

وهل تحسن أن تفرق بين القياس البرهاني والقياس التمثيلي، وأيهما من شعب العقل الذي يصطلح عليه بالفكر لدي علماء الميزان والمنطق؟؟؟؟؟

هذا ما نجيب الأخوة عليه في صفحة مستقلة.

ص: 270

وكتب (مشارك) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 21-8-1999، الخامسة عصراً، موضوعاً بعنوان (للجميع: هل نوقف صراع الديكة ونستبدله بهذا؟)، قال فيه:

للجميع، هل توافقون؟ لقد أتعبتمونا وأتعبناكم.

حقيقة الغالب علي الكثير من النقاشات هنا أن يقوم السني مثلاً بذكر قول أو شبهة عن مذهب الشيعة الإثني عشرية، فيأتي الإثني (كذا) عشري ويحاول جاهداً أن يرد هذا القول، وأننا لا نقول به، أو يحاول مستميتاً الدفاع عن هذا القول وأنه صحيح.

وأيضاً العكس صحيح: يقوم الإثني (كذا) عشري مثلاً بذكر قول أو شبهة عن مذهب أهل السنة والجماعة، فيأتي السني ويحاول جاهداً أن يرد هذا القول، وأننا لا نقول به، أو يحاول مستميتاً الدفاع عن هذا القول وأنه صحيح.

ويصر الإثني (كذا) عشري جاهداً علي الرد علي كل موضوع جاء به السني حتي يبين أن مذهبه هو الحق..

ويصر السني جاهداً علي الرد علي كل موضوع جاء به الإثني (كذا) عشري حتي يبين أن مذهبه هو الحق..

والسؤال الذي يطرح نفسه: متي سننتهي من هذه الدوامة؟ هل لو أثبتنا لكم أن أحد علمائكم أخطأ في مسألة ما؟ هل يكفي هذا لجعلكم تتركوا (كذا) ما أنتم عليه؟ هل لو أثبتم لنا أن أحد علمائنا أخطأ في مسألة ما؟ هل يكفي هذا لجعلنا نترك ما نحن عليه؟

حقيقة في بادئ الأمر كنت مهتماً بالرد علي كل شبهة، ولكن وجدت أن الأمر لن ينتهي..

ص: 271

فأنتم نشطاء، وكذلك نحن نشطاء فتساءلت في نفسي إلي متي؟

والآن أقترح عليكم اقتراحاً:

ما رأيكم أن نحصر النقاشات في الأمور التي نظن لو اقتنع بها الإثني (كذا) عشري لترك الإثني عشرية وأصبح سنياً؟

وكذلك الأمور التي تظنون لو اقتنع بها السني لترك السنة وأصبح اثني عشرياً؟

ونتجاهل بقية النقاشات والمواضيع الجانبية، التي لو أقنعتونا (كذا) بها أو أقنعناكم بها، لما غيرنا مذهبنا ولا غيرتم مذهبكم.

إن اتفقنا علي ذلك، فهيا شاركوا معي في ذكر الأمور التي ينطبق عليها هذا الضابط.

فكتب (هادي 2) بتاريخ 21-8-1999، الخامسة والنصف مساءً:

الأخ مشارك:

النقطة الأولي الجديرة بالذكر هو (كذا) تعبيرك عنا بالإثنا (كذا) عشرية.. وهذا تعبير يدل علي حسن نية وبادرة جيدة بعد أن كان التعبير بكلمة الروافض هو الساري علي اللسان، وما قلته وذكرته صحيح..

فالمبادرة إلي حوار حر ومفيد يكون في المسائل الرئيسة، ومنها ينطلق البحث..

وأشير إلي أن أهم تلك المسائل هو: مسألة الإمامة والخلافة بعد النبي لمن تكون..

وما هو المعيار في شرعية الخلافة والإمامة.

ص: 272

آراء المخالفين للحوار و مناقشته
اشارة

كتب (المسلم الغيور) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27-1-2000، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (يا أمة ضحكت من جهلها الأمم)، قال فيه:

إن المتمعن في ما يدور في ساحات الحوار في موقعي (موسوعة الشيعة) و (سحاب) من تقاذف وتكفير من خلال الكثير من المواضيع المطروحة.. ليأسف عليه كل مسلم في قلبه ذرة من الإيمان وشيئاً (كذا) من الغيرة علي هذه الأمة، خاصة وأن تلك المواضيع تطرح وتناقش من قبل أشخاص ليس لديهم الكفاءة في التحقيق والجرح والتعديل، ناهيك عن التعصب البغيض التي (كذا) تنطلق منه مناقشاتهم لها، تنطلق هذه المناقشات..

وإن شئت أطلق عليها الدعوة إلي فرقة هذه الأمة وتمزيق أوصالها.. في وقت الأمة الإسلامية مثخنة بجراح الهزيمة والذل والضعف.

ليت شعري بأن توجه تلك الجهود إلي لم الشمل وتوحيد هذه الأمة، فمن هذا المنبر أستحلف بالله أولئك الذين يثيرون مثل تلك المواضيع بأن يسألوا أنفسهم الأسئلة أدناه فيجيبوا عليها بكل صدق وإخلاص مستحضرين قوله تعالي: ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد. وقوله تعالي: يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. وقوله صلي الله عليه وآله وسلم: من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.

هل فعلاً مدركون مصلحة هذه الأمة؟

ص: 273

هل فعلاً تعملون لتحقيق مصلحة هذه الأمة؟ أم كل حزب بما لديهم فرحون؟

هل تلك المواضيع المطروحة من أولويات هذه الأمة؟

هل طرح تلك المواضيع خاصة في هذا الوقت يحقق مصلحة هذه الأمة؟

هل طرح تلك المواضيع ومناقشتها يتم من قبل من قد لا يحسن الوضوء؟

هل تلك المواضيع وليدة اليوم؟ لماذا إثارتها خاصة في هذا الوقت؟

هل طرح تلك المواضيع يعمل علي تحقيق وحدة هذه الأمة؟ أم هدم ما بقي لها من أركان إن وجدت؟

هل الهدف من طرح تلك المواضيع الوصول إلي الحق، أم أنها غالب ومغلوب؟

هل قضايا الأمة المصيرية تم حلها ولم يتبق غير تلك المواضيع المطروحة؟

لماذا لا تترك تلك المواضيع لمناقشتها من قبل أهل الإختصاص وأعني بهم العلماء؟

لا شك أن هذه الأسئلة بحاجة إلي من يجيب عليها - بكل أمانة - لا يخاف في الله لومة لائم، واضعاً نصب عينيه مصلحة هذه الأمة فوق كل اعتبار، خاصة وأن النقاش خرج عن باب الأدب الذي يجب أن يتصف به المسلم الحق حيث وصل الأمر إلي التطاول علي القرآن والصحابة بل وفي بعض الأحيان علي الذات العلية سبحانه وتعالي عما يشركون.

لا شك أن مثل هذه المهاترات تؤدي بصاحبها إلي الكفر والعياذ بالله، إذا لم تقيد بالضوابط الشرعية.

ص: 274

فدعوة أوجهها إلي كل غيور علي هذه الأمة بأن يعمل جاهداً علي تحقيق لم شمل هذه الأمة، والفرار من كل ما يؤدي إلي تفريقها وتمزيقها.

وأختم هذه الدعوة ببعض الأبيات من قصائد متفرقة للشاعر المسلم الغيور علي دينه وأمته أبي مسلم رحمه الله تعالي، لعلها تدق آذان أولئك الذين يدندنون علي أوتار الأمور الخلافية بين المسلمين:

فيا أمة المختار هل فيك غيرة... فإن محب الله فيه غيور

ويا ظهرة الإيمان هل فيك منعة... وهيهات عزت منعة و ظهير

خير القرون قرين المصطفي وكذا... حكم القرينين لا ينفك من أثر

فمات عنهم رسول الله عدتهم... كالأنبياء عدول الحكم والسير

وقال رحمه الله تعالي في قصيدته العصامية الطويلة بعنوان: أفيقوا بني القرآن:

و ليت بني الإسلام قرت صفاتهم... فما زعزعتها للغرور الزعازع

وليتهم ساسوا بنور محمد... ممالكهم إذ باغتتها القواقع

وليتهم لم ينحروا بسلاحهم... نحورهم إذ جاش فيها التقاطع

لقد مكن الأعداء منا انخداعنا... و قد لاح آل في المهامه لامع

وتمزيق هذا الدين كل لمذهب... له شيع فيما ادعاه تشايع

وما الدين إلا واحد والذي نري... ضلالات أتباع الهوي تتقارع

وما ترك المختار ألف ديانة... ولا جاء في القرآن هذا التنازع

فيا ليت أهل الدين لم يتفرقوا... وليت نظام الدين للكل جامع

لو التزموا من عزة الدين شرطها... لما اتضعت منها الرعان الفوارع

وما ذبح الإسلام إلا سيوفنا... وقد جعلت في نفسها تتقارع

ولو سلت السيفين يمني أخوة... لدكت جبال المعتدين المصارع

ص: 275

وما صدعة الإسلام من سيف خصمه... بأعظم مما بين أهليه واقع

فكم سيف باغ حز أوداج دينه... بأفظع مما سيف ذي الشرك باخع

هراشا ً علي الدنيا وطيشاً علي الهوي... و ذلك سم في الحقيقة ناقع

و ما حرش الأضغان في قلب مسلم... علي مسلم إلا من النعي وازع

ولو نصح القلبان لم يتباغضا... ولا ضام متبوع ولا ضيم تابع

فيا ليت قومي يسمعون ويعون، وما ذلك علي الله بعزيز. فالخير لا يزال في أمة محمد إلي أن تقوم الساعة.

فسيأتي اليوم الذي يفرح فيه المؤمنون الغيورون بنصر الله، فتعود لهذه الأمة عزتها ويظهر دينها وتنعم البشرية بعدله وما ذلك علي الله بعزيز. إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم.

وكتب (أبو القاسم) بتاريخ 27-1-2000، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

أخي المسلم الغيور:

أوافقك الرأي، فعندنا مواجهة اليهود وطردهم من بلداننا هو الأهم، وكذلك النهوض ببلداننا الإسلامية وتوحيد كلمة المسلمين.

ولكن هناك قضايا نواجهها نحن الشيعة يجب أن لا نتجاهلها، أنظر إلي شيعتنا في البحرين وفي الأحساء والقطيف وفي الدمام في المدينة المنورة.. إيران بأسرها مقاطعة من قبل بعض الدول الإسلامية لماذا كل هذا يحدث لنا؟؟

أنا أقول لك!! لأننا شيعة.

فلِكي نستطيع توحيد كلمة المسلمين يجب أن نرد علي من يظلمنا فيقول: أنتم كفار.. يجب أن نرد، أوَيقول: أنتم عبدة قبور.. فنسكت ويحاربنا..

عن رأيي أقول شخصياً: أخيراً الوهابيين إما أن تقبلوا بنا بما نحن عليه..

ص: 276

لنا مذهبنا ولكم مذهبكم ونظل إخوانا تحت راية الإسلام، أو أن تقبلوا أن نرد علي كل ما تزعمون فنقنعكم وتقنعونا، والذي يقتنع بكم هو معكم ولا اعتراض، أو يقتنع بمبدأ أهل البيت عليهم السلام فيكون معنا ولا اعتراض.

إلي كل سني.. أنا أخوك وأنت أخي، ما لم تكفرني.

وكتب (العباس) بتاريخ 27-1-2000، الثالثة ظهراً:

الوحدة هي المطلب الوحيد الذي يتمناه كل مسلم، حيث بالوحدة لا يستطيع الأعداء من (كذا) النيل منا كما هو حاصل في الوقت الحاضر. فلماذا لا نتحد؟؟؟؟؟

المسلمون لا يتحدون، لأن السلطة وحب النفس والعناد قد أعماهم عن الوحدة.

نحن نؤمن بالله رباًّ وبمحمد نبياً فهذان الشيئان مشتركان بين الشيعة والسنة.. فلماذا لا نتحد.

دعوا الخلافات العقائدية وانتبهوا لأعدائكم.

وكتبت (إيمان) بتاريخ 27-1-2000، الرابعة عصراً:

الأخ المسلم الغيور: جزاك الله خيراً علي هذا الطرح المفيد..

أسأل الله تعالي أن يجعل كلماتك القيمة نوراً ينفذ إلي قلوب إخواننا في هذه الساحة - الذين لم تصل إلي قلوبهم كلماتي قبلك - وأن تكون مثل هذه الدعوات وقفات لمراجعة النفس ودوافعها، والسير وفق أولويات الإسلام ومصلحة الأمة.. لا من منطلق التعصب والحمية للنفس ومعتقداتها..

ألا يكفينا ما ضيعناه من عمرنا ونحن نتقاتل بيننا، وأعداؤنا بنا يشمتون؟!! لا حول ولا قوة إلا بالله..

ص: 277

إن المتأمل في حال الساحة هنا يدمي قلبه لما يري من المنكر ولا يستطيع تبديله من دون تعاون البعض ممن يصر علي رأيه ويري أن إثارة المواضع الخلافية التي تشعل الفتنة والشقاق بين الطوائف المختلفة هي جهاد مقدس لا يمس.. فأي جهاد هذا؟!!

وهل تخاصمنا من أعداء الحاضر والمستقبل.. لنتفرغ في التاريخ وننبش أحداثه لإحياء الأحقاد والخلاف بيننا؟!!

متي ستصل أصواتنا إلي إخواننا الأعزاء؟ ومتي ينتبهوا (كذا) ليروا ما يحيكه أعداء الإسلام ضدنا ونحن عنهم بالقتال والخلاف بيننا غافلون؟!!

اللهم اكشف هذه الغمة عن هذه الأمة بحق محمد وآله الطاهرين.. وصلي الله علي محمد وآله وسلم.

وكتب (فاتح) بتاريخ 29-1-2000، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

كي لا تطغي أنوثتك علي كتابتك، لما ننكر الخلاف ونجامل أنفسنا في سبيل ادعاء قيم وهمية.. هل بقولنا ذلك سوف ننفي الخلاف الواقع بين الأمة الإسلامية؟

إن الخلاف أمر يتجسد في واقعنا الخارجي فنحن لا نثيره، بل نحاول إصلاحه وبيان الخطأ فيه.

ليت شعري، أين قوله عليه السلام لئن يهدي بك الله رجل (كذا) خير لك مما طلعت عليه الشمس، أليس الأولي أن يبدأ الإنسان بعيوبه فيصلحها؟ إبدأ بنفسك فانهها عن غيها.

أليست الأمة مثل النفس الواحدة التي يجب أن نستأصل السرطان من بينها؟

ص: 278

كيف سنقول للعالم إن ديننا الإسلامي يحمل بين طياته خمسة مذاهب يكفر بعضنا بعضاً، أم ندلس الحقائق يوم تبليغها؟

فأرجو منك يا أختي العزيزة الكتابة بواقعية وتعايش بما يناسب الحدث والساعة.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 29-1-2000، الثانية صباحاً:

لن أنطلق في حديثي مما قام به وقاله العشرات بل المئات من العلماء والمراجع في دفاعهم عن مذهب أهل البيت عليهم السلام كالشيخ المفيد، والشيخ الصدوق، والمحقق الكركي، والقاضي التستري، والعلامة المجلسي فإن البعض من أصحاب النظرة العصرية!! لا يري لمواقفهم قيمة.

ولهذا سأستشهد بموقف الإمام الخميني قدس سره باعتباره أكبر داعية للوحدة: ألم يؤلف كتاب كشف الأسرار؟ ألم يحذر من الوهابية في وصيته؟ ألم يوص بالتمسك بالثقلين في بداية وصيته؟ ألم يرد علي الوهابية عندما اعترضوا علي حديثه في الإمام المهدي (علیه السلام)؟

فعلي أي أساس تستندون في رفض النقاشات العقائدية؟

إنهم يشككون أبناءكم وإخوانكم في عقيدتهم، وأنتم تفرحون لأنكم جلستم مع.. خمسة يتربصون بكم الدوائر خلف الكواليس.. علي طاولة واحدة!!

لعلكم ستعرفون أهمية ما يقوم به الأخوة جزاهم الله خيراً، عندما تسمعون أنهم استطاعوا أن يسرقوا أحد أبنائكم نتيجة سكوتكم ورفضكم الدخول في النقاشات العقائدية؟

الوحدة العملية أمر نصبو إليه جميعاً، ولكن لا يعني هذا أن نتنازل عن عقيدتنا وطرح ما لدينا؟

ص: 279

وكتبت (إيمان) بتاريخ 29-1-2000، الرابعة والنصف عصراً:

الأخ الكريم الفاتح: شكراً لتعقيبك علي مداخلتي..

أخي.. الحديث عن الوحدة ونبذ الخلافات لا دخل له بالخيال الأنثوي.. ونقيض ذلك لا دخل له بالبطولة والواقعية الذكورية..

الخيال هو إغماض العين عن الواقع، وبناء قصور في الهواء وتوهم المدينة الفاضلة بمجرد التشدق بكلمات مثالية عن الحق والفضيلة..

الخيال هو تصور نهاية الإختلافات بين البشر بعصا سحرية بمجرد أن نتلو ما قرأناه من التاريخ وننظر فيما تعلمناه من صغرنا ونحلم بأن للبشر كلهم نفس الرغبة والقدرة علي أن يروا رؤيتنا وبأساليبنا ووفق الجدول الزمني الذي نضعه لهم!! مهلاً.. إذا كان الحق والوصول إليه بهذه السهولة..

فلماذا لم يتسني (كذا) ذلك لمن هم أجدر منا؟

لماذا لم يخضع الكفار لأنبيائهم بمجرد أن أعلنوا الحق وأظهروا المعجزات؟!

لماذا لم يتحقق ذلك للأئمة عليهم السلام قبلنا؟ أتري أننا اليوم أقدر منهم في ذلك؟

كيف ولماذا؟!!!

الواقعية يا أخي.. هي تفهم الطبيعة البشرية التي تنبع منها المعرفة بكيفية هداية البشر، ولهذا قال الأمير عليه السلام لئن يهدي بك الله رجل (كذا) خير لك مما طلعت عليه الشمس..

نعم إنه مطلب عسير لا يتسني بالأساليب العشوائية.. ولو كنت علي مذهب غير المذهب الذي ولدت به.. لعرفت معني ذلك حقاًّ ولكن أسفاً فلسنا نعيش إلا مرة واحدة، أنفسنا تحجب أعيننا عن النظر من خارج سجن الذات..

ص: 280

وأما حديثك عن الإختلافات بين المسلمين فلم ينكرها أحد وقد كانت ولن تزال بيننا إلي أن يأذن الله تعالي برفعها علي يد الموحد بيننا عليه السلام..

وليست دعوتي يا أخي بأن نلغي الإختلافات بيننا، بل أن نتعايش مع هذه الإختلافات ونحصرها كي لا تصل إلي درجة الخلاف والتكفير والتعصب للرأي..

فلكلٍّ عقيدته وآراؤه الخاصة والتعامل بيننا ينبغي أن يكون علي ما نتفق عليه.. فالنظرة الأحادية للأمور ورفض الفكر الآخر هي مشكلتنا.. والهداية تكون بأساليب الهداية لا بالأساليب التي تعجبنا وتزيح عنا هم الكبت لما نستشعره من مظلومية.. يا لسخرية الأعداء منا!!

هل نحن مؤهلين (كذا) لحمل رسالة الإسلام العظيمة في عصر العولمة إلي جميع البشر ونحن بعد غير قادرين علي التعايش والتسامح بيننا؟

كيف نطمح أن يتقبل غير المسلمون (كذا) ديننا الإسلامي ونحن نعكسه بهذه الصورة من الإنغلاقية والعصبية لوجهة نظر واحدة؟

والله إن الناظر بعين الإنصاف الخارج عن الذاتية يري أن ما يعكسه الغرب من انفتاح وتسامح رغم علاته أكثر إنسانية مما نعكسه بهذه التعصبات ودعوات التكفير والإنغلاق علي الذات..

ها أنت لم تطق سماع صوت وأسلوب يخالف ما تعودت عليه رغم أنني علي مذهبك، وأدعو إلي ما تدعو إليه ودعوتني بالخيالية وأفكاري بالأنثوية بدون أي مراعاة لحق زمالتنا وأخوتنا، فما بالك بالتعامل مع هذا العالم المفتوح اليوم ومع من يخالفك فكراً ومنطقاً وعقيدة؟!!

ص: 281

نعم هذا هو الوهم والخيال!! نتشدق بكلمات عن قدراتنا بحمل الإسلام إلي العالم، ونحن غير قادرين علي التعايش بيننا، وتحمل اختلافات هينة بين آراؤنا (كذا)..

لا تظن أن وصفك لأسلوبي آلمني، فالحمد لله إنني علي بصيرة من أمري.

ولقد أراني من فضله ما لهذا الأسلوب الخيالي - كما تسميه - من أثر لم ولن يري مثله أسلوب العصبية للرأي والإنغلاق علي الرؤية الواحدة.. الذي دعوت لنبذه.

فإن لم تكن قرأت بعد مساهماتي في هذه الساحة - في قسمها العربي والإنجليزي - وردات فعل الآخرين عليها فأرجو أن تقرأ قبل الحكم لعلها تفيدك.. والحق أنني وجدت لدعوتي في غير هذا المكان صدي أكبر مما رأيته هنا وذلك لطغيان وكثرة من يتبني الأسلوب الواقعي - بتعريفك - والذي يعيق التحرك لمن يدعو لنبذ الخلاف هنا..

ولكن هذا لن يوقفني بإذن الله تعالي وتوفيقه عن مواصلة أسلوبي، فلست أعمل من أجل الحصول علي شهادة تقدير من أحد لكي يوقفني مثل هذا الهجوم.. والله تعالي ولي التوفيق..

وما أريد أن أخالفكم إلي ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

الأخ الموسوي:

تقول: الوحدة العملية أمر نصبو إليه جميعاً ولكن لا يعني هذا أن نتنازل عن عقيدتنا وطرح ما لدينا. وأعتقد إن المفهوم من الوحدة غير واضح، فالتنازل عن العقيدة غير وارد إطلاقاً، وطرح ما لدينا غير مرفوض، ولكن ليكن الطرح علي

ص: 282

حسب الموقف وبالنظر إلي الأولويات ومصلحة الأمة الإسلامية.. فالطرح ليس من أجل الطرح بل هو مجرد وسيلة لغاية أكبر.. والعاقل من يتخير الوسيلة الأفضل.. وينبذ كل وسيلة لا تتفق مع الغاية.. وعلي هذا يمكنك أن تقيس أقوال العلماء الأفاضل وكتبهم الذين استشهدت بهم، فلكل زمان أولوياته ولكل مقام مقال!!

إذن المرفوض هو الطرح الذي يؤجج الخلاف ويثير الشقاق.. وإن شئت ارجع لبعض حواراتي مع الإخوة السنة هنا لتعرف مقصودي.. والله الموفق.. وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين..

وكتب (الموسوي) بتاريخ 29-1-2000، الرابعة والنصف عصراً:

الأخت الفاضلة إيمان:

هل تقصدين أن الإمام الخميني رضوان الله تعالي عليه كان في زمان آخر غير زماننا؟؟

وإذا كان الأمر كذلك فوصيته لمن كانت؟

فكتبت (إيمان) بتاريخ 30-1-2000، السابعة والنصف صباحاً:

الأخ الموسوي: سؤالك وجيه..

وأقول: سيكون أكثر وجاهة لو كان اليوم بالأمس..

هل تعلم يا أخي أن يوماً واحداً من أيامنا هذه تساوي عاماً كاملاً قبل عشر سنوات؟

فكر بالأمر وستري ما أعنيه.. ولكن إن كان خلافك علي وصية الإمام الخميني رضوان الله عليه فتأمل معي فيما تذكره لتري هل يخالف ما أقول أو، لا:

ص: 283

1 - ألم يؤلف كتاب كشف الأسرار؟ بلي ألف ذلك..

وإذا كنا بمنطق وأسلوب الإمام الخميني وحجته وكنا نكتب كتباً تخصصية فجميل أن نكتب مثله.. ولكننا لسنا بصدد ذلك ولسنا مؤهلين له..

2 - ألم يحذر من الوهابية في وصيته؟

أخذ الحذر يعني معرفة كيفية التعامل معهم، وإبطال مخططاتهم.. وأهل السنة ليسوا هم الوهابية.. الوهابية تعمل علي نصب نفسها ممثلاً عن السنة، وتريد أن تفرق بين المسلمين بتكفيرها.. والحذر التفطن إلي هذا المخطط والعمل ضده..

3 - ألم يوص بالتمسك بالثقلين في بداية وصيته؟

بالطبع علي كل شيعي أن يتمسك بالثقلين، وما دخل هذا بحديثنا عن نبذ الخلاف والوحدة؟

4 - ألم يرد علي الوهابية عندما اعترضوا علي حديثه في الإمام المهدي (علیه السلام)؟

نرد علي كل أحد يطعن في أي مقدس من مقدساتنا بالحجة والمنطق.. ولا نبدأ بالطعن في أي مقدس للآخرين حرصاً علي الوحدة.. هذا هو ما دعوت إليه مراراً وتكراراً..

وأخيراً تقول: علي أي أساس تستندون في رفض النقاشات العقائدية؟

لم نرفض النقاشات العقائدية بل ندعو إلي ضبطها وفق الأولويات الإسلامية.. ندعو لأن تكون حوارات هادئة لا تبعث علي إثارة الخلاف، ولا تخرج عن خدمة الأهداف والمصالح العليا للأمة.. وإثارة المواضيع الخلافية لا يخدم المطلوب..

وأخيراً: المواضيع الخلافية معظمها تاريخي وليس عقائدي (كذا) لو تتأمل..

ص: 284

وختاماً، ذكرت الكثير من الوصايا عن الإمام الخميني رضوان الله عليه ولكن لم تذكر أي (كذا) من وصاياه العديدة في الوحدة بين المسلمين ونبذ الخلاف بينهم.. نعم قلت إنه أكبر داعية للوحدة ولكن بدلاً من التعميم الذي يشكك سامعيه في مقصوده - خصوصاً في معرض استشهادك - ألا تذكر بعض وصاياه التطبيقية في هذا المجال؟؟

أخشي أن ذكرك لوجه واحد من العملة - خصوصاً في مثل هذه المواقع - يسئ إلي شخصية الإمام من حيث لا تدري؟ وفقك الله تعالي لما يرضيه..

فكتب (الموسوي) بتاريخ 30-1-2000، الخامسة عصراً:

الأخت الفاضلة إيمان: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته.

في البداية أرجو أن أنطلق معك من نقطة مهمة وهي أن تحديد الأولويات هو في صميم التكليف الشرعي، فهذا الأمر إما أن يكون موكولاً بنا وإما أن نتبع فيه رأي من يكون قوله حجة في حقنا كالمرجع مثلاً.

وإذا كان المتبع هو رأي المرجع فحوارنا هذا تكون قيمته فقط في إبراز دليل كل مرجع، أما إن كان رأي كل واحد منا في جهة، ورأي المرجع في جهة مع أن المفروض أن يكون رأيه هو المتبع فهذه طامة ومصيبة!

أما إن كان الرأي موكولاً بنا، وتشخيص الأولوية بأيدينا فهذا سيجعل مسار البحث ينحي (كذا) منحي آخر، وسيكون كل واحد منا ملزم (كذا) بما توصل إليه.

وحينها فتكون قيمة الحوار في التأثر بالرأي الآخر المخالف أو التأثير علي صاحب ذاك الرأي، وستكون قيمة الحوار هنا ذو (كذا) تأثير حقيقي.

ص: 285

وسأحاول أختي الفاضلة أن أنطلق في حديثي من خلال هاتين النظرتين معاً في الحوار إما الكشف عن الرأي الملزم أو تشخيص أهمية هذه النقاشات.

فأقول وبالله المستعان:

إن أهمية الوقت والزمان وتطور مجريات الأحداث والعصرنة والإنفتاح والعولمة كل ذلك لا يمكن أن يغير من جوهر الأمور وواقعيتها فيجعل المتقدم متأخراً أو العكس، وإن حصل شئ من هذا في الواقع وبسبب الجهل والإهمال والتهاون فهذا لن يؤثر في القيمة الواقعية للأمور المطلوبة والمستندة علي الأسس القرآنية والحديثية.

كما أن وجود اهتمامات وابتلاءات تعصف بالأمة الإسلامية وهي غير خافية علينا جميعاً لا يعني أن ننسي دور الأرضية التي يستند عليها العاملون للإسلام.

تري هل نريد إسلاميين من قبيل الطالبان؟ يغلقون المدارس؟ ويقتلون الشيعة لأنهم كفرة؟ ويستبيحون أعراض نسائهم لأنهم كفرة؟ من سيواجه المد الوهابي بكل إمكانياته؟ ذلك المد الذي تحركه دول ومؤسسات مالية ضخمة؟

هل تستطيعين من خلال الدعوة للإلتفات حول أولويات - لم تذكريها بالضبط ما هي - ستتمكنين من وقف موجة هذا المد؟

وكما تدير أمريكا في نظام القطب الأوحد دفة الأمور في العالم، فإن للوهابية بما لديها من إمكانيات وتمويل من قبل دول تعرفينها كالسعودية ومؤسسات مالية متناثرة في كل مكان وبالأخص في دول الخليج دوراً كبيراً في بث أفكارهم المنحرفة وتضليل الشباب

كيف ستتعاونين مع شخص في سبيل الوقوف بوجه إسرائيل وهو يقول لك إنكم أشر من اليهود؟

ص: 286

هل واجهتك حتي الآن مثل تلك العينات؟؟

إن لم تواجهك فنحن نواجه العشرات منهم وما ساحة سحاب عنك ببعيد!!

والآن لنعود (كذا) إلي بعض تعليقاتك.

قلتِ: بلي ألف ذلك.. وإذا كنا بمنطق وأسلوب الإمام الخميني وحجته، وكنا نكتب كتباً تخصصية فجميل أن نكتب مثله.. ولكننا لسنا بصدد ذلك ولسنا مؤهلين له..

أقول: نحن لا ندعي أننا بمستوي الإمام الخميني، كلا وألف كلا، ولكننا نسعي أن نأخذ من أفكارهم وننشرها ونستدل بأقوالهم.

وهل الإهتمام بالجانب العقائدي مقصور علي تأليف الكتب التخصصية فقط؟

ولكن لي سؤال: هل قرأت كتاب كشف الأسرار؟ أظنك لو قرأتيه (كذا) فإنك ستصدمين بما فيه من بيان فضائح الشيخين؟

قلتِ: أخذ الحذر يعني معرفة كيفية التعامل معهم وإبطال مخططاتهم، وأهل السنة ليسوا هم الوهابية.. والوهابية تعمل علي نصب نفسها ممثلاً عن السنة وتريد أن تفرق بين المسلمين بتكفيرها.. والحذر التفطن إلي هذا المخطط والعمل ضده.

أقول: ومن طرق إبطال مخططاتهم بيان خوائهم الفكري والعقائدي وأن مذهبهم يقوم علي الخرافات والتكفير وغير ذلك من فضائحهم.

والظاهر يا أختي أنك لم تقرأي العديد مما كتبته سابقاً في هذا المنتدي وقلت فيه: إن الوهابية وأتباع ابن تيمية يسعون أن ينصبوا أنفسهم كممثلين لأهل السنة فلا خلاف بيننا في هذه النقطة.

ص: 287

وأنا بصدد إعداد مقالة أبين فيها بعض نقاط الإشتراك بين الفكر الوهابي وفكر ابن تيمية فترقبيه.

قلتِ: بالطبع علي كل شيعي أن يتمسك بالثقلين، وما دخل هذا بحديثنا عن نبذ الخلاف والوحدة؟

أقول: الظاهر يا أختي أنك لم تعرفي ما أقصد، فالإمام الخميني عندما تحدث في وصيته عن الثقلين كان خطابه لبقية المذاهب، وقال: إن حديث الثقلين حجة قاطعة علي جميع البشر وبالخصوص المسلمين من المذاهب المختلفة، ويجب علي كل المسلمين أن يكونوا مستعدين للإجابة عن هذا الحديث الذي هو حجة تامة عليهم، وإن كان هناك عذر للجهلة القاصرين فلا عذر لعلماء المذاهب الأخري.

راجعي الوصية وتمعني فيها وستدركين ما أعني.

قلتِ: نرد علي كل أحد يطعن في أي مقدس من مقدساتنا بالحجة والمنطق.. ولا نبدأ بالطعن في أي مقدس للآخرين حرصاً علي الوحدة.. هذا هو ما دعوت إليه مراراً وتكراراً..

أقول: وأنا أوافقك الرأي وعدم الطعن يعني أن لا نسب ولا نلعن من يحبونهم في العلن كما أمرنا أئمتنا أما بيان مثالبهم وزيف عقيدتهم وجرائمهم فذاك أمر آخر.

قلتِ: لم نرفض النقاشات العقائدية بل ندعو إلي ضبطها وفق الأولويات الإسلامية.. ندعو لأن تكون حوارات هادئة لا تبعث علي إثارة الخلاف، ولا تخرج عن خدمة الأهداف والمصالح العليا للأمة.. وإثارة المواضيع الخلافية لا

ص: 288

يخدم المطلوب.. وأخيراً المواضيع الخلافية معظمها تاريخي وليس عقائدي

(كذا) لو تتأمل..

أقول: كلامك هذا فيه تناقض! فمرة تقولين ندعو لحوارات هادئة، ثم تقولين إن إثارة المواضيع الخلافية - بدون قيد أو تحديد بالهادئة وغيرها - لا يخدم الأولويات؟

طبعاً إن اتفقنا معك في تحديد الأولويات، وهل وجود أولوية ما تعني أن تنفرد تلك الأولوية لتلغي بقية الأولويات؟

وبمعني آخر، هل هناك أولوية واحدة أم يمكن أن تكون هناك أولويات عديدة في نفس الوقت وكل يعمل في جانب؟

أما قولكِ: إن المواضيع الخلافية معظمها تاريخي.

أقول: وهل التاريخ مفصول عن الجانب العقائدي؟ مع أن هذا محل كلام، فالمسائل الخلافية تستند علي أصول عقائدية وهي في النهاية تعود إلي الإحتكام إلي أهل البيت، أم الصحابة؟

إلي مدرسة الإمامة والنص، أم الشوري والغلبة؟

وأخيراً: فلا أريد أن أبرز وجهاً واحداً من العملة، بل لكي أبرز الوجه الآخر فقط، لمن لم يره حتي الآن!! أما الوجه الذي تعنينه فواضح بالنسبة لي وأنا لا أنكر أهميته!

وفي عدة مناقشات ومنها مع الأخ الراصد كنت أقول دوماً:

الإهتمام بجانب لا يلغي الآخر.. فتفطني رحمك الله. وفقك الله لكل خير.

وكتب (فاتح) بتاريخ 31-1-2000، الثانية عشرة وسبع دقائق صباحاً:

ابنتي العزيزة إيمان:

ص: 289

إنه يؤسفني أن تكون فتاة مهذبة تدعو إلي مثل ما تدعين إليه، وإني لأعذرك فإن طريق الحياة سيبين لك لاحقاً عبر سنيها - إن شاء الله - ما تطمحين له الآن.

بنيتي العزيزة: لا بد أن تعلمي بأن أسلوب الدعوة يجب أن يكون خالياً من الملابسات والغموض لأننا نؤدي رسالة سماوية، يجب أن تبدأ بالدعوة بالحكمة والموعظة والمجادلة بالتي هي أحسن، وأنت يا ابنتي أقحمتي (كذا) في المرتبة الأخيرة وهي المجادلة بالتي هي أحسن.

ونحن في مثل هذه الصفحات نجادل بالتي هي أحسن، ومعني الجدال بالتي هي أحسن هو ذكر الحقائق بالأسلوب المهذب المناسب للعرض، فإن مقام الدعوة يحتاج لكشف الحقائق، وليس أن نعيش حياة من الخيال الجغرافي تجمع بين همزتها عقائد متشاكسة متنابذة يجب - كما قلت لك سابقاً - أن نبين الحق والحقائق.

وأما القول بأننا نعيش فترة عصيبة، فهذه من أوهن أوهام الفكر، ولعمري لقد مرت الطائفة بليل كالح إبان موت الرسول وغصب الخلافة.

فيا أيتها الأنثي، ألم تلاحظي ما عملته فاطمة، لبوة الرسالة وأسطورة المعرفة، وكمال الخلق ونفس الرسول؟

لم تهادن ولم تستقر ولم تهدأ ولم تسكن، بل أعلنت ثورة وبركان (كذا) يعصف بالسقيفة السوداء، واستمر بنوها عليهم السلام علي ذلك.

نعم.. ربما اقتضي ريب الزمان منهم السكوت تقية علي أنفسهم وعلي دينهم وشيعتهم حتي صدر عنهم عليهم السلام: إنما اتقيت عليك، حينما بالغ أحد أصحابه حكماً تقوياً.

ص: 290

بل وهكذا كانت الأنبياء والرسل، فصرح القرآن بهم فقال تعالي: قتل داود جالوت، وكسر إبراهيم الأصنام، وحاربوا وجاهدوا، وصرح موسي بدعوته لفرعون بقيام الحجة ووضوح الدليل، فمن أراد أن يضرب برسل الله مثلاً لا بد أن يستوعب حياتهم، ويسبر دعواتهم ويميز بين تصانيف طيات حياتهم ليري أنها تتبلور في كل حين ببلوار (كذا) يبرزها بصدق اللهجة.

ولعمري علي (كذا) ما مدح النبي أبا ذر.. إلا علي صدق لهجته ووطأته علي الحق، فحاجج وناظر وأشاد وبين. نعم، إنه الدين القويم.

نحن يا عزيزتي لا نرغب بأمة إسلامية أشبة بجرة الخزف، لا تحوي بداخلها إلا الفراغ، فإن مذهباً بما يحمل من حقيقة هو الذي فرض أن تكون الرسالة للعالم، فلا يظم (كذا) له الصوت العمري، ولا يشوبه التراث الأموي.

مهلاً يا عزيزتي، أنا ما تهجمة (كذا) علي أسلوبك من حيث إنه لأنثي، ولكن انتقدته من حيث أنثي تشيع.

وما رضيت ما قلتي (كذا) ولا أرضي به.

نعم.. وأنت ممن علي مذهبي وذلك لأن الحسن من أي أحد حسن، ومنك أحسن، والقبيح من أي أحد قبيح، ومنك أقبح.

هذه ساحة سخرت لإبراز عقيدت (كذا) طالما أرادوا وأدها، فأبي الله إلا إتمام نوره وهداية البشرية بها، فهل سندعو البشرية للإعتقاد بمبادئ عمرية، أم مبادئ إسلامية؟

وهل الإسلام إلا التشيع وهل التشيع إلا الإسلام؟

وما أظمأ البشرية لمعرفة تراث هذه الطائفة، وما أحوجهم إلي عذب رحيقها ونفح أريجها.

ص: 291

فكتبت (إيمان) بتاريخ 31-1-2000، العاشرة ليلاً:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إخواني الشيعة.. الموسوي والفاتح:

جزاكم الله تعالي خيراً علي ردودكم ومناصحتكم الأخوية، وسددنا الله تعالي جميعاً إلي ما يحب ويرضي، وبعد.. كنت قد قررت بيني وبين نفسي أن لا أرد علي مداخلتكما الأخيرة خوفاً من أن يكون في ردي شيئاً (كذا) من الإنتصار لرأيي..

والحق أني ما كرهت لنفسي ولإخواني شيئاً قدر كرهي للمراء والجدال.. كيف لا؟

وقد أبلغ الرسول صلي الله عليه وآله في تحذرينا منه: لا يستكمل عبد حقيقة الإيمان حتي يدع المراء وإن كان محقاًّ..

ثم أنني بعد ذلك راجعت الأمر فرأيت الرد أولي، إذ لعل في رسالتي هذه فائدة أحبها لإخواني وإن كرهت الرد لنفسي...

بلي يا أخوي، إن أختكم أجهل الجهلاء.. وكما يقول أخي الموسوي.. لم أقرأ كتاب الأسرار للإمام الخميني رضوان الله عليه.. بل لم أقرأ شيئاً يعد لي.. ولا يقف جهلي عند ذلك بل يفوقه بكثير، كما يقول أخي الفاتح - وقد شرفني أن تناديني بابنتي - فإنني أنثي الشخصية والتشيع والتفكير.. وبالطبع لا أملك من خبرة الرجال وتفوقهم الفكري شيئاً..

ولأنني بهذا الحال فقد تعلمت من جهلي العلمي وضعفي البشري وخيالي الأنثوي ما أحببت أن أطلعكم عليه.. فإن من عامة الناس من لا يكون أفضل حالاً مني..

ص: 292

وإن من واجب من نصب نفسه في مقام الدعوة أن يعتبر مستوي من يدعوه، ومن القبح أن يطالب البشر بما لا يقدر الداعية نفسه عليه..

تعلمت أنني ما وصلتُ - إن وصلت - إلي طريق الحق بكثرة قراءة الكتب، ولا عقلية الرجال الفذة، ولا التفوق في الجدال، بل لأنني شهدت أهل الحق فأحبهم قلبي.. وعرفت الحق بقلبي قبل أن أعرفه بعقلي..

تأملت في نفسي في مواقف الجدال وعرفت معني المكابرة وتفطنت حينها أن الغرور هو الزعم بالقدرة علي تبصير الغير بالحق ولم تعرفه بعد نفسي!! ليتنا فعلاً نعلم حقيقة أنفسنا!!

فمتي ما عرفناها وتعاملنا في حياتنا من منطلق هذه المعرفة كفتنا عن الخطأ والزلل.. ألا يقول الحديث الشريف: من عرف نفسه فقد عرف ربه..

فهل عرفنا أننا لو لم نولد شيعة لكنا غالباً كمن نتهمهم في هذه الساحة بالنواصب ولسخرنا أقلامنا وجهودنا في عكس ما نسخره اليوم؟

لماذا إذن لا نتواضع للحق قليلاً ونعترف أن تبصرنا لما نبصر ليس لنباهة عقولنا ونبوغ أفهامنا - فمن غيرنا من هو أنبغ منا - بل لأننا ورثنا ما نحن عليه؟

لماذا لا نتعامل مع الخلق من هذا المنطلق إذن، وتتسع صدورنا أكثر لما يقولون ما دمنا علي الحق كما نقول؟!!

وهل عرفنا كيف أن النفس لا تكره شيئاً قدر كرهها للإنتقاد وتسفيه الرأي؟ فلماذا إذن لا نطبق هذا في دعوتنا فنترك انتقاد ممارسات وفكر الآخرين لهم؟ ونكتفي بنقد ذاتنا وعيوبنا لأنفسنا؟

ص: 293

ونترك المساحة المتصلة بيننا للعمل في التعاون والتعارف والتعلم.. وفي نفس الوقت تحبيبهم إلي مذهبنا عن طريق حسن التمثيل لأخلاق أئمتنا عليهم السلام في تعاملهم مع المخالفين؟

أم هل عرفنا أن النفس لا تدع مجالاً للعقل كي يبصر الحق حتي نستجلبها أولاً باللطف والمحبة واللين؟

فما لنا اخترنا من قوله تعالي: أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن، آخر الأساليب - إن كانت المجادلة الحسني تعني فعلاً ما يجري هنا - والحق أƠالدعوة لا تستقيم إلا بالثلاثة معاً وبالترتيب المذكور؟!!

فالحكمة جاءت أولاً.. لأن الحكمة قائمة علي معرفة النفس وما يستجلبها من حسن الحديث الذي يلائم الفطرة.. ثم تتلوها النصيحة التي هي أثقل علي النفس، ولكن لا يأتي الداعية إليها إلا بعد أن يلين بالحكمة ما خشن من النفس..

وآخر الأساليب التي لا يلجأ إليها إلا بعد كسر الحواجز النفسية تأتي المجادلة (الحسنة)!!

هذا هو أسلوب الداعي وهذا أمر الله تعالي إلينا.. أليس هذا تطبيقاً لقوله تعالي: ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك.. فكيف طبقناه في نقاشاتنا هنا؟!!

ألسنا نريد الدعوة إلي أئمتنا عليهم السلام.. أفندعو إليهم بأمرهم، أم بأمر أنفسنا؟!!

هم يقولون: كونوا لنا دعاة بغير ألسنتكم.. فماذا نقول نحن؟

ص: 294

أنقول: عذراً ولكننا نفهم أسلوب دعوة أفضل، وهي في هذا الموقع وفي هذا الزمان بهذه الكيفية الممتازة - ولا أعرف بعد من قال بها -؟!!

ألسنا هنا جميعاً من أجل هدف.. فما هو هدفنا؟!

إذا استطعنا تحديد هدفنا يا أخي الموسوي فلن يصعب علينا تحديد الأولويات.. فلنحدد إذن سر اجتماعنا ومشاركتنا هنا ولماذا تبذل هذه الجهود؟

حتي نري إن كان الأسلوب المستخدم ينصب في هذه الأهداف، أو لا.

هل هدفنا بيان الحق وكشف مظلومية آل البيت عليهم السلام؟ إذن علينا أن نحدد أولاً.. لمن نريد كشفه؟

ثم نحدد ما هي الأساليب التي تبلغنا هذا الهدف؟ ثم نحكم بإنصاف هل أن ما يجري هنا قد بلغنا شيئاً من هذا، أو لا؟

ولمجرد المساعدة أنصحكم بقراءة موضوع (وعد) المسيحي.. علي ما يدور في هذه الساحة، وهو مجرد نموذج لغير المسلمين، وقيسوا عليه ردود أفعال الناظرين من الخارج لما يجري هنا..

أو انظروا بحياد في موقف الزوار من السنة من أهل البيت عليهم السلام بعد هذه الفترة.. لتروا ما وقع هذه المواضيع الخلافية عليهم..

أو زوروا مواقع الوهابية لتعرفوا كيف أن مثل هذه الحوارات قد أحيت اللعن والتكفير علي الشيعة مرة أخري، ووجدوا هذه المرة أكبر دافع، بل لقد منحهم العذر من كان لا يعذرهم لما رأوا في مثل هذه الساحات تعريضاً واضحاً بمقدساتهم.. ثم احكموا بعدل.. هل أدت هذه الأساليب إلي إنصافهم عليهم السلام، أم إلي مظلوميتهم بدرجة أكبر؟!!!

ص: 295

هل تعتبر الوحدة بين المسلمين والتقريب بين المذاهب من أهدافنا وخصوصاً وأن الأخ الموسوي يذكر أن الإمام الخميني رضوان الله عليه أوصانا بها، أم لا؟

فإن كانت من أهدافنا فهل يخدم هذا الذي يجري هنا هذا الهدف، أم لا؟

إخواني.. لا أريد أن أطيل عليكم الحديث وأنتم أفضل مني وأقدر علي فهم هذه الأمور.. ولكن أرجو مراجعة ما يجري علي هذه الساحة والعمل بمقتضي المسؤولية للدين والمذهب والعمل وفق مصلحة الإسلام والأمة الإسلامية..

وإن كل مراقب منصف لما يجري في هذه الساحة، يخبركم فداحة الخطر الذي وعظم الفتنة التي ستحدث بين المسلمين فيما لو استمرت وتصاعدت هذه النقاشات بيننا..

وإذا كنتم ما تزالون ترون أن هذه الحوارات بالطريقة التي تجري فيها فاعلة في تحقيق أي هدف من أهدافنا، فأرجو ذكر أمثلة حية لما رأيتموه هنا حتي نحكم بدليل..

بل أقول بثقة من خبر غير هذا الأسلوب وراقب تأثيره، أن أي خير يرتجي من هذه الساحة.. فهو من مثل دعوات الأخ الغيور وأمثاله ممن يسيرون علي هذا النهج..

وإني آمل أن تكونوا معنا أخوي في هذا الأمر الهام.. وجزاكم الله خيراً..

ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار.

وكتب (الراصد) بتاريخ 1-2-2000، الرابعة والنصف عصراً:

ص: 296

ليس عندي ما أضيفه.. لكن أتذكر من الأخت الفاضلة إيمان في إحدي ردودها علي أحد الأخوة علي موضوع أعتقد أنه يحمل نفس الفكرة هنا، وهي تقول له اترك الآخرين ورأيهم واجعل الحكم وقول الفصل القرآن الكريم.

كلمات رائعة جداً، وهي تذكر الإنسان المؤمن بكتاب الله وما جاء فيه من تبيان وهدي للناس، وأنا من تلك الكلمات سوف أستعرض الآيات القرآنية المباركة لكي أدلل علي ما تطرحه الأخت الفاضلة من مفاهيم وأفكار إسلامية رائعة في هذا المجال:

أدع إلي سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين. ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون. كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدي الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه والله يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم. ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات إلي الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون.

فحري بنا أيها الأخوة أن ننفتح علي القرآن الكريم لنتعرف علي الأسلوب القرآني عندما نحاور الآخرين ونتعرف علي المفاهيم الإسلامية التي تدعونا إلي الأخوة في الله والوحدة في سبيله، لكي نكون أمة قوية عزيزة لها موقعها المميز الذي أراده الله لها.

ص: 297

فهل يكون ذلك ونحن نكفر بعضنا البعض!! ويشتم بعضنا الآخر!!

هل يا تري علماء الدين الذين يستشهد بهم بعض الأخوة يريدون منا أن نكون متعصبين متحجرين في فكرنا وفي أسلوبنا، أوليس هو القائل: إن كل من يسعي لإيجاد الفرقة بين المسلمين ليسوا من الشيعة وليسوا من السنه ولا يعنيهم الإسلام بشئ. هدانا الله وإياكم إلي الطريق القويم.

وكتب (العاملي) بتاريخ 1-2-2000، الخامسة والنصف عصراً:

قرأت الموضوع وتعقيبات الأخت والأخوة الكرام.. ورأيت أن اللبس في الموضوع جاء من عدم تحرير محل النزاع فيه..

وهذه عناوين أعتقد أنها تتصل به وتنفع فيه:

أعداء الأمة الإسلامية اليوم هم الأقوي ولهم نفوذ قوي في داخلها..

واقع الأمة متفكك وبعيد عن الدين.. وفيها طاقة من التمسك بالدين، وفيها متدينون صاروا في عصرنا تياراً قوياً.

الأمة مذاهب واتجاهات متعارضة ومتضادة ومتصارعة.. ومن هذا الباب يدخل أعداؤها ليرسخوا التفريق ويقووا الخلاف، ويمنعوا تصعيد مقاومة نفوذهم.

الوحدة الفكرية والعقائدية بين الأمة غير ممكنة، وقد ثبت أنها تتحقق علي يد الإمام المهدي عليه السلام.

فالبديل المطلوب هو الوحدة السياسية في مواجهة أعدائها، والعمل لاسترداد حقوقها، وأخذ مكانتها اللائقة بين أمم العالم.

أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام هم أقلية، وأكثرية الأمة من أتباع المذاهب الأربعة..

ص: 298

والشيعة باعتبارهم معارضة تاريخية، هم أقلية مظلومة تاريخياً وحالياً.

أتباع ابن تيمية الملتزمون بمذهبه وآرائه بشكل متطرف، لا يصلون إلي نصف مليون شخص داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.

ولكنهم يقودون حملة في العالم وفي كل البلاد الإسلامية ضد الشيعة!!

كلها افتراءات وكذب وحقد!! وتراهم يقفون ضد أي تقارب سياسي أو إنساني معهم، كالذي حصل في التقارب الإيراني السعودي.

لقد كان عداؤهم وبغضهم للشيعة وما زال شغلهم الشاغل، حتي أنساهم إسرائيل والغرب..

وأنساهم ذكر الله!! ولا ندري مدي جدية ما ظهر منهم في حركة بن لادن!

هؤلاء المتطرفون التيميون، هم أكبر عقبة في التقارب بين شعوب الأمة ومذاهبها!

فهم يفتون بكفر الشيعة، بل بكفر جميع المسلمين إلا من وافق رأيهم، وخضع لقيادتهم..

وعندي أدلة من أقوالهم في شبكات الحوار وكتبهم.. فهم خوارج هذا العصر حقيقة.

المتناقشون في المسائل المذهبية، هم غالباً من الشيعة وهؤلاء المتطرفين... والجميع رأي أن أساليب السب والشتم، والشدة والحدة، والبعد عن المنطقية في البحث والنقاش، هو من صفاتهم الصارخة.. والقليل الذي صدر من الشيعة من ذلك، كان رداًّ، والبادي أظلم.

ص: 299

إن الأساس والخطوة الأولي الضرورية لأي مشروع تعاون في الأمة هو منع تكفير المذاهب لبعضها.. فالمعركة الفكرية من أجل ذلك معركة مقدسة تخدم الوحدة علي أي مستوي أردنا.

مع وجود مضار في النقاش وسوء أدب أحياناً، وتفاقم حساسيات معينة.. لكنه عمل ضروري لكسر القطيعة بين أهل المذاهب التي طال بعضها قروناً، ونشأت عنه تصورات خيالية عن هذا المذهب وذاك.. وقد أثمر النقاش في شبكات الإنترنيت نتائج طيبة، في هذا المجال، وغيره..

هناك عدة مسائل لا بد من الحرص عليها في النقاش.. من أهمها:

حفظ الأدب، ومراعاة الأخلاق الإسلامية.

والمنطق العلمي، وليس التهريج.

ومن الطبيعي أنه سيكون في ساحات الحوار المفتوحة ما ينافي ذلك..

ولكن النتيجة أن الشتامين يتضاءلون ويذهبون، ويبقي ويستمر أهل الفكر والبحث والمنطق..

وآثار النقاش المفيدة للجميع.

وكتب (فاتح) بتاريخ 1-2-2000، الثامنة مساءً:

إيمان: زادك الله إيماناً وشرفاً وعفة، أختي وابنتي العزيزة، ابنة التشيع والرسالة:

لا تنسي أننا مشتركان في الغرض، فكل ما أريده هو ما تريديه (كذا).

إنما الخلاف بيننا في الأسلوب، ولا تتصوري أن يكون ما بيننا من خلاف هو خلاف جذري، إنما هو خلاف صوري يرجع إلي منهجية البحث.

ص: 300

وكل ما أردت أن أقول لك أن المرحلة الحالية تحتاج عدم تهاون لأنه إذا كان الطرف الآخر يحتاج إلي اللين، إن لا (كذا) نستعمله معه فنحن نجادل بالتي هي أحسن، وإن لكل حادث حديث (كذا) ولكل مقام مقال.

فربما ما يكون حسنا هنا يكون سيئاً هناك، وما يكون سيئاً هناك حسناً هنا.

هذا خلاصة ما عندي من النقض.. أقول لك إن هذا ما توصل له فكري وهو ليس فكر معصوم لا يقبل الخطأ.. لكن هذا ما أعتقده وأراه حجة بيني وبين ربي.

أتمني أن يكون انتقادي دافعاً لك للمواصلة بعد التفكير في الأسلوب لا محبطاً، فإنه يسعدني أن أري مثلك هنا، وعلي العموم (يا ستي احنا) نقدر جهود الجميع رجالاً أو نساء.

من عمل صالحاً من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة. وطلبي الوحيد أن لا تنسيني من دعائك الشريف كما لا أنساك إن شاء الله وبقية الإخوة ومن الإستغفار.

هذا آخر ما يمكن أن أكتبه هنا وأعتذر فلم يبق لي مجال بعد في هذا الموضوع.

وصلي الله علي محمد وآله الطاهرين.

وكتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 20-3-2000، الواحدة والنصف ظهراً، موضوعاً بعنوان (من لا يعتقد أن في النقاش ثواباً... فلا يناقش!!)، قال فيه:

ص: 301

الوضوح في الحكم والموضوع هو البصيرة اللازمة لأعمالنا.. فمن شروط العمل عند المتدين العاقل أن يعتقد أنه مشروع يرضي الله تعالي.

ويظهر أن البعض متحير هل أن مناقشة النواصب، والمخالفين لمذهب أهل البيت عليهم السلام، ورد شبهاتهم، وجوابهم بما يناسبهم.. هل ذلك عمل يرضي الله تعالي ورسوله، أو أنه عمل يضر في وحدة المسلمين وتحاببهم، وأسلوب غلط، والواجب اتباع أسلوب آخر..

لهؤلاء الإخوة نقول: إن الأحكام الشرعية وسيرة الأئمة من أهل البيت عليهم السلام وتلاميذهم، وعلماء المذهب الحق.. تدل علي وجوب الدفاع ورد الشبهات بمختلف الأساليب المشروعة، ومنها المناظرات..

والتفكير السياسي السليم يشجع أن يتناقش المسلمون في أفكارهم وآرائهم ببعضهم، حتي لو كانت مناقشاتهم تتضمن سلبيات في السنوات الأولي، لأنها الطريق الوحيد لمعرفتهم لبعضهم.. وإلا انعزلوا عن بعضهم، وكفروا بعضهم وتعادوا وتقاتلوا.. كما حدث في الماضي..

ومن لم يؤمن بصحة النقاش والمناظرة، فليترك النقاش، وليعذر من يعتقدون به..

أخرج الصدوق رحمه الله في من لا يحضره الفقيه: 4/399:

إذا كان يوم القيامة جمع الله عز وجل الناس في صعيد واحد، ووضعت الموازين فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء، فيرجح مداد العلماء علي دماء الشهداء.

وفي علل الشرائع للصدوق: 2/394:

ص: 302

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة بعث الله عز وجل العالم والعابد، فإذا وقفا بين يدي الله عز وجل قيل للعابد: انطلق إلي الجنة، وقيل للعالم قف تشفع للناس بحسن تأديبك لهم.

وفي التفسير المنسوب إلي الإمام العسكري عليه السلام ص 344:

وقال علي بن موسي الرضا عليهما السلام: يقال للعابد يوم القيامة: نعم الرجل كنت، همتك ذات نفسك وكفيت الناس مؤنتك، فادخل الجنة.

إلا إن الفقيه من أفاض علي الناس خيره، وأنقذهم من أعدائهم، ووفر عليهم نعم جنان الله، وحصل لهم رضوان الله تعالي.

ويقال للفقيه: يا أيها الكافل لأيتام آل محمد الهادي لضعفاء محبيه ومواليه، قف حتي تشفع لكل من أخذ عنك أو تعلم منك، فيقف فيدخل الجنة ومعه فئاماً وفئاماً.. حتي قال عشراً، وهم الذين أخذوا عنه علومه، وأخذوا عمن أخذ عنه، إلي يوم القيامة، فانظروا كم فرق ما بين المنزلتين!

وكتب (النداء الأخير) بتاريخ 20-3-2000، الثانية عشرة مساءً:

السلام عليكم.

أحببت أن أسأل الأخ العاملي سؤال واحد (كذا):

لماذا نناقش؟؟؟

لماذا نحب أن نتطرق إلي هذه المواضيع بالذات، ونريد أن نثبت بطولاتنا؟؟

لا أعلم، فهل لك أن تخدمني، ما الطائل من وراء هذه النقاشات المذهبية؟

أحببت أن أجد لديكم جواباً مقنعاً. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فأجابه (التلميذ) بتاريخ 21-3-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

النداء الأخير:

ص: 303

إذا كنت أخي العزيز عاجزاً عن النقاش ورد شبهات المخالفين.. فلا يحق لك أن تطلب من الآخرين الكف عن ذلك.

وإن كنت أنت قد شخّصت عدم الجدوي من النقاش فغيرك شخّص خلاف ما أنت شخصت..

ومن قال لك إن المسألة مسألة بطولات.. سبحان الله هكذا يرمي الكلام علي عواهنه..

أخي إذا لا يعجبك هذا النقاش.. فهناك منتديات ليس بها ذلك، ومنابر لا نقاش مذهبي بها.. فزرها واترك عنك هذه..

التلميذ - مدافع عن الحقيقة

ثم أجابه (العاملي) بتاريخ 21-3-2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

أناقش، أولاً: لأدفع الإفتراءات والشبهات عن الإسلام الحق والمذهب الحق، مذهب خير الخلق، محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم.. لأنهم مظلومون ممن يزعم حبهم، بينما هو ظالم لهم.

وأناقش، ثانياً: لأبيّن مقامهم صلوات الله عليهم، لأن الله تعالي جعلهم الواسطة التي يعرف بها ويطاع عن طريقها..

فلا معرفة حقيقية إلا عن طريقهم، ولا خير إلا عن طريقهم.. ولا تكامل لإنسان في دنياه فضلاً عن آخرته، إلا بمعرفتهم واتباعهم.

ولو استطعت أن أصرخ في آذان الدنيا: ما لكم غافلون عن هؤلاء العظماء الربانيين..

ما لكم تستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير..

ما لكم لا تعرفون طريق تكاملكم وفوزكم في الدارين.. لفعلت.

ص: 304

ووالله إني أحب أن أصرف وقتي في غير النقاش، ولكني أقتطع من وقتي ونومي لهذا الواجب الذي أخاف الإثم بترك ما يجب منه!

وهناك: ثالثاً، ورابعاً، وخامساً... أيها الأخ..

ثم.. أرجو أن لا تأخذ موضوعاً لأطفال المناقشين، وسفهائهم وتصدر الحكم منه.. بل خذ مجموع المواضيع والمواقع، وحركة النقاش في السنة المنصرمة وآثارها...

كما أرجو أن لا تنظر إلي النتيجة الآنية مع طرفيْ النقاش، بل انظر إلي سير هذا النقاش في مجتمعات أمتنا وفكرها ومشاعرها.. وأن الجو العام بالنتيجة سيكون للمنطق والحجة وما ينفع الناس..

وأن الزبد وأهله يذهبون جفاء.. وشكراً.

وكتب (الخزاعي) بتاريخ 21-3-2000، الثانية عشرة وأربعين دقيقة ظهراً:

الأخ العزيز النداء الأخير:

لو لم تكن هناك فائدة من النقاش المذهبي لما طالبنا بترشيده واتباع الأساليب المثلي.

واسمح لي أن أقول إن توقيعكم يعني النقاش بشكل عام ويدخل فيه المذهبي!

وبطرحنا هذا لا يعني أننا نلغي الفائدة تماماً.. بل هناك بعض النقاشات المذهبية موضوعية ونموذجية.

وخلاصة القول هو المطالبة بالكف عن التراشق الذي يبدأ في كثير من الأحيان من عنوان الموضوع!!

ص: 305

فمثلاً لما يكتب العنوان: " أهل الفلتة والجماعة أعمالهم الصالحة باطلة ".. مع اعتذاري لصاحب الموضوع ولا أعرف من هو.. وهكذا.. فماذا تتوقع من محاورك؟!!

إن أقل ما تتوقعه هو الرد بالمثل لأنك عمدت علي استفزازه.

وكتب (العاملي) بتاريخ 21-3-2000، الواحدة وعشر دقائق ظهراً:

الحمد لله أننا متفقون أيها الأخ الخزاعي، وقد أجبتك علي سؤالك في الموضوع الأصلي.

وأرجو أن تلاحظ اقتراح النقاش المحدود. أشكر الأخ التلميذ علي مداخلته.

وأقول للأخ النداء الأخير فليتسع صدرك لقناعات الآخرين..

ثم.. أدعو نفسي وأدعوك إلي معايشة قضية أهل البيت عليهم السلام ومخامرتها بشكل أكثر وأعمق.. والتفكير في ظلامتهم من النواصب وغيرهم.. وكما قال الشاعر:

ذوقي أميمة ما أذوق... وبعد ما شئت قولي

وكتب (الفاروق) بتاريخ 21-3-2000، الواحدة والنصف ظهراً:

أتعرفون أيها السادة.. أن أكثر ما يؤلمني ويحز في نفسي هو أن تتحول هذه النقاشات العقيمة إلي أرض الواقع بكل ما تحمله من حقد وسباب وغيرها من الأمور التي إن تحولت إلي أرض الواقع بين المدن والأسواق والساحات لأصبحت مجازر دموية، ونسأل الله أن يكفينا شر الفتن.

ص: 306

وليس هذا أن النقاش البنّاء وعلي أسس قيمة يسود فيها الحب والإحترام بين الطرفين، ليس له ثواب، بل إن الإسلام دين دعوة والدعوة حوار ونقاش. وفقنا الله وإياكم إلي ما يحب ويرضي.

وكتب (أبو الفضل) بتاريخ 21-3-2000، الثانية ظهراً:

الأخوة العاملي والتلميذ وخزاعي.

السلام عليكم يا من ركبتم سفينة أهل بيت رسول الله.

والله إنكم وإن شاء الله من الناجون. (كذا).

أحيي فيكم روح الحوار والمواضيع التي تدل علي جهادكم في سبيل الله وفي سبيل رفع كلمة الإسلام.

إني معكم في كل ما أنتم فيه. أنا عضو جديد في الحوار العام.. قرأت الكثير منه ولم أستطع كبح نفسي من الإشتراك ولو في أي شئ.

وأود أن أخبركم بأن لدي موسوعة جيدة من الكتب والبرامج عن أهل البيت وعن معتقدات السنة والجماعة كما يدعون أنفسهم، وإني علي استعداد تام لأي مساعدة تطلب مني.. سألبيها علي الفور وقدر المستطاع.

لقد عشت أكثر سنين حياتي بين السنة وكنت أتوضأ وضوء هم وأصلي صلاتهم، حتي أنار الله بصري وبصيرتي إلي الحق وليس بعده حق.

وهو مذهبنا مذهب الأئمة الطاهرين من كل رجس.

وأحمد الله وأشكره علي نعمته. والسلام عليكم. والله ولي التوفيق.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 21-3-2000، الثالثة والنصف عصراً:

صدقت يا عاملي، فإن مداد العلماء أفضل من دماء الشهداء، ولكن لمن توجه النصيحة أخي العزيز؟

ص: 307

ما الفائدة من قيام البعض بتخصيص مواضيع فيها الشتم وفيها السب؟..

وكتب (النداء الأخير) بتاريخ 21-3-2000، الرابعة عصراً:

السلام عليكم.

بل.. بل.. بل..

بالراحة علييّ اشوي! عاد خلوني أفسر المغزي من السؤال؟

يا أخي التلميذ لا توجه سؤالي الوجهة التي تريد الرد بها، ولكن وجهه إلي الوجهة العامة، كما أطلقته إطلاقاً عاماً؟

لقد كان سؤالي مجرد استفسار عن النقاش..

همم.. لأني بصراحة لا أقول بعدم جدية النقاش من الناحية الفكرية، لكن من الناحية الواقعية أريد أن أعرف لماذا.. قبل أن ندخل في تفاصيله، فالتفاصيل لن تخدم بدون خطوط واضحة للنقاش.

وأنت يا أخي التلميذ:

فلست بالعاجز ولست بالقاصر أو المقصر، ولي ثقافة تكفيني وتنزهني عن الدخول في مهاترات من النوع الذي حاولت أن تبتدأ فيه.

وشكرا جزيلاً يا أخي العاملي، ولي معك وقفة أخري لنكمل حديثنا، ولكني في عجلة من أمري في الوقت الحالي.

والأخ الخزاعي: أيضاً لنا وقفة معكم أيضاً هذا المساء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب (خالد 78) بتاريخ 21-3-2000، السادسة والنصف مساءً:

النقاش العلمي مطلوب بل من الضروري جداً ومفيد لجميع الأطراف.

المشكلة الأساسية أن جميع الأطراف تكذب بعضها البعض.

ص: 308

أي نعم، قد تظهر بعض الحقائق الدامغة من بعض الأطراف من خلال تبادل الأكاذيب والإدعاءات، لكن هل هذا هو النقاش العلمي المرجو فيه الفائدة؟

أعلم أن ما أقوله ليس بجديد، ولكن الإعادة صفة أساسية من صفات هذا المنتدي.. لذا أود أن أعيد وأكرر وأذكر بأنه يجب أن تكون هناك قواعد وأسس يبني عليها النقاش.

وإلا فما يحدث الآن ليس بنقاش، بل هو تراشق بالكلمات بدل الرصاص، والفقرات بدل القنابل، إلا من رحم ربي وهو قليل. كيف يمكن أن نصل إلي تفاهم إذا كان كل ما يرويه السنة مشكوك فيه، وكذلك كل ما يرويه الشيعة. اللهم إلا تبادل التهم والسباب؟!

وكتب (الوجه الآخر) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 8-7-1999، التاسعة مساء موضوعاً بعنوان (إلي الأخ العاملي بالخصوص)، قال فيه:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية لك ولكل الأخوة المشاركين.

أطلب منك بما أنك متحمس للنقاش في القضايا العقائدية بحسب ما أراه أمامي في الساحة، أن تبين لنا موقعنا كمسلمين في العالم الإسلامي في قبال المسيحية، في قبال اليهودية، في قبال الديانات الأخري، وتطرح الدفاع عن الإسلام بما أنك من المسلمين، وبيان الشبه التي تطرح ضد الإسلام في الغرب والشرق، وتعطي هذا الجانب شيئاً من اهتمامك، ولا تطغي عليك النزعة الشيعية التي لا تنتهي ما دام الخطان متنافسان (كذا).

فإننا بحاجة ماسة إلي بيان ما يطرح ضدنا كمسلمين، ولي معك لقاء لبيان بعض الشبه.

ص: 309

فأجاب (العاملي) بتاريخ 8-7-1999، الحادية عشرة مساءً:

الأخ الوجه الآخر المحترم، بعد السلام عليكم..

حماسي - حسب تعبيرك - للنقاش في الأمور المذهبية هو تكليف شرعي بوجوب رد سيل التهم والإفتراءات والتصورات الخاطئة.

وهو لا ينسجم مع هواي الذي هو البحث العلمي في موضوعاتي التي اخترتها، وتحتاج إلي وقت وشئ من الراحة! وهو عين الدفاع عن الإسلام وليس نوعاً آخر غيره!

فالأمة يا أخي ما لم تنصف أهل بيت نبيها صلي الله عليه وآله لا يمكن أن تنهض من انهيارها..

والتشيع لأهل بيت النبي الطاهرين صلي الله عليه وعليهم ما لم يجد حريته وطريقه لأن يصب في معركة الأمة، ستبقي الأمة فاقدة لأمرين أساسيين في معركتها الكبري:

الأول: مخزون الفكر الإسلامي الشيعي، وهو مخزون علمي مميز في النوعية والكمية، وأهل الفكر والفقه ذووا المستويات العليا يعرفون قيمته وأثره الإيجابي الكبير في الأمة وفي العالم، وإن أنكره أو ظلمه أشباه المتعلمين والجهلة المتعصبون.

والثاني: مخزون الشخصية الشيعية، وأقصد الطاقة الكامنة في الشيعي المتدين العادي، فالمسلم الشيعي بسبب معاناته وعيشه في جو ولاية أهل البيت وقضيتهم، يملك طاقة شخصية (ذرية) لم تكشف منها الأحداث ولا عمليات شباب الشيعة ضد إسرائيل إلا قليلاً!!

ص: 310

وستعرف الأمة أنها بأمس الحاجة إلي هذا المخزون الفكري والإستشهادي في معركتها الكبري القادمة! فلا تقل:

تطغي عليك النزعة الشيعية، فإنما هي العمل الإسلامي، والمطالبة بأن يرفع خصوم التشيع ظلمهم عن هذا المذهب، لتستفيد الأمة من موقعه المتقدم وفاعليته المميزة في معركتها مع أعداء الإسلام.

أما عن شُبه أعداء الإسلام وعملهم الدائب لتشويه الإسلام وثقافته وجميع المنتمين إليه بكل مذاهبهم، فأنا معك في ضرورة الرد عليهم، ولكن قد أختلف معك لأني أري أن أهمية الرد الفكري عليهم تأتي بالدرجة الثالثة.

فأعداء الإسلام يقدسون القوة العسكرية والسياسية والإقتصادية ويخضعون لها، أضعاف ما يخضعون للمنطق والحجج الفكرية العلمية!

وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 9-7-1999، الثامنة والنصف صباحاً:

إلي الأخ العاملي: السلام عليكم..

نحن لا نشك في أنك عندما تتكلم وتناقش بأن ذلك من منطلق التكليف الشرعي، فنحن حملاً لك علي الصحيح نري أنك تتكلم كذلك.

وأما عن التهم والإفتراءات والتصورات الخاطئة التي تكال لك أو لمذهبك فإن أخوك (كذا) السني يقول نفس الكلام الذي أنت تقوله.

ويقول لك إنه لا يوجد لك امتياز عليه فهو من حقه أن يقول نفس الكلام الذي تقوله، وتبقي المسألة بينك وبين السني أنت تقول شئ (كذا) وهو يقول شئ (كذا) وكل منكما يقول إنه من منطلق الدفاع عن الإسلام يتكلم.

ص: 311

ويبقي العدو اللدود، العدو الحقيقي، لا يواجهه أحد، وكأن التركيز مع السني والسني مع الشيعي هو همنا الأكبر وهو المشكلة الوحيدة التي هي أهم مشكلة.. كلا يا أخي...

لا أوافقك علي هذا، ولا أعتقد أنك لو تأملت في مقصودي أن تخالفني الرأي.

وثالثاً (!): أنا شخصياً أري أن التركيز علي المشكلة العالقة بين الشيعة والسنة منذ أن وجد التشيع كخط منفصل ومتشخص لا يوجد له حل ما لم تنبذ روح العصبيات، وينصف السني الشيعي، من نفسه ويرضخ الجميع للدليل.. لا يوجد حل..

لأنه يا أخي إذا كان الطرف المقابل لك لا يعرف كيفية الإستدلال ولا يعرف وجوب اتباع الدليل ما أري فائدة لكيل الأدلة عليه.. لأنه ليس بمستوي ذلك وهذا أمر واضح لكل من له أدني تأمل في واقع التأريخ...

فعليه ينبغي لنا أن نولي ما هو أهم بعض هذا الجهد الجهيد الذي نصبه مع من لا يري أننا نسير وفق الدليل ويري أن الدليل معه.

ورابعاً: ما قلته عن المخزون الفكري الشيعي ومخزون الشخصية الشيعية فنفس هذا الكلام سوف يقوله السني عن المخزون الفكري السني ومخزون الشخصية السنية والطاقة الكامنة في الفرد السني الكلام نفس الكلام...

وخامساً: أراك غضبت عندما قلت لك بأنك تطغي عليك النزعة الشيعية، فإذا كان هذا يغضبك ولا يريحك فأنا سوف أبدل لك هذه الكلمة بأخري وهي الإحساس بالمسؤولية الدينية.. فكذلك يا أخي السني يدعي ذلك..

ص: 312

وسادساً: ما قلته حول شبه أعداء الإسلام التي يرومون من وراءها تشويه صورة الإسلام..

فإن تصنيفك لها في المرتبة الثالثة بأي وجه.. حددتها بهذه المرتبة؟؟؟

وماذا تقول لو بقيت تلك الشبه بدون رد عليها، وبقينا في شبه السنة والسنة في شبه الشيعة.. وهكذا إلي ما لا نهاية له؟ لن تصل بك النوبة إلي المرتبة الثالثة. ثم أين هي المرتبة الثانية؟

ثم إنني لم أقل لك من أول الأمر أن تترك هذه الشبه وتصب كل جهدك علي تلك الشبه.

بل أقول إنه ينبغي أن تكون هناك موازنة بين الأمرين، وترجيح أحدهما علي الآخر يحتاج إلي تعمق في خطر المشكلة من ذاك الجانب لا أن نوجهها بأن أعداء الإسلام يقدسون القوة العسكرية فحسب.

بل إنه يا أخي بقدر ما يقدسون القوة العسكرية كذلك يقدسون القوة الفكرية، فتعال معي إلي واقعنا اليوم لنري مدي تأثر مجتمعاتنا المسلمة بالفكر الغربي الكنيسي بالخصوص.. لنري مأساة من الإنحراف الفكري الثقافي. أتمني أن لا أكون قد أطلت عليكم.

وكتب (الوجه الآخر) في شبكة هجر، بتاريخ 30-8-1999، التاسعة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (لا أرغب أن تكون الساحة ميدان عراك بين السنة والشيعة؟؟؟؟)، قال فيه:

أتمني من الأخوة من الشيعة والسنة أن يتخذوا من الساحات مكاناً لتداول الآراء والمناقشة النزيهة التي يراد منها الوصول إلي نتيجة من كلا الطرفين، لا أن

ص: 313

تكون الساحة موقع (كذا) لتبادل السباب والشتائم والألفاظ التي لا تناسب عصرنا، عصر التطور؟؟؟؟

ينبغي أن نتطور حتي في نقاشنا باتخاذ أساليب مهذبة وألفاظ مناسبة.

تحياتي.

الوجه الآخر يطلب النقاش الهادئ

طلب الأخ المسمي (الوجه الآخر) النقاش الهادئ، فناقشه العاملي.. وآخرون!!

وصادف أن أفرط في موضوع فحذفته الشبكة، فاستاء كثيراً ودخل في نقاش شديد مع المراقب، ولكنه لم يصل في نقاشه إلي الألفاظ المبتذلة كما وصل بعضهم.

كتب (الوجه الآخر) في ساحة النقاش الإسلامية، بتاريخ 2-9-1999، الثانية والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (دعوة خاصة لمن يريد النقاش الهادئ في أي موضوع)، قال فيه:

تحية طيبة لكل الأخوة في الساحات الإسلامية، أرغب وأتمني الحصول علي شخص يستطيع أن يسير معي في حوار هادئ نزيه فيه من تبادل الإحترام ما يناسبه ولا أقول كما يقول البعض هل من مبارز!! بل أقول هل من مصافح.

تحياتي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 2-9-1999، الثانية والنصف صباحاً:

وعليكم السلام ورحمة الله..

ص: 314

وأقترح إن أحببت أن تختار موضوعاً من بحث لي في (تعويم الإجتهاد) الموجود في الموقع.. وشكراً.

وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 2-9-1999، السادسة والنصف صباحاً:

وعليكم السلام يا أخي العاملي وعلي الرحب والسعة.. فهل تريد أن تناقش في هذا الموضوع..

أم مجرد اقتراح؟؟

تحياتي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 2-9-1999، الثامنة صباحاً:

نعم أردت أن نناقش، فاختر موضوعاً محدداً منه إن سمحت، وليكن نقاشنا ضمنه بعبارات محددة غير مبهمة ولا عامة. وشكراً.

وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 2-9-1999، الثامنة والنصف صباحاً:

أشكر لك هذا التجاوب، ولو سمحت لي بفرصة حتي أراجع الموضوع جيداً وأحدد منه نقطة.

تحياتي.

وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 3-9-1999، الثامنة مساءً:

الأخ العزيز العاملي:

ماذا تقصدون من قولكم: إن التشيع، انتقل من خارج أضواء السياسة، إلي تحت أضواء السياسة بعد الثورة الإسلامية في إيران، وهل كان التشيع يوماً من الأيام قد خرج من تحت هذه الأضواء حتي يصح إطلاق الدخول عليه.. لا أوافقك الرأي في ذلك.

ص: 315

ثم إن فكرة التعويم، نسبتم إلي أن الشيعة سرت فيهم، هذه الفكرة، وعزوتم ذلك إلي ما يكتبه الكتاب الشيعة عن مبادئ الإسلام أو التشيع..

فأنتم اعتبرتم ما يكتبه الشيعة اجتهاداً.. فأنا لا أوافقكم الرأي في ذلك حيث إن الإجتهاد الذي يدور حوله الكلام هو الإجتهاد بالمعني الأخص، وهذا لا يدعيه أغلب كتاب الشيعة.

فالكتاب الشيعة، أو المفكرون الشيعة، عندما يكتبون لا يكتبون بما هم مجتهدون بالمعني الأخص وإن أبدوا آراءهم ونظرياتهم بل يكتبون بما هم - إن صح التعبير - مجتهدون بالمعني الأعم وهذا بخلافه عند الكتاب السنة، يكتبون بما هم مجتهدون بالمعني الأخص.

وبنظري أنه ليس كل من أبدي رأياً أو فكرة في مسألة من مسائل الدين فهو مجتهد...!!!!

وإلا يلزم أن يكون جل الكتاب مجتهدون (كذا) وهذا لا يقول به أحد. تقبل تحياتي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 4-9-1999، العاشرة صباحاً:

المقصود من أن مذهب التشيع صار بعد الثورة الإيرانية تحت الأضواء.. أن العالم الغربي والشعوب الإسلامية أخذت تسأل عن هذا المذهب وأتباعه.

فهي تريد أن تعرف عنه من زوايا اهتماماتها السياسية والفكرية والروحية..

وكثرة التساؤلات عن التشيع والشيعة أمر ملموس.

أما ما سميناه مشكلة (تعويم الاجتهاد) عند السنة والشيعة، فيرجع إلي مسألتين فقهيتين هما:

1 - هل توجد شروط لمن يجوز له أن يكتب في مسائل الإسلام؟

ص: 316

2 - وهل توجد شروط لمن يجوز له أن يتصدي للقيادة باسم الإسلام؟

وحيث إنه لا يمكن القول إن الإسلام فتح الباب علي مصراعيه لكل من له شئ من المعرفة ليكتب في مسائله ويقدمها إلي المسلمين علي أنها هي الإسلام، أو رأي الإسلام!

ولا يمكن القول إن الإسلام ترك القيادة مفتوحة لكل من يريد أن يؤسس حركة ويتصدي لقيادة مجتمع صغير أو كبير باسم الإسلام.

فلا بد من بحث هذه الشروط فقهياً، وتوعية المسلمين علي تطبيقها، حفظاً لعقيدة الإسلام وشريعته ومسيرته.

ومنعاً للفوضي الفكرية والسياسية. ومن أجل حصر البحث أرجو أن تختار مسألة منهما لتكون محور النقاش، وشكراً.

فكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 7-9-1999، العاشرة والنصف مساءً:

تحية طيبة يا أخي العاملي، وأنا آسف جداً علي التأخير، وذلك لسبب بعض الظروف القاهرة وأرجو أن يكون النقاش في خصوص ما نسبتموه من تعويم الإجتهاد عند الشيعة...

فلقد قلت لكم من قبل أن فكرتي هي أن هذه الفكرة لم تكن عند الشيعة كما هي عند السنة، بل كل ما في الأمر هو أن الإجتهاد له معنيان معني أعم، ومعني أخص وما هو عند السنة هو الإجتهاد بالمعني الأخص. وما هو عند الشيعة هو بالمعني الأعم. تحياتي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 8-9-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 317

علم الدين علم تخصصي، كعلم الطب مثلاً، بل هو أوسع من الطب وأعمق، لأنه يشمل أهم المجالات النظرية والعملية التي يحتاجها الإنسان. فلا بد أن يكون فيه خبراء متخصصون يأخذه الناس منهم.

وهم عندنا النبي وآله صلي الله عليه وآله..

وفي زمن الفترة والغيبة هم المجتهدون الجامعون للشروط.

وهم الذين سميت استنباطهم (الإجتهاد بالمعني الأخص) ويقابله الإجتهاد بالمعني الأعم، وهو ما يكتبه الكتاب والمؤلفون في قضايا الفكر الإسلامي والمسائل والمشاكل الإسلامية، ويقدمونه إلي المسلمين الشيعة علي أنه من الإسلام والتشيع.. ولا بأس بهذا الإصطلاح..

لكن لنعبر عن المجتهد بالمعني الأخص بالمرجع، وعن غيره بالكاتب أو الخطيب أو المجتهد بالمعني الأعم.

وهنا سؤال أساسي وهو:

أن المرجع هو الذي يحدد مجال استنباطه وما يجوز له الإجتهاد فيه وما لا يجوز، وهل يقدمه إلي الناس علي أنه من الدين، أو أنه احتياط منه.. إلخ.

لأن مسألة حدود الإجتهاد مسألة فقهية، فلا بد أن يجتهد فيها.

فمن الذي يحدد مجال الكتابة والخطابة للكاتب أو الخطيب أو المجتهد بالمعني الأعم؟

ومن الذي يحدد الأسلوب الذي يقدم به نتاجه للناس، ومتي يجب عليه أن ينص لهم أن هذا رأيي الشخصي.. وراجعوا مرجع تقليدكم، حتي لا يكون تغريراً بهم، ودعوة منه إلي تقليد نفسه؟! لا بد لنا من القول إن المجتهد هو الذي يحدد ذلك، لأنه مسألة فقهية.

ص: 318

فلا شرعية لكتابات الكاتب وخطابة الخطيب غير المجتهد إلا إذا كانت ضمن الخطوط الجائزة له بفتوي مرجع تقليده.

ولا شرعية عند المكلف الشيعي لما يكتبه ويخطبه إلا ضمن هذه الخطوط والضوابط.

والنتيجة أن غير المجتهد إنما هو شارح ومنظر لمسائل الدين ضمن الصلاحية والحدود التي يفتي له بها المرجع. فهل يعرف الكتاب والخطباء الشيعة هذه الحقيقة، ويتقيدون بها؟

وهل يتم توعية الناس علي هذا الميزان لقبول الكتابة والخطابة أو ردها؟

إنه ما لم يتحقق هذا الوعي العام عند الكتاب والخطباء والجمهور، فسيبقي تأثير التعويم السني للإجتهاد في الدين مقيماً في أوساطنا!!

أرجو أن تنظر إلي مشكلة السنيين الخطيرة في اجتهاد من هب منهم ودب في مسائل الدين العقيدية والفقهية، ودعوة الناس إلي اجتهاده!!

ولمعرفة خطرها لك أن تفرض أن بلداً يجيز فتح العيادات والمعالجة لكل من عنده شئ من علم الطب ويستطيع أن يقنع الناس بمراجعة عيادته!!

إنه مرض حقيقي، ولكنه مرض باسم الدين!!

وهو يسري إلينا نحن الشيعة الذين عرفنا بأننا مقيدون في أمور الدين بالرجوع إلي مراجعنا بصفتهم خبراء متخصصين!!

وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 9-9-1999، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

السلام عليكم، تحياتي لك يا أخي العاملي: والكلام نفس الكلام.

ص: 319

فإن الشيعة لا يعتبرون رأي الكاتب، ولا رأي الخطيب ولا المفكر كرأي المرجع، بل نجد في أحيان كثيرة أن الشيعة يستفتون المراجع عن كتابات الكتاب وكلمات الخطباء.

فيظهر أنه في المرتكز الشيعي، وفي الذهنية الشيعية هو ما قلته في أول الأمر من أن المفكر غير المجتهد.. ولا يوجد خلط عندنا، كما هو عند غيرنا من المذاهب، حيث لا يميزون بين رأي المجتهد ورأي الكاتب. تحياتي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 9-9-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الحمد لله أننا متفقون علي الأصول التي يجب اتباعها في فهم الدين من المراجع الخبراء المتخصصين، وأسلوب تقديمه إلي الأمة، في الحدود والخطوط التي يحددونها.

ولكن المشكلة في الواقع العملي، وأن هذه الثقافة لم تتعمم في مجتمعاتنا الشيعية، ولم تتبلور في أذهان كثير ممن يؤمنون بها!!

ولذلك تري أن من الممكن لشخص غير مرجع، وربما غير طالب علم، ولا خبير بفرع من فروع المعرفة الإسلامية، أن يقنع وسطاً من الناس بأفكاره وفهمه للإسلام، ويشكل جماعة صغيرة، أو حزباً ويقودهم، ويفصلهم عن التلقي المباشر والكامل عن مرجع تقليدهم!!

بل يمكنه أن يقنعهم بأن التقليد مسألة فتيا وهي مسألة شخصية، أما العمل للإسلام (بقيادته طبعاً) فهو المسألة الأصلية.

وهنا تختلط مسألة التلقي الديني بمسألة حق القادة الدينية.. فما تعليقك علي ذلك؟

ص: 320

وكتب (الوجه الآخر) بتاريخ 11-9-1999، العاشرة صباحاً:

السلام عليكم أخي العاملي تحية طيبة وبعد، أرجو المعذرة للتأخير عن إجابتكم وذلك لأن الساحة قامت بحذف اسمي مؤقتاً ولم أعلم لماذا؟؟؟؟؟؟ وأراه عاد اليوم وأيضاً لم أعلم لماذا؟؟؟؟

سوف أجيبك في القريب العاجل. تحياتي.

وكتب (موسي العلي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 30-8-1999، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلي الوجه الآخر، ما هذه الحملة؟ ومن قال لك أننا نريد طمس الحقائق التاريخية!!)، قال فيه:

الأخ الوجه الآخر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية أهلاً وسهلاً بك في ساحة النقاش.

أستغرب من هجومك علينا، وهذه الحملة!!

من قال لك أننا حذفنا مواضيع للصديقة الزهراء عليها السلام طمساً للحقائق، ما هذا الكلام!!

تثبت جيداً هداك الله، قبل أن تطرح هذا الكلام!

ومواضيع وخطب السيدة الزهراء عليها السلام موجودة، ورواد الساحة الفضلاء يجيبونك!

وأنا أعرف جيداً، من تقصد؟

أنت تقصد موضوع الأحسائي الذي كتبه حيث كان عنوان الموضوع (من قتل الزهراء) وكان موضوعه مجرد أخبار بذكري وفاتها، ويتساءل من أهل السنة لماذا لا يحتفلو (كذا) بذكري وفاتها.

ص: 321

أين الحقائق التاريخية التي نريد طمسها في حذف هذا الموضوع!!

ماذا قال كاتب الموضوع حتي نطمس هذه الحقائق؟!

أما لماذا تم حذفه؟ فقد تم حذفه بناء علي ضوابط ساحة النقاش الإسلامية التي تنص علي عدم طرح عناوين تستفز الآخرين.

ونحن قلنا له يجب عليك مراعاة الضوابط واختيار عناوين مناسبة وتستطيع إعادة الموضوع، بل أكثر.. من خلال توثيقه بالكتب التاريخية، واختيار عنوان مناسب لذلك.. ولكننا نستغرب من هذا التظلم!!

حتي أنه اعتبرني ممن آذي السيدة الزهراء!

ونحن نقول له ونقول لك، إنه ينبغي ملاحظة ضوابط الساحة وتوجهاتها وأهدافها قبل كتابة موضوع لكي لا يذهب جهدكما سدي! ختاماً أتمني لكما طيب الإقامة. مع تحيات / المشرف.

وكتب (زرارة) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 21-3-1999، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (السنة والشيعة وساحة الطرشان؟؟)، قال فيه:

إن الساحة الإسلامية والساحة السياسية أشبه ما تكون بساحة حرب، يمارس كل فريق وفرد فيهما أسلوب ما تمارسه أجهزة الأنظمة المستبدة المحاربة إزاء أسراها من الطرف المضاد.

فالشتائم والسباب في كل ركن وزاوية فيهما، ومحاولة الإنتقاص من الأصول والمعتقدات عند كل طرف شئ بات يرهق الوجدان والفكر والضمير، ويقتل الشعور والإحساس بمحبة الآخرين!

ص: 322

هنالك غالبية من الكتاب لا زالوا يملكون فكر النفي، أو بعبارة أخري نفي الآخر، ويشهرون أسلحة فتاكة من الأدلة والقرائن التي تجوز تكفير ولغي (كذا) الآخر لأنه فقط مخالف في الفكر والمذهب والأيدلوجية السياسية أو الدينية..

من منا لا يشعر بالإرهاق والتعب النفسي وتنامي روح الكراهية عندما يقرأ مواضيع تتصل بحوار الطرشان خصوصاً بين السنة والشيعة؟؟

والملاحظة العجيبة أن تلك المواضيع تتكرر ربما عشرات المرات بنفس الأدلة والبراهين، عند كل طرف لا تختلف عن السابق في شئ سوي في العناوين والأسماء. ألا يظن أولئك أنهم مسؤولون؟!

ماذا استفاد كل طرف منا عندما جيش كل قواه ومناصريه طيلة الأيام والأشهر الماضية؟

طبعاً لا شئ.. فالكل ما زال علي معتقده ومذهبه الديني والسياسي.. علي العكس من الساحة الأدبية وساحة الأصدقاء وساحة الكمبيوتر، فهناك تبادل المعرفة والمودة والمنفعة.

فهل كتب علينا أن نتراشق مدي الدهر وكل يدمي قلب الآخر؟

أنا لا أدعو إلي عدم الحوار والنقاش طالما هو بناء، ويؤدي إلي نتيجة قد تغير من شخصية القارئ وعقلية الكاتب نحو الأفضل.

لكني أرغب أن يتجنب الكتاب مواضيع الشحن النفسي التي تؤدي إلي اليأس والرغبة في الإنتقام - بعد كل حوار مختل القيم والموازين - من الآخرين.

أنا شخصياً تجنبت الدخول في مثل تلك النقاشات التافهة، وحتي أني لا أقرأ الآن تلك المواضيع، لكني أجد نفسي في حيرة كبيرة..

ص: 323

فسابقاً كان حوار الطرشان يدور في الساحة الإسلامية - علي زعم أنها إسلامية وإلا فهي عندي ساحة التعذيب - أما اليوم فالساحة السياسية أصبحت نسخة مطابقة لساحة الطرشان..

فأين المفر.. فأنا والكثيرون مللنا وسئمنا حتي سقمنا!

فيا من لا زال يناقش ويحاور نفسه، قل لي وربك متي تنتهي وتبحث عن الدواء بدل الداء.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 324

آداب الحوار

كتب (محمد علي) في شبكة الساحة بتاريخ 27-5-1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (أخلاقية الحوار)، قال فيه:

للحوار آداب لا بد أن يبتني عليه ويتحرك فيه، وإلا لانقلب الحوار إلي خوار، والنقاش إلي كماش، وهذه النتيجة لا يرتضيها عاقل لأن بها عزل الإنسانية، ولبس ثوب الحيوانية التي قانونها البقاء للأقوي.

ولكنه وإن كان قانوناً إلا أنه لا يتناسب مع العقل البشري الذي له القابلية علي تفتيت الحجر الصم وتحويله إلي ينابيع من العطاء الزلال..

الذي ينفذ بين أضيق المسالك ليفتح به صدوراً قد شحنت بالبغضاء ويستبدلها بالرحابة والإنشراح، وهذا ما نجده في المحاورة التي جرت بين نبينا الخليل إبراهيم (علیه السلام) وبين عمه آزر، وإن كان البعض من المفسرين يذهب إلي أنه أبوه!!

آزر كان وزيراً لنمرود قرابة ال- (25) سنة، وهم يعبدون الأصنام ويكفرون بالرحمن، فلما أراد إبراهيم (علیه السلام) أن يرشد الضال ويأمر المغرور، لم يستخدم الأسلوب الخشن، ولا العبارات (اليابسة) التي تجعل الطرف المقابل يستنكف من الإستجابة بل استخدم أسلوباً مرناً ذا طابع إنساني.. تفوح منه رائحة العطف والمودة والحنان، ومع ذلك لم يكن آزر متأدباً في حواره ولم يتعامل بالأسلوب العلمي، ومع ما لاقاه إبراهيم (علیه السلام) من الجفوة والجبروت، لم يكن إلا متسامحاً وواعداً بالخير.

ولنبقي (كذا) في رحاب الحوار العلمي المؤدب الذي اعتمده النبي (علیه السلام):

ص: 325

الآية 42 من سورة مريم: إذ قال إبراهيم لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر..

وتري كيف يناديه لكي يشعره بحرارة العلاقات بين الآباء والأبناء هذه الملاحظة الأولي.

وأما الثانية فقوله (علیه السلام) لم تعبد وقد أنشأها للحاضر أو المستقبل وقد غض البصر عن السنين التي قضاها آزر في الشرك والضلال وهي أسلوب الجب عن الماضي الأسود حينما تريد أن تهدي الضال.

والآية 43، قال: يا أبت إني قد جائني من العلم..

وقد صدر الحوار بكلمة الأبوة التي تحرك المشاعر.. ولكن لا حياة لمن تنادي.. وتلاحظ التواضع في أسلوبه عندما قال له: إني قد جاءني من العلم.. ولم يقل له إني قد جاءني العلم.. فالتواضع أمام الغير أول علامات تأسيس البنية التحتية للرضا بك.

والآية 44، وبها: يا أبت لا تعبد الشيطان..

وقد صدرها بالأبوة أيضاً. ثم نهاه عن عبادة الشيطان في مقابل عبادة الرحمن، فالرحمن المطلق الرحمة للمؤمن وغيره فكيف تعبد غيره.

والآية الأخيرة التي ينهي إبراهيم خطابه بها هي: يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن..

وأنت معي تلاحظ التكرار في عبارة (يا أبت) وما لها من وقع مع تكرارها للذي يحمل قلباً واعياً ويبلغه بأنه يخاف عليه عذاب الرحمن (يا للعجب) لم يقل له عذاب الشديد (كذا) أو المنتقم.

ص: 326

وذلك لأن عذاب الرحمن سيكون شديداً لأنه طالما عفا ورحم، ولذا ورد عن النبي (صلی الله علیه و آله): إحذر من الحليم إذا غضب. هنا انتهي كلام إبراهيم (علیه السلام).

ولنستمع إلي كلام آزر، ولنلاحظ هل كان يحمل روح الحوار البناء، أم لا؟

ففي الآية 46، يقول آزر: قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني ملياً. أي إذا لم تنته عن وعظك وإرشاداتك سأسقطك بين الناس بالتهم والدعايات وما إلي ذلك من البدع التي تنفر الناس منك!!

ثم يعود إبراهيم إلي ساحة الحوار من جديد ليقول أنا لا تزعزعني التهديدات والتوعدات عما أنا عليه من الإنفتاح علي الغير واحترامهم، إما كأخ لك في الدين وإما كنظير لك في الخلق، فلماذا أسلب حقهم في التعبير عن أنفسهم فقال: سلام عليك سأستغفر لك ربي.

ولم تأخذ الجاهلية المقيتة مأخذها منه ولا العصبية بل اعتمد السلام والمحبة مع عدوه في المبدأ، ولم يغلق الباب في وجهه ويطرده كما نفعل نحن اليوم مع أهلنا وإخواننا وأصدقائنا في الدين والقومية والمذهب!!

بل قال له: سأستغفر.. إن تبت ورجعت.

وكتبت (سهير) في شبكة هجر، بتاريخ 29-8-1999، التاسعة مساء، حول النية والإخلاص موضوعاً بعنوان (لماذا النقاش ولماذا التعب؟! الرجاء ترك الساحة فوراً)، قالت فيه:

في طريقنا - نحن المشاركين - نحو الغاية والهدف الأساس، عشرات اللوائح ومئات التفرعات المنحرفة عن الجادة.

ص: 327

فإذا ما انشغلنا عن الطريق، سنضل الطريق، نعم سنضلها، وويل لمن ضلها في اختيار.

فأرجلنا العقول، وطريقنا النقاش، والغاية هو الله سبحانه.

أذكر نفسي أولاً، وأذكر إخوتي وأحبتي في الله ثانياً، أننا موقوفون ومسؤولون عن كل ما نقول ونتبني من رأي.. أمام الذي هو بصير في نقده شديد في عقابه، بما في ذلك الدعوة لهنا أو هناك.

فالحذر الحذر من العصبية وختم القلوب، والتهاون في الحق عند معرفته، من أي أحد كان، فإنها لوائح الإنحراف ومهالك الفتن.

فإذا كان ذاك، فالرجاء ترك الساحة فوراً، وإلا لماذا النقاش ولماذا التعب؟!

فكتب (العاملي) بتاريخ 29-8-1999، الثامنة ليلاً:

أحسنت يا أخت سهير.. فالعمر لا يتسع للعب، والكون من حولنا خلق كل شئ فيه بالحق والجد.. ومن كان يريد اللعب، فلماذا يكون لعبه بالدين ومفاهيمه ومواضيعه؟!

ومن أراد المشاركة في النقاش فلا بد له من بصيرة في ما يقول، وبصيرة في نيته من قوله.

اللهم سددنا، وارزقنا خلوص النية..

وكتب (المأمن بالله) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 29-11 – 1999 التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (ملاحظات للباحث لا بد منها)، قال فيه:

ص: 328

وبعد، ملاحظات للباحث لا بد منها (كتب الشيعة):

1-الثقة والتوكل علي الله تعالي: وهي نقطة الإنطلاق في البحث، فقد أعطي الله سبحانه وتعالي الإنسان نور العقل والعلم، وجعل أمر الإستفادة منه بيد الإنسان، فمن أهمل ذلك النور ولم يشغله لكشف الواقع، سيظل يعيش في ركام من الجهل والخرافات والضلال، بخلاف الذي يستثمر عقله وينميه، والفرق بين الإثنين يرجع إلي سبب واحد، وهو الثقة وعدمها، فالذي يشعر بالضعف والإنهزام لا يستفيد من عقله، أما الذي يثق بالله تعالي وبما أعطاه من نور العقل يصل إلي قمة المعرفة والتحضر، فلذلك إن كثيراً ممن اعترض الطريق في البحث كان يستخدم هذا الأسلوب لضعضعة الثقة، فيقول: من أين لهم القدرة في البحث مثل هذه الأمور؟؟؟

وإن كبار علمائنا لم يتوصلوا إلي ما توصلتم إليه، فما هي قيمتكم أمام جهابذة العلماء؟!

وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا. الأحزاب - 67.

2 - التجنب من خداع الذات: بمعني منع تسرب الحقيقة إلي العقل، فقد يكون ذلك بإغلاق منافذ النفس المطلة علي الواقع الخارجي، فيتعصب ويمتنع عن سماع أحاديث المعرفة والأفكار الأخري وقراءة الكتب وغير ذلك، وأي نوع من أنواع الإنفتاح علي الثقافات الأخري.

فكل دعوي تأمر بالإنغلاق وعدم البحث وتحصيل المعرفة، فإنها دعوي تقصد تكريس الجهل وإبعاد الناس عن الحق، إن ما يقوم به.. من تحصن بعدم الإطلاع علي كتب الشيعة، وعدم مجالسة أفراد الشيعة المتفهمة والمتفكرة - أي

ص: 329

المجتهدين - هو أسلوب العاجز، وهو منطق غير سليم، وقد عارض القرآن الكريم هذه الفكرة بقوله: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين. البقرة - 111.

3 - تقوية الإرادة أمام تيارات الشهوة، وخطوط ضغط المجتمع الذي ينفر من كل من يخالفه أو يتمرد عليه: فلا بد من مواجهة هذه الضغوط بالصبر والعزيمة، لأن الحق لم يكن امتداداً للمجتمعات وإفرازات طبيعة الإنسان، وهذا تاريخ أنبياء الله تعالي.. فقد لاقوا أشد أنواع العذاب من مجتمعاتهم، فكانوا (كذا) بنو إسرائيل يقتلونهم.. قال تعالي: وما يأتيهم من نبي إلا كانوا به يستهزئون. الزخرف - 7.

4 - هناك حجب كثيرة قد تكون حاجزاً عن اكتشاف الحق، فلا بد من الإلتفات إليها ومراعاتها حتي تكون الحقيقة أكثر وضوحاً وضياء، ومن بين هذه الحجب:

أ - حب الذات: وهو شر داء، يصيب كل إنسان، فمنه تنعكس كل صفة ذميمة مثل الحسد والحقد والعناد، فعندما يجعل الإنسان أفكاره ومعتقداته جزءاً من ذاته وكيانه حتي ولو كانت خرافية لا يمكن أن يتقبل أي نقد لها، لأنه يعتبر نقدها نقداً لذاته وكيانه، فبغريزة الدفاع عن النفس وحبها يستبسل في الدفاع عنها من غير وعي وفهم، وأحياناً يتعصب لفكرة لأنها تجلب له نفعاً أو تدفع عنه ضراً.. يتلون معها ويحامي عنها، ويرفض بذلك كل الأفكار حتي ولو كانت حقيقتها ظاهرة للعيان، وقد يحب الفكرة أيضاً لأنها تنسجم مع هواه أو هوي مجتمعه فلا يتنازل عنها.

ب - حب الآباء: وهو يبعث الإنسان في تقليدهم من غير تفكر وتدبر، فتحت داعي الإحترام والخشية بالإضافة إلي الوراثة والتربية يسلم المرء تسليماً

ص: 330

مطلقاً بأفكارهم وعقائدهم، وهذا من أعظم الحجب التي تمنع الإنسان من اكتشاف الحقيقة. قال تعالي:.. حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعلمون شيئاً ولا يهتدون. المائدة - 104.

ج - حب السلف: إن النظرة القدسية للعلماء السابقين والعظماء تدعو الإنسان إلي تقليدهم مطلقاً والإتكال علي أفكارهم، فالإستسلام لهذا التقليد مدعاة لعدم فهم الحقيقة، فلم يجعل الله تعالي عقولهم حجة علينا، وإنما عقل كل إنسان حجة عليه، فلا يمنعنا احترامنا لهم من مناقشة أفكارهم والتدقيق فيها.. ومعرفة علي أي نحو نسير.

د - ومن عوامل الخطأ أيضاً، التسرع: وهو ناتج عن حب الراحة، فمن غير أن يتعب الإنسان نفسه في البحث والتنقيب يريد أن يصدر حكمه من أول ملاحظة، ومن هنا قل المفكرون في العالم لصعوبة التفكير والبحث، فمن يريد الحق فلا بد أن يجهد نفسه في البحث.

وغير ذلك من الملاحظات العلمية التي لا بد من أن يضعها الباحث نصب عينيه، قبل الشروع في البحث، وهذا مع التجرد التام والتسليم المطلق إذا ظهر الحق، وبالإضافة إلي طلب العون والتضرع إلي الله تعالي لكي ينير القلب بنور الحق.

اللهم أرنا الحق حقاًّ وارزقنا أتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.

يا رب ساعدني علي أن أقول كلمة الحق في وجه الأقوياء، وأن لا أقول الباطل لأكسب تصفيق الضعفاء.. وأن لا أري الناحية الأخري من الصورة، ولا تتركني اللهم أتهم خصومي بأنهم خونة لأنهم اختلفوا معي في الرأي...

ص: 331

يا رب علمني أن أحب الناس كما أحب نفسي، وعلمني أن أحاسب نفسي كما أحاسب الناس، وعلمني أن التسامح هو أكبر مراتب القوة، وأن حب الإنتقام هو من مظاهر الضعف...

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وكتب (شمس لن تغيب) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 20-12-1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (كيف تكون مجادلاً بارعاً؟!)، قال فيه:

إذا كان الحق معك فإن من واجبك أن تقول كلمة الحق.. وتدافع عنه.. فإن أعطت ثمارها كان بها، وإلا فأنت لست مسؤولاً أن تدخل الإيمان قسراً في قلوب الناس.

والسؤال.. هل تريد أن تكون مجادلاً بارعاً؟ ومن منا لا يريد؟

وقبل أن أجيب علي هذا التساؤل لا بد أن أطرح سؤال بسيط (كذا) في تركيبه، عميق (كذا) في مبناه.. وينبغي علي الفرد منا أن يكون صادقاً في إجابته.. علي الأقل بينه وبين نفسه.. وهذا يكفي.

السؤال: ماذا هو الغرض من الجدال؟ ماذا ستستفيد لو جادلت؟

ثم.. لماذا تريد أن تثبت للطرف الآخر أنه علي خطأ؟ لكي تنتصر عليه؟

إنه إذن، انتصار سحيق. أليس كذلك؟ أم تريد إقناعه؟ فمن طبيعة الإنسان أن لا يقتنع بشئ وقت الجدال.

بينما لو تنازل الإنسان.. فإن تنازله كسب للجدال وليس خسارة له، فما الجدوي من الجدال إذن؟ علي أن مجرد ترك الجدال له أجر كبير.. يقول

ص: 332

رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: من ترك المراء، وهو محق، يبني له بيت في ربض الجنة) (1).

ويضيف صلي الله عليه وآله قائلاً: وأنا زعيم. أي أنه صلي الله عليه وآله يضمن له ذلك.

ولعل البعض يستغرب من ذلك، إذ كيف يستتبع ترك الجدال الحصول علي الجنة؟

إلا أننا إذا قدرنا خطورة الجدال علي العلاقات الإنسانية في المجتمع.. نعرف لماذا كان لتركه هذا الثواب العظيم.. فكم من صداقات تمزقت بسبب جدال علي (بطيخ) أو مراء علي (بصل)؟

يقول الإمام الحسن عليه السلام: لا تمارين حليماً ولا سفيهاً، فإن الحليم يقليك والسفيه يؤذيك (2).

السفيه قد يسكت عنك إذا غلبته في الجدال، ولكنه يبحث عن أي طريقة لينتقم لنفسه منك..

أما الحليم فهو يتركك بعد الجدال.

وفي حديث آخر: إياكم والخصومة فإنها تشغل القلب وتورث النفاق وتكسب الضغائن.

إذن الجدال حتي لو كان الحق معك، ليس الأسلوب الأفضل لكسبه، لأنك بالجدال قد تربح نقاشاً ولكنك تخسر الأصدقاء..

يقول أحد الكتاب:

في صغري كنت أحب الجدال، ولما ذهبت إلي الجامعة درست المنطق لأستعين به علي ذلك، ودرست المناظرة وطرق الجدال وأوشكت أن أؤلف

ص: 333


1- الترغيب والترهيب:1/131.
2- بحار الأنوار: 13/406.

كتاباً في هذا الموضوع.. وبعد كل ذلك توصلت إلي نتيجة واحدة هي: لكي تكسب الجدال تجنبه، فإنه زلزال مدمر.

وقد ورد عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام: إياكم والمراء والخصومة فإنهما يمرضان القلوب علي الإخوان، وينبت (كذا) النفاق. (1).

ثم إنه قد يكون الفرد العادي مجادلاً، أما الرسالي العامل في سبيل الله فلا ينبغي أن يكون كذلك.. فإذا كنت حامل رسالة، ووقف أمامك شخص وذكر لك عشرين دليلاً ضدك، أو ضد رسالتك فلا ينبغي مجادلته في ما أتي به من أدلة، اتركها جانباً، واذهب إلي أصل الموضوع وكأنك لم تسمعها أساساً، اذكر كلمتك واتركها تتفاعل بداخله.

لا يوجد إنسان يحترم قيمه ومثله العليا إلا وهو رجل سليم في طريقة النقاش، بعيداً عن خوض الجدال مع أحد. ذلك أن من يحترم نفسه لا يضيع وقته في الجدال التافه، وإذا رأي الطرف الآخر يريد أن يجادل ولا يستهدف الوصول إلي الحق، يترك الكلام معه، ولماذا الجدال أساساً؟

فإما أن يخسر الطرف الآخر إن كان صاحب الرأي الأصوب، وإما أن يضيع وقته مع الطرف الآخر إذا كان مصراًّ علي عدم التزحزح عن رأيه.

من الأفضل في النقاش أن نسلم بالأمور التافهة لمحدثنا، ونتمسك بالحجج القوية الدامغة، وهذا فن عظيم ينبغي أن نتعلمه. ولا ننسي هنا أن في ذهن كل إنسان معادلة يتحرك من خلالها، فنحاول عند دخولنا في نقاش مع أحد، أن نؤكد علي الجانب الآخر من المعادلة.

فليس من الصحيح دائماً أن علينا لكي نقنعه بشئ، أن ننسف الجانب الذي يؤمن به هو، بل يكفي ترجيح جانب من المعادلة في ذهنه حتي يتحرك بالشكل

ص: 334


1- بحار الأنوار: 73/339.

الذي نريده نحن، فكل إنسان يتحرك بناء علي وجود ميزان في ذهنه، إذ يؤمن بشئ في مقابل شئ آخر، فلأن هذه الكفة قد نزلت عنده، حاول أن ترمي ثقلك في الحوار في الكفة الخفيفة، دون التعرض لإثقال الكفة الأخري عنده. وفي الحقيقة إن الذي يمارس الجدال يهين نفسه، بتعريضها لإهانة والآخرين.

يقول الإمام علي عليه السلام: إياك والمراء، فإنك تغري نفسك بالسفهاء. ويقول عليه السلام في حديث آخر: لا تماري (كذا) فيذهب بهاؤك.

فهل يمكن لأحد أن يدخل في جدال إلا ويهين نفسه؟!

وكما قلنا آنفاً فإن من خطورة الجدال أنه يقطع الصداقات ويمزق الإخاء. وقد يحدث ذلك من دون أن يفصح الطرف الآخر بذلك والسبب هو الجدال!

يقول الإمام الهادي عليه السلام: المراء يفسد الصداقات القديمة، ويحلل العقدة الوثيقة.

إن أقل ما في الجدال المغالبة، والمغالبة سبب رئيس من أسباب القطيعة، فهي تحمل في طياتها المشاطرة مع الطرف الآخر. وليس من الإنصاف، أن يعيش الإنسان مع أصدقائه وهو يريد مغالبتهم دائماً.

ما هو المطلوب؟؟؟؟

قد يتساءل البعض: إذا كان المطلوب منا أن نكون مستمعين جيدين، وأن لا نجادل، فهل يعني ذلك أن علينا أن نخيط أفواهنا، ونتحول إلي أشرطة تسجيل.. والجواب: بالطبع كلا.

إن القرآن الكريم يقول: وجادلهم بالتي أحسن. سورة النحل آية 125.

ليس المطلوب أن لا تناقش، بل المطلوب أن تناقش بالتي هي أحسن، لا بالتي هي أسوأ!

ص: 335

هنا مجموعة شروط تحقق الجدال السليم وهي:

ليكن هدفك من الجدال.. الحق، وعندما تدافع في الجدال عن شئ تراه صحيحاً فلا يكونن محور جدالك هو الدفاع عن النفس بل الدفاع عن الحق.

لا تهين (كذا) الطرف الآخر، ولا تسخر منه حتي لو كانت آراؤه خاطئة.

وفي جدالك بالتي هي أحسن لا تخرج من الموضوع لكي تتناول شخص المجادل معك، فعوضاً أن تتكلم في الموضوع.. تقول له مثلاً أنت لا تفهم، أنت جاهل.. وهكذا. لا تكن بذيئاً معه.. فلا تستعمل الكلمات النابية، وتجنب بشكل دائم الزوايا الحادة في بالنقاش.

أكد علي الجانب الذي تؤمن به أنت، دون وضع المتفجرات في الجانب الذي به الطرف الآخر، لأنه حتماً سيدافع عن وجهة نظره. وكم من إنسان جادل، وبدل أن يقنع الطرف الآخر المقابل بوجهة نظره، رسخ عنده وجهة نظره هو، لأنه جعل كرامة الطرف الآخر ملتصقة برأيه.

والإنسان أحياناً.. قد لا يتمادي في الجدال، ولكن حينما يمس الجدال شخصه وكرامته فلا شك أنه سيدافع عن رأيه بضراوة من أجل أن يرد الكرامة لنفسه..

وقد يبحث عن ألف دليل ودليل، ليس لإثبات ما يقوله، بل لإثبات أنه علي صواب!

يبحث أيضاً في الكتب عن أدلة وبراهين، تدعم رأيه. وهكذا فليس الجدال مكسباً في أي حال من الأحوال.

يقول بنجامين فرانكلين:

ص: 336

إذا جادلت، وتحديت، وناقضت، فربما استطعت أن تنتصر أحياناً، ولكنه نصر أجوف، لأنك ستخسر، علي أي حال، حسن علاقتك بمحدثك. فماذا تفضل: انتصاراً أجوفاً (كذا)، أم علاقة طيبة بالرجل؟ فأنت قلما تفوز بالإثنين معاً!

حكاية جريدة:

نشرت جريدة مشهورة ذات مرة هذا النظم الرمزي:

هنا يرقد جثمان (وليم جراي).. الذي عاش مجادلاً ومات مجادلاً.

كان الحق في جانبه، وظل محقاً دائماً. ولكنه مات تماماً كما لو كان مخطئاً.

نعم، قد يكون الحق في جانبك، وقد تظل محقاًّ دائماً في جدالك ولكن محاولتك إلغاء رأي الآخرين، صائرة إلي عقم مؤكد! تماماً كما لو كنت مخطئاً!

تصريح سياسي:

صرح أحد السياسيين مرة، أنه تعلم من السنوات التي قضاها في معترك السياسة، أن من المحال أن تقهر بالجدال رجلاً جاهلاً!

قصة قائد:

وقد لام قائد ذات مرة، أحد الضباط الشبان علي نزوعه إلي الجدال العنيف مع زملائه، قائلاً: لا يجد الرجل الذي يتطلع إلي تحقيق مثله العليا زمناً ينفقه في الجدال علي غير طائل.

إنه إذن لا يقوي علي احتمال الشدائد بدليل فقده السيطرة علي نفسه!

سلم بالأشياء الهامة التي تكون حججك فيها مساوية لحجج محدثك، وسلم بالأشياء التافهة لو كانت لمحدثك كل الحجج.

ص: 337

فأن نخلي الطريق للكلب العقور خشية أن يعضنا، خير من أن نقتله بعد إذ يعقرنا، فإن قتله، في هذه الحال، لن يفيد في علاج عضته شيئاً.

ملاحظة أخيرة:

ضع في اعتبارك أخي العزيز / أختي العزيزة.. أن ترسم قائمة تتألف من عمودين.. العمود الأول يحتوي علي السلبيات والعمود الآخر سيكون الإيجابيات.

بمعني آخر، إن أي أمر في حياتك يصعب عليك اتخاذ قرار فيه فقط اعمل علي وضع جدول.. لتحديد سلبيات أي أمر وإيجابياته، وهذا سيسهل عليك أموراً كثيرة قد يصعب علي الإنسان تحديدها وذلك بسبب عدم وضوح الرؤية لديه وقت الحدث ولكن عبر التدوين ستتضح له الصورة جلية واضحة. فتأمل!!!

هذا وتقبلوا تحياتي وأستودعكم الله الذي لا يخون ودائعه.. ونسألكم الدعاء، فليكن هدفنا نحو موسوعة إسلامية متكاملة.. ذات رسالة هادفة.. علي أن نكون في كل يوم أفضل من سابقه..

لنوحد معا أيدينا.. فمعاً سنبدع أكثر.. وكما تقول السيدة الفاضلة.. الغائبة الحاضرة.. أم محمد الموسوي الكل هنا يحتاج إلي الكل...

ص: 338

وكتب (الراصد) بتاريخ 20-12-1999، الحادية عشرة ليلاً:

أخينا (كذا) العزيز شمس.. دامت توفيقاته:

في الحقيقة الموضوع جميل جداً وشيق، وأقطع في أن كل من قرأه استفاد، ولكن لو كان علي حلقات لكان أفضل مما هو عليه الآن. والسلام عليكم ورحمة الله

وكتب (علي بن يقطين) بتاريخ 21-12-1999، الرابعة صباحاً:

أحسنت يا أخي، وبارك الله فيك. اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 21-12-1999، الخامسة صباحاً:

السلام عليكم أخي شمس ورحمة الله وبركاته، أحسنت وفقك الله لكل خير.

ويا ليتنا نسمع لما قالوا وتقول.. لا أن نعلِّق فقط، بارك الله فيك.

وكتب (صبي الشيعة):

الله يبارك فيك يا شمس. صحيح.. موضوع قيم. اللهم صل علي محمد وال محمد.

وكتب (ذو الفقار):

اللهم صل علي محمد وآل محمد، شكراً لك يا مراقب الحوار الثقافي، علي هذه الجهود المبذولة من قبلكم. والسلام.

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 21-12-1999، التاسعة والنصف صباحاً:

الحمد لله وصلي الله علي نبيه محمد وآله.

ص: 339

أيها الأخوة المراقبون والأعضاء، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. نبارك لكم أيام رمضان الكريم.. سائلين المولي أن يمن علي الأمة الإسلامية بوحدة الكلمة ولم الشمل..

إخواني في الله.. إنه لمن المؤلم أن ندخل إلي هذا الحوار - الذي وضع للتعبير عن حرية الكلمة والآراء لكن بالأسلوب العلمي - فنجد فيه عناوين رنانة فندخل إليها وإذا بها ذات محتوي تافه لا يستحق الإنسان أن يضيع وقته معها..

لست أدري لماذا ننقل الشارع إلي هذه الظاهرة العلمية الكبيرة، هل نريد أن نثبت للعالم أننا لا نستطيع الإستفادة من العلم والتطور؟!

هل نريد أن نقول للعالم إننا متخلفون ولو صعدنا إلي القمر..؟؟؟

لماذا هذه العناوين العدائية نجدها في مواضيع الحوار..؟؟؟؟!!

إخواني في الله.. إذا كان عندكم شيئاً (كذا) تقولونه بأسلوب علمي وبقلب صاف بعيد عن الأحقاد والمواريث القديمة فاكتبوه ووفقكم الله لذلك.. وإلا لماذا تضيعون وقتنا ووقتكم في أمور أكل الدهر عليها وشرب..؟؟!!

أطالب الأخوة.. أبو بكر وعمر والفاروق وغيرهم.. أن يغيروا منهجيتهم في عرض التساؤلات ولتكن تساؤلات جدية تريد منها الجواب العلمي لا أنك تعرض عضلاتك وتظن أنك جئت بشئ جديد تهز به كيان الشيعة..

وعلي سبيل المثال الأخ أبو بكر (السجود علي الحجر) (الوضوء) وغيرها.. هذه مواضيع فقهية بحثت منذ أكثر من ألف سنة في كتب التفسير والفقه والحديث.

فلو أتعبت نفسك قليلاً في مطالعتها لوجدت تحقيقاتها هناك وبصورة علمية واضحة..

ص: 340

كما نطلب من الأخوة الشيعة أنه عندما يرون مثل هذه المواضيع التافهة التي لا تستحق الجهد والنظر أن يتركوها بدون تعليق حتي لا يصل الأمر إلي الإتهامات والسب والأساليب السوقية.. وليهتموا بعرض حججهم بأساليب علمية حديثة تفيد في هذا الحوار القيم.

نرجو من الأخوة المراقبين أن يتأملوا في مثل هذه المواضيع الدنية ويحذفوها، سواء كان كاتبها سنياً أو شيعياً لأن الهدف الذي أسس لأجله المنتدي أسمي وأرقي مما نجده فيه..

لتتحد كلمتنا، ونعرض إشكالاتنا بأساليب علمية مدعمة بالدليل وإلا فقلوبنا صافية وكلنا مسلمون نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وقبلتنا واحدة وقرآننا واحد.

لقد عاصر أئمتنا عليهم السلام أئمة المذاهب السنية، ولم ينقل لنا التاريخ عن وقوع حوادث بينهم لا في السيف ولا في الكلمة.. بل كان الحوار العلمي هو أساس الحوار.. فلنقتد بهم ولنلتفت إلي متطلبات العصر الذي كثر فيه الهجوم علي الإسلام في كل أنحاء العالم.. سنة وشيعة.. في أفغانستان وكشمير وكوسوفو والبوسنا وتشيشان وأمريكا وفلسطين ولبنان.. أليسوا هؤلاء كلهم من المسلمين؟!

نسأل الله أن يمن علينا بحق هذا الشهر الكريم بالوحدة، وحسن الختام والتبصر في الدين الإسلامي الحنيف. قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 31-12-1999، الثانية صباحاً:

أخي عمار، السلام عليكم.. صح لسانك.

ص: 341

المنتدي عبارة عن مكان لتبادل الهجوم والطعن بين الطرفين. والمراقب: (عمك أصمخ).

وكتب (حسين مهدي أحمد) بتاريخ 31-12-1999، الرابعة عصراً:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

إخواني الموالين محمداً وآل محمد، مبارك عليكم الشهر الكريم وجعله الله شهر مغفرة ورحمة لنا ولكم إخواني أحبائي الكرام.

إن نداء حبيبنا العزيز عمار أعز الله مقداره ورفع شأنه.. يحتاج إلي وقفة منكم إخواني.

قال تعالي:

إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري. إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزي كل نفس بما تسعي. فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردي. وما تلك بيمينك يا موسي. قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها علي غنمي ولي فيها مآرب أخري. قال ألقها يا موسي. فألقاها فإذا هي حية تسعي. قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولي. واضمم يدك إلي جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخري. لنريك من آياتنا الكبري. اذهب إلي فرعون إنه طغي. قال رب اشرح لي صدري. ويسر لي أمري. واحلل عقدة من لساني. يفقهوا قولي. واجعل لي وزيراً من أهلي. هارون أخي. اشدد به أزري. وأشركه في أمري. كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيراً. إنك كنت بنا بصيراً. قال قد أوتيت سؤلك يا موسي. صدق الله العلي العظيم. سورة طه الآيات 14 - 36.

هناك نداءان في قلب الإنسان، أحدهما يهدي للرحمن والآخر يهدي للشيطان، وإبليس الرجيم يسعي دائماً لخلط الأوراق وتشويش ذهن الإنسان،

ص: 342

حتي يختلط عليه الأمر، ولا يتمكن من التمييز بين النداءين، وبالتالي بين الحق والباطل.

وأغلب الناس الذين يضلون عن سواء السبيل، إنما لأنهم يخلطون بين هذين النداءين ويعتقدون بأنهم يتبعون النداء، في الوقت الذي تجدهم يسيرون وراء الشيطان.

ولا تنسوا خلال هذا الشهر العظيم بعض النصائح الأخوية:

1 - التقرب لله تعالي عبر التوبة والإستغفار والإكثار من الصلوات والدعاء: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: أيها الناس، إن أبواب الجنان في هذا الشهر مفتحة فاسألوا الله ربكم أن لا يغلقها عنكم، وأبواب النيران مغلقة فاسألوا الله ربكم أن لا يفتحها عليكم.. والشياطين مغلولة، فاسألوا الله ربكم أن لا يسلطها عليكم.

2 - قراءة القرآن الكريم وختمه: فإن لكل شئ ربيع (كذا) وربيع القرآن هو شهر رمضان الكريم قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: ومن تلا فيه آية من القرآن كان له أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.

3 - التأدب الاجتماعي: عبر الإلتزام بالتعاليم الدينية وترك الموبقات وحفظ اللسان والجوارح، قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازاً علي الصراط يوم تزل فيه الأقدام.

4 - خدمة المؤمنين، ومساعدة المحتاجين، والتعاون الجماعي: قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: وتحننوا علي أيتام الناس يتحنن علي أيتامكم.. ومن أكرم يتيماً أكرمه الله يوم يلقاه.

5 - الجد في العمل، والمسابقة في عمل الخيرات: قال الله تعالي: السابقون السابقون أولئك المقربون.

ص: 343

أسال الله لي ولكم قبول الأعمال، وأن يجعل صيامنا وقيامنا مقبولاً عنده سبحانه وتعالي.

وفقكم الله لكل خير.

وكتب (ذو الفقار) بتاريخ 31-12-1999، العاشرة ليلاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (فرات) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23-3 – 2000، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (علاج من ينكر الواضحات!!!!!)، قال فيه:

في نظرية المعرفة يقول الحكماء عندما تصل المسألة بالمجادل إلي درجة ينكر فيها أوضح الواضحات كوجوده فإن هذا علاجه بالوسائل العملية.

ونحن نجد للأسف الشديد من بعض إخواننا من ينكر ما لا يمكن أن ينكره عقل سليم، فهذا حديث الغدير قد رواه من الصحابة: مائة صحابي وعشرة، ومن التابعين: أربعة وثمانون تابعياً، وهذا العدد كاف لأن يكون الحديث متواتراً، ولكن مع هذا يكذب ويطعن به.

بينما تجدهم يتمسكون بأحاديث لا يكون أن يتجاوز رواتها الخمسة من قبيل: نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة.. وغير ذلك من الأحاديث التي يعترف أرباب الرجال بضعف رجالاتها.

فكيف يكون علاج هؤلاء؟؟؟

وكتب (علي القاضي) بتاريخ 26-3-2000، الرابعة والنصف عصراً:

الأخ الكريم فرات: السلام عليكم ورحمة الله..

ص: 344

أعتقد أن أمثال هؤلاء لا يمكن علاجهم بسهولة، وأنت خبير بحالهم من خلال مناقشاتهم في ساحات الحوار، فالمهم أن نؤدي تكليفنا أمام الله تعالي، ونسأل الله أن يهديهم إلي طريق الحق..

ولك مني خالص الحب والإحترام.

وكتب (العاملي) بتاريخ 26-3-2000، الخامسة عصراً:

الإخوة الأعزاء:

أكثر من نناقشهم لا يصلحون أن يكونوا مخاطبين لنا..

فبعضهم ليس طالب حق، وبعضهم كجدي الأخفش لا يعرف الكوع من البوع.

لكن اطمئنوا أن لكم مخاطبين غيرهم كثيرين، يميزون ويستفيدون.. وثوابكم علي الله تعالي.

ص: 345

من أجل ترشيد الحوار

وكتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 30-3-2000، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (نطالب بشرطين ضروريين: الأدب، والحد الأدني من المعرفة!)، قال فيه:

المشكلتان الكبيرتان في هذا المنتدي المبارك:

1 - تجاوز الأدب في الكلام والحوار، ونري أن الإخوة المراقبين يتابعونه بشكل عام.

2 - مستوي المشاركين والموضوعات: فقد لاحظ الجميع قديماً وحديثاً، أن بعض المشتركين لا يجيد إلا القص واللصق!!

ولا يستطيع أن يناقش في موضوعه أبداً!!

أقترح أن يضع المنتدي قانوناً لمن يضعون مواضيع ولا يجيدون النقاش فيها، بتوجيه التحذير إليهم!!

أعتقد أنه لا بد من عمل شئ، حتي لا تغرق صفحة الحوار بالغث التافه، لتضييع المفيد النافع.. وشكراً.

فكتب (المراقب) العام المشرف بتاريخ 31-3-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

الأخ العزيز العاملي: مقدماً أشكرك كثيراً علي مشاركاتك القيمة في المنتدي.

ص: 346

1 - بالنسبة لتجاوز الأدب.. فحقيقة هذه مشكلة تنم عن مستوي الإنسان، فكل إناء بالذي فيه ينضح، ومع هذا فأقترح أن تكتب لي أو لأحد المراقبين عبر البريد حول من تراه قد خرج عن حدود الأدب ليتم اتخاذ الإجراء اللازم.

ملاحظة بالنسبة لزر تنبيه المشرف فيوجد فيه عطل بسيط حالياً، لذا أقترح استخدام البريد الإلكتروني.

2 - أما بالنسبة لإقتراحك حول الحد من ظاهرة القص واللصق فهو اقتراح جيد، وقد خطر ببالي شيئاً (كذا) من هذا سابقاً.

لكن لم أجد الدافع له أما الآن فأعتقد أنه يجب اتخاذ اللازم بخصوص هذا الأمر، لذا سأقوم بمناقشة هذا الإقتراح مع بقية المراقبين للوصول لقانون واضح لهذه المسألة، وإذا كانت لديك أي إضافات بهذا الخصوص فلا بأس أن تشاركنا بها.

أخيراً أود الإشارة لجميع الإخوة المهتمين بالحوار الموضوعي أن يتعاونوا جميعاً تجاه بعض الظواهر السلبية في المنتدي سواء عبر تجاهل من لا يرغب بالحوار أو يسئ الأدب.. أو مخاطبة المراقبين.. إن حصل أي تجاوز، وشكراً.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 31-3-2000، الرابعة صباحاً:

وأنا أول المؤيدين، خطرت علي بالي فكرة الأخ العاملي بخصوص موضوع النسخ واللصق لكنه سبقني لها.. والله الموفق.

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 31-3-2000، الرابعة والنصف صباحاً:

السلام عليكم.. أيها الإخوة:

ص: 347

أعتقد أن الأمور صارت مبتذلة ومملة حيث أصبحت كما يقول الأخ أبو غدير.. علي النواصب القص واللصق وعلي الشيعة الرد.

والمواضيع التي يستوردها الحشوية هي هي لا تتغير، ونحن نعرف مصدرها وقد تم تناولها بالنقد والتفنيد مراراً.

لهذا أقترح في هذا الجانب إن لم تلجأ الإدارة إلي منع هذه الظاهرة أن نكتفي بوضع وصلات تشير إلي التناول السابق لنفس الموضوع.

أما إساءة الأدب، والحمد لله فإن منتدانا المبارك هو المنتدي الذي لا يستخدم فيه أهل الدار أي كلمة نابية أو مبتذلة، وساحات محبي أهل البيت عموماً تشترك في هذه الميزة وهذا دليل علي أن أتباع أهل البيت عليهم السلام لديهم ما يقولونه ويحاججون به.

أما الخصوم فلا يملكون غير الشتم والتكفير، وأعتقد أن إساءة الأدب في الحوار يجب أن تجد ردعاً مناسباً، واقتراحي هنا أن يبادر الإخوة الذين يتعرضون لأي نوع من إساءة الأدب إلي فضح الشخص الذي يستخدم التجريح والإهانة علي إن يلتزم الإخوة من محبي أهل البيت بمقاطعته مقاطعة تامة مهما كانت المواضيع التي يكتبها.

وهناك ملاحظة أرجو أن تنال ما تستحق من التأمل وهي أن هناك بعض المواضيع التي يطرحها البعض من الخصوم لا تستحق التوقف عندها ومناقشتها فتأخذ بذلك اهتماماً لا تستحقه وبالتالي فإن تجاهلها أولي لتمر سريعاً إلي الأرشيف بدلاً من أن نهتم بها ونتركها في الصفحة الأولي وعلي حساب مواضيع أخري أكثر فائدة وأهمية.

اللهم صل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر.

ص: 348

وكتب (الموحد) بتاريخ 31-3-2000، الخامسة صباحاً:

إقتراح أقدمه إلي المراقب لعله يلقي التفهم والتجاوب،، فقد سبق لي أن طرحت اقتراحين ولم يؤخذ بهما.

الأول: كان تنبيه الأخ البصري لحث العضو الذي يستخدم اسم (تصحيح عمل المراقب) إلي ضرورة تغيير اسمه.

الثاني: للأخت (طبيعي) التي بدأت عملية الإشراف علي قائمة الحوار العام.. بنقل الرسائل التي تناقش مواضيع أدبية أو سياسية إلي قوائم أخري، فطلبت منها تغيير مسمي قائمة الحوار العام إلي الحوار الإسلامي.

الإقتراح الجديد.. يتلخص في جمع الحوارات التي لا يصل فيها المحاورين (كذا) إلي نتيجة - وما أكثرها - في قائمة مستقلة ليسهل الرجوع إليها، فالحوارات الطويلة تندرج في الصفحات 2 و 3 و 4 و 5 فتُهمل ويتكاسل المشاركين (كذا) عن التفتيش عنها لطرح رأيهم وتتمة الموضوع.. لذلك يطرح رأيه كموضوع جديد وتعاد الكرة وهكذا تطوي الرسائل المهمة وتنسي..

مع خالص الشكر والثناء علي جهود الإدارة للإرتقاء بهذا المنتدي المبارك..

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 31-3-2000، السادسة صباحاً:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

من ضمن المقترحات التي قدمها إخواني المشاركين (كذا) أقترح أمراً لعله يكون مفيداً لموسوعتنا ويقلل من ظاهرة القص واللصق.

ص: 349

أولاً: كما توجد في موسوعتنا.. لوحة الشرف.. والتي تحث العضو علي المشاركة الفعالة وطرح مواضيع تخدم الإسلام والمسلمين، وعليه، الكل يسعي أن يكون اسمه في هذه اللوحة.

علي نمط هذه اللوحة أقترح عمل لوحة أو قائمة سوداء، توضع بها أسماء المشاركين الذين لا يشاركون في الموسوعة إلا بالقص واللصق، أو يقللون أدبهم في مشاركاتهم، أو يطرحون مواضيع بصورة استفزازية أو يخالفون شروط التسجيل وغيرها من الأمور التي يري القائمون إدراجها كسبب لوضع اسم المشارك في هذه القائمة.

وتكون هذه القائمة موضوعة بطريقة ملفتة للمشاركين بجانب لوحة الشرف. وبذلك سيكون المشارك بين أن يدرج اسمه في لوحة الشرف وبين أن يدرج اسمه في القائمة السوداء.

وعليه سيكون المشارك حذراً من أن يندرج اسمه تحت القائمة السوداء أو أي اسم ترونه مناسباً لهذه اللوحة.

ثانياً: مما لا يخفي علي القائمين في الموسوعة أن كثيراً من المشاركين (الخصوم) يشتركون بأكثر من اسم وهذا ما يجعل القص واللصق سهل (كذا) بحيث يمكن لمشارك واحد لصق عدة مواضيع حسب عدد الأسماء التي يشارك بها.

لذا أقترح أن يطلب من المشاركين (الخصوم) أن يختاروا اسماً واحداً للمشاركة وتلغي باقي الأسماء، ويدرج ضمن شروط التسجيل هذا الشرط أيضاً أي التسجيل باسم واحد.

ص: 350

مع التوصية بعدم اختيار اسم من أسماء الشخصيات الإسلامية وكذلك الألقاب وعدم اختيار أسماء استفزازية. هذا بعض ما لدينا. مع تمنياتنا للجميع بالتوفيق والنجاح..

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 31-3-2000، السابعة صباحاً:

السلام عليكم أيها الأخوة:

إن اقتراحات الأستاذ العاملي حفظه الله مهمة جداً، كما أن اقتراحات بعض الأخوة أيضاً جيدة وتحتاج إلي التأمل والنظر.

فنحن في عالم العلم والوصول السريع إليه أينما كنا في العالم، ولا نحتاج إلي السباب والشتائم كي نعطي صورة سوداء عن الخصم.

فهذه الأساليب البالية اتبعها أسلافهم، لأن الإعلام كان بيدهم فكانوا بمجرد أن يروا في إنسان خطورة علي أفكارهم وأفكار أتباعهم يسبون ويشتمون ويتهمون بالرفض والغلو كي ينفروا الناس منه ويبعدوهم عنه، إلي أن جاءت الوهابية فاخترعوا تهماً جديدة لخصومهم كالبدعة والشرك والكفر وأمثال ذلك.

والحقيقة هذه الأساليب هي أساليب الضعفاء، وأرادوا أن ينقلوا هذه الأساليب والأخلاق إلي عالم الإنترنيت الذي لا يخفي فيه شئ من الحقائق، ولا يحتاج الإنسان إلي أساليب الإرهاب الفكري كي يفرض رأيه علي الآخرين.

فنحن في عالم الوضوح والرؤيا الدقيقة لكل الحقائق ولندع أجيالنا تتنور بها بحرية الإختيار بعيداً عن التهديدات والإرهاب والتكفير.

نسأل الله الهداية والدخول في نقاش حر يعطي نتيجة مفيدة تفيد المسلمين في تنوير عقائدهم وترسيخ الصحيح منها وإزالة الزائف، لنظهر إسلاماً ناصعاً لكل من يرغب بالنظر إلي صورة الإسلام الحقيقية.

ص: 351

والحقيقة أنه قد ذكرت سابقاً، قبل شهر رمضان المبارك، أنه يوجد أسماء لا تشارك إلا لإثارة الآخرين من دون أن تتأمل في الأجوبة، بالإضافة إلي تكرار المواضيع بصورة كبيرة.

إلا أننا لا زلنا نقرأ نفس الأسماء ونفس المواضيع.

لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً.

لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد. صدق الله العلي العظيم.

وكتب (العاملي) بتاريخ 31-3-2000، الحادية عشرة صباحاً:

الإخوة الأعزاء، خاصة المراقب العام:

أقترح حلاً لترشيد النقاش ورفع مستواه بثلاثة أمور:

الأول: تصنيف المواضيع وتقييمها، بإعطائها درجة مئوية.. ويدخل في التقييم:

أن يكون الموضوع وطرحه مؤدباً.

أن يشتمل علي جانب علمي، أي علي فكرة قابلة للبحث.

أن يكون معتمداً علي المصادر.

أن يكون من جهد الكاتب، وليس نقلاً وقصاًّ من مكان.

أن يكون جديداً نوعاً ما، وليس تكراراً صرفاً.

فيجعل لكل جانب درجة من مئة، وتعطي للموضوع امتيازات حسب درجته..

ص: 352

ومن هذه الإمتيازات علامة علي الموضوع نفسه، وأولوية في الصعود إلي موضوعات اليوم.. إلخ.

وتعطي في المقابل درجات سلبية للموضوع الضعيف والتافه، بعلامات عليه وتأخيره في القائمة..

إلي أن يصل إلي الأرشيف أو سلة المهملات.

وتنفيذ هذا التصنيف يكون بعهدة الموقع، مستعيناً بأهل الكفاءة.

ويحتاج الأمر إلي فتح صفحة خاصة للمراقبين والمصنفين لهذا العمل.

وإلي تغييرات في البرنامج، لإعطاء الأولوية في الصعود حسب علامات التصنيف، فإن لم تكن علامة، يتم التصعيد حسب التاريخ.

الأمر الثاني: تصنيف الرواد بدرجات مئوية أيضاً، ويدخل فيها:

التزامه بالآداب والأخلاق الإسلامية.

المستوي العلمي لموضوعاته.

قدرته علي المناقشة.

حرصه علي نجاح النقاش ومصلحة الموقع.. إلخ.

ويعطي المشترك امتيازات إيجابية أو سلبية حسب درجته.. ويكون منها عدد الموضوعات التي يستطيع المشاركة فيها، من عدد مفتوح... إلي موضوع واحد في اليوم، أو في الأسبوع.

ويحتاج هذا العمل إلي جهد من المراقبين والمصنفين أيضاً، وإلي تغيير ما في برنامج الموقع.

الأمر الثالث: فتح منتدي الحوار الخاص.. وسأقدم فيه بعض الأفكار إن شاء الله.. وشكراً.

ص: 353

وكتب (بيروتي) بتاريخ 31-3-2000، الثانية عشرة ظهراً:

إخواني الكرام.. عليكم السلام:

في البدء أشكر القائمين علي هذا المنتدي، وإن أهم ما يتميز به المنتدي الشيعي هو إعطاء الحرية للجميع بالمشاركة.

فالجهلة وما أكثرهم يستفيدون من الحرية كما يستفيد منها أصحاب العقول النيرة.

وتفشل الديمقراطية ليس مع الجهلة.. بل مع من هم قليلي (كذا) الأدب.

وهذا ما هو واضح في منتدانا الكريم.

إخواني الكرام: الفكر الشيعي غني جداً، وكم أنا مشتاق إلي قراءة أفكار شيعية في هذا المنتدي، ولعل ما يطمح إليه أبناء ابن تيمية هو إشغالنا بالمواضيع الثانوية، فكما تلاحظون، إن كل من بدأ تحوله من الجمل إلي الكمبيوتر.. تعلم قبلها القص واللصق.

وأضيف إلي اقتراحات الإخوة التالي: المواضيع المكررة تحذف مباشرة، وأفضل أن يمنع النقاش في كل المواضيع التي طرحت سابقاً.. مثل المتعة وغيرها.

كما أطلب من المراقبين بأن يمنعوا المشاركة بأسماء مختلفة.

وكتب (فادي) بتاريخ 1-4-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

أنا أيضاً أضم صوتي إلي صوت الأخوة جميعاً، فلا بد من تحقيق ما يضمن سلامة البحث في هذا المنتدي ومنع الغوغائية فيه، إن أسلوب القص واللصق هو

ص: 354

أسلوب لا ينتظر الجواب ولا يريد البحث وإنما هو أسلوب للتشويش علي المواضيع القيمة من جهة، ولتخريب الأجواء الملائمة في المنتدي من جهة أخري.. لذلك فمن الضروري جداً أن يضع الأخوة المراقبين (كذا) حداًّ لمثل هذه الأساليب غير السليمة والتصدي لوضع آلية تسمح بالمشاركة البناءة والصحيحة والمثمرة وتمنع من التشويش والتوتير الغير مبررين..

وأقترح أن يحدد عدد للمشاركة اليومية لكل مشترك جديد حتي يثبت أهليته للبحث من خلال تأدبه بالآداب الصحيحة وتحليه بالحد الأدني من العلم والإطلاع الذي يخوله الخوض في البحوث بعيداً عن القص واللصق.

وهذا سيهيئ الأرضية لمشاركة الجادين بشكل أكبر وأفضل.

أسأل الله تعالي أن يتقدم بهذا المنتدي نحو الأفضل ويوفقه ليكون منبراً صافياً يسير بالطريق الذي يرضاه الله تعالي له وبالأسلوب الذي تعلمناه من الإسلام ومن أخلاقيات النبي صلي الله عليه وآله وسلم.

ص: 355

خوف النواصب من مناقشة الشيعة

كتب الدكتور (صلاح المغربي) في شبكة الساحة الإسلامية، بتاريخ 18-3-1999، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (فليفرح أطفال الدعوة.. إثارة قضاياكم الخلافية عادت علي الإسلام بهذا الحقير)، قال فيه:

ألم يكفيكم (كذا) إثارة للقضايا الخلافية؟ هذا الدعي يتهم الإسلام فما دوركم؟

والله من وراء القصد، والله المستعان، وهو ولي التوفيق.

وكتب (عمار 2) بتاريخ 18-3-1999، الحادية عشرة صباحاً:

الله أكبر! والشباب قاعدين هنا يكفر واحد الآخر، والكل يتهم الآخر بالبدعة.

إصحوا يا ناس.. والله أعداء الإسلام ما يرحمون.

أين اختفت تلك الأيام عندما كان يقول الخليفة لملك الروم ادفع الجزية يا كلب الروم؟

حريمة علي الطاقات والوقت الرايح بلاش، لإثبات أن الشيعة كفار، أو الأشاعرة مبتدعة، أو الصوفية علي خطأ أو السلفيون علي صواب أو بالعكس.

الإنجليز وغيرهم من المستعمرين الذين فرقوا المسلمين ووضعوا الحدود، استخدموا سياسة فرِّق تسد، والظاهر حالياً.. وبصورة ما.. وبأيادي خفية يحاولون أن يفرقوا بيننا دينياً.

قال تعالي: اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا..

ص: 356

فليكن الكلام فيما بيننا مبني (كذا) علي الأدلة وتحت النطاق الإسلامي ولنترك لغة الجاهلية والحيوانات ولندع إلي سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة.

لماذا يستطيع الغربيون الجلوس علي الطاولة ويتبادلون الآراء والكلام بدون شتم أو سب؟

أكان مثلهم الأعلي أبي (كذا) القاسم محمد؟

لماذا استطاعت أوربا أن توحد عملتها و... إلخ من خطوات الوحدة الإقتصادية والسياسية.. والذين لا تجمعهم لا ديانة ولا لغة ولا عادات ولا أي شئ؟

هل تقول كتبهم اعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا؟ في حين نحن يجمعنا رسول واحد، لغة واحدة، كتاب واحد، رب واحد، دين واحد، بل إننا كلنا (من) وطن واحد.

ألا تتألمون من واقعنا المر وإلي ما وصلنا إليه إخوتي؟

اقرؤوا الأخبار وشوفوا شلون وين ما كو مسلمين نجد قتل (كذا) وجوع وتشريد وانتهاك لحقوق الإنسان و... إلخ. واحنه قاعدين هنا نعطي آراءنا، ونعطي فتاوي بتكفير من يقول الشهادة، واتهام غيرهم بالبدعة و... إلخ.

لا بأس بإعطاء الرأي لكن كما قلت ليكن بأسلوب إسلامي عقلائي لا بالسب والشتم وغيره من الأساليب اللي لاحظت أنه بعض الأخوة ماهرين ومبدعين (كذا) فيها.

إذهبوا إلي الصفحة التي وضعها الأخ الدكتور صلاح وشوفوا شلون يخططون للإيقاع بالمسلمين وشوفوا شلون يتهجمون علي القرآن الكريم ويطعنون فيه.

ص: 357

هدانا الله تعالي وإياكم إلي الصراط المستقيم. وصلي اللهم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه المنتجبين وسلم تسليماً كثيراً.

وكتب (أبو محمد التيمي) بتاريخ 18-3-1999، الثانية عشرة ظهراً:

إن طعنوا في القرآن فقد طعن فيه الرافضة قبلهم!

وإن طعنوا في المسلمين اليوم فقد طعن الرافضة في أعظم وأطهر جيل مسلم!

وإن كانوا يخططون ويمكرون لهدم الإسلام، فالرافضة كانوا وما زالوا يفعلون ذلك!

ثم ألستم تقولون إننا نترك الخلافات الداخلية للتفرغ للعدو الخارجي؟

عليكم به.. ردوا عليه.. تفرغوا له.. وخذونا علي قد عقولنا!!!

وكتب (عمار 2) بتاريخ 18-3-1999، الواحدة ظهراً:

السلام عليكم الأخ التميمي:

أنا من شيعة أهل البيت سلام الله عليهم، وأشهد الله تعالي أن أهل السنة إخوتي في الدين، وأن القرآن لا زيد فيه ولا نقص منه، وأشهد الله أني ما طعنت يوماً بجيل كامل من أجيال المسلمين معاذ الله، وأنني وكل الإخوة والعلماء الذين أنا علي اتصال بهم لا يخططون إلا لإزالة الخلاف وتوطيد العلاقات وتوحيد الصف.

بل إن الذين يمكرون لهدم الإسلام هم الذين يساعدون أعداء الله والإسلام في إضعاف المسلمين وتفتيت شملهم وتفريقهم لإضعافهم إما عن طريق اتهام كل من لا يوافقهم الرأي بالتكفير، أو عن طريق رميهم بالبدعة. وغيرها من الوسائل التي تزيد الخلاف والمسافة بين المسلمين.

ص: 358

ويشهد الله أني دائماً أجيب كل من يتجرأ أن يطعن بالرسول أو القرآن وإنشاء الله سنجيب علي أهل تلك الصفحة الخبيثة.. وأنت تقول أن نأخذكم علي قد عقولكم...

ولكن هل سيمنعكم ذلك من طعننا في أظهرنا في الوقت الذي نوجه طاقاتنا للدفاع عن الله والإسلام ونجيب علي مفترياتهم يا تري؟ فمن الذي يطعن الأظهر؟ ولماذا لا تردوا أنتم أيضاً عليه يا أخي؟

أنا ما أنتظر منك جواب (كذا) لأننا سنستمر بالأخذ والرد وستتحول هذه الكلمات إلي دائرة ندور فيها.

كل الذي أقوله أخي هو دعائي إلي الله عز وجل أن يهدينا إلي الطريق المستقيم وأن يرزقنا شهادة في سبيله وأن يوحدنا تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. والسلام عليكم.

وكتب (أبو محمد التيمي) بتاريخ 18-3-1999، السابعة مساءً:

إن كنت كما تقول فلا تدخل فيمن أقصدهم، فالكلام إذن ليس موجهاً إليك!

لكني أذكرك بما تناقلته بعض وسائل الإعلام والعهدة عليهم! أن الرئيس خاتمي طبع قبلة علي خد البابا وقال له: أدع لي!!

هل انتهت آيات طهران حتي يطلب الدعاء من كافر، بل رأس الكفر؟!!

هذا التصرف إن صح أضر علي الإسلام من عشرات الصفحات التي ذكرت..!! فتأمل، هديت!

وكتب (أبو المقداد) بتاريخ 18-3-1999، الثامنة مساءً:

ص: 359

إلي عمار:

ماذا تقول في الصديق أبو (كذا) بكر رضي الله عنه؟

ماذا تقول في الفاروق عمر رضي الله عنه؟

ماذا تقول في ذي النورين عثمان رضي الله عنه؟

ماذا تقول في كاتب الوحي معاوية رضي الله عنه؟

ماذا تقول في الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها؟

ماذا تقول في أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها؟

ماذا تقول في الذين يكفرون الشيخين؟

ماذا تقول في الذين يطعنون في أمنا عائشة؟

ماذا تقول في قول الخميني: للأئمة منزلة لا يصل لها ملك مقرب ولا نبي مرسل؟

ماذا تقول في أهل النهروان الذين قاتلوا علي (كذا)؟

وكتب (لطفي) بتاريخ 18-3-1999، الثامنة والنصف ليلاً:

القول ما قاله الله عز وجل: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير.

وكتب (جانو 1) بتاريخ 19-3-1999، الثالثة صباحاً:

أخي الكريم د. صلاح المغربي: شكراً علي غيرتك علي دينك.

ولكن ما أشرت إليه ليس بجديد فهناك المئات من المواقع في الإنترنيت بجميع اللغات تقدح بالإسلام وأهله.

ص: 360

وما ذكر في الموقع الذي أشرت إليه يردده النصاري بينهم في مدارسهم اللاهوتية وكنائسهم ومجالسهم وندواتهم منذ أكثر من 1400 سنة وأنت من صعيد مصر تستطيع أن تدخل أي كنيسة أو مدرسة لاهوتية أو حتي تتحاور مع أي نصراني في بلادكم وسوف تسمع ما هو أعظم من ذلك. وشكراً.

وكتب (عمار 2) بتاريخ 19-3-1999، الخامسة صباحاً:

السلام عليكم.

والله يا أخ إنك صدمتني بالسهولة والسرعة التي تغير فيها رأيك بالحكم علي ملايين المسلمين الشيعة، تقول إن كنت كذلك فأنا لست منهم!

علي كلٍّ أخي العزيز، أنا أريد إخبارك أن هذا هو إعتقاد الشيعة الإثني عشرية بصورة عامة، وأنني لم آتي (كذا) بهذا الكلام من جيبي، وعليكم بسؤال أي شيعي أردتم وستجدون أنه سيعطيكم نفس الإجابة.

فجميع الشيعة يؤمنون بعصمة القرآن وأنه لا زيد فيه ولا نقص منه كما ذكره شيخ الطائفة، وأيضاً ذكره رئيس المحدثين وأجمع عليه علماء الشيعة، وهذه حقيقة واضحة. والحمد لله.

ونحن لا نطعن في جيل كامل مثلما تسمعون أو تقرؤون.. فأغلب ما تقرؤه هنا يرفضه الشيعة والله شاهد علي كلامي.

فمثلاً لاحظت أن بعض الإخوة ينقل بعض الأحاديث من كتبنا والتي تقول إن الجميع ارتدوا إلا ثلاث (كذا).. وهذا الحديث غير صحيح.. وأنا مستعد أن أعطيكم مئة اسم من أسماء الصحابة الذين نقول إنهم كانوا شيعة ولم يرتدوا.. وذلك علي سبيل المثال لا الحصر.

فكيف تعتقدون أننا نكفر أجيال (كذا) كاملة.. أو حتي جيل واحد؟

ص: 361

وخير دليل علي أننا لا نريد هدم الإسلام هو ما توصل إليه علماؤنا مع علماء الأزهر (السنة)، ولو قرأت بعض كتب الشيعة مثلاً كتاب المراجعات علي سبيل المثال وغيره.. لعرفت أن الشيعة لا تريد أن تشيع باقي المسلمين وأن تجعلهم يتبعون منهج أهل البيت بقدر ما نريد الإعتراف بمذهب أهل البيت من قبل إخواننا السنة.

فبنفس الطريقة التي تجيز التعبد بالمذاهب الأربعة يجوز أن تكون المذاهب خمسة. وقد أصدر الأزهر فتوي بذلك، فهل تري أن الإسلام دمر؟ بل علي العكس.

وهذا خير دليل علي أننا لا نريد هدم الإسلام بل توحيد الشمل والإعتصام بحبل الله.

أنا قرأت ما يذكره الإخوان في هذه الساحة، وقرأت بعض الكتب من أمثال: مع الشيعة الإثني عشرية في الأصول والفروع.. وهي موسوعة شاملة من أربعة أجزاء، وقرأت: مع الشيعة ومعتقداتها.. للدكتور صابر طعيمة.. والخطوط العريضة.. وبل ضللت.. وبقية الكتب الموجودة في صفحة أنصار الحسين، واستمعت إلي شرائط عديدة للألباني وابن جبرين والدمشقي وسفر... إلخ، إضافة إلي ما يطبعه الإخوة في هذه الساحة.

واستنتجت أنهم إما ينقلون أحاديث نادرة ومتروكة لا يؤمن الشيعة أنفسهم بها أو ينقلون آراء شاذة أجمع علماء الشيعة علي رفضها سواء كانت هذه الآراء من علماء معروفين أو من غيرهم أو لا يستمعون إلي رأي الشيعة فيما يخص هذه الأحاديث.

ص: 362

وخير دليل هو حديث مصحف فاطمة فكلمة مصحف لا تعني بالضرورة قرآن (كذا) بل إنه كتاب يحتوي علي مصاحف وقد كتب في هذا الموضوع هنا في الساحة فراجعوه.

إن وجدت أحاديث أو آراء تعارض القرآن فمن الطبيعي أن نأخذ بالقرآن ونضرب بتلك الأحاديث والآراء عرض الحائط. ويحزنني أن جميع الذين قرأت لهم واستمعت منهم لم يذكروا هذا الشرط الرئيسي والذي يعتبر من أهم الشروط التي تعتمدها الشيعة، فمثلاً: تنقلون أن الكافي بالنسبة للشيعة هو بمثابة البخاري بالنسبة للسنة، وهذا بهتان عظيم والله.

هذا ما قاله الدمشقي والألبنی والسالوس و.. إلخ.. وأنا أرجو الإخوة الذين عندهم الكافي أن يقرؤوا مقدمته (ويشوفون) كيف أن صاحب الكافي بنفسه يقول أن نعرض أحاديثه علي القرآن وأن نأخذ منها ما وافق القرآن وأن نرمي ما عارضه.

كل كتبنا ترضخ للتحليل والتدقيق وليس عندنا كتاب صحيح. نعم مضمونها صحيح وأغلب الأحاديث فيها ولكن ليس كل ما في الكافي أو البحار أو... أي كتاب صحيح (كذا).

بل إن علماءنا تقول: إنه 20 % من الكافي ضعيف، وهذا رأي الدكتور الشيخ الوائلي وغيره.

أنصح بقراءة كتاب الموضوعات من الكافي والبخاري - حسب ما أذكر - للشيخ هاشم معروف الحسيني.

من أهم الإفتراءات التي لاحظتها علي الشيعة ما يلي:

1 - إن للشيعة قرآن (كذا) غير هذا القرآن وأنه محرف.

ص: 363

وأطلب من محمد أو شمس أن لا ينقلون (كذا) تلك الصفحات الطويلة.

لأن علماء الشيعة أجمعوا علي أن القرآن لا زيد فيه ولا نقص منه وأننا لا نؤمن بما ينقلوه (كذا) وإن كانوا يبترون بعض الكلام وينقلون ما يحلو لهم.

2 - المتعة ليست كما صورها الأخ أبو أسامة..

وأنصحه أن يراجع علي سبيل المثال كتاب المسائل الفقهية للسيد فضل الله أو فتاوي السيد الخوئي رحمة الله عليه (ويشوف) اعتقادنا الصحيح في شروط المتعة.

3 - الإعتقاد أن الإمام المهدي سيظهر من السرداب..

إنه سيظهر عجل الله فرجه في مكة حسب الروايات وإنه سيملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً، ونعتقد أنه في غيبة وأنه سيظهر عندما يكون الوقت المناسب والله وحده يعلم ذلك الوقت.

الرجاء مراجعة موسوعة المهدي للسيد محمد صادق الصدر رحمة الله عليه، وهي موسوعة كبيرة تتضمن رأي الشيعة في عقيدة الحجة سلام الله عليه.

ومن اعتقد أن المهدي عائش إلي الآن بقدرته وحده فقد كفر، بل إنه عائش إلي الآن بقدرة الله تعالي وما أعتقد أنه كفر أن يعتقد المسلم أن الله تعالي قادر علي أن يجعل أحد عباده يعيش إلي ما شاء الله.

4 - اتهام أم المؤمنين عائشة بالزني - أستغفر الله - لا يطعن الشيعة بعرض النبي - أستغفر الله - فقد برأها الله تعالي من ذلك في القرآن وراجع النقطة (1) ولاحظ اعتقادنا بما يخالف القرآن إن وجدت روايات بهذه البشاعة عندنا.

نعم إننا نؤاخذ عليها خروجها علي إمام زمانها وخليفتها ولكن لا نصل إلي حد الطعن بعرض الرسول.

ص: 364

5 - أهل السنة إخواننا، وراجعوا كتبنا لتلاحظوا أن علماءنا دائماً يقولون: إخواننا من أهل السنة. نعم من يطعن بأهل البيت ليس أخ (كذا) لنا بل يكون ناصبي (كذا).

والحمد لله فهذا هو رأي أهل السنة أيضاً حسب ما أعرفه و... إلخ.

الأخ أبو المقداد:

مع احترامي وتقديري الخالص لك أخي أقول لك (لا نقاش).

وهذا كلامك عندما أردت بعض الإيضاحات فيما يخص بعض الأحاديث وليس كلامي.

وأرجو من الأخ شمس أن لا يجيب علي كلامي لأني لا أحب أسلوبه في النقاش.

ملاحظة: أرجو من الإخوة الشيعة أن يصححوا ما نقلته إن وجد خطأ أو أن يضيفوا عليه مع الشكر الجزيل.

أذكر أن بعض التفاسير (السنية) تقول: إن الشاة التي ذبحها إبراهيم عليه السلام نزلت إلي الأرض مع آدم، وعاشت إلي أن أراد إبراهيم أن يذبح إسماعيل عليهم السلام فأرسلها الله تعالي ليذبحها بدلاً عن إسماعيل ابنه.

وكتب (الدكتور صلاح المغربي) بتاريخ 19-3-1999، العاشرة صباحاً:

يا سبحان الله.. نقول النجدة لهذا الإفتراء علي رسول الإسلام أنه يحب النساء ويبيح الزنا ويعدهم الغفران.

ص: 365

نقول: إن الأعداء يكيلون ويتربصون بادعاء أن الزمخشري استخرج 100 خطأ نحوي في القرآن.. ونحن نقول شيعة وسنة؟! نقول أين ردودكم علي هذا الموقع؟!

نقول هم هكذا يقولون أيعتبر تبرير (كذا) أن يقول ذلك النصاري في كنائسهم أو أن هذا كثير، هل تركه مبرر، أم خلق قضايا جديدة خير من الرد؟!

والله الذي لا إله إلا هو إنه حظ النفس! من لا يثأر لدينه ويدافع عنه فهو ما يريد إلا حظ النفس. حسبي الله ونعم الوكيل.

وكتب (محمد علي) بتاريخ 19-3-1999، الحادية عشرة صباحاً:

أهلاً بهذه الدعوة الحقة للأخ صلاح المغربي.

لكن كما كان الجاهليين (كذا) لا يسمعون نداء الحق فإنا نجد في هذه الدنيا من لا يسمع نداء الحق. لكن لا عليك فلنستمر للدعوة الحقة وهو الإسلام الصافي المحمدي الخالي من الأوهام والزلات النابع من منبع القدس.

وكتب (جانو 1) بتاريخ 19-3-1999، الواحدة ظهراً:

الأخ د. صلاح المغربي:

مرة أخري نشكرك علي دعوتك وثق أننا نقوم بواجبنا علي قدر المستطاع.

ونرجو منك أن تبدأ من نفسك وتحاور وتناظر أهل قريتك (جرجا) حيث إن فيها نسبة كبيرة من النصاري الذين يحملون نفس الأفكار. كما نرجو منك أن توافينا بنتائج مجهوداتك في هذا المجال.

ولك الشكر.

ص: 366

وكتب (دكتور صلاح المغربي) بتاريخ 20-3-1999، الواحدة والنصف ظهراً:

الأخ جان:

أولاً: (جرجا) أكبر مدينة، وتسمي مدينة العلم، وليست قرية.

ثانياً: هل دعوة النصاري أحق، أم الرد علي المنشور من الإفتراءات أحق؟

إذا كان لا يجرؤ مخلوق أن يفكر في حرف من هذه الحروف وإن كان يعتقدها من النصاري فليس علينا نحوهم أي شئ.. ولكن الرد علي الإفتراء واجب، والدفاع عن الإسلام فرض..

أم نهرب من الفروض ونختلق حروب. اتق الله.

وكتب (أبو محمد التيمي) بتاريخ 20-3-1999، التاسعة صباحاً:

الأخ عمار:

أنا مستعد أن أصدقك، بشرط أن تثبت لي أن هذا ليس تقية منك!

قلت: واستنتجت أنهم إما ينقلون أحاديث نادرة ومتروكة لا يؤمن الشيعة أنفسهم بها أو ينقلون آراء شاذة أجمع علماء الشيعة علي رفضها سواء كانت هذه الآراء من علماء معروفين أو من غيرهم.. أو لا يستمعون إلي رأي الشيعة فيما يخص هذه الأحاديث..

وأنا أزيد خيارين آخرين: إما أنك لا تعلم معتقد الشيعة، وإما أنك تتبع التقية!

الأخ الدكتور:

ص: 367

الذي يريد أن يدافع عن الإسلام عليه أن يفهمه قبل ذلك، ومن لا يري ضلال الرافضة فما والله شم رائحة الفهم!

وأنصح أن لا تضيع وقتك في تتبع المواقع الضالة فهي كثير، وتتبعها والإعلان عنها لا يفيد شيئاً إلا اشتهارها. إعمل علي نشر الإسلام الصحيح وتصحيح أخطاء المسلمين. فهو خير من الجعجعة في التهويل من أمر المواقع الضالة. فهي وجدت وتوجد والله يقول: وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً.

وكل شبههم وادعاءاتهم رد عليها العلماء بالتفصيل - ولعلماء مصر السبق في ذلك - انظر: دفاع عن العقيدة والشريعة للغزالي، و التسامح بين الإسلام والنصرانية له، وشبهات حول الإسلام لمحمد قطب، وكتب أنور الجندي، وغيرها كثير.

كتب (الهوازني) في شبكة الساحة الإسلامية، بتاريخ 22-4 – 1999 التاسعة صباحاً موضوعاً بعنوان (للغيورين علي الإسلام من السنة والشيعة!!!!)، قال فيه:

إخوتي وأخواتي الكرام، السلام عليكم ورحمة الله، بدون أدني تعليق إليكم هذا الموقع:

http://www.geocities.com/Athens/Cyprus/3006/Arabout.html

دعونا من الجدل العقيم ولنفكر فيما يخدم ديننا وأمتنا، فهل من الممكن للسنة والشيعة الإتحاد ولو بصفة مؤقتة ضد أعداء الإسلام الحقيقيين؟

هل ممكن أن نطبق المثل القائل أنا وأخي علي ابن عمي، وأنا وابن عمي علي الغريب؟. انتهي.

ص: 368

قال (العاملي):

والصفحة المذكورة معادية للإسلام وتثير شبهات علي القرآن الكريم.

وكتب (القطيفي الوطني) بتاريخ 22-4-1999، السابعة مساءً:

جزاك الله خيراً يا أخي هوازني، فأنت عنوان المسلم الغيور. اللهم زد من أمثال هذا الرجل.

وكتب (شيبو) بتاريخ 22-4-1999، الثامنة مساءً:

نعم نؤيد الأخ الهوازني فيما قال.. وكفانا فرقة وتشتيتاً..

ها هم اليهود يعيثون فساداً في فلسطين.. وهاهم إخواننا في البلقان يعانون الأمرين.. وإخواننا في الفلبين، والمسلمون يعانون في كل بقاع الأرض. والمنتصر أولاً وأخيراً هم أعداء الإسلام.

أنا لا أنكر أن علينا كمسلمين أن نصحح أخطاء بعض بالموعظة الحسنة لا بالتكفير..

فالرسول صلي الله عليه وسلم لم يكفر المنافقين رغم أنه يعلمهم بأسمائهم.

أيضاً الرسول صلي الله عليه وسلم عندما قتل خالد بن الوليد رضي الله عنه أحد المشركين بعد أن تلفظ هذا المشرك بالتوحيد خوفاً من السيف.. قال عليه الصلاة والسلام: اللهم إني أبرأ مما فعل خالد.

بل الصحابة رضوان الله عليهم جميعاً كانوا يتورعون عن التكفير.

إخواني.. إحذروا من التكفير ورمي البعض الآخر.

ص: 369

وعلينا أن نقتدي بما قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما سئل عن الخوارج:

إخوان لنا أضلوا السبيل. أنظروا كيف كانت الحكمة.

علينا (أن نكون) جميعاً يداً واحدة علي أعدائنا الذين صرح بهم القرآن الكريم:

ولن ترضي عنك اليهود ولاالنصاري حتي تتبع ملتهم. هذا والله أعلم.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 22-4-1999، التاسعة مساءً:

الأخ الهوزاني:

بعد التحية والإحترام، أحسنت كثيراً علي غيرتك من أجل الإسلام وأعجبتني دعوتك وهذه من مصاديق الوحدة، والتقريب بين المسلمين، ودمت موفقاً بدعاء أخيك الصغير.

وكتب (أبو الوليد) بتاريخ 23-4-1999، العاشرة صباحاً:

ما أعتقده ويعتقده أهل السنة والجماعة أن خطر الروافض يفوق خطر النصاري واليهود!!

لأن النصراني عداوته ظاهرة ولكن المصيبة بمن يتدثر برداء الإسلام وهو يطعنه ويطعن بكتابه القرآن وبصحب النبي وزوجاته، عليهم جميعاً رضوان الله. فالروافض هم مجوس هذه الأمة.

أبو الوليد - الجهراء المحروسة.

وكتب (الهوازني) بتاريخ 23-4-1999، العاشرة والثلث صباحاً:

الأخ أبو الوليد:

ص: 370

أنا سني حتي النخاع ولكن هل اطلعت علي الموقع؟ انتظر الإجابة!!

انتهي.

قال (العاملي):

طبعاً.. لا إجابة.. لأن وإن وجدت فهي.... السب والشتم!!

ص: 371

هجر توقف النقاش مع الوهابيين، والمشتركون يعترضون
اشارة

كتب (موسي العلي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 28-12-1999، الرابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (حفاظاً علي المصلحة الإسلامية العامة، تم منع النقاشات المذهبية العقيمة في شبكة هجر؟!!)، قال فيه:

بعد تجربة الحوار المذهبي طوال الأشهر الماضية، وسلبية النقاشات المذهبية بين الشيعة والسلفيين التي أثارت البغضاء والمشاحنات بينهم علي مستوي الإنترنت، وخطورتها علي أرض الواقع خصوصاً بين أبناء المجتمع الواحد.

وحفاظاً علي المصلحة الإسلامية العامة للأمة، تقرر منع النقاشات المذهبية والتاريخية العقيمة في شبكة هجر الثقافية خصوصاً بين الشيعة والسلفيين!!

وسوف تكون (واحة الحوار الإسلامية) مخصصة لطرح الأفكار والعقائد الإسلامية لكل فرقة أو النقاش في الأمور الدينية ذات الهموم المشتركة.

وأما قضايا نبش التاريخ الماضي، والهجوم والإستفزاز ضد معتقدات إحدي الفرق والطوائف الإسلامية فهي ممنوعة وغير مسموح بها بعد الآن في الشبكة!!

وكل أبناء طائفة لهم حرية التعبير عن معتقداتهم الدينية دون المساس بمعتقدات الآخرين.

ولإدارة الشبكة مسؤولية المحافظة علي حيثية وكرامة العضو صاحب المعتقد الديني.

والمصلحة الإسلامية فوق كل اعتبار. والله من وراء القصد، وتقبل الله الطاعات.

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 28-12-1999، الخامسة إلا ربعاً صباحاً:

ص: 372

أخي موسي العلي: السلام عليكم..

هل طرح مظلومية الزهراء تعتبر من المواضيع التي ذكرتها؟؟

ملاحظة: هل تنظرون إلي ثورة الإمام أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه بنفس هذا المنظار؟

حبيب ألبي، وما زلت كبيراً.

فكتب (موسي العلي) بتاريخ 28-12-1999، الخامسة صباحا:

حبيب ألبي فاطمي:

قلنا لكم يا ابن عمنا، النقاشات العقيمة والتي تثير البغضاء والعداء وهي التي لها نتائج سلبية!! علي المجتمع، وأما ذكر المناسبات الدينية فعندما تحل علينا.. اطرح ما لديك من اعتقاد عن مظلومية سيدتنا الزهراء سلام الله عليها، أو فلسفة ثورة الإمام الحسين أو استشهاده أو غيرها من القضايا التي يكتنزها فكر أهل البيت سلام الله عليهم.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 28-12-1999، الخامسة والربع صباحاً:

أخي العزيز ولد عمي، لا تزعل.

أولاً: طرح مظلومية الزهراء سلام الله عليها ليس من المواضيع العقيمة، لأن البعض يظن أن غضبها كان لابن عمها لأنه لم يستلم الخلافة ولهذا غضبت؟؟

فالقضية هي إثبات حقها عليها السلام وليست الطعن في أي كان، والبعض يطعن فيها للدفاع عن غيرها وحفاظاً علي كرامة غيرها متناسياً كرامتها سلام الله عليها.

ص: 373

وإذا كانت هذه القضية كما تقول، فلماذا قال أمير المؤمنين سلام الله عليه مخاطباً خير خلق الله صلي الله عليه وآله بعد رحيل الزهراء سلام الله عليها من هذه الدنيا الفانية:

السلام عليك يا رسول الله عني وعن ابنتك النازلة في جوارك والسريعة اللحاق بك، قلّ يا رسول الله عن صفيتك صبري ورق عنها تجلدي، فقد استرجعت الوديعة وأخذت الرهينة، أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك علي هضمها، فاحفها بالسؤال واستخبرها الحال.

وأيضاً: فكل موضوع يمكن أن يندرج تحت مسماك (العقيمة) حتي ولو كان طرح أفكار خاصة بأية طائفة كانت؟ ألا تنظر إلي ما قاله الحربي في موضوع لا يخصه.. (إسأل عمار).

وكتب (الحربي) بتاريخ 26-12-1999، العاشرة صباحاً:

وأرجو أن تكون موفقاً بقولك هذا.. والله يعينك علي اختلاف آرائنا.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 28-12-1999، الخامسة والنصف صباحاً:

أخي العزيز الفاطمي: بعد التحية والإحترام..

من قال لك إنني لا أوافقك في هذه المظلومية؟! ووجود توقيعك شاهد حي علي ذلك.

أنا لا أريد أن تطرح هذه المواضيع للمناقشة في شبكة هجر!!

لنا عقيدتنا في ذلك ولهم عقيدتهم كذلك!!

وخصوصاً مع السلفيين وتجربتنا معهم خير دليل علي قرارنا هذا!!

ص: 374

ونحن ننظر إلي المصالح والمفاسد التي تترتب علي هذه النقاشات يا ابن عمي العزيز.

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 28-12-1999، السادسة إلا ربعاً صباحاً:

أخي العزيز:

وهل تستطيع أن ترضيهم؟؟ فما زالت آراؤهم فينا وتكفيرنا لم ولن تتغير..

إلا أن تقول إن الزهراء عليها السلام كانت مخطئة - حاشا لها - في طلبها لإرثها، وغضبها أيضاً، وأيضاً لن يرضوا بهذا إلا أن نتنازل عن عقائدنا!!

عموماً: أرجو أن تكون موفقاً في قرارك هذا.

وكتب (عربي 1) بتاريخ 28-12-1999، السادسة صباحاً:

بارك الله في جهودكم وأيدكم لما فيه الخير للإسلام والمسلمين، بالنسبة للمنع أقول أنتم أعلم وأفهم وأكثر خبرة مني، وكم أتمني أن أري نقاشاً بين علماء السنة والشيعة سواء كان تاريخياً أو ما شاكل بطريقة الحوار الدائر في الإستثنائية، كم أتمني أن أراه كذلك، حواراً هادفاً مفيداً و و و و..

بالطبع هذا لا يعني أن الإخوة جزاهم الله ألف خير ليسوا كذلك.

ولكم مني أجمل التحيات. وعظم الله أجوركم باستشهاد أمير المؤمنين عليه السلام.

اللهم صل علي محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين المعصومين.

قال الإمام الصادق عليه السلام: حدثوا عنا ولا حرج، رحم الله من أحيا أمرنا.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 28-12-1999، السادسة والثلث صباحاً:

ص: 375

أخي العزيز عربي 1: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أشكرك أخي كثيراً علي تفهمك لهذا الموضوع الحساس، وكما قلت أن ما يدور في واحة الحوار الإستثنائية نموذج رائع للحوار العلمي وإنشاء الله تتطور اللقاءات العلمية بين المتخصصين في التاريخ والدين وتكون هنالك محاور للحوار المفيد في الإستثنائية، وأشكرك أخي العزيز.

وكتب (عربي 1) بتاريخ 28-12-1999، السادسة والنصف صباحاً:

الأخ العزيز والغالي الفاطمي:

أخي العزيز كما تعلم أن مظلومية الزهراء عليها السلام ستبقي خالدة وإن جهدوا في طمس هذه المظلومية كما فعلوا في بيت الأحزان.

ولكن وكما أعتقد عندما - علي سبيل المثال - يضع أحد الإخوة موضوعاً فيه هجوماً عنيفاً (كذا) علي معتقد الطرف الآخر - أقصد عنيفاً - هنا تأتي المهاترات في الردود وهذا ما لا يريده الأخ الفاضل موسي العلي.

فلو علي سبيل المثال وضعنا موضوعاً يحتوي علي مظلومية الزهراء ويشرح ما وقع لها بعد وفاة الرسول الأعظم - بأبي هو وأمي - في طريقة غير مباشرة ولا تحتوي علي أمور تثير الطرف الآخر إلي السب أو اللعن أو ما شاكل، هنا قد نصيب الهدف من الموضوع، ويصل الطرف الآخر إلي التفكر في هذه المظلومية فالتفكر هو الهدف، لأن الموضوع الذي يثير الغضب سيجعله فاقداً لعقله.

وبتلك الطريقة لا يتفكر في عقله بل في شفاء غليله وهذا ما لا يريده الله وأهل البيت عليهم السلام. ولك مني أجمل التحيات. وعظم الله لك الأجر في مصاب مولانا أمير المؤمنين عليه السلام.

ص: 376

اللهم صل علي محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين المعصومين.

قال الإمام الصادق عليه السلام: حدثوا عنا ولا حرج، رحم الله من أحيا أمرنا.

وكتب (كميل) بتاريخ 28-12-1999، الثامنة صباحاً:

عزيزي: متي شتمنا أحد (كذا) في هذه الصفحة؟!

ألا تري أن كل ما نفعله هو نقل ما في كتب القوم من الحجج والأدلة التي هم في غفلة عنها؟

بالإضافة لذلك نؤيد رأينا بالدليل العقلي.

الأخ موسي:

وفقكم الله يا أخي. ولكن اسمح لي بأن لا أكون موافقاً معكم في هذه الفكرة.

نحن نشتم ونكفر في كل مكان في صفحات الإنترنت السلفية، ولا نعطي حتي فرصة الدفاع عن أنفسنا وإبداء رأينا، ولي شخصياً تجربة سابقة في صفحة سوالف.

فبعد أن أعيتهم الحجة منعوني من الدخول مع أني والله الشاهد لم أشتم ولم أسئ الأدب مع أحد منهم، بل تحملت سبابهم وشتمهم وتكفيرهم، منعوني وكل ذنبي أني نقلت مما في كتبهم مع بعض الإستدلالات العقلية، هل من العدل أن نمنع هنا أيضاً؟

وكتب (محيي الدين) بتاريخ 28-12-1999، العاشرة صباحاً:

الأخ موسي العلي، الأخوة الأعزاء: سلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

ص: 377

أولاً: أود أن أرسل تضامني مع الأخ موسي العلي في منع كل ما يؤثر بالسلب علي إسلامنا الحنيف الذي يجمع تحت لوائه العظيم طائفتي السنة والشيعة كأكبر طائفتين موحدتين ويشهدوا (كذا) بلا تحريف بأن لا إله إلا الله وأن محمد (كذا) رسول الله.

ثانياً: لن نكون ولن نشارك - سنة أو شيعة - بأي حال من الأحوال في شخصية لكع بن لكع التي تحدث عنها سيدنا رسول الله عليه الصلاة والسلام.

إن العقيدة واحدة أيها الأخوة وإن اختلف المذهب، وصدقوني أن الحديث عن آل البيت المكرمين عليهم السلام جميعاً بشكل منافي للآداب – الخاصة بآل البيت علي الإستثناء - أو مجرد الإجتهاد في سلوكياتهم وتصرفاتهم بلا علم هو ضرب من ضروب محاربة هذه العقيدة في مقتل لا يستفيد منه سوي أعداء هذه الأمة المغلوبة في هذا الزمان علي أمرها.

وسأكرر مرة ثانية إذا سمحتم لي عبارة قالها (ستان وود كب) في كتابه المسلمون في تأريخ الحضارة:

وآخر العوامل التي أدت إلي تقدم الحضارة في الفترة العربية الإسلامية هو إسلام الناس أنفسهم لدين جامع، وتكريس الدين لعامة الناس، ولقد سما الإسلام بمعتنقيه فوق مشاعر السلالة أو اللون، مشيداً بذلك صرحاً من الإخوة مثمر باسم الله. ويتطلب تأسيس الحضارات قوي توحيد وتجميع، وكلما كانت القوة أقدر علي التوحيد والتجميع كلما كانت الحضارة أكثر ثباتاً.

هذا كلام كاتب ومؤرخ نصراني غربي ينبه به بني جلدته من وصولنا إلي التوحيد والتجميع عن طريق إسلام الناس لدين جامع.. وليس عن طريق إسلام الناس لدين تقتله الصراعات المذهبية المبنية علي صلابة الرأي حتي وإن كان

ص: 378

خطأ، الأمر الذي يؤدي إلي تعميم وجهة النظر الخاصة بشخص أو مجموعة أشخاص لا يمثلون إلا أنفسهم بنظام كامل قائم علي قوانين وتاريخ كما تحدث الأخ الفاطمي عن بعض الشبكات السلفية التي رفضت حواراته ونقاشاته وظن - من هذا المنطلق - أن السلفيون (كذا) وكأنهم المتحدثين (كذا) الرسميون للسنة.

واعتبر أن رفض شبكة سنية سلفية تضم مجموعة من الأخوة لهم وجهة نظرهم هو رفض عام من السنة للشيعة وهذا خطأ عظيم كخطأ من يكفر الشيعة لمجرد مروق شيعي عن تعاليم الإسلام وأسس جماعة مارقة تعبد الحاكم بأمر الله.. أو كخطأ من يكفر السنة لمجرد مروق سني وادعائه أنه المهدي المنتظر!

لقد صارت أغلب - وأقول أغلب وليس كل – الحوارات الإسلامية في معظم الشبكات السنية والشيعية أشبه بحوار الطرشان والصبيان، فمن غير المعقول أن يطرح أحدنا عرضا في غاية الحساسية لموضوع معين يراد مناقشته ثم نجد عابر سبيل ليست له أية دراية علمية منطقية موثقة ويرد علي أحد المخلصين بقولة: " اقفل الموضوع ده يا مشمش، أو إذا كنت فاكر نفسك فيلسوف فأنت فيلسوف الغبرة، وووووو... ". أشياء يطلع عليها غير المسلمين ويناقشونا فيها بمنتهي التهكم والتشفي.

للحوار العلمي أساليبه وأسسه ومنطلقاته كما قال الأخ أبو هاجر في إحدي مناقشاته.. فما الداعي أن نهدر الوقت والمجهود في الدفاع عن ذاتنا بعد أن أعيانا طرح قضايانا وهوجم في طرحها من هوجم، وسفه فيها من سفه، وآثر فيها التراجع من آثر، ليكن الحوار كما قال الأخ موسي العلي مبنياً علي اختيار موضوع أو موضوعين إسلاميين حتي وإن كانا مذهبيين، لتتم فيها الحوارات مع

ص: 379

حق المشرف في حذف ما يراه منافياً، سواء كان هذا المنافي من المواضيع أو التعليقات لأن هكذا أمرنا الإسلام في قوله تعالي: وأعرض عن الجاهلين. والإعراض هنا عن أي جاهل سواء كان سني (كذا) أو شيعي فهم سواء في الجهل.

أما من أراد أن يتعلم آداب الحوار مثلي فعليه أن يتعلم من ثلة محاورين اجتمعت لدي محاوراتهم كثير من مكارم الأخلاق.

الأخ موسي العلي، إني أتضامن معك وفي انتظار مواضيع المحاورين التي ستوافق علي طرحها ليتم مناقشتها بجد وعقلانية لنصل علي الأقل لحافة الحضارة، والله من وراء القصد.

وكتب (عربي 1) بتاريخ 28-12-1999، الحادية عشرة صباحاً:

الأخ العزيز كميل: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي: الله يشهد علي ما أقول أني لم أقل أو لم أتجرأ، أو حتي لم أفكر ولو للحظة، أن إخواني الشيعة المحبين المتواجدين هنا يسبون، أو حتي يلفظون بالكلمات التي لم يعلمنا بها أهل البيت سلام الله عليهم. وإنما أردت قضية الزهراء سلام الله عليها فقط وفقط.

حيث قال الأخ العزيز موسي العلي - كما فهمت حوارهم والعنوان -: وأما ذكر المناسبات الدينية فعندما تحل علينا اطرح ما لديك من اعتقاد عن مظلومية سيدتنا الزهراء سلام الله عليها.

وأنا بدوري طرحت رأيي في كيفية الوضع لا أن أبترها من الأساس، وما دفعني إلي إدلاء رأيي إلا ما حصل قبل فترة حوالي 4 شهور أو ثلاثة شهور،

ص: 380

عندما وضع أحد الإخوة مظلومية الزهراء عليها السلام، فما لبث إلا قليلاً إلا والموضوع غير موجود، فعمل ضجة كبيرة و و و و..

فقلت في نفسي لو كان الطرح يلائم قوانين هجر لما حذف من الأساس، لأن الأخوة القائمين شيعة ويعرفون من هي الزهراء سلام الله عليها، ويعرفون أنها أم أبيها، ويعرفون أنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، ويعلمون كيف ظلمت سلام الله عليها، ولكنهم أرادوا أن يكون الطرح بناء وهادفاً وهادياً بإذن الله.

أذكر قبل فترة أيضاً عندما كنت أشارك هنا في هجر أن جاءت أخت وسألت عن مظلومية الزهراء عليها السلام لتتأكد، والحمد لله خرجت الأخت بنتيجة - بغض النظر عن التصديق - رغم أن الردود من إخواننا السنة كانت ليست بالشئ القليل، ولكن، جزي الله الإخوة خيراً فقد أقاموا الحق وأزهقوا الباطل.

وأخيرا أيها الإخوة لنقرأ العنوان الذي وضعه الأخ موسي العلي مرة أخري (حفاظاً علي المصلحة الإسلامية العامة، تم منع النقاشات المذهبية العقيمة في شبكة هجر؟!!)..

قال العقيمة وليست الهادفة، أي أن النقاشات المذهبية الهادفة غير ممنوعة.. هذا ما فهمته من العنوان.

وأنا أتقدم بالإعتذار إن كنت قد - لا سمح الله - أسأت إلي أحد الإخوة أو حتي لمحت بالإساءة. والزهراء سلام الله عليها فوق كل كرامة ولا يهمني إن رضوا أو لم يرضوا. والسلام عليكم.

اللهم صل علي محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين المعصومين.

قال الإمام الصادق عليه السلام: حدثوا عنا ولا حرج، رحم الله من أحيا أمرنا.

ص: 381

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 28-12-1999، الثانية ظهراً:

الأخ العزيز كميل: بعد التحية والإحترام..

مع احترامي وتقديري لشخصكم الكريم ولمواضيعكم الجادة.. إلا أننا لم نمنعكم ولن نمنعكم من الدفاع عن عقيدتكم، والدفاع حق مشروع لكل شخص خصوصاً في هجر، ولكننا لن نقبل الهجوم علي عقيدتهم ومقدساتهم سواء في مناقشة صحاحهم أو في عدالة الصحابة أو في معرفة إمام زمانهم وغيرها من الأمور!!

يا أخي الكريم أنا ما زلت أدخل حتي الآن في مواقعهم بأسماء مجهولة وأدافع عن عقيدتي وأوضح لهم وتمسح وتحذف ردودي ولا يريدون معرفة الحقيقة!!

والحمد لله أننا ألقينا عليهم الحجة في إيضاح بعض الشبهات من أيام الساحة العربية حتي الآن!!

ما ذنبنا نحن! وماذا نفعل لهم؟

إذا كانوا لا يريدون معرفة وجهة نظرنا في اتهامهم لنا!!

هم يريدون تكفير الشيعة وإخراجهم من ربقة الإسلام؟!

ومهما حاولت معهم فأنت في نظرهم ليس بمسلم ولا يمكن الإلتقاء والتعايش معك!!

وإن تحاورت معهم وإن ألقيت عليهم الحجة وإن أعطيتهم الدليل والبرهان، أنت أنت!!

لأنهم ما زالوا ينظرون إليك هذه النظرة ويريدونك تنشغل معهم إلي ما لا نهاية في النقاشات العقيمة!!

ص: 382

أنت في نظرهم رافضي سليل عبد الله بن سبأ اليهودي!!

حتي لو أثبت لهم العكس وبالدليل أنت أنت في نظرهم، ولن تتغير عندهم إطلاقاً حتي تتبع ملتهم!!

يا أخي مصلحتنا الإسلامية أهم من الدخول معهم في نقاشات عقيمة والنتيجة معروفة مقدماً!!

نحن بحاجة إلي التنظير، وطرح فكرنا إلي العالم بالمنطق العلمي، لا الإنشغال بهذه النقاشات العقيمة معهم!!

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 28-12-1999، الثانية والنصف ظهراً:

إذا كان... من... فالسكوت...

وكتب (مؤمن قريش) بتاريخ 28-12-1999، الثالثة ظهراً:

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. إنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 28-12-1999، السادسة مساءً:

لا كان يومك يا علي فإنه... يوم به الدين الحنيف مضيع

ورزئت بالطهر البتول وما انقضي... رزء الرسول ولم تجف الأدمع

تدعو فيغضي المسلمون كأنها... لم تدعهم وكأنهم لم يسمعوا

قالوا وقالوا.. ثم قالوا، وماذا قالوا..

قالوا: مسموح أن تحكي. كيف سأحكي.. أين سأحكي.

وأنا منذ العهد التركي.. مدني في زمن مكي.

صخر يأمرني بالتقوي.. وأبو لهب يضع الفتوي.

وأبو جهل يلعن شركي؟!

ص: 383

نعم أخي الألمعي

ويقولون إحكي، وهل نحكي.. عمن يظلمني.. عمن يقهرني.. عمن يحرقني؟

ويقولون إحكي.. وهل نحكي.. عمن يكسرني.. عمن يطعنني؟

وهل نحكي يا أخي الألمعي.. وهل مسموح لنا أن نحكي ونحن في بيتنا؟؟

ولكن سوف نحكي يا ألمعي سوف نحكي ونحكي ونحكي...

فلا خير فينا إن لم نحكي (كذا).

السلام عليك يا بنت رسول الله السلام عليك يا بنت نبي الله السلام عليك يا بنت حبيب الله

السلام عليك يا بنت خليل الله السلام عليك يا بنت صفي الله السلام عليك يا بنت أمين الله

السلام عليك يا بنت خير خلق الله السلام عليك يا بنت أفضل أنبياء الله ورسله

السلام عليك يا بنت خير البرية السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين

السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة

تدعو فيغضي المسلمون كأنها... لم تدعهم وكأنهم لم يسمعو

وكتب (عزام) بتاريخ 28-12-1999، الثامنة مساءً:

الأخ العزيز موسي العلي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

جاء في ردك للأخ كميل: إنا لم نمنعكم من الآخر مما يقتضي الدفاع والرد.

ص: 384

وهذا يعني أنك تجوز للطرف الآخر أن يهجم علينا بكامل قواه وتعطينا فقط حق الدفاع عن أنفسنا وعقائدنا. فلماذا يحق للآخرين الهجوم ولا يحق لنا؟

والأمر الثاني الذي لفت انتباهي في عبارتك: والدفاع حق مشروع لكل شخص خصوصاً في هجر. فإذا أعطيت حق الدفاع للجميع، فهذا يعني سماحك بهجوم الطرف الآخر.

لكنك تقول بعدم السماح في الهجوم. فهل هذا إلا تناقض في كلامك؟ نرجو الإنتباه.

وكتب (علي الأول) بتاريخ 29-12-1999، الثانية صباحاً:

الأستاذ الفاضل موسي العلي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

كما لا يخفي علي الجميع سلبية الكثير من النقاشات المذهبية بين الشيعة والسلفيين..

لكن يبدو لي - أستاذي العزيز - أن له جوانب إيجابية كثيرة... أقلها أن يطرح كل طرف آراءه بكل صراحة.

وما نقترحه هو تقنين هذه النقاشات بحيث لا يفتح المجال لكل صاحب طرح هدام لا يبغي من المشاركة إلا تأجيج مشاعر الكراهية والحقد بين المسلمين.

وما عدا ذلك فأري أن يفسح المجال للنقاشات المذهبية في المجال الذي يصب في سبيل الوصول لرؤية مشتركة.. أو متقاربة.. أو غير عدائية في أحسن الأحوال بين الطرفين.

فلُبّ القضية ليس في أصل جدوائية النقاش المذهبي بقدر ما هي في نوعية الأشخاص المتحاورين..

هل هم عقلاء القوم... أم الهمج الرعاع؟ وإن تلفعوا بلفاع الدين..

ص: 385

وكتب (كميل) بتاريخ 29-12-1999، الحادية عشرة صباحاً:

الأستاذ موسي العلي: السلام عليكم..

أخي أفهم مما تفضلت بقوله أن ندعهم يقولون ما يشاؤون عنا وننسحب لمجرد أنهم يقولون عنا ما ذكرته!

عزيزي، ما أطرحه هنا ليس لتغيير فكرة أو إقناع من أتحاور معه من بعض النوعيات المشاركة هنا.. ولكن يهمني بدرجة كبيرة الكثير من القراء ممن لديهم العقول النظيفة والقلوب البيضاء من إخواننا السنة وهم الذين سنكسبهم إلي جانبنا، وفقكم الله ورعاكم.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 29-12-1999، الواحدة ظهراً:

الإخوة الكرام، بعد التحية والإحترام:

أستغرب من تصوراتكم!! نحن نقول إننا منعنا النقاشات المذهبية العقيمة، وأن الهجوم من كلا الفريقين علي الفريق الآخر ممنوع وغير مسموح به في هجر، وأنتم تقولون ماذا نفعل إذا هجموا علينا!!

واحد يقول هذا تناقض، والآخر يقول إنه يفهم من كلامي أننا نسمح لهم بأن يهجموا علينا!!

سامحكم الله لماذا هذا الإصرار!! مجالات الحوار كثيرة ولا تقتصر علي النقاشات العقيمة.

توضيح مفاهيم الطائفة، ورد الإشكالات التي يرددها المخالفون، من أهم الأمور.

ص: 386

ونحن في هجر نمر بمراحل حساسة جداً، ونقدر أسلوب كل مرحلة، وهذا من حقنا من أجل المحافظة علي الموقع. وللموقع دور رسالي كبير يتجاوز هذه الأمور من أجل مصلحة الإسلام ووحدة الأمة، ومنعنا للنقاشات المذهبية العقيمة جاء نتيجة إحساسنا بخطورتها كما أوضحناها لكم.

وكتب (فرات) بتاريخ 29-12-1999، التاسعة مساءً:

الأخ الكريم موسي العلي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

تقبل الله أعمالكم في هذا الشهر المبارك، وعظم لكم الأجر بشهادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

نحن نقدر أن لكل مقام مقال (كذا)، ولكن لكيلا يكون نقاشنا لفظياً... حدد ما هو مقصودك من (النقاشات المذهبية العقيمة). مع خالص الدعوات والرجاء بأن نكون مشمولين بدعواتكم أيضاً.

وكتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 18-1-2000، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (الحوار ضرورة، وهجر رائدة فيه.. والمراء والبغضاء ضرر.. فما هو الحل؟)، قال فيه:

الأخ موسي العلي المحترم:

الحمد لله علي شفائك وعافيتك، وبمناسبة شفائك أطرح هذا الموضوع عليك وعلي الإخوة الرواد الأفاضل لكي نبحث له عن حل.

أنت والإخوة المشرفون علي هجر، لا تريدون النقاش والحوار بسبب أنه تحول إلي مجادلات ومشاحنات توجب البغضاء بين المسلمين.. وهي وجهة نظر محترمة.

ص: 387

لكن الحوار والبحث والنقاش ضرورة علمية يدفع صاحبه إلي القراءة والتتبع والتفكير، وله فوائد كثيرة في التعرف علي الأفكار وتلاقحها وتكاملها.

والحل لا يكون بإلغائه من أساسه، بل بوضع قانون له.. مثلاً:

تفتح واحة باسم (الحوار العلمي)، يكون الحوار فيها ثنائياً أو ثلاثياً، حسب ما يتفق أصحابه أو صاحب الموضوع المطروح، وإذا خرج أحدهم عن الخط العلمي ينبه ويقفل الموضوع، أو ينقل إلي الأرشيف.. أما الحذف فهو بنظري أمر سيئ في كل حال.

أو أي ضوابط أخري منسجمة مع الأخلاق والآداب الإسلامية، وأهداف هجر.. وشكراً.

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 19-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ موسي العلي:

الحمد لله علي السلامة، ونسأل الله أن يشافي كل مرضي المؤمنين بحق مريض كربلاء.

إنني أوافق الأخ العاملي علي اقتراحه، ولكن الذي يرجي من الأخوة هو أن لا يشارك في الحوار إلا أهل العلم والتخصص، إذ لو كان المشاركون دائماً هكذا لما وصل الحوار إلي الإتهامات والشتائم، لأن أهل العلم يعرفون الأساليب العلمية في الحوار والمناقشة.

والمعروف عن علماء الشيعة المقتدين بأئمتهم الأبرار هو وساعة الصدر وقبول الإنتقادات ومناقشتها بالأسلوب العلمي وإذا لم تكن علمية يهملونها ولا يواجهون الخطأ بالخطأ.

ص: 388

وكتب (علي 2000) بتاريخ 19-1-2000، الواحدة ظهرا:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

العاملي وعمار بن ياسر، معكم معكم لا مع غيركم، نوافق رأيكم ونشد علي أيديكم.

وكتب (كمال) بتاريخ 19-1-2000، الرابعة عصراً:

الأستاذ العاملي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعتقد أن هناك اشتباه (كذا) في موضوعك ووقع سقط في عنوانك.. والأنسب أن يكون كالتالي:

(هجر " كانت " رائدة فيه)، ألا تري منذ فترة وهجر غير مفعلة وأعتقد أنها في طريقها للإضمحلال والأفول، وهذا ما نأسف عليه.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 19-1-2000، العاشرة ليلاً:

صح لسانك أخي كمال.

وكتب (عمار) بتاريخ 19-1-2000، العاشرة والنصف ليلاًَ:

ما تزال هجر رائدة للحوار، ولروادها طاقات كبيرة، غير أن الحوار منع لمصالح يعلمها الله وحده والأخوة القائمين (كذا) علي هجر. أوافقكم الرأي وحبذا لو رأينا رد (كذا) للأخ موسي العلي!

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 21-1-2000، الثانية ظهراً:

حبيب ألبي: عمار.. اشلونك واشلون بو علوة..

ما فائدة قولك (ولروادها طاقات كبيرة) ما داموا نايمين لأنهم غير مسموح لهم بالحكي؟

ص: 389

قالوا مسموح أن تحكي. الله يعينك أخي العزيز موسي العلي.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 23-1-2000، الخامسة عصراً:

وأنا معك أخي العزيز العاملي في رأيك.

وكتبت (زينبية) بتاريخ 23-1-2000، الخامسة والربع عصراً:

أتفق معك يا أخي العاملي ومع من أيدوك..

إقتراح جيد وأرجو من المسؤولين أن يبدوا رأيهم. وشكراً.

قال الإمام علي عليه السلام: العمر أقصر من أن تعلم كل ما يحسن بك علمه، فتعلم الأهم فالمهم.

وكتب (النسر الجارح) بتاريخ 23-1-2000، الخامسة والنصف عصراً:

بعد السلام، أنا مع الأخ العاملي وباقي الإخوة. تحياتي.

وكتبت زينب هجر (مشرفة إدارية) بتاريخ 23-1-2000، السادسة مساءً:

السلام عليكم، وأنا لست معكم في ما ترمون إليه..

نحن العرب، وأقولها بكل خجل، جبلنا علي.. الهواش.. لا الحوار.. نتهاوش.. مع بعضنا وتصر كل الأطراف علي أن رأيها أو فكرها هو الأصح وبدون أن تتزحزح عن ذلك.. كل منا يبني له ترسانة من.. المسببات.. ليثبت صحة رأيه فإن نفذت هذه المسببات استعان.. بالمسبات والشتائم.. وهذه ذخيرة لا تنفد.. كل منا يسفه الرأي الآخر ويستنفد طاقات كان بالإمكان توظيفها لخدمة الأمة لا لتعطيلها باسم.. الحوار..

ص: 390

الحوار يا أخوة ويا أخوات هو فن وعلم لا يجيده كل من هب ودب..

أنا لا أقول بأنه مقتصر علي طبقة معينة من الناس، ولكنه كما أسلفت فن يجب تعلمه قبل تطبيقه..

ثم تعالوا، كيف يمكننا أن نتحاور، بغض النظر عما نتحاور فيه، ونحن لا نجيد فن المحاورة مع آبائنا وأمهاتنا وأبنائنا.. ألم نخترع من الشعارات الرنانة ما يكفي؟

أليس القول بأن.. العصا لمن عصي.. وغيرها الكثير يدخل في هذا النوع من الحوار الأطرش؟

لنكن أكثر صراحة مع أنفسنا، ونحاول جاهدين أن نعرف معني الحوار حتي يمكننا ممارسته بما يخدم الناس لا بما يفرقهم، أو لنقل دعونا نفهم معني الحوار حتي لا يكون ذلك الحوار بيزنطياً ولا يمت للواقع بصلة.

أعرف أن أحدكم سوف يرد علي ويقول بأن جل كلامي منفعل، وأنا معه، ولكني أسأله أن يأتيني بمثال واحد عن حوار بين متحاوري الإنترنت جاء بنتيجة إيجابية حتي يمكنني من تخفيف انفعالاتي..

أتراجع قليلاً - وقد تعبت أناملي من الطباعة - وأقول.. نعم هناك بعض الحوارات أتت أكلها كالتي تحدث في الساحات التخصصية وبالذات في مجال الكمبيوتر والإنترنت والسبب ببساطة أن الجميع يأتي وينشد المعرفة، لا يأتي لإثبات أنه هو الوحيد الذي علي الحق وما دونه غير ذلك..

ص: 391

وأعتقد بأنه آن الأوان لمن يطلقون علي أنفسهم بالمتحاورين أن يبدأوا بتعلم فن الحوار من هؤلاء.. الموضوع طويل وذو شجون، ولا يمكن تلخيصه بهذه العجالة ولكني.. مقهورة.. مما وصلنا إليه، ولهذا شاركت!

الحرية هي حقك في أن تكون علي خطأ.. لا أن تفعل الخطأ.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 23-1-2000، السابعة مساءً:

أختي:

أرد عليك بما قاله الأخ العزيز العاملي: " لكن الحوار والبحث والنقاش ضرورة علمية يدفع صاحبه إلي القراءة والتتبع والتفكير، وله فوائد كثيرة في التعرف علي الأفكار وتلاقحها وتكاملها. والحل لا يكون بإلغائه من أساسه، بل بوضع قانون له.. مثلاً: تفتح واحة باسم الحوار العلمي، يكون الحوار فيها ثنائياً أو ثلاثياً، حسب ما يتفق أصحابه أو صاحب الموضوع المطروح، وإذا خرج أحدهم عن الخط العلمي ينبه ويقفل الموضوع، أو ينقل إلي الأرشيف.. أما الحذف فهو بنظري أمر سئ في كل حال.

أو أي ضوابط أخري منسجمة مع الأخلاق والآداب الإسلامية، وأهداف هجر ".

فهجر كانت بالسابق من أكثر المواقع نشاطاً والآن..

حتي أني لا أقدر أن أقول هذه الكلمة. نحن مشتاقون إلي أيام هجر السابقة.

ونحن نحترم رأي كل أحد.. ولكن نحن نريد هجر كما في السابق.

وكلام الأخ العزيز العاملي معقول. وإن شاء الله سبحانه وتعالي سنري رأي بقية الأعضاء.

فأين أنتم يا أعضاء هجر.. وشكراً.

ص: 392

وكتب (البسيط) بتاريخ 23-1-2000، السابعة والنصف مساءً:

أعزائي:

وأنا أيضاً لست معكم من منع للحوارات المذهبية.. لا لأننا نريد أن ننشر الفتنة ولا أعتقد أن منعها يمنع الآخرين من السب والشتم والتهجم والكذب علينا.

وكما أعلم أن هناك مثلا يقول: كثر الطرق يفك اللحام.. ربما أن هناك قلوب نظيفة تمتلئ بالأكاذيب التي يوردها المبغضون لنا ولا يرون ما يبين لهم عكس ذلك. لكن الأمر راجع للأخ موسي.

ولا أقول إلا: إنا لله وإنا إليه راجعون. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وكتب (فارس) بتاريخ 23-1-2000، الثامنة إلا ربعا مساءً:

الإخوة الأعزاء: السلام عليكم جميعاً..

وأشكركم لطرح هذا الموضوع الهام، واسمحو لي أن أدلو بما لدي.

أولاً: إن هجر في طريقها إلي الإضمحلال، فهذا وإن كان قاسياً ولاكنه (كذا) للأسف لا يخلو من الصحة - وليس صحيحاً علي الإطلاق - وأفصل بما يلي:

إن هجر وبسبب إغلاق التسجيل أصبحت أشبه بشبكة مغلقة علي أشخاص معينين ولهذا السبب نجد روح الحوار واختلاف الرأي الذي دائماً ما يؤجج المواضيع ويدع المراقب يشد لأنه يري الأطروحات من عدة زوايا وكل له وجهة نظره القوية ويدافع عنها بضراوة، قد بدأنا نفقدها..

ص: 393

إلا من بعض الأطروحات التي أصبحنا نراها بشكل متقطع ومتباعد، وهذا ربما يعود إلي تعود المتحاورين علي بعضهم البعض..

وأصبح شعور العشرة يطغي علي شعور الهجوم - بالتي هي أحسن - بالحوار..

وأصبحنا نري الأعداء - بالآراء - عقدوا صلحاً واتفقوا أن لا يتدخل أحدهم بالحوار مع صديقه اللدود - ربما هي سابقة تسجل لهجر بترويض أكثر الفرقاء - ولم نعد نري من يثب بين الحين والآخر ويقلب الحقائق ويغير المفاهيم و.. و.. و.. وكل ذلك بسبب إغلاق التسجيل - يتحمل 80 - 90 % - والبقية للشرط والظوابط (كذا) وهي أمر موجود بكل ساحات الحوار.. وهذا برأيي شئ صحي أن تكون هناك ظوابط (كذا).

وأتمني أن ينتهي إغلاق التسجيل قريباً وهذا ما سمعته من القائمين علي الشبكة.

ثانياً: الحوارات ليست ممنوعة بشبكة هجر.. وإنما الممنوع هي الحوارات العقيمة التي أثبتت جميع التجارب السابقة والحالية إنها لم تؤدي (كذا) إلي نتيجة.

فهذا هو السيناريو العريض لكل المناقشات بين الشيعة والإخوة السنة:

بسم الله نبدأ بحوار أخوي نبحث عن الحقيقة من الكتاب والسنة.. إبدأ أنت لا أبدأ أنت.. أنتم تقولون من أين أتيت بهذا.. وهذا ليس صحيح وهذا دخيل علينا، وتبدأ عملية القص واللصق وإلي أن يبدأ التراشق بالإتهامات والتجريح إن لم يصل إلي الشتائم وتسدل الستار..

وهذي شبكات الحوار المفتوحة موجودة وتستطيعون أن تقارنوا بين أكثر الحوارات وستجدون السيناريو نفسه موجود (كذا).

ص: 394

وأعتقد بالنهاية أن وجود حوار هادف لا يصل إلي التجريح.. ويخرج الجميع منه بفائدة.. فإني واثق أن شبكة هجر لن تمانع بفتح الحوار ولاكن (كذا) التجارب أثبتت أن المواضيع المذهبية لا تخلص إلي فائدة للجميع وإنما تؤجج نار الفتنة والفرقة ونحن أول من سيحترق بهذه النار.

وأعتذر علي الإطالة وشكراً لكم لقراءة رأيي.. الصحيح الذي يحتمل الخطأ.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 23-1-2000، الثامنة مساءً:

أخي العزيز:

إن عدد الأعضاء جيد فلا بأس به وكل يوم نري عضواً جديداً إلي هجر.

لكن أخبرني: هل هجر السابقة هي هجر الحالية؟ وأرجو أن تعود هجر إلي سابق عهدها.

وكتب (فارس) بتاريخ 23-1-2000، الحادية عشرة ليلاً:

أخي العزيز:

إن التسجيل لا يتم إلا عن طريق التزكية وهذا برأيي لا يحل مشكلة برود الحوارات.

وإذا كان المقصود بعهدها السابق الحوارات المذهبية العقيمة.. لأني وجدت الحوارات المفيدة لا تتعدي 3 - 5 % بتقديري الشخصي.

فمن وجهة نظري إن شبكة هجر بدون هذا الطرح أفضل، وشكراً لك أخي الكريم مرة أخري.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 24-1-2000، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

ص: 395

أخي العزيز إن عدد الأعضاء الآن 360 عضواً.

وهجر في السابق كانت أفضل والحمد لله رب العالمين.

أما الآن فيها... لا نقدر أن نقول هذه الكلمة علي هجر الحبيبة.

وأرجو أن ترجع هجر كما في السابق. وكتب (فارس) بتاريخ 24-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أخي العزيز:

يبدو لا نري مشكلة بالنسبة للتسجيل.. ولا تعتقد أن هنالك مشكلة بغلقه..

وأنا مؤمن بأن لهذا دور (كذا) كبير بالمشكلة.

عموماً جميعنا يتمني لهذه الشبكة الموقرة التطور والنجاح، وندعو الله العلي القدير أن يجعل التوفيق طريق هذه الشبكة بحق محمداً (كذا) وآل بيته الأطهار وأن يجعلها مناراً في خدمتهم آمين يا رب العالمين، وأشكر لك غيرتك علي هذه الشبكة، وأدعو لك التوفيق.

وكتب (عبد الله صالح) بتاريخ 24-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الإخوة الأعزاء، أوافق علي فتح باب النقاش نظرياً..

لكن هل سنلتزم بأدب الحوار إذا أعيد النقاش من جديد؟؟؟ عذراً علي المداخلة.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 24-1-2000، الواحدة إلا ربعاًَ صباحاً:

ص: 396

لا توجد مداخلة يا عبد الله صالح.. فأنت عضو ويجب علي جميع الأعضاء أن يعلقوا علي هذا الموضوع فأينكم يا رواد هجر.. أين باقي الأعضاء؟؟؟؟؟؟؟ أرجو من الجميع التعليق فالموضوع حساس...

وكتب (البسيط) بتاريخ 24-1-2000، الواحدة إلا عشر دقائق صباحاً:

إخواني:

لا أعتقد أن الإلتزام في الحوار سوف يتم بأي طريقة كانت.

لكن رد المثل بالمثل لرد الشبهة أمر واجب. فنحن نري مدي الحملة الغوغائية التي يحملها الحاقدون علينا. مسألة أن الحوار العقيم عديم الفائدة، هو كمن يقول ما فائدة الذباب ينقل المرض.

لكن نقول يخلق الله ما يشاء. في النهاية اكتشف العلماء أن يرقة الذباب يمكن أن تشفي من بعض عمليات التشويه من الجروح المتقرحة أو قد تشفي من البتر.

فلماذا تحكمون علي الحوارات المذهبية العقيمة بأنها قد تؤجج الفتنة أكثر مما هي متأججة.

أعتقد أنها غير ذلك.

أنا معكم يجب أن تشدد المراقبة علي المواضيع المطروحة وعلي الردود وهذا قد يشكل عبأ (كذا) علي المشرفين. لكن هذا لا يعني أن حذف الواحة يشكل حلاًّ من الجهة الأخري.

عموماً كما ذكرت القرار الأول والأخير لموسي العلي. وأنا أقدر وأحترم رأيه.

ص: 397

كما أني لا أشارك في الحوارات الدينية ولا أحبها، لكني أيضاً لا أحب أن أهان دون أن أرد بأي صورة كانت دون تجريح، إنما السن بالسن والبادئ أظلم. والله ولي التوفيق.

وكتب (Brave Man) بتاريخ 24-1-2000، الواحدة إلا خمس دقائق صباحاً:

دوختوني بالكلام..

أنتم تريدون شيئاً والواقع بعيد عن أعينكم.. حيث إن الحرية التي تطلبون.. ليست غير موجودة في نظري، لكنكم تسيئون استخدامها - علي كثرتكم - فيتم ما يتم من النهج الذي يتبعه موسي العلي وأصحاب القرار..

لست كذلك بمعارض لفكرة الفاطمي، لكن هونوا الموضوع ولا تقولون (كذا) هذا ما يعرف عن أيش نتكلم أنا أعرف لله الحمد.. وقصدي بالدعوة للتهوين قصد عادي..

يمكن لأنني لا أعرفكم معرفة شخصية، ولا أهتم لذلك حين أبدأ بالكتابة.. أي أتناسي العواطف..

هجومكم غير مناسب لهذه الدرجة وأخبروني بصراحة: من منكم حذفت موضوعاته أو تعقيباته المذهبية المزعومة.. فحتي في شكواكم لم تكون (كذا) واضحين تماماً..

أستثني من كلامي من لم يؤيد الكلام. سامحونا لو أخطأنا.

وكتب (سليم) بتاريخ 24-1-2000، الواحدة ظهراً:

ص: 398

لعن الله الظلم والظالمين. لقد جبل بعضنا علي الخوف حتي أصبحوا يخافون من الكلام عما هو واقع حتي من وراء شخصيات مستعارة.

بالنسبة لموضوعنا هذا.. إذا كان هناك خطر بحجب هجر في السعودية عند الرجوع إلي مثل تلك المواضيع التي كانت حرارتها ونارها تجلب القاصي والداني.. فالحكمة تقتضي عدم العودة لها.

والله من وراء القصد.

وكتب (متعلم) بتاريخ 24-1-2000، الواحدة والثلث ظهراً:

مجرد رأي: بعد إدارة الأستاذ الفاضل عبد الحسين البصري للمنتدي تميز المنتدي بروح المسؤولية. فنحن بحاجة إلي شبكة هجر بمنهجها الحالي وبحاجة إلي المنتدي بمنهجه الحالي.

فمن يجد في نفسه الأهلية للنقاشات المذهبية بإمكانه ذلك في المنتدي. ومن يريد الإلتقاء بالأخوة المؤمنين الأعزاء فيمكنه ذلك من خلال شبكة هجر. فبقاء الأمر علي ما هو عليه. مجرد رأي.

وكتب (الخزاعي) بتاريخ 24-1-2000، الرابعة عصراً:

الإخوة الأعزاء:

الهدف الأساس من الحوار هو الوصول إلي الحقيقة في مثل ما تنشدونه.

وعلي المحاور إذن أن يتوقع خطأ رأيه وأن يقبل الحقيقة في نهاية المطاف دون أي تبرير.

فإذا وجد لدينا هذا النمط من المحاورين فجميل ما تطالبون به والعكس صحيح.

ص: 399

فمن يستطع أن يقبل أن يقال له أنت كافر ويدفع بالتي هي أحسن إلي أن يتمكن من إثبات عكس المدعي عليه، فهو ذلك المحاور الذي ينفع بحواره نفسه والآخرين.

الشتم والتهكم والإستفزاز تحول ساحات الحوار إلي ساحات وغي غير محمودة العواقب.

والسلام عليكم.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 24-1-2000، الخامسة عصراً:

إن عدد الأعضاء 360 عضواً، فأين باقي الأعضاء. مع احترامي الشديد لرأي كل الأعضاء.

وكتب (أبو ذر) بتاريخ 24-1-2000، الخامسة والربع عصراً:

الأخ العاملي:

هذه فكرة جيدة ولكن لي ملاحظات أود طرحها وربما تصدي لها بعض الإخوان:

1 - مواضيع العقيدة من المواضيع الحساسة وطريقة المناقشات التي تتم في الإنترنت عبارة عن اتهام ودفاع.. فالمشتركون بالنقاش في ذهنهم مسبقاً أنهم علي حق والطرف الآخر علي باطل , وهذا ينسف فكرة تصحيح الخطأ.

2 - الآراء التي تطرح للنقاش هي عقائد آمن بها الإنسان منذ نعومة أظفاره ولا يتصور تقبل الطعن بها.

3 - الآراء العقائدية هي نتاج أجيال من جهابذة العلم من مجتهدين عظام , فمن هو الذي يدعي باستطاعته أن يمثلهم أو يمثل فكرهم في هذه المنتديات.

ص: 400

4 - غالبية المشتركين بهذه المنتديات هم شخصيات اعتبارية وليست حقيقة ظاهرة للعيان أو معروفة لجميع المشتركين للحوار فالحوار علي شاشة التلفزيون مثلاً مفيد، لأن المشاهد يري شخصية المحاورين ويسمع صوتهم بينما يغيب عنا في هذه شخصية المحاورين ولا نري إلا كتابة ربما تكون عبثية ومن أشخاص غير مؤهلين للبحث في مثل هذه الأمور.

أخيراً أقترح أن تشكل لجنة من المحاورين المؤهلين علمياً باستلام الأسئلة وعرضها علي المجتهدين وذكر رد المجتهد والإبتعاد عن المحاورات العقيمة التي تهدف إلي تخطيئ الطرف الآخر ليس إلا.

آسف للإطالة.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 25-1-2000، الثانية عشرة ظهراً:

الأخوة المعارضون: ماذا استفدنا من إغلاق الحوار؟؟

كثير من الأخوة لا يعرفون الكثير من التهم التي تلقي علينا ولا ينفع دحض هذه التهم بدون حوار ونسمع الكثير يقولون: " ما قدروا علينا.. فمنعوا الحوار بحجج واهية ".

فهل هذا ما تريدونه.. والأفضل إغلاقها علي الأقل يرتاح الأخ الكريم موسي العلي من هالمشاكل.. علي الأقل، نقول إحنا اللي أغلقناها أحسن من هالحال!

وتقولون وين رواد هجر؟ نشوخر أحسن لنا، والله يعينك أخي موسي العلي.

واللي يبِي يشوف وين رواد هجر.. يروح المنتدي ويشوفهم هناك.

وكتب (البيان) بتاريخ 26-1-2000، الرابعة صباحاً:

نحن معك أيها العزيز العاملي في ما اقترحت.

ص: 401

وأنا هنا أقولها بصدق إن المستفيدين من الحوارات أناس كثيرون، وقد لمست هذا بنفسي، وأنا من المؤيدين بشدة لعودة هذه الحوارات لما فيها من فائدة وكذلك لتبيان الحق ونور أهل البيت فليس كل المسلمين ينتمون إلي فرقة معينة.

وإن أكثر البلاد العربية تمنع كتب أهل البيت وتجيز كتب غيرهم وهنا أظنها خير وسيلة لنشر فكر أهل البيت من خلال المحاورات مع المذاهب الأخري، وخصوصاً المذهب الذي يدعي أنه علي حق، أقصد (الوهابية) الذين يستميتون لنشر فكرهم في كل مكان.

أصبح بيدكم سلاح فلا تتركوه، وأنتم علي الحق! فبماذا تبالون أو بالموت تبالون؟

قال الحسين بن علي عليهما السلام: خط الموت علي ابن آدم مخط القلادة علي جيد الفتاة.

أم أنكم تنشدون الوحدة العربية؟ لعمري هذه أحلام اليقظة!

أم تترقبون أن يحبكم أعداء أهل البيت والموالون لقاتليهم؟! إنها والله أحلام إبليس في الجنة!

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 26-1-2000، السادسة صباحاً:

وأنا معكم أيها الأخ العزيز الفاطمي والأخ البيان.

أين أنتم يا رواد هجر عدد الرواد وصل 360 أو أكثر.. أين أنتم.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 29-1-2000، الرابعة عصراً:

نايمين يا الحر..

ص: 402

مدارس آيات خلت من تلاوة...

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 26-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

كيف؟؟؟؟

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 26-4-2000، الثالثة ظهراً:

أخاف يحطون قفل بو 5 كيلوات.. ولا تودينا بداهية.

وعسي الله أن يدوم علينا هالشخير المضبوط! واللهم لا شماتة، وعين الحسود فيها عود.

ص: 403

الوهابيون المتعصبون يؤيدون إغلاق النقاش

كتب (موسي العلي) في ساحة النقاش الإسلامية، بتاريخ 23-9-1999، الخامسة مساء، موضوعاً بعنوان (مجرد اقتراح... ساحة النقاش التخصصية للحوار المذهبي العلمي... بدلاً عن الإسلامية!!)، قال فيه:

مجرد اقتراح.. جاء مجموعة من الأخوة.. وهو من أجل تخفيف حدة النقاشات المذهبية وتخصيصها في ساحة جديدة باسم ساحة النقاش التخصصي، ضمن ضوابط خاصة بهذه النقاشات.. وتكون ثنائية النقاش بين طرفي الحوار وبعيدة عن التشنج والإنفعال، ومختصة بأصحاب الإختصاص من طلبة العلم لكي تتم الفائدة المرجوة.

وتكون ساحة النقاش الإسلامية خاصة بطرح القضايا الإسلامية والمواضيع العلمية والأخلاقية والفقهية وكل ما يرتبط بالعلوم والفكر الإسلامي.

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 23-9-1999، التاسعة مساءً:

أنا مؤيد لاقتراحك أخي العزيز.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 23-9-1999، العاشرة مساءً:

أشكرك كثيراً أيها الأخ الفاضل، وهو اقتراح مفيد إنشاء الله، وأنا أنتظر رأي باقي الإخوة قبل أن أقوم بتنفيذه.. ولك تحياتي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 23-9-1999، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ موسي العلي المحترم:

الإسم المقترح طويل، وعليه إشكالات..

وإن أخذت صفة الإسلامية من هذه الساحة فلأي ساحة تضعها؟!

ص: 404

إن كان ولا بد من التغيير فاختاروا اسم.. (ساحة النقاش في العقائد والمذاهب الإسلامية) أو ما في معناه.

وكلمة النقاش والبحث والمناظرة.. كلمات من ثقافتنا الإسلامية..

أما كلمة (حوار) فتختلف في اللغة عن معناها السائد اليوم، مضافاً إلي أنها حملت رائحة سياسية.. وشكراً.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 23-9-1999، الحادية عشرة والنصف مساءً:

أخي العزيز موسي:

هل لك أن توضح معني قصدك من ثنائية النقاش؟ وهل هذه الفكرة قريبة للإقتراح الذي قدمته لكم؟؟

وكتب (Zelda) بتاريخ 24-9-1999، الثانية صباحاً:

أنا أؤيد هذه الفكرة... عندي اقتراح لاسم مختصر.. (بين المذاهب)..

وعندي سؤال.. هل سيتم الإبقاء علي الصفحة الإسلامية.. أي بمعني آخر.. هل الصفحة الجديدة إضافة علي الصفحات الأخري، أم هي مجرد تغيير اسم للصفحة الإسلامية؟

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 24-9-1999، الثالثة صباحاً:

أشكر الإخوة الكرام، الفاضل العاملي، أخي العزيز جداً الأشتر.

الأخ أو الأخت لا أدري؟ زليدا... عفواً طبعاً.. بعد التحية والإحترام.

أشكركم علي تفاعلكم مع الإقتراح، الإسم ليس طويل (كذا).

والمقترح من عندي هو (ساحة النقاش التخصصية) والأسماء المقترحة من الإخوة:

ص: 405

1 - ساحة النقاش بين المذاهب.

2 - ساحة النقاش في العقائد والمذاهب الإسلامية.

3 - ساحة التقريب بين المذاهب (أخ أقترحه).

بالنسبة إلي ثنائية النقاش يعني بين طرفي النقاش يتناظران ويستدلان بدون إزعاج نفسي من استفزازات الآخرين وهي مأخوذة من اقتراح الأخ العزيز الأشتر ومتقاربة مع اقتراحه.

وبالنسبة لاستفسار زليدا.. نعم سوف تبقي ساحة النقاش الإسلامية وتكون الصفحة المقترحة ساحة جديدة بضوابط متخصصة في النقاش المذهبي. ختاماً: أتمني أن أسمع آراء جميع الإخوة في ذلك.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 24-9-1999، الثالثة ودقيقتين صباحاً:

أخي العزيز موسي: أوافقكم الرأي، وشكراً علي التوضيح.

وكتب (الشيباني) بتاريخ 24-9-1999، العاشرة صباحاً:

موسي العلي المحترم:

1 - لا أؤيد تسمية الساحة ب- (ساحة التقريب بين المذاهب) حسب الإقتراح الموجه إليكم لأن هذا لن يكون كما تعلمون، فيكون تسميتها بغير ما هو فيها وهذا غير لائق!!!!

2 - أقترح إن كنتم ستغيرون الإسم لا محالة أن يكون: ساحة النقاش المذهبي، فهذا في تصوري أنسب التعبيرات من حيث قلة الكلمات والإشارة إلي المدلول..

ص: 406

3 - أقترح كذلك ألا يقتصر الحوار علي شخصين فقط وإن كانا هما الأصل في الحوار، لكن ما المانع في دخول أطراف آخرين (كذا) في النقاش بالشروط المذكورة من الإلتزام بالأدب وغيره..

فهذا أدعي لبيان الحق لأكبر قدر ممكن من المتحاورين. وشكراً.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 24-9-1999، الحادية عشرة صباحاً:

الزميل الشيباني: بعد التحية والإحترام، أشكرك علي الإقتراحات الثلاثة:

أولاً: التسمية لم نقررها حتي الآن.. وأستبعد أن تكون باسم التقريب لأن هذه المسألة غير محسومة.

ثانياً: سنضيف تسميتك ضمن الأسماء المقترحة وهي: ساحة النقاش المذهبي.

ثالثاً: إقتراحك جيد جيداً.

وكتب (العاملي) بتاريخ 24-9-1999، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ الكريم موسي العلي:

أشكرك أن وضحت أن (ساحة النقاش الإسلامية) ستبقي باسمها الطبيعي. فهذا هو الأمر الطبيعي. أما الساحة المقترحة فأؤيد أن تكون للنقاش الثنائي، إذا طلب المتناقشان ذلك بأن يقترح أحدهم علي آخر نقاشاً في موضوع، ويكتب أنه ثنائي فيوافقه الآخر..

وفي هذه الحالة لا يصح أن يشارك في النقاش شخص ثالث، إلا إذا أجازه أحد الطرفين.. وشكراً.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 24-9-1999، الواحدة ظهراً:

ص: 407

الفاضل العاملي: بعد التحية والإحترام..

اقتراحك جيد، في مداخلة الشخص الثالث بإجازة أحد الطرفيين.

وساحة النقاش الإسلامية، ستبقي نشطة كما هي ولكننا نطمح أن تكون لمناقشة المسائل العلمية الخلافية أو غير الخلافية في الحديث والأصول والفقه والرجال والكلام وغيرها من العلوم الإسلامية.

ونطمح كذلك أن تخفف فيها حدة النقاش المذهبي بين الرواد.

وكتب (مشارك) بتاريخ 24-9-1999، الثالثة ظهراً:

الزميل موسي:

أنا مع أي اقتراح يساهم في تقليص نشر الخلافات المذهبية.. وبالنسبة للضوابط فلم نجد حلاًّ حتي الآن لمن يناقش بالتدليس أو الكذب للأسف.. أرجو أن تراجع ساحة الملاحظات. وشكراً.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 24-9-1999، الثالثة والنصف ظهراً:

الزميل مشارك:

أشكرك علي متابعتك للإقتراح.. ونحن نوافقك في تقليص نشر الخلافات المذهبية.. وهدفنا من هذا الإقتراح هو ما تفضلت به، وسوف تكون ضوابط النقاش المذهبي بها هذه الخصوصية.

وشكرا لك أيها الزميل.

ص: 408

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 24-9-1999، التاسعة مساءً:

الملاحظ أن هذه الصفحة نقاشاتها 99 % بين الإمامية والسنة خاصة إخواننا السلفيين. فأنا أقترح أن يسمي الموقع بشئ يدل علي الغالبية العظمي من المناقشين. لأن الواقع يكذب الإسم العام.

فإن هذه الصفحة لا يناقش الشيعة أنفسهم بأنفسهم فيها ولا السنة أنفسهم بأنفسهم. وإنما الغالبية هنا يردون ويرد عليهم من قبل الفريق الآخر.

فلا بد أن يمثل اسم الموقع تحديد هذا الجانب لأن الناس لا يعرفون هذا الأمر حقيقة إلا بعد الدخول بظن منهم أن النقاش عام وغير محدد بسنة أو شيعة.

طبعاً أنا لست من يحدد الإسم المناسب ولكن بما أنكم طلبتم الإقتراح فحبذا لو يكون قريباً أو شبيهاً بمثل معني ساحة نقاشات السنة والشيعة.

وهذا لأن العنوان يجب أن يشمل التحديد من مسار الساحة بالضبط لأن النقاشات الإسلامية عامة جداً وأوسع من الواقع لنشاط الحوارات التي في هذه الساحة.

هذا ما تبادر لذهني من مطابقة الحال وربطه باسم الساحة، وإن رأيتموني أبعدت المسار فلا تثريب عليكم لأن نشاط الحوار سيبقي هو لب الكلام لا اسمه

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 25-9-1999، الثانية عشرة ظهراً:

الزميل الإماراتي راشد: بعد التحية والإحترام..

ص: 409

أشكرك علي هذه الملاحظة واقتراحك هو في العنوان كما يفهم، وتقترح أن يكون العنوان للساحة الجديدة هو ساحة نقاشات السنة والشيعة. وسوف يكون ضمن الأسماء المقترحة. ولك تحياتي.

ص: 410

الفصل الخامس: نقاط في مناهج البحث العلمي

اشاره

عناوين المواضيع:

لا موضوعية عند النواصب

معني المصادر المعتمدة عند السنة وعند الشيعة

منهجنا في تقييم الصحابة

زعمهم أن الشيعة لا خبرة لهم بالجرح والتعديل!!

ص: 411

ص: 412

لا موضوعية عند النواصب

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 13-6-1999، الثامنة مساء، موضوعاً بعنوان (واحدة من فضائح الدكاترة الأكاديميين!)، قال فيه:

من بين سيل الكتب الكثيرة التي ينشرها الوهابيون ضدنا، لفت نظري كتاب في ثلاث مجلدات اسمه

(أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية - عرض ونقد) اسم مؤلفه الدكتور ناصر بن عبد الله القفاري، الطبعة الثانية - 1415 ه - 1994 م، وقد كتبوا في أوله هذه العبارة:

(أصل هذا الكتاب رسالة علمية تقدم بها المؤلف لنيل درجة الدكتوراه من قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد أجيزت هذه الرسالة بمرتبة الشرف الأولي، مع التوصية بطبعها وتبادلها بين الجامعات). انتهي.

ويبدو أن هذه الرسالة كانت بحثاً صغيراً أعجب الدكاترة الوهابيين لقوته العلمية مثلاً، فأمدوا مؤلفها بعدد من المعاونين والمصادر الشيعية، وبذلت هذه المجموعة جهودها حتي أكملت تأليف هذه الموسوعة (الموضوعية) عن عقائد الشيعة ومذهبهم..

ص: 413

وإنما حكمنا بأن الكتاب من تأليف مجموعة فيهم غير عرب، لأن قلمه متفاوت، وفي بعض مقاطعه عجمة، لا يمكن أن تكون من قلم سعودي قفاري.

علي أن علينا أن نتعامل بالظاهر، ونأمل من الكتاب خيراً لوفرة مصادره الشيعية التي سجلوها في فهرسه، ولأن أصله كُتِب ونوقش من قبل دكاترة، فلا بد أن يتناسب مستواه مع مستوي الشهادة الجامعية.

ويزداد أملنا خيراً عندما نقرأ من المؤلف بشائره التي بشر القارئ بها في مقدمته.

فقال في ج 1 ص 14 و 16:

(وإذا كان لا بد من إشارات في هذا التقديم فأقول: قد عمدت في بداية رحلتي مع الشيعة وكتبها ألا أنظر في المصادر الناقلة عنهم، وأن أتعامل مباشرة مع الكتاب الشيعي حتي لا يتوجه البحث وجهة أخري. وحاولت جهد الطاقة أن أكون موضوعياً ضمن الإطار الذي يتطلبه موضوع له صلة وثيقة بالعقيدة كموضوعي هذا.. والموضوعية الصادقة أن تنقل من كتبهم بأمانة، وأن تختار المصادر المعتمدة عندهم، وأن تعدل في الحكم، وأن تحرص علي الروايات الموثقة عندهم أو المستفيضة في مصادرهم ما أمكن).

(ثم إنني في عرضي لعقائدهم ألتزم النقل من مصادرهم المعتمدة، لكن لا أغفل في الغالب ما قالته المصادر الأخري، ووضع الأمرين أمام القارئ مفيد جداً للموازنة.. اكتنفت دراستي عدة صعوبات: أولها أن كتب الرواية عند الشيعة لا تحظي بفهرسة، وليس لها تنظيم معين، كما هو الحال في كتب أهل السنة، ولذلك فإن الأمر اقتضي مني قراءة طويلة لكتب حديثهم، حتي تصفحت البحار بكامل مجلداته، وأحياناً أقرأ الباب رواية رواية، وقرأت أصول

ص: 414

الكافي، وتصفحت وسائل الشيعة، وكانت الروايات التي أحتاج إليها تبلغ المئات في كل مسألة في الغالب). انتهي.

حسناً، لقد وعدنا المؤلف أن ينقل آراء الشيعة من مصادرهم.. وقد قرأ كثيراً كثيراً منها..

فماذا قال في موضوعنا (التجسيم)؟

قال في ج 2 ص 527:

الفصل الثالث: عقيدتهم في أسماء الله وصفاته. للشيعة في هذا الفصل أربع ضلالات:

الضلالة الأولي: ضلالة الغلو في الإثبات، وما يسمي بالتجسيم.

الضلالة الثانية: تعطيلهم الحق جل شأنه من أسمائه وصفاته.

الضلالة الثالثة: وصف الأئمة بأسماء الله وصفاته.

الضلالة الرابعة: تحريف الآيات بدافع عقيدة التعطيل للأسماء والصفات.

وسأتوقف عند كل مسألة من هذه المسائل الأربع وأبين مذهب الشيعة فيها من خلال مصادرها إن شاء الله.

المبحث الأول: الغلو في الإثبات (التجسيم):

اشتهرت ضلالة التجسيم بين اليهود، ولكن أول من ابتدع ذلك بين المسلمين هم الروافض.

ولهذا قال الرازي (لاحظ التدليس بإطلاق اسم الرازي المعروف علي رازي غير معروف!):

ص: 415

اليهود أكثرهم مشبهة، وكان بدء ظهور التشبيه في الإسلام من الروافض مثل هشام بن الحكم، وهشام بن سالم الجواليقي، ويونس بن عبد الرحمن القمي وأبي جعفر الأحول (1).

وكل هؤلاء الرجال المذكورين هم ممن تعدهم الإثنا عشرية في الطليعة من شيوخها، والثقات من نقلة مذهبها (2) وق حدد شيخ الإسلام ابن تيمية أول من تولي كبر هذه الفرية من هؤلاء فقال:

(وأول من عرف في الإسلام أنه قال إن الله جسم هو هشام بن الحكم) (3) وقبل ذلك يذكر الأشعري في مقالات الإسلاميين أن أوائل الشيعة كانوا مجسمة، ثم بين مذاهبهم في التجسيم، ونقل بعض أقوالهم في ذلك، إلا أنه يقول بأنه قد عدل عنه قوم من متأخريهم إلي التعطيل (4) وهذا يدل علي أن اتجاه الاثني عشرية إلي التعطيل قد وقع في فترة مبكرة، وسيأتي ما قيل في تحديد ذلك (5).

وقد نقل أصحاب الفرق كلمات مغرقة في التشبيه والتجسيم منسوبة إلي هشام بن الحكم وأتباعه تقشعر من سماعها جلود المؤمنين. يقول عبد القاهر البغدادي: زعم هشام بن الحكم أن معبوده جسم ذو

حد ونهاية وأنه طويل عريض عميق وأن طوله مثل عرضه... (6) ويقول: إن هشام بن سالم الجواليقي مفرط في التجسيم والتشبيه لأنه زعم أن معبوده علي صورة الإنسان... وأنه ذو حواس خمس كحواس الإنسان (7) وكذلك ذكر أن يونس بن عبد الرحمن القمي مفرط أيضاً في باب التشبيه، وساق بعض أقواله في ذلك (8) وقال ابن حزم (قال هشام إن ربه سبعة أشبار بشبر نفسه) انتهي.

ص: 416


1- اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص 97.
2- أنظر محسن الأمين / أعيان الشيعة 1 / 106.
3- منهاج السنة: 1 / 20.
4- أنظر مقالات الإسلاميين: 1 / 106-109 (9) الفصل 5 / 40.
5- في المبحث الثاني.
6- الفرق بين الفرق ص 65.
7- الفرق بين الفرق ص 68 - 69.
8- الفرق بين الفرق ص 70.

سبحان الله! لقد وعد المؤلف أن ينقل آراء الشيعة من مصادرهم، ولم يذكر في مصادره إلا أعيان الشيعة وقد رجعنا إلي المكان الذي ذكره فلم نجد فيه شاهداً علي كلامه!

لقد صار معني نقل آراء الشيعة من مصادرهم أن ينقلها من مصادر خصومهم المتحاملين عليهم.

فما عدا مما بدا..؟! أين مصادر الشيعة المعتمدة التي تنادي كلها بالتنزيه وتدين التشبيه، ومنها المصادر التي بين يدي المؤلف، وقد أدرج أسماءها في آخر كتابه.. وفيها علي الأقل مئة باب ومسألة تنفي التشبيه والتجسيم بالآيات والأحاديث والبحوث الكلامية؟

فهل صدف نظر الدكتور عنها جميعاً؟! أين أصول الكافي التي قال إنه قرأه وهو مجلدان، وفي المجلد الأول منهما كتاب التوحيد وأبوابه كما يلي:

كتاب التوحيد.

باب حدوث العالم وإثبات المحدث.

ص: 417

باب إطلاق القول بأنه شئ.

باب أنه لا يعرف إلا به.

باب أدني المعرفة.

باب المعبود.

باب الكون والمكان.

باب النسبة.

باب النهي عن الكلام في الكيفية.

باب في إبطال الرؤية.

باب النهي عن الصفة بغير ما وصف به نفسه تعالي.

باب النهي عن الجسم والصورة.

باب صفات الذات.

باب آخر وهو من الباب الأول.

باب الإرادة أنها من صفات الفعل وسائر صفات الفعل.

باب حدوث الأسماء.

باب معاني الأسماء واشتقاقها.

باب آخر... الفرق ما بين المعاني التي تحت أسماء الله وأسماء المخلوقين.

باب تأويل الصمد.

باب الحركة والإنتقال.

باب العرش والكرسي.

باب الروح.

باب جوامع التوحيد.

ص: 418

باب النوادر. انتهي.

لقد رأي هذا الدكتور (الأمين) كل ذلك!

فقد كشف في الصفحات اللاحقة عن (سره) واعترف بأنه أغمض عينيه عمداً عن مصادر الشيعة لأن خصومهم أخبر منهم بعقائدهم وأصدق منهم!!

قال في ص 531:

(وقد يقال إن ما سلف من أقوال عن هشام وأتباعه هي من نقل خصوم الشيعة، فلا يكون حجة عليهم. ومع أن تلك النقول عن أولئك الضلال قد استفاضت من أصحاب المقالات علي اختلاف اتجاهاتهم، وهم أصدق من الرافضة مقالاً وأوثق نقلاً، وهي تثبت أن الرافضة هم الأصل في إدخال هذه البدعة علي المسلمين، لكن القول بأن نسبة التجسيم إليهم قد جاءت من الخصوم ولا شاهد عليها من كتب الشيعة قد يتوسمه من يقرأ إنكار المنكرين لذلك من الشيعة، وإلا فالواقع خلاف ذلك). انتهي.

ولم يبين لنا الدكتور الباحث أي واقع يقصده؟

هل هو واقع مصادرهم التي أغمض عينيه عنها، أم واقع الشيعة الذين هم حوله، حيث بإمكانه أن يرفع (التلفون) ويتصل بعشرين من علمائهم، وخمسين من عوامهم، من داخل المملكة السعودية وخارجها، من أي بلد إسلامي وأي قومية أراد؟!

وهكذا طار وعد الدكتور بنقل آراء الشيعة من مصادرهم، لأن معناه الواقعي عنده: نقل التهم الموجهة إليهم من خصومهم الحكم عليهم بها!

حسناً، لنا الله.. فلنطوِ هذه الصفحة، ولننظر إلي موضوعية دكتورنا في البحث والإستدلال التي يؤكد عليها.

ص: 419

فيقول في ج 1 ص 14:

(وحاولت جهد الطاقة أن أكون موضوعياً ضمن الإطار الذي يتطلبه موضوع له صلة وثيقة بالعقيدة كموضوعي هذا...).

ويقول في ج 1 ص 57:

(فالمنهج العلمي والموضوعية توصي بأخذ آراء أصحاب الشأن فيما يخصهم أولاً). انتهي.

ونكتفي بذكر نموذج لهذه الموضوعية في موضوعنا حيث يقول دكتورنا في ج 2 ص 535:

المبحث الثاني: التعطيل عندهم.

بعد هذا الغلو في الإثبات بدأ تغير المذهب في أواخر المائة الثالثة حيث تأثر بمذهب المعتزلة في تعطيل الباري سبحانه من صفاته الثابتة له في الكتاب والسنة، وكثر الإتجاه إلي التعطيل عندهم في المائة الرابعة لما صنف لهم المفيد وأتباعه كالموسوي الملقب بالشريف المرتضي، وأبي جعفر الطوسي، واعتمدوا في ذلك علي كتب المعتزلة (1).

وكثيراً مما كتبوه في ذلك منقول عن المعتزلة نقل المسطرة، وكذلك ما يذكرونه في تفسير القرآن في آيات الصفات والقدر ونحو ذلك هو منقول من تفاسير المعتزلة (2).

ولهذا لا يكاد القارئ لكتب متأخري الشيعة يلمس بينها وبين كتب المعتزلة في باب الأسماء والصفات فرقاً، فالعقل كما يزعمون هو عمدتهم فيما ذهبوا إليه والمسائل التي يقررها المعتزلة في هذا الباب أخذ بها شيوخ الشيعة

ص: 420


1- منهاج السنة: 1 - 229.
2- منهاج السنة: 1 - 356.

المتأخرون كمسألة خلق القرآن، ونفي رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة، وإنكار الصفات.

بل إن الشبهات التي يثيرها المعتزلة في هذا، هي الشبهات التي يثيرها شيوخ الشيعة المتأخرون) انتهي.

وقال في ج 3 ص 537:

(كما وصفت مجموعة من رواياتهم رب العالمين بالصفات السلبية التي ضمنوها نفي الصفات الثابتة له سبحانه، فقد روي ابن بابويه أكثر من سبعين رواية تقول إنه تعالي: لا يوصف بزمان ولا مكان،

ولا كيفية، ولا حركة، ولا انتقال، ولا بشئ من صفات الأجسام، وليس حساً ولا جسمانياً ولا صورة... (1) وشيوخهم ساروا علي هذا النهج الضال من تعطيل الصفات الواردة في الكتاب والسنة ووصفه سبحانه بالسلوب) انتهي.

وقال في ج 3 ص 536:

ص: 421


1- التوحيد لابن بابويه ص 57.

(هذا والثابت عن علي رضي الله عنه وأئمة أهل البيت إثبات الصفات لله.. والنقل بذلك ثابت مستفيض في كتب أهل العلم. منهاج السنة: 2/44). انتهي.

وهكذا أصدر الدكتور حكمه علي الشيعة بأنهم كانوا مجسمة إلي حوالي القرن الرابع.. فصاروا معطلة ضالين لأنهم لا يصفون الله تعالي (بشي من صفات الأجسام)!

ثم أصدر حكمه علي الأئمة من أهل البيت عليهم السلام، بأن مذهبهم موافق لمذهب الوهابيين في حمل الصفات علي ظاهرها اللغوي الحسي ووصف الله تعالي بصفات الأجسام!

وقد رأيت فيما تقدم أنه استدل علي أن الشيعة مجسمة بأقوال خصوم الشيعة لأنهم بزعمه أصدق منهم! فبماذا استدل هنا علي أن الشيعة معطلة؟

استدل بذكر أسماء علمائهم المتهمين ولم يذكر شيئاً من أقوالهم!

فقد قال:

(وكثر الإتجاه إلي التعطيل عندهم في المائة الرابعة لما صنف لهم المفيد وأتباعه كالموسوي الملقب بالشريف المرتضي، وأبي جعفر الطوسي، واعتمدوا في ذلك علي كتب المعتزلة) انتهي.

بالله عليك أيها الدكتور القفاري:

هل يمكننا الإستدلال علي تهمة بسرد أسماء المتهمين؟

وهل يقبل ذلك منا الأساتذة المحترمون في حرم جامعي، بل هل يقبله بسطاء الناس من سكان البوادي والقفار؟!

ص: 422

أما كان الواجب أن تنقل شيئاً من أقوال هؤلاء المتهمين ليري القارئ تعطيلهم أو تجسيمهم، ولا يقول عنك إنك أصدرت حكماً بدون دليل وقفزت عن حيثياته وأبقيتها سراً مستسراً في قلبك؟!

ثم إن الشيخ المفيد أيها الدكتور توفي سنة 413، وتلميذه الشريف المرتضي توفي سنة 436، وتلميذه الطوسي توفي سنة 460، وإذا كان هؤلاء معطلة فكان اللازم أن يكون التعطيل بدأ عند الشيعة في المئة الخامسة لا الرابعة.

ثم إنك اعترفت أنك رأيت أحاديث الشيعة عن النبي وآله، صلي الله عليه وآله في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق فقلت:

(روي ابن بابويه أكثر من سبعين رواية تقول إنه تعالي لا يوصف بزمان ولا مكان... إلخ).

وابن بابويه محمد بن الحسين الصدوق متوفي سنة 281.. وبذلك صعد تاريخ التعطيل المدعي عند الشيعة إلي الحديث الشريف عن النبي صلي الله عليه وآله!

فأين التجسيم الذي ادعيت أن الشيعة كانوا عليه إلي القرن الرابع أو الخامس، حتي ألف لهم المفيد والمرتضي والطوسي كتب التعطيل؟!

لقد حصحص الحق.. واعترف الدكتور الباحث بأنه رأي كتاب التوحيد للصدوق وأحاديثه الكثيرة عن النبي وآله صلي الله عليه وآله في التنزيه، وأن الشيعة لم يكونوا مجسمة ولا معطلة إلا عند المجسمة الذين يعدون التنزيه تعطيلاً، ويعدون من لا يصف الله تعالي بصفات الأجسام ضالاً ملحداً!!

إن أبسط حق للقارئ عليك أيها الدكتور أن تذكر له ولو رواية واحدة من هذه السبعين حتي يري تعطيلهم المزعوم لوجود الله تعالي وإلحادهم به!!

ص: 423

خاصة أنك اتهمت الشيعة بأنهم حرفوا كل هذه الروايات السبعين و (ضمنوها نفي الصفات الثابتة له سبحانه) أي لم يفسروا آيات الصفات بالظاهر الحسي كما يفعل الوهابيون!!

ومن حق القارئ علينا هنا أن نوضح له معني تهمة التعطيل التي جعلها القفاري والوهابيون عصا يضربون بها وجه من يخالفهم ولا يفسر صفات الله تعالي بالتفسير المادي الوهابي!!

معناها أنك إذا فسرت (يد الله فوق أيديهم) بأن قدرته فوق قدرتهم، فأنت عندهم متأول معطل ملحد! ولا تصير مؤمناً حتي تقول إن لله تعالي يداً حقيقية حسية!!

وإذا قلت أنا لا أعلم معني يد الله وعين الله وجنب الله في القرآن، ولا أفسرها لا بالمعني الحسي ولا بغيره، بل أفوض معناها إلي الله تعالي ورسوله، فأنت أيضاً عندهم مفوض معطل ضال، حتي تفسرها بالمعني المادي!!

فجميع المتأولين والمفوضين عندهم معطلون، لأنهم بزعمهم جعلوا الله تعالي وجوداً معطلاً عن صفات الحس والكيف!

وهم عندهم ملحدون، لأنهم بزعمهم ألحدوا في صفات الله المادية التي وردت في القرآن!!

وبذلك يخرجون كل مذاهب المسلمين عن الإسلام، ولا يبقي مسلم إلا هم والمجسمة!!

وهكذا يرتكب الوهابيون كأجدادهم المجسمة إفراطاً نحو المادية في تفسير وجود الله تعالي، وصفاته بالحس، ويحكمون بضلال من خالفهم وكفرهم.

ص: 424

ثم يرتكبون إفراطاً مادياً آخر في تحريمهم التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله والأولياء وزيارة قبورهم ويعتبرونها شركاً، ويحكمون بضلال من خالفهم في ذلك وكفرهم!

والقاسم المشترك بين الإنحرافين أن أذهانهم مسكونة بالمادية فهي لا تري غيرها ولا تؤمن بغيرها.. ورحم الله الماديين الغربيين!!

بقي حكم الدكتور القفاري علي أهل البيت عليهم السلام بأنهم كانوا مثله تيميين وهابيين، حيث اكتفي بالإستدلال علي ذلك بقول ابن تيمية الذي لم يذكر عليه دليلاً!

فقد نقل القفاري عن ابن تيمية قوله (والثابت عن علي رضي الله عنه وأئمة أهل البيت إثبات الصفات لله... والنقل بذلك ثابت مستفيض في كتب أهل العلم).

وقد كرر ابن تيمية هذا الإدعاء في كتبه ولم يأت عليه بدليل!

قال في مجموعة رسائله ج 1 جزء 3 ص 115:

(لكن الإمامية تخالف أهل البيت في عامة أصولهم، فليس من أئمة أهل البيت مثل علي بن الحسين وأبي جعفر الباقر وابنه جعفر بن محمد من كان ينكر الرؤية) انتهي.

ومن حق القارئ أن يطلب نموذجاً من هذا النقل المستفيض، الذي ادعاه ابن تيمية، ثم ادعاه به تلميذه الأكاديمي الدكتور القفاري!

ولا بد أنه فتش عنه هو وفريقه فلم يجدوا منه حتي رواية واحدة، مع أنه حسب زعم إمامهم ابن تيمية (مستفيض في كتب أهل العلم) ولكنهم أصروا علي دعواهم بدون بينة وعلي حكمهم بدون دليل!!

ص: 425

وهكذا... طار وعد الدكتور بالموضوعية والأكاديمية، كما طار وعده سابقاً بالإستناد إلي مصادر الشيعة!

حسناً، لنا الله.. فلنطوِ هذه الصفحة ولننظر إلي وعد الدكتور الثالث بأن يكون أميناً فيما ينقل من مصادر الشيعة، حيث قال كما تقدم:

(والموضوعية الصادقة أن تنقل من كتبهم بأمانة، وأن تختار المصادر المعتمدة عندهم، وأن تعدل في الحكم، وأن تحرص علي الروايات الموثقة عندهم أو المستفيضة في مصادرهم ما أمكن) انتهي.

فلننظر كيف طبق كلامه في مسألة رؤية الله تعالي بالبصر؟

قال في ج 2 ص 551:

لقد ذهبت الشيعة الإمامية بحكم مجاراتهم للمعتزلة إلي نفي الرؤية وجاءت روايات عديدة ذكرها ابن بابويه في كتابه التوحيد وجمع أكثرها صاحب البحار تنفي ما جاءت به النصوص من رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة... فنفيهم لرؤية المؤمنين لربهم في الآخرة خروج عن مقتضي النصوص الشرعية، وهو أيضاً خروج عن مذهب أهل البيت، وقد اعترفت بعض رواياتهم بذلك.

فقد روي ابن بابويه القمي عن أبي بصير، عن أبي عبد الله قال: قلت له أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة؟ قال: نعم (1).

ويبدو الدكتور هنا أكاديمياً موضوعياً، لأنه يقول وجدت رواية في مصادر الشيعة عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام تثبت أنه يعتقد برؤية الله تعالي بالعين يوم

ص: 426


1- ابن بابويه التوحيد - 117، بحار الأنوار: 4/44 وانظر: رجال الكشي – 450 (رقم 848) انتهي.

القيامة، بينما ينفي الشيعة إمكان الرؤية بالعين في الدنيا والآخرة وينسبون رأيهم إلي أهل البيت عليهم السلام!

فكيف يدعون أنهم شيعة أهل البيت ويخالفون إمامهم جعفر الصادق؟!

ولكن دكتورنا لم يكن أميناً في نقله من مصادر الشيعة مع الأسف، فقد قطع من النص جزءاً ناقصاً ليستدل به علي ما يريد!

فطارت بذلك (موضوعيته الصادقة) التي يدعيها وصارت (موضوعية) غربية مثلاً!

وإليك أصل الرواية: قال الصدوق في كتابه (التوحيد) ص 117:

عن أبي بصير، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال قلت له: أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة؟

قال: نعم وقد رأوه قبل يوم القيامة، فقلت متي؟

قال: حين قال لهم: ألست بربكم قالوا بلي، ثم سكت ساعة.

ثم قال: وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة، ألست تراه في وقتك هذا؟

قال أبو بصير: فقلت له: جعلت فداك، فأحدث بهذا عنك؟

فقال: لا، فإنك إذا حدثت به فأنكر منكر جاهل بمعني ما تقوله ثم قدر أن ذلك تشبيه كفر، وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين، تعالي الله عما يصفه المشبهون والملحدون. انتهي.

فالرواية الشريفة تثبت الرؤية بالبصيرة والعقل، وتبين أنها حاصلة قبل الدنيا من يوم أخذ الله ميثاق ذرية آدم علي ربوبيته وهي مستمرة في الدنيا، وفي

ص: 427

الآخرة تكون أجلي وأوضح. وتنفي ادعاء الرؤية بالعين وتعتبرها تشبيهاً لله تعالي بخلقه وكفراً.

ومع ذلك أقدم الدكتور علي قطع السطر الأول منها فقط إلي قوله (نعم).. وحذف السطور التي بعده، لينسب بذلك رؤية الله تعالي بالعين إلي الإمام جعفر الصادق عليه السلام!!

لقد ارتكب هذا الدكتور ما لا يناسب مسلماً بقالاً، فضلاً عن دكتور من الدرجة الأولي في جامعة الإمام محمد بن سعود!

وبعمله هذا طار الشرف الذي منحته الجامعة لرسالته فقالت:

(وقد أجيزت هذه الرسالة بمرتبة الشرف الأولي، مع التوصية بطبعها وتبادلها بين الجامعات)!!

ولو كنت رئيس كليته وارتكب عندي مثل هذه الخيانة العلمية لسحبت منه درجته ومنعت تعميم رسالته.

ثم اعتذرت من الذين أساء إليهم وغرهم بشهادته.. حتي لا تسقط الجامعة عن الإعتبار العلمي.. ولكن أساتذة القفاري لا يفعلون لأن الأمر ليس بيدهم، بل قد تزداد مكانة القفاري عند شيوخه لأنه أجاد سب الشيعة وشتمهم، وألبس ذلك ثوباً جامعياً والحمد لله!

معني المصادر المعتمدة عند السنة وعند الشيعة
اشارة

عندما تصفحت كتاب القفاري لأول مرة، كنت أتصور أنه كتاب يستحق الإهتمام، لأنه كتاب علمي، لكن بعد أن وقفت علي هذه الفضيحة (أعلاه) قررت أن لا أتعب نفسي بتدقيق بقية ما نقله من مصادرنا.. لأن كذبة واحدة في كتاب تكفي شرعاً لإسقاطه عن الإعتبار.

ص: 428

نعم بقيت مسألتان من كتاب القفاري تتعلقان بموضوعنا بنحو وآخر:

المسألة الأولي: اتهامه إيانا بأنا أخذنا عقائدنا من اليهود والمجوس والوثنيات أو تأثرنا بها!

قال في ج 1 ص 87 تحت عنوان: المذهب الشيعي مباءة للعقائد الآسيوية القديمة:

(ويضيف البعض أن مذهب الشيعة كان مباءة ومستقراً للعقائد الآسيوية القديمة كالبوذية وغيرها.

يقول الأستاذ أحمد أمين: وتحت التشيع ظهر القول بتناسخ الأرواح وتجسيم الله والحلول، ونحو ذلك من الأقوال التي كانت معروفة عند البراهمة والفلاسفة والمجوس قبل الإسلام.

ويشير بعض المستشرقين إلي تسرب الكثير من العقائد غير الإسلامية إلي الشيعة ويقول إن تلك العقائد انتقلت إليها من المجوسية والمانوية والبوذية، وغيرها من الديانات التي كانت سائدة في آسيا قبل ظهور الإسلام) انتهي.

ونلاحظ أن دكتورنا صار هنا عصرياً علمانياً، فقد اعتمد في اتهامه الشيعة علي أحمد أمين المصري العلماني وعلي المستشرقين الموضوعيين بنظره لأنهم ضد الشيعة..

وقد قلد القفاري في ترديد مقولات العلمانيين والغربيين عن الشيعة وهابي آخر فكتب كتاباً باسم عون المعبود في إثبات أن الشيعة كاليهود!

وجوابنا لهما أن أحاديث كعب الأحبار وجماعته ما زالت ضاربة أطنابها ومستوطنة في مصادر إخواننا، لا في مصادرنا!

ص: 429

وما زالت تطبع بأحسن الطبعات وتدرس في المعاهد والجامعات.. وأن كعباً وجماعته كانوا يسكنون

في دور الخلافة لا في بيوت أهل البيت عليهم السلام!

أما عن تأثر الشيعة بالمجوسية والعقائد الآسيوية، فإن المجوس صاروا سنيين أولاً، وألفوا لإخواننا السنة أهم مصادرهم وصحاحهم وعقائدهم وفقههم، بل أسسوا لهم مذاهبهم ونظروا لها، وبعد قرون طويلة صار أبناؤهم شيعة وساهموا في تأليف مصادرنا!

فإن كان المسلمون الفرس متأثرين بعقائدهم المجوسية والآسيوية فقد نقلوها معهم إلي التسنن الذي صاروا أئمة مذاهبه وأئمة مصادره إلي يومنا هذا!

وعندما صار أبناؤهم شيعة فالذي يمكن أن ينقلوه معهم إلي التشيع هو تأثرهم بالتسنن لا بالمجوسية، إلا أن يكون ضمن هذا التسنن تأثراتهم السابقة بالمجوسية!

كأن هذا الدكتور لا يعرف أن التشيع لا يضاهيه مذهب بعروبته!

وأن مؤسسي مذهبه الذي يناقشنا به، ومؤلفي مصادره التي يحاجنا بها عجم من قرونهم إلي أقدامهم!!

إن تسعين بالمئة من أئمته أصحاب المصادر السنية هم من الفرس، (والأئمة) الذين يحتج بهم الوهابيون من مجسمة الحنابلة وواصفي الله تعالي بصفات الأجسام هم من اليهود أو الفرس؟!

وكأن هذا الدكتور لا يعرف أن عدداً من الذين يسبهم من علماء الشيعة الفرس هم أولاد أئمته الذين يقدسهم..

ص: 430

فالعلامة المجلسي الشيعي صاحب موسوعة بحار الأنوار المتوفي سنة 1111 هجرية هو من أولاد الحافظ أبي نعيم الأصفهاني السني المتوفي سنة 435 هجرية!

وأن ابن جزي، وابن خزيمة، والجويني، ومسلماً، والنسائي، والترمذي، وابن ماجة، وأبا داود، والحاكم، وأبا حنيفة، وعشرات الفرس بل مئاتهم، إنما صار أبناؤهم شيعة بعد قرون طويلة، وصار منهم علماء من علماء الشيعة.

فمن أولي بتهمة التأثر بالعقائد المجوسية والآسيوية أيها الدكتور الباحث.. الأجداد السنيون وثقافتهم، أم الأبناء الشيعيون؟!

علي أن الباحث العاقل المتزن لا يرسل أحكامه جزافاً، لأنه لا بد له أن يفحص الأفكار والعقائد واحدة واحدة، ويري ما تملكه من دليل من كتاب الله تعالي وسنة نبيه صلي الله عليه وآله، ودلالة العقل القطعية.

فإن تم دليلها فلا يهمه أن يكون لها شبيه عند هؤلاء القوم أو أولئك، وفي هذا الدين أو ذاك، ولا يهمه أن يقبلها كل الناس أو يرفضوها ويهرجوا علي من يتبناها...

ورحم الله شاعرنا القائل:

نحن أتباع الدليل... أينما مال نميل

والمسألة الثانية مع الدكتور القفاري: في معني المصادر المعتمدة عندنا:

فالظاهر أن إخواننا الجامعيين ومنهم القفاري لم يعرفوا أن مفهومنا عن المصادر المعتمدة هو من مفاخر المذهب الشيعي في تبني حرية البحث العلمي.

قال القفاري في ج 1 ص 368:

ص: 431

(قال جعفر النجفي - ت 1227 ه - شيخ الشيعة الإمامية ورئيس المذهب في زمنه، قال في كتابه كشف الغطاء عن مؤلفي الكتب الأربعة: والمحمدون الثلاثة كيف يعول في تحصيل العلم عليهم، وبعضهم يكذب رواية بعض.. ورواياتهم بعضها يضاد بعضها.. ثم إن كتبهم قد اشتملت علي أخبار يقطع بكذبها كأخبار التجسيم والتشبيه، وقدم العالم، وثبوت المكان والزمان. ولكن أصحاب الكتب الأربعة نصوا في مقدماتهم بأنهم لا يذكرون إلا الصحيح، فيجيب صاحب كشف الغطاء عن ذلك بقوله: فلا بد من تخصيص ما ذكر في المقدمات أو تأويله علي ضرب من المجازات أو الحمل علي العدول عما فات حيث ذكروا في تضاعيف كتبهم خلاف ما ذكروه في أوائلها، أي أنهم عدلوا عن شرط الصحة الذي ذكروه في مقدمات كتبهم! ثم يأتي الإعتراض الأكثر صعوبة وهو أن هذه الكتب الأربعة مأخوذة كما يقولون من أصول معروضة علي الأئمة، وأصول الكافي كتب في عصر الغيبة الصغري، وكان بالإمكان الوصول إلي حكم الإمام علي أحاديثه، بل قالوا بأنه عرض علي مهديهم فقال بأنه كاف لشيعتنا، كما أن صاحب من لا يحضره الفقيه أدرك من الغيبة الصغري نيفاً وعشرين سنة) انتهي.

وينبغي أن يعرف هؤلاء الإخوة أن معني المصادر المعتمدة عندنا يختلف عن معناه عند إخواننا السنة. فروايات مصادرنا المعتمدة وفتاواها جميعاً عندنا قابلة للبحث العلمي والإجتهاد.

والمصدر - ما عدا كتاب الله تعالي - ليس قطعة واحدة إما أن نقبله كله أو نتركه كله، بل كل رواية فيه أو رأي أو فتوي، لها شخصيتها العلمية المستقلة.

ص: 432

أما إخواننا السنيون فيرون أن مصادرهم المعتمدة فوق البحث العلمي، فصحيح البخاري برأيهم كتاب معصوم من الجلد إلي الجلد، بل هو عندهم أصح كتاب بعد كتاب الله تعالي، ورواياته قطعة واحدة، فإما أن تأخذها وتؤمن بها كلها، أو تتركها كلها!

وبمجرد أن تحكم بضعف رواية واحدة من البخاري فإنك ضعفته كله.. وصرت مخالفاً للبخاري ولأهل السنة والجماعة!

وينتج عن ذلك أن الباحث الشيعي يمكن أن يبحث جدياًّ في رواية من كتاب الكافي وغيره من المصادر المعتبرة عند الشيعة، ويتوصل إلي التوقف في سندها أو تضعيفه، فلا يفتي بها، ولا يضر ذلك بإيمانه وتشيعه. بينما السني محرم عليه ذلك، وإن فعل فقد تصدر فيه فتاوي الخروج عن المذاهب السنية، وقد يتهم بالرفض ومعاداة الصحابة!

ولا بد أن يعرف الدكتور القفاري وأمثاله أن شهادة مؤلف الكتاب الحديثي بصحة كتابه، إنما هي اجتهاده الشخصي وهي حجة عليه وعلي مقلديه فقط.

ويبقي من حق المجتهد الآخر أن يبحث ويصحح ما صححه مؤلف أو يضعفه.

وقد يتأثر بالمؤلف وتصحيحاته أو تضعيفاته وقد لا يتأثر، والحجة الشرعية في النهاية بينه وبين الله تعالي هي اجتهاده، وليس اجتهاد صاحب الصحيح.

وليت القفاري التفت إلي الكلام العلمي الذي نقله عن المرحوم الشيخ جعفر الجناجي (كاشف الغطاء) عندما قال:

(والمحمدون الثلاثة كيف يعول في تحصيل العلم عليهم، وبعضهم يكذب رواية بعض.. ورواياتهم بعضها يضاد بعضها..).

ص: 433

فالشيخ الجناجي يقول: لا يمكن للمجتهد أن يقلدهم ويقول حصل لي العلم بصحة الحديث من شهادة الكليني أو الصدوق أو الطوسي، لأن كلاًّ منهم اجتهد فصحح أو ضعف، وبقي علي المجتهد أن

يجتهد في علم الفقه وفي الحديث والجرح والتعديل، يصحح أو يضعف..

ونفس هذا الكلام يجب أن يقوله إخواننا السنة في صحاحهم ومصادر حديثهم، فقد اجتهد أصحابها وشهدوا بصحتها، والباحث فيها لا يحصل له العلم بصدور الحديث عن النبي صلي الله عليه وآله من شهادة البخاري مثلاً، لأن فيه أحاديث متعارضة متضادة لا يمكن الجمع بينها لأن بعضها يكذب

بعضاً، فلا بد للمجتهد أن يبحث بنفسه ويصحح أو يضعف..

والعوام في كل عصر يقلدون في تصحيح الأحاديث وتضعيفها علماء ذلك العصر من المجتهدين أهل الخبرة.. هذا هو الوضع الطبيعي لأتباع كل دين، وهذا هو المنهج العلمي السليم الذي يقره العقل والمنطق.. أما القول بأنه يجب علي الأمة أن تقفل علي نفسها باب الإجتهاد في تصحيح أحاديث نبيها إلي يوم القيامة، وتقلد مؤلفي ستة كتب أو خمسين كتاباً، فهو بدعة عباسية ومرسوم من مراسيمهم، لكن إخواننا ما زالوا يتمسكون به خوفاً علي تجسيمهم وإسرائيلياتهم من فتح باب البحث العلمي والإجتهاد! أو إذا فتحوه أوجبوا تقلد الشيخ ناصر الألباني لأنه وهابي!

إنهم أحرار إذا أرادوا الجمود علي هذه الكتب أو تلك، ولكن نرجوهم أن لا يتصورا أصحاب الرأي الآخر بدْواً لا يفهمون، ولا يتخيلوا أن الحرية العلمية التي يتبناها علماء الشيعة منقصة ومسبة، ودليل علي بطلان مصادرهم وأحاديثهم، كما فعل هذا القفاري لعدم تأمله في معني كلمات المجتهدين المتخصصين!!

ص: 434

أما اعتراضه الذي سماه (الإعتراض الأكثر صعوبة) لماذا دونت الكتب الأربعة عند الشيعة عن أصول رويت عن الأئمة ولم تدون عن الأئمة مباشرة؟

فهو يدل علي قلة خبرته بتاريخ الحديث وتدوينه، فإن هذا الإشكال يتوجه إلي تدوين الصحاح الستة وغيرها من مصادر إخواننا، لأن أئمتهم منعوا تدوين الحديث أكثر من قرن من الزمان، ثم دونوا كتبهم من محفوظات الرواة المرضيين عند الدولة!

أما نحن فإن أئمتنا من أهل البيت عليهم السلام كانوا حاضرين بيننا إلي سنة 260 هجرية حيث غاب الإمام المهدي عليه السلام، فكانوا هم حجج الله علي المسلمين بنص النبي صلي الله عليه وآله وكان الشيعة يرجعون إليهم في تصحيح الأحاديث وتلقي معالم دينهم، وكان الرواة والعلماء يكتبون عنهم من زمن علي عليه السلام إلي القرن الثالث، وبعد هذا التاريخ قام عدد من العلماء بجمع الأصول المكتوبة عنهم في موسوعات..

فكتبنا الأربعة وغيرها مأخوذة باليد عن أصحاب الأئمة عليهم السلام، وسند أئمتنا إلي جدهم صلي الله عليه وعليهم هو المسمي بسلسلة الذهب، المقدسة عند جميع المسلمين، والتي قال عنها الإمام أحمد بن حنبل: لو قرئ هذا الإسناد علي مجنون لأفاق من جنونه.

قال في هامش مسند زيد بن علي ص 440:

(أورد صاحب كتاب تاريخ نيسابور أن علياً الرضا بن موسي الكاظم بن جعفر الصادق لما دخل نيسابور كان في قبة مستورة علي بغلة شهباء وقد شق بها السوق، فعرض له الإمامان الحافظان أبو زرعة وأبو مسلم الطوسي ومعهما من أهل العلم والحديث ما لا يحصي فقالا: يا أيها السيد الجليل ابن السادة الأئمة،

ص: 435

بحق آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلا ما أريتنا وجهك الميمون ورويت لنا حديثاً عن آبائك عن جدك أن نذكرك به.

فاستوقف غلمانه وأمر بكشف المظلة وأقر عيون الخلايق برؤية طلعته، وإذا له ذؤابتان معلقتان علي

عاتقه والناس قيام علي طبقاتهم ينظرون ما بين باك وصارخ، ومتمرغ في التراب، ومقبل حافر بغلته وعلا الضجيج، فصاحت الأئمة الأعلام: معاشر الناس، أنصتوا واسمعوا ما ينفعكم ولا تؤذونا بصراخكم، وكان المستملي أبا زرعة ومحمد بن أسلم الطوسي، فقال علي الرضا رضي الله عنه: حدثني أبي موسي الكاظم عن أبيه جعفر الصادق عن أبيه محمد الباقر عن أبيه زين العابدين عن أبيه شهيد كربلا عن أبيه علي المرتضي قال: حدثني حبيبي وقرة عيني رسول الله صلي الله عليه وآله، قال: حدثني جبريل عليه السلام، قال: حدثني رب العزة سبحانه وتعالي، قال: لا إله إلا الله حصني، فمن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن من عذابي. ثم أرخي الستر علي المظلة وسار، قال فعد أهل المحابر وأهل الدواوين الذين كانوا يكتبون فأنافوا علي عشرين ألفاً. قال الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه: لو قرئ هذا الإسناد علي مجنون لأفاق من جنونه!) انتهي.

فهل يفيق النائمون؟!! وهل يصحو السكاري؟!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 14-6-1999، الواحدة ظهراً:

؟

فأجابه (العاملي):

لا تفقد أعصابك يا مشارك وافهم ما تقرأ.

ص: 436

لقد اتهمنا القفاري بالتجسيم واستدل علي ذلك بما نقلته عنه، ومصادره ليس فيها للشيعة إلا أعيان الشيعة، وبعد مراجعته لم أجد فيه دليلاً ولا شاهداً علي ما ذكر!

أنا قلت في هذا الموضوع لم يستند إلي مصادرنا، وقولي صحيح.

ولم أقل في كل كتابه، بل نقل أحياناً من مصادرنا، وذكرت لكم مثلاً من تحريفاته فأغمضت عنه!

أما رواية القفاري اللاحقة عن الكافي فهي ردٌّ عليك وعليه، فإنها تنص علي أن أئمة الشيعة عليهم السلام ردوا أفكار التجسيم سواء نسبت إلي هشام أم غيره! فكيف ينسب إليهم التجسيم؟

علي أن نسبة التجسيم إلي هشام غير صحيحة، وفيها بحث لعدد من العلماء، وكتابة لي، لعلي أنشرها لتعرف أنها تهمة ملفقة، ألصقوها به لأنه كان من كبار المناظرين عن الإمامة في بلاط الرشيد!

كتب (القطيف) بتاريخ 15-6-1999، السابعة والنصف مساءً:

الوهابية مجسمون، هذا ما درسناه في كتب التوحيد في المدارس.

هل تنكرونه الآن؟

هل تنكرون أنكم تقولون إن الله له جسم ويد ورجلان وعينان وأنف وغيره من الصفات البشرية؟

ص: 437

وكتب (حسين الشطري) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 18-7-1999، الخامسة مساء، موضوعاً بعنوان (تحريف الوهابية للكتب)، قال فيه:

إن الذي يتتبع الكتب التي يعاد طبعها في هذا العهد يجد أن الكثير منها يتعرض للتحريف والتموʙǠوالتزوير والزيادة والنقصان.

وإليك أيها الأخ المسلم أمثلة جلية علي تحريف الوهابية لكل ما لا ينسجم مع عقيدتهم المنحرفة في حلقات:

يقول ناشر كتاب (تبين كذب المفتري علي أبي الحسن الأشعري) في ص (د)، عن تحريفات الوهابية والحشوية للكتب:

(... من عادة الحشوية أن يترصدوا الفرص لإفناء أمثال هذه الكتب إما بحرقها علناً يوم يكون لهم شوكة وسلطان، وإما بسرقتها من دور الكتب، أو بوضع مواد متلفة فيها، وإما بتشويهها بطرح ما يخالف عقولهم منها عند نسخها، أو الكشط والشطب في نسخها الأصلية...).

وهذه جريمة كبري وخيانة صريحة للدين وللأمة.

فيكون من واجبنا وواجب كل مسلم بل كل حر في العالم فضح هؤلاء الخائنين والمنحرفين ومراقبتهم ومحاسبتهم بشدة.

ومن المجاهدين في هذا المجال السيد الطيب الجزائري، قد لاحظ ما لعبته اليد الأثيمة بكتاب الصواعق المحرقة، فقابل بين طبعة سنة 385 ه وبين طبعة سنة 1312 ه، وقد جدد الطبعة المتأخرة بالأفست، وجعل في أولها جدولاً بقائمة التحريفات بين النسختين..

ومن جملة ما ذكره من التحريفات:

1 - في ص 20 في قوله: (صراط علي مستقيم) حذفت كلمة (علي).

ص: 438

2 - إسقاط عبارة: (ذكر علي عبادة) من ص 74.

3 - إسقاط عبارة من ص 76 وهي: (وأخرج الطبراني عنه قال: كانت لعلي ثمانية عشر منقبة ما كانت لأحد في هذه الأمة).

4 - أسقاط عبارة من ص 87 وهي: (وفي رواية للحاكم: فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: (اللهم صل علي محمد وآل محمد).. إلخ.

إلي غير ذلك مما ذكره السيد الطيب الجزائري في جدوله المفصل فمن أراد فليراجع.

فكتب (تلميذ التلميذ) بتاريخ 18-7-1999، السابعة مساءً:

وكيف ينتصرون يا أخي العزيز الشطري لباطلهم إلا بطمس الحقائق؟

قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: أنا مدينة العلم وعلي بابها.

وكتب (العاشر من رمضان) بتاريخ 18-7-1999، السابعة والنصف مساءً:

والله لا يعرف طمس الحقائق والتدليس غيركم يا من التزمتم التقية ديناً ومذهباً.

فستذكرون ما أقول لكم وأفوض أمري إلي الله.

نصر من الله وفتح قريب.

فأجابه (تلميذ التلميذ) في مساء اليوم نفسه، الثامنة إلا ربعاً:

لقد ذكر الأخ الشطري نماذج مما فعلتم يا وهابية.

ص: 439

فإذا لم يكن هدفكم هو الإنتصار لباطلكم بطمس الحقائق، فلماذا تحرفون الكتب؟

ولو كنتم علي الحق فعلاً فلا داعي للتحريف وطمس الحقائق.

أجب يا تِنْ رمضان.

وكتب (الشطري) بتاريخ 20-7-1999:

بعد التحية والسلام: إن دعواك بلا دليل لقد ذكرنا دليلنا، فما هو دليلك؟؟

وكتب (الشطري) أيضاً بتاريخ 21-7-1999، الثامنة صباحاً:

الأخ العاشر: بعد التحيه والسلام، نحن في انتظار دليلك..

كتب (حسين الشطري) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 18-7-1999، الخامسة مساء،

تتمة للموضوع: تحريف الوهابية للكتب (حلقة ثانية)، قال فيه:

من الكتب التي امتدت إليها الأيادي الأثيمة وحرفته كتاب صحيح البخاري، ولا نريد أن نتتبع الطبعات المختلفة لصحيح البخاري وماذا عملت بها هذه الأيادي الخائنة، وإنما نشير هنا فقط إلي التحريفات التي بين نسخة ابن حجر العسقلاني والنسخة المعروفة الآن.

فالتقديم والتأخير في الروايات المستفاد من شرح فتح الباري، حيث يقوم شرح قوله في هذه الرواية علي شرحه في تلك، وكذا الإختلاف المستفاد مما يقتطعه من الكتاب ليعلق عليه يعد بالمئات..

ولا تجد الآن أي نسخه توافق نسخة ابن حجر في هذه الإختلافات سواء كانت بالسند أو في المتن..

ص: 440

ونحن نضرب عن هذه الإختلافات صفحاً.. لأنها تحتاج إلي تأليف ضخم خاص فيها، بل نكتفي بذكر أمثلة من الإختلافات هنا:

1 - الموارد التي اقتطعها ابن حجر من صحيح البخاري وعلق عليها وشرحها مطيلاً تارة ومختصراً أخري..

ولكننا لا نجد لهذه المقتطعات المشروحة أثراً في الصحيح المتداول الآن فأين ذهبت؟ وأين هي الأحاديث التي اقتطعت منها؟

اليد الأمينة التي لعبت بالكتب هي التي تدري.

2 - زيادة كلمة (الصديق) في نسخ البخاري الآن، وعدمها في نسخة ابن حجر.

وكتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 31-7 – 1999، التاسعة مساء، موضوعاً بعنوان (تفسير ابن كثير واحد من عشرات الكتب التي حرفها النواصب!!)، قال فيه:

تفسير ابن كثير واحد من عشرات الكتب التي حرفها النواصب!!

أعجبني نقاش العلماء والفضلاء الباحثين مع الأخ الهندي المدعو راشد الإماراتي، الذي حاول أن يبعد آية: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا... عن أمير المؤمنين علي عليه السلام، حسداً لما خصه الله ورسوله به..

وكان مما ذكروه في نقاشهم كلام ابن كثير في تفسيره، وتصحيحه للحديث الذي يؤيد أنها نزلت في علي عليه السلام، وقول ابن كثير عن سنده (لا يقدح به).

ص: 441

فحرف النواصب قوله فجعلوه (لا يفرح به) وبقيت النسخ الأخري شاهدة علي تحريفهم!!

بل يشهد عليه أن عبارة (لا يفرح به) لم يستعملها أحد من المحدثين أبداً.. وإنما هي من ابتكارات النواصب في تحريفاتهم!

وقد رأيت من المناسب أن أفتح موضوعاً لنقدم فيه نماذج من تحريفاتهم لتفسير ابن كثير!!

وأبدأ بنموذج في تفسير آية المودة في القربي.. حيث نقل القسطلاني في إرشاد الساري في شرح البخاري قطعة عن ابن كثير، وعندما قايستها بما هو مطبوع في تفسيره، وجدت فيها عدة تحريفات منكرة!!

قال القسطلاني في إرشاد الساري: 7 /330:

(باب قوله تعالي: إلا المودة في القربي، أي أن تودوني لقرابتي منكم، أو تودوا أهل قرابتي..

ثم ذكر القسطلاني قول ابن عباس، وقال: فحمل الآية علي أن توادوا النبي صلي الله عليه وسلم من أجل القرابة التي بينه وبينكم، فهو خاص بقريش.

ويؤيده أن السورة مكية.. وأما حديث ابن عباس أيضاً عند ابن أبي حاتم.. فقال ابن كثير: إسناده ضعيف فيه متهم..

ولا ننكر الوصاة بأهل البيت واحترامهم وإكرامهم، إذ هم من الذرية الطاهرة التي هي أشرف بيت وجد علي وجه الأرض فخراً وحسباً ونسباً، ولا سيما إذا كانوا متبعين السنة الصحيحة، كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه، وعلي وآل بيته وذريته، رضي الله عنهم أجمعين، ونفعنا بحبهم) انتهي.

ص: 442

فانظروا إلي تفسير ابن كثير المطبوع لتروا أن النواصب خانوا الأمانة العلمية، وحرفوا عباراته بضعة تحريفات، وحذفوا منه عبارات المدح لأهل البيت عليهم السلام، وهذا أمر مطرد في جميع مجلداته.

ويمكن للباحث أن يقايس بين ما نقله عنه شراح البخاري وغيره، وبين ما هو مطبوع، ليضع يده علي فضيحة ضخمة ارتكبها أتباع ابن تيمية!!

وكتب (الموسوي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 1-2-2000، الخامسة مساء، موضوعاً بعنوان (لا تشتروا الطبعات السعودية فهي مزورة.. هدية للأخ العزيز بيروتي)، قال فيه:

وأنا في طور إعداد موضوع حول موارد من التحريف التي نالت صحاح أهل السنة وكتبهم الحديثية، كنت أفكر مع نفسي في مدي تصديق الآخرين لما سأستنتجه.

فإن هذا أمر ثقيل لا يمكن للعامة من أهل السنة أن يصدقوا به، فهو يعني مساساً بنزاهة علمائهم، وهو يعني أيضا فتح باب لا يمكن إغلاقه يشكك في كل ما عندهم بإمكانية التحريف فيه والتلاعب به. وسأقدم لهذا بقصة سمعتها من العلامة السيد جعفر مرتضي العاملي، ينقلها عن الدكتور صادق آينه وند (وهو دكتور إيراني متخرج من جامعة دمشق، وأظن أنه لا يزال يسكن في الشام) وقد سمعها بدوره من مسؤول في المكتبة الظاهرية بدمشق الغنية بالمخطوطات، حيث أنه كان يلعن ناصر الدين الألباني، وقد شرح موقفه هذا بالقول: (بما أنه

ص: 443

كان شخصية معروفة فقد استغل موقعه فترة تواجده في دمشق، وكان يذهب إلي قسم المخطوطات الذي لا يسمح للدخول فيه إلا للنادر من الأفراد، وكان يقوم خلسة بتمزيق بعض الصفحات التي لا تعجبه مضامينها وما أكثر الكتب المخطوطة التي مزق صفحاتها، فلا بارك الله فيه).

كيف سيصدق العوام من أهل السنة هذه القصة ولا يعدونها من مفتريات الشيعة؟

بل كيف سيصدقون التزوير في كتب قد مات مؤلفوها قبل عشرة قرون؟

إذ كلما ازداد الفاصل الزمني بيننا وبين من ينسب إليهم التزوير كان وقع الإستنتاج أثقل وأصعب، والكثير يميل إلي إحسان الظن بالغير، ويقول لعل من تأخر قد جني علي من سبقه!

فنحن نعيش في هذا العصر افتراءات علي أشخاص ونعرف كذبهم فكيف سنصدق بعض الأمور المشينة التي تنسب إلي علماء مضوا قبل قرون؟؟!

ولكن ما أن وقعت عيني علي كتاب (نصيحة لإخواننا علماء نجد) من تأليف يوسف بن السيد هاشم الرفاعي الكويتي (الذي قدم له الدكتور محمد سعيد البوطي، وهو من مطبوعات دار اقرأ في دمشق، وقد طبع منه ألفا نسخة في طبعته الأولي عام 1420 ه-2000 م) حتي رأيت فيه ضالتي المنشودة التي تجعل التصديق بالتحريف والتزوير أسهل، فها نحن نعيش في القرن العشرين حيث عصر الاتصالات والإنفتاح، وهؤلاء الوهابية عاكفون علي تحريف كتب التراث وكتب علماء أهل السنة، وما سأنقله عبارة عن مقطع من الكتاب حيث وجه فيه مؤلفه الرفاعي - وهو من أهل السنة - رسالة إلي علماء نجد ينصحهم

ص: 444

فيها تصحيح مواقفهم، وقد بلغت عدد فقرات الكتيب 57 فقرة، والفقرة السادسة والعشرون عنونها باسم (تزوير التراث)، وإليكم ما قاله:

26 - تزوير التراث:

دأبتم علي أن تحذفوا ما لا يعجبكم ويرضيكم من كتب التراث الإسلامي التي لا تستطيعون منع دخولها المملكة لأن عامة المسلمين يحتاجون إليها، وفي هذا اعتداء شرعي وقانوني علي آراء المؤلفين من علماء السلف الصالح الذين لا يستطيعون مقاضاتكم في الدنيا بل عند الديان في الآخرة...

ومما حذف أو غير وزور:

1 – كتاب الأذكار للإمام محيي الدين النووي وذلك في طبعة دار الهدي بالرياض سنة 1409 هجرية بتحقيق عبد القادر الأرناؤوط الشامي، استبدل (ص 295) عنوان فصل في زيارة قبر الرسول (صلی الله علیه و آله) بعنوان: فصل في زيارة مسجد رسول الله (صلی الله علیه و آله)، مع حذف عدة أسطر من أول الفصل وآخره، وحذف قصة العتبي التي ذكرها الإمام النووي بكاملها.

وهذا اعتداء جائر علي المؤلف وكتابه، ولما روجع المحقق أجاب بأن وكلاءهم هم الذين غيروا وبدلوا، ولدي صورة بخط يده بذلك.

2 - حذفت عبارات لا تعجبكم من حاشية الصاوي علي تفسير الجلالين.

3 - حذف الفصل الخاص بالأولياء والأبدال والصالحين من حاشية (ابن عابدين الشامي) في الفقه الحنفي.

4 - حذف الجزء العاشر من الفتاوي لابن تيمية وهو الخاص بالتصوف في طبعتكم الأخيرة للفتاوي.

ص: 445

5 - حاول الشيخ ابن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد (سابقاً) أن يستدرك علي ما لا يعجبه في كتاب فتح الباري بشرح البخاري للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فأصدر مع معاونيه (ثلاثة أجزاء) ثم توقف عن التعليق. وقد فتح باب شر بهذه التعليقات.

6 - فسح إلي أبي بكر الجزائري بأن يعمل تفسيراً للقرآن الكريم يكون بديلاً ومنافساً لتفسير الجلالين، ولبس علي الناس أنه هو ليتم ترويجه علي العامة. المصدر السابق ص 52.

وسأواصل بإذن الله نقل بعض الفقرات المهمة الأخري من الكتاب في مواضيع جديدة، ففي الكتاب العديد من النقاط التي تستحق النقل والإثارة.

أخي العزيز بيروتي: أرجو أن يكون هذا الموضوع مفيداً لموقع الوهابية، كما أرجو أن تسعوا إلي اقتناء الكتاب (نصيحة لإخواننا علماء نجد) من دار اقرأ في دمشق - شارع مسلم البارودي - بناء فندق سلطان - رقم الهاتف: 2239031 فاكس: 2248243 - ص. ب 5957 وإنزال الكتيب كاملاً في موقع الوهابية.

علماً بأن يوسف الرفاعي لديه كتاب آخر نافع في هذا المجال اسمه (الرد المحكم المنيع).

كما أرجو أن لا تحرمنا أخي العزيز المزيد من مواضيعكم القيمة مثل موضوع هل أوصي أبو بكر لعمر.

ص: 446

فكتب (بيروتي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 2-3-2000، السابعة مساءً،

موضوعاً بعنوان (أساليب متعددة لتحريف الحقائق - السيد محمد الكثيري)، قال فيه:

الحديث عن التحريف السلفي للتراث الإسلامي حقيقة موضوعية لا غبار يحجب رؤيتها.

ولكي يصار إلي معالجة هذه الظاهرة الخطيرة المستفحلة في تاريخ الإسلام المعاصر، ويأخذ أبناء الصحوة الإسلامية حذرهم، ليعيش من عاش علي بينة.

فما أكثر التزييف والتحريف وقلب الحقائق في هذه الحضارة الغربية المهيمنة.

لكن الأمر هنا خطير جداً لا يمكن أن يتغافل أو يسكت عنه، لأنه يتعلق بالدين والعقيدة.

وسنحاول أن نذكر بعضاً من أساليبهم في التحريف وقلب الحقائق.

مع إيراد الأمثلة علي ذلك من خلال إنتاجهم الفكري وسلوكهم الدعوي العملي.

وأول ما يلاحظه المرء وهو يقرأ كتبهم وهم يردون علي خصومهم، طعنهم في الأحاديث التي يرويها خصومهم ويعتمدونها في معتقداتهم.

وهذا الطعن يكاد يكون منصباً علي السند، فتري الكاتب السلفي يهرع إلي كتاب الجرح والتعديل ليؤكد أن فلاناً الراوي مطعون وقد قدحه رجال الجرح والتعديل، ويورد أقوالهم فيه مع العلم - وهذا حاصل - أن المحقق السلفي، يغض طرفاً نهائياً عن أقوال المدح والتعديل التي قد توجد لنفس الراوي.

ص: 447

ولكن لما كان الغرض هو الإسقاط، فإنه لا يأتي بما يدل علي خلافه.

علماً بأن أقوال علماء الجرح والتعديل قد تختلف وتتناقض في وصف شخص أو راوٍ وبالتالي لا يمكن الجزم النهائي بعدم عدالته حتي يصار إلي رفض الحديث أو تضعيفه.

الطعن في السند

ويجب أن نشير هنا إلي ملاحظة وحقيقة تاريخية مهمة وهي أن أغلب علماء الجرح والتعديل قد كانوا حنابلة أو ممن يتعاطف مع عقائد الحنابلة وآرائهم الفقهية.

وعليه فلا بد من وضع علامة استفهام كبيرة حول الإستنجاد بكتب الجرح والتعديل، ونخص بالذكر ميزان الإعتدال للذهبي والذي يكثر السلفيون الإستشهاد به.

كما يجب أن نعرف أن هذه الطريقة لو طبقت علي مجمل الأحاديث المروية عن الرسول (صلی الله علیه و آله) فستجد أنه من النادر أن نحصل علي حديث يسلم رواته جميعاً من القدح والجرح أو إشكالٍ ما آخر.

ولو اتبع أصحاب المذاهب الفقهية والأصولية هذا الأسلوب وعملوا به بصرامة ودقة لانهارت الكثير من قواعدهم المذهبية في الأصول والفروع.

أما إذا أخذنا بهذا الأسلوب وعالجنا به، ومن خلاله، الأحاديث التي بني عليها السلفيون عقائدهم فلن يبقي للسلفيين مستمسك من حديث أو تفسير يمكنه أن يشكل عموداً فقرياً لمذهبهم.

ص: 448

فمعتمداتهم الحديثية موصوفة بأنها واهية ومكذوبة عن الرسول (صلی الله علیه و آله)، خصوصاً ما جاء منها عن متأسلمة اليهود والنصاري. لأنهم كانوا يتكلمون عن معتقداتهم وليس عن عقائد الإسلام.

وهذا الأسلوب في التركيز علي السند وقدحه يلجأون إليه كثيراً وهم يخاصمون الشيعة الإمامية ويردون عليهم، خصوصاً عندما يستند هؤلاء إلي ما رواه أصحاب السنن والصحاح من أحاديث تصب في تأييد عقائد الإمامية.

الترجيح دون مرجح

ويتفرع عن هذا الأسلوب طريقة الإستدلال وإيراد الأحاديث التي يكون في سندها ضعف حقاًّ، وعدم ذكر الأحاديث الأخري في نفس الموضوع والباب.

وقد يكون الحديث ضعيفاً بلفظ معين لكنه يروي بلفظ آخر صحيح وسنده قوي.

وقد أشار الدكتور البوطي لهذه الطريقة حين علق علي تضعيف الشيخ ناصر الدين الألباني - سلفي كبير معتمد في تحقيق الأحاديث، وولاؤه لأبناء عبد العزيز - لحديث رواه بلفظ معين.

يقول البوطي:

وإنما هو ضعيف بهذا اللفظ فقط، أما أصل الحديث فقد رواه البخاري بطريق صحيح.. وإذا كان للحديث الواحد طريقان فلا ينبغي الإقتصار وتخريجه علي ذكر الضعيف منهما لما فيه من الإيهام اللامذهبية، ص 163.

والحقيقة أن هذا ليس إيهاماً فقط إنما تحريفاً (كذا) وكتماً للحق.

ولعل الشائع لديهم اليوم هو انتقاء الأحاديث الخاصة التي تدعم مذاهبهم الفروعية والأصولية.

ص: 449

وعدم الذكر أو التعرض لغيرها لدرجة تجعل القارئ لا يعلم بوجود سوي ما ينشرونه في كتبهم.

وانظر مثلاً عندما يتكلمون عن صفة صلاة النبي (صلی الله علیه و آله) فإنك لن تجد حديثاً يخالف ما عليه المذهب الحنبلي، وإن كان صحيح السند عند غيرهم، بل ذكرته الصحاح لدي أهل السنة والجماعة.

وإذا ما تم ذكر بعضها أو التعرض له، فلأجل الطعن في سنده وتجريح رواته.

لا شك أنه سيطول بنا المقام، لو أردنا أن نأتي بالأمثلة علي كل ما ذكرناه من كتب السلفية.

فالمهم عندنا أن يعلم القارئ هذا الأسلوب. ويعرف خلفيته ونتائجه. ففي أغلب الأبواب والمواضيع التي ينتصر السلفية فيها لرأي مخصوص أو عقيدة متميزة، تجد عشرات الأحاديث والنصوص التي تخالف ما يذهبون إليه، وهذه النصوص تكون في الغالب علي الأعم صحيحة.

لذلك حذار أن يصار إلي اعتبار عدم إيرادها من طرف هؤلاء الدعاة، عدم وجودها بالمرة.

فهذا تجاوز وقفز علي الحقائق.

ولقد سمعنا شيخ السلفية الكبير ابن تيمية قبل قليل وهو يدعي عدم وجود أي نص أو قول يؤول في الصحابة وآيات الصفات. ولما رجعنا إلي أقرب تفسير وجدنا العكس تماماً.

التحريف المباشر للنصوص والأقوال

ص: 450

ومن الأساليب التحريفية الأخري التي يستخدمها دعاة السلفية اليوم بكل وقاحة وتجني (كذا) علي العلم والحقيقة.. تحريفهم نصوص وأقوال علماء الإسلام.

فقد يعمدون وهم في مقام الإستدلال علي فكرة أو اعتقاد معين، إلي إيراد أقوال العلماء وخصوصاً ذوي الشهرة العلمية منهم ويجعلونها بمثابة استشهادات داعمة ومقوية لما يريدون إيصاله للقارئ.

ولما يراجع المحقق هذا النقل يجد أن هؤلاء الأئمة المنقول عنهم بريئون مما نسب إليهم.

وأن ما فعله دعاة السلفية هو التحريف المباشر لكلامهم. بالحذف أو التقديم والتأخير.. علي وزن من يستدل علي عقاب المصلين بقوله تعالي: فويل للمصلين.

وقد كشف الدكتور البوطي وهو يناقش بعضهم حول: دعوي تحريم التقليد التي يدعون إليها اليوم ويستدلون عليها بألف دليل ودليل علي أنهم تصرفوا في نصوص للشاطبي وابن حزم، واقتطفوا من كلامهما بطريقة فجة غير علمية ما نصروا بهم دعوتهم.. مما يجعل القارئ يعتقد بأن علماء الإسلام مجمعون علي هذا الأمر.

يقول البوطي بعد ما أورد كلامهم وكيفية نقلهم عن الأئمة وما حذفوه من كلامهم وما أثبتوه:

لا بد أن نتوجه إلي من لا يزال يثق بهذا الرجل - ناصر الدين الألباني - وبطانته، من جماعات المسلمين ومثقفيهم سائلين ومستفسرين: ما حكم من يعمد إلي مثل هذه العبارة لأحد المؤلفين: " فما ذهب إليه ابن حزم حيث قال

ص: 451

إن التقليد حرام و... إنما يتم فيمن له ضرب من الإجتهاد " فيحذف ما الموصولة من صدر العبارة، ويحذف خبرها الآتي من ورائها، ثم يأخذ حشو هذه العبارة وحدها مستشهداً بها عازياً إياها لذلك المؤلف ليعزز بها دعواه؟!

وقد رأيت فيما مضي صنيعه المشابه لهذا بكلام الشاطبي رحمه الله.

ويضيف الدكتور قائلاً: لو كان جهلاً - وما هو بجهل - لقلنا: هي زلة وسيتعلم الرجل بعدها.

ولو كان سهواً - وما هو بسهو - لقلنا ما أعجبه صدفة! سهو وجاء علي قدر المدعي تماماً!!

ونعود فنسأل هؤلاء الإخوة: ما هو حكم الله فيمن ينطق نصوص المؤلفين بعكس ما قالوا كي يوهموا الناس بأن لهم مستنداً علي صدق دعاويهم؟ ما هو حكم الإسلام فيمن يفعل ذلك؟

ولكن الدكتور لا يجرؤ علي وصفهم بالكذب، وتحريف تراث المسلمين لكن يتمني لو لم يحشر في هذه الزاوية الضيقة يقول: " كان بوسعي أن أضرب صفحاً عن كشف هذا التزييف العجيب والخطير، وأن أمر من جنب هذا اللغو بترفع وإعراض.. ولكن أمانة الله والعلم والخلق تدعوني إلي أن أنبه جماعات المسلمين إلي هذا الصنيع العجيب الذي يتلبس به من يدعون الناس إلي اتباعهم، وإلي ائتمانهم علي دينهم، ورواية الأحاديث عن نبيهم.

وقد أكون متجنياً في كلامي هذا، فليعمد القراء إلي كتاب (حجة الله البالغة) في المكان والصفحة المشار إليهما، ثم ليأخذوا كتاب (المذهبية المتعصبة في البدعة) و (الرد السلفي علي البوطي) وليفتحوا صفحة 287 وليقرأوا ثم ليقارنوا...

ص: 452

ثم ليأخذوا من ذلك العبرة التي ينبغي أن يأخذها أي عاقل.

الغاية تبرر الوسيلة

ولقد أثبت الدكتور في أكثر من موقع كذب بعض دعاة السلفية الكبار وتحريفهم في النقول بشكل مباشر وصريح. وكأنهم يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة.

فما داموا وصلوا إلي الحق، فلا مانع من الكذب علي العلماء وتزوير كلامهم ليتماشي مع دعاويهم. والغريب هنا حقاًّ، هو استشهادهم بقول عالم أو فقيه في مسألة معينة واعتماد هذا القول والإستشهاد به.

في الوقت نفسه الذي يكون السلفيون قد حكموا علي نفس العالم أو الفقيه بالضلال والكفر.

لأنه معطل أو أنه يختلف معهم في مسألة عقائدية. وقد شكا الدكتور البوطي كذلك من كذبهم عليه وهو حي يرزق. كما أثبت كذب المعصومي الكاتب السلفي علي الدهلوي (1) .

الحذف والتحوير عند النقل:

ويتكلم السيد الميلاني وهو يناقش كتاب (المرتضي) لأبي حسن الندوي السلفي الهندي المعاصر، عن تحريف وتحوير معتمد في النقل عند الإستدلال.

فالكاتب الندوي ينقل عن ابن كثير ويقول قال ابن كثير.

ولما يدقق الباحث الميلاني في هذا النقل يقول: إلا أننا لما راجعنا الجزء والصفحة المذكورتين وجدنا عنوان ابن كثير هكذا: فصل في مواخاة النبي صلي الله عليه وآل وسلم بين المهاجرين والأنصار.

ولم نجد فيه هذا النص المذكور من المؤلف!! ومن شاء فليراجع.

ص: 453


1- يقول البوطي: إن ما نقله المعصومي عن الدهلوي في كتابه الإنصاف، كلام مكذوب عليه، لم يثبت لا في الإنصاف ولا غيره اللامذهبية ص 131.

النص هو: قال ابن كثير: آخي النبي صلي الله عليه وآله وسلم بينه وبين سهل بن حنيف (1).

وفي هذا الكتاب الذي كتبه المؤلف لغرض في نفسه، الكثير من التحويرات واللف والدوران الذي لا يعلم إلا الله سبحانه وتعالي الغرض منه.

فالعنوان المرتضي أو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

ولكن ثلث الكتاب مدح وبيان مواقف رجال آخرين. وما تبقي ليس إلا إعادة كتابة بعض الأحداث المهمة في تاريخ الإسلام، وفقا لما يراه أتباع المذهب السلفي.

تنقية كتب التراث من النصوص والأحاديث المخالف للمذهب:

أما أخطر الطرق التي يسلكونها في عملية التحريف هذه، فهي محاولاتهم الجادة والمتكررة لتنقية كتب التراث الإسلامي من كل ما يخالف العقيدة السلفية.

وبما أنهم يملكون الأموال الضخمة ويستطيعون إعادة طباعة هذه الكتب والمصادر، وشراء سكوت أصحاب المطابع. فإنهم خطوا خطوات مهمة في هذا المجال. وقد ظهرت هذه التنقية والغربلة لتراث المسلمين في أشكال متعددة منها:

1 - حذف الأحاديث غير المرغوب فيها من المصادر والكتب..

وإعادة طبعها دون الإشارة إلي ذلك، وقد انتبه المحقق الكوثري وهو يراجع كتاب الأسماء والصفات للبيهقي إلي أن الحديث الذي ذكره أبو بكر الصامت الحنبلي، وقال رواه عبد الله بن أحمد في السنة قد اختفي من النسخة المطبوعة، ويقول الشيخ الكوثري: ولم أجده في المطبوع فلعل المشرفين علي طبعه حذفوه استضعافاً له (2).

ص: 454


1- مجلة تراثنا العدد 431 السنة التاسعة محرم 1414، ص 38.
2- الأسماء والصفات، تحقيق الكوثري، هامش ص 356.

وإذا كان هذا الحديث أعدم لأنه يشنع عليه. فإن حديث الدار الذي رواه أغلب أهل السنن، ينتصر لعقيدة الإمامية الشيعة لذلك فقد اختفي من الطبعة الثانية من كتاب حياة محمد للدكتور محمد حسين هيكل.

وقيل إن السلفيين تدخلوا لدي الناشر وأغدقوا عليه الأموال فحذفه من الطبعة الثانية بعدما ذكره المؤلف في الطبعة الأولي.

وهذا الحديث لكونه صحيح السند وصريح العبارة.. فقد كان يزعج كل من يجده في طريقه وهو يكتب في السيرة النبوية، وخاصة أعداء الإمامة وأهل البيت.

ومن ضمنهم بلا شك السلفية. أنظر إلي ابن كثير المؤرخ وهو يتعرض لهذا الحديث مضطراً فلما وصل إلي قوله صلي الله عليه وسلم: علي أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم.. نقله بهذه الصورة:

علي أن يكون أخي وكذا وكذا (1).

وابن كثير هذا كان أكثر ميلاً لعقيدة التجسيم والتشبيه (السلفية) في تفسيره.

لذلك تجدهم يدعون للإهتمام بهذا التفسير وتقديمه علي غيره.

كما أن موقفه من الشيعة الإمامية كان معروفاً وهو النقض عليهم. لذلك لجأ هذا إلي التحريف.

ولكن الحديث ولحسن حظه وحظنا موجود في باقي المسانيد الحديثية. وقد رواه أكثر من واحد، ونقله مجمل الكتاب المعاصرين.

طبعات جديدة و نظيفة لصحيح البخاري

وعملية حذف الأسانيد والأحاديث وكتب السنن، أصبحت مشهورة، فهناك في الأسواق الآن كتب حديثية لا تخلو من الحذف والنقص المتعمد.

ص: 455


1- البداية والنهاية: 3/40.

وخصوصاً صحيح البخاري الذي صدرت له طبعات سلفية منقحة وجديدة، وقد طالتها يد التحريف. وقد حدث أكثر من مرة أن احتدم النقاش بين أبناء الصحوة الإسلامية، حين يذكر أحدهم في معرض الإستدلال حديثاً ينسبه إلي صحيحي البخاري فيرد الآخر بأن لا وجود لهذا الحديث في صحيح البخاري.

وبالفعل يستنجد بنسخة تخلو من هذا الحديث، وعند المراجعة تبين أن هناك نسخاً محرفة موزعة في الأسواق وخصوصاً تلك التي طبع فيها صحيح البخاري علي شكل أجزاء صغيرة لتسهيل - علي حد زعم أصحابها - الإستفادة من هذا السفر الضخم.

وقد وزعت علي نطاق واسع، ولا شك أنها وزعت بالمجان.

وقد ذكر لي بعضهم أن هذه النسخة قد وزعت في فرنسا وأنه عرف ذلك عندما احتدم النقاش بينه وبين شخص آخر فاستدل بحديث رواه البخاري، هذا الحديث الذي خلت منه النسخة الموزعة.

ولهذا السبب يمكن أن نفسر أخذ الدكتور التيجاني السماوي - وهو متشيع معاصر - لنسخة من الصحيح، عندما أراد أن يناقش قاضياً استدعاه، وذلك خوفاً من أن يطلع عليه القاضي بنسخة أخري تخلو من شواهد الإستدلال.

وقد ذكر الداعية الإمامي السيد علي البدري أنه كان يحفظ الأحاديث من مصادرها، ويحفظ معها الطبعة والسنة ودار النشر لأنه حدث خلاف كبير وتحوير في طبعات جديدة.

لذلك فقد بدأ البعض من أبناء الصحوة الإسلامية يبحث عن طبعات قديمة لصحيحي البخاري ومسلم عساها تكون قد نجت من التحريف والتزوير.

طبعات محرفة لمغني ابن قدامة و صحيح مسلم

ص: 456

وأخيراً يقول محمد نوري الديرثوي: إن التحريف وحذف الأحاديث شأن السلفية وديدنهم.

إن نعمان الآلوسي حرف تفسير والده المكرم علامة العراق الشيخ محمود الآلوسي تفسير روح المعاني. لولا تحريفه لكان التفسير الفريد وجامع الجوامع.

وأما الحذف والسلخ للعبارات والأحاديث فحدث عنه ولا حرج.. لقد طبعوا المغني لابن قدامة الحنبلي فحذفوا منه مبحث الإستغاثة.

وطبعوا شرح صحيح مسلم فسلخوا منه أحاديث الصفات.

هذا ما عثرنا عليه من خيانتهم العلمية وقبيح عملهم، وسيحاسبهم الله علي سوء صنيعهم وهو مطلع عليه وإن خفي عنا (1).

اختصار أمهات الكتب

لكن العقل السلفي اكتشف طريقة أخري لإلغاء الأحاديث والروايات المخالفة.

وهذه الطريقة كان قد عمل بها قديماً.

فالكتب التي تكون ضخمة يقوم العالم أو الفقيه باختصارها.

وهكذا ظهرت (المختصرات) في جميع الميادين الفكرية.

أختصرت كتب التاريخ الطويلة، كما اختصرت موسوعات الحديث، وشمل هذا الإختصار أيضاً كتب الفقه والأدب.

أما الآن فإننا نعتقد أن عملية الإختصار التي يقوم بها بعض كتاب السلفية وراءها ما وراءها؟!

خصوصاً اختصار السيرة النبوية وكتب الحديث (2).

ويقول الدكتور البوطي:

ص: 457


1- محمد نوري الديرثوي، ردود علي شبهات السلفية، مطبعة الصباح ط 1 - 1987 ص 249. ويقول في الصفحة 111 عن نعمان الآلوسي: إنه كان علي عقيدة ابن تيمية وحرف تفسير والده (روح المعاني) بعد وفاته وحشاه بآراء ابن تيمية وأمثاله. وجاء في ذيل مقالات الكوثري لأحمد خيري قوله في نعمان: وهو ليس بأمين علي تفسير والده، ولو قابله أحدهم النسخة المحفوظة اليوم بمكتبة راغب باشا باسطنبول، وهي النسخة التي أهداها إلي السلطان عبد الحميد خان لوجد ما يطمئن إليه.. تبديد الظلام المخيم من نونية ابن القيم للعلامة الكوثري، مكتبة الأندلس، بحمص - سوريا.
2- أنظر مختصر صحيح مسلم للمنذري ومقدمة الشيخ ناصر الدين الألباني السلفي وما ذكره في المقدمة من الحط علي المذاهب الفقهية وخصوصاً المذهب الحنفي، والسلفيون يغتنمون مثل هذه المقدمات لنشر الفكر السلفي.

والغريب أن صاحب الكراس (الخجندي السلفي) عزا إلي كمال بن الهمام كلاماً طويلاً غير هذا لم يقله، ولم يتفوه به، وإنما هو كلام ذكره ابن أمير الحاج في شرحه للتحرير، واسم كتابه التقرير والتجبير، وقد اختلط الأمر علي العلامة صاحب الكراس، فأسند الكلام الذي ساقه إلي ابن الهمام وهو لم يقله أصلاً، وأسند إليه كتاباً اسمه التقرير والتجبير، وهو لم يؤلف كتاباً بهذا الإسم أصلاً.

راجع المصدر نفسه ص 363 - المرجع السابق ص 134.

ص: 458

وكتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، موضوعاً عن الألباني، قال فيه:

الشيخ محمد ناصر الألباني له اطلاع في علم الحديث، وهو سوري من دمشق وأصله من ألبانيا من غير كوسوفا، وقد غالي فيه الوهابيون علي عادتهم فيمن يطيعهم!

وهو الآن يسكن في الأردن، ويحيطونه بهالة كبيرة من الإمكانات والتجليل، ويشرف علي كل أعمال الوهابيين في الحديث في العالم، ويتبنون تقديس آرائه في الجامعات التي لهم نفوذ فيها، ويلزمون الطلاب بتقديسه، واحترام آرائه ولا يسمحون لطالب جامعي أن يتنفس بحرف ضده..

وله نحو خمسين مؤلفاً في التصحيح والتضعيف، وعمره الآن نحو ثمانين سنة، وينوون أن يعملوا له تكريما عالمياً..

ص: 459

والمدعو أبو عبد الرحمن واحد من تلاميذه أو تلاميذ تلاميذه.

وللألباني حسنات نشكره عليها، منها:

أنه خالف ابن تيمية وصحح حديث: من كنت مولاه فعلي مولاه.

واعترف أن ابن تيمية يتسرع في رده علي الشيعة، ويرد الأحاديث الصحيحة!!

ومنها أنه وافقنا علي عدم تقديس البخاري واعتبار كتابه صحيحاً من الجلد إلي الجلد، بل هو كتاب حديث وللعلماء المجتهدين أن يناقشوه فيقبلوا الحديث منه أو يردوه.

وللألباني حسنة رأيتها أخيراً أنه صحح الحديث الذي يحذر فيه النبي صلي الله عليه وآله من الأئمة المضلين بعده المحرفين لدينه المغيرين لسنته!

فقد صحح الألباني حديث أن أول من يغير سنتي رجل من بني أمية، واعترف الأستاذ الألباني بأنه سيده معاوية رضي الله عنه وأرضاه وتقبل عمله في تغيير سنة سيد المرسلين!!!

وقد قيض الله تعالي للألباني رجلاً من الدوحة النبوية الشريفة يقيم عنده في الأردن، هو المحدث الخبير الفاضل السيد حسن بن علي السقاف، وهو من عمر أولاد الألباني.. ولكنه يصلح أن يكون أستاذه لو تنازل الألباني عن تكبره واستفاد منه!

وله مع الألباني مساجلات قيمة وعدة كتب ورسائل..

وفي اعتقادي أن الله تعالي قيض السقاف لكشف ضعف الألباني علمياً، وذلك لكي يترك من وفقهم الله من الوهابيين ل- (عبادة الألباني من دون الله) لأن

ص: 460

من أطاع عالماً في تحليله وتحريمه بدون دليل شرعي صحيح، مع علمه بذلك، فقد عبده من دون الله تعالي!!

وفيما يلي نقدم خلاصة من كتاب السقاف القيم (تناقضات الألباني الواضحات) لعل أبا عبد الرحمن وأمثاله يعرفون مغالاتهم فيمن يحبون، واتهامهم لمن له رأي يخالف رأيهم بالغلو وتحقيرهم وتكفيرهم!!

خلاصة كتاب تناقضات الألباني الواضحات تأليف العالم الفاضل حسن السقاف طبعة دار الإمام النووي عمان - الأردن: مقدمة المؤلف:

أما بعد: فهذا الجزء الأول من كتابنا الجديد (سلسلة تناقضات الألباني) وقد أوردنا فيه ما يزيد علي خمسين ومئتين من تناقضات وقعت له، فهو يصحح أحاديث في كتاب ويضعفها في كتاب آخر، أثناء تخريجاته للأحاديث النبوية، والآثار المصطفوية، وقد كنت ألاحظ ذلك حين أرجع إلي كتبه لأعرف رأيه في حديثٍ ما بعد مراجعتي للحديث من مصادره الأصلية التي تروي الأحاديث فيها بأسانيدها، والتي ينقل الشيخ الألباني منها، والتي خطتها أيدي أولئك الجهابذة الأعلام من أئمة الحديث المتقنين، فأراه ساعتئذ متناقضاً جداً، كثير الوهم والغلط، فأعجب من ذلك غاية العجب، لا سيما وقد اغتر كثير من الشباب وطلاب العلم بتخريجاته، لأنهم لا يرجعون إلي الأصول التي ينقل منها، ولا يدركون تناقضه في الحكم علي الحديث ما بين كتاب وكتاب من مصنفاته ومؤلفاته، لعدم أهليتهم لذلك، فكنت أدون تلك الملاحظات في كراس خاص، ولما اجتمع عندي من ذلك عدد ضخم وشئ كثير رأيت أن أدون تلك التناقضات في سلسلة، وكذا الأوهام في سلسلة، وكذا الأخطاء والقصور في الإطلاع في سلسله أخري، وكذا ما يقع له من حذف أو تغيير في

ص: 461

كلام السادة العلماء والأئمة الذين ينقل من كتبهم في سلسلة أخري كذلك، وأخرجها للقراء ليقفوا علي جلية الأمر حتي لا يقعوا فيها لا سيما الذين فتنوا به.

وغير خافٍ أن الشيخ يعد نفسه وكذا من فتن به أنه وحيد دهره وفريد عصره، وأن كلامه لا يجوز الإستدراك عليه، ولا التعقب علي ما لديه، وأنه فاق السابقين في الوقوف علي أطراف الحديث وزياداته وتمحيصها، وبيان ما خفي علي المحدثين والحفاظ من خفايا عللها، وأنه وإن كان أصغر رتبة في هذا العلم من البخاري قليلاً! لكنه يستطيع أن ينتقده ويضعف ما صححه!

كما أنه يستطيع أن يتعقب الإمام مسلماً حتي فيما لم يسبقه به أحد من الحفاظ المتقدمين، والأئمة السالفين، وقد هضم حقه بعض تلاميذه وشركائه حين وصفه أنه برتبة الحافظ ابن حجر أمير المؤمنين في الحديث!

وإلي هنا فقد (بلغ السيل الزبي) لا سيما وأن الشباب المفتونين بتخريجاته وتعليقاته، وأمثالهم ممن انبهر بمصنفاته، لا يعرفون إخراج الحديث من الكتب التي ينقل منها، مع ملاحظة المثل السائر: إن الحب يعمي ويصم.

وقد صرح لهم أنه لا يقلد في هذا الفن أحداً كما صرح في مقدمته الفذة (لآداب زفافه) المشحونة بالنيل من أهل العلم والفضل، والإفتراء عليهم.

فإذا علمت هذا فقبل أن نمثل لك علي كل ما قلناه إن شاء الله تعالي برهاناً علمياً ودليلاً حسياً نقول: يلزم علي من ادعي أنه خلاصة المحدثين وزبدة المؤلفين والمصنفين الذي فاق بعلمه الأولين والآخرين ما خلا الأنبياء والمرسلين، وأنه المحقق الذي غربل ونقي الأخبار والآثار، وبين الصحيح من السقيم في كلام الأخيار والأبرار، أن يكون الغلط في كلامه أقل ما يمكن، وأن لا يكثر الخبط في تقريراته، وأن يكاد يعدم التناقض في ما يحكم عليه، لأننا نقول

ص: 462

جميعاً: إن العصمة للأنبياء، والتنزه من الخطأ صفة كتاب الله تعالي، ونحن لا نقول له: إن نصيحته للناس أن يعولوا علي كتاباته المنقحة المهذبة في لسان قاله وحاله، توجب أنه معصوم عما قد يقع له من الخطأ، وإنما نقول ونجزم أن من ادعي هذه الرتبة لا ينبغي أن تكون له أغلاط وأوهام وتناقضات فاقت ما وقع للأولين والآخرين بلغت مئات بل جاوزت ذلك، وهذه السلسلة ستثبت ذلك بعون الله وتوفيقه تعالي وستثبت أنه لا يجوز التعويل علي تحقيقاته، ولا الإغترار بتصحيحاته... إلخ.

وكتب (هاشمي) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 1-3-1999، العاشرة والنصف صباحاًَ موضوعاً بعنوان (تضعيف الألباني لأحاديث في البخاري وأحاديث في مسلم)، قال فيه:

تشجيعاً للحملة الإصلاحية!! التي يقودها الأخ إحسان العتيبي في التنبيه علي أخطاء العلماء في كتبهم المشهورة فإننا نود أن نشاركه في هذه الحملة توعية للقراء وإرشادهم إلي الحق والأخذ بيدهم.

ولعله - أعني الأخ إحسان - لا يمكن تتبع زلات شيخه الألباني وغيره وتصحيح أخطائهم، لأن النفس قد تميل لاتباع الهوي وحب من علمها، والإنسان ضعيف لا شك في هذا!!

1 - حديث: قال الله تعالي: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطي بي ثم غدر ورجل باع حراً فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيراً فاستوفي منه ولم يعطه أجره.

ص: 463

قال الألباني في ضعيف الجامع وزيادته 4/111 برقم 4054: رواه أحمد، والبخاري، عن أبي هريرة: (ضعيف).

2 - حديث: لا تذبحوا إلا بقرة مسنة إلا أن تتعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن.

قال الألباني في ضعيف الجامع وزيادته 6/64 برقم 6222: رواه الإمام أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن جابر: (ضعيف).

3 - حديث: إن من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلي امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها.

قال الألباني في ضعيف الجامع وزيادته 2/197 برقم 2005: رواه مسلم عن أبي سعيد: (ضعيف).

4 - حديث: إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين.

قال الألباني في ضعيف الجامع وزيادته 1/213 برقم 718: رواه الإمام أحمد، ومسلم، عن أبي هريرة: (ضعيف).

5 - حديث: أنتم الغر المحجلون يوم القيامة من إسباغ الوضوء فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله.

قال الألباني في ضعيف الجامع وزيادته 2/14 برقم 1425: رواه مسلم، عن أبي هريرة: (ضعيف بهذا التمام).

6 - حديث: من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال.

قال الألباني في ضعيف الجامع وزيادته 5/233 برقم 5772: رواه أحمد، ومسلم، والنسائي عن أبي الدرداء: (ضعيف).

ص: 464

7 - حديث: كان له صلي الله عليه وسلم فرس عند أبي الدرداء يقال له اللحيف.

قال الألباني في ضعيف الجامع وزيادته 4/208 برقم 4489: رواه البخاري، عن سهل بن سعد:

(ضعيف).

المرجع: تناقضات الألباني الواضحات للسيد حسن السقاف. الجزء الأول.

فكتب (soof) بتاريخ 1-3-1999، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

الأخ هاشمي:

ولنفرض جدلاً أن كل ما قلته صحيح عن تضعيف العلامة الألباني لهذه الأحاديث.

أريد منك أن تجيبني عن الأسئلة التالية مشكوراً:

هل يمكن أن يخطئ الإمامين (كذا) البخاري ومسلم، أو بمعني آخر: هل هما معصومان عن الخطأ؟ هل صحيحي (كذا) البخاري ومسلم كما المصحف، أو هل تعهد الله بحفظهما؟

أفدنا بعلمك جزاك الله خيراً.

وكتب (الأستاذ) بتاريخ 2-3-1999 - الواحدة ظهراً:

أطرح عليك نفس طرح الأخ: هل البخاري ومسلم معصومان عن الخطأ والزلل؟

هل حجر العلم علي البخاري ومسلم؟ ولهما فضلهما الكبير علي الحديث.

ص: 465

هل لك أن تسمي أحداً من المعاصرين أو المتأخرين ممن تخصص في علوم الحديث؟

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. مع خالص تحياتي.

فكتب (أبو صالح) بتاريخ 2-3-1999. الخامسة عصراً:

بل هما المقياس، ولم يأتي (كذا) أحد وصل لمرتبتهما حتي يقرن نفسه بهما إلا من في نفسه شئ من حب التعالم، ولا أقصد شخصاً بعينه.

فالبخاري أعلي الناس علماً في هذا الباب والناس عيال عليه ولم يفقه – بضم الفاء - فضلاً عن أن يدانيه أحد في الصناعة الحديثية.

ثم هل ظننتم أن من ينتقد عليهما في هذه الأزمنة قد راجع جميع أسانيدهما للنقد والتمحيص؟

هيهات إنما تجد معظمهم قد وقف علي ما سبق أن قاله الدارقطني في النقد وهو من هو.

وللأسف الشديد لم أر في كلام من اطلعت علي كلامهم أي إشارة أو إيعاز أنه إنما ينقل كلام الدارقطني أو يرجحه.

وعلي كل حال فقد أجاب العلماء الأوائل علي ما أورده الدارقطني وقد خفي ذلك علي بعض المخدوعين اليوم.

أرجو أن يكون في هذا كفاية وإلا فالردود العلمية علي الإعتداءات المتتالية علي الصحيحين كثيرة جداً عرف ذلك من أزيحت عن عينيه حواجب الغفلة وأدران العصبية.

وكتب (عابر 1) بتاريخ 3-3-1999 الثانية صباحاً:

ص: 466

الأخ الهاشمي: ثم ماذا بعد أن تتبعت العلامة الألباني في ما كتب..

ماذا تريد! الإصلاح، وبيان الحق.. هل يكون بتتبع الزلات ونشرها، مع عدم بيان السبب الذي لأجله ضعف العلامة الألباني حفظه الله هذه الأحاديث؟!

وما علمك وفهمك للحديث يا هاشمي؟!

حذار أن تكون بالأمس تعلمت السباحة في بحر الحديث ومصطلحه، ثم تأتي لتنافس من قضي عمره، وقرابة الستة عقود من الزمان وهو يغوص ويستخرج الدرر من هذا العلم النبوي الشريف.

والعلماء منذ السابق كانوا يتعقبون علي بعضهم البعض، ويبينون الزلات التي تصدر من بعضهم، ولكن لأهل العلم والدراية، ويلتمسون العذر لمن زل وأخطأ، وليس للعامة الجهال، وأعداء الدين الذين ينتهزون الفرصة لمن يقدم لهم طعناً في العلماء الربانيين.

المرة القادمة ناقش العلامة الألباني - نفعنا الله بعلمه وبارك له في عمره - في علم الحديث، وبين وفق علم أصول الحديث، لماذا حكم العلامة الألباني بالتضعيف علي بعض أحاديث الإمام البخاري ومسلم، ولا تلقي (كذا) الكلام جزافاً، والذي لا يدل إلا علي سوء الطوية، وليس لإصلاح الرعية..

والله الموفق.

ص: 467

منهجنا في تقييم الصحابة

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، موضوعاً قال فيه:

وجه إليّ المدعو (مشارك) سؤالاً عن رأينا في الصحابة.

وأجيب عليه بالنقاط التالية التي تبين مجمل الفروق في نظرتنا إلي الصحابة ونظرة إخواننا الذين يتسمون ب- (السلفيين):

الفرق الأول: أننا نؤمن بحرية البحث العلمي في الصحابة، وأن للمسلم أن يعتقد في كل واحد منهم ما يتوصل إليه اجتهاده أو تقليده بينه وبين ربه، وهو معذور إن عمل بشروط الإجتهاد والتقليد المتفق عليها. بينما يريد إخواننا (السلفيون) أن يكون البحث العلمي فيهم حراماً، حتي البحث في تقييمهم لبعضهم , أو تقييم الرسول صلي الله عليه وآله لهم، فكل ذلك عندهم حرام فقفل عليه بأقفال!!

الفرق الثاني: أننا نحترم الصحابة ونحترم آراء المسلمين فيهم، ولكن لا يجوز لنا أن نقول (صلي الله عليه وعلي آله وصحبه أجمعين) لأنه ثبت عندنا وعندهم أن النبي صلي الله عليه وآله أخبر عن ربه بأن العديد من أصحابه يمنعون من الورود علي حوض الكوثر ويؤمر بهم إلي النار!!

وهو الحديث المعروف بحديث الحوض الصحيح، وفي بعض نصوصه أنه لا ينجو منهم (إلا مثل همل النعم) وهمل النعم هي الأنعام المنفردة عن القطيع!

ولعمري إن المتأمل في نصوص الحوض يكاد يشيب من هولها!!

فلا بد للمسلم في فقهنا أن يقيد صلاته علي الصحابة بالمؤمنين أو الكرام وما شابه، لأنه لا يجوز للمسلم شرعاً أن يصلي علي أهل النار!!

ص: 468

الفرق الثالث: أنهم يفضلون الصحابة علي العترة الطاهرة من أهل البيت عليهم السلام، وحجتهم أنهم صحابة، بينما أهل البيت صحابة وآل وعترة، ولكنا لا نفضلهم للصحبة والنسب، بل نفضلهم لأن النبي صلي الله عليه وآله أمرنا بتفضيلهم واتباعهم من بعده..

وحديث الثقلين صحيح متواتر عند الجميع. وحديث أن حب علي وبغضه ميزان الإيمان والنفاق.. وحديث الكساء.. وحديث المباهلة.. وعشرات الأحاديث متفق علي صحتها!!

الفرق الرابع: أننا نعتقد بأن الله تعالي كلفنا بولاية واتباع أهل البيت النبوي الطاهرين عليهم السلام فنحن مسؤولون في حشرنا ونشرنا عنهم، ولا يسألنا تعالي عن رأينا في الصحابة إلا بمقدار ما يتعلق بأهل البيت النبوي..

فلماذا نكلف أنفسنا أمراً لم يكلفنا إياه الله تعالي ولا يسألنا يوم القيامة عنه؟

إن الجميع متفقون أنه لا تصح صلاة المسلم إلا بالصلاة علي محمد وآل محمد.. وهذا أعظم دليل علي أن الله تعالي يريدنا أن نصلي عليهم مع رسوله في كل صلاة.. صلي الله علي رسوله وآله.

ولم أجد أحداً من فقهاء المسلمين حتي الخوارج أفتي بوجوب الصلاة علي الصحابة..

بل إن إضافة (وصحبه) في الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله حتي في غير الصلاة هي بمقاييس المتشددين السلفيين بدعة.. وفاعلها فاسق، لأنه لا يوجد فيها عندهم حتي حديث ضعيف، حسب علمي!

بينما هي في مذهبنا جائزة بشرط التقييد بما يدل علي الإيمان والعمل الصالح!!

ص: 469

وإذا كان هذا حال جواز الصلاة عليهم، فلماذا لا يترك للمسلم حرية الإعتقاد بهم حسب ما يصل إليه بينه وبين ربه، مع مراعاة مشاعر المحبين لهم والمغالين فيهم!

هذا ما خطر ببالي من الفروق في منهج البحث في الصحابة وتقييمهم.

ونرجو من الإخوة الذين يطرحون مسألتهم علينا أن لا يهددوا الشيعة بورقة الصحابة، لأن بيدهم ورقة أهل البيت عليهم السلام، وهي قوية إلي حد أن الله ورسوله قد جعلا حب علي وفاطمة والحسن والحسين وبغضهم، ميزاناً لإيمان الأمة ونفاقها.. جميع الأمة بمن فيها الصحابة..

إن أهل البيت عليهم السلام هم القاسم الوحيد المشترك بين فئات الأمة الإسلامية.. فلتكن أبحاثكم فيهم.

وإن الأمة قد جربت الصحابة والخلافة قروناً فيها الحلو المر، وقد انتهت الخلافة علي يد العثمانيين وانهارت الأمة.. وجاءت مرحلة الوعد الإلهي والنبوي بالمنقذ الموعود من أهل البيت الطاهرين، كما ثبت عند الجميع.

لقد دخلت الأمة والعالم في عصر أهل البيت بعد طول معاناة، وقد قال علي عليه السلام:

والله لتعطفن علينا بعد شماسها عطف الضروس علي ولدها.

رحم الله الصحابة الأبرار جميعاً.. وصلي الله علي أهل البيت الأطهار، وعجل الله فرج الأمة بهم، وصلي الله علي خاتمهم الموعود من رب العالمين علي لسان سيد المرسلين.

ص: 470

وكتب (العاملي) في شبكة هجر موضوعاً، قال فيه:

الأخ (محب أهل البيت) عليهم السلام:

سألتني عن رأينا نحن الشيعة في الصحابة، وأجبتك بجواب علمي خلاصته:

أننا نؤمن بأن باب البحث العلمي في الصحابة مفتوح، ويجوز لكل أن يبحث حسب الموازين العلمية الشرعية فيهم، ويدين ربه بما توصل إليه رأيه فيهم فرداً فرداً، أو يقلد العلماء إن لم يكن من أهل التخصص العلمي والإجتهاد.. وأن الله تعالي لا يطالبنا ولا يسألنا عنه في حشرنا ونشرنا بأكثر من هذا في أمرهم.. (راجع الموضوع الموجود في ساحة أنا العربي).

ثم رأيتك تعيد السؤال وتقول: إن ما كتبه العاملي غير كافٍ..

فاسمح لي أن أطلب منك أولاً:

أن تحدد لي مفهوم الصحابة، الذين تريد إثبات ميزة شرعية لهم عن غيرهم حتي عن أهل البيت الذين هم صحابة وعترة؟

فهل الصحابة هم الثلاث مئة ألف الذين تشرفوا برؤية الرسول صلي الله عليه وآله؟

ومنهم الذين يقول الله تعالي فيهم: مردوا علي النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم!

وهل هم أصحاب حديث الحوض الذين صح عندك أن الرسول صلي الله عليه وآله قال عنهم:

إنهم يحلؤون عن حوض الكوثر يوم القيامة ويؤمر بهم إلي النار، ولا ينجو منهم إلا مثل همل النعم؟ وأنت تعرف معني همل النعم!

واسمح لي ثانياً:

أن أسألك عما كتبته في موضوعك بأن الفرق بينكم وبين الرافضة في أصول الدين لا في فروعه..

ص: 471

كما سألك الأخ سماحة: هل تعتقد أن الصحابة من أصول الدين يا محبهم قبل أهل البيت؟

وما دليلك عليه؟

بل أسألك عن إضافتك إلي الصلاة علي الرسول (وعلي أصحابه أجمعين)..

هل وجدت عليها دليلاً شرعياً، أم أنك قلتها عن تقليد بدون تفكير؟!

وهل تعرف أن هذه العبارة علي مذهبك بدعة، لأنه لم يرد في إضافتهم إلي الصلاة علي الرسول أي نص حسب علمي؟!

وفيها معصية كبيرة لأنك أضفت إلي الصلاة علي نبيك من تعلم بأن فيهم منافقين شهد الله ورسوله بنفاقهم!!

والمسألة الفقهية هنا: هل يجوز إضافة الصحابة في الصلاة علي النبي وآله أصلاً، حتي في غير الصلاة؟

وإذا جاز ذلك فهل يجوز مطلقاً بدون تقييد بوصف؟

أم لا بد من التخصيص والتقييد، لأن الصحابة أكثر من مئة ألف، وهم أنواع؟

ولنترك بدعة إضافة الصلاة علي الصحابة.. وتعال معي لنبحث الصلاة في مذهبك علي آل محمد، صلي الله عليه وآله، لتري أن توسعتكم لهم قد سببت لكم مشكلة عويصة!!

فمن هم آل محمد الذين نصلي عليهم في صلاتنا؟

إتفقت مصادر الجميع علي أن المسلمين سألوا النبي صلي الله عليه وآله كيف نصلي عليك؟

فعلمهم صيغة الصلاة عليه، وفيها الصلاة علي آله معه، صلي الله عليه وآله..

ص: 472

وتسميها مصادر السنيين (الصلاة الإبراهيمية) لأن فيها فقرة: كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم. وفي هذا الموضوع مسألة أساسية وهي: أن الصلاة علي شخص تعني الدعاء له بأن يبارك الله عليه، وهي في نفس الوقت نوع من الشهادة بصلاحه..

فلا تجوز الصلاة علي الكافر، ولا علي المنافق ولا علي الناصب الذي يبغض أهل البيت، ولا علي الغالي الذي يزعم أن لأهل البيت أو لأي مخلوق شيئاً من الألوهية أو الشراكة مع الله تعالي.

فمن هم آل محمد الذين نصلي عليهم؟

إن عممناهم إلي كل ذرية النبي (صلی الله علیه و آله) وذرية بني هاشم والمطلب إلي يوم القيامة..

فإن في هؤلاء أشخاصاً ثبت أنهم أعداء الله ورسوله (صلی الله علیه و آله) بفتوي الجميع.. وفيهم قتلة وأشرار..

وفيهم نصاري وملحدون، ففي لبنان وحده في عصرنا عدة عوائل مسيحية أصلهم من بني هاشم، نذكر منهم: آل نخلة، وآل شهاب، وآل زوين، وآل هاشم، وآل الحسيني!!

فكيف يجوز لكم أن تصلوا في صلاتكم علي هؤلاء، وتقرنوهم بسيد المرسلين (صلی الله علیه و آله)؟!

أما حسب مذهبنا فلا مشكلة.. لأن أهل البيت وآل محمد عندنا مصطلح إسلامي خاص، ثبت عندنا أن النبي (صلی الله علیه و آله) حدده بالأسماء والكساء بعدد قليل من عترته وذريته، وهم المطهرون من الذنوب دون غيرهم، وهم: علي وفاطمة والحسن والحسين، وتسعة من ذرية الحسين عليهم السلام.

ص: 473

أما الذين يعممون أهل البيت إلي كل الذرية والأزواج والعشيرة، وينوون في صلاتهم الصلاة عليهم جميعاً.. فإن صلاتهم مشكلة شرعاً، لأنها تتضمن الصلاة علي من كان كافراً وفاسقاً ومنافقاً منهم.

فماذا تقول أيها المحب لأهل البيت..؟ وماذا يقول فقهاؤك المحترمون؟

وختاماً: شكراً لك..

وأرجو أن تساعد بموضوعاتك التي تطرحها علي رفع المستوي الفكري للجميع، ليكون البحث رزيناً متناسباً مع اسمك الجميل، وأخلاقيات الإسلام العالية..

آمل أن أوفق للمشاركة في بعض موضوعاتك الكثيرة التي تطرحها..

وكلما كنت علمياً ومنصفاً، كلما وجدتني محاوراً ومستفيداً.. ومحباًّ أكثر.

وأضيف هنا أن من أول الموضوعية والحوار العلمي أن لا تصفع الشيعة بآية (ولقد ذرأنا) التي دأبتم علي ختم كلامكم بها، لئلا يصفعك مثلك بمثلها..

أما إذا أردت البحث في تفسيرها من المصادر المعتبرة عندك، فهو أمر آخر..

وكتب (عزام) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 2-3 – 2000، السادسة مساء، موضوعاً بعنوان (ينسبون النقص للنبي صلي الله عليه وآله وسلم ليرفعوا غيره...!)، قال فيه:

أخرج مسلم وغيره من طريق عائشة قالت: كان رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم مضطجعاً في بيتي كاشفاً عن فخذيه وساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن

ص: 474

له وهو علي تلك الحالة فتحدث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم وسوي ثيابه، فلما خرج قالت عائشة رضي الله عنها: دخل أبو بكر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمان فجلست وسويت ثيابك، فقال: ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة.

هذا ما أخرجه: مسلم في صحيحه 7/116، مسند أحمد 6/62، مصابيح السنة 2/273، الرياض النضرة 2/88، تاريخ ابن كثير 7/202.

ويمكن مناقشة الحديث من جهتين:

الأولي: تتعلق بالرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم.

الثانية: تختص بالخليفة عثمان.

ونحن الآن نبدأ بالجهة الأولي، وقبل الدخول فيها لا بد لنا من مقدمة قصيرة نستعرض فيها بإيجاز أدب الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم فنقول:

وردت الروايات تلو الروايات من الفريقين في هذا الجانب، فلا ريب أنه صلي الله عليه وآله وسلم أفضل خلق الله، كان مستكملاً لمكارم الأخلاق.

وكيف لا يكون كذلك، وهو القائل كما عن التهذيب بإسناده عن إسحاق بن جعفر عن أخيه موسي عن آبائه عن علي عليه السلام قال: سمعت النبي صلي الله عليه وآله وسلم يقول: بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. وقال: أدبني ربي فأحسن تأديبي. وقال أبو سعيد الخدري في مكارم الأخلاق كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها.

ص: 475

وروي عن علي عليه السلام أنه قال: ما رؤي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم مقدماً رجليه بين جليس قط.

وقالت عائشة كان خلق النبي صلي الله عليه وآله وسلم ما تضمنته العشر الأول من سورة المؤمنين ومن مدحه الله سبحانه بأنه علي خلق عظيم فليس وراء مدحه مدح. (مجمع البيان).

وعن رجل من ولد أبي هالة، عن الحسن بن علي قال: سألت خالي هند بن أبي هالة وكان وصافاً للنبي صلي الله عليه وآله وسلم وأنا أشتهي أن يصف لي منه شيئاً، لعلي أتعلق به فقال-والحديث طويل - أقتطف منه محل الشاهد وهو قوله: من جالسه صابره حتي يكون هو المنصرف ومن سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس منه خلقه فصار لهم أباً وكانوا عنده في الحق سواء، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانه..

إذا اتضح هذا نقول:

أولاً: وهل يتناسب ما تقدم مع ما ذكر في الحديث، من أن الرسول (صلی الله علیه و آله) كان كاشفاً عن فخذيه وساقيه؟؟؟!!!

ثانياً: هل أن العرف يري التصرف الصادر من الرسول أدباً؟؟!!

ثالثاً: لو سلمنا بالنقطة الأولي والثانية، وقلنا بأن العرف يراه أدباً، لكن هل يخطر ببال أحد أن يصفه (أي يصف التصرف الصادر من الرسول من كشف فخذيه وساقيه) عظيماً!!!!! حاشا وكلا.

إذن لا بد من التأمل في الحديث إن لم نقل واضح البطلان، هذا ما كان من مناقشة الجهة الأولي وسنتابع مناقشة الحديث في جهته الثانية.

ص: 476

معني زعمهم أن الشيعة لا خبرة لهم بالجرح والتعديل

يتصور بعضهم أن علماء الشيعة لا خبرة لهم في علم الحديث أو علم الجرح والتعديل، طبق القواعد الموجودة عند السنيين.

ولعل السبب في ذلك أنهم يرونا نحتج عليهم بالأحاديث الواردة في مصادرهم، ونعتمد علي إجماعهم علي تصحيحها، أو تصحيح من يحترمون من علمائهم لها. ويرون أنا أحياناً نؤيد الموضوع بأحاديث وردت في مصادرهم بدون أن نبحث في تصحيحه أو تضعيفه، لأن أصل وجود الحديث في مصادرهم في نظرنا يكون له دلالة علمية.

والسبب الآخر: أنهم لا يعرفون أننا من العصر الأول لم نعتمد علي رواة الخلافة القرشية، وأننا معارضة عقائدية وعلمية وسياسية لنا استقلالنا العلمي من عهد أمير المؤمنين عليه السلام، وعندنا مصادرنا ورواتنا وأسانيدنا ورجال حديثنا، ولنا بحوثنا العلمية الموسعة في الجرح والتعديل علي مبانينا، وقد تضمنت مصادر الجرح والتعديل ومصادر الفقه الإستدلالي عندنا بحوثاً مفصلة في نقد المتون والأسانيد، لا مثيل لها عندهم.

فعندما يقول لنا أحدهم: لا خبرة لكم بعلم الجرح والتعديل، فهو كمن يقول: إنكم لا تتبنون قواعدنا في الجرح والتعديل!!

نعم إننا لا نتبني قواعدكم لأن لنا رأينا في رواة الخلافة وفي الخلافة نفسها، وقد أغنانا الله تعالي بأهل البيت عليهم السلام ورواتهم عن غيرهم!! فقد هيأ الله تعالي لهذا الدين من زمن رسول الله صلي الله عليه وآله، ومن زمن علي عليه السلام - حيث كان التحديث عن النبي وتدوين الحديث جريمة يحبس عليها - إلي يومنا هذا، رواة

ص: 477

أبراراً تابعين للإمامة الهاشمية، وغير تابعين للخلافة القرشية، رووا لنا عن معدن العلم النبوي والثقل الثاني الذي أودعه الله بعد رسوله في هذه الأمة..

ما صرنا به أغنياء عما في بلاط الخلافة وعما في أيدي رواتها، بل صار الجميع بحاجة إلينا، واضطروا أن يرووا عن الرواة الشيعة، لأنهم إذا اشترطوا في الراوي أن لا يكون شيعياً لذهبت السنة أو أكثرها، كما يقول الذهبي!!!

إلي آخر هذا البحث الذي تخرجنا الإفاضة فيه عن موضوعنا. هذه هي الملاحظة الأولي.

والثانية: طرح المدعو أبو عبد الرحمن حديث: أنا مدينة العلم وعلي بابها.. ليثبت بزعمه ضعفه، ولما حشره (التلميذ) الأستاذ.. ولّي هارباً..

ثم واصل الأخ (التلميذ) باسم المدافع عن الحقيقة وأكمل بحثه، ووضعه في شبكة أخري وأرشد إليه في هذه الشبكة.. ومع ذلك ما زال بعضهم في هذه الشبكة يزعم ضعف هذا الحديث الشريف..

ولما رأوا بحث الأخ (التلميذ) وأحسوا ببحوث أخري مثل بحثي، فإذا بمشاركهم يقول اليوم ما ينفع اهتمامكم بهذا الحديث، فحتي لو كان صحيحاً فهو يثبت علم علي ولا يثبت عصمته!

وكأنا نحن الذين فتحنا الموضوع! فجاء يطلب عفونا، وترك الموضوع؟!

ولكن المسألة شئ آخر: وهو خوفهم علي افتضاح من يدعون لهم الخبرة بعلم الجرح والتعديل علي قواعدهم كما افتضح الألباني، فإنا ولو لم نؤمن بهذه القواعد، لكن لو دخل في حلبتها أي عالم من علمائنا فلا يشق له غبار..

ذلك أن المدافع عن آل الله ورسوله صلي الله عليه وآله، ليس كالمهاجم لهم المنتقص لحقوقهم..

ص: 478

ولا كالناصب لهم..

فإن الله تعالي يؤيد المدافع عنهم بروح القدس، ويفهمه ويعلمه ويلهمه الحجة، بينما تظلم الدنيا في

روح من يسعي لانتقاصهم ما خصهم الله ورسوله به!

والملاحظة الثالثة: أن دلالات حديث مدينة العلم بحث مستقل، ومكانها بعد الكلام في سنده.. ولعمري ما هاجمه المهاجمون وما حاول تضعيفه العاجزون إلا بسبب هذه الدلالات البليغة، من أفصح العرب الذي لا ينطق عن الهوي صلي الله عليه وآله..

وقد رأيت أن نستقصي أولاً طرقه ما استطعنا.. حتي إذا كملت طرقه شرعنا في آراء علمائهم:

من صححه منهم، ثم من حسنه، ثم من ضعفه، وبيان حجته إن كانت وتقييمها.

ولعل الأخ (التلميذ)كفانا مؤونة البحث، ولكن التنوع في البحث، والتعاون علي نصرة أول مظلوم في الإسلام عليه السلام، أمر حسن.

ولنشرع في طرقه:

الطريق الأول:

ما رواه الصنابحي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام).

أخرجه الترمذي في الجامع الصحيح 2596 / 5 ح 3723 - باب مناقب علي بن أبي طالب من كتاب المناقب وقال:

ص: 479

حدثنا إسماعيل بن موسي، حدثنا محمد بن عمر الرومي، حدثنا شريك، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

- وعنه السيوطي في الجامع الصغير 161 / 1 ح 2704.

- والهندي في كنز العمال 147 / 3 ح 36462.

- والسيوطي أيضاً في اللآلي المصنوعة 306 / 1، وأيضاً في تاريخ الخلفاء.

- وابن الأثير في جامع الأصول 247 / 7 ح 6501.

- وابن كثير في تاريخه 395/7.

- والشامي في سبل الهدي والرشاد 292/11.

- وابن حجر في الصواعق المحرقة.

- والمحب الطبري في ذخائر العقبي ص 77.

- وأيضاً في الرياض النضرة 159/2.

وأخرجه أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 635 / 2 ح 1081، قال:

حدثنا إبراهيم، قال: نا محمد بن عبد الله، قال: نا شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

ص: 480

وأخرجه ابن جرير الطبري في تهذيب الآثار 104 / 1 ح 172، قال:

حدثنا موسي بن إسماعيل السدي، قال: أخبرنا محمد بن عمر بن الرومي، عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن سويد بن غفلة، عن الصنابحي، عن علي أن النبي قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

وأخرجه ابن حبان البستي في المجروحين 94 / 2، قال:

روي عمر بن عبد الله الرومي، عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي قال: قال رسول الله: أنا دار الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها من بابها.

وأخرجه أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة 88 / 1 ح 347، قال:

حدثنا أبو بكر بن خلاد وفاروق الخطابي قالا: ثنا أبو مسلم الكشي، ثنا محمد بن عمر الرومي، ثنا شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي قال: قال رسول الله: أنا مدينة العلم وعلي بابها.

- وعنه الهندي في كنز العمال 614 / 11 ح 32978.

وقال أبو نعيم أيضا في حلية الأولياء: 64/1:

ص: 481

حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني، ثنا الحسن بن سفيان، ثنا عبد الحميد بن بحر، ثنا شريك،

عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

- وعنه السيوطي في اللآلي المصنوعة 302/1، وفي الجامع الكبير 283/3 ح 8649.

وأخرجه ابن المغازلي الشافعي في مناقب علي بن أبي طالب ص 74 الحديث 129 قال:

أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج، قال: أخبرنا محمد بن المظفر بن موسي بن عيسي الحافظ إجازة، حدثنا الباغندي محمد بن محمد بن سليمان، حدثنا سويد، عن شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي عن النبي قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها فمن أراد الحكمة فليأتها...

وأخرجه ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 378 / 42 حديث 8975، قال:

أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين أنا أحمد ومحمد أبناء عبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أنا أبو بكر يوسف بن القاسم، نا أبو محمد عبيد الله بأن عبيد الله الكوفي، نا إسماعيل بن موسي الفزاري، نا محمد بن عمر الرومي، عن

ص: 482

شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي قال: قال رسول الله: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

وقال ابن عساكر أيضا في تاريخه 378 / 42 حديث: 8976:

أخبرنا أبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم وأبو القاسم زاهر بن طاهر قالا: أنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن، أنا أبو سعيد محمد بن بشر بن العباس، أنا أبو لبيد محمد بن إدريس، نا سويد بن سعيد، نا شريك، عن سلمة بن كهيل، عن الصنابحي، عن علي قال: قال رسول الله: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت باب المدينة.

الطريق الثاني:

ما رواه عاصم بن صخر عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (علیه السلام).

أخرجه الخطيب البغدادي في تلخيص المتشابه قال:

أنبأنا علي بن علي، ثنا محمد بن المظفر الحافظ، ثنا محمد بن الحسين الخثعمي، ثنا عباد بن يعقوب، ثنا يحيي بن بشار الكندي، عن إسماعيل بن إبراهيم الهمداني، عن أبي إسحاق عن عاصم بن صخرة، عن علي قال: قال رسول الله: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب.

ص: 483

والحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق 383 / 42 الحديث 8987، قال:

أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله، أنا أبو بكر الخطيب، أنا عبد الله بن محمد بن عبيد الله النجار، نا محمد بن المظفر، نا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفظ الخثعمي بالكوفة، نا عباد بن يعقوب، نا يحيي بن بشير الكندي، عن إسماعيل بن إبراهيم الهمداني، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن صخرة، عن علي قال: قال رسول الله: شجرة أنا أصلها، وعلي فرعها والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيب إلا الطيب. أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أرادها فليأت الباب.

وأخرجه الذهبي في ميزان الإعتدال 366 / 4 رقم الترجمة 9468، قال:

أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا يحيي بن بشار الكندي، عن إسماعيل بن إبراهيم الهمداني، عن أبي إسحاق عن عاصم بن صخرة، عن علي قال: قال رسول الله: شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمرها والشيعة ورقها، فهل يخرج من الطيب إلا الطيب وأنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة، فليأت الباب.

وأخرجه ابن حجر في لسان الميزان 370 / 7 رقم الترجمة 9162، قال:

ص: 484

قال أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي، حدثنا عباد بن يعقوب، حدثنا يحيي بن بشار الكندي، عن إسماعيل بن إبراهيم الكندي الهمداني، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن صخرة، عن علي مرفوعاً: شجرة أنا أصلها وعلي فرعها والحسن والحسين ثمرها، والشيعة ورقها فهل يخرج من الطيب إلا الطيب وأنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأت الباب.

الطريق الثالث:

ما رواه الأصبغ بن نباتة عن الإمام علي بن أبي طالب (علیه السلام).

أخرجه الحربي في الأمالي وعنه ابن الصديق في فتح الملك العلي ص 23 قال:

حدثنا إسحاق بن مروان، حدثنا أبي، ثنا عامر بن كثير السراج، عن أبي خالد عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله: أنا مدينة العلم، وعلي بابها، يا علي! كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها.

وأخرجه الحافظ ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق - 378 / 42 ح 8974، قال:

أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين وأبو البقاء عبيد الله بن مسعود الرازي، وأبو بكر أحمد بن علي بن عبد الواحد القزاز قالوا: أنا أبو الحسين ابن المهتدي، أنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي، نا أبو العباس إسحاق بن مروان، نا

ص: 485

أبي، نا عامر بن كثير السراج، عن أبي خالد عن سعيد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي قال: قال رسول الله: أنا مدينة الجنة وأنت بابها يا علي كذب من زعم أنه يدخلها من غير بابها... إلخ...

تم الجزء الأول من كتاب الإنتصار

مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

ويليه الجزء الثاني إن شاء الله، وموضوعه: مناظرات في التوحيد وصفات الله تعالي.

ص: 486

الفهرس

اهداء

ابحاث تمهيدية

شبكات الحوار العربية

صور من أفكارهم و أعمالهم

مراقب يمتحن المشتركين الشيعة امتحان صف أول ابتدائي

فتوي علماء الخوارج بأن تهديدات المراقبين و مقصاتهم لا تكفي

عاصفة شبكة الساحات ضد مشتركيها السنة والشيعة

تبجح الخوارج بأنهم (طردوا) المناقشين الشيعة من ساحاتهم

نماذج من موضوعات الشيعة التي حذفتها (شبكة الساحات العربية)

تكفير الشيعة و إباحة دمائهم! و منعهم من الدفاع عن أنفسهم

الكذب الصريح علي الشيعة من عالم يدعي التخصص في الحديث

ولادة موقع (أنا العربي) أول شبكة حوار شيعية

نماذج من شتائم الخوارج و محاولاتهم تخريب (شبكة أنا العربي)

ضغط الخوارج علي صاحب شبكة أنا العربي لكي يغلقها

ولادة شبكة هجر الثقافية

محاولاتهم تخريب شبكة هجر

حجب هجر في السعودية

اغراء الخوارج لصاحب (أنا العربي) بالمال

ادعاءات (مجموعة هاكرز) التابعة للخوارج

مجموعة (هاكرز) الشيعية تثأر

الموسوعة الشيعية تتقدم بين شبكات الحوار

ولادة شبكة الحق الثقافية

اصول الفكر (الإسلامي) عند خوارج العصر

الثورة واجبة.. والهدف دولة الخلافة الجميلة في الأذهان

كل الدول الإسلامية دول كافرة يجب جهاده

المسلمون كلهم كفار ما عدا هؤلاء الخوارج المحترمين

التوحيد و الجهاد

القائد هو المقاتل الذي يكفر المسلمين مثلهم

انهم إلتقاطيون إنتقائيون

كلهم مجتهدون.. في كل أمور الدين

نماذج من أفكارهم بأقلامهم

تكفير المسلمين أسهل عندهم من شرب الماء

حتي الدولة السعودية كافرة تجب الثورة عليه

كل الدول الإسلامية كافرة و يجب الخروج عليه

اتباع المذاهب الأربعة كفار عندهم، لأنهم في العقائد أشعريون

دولة الطالبان هي الدولة الإسلامية الوحيدة و تجب الهجرة إليها

العامية والسطحية والغلظة.. من صفات التفكير عند الخوارج

الخوارج أدعياء السلفية.. وليسوا سلفيين

الشيعة في شبكات الحوار

شهادات من مثقفين سنيين

الاحناف ينتقدون الخوارج

الازهر ينتقد الخوارج

مكانة أهل البيت

خوف الوهابيين من نشاط الشيعة في شبكات الإنترنت

فحذف موضوعه المراقب (الموحد)

تحريم السلفيين مناقشة الشيعة

فوائد النقاش المذهبي و مضاره

فوائد النقاش والمناظرة

آراء المخالفين للحوار و مناقشته

الوجه الآخر يطلب النقاش الهادئ

آداب الحوار

من أجل ترشيد الحوار

خوف النواصب من مناقشة الشيعة

هجر توقف النقاش مع الوهابيين، والمشتركون يعترضون

الوهابيون المتعصبون يؤيدون إغلاق النقاش

نقاط في مناهج البحث العلمي

لا موضوعية عند النواصب

الطعن في السند

الترجيح دون مرجح

التحريف المباشر للنصوص والأقوال

الغاية تبرر الوسيلة

طبعات جديدة و نظيفة لصحيح البخاري

طبعات محرفة لمغني ابن قدامة و صحيح مسلم

اختصار أمهات الكتب

منهجنا في تقييم الصحابة

معني زعمهم أن الشيعة لا خبرة لهم بالجرح والتعديل

المجلد2

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

بسم الله الرحمن الرحیم

ص: 2

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت

بقلم: العاملی

المجلد الثانی

مناظرات فی التوحید و صفات الله تعالی

ص: 3

ص: 4

الباب الثانی: مناظرات في التوحيد وصفات الله تعالي

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: مذهب الوهابيين وإمامهم ابن تيمية في التوحيد

الفصل الثاني: عائشة تحكم بكفر ابن تيمية وأسلافه!!

الفصل الثالث: أهل البيت (علیهم السلام) يردون علي مذهب المجسمين اليهود

الفصل الرابع: عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

الفصل الخامس: التجسيم عند اليهود والنصاري

الفصل السادس: تناقضات ابن تيمية وأتباعه في التوحيد والصفات!

الفصل السابع: تحدِّي أتباع ابن تيمية لعلماء الشيعة في التوحيد!!

الفصل الثامن: إفتضاح المجسمة الحشوية!!

الفصل التاسع: من ردود العلماء السلفيين علي تجسيم ابن تيمية

الفصل العاشر: الأشاعرة متاولة أيضاً.. يؤلون الصفات

الفصل الحادي عشر: الأباضية يقفون إلي جانبنا في التنزيه أيضاً

الفصل الثاني عشر: أصوات حُرَّة في غابة الإرهاب الفكري!!

ص: 5

ص: 6

الفصل الأول: مذهب الوهابيين و إمامهم ابن تيمية في التوحيد

اشاره

عناوين المواضيع:

ابن تيمية يتبني عقيدة التجسيم التوراتية!

ابن تيمية وأتباعه ينفون وجود المجاز في اللغة العربية!!

قصة حديث: خلق الله آدم علي صورته!!

صفات معبود الوهابيين وإمامهم!!

يحاولون عبثاً التبرؤ من عقيدة التجسيم

تورط ابن تيمية في القول بقدوم العالم مع الله تعالي!!

عندما يعجزون عن تبرئة ابن تيمية.. تسوء أخلاقهم!

ص: 7

ص: 8

ابن تيمية يتبني عقيدة التجسيم التوراتية
اشارة

كتب العاملي في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 10- 3-2000، العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (أخذ ابن تيمية عقيدة التجسيم من التوراة، وحاول فرضها علي المسلمين باسم التوحيد!)، قال فيه:

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون.. وأنهم وحدهم أصحاب العقيدة الصحيحة.. وأهل السنة والجماعة!!

وأن بقية المسلمين الذين يخالفون رأيهم، هم أهل البدع والضلالة، وأكثرهم كفار مشركون!!

لكنك عندما تنظر إلي عقيدة ابن تيمية وأتباعه، يأخذك العجب، لأنها تقوم علي أسس بعيدة كل البعد عن التوحيد الذي عليه المسلمون!!

فالتيميون يشبهون الله تعالي بخلقه! ويجسمون ذاته المقدسة! ويقولون إن صفات التجسيم لله الموجودة في التوراة المحرفة كلها صحيحة!!

والله عندهم علي صورة البشر، وهو موجود في مكان خاص من الكون، وينزل إلي الأرض ويصعد، ويفرح ويضحك ويغضب!!.. إلخ.

فمعبودهم جسم من نوع الطبيعة المخلوقة، وهو خاضع لقوانين الزمان والمكان اللذيْن خلقهما!! وإذا قلت لهم: إن الله تعالي منزه عن أن يحويه مكان

ص: 9

أو زمان، لأنه قبلهما، وهو في نفس الوقت في كل مكان وزمان، مهيمنٌ عليهما وعلي كل الموجودات لا يقبلون ذلك، ويتهمون قائله بأنه ينفي صفات الله تعالي ووجوده!!

رؤية الله تعالي بالعين محال

نعتقد بأن الله تعالي لا يمكن أن يري بالعين لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأنه ليس كمثله شئ، ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا يحيطون به علماً.. إلي آخر الآيات الصريحة بأن الله تعالي لا يمكن أن يُري بالعين، بل يري بالعقل والقلب، وهي أعمق وأصحُّ من رؤية العين.

وقد استدل أئمتنا عليهم السلام، وعلماؤنا رضي الله عنهم، علي نفي التجسيم والرؤية بالكتاب والسنة والعقل.. واعتبروا أن ذلك من ضرورات مذهبنا، بل هو كالبديهيات حتي عند عوامنا.

وأول ما ظهر القول برؤية الله تعالي بعد النبي صلي الله عليه وآله من كعب الأحبار وأمثاله، فوقف أهل البيت عليهم السلام وجمهور الصحابة في وجه ذلك، وكافحوا ضد نسبة الرؤية بالعين إلي الإسلام، وما تستلزمه من التشبيه والتجسيم! ومنهم أم المؤمنين عائشة، وأحاديثها في ذلك صريحة مدوَّنة في الصحاح!

والدليل البسيط علي نفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين:

أن ما تراه العين لا بد أن يكون موجوداً داخل المكان والزمان، والله تعالي وجود متعالٍ علي الزمان والمكان، لأنه خلقهما وبدأ شريطهما من الصفر والعدم، فكيف تفرضه محدوداً خاضعاً لقوانينهما؟!

ص: 10

لقد تعودت أذهاننا أن تعمل داخل الزمان والمكان حتي ليصعب عليها أن تتصور موجوداً خارج قوانينهما، وحتي أننا نتصور خارج الفضاء والكون بأنه فضاء!

وهذه هي طبيعة الإنسان قبل أن يكبر ويطلع.. وقد ورد أن النملة تتصور أن لربها قرنين كقرنيْها!

لكن عقل الإنسان يدرك أن الوجود لا يجبب أن يكون محصوراً بالمكان والزمان، وأن الإنسان بإمكانه أن يرتقي في إدراكه الذهني فيدرك ما هو أعلي من الزمان والمكان ويؤمن به، وإن عرف أنه غير قابل للرؤية بالعين.

وهذا الإرتقاء الذهني هو المطلوب منا نحن المسلمين في نظرتنا إلي وجود الله تعالي، لا أن نحاول جرُّه إلي محيط وجودنا ومألوف أذهاننا، كما فعل اليهود عندما شبّهوه بخلقه وادَّعوا تجسده في عزَير وغيره، أو كما فعل النصاري علي أثرهم فشبهوه بخلقه، وادعوا تجسّده بالمسيح وغيره!

السؤال عن الله تعالي بأين وكيف ومتي.. سؤالٌ غلطٌ، فالمكان والزمان لم يكونا ثم كانا.. بدليل أن لهما آخر، والخيط الذي له آخر لا بد أن يكون له أول!

المكان هو ظرف المخلوقات، والزمان حركتها.. وقد بدأ الله تعالي شريطهما من العدم عندما أوجد ظرفاً وأوجد داخله موجوداً متحركاً!

أما هو سبحانه فوجود من نوع آخر ليس من نوع هذا الظرف ولا المظروف ولا الحركة.. إنه خالقها جميعاً، وخالق قوانينها.. ولو كان يخضع لقوانينها لكان مخلوقاً مثلهما!!

ص: 11

فكل سؤال يجعل تعالي داخل المخلوقات سؤال غلط.. ولا يوجد في القرآن ولا في السنة أبداً!

وإن رأيته مقبولاً في مصدر من مصادر المسلمين فاعرف أنه غريب متسلِّل!!

وأحاديث ابن تيمية التي بني عليها عقيدته، مثل حديث أم الطفيل، وحديث الحيوانات التي تحمل عرش الله تعالي، وحديث العماء.. من هذا النوع الغريب، لأنه يزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قبِل السؤال عن الله تعالي ب- (أين)، مع أنه أمرٌ مستحيلٌ لأنه تعالي كان قبْل الأين والكيف، وهو الذي أيَّن الأيْن وكيَّف الكيْف، ومكَّن المكان وزمَّن الزمان، وخلق المكين والزَّمين!

وهذا الدليل يكفي للحكم بأن حديث أبي رزين هو تصوُّرٌ من عالم أبي رزين، أو من عالَم الراوي الذي روي عنه، وأن أصله من تصورات كعب الأحبار أو ثقافة وثنيات العرب!!

يزعم أبو رزين أنه سأل النبي صلي الله عليه وآله: أين كان الله قبل خلق الخلق؟

أي قبل جميع الخلق بما فيه المكان والزمان والفضاء والهواء والسحاب..

فقال له: كان في عماء، تحته هواء، وفوقه هواء!!

فزعم علي لسان النبي صلي الله عليه وآله وجود الأيْن والهواء والسحاب قبل الله تعالي أو معه!! والعياذ بالله!!

وقد أجاب أهل البيت عليهم السلام عن هذا السؤال.

فقال علي عليه السلام لمن سأله: متي وجد ربنا؟

قال له: ويحك أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!!

إن قبول صيغة السؤال بأين عن الله تعالي لا وجود لها في ثقافة المسلمين.. وأينما وجدتَّها فابحث عن أصلها من ثقافة اليهود والنصاري، أو غيرهم!!

ص: 12

إن كل الضلال في مذاهب العقيدة، من عدم التوازن بين الحمد لله وسبحان الله، فالجهمية أرادوا (التنزيه) بزعمهم، فنفوا أن يكون الله تعالي شيئاً حتي لا يقعوا في التشببيه، فعطلوا..

والمشبهة لله تعالي أرادوا (الإثبات) بزعمهم، فشبهوا الله تعالي بالمخلوقات، فجعلوه مخلوقاً والعياذ بالله!!

وطريق الإسلام هو حفظ التوازن بين التنزيه وبين الإثبات، يعني بين (سبحان الله) و (الحمد لله) وحفظ هذا التوازن لا يكون إلا بإثبات أنه تعالي شئ لا كالأشياء ونفي الشبيه عنه كلياً، وهو مذهب نبينا وأهل بيت نبينا، صلي الله عليه وعليهم.

أما ابن تيمية فتصور أن صفات الله تعالي كصفات الأشياء الطبيعية، لا يمكن إثباتها لله تعالي الا بأن يكون سبحانه جسماً لا جسداً!!

فوقع في التشبيه وفي الثنائية بين ذات الله تعالي وصفاته.. فخالفه لذلك جمهور المسلمين، وبقي يدافع فيما تخبط فيه!!

ذلك أن جعْل الذات الإلهية غير الصفات.. يعني وجود شيئين: الله تعالي وصفاته، وهذا يوجب السؤال: من كان قبْل الآخر؟

وهي شبيهةٌ جداً بثنائية الأب والإبن النصرانية، التي لم يستطيعوا إلي الآن أن يخرجوا منها!!

كما صحح ابن تيمية أحاديث التشبيه التي أدخلها المتأثرون باليهود وثقافتهم في أحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله، مثل حديث الحاخام، وأم الطفيل، ونزول الله تعالي بذاته، وحديث (العماء) وأمثاله، فكانت نتيجة تفكيره: أن الله تعالي

ص: 13

جسم! وهو يشبه الإنسان الذي خلقه علي صورته! وأن الإنسان شبيهه وليس مثيله! فوقع في التشبيه كالنصاري، ولم يستطع أن يخرج منه!!

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 11- 3-2000، الواحدة صباحاً:

رداًّ علي مقولة العاملي في نفيه لصفات الله تعالي:

إن من أساس التوحيد الإيمان والإثبات بما وصف الله نفسه، وما تحدَّث فيه القرآن الكريم أو تحدَّثت عنها الأحاديث النبوية الشريفة في إثبات الصفات لله تعالي. وسوف أذكر منها أشياء وليس كلها ولكن قدر ما أستطيع.

وإليك الآتي:

1 - لله ذات:

قال تعالي: قل هو الله أحد. الله الصمد. لم يلد. ولم يولد. ولم يكن له كفواً أحد. وسبب هذه الآية أن كفار قريش قالوا لرسول الله صلي الله عليه وسلم: صِفْ لنا ربك. فنزلت هذه الآية... مرويَّة في جميع كتب التفاسير.

وذات الله لا تشبه ذوات المخلوقين كما أن صفاته لا تشبه شيئاً من صفات المخلوقين، فلله الكمال الذي لا كمال بعده. وقال تعالي منافياً المشابه بينه وبين خلقه، حيث قال: ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. سورة الشوري – 11.

2 - وجه الله سبحانه:

لله وجه، ووجهه لا يشبه وجوه المخلوقين من خلقه، نصدق بذلك ونؤمن به، لأن الله تعالي أخبرنا بذلك في كتابه ونصَّ عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم في أحاديثه.

قال تعالي: ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام. الرحمن - 27. ويقول ابن جرير في تفسيره لهذه الآية: وذو الجلال والإكرام نعت الوجه، فلذلك رُفِع.

ص: 14

وقد نفي بعض الناس صفة الوجه لله تعالي، وزعموا أن وصف ذو الجلال والإكرام: إنما هو للرب فالمنعوت عندهم الرب، لا الوجه.

ردَّ عليهم الإمام ابن خزيمة فقال: هذه دعوي يدَّعيها جاهلٌ بلغة العرب، لأن الله جل وعلا قال: ذو الجلال والإكرام. فذكر الوجه مضموماً في هذا الموضع، مرفوعاً، ولو أراد وصف نفسة لقال: ذي الجلال والإكرام.

ذكر أثر الإيمان بوجه الله تعالي:

إذا عملنا عملاً صالحاً إنما نقصد وجه ربنا بأعمالنا كما أرشد الله إلي ذلك في محكم كتابه، فأي عمل لا يقصد وجهه باطل، قال تعالي: كل شئ هالك إلا وجهه. وبذلك إنفاق المال ابتغاء وجه الله، قال تعالي: وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون. سورة الروم - 39.

وقد وصف الله عباده الصالحين بأنهم يريدون وجهه ولا شئ غير وجهه: إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً. سورة الإنسان - 9.

قال أيضاً: وما لأحدٍ عنده من نعمة تجزي إلا ابتغاء وجه ربه الأعلي سورة الليل 19 - 20. وقال جلّ وعلا: واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه. سورة الكهبف - 28.

وكذلك روي ابن جرير وابن خزيمة في كتاب التوحيد، والنسائي، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يستعيذ بالله بوجهه الكريم.

عن عمرو بنِ دينارٍ، عن جابرٍ، قال: لماّ نزلتْ: قُلْ هُوَ القادِرُ عَلي أن يبْعَثَ عَلَيْكُم عَذَاباً مِنْ فوقِكُمْ. قال النبِيُّ: أعُوذُ بِوَجْهِكَ. قال: أوْ مِنْ تَحْتِ أرْجُلِكُمْ. قال النبِيُّ: أعُوذُ بِوَجْهِكَ. قال: أوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً. قالَ النبِيُّ: هَذَا أيْسَرُ.

3 - لله يدان سبحانه:

ص: 15

ولله يدان ولا يشبهان شيئاً من أيدي مخلوقاته، قال تعالي: بل يداه مبسوطتان. سورة المائدة - 64. وقال لإبليس اللعين: ما منعك أن تسجد لما خلقت بيديَّ. سورة ص - 75.

4 - محبة الله تعالي:

جاء في الكتاب والسنة أن الله تعالي يحب الأعمال الصالحة كما يحب من الكلام معيناً. قال تعالي: إن الله يحب المحسنين. وقال: إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفاًّ كأنهم بنيان مرصوص. سورة الصف - 4.

وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: كلمتان خفيفتان علي اللسان حبيبتان إلي الرحمن ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

5 - رؤية الله تعالي:

قال تعالي: وجوهٌ يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة. سورة القيامة.

وجاء في كتاب العقيدة في الله، لعمر الأشقر، أن الإمام مالك رضي الله عنه سئل عن الرحمن علي العرش استوي، وكيف يكون استواؤه؟

قال: الإستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.. ص 168. فكل صفة من صفات الله معلومة والكيفية مجهولة لأن ليس كمثله شئ، ولكن الإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة.

وأما قصة التجسيم: قال الإمام ابن القيم الجوزية في كتاب الروح:

فصْلٌ في الفرق بين حقائق الأسماء والصفات وبين التشبيه والتمثيل:

ص: 16

قال الإمام أحمد بن حنبل ووافقه من أئمة الهدي: أن التشبيه والتمثيل أن تقول: يد كيديَّ أو سمع كسمعي أو بصر كبصري ونحو ذلك. وأما إذا قلت: يدٌ وسمع وبصر ووجه واستواء، لا يماثل شيئاً من صفات المخلوقين.

وقال أحمد: فأيُّ تمثيل وأي تشبيه لولا تلبيس الملحدين، فمدار الحق الذي اتفقت عليه الرسل علي أن يوصف الله بما وصف به نفسه وبما وصف به رسوله من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تشبيه ولا تمثيل.

وقال أحمد أيضاً: إثبات الصفات ونفي مشابهة المخلوقات، فمن شبَّه الله بخلقه فقد كفر، ومن جحد حقائق ما وصف الله به نفسه فقد كفر، ومن أثبت له حقائق الأسماء والصفات ونفي عنه مشابهة المخلوقات فقد هُدي إلي الصراط المستقيم.

هذا قول الإمام أحمد بن حنبل والإمام مالك بن أنس، وهذا نقل ابن القيم واستشهاده. فعلام يلام ابن تيمية إذن؟؟ فما قول ابن تيمية يختلف عما سبقه من العلماء. هل هذا لأنه تعبير لحقدكم عليه وذلك لأنه أفحم إمامكم ابن مطهر الحلي، إن كان كذلك فلا لوم عليكم.

وكتب (جمال نعمة) بتاريخ 11- 3-2000، الثامنة صباحاً:

إذا سلَّمنا بأن الله له وجه والعياذ بالله.

ودليل أبي فراس: أن كل شئ هالك إلا وجهه.

نقول وقع أبو فراس في مشكلة عويصة. لأن إذا هلك كل شئ إلا وجه الله، معناها: أن جسم الله والعياذ بالله، هو من الهالكين.

فماذا يبقي لدي أبي فراس من ربه.

ص: 17

قبل أن تتصدي لموضوع، شغِّل عقلك قليلاً بين فترة وأخري، حتي لا يصيبه الصدأ. وتفسير ما ذكرت يا أبو (كذا) فراس أن كل عمل لا يراد به الله وحده فهو باطل، لأن الذي يعمل العمل لغير الله فقد أشرك.

المراء هو الشرك الأصغر. إن العمل يجب أن يكون خالصاً لله فقط. وإلا يوم القيامة سيقال له: خُذْ أجرك ممن عملت العمل لأجله.

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 11- 3-2000، الرابعة مساءً:

الرد علي جمال: فقد قلت: " إذا سلمنا بأن الله له وجه والعياذ بالله، ودليل أبي فراس أن كل شئ هالك إلا وجهه. نقول وقع أبو فراس في مشكلة عويصة. لأن إذا هلك كل شئ إلا وجه الله معناها أن جسم الله والعياذ بالله هو من الهالكين. فماذا يبقي لدي أبي فراس من ربه ".

الجواب بعد الإستعانة بالله تعالي: نري الناس يؤلون الأشياء علي حسب أهوائهم وعقلياتهم، تدل علي خبثهم بأسلوبٍ يكشفون عن وجوههم قناع الحياء والأدب لربهم والإيمان به، ويظهرون عكسه لقلة عقلهم علي قدر تفكيرهم.

وقد جاء قوله تعالي: لمن الملك اليوم، لله والواحد القهار. ومن صفاته أنه حي لا يموت، ويوم القيامة يموت جميع خلقه ويبقي وحده هذا في النفخة الأولي ثم النفخة الثانية فإذا هم قيامٌ ينظرون. فكيف أوَّلت الآية أن يد الله وساقه وبصره يهلك إلا وجهه؟؟

إنما المقصود: ذاته تعالي، فعبّر بالوجه عن ذاته.

جاء في تفسير ابن كثير قوله: كل شئ هالك إلا وجهه، إخبار بأنه الدائم الباقي الحي القيوم، الذي تموت الخلائق ولا يموت، كما قال تعالي: كل من

ص: 18

عليها فانٍ. ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكرام، فعبَّر بالوجه عن الذات، وهكذا قوله ههنا: كل شئ هالك إلا وجهه، أي إلا إياه.

وقد ثبت في الصحيح من طريق أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أصدق كلمة قالها الشاعر لبيد: ألا كل شئ ما خلا الله باطلُ. وقال مجاهد والثوري في قوله:كل شئ هالك إلا وجهه أي: إلا ما أريد به وجهه، وحكاه البخاري في صحيحه كالمقرِّر له، قال ابن جرير: ويستشهد من قال ذلك بقول الشاعر:

أسْتَغْفِرُ اللّهَ ذَنْباً لَسْتُ مُحْصِيَهُ *** رَبُّ العِبادِ إلَيْهِ الوَجْهُ والعَمَلُ

وهذا القول لا ينافي القول الأول، فإن هذا إخبار عن كل الأعمال بأنها باطلة إلا ما أريد به وجه الله تعالي من الأعمال الصالحة المطابقة للشريعة، والقول الأول مقتضاه أن كل الذوات فانية وزائلة إلا ذاته تعالي وتقدَّس، فإنه الأول والآخر الذي هو قبل كل شئ وبعد كل شئ.

وكذلك تفسير القرطبي يوافقه تفسير ابن كثير وتفسير ابن جرير الطبري وتفسير الرازي وتفسير سيد قطب في كتابه في ظلال القرآن، وكذلك تفسير الشوكاني وتفسير الزجاج وتفسير البيضاوي والنسفي وغيرهم، كلهم أجمعوا أن معني الآية كل شئ هالك إلا ذات الله تعالي بما فيه من صفاته تعالي.

فمن أين جئت بهذا الكلام يا فهيم؟ أفدلَّ عقلك وأرشدك علي هذا الأمر؟ هنيئاً لك بهذا العقل النيّر.

اللهم صل علي محمد وعلي أزواجه وذريته.

وكتب (علي علي)، الخامسة إلا ربعاً عصراً:

ص: 19

في البحار - باب الجنة ونعيمها: من سرّه أن ينظر إلي الله بغير حجاب وينظر الله إليه بغير حجاب، فليتولَّ آل محمد...

وفي كتاب لآلي الأخبار لعمدة العلماء والمحققين محمد التوسيركاني 4/410 في باب: أن أهل الجنة يسمعون صوته: يسمعون صوته تعالي ويخاطبهم... فيقولون: يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك وأرنا وجهك، فيتجلي لهم سبحانه وتعالي حتي ينظرون إلي وجهه تعالي..

ونفس الحديث موجود في البحار، باب الجنة ونعيمها، وكتاب البحار مليء بالأدعية التي يسألون فيها الله تعالي رؤية وجهه.. واقرؤوا الآتي..

يقول فيلسوف الشيعة الملقب بصدر المتألهين محمد بن إبراهيم صدر الدين الشيرازي في تفسيره القرآن الكريم: ألا تري صدق ما قلناه، لا تزال النار متألمة لما فيها من النقيص وعدم الإمتلاء حتي يضع الجبار قدمه فيها كما ورد في الحديث، وهي أحد تينك القدمين المذكورتين في الكرسي.

وهذا الأمر ثابت لدي السنة، ولكن الشيعة كذبوه لأن راوي الحديث عندنا أبو هريرة رضي الله عنه..

هدانا الله وإياكم الي طريق الصدق، إنه علي كل شئ قدير.

فكتب العاملي بتاريخ 11- 3-2000، التاسعة مساءً:

تكلَّمت من عندك يا أبا فراس.. فأين المصدر من كلام إمامك؟!!

تفضَّل وقارن بين ما قلته، وبين هذا الكلام الذي يصرح فيه إمامك بأن الله تعالي جسم موجود في مكان، وله أعضاء، وله شبيه!

قال في كتاب تلبيس الجهمية ص 543:

ص: 20

وأما التمثيل فقد نطق القرآن بنفيه عن الله في مواضع كقوله: ليس كمثله شئ. وقوله: هل تعلم له سمياً. وقوله: ولم يكن له كفواً أحد. وقوله: فلا تجعلوا لله أنداداً. وقوله: فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً، أي نظيراً يستحق مثل اسمه، ويقال مسامياً يساميه، وهذا معني ما يروي عن ابن عباس: هل تعلم له سمياً: مثيلاً، أو شبيهاً... وإن عنيت به ما يشار إليه أو يتميز منه شئ عن شئ لم نسلم أن مثل هذا ممتنع، بل نقول إن كل موجود قائم بنفسه فإنه كذلك، وأن ما لا يكون كذلك فلا يكون إلا عرضاً قائماً بغيره، وأنه لا يعقل موجود إلا ما يشار إليه!! أو ما يقوم بما يشار إليه!!!

وقال في ص 814:

لكن الإعتقاد الذي يدعوهم إلي رفع أيديهم لا يجب أن يكون من التمثيل الباطل إذ لا يختص أهله بالرفع إلي الله. وإذا كان كذلك لم يكن مستند الناس كلهم في الرفع إلي الله باطلاً، وإذا لم يكن مستندهم كلهم باطلاً بل كان مستند بعضهم حقاً، ثبت أن الله يرفع إليه الأيدي، وأن فاعل ذلك يكون اعتقاده صحيحاً، وذلك يقتضي صحة الإشارة الحسية إليه إلي فوق وهو المطلوب!!! انتهي.

وانظر كيف زعم ابن تيمية أن النبي (صلی الله علیه و آله) ارتضي عقيدة اليهود وتلقي منهم!!

قال في منهاج سنته 2/562:

وأما الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيثبتون إثباتاً مفصلاً وينفون نفياً مجملاً! يثبتون لله الصفات علي وجه التفصيل وينفون عنه التمثيل، وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيماً!

ص: 21

ومع هذا فلم ينكر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه علي اليهود شيئاً من ذلك!! ولا قالوا أنتم مجسمون!! بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي صلي الله عليه وسلم شيئاً من الصفات أقرهم الرسول علي ذلك!!

وذكر ما يصدقه كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالي للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالي: وما قدروا الله حق قدره الآية.. وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي صلي الله عليه وسلم من غير وجه، من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. ولو قدر بأن النفي حق، فالرسل لم تخبر به!!

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 12- 3- 2000، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

أما القول بأن شيخ الإسلام ابن تيمية مفحم شيخكم ابن مطهر الحلي، أخذ هذه العقيدة من اليهود، فأين إثباته علي هذا؟؟

أما احتجاجك بمقولة ابن تيمية في منهاج السنة في الرد علي الشيعة في نفيهم للصفات وهو: " وأما الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيثبتون إثباتاً مفصلاً وينفون نفياً مجملاً، يثبتون لله الصفات علي وجه التفصيل وينفون عنه التمثيل وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيماً ومع هذا فلم ينكر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه علي اليهود شيئاً من ذلك ولا قالوا أنتم مجسمون!! بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي صلي الله عليه وسلم شيئاً من الصفات أقرهم الرسول علي ذلك وذكر ما يصدقه، كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالي للسماوات والأرض المذكور في تفسير قوله تعالي: وما قدروا الله حق قدره الآية.. وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي صلي الله عليه وسلم من غير وجه،

ص: 22

من حديث ابن عمر وأبي هريرة وغيرهما. ولو قدر بأن النفي حق فالرسل لم تخبر به!!! ".

فهو يريد ومفهوم من كلامه أن الصفات كما هي موجودة في القرآن الكريم موجودة في كتاب اليهود، وهم يتلونه عند رسول الله صلي الله عليه وسلم من صفات الله تعالي، فلم ينكرها عليهم صلوات الله وسلامه عليه.

وهذا إقرار من رسول الله صلي الله عليه وسلم علي أن لله صفات وقد أثبتها في كتابه الكريم، كما هي ثابتة في كتاب التوراة.

وقال تعالي: وأنزلنا التوراة فيها هدي ونور. ومن الإيمان أن تؤمن بكتبه تعالي ومن كتبه كتاب التوراة.. ولكن ليس هذا الكتاب الذي بين أيديهم اليوم، لأنه محرف.

ولكن ابن تيمية لم يصرح أن صفات الله موجودة في التوراة كي يستشهد عليها ضدكم، بل يستشهد من كتاب الله القرآن الكريم، ولكن وجد وعلم أن في كتاب التوراة من الصفات لله كما هي موجودة بالقرآن الكريم. فعلم أن الرسل كذلك أثبتوا الصفات، ولكن الصفات المثبتة لايوجد بها تشبيه أو تمثيل.

أما أن يقول لله يد، صحيح لله يد.. وهذا ثابت في الكتاب والسنة، وأما يقول لله ذات، أجل لله ذات، ولكن هل قال: يد الله مثل يد كذا أو يشبه كذا؟؟ هذا لم يقله وما تلفظ به لأن هذا لا يجوز، لا يجوز التشبيه والتمثيل، لأن الله تعالي ليس كمثله شئ.

ومن المعلوم أن هناك يوجد توافق بين كتاب الله تعالي القرآن الكريم وما يوجد في كتبهم من التوراة، مثل قصص الرسل، خلق آدم ولكن هناك توجد زيادات في كتبهم في التوراة فنحن لا نصدقه ولا نكذبه.

ص: 23

ولكن صرح العلماء أن يجوز أن نستشهد من كتبهم أمر يوافق عليها القرآن الكريم والسنة النبوية هذا هو الشرط. ولكن لا نؤمن بها ونقرها بأنها هي الحق فنكون مخالفين أمر الله وهو اتباع ما جاء به رسول الله صلي الله عليه وسلم.

وهذا ما أقره القرآن، أن اليهود يقرون بصفاته جل وعلا، حيث قال في كتابه الكريم: وقالت اليهود يد الله مغلولة. سورة المائدة. فقال تعالي: غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا، بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. سورة المائدة -64.

هذا إقرار منه تعالي علي أنهم يثبتون أن لله يد (كذا) فقد أثبت جل وعلا علي نفسه أن له يدان (كذا) فلم ينكرها عليهم بل لعنهم لأنهم وصفوه بصفة ليست من صفاته، وهي البخل حيث قالوا: يد الله مغلولة، فأجابهم: بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء. هذا دليل علي صفته وهي الكرم فهو الكريم. أثبت صفة اليد له ونفي صفة البخل.

أما من ناحية التجسيم، كما تدعي أنت والفرقة الضالة، فأقول:

الكلام في الصفات كالكلام في الذات، فكما أناّ نثبت ذاتاً لا يشبه الذوات، وكذلك نقول إن من صفاته لا تشبه الصفات، فليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، فلا نشبه صفات الله بصفات مخلوقاته، ولا نُزيل صفة من صفاته لأجل شناعة المشنعين وتلقيب المفترين، ولا نجحد صفة من صفات ربنا تبارك وتعالي لتسمية الجهمية والمعتزلة لنا مجسمة، فأقول كما قال الشاعر:

فإن كان تجسيماً ثبوت صفاتِهِ لديكم فإني اليوم عبدٌ مجسم

ملاحظة: الآية التي ذكرت جوابها بالآية التي ذكرتها أنا. أنظر أعلاه.

فأجاب العاملي بتاريخ 12- 3-2000، الواحدة صباحاً:

أولاً: لم تجُِبْ علي بدعتك في مسألة: صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله.

ص: 24

ثانياً: هل قرأتَ كتاب منهاج الكرامة للعلامة الحلي، الذي كتب ابن تيمية منهاج السنة رداًّ عليه، حتي تحكم أنه أفحمه؟!

ثالثاً: تغاضيْتَ عن تصريحات ابن تيمية بصفة الجسم، وأنه يشار إليه حسياًّ، وأن له شبيهاً، وأن صفات الله عند اليهود صحيحة.

لقد أبهمت وأفرطتَّ في إبهامك، واستعملت التقية في معبودك أكثر من إمامك..

و إليك مالا تستطيع الفرار منه، ولا الإبهام معه:

قال ابن تيمية في كتابه العقل في فهم القرآن صفحة 88 بلفظه:

" ومن المعلوم لمن له عناية بالقرآن أن جمهور اليهود لا تقول إن عزير (كذا) ابن الله، وإنما قاله طائفة منهم كما قد نقل أنه قال فنحاص بن عازورا، أو هو وغيره!!

وبالجملة إن قائلي ذلك من اليهود قليل، ولكن الخبر عن الجنس.

كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. فالله سبحانه بين هذا الكفر الذي قاله بعضهم وعابه به. فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة إنها تشبيه وتجسيم فإن فيها من ذلك ما تكره النفاة وتسميه تشبيهاً وتجسيماً بل فيها إثبات الجهة، وتكلم الله بالصوت، وخلق آدم علي صورته وأمثال هذه الأمور، فإن كان هذا مما كذبته اليهود وبدلته، كان إنكار النبي صلي الله عليه وسلم لذلك، وبيان ذلك أولي من ذكر ما هو دون ذلك!!

فكيف والمنصوص عنه موافقٌ للمنصوص في التوراة!!

فإنك تجد عامة ماجاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة!!

ص: 25

وقد قلنا قبل ذلك إن هذا كله مما يمتنع في العادة توافق المخبرين به من غير مواطأة وموسي لم يواطئ محمداً، ومحمد لم يتعلم من أهل الكتاب، فدل ذلك علي صدق الرسولين العظيمين وصدق الكتابين الكريمين!!

وقلنا إن هذا لو كان مخالفاً لصريح المعقول لم يتفق عليه مثل هذين الرجلين اللذين هما وأمثالهما أكمل العالمين عقلاً، من غير أن يستشكل ذلك وليهما المصدق ولا يعارض بما يناقضه عدوهما المكذب، ويقولان إن إقرار محمد صلي الله عليه وسلم لأهل الكتاب علي ذلك من غير أن يبين كذبهم، فيه دليل علي أنه ليس مما كذبوه وافتروه علي موسي مع أن هذا معلوم بالعادة فإن هذا في التوراة كثير جداً، وليس لأمةٍ كثيرة عظيمة منتشرة في مشارق الأرض ومغاربها غرض في أن تكذب من تعظمه غاية التعظيم بما يقدح فيه وتبين فساد أقواله، ولكن لهم غرض في أن يكذبوا كذباً يقيمون به رياستهم وبقاء شرعهم والقدح فيما جاء به من ينسخ شيئاً منهم. كما لهم غرض في الطعن علي عيسي بن مريم وعلي محمد صلي الله عليهما وسلم. فإذا قالوا ما هو جنس القدح في عيسي ومحمد كان تواطؤهم علي الكذب فيه ممكناً، فأما إذا قالوا ما هو من جنس القدح في موسي فيمتنع تواطؤهم علي ذلك في العادة، مع علمهم بأنه يقدح في موسي!! " انتهي.

فلا تستعجل يا أبا فراس، واكتب تعليقك علي هذه المصيبة اليهودية!!

فكتب (عمر) بتاريخ 12- 3-2000، الواحدة والنصف صباحاً:

لنقارن من (الكافي) وصف السماء والأرض، لتري الخزعبلات.

حديث: الحوت علي أي شئ هو.

ص: 26

55 – محمد، عن أحمد، عن ابن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سألته عن الأرض، علي أي شئ هي؟ قال: هي علي حوت، قلت: فالحوت، علي أي شئ هو؟ قال: علي الماء، قلت: فالماء علي أي شئ هو؟ قال: علي صخرة، قلت: فعلي أي شئ الصخرة؟ قال: علي قرن ثور أملس، قلت: فعلي أي شئ الثور؟ قال: علي الثري، قلت: فعلي أي شئ الثري؟ فقال: هيهات عند ذلك ضل علم العلماء.

56 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن دراج، عن زرارة، عن أحدهما (علیه السلام) قال: إن الله عز وجل خلق الأرض ثم أرسل عليها الماء المالح أربعين صباحاً والماء العذب أربعين صباحاً، حتي إذا التقت واختلطت أخذ بيده قبضة فعركها عركاً شديداً جميعاً ثم فرقها فرقتين، فخرج من كل واحدة منهما عنق مثل عنق الذر فأخذ عنق إلي الجنة وعنق إلي النار.

فأجاب العاملي بتاريخ 12- 3-2000، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

الحديث الأول يا عمر: لا نصحِّحُه.

والثاني: يوجد في صحاحكم مثله أو شبيه به جداً.

إن أردته استخرجته لك..

وما ربْط ذلك بدعوة ابن تيمية إلي التوراة المحرفة المجسمة لربها، وتبنِّيه ل- (توحيدها)!!

أم تريد تضييع الموضوع، ومساعدة أبي فراس؟!!!

أرجو أن لا تكرر هذه المداخلة الخارجة عن الموضوع.

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 12- 3-2000، الثانية صباحاً:

ص: 27

عقيدة ابن تيمية لا تخالف عقيدة من سبقوه من العلماء الأجلاء. ولكن في نقلك هذا، فلا أستطيع أن أتكلم فيه، ليس هذا لأني أشكك في ابن تيمية، ولكن لأني لا أريد أن أخوض في أمر أنا أجهله، هذا فقط.

أتكلم في أمر، وأنا علي بينه فيه.

فكتب العاملي بتاريخ 12- 3-2000، السادسة مساءً:

شكراً لك يا أخ أبا فراس، علي توقفك في الموضوع، وعدم الكلام فيه بغير علم.. ولكن اعلم يا أخي أن ابن تيمية هو هذا!!

إنه مغرمٌ بعقيدة اليهود وأحاديث حاخاماتهم، وهو يستشهد بها دائماً في كتبه!! وهذا النص هو قنبلة في عقيدة ابن تيمية!!

فهو يدعو المسلمين صراحةً إلي الأخذ بعقيدة التوراة التي هي مملوءة من التجسيم والإفتراء علي الله تعالي.. وسوف أكتب لك نمادج منها، إن شاء الله.

وكتب (متي اللقيا) بتاريخ 19- 3-2000، السادسة مساءً:

للرفع.

الحمد لله الذي جعل أعداءنا من الحمقي.

وكتب العاملي بتاريخ 21- 3-2000، الثانية عشرة صباحاً:

أتعجب من أتباع ابن تيمية، كيف يروْنَ أنه يدعوهم إلي التجسيم اليهودي واتباع التوراة!!! ثم يسموَّنه شيخ الإسلام!

وكتب (الفاروق)، السادسة والنصف مساءً:

مولانا العاملي: مرة أخري يا مرحباً يا مرحباً.

ص: 28

عزيزي، ما رأيك بكلام القائد الراحل قدس الله سره في كتابه التعليقة علي الفوائد الرضوية: وتعدد الأنفس ومصدرها العقل الواحد.

فأجاب العاملي:

يظهر أنه أعيتْك الحيَل يا فاروق لتخليص إمامك من تقليد اليهود.. فتحيلت بهذا المهرب؟!!

ص: 29

ابن تيمية يدعو المسلمين إلي الإيمان بمعبود اليهود حسب التوراة
اشارة

كتب العاملي بتاريخ 11-7-1999، موضوعاً بعنوان (ابن تيمية يجاهر بأنَّ أكثر التوراة صحيحة، وأن كل ما فيها من تجسيم لله، فهو صحيح!!)، جاء فيه:

وجدتُ لابن تيمية تصريحاً خطيراً يكشف عن حقيقة عقيدته!!

فقد صرح بأن الذين كفروا من اليهود هم فقط الذين قالوا: عزير ابن الله، وأن هؤلاء قلة قليلة، أما عامة اليهود فعقيدتهم صحيحة وتوراتهم صحيحة!!

وتجسيم الله الذي فيها، وأنه يجلس علي كرسي ويحمل عرشه حيوانات.. وأنه.. وأنه.. كل ذلك صحيح!!

وزعم ابن تيمية أن الحاخامات جاؤوا إلي النبي صلي الله عليه وآله وعرضوا عليه ذلك فأقرَّه كلُّه وصدَّقه!!

فتطابقت العقيدة الإسلامية بالعقيدة اليهودية في تجسيم الله تعالي!

ولذلك فإن التوراة عند ابن تيمية صحيحة وحُجَّة علي المسلمين، وعليهم أن يأخذوا عقيدتهم بالله تعالي منها!!

قال في كتابه المسمّي: العقل في فهم القرآن، صفحة 88 بلفظه:

ومن المعلوم لمن له عناية بالقرآن أن جمهور اليهود لا تقول إن عزير (كذا) ابن الله، وإنما قاله طائفة منهم كما قد نقل أنه قال: فنحاص بن عازورا، أو هو وغيره!!

ص: 30

وبالجملة إن قائلي ذلك من اليهود قليل، ولكن الخبر عن الجنس، كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. فالله سبحانه بين هذا الكفر الذي قاله بعضهم وعابه به. فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة إنها تشبيه وتجسيم، فإن فيها من ذلك ما تنكره النفاة وتسميه تشبيهاً وتجسيماً بل فيها إثبات الجهة وتكلم الله بالصوت وخلق آدم علي صورته وأمثال هذه الأمور، فإن كان هذا مما كذبته اليهود، وبدلته كان إنكار النبي صلي الله عليه وسلم لذلك، وبيان ذلك أولي من ذكر ما هو دون ذلك!!

فكيف والمنصوص عنه موافقٌ للمنصوص في التوراة!!

فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة!!

وقد قلنا قبل ذلك إن هذا كله مما يمتنع في العادة توافق المخبرين به من غير مواطأة، وموسي لم يواطئ محمداً، ومحمد لم يتعلم من أهل الكتاب، فدلّ ذلك علي صدق الرسولين العظيمين وصدق الكتابين الكريمين!!

وقلنا إن هذا لو كان مخالفاً لصريح المعقول لم يتفق عليه مثل هذين الرجلين اللذين هما وأمثالهما أكمل العالمين عقلاً، من غير أن يستشكل ذلك وليهما المصدق ولا يعارض بما يناقضه عدوهما المكذب، ويقولان إن إقرار محمد صلي الله عليه وسلم لأهل الكتاب علي ذلك من غير أن يبين كذبهم، فيه دليل علي أنه ليس مما كذبوه وافتروه علي موسي، مع أن هذا معلوم بالعادة. فإن هذا في التوراة كثير جداً، وليس لأمةٍ كثيرة عظيمة منتشرة في مشارق الأرض ومغاربها غرض في أن تكذب من تعظمه غاية التعظيم بما يقدح فيه وتبين فساد أقواله، ولكن لهم غرض في أن يكذبوا كذباً يقيمون به رياستهم وبقاء شرعهم،

ص: 31

والقدح فيما جاء به من ينسخ شيئاً منهم.كما لهم غرض في الطعن علي عيسي بن مريم وعلي محمد صلي الله عليهما وسلم. فإذا قالوا: ما هو جنس القدح في عيسي ومحمد كان تواطؤهم علي الكذب فيه ممكناً، فأما إذا قالوا: ما هو من جنس القدح في موسي فيمتنع تواطؤهم علي ذلك في العادة، مع علمهم بأنه يقدح في موسي!! " انتهي.

و واقع اليهود يفضح ابن تيمية

قال الباحث الدكتور الشلبي في كتابه مقارنة الأديان 1/267:

" يروي التلمود: أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود علي لسان الله قوله: تُب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي. وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة علي بني إسرائيل فاستولي عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم علي ذلك بعد أن هدأ بيغضبه، ولم ينفذ قسمه، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة. ويقرر التلمود: أن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير... ".

وقال الدكتور الشلبي في ص 192 تحت عنوان: اليهود والألوهية عموماً:

" علي أن مسألة الألوهية كلها، سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد، لم تكن عميقة الجذور في نفوس بني إسرائيل، فقد كانت المادية والتطلع إلي أسلوب نفعي في الحياة من أكثر ما يشغلهم، وإذا تخطينا عدة قرون فإننا نجد الفكر اليهودي الحديث يجعل لليهود رباً جديداً نفعياً كذلك، ذلك هو تربة فلسطين وزهر برتقالها، والذي يقرأ رواية: طوبي للخائفين للكاتبة اليهودية يائيل ديان ابنة القائد الصهيوني العسكري موشي ديان ".. إلي آخر ماكتبه..

فكتب (مشارك) بتاريخ 11-7-1999:

ص: 32

نحن نؤمن بما في القرآن والسنة يا عاملي، فإن كان ما في التوراة المحرفة موافقاً لما عندنا أخذنا به، لأنه أصلاً من عندنا! هل فهمت؟

وكتب (عرباوي 4) بتاريخ 11-7-1999:

كنْت فاكرهم نواصب.. طلْعوا يهود...!

لا لوم عليكم بعد اليوم إذا طعنتم بأهل البيت عليهم السلام، وعلي رأسهم بطل الإنسانية الخالد علي بن أبي طالب، حيث أطار سيفه ذو الفقار برؤوس أسيادكم وحاخاماتكم في بدر وحنين، وخيبر والخندق...

مساكين!

وكتب العاملي بتاريخ 11-7-1999:

لقد شهد إمامك ابن تيمية بأن كل ما في التوراة من تجسيم فهو مطابق لما في (السنة)!!

وهذا يعني أن كل ما يعارضه يجب رده، وهذا هو مسلككم عملياً.

فأنتم تردُّون كل الأحاديث التي تنفي الرؤية بالعين، وتنفي تجسيم الله تعالي والشبيه له!! وتأخذون بما!! ثبت ذلك ولو كان ضعيفاً.

كحديث لقيط العقيلي في العماء.

وحديث أم الطفيل عن معبودكم الشاب الأمرد، الأجعد الشعر، المدلل، اللابس نعلين من ذهب!

وحديث الأوعال والأسد والثور التي تحمل عرشه، كما في التوراة، وحديث العرش وطقطقته وصريره وأزيزه، لأن خشبه جديد كخشب محمل الجمل الجديد!

ص: 33

وحديث أنه يفضل من العرش أربع أصابع، حتي يقعد معبودكم فيها إلي جانبه من يحبه.. إلخ.

فأنتم دائماً ترجحون الأحاديث المطابقة لما في التوراة وتردون غيرها!!!

فالتوراة في عقيدتكم هي الأساس يا مشارك، والسنة يجب أن تخضع لها!! بل إنكم تردُّون آيات القرآن من أجل التوراة!!

وعندما لا تستطيعون تأويلها تستعينون بالطلمنكي وبيزيد بن هارون، كما استعنت أنتَ هنا لتفسير " تكالبت حججك " براشد الهندي، المسمي الإماراتي!!

فحدثني بصراحة يا مشارك، عن نصوص التوراة التي أخذتم منها عقيدتكم ودع عنك القرآن والسنة لأهلهما!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 11- 7-1999:

كثير مما تتلبس به ليس مما نعتقد به ولم يثبت، ولكن أسلوبك قد تم فضحه سابقاً، يا عاملي.

وكتب (محب أهل البيت) بتاريخ 11- 7-1999:

أولاً: أول مرة أسمع بكتاب كهذا: العقل في فهم القرآن! الأخ مشارك هل سمعت به من قبل؟ هل ثبت أن لابن تيمية كتاب (كذا) كهذا، حتي ندخل في النقاش أصلاً؟

وكتب (الغالب) بتاريخ 12-7-1999:

ليس لإبن تيمية (رضی الله عنه) كتاب بهذا الاسم يا عاملي.. مَن مِن الناس لا يعرف كتب شيخ الإسلام الذي هدم دين اليهود كما هدم دين إخوانهم. يبدو أن الكتاب من تأليف: جورج عبد السميع لنكون الطرسوسي ابن إليزبث الثالثة!!

ص: 34

فكتب العاملي بتاريخ 12- 7-1999:

الحمد لله أن كتاب إمامكم صار برأيكم مثل مؤلفات جورج، وإيتان، ونتنياهو، لأنه مفرط في أفكاره اليهودية!!

إسألوا أهل الخبرة بكتب إمامكم، وتأكدوا من كتبه قبل أن تنفضحوا!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 13-7-1999:

السلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته. أحسنت أيها العاملي، وجزاك الله خير الجزاء، وسدد الله رميتك، وجعلك ممن ينتصر به لدينه.

وكتب العاملي بتاريخ 13-7-1999:

جائزة! لمن يعرف أي كتاب من كتب ابن تيمية جاء فيه هذا الإعتراف القنبلة!! ومن حقَّقه من الوهابيين، وأين طبع؟!!

وإذا عرفه مشارك المتخصص في كتب إمامه.. فجائزته أكبر!

واسم الكتاب: دَرْءُ التعارض بين العقل والقرآن، وقد طبعوه في السعودية طبعة محققة باسم: العقل في فهم القرآن، وهو موجود في برنامج مجموعة كتب ابن تيمية!

فكتب (مشارك) بتاريخ 13- 7-1999:

يبدو أنك تجحد ردود شيخ الإسلام ابن تيمية علي المجسمين الأول من أجدادك الروافض كهشام بن عبد الحكم وغيرهم، فلا تفضح نفسك أكثر من هذا كما فضحناك سابقاً في موضوع القفاري.

ص: 35

الثابت من كتب ابن تيمية جميعها أنه ينكر التجسيم يا عاملي، وأما دعواك وافتراءك أن ابن تيمية يثبت صحة ما في التوراة المحرفة إلا قصة عزير، فأنا مستعد أن أدعو علي نفسي أن كلامك كذب. فهل تستطيع أن تفعل نفس الشئ؟

وأما هذه الروايات فأنت قبل غيرك تعرف أنها ضعيفة عندنا: " وحديث أم الطفيل عن معبودكم الشاب الأمرد الأجعد الشعر المدلل اللابس نعلين من ذهب! وحديث تحمل عرشه الأوعال والأسد والثور الذي هو في التوراة! وحديث العرش وطقطقته وصريره وأزيزه، لأن خشبه جديد كخشب محمل الجمل الجديد! وحديث أنه يفضل من العرش أربع أصابع حتي يقعد معبودكم فيها إلي جانبه من يحبه.! إلخ ".

ولكن متي كان صاحب الهوي، منصفاً؟

فكتب العاملي بتاريخ 13-7-1999:

لقد نقلت لك من كتب ابن تيمية نصوصاً فيها الكفاية لكل منصف!! وأعيد لك هنا بعضها، وحكم عقلك، أو ليحكم بيننا ثالث!

ابن تيمية يصرح بأن الله تعالي جسم موجود في مكان وله أعضاء وله شبيه

قال في كتاب تلبيس الجهمية ص 624-626:

" قلت: أبو عبد الله الرازي: من أعظم الناس منازعة للكرامية حتي يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك وميله إلي المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم. لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها

ص: 36

مجسماً بطريق اللزوم، إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم وذلك أنهم اصطلحوا في معني الجسم علي غير المعني المعروف في اللغة، فإنبسي الجسم في اللغة هو البدن... ".

و معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون

قال في كتيب الإستقامة ص 126:

" فإن عامة أهل السنة وسلف الأمة وأئمتها لا ينفون عنه الأين مطلقاً!!!

لثبوت النصوص الصحيحة الصريحة عن النبي (صلی الله علیه و آله) بذلك سؤالاً وجواباً، فقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء. وكذلك قال ذلك لغيرها.

وقال له أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال: في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه علي الماء، ومن نفي الأين عنه يحتاج إلي أن يستدل علي انتفاء ذلك بدليل...!! ونقول قد وردت الآثار الثابتة بإثبات لفظ المكان فلا يصح نفيه مطلقاً، وزعم ابن تيمية أن النبي (صلی الله علیه و آله) أقر عقيدة اليهود بالله تعالي وأخذ منهم!! ".

وقال ص 128:

" وأما الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فيثبتون إثباتاً مفصلاً وينفون نفياً مجملاً، يثبتون لله الصفات علي وجه التفصيل وينفون عنه التمثيل وقد علم أن التوراة مملوءة بإثبات الصفات التي تسميها النفاة تجسيماً ومع هذا فلم ينكر رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه علي اليهود شيئاً من ذلك ولا قالوا أنتم مجسمون!!! بل كان أحبار اليهود إذا ذكروا عند النبي صلي الله عليه وسلم شيئاً

ص: 37

من الصفات أقرهم الرسول علي ذلك، وذكر ما يصدقه كما في حديث الحبر الذي ذكر له إمساك الرب سبحانه وتعالي للسماوات والأرض، المذكور في تفسير قوله تعالي: وما قدروا الله حق قدره.. الآية.. وقد ثبت ما يوافق حديث الحبر في الصحاح عن النبي صلي الله عليه وسلم من غير وجه، من حديث ابن عمر، وأبي هريرة، وغيرهما ".

و زعم ابن تيمية أن السلف كلهم مجسمة، مثله

قال في منهاج السنة 2/563:

" فهذا المصنف الإمامي - يقصد العلامة الحلي في كتابه منهاج الكرامة، الذي ألف ابن تيمية منهاج السنة رداًّ عليه - اعتمد علي طريق المعتزلة ومن تابعهم من أن الإعتماد في تنزيه الرب عن النقائص علي نفي كونه جسماً، ومعلوم أن هذه الطريقة لم (يرد) بها كتاب ولا سنة ولا هي مأثورة عن أحد من السلف، فقد علم أنه لا أصل لها في الشرع...!! ".

معبود ابن تيمية ليس جسدا، ولكنه جسم

قال في (تلبيس الجهمية) ص 619:

" قال بعضهم: قد قال الله تعالي: واتخذ قوم موسي من بعده من حليهم عجلاً جسداً له خوار ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلاً. فقد ذم الله من اتخذ إلهاً جسداً والجسد هو الجسم فيكون الله قد ذم من اتخذ إلهاً هو جسم، فيقال له هذا باطل من وجوه: أحدها: أن هذا إنما يدل علي نفي أن يكون جسداً لا علي نفي أن يكون جسماً، والجسم في اصطلاح نفاة الصفات أعم من الجسد... ".

ص: 38

معبود ابن تيمية ليس له كفء و مثيل.. ولكن له شبيه

وقال في ص 543 منه:

" وأما التمثيل فقد نطق القرآن بنفيه عن الله في مواضع كقوله: ليس كمثله شئ. وقوله: هل تعلم له سمياً. وقوله: ولم يكن له كفواً أحد. وقوله: فلا تجعلوا لله أنداداً. وقوله: فاعبدوه واصطبر لعبادته هل تعلم له سمياً، أي: نظيراً يستحق مثل اسمه، ويقال مسامياً يساميه! " انتهي!

فهل يكفيك هذا يا مشارك؟ أم تريد أضعافه؟!!!

أما الأحاديث الضعيفة وغير المعقولة التي أقام عليها ابن تيمية عقيدته، فهي كثيرة، وكلها صحَّحها.

ومنها: حديث العماء.

ومنها: خلق الله آدم علي صورته.

ومنها: أحاديث العرش التي تشبه نصوص التوراة.. إلخ.

فماذا تريد منها، حتي أخبرك في أي كتابٍ اعتمد عليه ابن تيمية؟!!!

أعود فأقول: حكّم عقلك، أو ليحكم بيننا ثالث!

فكتب (مشارك) بتاريخ 14-7-1999:

أغلب ما ذكرته هنا يا عاملي هو من عقيدتنا الصحيحة التي نثبتها، ولنبدأ بالنقل الأول الذي نقلته: " قال في كتاب تلبيس الجهمية: 624 - 626: قلت: أبو عبد الله الرازي من أعظم الناس منازعة للكرامية حتي يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك وميله إلي المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم. لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها مجسماً

ص: 39

بطريق اللزوم إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم، وذلك أنهم اصطلحوا في معني الجسم علي غير المعني المعروف في اللغة، فإن الجسم في اللغة هو البدن ". فما المشكلة في هذا النقل عندك؟

ابن تيمية يذكر هنا رأي الرازي ورأي نفاة الصفات، وأنت علي مذهب شيخك الحافظ المحدث السقاف تنسب هذا الكلام لابن تيمية لأنه نقله عنهم! أهذا منطق يا عاملي؟ إذا استخدمنا هذا المنطق فنقول إنك أيضاً تقول بهذا الكلام لأنك نقلت الكلام! هل توافقني في ضعف استدلالك بهذا الكلام ضد ابن تيمية؟

فأجاب العاملي بتاريخ 14-7-1999:

الحمد لله الذي كشف لي أنك لا تقوي لك!!

وأنك اتهمت الشيعة بما تتصف أنت به!

لقد حاولت الهروب من الإعتراف بالحق باستعمال التدليس!

فكان هروبك غالياً عليك!!

فقد نسبت الكلام في إثبات الجسمية إلي الرازي، وجعلت ابن تيمية ناقلاً له فقط!! مع أنك، وكل من راجع الكتاب يعرف أن الرازي أورد وجوهاً عديدة في نفي الجسمية والصفات المادية لله تعالي..

وأن إمامك ابن تيمية حاول إبطالها وإثبات أنه جسم!!

وقد ذكر إمامك في أول كتابه فقرات من إهداء الرازي كتابه أساس التقديس إلي صلاح الدين الأيوبي، ومما جاء فيه:

" فأتحفته بهذا الكتاب الذي سميته بأساس التقديس، علي بعد الدار وتباين الأقطار، وسألت الله الكريم أن ينفعه به في الدارين بفضله وكرمه ورتبته علي

ص: 40

أربعة أقسام: القسم الأول: في الدلائل علي أنه تعالي منزه عن الجسمية والحيز، وفيه فصول الفصل... " انتهي.

أما كلام ابن تيمية الذي أردت تلبيسه علينا فهو في صفحة 625 من الكتاب المذكور، وهذا نصه:

" قال الشيخ رحمه الله - يعني ابن تيمية - قلت: أبو عبد الله الرازي من أعظم الناس منازعة للكرامية حتي يذكر بينه وبينهم أنواع من ذلك، وميله إلي المعتزلة والمتفلسفة أكثر من ميله إليهم، وقال: ليس في الحنابلة من أطلق لفظ الجسم، لكن نفاة الصفات يسمون كل من أثبتها مجسماً بطريق اللزوم، إذ كانوا يقولون أن الصفات لا تقوم إلا بجسم، وذلك أنهم اصطلحوا في معني الجسم علي غير المعني المعروف في اللغة، فإن الجسم في اللغة هو البدن، وهم يسمون كل ما يشار إليه جسماً، فيلزم علي قولهم أن كل ما جاء به الكتاب والسنة وما فطر الله عليه عباده وما قاله سلف الأمة وأئمتها تجسيماً، وهذا لا يختص بطائفة لا الحنابلة ولا غيرهم، بل يطلقون لفظ المجسمة والمشبهة علي أتباع السلف كلهم. " انتهي.

فاسمح لي أن أقول: إنك أردت أن تموِّه علينا.. بدون خجل..

وتريد أن تنسب عبارة ابن تيمية التي فيها إثبات أنه جسمٌ إلي الرازي؟!!!

والعجيب.. أنك ما زلتَ تتهم الشيعة.. بما هو فيك!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 14-7-1999:

صدقني كل يوم أزداد بأنكم لا عقل ولا نقل، وإنما عقنقل.

ذكر ابن تيمية: أن الرازي ونفاة الصفات يقولون: إن من أثبت الصفات فهو من المجسمة، ويرد ابن تيمية أن من أثبت الصفات ليس من المجسمة. فالرازي

ص: 41

يقول: [أن من أثبت الصفات مجسم، ومن لا يثبت الصفات فهو ليس مجسم (كذا)]. وابن تيمية يقول: أن من أثبت الصفات ليس مجسماً. فهو يثبت الصفات ولا يقول عمن أثبت الصفات أنه مجسم.

فكتب العاملي بتاريخ 14- 7-1999:

أسألك: هل الكلام الذي جعلته بين قوسين ونسبته إلي الفخر الرازي هو كلامه، وقد نقله ابن تيمية، أم هو كلام ابن تيمية نفسه؟!!!

أما الفخر الرازي فهو مثبت للصفات، لكنه ينفي تجسيم إمامك، وهو كبقية المسلمين يقول إن إثبات الصفات لله تعالي لا يستوجب إثبات الجسمية له!! فلماذا جعلت الرازي معطِّلاً كالجهمية؟!!

وكتب (الشمري) بتاريخ 14- 7-1999:

رحم الله والديك يا عاملي، لقد بينته علي حقيقته التي ينكرها!

وكتب (الاماراتي راشد) بتاريخ 15-7-1999:

أتحداك يا عاملي يا من تتهرب كثيراً وكثيراً، أن تثبت أن ابن تيمية أو أحداً من السلف يقول لفظة جسم، لله تعالي مع ذكر المصدر بالضبط لكتبه أو لمصدر من الصحاح عندنا.. ثم يجب أن تعلم أن كثرة الكلام ينسي بعضهم بعضها (كذا)، فالرجاء أن تبدأ بالموضوع نقطة نقطة، ولا تتفرع كثيراً، إن أردت جواباً كاملاً.

فكتب العاملي بتاريخ 15- 7-1999:

اقرأ ما نقلتُه من كلام ابن تيمية من كتبه في موضوع خاص، في هذا الموقع.. ففيه تصريح بذلك في أكثر من مكان.

ص: 42

وانظر بشكل خاص كتابه تلبيس الجهمية والعقيدة الحموية، وكتابه درء التناقض..

فهي والحمد لله غنية بتجسيمه، ومحاولتِه رد أدلة الرازي والحلي وغيرهما علي نفي الجسمية والأين والمكان والجهة والأعضاء، عن الله تعالي!!!

فكتب (الشمري) بتاريخ 15- 7-1999:

أحسنت يا عاملي.

انتهي.

قال العاملي:

ولم يجب مشارك.

ص: 43

ابن تيمية و أتباعه ينفون وجود المجاز في اللغة العربية

يزعم أتباع ابن تيمية أن الله تعالي جسم وله أعضاء وجوارح حقيقية!

ويفسرون آيات وأحاديث صفاته عزَّوجل بظاهر اللفظ الحرفي الحسي، فيقولون إن لله تعالي يداً، بل أيدي، وأعين، وأرجل!!

لأنه تعالي قال: يد الله فوق أيديهم. وقال لموسي: فإنك بأعيننا!!

إلي آخره..

ولا يقبلون تفسير عامة المسلمين لليد بالقدرة والقوة والنعمة، لأن القرآن نزل بلغة العرب، واستعمل التعبيرات المجازية المتعارفة في لغتهم، بل في لغات العالم!! وقد جري حوارات متعددة مع علمائهم في هذا الموضوع..

وهذه نماذج منها:

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 11-6-1999، موضوعاً بعنوان (الحقيقة والمجاز في اللغة العربية)، جاء فيه:

من الواضح أن الأساس التنظيري الذي قام عليه مذهب المجسمة القدماء والجدد، هو مقولة: ضرورة حمل الألفاظ علي ظاهرها، فهذه هي كل الأساس التنظيري لمذهبهم، وقد أخذوا هذا التنظير في فترةٍ متأخرة من المذهب الظاهري الذي أسسه داود الأصفهاني، وروَّج له في المغرب وبقيت آثاره في مؤلفات ابن حزم الظاهري.

وبما أن وجود التجسيم كأفكار ومذهب كان قبل المذهب الظاهري، فيكون الأساس العلمي الذي تبنوه لمذهبهم مولوداً بعد المذهبب! وبالتعبير العلمي (أساساً إلتقاطياً) شبيهاً بالمذهب الشيوعي الذي وُلِد أولاً وتعصب له أتباعه،

ص: 44

وبعد مدة تبنُّوا التنظير له بالمادية التاريخية (الديلكتيك) فالتقطوها وجعلوها (أساساً علمياً) للشيوعية...

فقد أفرط ابن تيمية في تشبيه الله تعالي بخلقه فقال: هب أن هذا المعني قد يسمي في اصطلاح بعض الناس تشبيهاً، فهذا المعني لا ينفيه عقل ولا سمع، وإنما الواجب نفي ما نفته الأدلة الشرعية والعقلية!

وهكذا يقرر ابن تيميه أن تشبيه الله تعالي بخلقه لامانع منه!

والتفسير بالتجسيم يجب أن يكتم!!

وأن معبوده موجود في منطقة فوق السماء التي نراها، وأنه وجودٌ ماديٌّ جالس علي العرش، وأنه متناهٍ من جهة تحت، أما من جهة فوق فليس فوقه شئ إلا الهواء! وأنه يتحرك وينزل بذاته إلي الأرض! ولا يقول إنه يصعد كما قال أستاذه ابن خزيمة.. إلي آخر مقولاته الغريبة!

تعالي الله وتقدس عنها!!

قال الشيخ ابن باز في فتاويه 4/382:

" الصحيح الذي عليه المحققون (أي محققين ياشيخ؟!) أنه ليس في القرآن مجاز علي الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله. " انتهي.

وما أدري كيف يجرؤ عالم علي إنكار وجود المجاز في القرآن، أي في اللغة العربية، التي نزل بها القرآن، ثم ينسب ذلك إلي المحققين الذين نرجوه أن يذكر لنا نصف واحد منهم!

ص: 45

بل كيف يستطيع أن يعيش مع الناس ومع عائلته إذا حمل كلامهم كله علي الحقيقة، وماذا يفعل بمن يقول له: قرَّت عينُك؟ فهل يفتي بجلده لأنه دعا عليه بسكون عينه والموت؟!!.... الي آخر ماجاء في مقاله.

وكتب (القطيفي) بتاريخ 11-6-1999:

أخي العاملي: شيعة أبي ذر، أحفاد الشهيدين الأول والثاني، أحفاد شرف الدين والصدر، السلام عليكم جميعاً.

ذكرتَ: " هل يقولون كما قال أكثر المسلمين: إن كلمة وَجْهُهُ هنا مجازية، بمعني ذاته، أو بمعني رسله وأوصيائهم؟ أم يصرون علي أن معني الوجه هو الوجه الحقيقي المادي، ويلتزمون بأن كل الله تعالي يفني ويهلك إلا وجهه؟! سبحانه وتعالي عما يصفون هنا تقف سفينة الوهابيين وكل المجسمين، وتتعطل محركاتها بالكامل، وتعصف بهم العواصف، ويغرقون إلي الأذقان، ولكنهم مع ذلك يصرون علي منطقهم مهما كانت النتيجة "!

حصلت لي قصة وتحاورت مع أحد خريجي جامعة الامام محمد بن سعود، وهو حاصل علي درجة الدكتوراه في مسألة الصفات، وتمسك الرجل بحرفية القرآن والتجسيم، فألقيتُ عليه الآية المباركة: كل شئ هالك إلا وجهه. فكأنه لم يسمعها من قبل!! سكت الرجل ولم يتكلم!! قلت له: تصبح علي خير، يا أخي، وغادرت المكان.

قال العاملي: وغاب أتباع ابن تيمية.. ولم يجب منهم أحد!

ص: 46

صفات معبود الوهابيين و إمامِهم

وكتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 6-7-1999، عدة موضوعات تحت عنوان (معبود الوهابيين)، وهذه بعض ما جاء فيها:

قال الشيخ ابن باز في فتاويه 4/131:

" التأويل في الصفات منكر ولا يجوز، بل يجب إقرار الصفات كما جاء ت علي ظاهرها اللائق بالله جل وعلا، بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، وعلي هذا سائر أهل العلم من أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله) ومن بعدهم أئمة المسلمين كالأوزاعي والثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق. انتهي.

وليت الشيخ ابن باز سمي لنا واحداً من الصحابة أجري الصفات علي ظاهرها الحسي، وليته ذكر نصاً عن واحداً للتابعين أو تابعي التابعين الذين سماهم، فقد تتبعنا أقوالهم في الصفات فلم نجد فيها مسألة الحمل علي الظاهر الحسي! إلا عند قدماء المجسمة من اليهود، مثل كعب الأحبار ووهب ومقاتل، ومن قلدهم "!

وقد سأل أحد المسلمين مرجعهم في الحديث الشيخ ناصر الدين الألباني، السؤال التالي كما ورد في فتاوي الألباني ص 509:

" سؤال: هل العقيدة التي يحملها السلفيون هي عقيدة الصحابة؟ وإن هناك من الناس من يزعم إنها كانت عقيدة الصحابة، فأتونا ولو بصحابي واحد يقول في الصفات نؤمن بالمعني ونفوض الكيف.

جواب: هل هناك صحابي تأول تأويل الخلف، نريد مثالاً أو مثالين؟!

ص: 47

وقاليس البغوي في تفسير قوله: ثم استوي علي العرش، قال الكلبي ومقاتل: استقر، وقال أبو عبيدة: صعد، وأوّلت المعتزلة الإستواء بالإستيلاء، وأما أهل السنة فيقولون: الإستواء علي العرش صفة الله بلا كيف، يجب علي الرجل الإيمان به ويكل العلم فيه إلي الله. وسأل رجل مالك بن أنس عن قوله: الرحمن علي العرش استوي، كيف استوي؟ فأطرق مالك رأسه ملياً وعلاه الرحضاء ثم قال: الإستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا ضالاً، ثم أمر به فأخرج ". انتهي.

فانظر إلي جواب هذا العالم الوهابي لهذا السائل العادي، فهو يناقش سائله بأنك إن قلت لا يوجد صحابي حمل الصفات علي الظاهر الحسي كالوهابيين، فإنه لا يوجد صحابي وافق مذهب المتأولين!

وللسائل أن يجيبه: ما دام الصحابة لم يوافقوا الوهابيين ولا المتأولين، فالصحيح إذن هو مذهب التفويض؟!

ثم كيف ينكر الألباني تأويل الصحابة كعائشة وابن عباس وابن مسعود، فضلاً عن أهل البيت عليهم السلام، وتأويل التابعين، ومنه تأويل أبي سعيد لنزول الله تعالي بنزول رحمته كما تقدم، وتأويل مالك لذلك بنزول أمره، كما سيأتي.

وأخيراً، لم يجد الألباني مؤيداً لمذهبه الوهابي إلا مقاتلاً الفارسي المجوسي تلميذ اليهود المجسمين، وابن الكلبي المشهود عليه من الجميع بعدم الوثاقة!

فانظر إلي بؤس هذا المذهب الذي يدعي أنه وارث السلفية وحامل رايتها والضارب وجوه المسلمين بسيفها، كيف فتش مرجعه في الحديث وبحث في المصادر وطرق أبواب السلف من الصحابة والتابعين، فلم يجد أحداً منهم يؤيد

ص: 48

رأيه إلا أمثال هذه النظائر.. مقاتل وابن الكلبي، هذان كل السلف الذي هم ورثته!!!

وقال الألباني في فتاويه ص 516:

" سؤال: هل أن مذهب السلف هو التفويض في الصفات؟

جواب: قال ابن حجر العسقلاني وهو أشعري: إن عقيدة السلف فَهْم الآيات علي ظاهرها دون تأويل ودون تشويش، إذا آمنا برب موجود لكن لا نعرف له صفة من الصفات... وحينئذٍ كفرنا برب العباد حينما أنكرنا الصفات بزعم التفويض ". انتهي.

ويلاحظ أن سؤال السائل عن تفويض السلف، وينبغي أن يكون الجواب بذكر رأي أحد من السلف يفسر بالصفات بالظاهر ولا يفوضها، ولو كان شخصاً واحداً، ولكن الألباني لم يأت له بمثال من السلف، لأنه لا يوجد كما رأيت في نصوصهم!

وجاء بدل ذلك بشهادة ادعاها لأحد علماء خلف خلف الخلف، لأن ابن حجر متوفي سنة 582 ه- يعني في أواخر القرن السادس!

ثم من حقنا أن نطالب الألباني بنص شهادة ابن حجر ومصدرها؟؟!

فقد ذكرها بلا مصدر وخلطها بكلامه!

أما ابن حجر فرأيه مخالف لما ذكره عنه الألباني، ومعروف عنه حملته الشديدة علي أجداد الألباني من الحنابلة المجسمين.

هذا عن أكبر عالمين عند الوهابيين في عصرنا!!

أما إمام الوهابيين محمد بن عبد الوهاب، فلم أطلع له علي بحث معمق في التوحيد أو الصفات، وكتابه المسمي التوحيد يبدو أنه ألفه علي عَجَل، حيث

ص: 49

سرد فيه أحاديث في موضوعات متعددة تتعلق بموضوعات متنوعة من التوحيد، ووضع بعد كل حديث أو أكثر فهرساً مختصراً لما استفاده من أفكار، وسمي ذلك (مسائل)!

ولم أجد فيه حول الصفات إلا موردين فقط، ولكنهما كافيان لإثبات أنه يعتقد مادية معبوده، أعاذنا الله!

المورد الأول:

في ص 130، ونذكر نصه كاملاً لاختصاره، قال:

" باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات وقول الله تعالي: وهم يكفرون بالرحمن.. الآية. قال البخاري في صحيحةِ عليٍّ: حدِّثوا الناس بما يعرفون أتريدون أن يكذب الله ورسوله. وروي عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس أنه رأي رجلاً انتفض حين سمع حديثاً عن النبي صلي الله عليه وسلم في الصفات استنكاراً لذلك فقال: ما فرّق هؤلاء، يجدون رقةً عند محكمه ويهلكون عند متشابهه. انتهي.

ولما سمعت قريش رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكر الرحمن أنكروا ذلك، فأنزل الله فيهم: وهم يكفرون بالرحمن، فيه مسائل:

الأولي: عدم الإيمان بجحد شئ من الأسماء والصفات.

الثانية: تفسير آية الرعد.

الثالثة: ترك التحديث بما لا يفهم السامع.

الرابعة: ذكر العلة أنه يفضي إلي تكذيب الله ورسوله ولو لم يتعمد المنكر.

الخامسة: كلام ابن عباس لمن استنكر شيئاً من ذلك وأنه أهلكه " انتهي.

ص: 50

ويبدو بالنظرة الأولي أن استشهاده بحديث علي عليه السلام، وحديث ابن عباس أمر عاديّ.

ولكن المطَّلع علي عقائد المجسمين واستدلالهم يطمئن بأنه يقصد التجسيم المحض الوارد في خبر أم الطفيل، الذي حكم بكذبه عدد من علماء الجرح والتعديل من إخواننا السنة، وبعضهم صححه فتأوّله أو فوّضه، ولكن المجسمة صححوه واعتبروه من العلم الذي يكتم عن العامة، ويبقي محصوراً بين خاصة الخاصة!!

قال الذهبي في سيره 10/602:

" فأما خبر أم الطفيل، فرواه محمد بن إسماعيل الترمذي وغيره: حدثنا نعيم، حدثنا ابن وهب، أخبرنا عمرو بن الحارث، عن سعيد بن أبي هلال، أن مروان بن عثمان حدثه، عن عمارة بن عامر، عن أم الطفيل امرأة أبي بن كعب: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكر أنه رأي ربه في صورة كذا، فهذا خبر منكر جداً، أحسن النسائي حيث يقول: وَمَنْ مروان بن عثمان حتي يُصَدَّقَ علي الله! وهذا لم ينفرد به نعيم، فقد رواه أحمد بن صالح المصري الحافظ، وأحمد بن عيسي التستري، وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب، عن ابن وهب قال أبو زرعة النصري: رجاله معروفون.

قلت: بلا ريب قد حدث به ابن وهب وشيخه وابن أبي هلال، وهم معروفون عدول، فأما مروان، وما أدراك ما مروان؟ فهو حفيد أبي سعيد بن المعلي الأنصاري، وشيخه هو عمارة بن عامر بن عمرو بن حزم الأنصاري، ولئن جوزنا أن النبي صلي الله عليه وسلم قاله، فهو أدري بما قال، ولرؤياه في المنام تعبير لم يذكره صلي الله عليه وسلم، ولا نحن نحسن أن نعبره، فأما أن نحمله علي

ص: 51

ظاهره الحسي، فمعاذ الله أن نعتقد الخوض في ذلك بحيث أن بعض الفضلاء قال: تصحف الحديث، وإنما هو: رأي رِئِيَّة بياء مشددة، وقد قال علي رضي الله عنه: حدثوا الناس بما يعرفون، ودعوا ما ينكرون. وقد صح أن أبا هريرة كتم حديثاً كثيراً مما لا يحتاجه المسلم في دينه، وكان يقول: لو بثثته فيكم لقطع هذا البلعوم، وليس هذا من باب كتمان العلم في شئ، فإن العلم الواجب يجب بثه ونشره ويجب علي الأمة حفظه، والعلم الذي في فضائل الأعمال مما يصح إسناده يتعين نقله ويتأكد نشره، وينبغي للأمة نقله، والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء " انتهي.

وما قاله الذهبي هو الذي يقصده إمام الوهابيين.

فقد عقد الباب تحت عنوان: باب من جحد شيئاً من الأسماء والصفات. ليقول: إن الإيمان بكل صفات الله تعالي واجب وإنكار شئ منها كفر.

وبما أن عدداً من صفات الله تعالي علي مذهبه يلزم منها التجسيم، لذا تحدث عن وجوب كتمان ذلك إلا عن أهله، واستشهد بروايتين عن علي عليه السلام وابن عباس تجوِّزان كتمان هذا العلم!!

وهو أيضاً نفس ما قاله الذهبي عن " العلم المباح " أي المحظور، من تسمية الشئ بضده.. ثم أفتي الذهبي بوجوب حصره بأهله وهم خواص العلماء بزعمه فقال: " والعلم المباح لا يجب بثه ولا ينبغي أن يدخل فيه إلا خواص العلماء "!

وذلك شبيه بالعلم الذي يحصره اليهود والنصاري برؤساء الاكليروس أي كبار الكرادلة والحاخامات!!

ص: 52

والنتيجة التي يهدفون إليها من توظيف هذه الأحاديث أن النبي صلي الله عليه وآله وعلياً عليه السلام، وابن عباس، وأبا هريرة، كلهم مجسمون كالوهابيين وأنهم كانوا يكتمون صفات الله تعالي ويأمرون بكتمانها!!

ومن الواضح لمن له إطلاع علي الحديث والتاريخ أن الأحاديث الثلاثة التي استشهد بها إمام الوهابيين والذهبي لا يصلح شئ منها شاهداً.

أما حديث أبي هريرة:

فقال عنه الناشر في هامش سير أعلام النبلاء في نفس الموضع: " أخرجه البخاري 1/191 - 192، وفي طبعتنا 1/8: في العلم: باب: حفظ العلم:

من طريق إسماعيل بن أبي أويس، حدثني أخي، عن ابن أبي ذئب، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: حفظت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وعاءين، فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع هذا البلعوم. قال الحافظ: وحمل العلماء الوعاء الذي لم يبثه علي الأحاديث التي فيها تبيين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم، وقد كان أبو هريرة يكني عن بعضه، ولا يصرح به خوفاً علي نفسه منهم، كقوله: أعوذ بالله من رأس الستين وإمارة الصبيان، يشير إلي خلافة يزيد بن معاوية، لأنها كانت سنة ستين للهجرة، واستجاب الله دعاء أبي هريرة فمات قبلها بسنة ". انتهي.

فقصد أبي هريرة بشهادة ابن حجر وشهادة النصوص الأخري المشابهة والقرائن، أنه كان يكتم ما قاله النبي صلي الله عليه وآله في انحراف الأمة من بعده، وسبب كتمانه خوفه من السلطة! وأين هذا من كتمان صفات الله الحسية إلا عن خواص العلماء كما زعموا؟!!

وأما حديث علي عليه السلام:

ص: 53

فقد علق عليه في هامش سير النبلاء أيضاً بقوله: " أخرجه عنه البخاري في صحيحه 1/199، وفي طبعتنا 1/41: في العلم. باب: حفظ العلم: باب: من خص بالعلم قوماً دون قوم كراهية أن لا يفهموا. من طريق عبيد الله بن موسي، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن علي ". انتهي. ورواه أيضاً في كنز العمال 10/ 247 و 301 و 304.

وهو يقرر قاعدة عامة هي أن التعليم والمخاطبة ينبغي أن يكونا متناسبين مع مستوي المخاطبين، ولا دلالة فيه ولا إشارة علي ارتباطه بصفات الله تعالي أو بغيرها من المواضيع، وإن كنت أرجِّح أيضاً أن معناه قريب من معني الحديث المتقدم.. فمن أين حكموا أن علياً عليه السلام يقصد كتمان الصفات، وأنه كان وهابياً مجسماً يكتم لوازم مذهبه عن المسلمين كما يفعلون!!

وأما حديث ابن عباس:

فقد تفرَّد به عبد الرزاق في مصنفه 11/422 ولم أجده في أي مصدر غيره علي كثرة ما راجعت، ورواه بعد حديث أبي هريرة في قصة المناظرة المزعومة بين الجنة والنار، قال:

" عن معمر، عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين. وقالت الجنة: فما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم وعرّتهم؟ فقال الله للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي، أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فإنهم يلقون فيها وتقول هل من مزيد، فلا تمتلئ حتي يضع رجله، أو قال قدمه فيها، فتقول: قط، قط، قط، فهنالك تملأ وتنزوي

ص: 54

بعضها إلي بعض، ولا يظلم الله من خلقه أحداً، وأما الجنة فإن الله ينشئ لها ما شاء.

أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن طاووس عن أبيه قال: سمعت رجلاً يحدث ابن عباس بحديث أبي هريرة هذا، فقام رجل فانتقض، فقال ابن عباس: ما فرّق من هؤلاء يجدون رقة عند محكمه، ويهلكون عند متشابهه ". انتهي ما في مصنف عبد الرزاق بلفظه.

ولكن عبارة إمام الوهابية هي: [عن ابن عباس أنه رأي رجلاً انتفض حين سمع حديثاً عن النبي صلي الله عليه وسلم في الصفات استنكاراً لذلك فقال..]

وقصده بالصفات أن الرجل المستمع لم يؤمن بأن الله تعالي له رجل ويضعها في النار، واستنكر ذلك فوبخه ابن عباس!

فمن أين له العلم بذلك، فقد يكون الرجل صحابياً جليلاً استنكر علي راوي الحديث هذا التجسيم، وقام من المجلس اعتراضاً.

ثم إن قول ابن عباس مُجْمَل لا يدل علي أنه قصد بالهلاك ذلك الرجل الذي انتفض أو تأفف ونكت ثيابه، تبرئاً! فقد يكون قصد بعض رواة الحديث.

وهل يستحق صحابي أو تابعي الحكم بالهلاك والكفر لأنه نهض ونكت ثيابه حتي لا يتحمل مسئولية حديث يراه كاذباً أو يشك فيه؟!

ثم إن عبارة ابن عباس التي في مصنف عبد الرزاق فيها كلمة (من) وليس فيها كلمة (رقة) التي نقلها إمام الوهابيين.

ولو قلنا إن أصلها: يجدون رقة لم يستقم المعني أيضاً، لأن مقتضي مقابلتها بقوله: ويهلكون عند متشابهه أن يقول: يرقون عند محكمه.

لا أن يقول: يجدون رقة عند محكمه.

ص: 55

كما أنه لا معني مفهوماً لقوله: ما فرق من هؤلاء.. إلخ.

فإن في كلام ابن عباس تصحيفاً وإبهاماً.

ولكن مع ذلك ينبغي أن نشهد لإمام الوهابيين بأنه في هذا الموضوع أذكي من الذهبي، لأن حديث ابن عباس الذي استشهد به أكثر قرباً من هدفه، وإن كان لا دلالة فيه عليه!

المورد الثاني:

تبني إمام الوهابيين عدداً من أحاديث التجسيم خاصة حديث الحاخام، الذي ادعت بعض مصادر إخواننا أن النبي صلي الله عليه وآله صَدَّقَهُ، وقد أوردها ابن عبد الوهاب في آخر كتابه التوحيد وعقد لها باباً خاصاً، فقال:

" عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: جاء حبر من الأحبار إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: يا محمد إنا نجد أن الله يجعل السموات علي إصبع، والشجر علي إصبع، والماء علي إصبع، والثري علي إصبع وسائر الخلق علي إصبع، فيقول: أنا الملك، فضحك النبي صلي الله عليه وسلم حتي بدت نواجذه تصديقاً لقول الحبر، ثم قرأ: وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة. الآية. وفي رواية لمسلم والجبال والشجر علي إصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك أنا الله. وفي رواية للبخاري: يجعل السموات علي إصبع والماء والثري علي إصبع وسائر الخلق علي إصبع...

إلي آخره " انتهي.

وراجع إن شئت في المجلد الثاني من العقائد الإسلامية روايات هذه القصة المزعومة التي تدعي أن أحد حاخامات اليهود علَّم نبينا صلي الله عليه وآله التجسيم!!

ص: 56

تبني إمام الوهابية هذه الأحاديث وتعمَّق في الغوص علي معانيها، واستخراج لآليها، فاستنبط منها تسعَ عشرةَ مسألةً عقائديةً، قدمها إلي المسلمين ليوحدوا الله تعالي علي أساسها فقال:

" فيه مسائل:

الأولي: تفسير قوله: والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة.

الثانية: أن هذه العلوم وأمثالها باقية عند اليهود الذين في زمنه لم ينكروها ولم يتأولوها.

الثالثة: أن الحبر لما ذكر ذلك للنبي (صلی الله علیه و آله) صدقه، ونزل القرآن بتقرير ذلك!

الرابعة: وقوع الضحك الكثير من رسول الله (صلی الله علیه و آله) عنده، لما ذكر الحبر هذا العلم العظيم.

الخامسة: التصريح بذكر اليدين، وأن السموات في اليد اليمني والأرضين في الأخري.

السادسة: التصريح بتسميتها الشمال.

السابعة: ذكر الجبارين والمتكبرين عند ذلك.

الثامنة: قوله: كخردلة في كف أحدهم.

التاسعة: عظمة الكرسي بنسبته إلي السماوات.

العاشرة: عظمة العرش بنسبته إلي الكرسي.

الحادية عشرة: أن العرش غير الكرسي والماء.

الثانية عشرة: كم بين كل سماء إلي سماء.

الثالثة عشرة: كم بين السماء السابعة والكرسي.

ص: 57

الرابعة عشرة: كم بين الكرسي والماء.

الخامسة عشرة: أن العرش فوق الماء.

السادسة عشرة: أن الله فوق العرش.

السابعة عشرة: كم بين السماء والأرض.

الثامنة عشرة: كثف كل سماء خمسمائة سنة.

التاسعة عشرة: أن البحر الذي فوق السموات، بين أسفله وأعلاه مسيرة خمسمائة سنة " انتهي!

وهكذا أصدر إمام الوهابية حكمه بأن علوم اليهود هذه عن تجسيم الله تعالي بقيت سليمة لم تنلها يد التحريف.

وأن النبي صلي الله عليه وآله ضحك كثيراً لهذا العلم العظيم.

وأن الله تعالي أنزل بتصديقه قرآناً، وقد يكون الله تعالي ضحك أيضاً مثل رسوله تصديقاً للحبر اليهودي، وارث هذا العلم المخزون العظيم ومبلغه إلي خاتم النبيين!!

والنتيجة عنده:

أن الله تعالي له يدان وأصابع بالمعني المادي الحسي.

وأن النبي صلي الله عليه وآله أقرَّ هذا المعني المادي ليديْ الله تعالي وأصابعه ولم يتأوله.

وأن الله تعالي موجود في منطقة فوق العالم علي عرشه.

وأن المسافة بيننا وبين (ذات الله) محددة بكذا سنة من السير، مشياً علي الأقدام!! بل يمكن لنا بناء علي رأي إمام الوهابية أن نحسب المسافة إلي عرش الله تعالي ومكان وجود ذاته والعياذ بالله، بالكيلومتر ونرسل إليها سفينة فضائية!! ونترك الفتوي في ذلك الي محدث العصر الشيخ ناصر الألباني!!!

ص: 58

ومن الطريف أن هذا الحديث الذي أقام عليه ابن عبد الوهاب توحيده، قد تضمنت رواياته أن عرش الله تعالي تحمله أوعال!

وهو نسخة عما وصف اليهود به ربهم في التوراة المحرفة!

من هذين النصين لإمامهم ابن عبد الوهاب والنصوص الكثيرة لأتباعه، يطمئن الباحث بأن مذهبهم في التوحيد هو نفس مذهب مجسمة اليهود، ثم مجسمة الحنابلة وابن تيمية والذهبي، فهم:

أولاً: يرفضون التأويل لأنه لا مجاز بزعمهم في القرآن والسنة، فكل الألفاظ يجب أن تحمل علي معناها اللغوي المادي ولا يجوز أن تحمل علي معانٍ مجازية، أو تؤول أو تشوش علي حد تعبيرهم! فعندما يقول القرآن أو الحديث: يد الله وعين الله ووجه الله. فمعناه عندهم: أن الله تعالي له يدٌ وعينٌ ووجهٌ حقيقةً لا مجازاً! وعندما يقول: كل شئ هالكٌ إلا وجهه. فمعناه عندهم: أن الله يفني ويبقي وجهه فقط، كما سيأتي!!

? قال الشيخ ابن باز في فتاويه 4/382: " الصحيح الذي عليه المحققون (؟) أنه ليس في القرآن مجاز علي الحد الذي يعرفه أصحاب فن البلاغة، وكل ما فيه فهو حقيقة في محله " انتهي.

وما أدري كيف يجرؤ عالم علي إنكار وجود المجاز في القرآن، أي في اللغة العربية، التي نزل بها القرآن، ثم ينسب ذلك إلي المحققين الذين نرجوه أن يذكر لنا نصف واحد منهم!

بل كيف يستطيع إنسان أن يعيش مع الناس ومع عائلته إذا حمل كلامهم كله علي الحقيقة، وماذا يفعل بمن يقول له: قرَّت عينك؟

فهل يسبُّه لأنه دعا عليه بسكون عينه والموت؟!

ص: 59

وغاية ما وصلتْ إليه أساليبهم الجدلية في الإستدلال علي نفي المجاز في القرآن ماتقدم من كلام ابن تيمية، ومفاده: أن ظاهر الآية إن كان غير مرادٍ فهو باطل، ولا يجوز أن نقول إن ظاهر القرآن باطل، فلا بد أن يكون مراداً!! ولكنها مغالطة مكعبة، في معني الظاهر، ومعني البطلان، ومعني الوجود في القرآن! ذلك لأنا بقولنا ظاهر الآية غير مراد نكون نفينا هذا المعني عن القرآن فكيف يكون موجوداً فيه؟! ولأن الباطل هو تصورنا الخاطئ لمعني الآية وليس شيئاً موجوداً في القرآن. ولأن الظاهر المنفي بقرينة لفظية أو عقلية لا يبقي ظاهراً، بل يصير خيالاً، بل إن الظاهر الحقيقي للكلام هو المعني المتبادر المستقر، أما الظاهر بنظرة أولي الذي يزول بالقرينة، فهو كالفجر الكاذب الذي ما يلبث أن يزول ويعم الظلام ثم يظهر الفجر الصادق. فالقرينة اللفظية أو العقلية ذات دور مصيري في تعيين ما هو الظاهر المستقر. وهذه النقطة مهمة في معرفة الخلل عندهم في فهم الظاهر والحمل علي الظاهر. ولكن المسكونين بالظاهر الحسي والفهم المادي يستعملون لإثبات مزاعمهم الجدل المكعب، بل قد يستعملون المسدس!

ثانياً: أنهم يحرِّمون السكوت عن تفسير هذه الصفات وتفويض أمرها إلي الله تعالي، لأن ذلك يؤدي بزعمهم إلي التعطيل والإلحاد.

وقد تقدم قول ابن تيمية: فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد!

وهذا معناه أنهم يحرمون أي تأويل أو تفسير معنوي لآيات الصفات، ويحرمون تفويضها أيضاً ويوجبون عليالمسلمين تفسيرها بالمعني الحسي

ص: 60

المادي! وهذا الإصرار العجيب يفتح علي الوهابيين بابين كبيرين من الإشكالات:

الباب الأول: باب الآيات والأحاديث التي تخالف مذهبهم.

فعندما يلتزمون بوجوب التفسير بالظاهر وحرمة التأويل، ويفسرون قوله تعالي: وجوه يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة، بأن الله وجود منظور مرئي تنظر إليه العيون وتراه، فمن حقنا أن نسألهم: ماذا تصنعون بمثل قوله تعالي: لا تدركه الأبصار. وقوله تعالي: لن تراني. وقوله تعالي: ليس كمثله شئ؟

ولكنهم يجيبونك بأن المسألة سهلة، لأنا نتحول هنا إلي متأولين ولكن بطرق ملتوية لا يكون فيها ممسك علينا بأنا صرنا متأولة، فنؤول كل ما يخالف مذهبنا بغير ظاهره، ونحرم تفسيره بالظاهر!

فنقول إن الأبصار لا تدركه، يعني لا تحيط به، أو لا تدركه لصغر حجمنا وكبر حجمه، فلا نري إلا جزءاً منه. أو نقول: إن المنفي بقوله تعالي: ليس كمثله شئ، هو المثل وليس الشبيه، ونحن ننفي المثل والند والكفء ولا يجب علينا نفي الشبيه لله تعالي لا بنقل ولا بعقل، علي حد تعبير إمامهم ابن تيمية!

وإذا قلت لهم: إذا فسرتم قوله تعالي: استوي علي العرش، بأن الله تعالي موجودٌ جالسٌ علي العرش، فماذا تصنعون بقوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم؟ فإن هذه الآية تنقض مقولتكم بأنه تعالي موجود في مكان محدد من الكون، وتدل علي أن وجوده من نوع آخر غير نوع الكون!

بل كما قال علي عليه السلام: مع كل شئ لا بملابسة، وغير كل شئ لا بمباينة.

ص: 61

فيقولون لك: المسألة سهلة، نهرب من الإعتراف بالمعية و من تأويلها معاً، ونتهم الذين يحتجون بها بأنهم ينكرون علو الله تعالي علي عرشه ويريدون إثبات سفوله..

وهذا ما فعله مفتيهم الشيخ ابن باز فقال في فتاويه 2/89:

" والذي عليه أهل السنة في ذلك أن الله سبحانه موصوف بالمعية علي الوجه الذي يليق بجلاله، مع إثبات استوائه علي عرشه وعلوه فوق جميع خلقه وتنزيهه عن مخالطته للخلق، ولما كانت الجهمية والمعتزلة يحتجون بآيات المعية علي إنكار العلو ويزعمون أنه سبحانه بكل مكان، أنكر عليهم السلف ذلك وقالوا: إن هذه المعية تقتضي علمه بأحوال عباده وإطلاعه عليهم، مع كونه فوق العرش " انتهي.

وقد تَعَلَّمَ ابن باز من الذهبي وابن تيمية فأوَّل صفة المعية بالعلم، و حمّل مسؤولية تأويلها للسلف حتي لا يسجل أحدٌ عليه أنه صار متأولاً، ثم برَّرَ تأويل السلف بأنهم اضطروا إلي ارتكاب التأويل الحرام، ليردوا علي الذين أنكروا علوّ الله تعالي وأرادوا إثبات سفوله!!

بل لقد توفق المفتي هنا فوجد هندياً وحمَّله مسؤولية تأويل الآية التي تنقض قاعدة تحريم التأويل في مذهبه! وهذا الشخص اسمه: الطلمنكي، فتمسك به ابن يباز واحترمه وأكرمه ولبَّسه تأويل الآية في عنقه.

قال في فتاويه 1/ 148:

"... وإذا تبين هذا فإنه لا يؤخذ من قوله: وهو معكم. وما جاء في معناها في الآيات، أنه مختلط وممتزج بالمخلوقات، لا ظاهر ولا حقيقة، ولا تدل لفظ (مع) علي هذا بوجه من الوجوه، وغاية ما تدل عليه المصاحبة والموافقة،

ص: 62

والمقارنة في أمر من الأمور وهذا الإقتران في كل موضع بحسبه، قال أبو عمر الطلمنكي رحمه الله تعالي: أجمع المسلمون من أهل السنة علي أن معني قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم. ونحو ذلك من القرآن، أنه علمه وأن الله فوق السماوات بذاته مستوٍ علي عرشه كما نطق به كتابه ". انتهي.

وهكذا حلّ ابن باز مشكلة الآية فلم تمس يده التأويل، بل وجد شخصاً يؤول له وارتضي تأويله والحمد لله، وهو الطلمنكي!

ثم أيد فتواه بالإجماع الذي نقله الطلمنكي علي أن جميع المسلمين من أهل السنة يعتقدون بأن الله تعالي وجودٌ محسوسٌ قاعدٌ فوق عرشه! أي كما يقول اليهود بلا أدني فرق!

وإذا تكلم الطلمنكي الذي قدمه الشيخ ابن باز إلي العالم الإسلامي فعلي الجميع أن يقبلوا ويسكتوا ويغمضوا عيونهم عن جميع الآيات والأحاديث، وآراء جميع العلماء وألوف المصادر!!

والباب الثاني: من الإشكالات أكبر وأعظم، وهو باب التجسيم:

فعندما يقولون: إن الله تعالي له يدٌ وعينٌ ووجهٌ، وهو جالسٌ علي عرشه بهذه الصفات المادية، فقد جعلوه جسماً وصاروا عابدين لجسم!

يقولون لك: لا، نحن لسنا مشبِّهة ولا نشبه الله تعالي بخلقه، لأنه من شبهه بخلقه فقد جسمه وقد كفر!

تقول لهم: ما دمتم رفضتم التأويل، والتفويض، والمجاز، وأوجبتم التفسير بظاهر اللغة الحسي، فقد وقعتم في التشبيه والتجسيم، شئتم أم أبيتم!

ص: 63

يقولون: لا، نحن مصرون علي تفسير صفات الله تعالي بالمعني الظاهري الحسي، وفي الوقت نفسه نرفض التجسيم الذي تقولون إنه يلزم من هذا التفسير، لأن الله تعالي ليس كمثله شئ!

تسألهم: بالله عليكم أرشدونا كيف تؤمنون برب جالس علي كرسي وله يدٌ ورجلٌ ووجهٌ وعين، وينزل إلي السماء الدنيا بذاته، ويفرح ويضحك ويغضب، وخلق آدم علي صورته فهو علي صورة آدم... إلي آخر الصفات التي تعدونها، وكل ذلك بالمعني الظاهر الحسي، ثم لا يكون شبيهاً بالموجودات المادية المحسوسة المحدودة بزمان ومكان!!

يقولون لك: الأمر سهل، نضيف إلي كل صفة عبارة: كما يليق بجلاله فنقول: له عينٌ بالمعني المادي الظاهر، ولكن ليست مثل عيون مخلوقاته، بل كما يليق بجلاله! وله يدٌ ورجلٌ ووجهٌ، وكلها بالمعني الظاهر الحسي، ولكن ليست مثل جوارحنا، بل كما يليق بجلاله!

وهكذا يتصورن أن حلّ الإشكالات العلمية والفلسفية يتم بمسحة المسيح بقولهم كما يليق بجلاله، كما حلوا التأويل بالطلمنكي! ولكن أي جلالٍ أبقوا لمعبودهم الذي جعلوا له أعضاء مادية، وجعلوه محدوداً بزمان ومكان وحركة، بل قالوا: إنه يفني إلا وجهه؟! سبحانه وتعالي عما يصفون.

علي هذا الأساس استحق الوهابيون أن يقال عنهم: إن مذهبهم مبني علي أساسٍ هشٍّ ومغالطة.. تسمي في علم المنطق: قبول المقدمات ورفض النتيجة وتسمي في علم الكلام: عدم الإلتزام بلوازم المذهب.

وتسمي في لغة عصرنا: تبني التشبيه والتجسيم الفرار من اسمه.

ص: 64

محاولاتهم إخفاء عقيدتهم في تجسيم معبودهم
اشارة

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 11-7-1999، موضوعاً بعنوان (من فعاليات كعب الأحبار وأتباعه لنشر عقيدة التجسيم بين المسلمين)، جاء فيه:

روي ابن خزيمة في كتابه التوحيد ص 225 - 230:

" عن عبد الله بن الحارث قال: اجتمع ابن عباس وكعب، فقال ابن عباس: إنا بنو هاشم نزعم أو نقول: إن محمداً رأي ربه مرتين، قال: فكبر كعب حتي جاوبته الجبال! فقال: إن الله قسم رؤيته وكلامه بين محمد وموسي صلي الله عليهما وسلم! " انتهي.

ومن الواضح أن تكبير كعب الأحبار: حتي جاوبته الجبال!

يدل علي أن إثبات رؤية النبي صلي الله عليه وآله لربه كان مطلباً مهماً عند كعب، وأنه كان يبحث عمن يوافقه عليه ولا يجد.. فلما وافقه ابن عباس كما تزعم الرواية، صرخ بصوت عالٍ من فرحه، لأن ذلك يوافق مصادره اليهودية في تجسيد الله تعالي، وجلوسه علي عرشه، ونزوله إلي الأرض، ومصارعته ليعقوب! إلي آخر افتراءات اليهود علي الله تعالي!!

والأحاديث عن ابن عباس في نفي التشبيه والرؤية، ثابتةٌ وكثيرةٌ، فلا بد أن يكون هذا الحديث مكذوباً عليه من عكرمة غلامه، فقد كان عكرمة معروفاً بالكذب علي ابن عباس في حياته وبعد وفاته، حتي ضربه ابن عباس وأولاده وحبسوه بسبب ذلك في المرحاض، كما هو معروف في كتب الجرح والتعديل.

ص: 65

وكان عكرمة ناصبياً يروي الإسرائيليات عن وهب وكعب، وغيرهما من اليهود، والنصب والتجسيم توأمان.

ويؤيد ذلك أن السهيلي روي هذا الحديث في الروض الأنف 2/156 عن كعب وليس عن ابن عباس.

وقد اشتغل الوضاعون بوضع أحاديث التجسيم، لأن الدول كانت تشجعها! واعترفت مصادر الجرح والتعديل بوضع عدد كبير منها!

احاديث التجسيم والتشبيه دسها في لحيته مجوس عبادان

قال ابن حجر في تهذيب التهذيب 3/15:

" حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال: كان حماد بن سلمة لا يعترف بهذه الأحاديث، أي في الصفات، حتي أخرج مرة إلي عبادان فجاء وهو يرويها، فسمعت عباد بن صهيب يقول: إن حماداً كان لا يحفظ، وكانوا يقولون: إنها دسّت في لحيته. وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه " انتهي.

و أنكر الإمام مالك كل أحاديث التشبيه والتجسيم

قال الذهبي في سيره 8/103:

" أبو أحمد بن عدي: حدثنا أحمد بن علي المدائني، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن جابر، حدثنا أبو زيد بن أبي الغمر، قال: قال ابن القاسم: سألت مالكاً عمن حدث بالحديث الذين قالوا: إن الله خلق آدم علي صورته.

ص: 66

والحديث الذي جاء: إن الله يكشف عن ساقه، وأنه يدخل يده في جهنم، حتي يخرج من أراد.. فأنكر مالك ذلك إنكاراً شديداً، ونهي أن يحدث بها أحد!

فقيل له: إن ناساً من أهل العلم يتحدثون به. فقال: من هو؟ قيل ابن عجلان عن أبي الزناد. قال: لم يكن ابن عجلان يعرف هذه الأشياء، ولم يكن عالماً.

وذكر أبا الزناد فقال: لم يزل عاملاً لهؤلاء حتي مات " انتهي.

وهذا النص يدل بوضوح علي أن الحكام الأمويين كانوا يتبنون أحاديث الرؤية والتجسيم، وأن الإمام مالك ذمَّ الراوي بأنه كان عاملاً مطيعاً لهم حتي مات.. فأحاديثه ليست حجة لأنه كان موظفاً ينشر أحاديث الدولة!!

وقد حاول الذهبي تمييع إنكار مالك، فاتهمه بالجهل بالأحاديث! مع أنه أقدم من كل أصحاب الصحاح!

قال الذهبي بعد ما تقدم: " قلت: أنكر الإمام ذلك، لأنه لم يثبت عنده ولا اتصل به فهو معذور، كما أن صاحبي الصحيحين معذوران في إخراج ذلك، أعني الحديث الأول والثاني لثبوت سندهما، وأما الحديث الثالث فلا أعرفه "! انتهي.

فكتب (مشارك) بتاريخ 11-7-1999:

تريد أن تثبت شيئاً علي كعب من خلال حديث، ثم تقوم بتضعيف الحديث وتبقي الإستدلال علي كعب، فهنيئاً لك عقلك، ولكني سامحتك في الدقيقتين التي استغرقتها في قراءة دررك وافتراءاتك، ولكن لم أجد حكاية أخري من حكايات ألف ليلة وليلة، فلماذا!؟

فأجابه العاملي بتاريخ 11-7-1999:

ص: 67

إنما أوردت حديث كعب، لأنه ثبت عندي أن ابن عباس كان ضد التجسيم.

وكان ينفي رؤية النبي صلي الله عليه وآله لربه بالعين.

والرواية التي يصححها إمامك ابن خزيمة ليست صحيحة، وإن كنت تقبل تصحيحاته فاقبل حكمه عليكَ بالضلال.

لأنك تقول إن الضمير في: صورته، عائدٌ إلي الشخص المشتوم الذي قال له النبي صلي الله عليه وآله: لا تقبح صورته فإن الله خلق آدم علي صورته. أي علي صورة من تقبح وجهه، لا علي صورة الله سبحانه.

ثم ما رأيك بتكذيب الإمام مالك لكل أحاديث الرؤية والتجسيم؟

لماذا قفزت عن ذلك؟!

فكتب (مشارك) بتاريخ 11-7-1999:

من أين أخذت من كلامي ما قولتني به، أيها الكذاب؟

فأجاب العاملي:

إنها التقية التي تشنع بها علي الشيعة!

والحمد لله أنه اضطرك لأن تستعملها في معبودك!!!

فكتب (الشمري):

أحسنت يا عاملي.

فكتب (مشارك):

هذا ما قاله ابن تيمية، أيها الكذاب:

ص: 68

والكلام الجملي أن مثل هذا الكلام يشتمل علي أمور باطلة من جهة النقل، كقوله: إن في الصحيح: إن الله خلق آدم علي صورة الرحمان. وقوله: علي صورته ليس في الصحيح، فهذا من أبين الباطل، فإن اللفظ الذي في الصحيح من غير وجه: علي صورته. وأما قوله: علي صورة الرحمان، فيروي عن ابن عمر، وفيه كلام قد ذكرناه مع ما قاله عامة طوائف الناس، في هذا الحديث في غير هذا الموضع، ويشتمل علي أمور باطلة، وهي في أنفسها مخالفة للشرع والعقل، مثل ما فيه من أن ملكاً من الملائكة وهو العقل الفعال مبدع لجميع ما تحته من المخلوقات، أو أن الملائكة يسمونها العقول والنفوس أبدع بعضها بعضاً، أو أن عالم الشهادة هو المحسوسات، وعالم الغيب المعقولات، أو أن تفسير القرآن هو مثل تعبير الرؤيا، وأمثال ذلك.

ارجع لكتاب بغية المرتاد لتجد التفصيل هناك، فكيف تفتري علينا، ألا تعلم عاقبة الكذب، وإن الكذب يهدي إلي الفجور، وإن الفجور يهدي إلي النار!

فكتب العاملي بتاريخ 11-7-1999:شسيب

أولاً: هذِّب لسانك، وصحح العبارة التي نقلتها عن ابن تيمية وانقلها كاملة، قبل أن أنقلها أنا!

ثانياً: إن ابن تيمية، وابن باز، والألباني، صححوا رواية: علي صورة الرحمن!! فإن كنت تخالفهم، فالحمد لله..

وإليك هذه الهدية اليهودية الأب والأم من عقائد إمامك.

حيث يدافع عن تجسيم اليهود ويقول إن الله تعالي لم يعب عليهم تجسيمهم فهو حق! بل عاب عليهم فقط قولهم إن عزيراً ابن الله، وهو قول جماعة قليلة منهم!!

ص: 69

قال ابن تيمية، في كتابه العقل في فهم القرآن ص 89:

" ومن المعلوم لمن له عناية بالقرآن أن جمهور اليهود لا تقول إن عزير (كذا) ابن الله، وإنما قاله طائفة منهم كما قد نقل أنه قال فنحاص بن أزورا، أو هو وغيره. وبالجملة إن قائلي ذلك من اليهود قليل، ولكن الخبر عن الجنس، كما قال: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. فالله سبحانه بين هذا الكفر الذي قاله بعضهم وعابه به. فلو كان ما في التوراة من الصفات التي تقول النفاة: إنها تشبيه وتجسيم، فإن فيها من ذلك ما تنكره النفاة وتسميه تشبيهاً وتجسيماً، بل فيها إثبات الجهة، وتكلم الله بالصوت، وخلق آدم علي صورته، وأمثال هذه الأمور، فإن كان هذا مما كذبته اليهود وبدلته، كان إنكار النبي صلي الله عليه وسلم لذلك وبيان ذلك أولي من ذكر ما هو دون ذلك، فكيف والمنصوص عنه موافق للمنصوص في التوراة، فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة!!! " انتهي.

فهل رأيت أنه يعتبر كل أنواع التجسيم الموجودة في التوراة حقاًّ!!

ماعدا أن عزيراً ابن الله!

ويزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قد أقرَّ ذلك؟!!

يا مشارك.. بالله عليك، هل تعرف نسب ابن تيمية.. وإلي أي قبيلة عربية ينتمي.. أريده منك بسندٍ صحيح!

وأعرف أنك لا تجيب!!!

فكتب (مشارك):

لماذا تتهرب من النقاش أيها الحبر الأعظم؟ هل تريدنا أن نبدأ بالصفات؟ توحيد الألوهية؟ لا يخلو منه مكان!! حدد نقطة للنقاش، ولا تهرب كعادتك.

ص: 70

وكتب (عرباوي 4):

بارك الله فيك أيها الأخ العاملي.

كنت فاكرهم نواصب من قبل. الجماعة.. طلعوا يهود!! سبحان الله.

وكتب (عقيل):

ويقولون: الشيعة تأخذ من اليهود!!!

وابن تيمية يقول: والمنصوص عنه موافق للمنصوص في التوراة، فإنك تجد عامة ما جاء به الكتاب والأحاديث في الصفات موافقاً مطابقاً لما ذكر في التوراة! يظهر أنه دارس للتوراة بشكل مستفيض!!

وكتب العاملي بتاريخ 11-7-1999:

هذه عبارة ابن تيمية التي بترها مشارك وزعم أن إمامه لا يصحح حديث: علي صورته!!

قال ابن تيمية في (بغية المرتاد) ص 214:

" قلت: ليس المقصود هنا الكلام المفصل علي ما في هذا الكلام وأمثاله، فإن علماء المسلمين قد بينوا من ذلك ما فيه كفاية، وقد تكلمنا في غير هذا الموضع علي ما شاء الله تعالي من ذلك... والكلام الجملي... إلخ ".

إن ابن تيمية هنا في معرض رد من يضعِّف (علي صورته).

ويشهد لذلك أنه صححه في مواضع عديدة من كتبه!

فانظر إلي مشارك (الثقة الأمين) كيف حوّر كلام إمامه.. ووصل موضوعاً بموضوع.. ليوهمنا أن ابن تيمية يضعف رواية: علي صورته!!

ص: 71

وفي أسوأ الحالات، فابن تيمية تكلم هنا بما يشعر التضعيف، ولكنه صححه دائماً وبني عليه عقائده، فهل أن مشاركاً لايعرف ذلك؟!!

ويقول الكذابون: إن الشيعة يكذبون!!!

ونقول: بعض الناس يكذبون، وعيونهم من زجاج، لا تنكسر!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 12-7-1999:

أحسنت أيها العاملي، وشدد الله وطأتك علي هذا المتغطرس أمام الحقائق! ولم يزعجني منه تهريجه وتخريفه، وإنما أزعجني تربيته وتأديب من أدبه علي هذا الخلق الرفيع! فإذا خاطب الرجال قال كذاب.. منافق، ودون أن يحير جواباً صادقاً!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 12-7-1999، مساء:

يا عاملي حتي لا أتهمك بما أنت أهله من الكذب، أثبت لي بالكتاب والجزء والصفحة تصحيح ابن باز، والألباني، وابن تيمية، لحديث: صورة الرحمن، وشرحهم له.

فأجاب العاملي بتاريخ 13-7-1999:

رأيت طلبك وسوء أخلاقك في وقت متأخر..

فخذ إليك - فعلاً - رأي إمامك ابن باز، والرأي المضاد له لإمامك المجسم الكبير ابن خزيمة.. ويصلك الباقي إن شاء الله تعالي..

ولا ينفع معك لا دليل ولا حسن أخلاق.. فأسأل الله أن يؤدبك بما أنت أهله:

قال ابن باز في فتاويه 4/368 فتوي رقم 2331:

ص: 72

" سؤال 1: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي (صلی الله علیه و آله) أنه قال: خلق الله آدم علي صورته ستون ذراعاً، فهل هذا الحديث صحيح؟

الجواب: نص الحديث: خلق الله آدم علي صورته طوله ستون ذراعاً. ثم قال: اذهب فسلم علي أولئك النفر، وهم نفر من الملائكة جلوس، فاستمع فيما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك، فذهب فقال: السلام عليكم، فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة علي صورة آدم طوله ستون ذراعاً، فلم يزل الخلق تنقص بعده إلي الآن. رواه الامام أحمد والبخاري ومسلم. وهو حديث صحيح، ولا غرابة في متنه فإن له معنيان (كذا):

الأول: أن الله لم يخلف آدم صغيراً قصيراً كالأطفال من ذريته، ثم نما وطال حتي بلغ ستين ذراعاً، بل جعله يوم خلقه طويلاً علي صورة نفسه النهائية طوله ستون ذراعاً.

والثاني: أن الضمير في قوله: علي صورته، يعود علي الله، بدليل ما جاء في رواية أخري صحيحة: علي صورة الرحمن، وهو ظاهر السياق، ولا يلزم علي ذلك التشبيه، فإن الله سمي نفسه بأسماء سمي بها خلقه ووصف نفسه بصفات وصف بها خلقه، ولم يلزم من ذلك التشبيه. وكذا الصورة، ولا يلزم من إتيانها لله تشبيهه بخلقه، لأن الإشتراك في الإسم وفي المعني الكلي لا يلزم منه التشبيه فيما يخص كلا منهما، لقوله تعالي: ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " انتهي.

وهكذا تقول فتوي الشيخ ابن باز بأن آدم علي صورة الله تعالي، والله علي صورة آدم، وأن هذا ليس تشبيهاً أبداً أبداً!!

ص: 73

ويمكنك يامشارك أن تفتي بمثلها، فتنفي شخصاً عن أولاد آدم فتقول: إن فلاناً علي صورة آدم، وآدم علي صورته، ولكنه لا يشبه آدم أبداً أبداً!!

بل يمكنك أن تخلص بهذه الفتوي مجرماً فتقول: هذه الصورة صورته ولكنها لا تشبهه أبداً أبداً!!

إن أصل مشكلة الوهابيين أنهم مضطرون في إثبات مذهبهم إلي قلب معاني كلمات اللغة العربية!

فالأمر دائر عندهم بين أن يقلبوا ألفاظ اللغة، أو ينقلب مذهبهم!!

ويا لبؤس مذهبٍ إذا اعتدلت الكلمات.. انقلب، وإذا انقلبت معانيها اعتدل!!

قصة حديث (فإن الله خلق آدم علي صورته)

روت العامة، أن النبي صلي الله عليه وآله سمع شخصاً يقول لآخر: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك. فقال له: لا تقبح وجهه، فإن الله خلق آدم علي صورته. وقد تمسك بعضهم بهذا القول وزعم أنه موافق لما عند اليهود من أن الله تعالي خلق آدم علي صورته، وأنه تعالي علي صورة البشر!

أما نحن، فروينا عن أئمتنا عليهم السلام أن مقصود النبي صلي الله عليه وآله أن: صورة أخيك هي الصورة التي اختارها الله تعالي لأبيك آدم عليه السلام، فلا تقبحها. فالضمير في: صورته، يرجع إلي المشتوم، لا إلي الله تعالي.

وقد وافقنا عدد من علماء السنيين في تفسير الحديث، ومن أشهرهم ابن خزيمة المجسم المحبوب عند ابن تيمية، صاحب الهجوم علي عائشة لنفيها رؤية الله تعالي، الذي يسمونه إمام الأئمة، لأنه أستاذ البخاري ومسلم وغيرهم!!

قال في كتابه التوحيد، طبعة مكتبة الكليات الأزهرية ص 37:

ص: 74

" قال أبو بكر - يعني بذلك نفسه -: توهم بعض من لم يتحرَّ العلم أن قوله: علي صورته يريد صورة الرحمن، عزّ ربنا وجلّ عن أن يكون هذا معني الخبر، بل معني قوله: خلق آدم علي صورته، الهاء في هذا الموضع كناية عن اسم المضروب والمشتوم، أراد صلي الله عليه وسلم أن الله خلق آدم علي صورة هذا المضروب الذي أمر الضارب باجتناب وجهه بالضرب، والذي قبح وجهه فزجره صلي الله عليه وسلم أن يقول: ووجه من أشبه وجهك، لأن وجه آدم شبيه وجه بنيه، فإذا قال الشاتم لبعض بني آدم: قبح الله وجهك ووجه من أشبه وجهك، كان مقبحاً وجه آدم صلوات الله وسلامه عليه الذي وجوه بنيه شبيهة بوجه أبيهم، فتفهموا رحمكم الله معني الخبر، لا تغلطوا ولا تغالطوا فتضلوا عن سواء السبيل وتحملوا علي القول بالتشبيه الذي هو ضلال.

وقد رويت في نحو هذا لفظة أغمض معني من اللفظة التي ذكرناها في خبر أبي هريرة، وهو ما حدثنا يوسف بن موسي، قال: ثنا جرير، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عطاء بن أبي رباح، عن عمر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا تقبحوا الوجه، فإن ابن آدم خلق علي صورة الرحمن. وروي الثوري هذا الخبر مرسلاً غير مسند، حدثناه أبو موسي محمد المثني، قال: ثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: ثنا سفيان، عن حبيب ابن أبي ثابت، عن عطاء قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يقبح الوجه، فإن ابن آدم خلق علي صورة الرحمن. قال أبو بكر: وقد افتتن بهذه اللفظة التي في خبر عطاء عالمٌ ممن لم يتحرَّ العلم، وتوهموا أن إضافة الصورة إلي عبد الرحمن في هذا الخبر من إضافة صفات الذات، فغلطوا في هذا غلطاً بيناً، وقالوا مقالة شنيعة مضاهية لقول المشبِّهة، أعاذنا الله وكل المسلمين من قولهم!

ص: 75

والذي عندي في تأويل هذا الخبر إن صح من جهة النقل موصولاً فإن في الخبر عللاً ثلاثاً: إحداهن: أن الثوري قد خالف الأعمش في إسناده، فأرسل الثوري ولم يقل عن ابن عمر. والثانية: أن الأعمش مدلس، لم يذكر أنه سمعه من حبيب بن أبي ثابت. والثالثة: أن حبيب بن أبي ثابت أيضاً مدلس، لم يعلم أنه سمعه من عطاء. فإن صح هذا الخبر مسنداً بأن يكون الأعمش قد سمعه من حبيب بن أبي ثابت، وحبيب قد سمعه من عطاء بن أبي رباح، وصح أنه عن بن عمر علي ما رواه الأعمش، فمعني هذا الخبر عندنا: أن إضافة الصورة إلي الرحمن في هذا الخبر إنما هو من إضافة الخلق إليه، لأن الخلق يضاف إلي الرحمن إذ الله خلقه، وكذلك الصورة تضاف إلي الرحمن لأن الله صورها، ألم تسمع قوله عز وجل: هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه، فأضاف الله الخلق إلي نفسه إذ الله تولي خلقه.. إلي آخر كلامه، وكذاك قوله عز وجل: هذه ناقة الله لكم آية، فأضاف الله الناقة إلي نفسه، وقال: تأكل في أرض الله، وقال: ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، وقال: إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، فأضاف الله الأرض إلي نفسه، إذ الله تولي خلقها فبسطها، وقال: فطرة الله التي فطر الناس عليها، فأضاف الله الفطرة إلي نفسه إذ الله فطر الناس عليها، فما أضاف الله إلي نفسه علي مضافين (كذا) إحداهما إضافة الذات والأخري إضافة الخلق، فتفهموا هذين المعنيين لا تغالطوا، فمعني الخبر إن صح من طريق النقل مسنداً: فإن ابن آدم خلق علي الصورة التي خلقها الرحمن حين صور آدم ثم نفخ فيه الروح، قال الله جل وعلا: ولقد خلقناكم ثم صورناكم.

ص: 76

والدليل علي صحة هذا التأويل أن أبا موسي محمد بن المثني قال: ثنا أبو عامر عبد الملك ابن عمر قال: ثنا المغيرة وهو ابن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن موسي بن أبي عثمان، عن أبيه، عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: خلق الله آدم علي صورته، وطوله ستون ذراعاً... إلخ. انتهي كلام ابن خزيمة!

ونحن نقبل منه تأويله لهذا الحديث لأنه موافقٌ للمنطق ومذهبنا، لكن الوهابيين تبنوا نص الحديث الذي فيه: علي صورة الرحمن، ونسبوا إلي الخليفة عمر أنه قبل مقولة اليهود بأن الله تعالي خلق آدم علي صورة الله سبحانه وتعالي! وبذلك اختاروا أن يكون (إلههم) علي صورة البشر!! " انتهي.

قال العاملي:

ومع أن الشيخ مشارك هو الذي طلب رأي ابن تيمية وابن باز في الحديث المزعوم، لكنه غاب هو ومشاركوه! ولم يجيبوا بشئ..

علي عادتهم، عندما يحشرهم الحق!

ص: 77

تورط ابن تيمية في القول بقدوم العالم مع الله تعالي

كتب (شعاع) في شبكة هجر الإسلامية، بتاريخ 28-9-1999، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (إلي من زعم أن شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: بقدم العالم... ها هو يكفر من قال بذلك)، قال فيه:

من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في (مجموع الفتاوي):

1 - فكان ما احتج به أئمة الفلاسفة علي قدم العالم لا يدل علي قدم شئ من العالم، بل إنما يدل علي أصول أئمة السنة والحديث المعتنين بما جاء به الرسول وكان غاية تحقيق معقولات المتكلمين والمتفلسفة، يوافق ويعين ويخدم ما جاءت به الرسل، ومن لم يقل بذلك من المتكلمين، بل قال: بامتناع دوام الحوادث، لم يكن عنده فرق بين قبوله لها وقدرته عليها، وكان قول الذين قالوا من هؤلاء بأنه يتكلم بمشيئته وقدرته كلاماً يقوم بذاته، أقرب إلي المعقول والمنقول ممن يقول أن كلامه مخلوق، أو أنه يقوم به كلام قديم، من غير أن يمكنه أن يتكلم بقدرته أو مشيئته وكل قول يكون أقرب إلي المعقول والمنقول، فإنه أولي بالترجيح مما هو أبعد عن ذلك من الأقوال، والله تعالي أعلم. 6/283.

2 - ومن هنا يظهر أيضاً أن ما عند المتفلسفة من الأدلة الصحيحة العقلية فإنما يدل علي مذهب السلف أيضاً، فإن عمدتهم في قدم العالم علي أن الرب لم يزل فاعلاً، وأنه يمتنع أن يصير فاعلاً بعد أن لم يكن، وأن يصير الفعل ممكناً له بعد أن لم يكن، وأنه يمتنع أن يصير قادراً بعد أن لم يكن، وهذا وجميع ما

ص: 78

احتجوا به إنما يدل علي قدم نوع الفعل، لايدل علي قدم شئ من العالم لا فلك ولا غيره. 6/300.

3 - فقد تبين ولله الحمد، أن عمدتهم علي قدم العالم إنما تدل علي نقيض قولهم وهو حدوث كل ما سوي الله، ولله الحمد والمنة. 6/366.

4 - فقد سلم لهم ما ادعوه من قدم العالم كالأفلاك وجنس المولدات ومواد العناصر وضلوا ضلالاً عظيماً، خالفوا به صرائح العقول وكذبوا به كل رسول، فإن الرسل مطبقون علي أن كل ما سوي الله محدث مخلوق كائن بعد أن لم يكن، ليس مع الله شئ قديم بقدمه، وأنه خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام. 9/281.

5 - ثم يقال لهؤلاء إن كنتم تقولون بقدم السموات والأرض ودوامها فهذا كفر وهو قول بقدم العالم، وإنكار انفطار السموات والأرض وانشقاقهما، وإن كنتم تقولون بحدوثهما، فكيف كان قبل خلقهما هل كان منتشراً متفرقاً معدوماً ثم لما خلقهما صار موجوداً مجتمعاً، هل يقول هذا عاقل. 2/188.

6 - وكان ما علم بالشرع مع صريح العقل أيضاً راد لما يقوله الفلاسفة الدهرية من قدم شئ من العالم مع الله، بل القول بقدم العالم قول اتفق جماهير العقلاء علي بطلانه، فليس أهل الملة وحدهم تبطله بل أهل الملل كلهم وجمهور من سواهم من المجوس وأصناف المشركين، مشركي العرب ومشركي الهند وغيرهم من الأمم وجماهير أساطين الفلاسفة كلهم معترفون بأن هذا العالم محدث. 5 / 565.

7 - وبين أن قول الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأنه صادر عن موجب بالذات متولد عن العقول والنفوس الذين يعبدون الكواكب العلوية ويصنعون لها

ص: 79

التماثيل السفلية كأرسطو وأتباعه أعظم كفراً وضلالاً من مشركي العرب الذين كانوا يقرون بأن الله خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام بمشيئته وقدرته ولكن خرقوا له بنين وبنات بغير علم وأشركوا به ما لم ينزل به سلطاناً. 8/457.

8 - ثم زعم هؤلاء الفلاسفة أن العالم قديم بناء علي هذه الحجة، ومن سلك سبيل السلف والأئمة أثبت ما أثبتته الرسل من حدوث العالم بالدليل العقلي الذي لا يحتمل النقيض، وبيّن خطأ المتكلمين من المعتزلة ونحوهم الذين خالفوا السلف والأئمة بابتداع بدعة مخالفة للشرع والعقل، وبيّن أن ضلال الفلاسفة القائلين بقدم العالم ومخالفتهم العقل والشرع أعظم من ضلال أولئك، وبيّن أن الإستدلال علي حدوث العالم لا يحتاج إلي الطريق التي سلكها أولئك المتكلمون، بل يمكن إثبات حدوثه بطرق أخري عقلية صحيحة لا يعارضها عقل صريح ولا نقل صحيح، وثبت بذلك أن ما سوي الله فإنه محدث كائن بعد أن لم يكن، سواء سمي جسماً أو عقلاً أو نفساً أو غير ذلك. 12/217.

9 - كما أن الله إذا كفر من أثبت مخلوقاً يتخذ شفيعاً معبوداً من دون الله فمن أثبت قديماً دون الله يعبد ويتخذ شفيعاً كان أولي بالكفر، ومن أنكر المعاد مع قوله بحدوث هذا العالم فقد كفره الله، فمن أنكره مع قوله بقدم العالم فهو أعظم كفراً عند الله تعالي. 17/292.

ومن أراد المزيد فليرجع إلي (مجموع الفتاوي) أو غيرها من كتبه...

فكتب العاملي بتاريخ 28-9-1999، الحادية عشرة ليلاً:

الظاهر أنك لم تفهم مذهب ابن تيمية في قدم العالم يا شعاع.

ص: 80

وعَبَرَت عليك عباراته إنه لا يقبل حديث: كان الله ولم يكن شئ معه. والشئ الذي ينفي قدمه هو هذا العالم. أو فَقُل قدم العالم بعينه.

وليس قدمه بنوعه، لأنه يقول بقدم العالم النوعي لا العيني..

ومعني هذا أن أنواع العالم تتجدد.. ولكن العالم قديم مع الله تعالي.. وسبب شبهته أن يقول إن قدرة الله لا يصح أن تكون بلا مقدور.

وكذلك مذهبه في العرش، فهو بزعمه قديم مع الله ولكنه يتجدد، فهو قائل بقدم العرش النوعي لا العيني.

وهذا نفس ما يقوله الفلاسفة الذين كفرهم علماء المسلمين، لأنهم يثبتون موجوداً واجب الوجود قديماً مع الله تعالي!!

فتأمل في كل ما نقلته عنه يا شعاع، ولاحظ أن هجومه علي القائلين بالقدم العيني فقط، لا النوعي!!

وكتب (شعاع) بتاريخ 29-9-1999، الثامنة مساءً:

لا أدري ما هو المصدر الذي تنتقي منه كلامك.. عموماً كلام الشيخ واضح وتلفيقاتك وشبهاتك مردودة من كلامه.. وكلام الشيخ معروف وهو مذهب أهل السنة.. أن صفات الله قديمة أزلية.. بمعني أنه خالق قبل وجود مخلوق ونحوه.. وعالم قبل وجود المعلوم ونحوه.. ولم يكتسب شيئاً من الصفات بعد خلق الخلق.. أما باقي أقوالك فأتحداك أن تثبتها من أقوال شيخ الإسلام.. وأين ضعف الحديث؟

وإن كنت صادقاً فيما تقول فهات دليلك علي كل نقطة تدعيها.. واذهب إلي السقاف لعله يفيدك..

ص: 81

فكتب العاملي بتاريخ 29-9-1999، العاشرة ليلاً:

مما كتبتُه إلي محب السنة في موضوع ابن حجر:

أيها الخبير بكتب ابن تيمية كخبرة أهل مكة بشعابها..

هذا الشِّعب لابن تيمية اسمه: شِعب قدم العالم ووجوده مع الله تعالي!!!

? قال في (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول) المطبوع بهامش منهاج السنة 1/245:

" قلت هذا من نمط الذي قبله، فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث ".

وقال في 2/5:

" وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم، فإنهم لا يجعلون النوع حادثاً بل قديماً ".

وقال في (شرح حديث عمران بن حصين) صفحة 193:

" وإن قدر أن نوعها لم يزل معه!! فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل!!

بل هي من كماله!! " انتهي.

فهل تقنع، يا شعاع، أم تطير نفسك شعاعاً؟!

وكتب (الصارم المسلول)، الحادية عشرة ليلاً:

يا عاملي قد شرح شيخ الإسلام مقصوده، فهل أنت أفهم منا بعلمائنا؟

وما بالك لو أن شيخ الإسلام لم يشرح مقصوده، هل كنت تكفره؟؟

وكتب (شعاع) بتاريخ 30-9-1999 السابعة مساءً:

وكالعادة يالعاملي.. دوماً ما تثبت جهلك وأنك تنقل ما لا تعلم معناه..

ص: 82

وهل تفهم معني قدم نوع العالم؟؟ يعني أن الله خالق قبل وجود الخلق وعليم قبل وجود المعلوم، وهكذا.

فأجاب العاملي:

قال ابن تيمية في (مجموع الفتاوي 16/366):

" وإذا كان الخلق فعله فهو بمشيئته، إذ يمتنع أن يكون فعله بغير مشيئة، وما كان بالمشيئة امتنع قدم عينه، بل يجوز قدم نوعه....

والثاني: أنه يمتنع حدوث ذلك، فإن من لا يكون متكلماً يمتنع أن يجعل نفسه متكلماً، ومن لا يكون عالماً يمتنع أن يجعل نفسه عالماً، ومن لا يكون حياً يمتنع أن يجعل نفسه حياً، فهذه الصفات من لوازم ذاته وكذلك من لا يكون خالقاً يمتنع أن يجعل نفسه خالقاً، فإنه إذا لم يكن قادراً علي أن يخلق فجعله خالقه أعظم فيكون هذا ممتنعاً بطريق الأولي...... وهذا يبطل أصل الجهمية، وهذا مما يدل علي أنه لم يزل حياً عليماً قديراً مريداً متكلماً فاعل إذ لا مقتضي لهذه الأشياء إلا ذاته، وذاته وحدها كافية في ذلك، فيلزم قدم النوع، وأنه لم يزل متكلماً إذا شاء لكن أفراد النوع تحصل شيئاً بعد شئ بحسب الإمكان والحكمة ". انتهي.

وحتي لو سلمنا تأويلات المؤولين لكلام ابن تيمية، فإن تبنيه لحديث أبي رزين صريح في قدم العالم مع الله تعالي، بالذات لا بالنوع!!!

قال العاملي:

وغاب أتباع ابن تيمية شعاع والصارم، ولم يجب منهم أحد!

ص: 83

عندما يعجزون عن تبرئة ابن تيمية تسوء أخلاقهم

وبعد أن عجز مشارك عن الدفاع العلمي عن ابن تيمية وأكثر من التهويل علي العاملي، وفتح موضوعات عديدة ضدَّه بأنه يكذب علي ابن تيمية!!

كتب العاملي موضوعاً بعنوان (إثبات أن ابن تيمية مجسّم، مشبّه، يزعم أن مع الله غيره قبل خلق جميع الخلق)، جاء فيه:

قال الشيخ مشارك بتاريخ 19-7-1999، رداً علي موضوعي عن تجسيم ابن تيمية والوهابيين:

" كعادتك في الكذب والإفتراء يا عاملي تقول: قالوا: كان الهواء قبل معبودهم أو معه! ولكن قال ابن تيميه في (مجموعة الرسائل 2-4-95): حديث أبي رزين العقيلي.. أنه سأل النبي (صلی الله علیه و آله)، فقال يا رسول الله: أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ فقال: كان في عماء، ما فوقه هواء ما تحته هواء. فلماذا هذا الكذب والإفتراء يا صاحب الهوي، من أين أثبتَّ أن أهل السنة والجماعة يقولون أن الهواء كان موجوداً قبل الله " انتهي.

ثم نقل مشارك جزءاً من كلام ابن تيمية وتبناه، ومنه قوله:

" ولا ريب أن الله تعالي ليس كمثله شئ، ولكن ليس مقصودهم إلا أن حقيقة التشبيه منتفية عنه حتي لا يثبتون أمراً متفقاً عليه، وتحقيق هذا الموضع بالكلام في معني التشبيه والتمثيل، أما التمثيل فقد نطق الكتاب بنفيه عن الله في غير موضع كقوله تعالي: ليس كمثله شئ. وقوله: هل تعلم له سمياً. وقوله: ولم يكن له كفواً أحد. وقوله: فلا تجعلوا لله أنداداً. وقوله فلا تضربوا له الأمثال ".

ص: 84

وكتبتُ له بنفس التاريخ: الحمد لله أنك اعترفت بأن الله تعالي له شبيه والعياذ بالله، وحجتك أن القرآن نفي المثل ولم ينفِ الشبيه!!

وهو قول إمامك ابن تيمية الذي كفره علماء المسلمين بسبب هذا الكلام وأمثاله!!

وكذلك اعترفت بأنك تعتقد بصحة حديث أم الطفيل الذي صححه الشيخ محمد بن عبد الوهاب في آخر كتاب التوحيد..!!

وسؤالي: بالله عليك.. ألا أخبرتني بدون تقية في صفات ربك؟!!

أولاً: من هو شبيه الله تعالي، برأيك؟؟

وثانياً: هل تعرف نص حديث أم الطفيل من المصادر المختلفة يا مشارك؟ وما أدراك ما حديث أم الطفيل؟!...

فأجاب (مشارك) بتاريخ 20-7-1999:

هل أقريت (كذا) بكذبك عندما لم ترد علي هذا كعادتك في الكذب والافتراء، يا عاملي؟ تقول: " وقالوا كان الهواء قبل معبودهم أو معه!! قال ابن تيميه في مجموعة الرسائل 2-4-95: حديث أبي رزين العقيلي.. أنه سأل النبي (صلی الله علیه و آله)، فقال يا رسول الله: أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ فقال: كان في عماء، ما فوقه هواءٌ ما تحته هواءٌ ".

فلماذا هذا الكذب والإفتراء يا صاحب الهوي. من أين أثبتَّ أن أهل السنة والجماعة يقولون أن الهواء كان موجوداً قبل الله.

قال العاملي:

ص: 85

ثم هاجمني مشارك شاتماً علي عادته.. بسبب أني نقلتُ عن ابن بطوطة مشاهدته التي رواها في رحلته، مع أنه روي شبيهاً بها ثلاثة مؤلفين غيره عن ابن تيمية وأن ابن تيمية قال بالتجسيد...

ثم قال مشارك: " فالحمد لله علي نعمة الإسلام.. يا أهل الرفض والتعطيل.. يا أجهل الناس بمن تزعمون أنه لكم إله، يقول تعالي: لما خلقت بيدي. فهنا في هذه الآية ذكر يدان (كذا)، فلا تستقيم أن تؤولوها بالقدرة، فهل تقول بقدرتيْ، وهل لله بزعمكم قدرتان؟ لم تعترف بهذا كله ولكنك زدت في البهتان زيادة لم أعهدها في مخلوق!!!! ألا تستحي من الله، أتظن أن من يقرأ هذا الكلام غبي لا يقرأ ولا يفهم.. " انتهي.

وهذه عادة في المجسمين المشبهين وأسلوبهم في المناظرة، فهم يستعملون التقية مع المسلمين في معبودهم!!

وعندما يرون عدة أدلة تدينهم يسكتون عن الأدلة القوية التي لا يستطيعون التنفس في مقابلها، ويتشبثون بما يظنونه نقطة هروب في أحدها!!

ولهذا أخذ مشارك حديث: العماء، ونتفاً من غيره، وترك الأدلة الساطعة علي تجسيمهم، ومنها:

تصحيح الألباني لحديث أم الطفيل..

وحديث الحاخام..

وبقية نصوص ابن تيمية الصريحة بأن الله تعالي جسم وله شبيه، وأنه موجود في مكان، وأن الأيْن بزعمه ثابت له!! وهي جميعاً موجودة في مقالاتي في هذا الموقع لمن أراد معرفة الحق!

ص: 86

وزيادة في الإستدلال، ومن أجل أن تتضح الحقيقة لمن كان له قلبٌ، فقد حققت حديث العماء وبيَّنتُ أن عمدة علماء الجرح والتعديل السنيين ضعفوه، أو حكموا بوضعه، وأنه من خيالات البدوي أبي رزين، واسمه: لقيط بن فلان العقيلي!!

وغرضي هنا أن أثبت أن عقيدة ابن تيمية بالله تعالي مأخوذة من تصورات اليهود، ومن الأعراب الذين أخذوا من اليهود، مثل أبي رزين!!

لقد آن الأوان لأن يعي المسلمون واقع من يصدرون عليهم أحكام التكفير والشرك لأدني سبب.. بينما هم يأخذون صفات معبودهم من غير المسلمين!!

ص: 87

ص: 88

الفصل الثاني: عائشة تحكم بكفر ابن تيمية و أسلافه

اشارة

ص: 89

ص: 90

عائشة تحكم بكفر ابن تيمية و أسلافه

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 15-6-1999، موضوعاً بعنوان (أم المؤمنين عائشة تحكم بكفر ابن تيمية!!)، جاء فيه:

تدل نصوص الحديث والتاريخ علي أن الجوَّ الذي كان سائداً في صحابة النبي في عهده صلي الله عليه وآله وعهد الخليفة أبي بكر، أن الله تعالي ليس من نوعِ ما يُري بالعين أو يُحسَّ بالحواس الخمس.. لأنه وجودٌ أعلي من الأشياء المادية فلا تناله الأبصار، بل ولا تدركه الأوهام وإنما يدرك بالعقل ويري بالبصيرة.. ورؤيتها أرقي وأعمق من رؤية البصر.

ثم ظهرت أفكار الرؤية والتشبيه، وشاعت في المسلمين في عهد الخليفة عمر وما بعده، فنهض أهل البيت عليهم السلام وبعض الصحابة لردِّها وتكذيبها.

وقد فوجئت أم المؤمنين عائشة كغيرها بهذه المقولات الغريبة عن عقائد الإسلام، المناقضة لما بلَّغهُ النبي صلي الله عليه وآله عن ربه تعالي!

فأعلنت أن هذه الأحاديث مكذوبة علي رسول الله، بل هي فِرْيَةٌ عظيمة علي الله تعالي وسوله، ويجب علي المسلمين ردها وتكذيبها.

روي البخاري في صحيحه 6/50:

ص: 91

" عن مسروق، قال: قلت لعائشة رضي الله عنها: يا أُمَّتَاه، هل رأي محمد صلي الله عليه وسلم ربه؟ فقالت: لقد قَفَّ شعري مما قلت!

أين أنت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب: من حدثك أن محمداً صلي الله عليه وسلم رأي ربه فقد كذب، ثم قرأت: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب، ومن حدثك أنه يعلم ما في غدٍ، فقد كذب، ثم قرأت: وما تدري نفس ماذا تكسب غداً، ومن حدثك أنه كتم فقد كذب، ثم قرأت: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. الآية، ولكنه رأي جبرئيل عليه السلام في صورته مرتين.. " انتهي.

ولا يبعد أن يكون أصل تعبير: الفرية علي الله، نبوياً.

فقد روي أحمد شبيهاً له في مسنده 3/491 عن واثلة بن الأسقع قال:

" سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم، يقول: إن أعظم الفرية ثلاث... إلخ ".

كما لا يبعد أن يكون في أصله وصفاً لليهود.

فقد روي الهيثمي في مجمع الزوائد 4/122:

" أن عبد الله بن رواحة قاله ليهود خيبر: فلما طاف في نخلهم فنظر إليه، قال: والله ما أعلم من خلق الله أحداً أعظم فرية عند الله وعداءً لرسول الله صلي الله عليه وسلم منكم " انتهي.

وأوضح من ذلك الرواية التالية التي تدل علي أن اليهود منبع (الفِرَي) علي الله تعالي!

فقد روي المجلسي في (بحار الأنوار) 36 /194:

ص: 92

" عن ابن عباس، أنه حضر مجلس عمر بن الخطاب يوماً وعنده كعب الحبر، إذ قال (عمر): يا كعب، أحافظ أنت للتوراة؟ قال كعب: إني لأحفظ منها كثيراً. فقال رجل من جنبة المجلس: يا أمير المؤمنين سله أين كان الله جل ثناؤه قبل أن يخلق عرشه، ومِمَّ خلق الماء الذي جعل عليه عرشه؟

فقال عمر: يا كعب، هل عندك من هذا علم؟

فقال كعب: نعم يا أمير المؤمنين، نجد في الأصل الحكيم أن الله تبارك وتعالي كان قديماً قبل خلق العرش، وكان علي صخرة بيت المقدس في الهواء، فلما أراد أن يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه!

قال ابن عباس: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام حاضراً، فَعَظَّمَ عليٌّ ربه، وقام علي قدميه، ونفض ثيابه!

فأقسم عليه عمر لمَاَ عاد إلي مجلسه، ففعله.

قال عمر: غص عليها يا غواص، ما تقول يا أبا الحسن، فما علمتك إلا مفرجاً للغم.

فالتفت علي عليه السلام إلي كعب، فقال: غلط أصحابك، وحرفوا كتب الله وفتحوا الفرية عليه!!

يا كعب ويحك! إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله ولا تسع عظمته، والهواء الذي ذكرت لا يحوز أقطاره، ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكان لهما قدمته، وعزّ الله وجلّ أن يقال له مكان يومي إليه، والله ليس كما يقول الملحدون ولا كما يظن الجاهلون، ولكن كان ولا مكان، بحيث لا تبلغه

ص: 93

الأذهان، وقوْلي: [كان] عجز عن كونه، وهو مما عَلَّم من البيان، يقول الله عز وجل: خلق الإنسان علمه البيان. فقوْلي له: [كان] ما علمني من البيان لأنطق بحججه وعظمته، وكان ولم يزل ربنا مقتدراً علي ما يشاء، محيطاً بكل الأشياء، ثم كَوَّنَ ما أراد بلا فكرة حادثة له أصاب، ولا شبهة دخلت عليه فيما أراد، وإنه عز وجل خلق نوراً ابتدعه من غير شئ، ثم خلق منه ظلمة، وكان قديراً أن يخلق الظلمة لا من شئ، كما خلق النور من غير شئ، ثم خلق من الظلمة نوراً وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين، ثم زجر الياقوتة فماعت لهيبته فصارت ماءً مرتعداً ولا يزال مرتعداً إلي يوم القيامة، ثم خلق عرشه من نوره وجعله علي الماء، وللعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف لغة ليس فيها لغة تشبه الأخري، وكان العرش علي الماء من دونه حجب الضباب، وذلك قوله: وكان عرشه علي الماء ليبلوكم.

يا كعب ويحك، إنَّ من كانت البحار تَفلته علي قولك، كان أعظم من أن تحويه صخرة بيت المقدس أو يحويه الهواء الذي أشرت إليه أنه حلّ فيه! فضحك عمر بن الخطاب وقال: هذا هو الأمر، وهكذا يكون العلم، لا كعلمك يا كعب. لا عِشتُ إلي زمانٍ لا أري فيه أبا حسن " انتهي.

فهذه النصوص القوية وغيرها، تجعل الباحث يطمئن إلي أن وجود إصبع الثقافة اليهودية في المسألة هو الذي أوجب كل هذا الإستنفار والموقف الحاسم من أهل البيت عليهم السلام وعائشة!

فكتب (ياسين داود):

جزيت خير الجزاء، وجعله الله في ميزان أعمالك.

ص: 94

وكتب (سماحة):

هذه عقائدهم، فماذا عن فقههم؟!

وكتب العاملي بتاريخ 14-6-1999:

رفع مشارك وجماعته شعار: واغيرتاه.. واغيرة الدين.

لأن الشيعة أدانوا خروج عائشة علي أمير المؤمنين عليه السلام!

واتهمونا بأنا - والعياذ بالله - نتهم عائشة بأمر أخلاقي!!

فإن كانوا صادقين في إخلاصهم لأم المؤمنين عائشة، فهذه هي تحكم بكفر ابن تيمية، لأنه يتبني في عقيدته فريةً عظيمةً علي الله تعالي علي حد تعبيرها!!! فما رأيك بقولها يا مشارك؟!!

فكتب (مشارك) في نفس اليوم:

هل تعتبرونها أم المؤمنين حقيقة أم تقية؟ أجبني عن هذا، أولاً؟

فأجاب العاملي:

إعتقادي الشخصي أن الحصانة الربانية التي منحها الله تعالي لنساء النبي صلي الله عليه وآله، لها جانبان: جانب الحساب في الآخرة، والجانب التشريعي الحقوقي علي المسلمين.

ولعل أهم ما في الأخير: لقب أم المؤمنين. ومن البعيد أن الله تعالي جعله مطلقاً بدون أي شرط.

فمن المفيد أن نبحث عن شرطه الشرعي الذي يدور الإستحقاق مداره، وهل توفر فيهن إلي أن توفين، أو انتفي عنهن؟

ص: 95

من جهة أخري، رأيت في بعض مصادرنا أن رسول الله صلي الله عليه وآله أوصي نساءه بطاعة علي عليه السلام من بعده.. وأعطاه حق نزع اللقب عن التي تستوجب ذلك منهن!!

وهذه المسألة تحتاج إلي بحث أيضاً.. ولم أبحثها إلي الآن.

ربما أني لا أعلم يقيناً بنزع اللقب عنها شرعاً، فيجوز لي أن أسميها أم المؤمنين، وإن كانت ممسؤولة عند الله عن دماء عشرين ألفاً، سبَّبت قتلهم من أبنائها! ولم تعلن ندمها ولا توبتها من ذلك، ولا دفعت دياتهم!!

وكتب (الأحسائي) في نفس اليوم:

ثم.. لا تهرب يا مشارك عن الواقع، وعن الموضوع!

فكتب (مشارك):

كاد المريب أن يقول خذوني. لماذا لا تكون شجاعاً مثل العروة الوثقي يا عاملي، فقد أعلنها صريحة. وإلي أن تصل إلي قناعة في موضوع أم المؤمنين عائشة، فبعد ذلك تستطيع أن تستدل بكلامها، أليس كذلك يا عاملي ويا أحسائي، وبعد هذا نستطيع أن نناقشك فيما توصلت إليه بفهمك.

فكتب العاملي:

لم يبقَ لك عذر، فدافع عن ابن تيمية وأجب عن:

الفرية العظيمة علي الله تعالي ودينه.. التي حكمتْ بها أم المؤمنين عائشة علي من زعم أن الله تعالي يري بالعين!

قال العاملي:

وغاب مشارك ولم يجب هو ولا غيره علي تكفير أمِّهم لإمامهم!!

ص: 96

الوهابيون و عصمة ابن تيمية

كتب العاملي بتاريخ 28-6- 1999، موضوعاً بعنوان (زعم مشارك أن للنبي (صلی الله علیه و آله) أخطاء!! وجعل ابن تيمية معصوماً!!)، جاء فيه:

ما هذا البلاء الذي ابتلي به مشارك وأمثاله؟!! لقد أُشرِبوا في قلوبهم حب هذا الشامي الحرَّاني ابن تيمية، فلم يعودوا يروا غيره!!

تراهم يقبلون أن ينسب الخطأ إلي النبي صلي الله عليه وآله! وأن فلاناً كان يصحِّح له أخطاءه، ولا يقبلون أن ينسب أي خطأ إلي ابن تيمية!!

وتراهم يردُّون أحاديث البخاري، ولا يردون كلام ابن تيمية!

وإذا ناقش أحدٌ ابن تيمية نقاشاً علمياً، انتفخت أوداجهم واتهموه بالكذب والتجنِّي..

وإذا وقفت سفينتهم عند (حديث العماء) الذي قبِلَهُ ابن تيمية واستشهد به في كتبه مرات عديدة..

قالوا له: هل صحَّحتَ الحديث من مصادره؟!!

وإذا جئتَ لهم بتصريح ابن تيمية بأن الله تعالي: جسم وله شبيه.. جسم وله شبيه.. جسم وله شبيه.. صاروا مؤوِّلة للدفاع عن إمامهم، والتأويل عند إمامهم حرام!! أليس هذا زعماً بعصمة ابن تيمية؟

وكيف تكون العصمة حمراء.. أو صفراء؟!!

فكتب (مشارك) في نفس اليوم:

ص: 97

كاذب كذوب كذاب كبير الكذابين، دجال مكابر معاند مستكبر كبير الدجاجلة، وماذا أيضاً. أين جعلت ابن تيمية معصوماً يا كبير الأبالسة، أكُلُّ هذا لأني طالبتك بنص الحديث!!

فأجابه (FULLMOON)، في نفس اليوم أيضاً:

أنتم لا تقولونها صراحةً، ولكنكم لا تقبلون تخطئته، وتقبلون أن تخطئوا رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وتنسبون إليه أنه المقصود بقوله تعالي: عبس وتولي.. حتي تبعدوا التهمة عن عثمان!

وتقولون إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم أخطأ عندما استغفر لمنافق وعمر أصاب عندما اعترض عليه!

راجع فضائل عمر، والكثير الكثير!

إنا لله وإنا إليه راجعون! والسلام لأهله.

فأجاب العاملي:

المسألة بسيطة لا تحتاج إلي الحدَّة والاتهام!

أنت متخصص في ابن تيمية وقد درستَ كتبه الكثيرة..

فإن كنت لا تعتقد بعصمته، فاذكر لي فكرة أساسية خاطئة من أفكاره!

وسأوافيك إن شاء الله بحديث العماء الذي اعتمد عليه، وتفسيراته المختلفة له في كتبه!!

فكتب (مشارك) مساءً:

يكفي ما تشبعتم به من حقد وأفكار علي ابن تيمية، وليس من عادتي ذكر أخطاء علمائنا وخصوصاً في مثل هذا الموقع، ولكن سبق أن سألتني سؤالاً قريباً

ص: 98

من هذا وأجبتك: كل يؤخذ من قوله ويرد، إلا المصطفي صلي الله عليه وسلم، فلماذا الإفتراء عليّ، يا عاملي. ثق أني لن أسامحك في هذه أبداً ما لم تعتذر.

فأجابه العاملي:

الحمد لله أني لم أسبُّك.. أما أنت، فإن شئت كلفتُ عاملاً بأن يلمَّ لك كيساً من سبك وشتمك لنا!!!

ثم.. ما هذا القضاء العادل يا شيخ مشارك: أن المشتوم يجب أن يعتذر من الشاتم؟! فهل هذا من فتاوي ابن تيمية أيضاً؟!!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 29 –6-1999:

أحسنت أيها الأخ العاملي كثير الإحسان، ولعمري لقد أفحم مشارك أيما إفحام.. وأعتقد أنه لا يعود لمثلها، إن كان ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

وكتب (مشارك):

أنت افتريت عليَّ يا عاملي بأن مكانة ابن تيمية عندي أكبر من مكانة النبي صلي الله عليه وسلم، وأني أقول أن ابن تيمية معصوم، مع أني سبق أن أكدت لك هذا.

وثق أني لن أسامحك في هذا حتي تعتذر، وعند الله الحساب. حسبي الله ونعم الوكيل.

وكتب (عبد الله الشيعي) في هذا الموضوع بتاريخ 5-7-1999:

نعم هكذا أنتم يا شيخ مشارك: كل شئ إلا بن تيمية.

هذا كل شئ.. والسلام من الله خير تحية..

سبحان الذي أذل عباده بالموت. انتهي.

ص: 99

قال العاملي: وغاب مشارك.. ولم يجب!

ص: 100

الفصل الثالث: اهل البيت يردون علي مذهب المجسمين اليهود

اشارة

ص: 101

ص: 102

اهل البيت يردون علي مذهب المجسمين اليهود

كتب العاملي (سيأتي في مناظرته مع مشارك):

روي الكليني في الكافي 1/295:

" عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيي، قال: سألني أبو قرة المحدث أن أدخله علي أبي الحسن الرضا عليه السلام، فاستأذنته في ذلك فأذن لي، فدخل عليه، فسأله عن الحلال والحرام والأحكام حتي بلغ سؤاله إلي التوحيد، فقال أبو قرة: إنا روينا أن الله قسم الرؤية والكلام بيْن نبيِّيْن، فقسم الكلام لموسي ولمحمد الرؤية.

فقال أبو الحسن عليه السلام: فمَن المبلغ عن الله إلي الثقلين من الجن والإنس: لا تدركه الأبصار، ولا يحيطون به علماً، وليس كمثله شئ، أليس محمد! قال: بلي. قال: كيف يجئ رجل إلي الخلق جميعاً، فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلي الله بأمر الله، فيقول: لا تدركه الأبصار، ولا يحيطون به علماً، وليس كمثله شئ، ثم يقول: أنا رأيته بعيني، وأحطت به علماً، وهو علي صورة

ص: 103

البشر! أما تستحيون؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا: أن يكون يأتي من عند الله بشئ، ثم يأتي بخلافه من وجه آخر؟!

قال أبو قرة: فإنه يقول: ولقد رآه نزلة أخري.

فقال أبو الحسن عليه السلام: إن بعد هذه الآية ما يدل علي ما رأي، حيث قال: ما كذب الفؤاد ما رأي، يقول: ما كذب فؤاد محمد ما رأت عيناه، ثم أخبر بما رأي، فقال: لقد رأي من آيات ربه الكبري، فآيات الله غير الله، وقد قال الله: ولا يحيطون به علماً، فإذا رأته الأبصار فقد أحاطت به العلم ووقعت المعرفة!

فقال أبو قرة: فتكذب بالروايات! فقال أبو الحسن عليه السلام: إذا كانت الروايات مخالفة للقرآن كذبتها. وما أجمع المسلمون عليه أن لا يحاط به علماً، ولا تدركه الأبصار، وليس كمثله شئ " انتهي.

وقال محققه في هامشه:

" وقد أفرد العلامة المجاهد السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي قدس سره كتاباً أسماه: كلمة حول الرؤية فجاء شكر الله سعيه وافياً كما يهواه الحق ويرتضيه الإنصاف، ونحن نذكر منه بعض الأدلة العقلية منها: أن كل من استضاء بنور العقل يعلم أن الرؤية البصرية لا يمكن وقوعها ولا تصورها إلا أن يكون المرئي في جهة ومكان ومسافة خاصة بينه وبين رائيه، ولا بد أن يكون مقابلاً لعين الرائي، وكل ذلك ممتنع علي الله تعالي مستحيل بإجماع أهل التنزيه من الأشاعرة وغيرهم.

ومنها: أن الرؤية التي يقول الأشاعرة بإمكانها ووقوعها، إما أن تقع علي الله كله فيكون مركباً محدوداً متناهياً محصوراً يشغل فراغ الناحية المرئي فيها،

ص: 104

فتخلو منه بقية النواحي، وإما أن تقع علي بعضه فيكون مبعضاً مركباً متحيزاً، وكل ذلك مما يمنعه ويبرأ منه أهل التنزيه من الأشاعرة وغيرهم.

ومنها: أن كل مرئي بجارحة العين مشار إليه بحدقتها، وأهل التنزيه من الأشاعرة وغيرهم ينزهون الله تعالي عن أن يشار إليه بحدقة، كما ينزهونه عن الإشارة إليه بإصبع أو غيرها.

ومنها: أن الرؤية بالعين الباصرة لا تكون في حيز الممكنات ما لم تتصل أشعة البصر بالمرئي، ومنزهو الله تعالي من الأشاعرة وغيرهم مجمعون علي امتناع اتصال شئ ما بذاته جل وعلا.

ومنها: أن الإستقراء يشهد أن كل متصور لا بد أن يكون إما محسوساً أو متخيلاً، من أشياء محسوسة أو قائماً في نفس المتصور بفطرته التي فطر عليها، فالأول كالأجرام وألوانها المحسوسة بالبصر وكالحلاوة والمرارة ونحوهما من المحسوسة بالذائقة. والثاني: كقول القائل: أعلام ياقوت نشرن علي رماح من زبرجد، ونحوه مما تدركه المخيلة مركباً من عدة أشياء أدركه البصر. والثالث: كالألم واللذة والراحة والعناء والسرور والحزن ونحوها مما لا يدركه الإنسان من نفسه بفطرته، وحيث أن الله سبحانه متعالٍ عن هذا كله، لم يكن تصوره ممكناً " انتهي. وروي النيسابوري في روضة الواعظين - 33 حديث أبي قرة المتقدم.

ورواه المجلسي في بحار الأنوار 4/36، وقال في ص 37:

" قوله تعالي: ما كذب لفؤاد ما رأي، يحتمل كون ضمير الفاعل في رأي راجعاً إلي النبي صلي الله عليه وآله وإلي الفؤاد. قال البيضاوي: ما كذب الفؤاد ما رأي ببصره من صورة جبرئيل، أو ما كذب الفؤاد بصره بما حكاه له، فإن الأمور القدسية تدرك أولاً بالقلب، ثم تنقل منه إلي البصر، أو ما قال فؤاده لما رآه: لم أعرفك،

ص: 105

ولو قال ذلك كان كاذباً، لأنه عرفه بقلبه كما رآه بصره، أو ما رآه بقلبه والمعني لم يكن تخيلاً كاذباً. ويدل عليه أنه سئل عليه السلام: هل رأيت ربك؟ فقال: رأيته بفؤادي، وقرأ: ما كذب، أي صدقه ولم يشك فيه. أفتمارونه علي ما يري: أفتجادلونه عليه، من المراء وهو المجادلة " انتهي كلام المجلسي.

الامام الكاظم والإمام الرضا: يكشفان تحريف حديث النزول

قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 183:

" عن يعقوب بن جعفر الجعفري، عن أبي إبراهيم موسي بن جعفر عليهما السلام قال: ذكر عنده قوم يزعمون أن الله تبارك وتعالي ينزل إلي السماء الدنيا، فقال: إن الله تبارك وتعالي لا ينزل ولا يحتاج إلي أن ينزل، إنما منظره في القرب والبعد سواء، لم يبعد منه قريب ولم يقرب منه بعيد، ولم يحتج بل يحتاج إليه، وهو ذو الطول لا إله إلا هو العزيز الحكيم.

أما قول الواصفين: إنه تبارك وتعالي ينزل، فإنما يقول ذلك من ينسبه إلي نقص أو زيادة، وكل متحرك محتاج إلي من يحركه أو يتحرك به، فظن بالله الظنون فهلك، فاحذروا في صفاته من أن تقفوا له علي حد، فتحدوه بنقص أو زيادة أو تحرك أو زوال أو نهوض أو قعود، فإن الله جل عن صفة الواصفين، ونعت الناعتين، وتوهم المتوهمين ".

وقال الصدوق في كتابه التوحيد ص 176:

" عن إبراهيم بن أبي محمود، قال: قلت للرضا عليه السلام: يا ابن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه الناس عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، أنه قال: إن الله تبارك وتعالي ينزل كل ليلة إلي السماء الدنيا؟

ص: 106

فقال عليه السلام: لعن الله المحرفين الكلم عن مواضعه، والله ما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كذلك، إنما قال صلي الله عليه وآله: إن الله تبارك وتعالي ينزل ملكاً إلي السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير، وليلة الجمعة في أول الليل فيأمره فينادي: هل من سائل فأعطيه، هل من تائب فأتوب عليه، هل من مستغفر فأغفر له، يا طالب الخير أقبل، يا طالب الشر أقصر، فلا يزال ينادي بهذا حتي يطلع الفجر، فإذا طلع الفجر عاد إلي محله من ملكوت السماء. حدثني بذلك أبي عن جدي عن رسول الله صلي الله عليه وآله ". انتهي.

وصدق رسول الله وآله صلي الله عليه وعليهم.

ص: 107

ص: 108

الفصل الرابع: عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

اشارة

ص: 109

ص: 110

عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

كتب العاملي بتاريخ 9-7-1999، موضوعاً طويلاً بعنوان (عوامل نشأة التجسيم في عقيدة المسلمين)، جاء فيه:

يصل المتأمل في المسألة إلي أن مشكلة التجسيم عند بعض السنيين، نشأت من العوامل التالية:

العامل الأول: ميلُ العوام إلي التشبيه والتجسيم.

فللذِّهن البشري حالة ابتدائية طفولية يتصور فيها كثيراً من الأمور تصوراً خاطئاً، حتي إذا تعمق في الفكر والتجربة تصححت نظرته!...

العامل الثاني: الخوف من أن يؤدي التنزيه إلي التعطيل.

فقد أفرط بعضهم في التأكيد علي الصفات السلبية وتنزيه الله تعالي، فخاف الآخرون من سلب فاعليته تعالي وتأثيره في الوجود، فوقعوا في الإفراط من الجهة الأخري في الصفات الثبوتية! فتصوَّروا أن فاعلية الله تعالي وتدبيره للكون يتوقف علي أن يكون وجوداً محدوداً، يتجول في سماواته وينزل إلي أرضه ويتجسد في صورة إنسان... إلخ.

ص: 111

ونلاحظ أن هذين الخطَّيْن من الإفراط والتفريط موجودان عند المتكلمين والفلاسفة من الأمم السابقة، كما هما في هذه الأمة!

وقد أخذ الأشاعرة موقع الدفاع عن التحميد ومقاومة التعطيل، كما أخذ المعتزلة موقع الدفاع عن التنزيه ومقاومة التشبيه.

ونفس الكلام يرِد أيضاً في أفعال الإنسان، أو الجبر والإختيار، أو القضاء والقدر، فقال الأشاعرة بالجبر للدفاع عن فاعلية الله تعالي في الوجود.. بينما قال المعتزلة بحرية الإنسان ومسؤوليته عن أعماله للدفاع عن عدل الله تعالي وتنزيهه عن الظلم.

أما أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم فلهم موقفٌ ثالث، يمثل أصالة الدين الإلهي من آدم عليه السلام إلي محمد صلي الله عليه وآله، في تنزيه الله تعالي وتحميده في آن واحد، فنفوا عنه التشبيه والتجسيم والرؤية، كما نفوا عنه الظلم والإجبار، وأثبتوا فاعليته تعالي وهيمنته الشاملة علي الوجود، ومسؤولية الإنسان عن عمله، كما ستري إن شاء الله تعالي.

العامل الثالث: مضاهاة بعض المسلمين لليهود.

فقدكان الجدل بين المسلمين واليهود كثيراً في عهد النبي صلي الله عليه وآله وفي صدر الإسلام، ومن أبرز مسائله: المفاضلة بين نبينا صلي الله عليه وآله وبين النبي موسي عليه السلام.

وقد حاول بعض المسلمين مضاهاة اليهود بمعارضة كل فضيلة يذكرونها لموسي عليه السلام بإثبات فضيلة مقابلها من نوعها لنبينا صلي الله عليه وآله.. وكأن المسألة مغالبة بين نبيين، وكأن أذهان البشر هي التي تزن فضائل الأنبياء وتعطي أحدهم درجة الأفضلية أو المساواة! ولهذا عارض هؤلاء فضيلة تكليم الله تعالي لموسي عليه السلام

ص: 112

التي نص عليها القرآن، باختراع حديث رؤية النبي صلي الله عليه وآله لربه، لكي يتم بذلك تقسيم الفضائل بين الأنبياء عليهم السلام، ويكون الترجيح لفضائل نبينا صلي الله عليه وآله!!

العامل الرابع: تأثير ثقافة اليهود.

فقد بلغ من تحريف اليهود لدينهم أنهم قالوا بتشبيه الله تعالي بخلقه، وأنه محدود بشكل مادي، ثم جعلوا له ولداً، فقالوا: عزير ابن الله، بل قالوا: إن كل اليهود أبناء الله وأحباؤه وشعببه المختار.. إلي آخر ما حكي الله تعالي عنهم في القرآن.

وفي ما يلي نصوص من توراتهم الموجودة المطبوعة باسم العهد القديم والجديد، طبعة مجمع الكنائس الشرقية في بيروت:

جاء في العهد القديم 4/ 27:

" فخلق الله الإنسان علي صورته. علي صورة الله خلقه ذكراً وأنثي خلقهم ".

وجاء في ص 6:

" وسمعا صوت الرب الإله ماشياً في الجنة عند هبوب ريح النهار. فاختبأ آدم وامرأته من وجه الرب الإله في وسط شجر الجنة. فنادي الرب الإله آدم وقال له أين أنت؟ فقال: سمع صوتك في الجنة فخشيت لأني عريان فاختبأت. فقال: من أعلمك أنك عريان. هل أكلت من الشجرة التي أوصيتك أن لا تأكل منها. فقال آدم: المرأة التي جعلتها معي هي أعطتني من الشجرة، فأكلت ".

وجاء في الإنجيل ص 42:

" فإن من حلف بالمذبح فقد حلف به وبكل ما عليه. ومن حلف بالهيكل فقد حلف به وبالساكن فيه. ومن حلف بالسماء فقد حلف بعرش الله وبالجالس عليه... " إلي آخره!!

ص: 113

وأترك التعليق علي عقائد ابن تيمية للقارئ، وأكتفي بسؤال مشارك: بالله عليك، ألا تجد شبهاً إلي حدِّ وحدةِ الحال، بين هذه النصوص اليهودية والمسيحية، وبين عقائد ابن تيمية؟!!!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 12-7-1999:

الأخ العاملي المحترم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أحسنت وجزاك الله خير الجزاء.

وكتب (الشمري) بتاريخ 13-7-1999:

أحسنت يا عاملي.

قال العاملي:

فلم يعلق أحد من أتباع ابن تيمية علي هذا الموضوع بشئ!!

ص: 114

الفصل الخامس: التجسيم عند اليهود والنصاري

اشاره

عناوين المواضيع:

من نصوص التوراة في تحريف التوحيد..!

تاريخ اليهود في عبادة الأوثان!!

افتراء اليهود علي أنبيائهم أنهم عبدوا الأصنام!!

محاولة بعض اليهود أن يتبرؤوا من التشبيه والتجسيم

البابا لا يحب القرآن لأنه ليس فيه تجسيم ابن تيمية!

ص: 115

ص: 116

من نصوص التوراة في تحريف التوحيد

كتب العاملي بتاريخ 23-1-2000، موضوعاً بعنوان (يزعم اليهود أنهم موحِّدون.. وهم أول من حرفوا التوحيد وشبَّهوا الله بخلقه!!)، قال فيه:

بلغ من تحريف اليهود لدينهم أنهم قالوا بتشبيه الله تعالي بخلقه، وأنه محدود بشكل مادي، ثم جعلوا له ولداً، فقالوا: عزير ابن الله، بل قالوا: إن كل اليهود أبناء الله وأحباؤه وشعبه المختار. إلي آخر ما حكي الله تعالي عنهم في القرآن.

في ما يلي نصوص ننقلها من توراتهم الموجودة المطبوعة باسم العهد القديم والجديد، طبعة مجمع الكنائس الشرقية في بيروت:

جاء في العهد القديم ص 431:

" وعاد الرب يتراءي في شيلوه، لأن الرب استعلن لصموئيل في شيلوه بكلمة الرب. فأرسل الشعب إلي شيلوه وحملوا من هناك تابوت رب الجنود الجالس علي الكروبيم ".

وفي ص 491:

ص: 117

" وقام داود وذهب هو وجميع الشعب الذي معه من بعلة يهوذا، ليصعدوا من هناك تابوت الله الذي يدعي عليه بالإسم، اسم رب الجنود الجالس علي الكروبيم ".

وفي ص 579:

" فقال: رأيت كل إسرائيل مشتتين علي الجبال كخراف لا راعي لها. فقال الرب: ليس لهؤلاء أصحاب فليرجعوا كل واحد إلي بيته بسلام. فقال ملك إسرائيل ليهوشافاط: أما قلت إنه لا يتنبأ علي خيراً بل شراً. وقال: فاسمع إذاً كلام الرب. قد رأيت الرب جالساً علي كرسيه، وكل جند السماء وقوف لديه عن يمينه وعن يساره. فقال الرب: من يغوي أخآب فيصعد ويسقط في راموت جلعاد؟ فقال: هذا هكذا، وقال: ذاك هكذا ".

وفي ص 799:

" يا راعي إسرائيل اصغ، قائد يوسف كالضأن، يا جالساً علي الكروبيم أشرق قدام أفراي وبنيامين ومنسي، أيقظ جبروتك وهلم لخلاصنا ".

وفي ص 840:

" الرب في هيكل قدسه، الرب في السماء كرسيه، عيناه تنظران، أجفانه تمتحن بني آدم. الرب يمتحن الصديق، أما الشرير ومحب الظلم فتبغضه نفسه. يمطر علي الأشرار فخاً ناراً وكبريتاً، وريح السموم نصيب كأسهم ".

وفي ص 998:

" في سنة وفاة عز الملك رأيت السيد جالساً علي كرسي عال ومرتفع وأذياله تملأ الهيكل. السرافيم واقفون فوقه لكل واحد ستة أجنحة. باثنين يغطي وجهه وباثنين يغطي رجليه وباثنين يطير. وهذا نادي ذاك، وقال: قدوس قدوس

ص: 118

قدوس رب الجنود مجده ملأ كل الأرض. فاهتزت أساسات العتب من صوت الصارخ وامتلأ البيت دخاناً. فقلت: ويل لي إني هلكت لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لأن عيني قد رأتا الملك رب الجنود ".

وفي ص 1186:

" وكان بينما هم يقتلون وأبقيت أنا، أني خررت علي وجهي وصرخت وقلت: آه يا سيد الرب. هل أنت مهلك بقي إسرائيل كلها بصب رجزك علي أورشليم فقال لي: إن إثم بيت إسرائيل ويهوذا عظيم جداً جداً، وقد امتلأت الأرض دماء وامتلأت المدينة جنفاً. لأنهم يقولون الرب قد ترك الأرض والرب لا يري ".

وفي الإنجيل ص 42:

" فإن من حلف بالمذبح فقد حلف به وبكل ما عليه. ومن حلف بالهيكل فقد حلف به وبالساكن فيه ومن حلف بالسماء فقد حلف بعرش الله وبالجالس عليه ".

وفي ص 280:

" فالرجل لا ينبغي أن يغطي رأسه لكونه صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الشيطان. لأن الرجل ليس من المرأة بل المرأة من الرجل. ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل ".

وفي ص 321:

ص: 119

" فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضاً الذي إذ كان في صورة الله لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله. لكنه أخلي نفسه آخذاً صورة عبد صائراً في شبه الناس ".

وفي ص 325:

" الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا. الذي هو صورة الله غير المنظور بكر كل خليقة ".

وفي ص 366:

" ناظرين إلي رئيس الإيمان ومكمله يسوع الذي من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهيناً، بالخزي، فجلس في يمين عرش الله ".

وفي ص 399:

" من يغلب فسأعطيه أن يجلس معي في عرشي كما غلبت أنا أيضاً وجلست مع أبي في عرشه. من له أذن فليسمع ما يقول الروح للكنائس ".

وفي ص 399 -400:

" بعد هذا نظرت وإذا باب مفتوح في السماء والصوت الأول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلاً: إصعد إلي هنا فأريك ما لا بد أن يصير بعد هذا. وللوقت صرت في الروح وإذا عرش موضوع في السماء وعلي العرش جالس. وكان الجالس في المنظر شبه حجر اليشب والعقيق وقوس قزح حول العرش في المنظر شبه الزمرد. وحول العرش أربعة وعشرون عرشاً.

ورأيت علي العروش أربعة وعشرين شيخاً جالسين متسربلين بثياب بيض وعلي رؤوسهم أكاليل من ذهب.

ومن العرش يخرج بروق ورعود وأصوات.

ص: 120

وأمام العرش سبعة مصابيح نار متقدة هي سبعة أرواح الله ".

وفي ص 400:

" وشكراً للجالس علي العرش إلي أبد الآبدين ".

وفي ص 401:

" ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش والحيوانات والشيوخ وكان عددهم ربوات ربوات وألوف ألوف. وكل خليقة مما في السماء وعلي الأرض وتحت الأرض وما علي البحر كل ما فيها سمعتها قائلة: للجالس علي العرش وللخروف البركة والكرامة والمجد والسلطان إلي أبد الآبدين ".

وفي ص 403:

" من أجل ذلك هم أمام عرش الله ويخدمون نهاراً وليلاً في هيكله، والجالس علي العرش يحل فوقهم ".

وفي ص 417:

" والأربعة والعشرون شيخاً، والأربعة الحيوانات، وسجدوا لله الجالس علي العرش ".

وجاء في ص 419:

" وقال الجالس علي العرش: ها أنا أصنع كل شئ جديداً. وقال لي: أكتب فإن هذه الأقوال صادقة وأمينة ".

تاريخ اليهود في عبادة الأوثان

قال الدكتور أحمد شلبي في كتاب مقارنة الأديان 2 / 243، طبعة مكتبة النهضة المصرية 1973، تحت عنوان: الله عند اليهود:

ص: 121

" لم يستطع بنو إسرائيل في أي فترة من فترات تاريخهم أن يستقروا علي عبادة الله الواحد الذي دعا له الأنبياء، وكان اتجاههم إلي التجسيم والتعدد والنقيصة واضحاً في جميع مراحل تاريخهم، وعلي الرغم من ارتباط وجودهم بإبراهيم إلا أن البدائية الدينية كانت طابعهم، وكثرة أنبيائهم دليل علي تجدد الشرك فيهم، وبالتالي تجدد الحاجة إلي أنبياء يجددون الدعوة إلي التوحيد، وكانت هذه الدعوات قليلة الجدوي علي أي حال، فظهروا للتاريخ بدائيين يعبدون الأرواح والأحجار، وأحياناً مقلدين يعبدون معبودات الأمم المجاورة التي كانت لها حضارة وفكر قلدهما اليهود.

ويقول: إن اليهود كانوا في مطلع ظهور التاريخ بدواً رحلاً تسيطر عليهم الأفكار البدائية كالخوف من الشياطين، والإعتقاد في الأرواح، وكانوا يعبدون الحجارة والأغنام والأشجار، ويقول: إن اليهود اتخذوا في بيوتهم أصناماً صغيرة كانوا يعبدونها ويتنقلون بها من مكان إلي مكان (1)وقد ظل بنو إسرائيل علي هذا الإعتقاد حتي جاء موسي وخرج بهم من مصر. ولكن بني إسرائيل كما يقول ول ديورانت (2) لم يتخلوا قط عن عبادة العجل والكبش والحمل، ولم يستطع موسي أن يمنع قطيعه من عبادة العجل الذهبي.

عبادة العجول كانت لا تزال حية في ذاكرتهم منذ كانوا في مصر، وظلوا زمناً طويلاً يتخذون هذا الحيوان القوي آكل العشب رمزاً لإلههم.

وتقرر التوراة قصة العجل الذي عمله لهم هارون فعبدوه بعد أن تأخر موسي في العودة إليهم، وكيف خلعوا ملابسهم وأخذوا يرقصون عراة أمام هذا الرب، وقد أعدم موسي ثلاثة آلاف منهم عقاباً لهم علي عبادة هذا الوثن (3) وقد بقيت عبادة العجل تتجدد في حياة بني إسرائيل من حين إلي حين، فقد عمل

ص: 122


1- 176.
2- قصة الحضارة ص 338.
3- خروج 32: 18 26 والقرآن الكريم يقرر: أن السامري هو الذي عمل العجل.

يربعام بن سليمان عجليْ ذهب ليعبدهما أتباعه حتي لا يحتاجوا إلي الذهاب إلي الهيكل (1).

وقد عبد أهاب ملك إسرائيل الأبقار بعد سليمان بقرن واحد (2).

وقال الدكتور شلبي في 1/174:

" وبعد موسي وفي عهد القضاة، تأثر بنو إسرائيل بمعبودات الكنعانيين تأثراً كبيراً، ويوضح أن إله الكنعانيين (بعل) أصبح معبوداً لبني إسرائيل في كثير من قراهم، وفي أحوال كثيرة أصبح للطائفتين معبد واحد به تمثال يهوه وتمثال بعل، بل أصبح يهوه ينادي بعل، وقد ظل ذلك إلي عهد يوشع ".

وقال في هامشه:

PPOPEL HEPREW THE OF HISTERY: FOSTER CHARLES

وقال الدكتور شلبي في 1/187:

" ويوضح الكتاب المقدس أن بني إسرائيل عبدوا أنواعاً من هذه الآلهة، وقد ندد بها أرميا في سفره، ومنه نقتبس بعض النصوص:

ص: 123


1- الملوك الأول 12: 26 28.
2- ویل ديورانت 2/339.

اسمعوا كلمة الرب يا بنات يعقوب وكل عشائر بيت إسرائيل، هكذا قال الرب: ما ذا وجد في آباؤكم من جور حتي ابتعدوا عني وساروا وراء الباطل وصاروا باطلاً (1).

وحين تقولون: لماذا صنع الرب إلهنا كل هذه أقول لكم: كما أنكم تركتموني وعبدتم آلهة غريبة في أرضكم (2).

يقول الرب: أتسرقون وتقتلون وتزنون وتحلف كذباً، وتبخرون للبعل وتسيرون وراء آلهة أخري (3).

يقول الرب: قد تركوني وذهبوا وراء آلهة أخري، وعبدوها وسجدوا لها، وإياي تركوا وشريعتي لم يحفظوها، وأنتم أسأتم في عملكم أكثر من آبائكم، وها أنتم ذاهبون كل واحد وراء عناد قلبه الشرير، حتي لا تسمعوا لي (4).

وعلي هذا فمع وجود إلهين في عهد سليمان كانت عبادة آلهة الأجانب منتشرة، وينسب العهد القديم لسليمان نفسه أنه أقام مذابح للآلهة الخارجية التي كانت تعبدها زوجاته الأجنبيات، فبني مذبحاً لعشتروت رجاسة الصيدونيين، ولكموش رجاسة المؤابيين، ولملكوم إلهة بني عمون (5) وعقب موت سليمان انقسم ملكه بين ابنيه يربعام ورحبعام، وهذا التغيير في تاريخ العبرانيين صحبه تغير في عقيدتهم، فإسرائيل في الشمال كانت دولة غنية حظي سكانها بالإستقرار، وقبلوا عادات الكنعانيين وعبدوا آلهتهم (بعل)، أما دولة يهوذا في الجنوب فكانت دولة فقيرة يشتغل سكانها بالزراعة والرعي وظلوا علي تبعيتهم لإلههم يهوه، إله الفقراء، وإلي هذه الفترة ينسب الأنبياء (6) وقد صنع يربعام عجلين من ذهب ووضع أحدهما في بيت إبل وثانيهما في دان، وبني عندهما

ص: 124


1- أرميا 2: 4 5.
2- أرميا 5: 19 20.
3- أرميا 7: 9 10.
4- أرميا 13.
5- الملوك الثاني 33: 12.
6- 33 - 32 PP WERLED THE OF IRINS BERRY.

مذابح وقال لشعبه: هذه آلهتكم التي أصعدتكم من مصر، فاذبحوا وعيدوا عندها ولا تصعدوا إلي أورشليم، فاستجاب له الشعب (1).

وقال الدكتور شلبي في 1 / 267:

" يروي التلمود أن الله ندم لما أنزله باليهود وبالهيكل، ومما يرويه التلمود علي لسان الله قوله: تب لي لأني صرحت بخراب بيتي وإحراق الهيكل ونهب أولادي.

وليست العصمة من صفات الله في رأي التلمود، لأنه غضب مرة علي بني إسرائيل فاستولي عليه الطيش، فحلف بحرمانهم من الحياة الأبدية، ولكنه ندم علي ذلك بعد أن هدأ غضبه، ولم ينفذ قسمه، لأنه عرف أنه فعل فعلاً ضد العدالة.

ويقرر التلمود أن الله هو مصدر الشر كما أنه مصدر الخير، وأنه أعطي الإنسان طبيعة رديئة وسن له شريعة لم يستطع بطبيعته الرديئة أن يسير علي

ص: 125


1- إقرأ الإصحاح الثالث والعشرين من سفر الملوك الثاني.

نهجها، فوقف الإنسان حائراً بين اتجاه الشر في نفسه، وبين الشريعة المرسومة إليه، وعلي هذا فإن داود الملك لم يرتكب خطيئة بقتله أوريا واتصاله بامرأته، لأن الله هو السبب في كل ذلك ". التلمود شريعة إسرائيل: 17-19.

وقال ص 192 تحت عنوان: اليهود والألوهية عموماً:

" علي أن مسألة الألوهية كلها، سواء اتجهت للوحدانية أو للتعدد، لم تكن عميقة الجذور في نفوس بني إسرائيل، فقد كانت المادية والتطلع إلي أسلوب نفعي في الحياة من أكثر ما يشغلهم، وإذا تخطينا عدة قرون فإننا نجد الفكر اليهودي الحديث يجعل لليهود رباً جديداً نفعياً كذلك، ذلك هو تربة فلسطين وزهر برتقالها، والذي يقرأ رواية طوبي للخائفين، للكاتبة اليهودية يائيل ديان ابنة القائد الصهيوني العسكري موششي ديان، يجد أحد أبطالها (إيفري) ينصح ابنه الطفل بأن يتخلي عن الذهاب للكنيسة، وأن يحول اهتمامه لإلهه الجديد: تراب فلسطين ".

ونقتبس في ما يلي سطوراً من هذه الرواية:

" الصبي يحب أن يذهب إلي الكنيس مع أمه، ولكنه عندما عاد مرة من المعبد الذي لا يذهب إليه إلا القليلون، ثار أبوه في وجهه بحديث له مغزي عميق، قال له: أيام زمان حين كنا يهوداً في روسيا وغيرها، كان من الضروري بالنسبة لنا أن نطيع التعليمات ونحافظ علي ديننا، فقد كان الدين اليهودي لنا وسيلتنا لنتعاون ونتعاطف ونذود عنا الردي، أما الآن فقد أصبح لدينا شئ أهم هو الأرض، أنت الآن إسرائيلي ولست مجرد يهودي، إني قد تركت في روسيا كل شئ، ملابسي ومتاعي وأقاربي وإلهي، وعثرت هنا علي رب جديد، هذا الرب الجديد هو خصب الأرض وزهر البرتقال، ألا تحس بذلك؟

ص: 126

وأخذ إيفري حفنة من تراب الأرض وسكبها في كف ابنه، وقال له: إمسك هذا التراب، إقبض عليه، تحسسه، تذوقه، هذا هو ربك الوحيد، إذا أردت أن تصلي للسماء فلا تصلِّ لها لكي تسكب الفضيلة في أرواحنا، ولكن قل لها: أن تنزل المطر علي أرضنا، هذا هو المهم، إياك أن تذهب مرة أخري إلي المعبد ".

انتهي.

ص: 127

افتراء اليهود علي أنبيائهم أنهم عبدوا الأصنام
اشارة

كتب (عرفج) بتاريخ 3-7-1999، موضوعاً بعنوان (إلي هواة التجسيم)، قال فيه ما يلي: نص مترجم عن التوراة منسوب إلي سليمان (علیه السلام) وهو يصف ربه:

رأسه ذهب ابريز.

قصصه مسترسلة.

حالكة كالغراب.

عيناه كالحمام.

علي مجاري المياه..

خداه كخميلة الطيب.

والام رياحين ذكية.

شفتاه سوسن.

تقطران مراً رائعاً.

يداه حلقتان من ذهب.

مرصعتان بالزبرجد.

بطنه عاج أبيض.

مغلف بالياقوت الأزرق.

ساقاه عمودا رخام.

مؤسستان علي قاعدتين من إبريز. انتهي.

أستغفر الله ربي وأتوب اليه... هل هذا تجسيم أم (بلا كيفية)؟

ص: 128

إذا عرف السبب...

وسأله (سماحة):

المصدر؟

فأجابه (عرفج):

المصدر: Holy Bible Songs of Solomons - chapter 5 p 680

وتوجد إشارات كثيرة في كتاب أحد المؤرخين الأوروبيين.

وعنوانه: الحقيقة والأسطورة في التوراة.

فكتب (مشارك) بتاريخ 4-7-1999:

نحن نؤمن بالكتاب والسنة وبما جاء فيهما، ولا نأخذ ديننا مما جاء في التوراة المحرفة، وأيضاً لا نأخذ ديننا من الفلاسفة والزنادقة، الذي (كذا) أرادوا تنزيه الله حتي جعلوه كالعدم، وهذا حال أهل البدع.

وأنا أسألك يا عرفج: ماذا تعرف عن ربك، وهل أنت من المعطلة الذين لا يستطيعون إثبات أي شئ لله.

فكتب العاملي في مساء 4-7-1999:

إعتقادنا بالله تعالي أنه شئٌ لا كالأشياء.. ولا نقول جسمٌ لا كالأجسام كالوهابيين!

وقولنا (شئ) لكي نخرجه عن الحدين: حدِّ التعطيل، وحدِّ التشبيه. فالتعطيل مساوقٌ لنفي وجوده، وهو كفرٌ به والعياذ بالله.

والتشبيه جعله جسماً خاضعاً للزمان والمكان، وهو تَوثينٌ وتصنيمٌ له، والعياذ بالله!

ص: 129

ونقول: إن الصفة والموصوف في عالمَه تعالي لا تشبه الصفة والموصوف في عالمنا المخلوق الخاضع للزمان والمكان..

فصفاته تعالي عين ذاته ولا ثنائية بينهما، فلو كانت ثنائية لكانت إثنينية، ووقع السؤال: أيهما كان قبل الآخر، شبيه الأب والإبن!!

واليهود والنصاري بدل أن يرتقوا بفكرهم وذهنهم إلي الإيمان بمن هو فوق قوانين الزمان والمكان والموجودات فيهما، لأنه قَبْلهما عز وجل.. حاولوا أن يجروا ربهم إلي داخل الزمان والمكان، وأضفوا عليه صفات المكين والزمين!! وهي طفولة ذهنية، ونزعة مادية، بسبب حبهم للماديات وتأثرهم بالوثنيات التي حولهم!

وفي هذه الأمة من وافقهم علي هذا التصور لله تعالي، فقالوا: إن إثبات الصفة للشئ، حتي لله تعالي غير ممكنة، حتي يكون جسماً!!

فإذا لم تقل إن الله جسم له صفات فأنت معطِّل، يعني ملحد تنفي وجود الله تعالي! لأنه حسب ذهنهم يستحيل أن يكون الشئ موجوداً إذا لم يكن جسماً!!

وإذا لم يجسم المسلمون ربهم تعالي مثل هؤلاء، قالوا عنهم: معطِّلة، جهمية، ينفون صفات الله تعالي!!

يعني إما أن تكون مجسماً، والا فأنت ملحد!!

هل عرفتم هذه العصا العلمية التي يستعملونها؟!!

سئل علي عليه السلام: متي وجد الله تعالي؟

فقال: ويحك! أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!

فالسؤال عندنا عن الله تعالي بأدوات الزمان والمكان.. غلطٌ، لأنه هو الذي أَيَّن الأين، وكيَّف الكيف، وخلق الزمان والمكان..

ص: 130

فكيف يسأل عنه بأدوات ظرف هو خلقها؟

وعندهم أنه تعالي متَّصفٌ من الأوَّل بالأيْن! وأنه كان قبل خلق جميع الخلق في عماءٍ (سحاب) تحته هواء وفوقه هواء، فكان معه المكان والغيم والهواء! وإذا كانت هذه الثلاثة من الأزل مع الله تعالي، فهي والعياذ بالله آلهة معه، أو قبله!!

وهكذا يصير توحيدهم تربيعاً، ورحم الله التثليث، بالأب والإبن والروح القدس!

فكتب (عرفج) في مساء اليوم نفسه:

الحمد لله الذي أجري الحق علي يديك أيها الجليل العاملي. وكفي الله المؤمنين شر القتال. كان غرضي الأساس هو تبيان منبع هذا الفكر الذي تسلل إلي عقائد المسلمين. والحمد لله الذي باعد بيني وبين المجسمة والمعطلة.

وكتب العاملي في ذلك المساء أيضاً:

قال القفاري، في كتابه الظالم عن عقائد الشيعة 1 /530، 531:

" إذن تشبيه الله سبحانه بخلقه كان في اليهود وتسرب إلي التشيع، لأن التشيع كان مأوي لكل من أراد الكيد للإسلام وأهله، وأول من تولي كبره هشام بن الحكم، ثم تعدي أثره إلي آخرين عرفوا بكتب الفرق بمذاهب ضالة غالية، ولكن شيوخ الإثني عشرية يدافعون عن هؤلاء الضلال الذين استفاض خبر فتنهم واستطار شرهم، ويتكلفون تأويل كل بائقة منسوبة إليهم أو تكذيبها، حتي قال المجلسي: ولعل المخالفين نسبوا إليهما هذين القولين معاندة.

ص: 131

وأقول: أما إنكار بعض الشيعة لذلك فقد عهد منهم التكذيب بالحقائق الواضحات، والتصديق بالأكاذيب البينات، وأما دفاعهم عن هؤلاء الضلال فالشئ من معدنه لا يستغرب، فهم يدافعون عن أصحابهم، وقد تخصص طغام منهم للدفاع عن شذاذ الآفاق، ومن استفاض شره وتناقل الناس أخبار مروقه وضلاله " انتهي.

ولو أن هذا القفاري، قرأ الأحاديث التي يصححها أئمته، لَلَمَسَ بيديه قبل عينيه أن مقولة التجسيم ظهرت في الناس في زمن عائشة، وقد استنكرها أهل البيت عليهم السلام، واستنكرتها عائشة، وقالت عنها: إنها فرية عظيمة علي الله تعالي!! ولكن الذين يتباكون عليها لايسمعون كلامها!

و لا يؤمنون به حتي لو رواه البخاري

أما أفكار هذه الفرية فقد ظهرت علي يد كعب الأحبار وجماعته في زمن الخليفة عمر، يعني قبل أن يولد جد هشام بن الحكم، أو جدُّ جدِّه!

فقد روت مصادرهم حديث أطيط العرش وصريره وأزيزه من ثقل الله تعالي بروايات صحيحة عندهم. منها:

ما رواه الهيثمي في مجمع الزوائد 1/83:

" عن عمر رضي الله عنه، أن امرأة أتت النبي صلي الله عليه وسلم، فقالت: أدع الله أن يدخلني الجنة، فَعَظَّمَ الرب تبارك وتعالي، وقال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح ".

وقال عنه في مجمع الزوائد 10/159:

ص: 132

رواه أبو يعلي في الكبير ورجاله رجال الصحيح، غير عبد الله بن خليفة الهمذاني وهو ثقة ".

وقال عنه في كنز العمال - 373:

" ع، وابن أبي عاصم، وابن خزيمة، قط في الصفات، طب في السنة، وابن مردويه، ص ".

وقال عنه في 2/466:

" ابن مردويه خط ص. و: 6/152، وقال الخطيب: من طريق أبي إسرائيل، عن أبي إسحاق عن عبد الله بن خليفة الهمداني ".

وقال السيوطي في الدر المنثور 1/328:

" وأخرج عبد بن حميد، وابن أبي عاصم في السنة، والبزار، وأبو يعلي، وابن جرير، وأبو الشيخ، والطبراني، وابن مردويه، والضياء المقدسي في المختارة، عن عمر، أن امرأة أتت النبي صلي الله عليه وسلم فقالت: أدع الله أن يدخلني الجنة، فعظم الرب تبارك وتعالي، وقال: إن كرسيه وسع السموات والأرض، وإن له أطيطاً كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله، ما يفضل منه أربع أصابع ".

وقال الديلمي في فردوس الأخبار 3/86:

" عمر بن الخطاب: علي العرش استوي، حتي يسمع أطيط كأطيط الرحل " انتهي.

قال العاملي:

فلم يجب مشارك ولا غيره بشئ!!

ص: 133

محاولة بعض اليهود أن يتبرؤوا من التشبيه والتجسيم

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 9-7-1999، العاشرة والنصف مساءً، بعنوان (عوامل نشأة التجسيم في عقيدة المسلمين)، قال فيه:

قال ابن حزم في (الملل) 1/140:

" قال في التوراة: إن الله عز وجل قال لبني إسرائيل: لقد رأيتموني كلكم من السماء فلا تتخذوا معي آلهة الفضة، ثم قال بعد ذلك: ثم صعد موسي وهارون. ونظروا إله إسرائيل...

ذكر في هذا المكان من التوراة أن يعقوب صارع الله عز وجل! حتي قالوا: إن الله عز وجل عجز عن أن يصرع يعقوب، أن يعقوب قال: رأيت الله مواجهة وسلمت عليه ".

وقال في ص 212:

" ونقل في توراتهم وكتب الأنبياء بأن رجلاً اسمه إسماعيل، كان إثر خراب البيت المقدس سمع الله يئن كما تئن الحمامة، ويبكي وهو يقول: الويل الويل لمن أخرب بيته.. أخربت من بيتي، ويلي علي ما فرقت من بيتي، وبناتي ".

وقال في ص 218:

" وفي بعض كتبهم: إن الله تعالي قال لبني إسرائيل: من تعرض لكم فقد تعرض حدقة عيني ".

وقال في ص 221:

" وفي كتاب لهم يسمي شعر توما من كتاب التلمود. ففي الكتاب المذكور أن تكسير جبهة خالقهم من أعلاها إلي أنفه خمسة آلاف ذراع ".

ص: 134

وجاء في هامش المطالب العالية 2/25:

" في التوراة: أن الله إله واحد. وفي التوراة: أن الله ليس كمثله شئ. ففي الإصحاح السادس من سفر التثنية: إسمع يا إسرائيل. الرب إلهنا رب واحد. فأحبب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل قدرتك ولتكن هذه الكلمات التي أنا آمرك بها اليوم في قلبك، وكررها علي بنيك وكلمهم بها إذا جلست في بيتك، وإذا مشيت في الطريق، وإذا نمت وإذا قمت، واعقدها علامة علي يدك، ولتكن عصائب بين عينيك واكتبها علي عضائد أبواب بيتك وعلي أبوابك. تثنية 6: 49 ترجمة اليسوعيين.

وفي الإصحاح الثالث والثلاثين سفر التثنية: لا كفء لله. وفي ترجمة البروتستانت: ليس مثل الله. ت: 26.

وقال موسي بن ميمون في دلالة الحائرين: إن ما ورد في التوراة مما يوحي بأن الله شبه إنسان بأعضائه وبصفاته، فذلك مؤول علي معني: أن الله يقرب ذاته إلي عقول الخلق، حديثه عن نفسه كأنه واحد منهم. أما هو فليس مثل إنسان وليس كمثله شئ، وذلك ليفهم الخلق ذات الله علي نحو قريب من تصوراتهم.

وما جاء عن مشبهة اليهود: أن الله يبكي علي خراب هيكل سليمان ويلعب مع الحيتان، فهو قول قال به سفهاء من اليهود لا وزن لهم عند الله ولا عند الناس " انتهي.

والمتأمل في التوراة يقبل مقولة هذا الباحث اليهودي القديم بأنها تشتمل علي عبارات في التوحيد شبيهة بالتوحيد الخالص الذي يقدمه القرآن، ولكن نصوص التشبيه والتجسيم فيها أكثر من نصوص التوحيد..

ص: 135

وهذا من الأدلة علي وقوع التحريف فيها، وأن أيدي سفهاء اليهود الذين ذكرهم وصلت إلي نصوص التوراة وملؤوها من تجسيمهم وتشبيههم.

وقد وجدنا في نسخة التوراة المذكورة النصوص التالية في التوحيد:

جاء في العهد القديم ص 98:

" فقال موسي لفرعون: عيّن لي متي، أصلي لأجلك ولأجل عبيدك وشعبك لقطع الضفادع عنك وعن بيوتك، ولكنها تبقي في النهر. فقال: غداً. فقال كقولك لكي تعرف أن ليس مثل الرب إلهنا. فترتفع الضفادع عنك وعن بيوتك وعبيدك وشعبك ".

وفي ص 100:

" لأني هذه المرة أرسل جميع ضرباتي إلي قلبك وعلي عبيدك وشعبك، لكي تعرف أن ليس مثلي في كل الأرض ".

وفي ص 493:

" لذلك قد عظمت أيها الرب الإله، لأنه ليس مثلك وليس إله غيرك حسب كل ما سمعناه بآذاننا ".

وفي ص 530:

" مثلك، ولا إله غيرك، حسب كل ما سمعناه بآذاننا ".

وجاء في 2/43:

" أذكروا الأوليات منذ القديم، لأني أنا الله وليس آخر. الإله وليس مثلي ".

ص: 136

البابا لا يحب القرآن لأنه ليس فيه تجسيم ابن تيمية

كتب العاملي موضوعاً بعنوان (البابا ينتقد الإسلام، لأنه ليس فيه تجسيم!!)، قال فيه:

البابا في عصرنا يصر علي التجسيم وينتقد التوحيد عند المسلمين!!

ويبحث عن (إله) مثل معبود ابن تيمية!!

حبذا لو أجابه الشيخ مشارك!

جاء في كتاب العبور إلي الرجاء، للبابا يوحنا بولس الثاني - والعبور إلي الرجاء هو: التسجيل الكامل لأول وأشمل حوار مع البابا للصحافي الإيطالي الكبير فيتوري ميسوري، لمناسبة ذكري مرور خمس عشرة سنة علي اعتلائه السدة البابوية - قال في الكتاب المذكور:

" بين (خلفاء القديس بطرس) يظهر أمام آلات التصوير والتسجيل ليجيب علي أسئلة ترك اختيارها لمبادرة حرة من قبل صحافي. وبعدما حصر البث بالمحطة الأولي ليلة الذكري، عرضت تلك المقابلة في كبريات المحطات العالمية. ويروي فيتوري ميسوري قصة المقابلة التي تمت بعدما قدم عشرين سؤالاً خطياًّ تشمل مختلف الموضوعات والقضايا الكبري، وتلقي مخطوطة الأجوبة عليها من مكتب البابا في نهاية شهر نيسان 1994. كما أن البابا وضع عنوان هذا الكتاب بنفسه.

الوثيقة:

نقتطف هنا جواب الحبر الأعظم علي سؤالين، يتصل أولهما بالعلاقة مع الدين الإسلامي، في حين يتصل الثاني بعلاقة المسيحية بالدين اليهودي، وقد

ص: 137

رأينا فيهما أكمل رأي للبابا في هذا المجال، خصوصاً وأنه بقلمه مباشرة. السؤال الأول: ما الفرق بين إله المسلمين وإله المسيحيين؟

الجواب: لا شك في أن القارية مختلفة عندما يتعلق الأمر بالكنيس والمسجد حيث مجتمع الذين يعبدون الإله الواحد. نعم، صحيح ما تقوله، فالأمر يختلف في ما يتعلق بهاتين الديانتين التوحيديتين.

ففي الإعلان المجمعي (في عصرنا) الآنف الذكر، يمكننا أن نقرأ ما يأتي:

وتنظر الكنيسة أيضاً بتقدير إلي المسلمين الذين يعبدون الله الواحد، الحي القيوم، الرحمن القدير، الذي خلق السماء والأرض.

إن المؤمنين بالتوحيد هم بنوع خاص الأقرب إلينا. أتذكّر حدثاً من أحداث شبابي يوم كنا نزور دير القديس مرقس في فلورنسا، فقد وقفنا مندهشين معجبين أمام جدرانيات فردا انجليكو. في تلك الأثناء انضم إلينا رجل راح يشاطرنا إعجابنا بذلك الراهب والفنان العظيم، غير أنه ما لبث أن أضاف: ولكن ما من شئ هنا يبلغ مدي جمال توحيدنا الإسلامي!

لم يمنعنا ذلك التصريح من أن نكمل زيارتنا برفقة ذلك الرجل، وأن نتابع معه نقاشاً ودياً.

لقد تذوقت سلفاً في تلك المناسبة ما يمكن أن يكون عليه الحوار بين المسيحية والإسلام والذي حاولنا أن نطوره منهجاً منذ المجمع.

من يطالع القرآن، وكان ملماً بالعهدين القديم والجديد يتبين له جلياً ما وقع فيه للوحي الإلهي من اختزال. ومن المستحيل ألا يلحظ عدم مقاربة ما قاله الله عن ذاته بلسان الأنبياء أولاً في العهد القديم، ثم وبشكل نهائي بواسطة ابنه في

ص: 138

العهد الجديد. الغني الذي يتجلي في كشف الله لذاته، والذي يشكل تراث العهدين القديم والجديد، كل ذلك قد تغاضي عنه الإسلام!!

بالفعل، القرآن يصف الله بأجمل ما عرفه اللسان البشري من الأسماء الحسني، ولكنه في النهاية إلهٌ متعال عن العالم ذو جلال، لا (إلهنا معنا عمانوئيل).

ليس الإسلام دين فداء، فلا مجال فيه للصلب! يذكر عيسي، ولكن ليس إلا بوصفه نبياً، يمهد لخاتمة جميع الأنبياء محمد. كذلك ورد ذكر السيدة مريم البتول، ولكن لا ذكر لمأساة الفداء. لذلك تختلف نظرة الإسلام عن المسيحية، لا علي الصعيد اللاهوتي فحسب، بل أيضاً علي الصعيد الإنتروبولوجي.

بيد أن التدين الإسلامي يستحق كل تقدير، فلا يمكننا مثلاً إلا نعجب بالأمانة علي الصلاة. إذ أن الذي يسمي الرب (الله) يجثو علي ركبته غير آبه بالزمان أو بالمكان، مستغرقاً في الصلاة مرات عديدة في النهار. هذه الصورة تبقي نموذجاً لمن يعترفون بالله الحق، وبخاصة لأولئك المسيحيين الذين يهجرون كاتدرائياتهم الرائعة ويصلون قليلاً، أو لا يصلون مطلقاً " انتهي.

أقول: السبب في تهمة البابا للإسلام بأنه اختزل التصور الذي قدمته كتب اليهود والنصاري عن الله تعالي، بل بيتُ القصيد عنده وإشكاله الأساسي علي الإسلام: أن القرآن يقرر أن الله تعالي ليس كمثله شئ، وأنه غير متجسد في وجود مادي في السماء أو الأرض، وبتعبيره:

لكنه في النهاية، إلهٌ متعال عن العالم، ذو جلال، لا " إلهنا معنا عمانوئيل ".

ولكن الظاهر أن البابا لم يقرأ البخاري وكتب ابن تيمية!! ليري أن ما يريده من نزول الله تعالي وصعوده وتجسده موجود فيها، وأن هذا البلاء الذي ابتلي به اليهود والنصاري، قد سري إلي أمتنا الإسلامية!!

ص: 139

فكتب (مشارك) بتاريخ 10-7-1999:

اليهود والنصاري كفار يا عاملي. ولكن الجهمية والحلولية أشد كفراً منهم، فتأمل!

فكتب العاملي في اليوم نفسه:

ليس كلامنا في الجهمية والحلولية، بل في البابا الذي يريد معبوداً مجسماً، كما يقول عمانوئيل!!! فقدِّمْ له معبود إمامك ابن تيمية، فقد يعجبه فيصير معك، أو تصير معه يا مشارك!!

فكتب (مشارك):

ليس عندنا إلا ما في كتاب الله وسنة رسوله يا عاملي، واطرح موضوعك عن الصفات وستري من يعرف الله، ومن يعرف العدم.

انتهي.

قال العاملي:

وهكذا أبي مشارك أن يدخل في بحث الصفات مقارنةً بما عند البابا، لأن صفات معبوده عين ما يطلبه البابا!! ولأن البابا أخذ توحيده من اليهود، وابن تيمية أخذه منهم أيضا ً!!

ص: 140

الفصل السادس: تناقضات ابن تيمية و أتباعه في التوحيد والصفات

اشاره

عناوين المواضيع:

تناقضات الألباني وابن تيمية!

قول ابن تيمية بقدم العالم بالنوع!

قول ابن تيمية بفناء النار ودخول أهلها الجنة!!

قول ابن تيمية بأن الله قد يستقر علي ظهر بعوضة!!

قول ابن تيمية بأن الله يُقعد النبي الي جنبه علي العرش!!

ابن تيمية يُكذب حديثاً متفقاً علي صحته في علي عليه السلام!!

ابن تيمية يُنكر المجاز في اللغة!!

ابن تيمية يزعم أن الله علي صورة إنسان!!

ابن تيمية يزعم أن الله تعالي بذاته مع خلقه!

الألباني يخالف ابن تيمية في مسألة سماع الأموات

ابن تيمية يمدح المشبهين، والألباني يتظاهر بذمهم!

ابن تيمية يثبت الحركة لله تعالي!!

اختلاف الألباني مع ابن تيمية في إثبات الحد لله تعالي!!

الألباني يخالف ابن تيمية في التوسل إلي الله بالنبي والأولياء

ص: 141

ويخالفه في مشروعية زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله

ويخالفه في تجويز استعمال السبحة!

تناقض الألباني في الحكم بضلال سيد قطب!

الألباني يجوز الزنا علي نساء النبي صلي الله عليه وآله!

الخاتمة

ص: 142

تناقضات ابن تيمية و أتباعه في التوحيد والصفات

كتب (عرفج) بتاريخ 21-8-1999، التاسعة صباحاً:

الأخ العزيز العاملي أعزه الله وأدام توفيقه: ما هو رأيكم بعلم السيد السقاف؟ حيث أجد جنابكم تهتمون بكتاباته ومؤلفاته. والسلام عليكم.

فكتب العاملي بتاريخ 22-8-1999، العاشرة ليلاً:

الأخ عرفج المحترم، بعد السلام عليكم:

العلامة حسن السقاف حافظ وباحث علي المذهب الأشعري، الذي يمثل أكثرية المسلمين في العالم.. وأتباع ابن تيمية يرددون دائماً أنهم يمثلون المسلمين وأهل السنة والجماعة! والسلف الصالح!!

وأبحاث السقاف ردود تخصصية عليهم، تُظهر أمرين مهمين:

الأول: أنهم لا يمثلون السلف ولا أهل المذاهب السنية حتي الحنابلة، بل هم امتداد لخط ضعيف في تاريخ المسلمين بدأ بكعب الأحبار ووهب بن منبه، ثم نما في عهد بني أمية، ثم التف أفراده حول مذهب الإمام أحمد بن حنبل وعُرفوا فيما بعد بمجسمة الحنابلة! ثم كاد وجودهم ينتهي فأحياه ابن تيمية!

الثاني: أن فكرهم العقائدي والفقهي لا يقوم علي منهج وأصول مدونة مستدل عليها.. بل هو مذهب عقيدي وفقهي إلتقاطي تكثر فيه التناقضات.. ولذا

ص: 143

يضطر أصحابه إلي الكذب في نقولاتهم، والمراوغة في مؤلفاتهم، والجدل والمكابرة في مناظراتهم..

والشيخ سفر الحوالي في كتابه منهج الأشاعرة، مثلٌ لواحد من علمائهم الكذابين.

انتهي.

راجع ما كتبه العاملي بتاريخ 21-8-1999 تحت عنوان: السقاف يفضح المستوي العلمي لإمامهم الشيخ سفر الحوالي.

ص: 144

تناقضات الألباني و ابن تيمية

كتب العاملي موضوعاً في شبكة هجر الإسلامية، بتاريخ 21- 8- 1999 الخامسة عصراً، بعنوان (السقاف يكشف التناقض بين الألباني وابن تيمية! فهل الحق مع الإمام القديم أو الجديد؟!)، قال فيه:

اطَّلعتُ علي موضوع كتبه السقاف، في تناقضات الألباني مع إمامه ابن تيمية! وهو أمرٌ لم يجرأ عليه أحد من أتباع ابن تيمية قبله!

وبما أن مسائل العقيدة ليست كمسائل الفقه التي لا يضرُّ اختلاف المجتهدين فيها.. فإن علي أتباع الإماميْن ابن تيمية والألباني، أن يحددوا موقفهم ويأخذوا بعقيدة الإمام القديم أو الإمام الجديد!

وأن يفسروا سبب هذه الجرأة الألبانية علي إمامهم السوري!

في ما يلي نص رسالة " البشارة والإتحاف بما بين ابن تيمية والألباني في العقيدة من الإختلاف ":

" أما بعد: فهذه رسالتنا المسماة ب- (النقول الواضحة الجلية في عرض إنكار الألباني في العقيدة علي ابن تيمية) أعرض فيها بعض ما وقفت عليه من مسائل عقائدية في التوحيد وقع الخلاف فيها بين ابن تيمية والألباني بشكل خاص وغيرهما من باقي أصحابهما بشكل عام. كما أعرض فيها بعض مسائل الفروع التي وقع الخلاف فيها بين من ذكرنا وهي قليلة هنا.

وكان السبب في تأليفها أنني التقيت بشاب ألباني المشرب فقال لي: لماذا تخالف الإمام ابن تيمية في بعض مسائل العقيدة وتشنع عليه؟!

ص: 145

فقلت له: هذا السؤال يجب أن توجهه إلي شيخك الألباني قبل أن توجهه لي، فإنه هو من جملة المشنعين والرافضين لبعض عقائد ابن تيمية في مسائل عديدة، ربما لو جمعها الإنسان زادت علي مائتي مسألة!

فقال: معقول؟! يا ليتني أقف عليها.

فقلت له: أنا أكتب لك رسالة في بعضها، ثم أتفرغ بإذن الله تعالي لتجميعها كلها ووضعها في كتاب كبير، أعرض لك فيه جميع المسائل العقائدية التي وقع الخلاف فيها بين مثل ابن تيمية وابن القيم والشوكاني ومن يقلدهم، أو كان علي مشربهم كالألباني وبعض من يدعي السلفية!!

هداهم الله تعالي إلي الحق وإلي الطريق المستقيم..

قول ابن تيمية بقدم العالم بالنوع

فصل في عرض الخلاف الواقع بين ابن تيمية والألباني في قضية قدم العالم بالنوع وحوادث لا أول لها وهي من مسائل أصول الإعتقاد.

ذكر ابن تيمية في عدة مواضع من كتبه بأن الحوادث لا أول لها مع كونها مخلوقة لله تعالي!! من تلك المواضع الكثيرة قوله:

1 - في (موافقة صحيح منقوله لصريح معقوله) علي هامش (منهاج سنته 1/245) ما نصه: قلت: هذا من نمط الذي قبله، فإن الأزلي اللازم هو نوع الحادث لا عين الحادث. انتهي.

2 - وفي كتابه شرح حديث عمران بن حصين صحيفة 193 ما نصه:

وإن قدر أن نوعها لم يزل معه فهذه المعية لم ينفها شرع ولا عقل بل هي من كماله. انتهي.

ص: 146

3 - وقال ابن تيمية أيضاً في (موافقة صحيح منقوله لصريح معقوله 2/75) ما نصه: وأما أكثر أهل الحديث ومن وافقهم فإنهم لا يجعلون النوع حادثاً بل قديماً. انتهي.

قلت: وقد أثبت العلماء ذلك علي ابن تيمية (1) ومنهم الحافظ ابن حجر في شرح صحيح البخاري 13/410، إذ قال عند ذكره لحديث: كان الله ولا شئ معه، ما نصه: وهو أصرح في الرد علي من أثبت حوادث لا أول لها من رواية الباب، وهي من مستشنع المسائل المنسوبة لابن تيمية، ووقفت في كلام له علي هذا الحديث يرجح الرواية التي في هذا الباب علي غيرها مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه علي التي في بدء الخلق لا العكس، والجمع يقدم علي الترجيح بالاتفاق. انتهي من (الفتح) فتأمل.

وقال في هذه المسألة الحافظ ابن دقيق العيد أيضاً كما في (الفتح 12/202) ما نصه: وقع هنا ممن يدعي الحذق في المعقولات ويميل إلي الفلسفة (2) فظن أن المخالف في حدوث العالم لا يكفر لأنه من قبيل مخالفة الإجماع، وتمسك بقولنا إن منكر الإجماع لا يكفر علي الإطلاق حتي يثبت النقل بذلك متواتراً عن صاحب الشرع، قال: وهو تمسك ساقط إما عن عمي في البصيرة أو تعامٍِ، لأن حدوث العالم من قبيل ما اجتمع فيه الإجماع والتواتر بالنقل. انتهي من (الفتح) فتأمل.

ص: 147


1- ولا يمكن التفلت من هذا الأمر أو إنكاره وقد بسطناه بسطاً موسعاً في رسالتنا: التنبيه والرد علي معتقد قدم العالم والحد. فارجع إليها فإنها مهمة جداً.
2- ينبغي التنبيه هنا الي أن ابن تيمية كان معاصراً للحافظ ابن دقيق العيد قائل هذه العبارة، لا سيما والحافظ الذهبي يقول في رسالته زغل العلم - 23 عند الكلام علي المنطق والفلسفة وما أشبه ذلك: فما أظنك في ذلك تبلغ رتبة ابن تيمية ولا والله تقاربها وقد رأيت ما آل أمره إليه من الحط عليه والهجر والتضليل والتكفير والتكذيب بحق وبباطل فقد كان قبل أن يدخل في هذه الصناعة منوراً مضيئاً علي محياه سيما السلف ثم صار مظلماً مكسوفاً. انتهي.

وقد أنكر ابن تيمية في (نقد مراتب الإجماع – 168) أن يكون هناك إجماع علي أن الله لم يزل وحده ولا شئ معه غيره. وقد رد كلام ابن تيمية هذا الإمام المحدث العلامة الكوثري رحمه الله تعالي هناك بما يليق به.

رد الألباني عقيدة ابن تيمية بقدم العالم:

قال الألباني في (صحيحته 1/ 208) عن حديث: إن أول شئ خلقه الله تعالي القلم. ما نصه:

وفيه رد أيضاً علي من يقول بحوادث لا أول لها، وأنه ما من مخلوق الا ومسبوق بمخلوق قبله، وهكذا إلي ما لا بداية له، بحيث لا يمكن أن يقال: هذا أول مخلوق، فالحديث يبطل هذا القول ويعين أن القلم هو أول مخلوق، فليس قبله قطعاً أي مخلوق.

ولقد أطال ابن تيمية الكلام في رده علي الفلاسفة إثبات حوادث لا أول لها، وجاء في أثناء ذلك بما تحار فيه العقول، ولا تقبله أكثر القلوب.

ثم قال الألباني بعد ثلاثة أسطر: فذلك القول منه غير مقبول، بل هو مرفوض بهذا الحديث، وكم كنا نود أن لا يلج ابن تيمية. هذا المولج، لأن الكلام فيه شبيه بالفلسفة وعلم الكلام. فتأمل!!

ص: 148

وقال الألباني في شرحه المختصر للعقيدة الطحاوية، طبع المكتب الإسلامي، الطبعة الأولي 1398 ه- - 1978 م، ص 35 ما نصه:

فإني أقول الآن: سواء كان الراجح هذا أم ذلك، فالإختلاف المذكور يدل بمفهومه علي أن العلماء اتفقوا علي أن هناك أول مخلوق، والقائلون بحوادث لا أول لها مخالفون لهذا الإتفاق، لأنهم يصرحون بأن ما من مخلوق إلا وقبله مخلوق، وهكذا إلي ما لا أول له، كما صرح بذلك ابن تيمية في بعض كتبه، فإن قالوا العرش أول مخلوق، كما هو ظاهر كلام الشارح، نقضوا قولهم بحوادث لا أول لها. وإن لم يقولوا بذلك خالفوا الإتفاق. فتأمل هذا فإنه مهم، والله الموفق. انتهي.

فالآن لمن نصغي في تصحيح هذه المسألة العقائدية التي هي من أصول الدين؟ لابن تيمية أم للألباني؟!! ومن الذي أخطأ منهما؟

وهل أدركتم الخلاف الواقع بينهما في هذه المسألة التوحيدية؟

قول ابن تيمية بفناء النار و دخول أهلها الجنة

ابن تيمية يقول (إن النار تفني) والألباني يخطئه فيها ويقول (إنها لا تفني)

وهي مسألة عقائدية خطيرة.

ثبت أن ابن تيمية يقول بفناء النار ويدعي أن في المسألة نزاعاً معروفاً عن التابعين ومن بعدهم فيها، والكل منا يعرف أن هذه المسألة من مسائل العقيدة لأنها لا تذكر في باب الوضوء من كتب الفقه ولا في باب الحيض والنفاس ولا في غير ذلك من الأبواب كالإجارة والنكاح وغيرها!! فإذن هي من مسائل

ص: 149

أصول الإعتقاد ومع ذلك جري الخلاف فيها بين ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من جهة وبين الألباني من جهة أخري. وإليك ذلك باختصار:

1 - قال الألباني في مقدمة كتاب رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار لمحمد بن إسما عيل الأمير الصنعاني ص 7 ما نصه:

فأخذت في البطاقات نظراً وتقليباً، عما قد يكون فيها من الكنوز بحثاً وتفتيشاً، حتي وقعت عيني علي رسالة للإمام الصنعاني، تحت اسم: رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار. في مجموع، رقم الرسالة فيه: (2619)، فطلبته، فإذا فيه عدة رسائل، هذه الثالثة منها، فدرستها دراسة دقيقة واعية، لأن مؤلفها الإمام الصنعاني رحمه الله تعالي رد فيها علي شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ميلهما إلي القول بفناء النار، بأسلوب علمي رصين دقيق، من غير عصبية مذهبية، ولا متابعة أشعرية ولا معتزلية، كما قال هو نفسه رحمه الله تعالي في آخرها.

وقد كنت تعرضت لرد قولهما هذا منذ أكثر من عشرين سنة بإيجاز في (سلسلة الأحاديث الضعيفة في المجلد الثاني منه ص 71 - 75) بمناسبة تخريجي فيه بعض الأحاديث المرفوعة، والآثار الموقوفة التي احتجا ببعضها علي ما ذهبا إليه من القول بفناء النار، وبينت هناك وهاءها وضعفها، وأن لابن القيم قولاً آخر، وهو أن النار لا تفني أبداً، وإن لابن تيمية قاعدة في الرد علي من قال بفناء الجنة والنار.

وكنت توهمت يومئذ أنه يلتقي فيها مع ابن القيم في قوله الآخر، فإذا بالمؤلف الصنعاني يبين بما نقله عن ابن القيم أن الرد المشار اليه إنما يعني الرد علي من قال بفناء الجنة فقط من الجهمية دون من قال بفناء النار! وأنه هو نفسه أعني ابن تيمية يقول بفنائها، وليس هذا فقط!

ص: 150

بل وأن أهلها يدخلون بعد ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار!!

وذلك واضح كل الوضوح في الفصول الثلاثة التي عقدها ابن القيم لهذه المسألة الخطيرة في كتابه حادي الأرواح إلي بلاد الأفراح 2/167- 228.

وقد حشد فيها من خيل الأدلة ورجلها، وكثيرها وقلها، ودقها وجلها، وأجري فيها قلمه، ونشر فيها علمه وأتي بكل ما قدر عليه من قال وقيل، واستنفر كل قبيل وجيل، كما قال المؤلف رحمه الله.

ولكنه أضفي بهذا الوصف علي ابن تيمية، وابن القيم أولي به وأحري، لأننا من طريقه عرفنا رأي ابن تيمية، في هذه المسألة، وبعض أقواله فيها.

وأما حشد الأدلة المزعومة وتكثيرها، فهي من ابن القيم وصياغته، وإن كان ذلك لا ينفي أنه تلقي ذلك كله أو جله من شيخه في بعض مجالسه. انتهي. فتأملوا!!

وقال الألباني أيضاً في مقدمة (رفع الأستار) ص 25 ما نصه:

فكيف يقول ابن تيمية: ولو قدر عذاب لا آخر له لم يكن هناك رحمة البتة!

فكأن الرحمة عنده لا تتحقق إلا بشمولها للكفار المعاندين الطاغين!

أليس هذا من أكبر الأدلة علي خطأ ابن تيمية وبعده هو ومن تبعه عن الصواب في هذه المسالة الخطيرة؟!. انتهيكلام الألباني.

قلت: ومن رجع إلي كتاب الأرواح لابن القيم، وما كتبه الألباني في مقدمة (رفع الأستار) يتحقق أن الألباني مخالف لابن تيمية وابن القيم ومن تبعهما في هذه المسألة العقائدية التي وصفها بأنها خطيرة، لا سيما وقد صرح بقوله كما تقدم.

ص: 151

(أليس هذا من أكبر الأدلة علي خطأ ابن تيمية وبعده هو ومن تبعه عن الصواب في هذه المسألة الخطيرة؟!)

ومن العجيب الغريب أننا رأينا في هذه الأيام كتاباً لرجل معاصر مقلد لابن تيمية وهو يرد فيه علي الألباني تعديه بزعمه علي ابن القيم وابن تيمية سماه:

القول المختار لبيان فناء النار. واسم مؤلفه: عبد الكريم صالح الحميد طبع مطبعة السفير - الرياض الطبعة الأولي 1412 ه-!!

ويمكننا أن نجمل ما في الكتاب بنقل خلاصته المهمة وهي من ص 13- 14: قال عبد الكريم صالح الحميد - مقلد ابن تيمية - في رده علي الألباني ما نصه:

فصل: الباعث لكلامنا في هذه المسألة: كنت أسمع من يقول: في كتب ابن القيم أشياء ما تصلح مثل (حادي الأرواح) وغيره، والبعض يقول: لعل ذلك قبل اتصاله بشيخه أو أنه دخل عليه من ابن عربي، ولا أدري ما المراد ولكني أنفي أن يكون في كتب ابن القيم شئ ما يصلح! حتي وصلت إلي نسخة (رفع الأستار) للصنعاني وفيها مقدمة الألباني وتعليقه، فلما قرأت المقدمة عرفت السر الذي من أجله تكلم من تكلم بكتب ابن القيم فقد رأيت تهجماً عنيفاً من الألباني علي الشيخ وتلميذه لا صبر عليه، حيث قال: سقطا بما سقط به أهل البدع والأهواء من الغلو في التأويل وأن ابن القيم انتصر لشيخه في ذلك. وأن ابن تيمية يحتج لهذا القول بكل دليل يتوهمه ويتكلف في الرد علي الأدلة المخالفة له تكلفاً ظاهراً.

وقال: حتي بلغ بهما الأمر إلي تحكيم العقل فيما لا مجال له فيه كما يفعل المعتزلة تماماً. حتي زعم أن تأويل المعتزلة والأشاعرة لآيات وأحاديث الصفات

ص: 152

كاستواء الله علي عرشه ونزوله إلي السماء ومجيئه يوم القيامة وغير ذلك من التأويل أيسر من تأويل ابن القيم النصوص من أجل القول بفناء النار.

وقال: فهذا شيخ الإسلام ابن تيمية زلت به القدم فقال قولاً لم يسبق إليه ولا قام الدليل عليه. وغير ذلك من طعن الألباني وقدحه علي الشيخ وتلميذه في مقدمة (رفع الأستار).

فلذلك كتبت في المسألة دفاعاً عنهما وبياناً بأن الحق معهما وأنا علي بصيرة من ذلك حيث دعوت للمباهلة من أول المسألة.

وهناك خصم آخر لعبد الكريم صالح الحميد يدرس في جامعة أم القري بمكة صنف رسالة سماها: كشف الأستار لإبطال ادعاء فناء النار!!

حاول أن ينفي فيها القول بفناء النار عن ابن تيمية، مع أنه ثابت عنه كالشمس كما قال الألباني حفظه الله!!

ومنه يتبين أنهم يموجون في العقيدة ويضطربون كاضطراب الريح!! وهم متنازعون في هذه المسألة الإعتقادية!! فنقول الآن:

أين الحق في هذه المسألة العقائدية هل هو عند ابن تيمية وابن القيم القائلين بفناء النار؟ أم عند الألباني القائل ببقائها؟!!

ولماذا يختلف هؤلاء في أصول العقيدة فيما بينهم، وينعون علي غيرهم الإختلاف والمباينة عنهم في أصول عقيدتهم؟!!

تنبيه مهم:

ينبغي أن نعلم أن القول بفناء النار هو رأي الجهم بن صفوان كما تجد ذلك في (لسان الميزان 2/334 السطر الرابع من أسفل الطبعة الهندية في ترجمة أبي مطيع البلخي)، فالجهم بن صفوان هو سلف من يقول بفناء النار!

ص: 153

قول ابن تيمية بأن الله قد يستقر علي ظهر بعوضة

فصل: ابن تيمية يثبت استقرار الله علي العرش ويجوز استقراره علي ظهر بعوضة والألباني يخالف عقيدة الاستقرار هذه ويعتبرها بدعة!!

إعلم أن ابن تيمية يقول باستقرار الله سبحانه وتعالي عما يقول، علي العرش، والألباني يخالف ذلك فيقول بأنه لا يجوز اعتقاد الإستقرار وإليك ذلك مختصراً:

قال ابن تيمية في (بيان تلبيس الجهمية 1/568):

ولو قد شاء لاستقر علي ظهر بعوضة فاستقلت به بقدرته ولطف ربوبيته فكيف علي عرش عظيم أكبر من السموات والأرض، فكيف تنكر أيها النفاج أن عرشه يقله....

هامش: لا يستطيع أي انسان عاقل أن ينكر ذلك، ولا أن يقول ليس هذا كلام ابن تيمية إنما هو نقل، وذلك لأن ابن تيمية مقر مقرر لهذا الكلام لم ينكره بل هو حاض عليه!!

فقد ذكر ابن القيم في كتابه إجتماع الجيوش الإسلامية - 88 طبعة هندية ما نصه:

كتابا الدارمي: النقض علي بشر المريسي، والرد علي الجهمية، من أجلّ الكتب المصنفة في السنة وأنفعها، وينبغي لكل طالب سنة مراده الوقوف علي ما كان عليه الصحابة والتابعون والأئمة أن يقرأ كتابيه.

وكان شيخ الإسلام ابن تيمية... يوصي بهما أشد الوصية ويعظمهما جداً، وفيهما من تقرير التوحيد والأسماء والصفات بالعقل والنقل ما ليس في غيرهما.

ص: 154

انتهي.. وقد أثبت هذه الفقرة حامد الفقي علي خلف صفحة الغلاف الداخلي لكتاب رد الدارمي علي بشر المريسي، فتنبه.

وكذلك صرح بلفظة الإستقرار التي لم ترد في كتاب ولا في سنة ابن عثيمين، حيث قال في (شرح لمعة الإعتقاد -41): هو استواء حقيقي معناه العلو والإستقرار... انتهي.

ردُّ الألباني علي ذلك:

قلت: وقد رد الألباني عقيدة الإستقرار هذه التي يقول بها ابن تيمية ومقلدوه بكل صراحة في مقدمة مختصر العلو - 17 الطبعة الأولي 1401 ه-، حيث قال:

ولست أدري ما الذي منع المصنف عفا الله عنه من الإستقرار علي هذه القول، وعلي جزمه بأن هذه الأثر منكر كما تقدم عنه، فإنه يتضمن نسبة القعود علي العرش لله عز وجل، وهذا يستلزم نسبة الإستقرار عليه لله تعالي وهذا مما لم يرد، فلا يجوز اعتقاده ونسبته إلي الله عز وجل. انتهي.

فتأملوا جيداً!!

فهل الحق في هذه المسألة والصواب مع ابن تيمية الذي يثبت الإستقرار أم مع الألباني الذي ينفيه؟!! ولماذا يختلفان في هذا الأصل العقائدي الخطير؟! ومن منهما الذي أصابه في توحيد الأسماء والصفات، الإختلال؟!!

قول ابن تيمية بأن الله يقعد النبي الي جنبه علي العرش

فصل: ابن تيمية وابن القيم يقولان بقعود الله علي العرش والألباني ينكر عقيدة القعود.

ص: 155

قال الحافظ أبو حيان في تفسيره (النهر الماد 1/254) (1) ما نصه:

وقرأت في كتاب لأحمد بن تيمية هذا الذي عاصرنا وهو بخطه سماه كتاب العرش: أن الله تعالي يجلس علي الكرسي وقد أخلي منه مكاناً يقعد فيه معه رسول الله صلي الله عليه وسلم تحيل عليه التاج محمد بن علي بن عبد الحق البارنباري وكان أظهر أنه داعية له حتي أخذه منه وقرأنا ذلك فيه. انتهي. فتأمل!!

قلت: كتاب العرش هذا غير الرسالة العرشية المطبوعة.

وقد أثبت هذه العقيدة ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد 4/39.

حيث قال: فائدة: قال القاضي: صنف المروزي كتاباً في فضيلة النبي

صلي الله عليه وسلم وذكر فيه إقعاده علي العرش...

ثم قال ابن القيم بعده: قلت: وهو قول ابن جرير الطبري وإمام هؤلاء كلهم مجاهد إمام التفسير وهو قول أبي الحسن الدارقطني، ومن شعره فيه:

حديث الشفاعة عن أحمد *** إلي أحمد المصطفي مسنده

وجاء حديث بإقعاده *** علي العرش أيضاً فلا نجحده

أمروا الحديث علي وجهه *** ولا تدخلوا فيه ما يفسده

ولا تنكروا أنه قاعد *** ولا تنكروا أنه يقعده (2).

انتهي كلام ابن القيم من كتابه بدائع الفوائد.

ص: 156


1- طبع دار الفك - معتمد الطباعة والنشر والتوزيع: دار الجنان ومؤسسة الكتب الثقافية الطبعة الأولي 1407 ه 1987 م.
2- ما شاء الله علي هذه العقيدة!! وهنيئاً لك يا ابن القيم بها!.

ألا يعتبر هذا من الإطراء المذموم الذي ينهي من يدعي السلفية غيرهم عنه؟! والذي نهانا عنه سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ والذي فيه التشبيه بعقيدة النصاري القائلين أن لله ولد!!

ورحم الله البوصيري حيث قال:

دع ما ادعته النصاري في نبيهم واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم

ومن المؤسف له جداً أن بعض المعاصرين الذين لا يميزون بين النقير والفتيل!! يذكر هذا عن ابن القيم ويعتبرها خصوصية عجيبة وغريبة!!

فيا للغرابة ويا للعجب!! ولا حول ولا قوة إلا بالله!!

إنكار الألباني لذلك ورده عليه:

إعلم أن الألباني رد هذه العقيدة في مقدمة (مختصر العلو - 20)، حيث قال: قلت: وقد عرفت أن ذلك لم يثبت عن مجاهد، بل صح عنه ما يخالفه كما تقدم.

وما عزاه للدار قطني لا يصح إسناده كما بيناه في (الأحاديث الضعيفة - 870) (1) وأشرت إلي ذلك تحت ترجمة الدار قطني الآتية.

وجعل ذلك قولاً لابن جرير فيه نظر.

ثم قال الألباني في آخر تلك الصحفية وخلاصة القول: أن قول مجاهد هذا - وإن صح عنه - لا يجوز أن يتخذ ديناً وعقيدة، ما دام أنه ليس له شاهد من الكتاب والسنة، فيا ليت المصنف إذ ذكره عنه جزم برده وعدم صلاحيته للإحتجاج به، ولم يتردد فيه. انتهيكلام الألباني فتأمل!!

ص: 157


1- قلت: الصواب برقم (865) من الطبعة الثانية سنة 1404 ه- والنظر التعليقات علي كتاب البرهان في رد البهتان والعدوان الذي نشره المكتب الإسلامي - زهير الشاويش - بإشراف أعضاء قسم التصحيح في المكتب الإسلامي - الطبعة الأولي 1413 ه- ص 37. وتأمل.

فالآن من هو المحق: ابن تيمية وابن القيم اللذان يثبتان قعود الله علي العرش وإقعاد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم يوم القيامة بجنبه؟

أم الألباني النافي لذلك الذي يقول: لا يجوز أن يتخذ هذا ديناً وعقيدة؟! تفكروا في الأمر جيداً!! وأفيدونا يرحمكم الله؟!

ابن تيمية يكذب حديثا متفقا علي صحته في علي

فصل: الألباني يصف ابن تيمية بأنه جريء علي تكذيب الحديث الصحيح.

أورد ابن تيمية حديثاً في (منهاج سنته 4/86) فيه فضل سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فادعي بأنه لم يصح اعتماداً علي ابن حزم حيث قال ابن تيمية: وأما قوله: من كنت مولاه فعلي مولاه، فليس هو في الصحاح، لكن هو مما رواه العلماء، وتنازع الناس في صحته.

ثم قال نقلاً عن ابن حزم بزعمه قال: وأما من كنت مولاه فعلي مولاه فلا يصح من طريق الثقات أصلاً. انتهي.

قلت: هذا الحديث متواتر، نص الذهبي علي ذلك في سير أعلام النبلاء 8/335).

ص: 158

رد الألباني علي ابن تيمية في هذه المسألة:

قال الألباني في (صحيحته 5/263):

فمن العجيب حقاًّ أن يتجرأ شيخ الإسلام ابن تيمية علي إنكار هذا الحديث وتكذيبه في (منهاج السنة 4/104) كما فعل بالحديث المتقدم هناك.

ثم قال في الأخير: فلا أدري بعد ذلك وجه تكذيبه للحديث، إلا التسرع والمبالغة في الرد علي الشيعة.... انتهي كلام الألباني فتأمل!!

تنبيه مهم جداً:

الألباني لا يعول علي تصحيح ابن تيمية ولا علي تضعيفه للأحاديث بل ينصح طلاب العلم أن ليعولوا عليه أيضاً ويؤكد الألباني عليهم ذلك!

ومن أمثلته: قوله في (صحيح الكلم الطيب) لابن تيمية صحيفة (4) الطبعة الرابعة 1400 ه- ما نصه:

أنصح لكل من وقف علي هذا الكتاب أو غيره أن لا يبادر إلي العمل بما فيه من الأحاديث إلا بعد التأكد من ثبوتها، وقد سهلنا له السبيل إلي ذلك بما علقناه عليها، فما كان ثابتاً منها عمل به وعض عليه النواجذ وإلا فاتركه. انتهي. فتأمل!!

فالألباني يقول بصراحة: ارجعوا لي في الحديث ولا ترجعوا إلي شيخ الإسلام! ابن تيمية!! فيا للعجب!!

فعلي من ينبغي أن يعول طلاب العلم؟ علي تصحيحات وتضعيفات ابن تيمية أم الألباني؟! انتهي.

ابن تيمية ينكر المجاز في اللغة

ص: 159

فصل: ابن تيمية ينكر المجاز وبعض المتعصبين له يبالغون فينكرون المجاز في القرآن والألباني يثبته.

إعلم يرحمك الله تعالي أن ابن تيمية أنكر المجاز وبين بطلان تقسيم اللفظ إلي حقيقة ومجاز كما أثبت بطلان قول من قال: إن اللفظ إذا لم يكن معه قرينة دل علي أنه حقيقة وإن لم يدل إلا معها فهو مجاز.

وله في ذلك نصوص كثيرة منها قوله في كتاب الإيمان - 109:

وقولهم: اللفظ إن دل بلا قرينة فهو حقيقة، وإن لم يدل إلا معها فهو مجاز، فقد تبين بطلانه. انتهي.

وتلميذ ابن تيمية وهو ابن القيم يعتبر المجاز في كتابه الصواعق المرسلة علي الجهمية والمعطلة، طاغوتاً، فيقول، كما في مختصر الصواعق المرسلة أول الجزء الثاني ما نصه:

فصل في كسر الطاغوت الثالث الذي وضعته الجهمية لتعطيل حقائق الأسماء والصفات وهو طاغوت المجاز!

مع أن اسم كتاب ابن القيم مجازي لأن كتابه ليس صواعق!!

ومن راجع قواميس اللغة لن يجد أن معني صواعق هو كتاب أو مصنف لابن القيم!! مع أن ابن القيم متناقض في هذه المسألة لأنه أثبت المجاز في القرآن وجاء له بأمثلة، وكذا في لغة العرب بكل توسع في كتابه الفوائد المشوقة الي علوم القرآن وعلم البيان.

أنظر الفوائد المشوقة -10، 12 وما بعدها! وتأمل! فيا للعجب!!

مخالفة الألباني لابن تيمية في هذا:

قال الألباني في مقدمة مختصر العلو – 23 في الحاشية ما نصه:

ص: 160

قرائن المجاز الموجبة للعدول إليه عن الحقيقة ثلاث:

العقلية: كقوله تعالي: واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها أي أهلهما. ومنه: واخفض لهما جناح الذل.

الثانية: الفوقية مثل: يا هامان ابن لي صرحاً. أي مُر من يبني، لأن مثله مما يعرف أنه لا يبني.

الثالثة: نحو: مَثَلُ نوره. فإنها دليل علي أن الله غير النور.

قال أهل العلم: وإمارة الدعوة الباطلة تجردها عن أحد القرائن.

أنظر إيثار الحق علي الخلق - 166، 167 للعلامة المرتضي اليماني. انتهي. فتأمل!!

ابن تيمية يزعم أن الله علي صورة إنسان

فصل: في عرض اختلافهم في اثبات الصورة في حديث (خلق الله آدم علي صورة الرحمن).

إعلم يرحمك الله تعالي أن ابن تيمية يقول بثبوت حديث أن الله خلق آدم علي صورة الرحمن. بهذا اللفظ في كتابه التأسيس في رد أساس التقديس. وهذا الذي يتبناه أتباعه أو مقلدوه الآن حتي ألّف أحدهم وهو حمود التويجري كتاباً في إثبات ذلك سماه: عقيدة أهل الإيمان في خلق آدم علي صورة الرحمن (1) وقرظه له عبد العزيز بن باز كما يجده مطالع الكتاب في الصفحات الأولي.

ص: 161


1- ولا أتصور أن هناك منزه أو موحد يتخيل أن سيدنا آدم عليه السلام وبالتالي ذريته التي تشبهه مخلوقة علي صورة الرحمن سبحانه وتعالي!! وإذا لم تكن هذه العقيدة هي التشبيه والتجسيم بعينه، فما أدري ما هو التشبيه والتجسيم بعد ذلك!! نسأل الله تعالي الهداية منه!! وعلي كل حال فالذي ينبغي علمه هنا أن حمود التويجري رد علي الألباني تضعيفه لهذا اللفظ الوارد في الحديث الذي فيه: علي صورة الرحمن، وأثبته حيث قال ص 21 من الكتاب الآنف الذكر: وقد ادعي الألباني في تعليقه علي كتاب السنة لابن أبي عاصم أن هذا المرسل أصح من الموصول، وهذه دعوي لا دليل عليها فلا تقبل. انتهي.

وقال التويجري ص 22 أيضاً:

والجواب عن هذ التعليل من وجوه أحدها أن يقال: إن العلل التي ذكرها ابن خزيمة والألباني واهية جداً. وقد نقل شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية في كتابه الذي سماه نقض أساس التقديس، ما رواه الخلال عن إسحاق بن راهوية، ثم قال: فقد صحح إسحاق حديث ابن عمر مسنداً خلاف ما ذكره ابن خزيمة. انتهي.

قال في ص 25:

فلا ينبغي أن يلتفت إلي تضعيف ابن خزيمة له فضلاً عن تضعيف الألباني له تقليدا لابن خزيمة... انتهي.

ردُّ الألباني علي ذلك صريحاً:

قلت: أورد هذا الحديث الألباني في (ضعيفته) المجلد 3 برقم (1175) و (1176) وحكم علي الأول بأنه منكر وعلي الثاني بأنه ضعيف ثم ختم بحثه في الحديث الثاني بقوله:

وهو ضعيف من طريقيه، ومتنه منكر لمخالفته للأحاديث الصحيحة. انتهي. فتأملوا!!

ص: 162

ابن تيمية يزعم أن الله تعالي بذاته مع خلقه

فصل: في عرض الخلاف بينهم في معية الله تعالي فبعضهم يقول هو مع خلقه حقيقة وبعضهم ينفي ذلك ويراه بدعة.

أثبت ابن تيمية ومن تبعه بأن صفة العلو أو الفوقية فوقية حقيقية وأن معية الله تعالي لخلقه بالعلم، فقال في كتابه الرد علي أساس التقديس 1/111: والباري سبحانه وتعالي فوق العالم فوقية حقيقية ليست فوقية الرتبة. انتهي.

وقد اختلف في ذلك اثنان من أتباع ابن تيمية أو مقلديه وإليك ذلك:

قال ابن عثيمين في كتابه الذي سماه عقيدة أهل السنة والجماعة - 9 (1) ما نصه:

ومن كان هذا شانه كان مع خلقه حقيقة وان كان فوقهم علي عرشه حقيقة، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. انتهي.

وقال في فتوي له - ابن عثيمين - بتاريخ 24-6-1403 ما نصه: فعقيدتنا أن لله تعالي معية حقيقية ذاتية تليق به وتقتضي احاطته بكل شئ علماً وقدرة وسمعاً وبصراً وسلطاناً وتدبيراً... الخ.

ثم قال: قال مقرراً له ومنشرحاً له صدره ولله الحمد محمد الصالح العثيمين في 24-6- 1403 ه-.

وقد رد عليه المدعو علي بن عبد الله الحواس في رسالة سماها: النقول الصحيحة الواضحة الجلية عن السلف الصالح في معني المعية الإلهية الحقيقية، وهو مطبوع في الرياض مطابع الخالد!!

ص: 163


1- طبع مكتبة المعارف - الرياض توزيع: دار الكتب السلفية بالأزهر القاهرة. وفي مقدمتها تقريظ لابن باز وقد بلغنا أن مؤلف كتاب عقيدة أهل الايمان، له كتاب في تحريم الأكل بالملاعق!! فسبحان قاسم العقول!!.

وكذلك رد عليه عبد الله بن إبراهيم القرعاوي في رسالته الأقوال السلفية النقية ترد علي من قال ان معية الله ذاتية، مطبوعة في مطابع الخالد للأوفست الرياض. فتأملوا!

رد الألباني علي ذلك:

قال الألباني في شرحه وتعليقه!! علي العقيدة الطحاوية ص 28 ما نصه: المعطلة الذين ينفون علوه تعالي علي خلقه، وأنه بائن من خلقه. بل يصرح بعضهم بأنه موجود بذاته في كل الوجود! انتهي.

قلت: فتأملوا الآن كيف يثبت بعضهم لله تعالي معية ذاتية لخلقه وبعضهم ينفيها ويرد علي من يقول بها!! فسبحان الله تعالي وبحمده!!

الالباني يحالف ابن تيمية في مسألة سماع الأموات

فصل: في عرض اختلافهم في سماع الأموات ابن القيم يثبت ذلك تبعاً لشيخه ابن تيمية والألباني ينفي ذلك.

ذكر ابن القيم في كتابه الروح، في المسألة الأولي منه أن الميت يسمع سلام من يسلم عليه واحتج له بأحاديث منها الحديث الصحيح المشهور الذي فيه: إن

ص: 164

الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا عنه. وهو في صحيحي البخاري ومسلم.

ثم قال: فإن السلام علي من لا يشعر ولا يعلم بالمسلم محال، وقد علم النبي صلي الله عليه وسلم أمته إذا زاروا القبور أن يقولوا: سلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية.

وهذا السلام والخطاب والنداء الموجود يسمع، ويخاطب، ويعقل، ويرد، وان لم يسمع المسلم الرد، وإذا صلي قريباً منهم شاهدوه، وعلموا صلاته، وغبطوه علي ذلك. انتهي كلام ابن القيم.

رد الألباني علي هذا الأمر واختلافه مع ابن القيم وابن تيمية فيه:

قال الألباني في مقدمة كتاب نعمان الآلوسي الآيات البينات في عدم سماع الأموات، الذي حققه! وقدم له! صفحة (أ) ما نصه:

أما بعد فهذه هي الطبعة الثالثة من كتاب الآيات البينات للشيخ نعمان الآلوسي بتحقيقي وتخريجي، في ثوب جديد قشيب، قام عليها الأخ الفاضل الأستاذ زهير الشاويش، جزاه الله خيراً، رغبةً منا في توسيع دائرة نشره وتوزيعه في البلاد الإسلامية، بعدما تبين للعديد من أهل الفضل والعلم أهمية موضوعه، واحتياج الجماهير إلي الإطلاع عليه، لا سيما من كان منهم لا يزال يعيش في أوحال الجاهلية الأولي، من الإستغاثة بغير الله والإستعانة بالأنبياء والصالحين الأموات وغيره من عباد الله، متوهمين أنهم يسمعونهم حين ينادون...!! انتهي كلام الألباني.

ص: 165

فهل يا أستاذ ألباني تعتبر وتعد ابن القيم أيضاً ممن كان يعيش في أوحال الجاهلية الأولي؟!! وهل كان الحق مع ابن القيم حينما أثبت سماع الأموات بالأحاديث الصحيحة، أم الحق معك حينما نفيت سماع الأموات وأولت تلك الأحاديث؟!! راجعوا رسالة الإغاثة بأدلة الإستغاثة!!

ابن تيمية يمدح المشبهين، والألباني يتظاهر بذمهم

فصل: ابن تيمية يدعي بأن المشبهة طائفة غير مذمومة والألباني يتظاهر بذم هذه الطائفة.

من أعجب ما قرأنا قول ابن تيمية في كتابه بيان تلبيس الجهمية، أو نقض أساس التقديس!! 1/ 109، ما نصه:

وإذا كان كذلك فإسم المشبهة ليس له ذكر بذم في الكتاب والسنة ولا كلام أحد من الصحابة والتابعين... انتهي.

وقال قبل ذلك ص 100 - 101 ناقلاً مقراً: والموصوف بهذه الصفات لا يكون إلا جسماً فالله تعالي جسم لا كالأجسام.

وقال ص 101: وليس في كتاب الله ولا سنة رسوله ولا قول أحد من سلف الأمة وأئمتها أنه ليس بجسم، وأن صفاته ليست أجساماً وأعراضاً، فنفي المعاني الثابتة بالشرع بنفي ألفاظ لم ينف معناها شرع ولا عقل جهل وضلال انتهي.

تظاهر الألباني بمخالفة ابن تيمية في هذه العقيدة:

قلت: خالف الألباني ابن تيمية في هذه العقيدة فقال في شرحه وتعليقه!! علي العقيدة الطحاوية ص 28 ذاماًّ المشبهة والمجسمة ما نصه:

ص: 166

والمشبهة إنما زلوا لغلوهم في إثبات الصفات وتشبيه الخالق بالمخلوق سبحانه وتعالي (1)، والحق بين هؤلاء وهؤلاء إثبات بدون تشبيه، وتنزيه بدون تعطيل. وما أحسن ما قيل: المعطل يعبد عدماً، والمجسم يعبد صنماً. انتهي.

وله عبارات غير ذلك يجدها من يبحث عنها!!

فهل أصاب ابن تيمية حينما نفي ذم السلف للمجسمة، أم أصاب الألباني عندما قال والمجسم يعبد صنماً؟!! فاللهم هداك!!

ابن تيمية يثبت الحركة لله تعالي

فصل: ابن تيمية يثبت الحركة لله تعالي والألباني ينفيها مدعياً عدم ثبوتها.

قال ابن تيمية في كتابه موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول 2/4 المطبوع علي هامش سنته، ما نصه:

وأئمة السنة والحديث علي إثبات النوعين وهو الذي ذكره عنهم من نقل مذهبهم كحرب الكرماني وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهما، بل صرح هؤلاء بلفظ الحركة، وأن ذلك هو مذهب أئمة السنة والحديث من المتقدمين والمتأخرين.

ص: 167


1- كقولهم إن صورة آدم علي أو مثل صورة الرحمن تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً و سبحان ربك رب العزة عما يصفون.

ثم قال: وقال عثمان بن سعيد وغيره إن الحركة من لوازم الحياة فكل حي متحرك، وجعلوا نفي هذا من أقوال الجهمية نفاة الصفات الذين اتفق السلف والأئمة علي تضليلهم وتبديعهم. انتهي.

أقول: فهذا كلام صريح بسبك وترتيب غريب يبرهن علي أن ابن تيمية يقول بعقيدة الحركة وأن ذلك مذهب أهل السنة وأن كل من نفاها فهو ضال مبتدع جهمي!! ويا هل تري ما موقف الألباني من عقيدة الحركة هذه؟!

تصريح الألباني بعدم ثبوت الحركة ورده لهذه العقيدة:

قال الألباني في مقدمة كتاب مختصر العلو - 16، ناقلاً كلام العلامة المحدث الكوثري مقراً له ما نصه:

ويقولون في الله ما لا يجوزه الشرع ولا العقل من إثبات الحركة له تعالي والنقلة، ويعني بهما النزول. والحد والجهة، يعني العلو. والقعود والإقعاد فيعني هذا الذي نحن في صدد بيان عدم ثبوته. انتهي. فتدبروا!!

فهل يعتقد أحد ثبوت لفظ الحركة صفة لله تعالي؟! والسلف يقولون: لا نصف الله إلا بما وصف به نفسه؟! وأين لفظة الحركة في القرآن الكريم، أو السنة المطهرة؟!! اللهم هداك!!

اختلاف الألباني مع ابن تيمية في إثبات الحد لله تعالي

فصل: في عرض الخلاف الواقع بين ابن تيمية والذهبي والألباني في مسألة الحد.

كان الذهبي في أول حياته أيام شبابه في سن (العشرينات) قد تأثر بابن تيمية فصنف بعض التصانيف التي فيها ما يؤيد فكر ابن تيمية، ثم رجع عن أكثر ذلك

ص: 168

في كتبه المتأخرة وخاصة سير أعلام النبلاء، أما كتابه العلو، فقد ألفه وهو ابن خمس وعشرين سنة أي قبل وفاته بنحو خمسين سنة، ولذلك نجده يخالف ما فيه كما يخالف أيضاً ابن تيمية بل يرد عليه ويخطئه في كثير من المواضع في (سير أعلام النبلاء)، وما رسالة زغل العلم والطلب، و النصيحة الذهبية، عنا ببعيد.

وهذه الرسالة ثابتة رغم أنف من يحاول نفيها!! ورغم أنف من يقول بأنها ليست من تصانيف الذهبي!! وهي تقع في ورقة واحدة وهي مشهورة باسم القبان. ذكرها الحافظ السخاوي في كتابه الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ طبعة دار الكتب العلمية ص 307.

ومن تلك المسائل التي وقع الخلاف أخيراً فيها بين ابن تيمية ومقلده الألباني وبين الذهبي مسألة إثبات الحد لله سبحانه وتعالي عما يقولون ويصفون.

فابن تيمية يثبتها ويكفر منكر الحد لله تعالي والذهبي ينكرها في آخر حياته بل ويعتبر اثارتها قبل ذلك بدعة. وإليك ذلك موضحاً:

قال ابن تيمية في (موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول 2/29) المطبوع علي هامش (منهاج سنته) ما نصه:

فهذا كله وما أشبهه شواهد ودلائل علي الحد ومن لم يعترف به فقد كفر بتنزيل الله وجحد آيات الله.

فهذا نص صريح من ابن تيمية فيه تكفير كل من لم يعترف أو يؤمن بالحد، ومقابل هذا نجد الحافظ الناقد الذهبي يقول في سير أعلام النبلاء 16/97) ما نصه:

ص: 169

وتعالي الله أن يحد أو يوصف إلا بما وصف به نفسه، أو علمه رسله بالمعني الذي أراد بلا مثل ولا كيف، ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. انتهي. فتأملوا!!

وتحايد الألباني المسألة لأنه لم يفهمها جيداً فمر بها في تخريجه (لشرح الطحاوية) فلم يعلق بشئ!! والمنقول لنا عنه من طرق عن بعض مريديه!! أنه ينكر الحد كالحافظ الذهبي، فالله تعالي أعلم!!

الالباني يخالف ابن تيمية في التوسل الي الله بالنبي والأولياء

فصل: في عرض الخلاف الواقع بين هذه الطائفة في التوسل، ابن تيمية اختلف قوله فيه، والشوكاني يجيزه والألباني يحرمه.

أما مسألة التوسل فقد اختلف آراء دعاة السلفية فيه بشكل ملحوظ مع أن الموجودين في الساحة منهم اليوم يقولون بأن هذه المسألة من مسائل العقائد! وليست كذلك قطعاً.

أما ابن تيمية فقد أنكر في كتابه قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، التوسل - ومرادنا التوسل بالذوات - ثم رجع عن ذلك كما نقل تلميذه ابن كثير في البداية والنهاية 14/45 حيث قال:

قال البرزالي (1): وفي شوال منها شكا الصوفية بالقاهرة علي الشيخ تقي الدين وكلموه في ابن عربي وغيره إلي الدولة، فردوا الأمر في ذلك إلي القاضي الشافعي، فعقد له مجلس وادعي عليه ابن عطاء بأشياء فلم يثبت عليه منها شئ، لكنه قال: لا يستغاث إلا بالله، لا يستغاث بالنبي إستغاثة بمعني العبارة - ولعلها العبادة -، ولكن يتوسل به ويتشفع به إلي الله، فبعض الحاضرين قال ليس عليه

ص: 170


1- هو الحافظ ابو محمد القاسم بن البهاء محمد الدمشقي البرزالي ترجم في (طبقات الحفاظ) للسيوطي ص 256.

في هذا شئ، ورأي القاضي بدر الدين بن جماعة أن هذا فيه قلة أدب. انتهي. فتأمل!!!

وأما الشوكاني فقد أجاز التوسل في كتابه تحفة الذاكرين، كما يعلم ذلك القاصي والداني.

ففي صحيفة 37 من كتاب الشوكاني تحفة الذاكرين، طبع دار الكتب العلمية، عقد باباً سماه: وجه التوسل بالأنبياء وبالصالحين، ثم قال:

قوله: ويتوسل إلي الله سبحانه بأنبيائه والصالحين. أقول: ومن التوسل بالأنبياء ما أخرجه الترمذي. انتهي.

وأصرح من هذا ما ذكره الشوكاني ص 138 في: باب صلاة الضر والحاجة حيث قال ما نصه:

وفي الحديث دليل علي جواز التوسل برسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الله عز وجل مع إعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالي. انتهي.

وقد نص الشوكاني أيضاً علي جواز التوسل ورد علي ابن تيمية في كتابه الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد، فليرجع إليه من شاء.

وأما الألباني فمنع ذلك واعتبره من الضلال في كتابه التوسل أنواعه وأحكامه، كما هو مشهور ومعلوم مع أنه قال في مقدمة (شرح الطحاوية ص 60 الطبعة 8) أن مسألة التوسل ليست من مسائل العقيدة وهذا خلاف ما يقوله كثير من أدعياء السلفية. فتأملوا يا ذوي الأبصار!!

ص: 171

و يخالفه في مشروعية زيارة قبر النبي

فصل: ابن تيمية يمنع زيارة قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم والذهبي يخالف ذلك في (السير) ويرد عليه.

ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في (فتح الباري شرح صحيح البخاري 3/66) عند الكلام علي حديث: لا تشد الرحال:

أن تيمية يقول بتحريم شد الرحل إلي زيارة قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم!!

وذكر ابن حجر أنه أنكر ذلك علي ابن تيمية وأن ذلك من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية، وإليك نصه بحروفه من الموضع المشار إليه آنفاً:

والحاصل أنهم ألزموا ابن تيمية بتحريم شد الرحل إلي زيارة قبر سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأنكرنا صورة ذلك، وفي شرح ذلك من الطرفين طول، وهي من أبشع المسائل المنقولة عن ابن تيمية!!

ومن جملة ما استدل به علي دفع ما ادعاه غيره من الإجماع علي مشروعية زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم ما نقل عن مالك أنه كره أن يقول زرت قبر النبي صلي الله عليه وسلم!! وقد أجاب عنه المحققون من أصحابه بأنه كره اللفظ أدباً لا أصل الزيارة، فإنها من أفضل الأعمال وأجل القربات الموصلة إلي ذي الجلال وأن مشروعيتها محل إجماع بلا نزاع والله الهادي إلي الصواب. انتهي.

وقال الحافظ الذهبي في (سير أعلام النبلاء 4/484) راداً علي ابن تيمية ما نصه:

ص: 172

فمن وقف عند الحجرة المقدسة ذليلاً مسلماً، مصلياً علي نبيه، فيا طوبي له فقد أحسن الزيارة وأجمل في التذليل والحب، وقد أتي بعبادة زائدة علي من صلي عليه في أرضه أو في صلاته، إذ الزائر له أجر الزيارة وأجر الصلاة عليه، والمصلي عليه في سائر البلاد له أجر الصلاة فقط.

فمن صلي عليه واحدة صلي الله عليه عشراً، ولكن من زاره صلوات الله عليه وأساء أدب الزيارة، أو سجد للقبر أو فعل ما لا يشرع، فهذا فعل حسناً وسيئاً فيعلم برفق والله غفور رحيم، فوالله ما يحصل الإنزعاج لمسلم، والصياح وتقبيل الجدران، وكثرة البكاء، إلا وهو محب لله ولرسوله، فحبه المعيار والفارق بين أهل الجنة وأهل النار. فزيارة قبره من أفضل القرب، وشد الرحال إلي قبور الأنبياء والأولياء، لئن سلمنا أنه غير مأذون فيه لعموم قوله صلوات الله عليه: لا تشدوا الرحال إلا إلي ثلاثة مساجد، فشد الرحال إلي نبينا صلي الله عليه وسلم مستلزم لشد الرحل إلي مسجده، وذلك مشروع بلا نزاع، إذ لا وصول إلي حجرته إلا بعد الدخول إلي مسجده، فليبدأ بتحية المسجد، ثم بتحية صاحب المسجد، رزقنا الله وإياكم ذلك آمين. انتهي.

قال الشيخ شعيب الأرناؤوط معلقاً علي كلمة الذهبي هذه في سير أعلام النبلاء 4/485 ما نصه:

قصد المؤلف رحمه الله بهذا الإستطراد الرد علي شيخه ابن تيمية الذي يقول بعدم جواز شد الرحل لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم ويري أن علي الحاج أن ينوي زيارة المسجد النبوي كما هو مبين في محله.

انتهي. فتأملوا!!

و يخالفه في تجويز استعمال السبحة

ص: 173

فصل: عرض الخلاف الواقع بين ابن تيمية في استعمال السبحة ونصه علي أنها حسنة وبين الألباني التي يراها بدعة ضلالة.

هذه المسألة من الفرعيات وليست من الأصول، أحببت أن أوردها في هذه الرسالة الصغيرة المتواضعة، لكي ألفت أنظار طلاب العلم إلي أنه كما اختلف رأي ابن تيمية والألباني وغيرهما من دعاة السلفية في أصول الإعتقاد كذلك اختلفوا في فروع المسائل الفقهية، فلا ندري بعد ذلك لماذا يحارب الألباني!! ويعادي!! ويشتم!! ويضلل!! كل من يخالفه في أي مسألة سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ويتناسي الخلاف العقائدي القائم بينه وبين ابن تيمية في الرأي!! وما الذي أسكته عن تضليل ابن تيمية كما يضلل باقي خصومه ولا يتلطف معهم تلطفه مع ابن تيمية وأمثاله.

أهو الدرهم والدينار العائد من العمليات التجارية في البلدان التي تعشق ابن تيمية وتعتبره إمام الأئمة، أم ماذا؟!! نأمل أن يجيب الألباني المسلمين عن هذا الإشكال الذي يقول لسان حاله فيه: دارهم ما دام كتابك يشتري في دارهم!! وهل فقد الألباني الشجاعة العلمية والأدبية لأن يصرح في حق ابن تيمية ما يصرح في حق خصومه الآخرين؟!!

مسألة السبحة:

قال ابن تيمية في (فتاواه 22 /506) ما نصه:

وعد التسبيح بالأصابع سنة، قال النبي للنساء: سبحن، واعقدن بالأصابع فإنهن مسؤولات مستنطقات. وأما عده بالنوي والحصي ونحو ذلك فحسن، وكان من الصحابة رضي الله عنهم من يفعل ذلك، وقد رأي النبي أم المؤمنين تسبح بالحصي، وأقرها علي ذلك. وروي أن أبا هريرة كان يسبح به. وأما

ص: 174

التسبيح بما يجعل في نظام من الخرز ونحوه، فقال فيه هو حسن غير مكروه. انتهيكلام ابن تيمية.

وقال الشوكاني في كتابه نيل الأوطار 2/53 ما نصه:

والحديثان الآخران - أي حديث السيدة صفية وسيدنا سعد - يدلان علي جواز عد التسبيح بالنوي والحصي، وكذا بالسبحة، لعدم الفارق، لتقريره صلي الله عليه وسلم للمرأتين علي ذلك وعدم إنكاره، والإرشاد إلي ما هو أفضل لا ينافي الجواز. انتهي.

إنكار الألباني للسبحة أشد الإنكار:

لقد اعتبر الألباني السبحة بدعة منكرة ووصف من ألف في بيان سنيتها بأنه من أهل الأهواء! كما تجد ذلك أثناء كلامه وتخريجه! لحديث: نعم المذكر السبحة. المجلد الأول من (ضعيفته 1/ 110 - 117 من الطبعة القديمة، و 1/ 4 - 193 من الطبعة الجديدة)!!

فتأملوا كيف لا يعد ابن تيمية والشوكاني من أهل الأهواء ويعد العلماء المعاصرين الذين يقولون بسنيتها اليوم من أهل البدع والأهواء!!!

فلماذا المحاباة؟!! عافي الله الألباني من هذه المحاباة (1).

عرف من هو المحابي حقاً! ولله في خلقه شؤون.

ص: 175


1- ومن رجع إلي مقدمته الجديدة للجزء الأول من (ضعيفته - 35) ورأي كيف عاب علي الشيخ إسماعيل الأنصاري محاباته كما يدعي!! لابن عمه حماد الأنصاري وتأمل في باقي أعمال هذا اللوذعي!!.
تناقض الألباني في الحكم بضلال سيد قطب

فصل: فائدة مهمة: تضليل الألباني لسيد قطب، بعدما أثني عليه!

كان الألباني قد أثني علي سيد قطب في مقدمة (مختصر العلو -60 الطبعة الأولي - المكتب الاسلامي) فقال عنه هناك ما نصه:

ولقد تنبه لهذا أخيراً بعض الدعاة الإسلاميين، فهذا هو الأستاذ الكبير سيد قطب رحمه الله تعالي فإنه بعد أن قرر تحت عنوان: جيل قرآني جديد.

انتهي. وهذا الكلام كتبه الألباني في دمشق - 8 جماد سنة 1392 ه- ويوافق ذلك سنة 1972 م تقريباً.

كما تجد ذلك في صحيفة رقم (78) من مقدمة (مختصر العلو)!!

ثم عاد ذاماَّ له بل مضللاً! ونسخ كلامه السابق الآنف الذكر (1) حيث رمي سيد قطب بالحلول والإتحاد وب- (وحدة الوجود) وذلك أنه نشرت مقابلة مع الألباني في مجلة المجتمع العدد (520) المؤرخ في 11 جمادي الأولي سنة 1401 ه- يقول فيها:

إن قول سيد قطب في تفسيره سورة الإخلاص وأول سورة الحديد، هو عين قول القائلين بوحدة الوجود. حيث قال ما نصه كما في ص 23 - مجلة المجتمع:

ظاهر كلامه تماماً انه لا وجود الحق، وهذا هو عين القائلين بوحدة الوجود، كل ما تراه بعينك فهو الله، وهذه المخلوقات التي يسميها أهل الظاهر مخلوقات ليست شيئاً غير الله، وعلي هذا تأتي بعض الروايات التي تفصل هذه الضلالات الكبري بما يري بعض الصوفيين. انتهي. فتأملوا.

وهذا الكلام حصل من الألباني بعد الثناء علي سيد قطب بعشر سنوات تقريباً، فيكون تضليله لسيد قطب وطعنه فيه ناسخاً لثنائه عليه حسب التاريخ وحسبما

ص: 176


1- كما نسخ كلامه في الثناء عن الشاويش بذمه في كتبه الجديدة المبينة تواريخها! فتأملوا!.

تقتضيه قواعد علم أصول الفقه في باب الناسخ والمنسوخ!! وقد رد علي الألباني الشيخ عبد الله عزام في مجلة المجتمع في ثلاثة أعداد وهي 526 و527 و528 وافتتح مقاله الأول في العدد 526 بقوله:

هزني من أعماقي: ولقد هزني في أعماقي أن تنشر المجتمع علي صفحاتها هذا الكلام لقرائها في العالم. والمجتمع بالهيئة المشرفة عليها تدرك أن قراءها هم تلاميذ الأستاذ سيد قطب.

ولقد حز في النفوس أن ينسب هذا الكلام (القول بوحدة الوجود) إلي الأستاذ سيد قطب الذي جلي حقيقة التوحيد من كل غبش... انتهي.

وقال عبد الله عزام في العدد التالي (للمجتمع) رقم 527 صحيفة 23 - 24:

هذه العبارات تشبه عبارة سيد قطب التي حملوها فوق ما تحمل، وفسروها تفسيراً يفضي إلي الكفر، كما يقول الألباني: نحن لا نحابي في دين الله أحداً نقول هذا الكلام كفر. انتهي. فتأملوا (1).

الالباني يجوز الزنا علي نساء النبي

ص: 177


1- فمن تأمل هذا جيداً وقرأ تلك الأعداد المشار إليها من مجلة المجتمع عرف يقيناً أن ما أملاه الألباني علي بعض غلمانه في الرد علينا في كتاب أسماه بالإيقاف لا قيمة له وفيه تدليس وتغرير لا يخفي!! والله المستعان! وعلي نفسها جنت براقش!!.

فصل: الألباني يقول بأن أمهات المؤمنين وزوجات الأنبياء غير محفوظات من الزنا والفاحشة وتلميذه القديم الشيخ محمد نسيب الرفاعي ينكر ذلك ويرد عليه في كتاب مستقل.

زعم الألباني أن أمهات المؤمنين وزوجات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يجوز عليهن الزنا والعياذ بالله تعالي (1).

وقد استغربنا صدور ذلك منه جداً وتعجبنا من إثارته هذه المسألة حيث أن زوجات النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم توفاهن الله تعالي قبل نحو 1400سنة تقريباً، فما فائدة إثارة هذا الموضوع الآن مع أنهن مبرآت بنص القرآن الكريم ومنه قوله تعالي: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، ومن أهل بيته زوجاته بلا شك ولا ريب.

ولقد أثار الألباني هذه المسألة سنة 1387 ه- - 1967 م وتصدي له الشيخ محمد نسيب الرفاعي جزاه الله تعالي خير الجزاء وناقشه بدفاعه عن زوجات الأنبياء وأمهات المؤمنين فرد عليه فيها.

ثم فارقه وصنف كتاباً في الرد عليه في هذه المسألة سماه: نوال المني في إثبات عصمة أمهات وأزواج الأنبياء من الزنا (2) يقول في آخره بعد أن أورد الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم في الرد علي الألباني ما نصه:

وإنني لأذكر أن الأخ الكبير الشيخ ناصر الألباني فارق بعض إخوانه لأسباب شخصية بحتة، فلماذا يري نفسه محقاً في مفارقة إخوانه لأسباب شخصية، ولا يراني محقاً في مفارقته هو ومن معه لأسباب يعلم الله أنها مفارقة في الله وغضباً له وغضباً لرسول الله، وإن الشيخ الألباني ليعلم ذلك تماماً ولا ينكره.

فأين من يقر بالحق ولو علي نفسه؟؟!!. انتهي.

ص: 178


1- وقد وقفت علي كلام له في ذلك في أحد كتبه إلا أنني نسيت الموضع الآن وإذا لقيته أثبته بإذنه تعالي.
2- ويقع الكتاب في 198صفحة وهو مكتوب بخط الشيخ محمد نسيب ولدي نسخة منه.

وهذه صورة بعض صفحات الكتاب فليتأملها طالب الحق وهي من 184 - 188 بخط مؤلفه الألباني يقول في تخريج حديث ان كلام ابن تيمية فيه: لا ينبغي أن يلتفت إليه.

قال الألباني في إرواء غليله 3/13أثناء تخريج حديث رقم 564 ما نصه: وأما إنكار شيخ الإسلام ابن تيمية اللفظ الثاني في أول كتاب الإيمان. فمما لا يلتفت إليه بعد وروده من عدة طرق بعضها صحيح كما سلف. انتهي. فتأملوا!

الخاتمة

فعلي العاقل أن يكون منصفاً وأن لا يتعصب ممقوتاً في الباطل يجره إلي الإغضاء عن مخالفه من أهل نحلته من أصحابه ومحبيه الذين يخالفونه في بعض المسائل الإعتقادية فلا يصفهم بالضلال في حين أنه يضلل مخالفه من غير أصحابه ومحبيه ولو في مسالة فرعية جداً ويشنع عليه!! وهذه الرسالة لا تدع مجالاً للشك في أن الألباني يخالف الشيخ ابن تيمية في مسائل أصلية في العقائد والتوحيد، فما هو جواب المتعصبين لذلك؟!! ".

ص: 179

ص: 180

الفصل السابع: تحدي أتباع ابن تيمية لعلماء الشيعة في التوحيد

اشاره

عناوين المواضيع:

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون!

التحدي الخشن!!

الآيات والأحاديث والعقل تنفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين

نماذج من كلمات علماء مذهب أهل البيت عليهم السلام

حديث العماء.. بل حديث العمي!!

هرهرة وتخليط لقيط العقيلي الذي أخذوا منه دينهم!!

حديث العماء الحبيب الي قلب ابن تيمية!!

السؤال عن الله تعالي بأين وكيف ومتي.. سؤال خطأ!

أتباع ابن تيمية تكالبت حججهم.. وتكالبها لا حقيقة ولا مجاز!!

لا يحويه مكان.. ولا يخلو منه مكان...

أصحاب الأذهان يتهمون المسلمين بأنهم ينفون صفات الله تعالي

تفسير: إلا وحياً أو من وراء حجاب

معبودهم.. جسمٌ ينزل ويصعد!! وبقية صفاته..

المجسمون.. فقدوا أعصابهم!

سؤالهم: أين الله؟!

ص: 181

ص: 182

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون.. وأنهم وحدهم أصحاب العقيدة الصحيحة.. وأهل السنة والجماعة!!

وأن بقية المسلمين الذين يخالفون رأيهم، هم أهل البدع والضلالة، وأكثرهم كفار مشركون!!

لكنك عندما تنظر إلي عقيدة ابن تيمية وأتباعه، يأخذك العجب، لأنها تقوم علي أسس بعيدة كل البعد عن التوحيد القرآني الصافي الذي عليه المسلمون! فالتيميون يشبهون الله تعالي بخلقه!

ويجسمون ذاته المقدسة!

ويعتمدون علي روايات الحاخامات ونصوص التوراة!

ويقولون إن صفات التجسيم لله الموجودة في التوراة كلها صحيحة، ماعدا قول القليل منهم: عزير ابن الله!!

ويقولون: إن معبودهم علي صورة البشر، وهو موجود في مكان خاص من الكون، وينزل الي الأرض كل ليلة، ويفرح ويضحك ويغضب!!

... إلخ.

ص: 183

وبذلك يجعلون الله تعالي جسماً من نوع الطبيعة المخلوقة، خاضعاً لقوانين الزمان والمكان اللذين خلقهما!!

وإذا قلت لهم: إن الله تعالي منزَّه عن أن يحويه مكان أو زمان، لأنهما مخلوقان له وهو قبلهما.. وإنه تعالي في نفس الوقت في كل مكان وزمان مهيمنٌ عليهما وعلي كل الموجودات.. تراهم يرفضون ذلك، ويتهمون قائله بأنه: معطِّل ينفي صفات الله تعالي ووجوده!!

ص: 184

التحدي الخشن

كتب المدعو (مشارك)، وهوعالم وهابي يسكن في جدة، في شبكة أنا العربي، بتاريخ 20-6-1999، قائلاً:

طلبتُ مناقشتكم في عقائدكم في التوحيد والشرك، والأسماء والصفات، ولكنكم جبناء، فلم يتقدم أحدٌ حتي الآن!

ثم زاد (مشارك) تحديه الخشن فكتب بتاريخ 22-6-1999، موضوعاً بعنوان (بالله عليك يا عاملي هل لك عقيدة تؤمن بها!! إذن لماذا لا تذكرها!!!!)، وكرَّر مشارك، هذا السطر عشر مرات!

ثم كتب بعد ساعتين:

لقد أسمعت إذ ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي

ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن ضاع نفخك في الرماد!

ثم كتب (حقيقة التشيع):

الأخ مشارك: جزاك الله كل خير علي نصرة دين الله، وأسأل المولي سبحانه لي ولك الإخلاص.

أما من جهة العاملي ومن تبعه، فالمشكلة أن القوم لديهم عقائد كثيرة، وتختلف باختلاف الزمان والمكان، ولا يدري أي عقيدة منها يكتب.

أما العقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة، فهي تمتاز بخصائص من أهمها ما يلي:

1 - أنها توقيفية: فلا إعتقاد، ولا يتكلم إنسان في مجال الإعتقاد إلا بالدليل من الكتاب والسنة.

ص: 185

2 - أنها ثابتة: فمصادر التشريع عندها لا تتغير، وعقيدتها ثابتة علي خلاف غيرهم، فإنهم في كل زمان ومكان لهم عقيدة، أو تتغير بتغير الزمان والمكان، وتأمل اختلاف عقائد الشيعة الإثنا (كذا) عشرية والإسماعيلية والزيدية؟؟؟!!

3 - أنها عقيدة ربانية: مستمدة من كتاب الله وسنة نبيه صلي الله عليه وسلم، فليس فيها خرافة ولا تناقض، لقوله: ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً. أرجو أن تطلب من التلميذ أن يكتب لنا عقيدته، فهو كبيرهم الذي علمهم...

ثم كتب (إسلام) ظهراً:

لا، كأني بالعاملي غارقٌ بين الكتب والمجلدات يبحث له عن عقيده..!! ويتساءل: أيوه صحيح أنا اش عقيدتي!!

وربما أتي - إن أتي - ليختصر عقيدته في كلمه أو كلمتين! والباقي معروف! فهم يفصلون في مكان الإجمال، ويجملون في مكان التفصيل!!

ثم كتب (إسلام) عصر ذلك اليوم:

العاملي (عج)؟؟؟.

انتهي.

قال العاملي:

وهذه الكلمة من هذا الناصبي سخرية! يقصد بها أن العاملي غائب لا يرجي مثل الإمام المهدي الذي لا يعتقدون به، صلوات الله عليه، وعجل الله فرج العالم به، وحرم من بركته النواصب!

ص: 186

وقد أجبتُ مشاركاً بما سيأتي، وبدأتُ معه النقاش، ومع ذلك واصل مطالباته وتحدياته للشيعة!

ومما كتبه (مشارك) في مواصلة تحديه:

هل منكم أحد مقتنع بعقيدته في التوحيد والشرك، والأسماء والصفات ويستطيع أن يتناقش فيها؟؟

أنا أود أن أسمع الإجابة، وخاصة منك يا موسي أنت والتلميذ، وأما من لم يكن منكم مقتنعاً بعقيدته ف-....

ثم كتب (مشارك) في نفس اليوم مساءً، 22-6-1999:

ما هذا؟!! ألا يوجد من هو مقتنع بعقيدته فيكم!!!

ثم كتب في نفس ذلك المساء أيضاً!

صحيح أنكم روافض، وصدقوني لم أجد لكم أفضل من هذا الإسم الذي تزعمون أن الله سماكم به! فكل يوم ويوم أجد لكم سبباً في التسمية بهذا الإسم، ولنحصر ما عندنا حتي الآن:

1 - رفضتم زيد بن علي بن الحسين.

2 - ترفضون ما جاء عن الصحابة من أحاديث.

3 - ترفضون السنة.

4 - ترفضون عرض عقيدتكم.

5 - ترفضون أن تدلونا علي مواقع كتبكم علي الإنترنت.

6 - ترفضون أن تعرضوا بضاعتكم في التفسير.

7 - ترفضون أن تقولوا أن من الإثني عشرية من يكفر بعضهم بعضاً.

ص: 187

8 - ترفضون الكلام علي ما حدث بين الحسن ومعاوية.

9 - ترفضون الكلام علي ما حدث بين الخميني والخوئي.

من يزيد!!!!

فأجابه (موسي العلي) في ذلك المساء، 22-6-1999:

الزميل مشارك، ماهذا الإنفعال والتهكم، أيها الزميل؟!

ماذا تريد بالدقة، حدد مرادك.

عقائدنا في التوحيد والصفات معروفة وقد ذكرها لك العاملي..

فماذا تريد إذن؟!

إذا كان عندك سؤال حول نقط معينة من النقاط، أكتبها لي وأجيبك عنها بخصوص التوحيد والصفات.

أما أن تستهلك وقتي في بحوث طويلة ومتعبة بدون جدية وجدوي، فهذا غير مقبول، وأنا ألاحظ هذا فيك جلياً من خلال نقاشاتك مع الأخوة!!

وأما أسلوبك الإستفزازي الذي تستعمله مع محاوريك، فهذا غير صحيح في منهج الحوار العلمي، وقد ذكرني أسلوبك هذا بشخص تحاورت معه في (الساحة العربية)، لم يستطع أن يحاورني بهدوء واحترام، وكان دائم التهكم ولم يواصل معي، تعاملت معه بكل احترام، فتهجم علي شخصي واتهمني بالعمالة!!

وأنا أقول لك وبكل صراحة: أيها الزميل إن كنت تريد الحوار الموضوعي والعلمي، فأهلاً وسهلاً، وعليك أولاً بالإلتزام بأدب الحوار مع من تريد الحوار معه، مِن ترك أسلوب التهكم والتهجم والإستفزاز، وبالنسبة لي شخصياً الجدية في الحوار لأنني علي أثر الحوار أتعب وأراجع الكتب والمصادر، وهذه عملية شاقة لا يعرفها إلا الباحث، وفي غير هذه الصورة فلا! ثم لا!

ص: 188

فأنا أعلن لك من خلال هذا المنبر أنني وبكل صراحة واحترام لك، غير مستعد للنقاش معك لأنني أعتبر ذلك، صرخة في وادٍ!

فأجابه (مشارك) في اليوم التالي، 23 -6-1999، صباحاً:

أنا لا أتهمك بالعمالة يا موسي، ولكني أتهمك أنك مثل أمريكا في سياسة الكيل بمكيالين. فلو تأملت كلام أصحابك عن عقائدنا لوجدت أكثره الكذب وأقله التدليس، وكله اتهام وافتراء، فهل من عقائدنا أن الله ينزل كل جمعة علي حمار أسود، وهل نحن نشبه الله بخلقه، وهل نحن نقول: إن الهواء كان موجوداً قبل الله، وهل وهل وهل.. كلام كله كذب وافتراء، بل والعياذ بالله بعضه زندقة. كذلك الكلام الذي كان موجوداً في (الساحة الدينية)، ثم تقولون إننا مجسمة وحشوية وما شابه.

هذا كله لم نجاريكم (كذا) فيه مثل ما فعلتم معنا، وما أريده هنا هو الحوار الجاد والموضوعي لإيضاح دين الله والمذهب الحق وبأسلوب موضوعي لا كأسلوب (عبد الله الشيعي)، ومن علي شاكلته.

وقد بدأنا أنا والعاملي حواراً أسأل الله أن يكون جاداً وبناءً، فإذا كان عندك أي ملاحظة علي أسلوبي هناك فعجل لي بها، وما زلت أدعوا (كذا) من هو مقتنع بعقيدته منكم أن يناظرني فيها هنا علي نفس نمط الحوار مع العاملي علي أن تكون هنا في التوحيد والشرك، بدلاً من الأسماء والصفات.

انتهي.

قال العاملي:

ومع أني أجبته في يوم 22، وبدأتُ معه النقاش..

ص: 189

فقد كتب مشارك في يوم 23 عصراً: " لماذا لا يوجد أحد!!! وتتهموننا بما تتهموننا به!!!! ".

وأجابه العاملي بتاريخ 23- 6- 1999، مساءً:

إذا أردتَّ أن تفهم معني الإسلام والإيمان والشرك، فعليك أن تفهم أولاً التفسير الصحيح لقوله تعالي: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم به مشركون.

فمن هم هؤلاء الأكثرية (المشركة) بمفهوم الآية الشريفة، من المسلمين في عهد النبي صلي الله عليه وآله؟! وأين صاروا بعده؟؟!!

وإذا أردتَّ أن تفهم سبب الخلاف في الأمة بعد نبيها صلي الله عليه وآله، فلا بد لك أن تفهم آياته تعالي عن اختلاف الأمم بعد أنبيائهم.. (بَغْياً بَيْنَهُمْ)!!

وإذا أردتَّ أن تفهم مخططات اليهود وفعالياتهم في حياة النبي صلي الله عليه وآله، والتي استمرت بعد وفاته.. فلا بد لك أن تفهم أحاديث المُتَهَوِّكين الذين جمعهم النبي صلي الله عليه وآله في المسجد، وحاصرهم بسيوف الأنصار وهددهم!!

هل يكفيك هذه المسائل الثلاث المصيرية لعقيدتك وآخرتك، يا مشارك؟

وبحثي المستمر معك في آيات الصفات وأحاديثها..

وعشرات الأبواب التي تفتحها وتقفز من موضوع الي موضوع؟!

ثم تريد البحث الجديد، كالمُنبَت.. لا ظهراً أبقي، ولا أرضاً قطع!!

فأجاب (مشارك) بتاريخ 24-6-1999، ظهراً:

قد نشرت لكم عقيدتي في التوحيد وأستطيع أن أجيب علي أي أسئلة فيها إن شاء الله، ولكن طالما أنكم أهل التوحيد كما تزعمون، فلماذا تخافون أن

ص: 190

أناقشكم فيها، أم أنكم خفتم من النقاط الخمس التي طرحتها للعاملي عندما طرح لنا عقيدته في الأسماء والصفات.

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 25-6-1999، مساءً:

أين أصحاب العقيدة النقية.. أيها التلميذ الأريب؟

فأجابه (عبد الله الشيعي) بتاريخ 26-6-1999، الثالثة صباحاً:

مشارك... أنت تريد أن تنفي التجسيم والحشو والتشبيه عنكم، ثم تقول إني غير موضوعي... إذا كنت أنت الموضوعي.. اشرح لي ما يعنيه الدارقطني في أبياته هذه:

فلا تنكروا أنه قاعدٌ ولا تجحدوا أنه يقعده

وأورده ابن القيم في بدائع الفوائد: 4/48، هكذا:

ولا تنكروا أنه قاعدٌ ولا تنكروا أنه يقعده

والسلام من الله خير تحية... انتهي.

قال العاملي:

فسكت مشارك، ولم يجب هو ولا غيره بشئ!!

الآيات والأحاديث والعقل تنفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين
اشارة

كتب العاملي جواباً علي ثلاثة أقسام علي تحدي مشارك، بتاريخ 22-6-1999:

خلاصة اعتقادنا في التنزيه ونفي التشبيه

ص: 191

(قسم أول)

الآيات والأحاديث والعقل تنفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين

نعتقد نحن الشيعة بأن الله تعالي لا يمكن أن يُري بالعين لا في الدنيا ولا في الآخرة، لأنه ليس كمثله شئ، ولا تُدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا يُحيطون به علماً.. إلي آخر الآيات الصريحة بأن الله تعالي لا يمكن أن يُري بالعين، بل يُري بالعقل والقلب وهي أعمق وأصح من رؤية العين.

وقد استدل أئمتنا عليهم السلام وعلماؤنا رضي الله عنهم، علي نفي التجسيم والرؤية بالكتاب والسنة والعقل.. واعتبروا أن ذلك من ضرورات مذهبنا، بل هو كالبديهيات حتي عند عوامّنا.

أما القول برؤية الله تعالي فقد جاء من تأثر المسلمين باليهود والنصاري والمجوس، وقد وقف أهل البيت عليهم السلام وجمهور الصحابة في وجهه، وكافحوا نسبة الرؤية بالعين إلي الإسلام، ونفوا كل ما تستلزمه من التشبيه والتجسيم.

والدليل البسيط علي ذلك أن ما تراه العين لا بد أن يكون موجوداً داخل المكان والزمان، والله تعالي وجودٌ متعالٍ علي الزمان والمكان، لأنه خلقهما وبدأ شريطهما من الصفر والعدم، فلا يصح أن نفترضه محدوداً بهما، خاضعاً لقوانينهما!

لقد تعودت أذهاننا أن تعمل داخل الزمان والمكان، حتي ليصعب عليها أن تتصور موجوداً خارج قوانين الزمان والمكان، وحتي أننا نتصور خارج الفضاء والكون بأنه فضاء! وهذه هي طبيعة الإنسان قبل أن يكبر ويطلع، وقد ورد أن النملة تتصور أن لربها قرنين كقرنيها!

ص: 192

لكن عقل الإنسان يدرك أن الوجود لا يجب أن يكون محصوراً بالمكان والزمان، وأن الإنسان بإمكانه أن يرتقي في إدراكه الذهني فيدرك ما هو أعلي من الزمان والمكان ويؤمن به، وإن عرف أنه غير قابل للرؤية بالعين.

وهذا الإرتقاء الذهني هو المطلوب منا نحن المسلمين بالنسبة إلي وجود الله تعالي، لا أن نجره إلي محيط وجودنا ومألوف أذهاننا، كما فعل اليهود عندما شبهوه بخلقه، وادَّعَوا تجسده في عزير وغيره!! وكما فعل النصاري فشبهوه بخلقه، وادعوا تجسده بالمسيح وغيره!!

الرسول يعلم الأمة التوحيد

قال الصدوق رحمه الله في كتابه التوحيد ص 107:

" حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: مرّ النبي (صلی الله علیه و آله) علي رجلٍ وهو رافع بصره إلي السماء يدعو، فقال له رسول الله: غض بصرك، فإنك لن تراه.

وقال: ومر النبي (صلی الله علیه و آله) علي رجلٍ رافع يديه إلي السماء وهو يدعو، فقال رسول الله: أقصر من يديك، فإنك لن تناله ".

وفي الكافي: 1/ 93:

" علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن اليعقوبي، عن بعض أصحابنا، عن عبد الأعلي مولي آل سام، عن أبي عبد الله قال: إن يهودياً يقال له: سبحت، جاء إلي رسول الله صلي الله عليه وآله.

فقال: يا رسول الله جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه، وإلا رجعت؟ قال: سل عما شئت.

ص: 193

قال: أين ربك؟

قال: هو في كل مكان، وليس في شئ من المكان المحدود.

قال: وكيف هو؟

قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق، والله لا يوصف بخلقه.

قال: فمن أين يعلم أنك نبي الله؟

قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك، إلا تكلم بلسان عربي مبين: يا سبحت إنه رسول الله!

فقال سبحت: ما رأيت كاليوم أمراً أبين من هذا! ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ".

و أقصي ما يمكن أن يري الإنسان نور عظمة الله تعالي

وفي بحار الأنوار: 4/38:

" التوحيد: أبي، عن محمد العطار، عن ابن عيسي، عن البزنطي، عن الرضا (علیه السلام) قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) لما أسري بي إلي السماء بلغ بي جبرئيل (علیه السلام) مكاناً لم يطأه جبرئيل قط، فكُشِفَ لي فأراني الله عز وجل من نور عظمته ما أحب ".

وفي نهج البلاغة: 2/99:

" ومن كلام له وقد سأله ذعلب اليماني فقال: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟

فقال: أفأعبد ما لا أري! فقال: وكيف تراه؟! فقال: لا تراه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان، قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين، متكلم لا بروية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة، لطيف لا

ص: 194

يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء، بصير لا يوصف بالحاسة، رحيم لا يوصف بالرقة، تعنو الوجوه لعظمته، وتجب القلوب من مخافته ". ورواه في بحار الأنوار 4/27 عن (التوحيد) و (الأمالي)...

لم يحلل في الأشياء.. و لم ينأ عنه

في نهج البلاغة: 1/112:

" ومن خطبة له عليه السلام: الحمد لله الذي لم يسبق له حال حالاً، فيكون أولاً قبل أن يكون آخراً. ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً.

كل مسمي بالوحدة غيره قليل، وكل عزيز غيره ذليل، وكل قوي غيره ضعيف، وكل مالك غيره مملوك، وكل عالم غيره متعلم، وكل قادر غيره يقدر ويعجز، وكل سميع غيره يصمُّ عن لطيف الأصوات ويصمه كبيرها، ويذهب عنه ما بعد منها، وكل بصير غيره يعمي عن خفي الألوان ولطيف الأجسام، وكل ظاهر غيره باطن، وكل باطن غيره غير ظاهر.

لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان، ولا تخوف من عواقب زمان، ولا استعانة علي ند مثاور، ولا شريك مكاثر، ولا ضد منافر، ولكن خلائق مربوبون، وعباد داخرون.

لم يَحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن، ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن. لم يؤده خلق ما ابتدأ، ولا تدبير ما ذرأ، ولا وقف به عجز عما خلق، ولا ولجت عليه شبهة فيما قدر، بل قضاء متقن وعلم محكم، وأمر مبرم. المأمول مع النقم، والمرهوب مع النعم... ".

ص: 195

لا تقدر عظمة الله سبحانه علي قدر عقلك

في نهج البلاغة: 1/160:

" ومن خطبة له عليه السلام تعرف بخطبة الأشباح وهي من جلائل خُطبه، وكان سأله سائل أن يصف الله حتي كأنه يراه عياناً، فغضب عليه السلام لذلك:

الحمد لله الذي لا يَفِرهُ المنع والجمود، ولا يكديه الإعطاء والجود، إذ كل معط منتقص سواه، وكل مانع مذموم ما خلاه، وهو المنان بفوائد النعم، وعوائد المزيد والقسم. عياله الخلق، ضمن أرزاقهم وقدر أقواتهم، ونهج سبيل الراغبين إليه، والطالبين ما لديه، وليس بما سئل بأجود منه بما لم يسأل. إلي آخر الخطبة الشريفة ". وروي هذه الخطبة الصدوق في التوحيد - 48.

وفي نهج البلاغة: 2/116:

" ومن خطبة له عليه السلام في التوحيد، وتجمع هذه الخطبة من أصول العلم ما لا تجمعه خطبة:

ما وحّده من كيّفه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا إياه عني من شبهه، ولا صمده من أشار إليه وتوهمه. فاعل لا باضطراب آلة، مقدر لا بجول فكرة، غني لا باستفادة، لا تصحبه الأوقات، ولا ترفده الأدوات، سبق الأوقات كونه، والعدم وجوده، والإبتداء أزله... ". إلي آخر الخطبة الشريفة.

اول الدين معرفته.. و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه

وفي نهج البلاغة: 1/14:

" ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها ابتداء خلق السماء والأرض وخلق آدم:

ص: 196

الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولا يؤدي حقه المجتهدون. الذي لا يدركه بعد الهمم، ولا يناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حد محدود، ولا نعت موجود، ولا وقت معدود، ولا أجل ممدود فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتد بالصخور مَيَدَان أرضه..

أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه، ومن ثناه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حده، ومن حده فقد عده، ومن قال فيم فقد ضمّنه، ومن قال علام فقد أخلي منه... ". إلي آخر الخطبة الشريفة.

كان المسلمون يعرفون قيمة الجواهر فيكتبونه

التوحيد لشيخ الصدوق ص 31:

" حدثنا أبي (رضی الله عنه) قال: حدثنا سعد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن أبي عبد الله، عن أبيه محمد بن خالد البرقي، عن أحمد بن النضر وغيره، عن عمرو بن ثابت، عن رجل سماه، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور قال: خطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يوماً خطبة بعد العصر، فعجب الناس من حسن صفته وما ذكر من تعظيم الله جل جلاله، قال أبو إسحاق فقلت للحارث: أَوَمَا حفظتها؟ قال: قد كتبتها، فأملاها علينا من كتابه:

ص: 197

الحمد لله الذي لا يموت، ولا تنقضي عجائبه، لأنه كل يوم في شأن، من إحداث بديع لم يكن. الذي لم يولد فيكون في العز مشارَكاً، ولم يلد فيكون موروثاً هالكاً، ولم تقع عليه الأوهام فتقدره شبحاً ماثلاً، ولم تدركه الأبصار فيكون بعد انتقالها حائلاً، الذي ليست له في أوليته نهاية، ولا في آخريته حد ولا غاية، الذي لم يسبقه وقت، ولم يتقدمه زمان، ولم يتعاوره زيادة ولا نقصان، ولم يوصف بأين ولا بمكان، الذي بطن من خفيات الأمور، وظهر في العقول بما يري في خلقه من علامات التدبير. الذي سُئلت الأنبياء عنه فلم تصفه بحد ولا بنقص، بل وصفته بأفعاله، ودلت عليه بآياته، ولا تستطيع عقول المتفكرين جحده، لأن من كانت السماوات والأرض فطرته وما فيهن وما بينهن هو الصانع لهن، فلا مدفع لقدرته..".

إلي آخر الخطبة الشريفة.

اميرالمؤمنين يرد علي تجسيم اليهود

قال الصدوق في كتابه التوحيد ص 77:

" حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المذكر المعروف بأبي سعيد المعلم بنيسابور، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان، قال: حدثنا علي بن سلمة الليفي، قال: حدثنا إسماعيل بن يحيي بن عبد الله، عن عبد الله بن طلحة بن هجيم، قال: حدثنا أبو سنان الشيباني سعيد بن سنان، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة، قال: جاء يهودي إلي علي بن أبي طالب عليه السلام.

فقال: يا أمير المؤمنين متي كان ربنا؟

قال: فقال له علي: إنما يقال: متي كان؟ لشئ لم يكن فكان، وربنا تبارك وتعالي هو كائن بلا كينونة كائن، كان بلا كيف يكون، كائن لم يزل بلا لم

ص: 198

يزل، وبلا كيف يكون، كان لم يزل ليس له قبل، هو قبل القبل بلا قبل وبلا غاية ولا منتهي، غاية ولا غاية إليها، غاية انقطعت الغايات عنه، فهو غاية كل غاية.

أخبرني أبو العباس الفضل بن الفضل بن العباس الكندي فيما أجازه لي بهمدان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، قال: حدثنا محمد بن سهل يعني العطار البغدادي لفظاً من كتابه سنة خمس وثلاثمائة، قال: حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: حدثني عمارة بن زيد، قال: حدثني عبد الله بن العلا، قال: حدثني صالح بن سبيع، عن عمرو بن محمد بن صعصعة بن صوحان، قال: حدثني أبي، عن أبي المعتمر مسلم بن أوس، قال: حضرت مجلس علي في جامع الكوفة، فقام إليه رجل مصفر اللون كأنه من متهودة اليمن فقال: يا أمير المؤمنين صف لنا خالقك وانعته لنا كأنا نراه وننظر إليه، فسبح عليٌّ ربه وعظمه عز وجل وقال:

الحمد لله الذي هو أول بلا بد مما، ولا باطن فيما، ولا يزال مهما، ولا ممازج مع ما، ولا خيال وهما، ليس بشبح فيري، ولا بجسم فيتجزي، ولا بذي غاية فيتناهي، ولا بمحدث فيبصر، ولا بمستتر فيكشف، ولا بذي حجب فيحوي. كان ولا أماكن تحمله أكنافها، ولا حملة ترفعه بقوتها، ولا كان بعد أن لم يكن، بل حارت الأوهام أن تكيف المكيف للأشياء ومن لم يزل بلا مكان، ولا يزول باختلاف الأزمان، ولا ينقلب شاناً بعد شان... ". إلي آخر الخطبة الشريفة.

ص: 199

و يوجه المسلمين إلي التفكر في عظمة المخلوقات فيصف الطاووس

نهج البلاغة: 2/70:

" ومن خطبة له عليه السلام يذكر فيها عجيب خلقة الطاووس، والنملة، والجرادة:

ابتدعهم خلقاً عجيباً من حيوان وموات، وساكن وذي حركات، فأقام من شواهد البينات علي لطيف صنعته وعظيم قدرته، ما انقادت له العقول معترفة به ومسلمة له، ونعقت في أسماعنا دلائله علي وحدانيته. وما ذرأ من مختلف صور الأطيار، التي أسكنها أخاديد الأرض وخروق فجاجها، ورواسي أعلامها، من ذات أجنحة مختلفة، وهيئات متباينة، مصرفة في زمان التسخير، ومرفرفة بأجنحتها في مخارق الجو المنفسح، والفضاء المنفرج كَوَّنها بعد أن لم تكن، في عجائب صور ظاهرة، وركبها في حقاق مفاصل محتجبة، ومنع بعضها بعبالة خلقة، أن يسمو في السماء خفوفاً، وجعله يدف دفيفاً، ونسقها علي اختلافها في الأصابيغ بلطيف قدرته، ودقيق صنعته، فمنها مغموس في قالب لونٍ لا يشوبه غير لون ما غمس فيه، ومنها مغموس في لونٍ صبغ قد طوق بخلاف ما صبغ به، ومن أعجبها خلقاً الطاووس الذي أقامه في أحكم تعديل، ونضد ألوانه في أحسن تنضيد، بجناح أشرج قصبه، وذنب أطال مسحبه. إذا درج إلي الأنثي نشره من طيّه، وسما به مطلاً علي رأسه، كأنه قلع داري عَنَجَه نوتيه، يختال بألوانه، ويميس بزيفانه، يفضي كإفضاء الديكة، ويؤر بملاقحة أر الفحول المغتلمة في الضراب. أحيلك من ذلك علي معاينة، لا كمن يحيل علي ضعيف إسناده، ولو كان كزعم من يزعم أنه يلقح بدمعة تسفحها مدامعه،

ص: 200

فتقف في ضفتي جفونه، وأن أنثاه تطعم ذلك، ثم تبيض لا من لقاح فحل، سوي الدمع المنبجس، لما كان ذلك بأعجب من مطاعمة الغراب.

تخال قصبه مداري من فضة، وما أنبت عليها من عجيب داراته، وشموسه خالص العقيان، وفلذ الزبرجد، فإن شبهته بما أنبتت الأرض قلت: جني جني من زهرة كل ربيع، وإن ضاهيته بالملابس فهو كموشي الحلل، أو مونق عصب اليمن، وإن شاكلته بالحلي فهو كفصوص ذات ألوان قد نطقت باللجين المكلل.

يمشي مشي المرح المختال، ويتصفح ذنبه وجناحيه فيقهقه ضاحكاً لجمال سرباله، وأصابيغ وشاحه، فإذا رمي ببصره إلي قوائمه، زقا معولاً بصوت يكاد يبين عن استغاثته، ويشهد بصادق توجعه، لأن قوائمه حمش كقوائم الديكة الخلاسية، وقد نجمت من ظنبوب ساقه صيصية خفية. وله في موضع العرف قنزعة خضراء موشاة، ومخرج عنقه كالإبريق، ومغرزها إلي حيث بطنه كصبغ الوسمة اليمانية، أو كحريرة ملبسة مرآة ذات صقال، وكأنه متلفع بمعجر أسحم، إلا أنه يخيل لكثرة مائه وشدة بريقه أن الخضرة الناضرة ممتزجة به، ومع فتق سمعه خط كمستدق القلم في لون الأقحوان، أبيض يقق، فهو ببياضه في سواد ما هنالك يأتلق، وقل صبغ إلا وقد أخذ منه بقسط، وعلاه بكثرة صقاله وبريقه، وبصيص ديباجه ورونقه، فهو كالأزاهير المبثوثة لم تربها أمطار ربيع، ولا شموس قيظ، وقد يتحسر من ريشه، ويعري من لباسه، فيسقط تتري، وينبت تباعاً، فينحت من قصبه انحتات أوراق الأغصان، ثم يتلاحق نامياً حتي يعود كهيئته قبل سقوطه، لا يخالف سالف ألوانه، ولا يقع لون في غير مكانه. وإذا تصفحت شعرة من شعرات قصبه أرتك حمرة وردية، وتارة خضرة زبرجدية، وأحياناً صفرة عسجدية. فكيف تصل إلي صفة هذا عمائق الفطن، أو تبلغه

ص: 201

قرائح العقول، أو تستنظم وصفه أقوال الواصفين! وأقل أجزائه قد أعجز الأوهام أن تدركه، والألسنة أن تصفه، فسبحان الذي بهر العقول عن وصف خلق جلاه للعيون، فأدركته محدوداً مكوناً، ومؤلفاً ملوناً، وأعجز الألسن عن تلخيص صفته، وقعد بها عن تأدية نعته. وسبحان من أدمج قوائم الذرة والهمجة، إلي ما فوقهما من خلق الحيتان والأفيلة، ووأي علي نفسه أن لا يضطرب شبح مما أولج فيه الروح، إلا وجعل الحمام موعده، والفناء غايته ". راجع أيضاً نهج البلاغة: 2/115.........

إلي آخر ما كتبه العاملي. وختمه بقوله:

هذا يا مشارك ومشاركوه، غيضٌ من فيض من توحيد أهل البيت الطاهرين، الذين أمر الله ورسوله المسلمين أن يأخذوا دينهم منهم فلم يفعل أكثرهم، وتركوا النهر الرباني العظيم، وأخذوا يمصون الثماد!!

أرجو أن تقرؤوها قراءة تفهم، ثم تناقشوا مفاهيمها واحدة واحدة، بدقة وتحديد.. وبصفاء ذهن أبي ذر الغفاري، ونقاء هواء نجد الذي يقول فيه البهائي العاملي:

سري البرق من نجد فجدد تذكاري.. عهوداً بحُزوي والعُذيب وذي قار وبدون سب وشتم وتهريج.. وبدون غلاظة ذهن وتسطيح فهْم.. فهل أنتم فاعلون؟!!

ثم كتب العاملي في اليوم نفسه القسم الثاني من عقيدة الشيعة، بعنوان: من اعتقادات الشيعة بالله تعالي من الآيات والأحاديث الشريفة

وهذا بعض ما جاء فيه:

ص: 202

قال الإمام زين العابدين عليه السلام في أدعيته المعروفة بالصحيفة السجادية، الدعاء الأول: " الحمد لله الأول بلا أول كان قبله، والآخر بلا آخر يكون بعده، الذي قصرت عن رؤيته أبصار الناظرين، وعجزت عن نعته أوهام الواصفين، ابتدع بقدرته الخلق ابتداعاً، واخترعهم علي مشيَّته اختراعاً.. ثم سلك بهم طريق إرادته، وبعثهم في سبيل محبته.. لا يملكون تأخيراً عما قدمهم إليه، ولا يستطيعون تقدماً إلي ما أخرهم عنه، وجعل لكل روح منهم قوتاً معلوماً مقسوماً من رزقه، لا ينقص من زاده ناقص، ولا يزيد من نقص منهم زائد.

ثم ضرب له في الحياة أجلاً موقوتاً، ونصب له أمداً محدوداً، يتخطي إليه بأيام عمره، ويرهقه بأعوام دهره.. حتي إذا بلغ أقصي أثره، واستوعب حساب عمره، قبضه إلي ما ندبه إليه من موفور ثوابه، أو محذور عقابه.

ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسني، عدلاً منه تقدست أسماؤه، وتظاهرت آلاؤه، لا يُسأل عما يَفعل وهم يُسألون... ".

وفي الصحيفة السجادية، الدعاء الثاني والثلاثون: وكان من دعائه عليه السلام بعد الفراغ من صلاة الليل:

" اللهم يا ذا الملك المتأبد بالخلود والسلطان، الممتنع بغير جنود ولا أعوان، والعز الباقي علي مر الدهور وخوالي الأعوام، ومواضي الأزمان والأيام، عز سلطانك عزاً لا حد له بأولية، ولا منتهي له بآخرية.. واستعلي ملكك علواً فسقطت الأشياء دون بلوغ أمده. ولا يبلغ أدني ما استأثرت به من ذلك أقصي نعت الناعتين، ضلت فيك الصفات، وتفسخت دونك النعوت، وحارت في كبريائك لطائف الأوهام.

كذلك أنت الله الأول في أوليتك، وعلي ذلك أنت دائم لا تزول.

ص: 203

وأنا العبد الضعيف عملاً، الجسيم أملاً.. خرجت من يدي أسباب الوصلات إلا ما وصلته رحمتك، وتقطعت عني عصم الآمال إلا ما أنا معتصم به من عفوك.

قلَّ عندي ما أعتد به من طاعتك، وكثر علي ما أبوء به من معصيتك، ولن يضيق عليك عفو عن عبدك وإن أساء، فاعفُ عني... "...

إلي آخر ما كتبه العاملي...

وكتب (سماحة) بعد ظهر ذلك اليوم:

ها وقد ألَّف لك كتاباً في بابين من العقيدة وقد يزيدك بعدها. وأنت تشكك فيه. التشيّع وحبّ علي من زمن الرسول صلوات الله عليه وآله، بل هو من الرسالة، وتريد أن تقول بلا عقيدة؟!! فما أنت إلا مغرض!

فهل يكون مذهب (أي مذهب) بلا عقيدة؟!

وكتب العاملي بعد ظهر ذلك اليوم أيضاً بعنوان القسم الأخير من عقيدة الشيعة في توحيد الله تعالي وتنزيهه: من كلمات علمائهم، جاء فيه:

نماذج من كلمات علماء مذهب أهل البيت
اشارة

الإعتقادات للصدوق: 3 / 9:

" إعلم أن اعتقادنا في التوحيد: أن الله تعالي واحد أحد ليس كمثله شئ، قديم لم يزل ولا يزال، سميعاً بصيراً عليماً حكيماً حياً قيوماً عزيزاً قدوساً عالماً قادراً غنياً، لا يوصف بجوهرٍ ولا جسمٍ ولا صورة، ولا عرضٍ ولا خطٍ ولا سطح، ولا ثقل ولا خفة ولا سكون ولا حركة، ولا مكان ولا زمان.

ص: 204

وأنه تعالي متعالٍ من جميع صفات خلقه، خارج عن الحدين حد الأبطال وحد التشبيه. وأنه تعالي شئ لا كالأشياء، صمدٌ، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يكن له كفواً أحد، ولا نِدَّ له ولا ضد ولا شبه، ولا صاحبة ولا مثل ولا نظير ولا شريك له، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا الأوهام وهو يدركها. لا تأخذه سنة ولا نوم وهو اللطيف الخبير. خالق كل شئ، لا إله إلا هو، له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين.

ومن قال بالتشبيه فهو مشرك، ومن نسب إلي الإمامية غير ما وصف في التوحيد فهو كاذب، وكل خبر يخالف ما ذكرت في التوحيد فهو موضوعٌ مخترع، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو باطل، وإن وجد في كتب علمائنا فهو مدلس.

والأخبار التي يتوهمها الجهال تشبيهاً لله تعالي بخلقه فمعانيها محمولة علي ما في القرآن من نظائرها، لأن ما في القرآن، كل شئ هالك إلا وجهه، ومعني الوجه: الدين، والوجه الذي يُؤتي الله منه ويتوجه به إليه.

وفي القرآن: يوم يكشف عن ساقٍ ويدعون الي السجود فلا يستطيعون والساق: وجه الأمر وشدته.

وفي القرآن: أن تقول نفس يا حسرتي علي ما فرطت في جنب الله، والجنب: الطاعة.

وفي القرآن: ونفخت فيه من روحي، وهو روح مخلوقة جعل الله منها في آدم وعيسي، وإنما قال: روحي، كما قال: نبيي وعبدي وجنتي، أي: مخلوقي، وناري وسمائي وأرضي.

وفي القرآن: بل يداه مبسوطتان، يعني نعمة الدنيا ونعمة الآخرة.

ص: 205

وفي القرآن: والسماء بنيناها بأيدٍ، والأيدِ: القوة، ومنه قوله تعالي: واذكر عبدنا داود ذا الأيد، يعني: ذا القوة.

وفي القرآن: يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، يعني: بقدرتي وقوتي.

وفي القرآن: والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة، يعني ملكه ولا يملكها معه أحد.

وفي القرآن: والسماوات مطويات بيمينه، يعني: بقدرته.

وفي القرآن: وجاء ربك والملك صفاً صفاً، يعني: وجاء أمر ربك.

وفي القرآن: كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون، يعني: عن ثواب ربهم.

وفي القرآن: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة، أي: عذاب الله.

وفي القرآن: وجوه يومئذ ناضرة إلي ربها ناظرة، يعني: مشرقة تنظر ثواب ربها.

وفي القرآن: ومن يحلل عليه غضبي فقد هوي، وغضب الله عقابه، ورضاه ثوابه.

وفي القرآن: تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك، أي: تعلم غيبي ولا أعلم غيبك.

وفي القرآن: ويحذركم الله نفسه، يعني: انتقامه.

وفي القرآن: إن الله وملائكته يصلون علي النبي، وفيه: هو الذي يصلي عليكم وملائكته، والصلاة من الله: رحمة، ومن الملائكة: استغفار وتزكية ومن الناس: دعاء.

ص: 206

وفي القرآن: ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين.

وفي القرآن: يخادعون الله وهو خادعهم.

وفيه: الله يستهزئ بهم و: سخر الله منهم. وفيه: نسوا الله فنسيهم.

ومعني ذلك كله أنه عز وجل يجازيهم جزاء المكر وجزاء المخادعة وجزاء الإستهزاء، وجزاء النسيان وهو أن ينسيهم أنفسهم كما قال عز وجل: ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، لأنه عز وجل في الحقيقة لا يمكر ولا يخادع ولا يستهزئ ولا يسخر ولا ينسي تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً. وليس يرد في الأخبار التي يشنع بها أهل الخلاف والإلحاد إلا بمثل هذه الألفاظ ومعانيها معاني ألفاظ القرآن ".

وفي الكافي - 38، لأبي الصلاح الحلبي المتوفي سنة 447:

" وثبوت كونه تعالي قديماً مقتض لكونه سبحانه غنياً تستحيل عليه الحاجة، (لأن) الحاجة لا تكون إلا لاجتلاب نفع أو دفع ضرر من حيث علمنا استحالة الحاجة علي من يستحيل عليه الضرر والنفع كالموات والجماد. والنفع والضرر لا يجوزان إلا علي من يلذ ويألم، لأن الحي إنما ينتفع بما يلذ به أو يسر له، ويستضر بما يألم به أو يغتم لأجله، واللذة والألم لا يجوزان إلا علي ذي شهوة ونفور، إذ معني ملتذ: أنه أدرك ما يشتهيه، ومعني متألم: أنه أدرك ما ينفر عنه، ومعني مسرور: أنه اعتقد أو ظن وصول نفع إليه أو إلي من يجري مجراه واندفاع ضرر، ومعني مغتم: أنه اعتقد أو ظن وصول ضرر إليه أو إلي من يجري مجراه أو فوت نفع، فعاد معني السرور والغم إلي النفع والضرر.

إذا تقرر هذا وكانت الشهوة والنفار معاني تفتقر إلي محل استحال تخصيصها. وكونه تعالي لا يشبه شيئاً يحيل إدراكه سبحانه بشئ من الحواس، لاختصاص

ص: 207

الإدراك المعقول بالجواهر وأجناس من الأعراض، وليس هو من الجنسين، فاستحال إدراكه تعالي.

ولأنه لو كان مما يصح أن يدرك بشئ من الحواس لوجب أن ندركه الآن، لأنا علي الصفة التي معها يجب أن يدرك كلما يصح إدراكه بشرط ارتفاع الموانع، وهو سبحانه موجود والموانع مستحيلة عليه، لأنها اللطافة والرقة وتفاوت البعد والقرب والحجاب والكون في غير جهة المقابلة وذلك أجمع من صفات المتحيزات، وقد دللنا علي كونه سبحانه بخلافها، فلو كان مما يصح أن يدرك لأدركناه الآن، ولو أدركناه لعلمناه ضرورة، من حيث كان العلم بالمدرك من كمال العقل، وفي عدم العلم به سبحانه ضرورة دليل علي عدم إدراكه... وثبوت كونه تعالي لا يشبه شيئاً يحيل عليه التنقل والإختصاص بالحياة والمجاورة، لأن ذلك من أحكام المتحيزات وليس بمتحيز. ويحيل عليه سبحانه الحلول وإيجاب الأحوال والأحكام، لأن ذلك من خواص الأعراض، فتسقط لذلك مذاهب الثنوية والمجوس والصابئين وعباد الأصنام والمنجمين والنصاري والغلاة، لإثبات هؤلاء أجمع إلهية الأجسام، أو كونها مؤثرة ما يستحيل من الجسم تأثيره، علي ما سلف بيانه ".

وفي كشف المراد للعلامة الحلي ص 320:

" المسألة العشرون: في أنه تعالي ليس بمرئي. أقول: وجوب الوجود يقتضي نفي الرؤية أيضاً.

واعلم أن أكثر العقلاء ذهبوا إلي امتناع رؤيته تعالي، والمجسمة جوزوا رؤيته لاعتقادهم أنه تعالي جسم ولو اعتقدوا تجرده لم يجوزوا رؤيته عندهم. والأشاعرة خالفوا العقلاء كافة هنا وزعموا أنه تعالي مع تجرده يصح رؤيته.

ص: 208

والدليل علي امتناع الرؤية أن وجوب الوجود يقتضي تجرده ونفي الجهة والحيز عنه فتنتفي الرؤية عنه بالضرورة، لأن كل مرئي فهو في جهة يشار إليه بأنه هناك أو هنا، ويكون مقابلاً أو في حكم المقابل، ولما انتفي هذا المعني عنه تعالي انتفت الرؤية... "...

إلي آخر ما كتبه العاملي...

فكتب (مشارك) مساء يوم 22-6-1999:

الزميل العاملي: إليك هذا الرد الهادئ، ليكن (كذا) فاتحة حوار هادئ وبنّاء إن شاء الله، وبعد:

1 - معذرة علي الأسلوب الإستفزازي الذي خاطبتك به حتي جعلتك تكتب عقيدتك، فتقبل أسفي علي هذا الأسلوب.

2 - هل أنت مقتنع بكل ما كتبت من عقيدة؟

3 - هل تسمح لي بمناقشتك في ما كتبت؟

في انتظار ردك لنبدأ الحوار الهادئ.

فأجابه العاملي مساء ذلك اليوم أيضاً:

أسأل الله تعالي أن يعطيك وإياي وكلُّ طالبِ حقٍّ لكي يدين به ربه: هدوءَ الأولياء وفهمَ الفقهاء..

ما كتبته لك، بعضُه كنت كتبته سابقاً، وبعضه اليوم، وأصوله كلها أعتقد بها بيني وبين ربي عز وجل، وأسأله أن يثبتني عليه حتي ألقاه.. وكل تفاصيله أعتقد بها أيضاً، وقد يتغير اعتقادي في بعضها حسب الدليل..

ص: 209

أما مناظرتك يا مشارك، فإني أقبل بها وإن كنت لا أحب أسلوبك في الإنكار والتهجم والتعصب لموروثاتك وتحقير خصومك.. إلي آخر الصفات الحسنة التي فيك..

ولا أقول إني خير منك في المناظرة، فَجَلَّ من لا عيب فيه، وصلوات الله علي من عصمهم الله.

وإنما أقبل لأني عندي شبهة وجوب في إرشاد الضال الذي تؤمل هدايته ولو أملاً ضعيفاً.

ولأن فيك حالات يقظة فكرية وروحية، حيث تفكر في كلام خصمك وتستعيده، ولو بعد أيام.

تفضل باسم الله تعالي، وفِِ بوعدك بحفظ العقلانية والهدوء والإنصاف.. ومتي رأيتك صرتَ خشن الذهن أو التعامل، أقول لك: سلاماً..

فأجاب (مشارك) بتاريخ 23-6-1999، صباحاً:

شكراً يا عاملي علي قبولك بمبدأ المناظرة، ونسأل الله عز وجل أن يهدي الضال إلي الحق، وبعد: تقول: " أما مناظرتك يا مشارك، فإني أقبل بها وإن كنت لا أحب أسلوبك في الإنكار والتهجم والتعصب لموروثاتك وتحقير خصومك.. إلي آخر الصفات الحسنة التي فيك، ولا أقول إني خير منك في المناظرة، فجلّ من لا عيب فيه، وصلوات الله علي من عصمهم الله.. وإنما أقبل لأني عندي شبهة في وجوب إرشاد الضال الذي تؤمل هدايته ولو أملاً ضعيفاً ".

وأقول: اللهم اهدِ العاملي، ثم أقول: لي بعض الملاحظات علي ما ذكرته في عقيدتك، وأرجوا (كذا) أن تجيب عليها نقطة نقطة إن أمكن، وهذه هي البداية فحسب:

ص: 210

النقطة الأولي: لم أراكم (كذا) تستدلون في عقيدتكم بأي حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم فلماذا؟؟؟ وهذا بالطبع يعني أنك لن ترضي أن أحاججك بأي حديث ورد في كتب السنة، أم أنك ترضي بذلك؟؟

النقطة الثانية: بالنسبة للخطب التي ذكرتها فإن لي عليها الملاحظات التالية:

1 - العبارات الواردة في كثير منها هي العبارات التي شاعت في القرن الثالث وما بعده، وما كان يعرف في القرن الأول والثاني مثل هذا الكلام الفلسفي عن الحركة والسكون وما شابه.

2 - طول هذه الخطب، وتعقيداتها الفلسفية تجعل المرء يفكر كيف يمكن لراوي (كذا) سمع هذه الخطبة أن ينقلها كما هي، رغم ما احتوته من ألفاظ دقيقة وتفريعات فلسفية.

النقطة الثالثة: تنقل لنا يا عاملي هذا الكلام في عقيدتك: " الإمام الرضا عليه السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد - توحيد الصدوق ص 107: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: قال: لي أبو الحسن عليه السلام: ما تقول إذا قيل لك أخبرني عن الله عز وجل شئ هو أم لا؟ قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة، قل الله شهيد بيني وبينكم، فأقول: إنه شئ لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه. قال لي: صدقت وأصبت. ثم قال لي: للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك وتعالي لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريقة الثالثة: إثبات بلا تشبيه ".

ص: 211

وأقول لك يا عاملي: أليس هذا هو منهجنا منهج أهل السنة والجماعة؟

أليس هذا هو عقيدتي التي ذكرتها لك؟

فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل. بل هم الوسط في فرق الأمة، كما أن الأمة هي الوسط في الأمم. فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالي بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة. هل تجد فرقاً بين الكلامين؟؟؟

النقطة الرابعة: هل يتناقض المعصومين (كذا)؟؟؟

أذكر لك مثالاً علي ما ورد في عقيدتك من تناقض:

1 – " الإمام الرضا عليه السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد:

توحيد الصدوق ص 107: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة، قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: قال لي أبو الحسن عليه السلام: ما تقول إذا قيل لك: أخبرني عن الله عز وجل شئ هو أم لا؟ قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم، فأقول: إنه شئ لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه. قال لي: صدقت وأصبت. ثم قال لي الرضا عليه السلام: للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك وتعالي لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريقة الثالثة: إثبات بلا تشبيه ".

2 - " أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا عليه السلام علي هذا الأمر جمع بني هاشم فقال: إني أريد أن أستعمل الرضا علي هذا الأمر من بعدي، فحسده بنو

ص: 212

هاشم وقالوا: أتولي رجلاً جاهلاً ليس له بصر بتدبير الخلافة، فابعث إليه رجلاً يأتنا فتري من جهله ما يستدل به عليه، فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم: يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علماً نعبد الله عليه، فصعد عليه السلام المنبر، فقعد ملياً لا يتكلم مطرقاً، ثم انتفض انتفاضة واستوي قائماً، وحمد الله وأثني عليه وصلي علي نبيه وأهل بيته. ثم قال: أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله توحيده، ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، لشهادة العقول أن كل موصوف مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كل صفة وموصوف بالإقتران، وشهادة الإقتران بالحدث، وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل الممتنع من الحدث، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه، ولا إياه عني من شبهه، ولا له تذلل من بعضه، ولا إياه أراد من توهمه ". أيهما نصدق؟

1 - فمذهب النفي لا يجوز. أو 2 - ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، أليس بين القولين تناقضاً (كذا)؟

النقطة الخامسة: نحن نثبت علو الله علي خلقه، وإذا سئلنا أين الله، نقول في السماء، أي في العلو فوق السموات السبع، ونستدل علي ذلك بآيات وأحاديث كثيرة منها وسأذكر لك بعض الآيات فقط:

يا عيسي إني متوفيك ورافعك إلي. بل رفعه الله إليه. إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي إله موسي وإني لأظنه كاذباً. أأمنتم من في السماء أن

ص: 213

يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور. أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير.

فما هي عقيدتكم وكيف تفسرون هذه الآيات، وخاصة الآية الأخيرة؟

عموماً: كانت هذه النقاط هي بداية الحوار، وفي انتظار ما عندك من ردود.

ملاحظة: إن كان هناك أي اعتراض علي أسلوبي في النقاش هنا فأرجو

(كذا) بيانه. إن أحببت أن تناقشني في عقيدتي فعلي الرحب والسعة في الموضع الذي ذكرت فيه عقيدتي كاملة.

فأجابه العاملي مساء ذلك اليوم:

أشكرك علي دعائك لي بالهداية، وعلي هدوئك في طرح المسائل.

جواب النقطة الأول

قلت: " النقطة الأولي: لم أراكم (أركم) تستدلون في عقيدتكم بأي حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم، فلماذا؟ وهذا بالطبع يعني أنك لن ترضي أن أحاججك بأي حديث ورد في كتب السنة، أم أنك ترضي بذلك؟ " انتهي كلامك.

وكيف تقول هذا مع أني افتتحتُ البحث بثلاثة أحاديث بليغة مليئة شريفة، عن النبي صلي الله عليه وآله، فحبذا لو أعدتَ قراءتها، خاصة حديثه صلي الله عليه وآله مع سُبْحتْ اليهودي.

أما عن قبولنا الأحاديث من صحاحكم ومصادركم الأخري..

فمن ناحية عملية أغنانا الله تعالي بطرقنا إلي أحاديث النبي عن أهل بيته صلي الله عليه وعليهم، وقد ثبت عندنا وعندكم أنه صلي الله عليه وآله أًرْجَعَ الأمة إليهم من بعده، والحمد لله.

ص: 214

مضافاً إلي أن عندنا طرقنا الأخري عن الرواة الثقات علي موازيننا.

وأما عن قبولي منك روايات مصادركم، فيحق لي المقابلة بالمثل وأن لا أقبلها، لأنك لا تقبل مني ما صح علي موازيننا.. ولكن غرضي معك ليس هو المغالبة والإفحام، بل أن أفهم وتفهم، وتقتنع وأقتنع..

لذا أخبرك بأننا معشر الشيعة لا نشترط في الراوي العدالة بل الوثاقة. ونقبل رواية السني غير الناصبي بشرط عدم مخالفتها للقرآن ولما صحَّ عندنا، بل نقبل قول الخبير الثقة كالطبيب واللغوي، حتي لو كان غير مسلم.

ولكن الفرق بيننا وبينكم أنكم تأخذون بحرفية موازينكم في الجرح والتعديل، وتكتفون بها فقط!

وقد شاع هذا المنهج عندكم في السنوات الأخيرة، وصار الحديث الصحيح بموازينكم أسداً لا يغلب، وحجةً لا ترد، وهو منهج خطير بدأ يسبب لكم المشاكل العلمية والعملية، وسوف تتفاقم..

والسبب في ذلك هو:

1 - تناقض الأحاديث الصحيحة في أحيان كثيرة. أذكر مثالاً واحداً عليه هو: آخر ما نزل من القرآن..

حيث صح فيه عندكم عدة أحاديث كل منها يقول: إن الآية الفلانية آخر ما نزل منه!! مع أن آخر ما نزل آية واحدة لا أكثر!

2 - تناقض الرواة الموثقين في أقوالهم، وفي أعمالهم.

3 - تناقض الثقات في جرحهم وتعديلهم. ولا أطيل في أمثلة ذلك!

وهذا هو البذرة القوية لأن تنشأ منكم فئات مخالفة لبعضها البعض، بل ومذاهب، وسلاح كل منها أحاديث صحيحة باعتراف الجميع!!

ص: 215

وهي مشكلة تغذي قيامكم بفتح باب الإجتهاد وتعويمكم شروطه، حيث أخذتم بذلك بفكرة دعاة التحرر المصريين الذين عملوا لتقويض الأزهر وضرب مركزيته ومركزية المذاهب الأربعة في الفتوي.. ففتحوا الباب وولج فيه من هب ودب، ونتج عندهم ما يسمونه: مجتهدو الشقق ومراجع الشقق. وكل منهم يفتي في كل أمور الإسلام (عقيدته وشريعته وطريقة العمل له) ويجد له أتباعاً من العوام يتعصبون له، ويجد منهم من يحمل السلاح معه! وليس هذا من صلب موضوعنا.

المهم هنا: أن مقياس صحة الحديث عندنا هو مجموعة أمور، وصحة السند غالباً ما تكون أحدها. والميزان في صحته في اعتقادي هو: اطمئنان العالم العادل الجامع للشروط العلمية بينه وبين ربه بصدور الحديث من رسول الله صلي الله عليه وآله، بحيث يقول لربه يوم القيامة: اللهم إني اطمأننت علمياً بسبب مجموعة أمور تعاضدت، فجعلتني أحكم أن رسولك قال ذلك وبلَّغه عنك، أو فعل ذلك.

هذا جوابي عن النقطة الأولي، وأرجو أن تجيبني، هل اقتنعت بها؟

وأظنك ستندفع بالحديث والإثارات الفكرية وغير الفكرية، فيتأخر جواب النقطة الثانية مدة من الزمن! أما أنا فليس عندي غرض أستعجل به علي نتيجة، ما دمت متفهماً هادئاً في البحث.

فأجاب (مشارك) بتاريخ 24-6-1999، ظهراً:

شكراً علي تصحيح الخطأ اللغوي.

معذرةً لأني لم أنتبه لأحاديثكم التي ذكرتها.

ص: 216

ما فهمته من جوابك علي السؤال الثاني في النقطة الأولي أنه يمكنك قبول أو رد ما جاء عندنا في مصادرنا، لأنه يوجد عندكم ما يغنيكم عنه، ولأنه ليس علي موازينكم.

حسناً، قد أوضحت وجهة نظرك في النقطة الأولي، وأظن أنه بالإمكان الإنتقال إلي النقطة الثانية.

فأجابه العاملي بتاريخ 26-6-1999، صباحاً:

شكراً لك علي الإعتراف بالحق، وأنك اشتبهت ولم تكن رأيت الأحاديث النبوية الشريفة التي افتتحت بها عقيدتنا في صفات الله تعالي.

والظاهر أنك مشغول في الموضوعات الأخري بشدة، حتي لا تري ثلاثة أحاديث مهمة في صدر موضوعٍ أنت طلبتَه بإلحاح!

واسمح لي أن أقول إنك دخلت مع الشباب من غير أهل العلم في مهاترات ستخسر فيها!

لأنك تستعمل لغة الهجوم والحدة والشتم والإتهام بالكذب والزندقة والخباثة.. إلخ. وغالباً ما تكون أنت البادئ، وهذا طريق غير لائق، يوصلك إلي مزالق، ويحشرك في مضائق..

أقرأ لك أحياناً فأقول: يا تري هل هذا هو مشارك الشيخ العالم الهادئ؟! فيظهر أن لك شخصيتين: شخصية عالم وشخصية عامي، وهكذا ابن تيمية! علي كل، لقد وعدتك بمواصلة الحوار، وسأتحمل منك ما استطعت.. وأسال الله أن يصلح قلبك حتي يصلح لسانك.

جواب النقطة الثانیة

ص: 217

قلت أنت: " النقطة الثانية: بالنسبة للخطب التي ذكرتها فإن لي عليها الملاحظات التالية:

1 - العبارات الواردة في كثير منها هي العبارات التي شاعت في القرن الثالث وما بعده وما كان يعرف في القرن الأول والثاني، مثل هذا الكلام الفلسفي عن الحركة والسكون وما شابه.

2 - طول هذه الخطب، وتعقيداتها الفلسفية تجعل المرء يفكر كيف يمكن لراوي (كذا) سمع هذه الخطبة أن ينقلها كما هي رغم ما احتوته من ألفاظ دقيقة وتفريعات فلسفية ". انتهي كلامك.

والجواب:

أولاً:حتي لو استثنيتَ خطب الإمام علي عليه السلام التي أوردتها لك، فإنه لا يتغير من أصل الموضوع شئ يذكر..

لأن موضوعات الخطب وموضوعات الأحاديث عن النبي والأئمة صلي الله عليه وعليهم واحدة تقريباً.

ثانياً: إن لله علي عباده حجتين: حجة ظاهرة هي الرسل، وحجة باطنة هي العقول. وحتي لو فرضت أن الأحاديث التي أوردتها لك ليست أحاديث النبي وعلي والأئمة من أهل بيت النبي صلي الله عليه وعليهم.. فإنها كلام منطقي يمكنك أن تحاكمه عقلياً. والحقيقة الموضوعية تملك القدرة علي إثبات ذاتها، وغير الموضوعية تعجز!

ثالثاً: إن الإستدلال علي رد نص أو قبوله بأن عباراته من عبارات القرن الأول أو ليست منها، ليس استدلالاً دقيقاً علي إطلاقه!!

ص: 218

فقد كنتُ مثلك أستبعد تعابير وكلمات حتي رأيتها في روايات الفتوحات التي بدأت بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله مباشرة!

نعم إن المسلمين استوردوا الفلسفة من اليونانيين وترجموها واستفادوا منها، وتأثروا بها مع الأسف! ولكن هذه التعابير التي رأيتها في الخطب كانت عندهم، فاستعانوا بها علي ترجمتهم.

ولو أن شخصاً قال لك قال النبي صلي الله عليه وآله: الكلام إسم وفعل وحرف.. لتعجبت وقلت هذا من تعابير القرون المتأخرة! وربما حكمت بكذب الحديث! ولكن هذا التقسيم للغة العربية ثبت أنه لعلي عليه السلام تلميذ النبي صلي الله عليه وآله!! فلا تستبعد ما تراه من علوم في خطبه!!

رابعاً: إن الكلام في سند نهج البلاغة مفيد، ولكنه خارج عن موضوعنا، وخلاصته: أن خطبه عليه السلام لها أسانيد عن غير طريق الشريف الرضي الذي جمعه في القرن الثالث.. وقد شهد بعض السنيين أنه رأي بعض الخطب بخط علماء توفوا قبل أن يولد الشريف الرضي!!

وقد ألف الباحثون كتباً في إثبات أسانيد نهج البلاغة، وجمعوا خطب علي عليه السلام من المصادر، واستدركوا كثيراً من الخطب والكلمات التي فاتت الشريف الرضي!

أما كيف يحفظ الراوي هذه الخطب الطويلة.. فقد كانوا يكتبون يا مشارك، وأنتم تروون أن معيدياً اسمه أبو شاه، طلب من النبي صلي الله عليه وآله أن يكتبوا له خطبته فقال: اكتبوا لأبي شاه!! في البخاري ومسلم.

ص: 219

وهذا بحث طويل في تدوين القرآن والسنة ومنع إمامك عمر منها، ومخالفة علي وأهل البيت وشيعتهم له، فقد كانوا رغم المنع والعقوبة يأمرون الناس بالكتابة، وكان الشيعي تحت منبر النبي وعلي يسمع ويكتب، يا مشارك!!

جواب النقطة الثالثة

قلت: " النقطة الثالثة: تنقل لنا يا عاملي هذا الكلام في عقيدتك: الإمام الرضا عليه السلام يُعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد: توحيد الصدوق ص 107... إلي آخر حديث محمد بن عيسي بن عبيد، عن الإمام الرضا عليه السلام ". انتهي كلامك.

والجواب: أن هذا المقطع قريب من معني الحديث الذي ذكرته لك عن الإمام الرضا عليه السلام، ولكن كلامكم أنتم في التوحيد عامٌ مجمل، يقبل التفسيرات المتعددة!

فالجهمية أرادوا (التنزيه) بزعمهم، فنفوا أن يكون الله تعالي شيئاً حتي لا يقعوا في التشبيه، فعطلوا.. والمشبهة لله تعالي الذين تَبْرَؤون أنتم منهم أرادوا (الإثبات) بزعمهم، فشبهوا الله تعالي بالمخلوقات، فجعلوه مخلوقاً والعياذ بالله!!

وطريق الإسلام هو حفظ التوازن بين التنزيه وبين الإثبات يعني بين (سبحان الله) و (الحمد لله). وحفظ هذا التوازن لا يكون إلا بإثبات أنه تعالي شئ لا كالأشياء، ونفي الشبيه عنه كلياً، وهو ما يقصده الإمام الرضا عليه السلام، وهو مذهبنا.

أما أنتم فتصورتم أن إثبات الصفات لا يكون الا بأن تجعلوا الله تعالي جسماً لا جسداً! فوقعتم في التشبيه والثنائية بين ذات الله تعالي وصفاته.. وخالفكم جمهور المسلمين، وبقيتم تدافعون عما تخبطتم فيه! لأن جعل الذات الإلهية غير الصفات، يعني وجود شيئين: الله تعالي وصفاته، وهذا يوجب السؤال: مَن

ص: 220

منهما كان قبل الآخر؟! وهي نفس ثنائية الأب والإبن النصرانية، التي لم يستطيعوا إلي الآن أن يخرجوا منها!!

ومن ناحية أخري، صححتم أحاديث التشبيه التي أدخلها المتأثرون باليهود وثقافتهم في أحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله، مثل حديث الحاخام، وأم الطفيل، ونزول الله تعالي بذاته، فقلتم: إذن، فالله تعالي جسم، وهو يشبه الإنسان الذي خلقه علي صورته فالإنسان شبيهه، وليس مثيله!! فوقعتم في التشبيه كالنصاري، ولم تستطيعوا أن تخرجوا منه!!

واعلم يا شيخ مشارك أن الضلال العقائدي الذي وقع فيه المسلمون كله قد جاءهم من الطرق الخاطئة التي تصوروا أنها تحقق التنزيه أو الإثبات!

فهم ما بين جانحٍ في التنزيه متجه نحو التعطيل.. أو جانحٍ في الإثبات متجه نحو التشبيه.. ولا نجاة لهم إلا بالتمسك بالثقلين كما أمرهما رسول الله صلي الله عليه وآله.. فأهل البيت هم المفسرون الشرعيون للكتاب، وطريقتهم في التنزيه والإثبات هي الوحيدة الصحيحة، والحمد لله.

وهذا معني قوله صلي الله عليه وآله: نحن الصراط ونحن النمرقة الوسطي!

فكتب (مشارك) بتاريخ 26-6-1999، مساءً:

أنا لست شيخاً يا عاملي، لا سناً ولا علماً، بل أنا " واحد بتاع كمبيوتر "، وإن كنتُ لست عامياً ولله الحمد، وأنا لست صاحب شخصيتين بل شخصيتي واحدة أعلنتها بوضوح: أنا مع الحوار العلمي الجاد والموضوعي والصادق والمتجرد، لكن بعض الناس كما يقول شيخ الأزهر هداه الله، لا يصلح معهم إلا الجزمة.

وعموماً سامحك الله، فأنا لا أبدأ بالسب الشخصي، ولكن كنت أنتظر تدخلكم أو تدخل المراقب ليحذف السباب الشخصي كما كان يفعل القطيف،

ص: 221

وإن رددت عليه فمن حقي الرد، لقوله تعالي: وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح.. وقوله صلي الله عليه وسلم: المُستبّان ما قالا، فعلي البادئ ما لم يعتد المظلوم. رواه مسلم.

ولكن عموماً شكراً علي النصيحة يا عاملي، وسأحاول أن لا أرد، ولكن حاول أنت أيضاً أن تقنع هذه الفئة بتعلم الأدب مع الصحابة، ومع بقية الناس. وطالما أنك أهديتني نصيحة يا عاملي، فأنا أيضاً أهديك نصائح:

1 - لا تنسب لنا شيئاً تستنتجه بنفسك دون أن نقول به نحن (الهواء).

2 - إقرأ كلام من تنتقده كاملاً بتمعن قبل أن تنتقده في أنه قصر في النقل عنكم (القفاري).

3 - لا تلبس علي الناس بذكر أشياء أنت أول من علم ببطلانها (ابن بطوطة).

4 - تكلم عن ابن تيمية بالعدل: ولايجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا.

5 - الرجوع إلي الحق خير من التمادي في الباطل، فإن أخطأت في أمر فليس هناك عيب أن تعتذر منه، والمفترض أن تمدح علي تراجعك لا أن تُلام. أرجوا (كذا) أن تخبرني بملاحظاتك علي هذه النصائح.

ثم نعود لما ذكرت فأقول: أكمل يا عاملي بقية النقاط، ولكن حبذا إن أردت أن تنقل شيئاً عن عقيدتنا أن تنقله مسنداً موثقاً، وعموماً أود أن يكون النقاش بعد انتهائك من المسألة الخامسة، وهي الأهم عندي، وأنا في انتظارك.

فأجابه العاملي بتاريخ 26-6-1999، مساءً:

الأخ مشارك.. بعد السلام عليكم:

أشكرك علي قبول نصيحتي ولو كانت ثقيلة.

ص: 222

وأشكرك علي نصائحك وأقبلها ولصاحبها الفضل ولو ناقشته في بعضها، وفي الأثر: رحم الله من أهدي إليَّ عيوبي.. وقد كان أستاذي رحمه الله يقول لي عندما أمدحه: يا فلان لا تمدحني فتساعد نفسي عليَّ، بل انتقدني واهدِ إليَّ عيوبي، لتساعدني علي نفسي!

وبالنسبة إلي القفاري فثق أني لم أظلمه، دقق في كلامي وفي كتابه.. ثم هو ليس وحده المؤلف، بل معه عجم يا مشارك، ففي كتابه أخطاء لغوية في استعمال (أل) لا يمكن أن تصدر من عربي!!

وبالنسبة لاتهام إمامكم ابن تيمية بأنه يقول إن الهواء كان مع الله تعالي أو قبله، فهو أمر من اللوازم القطعية لكل من يصحح الحديث الذي يزعم أنهم سألوا النبي صلي الله عليه وآله: أين كان الله قبل خلق الخلق؟ فقال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء، أو بمعناه!!

فالسؤال كان عما قبل الخلق، وهذا العماء والهواء كانا قبل الخلق!!

فإما أن يكونا مع الله تعالي، أو قبله، والعياذ بالله!!

أرجو أن تقنع ابنك أو طفلاً مميزاً أو عامياً فهيماً سليم الفطرة، بمعني هذا الحديث، لتري أن من لوازمه أنه كان يوجد شئ مع الله تعالي أو قبله!!

بل إن الحديث يزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قبِل السؤال بأين عن الله تعالي! ومعناه أنه اعترف بوجود الأين قبله!! مع أنه تعالي هو أيَّن الأين، وكيَّف الكيف، وخلق شريط المكان والزمان!!

فهذا هو حكم العقل.. وكذلك أجاب أهل البيت عليهم السلام عن هذا السؤال يا مشارك، وقال علي عليه السلام لمن سأله: متي وجد ربنا؟

قال له: ويحك! أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!!

ص: 223

إن قبول صيغة السؤال بأين عن الله تعالي، لا توجد في ثقافة المسلمين، بل هي من ثقافة اليهود والحاخامات، يا مشارك!!

ختاماً، أقبل منك طلبك أن أوثق ما أنقله من عقائدكم من مصادره، وأرجو منك ذلك.

أما عن الساخرين الغوغائيين منا فلا أبرر فعلهم، ولكن البادي أظلم!

وأما قضيتك مع القطيفي فلم أعرفها، وسأقرؤها وأخبرك برأيي، مع جواب بقية النقاط إن شاء الله تعالي.

فكتب (مشارك) بتاريخ 26-6-1999، مساءً أيضاً:

أشكرك علي قبول النصائح قبولاً مجملاً، وإن كنت أريد أن أعلق هنا علي نقطة واحدة فقط حتي أدع لك الفرصة لتكمل ما عندك.

هناك فرق ياعاملي بين أن تقول إن هذا من لازم كلامه، وبين أن تقول أن ابن تيمية قال بذلك نصاً، فمن العدل أن تتحري العبارة فيما تقول يا عاملي، وكما تعلم أن لازم المذهب ليس بمذهب، كيف وقد نقلت لك نصوصاً صريحة من كلام ابن تيمية تثبت تبرؤه من القول بقدم العالم، وأنه ليس قول أحد من المسلمين.

والعجيب أن بعض من يردون علي ابن تيمية يتركون كلامه الواضح الصريح، ويأخذون كلاماً يقوله ابن تيمية عن الخصوم أثناء رده عليهم، فينسبونه إلي ابن تيمية، فإلي الله المشتكي.

وأما في اللازم الذي عندك فأقول لك: ليس فيه أي حجة لمن قال: إن الهواء كان قبل الله، وهذا ما قولتنا إياه، ولم تتب منه حتي الآن يا عاملي.

ص: 224

ثم أحيلك إلي لوازم الجهمية والفلاسفة الذين رد عليهم ابن تيمية ب- 29 وجهاً في إبطال لوازمهم.

وأحيلك إلي رد ابن تيمية علي البراهين العشرة للرازي في مباحثه المشرقية، كما في منهاج السنة الجزء الأول، ولكن دعنا نعود إلي إكمال ما بدأناه.

فأجاب العاملي بتاريخ 26-6-1999، مساءً أيضاً:

قلت لك: إن القول بوجود مكان اسمه: العماء، تحته هواء وفوقه هواء. كان الله تعالي فيه قبل خلق جميع الخلق، يلزمه أن يكون المكان والعماء والهواء موجودات مع الله تعالي، أو قبله!!

وحينئذٍ يأتي سؤال المسلمين للمسيحيين عن الأب والإبن: من كان قبل الآخر، ومن خلق الآخر؟؟!!

وقد أجبتني بما يفهم منه أنك تسلم أن ذلك لازم للقول بالعماء والهواء، ولكن ابن تيمية يقبل الإعتقاد بالملزوم دون اللازم!!

ثم ادعيت عليَّ أني أعلم أن: لازم المذهب ليس بمذهب!!

سبحانك اللهم، وأعوذ بك أن أدعي هذه الفرية التي لا يقبلها عقل، فلا تسألني غداً عنها!!

هل تعرف يا أخ مشارك أن قاعدة ابن تيمية هذه التي يتهرب بها في المناقشة، لو قبل بها الناس، لخربت الأرض؟!!

فمن المقرر فقهياً أن من أقر بشئ فقد أقر بلوازمه - بشرط أن تكون لوازم حقيقية لا وهمية - ولا ينفعه أن يقول لا أقرُّ بلوازمه.

ص: 225

هذا في الحقوق، والشريعة، والقوانين، في كل محاكم العالم ومجتمعاته. وكذلك الأمر في القوانين الطبيعية يا مشارك.. فلا يمكن أن تقطع الكهرباء عن جهاز ولا يلزم منه انقطاعها عنه!

فقوانين الطبيعة مترابطة، لا يمكن لأحد التفكيك فيها بين وجود السبب والمسبب، وأن يقبل العلة وينكر المعلول!!

إنها الملازمات البديهية التي لا تنفك عن ملزوماتها، فلا يمكن لأحد أن يقبل اللازم دون الملزوم! والا لقبل الجاني فعله لجنايته وأنكر أن يلزم منه تحقق الجناية!

وكذا حركة الطبيعة وفيزياؤها، فيها متلازمات لا يمكن التفكيك بينها، لأن قانون خلقتها كذلك.. والأمور الفكرية والعقائدية كذلك، فإن اعتقدت برسولٍ لزم أن تعتقد برسالة.. وإن قلت عن شخص هذا مسلم، فمعناه أنه طاهر، ولا يمكنك التفكيك بين الأمر ولوازمه..

وعندما تقبل السؤال عن الله تعالي بأين وكيف ومتي، ولا تقول إن صيغته خاطئة، بل تقول إنه سؤال صحيح، وتجيب عنه بأن الله كان موجوداً قبل الخلق في مكان أو زمان أو هواء.. فقد اعترفت أن الزمان والمكان والهواء كانت معه قبل الخلق، وأنها ليست جزءً من الخلق الذي خلقه، ولزمك، شئت ذلك أم أبيت أن تكون هذه الأشياء آلهة مع الله تعالي، والعياذ بالله!! ولا ينفعك بعد ذلك قولك أعتقد بوجودها مع الله قبل الخلق، ولا أعترف بأنها آلهة.. لأنك فرضتها قبل خلق جميع الخلق!!

إن مقولة ابن تيمية: إني أعترف بالشئ ولا أعترف بلوازمه، وأن لوازم المذهب ليست مذهباً.. ما هي إلا محاولةٌ للفرار مما يترتب منطقياً علي تشبيهه

ص: 226

وتجسيمه، وإنكارٌ للتلازم البديهي بين الأمور المتلازمة بحكم العقل، التي يقرها الناس بفطرتهم مؤمنهم وكافرهم.. فأرجو أن تعيد النظر في هذه المقولة المتهورة!

فكتب (مشارك) بتاريخ 27-6-1999، صباحاً:

هل لك أن تذكر لنا روايات حديث العماء من مصادرها الأصلية، لأبين لك أين خطؤك!

حديث العماء.. بل حديث العمي
اشارة

وكتب العاملي بتاريخ 29-6-1999:

نصوص حديث العماء في مصادر السنيين:

رواه أحمد في مسنده: 4/11:

" حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يزيد بن هرون، أنا حماد ابن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: قلت يا رسول الله، أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء، ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء ".

وفي: 4/12:

" حدثني أبي، قال ثنا حماد بن سلمة، قال أخبرني يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين العقيلي، أنه قال يا رسول الله أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه علي الماء ".

ورواه ابن ماجة: 1/64/181-182:

ص: 227

" حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن الصباح قالا: ثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: قلت: يا رسول الله! أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟.... ".

ورواه الترمذي: 4/351/5109:

" حدثنا أحمد بن منيع، أخبرنا يزيد بن هارون، أخبرنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين قال: قلت يا رسول الله، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء وخلق عرشه علي الماء. قال أحمد: قال يزيد: العماء، أي ليس معه شئ. هكذا يقول حماد بن سلمة: وكيع بن حدس، ويقول شعبة وأبو عوانة وهشيم: وكيع بن عدس. هذا حديث حسن ".

ورواه الطبراني في المعجم الكبير: 19/207:

" حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال، حدثنا المقدام بن داود، ثنا أسد بن موسي، قالا: ثنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال قلت: يارسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماء والأرض؟ قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء.. ". ورواه الأصبهاني في كتاب العظمة - 365. والطبري في تاريخه: 1/31، وفي تفسيره: 7/7.

وقال الهندي في كنز العمال: 1/236/1185:

" كان في عماء تحته هواء ثم خلق عرشه علي الماء. ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي رزين، قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض قال: فذكره ".

ص: 228

في كنز العمال 10/370:

" كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء. حم، وابن جرير، طب، وأبو الشيخ في العظمة عن أبي رزين، قال: قلت:

يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟

قال:... فذكره. وقال في هامشه: أخرجه البخاري كتاب بدء الخلق باب ما جاء في قوله تعالي: وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده.

4-129ص 2: عماء، في حديث أبي رزين قال: يا رسول الله، أين كان ربنا عز وجل قبل أن يخلق خلقه؟ فقال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء. العماء بالفتح والمد: السحاب. قال أبو عبيد: لا يدري كيف كان ذلك العماء. وفي رواية: كان في عما، بالقصر، ومعناه: ليس معه شئ.

النهاية: 3/304 ".

ورواه آخرون أيضاً، لكن كل رواياتهم عن أبي رزين المذكور!!

نماذج من الذين تبرؤوا من الحديث و قالوا رواته أعراب لا فهم لهم

قال ابن قتيبة في تأويل مختلف الحديث صفحة 206:

" قالوا: رويتم في حديث أبي رزين العقيلي من رواية حماد بن سلمة أنه قال النبي صلي الله عليه وسلم: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟ فقال: كان في عماء فوقه هواء وتحته هواء، قالوا وهذا تحديد وتشبيه!!

قال أبو محمد: ونحن نقول إن حديث أبي رزين هذا مختلف فيه، وقد جاء من غير ذا الوجه بألفاظ تستشنع أيضاً!! والنقلة له أعراب!! ووكيع بن حدس، الذي روي عنه حديث حماد بن سلمة أيضاً لا يعرف، غير أنه قد تكلم في

ص: 229

تفسير هذا الحديث أبو عبيد القاسم بن سلام: حدثنا عنه أحمد بن سعيد اللحياني، أنه قال: العماء السحاب، هو كما ذكر في كلام العرب إن كان الحرف ممدوداً، وإن كان مقصوراً كأنه كان في عمي، فإنه أراد كان في عمي عن معرفة الناس، كما تقول عميت عن هذا الأمر فأنا أعمي عنه عمي إذا أشكل عليك فلم تعرفه ولم تعرف جهته، وكل شئ خفي عليك فهو في عمي عنك.

وأما قوله: فوقه هواء وتحته هواء، فإن قوماً زادوا فيه ما فقالوا ما فوقه هواء وما تحته هواء، استيحاشاً من أن يكون فوقه هواء وتحته هواء، ويكون بينهما!! والرواية هي الأولي، والوحشة لا تزول بزيادة ما، لأن فوق وتحت باقيان، والله أعلم!! ".

وقال ابن حبان في صحيحه: 14/10:

" قال أبو حاتم رضي الله عنه: وهم في هذه اللفظة حماد بن سلمة من حديث: في غمام، إنما هو في عماء. يريد به أن الخلق لا يعرفون خالقهم من حيث هم، إذ كان أين زمان وأين مكان، ومن لا يعرف له زمان أو مكان معه لأنه خالقها، كان معرفة الخلق إياه كأنه كان في عماء عن علم الخلق، لا أن الله كان في عماء، إذ هذا الوصف شبيه بأوصاف المخلوقين!! ".

وفي شرح سنن ابن ماجة للسيوطي وعبد الغني والدهلوي - 16:

" قوله كان في عماء بالفتح والمد سحاب. قال أبو عبيدة لا ندري كيف كان ذلك العماء. وفي رواية كان في عمي بالقصر، ومعناه ليس معه شئ، وقيل هو أمر لا تدركه عقول بني أدم، ولا يبلغ كنهه الواصف الفطن.

قال الأزهري: نحن نؤمن به ولا نكيف، أي نجري اللفظ علي ما جاء عليه من غير تأويل، كذا في (الدر النثير).

ص: 230

قوله كان في عماء: قال القاضي ناصر الدين بن المنير: وجه الإشكال في الحديث الظرفية والفوقية والتحتية. قال: والجواب: أن "في" بمعني "علي"، وعلي بمعني الإستيلاء، أي كان مستولياً علي هذا السحاب الذي خلق منه المخلوقات كلها، والضمير في فوقه يعود إلي السحاب، وكذلك تحته، أي كان مستولياً علي هذا السحاب، الذي فوقه الهواء وتحته الهواء. وروي بلفظ القصر في عمي، والمعني عدم ما سواه، كأنه قال: كان لم يكن معه شئ، بل كل شئ كان عدماً عمي لا موجوداً ولا مدركاً، والهواء الفراغ أيضاً العدم،كأنه قال: كان ولا شئ معه، ولا فوق ولا تحت " انتهي.

وقال الهروي في غريب الحديث - 7:

" قال أبو عبيد: في حديث النبي عليه السلام حين سأله أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟

فقال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء.

قوله: في عماء، في كلام العرب: السحاب الأبيض، قال الأصمعي وغيره: هو ممدود، وقال الحارث بن حلزة اليشكري:

كأن المنون تردي بنا أعصم ينجاب عنه العماء

يقول: هو في ارتفاعه قد بلغ السحاب ينشق عنه، يقول: نحن في عزنا مثل الأعصم، فالمنون إذاً أرادتنا فكأنما تريد أعصم. وقال زهير يذكر ظباءً وبقراً:

يشمن بروقه ويرش أري.... جنوب علي حواجبها العماء

وإنما تأولنا هذا الحديث علي كلام العرب المعقول عنهم، ولا ندري كيف كان ذلك العماء وما مبلغه، والله أعلم. وأما العمي في البصر فإنه مقصور وليس هو من معني هذا الحديث في شئ ".

ص: 231

وقال الزمخشري في الفائق 2/26:

" السحاب الرقيق، وقيل السحاب الكثيف المطبق، وقيل شبه الدخان يركب قدم عليه الجبال. وعن الجرمي الضباب. ولا بد في قوله: أين كان ربنا، من مضاف حذف، مثل قوله تعالي: هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله ونحوه ".

وفي كتاب العرش لابن أبي شيبة - 54:

" وقال: حدثنا عبد الله بن مروان بن معاوية، قال سمعت الأصمعي يقول، وذكر هذا الحديث، فقال: العماء في كلام العرب السحاب الأبيض الممدود، وأما العمي المقصور فالبصر ".

وفي إصلاح غلط المحدثين للبستي - 108:

" وأما حديث أبي رزين العقيلي، أنه قال: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السماوات والأرض؟

قال: كان في عماء تحته هواء وفوقه هواء.

يرويه بعض المحدثين كان [في] عمي مقصور علي وزن عصا وقفا، يريد أنه كان في عمي عن علم الخلق، وليس هذا بشئ، وإنما هو [في] عماء ممدود، هكذا رواه أبو عبيد وغيره من العلماء، والعماء السحاب، قال غيره: الرقيق من السحاب، ورواه بعضهم في غمام، وليس بمحفوظ.

بعض أهل العلم: قوله أين كان ربنا؟ يريد أنه: أين كان عرش ربنا تعالي، فحذف اتساعاً واختصاراً، كقوله تعالي: واسأل القرية، يريد أهل القرية. وكقوله تعالي: وأُشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم، أي حب العجل، ويدل علي صحة هذا قوله تعالي: وكان عرشه علي الماء، قال: وذلك أن السحاب محل الماء، فكني به عنه! " انتهي.

ص: 232

وقد اضطر الألباني إلي تضعيف الحديث في كتابه ضعيف ابن ماجة ص 17، برقم 181، ولكنه في الوقت نفسه أعلن إيمانه به!

حتي لا يغضب عليه من يقدسون ابن تيمية، أمثال مشارك!!

قال الألباني: " ضعيف ".

ظلال الجنة - 612. مختصر العلو - 193، 250.

ثم قال في هامشه: " العماء: السحاب. قال العلماء: هذا من حديث الصفات، فنؤمن به من غير تأويل ولا تشبيه، ونكل علمه إلي عالمه!!! ".

الذين أخذوا بحديث أبي رزين رغم تكذيب النقاد له

في توضيح المقاصد: 1/430:

" قوله: ولقد رواه أبو رزين إلخ... عن أبي رزين العقيلي، قال: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟ قال: كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق العرش ثم استوي عليه.

رواه الترمذي وابن ماجة. قال الذهبي: وإسناده حسن ".

وفي توضيح المقاصد: 1/531:

" رواه الترمذي وابن ماجة وإسناده حسن، وقد رواه شعبة وغيره، عن يعلي، وقالوا: عدس بدل حدس، ورواه إسحاق ابن راهويه عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن حماد، وعنده: ثم كان العرش فارتفع علي عرشه!!

وروي حرب عن ابن راهويه: تحته هواء وفوقه هواء، يعني السحاب، وقال أبو عبيد: العماء الغمام.

ص: 233

وقال الحسن ابن عمران الحنظلي الهروي: سمعت أبا الهيثم خالد بن يزيد الرازي يقول: أخطأ أبو عبيد، إنما العما مقصور، ولا يدري أين كان الرب، يعني قبل خلق العرش. ويروي عن أبي رزين حديث طويل بإسنادين مدنيين في الباب، لكنه ضعيف. انتهيكلام الذهبي.

قلت: هذا كلام الذهبي، وقد ساقه بتمامه الناظم في كتاب الهدي.

وقال: هذا حديث كبير جليل الشأن، ينادي جلالته وفخامته وعظمته علي أنه قد خرج من مشكاة النبوة!! إلي أن قال: ولم يطعن أحد فيه، وفي أحد من رواته!!

فممن رواه الإمام بن الإمام أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، في مسند أبيه، وفي كتاب السنة، ومنهم الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب السنة له، والحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد الغسال في كتاب المعرفة، وحافظ زمانه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، والحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حيان، وأبو الشيخ الأصبهاني في كتاب السنة، وحافظ عصره أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، وجماعة من الحفاظ يطول ذكرهم.

قال ابن مندة: روي هذا الحديث محمد بن إسحاق الصغاني، وعبد الله ابن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع من العلماء وأهل الدين جماعة من الأئمة، منهم أبو زرعة الرازي، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم ينكره أحد! ولم يتكلم في إسناده، بل رووه علي سبيل القبول والتسليم، ولا ينكر هذا الحديث إلا جاهل أو مخالف للكتاب والسنة!!

هذا كلام أبي عبد الله بن مندة. انتهي كلام الناظم ملخصاً " انتهي.

ص: 234

وكتب (مشارك) في نفس اليوم، عصراً:

أشكرك علي ذكر الروايات، ولكن كما تعلم فإن الروايات مختلفة والحديث أصله واحد، ولو استطعنا الوصول إلي الرواية الراجحة لزال الإشكال الموجود عندك، وهذا ما حدا بي للطلب منك ذكر الروايات، خاصة لو جمعنا هذا الحديث مع الأحاديث الأخري مثل حديث: كان الله ولا شئ قبله. كان الله ولا شئ معه.

فإذا أردنا الجمع بين كل هذه الأحاديث لعلمنا أن الرواية الصحيحة في البخاري تتحدث أين كان الله قبل أن يخلق السموات والأرض. وبهذا يزول الإشكال يا عاملي.

تخليط لقيط العقيلي.. الذي أخذوا منه دينهم
اشارة

واصل العاملي نشر بقية بحثه في حديث أبي رزين، فكتب:

من هو أبو رزين راوي حديث (العماء):

اسمه: لقيط بن عامر، أو لقيط بن صبرة.

تكلم فيه أهل الجرح والتعديل وحملوه مسؤولية وضع حديث العماء.

وفيما يلي صورة عن لقيط بن عامر أو ابن صبرة - علي اختلاف في اسم أبيه - لكي تعرف أن شخصيته ليست بعيدة عن قبول الجرح في وثاقته!

قال المزي في تهذيب الكمال:

" 24 - 248 - 5012 - بخ 4: لقيط بن صبرة، وهو لقيط بن عامر بن صبرة بن عبد الله بن المنتفق بن عامر بن عقيل بن كعب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة

ص: 235

، أبو رزين العقيلي، له صحبة، عداده في أهل الطائف. هكذا نسبه غير واحد من الأئمة، ومنهم من جعل لقيط بن عامر، غير لقيط بن صبرة. قال أبو عمر بن عبد البر: وليس بشئ.

وقال عبد الغني بن سعيد المصري الحافظ: أبو رزين العقيلي، وهو لقيط بن عامر المنتفق، وهو لقيط بن صبرة، وقيل إنه غيره، وليس بصحيح.

روي أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يكره المسائل، فإذا سأله أبو رزين أعجبته مسألته.

روي عن: النبي صلي الله عليه وسلم (بخ 4).

روي عنه: ابنه عاصم بن لقيط بن صبرة (بخ 4) وعبد الله بن حاجب بن عامر (د)، وعمرو بن أوس الثقفي، وابن أخيه وكيع بن عدس، ويقال: ابن حدس. روي له البخاري في (الأدب)، والباقون سوي مسلم ". وفي هامشه: " وقال ابن حجر في (التهذيب): تناقض في هذا المزي فجعلها هنا واحداً وفي الأطراف اثنين، وقد جعلهما ابن معين واحداً وقال: ما يعرف لقيط غير أبي رزين، وكذا حكي الأثرم عن أحمد بن حنبل، وإليه نحا البخاري، وتبعه ابن حبان وابن السكن، وأما علي بن المديني، وخليفة بن خياط، وابن أبي خيثمة، وابن سعد، ومسلم، والترمذي، وابن قانع، والبغوي، وجماعة فجعلوهما اثنين. وقال الترمذي: سألت عبد الله بن عبد الرحمان عن هذا فأنكر أن يكون لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر، والله أعلم ".

وقال في أسد الغابة: 4/267:

" وقد قيل إن لقيط بن عامر غير لقيط بن صبرة وليس بشئ، روي عنه وكيع بن عدس وابنه عاصم بن لقيط، وعمرو بن أوس وغيرهم قال أبو عيسي في

ص: 236

كتاب العلل، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: أبو رزين العقيلي هو: لقيط بن عامر وهو عندي لقيط بن صبرة، قال: قلت: أبو رزين العقيلي هو لقيط بن صبرة؟ قال: نعم. قلت: فحديث أبي هاشم عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه هو عن أبي رزين العقيلي؟ قال: نعم.

قال أبو عيسي: وأما أكثر أهل الحديث، فقالوا: لقيط بن صبرة هو: لقيط بن عامر. قال: وسألت عبد الله بن عبد الرحمن عن هذا، فأنكر أن يكون لقيط بن صبرة هو لقيط بن عامر. وأما مسلم بن الحجاج فجعلهما في كتاب الطبقات اثنين. والله أعلم ".

ابو رزين يزعم أنه وفد إلي النبي ممثلا قبيلة المنتفق

قال في أسد الغابة: 4/266:

" (لقيط) بن صبرة أبو عاصم عداده في أهل الحجاز، روي عنه ابنه عاصم روي إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه، قال: كنت وافد بني المنتفق إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فلم نجده فأطعمتنا عائشة تمراً وعصدت لنا عصيدة، إذ جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: هل طعمتم من شئ؟ قلنا: نعم. فبينا نحن علي ذلك، دفع الراعي الغنم إلي المراح وعلي يده سخلة، فقال: هل ولدت؟ قال: نعم. ثم أقبل علينا بوجهه فقال: لا تحسبن أنا ذبحنا الشاة لأجلكم، لنا غنم مائة لا نريد أن تزيد عليها، إذا ولدت بهمة ذبحنا شاة ".

وقال في أسد الغابة: 5/44:

ص: 237

" وحدثني أيضاً أبو الأسود بن عبد الله بن عاصم بن لقيط أن لقيط بن عامر خرج وافداً إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال: فقدمنا المدينة لانسلاخ رجب، فأتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم حين انصرف من صلاة الغداة ".

زعم أبو رزين أن النبي كان يكره السؤال إلا منه

وقد تقدم ذلك في تهذيب الكمال.

وفي كنز العمال: 7/146:

" أن النبي صلي الله عليه وآله كان يكره المسائل ويعيبها، فإذا سأله أبو رزين أجابه وأعجبه! (طب عن أبي رزين) ".

زعم أبو رزين أنه سمع النبي يقول: لعمر إلهك

قال في تهذيب التهذيب: 5 /9150:

" (أبي داود) عاصم بن لقيط بن عامر بن المنتفق العقيلي. قيل: إنه ابن صبرة وقيل غيره. عن لقيط بن عامر أنه خرج وافداً إلي النبي صلي الله عليه وسلم فذكر حديثه، فيه قال النبي صلي الله عليه وسلم: لعمرُ إلهك.

قاله عبد الرحمن بن عياش السمعي، عن دلهم بن الأسود عن أبيه عنه. أخرجه أبو داود مختصراً كما هنا.

قلت: ورواه أبو القاسم الطبراني مطولاً، وهو حديث غريب جداً ".

وقال في تهذيب الكمال: 17/332:

ص: 238

" عن دلهم بن الأسود (د)، عن أبيه، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر العقيلي، وعن دلهم (د)، عن أبيه، عن عاصم بن لقيط، عن لقيط بن عامر أنه خرج وافداً إلي النبي صلي الله عليه وسلم فذكر حديثاً فيه، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: لعمر إلهك.

قاله إبراهيم بن حمزة الزبيدي (د) عن عبد الرحمان بن المغيرة بن عبد الرحمان الحزامي عنه. ذكره ابن حبان في كتاب الثقات...

قال دلهم: وحدثنيه أيضاً أبو الأسود، عن عاصم بن لقيط أن لقيط بن عامر خرج وافداً إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم... فذكر الحديث بطوله، وقال فيه: لعمر إلهك.

هكذا وقع في هذه الرواية عن دلهم، عن جده، والمحفوظ عن أبيه، عن جده كما تقدم التنبيه عليه ".

وفي ميزان الإعتدال: 2/580:

" عن دلهم بن الأسود، عن أبيه، عن عمه لقيط بن عامر المنتفقي... هو صاحب حديث: لعمر إلهك ".

وراجع أيضاً تهذيب الكمال د: 13/541 و14/391

و هو راوي حديث: أن الله تعالي يضحك، و يظل يضحك

روي ابن ماجة: 1/ 64:

" 181: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا يزيد بن هارون، أنبأنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن حدس، عن عمه أبي رزين، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره. قال:

ص: 239

قلت: يا رسول الله! أَوَيضحك الرب؟ قال: نعم، قلت: لن نعدم من رب يضحك خيراً.

في الزوائد: وكيع ذكره ابن حبان في الثقات. وباقي رجاله احتج بهم مسلم " انتهي.

ورواه في مسند أحمد 4/11، وسيأتي قوله: ويظل يضحك!!

و هو راوي حديث أن الكرسي موضع قدمي الله تعالي

في كنز العمال: 1/390:

" ومن مسند أبي رزين العقيلي عن ابن عباس عنه عليه السلام في قوله: وسع كرسيه السموات والأرض، قال: الكرسي موضع القدمين ولا يقدر قدر العرش شئ. الدار قطني في (الصفات) ".

و هو راوي حديث البخاري: ترون ربكم يوم القيامة

مسند أحمد: 4/11:

" ثنا وكيع، ثنا شعبة عن النعمان بن سالم، عن عمرو بن أوس، عن أبي رزين العقيلي، أنه أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن، قال: حج عن أبيك واعتمر، قال حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يزيد بن هرون، قال أنا حماد بن سلمة، عن يعلي بن عطاء، عن وكيع بن عدس، عن عمه أبي رزين، قال: قلت يا رسول الله أكُلّنا يري الله عز وجل يوم القيامة، وما آية ذلك في خلقه؟ قال: يا أبا رزين أليس كلكم

ص: 240

يري القمر مخلياً به؟ قال: قلت: بلي يا رسول الله. قال: فالله أعظم ". ورواه في سنن ابن ماجة 1/64، ورواه أحمد 4/11.

وفي مسند أحمد: 4/12:

" عن عاصم بن لقيط، أن لقيطاً خرج وافداً إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعه صاحب له يقال له: نهيك بن عاصم بن مالك بن المنتفق، قال لقيط: فخرجت أنا وصاحبي حتي قدمنا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم لانسلاخ رجب، فأتينا رسول الله صلي الله عليه وسلم فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداء، فقام في الناس خطيباً فقال: أيها الناس ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة أيام! ألا لأسمعنكم. ألا فهل امرؤ بعثه قومه فقالوا إعلم لنا ما يقول رسول. لعله أن يلهيه حديث نفسه، أو حديث صاحبه , أيلهيه الضلال.. ألا إني مسؤول، هل بلغت ألا اسمعوا تعيشوا، ألا اجلسوا، ألا اجلسوا. قال: فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتي إذا فرغ لنا فؤاده وبصره.

قلت: يا رسول الله ما عندك من علم الغيب؟

فضحك لعمر الله وهز رأسه، وعلم أني أبتغي لسقطه.

فقال: ضن ربك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله. وأشار بيده.

قلت: وما هي؟

قال: علم المنية، قد علم منية أحدكم ولا تعلمونه، وعلم المني حين يكون في الرحم قد علمه ولا تعلمون، وعلم ما في غد، وما أنت طاعم غداً ولا تعلمه، وعلم اليوم الغيث، يشرف عليكم آرلين آدلين مشفقين، فيظل يضحك، قد علم أن غيركم إلي قرب. وعلم يوم الساعة.

ص: 241

قال لقيط: لن نعدم من رب يضحك خيراً. قلت: يا رسول الله علمنا مما تعلم الناس، وما تعلم فإنا من قبيل لا يصدقون تصديقنا أحد من مذحج، التي تربو علينا، وخثعم التي توالينا، وعشيرتنا التي نحن منها.

قال: تلبثون ما لبثتم ثم يتوفي نبيكم، ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث الصائحة لعمر إلهك، ما تدع علي ظهرها من شئ إلا مات، والملائكة الذين مع ربك عز وجل، فأصبح ربك عز وجل يطيف في الأرض وخلت عليه البلاد، فأرسل ربك عز وجل يطيف في الأرض وخلت عليه البلاد،، فأرسل ربك عز وجل السماء تهضب من عند العرش، فلعمر إلهك ما تدع علي ظهرها من مصرع قتيل، ولا مدفن ميت إلا شقت القبر عنه، حتي تجعله من عند رأسه فيستوي جالساً. فيقول: ربك مهيم، لما كان فيه، يقول: يا رب أمس اليوم، ولعهده بالحياة يحسبه حديثاً بأهله.

فقلت: يا رسول الله كيف يجمعنا بعدما تمزقنا الرياح والبلي والسباع؟ قال: أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله، الأرض أشرقت عليها وهي مدرة بالية، فقلتَ لا تحيا أبداً، ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء، فلم تلبث عليك إلا أياماً حتي أشرفت عليها وهي شرية واحدة، ولعمر إلهك لهو أقدر علي أن يجمعهم من الماء علي أن يجمع نبات الأرض فيخرجون من الأصواء ومن مصارعهم، فتنظرون إليه وينظر إليكم.

قال: قلت: يا رسول الله وكيف نحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وينظر إلينا؟

ص: 242

قال: أنبئك بمثل ذلك في آلاء الله عز وجل: الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة لا تضارون في رؤيتهما، ولعمر إلهك لهو أقدر علي أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما.

قلت: يا رسول الله فما يفعل بنا ربنا عز وجل إذا لقيناه؟

قال: تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا يخفي عليه منكم خافية، فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح قبيلكم بها، فلعمر إلهك ما تخطي وجه أحدكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الريطة البيضاء، وأما الكافر فتخطمه مثل الحميم الأسود. ألا ثم ينصرف نبيكم صلي الله عليه وسلم ويفترق علي أثره الصالحون فيسلكون جسراً من النار، فيطأ أحدكم الجمر فيقول حس! يقول ربك عز وجل أوانه! ألا فتطلعون علي حوض الرسول علي أظمأ والله ناهلة عليها قط، ما رأيتها، فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وضع عليها قدح يطهره من الطوف والبول والأذي، وتحبس الشمس والقمر ولا ترون منهما واحداً.

قال: قلت: يا رسول الله فيما نبصر؟

قال: بمثل بصرك ساعتك هذه، وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض واجهت به الجبال.

قال: قلت: يا رسول الله فيما نجزي من سيئاتنا وحسناتنا؟

قال: الحسنة بعشر أمثالها والسيئة بمثلها إلا أن يعفو.

قال: قلت: يا رسول الله إما الجنة وإما النار؟

ص: 243

قال: لعمر إلهك إن للنار لسبعه أبواب، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً، وإن للجنة لثمانية أبواب، ما منهما بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاماً.

قلت: يا رسول الله فعلي ما نطلع من الجنة؟

قال: علي أنهار من عسل مصفي، وأنهار من كأس ما بها من صداع ولا ندامة، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن، وبفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون، وخير من مثله معه، وأزواج مطهرة.

قلت: يا رسول الله، ولنا فيها أزواج أو منهن مصلحات؟

قال: الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا، ويلذذن بكم، غير أن لا توالد.

قال لقيط: فقلت: أقصي ما نحن بالغون ومنتهون إليه؟

فلم يجبه النبي صلي الله عليه وسلم.

قلت: يا رسول الله أبايعك؟

قال: فبسط النبي صلي الله عليه وسلم يده وقال: علي إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وزيال الشرك، وأن لا تشرك بالله إلهاً غيره.

قلت: وأن لنا ما بين المشرق والمغرب؟

قال: فقبض النبي صلي الله عليه وسلم يده وظن أني مشترط شيئاً لا يعطينيه.

قال: قلت: نحل منها حيث شئنا ولا يجني امرؤ إلا علي نفسه.

فبسط يده وقال: ذلك لك، تحل حيث شئت ولا يجني عليك إلا نفسك.

قال: فانصرفنا عنه، ثم قال: إن هذين لعمر إلهك من أتقي الناس في الأولي والآخرة!!

ص: 244

فقال له: كعب بن الخدرية أحد بني بكر بن كلاب، منهم يا رسول الله؟ قال: بنو المنتفق أهل ذلك!!! ".

و هو راوي حديث العماء الحبيب الي قلب ابن تيمية
اشارة

حديث الأعرابي أبي رزين الكذاب علي حد تعبير ابن قتيبة، والأعرابي الضعيف بشهادة غيره من علماء السنة.. تجده في مؤلفات ابن تيمية سيداً محترماً!!

بل تجده أصلاً يبني عليه ابن تيمية عقيدته التي ينادي بها، ويكفر المسلمين من أجلها، لأنهم لم يجسموا الله تعالي مثله ومثل أبي رزين!!

أبو رزين.. حاضر في أكثر مؤلفات ابن تيمية!!

وحديثه مقدسٌ مكررٌ عند هذا الشامي الحراني، وأحياناً يكرره بنفس العبارة من كتاب إلي كتاب!!

فهل عرفتم من أين تعلم مشارك وجماعته أسلوب (القص واللصق)؟!!

لقد استدل ابن تيمية بحديث العماء في منهاج سنته مراراً..

وفي كتاب تلبيس الجهمية ص 54 و184و286و343.

وفي كتاب المباينة ص 316.

وفي كتاب العقل ص 117.

وفي العقيدة الصفدية ص 79.

وفي العقيدة الحموية.. وغيرها.. وغيرها من سلسلة كتبه وكتيباته التي تراها مكررة فكراً وموضوعاً وتعبيراً!

حتي كأنها صنعت في معمل ولم تنضج في ذهن، ولا كتبت بقلم!

وهذه نماذج من اعتماداته علي هذا الحديث:

ص: 245

معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون (محلة العماء)

قال في كتاب الإستقامة ص 126:

" فإن عامة أهل السنة وسلف الأمة وأئمتها لا ينفون عنه الأين مطلقاً! لثبوت النصوص الصحيحة الصريحة عن النبي (صلی الله علیه و آله) بذلك سؤالاً وجواباً، فقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال للجارية: أين الله؟ قالت: في السماء، وكذلك قال ذلك لغيرها. وقال له أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن خلق السماوات والأرض؟ قال: في عماء، ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه علي الماء. ومن نفي الأين عنه يحتاج إلي أن يستدل علي انتفاء ذلك بدليل!!... ومن نفي الأين قال: لأن الأين سؤال عن المكان، يقول: والله ليس في المكان لأن المكان لا يكون إلا للجسم والله ليس بجسم، لأن الجسم لا يكون إلا محدثاً ممكناً... وبيان الحق في ذلك من الباطل مثل أن يقال: المكان يراد به ما يحيط بالشئ، والله لا يحيط به مخلوق، أو يراد به ما يفتقر إليه الممكن، والله لا يفتقر إلي شئ. وقد يراد بالمكان ما يكون الشئ فوقه، والله فوق عرشه فوق سماواته، فلا يسلم نفي المكان عنه بهذا التفسير! ونقول: قد وردت الآثار الثابتة بإثبات لفظ المكان، فلا يصح نفيه مطلقاً...!!! ".

وقال في تلبيس الجهمية - 154:

" عن وكيع بن عدس، عن عمه أبي رزين قال: قلت يا رسول الله: أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟

ص: 246

قال: كان في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء..

قال يزيد بن هارون: العماء أي ليس معه شئ!!

فهذا الحديث فيه بيان أنه خلق العرش المخلوق قبل السموات والأرض.

وأما قوله: في عماء. فعلي ما ذكره يزيد بن هارون، ورواه عنه أحمد بن منيع وقرره الترمذي في أن معناه: ليس معه شئ، فيكون فيه دلالة علي أن الله تعالي كان وليس معه شئ وسيأتي الكلام علي ذلك إن شاء الله تعالي ".

وما ذكره ابن تيمية عن يزيد بن هارون تأويل للحديث خلاف الظاهر، وهو عند ابن تيمية بدعة!!

ولكنه يستعين بتأويل غيره عندما يحتاج إلي ذلك، حتي لا يؤول هو!!

ثم قال ابن تيمية:

" ثم لو دل علي وجود موجود، علي قول من يفسر العماء بالسحاب الرقيق، لم يكن في ذلك دليل علي قول الدهرية بقدم ما ادعوا قدمه.

ولا بأن مادة السموات والأرض ليستا مبتدعتين، وذلك أن الله سبحانه وتعالي أخبر في كتابه بابتداء الخلق الذي يعيده! " انتهي.

فقد قبل ابن تيمية وجود المكان والغيم مع الله تعالي قبل أن يخلق شيئاً من الخلق! ولكنه حاول أن يفرق بين مذهبه وبين مذهب الملحدين القائلين بقدم العالم قبل الله تعالي أو معه!!

وقال في الفتوي الحموية - 55:

" ذكر حديث أبي رزين العقيلي: قلت: يا رسول الله أين كان ربنا قبل أن يخلق السموات والأرض؟

قال: في عماء ما تحته هواء وما فوقه هواء، ثم خلق عرشه علي الماء.

ص: 247

قال محمد: العماء السحاب الكثيف المطبق فيما ذكره الخليل، وذكر آثاراً أخر ثم قال: باب الإيمان بالكرسي.

قال محمد بن عبد الله: ومن قول أهل السنة أن الكرسي بين يدي العرش وأنه موضع القدمين... ".

ثم ذكر حديث أنس الذي فيه التجلي يوم الجمعة في الآخرة وفيه:

" فإذا كان يوم الجمعة هبط من عليين علي كرسيه، ثم يحف الكرسي علي منابر من ذهب مكللة بالجواهر، ثم يجيء فيجلسون عليها!! ".

وذكر ما ذكره يحيي بن سالم صاحب التفسير المشهور:

" حدثني العلاء بن هلال عن عمار الدهني، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: إن الكرسي الذي وسع السموات والأرض لموضع القدمين!! ".

وذكر من حديث أسد بن موسي، ثنا حماد بن سلمة، عن زر، عن ابن مسعود قال:

" ما بين السماء الدنيا والتي تليها، مسيرة خمسمائة عام... ".

ثم قال في باب الإيمان بالحجب:

" قالوا من قول أهل السنة أن الله بائن من خلقه يحتجب عنهم بالحجب، فتعالي الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا!!! " انتهي.

وهذا نصٌّ صريح من كلام ابن تيمية علي مادية الله تعالي، وتكفير لمن قال: إنه تعالي غير ما نراه بأعيننا!!

ونختم بثلاثة أسئلة إلي مشارك وإمامه ابن تيمية:

ص: 248

الأول: كيف يبني عقيدته بالله تعالي التي هي أعظم عقائد الإسلام، علي حديث مهزوز في سنده ومتنه، كحديث العماء؟!!

والثاني: أنه قَبِل أن تكون صيغة السؤال: أين كان الله قبل خلق الخلق. فقد استدل بها في عدة من كتبه، فلا مجال للقول بأن الأمور الثلاثة المزعومة مع الله تعالي: العماء، أي السحاب، والهواء والمكان، هي من الخلق، وأن الخلق تمّ علي مرحلتين، كما حاول أن يقول ذلك مشارك!!

والثالث: أن التأويل عند ابن تيمية حرام وبدعة! وهذا يعني أنه لا يمكن له أن يتحرك في تفسير حديث أبي رزين وتأويله.. وإلا كان مبتدعاً ضالاً بحكم فتواه! فالحمد لله الذي جعله يكتِّف نفسه بحبل نفسه!!

والنتيجة: أن الله تعالي عند مشارك وإمامه ابن تيمية:

كان قبل أن يخلق أي شئ من خلقه علي الإطلاق: موجوداً في مكان، يجلس علي سحاب وفوقه هواء وتحته هواء!! وذلك المكان والسحاب والهواء ليست من المخلوقات، بل هي موجودة مع الله تعالي وشريكة له! أو أنها كانت قبله وهي التي خلقته وأجلسته في تلك الغمامة، فهي الإله دونه.. والعياذ بالله تعالي!!

فيا أيها المشارك والمشاركون: خففوا من غلوائكم الفارغة، وادعائكم العلم والتوحيد الحقيقي العلمي، وتكفيركم لمن هم أفهم منكم من المسلمين، وأمتن توحيداً، وأصدق عبادة.

عالجوا مصيبتكم الكبري أولاً، وخلصوا أنفسكم من تصورات اليهود لربهم علي كرسيه في السماء، أو في الغمام كما ترون توراتهم مليئة به!!

ص: 249

وإذا أصررتم علي أن السحاب والهواء والغيوم، من غير مخلوقات الله تعالي، فهي شريكةٌ له!!

ومعني ذلك أن (ألِف) " مشارك " و" مشاركين".. تطير، مع همزة العماء!!!

فأجاب (مشارك) بتاريخ 4-7-1999:

تتعبني بطول مواضيعك يا عاملي علي قلة ما فيها من حجة، وكثرة ما فيها من تلبيس وتدليس، فأنت دائماً ما تتهمنا بما لا نقول ولا نعتقد، وسأفرد لذلك موضوعاً إن شاء الله فاصبر، وأنقل لك هنا رد ابن تيمية علي الجهمية والزنادقة والملاحدة علي حديث العماء وهو طويل، وإن شئت أن نتناقش نقطة نقطة في ما عندك من شبه، فأيضاً علي الرحب والسعة......

انتهي.

قال العاملي:

ونشر مشارك نحو عشرين صفحة من كلام ابن تيمية، من كتاب تلبيس الجهمية المتقدم، في رد كلام الفخر الرازي وغيره ممن قالوا باستحالة التحيز علي الله تعالي! وهو كلام بأسلوب ابن تيمية المعقد، الذي يتعمد فيه الغموض! كما تعمد ابن تيمية أن يخلط كلامه بكلام الرازي بحيث يصعب تمييزهما، إلا لمن كان مستوعباً للموضوع مدققاً فيه!!

وأسوأ ما في أسلوب ابن تيمية أنه يوهم القارئ أنه ضد المطلب، ثم في النهاية يقرره خفية مختصراً!!

وكان فيما نقله مشارك هذه الفقرة التي نقلناها:

ص: 250

" ثم لو دل علي وجود موجود علي قول من يفسر العماء بالسحاب الرقيق، لم يكن في ذلك دليل علي قول الدهرية بقدم ما ادعوا قدمه، ولا بأن مادة السموات والأرض ليستا مبتدعتين " انتهي.

وقد وعد ابن تيمية أن يفسر حديث العماء قريباً، ولكنه لم يزد علي ما ذكره هنا!

فقال: " قال الشيخ رحمه الله: وحديث أبي رزين رواه أحمد والترمذي وغيرهما.. ثم لو دل علي وجود موجود علي قول لم يفسر العماء بالسحاب الرقيق لم يكن في ذلك دليل علي قول الدهرية بقدم ما ادعوا قدمه، ولا بأن مادة السموات والأرض ليستا مبتدعتين، وذلك أن الله سبحانه وتعالي أخبر في كتابه بابتداء الخلق الذي يعيده، وأخبر بخلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام في غير موضع وجاءت بذلك الأحاديث الكثيرة " انتهي.

ثم ختم مشارك نقل الصفحات الطويلة من كلام إمامه ابن تيمية، بقوله:

" فإن كان هذا يكفيك، وإلا أتينا بالمزيد ".

فأجابه العاملي بتاريخ 4-7-1999:

وهل هذا جواب يا مشارك؟!!

قصصتَ لي مقطعاً مطولاً من كتاب ابن تيمية، كنتُ نقلتُ لك خلاصته من كتابه تلبيس الجهمية ص 154، وغيرها!

ثم إن هذا المقطع إدانةٌ لك ولإمامك، لأنه ارتكب فيه التأويل الذي هو حرام في مذهبه، ويا ليته كان تأويلاً معقولاً يقبله المتأولة؟!

فقد فسر أن الله تعالي كان: في عماء.. بأنه كان وليس معه شئ!

مع أن أهل اللغة فسروا العماء، بالغيم أو الغيم الأبيض!

ص: 251

وزيادةً في افتضاح ابن تيمية حاول أن يتهرب من التأويل، ويلقي مسؤوليته علي عاتق يزيد بن هارون، فما الفرق بين أن يؤول هو، أو يقبل تأويل مؤول غيره؟!!

وهكذا يفعل أئمتك يا مشارك عندما يتضايقون ويثبت بطلان تجسيمهم ورفضهم المجاز في القرآن، ويواجههم أحد بمثل قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم، وقوله تعالي: كل شئ هالك إلا وجهه..

ويقال لهم كيف تفسرون أمثال هذه الآيات بظاهرها، بدون تأويل؟!!

فيقولون نحن أهل الأخذ بظاهر اللفظ الحسي، والتأويل عندنا حرام!

ولكنهم وجدوا هندياً اسمه (الطلمنكي) فقالوا إنه هو أوَّل هذه الآيات.. ووجد ابن تيمية هنا (طلمنكياً) آخر، فلبَّسه تأويل العماء في رقبته؟!!

أعود فأسألك الأسئلة التي ختمتُ بها موضوعي، فأجبني عليها، أو قُلْ لا أريد أن أجيب!

أما أن تجيب بالسب، وتكيل التهم بالرفض والبدعة وأمثاله، فهذا جواب العاجز، والحمد لله.

فكتب (مشارك) بتاريخ 5-7-1999:

هذا جواب أسئلتك يا عاملي:

الأول: " كيف يبني عقيدته بالله تعالي التي هي أعظم عقائد الإسلام، علي حديث مهزوز في سنده ومتنه كحديث العماء؟!!! ".

الجواب: عقيدتنا يا عاملي لم نأخذها من آية واحدة، يا عاملي أو حديث واحد، عقيدتنا ياعاملي أخذناها من مئات الآيات ومئات الأحاديث، قال تعالي: يخافون ربهم من فوقهم، فكيف تفسر لنا هذه الآية يا عاملي، هل هي من

ص: 252

الاسلام الأموي، أم من عند الحاخامات!!!!! آيات كثيرة وأحاديث كثيرة كلها تثبت معتقد أهل السنة والجماعة.

والثاني: " أنه قبِل أن تكون صيغة السؤال: أين كان الله قبل خلق الخلق. فقد استدل بها في عدة من كتبه، فلا مجال للقول بأن الأمور الثلاثة المزعومة مع الله تعالي: العماء، أي السحاب، والهواء والمكان.. هي من الخلق، وأن الخلق تم علي مرحلتين كما حاول أن يقول ذلك مشارك!! ".

الجواب: ورد حديث العماء بعدة روايات يا عاملي، فلو جمعنا بين هذه الروايات مع الأحاديث الأخري مثل: كان الله ولا شئ قبله، أو كان الله ولا شئ معه، لرجحنا رواية أين كان الله قبل أن يخلق السموات والأرض، وقد أجبتك بهذا الجواب من قديم ولكنك لم تعلق عليه، وكما تعلم أن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

والثالث: " أن التأويل عند ابن تيمية حرام وبدعة! وهذا يعني أنه لا يمكن له أن يتحرك في تفسير حديث أبي رزين وتأويله.. وإلا كان مبتدعاً ضالاً بحكم فتواه!! فالحمد لله الذي جعله يكتف نفسه بحبل نفسه!! ".

الجواب: لن أتهمك هذه المرة بالكذب لعل هذا الأسلوب يفيد، فأقول إنك أخطأت في نسبة هذا القول لابن تيمية، ويبدو أنك جاهل بكلام ابن تيمية، وجاهل بمذهب أهل السنة والجماعة، وجاهل باللغة العربية، فالتأويل يأتي بثلاث معانٍ:

1 - التفسير، كقولك هذا تأويل الآية أي تفسيرها، وكما تعلم فإسم كتاب الطبري في التفسير: جامع البيان في تأويل آي القرآن.

ص: 253

2 - ما تؤول إليه حقيقة الأمر، قال تعالي: هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله..

3 - التحريف، كمن فسر قوله تعالي: الرحمن علي العرش استوي، بمعني استولي، فهذا تحريف لمعني الآية، وكأن العرش لم يكن لله ثم استولي عليه الله بعد ذلك، تعالي الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، وقد نبهتك يا عاملي ألا تنسب قولاً لعالم بدون مصدره، ووعدتني بذلك، ولكن...

إضافة: أهل السنة والجماعة ينفون التعارض بين ما جاء في الكتاب والسنة، ولكنهم أيضاً لا يحرفون الكلم عن مواضعه، بل يجمعون بين النصوص، ولو قرأت كتاب الحازمي في طرق الجمع بين الأحاديث لوجدته أوصلها إلي أكثر من مائة طريقة، ونحن نعلم أن القرآن منه المحكم ومنه المتشابه، ونحن نرد المتشابه إلي المحكم.

وأجابه العاملي بتاريخ 5-7-1999:

أولاً: تتكلم عن معتقد إمامك ابن تيمية علي أنه معتقد أهل السنة والجماعة، فلماذا هذا الإصرار؟!

أليس البيهقي من أهل السنة والجماعة، إقرأ كتابه الأسماء والصفات لتري أنه يكفر أمثال إمامك!

أما كفاك علماء السنة الذين نشرتُ لهم في هذا الموقع ردودهم علي عقيدة إمامك؟!!

وهل تريد المزيد منهم من الماضين والمعاصرين، من مصر إلي تركيا، إلي آخر أفريقيا وآسيا؟؟!

ص: 254

أرجو أن تكون موضوعياً وتتكلم باسم ابن تيمية وأتباعه فقط، وليس باسم أهل السنة والجماعة.

ثانياً: لو كان عندكم مئتا حديث وآية تدل علي صفات التجسيم والتشبيه والأين لله تعالي، التي تعتقدون بها.

فلماذا لم يعرف إمامك ابن تيمية هذه الثروة مثلك، فتراه استدل بحديث العماء نحو ثلاثين مرة في كتبه؟!! ويستدل بحديث الحاخام مرات، وأمثاله من حديث أم الطفيل، والأوعال؟!!

ثالثاً: تكلمت في صيغ حديث العماء، وتريد أن تجمع بينها بأنه يقصد أنه لم يكن مع الله شئ، ولكن إمامك استدلَّ في كتبه مرات عديدة بصيغة الحديث النكراء، التي تسأل عن الله تعالي " قبل خلق الخلق " يعني جميع الخلق، فأجابه أنه كان جالساً علي العماء وتحته هواء وفوقه هواء!!

فهل يصح أن يقال لهذا.. إنه لم يكن معه شئ؟!!

إن النسبة بين حديث العماء ودلالة السمع والعقل علي أنه لم يكن معه شئ، نسبة تناقض!

ولا بد فيها من طرح أحدهما، وليست نسبة تعارض حتي يمكن الجمع!

رابعاً: ذكرت مذهبكم في الحقيقة والمجاز والتفسير والتأويل، ووصفتني بأني جاهلٌ به وبالعربية.. إلخ.

شكراً، ولكن لا تنسَ أن إمامك الذي يطيل في ذكر التفسير والتأويل، وله كتاب في الحقيقة والمجاز.. ويصرح أنه ليس في القرآن مجاز!!

ثم يدعي أنه يقبل التأويل والمجاز، ويدعي أن خلافه مع بعضهم لفظي.

ص: 255

ثم يعود فيشترط للتأويل والمجاز أن يرجع إلي المعني الذي يعطيه ظاهر الكلمة، ولا يخرج عنه!!

وبذلك يهدم كل ما حاول أن يقرب بينه وبين أهل اللغة وعلماء الإسلام، القائلين بأن الحقيقة والمجاز حقيقة!

هل تعرف معني كلامه؟

معناه أنه يقبل أن تفسر العماء والهواء والمكان، بأي تفسير أو تأويل بشرط أن يرجع إلي المعني المحسوس الظاهر من الكلمات!

أليس كذلك يا مشارك؟!

ولعلك بعد هذا تجادل، وتقص لي مقطعاً جديداً من كتب إمامك، فالرجاء أن تحدد لي بسطرين معني حديث العماء بصيغته النكراء التي قبلها إمامك، وهل تقبلها أنت؟!

خامساً: سألتني عن معني: فوقهم، في صفات الله تعالي، وقد شرحت لك سابقاً:

أن الفوقيه لله تعالي يستحيل أن تكون من عالم المكان والزمان المخلوق، بل هي فوقية من نوع آخر، ولذا لا بد من تأويلها في صفاته سبحانه بأنها غير الفوقية الحسية. وهكذا فسرها العلماء السنيون كالبيهقي وغيره، وحتي الطبري الذي ذكرته!

لكن أسألك عن قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم. وقوله تعالي: كل شئ هالك إلا وجهه. هل يمكنك تفسيرهما بالمعني الحقيقي بظاهر اللفظ الذي يفهمه الناس للمعية، والهلاك، والوجه؟!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 6-7-1999:

ص: 256

لا أدري لماذا لا تريد إكمال موضوع العقيدة يا عاملي، أكمل وسأجيبك علي ما تريد إن شاء الله.

انتهي.

قال العاملي:

وهكذا ظلَّ مشارك يتهرب من الإجابات علي الأسئلة التي تكشف ضلال عقيدة إمامه ابن تيمية!!

وقد أراد مني أن أغض النظر عن مناقشة آرائه، وأن أنتقل إلي النقطة الخامسة التي يزعم فيها مشارك تناقض الأحاديث عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام في العقيدة بالله تعالي..

ليتخلص من البحث في تناقضات مذهبه وإمامه!!

ولكني أصررتُ عليه أن يجيب علي الأسئلة المتعلقة بحديث العماء وتجسيم ابن تيمية لمعبوده، وإشراكه معه المكان والهواء والسحاب!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 6-7-1999:

أعانك الله علي حيرتك واسترسالتك يا عاملي، ما أريد تلخيصه هنا عن عقيدتنا كالتالي:

1 - كان الله ولا شئ معه.

2 - ثم بعد ذلك خلق الله ما يشاء، كالهواء والعماء والعرش والقلم.

3 - ثم بعد ذلك خلق الله السموات والأرض. فلو سئلنا أين كان الله قبل خلق السموات والأرض، لقلنا بقول النبي صلي الله عليه وسلم كان في عماء... ونعني بهذا رقم (2) وهي الأشياء التي خلقها الله قبل السموات والأرض، ولكنها

ص: 257

أشياء محدثة خلقها الله، فهي ليست موجودة قبل الخلق، بل هي من الخلق ولكنها موجودة قبل السموات والأرض.

وقد ذكرت لك سابقاً قول ابن تيمية الصريح في نفي وجود موجودات مع الله قبل الخلق، ثم أحيلك إلي لوازم الجهمية والفلاسفة الذين رد عليهم ابن تيمية ب- 29 وجهاً في إبطال لوازمهم، وأحيلك إلي رد ابن تيمية علي البراهين العشرة للرازي في مباحثه المشرقية، كما في منهاج السنة الجزء الأول.

فأجابه العاملي بتاريخ 6-7-1999 بعد الظهر:

المذكور في حديث العماء الذي يتبناه إمامك ابن تيمية هو: العماء: أي السحاب، والهواء، والمكان طبعاً..

وهذه الثلاثة هي جزءٌ من السماوات والأرض وليست غيرها!

وإن أبيْتَ ذلك، فإن السؤال في عدة صيغ من الحديث استشهد بها إمامك وقبلها: أين كان الله " قبل أن يخلق الخلق؟ " أو " يخلق خلقه؟ ".

فكيف تكون هذه الثلاثة جزءاً من الخلق، إلا بتأويل، وهو عندكم حرام وخطأ!!

إن سؤال الراوي يا مشارك عما قبل الخلق، وهو جمعٌ محلَّي بالألف واللام، يفيد العموم والشمول لجميع أنواع المخلوقات!! فلا تؤوِّل!

وحقِّ جدِّك وجدِّ ابن تيمية يا مشارك، إنك أمام ثلاث خيارات لا رابع لها:

إما أن تقبل بظاهر حديث العماء الذي يدل علي وجود موجودات مع الله تعالي قبل الخلق! وبهذا تفقد (الألف) من اسمك!!

فاحذر فإنه الحرف الوحيد الذي يتوقف عليه إسلامك!!

ص: 258

وإما أن تؤول الحديث العزيز علي قلب إمامك ابن تيمية، فتصير متأوِّلاً، وفي بلادنا يسمونك.. متوالي.

وإما أن تحكم بضعف الحديث كما فعل علماء كثيرون سنة وشيعة، فتثبت أن ابن تيمية غير معصوم عندك، كما قلت.. وأطمئنك بأنك لو ضعفت الحديث وخطأت ابن تيمية في تبنيه له، فلن تقع السماء علي الأرض، ولن يلحقك ذنب!

انتهي.

قال العاملي:

فلم يجب مشارك بشئ، وواصل فتح مواضيع، وتكرار قوله إن العاملي يكذب ويفتري علي ابن تيمية!!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 6-7-1999، صباحاً:

ما زلت منتظراً إكمال النقطة الرابعة والخامسة، يا عاملي.

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 6-7-1999، ظهراً:

أكمل هنا يا عاملي، وعد الحر دين عليه.

فأجابه العاملي عصر ذلك اليوم:

لا بأس يا مشارك..

فقد طلبت مني أن أستخرج لك حديث العماء، وشغلتني فيه وفي كتب إمامك ابن تيمية يومين مع أني صاحب خبرة بها، والحمد لله أني ازددت يقيناً بأن الرجل ليس عنده منهجية مطردة أبداً.

ص: 259

وقد أعطيتك عدداً من الموارد التي استشهد فيها بحديث العماء، وسألتك أسئلة أريد جوابها قبل النقطتين الباقيتين..

لأن " قصة العماء " مهمة، لا بد من الوصول فيها إلي نتيجة.

وكتب (مشارك) صباح يوم 6-7-1999:

قد أجبتك علي أسئلتك الآن يا عاملي، فهيا أكمل.

ثم كتب (مشارك) 6-7-1999، صباحاً أيضاً:

أين أنت يا عاملي؟

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 7-7-1999، صباحاً:

ما بالك يا عاملي؟ هل السؤال الخامس صعب إلي هذا الحد؟

ثم كتب (مشارك) ظهر اليوم نفسه:

ها قد انتظرناك كثيراً ولم تكمل فهيَّا، هات ما عندك يا عاملي!!

فأجابه العاملي في عصر ذلك اليوم:

يا مشارك، ما معني هذا الإصرار؟

لقد أجبتك عن حديث العماء بموضوع، وما زال البحث فيه جارياً.. وهناك عدة موضوعات ما زال البحث فيها معك مفتوحاً..

ثم إنك لم تجبني، ولا أجبت غيري علي أكثر أسئلتنا، إن لم نَقُلْ كلها! وكل يوم عندك (عَملة) ضد الشيعة للتهريج، وليس للبحث العلمي، فينبري لك شباب الشيعة، وتنبري لهم بلحيتك وعصاك وتشمر عن سواعدك ولسانك الفصيح المليح!!

ومع ذلك إذا تأخرتُ عليك عن جوابٍ أمرتَ به!

ص: 260

أخذت ترسل البرقيات وتتابع الأوامر!!

سبحان الله.. مع أنك لا تقول بولاية الفقيه علي أهل بلده الذين اختاروه حاكماً! ومع أنك لست فقيهاً والحمد لله..

ولكنك تعتقد أن لك الولاية والأمر والنهي علينا من وراء الفيافي والجبال والبحار؟!!

أسأل الله أن لا يبتلي مسلماً بولايتك وأمرك ونهيك، لأنه لن يجد فرصة ليحك رأسه!

فأجابه (مشارك) بتاريخ 8 – 7- 1999، عصراً:

يا عاملي: بإمكانك أن تعلن عجزك وحيرتك في جواب السؤال الخامس، ولذلك سأطرحه للبقية الباقية، الذين تكالبت عليهم حجج أهل السنة، ولله الحمد.

فأجابه العاملي بتاريخ 9-7-1999، ظهراً:

ما زلنا معك في حديث العماء يا مشارك..

أما إن أردتَّ أن تهرب منه فاهرب. واطرح ما شئت لمن شت، وما أراك إلا ستستنجد بي وبغيري!!

وقد أخطأت في وصف حججك بخطأين:

أولهما: أنك سميتها حجج أهل السنة، وقد أثبتُّ لك بما لا مزيد عليه، أنك تمثل فكر ابن تيمية فقط، وأهل السنة وحججهم وكتبهم ضده، من البيهقي.. إلي السقاف!

وثانيهما: أنك وصفت حججك بأنها " تكالبت "!

ص: 261

وحججك بنظرك حسنة، وهذا وصف مجازي استعاره العرب من تكاثر الكلاب وهجومها علي شخص أو شئ!

فإن قلت: إن وصفك لحججك بأنها " تكالبت " وصفٌ حقيقي.. قبلنا منك حكمك عليها!!

وإن قلت: إنه وصف مجازي استعاره العرب من تكاثر الكلاب، قبلنا منك تبرئة حججك من هذا الوصف.

ولكنك إذا قبلت المجاز لتبرئة حججك، فلمإذا لا تقبله في صفات الله تعالي ولا تفسر يد الله تعالي بقدرته؟ وتخلص نفسك من ضلالة التجسيم، والزعم أن له يداً حقيقية! سبحانه وتعالي عما تصف!

فأجابه (مشارك) بتاريخ 9 – 7- 1999، مساءً:

يبدوا (كذا) أنك لم تستطع التهرب بحجة مقنعة، فاعذرني سأطرح الموضوع للجميع.

فأجابه العاملي 10-7-9991، صباحاً:

كيف تقول حجة مقنعة وتسميها تهرباً؟

فصاحب الحجج المقنعة محق، والمتهرب مبطل؟!

ثم إنك فتحت الموضوع الأخير للجميع، ولكن لم تجبني عن " تكالُب " حججك يا مشارك علي عادتك!!

فأجابه (مشارك) في نفس اليوم صباحاً:

دعك من هذه السفسطة، وأكمل إذا كنت مقتنعاً بعقيدتك!

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 11 –7- 1999، مساءً:

ص: 262

ممكن أن نكمل هنا بالأسلوب الهادئ لو أحببت!

انتهي.

قال العاملي:

ولم يجبه العاملي، وفتح موضوعاً يطالبه فيه أن يجيب عن " تكالبت "، وذلك لأن الوهابيين بنوا عقيدتهم في تجسيم الله تعالي علي إنكار المجاز في القرآن والسنة، بل حتي في اللغة العربية!!

ولذلك تهرَّب مشارك من الجواب، لأنه كيفما أجاب نقض عقيدته!!

ص: 263

السؤال عن الله تعالي بأين و كيف و متي.. سؤال غلط

كتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 29-6-1999، موضوعاً بعنوان (رد زعم ابن تيمية وجود موجودات مع الله تعالي قبل الخلق!!!)، جاء فيه:

المكان والزمان لم يكونا ثم كانا.. بدليل أن لهما آخِر.

والخيط الذي له آخر له أول! فالمكان هو ظرف المخلوقات، والزمان حركتها.. وقد بدأ شريطهما من العدم عندما أوجد الله تعالي ظرفاً وموجوداً فيه متحركاً!

أما هو سبحانه فوجود من نوع آخر ليس من نوع هذا الظرف ولا المظروف ولا الحركة.. إنه خالقها جميعاً، وخالق قوانينها..

ولو كان يخضع لقوانينها لكان مخلوقاً مثلهما!! فكل سؤال يجعله تعالي داخل المخلوقات سؤال غلط.. ولا يوجد في القرآن ولا في السنة أبداً!

وإن رأيته مقبولاً في مصدر من مصادر المسلمين.. فاعرف أنه غريب متسلل! وحديث (العماء) من هذا النوع المتسلل، لأنه يزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قبِل السؤال عن الله تعالي ب- (أين) مع أنه أمر مستحيل!! لأنه تعالي كان قبل الأين والكيف، وهو الذي أيَّن الأين وكيَّف الكيف، ومكَّن المكان وزمَّن الزمان، وخلق المكين والزمين!

وهذا الدليل يكفي للحكم بأن حديث العماء من خيالات أبي رزين، وأن أصله من تصورات كعب الأحبار أو وثنيات العرب!

ص: 264

إنه يزعم أنه سأل النبي صلي الله عليه وآله: أين كان الله قبل خلق الخلق؟ أي قبل جميع الخلق بما فيه المكان والزمان والفضاء والهواء والسحاب.. فكيف يصح أن يقبل النبي صلي الله عليه وآله سؤاله ويقول: كان في عماء، تحته هواء وفوقه هواء!!

فيعترف بوجود الأين والهواء والسحاب قبل الله تعالي أو معه!! والعياذ بالله!

وقد أجاب أهل البيت عليهم السلام عن هذا السؤال، فقال علي عليه السلام لمن سأله: متي وجد ربنا؟ قال له: ويحك أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!!

إن قبول صيغة السؤال بأين عن الله تعالي لا وجود لها في ثقافة المسلمين! وأينما وجدتها فابحث عن أصلها من ثقافة اليهود والنصاري، أو غيرهم!!

إن كل الضلال في مذاهب العقيدة، من عدم التوازن بين (الحمد لله)، و (سبحان الله)! فالجهمية أرادوا (التنزيه) بزعمهم فنفوا أن يكون الله تعالي شيئاً حتي لا يقعوا في التشبيه، فعطلوا، والعياذ بالله!

والمشبهة لله تعالي أرادوا (الإثبات) بزعمهم فشبهوا الله تعالي بالمخلوقات، فجعلوه مخلوقاً والعياذ بالله!

وطريق الإسلام هو حفظ التوازن بين التنزيه وبين الإثبات، يعني بين سبحان الله و الحمد لله، وحفظ هذا التوازن لا يكون إلا بإثبات أنه تعالي شئ لا كالأشياء، ونفي الشبيه عنه كلياً، وهو مذهب نبينا وأهل بيت نبينا صلي الله عليه وعليهم.

أما ابن تيمية فتصور أن صفات الله تعالي كصفات الأشياء الطبيعية، لا يمكن إثباتها لله تعالي إلا بأن يكون سبحانه جسماً لا جسداً!!

ص: 265

فوقع في التشبيه وفي الثنائية بين ذات الله تعالي وصفاته.. فخالفه بذلك جمهور المسلمين وانتقدوه وردوه، وبقي يدافع في ثنائيته التي تخبط فيها بين ذات الله وصفاته!!

وهي شبيهة جداً بثنائية الأب والإبن النصرانية، التي لم يستطيعوا إلي الآن أن يخرجوا منها!!

ومن ناحية أخري صحح ابن تيمية أحاديث التشبيه التي أدخلها المتأثرون باليهود وثقافتهم في أحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله، مثل حديث الحاخام، وحديث أم الطفيل، ونزول الله تعالي بذاته، وحديث العماء وأمثاله، فكانت نتيجة تفكيره: أن الله تعالي جسم! وهو يشبه الإنسان الذي خلقه علي صورته! وأن الإنسان شبيهه وليس مثيله! فوقع في تشبيه اليهود والنصاري، ولم يستطع الخروج منه!!

فكتب (عقيل) بتاريخ 29-6-1999:

الأخ العاملي: حديثك لطيفٌ، ينعش الروح.

لي بعض الإستفسارات. لقد قلت: وطريق الإسلام هو حفظ التوازن بين التنزيه وبين الإثبات، يعني بين (سبحان الله) و (الحمد لله).

فهمتُ علاقة التنزيه وكلمة سبحان الله، ولكن ماذا تعني بالإثبات، وما علاقتها بكلمة الحمد لله.

وكتب (مشارك) بتاريخ 29-6-1999، مساءً:

أشكرك علي ذكر الروايات ولكن كما تعلم فإن الروايات مختلفة والحديث أصله واحد ولو استطعنا الوصول إلي الرواية الراجحة لزال الإشكال الموجود عندك، وهذا ما حدا بي للطلب منك ذكر الروايات، خاصة لو جمعنا هذا

ص: 266

الحديث مع الأحاديث الأخري مثل حديث: كان الله ولا شئ قبله. كان الله ولا شئ معه.

فإذا أردنا الجمع بين كل هذه الأحاديث لعلمنا أن الرواية الصحيحة في البخاري تتحدث أين كان الله قبل أن يخلق السموات والأرض. وبهذا يزول الإشكال يا عاملي.

يا عاملي كيف تريد أن تنقد كلام ابن تيمية وأنت لم تذكر قوله كما قال، بل افتريت عليه ما أنكره هو. أهكذا يكون الحوار العلمي، قد دللتك علي المواضع التي تكلم فيها ابن تيمية علي حديث العماء وهو ينفي هناك ما تريد نسبته إليه هنا، أفلا تتقي الله وتذكر كلام الرجل كما هو لا كعادتك، ثم بعد ذلك أرنا وقفاتك وصولاتك.

فأجاب العاملي مساء ذلك اليوم أيضاً:

الأحاديث التي مضمونها: كان الله تعالي ولا شئ معه.. صحيحة.

وهي منسجمة مع عقيدة الإسلام، لأنها تنص علي وجوده عز وجل قبل جميع الخلق.. فكلمة: ولا شئ معه.. تشمل حتي الزمان.

أما كلمة (كان) في هذه الأحاديث فهي لا تدل علي وجود الزمن معه سبحانه، بل هي ضرورة في التفهيم لأنك لا يمكنك أن تعبر عن وجود موجود حتي قبل الزمان إلا بأن تقول: كان قبل الزمان!!

ولا عما هو خارج الفضاء إلا بأن تقول: خارج الفضاء.

مع أن كلمة: خارج هي للفضاء!!

بل لا يمكنك أن تتصور خارج الفضاء إلا بأنه فضاء!!! وكذا الحديث عن العدم بضمير يعود إليه، أو تصوره بصورة موجودة في الذهن.. إلخ.

ص: 267

إنها جميعاً دلالات علي أن الذهن البشري يصل إلي مرحلة يعرف أن فوقها وجوداً يتعقله، ولكنه لا يمكنه أن يتصوره.

لقد صنع جهازاً، تصوّرَه خصيصاً للعمل داخل المكان والزمان.

أما خارجهما فإن عقله يعمل، ولكن ذهنه يتعطل ويضطر إلي التكيف مع مدركات العقل، فيصورها بصور من عالمه الزماني المكاني!!

ولعمري لو تأملت في هذا الموضوع يا مشارك وأنصفت، لعرفت الخلل في تصور ابن تيمية عن الله تعالي. أما حديث العماء.. فهو ينص علي وجود مكان وسحاب وهواء، وكلها قبل الخلق!!

وهنا يأتي السؤال: إذا كانت هذه الموجودات من الخلق، فالسؤال عما قبل الخلق! وإن كانت من غير الخلق فهي آلهة مع الله والعياذ بالله!!!

الأخ عقيل:

معني: سبحان الله: تنزيهاً له.. وهي كلمة مطلقة، تشمل نفي كل نقص عنه سبحانه، ومن هذا النقص تحديد وجوده في زمان أو مكان خلقهما، أو في أي صفة من صفات المخلوقين المحدودين بالزمان والمكان وغيرهما من الحدود..

وإذا استرسل الإنسان مع إطلاق التنزيه لكي ينفي النقص عن الله تعالي.. يخشي أن يفرط ذهنه في ذلك، وينفي والعياذ بالله وجوده الحقيقي عزوجل، أو صفاته الحسني، أو فاعليته المستمرة في الوجود، في كل آناته وجميع ذراته!!

ومعني: الحمد لله: أن كل موجود يقوم به سبحانه.. والحمد أوسع من الشكر، لأن الشكر علي النعم التي تخصك، والحمد علي كل النعم في جميع الكون.

ص: 268

وإذا استرسل الذهن البشري في فهم فاعلية الله تعالي في الوجود، يصل إلي أن: الذرّة.. تحتوي علي مركز اتصال بالغيب، تتموّن منه بالحياة والحركة.. وإلي أن الأسماءَ الحسني ألوانُ فاعلياته عز وجل في الوجود.. وأن عالم الإنسان الداخلي وعقله وقلبه في تصرف الله عز وجل الدائم.. الذي لا ينقطع...

من هنا يأتيه خطر الإنحراف في التنزيه فيقول: بعدم وجود شئ إلا الله والعياذ بالله، كما قال أهل الحلول ووحدة الخالق والمخلوق!!

أو يأتيه خطر الإنحراف في الاثبات، فيحاول (جرّ) الوجود الإلهي الأعلي من المكان والزمان، إلي وجود من نوع ما هو محكوم للمكان والزمان!

وهذا ما وقع فيه اليهود بسبب ماديتهم التي جعلتهم يثَّاقلون إلي الأرض حتي في تصورهم لربهم عز وجل. وأمتنا الإسلامية اتبعت سنن اليهود حَذْو النعل بالنعل، كما أخبر به الصادق الأمين صلي الله عليه وآله!!

فأجاب (عقيل):

شكراً يا أخ العاملي علي توضيحك. وحقاً هذا هو ربي.

ص: 269

اتباع ابن تيمية تكالبت حججهم.. و تكالبها لا حقيقة و لا مجاز

كتب العاملي في 10-7-1999 موضوعاً بعنوان (حجج مشارك " تكالبت " عليه، فساعدوه ساعدكم الله)، جاء فيه:

أرجو المعذرة من هذا العنوان وهذا التحدي، فقد أجازه الشرع لإثبات الحق وإبطال الباطل.

والقصة هي: أن ابن تيمية وأتباعه يزعمون أن الله تعالي له أعضاء حقيقية! يدان ورجلان ووجه وعينان بل عيون.. إلخ.

وقد تحججوا لذلك بالآيات الكريمة مثل قوله تعالي: يد الله فوق أيديهم. ورفضوا تفسير المسلمين لها بأن معناها: قدرة الله فوق قدرتهم، وقالوا: يجب حمل ألفاظ القرآن والسنة كلها علي المعاني الظاهرية الحقيقية الحسية، والمعني في الآية وأمثالها: أن الله تعالي له يد وهي عضو الجارحة المعروفة!

وعلي هذا بنوا مذهبهم، وأصروا علي التجسيم!! وتورطوا في مثل قوله تعالي: كل شئ هالك إلا وجهه.. وهو معكم أينما كنتم.. وغيرها.. لكنهم ظلوا مصرين!!

وفي بحثي مع مشارك وتهرباته المتواصلة من الأجوبة، ومطالباته المتكررة بأجوبتنا قال في موضوع: " يا عاملي هل لك عقيدة: بإمكانك أن تعلن عجزك وحيرتك في جواب السؤال الخامس، ولذلك سأطرحه للبقية الباقية الذين تكالبت عليهم حجج أهل السنة، ولله الحمد ".

ص: 270

فأجبته: ما زلنا معك في حديث العماء يا مشارك، أما إن أردت أن تهرب منه فاهرب، واطرح ما شئت لمن شئت، وما أراك ألا ستستنجد بي وبغيري! وقد أخطأت في وصف حججك بخطأين... إلي آخره..

فكتب (مشارك):

إن منهجنا في إثبات الصفات قائم علي إثبات ما أثبته الله لنفسه، وأثبته له رسوله صلي الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تكييف، ولا تشبيه ولا تعطيل، مثلاً:

1 - الله عز وجل يَرحم والمخلوق يَرحم، فهل ننفي الرحمة عن الله حتي لا نشبه الله بالمخلوق؟؟

2 - الله عز وجل يقول: الرحمن علي العرش استوي. وأنتم تقولون استوي يعني: استولي، فهل كان العرش في ملك غير الله ثم استولي عليه الله بعد ذلك؟؟؟

3 - تقولون عن الله: ولا يخلو منه مكان، ولا يشتغل بمكان. فهلا فسرت لنا هذه الطلاسم؟؟

4 - يقول عز وجل: يخافون ربهم من فوقهم. وأنتم تنفون هذا لأنه يستلزم عندكم ما يستلزم؟ فهل نصدقكم أم نصدق الله؟

هيا أيها البطل أرنا حججك العقلية التي لو استخدمتها في نقض عصمة أئمتك لما بقي لك دين؟ فعجباً لمن يقدم العقل القاصر في تأويل مئات من آيات الصفات، ثم يقفل هذا العقل أمام الأحاديث الموضوعة والكاذبة في عصمة أئمته ويطلب النقل الكاذب في ذلك. فهيا أرنا ما عندك يا عاملي؟

ص: 271

فأجابه العاملي:

سؤالي محدد وصغير: هل قصدتَّ من كلمة " تكالبت " معناها الحقيقي، أم المجازي؟

وأنصحك أن تجيب بأنها صفة مجازية لكي تسلم حججك من نباح الكلاب! والظاهر أنك لن تجيب علي السؤال إجابة مستقيمة!

فكتب مشارك:

ما هذا الهروب يا عاملي؟

وكتب (العاشر من رمضان):

يا أخ عاملي: منهج أهل السنة والجماعة واضح ومحدد في مسألة الصفات، لأنك بين أحد ثلاثة أمور لا ثالث (الصحيح: رابع) لها عندما تتعرض لآيات الصفات، دعني أضرب لك مثالاً: قوله تعالي: الرحمن علي العرش استوي، أنت الآن بين أحد ثلاثة احتمالات لا رابع لها من حيث القسمة العقلية.

الأول: أن تنفي الصفة تماماً وتقول لا ينبغي أن نصف الله بهذا فتعطل الصفة تماماً، وهذا لا يعقل لأن الله ذكرها ولم يكن ذكره للصفة هزواً ولعباً تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

الثاني: أن تثبت الصفة وتضع لها كيفية فتقول: استوي بالشكل الفلاني وبالطريقة الفلانية، وبهذا تكون قد وقعت في التجسيم والتكييف والتمثيل، وهذا لا ينبغي في حق الله أن نقول استواؤه بالشكل الفلاني، ويده صفتها كذا وكذا.

ص: 272

الإحتمال الثالث: أن تثبت الصفة لأن الله أثبتها في القرآن، ولكن تقول أثبت لله الصفة علي النحو الذي يليق بجلاله وعظمته سبحانه، فلا تنفي الصفة تماماً لأنك لا تستطيع ذلك لأن الله أثبتها، ولا تتجرأ فتبدأ في تكييفها وتشبيهها بصفات البشر، لأن ذلك لا يليق بجلال الله وعظمته، بل تثبتها لله علي النحو الذي يليق بعظمته. ونكمل بعد الصلاة. نصر من الله وفتح قريب.

فكتب العاملي:

ما شئت الآن فَقُلْ..

ما أريده منك فقط هو الجواب هل أن كلمة " تكالبت " في عبارتك حقيقة، أو مجاز؟ أو قل: لا جواب عندي.

وقل رأيك أنت، ولا تقل لي: قال الطلمنكي أو يزيد بن هارون!

(للتوضيح: يقوم مذهب ابن تيمية وتلاميذه علي وجوب الأخذ بالظاهر الحسي للآيات والأحاديث وحرمة تأويلها.. ولكنهم عندما يصلون الي آية تنقض مذهبهم مثل قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم، وكل شئ هالك إلا وجهه.. يستعملون طريقة ملتوية ويحتجون بكلام شخص أولها غيرهم!! وأكثر ما احتج ابن تيمية بتأويلات شخص اسمه يزيد بن هارون والطلمنكي، وأكثر ما يحتج ابن باز بالطلمنكي)!!

وكتب (راشد الإماراتي) بتاريخ 11-7-1999:

الرد علي العاملي: لو كان قول الله تعالي لإبليس: وما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي يحمل علي المجاز، لكان لإبليس حجة علي الله في أن يقول: وأنا كذلك خلقتني بيدك، فلماذا خص الله آدم بالذكر؟؟!!

ص: 273

ثانياً: استخدم الله عز وجل صيغة التثنية في كلمة بيدي الدالة علي الحقيقة، والتثنية لا تجوز في المجاز. وأنا أعطيك مليون سنة وأكثر لكي تأتي بمثال فيه تثنية في المجاز، وابدأ من الآن..

انتهي.

قال العاملي:

أجبته أنا وغيره في موضوع مستقل، بأن اليد في العربية مفرداً ومثني وجمعاً، تستعمل بمعني القدرة والنعمة، مثل: لا أنسي أياديك عندي... لكن الإماراتي أطال في إصراره علي أن يد الله تعالي في آية: يد الله فوق أيديهم، وغيرها، بمعني اليد الحقيقية، وليست مجازاً، ودليله أن اليد وإن استعملت عند العرب مفردة بمعني القدرة والنعمة، فهي لم تستعمل مثنَّاةً بهذا المعني!!

وأخيراً وجد له الإخوة الشيعة شاهداً من شعر العرب، استعملت فيه اليدان بمعني النعمة!!

أما مشارك فغاب ولم يجب هل أن حججه المتكالبة استعمال حقيقي أم مجازي! وذلك لأنه إن قال إنها متكالبة حقيقة، فقد صارت حججه كلاباً حقيقية وسقطت!! وإن قال مجازاً، فلماذا يقبل المجاز في حججه، ولا يقبله في: يد الله فوق أيديهم.. ويقول إنها مجازية بمعني قدرته؟!!

ص: 274

لا يحويه مكان.. و لا يخلو منه مكان..

كتب العالم الوهابي (مشارك) بتاريخ 12-7-1999، موضوعاً بعنوان (سؤال واحد فقط لمن يثبت أن الله بذاته في كل مكان!)، قال فيه:

نعتقد أنا وأنت أن الله كان ولا شئ قبله ولا شئ معه ثم خلق الخلق بعد ذلك - أرأيت كيف الإنصاف - ولكنكم تقولون إن الله في كل مكان، فأين خلق الخلق، وأين وجد الخلق، وأين كان الخلق، إذا كان الله في كل مكان؟

فأجابه (الطالب):

أعتقد أن مفتاح معرفة هذه الأمور هو أن تعرف الفرق بين المجرد والمادي، وما هي أحكام كل منهما، ولا أدري مدي علمك بهذه الأمور؟ فإذا فهمتها وتعقلتها فسوف يسهل علينا محاورتك، والله من وراء القصد.

فكتب (مشارك):

هذا أسلوب جديد في التهرب لم نعهده ولا من العاملي! إذا لم تستطع الجواب فاسكت أفضل لك، أو اسأل عن الشئ الصحيح حتي نجيبك. ما هو تعريف العدم عندك؟

فكتب (طالب العلم):

بما أن هذه أول مشاركة لي فأنا لا أزعجكم إن شاء الله، وأقول لك أيها الأخ المشارك، هل تعتقد أن المكان كان قبل الله تعالي؟ إذا قلت بذلك، فهو أنك قد حدَّدت الله تعالي وهو منزه عن ذلك؟!

ص: 275

وأعتقد أن سؤالك هو كما سئل الأئمة من قبل، فقد سئلوا إذا كانت الجنة عرضها السماوات والأرض فأين النار إذن، إذا قدرت أن تجيب علي هذا السؤال، فأنا أعتقد أنك أهل للحوار، وإلا فسأتركك من البداية!!

وكتب العاملي:

أنت يا مشارك وضعت في ذهنك معني واحداً للظرفية التي تستعمل فيها كلمة [في] وأخذت تسألنا عنه!!

والجواب: أنا لا نعتقد بهذه الظرفية التي في رأسك!

فالظرفية في لغتنا العربية يا عربي، علي أنواع كثيرة.. تقول: مشارك في الغرفة، مشارك في الشبكة، مشارك في الصلاة، مشارك في همٍّ وغَم، مشارك في تسبيح، مشارك في ورطة، مشارك في لجاجة... إلخ.

إن (في) تستعمل لحضرتك بعشرين معني، وأنت تريدها تعبيراً عن صلة الله تعالي بمخلوقاته بمعني الظرفية المكانية! مثل حديث العماء الذي بنيتم عليه عقيدتكم، والذي يزعم أن الله كان قبل خلق المكان في عماء، تحته هواء وفوقه هواء!!!

وكتب (مشارك):

ألهذه الدرجة صعب عليكم هذا السؤال؟

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 12-7-1999:

أرنا إجابتك يا شاطر!

فكتب (مشارك):

وهل عجزتم كلكم يا أبناء الدليل؟

ص: 276

حسناً.. لماذا لا تسألوا (كذا) المعدوم الموجود في جابلقا أو جابرسا أو جنة الهورقلياء، كما يزعم شيخكم الحلولي.

فكتب (حازم لؤي):

لا أظن أن مسلماً قط يقرأ القرآن الكريم ويتناسي وصف الله سبحانه وتعالي ذاته بقوله تعالي: فأينما تولوا فثم وجه الله. وقوله تعالي: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. وقوله تعالي: هو معكم أينما كنتم. فهل يكون الله سبحانه جسماً ولا يخلو منه جهة أو مكان، كما هو صريح القرآن، سبحان الله عما تصفونه أنتم يا معشر المجسمة.

ص: 277

وكتب (مشارك) بتاريخ 12-7-1999، موضوعاً آخر بعنوان (تناقضات أهل الحلول والإتحاد وعباد العدم)، قال فيه:

ما أكثر حسرة وتيه الفلاسفة الذين ضلوا في هذا الباب، لأنهم اعتمدوا علي عقولهم القاصرة في هذا الباب، والذي يتأمل كلام العاملي يضحك والله علي مثل هذه الإعتقادات، وأنا أتحداه أن يجيب علي هذا السؤال: تزعمون أن الله في كل مكان، فهل تثبت وجود الله داخل جسمك أم لا. إن قلت: نعم فأنت من أهل الحلول والإتحاد، وإن قلت: لا، فأنت كاذب في دعواك أن الله في كل مكان!

فأجابه العاملي بتاريخ 13-7-1999:

في كم مكان فتحت هذا الموضوع؟! فما هذا الولع بالتهريج؟

لقد أجبتُك في مكانين وهذا الثالث، وهذا يناسب اعتقادك بالتثليث: الله، والمكان، والزمان، اللذان يحتاج إليهما في أصل وجوده، بزعم إمامك ابن تيمية! لأن وجوده عنده مادي، في مكان محدود!! وكل ذلك هرباً من مقولة أنه موجود في كل مكان، وكأن [في] عنده وعندك بمعني واحد لا تستعمل بغيره، وهو الدخول الحقيقي في الشئ علي نحو الحلول أو التمازج!! لله ذهنك ما أوسعه يا مشارك!

فعندما نقول رأيت مشاركاً في كتابه، يعني أن حضرتك بلحمك ودمك مخلوطٌ بكتابك؟!! وعندما نقول: رأيت الله في بديع خلقه، فهل معناه رأيت ذاته بعيني؟!

ص: 278

إن [في] في اللغة العربية للظرفية، والظرفية تختلف باختلاف الحالات والأشياء، وقد تصل إلي ثلاثين وجهاً.. كل هذا في المادة!!

أما في مَنْ هو فوق المادة سبحانه، فإن [في] بالنسبة إليه بمعني يناسب وجوده ولا يناسب المادة!! وإنما نستعملها فيه، لأنه ليس عندنا ألفاظٌ تناسب حقيقة صفته وحالته! وبالأحري نحن لا نعرف كيف هو، وكيف صفاته حتي نضع لها ألفاظاً من غير الموجود عندنا، ولذا نشير إليه بما عندنا. وقد ورد أنه لا يوجد من الجنة في الدنيا إلا الأسماء وأن حقيقية المادة هناك نوع أرقي منها هنا، فما بالك بخالق الجنة والعالمين؟!

فكتب (مشارك) في نفس اليوم:

نكمل في عقيدتك يا عاملي.

فكتب (مشارك) ثانية:

نكمل في عقيدتك يا عاملي.

ولكن كم موضوعاً فتحته أنت لكي تتهمنا كذباً وبهتاناً في عقيدتنا؟

وكتب (راشد الإماراتي) بتاريخ 13-6-1999:

الرد علي العاملي: جزاك الله خيراً يا أخي مشارك، كلامك ذكرني بهذا الكلام، وكما قيل كم من أخ لك لم تلده أمك... أخوك الإماراتي يحبك في الله لا غير.

أنت قلت يا عاملي: " وبالأحري نحن لا نعرف كيف هو وكيف صفاته حتي نضع لها ألفاظاً من غير الموجود عندنا.. فنحن نشير إليه بما عندنا. وقد ورد أنه لا يوجد من الجنة في الدنيا إلا الأسماء، فما بالك بخالق الجنة والعالمين؟!! ".

ص: 279

إذن، فما المانع أن تقول: إن الله موجود في خلقه في جسمك وجسم غيرك، لكن بدون أن نعرف كيف، لأنه فوق مجال العقل لإدراكه. تماماً كما نؤمن جميعاً أن في أجسامنا أرواح، ولكن لا نعرف كيفيتها، وهي تخرج من جسم الإنسان فيموت دون أن تسحب شئ (كذا) من لحمه ودمه وعظمه. وبالتالي يكون فرعون علي حق عندما قال: أنا ربكم الأعلي، لأن الله يوجد فيه، وموسي عليه السلام علي الباطل!!!

تعالي الله عما يقودنا إليه كلامك يا عاملي من الباطل.

فأجاب العاملي في نفس اليوم:

مشارك أكثرُ فهماً منك يا راشد، لأنه فهم تعدد معاني [في] والظرفية، وأنها في المخلوقات متعددة فكيف في الخالق؟!! وأنت تصر علي استعمالها بمعني الظرفية المادية والحلول الحقيقي، وتريدنا أن نستعملها بهذا المعني لله!!

سبحانه وتعالي عن تجسيمكم، وتجسيم أساتذتكم محرفي التوراة.

وكتب (الطالب) في نفس اليوم:

لا أدري بأي لغة يجب فيها الكلام حتي يفهم المشارك والإماراتي.

إن كلام العاملي واضح وصريح وليس فيه لبس، فعندما يقول: إن الله تعالي لا يحتويه مكان، والزمان والمكان لا يقيدانه، فالمعني واضح لمن له عقل سليم. والدليل العقلي كما هو يبطل التجسيم، فهو يبطل الحلول. ولكنكما تأبيان إلا أن تنسبا إليه القول بالحلول، وهو لم يذكره.

وعندما نقول: إنا لم نعرف حقيقة الله تعالي، لا يعني أنا لم نعرف عنه شيئاً علي الإطلاق، فكيف لنا أن نعبده؟ بل عرفناه بصفاته الحقة التي وصف بها

ص: 280

نفسه، وبعقولنا التي لم تناقش في البديهيات، وبإرشاد أئمتنا الذين أرادوا لشيعتهم أن يوحدوا الله عز وجل التوحيد الخالص عن الزيف والباطل. والله من وراء القصد.

وكتب (مشارك) بتاريخ 13-6-1999:

أحبك الله الذي أحببتني فيه يا راشد.

وبعد، أيها الرفيق! العاملي: تقول: " وبالأحري نحن لا نعرف كيف هو وكيف صفاته حتي نضع لها ألفاظاً من غير الموجود عندنا.. فنحن نشير إليه بما عندنا، وقد ورد أنه لا يوجد من الجنة في الدنيا إلا الأسماء، فما بالك بخالق الجنة والعالمين؟! ".

إذن لماذا تقحمون عقولكم القاصرة في نفي صفات رب العالمين؟

وأما جدالك في كلمة [في]، فطالما أنك تقصد أن المقصود ب- [في] هنا معني غير المتبادر في الذهن من كلمة [في]، فالمطلوب ببساطة أن تقول: إن الله ليس بذاته في كل مكان، علي المعني المتبادر لكلمة [في].

فهل تستطيع أن تقولها؟

فأجابه العاملي في نفس اليوم:

نحن لا نرضي بإقحام العقل القاصر فيما لا يعلم عن ذات الله وصفاته عز وجل.. بل أنتم الذين أقحمتموه في إثبات الجسم والمكان والزمان والجهة والأعضاء الحسية، وما لكم به من علم إلا اتباع الظن، والوهم، وظواهر المتشابه!

ص: 281

إفهم يا مشارك: مدركات العقل عندنا قطعية وغير قطعية، فغير القطعية لا تغني من الحق شيئاً، سواءً كانت قريبةً من العلم القطعي إلي 99 درجة، أو ظناًّ، أو شكاًّ، أو وهماً، أو خيالاً.. أما القطعيات العقلية والذهنية (البديهيات والكسبيات اليقينية ولوازمها القطعية) فهي حجة لله تعالي علي عباده، وبها يفهم العباد ربهم، وبها أفكر وأصل إلي نتائج، وأناقشك وتناقشني..

ومن هذه اليقينيات أن الله تعالي ليس من نوع المادة، وليس خاضعاً للزمان والمكان وقوانينهما وقوانين ما فيهما، وإلا لكانا معه أو قبله، وكانا آلهةً معه أو قبله! وهذه اليقينية تستلزم نفي صفات المادة عنه، وتنزيهه عن الخضوع لما تخضع.. وتفتح أبواباً من العلم به عز وجل.

يا مشارك: أَثبِت لله تعالي ما شئت مما أثبته لنفسه، ولكن لا تخضع ذاته ولا صفاته لقوانين المادة والأجسام!!

أما أنتم فعندما رأيتم الذين سيطر عليهم هاجس " التنزيه " فأفرطوا في السلوب حتي وصلوا إلي شبيه العدم ومقولات الجهمية.. أصابتكم من أفكارهم ردة فعل، فأفرطتم في الإثبات وجسمتم الله تعالي! لتصوركم أنه لا يمكن إثبات الصفات له إلا بتجسيمه سبحانه! وعندما جسمتم وقعتم في التناقض، لأنكم أخضعتم ذاته سبحانه للمكان والزمان وقوانين المادة!

ثم أردتم أن تعدلوا (المايلة) فقلتم إنه جسم، لكنه لا كيف لذاته وصفاته!! فوقعتم في حيص بيص.. فكيف يكون جسماً تثبتون له الأين والزمان وبقية صفات المادة، ثم يكون كيف ذاته، وكيف صفاته غير مادي؟!!

وهل يكون الإنسان (أكوس) لا لحية له، ثم تكون لحيته عريضة؟؟

ص: 282

أما نحن فلم نقع في نفي الجهميين، ولا في تجسيم المثبتين، وهذا هو التوسط الإسلامي.. ولن تستطيعوا أن تخلصوا من إشكال التناقض في عقيدتكم حتي ترجعوا إلي أهل بيت نبيكم صلي الله عليه وعليهم، الذين ثبت عندكم أنه أمركم بالرجوع إليهم، فلم تفعلوا!

فاهدأ يا مشارك، وأَعد قراءة خطب علي عليه السلام، باب مدينة علم نبيك، قراءة متفهم يريد أن يعرف ماذا يقصد صاحب هذا الكلام، لا قراءة شخص تشبع بروحية ابن تيمية، وهمّه أن يعثر علي كلمة في عقائد الشيعة ليجادلهم بها!

وأما [في] وغيرها من أدوات اللغة وكلمات المخلوقين في ظروف المحيط المادي، فاستعمل ما ثبت وروده منها في ذاته وصفاته تعالي، وفسرها بما يصل إليه عقلك، بشرط أن لا تخضع من هو فوق المادة وقوانينها سبحانه، لظروف خلقه وقوانينها.

وكتب (مشارك) بتاريخ 13-6-1999:

ما زلت في تناقضك وافتراءاتك.

أولاً: نحن لا ننفي الكيف وإنما التكييف، وهو إدراك الكيف، وإذا لم تفهم الفرق بينهما، فارجع إلي موضوعي مع (هادي) طالما أنك أنت مقتنع بكل كلمة في هذا الكلام: " ومن هذه اليقينيات أن الله تعالي ليس من نوع المادة، وليس خاضعاً للزمان والمكان وقوانينهما وقوانين ما فيهما، وإلا لكانا معه أو قبله. وهذه اليقينية تستلزم نفي صفات المادة عنه وتنزيهه عن الخضوع لما تخضع.. وتفتح أبواباً من العلم به عز وجل. يا مشارك: أثبت لله تعالي ما شئت مما أثبته لنفسه، ولكن لا تخضع ذاته ولا صفاته لقوانين المادة والأجسام!! ".

ص: 283

إذن، لماذا تخضع صفات الباري لقوانين المادة ثم تنفيها عنه بعد ذلك. ما الفرق بين ذات الله وصفات الله أيها الشاطر. إذا كنت مقتنعاً أن ذات الله ليست مِثل ولا تشبه ذوات الناس، فلماذا لا تقول أيضاً: إن صفات الله ليست مثل ولا تشبه صفات الناس، لماذا تلجأ بعقلك القاصر إلي وجوب تشبيه صفات الله بصفات الناس، ثم تحكم بعد ذلك بنفيها، لماذا لا تثبتها بنفس الطريقة التي تثبت بها الذات

(صدقني ما زلت أشك حقيقة أنك تثبت الذات!)

ثم ما رأيك في هذا السؤال اللطيف: أين الخلق؟ إذا كان الله في كل مكان!

ثم كتب (مشارك):

سأضطر آسفاً لنقل السؤال للملتقي الإسلامي، وأقول إن الإثني عشرية في (أنا العربي) عجزوا عن الإجابة!

قال العاملي:

وهذه عادة مشارك عندما لا يجد في الجواب نقطة ضعف.. أن يصر علي أنه لم يلق جواباً ويهدد وينقل الموضوع إلي شبكة أخري ولكنه هنا لم يناقش الجواب ولا نقل الموضوع إلي الملتقي العربي كما قال.

ص: 284

كتب (مشارك) بتاريخ 11-7-1999، موضوعاً بعنوان (عقيدة العاملي حسب أسلوب العاملي)، قال فيه:

هذه هي عقيدة العاملي التي لا يستطيع إنكارها إذا استخدمنا أسلوبه الفريد: يدعي العاملي أن الله موجود في كل مكان، وعلي هذا فأنت الله والله أنت، وصدق الشاعر حين قال:

العبد رب والرب عبد يا ليت شعري من المكلف

إن قلت عبد فذاك رب أو قل-ت رب أني يكلف

وإذا مر العاملي بجيفة كلب ميت فهو لا يستطيع أن ينفي أن الله أيضاً موجود داخل هذا الكلب والعياذ بالله، ولذلك فهو لا يستغرب قول الشاعر:

وما الكلب والخنزير إلا إلهنا وما الله إلا عابد في كنيسة

وما المانع في ذلك إذا علمنا أن الله عز وجل يقول: وهو معكم أينما كنتم. وعلي هذا إذا كان العبد هو الرب وكان الرب هو العبد، فيصبح ما قالته حبيبة العاملي: قرة العين، هو عين الحقيقة!

وأما قرة العيون وما أدراك ما قرة العيون، زعيمة فرقة القرتية من فرق الرافضة الإثني عشرية كما صرح بذلك آل طعمة في كتاب مدينة الحسين، وهي تقول في مؤتمر بدشت: إعلموا أن أحكام الشريعة المحمدية قد نسخت الآن بظهور الباب... وإن اشتغالكم الآن بالصوم والصلاة والزكاة وسائر ما أتي به محمد كله عمل لغو وفعل باطل ولا تحجبوا حلائلكم عن أحبابكم إذ لا ردع الآن ولا حد، ولا منع ولا تكليف ولا صد، فخذوا حظكم من الدنيا فلا شئ بعد الممات. مفتاح باب الأبواب ص180.

ص: 285

ملاحظة: إن قلتم إن قرة العيون تركت مذهب الرفض إلي البابية، فنقول هذا يثبت أن الرفض مطية الزندقة، فهي رافضية اثني عشرية سابقاً، بل وكانت تعقد الدروس في النجف!! ولذلك كان دفاعه المستميت عنها وعن الإسماعيلية، فهنيئاً لك هذه الزندقة.

ثم كتب (مشارك) قائلاً:

ذكرنا العقيدة، وبقي أن نذكر اللوازم:

1 - لا يوجد عذاب ولا حساب ولاجنة ولا نار، إذاً كيف يعذب الله نفسه؟ وهل يعقل أن تكون هناك نار، ويكون الله في هذه النار.

" ولا يخلو منه مكان ".

2 - لا يوجد خلق ولا مخلوقين (كذا) لا في القديم ولا في الحديث، ولا حتي نحن لا نعتبر من الخلق إذ طالما أن الله لا يخلو منه مكان، إذاً لا يوجد مكان للخلق.

3 - وبالطبع نستنتج مما سبق أنه لا يوجد مسلم ولا كافر، ولا إبليس ولا عتريس.

4 - أكمل الباقي يا عاملي، فأنت أدري بعقيدتك.

ثم كتب (مشارك):

وهل تستطيعون نفي هذه العقيدة عنكم بدون تقية؟

فأجابه العاملي بتاريخ 11-7-1999:

ص: 286

العجيب من مشارك هذا.. مع أني كنتُ شرحتُ له أن نوع وجود الله تعالي يختلف عن كل المخلوقات الخاضعة للزمان والمكان، فهو سبحانه الذي بدأ شريط المكان والزمان والزمين والمكين وفلقها من عدم!!

ولذا لا يصح أن يسأل عنه بأين وكيف ومتي، وغيرها من أدوات الزمان والمكان، وما فيهما!!

ذلك أن وجوده سبحانه أساساً من نوع فوق هذه كلها.. وأنه يمكن للعقل البشري أن يدرك أصل وجوده، لكن لا يمكن للذهن البشري أن يتصور ذاته سبحانه، حتي مجرد تصور، لأن كل تصور فهو صورة محدودة في ذهنه، وهي غير الله تعالي!

وقد أفهمت مشاركاً أن عدداً من الأشياء يكلُّ الذهن البشري عن تصورها، وقد جعلها الله تعالي آيةً وحجة..

فأنت لا يمكنك أن تتصور ما وراء الفضاء إلا بأنه فضاء، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك، وهي وجود!!

وهذه الحالات تدل علي أن العقل يدرك ويجزم، ولكن الذهن يعجز عن التصور..

فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي، فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!!

إلي آخر ما تكلمنا فيه، وأوردت له الحجج البليغة، والجواهر المضيئة، عن النبي وآله صلي الله عليه وآله.. إلخ.

ولكن.. مشكلة مشارك أن ذهنه مقلِّدٌ لأذهان اليهود، فاليهودي من شدة ماديته لا يستطيع أن يتصور إلا الماديات، ويصر علي أن ربه موجودٌ ماديٌ

ص: 287

محسوسٌ خاضعٌ للزمان والمكان! وإذا قلت له إنه موجود في كل مكان، فمعناه أنه موجود مادي يخضع لقوانين المادة..

يا مشارك: موجودٌ من نوع آخر.. أعلي من الوجود الذي تتصوره، والبشر يدركون أنه موجود ولا يدركون كُنْه ذاته.

ولذا يختلف معني وجوده في كل مكان عن وجود حضرتك، وعن كل أنواع الوجود الفيزيائي، وصلته بالمكان والزمان والمخلوقات (لا بملابسة)، وبعده عنها (لا بمباينة).

لقد تطورت العلوم الطبيعية يا مشارك، وعرفتْ وجودَ أنواعٍ أخري من الضوء والأمواج وغيرها من المخلوقات..

أفلا تستطيع أن تستعين بها علي إقناع عقلك وذهنك بأن وجود الله تعالي من نوع آخر، وتترك الإصرار أن يكون جسماً مادياً يشبه بدن الإنسان، كما قالت اليهود؟!!

ولذا نقول لك: لو كان تصورنا لله تعالي تصوراً يهودياً مثل تصورك، لوَرَدت علينا إشكالاتك، ولكنه سبحانه جل وعلا أن يكون من نوع ما زعمت حلوله، أو ما زعمت الخلو منه، سواء!

فكتب (مشارك):

عفواً يا عاملي.. هذه نظرية جديدة قديمة، أسسها كارل ماركس اليهودي في العصر الحديث، وقديماً أسسها الدهريون: موجود وغير موجود في كل مكان وليس في مكان. محسوس وغير محسوس. مادي وغير مادي عدم وغير عدم...،... صدق العلماء في وصفكم قديماً:

ما أنتم إلا جهمية تعبدون العدم المحض!

ص: 288

وكتب (مشارك) في ذلك اليوم أيضاً:

ولكنك أيضاً لم تستطع نفي الحلولية يا حلولي! فأنت ما زلت تثبت أنه في كل مكان! فطالما أنك أثبت ذلك فيلزمك ما يلزمهم! يا صاحب الأزلام أو الإلزام.

فأجابه العاملي في ذلك اليوم:

دعك من التهريج، وأجبني علي هذا السؤال بنعم، أو لا:

هل تعتقد أن كل موجود لا بد أن يكون خاضعاً لقوانين الزمان والمكان؟

فكتب (مشارك):

وهل تسمي كلام الرفيق الأعظم كارل ماركس تهريج (كذا)؟

أوليس هو القائل: إن الطبيعة هي التي تخلق كل شئ ولا حد لقدرتها، هل هناك فرق بين تعريف الرفيق ماركس للطبيعة، وتعريف الرفيق العاملي لربه؟

ثم تقول إن الله موجود في كل مكان، ولكنه لم يحل في أحد من البشر، ولكن بناء علي تأصيلاتك وتقعيداتك يلزمك أن تقول أن مادة البشر المحسوسة داخلة تحت ذات الله غير المحسوسة، وبالعامية (تيتي تيتي زي ما رحتي زي ما جيتي).

فأجابه العاملي في اليوم نفسه:

مازلت تهرج مع الأسف..

أنا أتكلم عن: قل هو الله أحد، وعن ليس كمثله شئ، وعن (كاف) كمثله، الذي يكفي لو فهمته لبطلان مذهبك.

وأوضح لك عقيدة كل المسلمين ماعدا ابن تيمية ومن شاكله..

ص: 289

وأنت تتحدث عن نظريات الكافر كارل ماركس!!

أنت تتصور أن كل موجود بما في ذلك إلهك خاضعٌ لقوانين المكان والزمان، ومن هنا جاء ضياعك!!

قل لي: هل تعتقد أن الله تعالي فوق قوانين الزمان والمكان، أم لا؟ لماذا تَجبن عن الجواب بنعم، أو لا؟!!

وكتب (مشارك):

هل تسمي أسلوبك تهريجاً؟ أليس هذا هو أسلوبك الذي اعتمدته معي ومع ابن تيمية؟ أتغضب إن استخدمنا أسلوبك مرة واحدة؟ ما الذي تقصده بقوانين الزمان والمكان، وأنت تقول: ولا يخلو منه مكان. أليس هذا هو قول أهل الحلول والإتحاد؟

فكتب العاملي:

يا مشارك.. عندما قبلتَ أن الله تعالي خلق الزمان والمكان، فهذا يعني أنه فوق قوانينهما، لأنه كان قبلهما.

والموجود فوق الزمان والمكان، لا يمكن أن يكون وجوده فيهما من نوع وجودهما، ولا من نوع وجود ما خلقه فيهما..

يعني أن الفارق في نوعية الوجود وقوانينه.. يا فاهم.

يعني موجود فيهما وليس من نوعهما، يا فاهم! لله درُّ ذهنك ما أقواه!

إذا كان معني الوجود عندك محصوراً بالموجود المادي فقط، فأنت لا تؤمن بإله فوق المادة!!

ص: 290

وإذا آمنت به فوق المادة، فلا يصح أن تقيس وجوده فيها بقوانينها، ولا انفراده عنها بقوانينها!!

يا مشارك: الزمان هو حركة المادة، وله آخِر، هو اللحظة التي أنت فيها، أو التي تفرضها..

وما كان له آخر كان له أول! كالخيط عندما يكون له طرف من جهتك يكون له أول، لأنك إذا سحبته انسحب!

فالزمان لم يكن ثم كان.. والمكان لم يكن ثم كان.. وقبلهما كان الأول ولا آخر له سبحانه، وهو الذي بدأ شريط وجودهما ووجود كل المخلوقات فيهما.

وإن فرضته خاضعاً لقوانينهما فقد صار مخلوقاً، ولم يعد خالقاً!!

بل هو مهيمنٌ عليهما وعلي ما فيهما، ومموِّنٌ لجميع ذلك بالوجود والإستمرار.. وهو عز وجل نوعٌ من الوجود أعلي من الجميع، فلا تقِسْه بشئ منها فتَضِلَّ وتهلك!! إنما قالت ذلك اليهود، تأثُّراً بالوثنيات!!

ثم، هل تعرف سبب عجزك عن جوابي؟

سببه أنك إن قلت: لا، وأنه كل موجود يجب أن يخضع لقوانين المادة، فقد خصمت نفسك، وأجبت أنت علي إشكالاتك بنفسك!!

وإن قلت: إنه لا بد أن يخضع لقوانينها، فقد صرحت بأن إلهك مادي، أو كفرت.. وأنت تريد الهرب من الإثنين!! هداك الله إن كان فيك خير!

وكتب (مشارك):

يا عاملي: مهما حاججت، فإنك بإثبات أن الله في كل مكان، فأنت أدخلت العباد داخل ذات الله والعياذ بالله، وهذا ما تحاول أن تؤمن به وتنفيه في نفس

ص: 291

الوقت، وأما نحن فلله الحمد عقيدتنا أوضح من الشمس، لأنها مستمدة من الكتاب والسنة.

فأجاب العاملي بتاريخ 12-7-1999:

لو أني أخذت عقيدتي بالله تعالي من تجسيم التوراة، وجعلت معبودي مثل معبود إمامك ابن تيمية موجوداً مادياً محدوداً يجلس علي كرسي في مكان.. لَصَحَّ أن تقول: كيف يكون في كل مكان، وكيف لا يخلو منه مكان؟! ولكني أخذت عقيدتي من القرآن الكريم: لا تدركه الأبصار، ليس كمثله شئ، قل هو الله أحد.

فآمنتُ أنه سبحانه وجود ليس من نوع المخلوقات، ولا يخضع لقوانين المادة، وأن وجوده في كل مكان لا يوجب الحلول، لأنه وجود أرقي ومختلف نوعياً، فهو وجود مهيمنٌ عالمٌ مدبر!

أعرف أنه موجودٌ ولا أعرف كُنْهه، ولن أستطيع أن أعرف.

أعرف وجودَه، وأن ذاته من نوع آخر غير كل الصور التي ترد علي الذهن البشري المحدود الكليل العليل، المحصور التصور في المادة الخاضعة للزمان والمكان..

ولا أعرف ما هي ذاته، ولا يعرف ذاته إلا هو عز وجل..

فارتقِ بعقلك وذهنك يا مشارك، ولا تصغِّر قدر الله تعالي فتجعله ضمن المكان والزمان، اللذين خلقهما من عدم، وكان قبلهما.

ولا تتبع اليهود الذين صغروا قدره وجادلوه، وعصوه، وقتلوا أنبياءه، وحرفوا كتابه حتي صفاته، وجسموه وجعلوه موجوداً مادياً، والعياذ بالله!!

ص: 292

وكتب الذي سمي نفسه (حقيقة التشيع) وهو وهابي، في نفس اليوم:

جزاك الله خير (كذا) يا أيها العاملي، ها قد نطقت ببعض الحق بقولك:

ذلك أن وجوده سبحانه أساساً من نوع آخر فوق هذه كلها.. وأنه يمكن للعقل البشري أن يدرك أصل وجوده، ولا يمكن للذهن البشري أن يتصور ذاته حتي مجرد تصور، لأن كل تصور فهو صورة محدودة في ذهنه وهي غير الله تعالي!... فأنت لا يمكنك أن تتصور ما وراء الفضاء الا بأنه فضاء، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك وهي وجود!! وهذه الحالات تدل علي أن العقل يدرك ويجزم، ولكن الذهن يعجز عن التصور.. فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي، فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!!

أخي الكريم: ونحن نؤمن بأن الله تعالي له ذات حقيقية لا تماثل ذوات المخلوقات، وله أيضاً صفات تليق بجلاله ولا تماثل صفات المخلوقين، ونحن نثبت فقط ما وصف الله تعالي به نفسه في كتابه من صفات الكمال، وما صفه بها رسوله صلي الله عليه وسلم، وننفي صفات النقص التي نفاها عن نفسه.

فتأمل يا أخي: في عقيدة أهل السنة فإنهم لا يتكلمون في باب الأسماء والصفات إلا بدليل من كتاب أو سنة، ولا يجعلون العقل هو المقياس للنفي والاثبات، لأن العقل قاصر عن إدارك حقيقة تلك الصفات، كما قلت أنت:

فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!!

لذلك أخي العزيز: من قال إن إثبات الأسماء والصفات لله تعالي يستلزم التشبيه له بالمخلوقات، فقد جانب الصواب، لأن التشابه في قدر مشترك قد

ص: 293

يكون من جهة اللفظ وليس الحقيقة، ولكي يتضح لكم الأمر، أضرب مثلين: الأول: هو الجنة، فقد أخبرنا الله سبحانه وتعالي: أن فيها لبناً وعسلا وخمراً وماءً ولحماً وفاكهة وحرير (كذا) وذهباً وفضة وحوراً وقصوراً، وقد قال ابن عباس رضي الله عنه: ليس في الدنيا شئ مما في الجنة إلا الأسماء. فإذا كانت تلك الحقائق التي أخبر الله عنها، هي موافقة في الأسماء للحقائق الموجودة في الدنيا، وليست مماثلة لها... فالخالق سبحانه وتعالي أعظم مباينة للمخلوقات من مباينة المخلوق للمخلوق... إذ المخلوق أقرب إلي المخلوق الموافق له في الإسم من الخالق إلي المخلوق. ثم لنعلم جميعاً أن الله سبحانه وتعالي لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، وأن الذي يستعمل في حقه تعالي هو " المثل الأعلي " وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أولي به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أولي بالتنزيه عنه.

المثل الثاني: مما يدل علي أن الأشياء تشترك في الأسماء وتختلف في الحقيقة، هذا المثل البسيط، وهو: رأس الجمل - رأس الجبل - رأس المال. فهل رأس الجمل مثل رأس الجبل، وهل كلا (كذا) منهما مثل رأس المال.

الجواب: لا، وبهذين المثلين يتبين لنا أن إثبات الأسماء والصفات لله تعالي وإن تشابهة (كذا) في اللفظ لا يلزم من ذلك المماثلة بالمخلوقات، بل نثبت ذلك من غير تمثيل ولا تعطيل. ليس كمثله شئ وهو السميع البصير.

والذين خالفوا أهل السنة في نفيهم الصفات، شُبهتهم في ذلك أن الإثبات يستلزم التمثيل بالمخلوقات، فإذا كان الله تعالي من صفاته: الرضي - والغضب - والكلام - والسمع - والبصر - وإثبات اليدين.. وغيرها من الصفات. فقد شبهنا الله تعالي بخلقه، فلا بد من نفيها من باب التنزيه.

ص: 294

ونرد علي ذلك بما قال تعالي: ليس كمثله شئ وهو السميع البصير. فهي قاعدة مهمة في هذا الباب، وإذا كنتم تثبتون الوجود لله تعالي وتقولون: أن وجوده سبحانه أساساً من نوع آخر.

فكذلك صفاته في الحقيقة من نوع آخر أيها العاملي.

ولو أنكم علمتم وأيقنتم أن الله تعالي ليس كمثله شئ، لا في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، لزال الإشكال وتوهم التشبيه لديكم فليس كمثله شئ، لا في ذاته، ولا صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقية لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقية لا تماثل صفات سائر الذوات.

وكما أننا لا نعلم كيفية الذات فكذا الصفات.. إذ العلم بكيفية الصفة يستلزم العلم بكيفية الموصوف.

فخلاصة الموضوع أن عقيدة أهل السنة هي: إثبات ما أثبته الله له من الصفات والأسماء وما أثبته له رسوله من غير تشبيه ولا تمثيل وتعطيل، ونفي ما نفاه الله عنه وما نفاه عنه رسوله، وما لم يرد فيه النص من القرآن والسنة، فمذهب أهل السنة والجماعة التوقف فيه والتفصيل، فما كان فيه من حق أثبتوه، وما كان فيه من باطل نفوه.

فإن قال سائل: كيف استوي علي العرش؟ قيل له: كما قال مالك وربيعة وغيرهما: الإستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عن الكيفية بدعة، لأنه سأل عما لا يعلمه البشر، ولا يمكنهم الإجابة عنه.

ومثل ذلك: إذا قيل كيف ينزل ربنا إلي سماء الدنيا؟ قيل: كيف هو؟ أي: الله تعالي، فإذا قال: أنا لا أعلم كيفيته! قيل له: ونحن لا نعلم كيفية نزوله، إذ

ص: 295

العلم بكيفية الصفة، يستلزم العلم بكيفية الموصوف. فكيف تطالبني بالعلم بكيفية سمعه وبصره وتكليمه ونزوله واستوائه، وأنت لا تعلم كيفيه ذاته؟!

فهل بعد هذا تنفون جميع الصفات الواردة في القرآن والسنة النبوية لمجرد شبهة التجسيم التي تصورتموها في أذهانكم، ولقد وصل الحال بأن جعلتم الله تعالي كالعدم ليس له صفة، وأنتم تعلمون الله تعالي.. لا يمكن للذهن البشري أن يتصور ذاته حتي مجرد تصور، لأن كل تصور فهو صورة محدودة في ذهنه وهي غير الله تعالي!... فأنت لا يمكنك أن تتصور ما وراء الفضاء إلا بأنه فضاء، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك وهي وجود!!

وهذه الحالات تدل علي أن العقل يدرك ويجزم، ولكن الذهن يعجز عن التصور.. فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!! لقد نطقت بكلام جميل يا أخي العاملي.. يكتب بماء الذهب... لقد رددت علي نفسك.

إضافة: قد ذكرت أنت في ردك السابق علي جواز رسم الأنبياء والصحابة، قولك: وقد تفنن أحد الرسامين الشيعة فرسم صورة معبود ابن تيمية، فتي أمرد يجلس علي عرش في السحاب، ويحمل عرشه أوعال ونسر وأسد وثور.. فمن أرادها من أتباع ابن تيمية أعطيناه اسم الرسام ليشتريها منه!!

فما الذي جعل الرسام هنا يرسم الله تعالي معبود بن تيمية ويمثله بما ذكرت، إلا أنه تصور ذات الله وصفاته ومثلها بما يراه في الواقع من صفات المخلوقين، ونرد عليه بما سبق.

وقولك: لا يمكن للذهن البشري أن يتصور ذاته حتي مجرد تصور، لأن كل تصور فهو صورة محدودة في ذهنه وهي غير الله تعالي!.... فأنت لا يمكنك أن

ص: 296

تتصور ما وراء الفضاء الا بأنه فضاء، ولا تتصور العدم إلا بصورة في ذهنك وهي وجود!! وهذه الحالات تدل علي أن العقل يدرك ويجزم، ولكن الذهن يعجز عن التصور.. فإذا كان الذهن عاجزاً عن تصور ذات بعض مخلوقات الله تعالي فهو أحري بالعجز عن تصور ذاته سبحانه!!

نسأل الله تعالي أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويزقنا اجتنابه.

فأجابه العاملي بتاريخ 12-7-1999:

ابن تيمية يثْبِت لمعبوده: الجسم، والشبيه، والأين، والأعضاء، والحركة.. إلخ. فهل تثبت ذلك أم تنفيه؟

وأرجو أن تجيبني عن سؤالي: هل أن معبودك موجود داخل الزمان والمكان، أم خارجهما؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 12-7-1999:

يا عاملي، بإمكانك أن تسألنا عن عقيدتنا ما شئت في موضوع مستقل، ولكن في هذا الموضوع نحن نتحدث عن عقيدتك عقيدة الحلول والإحاد، وبالمناسبة هل تعرف الفرق بينهما؟

أجبنا علي هذا السؤال يا عاملي، ودعك من الهروب الزئبقي:

هل المكان الذي توجد فيه ذاتك توجد فيه ذات الله، أم لا توجد؟

وكتب (مشارك) أيضاً:

وسؤال آخر خفيف لطيف ظريف يا عاملي: نعتقد أنا وأنت أن الله كان ولا شئ قبله ولا شئ معه، ثم خلق الخلق بعد ذلك - أرأيت كيف الإنصاف -

ص: 297

ولكنكم تقولون أن الله في كل مكان، فأين خلق الخلق، وأين وجد الخلق، وأين كان الخلق، إذا كان الله في كل مكان؟. سؤال لبقية الإثني عشرية: هل توافقون العاملي في عقيدة الحلول والإتحاد هذه، أم لا؟

ثم كتب (مشارك):

يبدوا (كذا) أنكم جميعاً علي نفس عقيدة زنادقة الباطنية والجهمية!

فأجابه العاملي:

أولاً: أعيد جوابي لك في موضوعك الذي فتحته لهذا السؤال:

لقد حفرت في ذهنك يا مشارك معني واحداً (للظرفية) التي تستعمل فيها كلمة [في] وعنه تسألنا!!

والجواب: أنا لا نعتقد بهذه الظرفية التي في رأسك!

فالظرفية في لغتنا العربية يا عربي علي أنواع كثيرة.. تقول: مشارك في الغرفة، مشارك في الشبكة، مشارك في هَمٍّ وغَم.. إلخ.

إن [في] تستعمل لحضرتك بعشرين معني، وأنت تريدها تعبيراً عن صلة الله تعالي بمخلوقاته بمعني الظرفية المكانية، مثل حديث عمائكم؟!!

ثانياً: ما هذا التهريج علينا قبل أن نجيبك وقبل أن تفهم منا؟!

أنت في بعض حالاتك تطلب العلم والفهم وتكون هادئاً، لكنك تندم بسرعة وتعود إلي شخصيتك الأخري؟!!

تذكُر عندما طلبت مني بيان عقيدتنا بأسلوب التهريج والصراخ، ثم عدتَ إلي الهدوء.. واعتذرت عن أسلوبك.. وقبِلنا عذرك.. فلماذا لا تفتأ ترجع إلي هذا الأسلوب؟!

ص: 298

ثالثاً: كتبتُ لك عدداً وافراً من أحاديث النبي صلي الله عليه وآله، وخطب أمير المؤمنين وسيد الموحدين بعد رسول الله، ومؤسس علم التوحيد في الإسلام، وقد تضمنت فقرات عن نوع وجود الله تعالي في كل مكان، ومباينته لكل مكان ومكين وزمان وزمين.. فهل الآن عرفت أن هذا من عقائدنا، وكأنك وجدت حربة مهمة تضرب بها ذات اليمين والشمال، وأعلي وأسفل!! أعيد لك بعض ما كتبت لك:

قال الصدوق رحمه الله في كتابه التوحيد ص 107:

حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله عن آبائه عليهم السلام قال: مر النبي (صلی الله علیه و آله) علي رجل وهو رافع بصره إلي السماء يدعو، فقال له رسول الله: غض بصرك، فإنك لن تراه. وقال: ومرَّ النبي (صلی الله علیه و آله) علي رجل رافع يديه إلي السماء وهو يدعو، فقال رسول الله: أقصر من يديك، فإنك لن تناله.

وفي الكافي: 1/93:

علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن علي، عن اليعقوبي، عن بعض أصحابنا، عن عبد الأعلي مولي آل سام، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن يهودياً يقال له: سبحت، جاء إلي رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقال: يا رسول الله جئت أسألك عن ربك، فإن أنت أجبتني عما أسألك عنه، وإلا رجعت؟ قال: سل عما شئت. قال: أين ربك؟ قال: هو في كل مكان، وليس في شئ من المكان المحدود. قال: وكيف هو؟ قال: وكيف أصف ربي بالكيف والكيف مخلوق، والله لا يوصف بخلقه. قال: فمن أين يعلم أنك نبي الله؟ قال: فما بقي حوله حجر ولا غير ذلك إلا تكلَّم بلسان عربي مبين: يا سبحت إنه رسول الله!

ص: 299

فقال سبحت: ما رأيت كاليوم أمراً أبين من هذا! ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله.

وفي نهج البلاغة: 2/99:

ومن كلام له عليه السلام: وقد سأله ذعلب اليماني، فقال: هل رأيت ربك يا أمير المؤمنين؟ فقال عليه السلام: أفأعبد ما لا أري! فقال: وكيف تراه؟! فقال: لا تراه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الإيمان، قريب من الأشياء غير ملامس، بعيد منها غير مباين، متكلم لا بروية، مريد لا بهمة، صانع لا بجارحة، لطيف لا يوصف بالخفاء، كبير لا يوصف بالجفاء، بصير لا يوصف بالحاسة، رحيم لا يوصف بالرقة، تعنو الوجوه لعظمته، وتجب القلوب من مخافته... إلي آخر ما كتبتُه لك.

أيها المستفهِم: هذا الموضوع العظيم الدقيق يحتاج إلي فهم وتعقُّل، وهل تعرف الفرق بينهما؟

وقبل ذلك يحتاج إلي نية و جدّية، فهل تعرف الفرق بينهما؟

فاخرج من حالة التهريج إلي الهدوء، لكي تستطيع أن تفهم، إن شاء لك الله ذلك. واعلم أن أصل مصيبتك من فرض الظرفية في صفات الله تعالي كالظرفية في الماديات!!

وكيف يصح في الوجود غير المادي أن تستعمل له الظرفية المادية؟! بل الظرفية فيه مجازية، فهي نوع آخر، نوع شمول وجوده وهيمنته تعالي، يعبر عنها ب- [في] لإيصال المعني إلي الذهن!

ص: 300

لقد روي صاحبك عن ابن عباس أن الجنة لا يوجد منها في الدنيا إلا الأسماء، يعني عندما يقول الله تعالي فيها (رمان) فهو يعني ثمراً (جَنَّتياً) وأن أقرب شئ لتوضيحه لكم من محيطكم: ثمر الرمان!

هذا في المخلوقات يا مشارك، أما في خالقها، فالأمر أعظم!

ومعني [في كل مكان] أنه تعالي موجود بنوع من الوجود، أقرب تعبير عنه من لغتكم [في]!!

تأمل شرح الظرفية فيما قدمت لك من أحاديث وخطب!

وخلاصة الكلام: أنا نقول بتنزيهه سبحانه عن صفات المادة وأدواتها، وأنه موجود مهيمن يصح التعبير عنه مجازاً ب- [في]، ولا نعلم كيفية كونه في الكون، لأن ذلك من صفاته التي هي كذاته غير مادية!!

ولكن المصيبة فيكم يا مشارك، حيث فرضتم وجوده تعالي مادياً محدوداً بالأين والأعضاء، وتريدون جعل كيفياته غير مادية!! فوقفت سفينتكم وأذهانكم!! لأنكم تريدون أن تثبتوا للمادة صفات ما فوق المادة!!

فكتب (مشارك):

هل الرفيق كارل ماركس من الإثني عشرية؟ لأنه يقول بنفس القول! لماذا لم تجب علي هذا السؤال! وسؤال آخر خفيف لطيف ظريف يا عاملي: نعتقد أنا وأنت أن الله كان ولا شئ قبله ولا شئ معه، ثم خلق الخلق بعد ذلك - أرأيت كيف الإنصاف - ولكنكم تقولون إن الله في كل مكان، فأين خلق الخلق، وأين وجد الخلق، وأين كان الخلق، إذا كان الله في كل مكان؟ والسؤال الذي قبله!

ص: 301

فأجاب العاملي:

أنا علي يقين أنك لو قرأت جيداً لفَهِمْت..

كان الله تعالي ولم يكن معه شئ، لا مكان ولا زمان ولا مخلوق، وقولن

[كان] لبيان المعني فقط!

ثم خلق الخلق في مكان وزمان، فهو داخل فيه لا كشئ في شئ داخل، وخارج عنه لا كشئ من شئ خارج!

وأي تصور تصورتَه غير ذلك فقد حددته في مكان وزمان، فإن كنت تعتقد غير هذا فقُلْ، ولا أظنك تفعل، لأنك تبحث فقط عن باب للإشكال علي عقيدتنا، ولا تفهم الحل، وليس عندك حل!!

وأخيراً: أقول لك للإفحام وإظهار زيف أفكارك:

حسناً، سلمنا أن تصورنا هذا لله تعالي غلط وزندقة، كما يحلو لك، فما هو التصور الصحيح؟

قلْهُ لنا بسطر أو سطرين، ولا تقُص وتلصق من كلام إمامك، الذي هو حروف عربية.. وأفكار عجمية!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 13-7-1999:

لم أري (كذا) وصفاً أبلغ من هذا للعدم.. أيها الرفيق العاملي!

ولا أظنك تفهم شيئاً مما ذكرت، المشكلة الأساسية عندكم أنكم تظنون أن هذا الكلام ثابت عن أئمتكم ولذلك تقدسونه، ويشهد الله أن من تدعونه أئمة يبرئون (كذا) إلي الله من عقيدتكم الفاسدة التي زورها عليهم أمثال المفضل والقداح.

ص: 302

نحن نثبت أن الله عز وجل فوق الخلق مستوي (كذا) علي عرشه بائن من خلقه، قال تعالي يخافون ربهم من فوقهم. وقال: الرحمن علي العرش استوي. وقال: تعرج الملائكة والروح إليه. وإذا كان الله في كل مكان، فلماذا في حادثة الإسراء والمعراج عرج به إلي السماء؟ هل أجد عندك الإجابة؟

فكتب العاملي:

يعني أنك تعتبر أن كل وجود غير جسم، فهو عدم!

أو كما تخيَّل إمامك لا يمكن إثبات الصفات الإلهية إلا لجسم!!

أما نحن فنعتقد أن وجوده سبحانه يستحيل أن يكون جسماً، لأنه سيخضع للزمان والمكان اللذين خلقهما، وفي نفس الوقت فإن وجوده سبحانه أقوي من وجود كل المخلوقات!

لقد سيطر علي ذهنك نوع الوجود المادي، فلا تريدون تصور وجود من نوع آخر.. وهذه عينها مادية اليهود.. وهي عينها ذهنية الجائع..

يقولون له: واحد زائد واحد، كم يساويان؟ فيقول: رغيفان!! ويسألونه: القمر ماذا يشبه؟ فيقول الرغيف!!

أنت تعرف معني النور الحسي، فإذا قيل لك يوجد نور النور، فتقول يعني أنه نور، فيقال لك: لا، ليس من نوع الشعاع الذي تعرفه، ولكنه نوره الذي منه يتنور.. فلا تكاد تصدق!!

هذا مثل بسيط لمشكلتك الذهنية، ولهذا غضبت عندما قال لك الأخ (الطالب) لا بد أن تعرف معني المادي، ومعني المجرد عن شكل المادة وصفاتها!!

ص: 303

أرجو أن تتأمل قوله تعالي: الله نور السماوات والأرض. ثم قال: مَثَلُ نُورِهِ. ولم يقل: مَثَلُهُ!!

وتتأمل قوله تعالي: ليس كمثله شئ. ولماذا لم يقل: ليس مثله!!

وكتب (مشارك):

هل تعرف ماذا قال عمرو بن عبيد عندما سمع حديث ابن مسعود: حدثنا الصادق المصدوق؟ وهل ستقول مثل قوله؟ لماذا تهربت من بيان عقيدتك، وتفسيرك للآيات في السؤال الخامس؟ لماذا لم تجب علي حديث الاسراء والمعراج؟

والسؤال: لماذا تفرقون بين الذات والصفات؟ ونحن نؤمن أن الله ليس كمثله شئ وهو السميع البصير، ليس مثله شئ سبحانه وتعالي.

فكتب (عقيل) بتاريخ 13-7-1999:

أخي العاملي: والله إنك تُفهم الحجر، ولو نطق الحجر.. لقال: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.

مشارك: سلاماً..

فكتب (الشمري) بتاريخ 14-7-1999:

قست القلوب فلم تمل لهداية تبَّاً لهاتيك القلوب القاسية.

رحم الله والديك يا عاملي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19-7-1999:

لماذا تتهرب من الإجابة، يا عاملي؟

فأجابه العاملي بتاريخ 19-7-1999:

ص: 304

العجيب أنك تسمح لنفسك بالإصرار علي أني لم أجِبْك!!

إن غرضك من سؤالك: أن القول بأن الله تعالي إن كان لا يحويه مكان، ولا يخلو منه مكان، فهو موجود في الهواء والجبال وفي لحمنا ودمنا!!

وقد أجبتك بأن السؤال عن الله تعالي بهذه الطريقة وهذه الصيغة غلط، لأن السؤال يستبطن افتراض أن وجوده عز وجل من نوع وجود الماديات، وأنه خاضع لقوانين الزمان والمكان ولمعني الظرفية فيها!

وعلي هذا الأساس وبهذا الشرط تسأل عنه، وهذا غلط!

فلا بد أن يكون الجواب ببيان خطأ صيغة سؤالك، ورفض الجواب الباطل الذي تريد انتزاعه بصيغة سؤالك الخاطئة!!

وجوابي مأخوذٌ من جواب أمير المؤمنين عليه السلام لمن سأله: متي كان الله تعالي؟ فقال له: ويحك أخبرني متي لم يكن، أخبرك متي كان!!

إن سؤالك يا مشارك هو من نوع سؤال شخص يقول لك: يا مشارك عرفت أنك أسود البشرة من السنغال، فمن أي مدينة منها أنت؟!!

أجب أجب أجب، ولا تهرب!

وقد شرحت لك بما لا مزيد عليه أن عقيدتنا أن السؤال عن الله تعالي بأي أداة من أدوات الزمان والمكان غلط، إلا أن يكون السؤال بذلك مجازياً.

بينما سؤالك عن المكان الحقيقي والظرفية الحقيقية، يا فاهم!!

وختاماً إليك هذه النكتة: أصيب شخص بالواهمة والخوف من الدجاجة! فكان يعتقد أنها تتصوره حبة حنطة وتريد أن تأكله! فكان كلما رأي دجاجة يهرب منها ويصرخ!! وعالجه الطبيب وأقنعه بأنه إنسانٌ وليس حبة حنطة، ولا

ص: 305

يمكن للدجاجة أن تأكله.. فاقتنع وشفي. وبعد مدة عادت إليه حالته! فأخذوه إلي الطبيب، فقال له: ألم أشرح لك... واقتنعت؟!

قال: نعم يا حضرة الدكتور أنا مقتنع، ولكن الدجاجة غير مقتنعة!!

فهل تريدني يا مشارك.. أن أقْنِع الدجاجة؟!!

فكتب (عقيل) بتاريخ 19-7-1999:

زادك الله من علمه يا عاملي. المثل الأخير كان في الصميم.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19-7-1999:

ولماذا إذن تنكر الصفات يا شاطر بحجة الزمان والمكان، طالما أنك تقول: أن الله عز وجل لا تطبق عليه مفاهيم الزمان والمكان، أليس هذا تناقضاً يا شاطر؟

فأجابه العاملي بتاريخ 19-7-1999:

ومن ينكر صفات الله تعالي من المسلمين، يا مشارك؟!!

دَعَكُم من هذا السيف الباطل الذي رفعتموه ضد المسلمين، فصرتم تتهمون كل من لم يقل بتجسيمكم بأنه ينفي الصفات!!

وملأتم كتبكم ووسائل إعلامكم بوصف أنفسكم بالمثبتين، ووصف غيركم بالنفاة!!

إن ذهن الطفل الصغير يتصور أن ربه موجود مادي، لكي يستطيع بزعمه أن يثبت له الصفات التي يُعلِّمها إياها أبواه..

فإذا كبر قليلاً عرف أن (عالمَ) الله تعالي مختلف تماماً عن عالم المادة والطبيعة، لأنه سبحانه كان قبلها وأنشأها من عدم، ويكون بعدها!

ص: 306

وهي تفني وهو يبقي!!

وأنتم ما زلتم في ذهن الأطفال: تقولون أثبتوا صفات الله.. أثبتوا صفات الله.. أثبتوا صفات الله.. فلا بد أن يكون جسماً في مكان من العالم وله أعضاء.. إلي آخر عقيدة اليهود والتلمود!!

ومن لم يَقُلْ ذلك فهو بزعمكم جهمي معطِّل، ينفي صفات رب العالمين ويكفر به!!

لقد انكشف للمسلمين أن تهُمتُكم لهم بالمعطِّلة والجهمية (سيف خشبي) وانفضح أمرها. فنحن وجميع المنزهين من المسلمين، نثبت له سبحانه كل الصفات الحسنة، وكل ما جاء به رسوله صلي الله عليه وآله، بأعمق من إثباتكم.. ولكن موضوع الصفات عندنا هو ذاتُه ووجوده الأعلي من المادة، وعندَكم.. ذاتُه المادية، التي ابتليتم بالقول بها!!

وأخيراً: خذها مني صادقةً يا مشارك:

أُقسم لك بالله تعالي أنك في شك من عقيدتك، وأنك متحير في يد الله العضو التي تزعمها: هل هي بلا كيف، أم هي بكيف لا نعرفه!

وأنك ستبقي في دوامة التناقض بين تجسيمك لله تعالي من جهة، وبين نفي الكيف عن أعضائه وبدنه من جهة.. حتي يهديك الله إليه إن كنت أهلاً، أو تلقاه فتعرف في أي بئر وقوقعة كنت!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 20-7-1999:

ما هذا الكلام العلمي يا عاملي: والله الذي لا إله إلا هو أنا مستيقن من عقيدتي ولله الحمد، التي تأخذ بما في الكتاب والسنة وكلام السلف الصالح، ولا أشعر فيها بأي تناقض ولله الحمد، وأما أنتم فتناقضاتكم لا تنتهي وتفرقون

ص: 307

بين الذات والصفات بلا حجة ولا برهان، وتفرون من التجسيم إلي التعطيل إلي الإلحاد والعياذ بالله.

فأجابه العاملي:

حسناً.. عرفنا أن دليلك علي إثبات اليد والأعضاء لله تعالي، هو أنك تحمل ألفاظ آيات الصفات وأحاديثها علي المعني الحقيقي لهذه الأعضاء وترفض المجازي.. فهل تقول إنها بلا كيف، أم لها كيفٌ.. لا تعلمه؟ وما هو دليلك؟

وكتب العاملي بتاريخ 21-7-1999:

عسي خيراً يا مشارك؟

انتهي.

قال العاملي:

وغاب مشارك ولم يجب! لأنه لا يعرف أن يد معبوده لها كيف، أم هي بلا كيف!!

ص: 308

اصحاب الأذهان المسطحة.. يتهمون المسلمين بأنهم ينفون صفات الله تعالي
اشارة

كتب (محب السنة) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 4-12-1999، الحادية عشرة والربع ليلاً، موضوعاً بعنوان (سؤال للشيعة فقط: هل تثبتون هذه الصفات لله تعالي أم تنفونها عنه) قال فيه:

هل تثبتون صفة الحياة والعلم والقدرة لله تعالي، أم تنفونها عنه؟

قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

فكتب العاملي، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

سؤالك يا أخ محب السنة: هل تثبتون صفة الحياة والعلم والقدرة لله تعالي أم تنفونها عنه؟

والجواب: أن جميع المسلمين متفقون علي إثبات هذه الصفات له تعالي، ولكن البحث في نوعية الإثبات وتصوره في أذهانهم. فأتباع ابن تيمية يتصورون أن إثباتها يتوقف علي القول بالجسم والأين.

ونحن وباقي المسلمين نقول لا يتوقف علي ذلك، لأن الأين والكيف من صفات المكان والزمان، وهو تعالي أيَّن الأين وكيَّف الكيف، فوجوده من نوع فوق الطبيعة الخاضعة لقوانين الزمان والمكان.. ولذا قال النبي صلي الله عليه وآله في جواب اليهودي الذي سأله: هل ربك يحمل العرش أم العرش يحمله، فقال صلي الله عليه وآله: تعالي ربي أن يكون حالاً أو محلاً!!

وكتب (محب السنة) في اليوم التالي، السابعة مساءً:

ص: 309

المخلوقين (كذا) لهم حياة وعلم وقدرة. ألا يعني أن من يثبت هذه الصفات لله تعالي مع أنها تثبت للمخلوقين أن يوصف من يثبتها لله تعالي بأنه مشبه ومجسم؟

فكتب العاملي، التاسعة مساءً:

حياة المخلوقين يتفاوت معناها، فكيف ب- (حياة) الخالق.. سبحانه وتعالي عن ضعف المخلوقين، والخضوع لمكانهم وزمانهم؟!

يروي عن ابن عباس أنه قال: إن الجنة ليس فيها من الدنيا إلا الأسماء.. ففاكهة الرمان فيها نوع من الفاكهة، أقرب اسم في الدنيا لتقريبها إلي أذهانكم هو الرمان.

وحياته وعلمه وقدرته تعالي هي صفات من نوع وجوده الذي هو فوق المادة، وليست كصفات المخلوقين، وإن صحت عليها هذه الأسماء.. ليقرِّبها سبحانه إلي ذهننا.. فهو تعالي ليس كمثله شئ لا في ذاته ولا في صفاته.

هل توافق علي هذه الجملة الأخيرة؟

وكتب (محب السنة)، التاسعة والنصف مساءً:

أوافق علي كل ما قلت يا عاملي، وهذا هو ما نقوله في صفات الله تعالي وتتهموننا من أجل ذلك بالتجسيم، ما عدا العبارة التالية فلم أفهم معناها وهي قولك: " هو فوق المادة ".

فأجابه العاملي، العاشرة مساءً:

الحمد لله أننا اتفقنا، وحبذا لو ثَبَتَّ علي هذا الكلام، لأن ابن تيمية يقول شيئاً آخر تماماً!!

ص: 310

معني أن الله تعالي فوق المادة: أنه ليس من نوع المادة، ولا خاضع لقوانين الزمان والمكان.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 6-12-1999، العاشرة صباحاً:

ابن تيمية لا يخرج كلامه عما أثبته، لكن ربما حمله بعض من لا يفهم كلامه ما لا يحتمل من المعاني الباطلة. وحبذا لو ذكرت لنا مثلاً من كلام ابن تيمية مما تراه يناقض ما اتفقنا عليه.

فكتب العاملي، الحادية عشر والربع صباحاً:

لعلك اطلعت علي مناقشاتي السابقة في هذا الموضوع في: أنا العربي و هجر. وهذه إحدي فقراتها:

معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون

قال في كتيب الإستقامة ص 126:

فإن عامة أهل السنة وسلف الأمة وأئمتها لا ينفون عنه الأين مطلقاً!!! لثبوت النصوص الصحيحة لصريحة عن النبي (صلی الله علیه و آله) بذلك سؤالاً وجواباً فقد ثبت في الصحيح عنه أنه قال: للجارية أين الله؟ قالت: في السماء. وكذلك قال ذلك لغيرها. وقال له أبو رزين العقيلي: أين كان ربنا قبل أن خلق السماوات والأرض؟ قال: في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء، ثم خلق عرشه علي الماء ومن نفي الأين عنه يحتاج إلي أن يستدل علي انتفاء ذلك بدليل...!!!... وأورد له العاملي بعض ما تقدم من تصريحات ابن تيمية...

ثم قال العاملي:

ص: 311

أما الأحاديث الضعيفة وغير المعقولة التي أقام عليها ابن تيمية عقيدته فهي كثيرة، وكلها صححها، ومنها: حديث العماء. ومنها: خلق الله آدم علي صورته. ومنها: أحاديث العرش التي تشبه نصوص التوراة.. إلخ.

هذا يا محب السنة غيض من فيض من تجسيم ابن تيمية، ويكفي في إثبات ذلك عليه تصحيحه لحديث العماء وبناؤه عقيدته عليه!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 7-12-1999، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

إذا كان شيخ الإسلام ابن تيمية يؤيد قوله بالدليل، فما تعيب عليه؟

ثم إن كنت تري في قوله تجسيماً، فذلك لأنك تظن أن الاتفاق في الإسم يعني الإتفاق في حقيقة الصفة، وهذا يخالف ما اتفقنا عليه.

فكتب العاملي بتاريخ 7-12-1999، الثالثة ظهراً:

كيف توافق علي أن الله تعالي لا يخضع لشئ من قوانين المكان والزمان، لأنه خالقهما.. ثم توافق ابن تيمية علي أنه يوصف بالأين، وبالمكان (الجهة)، وأنه جسم، وأنه كان قبل أن يخلق الخلق في عماء فوقه هواء وتحته هواء!

والعماء هو: السحاب، أي الغيوم.. وليس شبكة سحاب!

وأن كل ما قاله أحبار اليهود من تجسيم.. فهو صحيح!

وما هو موجود في التوراة المحرفة الفعلية عن الله تعالي وجلوسه علي كرسيه والحيوانات التي تحملها.. فهو صحيح!!

فأي أينٍ وكيفٍ ومكانٍ يتحدث عنه ابن تيمية والأحبار والتوراة، ويجعلون معبودهم فيه؟

ص: 312

هل هما الزمان والمكان المعروفان؟! أم يوجد مكان وزمان غيرهما؟!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 8-12-1999 الحادية عشرة مساءً:

الإشكال الذي عندك يا عاملي سببه أنك تقيس صفات الله بصفات البشر، وهذا القياس جري في ذهنك وإن ظننت أنك تنزه الله.

أما الأين فهذا ثبت به الحديث الصحيح في أكثر من موضع، والله تعالي يقول: أأمنتم من في السماء. يخافون ربهم من فوقهم. إني رافعك إلي، والأدلة أكثر من أن تحصر.

أما ابن تيمية فهو لا يحتج بالتوراة المحرفة لكنه يقر ببقايا الوحي التي في التوراه ودليله علي ذلك: تصديق القرآن لها فأصل التوراة من الله تعالي، وإن نفيت هذه الصفات فيلزمك نفي القدرة والحياة والعلم، لأن المخلوق له مثل هذه الصفات والذي تظنه تجسيماً في كلام شيخ الإسلام توهم ليس إلا، فبين ألفاظ صفات الله ومعانيها وما يختص بالبشر إشتراك في المعني الكلي، أما الحقيقة فالله منزه عن مشابة الخلق. قال تعالي: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

فكتب العاملي بتاريخ 9-12-1999، الواحدة صباحاً:

ما هذا يا أخ محب السنة؟؟

يعني أنك تثبت الأين والمكان والزمان والجسم والشبيه لله تعالي.. ثم تقول هو منزه عن الخضوع لظروف الزمان والمكان وصفات المخلوقين؟!!

وتقول إنه خالق كل شئ حتي المكان والزمان والمكين والزمين..

ص: 313

ثم تثبت له صفة المخلوقين وتقول إنها ضرورية لإثبات صفة الحياة والعلم والقدرة له، وإلا فلا يمكن إثباتها له؟!!

وقد سألتك عن الأين والمكان والزمان التي يوجد فيها الله تعالي عند ابن تيمية.. فأثبتَّ أنها نفس المكان والزمان التي توجد فيها المخلوقات!!

ثم نفيت ذلك في آن؟!!

إذا كنت تقصد معاني كلماتك فهي متناقضة.. وإن قصدتَ معاني أخري من عالمٍ آخر فلا بأس..

ولكن إنفِ ظروف المكان والزمان وصفات ما فيهما عنه تعالي.. حتي لا تظلمه، وحتي لا تقع في التناقض..

علي أي حال أنت تودعنا ونودعك لنتفرغ لشئ من عبادة ربنا عز وجل.. ونسألك الدعاء.. ولكن أرجو وأنت في عبادتك أن تعيد النظر فيما يوجب التشبيه والتجسيم، وتتأمل أكثر في (سبحان الله).. عن أن يشْبًهَ خلقه، وعن أن تكون ذاته أو صفاته خاضعة لما تخضع له ذواتهم وصفاتهم، من محدودية المكان والزمان.. وشكراً.

ثم نشر (محب السنة) موضوعه السابق في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 4-12-1999، الحادية عشرة ليلاً، وبنفس العنوان، قائلاً:

هل تثبتون صفة الحياة والعلم والقدرة لله تعالي أم تنفونها عنه؟

فأجابه (الفاطمي) بتاريخ 5-12-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً: الجواب موجود في شبكة هجر، وشكراً.

ولأي الأمور تدفن ليلاً؟ بضعة المصطفي ويعفي ثراها؟

ص: 314

وكتب (السبطين) بتاريخ 5-12-1999، الواحدة ظهراً:

الحمد لله أننا لا نثبت التجسيم لله كما تقولون وتسمونها صفات، كالإنبطاح والعين واليد والمشي والهرولة واللهاة والشم، وغيرها من أمور التجسيم الذي تضحك منه الثكلي!!!

حب آل البيت قربه وهوأسمي الحب رتبه

والذي يبغضهم لا يسكن الايمان قلبه

علمه والنسك رجس عسل في ضرع كلبه

لعن الله عدو الآلِ إبليس وحزبه

وكتب (اللواتي)، الرابعة عصراً:

الأخ محب السنة:

إن الصفات التي ننسبها إلي الباري عز وجل هي جميعها عين الذات، فنحن لا نقول بأن هذه الصفات من القدامي، كما قالت بعض فرق المسلمين. ولكن العقل النظري لا يدرك الكمال المطلق، فيصف لنا الصفات حسب إدراكه البسيط. فيقسم الفلاسفة الصفات إلي:

1 - صفات تنتزع من مقام الذات، فهناك صفات ذات تنتزع عند التأمل في الذات الإلهية (القدرة، الإرادة، الإختيار...).

2 - صفات منتزعة من مقام الفعل (محي، مميت، رازق …).

فكل الصفات هي من عين الذات لا كثرة فيها، وهذه المفاهيم المحدودة انتسبت إلي الله بسبب العقل الإنساني الذي هو عاجز تمام العجز عن إدراك الكمال والإطلاق. فالله تعالي هو مبدأ واحد لا تعدد فيه بأي لون. فإذاً ما يفهمه

ص: 315

العقل من الكمال موجود لدي المبدأ الأعلي، ولكن ما يفهمه من الكمال المحدود فهو هناك مطلق.

فكتب (محب السنة)، السادسة مساءً:

أنا سألت مجرد سؤال والإجابة تكون بنعم أو لا، وتبين لي من ردود بعض الزملاء أنهم لا يرغبون بالنقاش العلمي الجاد، بل يميلون إلي تحويل النقاش إلي تبادل اتهامات.

قال العاملي:

واكتفي الاخوة الشيعة بتحويله علي نقاشاتهم لموضوعه في شبكة هجر.

ص: 316

هل يقال لله سيد؟

كتب (سليل المجد) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 3-12-1999 الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (مجرد سؤال للرافضة)، قال فيه:

هل يقال لله سيد، مع ذكر الدليل؟

أسلم تسلم، والسلام.

فكتب العاملي، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

جواب للناصبي: ورد في مصادرنا في الأدعية تعبير: يا إلهي وسيدي. وورد في مصادر السنيين علي لسان عمر في قصة بني قريظة عندما طلب منهم النبي صلي الله عليه وآله أن يحضروا سيدهم، قال لهم عمر: قولوا سيدنا الله!!

فكتب (سليل المجد)، الثانية عشرة مساء:

الشكر لأهله.

أسلم تسلم، والسلام.

فكتب له العاملي بتاريخ 4-12-1999، الواحدة صباحاً:

شعارات الإنسان تدل علي تفكيره..

الشكر لله تعالي.. أنا قد أسلمنا بالفطرة بالولادة، ثم بالعقل والدليل، ونرجو أن نسلم من عقاب الله تعالي، ونفوز برضاه، لأنا أطعنا رسوله في اتباع أهل بيته، صلي الله عليه وعليهم..

أما منك ومن أمثالك يا سليل.. فلا يهمنا أن نسلم، أو لا نسلم!!

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 4-12-1999، الثامنة صباحاً:

ص: 317

وينك يالسليل؟ افتقدناك في (شيعة لينك).........

حُرِّرَ الموضوع لمخالفته الشروط. اللجنة العامة

انتهي.

قال العاملي:

ملاحظة:

كان عمر معجباً بثقافة اليهود، وكان يحضر دروسهم كل سبت!

وله علاقات حسنة مع يهود بني قريظة، وقد عرَّبوا التوراة وأعطوه إياها ليعرضها علي النبي صلي الله عليه وآله ليعترف بها!!

وبعد أن حاصر النبي صلي الله عليه وآله حصون بني قريظة أياماً، وجاؤوه للمفاوضة والنزول علي حكمه سألهم عن سيدهم الذي يمثلهم لأنهم حلفاؤه، وهو سعد بن عبادة، وقد أراد النبي اعترافاً منهم بأن سعداً يمثلهم ليحضره ويحكم فيهم.. لأنه كان جريحاً في المدينة، وكان رأيه فيهم سيئاً.. فتصدي عمر، وقال لهم: لا ترضوا بسعد وقولوا سيدنا الله!!

ولكن هذه الحيلة لم تنطلِ علي النبي صلي الله عليه وآله ولم يقبل منهم إلا حليفهم الرسمي، وأرسل في إحضار سعد، وحكم فيهم بقتل المقاتلة وسبي الذرية.. ونزل الوحي مصدقاً لحكمه!!

ص: 318

تفسير قوله تعالي: إلا وحيا أو من وراء حجاب

كتب (مشارك) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 1-10-1999 العاشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (لماذا: أو من وراء حجاب.. يا إمامية؟)، قال فيه:

قال تعالي: وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء.

أجيبوا علي السؤال وفق عقيدتكم في الله عز وجل.

فكتب العاملي بتاريخ 1-10-1999، الواحدة ظهرا:

لا تدل الآية علي ما تريده من تجسيم الله تعالي!!

فالحجاب الذي يكلم الله الرسل من ورائه ليس حجاب ذاته المقدسة..

بل هو حجاب نوره الذي لا يستطيع أن يتحمله البشر..

وأقصي ما استطاع بشر أن يصل إليه ويتحمله هو ما وصل إليه نبينا صلي الله عليه وآله، وهو قاب قوسين أو أدني من مركز الحجب النورانية، ولم يرَ ربه كما زعمتم، بل رأي من آيات ربه الكبري.. وموقف عائشة أم المؤمنين حجةٌ عليكم.. فقد حكمت بكفر من قال: إنه رأي ربه!!

وهذه الأمور والحقائق العظمي فوق قدرة أذهاننا يا مشارك، فلا تقسْها علي الأمور المادية التي تعرفها.. ولا تقِسْ ربك علي الأجسام المادية الخاضعة للزمان والمكان، فتضل ضلالاً بعيداً!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 1-10-1999، الثالثة من بعد الظهر:

ص: 319

إلي العاملي الألمعي: دعك من كذبك وافتراءاتك علي عقيدتنا فما عرفت منك إلا الكذب والتدليس.

إن كانت لك عقيدة توقن بها من غير شك فأجبني، ولا تخلط عقيدتك بالكذب علي عقيدتنا وتتهرب كعادتك. ما زال السؤال قائماً علي ذات الله يا عاملي، وما معها من نور، هل كلاهما من وراء حجاب، أم فقط نور الله هو من وراء حجاب؟ رجاء لا تتهرب كعادتك بالإفتراء علي عقيدتنا وأجبني عن عقيدتكم فقط.

فأجابه العاملي بتاريخ 3-10-1999، الثامنة والنصف صباحاً:

نحن نقول في تفسير الآية.. يا مشارك:

وحياً:

بأن يلقي عليه المعلومات الموحي بها بأسلوب نعرف إجماله ولا نعرف حقيقته، كما كان يوحي إلي نبينا محمد صلي الله عليه وآله.

من وراء حجاب:

هو حجاب لنور تجليه للمخلوق، الذي لا يتحمله ملك ولا بشر، فيخلق الله تعالي بينه وبين الرسول حجاباً، فيفهم عن الله ويعرف ما يريد تفهيمه له وتكليفه به. ويستحيل أن يكون حجاباً لذاته تعالي، لأن الحجاب والمحجوب مخلوقان خاضعان لقوانين الزمان والمكان، والمحجوب بهما كذلك.

ولك أن تلاحظ ما حدث للسبعين رجلاً من بني إسرائيل عندما تجلي الله للجبل فماتوا، أما موسي فصعق، ربما لأن درجة تحمله أقوي منهم.

يرسل رسولاً:

ص: 320

علي صورة بشر فيكلم رسوله، كما ورد عن مجئ جبرئيل لنبينا صلي الله عليه وآله.هذا تفسيرنا، فما هو تفسيرك التيمي.. يا مشارك؟

فأرنا من هو العاجز، والمتخبط؟!

فكتب (مشارك) بتاريخ 4-10-1999، السابعة وعشرين دقيقة مساءً:

عاجز ومتخبط!!!

لنحاول هذه المرة ألا نتكلم علي بعضنا يا عاملي، وسأبدأ من الآن إن شاء الله، جميل منك، أنك لم تتكلم عن مذهبنا هذه المرة، وإنما سألتني عن ذلك. وفي رأيي الشخصي فإني أفضل أن تجيب علي أسئلتي المتعلقة بهذا الموضوع وبإمكانك أن تفتح لي موضوعاً مستقلاً لو أحببت لأجيبك فيه حول هذا الموضوع.

تقول يا عاملي: " عندما تجلي الله للجبل فماتوا، أما موسي فصعق، لأن درجة تحمله أقوي منهم ". فما معني التجلي هنا؟

هل من الممكن أن تزيد المسألة تفصيلاً وإيضاحاً، بخصوص الذات والحجاب والنور لكي أستطيع مناقشتك فيها بشكل أكبر؟

وكتب (أبو زهراء القطيفي) بتاريخ 4-10-1999، التاسعة والنصف صباحاً:

قل لنا يا مشارك أيهما أعظم الله عز وجل أم الروح. فالله سبحانه يقول: ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً الإسراء - 85.

وأنت لا تستطيع أن تري روحك، فكيف تريد أن تري ربك؟!

ص: 321

وكتب العاملي بتاريخ 4-10-1999، الثالثة والنصف من بعد الظهر:

الأخ أبا زهراء.. أما علمت أن معبود الجماعة هو معبود التوراة؟

وهو جسم يري في الدنيا والآخرة؟!!

ومن صغَّر قدرَ ربِّه ولم يقدِّر الله تعالي حقَّ قدره، فجعله خاضعاً لقوانين مخلوقاته.. وفسَّر قوله تعالي: ولا يحيطون به علماً. لكبر جثته.. يسهل عليه أن يدعي أن يحيط بعلم الروح الذي هو من أمر الله، بل ويدعي أنه رآه!!

و يا أخ مشارك.. سأجيبك عن أسئلتك عن مذهبنا إن شاء الله، ولا أريد أن أسألك عن مذهبك، لأني أعرف جوابك..

الذي سرعان ما ينتهي بالمكابرة والسب والشتم!!

معني تجلي الله تعالي لنبيه موسي وغيره:

أنه يخلق في المكان الذي يريده نوراً وجواًّ خاصاًّ، من شأنه أن يرفع مستوي الإيمان والشعور بالله تعالي من مستوي العلم العقلي المجرد (الحدس) إلي مستوي (الحس) أي العلم العقلي والذهني القوي.

وهو حس بالله تعالي عن طريق الحس بظروف التجلي التي خلقها وليس الحس بذاته تعالي.

والدليل علي ذلك روايات أهل البيت عليهم السلام، وأن أي تفسير للتجلي بما يوجب التجسيم يعني إخضاع الله تعالي لقانون محدودية مخلوقاته في مكان وزمان، وهو مستحيل لأنه تعالي ليس كمثله شئ.

وأرجو أن تلاحظ الكاف في " كمثله ".

ص: 322

والدليل عليه من آية التجلي أيضاً، فقد نفي سبحانه إمكان رؤية موسي له، ثم أخبره أنك لا تتحمل رؤية نور أخلقه وأتجلي به، فكيف يتخيل قومك اللجوجون.. الذين هم خيرةُ صحابتِك.. أنهم يمكنهم رؤيتي!!

وإن أردت التفسير التفصيلي للآية.. أوردتُه لك.

فكتب (مشارك) بتاريخ 4-10-1999، الرابعة والنصف عصراً:

قرأت بداية ردك فقط الذي تفتري فيه علينا كعادتك أيها الرافضي، ولم أكمل الباقي. أطالبك بألا تعلق علي مواضيعي بعد ذلك مثلي مثل المقدام، وأرجوا (كذا) ألا تعلق علي مواضيعي بعد ذلك.

فأجابه العاملي بتاريخ 4-10-1999، العاشرة مساءً:

كان ينبغي لك أن تسألني عن إثبات ما قلته عن تجسيم إمامك ابن تيمية.. وأنا حاضر أن أثبته من مصادره!! فإن كان عندك غضب.. فاغضب علي إمامك الذي قبِلَ كل تجسيم التوراة ماعدا عزير ابن الله!!

أما طلبك وطلب (المقدام) أن لا أجيب علي تهمكم وشبهاتكم لأهل البيت ومذهبهم وشيعتهم.. فتقديره يعود لي..

وأحمد الله أني أعرف تكليفي الشرعي والأخلاقي، ولا أحتاج إلي أن يأمرني أو ينهاني مقدام ولا محجام!!

ص: 323

معبودهم.. جسم ينزل و يصعد!! و بقية صفاته..

كتب العاملي بتاريخ 7-7-1999، موضوعاً بعنوان (إلي مشارك: أقنعنا أولاً بمعبودك، ثم بعصمة نبيك، ثم ادعنا إلي التفاصيل!!)، جاء فيه:

أتعجب من أتباع ابن تيمية، وهم بمعني من المعاني (عباد ابن تيمية)، كيف يصرون علي أن معبودهم: جسم.. جسم.. جسم!!

بالنص والحروف والثلاثة!!

وأنه له شبيه هو آدم وطوله ستون ذراعاً!!

وأنه موجود في مكان من الكون محدد يشار إليه!!

وأنه دائماً ينزل ويصعد (ساعده الله)!!

وأنه يصح السؤال عنه بأدوات الزمان والمكان التي يسأل به عن المخلوق ضمن الزمان والمكان!! مثل: أين هو؟ ومتي كان؟ وكم حجمه؟

وأنه كان قبل خلق جميع الخلق راكباً علي غيوم بيضاء (العماء) وتحته هواء وفوقه هواء، وهذه الأشياء كانت معه قبل خلق الخلق، أو كانت قبله!! فمجموع ما كان قبل الخلق عندهم أربعة، لا ثلاثة، فهم أهل تربيع لا تثليث!! والذين يصرون علي أن نبيهم أخطأ أخطاءً كثيرة..

فقد كان يلعن ويسب من لا يستحق ذلك!

وكان يخطئ حتي في تبليغ الأحكام!

أو يبلغ حكماً من عنده لم ينزله الله عليه!!

أو يأمره الله بأمر في آية من القرآن فيخالفه!! حتي قيض الله له شخصاً ربانياً عاقلاً، فكان يصحح له أخطاءه، ويوجهه إلي الخط الصحيح!

ص: 324

ومع ذلك كان النبي يناقشه ولا يعرف قدره! فكانت الآيات تنزل مؤيدة لرأي ذلك الشخص، ومؤنبة للنبي صلي الله عليه وآله!!

هؤلاء الذين لم يعالجوا مصيباتهم وبلاواهم في صفات معبودهم، ولا في صفات نبيهم!

كيف يحق لهم أن ينصحوا المسلمين ويقولوا لهم: قولوا كذا، ولا تقولوا كذا! وهذا العمل فيه شرك، وهذا فيه مخالفة لسنة رسول الله صلي الله عليه وآله؟!!

أيها التيميون المساكين: أصلحوا أولاً عقيدتكم بالله تعالي ورسوله، وأقنعونا بها.. ثم ابحثوا في الإمامة والعبادة والأحكام!!

أما قبل ذلك، فلا يمكن لمسلم أن يقبل شيئاً ولا يرجو خيراً، ممن يعبد جسماً، ويخطِّئ نبيه!!

فكتب (مشارك):

نعوذ بالله من الإفتراء والكذب والبهتان.

ما رأيك يا مراقب الساحة فيمن يصفنا بأننا (عباد بن تيمية)!!!!!

يا عاملي: سألتك خمسة أسئلة، ولم تستطع حتي الآن الإجابة علي السؤال الخامس الذي مر عليه أكثر من خمسة عشر يوماً، فلماذا التهرب، دعنا نكمل هناك، وستري! وإن أنت قد انقطعت بك الحجة هناك، فدع الحجة تنقطع بغيرك في موضوع آخر.

فأجاب العاملي:

ص: 325

قلت: إنكم بمعني من المعاني: (عباد ابن تيمية) وجعلتها بين قوسين، فلماذا جردتها من القيدين، وحملتها إلي المراقب؟!

ونحن وأنتم يا مشارك نروي هذا المضمون: أن من أصغي إلي عالم فقد عبده، فإن كان ينطق عن الله تعالي فقد عبد الله، وإلا فقد عبده هو... إلخ.

ونحن وأنتم نروي في تفسير قوله تعالي: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله.. أن النبي صلي الله عليه وآله قال ما مضمونه: والله ما عبدوهم، ولو أنهم دعوهم إلي عبادتهم لما أطاعوهم، ولكنهم حللوا لهم حراماً، وحرموا عليهم حلالاً فأطاعوهم، فعبدوهم من حيث لا يشعرون!!

فأرجو أيها العالم المحدث، ولعلك تملك لقب (الحافظ) أن تلتفت إلي ما يقال لك! ثم هل هذا هو الشئ الوحيد الذي وجدتَه في كلامي؟!!

فكتب (مشارك):

حسبنا الله ونعم الوكيل. لماذا لم تكمل جواب أسئلة العقيدة يا عاملي.

فأجابه العاملي في اليوم التالي:

وما الفائدة من إجاباتي لك يا مشارك، وأنت ما زلت مؤمناً بحديث العماء وعاجزاً عن الجواب عنه، لأنه يثبت ثلاثة شركاء لله تعالي معه، وربما قبله، والعياذ بالله!!

ثم أنت وإمامك ابن تيمية تزعمان أن معبودكما جسمٌ موجودٌ في مكان وزمان، وتصرَّان علي ذلك رغم كل الأدلة! وتسخران من المسلمين لأنهم يقولون: " لا يخلو منه مكان ولا يحويه مكان ".

ص: 326

ثم إنك لم تجبني ولا غيري علي سؤالٍ.. إلا بالهروب والتحايل والتهمة والصياح والسب، الذي يبدو أنك تركته أخيراً.. والحمد لله!!

أوفِنا شيئاً من قرضنا عليك، حتي نسلِّفك جديداً.. يا مشارك!

ولا يكفي أن تقول لي: أجبني علي أسئلتي وأنا سوف أجيبك بعدها!!

وكتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 7-8-1999 الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (مناظرة مع مشارك حول: أن يد الله هل هي عنده بلا كيف، أم لها كيف لا يعرفه؟!)، قال فيه:

اتِ ما عندك يا مشارك.

فكتب (المشارك)، الرابعة عصراً:

اختر هذه، أو الرزية.

أجاب العاملي، السادسة مساءً:

إذا وافقت علي صيغة النقاش في موضوع منع النبي صلي الله عليه وآله من كتابة وصيته، نبدأ به.

قال العاملي:

وامتد تهرب مشارك شهوراً من بحث موضوع الرزية.. ثم بدأ ببحثه مع العاملي في شبكة الموسوعة الشيعية.. وبعد إفحامه انسحب ولم يكمله!

ص: 327

المجسمون الحشويون.. فقدوا أعصابهم

كتب (التلميذ) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 23-6-1999، الخامسة عصراً، موضوعاً بعنوان (بارك الله فيكم أيها الأخوة.. فالوهابية فقدوا السيطرة علي أعصابهم)، قال فيه:

أحيي الأخوة الشيعة الكرام علي ردودهم العلمية الموثقة علي الوهابية، وكما قلت لكم سابقاً أنهم أصبحوا يحاربون مذهب أهل البيت من خلال عناوين المواضيع التي يطرحونها فمواضيعهم لا تحوي سوي السب والشتم والتجريح بالكلام والإتهام بالزندقة واليهودية والكفر وغيرها..

وقد فقد القوم أعصابهم فأخذوا يأتون بمواضيع قد كتبوها ونشروها في ساحات ومواقع مختلفة وأكثر من مرة يأتون لينشرونها هنا، وعملية القص واللصق عند القوم مستمرة، وأعصابهم وصلت درجة الحرارة فيها إلي 99% وهي قريبة إلي درجة الغليان، وطبعاً هذا الأسلوب هو أسلوب العاجز الذّي يعجز عن مقارعة الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان والدليل بالدليل فيلجأ إلي السب والشتم والفوضي والتضليل والتحايل إلي ما هنالك، ومن يفحَم منهم يغالط ويعد بالرد ثم يهرب كما فعل (محب أهل البيت)، وكما يفعل (مشارك).

وكتب (الدبوس)، السابعة مساءً:

كم أشفق عليك أيها الرافضي الصغير؟ لم تجد موضوعاً تكتبه إلا هذا؟ هذه والله الهزيمة.

وكتب (جميل 50)، السابعة والنصف مساءً:

ص: 328

الأخ التلميذ: بارك الله فيك وظافر الله من جهودك الميمونة والحقيقة أنك هنا تعظ أولئك الذين ما أحسنوا إلا الرمي بالزندقة. والاتهام بالكذب والوضع، ولكن علنا نجد متسعاً من الوقت نسبر فيه الصحاح وغيرها سبر مغوار عنيف، ونعرض ما هناك مما يخيف والله الهادي إلي سواء السبيل.

وكتب (مشارك) بتاريخ 24-6-1999، العاشرة ليلاً:

هل لك أن تجيب علي هذه الأسئلة أيها التلميذ الحصيف:

" النقطة الثالثة: تنقل لنا يا عاملي هذا الكلام في عقيدتك: الإمام الرضا عليه السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد توحيد الصدوق ص 107: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور، قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: قال لي أبو الحسن: ما تقول إذا قيل: لك أخبرني عن الله عز وجل شئ هو، أم لا؟ قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة، قل الله شهيد بيني وبينكم، فأقول: إنه شئ لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه. قال لي: صدقت وأصبت. ثم قال لي الرضا: للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك وتعالي لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريقة الثالثة: إثبات بلا تشبيه.

وأقول لك يا عاملي: أليس هذا هو منهجنا منهج أهل السنة والجماعة؟

أليس هذا هو عقيدتي التي ذكرتها لك:

فإن الفرقة الناجية أهل السنة والجماعة يؤمنون بذلك، كما يؤمنون بما أخبر الله به في كتابه العزيز من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل بل

ص: 329

هم الوسط في فرقة الأمة كما أن الأمة هي الوسط في الأمم فهم وسط في باب صفات الله سبحانه وتعالي بين أهل التعطيل الجهمية وأهل التمثيل المشبهة.

هل تجد فرقاً بين الكلامين؟؟؟

النقطة الرابعة: هل يتناقض المعصومين (كذا)؟

أذكر لك مثالاً علي ما ورد في عقيدتك من تناقض.

1 - الإمام الرضا عليه السلام يعلم تلاميذه الدفاع عن التوحيد توحيد الصدوق ص 107: حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور؛ قال: حدثنا محمد بن جعفر بن بطة قال: حدثني عدة من أصحابنا، عن محمد بن عيسي بن عبيد قال: قال لي أبو الحسن: ما تقول إذا قيل لك أخبرني عن الله عز وجل شئ هو، أم لا؟ قال: فقلت له: قد أثبت الله عز وجل نفسه شيئاً حيث يقول: قل أي شئ أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم، فأقول: إنه شئ لا كالأشياء، إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه. قال لي: صدقت وأصبت. ثم قال لي الرضا: للناس في التوحيد ثلاثة مذاهب: نفي، وتشبيه، وإثبات بغير تشبيه، فمذهب النفي لا يجوز، ومذهب التشبيه لا يجوز، لأن الله تبارك وتعالي لا يشبهه شئ، والسبيل في الطريقة الثالثة: إثبات بلا تشبيه.

2 - أن المأمون لما أراد أن يستعمل الرضا علي هذا الأمر جمع بني هاشم فقال: إني أريد أن أستعمل الرضا علي هذا الأمر من بعدي، فحسده بنو هاشم وقالوا: أتولي رجلاً جاهلاً ليس له بصر بتدبير الخلافة، فابعث إليه رجلاً يأتنا فتري من جهله ما يستدل به عليه، فبعث إليه فأتاه فقال له بنو هاشم: يا أبا الحسن اصعد المنبر وانصب لنا علماً نعبد الله عليه، فصعد المنبر، فقعد ملياً لا يتكلم مطرقاً، ثم انتفض انتفاضة واستوي قائماً، وحمد الله وأثني عليه وصلي

ص: 330

علي نبيه وأهل بيته. ثم قال: أول عبادة الله معرفته، وأصل معرفة الله توحيده، ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، لشهادة العقول أن كل موصوف مخلوق، وشهادة كل مخلوق أن له خالقاً ليس بصفة ولا موصوف، وشهادة كل صفة وموصوف بالإقتران، وشهادة الإقتران بالحدث، وشهادة الحدث بالإمتناع من الأزل الممتنع من الحدث، فليس الله عرف من عرف بالتشبيه ذاته، ولا إياه وحد من اكتنهه، ولا حقيقته أصاب من مثله، ولا به صدق من نهاه، ولا صمد صمده من أشار إليه، ولا إياه عني من شبّهه، ولا له تذلل من بعّضه، ولا إياه أراد من توهمه.

أيهما نصدق: 1 - فمذهب النفي لا يجوز. أو 2 - ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه، أليس بين القولين تناقضاً؟؟؟؟

النقطة الخامسة: نحن نثبت علو الله علي خلقه، وإذا سئلنا: أين الله؟ نقول: في السماء، أي في العلو فوق السموات السبع، ونستدل علي ذلك بآيات وأحاديث كثيرة منها: وسأذكر لك بعض الآيات فقط:

يا عيسي إني متوفيك ورافعك إلي. بل رفعه الله إليه. إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. ياهامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي إله موسي وإني لأظنه كاذباً. أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير.

فما هي عقيدتكم، وكيف تفسرون هذه الآيات، وسنري من يتهرب؟ "

وكتب (عربي 1) بتاريخ 24-6-1999، الحادية عشرة ليلاً:

أيها التلميذ: بارك الله فيك وجعلك من المتصدين لإشكالات المخالفين.

ص: 331

أما أنت يا مشارك.. فأنا أستغرب منك يا رجل!!

وكأن العاملي لم يجبك في موضوعك، بالله عليك..

وكأنك لم تطرح هذه الأسئلة في موضوع عقائد المجسمين في الله.

أعتقد أن حقاًّ ما قاله (التلميذ) بخصوص القص واللزق.

وكتب (مشارك) بتاريخ 25-6-1999، الثانية عشرة ودقيقة واحدة صباحاً:

لا، لم يجب عليها العاملي بعد يا باشا، ولا أنت. فدع التلميذ يجرب حظه.

وكتب (عربي 1)، الثانية عشرة والربع صباحاً:

أنا لست باشا يا مشارك. وأتمني ان تلتزم بالقوانين التي وضعتها أنت في موضوعك إلي الجميع، والتي قلت فيه لا داعي للتنابز بالألقاب وغيرها، وأعتقد أنني لم أسيء إليك حتي الآن ولم ولن أنبزك بأي لقب.

علي العموم بالنسبة للموضوع، فلك الحق في أن تطرحه لأي شخص أردت. والسلام.

فكتب (مشارك)، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

حسناً، ومتي سترد علي يا عربي 1؟

فأجاب (التلميذ)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

إلي مشارك:

1 - إن العقيدة التي ذكرها الإمام الرضا عليه السلام ضمن كلامه وهي: إثبات لا تشبيه.

ص: 332

هي عقيدة الشيعة أتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام وعقيدة أئمتهم وهي العقيدة الصحيحة في الله سبحانه وتعالي، أمّا عقيدتك يا مشارك فهي عقيدة التجسيم والتشبيه، وأنت تقر بها في كلامك أعلاه حيث تقول:

أن الله سبحانه وتعالي فوق في أعلي السماوات، إذاً فهو في مكان (ما) وبهذا أنت جعلت الله محتاجاً للمكان الذي هو فيه، والله غني مطلق غير محتاج لا يحده مكان ولا زمان.

2 - أما عن قولك أن هناك تناقض في كلام الرضا عليه السلام، فأقول: بما أنت حاطب بليل لا تعي ما يقال ولا تدري ما تقول، لم تفهم كلام الإمام الرضا عليه السلام وما يعنيه بقوله: (فمذهب النفي لا يجوز) وما يعني من قوله (ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه).

فالإمام سلام الله عليه يعني في قوله: فمذهب النفي لا يجوز: أي أنه لا يجوز نفي الشيئية عن الله سبحانه وتعالي بمعني أننا نقول عن الله أنه لا شئ وهو واضح من قوله سلام الله عليه في الرواية: إذ في نفي الشيئية عنه إبطاله ونفيه.

وأما معني قوله: ونظام توحيد الله نفي الصفات عنه: فالمراد به أن من توحيد الله سبحانه وتعالي أن لا نقول أن صفاته زائدة علي ذاته بل صفاته هي عين ذاته لأنه لو كانت هذه الصفات زائدة علي الذات لاحتاجت الذات إلي هذه الصفة، والله غير محتاج فلا بد إذاً من أن تكون صفاته غير زائدة علي ذاته بل عينها، وهو نفس المعني الذي يريده الإمام علي عليه السلام في قوله في خطبة له:

... وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله ومن جهله فقد

ص: 333

أشار إليه ومن أشار إليه فقد حدّه ومن حدّه فقد عدّه ومن قال فيما فقد ضمّنه ومن قال علام فقد أخلي منه... إلخ.

وفي الأخير أنا مشفق عليك يا مشارك فما أتيت من باب تريد أن تدخل منه في التشهير بمذهب أهل البيت وشيعة آل محمد صلي الله عليه وآله وسلّم إلاّ رددناك منه خايباً، أما آن لك الإنصياع إلي الحق وترك المكابرة فها نحن " صار حقنا أبلج وباطلك لجج وقذفنا عليه - أي علي باطلك – بالحق فزهق باطلك والحمد لله رب العالمين ".

وكتب (مشارك)، الثانية عشرة والدقيقة الخامسة والثلاثين صباحاً:

أكمل أيها التلميذ النجيب، ودع القوم يطلعون علي بضاعتكم في العقيدة والتفسير إن كنتم ممن يفسرون القرآن، فهيا فسر لنا المقصود من الآيات التي ذكرتها لك ودعك من التهرب واللف والدوران، لتعلم أن الحق أبلج والباطل لجلج بإذن الله، هيا، طالما أنك بدأت فأكمل.

وكتب (حقيقة التشيع)، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

ليس لهم بضاعة في التفسير إلا اتباع الظن وما تهوي الأنفس، وانظر مثلاً إلي قول السيد عبد الحميد المهاجري وهو يحدث الجهلة من أتباعه حول تفسير قوله تعالي في قصة إبراهيم: وفديناه بذبح عظيم. يقول المقصود بالذبح هنا الإمام الحسين، وليس فداء لإبراهيم بل للإسلام والقرآن، ويبرر قوله بان الكبش لا يسمي عظيم (كذا)؟

ص: 334

فانظر إلي هذا الإفتراء الذي أتمني من التلميذ لو بين لنا موقفه من قول المهاجري هذا فهو مدافع عن الحقيقة فهل هذه حقيقتكم وعقيدتكم، وهل قال به آل البيت، أم هو مجرد افتراء من هذا الرجل ولا يمثل قول الشيعة.

ثم أليس هذا يعد من التحريف لكلام الله، فليس التحريف مجرد التحريف اللفظي فحسب بل أن التأويل جزء من التحريف بل هو أشنع منه لأنه تحريف لحقيقة الكلام مع بقاء اللفظ وهو التأويل المذموم الذي حذر منه العلماء. وهو الباب الذي ولجت منه جميع فرق أهل الأهواء وعلي رأسهم الرافضة لهدم الإسلام ومصادمة النصوص أو رد دلالتها. فأف ثم تف لمن كان عقيدته التحريف لكلام الله.

فكتب (التلميذ)، الواحدة إلا خمس دقائق صباحاً:

إلي مشارك:

الحمد لله رب العالمين، لقد ثبت الحجر في فيكَ قليلاً، فلم تستطع أن تعلّق علي النقطة الأولي ولا الثانية.

أما بالنسبة للآيات فأنا أجبت عليها لو كنت تعي ما يقال وتفهمه، ولم ألف ولم أدور (كذا)..

فهذه الآيات لا يمكن أخذها علي ظاهرها لأن أخذها علي ظاهرها يؤدي إلي عقيدة فاسدة وهي إثبات الجهة إلي الله والمكان والحاجة إليه والله منزّه عن كل ذلك، فلا بد من تأوليها بما لا يؤدي إلي مثل هذه العقيدة الفاسدة.

وفي قول أمير المؤمنين عليه السلام إشارة إلي ذلك يقول:... ومن أشار إليه فقد حدّه...

ص: 335

فليس كل آية في القرآن تؤخذ علي ظاهرها، فإذا كان تفسير الآية حسب ظاهرها يؤدي إلي عدم تنزيه الله سبحانه وتعالي فلا بد من تأويلها، فإذا كنت تريد من سردك لهذه الآيات أن تثبت أن الله سبحانه وتعالي فوق وفي السماء فأنت من المجسّمة المشبهة غير المنزهين لله وذلك بأن جعلت الله في مكان وحددته به، والّذي يشغل حيّزاً من المكان هو الجسم والذي يكون في جهة هو الجسم والذي يشغل مكاناً يكون محتاجاً إليه، وأنت تثبت لله تعالي كل ذلك، فأنت مجسّم وغير منزّه لله تعالي.

فلماذا عندما يقول عنك الأخوة بأنك كذلك تغضب وتزعل وتفقد أعصابك.

وكتب (مشارك)، الواحدة صباحاً:

فسر لنا الآيات أيها العالم الهمام، افترض أني مسكيناً (كذا) يريد أن يتعلم التفسير، هل أنت ممن يكتم العلم؟

فأجاب (التلميذ)، الواحدة وعشر دقائق صباحاً:

إلي مشارك:

لقد ذكرت لك تفسير الآيات ضمن كلامي أعلاه، وإن أردت المزيد عنها وعن معناها فعليك بكتب التفسير عند الشيعة وستجد بغيتك، إقرأ تفسير هذه الآيات علي مهلك، وإذا وجدت شيئاً قد أشكل عليك فهمه، فأنا مستعد أن أفهمك إياه، وتأكد سأخدمك في ذلك، فسأشرح لك كل ما يصعب عليك فهمه أذكره لنا هنا ونكون بالخدمة إن شاء الله تعالي.

وما يصير خاطرك إلاّ طيب.

أما أن تريدها بيضة مقشرة - وهي عادتكم - فلا.

ص: 336

إشرَح... وضِّح... أذكُر... بيِّن... فسِّر... كل شئ تريدونه.. جاهزاً، وتحاججون بالمغالطات فقط.

أكرر وأقول: كتب التفسير عند الشيعة كثيرة وإن أردت أن أرشدك علي أسمائها فمستعد لذلك، ولا بأس أن تذكر لنا خلاصة ما قرأته في هذه التفاسير عن هذه الآيات ومدي قناعتك بها، وما هو إشكالك علي تفسيرها إن كان هناك إشكال.

وكتب (مشارك)، الواحدة والثلث صباحاً:

ليس عندي شئ منها أيها التلميذ، فهلاّ كلفت أحد تلاميذك النجباء بذلك. وسؤال: هل أنتم تقولون بقول فرعون في الآية علي موسي: وإني لأظنه كاذباً.. لا تتهم الناس بما أنت أهله.

فكتب (التلميذ)، الثالثة صباحاً:

إلي مشارك:

إنني أفهم من كلامك أعلاه أنك تدّعي أن نبي الله موسي عليه السلام قال لفرعون: إن الله سبحانه وتعالي في السماء، وفرعون أراد من بنائه الصرح أن يصل إلي الله في السماء. وقوله: وإني لأظنه كاذباً: أي أظنّه كاذباً في ادعائه أن ربّه في السماء.

فوالله إذا كان هذا تفسيرك للآية الكريمة، فقد جعلت نبي الله موسي عليه السلام مشبّهاً.

ص: 337

ثم من أين علمت أن موسي قال لفرعون: إن الله في السماء؟ ومن أين علمت أن قول فرعون: وأني أظنه كاذباً.. يعني أظنه كاذباً في قوله بأن الله في السماء؟ فليس في الآية شئ من ذلك.

إضافة إلي كل ذلك، تعال معي لنسمع ما يقول بعض المفسرين من أهل السنة في تفسير الآية فهم لا يفسرونها بشئ مما تقصده أنت. يقول الشوكاني في (فتح القدير) في تفسير قوله تعالي: وإني لأظنه كاذباً، أي: وإني لأظن موسي كاذباً في ادعائه بأن له إلهاً أو فيما يدعيه من الرسالة.

ويقول وهبة الزحيلي - عالم سني معاصر - في تفسيره التفسير المنير عند تفسير قوله تعالي: فأطلع إلي إله موسي: أنظر إليه متأثراً بدين المشبّهة الذين يعتقدون أن الله في السماء لا أنه سمع من موسي عليه السلام. وقال في تفسير قوله: وإني لأظنه كاذباً: لأظن موسي كاذباً في دعوي الرسالة أو في ادّعاء إله غيري. وقال القرطبي في تفسيره في تفسير قوله:

وإني لأظنه كاذباً: أي: وإني لأظن موسي كاذباً في إدّعائه إلهاً دوني.

ومن علماء الشيعة يقول الشيخ الفيض الكاشاني رحمة الله عليه في تفسيره الصافي في تفسير: وإني لأظنه كاذباً: في دعوي الرسالة.

ويقول السيد عبد الله شبّر في تفسيره الجوهر عند تفسير قوله: وإني لأظنه كاذباً: في أن له إلهاً غيري أرسله.

أما أنت أيها المشبّه فتفسر الآية حسب عقيدتك عقيدة التشبيه. هذه بضاعتنا في التفسير وهي بضاعة ثمينة وغالية. وظهر من بضاعته في التفسير زهيدة رخيصة.

ص: 338

أما بالنسبة لكتب التفاسير الشيعية فالمكتبات ملأي بها، فقط تحتاج إلي شئ من الدراهم أو الدنانير، وما أظن من أمثالك لا يملك ما يشتري به مثل هذه التفاسير.

وكتب (عربي1)، الرابعة صباحاً:

جزاك الله خيراً يا أستاذ (التلميذ) لقد أزهقت الباطل. جعلك الله من أنصار الإمام عجل الله فرجه، ولو أني أعتقد أنه لا فائدة، ولكن الفائدة بعيني هي إقامة الحجة عليهم لكي لا يقولوا إنا كنا عن هذا غافلين. السلام علي من اتبع الهدي.

وكتب (عرباوي 4)، التاسعة صباحاً:

الأخ العزيز الأستاذ (التلميذ)، وفقكم الله وحفظكم.

أسال الله أن يجعل لكم في كل حرف تكتبونه ثواباً وفرجاً ونصراً عزيزاً.

أشدّ علي أيديكم، وجعلكم الله ممن ينتصر به علي أعدائه..

جزاك الله خير الجزاء.

وكتب (العروة الوثقي)، العاشرة صباحاً:

أحسنت وبارك الله فيك يا قرة أعيننا (التلميذ)، ورحم الله والديك.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 25-6-1999، الثانية ظهراً:

شكراً كثيراً وتحية زاكية للأخوة (عربي1) (عرباوي4) (والعروة الوثقي). وما نقدمه من نصرة لأهل البيت عليهم السلام ودحض لإفتراءات المفترين عليهم وعلي شيعتهم إلاّ شئ قليل جداً. فغيرنا بذل الدم في سبيلهم كأنصار أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وغيرهم من أنصار بقية الأئمة عليهم السلام، وما عندنا فإنه من الله

ص: 339

سبحانه وتعالي وبسببهم وبركاتهم، ودعوات إمامنا الحجة المنتظر عجل الله تعالي فرجه الشريف.

أخوكم في الدين والعقيدة والمذهب.

وكتب (جميل 50)، الرابعة عصراً:

الأخ الأعز: التلميذ (الأستاذ). السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا أعتقد وانت في هذه المرحلة الطويلة من التجربة أن تغفل عن دهاء القوم! وإنها الشنشنة التي ورثوها خلفاً عن سلف، وأنا مطمئن إلي أن أكثرهم لا يشعرون هذا في أنفسهم، وعلي العموم هنا بدأ يظهر التحيل الصريح.

فمستهل الكلام كان التحدي، وعرض الرواية عن رضا آل محمد كان علي سبيل النقض لا البيان.

ولما جاءه الجواب منك - زاد الله في توفيقك - مشفعاً ببعض التحدي والإشكال عليه، أعرض عنه وكأنك لم تعترضه بشئ واكتفي بأن: بيّن... وضح... فسر.

وهكذا يجعلون انتقادات أهل العلم عليهم أدراج الرياح لا بالإبطال والمناقشة؟!!!!

والمأمول عندي، أن تتخذ الأسلوب العلمي الرصين الذي لمسته شخصياً من الأخ العاملي فلا زال يلاحق الزميل مشارك ببعض الأسئلة التي لم يجب عليها وهذا أكفل الأساليب لحفظ إخفاقاتهم...

وأيضاً هجم هجوم عالم فاهم علي موضوع نفي التحريف، لكتاب العلامة السيد محمد الجلالي.

ولما أجابه الأخ: موسي العلي.. ترك الهامش الذي بدأه بياضاً...

ص: 340

بل دخلت عليه - ولكم أعاني من ضيق الوقت - في موضوع الأئمة الإثني عشر ببضعة استفهامات، غالطني في واحدة منها، ولم يجبني علي البقية وقد رددت عليه المغالطة ولم يدفع بشئ... وما يدريك لعله يزكي.

فرجائي من الأخوة الأفاضل وأنا أصغركم جميعاً أن لا يعطوه مناه في الإنتقال من حريم موضوع إلي آخر قبل أن يجيب علي الإستفهامات ووالله إنه ليزعجه الإستفهام، فمن القديم وهم يهاجمون الشيعة، والشيعة تدافع ولكن لو هوجموا لباؤوا بالفشل الذريع.

فمجاميع الروايات لديهم، ودواوين التأريخ عندهم، وحملة التفسير فيهم.. كلها تنقل الشهادات ذات الوجه الإيجابي للشيعة، والسلبي للسنة.

وقد رأيتم منذ بدأنا معهم: كم من عالم ذكرنا عنه فما وجدوا سبيل (كذا) غير إنكار كونه في عداد السنة، مثل: ابن أبي الحديد.. والتفتازاني..

بل إن المدعو YMS في شبكة الجارح العربية، وفي خضم نقاش قديم أنكر علي علماء الأزهر أن يكون من السنة المعتمد عليهم.. ولقد جمعت كل هذا وسوف أضيف عليه الكثير لأنه مفيد في بيان حقيقتهم في المستقبل.

هذا وآخر دعواهم، أن الحمد لله رب العالمين.

وكتب المدعو (أوتو)، السادسة مساءً:

السلام عليكم أيها الأحبة: من تلميذ تلميذ التلميذ إلي تلاميذ حزب الله، لكم مني كل تقدير واحترام وأشكركم من كل قلبي. دمت حجاجاً لنا. اللهم انصرهم علي أعدائهم النواصب، آمين آمين آمين.

وكتب (مشارك)، الثامنة مساءً:

ص: 341

شكراً علي هذه الإفادات القيمة أيها التلميذ الحصيف، ويبدو أن القوم مسرورين بعلمك الغزير، ولكن كنت أريد ألا أعلق علي كلامك إلا بعد أن تذكر تفسير الآيات، وكنت أريدها من كتبكم التي ليست عندنا ولا تتوفر هنا عندنا بسهولة ودعك من القرطبي والزحيلي، فهلا أكملت لنا تفسيرك بدون تهرب، أنا لا أريد أن أطرح عليك المزيد من الإشكالات كقضية الإسراء والمعراج وعروج النبي إلي السماء السابعة، فطبعاً ستقول لمقابلة الملائكة، ولا يمكن أن نقول أنه عرج به حتي يكلمه الله من فوق سبع سموات لأن ذلك يستلزم الجهة، ولماذا ينزل جبريل بالقرآن من السماء، ومن عند من؟ ومن هم الملأ الأعلي؟ وأين يوجدون؟

أنا لا أريد الآن منك إلا إكمال ما طرحته عليك في السابق:

نحن نثبت علو الله علي خلقه، وإذا سئلنا: أين الله؟ نقول: في السماء أي في العلو، فوق السموات السبع، ونستدل علي ذلك بآيات وأحاديث كثيرة منها، وسأذكر لك بعض الآيات فقط: يا عيسي إني متوفيك ورافعك إلي. بل رفعه الله إليه. إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي اله موسي وإني لأظنه كاذباً. أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصباً فستعلمون كيف نذير. فما هي عقيدتكم، وكيف تفسرون هذه الآيات؟

وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب. وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب.

ص: 342

فها أنت قد علقت علي آيتين وبقيت ثلاثة (كذا)، وبقي أن تذكر لنا عقيدتك بوضوح في هذه المسألة، ثم يكون التعقيب مني علي كلامك كله يا كبير القوم، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب، وسنري من يتهرب.

فكتب (عربي1)، الثامنة والربع مساءً:

الأخ التلميذ:

لتعلم أنني جئت لهذا الرجل بنص تفسير الميزان للآية المباركة في سورة الملك، وها هو يوجه سؤاله لك مرة أخري، لا أعلم لماذا وربما للعب، وأعتقد يا مشارك هناك أسئلة في موضوعنا يجب عليك أن ترد عليها إذا كنت قادراً.

ولا يوجد أي داعي (كذا) للهروب، وشكراً لك، وأنا في انتطارك للإجابة يا مشارك علي أسئلتي في موضوعنا.

وكتب (مشارك)، الثامنة والنصف مساءً:

يا عربي 1: ألم تقل: علي العموم بالنسبة للموضوع، فلك الحق في أن تطرحه لأي شخص أردت.

وكتب (عربي1)، التاسعة مساءً:

صدقت يا مشارك ولك مني الإعتذار، وستعلم أننا لا نتناقض حتي لو طرحت هذا السؤال علي مئة واحد من عقلاء الشيعة.

ولكن بالفعل أريد جواباً لأسئلتي.

وكتب (مشارك)، التاسعة والنصف مساءً:

ص: 343

أنا لا أبحث عن التناقض، وإنما فكرت.. لو اقتنع كبير القوم فستقتنعون أنتم أيضاً. هلا أعدت لي أسئلتك هناك باختصار، يا عربي.

فكتب (عربي 1) بتاريخ 26-6-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ مشارك:

إن الأسئلة موجودة وواضحة في موضوع عقائد المجسمين في الله، وللعلم أن مع احترامنا الكبير للتلميذ وغير التلميذ من العلماء، فهذا لا يمنعنا من أن نسألهم من أين جاؤوا بأي عقيدة بالدليل. وصدقني يا مشارك لا يمكن لأي عاقل أن يتبع الكلام من غير تفحص وتدقيق في ما جاء عن الرسول (صلی الله علیه و آله)

لأن هذه السالفة فيها جنة ونار، مو لعب أطفال.

وعلي فكرة، حاول أن تقنع التلميذ ونحن نراقبكم ونري من يتعصب ومن يسلِّم. مع تمنياتي لك بالتوفيق والنجاح. السلام علي من اتبع الهدي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 27-6-1999، الحادية عشرة صباحاً:

أين أنت أيها التلميذ اللبيب؟ أين أين أين!!!

إن كان فرعون كاذباً، فهل كان محمد صلي الله عليه وسلم كاذباً حين عرج به إلي السماء لأن هذا يستلزم الجهة، هلاّ أكملت لنا عرض بضاعتك الثمينة يا بروفسور، أو هلاّ أذنت لشيعي بسيط من تلامذتك النجباء أن يكمل معي ويفسر لي الآيات من كتب أهل الرفض والتعطيل لأريكم بضاعتكم الكاسدة والفاسدة.

وكتب (FULLMOON)، الواحدة ظهراً:

تحية إلي (الأستاذ) التلميذ، وأحيي صبرك علي بعض الجهال المعاندين الذي ليس لهم في هذا المنتدي سوي السب والشتم والتكفير، ووفقك الله عز

ص: 344

وجل لما فيه الخير والصالح لنا ولهم، ورزقك الله وإيانا شفاعة محمد وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

وتقبلوا منا فائق الإحترام والتقدير لجهودكم النابعة عن السمو الفكري والعلو الخلقي.. وليس كبعضهم من الإنحطاط الفكري ل- (مشارك) والسلام عليكم.

وكتب (عقيل)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

الأخ مشارك: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد أعجبني استشهادك ببعض الآيات القرآنية الخاصة بمكان تواجد الله سبحانه وتعالي. ولكن هناك إشكالية بسيطة سنواجهها مع الآيات الكريمة في حال اعتمادنا علي التفسير اللفظي للقرآن الكريم، وهي تعارض الآيات الكريمة التي ذكرتها مع الآية التالية: ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد. ق - 16، حيث إن هذه الآية تعني عند التفسير اللفظي أن الله يحل في الأجساد البشرية والعياذ بالله.

إلا إذا كان هناك مكان أقرب من ذلك حسب رأيك. لذا يرجي التكرم بإبداء وجهة نظرك بهذا الخصوص وشكراً.

وكتب (مشارك) بتاريخ 28-6-1999، السادسة صباحاً:

لا تعارض في القرآن يا عقيل. وقد سبق أن طرحت عقيدتي كاملة في موضوع حواري مع العاملي، وإن كنت تريد أن تستفسر عن شئ منها فعلي الرحب والسعة وسأجيبك إن شاء الله علي ما تريد، وأما هنا فدعنا نكمل مع التلميذ العجيب.

قال العاملي:

ص: 345

وتهرب مشارك من جواب عقيل بحجة أنه بين عقيدته في بحثه مع العاملي.

ص: 346

سؤالهم: أين الله؟!

كتب (شعاع) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 24-9-1999، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي الشيعة.. أين الله؟)، قال فيه:

مذهب أهل السنة أن الله في السماء أي في العلو وليس معني ذلك أن السماء تحويه ونحوه... ولكنه في السماء حيث لا مكان... وورد ذلك في صحيح مسلم:

فأتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم، فعظم ذلك علي، قلت: يا رسول الله، أفلا أعتقها؟ قال: ائتني بها، فأتيته بها. فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء، قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله. قال: أعتقها، فإنها مؤمنة. ما هو مذهب الإمامية في ذلك؟؟.

فكتب (نبراس)، الثامنة مساءً:

مذهب الإمامية في ذلك: أن الله لا أين له، ولا يسأل: أين الله..

وكتب (شعاع)، الثامنة والربع مساءً:

ولكن الله يقول: أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض. عجيب لكم لا تعرفون أين ربكم؟ باختصار هل هو خارج العالم أم داخله؟ أم ماذا ما هو اعتقادكم في ذلك؟

وكتب (عربي 1)، الثامنة والثلث مساءً:

رأيت ربي بعين قلبي *** فقلت لا شك أنت أنت

أنت الذي حزت كل أين *** بحيث لا أين ثم أنت

وليس للأين منك أين *** فيعلم الأين أين أنت

وليس للوهم فيك كيف *** فيعلم الوهم كيف أنت

ص: 347

أحطت علماً بكل شئ *** فكل شئ أراه أنت

وفي فنائي يفني فنائي *** وفي فنائي وجدت أنت

تمعن في الأبيات حرف (كذا) حرف، وكلمة كلمة.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (عربي 1) أيضاً، الثامنة والنصف مساءً:

وإن كنت مشغول (كذا) ولكن.. ذكر بعض المفسرون (كذا) أن من في السماء.. الملائكة. وقال تعالي: وما أنزلنا علي قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين. اللهم صل علي محمد وآل محمد.

فكتب (شعاع)، الثامنة وأربعين دقيقة مساءً:

نحن نعلم أن كل موجود إما أن يكون داخل العالم أو خارج العالم.. فأين الله إذا لم يكن داخل العالم؟ إن كان لا داخل العالم ولا خارجه.. فهذه صفة لشئ معدوم وليست من صفات رب العالمين..

وكتب (عمار)، الثامنة والخمسين دقيقة مساءً:

من خلق المكان، ومن خلق الزمان؟

فأجابه (شعاع)، التاسعة مساءً:

عمار... أنت تقول أن الله خالق الزمان والمكان...

فيا تري خلق ذلك في ذاته أم خارج ذاته؟

نحن نقول: أن الله خارج العالم حيث لا مكان.. وليس معني كلامنا أنه في السماء أي أنها تحويه أو أنه داخل السماء ونحوه.. والأدلة كلها تشير إلي ذلك..

ص: 348

الرحمن علي العرش استوي. ءأمنتم من في السماء. يخافون ربهم من فوقهم. يا هامان ابني (كذا) لي صرحاً لعلي ابلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي إله موسي أتني لأظنه كاذباً. إني متوفيك ورافعك إلي.

والآيات كثيرة في ذلك.

وكتب (عقيل)، العاشرة مساءً:

يا شعاع: يظهر أن مقدار فهمك هو نفس مقدار فهم فرعون.

بالمناسبة: لقد قال فرعون أيضاً: أنا ربكم الأعلي، فهل تؤمن بصحة كلامه؟ أما آية: ورافعك إلي.. فهل هو رفع مادي أم معنوي؟.

ثانياً: بخصوص تساؤلك: إن كان لا داخل العالم ولا خارجه... فهذه صفة لشئ معدوم وليست من صفات رب العالمين..

إذا كانت الجنة عرضها السموات والأرض، فأين تكون النار؟؟

الأخ عربي: أبياتك لذيذة. تغذي الروح وتشبع العقل. من هو قائلها؟

وكتب (قاصد خير) بتاريخ 26-9-1999، الثانية عشرة ظهراً: أنت يا شعاع خير لك تغير اسمك من شعاع إلي ظلام؟!

لا نامت عيون الجبناء والموت الموت للطغاة.

فكتب العاملي بتاريخ 26-9-1999، الخامسة إلا ربعاً عصراً:

لاحظت أن أتباع ابن تيمية خرجوا عن مذهب إمامهم.. ولم يحفظوا درسهم!!

فهو يعتقد أن معبوده جسم ويؤكد علي صفة الجسم!

وأنه له شبيه هو آدم لأنه خلقه علي صورته!

ص: 349

وله عيون متعددة!!

وأيدي متعددة!!

وله كافة الأعضاء، ماعدا التناسلية! فهو يقسم أعضاء الإنسان إلي ما هي كمال، ويقول بثبوتها لله تعالي، وما هي غير كمال كالفرج فلا يثبتها!!

وأنه موجود في أعلي السماء وليس فوقه شئ، ولكن تحته بقية العالم!

ويحمل عرشه أوعال كبيرة، وربما أسد ونسر وثور!

ويفضل من عرشه أربعة أصابع، يجلس عليها النبي إلي جنبه يوم القيامة!

وأنه قبل العرش كان يسكن في (العماء) وهو الغيم الخفيف الأبيض!

وأن العالم قديم كان مع الله تعالي!

وهو ينزل كل ليلة ويخلو منه العرش!!

وأنه يظهر يوم القيامة ويضع ساقه في جهنم لكي تمتلئ!

وأنه يظهر للمسلمين فلا يعرفونه إلا إذا كشف عن ساقه.. ربما كانت هي التي وضعها في جهنم!

ويقول ابن تيمية: إن جميع صفات التجسيم في التوراة صحيحة!!

والنتيجة أن معبودهم جسم خاضع للزمان والمكان!!

فهو يحتاج إلي من يخلقه!!! تعالي الله عما يصفون ويفترون!

وكتب (شعاع)، الخامسة عصراً:

إلي جميع الشيعة.. سؤالي واضح ولكنه التهرب، فأنتم شبهتم الله بالمعدوم.. فإن كان لا داخل العالم ولا خارجه فهذه ليست بصفة إلا لمعدوم. أقول مرة أخري وأتمني أن يجاوب واحد بكل وضوح:

ص: 350

كان الله ولا شئ معه فخلق الله الخلق.. فيا تري أين خلقهم.. في ذاته، أم خارج ذاته وغير هذه (كذا) الإجابتين محال.. فما هي عقيدة الشيعة في ذلك؟

إلي من جاء بالكذب في الصفات ولفقه علي أهل السنة... من له موضوع في صفات الله فله أن يطرحه في موضوع مستقل، وسوف نشارك فيه نحن والإخوان.

وكتب (نبراس)، التاسعة مساءً:

الله ليس بجسم حتي يسأل أين الله، والتعابير القرآنية فيها النص وفيها المتشابه فاثبت لنا أن ما يدل علي أينية الله - تعالي عن ذلك علواً كبيراً - في القرآن الكريم هو من باب النص لا المتشابه، ونحن نقول أنه من المتشابه ونرجع فيه إلي النص كالآية الكريمة: ليس كمثله شئ.

فكتب العاملي بتاريخ 27-9-1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

إذا لم تستطع أن تفهم يا شعاع أن السؤال عن الله تعالي غلط.. بأين وكيف.. ومتي، وأمثالها من أدوات الزمان والمكان.. فعلي ذهنك العفا! سأل أحدهم علياً عليه السلام: متي كان الله؟

فقال له: ويحك أخبرني متي لم يكن أخبرك متي كان!!

يعني سؤالك عنه بمتي غلط!! وسؤالك عنه بأين.. غلط.

وسأحاول أن أفهمك، إن كان فيك خير وأراد الله أن يسمعك:

المكان له نهاية وله طرف.. مكان غرفتك التي أنت فيها، والأرض التي أنت عليها، والكون..

وما كان له طرف ونهاية فلا بد أن يكون له بداية، يا فاهم..

ص: 351

فالخيط الذي له طرف إن سحبته ينسحب، فله إذن بداية!

وما دام المكان هكذا، فيصح أن يقال عنه (لم يكن ثم كان) يعني:

أن الله قال له كن فكان..

وعندما لم يكن المكان كان الله تعالي، فاسأل نفسك أين كان الله قبل المكان.. لنخبرك أين هو الآن!!!

وكتب (شعاع) بتاريخ 27-9-1999، العاشرة والنصف ليلاً:

إلي العاملي: نحن لا نقول أن الله محصور في مكان أو أن السماء تحويه ونحوه، وصدقت عندما قلت: إن الله كان قبل خلق المكان... ولكن نحن نقول: إن الله خارج العالم وفوق العرش حيث لا مكان... وهذا الذي نقول به ويقول به السلف الصالح... وأنا أسألك سؤالاً... لتوضيح المسألة:

كان الله ولا شئ معه فخلق الله الخلق... فيا تري أين خلقهم في ذاته، أم خارج ذاته، وغير هذه (كذا) الإجابتين محال... فما هي عقيدة الشيعة في ذلك؟ وإن كان لك إجابة غير هاتين الإجابتين فزودنا بها لنقاشها...

فأجاب العاملي، الحادية عشرة ليلاً:

ما قلته يا شعاع هو مذهب المنزهين.. وهو مخالف لمذهب إمامك ابن تيمية!!

فهو يقول: إنه موجود في جهة، وله حدٌّ، ويسأل عنه بأين.. ولا يقول: إنه كان ولا شئ معه.. فافهم مذهب إمامك، وآتني بدليل علي ما زعمت من كلامه رجاء.

وكتب (مشارك) بتاريخ 28-9-1999، الواحدة صباحاً:

لا تستطيع أن تكتب بدون أن تكذب كذب الروافض يا عاملي.

ص: 352

ما أنتم إلا جهمية يا أتباع ابن سبأ وشيطان الطاق.

انتهي.

قال العاملي:

وهكذا، عندما لا يجد خصومنا دليلاً، يلجؤون إلي.. التهمة والسب!!

ص: 353

ص: 354

الفصل الثامن: افتضاح المجسمة الحشوية

اشارة

ص: 355

ص: 356

افتضاح المجسمة الحشوية

كتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 28-6-1999، موضوعاً بعنوان (الشيخ المجسم الحشوي المشبه الوهابي مشارك.. ماذا تقصدون؟؟؟)، قال فيه:

ماذا تقصدون بهذه الأبيات؟

قال الدارقطني:

فلا تنكروا أنه قاعد ولا تجحدوا أنه يقعده

قال بن القيم:

ولا تنكروا أنه قاعدٌ ولا تنكروا أنه يقعده..

لقد مللت من هذا السؤال، فأين الإجابة..؟؟؟

والسلام من الله خير تحية.

ثم كتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 2-7-1999:

أين الجواب أيها المجسمة الحشوية المشبهة الوهابية؟

والسلام من الله خير تحية.

فكتب له مراقب الساحة في اليوم نفسه:

ص: 357

أخي الكريم: عبد الله الشيعي.

نرجو ملاحظة النقطة رقم 26 و 27، من ضوابط ساحة النقاش، لأن موضوعكم يشتمل علي مخالفة للنقطتين أعلاه، ونرجو منكم الإلتزام بضوابط الساحة وشكراً.

كتب (مشارك) في شبكة أنا العربي بتاريخ 2-6-1999، الثانية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (إلي الحشوي عبد الله الشيعي)، قال فيه:

أيها الحشوي الشيعي، يا من تهرف بما لا تعرف، هل أنت مثل فرعون أم مثل موسي: وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحاً لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلي إله موسي وإني لأظنه كاذباً.

فأجابه (القطيف) بتاريخ 25 - 6 - 1999، العاشرة صباحاً:

ليش تسرق كلامي؟! لا تقول هذه الكلمة: لا تهرف بما لا تعرف، فأنت لم تستخدمها إلا بعد أن كتبتها أنا.

المهم يبدو أنك مرة أخري تهرف بما لا تعرف.

ما ردك علي الآية: كل شئ هالك إلا وجهه؟

هل معني ذلك أن الحشوية المجسمة يعتقدون أن الله تهلك أعضاؤه، ولا يبقي سوي الوجه؟!! تعالي الله عما يصفون.

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 26-6-1999، الثالثة والنصف صباحاً:

لماذا الغضب يا مشارك... ألست مجسم حشوي مشبه ووهابي (كذا)؟!

ص: 358

أي تتبع أفكار بن عبد الوهاب؟؟ فاهدأ... وأنا فعلاً أهرف بما لا أعرف، فأنا والله لا أعرف أن لله ساقاً ولا... إلخ.. تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.. السلام من الله خير تحية.

وكتب العاملي في شبكة أنا العربي، بتاريخ 11-7-1999، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي مشارك: هل هذه صفات معبود ابن تيمية؟!)، قال فيه:

هل هذه صفات معبودك يا مشارك؟!

فتي أمرد جعد الشعر

ميزان الإعتدال: 1/593:

عن ثابت، عن أنس: أن النبي صلي الله عليه وسلم قرأ: فلما تجلي ربه للجبل.

قال: أخرج طرف خنصره وضرب علي إبهامه فساخ الجبل.

فقال حميد الطويل لثابت: تُحدِّث بمثل هذا؟!

قال: فضرب في صدر حميد، وقال: يقوله أنس، ويقوله رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأكتمه أنا؟!! رواه جماعة عن حماد وصححه الترمذي.

إبراهيم بن أبي سويد وأسود بن عامر، حدثنا حماد، عن قتادة عن عكرمة، عن ابن عباس مرفوعاً: رأيت ربي جعداً أمرد، عليه حلة خضراء.

وقد يكون له أذن، و قد يكون ممسوح الأذن

فقد تحير الألباني في هذه المسألة وتوقف فيها! راجع فتاواه ص 344.

و قالوا: إنه يمشي و قد يركض و يهرول

ص: 359

فتاوي الألباني ص 506:

سؤال: حول الهرولة، وهل أنكم تثبتون صفة الهرولة لله تعالي؟ جواب: الهرولة كالمجيء والنزول، صفات ليس يوجد عندنا ما ينفيها.

و قالوا: إنه يلبس قباء وجبة، و يركب علي جمل

لسان الميزان: 2/238:

ومما رواه في الصفات له (حدثنا) أبو حفص بن سلمون، ثنا عمرو بن عثمان ثنا أحمد بن محمد بن يوسف الأصبهاني، ثنا شعيب بن بيان الصفار، ثنا عمران القطان، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه مرفوعاً: إذا كان يوم الجمعة ينزل الله بين الأذان والإقامة عليه رداء مكتوب عليه: إنني أنا الله لا إله إلا أنا، يقف في قبلة كل مؤمن مقبلاً عليه، فإذا سلّم الإمام صعد إلي السماء. وروي عن ابن سلمون بإسناد له: رأيت ربي بعرفات علي جمل أحمر عليه إزار! انتهي. ورواه في ميزان الإعتدال 1/512.

و قالوا: إنه يضحك و يظل يضحك

قال النويري في (نهاية الأرب) مجلد 7 جزء 14 ص 292، عن لقيط بن عامر العقيلي - وهو أبو رزين صاحب حديث العماء! - قال:

أتينا رسول الله (صلی الله علیه و آله) لما انصرف من صلاة الغداة فقام خطيباً، فقال أيها الناس: يشرف عليك فيظل يضحك، قد علم أن غوثكم قريب. قال لقيط له: لن نعدم من رب يضحك خيراً. وروي نحوه المنذري في الترغيب والترهيب /434 و 436 و4/503.

و قالوا: منطقه كالرعد، و ضحكه كالبرق

ص: 360

فردوس الأخبار للديلمي 5/366:

أبو هريرة: ينشئ الله عز وجل السحاب ثم ينزل فيه، لا شئ أحسن من ضحكه، ولا شئ أحسن من منطقه، منطقه الرعد وضحكه البرق!

فكتب (مشارك) بتاريخ 11-7 -1999، الواحدة والربع صباحاً:

بدأنا أنا و (هادي2) نقاشاً في مسألة الصفات، تستطيع أن تشاركنا فيه، أو نبدأ أنا وأنت في موضوع مستقل، لو أحببت فهل توافق؟

فأجابه العاملي، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

جزي الله هادياً وجميع الهادين خيراً، وإن لم تجبني علي سؤالي عن " تكالبت حججك " فسأظل أوجه الأسئلة إليك، أو أطرحها موضوعاً بلا سؤال.

وكتب (مشارك)، الثانية إلا عشر دقائق صباحاً:

بإمكانك أن تتهرب كما تشاء لو أردت، ولكن حتي أقفل عليك الطريق، هل ستكمل معي موضوع العقيدة وتجيب علي السؤال الرابع والخامس هناك لو أجبتك علي: تكالبك. أم أنك سوف تتهرب وتأتي بسؤال جديد تتهرب به من إكمال تلك الإجابات بعد أن أحسست بالورطة التي أوقعتك فيها!!

فأجابه العاملي، الثانية وعشر دقائق صباحاً:

سوف أجيبك إن شاء الله عن كل الأسئلة التي في ذهنك، ولكن بعدم إجابتك لي عن أي سؤال، يكون لي الحق أن أختار أسلوب الإجابة.

وكتب (مشارك)، الثامنة والنصف صباحاً:

لم أفهم ما تقصد يا عاملي، ولكن ألم تعِد أكثر من مرة أنك ستكمل تلك الأسئلة، إذاً لماذا تتهرب الآن؟

ص: 361

وكتب (الشمري)، العاشرة إلا ربعاً صباحاً:

أحسنت يا عاملي جزاك الله خيراً.

ما هذه العقيدة يا مشارك؟!

ص: 362

الفصل التاسع: من ردود العلماء السلفيين علي تجسيم ابن تيمية و أئمته التوراتيين

اشاره

عناوين المواضيع:

رد الفخر الرازي

رد ابن حجر العسقلاني

رد الشيخ محمد أبو زهرة

ص: 363

ص: 364

رد الفخر الرازي

كتب العاملي في شبكة أنا العربي بتاريخ 14–7-1999، موضوعاً بعنوان (من ردود العلماء السلفيين علي تجسيم ابن تيمية وأئمته التوراتيين)، جاء فيه:

في نقاشي في صفات الله تعالي مع المدعو (مشارك) أراد أن يلبِّس تجسيم ابن تيمية للفخر الرازي، ويعتبر ابن تيمية ناقلاً كلام الرازي فقط!

نعم هكذا جهاراً نهاراً!

وهو وغيره يعلم أن الرازي حمل حملة مركزة علي المجسمين والمشبهين والقائلين بوجود الله تعالي في مكان.. وأن ابن تيمية حاول أن يرد أدلته القوية التي هي أدلة من قبله ومن عاصره من علماء المسلمين السنة والشيعة.. فكانت ردود ابن تيمية ضعيفة، وأحياناً مضحكة!

لذلك احتجنا إلي نقل الموضوع من كتاب الرازي: المطالب العالية.

الذي لا أظن مشاركاً رآه، وفيما يلي قسم منه.

والكتاب بتحقيق الدكتور أحمد حجازي السقا، نشر دار الكتاب العربي، بيروت، الجزء الثاني، صفحة 57، قال:

الفصل السادس: في حكاية شبهات مثبتي الجسمية والمكان

ص: 365

إعلم: أن القوم عولوا علي وجوه من الكلمات: فالشبهة الأولي: - من شبهات مثبتي الجسمية - أن قالوا: لما خلق الله تعالي العالم. فإما أن يقال: إنه خلقه في ذاته، أو في خارج ذاته. والأول باطل بالإتفاق لأنه يلزم أن تكون ذاته مخالطة للقاذورات. والثاني: يقتضي كون العالم واقعاً خارج ذات الله تعالي، مبايناً عن ذاته، فيكون الله تعالي مبايناً للعالم بالحيز والجهة، فأما القول بأن العالم واقع لا في ذات الله، ولا في خارج ذات الله تعالي، فهذا مما لا يقبله العقل البتة.

الشبهة الثانية: قالوا: لا شك أن هذا العالم موجود، وذات الله تعالي موجودة أيضاً، وكل موجودين فلا بد وأن يكون أحدهما سارياً في الآخر، أو مبايناً عنه بجهة من الجهات الست. وأما الذي لا يكون سارياً ولا مبايناً عنه في شئ من الجهات، فهذا هو العدم المحض، والنفي الصرف. فالقول به تصريحٌ بنفي الصانع، وذلك باطل، ألا تري أنا إذا قلنا في الشئ: إنه غير حاصل في الدار، وغير حاصل أيضاً خارج الدار، كان هذا تصريحاً بكونه عدماً محضاً، ونفياً صرفاً، فيثبت أنه تعالي لو لم يوجد خارج العالم كان معدوماً محضاً، وذلك باطل. فوجب القول بكونه موجوداً خارج العالم... إلي آخر الشبهات الثمانية التي أوردها الرازي وأجاب عنها. وقد حاول ابن تيمية أن يرد كلام الرازي، ويثبت أن الله تعالي يري بالعين في الدنيا والآخرة!!!

قال العاملي:

وهنا أيضاً غاب مشارك، ولم يجب بشئ، ولكن ظل يكتب موضوعات مستقلة، ويتهمنا أننا نكذب علي ابن تيمية!!

ص: 366

رد ابن حجر العسقلاني

وكتب العاملي أيضاً، في شبكة أنا العربي بتاريخ 14-7-1999، موضوعاً بعنوان (من ردود علماء المسلمين علي تجسيم الوهابيين)، جاء فيه:

رد الحافظ ابن حجر العسقلاني:

قال ابن حجر في فتح الباري: 3/23:

استدل به من أثبت الجهة، وقال هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور، لأن القول بذلك يفضي إلي التحيز تعالي الله عن ذلك. وقد اختلف في معني النزول علي أقوال: فمنهم من حمله علي ظاهره وحقيقته وهم المشبهة، تعالي الله عن قولهم! ومنهم من أنكر صحة الأحاديث الواردة في ذلك جملة وهم الخوارج والمعتزلة، وهو مكابرة.

والعجب أنهم أولوا ما في القرآن من نحو ذلك، وأنكروا ما في الحديث، إما جهلاً وإما عناداً.... إلي آخر الموضوع.

قال العاملي:

فلم يجب أحد منهم مع أنهم يتفاخرون بابن حجر، ويعدونه منهم!!

ص: 367

رد الشيخ محمد أبو زهره

وكتب العاملي بتاريخ 21-6-1999، موضوعاً بعنوان (الشيخ محمد أبو زهرة يرد علي تجسيم ابن تيمية ومدعي السلفية)، قال فيه:

قال الشيخ محمد أبو زهرة في تاريخ المذاهب الإسلامية: 1/225:

سنناقش بعض آرائهم من حيث كونها مذهب السلف، وأولئك ظهروا في القرن الرابع الهجري وكانوا من (الحنابلة) وزعموا أن جملة آرائهم تنتهي إلي الإمام أحمد بن حنبل الذي أحيا عقيدة السلف وحارب دونها! ثم تجدد ظهورهم في القرن السابع الهجري، أحياه شيخ الإسلام ابن تيمية وشدد في الدعوة إليه، وأضاف إليه أموراً أخري قد بعثت إلي التفكير فيها أحوال عصره، ثم ظهرت تلك الآراء في الجزيرة العربية في القرن الثاني عشر الهجري، أحياها محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية وما زال الوهابيون ينادون بها، ويتحمس بعض العلماء من المسلمين لها، ولذلك كان لا بد من بيانها. وقد تعرض هؤلاء الحنابلة للكلام في التوحيد وصلة ذلك بالأضرحة، كما تكلموا في آيات التأويل والتشبيه، وهي أول ما ظهروا به في القرن الرابع الهجري، ونسبوا كلامهم إلي الإمام أحمد بن حنبل، وناقشهم في هذه النسبة بعض فضلاء الحنابلة.

وقد كانت المعارك العنيفة تقوم بينهم وبين الأشاعرة، لأنهم كانوا يظهرون حيث يكون للأشاعرة سلطان قوي لا ينازع، فتكون بين الفريقين الملاحاة الشديدة وكل فريق يحسب أنه يدعو إلي مذهب السلف، وقد بينّا مذهب الأشاعرة في ذاته وإن كنا لم نبين مقدار صلته بالآراء التي أثرت عن السلف،

ص: 368

وفي هذا الجزء سنتعرض لتمحيص العقيدة السلفية في أثناء عرضنا لتفكير هؤلاء الذين نحلوا أنفسهم ذلك الإسم موازنين بين الإسم والحقيقة.

وقال أبو زهرة في: 1/232:

وهكذا يثبتون كل ما جاء في القرآن أو السنة من أوصافه سبحانه أو شؤونه، فيثبتون له المحبة والغضب والسخط والرضا والنداء والكلام والنزول إلي الناس في ظلل الغمام، ويثبتون له الإستقرار علي العرش والوجه واليد من غير تأويل ولا تفسير بغير الظاهر... فابن تيمية بهذا يري أن مذهب السلف يثبت لله اليد من غير كيف ولا تشبيه، والوجه من غير كيف، والفوقية والنزول وغير ذلك من ظواهر النصوص القرآنية، ويقصد الظواهر الحرفية لا الظواهر ولو مجازية، وهو يعد ذلك المذهب ليس مجسماً ولا معطلاً ويقول في ذلك:

" ومذهب السلف بين التعطيل والتمثيل فلا يمثلون صفات الله تعالي بصفات خلقه، كما لا يمثلون ذات بذوات خلقه، ولا ينفون عنه ما وصف به نفسه أو وصفه به رسوله، فيعطلوا أسماءه الحسني وصفاته العليا ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويلحدون في أسماء الله وآياته، وكل واحد من فريقي التعطيل والتمثيل جامع بين التعطيل والتمثيل ".

ويكرر هذا المعني فيقول مؤكداً: إن الله ينزل ويكون في فوق وتحت من غير كيف، ليس في كتاب الله ولا في سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولاعن أحد من سلف الأمة ولا من الصحابة والتابعين ولا عن الأئمة الذين أدركوا زمن الأهواء والإختلاف، حرفٌ واحدٌ يخالف ذلك لا نصاً ولا ظاهراً، ولم يقل أحد منهم إن الله ليس في السماء، ولا أنه ليس علي العرش، ولا أنه في كل مكان ولا أن جميع الأمكنة بالنسبة إليه سواء، ولا أنه لا داخل العالم ولا خارجه ولا

ص: 369

متصل ولا منفصل، ولا أنه لا تجوز الإشارة الحسية إليه بالأصابع ونحوها. (الحموية الكبري في مجموعة الرسائل الكبري ص 419).

كذلك يقرر ابن تيمية أن مذهب السلف هو إثبات كل ما جاء في القرآن من فوقية وتحتية واستواء علي العرش ووجه ويد ومحبة وبغض، وما جاء في السنة من ذلك أيضاً من غير تأويل وبالظاهر الحرفي، فهل هذا هو مذهب السلف حقاً؟

نقول في الإجابة عن ذلك: لقد سبقه بهذا الحنابلة في القرن الرابع الهجري كما بيَنّا وادَّعوا أن ذلك مذهب السلف، وناقشهم العلماء في ذلك الوقت، وأثبتوا أنه يؤدي إلي التشبيه والجسمية لا محالة، وكيف لا يؤدي إليهما والإشارة الحسية إليه جائزة؟!

ولذا تصدي لهم الإمام الفقيه الحنبلي الخطيب ابن الجوزي، ونفي أن يكون ذلك مذهب السلف، ونفي أيضاً أن يكون ذلك رأي الامام أحمد، وقال ابن الجوزي في ذلك: " رأيت من أصحابنا من تكلم في الأصول بما لا يصلح... فقد كتبوا كتباً شانوا بها المذهب ورأيتهم قد نزلوا إلي مرتبة العوام فحملوا الصفات علي مقتضي الحس، فسمعوا أن الله خلق آدم علي صورته، فأثبتوا له صورة، ووجهاً زائداً علي الذات، وفماً، ولهوات، وأضراساً، وأضواء لوجهه، ويدين وإصبعين، وكفاً، وخنصراً، وإبهاماً، وصدراً، وفخذاً، وساقين، ورجلين، وقالوا: ما سمعنا بذكر الرأس! وقد أخذوا بالظاهر في الأسماء والصفات فسموها بالصفات تسمية مبتدعة، ولا دليل لهم في ذلك من النقل ولا من العقل، ولم يلتفتوا إلي النصوص الصارفة عن الظواهر إلي المعاني الواجبة لله تعالي، ولا إلي إلغاء ما توجبه الظواهر من صفات الحدث. ولم يقنعوا أن يقولوا:

ص: 370

صفة فعل حتي قالوا: صفة ذات، ثم لما أثبتوا أنها صفات قالوا لا نحملها علي توجيه اللغة، مثل اليد علي النعمة والقدرة، ولا المجيء والإتيان علي معاني البر واللطف، ولا الساق علي الشدة، بل قالوا نحملها علي ظواهرها المتعارفة، والظاهر هو المعهود من نعوت الآدميين! والشئ إنما يحمل علي حقيقته إن أمكن، فإن صرف صارف حمل علي المجاز. ثم يتحرجون من التشبيه ويأنفون من إضافته إليهم ويقولون: نحن أهل السنة!! وكلامهم صريح في التشبيه، وقد تبعهم خلق من العوام، وقد نصحت التابع والمتبوع وقلت: يا أصحابنا أنتم أصحاب نقل واتِّباع، وإمامكم الأكبر أحمد بن حنبل يقول وهو تحت السياط: كيف أقول ما لم يقل، فإياكم أن تبتدعوا من مذهبه ما ليس منه. ثم قلتم في الأحاديث: تحمل علي ظاهرها، فظاهر القدم الجارحة، ومن قال: استوي بذاته المقدسة فقد أجراه سبحانه مجري الحسيات، وينبغي ألا يهمل ما يثبت به الأصل وهو العقل، فإنا به عرفنا الله تعالي وحكمنا له بالقدم، فلو أنكم قلتم نقرأ الأحاديث ونسكت ما أنكر أحد عليكم، وإنما حملكم إياه علي الظاهر قبيح فلا تدخلوا في مذهب هذا الرجل السلفي ما ليس فيه! ".

وقال ابن الجوزي في بيان بطلان ما اعتمدوا عليه من أقوال...

ولقد قال ذلك القول الذي ينقده ابن الجوزي: القاضي أبو يعلي الفقيه الحنبلي المشهور المتوفي سنة 457 وكان مثارَ نقدٍ شديدٍ وجه إليه، حتي لقد قال فيه بعض فقهاء الحنابلة: لقد شان أبو يعلي الحنابلة شيناً لا يغسله ماء البحار!!!

وقال مثل ذلك القول من الحنابلة: ابن الزاغوني المتوفي سنة 527، وقال فيه بعض الحنابلة أيضاً: إن في قوله من غرائب التشبيه ما يحار فيه النبيه.

ص: 371

وهكذا استنكر الحنابلة ذلك الإتجاه عندما شاع في القرن الرابع والقرن الخامس! ولذلك استتر هذا المذهب حتي أعلنه ابن تيمية في جرأة وقوة...

ونري هنا أنه يجب أن نذكر أن ادعاء أن هذا مذهب السلف موضع نظر، وقد نقلنا رأي ابن الجوزي في ذلك الرأي عندما شاع في عصره.

ولنا أن ننظر نظرة أخري وهي من الناحية اللغوية: لقد قال سبحانه: يد الله فوق أيديهم. وقال: كل شئ هالك إلا وجهه. أهذه العبارات يفهم منها تلك المعاني الحسية، أم أنه تفهم منها أمور أخري تليق بذات الله تعالي، فيصح أن تفسر اليد بالقوة أو النعمة، ويصح أن تفسر الوجه بالذات، ويصح أن تفسر النزول إلي السماء الدنيا بمعني قرب حسابه، وقربه سبحانه وتعالي من العباد.

إن اللغة تتسع لهذه التفسيرات، والألفاظ تقبل هذه المعاني، وكذلك فعل الكثيرون من علماء الكلام ومن الفقهاء والباحثين، وهو أولي بلا شك من تفسيرها بمعانيها الظاهرة الحرفية والجهل بكيفياتها كقولهم إن لله يداً ولكن لا نعرفها، وليست كأيدي الحوادث، ولله نزولاً وليس كنزولنا إلي آخره، فإن هذه إحالات علي مجهولات لا نفهم مؤداها ولا غاياتها! بينما لو فسرناها بمعان تقبلها اللغة وليست غريبة عنها، لوصلنا إلي أمور قريبة، فيها تنزيه وليس فيها تجهيل.

فكتب (العروة الوثقي) بتاريخ 24 –6-1999:

أحسنت وبارك الله فيك، ورحم الله والديك.

وكتب (حسين الشطري):

الأخ العاملي المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 372

حُييت أيها البطل المغوار وبارك الله فيك وفي ما تبذله من جهد جبار، وجعلك الله ممن ينتصر به لدينه، قال الله تعالي: لينصرن الله من نصره.

قال العاملي:

ولم يعلِّق أحد من أتباع ابن تيمية علي هذين الموضوعين بشئ!!

ص: 373

ص: 374

الفصل العاشر: الاشاعرة متاولة أيضا.. يؤولون الصفات و لا يحملونها علي ظاهر اللفظ

اشارة

ص: 375

ص: 376

الاشاعرة متاولة أيضا.. يؤولون الصفات ولا يحملونها علي ظاهر اللفظ

كتب (حسن الحداد) وهو سني غير وهابي، في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 27-1-1999، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (النقول الصريحة في ثبوت تفويض السلف وتأويلهم بالأسانيد الصحيحة)، قال فيه:

أما بعد فهذه بعض النصوص المنقولة عن السلف رضوان الله عليهم في إثبات تفويضهم لبعض النصوص وتأويلهم للبعض الآخر.

كما أننا سنذكر لكم بعض الآيات والأحاديث التي يجب تأويلها، لبيان أن التأويل حاصل في الكتاب والسنة وذلك علي مقتضي اللغة العربية التي نزل بها القرآن، وهی مليئة بالإستعارات والمجازات.

وقد بينّا معني التفويض والتأويل وثبوت هذان (كذا) المذهبان عند العلماء كالنووي وغيره. راجع: التنبيه إلي عقيدة التنزيه.

ص: 377

أولاً: التأويل في القرآن الكريم: قول الله تعالي: نسوا الله فنسيهم، وقوله تعالي: إنا نسيناكم.

فبهذه الآية لا نثبت لله تعالي صفة النسيان، وإن ورد صفة النسيان في القرآن الكريم، ولا يجوز لنا أن نقول أن لله نسياناً ولكنه ليس كنسياننا، وذلك لأن الله عز وجل قال: وما كان ربك نسياً.

والنسيان في الآيتين السابقتين يؤول بالترك، وكذلك لا يجوز لعاقل أن يقول يضحك لا كضحكنا، أو تتبعه بقولك: (بلا كيف) أو (كما يليق بجلاله)، ونقول:

إن الله لا يخاطبنا إلا بما نفهم، ونحن لا نفهم الضحك الذي تطلقه حقيقة علي الله إلا بالانفعال أو التبسم أو القهقهة كما تفهم العرب! وهذا محال علي الله إلا إذا أوّلت ذلك بالرحمة، كما أولها البخاري اتباعاً للسان العربي في مجازه. ولا يقاس علي قولنا: سميع لا كسمعنا، بصير لا كبصرنا، بقولهم: ينزل لا كنزولنا ويتحرك لا كحركتنا، فهذا قياس باطل، لأن المراد بقولنا هذا: إثبات صفة السمع مع نفي كون ذلك بجارحة أو آلة السمع وهي الأذن لأنه سبحانه منزه عن الأدوات والأعضاء.

ولكننا نفهم من الخطاب صفة السمع، وتفويض علم ذلك إلي الله تعالي لأننا لا ندركها.

وكذلك في البصر نثبت الصفة مع نفي الآلة، وتفويض علمه إلي الله مع الإيمان به.

أما عن الحركة والهرولة والنزول الذي يطلقه البعض دون تروٍّ أو بصيرة علي الله تعالي، لا يتصور فيها وجود شئ يمكن إثباته بعد نفي عنصر التشبيه منها،

ص: 378

وتفويض معناه إلي الله عز وجل، كما فعلنا في صفتي السمع والبصر، فالحركة لا يفهم منها إلا الإنتقال من محل إلي آخر ولا تعقل إلا بذلك، فإن نفي الإنتقال بعد إثباتها لم تعد حركة، فيبطل ما أثبته من البداية وناقض نفسه، لأنه لم يبق شئ يمكن إثباته، خلافاً للسمع والبصر، فالمرض والنسيان المضافان لله تعالي لا يمكن اعتبارهما صفة لله تعالي للقاعدة التي ذكرناها.

وبذلك يتبين لك بطلان كلام من يقول: يملّ لا كمللنا، ويدٌ لا كيدنا. لأن هذا الكلام إنشائي مجمل، بعيد عن التحقيق العلمي المستند لنص الكتاب والسنة.

ثانياً: الحديث في صحيح مسلم: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب كيف أعودك أنت رب العالمين، قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مريضاً (كذا) فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده. الحديث.

فهل يجوز لنا أن نثبت بهذا الحديث أن لله تعالي صفة المرض ولكن ليس كمرضنا، وهل يجوز أن نعتقد أن الله عند العبد المريض حقيقة، لا والله، إن هذا محال علي الله وهو الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، ولا يقول بهذا أحد تمكنت في قلبه عقيدة التنزيه، مع كون التاء المضمومة تدل علي أن المرض متعلق بالمتكلم، وهذا محال! إذ إن الظاهر غير مراد، وهو مصروف مؤول عند جميع المسلمين. وهذا دليل أن السنة جاءت بالتأويل، ولا ينكره إلا مكابر.

ومعني الحديث كما قال الإمام النووي في شرحه 16 - 126:

ص: 379

قال العلماء: إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالي، والمراد العبد تشريفاً للعبد وتقريباً له، قالوا: ومعني وجدتني عنده أي وجدت ثوابي وكرامتي.. ا.ه- فتبصر.

وعلي هذا سار الصحابة والتابعون، ومن تبعهم، ولننقل لك بعض من تأويلاتهم:

أوّل سيدنا ابن عباس، قوله تعالي: يوم يكشف عن ساق، فقال: يكشف عن شدّة، فأوَّلَ الساق بالشدة.

ذكر الحافظ في الفتح: 13/428 والطبري في تفسيره: 29/38 حيث قال في صدر كلامه عن هذه الآية:

قال جماعة من الصحابة والتابعين من أهل التأويل: يبدو عن أمر شديد.

اه-.

وقد نقل ذلك الطبري عن: مجاهد وسعيد بن جبير، وقتادة وغيرهم من السلف.

وأوّل سيدنا ابن عباس، قوله تعالي: والسماء بنيناها بأيدٍ وإنا لموسعون قال: بقوة. الطبري: 7/27.

ولفظة أيدٍ: هي جمع يد وهي الكف، كما في (القاموس المحيط) في مادة يدي، حيث جاء فيه: اليد: الكف، أو من أطراف الأصابع إلي الكتف وانظر تاج العروس شرح القاموس 10- 417- 418.

ومنه: أم لهم أرجل يمشون بها، أم لهم أيد يبطشون بها، وتستعمل لفظة: أيدٍ مجازاً وتؤول في عدة معان منها: القوة، كقوله تعالي: والسماء بنيناها بأيدٍ:

ص: 380

أي بقوة. ومنها: الأنعام والتفضل، ومنه قوله تعالي: واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب. اه-.

وأول ابن عباس، النسيان: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم، بالترك. الطبري: 8/201.

قال الحافظ الطبري: أي ففي مثل هذا اليوم، وذلك يوم القيامة ننساهم، يقول نتركهم في العذاب.

فقد أوّل الحافظ ابن جرير الطبري النسيان بالترك، وهو صرف لهذا اللفظ عن ظاهره لمعني جديد مجازي، ونقل هذا التأويل الصارف عن الظاهر.

ورواه بأسانيده عن ابن عباس ومجاهد وغيرهم من الصحابة والتابعين، إذن ثبت التأويل فيما يتعلق بالأخبار الإضافية أو بما يسمي بالصفات بلا شك ولا ريب.

وعلي ذلك سار الأشاعرة الذين استعملوا التأويل، فمن الظلم تضليلهم وهم علي الحق سائرون بهدي الكتاب والسنة. والحمد لله رب العالمين.

وقد أول الإمام أحمد رحمه الله قوله تعالي: وجاء ربك: أنه جاء ثوابه.

نقله الحافظ ابن كثير في البداية: 10/327 عن الحافظ البيهقي في كتابه مناقب الإمام أحمد - وهو مخطوط - ثم قال البيهقي:

وهذا إسناد لا غبار عليه. انتهي كلام ابن كثير.

وقال ابن كثير أيضاً في نفس الصفحة:

وكلامه - أي أحمد - في نفي التشبيه وترك الخوض في الكلام والتمسك بما ورد في الكتاب والسنة عن النبي وأصحابه.

تأويل الإمام البخاري:

ص: 381

نقل الحافظ البيهقي في (الأسماء والصفات-470) عن البخاري أنه قال: معني الضحك: الرحمة. اه-.

وقال الحافظ البيهقي ص 298:

روي الفربري، عن محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله تعالي أنه قال: معني الضحك فيه - أي الحديث - الرحمة.

وقد نقل هذا التأويل الحافظ ابن حجر في الفتح: 6/40.

تأويل النضر بن شميل: وهو من رجال السنة، المولود سنة 122 ه-: ذكر البيهقي (الأسماء والصفات-352) وابن الجوزي (دفع شبه التشبيه) أن النضر قال:

إن معني حديث: حتي يضع الجبار قدمه: أي من سبق في علمه، أنه من سبق في علمه أنه من أهل النار.

وقاله الإمام أبو منصور الأزهري كما في دفع الشبه لابن الجوزي.

وقال ابن الجوزي أيضاً: وقد حكي أبو عبيدة الهروي صاحب كتاب غريب القرآن والحديث، عن الحسن البصري أنه قال: القدم، هم الذين قدمهم الله تعالي من شرار خلقه وأثبته لهم.

تأويل الطبري في تفسيره: 1/192 عند تأويل قوله تعالي: ثم استوي إلي السماء، ما نصه:

والعجب ممن أنكر المعني المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: ثم استوي إلي السماء، الذي هو بمعني العلو والإرتفاع، هرباً من عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك، أن يكون إنما علا و ارتفع بعد أن كان تحتها، إلي أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر، ثم لم ينجُ مما هرب

ص: 382

منه، فيقال له: زعمت أن تأويل قوله استوي: أقبل، أفكان مدبراً عن السماء فأقبل إليها؟ فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه إقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل: علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال.

فاتضح بهذا أن السلف كانوا يؤولون الإستواء بعلو الملك والسلطان والقهر وهو علو رتبة (معنوي)، لا علو حسي حقيقي، تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

أوّل الحافظ ابن حبان، ت354 ه-، في صحيحه 1 - 502، حديث: حتي يضع الرب قدمه فيها: أي جهنم، فقال:

هذا الخبر من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة، وذلك أن يوم القيامة يلقي في النار من الأمم والأمكنة التي يعصي الله فيها فلا تزال تستزيد حتي يضع الرب جل وعلا موضعاً من الكفار والأمكنة فتمتلئ فتقول: قط قط، تريد: حسبي حسبي، لأن العرب تطلق في لغتها اسم القدم علي الموضع، قال الله جل وعلا: لهم قدم صدق عند ربهم، يريد: موضع صدق، لا أن الله جل وعلا يضع قدمه في النار، جلّ ربنا وتعالي عن مثل هذا وأشباهه اه-.

تأويل الإمام مالك رحمه الله تعالي:

روي الحافظ ابن عبد البر في التمهيد: 7/143 وذكر الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: 8/105:

أن الإمام مالك أوّل النزول الوارد في الحديث بنزول أمره وهذا النص من السير:

قال ابن عدي: حدثنا محمد بن هارون بن حسان، حدثنا صالح بن أيوب، حدثنا حبيب ابن أبي حبيب، حدثني مالك قال: يتنزل ربنا تبارك وتعالي أمره،

ص: 383

فأما هو فدائم لا يزول. قال صالح: فذكرت ذلك ليحيي بن بكير، فقال: حسن والله، ولم أسمعه من مالك.

ورواية ابن عبد البر، من طريق أخري، وهذا التأويل مشهور عن الإمام مالك، غني عن الإسناد فيه ولذلك نقله الإمام النووي في شرح مسلم 6/37 عنه.

ذكر الحافظ الترمذي في سننه: 4/692 بعد حديث الرؤية الطويل الذي فيه لفظة: فيعرفهم نفسه. فقال: ومعني قوله في الحديث: فيعرفهم نفسه يعني يتجلي لهم. اه-.

ذكر الذهبي في السير: 7/274 في ترجمة إمام حفاظ عصره سفيان الثوري، أن: معدان سأل الثوري عن قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم فقال: بعلمه.

وهذا تأويل ظاهر وصرف للفظ عن ظاهره ولا سيما أن لفظة (هو) الواردة في قوله تعالي: وهو معكم أينما كنتم، تعود علي الذات لا علي الصفات أصلاً، ومع ذلك لما كان ظاهرها مستحيلاً صرفت إلي المجاز. فأولت. اه-.

خاتمة: وبعد أن أوردنا صوراً من تأويلات السلف، لم تعد هناك حجة للمنكر علي الأشاعرة الذين هم في حقيقة الأمر متبعين (كذا) للسلف في تأويلهم وتفويضهم.

وخوفاً من الإطالة ذكرنا لكم صوراً من أقوال السلف في التفويض، وهو تفويض المعني والكيف بلا شك ولا ريب. انتهي.

قال العاملي:

ولم يجبه أحد من أتباع ابن تيمية، مع أن الشبكة لهم!

ص: 384

الفصل الحادي عشر : الاباضية يقفون إلي جانب الشيعة في التنزيه والرد علي المجسمين

اشارة

ص: 385

ص: 386

الاباضية يقفون إلي جانب الشيعة في التنزيه و رد التجسيم

كتب (الشاري) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6-2- 2000، الثامنة والنصف مساء، موضوعاً بعنوان (وقفات مع أدعياء السلفية)، قال فيه:

بمشيئة الله تعالي سنحاول عرض مواضيع عن بعض العقائد الفاسدة التي تتعلق بالذات الإلهية، والتي يتمسك بها بعض أدعياء السلفية تحت عنوان (وقفات مع أدعياء السلفية)، وستكون علي النحو التالي:

الوقفة الأولي: وقوع المجاز في القرآن الكريم.

الوقفة الثانية: نفي العلو الحسي.

الوقفة الثالثة: نفي الجلوس و الإستقرار.

الوقفة الرابعة: نفي الجوارح.

الوقفة الخامسة: نفي النزول الذاتي.

نبين فيها بالأدلة النقلية والعقلية، بأقوال علماء المذاهب الأربعة بطلان هذه العقائد.

ص: 387

وكتب (الشاري) بتاريخ 8-2-2000، الثامنة وأربعين دقيقة مساءً، موضوعاً بعنوان (وقفات مع أدعياء السلفية: 3- نفي الجلوس والإستقرار)، قال فيه:

هذا جواب من شريط سمعي بعنوان: لقاء مع إذاعة صوت العرب لسماحة شيخنا بدر الأمة الخليلي حفظه الله تعالي، مفتي عمان عن معني قوله تعالي: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذٍ ثمانية. وقوله تعالي: الرحمن علي العرش استوي. وإليكم الجواب:

العلماء يقولون: إن العرش أعظم مخلوقات الله تعالي، ويقولون أنه محيط بجميع خلقه، وحملوا قوله سبحانه تعالي: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية، علي أن العرش محمول لملائكة الله بحسب ما أراد سبحانه وتعالي، وعلي الكيفية التي أرادها عز وجل، ولا نعرف هل هؤلاء ثمانية آلاف، أو ثمانية صفوف، وعلم ذلك يوكل إلي الله تعالي، ويعد ذلك من المتشابه الذي لا يمكن أن يتبين وجه معناه بالقطع، كل ذلك محتمل.

أما قوله تعالي: الرحمن علي العرش استوي: فالمقصود: أنه سبحانه وتعالي مُستَوْلٍ علي كل شيء في هذا الكون، قاهر لكل موجود فيه، فإن العرش هو أعظم مخلوقات الله علي العرش فقد استولي علي غيره فمخلوقات الله سبحانه وتعالي يصرفها كيف يشاء، ومجيء استوي بمعني استولي موجود في اللسان العربي، فقد نص علي ذلك أئمة اللغة، فقد نص علي ذلك صاحب القاموس وشارحه وصاحب التاج، ونص علي ذلك صاحب لسان العرب. ونص علي ذلك عدد كبير من أئمة العربية واستشهدوا له بشواهد من ذلك:

قد استوي بشر علي العراق.... من غير سيف ودم مهراق

ص: 388

وهكذا قوله: الرحمن علي العرش استوي، معناه: بأن الله سبحانه وتعالي مستولٍ علي مخلوقاته، وبما أن العرش هو أعظم هذه المخلوقات، فهو سبحانه وتعالي أخبر عن استيلائه علي مخلوقاته بالأخبار عن استيلائه علي العرش، الذي هو أعظم مخلوقاته.

وذهب بعض العلماء إن هذا من باب الكناية، لأنه يقال: جلس الحاكم علي السرير. وإن لم يكن له سرير، أو قعد علي العرش، وإن لم يكن له عرش. وإنما يقصد بذلك أن الحاكم قهر واستولي علي ملكه، وهذا من باب الكناية كما يقال: زيد طويل النجاد: كناية عن طول قامته وإن لم له نجاد، وكما يقال: حاكمٌ جبان الكلب. وإن لم يكن له كلب، وإنما المقصود بذلك وصفه بالكرم، بحيث يغشي بيته الناس حتي تجبن كلابه عن نباح الناس، لأنها ألفت غشيانهم ذلك البيت. ويقال أيضاً في الكريم: كثير الرماد. وإن لم يكن له رماد، ولكن ذلك كناية عن كرمه، لأن من شأن الكريم أن يكثر الطبخ للضيوف فيكثر رماده.. وهكذا يقال في الكريم: مهزول لفصيل. لأن من شأن الكريم أنه يذبح الذبائح الكثيرة فتهزل أولادها، فلذلك يقال: في الكريم: مهزول الفصيل، وإن لم يكن له فصيل.

أما أن يكون الله سبحانه وتعالي جالساً علي العرش كما يزعم المبطلون، فذلك ما ترده النصوص القاطعة الدالة علي أن الله لا يتحيز في مكان، فالله تعالي يقول: وهو معكم أينما كنتم. فأينما تولوا فثم وجه الله. وهو في السماء إله وفي الأرض إله، إلي غير ذلك من الآيات.

ويقول الله سبحانه وتعالي في وصف نفسه: ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. وهو القائل: بسم الله الرحمن الرحيم، قل هو الله أحد، الله الصمد، لم

ص: 389

يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد. ويقول سبحانه: ونحن أقرب إليه من حبل الوريد.

وجاء في أحاديث رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يدل علي هذا المعني، فالرسول صلي الله عليه وسلم عندما سمع ضجيجاً بالدعاء، قال لأصحابه الذين كانوا يرفعون أصواتهم بالدعاء: إنكم لا تدعون أصم إن الذي تدعونه أقرب إليكم من عنق رواحلكم. ويقول عليه أفضل الصلاة والسلام: إذا كان أحدكم يصلي فلا يبصق قبل وجهه فإن الله سبحانه بينه وبين قبلته. فهل يقال: بأن الله سبحانه وتعالي بذاته أمام قبلة كل مصلٍ، وهذا يتنافي مع تحيزه في جهة العرش عند الذين يقولون بأن الله سبحانه وتعالي متحيز في الجهة العلوية.

فإذا ثبت تأويل الحديث ثبت الآية الكريمة، بل الأولي أن تؤول الآية لأن الله سبحانه وتعالي أخبر عن أمر وقع، حيث قال: الرحمن علي العرش استوي. فقال أيضاً: ثم استوي علي العرش.

ولا يعترض علينا بأن ثم تفيد المهلة الزمنية، وأن الله تعالي ذكر الإستواء علي العرش عقب ذكر خلق السماوات والأرض: الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوي علي العرش.

لأن ثم ليس للمهلة الزمنية وإنما للمهلة الرتبية وقد نص كثيراً (كذا) من علماء اللغة العربية بأن ثم إذا جاءت عاطفة علي جملة فهي للمهلة الرتبية وليست للمهلة الزمنية، ونحن لا نقول بإطلاق ذلك، إلا إننا نقول: بأن ورود ثم في حالة عطفها جملة علي جملة، فهي للمهلة الرتبية معروف ومشهور في القرآن الكريم ولغة العرب، والله سبحانه يقول: ويقول الإنسان أإذا ما مت لسوف أبعث حياً أو لاً يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئاً، فوربك لنحشرنهم

ص: 390

والشياطين، ثم لنحضرنهم حول جهنم جثياً، ثم لننزعن من كل شيعة أيهم أشد علي الرحمن عتياً ثم لنحن أعلم بالذين هم أولي بها صلياً.

فهل يقال إن الله لم يعلم بالذين أولي بها صلياً إلا بعد ما وقع مما ذكره من إنكار الكفار دخول النار؟ لا والله، وإنما ذلك للمهلة الرتبية، فثم هنا، دالة علي المهلة الرتبية، وليست دالة علي المهلة الزمنية.

ونحو هذا قوله سبحانه وتعالي: ثم ننجي الذين اتقوا. وكذلك قول الحق تبارك وتعالي: ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم. فهذه الآية تدل علي أن قول الله سبحانه وتعالي للملائكة متأخر علي خلقه وتصويره إن حملت فيه ثم علي المهلة الزمنية، وذلك يتنافي مع قوله تعالي: وإذ قلنا للملائكة إني خالق بشراً من طين، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين. وإنما يجمع ما بين الآيتين إن، ثم في قوله: ولقد خلقناكم ثم صورناكم، للمهلة الرتبة وليست للمهلة الزمنية.

وكذلك يقال في قوله تعالي: ثم استوي علي العرش. والأدلة واضحة جلية في أن الإستواء هنا بمعني الإستيلاء والقهر، وليس بمعني القعود.

والأدلة العقلية والنقلية دالة علي ذلك من استحالة أن الله سبحانه وتعالي متحيزاً (كذا) إذ لو كان الله عز وجل متحيزاً للزم أن يكون محدوداً، وإذا كان محدوداً يتوجه السؤال:

هل يمكن أن يزيد في ذاته أو لا، يمكن أن يزيد في ذاته؟

وإن قيل: لا يمكن أن يزيد في ذاته فهو عاجز، والعاجز ليس بإله، وإن قيل: يمكن أن يزيد في ذاته فهو متغير، وكل متغير ليس بإله، لأن كل متغير حادث.

ص: 391

ثم إن الفضاء الذي يزيد فيه هل هو عينه، أو غيره؟

فإن قيل: هو غيره، فالشيء لا يزيد في نفسه، وإن قيل: هو غيره فلزم افتقاره إلي غيره تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

فالله قد كان قبل خلق الزمان والمكان، وهو الآن علي ما عليه كان، فكما أنه لا يجري عليه زمان كذلك لا يحل في مكان.

فالله سبحانه وتعالي لو كان حالاًّ في مكان للزم أن يكون ذلك المكان سابقاً قبل وجود ذات الله سبحانه فيكون أحق بالألوهية منه سبحانه، تعالي الله عن ذلك، وأما أن يكون موجوداً مع الله تعالي مشاركاً له في القدم، فيكون مشاركاً لله سبحانه في الألوهية لمشاركته في القدم.

وإما أن يكون حادثاً، وإذا كان حادثاً يتوجه السؤال عن المكان الذي كان فيه قبل خلق ذلك المكان، فيقال أين كان قبل خلق المكان، تعالي الله عن ذلك علواً كبيراً.

انتهي جواب سماحته، وعذراً إذا كانت هناك أخطاء في الكتابة.

وإلي لقاء مع الوقفة الرابعة: نفي الجوارح......

الي آخر بحث (الشاري)......

ص: 392

الفصل الثاني عشر: اصوات حرة في غابة الإرهاب الفكري

اشارة

ص: 393

ص: 394

اصوات حرة في غابة الإرهاب الفكري

توجد ظاهرة جديدة تبشِّر بِخيْر في المملكة العربية السعودية، وهي صيحات من علماء وباحثين تطالب بحرية الفكر والبحث العلمي.. بعد عهود من الإرهاب الفكري وتحريم الرأي المخالف، حتي علي مستوي البحث بين العلماء وفي الجامعات!!!

وأول المنادين بذلك أستاذ العلوم الشرعية في المسجد الحرام، العالم المعروف السيد محمد علوي المالكي.

ثم تبعه باحث من الرياض هو الأستاذ حسن بن فرحان المالكي.

ثم ظهر في هذا السنَة عالم معروف من جدة سمي نفسه في شبكات الحوار (سيف التوحيد).

وكل واحد من هؤلاء العلماء أمّة برأسه، وقصته تختلف عن قصة الآخر..

وهذا الموضوع في بابنا للمدعو (العربي) أحد تلامذة سيف التوحيد، وقد تعرضا كلاهما لحملة من شبكة سحاب و شبكة القلعة، السلفيتين المتعصبتين، وحذفوا موضوعاتهما واتهموهما بالرفض!!

ص: 395

وسيأتي موضوع (سيف التوحيد) في باب الدفاع عن الإمام الحسين عليه السلام، حيث انتقد نصْب بني أمية وطغيانهم، ودافع عن أهل البيت النبوي صلي الله عليه وعليهم..

كما حذفوا هذا الموضوع لصاحبه (العربي)، فنشره في شبكة هجر:

كتب (العربي) بتاريخ 16-12-1999، السابعة صباحاً، في شبكة

هجر الثقافية موضوعاً بعنوان (عقيدة الله.. أم عقيدة المذهب؟!)، جاء فيه:

ظهرت الفرق الإسلامية - أو غالبها - في أواخر عصر الخلافة الراشدة، وفي عصر بني أمية. ثم في عصر بني العباس استقرت أصول هذه المذاهب، وظهر التمايز الواضح بين هذه الفرق؛ فبدأت كل فرقة تدعي أنها وحدها - الفرقة الناجية - وما سواها فهالك وفي النار!

ورووا في ذلك حديثاً لعلي، أفرد له بحثاً لبيان بطلانه سنداً ومتناً، وتوضيح أثره السيء علي المسلمين.

وفي سبيل سعي هذه الفرق إلي ترسيخ وجودها خاضت كل فرقة حروباً شرسة مع الفرق المخالفة لها، واستعملت - في بعض الأحيان - أسلحة غير أخلاقية ولا نزيهة! مثل تشويه الخصم، ورميه بالتهم والأقوال المستبشعة، ومحاولة اضطهاده والتضييق عليه ولو بالإستعانة بالسلطة!

فمثلاً (أهل السنة) كانوا يصدرون فتاوي بقتل المناوئين لهم في الفكر، كما فعلوا بغيلان والجعد والجهم - مع ملاحظة أن هؤلاء كانوا من المعارضين للسلطة في زمانهم - ومن فتاوي أهل السنة: الفتوي المشهورة للإمام مالك بن أنس أن المبتدع الداعية، يقتل.

ص: 396

وأهل السنة (يرون) الصلاة خلف الولاة من أهل الظلم والفجور والفسق والإبتداع، و (لا يرون) الصلاة خلف (أهل الأهواء) من غير الولاة، وإن كانوا من أتقي الناس!

أما المعتزلة فمع ادعائهم التسامح واحترام العقل، فإنهم لا يتوانون إذا وجدوا الفرصة، في اضطهاد خصومهم، كما حصل في محنة خلق القرآن، أو قصة المنصور عبد الله بن حمزة مع المطرِّفية، وهذا تحت شعار (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) الذي هو الأصل الخامس من أصولهم.

وهذا الواقع جعل العلماء المنتمين إلي هذه الفرقة أو تلك يخشون مخالفة المذهب الذي ورثوه عن آبائهم ومشايخهم، واقتصر بحثهم علي تأييد قواعد مذهبهم (الفرقة الناجية)، عوضاً عن البحث عن الحقيقة، مما قاد إلي جمود في الفكر العَقَدي، وظهور أدواء عدة منها:

أولاً: التقليد:

وللتقليد في العقائد حديث عجيب، فإنه لا يخلو منه مذهب من المذاهب، بل لم ينجُ منه إلا أفراد قلائل، مثل: ابن حزم وابن الوزير والمقبلي، وبيان ذلك:

أن علماء كل فرقة كانوا يرسخون في أذهان أتباعهم أنهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة المتبعة للحق، وأما من عداهم فضالٌ مبتدع أو كافر، وعند مناقشتهم للمذاهب الأخري فإنهم يستوفون حجج مذهبهم ويبالغون في تقويتها، أما حجج المذاهب الأخري فإنهم يسمونها (شبهاً) ولا يعرضون منها إلا ما يستطيعون الجواب عنه، وأيضاً فعرضهم للحجة يكون عرضاً مشوهاً، يخلطون فيه بين القول ولازمه.

ص: 397

ويحاول هؤلاء العلماء أن يرسخوا في أذهان تلاميذهم أن أئمة مذهبهم كانوا من العلماء الفضلاء المتقين، المرتفعين عن الدوافع البشرية. أما أئمة المذاهب المخالفة فهم مجموعة من الضلال الفساق الزنادقة الإنتهازيين...

ويخرج الطالب بعد هذه التربية يظن أنه وطائفته وارثو الحق المطلق، وأما من سواهم ففي ضلال بعيد، ويري هذا الطالب في نفسه أنه بلغ مرتبة العلم والإجتهاد.

كيف لا؟ وهو يعرف حجج مذهبه أتم معرفة، ويعرف كيف يناضل عنها، ويعرف أيضاً (شُبه) خصومه، ويعرف كيف يجيب عنها.

ولكنه للأسف لا يعلم أنه لايعلم شيئاً، فلا حجج مذهبه درسها بإنصاف وبُعدٍ عن هالة التعظيم التي أحاطها بها مشايخ مذهبه، ولا (شبه) خصومه قرأها بإنصاف وعدل حتي ينظر إن كان يقدر علي الإجابة عنها أوْ لا، وهو يري في نفسه أنه ليس في حاجة إلي قراءة كتب (المبتدعة) لأن حججهم استوفي ذكرها علماء مذهبه، وهم أهل الإنصاف والعدل والصدق والتقوي والفهم، فلن يميلوا علي خصومهم، وأيضاً فإن (الشُّبه خطافة، والقلوب ضعيفة)!

وهو قبل ذلك وبعده يعيش حالة (برمجة) يقوم فيها بالدفاع عن مذهبه، لا الحق.. ويبحث عن حجج تؤيد مذهبه، لا الحق.. وعن حجج للرد علي خصومه، لا الباطل.

والتعلم علي وسائل مغالطة الخصوم إذا أحكموا الحجة عليه عند النقاش، لا التسليم للحق واتباعه. ويظن مع ذلك أنه يحسن عملاً.

لكن المذاهب تختلف عن بعضها في أساليب التقليد، وترسيخ مفهومه عند أتباعها، ولا بأس من ذكر أمثلة علي ذلك:

ص: 398

أهل السنة والحديث:

وعندهم يظهر التقليد جلياً، لا سيما وهم لا يرضون أن يفهم أحد الكتاب والسنة إلا علي ضوء فهم (السلف)، وطرقهم في ترسيخ التقليد كثيرة، فمن ذلك:

أ - تقديس علماء مذهبهم، وأن بهم تعرف السنة، ويوصل إلي الحق، فمن طعن في حماد بن سلمة، أو الأوزاعي، أو الأعمش، أو أبي مسهر... فهو مبتدع، ومن طعن في أحمد فهو كافر، ومن ذم أهل الحديث فهو طاعن في السنن والآثار، زنديق، مبغض للرسول.

وفهْم هؤلاء السلف مقدم علي فهمنا، ومن خالفهم فليتهم نفسه، ومن أوضح النصوص علي هذا: النص المنسوب إلي عمر بن عبد العزيز - وهو في ذم القول بالقدر.. فتنبه! - وفي هذا النص يقول عمر: فارْضَ لنفسك ما رضي به القوم لأنفسهم، وقِفْ حيث وقفوا، فإنهم عن علم وقفوا، وببصر نافذ قد كفُّوا، ولَهُم كانوا علي كشف الأمور أقوي، وبفضل فيه لو كان أحري، فإنهم هم السابقون. ولئن كان الهدي ما أنتم عليه، لقد سبقتموهم إليه (أي: وهذا مستحيل!) ولئن قلت: حَدَث بعدهم حدث. فما أحدثه إلا من تبع غير سبيلهم، ورغب بنفسه عنهم. ولقد تكلموا، فما دونهم مقْصَر، وما فوقهم محْسَر، لقد قصر دونهم قوم فجفوا، وطمح عنهم آخرون فغلوا، وإنهم مع ذلك لعلي صراط مستقيم. فلئن قلت: فأين آية كذا؟ ولم قال الله كذا وكذا؟ لقد قرأوا منه ما قرأتم، وعلموا من تأويله ما جهلتم. انتهي.

ومن شعارات مذهب أهل السنة والحديث: اتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم.

ص: 399

هذه حال السلف عندهم، أما مخالفو هؤلاء السلف، فهم مبتدعة، أهل سوء، تكتب الكتب والأبواب في ذمهم، وزيادة في التنفير من مذاهبهم نقرأ أبواباً مثل: (سياق ما روي من المأثور عن الصحابة، وما نقل عن أئمة المسلمين من إقامة حدود الله في القدرية).

ولا يكفي هذا بل يتبع بباب: (ما روي في منع الصلاة خلف القدرية، والتزويج إليهم، وأكل ذبائحهم، ورد شهادتهم).

ولا يكفي هذا بل يتبع بباب: (ما ذكر من مخازي مشايخ القدرية، وفضائح المعتزلة).

ولا يكفي هذا بل يتبع بباب: (سياق ما رؤي من الرؤيا السوء أي: في الحلم! من المعتزلة).

وهذا الباب شبيه بباب سابق عنوانه: (سياق ما رؤي من الرؤيا السوء لمن قال بخلق القرآن).

ب - النهي عن الجدل والبحث، ونجد لهذا المعني فصولاً كثيرة في كتبهم، فمن ذلك باب: (كراهية التنطع في الدين، والتكلف فيه، والبحث عن الحقائق، وإيجاب التسليم).

وباب: (ذم المراء والخصومات في الدين، والتحذير من أهل الجدل والكلام).

ومن أعجبها باب: (التحذير من طوائف تعارض سنن النبي، صلي الله عليه وسلم، بكتاب الله، عز وجل)!

ص: 400

ج - النهي عن مجالسة المخالفين من أهل الأهواء، وعن مناظرتهم والكلام معهم، ووجوب هجرهم. فكيف لا يخرج الطالب بعد هذا كله متبعاً لأقوال أئمة مذهبه، متجانفاً عن غيرهم؟

ومما تعلمناه.. أن من كَتبَ في العقيدة وهو يظن أنه سيأتي بجديد، فإنه لن يأتي إلا البدعة، ومن كتب في مسائل الإعتقاد بتجرد، فإنه إنما يتجرد من عقيدته، ليصبح شخصاً لا عقيدة له!!..

ثانياً: التكفير والتبديع:

والمراد عدم عذر المتأولين، والغريب أن الفرق الإسلامية تعذر في الإختلاف في المسائل الفقهية، أما المسائل العقدية - أو المتوهم أنها عقدية - فلا عذر فيها، عند هذه الفرق، وهذا تناقض لا برهان عليه إلا تحكيم الأهواء، وهذا التفريق وإن رده بعضهم نظرياً، فإن غالب أهل الفرق يلتزمونه عملياً.

وأدلة عذر المتأول والمخطئ والجاهل كثيرة جداً، فمنها قوله تعال: لا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

وقوله: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا. وقبل الله هذا الدعاء.

ومثل حديث: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهو

عليه، وهم يقبلون هذه الأدلة في الفقه ويحتجون بها، أم في العقيدة فلا يرفعون بها رأساً، والسبب في ذلك:

أ - التقليد. فإنه يورث التعصب، وظن مُلك الحقيقة المطلقة، كما تقدم.

ب - ظنّ أتباع المذاهب أن أدلة الفقه ظنية، وأن أدلة العقائد قطعية، ومخالف القطعي ليس كمخالف الظني. وهذا يعرف خطأه من له أدني ممارسة لكتب العقائد.

ص: 401

ج - دخول الحسابات السياسية في الحكم علي الفرق والمذاهب والأشخاص، وذلك أن الساسة استغلوا بعض الفرق لإصدار فتاوي بتكفير وتبديع بعض المخالفين السياسيين لهم، للتمكن من اضطهادهم باسم الذب عن العقيدة.

ومثال ذلك:

استغلال بني أمية وبني العباس والعثمانيين الخلاف بين أهل السنة والشيعة

- وهو خلاف ليس في أصول الدين القطعية - لإصدار فتاوي بتكفير وتبديع

(الروافض) وهو لقب للشيعة المخالفين سياسياً لهؤلاء الولاة.

ولما خرج الجهم بن صفوان مع الحارث بن سريج علي بني أمية، وظفر به سلم بن أحوز، قال له سلم لما قدمه ليضرب عنقه: إني لا أقتلك لخروجك علينا، ولكني أقتلك لإنكارك تكليم الله لموسي.

وكذا فليكن استغلال الدين والعقيدة للقضاء علي الخصوم، والتلبيس علي الناس واللعب بمشاعرهم.

وهؤلاء الصحابة اختلفوا في مسائل كثيرة، مما يعدها المتأخرون من العقائد ولم يكفروا أو يبدعوا بعضاً، ومن ذلك:

اختلافهم في صفة الساق، والكرسي.

ورؤية النبي لله في الإسراء.

وسماع الموتي في قبورهم.

والتفضيل بين الصحابة، وغيرها كثير.

وقد كتب علماء منصفون في عذر المتأولين، وقطع الطريق علي استغلال السياسة باسم الدين، ليس هذا موضع ذكرهم. وفي الختام فهناك تنبيهات:

ص: 402

1 - غالب الكتب المصنفة في العقيدة - سوي الكتب المدرسية، بالطبع - هي كتب الردود، والردود علي الردود، للذود عن حياض المذهب، وسبب ذلك أن أسلوب التفكير العَقَدي عند أصحاب المذاهب مبني، في غالبه، علي (ردود الأفعال)، لذا نجد الإمام أحمد، مثلاً، كان يقول: القرآن كلام الله، ولا يزيد، فلما قال المعتزلة: إنه مخلوق. زاد هو في عقيدته: القرآن كلام الله غير مخلوق، فلما خوطب في ذلك قال: لما زادوا زدنا!! وقال أيضاً: إذا سكتوا سكتنا.

2 - وجوب التجرد في البحث عن الحقيقة، وعدم التسليم بما عليه الآباء والمشايخ.

3 - وجوب إحسان الظن بالمخالفين، وعدم المبادرة بعدائهم وهجرهم في وقتٍ المسلمون فيه في أمس الحاجة إلي الإتحاد والتضامن.

4 - وجوب السعي إلي حل الخلافات بين المسلمين بعيداً عن جو التعصب والتحزب، و (مذهبنا ومذهبكم)، بل المسلمون جميعاً ملة واحدة.

5 - التفطن لمواطن الإتفاق بين المسلمين، والسعي لتوسيعها ونشرها، والتنبه لمواطن الإختلاف، والسعي لتضييق دائرتها، وجعلها ضمن الخلاف المحتمل.

6 - قطع الطريق أمام المتعصبين والجهال والمقلدين من شتي المذاهب الساعين إلي نشر العداء والفرقة بين المسلمين باسم (العقيدة).

7 - الواجب علي طالب الحق إصلاح عقيدته علي ضوء كتاب الله، وما ثبت عن رسول الله، والبحث عن مراد الله، ولا يجعل همه تأييد مذهبه، ولو علي حساب الحق، قناعة بالتقليد، أو لنيل رضي أئمة هذا المذهب.

ص: 403

بل يقول كما قال الإمام الشافعي: آمنت بالله، وبما جاء عن الله، علي مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله، علي مراد رسول الله.

فكتب (سيف التوحيد) بتاريخ 16- 12- 1999، الثامنة صباحاً:

وإذا الحبيب أتي بذنب واحد... جاءت محاسنه بألف شفيع

أخي الحبيب: العربي... سلمه الله.

عاطر التحية لشخصك لك، وكل عام وأنت بخير.. ورمضان كريم.

ها أنت قد أنخت رحلك هنا.. ولما تضع عنك عناء السفر الفكري في

(القلعة)...

لا أزال أعجب منذ أول حرف دبجته يراعكم الكريمة في الإنترنت.. نشوء وترقي (كذا).. ولكنه في الفكر..

آفتنا الإستعجال... إستعجال البحث قبل استكمال أدواته، إستعجال النتيجة قبل إحكام القضايا وفقه مدلولاتها.. هروب من ضيق الأفق إلي ضيق الحكم والوصف...

جاء الوقت الذي يجب أن نتحاور فيه.. طويلاً حول تيك الأفكار التليدة، التي تشنف بها مسامعنا... كنت أحسبها... قفشات داخل الصف خلافاً في المذهب كما اعتدنا، ولكن الأمر تجاوز إلي الربط والتحليل واللاإنتماء...

لا عليك ما دمت تعتقد أنه الحق.. ولكن.. إتئِدْ.. فإني أرجو لك

الخير...

إذا كنت قد كتبت هذا الموضوع بعينه في القلعة، فتابع معي هنالك..

وليكن الحوار بيننا في موضوع مستقل خاص...

ص: 404

قرأت بعناية.. كالعادة ما تكتبه هنا وهناك علي الإنترنت كما كنت أقرأ بعناية أيضاً ما نشر لك في خارج النت... سأنتظر منك... فتح موضوع في القلعة حول مسألة المسائل كما يحلو لي تسميتها.. ما يحرز المرء من أطرافها طرفاً إلا وفاجأه النقصان من طرف!!

ولتسلم لمحبك: سيف التوحيد.

ليت شعري..

أي طير.. يسمع الأحزان تبكي.. بين أعماق القلوب.

ثم لا يهتف في الفجر.. برنات النحيب.

بخشوع واكتئاب!!! لست أدري!

أي أمر أخرس العصفور عني.. أتري مات الشعور؟

في جميع الكون حتي.. في حشاشات الطيور

أم بكي خلف السحاب!

فأجابه (العربي) بتاريخ 16-12-1999، الرابعة والنصف مساءً:

أخي العزيز سيف التوحيد سلمه الله.. آمين.

أشكر لك يا أخي هذه الأريحية، وكنت دائماً سباقاً إلي الخير.

ولقد أرسلت لك رسالتين عبر البريد الإلكتروني، لكن لعل المانع عن إجابتك عنهما، خير.

وبالنسبة للقلعة فلعلك رأيت ما وصل إليه الوضع هناك [...].

أخي الحبيب أنا في غاية الشوق إلي قراءة ما ستكتبه، فالله يعلم أني لا أريد إلا الوصول إلي الحق. [...] وبالنسبة لهذا الموضوع فأنا كتبته منذ سنة تقريباً، وأرجأت نشره، وهذه أول نشرة له.

ص: 405

وبانتظار تعليقاتك أنت والأخوة جميعاً. المحب العربي.

وكتب (العربي) أيضاً بتاريخ 4-1-2000، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ حكيم العرب: ها أنا قربت الموضوع إليك، لتحكم أنت والأخوة بيني وبين ساحة سحاب.

وكتب (حكيم العرب) بتاريخ 4-1-2000، الرابعة والربع عصراً:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخي العربي!!!

وتسألُ لمَ طردوك؟! يا أخي هذا الكلام يخالف كل ما يمكن أن يفهمه أكثرهم تهاوداً في موضوع العقيدة.... راجع ما يُكتب في سحاب أولاً، ثمّ راجع فكرهم المذهبي، تعرف ما أعني!

وهذا ليس انتقاصاً لهم! فلا أنا أجرؤ، ولا أريد أن أنتقصهم.

الآن، بعيداً عن سحاب أقول... يا أخي هذا الكلام، عجيبٌ بعض الشّئ، يدلُّ علي رؤيةٍ جريئة، لحال الأمة، إنّما يشير في الوقت نفسه فيما أري، إلي قراءةٍ مجزوءة ناقصة يا صديقي!

أخي الكريم، في عجالةٍ أقول: هذا التّعميم المبالغ فيه، من أخطر الأمور، لأنك لا تضع فيه يدك علي الجرح تبلسمه، لكنّك تدخلها فيه بعنفٍ فتوسّعه... ثمّ علينا دائماً أن نتذكّر: أنّه ما خوطب النّاس بأكثر مما تحتمله عقولهم، إلا حدثت فتنة! وأنت يُفهم من موضوعك انتقاصٌ لكل من اشتغل في علم الكلام، وهذا تعميمٌ كما قلت لك، لا تفيه جملة صغيرة تستبعد التّعميم بطريقة غير واضحة أيضاً.

أخي الكريم: الكلام أو الحوار مع مثلك، وفي هذا الموضوع، يحتاجُ إلي تأصيل، وكلامٍ علميّ، لكن لا يمكن أن يكون هذا منّي اليوم، فأنا أكثر من

ص: 406

مشغول، مع نهاية شهر رمضان! أعتذر مع وعدٍ بألاّ أترك الموضوع، فيجب أن نتحاور فيه، وما لا يدرك كلّه لا يترك جلّه... إنما، في فترة العيد، بإذن الله... جزاك الله خيراً...

اللهمّ علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علّمتنا، وزدنا علماً، وآتنا الحكمة وافتح لنا أبواب الفهم يا كريم.

فكتب العاملي بتاريخ 7 -1-2000، العاشرة مساءً:

محور الموضوع ما يلي:

من البديهي أنه يجب علي المسلم الإعتقاد بكل عقائد الإسلام التي ثبت أنه من ضرورياته، كالإيمان بالشهادتين والقرآن واليوم الآخر والبعث والحساب والجنة والنار.. إلي آخره.

أما تفاصيل هذه العقائد، فنري أهل المذاهب يعدون تفسيراتهم من ضروريات الدين، ويفرضون علي المسلم الإيمان بها، وإلا فقد يعدونه خارجاً عن الدين.

والسؤال:

أن الشاب المسلم، هل يجب عليه البحث والتحقيق عن تلك التفاصيل وتحصيل الإيمان بها علي أساس المذاهب؟

أم يجوز له تقليد من يثق بعلمه وتقواه من الصحابة أو أئمة المذاهب أو العلماء؟

وهل يجوز له أن يقول:

اللهم إني لست مسؤولاً إلا عن ضروريات الدين.. والباقي لا أريد تكوين رأي فيه، ولا تقليد أحد فيه، وأنا أعتقد بالواقع الذي هو في علمك؟

ص: 407

فهل تكون ذمته بريئة عند ربه؟

أرجو من الإخوة الكرام المشاركة.. وشكراً.

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 8-1-2000، السابعة صباحاً:

الإخوة الكرام، السلام عليكم ورحمة الله.

أفضل أن نجزئ الموضوع إلي خطوات ونسير خطوة، خطوة... لتسهل المتابعة والتدقيق.

العقيدة الإسلامية: هي ما طلب الله من الناس الإيمان به، وامتدح فاعله، ووصفه بالمؤمن ووعده بالخلود في الجنة...

وأيضاً فقد ذم الله منكره أو الشاك فيه، ووصفه بالكافر والمنافق ووعده الخلود في النار.

الإيمان في النصوص الإسلامية: التصديق الجازم المطابق للواقع بناء علي دليل عقلي. تفصيل التعريف أعلاه:

- التصديق الجازم: لا يقبل الشك في الإيمان، فالشك في العقيدة هو النفاق، وهو يهدم الإيمان.

- المطابق للواقع: هذا الجزء مرتبط مع الجزء الأخير من التعريف، والمعني أن لا تقوم للعقل حجة بإنكاره... كمن قال: بأن الصنم الذي لا يضر ولا ينفع إله.

- بناء عن دليل عقلي: أي له دليل إثبات عقلي قطعي.

وهذا التعريف مشتق من آيات القران التي تجعل الشك هادماً للإيمان، وتجعل عدم مطابقة الواقع دليلاً هادماً لجميع عقائد الكفر، وتجعل فقدان القدرة علي إثبات صحة المعتقد دليلاً علي بطلان جميع ما يعتقده الكفار.

ص: 408

ويفهم من ذلك:

1 - أنه لا يعذر الإنسان بالجهل في أيا (كذا) من المواضيع التي تشكل العقيدة الإسلامية، فهو لا يعد مؤمناً في الأصل.

2 - أن ما لم يقم عليه دليل عقلي قطعي، لا يطلب الإيمان به، ولا يعتبر من العقيدة.

ويجب أن يطلق علي ذلك القسم مسمي آخر، يميزه عن مواضيع

العقيدة... فلو أطلق عليه اسم المواضيع المتعلقة بالعقيدة، لجازت التسمية.

- أمثلة علي ما يطلب الإيمان به ولا مجال للظن أو الإجتهاد فيه: (مواضيع العقيدة): وحدانية الله، الجنة والنار، البعث، الحساب...

- أمثلة علي ما لا يطلب الإيمان به، ويجوز فيه تغليب الراجح من الإجتهاد وغلبة الظن (المواضيع المتعلقة بالعقيدة): مصير أولاد الكفار الذين يموتون علي دين آبائهم. مصير أهل الفترة الذين لم يدركوا الرسل. رؤية الرسول ربه. (تفسير الآيات في سورة النجم وفي سورة الإسراء).

وجزاكم الله خيرا أيها الإخوة، والسلام عليكم ورحمة الله.

لا حزن إلا في جهنم ولا سعادة إلا في الجنة.

فكتب العاملي بتاريخ10-1-2000، الثامنة والنصف صباحاً:

الأخ الكريم أبا هاجر:

هذا المنهج لا بأس به، بشرط أن يكون كلامنا محدداً، فالكلام في العقائد لا يتحمل العموم والإبهام..

نحن نعرف أن رسول الله صلي الله عليه وآله عامل الناس علي الظاهر، وقبل إسلام من نطق بالشهادتين حتي تحت السيف..

ص: 409

وهذا معناه: أن الذي يعلن قبوله للإسلام يصبح جزءاً من الأمة الإسلامية، ويكون مصون الدم والعرض والمال، إلا بحقه المقرر المجمع عليه، وحسابه علي الله.. والعقيدة الإسلامية المجمع عليها هي ما ثبت أنه من ضروريات الدين..

فبيِّن لنا هذه الضروريات التي لا يعذر المسلم إلا بالإيمان بها، مع دليلها الواضح من الكتاب والسنة.. وشكراً.

فأجاب (أبو هاجر) في 10-1-2000، العاشرة والنصف صباحاً:

الأخ الكريم العاملي:

كل ما كان قطعي الثبوت قطعي الدلالة فهو من العقيدة ويطلب الله منا الإيمان به، ولا مجال للشك أو للإجتهاد فيه... وهو ما عبرت عنه أنت بضروريات الدين.

أمثلته: وحدانية الله. وجود الجنة والنار والحساب والملائكة. إرسال الرسل. فأي جاهل أو شاك أو منكر لهذه الأمور لا يعد مسلماً.

أما ما كان ظنيّ الدلالة أو ظنيّ الثبوت فهو عرضة للإختلاف والإجتهاد، ولم يطلب الله الإيمان به... بل علي المسلم اتباع ما يغلب علي ظنه أنه صواب فيه (بعد التدقيق والتحري)، ويقبل فيه الشك.

أمثلته: تفسير المتشابه في القرآن الذي يحتمل أكثر من معني (فأنا مثلاً، لا أ دري ما هو مصير أولاد الكفار الذين ماتوا علي دين آبائهم، ولا عن مصير أهل الفترة). فالجاهل أو الشاك أو المنكر لرأي معين لم يقتنع به، معذور شرعاً.

ص: 410

والأمثلة من الحديث، هي أنه من حكم بردَّتهم علي عهد الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين، كانوا قد أنكروا وجحدوا مسائل في العقيدة (القرآن من عند الله. رسالة محمد...).

أما في المواضيع المتعلقة بالعقيدة، وليست من العقيدة، فأنظر إلي إختلاف الصحابة في فهم وتفسير بعض الآيات المتشابهة (كرؤية الرسول لله، هل كان الإسراء بالجسد والروح أم بالجسد فقط).

أرجو أن أكون قد وضحت المقصد. وجزاك الله خيراً. والسلام عليكم.

لا حزن إلا في جهنم ولا سعادة إلا في الجنة.

وكتب (العربي) بتاريخ 10-1-2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

الأخوة، السلام عليكم: سيكون تعليقي علي كلام أبي هاجر الذي أوافقه في كثير مما قال، في نقطتين:

الأولي: كانت العقيدة الإسلامية في عهد النبي، صلي الله عليه وسلم، واضحة سهلة ميسرة مستمدة من الكتاب والسنة، لا يستغلق فهمها علي الأعرابي الأمي، ولا تتطلب معرفة المضائق العقلية.

وكانت هذه العقيدة هي أركان الإيمان، وهي: الإيمان بالله، ورسله، وكتبه، واليوم الآخر، والقدر. ولكن بعد وفاة النبي، وظهور الخلاف في الأمة، أضيف إلي هذه العقيدة متطلبات أخري أصبحت تزداد من عصر إلي عصر، فلا يصح الإيمان (ولا يمكن دخول الجنة) إلا بعد التصديق بها، وصار المخالف لهذه الإضافات متردداً بين الكفر والبدعة عند الفرق الإسلامية، والقارئ لكتب العقائد من شتي الفرق يجد مباحث كثيرة (مضافة) ليست من أركان الإيمان يبدَّع أو يكفَّر المخالف فيها.

ص: 411

وهذه الإضافات تختلف من مذهب إسلامي إلي آخر، فهي عند المعتزلة غيرها عند الأشاعرة، وسواها عند أهل السنة، وكذلك هي عند الشيعة ليست موافقة لما عند الزيدية أو السنة أوالإباضية.

بل إنك تجد محض الإيمان عند فرقة هو محض الكفر عند فرقة أخري!

لذا فالتبديع والتكفير يجب أن يقتصر علي أصول الإسلام فقط، أما ما عداها فلا تبديع فيه ولا تكفير، وليس من العقائد، فليبحث في مكان آخر سوي العقيدة.

أما مَن اقتصر علي (الإيمان الجملي) فهو أسلم له، ولا يعاب علي ذلك.

الثانية: في الفرق بين الإسلام والإيمان:

سأذكر تصوراً استقرأته من نصوص الكتاب والسنة، لكنه بحاجة إلي النقد ليصل إلي درجة أعلي من الكمال، وهو: الإيمان، وهو الإعتقاد الجازم، لا يكون إلا عن قيام البرهان، فلا يصح فيه تقليد أو شك غالب.

أما الإسلام، فهو التسليم بأحكام الشريعة وعقائدها، دون قيام برهان ملزم بذلك. وهذا يكون عن:

1- التقليد: كحال أكثر العامة الذين لم يقم عندهم البرهان علي صحة أصول عقائد أهل الإسلام، ولكنهم قبلوها بالتلقين والتقليد.

2 - الشاك: وأعني به مَن استفرغ وسعه في طلب الحق، لكن قامت عنده شبهة قوية حالت بينه وبين الإيمان بأصل من أصول الدين، لكنه مع ذلك سلّم لهذا الأصل، مع شكه الغالب فيه.

3 - مَن آمن عن طريق البراهين الإقناعية، كما يقول شيخ المعرة: قال المنجم والطبيب كلاهما: لن يبعث الأموات.

ص: 412

قلت: إليكما إن صح قولكم، فلست بنادم... أو صحّ قولي، فالخسار عليكما.

العلم للرحمن جل جلاله *** وسواه في جهلاته يتغمغم

ما للتراب وللعلوم وإنما *** يسعي ليعلم أنه لا يعلم

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 10-1-2000، الثامنة والنصف مساءً:

الأخ الكريم العربي:

كلامك عن الفرق بين الإسلام والإيمان غير دقيق.

فالإسلام هو الظاهر لنا، والإيمان هو ما يكنه الشخص في نفسه من معتقد.

والمؤمن هو مسلم، ولكن من تظاهر بالإسلام حكمنا له بالإسلام وأوكلنا أمر إيمانه إلي الله... فهو ممكن أن يكون منافق (كذا)، والمنافق هو كافر لا نستطيع الحكم عليه بالكفر بسبب استتار نيته.

(قالت الأعراب آمنا...) أتمني أن أكون قد أوضحت الفرق.

والسلام عليكم.

فكتب العاملي بتاريخ 10-1-2000، العاشرة ليلاً:

الأخوة الكرام:

أرجو أن يكون هدفنا أن نضع بعض القواعد التي تنفع المسلمين في نظرتهم لبعضهم، وأرانا نقترب من ذلك..

وما ذكرته يا أخ أبا هاجر هو قاعدة تقول: " إنما يجب علي المسلم بما هو قطعي الثبوت وقطعي الدلالة من عقائد الإسلام، دون غيره مما هو اجتهادي مختلف فيه ".

ص: 413

حسناً.. وما دام ثبوت السند والدلالة أمر نسبي، فهل يجب علي من ثبيت عنده أن يعذر من لم يثبت عنده، أم يجوز له أن يفرض عليه اجتهاده ويحاسبه عليه؟

فأجاب (أبو هاجر) بتاريخ 10-1-2000، العاشرة والنصف ليلاً:

الأخ الكريم العاملي:

قولك: وما دام ثبوت السند والدلالة أمر نسبي، فهل يجب علي من ثبت عنده أن يعذر من لم يثبت عنده، أم يجوز له أن يفرض عليه اجتهاده ويحاسبه عليه؟

غير صحيح.. فالقطعي المحكم غير الظني الثبوت والمتشابه...

فالظني هو عرضة لتفاوت الأفهام، بينما القطعي ليس فيه مجال للإجتهاد... والقطعي ليس نسبي (كذا) وإلا لما كان قطعياً. والسلام عليكم.

فكتب العاملي بتاريخ 10-1-2000، الحادية عشرة ليلاً:

قلت يا أبا هاجر: " فالقطعي المحكم غير الظني المتشابه، والقطعي ليس نسبي (نسبياً) وإلا لما كان قطعياً ".

فإن كنت تقصد بالقطعي: المجمع عليه بين جميع المسلمين لصح قولك.. وإلا فإن القطعي نسبي أيضاً، وكما يقول المناطقة " مقولة مشككة "، لأنه قد يكون قطعياً عند شخصٍ، وظنياً عند آخر.. وكذا المحكم.

مثلاً: دائرة عصمة الرسول صلي الله عليه وآله حتي في غير تبليغ الرسالة، قطعية عند البعض وظنية عند آخرين.

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 11-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 414

الأخ الكريم العاملي:

قولك: " فإن كنت تقصد بالقطعي: المجمع عليه بين جميع المسلمين لصح قولك.. ".

يا أخي القطعي.. هو القطعي الثبوت القطعي الدلالة: المحكم من آيات القرآن، الصريح من الأحاديث المتواترة...

وهو مطلوب الإيمان به من الجميع، ولا يعذر فيه بالجهل، بل لا يعتبر المسلم مسلماً إذا لم يؤمن به. مثاله: لا إله الا الله... هل في ذلك من نسبية أو شك؟؟

قولك: " وإلا فإن القطعي نسبي أيضاً، وكما يقول المناطقة: مقولة مشككة، لأنه قد يكون قطعياً عند شخصٍ وظنياً عند آخر.. وكذا المحكم ".

خطأ.. هل هناك نسبية أو تشكك في لا إله الا الله؟؟؟

قولك: " مثلاً: دائرة عصمة الرسول صلي الله عليه وآله حتي في غير تبليغ الرسالة، قطعية عند البعض وظنية عند آخرين ".

الرجاء عدم الخلط بين تبليغ الرسالة وعند عدم تبليغ الرسالة، ومن ثم الخروج بهذا الإستنتاج الممزوج... فعصمة الرسول فيما يتعلق بتبليغ الرسالة قطعية... أما عصمة الرسول في غير المتعلق بتبليغ الرسالة فهي غير ثابتة.

الرجاء تحري منتهي الدقة عند البحث. والسلام عليكم.

فأجابه العاملي بتاريخ 11-1-2000، التاسعة صباحاً:

لم تذكر تعريفاً جامعاً مانعاً للقطعي المحكم.

ومثال (لا إله إلا الله محمد رسول الله) ليس محل كلامنا، لأنه قطعي مجمع عليه بين المسلمين! وتكرر أن المحكم هو قطعي الثبوت..

ص: 415

ولم تحدد عند من؟ هل قصدك عند جميع المسلمين، أم عندك؟

وقطعي الدلالة.. عند من؟

فكم قطعي عندك، ظني عند غيرك، وبالعكس.

ألا تري أن صحة السند ودلالة النص نسبية، فكيف تنكر ذلك؟!

وما رأيك في هذا المثال: نسبة الجهة والجسم إلي الله تعالي، هل هي برأيك من القطعي المحكم، أم الظني الإجتهادي؟

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 11-1-2000، العاشرة صباحاً:

الأخ الكريم العاملي:

سأنقل لك ما ذكرته في موضوع سابق عن الدليل النقلي:

الدليل النقلي حتي يكون دليلاً قطعياً يؤخذ به في العقيدة ويطلب الإيمان به يجب أن يقوم برهان عقلي علي صحة ثبوته، وبرهان عقلي علي قطعية معناه..

فإذا لم يقوم (كذا) دليل عقلي قاطع علي ثبوت النص أنه من عند الله، لا يدخل هذا النص في العقيدة وتنزل درجته إلي دليل ظني يقبل فيه الخلاف في الإجتهاد، ولا يطلب الإيمان به...

وأيضاً إذا كان المدلول اللغوي للنص يحتمل أكثر من معني، فإن معناه يصبح ظني الدلالة ولا يدخل في العقيدة ويقبل فيه الخلاف في الإجتهاد، ولا يطلب الإيمان به.

وحتي نبسط هذه النقطة، لأهمية فهمها، أرتبها بالشكل التالي:

قطعي الثبوت قدس سره قطعي الدلالة = هو من العقيدة.

ومخالفه كافر قطعي الثبوت قدس سره ظني الدلالة = لا يؤخذ في العقيدة، ويقبل اختلاف الإجتهادات فيه.

ص: 416

ظني الثبوت قدس سره قطعي الدلالة = لا يؤخذ في العقيدة، ويقبل إختلاف الإجتهادات فيه.

هذا هو مفهوم الدليل النقلي عندي... الرجاء الإطلاع عليه وذكر أية ملاحظات.

أما قولك: " ألا تري أن صحة السند ودلالة النص نسبية، فكيف تنكر ذلك ".

لا يوجد نسبية في الأمور القطعية يا أخي، وسبب استنكارك يعود للطريقة التلقينية التي تربينا عليها... القطعي ليس نسبي (كذا) والنسبي ليس قطعي (كذا)... فهما نقيضان لا يجتمعان.

قولك: " وما رأيك في هذا المثال: نسبة الجهة والجسم إلي الله تعالي، هل هي برأيك من القطعي المحكم، أم الظني الإجتهادي؟ ".

نسبة الجسم إلي الله هي مسألة ظنية خاطئة، لأنها عارضت مسألة قطعية تضادها.

التفصيل: توهم البعض تجسم الله سبحانه وتعالي من خلال فهم بعض الآيات التي ذكرت اليد والإستواء والمجيء والعين علي المعني الحقيقي، لا المجازي...

ولكن هذه الآيات وردت فيها تلك الصفات بصيغة لغوية تحتمل التجسد وعدمه (حقيقة أو مجاز)... ولكن الآية المحكمة المعني (ليس كمثله شيء) عارضت المعني الحقيقي لتلك الآيات وأبقت فقط علي المعني المجازي.

ونفس الشيء يقال عن مسألة الجهة، فمعناها مجازي وغير معلوم لدينا.

وأخيراً، لم تكن هذه هي طريقة الرسول والصحابة في فهم الآيات، بل كانت تفهم الآيات من سياقها... غير أن في ذلك تفصيل.

ص: 417

أرجو أن أكون قد شرحت بطريقة مقبولة. والسلام عليكم.

وكتب العاملي بتاريخ 11-1-2000، الثانية والنصف ظهراً:

شكراً علي توضيحك يا أبا هاجر مقصودك ب- (قطعي الثبوت، قطعي الدلالة).

وبهذا ثبت أنك تتبني قاعدة أصولية في ميزان العقائد الإسلامية، قد تتفق نتيجتها مع هذا العالم أو ذاك، وهذا المذهب أو ذاك..

كما أني أوافقك علي تنزيه الله تعالي عن الجهة والجسمية الحقيقية، وتفسيرالآيات الموهمة لهما بالمجاز.

وسؤالي الآن: إذا كان الدليل علي عقيدة ما في رأيك قطعي الثبوت والدلالة، وفي رأي غيرك ظنياً في أحدهما أو كِليهما.. فهل تعذره في ذلك؟...

ص: 418

الفهرس

مناظرات في التوحيد وصفات الله تعالي

مذهب الوهابيين و إمامهم ابن تيمية في التوحيد

ابن تيمية يتبني عقيدة التجسيم التوراتية

رؤية الله تعالي بالعين محال

ابن تيمية يدعو المسلمين إلي الإيمان بمعبود اليهود حسب التوراة

و واقع اليهود يفضح ابن تيمية

ابن تيمية يصرح بأن الله تعالي جسم موجود في مكان وله أعضاء وله شبيه

و معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون

و زعم ابن تيمية أن السلف كلهم مجسمة، مثله

معبود ابن تيمية ليس جسدا، ولكنه جسم

معبود ابن تيمية ليس له كفء و مثيل.. ولكن له شبيه

ابن تيمية و أتباعه ينفون وجود المجاز في اللغة العربية

صفات معبود الوهابيين و إمامِهم

محاولاتهم إخفاء عقيدتهم في تجسيم معبودهم

احاديث التجسيم والتشبيه دسها في لحيته مجوس عبادان

و أنكر الإمام مالك كل أحاديث التشبيه والتجسيم

قصة حديث (فإن الله خلق آدم علي صورته)

تورط ابن تيمية في القول بقدوم العالم مع الله تعالي

عندما يعجزون عن تبرئة ابن تيمية تسوء أخلاقهم

عائشة تحكم بكفر ابن تيمية و أسلافه

عائشة تحكم بكفر ابن تيمية و أسلافه

الوهابيون و عصمة ابن تيمية

اهل البيت يردون علي مذهب المجسمين اليهود

اهل البيت يردون علي مذهب المجسمين اليهود

الامام الكاظم والإمام الرضا: يكشفان تحريف حديث النزول

عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

عوامل نشأة التجسيم عند السنيين

التجسيم عند اليهود والنصاري

من نصوص التوراة في تحريف التوحيد

تاريخ اليهود في عبادة الأوثان

افتراء اليهود علي أنبيائهم أنهم عبدوا الأصنام

و لا يؤمنون به حتي لو رواه البخاري

محاولة بعض اليهود أن يتبرؤوا من التشبيه والتجسيم

البابا لا يحب القرآن لأنه ليس فيه تجسيم ابن تيمية

تناقضات ابن تيمية و أتباعه في التوحيد والصفات

تناقضات ابن تيمية و أتباعه في التوحيد والصفات

تناقضات الألباني و ابن تيمية

قول ابن تيمية بقدم العالم بالنوع

قول ابن تيمية بفناء النار و دخول أهلها الجنة

قول ابن تيمية بأن الله قد يستقر علي ظهر بعوضة

قول ابن تيمية بأن الله يقعد النبي الي جنبه علي العرش

ابن تيمية يكذب حديثا متفقا علي صحته في علي

ابن تيمية ينكر المجاز في اللغة

ابن تيمية يزعم أن الله علي صورة إنسان

ابن تيمية يزعم أن الله تعالي بذاته مع خلقه

الالباني يحالف ابن تيمية في مسألة سماع الأموات

ابن تيمية يمدح المشبهين، والألباني يتظاهر بذمهم

ابن تيمية يثبت الحركة لله تعالي

اختلاف الألباني مع ابن تيمية في إثبات الحد لله تعالي

الالباني يخالف ابن تيمية في التوسل الي الله بالنبي والأولياء

و يخالفه في مشروعية زيارة قبر النبي

و يخالفه في تجويز استعمال السبحة

تناقض الألباني في الحكم بضلال سيد قطب

الالباني يجوز الزنا علي نساء النبي

الخاتمة

تحدي أتباع ابن تيمية لعلماء الشيعة في التوحيد

يزعم أتباع ابن تيمية أنهم وحدهم الموحدون

التحدي الخشن

الآيات والأحاديث والعقل تنفي إمكان رؤية الله تعالي بالعين

الرسول يعلم الأمة التوحيد

و أقصي ما يمكن أن يري الإنسان نور عظمة الله تعالي

لم يحلل في الأشياء.. و لم ينأ عنه

لا تقدر عظمة الله سبحانه علي قدر عقلك

اول الدين معرفته.. و كمال الإخلاص له نفي الصفات عنه

كان المسلمون يعرفون قيمة الجواهر فيكتبونه

اميرالمؤمنين يرد علي تجسيم اليهود

و يوجه المسلمين إلي التفكر في عظمة المخلوقات فيصف الطاووس

نماذج من كلمات علماء مذهب أهل البيت

جواب النقطة 1

جواب النقطة 2

جواب النقطة 3

حديث العماء.. بل حديث العمي

نماذج من الذين تبرؤوا من الحديث و قالوا رواته أعراب لا فهم لهم

الذين أخذوا بحديث أبي رزين رغم تكذيب النقاد له

تخليط لقيط العقيلي.. الذي أخذوا منه دينهم

ابو رزين يزعم أنه وفد إلي النبي ممثلا قبيلة المنتفق

زعم أبو رزين أن النبي كان يكره السؤال إلا منه

زعم أبو رزين أنه سمع النبي يقول: لعمر إلهك

و هو راوي حديث: أن الله تعالي يضحك، و يظل يضحك

و هو راوي حديث أن الكرسي موضع قدمي الله تعالي

و هو راوي حديث البخاري: ترون ربكم يوم القيامة

و هو راوي حديث العماء الحبيب الي قلب ابن تيمية

معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون (محلة العماء)

السؤال عن الله تعالي بأين و كيف و متي.. سؤال غلط

اتباع ابن تيمية تكالبت حججهم.. و تكالبها لا حقيقة و لا مجاز

لا يحويه مكان.. و لا يخلو منه مكان..

اصحاب الأذهان المسطحة.. يتهمون المسلمين بأنهم ينفون صفات الله تعالي

معبود ابن تيمية موجود في مكان معين من الكون

هل يقال لله سيد؟

تفسير قوله تعالي: إلا وحيا أو من وراء حجاب

معبودهم.. جسم ينزل و يصعد!! و بقية صفاته..

المجسمون الحشويون.. فقدوا أعصابهم

سؤالهم: أين الله؟!

افتضاح المجسمة الحشوية

افتضاح المجسمة الحشوية

فتي أمرد جعد الشعر

وقد يكون له أذن، و قد يكون ممسوح الأذن

و قالوا: إنه يمشي و قد يركض و يهرول

و قالوا: إنه يلبس قباء وجبة، و يركب علي جمل

و قالوا: إنه يضحك و يظل يضحك

و قالوا: منطقه كالرعد، و ضحكه كالبرق

من ردود العلماء السلفيين علي تجسيم ابن تيمية و أئمته التوراتيين

رد الفخر الرازي

رد ابن حجر العسقلاني

رد الشيخ محمد أبو زهره

الاشاعرة متاولة أيضا.. يؤولون الصفات و لا يحملونها علي ظاهر اللفظ

الاشاعرة متاولة أيضا.. يؤولون الصفات ولا يحملونها علي ظاهر اللفظ

الاباضية يقفون إلي جانب الشيعة في التنزيه والرد علي المجسمين

الاباضية يقفون إلي جانب الشيعة في التنزيه و رد التجسيم

اصوات حرة في غابة الإرهاب الفكري

اصوات حرة في غابة الإرهاب الفكري

المجلد3

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت

بقلم: العاملی

المجلد الثالث

رد اتهامهم للشیعة بأنهم یقولون بتحریف القرآن

دارالسيرة

بیروت - لبنان

ص . ب : 25/49 الغبیری

الطبعة الاولی - 1421ﻫ - 2000 م

جمیع الحقوق محفوظة للمؤلف

ص: 2

الباب الثالث: رد اتهام الشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: القرآن معصوم عن التحريف

الفصل الثاني: روايات نقص القرآن وزيادته في مصادر السنيين

الفصل الثالث: المعوذتان ليستا من القرآن عند عمر والبخاري!!

الفصل الرابع: سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرأ بهما عمر!

الفصل الخامس: محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي!!!

الفصل السادس: آيات زعم عمر وعائشة أنها من القرآن!

العمل السابع: إضافة سورتي الخلع والحفد إلي القرآن!

الفصل الثامن: حكم من يقول بوقوع التحريف في القرآن

الفصل التاسع: مصحفنا الفعلي مكتوب عن مصحف علي عليه السلام

الفصل العاشر: روايات نقص القرآن وزيادته في مصادر الشيعة

الفصل الحادي عشر: اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف

الفصل الثاني عشر: الثقلان.. القرآن والعترة

الفصل الثالث عشر: اتهامهم للشيعة بأنهم لا يهتمون بالقرآن!

الفصل الرابع عشر: زعمهم أن علماء الشيعة ضعفاء في علم التفسير

ص: 3

ص: 4

الفصل الأول: القرآن معصوم عن التحريف

اشارة

ص: 5

ص: 6

القرآن معصوم عن التحريف

كتب (العاملي) في شبكة الساحات العربية، في الشهر الخامس (مايو) سنة 1999، موضوعاً بعنوان (القرآن معصوم من التحريف)، وحذفوا الموضوع بعد أيامٍ، ومما جاء فيه:

أحبُّ أولاً، أن أطمئن الإخوة الأعزاء من جميع المذاهب والإتجاهات.. إلي أن هذه الأمة المرحومة المباركة، قد امتازت عن غيرها من الأمم فيما امتازت بكتاب الله عز وجل، حيث لا يوجد علي وجه الأرض كتابٌ سماويٌّ محفوظُ النسخةِ جيلاً عن جيل، وحرفاً بحرف، غير القرآن!

وإلي أن الأحاديث في مصادر هذه الطائفة أو تلك، التي توهم وقوع التحريف فيه، ليس لها قيمة علمية ولا عملية، حتي لو كانت أسانيدها صحيحة..

ذلك أن الله تعالي قد تكفل بحفظ كتابه بقوة نصه الذاتية، ثم بالمحافظين عليه عليهم السلام.

إن القرآن كلام الله تعالي.. وهي حقيقة يقف عندها الذهن لاستيعابها، ويتفكر فيها العقل لإدراك أبعادها، ويخشع لها القلب لجلالها..

ص: 7

وهي تعني فيما تعني أنه عز وجل قد انتقي معاني القرآن وألفاظه، وصاغها بعلمه وقدرته وحكمته.. وهي حقيقة تفاجئ كل منصف يقرأ القرآن، فيجد نفسه أمام متكلم فوق البشر، وأفكار أعلي من أفكارهم، وألفاظ لا يتمكن إنسان أن ينتقيها أو يصوغها!!

يجد.. أن نص القرآن متميز عن كل ما قرأ وما سمع.. وكفي بذلك دليلاً علي سلامته عن تحريف المحرفين وتشكيك المشككين.

إن القوة الذاتية لنص القرآن هي أقوي سند لنسبته إلي الله تعالي.. وأقوي ضمان لإباءِ نسيجِه عما سواه، ونفيه ما ليس منه!

فقد جعل الله هذا القرآن أشبه بطبقٍ من الجواهر الفريدة، إذا وضع بينها غيرها انفضح!

وإذا أخذ منها شئ إلي مكان آخر، نادي بغربته حتي يرجع إلي طبقه!

وعندما يتكفل الله عز وجل بحفظ شئ أو بعمل شئ فإن له طرقه وأساليبه ووسائله في ذلك، وليس من الضروري أن نعرفها نحن، ولا أن تفهمها أكبر عقولنا الرياضية!

فحفظ الله تبارك وتعالي لكتابه كأفعاله الأخري لها وسائلها وجنودها وقوانينها!

ومن أول قوانينها: قوة بناء القرآن، وتفرده، وتعاليه علي جميع أنواع كلام البشر.. الماضي منه والآتي!

بل تدل الآيات الشريفة علي أن بناء القرآن قد أتقنه الله تعالي بدقة متناهية وإعجاز كبناء السماء!

ص: 8

قال الله تعالي: " فلا أقسم بمواقع النجوم. وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. إنه لقرآن كريم ". الواقعة: 75 - 77.

والتناسب بين المقسم به والمقسم عليه الذي تراه دائماً حاضراً في القرآن، يدل علي التشابه في حكمة البناء ودقته بين سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه، وبناء مجرَّات السماء ومواقع نجومها..!

وإلي اليوم لم يكتشف العلماء من بناء الكون إلا القليل، وكلما اكتشفوا جديداً خضعت أعناقهم لبانيه عز وجل!

وكذلك لم يكتشفوا من بناء القرآن إلا القليل، وكلما اكتشفوا منه جديداً خضعت أعناقهم لبانيه عز وجل!!

كما أن التاريخ لم يعرف أمة اهتمت بحفظ كتاب وضبطه، والتأليف حول سوره وآياته وكلماته وحروفه، فضلاً عن معانيه، كما اهتمت أمة الإسلام بالقرآن..

وهذا سند ضخم، رواته الحفاظ والقراء والعلماء وجماهير الأجيال سنداً متصلاً جيلاً عن جيل..

إلي جيل السماع من فمِ الذي أنزله الله علي قلبه صلي الله عليه وآله.. ولكن سند القرآن الأعظم هو قوته الذاتية ومعماريته الفريدة!!

هذا هو اعتقاد المسلمين بالقرآن سواءٌ منهم الشيعة والسنة.. وسواء استطاع علماؤهم وأدباؤهم أن يعبِّروا عنه، أم بقي حقائق تعيش في عقولهم وقلوبهم وإن عجزت عنها ألسنتهم والأقلام..!

ولا يحتاج الأمر إلي أن ينبري كتَّاب آخر الزمان فينصحوا الشيعة بضرورة الإيمان بكتاب الله تعالي وسلامته من التحريف..

ص: 9

فنحن الشيعة نفتخر بأن اعتقادنا بالقرآن راسخ، ورؤيتنا له صافية، ونظرياتنا حوله واضحة، لأنها مأخوذة من منبع واضح صافٍ، منبع أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله، وباب مدينة علمه!

وإذا كانت بعض المصادر الشيعية فيها ما يخالف ذلك، فإن المصادر السنية فيها أكثر وأعظم!!

إن الذين يتصورون أن المشكلة خاصة بمصادر الشيعة متوهِّمون..

وفيما يلي نقدم بعض ما في مصادر هم من مصائب حول القرآن، وفيها أحاديث صحيحة تنص علي وقوع تحريف في نسخة القرآن الفعلية... … إلي آخر ما كتبه العاملي.

قال (العاملي):

وهنا ثارت ثائرة المخالفين وحذفوا الموضوع، بدل أن يعالجوا مصائب أحاديثهم!!

وكتب (رائد جواد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 8-2-2000، الرابعة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (الشيعة، والقول بتحريف القرآن! هديتي لكل غيور.. شيعياً كان، أم سنياً)، ومما جاء فيه:

وبعد، نسمع بين الآونة والأخري اتهامات توجه للشيعة الإمامية بالقول بتحريف القرآن!!!

بل ونقل البعض إجماع الشيعة علي ذلك!!

و ما عسانا أن نقول غير.. كبرت كلمة تخرج من أفواههم!

ص: 10

نحن لا ننكر وجود بعض الروايات التي يضرب بها وبأمثالها عرض الجدار، علماً أن مثل هذه الروايات نجدها في كتب أهل السنة أيضاً، وعلي الرغم من ذلك فنحن لا نقول بالتحريف ولا نتهم غيرنا به، وها نحن نقدم لأخواننا الشيعة والسنة أقوال بعض علماء الشيعة في هذه المسألة.

كما وذكرنا رأيين لعالمين من أعلام السنة حول عقيدة الشيعة في القرآن.

وقد استعرضنا ههنا آراء علماء الطائفة التي وقفنا عليها في المصادر التي بين أيدينا من تفاسير وكتب عقائدية وما شاكل، ونسأل المولي عز اسمه أن نكون قد وفقنا في بحثنا هذا الذي شرعنا فيه قربة وطاعة لوجهه الكريم فنسأله جل وعلا القبول.

نقول بعد التوكل علي الله:

جواب مسائل الطرابلسيات للشريف المرتضي علم الهدي:

(إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب، فإن العناية اشتدت والدواعي توافرت علي نقله وحراسته وبلغت إلي حدٍّ لم تبلغه فيما ذكرناه لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتي عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته فكيف يجوز أن يكون مغيراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد).

الرسالة المعروفة باعتقادات الصدوق، لشيخ المحدثين محمد بن علي بن الحسن بن بابويه القمي الملقب بالصدوق، وهو صاحب كتاب من لا يحضره الفقيه:

ص: 11

(اعتقادنا في القرآن الذي أنزله الله تعالي علي نبيه محمد (صلی الله علیه و آله) هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك - إلي أن قال - ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك فهو كاذب).

التبيان لأبي جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي شيخ الطائفة وهو صاحب كتابي التهذيب والإستبصار:

(وإنا له لحافظون: قال قتادة: لحافظون من الزيادة والنقصان ومثله قوله: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).

مجمع البيان لأمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي:

(وإنا له لحافظون: عن الزيادة والنقصان والتحريف والتغيير).

جامع الجوامع لأمين الدين أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي:

(إنا نحن: فأكدَّ عليهم أنه هو المُنْزِل للقرآن علي القطع والثبات وأنه حافظه من كل زيادة ونقصان وتغيير وتحريف بخلاف الكتب المتقدمة فإنه لم يتولَّ حفظها إنما استحفظها الربانيين، ولم يكِل القرآن إلي غير حفظه).

تفسير الصافي للمولي محسن، الملقب بالفيض الكاشاني:

(إنا نحن نزلنا الذكر: ردٌّ لإنكارهم واستهزائهم ولذلك أكدَّه من وجوه. وإنا له لحافظون: من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان).

المعين للمولي نور الدين بن مرتضي الكاشاني:

(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون: من التحريف والتغيير والزيادة والنقصان).

كنز الدقائق للشيخ محمد بن محمد رضا القمي المشهدي:

ص: 12

(إنا نحن نزلنا الذكر: ردٌّ لإنكارهم واستهزائهم ولذلك أكده من وجوه وقرره بقوله: وإنا له لحافظون، أي: من التحريف والزيادة والنقص بأن جعلناه معجزاً مبايناً لكلام البشر بحيث لا يخفي تغيير نظمه علي أهل اللسان أو نفي تطرق الخلل إليه في الدوام بضمان الحفظ له).

تفسير شبر للسيد شبر عبد الله شبر:

(وإنا له لحافظون: عند أهل الذكر واحداً بعد واحد إلي القائم).

الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي:

(وإنا له لحافظون: بما له من صفة الذكر، بما له من العناية الكاملة به، فهو ذكرٌ حيٌّ خالدٌ مصونٌ من أن يموت وينسي من أصله، مصونٌ من الزيادة عليه بما يبطل به كونه ذكراً، مصونٌ من النقص كذلك مصونٌ من التغيير في صورته وسياقه بحيث يتغير به صفة كونه ذكراً لله مبيناً لحقائق معارفه. فالآية تدل علي كون كتاب الله محفوظاً من التحريف بجميع أقسامه من جهة كونه ذكراً لله سبحانه فهو ذكر حي خالد).

المنير، لمحمد الكرمي:

(وإنا له لحافظون: من أن تنالوا به التحوير والتطوير والتغيير لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه يعني لا حين نزوله ولا من بعد إتمامه. لا حين أنت موجود ولا من بعد موتك. ولا يصيبه تحريف أو تشويش وكذلك خارج الأمر فإن الكتب السماوية التي لا مرية في نزولها - حين نزولها – من الله علي أنبيائه كالتوراة والإنجيل نراها، ونحن نستجليها الآن متغلغلة بالهنات والمؤاخذات لما طرأ عليها في مسافة عمرها من الزيادة والنقصان أما القرآن فعلي طول الشقة في عمره من لدن نزوله لحد الآن نراه مخفوراً بالمسلمين جميعاً لم يستطع أحد أن

ص: 13

يمد إليه يد التزوير علي وجود المقتضي لذلك بكثرة، والمسلم اليوم عندما يتناول القرآن يتناول عين السور والآيات الموجودة قبل ألف وأربعمائة سنة ومن هنا صينت الشريعة الإسلامية المكفولة بالقرآن نفسه من كل تذبذب).

آلاء الرحمن في تفسير القرآن للشيخ العلامة محمد جواد بلاغي:

(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون: وقوله في سورة القيامة: إنا علينا جمعه وقرآنه. ولئن سمعت في الروايات الشاذة شيئاً في تحريف القرآن وضياع بعضه فلا تقم لتلك الروايات وزناً، وقل ما يشاء العلم في اضطرابها ووهنها، وضعف رواتها ومخالفتها للمسلمين، وفيما جاءت به في مروياتها الواهية من الوهن).

أصل الشيعة وأصولها للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء قدس سره:

(إن الكتاب الموجود بين المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه - رسول الله - للإعجاز والتحدي وإنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة وعلي هذا إجماعهم).

أعيان الشيعة للسيد محسن الأمين:

(لا يقول أحد من الإمامية لا قديماً ولا حديثاً مزيد فيه قليل أو كثير فضلاً عن كلهم بل كلهم متفقون علي عدم الزيادة، ومن يعتد بقوله من محققيهم متفقون علي أنه لم ينقص منه).

الفصول المهمة للسيد عبد الحسين شرف الدين العاملي رحمه الله:

(والقرآن الحكيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما هو ما بين الدفتين، وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفاً ولا سينقص حرفاً، ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة، ولا لحرف بحرف، وكل حرف من حروفه متواتر في كل جيل

ص: 14

تواتراً قطعياً إلي عهد الوحي والنبوة، وكان مجمعاً علي ذلك العهد الأقدس، مؤلفاً علي ما هو عليه الآن، وكان جبريل (علیه السلام) يعارض رسول الله (صلی الله علیه و آله) مراراً عديدة، وهذا كله من الأمور المعلومة لدي المحققين من علماء الإمامية ولا عبرة بالحشوية فإنهم لا يفقهون).

البحار: 9/113 لباقر علوم الأئمة العلامة المجلسي:

(وإنا له لحافظون: عن الزيادة والنقصان والتغيير والتحريف).

عقائد الإمامية ص 48 للشيخ محمد رضا المظفر رحمه الله:

(لا يعتريه التبديل والتغيير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا نتلوه هو نفس القرآن المنزل علي النبي، ومن ادعي غير ذلك فهو مختلق أو مغالط أو مشتبه وكلهم علي غير هدي، فإنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه).

السيد محسن الأعرجي - المحقق البغدادي:

(الإجماع علي عدم الزيادة: والمعروف بين علمائنا حتي حكي عليه الإجماع عدم النقيصة).

السيد الخوئي قدس سره في البيان في تفسير القرآن ص 278:

(إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال، لا يقول به إلا من ضعف عقله، أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو من ألجأه إليه حب القول به، والحب يعمي ويصم، وأما العاقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته).

الأنوار النعمانية: 1/97 للسيد نعمة الله الجزائري:

ص: 15

(القرآن الذي أنزله الله تعالي علي رسوله وجعله معجزة باقية له إلي يوم القيامة هو القرآن الموجود بين أيدينا الآن لا زيادة فيه ولا نقصان ولا تحريف ولا تغيير وكل ما ورد).

وقد ألف العديد من الشيعة كتباً في الرد علي القائلين بالتحريف، منها مثلاً:

1 - التبديل والتحريف: للشريف أبي القاسم علي بن أحمد الكوفي العلوي.. رد فيه علي أهل التبديل والتحريف في ما وقع من أهل التأليف، والظاهر منه أنه رد علي الحشوية وأصحاب الحديث العاملين بمضامين أخبار الآحاد التي ذكرت فيها عدة من السور والآيات فألصقوها بكرامة القرآن الشريف واعتقدوا فيه التبديل والتحريف. الذريعة إلي تصانيف الشيعة: 3 /311.

2 - النقد اللطيف في نفي التحريف عن القرآن الشريف: للأستاذ مؤلف الذريعة إلي تصانيف الشيعة آقا بزرك الطهراني. الذريعة إلي تصانيف الشيعة: 11/188.

3 - الكامل في الصناعة: أي صناعة التجويد وهي أرجوزة مبسوطة للشيخ جعفر بن كمال الدين بن محمد البحراني الأوالي المعروف بالشيخ جعفر كمال البحراني المتوفي سنة 1088، وهي أرجوزة مرتبة علي ثلاثين باباً الموجود منه في مكتبة المشكات في طهران ثلاثة أبواب: أ - فضل القرآن. ب - نفي التحريف. ج - تواتر القراءات. الذريعة إلي تصانيف الشيعة ج 17 ص 256.

4 - نزاهة المصحف الشريف عن النسخ والنقص والتحريف: لهبة الدين الشهرستاني. الذريعة إلي تصانيف الشيعة: 24/105.

إلي غير ذلك من المؤلفات التي ألفها أصحابها لإثبات عدم التحريف للمصحف الشريف.

ص: 16

وتجدر بنا الإشارة إلي التنبيه علي نقطة مهمة ألا وهي كتاب الكافي للشيخ الكليني أعلي الله مقامه، فقد تعالت بعض الأصوات للتشكيك بعقيدته رحمه الله تجاه القرآن الكريم، لوجود بعض الأحاديث التي اشتبهوا بدلالتها أو لعدم النظر إلي حال رواتها متهمين ثقة الإسلام رحمه الله بالقول بالتحريف.

وقد ألف سماحة السيد الفاضل ثامر هاشم العميدي حفظه الله كتاباً أسماه دفاع عن الكافي، حيث أبان أدامه الله بالأدلة القاطعة اشتباه من نسب هذه الفرية لثقة الإسلام، وقد تحدثنا مع سماحته يوم أمس الأول وشكرناه علي ما قدمه من جهد لا يوصف في سبيل خدمة محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام أجمعين.

هذا ما أردنا إيراده في هذه العجالة وقد ارتأينا ختم بحثنا في هذه المسألة بذكر بعض الآراء لأخواننا أهل السنة والجماعة حول عقيدة الشيعة في القرآن.

ولله درُّ الأستاذ محمد المديني عميد كلية الشريعة بالجامعة الأزهرية إذ كتب يقول:

" وأما أن الإمامية يعتقدون نقص القرآن فمعاذ الله وإنما هي روايات رويت في كتبهم كما روي مثلها في كتبنا، وأهل التحقيق من الفريقين قد زيفوها، وبينوا بطلانها وليس في الشيعة الإمامية أو الزيدية من يعتقد ذلك، كما إنه ليس في أهل السنة من يعتقده ". مع الصادقين ص 120.

يا لها من كلمة رائعة يخشع لها قلب القارئ لعظمتها، وهي إن دلت علي شئ فإنما تدل علي تحلي قائلها بأخلاق الإسلام بعيداً عن التعصب والحقد والكراهية فأثابه الله تعالي عن المسلمين كل خير.

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 4 - 4 - 2000، الثالثة والنصف صباحاً:

ص: 17

أحسنت أخي رائد.

لقد أسمعت لو ناديت حياًّ … ولكن لا حياة لمن تنادي

أين الغيرة علي الإسلام والقرآن عند من يبحث عما يشنع به علي الشيعة؟!!

http:/ www. shialink. net / muntada / Forum 2 / HTML / 002786. htm

http:/ www. shialink. net / muntada / Forum 2 / HTML / 002819. htm

اللهم صل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر.

ضمان الله نفي تحريف المحرفين بآل نبيه صلی الله علیه و علیهم

كتب (علي 2000) في شبكة هجر، بتاريخ 2 - 1 - 2000، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (عدول من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين)، قال فيه:

روي ابن حجر في صواعقه ص 128:

(في كل خلفٍ من أمتي عدولٌ من أهل بيتي ينفون عن هذا الدين تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين ألا وإن أئمتكم وفدكم إلي الله تعالي فانظروا من توفدون).

وقال النبي صلي الله عليه وآله، كما رواه الحاكم في المستدرك: 3/148:

(ومن أحب أن يحيا حياتي ويموت ميتتي ويدخل الجنة التي وعدني بها ربي وهي جنة الخلد، فليتول علياًّ وذريته من بعدي، فإنهم لن يخرجوكم من هدي ولن يدخلوكم باب ضلالة).

ص: 18

الفصل الثاني: روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر السنيين

اشارة

ص: 19

ص: 20

روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر السنيين

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 3 - 6 - 1999، التاسعة ليلاً، أيضاً موضوعاً بعنوان (القرآن معصوم عن التحريف)، قال فيه:

كنا نأمل أن تتوقف موجة التهمة لنا بأنا نعتقد بتحريف القرآن والعياذ بالله..

أو أن يقف بعض علماء السنة فيجيبوا أصحاب هذه التهمة، وينصحوا الذين يرفعونها شعاراً وينبزون بها الشيعة... ولكنا لم نرَ شيئاً من ذلك مع الأسف..

فكان لا بد أن نستخرج نماذج من الأحاديث والنصوص في مصادر السنيين في هذه الصفحات، راجين أن يعالجوها معالجة علمية كما نعالج نحن الروايات المشابهة في مصادرنا، وأن ينتهي هذا التنابز والقول بأن الشيعة أو السنة لا يؤمنون بالقرآن.. حتي تتوجه جهودنا وجهودهم إلي بحوث القرآن وتعريف المسلمين بجواهره وكنوزه.. ودعوة العالم إلي هداه.. فذلك خير لنا عند الله وعند الناس.

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة عمر
اشارة

قال السيوطي في الدر المنثور: 6/422:

(وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً

ص: 21

محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين. قال بعض العلماء: هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه، وإلا فالموجود الآن لا يبلغ هذه العدة.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/163، وقال: رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس، ذكره الذهبي في الميزان لهذا الحديث، ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً، وبقية رجاله ثقات. ورواه في كنز العمال: 1/517، وقال عن مصادره ط ص، عن عمر.

ورواه في: 1/541 وعن طس، وابن مردويه وأبو نصر السجزي في الإبانة عن عمر. قال أبو نصر: غريب الإسناد والمتن، وفيه زيادة علي ما بين اللوحين، ويمكن حمله علي ما نسخ منه تلاوة مع المثبت بين اللوحين اليوم). انتهي.

وبما أن عدد حروف القرآن ثلاث مئة ألف حرفٍ وكسر، وهي لا تبلغ ثلث العدد الذي قاله الخليفة في الرواية، فيكون مقصوده ضياع أكثر من ثلثي القرآن بعد النبي صلي الله عليه وآله!

ولا يمكن قبول رواية السيوطي بأن ما نسخ من القرآن أكثر من الثلثين!!

وقال ابن حجر في لسان الميزان: 5/276:

(عبيد بن آدم بن أبي إياس العسقلاني: تفرد بخبر باطل، قال الطبراني: حدثنا محمد بن عبيد، قال حدثنا أبي، عن جدي، عن حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف،

فمن قرأه صابراً محتسباً كان له بكل حرف زوجة من الحور العين. قال الطبراني في معجمه الأوسط: لا يروي عن عمر إلا بهذا الإسناد). انتهي.

ص: 22

ولكن قول ابن حجر إن الحديث باطل ليس له مستند علمي، بعد أن مال الهيثمي إلي توثيقه وقال إن محمد بن عبيد من شيوخ الطبراني، وبقية رجال السند ثقات.. وقد نقل السيد الخوئي توثيقهم لمحمد بن عبيد.

مضافاً إلي كثرة مؤيداته من الروايات التي يقول فيها الخليفة:

فقد فيما فقدنا من القرآن..

أسقط فيما أسقط..

- قرآن كثير ذهب مع محمد..!

- رفع فيما رفع..!!!

قال السيوطي في الدر المنثور: 5/179:

(وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال: أمر عمر بن الخطاب مناديه فنادي إن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: يا أيها الناس لا تجزعن من آية الرجم، فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد...).

وقال في كنز العمال: 2/567:

(من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد في ما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها. قال: أسقط في ما أسقط من القرآن. وقال في رواية أخري:... فرفع فيما رفع!).

وفي ج 6 ص 208:

(عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة، عن أبيه، عن جده أن عمر بن الخطاب قال لأبي: أوليس كنا نقرأ من كتاب الله: إن انتفاءكم من آبائكم كفر

ص: 23

بكم؟ فقال: بلي، ثم قال: أوليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر.. فقد فيما فقدنا من كتاب الله؟ قال: بلي!). انتهي.

سورة الأحزاب، ضاع منها أكثر من 200 آية

روي في كنز العمال: 2/480:

(من مسند عمر رضي الله عنه، عن حذيفة، قال: قال لي عمر بن الخطاب: كم تعدون سورة الأحزاب؟ قلت: ثنتين أو ثلاثاً وسبعين، قال: إن كانت لتقارب سورة البقرة، وإن كان فيها لآية الرجم. ابن مروديه. وروي نحوه أحمد في مسنده: 5/132، ولكن عن أبي بن كعب. وكذا الحاكم في المستدرك: 2/415، و:4/359: وقال في الموردين: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ورواه البيهقي في سننه: 8/211 كما في رواية الحاكم الثانية). انتهي.

وروي في كنز العمال: 2/567:

(عن زر قال: قال لي أبي بن كعب: يا زر كأين تقرأ سورة الأحزاب؟

قلت: ثلاثاً وسبعين آية.

قال: إن كانت لتضاهي سورة البقرة، أو هي أطول من سورة البقرة،

وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم.

وفي لفظ: وإن في آخرها الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم، فرفع فيما رفع!!

عب ط ص عم، وابن منيع ن، وابن جرير وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف، قط في الإفراد، ك وابن مردويه، ص.

ص: 24

ورواه السيوطي في الدر المنثور: 5/180، ثم قال: وأخرج ابن الضريس عن عكرمة قال: كانت سورة الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول، وكان فيها آية الرجم). انتهي.

وبما أن سورة البقرة 286 آية.. فيكون الناقص من سورة الأحزاب حسب رأي عمر أكثر من 200 آية!!

سورة براءة ضاع أكثرها

قال الهيثمي في مجمع الزوائد: 5/302:

(وعن أبي موسي الأشعري قال: نزلت سورة نحواً من براءة فرفعت، فحفظت منها: إن الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم. فذكر الحديث. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير علي بن زيد وفيه ضعف، ويحسن حديثه لهذه الشواهد).

وقال في: 7/28:

(عن حذيفة قال: تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب وما تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها.

رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات).

وقال الحاكم في المستدرك: 2/330:

(عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن حذيفة رضي الله عنه قال: ما تقرؤون ربعها - يعني براءة - وإنكم تسمونها سورة التوبة وهي سورة العذاب. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه).

وقال السيوطي في الدر المنثور: 1/105:

ص: 25

(وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس عن أبي موسي الأشعري قال: نزلت سورة شديدة نحو

براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها أن الله سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم!).

وقال في: 3/208:

(وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه عن حذيفة رضي الله عنه قال التي تسمون سورة التوبة هي سورة العذاب والله ما تركت أحداً إلا نالت منه ولا تقرؤون منها مما كنا نقرأ إلا ربعها!!). انتهي.

والظاهر أن أصل ادعاء هذه السورة من أبي موسي الأشعري، وأن آيات وادي التراب المزعومة منسوبة إليها!

وأما آية أبي موسي عن تأييد الدين بالفجار فقد يكون هدفها تبرير إعطاء مناصب الدولة إلي المنافقين والفساق!!

ولا بد أن تكون هذه السورة المزعومة موجودة في مصحف أبي موسي الذي صادره منه حذيفة بأمر الخليفة عثمان وكان أبو موسي يترجاه أن يترك له الإضافات ولا يمحوها، وسيأتي ذكره في بحث جمع القرآن!

وهذا يضعف رواية نقص سورة براءة عن حذيفة، وإن صحت عنه فقد يكون قال: إنكم لا تقرؤونها حق قراءتها، فحرف الرواة كلامه.. لأن حذيفة كان يحذر من المنافقين الذين كشفتهم السورة وحذرت منهم!!

ص: 26

وكتب (الفخر الرازي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 26 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً، موضوعاً بعنوان (أسماء أكابر سلف أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن واعتراف أكابر علمائهم به - 1)، قال فيه:

من قال بتحريف القرآن من أكابر سلف أهل السنة وصحابتهم وأفاخم علمائهم:

الأول: عمر بن الخطاب

أعتقد الآن بعد ما ذكرناه وكررناه طويلاً من الجمل الركيكة والكلمات الغريبة التي أخذ عمر بن الخطاب ينسبها للقرآن الكريم والتي بعضها نقطع من أنها قول للرسول صلي الله وآله وسلم كالولد للفراش وللعاهر الحجر التي دعمناها بأقوال الصحابة والتابعين، يكون قولنا إن ابن الخطاب إن لم يكن

هو سيد رجالات التحريف فلا أقل أنه من أوائلهم ويدخل في زمرة من نسب شيئاً للقرآن وليس منه جهلاً أو عدواناً وبغياً..

الدر المنثور: 6 /216:

(أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة ابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن خرشة بن الحر، قال: رأي معي عمر بن الخطاب لوحاً مكتوباً فيه: إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلي ذكر الله.

فقال: من أملي عليك هذا؟

قلت: أبي بن كعب.

قال: إن أبياًّ أقرؤنا للمنسوخ، قرأها: فامضوا إلي ذكر الله.

وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال: قيل لعمر إن أبيا يقرأ: فاسعوا إلي ذكر الله قال عمر: أبي أعلمنا بالمنسوخ، وكان يقرؤها: فامضوا إلي ذكر الله).

ص: 27

تعني هاتين الروايتين أن عمر بن الخطاب يعتقد أن ما يقرؤه المسلمون شرقاً وغرباً ليس كما أراده الله عز وجل ورسوله صلي الله عليه وآله وسلم!

فيكون المسلمون في نظره قد غيروا في القرآن وجعلوه علي خلاف ما أنزله الله تعالي.

فمن الذي تلاعب في القرآن وحرف وغير مراد الله ورسوله؟!

الثاني: عثمان بن عفان

وهذا ابن عفان يدعي أن في مصحفنا أخطاء وأغلاط وهو ما يسمي في كلمات أهل الإختصاص اللحن!

وهو كما قال صاحب المفردات الأصفهاني: لحن: اللحن صرف الكلام عن سننه الجاري عليه إما بإزالة الإعراب أو التصحيف. المفردات للراغب ص 449.

وقال الطريحي في الصحاح: اللحن: الخطأ في الإعراب. الصحاح للطريحي: 6/2193..

ومن تلك الأمثلة:

- قوله تعالي: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون.

فإنهم ادعوا أن فيها لحناً وخطأ، وحتي تكون سليمة من التحريف يجب أن تكتب (والصابئين) بالياء،

وكذا قوله تعالي: والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة.

ويجب أن تكتب (والمؤتين الزكاة) بالياء ليكون القرآن سالماً من تحريف الكتاب!

الروايات:

ص: 28

كتاب المصاحف لابن أبي داود: 1/232 وما بعدها. تحقيق محب الدين واعظ:

عن عكرمة قال: لما أتي عثمان بالمصحف رأي فيه شيئاً من لحن فقال: لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا.

وأخرج ابن أبي داود عن عبد الأعلي بن عبد الله بن عامر القرشي قال: لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم أري شيئاً من لحن ستقيمه العرب بألسنتها.

أخرجه من طريقين.

وأخرج ابن أبي داود عن قتادة: أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال: إن فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها.

وأخرج ابن أبي داود عن يحيي بن يعمر قال: قال عثمان: إن في القرآن لحناً وستقيمه العرب بألسنتها. أخرجه من طريقين.

الثالث: الإمام علي عليه السلام (؟!)

هذا المورد وغيره من باب الإلزام، ولا نسلم نحن الإمامية بهكذا موارد، فتنبه!

الدر المنثور: 6/157:

(وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قيس بن عباد، قال: قرأت علي علي عليه السلام: (وطَلْحٍ مَنْضود)، فقال علي: ما بال الطلح! أما تقرأ (طلع)؟ ثم قال: (طلعٌ نضيدٌ).

فقيل له: يا أمير المؤمنين أنحكها من المصاحف؟ فقال: لا يهاج القرآن اليوم).

ص: 29

وفي تفسير الطبري: 27/104:

(فهذا أمير المؤمنين عليه السلام عدل القرآن الأوحد وسيد العترة الطاهرة، المعلم الأول للقرآن لمن هو دون الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله وسلم يحكم بأن مصحفنا فيه تحريف. أو ليس علي بن أبي طالب عليه السلام من سلفهم الصالح وهذه مروياتهم؟!).

وكتب (يحيي بن الحاشر العسقلاني) بتاريخ 29 - 1 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

حي علي البقية!.. حي علي البقية!

أزدنا لا فض فوك.. أزدنا لا فض فوك ثم لا فض فوك ثم لا فض فوك!

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الثانية والنصف صباحاً:

قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.

اللهم وصل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر.

وكتب (غشمرة) بتاريخ 5 - 3 - 2000، العاشرة ليلاً:

أي حق الذي جاء؟ وأي باطل الذي زهق؟ نشوفك (م) علي خير.

وكتب (خادم أهل البيت) بتاريخ 5 - 3 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

أرحنا بالباقي يا فخر الرازي وأحسنت علي هذا الكلام الجميل، ولا تتأخر بمتابعة الموضوع.

قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وكتب (مدمر النواصب) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الثامنة والنصف صباحاً:

نوّرنا أكثر عن أعمالهم الإرهابية!

ص: 30

وكتب (الفخر الرازي) بتاريخ 8 - 3 - 2000، الثانية ظهراً:

حقاًّ أشكر سدنة الموقع الذين أعادوا نشر هذا البحث.

أما - الغشمرة - فلسنا من أهلها، وهي دليل علي العجز والتهالك، كالعادة!

وكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 8 - 3 - 2000، الخامسة عصراً:

أليس هذا المصحف الذي بين أيدينا من جمع أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق، وعثمان رضي الله عنهم؟ إذا كان هؤلاء يحرفون القرآن، فكيف تثقون بنقلهم؟ هل تقبلون أن ينقل لكم كلام ربكم كافر؟

قال (العاملي):

يراجع موضوع أن مصحفنا الفعلي كتب عن نسخة علي عليه السلام.

وتابع (الفخر الرازي):

الرابع: مرجع الصحابة في القرآن، عبد الله بن مسعود

عند ابن مسعود كلام طويل لو أردنا استقصاءه، ولكنا نستقصر علي المهم كإنكاره قرآنية المعوذتين وبعض مواقفه.

فهو بنفي قرآنية المعوذتين يكون قد تجاهر بتحريف القرآن ودعا إليه غيره، في قوله: لا تخلطوا فيه ما ليس منه. وكان يمحوهما من المصحف، فهو إذاً محرف للقرآن بالنقيصة والمسلمون حرفوا القرآن بالزيادة في نظره!

وصحة هذه النسبة لابن مسعود لا يمكن التردد فيها بعد شياعها عنه حتي وردت في كتب الشيعة الإمامية.

ووردت رواية عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام في الوسائل تنص علي ذلك.

وسائل الشيعة للحر العاملي رضوان الله تعالي عليه: 4/786:

ص: 31

(عن أبي عبد الله عليه السلام، أنه سئل عن المعوذتين، أهما من القرآن؟

فقال الصادق عليه السلام: هما من القرآن.

فقال الرجل: إنهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ولا في مصحفه.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: أخطأ ابن مسعود - أو قال -: كذب ابن مسعود وهما من القرآن. فقال الرجل: فأقرأ بهما في المكتوبة؟ فقال: نعم).

الوسائل: 4/787:

(عن أبي بكر الحضرمي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن ابن مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف.

فقال: كان أبي يقول: إنما فعل ذلك ابن مسعود برأيه وهما من القرآن).

والدر المنثور: 4/416:

(أخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس وابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول: لا تخلطوا القرآن بما ليس منه، إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي صلي الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما، وكان ابن مسعود لا يقرأ بهما.

قال البزار: لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف).

والمشكلة في مخالفة ابن مسعود وعناده، أن روايات إخواننا أهل السنة المخرجة في الصحاح تجعل ابن مسعود هو الموصي عليه من قبل النبي صلي الله عليه وآله وسلم ليتصدي لتعليم الصحابة القرآن وأنه مرجعهم في العرضة الأخيرة للقرآن إذ كان هو المتفرد من بين الصحابة بتلقي العرضة الأخيرة للقرآن التي عرضها

ص: 32

جبريل عليه السلام علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم وعلي حد تعبير ابن عباس يكون ابن مسعود عَلِم: " ما نُسخ وما بُدل ".

النتيجة:

أن من سلم بهذه الروايات المخرجة في صحيح البخاري ومسلم من خصوصيات ابن مسعود ومكانته ومرجعيته، ويقطع بعدالة ابن مسعود وأنه لا يدعي الكذب أو يتعمد خيانة الأمة، ويري ابن مسعود مصراً مؤكداً علي أن المعوذتين ليستا من القرآن، وبقي علي عناده إلي أن استشهد رضوان الله تعالي عليه، يلزمه أن يذهب مذهب ابن مسعود من إنكار المعوذتين أو علي الأقل الظن القوي في عدم كونهما من القرآن، لأنه تفرد بعلم ما نسخ وما بدل من القرآن.

فلم لا تكون مما قد نسخ؟ أو لم يعرضها عليه الرسول صلي الله عليه وآله وسلم لأنهما عوذتان في الأصل! هذا بالنسبة للمعوذتين.

وما بالك بابن مسعود وقد جاء حين جمع القرآن يريد إدخال آيات قرآنية - في نظره - ويرده عمر بن الخطاب ويرفض طلبه!

الدر المنثور: 1/303:

(قال عبد الله بن مسعود: اكتبوا: والعصر إن الإنسان ليخسر وإنه فيه إلي آخر الدهر.

فقال عمر: نحوا عنا هذه الأعرابية).

فكيف نجمع بين ما أخرجه البخاري ومسلم من أمر النبي صلي الله عليه وآله وسلم الصحابة بأخذ القرآن من ابن مسعود وأن من أراد أن يقرأ القرآن غضاًّ طرياًّ ليقرأ علي قراءته،

ص: 33

وأنه صلي الله عليه وآله وسلم رضي لأمته ما رضي لها ابن مسعود ويكره ما كرهه ابن مسعود وبين رفض عمر شهادته ورده خائباً حاسراً!؟

وكذلك هذا المورد الذي وافق فيه ابن مسعود ابن الخطاب وحكموا علي أمتنا الإسلامية اليوم بأنها تدين لله عز وجل بقرآن محرف!

الدر المنثور: 6/219:

(وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني من طرق عن ابن مسعود إنه كان يقرأ: فامضوا إلي ذكر الله.

قال: ولو كانت " فاسعوا " لسعيت حتي يسقط ردائي!).

فابن مسعود يخطئ قرآننا اليوم، ويصرح بأن الآية ليست هكذا: فاسعوا إلي ذكر الله.

أيتبع إخواننا أهل السنة قول النبي صلي الله عليه وآله بمتابعة ابن مسعود؟ أم يخالفونه!؟

وهذه أيضاً نفس الكلام يعاد فيها.

الدر المنثور: 4/19:

(وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ: إني أراني أعصر عنباً.

وقال: والله لقد أخذتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم هكذا.

أنثق بابن مسعود، أم أنه كان يحرف القرآن؟!).

الخامس: سيد القراء أبي بن كعب

الدر المنثور: 6/378:

ص: 34

(وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال: قلت: يا أمير المؤمنين إن أبياًّ يزعم أنك تركت من آيات الله آية لم تكتبها!

قال: والله لأسألن أبياًّ فإن أنكر لتكذبن.

فلما صلي صلاة الغداة غدا علي أبيّ فأذن له وطرح له وسادة.

وقال: يزعم هذا أنك تزعم أني تركت آية من كتاب الله لم أكتبها!

فقال: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: لو أن لابن آدم واديين من مال لابتغي إليهما وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف بن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب.

فقال عمر: أفأكتبها؟ قال: لا أنهاك!

قال - يقصد الرواي -: فكأن أبياًّ شك أقول من رسول الله صلي الله عليه وسلم أو قرآن منزل.

والقول الأخير لا يعدو مجرد احتمال هو للتخرص أقرب من الحس، فكيف يعلم الراوي عما في ضمير الغير؟!

بل وأزيد من ذلك هو عاري من الصحة أيضاً لمعارضتها مع رواياتهم الصحيحة الحاكية مفاخرة أبيّ بن كعب بأن الله عز وجل أمر نبيه أن يقرأه هذه المقاطع من القرآن فكيف يشك فيها!؟

عن أبي بن كعب قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الله قد أمرني أن أقرأ عليك القرآن فقرأ: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين، ومن بقيتها: لو أن ابن آدم سأل وادياً من مال فأعطيته سأل ثانياً وإن سأل ثانياً فأعطيته سأل ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب

ص: 35

وإن الدين عند الله الحنيفية غير اليهودية ولا النصرانية ومن يعمل خيراً فلن يكفره).

أخرج في المستدرك علي الصحيحين: 2/224 علق عليه الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.

وكذا روي في مسند أحمد: 5/117 الطبعة الميمنية، مجمع الزوائد للهيثمي: 7/141 سورة لم يكن:

(قال ابن عباس، فقلت: صدق الله ورسوله: لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغي الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب.

قال عمر: ما هذا؟

فقلت: هكذا أقرأنيها أبيّ. قال: فمر بنا إليه.

قال: فجاء إلي أبيّ، فقال: ما يقول هذا؟

قال أبي: هكذا أقرأنيها رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم). انتهي.

والرواية الأخيرة تصرح أن عمر سأل أبي بن كعب " أأثبتها؟ ".

فلم تذكر رأي أبي بن كعب، وإنما اقتصرت علي الإخبار بإثبات عمر لها في المصحف!

وعلي تلك الرواية: أبي بن كعب يخبر الصحابة أن عمر قد ترك من القرآن ما لم يكتب في المصحف ومن غير ومن غير المقبول نسبة الكذب والإفتراء لابن عباس!

وعند المواجهة مع ابن الخطاب لم يعترف أبيّ بما أخبر به الصحابة ولكنه لا يمانع من دمجها في المصحف كغيرها من الآيات! هذا مورد النقيصة.

ص: 36

أما الزيادة فهو ما كتبه في مصحفه واشتهر عنه أنه كان يقول بأن هاتين السورتين من القرآن " الخلع " و " الحفد ".

هذا نص سورة الخلع المزعومة:

بسم الله الرحمن الرحيم

(الَّلهُمَّ إنَّا نَسْتَعينُك ونَسْتَغْفِرُكَ ونُثْنِي عَلَيْكَ الخَيْر ولا نَكْفُرُكَ وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك).

نص سورة الحفد المزعومة:

بسم الله الرحمن الرحيم

(اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُْد ولَكَ نُصَلِّي وَنَسْجُد وَإِليْكَ نَسْعَي نَحْفَدْ نَرْجُو رَحْمَتَك ونَخْشَي عَذابَكَ اَلَجَد إِنّ عَذَابَك بالكُفّارِ مُلْحَقٌ).

الدر المنثور: 6/420 ط. دار المعرفة بالأوفست:

(قال ابن الضريس في فضائله، أخبرنا موسي بن إسماعيل، أنبأنا حماد، قال: قرأنا في مصحف أبيّ بن كعب: " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك ".

قال حماد هذه الآن سورة. واحسبه قال: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نخشي عذابك ونرجو رحمتك إن عذابك بالكفار ملحق).

الإتقان في علوم القرآن:1/65 ط. الحلبي - الثالثة:

(وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة، عن أبي بن كعب، أنه كان يقنت بالسورتين فذكرهما وأنه كان يكتبهما في مصحفه).

الإتقان في علوم القرآن: 1/65 ط. الحلبي - الثالثة:

ص: 37

(وفي مصحف ابن مسعود مائة واثنا عشرة سورة لأنه لم يكتب المعوذتين، وفي مصحف أبيّ ست عشر لأنه كتب في آخره سورتي الحفد والخلع).

ولعل ذلك وأمثاله هو الذي جعل العلامة السيوطي يضعهما في آخر تفسيره الدر المنثور كباقي سور القرآن!! نعوذ بالله من غضبه!

ونحبذ نقل ما قاله ابن قتيبة في تأويل مشكل القرآن:

تأويل مشكل القرآن ص 33، لابن قتيبة، تحقيق سيد أحمد صقر ط. الحلبي.

(وأما نقصان مصحف عبد الله بحذفه أم الكتاب والمعوذتين وزيادة أبي سورتي القنوت فإنا لا نقول: إن عبد الله وأبياًّ أصابا وأخطأ المهاجرون والأنصار!).

السادس: حبر الأمة عبد الله بن عباس

الكاتب ناعس!!

ما أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره: 18/136:

(عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرؤها: أ فلم يتبين الذين آمنوا.

قال: كتب الكاتب الأخري وهو ناعس!).

يقصد بالأخري التي أخطأ بها الكاتب الناعس! أفلم ييأس، هي الموجودة في مصحفنا اليوم!

التصاق الواو!!

وعن الدر المنثور: 4/170:

(أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله:

ص: 38

وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه، قال: إلتزقت الواو بالصاد وأنتم تقرؤونها: وقضي ربك.

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وأخرج أبو عبيد وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أنزل الله هذا الحرف علي لسان نبيكم صلي الله عليه وسلم: ووصي ربك أن لا تعبدوا إلا إياه، فالتصقت إحدي الواوين بالصاد فقرأ الناس: وقضي ربك. ولو نزلت علي القضاء ما أشرك به أحد).

ابن حجر يقر بصحة روايات التحريف

وهذه الروايات لا يمكن ردها من جهة السند لدعوي ضعفها سنداً فهي مدعمة بشهادة من قيل عنه في التقيد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح - التمهيد -:

(وحيد عصره وإمام الدنيا بأسرها في أيامه في علوم الحديث والفقه والجرح والتعديل وجميع الفنون وهو صاحب فتح الباري حيث اعترض علي من طعن في تلكم الروايات وأصر علي أن رواية ابن عباس السابقة الواردة في الطبري رجالها رجال الصحيح فكيف ترد مثلها؟! بل ذهب إلي لزوم تأويلها لا رفضها).

وهذا ما قاله في فتح الباري:

(وروي الطبري وعبد بن حميد بإسناد صحيح كلهم من رجال البخاري عن ابن عباس أنه كان يقرأها: أفلم يتبين. ويقول كتبها الكاتب وهو ناعس!!).

قال ابن حجر:

ص: 39

(وأما ما أسنده الطبري عن ابن عباس فقد اشتد إنكار جماعة ممن لا علم له بالرجال صحته، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته - إلي أن قال -: هي والله فرية ما فيها مرية، وتبعه جماعة بعده والله المستعان! وقد جاء نحو ذلك في قوله تعالي: وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه، قال: ووصي، التزقت الواو في الصاد. أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيد عنه، وهذه الأشياء وإن كان غيرها المعتمد ولكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس دأب أهل التحصيل، فلينظر في تأويله بما يليق به). الإنصاف في مسائل الخلاف:1/18-19، نقلاً عن فتح الباري: 8/475.

وفي الإتقان: (التصقت الواو بالصاد).

تصحيح ابن حجر العسقلاني لمثل هذه الروايات في غاية الإشكال وقوله في آخره: " فلينظر في تأويله بما يليق " إنما هي لرفع العتب وعدم المؤاخذة، وإلا كيف نؤول " التزقت الواو في الصاد "!

مرة أخري، أخطأ الكاتب

الدر المنثور: 5/38:

(وأخرج الفريابي وسعيد ابن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتي تستأنسوا وتسلموا علي أهلها.

قال: أخطأ الكاتب! إنما هي: حتي تستأذنوا!!).

الكاتب، يعيدها

الدر المنثور: 5/48:

ص: 40

(وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: مثل نوره، قال: هي خطأ من الكاتب! هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة، قال: مثل نور المؤمن كمشكاة).

وهكذا يتجاهر ابن عباس في القول بتحريف القرآن في موارد عدة.. ولا أدري كيف يؤول إخواننا أهل السنة جملة " أخطأ الكاتب "!

ابن عباس يدعو لتحريف القرآن

الدر المنثور: 4/320:

(أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ: ولقد آتينا موسي وهارون الفرقان وضياء. ويقول: خذوا هذه الواو واجعلوها ههنا: الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم. الآية.

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: ولقد آتينا موسي وهارون الفرقان وضياء. قال: انزعوا هذه الواو واجعلوها في: الذين يحملون العرش ومن حوله.

والروايتان تبينان أن ابن عباس لم يكن يحبذ وجود هذه الواو التي تفصل بين (الفرقان) و (ضياء)، ويري أن الأفضل التخلص منها بإزالتها عن مكانها!!).

وكتب (الفخر الرازي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27 - 1 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (أسماء أكابر سلف أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن واعتراف أكابر علمائهم به - 3)، قال فيه:

السابع: أم المؤمنين، عائشة بنت أبي بكر:

ص: 41

عائشة تتجاهر بتحريف القرآن!

الدر المنثور: 2/246:

(وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي داود وابن المنذر عن عروة قال: سألت عائشة عن لحن القرآن: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون. والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة. قالوا إن هذان لساحران.

فقالت: يا ابن أختي هذا عمل الكتاب أخطأوا في الكتاب).

الدر المنثور: 5/12:

(وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن اشته وابن الأنباري معاً في المصاحف والدارقطني في الإفراد والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبيد بن عمير، أنه سأل عائشة.

كيف كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية: " والذين يؤتون ما أتوا " أو " والذين يؤتون ما آتوا ".

فقالت: أيتهما أحب إليك؟

قلت: والذي نفسي بيده لأحداهما أحب إلي من الدنيا جميعاً.

قالت: أيهما؟

قلت: " الذين يأتون ما أتوا "!

فقالت: أشهد أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كذلك كان يقرؤها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرّف!).

الدر المنثور: 6/321:

ص: 42

(وأخرج عبد بن حميد عن هشام بن عروة قال: كان أبي يقرؤها: وما هو علي الغيب بضنين.

فقيل له في ذلك، فقال: قالت عائشة: إن الكتاب يخطئون في المصاحف).

متتابعات.. فقدت

عن سنن الدار قطني مجلد 2 ص 192 ح 60 علق عليه: هذا إسناد صحيح.

(والذي بعده أيضاً: بسنده عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت: نزلت: فعدة من أيام أخر متتابعات. فسقطت متتابعات!).

المصدر نفسه ح 61 بسنده عن ابن شهاب قال:

(قالت عائشة: نزلت: فعدة من أيام أخر متتابعات. فسقطت متتابعات! سقط لم يقل غير عروة).

وتذكر الروايات التي مرت سابقاً أن أبي بن كعب وابن مسعود وابن عباس وربيع بن خيثم كلهم كتبوها في مصاحفهم بهذه الزيادة وكانت هي قراءتهم الدائمة حتي أن ابن مسعود لم يكن يترك آية فيها ثلاثة أيام إلا بتعقيبها بمتتابعات! وهذا يقوي مذهب عائشة في التحريف!!

عائشة تحرف القرآن عملياً!

الدر المنثور: 1/302:

(وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي داود وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن أبي يونس مولي عائشة قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي.

ص: 43

فلما بلغتها آذنتها فأملت عليّ: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر وقوموا لله قانتين. وقالت عائشة: سمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم.

وأخرج سعيد بن منصور وأبو عبيد عن زياد بن أبي مريم إن عائشة أمرت بمصحف لها إن يكتب. وقالت: إذا بلغتم: حافظوا علي الصلوات، فلا تكتبوها حتي تؤذنوني، فلما أخبروها أنهم قد بلغوا. قالت: اكتبوها: صلاة الوسطي صلاة العصر).

الدر المنثور: 1/303:

(وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طريق نافع عن حفصة زوج النبي صلي الله عليه وسلم إنها قالت لكاتب مصحفها: إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتي أخبرك بما سمعت

من رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأخبرها قالت: اكتب، فإني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقرأ: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وهي صلاة العصر).

وبقي تحريف عائشة لمصحفها إلي زمن متأخر بعد وفاتها لما روي الدر المنثور: 1/302:

(وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود عن هشام بن عروة قال: قرأت في مصحف عائشة: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر وقوموا لله قانتين).

ص: 44

لأن هشام بن عروة بن الزبير قرأ ذلك التحريف في مصحفها وقد ولد سنة إحدي وستين وتوفيت عائشة سنة سبع وخمسين للهجرة، فلم ترَ عائشة هشاماً وليداً، ومعلوم أن قارئ المصحف لا يقرأ في أول سنيِّ عمره.

الثامن: أم المؤمنين حفصة بنت عمر:

حفصة تشهد لإدخال زيادة في القرآن!

الدر المنثور: 1/303، والسند فيه ضعف:

(أخرج ابن الأنباري في المصاحف إلي - قوله - فقالوا: أصبت، فجمعوا القرآن وأمر أبو بكر منادياً فنادي في الناس من كان عنده من القرآن شئ فليجئ به قالت: حفصة إذا انتهيتم إلي هذه الآية فأخبروني: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي. قالت: اكتبوا: والصلاة الوسطي وهي صلاة العصر.

فقال لها عمر: ألك بهذا بينة؟

قالت: لا!

قال: فوالله لا ندخل في القرآن ما تشهد به امرأة بلا إقامة بينة).

حفصة تحرف القرآن عملياًَ بعد أن لم تستطع إدخال الزيادة في قرآن المسلمين فعلت ذلك في مصحفها!!

وأخرج عبد الرزاق والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف عن أبي رافع مولي حفصة قال:

(استكتبتني حفصة مصحفاً، فقالت: إذا أتيت علي هذه الآية فتعال حتي أمليها عليك كما أقرئتها، فلما أتيت علي هذه الآية: حافظوا علي الصلوات. قالت: أكتب: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر).

ص: 45

وأخرج مالك وأبو عبيد وعبد بن حميد وأبو يعلي وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه عن عمرو بن رافع قال:

(كنت أكتب مصحفاً لحفصة زوج النبي صلي الله عليه وسلم فقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي. فلما بلغتها آذنتها فأملت علي: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر وقوموا لله قانتين. وقالت: أشهد أني سمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم).

وأخرج عبد الرزاق عن نافع:

(أن حفصة دفعت مصحفاً إلي مولي لها يكتبه وقالت: إذا بلغت هذه الآية: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي فآذني. فلما بلغها جاءها فكتبت بيدها: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر).

الدر المنثور: 1/302-303:

(وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق نافع عن ابن عمر، عن حفصة أنها قالت لكاتب مصحفها: إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني، حتي أخبرك ما سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم. فلما أخبرها قالت: أكتب إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر).

وأخرج البيهقي في السنن الكبري: 1/462 ح 2009:

(عن عمر بن رافع مولي عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه قال: كنت أكتب المصاحف في زمان أزواج النبي صلي الله عليه وسلم فاستكتبتني حفصة بنت عمر مصحفاً لها فقالت لي: أي بني، إذا انتهيت إلي هذه الآية: حافظوا

ص: 46

علي الصلوات والصلاة الوسطي، فلا تكتبها حتي تأتيني فأمليها عليك كما حفظتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم.

فلما انتهيت إليها حملت الورقة والدواة حتي جئتها فقالت أكتب: حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي هي صلاة العصر وقوموا لله قانتين).

ولا تعجب في موافقة حفصة لعائشة..

فإن قصة ريح المغافير التي لعبت كل منهما دوراً فيها بإزعاج النبي صلي الله عليه وآله وسلم حتي أنزل الله عز وجل بهما قوله: " إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير عسي ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكاراً.. ".

كشف أن المرأتين كانتا في حالة وفاق علي ما تقومان به، ولا أقل من تشاورهما في تلكم الحوادث العظام.

وكيف يستبعد أن تعلم إحداهما عملها في مصحفها ورأيها في آيات الله عز وجل!

ولا أكاد أعقل أن يدخل أحدهم شيئاً في القرآن ويشهد علي أنه منه ويعاود الكرة مرة بعد مرة، ولا يعتقد بأن هذا الشئ من القرآن!

فإن كان من القرآن في نظر حفصة فهو تحريف بالنقيصة إذ لا وجود لهذه الزيادة في مصحفنا، وإن لم يكن من القرآن في نظرها فهو تحريف بالزيادة، إذ كيف تشهد علي شئ أنه من القرآن وليس هو منه!!

التاسع: عبد الله بن عمر:

وهذا أعطي الناس زبدة المخاض وقصرها من طويلة..

ص: 47

فلخص كل ما نسبه أبوه وأمثاله لكتاب الله عز وجل حيث قال فيما قال:

الدر المنثور: 1/106:

(أخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عمر قال: لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله! ما يدريه ما كله؟!

قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل قد أخذت ما ظهر منه.

وما يحضرني من قول هنا إلا أن جوزيت يا ابن عمر عن أبيك خيراً!).

العاشر: مروان بن الحكم:

مزاج مروان!!

الدر المنثور: 6/5:

(وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن مروان " وجعلوا الملائكة عند الرحمن إناثاً "، ليس فيه " الذين هم "!).

ما أنزله الله تعالي هي الآية المباركة "وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً ".. ليست موافقة لمزاج مروان بن الحكم!

ولا غرابة فالله بعظمته ورسوله بسماحته ليسا علي مزاج هذا وآله!

الحادي عشر: عبد الله بن الزبير:

كل المسلمين صبيان!

الدر المنثور: 6/312:

(أخرج الفراء، عن ابن الزبير، أنه قال علي المنبر: ما بال صبيان يقرؤون " نخرة "؟ إنما هي " ناخرة "!).

الدر المنثور: 1/38:

ص: 48

(أخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عمرو بن دينار قال سمعت عبد الله بن الزبير يقول: صبياناً ههنا يقرؤون - إلي قوله - ويقرؤون " في عين حمئة " وإنما هي " حامية "!).

جماهير الصحابة والتابعين صبيان عند ابن الزبير!

كيف يجتمع إنكاره لما في المصحف مع كونه مكتوب كما أنزله الله تعالي، وسليم من التحريف؟

وكتب (مختار) بتاريخ 27 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً:

بسم الله قاصم الجبارين فاضح الوهابيين.

الأخ العزيز (الفخر الرازي).. أحسنت وأجدت.. وبارك الله في جهودك..

ولكن حبذا لو أنك تترك مهلة بين حلقة وأخري، حتي يكون بالإمكان المتابعة الدقيقة للموضوع، ويكون هناك فرصة للحوار.. وشكراً لك.

فكتب (الفخر الرازي) بتاريخ 27 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

أستاذي العزيز:

شكراً لقراءتك، وإني أنزلتها دفعة واحدة أملاً مني بأن أمثالكم ومن سار علي نهجكم، أن يحفظوه عندهم لوقت الحاجة، ورجاء مني أن تسروه بضاعة مزجاة، فلشدَّ ما لاكت بهذا الموضوع الألسن هي غير نظيفة، وهرجت عليه أناس ذوي عقول طائشة خفيفة.

وإني ليس علي الدوام هنا.. فقد آليت علي نفسي أن لا أنظر في هذه الشاشة إلا بعد كل ثلاث ليال مرة، وقلت إن الأمد بعيد، فرجائي أن تحتفظ به فإنه لا يوجد عند علمائنا مثله.

وما ينبئك مثل خبير!!

ص: 49

قال (العاملي):

هل يصح أن هذا البحث لا يوجد عند علمائنا مثله كما يقول الكاتب؟!

وكتب (مختار) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الثانية إلا عشراً صباحاًَ:

أخي العزيز.. مأجور إن شاء الله.. والموضوع صار محفوظاً..

وكتب (صبي الشيعة) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الثانية صباحاً:

الأخ المؤمن فخر الرازي:

صراحة إن المواضيع (وايد مفيدة) وقيمة.. ولكني أتمني أن ترد علي أي استفسار يتعلق بها بحيث تبقي مداوماً علي المتابعة.. وكثر الله من أمثالكم.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

الأستاذ الفاضل الفخر الرازي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

بداية... أود أن أشكر لك الجهد الملحوظ علي هذا البحث، وإن كان لا يعتبر بحثاً موضوعياً من جهتنا، ولكن يعد بحثاً من جهتكم.

أستاذنا الفاضل: الروايات التي تفضلت بها وقمت بالتعليق عليها هل هي صحيحة السند؟؟

وهل تسمح لي بإيراد جميع روايات التحريف التي تضمنتها كتبكم كالكافي وبحار الأنوار عن الأئمة عليهم السلام جميعاً التي تصرح بالتحريف علناً؟؟؟

رواية عبد الله بن عمر رضي الله عنهما هي رواية صحيحة السند ولكن لم تصب سهام بحثك حقيقة الشرح السليم.

وهي من ضمن الناسخ والمنسوخ كما صرح به الكثير من كبار علماء الإمامية المتقدمين والمتأخرين.

ص: 50

التحريف بمعناه اللفظي جاء صريحاً بجميع الروايات التي من طرقكم، ولكن أنت تعلم يا أستاذنا الفاضل أن أهل السنة والجماعة لا يعتقدون بتحريف القرآن الكريم.

بما أنك أحد الباحثين عن الحقيقة.. هل مرّ عليك قول عالم من علماء أهل السنة قال صراحة بتحريف القرآن والإعتقاد به؟

كما لا يخفي عليك هناك الكثير من أقوال علمائكم بالتحريف والإعتقاد به.

ويمكننا أن نثبت لك هذا إن أردت.

قضية الروايات وصحة أسانيدها - والله أعلم - أنها من قبيل الناسخ والمنسوخ.. وإلا سوف تجد من يصرح بالتحريف من علماء أهل السنة والجماعة، لكون صحة الروايات التي وصلتهم ولقالوا باعتقادهم قاطعين كل شك في ذلك كما يفعل علماء المذهب الإمامي بين حين وآخر.

أخيراً، وفقنا الله وإياكم إلي ما يحب ويرضي.

فكتب (الفخر الرازي) بتاريخ 29 - 1 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

ذكرت حفظك الله ورعاك وعرفك من الآن في القيامة مثواك.. بعض الملاحظات علي ما كتبناه، وأحب أن ألفت نظركم ونظر من سواكم أن طريقة الرد السلفية غير مجدية في مثل هذه المقامات، والرد السلفي المنتشر بين أوساط إخواننا أهل السنة أوضحه بمثال: أحد العلماء يكتب كتاباً مملوءاً بالأدلة والبراهين في شتي الجوانب والمقامات والمقالات، فيدون ما صرح، ويبرهن ما خفي، وفي موضع واحد فقط استشهد العالم بکتاب ابن قتيبة المسمي بالإمامة والسياسة!

ص: 51

فيأتي من يتبني الفكر السلفي ويقول في مقام الرد، إن كتاب ابن قتيبة منسوب له ودليلك باطل، والحمد الله رب العالمين!!!

أتمني أن لا تكون هاتيك الطرق قد ابتني عليها تفكيرك.

فإنني عندما أذكر كل تلك الأدلة والروايات لا تقل لي إن آخر رواية أو التي بجنبها أو التي فوق الجدار.. ضعيفة بفلان أو مؤولة!!

فإما إن تردوا كل الروايات وإما أن تنتظروا الفرج علي يد غيركم!

ثم أجيبك، نحن ما أردنا اتهام أهل السنة أنهم يقولون بتحريف القرآن معاذ الله!

ولكنا نقول إن منهم من ذهب إلي القول بتحريف القرآن وكذلك أعاظم سلفهم الصالح!

هذا كل ما أردناه، وهذا ليتضح لكم أننا معشر الإمامية نفترق كثيراً عنكم، وبين أسلوب تفكيرنا وإياكم بون شاسع ومجال واسع، فما من طبعنا تصيد كلمة عالم ونيف من الفرقة الأخري يقول برأي معين انفردوا به، فنقيم الدنيا ولا نقعدها وننشر الكتيبات وتدور المطابع وتنتثر المحابر ونرفع المنابر ولا تفتأ دور النشر تهدر حتي نقول.. إن أهل السنة يقولون كذا وكذا، والدليل فلان وفلان!!

فهذا طبع غيرنا والحمد لله وأنتم أعلم به!

فمتي كان فلان وفلان هم الشيعة أجمعون أكتعون أبتعون أبصعون!!

ثم قولك: إن قول ابن عمر من النسخ أقرب منه إلي التحريف!

فإنه ينم عن قلة اطلاع أو بعد عن تلك الديار... فإن النسخ المزعوم الموسوم بنسخ التلاوة، مناقشٌ مبنيً، وفي بعض الأحيان بناءً أيضاً، بل هو مردود بنفس كلمات علماء أهل السنة، ولا أريد الإطالة والتوضيح فلكل مقام مقال!

ص: 52

الجواب: إن علماء السنة الذين قالوا بجواز نسخ التلاوة أجمعوا علي أن هذا النسخ لا يتحقق بلا بدل، فما ينسخه الله ويرفعه يجب ولازم أن ينزل بدلاً عنه ما يقوم مقامه من آيات القرآن، وهو المستفاد من قوله تعالي: ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها.

فيجب أن يأتي بخير منها أو بمثلها، فالبدل لازم وإلا لا يكون هذا المورد من المنسوخ تلاوة.

وقول ابن عمر صريح في عدم كونه من باب النسخ المزعوم!

لأنه قال: قد ذهب منه كثير. وهذا القول لا ينسجم مع ما قيل من أن النسخ هذا يلزم أن يحل بدلاً عنه آيات أخر.

فكيف يقول ابن عمر إن تلك الآيات فقدت وذهبت!! فلا نسخ، فما هو؟!

هو التحريف لا محالة!! ثم! ما لنا وما لابن عمر؟!!

كيف تؤول: " أخطأ الكتاب " أو " كتبها الكاتب وهو ناعس ".. " إن الكتاب يخطؤون في المصاحف ".. " قد ضاع قرآن كثير يوم اليمامة "؟!

وفقكم الله لمراضيه، آليت علي نفسي أن لا أري هذه الشاشة إلا بعد يومين، واصبر إن الله مع الصابرين.

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الثانية والنصف صباحاً:

قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً.

اللهم وصل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر.

ص: 53

وكتب (الفخر الرازي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27 – 1- 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (أسماء أكابر سلف أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن واعتراف أكابر علمائهم به - 4)، قال فيه:

الآن نتكلم عمن لم يكن من الصحابة، فالأحري لك أن ترجع لتراجم هؤلاء الأعلام لتري أنهم من الطراز الفخم جداً والمستوي الرفيع القدر، ومنهم من أقيمت عليه أركان مذهب إخواننا أهل السنة والجماعة فراجع واجتهد:

الثاني عشر: عروة بن الزبير:

الدر المنثور: 6/321:

(وأخرج عبد بن حميد عن هشام بن عروة قال كان أبي يقرؤها: وما هو علي الغيب بظنين (كذا). فقيل له في ذلك فقال: قالت عائشة: إن الكتاب يخطئون في المصاحف).

وهذا تبعاً لخالته عائشة يري خطأ كتّاب المصحف عند كتابته وهو التحريف الصريح.

وبكونه مطيعاً واثقاً بخالته ومحباً لها، فسيأخذ ما أخبرته به من وجود لحن في المصحف وكان سببه خطأ الكتاب وقد مرت الرواية فيما سبق.

الثالث عشر: ابن شهاب الزهري:

يوم اليمامة

المصاحف لأبي بكر بن أبي داود ص 31 ونقل عنه في منتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد ط 1: 2/50:

(حدثنا أبو الربيع، أخبرنا ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب - الزهري - قال:

ص: 54

بلغنا أنه كان قرآن كثير، فقتل علماؤه يوم اليمامة، الذين كانوا قد وعوه، ولم يعلم بعدهم ولم يكتب.

فلما جمع أبو بكر وعمر وعثمان القرآن ولم يوجد مع أحد بعدهم، وذلك فيما بلغنا حملهم علي أن يتتبعوا القرآن، فجمعوه في الصحف في خلافة أبي بكر خشية أن يقتل رجال من المسلمين في المواطن معهم كثير من القرآن، فيذهبوا بما معهم من القرآن، ولا يوجد عند أحد بعدهم، فوفق الله عثمان فنسخ تلك الصحف في المصاحف، فبعث بها إلي الأمصار وبثها في المسلمين).

هذا يعني فقدان جموع من القرآن الله يعلم ما قدرها ولم تصلنا، وذلك لأن شهداء يوم اليمامة هم فقط من حفظها من المسلمين، ولم توجد عند غيرهم فحين استشهدوا فقدت تلكم الآيات إلي الأبد، وهذا الذي دفع أبا بكر لجمع القرآن حتي لا يزداد الشق بذهاب القرآن بذهاب رجاله!

وعلي القرآن السلام!

وليس هذا ببعيد عن الزهري فإنه كان يتهاون في أمر القرآن حتي كان يجوز أن يتلاعب في آيات القرآن بالتقديم والتأخير لمفرداتها كما يتلاعب في ألفاظ الحديث!

فقد روي الذهبي في تاريخ الإسلام حوادث (121 - 140 ه-) ص 241:

(وقال يونس بن محمد، ثنا أبو أويس، سألت الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث، فقال:

هذا يجوز في القرآن، فكيف به في الحديث إذا أصيب معي الحديث فلا بأس).

ص: 55

هذه منزلة القرآن عنده!

الرابع عشر: عكرمة مولي بن عباس:

الدر المنثور: 6/396:

(أخرج ابن جرير عن عكرمة أنه كان يعيب " لإيلاف قريش " ويقول: إنما هي " لتألف قريش " وكانوا يرحلون في الشتاء والصيف إلي الروم والشام، فأمرهم الله أن يألفوا عبادة رب هذا البيت).

وهذا أيضاً يخطئ قرآن المسلمين ويعيبه!

وعليه فما أنزله الله عز وجل غير ما هو في مصحفنا اليوم وإلا لما عاب الآية الله عز وجل وادعي أن آيته الفذة هي القرآن!

الخامس عشر: أبان بن عثمان بن عفان:

الدر المنثور: 2/253:

(أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن الزبير بن خالد، قال: قلت لأبان بن عثمان بن عفان: ما شأنها كتبت: لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة؟ ما بين يديها وما خلفها رفع وهي نصب.

قال: إن الكاتب لما كتب: لكن الراسخون، حتي إذا بلغ قال: ما أكتب؟

قيل له اكتب: والمقيمين الصلاة. فكتب ما قيل له.

يقصد أنه كتبها خطأ، وهو بذلك سار علي درب أبيه عثمان!!).

السادس عشر: مجاهد بن جبر:

يوم اليمامة!

ص: 56

قال الحافظ ابن عبد البر الأندلسي في التمهيد في شرح الموطأ: 42/275 شرح حديث 21:

(وروي أبو نعيم الفضل بن دكين قال حدثنا سيف عن مجاهد قال: كانت الأحزاب مثل سورة البقرة أو أطول، ولقد ذهب يوم مسيلمة قرآن كثير، ولم يذهب منه حلال ولا حرام!).

الدر المنثور: 2/47:

(أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة. قال: هي خطأ من الكتاب!).

السابع عشر: سعيد بن جبير:

خطأ في القرآن!

وأخرج ابن أبي داود في كتاب المصاحف: 1/236 تحقيق د. محب الدين واعظ، إصدار وزارة الأوقاف في قطر:

(عن سعيد بن جبير قال: في القرآن أربعة أحرف لحن " الصابئون "، " والمقيمين "، " فأصدق وأكن من الصالحين " و " إن هذان لساحران ").

الثامن عشر: شبيه أبي بكر وعمر في زمانه سفيان الثوري:

راجع ترجمته في الجرح والتعديل لتعلم قدره.

يوم اليمامة!

قال الحافظ عبد الرزاق الصنعاني في المصنف: 7/330 ذيل حديث 13363: قال الثوري:

ص: 57

(وبلغنا أن أناساً من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم كانوا يقرؤون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن).

التاسع عشر: الضحاك بن مزاحم:

الدر المنثور: 5/170-171:

(وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه، أنه قرأها: ووصي ربك. قال: إنهم ألصقوا إحدي الواوين بالصاد فصارت قافاً).

العشرون: ابن أبي مليكة:

عائشة أعلم!

الدر المنثور: 5/33-34:

(وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن أبي مليكة قال: كانت عائشة تقرأ: إذ تقلونه بألسنتكم. وتقول: إنما هو ولق القول، والولق الكذب.

قال: ابن أبي مليكة: هي أعلم به من غيرها لأن ذلك نزل فيها.

ابن مليكة يؤيد مدعي عائشة في أن النص الموجود في المصحف " إذ تلقونه بألسنتكم " ليس هو القرآن وإنما أنزل الله عز وجل هو: " إذ تقلونه بألسنتكم ").

ومدعي عائشة صحيح في تغليط نص المصحف في نظر ابن مليكة لأن هذه الآية نزلت فيها وهي أعلم بحقيقة الحال!

الحادي والعشرون: عبد الله بن رزين الغافقي:

الدر المنثور: 6/421:

ص: 58

(وأخرج محمد بن نصر عن يزيد بن أبي حبيب قال: بعث عبد العزيز بن مروان إلي عبد الله بن رزين الغافقي، فقال له: والله إني لأراك جافياً ما أراك تقرأ القرآن!

قال: بلي والله إني لأقرأ القرآن وأقرأ منه ما لا تقرأ به.

فقال له عبد العزيز: وما الذي لا أقرأ به من القرآن!

قال: القنوت، حدثني علي ابن أبي طالب إنه من القرآن).

لاحظ أنه لا مجال - علي هذه الرواية - للقول أن السورتين مما نسخت تلاوته في نظر رزين الغافقي وإلا لما كان يقرأ بها كقرآن ويتفاخر بأنه يقرأ بما هو ثابت القرآنية ولا يقرأ به عبد العزيز بن مروان نفسه!

وتصرح الرواية بأنه قرأ بها تبعاً لقول الإمام علي عليه السلام، وتركنا ذكرها في موارد التحريف التي نسبت للإمام علي عليه السلام لأنها غير صريحة في أنها - علي مباني إخواننا أهل السنة - في التحريف، إذ يمكن تأويلها بأنها مما نسخت تلاوته.

أما رزين فلا يمكنه ذلك، إذ لا يجوز عندهم قراءة ما نسخت تلاوته علي أنه قرآن، فافهم!

الثاني والعشرون: أمية بن عبد الله بن أسيد:

مجمع الزوائد: 7/157 وعلق عليه: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وعن الإتقان في علوم القرآن: 1/65:

(عن أبي إسحاق قال: أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان، فقرأ بهاتين السورتين:

" إنا نستعينك ونستغفرك ").

ص: 59

لا يخفي عليك أن أمية كان يقرأ سورتي الحفد والخلع علي أنهما من القرآن.

ولو لم يعتقد بأنهم قرآن منزل غير منسوخ، لما استطاع أن يؤم الناس بالسورتين، إذ إن قراءة منسوخ التلاوة في الصلاة تبطلها كما عليه علماء إخواننا أهل السنة!

وكتب (الفخر الرازي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أسماء أكابر سلف أهل السنة الذين قالوا بتحريف القرآن واعتراف أكابر علمائهم به - 5)، قال فيه:

الثالث والعشرون: إمام المالكية:

وهذا غني عن التعريف، وتجاهره بتحريف القرآن ثابت عن العلماء من السلف، وعليه فإنه مرجع تقليد للمالكية، فهل نضع المالكية كلهم في بوتقة مالك بن أنس، أم لا؟!!

المصحف العثماني ذهب

الإمام مالك بن أنس الأصبحي يري أن المصحف العثماني فُقد، وأن الموجود بين الدفتين ليس هو المصحف الذي جمعه عثمان ونشره في البلدان بل هو غيره.

قال أبو بكر بن أبي داود في المصاحف ص 44:

(حدثنا أبو الطاهر، حدثنا ابن وهب قال: سألت مالكاً عن مصحف عثمان رضي الله عنه فقال: ذهب).

ص: 60

وقول مالك هنا بأن مصحف عثمان قد ذهب.. لا يعني أن عين مصحف عثمان الذي كتبه زيد بن ثابت بيده فُقد وضاع وبقيت النسخ الأخري موافقة له في الرسم.. كما توهم ذلك بعض علماء الشيعة الإمامية حفظهم الله..

وإنما قصد به الآيات وألفاظها دونها زيد بن ثابت في زمن عثمان في المصحف قد فقدت واختلف رسمها وأصابها التغيير عما كان موجوداً في المصحف العثماني.

ويقرَّب هذا باستشهاد الزركشي بقول الإمام مالك عن اختلاف قراءات المصحف المتداول وبيان جواز التعبد بالقراءات الشاذة المخالفة لنص المصحف العثماني.

فقال الزركشي في البرهان: 1/222:

(قال: وذكر ابن وهب في كتاب الترتيب من " جامعه ".

قال: قيل لمالك: أتري أن تقرأ مثل ما قرأ عمر بن الخطاب: فامضوا إلي ذكر الله؟!

قال: جائز، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنزل القرآن علي سبعة أحرف، فاقرؤوا ما تيسر منه.

قال: ومثل " يعلمون " و " تعلمون "؟

قال مالك: لا أري باختلافهما بأساً.

وقد كان الناس ولهم مصاحف.

قال ابن وهب: سألت مالكاً عن مصحف عثمان، قال لي: ذهب.

وأخبرني مالك: أقرأ عبد الله بن مسعود رجلاً " إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ".

فجعل الرجل يقول: " طعام اليتيم "، فقال: " طعام الفاجر ".

ص: 61

فقلت لمالك: أتري أن يقرأ بذلك؟

قال: نعم، إن ذلك واسعاً. قال أبو عمر: معناه عندي أن يقرأ به في غير الصلاة وإن لم تجز القراءة به في الصلاة لأن ما عدا مصحف عثمان لا يقطع عليه، وإنما يجري مجري خبر الآحاد. ولكنه لا يقدم أحد علي القطع في رده).

سورة التوبة سقط أولها

وقد وردت كلمات علي لسان علماء أهل السنة تصرح بسقوط أول براءة وأنها كانت تعدل البقرة لطولها.

ومثل هذه الكلمات ما ذكره الزركشي في البرهان عن الإمام مالك بن أنس في أسباب سقوط البسملة من أول براءة.

فقال الزركشي: البرهان في علوم القرآن: 1/263:

(وعن مالك أن أولها لما سقط سقطت البسملة).

وذكره السيوطي في الإتقان في علوم القرآن: 1/65 ط. الحلبي - الثالثة:

(وعن مالك: أن أولها لما سقط سقط معه البسملة، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها.

فهذا مالك بن أنس وهو إمام من الأئمة الأربعة عند أهل السنة يجزم بكونها كانت تعدل البقرة في الطول وأن كل تلك الآيات فقدت وسقطت!).

أليس هو التحريف الصريح.. للقرآن؟!!

الرابع والعشرون: الإمام ابن عجلان:

قال أبو بكر بن العربي في أحكام القرآن: 2/87، ط. الحلبي تحقيق علي محمد البجاوي:

(قال: فصلٌ: القول بسقوط بسم الله الرحمن الرحيم:

ص: 62

وفي ذلك للعلماء أغراض جماعها أربعة:

الأول: قال مالك بن أنس فيما روي عنه ابن وهب وابن القاسم وابن عبد الحكم - تلاميذه -:

إنه لما سقط أولها - يقصد سورة التوبة – سقط بسم الله الرحمن الرحيم سقط معه.

وكذلك يروي عن ابن عجلان أنه بلغه أنه سورة براءة كانت تعدل البقرة أو قربها فذهب منها!!

فلذلك لم يكتب فيها بسم الله الرحمن الرحيم، وهذا حتي تعلم أن القول بالتحريف كان مشتهراً بين السلف والقدماء من علماء إخواننا أهل السنة).

الخامس والعشرون: أبو بكر بن أبي داود:

وهو ابن أبي داود السجستاني صاحب السنن المعروف بسنن أبي داود والمكني بأبي بكر السجستاني. صنف سفر جليل أسماه بالمصاحف كان مرجع العلماء في معرفة ما اختلفت فيه مصاحف السلف من الصحابة والتابعين.

وقد عقد فصلاً في كتابه المصاحف قال في ص 130: (باب ما غير الحجاج في مصحف عثمان).

وفصلاً آخر في ص 59 وهو: (باب ما كتب الحجاج بن يوسف في المصحف).

ولنأخذ نبذ من هذاالمصنف لبيان مضمون كلا الفصلين:

عن المصاحف لأبي بكر بن أبي داود في ص 59 و ص 130:

(حدثنا أبو حاتم السجستاني حدثنا عباد بن صهيب، قال فيه أحمد بن حنبل: ما كان صاحب كذب. وقال أبو داود: صدوق قدري، فالخبر معتبر علي

ص: 63

شرط أبي داود، عن عوف بن جميلة: أن الحجاج بن يوسف غير في مصحف عثمان أحد عشر حرفاً.

قال: كانت في البقرة: " لم يتسن وانظر " بغير هاء، فغيَّرها " لم يتسنه ".

وكانت في المائدة " شريعة ومنهاجاً " فغيَّرها " شرعة ومنهاجاً ".

وكانت في يونس " هو الذي ينشركم " فغيرها " يسيركم ".

وكانت في يوسف " أنا آتيكم بتأويله " فغيرها " أنا أنبئكم بتأويله ".

وكانت في المؤمنين " سيقولون لله لله لله " ثلاثتهن فجعل الأخريين " لله، لله ".

وكانت في الشعراء في قصة نوح " من الخرجين " وفي قصة لوط " من المرجومين " فغيرقصة نوح " من المرجومين " وقصة لوط " من الخرجين ".

وكانت في الزخرف " نحن قسمنا بينهم معايشهم " فغيرها " معيشتهم ".

وكانت في الذين كفروا " من ماء غير ياسن " فغيرها " من ماء غير آسن ".

وكانت في الحديد " فالذين آمنوا واتقوا لهم أجر كبير " فغيرها " وأنفقوا ".

وكانت في إذا الشمس كورت " وما هو علي الغيب بظنين " فغيرها " بضنين ").

وأظن اتضح لك أيها الأخ الكريم والقارئ المدقق أن بعض من ذكر في جملة محرفي القرآن عند إخواننا أهل السنة، قدره يعلو شرفاً ويتلألأ فضلاً عن كل علماء الإخبارية من الشيعة!!

فلاحظ حينئذ!

جهل من قال: لا يوجد من يقول بتحريف القرآن من علماء أهل السنة.. إضحك وتمدد!!

إعلم أخي:

ص: 64

أن هذه المقاطع لم تجمع هكذا وبسهولة، وإنما جهد ومثابرة وتتبع علي متون الصفحات وبين كلمات الأسطر، فاهتم بها وأطبعها، وإن شئت فانشرها، وبإذنه تعالي سوف تطبع ككتاب بعد أيام قليلة، وهناك موارد للتحريف أشنع وأبشع غيرها وقد استقصيناها لا كلها ولكن الأغلب وستطبع كاملاً، لعل الله يلقم هؤلاء المتهتكون المهرجون حجراً إثر آخر، بحق محمد وآل محمد.

ولكم سلامنا... الفخر الرازي..

فكتب (يحيي بن الحاشر العسقلاني) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف مساءً:

ينصر دينك يا فخر. أنت فخر في هذه القناة..

كان المفروض أن يظهر هذا الموضوع منذ زمن، بل وينشر في كتاب ليخرس أعداء العترة فيما يفترونه علي الشيعة لمجرد وجود ما يوهم بالتحريف من روايات غير معتمدة أو مؤولة..

فالأعداء فعلا يستحقون أن يجابهوا بمثل هذا الكلام.. والبادي أظلم!

حبيبي الفخر: لا تنسَ أن تذكر كتاب الفرقان للخطيب أحد علماء الأزهر الذي صرح بالتحريف!

لا تنسَ! بارك الله في مساعيك..

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 30 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

أسأل الله الذي من عليك بولاية محمد وآله عليهم السلام أن يحشرك معهم في الدنيا والآخرة، وأن ينفعك كما ينفع بك إنه سميع مجيب. قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

ص: 65

وكتب (الفخر الرازي) 1 - 2 - 2000، التاسعة مساءً:

العسقلاني بهذه الكلمات.. سيغير نظرتي السوداوية عن كل بني عسقلان التي سودها ابن حجر، حصبه الله في جهنم بحجارة.

والأخ كلماته علي رأسي وهي لإعزازي بمحل، فنرجو أن لا نستمر بهذا المنوال من المدح والثناء، فإن من مدحك ذبحك، نسأل الله القبول برضي قلب صاحب الزمان الشريف عنا.

وانتهي الموضوع وانسحب غشمرة والمسلم المسالم، ولم يعودا!

وكتب (جعفري) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 22 - 3 - 2000، الحادية عشرة والنصف مساء، موضوعاً بعنوان (روايات تحريف القرآن عند أهل السنة)، قال فيه:

الحمد لله الذي يؤمن الخائفين وينجي الصالحين ويرفع المستضعفين ويضع المستكبرين ويهلك ملوكاً ويستخلف آخرين. والحمد لله قاصم الجبارين مبير الظالمين مدرك الهاربين نكال الظالمين صريخ المستصرخين موضع حاجات الطالبين معتمد المؤمنين. والصلاة والسلام علي أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين سيما بقية الله في الأرض أرواحنا لتراب مقدمه الفداء واللعن الدائم المؤبد علي أعدائهم وظالميهم وسالبي حقهم إلي يوم الدين.

الروايات التي ذكرت سورا أو آيات

زُعم أنها كانت من القرآن وحذفت منه، أو زعم البعض نسخ تلاوتها، أو أكلها الداجن.

نذكر منها:

الأولي: أن سورة الأحزاب تعدل سورة البقرة:

ص: 66

1 - روي عن عائشة: أن سورة الأحزاب كانت تقرأ في زمان النبي صلي الله عليه وآله وسلم في مائتي آية، فلم نقدر منها إلا علي ما هو الآن (1) وفي لفظ الراغب: مائة آية (2).

2 - وروي عن عمر وأبي بن كعب وعكرمة مولي ابن عباس: أن سورة الأحزاب كانت تقارب سورة البقرة، أو هي أطول منها، وفيها كانت آية الرجم (3).

3 - وعن حذيفة: قرأت سورة الأحزاب علي النبي صلي الله عليه وآله وسلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها (4).

الثانية: لو كان لابن آدم واديان:

روي عن أبي موسي الأشعري أنه قال لقراء البصرة: كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها، غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب (5).

الثالثة: سورتا الخلع والحفد:

روي أن سورتي الخلع والحفد كانتا في مصحف ابن عباس وأبي بن كعب وابن مسعود، وأن عمر بن الخطاب قنت بهما في الصلاة، وأن أبا موسي الأشعري كان يقرأهما.. وهما:

1 - " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك ".

2 - " اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعي ونحفد، نرجو رحمتك ونخشي عذابك، إن عذابك بالكافرين ملحق ". (6).

الرابعة: آية الرجم:

ص: 67


1- الإتقان: 3/82، تفسير القرطبي: 14/113، مناهل العرفان:1/27، الدر المنثور: 6/560.
2- محاضرات الراغب 2: 4 / 434.
3- الإتقان: 3/82، مسند أحمد: 5/132، المستدرك: 4/359، السنن الكبري: 8/211، تفسير القرطبي: 14/113، الكشاف: 3/518، مناهل العرفان: 2/111، الدر المنثور: 6/559.
4- الدر المنثور: 6/559.
5- صحيح مسلم 2: 726 - 1050.
6- مناهل العرفان: 1/257، روح المعاني: 1/25.

1 - روي بطرق متعددة أن عمر بن الخطاب، قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم.. والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، نكالاً من الله، والله عزيز حكيم. فإنا قد قرأناها (1).

2 - وأخرج ابن أشتة في (المصاحف) عن الليث بن سعد، قال: إن عمر أتي إلي زيد بآية الرجم، فلم يكتبها زيد لأنه كان وحده (2).

الخامسة: آية الجهاد:

روي أن عمر قال لعبد الرحمن بن عوف: ألم تجد فيما أنزل علينا: أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة، فأنا لا أجدها؟ قال: أسقطت فيما أسقط من القرآن (3).

السادسة: آية الرضاع:

روي عن عائشة أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وهن مما يقرأ من القرآن (4).

السابعة: آية رضاع الكبير عشراً:

روي عن عائشة أنها قالت: نزلت آية الرجم ورضاع الكبير عشراً، ولقد كانت في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها (5).

الثامنة: آية الصلاة علي الذين يصلون في الصفوف الأولي:

عن حميدة بنت أبي يونس، قالت: قرأ علي أبي، وهو ابن ثمانين سنة، في مصحف عائشة: إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا

ص: 68


1- المستدرك: 4/359 و 360، مسند أحمد: 1/23 و 29 و 36 و 40 و 50، طبقات ابن سعد: 3/334، سنن الدارمي: 2/179.
2- الإتقان: 3/206.
3- الإتقان: 3/84، كنز العمال: 2/567 حديث 4741.
4- صحيح مسلم: 2/1075 - 1452، سنن الترمذي: 3/456، المصنف للصنعاني: 7/467 و 470.
5- مسند أحمد: 6/269، المحلي: 11/235، سنن ابن ماجة: 1/625، الجامع لأحكام القرآن: 14/113.

عليه وسلموا تسليماً وعلي الذين يصلون في الصفوف الأولي. قالت: قبل أن يغير عثمان المصاحف (1).

التاسعة: عدد حروف القرآن:

أخرج الطبراني عن عمر بن الخطاب، قال: القرآن ألف ألف وسبعة وعشرون ألف حرف (2).

بينما القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار.

استدراك علي الطائفة الأولي

1 - وقال مالك عن سورة براءة: إن أولها لما سقط، سقط معه البسملة فقد ثبت: أنها تعدل سورة البقرة. (3).

2 - قال حذيفة عن سورة براءة: ما تقرءون ربعها، وفي رواية: إلا ثلثها (4).

3 - وعن ابن عمر: ليقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله! وما يدريه ما كله؟ قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر (5).

4 - روي أيضاً عن أبي بكر وعمر آية: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم. أو: إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم (6).

5 - وهناك الآيتان اللتان تذكران جزاء الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم (7).

6 - زيادة كلمة (وصلاة العصر) في بعض الآيات من مصحف عائشة (8).

7 - اختلف ابن مسعود وأبو موسي في آية من سورة البقرة، قرأ هذا: وأتموا الحج والعمرة للبيت. وقرأ هذا: وأتموا الحج والعمرة لله... الحديث (9).

ص: 69


1- الإتقان: 3/82.
2- الإتقان: 1/242.
3- الإتقان للسيوطي: 1/65 وراجع البرهان للزركشي: 1/263.
4- مجمع الزوائد: 7/28 عن الطبراني في الأوسط وقال رجاله ثقات. ومستدرك الحاكم: 2/331 والدر المنثور: 3/208 عن الطبراني والحاكم وعن ابن شيبة وأبي الشيخ وابن مردويه. والإتقان: 2/26. روح المعاني: 1/24. ومصنف ابن أبي شيبة: 10/509.
5- الإتقان: 2/25. والدر المنثور: 1/106 عن أبي عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف. ومناهل العرفان: 1/279.
6- فواتح الرحموت بهامش المستصفي: 2/73. والدر المنثور: 1/106 كلاهما عن التمهيد لابن عبد البر.
7- مسند أحمد: 1/47، وصحيح البخاري: 4/115، والبرهان للزركشي: 2/39، وصحيح مسلم: 5/116، والدر المنثور: 1/106، والبداية والنهاية: 5/245، والجامع لأحكام القرآن: 2/66، والإتقان: 2/25.
8- المصنف لعبد الرزاق: 1/ 578 ط. سنة 1390 ه-.
9- فتح الباري: 9/15. والتمهيد: 1/278.

الطائفة الثانية: الروايات الدالة علي الخطأ واللحن والتغيير

الأولي: روي عن عثمان أنه قال: إن في المصحف لحنا، وستقيمه العرب بألسنتها.

فقيل له: ألا تغيره؟ فقال: دعوه، فإنه لا يحل حراماً، ولا يحرم حلالاً (1).

الثانية: روي عن ابن عباس في قوله تعالي: حتي تستأنسوا وتسلموا. النور - 27.

قال: إنما هو " حتي تستأذنوا "، وأن الأول خطأ من الكاتب (2).

الثالثة: روي عروة بن الزبير عن عائشة: أنه سألها عن قوله تعالي: لكن الراسخون في العلم. النساء -62: ثم قال: والمقيمين. وفي المائدة: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون. المائدة - 69.

إن هذان لساحران. طه - 63.

فقالت: يا بن أختي، هذا عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب (3).

الرابعة: روي أن الحجاج بن يوسف غير في المصحف اثني عشر موضعاً، منها:

1 - كانت في سورة البقرة - 59 " لم يتسن " فغيرها " لم يتسنه " بالهاء.

2 - وكانت في سورة المائدة - 48 " شريعة ومنهاجاً " فغيرها " شرعة ومنهاجاً ".

3 - وكانت في سورة يونس - 22 " هو الذي ينشركم " فغيرها " هو الذي يسيركم " (4).

وهذه الأمثلة، وسواها منقولة من مصاحف السجستاني (5).

ص: 70


1- الفرقان - 157.
2- الإتقان: 2/327، لباب التأويل: 3/324، فتح الباري: 11/7.
3- الإتقان: 2/320.
4- الفرقان - 50.
5- المصاحف - 49.

الطائفة الثالثة: الروايات الدالة علي الزيادة

1 - روي عن عبد الرحمن بن يزيد أنه قال: كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصحفه، ويقول: إنهما ليستا من كتاب الله (1).

2 - وروي عن عبد الله بن مسعود أنه لم يكتب الفاتحة في مصحفه، وكذلك أبي بن كعب (2).

ويقول الآلوسي في تفسيره أن أحاديث التحريف فوق الإحصاء. راجع روح المعاني: 1/25.

هذا مقدمة فقط.. ولئن لم ينتهي المرجفون والحاقدون في كيل السب والشتم ولصق تهمة التحريف بالطائفة الإمامية الاثني عشرية قاطبة.. لنواصل البحث والتنقيب.. ونخرج ونذكر ما أهملناه من بقية الروايات والآراء المصرحة بالتحريف عند أهل السنة.... والحمد لله أولاً وآخراً.

ص: 71


1- مسند أحمد: 5/129، الآثار: 1/33، التفسير الكبير: 1/213، مناهل العرفان: 1/268، الفقه علي المذاهب الأربعة: 4/258، مجمع الزوائد: 7/149.
2- الجامع لأحكام القرآن: 20/251، الفهرست لابن النديم - 29، المحاضرات 2: 4 / 434، البحر الزخار - 249.

ص: 72

ص: 73

ص: 74

الفصل الثالث: المعوذتان ليستا من القرآن عند عمر و البخاري

اشاره

عناوين المواضيع:

المؤامرة علي سورتي المعوذتين!

أتباع المذاهب الأربعة يعتقدون أن المعوذتين من القرآن، والبخاري يشكك!

ص: 75

ص: 76

المؤامرة علي سورتي المعوذتين

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 3 - 6 - 1999، التاسعة ليلاً، موضوعاً بعنوان (القرآن معصوم عن التحريف)، قال فيه:

تدل روايات سورتي المعوذتين في مصادر السنيين أنه كانت توجد مؤامرة لحذفهما من القرآن، ولكنها فشلت والحمد لله، وحفظ الله المعوذتين جزءاً من القرآن عند كل المسلمين!

وهو سبحانه القائل: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ".

ولكن لماذا هذه المؤامرة.. ولماذا؟ ومن هو أصلها؟!

الإحتمال الأول:

أن المعوذتين لم تعجبا السليقة العامة للعرب!

كما يفهم مما رواه البيهقي في سننه: 2/394 عن عقبة بن عامر الجهني قال:

(كنت أقود برسول الله صلي الله عليه وسلم ناقته فقال لي: يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا؟

قلت: بلي يا رسول الله. فأقرأني قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس.

ص: 77

فلم يرني أعجب بهما، فصلي بالناس الغداة فقرأ بهما، فقال لي: يا عقبة، كيف رأيت؟

كذا قال العلاء بن كثير. وقال ابن وهب عن معاوية عن العلاء بن الحارث وهو أصح.

ثم رواه برواية أخري جاء فيها: فلم يرني سررت بهما جداً...

ثم رواه برواية أخري تدل علي أن عقبة هو الذي سأل النبي صلي الله عليه وآله عنهما، وأن النبي أراد تأكيد أنهما من القرآن فصلي بهما.

عن عقبة بن عامر أنه سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن المعوذتين، فأمهم بهما رسول الله صلي الله عليه وسلم في صلاة الفجر). انتهي.

الإحتمال الثاني:

أن محاولة حذفهما من القرآن كانت بسبب ارتباطهما بالحسن والحسين عليهما السلام!!

فقد روي أحمد في مسنده: 5/130:

(عن زر قال قلت لأبي: إن أخاك يحكهما من المصحف. فلم ينكر!

قيل لسفيان: ابن مسعود؟ قال: نعم. وليسا في مصحف ابن مسعود.

كان يري رسول الله صلي الله عليه وسلم يعوذ بهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شئ من صلاته، فظن أنهما عوذتان وأصر علي ظنه، وتحقق الباقون كونهما من القرآن فأودعوهما إياه!)

وروي نحوه ابن ماجة في سننه ولكن لم يذكر الحسن والحسين، قال في: 2/1161:

ص: 78

(عن أبي سعيد، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان، ثم أعين الإنس، فلما نزل المعوذتان أخذهما وترك ما سوي ذلك).

وروي الترمذي في سننه: 3/267:

(أن النبي كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتي نزلت المعوذتان، فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما).

ورواه في كنز العمال: 7/77، عن (ت ن ه-)، والضياء عن أبي سعيد.

وروي البخاري في صحيحه تعويذ النبي للحسنين عليهما السلام، بدعاء آخر غير المعوذتين، قال في: 4/119:

(عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين ويقول: إن أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق: أعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة).

وروي ابن ماجة في: 2/1165:

(عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يعوذ الحسن والحسين، يقول أعوذ بكلمات الله التامة، من كل شيطان وهامة، ومن كل عين لامة.

قال: وكان أبونا إبراهيم يعوذ بها إسماعيل وإسحاق. أو قال إسماعيل ويعقوب).

ومثله أبو داود في: 2/421. والترمذي في سننه: 3/267. والحاكم في المستدرك: 3/167 و: 4/416 وقال في الموردين: صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.

ص: 79

ورواه أحمد في مسنده: 1/236 و ص 270. والهيثمي في مجمع الزوائد: 5/113 بعدة روايات، وإحداها عن عبد الله بن مسعود فيها تفصيل جميل قال:

(كنا جلوساً مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ مر به الحسين والحسن وهما صبيان فقال: هاتوا ابني أعوذهما مما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق، قال: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل عين لامة ومن كل شيطان وهامة.

رواه الطبراني وفيه محمد بن ذكوان وثقة شعبة وابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات).

ورواه في كنز العمال عن عمر، في: 2/261 و: 10/108 قال:

(عن عمر بن الخطاب أن النبي صلي الله عليه وسلم، كان يعوذ حسناً وحسيناً يقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة (حل). انتهي.

وروي البخاري ذلك بعدة روايات عن عائشة بتفاوت في الدعاء، لكنها لم تسم فيهما الحسنين!!

وقال في: 7/24:

(حدثني سليمان عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يعوذ بعض أهله يمسح بيده اليمني ويقول: الله رب الناس أذهب الباس واشفه وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً.

قال سفيان حدثت به منصوراً فحدثني عن إبراهيم عن مسروق عن عائشة نحوه...).

ص: 80

وقال في: 7/26:

(عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كان النبي صلي الله عليه وسلم يعوذ بعضهم يمسحه بيمينه...

أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً.

فذكرته لمنصور فحدثني عن إبراهيم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها بنحوه. وروي نحوه أحمد في مسنده: 6/44 و 45.. إلخ).

من هذه الروايات نعرف أن النبي صلي الله عليه وآله كان يهتم اهتماماً خاصاً بولديه الحسن والحسين عليهما السلام وتعويذهما بكلمات الله تعالي لدفع الحسد والشر عنهما، وأنه كان يفعل ذلك عمداً أمام الناس لتركيز مكانتهما في الأمة والتأكيد علي أنهما ذريته وامتداده.. كما كان إسحاق وإسماعيل بقية إبراهيم وامتداده عليهم السلام!

وأنه بعد نزول المعوذتين كان يعوذهما دائماً بهما!

وبهذا ارتبطت السورتان في ذهن الأمة بالحسنين وسري إليهما الحسد منهما.. أو الحب!!

وتحاول الروايات تصوير عبد الله بن مسعود بأنه حامل راية العداء للمعوذتين وتنقل إصراره علي حذفهما من القرآن!

ولكن توجد أمور توجب الشك في ذلك.

اتباع المذاهب يعتقدون أن المعوذتين من القرآن، والبخاري يشكك

أمام هذه التشكيكات في المعوذتين في مصادر السنيين، يبقي عندهم عدد من الروايات التي تثبت جزئيتهما من القرآن الكريم.

وعمدتها ما رووه عن عقبة بن عامر الجهني كما في مسلم: 2/200، فقال:

ص: 81

(عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ألم تر آيات أنزلت الليلة، لم ير مثلهن قط، قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس...

عن عقبة بن عامر قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: أنزل أو أنزلت علي آيات لم ير مثلهن قط، المعوذتين.

وحدثناه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا وكيع ح، وحدثني محمد بن رافع حدثنا أبو أسامة، كلاهما عن إسماعيل بهذا الإسناد، مثله).

ورواها الترمذي: 5/122 و: 4/244 وقال في الموردين:

(هذا حديث حسن صحيح، ثم روي عن عقبة: أمرني رسول الله صلي الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذتين في دبر كل صلاة. وقال هذا حديث حسن غريب. ثم كرر رواية ابن كعب. ورواه البيهقي في سننه: 2/394).

وقال الشافعي في كتاب الأم: 7/199:

(أخبرنا وكيع، عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: رأيت عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول لا تخلطوا به ما ليس منه - ثم قال عبد الرحمن - وهم يروون عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأ بهما في صلاة الصبح وهما مكتوبتان في المصحف الذي جمع علي عهد

أبي بكر ثم كان عند عمر ثم عند حفصة ثم جمع عثمان عليه الناس، وهما من كتاب الله عز وجل، وأنا أحب أن أقرأ بهما في صلاتي).

وروي الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/148 عدة روايات في إثبات أن المعوذتين من القرآن.

أما البخاري فقد اختار أن يقف في صف المشككين في المعوذتين!

ص: 82

فقد كان روي رواية عقبة في تاريخه الكبير: 3/353 ثم تراجع عن روايتها في صحيحه، فلم يرو إلا روايات أبي ابن كعب المتزلزلة المشككة!

مع أنه عقد في صحيحه عنوانين للمعوذتين لكنه اكتفي بروايات التشكيك دون غيرها!

وقد ألف البخاري تاريخه قبل صحيحه كما في تذكرة الحفاظ: 2/555!

قال في صحيحه: 6/96:

(سورة قل أعوذ برب الفلق... عن زر بن حبيش، قال: سألت أبي بن كعب عن المعوذتين.

فقال: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: قيل لي فقلت.

فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم...

سورة قل أعوذ برب الناس... وحدثنا عاصم عن زر، قال: سألت أبي بن كعب:

قلت أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول كذا وكذا.

فقال أبيّ: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال لي: قيل لي فقلت.

قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم). انتهي.

فيكون البخاري متوقفاً في أنهما من القرآن لعدم ثبوت دليل علي ذلك عنده!!

ص: 83

عالم سني يحاول الدفاع عن البخاري

فكتب (محب السنة) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 16 - 9 - 1999، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (تدليس العاملي وافترائه علي الإمام البخاري رحمه الله)، قال فيه:

روي البخاري عن عائشة رضي الله عنها، قالت: تلا رسول الله صلي الله عليه وسلم هذه الآية:

هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب.

قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمي الله، فاحذروهم.

ويدخل في اتباع المتشابه وتجاهل المحكم محاولة العاملي مغالطة القراء بمقالته التي حاول فيها الإفتراء علي الإمام البخاري رحمه الله تعالي، وادعائه بأنه يرجح القول بأن المعوذتين ليستا من القرآن.

وفيما يلي نقول من مواضع متعددة من صحيح البخاري يصرح فيها البخاري عند ذكر بعض الآيات من هاتين السورتين بقوله: قال تعالي.. ما يؤكد أن الإمام البخاري يري أنهما من القرآن كما هو قول جميع أهل السنة.

فيقول في كتاب القدر، باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء: (وقوله تعالي: قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق).

وهذا شرح ابن حجر:

ص: 84

قوله: باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء، تقدم شرح ذلك في أوائل الدعوات.

قوله: وقوله تعالي: قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق، يشير بذكر الآية إلي الرد علي من زعم أن العبد يخلق فعل نفسه، لأنه لو كان السوء المأمور بالإستعاذة بالله منه مخترعاً لفاعله لما كان للإستعاذة بالله منه معني، لأنه لا يصح التعوذ إلا بمن قدر علي إزالة ما استعيذ به منه.

وفي كتاب الطب يقول:

(باب السحر وقول الله تعالي: ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل علي الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتي يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق. وقوله تعالي: ولا يفلح الساحر حيث أتي. وقوله: أفتأتون السحر وأنتم تبصرون.وقوله: يخيل إليه من سحرهم أنها تسعي. وقوله: ومن شر النفاثات في العقد والنفاثات السواحر تسحرون تعمون.

وفي كتاب الأدب: باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر، وقوله تعالي: ومن شر حاسد إذا حسد).

قال ابن حجر قوله: باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر. وقوله تعالي: ومن شر حاسد إذا حسد. أشار بذكر هذه الآية إلي أن النهي عن التحاسد ليس مقصوراً علي وقوعه بين اثنين فصاعدا، بل الحسد مذموم ومنهي عنه ولو وقع من جانب واحد، لأنه إذا ذم مع وقوعه مع المكافأة فهو مذموم مع الأفراد بطريق الأولي.

ص: 85

وفي كتاب التوحيد: باب قول الله تعالي: ملك الناس، فيه ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم:

وقال ابن حجر قوله: باب قول الله تعالي ملك الناس، قال البيهقي: الملك والمالك هو الخاص الملك، ومعناه في حق الله تعالي القادر علي الإيجاد، وهي صفة يستحقها لذاته، وقال الراغب: الملك المتصف بالأمر والنهي وذلك يختص بالناطقين، ولهذا قال: ملك الناس، ولم يقل ملك الأشياء، قال: وأما قوله: ملك يوم الدين، فتقديره الملك في يوم الدين، لقوله: لمن الملك اليوم. انتهي.

ويحتمل أن يكون خص الناس بالذكر في قوله تعالي: ملك الناس.

أما ما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه من أنهما ليستا من القرآن. فقد قال عنه ابن كثير:

وهذا مشهور عند كثير من القراء والفقهاء، وأن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه واعتذر له بقوله: فلعله لم يسمعهما من النبي صلي الله عليه وسلم ولم يتواتر عنده ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك إلي قول الجماعة، فإن الصحابة رضي الله عنهم أثبتوهما في المصاحف الأئمة ونفذوها إلي سائر الآفاق كذلك، ولله الحمد والمنة.

وقال البزار: ولم يتابع ابن مسعود علي ذلك أحد من الصحابة.

وقال ابن حجر:

وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الإنتصار وتبعه عياض وغيره ما حكي عن ابن مسعود، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف، فإنه كان يري أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إن

ص: 86

كان النبي صلي الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه، وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك، قال: فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً. وهو تأويل حسن إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك حيث جاء فيها: ويقول إنهما ليستا من كتاب الله. نعم يمكن حمل لفظ كتاب الله علي المصحف فيتمشي التأويل المذكور.

وقال غير القاضي: لم يكن اختلاف ابن مسعود مع غيره في قرآنيتهما وإنما كان في صفة من صفاتهما. وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بينه القاضي. ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.

وأما قول النووي في شرح المهذب: أجمع المسلمون علي أن المعوذتين والفاتحة من القرآن، وأن من جحد منهما شيئاً كفر. وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر.

وقد سبقه لنحو ذلك أبو محمد بن حزم فقال في أوائل المحلي: ما نقل عن ابن مسعود من إنكار قرآنية

المعوذتين فهو كذب باطل. وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره: الأغلب علي الظن أن هذا النقل عن ابن مسعود كذب باطل والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل.

قال ابن حجر: بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل، والإجماع الذي نقله إن أراد شموله لكل عصر فهو مخدوش، وإن أراد استقراره فهو مقبول.

وقد قال ابن الصباغ في الكلام علي مانعي الزكاة: وإنما قاتلهم أبو بكر علي منع الزكاة ولم يقل إنهم كفروا بذلك، وإنما لم يكفروا لأن الإجماع لم يكن يستقر. قال: ونحن الآن نكفر من جحدها.

ص: 87

قال: وكذلك ما نقل عن ابن مسعود في المعوذتين، يعني أنه لم يثبت عنده القطع بذلك، ثم حصل الإتفاق بعد ذلك.

وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي فقال: إن قلنا إن كونهما من القرآن كان متواتراًَ في عصر ابن مسعود لزم تكفير من أنكرها، وإن قلنا إن كونهما من القرآن كان لم يتواتر في عصر ابن مسعود لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة. وأجيب باحتمال أنه كان متواتراً في عصر ابن مسعود لكن لم يتواتر عند ابن مسعود فانحلت العقدة بعون الله تعالي.

قوله: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: قيل لي قل: فقلت.

قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم. القائل فنحن نقول.. إلخ. هو أبي بن كعب.

ووقع عند الطبراني في الأوسط أن ابن مسعود أيضاً قال مثل ذلك، لكن المشهور أنه من قول أبي بن كعب، فلعله انقلب علي راويه.

وليس في جواب أبيّ تصريح بالمراد، إلا أن في الإجماع علي كونهما من القرآن غنية عن تكلف الأسانيد بأخبار الآحاد، والله سبحانه وتعالي أعلم بالصواب.

والخلاصة: أنه لم يقل أحد من أهل السنة بزيادة شئ من القرآن كما يدعي العاملي.

والذين قالوا إن ابن مسعود رضي الله عنه لم يثبتهما في مصحفه اعتذروا له بأعذار تقدم ذكرها، وبينوا أنه لم يتعمد المخالفة لإجماع الصحابة، ولكن لا شك أنه خفي عليه الأمر.

ص: 88

إن عذر ابن مسعود لا يكون لغيره حيث استقر الأمر فيما بعد، وأثبتت السور في المصاحف التي أرسلت إلي الأمصار ولم يكن لأحد عذر في الجهل بكونهما من القرآن.

وإن هذه المقالة لا تقارن بوجه من الوجوه بقول كبار علماء الشيعة المتقدمين والمتأخرين الذين يصرحون بأن القرآن محرف.

وأخيراً: يظهر لكل منصف أن العاملي متحامل علي الإمام البخاري رحمه الله، ولم يكن منصفاً ولا متجرداً للحق في مقالته، وقد تعمد التدليس ومخالفة الحق عن علم.

حب الصحابة كلهم لي مذهب ومودة القربي بها أتوسل

وكتب (شعاع) بتاريخ 16 - 9 - 1999، السادسة صباحاً:

جزاك الله خير. يقول الله تعالي: أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه. فماذا ننتظر من شيعة ابن سبأ؟؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 16 - 9 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

ما ذكرته يا محب البخاري وهولت به، وفتحت له هذا الموضوع.. يدل علي أنك:

ظالم، أو غير مطَّلع علي الإختلاف في مصادركم قبل البخاري وبعده، في أن المعوذتين هل هما من القرآن أم زائدتان؟!!

المسألة يا هذا.. مطروحة عندكم، والبخاري يعلم بذلك، وقد تعمد أن يروي رواية التشكيك في المعوذتين فقط!

ويترك الروايات التي تثبت أنهما من القرآن، وقد ترك أحاديث صحيحة علي شرطه روي بعضها الحاكم!! فأين أنت؟!!!

ص: 89

وإن كابرت، فانظر إلي ما قال ابن خزيمة وهو أستاذ البخاري، وقد درس عنده صحيحه!!

قال ابن خزيمة في صحيحه: 1/266:

(باب قراءة المعوذتين في الصلاة ضد قول من زعم أن المعوذتين ليستا من القرآن أخبرنا...).

وأورد الرواية التي تركها البخاري!!!

ثم... انظر ما قاله ابن نجيم المصري في البحر الرائق: 2/68:

(وما وقع في السنن وغيرها من زيادة المعوذتين أنكرها الإمام أحمد وابن معين، ولم يخترها أكثر أهل العلم، كما ذكره الترمذي. كذا في شرح منية المصلي). انتهي.

فما هي السنن التي تقول بزيادة المعوذتين؟! إلا رواية البخاري التي رواها غيره أيضاً؟!

ولكن الفرق أن غيره روي معها ما يثبت أنهما من القرآن، بينما هو اقتصر علي رواية التشكيك!!

ولماذا يحتاج إمامك أحمد أن ينكر القول بزيادتهما إن لم يكن له وجود؟!

وأين هو هذا القول إن لم يكن ما رواه البخاري يا محب البخاري؟!!

ثم.. تعال وانظر الفتوي التي نقلها ابن نجيم المصري في اختلاف فقهائكم في كفر من سخر بآيات المعوذتين!

قال في البحر الرائق: 5/205:

(ويكفر إذا أنكر آية من القرآن أو سخر بآية منه إلا المعوذتين ففي إنكارهما اختلاف!!

ص: 90

والصحيح كفره، وقيل لا، وقيل إن كان عامياًّ يكفر، وإن كان عالماً لا). انتهي.

فمن هم هؤلاء الذين قالوا " لا يكفر من سخر بآياتهما " لأنهما لم يثبت أنهما من القرآن!

وهل هم من الشيعة؟!!

ثم.. انظر إلي أن قراءة المعوذتين في الصلاة كانت عند أتباع الخلافة أمراً مستنكراً، وأن أول من جهر بقراءتهما عبيد الله بن زياد بعد نحو أربعين سنة من وفاة النبي صلي الله عليه وآله!!

قال ابن أبي شيبة في المصنف: 7/216:

(عن مغيرة عن إبراهيم، قال: أول من جهر بالمعوذتين في الصلاة عبيد الله بن زياد). انتهي.

فهل كانت هذه الأولية لابن زياد تؤرخ لولا أنه خالف العرف المسيطر؟!

ومن أين جاء هذا العرف عند عامة الناس، إلا من القول بزيادتهما، أو التشكيك فيهما؟!!

ثم.. انظر إلي ابن حبان وغيره من الذين وافقوا البخاري، فجوزوا أن يضم إلي قراءة المعوذتين سورة أخري، لأنهما مشكوك في قرآنيتهما!!

قال ابن حبان في صحيحه: 6/201:

(ذكر الإباحة للمرء أن يضم قراءة المعوذتين إلي قراءة قل هو الله أحد في وتره الذي ذكرناه...).

ثم.. انظر إلي مصيبة الرازي صاحب المحصول إذ يقول في: 4/480:

ص: 91

(أنكر ابن مسعود كون المعوذتين من القرآن، فكأنه ما شاهد قراءة الرسول صلي الله عليه وسلم لهما ولم يهتدِ إلي ما فيهما من فصاحة المعجزة، أو لم يصدق جماعة الأمة في كونهما من القرآن.

فإن كانت تلك الجماعة ليست حجة عليه فأولي أن لا تكون حجة علينا، فنحن معذورون في أن لا نقبل قولهم......... إلي آخره!!).

وأخيراً.. فهذه عبارة فتح الباري التي نقلتها علي طريقتك، وأنت تتهم الشيعة بالتدليس!!

فاحذر أن تقع فيما تتهمنا فيه!!:

قال في فتح الباري: 8/570:

(قوله: سألت أبي بن كعب قلت: أبا المنذر - هي كنية أبي بن كعب وله كنية أخري أبو الطفيل - قوله يقول: كذا وكذا - هكذا وقع هذا اللفظ مبهماً وكان بعض الرواة أبهمه استعظاماً له –

وأظن ذلك من سفيان، فإن الإسماعيلي أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان كذلك علي الإبهام.

وكنت أظن أولاً أن الذي أبهمه البخاري لأنني رأيت التصريح به في رواية أحمد عن سفيان ولفظه: قلت لأبي: إن أخاك يحكها من المصحف.

وكذا أخرجه الحميدي عن سفيان ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج.

وكأن سفيان كان تارة يصرح بذلك وتارة يبهمه.

وقد أخرجه أحمد أيضاً وابن حبان من رواية حماد بن سلمة عن عاصم بلفظ أن عبد الله بن مسعود، كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه.

ص: 92

وأخرج أحمد، عن أبي بكر بن عياش عن عاصم بلفظ أن عبد الله يقول في المعوذتين: وهذا أيضاً فيه إبهام.

وقد أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والطبراني وابن مردويه من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي قال: كان عبد الله بن مسعود يحك المعوذتين من مصاحفه ويقول إنهما ليستا من كتاب الله.

قال الأعمش وقد حدثنا عاصم عن زر عن أبي بن كعب: فذكر نحو حديث قتيبة الذي في الباب الماضي، وقد أخرجه البزار وفي آخره يقول: إنما أمر النبي صلي الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما.

قال البزار: ولم يتابع بن مسعود علي ذلك أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأهما في الصلاة.

قلت: هو في صحيح مسلم عن عقبة بن عامر وزاد فيه بن حبان من وجه آخر عن عقبة بن عامر، فإن استطعت أن لا تفوتك قراءتهما في صلاة فافعل.

وأخرج أحمد من طريق أبي العلاء بن الشخير عن رجل من الصحابة أن النبي صلي الله عليه وسلم أقرأه المعوذتين، وقال له إذا أنت صليت فأقرأ بهما. وإسناده صحيح.

ولسعيد بن منصور من حديث معاذ بن جبل أن النبي صلي الله عليه وسلم صلي الصبح فقرأ فيهما بالمعوذتين.

وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب الإنتصار وتبعه عياض وغيره ما حكي عن بن مسعود، فقال: لم ينكر ابن مسعود كونهما من القرآن وإنما أنكر إثباتهما في المصحف فإنه كان يري أن لا يكتب في المصحف شيئاً إلا إن كان النبي صلي الله عليه وسلم أذن في كتابته فيه وكأنه لم يبلغه الإذن في

ص: 93

ذلك، قال: فهذا تأويل منه وليس جحداً لكونهما قرآناً.

وهو تأويل حسن إلا أن الرواية الصحيحة الصريحة التي ذكرتها تدفع ذلك، حيث جاء فيها ويقول: أنهما ليستا من كتاب الله، نعم، يمكن حمل لفظ كتاب الله علي المصحف فيتمشي التأويل المذكور.

وقال غير القاضي:لم يكن اختلاف بن مسعود مع غيره في قرآنيهما وإنما كان في صفة من صفاتهما). انتهي.

وغاية ما في هذا أنه أبهم ما بينه القاضي، ومن تأمل سياق الطرق التي أوردتها للحديث استبعد هذا الجمع.

وأما قول النووي في شرح المهذب:

(أجمع المسلمون علي أن المعوذتين والفاتحة من القرآن وأن من جحد منهما شيئاً كفر، وما نقل عن بن مسعود باطل ليس بصحيح، ففيه نظر).

وقد سبقه لنحو ذلك أبو محمد بن حزم، فقال في أوائل المحلي:

(ما نقل عن بن مسعود من إنكار قرآنية المعوذتين فهو كذب باطل).

وكذا قال الفخر الرازي في أوائل تفسيره:

(الأغلب علي الظن أن هذا النقل عن بن مسعود كذب باطل والطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل بل الرواية صحيحة والتأويل محتمل والإجماع الذي نقله أم أراد شموله لكل عصر، فهو مخدوش وإن أراد استقراره فهو مقبول).

وقد قال ابن الصباغ في الكلام علي مانعي الزكاة:

(وإنما قاتلهم أبو بكر علي منع الزكاة، ولم يقل إنهم كفروا بذلك وإنما لم يكفروا لأن الإجماع لم يكن استقر، قال: ونحن الآن نكفر من جحدها! قال:

ص: 94

وكذلك ما نقل عن بن مسعود في المعوذتين يعني أنه لم يثبت عنده القطع بذلك ثم حصل الإتفاق بعد ذلك).

وقد استشكل هذا الموضع الفخر الرازي فقال:

(إن قلنا إن كونهما من القرآن كان متواتراً في عصر بن مسعود لزم تكفير من أنكرهما، وإن قلنا إن كونهما من القرآن كان لم يتواتر في عصر بن مسعود لزم أن بعض القرآن لم يتواتر. قال: وهذه عقدة صعبة، وأجيب باحتمال أنه كان متواتراً في عصر ابن مسعود، لكن لم يتواتر عند بن مسعود، فانحلت العقدة بعون الله تعالي.

قوله: سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال: قيل لي فقلت. قال: فنحن نقول كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم. القائل: فنحن نقول.. إلخ. هو أبي بن عب.

ووقع عند الطبراني في الأوسط أن بن مسعود أيضاً قال مثل ذلك.

لكن المشهور أنه من قول أبي بن كعب فلعله انقلب علي راوية. وليس في جواب أبي تصريح بالمراد إلا أن في الإجماع علي كونهما من القرآن غنية عن تكلف الأسانيد بأخبار الآحاد. والله سبحانه وتعالي أعلم بالصواب..). انتهي.

فانظر كيف دلست في نقل شروح السنة! يا من يزعم أنه.. محبٌّ السنة!!

فكتب (محب السنة) بتاريخ 17-9-1999 الحادية عشرة والنصف ليلاً:

قد بينت لك يا عاملي بما لا يحتاج مزيد بيان.. أن القول بأنهما ليستا من القرآن قد اشتهر عن ابن مسعود فقط. وقد بينت لك أنه معذور في قوله في ذلك الوقت.

ولو أنك علي علم بالقراءات وطرق الرواية للقرآن لما أوردت هذه الشبهات.

ص: 95

ثم إني قد أوردت لك من كلام البخاري رحمه الله تعالي ما يصرح به أنهما من القرآن.. وذلك حين يقول: قال الله تعالي: ثم يذكر الآية من إحدي السورتين، فهل بعد هذا البيان بيان.

إن الكلام الذي يرد مجملاً في موضع يبينه الكلام المفصل في موضع آخر، كما هو معروف عند الأصوليين. نسأل الله الهداية السداد.

حب الصحابة كلهم لي مذهب... ومودة القربي بها أتوسل

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 17 - 9 - 1999، الثانية عشرة ليلاً:

إلي محب السنة: ألا تعلم طريقة العاملي في المراوغة؟

واعلم أن قصده من ذلك هدم الإسلام، فهو يحاول إيجاد عذر لعلمائه القائلين بالتحريف عن طريق إثباته لدي أهل السنة، ولكن خيب ظنه وظن أسياده. والحمد لله رب العالمين.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 9 - 1999، الثامنة والنصف صباحاًَ:

لو كان عندك إنصاف يا محب السنة لاعترفت بأن النصوص المتقدمة تدل علي أنه يوجد عندكم قائلون بزيادة المعوذتين، غير البخاري.

وأنهم يتمسكون بالروايات التي اقتصر عليها البخاري..

وأن البخاري وقع في مفارقة حيث ظهر من بعض كلامه أنه يقول بجزئيتهما من القرآن، بينما اقتصر في روايته علي ما تمسك به النافون لجزئيتهما!!

إلي الصارم المسلول:

هل الذي ينتقد خطأ وقع فيه معاوية أو البخاري يهدم الإسلام؟!

وهل الإسلام متوقف علي عصمة البخاري؟!!

لا تخف علي الإسلام يا صارم!! فقد كان قبل معاوية والبخاري وابن تيمية..

ص: 96

ويبقي بعدهم!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 18 - 9 - 1999، التاسعة والنصف صباحاً:

الأخ الفاضل: العاملي.

أحسنت وجزاك الله خير ما يجزي به عباده الصالحين العاملين.

إن مجموع الكلام الذي نقلته في صدر الموضوع والتعليقة عليه، والمدعم بالمصادر، لا يمكن أن يجاب عليه.

فالخلاف كان متحققاً بينهم في شأنها، وليس المسألة مسألة رواية فقط...

أضف إلي أن الروايات الأخري في شأن طرو الزيادة والنقصان علي كتاب الله الكريم أفظع بكثير من أن تتصور، لولا أنهم وجدوا لها دثاراً وهو (اجتهد فلان) أو (هذا مما طاله النسخ)..

ولا يخفي أن فكرة النسخ والإجتهاد الذي يعذر معه الصحابة في مخالفتهم النصوص أكبر أكذوبة داخل حيز الروايات والتشريع، وما طعن الإسلام إلا بهذه الأفكار المفتراة من أولها إلا آخرها...

وهذه الموضوعات من الأسس والأصول التي أري أهمية أن تبحث..

ولا محالة سوف ينكسر القوم فيها؟!!

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 18 - 9 - 1999، الخامسة والنصف عصراً:

الرد علي العاملي:

سبحان الله هذا العاملي له أبعاد نظر شيطانية، ولكن مع الأسف نسي هذا المسكين أن الشئ لا يثبت بدون برهان، فنحن عندنا شئ هو يعلمه جيداً، ولكنه عمداً يتناساه ألا وهو إجماع الصحابة مثلاً في عصرهم.

ص: 97

فهو يتكلم وكأن الإجماع هو ما قال به ابن مسعود رضي الله عنه فقط!!

فليتك يا عاملي تقول لنا من هو سلفك في هذه المقولة من مراجع الشيعة، لكي لا نتهمك بالشذوذ عن ما هو معلوم لعلماء الشيعة عنا؟

وسابقاً سمعتك تفتري أن عمر ومعه تلاميذ جمة يذهبون لمدرسة يهودية ويتعلمون الكفر عندهم، وأنت تتكلم وتستنبط، والله كلام يضحك الذي لا يفكر بالضحك.

وأنت تسترسل وكأن عمر وأصحابه لهم جدول حصص ومدرسة، وهناك حضور وغياب، ولهم إجازة يوم الأحد!

وأنت كنت تتكلم وكأن اليهود يريدون أن يساعدهم عمر لإقناع الرسول صلي الله عليه وسلم بأفكارهم الكفرية.

وأنت افتريت وبينت أن عمر كل ما نهاه الرسول عن كتابة مقاطع وحكم من التوراة فهو ينافق بالإنفاد للأمر، ولكنه قبض عليه الرسول صلي الله عليه وسلم كذا مرة بعدها، وهو يعود لنفس الفعل!!

مسكين يا عاملي.

هل من الممكن أن تقول لنا من هو سلفك من علمائك الشيعة الذين قالوا بهذا الكلام، لكي لا نزعم أنك تخترع كلاماً لا يقول به الشيعة عنا؟!

سؤال بسيط للعاملي لكي لا يستهبل:

يا عاملي أنتم لا تكفرون أبيّ (كذا، والصحيح أبياًّ) رضي الله عنه، وكان أبي من طرق أحاديثنا يري أن المال الزائد عن الحاجة يجب أن ينفق في سبيل الله، لأنه يعتبره كنزاً حرام إبقائه حتي ولو أخرجت زكاته.

ص: 98

المعروف أن الصحابة خالفوا أبيّ (أبياًّ) رضي الله عنهم أجمعين، وكلهم احترم اجتهاد أبي، ولم يكفروه، ولم يقولوا له أنت تفتري علي الرسول صلي الله عليه وسلم.

فنحن نسألك يا عاملي:

هل تعلم أن الشيوعيين هم فقط الذين عملوا برأي أبي، لأنهم يعطون الناس حاجتهم ويأخذون كل ما فاض عن حاجتهم ويملكونها الدولة.

أتي كاتب شيوعي ملحد وألف كتاباً يؤيد فيه رأي أبي رضي الله عنه، وزعم أن الإسلام يؤيد الشيوعية، ولكن بين أن المسلمين وقفوا في وجه أبي، ومنعوه من هذا المبدأ الثوري، و و و.. إلخ.. الكتاب.

لماذا يا عاملي لا تتهمنا أيضاً أننا شيوعيين.. بسبب أن من الصحابة من قال بمثل قولهم في عدم جواز إبقاء المال الزائد عن الحاجة، كما قال أبي.

رغم أن شبهتك أهون من هذه الشبهة؟!؟! ألم تسمع باختلاف وجهات النظر الإجتهادية؟!

ألم يقولوا لك إنه لم ينكر أنهما من القرآن، وإنما أراد إذناً ودليلاً لإضافتهما في المصحف بين الدفتين.

ثم حتي لو لم يعتقد أنهما ليستا من القرآن اجتهاداً منه، هل أنت تلزم كل الصحابة وتوجب عليهم وتشترط عليهم أن يعلموا كل حكم دفعة واحدة وفي نفس الوقت؟!

هل أنت توجب وتفرض علي الرسول صلي الله عليه وسلم أن لا يأمر ولا ينهي إلا إن جمع كل المسلمين 100 % ويسمعوا أمره في وقت واحد، ودفعة واحدة؟!

ص: 99

لو كان هذا واجباً لما قال الرسول صلي الله عليه وسلم: وليبلغ الشاهد منكم الغائب.

وما العيب في أن لم يبلغ ابن مسعود إن صح. ما العيب إن لم يبلغه الأمر أصلاً!؟!؟

العلم الكامل لله وحده، أما البشر فيفوتهم الكثير.

ألم يكن زيد رضي الله عنه يجمع القرآن مما كتب عليه ويقارنه بما في صدور الصحابة؟!

هل كان زيد رضي الله عنه يأخذ القرآن من صحابي واحد كابن مسعود رضي الله عنه أم من جمعهم الغفير من الحفاظ وممن كتبوه؟!

لو كان كلامك حقاًّ لأخذ فقط من ابن مسعود رضي الله عنه، ولكن زيد رضي الله عنه يعلم أن العصمة والقوة في التثبت هو في مقارنة حفظهم كلهم ومقارنة المكتوب كله.

ثم هل تعلم يا عاملي أن زيد رضي الله عنه أمره الصديق أن يكتب من المكتوب؟

فزيد رضي الله عنه يحفظ القرآن وكان يستطيع أن يكتبه من صدره مباشرة، ولكنها أمانة يخاف أن يحملها لأنه لا يجمع كلام البشر بل كلام رب البشر، الذي سيبقي للأجيال القادمة، فأراد أن يجعل الموضوع نوراً علي نور، وأصبح إذا وجد المكتوب يقارنه بما في الصدور ويكتبه، لأن الأصل ما كتب لأنه أثبت، أما ما في الصدور فالإنسان قد ينسي كلمة أو يسهي.

ص: 100

وكان زيد رضي الله عنه يسمع بعض الآيات وهو يعلمها جيداً، ولكن لم يكتبها إلا بعد أن وجدها مكتوبة علي جريد أو عظم مثلاً، فهل يعني هذا أن زيد رضي الله عنه جحد في البداية أن تلك الآيات من القرآن؟!

لا والله، لأن التثبت أمانة قد يصل إليها بعض الناس وقد لا يصل للتثبت أناس.

فابن مسعود رضي الله عنه أراد البينة علي جواز ضم المعوذتين في المصحف، مع أنه يعلم أنهما من كلام الله عز وجل.

ومنهم من قال أنه ظنهما دعاء وليس قرآناً، فهذا أيضاً لا يعيبه إن صح، لأن المعصوم من عصمه الله والجهل جائز علي البشر، وفوق كل ذي علم عليم، والعبرة بما أجمع عليه المسلمون وإن جهل منهم أحد، لأن ذاك النقص يكمله غيره من الكثرة الكاثرة.

وهنا أنا أضيف شيئاً آخر مهماًّ ألا وهو: أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا قد كتبوا علي المكتوب من الأشياء آيات منسوخة اللفظ كآية الرجم مثلاً... ولكنهم لم يضيفوا هذه الآيات لكتاب الله بين الدفتين، فهل هذا يعني أننا ننكر أن الآيات المنسوخة هي من كلام الله عز وجل؟!

لا والله بل هي من كلامه، ولكننا أمرنا أن لا نضمها لكتاب الله، لأنه عز وجل بين لنا نسخ تلاوتها وإبقاء حكمها. وكثير من الصحابة كان يقرؤوها وهو لا يعلم نسخ تلاوتها حتي بعد وفاة الرسول صلي الله عليه وسلم، ولكن عندما بلغه أقلع.

فهل أنت تفرض عليهم جميعاً أن يعلموا حكم الله من بداية الأمر؟!

هل أنت يا عاملي تريد أن تكلف الناس فوق ما يطيقون؟!

ص: 101

أما أنت يا جميل 50 فأقول لك:

العجيب أنك تهاجمنا بموضوع الإجتهاد، ونسيت أن من علماء الشيعة من كفر الخميني لأنه اجتهد بما لم يفعله الشيعة من قبله قاطبة وأتي بما يسمي بولاية الفقيه، فهو هجومك تستثني منه الخميني أم أن للخميني مرسوم رباني نزل من السماء؟!

ولماذا لم تنكر علي علماء التفسير عندك في قولهم بنسخ التلاوة وتكفرهم؟!

إبدأ بقومك لأن الأقربون أولي بالتطهير من هذا الكلام، إن كان حقاًّ كما زعمت.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 9 - 1999، العاشرة ليلاً:

الأخ راشد: موضوعنا هنا محدَّد.

هو: هل أن البخاري أو غيره منكم قالوا بتحريف القرآن.. وأن سورتي المعوذتين زائدتان..

أو شككوا في كونهما من القرآن؟

والنصوص التي أتينا بها من البخاري وغيره تدل بوضوح علي وجود مشككين فيهما منكم.

فإن كنت تستطيع البقاء في الموضوع وعدم الخروج عنه..

فاكتب رأيك في حدود هذا الموضوع. وإلا فلا تتعب نفسك بأمور خارجة عنه!

وكتب (شعاع) بتاريخ 18 - 9 - 1999، العاشرة والنصف ليلاً:

ذكرنا لك يالعاملي أنه وضع باب اسمه: تفسير سورة قل أعوذ برب الفلق.

وآخر: باب تفسير سورة قل أعوذ برب الناس.

ص: 102

وأورد تفسيرات لهذه الآيات، وادعيت أن هذا الكلام ليس من كلام البخاري!

فأنا أطلب منك طلب بسيط، أثبت ما قلت؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 9 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

نعم يا شعاع.. كلامك في هذه النقطة صحيح، فالظاهر أن البخاري وقع في تناقض!

حيث ذكر أن المعوذتين سورتان من القرآن في مواضع من كتابه..

ولكنه عندما وصل إلي الأحاديث التي تثبت أنهما من القرآن، وعمدتها في الصحاح وعند أستاذه ابن خزيمة حديث الجهني.. لم يروِه!

وروي بدله الأحاديث التي تقول بأنهما وحيٌ علمه جبريل للنبي صلي الله عليه وآله ليتعوذ بهما ويعوذ الحسنين، ولكن جبرئيل لم يقل له إنهما من القرآن!!!

ألا يكفيك أن البخاري اقتصر علي هذه الروايات النافية لجزئيتهما؟!

مع علمه بوجود خلاف فيهما وأحاديث تثبت جزئيتهما؟!!

وهل لا تدرك أن أقل تشكيك في جزئية سورة من القرآن.. نفيٌ لقرآنيتها؟!!

فكتب (محب السنة) بتاريخ 19 - 9 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

قد قلت لك يا عاملي قبل هذا إن المجمل يبينه المفصل، ولكنك لا تريد أن تعترف بالحقيقة وذلك حتي لا ينفرد أئمتكم بالقول بتحريف القرآن، وهيهات أن يتحقق لك ذلك.

ص: 103

فموقف البخاري رحمه الله واضح ليس فيه لبس ولا إشكال، ولكن لمن كان منصفاً ومتجرداً للحق، فهل تقارن موقفه بموقف علمائكم ممن ذكرت لك أسماءهم سابقاً؟

وهل تريد أن نورد لك من سوركم المختلقة التي زعمتم أن الصحابة جحدوها، حتي تقتنع؟

ولعلمك يا عاملي لم يعرف في الإسلام من ألف كلاماً من عنده وزعم أنه من القرآن إلا علماء الشيعة ومسيلمة الكذاب، فلتقر أعينكم بموافقة مسيلمة.

حب الصحابة كلهم لي مذهب... ومودة القربي بها أتوسل

فكتب (شعاع) بتاريخ 19 - 9 - 1999، السابعة والنصف صباحاً:

العاملي:

كلام البخاري ليس فيه تناقض، وإلا لقال: باب ترجيح أن المعوذتين ليستا من القرآن.

أما لماذا أورد هذه الروايات وترك غيرها، فإما لأنها لم تصله، أو لم تنطبق علي شرطه..

وأنا أطلب منك دليلاً علي افتراءاتك علي الإمام البخاري.

فكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 9 - 1999، الرابعة عصراً:

العمل أبلغ من القول.. يا شعاع!

البخاري لم يقل: ترجيح أنهما ليستا من القرآن.

ولكنه لم يروِ حديث إثبات أنهما منه، مع أنه موجود ويعرفه!!

بل روي في صحيحه حديثين في نفي أنهما منه!!

أعد قراءة ما كتبه البخاري وغيره رجاء ً..

ص: 104

ورحم الله من كانت عنده شجاعة الإعتراف بالحق ولم يكابر!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 19 - 9 - 1999، السابعة مساءً:

ليتك تطبق ما تقول يا عاملي علي نفسك، فتعيد قراءة ما كتبه البخاري حتي لا تفتري عليه.

هل تظن أنك ممن تدعو لهم بقولك: ورحم الله من كانت عنده شجاعة الإعتراف بالحق ولم يكابر!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 20 - 9 - 1999، السادسة صباحاً:

إلي الإماراتي:

لست كثير دخول في الساحة في الفترة الأخيرة.. وقد أعلنت عن ذلك مسبقاً.

ولكن من باب الإتفاق لفت انتباهي جوابك العاجز عن معالم ضلالكم:

- الإجتهاد في مقابل النص.

- نسخ التلاوة.

فإشكالك علي الخميني قدس الله نفسه الشريفة الذي فقأ عين الفتنة في أم رؤوسكم، وكسر عضد البطش المقيت في سواعد المستكبرين، ممن دخلوا هذا العالم بواسطة حكامكم..

فهذا الإشكال يدفعه أولاً: أنك جاهل بمنشأ القول بولاية الفقيه ووجود هذا القول عند الطبقات المتقدمة من العلماء الإمامية، والخميني مقتبس له بما يؤدي إليه اجتهاده علي الطريقة المثلي المعروفة عند العلماء، ومن أشكل عليه فإنما من باب مقابلة الإجتهاد بالإجتهاد... لا من باب البدعية.

ص: 105

وثانياً: ما لك تهرف بما تسمع... أفهل عهدت أحداً من العلماء الإمامية يقر له بحق إبداء النظر الشرعي، وله المرتبة القاصية بين العلماء طبعاً، قال بكفر الخميني؟!

علي أنني أعلم بمن عاداه وما ذلك إلا لأغراض الهوي والبؤس...

وإشكالك علي القول بنسخ التلاوة... فهذا من أعجب العجب، وقد سبقت فيه بموضوع وتلا ذلك الموضوع نقاش كانت نتيجته خذلان صاحبك شعاع مع الأخ محمد العلي..

وخلاصة الخلاصة مما بين هناك، أن علماءنا حيث اعتنوا في دواوينهم الفقهية والتفسيرية بذكر الرأي الآخر.. كما ترانا هنا لا نطرد أمثالك من المفترين.. فقد أجروه كذلك فقط.

ولكن لكي تتعلم جيداً أقول لك أنا لدينا الجرأة الكافية أن نرفض القول عندما يبين بطلانه بالدليل كائن من كان القائل به!!

ولكن كم نقلنا لكم من أقوال علماء المسلمين في الرد علي ابن تيمية، فهل نجع معكم ذلك؟!

ص: 106

الفصل الرابع: سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرأ بهما عمر

اشاره

قصة تغييب القنوت عند السنيين لتضمنه الدعاء علي المشركين والمنافقين

أعمال مبتكرة لمعالجة مشكلة الملعونين

قرار حذف القنوت من الصلاة لأنه كان محل لعن قريش

روايات القنوت الشاهدة الشهيدة!

كيف صار قنوت النبي (المصحح) سورتين من القرآن؟

القنوت في فقه الشيعة

ص: 107

ص: 108

سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرأ بهما عمر!

كتب (العاملي) في شبكة هجر بتاريخ 28 - 8 - 1999، موضوعاً، جاء فيه:

من أعجب ما تجد في مصادر السنيين قصة (سورتي) الخلع والحفد!

وقد زعمت رواياتهم أن الخليفة كان يقرؤهما في صلاته علي أنهما سورتان من القرآن. أو دعاء في القنوت!

وذكرت المصادر أنهما كتبتا في مصاحف عدد من الصحابة المقربين من الخليفة عمر.

ولو أن أحداً غير الخليفة وجماعته روي سورة غير موجودة في القرآن، أو قرأها في إمامته في الصلاة، لكان للرواة أصحاب الغيرة علي القرآن كلام آخر معه، وحساب آخر، ولكنه الخليفة عمر!

ويتوقف فَهْمُ قصة سورتي الخلع والحفد أو سورتي الخليفة عمر، علي معرفة قصة قنوت النبي صلي الله عليه وآله ودعائه في قنوته علي أئمة الكفر وقادة الأحزاب، الذين هم بالدرجة الأولي زعماء قريش، ثم علي بقية أعداء الله ورسوله من المشركين والمنافقين..

ص: 109

لذلك نحن مضطرون إلي بحث القنوت في فقه الشيعة والسنة.. ليتضح أمر السورتين المزعومتين

قصة تغييب القنوت عند السنيين لتضمنه الدعاء علي المشركين والمنافقين

من المعروف في سيرة النبي صلي الله عليه وآله أنه كان يقنت في صلاته، أي يرفع يديه أثناء الصلاة ويدعو الله تعالي.. وقد يدعو علي أعداء الله ورسوله من المشركين والمنافقين، وقد يلعنهم ويسميهم بأسمائهم..!

ومن الطبيعي أن ذلك كان ثقيلاً عليهم، خاصة علي رؤساء قريش..!

وتذكر روايات السيرة أن الله تعالي استجاب دعاء رسوله صلي الله عليه وآله، وأنزل بقريش ضائقة اقتصادية ألقت بثقلها علي مكة، حتي أكلوا العلهز أو العلهس الذي كانوا يضطرون لأكله أحياناً في الجاهلية، وهو وبر الجمال يخلطونه بالدم ويشوونه ويأكلونه!! ولكنهم مع ذلك لم يؤمنوا بالنبي صلي الله عليه وآله..

اللهم إلا بعد أن نزل بساحتهم مباغتة في عشرة آلاف مقاتل من المسلمين، فاضطروا إلي التسليم وإلقاء السلاح، فجمعهم النبي في المسجد الحرام وخيرهم بين الإسلام والقتل، فأسلموا تحت السيف أو استسلموا، فعفا عنهم ولم يحررهم بل أطلقهم وسماهم الطلقاء..

وبعد أسبوع أخذهم معه كجزء من جيشه إلي حرب هوازن في حنين!

ومع أنهم انهزموا في أول معركة حنين.. إلا أن النبي أكرمهم مادياً وأعطاهم أكثر غنائم حنين!

وهكذا انحلت أزمة قريش الإقتصادية بفتح مكة، كما انحلت مشكلة لعن النبي لهم بأسمائهم!

وإن بقيت ذكراها تاريخاً يطاردهم! وعقدة تتراءي لهم!

ص: 110

وعيَّن النبي حاكماً علي مكة، وأطمع شخصيات قريش بأنهم يستطيعون أن يأخذوا مواقع قيادية في دولة الإسلام، فهاجر قليل منهم إلي المدينة، وبقي أكثرهم في مكة.

وبدؤوا ينسون مرارة الهزيمة بحلاوة الطمع، لولا أن النبي صلي الله عليه وآله واصل دعاءه علي المنافقين والمشركين عامة ولعنهم، لكن بدون تسمية!!

وطال أمر مشكلة القنوت واللعن نحو سنتين بعد فتح مكة.. إلي وفاة النبي صلي الله عليه وآله.

وكان لله تعالي ولرسوله خلالها مع المنافقين آيات وقرارات، بلغت أوجها في سورة براءة، التي سموها (الفاضحة)، لأنها فضحت نواياهم وأفكارهم ونفذت إلي أعماقهم، ورسمت صوراً حية لمجموعاتهم وأشخاصهم.. لم يبق إلا أن توضع عليها أسماؤهم!!

اعمال مبتكرة لمعالجة مشكلة الملعونين
اشارة

وبعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله قام محبو قريش والمنافقين بأعمال سبعة مبتكرة لمعالجة مشكلة الملعونين علي لسان النبي:

العمل الأول:

وضعوا أحاديث مفادها أن النبي صلي الله عليه وآله قد اعترف بخطئه في لعن الذين لعنهم ودعا عليهم، لأنه بشر!

فدفع كفارة خطئه بأن دعا الله تعالي أن يجعل لعنته علي من لعنه أو سبه أو آذاه " صلاة وقربة، زكاة وأجراً، زكاة ورحمة، كفارة له يوم القيامة، صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة، مغفرة وعافية وكذا وكذا، بركة ورحمة ومغفرة وصلاة، فإنهم أهلي وأنا لهم ناصح " علي حد تعبير رواياتهم!

ص: 111

فقد روي البخاري في صحيحه: 7/157:

(عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة).

وروي مسلم في صحيحه: 8/26:

(عن أبي هريرة أيضاً: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته فاجعلها له كفارة وقربة، تقربه بها إليك يوم القيامة).

وروي مسلم سبع روايات أخري من هذا النوع!!

وروت ذلك أغلب مصادرهم مثل:

مسند أحمد: 2/390 و 488 و 496 و 3/384، و: 5/437، و 439، و: 6/45.

وسنن الدارمي: 2/314. وسنن البيهقي: 7 م 60. وكنز العمال: 3/609...

في عشرات الروايات التي تصوِّر النبي صلي الله عليه وآله جالساً علي كرسي الإعتراف بأنه سباب لعان فحاش، مؤذ للناس يضربهم بالسوط ويهينهم! ولذا فهو يعلن توبته ويدعو لمن ظلمهم وأساء إليهم من الفراعنة والأبالسة، بهذا الخير الطويل العريض!!

وقد حيرت هذا الروايات بعض الفقهاء مثل البيهقي..

لأن لعن الذين لعنهم النبي صلي الله عليه وآله ما دام بأمر الله تعالي فهو طاعة وليس معصية، لأن الطرد من رحمة الله تعالي إنما هو جزاء من الله تعالي تابع لقوانين عادلة يتحمل مسؤوليتها الملعون نفسه..

فلا يحتاج لعنُهُ إلي توبة.. كما لا يجوز الدعاء له بالخير والبركة والرحمة...

ص: 112

وقد نصت بعض روايات اللعن والدعاء علي أن النبي صلي الله عليه وآله قال: والله ما أنا قلته ولكن الله قاله.

كما في مسند أحمد: 4/48 و ص 57 و ص 420 و ص 424.

ومجمع الزوائد: 10/46.

وكنز العمال: 12/68.

ومستدرك الحاكم: 4/82.

أما إذا كان اللعن بسبب غضب وخطأ بشري كما تقول الروايات، فهو معصية كبيرة توجب خروج صاحبها عن العدالة، بل تجعله هو ملعوناً!

وقد نصت علي ذلك روايات رواها السنة أيضاً.. منها أن لعن المؤمن كقتله..

ومنها إن اللعنة إذا خرجت من في صاحبها نظرت فإن وجدت مسلكاً في الذي وجهت إليه، وإلا عادت إلي الذي خرجت منه. وقد عقدت بعض مصادر الحديث عندهم باباً لروايات النهي عن اللعن وتحريمه، كما في كنز العمال: 3/614 و 616 وغيره.

ولكن البيهقي حاول أن يجد حلاًّ يحفظ كرامة نبيه كما حفظت هذه الروايات كرامة الملعونين!

قال في سننه: 7/60:

(باب ما يستدل به علي أنه جعل سبه للمسلمين رحمة وفي ذلك كالدليل علي أنه له مباح. انتهي!

يعني أن اعتراف النبي بأنه لعن أناساً بغير حق، أو دعا عليهم بغير حق، أمر ثابت، ولا يمكن انسجامه مع عصمة النبي صلي الله عليه وآله إلا بالقول بأن الله قد أحل لنبيه هذه المحرمات..).

ص: 113

وأطلق لسان نبيه ويده في أعراض المسلمين!! وبقيت علي أمته حراماً!!

لقد تصور البيهقي أنه قدم حلاًّ للجانب الفقهي من المسألة..

ولكن وقع هو وغيره في محذورها الأخلاقي، الذي يدعي أن النبي صلي الله عليه وآله قد ارتكب هذا السلوك السئ الذي لا يليق بشخص عادي من أسرة عادية مؤدبة!!

بل وقعوا في محذور أخلاقي بالنسبة إلي الله سبحانه وتعالي الذي حلل لنبيه هذا السلوك!!

ولكنهم يجدون أنفسهم مضطرين إلي نسبة هذا النقص الأخلاقي إلي النبي صلي الله عليه وآله!

لأنه الضريبة الوحيدة لتبرئة من يحبونهم من الملعونين علي لسانه!

العمل الثاني:

من أعمال معالجة اللعن، أحاديث أكثر جرأة علي مقام النبي صلي الله عليه وآله لأنها تصرح بأن النبي قد أخطأ وأساء الأدب في لعنه من لعنهم!

فبعث الله تعالي إليه جبرئيل فوبخه وقال له: إن الله يقول لك إني لم أبعثك سباباً!

بل بعثتك رحمة للعالمين، والقرشيون قومك وأهلك أولي بالرحمة الإلهية من غيرهم.

فلماذا تسبهم وتلعنهم؟!

ثم علمه جبرئيل دعاء عاما يقوله في قنوته ليس فيه ما يمس قريش!

وكان ذلك الدعاء: " سورتي الخلع والحفد العمريتين "!!

ف-(السورتان) عند أصحابهما نسخة إلهية بدل دعاء اللعن والسب غير المناسب الذي كان يتلوه النبي صلي الله عليه وآله في قنوت صلاته!!

ص: 114

أي: نسخة موضوعة لمصلحة زعماء قريش والمنافقين بدل الدعاء عليهم ولعنهم!

قال البيهقي في سننه: 2/210:

(... عن خالد بن أبي عمران، قال: بينا رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو علي مضر - يعني قريش - إذ جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن اسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً! وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً، ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد ونرجو رحمتك ونخشي عذابك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق).

ثم قال البيهقي:

هذا مرسل وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه صحيحاً موصولاً..

عن عبيد بن عمير أنه عمر رضي الله عنه قنت بعد الركوع فقال: اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم علي عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أوليائك، اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ولك نسعي ونحفد ونخشي عذابك الجد ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكافرين ملحق.

ص: 115

رواه أبو سعيد بن عبد الرحمن ابن أبزي، عن أبيه، عن عمر، فخالف هذا في بعضه.

عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي، عن أبيه قال: صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه صلاة الصبح فسمعته يقول بعد القراءة قبل الركوع: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكافرين ملحق. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع من يكفرك. كذا قال قبل الركوع. وهو إن كان إسناداً صحيحاً، فمن روي عن عمر قنوته بعد الركوع أكثر...). انتهي!

العمل الثالث:

أحاديث تفسير قوله تعالي: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون. آل عمران - 128، فإنك تجد العجاب في تفسيرهم لهذه الآية!

فالروايات فيها من كل حدب وصوب في رد أفكار النبي صلي الله عليه وآله وآلامه من طغاة قريش وتخطئته في دعائه عليهم ولعنه إياهم!

وكأن أصحاب هذه الروايات وجدوا بغيتهم من القرآن ضد النبي صلي الله عليه وآله لمصلحة مشركي قريش ومنافقيها!!

قال الترمذي في: 4/295:

(عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم أحد: اللهم العن أبا سفيان، اللهم العن الحارث بن هشام، اللهم العن صفوان بن أمية، قال فنزلت: ليس لك من الأمر شئ، أو يتوب عليهم، فتاب عليهم فأسلموا وحسن إسلامهم!!.

ص: 116

هذا حديث حسن غريب يستغرب من حديث عمر بن حمزة عن سالم، وكذا رواه الزهري عن سالم عن أبيه...

عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يدعو علي أربعة نفر فأنزل الله تبارك وتعالي: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون، فهداهم الله للإسلام!

هذا حديث حسن غريب صحيح يستغرب من هذا الوجه من حديث نافع عن ابن عمر.

ورواه يحيي بن أيوب عن ابن عجلان.). انتهي.

اما البخاري فقد عقد للآية أربعة أبواب

روي فيها كلها أن الله تعالي رد دعاء نبيه علي المشركين والمنافقين أو لعنه إياهم، ولم يسمِّ البخاري الملعونين في أكثرها، حفظاً علي (كرامتهم)!!!

قال في ج 5 ص 35: باب ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

(قال حميد وثابت عن أنس: شج النبي صلي الله عليه وسلم يوم أحد فقال: كيف يفلح قوم شجّوا نبيهم؟ فنزلت: ليس لك من الأمر شئ..

عن الزهري حدثني سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الأخيرة من الفجر يقول: اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فأنزل الله عز وجل: ليس لك من الأمر شئ إلي قوله فإنهم ظالمون).

وقال في ص 171: باب ليس لك من الأمر شئ:

ص: 117

(سالم عن أبيه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الآخرة من الفجر يقول: اللهم العن فلاناً وفلاناً بعد ما يقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فأنزل الله ليس لك من الأمر شئ، إلي قوله فإنهم ظالمون. رواه إسحاق بن راشد عن الزهري.

ثم أورد البخاري رواية أخري تجعل فلاناً وفلاناً الملعونين، أحياء من قبائل العرب وليسوا قادة من قريش!

قال: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو علي أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع فربما قال إذا قال سمع الله لمن حمده: اللهم ربنا لك الحمد، اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة، اللهم أشدد وطأتك علي مضر واجعلها سنين كسني يوسف، يجهر بذلك.

وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللهم العن فلاناً وفلاناً لأحياء من العرب حتي أنزل الله: ليس لك من الأمر شئ... الآية).

وقال في ج 8 ص 155: باب قول الله تعالي ليس لك من الأمر شئ:

(عن ابن عمر أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول في صلاة الفجر رفع رأسه من الركوع قال: اللهم ربنا ولك الحمد في الأخيرة، ثم قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً. فأنزل الله عز وجل: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون). انتهي.

والمرة الوحيدة التي سمي فيها البخاري بعض الملعونين رواية رواها عن حنظلة بن أبي سفيان، ومن الطبيعي أن يحذف منها اسم أبيه!!

قال في ج 5 ص 35:

ص: 118

(وعن حنظلة بن أبي سفيان قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو علي صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو والحرث بن هشام فنزلت: ليس لك من الأمر شئ إلي قوله فإنهم ظالمون)!

وأورد في: 7/164، روايات يوهم تسلسلها أن الآية نزلت رداًّ علي دعاء النبي علي أبي جهل، مع أن أبا جهل قتل في بدر والآية نزلت علي أقل تقدير بعد بدربسنة!

قال البخاري: باب الدعاء علي المشركين:

(وقال ابن مسعود قال النبي صلي الله عليه وسلم: اللهم أعني عليهم بسبع كسبع يوسف.

وقال اللهم عليك بأبي جهل.

وقال ابن عمر دعا النبي صلي الله عليه وسلم في الصلاة اللهم العن فلاناً وفلاناً حتي أنزل الله عز وجل: ليس لك من الأمر شئ!...

عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم: كان إذا قال: سمع الله لمن حمده في الركعة الآخرة من صلاة العشاء قنت: اللهم أنج عياش بن ربيعة، اللهم أنج الوليد بن الوليد، اللهم أنج سلمة بن هشام اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك علي مضر اللهم اجعلها سنين كسنيِّ يوسف). انتهي.

والنتيجة من روايات البخاري فقط:

أن الآية نزلت عدة مرات.. من أجل أشخاص أو فئات متعددين.. وفي أوقات متفاوتة!!

ص: 119

أما إذا جمعنا أسباب نزولها عند البخاري وغيره، فقد تبلغ عشرين مناسبة متناقضة في الزمان والمكان والأشخاص الملعونين!!

راجع أيضاً:

سنن النسائي: 2/203.

ومسند أحمد: 2/93 و 104 و 118 و 147 و 255.

وسنن الدارمي: 1/374.

وسنن البيهقي: 2/197.

وكنز العمال: 2/379.

والدر المنثور: 2/70.

ولكن مسلماً.. كان أقل تشدداً من البخاري!

فقد روي أن نهي الله لرسوله عن لعن قريش تأخر عدة سنوات.. وأن الآية نزلت بعد غزوة بئر معونة وشهادة قراء القرآن..

قال في ج 2 ص 134:

(سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنهما سمعا أبا هريرة يقول: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر ويرفع رأسه: سمع الله لمن حمده

ربنا ولك الحمد، ثم يقول وهو قائم: اللهم أنجِ الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأتك علي مضر واجعلها عليهم كسني يوسف. اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله.

ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما أنزل: ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

ص: 120

ثم برأ مسلم ذمته وروي رواية أخري ليس فيها ذكر نزول الآية..

قال: عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم إلي قوله: واجعلها عليهم كسنيِّ يوسف ولم يذكر ما بعده!!

عن أبي سلمة أن أبا هريرة حدثهم أن النبي صلي الله عليه وسلم قنت بعد الركعة في الصلاة شهراً إذا قال سمع الله لمن حمده يقول في قنوته: اللهم أنجِ الوليد بن الوليد اللهم نج سلمة ابن هشام اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك علي مضر، اللهم اجعله

عليهم سنين كسني يوسف.

قال أبو هريرة ثم رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم ترك الدعاء بعد، فقلت أري رسول الله صلي الله عليه وسلم قد ترك الدعاء لهم؟

قال: فقيل: وما تراهم قد قدموا؟!

ثم برأ مسلم ذمته مرة أخري.

فقال:... عن أبي سلمة أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلي الله عليه وسلم بينما هو يصلي العشاء إذ قال سمع الله لمن حمده ثم قال قبل أن يسجد: اللهم نج عياش بن أبي ربيعة، ثم ذكر بمثل حديث الأوزاعي إلي قوله كسني يوسف ولم يذكر ما بعده!!

ثم روي مسلم رواية تنفي أن النبي ترك لعن الكفار من صلاته إلي آخر حياته!

فقال: حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن أنه سمع أبا هريرة يقول والله لأقربن بكم صلاة رسول الله صلي الله عليه وسلم، فكان أبو هريرة يقنت في الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح ويدعو للمؤمنين ويلعن الكفار). انتهي.

ص: 121

العمل الرابع:

فتوي المفتين بالجنة للمنافقين!!

عندما تقرأ القرآن تجد فراعنة قريش والمنافقين وجوداً بارزاً خطيراً بشخصياتهم ومواقفهم وخططهم ضد النبي صلي الله عليه وآله ودعوته ودولته وأمته..

لكن عندما تقرأ السيرة والحديث من مصادر أتباع الخلافة.. تجد الصورة تخف.. وتصغر.. وتخفي ملامحها.. وأحياناً تغيب كلياًّ.. فتجبرك علي البحث والتنقيب لتعرف من هذا الشخص أو الجماعة الذين نزلت فيهم هذه الآية أو الآيات الكاسحة..! ومن هؤلاء الجهنميون الخبثاء الذين حذر الله تعالي منهم واعتبرهم مجرمين علي مستوي الأمم والشعوب..؟!

لقد اختفوا وغابوا، كما غاب قنوت النبي بالدعاء عليهم ولعنهم!

قد يقال إن النبي صلي الله عليه وآله كان يعرفهم أو يعرف أكثرهم بما علمه الله تعالي، فكانوا في عصره معروفين مميزين.. أما بعد وفاته وانقطاع الوحي فقد صار أمرهم إلي الله تعالي.

ولكن لو سلمنا ذلك، فإنا نسأل عن أولئك الذين كانوا مكشوفين في زمن النبي صلي الله عليه وآله، أين صاروا، ولماذا اختفوا..؟!

وأين غاب أبطال الكفر والنفاق في تاريخ البعثة والمرحلة المكية والمدنية وأحداث نزول القرآن..؟!

وأين غابت أسماء الذين كان يدعو عليهم النبي صلي الله عليه وآله في صلاته طوال نبوته تقريباً؟!!

ص: 122

وأين أسماء أولئك العتاة الذين لم يسعهم حلم الله العظيم، ضاق بهم صدر رسوله الرحب صلي الله عليه وآله، فكشفهم النبي بأمر ربه، وسماهم في المسجد واحداً واحداً وطرد بعضهم من مسجده!!

وقال لآخرين في أنفسهم قولاً بليغاً؟!!

لقد اختفي تاريخ أكثر مشركي قريش ومنافقيها من المصادر!!

ولولا آيات القرآن القارعة الهادرة لكان اختفي كل تاريخهم!!

إنها ظاهرة ذات دلالة علي وجود موقف مقصود مدروس في التغطية علي تاريخ القرشيين، أعداء الله ورسوله بالأمس، والمنافقين اليوم.. لأنهم صاروا جميعاً من شخصيات مجتمع المدينة، عاصمة دولة الخلافة الإسلامية الكبري!!

فقد صدر مرسوم خليفي بقبول المنافقين واعتبارهم مسلمين من أهل الجنة!!

وكتب رواة الخلافة تحته توقيع النبي صلي الله عليه وآله، فظهرت الروايات التي تشهد بذلك!

ومن أجل عيون مشركي قريش ومنافقيها صدرت الفتاوي باستحقاق الجنة حتي لمنافقي المدينة من غير قريش!!

روي أحمد في مسنده: 3/135، قصة مالك بن الدخشم الذي كان رأس المنافقين بعد ابن أبي سلول فقال:

(فقام رسول الله صلي الله عليه وسلم يصلي وأصحابه يتحدثون بينهم، فجعلوا يذكرون ما يلقون من المنافقين فأسندوا أعظم ذلك إلي مالك بن دخشم، فانصرف رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال: أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟

فقال قائل: بلي، وما هو من قلبه؟

ص: 123

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فلن تطعمه النار أو قال لن يدخل النار. ونحوه في ج 5 ص 449!!).

أما في ج 4 ص 44:

فاكتفت الرواية بشهادة التوحيد فقط دون النبوة! قال:

(ذكروا المنافقين وما يلقون من أذاهم وشرهم حتي صيروا أمرهم إلي رجل منهم يقال له مالك بن الدخشم وقالوا: من حاله ومن حاله، ورسول الله صلي الله عليه وسلم ساكت.

فلما أكثروا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟

فلما كان في الثالثة قالوا إنه ليقوله.

قال: والذي بعثني بالحق لئن قالها صادقاً من قلبه لا تأكله النار أبداً!

قالوا: فما فرحوا بشئ قط كفرحهم بما قال)! انتهي!

إذن يكفي لضمان الجنة أن يشهد الشخص بالتوحيد، ولا يضره أن يكون كافراً بالنبي صلي الله عليه وآله، أو منافقاً يكيد للإسلام ورسوله وأمته!

وقد احتاط البخاري وغيره قليلاً في ضمان الجنة للمنافق، فاشترطوا أن يشهد شهادة التوحيد يريد بها وجه الله تعالي!

ثم لا مانع بعد ذلك أن يكفر برسول الله ويقصد بأعماله وجه الشيطان!

قد روي في صحيحه رواية ابن الدخشم وغيره في: 2/56 و:6/202 وفيهما أن النبي صلي الله عليه وآله قال: فإن الله قد حرم علي النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله.

رواه أحمد نحوه في مسنده: 4/44!

ص: 124

أما مسلم فلم يستعمل الإحتياط، بل روي في صحيحه: 1/122، كيفية نجاة المنافقين يوم القيامة ودخولهم الجنة، يوم " يتجسد! " الله سبحانه وتعالي و " يضحك! " للمؤمنين والمنافقين ويمشي أمامهم.. إلخ!! قال مسلم:

(أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن الورود فقال... فتدعي الأمم بأوثانها وما كانت تعبد الأول فالأول، ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول من تنظرون؟

فيقولون: ننظر ربنا. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: حتي ننظر إليك، فيتجلي لهم يضحك!

قال: فينطلق بهم ويتبعونه ويعطي كل إنسان منهم منافق أو مؤمن نوراً، ثم يتبعونه وعلي جسر جهنم كلاليب وحسك تأخذ من شاء الله، ثم يطفأ نور المنافقين، ثم ينجو المؤمنون فتنجو أول زمرة وجوههم كالقمر ليلة البدر سبعون ألفاً لا يحاسبون، ثم الذين يلونهم كأضوأ نجم في السماء، ثم كذلك ثم تحل الشفاعة ويشفعون حتي يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، فيجعلون بفناء الجنة ويجعل أهل الجنة يرشون عليهم الماء حتي ينبتوا نبات الشئ في السيل ويذهب حراقه، ثم يسأل حتي تجعل له الدنيا وعشرة أمثالها معها). انتهي.

ومع أن (بركات) هذه الأحاديث شملت المنافقين من أهل المدينة، لكن المقصود بها بالأساس مشركو قريش ومنافقوها.. فقد أكد الخليفة عمر أن الظالم من قريش مغفور له ويدخل الجنة!

روي الذهبي في ميزان الإعتدال: 3/355:

ص: 125

(عن أبي عثمان النهدي، سمعت عمر، سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: سابقنا سابق، ومقتصدنا ناجٍ، وظالمنا مغفور له!).

وهو يقصد بذلك قريشاً.

وقال السيوطي في الدر المنثور: 5/251:

(وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن المنذر والبيهقي في البعث عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا نزع بهذه الآية: ثم أورثنا الكتاب...، قال: ألا أن سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له!!).

وأخرج العقيلي، وابن لال، وابن مردويه، والبيهقي من وجه آخر عن عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له، وقرأ عمر فمنهم ظالم لنفسه... الآية). انتهي.

وما أدري كيف يمكن الجمع بين هذه الروايات وبين آية واحدة من آيات المنافقين في القرآن مثل قوله تعالي: إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار؟!

بل كيف يمكن الجمع بينها وبين ما روته نفس هذه المصادر..

كالذي رواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 1 / 108:

(عن عبد الله يعني ابن مسعود عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ثلاث من كن فيه فهو منافق، وإن كان فيه خصلة ففيه خصلة من النفاق: إذا حدث كذب، وإذا أوتمن خان، وإذا وعد أخلف.

رواه البزار ورجاله رجال الصحيح.

وعن ابن مسعود قال: اعتبروا المنافقين بثلاث، إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا عاهد غدر. فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله... إلي آخر الآية.

ص: 126

رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح). انتهي.

والذي رواه الترمذي في سننه: 5/298:

(عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب.

هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي، وقد روي هذا عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد).

وأحاديث الحاكم الصحيحة في المستدرك: 3/129:

(عن أبي ذر رضي الله عنه قال ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله والتخلف عن الصلوات والبغض لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه). ?وفي ص 138:

(عن علي بن أبي طلحة قال حججنا فمررنا علي الحسن بن علي بالمدينة ومعنا معاوية بن حديج، فقيل للحسن إن هذا معاوية بن حديج الساب لعلي، فقال علي به، فأتي به فقال: أنت الساب لعلي؟ فقال ما فعلت. فقال والله إن لقيته وما أحسبك تلقاه يوم القيامة لتجده قائما علي حوض رسول الله صلي الله عليه وآله يذود عنه رايات المنافقين، بيده عصا من عوسج. حدثنيها الصادق المصدوق صلي الله عليه وآله، وقد خاب من افتري. هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه). انتهي.

العمل الخامس:

إعطاء مناصب الدولة الهامة للمنافقين!

وأول من فتح هذا الباب وأعطي مناصب الدولة للمنافقين هو الخليفة عمر..

ص: 127

وكان يبرر ذلك تبريراً عصرياً فيقول إن مسألة الدين أمر بين الإنسان وربه.. والمنافق إثمه عليه!!

فقد روي في كنز العمال: 4/614:

(عن عمر قال: نستعين بقوة المنافق، وإثمه عليه!).

وفي ج 5 ص 771:

(عن الحسن أن حذيفة قال لعمر: إنك تستعين بالرجل الفاجر فقال عمر: إني لاستعمله لأستعين بقوته ثم أكون علي قفائه - أبو عبيد). انتهي.

هذا مع أنه روي عن الخليفة قول النبي صلي الله عليه وآله: من استعمل فاجراً وهو يعلم أنه فاجر فهو مثله. كنز العمال: 5/761.

وقد برر البيهقي إعطاء المناصب للمنافقين بأنهم منافقون لينون.

فقال في سننه: 9/36:

(عن عبد الملك بن عبيد قال: قال عمر رضي الله عنه: نستعين بقوة المنافقين وإثمهم عليهم.

وهذا منقطع، فإن صح فإنما ورد في منافقين لم يعرفوا بالتخذيل والإرجاف، والله أعلم!). انتهي.

ولكن محاولة البيهقي للتخفيف لا تنفع في الترقيع، لأن البخاري روي في صحيحه: 8 / 100، أن المنافقين في زمن الخليفة عمر كانوا – بسبب بسط أيديهم - وقحين متجاهرين!! حتي أن حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي صلي الله عليه وآله أطلق صيحة التحذير من خطرهم فقال: إن المنافقين اليوم شر منهم علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم، كانوا يومئذ يسرون واليوم يجهرون!!). انتهي.

قرار حذف القنوت من الصلاة لأنه كان محل لعن قريش

ص: 128

العمل السادس:

انتقام الخلفاء من القنوت!

فقد قررت الخلافة وأتباعها التخلص من القنوت في كل فريضة وحصره في صلاة الفجر والوتر..

أو فيما إذا نزلت نازلة بالناس فيدعو الإمام بشأنها، وجوز الإمام أحمد أن يقنت الأمراء فقط في صلاتهم ويدعوا، أما عامة المسلمين فلا..!

ومع أن القنوت بقي عندهم جزئياً، لكنك تشعر وأنت تقرأ فتاواهم فيه.. أنه ما زال في أنفسهم منه شئ، وكأنهم لم يستوفوا حقهم من قنوت رسول الله صلي الله عليه وآله!

ثم تراهم لا يحبونه ولا يعلمونه لعوامهم!

وإذا علموهم اقتصروا علي سورتي الخلع والحفد، أو دعاء القنوت الذي يروونه عن الإمام الحسن بن علي عليهما السلام، وهو دعاء عام لا أثر فيه لذكر الكفار والمنافقين..

وهو الدعاء الشائع عندهم في عصرنا أكثر من سورتي الخليفة، بسبب أن نصه أقوي من نصهما..

قال في فتح العزيز: 4/250:

(واستحب الأئمة منهم صاحب التلخيص أن يضيف إليه " القنوت " ما روي عن عمر رضي الله عنه.. ثم ذكر " السورتين ").

ويبدو أن ترك القنوت وتحريمه كان مذهب الأكثرية في زمن بني أمية!

ص: 129

حتي تصاعد غيظ الفقهاء منه وأفتوا بأنه كان من أصله تصرفاً شخصياً من النبي صلي الله عليه وآله لمدة شهر فقط، ثم نهاه الله عنه، أو كان مشروعاً لكنه نسخ، وهو الآن حرام وبدعة!!

قال النسائي في سننه: 2/203:

(عن أنس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت شهراً، قال شعبة: لعن رجالاً، وقال هشام: يدعو علي أحياء من أحياء العرب، ثم تركه بعد الركوع. هذا قول هشام.

وقال شعبة عن قتادة عن أنس: أن النبي صلي الله عليه وسلم قنت شهراً يلعن رعلاً وذكوان ولحيان.

باب لعن المنافقين في القنوت... عن سالم عن أبيه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الآخرة قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً يدعو علي أناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

ترك القنوت... عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال: صليت خلف رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم يقنت!

وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت.

وصليت خلف عمر فلم يقنت، وصليت خلف عثمان، فلم يقنت.

وصليت خلف علي فلم يقنت، ثم قال يا بني إنها بدعة!). انتهي.

وقد يكون المقصود بالقنوت هنا لعن الكفار والمنافقين، لأن القنوت صار علماً علي اللعن.

وهو يؤكد ما ذكرناه!

ص: 130

روايات القنوت الشاهدة الشهيدة

ومع كل هذه الحملة علي قنوت النبي صلي الله عليه وآله، استطاعت بعض رواياته أن تعبر حواجز تفتيش السلطة والرواة وتصل إلي أيدينا!!

وبعضها يشهد أن النبي صلي الله عليه وآله كان يدعو في صلاته علي الكفار والمنافقين حتي توفاه الله تعالي!

وأن بقايا عمل المسلمين بهذه السنة الشريفة كانت موجودة إلي فترة من عهد بني أمية!

روي مالك في الموطأ: 1/115:

(عن داود بن الحصين، أنه سمع الأعرج، يقول: ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة، في رمضان... في قنوت الوتر اقتداء بدعائه صلي الله عليه وآله في القنوت).

وروي البخاري في صحيحه: 1/193:

(عن أبي هريرة قال لأقربن صلاة النبي صلي الله عليه وسلم فكان أبو هريرة رضي الله عنه يقنت في الركعة الأخري من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح بعدما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار).

رواه مسلم في صحيحه: 2/135

والنسائي في سننه: 2/202

وأبو داود في سننه: 1/324.

وأحمد في مسنده: 2/255 و337 و470.

والبيهقي في سننه: 2/198 و 206،

والسيوطي في الدر المنثور: 1/307، وقال أخرجه الدارقطني.

وروي أحمد في مسنده: 1/211:

ص: 131

(عن الفضل بن عباس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: الصلاة مثني مثني، تشهد في كل ركعتين وتضرع وتخشع وتمسكن ثم تقنع يديك - يقول ترفعهما إلي ربك مستقبلاً ببطونهما وجهك - تقول يا رب يا رب، فمن لم يقل ذلك، فقال فيه قولاً شديداً!).

ورواه في: 4/167 وروي في آخره (فمن لم يفعل ذلك فهي خداج) أي صلاته ناقصة.

ورواه الترمذي في سننه: 1/238 وروي في آخره: (ومن لم يفعل ذلك فهو كذا وكذا).

قال أبو عيسي (الترمذي): وقال غير ابن المبارك في هذا الحديث: من لم يفعل ذلك فهو خداج).

وروي البيهقي في سننه: 2/198:

(عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها! ومحمد هذا هو ابن أنس أبو أنس مولي عمر بن الخطاب، ومطرف هو ابن طريف).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 2/138:

(وعن البراء أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون. وعن عائشة، قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنما أقنت لتدعوا ربكم وتسألوه حوائجكم... وعن أنس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قنت حتي مات، وأبو بكر

حتي مات، وعمر حتي مات. رواه البزار ورجاله موثقون). انتهي.

ومن آراء فقهاء السنة الملفتة في القنوت رأي ابن حزم الظاهري ودفاعه العلمي المطول عن سنة رسول الله صلي الله عليه وآله في القنوت:

ص: 132

قال في المحلي: 4/138-146:

(مسألة: والقنوت فعل حسن.. في آخر ركعة من كل صلاة فرض، الصبح، وغير الصبح، وفي الوتر، فمن تركه فلا شئ عليه في ذلك.. ويدعو لمن شاء ويسميهم بأسمائهم إن أحب فإن قال ذلك قبل الركوع لم تبطل صلاته بذلك... عن البراء بن عازب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقنت في الصبح والمغرب).

وقال في هامشه:

(في النسائي: 1/ 164. ورواه الطيالسي ص 100 رقم 737 عن شعبة، ورواه الدارمي ص 198 ولم يذكر فيه المغرب،ورواه أيضاً مسلم: 1/188، والترمذي وصححه: 1/81، والطحاوي: 1/142، وأبو داود: 1/540 و 541، والبيهقي: 2/198).

ثم قال ابن حزم:

(عن أبي هريرة قال: والله إني لأقربكم صلاة برسول الله صلي الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر، وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الصبح، بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار... عن البراء ابن عازب: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان لا يصلي صلاة إلا قنت فيها!!).

ثم قال:

(أما الرواية عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن عباس رضي الله عنهم بأنهم لم يقنتوا فلا حجة في ذلك في النهي عن القنوت، لأنه قد صح عن جميعهم أنهم قنتوا، وكل ذلك صحيح قنتوا وتركوا، فكلا الأمرين مباح، والقنوت ذكر لله تعالي، ففعله حسن،

وتركه مباح، وليس فرضاً، ولكنه فضل.

ص: 133

وأما قول والد أبي مالك الأشجعي إنه بدعة، فلم يعرفه، ومن عرفه أثبت فيه ممن لم يعرفه، والحجة فيمن علم لا فيمن لم يعلم!

وقال بعض الناس: الدليل علي نسخ القنوت ما رويتموه من طريق معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم حين رفع رأسه من صلاة الصبح من الركعة الأخيرة قال: اللهم العن فلاناً وفلاناً، دعا علي ناس من المنافقين فأنزل الله عز وجل ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

قال علي (ابن حزم): هذا حجة في إثبات القنوت، لأنه ليس فيه نهي عنه، فهذا حجة في بطلان قول من قال: إن ابن عمر جهل القنوت، ولعل ابن عمر إنما أنكر القنوت في الفجر قبل الركوع، فهو موضع إنكار، وتتفق الروايات عنه فهو أولي، لئلا يجعل كلامه خلافاً للثابت عن رسول الله صلي

الله عليه وسلم، وإنما في هذا الخبر إخبار الله تعالي بأن الأمر له لا لرسوله صلي الله عليه وسلم، وأن أولئك الملعونين لعله تعالي يتوب عليهم، أو في سابق علمه أنهم سيؤمنون فقط..

وأما أبو حنيفة ومن قلده فقالوا: لا يقنت في شئ من الصلوات كلها إلا في الوتر، فإنه يقنت فيه قبل الركوع السنة كلها، فمن ترك القنوت فيه فليسجد سجدتي السهو.

أما مالك والشافعي فإنهما قالا: لا يقنت في شئ من الصلوات المفروضة كلها إلا في الصبح خاصة.

ص: 134

قال علي (ابن حزم): أما قول أبي حنيفة: فما وجدناه كما هو عن أحد من الصحابة نعني النهي عن القنوت في شئ من الصلوات، حاشا الوتر فإنه يقنت فيه، وعلي من تركه سجود السهو.

وكذلك قول مالك في تخصيصه الصبح خاصة بالقنوت، ما وجدناه عن أحد من الصحابة ولا عن أحد من التابعين.

وكذلك تفريق الشافعي بين القنوت في الصبح وبين القنوت في سائر الصلوات، وهذا مما خالفوا فيه كل شئ روي في هذا الباب عن الصحابة رضي الله عنهم، مع تشنيعهم علي من خالف بعض الرواية عن صاحب لسنة صحت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم!

قال علي: وقولنا هو قول سفيان الثوري. وروي عن ابن أبي ليلي: ما كنت لأصلي خلف من لا يقنت، وأنه كان يقنت في صلاة الصبح قبل الركوع). انتهي كلام ابن حزم.

كيف صار قنوت النبي (المصحح) سورتين من القرآن
اشارة

العمل السابع:

إضافة سورتي الخلع والحفد إلي القرآن!

فكل أصل (سورتي) الخلع والحفد هو الرواية المتقدمة التي تقول إن النبي كان يصلي ويدعو علي قريش في قنوته ويلعنهم، فنزل جبرئيل وأمره بالسكوت، وقطع عليه صلاته، وبلغه توبيخ الله تعالي له.. وقال له: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً! وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً!! ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

ص: 135

ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد، ونرجو رحمتك ونخشي عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق. انتهي!!

وما دام جبرئيل علم ذلك للنبي فهو كلام الله تعالي، وهو من القرآن!!

أما لماذا صار هذا النص سورتين ببسملتين؟ فالأمر سهل!!

أولاً: لأنهما فقرتان تبدأ كل منهما ب- " اللهم ".

وثانياً: لأنه يجوز للخليفة عمر أن يضع آيات القرآن في سورة مستقلة!

قال السيوطي في الدر المنثور: 3/296:

(وأخرج ابن إسحاق وأحمد بن حنبل وابن أبي داود عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: أتي الحرث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر براءة لقد جاءكم رسول من أنفسكم... إلي قوله وهو رب العرش العظيم، إلي عمر، فقال: من معك علي هذا؟

فقال: لا أدري والله إلا أني أشهد لسمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم ووعيتها وحفظتها.

فقال عمر: وأنا أشهد لسمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم، لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة علي حدة، فانظروا سورة من القرآن فألحقوها، فألحقت في آخر براءة).

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/35

ص: 136

(وثالثاً: لأنهم إذا أسقطوا من القرآن سورتي المعوذتين باعتبار أنهما عوذتان نزل بهما جبرئيل علي النبي صلي الله عليه وآله ليعوذ بهما الحسن الحسين عليهما السلام، ولم يقل له إنهما من القرآن!

فلا بد لهم من وضع سورتين مكانهما لا سورة واحدة.. فيجب جعل النص قسمين!

يبقي السؤال: من الذي ارتأي أن يسمي هذا القنوت المزعوم " سورتين "؟

هنا تسكت الروايات عن التصريح!

ومن الذي أمر أن تضاف سورتان ركيكتان إلي كتاب الله تعالي وتكتبا في المصاحف..؟

هنا تسكت الروايات عن التصريح!

ولكنها تنطق صحيحة متواترة صريحة بأن الخليفة عمر هو الذي عرفهما للمسلمين بقراءته لهما في صلاة الصبح دائماً أو كثيراً!

إما بنية الدعاء وإما بنية سورتين من القرآن!

ومن الطبيعي أن تكون السورتين الحبيبتين موجودتين في مصحف عمر الذي كان عند حفصة، إلي.. أن أحرقه مروان بن الحكم بعد دفنها مباشرة! حتي لا يقال إنه يختلف عن مصحف عثمان!!

ويشك الإنسان كل الشك في نسبة السورتين المزعومتين إلي مصحف ابن مسعود وابن كعب).

احاديث سورتي الحفد والخلع المتواترة بالمعني

قال السيوطي في الدر المنثور: 6/420: ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد:

ص: 137

(قال ابن الضريس في فضائله، أخبرنا موسي بن إسماعيل، أنبأنا حماد، قال: قرأنا في مصحف أبي بن كعب: " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونثني عليك الخير ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك.

قال حماد: هذه الآية سورة، وأحسبه قال: اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعي ونحفد، نخشي عذابك ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكفار ملحق ".

وأخرج ابن الضريس عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال: صليت خلف عمر بن الخطاب فلما فرغ من السورة الثانية قال: " اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق ".

وفي مصحف ابن عباس قراءه أبي وأبي موسي:

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك. وفي مصحف حجر: اللهم إنا نستعينك. وفي مصحف ابن عباس قراءة أبي وأبي موسي: اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد، نخشي عذابك ونرجو رحمتك إن عذابك بالكفار ملحق.

وأخرج أبو الحسن القطان في المطولات، عن أبان بن أبي عياش، قال: سألت أنس بن مالك عن الكلام في القنوت، فقال: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونؤمن بك ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق.

ص: 138

قال أنس: والله إن أنزلتا إلا من السماء!!

وأخرج محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين: اللهم إياك نعبد، واللهم إنا نستعينك.

وأخرج محمد بن نصر، عن عبد الرحمن بن أبزي، قال: قنت عمر رضي الله عنه بالسورتين.

وأخرج محمد بن نصر، عن عبد الرحمن بن أبي ليلي، أن عمر قنت بهاتين السورتين: اللهم إنا نستعينك.. واللهم إياك نعبد..

وأخرج البيهقي عن خالد بن أبي عمران، قال: بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو علي مضر إذ جاءه جبرئيل فأومأ إليه أن أسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً، وإنما بعثك رحمة للعالمين ولم يبعثك عذاباً ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون، ثم علمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق.

وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف، ومحمد بن نصر والبيهقي في سننه، عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال: بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ولك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.

وزعم عبيد أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن من مصحف ابن مسعود.

ص: 139

وأخرج ابن أبي شيبة، ومحمد بن نصر عن ميمون بن مهران قال: في قراءة أبي بن كعب: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.

وأخرج محمد بن نصر عن ابن إسحاق قال: قرأت في مصحف أبي بن كعب بالكتاب الأول العتيق:

بسم الله الرحمن الرحيم. قل هو الله أحد إلي آخرها.

بسم الله الرحمن الرحيم. قل أعوذ برب الفلق إلي آخرها.

بسم الله الرحمن الرحيم. قل أعوذ برب الناس إلي آخرها.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن عذابك بالكفار ملحق.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لا تنزع ما تعطي ولا ينفع ذا الجد منك الجد سبحانك وغفرانك وحنانيك إله الحق. [يلاحظ في هذه الرواية أن السورتين أولدتا بنتاً فصرن ثلاثة].

وأخرج محمد بن نصر عن عطاء بن السائب قال: كان أبو عبد الرحمن يقرئنا: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق.

ص: 140

وزعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرئهم إياها ويزعم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يقرئهم إياها.

وأخرج محمد بن نصر عن الشعبي، قال: قرأت أو حدثني من قرأ في بعض مصاحف أبي بن كعب هاتين السورتين: اللهم إنا نستعينك، والأخري، بينهما بسم الله الرحمن الرحيم. قبلهما سورتان من المفصل وبعدهما سور من المفصل.

وأخرج محمد بن نصر عن سفيان قال كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين السورتين: اللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد.

وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال: يقرأ في الوتر السورتين: اللهم إياك نعبد اللهم إنا نستعينك ونستغفرك.

وأخرج محمد بن نصر عن خصيف قال: سألت عطاء بن أبي رباح: أي شئ أقول في القنوت؟

قال: هاتين السورتين اللتين في قراءة أبي، اللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد.

وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو علي الكفار ثم ندعو للمؤمنين والمؤمنات). انتهي.

وروي في كنز العمال: 8/74 و 75 و 78 وغيرها، الكثير من روايات الخلع والحفد!! منها:

(عن ابن عباس: أن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين: اللهم إنا نستعينك، اللهم إياك نعبد - ش ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة والطحاوي.

ص: 141

عن عبد الرحمن بن أبزي قال: صليت خلف عمر بن الخطاب الصبح، فلما فرغ من السورة في الركعة الثانية قال قبل الركوع: اللهم إنا نستعينك... إلخ. - ش وابن الضريس في فضائل القرآن، هق وصححه.

وقال في هامشه: ملحق: الرواية بكسر الحاء: أي من نزل به عذابك ألحقه بالكفار. ويروي بفتح الحاء علي المفعول: أي عذابك يلحق بالكفار ويصابون به. النهاية 4 / 238 - ب.

عن عبيد بن عمير أن عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع في صلاة الغداة، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد.. إلخ.

وزعم عبيد أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن في مصحف ابن مسعود - عب ش ومحمد ابن نصر والطحاوي هق.

عن عبد الرحمن بن ابزي أن عمر قنت في صلاة الغداة قبل الركوع بالسورتين: اللهم إنا نستعينك، واللهم إياك نعبد - الطحاوي.

ثنا هشيم، قال: أخبرنا حصين قال: صليت الغداة ذات يوم، وصلي خلفي عثمان بن زياد فقنت في الصلاة، فلما قضيت صلاتي قال لي: ما قلت في قنوتك؟

فقلت: ذكرت هؤلاء الكلمات: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير كله، نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك إن

ص: 142

عذابك بالكفار ملحق، فقال عثمان: كذا كان يصنع عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان - ش). انتهي.

وقال ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/1009:

(حدثنا عبد الأعلي قال، حدثنا هشام، عن محمد: أن أبي بن كعب كتبهن في مصحفه خمسهن:

أم الكتاب والمعوذتين والسورتين، وتركهن ابن مسعود كلهن، وكتب ابن عفان فاتحة الكتاب والمعوذتين، وترك السورتين.

وعلي ما كتبه عمر رضي الله عنه مصاحف أهل الإسلام، فأما ما سوي ذلك فمطرح، ولو قرأ غير ما في مصاحفهم قارئ في الصلاة، أو جحد شيئاً منها استحلوا دمه بعد أن يكون يدين به). انتهي.

وتعبيره " علي ما كتبه عمر " يعني أن ما كتب في عهده كان بأمره وموافقته، وأن من قرأ سورتي الخلع والحفد لا يستحل دمه لأنهما مما كتبه عمر.

والظاهر أن اسم عمر في الرواية جاء خطأ بدل اسم عثمان.

فتكون فتوي باستحلال دم من يكتب سورتي الخليفة عمر في قرآنه!

روي الشافعي في كتاب الأم ج 7 ص 148، الحديث المتقدم عن البيهقي، أي حديث (يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً) وسورتي الخلع والحفد، وأفتي باستحباب القنوت بهما!

وقال مالك في المدونة الكبري: 1/103:

(قال ابن وهب: قال لي مالك لا بأس أن يدعي الله في الصلاة علي الظالم ويدعو لآخرين وقد دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم في الصلاة لناس، ودعا علي آخرين.

ص: 143

ابن وهب، عن معاوية بن صالح عن عبد القاهر عن خالد بن أبي عمران قال:

بينا رسول الله صلي الله عليه وسلم يدعو علي مضر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن أسكت فسكت، فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً وإنما بعثك رحمة ولم يبعثك عذاباً ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون.

قال ثم علمه القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد إن عذابك بالكافرين ملحق). انتهي.

وقال النووي في المجموع: 3/493، عن القنوت:

(والسنة أن يقول: اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضي عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت وتعاليت، لما روي الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلي الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر فقال قل: اللهم اهدني فيمن هديت.. إلي آخره.

وإن قنت بما روي عن عمر رضي الله عنه كان حسناً...

وهو ما روي أبو رافع، قال: قنت عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد الركوع في الصبح فسمعته يقول: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد نرجو رحمتك ونخشي عذابك أن عذابك الجد بالكفار ملحق.

اللهم عذب كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك يكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك. اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات

ص: 144

وأصلح ذات بينهم وألف بين قلوبهم واجعل في قلوبهم الإيمان والحكمة وثبتهم علي ملة رسولك وأوزعهم أن يوفوا بعهدك الذي عاهدتهم عليه وانصرهم

علي عدوك وعدوهم آله الحق واجعلنا منهم. ويستحب أن يصلي علي النبي صلي الله عليه وسلم بعد الدعاء..).

وقال في ص 498:

(ولو قنت بالمنقول عن عمر رضي الله تعالي عنه كان حسناً وهو الدعاء الذي ذكره المصنف، رواه البيهقي وغيره، قال البيهقي هو صحيح عن عمر، واختلف الرواة في لفظه، والرواية التي أشار البيهقي إلي اختيارها رواية عطاء عن عبيد الله بن عمر رضي الله عنهم قنت بعد الركوع، فقال:

اللهم اغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم وانصرهم علي عدوك وعدوهم اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك ويكذبون رسلك ويقاتلون أولياءك. اللهم خالف بين كلمتهم وزلزل أقدامهم وأنزل بهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك.

بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعي ونحفد ونخشي عذابك ونرجوا رحمتك إن عذابك الجد بالكفار ملحق). هذا لفظ رواية البيهقي. انتهي.

وعندما رأي النووي أن الخليفة حصر دعاءه بكفرة أهل الكتاب ليبعد الأمر عن كفرة قريش الوثنيين، علق بقوله:

ص: 145

وقوله: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب، إنما اقتصر علي أهل الكتاب لأنهم الذين كانوا يقاتلون المسلمين في ذلك العصر وأما الآن فالمختار أن يقال عذب الكفرة، ليعم أهل الكتاب وغيرهم من الكفار، فإن الحاجة إلي الدعاء علي غيرهم أكثر. والله أعلم). انتهي!

ولكن النووي نسي المنافقين الذين نسيهم الخليفة!!

وقد حاول بعض الرواة أن يقوي أمر سورتي الخلع والحفد بأن علياً عليه السلام أيضاً وافق الخليفة عمر وقرأهما في قنوته!

فقد روي السيوطي ومالك في المدونة الكبري: 1/103:

(عن عبد الرحمن بن سويد الكاهلي أن علياًّ قنت في الفجر: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك...)!!

ولكنها رواية شاذة، فقد روت مصادر السنيين عن قنوت علي ضد ذلك، وأنه كان يدعو علي خصومه المنافقين!).

ففي كنز العمال: 8/79:

(عن إبراهيم النخعي قال: إنما كان علي يقنت لأنه كان محارباً وكان يدعو علي أعدائه في القنوت في الفجر والمغرب - الطحاوي).

وفي ص 82:

(عن عبد الرحمن بن معقل قال: صليت مع علي صلاة الغداة، فقنت، فقال في قنوته: اللهم عليك بمعاوية وأشياعه، وعمرو بن العاص وأشياعه، وأبي الأعور السلمي وأشياعه، وعبد الله بن قيس وأشياعه - ش). انتهي.

ابن حزم يفضح (سورتي) عمر! و يفتي أنهما كلام غير مأثور

قال في المحلي: 4/148:

ص: 146

(وقد جاء عن عمر رضي الله عنه القنوت بغير هذا، والمسند أحب إلينا. فإن قيل: لا يقوله عمر إلا وهو عنده عن النبي صلي الله عليه وسلم.

قلنا لهم: المقطوع في الرواية علي أنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أولي من المنسوب إليه عليه السلام بالظن الذي نهي الله تعالي عنه ورسوله عليه السلام.

فإن قلتم ليس ظناًّ، فأدخلوا في حديثكم أنه مسند فقولوا: عن عمر عن النبي صلي الله عليه وسلم! فإن فعلتم كذبتم، وإن أبيتم حققتم أنه منكم قول علي رسول الله صلي الله عليه وسلم بالظن، الذي قال الله تعالي فيه: إن الظن لا يغني من الحق شيئاً).

وقال في المحلي: 3/91:

(ويدعو المصلي في صلاته في سجوده وقيامه وجلوسه بما أحب، مما ليس معصية، ويسمي في دعائه من أحب. وقد دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي عصية ورعل وذكوان، ودعا للوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام، يسميهم بأسمائهم، وما نهي عليه السلام قط عن هذا ولا نهي هو عنه)!! انتهي.

وكلامه الأخير تكذيب لحديث الشافعي والبيهقي (يا محمد إن الله لم يبعثك سباباً ولا لعاناً)!

هل نفعت كل المقويات لبقاء سورتي الخليفة

أكبر نجاح حققته سورتا الخلع والحفد أنهما سببتا التشويش علي سورتي المعوذتين!

وأنهما دخلتا في فقه السنيين علي أنهما دعاء قنوت مأثور عن النبي صلي الله عليه وآله!

ص: 147

أما أكبر نجاح لهما فكان علي يد السلطة الأموية، التي تبنت قراءتهما مدة لا تقل عن نصف قرن علي أنهما سورتان من القرآن!

وذلك بالمقويات من رواة الخلافة الأموية.. ثم ماتتا؟!

روي السيوطي في الإتقان: 1/227:

(وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي إسحاق قال: أمنا أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان

فقرأ بهاتين السورتين: إنا نستعينك، ونستغفرك)!! انتهي.

وعندما يقول أحد: صلي فلان بنا فقرأ بسورتي كذا وكذا، فمعناه قرأهما علي أنهما قرآن، فقرأ إحداهما في الركعة الأولي والثانية في الركعة الثانية.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/157 وصححه، قال:

(وعن أبي إسحاق قال أمنا أمية ابن عبد الله بن خالد بن أسيد بخراسان فقرأ بها من السورتين إنا نستعينك ونستغفرك قال فذكر الحديث. رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح!). انتهي.

قال ابن الأثير في أسد الغابة: 1/116:

(وأما أمية بن عبد الله فإن عبد الملك استعمله علي خراسان، والصحيح أنه لا صحبة له.. وقد ذكر

مصنفوا التواريخ والسير أمية وولايته خراسان وساقوا نسبه كما ذكرناه.

وذكر أبو أحمد العسكري عتاب بن أسيد بن أبي العيص ثم قال: وأخوه خالد بن أسيد وابنه أمية بن خالد. ثم قال في ترجمة منفردة: أمية بن خالد بن أسيد ذكر بعضهم أن له رواية وقد روي عن ابن عمر).

ص: 148

وترجم له البخاري في تاريخه الكبير: 2/7، والرازي في الجرح والتعديل: 2/301.

والمزني في تهذيب الكمال: 3/334، وقال:

(عن سعيد بن عبد العزيز: دعا عبد الملك بغدائه فقال: أدع خالد ابن يزيد بن معاوية، قال: مات يا أمير المؤمنين. قال أدع ابن أسيد، قال: مات يا أمير المؤمنين. قال أدع روح بن زنباع، قال: مات يا أمير المؤمنين. قال إرفع، إرفع.

قال أبو مسهر: فحدثني رجل قال: فلما ركب تمثل هذين البيتين:

ذهبت لداتي وانقضت آثارهم... وغبرت بعدهم ولست بغابر

وغبرت بعدهم فأسكن مرة... بطن العقيق ومرة بالظاهر

قال خليفة بن خياط: وفي ولاية عبد الملك، مات أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد. وقال الحافظ أبو القاسم: بلغني أن أمية بن خالد، وخالد بن يزيد بن معاوية وروح بن زنباع، ماتوا بالصنبرة في عام واحد. وبلغني من وجه آخر أن روحاً مات في سنة أربع وثمانين. وقال أبو بشر الدولابي: حدثني أحمد بن محمد بن القاسم، حدثني أبي، حدثني أبو الحسن المدائني، قال: سنة سبع وثمانين، فيها مات أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد. روي له النسائي وابن ماجة حديثاُ واحداً). انتهي.

ويظهر من ترجمة أمية أنه نشأ في مكة كغيره من بني أمية، ثم وفد علي عبد الملك فجعله من ندمائه وسكن في الشام حتي عدوه في الشاميين، ثم ولاه عبد الملك خراسان..

فالقصة التي يرويها الطبراني عنه بسند صحيح كما يشهد السيوطي، لا بد أن تكون بعد أكثر من نصف قرن من وفاة الخليفة عمر!!

ص: 149

وهذا يعني أن السلطة الأموية تبنت سورتي الخليفة عمر كسورتين أصيلتين من القرآن، وتبنت كتابتهما في المصحف بدل المعوذتين اللتين ليستا في رأيهم أكثر من عوذتين كان النبي صلي الله عليه وآله يعوذ بهما الحسن والحسين عليهما السلام!!

لكن هذه الجهود الرسمية لدعم هذين النصين الركيكين، قاومتها قوة القرآن الذاتية حتي نفتهما عنه كما تنفي النار عن الذهب الزبد والخبث..

وتجلي بذلك أحد مصاديق قوله تعالي: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.

وكفي الله المسلمين شر سورتي الخلع والحفد والحمد لله، ولم يبق منهما إلا الذكري السيئة لهما، ولمن أراد أن يزيدهما علي كتاب الله تعالي!!

نعم بقيتا كدعاء في فقه السنة، والحمد لله أنهما صارتا دعاء من الدرجة الثانية، لأن الدعاء الذي روته صحاحهم عن الإمام الحسن عليه السلام أبلغ منهما، فتري عامتهم يرجحونه عليهما!

وقد تقدم قول النووي في المجموع: 3/493:

(والسنة أن يقول: اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت... لما روي الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلي الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر). انتهي.

القنوت في فقه الشيعة

القنوت في فقهنا جزء مستحب مؤكد من صلاة الفريضة والنافلة..

ويدعو المصلي فيه بالمأثور أو بما جري علي لسانه، لنفسه أو للمؤمنين ولو بأسمائهم، ولا يجوز الدعاء علي المؤمنين ولا لعنهم. ويجوز أن يدعو علي أئمة الكفر والنفاق ولو بأسمائهم، ويجوز أن يلعنهم..

قال المحقق الحلي المتوفي سنة 624 في المعتبر: 2/238:

ص: 150

(اتفق الأصحاب علي استحباب القنوت في كل صلاة فرضاً كانت أو نفلاً مرة، وهو مذهب علمائنا كافة، وقال الشافعي: يستحب في الصبح خاصة بعد الركوع، ولو نسيه سجد للسهو لأنه سنة كالتشهد الأول، وفي سائر الصلاة إن نزلت نازلة قولاً واحداً، وإن لم تنزل فعلي قولين.

وبقوله قال أكثر الصحابة، ومن الفقهاء مالك قال: وفي الوتر في النصف الأخير من رمضان لا غير. وقال أبو حنيفة: ليس القنوت بمسنون بل هو مكروه إلا في الوتر خاصة فإنه مسنون.

وقال أحمد: إن قنت في الصبح فلا بأس، وقال: يقنت أمراء الجيوش.

لنا: أن القنوت دعاء فيكون مأموراً به لقوله تعالي: أدعوني أستجب لكم، وقوله: وقوموا لله قانتين. ولأن الدعاء أفضل العبادات فلا يكون منافياً للصلاة.

وما رواه أحمد بن حنبل عن الفضل بن عباس، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: الصلاة مثني مثني، وتشهد في كل ركعتين، وتضرع، وتخشع، ثم تضع يديك ترفعهما إلي ربك مستقبلاً ببطونهما وجهك وتقول يا رب..

وعن البراء بن عازب قال: كان رسول الله صلي الله عليه وآله لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها.

ورووا عن علي عليه السلام: أنه قنت في الصلاة المغرب علي أناس وأشياعهم.

وقنت النبي صلي الله عليه وآله في صلاة الصبح فقال: اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين بمكة واشدد وطأتك علي مضر ورعل وذكوان وأرسل عليهم سنين كسني يوسف.

ومن طريق أهل البيت عليهم السلام روايات، منها رواية زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال: القنوت في كل صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع.

ص: 151

وروي محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام أيضاً قال: القنوت في كل ركعتين في التطوع والفريضة.

وروي صفوان الجمال قال: صليت مع أبي عبد الله أياماً فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها ولا يجهر فيها). انتهي.

وهكذا.. تمسك الفقه الشيعي بسنة النبي صلي الله عليه وآله في القنوت باعتبار أنه تشريع ثابت مفتوح إلي يوم القيامة، يدعو فيه الفرد المسلم أو الحاكم المسلم إن شاء لنفسه وإخوانه، ويدعو فيه إن شاء علي المنافقين والكافرين..

وهكذا.. أدان الأئمة من عترة النبي اتهام رسول الله صلي الله عليه وآله من أجل تبرئة الملعونين علي لسانه!

وتمسكوا بشهادة الله سبحانه بحق نبيه وما ينطق عن الهوي.. إن هو إلا وحي يوحي، واعتقدوا بأن النبي لا يمكن أن يلعن غير المستحق..

بل تدل الروايات عن الأئمة من أهل البيت عليهم السلام علي أن لعنة الأنبياء أو بعض أنواعها تجري في ذرية الملعون!

لأن اللعن لا يصدر منهم إلا بعد علمهم بنضوب الخير من الملعون ومن صلبه!

فقد روي الكليني في الكافي: 5/569:

(عن سدير قال: قال لي أبو جعفر - الإمام محمد الباقر عليه السلام -: يا سدير بلغني عن نساء أهل الكوفة جمال وحسن تبعل، فابتغ لي امرأة ذات جمال في موضع، فقلت: قد أصبتها جعلت فداك، فلانة بنت فلان ابن محمد بن الأشعث بن قيس.

ص: 152

فقال لي: يا سدير إن رسول الله صلي الله عليه وآله لعن قوماً فجرت اللعنة في أعقابهم إلي يوم القيامة!

وأنا أكره أن يصيب جسدي جسد أحد من أهل النار)! انتهي.

وفي مجمع البيان في تفسير قوله تعالي: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل علي لسان داود وعيسي بن مريم: (وقال أبو جعفر عليه السلام: أما داود عليه السلام فإنه لعن أهل أيلة لما اعتدوا في سبتهم، وكان اعتداؤهم في زمانه، فقال: اللهم ألبسهم اللعنة مثل الرداء ومثل المنطقة علي الحقوين فمسخهم الله قردة، وأما عيسي فإنه لعن الذين أنزلت عليهم المائدة، ثم كفروا بعد ذلك)! انتهي.

وكتب (عرفج) بتاريخ 28 - 8 - 1999، التاسعة مساءً:

الأخ العاملي حفظه الله:

كنت في مدينة نيويورك قبل أسبوع تقريباً، وجمعنا حديث عابر في بيت أحد الأخوة، مع أحد طلبة العلم - كما سمي نفسه - وامتد الحديث إلي حرب القوقاز، فقال (طالب العلم) وبكل ثقة:

إن مشكلتنا ليست في القوقاز بل بالقضاء علي الطابور الخامس.

وهز الحضور رؤوسهم علامة الموافقة!

فقاطعته: من هم الطابور الخامس يا شيخ؟

قال: هم الروافض، لعنهم الله، أولئك المحرفون للقرآن.

قلت: أنا رافضي يا شيخ، وعقيدتي بالقرآن أنه مصان من التحريف.

وسكت، والحضور ينتظرون جوابه.

قال: ربما تقول هذا تقية!!

قلت: ولماذا أتقيك، هل أنت حاكم هذه المدينة أم أنا موظف في شركتك؟

ص: 153

قال: آسف.. ولكن علماء (دينكم) يقولون أنه محرف، وهم يخفون عنكم عقيدتهم!

وطال الحديث، ووعدته أن أرسل له بعض الكتب والمقالات... وفعلت.

ونقل لي أنه أوصي أحد الأخوة في نيويورك بأن يبلغوا فلاناً (أنا) بأن فلاناً (هو) قد غادر المدينة فلا يرسل لي أي شئ! وقيل لي أنه (أي الشيخ) حذر جماعته ممن يحسنون التقية ويجيدون التمثيل (وضرب لهم مثلاً بعرفج). هذا مثال واحد فقط.

لا يكذب الرائد أهله.

ص: 154

الفصل الخامس: محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي

ص: 155

ص: 156

محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي

كتب (العاملي) بتاريخ 21-2-2000، العاشرة ليلاً، في شبكة الموسوعة الشيعية موضوعاً بعنوان (عملية عمر الفاشلة لتحريف آية في القرآن، لمصلحة قريش ضد الأنصار!!)، قال فيه:

قال الله تعالي: الأعراب أشد كفراً ونفاقاً وأجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله علي رسوله والله عليم حكيم. ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرماً ويتربص بكم الدوائر عليهم دائرة السوء، والله سميع عليم. ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول ألا إنها قربة لهم سيدخلهم الله في رحمته إن الله غفور رحيم. والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم. التوبة 97 – 100.

روي الحاكم في مستدركه: 3/305:

(عن أبي سلمة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا: مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقول: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه.. إلي آخر الآية.

ص: 157

فوقف عليه عمر، فقال انصرف.

فلما انصرف، قال له عمر: من أقرأك هذه الآية؟!

قال أقرأنيها أبي بن كعب.

فقال: انطلقوا بنا إليه فانطلقوا إليه فإذا هو متكئ علي وسادة يرجل رأسه فسلم عليه فرد السلام. فقال: يا أبا المنذر!

قال: لبيك.

قال: أخبرني هذا أنك أقرأته هذه الآية؟!

قال: صدق، تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله.

قال عمر: أنت تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله؟!

قال: نعم أنا تلقيتها من رسول الله صلي الله عليه وآله. ثلاث مرات كل ذلك يقوله.

وفي الثالثة وهو غضبان: نعم والله!! لقد أنزلها الله علي جبريل وأنزلها جبريل علي محمد، فلم يستأمر فيها الخطاب ولا ابنه!!

فخرج عمر وهو رافع يديه وهو يقول: الله أكبر الله أكبر)!!

ورواه في كنز العمال: 2/605 وقال:

(أبو الشيخ في تفسيره، ك، قال الحافظ ابن حجر في الأطراف: صورته مرسل.

قلت: له طريق آخر عن محمد بن كعب القرظي مثله أخرجه ابن جرير وأبو الشيخ، وآخر عن عمر بن عامر الأنصاري نحوه، أخرجه أبو عبيد في فضائله، وسنيد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه هكذا. صححه، ك). انتهي.

ولكن ابن شبة روي القصة في تاريخ المدينة: 2/707، بنحو آخر فقال:

ص: 158

(حدثنا معاذ بن شبة بن عبيدة قال: حدثني أبي عن أبيه عن الحسن: قرأ عمر رضي الله عنه: والسابقون الأولون من المهاجرين الذين اتبعوهم بإحسان، " بدون واو ".

فقال أبي: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان!!

فقال عمر: والسابقون الأولون من المهاجرين الذين اتبعوهم بإحسان!

وقال عمر: أشهد أن الله أنزلها هكذا!!

فقال أبي: " أشهد أن الله أنزلها هكذا، ولم يؤامر فيها الخطاب ولا ابنه "!!

وقال في هامشه: في منتخب كنز العمال: 2/55: عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين...

وروي في نفس المرجع: 2/56: عن أبي سلمة، ومحمد بن إبراهيم التيمي، قالا.. برواية الحاكم المتقدمة، ثم قال: وانظر تفسير ابن كثير: 4/228). انتهي.

وروي في كنز العمال: 2/597:

(عن عمرو بن عامر الأنصاري، أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان.

فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين، فقال زيد: والذين اتبعوهم بإحسان.

فقال عمر: الذين اتبعوهم بإحسان.

فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم!!

فقال عمر: ائتوني بأبي بن كعب، فسأله عن ذلك.

ص: 159

فقال أبي: والذين اتبعوهم بإحسان، فجعل كل واحد منهما يشير إلي أنف صاحبه بإصبعه.

فقال أبي: والله أقرأنيها رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنت تتبع الخبط!!

فقال عمر: نعم إذن، فنعم إذن فنعم إذن، نتابع أبياًّ!!

أبو عبيد في فضائله، وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه.

وقال في هامشه: الخبط بفتح الخاء والباء: الورق ينفض بالمخابط ويجفف ويطحن). انتهي.

وقال السيوطي في الدر المنثور: 3/269:

(قوله تعالي: والسابقون الأولون... الآية.

أخرج أبو عبيد، وسنيد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن حبيب الشهيد عن عمرو بن عامر الأنصاري أن عمر بن الخطاب قرأ: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان. فرفع الأنصار ولم يلحق الواو في الذين!

فقال له زيد بن ثابت: والذين.

فقال عمر: الذين؟

فقال زيد أمير المؤمنين أعلم!

فقال عمر رضي الله عنه: ائتوني بأبي بن كعب، فأتاه فسأله عن ذلك.

فقال أبي: والذين.

فقال عمر رضي الله عنه: فنعم إذن نتابع أبياًّ).

وقد حذف منه المشادة بينهما كما رأيت!!

ثم قال السيوطي:

ص: 160

(وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي قال: مر عمر رضي الله عنه برجل يقرأ: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، فأخذ عمر بيده فقال: من أقرأك هذا؟

قال: أبي بن كعب.

قال: لا تفارقني حتي أذهب بك إليه.

فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟

قال: نعم.

قال: وسمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

قال: لقد كنت أري أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا!!

فقال أبي: تصديق ذلك في أول سورة الجمعة: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم.

وفي سورة الحشر: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان.

وفي الأنفال: والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم.

وأخرج أبو الشيخ عن أبي أسامة ومحمد بن إبراهيم التيمي قالا: مر عمر بن الخطاب برجل وهو يقرأ والسابقون الأولون... وأورد رواية الحاكم). انتهي.

نفهم من هذه الروايات الصحيحة عندهم، أن الخليفة يري أن قريشاً كلها فوق الجميع، ولا يجوز أن يساوي بها أحد!! " لقد كنت أري أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا ".

وكان يري أن وجود الواو في الآية يجعل الأنصار علي قدم المساواة مع المهاجرين!

ص: 161

فالحل أن تقرأ الآية المئة من سورة التوبة:

والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين اتبعوهم بإحسان..

فترفع كلمة الأنصار وتحذف الواو بعدها وتكون جملة " الذين اتبعوهم " صفة للأنصار، ليكون المعني: أن الله رضي عن المهاجرين وعن أتباعهم من الأنصار!!

وقد أثار هذا التحريف حفيظة الأنصار ولا شك، لأن الله تعالي جعلهم علي قدم المساواة مع المهاجرين وإن ذكر اسمهم بعدهم.

والخليفة عمر يريد أن يجعلهم تابعين لهم!!

أما زيد بن ثابت (الأنصاري؟) فقد سلم للخليفة: " فقال له زيد بن ثابت: والذين. فقال عمر: الذين. فقال زيد: أمير المؤمنين أعلم! ".

ولو وقف زيد في وجه الخليفة ولم يخف من سطوته، لربح المعركة، لأن كل الأنصار سيقفون إلي جانبه، وسيؤيدهم أهل البيت عليهم السلام، وعدد من المسلمين الذين لا يسمحون للخليفة أن يحرف آية من كتاب الله تعالي!!

ولكن زيداً صغير السن ضعيف الشخصية، وقد وبخه عبد الله بن مسعود يوماً بأنه نشأ مع صبيان اليهود وكان يلعب معهم!

بل المرجح عندي أن يكون أبوه يهودياً وأمه أنصارية، لأنه كان يعرف العبرية.

ولأن ابن شبة قال في تاريخ المدينة: 3/1008:

(حدثنا الحماني قال: حدثنا شريك، عن ابن إسحاق، عن أبي الأسود - أو غيره - قال:

قيل لعبد الله: ألا تقرأ علي قراءة زيد؟

ص: 162

قال: ما لي ولزيد ولقراءة زيد، لقد أخذت من في رسول الله صلي الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيد بن ثابت ليهودي له ذؤابتان!!). انتهي.

أما أبي بن كعب فمع أنه يخاف سطوة الخليفة عمر ويداريه كثيراً.. لكنه أكبر منه سناًّ، وله مكانته في الأنصار، وهو من صحابة النبي المقربين، وحافظ القرآن من عهده، ولذا استطاع أن يقف مقابل الخليفة في مسألة تمس كيان الأنصار!

وقد يحاول البعض الدفاع عن الخليفة بأنه وقع في اشتباه، ورجع عنه عندما شهد له أبي بن كعب! ولكن التغيير الذي أراده الخليفة في الآية.. ومواقف الخليفة من الأنصار في حياة النبي صلي الله عليه وآله، وفي السقيفة وبعدها، وتأكيده وشهادته أن الآية نزلت بدون واو.. كلها تدل علي أن المسألة كانت جدية وحامية، وأن أبياًّ كان يتكلم وهو مسنود بإجماع الأنصار واستعدادهم للدفاع عن هذا الإمتياز الذي منحهم إياه الله تعالي حتي لو احتاج الأمر إلي السلاح، كما تذكر بعض المصادر!

ومما يوجب الدهشة هنا شهادة عمر بأن الآية نزلت بدون واو، وأن الله مدح الأنصار فيها بأنهم تابعون للمهاجرين!!

(قال عمر: " أشهد أن الله أنزلها هكذا ". ابن شبة: 2/707).

فإذا كان قول عمر هذا اجتهاداً من عنده، لأن مكانة قريش برأيه عند الله أعلي من مكانة الأنصار، فوامصيبتاه من هذه الجرأة علي تحريف آية من كتاب الله!!

وإن كان صادقاً، فلماذا تراجع بمجرد شهادة أبي بن كعب وتأكيده؟!

ص: 163

إن قول أبي شهادة في مقابل شهادة، والشهادتان المتعارضتان تتكافآن وتتساقطان، ويجب الرجوع إلي شهادات الصحابة..

فلماذا لم يسأل عمر عدداً من المهاجرين والأنصار عن الآية التي نزلت بالأمس قبل وفاة النبي صلي الله عليه وآله بشهور؟!

وكيف خضع لشهادة أبي بن كعب؟

ثم كيف أمر بكتابتها في القرآن علي ما قال ابن كعب ولم يطلب حتي شاهداً آخر معه عليها؟!

علي كلٍّ، هذه واحدة من أمثلة جرأة عمر علي كتاب الله تعالي، ومحاولة تحريفه جهاراً نهاراً!! ولولا موقف أبي بن كعب لقام الخليفة بتغيير آية في كتاب الله تعالي بضربة فنية.. وحذف واو واحدة!!!!

ولكن الله تعالي حفظ كتابه، وهو القائل: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ".

فكتب (عمر) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

بما أنك استشهدت بتفسير ابن كثير، فلك التفسير منه:

والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم.

يخبر تعالي عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم المقيم.

قال الشعبي: السابقون الأولون من المهاجرون والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية.

ص: 164

وقال أبو موسي الأشعري وسعيد بن المسيب ومحمد بن سرين والحسن وقتادة: هم الذين صلوا إلي القبلتين مع رسول الله صلي الله عليه وسلم صلي الله عليه وسلم.

وقال محمد بن كعب القرظي: مر عمر بن الخطاب برجل يقرأ هذه الآية: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، فأخذ عمر بيده.

فقال: من أقرأك هذا؟

فقال: أبي بن كعب.

فقال: لا تفارقني حتي أذهب بك إليه.

فلما جاءه قال عمر: أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟

قال: نعم. قال: وسمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: نعم.

قال: لقد كنت أري أنا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا.

فقال أبي: تصديق هذه الآية في أول سورة الجمعة: وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وهو العزيز الحكيم.

وفي سورة الحشر: والذين جاءوا من بعدهم.. الآية. وفي الأنفال: والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا معكم.. الآية. ورواه ابن جرير، قال: وذكر عن الحسن البصري أنه كان يقرؤوها برفع الأنصار عطفاً علي (والسابقون الأولون) فقد أخبر الله العظيم أنه قد رضي عن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان. فيا ويل من أبغضهم أو سبهم أو أبغض أو سب بعضهم!!

ولا سيما سيد الصحابة بعد الرسول وخيرهم وأفضلهم أعني الصديق الأكبر والخليفة الأعظم أبا بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه، فإن الطائفة المخذولة من الرافضة يعادون أفضل الصحابة ويبغضونهم ويسبونهم عياذاً بالله من ذلك.

ص: 165

وهذا يدل علي أن عقولهم معكوسة وقلوبهم منكوسة، فأين هؤلاء من الإيمان بالقرآن إذ يسبون من رضي الله عنهم؟

وأما أهل السنة فإنهم يترضون عمن رضي الله عنه، فيسبون من سبه الله ورسوله ويوالون من يوالي الله ويعادون من يعادي الله وهم متبعون لا مبتدعون، ويقتدون ولا يبتدون ولهذا هم حزب الله المفلحون وعباده المؤمنون.. بدلاً من تتبع الزلات فلتقرأ الشرح كاملاً.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف ليلاً:

أشهد أنك يا عمر ما فهمت قصة الآية!!

وأنك نقلت عن ابن كثير الذي بتر روايتها، فصار نقلك حجة عليك لا لك!

كل العلم يا عمر في (الواو) الذي أراد أن يحذفه صاحبك عمر، لتصير كلمة الأنصار مجرورة، وتصير اتبعوهم صفة للأنصار، يعني الأنصار الذين اتبعوا المهاجرين!!

حتي لا يكونوا بزعمه في صف المهاجرين!!

أراد أن يجعل الأنصار أتباع المهاجرين، ويلغي موضوع التابعين كلياًّ..

وحلف أن الآية نزلت هكذا!! هل فهمت؟!!

فكتب (عمر) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثالثة صباحاً:

لا أدري من أدخلك بعقله حتي تفهم ما يجهله هو؟ والآية صريحة في رضي الله عن السابقين من المهاجرين والأنصار. ومن يكره الخير للآخرين إذا كان الله رزقهم جميعاً هذا الفضل؟!

وعموما من تبعهم أي السابقون هم الذين يرضي الله عنهم.

ص: 166

وأنتم جعلتموهم كفار وتركتم هداهم وطريقهم. ألا تري بأنها معضلة كبيرة؟

أما اتهامك لأحدهم فهذا تعدي علي حدود المغفرة والرضي الإلهي لهم!

وابحث لك عن موضوع مفيد، بدل من هذه الإدعاءات الساقطة التي تدينكم أكثر من مما تفيدكم.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 22 - 2 - 2000، السابعة إلا ربعاً صباحاً:

عفواً... الآية المباركة: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم.

أتيت بتفسير لها عن ابن كثير وقلت: يخبر تعالي عن السابقين من المهاجرين والأنصار والتابعين لهم بإحسان ورضاهم عنه بما أعد لهم من جنات النعيم المقيم، قال الشعبي: السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار من أدرك بيعة الرضوان عام الحديبية.

وأريد أن أذكرك بأن الله سبحانه وتعالي لم يطلق هذا الرضي إلي نهاية حياتهم، فلا دليل علي ذلك، وليس لأحد أن يدعيه، والله سبحانه وتعالي يقول: وأن ليس للإنسان إلا ما سعي وأن سعيه سوف يري.

وفي الوقت الذي هنالك آيات نزلت في وقت معين وخصصت في وقت آخر، كقوله تعالي: ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكاري.

ثم جاء الإجتناب الكلي للخمر بعد ذلك، كذلك الآية المباركة أعلاه والتي جعلت بها الأمة كلها مبشرة بالجنة وليس عشرة أنفار كما يدعيه المخالفون،

ص: 167

وهؤلاء العشرة ليس من بينهم سيدا شباب أهل الجنة الحسن والحسين، علي كل حال...

قال الله تعالي: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً. صدق الله العلي العظيم. سورة الفتح - 10...

فالقيد هنا في عبارة (فمن نكث) والذي ينكث يكون قد حكم علي نفسه بالخروج من وعد الله له بالرضي والجنة...

وقد ثبت نقلاً وعقلاً واستدلالاً وتاريخاً وسيرة وحديثاً بأن هنالك من نكث.

فكتب (عمر) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية ظهراً:

ما معني أعد لهم الله جنات؟؟ هل الوعد الإلهي مجازي؟؟ أم أن هناك إله آخر يوقف وعده؟؟

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 23 - 2 - 2000، السادسة صباحاً:

قال الله تعالي: إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً. صدق الله العلي العظيم. سورة الفتح - 10..

الآية واضحة وصريحة بتقسيمها المهاجرين والأنصار الذين بايعوا بيعة الرضوان إلي قسمين:

1 - " فمن نكث فإنما ينكث علي نفسه " وهذا القسم خارج عن وعد الله، لنكثه.

ص: 168

2 - " ومن أوفي بما عاهد عليه الله " وهذا القسم سيؤتيه الله أجراً عظيماً. انتهي.

قال (العاملي):

وهكذا، قام عمر المأموم بتحريف الموضوع، ليغطي محاولة إمامه عمر تحريف كتاب الله تعالي!!!

ص: 169

ص: 170

الفصل السادس: آيات زعم عمر و عائشة أنها من القرآن

اشارة

ص: 171

ص: 172

كتب (العاملي)، في شبكة أنا العربي، موضوعاً بعنوان:

آيات زعم عمر وعائشة أنها من القرآن!
آية الرجم، و آية الشيخ والشيخة

روي البخاري في صحيحه: 8 /25:

(عن عبيد الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال عمر: لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتي يقول قائل لا نجد الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله، ألا وإن الرجم حق علي من زني وقد أحصن إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الإعتراف... إلخ.

وعن ابن عباس قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف، فبينما أنا في منزله بمني وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها، إذ رجع إلي عبد الرحمن.

فقال: لو رأيت رجلاً أتي أمير المؤمنين اليوم.

ص: 173

فقال: يا أمير المؤمنين هل لك في فلان، يقول: لو قد مات عمر لقد بايعت فلاناً! فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت!

فغضب عمر ثم قال: إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذي يريدون أن

يغصبوهم أمورهم!

قال عبد الرحمن: فقلت: يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم، فإنهم هم الذين يغلبون علي قربك حين تقوم في الناس، وأنا أخشي أن تقوم فتقول مقالة، يطيرها عنك كل مطير، وأن لا يعوها وأن لا يضعوها علي مواضعها، فأمهل حتي تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة، فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكناً، فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها علي مواضعها.

فقال عمر: أما والله إن شاء الله لأقومن بذلك أول مقام أقومه بالمدينة.

قال ابن عباس: فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة، فلما كان يوم الجمعة عجلنا الرواح حين زاغت الشمس حتي أجد سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل جالساً إلي ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته، فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلاً قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل:

ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف، فأنكر علي وقال: ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله؟!

فجلس عمر علي المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثني علي الله بما هو أهله، ثم قال: أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها، لا أدري لعلها بين يدي أجلي، فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته، ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي.

ص: 174

إن الله بعث محمداً صلي الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها، فلذا رجم رسول الله صلي الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشي إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله..

والرجم في كتاب الله حق علي من زني إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الإعتراف.

ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن " لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم. أو إن كفراً بكم أن ترغبوا عن آبائكم "...

ثم إنه بلغني أن قائلاً منكم يقول والله لو مات عمر بايعت فلاناً، فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت!

ألا وإنها قد كانت كذلك، ولكن الله وقي شرها، وليس منكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر.

من بايع رجلاً عن غير مشورة من المسلمين فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا). انتهي.

ومعني قوله تغرة أن يقتلا: مخافة أن يقتلا بهذا الأمر الذي أصدره في هذه الخطبة!

آية لا ترغبوا عن آبائكم

مضافاً إلي ما تقدم في صحيح البخاري: 8/24 وغيره.. فقد روي الهيثمي في مجمع الزوائد: 1/97:

(عن أيوب بن عدي بن عدي عن أبيه أو عمه: أن مملوكاً كان يقال له كيسان، فسمي نفسه قيساً وادعي إلي مولاه ولحق بالكوفة، فركب أبوه إلي عمر

ص: 175

بن الخطاب، فقال: يا أمير المؤمنين ابني ولد علي فراشي، ثم رغب عني وادعي إلي مولاي ومولاه!

فقال عمر لزيد بن ثابت: أما تعلم أنا كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم؟

فقال زيد: بلي.

فقال عمر بن الخطاب: إنطلق فاقرن ابنك إلي بعيرك، ثم انطلق فاضرب بعيرك سوطاً وابنك سوطاً حتي تأتي به أهلك!

رواه الطبراني في الكبير، وأيوب بن عدي وأبوه أو عمه لم أرَ من ذكرهما.

وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من ادعي إلي غير أبيه لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من قدر سبعين عاماً، أو من مسيرة سبعين عاماً.

قلت: رواه ابن ماجة إلا أنه قال من مسيرة خمسمائة عام. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح).

ورواه في كنز العمال: 2/480 و 567، و: 5/428 - 433 بعدة روايات.

وفي ص 429:

(ألا وإنا قد كنا نقرأ: لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم - عب، ش، حم، والعدني، والدارمي خ م د ت ن ه-، وابن الجارود وابن جرير وأبو عوانة، حب، ق.

وروي مالك بعضه.

ثم رواه في ص 649 بعدة روايات وقال في رموزها: مالك والشافعي وابن سعد والعدني، حل، ق - مالك وابن سعد ومسدد، ك - عب – ابن الضريس).

ص: 176

آية: حق جهاده في آخر الزمان

قال السيوطي في الدر المنثور: 4/371:

(أخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال لي عمر: ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ: وجاهدوا في الله حق جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله؟

قلت: بلي، فمتي هذا يا أمير المؤمنين؟

قال: إذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة الوزراء!!

وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة).

وقال في: 5 / 197:

(وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما:

أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله، فقال: أرأيت قول الله تعالي لأزواج النبي صلي الله عليه وسلم ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولي، هل كانت الجاهلية غير واحدة؟

فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما سمعت بأولي إلا ولها آخرة.

فقال له عمر رضي الله عنه: فأنبئني من كتاب الله ما يصدق ذلك؟

قال: إن الله يقول وجاهدوا في الله حق جهاده كما جاهدتم أول مرة.

فقال عمر رضي الله عنه: من أمرنا أن نجاهد؟

قال: بني مخزوم وعبد شمس!

ورواه في كنز العمال: 2/480 وقال في مصادره: أبو عبيد في فضائله وابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه.

ص: 177

وفي ج 2 ص 567: من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة، قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها!

قال: أسقط في ما أسقط من القرآن - أبو عبيد). انتهي.

ولو كانت هذه الروايات تفسيراً للآية بدون ادعاء أن الزيادة الواردة فيها من القرآن، لكانت مقبولة عندنا.. فإنها تتناسب مع اعتقادنا بأن الله تعالي أوجب الجهاد علي تأويل القرآن، كما أوجبه علي تنزيله..

وأن النبي صلي الله عليه وآله أخبر أمته بأن علياًّ عليه السلام هو الذي يقاتل من بعده علي تأويله، وكان ذلك معروفاً عند الصحابة..

ونقلت نصوصه مصادر إخواننا السنة ومن أشهرها حديث: خاصف النعل.

الذي رواه الترمذي في سننه: 5/298:

(عن ربعي بن حراش، قال: أخبرنا علي بن أبي طالب بالرحبة، فقال: لما كان يوم الحديبية خرج إلينا ناس من المشركين فيهم سهيل بن عمرو، وأناس من رؤساء المشركين.

فقالوا: يا رسول الله خرج إليك ناس من أبنائنا وإخواننا وأرقائنا وليس لهم فقه في الدين، وإنما خرجوا فرارا من أموالنا وضياعنا، فارددهم إلينا، فإن لم يكن لهم فقه في الدين سنفقههم!

فقال النبي صلي الله عليه وسلم: يا معشر قريش لتنتهن أو ليبعثن الله عليكم من يضرب رقابكم بالسيف علي الدين، قد امتحن الله قلوبهم علي الإيمان.

قالوا من هو يا رسول الله؟

فقال له أبو بكر: من هو يا رسول الله؟

ص: 178

وقال عمر: من هو يا رسول الله؟

قال: هو خاصف النعل، وكان أعطي علياًّ نعله يخصفها، قال ثم التفت إلينا علي، فقال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار.

هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعي عن علي).

ورواه الحاكم في المستدرك: 2/138 و: 4/298 وقال في الموردين: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم، ولم يخرجاه!!

آية: الولد للفراش

روي في كنز العمال: 6/208:

(عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة، عن أبيه، عن جده أن عمر بن الخطاب قال لأبي: أوليس كنا نقرأ من كتاب الله أن: انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟

فقال: بلي.

ثم قال: أوليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر؟ فقد في ما فقدنا من كتاب الله؟

قال: بلي - ابن عبد البر في التمهيد). انتهي.

هذا مع أن مصادر الشيعة والسنة روت أن قاعدة الولد للفراش وللعاهر الحجر هي حديث للنبي صلي الله عليه وآله، كما في وسائل الشيعة: 13/376، وسنن الترمذي: 2/313، عن أبي هريرة.

وقال:

ص: 179

(وفي الباب عن عمر وعثمان وعائشة وأبي أمامة، وعمرو بن خارجة، وعبد الله بن عمر، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم. حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. وقد رواه الزهري عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة، عن أبي هريرة. والعمل علي هذا عند أهل العلم).

ورواه النسائي في سننه: 6 / 180، وأحمد: 1 / 25 و: 4 / 186، بأربع روايات.

ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 5/14 وفيه:

(عن البراء وزيد بن أرقم قالا: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم غدير خم، ونحن نرفع غصن الشجرة عن رأسه فقال: إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي. لعن الله من ادعي إلي غير أبيه، ولعن الله من تولي غير مواليه. الولد للفراش وللعاهر الحجر. ليس لوارث وصية). انتهي.

وفي كتاب الأم: 6/213:

(قال الشافعي رحمه الله تعالي: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن أبيه قال: أرسل عمر إلي رجل من بني زهرة كان ساكناً معنا فذهبنا معه فسأله عن ولاد من ولاد الجاهلية.

فقال: أما الفراش فلفلان، وأما النطفة فلفلان.

فقال رضي الله تعالي عنه: صدقت ولكن رسول الله صلي الله عليه وسلم قضي بالفراش...). انتهي.

وهذا يؤيد أن النص حديث، ويتناقض مع روايات أنه آية، ولكن الروايات عن الخليفة التي تقول إنه آية أكثر!!

آية: لو كان لابن آدم واديان

ص: 180

روي البخاري في صحيحه: 7/175:

(عن ابن عباس رضي الله عنهما، يقول سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله علي من تاب.

وروي عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: لو أن لابن آدم وادياً من ذهب أحب أن يكون له واديان، ولن يملأ فاه إلا التراب، ويتوب الله علي من تاب).

وروي مسلم في صحيحه: 3/100، حديث أنس ولكن بنص حديث ابن عباس الذي تذكر روايته أن النص هو حديث شريف وليس آية.

لكن مسلماً روي بعد ذلك عن أبي الأسود عن أبيه قال:

(بعث أبو موسي الأشعري إلي قراء أهل البصرة، فدخل عليه ثلاثمائة رجل قد قرأوا القرآن.

فقال: أنتم خيار أهل البصرة وقراؤهم، فاتلوه ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب من كان قبلكم، وإنا كنا نقرأ سورة كنا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها!! غير أني قد حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب.

وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدي المسبحات فأنسيتها! غير أني حفظت منها: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون، فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة!).

وروي أحمد في مسنده نص أنس علي أنه حديث عن النبي صلي الله عليه وآله ج 3 ص 238، وكذا في: 5/219:

ص: 181

(عن أبي واقد الليثي قال: كنا نأتي النبي صلي الله عليه وسلم إذا أنزل عليه، فيحدثنا، فقال لنا ذات يوم: إن الله عز وجل قال: إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو كان لابن آدم واد لأحب أن يكون إليه ثان، ولو كان له واديان لأحب أن يكون إليهما ثالث، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب، ثم يتوب الله علي من تاب. وقريباً منه عن عائشة في ج 6 ص 55).

ورواه أيضاً في ج 3 ص 122، بصيغة الشك بين الحديث والآية:

(عن أنس، قال: كنت أسمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: فلا أدري أشئ نزل عليه أم شئ يقوله، وهو يقول: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي لهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله علي من تاب. وقريب من ذلك في ج 3 ص 272).

ورواه أحمد في ج 4 ص 368، بصيغة الجزم بأنه آية...

(عن زيد بن أرقم قال: لقد كنا نقرأ علي عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم: لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغي إليهما آخر، ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله علي من تاب.. إلخ).

ص: 182

التسبيحات الأربع من القرآن

روي أحمد في مسنده: 5/11:

(عن سمرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إذا حدثتكم حديثاً فلا تزيدن عليه.

وقال: أربع من أطيب الكلام وهن من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر. ثم قال: لا تسمين غلامك أفلحاً ولا نجيحاً ولا رباحاً ولا يساراً).

وفي ج 5 ص 20:

(عن سمرة قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهي من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر).

وروي النسائي في سننه: 2/143:

(عن ابن أبي أوفي، قال: جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ شيئاً من القرآن فعلمني شيئاً يجزئني من القرآن فقال: قل سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله). انتهي.

وهذه الروايات الصحيحة عند إخواننا مناقضة لما ورد في مصادرهم ولما اتفق عليه المسلمون من أن التسبيحات الأربع حديث شريف وليست قرآناً!!

ورواية النسائي تحتمل أن يكون متعلق الجار والمجرور (يجزئني) وأن تكون من بمعني عن، لكن المرجح أنه صفة أخري للشئ، بقرينة الروايات المتقدمة.

ص: 183

آية: ألا بلغوا قومنا..

روي البخاري في صحيحه: 3/204، و 208، و: 4/35، و:5/42، عدة روايات:

(أن آية " ألا بلغوا قومنا بأنا قد لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا " نزلت في شهداء بئر معونة الذين بعثهم النبي صلي الله عليه وآله إلي نجد، فغدرت بهم قبيلتا رعل وذكوان وعصية من بني لحيان، وأن المسلمين قرؤوا هذه الآية!).

ورواها مسلم في صحيحه: 2/135، وأحمد في مسنده، بعدة روايات: 3/109، و 210، و 215،

و 255، و 289، والبيهقي في سننه: 2/199، وغيرهم كثيرون...

وفي أكثر الروايات أنها نسخت بعد ذلك، وفي بعضها أنها رفعت.

وفي رواية أحمد: 3/109:

(" ثم رفع ذلك بعد "، وقال ابن جعفر: ثم نسخ!!). انتهي.

ولا بد لهؤلاء القائلين بأنها كانت آية ونسخت، أن يفترضوا أنه كان يوجد قبلها أو بعدها كلام آخر! حتي لا تكون مقتصرة علي مقول القول فقط!!

فيقولوا إن الآية كانت مثلاً: إن المؤمنين الذين قتلهم أهل نجد المشركون قالوا ألا بلغوا قومنا... إلخ!!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!

آية عائشة التي أكلتها السخلة

من الأحكام الشرعية المتفق عليها بين المسلمين: أن الرضاعة تشبه النسب، فلو أرضعت امرأة طفلاً لغيرها صارت أماًّ له وحرمت عليه، وصارت بناتها أخواته وحرمن عليه.. إلخ.

ص: 184

وبعد اتفاق المسلمين علي هذا الأصل الذي نص عليه القرآن، اختلفوا في شروطه، فقال الأئمة من أهل البيت عليهم السلام: يشترط أن يرضع الطفل من تلك المرأة رضاعاً متصلاً خمس عشرة رضعة، أو يكون الرضاع بحيث ينبت به لحم الطفل ويشتد عظمه، وأن لا يكون للطفل غذاء آخر غير

الحليب، وأن يكون الطفل في سن الرضاعة لا أكبر.. فإذا اختلت الشروط فلا أثر للرضاع.

أما المذاهب الأخري فتساهلوا في شروط الرضاعة، وكان أول المتساهلين في عدد الرضعات عبد الله بن عمر ولا يبعد أن يكون ذلك مذهب أبيه، فقال إن الرضعة الواحدة توجب التحريم..

قال السيوطي في الدر المنثور: 2/135:

(وأخرج عبد الرزاق، عن ابن عمر، أنه بلغه عن ابن الزبير أنه يؤثر عن عائشة في الرضاعة: لا يحرم منها دون سبع رضعات.

قال: الله خير من عائشة، إنما قال الله تعالي: وأخواتكم من الرضاعة ولم يقل رضعة ولا رضعتين.

وأخرج عبد الرزاق، عن طاوس: أنه قيل له إنهم يزعمون أنه لا يحرم من الرضاعة دون سبع رضعات ثم صار ذلك إلي خمس. قال قد كان ذلك فحدث بعد ذلك أمر جاء التحريم المرة الواحدة تحرم.

وأخرج بن أبي شيبة عن ابن عباس قال: المرة الواحدة تحرم.

وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: المصة الواحدة تحرم). انتهي.

أما أم المؤمنين عائشة فقالت: نزل في القرآن آية تحدد الرضاعة بعشر رضعات، ثم نسخت ونزلت آية تكتفي بخمس رضعات!

ص: 185

وأن تلك الآية كانت حتي توفي النبي صلي الله عليه وآله تقرأ في القرآن!!

وكانت مكتوبة عندها علي ورقة وموضوعة تحت سريرها، ولكنها انشغلت بوفاة النبي وبعدها فدخلت سخلة ملعونة وأكلت الورقة، فخسر المسلمون إلي يوم القيامة هذه الآية!!

ويضاف إلي مشكلة الآية عند أم المؤمنين، مشكلة تعميمها الرضاع لغير الأطفال!

وفتواها بأنه يصح أن يرضع الرجل الكبير من أي امرأة فيكون ابنها!! ويصير أقاربها أقاربه، ويصير من محرما عليهن فيدخل عليهن وهن بدون حجاب!

وقد رووا أنها أرضعت عدة رجال بهذه الطريقة من زوجة أخيها وأختها، ليصيروا محرماً عليها!!

وإن كان غرضنا هنا في آية الخمس رضعات التي كانت في القرآن ثم ضاعت!!

قال مسلم في صحيحه: 4/167:

(عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة أنها قالت: كان في ما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهن في ما يقرأ من القرآن!! ورواه الدارمي في سننه: 2/157.

ورواه ابن ماجة في سننه: 1/625 وروي بعده... عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت: لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً. ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلي الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها). انتهي.

ص: 186

ومعني الداجن: الحيوان الأهلي الذي يربي في المنزل وكان السائد منه في المدينة الماعز، ولذلك جعلنا العنوان: أكلتها السخلة!

وفي هذه الرواية دليل علي أن مرض النبي ووفاته لم يكن في غرفة عائشة وإلا لما دخلتها السخلة، وبحث ذلك خارج عن موضوعنا... إلخ.

ثم ختم (العاملي) بقوله:

وبعد، فهذه أحاديث تدعي زيادات لا وجود لها في كتاب الله تعالي، وكثير منها بمقاييس إخواننا أحاديث صحيحة علي شرط البخاري ومسلم، أو شرط غيرهما، أو موثقة..

فهل يمكن لأحد أن يقبلها ويضيف هذه الآيات والزيادات المزعومة في كتاب الله والعياذ بالله بحجة التمسك بالحديث إذا صح سنده!!

أم أن علماء إخواننا يردونها كما نفعل نحن الشيعة، فيقلدوننا في هذا الموضوع من أجل الحفاظ علي كتاب الله تعالي؟!

فكتب (العروة الوثقي) بتاريخ 4 - 6 - 1999 الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ العاملي سلمه الله: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأيم الحق إن عيني لتكتحلان بمقالاتكم الهادفة، الساعية للذب عن حياض الدين والقرآن الكريم.

كيف لا وأنتم بذرة أبو ذر الغفاري رضوان الله عليه، فبارك الله سعيكم، ورحم والديكم، والسلام.

وكتب (مشارك) بتاريخ 4 - 6 - 1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

ص: 187

إلي العاملي: باختصار: عقيدة أهل السنة والجماعة في القرآن كما يلي: من يعتقد أن هناك مصحفاً آخر غير الذي بأيدينا فهو كافر. هل توافقون علي ذلك؟ نعم، أو لا؟

فكتب (موسي العلي) بتاريخ 4 - 6 - 1999، الواحدة والربع صباحاً:

إلي مشارك: نعم نوافق، ولا يوجد لدينا قرآن كريم غير الذي هو موجود عندكم وبين ظهراني المسلمين، ومن ادعي غير ذلك، متعمداً، مقراً، فهو كافر نتبرأ منه.

وكتب (أبو جابر) بتاريخ 4 - 6 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

أنا لا أعتقد بتحريف القرآن، أما من يعتقد بتحريفه فهو في نظري مخطئ حتماً. ولكن لا علم لي ما حكمه الشرعي من حيث التكفير. ولكن علي أية حال إن كان يقول بالتحريف انتقاصاً من قدر القرآن، وتشكيكاً بصحة آياته فهو لا شك فاسق، وربما يكون كافراً.

وكتب (العاملي):

إلي مشارك:

أولاً: لماذا تكتب (إلي العاملي) وتقلِّد الذين يبخلون علي الشيعي بكلمة (الأخ)!

فإذا كنت لا تراه أخاً لك في الإسلام، فهو أخ لك في النسب إلي آدم وحواء...!!

إنكم تخاطبون الأجنبي غير المسلم بالأخ والصاحب والسيد!! فما المانع أن تستعملوها للمسلمين؟!

ص: 188

أما نحن فنري أن كل من أعلن الشهادتين ولو تحت السيف مثل أبي سفيان والطلقاء، أو طمعاً في الدنيا مثل غيرهم.. نراهم مسلمين تجري عليهم أحكام الإسلام العامة، وتصان أموالهم ودماؤهم إلا بحقها.

ثانياً: أجبتك مع إخوانك الذين سخِرتُم في شبكات الحوار المختلفة بقارورة تربة كربلاء المقدسة، وبينت لكم أن حديثها صحيح علي شرط البخاري ومسلم، أي في أعلي درجات الصحة عندكم، فلم يظهر واحد منكم أسفه علي ما فعل!!

ومع ذلك نحملكم علي الأحسن ونقول لعلهم تابوا إلي ربهم بينهم وبينه، وكان ثقيلاً عليهم الإعتراف بالخطأ!!

ثالثاً: أجابكم عدد من الإخوة الشيعة عن اتهامكم لنا بالإعتقاد بتحريف القرآن في موقع الساحات والعربي والمنتدي والجارح وغيرها، وأثبتنا لكم أننا نعتقد بعصمة القرآن عن التحريف، وأن الروايات الموجودة في مصادرنا (نقطة في بحر) مما يوجد في مصادركم في هذا الموضوع..

فلم نر من أصحابك إلا السكوت.

ثم تصديت أنت بطرح السؤال علينا.. كأنك إلي الآن في شك هل يؤمن الشيعة بهذا القرآن وحده، أم يشركون معه غيره؟!!

فنقول لكم أيها الإخوان: إن الشيعة يؤمنون بهذا القرآن وحده، ومن يؤمن بقرآن آخر بدله أو معه فهو كافر.

أما نسخته الثانية التي روت مصادركم ومصادرنا أنها توجد عند أهل البيت وعند الإمام المهدي عليهم السلام، فهي ليست قرآناً آخر، وهي من مسؤولية الإمام المهدي الموعود، ولم نرها حتي نعرف فرقها عن هذه النسخة، ولا نقبل ادعاء

ص: 189

أحد يدعي نسخة أخري للقرآن غير الإمام المهدي عليه السلام، ونحكم ببطلان نسخته، وبكفره إن كان يعتقد بها.

فكونوا مثلنا شجاعة وجرأة واحكموا ببطلان هذه السور والآيات والمصاحف المزعومة التي ترويها صحاحكم، ومنها نسخة حفصة التي ظلت متمسكة بها حتي توفيت بعد خلافة عثمان!

فأخذها عثمان وأحرقها!!

نحن نقول: كان عند فاطمة الزهراء عليها السلام (مصحف) ليس قرآناً، بل كتاب مصحف مجلد، فيه علوم، فالمصحف في اللغة العربية هو اسم للمجلد أيها العرب، ولذا يفتي الفقهاء بأنه يستحب قراءة القرآن في المصحف.

وأنتم تروون أن حفصة كان عندها القرآن في مصحف وهو قرآن الخليفة عمر، وأن عثمان أصر علي مصادرته منها ليحرقه، فلم تعطه إياه وتمسكت به حتي توفيت!!

فمن الذي يؤمن بقرآنين.. بالله عليكم؟!!

رابعاً: يعلم الجميع أن مذهب التشيع لأهل البيت النبوي قام من أول يوم علي وصية الرسول صلي الله عليه وآله بركنين (القرآن والعترة).

وحديث الثقلين ثابت عند الجميع بأعلي درجات الصحة!!

وهذا معناه أن القرآن كان مجموعاً موجوداً عند العترة وعند المسلمين حتي تصح وصية الرسول به.. ومعناه: أن القرآن والعترة في مذهبنا ركنان أساسيان مثل الأوكسيجين والهيدرودجين لا يتم أحدهما إلا بالآخر..

أسأل الله تعالي أن يحشرنا علي الوفاء لرسوله بوصيته، وأن يوفقنا جميعاً لإطاعة القرآن والعترة، ويحقق وعده بمهديهم الموعود عليه السلام.

ص: 190

محاولتهم التخلص من روايات التحريف بأسطورة نسخ التلاوة

كتب (عبد الحسين البصري) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 10 - 12 - 1999، الثالثة صباحاً، موضوعاً بعنوان (آيات مزعومة.. وهي عندهم صحيحة السند.. لكنها مردودة النسب.. مقطوعة الذنب!!)، قال فيه:

هذا ما كنت أحتفظ به والموضوع للأخ العاملي حفظه الله وسدد خطاه، وأعدت نشره لغرض الإفادة والاستفادة.

آيات حذفت من القرآن برأي الخليفة عمر... إلخ

قال (العاملي):

وقد تقدم أكثره.. وجاء فيه:

فهذه أحاديث تدعي زيادات لا وجود لها في كتاب الله تعالي، وكثير منها بمقاييس إخواننا أحاديث صحيحة علي شرط البخاري ومسلم، أو شرط غيرهما، أو موثقة...

فهل يمكن لأحد أن يقبلها ويضيف هذه الآيات والزيادات المزعومة في كتاب الله والعياذ بالله بحجة التمسك بالأحاديث الصحيحة؟!!

أم يردونها كما نفعل نحن الشيعة، فيقلدوننا في هذا الموضوع من أجل الحفاظ علي كتاب الله تعالي؟!

فكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 10 - 12 - 1999، الرابعة صباحاً:

الزميل الكريم عبد الحسين البصري:

أرجو أن توضح لنا شيئاً عن الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم.

سواء أنت أو رحمة العاملي. في انتظار جوابكما.

ص: 191

فكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 10 - 12 - 1999، الرابعة والنصف صباحاً:

أنا حاضر، وسأقوم بإفراد موضوع في الناسخ والمنسوخ، وإذا كان لديك أي شبهة علي ما نقلت فتفضل بها وسأرد عليها ثم متي قرأتها حتي ترد بمثل ما رددت!

وكتب (عبد الحسين البصري) أيضاً بتاريخ 17 - 1 - 2000، الواحدة ظهراً:

تم رفعه لأهميته ولمناسبة الحديث عن التحريف. وللبحث والمدارسة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 1 - 2000، الواحدة والنصف ظهراً:

الأخ محمد إبراهيم:

مهما فسرت الناسخ والمنسوخ، فإن عدداًَ من الروايات الصحيحة عندكم صرحت بأن هذه الآية لم تنسخ..

وقد لاحظت في آية عائشة التي أكلتها السخلة أنها أصرت علي أنها من القرآن ولم تنسخ حتي توفي النبي صلي الله عليه وآله.. فهل نزل الوحي بعده عليها ونسخها؟!!

ولو تنازلنا عن كل هذه الآيات التي زعمت صحاحكم أنها حذفت من القرآن.. فإن رواياتكم الصحيحة والموثقة تصرح بأن القرآن الفعلي ناقص كثيراً، وأنه لا يبلغ نصف القرآن المنزل!

وإن شئت أتيت لك بها!!

والمشكلة عندكم أن روايات التحريف صحيحة لا يمكنكم رد سندها!

بينما الروايات التي في مصادرنا ردها علماؤنا وضعفوها.

ص: 192

ومهما يكن، فإن (مشكلة) القول بتحريف القرآن مشكلة نظرية صرفة، وليست عملية، لا عندنا ولا عندكم، والحمد لله.

والمشكلة الحقيقية أن بعضكم طبّل في روايات مصادرنا وزمّر، لكي يدلس علي المسلمين بأن الشيعة يقولون بالتحريف!

بينما أغمض عينيه عن روايات أشد منها وأخطر، في مصادركم!!

وكتب (المفيد) بتاريخ 25 - 1 - 2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

وفقكم الله يا أخوان، أين الناسخ والمنسوخ مما ذكر؟!

رمتني بدائها وانسلت.

وكتب (JaCKoN) بتاريخ 26 - 1 - 2000، الرابعة والنصف صباحاً:

السيد عبد الحسين البصري المحترم:

لا يليق بأمثالك ومن بعلمك أن يورد آيات منسوخة ثم يدعي أنها زيادات لا وجود لها في كتاب الله تعالي الحالي.

فمن غير المعقول أنك لم تسمع بالنسخ أو الآيات المنسوخة في حياتك.. أليس هذا غريباً؟

أما إذا كنت تناسيت فهذا أمر آخر.. فإن موضوع حذف الآيات التي ذكرتها يطرح مسألة النسخ بإلحاح؟؟

لكن مقالتك لا ترقي إلا أن تكون كلام للتهييج.. ولكونها تافهة من جذورها..

فأنت لم تكلف نفسك عناء الرد علي من ادعي أنها آيات منسوخة لتكسب إطراء الجهلاء بالناسخ والمنسوخ وأحكام الآيات بالمنتدي، وما أكثرهم.

ص: 193

فهل تريد أن تقول بالتحريف؟؟؟ كمن وصم به القرآن قبلك لكي يعيب أئمة الجور؟؟؟

فهل نزل مليكنا عبد الحسين إلي رعيته... وتفضل مشكوراً بتلاوة أحكام النسخ وأنواعه؟

وهل تدخل هذه الآيات ضمنها، أم لا؟ وبالله التوفيق..

فكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 26 - 1 - 2000، الخامسة صباحاً:

الزميل JaCKoN: هناك قاعدة تقول البينة علي من ادعي.

أبِن يا زميلي العزيز.. إن كانت ناسخة قبل أن تصفها بالتفاهات؟!

فإن ما تتهموا به الشيعة هي التفاهات، لا عليك، ربما ما تفوهت به من أثر الصدمة.

لكن أذكرك ونفسي بالتزام الأخلاق وآداب الحوار. إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق.

أبن أين الناسخ والمنسوخ؟! وسأدخل معك في حوار لتري من هو الجاهل بهما.

وانتهي الموضوع بهروب محمد ابراهيم وجاكون!

وكتب (الشطري) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 25 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (ماذا يعني نسخ التلاوة؟!)، قال فيه:

من النسخ في القرآن نسخ التلاوة بأن تسقط آية من القرآن الحكيم، كانت تقرأ وكانت ذات حكم تشريعي ثم نسيت ومحيت عن صفحة الوجود، لكن حكمها مستمر غير منسوخ وهذا المعني مرفوض عند الشيعة الإمامية، ويقول بهذا النوع من النسخ أكثر أهل السنة ومن هذه الآيات المزعومة النسخ

ص: 194

المذكور: آية الرجم.

فقد ذكر ابن حزم الأندلسي بهذا الشأن: أن من لا يري الرجم أصلاً فقول مرغوب عنه، لأنه خلاف الثابت عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) وقد كان نزل به قرآن ولكنه نسخ لفظه وبقي حكمه.

ثم يروي عن سفيان عن عاصم عن زر، قال: قال لي أبي بن كعب كم تعدون سورة الأحزاب؟

قلت: إما ثلاثاً وسبعين آية أو أربعاً وسبعين آية.

قال إن كانت لتقارن سورة البقرة أو لهي أطول منها. وإن كان فيها لآية الرجم.

قلت: أبا المنذر وما آية الرجم؟

قال: إ ذا زني الشيخ والشيخة فارجموهما البتة وكان من الله عزيز حكيم.

وقد تسأل: أن هذا القول لا يلزم منه التحريف؟

والجواب: أن النسخ إما أن يكون عن النبي (صلی الله علیه و آله) فيحتاج إلي إثبات، وقد اتفق العلماء أجمع علي عدم جواز نسخ الكتاب بخبر واحد، كالشافعي وأصحابه وإليه ذهب أحمد بن حنبل، وعلي ذلك فكيف تصح نسبة النسخ إلي النبي (صلی الله علیه و آله) بأخبار هؤلاء الرواة، وإن أرادوا أن النسخ قد وقع من الذين تصدوا للزعامة بعد النبي (صلی الله علیه و آله) فهو عين القول بالتحريف، فإن القول بالتحريف هو مذهب أكثر علماء أهل السنة، لأنهم يقولون بجواز نسخ التلاوة، سواء نسخ الحكم أم لم ينسخ، بل تردد الأصول منهم في جواز تلاوة الجنب ما نسخت تلاوته، وفي جواز أن يمسه المحدث واختار بعضهم عدم الجواز.

فحكم عقلك، ولا تتبع الآخرين في أمور الدين. هداك الله إلي سبيل الرشاد.

ص: 195

فكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً:

لما وجد علماء الخلافة القرشية روايات في صحاحهم عن خلفائهم تقول بتحريف القرآن.. ووجود الزيادة والنقص فيه.. حاولوا أن يستروا عليهم بابتداع مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان.

مثل نزول القرآن من عند الله تعالي علي سبعة أشكال (الأحرف السبعة).. وقد أجاب الأئمة من أهل البيت عليهم السلام بأن القرآن واحد نزل من عند الواحد علي نبي واحد!

ومن بدعهم في ذلك القول ب- (نسخ التلاوة) مع بقاء الحكم!!

ولكن هذه البدع لم تحل ولن تحل مشكلتهم!!

لأن عائشة مثلاً تصرح كما في البخاري بأن آية الرضاعة التي أكلتها السخلة لم تنسخ!!

وكذلك توجد تصريحات عمر، وغيره!!

وكتب (الشطري) بتاريخ 25 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

الأخ العاملي المحترم: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحسنت كثير الإحسان، فقد أوضحت الحق بأحسن بيان زاد الله في توفيقاتك، وجعلك ممن ينتصر به لدينه.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 25 - 7 - 1999، العاشرة مساءً:

السلام عليكما: وجزاكما الله خير الجزاء. قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وانتهي الموضوع ولم يدخل المخالفون لنقاشه!

ص: 196

وكتب (جميل 50) في شبكة هجر بتاريخ 4 - 9 - 1999، الخامسة والنصف عصراً، موضوعاً بعنوان (القول بنسخ التلاوة.. باطل) مستلٌّ من كتاب الدفاع عن القرآن للسيد محمد رضاء الجلالي حفظه الله، قال فيه:

وقد اعترض العلماء المحققون علي نسخ التلاوة بوجوه نلخصها:

الوجه الأول: أن نسخ التلاوة، مصطلح جديد، لم يعهد في التراث الإسلامي، ولم يجرِ علي لسان الرسول صلي الله عليه وآله وسلم ولا أي أحد من الصحابة أو التابعين.

ولا دليل علي ذلك من القرآن ولا السنة، لأن كلمة آية في قوله تعالي: ما ننسخ من آية أو ننسها.

لا تعني الآية القرآنية التي هي كلام الله، بل المراد المعاجز المودعة عند الأنبياء، والتي كانت معهم للدلالة علي رسالاتهم.

ثم إن ألفاظاً من قبيل: ذهب، أو سقط، أو رفع مما استعمل في أحاديث الآيات، ليست دالة إلا علي معانيها اللغوية، وهي تقتضي ثبوت هذه الآيات الخبرية، بعنوان النزول والآية والسورة، يعني أنها كانت قرآناً، ثم سقط أو رفع أو ذهب، فيثبت قرآنيتها، علي عكس ما يريد أصحاب نسخ التلاوة،

لأن ذلك يعني إثبات قرآنيتها قبل النسخ، وإذا لم تثبت شرعية النسخ فلا بد من الحكم ببقاء الآية علي قرآنيتها حتي يعلم بارتفاعها، ومع الشك تبقي علي حالها.

الوجه الثاني: أن القرآن كما أن أصله يحتاج إلي التواتر في إثباته كذلك نسخه يحتاج إلي تواتر برفعه، فهذه الأحاديث كما أنها لا تدل علي إثبات القرآنية، فليست كافية في نسخ التلاوة أيضاً.

ص: 197

فوجود الآية المنسوخة في بعض المصاحف لا أثر له في إثبات القرآنية المنسوخة، كما أن ما دل علي زيادة بعض ما في المصحف الكريم من السور، كالحمد والمعوذتين، علي ما نسبه أهل الحديث إلي ابن مسعود، وكذلك الكلمات والجمل، كما سبق ذكره، لا يمكن الإستناد إليه لنفيها، لأن ما ثبت بالتواتر القطعي، لا يرتفع بالحديث الظني.

الوجه الثالث: أن أهم اعتراض علي القول بالتحريف هو سقوط مجموعة كبيرة من الآيات القرآنية، وفقدانها، وهذا يعني ذهاب أحكام ومعارف إلهية بقدر تلك الآيات، من دون أن يكون هناك ما يعوض عنها، لعدم التصريح في شئ من النصوص بالتعويض المذكور.

وهذا الإعتراض لا يندفع بالقول بنسخ التلاوة، حيث إن الأحاديث تدل كما أسلفنا علي سقوط مجموعة كبيرة من الآيات، وعدم وجود بديل عنها. وحتي لو كانت منسوخة التلاوة، ولم تكن فعلاً من القرآن، إلا أن المفروض نزولها وكونها سابقاً قرآناً ولا وجود لها ولا لبديلها.

لكن أين أحكامها ومعارفها؟

فنظرية (نسخ التلاوة) تتضمن الإعتراف بأن المحذوفات، كانت قرآناً. وإذا نسخ تلاوتها لم تنسخ أحكامها.. فأين أحكام تلك المجموعة المفقودة؟

فبهذا تتساوي النتيجة الخطيرة المترتبة علي القول بالتحريف الباطل، والمترتبة علي القول بنسخ التلاوة، من حيث فقدان مجموعة من الأحكام كانت في القرآن، فلا بد أن يكون النسخ المذكور أيضاً باطلاً.

الوجه الرابع: أن الآية المنسوخ تلاوتها، إذا فرض نزولها أولاً، وفرض بقاء حكمها أخيراً، كما يزعمون في آية الرجم. المحلي لابن حزم 11/235، وآية

ص: 198

الرضاع. المحلي 10/14و16، وآية صيام ثلاثة أيام أصول السرخسي: 2/80، فما هي الحكمة في رفع تلاوتها؟

مع أن الهدف من نزول الآية هو الحكم، والمفروض أن النزول قد تحقق، والحكم باقٍِ.

فليس هناك أي معني في (رفع التلاوة) المزعوم.

وقد عبر بعضهم عن هذا الإعتراض بأن القرآن يقصد منه إفادة الحكم، فما هي المصلحة في رفع آية منه مع بقاء حكمها؟

إن ذلك غير مفهوم، وأري أنه ليس ما يدعو إلي القول به.

ونقل الشيخ علي حسن العريض مفتش الوعظ بالأزهر الشريف بالقاهرة في كتابه فتح المنان في نسخ القرآن ص 223 - 230:

إن الحق أن هذا النوع من النسخ (نسخ التلاوة) غير جائز، لأن الآثار التي اعتمدوا عليها لا تنهض دليلاً لهم، ولأنه يفتح ثغرة للطاعنين في كتاب الله تعالي من أعداء الإسلام الذين يتربصون به الدوائر، وينتهزون الفرصة لهدمه، وتشكيك الناس فيه.

الوجه الخامس: أن النصوص المذكورة بما أنها كانت قرآناً، قد عبروا عنها بقولهم: كتبت في المصحف، وكنا نقرأ، ونزلت، وكان في المصحف...

فهذه تقتضي وجودها سابقاً في القرآن، وكونها قرآناً منزلاً، وكذلك تعبيرهم عنها بأنها رفعت، وأسقطت، ونسيت، وأخفي من المصحف، أو ذهب منه، وما أشبه ذلك، كله يدل علي الرفع بعد الوجود في المصحف. وبقطع النظر عن مجهولية الشخص الرافع والمسقط، حيث لم نجد في مورد واحد نسبة الرفع إلي الله تعالي أو النبي صلي الله عليه وآله وسلم، حتي يعتبر الحديث بذلك مسنداً متصلاً

ص: 199

بالشارع فيكون حجة، فليس شئ من الأمرين، ثبوت القرآنية ورفعها مبتنياً علي دليل شرعي.

ومع كل هذا فلو فرضنا أن الحديث يكفي لإثبات القرآنية علي مباني السلفية فوجود الآية في القرآن يقتضي أموراً ثلاثة:

1 - القرآنية وكونها كلام الله المنزل للإعجاز.

2 - والتلاوة ودخولها في المصحف.

3 - والحكم الشرعي المدلول بها.

ونسخ التلاوة يقتضي رفع الثاني فقط، مع بقاء الأول والثالث. أما الأول وهو القرآنية فتبقي غير منكرة، فهل يعتقد القائلون بنسخ التلاوة بقرآنيتها،كما هو ظاهر الأحاديث الدالة بالفرض علي كونها سابقاً آيات بنصوصها المروية؟! مع بعدها عن روح القرآن ونفس كلام الله، ولا تقرب من روعته ولا بيانه ولا بلاغته ولا إعجازه، فكيف يعتقد أنها كانت قرآناً؟!

ثم هي أخبار آحاد لا يثبت بها قرآن، حتي لو كان منسوخ التلاوة، لأن نسخ التلاوة فرع كونه قرآناً سابقاً، ولا يثبت بهذه الأخبار، كما سبق.

الوجه الأخير:

قال ابن الخطيب المصري في (الفرقان - 157):

أما ما يدعونه من نسخ تلاوة بعض الآيات مع بقاء حكمها فأمر لا يقبله إنسان يحترم نفسه، ويقدر ما وهبه الله تعالي من نعمة العقل، إذ ما هي الحكمة في نسخ تلاوة آية مع بقاء حكمها؟

وما الحكمة في صدور قانون واجب التنفيذ، ورفع ألفاظ هذا القانون مع بقاء العمل بأحكامه؟

ص: 200

ثم أورد زعمهم أن آية (الشيخ والشيخة) من القرآن المنسوخ التلاوة، ويقول: لو كانت من القرآن لما أغفلها الصحابة رضوان الله تعالي عليهم، ولرواها السلف الصالح في مصاحفهم، ولو أراد عمر كتابتها ما استطاع منعه إنسان. وهكذا نجد أن اللجوء في حل مشكلة الأحاديث المحتوية علي الآيات المزعومة إلي نسخ التلاوة لا يجدي شيئاً، لبطلانه وتفاهته، وعدم مقبوليته، عند علماء أهل السنة والشيعة. لاحظ كتاب الهدي إلي دين المصطفي للبلاغي: 1/336. لكن المتعصبين للحديث من السلفية، يصرون علي قبوله، بل وينسبونه إلي الشيعة الذين هم نفاة التحريف! فيقول أحدهم: إن السيد الشريف المرتضي لما كان ينكر التحريف رأيناه يقر بنسخ التلاوة.

ففي كتابه الذريعة: 1/428، قال: فصل في جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دونه، ثم تكلم عن ذلك. انتهي نقل السلفي.

لكنه، بتر كلام السيد المرتضي في ذلك الفصل ولم ينقله بنصه وتمامه، ولو نقله كله لوجده يصرح بضد ما ادعاه السلفي من الإقرار بنسخ التلاوة! فإن السيد المرتضي قال: ومثال نسخ التلاوة دون الحكم غير مقطوع به، لأنه من جهة خبر الآحاد، وهو ما روي أن من جملة القرآن: والشيخ والشيخة فارجموهما ألبتة، فنسخت تلاوة ذلك. الذريعة: 1/249.

هذا كلام المرتضي عن نسخ التلاوة، ومن المعلوم أنه لم يلتزم ولم يقر به، بل صرح بعدم القطع به لكونه مروياً بطرق الآحاد، التي لا توجب علماً ولا عملاً عنده وعند كل الشيعة، فلا يقطع بقرآنية: (الشيخ والشيخة...) والحكم بالنسخ فرع القطع بالقرآنية.

ص: 201

لكن السلفي قطع أوصال كلامه ليستفيد من بعضه كما هو دأب السلفية مع النصوص التي ينقلونها عن مصادر الشيعة فهم غير مأمونين في ذلك إطلاقاً! والسلفية وأهل الحديث من العامة، الذين يقطعون بالقرآنية، ثم يحكمون بنسخ التلاوة عما كان قرآناً!!

ولو فرضنا تنازلاً بصحة نسخ التلاوة كما ينسبه السلفية إلي المرتضي وإلي الفيض الكاشاني أو غيرهما، فهلاّ حملوا جميع ما ورد عند المسلمين من الأحاديث المحتملة، علي نسخ التلاوة، ولم يهاجموا الطوائف الأخري بالتحريف! كما صنعوا مع الأحاديث التي عندهم، حتي يسلم القرآن من هذه التهمة!

لو كنتم أيها السلفية تحبون الله ورسوله والقرآن والإسلام وعزة المسلمين؟

لكن السلفية من العامة يرون أن نسخ التلاوة حل خاص بأحاديثهم المروية في كتبهم، دون الأحاديث المروية في كتب المسلمين من الطوائف الأخري، فهم يحتكرون هذا الحل لأنفسهم! بقطع النظر عن بطلانه بالوجوه السابقة! ورفض العلماء له، وعدم وجود أصل عقلي يلزمه، ولا دليل شرعي يثبته.

ثم هم لا يقبلون حل التأويل، الذي يتفق عليه سائر المسلمين، مع أن حل التأويل له أصل إسلامي تحدث عنه القرآن والحديث النبوي وقبله الأئمة والعلماء والمحققون كما سبق.

فانظر أيها الأخ المسلم إلي هذا التعنّت السلفي، وإلي هذا الإحتكار، وإلي هذا الإستبداد؟

ثم كتب (جميل) بتاريخ 6 - 9 - 1999، السابعة مساءً: مخاطباً المدعو (شعاع)، عطفاً علي بحث سابق:

ص: 202

زيادة علي ما تذكرون أن الكاشاني والمرتضي.. فاقرأ ما يقوله شيخ الطائفة في النسخ.

يقول في تفسيره:

لا يخلو النسخ في القرآن الكريم من ثلاثة أقسام:

أحدهما: ما نسخ حكمه دون لفظه..

والثاني: ما نسخ لفظه دون حكمه، كآية الرجم فإن وجوب الرجم علي المحصنة لا خلاف فيه، والآية التي كانت متضمنة له منسوخة بلا خلاف، وهي قوله (والشيخ والشيخة إذا زنيا...).

والثالث: ما نسخ لفظه وحكمه، وذلك نحو ما رواه المخالفون عن عائشة، أنه كان فيما أنزل الله عشر رضعات. التبيان في تفسير القرآن - الطوسي 1/13.

وفي موضع آخر يدافع عن نسخ التلاوة ويرد علي المنكرين له:

وقد أنكر قوم جواز نسخ القرآن وفيما ذكرناه دليل علي بطلان قولهم، وجاءت أخبار متظافرة بأنه كانت أشياء في القرآن نسخت تلاوتها. نفس المصدر: 1/394، نقلاً عن موسوعة الشيعة.

فهاهم علمائكم يقولون بنسخ التلاوة ويؤكد أنه لا خلاف في المسألة..

أما ما يخص السلفية، فهناك فرق بين من يطعن في القرآن الموجود بين أيدينا، والذي أجمع عليه الصحابة والمسلمون إلي عصرنا الحاضر ويقول: أن الآية كانت كذا ثم حرفت أو بدلت.

وهذا هو الموجود في كتبكم: والقائلين بهذا كفرهم أهل السنة وسائر المسلمين غير الرافضة.

ص: 203

أقول: وبين من يقول بأن الآية نسخها الله.. فإن من قال بالنسخ من أهل السنة مجمعون علي أن القرآن الذي بين أيدينا هو ما نزله الله لا نقص فيه ولا زيادة ولا تبديل، وإن ما نسخ كان بأمر رسول الله. فأين الطعن في كتاب الله في هذا القول..

وكتب (محمد العلي) بتاريخ 7 - 9 - 1999، الواحدة ظهراً:

مع أني أستنكر كل كلام من هذا القبيل يعرض القرآن للتشكيك، وأعتبر الذي يثير هكذا بحوث، إما متعمداً إلي الإثارة ضد القرآن؟!! أو جاهلاً يحسب أنه يحسن صنعاً؟! ويعتبر عمله دفاعاً عن القرآن وهو يعرضه للشك والريب؟!

ولو كان القرآن عزيزاً عليه، لسكت عن مثل هذا الكلام حوله!

لا أن يحاول إثبات وجود التشكيك فيه، ولو بنسبة ذلك إلي غيره ممن يعارضه في مذهبه؟؟!!

ولو كان محباًّ للقرآن لم يلجأ إلي هذه الطريقة لإبطال مذهب الخصم، بأن يعرض أقدس نص عنده للشك؟!!

فمثله كمثل من يريد ضرب عدوه فيرميه بأعز ما يملك فيعرضه للتلف؟؟!

مع أن الخصوم ينكرون بشدة ما ينسب إليهم من الكلام الباطل حول القرآن! ويستنكرون نسبة ذلك إليهم.

فمع ذلك يصر هذا الشعاع وأمثاله من السلفية الوهابية أن ينسبوا إليهم ذلك؟!

فهل العاقل يعتبر هذا دفاعاً عن القرآن؟ أم هو في الحقيقة عداءٌ صارخ للقرآن؟؟

ص: 204

ولو كانت أمُّ أحدهم معرضة للقذف بباطل.. وكان المتهم منكراً للقذف.. ويأتي بالأدلة علي براءة أمه.. فهل كان يحاول أن يكذب المتهم! ويستخرج الأدلة والشواهد علي صدق التهمة لأن المتهم عدوه؟؟

فليكن القرآن أعز عليكم من الأمهات والآباء؟

ثم هو يعلم أن الخصم لا يسكت له وأنه ليس عاجزاً عن الكلام!

ويعلم أنه سيقول له: أن كتبكم الصحاح، التي تعتبرونها أصح الكتب ولا تناقشون بل لا تسمحون لأحد أن يناقش فيما ورد فيها! هي مليئة بروايات الآيات الساقطة من القرآن المنزل؟!

فكأنه بالتحرش به يريد أن يسمع العالم مثل هذا الكلام!! وهذا الكلام نفسه تعريض آخر للقرآن إلي الشك!!

وإن قال: أنا أنكر كون ذلك تحريفاً!

قال له الخصم: كما ننكر كون ما عندنا تحريفاً!

فإن قال: صرح منكم بعض بكلمة التحريف؟!

قال له: وهل الكلام في الأسماء.. أم في واقع الأمر الذي هو سقوط ما كان قرآناً وعدم وجوده في هذا الذي بين أيدينا.. وهو ما تدعونه بنسخ التلاوة؟

وقبل أن يصل البحث إلي النسخ: فهل - بالله عليكم - ليس هذا الحوار إهانة للقرآن وتعريضاً له للريب، وهو لا ريب فيه؟!!

ثم دعوي نسخ التلاوة، ورفع القرآنية من نص كان قرآناً فترة من الزمان لا توجب تفريغ الكلام المنزل من البلاغة والفصاحة التي كانت عليها الآيات!

فبالله عليكم هل تجدون في شئ مما تقولون بنسخ تلاوته أقل ما يلزم من ذلك في أدني كلام عربي؟؟

ص: 205

ثم النسخ لا بد عليه من دليل، والدليل هنا لا بد أن يكون إما من كلام الله تعالي، أو من كلام الرسول (صلی الله علیه و آله)، كما اعترف بذلك شعاع لما ادعي فقال: " أقول وبين من يقول بأن الآية نسخها الله.. وإن ما نسخ كان بأمر رسول الله ".

ولكن هو يعلم وكل الذين ادعوا والتجأوا إلي نسخ التلاوة أنه:

أولاً: ليس في كلام الله ما يدل علي نسخ التلاوة أصلاً، كما لم يستدل أحد من علمائه علي نسخ التلاوة إطلاقاً! فهذا تقوّل خطير علي الله قام به هذا الشعاع!

وهكذا ليس في الحديث الشريف ما يروي مرفوعاً إلي النبي (صلی الله علیه و آله) يدل علي مزعومة نسخ التلاوة!! ولم يذكر أحد نسبته إلي الرسول!! وهذا تقول من شعاع علي الرسول (صلی الله علیه و آله)!

فهل يعرف شعاع حكم من تقول علي الله ورسوله، أمراً؟

ثم إن كلامه متناقض، فاسمعه يقول: " أقول: فإن من قال بالنسخ من أهل السنة مجمعون علي أن القرآن الذي بين أيدينا هو ما نزله الله لا نقص فيه ولا زيادة ولا تبديل ".

ولا يفهم أن القول بالنسخ هو عين التحريف، عند خصومه.

فكيف يجمع بين القول (بالنسخ) والإجماع علي (عدم نقصه وزيادته وتبديله)؟؟

ثم إن المسلمين أيضاً مجمعون علي عدم تحريف القرآن وعدم زيادته وعدم تبديله، ويقولون عن الكلمات المنقولة عنهم أنها (تأويل)، فإذا كان (النسخ) مخلصاً لكم عن التحريف فليكن (التأويل) كذلك، وإلا فاحكموا علي كل ما يتضمن شبهة ذلك بالبطلان، فإنه من أحاديث الآحاد التي لا يمكن أن تقف في

ص: 206

مواجهة القرآن المبني علي التواتر والعلم واليقين وعدم الريب فيه، وهذه الأخبار موجبة للريب؟؟ حتي لو وردت في أصح الصحاح؟؟!!

وإذا كان أهل السنة أجمعوا علي سلامة القرآن حسب دعواهم، فالشيعة مجمعون علي سلامة القرآن بأقوي شكل. وإذا كان إجماعكم حجة فإجماعهم حجة.

وكما تدعون أن القول بالنسخ لا يضر، فالقول بالتأويل لا يضر.

وإلا، كيف باءكم تجر! وباؤهم لا تجر؟؟ والعجب أن كلاًّ من الشيعة والسنة يقولونه في بحوثهم. فأين الطعن في كتاب الله في هذا القول؟؟ ومع هذا يتقاذفون الإتهامات؟؟!!

إنه والله الجهل والعصبية المقيتة وحب الذات.. واتخاذ القرآن سبيلاً للوصول إلي الأغراض الدنيئة من المقام والوجاهة عند الملوك والأمراء والأعيان، والذين اتخذوهم أرباباً من دون الله؟!!

والذين يستأكلون الأموال بهذه الأعمال، والله تعالي يقول: ولا تشتروا بآياتي ثمناً قليلاً..

فكفوا يا أعراب.. عن القرآن الذي أي مسلم في شرق الأرض وغربها من شيعي وغيره، لا يشك في كونه كلام الله من أوله إلي آخره لا ريب فيه.. ولا زيادة فيه ولا نقص فيه. وكتب السيد.

فكتب (شعاع) بتاريخ 7 - 9 - 1999، الثانية والربع ليلاً:

محمد العلي: وجه هذا الكلام الذي ذكرته لشيخ الطائفة وغيره من علمائكم الذين ينكرون التحريف ويثبتون النسخ..

ص: 207

لماذا تهاجمني وتهاجم أهل السنة ولا تهاجم شيخ الطائفة.. انظر ما نقلته عنه.. فإنه كان ينكر التحريف حسب زعمكم.. ولكنه يثبت نسخ التلاوة.. ويقول لا خلاف في ذلك..

فيا تري لماذا كل هذا الهجوم علي أهل السنة؟

إنكم والله لما رأيتم كتبكم تغص بروايات التحريف قلتم لنبحث في كتب غيرنا حتي يكونون مثلنا حسداًً من عند أنفسكم.. مع أن الفرق بين النسخ والتحريف قد أقره كثير من علمائكم الذين ينكرون التحريف.. وأنت وبقية الرافضة تقومون بذلك كما يقوم بعض بني جلدتك بالتفريق بين أهل السنة والسلفية أو الوهابية.

وأنتم تفعلون ذلك لأن أهل السنة كفروكم من عهد الأئمة الأربعة حتي العصر الحديث وترغبون أن نكون من أمثالكم!!!!!

نعم.. أشباه الرجال ولا رجال، حلوم أطفال عقول ربات الحجال.

فكتب (عقيل) بتاريخ 7 - 9 - 1999، التاسعة والنصف صباحاً:

لقد سبق لنا أن ذكرنا لك: لم يكفرنا أحد وخصوصاً في العصر الحديث.

فالأزهر يعتبر الإثني عشرية المذهب الخامس. وكافة علماء السعودية يصرحون بإسلامهم، ولا يعترضون علي دخولهم مكة والمدينة.

وكتب (محمد العلي) بتاريخ 7 - 9 - 1999، العاشرة والربع صباحاًَ:

الحمد لله الذي وفقك هذه المرة للإعتراف بأن شيخ الطائفة - وهو الإمام محمد بن الحسن الطوسي المتوفي عام 460 ه- - وهو صاحب التفسير العظيم: التبيان في تفسير القرآن - وغيره من علمائنا ينكرون التحريف.

ص: 208

وأما إثباتهم للنسخ، فنعم. قد جاء ذكره في تفاسيرهم، كما جاء ذكر كثير من الأقوال والآثار التفسيرية المنقولة عن عكرمة وقتادة و و و و و... ممن يعتمد عليهم الآخرون، ولا وزن لها عند الشيعة.

والهدف من إيرادها ليس بمعني القبول لها، وإنما عرضها علي العقلاء إلي جنب القول الصحيح، ليختاروا بكل حرية ما يرونه صحيحاً موافقاً للمنطق الحر السليم.

وقد أشير إلي وجه ذكر أصحابنا لنسخ التلاوة في أصل الكلام المنقول في مبدأ النقاش، ويبدو أنك لم تفهمه، أو لم تلتفت إليه لأنك.. صاحب حاجة لا تري إلا قضاها..

فلا بد من توضيحه لك:

إن علمائنا الكرام رضي الله عنهم يهدفون في أعمالهم - خاصة القرآنية - إلي أمرين مهمين:

الأول:

الدفاع عن الحق، بدفع الشبه عن الإسلام ومصادره، في مواجهة اليهود والنصاري والخارجين عن الملة الحنيفية، فهم ينفون كل أشكال التحريف عن القرآن الشريف ويؤكدون علي أن المسلمين كلهم كذلك ينفون التحريف، كيلا يستدل الكفار بالروايات التي يتشبث بها المغرضون للتحريف،

فهم يردونها - جملة واحدة - بأنها أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فلا حجية لها، سواء كانت عند العامة السنة أو عند الخاصة الشيعة؟؟!!

فاقرأ كلام الشيخ الطوسي بكامله في بداية التفسير. إن كنت قارئاً!

ص: 209

ولكن حيث أن العامة من أهل السنة ولشدة حبهم للروايات الواردة في الصحيحين - علي الأقل - يرونها حجة قاطعة ولا يتنازلون عن حجيتها ولا عن دلالاتها الظاهرة في سقوط آيات قرآنية منزلة وعدم وجودها في المصحف الشريف؟!!

وهو عبارة عن التحريف لأول نظرة، فدفعاً لذلك لجأوا إلي القول بنسخ التلاوة، فإن علماء الشيعة قبلوا منهم هذا العذر، ليسكتوا الكفار عن التهجم علي القرآن، بنسبته إلي تلك الروايات..

فيقول أحدهم: إن روايات أهل السنة تدل علي التحريف!

فالجواب أن تلك الروايات هي عند القائلين بحجيتها من باب نسخ التلاوة، فلا قائل بالتحريف بين المسلمين.

وبهذا يتحقق الذي يريده علماء الشيعة من إثبات إجماع المسلمين علي نفي التحريف عن القرآن الشريف.

فالجواب عن تهمة التحريف علي أساس تلك الروايات، يتكون من ثلاثة أمور:

1 - الرد لجميع تلك الروايات بأنها أخبار آحاد لا حجية لها، وباطلة لأنها تمس كرامة القرآن، وما كان كذلك فهو مردود ومطروح يضرب به عرض الجدار.

2 - الحمل الشيعي لرواياتهم علي التأويل.

3 - الحمل السني لرواياتهم علي نسخ التلاوة.

وهنا يكمن الفرق الذي خفي عليك.. بين شيخ الطائفة وسائر علمائنا، وبينكم؟!

ص: 210

فإنكم تحجرون القرآن لأنفسكم وتقولون أن الجواب هو نسخ التلاوة، ولا جواب غيره، وتتهمون الآخرين بالتحريف، ولا تقبلون عذرهم في رواياتهم بحملها علي التأويل.

ويأتي جاهل فيقول لكم: أنتم أهل التحريف بسبب هذه الروايات؟

وهذا الإتهام المتبادل يكون حجة للمسيحي.. وهو الذي يفسح المجال له أن يتطاول علي القرآن، ويقول: إن المسلمين مختلفون فيما بينهم في القرآن، ويتهم بعضهم بعضاً بالقول بتحريفه!!

ويقول لكم: كلكم أهل التحريف؟!!

بينما شيخ الطائفة وسائر العلماء الكرام - وباعترافك!! – ينفون التحريف، سداًَّ لهذه الذريعة كي لا يتشبث بها الكفار، ضد القرآن.

فإثباتهم لنسخ التلاوة ليس بمعني القبول لها بقدر ما هو للتوصل إلي إثبات إجماع المسلمين علي نفي التحريف بالإجماع المركب من التأويل أو نسخ التلاوة.

وهل وجدت في كلام شيخ الطائفة رداًّ علي التأويل ونفياً له؟؟؟

كلاّ، بل لو قرأته لوجدت فيه الإعتماد علي التأويل بشكل أساسي.

فإنما ذكر نسخ التلاوة، لهذا الوجه وللدفاع عن القرآن لإثبات أنه لا يوجد بين المسلمين من يقول بالتحريف وإنما كل طائفة تنفي التحريف بالطريقة الخاصة بهم.

ولكنك والسلفية الوهابية معك لا تفكرون إلا بضرب الشيعة واتهامهم بالتحريف حتي لو عرضتم القرآن الكريم إلي التشكيك والريب.

ص: 211

ولا تقبلون منهم أي تخريج أو عذر أو تأويل، وهم ينادون بأعلي أصواتهم بنفي التحريف ويؤلفون علي ذلك الكتب والمقالات.

وأنتم تقولون: لا. لا. لا؟ إلاّ.. التحريف!!

وتحاولون أن تجدوا أقوالاً من هنا وهناك، يثبت مرادكم ويفيد مرامكم!!

فمن هذا الذي يعجبه أن يكون جماعة من المسلمين قائلين بالتحريف؟؟ ومن هو الذي يؤكد بكل وسيلة وبكل طريقة أن يجد قرآناً فيه سورة زائدة؟؟ ليكون وسيلة لتكفيرهم!!!

ومن يفتعل كلمات باسم السور وينسبها إلي الشيعة ويفرح، بتصوره أنه ضربة للشيعة بينما هو يضرب القرآن؟؟؟

إن علماءنا الكرام أبوا الإنصياع لهذه الإستفزازات، بل قاموا بالدفاع عن القرآن وصد الكفار عنه، كما شرحنا.. وحسبكم هذا التفاوت بيننا.

الهدف الثاني لعلمائنا في أعمالهم العلمية والقرآنية:

هو التأليف بين قلوب أهل الإسلام، ومحاولة جمعهم علي كلمة واحدة هي كلمة التقوي، والسعي في التأليف بين عقولهم وأفكارهم، في جميع العلوم، فهم ألفوا كتب الفقه المقارن الذي ظهرت في العصر الحاضر فوائده الواضحة، بينما علماء الشيعة لهم كتب فيه منذ القرن الرابع والخامس وحتي اليوم.

فهم لا يهابون من نفل آراء المخالفين لهم في المذاهب المختلفة، وقد ألفوا في فقه الخلاف كتباً عديدة، بينما أهمل جهلة العامة فقه الشيعة بل لا يزيدون علي أنه لا فقه لهم!!

وكذلك يدأب علماؤنا علي قراءة كتب المخالفين من دون حرج أو فزع أو خوف ويتداولونها ويستفيدون من الطيب منها، كما يناقشون فيها، ثم يلفظون

ص: 212

الخبيث والردي منها، وهذا من أهم مرجحات مذهب الشيعة، أن جميع ما عند أهل السنة موجود عندهم، فهم لا يعادون الكتب والعلم، بل يستنفذون الوسع في المراجعة والبحث في كتب العامة للوقوف علي ما يفيد، وينقلون منها ويستفيدون مما فيها من خير.

فهم لا ينظرون إلي من قال، وإنما ينظرون إلي ما يقال.

وأنت - يا شعاع - تعيب هذا وتقول: " قلتم: لنبحث في كتب غيرنا "؟؟؟

نعم، نبحث ونبحث، كما كان علماؤنا الأبرار يبحثون، حتي نستفيد ونتم الحجة لأنفسنا وعلي غيرنا.

لا كأنتم، حيث تحجرون علي أنفسكم.. ولا ترون أبعد من محط أقدامكم، ولا تقرؤون آراء الآخرين.

بل يؤلف أحدكم: " كتب حذر العلماء منها " يزعم أنها كتب ضلال.

ولكن لا تعلمون أنكم كلما منعتم الناس عن معرفة الحقيقة، فإنها لا بد أن تنكشف، ويكون الناس أحرص علي تحصيلها، لأنهم يعلمون أنكم لا تمنعون إلا ما فيه خير وهدي.

وأنتم إذا حاولتم أن تقرؤوا شيئاً فإنما بنوايا خبيثة وبنظرات حقد.. وهذا لا يفيدكم من العلم شيئاً، لأن العلم نور ومن يطلبه لقضاء حاجة هو أعمي لا يري النور.

وأما الفرق بين النسخ والتحريف فهو أمر واضح، كما أن الفرق بين التأويل والتحريف أيضاً واضح.

ص: 213

ولكنكم لماذا تتهمون أهل التأويل بالتحريف؟ ولا تقبلون عذرهم وتبطلونه؟ مع أن للتأويل أصلاً إسلامياً، فهو مذكور في القرآن الكريم في مواضع متعددة.

وهو مذكور في السنة النبوية الشريفة، كذلك، كما جاء في كتاب دفاع عن القرآن.

لكن نسخ التلاوة:

فقد ادعيت أنت ولم يسبقك في هذه الدعوي أحد فيما أعلم من العلماء، وقلت: " إن الآية نسخها الله " وقلت: " وإن ما نسخ كان بأمر رسول الله ".

وطلبت منك: آية قرآنية، أو رواية مرفوعة إلي رسول الله (صلی الله علیه و آله) فيه اسم (نسخ التلاوة)؟

فلماذا لم تأت به؟!

ولماذا ذهبت إلي بحث آخر؟ عن كلام شيخ الطائفة؟ وعن مسألة التكفير؟ و.. و.. و؟

أين قول الله بنسخ التلاوة؟؟ وأين الحديث المرفوع بنسخ التلاوة عن نفس الرسول (صلی الله علیه و آله)؟؟

هات؟؟ ولا تلفّ وْلا تْدُور؟؟

وأما التفريق بين أهل السنة الكرام من جانب، وبين السلفية والوهابية من جانب فلسنا نحن الذين نقوم به، بل إنما قام به الأعلام من أهل السنة أنفسهم، هم رعاهم الله، قاموا بهذا الواجب المهم.

أفما قرأت كتاب شفاء السقام في زيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام للإمام الشافعي تقي الدين علي السبكي المعاصر لابن تيمية صاحب الدعوي (السلفية).

ص: 214

أوما قرأت كتاب فصل الخطاب في الرد علي بدع محمد بن عبد الوهاب وهو للإمام الشيخ سليمان بن عبد الوهاب، أخ صاحب الدعوي (الوهابية).

فإن لم يكونا عندك فإني مستعد لإرسالهما بشكل ملفات علي بريدك، قربة إلي الله تعالي.

وأما مسألة التكفير:

فإن تكفير من يقول لا إله إلا الله، محمد رسول الله أمر غير مقبول من قبل العلماء الأجلاء، ومن قام به فهو يبوء بإثمه.. ومن اعتدي فإنما يعتدي علي نفسه، حيث يفتح باب التكفير للمسلمين.

فمن يؤمنكم من هذا السلاح إذا شهر؟؟

ثم ما هي حجية كلام هؤلاء إذا لم يتقوا الله.. وبعد حديث: كيف تصنع بلا إله إلا الله..

الذي رواه مسلم في الإيمان:1/97، وهو في الجمع بين الصحيحين للحميدي: 1/392..

فلا علينا ضير من هؤلاء وكلامهم الباطل، فإنه لا يسوي عفطة عنز في سوق الحدادين!!

ثم ما بالك لو سمعت تكفير بعضكم لبعض؟

وهل سمعت أن منكم من كفر السلفية بالذات من أعاظم أهل السنة الكرام؟

فإن كنت لا تدري: فهاك من كتاب دفع شبه التشبيه للإمام الحصني الدمشقي المتوفي 829 ه-:

يقول في ابن تيمية:

ص: 215

زنديق مطلق (ص 125). زنديق حران (ص 131). أكفر ممن تمرد وجحد (ص 20).

زندقته بتجرئه علي الإفك علي العلماء (ص 189).

وحكم علي أقواله بما يلي:

كفر بيقين وزندقة محققة (ص 131). كفر صراح لا تردد فيه (ص 128). كفر محقق (ص 32). لا دين له يعتمد عليه (ص 188). مبتدع من زنادقة حران (ص 168). من أعظم الزائغين (ص 99).

وفي (ص 130) أثبت زيغ ابن تيمية وحزبه.

وهذا الأخير تشملك لعنته، فدافع بما شئت، بلعنه أو بسيف التكفير الذي رفعته.

وقديماً قيل: من حفر بئراً لأخيه وقع فيه؟!

وملفات هذا الكتاب أيضاً موجودة عندنا، لو شئت بعثتها إليك، لكن إحذر أن يطلع عليك أحد من أصحاب حسن مشهور، فإن هذا الكتاب من " الكتب التي حذر العلماء!!! منها!؟ ".

هل يعجبك هذا الأسلوب؟!

وأما رغبتنا أن تكونوا من أمثالنا: فنعم والله، نرغب أن تسكتوا عن القرآن، وهذا رجاؤنا منكم، أن الكلام عن القرآن وحي الله والمعجزة الإسلامية الخالدة التي تحتوي علي البراهين الساطعة والأدلة القاطعة، فهذا الأسلوب الذي تعتمدونه لضرب الشيعة.. حرام.. والله حرام.

لأن الحربة تصيب القرآن شئتم أم أبيتم؟!

ص: 216

نريد منكم ما أراد شيخ الطائفة وعلماؤنا رضي الله عنهم أن لا تفسحوا المجال لليهود والنصاري أن يستغلوا كلام بعضنا في بعض حول القرآن، فيتطاولوا عليه؟!

نريدكم أن تظهروا إجماع المسلمين علي سلامة القرآن كما فعل الإمام شيخ الطائفة الطوسي في القرن الخامس الهجري، وكما فعله الإمام رحمة الله الهندي في كتابه إظهار الحق في الرد علي النصاري في القرن الرابع عشر؟؟

ولن نخضع لاستفزازاتكم، مهما تطاولتم علينا بالسب والقذف، فلن نضحي بالقرآن والإسلام ولو حرصتم.. فلا نجعله - كما أنتم تفعلون – عرضة لأيمانكم، تبتغون بذلك عرض هذه الدنيا، ورغبة في تنفيذ أوامر أسيادكم؟

ولا نرفع اليد عن هذا القرآن، والدعوة إلي سلامته مما يريبه، وندعوكم إلي مثل هذا، ولو أبيتم..

وأنتم.. يا شعاع.. ويا من تركبون السحاب المنقشع بعون الله، إرجعوا إلي أنسابكم وأحسابكم، إن كنتم عرباً كما تزعمون..

فلا تعرضوا هذا القرآن أكثر من هذا للهجمات.. وحافظوا عليه كما تحافظون علي أعراضكم إن كنتم صادقين..

وأخيراً: أحذرك يا شعاع من استعمال الألفاظ البذيئة في كلامك، فأنت تعلم أن من أسهل الأمور تكرارها وردها عليك بأضعاف أمثالها، ولكن نربأ بألسنتنا أن يكون مثل لسانك.

فأنت تقول: يا أشباه الرجال ولا رجال.. هل تعلم أن من السهل أن يرد عليك هذا الكلام..

لكن بتبديل الراء زاياً وتبديل الجيم ميماً؟ فكيف حالك، إذن؟

ص: 217

وأما ذكرك لربات الحجال: فوالله لربات الحجال أعقل منك وأفهم لكلام العلماء.. وإذا لم تصدق فانظر إلي كلام الآنسة المؤمنة شجرة الدر لتتعلم منها أدب الحوار، وأدب الكلام، وهي من بنات أهل السنة الكرام. وحينئذ تعرف أن أسلوبك لا يليق ولا بأبناء الشوارع.

ولهذا أطلب منك أن تتأدب في الحوار، فإن الساحة مفتوحة للجميع، ونحن نتكلم كمسلمين فلا يقولوا عنا إلا ما يليق بالإسلام، والسلام. وكتب السيد.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 7 - 9 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

إلي شعاع..

لقد أجزل وأوفي الأخ الفاضل محمد العلي..

وكفاك تهرباً وفراراً.. لم أدعُك لكي تحيلني إلي كلام الشيخ الطوسي وغيره..

أجب علي بطلان النسخ بتصحيحه، وإلا فسوف يجرفك اليم وتبقي لدينا العصي لتبطل السحر والساحر؟!؟!؟!

فكتب (شعاع) بتاريخ 12 - 9 - 1999، الثانية والثلث ظهراً:

آسف.. نسيت الموضوع.. وجيد أنك يا جميل ذكرتني.. وسأرد علي كل نقطة بالتفصيل إن شاء الله خلال هذا الأسبوع..

فكتب (جميل 50) بتاريخ 12 - 9 - 1999، الثامنة والنصف صباحاً:

عجل بما عندك، فقد أزف الترحل!!!!!!

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 12 - 9 - 1999، قريب التاسعة صباحاً:

الملاحظ هنا الكل يتكلم وكأنه عالم فقيه!

ص: 218

وأنا الصارم المسلول سلطت علي من ينكر القرآن ويجحده.

أيها الرافضة، ألم تقرؤوا قول الله تعالي: وما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها.

وبعد هذا تنفون النسخ بالقرآن!!

قد أجمع أهل العلم أن تحريف القرآن متواتر من الشيعة الأوائل وما نفيه اليوم إلا من باب التقية. والدليل: قول الصادق: التقية ديني ودين آبائي ولا دين لمن لا تقية له.

وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

فكتب (جميل 50) بتاريخ 12 - 9 - 1999، التاسعة صباحاً:

إرجافك يعرب عن عدم قراءتك للمقال وتفصيلاته.. لكن ما من بأس.

إذا أنت عالم بالنسخ.. أجبني؟؟ متي خلط صحابي وادعي أن: الولد للفراش وللعاهر الحجر..

آية من القرآن.. ثم رد عليه الصحابة ذلك؟!

هل هنا من موارد النسخ المزعوم؟!! وكيف يمكن تطبيقه؟! رجاءً بلا لف ودوران!!

فكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 12 - 9 - 1999، العاشرة صباحاً:

أيها الرافضي، لا تعبث بكلام الله، فالله قد بلغنا بذلك وأنتم الشيعة المعاصرة تنكرون النسخ.

أما الشيعة المتأخرة لا ينكرونه.. فيا لهذا التناقض؟؟

ثم إن الصحابة بشر يخطئون، فما لي وقول صحابي قد يكون الأمر التبس عليه!!

ص: 219

وإني سائلك هل أنت ممن يجحدون قول الله تعالي؟! أعتقد أن إجابتك النفي.

وسؤالي لك الآن: لما جحدت قول الله تعالي: وما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها؟؟؟ أجبني بالله عليك!

أم أنكم وجدتم أن القول بالنسخ فيه طعن علي الصحابة، ولكن هيهات إنكم تنكرون القرآن وتكفرون به بقولكم تحريفه!

والفرق بينكم وبين أصحاب الرسول أنهم مؤمنون بالقرآن، أما أنتم فأصحاب اليهود والنصاري.

فكتب (جميل 50) بتاريخ 12 - 9 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

ها قد دللت مرة أخري علي أنك.. لا تدري ما طحاها..

فقد أجبتني بخلاف ما أجاب به أعلامك؟!!!!!

وهل تدري من هذا الصحابي الذي خلط - كما هو استعراض الرواية - بين الآية والحديث؟!!!

وأما الآية فلسنا ننكرها، ولكن إقرأ الموضوع من رأس، لكي تتعرف علي ما يغنيك..

فكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 12 - 9 - 1999، الحادية عشرة وعشرين دقيقة صباحاً:

جميل 50: لكلامي معك بقيه، ولولا أني مضطر للخروج لأكملت.

ولك باختصار: إن النسخ يكون واقعاً علي الحكم والتلاوة، وللموضوع بقية. والسلام. انتهي.

قال (العاملي):

ص: 220

ولم تأتِ البقية، لا من المسلول ولا غيره!!

ص: 221

ص: 222

الفصل السابع: ظلم المذاهب السنية للبسملة ، ومحاولاتها إنكارها !

ص: 223

ص: 224

ظلم المذاهب السنية للبسملة ، ومحاولاتها إنكارها !

- كتب (فاتح) في شبكة الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 4-2-2000 ، الحادية عشرة ليلاً ، موضوعاً بعنوان (سؤال إلى محمد إبراهيم) ، قال فيه :

هذا سؤال للإستفسار فقط : هل البسملة جزء من سورة الفاتحة ، أم لا ؟ وإذا كان الجواب بنعم ، لماذا لا تقرؤونها في صلواتكم ، حيث إني أرى الإخوة من السنة لا يفتتحون بالبسملة ؟!

- فكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 6-2-2000 ، 1 ا، التاسعة مساء : الزميل الكريم فاتح :

أعتذر عن التأخر في الرد على رسالتك الكريمة ، حيث أنه شغلتني بعض المشاغل الأسرية .

سأرد عليك الآن بشكل مختصر فيما أعرفه ، وسأورد لك الأدلة على كلامي لاحقاً حيث أنني مشغول بعدة محاورات مهمة جداً مع بعض الزملاء في هذا المنتدى وغيره، وإن شاء الله لن أتأخر عليك .

ص: 225

وإن حصل ونسيت أن أرد عليك وهذا ما يحصل عادة للأسف فأرجو أن تستمر بتذكيري .

البسملة جزء من سورة الفاتحة وتقرأ في الصلاة ، سواء كانت الصلاة جماعة أم مفردة ، كما أنه يقرؤها الإمام والمأموم .

ولكن في الصلوات الجهرية الفجر والمغرب والعشاء ، فإن الإمام يقرأ البسملة في السر وبعدها يقرأ سورة الفاتحة جهراً .

فكتب (فاتح) بتاريخ 8 - 2 - 2000 ، الحادية عشرة مساء : شكراً يا عزيزي محمد إبراهيم .

لكن أريد المصدر ، لأن كثير من الإخوة السنة الذين سألتهم لا يقرؤون البسملة ، وحين سألتهم كانوا يقولون إن أئمة جماعتنا لا تقرؤها ! فأريد مصادر من فقهكم السني تشير لذلك ، حيث أن الأخوة من أتباع أبي حنيفة .

وكتب (العسكري) بتاريخ 18 - 2 - 2000 ، الخامسة صباحاً :

سؤال بلا جواب - إلى محمد إبراهيم !!!

وكتب (فرات) بتاريخ 21 - 5 - 2000 ، السابعة والنصف مساءً ، موضوعاً بعنوان (البسملة ومشروعيتها في الصلاة) ، قال فيه :

من الأمور التي اختلفنا بها مع أبناء السنة هي مسألة البسملة .

ص: 226

فذهب مالك والأوزاعي إلى أنها ليست من القرآن الكريم ومنعا من قراءتها في الفرائض مطلقاً ، سواء كانت في افتتاح الحمد أم في افتتاح السورة بعد الحمد ، وسواء قرئت جهراً أم إخفاتاً .

أما أبو حنيفة الثوري وأتباعهما فقرؤوها في افتتاح أم الكتاب ، وأوجبوا إخفاتها حتى في الجهريات .

لكن الشافعي قرأها في الجهريات جهراً وفي الإخفاتيات إخفاتاً وعدها آية من فاتحة الكتاب .

وهذا قول أحمد بن حنبل وأبي ثور وأبي عبيدة .

أما نحن معاشر الإمامية فقد أجمعنا تبعاً لأئمة الهدى على أنها آية تامة من المثاني ، ومن كل سورة من القرآن الكريم، وأن من تركها عمداً في الصلاة بطلت صلاته .

والأحاديث بذلك كثيرة ومتواترة بل أنكروا على من نفاها ...

كقول الإمام الصادق التالية : ما لهم ؟! عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله عز وجل فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها ، وهي ب- ، بسم الله الرحمن الرحيم !! وتوجد أيضاً حجج من طريق العامة وفي صحاحهم وهي كثيرة ، نذكر بعضها كي لا يطول بنا المقام :

1- عن ابن جريح ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ولقد آتيناك سبعاً من المثاني ، قال : فاتحة الكتاب وهي : بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله رب العالمين .. وقرأ السورة . فقلت لأبي : لقد أخبرك سعيد عن ابن عباس أنه قال : بسم الله الرحمن الرحيم ، آية ؟ قال : نعم .

ص: 227

وهذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك ، وأورده الذهبي في تلخيصه وصرحا بصحة إسناده .

وراجع تفسير سورة الفاتحة من كتاب التفسير من المستدرك ، ومن تلخيصه للذهبي - ص 257.

2 - ما صح عن ابن عباس أيضاً قال : أن النبي (صلی الله علیه و آله) كان إذا أجاءه جبرائيل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم علم أنها سورة .

أخرجه الحاكم في كتاب الصلاة من مستدركه ص 231 من جزئه الأول .

- عن أم سلمة ، قالت : كان النبي له يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله رب العالمين إلى آخرها ، يقطعها حرفاً حرفاً .

أخرجه الحاكم في المستدرك ، وأورده الذهبي في تلخيصه مصرحين بصحه راجع : 232/1 ، وغير ذلك الأحاديث . من ولا أعلم حجة للقوم في حذف البسملة إلا ما وصلنا من أنهم احتجوا بوجوه : أحدها : أنها لو كانت آية من الفاتحة للزم التكرار فيها بالرحمن الرحيم . ولو كانت جزءاً من سورة للزم تكرارها في القرآن الكريم مئة وثلاث عشر مرة .

ويرد على هذه الحجة : أن التكرار موجود في الكتاب الكريم ، وذلك اهتماماً ببعض الشؤون العظمى وتأكيداً لها ، وقد جاء التكرار في سورة الرحمن والمرسلات والكافرون .

وأي شئ أهم من بسم الله الرحمن الرحيم ؟! وهل بعثت الأنبياء والرسل وهبطت الملائكة ونزلت الكتب السماوية إلا ببسم الله الرحمن الرحيم .

ص: 228

ثانيها : ما جاء عن أبي هريرة مرفوعاً ، إذ قال : يقول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي، نصفين، فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين ، يقول الله تعالى: حمدني عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، يقول الله تعالى: أثنى علي عبدي .. إلخ . فلم يذكر البسملة .

والجواب أن هذا معارض بخبر ابن عباس مرفوعاً وفيه : قسمت الصلاة بيني عبدي، فإذا قال العبد : بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تعالى : دعاني عبدي ... الحديث .. وهو طويل .

وشاهدنا فيه أنه قد اشتمل على البسملة .

هذا مع أن أبا هريرة نفسه .. روى عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وكان هو يجهر بها ويقول إني لأشبهكم صلاة برسول الله (صلی الله علیه و آله).

أخرجه الحاكم في المستدرك بعد حديث أم سلمة ، وأورده الذهبي مصرحين بصحته

ولا أدري بماذا يعتمد السنة في التشريع ، ويكون حجة بينهم وبين الله والحال هذي .

وهل يوجد عندهم أدلة أخرى غير التي ذكرناها ؟

يا حبذا لو نطلع على آرائهم في هذه الساحات المباركة ونستفيد ، والله ولي التوفيق .

وكتب (علي بن يقطين) في شبكة الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 9-12- 1999 ، الحادية عشرة ليلاً ، موضوعاً بعنوان (إثبات أن قراءة البسملة كجزء من السورة) ، قال فيه :

ص: 229

مما قرره القرآن أن البسملة جزء من كل سورة تبتدئ بها ، فهي آية منها ... ولهذا جاءت في عرض سورة النمل : إنه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم، ولم تبلدى صورة براءة لأنها لم تكن آية منها .

أما قراءة البسملة وعدم قراءتها في الصلاة ، فقد وردت روايات ، منها ما يقرر قراءتها ، ومنها ما لا يقرر !

ومما يقرر كذلك أنها آية من آيات سورة الفاتحة السبع ، ما جاء : في القرآن نفسه ، في سورة الحجر آية 78 : (ولقد آتيناك سبعاً من

المثاني والقرآن العظيم) .

ومما في كتب السنة :

ما جاء في مستدرك الحاكم على صحيحي البخاري ومسلم ، في باب التفسير : 2/ 257 ونحوه في تلخيص الذهبي ، مؤكداً على صحة ذلك بسند معتمد عن ابن عباس (رضی الله عنه) عن النبي (صلی الله علیه و آله) :

(فاتحة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد الله رب العالمين .. إلى آخر السورة .

قال ابن جريح ، عن أبيه ، أنه قال لسعيد بن جبير (رضی الله عنه) قلت لأبي : لقد أخبرك سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال : إن البسملة آية .. ؟ قال : نعم . وأما بالنسبة للسور الأخرى ، فإن البسملة آية لكل سورة) . فقد أخرج المستدرك المذكور بسند معتمد . أيضاً في كتاب الصلاة :) عن ابن عباس عن النبي (صلی الله علیه و آله) أنه كان إذا جاءه جبرائيل وقرأ البسملة علم أنها سورة ، وأنه (صلی الله علیه و آله) لا يعلم ختم السورة حتى تنزل البسملة) .

ص: 230

وكذلك كان المسلمون (لاحظ ص 231 و 232 من الكتاب المذكور أعلاه) يقرأون بعد الفاتحة سورة تامة من ابتدائها بالبسملة حتى انتهائها .

كما ذكر ذلك فيمن ذكر الإمام الشافعي في مسنده ص13:

(وأن عبد الله بن عمر كان لا يدع البسملة !) .

ونحو ذلك ذكروا ...

إضافة إلى ما ذكره صاحب المستدرك :

(أن أبا بكر وعمر وعثمان وعلياً كانوا لا يدعونها ، وكذلك أم سلمة وعائشة .. وأن النبي كان يقرؤها ..) . ونحوه ما جاء في المستدرك أيضاً : بسند عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، أنه قال :

(صليت خلف رسول الله وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي فكانوا يقرؤونها و يجهرون بقراءتها ... إلخ) . مما لا يجعل أهمية لما ذكروا عن أنس من مجاملته لبني أمية على خلاف ذلك.

لقد جاء فيما جاء في المستدرك للحاكم وتلخيصه للذهبي عن أنس بن مالك نفسه :

(أن معاوية صلى في المدينة صلاة جهر فيها بالقراءة للبسملة في الفاتحة ، ولم يقرأ البسملة للسورة التي بعدها !

فلما سلم ناداه من سمع ذلك من المهاجرين والأنصار : يا معاوية أسرقت الصلاة أم نسيت .. ؟!

فلما صلى معاوية بعد ذلك قرأ البسملة للسورة التي بعد الفاتحة !!) .

ص: 231

ومما يذكر هنا ما ذكره الإمام الرازي في تفسيره : 106/1 :

(أن بني أمية بالغوا في المنع من الجهر بالبسملة سعياً في إبطال آثار علي بن أبي طالب (علیه السلام) في مبالغته في الجهر بها) .

وكان قد قال في ص 105.

(إن البيهقي في سننه روى الجهر بالبسملة عن عمر وابن عباس وابن عمر وابن الزبير - إلى قوله : وأما علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان ي- يجهر بها وقد ثبت بالتواتر ، ومن اقتدى بدينه بعلي فقد اهتدى ، واتبع ذلك بقوله : والدليل على ذلك قول رسول الله (صلی الله علیه و آله) : اللهم أدر الحق معه حيث ما دار) .

إلى هذا الحد يكفي عزيزي القارئ اللبيب ...

ومما يذكر هنا مما حدث - وليس كطرفة - أن سوقياً حضر صلاة جماعة لأول مرة ، فلما انتهى الإمام من قراءة الفاتحة تحول رأساً إلى سورة من قصار السور بدون بسملة .

فناداه بلهجته الشعبية : ليش ماجبت بسم الله الرحمن الرحيم ، أتخاف بيها مكروب ، لا سمح الله ! وهذه القضية بقدر ما تدعو إلى الضحك تعرب عن إحساس حتى السوقي أو القروي البسيط ، أن البسملة لا يستساغ تركها ! هذا مع الإحترام للآخرين .

وكتب (المتعلم (في شبكة الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 2-1-2000،

الثانية عشرة ظهراً ، موضوعاً بعنوان (البسملة جزء من كل سورة) ، قال فيه: أخرج أبو عبيد ، وابن سعد في الطبقات ، وابن أبي شيبة ، وأحمد ، وأبو داود ، وابن خزيمة ، وابن الأنباري في المصاحف ، والدار قطني ، والحاكم

ص: 232

وصححه ، والبيهقي ، والخطيب ، وابن عبد البر كلاهما في كتاب المسألة ، عن أم سلمة :

أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ : بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، الرحمن الرحيم ، ملك يوم الدين ، إياك نعبد وإياك نستعين ، اهدنا الصراط المستقيم ، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . قطعها آية آية ، وعددها عد الاعراب ، وعد بسم الله الرحمن الرحيم ، ولم يعد عليهم .

وأخرج ابن أبي حاتم ، والطبراني ، والدار قطني ، والبيهقي في سننه بسند ضعيف عن بريدة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو سورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري. قال : فمشى ، وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد ، فأخرج إحدى رجليه من أسكفة المسجد ، وبقيت الأخرى في المسجد .

فقلت بيني وبين نفسي : نسي ذلك .

فأقبل علي بوجهه ، فقال : بأي شئ تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة ؟ قلت : بسم الله الرحمن الرحيم . قال : هي هي ... ثم خرج .

وأخرج ابن الضريس، عن ابن عباس قال: بسم الله الرحمن الرحيم آية. وأخرج سعيد بن منصور في سننه ، وابن خزيمة في كتاب البسملة ، والبيهقي عن ابن عباس قال :

استرق الشيطان من الناس .

ص: 233

وأخرج أبو عبيد ، وابن مردويه ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن ابن عباس قال : أغفل الناس آية من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا أن يكون سليمان بن داود : بسم الله الرحمن الرحيم . وأخرج الدار قطني بسند ضعيف عن ابن عمر أ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كان جبريل إذا جاءني بالوحي أول ما يلقي علي : بسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج الواحدي ، عن ابن عمر قال : نزلت بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة .

وأخرج أبو داود ، والبزار ، والطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة - وفي لفظ خاتمة السورة - حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم . زاد البزار والطبراني : فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت ، واستقبلت ، أو ابتدأت سورة أخرى .

وأخرج الحاكم وصححه ، والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كان المسلمون لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا نزلت عرفوا أن السورة قد انقضت .

وأخرج أبو عبيد ، عن سعيد بن جبير أنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا لا يعرفون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا نزلت علموا أن قد انقضت سورة ونزلت أخرى .

ص: 234

وأخرج الطبراني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه جبريل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، علم أنها سورة .

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان ، والواحدي عن ابن مسعود قال : كنا لا تعلم فصل ما بين السورتين حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم . وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا ختم السورة قرأها ، يقول : ما كتبت في المصحف إلا لقرأک

وأخرج الدارقطني، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : علمني جبريل الصلاة فقام فكبر لنا ، ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، فيما يجهر به في كل ركعة .

وأخرج الثعلبي ، عن علي بن يزيد بن جدعان أن العبادلة كانوا يستفتحون القراءة ببسم الله الرحمن الرحيم، يجهرون بها . عبد الله بن عباس ، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير .

وأخرج الثعلبي ، عن أبي هريرة قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ، إذ دخل رجل يصلي ، فافتتح الصلاة ، وتعوذ ثم قال الحمد الله رب العالمين .

فسمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رجل قطعت على نفسك الصلاة أما علمت أن بسم الله الرحمن الرحيم من الحمد ، فمن تركها فقد ترك آية . ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته .

ص: 235

وأخرج الثعلبي ، عن علي أنه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يقول من ترك قراءتها فقد نقص وكان يقول هي تمام السبع المثاني .

وأخرج الثعلبي ، عن طلحة بن عبيد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله . وأخرج الشافعي في الأم ، والدار قطني ، والحاكم وصححه ، والبيهقي عن معاوية أنه قدم المدينة فصلى بهم ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، ولم يكبر إذا خفض ، وإذا رفع .

فناداه المهاجرون والأنصار حين سلم : يا معاوية أسرقت صلاتك ؟! أين بسم الله الرحمن الرحيم ؟ وأين التكبير ؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم لأم القرآن وللسورة التي بعدها، وكبر حين يهوي ساجداً .

وأخرج البيهقي ، عن الزهري قال : من سنة الصلاة أن تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ، وإن أول من أسر بسم الله الرحمن الرحيم ، عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة، وكان رجلاً حياً.

أخرج أبو داود ، والترمذي ، والدارقطني ، والبيهقي عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته ببسم الله الرحمن الرحيم . وأخرج البزار ، والدارقطني ، والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب ، وعماراً يقولان : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر في المكتوبات . بیسم الله الرحمن الرحيم ، في فاتحة الكتاب .

ص: 236

وأخرج الطبراني في الأوسط ، والدارقطني ، والبيهقي عن نافع أن ابن عمر إذا افتتح الصلاة يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم ، في أم القرآن وفي السورة التي تليها ، ويذكر أنه سمع ذلك من رسول الله .

وأخرج الدارقطني، والحاكم ، والبيهقي عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ب- (بسم الله الرحمن الرحيم) في الصلاة .

وأخرج الدارقطني ، والحاكم ، والبيهقي وصححه عن نعيم المجمر قال: كنت وراء أبي هريرة فقراً : بسم الله الرحمن الرحيم ، ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ولا الضالين ، قال : آمين . وقال الناس : آمين . ويقول كلما سجد: الله أكبر ، وإذا قام من الجلوس قال : الله أكبر ، ويقول إذا سلم : والذي نفسي بيده إني الأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم .

وأخرج الدار قطني ، عن علي بن أبي طالب قال : كان النبي يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، في السورتين جميعاً .

وأخرج الدار قطني ، عن علي بن أبي طالب قال : قال النبي : كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة ؟

قلت : الحمد الله رب العالمين ، قال : قل بسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج الدارقطني ، والبيهقي في شعب الإيمان عن جابر ، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة ؟

قلت : أقرأ الحمد لله رب العالمين . قال : قل بسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج الدارقطني ، عن ابن عمر قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبي بكر ، وعمر فكانوا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم .

ص: 237

وأخرج الدار قطني ، عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أمني جبريل (علیه السلام) المالية عند الكعبة ، فجهر ببسم ا الله الرحمن الرحيم .

وأخرج الدارقطني . ، عن الحكم بن عمير وكان بدرياً قال : صليت خلف النبي فجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم، في صلاة الليل ، وصلاة الغداة ، وصلاة الجمعة .

وأخرج الدار قطني ، عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بیسم الله الرحمن الرحيم .

وأخرج أبو عبيد ، عن محمد بن كعب القرظي قال : فاتحة الكتاب سبع آیات، ببسم الله الرحمن الرحيم .

المصدر : الدر المنثور في التفسير بالمأثور للشيخ جلال الدين السيوطي .

الجزء الأول في أول تفسير سورة الفاتحة ط . دار الفكر .

فأنت ترى صراحة الروايات في وجوب البسملة ، فلماذا لا يلتزم السنة بالبسملة في الصلاة ؟!!! انتهى .

- قال (العاملي) :

المتتبع يرى أن القوم تركوا البسملة في غير الفاتحة حتى في صلواتهم !!

وزادوا الطين بلة بأن جعلوا نزولها مرة واحدة ونفوا أنها جزء من كل سورة !!

وزادوا البلة طيناً .. بأن شككوا في أنها جزء من سورة الحمد !!

وعليه يلزم إنها إضافية زائدة في القرآن !!

وكل هذا لأن بني أمية كان عندهم حساسية منها !!

لأن أمير المؤمنين الليلة وشيعته جهروا بها حتى صارت شعاراً لهم !

ص: 238

وهذا يدلك على أن فقه المذاهب الذي تكون بأمر الخلافة .. وأموال الخلافة .. وكتبوا مصادره .. بحبرها .. يرجع في بعض أسسه إلى أفكار بني أمية (الكرام) ! قادة الشرك في الجاهلية ، وقادة النفاق في الإسلام !!

ص: 239

ص: 240

الفصل الثامن: حكم من يقول بوقوع التحريف في القرآن

ص: 241

ص: 242

حكم من يقول بوقوع التحريف في القرآن

كتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 6 - 1 – 2000، السابعة مساء، موضوعاً بعنوان (إلي الأخ الفاروق.. هذا جواب الروايات التي تقول بنقص القرآن)، قال فيه:

الأخ الفاروق.. نعم.

توجد هذه الرواية وروايات أخري في الكافي وغيره، تدل علي أن القرآن الفعلي فيه نقص عن قرآن علي عليه السلام.

وموقف غالبية علمائنا أنه لا بد من تأويل كل رواية تدل علي وجود نقص أو زيادة في القرآن.

فإن صح سندها ولم يمكن تأويلها وجب ردها، لمخالفتها للمُجمع عليه عند كافة الأمة من سلامة القرآن من التحريف..

ويمكن تأويل هذه الرواية:

بأن مصحف علي عليه السلام كان فيه القرآن وتفسيره الذي سمعه من النبي صلي الله عليه وآله.

ص: 243

وقد كان من عادتهم أن يكتبوا تفسير الآية مع الآية أو تحتها، كما صح عن مصحف ابن عباس وابن مسعود.

أو يقال بأن في الرواية خطأ من النساخ، وأنها كانت سبعة آلاف فصارت سبعة عشر آلاف..

إلي غير ذلك من الوجوه المذكورة في البحث الذي أرشد إليه الأخ عمار..

والمشكلة عندنا سهلة، لأنا نخضع كل روايات الكافي وكتبنا للبحث العلمي..

أما عندكم فهي صعبة لأنكم لا تقبلون تضعيف روايات البخاري، وتوجبون الإعتقاد بصحتها حتي ولو كانت تنص علي تحريف القرآن..

والذي يسهل الخطب كلياًّ في هذا الموضوع:

أن دعوي التحريف دعوي نظرية محصورة في بطون الكتب.. أما عملياًّ فلا يوجد أحد من السنة أو الشيعة يقول بها والحمد لله.

وأقدم لك جزءاً من بحث كنت نشرته في شبكة (أنا العربي) بعنوان: القرآن معصوم من التحريف...

فكتب (الفاروق) بتاريخ 6 - 1 - 2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

الأخ العاملي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يسعدني أنك أعرتني اهتماماً وأجبتني إجابة واضحة، وإني أحكّم عقلي في ما ذكرت، وأعترف لك بأن كل الذي كتبته صحيح، ولذلك فإن إجاباتك لا تحتاج إلي رد، طالما أنتم تقولون بعدم التحريف فلا نستطيع تثبيته، والحمد لله لست متعصباً حتي أقول إن ما كتبته في مقالتك هو غير صحيح،

ص: 244

بل هو ثابت في كتبنا، بعد أن اطلعت عليه، ويوجد من يقول بالتحريف ومن يقول بعدمه، لقد أقنعتني في هذه المسألة، بارك الله فيك..

والآن إلي سؤالي الثاني:

هناك عدة آيات تتحدث عن عدم الشرك بالله ويقال - لأني في الحقيقة لم أشاهد - بأن الشيعة يتوسلون بعلي وبمحمد ويستغيثون بهما وبآله.

فهل لديكم إجابة شافية علي هذه الأمور أدامكم الله لما فيه الخير والصلاح لي ولك... والسلام.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 6 - 1 - 2000، الثانية عشرة ليلاً:

أخي الفاروق: حياك الله.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

فكتب (الفاروق) بتاريخ 7 - 1 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

حياك الله أخي الفاطمي، صار لي زمان ما شفت ها لإسم الحلو. حبيبي يا أخي وتقبل الله الأعمال.

وكتب (عمار) بتاريخ 7 - 1 - 2000، الرابعة صباحاً:

أخي الفاروق..

لماذا لا تفتح موضوعاً جديداً لسؤالك الجديد للأخ العاملي.. لتعم الفائدة علي الجميع؟

وبارك الله فيكم.

وكتب ملاحظ هجر (محرر عام) بتاريخ 7 - 1 - 2000، الرابعة والنصف صباحاً:

ص: 245

يرجي من الجميع ملاحظة قرار الشبكة بخصوص منع النقاش المذهبي، وشكراً.

الملاحظ العام.

وكتب (السعودي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 22 - 3 - 2000، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (سؤال هام للعاملي.. وإلي من يرغب من الشيعة!)، قال فيه:

تتمة لموضوعنا السابق يا عاملي:

فهمت من كلامك أنك تحكم بكفر من كتب سورتي الولاية والنورين ونسبهما للقرآن الكريم. وسؤالي الثالث والأخير هو: من الذي كتبهما؟

السورتان مذكورتان في كتب المذهب الشيعي فمن أين أتت (كذا)، ومن الذي كتبهما..

أرجو أن تذكر اسمه أو تقول لا أدري فقط.

وأرجو عدم ذكر أي تفاصيل قبل الإجابة علي هذا السؤال، وبعد الإجابة فأنا مستعد لقراءة كل ما تكتب، والإجابة عن كل أسئلتك..

فقط أجب عن هذا السؤال.. قل هو فلان، أو قل لا أدري.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 22 - 3 - 2000، الثانية عشرة والثلث ظهراً:

والله يا أخي.. لا أعرف من كتبهما وافتراهما علي كتاب الله تعالي، لعنه الله، ولعن الله من كتب سورتي الحفد والخلع في مصادركم!

أظن أن السورتين المكذوبتين في مصادرنا ظهرتا في القرون الأخيرة، وكتبهما الحشوية أو الكفار، من عباد علي عليه السلام.

ص: 246

أما المكذوبتان في مصادركم فهما قديمتان من زمن عمر!

وكان يقرأ بهما في صلاته، وقيل يقرؤهما بنية القنوت، وليس بنية القرآن.

فكتب (السعودي) بتاريخ 23 - 3 - 2000، الثامنة صباحاً:

الحمد لله فقد حكمت علي شيوخك بالكفر، لأنه ثبت قطعياً أنهم أو أحدهم هو الذي كتب سورتي الولاية والنورين.. وإلا من أين جاءت في كتبهم الموجودة بين أيدينا..

هل كتبت نفسها؟؟

طبعاً نسبة كتابة هذه السور لهؤلاء العلماء قطعي، لأنها موجودة في كتبهم وهذه الكتب موجودة بين أيدينا الآن بلاحاجة لأي سند، فنسبتها لهم قطعية، هل فهمت؟

فكتب (بالدليل) بتاريخ 23 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

ما هذا يا سعودي؟

http: / / 209. 164. 120. 218 / vip / ubb / Forum 2 / HTML / 000614. html ? 3272363

وكتب (السعودي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 24 - 3 - 2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال وجواب)، قال فيه:

س: القرآن الذي بين أيدي الرافضة الآن هو نفسه القرآن الذي لدي المسلمين. فكيف يقال بأنهم لا يؤمنون بأنه القرآن المنزل من الله وأن لديهم قرآناً آخر؟

ج: يقول المحدث الرافضي نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية: إن الأئمة أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل

ص: 247

بأحكامه، حتي يظهر مولانا صاحب الزمان، فيرتفع هذا القرآن من بين أيدي الناس إلي السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين، ويعمل بأحكامه.

فكتب (العاملي) بتاريخ 24 - 3 - 2000، العاشرة مساءً:

هذا قول الجزائري أحد علماء الشيعة.. ولم يكن مرجعاً، ولا يأخذ أحد من الشيعة بكلامه..

فهل عرفت قول إمامك عمر في القرآن.. وأن أكثر من نصفه مفقود، وأن فيه زيادة، وأن قرآنك الفعلي فيه عدة أغلاط يجب أن تصححها؟!

وكتب (ناصر) بتاريخ 24 - 3 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

وماذا عن عائشة وقرآنها، الذي أكلت نصفه الدواجن، حسب ما ورد بالبخاري علي ما أعتقد!!!!!

ثم اعلم يا هذا.. أن كل شئ يؤخذ ويرد، إلا كتاب الله وسنة نبيه، والعصمة عندنا للنبي وأهل بيته الطيبين الطاهرين فقط، فهم الذين أمرنا الله بطاعتهم.

أما غيرهم فما وافق القرآن والسنة أخذناه، وما خالف القرآن والسنة ضربنا به عرض الحائط.

وهذا القول ليس لي.. بل هو قول الإمام الصادق (علیه السلام).

أما أنتم فالكل عندكم معصوم! عدا النبي وأهل بيته فهم يخطئون!!

وهذه قائمة بمن تقولون بعصمتهم: كل الصحابة عدا علي عليه السلام.

البخاري ومسلم والترمذي... إلخ.

محمد بن عبد الوهاب معصوم.

ابن تيمية معصوم.

ابن باز معصوم.

ص: 248

إدارة البيت الأبيض وعلي رأسها كلينتون معصومة.

ابن س-... معصوم.

أم أحمد الخطابة معصومة.

محماس بن خنيفير - راعي الدكان - معصوم.

خالة مدير بلدية نجران معصومة.

والسبب في ذلك … لأنها رأت بالحلم عبد الوهاب فعز الله شأنها … فهي لم تخطئ أبداً منذ ذلك الوقت!!

سؤال: ممكن أن أشتري عصمة لأحد الأصدقاء، لأن ما إن يفتح فمه، حتي قال له الربع: اسكت يا كذاب.. وأنا نصحته بالدخول إلي الدين الوهابي.. فربما كان يوماً كأبا (كذا) قتادة.. ولكنه لم يطع!

وكتب (السعودي) بتاريخ 25 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً:

العاملي:

" هذا قول الجزائري أحد علماء الشيعة، ولم يكن مرجعاً، ولا يأخذ أحد من الشيعة بكلامه ".

ناصر:

" أما غيرهم فما وافق القرآن والسنة أخذناه وما خالف القرآن والسنة ضربنا به عرض الحائط ".

بالتأكيد كلامكم تقية.

لأنه لو كان لديكم ذرة إيمان بدين الإسلام لتبرأتم من المجوس واليهود الذين كتبوا سورتي الولاية والنورين وألصقوها بدينكم...

ص: 249

بينما الحاصل الآن أنكم تكرمونهم وتقدرونهم علي ما عندهم من الكفر والنفاق والزندقة..

ولسنا أغبياء بدرجة كافية.

وكتب (مدمر النواصب) بتاريخ 25 - 3 - 2000، الواحدة والنصف ظهراًَ:

آنه أقولك يالسعودي.. بيع كوتك واشترلك كوت ثاني.

كفاك نصب وافتراء.. إن كان عندك دليل علي المراجع الشيعية تكلم به..

ونصيحة.. غيّر المارلبورو.

فكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 3 - 2000، الرابعة عصراً:

هل توافق يا سعودي.. علي أن كل من قال بتحريف القرآن، ولو آية واحدة منه فهو كافر؟

وكتب (حساوي) بتاريخ 26 - 3 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

موضوع تحريف القرآن الكريم موضوع عقيم.

لا الشيعة ولا السنة يملكون قرآناً غير هذا القرآن.. وكل فريق لديه أدلة في نقص وزيادة القرآن.

وأتحدي أي شخص شيعي أم سني أن يأتيني بقرآن غير الذي بين أيدينا.

قلت: يأتيني بقرآن وليس برواية.

فلو كان أي الفريقين مقتنعين (كذا) بإحدي الروايات التي يتحاذفها الفريقان، لوجدنا قرآناً مكتوباً علي حسب الروايات المذكورة!!

من رأي منكم قرآناً ينقص أو يزيد علي هذا القرآن فليتقدم. الله.. الله في القرآن. انتهي.

ص: 250

قال (العاملي):

فغاب الناصبي المدعو سعودي.. ولم يجب!!

وكتب (السعودي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21 - 3 - 2000، الواحدة والنصف ظهراً، موضوعاً بعنوان (للشيعة فقط: من يقوم بهذا العمل، هل يعتبر مسلم أو كافر؟ (كذا))، قال فيه:

سأعيد السؤال.. لأن هناك من استغل دخول (كربلائي) علي الخط وغير الموضوع..

السؤال هو: لو قام إنسان ما، وكتب من عنده كلاماً، وقال: إن هذا الكلام من القرآن.

مع أنه من تأليفه هو وينسبه لله تعالي.. فهل تعتبرونه مسلماً، أم كافراً؟

رجاءً الإجابة.. رجاءً الإجابة.. من الشيعة فقط.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية ظهراً:

إذا كان الذي يقول بالزيادة والنقصان عمر بن الخطاب والبخاري.. فذلك يدل علي زيادة إيمانهما.

أما غيرهما.. فيكون كافراً لعنه الله!

وكتب (كربلائي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية وعشر دقائق ظهراً:

؟؟

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

أتحداك يا عاملي أن تجيب علي السؤال بشكل جدي بلا سخرية.

ص: 251

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الخامسة عصراً:

هل من جواب؟!

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السادسة عصراً:

هذا غيض من فيض مقولات عمر في القرآن!!: " ضاع من القرآن أكثره ".. برأي عمر!!

ونقل (العاملي) بعض أقوال عمر في تحريف القرآن.. منها:

قال السيوطي في الدر المنثور: 6/422:

(وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف...).

وقال في كنز العمال: 2/567:

(من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة، قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف:

ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها.

قال: أسقط فيما أسقط من القرآن. وقال في رواية أخري:... فرفع فيما رفع!).

وفي ج 6 ص 208:

(عن عدي بن عدي بن عميرة بن فروة، عن أبيه، عن جده أن عمر بن الخطاب، قال لأبي:

أوليس كنا نقرأ من كتاب الله: إن انتفاءكم من آبائكم كفر بكم؟

فقال: بلي.

ص: 252

ثم قال: أوليس كنا نقرأ: الولد للفراش وللعاهر الحجر؟.. فقد فيما فقدنا من كتاب الله؟

قال: بلي!).

… إلي آخر ما كتبه العاملي.

فكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السادسة والنصف مساءً:

أتحداك يا عاملي أن تجيب علي سؤالي!

أتحداك يا عاملي أن تجيب علي سؤالي!

أتحداك يا عاملي أن تجيب علي سؤالي!

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السابعة إلا ربعاًَ مساءً:

خذ الجواب الذي تريد، ولن ينفعك:

من كذب بآية من كتاب الله تعالي فهو كافر.

ومن قال أو كتب كلاماً من عنده، من غير القرآن والأحاديث القدسية عن النبي وآله صلي الله عليه وآله، ونسبه إلي الله تعالي، فهو كافر.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السابعة مساءً:

ممتاز.. وأتمني أن تكون بهذا الوضوح حتي النهاية.. والآن: هل تستثني أحداً من هذا الحكم؟

أنا لا أستثني أحداً أبداً كائناً من كان من البشر.. من جاء بكلام من عنده ونسبه للقرآن فهو كافر كفراً مخرجاً من الملة.. هل تستثني أحداً؟؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السابعة والربع مساءً:

ص: 253

لا نقاش في الكبري يا سعودي، فاذكر الصغري.. التي تريد أن تفتح بها الشيشان!

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، السابعة والثلث مساءً:

وسؤالي الثاني هو: أنتم تقولون الآن إن سورتي الولاية والنورين ليستا من القرآن..

فهل من قام بكتابتهما كائناً من كان ونسبهما لله كافر، أم مسلم؟

أجب بإحدي الكلمتين: كافر، أم مسلم؟؟

وكتب (سيف الله المسلول) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

كاااااافر والعياذ بالله، لا أخاف في الله لومة لائم.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثامنة والنصف مساءً:

في انتظار إجابة العاملي!!

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، التاسعة إلا عشراً مساءً:

؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، التاسعة والنصف مساءً:

كل من كتب سورتي الولاية أو سورتي الحفد والخلع المزعومات، ونسبها إلي القرآن فهو كافر.

وناقل الكفر ليس بكافر.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، التاسعة والدقيقة السابعة والثلاثين مساءً:

لا تخلط! ولا تغير السؤال. فأنا من طرحه لا أنت!

ص: 254

أجب علي سؤالي، ثم ادخل في أي موضوع شئت بعد الإجابة رجاء: أنتم تقولون إن سورتي الولاية والنورين ليستا من القرآن..

فهل من قام بكتابتهما كائناً من كان ونسبهما لله كافر أم مسلم؟ أجب بإحدي الكلمتين كافر أم مسلم؟

أنا أسأل عمن قام بالكتابة، ودعنا من الناقل الآن! أهو كافر، أم مسلم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، العاشرة مساءً:

أيها السعودي المحترم:

السورتان الملعونتان " بتاعكم " سندهما صحيح وقد قرأ بهما عمر في صلاته، وبعض حكام بني أمية.

والملعونتان " بتاعنا " لا سند لهما، ولم يقرأ بهما في صلاته إمام ولا مأموم!

وكل من قرأ نصهما يسخر منهما ويعرف أنهما تسفيط..

فكل حكم تصدره علي الروايات المكذوبة في مصادرنا، فهو يشمل الروايات المكذوبة في مصادركم، وقد روي بعضها أئمة كبار عندكم!!

فانظر بعينين... يا ساكناً في أرض الحرمين.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

يا عاملي... هداك الله. يا عاملي... أصلحك الله.

سأستمع إليك حتي النهاية.. لا تستعجل في التفصيل..

أجب علي سؤالي ثم اذكر التفصيل الذي ترغبه، السؤال سهل وجوابه بكلمة واحدة.

أجب عليه ثم اذكر التفاصيل: أنتم تقولون إن سورتي الولاية والنورين ليستا من القرآن..

ص: 255

فهل من قام بكتابتهما كائناً من كان ونسبهما لله كافر، أم مسلم؟

أجب بإحدي الكلمتين كافر، أم مسلم؟ أهو كافر أم مسلم؟؟ فقط!

فكتبت (طبيعي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً.. لا تعتقد أنك ذكي بتحديد الإجابة بمسلم أو كافر.

فقد أجابك العاملي وانتهي الأمر. اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ينبغي أن يكون المراقب محايداً!! في انتظار جوابك يا عاملي...

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية عشرة ليلاً:

كما قالت الأخت طبيعي.. فقد أجبتك.

فرتب ما تريد ترتيبه علي جوابي، واذكر لي سند السورتين المزعومتين من مصادرنا.. حتي أذكر لك السورتين المزعومتين من مصادركم.

وتري العجب العجاب من إمامك عمر، وأئمتك الأمويين!!

وكتب (السعودي) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الثانية عشرة ليلاً:

هل تقصد أنك تعتقد أن كاتب سورتي الولاية والنورين، كافر؟

أرجو أن تكون الإجابة بنعم، أو لا.

وكتب (السعودي) بتاريخ 22-3 -2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

؟؟

فكتب (علي بن يقطين) بتاريخ 22 - 3 - 2000 الواحدة إلا ثلثاً ظهراً:

السعودي = سيف المشلول، لكن علي من تتلو أكاذيبك يا (.....)!

ص: 256

إلعب غيرها ياااااااا شاااااطر.

ابحث عن نفسك جيداً واعلم أنك أنت الصارررررررررررم المكسورررررررررر.

وكتب (الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14 - 4 - 2000، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (يا فقيه... تفضل)، قال فيه:

بما أنك تقطع ألسنة من يقول بالتحريف...

يقول الرافعي صاحب كتاب إعجاز القرآن ما نصه:

فذهب جماعة من أهل الكلام ممن لا صناعة لهم إلا الظن والتأويل واستخراج الأساليب الجدلية من كل حكم ومن كل قول، إلي جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شئ، حملاً علي ما وصفوه من كيفيه جمعه. إعجاز القرآن ص 41 لمصطفي صادق الرافعي.

فهل قطعتم ألسن هؤلاء؟؟؟

يقول الشعراني: وهو من فقهاء وأعاظم الحنفية.. راجع ترجمته في الشذرات: 8/372.. وهو الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني:

ولولا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبينت جميع ما سقط من مصحف عثمان. الكبريت الأحمر - المطبوع علي هامش اليواقيت والجواهر ص 143 - لعبد الوهاب الشعراني.

ماذا عن هذا؟؟؟ هل قطعت لسانه أيضاً؟؟

وعن الثوري، وهو سفيان بن سعيد الثوري الملقب عند أهل السنة بأمير المؤمنين في الحديث... والموصوف بسيد أهل زمانه في علوم الدين والتقوي.

ص: 257

أنظر ترجمته في حلية الأولياء: 6/356، وتهذيب التهذيب لابن حجر: 4/111. قال:

بلغنا أن أناساً من أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله) كانوا يقرؤون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة الكذاب، فذهبت حروف من القرآن... الدر المنثور للسيوطي: 5/179.

ماذا عن الثوري.. شلون قطعتم لسانه وهو صرح بهذا القول الخطيييييير!!؟

لا تنسَ ابن الخطيب مؤلف كتاب الفرقان المطبوع بمطبعة دار الكتب المصرية سنة 1948، وهو المشتمل علي أبحاث تدل علي أن القرآن فيه خطأ، ويجب أن يتم تغيير رسمه.. إلخ.

قال ابن الخطيب في كتابه - بعد البحث في لحن الكتاب في المصحف - ما يلي:

ومما لا شك فيه أن كتّاب - الكتاب الذين كتبوا القرآن - المصحف من البشر يجوز عليهم ما يجوز علي سائرهم من السهو والغفلة والنسيان. والعصمة لله وحده ومثل لحن الكتاب كلحن المطابع، فلو أن إحدي المطابع طبعت مصحفا به بعض الخطأ، وكثيراً ما يقع هذا. الفرقان ص 41 إلي ص 46.

وأخيراً.. ماذا عن الرازي؟؟

وأما قوله تعالي: والمقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة. ففيه أقوال:

الأول: روي عن عثمان وعائشة أنهما قالا: إن في هذا المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها.

واعلم: أن هذا بعيد لأن المصحف منقول بالنقل المتواتر عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) فكيف يمكن ثبوت اللحن فيه؟؟؟؟ التفسير الكبير: 11/105. انتهي.

ص: 258

لا تدري كم مسكين أنت! يا من تدعي نصرة الحسين، وما أنت بناصر له. انتهي.

قال (العاملي):

والفقيه المخاطب هو الذي سمي نفسه " محب أهل البيت "!

وهو ناصبي، وعنده موقع اسمه: أنصار الحسين.. للطعن بالشيعة ومذهبهم، والتنقيص من مقام أهل البيت عليهم السلام، ورفع مقام مخالفيهم من حساد قريش للنبي وآله صلي الله عليهم!!

وكتب (الأشتر) أيضاً، بتاريخ 17 - 4 - 2000، الرابعة صباحاً:

نقول هرب؟؟؟؟

فكتب (الفقيه) بتاريخ 17 - 4 - 2000، الخامسة صباحاً:

لا تتهرب يا الأشتر، وتفتح موضوع جديد لأرد عليك فيه..

وكأنك أنت صاحب التحدي!

ها أنذا أتحداك أنت وقومك كلهم أمام الناس.. أن تقولوا بأن من طعن في القرآن كافر!!

يا من تدعون اتباع العترة! أم أن القرآن هيّن عليكم.. حتي صار الخلاف فيه مستساغ!

وكتب (الأشتر) بتاريخ 17 - 4 - 2000، الخامسة والثلث صباحاً:

إعلم يا من تدعي نصرة الحسين ومحبته..

أن مسألة تكفير هؤلاء ليست مسألة اعتيادية كما هو الحال عندكم.

فالتكفير عندكم فما شاء الله.. أقل شئ مشرك... كافر... شرك... بدعة..

ص: 259

إن هذه المسألة لا تتعدي شبهات وافتراءات افتريتم بها علي هؤلاء.

فأكثر هؤلاء براء من هذه الشبهة وقد سبق لنا التطرق والرد علي هذه الشبهات وبينا مدي كذب وزور أخيك المدعو جاكون.

أما مسألة القلة القليل.. فهي لا تتعدي شبهة وقعوا فيها، وقد أثبتنا أن هذه الشبهة خاطئة..

لكن.. إحنه أوردنا لك.. ما يعتقده مشايختك حول القرآن.. أوردنا لك ما كان يعتقد به أميرك عمر بن الخطاب.. أخذت الأمر بكل بساطة وكأن المسألة شئ تافه.

أما ما تورده حول علمائنا.. تملأ الدنيا ضجيجاً..

الأجدر بك أن تتطرق إلي ما وقع فيه مشايختك.. أولاً. والله الموفق.

وكتب (الفقيه) بتاريخ 17 - 4 - 2000، الخامسة والنصف صباحاً:

نحن نكفر من كفره الله عز وجل.

من اعتقد الغلو ودان الله به، ومن أشرك بالله.. وجعل زيارة قبور المخلوقين أعظم من هكذا حجة وعمرة! ومن كفر صحابة رسول الله وقال بارتدادهم، فالقول بردته هو أجدر وأصح!

ومن جعل الأئمة أعظم من الأنبياء والمرسلين، فالقول بكفره لا شك فيه!

أما أن التكفير سلعتنا، فإن شاء الله سآتيك بحقائق تريك من منا يكفر دون ضوابط ولا قرآن ولا سنة!

ولا تضيع الموضوع، ارجع للمقالة الرئيسية.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 17 - 4 - 2000، السادسة صباحاً:

ما جاوبتني!

ص: 260

أنت قلت في موضوعك الرئيسي إنك تقطع لسان كل عالم يقول جذي (يعني هكذا)!!

هل هؤلاء قطعت ألسنتهم أم ماذا؟؟؟

ص: 261

ص: 262

الفصل التاسع: مصحفنا الفعلي مكتوب عن مصحف علي

اشارة

ص: 263

ص: 264

مصحفنا الفعلي مكتوب عن مصحف علي

كتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 19 - 9 – 1999، العاشرة مساء، موضوعاً بعنوان (النسخة الأم التي دونوا عنها المصحف الإمام، المعروف بمصحف عثمان؟)، قال فيه:

توجد أربعة احتمالات للنسخة الأم التي أملي منها سعيد بن العاص المصحف علي زيد بن ثابت وغيره من الكتاب:

الإحتمال الأول: أن تكون صحف حفصة، أي نسخة الخليفة عمر التي جمعها هو وزيد في عهد أبي بكر ثم في عهده.. كما ذكرت أكثر الروايات في مصادر السنيين.

الإحتمال الثاني: أن تكون نسخة عائشة، كما ذكرت بعض الروايات.

الإحتمال الثالث: أن تكون نسخة علي عليه السلام، كما يفهم من صفات النسخة.

الإحتمال الرابع: أن يكون سعيد، أو هو وبقية أعضاء اللجنة رأوا عدة نسخ وقايسوا بينها وناقشوا فروقاتها واستمعوا إلي شهودها، ثم راجعوا الخليفة عثمان وعلياًّ عليه السلام وغيرهما من الصحابة الخبيرين بالقرآن، واختاروا الكلمة أو الصيغة

ص: 265

الأكثر وثوقاً عندهم، كما يفهم من بعض الروايات.. وفيما يلي نفحص ما يملكه كل واحد من هذه الإحتمالات.

لم يكتبوا المصحف الإمام عن صحف حفصة أو نسخة عمر

ينبغي الإلتفات إلي أن توحيد الخليفة عثمان لنسخة القرآن كان عملية جراحية لمرض في الأمة هو اختلاف المسلمين في قراءات القرآن، وانقسامهم إلي أحزاب دينية متعارضة!!

وقد كان عدد كبير من الأشخاص يعيشون علي هذه الإختلافات والتعصبات، فلما قام عثمان بجمع القرآن.. سحب البساط من تحت أقدامهم بضربة فنية، فأسقط في أيديهم، وفقدوا مكانتهم وجمهورهم! لقد صارت قراءتهم مثل غيرها، وصاروا هم مثل غيرهم..

وانتهي عهد الأحرف السبعة الذي بدأه الخليفة عمر، وصار علي الجميع أن يقرؤوا بحرف واحد هو حرف الخليفة عثمان في المصحف الإمام!!

لهذا ارتفعت اعتراضات زعماء الأحرف السبعة أو الأحرف العشرين وجمهورهم، وكان سلاحهم ضد الخليفة عثمان وضد حذيفة، هو الأحرف السبعة التي سلحهم بها عمر!!

وكان الجواب المنطقي للدولة أن تقول لهم: إن الخليفة عمر أخطأ في طرح الأحرف السبعة، فهذا الواقع الخطير الذي نعانيه إنما هو ثمرتها، ولو تركناه بلا معالجة جذرية لاختلفت الأمة في كتابها إلي فرق ومذاهب متناحرة إلي يوم القيامة! ولكن الناس كانوا متعلقين بسياسة الخليفة عمر، وقد سجلوا نقاط ضعف علي سياسة الخليفة عثمان..

ص: 266

لذلك لم يكن عثمان يستطيع أن يخطئ عمر، بل كان يري نفسه محتاجاً لإثبات (الشرعية) لأعماله بالإحتجاج بأعمال عمر وأقواله!! لهذا نراه يحتج علي المعترضين..

أولاً: بأن عمر كان ينوي توحيد القرآن.

وثانياً: بأنه كتب مصحفه الإمام عن نسخة الخليفة عمر أو الصحف التي عند بنته حفصة!

لذلك يجب أن ننظر إلي جميع الروايات التي تقول إنهم نسخوا المصحف الإمام عن صحف حفصة بأنها كلام سياسي للدفاع عن الخليفة عثمان، وليس بالضرورة أن يكون هو الذي حصل!

وكذلك كثير من دفاعات الخليفة عثمان عن نفسه فيما خالف فيه عمر، كما يظهر للمتتبع!

قال ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/1136:

(حدثنا علي بن محمد، عن يزيد بن عياض، عن الوليد ابن سعيد، عن عروة بن الزبير قال:

قدم المصريون، فلقوا عثمان رضي الله عنه.

فقال: ما الذي تنقمون؟

قالوا: تمزيق المصاحف.

قال: إن الناس لما اختلفوا في القراءة خشي عمر رضي الله عنه الفتنة.

فقال: من أعرب الناس؟

فقالوا: سعيد بن العاص.

قال: فمن أخطهم؟

ص: 267

قالوا: زيد بن ثابت.

فأمر بمصحف فكتب بإعراب سعيد وخط زيد، فجمع الناس ثم قرأه عليهم بالموسم.

فلما كان حديثاً كتب إلي حذيفة: إن الرجل يلقي الرجل فيقول قرآني أفضل من قرآنك حتي يكاد أحدهما يكفر صاحبه، فلما رأيت ذلك أمرت الناس بقراءة المصحف الذي كتبه عمر رضي الله عنه وهو هذا المصحف، وأمرتهم بترك ما سواه، وما صنع الله بكم خير مما أردتم لأنفسكم). انتهي.

والجميع يعرفون أن الخليفة عمر لم يقم بهذا العمل، ولم يقرأ علي المسلمين قرآناً في موسم الحج!!

وقال ابن شبة في: 3/1005:

(عن توبة بن أبي فاختة، عن أبيه قال: بعث عثمان رضي الله عنه إلي عبد الله أن يدفع المصحف إليه، قال: ولم؟

قال: لأنه كتب القرآن علي حرف زيد.

قال: أما أن أعطيه المصحف فلن أعطيكموه، ومن استطاع أن يغل شيئاً فليفعل، والله لقد قرأت من في رسول الله صلي الله عليه وسلم سبعين سورة، وإن زيداً لذو ذؤابتين يلعب بالمدينة!). انتهي.

ولم يَدَّعِ أحد غير عثمان وابن مسعود - خصم زيد بن ثابت - بأن قرآن عثمان كتب علي حرف زيد، ولكن غرض ابن مسعود من ادعاء ذلك أن يبرر تمسكه بقراءته، وغرض عثمان من ذلك إن كان قاله، أن يسكت المعترضين لعمر، لأنهم يعرفون ثقة عمر بزيد!

وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 2/426:

ص: 268

(الواقدي: حدثنا الضحاك بن عثمان، عن الزهري، قال: قال ثعلبة ابن أبي مالك: سمعت عثمان يقول: من يعذرني من ابن مسعود؟ غضب إذ لم أوَلِّه نسخ المصاحف!

هلاّ غضب علي أبي بكر وعمر إذ عزلاه عن ذلك ووليا زيداً، فاتبعت فعلهما!). انتهي.

والجميع يعرف أن أبا بكر وعمر لم يوليا ابن مسعود علي نسخ المصاحف حتي يعزلاه، ولا وليا زيداً إلا علي جمع القرآن مع الخليفة عمر وبرأيه، ولكن الخليفة عثمان يريد الدفاع عن نفسه وإثبات أن سياسته نفس سياسة الشيخين التي يريدها الناس! هذا هو الدليل الأول..

والدليل الثاني:

أن قراءات عمر التي كانت في نسخته التي عند حفصة لا توجد في المصحف الإمام..

ويكفي أن ترجع إلي ما قدمنا من قراءاته المروية عنه بأحاديث صحيحة، والتي كان يأمر بإثباتها في المصاحف ومحو ما عداها، مثل قراءة: وامضوا إلي ذكر الله.. وغيرها، وغيرها..

فإنك لا تجد لها أثراً في قرآننا الفعلي الذي هو المصحف الإمام، والحمد لله.

والدليل الثالث:

إصرار الدولة علي مصادرة مصحف حفصة وإحراقه.

ولا يمكن أن يكون سبب ذلك إلا أن حفصة أو غيرها.. أشاعوا أن مصحف عثمان.. فيه نقص أو خلل.. الأمر الذي جعل الدولة تلح علي أخذ النسخة.

ص: 269

ولكن حفصة وقفت في وجه الدولة وقاومت إلي أن توفيت.. لكن الدولة ما أن فرغت من تشييع جنازة حفصة حتي وضعت يدها علي النسخة و.. أحرقتها!!

فلو كان المصحف الإمام نسخة عن مصحف عمر، لما استطاعت حفصة أو غيرها أن تتكلم بكلمة، ولما كان معني لإصرار الدولة وافتعالها أزمة طالت أكثر من عشرين سنة مع حفصة القوية بنت الخليفة القوي!!

قال في كنز العمال: 2/573:

(عن ابن شهاب، عن سالم بن عبد الله وخارجة، أن أبا بكر الصديق كان جمع القرآن في قراطيس، وكان قد سأل زيد بن ثابت النظر في ذلك، فأبي حتي استعان عليه بعمر ففعل.

فكانت الكتب عند أبي بكر حتي توفي، ثم عند عمر حتي توفي، ثم كانت عند حفصة زوج النبي صلي الله عليه وسلم فأرسل إليها عثمان فأبت أن تدفعها، حتي عاهدها ليردنها إليها فبعثت بها إليه، فنسخها عثمان هذه المصاحف، ثم ردها إليها فلم تزل عندها.

قال الزهري: أخبرني سالم بن عبد الله أن مروان كان يرسل إلي حفصة يسألها الصحف التي كتب فيها القرآن، فتأبي حفصة أن تعطيه إياها، فلما توفيت حفصة ورجعنا من دفنها أرسل مروان بالعزيمة إلي عبد الله بن عمر ليرسل إليه بتلك الصحف، فأرسل بها إليه عبد الله بن عمر، فأمر بها مروان فشققت، وقال مروان: إنما فعلت هذا لأن ما فيها قد كتب وحفظ بالصحف، فخشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذا المصحف مرتاب، أو يقول إنه قد كان فيها شئ لم يكتب - ابن أبي داود). انتهي.

ص: 270

والمتأمل في هذه الرواية يطمئن بأن مصحف عمر كان فيه زيادة عن مصحفنا، كما صرح أبو موسي الأشعري عن مصحفه!

وقال عمر بن شبة في تاريخ المدينة: 3/1003:

(عن ابن شهاب قال: حدثني أنس رضي الله عنه، قال:

لما كان مروان أمير المدينة، أرسل إلي حفصة يسألها عن المصاحف ليمزقها وخشي أن يخالف الكتاب بعضه بعضاً، فمنعتها إياه...

عن ابن شهاب، عن خارجة بن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: لما ماتت حفصة أرسل مروان إلي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بعزيمة، فأعطاه إياها، فغسلها غسلاً.

قال الزهري: فحدثني سالم، قال:

لما توفيت حفصة أرسل مروان إلي ابن عمر رضي الله عنهما بعزيمة ليرسلن بها، فساعة رجعوا من جنازة حفصة أرسل بها ابن عمر رضي الله عنهما، فشققها ومزقها مخافة أن يكون في شئ من ذلك خلاف لما نسخ عثمان رضي الله عنه!!).

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/156: (باب ما جاء في المصحف):

(عن سالم بن مروان، كان يرسل إلي حفصة يسألها عن المصحف الذي نسخ منه القرآن فتأبي حفصة أن تعطيه إياه، فلما دفناّ حفصة أرسل مروان إلي ابن عمر: أرسل إليّ بذلك المصحف، فأرسله إليه!

رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح). انتهي.

بل إن أزمة الدولة مع حفصة وإصرار حفصة الشديد! تجعلنا نشك في أنها أعطتهم النسخة أول الأمر، وإن كانت أعطتهم فلا بد أنهم رفضوا الكتابة منها لاختلافها عن القرآن المتداول!

ص: 271

ولذلك شاع في المدينة أن مصحف عثمان لم يكتبوه عن مصحف عمر، وأن في مصحف عمر زيادات لم يكتبوها في القرآن!

الدليل الرابع:

وهو من أدلة جمع القرآن من عهد النبي صلي الله عليه وآله.. من أن حفصة نفسها لم تكن تقرأ بمصحف أبيها الذي هو عندها أو عنده لا فرق، بل استكتبت لنفسها مصحفاً متداولاً!

كما في مجمع الزوائد: 6/320 و: 7/154.

(إن كل المؤشرات بل والأدلة تدلنا علي أن مصحف عمر كان مشروع مصحف يحمل اجتهادات الخليفة عمر المتجددة، وكان ينتظر أن يكتمل عمله فينشره.. ولكن الأجل عاجله، ثم عاجل مروان نسخته فأحرقها!).

و لم يكتبوا المصحف الإمام عن مصحف عائشة

تفاجئنا في روايات جمع القرآن وثيقة تاريخية مهمة وسارة، يقول فيها الخليفة عثمان إن لجنة جمع القرآن كتبت المصحف الإمام عن مصحف كتبه النبي صلي الله عليه وآله!!

وقد أعلن الخليفة عثمان ذلك في رسالته إلي الأمصار التي أرسلها مع المصاحف!

قال عمر بن شبة في تاريخ المدينة: 3/997:

(عن أبي محمد القرشي: أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كتب إلي الأمصار: أما بعد فإن نفراً من أهل الأمصار اجتمعوا عندي فتدارسوا القرآن، فاختلفوا اختلافاً شديداً، فقال بعضهم قرأت علي أبي الدرداء، وقال بعضهم

ص: 272

قرأت علي حرف عبد الله بن مسعود، وقال بعضهم قرأت علي حرف عبد الله بن قيس.

فلما سمعت اختلافهم في القرآن والعهد برسول الله صلي الله عليه وسلم حديث ورأيت أمراً منكراً، فأشفقت علي هذه الأمة من اختلافهم في القرآن، وخشيت أن يختلفوا في دينهم بعد ذهاب من بقي من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم الذين قرأوا القرآن علي عهده وسمعوه من فيه، كما اختلفت النصاري في الإنجيل بعد ذهاب عيسي بن مريم، وأحببت أن نتدارك من ذلك.

فأرسلت إلي عائشة أم المؤمنين أن ترسل إلي بالأدم الذي فيه القرآن الذي كتب عن فم رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلي جبريل، وأوحاه جبريل إلي محمد وأنزله عليه، وإذا القرآن غض، فأمرت زيد بن ثابت أن يقوم علي ذلك، ولم أفرغ لذلك من أجل أمور الناس والقضاء بين الناس، وكان زيد بن ثابت أحفظنا للقرآن، ثم دعوت نفراً من كتاب أهل المدينة وذوي عقولهم، منهم نافع بن طريف، وعبد الله بن الوليد الخزاعي، وعبد الرحمن بن أبي لبابة، فأمرتهم أن ينسخوا من ذلك الأدم أربعة مصاحف وأن يتحفظوا). انتهي.

كما أكد علي ذلك عبد الله بن الزبير الذي كان عضواً في لجنة جمع القرآن.

وقال عبد الله بن الزبير كما في ج 3 ص 991:

(فجمع عثمان رضي الله عنه المصاحف، ثم بعثني إلي عائشة رضي الله عنها فجئت بالصحف التي كتب فيها رسول الله صلي الله عليه وسلم القرآن فعرضناها عليها حتي قومناها، ثم أمر بسائرها فشققت). انتهي.

فما عدا مما بدا.. حتي صار القرآن مدوَّناً في مصحف كامل من عهد النبي صلي الله عليه وآله؟؟!!

ص: 273

وأين وسائل الكتابة البدائية من " العسب والرقاق واللخاف وصدور الرجال "..

والمأساة التي يرويها البخاري؟!!

وأين جلوس الإستعطاء علي باب المسجد لتجميع الآيات والسور من المسلمين؟!

وأين قصة جمع القرآن علي يد الخليفة أبي بكر وعمر؟!

وأين عشرات الروايات وعشرات النظريات؟!

والتاريخ الذي بنوه عليها.. إلي آخر الأسئلة الكبيرة؟!

علي أي حال.. إن الذي يهمنا الآن هو النتيجة التي تقول إن المصحف الإمام كتب عن نسخة مكتوبة في عهد النبي وتحت نظره صلي الله عليه وآله.

وذلك نعمة عظيمة يجب أن نشكر الله تعالي عليها.. ولتسقط كل الروايات المخالفة لها، وليكن ما يكون!

قرآننا الفعلي هو نسخة علي بن أبي طالب

والحمد لله أن كل المؤشرات تدل علي صحة ذلك..

من أوَّلِها أن أوصاف المصاحف التي كانت موجودة عند تدوين المصحف الإمام لا تنطبق عليه..

لا مصحف عبد الله بن مسعود، ولا مصحف أبي بن كعب، ولا مصحف أبي موسي الأشعري، ولا مصحف عمر، ولا مصحف زيد بن ثابت..

بل يكفي أن نرجع إلي عدد السور والقراءات التي ذكرت في مصاحفهم لنري أنها تختلف عن عدد سور مصحفنا الفعلي.. إلا مصحف علي عليه السلام!

وحتي قراءة عثمان لا تنطبق عليها النسخة الفعلية إذا صح أن عثمان كان له اعتراض علي عدد من جمل أو كلمات المصحف الذي كتبته اللجنة..

ص: 274

فقد قال في كنز العمال: 2/586:

(عن عبد الأعلي بن عبد الله بن عامر القرشي قال:

لما فرغ من المصحف أتي به عثمان فنظر فيه فقال: قد أحسنتم وأجملتم، أري شيئاً من لحن ستقيمه العرب بألسنتها. ابن أبي داود وابن الأنباري.

عن قتادة أن عثمان لما رفع إليه المصحف قال: إن فيه لحناً وستقيمه العرب بألسنتها - ابن أبي داود وابن الأنباري.

عن قتادة، عن نصر بن عاصم الليثي، عن عبد الله بن فطيمة، عن يحيي بن يعمر، قال: قال عثمان: إن في القرآن لحناً وستقيمه العرب بألسنتها – ابن أبي داود.

عن عكرمة، قال: لما أتي عثمان بالمصحف رأي فيه شيئاً من لحن، فقال: لو كان المملي من هذيل والكاتب من ثقيف لم يوجد فيه هذا - ابن الأنباري وابن أبي داود). انتهي.

والحمد لله أنه لم يكن في المصحف الإمام لحن ولا خطأ!!

وما أقامت العرب (لحنه) بألسنتها!!

بل قوَّم هو ألسنة العرب وأقام لحنها، لأنه كما وصفه الخليفة عثمان:

" القرآن الذي كتب عن فم رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلي جبريل، وأوحاه جبريل إلي محمد وأنزله عليه، وإذ القرآن غضّ... " انتهي.

وانتهي الأمر!

يبقي هنا سؤال هام:

ص: 275

وهو أنه لم يُعرَف عن أم المؤمنين عائشة أنها كانت تملك هذه الثروة العظيمة.. ولو كانت عندها لحدثت عنها عشرات الأحاديث، قبل كتابة المصحف الإمام عنها وبعده، وهي التي تحدثت عن كل ما يرتبط بها من النبي صلي الله عليه وآله حتي في الأمور الشخصية، وافتخرت بكل ما يمكن أن يكون حظوة لها عند النبي صلي الله عليه وآله، أو أثراً منه عندها؟!

ولو كانت عندها لحلَّت بها مشكلة أبيها وعمر المزعومة، في البحث عن سور القرآن وجمعه!!

والجواب: نعم هذا صحيح، وأحاديث عائشة تنفي أن تكون عندها مثل هذه النسخة..

فلو كانت عندها لاشتهرت، ولاحتجَّت بها علي نساء النبي صلي الله عليه وآله عندما خالفنها في مسألة رضاع الكبير، وفي مسألة كفاية خمس رضعات..

ثم لو كانت نسخة القرآن عند عائشة لما استكتبت نسخة من القرآن المتداول..

كما في رواية مسلم: 2/112:

(عن أبي يونس مولي عائشة، أنه قال: أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفاً وقالت: إذا بلغت هذه الآية فآذني، حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي، فلما بلغتها، آذنتها، فأملت عليَّ حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وصلاة العصر، وقوموا لله قانتين). انتهي.

ما الحقيقة إذن؟

هل نستطيع القول إن عثمان يكذب في ادعائه أن اللجنة كتبت المصحف الإمام عن مصحف غض كُتب بإملاء النبي صلي الله عليه وآله؟!

ص: 276

كلاَّ.. فليس للخليفة مصلحة في إخبار أهل الأمصار بذلك، إلا أنه يريد أن يطمئنهم ويفتخر لهم بثقته بالنسخة التي كتب عنها القرآن.. وقرائن وصفه للنسخة وثقته بها تأبي أن يكون قوله افتراء!

كل ما في الأمر أنها نسخة علي عليه السلام، وقد أراد عثمان أن يبتعد عن حساسيتهم من عليٍّ.. فنسبها إلي عائشة، ولعله أشرك عبد الله بن الزبير ابن أخت عائشة في اللجنة وأرسله إليها وأحضر نسخة مصحفها العادية، لكي ينسب التدوين إليها!!

أرانا ملزَمين بهذه الفرضية، لأنها تملك مؤيدات كثيرة، ولأن كل فرضية أخري للنسخة الأم تواجهها مضعِّفات كثيرة!!

ولا بد أن نستذكر هنا أن وجود سعيد بن العاص في مشروع تدوين المصحف الإمام بصفته معرباً ومملياً للمصحف، وبصفته أموياً من أقارب الخليفة، ومن أسرة موالية لعلي بن أبي طالب عليه السلام.. ووجود حذيفة الذي له مكانة مميزة بين الصحابة، بصفته رائد مشروع توحيد القرآن، ومن خاصة أصحاب علي عليه السلام.. يجعل لمصحف عليٍّ في اللجنة أسهماً وافرة في أن تكون نسخته هي النسخة الأم التي كتب عنها المصحف الإمام.

وقد روي الشيعة والسنة أن علياًَّ عليه السلام، كتب نسخة القرآن علي أثر وفاة النبي صلي الله عليه وآله..

روي ابن أبي شيبة في مصنفه: 7/197:

(حدثنا يزيد بن هارون، قال أخبرنا ابن عون عن محمد، قال: لما استخلف أبو بكر قعد علي في بيته فقيل لأبي بكر، فأرسل إليه: أكرهت خلافتي؟

ص: 277

قال: لا لم أكره خلافتك، ولكن كان القرآن يزاد فيه، فلما قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم جعلت علي أن لا أرتدي إلا إلي الصلاة حتي أجمعه للناس.

فقال أبو بكر: نعم ما رأيت).

وروي في كنز العمال: 13/127:

(عن محمد بن سيرين، قال: لما توفي النبي صلي الله عليه وسلم أقسم علي أن لا يرتدي برداء إلا الجمعة حتي يجمع القرآن في مصحف، ففعل، وأرسل إليه أبو بكر بعد أيام: أكرهت إمارتي يا أبا الحسن؟

قال: لا والله، إلا أني أقسمت أن لا أرتدي برداء إلا الجمعة! فبايعه ثم رجع. ابن أبي داود في المصاحف).

وقال ابن أبي شيبة في مصنفه: 7/204:

(عن ابن جريج، وعن ابن سيرين، عن عبيدة، قال: القراءة التي عرضت علي النبي صلي الله عليه وسلم في العام الذي قبض فيه هي القراءة التي يقرأها الناس اليوم فيه). انتهي.

ومن الذي عرض علي النبي صلي الله عليه وآله نسخته قبيل وفاته، غير علي عليه السلام؟!

بل لم يدَّع ذلك أحد من المسلمين غيره! وكفي بذلك دليلاً شرعياً!

وقد تقدم في تعداد أعضاء لجنة التدوين قول ابن سيرين: " كانوا إذا اختلفوا في الشئ أخروه حتي ينظروا آخرهم عهداً بالعرضة الأخيرة فكتبوه علي قوله ".

فهذا الكلام ولو كان ظناًّ من ابن سيرين، لكنه يدل علي أن المسلمين بمن فيهم اللجنة، كانوا يعرفون قيمة النص ممن سمع العرضة الأخيرة من النبي صلي الله عليه وآله.. ومن يكون ذلك غير علي عليه السلام!

ص: 278

ثم إن من المعروف أن مصحفنا الفعلي الذي جمعه الخليفة عثمان، بقراءة عاصم، التي هي قراءة علي عليه السلام!

قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 2/426:

(حفص، عن عاصم، عن أبي عبد الرحمن قال: لم أخالف علياًّ في شئ من قراءته، وكنت أجمع حروف علي، فألقي بها زيداً في المواسم بالمدينة، فما اختلفنا إلا في التابوت.

كان زيد يقرأ بالهاء، وعليّ بالتاء). انتهي.

وهذه الرواية تكشف أن الذي صحح " التابوت " وجعله بالتاء هو علي عليه السلام!

وأن زيداً بقي يقرؤها بالهاء إلي آخر عمره!

ليس في قرآننا الفعلي لحن و لا غلط

في مصادر إخواننا السنة روايات يفهم منها أن ترتيب القرآن الفعلي كان اجتهاداً من الخليفة عثمان.. أو الصحابة الذين جمعوه، أو أنهم تدخلوا جزئياً في ترتيبه.

كالذي رواه أبو داود في سننه: 1/182:

(عن يزيد الفارسي، قال: سمعت ابن عباس قال: قلت لعثمان بن عفان: ما حملكم أن عمدتُّم إلي براءة وهي من المئين، وإلي الأنفال وهي من المثاني، فجعلتموهما في السبع الطوال، ولم تكتبوا بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم؟

قال عثمان: كان النبي صلي الله عليه وسلم لما تنزل عليه الآيات، فيدعو بعض من كان يكتب له ويقول له: ضع هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، وتنزل عليه الآية والآيتان، فيقول مثل ذلك، وكانت الأنفال من أول ما أنزل عليه بالمدينة، وكانت براءة من آخر ما نزل من القرآن، وكانت قصتها

ص: 279

شبيهة بقصتها، فظننت أنها منها، فمن هناك وضعتهما في السبع الطوال ولم أكتب بينهما سطر: بسم الله الرحمن الرحيم).

ورواه الترمذي في سننه: 4/336.

وأحمد في مسنده: 1/57 و69.

وابن شبة في تاريخ المدينة المنورة: 3/1015.

والحاكم: 2/230 و221 وقال: (هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه).

والبيهقي في سننه: 2/42.

والهندي في كنز العمال: 2/579.

ولا يمكن قبول أمثال هذه الروايات، لأنها:

تنافي أوصاف النسخة المذكورة في رسالة الخليفة إلي الأمصار.

وتنافي الروايات الأخري التي تدل علي أن الخليفة عثمان لم يتدخل فنياًّ في جمع القرآن، بل ترك الأمر للمُملي الموثوق سعيد بن العاص.

كما وردت روايات أخري تدعي أن الكتّاب عندما جمعوا القرآن اشتبهوا في الكتابة ودخلت أغلاطهم في نسخة القرآن!

كالتي رواها ابن شبة في تاريخ المدينة: 3/1014:

(عن هشام بن عروة، عن أبيه قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن لحن القرآن: إن هذان لساحران وقوله: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصاري. والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة، وأشباه ذلك؟

فقالت: أيْ بُنيّ، إن الكتاب يخطئون!). انتهي.

وهي روايات مرفوضة لأن تدوين القرآن كان أدق مما يتصوره أصحاب هذا الكلام..

وقد وجدت روايةً يظهر أنها أصدق وصف لعملية التدوين، وأن كتّاب القرآن كانوا مقيدين حرفياً بما يمليه المملي سعيد بن العاص..

ص: 280

وهي ما رواه ابن شبة في المكان نفسه عن أبان بن عثمان، قال:

(عن الزبير أن، خاله قال: قلت لأبان بن عثمان وكان ممن حضر كتّاب المصحف: كيف كتبتم " والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة "؟

فقال: كان الكاتب يكتب، والمملي يملي، فقال: اكتب. قال: ما أكتب؟

قال: أكتب والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة). انتهي.

وإنما قال له المملي ذلك لأنه يملي من نسخة دقيقة ولا يتصرف فيها بحرف.

وينبغي الإشارة إلي أن تمييز أحد المعطوفات عن المعطوفات الأخري في الإعراب، له دلالة في اللغة العربية، كما تضع تحت كلمة خطاًّ أو تكتبها بحرف كبير.

كذلك لا يمكن لباحث مدقق أن يقبل الروايات التي تقدمت عن الخليفة عثمان، التي تدعي أن في القرآن خطئاً أو لحناً، وأن العرب ستقومه بألسنتها! سواء كانت صادرة عن الخليفة.. أو مكذوبة عليه..

لأنها تتنافي مع واقع القرآن الذي قرأه ملايين العرب بعد جمعِِهِ وفيهم الفصحاء والأدباء، وفيهم العدو الذي يبحث عن نقطة ضعف في القرآن، ولم يستطيعوا أن يأخذوا علي نسخته التي بأيدينا.. غلطاً أو لحناً..

ولأنها تتنافي مع ثقة الخليفة بالمملي والنسخة التي أملاها كما قدمنا.

ومما يؤيد ضعف كل الروايات التي تنتقد نسخة المصحف الإمام، أن المعارضين لتوحيد القرآن قاموا بحملة كبيرة، واتهموا النسخة التي جمعها الخليفة عثمان بأن فيها نقاط ضعف، من أجل تبرير بقائهم علي قراءاتهم السابقة!

ص: 281

ولا شك أن بعض هذه الروايات - إن لم يكن كلها - من مقولاتهم وموضوعاتهم!

وقد برّأ ابن تيمية الخليفة عثمان من هذه الروايات.. ولكنه لم يبرئ أم المؤمنين عائشة!

قال في تفسيره: 5/207:

(وهذا ما يبين غلط من قال في بعض الألفاظ إنه غلط من الكاتب...

قال الزجاج، في قوله: المقيمين الصلاة: قول من قال إنه خطأ بعيد جداً، لأن الذين جمعوا القرآن هم أهل اللغة والقدوة، فكيف يتركون شيئاً يصلحه غيرهم، فلا ينبغي أن ينسب هذا إليهم.

وقال ابن الأنباري: حديث عثمان لا يصح لأنه غير متصل، ومحال أن يؤخر عثمان شيئاً ليصلحه من بعده). انتهي.

وكتب (شعاع) بتاريخ 19 - 9 - 1999، العاشرة مساءً:

أنا لم أقرأ الموضوع بكامله.. ولكن لدي استفسار...

إن كان هذا المصحف الذي بين أيدينا هو مصحف عليّ.. فيا تري ألا يكفر من قال بالتحريف، لأن في هذا طعن (كذا) في علي رضي الله عنه، ومن يطعن بأحد الأئمة فهو كمن طعن ببقية الأئمة... وأنت أعلم مني بحكم من طعن بالأئمة في مذهبكم... أنا أقصد الذين قالوا بالتحريف وصرحوا به كالمجلسي والنوري الطبرسي والجزائري وغيرهم ممن صرح بالتحريف.

فكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 9 - 1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ما حكمت به علي عمر وأبي موسي الأشعري والبخاري وغيرهم، فاحكم به عليهم.

ص: 282

لأن ما صح عندكم عن هؤلاء من طامَّات أضعاف ما ذهب إليهم اليه أولئك!

وإن أردت طرفاً منه ذكرناه.

وكتب (طالب الحقيقة) بتاريخ 20 - 9 - 1999، الثانية عشرة والدقيقة الثالثة صباحاً:

أعتقد أن الأخ شعاع ليس لديه موضوع سوي تحريف القرآن.

فكان في الملتقي العربي يكرر هذا الموضوع، وفي هذه الساحة يعيد نفس الكلام، ويحكم علي من قال بالتحريف بالضلالة الكفر والخروج عن الإسلام!!

فيا ليته يكون منصفاً ويترك هذه المواضيع الفارغة، والتي أكل عليها الدهر وشرب..

فقرآننا هو قرآن المسلمين، واذهب إلي مساجد الشيعة لتري بعينيك ذلك...

لكن بعد جريان حكم التكفير علي أمثال البخاري وعمر وأبي موسي الأشعري وغيرهم، فإنه سوف يتراجع عن هذا الحكم.. والله العالم بحقائق الأمور..

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 20 - 9 - 1999، الثانية صباحاً:

والله إنكم الفرقة الوحيدة التي تطعن بالصحابة، ويكفي شذوذكم هذا لكي نعلم أين مضيع الحق.

وكتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 19 - 9 - 1999، العاشرة والربع ليلاً، موضوعاً بعنوان (قرآننا الفعلي هو قرآن علي عليه السلام.. وعند علي نسخة أخري!)، قال فيه:

نسختان من القرآن عند علي

ص: 283

ورد في مصادرنا ومصادر إخواننا حول مصحف علي عليه السلام، ما يدل علي ذلك:

فقد روي ابن سعد في الطبقات مجلد 2 قسم 2 ص 101:

(عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن علياًّ أبطأ عن بيعة أبي بكر، فلقيه أبو بكر.

فقال: أكرهت إمارتي؟

قال: لا، ولكن آليت بيمين أن لا أرتدي برداء إلا إلي الصلاة حتي أجمع القرآن.

قال: فزعموا أنه كتبه علي تنزيل. قال محمد: فلو أصبت ذلك الكتاب كان فيه علم.

قال ابن عون: فسألت عكرمة عن ذلك الكتاب فلم يعرفه. ورواه في كنز العمال: 2/588).

وقال ابن عبد البر في الإستيعاب: 3/974:

(حدثنا أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، قال: لما بويع أبو بكر الصديق أبطأ عليٌّ عن بيعته وجلس في بيته فبعث إليه أبو بكر: ما أبطأ بك عني، أكرهت إمارتي؟

قال علي: ما كرهت إمارتك، ولكني آليت ألا أرتدي ردائي إلا إلي صلاة حتي أجمع القرآن.

قال ابن سيرين: فبلغني أنه كتب علي تنزيله، ولو أصيب ذلك الكتاب لوجد فيه علم كثير.

ص: 284

ورواه عبد الرزاق في مصنفه: 5/450، وقال في هامشه: رواه البلاذري عن ابن سيرين موقوفاً مختصراً، راجع أنساب الأشراف: 1/587). انتهي.

وقال ابن جزي في التسهيل: 1/6:

(وكان القرآن علي عهد رسول الله متفرقاً في الصحف وفي صدور الرجال، فلما توفي رسول الله قعد

علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بيته فجمعه علي ترتيب نزوله. ولو وجد مصحفه لكان فيه علم كبير، ولكنه لم يوجد).

وقال عن تميز علي عن الصحابة في علمه بالقرآن ص 13:

(واعلم أن المفسرين علي طبقات، فالطبقة الأولي الصحابة رضي الله عنهم وأكثرهم كلاماً في التفسير ابن عباس، وكان علي بن أبي طالب رضي الله يثني علي تفسير ابن عباس، ويقول: كان ينظر إلي الغيب من ستر رقيق. وقال ابن عباس: ما عندي من تفسير القرآن فهو من علي بن أبي طالب، ويتلوهما عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص. وكلما جاء من التفسير من الصحابة فهو حسن).

وقال ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب:1/319:

(ومن عجب أمره في هذا الباب أنه لا شئ من العلوم إلا وأهله يجعلون علياًّ قدوة، فصار قوله قبلة في الشريعة، فمنه سمع القرآن.

ذكر الشيرازي في نزول القرآن، وأبو يوسف يعقوب في تفسيره، عن ابن عباس في قوله: لا تحرك به لسانك:

كان النبي يحرك شفتيه عند الوحي ليحفظه، وقيل له لا تحرك به لسانك يعني بالقرآن، لتعجل به من قبل أن يفرغ به من قراءته عليك. إن علينا جمعه

ص: 285

وقرآنه، قال: ضمن الله محمداً أن يجمع القرآن بعد رسول الله علي بن أبي طالب. قال ابن عباس: فجمع الله القرآن في قلب عليٍّ وجمعه عليٌّ بعد موت رسول الله بستة أشهر.

وفي أخبار ابن أبي رافع، أن النبي قال في مرضه الذي توفي فيه لعلي:

يا علي هذا كتاب الله، خذه إليك، فجمعه علي في ثوب فمضي إلي منزله فلما قبض النبي صلي الله عليه وآله جلس علي عليه السلام فألفه كما أنزله الله وكان به عالماً.

وحدثني أبو العلاء العطار، والموفق خطيب خوارزم في كتابيهما بالإسناد عن علي بن رباح أن النبي صلي الله عليه وآله أمر علياًّ بتأليف القرآن فألفه وكتبه جبلة بن سحيم، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال:

لو ثني لي الوسادة وعُرِف لي حقي لأخرجت لهم مصحفاً كتبته وأملاه علي رسول الله صلي الله عليه وآله...

أبو نعيم في الحلية، والخطيب في الأربعين بالإسناد عن السدي، عن عبد خير، عن علي عليه السلام، قال:

لما قبض رسول الله صلي الله عليه وآله أقسمت أو حلفت أن لا أضع ردائي عن ظهري حتي أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي حتي جمعت القرآن.

وفي أخبار أهل البيت عليهم السلام أنه آلي أن لا يضع رداءه علي عاتقه إلا للصلاة حتي يؤلف القرآن ويجمعه، فانقطع عنهم مدة إلي أن جمعه، ثم خرج إليهم به في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد، فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع التيه، فقالوا: لأمرٍ ما جاء أبو الحسن! فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم.

ثم قال: إن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وهذا الكتاب وأنا العترة.

ص: 286

فقام إليه الثاني فقال له: إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما!

فحمل عليه السلام الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجة... إلخ.

ومنهم العلماء بالقراءات:

أحمد بن حنبل، وابن بطة، وأبو يعلي في مصنفاتهم عن الأعمش، عن أبي بكر بن أبي عياش في خبر طويل أنه قرأ رجلان ثلاثين آية من الأحقاف، فاختلفا في قراءتهما.

فقال ابن مسعود: هذا خلاف ما أقرؤه، فذهبت بهما إلي النبي صلي الله عليه وآله فغضب، وعلي عنده.

فقال علي: رسول الله صلي الله عليه وآله يأمركم أن تقرؤوا كما علمتم، وهذا دليل علي علم علي بوجوه القراءات المختلفة.

وروي أن زيداً لما قرأ (التابوه)، قال علي عليه السلام اكتبه (التابوت) فكتبه كذلك.

والقراء السبعة إلي قراءته يرجعون:

- فأما حمزة والكسائي فيعوِّلان علي قراءة علي عليه السلام وابن مسعود، وليس مصحفهما مصحف ابن مسعود، فهما إنما يرجعان إلي عليٍّ ويوافقان ابن مسعود فيما يجري مجري الإعراب.

وقد قال ابن مسعود: ما رأيت أحداً أقرأ من علي بن أبي طالب للقرآن.

- فأما نافع، وابن كثير، وأبو عمرو فمعظم قراءتهم ترجع إلي ابن عباس، وابن عباس قرأ علي أبي بن كعب وعلي عليه السلام، والذي قرأه هؤلاء القراء يخالف قراءة أُبي، فهو إذا مأخوذ عن علي عليه السلام.

ص: 287

- وأما عاصم، فقرأ علي أبي عبد الرحمن السلمي، وقال أبو عبد الرحمن: قرأت القرآن كله علي عليٍّ بن أبي طالب عليه السلام، فقالوا أفصح القراءات قراءة عاصم، لأنه أتي بالأصل، وذلك أنه يظهر ما أدغمه غيره، ويحقق من الهمز ما ليَّنه غيره، ويفتح من الألِفات ما أماله غيره.

والعدد الكوفي في القرآن منسوب إلي علي عليه السلام، ليس في الصحابة من ينسب إليه العدد غيره، وإنما كتب عدد ذلك كل مصرٍ عن بعض التابعين.

ومنهم المفسرون كعبد الله بن العباس، وعبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وهم معترفون له بالتقدم).

تفسير النقاش:

(قال ابن عباس: جل ما تعلمت من التفسير من علي بن أبي طالب عليه السلام، وابن مسعود.

إن القرآن أنزل علي سبعة أحرف، ما منها إلا وله ظهر وبطن، وإن علي بن أبي طالب عليه السلام علم الظاهر والباطن.

فضائل العكبري: قال الشعبي: ما أحد أعلم بكتاب الله، بعد نبي الله من علي بن أبي طالب عليه السلام.

تاريخ البلاذري وحلية الأولياء: قال علي عليه السلام: والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت، أبليلٍ نزلت، أم بنهار نزلت، في سهلٍ أو جبل، إن ربي وهب لي قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً.

قوت القلوب: قال علي عليه السلام / لو شئت لأوقرت سبعين بعيراً في تفسير فاتحة الكتاب. وما وجد المفسرون قوله إلا ويأخذون به. انتهي. ورواه المجلسي في بحار الأنوار: 40/155 و: 89/51).

ص: 288

وروي العياشي في تفسيره: 1/14:

(عن الأصبغ بن نباتة قال: لما قدم أمير المؤمنين عليه السلام الكوفة، صلَّي بهم أربعين صباحاً يقرأ بهم: سبح اسم ربك الأعلي.

قال فقال المنافقون: لا والله ما يحسن ابن أبي طالب أن يقرأ القرآن! ولو أحسن أن يقرأ القرآن لقر

بنا غير هذه السورة! قال: فبلغه ذلك.

فقال: ويلٌ لهم! إني لأعرف ناسخه من منسوخه، ومحكمه من متشابهه، وفصله من فصاله، وحروفه من معانيه، والله ما من حرف نزل علي محمد صلي الله عليه وآله إلا أني أعرف فيمن أنزل وفي أي يوم وفي أي موضع! ويلٌ لهم! أما يقرؤون: إن هذا لفي الصحف الأولي صحف إبراهيم وموسي. والله عندي، ورثتهما من رسول الله صلي الله عليه وآله، وقد أنهي إليَّ رسول الله صلي الله عليه وآله من إبراهيم وموسي عليهما السلام، ويلٌ لهم! والله أنا الذي أنزل الله في: " وتعيها أذن واعية " فإنما كنا عند رسول الله صلي الله عليه وآله فيخبرنا بالوحي فأعيَهُ أنا ومن يعيه، فإذا خرجنا، قالوا: ماذا قال آنفاً؟!). انتهي.

وروي الكليني في الكافي: 1/62:

(عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت لأمير المؤمنين عليه السلام: إني سمعت من سلمان، والمقداد وأبي ذرٍّ، شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلي الله عليه وآله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم، ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلي الله عليه وآله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفتري الناس يكذبون علي رسول الله صلي الله عليه وآله متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم؟!

ص: 289

قال: فأقبل عليٌّ، فقال: قد سألت فافهم الجواب: إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب علي رسول الله صلي الله عليه وآله علي عهده حتي قام خطيباً، فقال:

أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده. وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس: رجل منافق يظهر الإيمان، متصنع بالإسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب علي رسول الله صلي الله عليه وآله متعمداً، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا هذا قد صحب رسول الله صلي الله عليه وآله ورآه وسمع منه وأخذوا عنه وهم لا يعرفون حاله! وقد أخبر الله عن المنافقين بما أخبر ووصفهم بما وصفهم فقال عز وجل: " وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم ". ثم بقوا بعده فتقربوا إلي أئمة الضلالة والدعاة إلي النار بالزور والكذب والبهتان فولوهم الأعمال، وحملوهم علي رقاب الناس، وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك والدنيا إلا من عصم الله، فهذا أحد الأربعة.

ورجل، سمع من رسول الله شيئاً لم يحمله علي وجهه ووهم فيه، ولم يتعمد كذباً، فهو في يده يقول به ويعمل به ويرويه فيقول: أنا سمعته من رسول الله صلي الله عليه وآله، فلو علم المسلمون أنه وهْمٌ لم يقبلوه ولو علم هو أنه وهم لرفضه.

ورجل ثالث، سمع من رسول الله صلي الله عليه وآله شيئاً أمر به، ثم نهي عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهي عن شئ ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ منسوخه ولم يحفظ الناسخ ولو علم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.

ص: 290

وآخر رابع، لم يكذب علي رسول الله صلي الله عليه وآله، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله صلي الله عليه وآله، لم ينسه بل حفظ ما سمع علي وجهه فجاء به كما سمع لم يزد فيه ولم ينقص منه، وعلم الناسخ من المنسوخ، فعمل بالناسخ ورفض المنسوخ.

فإن أمر النبي صلي الله عليه وآله مثل القرآن ناسخ ومنسوخ، وخاص وعام، ومحكم ومتشابه، قد كان يكون من رسول الله صلي الله عليه وآله الكلام له وجهان: كلام عام وكلام خاص مثل القرآن وقال الله عز وجل في كتابه: " ما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا "، فيشتبه علي من لم يعرف ولم يدرِ ما عني الله به ورسوله صلي الله عليه وآله.

وليس كل أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله كان يسأله عن الشئ فيفهم، وكان منهم من يسأله ولا يستفهمه، حتي أن كانوا ليحبون أن يجئ الأعرابي والطاري فيسأل رسول الله صلي الله عليه وآله حتي يسمعوا. وقد كنت أدخل علي رسول الله صلي الله عليه وآله كل يوم دخلة وكل ليلة دخلة

فيخليني فيها أدور معه حيث دار، وقد علم أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله أنه لم يصنع ذلك بأحد من الناس غيري، فربما كان في بيتي يأتيني رسول الله صلي الله عليه وآله أكثر ذلك في بيتي، وكنت إذا دخلت عليه بعض منازله أخلاني وأقام عني نساءه فلا يبقي عنده غيري، وإذا أتاني للخلوة معي في منزلي لم تقم عني فاطمة ولا أحد من بنيَّ، وكنت إذا سألته أجابني وإذا سكت عنه وفنيت مسائلي ابتدأني، فما نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وآله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها علي فكتبتها بخطي وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها، ومحكمها ومتشابهها، وخاصها وعامها، ودعا الله أن يعطيني فهمها وحفظها، فما نسيت

ص: 291

آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ وكتبته، منذ دعا الله لي بما دعا، وما ترك شيئاً علمه الله من حلال ولا حرام، ولا أمر ولا نهي كان أو يكون ولا كتاب منزل علي أحد قبله من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته، فلم أنسَ حرفاً واحداً، ثم وضع يده علي صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكماً ونوراً.

فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي منذ دعوت الله لي بما دعوت لم أنس شيئاً ولم يفتني شئ لم أكتبه أفتتخوف علي النسيان فيما بعد؟

فقال: لا، لست أتخوف عليك النسيان والجهل). انتهي.

ورواه الصدوق في الخصال ص 255، والعياشي في تفسيره: 1/14، والنعماني في الغيبة ص 59، والمجلسي في بحار الأنوار: 36/273 و: 36/139.

وأصل هذه الرواية أكبر مما نقله الكليني، وقد أوردت المصادر بقية أجزائها..

ومن ذلك ما رواه العياشي في تفسيره: 1/253:

(عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت علياًّ عليه السلام: يقول ما نزلت علي رسول الله آية من القرآن إلا أقرأنيها وأملاها عليّ، فأكتبها بخطي، وعلمني تأويلها وتفسيرها وناسخها ومنسوخها ومحكمها ومتشابهها، ودعا الله لي أن يعلمني فهمها وحفظها، فما نسيت آية من كتاب الله ولا علماً أملاه عليّ فكتبته بيدي علي ما دعا لي، وما نزل شئ علمه الله من حلال ولا حرام، أمر ولا نهي كان أو يكون من طاعة أو معصية إلا علمنيه وحفظته فلم أنس منه حرفاً واحداً، ثم وضع يده علي صدري ودعا الله لي أن يملأ قلبي علماً وفهماً وحكمة ونوراً فلم أنس شيئاً ولم يفتني شئ لم أكتبه.

ص: 292

فقلت: يا رسول الله أتخوفت علي النسيان فيما بعد؟

فقال: لست أتخوف عليك نسياناً ولا جهلاً، وقد أخبرني ربي أنه قد استجاب لي فيك وفي شركائك الذين يكونون من بعدك.

فقلت: يا رسول الله ومن شركائي من بعدي؟

قال: الذين قرنهم الله بنفسه وبي، فقال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم "، الأئمة.

فقلت: يا رسول الله، ومن هم؟

فقال: الأوصياء مني إلي أن يردوا علي الحوض كلهم هادٍ مهتدٍ لا يضرهم من خذلهم، هم مع القرآن، والقرآن معهم، لا يفارقهم ولا يفارقونه، بهم تنصر أمتي، وبهم يمطرون وبهم يدفع عنهم، وبهم يستجاب دعاؤهم.

فقلت: يا رسول الله سمِّهم لي.

فقال لي: ابني هذا، ووضع يده علي رأس الحسن، ثم ابني هذا ووضع يده علي رأس الحسين، ثم ابن له يقال له علي، وسيولد في حياتك فأقرئه مني السلام، ثم تكملة إلي اثني عشر من ولد محمد.

فقلت له: بأبي وأمي أنت، سمِّهم.

فسماهم لي رجلاً رجلاً، فيهم والله يا أخا بني هلال مهديُّ أمة محمد الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، والله إني لأعرف من يبايعه بين الركن والمقام وأعرف أسماء آبائهم وقبائلهم. وذكر الحديث بتمامه). انتهي.

ص: 293

وهي روايات صريحة في أن القرآن كله كان مكتوباً عند علي عليه السلام من عهد النبي صلي الله عليه وآله، وأن النبي كان حريصاً علي أن يكتب عنه عليٍّ، أو مأموراً من الله تعالي أن يبلغ القرآن وما يوحيه إليه الله تعالي إلي من يعيه ويبلغه من بعده.

ويأتي هنا سؤال، وهو أنه يفهم من روايات مصادر إخواننا السنة أن علياًّ لم يكن عنده نسخة القرآن، بل كتبها بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، وأن ذلك كان سبب تأخره عن بيعة أبي بكر.

والجواب: أن علياًّ عليه السلام كان في اليوم الأول لوفاة النبي صلي الله عليه وآله مشغولاً بمراسم جنازته ودفنه..

أما الأيام التي تلت ذلك، فقد كانت مليئة بالأحداث السياسية المهمة التي روتها مصادر الشيعة والسنة، ولا بد أن علياًّ كان مشغولاّ بها..

ويكفي أن بيته الذي كان يعرفه المسلمون ببيت فاطمة عليهما السلام، كان مركز اعتصام المعزين بوفاة النبي صلي الله عليه وآله والمعارضين لبيعة أبي بكر من أنصار ومهاجرين، وقد ذكرت المصادر أسماء عدد منهم..

وفي تلك الأيام قامت السلطة الوليدة بالهجوم علي بيت فاطمة مطالبين بأن يبايع المعتصمون وإلا أحرقوا البيت عليهم بمن فيه..

وبالفعل جمعوا الحطب علي باب البيت وأضرموا النار وأحرقوه... إلي آخر الأحداث!

وقد اختلف المؤرخون والمحدثون في تاريخ بيعة علي لأبي بكر، وذهب المحققون منهم إلي أن فاطمة غضبت ولم تبايع، وأن علياًّ لم يبايع إلا بعد وفاتها عليهما السلام.

قال ابن الأثير في أسد الغابة: 3/222:

ص: 294

(وتخلف عن بيعته علي وبنو هاشم والزبير ابن العوام وخالد بن سعيد بن العاص وسعد بن عبادة الأنصاري. ثم أن الجميع بايعوا بعد موت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم، إلا سعد بن عبادة فإنه لم يبايع أحداً إلي أن مات، وكانت بيعتهم بعد ستة أشهر علي القول الصحيح، وقيل غير ذلك). انتهي.

لكن مع ذلك يطمئن الإنسان بأن علياًّ كتب نسخة من القرآن في المرحلة الأولي من خلافة أبي بكر وقدمها لهم، لأن روايتها وردت في مصادر السنة كما تقدم، وفي مصادرنا أيضاً.

كالذي رواه الكليني في الكافي: 2/633:

(عن سالم بن سلمة قال: قرأ رجل علي أبي عبد الله عليه السلام وأنا أستمع حروفاً من القرآن ليس علي ما يقرؤها الناس.

فقال أبو عبد الله عليه السلام: كفَّ عن هذه القراءة اقرأ كما يقرأ الناس حتي يقوم القائم، فإذا قام القائم قرأ كتاب الله عز وجل علي حده.

وأخرج المصحف الذي كتبه علي عليه السلام، وقال: أخرجه علي عليه السلام إلي الناس حين فرغ منه وكتبه فقال لهم: هذا كتاب الله عز وجل كما أنزله الله علي محمد صلي الله عليه وآله، وقد جمعته بين اللوحين.

فقالوا: هو ذا عندنا مصحف جامع فيه القرآن لا حاجة لنا فيه.

فقال: أما والله ما ترونه بعد يومكم هذا أبداً! إنما كان عليَّ أن أخبركم حين جمعته لتقرؤوه!).

والذي رواه الطبرسي في الإحتجاج: 1/225:

(وفي رواية أبي ذر الغفاري، أنه قال: لما توفي رسول الله صلي الله عليه وآله جمع علي عليه السلام القرآن وجاء به إلي المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم، لما قد

ص: 295

أوصاه بذلك رسول الله صلي الله عليه وآله. ورواه المجلسي في البحار: 96/42 - 43، والحويزي تفسير نور الثقلين: 5/226).

ويفهم من هذه الروايات وغيرها أن علياًّ عليه السلام كان عنده نسختان من القرآن:

نسخة كتبها في عهد النبي بإملائه صلي الله عليه وآله وهي النسخة الموروثة المذخورة للإمام المهدي عليه السلام.. وقد تظافرت الروايات عنها في مصادرنا وفيها روايات صحيحة.. وأن الله تعالي يظهرها علي يده فيما يظهر من معجزات أحقية الإسلام وتأويل آيات القرآن، وقد تكون هي التي تحدث عنها ابن سيرين وابن سعد وعاصم وابن جزي، بأن تأليفها علي حسب التنزيل.

أما النسخة الأخري، فقد كتبها علي عليه السلام بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، وهي بأسلوب التأليف الذي بين أيدينا، ولا بد أن النبي صلي الله عليه وآله قد علمه أسلوب تأليفها أيضاً وأوصاه بعرضها عليهم كما نصت رواية الطبرسي: " وجاء به إلي المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم، لما قد أوصاه بذلك رسول الله صلي الله عليه وآله ".

والظاهر أنها النسخة التي يصفها الخليفة عثمان بافتخار في رسالته إلي الأمصار بأنها " القرآن الذي كتب عن فم رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أوحاه الله إلي جبريل، وأوحاه جبريل إلي محمد، وأنزله عليه، وإذا القرآن غض!! ".

ولا يبعد أن يكون الرواة خلطوا أحياناً بين النسختين..

أما الفرق بينهما فهو في الترتيب فقط.. وقد نصت مصادر إخواننا علي أن ترتيب نسخة علي عليه السلام علي حسب النزول كما تقدم.

ص: 296

فما المانع من أن يكون المقصود بها النسخة التي كتبها في عهد النبي صلي الله عليه وآله والتي هي مذخورة عند أهل البيت للإمام المهدي عليه السلام. ونصت مصادرنا الشيعية أيضاً علي ذلك..

قال المفيد في الإرشاد: 2/360:

(وروي جابر، عن أبي جعفر عليه السلام، أنه قال: إذا قام قائم آل محمد صلي الله عليه وآله ضرب فساطيط لمن يعلِّم الناس القرآن علي ما أنزل الله عز وجل، فأصعب ما يكون علي من حفظه اليوم، لأنه يخالف فيه التأليف. ورواه النيسابوري في روضة الواعظين ص 265، والمجلسي في بحار الأنوار: 52/339، وغيرهم).

فكتب (محب السنة) بتاريخ 20 - 9 - 1999، الخامسة مساءً:

ماذا تريد يا عاملي بقولك عند علي نسخة أخري من القرآن؟

هل تعني النسخة التي عند (المعدوم المنتظر) الذي في السرداب؟

وهل الهدف مما أوردته القول بأن علياًّ رضي الله عنه انفرد برواية القرآن وجمعه دون سائر الصحابة؟

حب الصحابة كلهم لي مذهب.. ومودة القربي بها أتوسل

وكتب (محب السنة) أيضاً بتاريخ 21 - 9 - 1999، الخامسة والنصف مساءً:

لماذا لا تجيب علي أسألتي يا عاملي؟ وحبذا لو تخليت عن طريقة القص واللصق، كما اقترح الأخ الجبهان، وأتيت بكلام مختصر مفيد، لأن خير الكلام ما قل ودل.

حب الصحابة كلهم لي مذهب ومودة القربي بها أتوسل.

اسرار ترتيب القرآن لم تكتشف بعد

ص: 297

وواصل (العاملي) نشر بحثه، بتاريخ 7 - 10 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

مع أن ما كُشف لنا من أسرار القرآن إلي الآن كافٍ لكل منصف لأن يؤمن بأنه كلام الله تعالي، فإن أكثر أسرار القرآن لم تكتشف بعد، ومنها أسرار ترتيبه.. سواء في ذلك ترتيب سوره وآياته..

بل ترتيب حروفه ونظمها في السور والآيات والكلمات!!

وعلي كثرة الحقائق والشواهد التي قدمها العلماء والباحثون في إعجاز القرآن وبنائه الفريد، فإني أذكر حقيقة واحدة وردت في روايات أهل البيت عليهم السلام، تخضع لها الأفكار والأعناق..

فقد روي القاضي المغربي المصري من علماء القرن الرابع في كتابه القيم دعائم الإسلام: 2/146 قال:

(عن عليٍّ عليه السلام أنه قال: اعتلّ الحسين فاشتد وجعه، فاحتملته فاطمة فأتت به النبي صلي الله عليه وآله مستغيثة مستجيرة، فقالت: يا رسول الله أدعُ الله لابنك أن يشفيه، ووضعته بين يديه.

فقام صلي الله عليه وآله حتي جلس عند رأسه، ثم قال: يا فاطمة يا بنية إن الله هو الذي وهبه لك هو قادر علي أن يشفيه!

فهبط عليه جبرئيل فقال: يا محمد، إن الله لم ينزل عليك سورة من القرآن، إلا فيها فاء، وكل فاء من آفة! ما خلا " الحمد لله " فإنه ليس فيها فاء، فادعُ بقدحٍ من ماء فاقرأ فيه الحمد أربعين مرة، ثم صبه عليه، فإن الله يشفيه! ففعل ذلك، فكإنما أنشط من عقال!). انتهي.

يعني ذلك: أن ما يبدو لنا من القرآن عادياًّ بسبب سذاجتنا، وراءه حساب، بل حسابات.. حسابات إلهية لا بشرية!

ص: 298

وأن هذه الحروف الثمانية والعشرين في القرآن عوالم من الرياضيات والعلوم والحقائق..

وليست حروفُ كتابٍ بشري!

فوجود الحرف له دلالة بل دلالات، وعدم وجوده، وعدده، وتوزيعه في الآية، وفي السورة..

وفي كل القرآن!!

الله أكبر.. فحيثما كانت الفاء في سورة أو موضوع، فهي تدل علي وجود آفة.. وحيثما وجدت الباء، والسين.. وكل الحروف.. تدل علي حقائق أخري؟

ثم ما معني الآفة؟ وما معني خلو سورة الحمد منها؟

وما معني قراءة كلام الله الذي ليس فيه آفة علي قدح ماء؟ وماذا يؤثر تكرار القراءة؟

وهل يتغير تركيب الماء بذلك؟

ثم هل تؤثر فيزياؤه المطورة في بدن المريض وتذهب منه الآفة..؟!

من المؤكد أنه يوجد ارتباط بين النظام الفيزيائي والروحي للكون، وبين نظام القرآن، وأن للقرآن إمكانات تأثير متنوعة علي عالميْ الروح والمادة، هي لونٌ أو ألوان من فاعليات الله تعالي في الكون، لأن القرآن كلامه سبحانه!!

ومن المؤكد أن النبي صلي الله عليه وآله أُعطي من معرفة ذلك أقصي ما يمكن أن يعطاه إنسان ويحتمله، لأنه صلي الله عليه وآله أفضل بني الإنسان، بل أفضل المخلوقات.. فهو المصطفي منها جميعاً، ولقد أجاد الشاعر الأزري بقوله:

قلب العالمين ظهراً لبطن … فرأي ذات أحمد فاصطفاه

ص: 299

ولكن النبي صلي الله عليه وآله لم يكن يستعمل ذلك إلا بأمر الله تعالي أو إجازته.. وهذه قضية مهمة في شخصيته وسلوكه صلي الله عليه وآله..

حيث أعطي وسائل العمل الإعجازي، ومع ذلك كان يعمل في كل أموره بالأسباب والقوانين الطبيعية العادية، ولا يستعمل الإعجاز إلا عندما يؤمر، أو عند (الضرورة).

إن الفرق بينه وبين موسي والخضر، أن الخضر أعطي العلم اللدني أو علم الباطن فهو يعمل بموجبه، وموسي أعطي الشريعة أو علم الظاهر فهو يعمل بموجبها..

أما نبينا صلي الله عليه وآله فقد أعطي العلمين معاً، ولكنه يعمل بالظاهر، إلا عندما يؤمر أو عند الضرورة!!

وهذه هي سنة الله تعالي، فهو لا يطلع علي غيبه أحداً إلا من ارتضاه.. ولا يرتضيه إلا إذا استوعب مسألة العمل بالقوانين الطبيعية والغيبية وسلم لإرادة الله فيها..

ثم يسلك من بين يديه ومن خلفه رصداً!!

والقرآن أكبر، أو مِن أكبر، تلك الوسائل التي أعطاها الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله..

وقد كان له ترتيب نزل به منجَّماً في بضع وعشرين سنة، وكان يؤدي فيه إدارة أحداث النبوة وصناعة الأمة وتوجيه النبي والأمة، وتسجيل كل ذلك للأجيال..

ثم صار له ترتيب ككتاب تقرؤه الأجيال، كتاب له مقدمة وفصول وفقرات..

أحدث من كل ما أنتجه وينتجه المؤلفون في منهجة التأليف والأسلوب!!

ص: 300

فما المانع أن يكون للقرآن ترتيبٌ ثالث، ورابع، وخامس، أملاه النبي صلي الله عليه وآله علي علي عليه السلام، وادخره عنده مع وصيته المحفوظة وعهده المعهود إلي ولده المهدي الذي بشر به الأمة والعالم؟

والذي يُظِهر الله علي يديه صدق دين جده علي الدين كله، فتخضع لبراهينه العقول والأعناق.. أرواحنا فداه وعجل الله ظهوره.

أما نحن الشيعة فنعتقد بأن ذلك حدث، وأن نبينا صلي الله عليه وآله قد ورث علومه ونسخة القرآن المؤلفة تأليفاً يؤثر تأثيراً معجزاً في المادة والروح، ويظهر بها إعجاز القرآن وتأويله، إلي عليٍّ والحسن والحسين.. إلي أن وصلت إلي يد خاتم الأوصياء الموعود علي لسان خاتم الأنبياء، الإمام المهدي

أرواحنا فداه ونور نواظرنا بطلعته المباركة.

وماذا نصنع إذا كانت النصوص في مصادرنا تصرِّح بذلك، وفي مصادر إخواننا تؤيده؟!

فهل نغمض أعيننا عنها ونقول لا يوجد شئ.. حتي يرضي عنا زيد أو عمرو؟!

وهل نفع الأمم السابقة إغماضهم عن نصوص أنبيائهم ووصاياهم.. حتي نقلدهم، ونقول: كلاَّ، كلاَّ.. لم يقل نبينا شيئاً، ولم يوصِ بشئ، ولم يورث شيئاً؟!!

وهل إذا قلنا إن النبي صلي الله عليه وآله رتب القرآن بأكثر من ترتيب.. وإن الروايات تدل علي أن النسخة المعهودة منه إلي ولده الإمام المهدي يختلف ترتيبها عن النسخة الموجودة بأيدينا.. صرنا من الكافرين بالقرآن الذي بين أيدينا، والقائلين بتحريفه؟!!

ص: 301

علي أيِّ حال، نحن أتباع النص الثابت عن نبينا وأهل بيته، صلي الله عليه وعليهم..

وليقل عنا الناس ما يقولون!

وكتب (الصارم) المسلول بتاريخ 8 - 10 - 1999، الثانية عشرة والدقيقة الرابعة صباحاً:

إن روايات الشيعة تؤكد بالإجماع أن القرآن الذي جمعه علي موجود عند المهدي المنتظر.

فهل تريد أن تخدعنا نحن يا عاملي، أم تخدع القراء؟؟ هل تريدني أن أذكر لك رواياتكم في ذلك؟؟ انتهي.

قال (العاملي):

وسيأتي في باب مواضيع الإمام المهدي عليه السلام، بحث معني أنه يأتي " بأمرٍ جديد وقرآنٍ جديد.

ص: 302

الفصل العاشر: روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر الشيعة

اشارة

ص: 303

ص: 304

روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر الشيعة

طبَّل أتباع ابن تيمية وزمَّروا باتهام الشيعة بأنهم لا يؤمنون بالقرآن!

وأنهم يعتقدون أنه محرَّف.. وأن عندهم قرآناً آخر هو مصحف فاطمة عليها السلام، أو مصحف علي المودع عند إمامهم الغائب المهدي عليه السلام!!

فأنَّي اتجهت في صفحات الإنترنت تجد مواضيعهم وكلامهم المكرور حول هذه التهمة..

وتجدهم حذفوا إجابات الشيعة المتعددة والمفصلة عليها.. وهذه نماذج من مواضيعهم في ذلك:

كتب (سيف الله المسلول) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 30 – 3 - 2000، الرابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (علماء الشيعة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص)، قال فيه:

أسماء علماء الشيعة المصرحون بأن القرآن محرف وناقص:

1 - علي بن إبراهيم القمي.

2 - نعمة الله الجزائري.

3 - محمد الفيض الكاشاني.

ص: 305

4 - أحمد بن منصور الطبرسي.

5 - محمد باقر المجلسي.

6 - محمد بن النعمان (المفيد).

7 - أبو الحسن العاملي.

8 - سلطان الخرساني.

9 - عدنان البحراني.

10 - يوسف البحراني.

11 - النوري الطبرسي.

12 - حبيب الله الهاشمي الخوئي.

13 - الميثم البحراني.

وإذا كنت تريدون الشرح الكامل لهذا الموضوع، الرجاء قراءة كتاب الشيعة الإثنا عشرية وتحريف القرآن للأخ محمد عبد الرحمن السيف، الذي يعتقد البعض أني هو. وشكراً...

فكتب (عمار) بتاريخ 30 - 3 - 2000، السادسة صباحاً:

جاكون بنظارات سميكة..

لقد شبعنا من هذه السخافات، ولم تأتِ بجديد اذهب إلي (بحث) وستجد أن هذا الموضوع قد زارنا في هذا المنتدي عشرات المرات، وقد أجاب عنه الإخوة إجابات شافية، وأنت نسيت أن تذكر مؤلفات هؤلاء.

وأقسم قسماً عظيماً أنك لا تعرف عنهم أكثر مما تقرأ في مخازن الكذب والتزوير، وتنقله هنا.

وبالمناسبة.. أضف إلي هؤلاء:

ص: 306

عمر بن الخطاب.

عبد الله بن عمر.

أم المؤمنين عائشة.

أبو موسي الأشعري.

عروة بن الزبير.

أبي بن كعب.

المسور بن مخرمة.

مسلمة بن خالد الأنصاري.

أبو سفيان الكلاعي.

البخاري.

مسلم.

ابن أبي داود.

ابن الأنباري.

ابن شهاب.

زر.

الزمخشري.

السيوطي.

أبو خرب بن أبي الأسود.

حميدة بنت أبي يونس.

وكتب (أبو سمية) بتاريخ 1 - 4 - 2000، التاسعة مساءً:

ليقرأ الأخ.. الدر المنثور، وهناك يعرف من قال بتحريف القرآن!!

ص: 307

وكتب (فرات) بتاريخ 2 - 4 - 2000، السابعة مساءً:

الأخ المسلول: السلام عليكم.

لقد قام علماؤنا بالرد علي جميع الروايات والأقوال الشاذة التي تدعي القول بتحريف القرآن.

ولكن ما هو رأيكم بالأحاديث الصحيحة التي عندكم والتي يظهر منها حصول التحريف بالقرآن والتي منها:

1 - عن الخليفة عمر أنه قال وهو علي المنبر: إن الله بعث محمداً بالحق وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل الله آية الرجم. فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، ورجمنا بعده، فأخشي إن طال بالناس زمان، أن يقول قائل: والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله، فيظلوا بترك فريضة أنزلها الله... صحيح البخاري - كتاب الحدود - باب رجم الحبلي من الزنا.

فأين آية (الرجم) وآية (أن لا ترغبوا عن آبائكم) الآن؟!

2 - وقال أبو موسي الأشعري: وإنا كنا نقرأ سورة كُنَّا نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني حفظت منها: لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغي واديا ثالثاً، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب. وكنا نقرأ سورة كنا نشبهها بإحدي المسبحات غير أني حفظت: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة. صحيح مسلم - باب لو أن لابن آدم واديان لابتغي ثالثاً.

3 - وعن السيدة عائشة أنها قالت: كان في ما أنزل من القرآن: عَشْرُ رَضَعاتٍ مَعْلوماتٍ، فتوفي رسول الله وهُنَّ فيما يقرأ من القرآن. صحيح مسلم كتاب الرضاع.

4 - روي أحمد في مسنده عن أبي بن كعب: كم تقرؤون سورة الأحزاب؟

ص: 308

قال: بعضاً وسبعين آية.

قال: لقد قرأتها مع رسول الله مثل البقر أو أكثر وإن فيها آية الرجم!!

وأخيراً.. يقول الدكتور علي عبد الواحد وافي بعد أن ذكر رواية من الكافي يظهر منها تحريف القرآن:

" ولدينا نحن معشر أهل السنة في بعض كتبنا التي نعتز بها آراء من هذا القبيل تصل بصاحبها والعياذ بالله إلي شفا حفرة من النار والكفر، فمن ذلك مثلاً ما يذكره السيوطي في كتابه الإتقان في علوم القرآن من قول بأن القرآن الكريم هو معاني الآيات فحسب وأما ألفاظها فمن الرسول عليه الصلاة والسلام. فكما لا يصح أن يحاسبنا أحد علي مثل هذه الأقوال التي نحكم ببطلانها لا يصح أن نحاسب الجعفرية علي ما ذكره الكليني... ويقاس علي ذلك جميع الآراء التي وردت في مؤلفاتهم أو عن شيوخهم، ويحكمون بعدم صحتها ولا يعدونها من مذهبهم ". انتهي كلامه. المصدر بين الشيعة وأهل السنة ص 30 - 31.

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 6 - 4 - 2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً، محولاً له علي بعض الكتب في شبكة رافد الثقافية:

http://rafed.net/salama/index.html

http:/209/164/120/218/vip/ubb/Forum 2/HTML/000670.html?4544333

http:/209/164/120/218/vip/ubb/Forum 2/HTML/000532.html

وكتب (أبو محمد الدوسري) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 7 - 5 - 1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (صورة لسورة الولاية من مصحف إيراني هدية لمحمد محمد محمد وأهل الحق)، قال فيه:

ص: 309

أما بعد:

(إن أحد كبار علماء النجف وهو الحاج ميرزا حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي - الذي بلغ من إجلالهم له عند وفاته سنة 1320 ه- أن دفنوه في بناء المشهد المرتضوي بالنجف في إيوان حجرة بانو العظمي بنت السلطان الناصر لدين الله، وهو ديوان الحجرة القبلية عن يمين الداخل إلي الصحن المرتضوي من باب القبلة في النجف الأشرف بأقدس بقعة عندهم - هذا العالم النجفي ألَّف في سنة 1292 ه- وهو في النجف عند القبر المنسوب إلي الإمام علي رضي الله عنه وأرضاه، ولعنة الله علي من عاداه، كتاباً سماه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، جمع فيه مئات النصوص عن علماء الشيعة ومجتهديهم في مختلف العصور، بأن القرآن قد زيد فيه ونقص منه - طبعاً المصحف الذي بين يدينا الآن - وقد طبع كتاب الطبرسي هذا في إيران وعند طبعه قامت حوله ضجة،

لأنهم كانوا يريدون أن يبقي التشكيك في صحة القرآن محصوراً بين خاصتهم، ومتفرقاً في مئات الكتب المعتبرة عندهم، وأن لا يجمع ذلك كله في كتاب واحد تطبع منه ألوف النسخ ويطلع عليه خصومهم، فيكون حجة عليهم ماثلة أمام أنظار الجميع.

ولما أبدي عقلاؤهم هذه الملاحظات، خالفهم فيها مؤلفه وألف كتاباً أخر سماه رد بعض الشبهات عن فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب.

وقد كتب هذا الدفاع في أواخر حياته قبل موته بنحو سنتين!

ص: 310

وقد كافؤوه علي هذا المجهود في إثبات أن القرآن الكريم محرف، بأن دفنوه في ذلك المكان الممتاز من بناء المشهد العلوي في النجف.

ومما استشهد به هذا العالم النجفي علي وقوع النقص بالقرآن إيراده في الصفحة 180 من كتابه سورة تسميها الشيعة سورة الولاية، مذكور فيها ولاية علي رضي الله عنه وأرضاه ولعنة الله علي من عاداه، وهو ما يثبت تحريفهم للقرآن! النص:

يا أيها الذين آمنوا آمنوا ا بالنبي والولي اللذين بعثنا هما يهديانكم إلي الصراط المستقيم. نبي وولي بعضهما من بعض وأنا العليم الخبير. إن الذين يوفون بعهد الله لهم جنات النعيم. والذين إذا تليت عليهم آياتنا كانوا بآياتنا مكذبون. إن لهم في جهنم مقاماً عظيماً إذا نودي لهم يوم القيامة أين الظالمون

المكذبون للمرسلين. ما خلفتهم المرسلين إلا عني وما كان الله ليظهرهم إلي أجل قريب وسبح بحمد ربك وعلي من الشاهدين.. إلخ. تعالي الله عم يقولون ويفترون.

منقول من كتاب الخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية.

هذا ما يثبت أن عندهم مصحف غير الذي لدينا، فيه سور كاملة وليس آيات، وللمعرفة ممكن الرجوع إلي:

1 - كتاب الشيعة والقرآن - إحسان إلهي ظهير رحمه الله.

2 - كتاب الشيعة وتحريف القرآن - محمد مال الله جزاه الله خيراً.

3 - كتاب الخطوط العريضة - السيد محب الدين الخطيب رحمه الله.

ص: 311

ملاحظة: حاولت نقل الصورة إلي الساحة ولم أستطع، دلوني علي ذلك حتي أرفقها لكم، الصورة موجودة في وورد سحبتها بالماسح... ولكن لم تنتقل بعد نسخها ولصقها بالساحة.

وكتب (شامس 22) بتاريخ 7 - 5 - 1999، الرابعة عصراً:

ما قصرت.. جزاك الله خير.

وكتب (نسيم الهواء) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الواحدة صباحاً:

الأخ ابن الوادي: تحية طيبة:

لا تتصور أن استلهام موضوع كهذا يتأتي بهذه البساطة، ولكن خذ لنفسك شيئاً من الشجاعة.. وراجع موضوعاً بعنوان: كلمة أخيرة في تحريف القرآن، علي صفحة الموقع التالي:

www. rafed. net

وكتب (سماحة) بتاريخ 8 - 5 - 1999، السادسة مساءً:

من المؤسف أن نقرأ بين الحين والآخر إثارات من قبل جهات متطرفة تريد التشكيك بعقائد طائفة كبيرة من المسلمين، فهذه التشكيكات منقوضة بمثلها في كتب أهل السنة والجماعة.

إذ جاء عن عائشة:

إن سورة الأحزاب كانت تقرأ في زمان النبي (صلی الله علیه و آله) في مائتي آية، فلم نقدر منها إلا علي ما هو الآن.

المصدر: الإتقان: 3/82. تفسير القرطبي: 14/113. مناهل العرقان: 1/273. الدر المنثور: 6/560.

ص: 312

وغيرها مما يشير وجود نقولات عن الحشوية عن الطرفين، فرأي شخص لا يجسم عقيدة طائفة.

فلو صح خبر السورة المفتعلة علي الشيعة فَلِمَ لا نجد تفسيرها في أي تفسير من تفاسير الشيعة.

اتفق الشيعة وغيرهم علي أن ما في الدفتين هو الكتاب المنزل.. فلماذا تثيرون أمور لا يستفيد منها إلا الأجنبي؟

وكتب (أبو إبراهيم) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

في الحقيقة إنني لست شيعياً، ولكن للأمانة العلمية أحب أن أذكر أمراً سمعته بأذني من اثنين من علماء إيران في إذاعة طهران في وقتين مختلفين ينفيان وبكل صراحة وجود أي تحريف في القرآن.

وذكر أحدهما أن القائلين بهذا يفتحون أمام المستشرقين وأعداء الإسلام الباب للتشكيك في كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأن جميع المسلمين متفقون علي حفظ كتاب الله من التحريف.

وذكر أن بعض كتب الشيعة قد يفهم منها خطأ هذا الأمر، ولكن لا قداسة لمن قال بمثل هذا.

وأقول قد يكون من قال هذا من غلاة الشيعة.

وأدعو جميع المسلمين إلي التعاون ضد أعداء الإسلام وأن لا يشنع بعضهم علي بعض، وألا يثيروا مثل هذه القضايا، والله أعلم.

وكتب (الموالي) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

أما إنك قد ذكرت في مقالك العجائب، وقصصت علي القراء قصصاً من رأسك نسجتها أوهامك مدعياً تحريف القرآن عند الشيعة.

ص: 313

ولكن هناك سؤال من حق كل قارئ للموضوع أن يسألك فيه وهو: ما دليلك علي ما قلت؟

أي آية قمت بتأليفها وطرحها بهدف الضحك علي الذقون؟!!

وإن كنت مصراًّ علي ما تقول.. ببحث علمي معتبر مرفق بالمصادر، ليطلع عليه البشر.

وكتب (أبو محمد الدوسري) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الثانية والنصف ظهراً:

أما بعد:

إن ما نسبته إلي ليس صحيحاً، وللتأكد من ذلك ضع البريد الإلكتروني الخاص بك، وسأرسل لك صورة من سورة الولاية منسوخ من المصحف الإيراني ومترجمة بالفارسية تحت العربية.

ثم لتعلم أن هذه الأدلة الكثيرة التي خصص لها أبواب في بعض الكتب، وألِّف بها كتب تبيِّن عقيدتكم بتحريف القرآن، ولقد شهد بذلك علامتكم الدكتور موسي الموسوي في كتابه الشيعة والتصحيح في باب تحريف القرآن الكريم صفحة 131 - 136، طبعة عام 1408 ه- 1988 م.

ومن جملة ما قال:

إن للإمام الخوئي كتاب تفسير اسمه البيان ذكر فيه في صفحة 222، عن وجود مصحف للإمام علي رضي الله عنه وأرضاه، وجميع علماء الشيعة يستدلون علي ذلك حسب ما أورد براوية يذكرها الطبرسي في كتاب الإحتجاج وهي أن الإمام قال: يا طلحة إن كل آية أنزلها الله تعالي علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم عندي بإملاء رسول الله وخط يدي، وتأويل كل آية أنزلها الله تعالي علي محمد صلي الله عليه وآله وسلم وكل حلال وحرام أو حكم تحتاج إليه الأمة إلي يوم القيامة، فهو عندي بإملاء

ص: 314

رسول الله وخط يدي حتي أرش الخدش. من تفسير البيان الإمام الخوئي صفحة 222.

أرجو عدم الحكم بهذه السرعة، الأمر يحتاج إلي دراسة وبحث وللحديث بقية مفصله بجميع الشواهد قريباً.

الأخ أبو إبراهيم:

لا تستمع حتي لا تصدق كل هذه الخرافات إلا بعلم جازم يفصل بين الحق والباطل، ولا يتزعزع صاحبه عن الحق مهما زيِّن للباطل.

سؤال: هل يستطيع أحد أن يطفئ نور الشمس بالنفخ من الأرض؟!

وكتب (أوكمان 23) بتاريخ 8 - 5 - 1999، الرابعة عصراً:

أما بعد: يا أبا محمد الدوسري، أقدر حرصك علي كتاب الله العزيز.

أخي الكريم.. لو افترضنا أن ما تقوله تقول به كل الشيعة، فهل من الأدب مع القرآن أن تنشر كل إساءة إليه وتأتي إلينا بها فرحاً مبتهجاً... وكأنك توصلت إلي ما ينهي الشيعة بالضربة القاضية.

هداك الله يا أخي أقول لك وأنا متأكد مما أقول:

هذه الكتابة - والتي تسميها أنت آية وكأنك تنفذ رغبة واضعها - هي موجودة في كتاب اسمه دبستان مذاهب.. وكُتِبَت أيام الإحتلال البريطاني للهند لإثارة الفتنة بين المسلمين.. وليس لها أصل سابق.

أما أخْذُ النوري بها.. ليس حجة علي الشيعة.

لأنه شخص واحد بين آلاف العلماء الذين أنكروا عليه أشد النكير.

الآن سوف تقفز من مكانك وتقول ولكنهم دفنوه في...

أقول لك أيضاً: الرجل تراجع عن أقواله.. ومن علم حجة علي من جهل.

ص: 315

وسوف تقول إنها تقية.. لا وأنا خوك.. ما هي تقية..

ولِعِلْمك الخاص: فالنوري الطبرسي أشار إلي شئ يسميه أمثالك آية وهي الخلع والحفد.

فلماذا لا تستنكرها أيضاً.. وتوزع صورتها علي الناس …

رأفةً بأنفسكم.. فإن الإفتراء عظيم العواقب.

وكتب (إكسبلوتد) بتاريخ 8 - 5 - 1999 الخامسة مساءً:

الأخ الدوسري:

من أصول الأدب والإحترام والتبجيل للقرآن الكريم، هو تنزيهه من الشبهة أي كانت وهو ما اتفق عليه المسلمون بجميع فرقهم ومشاربهم...

والعجيب والملفت للنظر أن الشيعة أنفسهم يقدسون القرآن ويعتبرونه معجزة خالدة..

وأنت تكذبهم وتطعن بالقرآن وتقول كلاَّ أنتم تحرفونه.. فهل الأمور تجري بالقوة وإلقاء التهم.

وإن كان رجل واحد من المسلمين سنة كانوا أم شيعة.. يطعن بالقرآن.. فهل يصبح حجة علي الإسلام، بملايينه الكثيرة؟

وهل كان سلمان رشدي وهو مسلم سني بطعنه بالقرآن والنبي (صلی الله علیه و آله) حجة علي المذهب السني؟ الجواب: كلاَّ!

وهكذا فالمارقين من الفريقين كُثْر، وليس من الأدب الطعن بالقرآن الكريم..

وما هو ردك إن كنت بالخارج وتناظرت مع أحد الغير مسلمين وقال لك: إن دينك محرف وإن هناك مسلم شيعي أو سني يقول بذلك، فهل ستقول له: نعم،

ص: 316

إنه محرف، والمذهب الفلاني أصدقه فهو يقول بالتحريف!! أم أنك ستقول إنه حجة الله الخالدة، والمسلمون يؤمنون بخلِّوه من التحريف؟!!

فاتق الله في كتابه وخلقه.. وبلاش مزايدات كلها تصب ضد الإسلام والقرآن.

وانتهي الموضوع وغاب الدوسري، ولم يرجع.

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 18 - 6 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (تحريف القرآن.. حقيقة سورة الولاية..!!؟)، قال فيه:

اللهم إنا نبرأ لك من هذا... سبحانك هذا بهتان عظيم.

http://WWW.alsaha.com/cgibin/sahat?13@54.iq3caVJEcOB^0@.ee7350a

فماذا بعد الحق إلا الضلال...

فكتب (هادي 2) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

العجب من هذا الرجل.. كيف يتجرأ علي رمي الناس والكذب عليهم، ويستدل علي مؤاخذاته بأقوال أعدائهم، وكأنه لم يقرأ أحاديث الرسول!!

ولكن لا عجب.. فهذه سنة أميرهم عمر، الذي كثر منه الإفتراء علي رسول الله.. وهذا حفيده يفتري علي عترة رسول الله (صلی الله علیه و آله).

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الواحدة إلا عشراً صباحاً:

هذه ليست إلا شرحاً للسورة.. ولو أنها فعلاً موجودة لرأيتها إلي يومنا هذا في كل قرآن متداول عند الشيعة، وخصوصاً في إيران.. ولكنه الحقد والتعصب!!

ص: 317

فلو أنك كلفت نفسك وبحثت عن الحقيقة لوجدتها، ولكنك حشوي مجسم، وكفي..

والسلام من الله خير تحية.. سبحان الذي أذل عباده بالموت.

وكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 18 - 6 - 1999 الواحدة صباحاً:

يسب الفاروق رضي الله عنه! لا حول ولا قوة إلا بالله.

يا حبيبي يا رسول الله ألست القائل: اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين.. سبحانك ربي لا إله إلا أنت رحم الله الخلفاء الراشدين المهديين أبو بكر وعمر وعثمان وعلي.

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 6 - 1999 الواحدة والربع صباحاً:

الإخوة الكرام:

الإفتراء حرام، وليس عندنا نحن الشيعة قرآن آخر غير قرآننا نحن المسلمين جميعاً.

والحمد لله أنه مصون معصوم عن التحريف.

وهذه السورة المزعومة نكفر بها.. وهي تكفر بنفسها لركاكتها.

وكذلك كل محاولة لتحريف كتاب الله تعالي بالزيادة أو نقيصة.. سواء زعمها وافتراها من يزعم أنه شيعي أو سني!

ولكن جواب الإفتراء - يا أخ هادي - لا يصح أن يكون بالمساس بشخصية الخليفة عمر ومشاعر الملايين الذين يحبونه!! إن كان عندك شئ علمي تنقله من مصدر معتبر، فلا بأس.

أما هذا الأسلوب الذي يستعمله بعضهم ضدنا فلا يصح أن نستعمله نحن.

ص: 318

وأنا أعتذر لمن أساء إليهم كلام الزميل هادي. وأستغفر الله..

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الواحدة وعشرين دقيقة صباحاً:

صحيح يا شجرة الدر.. المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، فهل سلم الناس من لسان ويد معاوية والذين أتوا من بعده؟؟

فلتعلمي / أو فلتعلم.. أن ما نحن فيه الآن من لعن وسب وشتم قد ابتدأ به معاوية..

ولم أرك تقول / أو تقولين يسب علي رضي الله عنه!! لا حول ولا قوة إلا بالله...

بل اعتذرتم لصاحبكم واجتهدتم أيما اجتهاد في نصرته، وهذا يرجع فضله لقائد مسيرتكم المظفرة ابن تيمية.. فقد علمكم ما تقولون وما تعملون إلي قيام يوم الدين، وأوصد ابن عبد الوهاب أبواب عقولكم وألجمها بتعاليمه.. فهل من منصفٍ منكم... والسلام من الله خير تحية...

سبحان الذي أذل عباده بالموت.

فكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الواحدة والنصف صباحاً:

يبدو أنني بدأت الإنجرار إلي النقاش الطائفي.

أولاً: لماذا بعد كل فترة وأخري يكلمني شخص بصيغة المذكر؟!

هل من يستعمل اسم مؤنث يجب عليه أن يثبت أنه أنثي بينما من يستعمل اسماً رجالياً لا يسأله أحد ولا يقول له شيئاً؟! ما هذه العنصرية أيها الرجال؟ لماذا التشكيك يا عبد الله الشيعي؟!

الزميل العاملي:

ص: 319

شكراً، وهذا ما قصدته من مداخلتي، فالأمر لا يستدعي إقحام عمرنا الحبيب رضي الله عنه وشتمه بدون سبب وها أنتم تخطئون علينا!

الزميل عبد الله الشيعي:

ما دخل معاوية رضي الله عنه وأرضاه، هنا؟ وأنا قد رددت علي سب المدعو هادي للخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه؟! أم أنها فرصة لك لتنال من معاوية رضي الله عنه، هنا فتقحمه هنا بلا سبب وتشتمه؟ أين المراقب؟

ثم من قال إني أسكت عن سب علي كرم الله وجهه؟ دع أحداً يتجرأ عليه، وسأريه.

الحمد لله أني منذ أن دخلت أنا العربي قبل حوالي أسبوعين وأنا لم أشتم أي إنسان ولا حتي الخميني وإن اختلفت معه، وضميري والحمد لله مرتاح وذمتي بيضاء إن شاء الله.

أتساءل عن ذمم من يشتمون الناس - من كلا الطرفين - كيف هي؟

وماذا سيقولون لله حين يسألهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم.

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.

فكتب مراقب الساحة بتاريخ 18 - 6 - 1999، الثانية والنصف صباحاً:

أخي الكريم: هادي، نرجو أن تراعي الإلتزام بمنهج الحوار العلمي، ونرفض منك عدم التزامك بتعاليم أهل البيت (علیهم السلام) ونحن لا نقبل قولك هذا:

" ولكن لا عجب فهذه سنة أميرهم عمر الذي كثر منه الافتراء علي رسول الله ".

ص: 320

الموضوعية والمنهج العلمي في النقاش أساس نجاح الساحة واحترام مشاعر ومعتقدات الآخرين الغاية التي نطمح إليها من خلال الحوار العلمي الرصين. مع تمنياتي لك بالنجاح، أخوكم مراقب الساحة.

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الرابعة صباحاً:

لم يثبت أن أحداً من أهل السنة والجماعة قال إن القرآن الذي بين أيدينا ليس كامل (كذا)!!

فهل من يعتقد بذلك كافر، أم أنه هو الذي علي حق!!

المشكلة عندكم أنكم تحاولوا أن تقيسوا الروايات التي جاءت في القراءات والمنسوخ، بالروايات التي جاءت عندكم في إثبات التحريف بعد موت النبي، وأن الصحابة زادوا منها ونقصوا، ثم لما رأيتم أنكم بهذا القول تنقضون دينكم كله بدأ علماءكم المتأخرين يردون هذا القول تقية.

وإلا فما معني إصرار الكثير من علماء الرفض كالطبرسي علي ذلك، وذكر العدد الكبير في تأييد هذا الأمر؟

وكتب (الأشتر) بتاريخ 18 - 6 - 1999، السادسة صباحاً:

" لم يثبت أن أحداً من أهل السنة والجماعة قال إن القرآن الذي بين أيدينا ليس كامل!! "

مشارك.. إليك هذه الهدية:

قال الشيخ عبد الوهاب بن أحمد الشعراني وهو من فقهاء الحنفية له مؤلفات كثيرة في الحديث والمواعظ والتراجم وغيرها من العلوم توفي سنة 973 تجد ترجمته في الشذرات: 8/372، قال:

ص: 321

" ولولا ما يسبق للقلوب الضعيفة ووضع الحكمة في غير أهلها لبينت جميع ما سقط من مصحف عثمان " انتهي.

قوله مذكور في كتاب الكبريت الأحمر المطبوع علي هامش اليواقيت والجواهر ص 143. والله الموفق.

وانتهي الموضوع ولم يرجع (عبدالرحمن المائي)و(شجرة الدر) و(مشارك)!

وكتب (أبو فراس) في شبكة الموسوعة، بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (أسماء العلماء الأجلاء وتصريحاتهم بتحريف القرآن)، قال فيه:

- وممن صرح بالتحريف من علمائهم: مفسرهم الكبير الفيض الكاشاني صاحب تفسير الصافي، قال في مقدمة تفسيره.. ثم ذكر بعد هذا أن القول بالتحريف اعتقاد كبار مشايخ الإمامية، قال:

وأما اعتقاد مشايخنا رضي الله عنهم في ذلك فالظاهر من ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني طاب ثراه أنه كان يعتقد التحريف والنقصان في القرآن، لأنه كان روي روايات في هذا المعني في كتابه الكافي، ولم يتعرض لقدح فيها، مع أنه ذكر في أول الكتاب أنه كان يثق بما رواه فيه، وكذلك أستاذه علي بن إبراهيم القمي رضي الله عنه فإن تفسيره مملوء منه، وله غلوٌّ فيه، وكذلك الشيخ أحمد بن أبي طالب الطبرسي رضي الله عنه فإنه أيضاً نسج علي منوالهما في كتاب الإحتجاج. تفسير الصافي: 1/51.

ص: 322

- وممن صرح بالتحريف أيضاً هو أبو منصور أحمد بن منصور الطبرسي المتوفي سنة 620 ه-، روي الطبرسي في الإحتجاج عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه أنه قال:

لما توفي رسول الله (صلی الله علیه و آله) جمع علي عليه السلام القرآن، وجاء به إلي المهاجرين والأنصار وعرضه عليهم لما قد أوصاه بذلك رسول الله (صلی الله علیه و آله)، فلما فتحه أبو بكر خرج في أول صفحة فتحها فضائح القوم. فوثب عمر وقال: يا عليّ، اردده فلا حاجة لنا فيه.

فأخذه عليه السلام وانصرف، ثم أحضروا زيد بن ثابت وكان قارئاً للقرآن.

فقال له عمر: إن علياًّ جاء بالقرآن وفيه فضائح المهاجرين والأنصار، وقد رأينا أن نؤلف القرآن، ونسقط منه ما كان فضيحة وهتكاً للمهاجرين والأنصار. فأجابه زيد إلي ذلك..

فلما استخلف عمر سأل علياًّ أن يدفع إليهم القرآن فيحرفوه فيما بينهم. الإحتجاج للطبرسي: 1/ 155.

ولم يكتف الطبرسي بتحريف القرآن، بل أخذ يؤول معاني القرآن تبعاً لهوي نفسه فزعم أن في القرآن الكريم رموزاً فيها فضائح المنافقين، وهذه الرموز لا يعلم معانيها إلا الأئمة من آل البيت، ولو علمها الصحابة لأسقطوها مع ما أسقطوا منه..

هذه هي عقيدة الطبرسي في القرآن، وما أظهره لا يعد شيئاً مما أخفاه في نفسه، وذلك تمسكاً بمبدأ التقية يقول:

ص: 323

ولو شرحت لك كل ما أسقط وحرف وبدل، مما يجري هذا المجري لطال، وظهر ما تحظر التقية إظهاره من مناقب الأولياء، ومثالب الأعداء. الإحتجاج للطبرسي: 1/254.

ويقول في موضع آخر محذراً الشيعة من الإفصاح عن التقية:

وليس يسوغ مع عموم التقية التصريح بأسماء المبدلين، ولا الزيادة في آياته علي ما أثبتوه من تلقائهم في الكتاب، لما في ذلك من تقوية حجج أهل التعطيل، والكفر، والملل المنحرفة عن قبلتنا، وإبطال هذا العلم الظاهر، الذي قد استكان له الموافق والمخالف بوقوع الإصطلاح علي الإئتمار لهم والرضا بهم، ولأن أهل الباطل في القديم والحديث أكثر عدداً من أهل الحق. الإحتجاج للطبرسي: 1/249.

- وممن صرح بتحريف القرآن هو محمد باقر المجلسي.. والمجلسي يري أن أخبار التحريف متواترة ولا سبيل إلي إنكارها وروايات التحريف تسقط أخبار الإمامة المتواترة علي حد زعمهم، فيقول في كتابه مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول: 12/525، في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:

إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلي محمد (صلی الله علیه و آله) سبعة عشر ألف آية، قال عن هذ

الحديث: موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح.

ولا يخفي أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن الأخبار في هذا الباب متواترة معني، وطرح جميعها يوجب رفع الإعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا

ص: 324

يقصر عن أخبار الإمامة، فكيف يثبتونها بالخبر..؟ مرآة العقول للمجلسي: 12/525.

- ثم يأتي الشيخ محمد بن محمد النعمان الملقب بالمفيد الذي يعد من مؤسسي المذهب ما شاء الله فقد نقل إجماعهم علي التحريف ومخالفتهم لسائر الفرق الإسلامية في هذه العقيدة، قال في كتاب أوائل المقالات ص 48، 49:

واتفقت الإمامية علي وجوب رجعة كثير من الأموات إلي الدنيا قبل يوم القيامة، وإن كان بينهم في معني الرجعة اختلاف، واتفقوا علي إطلاق لفظ البداء في وصف الله تعالي، وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس، واتفقوا أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن، وعدلوا فيه عن

موجب التنزيل وسنة النبي صلي الله عليه وآله وسلم وأجمعت المعتزلة، والخوارج، والزيدية، والمرجئة، وأصحاب الحديث علي خلاف الإمامية في جميع ما عددناه.

ملاحظة: هذا دليل أن هناك مشابهة لليهود بالنسبة لأمر الرجعة سأتطرق لها لاحقاً.

وقال أيضاً: إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدي من آل محمد (علیه السلام) باختلاف القرآن وما أحدثه الظالمين (كذا) فيه من الحذف والنقصان... أوائل المقالات: 12/525.

وقال أيضاً حين سئل في كتابه المسائل السروية: ما قولك في القرآن.. أهو ما بين الدفتين الذي في أيدي الناس، أم هل ضاع مما أنزل الله علي نبيه منه شئ، أم لا؟

وهل هو ما جمعه أمير المؤمنين (علیه السلام) أم ما جمعه عثمان علي ما يذكره المخالفون؟

ص: 325

وأجاب: إن الذي بين الدفتين من القرآن جميعه كلام الله تعالي وتنزيله وليس فيه شئ من كلام البشر، وهو جمهور المنزل، والباقي مما أنزله الله تعالي قرآناً عند المستحفظ للشريعة المستودع للأحكام لم يضع منه شئ.

وإن كان الذي جمع ما بين الدفتين الآن لم يجعله في جملة ما جُمع، لأسباب دعته إلي ذلك، منها قصوره عن معرفة بعضه، ومنها ما شك فيه ومنها ما عمد بنفسه، ومنها ما تعمد إخراجه.

وقد جمع أمير المؤمنين عليه السلام القرآن المنزل من أوله إلي آخره وألفه بحسب ما وجب من تأليفه فقدم المكي علي المدني والمنسوخ علي الناسخ ووضع كل شئ منه في حقه، ولذلك قال جعفر بن محمد الصادق (علیه السلام): أما والله لو قرئ القرآن كما أنزل لألفيتمونا فيه مسمين كما سمي من كان قبلنا، إلي أن قال: غير أن الخبر قد صح عن أئمتنا عليهم السلام أنهم قد أمروا بقراءة ما بين الدفتين وأن لا نتعداه بلا زيادة ولا نقصان منه إلي أن يقوم القائم (علیه السلام) فيقرئ الناس القرآن علي ما أنزل الله تعالي وجمعه أمير المؤمنين عليه السلام، ونهونا عن قراءة ما وردت به الأخبار من أحرف تزيد علي الثابت في

المصحف لأنها لم تأت علي التواتر وإنما جاء بالآحاد - الشيعة لا يثبتون التواتر إلا بنقل أهل السنة فيكون القرآن كله عندهم آحاد - وقد يغلط الواحد في ما ينقله ولأنه متي قرأ الإنسان بما يخالف ما بين الدفتين غرر بنفسه مع أهل الخلاف وأغري به الجبارين وعرض نفسه للهلاك فمنعونا (علیه السلام) من قراءة القرآن بخلاف ما يثبت بين الدفتين.

- وممن صرح بتحريف القرآن النوري الطبرسي المتوفي (كذا) 1320 ه- وكتابه فصل الخطاب في تحريف كتاب رب الأرباب، أنعم به من شيخ:

ص: 326

قد كانت روايات وأقوال الشيعة في التحريف متفرقة في كتبهم السالفة التي لم يطلع عليها كثير من الناس حتي أذن الله بفضيحتهم علي الملأ، عندما قام النوري الطبرسي أحد علمائهم الكبار في سنة 1292 ه- وفي مدينة النجف حيث المشهد الخاص بأمير المؤمنين بتأليف كتاب ضخم لإثبات

تحريف القرآن سماه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب.

وقد كتب في هذا الكتاب حشداً هائلاً من الروايات لإثبات دعواه في القرآن الحالي أنه وقع فيه التحريف وقد اعتمد في ذلك علي أهم المصادر عندهم من كتب الحديث والتفسير، واستخرج منها مئات الروايات المنسوبة للأئمة في التحريف.

وأثبت أن عقيدة تحريف القرآن هي عقيدة علمائهم المتقدمين.

نسأل الله السلامة في ديننا ومعتقداتنا من شرور هؤلاء المصرحين بتحريف القرآن. اللهم آمين.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثانية عشرة صباحاً:

أنت تكرر المواضيع يا أبا فراس.. وتهرب منها!

لقد حكمت بكفر من قال بتحريف القرآن لأي سبب، ولعنتهم.

وسألتُك.. هل يشمل حكمك ولعنتك من قال بتحريف آيات أو كلمات، أو زيادة سورة..

وأن قرآنيَّتها لم تثبت عن الرسول صلي الله عليه وآله؟ فخِفْتَ وجَبُنْتَ ولم تُجِبني!!

فلله درُّ يقينك وبصيرتك في دينك!! ولله درُّ المكيالين اللذيْن تكيل بهما!!

لا يوجد في علمائنا رضوان الله عليهم من يقول بوجود زيادة في القرآن.

بينما يوجد عندكم من يقول بزيادة المعوذتين كالبخاري وعمر!!

ص: 327

وجمهور علمائنا يقولون بعدم وجود نقص فيه، وقلة منهم يقولون بذلك..

وهو قول إمامكم عمر وكثيرين من علمائكم.

فما الذي اختصت به مصادر الشيعة وعلمائهم، حتي تهرجوا به؟!!!

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

أما وصفك إياي بالجبن، فقد أخطأ حدسك بذلك.

وإذا تريد أن تلعن.. فالعن القمي والكليني ونعمة الله الجزائري والعاملي يا عاملي، وكذلك الفيض الكاشاني. إلعنهم ونحن نؤمن من ورائك. ثم إلعن من يريد إضافة سورة إلي القرآن الكريم.

وأما قولك: وسألتك هل يشمل حكمك ولعنتك من قال بتحريف آيات أو كلمات، أو زيادة سورة وأن قرآنيتها لم تثبت عن الرسول؟

فأجيب لك (كذا): أنت أول من بدأ باللعن، وإنني لم ألعن أحداً حتي علمائكم المصرحين بتحريف القرآن.. لم ألعنهم، فتركت لعنهم عليك، إلعنهم كما يحلو لك.

علي فكرة.. ليس من طبعي أن ألعن.. إن كان اللعن طبعاً لديك أو من أساس الذي نشأت عليه، فإنني لم أنشأ علي ذلك.

ملاحظة أخري: قلت في كلامك بأنني حكمت بكفر من يقول بتحريف القرآن، وهذا كذب منك عليَّ.. إنني ما قلت هذا وما أفتيت بذلك، ولكنني ذكرت لك فتاوي العلماء بتكفير من يدعي بأن القرآن محرف أو ناقص أو زائد أو من يدعي بأن الصحابة غيروا فيه وبدلوا، وهذا ما يقوله علماؤك. فهذا كفر.. وقال تعالي بأن لعنته علي الكافرين فاجعل لعنتك عليهم إذن، وأرحني.

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الرابعة عصراً:

ص: 328

كل محاولة للتشكيك أن الشيعة يقولون بالتحريف باطلة.

فآراء وأقوال العلماء المعتمدين محفوظة في أمهات الكتب. فتمعن هذا الموضوع (الشيعة والقرآن).

لم نعرف طائفة قد تعرضت للتهم كما تعرضت لها الشيعة وكذلك سيرة الحق..

فإن كل قوي الشر تتكاتف ضدَّه وتقف في وجهه، لأنها تشعر بالخطر يهددها والسيل يجرفها وإعصار الحق يحرقها.. فتحاول صدَّه باتهامه بما هو برئ منه وطاهر الذيل من أدرانه.

إن الشيعة بما تحمل من حقّ وتعقد قلبها عليه.. أراد أخصامها الحطَّ من شأنها ولو بتلفيق التهم، ونسج الأباطيل..

وليس أدل علي ذلك وأقوي برهاناً من أقوال الزور التي أطلقها المفترون والمعاندون للحق وقد كانت مسألة تحريف القرآن بنقصان شئ منه هي إحدي التهم التي نسبت إلي الشيعة..

حيث إن الخصم عثر علي بعض الأخبار الضعيفة فتشبث بها ورفعها في وجوه الناس وأمام الملأ معلناً صارخاً متهماً الشيعة أنهم يقولون بتحريف القرآن ونقصانه..

إن هؤلاء الأخصام نسوا.. أو تناسوا ما عندهم من الأخبار والآثار، سادلين دونه ستراً مشهرين بالشيعة بها.

وإذا كان لهذه التهم من رواج فيما مضي.. ولها فيما سلف سوق، فإنها اليوم لا تنفق ولا تقبل بعد أن ارتفعت الأغشية عن العيون وأصبح الحق وحده هو الحاكم والمنطق هو المسيطر.

ص: 329

لقد كان للتهم فيما مضي رواج ونفاذ.. ولكن اليوم وأمام انطلاقة الفكر من عقاله لم يعد لها أي وزن أو مقدار، بل تتبخر كلها وتذوب مع من افتراها وصدق الله تعالي حيث يقول: فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض.

ونحن سنبين الرأي الصحيح المعتمد لدي الشيعة وسنتعرض لبعض ما ورد من طرق المخالفين من الأخبار القائلة بتحريف القرآن عندهم ونصل بعدها إلي القول الفصل في المسألة.

رأي الشيعة

القرآن الكريم هو كلام الله المنزل علي رسوله محمد بن عبد الله (صلی الله علیه و آله) خاتم الأنبياء وسيد المرسلين وقد نزل عليه بألفاظه وحروفه فبلغه النبي إلي أمته كما نزل دون زيادة أو نقيصة، فأدي الأمانة واجتنب الخيانة وأطاع الله فكان رسولاً نبياً..

وإن القرآن الكريم قد تكفل الله بحفظه وصيانته من التحريف والتبديل.

إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.

إنه تعهد من الله بحفظ كتابه، حفظه من الزيادة والنقصان، وقد تناقله المسلمون من الجيل الأول حتي وصل إلينا بالتواتر جيلاً بعد جيل، ولم يهتم بشئ كما اهتم به ولم يعني بأمر كما اعتني به، فقد أولاه المسلمون من الإهتمام ما جعلهم يعرفون كل آية أين موضعها بل كل كلمة أين محلها.

إنه نقل بالتواتر المفيد للعلم الذي حصل لنا من خلاله أن لا زيادة فيه ولا نقصان منه - ولو حرفاً واحداً - وهذا هو رأي الشيعة والذي عليه المعتمد عندهم ومعه لا يلتفت إلي قول الشاذ منهم، فإن الشاذ ليس حجة ولا يكشف عن رأي

ص: 330

المجموع خصوصاً بعد أن سبقه الإجماع ولحقه، كما لا يلتفت إلي بعض الأخبار الغريبة القائلة بنقصانه فإنه لا يجوز التعويل عليها ولا الإستشهاد بها فإن عند المخالفين مثلها وسوف نستعرضها كردٍّ عليهم وإسكاتاً لهم دون قصد الإيمان بها أو الإعتقاد بمضمونها.

ممن يؤخذ رأي الشيعة؟

إن رأي أي فرقة من فرق المسلمين لا يمكن أخذه من عوامهم والرعاع منهم.

كما لا يمكن أخذه من أنصاف المتعلمين أو المتطفلين علي العلم أو الشاذ منهم، بل استكشاف رأي الطائفة ونسبته إليها لا يكون إلا بالإطلاع علي آراء المتضلعين منهم والممثلين لوجهة نظرهم، ألا وهم العلماء القادة الذين تبحروا في أعماق مذهبهم واستكنهوا دخائله بما توصلوا إليه من بحث ونظر.

فكما لا يمكن استكشاف رأي المخالف من بعض الأفراد الذين ينتمون إلي مذهبه صورياً كذلك لا يمكن استكشاف ذلك من المستشرقين الذين لا يدركون عمق وأسرار التشريع ومنطلقاته التي منها يحكم بهذا الحكم أو يرفضه.

وإن إخواننا من أبناء السنة قد اعتمدوا في الحكم علي الشيعة في كثير من الأحيان علي أمور لا تصح أن تكون لهم أو مبرراً لقضائهم، فلذا جاءت أحكامهم بعيدة كل البعد عن الحق، مجانبةً الصواب.

لقد اعتمدوا في كثير من الأحيان علي أمورٍ، أهمها:

1 - اعتمدوا علي من كتب من الفِرق، وهم في الغالب أصحاب أهواء وميول، إن أحبوا أشادوا، وإن أبغضوا أسقطوا ونفروا، إن كتبوا عن فرقهم

ص: 331

رفعوها ومدحوها وذكروا محاسنها، وإن كتبوا في عقائد غيرهم أهانوا وحقروا وجاؤوا بأشياء غريبة عنها.

2 - اعتمدوا علي قول شاذٍ لأحد أبناء هذه الفرقة وإن كان واحداً وأهملوا أقوال سائر الأفراد سيراً مع أهوائهم التي تخدم مصلحتهم وتروي حقدهم.

3 - اعتمدوا علي المستشرقين وأبحاثهم وهذه نغمة مستحدثة قد استشهد فيها الكثير من أبناء المسلمين وقلما نجد كتاباً من إخواننا السنة إلا ويستعرض أقوال بعض المستشرقين لتأييد حكم أو نفيه، وكأن عقول المسلمين والمفكرين من أبناء الإسلام بحاجة إلي متطَّفل دخيل يعتمد عليه أو يركن إلي حكمه

ونحن نبصر بأعيننا كيف أن هؤلاء المستشرقين يزيفون الحقيقة ويبغون من وراء كتاباتهم الحطَّ من شأن الإسلام والمسلمين والطعن في أحكام هذا الدين وصلاحيته.

إن هؤلاء المستشرقين بما يحملون من حقدٍ علي الإسلام تارة وبما يحملون من نفس مادية غريبة أخري وبما يعتمل في نفوسهم من إثارة الحساسيات بين المسلمين نراهم يعمدون إلي بعض الفوارق المذهبية ليدرسوها بالعقلية الحاسدة اللئيمة التي تبغي الشر للإسلام والمسلمين ويأخذون بزرع بذور الفتنة بين أبناء الأمة الواحدة تحقيقاً لآمال أسيادهم المستعمرين الذين عزَّ عليهم أن يروا أمة الإسلام تجتمع علي كلمة واحدة ورأي واحد.

ولن ننسي الأب لامنس الحاقد علي كل ما يسمي إسلام وعلي كل رجالات الإسلام الذين صنعهم هذا الدين.

ولن ننسي صاحب قصة الحضارة التي وصف بها النبي محمد والإسلام بما ينبو منه الذوق ويتجافي عنه قلم الغيور.

ص: 332

إن هؤلاء المستشرقين لا يعكسون الحقيقة ولا يعلمون رأي الفرقة التي يكتبون عنها إلا من خلال أنانياتهم وتوجيهات أسيادهم المستعمرين.

فكما أن المسلم الشيعي عندما يريد أن يحتج علي أخيه المسلم السني يجب أن يعتمد علي كتبه المعتمدة عنده وعلي آراء علمائه الذين يمثلون رأي مذهبه، كذلك يجب علي الأخ السني إذا كان مريداً للخير طالباً للحق أن يعتمد علي كتب الشيعة المعتمدة وآراء علمائها المراجع.

إن رأي الشيعة لا يؤخذ من فقيهٍ واحد ينفرد برأيه أو يخطئ في اجتهاده، بل الرأي الشيعي الذي يصح أن ينسب إلي الشيعة هو ما يؤخذ من وجوه الطائفة والمعتمدين فيها من أهل التحقيق والتدقيق من كبار مراجعها وأهل الفتيا عندها.

وإن رأي الشيعة الذي تعلنه وتدين الله به وتعتمد عليه في مسألة القرآن هو أنه ما بين الدفتين الموجود بين الناس حالياًّ المتداول بينهم دون زيادة فيه أو نقصان منه.

وهذه آراء أعاظم الشيعة ورجالاتها تقول بذلك وتتبناه وهذه شهاداتهم.

رأي الشيخ الطوسي

شيخ الطائفة وفقيهها الكبير مؤسس الجامعة الدينية في النجف، وصاحب كتابي الإستبصار والتهذيب في الأخبار، المولود سنة 385 والمتوفي 460 ه- يقول:

أما الكلام في زيادته ونقصانه - القرآن - فمما لا يليق به أيضاً لأن الزيادة فيه مجمع علي بطلانها والنقصان منه فالظاهر أيضاً أنه من مذهب المسلمين خلافه وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضي وهو الظاهر من الروايات.

ص: 333

رأي السيد المرتضي علم الهدي

يقول: إن العلم بصحة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب فإن العناية اشتدت والدواعي توفرت علي نقله وحراسته، وبلغت إلي حدٍّ لم تبلغه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة ومأخذ العلوم الشرعية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية حتي عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيَّراً أو منقوصاً مع العناية الصادقة والضبط الشديد.

رأي الشيخ الصدوق

رئيس العلماء المحققين وإمام الشيعة المدققين وشيخ مشايخ الحديث ودرايته، حامل الفقه وصاحب التصانيف، من جاد به الزمن فجمع روايات أهل البيت في كتاب من لا يحضره الفقيه، لقد قال هذا العظيم في رسالته اعتقادات الشيعة:

اعتقادنا في القرآن أنه ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس وليس بأكثر من ذلك ومن نسب إلينا أنا نقول أنه أكثر من ذلك، فهو كاذب.

إن هذا المحدِّث العظيم والفقيه الكبير من أوائل الشيعة وعظمائهم ينقل في رسالته ما تعتقده الشيعة وتؤمن به ما تدين لله به وتعترف أنه الحق وهذا تصريحه وهذه أقواله.

رأي الطبرسي في مجمع البيان

مجمع البيان أشهر من أن يعرف، إذ ملأ الخافقين وعم القطبين ومصنفه لا يحتاج إلي البيان، فهو التفسير الذي استوعب آراء الشيعة والسنة وسرد الأقوال والمحتملات وهذا المفسر العظيم يقول:

ص: 334

أما الزيادة في القرآن فمجمع علي بطلانها، وأما النقصان فروي جماعة من أصحابنا وقوم من حشوية العامة - السنة - أن في القرآن نقصاناً والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه..

رأي سيدنا المجاهد الإمام عبد الحسين شرف الدين الموسوي

قال قدس سره: والقرآن الحكيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إنما هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس لا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً ولا تبديل فيه لكلمة بكلمة ولا لحرف بحرف وكل حرف من حروفه متواتر في كل جيل تواتراً قطعياً إلي عهد الوحي والنبوة، وكان مجموع

علي ذلك العهد الأقدس مؤلفاً علي ما هو عليه الآن، وكان جبرئيل عليه السلام يعارض رسول الله (صلی الله علیه و آله) بالقرآن في كل عام مرة وقد عارض به عام وفاته مرتين..

رأي الشيخ المظفر

ذكر الشيخ المظفر في كتابه عقائد الإمامية في فصل عقيدتنا في القرآن قال:

نعتقد أن القرآن هو الوحي الإلهي المنزل من الله تعالي علي لسان نبيه الأكرم فيه تبيان كل شئ وهو معجزته الخالدة التي أعجزت البشر عن مجاراتها في البلاغة والفصاحة وفي ما احتوي من حقائق ومعارف عالية لا يعتريه التبديل والتغير والتحريف، وهذا الذي بين أيدينا هو نفس القرآن المنزل علي النبي ومن ادعي فيه غير ذلك فهو مختلق أو مغالط أو مشتبه، وكلهم علي غير هدي فإنه كلام الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

هذه بعض آراء علماء الشيعة في القرآن وهم أقطاب المذهب وأدري الناس بما فيه.

ص: 335

لم أسرد بعضها إلا تدليلاً علي ما يذهبون إليه ولم أُرِد الإستيعاب في ذلك فإن عدم الزيادة والنقصان هو رأي الشيعة كلهم.

وبما نقلت من آراء لهؤلاء العظام كفاية لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد.

إن فيه الكفاية لمن أراد الحق والصدق وأما من استحوذ عليه الشيطان واستولي علي قلبه الشك والريب فإن ألف حجة وبرهان وألف قسم وإيمان لا يحوله عن غيه ولا يرده عن باطله.. أرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله علي علم..

إن مثل هذا الإنسان جرثومة الفساد قد استولي عليه التعصب الذميم فراح يسعي في بذر التفرقة والشقاق بين الإخوة المسلمين.. أخذ يشكك بكل معتقدات غيره وأقوال سواه، وبات لا يصدق إلا نفسه، فإذا كان لا يصدق غيره في أقواله وكلامه، فمن ذا الذي يصدقه هو..

إن مثل هذا الإنسان الذي لا يقبل أقوال غيره، ولا يرضي بكشفها عن نواياهم وطوايا قلوبهم فهو إنسان أحمق ضال محسوب في جملة المجانين خارج عن دائرة العقلاء.. فإن الله قد اكتفي من الإنسان بإقراره ورسوله الكريم ارتضي إسلام الإنسان ودخوله في حظيرة المسلمين بمجرد أن يقول لا إله إلا الله محمد رسول الله.

وأن حرية الرأي مفتوحة لكل إنسان خصوصاًَ في هذا الزمن، فإننا نري دعاوي الإلحاد تنتشر والفساد والإنحراف تستشري، وكل إنسانٍ يعبر عن رأيه دون حياء أو خجل، ولو كانت الشيعة تذهب إلي خلاف ما قلناه لأعلنه علماؤهم وأذاعوه في الملأ دون رهبة من سلطان أو سيف حاكم أو جلاد.

ص: 336

إننا في عصر الإنطلاق وحرية الرأي والتعبير، ولو كان رأينا علي خلاف ذلك لما توانينا عن إذاعته ونشره، ولكن ما قلناه عن علمائنا القدامي منهم والمحدثين هو رأي الشيعة قلباً وقالباً حقيقة وظاهراً به نعتقد وعليه نحي ونموت. إنتهي. شبهات حول الشيعة - عباس علي الموسوي.

وكتب (الهاشمي) بتاريخ 11 - 3 - 2000، العاشرة ليلاًَ:

جزاك الله خير الجزاء يا أبا غدير.. عن الثقلين ومن اتبع الثقلين.

وإنك لترد بالحق علي من افتري الباطل.. وأود أن أضيف إلي ما تفضلت بكتابته.. رأي الإمام الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في كتاب أصل الشيعة وأصولها - إصدار مؤسسة الأعلمي - بيروت، ص 63 - فصل النبوة:

وأن الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله الله إليه للإعجاز والتحدي ولتعليم الأحكام وتمييز الحلال من الحرام، وأنه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة، وعلي هذا إجماعهم ومن ذهب منهم أو من فرق المسلمين إلي وجود نقص فيه أو تحريف فهو مخطئ نص الكتاب العظيم، إن

نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون، والأخبار الواردة من طرقنا أو طرقهم في نقصه أو تحريفه ضعيفة شاذة وأخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً، فإما أن تؤوَّل بنحوٍ من الإعتبار أو يضرب بها عرض الجدار، ويعتقد الإمامية أن كل من اعتقد أو ادعي نبوة بعد محمد صلي الله عليه وآله أو نزول وحي أو كتاب فهو كافر يجب قتله.

وكتب (أبو فراس) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الرابعة والربع عصراًَ:

يقول نعمة الله الجزائري ويصرح بأن الذين يقولون من الشيعة بعدم أو إنكار تحريف القرآن ليس عن عقيدة، بل لأجل مصالح أخري. وأنا أقول ربما من أجل سد باب الطعن فيهم.

ص: 337

مع أن كبار علمائكم بما فيهم الطوسي والقمي والكليني والفيض الكاشاني ونعمة الله الجزائري والبحراني وغيرهم مقرين عن اعتقاد بتحريف القرآن.

قال الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية: 2/357 - 358:

إن تسليم تواترها - القراءات السبع - عن الوحي الإلهي وكون الكل قد نزل به الروح الأمين يفضي إلي طرح الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها علي وقوع التحريف في القرآن كلاماً ومادة وإعراباً، مع أن أصحابنا رضوان الله عليهم قد أطبقوا علي صحتها والتصديق بها، نعم قد خالف فيها المرتضي والصدوق والشيخ الطبرسي وحكموا بأن ما بين دفتي المصحف هو القرآن المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف ولا تبديل.

وقال أيضاً: والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها.

وكتب (فجر) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الرابعة والنصف مساءً:

(صيانة القرآن من التحريف)

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002819.html

فصل من كتاب الإمام الخوئي طيب الله ثراه، البيان في تفسير القرآن - الطبعة الثالثة 1974 - المطبعة العلمية - قم.

وكتب (جعفري) بتاريخ 21 - 3 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

إن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، والمتسالم عليه بينهم، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم، وقد نصُّوا علي أن الذي بين الدفتين هو جميع القرآن المنزل علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقصان، ومن الواضح

ص: 338

أنه لا يجوز إسناد عقيدة أو قول إلي طائفة من الطوائف إلا علي ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة، وباعتماد مصادرها المعتبرة، وفي ما يلي نقدم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الإمامية منذ القرون الأولي وإلي الآن، لتتضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي... … إلخ ما كتبه.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 22 - 4 - 2000، الثامنة صباحاً:

للأسف بسبب الإمتحانات الجامعية لم أستطع سرد جميع العلماء الذين دلَّس عليهم المدعو جاكون، لكن إن شاء الله سأكمل الردود في المستقبل القريب.

أما الآن أتمني من الزميل أبو فراس التمعُّن والرد علي المواضيع إن استطاع.

إلي جاكون ومن هم علي شاكلته من الخشب المسندة!!!

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002363.html

هديتي إلي كل شيعي غيور... بقلم الأخ الشيخ رائد جواد

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002247.html

علي بن إبراهيم القمي والكذب والإفتراء عليه 1 - 2

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002430.html http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002442.html

نعمة الله الجزائري والرد عليه

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002511.html

الرد علي جاكون بخصوص الفيض الكاشاني 1 - 2

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002728.html http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002771.html

القول الفصل بخصوص القرآن.

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002787.html

انتهي.

وانتهي الموضوع الذي شرع بكتابته أبوفراس، وهرب منه جاكون، ولم يعودوا!

ص: 339

وكتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية موضوعاً عن فريضة الولاية والبراءة ووجوب لعن من لعنهم الله تعالي ورسوله وآله صلي الله عليه وآله.. سوف يأتي في محلِّه إن شاء الله.

وكتب (المدمرة) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 2-4- 1999، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الرافضة الحلقة السابعة - سورة الولاية المزعومة)، قال فيه:

يتبع للجزء الثاني.. قولهم:

يا أيها الرسول قد أنزلنا إليك آيات بينات فيها من يتوفاه مؤمناً ومن يتولاه من بعدك يظهرون. فأعرض عنهم إنهم معرضون. إنا لهم محضرون. في يوم لا يغني عنهم شئ ولا هم يرحمون. إن لهم جهنم مقاماً عنه لا يعدلون. فسبح باسم ربك وكن من الساجدين. ولقد أرسلنا موسي وهارون بما استخلف فبغوا هارون. فصبر جميل فجعلنا منهم القردة والخنازير ولعناهم إلي يوم الدين. فاصبر فسوف يبصرون. ولقد آتينا بك الحكم كالذين من قبلك من المرسلين. وجعلنا لك منهم وصياًّ لعلهم يرجعون. ومن يتولي (كذا) عن أمري فإني مرجعه فليتمتعوا بكفرهم قليلاً فلا تسأل عن الناكثين.

انتهي الجزء الثالث.

وهو كما ذكرت منقول بالنص من كتابهم العمدة عندهم فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب - طبعة إيران ص 180.

ص: 340

فكتب (عمار) بتاريخ 2 - 4 - 1999 العاشرة والنصف صباحاًَ:

من ضَحِك عليك وقال.. إن كتاب فصل الكتاب.. عمدة عندنا؟

وإن كان عمدة.. وهذه الرواية يأخذها الشيعة ويتعبدون بها..

فلماذا لا نجد هذه الآيات في قرآن الشيعة؟! فالآية موجودة كما تزعمون..

فما هو المانع من عدم اعتبارها آية كما تحاولون إيهام البسطاء من الناس؟!

يا سيدي، إننا نجد معظم المصاحف الشيعية في مساجدهم مطبوعة في السعودية وبيروت وهي متطابقة ولا تختلف في كلمة واحدة.

وإن قلت إن لنا قرآن غير هذا.. أقول لك لعنة الله علي الكاذبين.

إن أردت أن تقرأ كتاب عمدة.. أنصحك أن تقرأ كتاب البيان في تفسير القرآن للإمام الخوئي رحمة الله عليه وكتاب الميزان للطباطبائي، هذه الكتب تستطيع تسميتها بعمدة، والعمدة ليس ما تقروه أنتم وتنتخبونه، بل العمدة ما أجمع عليه علماؤنا وأخذوا به، فإنكم تأخذون الضعيف والمتروك من

الأحاديث والآراء وتعتبرونها عمدة لأغراض في أنفسكم!!

أنا أستطيع أن أقول إن تفسير الطبري عمدة أيضاً وأورد لكم ما نقله عن الآيات الشيطانية، التي أخذ منها رشدي اللعين خيوط أبحاثه وزاد عليها، فافهم. والسلام.

وانتهي الموضوع الذي فتحته المدمرة، وغابت ولم تعد!

وكتب (مشارك)، في شبكة أنا العربي، بتاريخ 13 - 7 - 1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (مهما فعلت الإثني عشرية فلن تستطيع التبرؤ من عقيدة تحريف القرآن)، قال فيه:

ص: 341

مهما فعلت الإثني عشرية فلن تستطيع التبرؤ من عقيدة تحريف القرآن.

الإثبات:

1 - هذه هي عقيدة كثير من علمائهم الذين صرحوا بها، وقالوا إن من أنكر التحريف فهو من باب التقية.

2 - الذين قالوا بالنفي لا يمكن التأكد أن هذه هي عقيدتهم الأصلية مهما قالوا ومهما حلفوا، طالما أن عقيدة التقية عندهم بمثابة تسعة أعشار الدين، وطالما أنه يجوز الكذب علي المخالف، وأنا أتحدي أن يستطيع أحد الإثني عشرية أن يستطيع إثبات تبرؤ الإثني عشرية من تحريف القرآن.

اللهم إلا إذا تبرأوا من عقيدة التقية.. ولكن هما أمران أحلاهما مر!

ولكن كيف نستطيع أن نحكم أن تبرؤهم من التقية.. ليس تقية؟

إذن نرجع إلي الموضوع الأساس مهما فعلت الإثني (كذا) عشرية فلن تستطيع التبرؤ من عقيدة تحريف القرآن.

وفي انتظار ما سوف تأتينا به يا عاملي ويا جميل 50.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 7 - 1999، الثانية والنصف ظهراً:

إن صحَّ ما تقول فيكونون مقلدين جزئياًّ لإمامك عمر بن الخطاب!!

إن قولُه بالتحريف أوسع من قول من قاله به منهم، في الكمية والكيفية!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 7 - 1999، الثالثة ظهراً:

أرأيت يا عاملي أنك لا تستطيع؟

وأما نحن والحمد لله فلن تجد منا من يقول بالتحريف، ودعك من الروايات الكاذبة، أو التي لا تتعلق بموضوعنا، ولا تتهرب من الموضوع الأساس كعادتك.

ص: 342

وأجب: هل تستطيع إثبات تبرؤ الإثني عشرية من عقيدة التحريف؟؟

وكتب (الكويتي) بتاريخ 13 - 7 - 1999، الثالثة والنصف ظهراً:

مسكين أنت يا مشارك، تقول للأخ العاملي دعك من الروايات المكذوبة.

إذن صحيح مسلم كاذب؟!!! شكراً علي اعترافك الخطير وأرجو ألا يهدر دمك!!

اللهم إنا نشكو إليك فقد نبينا.

انتهي.

قال (العاملي):

فغاب مشارك بعد ذكر روايات البخاري ومسلم في تحريفات عمر للقرآن!

وكتب (المخبر) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 31 - 3- 1999، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هذه أدلة تحريف القرآن عند الشيعة)، قال فيه:

إليك أخي المسلم بعض من أقوال شيوخهم الذين يكنون إليهم كل تقدير وإجلال.

قال الخميني في معرض كلامه عن الإمامة والصحابة:

فإن أولئك الذين لا يعنون بالإسلام والقرآن إلا لأغراض الدنيا والرئاسة، كانوا يتخذون من القرآن وسيلة لتنفيذ أغراضهم المشبوهة، ويحذفون تلك الآيات من صفحاته، ويسقطون القرآن من أنظار العالمين إلي الأبد، ويلصقون

ص: 343

العار وإلي الأبد بالمسلمين وبالقرآن، ويثبتون علي القرآن ذلك العيب الذي يأخذه المسلمون علي كتب اليهود والنصاري. كشف الأسرار - الخميني ص 131.

ويذكر صاحب الكافي:

رفع إلي أبو الحسن مصحفاً وقال: لا تنظر فيه، ففتحته وقرأت فيه: لم يكن الذين كفروا.

فوجدت فيها - السورة - اسم سبعين رجلاً من قريش بأسمائهم وأسماء آبائهم، فبعث إلي أن ابعث إلي بالمصحف. الكافي: 2/261.

والبحراني في شرحه لنهج البلاغة:

أن عثمان بن عفان جمع الناس علي قراءة زيد بن ثابت خاصة وأحرق المصاحف وأبطل ما لا شك أنه من القرآن المنزل. شرح نهج البلاغة - هاشم البحراني: 1/11.

ويقول المحدث الشيعي نعمة الله الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية:

إن الأئمة أمروا شيعتهم بقراءة هذا الموجود من القرآن في الصلاة وغيرها والعمل بأحكامه حتي يظهر مولانا صاحب الزمان، فيرتفع هذا القرآن من بين أيدي الناس إلي السماء ويخرج القرآن الذي ألفه أمير المؤمنين، ويعمل بأحكامه.

ويقول محدثهم النوري الطبرسي:

إن الأخبار الدالةعلي - ذلك التحريف – يزيد علي ألفي حديث وادعي استفاضتها جماعة كالمفيد والمحقق الداماد والعلامة المجلسي وغيرهم، واعلم أن الأخبار منقولة من الكتب المعتبرة التي عليها معول أصحابنا في إثبات

ص: 344

الأحكام الشرعية والآثار النبوية. فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب - 227 - النوري الطبرسي.

وينقل الإجماع علي التحريف الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية، كما يذكر ذلك صاحب كتاب فصل الخطاب:

إن الأصحاب قد أطبقوا علي صحة الأخبار المستفيضة بل المتواترة الدالة بصريحها علي وقوع التحريف في القرآن. فصل الخطاب ص 30.

ويقول المفسر الشيعي محسن الكاشاني:

إن القرآن الذي بين أيدينا ليس بتمامه كما أنزل علي محمد صلي الله عليه وسلم، بل منه ما هو خلاف ما أنزل الله، ومنه ما هو مغير محرف وأنه قد حذف منه أشياء كثيرة. تفسير الصافي - المقدمة - محسن الكاشاني.

ويؤكد ذلك طيب الموسوي في تعليقه علي تفسير القمي علي بن إبراهيم:

ولكن الظاهر من كلمات غيرهم من العلماء والمحدثين، المتقدمين منهم والمتأخرين القول بالنقيصة كالكليني والبرقي والعياشي والنعماني وفرات بن إبراهيم وأحمد بن طالب الطبرسي والمجلسي والسيد الجزائري والحر العاملي والعلامة الفتوني والسيد البحراني، وقد تمسكوا في إثبات مذهبهم بالآيات

والروايات التي لا يمكن الإغماض عليها. تفسير القمي - المقدمة ص 23.

والمجلسي يصرح قائلاً:

أن عثمان حذف عن هذا القرآن ثلاثة أشياء: مناقب أمير المؤمنين علي، وأهل البيت، وذم قريش والخلفاء الثلاثة مثل آية: يا ليتني لم أتخذ أبا بكر خليلاً. تذكرة الأئمة المجلسي ص 9.

ويقول علي أصغر البروجردي:

ص: 345

والواجب أن نعتقد أن القرآن الأصلي لم يقع فيه تغيير وتبديل، مع أنه وقع التحريف والحذف في القرآن الذي ألفه بعض المنافقين والقرآن الأصلي موجود عند إمام العصر. عقائد الشيعة ص 27 للبروجردي.

وغيرهم كثير يضيق المقام عن حصر أقوالهم.

وأما تبجحه بعدة من علمائهم أنكروا التحريف فهم أنفسهم يردون عليهم، فيقول أحد علمائهم رداًّ علي الشريف المرتضي قوله بعدم التحريف:

فإن الحق أحق أن يتبع، ولم يكن السيد علم الهدي - المرتضي - معصوماًَ حتي يجب أن يطاع فلو ثبت أنه يقول بعدم النقيصة مطلقاً لم يلزمنا إتباعه ولا خير فيه. الشيعة والسنة ص 133 إحسان ظهير.

والجزائري يردُّ عليهم أيضاً:

نعم قد خالف فيها المرتضي، والصدوق، والشيخ الطوسي، وحكموا بأن ما بين الدفتين هو المصحف المنزل لا غير ولم يقع فيه تحريف أو تبديل... والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم، لأجل مصالح كثيرة.. كيف وهؤلاء الأعلام رووا في مؤلفاتهم أخباراً كثيرة تشمل علي وقوع تلك الأمور في القرآن، وأن الآية هكذا ثم غيرت إلي هذا. الأنوار النعمانية - الجزائري.

والخوئي في تفسيره يثبت لعلي مصحفاً مغايراً لما هو موجود، وإن كان هذا المصحف لا زيادة فيه ولا نقصان، ولكنه يشرح معني مغايرة مصحف علي رضي الله عنه للمصحف الذي بين أيدينا فيقول:

إن هذه الزيادات هي تنزيل من الله شرحاً للمراد. البيان في تفسير القرآن - الخوئي.

ولم يبين لنا كيف أن هذه الزيادات تنزيل من الله، هل هي بوحي، أم ماذا؟

ص: 346

وأما الأمثلة علي ما يعتقدونه من تحريف، فقد جمع النوري الطبرسي مرجعهم الكبير الذي توفي أوائل هذا القرن في كتابه فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، ما يقرب من ألفي حديث ورواية دالة بصريحها كما هو واضح من عنوان الكتاب علي اعتقادهم الإعتقاد الجازم الذي هو جزء من صميم عقيدتهم علي وقوع التحريف في كتاب الله العزيز.

وقد كوفئ بأن دفنوه في بقعة مقدسة عندهم في الصحن الرضوي، أي قرب قبر علي رضي الله عنه.

وهذا مقطع مما أورده المذكور في كتابه من سورة الولاية، والتي يزعمون أنها من جملة ما حذف الصحابة من القرآن، كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالنورين أنزلناهما يتلوان عليكما آياتي ويحذراكم عذاب يوم عظيم. نوران بعضهما من بعض وأن

السميع العليم... إلي آخر هذا الهراء.

فهذا دأب الضلال المنافقين، تشكيك في أصل الإسلام وهو كتاب الله عز وجل، وتشويه لأئمة هذا الدين كما مر معنا، وتلميع وتمجيد للزناديق المرتدين القائلين بالتحريف.

فلا نقول إلا: اللهم إنا نجعلك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم اهدِ كل من خدع بهم وتبع طريقهم، ولك الحمد يا ربنا أن عافيتنا مما ابتليتهم به. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وكتب (المتيم بآل الرسول) بتاريخ 31 - 3 - 1999 الثانية إلا خمس دقائق ظهراً:

ص: 347

ابتداءً أقول.. لمعرفة المعتقد الحقيقي لأي مذهب، فإنه لا يرجع إلي الآراء الشاذة لأفراد ذلك المذهب، ولا يمكن الإحتجاج بقولهم في مقابل الأكثرية الساحقة من علماء المذهب، ولا بد من الرجوع إلي ما هو مسلَّم عند الأكثرية من علماء ذلك المذهب.

وبالنسبة لتحريف القرآن فقد صرح كبار علماء الشيعة بالقول بعدم تحريف القرآن، كالشيخ الصدوق والطوسي والمفيد والشريف الرضي والشريف المرتضي وابن طاووس وغيرهم، وعلماء هذا العصر جميعهم.. وقد خالفهم عددٌ قليل من العلماء لا يمكن الإحتجاج بقولهم.

ولمزيد من التفصيل يمكن الرجوع إلي كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي.

فكتب (المخبر) بتاريخ 1 - 4 - 1999، الثانية والربع ظهراً:

فما زلنا مع كتاب الشيعة وتحريف القرآن.

ويورد المؤلف اليوم قائمة أخري من أسماء حاخامات القوم الذين قالوا بالتحريف وهذا آخر جزء في هذه السلسلة التي قمنا بنشرها علي 9 حلقات متتالية:

(17) أبو جعفر محمد بن الحسن الصفار.

فقد روي الصفار عن أبي جعفر الصادق (كذا) أنه قال: ما من أحد من الناس يقول إنه جمع القرآن كله كما أنزل الله إلا كذاب، وما جمعه وما حفظه كما أنزل إلا علي بن أبي طالب والأئمة من بعده (1).

ص: 348


1- الصفار (بصائر الدرجات) ص 213 - منشورات الأعلمي - طهران.

الصفار، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن المنخل، عن جابر، عن أبي جعفر (علیه السلام) أنه قال: ما يستطيع أحد أن يدعي أنه جمع القرآن كله ظاهره وباطنه غير الأوصياء (1).

(18) العالم الشيعي المقدس الأردبيلي.

قال: إن عثمان قتل عبد الله بن مسعود بعد أن أجبره علي ترك المصحف الذي كان عنده وأكرهه علي قراءة ذلك المصحف الذي ألَّفه ورتبه زيد بن ثابت بأمره، وقال البعض: إن عثمان أمر مروان بن الحكم، وزياد بن سمرة الكاتبين له أن ينقلا من مصحف عبد الله ما يرضيهم ويحذفا منه ما ليس بمرضي عندهم ويغسلا الباقي (2).

(19) الحاج كريم الكرماني الملقب بمرشد الأنام.

قال: إن الإمام المهدي بعد ظهوره يتلو القرآن، فيقول أيها المسلمون هذا والله هو القرآن الحقيقي الذي أنزله الله علي محمد والذي حرف وبدل (3).

(20) المجتهد الهندي السيد دلدار علي الملقب بآية الله في العالمين.

قال: وبمقتضي تلك الأخبار أن التحريف في الجملة في هذا القرآن الذي بين أيدينا بحسب زيادة الحروف ونقصانه بل بحسب بعض الألفاظ وبحسب الترتيب في بعض المواقع قد وقع بحيث مما لا شك مع تسليم تلك الأخبار (4).

(21) ملا محمد تقي الكاشاني.

قال: إن عثمان أمر زيد بن ثابت الذي كان من أصدقائه هو وعدواًّ لعلي، أن يجمع القرآن ويحذف منه مناقب آل البيت وذم أعدائهم، والقرآن الموجود حالياً في أيدي الناس والمعروف بمصحف عثمان هو نفس القرآن الذي جمعه بأمر عثمان (5).

ص: 349


1- الصفار (بصائر الدرجات) ص 213 - منشورات الأعلمي - طهران.
2- حديقة الشيعة: للأردبيلي ص 118 - 119 ط إيران فارسي نقلاً عن كتاب الشيعة والسنة للشيخ إحسان إلهي ظهير ص 114.
3- إرشاد العوام: 3/221. فارسي ط. إيران نقلاً عن كتاب الشيعة والسنة للشيخ إحسان إلهي ظهير ص 115.
4- استقصاء الافحام: 1/11. ط. إيران نقلاً عن كتاب الشيعة والسنة ص 115.
5- هداية الطالبين ص 368. ط.إيران 1282، فارسي نقلاً عن كتاب الشيعة والسنة للشيخ إحسان ص 94.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 1 - 4 - 1999، الواحدة ظهراً:

أما والله تعبت من دحض افترائكم بخصوص تحريف القرآن، وأنت يا شامس أدري...

لكن لا حياة لمن تنادي.. قومٌ بعقول كالحجارة. إفعلوا ما بدا لكم وقولوا ما تشاؤون.

ونحن باقون طول الدهر نحامي عن المعتقد والمذهب. الساكت عن الحق شيطان أخرس.

فكتب (شامس 22) بتاريخ 26 - 4 - 1999، السادسة صباحاً:

وأنا أدري في ماذا يا سيد؟

وعلي هامش أنا أدري: ما قصة القارورة التي بها تراب الحسين وتتحول إلي دم في كربلاء؟!!

ص: 350

هذه لا أدري عنها، وقد عرفت عنها علي لسان المهاجر، خطيب التطبير واللطم عندكم..

بالرأي العام - 24 أبريل. والسلام.

فكتب (موسي العلي) بتاريخ 26 - 4 - 1999، التاسعة صباحاً:

بعد التحية والإحترام:

للرد علي كتَّاب الشيعة وتحريف القرآن يوجد كتاب دفاع عن القرآن الكريم الجامع لكلمة المسلمين علي التوحيد تأليف السيد محمد رضا الجلالي الحسيني.

فمن أراد أن ينشد حقيقة معرفة هذه الشبهة المثارة ضد الشيعة من قبل البعض، فبإمكاني أن أبعث له في بريده الإلكتروني.

فكتب (عرفج) بتاريخ 26 - 4 - 1999، الواحدة ظهراً:

يشهد الله أنني كنت أقرأ المقالات في هذه الساحة منذ شهر نوفمبر 1998 ولم أرغب بالتسجيل والمناقشة إلا منذ فترة... وسجلت رغبة بتبيان بعض ما أعرف من الحق، ولا توجد عندي رغبة في الدخول في مهاترات لا يرجي من ورائها خير.

وليعلم واضع المقال بأن التحريف الذي يذكر موجود في مكتبته إن كان يقرأ.. أعطني بريدك وسوف تعرف من هو المحرف. وأعطيك أدناه عينة، وإذا رغبت زدناك.

ملاحظة للأخ المراقب:

ص: 351

إذا تم حذف النقل التالي، فسوف أعرف أنك حذفته تعصباً لأحد الأطراف أما إذا كانت الحُجَّة: التعدي علي كتاب الله.. فقد فعلها الأخ.. والأولي أن تحذف مقاله.

إليك مثالين فقط.. وأنا علي يقيني بأن هؤلاء مختلطٌ عليهم الأمر ولا أظنهم مؤمنون بما يكتبون عن كتاب الله..

1 - قال أبو عبد الله الحاكم في المستدرك: حدثنا أبو علي الحافظ، أنبأنا عبدان الأهوازي، حدثنا عمرو بن محمد الناقد، حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان، عن شعبة، عن جعفر بن أياس، عن مجاهد، عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالي: لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم حتي تستأنسوا.

قال: أخطأ الكاتب " حتي تستأذنوا ". قال الحاكم: هذا صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.

وقال الذهبي في التلخيص: علي شرط البخاري ومسلم. المستدرك علي الصحيحين: 2/430 حديث 3496، ط. دار الكتاب العلمية.

وهذا الخبر أخرجه أبو عبيد، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد والطبري بعدة طرق، وابن المنذر، وابن الأنباري في المصاحف، والبيهقي في شعب الإيمان، والمقدسي في الضياء المختارة.

الدر المنثور للسيوطي: 5/69. شعب الإيمان: 6/427، ح 8801، 8802، 8803، 8804. تفسير الطبري: 18/109.

2 - قال أبو عبيد القاسم بن سلام البغدادي في فضائل القرآن: حدثنا أبو معاوية، عن هشام بن عروة عن أبيه، قال: سألت عائشة عن لحن القرآن، عن قوله: إن هذان لساحران. وعن قوله: والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة. وعن قوله: إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون.

ص: 352

فقالت: هذا عمل الكتاب، أخطأوا في الكتاب. فضائل القرآن: 2/103، ح 563.

قال السيوطي بعد إيراد هذا الخبر في الإتقان: هذا إسناد صحيح علي شرط الشيخين. الإتقان في علوم القرآن: 1/388، النوع 41.

وهذا الخبر أخرجه أيضاً: أبو بكر بن أبي داود، عن عمر بن عبد الله الأودي، عن أبي معاوية إلي آخر الإسناد والمتن المتقدم. المصاحف لابن أبي داود ص 43. وأخرجه الحافظ عمر بن شبة النميري بإسناد آخر في تاريخ المدينة المنورة. تاريخ المدينة المنورة لابن شبة: 3/1103.

وقال أبو عبيد: ويروي عن حماد بن سلمة عن الزبير أبي عبد السلام، قال: قلت لأبان بن عثمان: ما شأنها كتبت " والمقيمين "؟ فقال: إن الكاتب لما كتب، قال: ما أكتب؟

قيل له: أكتب " والمقيمين الصلاة ". فضائل القرآن: 2/104، ح 565.

وقال أبو بكر بن أبي داود في المصاحف: حدثنا إسحاق بن وهب، حدثنا يزيد، قال: أخبرنا حماد، عن الزبير أبي خالد، قال: قلت: لأبان بن عثمان: كيف صارت " لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة " ما بين يديه

ومن خلفها رفع، وهي نصب؟

قال: من قبل الكتاب، كتب ما قبلها، ثم قال: أكتب؟

قال: أكتب " والمقيمين الصلاة "، فكتب ما قيل له. كتاب المصاحف ص 42.

أقول: وذهب إلي خطأ قراءة قوله تعالي: إن هذان لساحران، من علماء السنة: أبو عمرو وهو زبان بن العلاء التميمي أحد القراء السبعة.

ص: 353

قال فيه الذهبي: وكان من أهل السنة وقال يحيي بن معين: ثقة. راجع سير أعلام النبلاء: 1/241 رقم 1012. وعيسي بن عمر الهمداني الأسدي الكوفي، وهو أحد كبار القراء عند السنة.

نقل ذلك عنهما عدة من المفسرين منهم: الطبري، والقرطبي، والفخر الرازي. تفسير الكبير للفخر الرازي: 22/74. تفسير الطبري: 16/181. تفسير القرطبي: 11/226.

أقول: اللهم اغفر لقومنا إنهم لا يعلمون. والله ليس قصدي الإصطياد في الماء العكر وملاحقة زلات الناس، ولكنك تُجبر أحياناً علي موقف لا تريد أن تري نفسك فيه.

وكتب (شامس 22) بتاريخ 26 - 4 - 1999، الواحدة وعشرين دقيقة ظهراً:

وأيضاً حزب الله يمنع التطبير واللطم، وتقولون إنها من شعائر الله.

فمن هو الذي يكذب، لا بد أن أحد (كذا) من الشيعة يكذب.. مجموعة تمنع التطبير واللطم.. ومنها نصر الله رئيس حزب الكتائب (كذا) وهو عندكم سيد يلبس عمامة سوداء من آل البيت وقوله قال أبي عن جدي عن الباري.. ومجموعته تعتقد بأن التطبير واللطم من شعائر الله ومنهم سادة كبار وكذلك كما ذكرت لكم المهاجر شيخ خطبة التطبير واللطم، وكذلك في مواقع الشيعة تجد لهم أشرطة التطبير واللطم، وكان الشريط الذي عرض كتابته عن الشيخ الفالي شيخ التطبير واللطم يحرضون علي اللطم ويعتبرونه من شعائر الله.. وهم أقوالهم عندكم أي السادة، عن أبي عن جدي عن الباري!

ص: 354

أما أقوال السنة فما كان يطابق القرآن ثم السنة فيرجع عليهم. البشر بشر وليس عندنا أحد أعلي من البشر!! أنتم أقوالكم بالقرآن أقوال سادة، قال أبي عن جدي عن الباري!! أنظروا ما تكتبون أولاً عن الباري! دخلتوا الباري معاكم في قصصكم.. وأنتم تدعون أنها أقوال معصومين عن الباري!!

هذا هو الفرق.. أنظر وقارن ودقق. والسلام.

ملاحظة: أحتاج معلومة عن القارورة من زمن آدم التي فيها تراب الحسين، ثم تصبح دماً في كربلاء في عاشوراء. وشكراً.

قال (العاملي):

أجبناهم عن الحديث النبوي الصحيح عن تربة كربلاء والقارورة التي فيها ترابها..

وأودعها النبي صلي الله عليه وآله عند أم سلمة رضي الله عنها.. وعندما قتل الحسين عليه السلام صار التراب دماً! وقد روتها مصادرهم، وستأتي في بابها.

ولكن النواصب يكرهون أهل البيت عليهم السلام، ويكذبون قول نبيهم فيهم!

فكتب (القطيفي الوطني) بتاريخ 26 - 4 - 1999، الثانية إلا عشراً ظهراً:

حزب الكتائب هو حزب مسيحي تعامل مع إسرائيل خلال غزو لبنان، ومن مموليه الرئيسيين كانت حكومة بلادنا السعودية، ولكن السوريين قضوا عليه تماماً من الناحية العسكرية.

حزب الله وأمل هما الوحيدان اللذين لا زالوا في حالة حرب حقيقية مع إسرائيل.

وبينما أنت تتبجح.. هُم يقتلون جنرالات إسرائيل، ويقدمون أنفسهم قرابين في زمن الذل العربي.

ص: 355

لا أعتقد أنك يمكن أن تنكر أنهم الوحيدون الذين يقاتلون إسرائيل.

هم الذين أجبروا إسرائيل علي الإنسحاب من لبنان وهذا ما لم يقدر عليه أحد من العرب.

بالنسبة لقارورة أم سلمة والدم، فهذا موجود أيضاً في كتب السنة..

وهل ستقبل بها إذا أعطيناك المصادر لتراجعها بنفسك؟

بالنسبة ل- " حدثني أبي عن جدي عن الباري ".. فأين المشكلة؟

الإمام الصادق حدثه أبوه محمد الباقر، عن أبيه زين العابدين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي، عن الرسول، عن الله.. أنا أتصور أنك لا تعرف معني حدثني! عسي أن لا أكون مخطئاً.

الرجاء الإهتمام بالنقاط أعلاه حتي نصل إلي نتيجة.

وكتب (مظاهر) بتاريخ 26 - 4 - 1999، الثانية ظهراً:

أدلة نفي تحريف القرآن عند الشيعة:

إن مصونية القرآن الكريم من التحريف بمعني النقيصة هي من الأمور البديهية الثابتة علي صفحات الواقع التاريخي، والتي لا تحتاج إلي مزيد استدلال وتوضيح وبيان، حتي أن بعض المنصفين من علماء وأساتذة غير المسلمين صرحوا بعدم وقوع التحريف في القرآن الكريم.

فالأستاذ لوبلو يقول:

إن القرآن هو اليوم الكتاب الرباني الوحيد الذي ليس فيه أي تغيير يذكر.

ويقول السير وليام موير:

إن المصحف الذي جمعه عثمان قد تواتر انتقاله من يد ليد حتي وصل إلينا بدون تحريف، وقد حفظ بعناية شديدة بحيث لم يطرأ عليه أي تغيير يذكر، بل

ص: 356

نستطيع القول أنه لم يطرأ عليه أي تغيير علي الإطلاق في النسخ التي لا حصر لها والمتداولة في البلاد الإسلامية الواسعة.

وبمثل ذلك صرح بلاشير أيضاً.

وقد استدل العلماء المحققون علي عدم وقوع التحريف في القرآن بجملة من الأدلة الحاسمة، هي من القوة والمتانة بحيث يسقط معها ما دل علي التحريف بظاهره عن الإعتبار، لو كان معتبراً، ومهما بلغ في الكثرة، وتدفع كل ما ألصق بجلال وكرامة القرآن الكريم من زعم التحريف وتفند القول بذلك

وتبطله حتي لو ذهب إليه الكثيرون فضلاً عن القلة النادرة الشاذة.

وفيما يلي نذكر أهمها... … … … وأخيراً:

فإن عقيدة الإمامية بمجردها دليل علي نفي التحريف في كتاب الله العزيز، لأنهم يوجبون بعد فاتحة الكتاب في كل من الركعة الأولي والركعة الثانية من الفرائض الخمس، سورة واحدة تامة غير الفاتحة من سائر السور التي بين الدفتين.

وفقههم صريح بذلك، فلولا أن سور القرآن بأجمعها كانت في زمن النبي صلي الله عليه وآله وسلم، علي ما هي الآن عليه في الكيفية والكمية ما تسني لهم هذا القول، ولا أمكن أن يقوم لهم عليه دليل..

وكتب المدعو (محب شيعة آل البيت) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16 - 3 - 2000، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال خطير يحتاج إلي إجابة.. ماذا أجيب من سألني عنه؟)، قال فيه:

1 - قال الشيخ المفيد:

ص: 357

إن الأخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة الهدي من آل محمد صلي الله عليه وسلم باختلاف القرآن، وما أحدثه بعض الظالمين فيه من الحذف والنقصان. أوائل المقالات ص 91.

2 - أبو الحسن العاملي:

اعلم أن الحق الذي لا محيص عنه بحسب الأخبار المتواترة الآتية وغيرها أن هذا القرآن الذي في أيدينا قد وقع فيه بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم شئ من التغييرات، وأسقط الذين جمعوه بعده كثيراً من الكلمات والآيات. المقدمة الثانية لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار ص 36 وطبعت هذه كمقدمة لتفسير البرهان للبحراني.

3 - نعمة الله الجزائري:

إن تسليم تواتره عن الوحي الإلهي، وكون الكل قد نزل به الروح الأمين، يفضي إلي طرح الأخبار المستفيضة، بل المتواترة، الدالة بصريحها علي وقوع التحريف في القرآن كلاماً، ومادةً، وإعراباً، مع أن أصحابنا قد أطبقوا علي صحتها والتصديق بها. الأنوار النعمانية: 2/357.

4 - محمد باقر المجلسي:

في معرض شرحه لحديث هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن القرآن الذي جاء به جبرائيل عليه السلام إلي محمد صلي الله عليه وسلم سبعة عشر ألف آية.

قال عن هذا الحديث: موثق، وفي بعض النسخ عن هشام بن سالم موضع هارون بن سالم، فالخبر صحيح. ولا يخفي أن هذا الخبر وكثير من الأخبار الصحيحة صريحة في نقص القرآن وتغييره وعندي أن

ص: 358

الأخبار في هذا الباب متواترة معني، وطرح جميعها يوجب رفع الإعتماد عن الأخبار رأساً، بل ظني أن الأخبار في هذا الباب لا يقصر عن أخبار الإمامة، فكيف يثبتونها بالخبر؟ مرآة العقول:12/ 525.

أي كيف يثبتون الإمامة بالخبر إذا طرحوا أخبار التحريف؟

5 - سلطان محمد الخراساني:

قال: اعلم أنه قد استفاضت الأخبار عن الأئمة الأطهار بوقوع الزيادة والنقيصة والتحريف والتغيير فيه بحيث لا يكاد يقع شك. تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة مؤسسة الأعلمي ص 19.

6 - العلامة الحجة السيد عدنان البحراني:

قال: الأخبار التي لا تحصي - أي أخبار التحريف - كثيرة وقد تجاوزت حد التواتر. مشارق الشموس الدرية - منشورات المكتبة العدنانية - البحرين ص 126.

كبار علماء الشيعة يقولون بأن القول بتحريف ونقصان القرآن من ضروريات مذهب الشيعة.

ومن هؤلاء العلماء:

1 - أبو الحسن العاملي: إذ قال: وعندي في وضوح صحة هذا القول - تحريف القرآن وتغييره - بعد تتبع الأخبار وتفحص الآثار، بحيث يمكن الحكم بكونه من ضروريات مذهب التشيع وإنه من أكبر مقاصد غصب الخلافة. المقدمة الثانية الفصل الرابع لتفسير مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار وطبعت كمقدمة لتفسير البرهان للبحراني.

ص: 359

2 - العلامة الحجة السيد عدنان البحراني: إذ قال: وكونه: أي القول بالتحريف من ضروريات مذهبهم، أي الشيعة. مشارق الشموس الدرية ص 126 منشورات المكتبة العدنانية - البحرين.

أقول أنا؟؟؟؟؟ لا أدري ما أقول إذا كانت هذه الأقوال موثقة. وقد رجعت أيها الأحبة لأكثر هذه الكتب ووجدت النقولات صحيحة..

فأجابه (جعفري) بتاريخ 16 - 3 - 2000، السادسة عصراً:

أخي الكريم:

إذا كان مقصدك من ما نقلت خيراً - ونحمل المؤمن علي اثنين وسبعين محملاً - فقد أخطأت الهدف، غفر الله لك كما فعل غيرك من قبل، إذ نقل عبارة السيد الخوئي عليه الرحمة: إن الأخبار الواردة تفيد الإطمئنان إلي وقوع التحريف.. بما معني هذا الكلام ولم أنقُل النص.. فأخذها وراح يطبل بها.. وتناسي ما كتبه المرحوم بعد ذلك من نفي التحريف. هذه عجالة ردٍّ..

وأعِدُ أن أبحث عن نص أقوال من ذكرت من العلماء، وموقفهم من التحريف بشكل صريح.

والسلام علي من اتبع الهدي.

فكتب المدعو (محب شيعة آل البيت) بتاريخ 16 - 3 - 2000، السابعة مساءً:

والله ما زدتني إلا شكاًّ إلي شكي. ووالله لا أجد في نفسي مخرجاً من هذه الأقوال مجتمعة!!!!!!!!!

هل يعني هذا كفر من قال بهذا القول؟؟ وإذا كانوا كفاراً بهذا القول!!!! ماذا ينبني عليه.

ص: 360

والله أني جادٌّ جادٌّ في كلامي، وأحسِن الظن في أخيك الذي يجد هذا الحرج في نفسه منذ شهور، ولم يشفِ هذا الأمر شافٍ حتي الآن. أنصفني ولا تظلمني.

فكتب (أبو غدير) بتاريخ 16 - 3 -2000، التاسعة إلا خمس دقائق مساءً:

لا تظن بأنك إذا اخترت لنفسك إسماً ك- (محب شيعة آل البيت) فإننا لن نعرف حقيقتك؟؟

إلعب لعبة أخري يا شاطر.. اللهم العن المنافقين.. اللهم العن المنافقين.

وكتب (جمال نعمه) بتاريخ 16 - 3 - 2000، التاسعة مساءً:

1 - إذا كنت ترمي إلي أن القرآن محرَّف.. فقد أخطائت التقدير.

2 - وإذا كنت ترمي إلي أن الشيعة يقولون بالتحريف.. فقد أخطأت التقدير.

لأن كتب السنة مملؤة بالأحاديث في تحريف القرآن.. وكلا الطرفان اللذان يقولان بتحريف القرآن باطلان بصريح كلام القرآن. فاتكل علي الله.. لأنه ليس في هذا النقاش إلا وجع رأس.

هذا يأتي من كتب السنة بأحاديث تقول بتحريف القرآن.. والآخر يأتي بأحاديث من الشيعة تقول بتحريف القرآن. وكلاهما في هذه الأحاديث باطل. والسلام.

فكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 16 - 3 - 2000، التاسعة وخمس دقائق مساءً:

الفاضل جمال نعمه:

ص: 361

الأقوال التي ذكرها الرجل ليست أحاديث.. بل هي أقوال علماء في مذهب الشيعة.. تصرح بوجود التحريف في القرآن.. ما موقفك منهم هل تصدقهم في كلامهم؟ هل هم كاذبون؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 16 - 3 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

أجمع علماء الشيعة علي أن القرآن الموجود ليس فيه زيادة.. وجمهورهم يري أنه ليس فيه نقيصة.. وبعضهم القليل يري أن فيه نقيصة.

ورأي عمر والبخاري أن القرآن فيه سورتان زيادة وهما سورتا المعوذتين!! وفيه نقيصة أكثر من ثلثه!!

وفيه آيات غَلَط.. يجب أن تُصحَّح في سورة الحمد والجمعة.. وغيرها!!

وكل ذلك ثابتٌ في صحاحكم، أو بسند موثق عندكم!!

ونحن نقول إن القول بالزيادة والنقيصة قولٌ شاذ.. وإن أصرَّيتَ علي تكفير القائلين به، فابدأ بعمر والبخاري، ثم نري رأينا في القائل به من الشيعة!!

فكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 17 - 3 - 2000، السادسة صباحاً:

يكفينا من الشيعة أن تقول إن من اعتقد أن القرآن زيد فيه أو أنقص منه فهو كافر.. فهذا اعتقاد أهل السنة في القرآن. هل تستطيع أن تقول ذلك.. دون أن تذكر أسماء.

فكتب (جعفري) بتاريخ 17 - 3 - 2000، العاشرة صباحاً:

إن المشهور بين علماء الشيعة ومحققيهم، والمتسالم عليه بينهم، هو القول بعدم التحريف في القرآن الكريم، وقد نصوا علي أن الذي بين الدفتين هو جميع القرآن المنزل علي النبي الأكرم صلي الله عليه وآله وسلم دون زيادة أو نقصان.

ص: 362

ومن الواضح أنه لا يجوز إسناد عقيدة أو قول إلي طائفة من الطوائف إلا علي ضوء كلمات أكابر علماء تلك الطائفة، وباعتماد مصادرها المعتبرة.

وفيما يلي نقدم نماذج من أقوال أئمة الشيعة الإمامية منذ القرون الأولي وإلي الآن، لتتضح عقيدتهم في هذه المسألة بشكل جلي:

1 - يقول الإمام الشيخ الصدوق، محمد بن علي بن بابويه القمي، المتوفي سنة 381 ه- في كتاب الإعتقادات:

اعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله علي نبيه صلي الله عليه وآله وسلم هو ما بين الدفتين، وهو م

في أيدي الناس، ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.. ومن نسب إلينا أنا نقول إنه أكثر من ذلك فهو كاذب. الإعتقادات - 93.

2 - ويقول الإمام الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، المتوفي سنة 413 ه- في أوائل المقالات: قال جماعة من أهل الإمامة: إنه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة، ولكن حذف ما كان مُثْبتاً في مصحف أمير المؤمنين عليه السلام من تأويله وتفسير معانيه علي حقيقة تنزيله، وذلك كان ثابتاً منزلاً، وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالي الذي هو القرآن المعجز، وعندي أن هذا القول أشبه - أي أقرب في النظر - من مقال من ادعي نقصان كلم من نفس القرآن علي الحقيقة دون التأويل، وإليه أميل. أوائل المقالات - 55.

3 - ويقول الإمام الشريف المرتضي، علي بن الحسين الموسوي، المتوفي سنة 436 ه- في المسائل الطرابلسيات... … إلي آخر ما كتبه جعفري... حول تفسير علي بن إبراهيم القمي …

ص: 363

حول تفسير علي بن إبراهيم القمي

وكتب (الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 17 - 2- 2000، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (إلي المدعو جاكون بخصوص علي بن إبراهيم القمي)، قال فيه:

إلي جاكون: بخصوص... علي بن إبراهيم القمي:

قرأت مقالة في صفحة الدفاع عن الحقيقة.. وهي ردٌّ علي رئيس منظمة أهل السنة في باكستان تتعلق بخصوص افترائهم علي الشيخ علي بن إبراهيم القمي.. وهذا نصه:

وأما نسبته القول بالتحريف إلي الثقة الجليل علي بن إبراهيم بن هاشم القمي، فإنما اعتمد في هذه النسبة إليه علي ما ورد في مقدمة التفسير المنسوب لعلي بن إبراهيم من إشارة بالقول إلي وجود نقص وتحريف في القرآن الكريم، ولتضمن هذا التفسير بعض الروايات الدالة علي التحريف، ولكن:

أولاً: إن المقدمة الموجودة في هذا التفسير غير مقطوع بها أنها لعلي بن إبراهيم، فلا يمكن الحكم والحال هذه و الإدعاء علي علي بن إبراهيم بأنه يقول بالتحريف والنقصان في كتاب الله، خصوصاً وأن هذا التفسير قد زيد وبُدِّل فيه.

وثانياً: أن هذا التفسير المطبوع والمتداول ليس كله لعلي بن إبراهيم، بل هو ملفَّقٌ مما رواه علي بن إبراهيم وما رواه تلميذه بسنده عن أبي الجاورد زياد بن المنذر.

ولا يبعد أن يكون هذا التفسير قد تلاعبت به الأيدي غير الأمينة، لما أورده بعض أهل التحقيق من أن النسخة المطبوعة هذه تختلف عما نقل عنه في بعض الكتب.

ص: 364

يقول الشيخ جعفر السبحاني في كتابه كليات في علم الرجال ص 317، وهو في معرض كلامه عن هذا التفسير:

وقد ذهب بعض أهل التحقيق، إلي أن النسخة المطبوعة تختلف عما نقل عن ذلك التفسير في بعض الكتب، وعند ذلك لا يبقي اعتماد علي هذا التوثيق الضمني أيضاً، فلا يبقي اعتماد لا علي السند ولا علي المتن.

والخلاصة: أنه من المجانبة للحق والصواب أن ينسب أحد لعلي بن إبراهيم القول بتحريف القرآن الكريم من خلال ما ورد في هذا التفسير.

وكتب (جاكون) بتاريخ 17 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

الأخ الفاضل الأشتر: السلام عليكم ورحمة الله.

الحقيقة أن كلامك في تفسير القمي لم أسمع به من قبل، لكن ما عساي أن أقول وقد قيل كهذا الكلام من قبل في روايات الكافي، وفي صحة نسبة الروضة إليه، وكتاب سليم بن قيس، والبحار، وكتب الطوسي، وغيرها. السؤال المطروح: ما هي الحجة عليكم؟

وكتب (العسكري) بتاريخ 19 - 2 - 2000، السادسة صباحاً:

والسؤال لجاكون: هل رأيت الكافي بنفسك؟ أم نُقِل إليك ما في الكافي؟

هل رأيت المصادر التي تدرجها بنفسك؟ أم أنك تطَّلِع عليها من طرف ثالثٍ.. غير مؤتمن؟

لقد سُئلتَ عن العنوان الكامل لمنهاج البراعة.. فكان جوابك ذكرُ دار النشر!

والكتاب يعرف باسمه لا باسم دار النشر! وهذا دليلٌ قاطع بأنك.. لم ترَ الكتاب!

ص: 365

وكتب (الأشتر) بتاريخ 20 - 2 - 2000، الثامنة صباحاً:

هل نقول ببراءة علي بن إبراهيم من هذه التهمة؟؟؟ هل اقتنعت، أم ماذا؟؟؟؟

انتهي.

قال (العاملي):

أتحفَّظ علي ما قيل في تفسير علي بن إبراهيم القمي وصاحبه رحمه الله.

ص: 366

الفصل الحادي عشر: اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف

اشارة

ص: 367

ص: 368

اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف

كتب (JaCKoN، جاكون) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 12 - 1999، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (الإمام الخوئي ومسألة تحريف القرآن)، قال فيه:

دعا الإمام الخوئي إلي الإعتقاد بتحريف القرآن، وتصديق الروايات التي وردت عن أئمة آل البيت بالقول بالتحريف والتبديل وبتلاعب أئمة الجور به، واعتبار ذلك من الأسس العقائدية الهامة للشيعة!

وقد بين رأيه هذا في البيان ص 226، حين قال:

إن كثرة الروايات علي وقوع التحريف في القرآن تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الإطمئنان لذلك، وفيها ما روي بطريق معتبر. ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم.

فكتب (الموسوي) بتاريخ 23 - 12 - 1999، الرابعة والنصف عصراً:

لماذا الإفتراء.. يا مزوِّر؟!

لماذا لا تكمل بقية كلام السيد الخوئي قدس سره؟

أولاً: السيد الخوئي لم يقل إن الروايات الصحيحة هي من أي قسم من الطوائف التي قسم روايات التحريف إليها؟

ص: 369

ثانياً: لم يقُلْ بلزوم الإعتقاد بها حتي علي فرض صحتها سنداً.. حتي تريد فرض كلامك عليه.

لقد عقد باباً باسم صيانة القرآن من التحريف أورد أدلته لنفي التحريف، من الصفحة 197 إلي الصفحة 235!!

وهذا المزوِّر يفتري علي السيد الخوئي، وينسب إليه الدعوة للإعتقاد بتحريف القرآن!!!

وكتب (خطير) بتاريخ 23 - 12 - 1999، السادسة مساءً:

هذا قول الإمام الخوئي قدس سره بالنص:

" المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن وأن الموجود بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل علي النبي الأعظم (صلی الله علیه و آله) ".

ولمعرفة أقوال بقية علماء الشيعة: راجع:

http://fadak.org/MOSHARAK/9.htm

وكفاكم افتراء!!

وكتب (جاكون) بتاريخ 23 - 12 - 1999، الثامنة مساءً:

الموسوي: الجملة تامة المعني، وأترك التكملة لك إن كانت لزومية.

ثم إن الخوئي قال: إن بعض روايات التحريف " صحيحة "..

وأنت قلت: لم يقل بلزوم الإعتقاد بها حتي علي فرض صحتها..

وأنا أتساءل عن وظيفة أقوال الأئمة؟.. هل الأئمة يكذبون؟ أم الشيعة ينتقون؟ أم أن بعض الروايات عنهم تفتقد إلي الرشد كهذه الروايات؟

ص: 370

ثانياً: قال السيد الخوئي: " المعروف بين المسلمين عدم وقوع التحريف في القرآن وأن الموجود بين أيدينا هو جميع القرآن المنزل علي النبي الأعظم (صلی الله علیه و آله) ".. وهذا لا يعبر عن رأي الخوئي؟

بقي أن أقول إن ما تدعيه لا ينبع من قواعد أصلية.. وأضم صوتي إلي المفيد في كتابه أوائل المقالات: 48 - 49، حين قال: واتفقوا - أي الإمامية - علي أن أئمة الضلال خالفوا في كثير من تأليف القرآن وعدلوا فيه عن موجب التنزيل وسنة الرسول (صلی الله علیه و آله).

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 23-12-1999، التاسعة مساءً:

من كتاب تدوين القرآن: قصة اتهام الشيعة بالقول بتحريف القرآن.

وهو مقال طويل، جاء فيه:

التهمة الجديدة القديمة

تعوَّدنا - نحن الشيعة - علي تلقي التهم.. وتحملها.. فقد بدأت محنتنا من يوم وفاة النبي صلي الله عليه وآله.. فنحن في تاريخ الإسلام معارضة، والمعارضة لا بد أن تتحمل ضريبة إعلام الدولة واضطهادها وأذاها.. وتتحمل من عوام الدولة تهمهم ومضايقاتهم وأذاهم.. ولم تختلف علينا العصور إلا في شدة الحملة وخفتها.. فأحياناً تحدث عوامل تخفيف فيقل الإتهام والإضطهاد، وأحياناً تحدث عوامل توجب شدة الموجة، أو حدوث موجة جديدة!

والذي حدث في عصرنا أن الشيعة ارتكبوا ذنباً كبيراً ومعصية يصعب غفرانها.. فقد ثار شيعة إيران علي شاههم بفتوي مرجع ديني، فغضب لذلك الغرب واليهود، وغضب كثير من حكام المسلمين.. وبدؤوا الصراع مع الدولة الشيعية.

ص: 371

ثم ما لبث الكتاب والباحثون من خصوم الشيعة أن غضبوا أيضاً..

فحدثت موجة جديدة من التهجم علي مذهب التشيع تكرر التهم القديمة، وتبحث عن جديد إن استطاعت..

ومن التهم المؤذية التي وجهوها إلينا: أن الشيعة لا يعتقدون بالقرآن الكريم!

والسبب أنه توجد في مصادرهم روايات تدعي أن القرآن وقع فيه تحريف، ولا بد أنهم يعتقدون بها! وقد روج مبغضو الشيعة لهذه التهمة، وبالغوا فيها وشنعوا بها علينا، ونشروا حولها الكتب والمناشير، حتي زعم بعضهم أن الشيعة ليسوا مسلمين، لأن من أنكر القرآن وادعي أن القرآن الذي نزل علي رسول الله صلي الله عليه وآله قرآن آخر، فهو كافر بالقرآن، وخارج عن الإسلام.

نموذج من نصوص التهمة

قال الكاتب الوهابي الهندي إحسان إلهي ظهير في كتابه الشيعة والسنة صفحة 65 تحت عنوان: الشيعة والقرآن:

من أهم الخلافات التي تقع بين السنة والشيعة هو اعتقاد أهل السنة بأن القرآن المجيد الذي أنزله الله علي نبينا صلي الله عليه وسلم هو الكتاب الأخير المنزل من عند الله إلي الناس كافة وأنه لم يتغير ولم يتبدل.

وليس هذا فحسب، بل إنه لن يتغير ولن يتحرف إلي أن تقوم الساعة وهو الموجود بين دفتي المصاحف لأن الله قد ضمن حفظه وصيانته من أي تغيير وتحريف وحذف وزيادة، علي خلاف الكتب المنزلة القديمة السالفة، من صحف إبراهيم وموسي، وزبور وإنجيل وغيرها، فإنها لم تسلم من الزيادة والنقصان بعد وفاة الرسل، ولكن القرآن أنزله سبحانه وتعالي وقال: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. الحجر – 9. وقال: إن علينا جمعه وقرآنه، فإذا

ص: 372

قرأناه فاتبع قرآنه، ثم إن علينا بيانه.

القيامة: 17 - 19. وقال: لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. حم السجدة - 42.

وإن عدم الإيمان بحفظ القرآن وصيانته يجرُّ إلي إنكار القرآن وتعطيل الشريعة التي جاء بها رسول الله صلي الله عليه وسلم، لأنه حينذاك يحتمل في كل آية من آيات الكتاب الحكيم أنه وقع فيها تبديل وتحريف، وحين تقع الإحتمالات تبطل الإعتقادات والإيمانيات، لأن الإيمان لا يكون إلا باليقينيات وأما بالظنيات والمحتملات فلا.

وأما الشيعة فإنهم لا يعتقدون بهذا القرآن الكريم الموجود بأيدي الناس، والمحفوظ من قبل الله العظيم، مخالفين أهل السنة، ومنكرين لجميع النصوص الصحيحة الواردة في القرآن والسنة، ومعارضين كل ما يدل عليه العقل المشاهدة، مكابرين للحق وتاركين للصواب. إلخ..

الهدف من تحويل المسألة النظرية إلي مسألة عملية

ما هو الهدف من هذه العشرات من الكتب والمنشورات التي كتبها بعض الكتاب من قلوب تفيض ببغض الشيعة، وقام آخرون بطباعتها وتوزيعها ونشرها في أنحاء العالم..

ومن أبرزها كتب هذا المؤلف الهندي التي يوزعونها مجاناً خاصةً علي الحجاج في موسم الحج.

ويبيعونها في المكتبات بثمن بخس، ومعها أشرطة مسجلة تكفر الشيعة وتخرجهم من الإسلام!

ص: 373

إن الطبعة التي نقلنا منها فقرات التهمة للشيعة هي الطبعة الثلاثون من كتاب يتهمنا بالكفر وعدم الإعتقاد بالقرآن، وقد طبعت في لاهور - باكستان، وذكر فيها عناوين ثلاث عشرة مكتبة للتوزيع في السعودية!

هل إن السبب في تبني خصوم الشيعة لهذا (الباحث) وكتُبِه أكثر من غيره، أنه أفتي بكفر الشيعة وهدر دمائهم وإباحة أعراضهم، وأسس مع إخوانه منظمة إرهابية في باكستان لقتل الشيعة باسم (ميليشيا الصحابة) تخصصت بمهاجمة مساجد الشيعة، وقتلت أكبر عدد ممكن منهم في حال

صلاتهم في مساجدهم! أو في حال إقامتهم مجالس التعزية في حسينياتهم في ذكري شهادة الإمام الحسين عليه السلام؟!

أم السبب أنهم وجدوا أن كتب هذا المؤلف هي أقوي ما كتب ضد الشيعة بأسلوب (علمي) فأحبوا أن يطلع الناس علي حقيقة الشيعة من قلم هذا المؤلف القدير ونتاجه الموضوعي؟!

وآخر ما قرأت في هذه التهمة ما توصل إليه (دكتور) وهابي من أن الشيعة في مسألة تحريف القرآن قسمان: قسم يعتقد بتحريف القرآن ونقصه، وهم عدد من علمائهم القدماء والمتأخرين، وهؤلاء تنطبق عليهم فتاوي إحسان ظهير وأمثاله.

وقسم يوافق السنة علي الإعتقاد بعدم تحريف القرآن، وهم عدد من علمائهم القدماء والمتأخرين.

وهؤلاء لا يصح تكفيرهم من هذه الجهة، وإن صح تكفيرهم لمغالاتهم في أهل البيت وما يوجبه ذلك من شرك وخروج عن الإسلام!

ماذا يمكن أن يكون هدف هؤلاء الكتاب، وأولئك الناشرين؟

ص: 374

وهل كُتِبَ علينا نحن الشيعة أن ندفع دائماً الثمن، وتتوالي علينا سهام الإفتراءات والتهم؟

وأن يكون جواب دعوتنا إلي الوحدة مع إخواننا السنة في مقابلة موجة العداء العالمية للإسلام، أن نفاجأ بتحالف النواصب والأجانب، ثم يقال لنا: اعترفوا بالكفر والخروج عن الدين، أو تبرؤوا من أهل بيت النبي الطاهرين، الذين أوصي بهم النبي صلي الله عليه وآله إلي جانب القرآن!!

خلاصة ردود علماء الشيعة

صدرت عن علماء الشيعة ردود عديدة علي تهمة القول بتحريف القرآن، نذكر خلاصة أفكارها بما يلي:

1 - أن واقع الشيعة في العالم يكذب التهمة:

فالشيعة ليسوا طائفة قليلة تعيش في قرية نائية أو مجتمع مقفل، حتي يخفي قرآنهم الذي يعتقدون به ويقرؤونه!

بل هم ملايين الناس وعشرات الملايين، يعيشون في أكثر بلاد العالم الإسلامي، وهذه بلادهم وبيوتهم ومساجدهم وحسينياتهم ومدارسهم وحوزاتهم العملية، لا تجد فيها إلا نسخة هذا القرآن.. ولو كانوا لا يعتقدون به ويعتقدون بغيره دونه أو معه، فلماذا يقرؤونه في بيوتهم ومراكزهم ومناسباتهم ولا يقرؤون غيره؟ ولماذا يدرسونه ولا يدرسون غيره؟!

2 - مذهب التشيع مبني علي التمسك بالقرآن والعترة:

قام مذهب التشيع لأهل بيت النبي صلي الله عليه وآله علي الإعتقاد بأن الله تعالي أمر نبيه صلي الله عليه وآله بأن يوصي أمته بالتمسك بعده بالقرآن وعترة النبي، لأنه اختارهم

ص: 375

للإمامة وقيادة الأمة بعد نبيه صلي الله عليه وآله. وحديث الثقلين حديث ثابت عند الشيعة والسنة.

فقد رواه أحمد في مسنده: 3/17:

(عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلي الله عليه وسلم، قال: إني أوشك أن أدعي فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي،كتاب الله حبلٌ ممدودٌ من السماء إلي الأرض وعترتي أهل بيتي وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فانظروني بم تخلفوني فيهما؟!).

وقد بلغت مصادر هذا الحديث من الكثرة وتعدد الطرق عند الطرفين بحيث أن أحد علماء الهند ألَّف في أسانيده وطرقه كتاب عبقات الأنوار من عدة مجلدات.

وعندما يقوم مذهب طائفة علي التمسك بوصية النبي بالثقلين، الثقل الأكبر القرآن والثقل الأصغر أهل بيت نبيهم.. فكيف يصح اتهامهم بأنهم لا يؤمنون بأحد ركني مذهبهم؟!

إن مثل القرآن والعترة - الذين هم المفسرون للقرآن والمبلغون للسنة في مذهبنا - كمثل الأوكسجين والهيدروجين، فبدون أحدهما لا يتحقق وجود مذهب التشيع..

ولم تقتصر تأكيدات النبي صلي الله عليه وآله علي التمسك بعترته علي حديث الثقلين، بل كانت متكررة وممتدة طوال حياته الشريفة، وكان أولها مبكراً في مرحلة دعوة عشيرته الأقربين - التي يقفز عنها كتَّاب السيرة في عصرنا ويسمونها مرحلة دار

ص: 376

الأرقم - يوم نزل قوله تعالي: وأنذر عشيرتك الأقربين، فجمع بني عبد المطلب ودعاهم إلي الإسلام، وأعلن لهم أن علياًّ وزيره وخليفته من بعده!

قال السيد شرف الدين في المراجعات ص 187:

(فدعاهم إلي دار عمه أبي طالب وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه، وفيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، والحديث في ذلك من صحاح السنن المأثورة، وفي آخره قال رسول الله صلي الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم شاباًّ في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني علي أمري هذا علي أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟ فأحجم القوم عنها غير علي - وكان أصغرهم - إذ قام فقال: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه، فأخذ رسول الله برقبته وقال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!). انتهي.

وتواصلت تأكيدات النبي صلي الله عليه وآله بعد حديث الدار في مناسبات عديدة، كان منها حديث الثقلين، وكان منها تحديد من هم أهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس..

ثم كان أوجها أن أخذ البيعة من المسلمين لعلي في حجة الوداع في مكان يدعي غدير خم.. وقد روت ذلك مصادر الفريقين أيضاً، وألَّف أحد علماء الشيعة كتاب الغدير من عدة مجلدات في جمع أسانيده وما يتعلق به.

3 - والشيعة عندهم قاعدة عرض الأحاديث علي القرآن:

ص: 377

من مباحث أصول الفقه عند الشيعة والسنة: مسألة تعارض الأحاديث مع القرآن، وتعارض الأحاديث فيما بينها.. وفي كلتا المسألتين يتشدد الشيعة في ترجيح القرآن أكثر من إخوانهم السنة.

فعلماء السنة مثلاً يجوِّزون نسخ آيات القرآن بالحديث حتي لو رواه صحابي واحد.. ولذلك صححوا موقف الخليفة أبي بكر السلبي من فاطمة الزهراء عليها السلام، حيث صادر منها (فدك) التي نحلها إياها النبي صلي الله عليه وآله وكانت بيدها في حياة أبيها، ثم منعها إرثها من أبيها صلي الله عليه وآله بدعوي أنه سمع النبي يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، يقصد أن ما تركه النبي يكون صدقة بيد الدولة..

واحتجت عليه فاطمة الزهراء عليها السلام بالقرآن، وقالت له كما روي النعماني المغربي في شرح الأخبار: 3/36: يا بن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك ولا أرث أبي..؟! لقد جئت شيئاً فرِياًّ.

فقال علماء السنة إن عمل أبي بكر صحيح، وآيات الإرث في القرآن منسوخة بالرواية التي رواه

أبو بكر وحده، ولم يروها غيره!

أما إذا تعارض الحديثان، فقد وضع العلماء لذلك موازين لترجيح أحدهما علي الآخر، ومن أولها عند الفريقين ترجيح الحديث الموافق لكتاب الله تعالي علي الحديث المخالف... إلخ.

وزاد علماء الشيعة علي ذلك أنه بقطع النظر عن وجود التعارض بين الأحاديث أو عدم وجوده، فإنه يجب عرض كل حديث علي كتاب الله تعالي، والأخذ بما وافقه إن استكمل بقية شروط القبول الأخري، ورد ما خالفه وإن

ص: 378

استجمع شروط القبول الأخري، ورووا في ذلك روايات صحيحة عن النبي وآله صلي الله عليه وآله..

ففي الكافي: 1/69:

(عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إن علي كل حقٍّ حقيقة، وعلي كل صواب نوراً، فما وافق كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه..

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: خطب النبي صلي الله عليه وآله بمني فقال: أيها الناس ما جاءكم عني يوافق كتاب الله فأنا قلته، وما جاءكم يخالف كتاب الله فلم أقله..

عن عبد الله بن أبي يعفور، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن اختلاف الحديث يرويه من نثق به ومنهم من لا نثق به؟ قال: إذا ورد عليكم حديث فوجدتم له شاهداً من كتاب الله أو من قول رسول الله صلي الله عليه وآله، وإلا فالذي جاءكم به أولي به...

عن أيوب بن الحر قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: كل شئ مردود إلي الكتاب والسنة، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف).

وفي تهذيب الأحكام للطوسي: 7/275:

(فهذان الخبران قد وردا شاذين مخالفين لظاهر كتاب الله، وكل حديث ورد هذا المورد فإنه لا يجوز

العمل عليه، لأنه روي عن النبي صلي الله عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام أنهم قالوا: إذا جاءكم منا حديث فاعرضوه علي كتاب الله، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالفه فاطرحوه أو ردوه علينا. وهذان الخبران مخالفان علي ما تري..). انتهي.

ص: 379

فكيف يتهم الشيعة بعدم الإعتقاد بالقرآن، والقرآن هو المقياس الأول في مذهبهم، وهم يخوضون معركة فكرية مع إخوانهم السنة ويكافحون من أجل تحكيم نصوص القرآن، وقد اشتهرت عنهم إشكالاتهم علي اجتهادات الخلفاء في مقابل نص القرآن والسنة، وما زال علماء السنة إلي عصرنا يسعون للإجابة علي هذه الإشكالات!

4 - وتاريخ الشيعة وثقافتهم مبنيان علي القرآن:

والشيعة ليسوا طائفة مستحدثة، بل جذورهم ضاربة إلي زمن النبي صلي الله عليه وآله، حيث كان عدد من الصحابة يلتفون حول علي عليه السلام، فشجعهم النبي صلي الله عليه وآله علي ذلك، ومدحهم، وأبلغهم مدح الله تعالي لهم، كما ترويه مصادر السنة والشيعة..

فقد روي السيوطي في الدر المنثور: 6/379:

(في تفسير قوله تعالي: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، فقال: وأخرج ابن عساكر، عن جابر بن عبد الله قال: كنَّا عند النبي صلي الله عليه وسلم، فأقبل علي، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة. ونزلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. فكان أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم إذا أقبل عليٌّ قالوا: جاء خير البرية.

وأخرج ابن عدي، وابن عساكر، عن أبي سعيد مرفوعاً: علي خير البرية.

وأخرج ابن عدي، عن ابن عباس قال: لما نزلت: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية. قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لعلي: هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين.

ص: 380

وأخرج ابن مردويه عن علي قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: ألم تسمع قول الله: إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية، أنت وشيعتك. وموعدي وموعدكم الحوض إذا جاءت الأمم للحساب، تدعون غراًّ محجلين). انتهي.

فعليٌّ وشيعته كانوا وجوداً مميزاً في زمن النبي صلي الله عليه وآله، وهم الذين كانوا مشغولين مع عليٍّ بجنازة النبي صلي الله عليه وآله، عندما بادر الآخرون إلي السقيفة ورتبوا بيعة أبي بكر، فأدان عليٌّ وفاطمة وشيعتهم هذا التصرف، واتخذوا موقف المعارضة..

وعندما بويع علي بالخلافة كانوا معه في مواجهة الإنحراف وتنفيذ وصية النبي صلي الله عليه وآله بالقتال علي تأويل القرآن.. ثم كانوا مع أبنائه الأئمة من أهل البيت عليهم السلام..

وعبر القرون كان الشيعة قطاعاً كبيراً حيوياًّ واسع الإمتداد في الأمة تمثل في مجتمعات ٍودولٍ، وتاريخٍ معروف مدون.. وثقافتهم ومؤلفاتهم كثيرة وغزيرة، وقد كانت وما زالت في متناول الجميع، ومحورها كلها القرآن والسنة، ولا أثر فيها لوجود قرآنٍ آخر!!

5 - وتفاسيرهم ومؤلفاتهم حول القرآن:

يمكن القول بأن عدد الشيعة عبر العصور المختلفة كان خُمْس عدد الأمة الإسلامية، وبقية المذاهب السنية أربعة أخماس.. فالوضع الطبيعي أن تكون نسبة مؤلفاتهم في تفسير القرآن ومواضيعه الأخري خمس مجموع مؤلفات إخوانهم السنة.

ص: 381

وإذا لاحظنا ظروف الإضطهاد التي عاشها الشيعة عبر القرون، نكون منصفين إذا توقعنا من علمائهم عُشْر ما ألفه إخوانهم السنة حول القرآن بل نصف العشر.. بينما نجد أن مؤلفات الشيعة حول القرآن قد تزيد علي الثلث!

وقد أحصت دار القرآن الكريم في قم التي أسسها مرجع الشيعة الراحل السيد الكلبايكاني رحمه الله، مؤلفات الشيعة في التفسير فقط في القرون المختلفة، فزادت علي خمسة آلاف مؤلف..

فكيف يصح أن نعمد إلي طائفة أسهموا علي مدي التاريخ الإسلامي أكثر من غيرهم في التأليف في تفسير القرآن وعلومه.. ونتهمهم بعدم الإيمان بالقرآن، أو بأن عندهم قرآناً آخر!!

6 - وفقه الشيعة في احترام القرآن أكثر تشدداً:

توجد مجموعة أحكام شرعية عند الشيعة تتعلق بوجوب احترام نسخة القرآن الكريم وحرمة إهانتها..

فلا يجوز عندنا مسُّ خط القرآن لغير المتطهر، ولا يجوز القيام بأي عمل يعتبر عرفاً إهانة للقرآن ولو لم يقصد صاحبه الإهانة، كأن يضع نسخة القرآن في مكان غير مناسب، أو يرميها رمياً غير لائق، أو ينام ونسخة المصحف في مكان مواجه لقدميه، أو يضعها في متناول طفل يسئ إلي قداستها.. إلي آخر هذه الأحكام التي تشاهدها في كتب الفقه العملي الذي يعلم الناس الصلاة والوضوء والأحكام التي يحتاجها الشيعي في حياته اليومية..

فأي قرآن تقصد هذه الأحكام التي تعلمها نساء الشيعة لأطفالهن..؟ هل تقصد قرآن الشيعة المزعوم الذي لا يعرفه الشيعة ولا رأوه؟!

7 - وفتاوي علماء الشيعة بعدم تحريف القرآن:

ص: 382

الذين يمثلون الشيعة في كل عصر هم علماؤهم، فهم الخبراء بمذهب التشيع لأهل البيت عليهم السلام، الذين يميزون ما هو جزء منه وما هو خارج عنه.. وعندما نقول علماء الشيعة نعني بالدرجة الأولي مراجع التقليد الذين يرجع إليهم ملايين الشيعة ويقلدونهم، ويأخذون منهم أحكام دينهم في كيفية صلاتهم وصومهم وحجهم، وأحكام زواجهم وطلاقهم وإرثهم، معاملاتهم..

فهؤلاء الفقهاء، الذين هم كبار المجتهدين في كل عصر، يعتبر قولهم رأي الشيعة، وعقيدتهم عقيدة الشيعة. ويليهم في الإعتبار بقية العلماء، فهم يعبرون عن رأي الشيعة نسبياً... وتبقي الكلمة الفصل في تصويب آرائهم وأفكارهم لمراجع التقليد.

وقد صدرت فتاوي مراجع الشيعة في عصرنا جواباً علي تهمة الخصوم فأجمعوا علي أن اتهام الشيعة بعدم الإعتقاد بالقرآن افتراءٌ عليهم وبهتان عظيم، وأن الشيعة يعتقدون بسلامة هذا القرآن وأنه القرآن المنزل علي رسول الله صلي الله عليه وآله دون زيادة أو نقيصة..

وهذه نماذج من فتاوي عدد من فقهاء الشيعة الماضين والحاضرين ننقلها ملخصة من كتاب البرهان علي صيانة القرآن للسيد مرتضي الرضوي ص 239، فما بعدها.

رأي الشيخ الصدوق:

(إعتقادنا أن القرآن الذي أنزله الله علي نبيه محمد صلي الله عليه وآله هو ما بين الدفتين وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك، ومبلغ سوره عند الناس مائة وأربع عشرة سورة.

ص: 383

وعندنا أن " الضحي " و " ألم نشرح " سورة واحدة، و " لإيلاف " و " ألم تر كيف " سورة واحدة - يعني في الصلاة - ومن نسب إلينا أنا نقول أكثر من ذلك، فهو كاذب).

رأي الشيخ المفيد:

(وأما الوجه المجوّز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان، وما أشبه ذلك مما لا يبلغ حد الإعجاز، ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن، غير أنه لا بد متي وقع ذلك من أن يدل الله عليه، ويوضح لعباده عن الحق فيه. ولست أقطع علي كون ذلك، بل أميل إلي عدمه وسلامة القرآن عنه).

رأي الشريف المرتضي:

(المحكي أن القرآن كان علي عهد رسول الله صلي الله عليه وآله مجموعاً مؤلفاً علي ما هو عليه الآن، فإن القرآن كان يحفظ ويدرس جميعه في ذلك الزمان حتي عين علي جماعة من الصحابة في حفظهم له، وأنه كان يعرض علي النبي صلي الله عليه وآله ويتلي عليه، وأن جماعة من الصحابة مثل: عبد الله بن مسعود، وأبي بن كعب وغيرهما ختموا القرآن علي النبي صلي الله عليه وآله عدة ختمات. وكل ذلك يدل بأدني تأمل علي أنه كان مجموعاًَ مرتباً غير منثور، ولا مبثوث).

رأي الشيخ الطوسي:

(وأما الكلام في زيادته ونقصانه، فمما لا يليق به أيضاً، لأن الزيادة فيه مجمع علي بطلانها، والنقصان منه فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا وهو الذي نصره المرتضي رحمه الله وهو الظاهر في الروايات.. ورواياتنا متناصرة بالحث علي قراءته، والتمسك بم

ص: 384

فيه، ورد ما يرد من اختلاف الأخبار في الفروع إليه. وقد روي عن النبي صلي الله عليه وآله رواية لا يدفعها أحد أنه قال: إني مخلف فيكم الثقلين، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض. وهذا يدل علي أنه موجود في كل عصر. لأنه لا يجوز أن يأمر بالتمسك بما لا نقدر علي التمسك به. كما أن أهل البيت عليهم السلام ومن يجب اتباع قوله حاصل في كل وقت. وإذا كان الموجود بيننا مجمعاً علي صحته، فينبغي أن نتشاغل بتفسيره، وبيان معانيه، ونترك ما سواه).

رأي الشيخ الطبرسي:

(فإن العناية اشتدت، والدواعي توفرت علي نقله وحراسته، وبلغت إلي حدٍّ لم يبلغه فيما ذكرناه، لأن القرآن معجزة النبوة، ومأخذ العلوم الشرعية والأحكام الدينية، وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية، حتي عرفوا كل شئ اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته، فكيف يجوز أن يكون مغيَّراً، أو منقوصاً مع العناية الصادقة، والضبط الشديد).

رأي الشيخ جعفر كاشف الغطاء:

(لا زيادة فيه من سورة، ولا آية من بسملة وغيرها، لا كلمة ولا حرف، وجميع ما بين الدفتين مما يتلي كلام الله تعالي بالضرورة من المذهب بل الدين، وإجماع المسلمين، وأخبار النبي صلي الله عليه وآله والأئمة الطاهرين عليهم السلام، وإن خالف بعض من لا يعتد به في دخول بعض ما رسم في اسم

القرآن... لا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان كما دل عليه صريح القرآن، وإجماع العلماء في جميع الأزمان، ولا عبرة بالنادر).

رأي السيد محسن الحكيم:

ص: 385

(وبعد، فإن رأي كبار المحققين، وعقيدة علماء الفريقين، ونوع المسلمين من صدر الإسلام إلي اليوم علي أن القرآن بترتيب الآيات والسور والجمع كما هو المتداول بالأيدي، لم يقل الكبار بتحريفه من قبل، ولا من بعد).

رأي السيد الميلاني:

الحمد لله وسلام علي عباده الذين اصطفي. أقول بضرس قاطع إن القرآن الكريم لم يقع فيه أي تحريف لا بزيادة ولا بنقصان، ولا بتغيير بعض الألفاظ، وإن وردت بعض الروايات في التحريف المقصود منها تغيير المعني بآراء وتوجيهات وتأويلات باطلة، لا تغيير الألفاظ والعبارات. وإذا اطَّلع أحد علي رواية وظن بصدقها وقع في اشتباه وخطأ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئاً).

رأي السيد الكلبايكاني:

(وقال الشيخ لطف الله الصافي دام ظله: ولنعم ما أفاده العلامة الفقيه والمرجع الديني السيد محمد رضا الكلبايكاني بعد التصريح بأن ما في الدفتين هو القرآن المجيد، ذلك الكتاب لا ريب فيه، والمجموع المرتب في عصر الرسالة بأمر الرسول صلي الله عليه وآله، بلا تحريف ولا تغيير ولا زيادة ولا نقصان،

وإقامة البرهان عليه: أن احتمال التغيير زيادة ونقيصة في القرآن كاحتمال تغيير المرسل به، واحتمال كون القبلة غير الكعبة في غاية السقوط لا يقبله العقل، وهو مستقل بامتناعه عادة).

رأي السيد الخوئي:

إن حديث تحريف القرآن حديث خرافة وخيال، لا يقول به إلا من ضعف عقله أو من لم يتأمل في أطرافه حق التأمل، أو من ألجأه إليه حب القول به،

ص: 386

والحب يعمي ويصم. وأما العقل المنصف المتدبر فلا يشك في بطلانه وخرافته.. إلخ).

قال (العاملي):

وقد أورد آراء عدد من كبار علماء الشيعة القدماء والمعاصرين..

وكتب (علي العلوي) بتاريخ 23 - 12 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

موقف الخليفة عمر من القرآن والسنة...

قال (العاملي):

وهو مقال طويل أيضاً من كتاب تدوين القرآن.

وكتب (JaCKoN جاكون) بتاريخ 24 - 12 - 1999، الثانية والربع صباحاً:

يا جماعة.. أنا قلت إن الخوئي يؤمن بالتحريف وذكرت هذه الجملة بالحرف: " إن كثرة الروايات علي وقوع التحريف في القرآن ورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الإطمئنان لذلك، وفيها ما روي بطريق معتبر ". فهل هذه جمله تحتمل التأويل؟؟

توقعت أن تكون الإجابة هي.. نعم، الخوئي يعتقد بالتحريف!

ثم إنه لم يرد علي العلماء الذين قالوا بالتحريف، ولم يفند؟ فعلام يدل هذا؟!

وكتب (علي العلوي) بتاريخ 24 - 12 - 1999، العاشرة ليلاً:

أعتقد أنك مدلس وانتقائي في النقل، وهذا أسلوب الضعيف.

ص: 387

أرجو أن تكون موضوعي في مناقشتك لأي موضوع، بعيداً عن الأهواء الطائفية.

http:/www.rafed.net/resala/salama2.html

قال السيد الخوئي: " إن بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه، فلا بد من حمل هذه الروايات علي أن ذكر أسماء الأئمة في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بد من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب والسنة والأدلة المتقدمة علي نفي التحريف.

وعلي فرض عدم الحمل علي التفسير، فإن هذه الروايات معارضة بصحيحة أبي بصير المروية في الكافي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قول الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول

وأولي الأمر منكم. النساء - 59. قال: فقال: نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم السلام. فقلت له: إن الناس يقولون: فما له لم يسم علياًّ وأهل بيته في كتاب الله؟

قال عليهما السلام: فقولوا لهم إن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمِّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً، حتي كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم هو الذي فسر لهم ذلك.

فتكون هذه الرواية حاكمة علي جميع تلك الروايات وموضحة للمراد منها، ويضاف إلي ذلك أن المتخلفين عن بيعة أبي بكر لم يحتجوا بذكر اسم الإمام علي عليه السلام في القرآن، ولو كان له ذكر في الكتاب لكان ذلك أبلغ في الحجة، فهذا من الأدلة الواضحة علي عدم ذكره في الآيات ".

السيد الخوئي يؤكد علي عدم التحريف، وإنما في اعتقادي أن التحريف المذكور في بعض الروايات إن صحت فالمقصود هو في التأويل والتفسير وليس في التنزيل.

ص: 388

وهذا مصداق الحديث عندما قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): أنا حاربت قريش علي التنزيل وأنت يا علي، تحاربها علي التأويل.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 25 - 12 - 1999، الثالثة صباحاً:

الأخ الكريم JaCKoN: جزاك الله خير، وسدد خطاك.

يا أخينا.. أنت تكلم الشيعة عن التحريف، وهم يتكلمون عن التأويل وشتان بين الإثنين.

والله إنهم لا يفقهون معني التحريف أصلاً وإلا لما ناقشوا هذا، وعلي كل حال لا بد لهم أولاً أن يكفروا من يعتقد بأن القرآن محرف ثم يدافعون!!

ولكن الحقيقة واضحة جلية فإنهم يطنطنون ويشنشنون علي عدم التحريف مع عدم التصريح بكفر من يعتقد بتحريف القرآن. بالله عليكم هل هذا منطق أو حجه يمكن الأخذ بها؟؟

وأخيراً: عسي الله يهديهم، ويهدينا لما يحب ويرضي.

وكتب (JaCKoN جاكون) بتاريخ 26 - 12 - 1999، الثانية صباحاً:

ردَّ الإخوة، وأطالوا وخرجوا عن الموضوع كثيراً، وليتهم ركزوا علي القضية بدل هذه المقدمات التي شرحوا فيها نواياي من طرح القضية.. مع أنه كان بإمكانهم أن يسألوني عن ذلك؟؟

وكل ما أطالوا شرحه يمكن الرد عليه باختصار:

أولاً: السنة تشرح القرآن.. أما أن.. ما هو شرح للقرآن؟.. فلم يقله أحد.

ثانياً: التحريف هو في اختلاف المتن.. أما ما هو اختلاف في التفسير، فلا يسمي تحريف إطلاقاً؟؟

ص: 389

ثالثاً: أحاديث التحريف موجودة ومتناثرة بالكتب ويمكنك الإطلاع عليها.. لم تقل بتحريف التفسير بل دائماً تكون بأسلوب: والله ما نزلت هكذا.. نزل جبرائيل بالآية هكذا.. إلخ.

لهذا فإني أعود لذي بدء، الخوئي قال: " هناك روايات في التحريف - هكذا تحريف - مقطوع صدورها عن الأئمة "! فأي تبريرات يضعها الإخوة فالجملة أوضح من الشمس في كبد السماء! ثم إن الطبرسي وغيره قد سبقوه في ما ذهب إليه!

فرجاء الإلتزام بالحوار العلمي وعدم اللف والدوران، لنصل إلي نتيجة، ولكم جزيل الشكر.

أخي العزيز الفاروق: أشكرك علي ردك، وأتمني من الله لك التوفيق وديمومة مشاركاتك المفيدة.

فكتب (علي العلوي) بتاريخ 26 - 12 - 1999، السادسة مساءً:

لماذا لا تكمل كلام السيد الخوئي إذا كنت محقاًّ في دعواك؟!

كفاك تدليساً!!

ثم ما رأيك في هذا؟ أجب بصراحة هل تعتقد بما يعتقد عمر:

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة

قال السيوطي في الدر المنثور: 6/422:

(وأخرج ابن مردويه، عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف

ألف حرف، وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين).

ص: 390

قال بعض العلماء: هذا العدد باعتبار ما كان قرآناً ونسخ رسمه وإلا فالموجود الآن لا يبلغ هذه العدة. ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد: 7/163، وقال:

(رواه الطبراني في الأوسط عن شيخه محمد بن عبيد بن آدم بن أبي إياس، ذكره الذهبي في الميزان لهذا الحديث، ولم أجد لغيره في ذلك كلاماً، وبقية رجاله ثقات..).

قال (العاملي):

إلي آخره، وقد تقدم شبيهه..

وما رأيك في هذا:

قال السيوطي في الدر المنثور: 5/179:

(وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال: أمر عمر بن الخطاب مناديه فنادي إن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: يا أيها الناس لا تجزعن من آية الرجم، فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب مع محمد..).

وقال في كنز العمال: 2/567:

(من مسند عمر رضي الله عنه، عن المسور بن مخرمة قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد فيما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها.

قال: أسقط فيما أسقط من القرآن. وقال في رواية أخري:.. فرفع فيما رفع!).

وكتب (جاكون) بتاريخ 27 - 12 - 1999، الخامسة مساءً:

ص: 391

أخي العلوي: كل ما ذكرت هي آيات منسوخة، سماها الخوئي " تحريفاً ".

فهل ترضي عن سعي الخوئي هذا في إثبات ال- " تحريف "؟

فكتب (علي العلوي) بتاريخ 27 - 12 - 1999، السابعة مساءً:

أنا أتحداك.. أن تنقل كلام السيد الخوئي كله لا ما تفهمه أنت، وليس قطع الجمل وعدم إكمال السياق.

عموماً هذا عمر وهو عندكم ليس كما الخوئي عندنا، وهو يدعي تحريف القرآن - معاذ الله - أن يكون محرف.. فما تقول؟

وكتب (جاكون) بتاريخ 28 - 12 - 1999، الثانية والنصف صباحاً:

أخي.. يبدو أنك تؤيد كلام الخوئي في إثباته " تحريف " الكتاب.. بقي أن تقبل باستنتاجه الذي توصل إليه في أن روايات المعصومين عن التحريف صحيحة؟؟

أما ما ذكرته فقد غضيت عنه الطرف لتركيزي علي قضية الخوئي.. إلا أني أرد هنا:

- الطبراني عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: القرآن ألف ألف حرف، وسبعة وعشرون ألف حرف، فمن قرأه صابراً محتسباً فله بكل حرف زوجة من الحور العين.

هذه رواية مكذوبة علي عمر. ضعيف الجامع للألباني، رقم الرواية 4133.

- السيوطي عن ابن عباس قال: أمر عمر بن الخطاب مناديه فنادي إن الصلاة جامعة، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: يا أيها الناس لا تجزعن من آية الرجم، فإنها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها، ولكنها ذهبت في قرآن

ص: 392

كثير ذهب مع محمد.. أوردها السيوطي في كتابه الإتقان تحت عنوان: ما نسخ تلاوته دون حكمه: 2/718.

- السيوطي من مسند عمر رضي الله عنه عن المسور بن مخرمة، قال: قال عمر لعبد الرحمن بن عوف: ألم نجد في ما أنزل علينا أن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة؟ فإنا لم نجدها. قال: أسقط فيما أسقط من القرآن. وقال في رواية أخري:... فرفع فيما رفع! أوردها السيوطي في الإتقان تحت عنوان: ما نسخ تلاوتها دون حكمه: 2/720.

وقول الراوي: أسقطت في ما أسقط من القرآن، أي نسخت تلاوتها في جملة ما نسخت تلاوته من القرآن.

بينما أورد الخوئي هذه الروايات في البيان ص 202 و ص 203 و ص 204 مقراًّ ب- " تحريف " كتاب الله ومثبتاً نظريته التي ذكرها فيما بعد عن المعصومين في " التحريف "..

أما ما تقول من تكملة الجملة، فأنت وغيرك يعلم أن الجملة تامة المعني.

ولو كنت قد قطعت المعني مدلساً لبادرت أنت إلي ذلك، وانتهي الحوار.. وأنا أعرف أن نيتك من المراوغة هو أن تطيل وأن تشوش.. بعدما تبين الحق.

والجملة كالآتي: " إن كثرة الروايات علي وقوع التحريف في القرآن تورث القطع بصدور بعضها عن المعصومين، ولا أقل من الإطمئنان لذلك وفيها ما روي بطريق معتبر ".

ولا حول ولا قوه إلا بالله العلي العظيم. لهذا... فأنا أتحداك أن تثبت أن الجملة مقطوعة؟

وبقي أن تعترف أنك بدفاعك عنه هنا تدافع عن التحريف.

ص: 393

وكتب (جاكون) أيضاً بتاريخ 29 - 12 - 1999، الثانية ظهراً:

بقي أن نعرف أن قذف القرآن بالتحريف ليس عيباً عندهم.. فقد قالها كبار مشايخ وآيات الشيعة.. نقلاً عن أئمة آل البيت.. المتواترة لكثرتها... والتي لا تقبل التأويل... وكثير من مدرسة الإخباريين يتبني هذا الإتجاه علانية... وليس الطبرسي وهاشم البحراني هم الأوائل... بل إن المعارضين لهؤلاء لا يملكون الدليل علي عصمة القرآن..

فالتراث الشيعي لا يملك دليلاً فاصلاً بعصمة القرآن... مروي من معصوم...

وإلا صار حجة يبطل به تيار " التحريف " داخل المذهب للأبد.

فالمدافعين عن القرآن يعرفون أن روايات الكليني والمجلسي لا تسعفهم.. بل حتي كتب الطوسي وابن بابويه لها نصيب في روايات التحريف.. فلهذا هم يعرفون أن التحريف يمثل رأي آل البيت والمشايخ عندهم.. بل ويعرفون أن نقض التحريف نقض لمذهب الإمامية..

ولأن العامة من الشيعة قد اندرست مع تيارات أهل السنة في اتجاه صيانة القرآن.. وكون الشيعة لا تملك بديلاً جاهزاً متفقاً عليه.. كما أنها لا تستطيع أن تحرف القرآن.. علي الأقل ما وصلها من روايات المعصومين.. كون ذلك يؤدي إلي خروجها عن الملة بنظر المسلمين.. وتضم إلي الملل الخارجة عنه صراحة.. فإنهم آثروا تغطيته بالتقية فهم علي دين من نشره فضحه الله..

فلهذا تجد أن تيار المدافعين عن القرآن يقولون كلمات خطابية في هذا الموضوع.. لأنهم لو امتلكوا دليلاً يؤيدهم.. لاتجهوا به إلي الداخل.. إلي المنادين بالتحريف أولاً.. قبل أن يلمعوا صورتهم بنفي التحريف أمام أهل السنة..

ص: 394

وكتب (علي العلوي) بتاريخ 30 - 12 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

عندما يكمل أي طالب للحقيقة ما بعد الجملة التي سردتهَّا يا أخ JaCKoN حول روايات التحريف، يتبين له مدي بعدك عن الحقيقة.. والتدليس الذي وقعت فيه والذي يخالف روح الإسلام ومنهج محمد المصطفي (صلی الله علیه و آله).

فالصفحات من 226 إلي 235.. تبين له أن السيد الخوئي يثبت أن لا يوجد تحريف في نص القرآن. وقد قسم روايات التحريف إلي أربع طوائف من الروايات.

الطائفة الأولي

وهي الروايات التي دلت علي التحريف بعنوانه، وأنها تبلغ عشرين رواية.. إلخ.

ص 229: أن الظاهر من الرواية الأخيرة تفسير التحريف باختلاف القراء، وإعمال اجتهاداتهم في القراءات.

ثم يسترسل في شرح كلامه وفي نفس الصفحة يقول: أما بقية الروايات، فهي ظاهرة في الدلالة علي أن المراد بالتحريف حمل الآيات علي غير معانيها، الذي يلزم إنكار فضل أهل البيت (علیهم السلام) ونصب العداوة لهم وقتالهم.

الطائفة الثانية

هي الروايات التي دلت علي أن بعض الآيات المنزلة من القرآن وقد ذكرت فيها أسماء الأئمة (علیهم السلام) وهي كثيرة.

الجواب ص 230: إنا قد أوضحنا في ما تقدم أن بعض التنزيل كان من قبيل التفسير للقرآن وليس من القرآن نفسه فلا بد من حمل هذه الروايات علي أن

ص: 395

ذكر أسماء الأئمة (علیهم السلام) في التنزيل من هذا القبيل، وإذا لم يتم هذا الحمل فلا بد من طرح هذه الروايات لمخالفتها للكتاب، والسنة، والأدلة المتقدمة علي نفي التحريف.. إلخ.

الطائفة الثالثة

هي الروايات التي دلت علي وقوع التحريف في القرآن بالزيادة والنقصان، وأن الأمة بعد النبي (صلی الله علیه و آله) غيرت بعض الكلمات وجعلت مكانها كلمات أخري.

والجواب في ص 233 عن الإستدلال بهذه الطائفة.. بعد الإغضاء عما في سندها من الضعف، أنها مخالفة للكتاب، والسنة، ولإجماع المسلمين علي عدم الزيادة في القرآن ولا حرفاً واحداً، حتي من القائلين بالتحريف.. إلخ.

الطائفة الرابعة

هي الروايات التي دلت علي التحريف في القرآن بالنقيصة فقط.

والجواب عن الاستدلال بهذه الطائفة - الصفحة ذاتها -: أنه لا بد من حملها علي ما تقدم في معني الزيادات في مصحف أمير المؤمنين (علیه السلام) وإن لم يمكن ذلك الحمل في جملة منها، فلا بد من طرحها لأنها مخالفة للكتاب والسنة.. إلخ.

علي أن أكثر هذه الروايات بل كثيرها ضعيفة السند. وبعضها لا يحتمل صدقه في نفسه.

وقد صرح جماعة من الأعلام بلزوم تأويل هذه الروايات أو لزوم طرحها.. إلخ.

انتهي كلام السيد الخوئي رحمة الله عليه. وهو برئ مما ادعي الأخ.

ص: 396

وإن كان الأخ طالب حق، فهذا هو الحق. وإن كان طالب فتنة، وعدو للحقيقة، فالحكم بيننا وبينه الله ورسوله.

فكتب (جاكون) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

هل هناك إهانة للقرآن أشد من أن يوصف بالتحريف؟!

الخوئي اعترف بالتحريف من حيث لا يعلم بتوثيق دعاء صنمي قريش!!

ثم إنه لا يجوز أن يكون المنافس حكماً، ولا المجني عليه قاضياً؟؟

فنظريته في تحكيم أحاديث التحريف للقرآن لم يسبق إليها؟ بل وتضحك الثكلي.

والأدهي أنه استدار لأهل السنة ليخفف من وطأة المصيبة، مع أن مقالة التحريف هذه سمع بها النصاري في زمان ابن حزم في أقصي الأرض في الأندلس وقبل أن يولد البحراني والمجلسي والنوري الطبرسي، فعن ماذا يدافع؟ ومما يوضح إفلاسه.. أنه استدار إلي أهل السنة.. وصار يوجه الإتهامات بكل اتجاه.. فسمي النسخ والقراءات تحريفاً... مخالفاً علماء الشيعة أنفسهم.

فكتب (علي العلوي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، التاسعة مساءً:

ما هذا الكلام؟!!!

السيد الخوئي يناقش الموضوع بصورة علمية وليس عاطفية، ولا من أجل تسجيل نقاط عليكم في ذكره لأحاديث التحريف عندكم، فالسيد الخوئي ليس من عشاق كرة القدم!!

فهو ناقش قضية الأحرف السبعة، وهذا خلاف بيننا وبينكم قديم، وفيه مقالات للإمام الصادق عليه السلام أن القرآن نزل علي حرف وليس سبعة!

ونقاش السيد الخوئي هنا علمي بحت، والمنصف يقدر أسلوبه..

ص: 397

أما من يريد الفتنة ومن يقرأ الكلام بالمقلوب، فهذه مشكلته الشخصية مع شيعة محمد وآله..

أما دعاء صنمي قريش، فأرجو منك أن تقرأ بعد التوثيق ماذا قال.. يث فسر التحريف في المعني.

وقلت: " فالنوري الطبرسي أحصي 1800 رواية في التحريف عند الشيعة ".

وعليه.. وبحسبة بسيطة 90 بالمئة.. تسع أضعاف 10 بالمئة.. فمعناه أن لدي أهل السنة 16200 رواية.. فأين وجدها؟؟ وهم الذين لم يؤلفوا كتاباً ولا باباً في هذا المعني كله.

أنت قلت: " الطبرسي قال أن هناك 1800 ".

الرجاء ذكر المصدر الأصلي، وليس الرد السعودي والطبعة ورقم الصفحة.. ولكل حادثة حديث.

الرجاء منك عدم استخدام ألفاظ غير مؤدية كقولك " إفلاسه "! بإمكانك استخدام آلاف الكلمات المؤدبة، بدل هذه الكلمة الغير مهذبة.

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 8 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

إلي JACKON صاحب الإفتراء، وإلي الفاروق الذي لم يفرق بين الحق والباطل:

ستجدان رداًّ كافياً وشافياً علي الإفتراء في موضوع:

(أتحداك يا JACKON ولعنة الله ورسوله علي الكاذبين) علي العنوان التالي:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002411.html

ص: 398

وأختم بقول الله سبحانه وتعالي: ومن أظلم ممن افتري علي الله كذباً، أولئك يعرضون علي ربهم، ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا علي ربهم، ألا لعنة الله علي الظالمين.

وانتهي الموضوع ولا من جاكون وفاروق!

وكتب المدعو (نصير آل البيت) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 22 - 6 - 1999، التاسعة مساءً، موضوعا بعنوان (علماء الرافضة يقولون بتحريف القرآن.. علماء معاصرون نموذجاً)، قال فيه:

أ - السيد محسن الحكيم.

ب - السيد أبو القاسم الخوئي.

ج - روح الله الخميني.

د - الحاج السيد محمود الحسيني الشاهرودي.

ه - الحاج السيد محمد كاظم شريعتمداري.

و - العلامة السيد علي تقي التقوي.

طعنهم بالقرآن بسبب توثيقهم لدعاء صنمي قريش الذي يحوي الطعن بالقرآن.

ونذكر مقدمه الدعاء:

اللهم صل علي محمد وآل محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيها وإفكيها وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وصيك وجحدا أنعامك وعصيا رسولك، وقلّبا دينك وحرّفا كتابك.. اللهم العنهم بكل آية حرفوها...

فكتب (هاشم) بتاريخ 23 - 6 - 1999، الرابعة صباحاً:

ص: 399

أنقل لكم كلام السيد الخوئي تغمده الله برحمته في توضيح المقصود من تحريف الكتاب.. قال:

" وأما بقية الروايات التي جاء فيها تحريف القرآن بعنوانه فهي ظاهرة في الدلالة علي أن المراد بالتحريف حمل الآيات علي غير معانيها ". البيان ص 229.

فالسيد الخوئي رحمه الله يقول بأن التحريف المقصود في الروايات هو حمل الآيات علي غير معانيها.. وهذا النوع من التحريف واقع قطعاً..

والسيد الخوئي قد خصص في تفسيره القيم باباً كاملاً يزيد عن (30) صفحة في إثبات صيانة القرآن عن التغيير..

والسيد الخميني رحمه الله وجميع العلماء المعاصرين ينفون التحريف أيضاً، ولا دليل في توثيقهم لدعاء صنمي قريش - إن صح ادعاؤك - علي اعتقادهم بتحريف القرآن بالزيادة والنقصان..

لأن التحريف تارة يقصد به التحريف اللفظي بالزيادة والنقصان، وأخري يقصد به التحريف المعنوي بحمل الآيات علي غير معانيها. راجع بحث نفي التحريف في تفسير البيان.

وقد قال السيد الخميني: إن الواقف علي عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه، قراءة وكتابة، يقف علي بطلان تلك الروايات المزعومة... والسلام.

فكتب (عرباوي) بتاريخ 23 - 6 - 1999، الثانية ظهراً:

أين أنت يا مفترٍ.. لم لا تدافع عن رأيك؟!!

مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها هوي.

وكتب (هاشم) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الثانية والربع ظهراً:

ص: 400

إضافةً: قال الإمام السيد محسن الحكيم في فتواه:

" فإن رأي كبار المحققين وعقيدة علماء الفريقين ونوع المسلمين من صدر الإسلام إلي اليوم علي أن

القرآن بترتيب الآيات والسور والجمع كما هو المتداول بين الأيدي لم يقل الكبار بتحريفه من قبل ولا من بعد ".

فيظهر بطلان قول (نصير) في اتهامه الإمام السيد محسن الحكيم بالإعتقاد بتحريف القرآن. والسلام.

وكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الثالثة ظهراً:

هذه روايتك عن علماء الشيعة..كذَّبها الأخوة الأعزاء.

ولكن روايتكم لرأي عمر القاطع بتحريف القرآن ليس بإمكانك تكذيبها، لأن راوي عدد منها البخاري!!

فهل تريد نموذجاً من أقواله في التحريف، برواية البخاري ومسلم؟!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 8 - 1999، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

باختصار: ما هو حكم من اعتقد أن القرآن الذي بين أيدينا محرف؟

وما حكم من اعتقد أن القرآن الصحيح هو الموجود مع صاحب السرداب؟

وكتب (الدكتور جايكل) 7 - 8 - 1999، الثالثة ظهراً:

هكذا أنتم تتباكون دائماً عند كشف الحقيقة... وهي حقيقة من حقائق، فلماذا؟

شدوا حيلكم أيها الروافض، والحمد لله أن شرككم باين.

فكتب (القطيف) بتاريخ 7 - 8 - 1999، السابعة مساءً:

ص: 401

وهل سمعتم عن الكتاب السري الذي يحتفظ به كبار (الكوكو) وهو مكتوب في لندن.. وترجمه أحد جواسيس بريطانيا، والكتاب هو الأساس لمذهب (الكوكو) واسمه: تغيير المسار.. وهدفه تدمير الإسلام ومحاربته من الداخل؟

ومن محصلة تلك الحرب تدمير المذهب الشافعي في الأحساء علي يد (الكوكو).. والدور علي المذهب المالكي.

ومن علامات الحرب الخفية الطعن في الأزهر الشريف وعلمائه والتقليل من شأنهم، كما حدث للمرحوم الشيخ الغزالي حين تطاول عليه (الكوكو) وكفروه، وبعضهم أحل دمه.

إن الخطر (الكوكوي) مدعوم بريطانياًّ في السابق، وأمريكياًّ - CIA - بالتحديد.. حالياً، عبر الدعم الخفي للطالبان للسيطرة علي أفغانستان وتشكيل صورة مشوهة ومنحرفة للإسلام، وذلك لإعاقة تحركه وانتشاره.

ويقول محلل سابق للمخابرات الأمريكية: إن الغرب يخافون من الإسلام التقدمي، ولذلك وضعوا خطة لتشكيل صورة مشوهة لاستقطاب الشباب المسلم بدلاً صمن الحركة الإسلامية الصافية.

إن (الكوكو) مذهب أنشئ علي أساس محاربة الإسلام وتدمير الخلافة الإسلامية - السنية - فلهذا يجب علي المنتمين له وأغلبهم بحسن نية.. ندعوكم لترك هذا الفكر المنحط.. والذي لم يخرج مفكراً واحداً حتي الآن! دلالة علي عقمه عن استخدام العقل.

الله الله في أنفسكم.. أتباع (الكوكو).

أتركوا هذا الفكر والذي لن يجني إلا الدمار لدين محمد (صلی الله علیه و آله).

ص: 402

الفصل الثاني عشر: الثقلان.. القرآن والعترة

اشارة

ص: 403

ص: 404

الثقلان.. القرآن والعترة

كتب (مشارك) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 17 - 2 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (هل هناك فرق بين الثقل الأكبر والقرآن الموجود بأيدينا يا إمامية)، قال فيه:

هل تعتقدون أن هناك فرق بينهما؟ ما هي الفروقات؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 17 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

وهل ستدافع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله ضد من يقول بأنه كان يسب ويلعن ويجلد من ليس بأهل لذلك من المسلمين؟؟ أرجو ذلك.

فالموضوع كان الدفاع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله، وكل من يطعن به صلي الله عليه وآله يجب الوقوف بوجهه وفضحه والطعن به، سواء أكان الإمام الخميني كما تعتقد أنت، أو غيره من أئمتك وصحابتك.. أم إنك تري الدفاع عنه صلي الله عليه وآله يكون ضد الإمام الخميني فقط..

ومن يطعن فيه من أئمتك وصحابتك يجب السكوت عنهم ولا يجوز الدفاع عنه صلي الله عليه وآله؟! إصحَ يا مشارك.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (مشارك) بتاريخ 17 - 2 - 2000 - الثامنة والنصف مساءً:

ص: 405

أين العاملي؟

أين الموسوي؟

أين جعفري؟

أين رؤوف؟

أين رحمة العاملي؟

أين التلميذ الحقيقي؟

أين رائد جواد؟

أين البقية؟

هل هذا السؤال صعب عليكم إلي هذا الحد؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 17 - 2 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

وهل صعب عليك أن تدافع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله؟؟

أم أنك تتحفظ علي كرامة علمائكم بالسكوت عن طعنهم بخير خلق الله صلي الله عليه وآله؟!

وهل علماؤكم وصحابتكم عندكم أفضل من خير خلق الله صلي الله عليه وآله؟

سكوتك يا مشارك ينطق بالجواب ويدل عليه.

إيه يا مشارك، كشفتم عن عقيدتكم والتي طالما كنتم تخفونها!

والمشكلة إنك تتهم الشيعة بالباطنية وأنتم تخفون عقيدتكم هذه لا تتجرؤون بالحديث عنه!

وبعد هذا تزعمون أنكم أهل السنة؟؟

يا أخي أي سنَّة.. أنتم تطعنون بصاحبها صلي الله عليه وآله وهو خير خلق الله؟؟!

وكيف تقبلون بسنة وأنتم تطعنون بصاحبها صلي الله عليه وآله؟؟!

ص: 406

الله يستر عليك يالمشارك، واصحَ يا مشارك!

السلام عليك يا بضعة المصطفي، يا فاطمة الزهراء.

فكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 2 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

أهلاً بك يا مشارك.

سؤالك عن أحد الثقلين.. فإن كنت تعترف بصحة حديثهما..

وأنهما حجة عليك بعد نبيك.. أجبناك، وإلا...

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الواحدة ليلاً:

مساك الله بالخير يا مشارك.. ولا تنسَ تردّ علي هالموضوع..

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001915.html

ننتظر الرد يا مشارك.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثالثة صباحاً:

يا فاطمي:

تذهب وتتباكي للمشرف البصري عندما كتب أخونا عمر تعليقاً علي أحد مواضيعك خارج عن الموضوع الأساس، فيحذف المراقب تعليق عمر، وتأتي الآن لتفعل نفس الشئ معي بأسلوب الكذب والبهتان الذي تدينون الله به! وعندما أتجاهل الرد عليك، تقول لنا ما لم نقل كعادة الزنادقة في وضع الروايات، والآن هل من مجيب؟

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثالثة والنصف صباحاً:

الزميل مشارك.. حياك رب الناس حياكا!

ص: 407

قلت: " تذهب وتتباكي للمشرف البصري.. إلخ ".

أقول يا زميلي الألد: هل تريد أن تعرف من الذي يتباكي؟؟

إدخل هنا لتعرف يا اللدود يا لدود.

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum1/HTML/001024.html

قلت: " وتأتي الآن لتفعل نفس الشئ معي بأسلوب الكذب والبهتان الذي تدينون الله به ".

أقول: يا مشارك، ما قلته أنا هو مجرد تذكير لك لأن تدافع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله، والمفروض إنك تفرح وتبين همتك للدفاع عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله، لا أن.. تزعل وتمدّ بوزك.. بس فالح تردّ علي البغدادي. وأشكرك علي ردك عليه.

وإذا أردت أن تعرف أسلوب الكذب والبهتان.. فراجع هذه العناوين يا مشارك.

السلام عليك يا بضعة المصطفي، يا فاطمة الزهراء.

وكتب (الفاطمي) أيضاً بتاريخ 18 - 2 - 2000، الرابعة إلا ربعاً صباحاً:

الزميل مشارك.. صبحك الله بالخير:

تكملة الرد.. ونأسف للخلل الغير مقصود يا زميلي الألد.

وإذا أردت أن تعرف أسلوب الكذب والبهتان، فراجع هذه العناوين يا مشارك.

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002039.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002026.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001648.html

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum1/HTML/000996.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002036.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001346.html

ص: 408

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002222.html

أدخل هنا لتعرف من الذي يستعمل أسلوب الكذب والبهتان.

وأنتم تفترون علي سيدة نساء أهل الجنة سلام الله عليها، وعندما نردُّ علي افتراءاتكم تهربون من النقاش إلي غير رجعة!!

بل ويصر البعض علي الإفتراء عليها سلام الله عليها، مثل الناصبي جاككككون!!

بل وتفترون علي من خير منها أبوها صلي الله عليه وآله!!

والذي إلي الآن ترفض الدفاع عنه يا مشارك، " هارد لك ".. مشارك، وحظاًّ أوفر المرة القادمة.

السلام عليك يا بضعة المصطفي، يا فاطمة الزهراء.

وكتب (العسكري) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الرابعة إلا عشر دقائق صباحاً:

هذه لك أخي الفاطمي الحبيب:

إذا شئت أن ترضي لنفسك مذهباً … ينجيك يوم البعث من لهب النار

فدع عنك قول الشافعي ومالك … وأحمد والمروي عن كعب أحبار

ووالِ أناساً قولهم و حديثهم … روي جدنا عن جبرئيل عن الباري

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثالثة ظهراً:

يبدو أنكم لا تريدون الجواب علي هذا السؤال الحساس، وعليه فلا بأس أن نطرح هذه الإجابة وهي من إجابات المرجع الديني آية الله العظمي الميرزا جواد التبريزي، وهو أحد أبرز مراجع التقليد وأساتذة الأبحاث العليا في الحوزة العلمية:

ص: 409

س 21: هناك رأي يقول: إن أهل البيت (علیهم السلام) أفضل عند الله من القرآن الكريم، فما هو تعليقكم؟

ج 21: القرآن يطلق علي أمرين:

الأول: النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس.

الثاني: ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة، وهو الذي ضحي الأئمة (علیهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به، وهو الثقل الأكبر، ويبقي ولو ببقاء بعض نسخه.

وأهل البيت (علیهم السلام) الثقل الأصغر، وأما القرآن بالمعني الأول الذي يطلق علي كل نسخة فلا يقاس منزلته بأهل البيت (علیهم السلام) بل الإمام قرآن ناطق، وذاك قرآن صامت، وعند دوران الأمر بين أن يحفظ الإمام (علیه السلام) أو يتحفظ علي بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة، فلا بد من اتباع الإمام (علیه السلام) كم

وقع ذلك في قضية صفين، والله العالم.

والآن هل هناك من يبين لنا حقيقة الفروق بين القرآن الذي بأيدينا، والثقل الأكبر حسب عقيدتكم؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الرابعة عصراً:

وهذا هو مكان الموضوع الأساس:

http://www.tabrizi.org/htm/rd/a/r.htm

وكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الخامسة إلا ربعاً مساءًَ:

يا مشارك.. لا يشكك في حديث الثقلين إلا جاهلٌ أو ناصب..

فاختر لنفسك!

وجواب الميرزا التبريزي حفظه الله جواب عميق، لو فهمته!!

ص: 410

وكأنك تحتاج إلي تفكير يوم.. حتي تفهم الفرق بين القرآن ونسخة القرآن؟!

فالنبي صلي الله عليه وآله أوصي بالقرآن الذي أنزل وسماه الثقل الأكبر.. ولم يوصِ بنسخ معينة مخطوطة أو مطبوعة!

وقد ضحي الأئمة عليهم السلام من أجل القرآن، وليس من أجل نسخ مخطوطة أو مطبوعة!

أما درست الكلي، والمصداق؟!

وكتب (فرزدق) بتاريخ 18 - 2 - 2000، السادسة مساءً:

أحسنت يا شيخنا العاملي.

ولكن هل تظن بأن مشارك يفهم هذه الأمور.

وما هو سوي " واحد بتاع كمبيوتر!! " كما قالها لك في (هجر) يوم كانت (أنا العربي).

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 2 - 2000، السابعة مساءً:

لماذا لا توضح عقيدتك أكثر يا عاملي في الفرق بين القرآن الذي بأيدينا والثقل الأكبر.

والسؤال بطريقة أوضح:

هل تعتقدون بوجود آيات في الثقل الأكبر قام الصحابة بحذفها منه، فأصبح القرآن الذي بأيدينا يفتقد لتلك الآيات؟ أو أن إمامكم المهدي سوف يقرأها بغير القراءة الحالية؟

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، السابعة والنصف مساءً:

ص: 411

حبيب ألبو يا مشارك..

أين ردك يا جبان، وألم أقل لك: أبو طبيع.. ما يترك طبعه!

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثامنة إلا خمس دقائق مساءً:

ما هو الفرق بين القرآن ونسخة القرآن؟

القرآن هو كلام الله تعالي الذي حفظه من التحريف، والموجود في المصاحف التي هي بين أيدي المسلمين في جميع أنحاء العالم.

ولذلك فإن نسخة القرآن يجب أن تكون هي القرآن بالضبط، وإلا فإنها ليست نسخة القرآن.

جواب التبريزي يقول أن هناك قرآنان!!! قرآنان وليس واحد.. يا سلام سلِّم!

لا ندري أين التبريزي هذا عن النصاري الذين يقولون بأن هناك إصدارات عديدة من كتابهم المقدس!

هل التبريزي هذا يبغي أن يجر الشيعة إلي وضعية أقرب إلي النصاري من الإسلام.. تقديس الأئمة كما يقدس النصاري المسيح، ومن ثم تعدد الكتب كما هو عند النصاري!

القرآنان الذين يزعم التبريزي هذا وجودهما هما: أحدهما: هو القرآن الموجود بين يدي الناس، وهذا القرآن هو الذي موجود بين أيدي المسلمين ويؤمنون بأن الله سبحانه وتعالي حفظه من التحريف كما تعهد بنفسه جل وعلا.

الثاني: هو ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة حسب قول التبريزي...

ص: 412

أي أن التبريزي يؤمن بأن القرآن الذي هو موجود عند المسلمين والذي نقرأ مصاحفه كل يوم، هو غير القرآن الذي نزل علي النبي صلي الله عليه وسلم بواسطة جبرئيل!

والدليل علي ذلك أنه قال أن هناك قرآنان، بينما المسلمون جميعاً يؤمنون بأن القرآن الموجود بين يدي الناس هو نفسه الذي أنزله الله جل وعلا علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم وتعهد بحفظه أيضاً. التبريزي قال:

إن الثقل الأكبر المذكور في حديث الثقلين - بغض النظر في مسألة صحة الحديث - هذا الثقل الأكبر ليس هو القرآن الموجود عند المسلمين الآن حسب قول التبريزي، ولكنه قرآن آخر غيره - بغض النظر عن أن التبريزي هذا يكون بذلك أحد القائلين بتحريف القرآن الكريم - وهذه مصيبة.

إن الثقل الأكبر الذي تتنادي به الشيعة لا يعرفه المسلمون ولم يطلعوا عليه في يوم من الأيام - حسب ما يستنتج من كلام التبريزي - فكيف يتمسك الناس بشئ لم يطلعوا عليه في حياتهم أبداً؟!

هل يتمسكون بأوهام، أم بحقائق مؤكدة موجودة أمامهم.. هذه إشكالية أخري من إشكاليات عقائد الشيعة.

وكتب (أوال) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

الزميل مشرك..

لقد تبين مدي التدليس والكذب الذي وقعت فيه!

مسكين.. نقلت لنا الوصلة التي نقلت منها الكلام للمرجع التبريزي وورطت نفسك.. لأنك دجال!

وأراد الله أن يوقعك في شر أعمالك.

ص: 413

لماذا اقتطعت الكلام التالي وتركت السالف رغم أن الموضوع متتالي، وهذا هو كما هو مكتوب في الوصلة التي أرسلها مشرك:

س 19: ما رأيكم في من يعتقد بتحريف القرآن الكريم ويعتمد علي روايات متعددة في البحار والكافي وغيرهما من الكتب؟

بسمه تعالي

ج 19: التحريف له معانٍ: منها ما يطلق علي المحل غير حقيقته.. ومنها التحريف بعنوان الزيادة والنقصان. فالقسم الثاني باطل كما ذكرنا في البحث. والرواية الواردة في التحريف إما راجعة إلي التحريف بالمعني الذي ذكرناه، أو أنها ضعيفة سنداً لا يمكن الإعتماد عليها ولا يسع المجال للتوضيح بأزيد من ذلك، والله العالم.

القرآن الذي بين أيدينا صحيح

س 20: هل صحيح بأن القرآن المتداول بين أيدي المسلمين غير الحقيقي، والقرآن الحقيقي هو عند الإمام الحجة عجل الله فرجه؟

بسمه تعالي

ج 20: هذا غير صحيح، إنما الوارد هو أنه (علیه السلام) بعد ظهوره يقرأ هذا القرآن في بعض الموارد علي خلاف القراءة الفعلية، ويبين بعض الموارد التي فسرت علي خلاف الواقع، ولو في التفاسير المشهورة، والله العالم.

علاقة أهل البيت (علیهم السلام) بالقرآن

س 21: هناك رأي يقول إن أهل البيت (علیهم السلام) أفضل عند الله من القرآن الكريم، فما هو تعليقكم؟

ص: 414

بسمه تعالي

ج 21: القرآن يطلق علي أمرين:

الأول: النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس.

الثاني: ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة، وهو الذي ضحي الأئمة (علیهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به، وهو الثقل الأكبر، ويبقي ولو ببقاء بعض نسخه، وأهل البيت (علیهم السلام) الثقل الأصغر.

وأما القرآن بالمعني الأول الذي يطلق علي كل نسخة فلا يقاس منزلته بأهل البيت (علیهم السلام) بل الإمام قرآن ناطق، وذاك قرآن صامت وعند دوران الأمر بين أن يحفظ الإمام (علیه السلام) أو يتحفظ علي بعض النسخ المطبوعة أو المخطوطة، فلا بد من اتباع الإمام (علیه السلام) كما وقع ذلك في قضية صفين، والله العالم.

أرأيت التدليس؟ فالجواب موجود.. ولكنك تريد أن تكذب وحسب.

ثم تعال.. لماذا تسمي نفسك مشرك (كذا) هل تتبرك بالشرك؟ هل تشرك الطغاة.. من تسمونهم ولاة الأمر، مع الله؟ أستغفر الله.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 18 - 2 - 2000، العاشرة إلا عشراً مساءً:

لم تحل شيئاً من غموض ما يقوله التبريزي؟

جميع المسلمين يؤمنون بأن القرآن الموجود في المصاحف التي هي عند المسلمين هو نفسه القرآن المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، ومن يؤمن بغير ذلك فهو زنديق يقول بتحريف كلام الله عز وجل.

التبريزي يفرق بين قرآنين:

الأول: النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس.

ص: 415

الثاني: ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة، وهو الذي ضحي الأئمة (علیهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به، وهو الثقل الأكبر، ويبقي ولو ببقاء بعض نسخه.

لا تزال الإشكالية موجودة في كلام التبريزي رغم أنه ينكر التحريف، ولكنه يقر به ضمنياً في كلامه هذا، عندما يفرق بين القرآن الموجود بين أيدي الناس وبين القرآن الذي نزل علي سيدنا محمد.. ويسميه الثقل الأكبر ويدعو الناس للتمسك به.. كيف يتمسك الناس بذاك القرآن الذي هو غير القرآن الذي هو بين أيديهم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، العاشرة مساءً:

لله أبوك.. كيف يشتغل ذهنك العبقري؟!

فلو أردنا أن نفكر مثلك لقلنا: محمد إبراهيم.. شخص من كارتون!

والدليل علي ذلك أن صورته من كارتون، وهو عين صورته!!

هذا هو منطقك الهوائي، الذي لا يفرق بين القرآن الذي أنزله الله تعالي علي رسوله..

وبين نسخه المخطوطة والمطبوعة!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الخامسة مساءً:

لا زال السؤال قائماً يا روافض:

ما هو الفرق بين القرآن الموجود بأيدينا والثقل الأكبر في عقيدتكم؟

لماذا تتهربون من الإجابة علي هذا السؤال؟

وكتب (فرزدق) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الخامسة والنصف مساءً:

ص: 416

لله درُّك يا شيخنا العاملي.. فخير الكلام ما قل ودل..

ولكن كيف يفهم من لم يقرأ من المنطق صفحة واحدة؟!

وحقك.. لقد كنت أظن بأن محمد إبراهيم يمتلك مقداراً من العلم.. ولكن خاب ظني.

فهو لم يفهم معني: الحاكي.. ولم يفرق بين المفهوم الكلي والمصداق.

فكيف سيفهم معني الحمل الشائع الصناعي!!!

والذي يكون بين المتحدين في الوجود والمصداق، المختلفين في المفهوم والتعريف!!

وهو محل الكلام.

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الثامنة مساءً:

لعل محمد إبراهيم انتبه إلي خطئه، والحمد لله.

فخلفه مشارك مصراًّ في الخلط بين الكلي والمصداق!!

أهلاً بك يا مشارك، وسأجيبك بما أعتقد، وهو أثقل عليك من جواب سماحة المرجع الشيخ جواد التبريزي دام ظله:

فاعلم: أن المقايسة بين النبي والقرآن.. غلط!

فهي تشبه المقايسة بين الدستور والحاكم.. فكلاهما ضرورة.

والنظر إليهما يكون من جوانب:

فمن ناحية التطبيق: لا نفع للدستور بلا حاكم ينفذه، ولا نفع للحاكم بلا دستور.

ومن ناحية حاجة الناس: لو دار أمرُ بلدٍ أن يخسر حاكمه أو دستوره، فقد يفضل خسارة الحاكم علي الدستور!

ص: 417

إنها مقايسات بين موجودين من نوعين، ولذلك ليست دقيقة!!

وإن أبيت إلا الإصرار واللجاج، فأقول:

الرسول صلي الله عليه وآله أفضل من القرآن، سواء أخذناه بمعني الوحي الذي أنزله الله تعالي علي رسوله صلي الله عليه وآله، أو بمعني النسخ والكلام الموجود بأيدينا.

والأئمة من أهل بيت النبي صلي الله عليه وعليهم، هم امتدادٌ ربانيٌّ للنبي، وهم معه أينما فرضته، فوجودهم جزءٌ متصلٌ من وجوده..

والصلاة عليهم فريضةٌ علي الأمة مع الصلاة عليه..

وهم معه ملحقون بدرجته يوم القيامة.. وهم معه حكام المحشر.. ومعه في درجة الوسيلة في أعلي الفردوس.. وإن رغم أنف من رغم!!

وحديث الثقلين عندما جعل القرآن الثقل الأكبر.. وجعل العترة الثقل الأصغر، ليس معناه أنه فضل القرآن عليهم، بل معناه أن الله تعالي شدد علي الأمة في الإيمان بالقرآن أكثر، لأنه الأساس والمدخل إلي الإيمان بالله تعالي وبالنبي وآله.. وهذا أمرٌ غير الأفضلية.

فأهل البيت عليهم السلام، هم مبيّنو القرآن الشرعيون، وبهم تفهم عقيدته وأحكامه، ولا يكون حجةً إلا بهم.

ثم.. إليك جواباً أعمق منه وأثقل أيها ال-...:

ثَبُتَ عندنا بالأحاديث الصحيحة الصريحة أن الله تعالي أول ما خلق نور محمد وآله صلي الله عليهم.. فهم أفضل المخلوقات، ومنها الملائكة والأنبياء والقرآن والكتب المنزلة المخلوقة.

وبهذا النور أفاض الله الوجود علي ما خلقه بعدهم.. أما كيف ذلك؟

فلا نحن ولا أنت نعرف قوانين خلقه تعالي للكون.

ص: 418

وكل ما نعرفه أن الصادق الأمين أخبرنا عنه، فصدقناه.

وإلي الأمس يا مشارك كانت النظرية العلمية السائدة أن بداية الكون من سديم.

ثم قالوا إن مائعاً كان قبل السديم..

ولعلهم يصلون إلي النور الذي أخبرنا عنه الله تعالي علي لسان الصادق الأمين صلي الله عليه وآله!!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الثامنة والنصف مساءً:

أهلاً بالأخ العزيز الفرزدق.. أشكر لطفك، وأرجو دعاءك.

وقد ذكرتني بأيام (أنا العربي)، وقبلها رأيتك أسداً في (الساحة العربية) عندما صاحت بي وبك الأرانب!

جعله الله ذخراً لك ولي في ميزان حسناتنا، يوم يدعي كل أناس بإمامهم..

ونري (مشارك) هذا محشوراً مع يزيد بن معاوية، إن شاء الله. آمين.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 19 - 2 - 2000، العاشرة ليلاً:

عزيزي العاملي:

لا أقول محاولة ذكية، بل محاولة ملعوبة للإلتفاف حول الموضوع المثار في هذه الصفحة.

لم تحل شيئاً من غموض ما يقوله التبريزي..

جميع المسلمين يؤمنون بأن القرآن الموجود في المصاحف التي هي عند المسلمين هو نفسه القرآن المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.

ومن يؤمن بغير ذلك فهو زنديق، يقول بتحريف كلام الله عز وجل.

ص: 419

التبريزي يفرق بين قرآنين:

الأول: النسخة المطبوعة أو المخطوطة الموجودة بأيدي الناس.

الثاني: ما نزل علي النبي (صلی الله علیه و آله) بواسطة جبرئيل (علیه السلام) والذي تحكي عنه هذه النسخ المطبوعة أو المخطوطة، وهو الذي ضحي الأئمة (علیهم السلام) بأنفسهم لأجل بقائه والعمل به، وهو الثقل الأكبر، ويبقي ولو ببقاء بعض نسخه.

لا تزال الإشكالية موجودة في كلام التبريزي رغم أنه ينكر التحريف، ولكنه يقر به ضمنياً في كلامه هذا عندما يفرق بين القرآن الموجود بين أيدي الناس وبين القرآن الذي نزل علي سيدنا محمد..

ويسميه الثقل الأكبر ويدعو الناس للتمسك به.

لأبسط لك الأمر: هل الكلام المكتوب في المصاحف التي بين أيدي المسلمين اليوم، هو نفسه الكلام المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم؟

إذا كان هو نفس الكلام المنزل علي سيدنا محمد، فهذا هو نفسه الثقل الأكبر.. ولا داعي أن يأتي محرف أو غيره يدعي باختلاف كلام الله وتحريفه عما نزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.

وإن لم يكن هو نفس الكلام المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، فإن معني كلامكم أن قرآننا هذا هو محرف. هذا ما يجب عليك أن توضحه أولاً.

أما ثانياً: إذا سايرنا التبريزي في تحريفه المرفوض عند المسلمين طبعاً: قولكم إن الثقل الأكبر هو ليس الكلام المنسوخ في المصاحف، فكيف يتبع الناس الثقل الأكبر - كلام الله المنزل علي محمد صلي الله عليه وسلم - وهم لا يعلمون ما هو؟

ص: 420

كيف يتمسك الناس بذاك القرآن الذي هو غير القرآن الذي هو بين أيديهم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 2 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

إنها إثنينية إعتبارية بين الكلي والمصداق..

فهما شيئان من جهة، وشئ واحد من جهة..

وقد تصورتها أنت ثنائية حقيقية، وحبكت في ذهنك!!

ثم.. لو سلمنا بإشكالك، وقلنا: إن النبي وآله صلي الله عليه وعليهم أفضل من القرآن.

وقلنا إن تسمية القرآن بالثقل الأكبر، ولعترته بالثقل الأصغر، ليس بمعني تفضيله عليهم..

فبماذا تجيب؟

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال حقيقة...

وذلك لأنني لا أعلم إن كان يجوز أن نقول أن أحداً خير من القرآن حتي لو كان نبينا محمد صلي الله عليه وسلم خير البرية.

وذلك لأن القرآن هو كلام الله سبحانه وتعالي: أي أنه شئ منسوب لله سبحانه وتعالي، لذلك لا أستطيع أن أقول بتفضيل أحد عليه حتي لو كان سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.

أرجو أن تبحث لنا عن مخرج آخر ليس فيه هذا الإشكال، حتي لا نخوض في ما لا يجوز الخوض فيه.

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 2 - 2000، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

ص: 421

نعم، لقد وصلت نفسك إلي طريق مسدود.. يا أخ محمد!!

والسبب: أن أئمتك يقولون إن القرآن قديم وليس مخلوقاً، فهو كلام الله، فهو كالجزء من الله!!

أما نحن فنقول إنه مخلوق، ولا قديم مع الله تعالي، وصفاته سبحانه عين ذاته لا غيرها.

ومن جهة أخري: يقول أئمتك إن القرآن حجة الله علي خلقه.. والصحابة حجة الله بعد رسوله، وأنت تقول " لا حجة بعد الرسل "!!

فقد ضربت القرآن والصحابة! من حيث تريد أن تضرب عقيدتنا الطبيعية في عترة النبي صلي الله عليه وآله بأنهم أوصياء النبي الخاتم وامتدادُ الحجة الإلهية علي البشر بعده صلي الله عليه وعليهم.

وهداك الله.

وكتب (مشارك) بتاريخ 20 - 2 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

يا عاملي: لماذا تتهرب من سؤالي؟

سألتكم عن الفروقات بين القرآن الموجود بأيدينا والثقل الأكبر؟

هل تعتقدون أن الثقل الأكبر محفوظ فقط عند إمامكم المعصوم، وأن الصحابة حذفوا منه ما يخص أهل البيت؟

وأما مسألتك التي تتهرب بها فنحن لا نقارن بين صفات الله وبين خلقه يا مسكين.

ولكن لا تتهرب بهذه المسألة عن إجابتك فتستطيع أن تفتح لها موضوعاً آخر.

ص: 422

فأجاب (العاملي) بتاريخ 20 - 2 - 2000، الرابعة والنصف عصراً:

بحثنا معك سابقاً يا مشارك ومع غيرك.. تهمتكم للشيعة بأنهم يعتقدون بتحريف القرآن!

وأثبتنا أن القول بالتحريف مسألة نظرية، ولا توجد إلا في بطون الكتب فقط.

وأن الجميع والحمد لله يؤمنون بعصمة القرآن الموجود عن التحريف..

وأن ما في مصادركم منها أضعاف ما في مصادرنا!!

وإن أردت أن أضع لك نماذج منها هنا.. فعلت. والآن أقول لك بخلاصة:

اتفق المسلمون بجميع مذاهبهم ومشاربهم علي أن هذا القرآن الموجود بين أيدينا معصوم عن التحريف فلا زيادة فيه ولا نقصان، والحمد لله..

وشذ منهم بعض علماء الشيعة كالميرزا النوري فقال بنقصان بعض آياته.

كما شذ بعض أئمة العامة كعمر والبخاري، فقالا بنقصان أكثر من نصف القرآن، وزيادة سورتي المعوذتين! وقالا بوجود غلط في بعض آياته:

مثل " فاسعوا إلي ذكر الله " فيجب أن تكون " فامضوا ".

ومثل " صراط الذين أنعمت " فيجب أن تكون " صراط من أنعمت ".

و" غير المغضوب عليهم ولا الضالين " فيجب أن تكون " وغير الضالين ".

وعندنا أن هذا خطأ وغلط فاحش!!

وبعض الناس مثل مشارك يري وجوب تكفير من قال بنقص القرآن أو زيادته وإعلان البراءة منه!!

فإن طبق فتواه وتبرأ من عمر والبخاري، بحثنا مسألة البراءة من النوري وأمثاله..

فإن رأيناهم يستحقون الحكم بالكفر أو الضلال، حكمنا به!!

ص: 423

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 2 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

يا عاملي، سؤالي واضح: ما الفرق بين القرآن الذي بأيدينا والثقل الأكبر؟

أرجو أن تكون إجابتك علي هذا السؤال؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 2 - 2000، الثانية صباحاً:

الثقل الأكبر: هو القرآن الذي نزل علي الرسول صلي الله عليه وآله.

والذي في أيدينا نسخته المخطوطة أو المطبوعة.

فوصية النبي بالكلي، وما في يدك أو يدي أو يد الآخرين من نسخه، هي مصاديق..

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 2 - 2000، الثانية وخمس دقائق صباحاً:

نسيت أن أخبرك أنني لا أحفل كثيراً بالرد علي أكاذيبك فيما تفتريه علي أهل السنة.

ويكفينا في ذلك ما فضحتك به قديماً أنا والأخ راشد الإماراتي.

نحن نسألكم عن عقائدكم أنتم يا عاملي.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 21 - 2 - 2000، الثامنة صباحاً:

إلي محمد إبراهيم.. وإلي المشارك.. وإلي كل من التبس عليه كلام الشيخ التبريزي حفظه الله:

إن نسخ القرآن المتداولة بين أيدي المسلمين ونتيجة الإستعمال المستمر، فإن ورقها يتلف شيئاً فشيئاً، نتيجة تمزقها وتبعثر أوراقها حتي تصل إلي مرحلة يصعب معها القراءة.

ص: 424

فهذه النسخ وخصوصاً القديمة منها، يتم التخلص منها عادة إما بإعادة تصنيع ورقها أو دفنها، وليس حرقها كما فعل عثمان! فحرق القرآن لا يجوز..

أقول هذه النسخ المخطوطة هي قرآن، ولكن ما هي قيمتها أثناء القيام بإتلافها، هل قيمتها أكبر من الثقل الأصغر؟

وهل عندما نقوم بإتلافها فإننا بذلك نقوم بإتلاف القرآن؟ أم أننا نقوم بإتلاف نسخة مخطوطة؟

وهل عثمان عندما حرق المصاحف كان يقصد حرق كلام الله؟ أم نسخ مخطوطة؟!

فإن كان جوابك نعم، إن عثمان حرق كتاب الله!! فحينئذ نقول إن إشكالك علي كلام سماحة الشيخ فيه نظر.

وأما إذا قلت: لا، إن عثمان لم يحرق كتاب الله، وإنما أحرق نسخه المخطوطة، قلنا لك إذن أنت تقول إن هنالك قرآنان.. فهل يعجبك هذا الجواب؟

كن ناضجاً يا أخي.. فقد كنت سابقاً أحسب لك حساب.. فلماذا غيرت صورتك في نظري..

وانتهي الموضوع، ولم يجب محمد إبراهيم ومشارك لي أبو حسين رغم دعوته لهم!

تهمتهم للشيعة بأنهم لا يرون حجية القرآن.

كتب (التلميذ) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (إلي مشارك في افترائه علي الشيعة: القرآن ليس بحجة)، قال فيه:

إلي مشارك: لقد قلت لي مرة في ردٍّ لك علي أحد مواضيعي:

ص: 425

" فمن مصائبكم أن القرآن ليس بحجة إلا بقيِّم ".

أرجو أن تذكر لي الأدلة من أقوال علماء الشيعة في ذلك؟

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

يا مشارك: طولت الغيبة، يا مشارك هيا أسرع.. هات دليلك.

يا مشارك.. عسي ما شر.. أنا في انتظار ردك علي أحر من الجمر.

أنا أنتظر، فهيَّا أذكر لي قول عالم شيعي قال: إن القرآن ليس بحجة إلا بقيم.

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

وهل تنتظر جواباً من مشارك، أيها التلميذ الأستاذ؟!

أما رأيت فراره الذي أدمن عليه؟!!

إن مشاركاً يعتقد أن عمر بن الخطاب له حق الولاية الشرعية، وحق النقض علي النبي صلي الله عليه وآله! وأنه عمل بحقه الشرعي ومنعه من كتابة وصيته!

وساعده الأوباش من اتحاد قبائل قريش وصاحوا في وجه النبي: يا محمد لا نريد أن تكتب وصيتك، فالقول ما قاله عمر!!

ويعتقد مشارك أن عمر له الولاية الشرعية وحق النقض علي القرآن أيضاً!

لأنه عندما رفع شعار "حسبنا كتاب الله " في وجه النبي المظلوم صلي الله عليه وآله، كان معناه: أن القرآن يكفينا، ونحن نفسره، فلا تكتب شيئاً، ولا تعين للقرآن مفسراً شرعياًّ من عترتك!!

فتفسيره من حق اتحاد قبائل قريش، الذين أمثلهم أنا فقط.. وفقط!!

فالقرآن ليس حجة عند مشارك حتي ينضم إليه تفسيره من اتحاد تلك القبائل البائسة، وخليفتها!!

ص: 426

وكتب (بي بي تو) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الواحدة صباحاً:

إلي الأخ التلميذ..

أحب أن أقول واللسان يعجز عن القول لما تقوم به من عمل الخير ونصرة مظلومية أهل البيت عليهم السلام.

فقُل كلمة الحق ولو كرهه المنافقون.. بدون زعل.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السابعة صباحاً:

أعانك الله علي حر الجمر يا تلميذ.

أنا أفضل أن تسألني هنا ما تشاء وأجيبك بإذن الله، وفي نفس الوقت أفتح لك موضوعاً خاصاًّ بك أسألك وتجيب هناك علي أسئلتي، فهل اتفقنا علي ذلك؟ أم ستنسحب كما انسحب جميل وسلمان والعاملي؟

وكتب (كلمة حق) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السابعة والنصف صباحاً:

روي الكليني في أصول الكافي: إن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم.

الكافي: 1/188. رجال الكشي - 420. علل الشرائع للصدوق - 192.

المحاسن للبرقي - 268. وسائل الشيعة للحر العاملي: 18/141.

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً:

إلي مشارك:

أردت أن تتهرب ولكن نزلت لك من السماء.. فها قد أعانك من سمي نفسه بكلمة حق، حيث أتي برواية منقولة في أكثر من مصدر من مصادر الشيعة، مع أنني كنت أطالبك بذكر قول عالم من علماء الشيعة يقول بذلك، لا ذكر رواية.

ص: 427

والرواية التي أشار إليها " كلمة حق " والمنقولة في أكثر من مصدر شيعي: الكافي، رجال الكشي، علل الشرائع للصدوق، المحاسن للبرقي، وسائل الشيعة للحر العاملي.. هي من روايات الآحاد..

أعني أنها وإن ذكرت في أكثر من مصدر، إلا أن طريقها إلي الإمام عليه السلام في جميع هذه المصادر هو واحد.

كما أن فهمكم السقيم العليل المريض لهذه الرواية، هو الذي جعلكم تشنعون علي الشيعة بذلك، وتعتبرون أن ما ورد في الرواية من قول منصور بن حازم الراوي: " فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ".. يعني أن كتاب الله ليس بحجة، وأن الحجة هو قول الإمام كما ذهب إلي ذلك الدجال ناصر القفاري، في كتابه أصول مذهب الشيعة!!

ولكي يتضح الأمر للأخوة القراء أكثر، أورد هنا الرواية كاملة.. لنري ونعلم ويعلم الجميع ما هو المقصود من هذه العبارة؟

هل هو فعلاً ما فهمتموه أنتم، ليكون ذلك مصيبة كما تقول يا مشارك، ويستحق أن يطبل به ويزمر ويشنع علي الشيعة؟ أم أن المعني المراد من هذه العبارة.. هو شئ آخر؟

? روي الشيخ الكليني عليه الرحمة في كتابه الكافي، قال:

(محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان، عن صفوان بن يحيي، عن منصور بن حازم قال:

قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إن الله أجل وأكرم من أن يعرف بخلقه بل الخلق يعرفون بالله.

قال: صدقت.

ص: 428

قلت: إن من عرف أن له رباًّ فقد ينبغي له أن يعرف أن لذلك الرب رضاً وسخطاً، وأنه لا يعرف رضاه وسخطه إلا بوحي، أو رسول، فمن لم يأته الوحي فينبغي له أن يطلب الرسل، فإذا لقيهم عرف الحجة، وأن لهم الطاعة المفترضة.

فقلت للناس: أليس تعلمون أن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، كان هو الحجة من الله علي خلقه؟

قالوا: بلي.

قلت: فحين مضي صلي الله عليه وآله وسلم، من كان الحجة؟

قالوا: القرآن.

فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتي يغلب الرجال بخصومته!! فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم، فما قال فيه من شئ كان حقاًّ.

فقلت لهم: فمن قيم القرآن؟

قالوا: ابن مسعود، قد كان يعلم، وعمر يعلم، وحذيفة يعلم.

قلت: كله؟

قالوا: لا.

فلم أجد أحداً يقال أنه يعلم القرآن كله إلا علياًّ صلوات الله عليه، وإذا كان الشئ بين القوم، فقال هذا: لا أدري، وقال هذا: لا أدري، وقال هذا: أنا أدري. فأشهد أن علياًّ عليه السلام كان قيِّم القرآن وكانت طاعته مفترضة، وكان الحجة علي الناس بعد رسول الله صلي الله عليه وآله، وأن ما قال في القرآن فهو حق.

فقال - أي الإمام الصادق عليه السلام -: رحمك الله.

ص: 429

فقلت: إن علياًّ عليه السلام لم يذهب حتي ترك حجة من بعده، كما ترك رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم، وأن الحجة بعد علي الحسن بن علي، وأشهد علي الحسن أنه لم يذهب حتي ترك حجة من بعده كما ترك أبوه وجده، وأن الحجة بعد الحسن الحسين، وكانت طاعته مفترضة.

فقال: رحمك الله.

فقبَّلت رأسه وقلت: وأشهد علي الحسين عليه السلام أنه لم يذهب حتي ترك حجة من بعده علي بن الحسين، وكانت طاعته مفترضة.

فقال: رحمك الله.

فقبلت رأسه وقلت: وأشهد علي علي بن الحسين أنه لم يذهب حتي ترك حجة من بعده محمد بن علي أبا جعفر، وكانت طاعته مفترضة.

فقال: رحمك الله.

قلت: أعطني رأسك حتي أقبله، فضحك.

قلت: أصلحك الله، قد علمت أن أباك لم يذهب حتي ترك حجة من بعده كما ترك أبوه، وأشهد أنك أنت الحجة، وأن طاعتك مفترضة.

فقال: كف رحمك الله.

قلت: أعطني رأسك أقبله. فقبلت رأسه، فضحك.

وقال: سلني عما شئت فلا أنكرك بعد اليوم أبداً). انتهي.

وإذا نظرنا إلي قول منصور بن حازم في الرواية: " فنظرت في القرآن فإذا هو يخاصم به المرجئ والقدري والزنديق الذي لا يؤمن به حتي يغلب الرجال بخصومته فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ".. فما قال فيه من شئ كان حقاًّ، لا نجد فيه شيئاً مما أنتم فهمتموه من هذه الرواية لتشنعوا علينا به.

ص: 430

فما يعنيه الرواي منصور بن حازم هو أن في كتاب الله سبحانه وتعالي من الآيات ما قد يستفاد منه أكثر من معني ودلالة.

ولذلك فإن الكثير من أصحاب المذاهب المنحرفة مع أنهم علي عقيدة باطلة وانحراف عن كتاب الله سبحانه وتعالي، إلا أنهم يستندون في إثبات عقائدهم الباطلة ومذاهبهم إلي كتاب الله سبحانه وتعالي، بل قد يغلبون من يحاججهم ويخصمونة بآيات القرآن الكريم، مع أن مذاهبهم هذه باطلة.. مع أن القرآن الكريم لم يأتِ بعقائد ومسالك شتي وإنما هي عقيدة واحدة لا ثاني لها.

ومن هذا المنطلق لا بد من وجود شخص لديه المعرفة الكاملة بالقرآن الكريم وتفسيره ومقاصده ومعاني آياته ليقطع علي كل هؤلاء الضُلاَّل حجتهم به ويكون تفسيره الصحيح لهذه الآيات حجة علي الناس.

هذا هو مراد الراوي منصور بن حازم، فهو لا ينفي حجية آيات كتاب الله سبحانه وتعالي، ولم يقل إن آيات كتاب الله لا حجة فيها، ولا يظهر ذلك من كلامه!

بل هو يؤكد حجية القرآن في قوله: " فعرفت أن القرآن لا يكون حجة إلا بقيم ".

فغاية ما يقصده ويريد أن يقوله أن هذه الآيات تكون حجة علي الناس عندما يتضح معناها ويعلم مقصودها ومرادها وتفسيرها التفسير الصحيح السليم، الذي لا لبس معه، بحيث يفهم منها بعد ذلك معني واحد ومراد واحد.. عندها تكون حجة علي العبد، ليس له أن يتملص من الإلتزام بما في مضمونها، بعدما وضحت وتبيت لديه بما لا لبس معه.

ص: 431

والذي له القدرة في إعطاء المعني الواقعي لآيات القرآن الكريم والتفسير الصحيح لها حسب ما أراد الله سبحانه وتعالي هو المعصوم، فكان النبي صلي الله عليه وآله وسلم في حياته، ومن بعده هم الأئمة الطاهرون المعصومون من أهل البيت عليهم السلام الذين هم عدل القرآن، ومع القرآن لا يفارقونه ولا يفارقهم.

فهل في هذا المعني يا مشارك ما يعتبر مصيبة، ولكن المصيبة عندكم، وهي أنكم لا تفهمون ولا تعون ما تقرؤون!

وكتب (إسلام) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

إلي التلميذ:

تقول: " ولكن المصيبة عندكم وهي أنكم لا تفهمون ولا تعون ما تقرؤون ".

الحمد لله الذي لم يجعلنا مثلكم، ولم يجعل عقولنا كعقولكم التي مثل الإسفنجة تتشرب كل شئ سواء كان حقاًّ أو باطلاً، ولا تكتفي بذلك بل تقوم بترقيع هذه الخرافات وتظهرها للناس أنها من الدين، وهي ليست من الدين في شئ، ثم بعد ذلك تدافع عن الخرافات التي تشربتها، ثم تأتي تحاول أن تقنع العقلاء بها.. عجباً.

ثم يا تلميذ، هل لك أن ترقع هذا الكلام أيضاً وتفسره لنا.. فنحن عقولنا لا ترقي إلي هذا المستوي المتقدم من التفكير الذي اختصكم الله به بعد أئمتكم المعصومين..

يروي الشيعة عن جعفر أنه قال: لما ولد النبي صلي الله عليه وسلم وآله مكث أياماً ليس له لبن، فألقاه أبو طالب علي ثدي نفسه، فأنزل الله فيه لبناً، فرضع منه أياماً حتي وقع أبو طالب علي حليمة السعدية فدفعه إليها. الأصول من الكافي كتاب الحجة: 1/458 ط. طهران.

ص: 432

ومثل ذلك ما ذكروا لم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من أنثي، كان يؤتي به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث! الأصول من الكافي: 1/465.

وافتروا علي باقر بن زين العابدين أنه قال: قيل لرسول الله صلي الله عليه وآله: إنك تلثم فاطمة وتلتزمها وتدنيها منك فتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك، فقال: إن جبريل أتاني بتفاحة من تفاح الجنة فأكلتها وتحولت ماء في صلبي، ثم واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فأنا أشم بها رائحة الجنة. علل الشرائع: 1/ 183.

ولما كانت فاطمة هكذا لا بد أن يكون علي مثلها في ذلك، فاختلقوا في علي وولادته قصة تشابهها.

ولقد أورد الفتال في كتابه: أن أبا طالب أتي بطبق من فواكه الجنة رطبة ورمان فتناول أبو طالب منه رمانة ونهض فرحاً من ساعته حتي رجع إلي منزله فأكلها فتحولت ماء في صلبه فجامع فاطمة بنت أسد فحملت بعلي. روضة الواعظين للفتال: 1/87 ط. قم - طهران.

وكذلك كذبوا علي رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: إن حلقة باب الجنة من ياقوتة حمراء علي صفائح الذهب فإذا دقت الحلقة علي الصفيحة طنت وقالت يا علي. روضة الواعظين: 1/111.

سؤال هل كتابكم الكافي هذا، كل الكلام الذي فيه من هذا القبيل؟

الحمد لله الذي أظهر الحجة وأبان المحجة.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، العاشرة صباحاً:

أولاً: كان الأجدر بك إذا أردت أن توجه لي أسئلة أن تضعها في موضوع مستقل.

ص: 433

ثم سبق وأن نشرت هذا الموضع، وتجاهلت الرد عليك ورد عليك بعض الأخوة بخصوص مسألة الزهراء عليها السلام.

ثانياً: بالنسبة لما ذكرته من كتاب الكافي حول مسألة تلقيم أبي طالب ثدي نفسه للنبي صلي الله عليه وآله وسلم، ورد في روايةٍ بها كذاب من أشهر الكذابين وهو علي بن أبي حمزة البطائني.

وقد علق علي الرواية محقق كتاب الكافي نفس الطبعة التي نقلت أنت منها في الهامش بقوله: " علي بن أبي حمزة البطائني كذاب متهم ملعون روي الكشي في ذمه أخباراً كثيرة ".

وروضة الواعظين كتاب غير مسند فلا نعتمد علي ما فيه.

وأما أصحاب العقول الإسفنجية فهُمْ غيرنا، نعم هم الذين يفهمون الكلام مقلوباً منكوساً لا يعون ولا يفهمون ما يقرؤون.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

هل أنت موافق علي هذا يا تلميذ؟

أنا أفضل أن تسألني هنا ما تشاء، وأجيبك بإذن الله.

وفي نفس الوقت أفتح لك موضوعاً خاصاًّ بك أسألك وتجيب هناك علي أسئلتي، فهل اتفقنا علي ذلك أم ستنسحب كما انسحب جميل وسلمان والعاملي؟

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

إلي مشارك:

ص: 434

إذا كانت عندك إشكالات علي مذهب الشيعة فهيَّا اطرحها بدون لف أو دوران أو مراوغة.

ثم متي هرب الأخوة جميل والعاملي وسلمان؟!

فمن خلال متابعتي لما كتبوا وردودهم عليك أنهم هم الغالبون، وأن الفارّ هو أنت لا هم.

وأنك لم تأتِ بما يقارع دليلاً من أدلتهم التي طرحوها في الإحتجاج عليك.. بل كل ما كنت تقوله نصفه كلام ونقل عن ابن تيمية وغيره!!

فمتي هرب الأخوة؟ ما هذا التضخيم والإدعاء الفارغ؟!

ولكن هذه عادتكم أيها الوهابية تدعون النصر وأنتم مهزومون! وتدعون فرار الغير وأنتم الفارُّون!

وفي الختام أقول: هات ما عندك.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

حسناً.. المواضيع التي تهرب من إكمالها إخوانك كثيرة لا أستطيع حصرها الآن.

من ضمنها وهو الأول الذي أريدك أن تكمل فيه:

- عقيدتكم في مكان الثاني عشر.

- لا تقل يا علي يا حسين يا بدوي وقل يا الله.

- طينة الروافض، وغيرها.

فهل توافق علي البدء في الرد علي الموضوع الأول، أم تكون أنت الفار؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثانية ظهراً:

ص: 435

قائمة بما أذكره من المواضيع التي فرّ منها الشيخ مشارك.. وذهب بها عريضة وطويلة!

وأرجو من الإخوة أن يضيفوا إليها ما يتذكرونه:

1 - فراره من الإعتراف ببدعتهم في صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، حيث خالفوا التعليم النبوي المطلق الشامل للتشهد وغيره.. وأضافوا الصحابة في صيغتها في غير الصلاة، وقرنوهم بالرسول صلي الله عليه وآله بدون أي دليل حتي نصف حديث!

2 - فراره من تحديد من هم آل محمد الذين يصلون عليهم يومياًّ في صلاتهم، وهل يشملون كل بني هاشم في عصرنا، والذين فيهم فساق وفجار ونصاري؟!

3 - فراره من الإعتراف بمواجهة عمر للنبي صلي الله عليه وآله، وسوء أدبه معه، ومنعه من كتابة وصيته، وشعاره في وجهه " حسبنا كتاب الله "!!

4 - فراره من الجواب علي أحاديث عمر وابنه وكعب الأحبار عن وجود الأعور الدجال، وأنه يبقي حياًّ يرزق، ربما في سرداب، أو بئر، أو أنه يسكن في شقة.. حتي يخرج.

5 - فراره من الجواب عن حياة الخضر عليه السلام، الذي يقول أكثر علماء السنة إنه حيٌّ يرزق.

6 - فراره من إعطاء رأيه في أحاديث تحريف عمر للقرآن، وأحاديثها صحيحة في الصحاح.

7 - فراره من تحديد من هم المتهوِّكون الذين كانوا معجبين بالثقافة اليهودية وكانوا مرتبطين باليهود!!

ص: 436

والذين حذر النبي صلي الله عليه وآله منهم أمته!!

8 - فراره من تعريف النواصب، وبيان حكمهم عند أئمة المذاهب.

9 - فراره من تعداد الأئمة الربانيين الاثني عشر الذين بشر بهم النبي صلي الله عليه وآله.

وخاصة من سؤال: هل بين النبي هؤلاء الأئمة الربانيين الهداة الإثني عشر للأمة، أم قصَّر في بيانهم؟!

10 - فراراته الكثيرة في مناقشة الصفات، وقد تزيد عن عشر فرارات..

وارتكابه أخيراً محاولة تحميل الفخر الرازي تجسيم ابن تيمية!!

تلك عشرة كاملة، تذكرتُّها فعلاً.. ولعل ما ارتكبه في نقولاته من الأمانة العلمية، أكثر مما كشفه الإخوة!!!

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الرابعة عصراً:

إلي مشارك.. ها، لقد أعطاك الأخ العاملي وفقه الله لكل خير، قائمة بالمواضيع التي فررت منها حسب تذكره فقط.

وأما بالنسبة لعقيدتنا في مكان وجود الإمام الثاني عشر، فنحن نعتقد أنه حيٌّ يرزق ويعيش بين الناس، ولكن غير معروف ولا مشخص لديهم. فهات ما عندك.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الخامسة مساءً:

1 - كذاب، لقد وضحت لك يا عاملي اختلاف السنة في هذه المسألة واحتجاجات كل فريق فيها وأدلته فدعك من البهتان.

2 - آل محمد هم قرابته صلي الله عليه من بني هاشم وبني عبد المطلب وأهل بيته وأزواجه.

ص: 437

3 - كذاب، بل هو سوء أدب منك يا رافضي، وقد رددنا عليكم في موضوع الرزية، الرزية فيكم يا أهل الرزية.

4 - قد أوضحت لك أن هذا خارج موضوع النقاش، لأنكم توجبون بيعة المعدوم الآن، ولكن الدجال موجود في جزيرة، كما هو ثابت في حديث الجساسة.

5 - قد أوضحت لك أن هذا خارج موضوع النقاش، لأنكم توجبون بيعة المعدوم الآن، ولكن لم يثبت أي أثر صحيح أن الخضر عليه الصلاة والسلام ما زال حياًّ، بل ما رجحه الحافظ ابن حجر في رسالته الزهر النضر، أنه قد مات وأنه نبي.

6 - كذاب، وقد رددنا عليكم أنا وإخوتي كثيراً في هذه المسألة.

7 - كذاب، قد نشرت موضوعاً كاملاً يثبت أنكم تلاميذ عبد الله بن سبأ وميمون القداح الديصاني.

8 - كذاب، فقد نشرت عقيدتي وفيها: ويتبرؤون من طريقة النواصب المبغضين لآل البيت.

9 - قد بينت لك رأينا في هذه المسألة، ولكني لم أجد لك جواباً في مواضيع الوجوه الإثني عشر في إبطال عصمة أئمة الرفض الإثني عشر.

10 - كذاب، بالعكس أنتم الذين تفرون، أو تكررون ما سبق أن أجبناكم عليه، وأما موضوع الفخر الرازي، فالحمد لله علي نعمة العقل إن كان هذا هو عقلك.

وأما فراراتكم الكثيرة فيكفينا منها الثلاثة الماضية الآن، ويا تلميذ أريد الجواب علي أسئلتي الخمسة كلها.

ص: 438

ويا عاملي دعك من الفرار المعتاد، وأجبني عن أحاديث طينة أتباع المذهب الإثني عشري.

وكتب (الشطري) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

بوركت أيها التلميذ وبورك يراعك الذي يقطر جواهر ودرراً، ولعمري إن مشاركاً هذا لم يثبت لنا في موقع نقاش أبداً، وإليك قائمة بالمواضيع التي هرب فيها، ولم يجب:

1 - ابن تيمية ورأس الحسين عليه السلام.

2 - ابن تيمية باختصار.

3 - ابن تيمية وحديث الطائر.

4 - ابن تیمیة وعدائه للإمام علي عليه السلام.

5 - ابن تيمية وسبي أهل البيت عليهم السلام.

6 - ابن تيمية يتخبط.

7 - تأييده للمفسر الكبير والعبقري الشهير (محب أهل البيت) الذي فسر الآية الكريمة: لئلا يكون للناس علي الله حجة بعد الرسل.. فسرها خطأ برأيه وهواه، وأيده مشارك وجماعته وطبلوا وزمروا وكأنهم فتحوا فتحاً.. وعندما بيَّنا لهم الجواب الصحيح والتفسير الصحيح للآية، وضعوا رؤوسهم في التراب، وهربوا إلي يومك هذا.

فليس غريباً أيها التلميذ المبرور أن يروغ مشارك بين يديك، فهذا ديدنه..

جزاك الله خير الجزاء وجعلك ممن ينتصر به لدينه.

وكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الثامنة مساءً:

ص: 439

أولاً: شكراً للأخ الحبيب الشطري.

ثانياً: يا مشارك، نحن ليس من عادتنا خلط الحابل بالنابل.

طرحت مجموعة من الإستفسارات وحتي لا يكون هناك تداخل في المواضيع بعضها ببعض، فإني أجبتك علي الإستفسار الأول.

وعندما ننتهي منه ننتقل للثاني، فإن كان لديك أي إشكال علي جوابي حول إستفسارك الأول أيها الوهابي فهاته، وإلا فأخبرني حتي أجيب عن استفسارك الثاني.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة إلا خمس دقائق مساءً:

الحقيقة أن الفرصة ليست مؤاتية لي لارتياد الساحة في كل وقت وكل آن.

فوفق الله إخوتي وأساتذتي المشتغلين بذلك وأدامهم الله فخراً وعزاًّ للإسلام الحقيقي كما أراده الله ورسوله في كتابه وعترة نبيه.

ولكن عندما جئت هذا اليوم رأيت هذا الموضوع وتكرار مشارك بأني أتهرب!!!

وقد أفحمته في حديث الإثني عشر، وأجبته عن حديث الثلاثة عشر، وأجبته عن حديث أبي هريرة وفقأ عين ملك الموت بيد نبي من أولي العزم، وأجبته بثمانية وجوه علي الحديث الذي جاء به للرد علي العاملي في موضوع التصلية علي النبي، وهو بين عدم الرد أصلاً أو الرد بالتمتمة والأدب الرفيع المتمثل في كلماته: كذاب، دجال...

ولما ضاق به الذرع.. طلب مني ما يطلب من الأخ التلميذ الآن، فنزلت عند رغبته، وأنا محيط بألاعيبه، وطرحت له أربعة أسئلة حول حديث الثقلين يترتب

ص: 440

بعضها علي البعض الآخر، ولكن أجاب بسطر أو نصف سطر، وطرح سؤالاً حول حديث الطينة!! الذي لا يقنعه فيه جواب أبداً..

وعلي عموم، فالمدعو مشارك موظف للنسخ واللصق، وليس بخبير تحليلي! فهو لا يجيد بدون عملية النسخ واللصق، سوي عباراته المشومة: كذاب، دجال..

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة مساءً:

يا شطري، ويا حسين الشطري، هناك بيت من الشعر لو قلته لربما أخذت إنذاراً جديداً، فلا داعي لذكره.

ولكن الشاهد لا تتوقع مني القدرة علي الرد علي كل من يكتب، وخاصة إذا كانت الكتابات تدل علي مستوي صاحبها فكما قيل: يكفيك من شر سماعه.

وأما أنت يا تلميذ فالأسئلة مترابطة، وإن شئت التأخير، فابدأ من الأخير، من السؤال الخامس.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 19 - 7 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

يا مشارك نحن لسنا لعبة عندك، تلعب بنا كما تشاء.. إذهب والعب مع غيرنا..

واعلم أنني ليس لي.. وقت فاضي.. أضيعه معك، ولكن أقول لك: أيها الوهابي لو تعرضت لمذهب الشيعة بشئ فستجدني لك بالمرصاد، وابحث عمن تريد أن تلعب معه ليرد علي إستفساراتك بهذه المراوغات.

وكتب (مشارك) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الواحدة صباحاً:

أرأيت من هو الفار يا تلميذ؟

ص: 441

فكتب (التلميذ) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الواحدة وسبع دقائق صباحاً:

بل الفار أنت.. يا مشارك. وهذا الموضوع يشهد لمن يتابعه من أوله.

ص: 442

الفصل الثالث عشر: اتهامهم للشيعة بأنهم لا يهتمون بالقرآن في حوزاتهم العليمة

اشارة

ص: 443

ص: 444

اتهامهم للشيعة بأنهم لا يهتمون بالقرآن في حوزاتهم العليمة

كتب (الفاروق) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 30 - 12 - 1999، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (آيات قم والقرآن المجيد!!)، قال فيه:

شهادات علماء ومسؤولي وكبار الشيعة.

يقول الدكتور جعفر الباقري في كتابه ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية يقول:

(من الدعائم الأساسية التي لم تلق الإهتمام المنسجم مع حجمها وأهميتها في الحوزة العلمية هو القرآن الكريم، وما يتعلق به من علوم ومعارف وحقائق وأسرار، فهو يمثل الثقل الأكبر، والمنبع الرئيسي للكيان الإسلامي بشكل عام، ولكن الملاحظ هو عدم التوجه المطلوب لعلوم هذا الكتاب الشريف، وعدم منحه المقام المناسب في ضمن الإهتمامات العلمية القائمة في الحوزة العلمية، بل وإنه لم يدخل في ضمن المناهج التي يعتمدها طالب العلوم الدينية طيلة مدة دراسته العلمية، ولا يختبر في أي مرحلة من مراحل سعيه العلمي بالقليل منها ولا بالكثير، فيمكن بهذا لطالب العلوم الدينية في هذا الكيان أن يرتقي في مراتب العلم، ويصل إلي أقصي غاياته وهو درجة الإجتهاد من دون أن يكون قد تعرف علي علوم القرآن وأسراره، أو اهتم به ولو علي مستوي التلاوة وحسن

ص: 445

الأداء، هذا الأمر الحساس أدي إلي بروز مشكلات مستعصية وقصور حقيقي في واقع الحوزة العلمية لا يقبل التشكيك والإنكار). ص 109.

ويقول آية الله الخامنئي:

(مما يؤسف له أن بإمكاننا بدء الدراسة ومواصلتنا لها إلي حين استلام إجازة الإجتهاد، من دون أن نراجع القرآن ولو مرة واحدة!!! لماذا هكذا؟؟؟ لأن دروسنا لا تعتمد علي القرآن!!). نفس المرجع - 110.

ويقول آية الله محمد حسين فضل الله:

(فقد نفاجأ بأن الحوزة العلمية في النجف أو في قم أو في غيرهما لا تمتلك منهجاً دراسياً للقرآن!!). نفس المرجع - 111.

ويقول آية الله الخامنئي:

(إن الإنزواء عن القرآن الذي حصل في الحوزات العلمية وعدم استئناسنا به، أدي إلي إيجاد مشكلات كثيرة في الحاضر، وسيؤدي إلي إيجاد مشكلات في المستقبل... وإن هذا البعد عن القرآن يؤدي إلي وقوعنا في قصر النظر!!). نفس المرجع ص 110.

التعليق: يبدو والله أعلم أن الشيعة تتدارس شئ آخر غير القرآن، فيا تري ما هو؟؟

وكتب (العلوي) بتاريخ 30 - 12 - 1999، السادسة صباحاً:

مشكلتك يا فاروق أنك موتور، وقد بان نصبك اليوم جلياًّ.

فلم تجد إلا التفاهات تختتم بها هذه الليلة المباركة من الشهر الكريم!

لو كانت المسألة: قالت الكتب، فإنها لن تنتهي عند حد.. وبينك وبين من تناصبهم العداوة كتاب الله.

ص: 446

حسبك يا فاروق أن خصومك آل بيت الرسول، وما كنت من قبل أصدق ما يقال من نصب النواصب لآل البيت، حتي اطلعت علي ساحاتهم.

إن أردت أن تنتصر لأنك تخوض معركة (صح يا رجال... أيوه صح)!

فقارع الحجة بالحجة والدليل بالدليل.. فهدئ من روعك وأطفئ غضبك واستعذ بالله من الشيطان الرجيم، واطرح ما ينفع الناس لأنه يمكث في الأرض، أما هذا الزبد الذي تأتي به كل لحظة فسيذهب جفاء.

لقد ذكرت رواية القنابر وجئتك بأختها رواية الأباقر، وهي معتبرة عند السنة خلافاً لرواية القنابر، التي لا يأخذ بها أحد. فقل لي ما رأيك بهذه الرواية التحفة.. يا فاروق.

إن كان رفضاً حب آل محمد... فليشهد الثقلان أني رافضي

وكتب (عمر) بتاريخ 30 - 12 - 1999، الثامنة مساءً:

السلام عليكم:

لكم هذه الآية تدعيماً لموقف علماء الشيعة من القرآن:

سورة الإسراء - آية 41: " ولقد صرفنا في هذا القرآن ليذكروا وما يزيدهم إلا نفوراً ". صدق الله العظيم.وكتب (الفاروق) بتاريخ 31 - 12 - 1999، الثانية صباحاً:

الأخ عمر جزاه الله خيراً.

أما أنت أيها الرافضي، فلا تستحق حتي النظر فيما تكتب أو الرد عليك، والسبب ببساطة أنك...!! نحن ننتظر عقلاء الشيعة فقط، وليس أذنابها. والسلام علي أهله.

قال العاملي: وأهمل الكتاب الشيعة عمر وفاروق لأنهما لم يتكلما علمياً! وستري جوابي علي تمسكهم بهذا الكلام المبهم في نقد برامج الحوزات!

ص: 447

وكتب (أبو فراس) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12 - 3 - 2000، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (آداب الشيعة)، قال فيه:

وبعد، إليكم بعضاً من الآداب جمعها أحد الإخوة وإليكم ما يلي:

ولا زلنا نتحدث عن اهتمام الشيعة بالقرآن الكريم، وهل الشيعة فعلاً تحب القرآن وتهتم به وتوقره وترعاه أم أن لديها ما يغنيها عنه!!

علماء التفسير الشيعة و كيف تعلموا القرآن

يقول الدكتور جعفر الباقري:

وأما العلماء الذين برزوا في مجال التفسير من هذا الكيان - أي الحوزات - وعلي رأسهم العلامة محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان فقد اعتمدوا علي قدراتهم ومواهبهم الخاصة وابتعدوا بأنفسهم عن المناهج العلمية المألوفة في الحوزة العلمية وتفرغوا إلي الإهتمام بالقرآن الكريم وعلومه والإشتغال بأمر التفسير. ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية - جعفر الباقري ص 111.

ما هو موقف الحوزات من المهتمين بالقرآن و علومه

يقول آية الله الخامنئي:

إذا ما أراد شخص كسب أي مقام علمي في الحوزة العلمية كان عليه أن لا يفسر القرآن حتي لا يتهم بالجهل حيث كان ينظر إلي العالم المفسر الذي يستفيد الناس من تفسيره علي أنه جاهل ولا وزن له علميا، لذا يضطر إلي ترك درسه، ألا تعتبرون ذلك فاجعة؟!. ثوابت ومتغيرات الحوزة ص 112.

ويقول الدكتور الباقري:

وكان ربما يعاب علي بعض العلماء مثل هذا التوجه والتخصص - أي في القرآن وعلومه - الذي ينأي بطالب العلوم الدينية عن علم الأصول ويقترب به

ص: 448

من العلم بكتاب الله ولا يعتبر هذا النوع من الطلاب من ذوي الثقل والوزن العلمي المعتد به في هذه الأوساط. ص 112.

أقول: إذا كان القرآن ليس من الأصول فما هي الأصول!! نعوذ بالله من الخذلان!!!

ويقول آية الله الخامنئي:

مما يؤسف له أن بإمكاننا بدء الدراسة ومواصلتنا لها إلي حين استلام إجازة الاجتهاد من دون أن نراجع القرآن ولو مرة واحدة!!! لماذا هكذا؟! لأن دروسنا لا تعتمد علي القرآن. ص 110.

أقول: لا تراجع علماء الشيعة القرآن ولو مرة واحدة.. لماذا هكذا؟؟

ويقول الدكتور الباقري راداًّ عليك:

ويصل الطالب إلي أقصي غاياته وهو الإجتهاد من دون أن يكون قد تعرف علي علوم القرآن وأسراره أو اهتم به ولو علي مستوي التلاوة وحسن الأداء إلا ما يتعلق باستنباط الأحكام الشرعية منه خلال التعرض لآيات الأحكام ودراستها من الزوايا الفقهية، وفي حدود العقلية الأصولية الخاصة. ص 110.

أقول: أي أن التعرض لهذه الآيات جاء عرضا وليست مقصودة في نفسها.

يقول آية الله خامنئي:

قد ترد في الفقه بعض الآيات القرآنية ولكن لا تدرس ولا تبحث بشكل مستفيض كما يجري في الروايات. ص 110.

وأخيراً يقول الدكتور الباقري ملجماً كل متعصب وجاهل:

هذا الأمر الحساس أدي إلي بروز مشكلات مستعصية وقصور حقيقي في واقع الحوزة العلمية لا يقبل التشكيك والإنكار. ص 110.

ص: 449

أقول: فالأمر جلي وواضح أن الشيعة مع الأسف لا تهتم بالقرآن.

وكتب (الشيخ) بتاريخ 12 - 3 - 2000، الثامنة صباحاًَ:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أولاً: آية الله الخامنئي بنفسه كانت له دروس في تفسير القرآن وشرحه وبيان رأيه في مفاد الآيات، وهذه الدروس كانت تعرض بالتلفزيون ليطلع عليها الخاص والعام، وقد رأيت بعضها بنفسي.

ثانياً: إن كاتب السطور طالب في الحوزة العلمية، وما كتبه (أبو فراس) هو مجرد افتراء علي المدارس الدينية الشيعية.. الحوزات.

صحيح إن المدارس العلمية تدرس الفقه والأصول، ولكنها تهتم وتدرس بالإضافة إلي ذلك علوم القرآن وعلوم الرجال والعربية والمنطق والعقائد وعلم الكلام والفلسفة..

تجد في الحوزات مجموعة من الكتب المعدة لكل هذه العلوم وغيرها. فلماذا الإفتراء؟!!

والله أسأل أن يغفر لنا ولكم. والسلام عليك.

وكتب (جمال نعمه) بتاريخ 12 - 3 - 2000، الثامنة والنصف صباحاً:

الذي ذكرته عن قائد الثورة الإيرانية فهو إن دل علي شئ، فإنما يدل علي مدي اهتمام قائد الثورة في تعليم وتدريس القرآن.. وكذلك يدل علي أن الناس مهما ظنوا أنهم فهموا القرآن فإنهم قاصرون فعليهم من زيادة التعلم، لأن القرآن هو المعصوم ومعه أهل البيت الذين يعلمون تأويله.

وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم..

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 22 - 4 - 2000، الثانية صباحاً:

ص: 450

حقيقةً وهابيٌّ مبتدئ.. أبو فراس..

http:/www.shialink.net/muntada/Forum2/HTML/003616.html

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 2 - 12 - 1999، في شبكة الموسوعة الشيعية موضوعاً بعنوان (قضية تحريف القرآن بين السنة والشيعة)، ونَشَرَ فُصولاً من كتاب تَدْوِين القُرْآن..

فكتب (جبهان الكاتب) بتاريخ 15 - 12 - 1999، الحادية عشرة والربع ليلاً، موضوعاً بعنوان (اهتمام الشيعة بالقرآن)، قال فيه:

هذه نبذة من كتب شيعية تبين مدي اهتمام الشيعة وتقديسهم للقرآن.

يقول الشيخ محمد جواد مغنية، عن هذا المجهود الجبار الذي يقوم به الشيعة في خدمة القرآن والدفاع عنه: " وقد حرفت إسرائيل بعض الآيات، مثل: ومن يبتغي غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه.. فأصبحت: ومن يبتغي غير الإسلام ديناً (يقبل) منه. وقد اهتز الأزهر لهذا النبأ، ووقف موقفاً حازماً ومشرفاً فأرسل الوفود إلي الأقطار الآسيوية والإفريقية، وجمع النسخ المحرفة وأحرقها. ثم طبع المجلس الإسلامي الأعلي في القاهرة أكثر من أربعة ملايين نسخة من المصحف... ووزعها بالمجان.

أما النجف وكربلاء وقم وخراسان فلم تبدر من أحدهما أية بادرة، حتي كأن شئ لم يكن، أو كأن الأمر لا يعنيها.. وصح فيه قول القائل: فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة.. وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم. المرجع: كتاب من هنا وهناك - ضمن مجوعة المقالات للشيخ الشيعي المعروف محمد جواد مغنية ص 213.

ص: 451

أما الإهتمام بتدريس القرآن وعلومه وحفظه والإقتداء بفضائله.. فهذا هو أقوال علمائهم:

ولكي نكون منصفين في بيان حقيقة اهتمام الشيعة بالقرآن لا بد من أمور:

(1) أن تكون تلك الشهادة موثقة من مصادر شيعية.

(2) أن يسند هذا الإهتمام إلي مؤسسات وجامعات دينية مختصة، ولا يلتفت إلي إهمال الأفراد.

(3) أن تكون هذه الشهادة صادرة عن أشخاص مسؤولين وكبار، حتي تكون لها قيمة.

ومن خلال هذه الشروط نقول: إن للشيعة جامعات عريقة مخصصة لتدريس العلوم الدينية وهي تسمي عندهم بالحوزات العلمية.

يقول الدكتور جعفر الباقري في كتابه ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية يقول...

ويقول آية الله الخامنئي...

ويقول آية الله محمد حسين فضل الله...

ويقول آية الله الخامنئي...

علماء التفسير وتعلمهم للقرآن...

قال (العاملي):

إلي آخر ما تقدم عن كتاب الباقري: ثوابت ومتغيرات الحوزة العلمية - جعفر الباقري ص 111.

وختم الجبهان بقوله

ملحوظة: أرجو أن لا يطرح مثل هذه المواضيع مطلقاً. أرجو أن يكون لرجائي مكاناً فسيحاً.

ص: 452

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 16 - 12 - 1999، الواحدة صباحاً:

إلي جبهان الكاتب:

يبدو أنك لم تقرأ مقدمة الموضوع جيداً، فإننا لم نطرحها لإثبات تحريف القرآن..

وإنما نطرحها لبيان أن ما عند القوم أكثر مما عندنا، وعلماؤنا الأبرار قد أجابوا عن هذه الأقاويل التي تأتينا في كل زمان ومكان، مع عدم وجود دليل مقنع يدل علي ذلك.

والكلام الذي طرحته في الرد الأول ليس جديداً فإنه كتب باسم أحمد الكاتب سابقاً، وقد قلنا إن هذا الأمر لا يدل علي عدم الإهتمام بالقرآن الكريم..

ويكفيك دليلاً علي أن الأقوال التي نقلتها هي لعلماء الشيعة.. والإعتراف بالذنب فضيلة.

ثم إن عدم اهتمام الحوزة بتدريس علوم القرآن.. هذا لا يدل علي إهمال نفس العلماء للقرآن الكريم.

ولو أردنا أن نحسبها رياضياً لوجدنا أن الشيعة هم أكثر اهتماماً بالقرآن من السنة، وذلك لأن عدد تفاسير القرآن عند الشيعة بالنسبة إلي عددهم في العالم الإسلامي يكون أكثر نسبياً من عدد تفاسير علماء السنة.. وأظنك تقول إنهم ألفوا كل هذه التفاسير الكبيرة.. تقية!!!

فدائماً تتذرعون علينا بالتقية، فهل تعرف مفهوم التقية عند الشيعة الإمامية؟؟

لا أظن أنك تعرف، لأنك لم تتعب نفسك في الإطلاع عليها.. وإنما تتبجح بما تبجح به السابقون من غير دليل ولا نظر.

وتطلب مني أن أتوقف عن عرض مثل هذه المواضيع.. فمن الذي بدأ بها؟

ص: 453

نحن أم أنتم.. أوقِفوها حتي نقف..

ثم العجب منك أنك تنصحني الآن.. ألم تدرك ذلك عندما كتبت حول هذا الموضوع باسم أحمد الكاتب، أو غيره الذي يكتب بهذا الموضوع..

والآن تقول لي بأن العدو لم يفرق بين سني وشيعي، ثم قبل أن تجعل فاصلاً للإستراحة حتي نستوعب نصيحتك بدأت بعرض عضلاتك وطرحت أموراً أكل الدهر عليها وشرب..

تأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم!

إنني لا أسب ولا أشتم.. وقد قلت في المقدمة أيضاً أنني لا أتهم إخواننا السنة بالتحريف كما أنتم تفعلون بنا.. ولكن إحمل أخاك علي سبعين محملاً حسناً.. وأنت بالذات آخر من يتكلم..

لأن أساليبك في طرح المواضيع غير أخلاقية ولا علمية. انتهي.

منهج الدراسة في الحوزات العلمية الشيعية

قال (العاملي):

لا بد من هذه الكلمة الموجزة عن المعاهد والحواضر العلمية الدينية عند الشيعة، التي غلب عليها اسم: (الحوزات العلمية)، لأن هذا الموضوع الذي طرحوه في شبكات النت يرتبط بمحاولات لتحديث مناهج الدراسة فيها، وجعلها مثل كليات الجامعات العصرية.

يعرف الجميع أن الحوزات العلمية الشيعية تمتاز عن مثيلاتها بأمرين جوهريين:

? استقلالها المالي والسياسي.

? ومنهج الدراسة فيها.

ص: 454

فماليتها من الأخماس والزكوات والتبرعات، التي يدفعها الشيعة في العالم إلي مرجع التقليد الذي يعتقدون بأنه الأعلم بالفقه، والأتقي في العلماء المعاصرين.

وقد عملت الدول قديماً وحديثاً علي تغيير عقيدة الشيعة في ذلك، وتحويل مركز استلام الحقوق الشرعية إلي وزارات أو هيئات، فلم تنجح! لأن الحكم الشرعي الثابت أن المكلف يعطي الحقوق الشرعية التي في ذمته إلي مرجع تقليده الذي يثق به.

أما مناهج الدراسة في الحوزات العلمية، فهي تختلف عن مناهج الجامعات والكليات..

لأنها تقوم علي نظام الإجازات الإسلامي، الذي يحفظ إلي حد كبير حرية اختيار الأستاذ والتلاميذ، ويعتمد علي الإجازات العلمية (الشهادات) من مرجع التقليد وكبار العلماء مثل: إجازة الإجتهاد، وإجازة الرواية..

كما يعتمد علي الإجازات الوظيفية، مثل إجازة القضاء، وإجازة الوكالة عن المرجع، وإجازة التبليغ، وإمامة الجماعة.. إلخ.

والوضع السائد في الحوزات أن الطالب بعد أن يقبل في إحدي مدارس الحوزة، يدرس كتب المنهج المقررة التي تبدأ بالنحو والصرف ثم البلاغة، والمنطق، والفقه، وأصول الفقه.

وتسمي هاتان المرحلتان مرحلة المقدمات، ومرحلة سطوح الكتب، وتستغرقان نحو تسع سنوات..

ثم يواصل الطالب بعدها مرحلة البحوث العالية في الفقه والأصول، حتي يصل إلي درجة الإجتهاد.

ص: 455

وبعضهم يكتفي بدراسة السطوح، ويتجه إلي الخطابة، أو التفسير، أو الحديث، أو إلي فروع أخري من فروع المعرفة والعمل. وبعضهم يدرس الكلام والفلسفة.. إلخ.

وقد تمسك المراجع في عصرنا وقبله بهذا المنهج، لأنه الطريقة الحلقية الأصيلة، التي تتصل في امتدادها التاريخي الضارب إلي حلقات الدرس في مسجد النبي صلي الله عليه وآله، وحلقات الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وتلاميذهم.. وسلسلة السلف الصالح من علمائنا.

ولأنها تضمن حرية الطالب والأستاذ، وتؤصل في الطلبة التعمق في فهم النصوص الشرعية.. إلخ.

وفي المقابل طرح عديدون من داخل الحوزات العلمية وخارجها، مشاريع في المنهج الدراسي والإدارة لتحديث الحوزة وتطويرها، وكانت كلها تواجه بالتحفظ أو الرفض من المراجع وكبار العلماء.. وأسباب ذلك عندهم:

أولاً: خوفهم من مصادرة الدولة للحوزة، وتحويلها إلي كليات عادية تابعة للدولة كما حدث لحوزة الأزهر في مصر، والزيتونة في تونس، والقرويين في المغرب، حيث تم تحويلها إلي كليات باسم أصول الدين والشريعة.. إلخ.

ثانياً: خوفهم من استبدال العمق العلمي الحوزوي، إلي سطحية المعاهد والكليات المنتشرة في العالم الإسلامي.

ثالثاً: خوفهم من تسييس الحوزة وسيطرة الدولة عليها، أي دولة، حتي لو كانت دولة شيعية.

رابعاً: يعتبر الفقهاء أن مهمة الحوزات وهدفها الأساسي هو ضمان وجود مبلِّغين للدين من خطباء وعلماء مناطق، ووجود مجتهدين علي مستويات عالية

ص: 456

يقومون بدور التدريس والتوجيه ويكون من بينهم مرجع التقليد أو مراجع التقليد حسب قناعة عموم الشيعة.

بينما تطرح هذه المشاريع إضافة علوم أخري للحوزة والتقليل من التركيز علي الفقه وأصول الفقه.. الأمر الذي يشعر معه الفقهاء أنه انحراف بالحوزة عن هدفها الأساسي، وصرف لطلبتها عن التعمق الضروري في الفقه وأصوله.

خامساً: أنهم يرون أن مواد المناهج الدراسية المقترحة مواد ضعيفة، لا تصل إلي مستوي المواد المقررة في الحوزة، سواء في أدبيات اللغة العربية، أو في المنطق والبلاغة، أو في الفقه والأصول..

وهذه المواد من شأنها أن تربي طلاباً سطحيين، لا يمكن أن تكون لهم أهلية الإجتهاد، ولا الكفاءات العلمية الأخري.

فالمتن الدرسي الحوزوي له مواصفات خاصة في عبارته ومطلبه العلمي، لا يمكن للكراسات المعدَّة، والكتب المقترحة أن تسد مسدَّه.

في هذا الجو طرحت بعد الثورة الإسلامية في إيران عدة مشاريع لتطوير الحوزات العلمية الشيعية، ولم تلق قبولاً من العلماء، للأسباب المتقدمة كلاًّ أو بعضاً.. وكان من المبررات التي طرحها أصحاب مشاريع التحديث:

أن الحوزة العلمية يجب أن تساير العصر، وتلبي حاجات الثورة والدولة والنهضة الإسلامية العالمية، وذلك بأن تدرس علوماً أخري مثل علم النفس والإجتماع والتاريخ والسياسة.. بدل التركيز الشديد علي الفقه والأصول..

وأن الحوزة يجب أن تركز علي تدريس القرآن بفنونه وعلومه، ولا تقتصر علي تعمق الفقهاء والمفسرين في آياته.. إلي آخر ما ذكره أصحاب المشاريع التحديثية.

ص: 457

ومن أبرز هذه المشاريع وأكثرها جدية، المشروع الذي طرحه آية الله خامنئي.. فلاقي بروداً من المراجع، ولم يمكن تطبيقه إلا علي الطلبة غير الإيرانيين، مع اعتراضات منهم علي المناهج، ومطالبات مستمرة أن يتركوا لهم حرية الدراسة في الحوزة.. كما طبق الجانب الإداري منه بشكل جزئي علي الطلبة الإيرانيين..

وقد رافق هذا الطرح انتقادات مبالغ فيها لمناهج الحوزة، نشرت منها الصحف الإيرانية عدة مقالات، وقام الدكتور جعفر باقري المتحمس للمشروع بنشرها في كتاب، أملاً أن يكون عوناً لإقناع الحوزة بتطبيق مشروع آية الله خامنئي، الذي تحفظ عليه المراجع، للأسباب المتقدمة.

وقد نسب الباقري في كتابه كلاماً شديداً إلي آية الله خامنئي ضد منهج الحوزة، لا نعرف مدي دقة ترجمته عن الفارسية، فرفعه بعض السلفيين النواصب قميص عثمان، باعتبار أنه إقرار من الشيعة بعدم اهتمامهم بالقرآن الكريم وعلومه!!!

مع أن القضية المطروحة بين السيد الخامنئي ومراجع الحوزة أمر آخر كلياًّ!

وكتاب الدكتور الباقري ليس كتاباً علمياً بل كتاب إعلامي.. استعمل المبالغة مع الأسف وذم المنهج العلمي ومواد الدراسة في الحوزة العلمية لإثبات ضرورة المشروع الذي يدعو إليه!!

كالذي يقول إن برنامج هذه المدرسة خراب وطلبتها فاشلون، فسلموها لي لكي أطبق فيها برنامجاً يحييها!!

ص: 458

مع أن المؤلف والجميع يعرفون أن الحوزة العلمية الشيعية مفخرةٌ المسلمين، في صمودها وحرصها علي استقلالها عبر القرون.. وفي عمقها العلمي وتخريجها للنوابغ الأفذاذ.

وهذا يلفتنا إلي أن من أول واجبات الذين يريدون إصلاح الحوزة: أن ينصفوها، وينطلقوا من إيجابياتها العظيمة، لا أن يفرطوا في ذمها!!

ص: 459

ص: 460

الفصل الرابع عشر: زعمهم أن علماء الشيعة ضعفاء في علم التفسير

اشارة

ص: 461

ص: 462

زعمهم أن علماء الشيعة ضعفاء في علم التفسير

كتب (مشارك) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 21 - 6 - 1999، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (نقاش في بضاعة الرافضة في التفسير)، قال فيه:

العجيب والغريب في تفاسير الرافضة للقرآن، تفسيرهم لأغلب الآيات القرآنية وكأنها نزلت لإقرار مذهبهم في الإمامة، أو ذم الصحابة، وخاصة أبي بكر وعمر.

وهنا نريد أن نعرف بضاعة الرافضة في التفسير من خلال تفسيرهم لآية: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

فحبذا لو يأتوا بما عندهم من التفسير لهذه الآية من كتبهم المعتمدة.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 21 - 6 - 1999، العاشرة صباحاً:

راجع تفسير الميزان للسيد الطباطبائي عليه الرحمة الجزء 18 ص 42، وما بعدها.

وكتب (مشارك):

هل يمكن أن تنقل لي شيئاً مما ورد فيه؟

ص: 463

فكتب (أبو عمار) بتاريخ 21 - 6 - 1999، الواحدة ظهراً:

نقلاً عن تفسير القرطبي:

الأول: قوله تعالي: قل لا أسألكم عليه عليه أجراً، أي قل يا محمد: لا أسألكم علي تبليغ الرسالة جعلاً إلا المودة في القربي.. إلخ.

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 6 - 1999، الثانية ظهراً:

الزميل أبو عمار: كنت أريد تفسير الآية من كتبكم لا من القرطبي، وآسف إن كنت فهمتني خطأ.

وكتب (مشارك) أيضاً بتاريخ 22 - 6 - 1999، الثانية والنصف ظهراً:

هل بضاعتكم في التفسير خاصة بأصحاب الطينة المقدسة، أم أنها بضاعة مزجاة؟!

وكتب (حقيقة التشيع) بتاريخ 22 - 6 - 1999، الثالثة ظهراً:

الأخ مشارك:

ألم تقرأ قول الله تعالي: " وإذا خلا بعضهم إلي بعض قالوا أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون. أولا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون ما يعلنون. ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون ".

وألم تقرأ قوله تعالي: " ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قل إن الهدي هدي الله أو يؤتي أحد مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم ".

ص: 464

إن المتأمل لعقيدة الرافضة يجد لا فرق بينها وبين عقيدة أهل الكتاب من حيث الخفاء، فهم يخفون عقائدهم عن أهل الحق حتي لا يروا سخافاتهم.. ألا تري الإسماعيلية ليس لكتبهم وجود إلا ما ندر؟

ولذلك لا تجد من يدلك علي المواقع التي تنشر المعتمد من كتبهم أو يذكروا لنا عقائدهم.

كلاَّ.. حتي تكتشف ذلك بنفسك، فإذا كشفت عقيدتهم انهالت عليك الردود بأن ما وقعت عليه هو الحق، وأصبحوا يؤولون الضلال، والله المستعان. وهذه طريقتهم الملتوية.

فكتب (مشارك) بتاريخ 22 - 6 - 1999، الثامنة مساءً:

قد كشفتم لنا بضاعتكم في الحديث، عند ذكركم لحديث الكذب: لعن الله من تخلف عن جيش أسامة، فهل بضاعتكم في التفسير من نفس النوع؟

اطمئنوا فأنا أريد الظاهر والباطن الأول فقط، ولا أريد بقية الأبطن السبعة.

ثم كتب (مشارك) أيضاً بتاريخ 22 - 6 - 1999، التاسعة مساءً:

صحيح أنكم روافض، وصدقوني لم أجد لكم أفضل من هذا الإسم الذين تزعمون أن الله سماكم به، فكل يوم ويوم أجد لكم سبباً في التسمية بهذا الإسم، ولنحصر ما عندنا حتي الآن:

1 - رفضتم زيد بن علي بن الحسين.

2 - ترفضون ما جاء عن الصحابة من أحاديث.

3 - ترفضون السنة.

4 - ترفضون عرض عقيدتكم.

5 - ترفضون أن تدلونا علي مواقع كتبكم علي الإنترنت.

ص: 465

6 - ترفضون أن تعرضوا بضاعتكم في التفسير.

7 - ترفضون أن تقولوا أن من الاثني عشرية من يكفر بعضهم بعضاً.

8 - ترفضون الكلام علي ما حدث بين الحسن ومعاوية.

9 - ترفضون الكلام علي ما حدث بين الخميني والخوئي.

10 - ترفضون الكلام عن عصمة الأئمة.

11 - ترفضون الكلام عن طينتكم المقدسة.. من يزيد؟!!!

ثم كتب (مشارك) أيضاً بتاريخ 24 - 6 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

أنحن من نفر أيها التلميذ الحصيف!!!!!

فكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 6 - 1999، الواحدة صباحاً:

حسب طلبك يا مشارك..

وضعت في هذا الموقع بحثاً حول مصطلح أهل البيت في الإسلام، وفيه تفسير ثلاث آيات منها آية المودة في القربي. فأرجو أن تقرأه..وتخبرني.

وعندي نموذج من تفسير الشيعة لآية: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي..

إن أردت أرسلته لك.

ولكن أُخبرُك.. أنه كلُّه مناقشة لرأي الخليفة عمر.. لأنه يقول إن يوم نزولها يستحق أن يكون عيداً، ولكنها نزلت في يوم عيد.. فاصطدم العيد النازل بالموجود.. وحصل ما حصل!

فإن تحمَّلت أن يناقش أحد إمامك عمر بالدليل، أرسلتُ لك تفسير الآية، إن شاء الله تعالي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 25 - 6 - 1999، الثانية صباحاً:

ص: 466

أنا أريد النقاش من خلال هذه الآية، لأني حسب طلبكم لم أكتف بما جاء عند ابن تيمية بل قرأت لغيره أيضاً.

قال (العاملي):

تشرتُ في شبكة أنا العربي، بتاريخ 25 - 6 - 1999، عدة بحوث في تفسير آية التطهير وآية المباهلة وآية المودة في القربي، بعنوان (عمليات علماء البلاط علي آيات أهل البيت عليهم السلام).

كما نشر الأخ (الأشتر) وغيره من كتَّاب الشيعة.. مواضيع في تفسير هذه الآيات أيضاً..

وناقش (مشارك) وغيره في بعضها، وفرُّوا من أكثرها!!

وسنوردها في باب مصطلح أهل البيت في الإسلام، وموضوع صيغة الصلاة الشرعية علي النبي وآله، صلي الله عليه وعليهم.

اول و آخر ما نزل من القرآن

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 2 - 7 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (بحث في تحقيق آخر سورة وآية نزلت من القرآن الكريم)، قال فيه:

ليس من العجيب أن يختلف المسلمون في أول آيات نزلت علي النبي صلي الله عليه وآله، لأنهم لم يكونوا مسلمين آنذاك..

ثم إنهم باستثناء القلة، لم يكتبوا ما سمعوه من نبيِّهم في حياته، فاختلفوا بعده في أحاديثه وسيرته.

ص: 467

ولهذا لانعجب إذا وجدنا أربعة أقوال في تعيين أول ما أنزله الله تعالي من كتابه:

أنه سورة اقرأ.

وأنه سورة المدثر.

وأنه سورة الفاتحة.

وأنه البسملة.. كما في الإتقان للسيوطي: 1/91.

ولكن العجيب اختلافهم في آخر ما نزل من القرآن، وقد كانوا دولة وأمة ملتفة حول نبيها، وقد أعلن لهم نبيهم صلي الله عليه وآله أنه راحلٌ عنهم عن قريب، وحجَّ معهم حجة الوداع، ومرض قبل وفاته مدة، وودعوه وودعهم!

فلماذا اختلفوا في آخر آية، أو سورة نزلت عليه صلي الله عليه وآله؟!!

الجواب: إن الأغراض الشخصية والسياسية لم تدخل في مسألة أول ما نزل من القرآن، كما دخلت في مسألة آخر ما نزل منه.. كما سوف تري!!

سورة المائدة آخر ما نزل من القرآن

يصل الباحث في مصادر الحديث والفقه والتفسير إلي أن سورة المائدة آخر سورة نزلت من القرآن.. وأن آية " اليوم أكملت لكم دينكم " الواقعة فيها، نزلت بعد إكمال نزول جميع الفرائض..

وأن بعض الصحابة حاول أن يجعل بدل سورة المائدة سوراً أخري!!

رأي أهل البيت

قال العياشي في تفسيره: 1/288:

(عن عيسي بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: كان القرآن ينسخ بعضه بعضاً، وإنما كان يؤخذ من أمر رسول الله صلي الله عليه وآله بآخره، فكان من

ص: 468

آخر ما نزل عليه سورة المائدة، فنسخت ما قبلها ولم ينسخها شئ. لقد نزلت عليه وهو علي بغلته الشهباء، وثقل عليه الوحي، حتي وقفت وتدلي بطنها، حتي رأيت سرتها تكاد تمس الأرض، وأغمي علي رسول الله صلي الله عليه وآله حتي وضع يده علي ذؤابة شيبة بن وهب الجمحي، ثم رفع ذلك عن رسول الله صلي الله عليه وآله، فقرأ علينا سورة المائدة، فعمل رسول الله صلي الله عليه وآله وعملنا). انتهي.

ويقصد علي عليه السلام بذلك: أن المسح علي القدمين في الوضوء هو الواجب، وليس غسلهما، لأن المسح نزل في سورة المائدة، وعمل به النبي صلي الله عليه وآله والمسلمون ولم ينسخ.

ورواه في تفسير نور الثقلين: 1/582 و: 5/447.

وفي الكافي: 1/289:

(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن أذينة، عن زرارة، والفضيل بن يسار، وبكير بن أعين، ومحمد بن مسلم، وبريد بن معاوية، وأبي الجارود جميعاً عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمر الله عز وجل رسوله بولاية علي وأنزل عليه: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة، وفرض ولاية أولي الأمر، فلم يدروا ما هي؟

فأمر الله محمداً صلي الله عليه وآله أن يفسر لهم الولاية، كما فسر لهم الصلاة والزكاة والصوم والحج، فلما أتاه ذلك من الله، ضاق بذلك صدر رسول الله صلي الله عليه وآله وتخوف أن يرتدوا عن دينهم، وأن يكذبوه، فضاق صدره وراجع ربه عز وجل فأوحي الله عز وجل إليه: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس "، فصدع بأمر الله تعالي ذكره،

ص: 469

فقام بولاية علي عليه السلام يوم غدير خم، فنادي الصلاة جامعة وأمر الناس أن يبلغ الشاهد الغائب.

قال عمر بن أذنية: قالوا جميعاً - غير أبي الجارود - وقال أبو جعفر عليه السلام: وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخري وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي.

قال أبو جعفر عليه السلام: يقول الله عز وجل: لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض).

وفي تاريخ اليعقوبي: 2 / 43:

(وقد قيل إن آخر ما نزل عليه: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً "، وهي الرواية الصحيحة، الثابتة الصريحة).

مصادر السنيين الموافقة لرأي أهل البيت

الدر المنثور: 2/252:

(وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، عن أبي ميسرة قال: آخر سورة أنزلت سورة المائدة، وإن فيها لسبع عشرة فريضة).

المحلي: 9/407:

(روينا من طريق عائشة أم المؤمنين رضي الله عنهما أن سورة المائدة آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها حلالاً فحللوه، وما وجدتم فيها حراماً فحرموه. وهذه الآية في المائدة فبطل أنها منسوخة، وصح أنها محكمة).

المحلي: 7/389:

ص: 470

(فإن هذا قد عارضه ما رويناه عنها من طريق ابن وهب، عن معاوية بن صالح عن جري بن كليب، عن جبير بن نفير قال: قالت لي عائشة أم المؤمنين: هل تقرأ سورة المائدة؟ قلت: نعم.

قالت: أما إنها آخر سورة نزلت، فما وجدتم فيها حراماً فحرموه.

ورواه أحمد في مسنده: 6 / 188.

ورواه البيهقي في سننه: 7/172 عن ابن نفير، ونحوه عن عبد الله بن عمرو.

ورواه في طبقات الحنابلة: 1/427.

ورواه الحاكم: 2/311، وقال: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه.

ثم روي عن عبد الله بن عمرو، أن آخر سورة نزلت سورة المائدة، وقال: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه). انتهي.

وسوف تعرف أنهما لم يخرجاه مراعاة لعمر حيث ادعي أن آخر ما نزل من القرآن غير المائدة.

وفي مجمع الزوائد: 1/256:

(وعن ابن عباس، أنه قال: ذكر المسح علي الخفين، وعند عمر سعد، وعبد الله بن عمر، فقال عمر: سعدٌ أفقه منك. فقال عبد الله بن عباس: يا سعد إنا لا ننكر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مسح، ولكن هل مسح منذ نزلت المائدة، فإنها أحكمت كل شئ، وكانت آخر سورة نزلت من القرآن، ألا تراه قال... فلم يتكلم أحد. رواه الطبراني في الأوسط. وروي ابن ماجة طرفاً منه، وفيه عبيد بن عبيدة التمار وقد ذكره ابن حبان في الثقات وقال: يغرب). انتهي.

ص: 471

يقصد الهيثمي أن الرواية ضعيفة بهذا الراوي، الذي هو ثقة عند ابن حبان ولكنه يروي روايات غريبة، أي مخالفة لمقررات المذهب الرسمي الذي يقول إن الواجب هو غسل الرجلين في الوضوء، ويقول إن المائدة ليست آخر سورة نزلت!

وفي الدر المنثور: 2/252:

(وأخرج أبو عبيد عن ضمرة بن حبيب وعطية بن قيس قالا: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: المائدة من آخر القرآن تنزيلاً، فأحلوا حلالها وحرموا حرامها). انتهي.

ويشك الإنسان في كلمة [من] التي تفردت بها هذه الرواية، وكأن راويها أضافها للمصالحة بين الواقع وبين ما تبنته السلطة، وجعلته مشهوراً.

وفي تفسير التبيان: 3/413:

(وقال عبد الله بن عمر: آخر سورة نزلت المائدة).

وفي الغدير: 1/228:

(ونقل ابن كثير من طريق أحمد والحاكم والنسائي عن عايشة: أن المائدة آخر سورة نزلت). انتهي.

ويتضح من مجموع ذلك أن المتسالم عليه عند عند أهل البيت عليهم السلام أن آخر ما نزل من القرآن سورة المائدة.. وأنه مؤيد برواياتٍ صحيحة وكثيرة، في مصادر إخواننا..

بل يمكن القول بأن آية " اليوم أكملت لكم دينكم " وحدها تكفي دليلاً علي أنها آخر سورة نزلت في آخر ما نزل من كتاب الله تعالي، لأنها تنصُّ علي أن نزول الفرائض قد تمت بها، فلا يصح القول بأنه نزل بعدها فريضة، علي أنه

ص: 472

وردت نصوص بذلك كما تقدم عن الإمام الباقر عليه السلام، وكما سيأتي من رواية الطبري والبيهقي وقول السدي.

وعليه، فكل ما نزل بعدها من القرآن، لا بد أن يكون خالياً من الفرائض والأحكام، لأن التشريع قد تم بنزولها، فلا حكم بعدها!

الآراء المخالفة و المتناقضة

ولكن هذا الأمر المحدد الواضح، صار غير واضح ولا محدد عندهم!!

وكثرت فيه الروايات وتناقضت! وزاد في الطين بلَّة.. أن المتناقض منها صحيحٌ بمقاييسهم!

وأنها آراء صحابة كبار لا يجرؤون علي ردهم!

ولعل السيوطي استحي من كثرة الأقوال في آخر ما نزل من القرآن، فأجملها إجمالاً، ولم يعددها أولاً وثانياً كما عدد الأقوال الأربعة في أول ما نزل!! ونحن نعدها باختصار، لنري أسباب نشأتها!

1 - أن آخر آية هي آية الربا، وهي الآية 278 من سورة البقرة.

2 - أن آخر آية هي آية الكلالة، أي الورثة من الأقرباء غير المباشرين، وهي الآية 176 من سورة النساء.

3 - أنها آية " واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله ".. البقرة - 281.

4 - أنها آية " لقد جاءكم رسول من أنفسكم ".. التوبة - 128.

5 - أنها آية " وما أرسلنا من قبلك من رسول ".. الأنبياء - 25.

6 - أنها آية " فمن كان يرجو لقاء ربه ".. الكهف - 110.

7 - أنها آية " ومن يقتل مؤمناً متعمداً ".. النساء - 93.

8 - أن آخر سورة نزلت هي: سورة التوبة.

ص: 473

9 - أن آخر سورة نزلت هي: سورة النصر.

هذا ما جاء فقط في إتقان السيوطي: 1/101.

وقد تبلغ أقوالهم ورواياتهم ضعف هذا العدد، لمن يتتبع المصادر!!

كيف نشأت هذه الآراء المتناقضة؟!

القصة التالية تعطينا ضوءاً علي نشأة هذا الإضطراب والضياع:

سئل الخليفة عمر ذات يومٍ عن تفسير آية الربا وأحكام الربا، فلم يعرفها!

فتأسف لأن هذه الآية آخر آية نزلت.. وأن النبي (صلی الله علیه و آله) توفي ولم يفسرها لنا!

ومن يومها دخلت آيات الربا علي الخط، وشوشت علي سورة المائدة، وصار ختام ما نزل من القرآن مردداً بين المائدة، وبين آيات الربا!

ولكن الربا ذكر في أربع سور من القرآن:

في الآيتين (275 – 276) من سورة البقرة.

والآية (161) من سورة النساء.

والآية (39) من الروم.

والآية (130) من آل عمران...

وبعض هذه السور مكيٌّ وبعضها مدني! فأي آية منها قصد الخليفة؟

وتبرع المتبرعون.. وقالوا إن مقصوده الآية 278 من سورة البقرة!

فصار مذهبهم أن آخر آية نزلت من القرآن وضعت في سورة البقرة، التي نزلت في أول الهجرة!

وصار مذهبهم أن تحريم الربا تشريعٌ إضافي، لأنه نزل بعد آية إكمال الدين!

ص: 474

ولعلهم يتصورون أنه لا بأس بهذه المفارقة في نزول القرآن والوحي، ما دام هدفهم هدفاً شرعياً صحيحاً هو الدفاع عن الخليفة عمر بن الخطاب!!

قال السرخسي في المبسوط: 2/51 و: 12/114:

(فقد قال عمر رضي الله عنه: إن آية الربا آخر ما نزل، وقبض رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل أن يبين لنا شأنها!).

وقال الإمام أحمد في مسنده: 1 / 36:

(عن سعيد بن المسيب قال: قال عمر رضي الله عنه: إن آخر ما نزل من القرآن آية الربا، وإن رسول الله صلي الله عليه وسلم قبض ولم يفسرها، فدعوا الربا والريبة!!

ورواه في كنز العمال: 4/186 عن ش وابن راهويه حم - وابن الضريس، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل).

وقال السيوطي في الإتقان: 1/101:

(وأخرج البخاري عن ابن عباس قال: آخر آية نزلت آية الربا. وروي البيهقي عن عمر مثله... وعند أحمد وابن ماجة عن عمر: [من] آخر ما نزل آية الربا). انتهي.

ولكن إضافة [من] في رواية البيهقي لا تحل المشكلة، كما لم تحلها في سورة المائدة..

لأن الروايات الأخري ليس فيها [من] وهي نص علي أن آية الربا آخر ما نزل!

قصة ثانية

ص: 475

وذات يومٍ سئل الخليفة عمر عن معني الكلالة فتحير فيها، واستعصي عليه فهمها.

والكلالة هم ورثة الميت غير القريبين..

فقال الخليفة: إنها آخر آية نزلت، وتوفي النبي قبل أن يبينها له، أو بينها له بياناً ناقصاً!

ففي البخاري: 5/115:

(عن البراء رضي الله عنه قال: آخر سورة نزلت كاملة براءة، وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة... ونحوه في: 5/185).

وقال السيوطي في الإتقان: 1/101:

(فروي الشيخان عن البراء بن عازب قال: آخر آية نزلت: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة، وآخر سورة نزلت براءة).

وفي مسند أحمد: 4/298:

(عن البراء قال: آخر سورة نزلت علي النبي صلي الله عليه وسلم كاملة براءة، وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء: يستفتونك... إلي آخر السورة... إلي آخره!).

ومن يومها دخلت آية الكلالة علي الخط، وشاركت في التشويش علي سورة المائدة!

وصار ختام ما نزل من القرآن مردداً بين آيات الربا والكلالة، وبقية المائدة بما فيها آيتا العصمة من الناس، وإكمال الدين!

ص: 476

وقد راجعت ما تيسر لي من مصادر إخواننا في مسألة الربا والكلالة، فهالتني مشكلة الخليفة معهما، خاصة مسألة الكلالة، حتي أنه جعلها من القضايا الهامة علي مستوي قضايا الأمة الإسلامية الكبري، وكان يطرحها من علي منبر النبي صلي الله عليه وآله ويدعو المسلمين إلي مساعدته علي حلها!

ففي صحيح البخاري: 6/242:

(عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: خطب عمر علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر، وهي من خمسة أشياء: العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل. والخمر ما خامر العقل. وثلاث وددت أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يفارقنا حتي يعهد إلينا عهداً: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا). انتهي.

ورواه مسلم في: 2/81، بتفصيل أكثر.

وروي نحوه في: 5/61 و: 8/245.

ورواه ابن ماجة في: 2/910.

وقال عنه السيوطي في الدر المنثور: 2/249:

(وأخرج عبد الرزاق، والبخاري، ومسلم، وابن جرير، وابن المنذر عن عمر... ويدل هذا الصحيح المؤكد، علي أن عمر لم يسأل النبي صلي الله عليه وآله عن الكلالة.

وقد صرح بذلك صحيح الحاكم الذي رواه في المستدرك: 2/303، فقال:

محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أكون سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن ثلاث أحب إلي من حمر النعم: عن الخليفة بعده، وعن قوم قالوا نقر بالزكاة في أموالنا ولا نؤديها إليك،

ص: 477

أيحل قتالهم؟ وعن الكلالة. هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه). انتهي.

ولكن في صحيح مسلم أن عمر سأل النبي صلي الله عليه وآله عنها مراراً!!

قال مسلم في: 5/61:

(عن معدان بن أبي طلحة، أن عمر بن الخطاب خطب يوم جمعة فذكر نبي الله صلي الله عليه وسلم، وذكر أبا بكر ثم قال: إني لا أدع بعدي شيئاً أهم عندي من الكلالة! ما راجعت رسول الله صلي الله عليه وسلم في شئ ما راجعته في الكلالة! وما أغلظ لي في شئ ما أغلظ لي فيه، حتي طعن بإصبعه في صدري وقال: يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء؟!

وإني إن أعش أقض فيها بقضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن). انتهي.

يعني أنه سأل النبي صلي الله عليه وآله عنها مراراً فوضحها له مراراً، ولكنه كرر سؤاله حتي غضب عليه النبي صلي الله عليه وآله لعدم فهمه لشرحه إياها!

بل يدل الصحيحان التاليان علي أن النبي صلي الله عليه وآله أخبر عمر أنه سوف لن يفهم الكلالة طول عمره، أو دعا عليه بذلك!

ففي الدر المنثور: 2/250:

(وأخرج العدني والبزار في مسنديهما، وأبو الشيخ في الفرائض، بسند صحيح عن حذيفة قال: نزلت آية الكلالة علي النبي صلي الله عليه وسلم في مسيرٍ له، فوقف النبي صلي الله عليه وسلم، فإذا هو بحذيفة فلقاها إياه، فنظر حذيفة فإذا عمر، فلقاها إياه. فلما كان في خلافة عمر، نظر عمر في الكلالة

ص: 478

فدعا حذيفة فسأله عنها، فقال حذيفة: لقد لقانيها رسول الله صلي الله عليه وسلم فلقيتك كما لقاني، والله لا أزيدك علي ذلك شيئاً أبداً). انتهي.

وفي كنز العمال: 11/80 حديث 30688:

(عن سعيد بن المسيب، أن عمر سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم: كيف يورث الكلالة؟

قال: أوليس قد بيَّن الله ذلك.

ثم قرأ: وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة... إلي آخر الآية.

فكأن عمر لم يفهم!

فأنزل الله: يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة.. إلي آخر الآية، فكأن عمر لم يفهم!

فقال لحفصة: إذا رأيت من رسول الله صلي الله عليه وسلم طيب نفس، فاسأليه عنها.

فقال (رسول الله): أبوك ذكر لك هذا؟ ما أري أباك يعلمها أبداً!!

فكان يقول: ما أراني أعلمها أبداً، وقد قال رسول الله ما قال!!

وذكر في مصدره أنه صححه ابن راهويه أو ابن مردويه).

بل روي السيوطي في الدر المنثور: 2/249 أن النبي صلي الله عليه وآله قد كتبها لعمر في كتفٍ!

قال: (وأخرج عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وابن مردويه، عن طاوس، أن عمر أمر حفصة أن تسأل النبي صلي الله عليه وسلم عن الكلالة. فسألته فأملاها عليها في كتف.

وقال: من أمرك بهذا؟ أعمر؟ ما أراه يقيمها!! أو ما تكفيه آية الصيف؟!!

ص: 479

قال سفيان: وآية الصيف التي في النساء " وإن كان رجل يورث كلالة أو امرأة ".

فلما سألوا رسول الله صلي الله عليه وسلم، نزلت الآية التي في خاتمة النساء). انتهي.

فانظر إلي هذه التناقضات في أحاديث عمر والكلالة، وكلُّها صحيحة!!

ولاحظ أن الكلالة هي إحدي المسائل الثلاث التي قال البخاري إن النبي صلي الله عليه وآله لم يبينها للأمة، ولا سأل عمر النبي عنها!

مع أن روايتهم الصحيحة تقول إن النبي صلي الله عليه وآله قد بينها مرات وكتبها في كتفٍ..

والكتابة علي الكتف كانت لما يهتم به أكثر لأن الكتف هو الجلد، وهو أدوم من القرطاس!

وأما المسألة الثانية التي هي الخلافة:

فقد روي البخاري نفسه أيضاً أن النبي صلي الله عليه وآله دعا بدواة وكتف ليكتب للأمة الإسلامية كتاباً لا تضل بعده أبداً، ولكن عمر أبي ذلك ومنع منه، وساعده عليه مؤيدوه من قبائل قريش!

وأما المسألة الثالثة، وهي أبواب الربا:

فيستحيل أن لا يكون النبي صلي الله عليه وآله قد بينها وشرحها للمسلمين أيضاً، وقد يكون كتبها لعمر أو غيره في كتفٍ أيضاً!!

إن الإنسان هنا يقف بين أن يتهم النبي صلي الله عليه وآله بأنه قصَّر في بيان ما أنزل الله إليه..

وبين أن يتهم الله تعالي بأنه أخذ نبيه قبل أن يكمل مهمة البيان التي أمره بها..

ص: 480

وبين أن يتهم عمر بالنسيان مثلاً..

ولا يمكن لمسلم أن يجرأ علي تهمة الله تعالي ورسوله صلي الله عليه وآله!!

دلالة هاتين القصتين

تدل هاتان القصتان علي أن صحاح إخواننا فيها متناقضات لا يمكن لباحث أن يقبلها جميعاً..

بل لا بد له أن يرجح بعضها.. ويرد بعضها!

فكيف يمكن لعاقل أن يقبل في موضوعنا أن عمر لم يسأل النبي صلي الله عليه وآله عن الآية لأنها آخر آية نزلت.. وأنه سأله عنها مراراً! حتي دفعه بإصبعه في صدره، وغضب منه، إلخ..!!

وكيف يقبل أن الكلالة آخر آية، وآيات الربا آخر آيات...

إلي آخر المصائب التي ذكرناها، والتي لم نذكرها!

وتدل القصتان في موضوعنا علي أن آيات الربا وإرث الكلالة، وربما غيرهما، حسب رأي الخليفة قد نزلت بعد آية إكمال الدين!

ومعني ذلك أن الله تعالي قال للمسلمين: " اليوم أكملت لكم دينكم "، ولكنه لم يكن أكمل أحكام الإرث والربا وأحكام القتل!! فهل يقبل أحدٌ ذلك؟!!

بقية الأقوال

لا نطيل في ذكر بقية الأقوال، وأحاديثها الصحيحة عندهم، بل نجملها إجمالاً:

ففي صحيح البخاري: 5/182:

ص: 481

(قال سمعت سعيد بن جبير قال: آية اختلف فيها أهل الكوفة، فرحلت فيها إلي ابن عباس، فسألته عنها فقال: نزلت هذه الآية: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم. النساء - 93. هي آخر ما نزل، وما نسخها شئ).

وفي البخاري: 6/15:

(عن سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيه إلي ابن عباس فقال: نزلت في آخر ما نزل، ولم ينسخها شئ).

وفي الدر المنثور: 2/196:

(وأخرج عبد بن حميد، والبخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن جرير، والطبراني من طريق سعيد بن جبير قال: اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن، فرحلت فيها... هي آخر ما نزل وما نسخها شئ. وأخرج أحمد، و سعيد بن منصور، و النسائي، و ابن ماجة، و عبد بن حميد، و ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبي حاتم، و النحاس في ناسخه، و الطبراني من طريق سالم بن أبي الجعد، عن ابن عباس... قال: لقد نزلت في آخر ما نزل ما نسخها شئ حتي قبض رسول الله صلي الله عليه وسلم، وما نزل وحي بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم. قال: أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدي؟ قال: وأني له بالتوبة؟!).

وفي مجموع النووي: 18/345:

(قوله تعالي: ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جنهم خالداً فيها. الآية. في صحيح البخاري... هي آخر ما نزل وما نسخها شئ. وكذا رواه مسلم والنسائي من طرق عن شعبة به. ورواه أبو داود عن أحمد بن حنبل بسنده عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في الآية فقال: ما نسخها شئ). انتهي.

ص: 482

فهل يمكن لمسلم أن يقبل هذه الروايات الصحيحة من البخاري أو غيره..

ومن ابن عباس أو غيره..

ويلتزم بأن تحريم قتل المؤمن تشريعٌ إضافيٌّ في الإسلام، نزل بعد آية إكمال الدين؟!

وفي مستدرك الحاكم: 2/338:

(عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: آخر ما نزل من القرآن: لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. حديث شعبة عن يونس بن عبيد صحيح علي شرط الشيخين، ولم يخرجاه). انتهي.

وهذه الرواية الصحيحة علي شرط الشيخين نقصد الآيتين 128 - 129، من سورة التوبة.

وفي الدر المنثور: 3/295:

(وأخرج ابن أبي شيبة، وإسحاق بن راهويه، وابن منيع في مسنده، وابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، من طريق يوسف بن مهران، عن ابن عباس، عن أبي

بن كعب قال: آخر آية أنزلت علي النبي صلي الله عليه وسلم - وفي لفظ أن آخر ما نزل من القرآن - لقد جاءكم رسول من أنفسكم. إلي آخر.. الآية.

وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند، وابن الضريس في فضائله، وابن أبي دؤاد في المصاحف: وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، والخطيب في تلخيص المتشابه، والضياء في المختارة، من طريق أبي العالية، عن أبي بن كعب، أنهم جمعوا القرآن في

ص: 483

مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجالٌ يكتبون ويملي عليهم أبيُّ بن كعب، حتي انتهوا إلي هذه الآية من سورة براءة: " ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم... قوم لا يفقهون ".

فظنوا أن هذا آخر ما نزل من القرآن.

فقال أبي بن كعب: إن النبي صلي الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم، فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ". فهذا آخر ما نزل من القرآن.

قال: فختم الأمر بما فتح به بلا إله إلا الله، يقول الله: " وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ".

وأخرج ابن أبي دؤاد في المصاحف عن يحيي بن عبد الرحمن بن حاطب قال: أراد عمر بن الخطاب أن يجمع القرآن فقام في الناس، فقال: من كان تلقي من رسول الله صلي الله عليه وسلم شيئاً من القرآن فليأتنا به.

وكانوا كتبوا ذلك في الصحف والألواح والعسب، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتي يشهد شهيدان، فقتل وهو يجمع ذلك إليه.

فقام عثمان بن عفان فقال: من كان عنده شئ من كتاب الله فليأتنا به، وكان لا يقبل من أحد شيئاً حتي يشهد به شاهدان.

فجاء خزيمة بن ثابت، فقال: إني رأيتكم تركتم آيتين لم تكتبوهما!

فقالوا: ما هما؟

قال: تلقيت من رسول الله صلي الله عليه وسلم: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم، عزيز عليه ما عنتم.. " إلي آخر السورة.

ص: 484

فقال عثمان: وأنا أشهد أنهما من عند الله، فأين تري أن نجعلهما؟

قال: أختم بهما آخر ما نزل من القرآن. فختمت بهما براءة). انتهي.

وشبيه به في سنن أبي داود: 1 / 182

وفي صحيح مسلم: 8/243:

(عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: قال لي ابن عباس: تعلم - وقال هارون تدري - آخر سورة نزلت من القرآن نزلت جميعاً؟

قلت: نعم، إذا جاء نصر الله والفتح. قال: صدقت.

وفي رواية ابن أبي شيبة: تعلم أي سورة، ولم يقل آخر).

وفي سنن الترمذي: 4/326:

(وقد روي عن ابن عباس أنه قال: آخر سورة أنزلت: إذ جاء نصر الله والفتح).

وفي الغدير: 1/228: وروي ابن كثير في تفسيره: 2/2:

(عن عبد الله بن عمر أن آخر سورة أنزلت سورة المائدة والفتح يعني النصر).

وفي الدر المنثور: 6/407:

(وأخرج ابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر، عن أبي هريرة في قوله: إذا جاء نصر الله والفتح، قال: علم، وحد حده الله لنبيه صلي الله عليه وسلم، ونعي إليه نفسه، إنك لا تبقي بعد فتح مكة، إلا قليلاً. وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس قال: آخر سورة نزلت من القرآن جميعاً: إذا جاء نصر الله والفتح).

وفي المعجم الكبير للطبراني: 12/19:

ص: 485

(عن ابن عباس قال: آخر آية أنزلت: واتقوا يوماً ترجعون فيه إلي الله). انتهي.

وهي الآية 281 من سورة البقرة!

ونذكر في آخر مصائبهم في هذا الموضوع:

أن معاوية بن أبي سفيان أدلي بدلوه في هذا الموضوع، ونفي علي المنبر أن تكون آية " اليوم أكملت لكم دينكم " آخر ما نزل..

وأفتي للمسلمين بأن آخر آية نزلت هي الآية 110 من سورة الكهف..

وأنها كانت تأديباً من الله لنبيه!!

ففي المعجم الكبير للطبراني: 19/392:

(عمرو بن قيس، أنه سمع معاوية بن أبي سفيان علي المنبر نزع بهذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم.. قال: نزلت يوم عرفة في يوم جمعة، ثم تلا هذه الآية: فمن كان يرجو لقاء ربه.. وقال: إنها آخر آية نزلت... تأديباً لرسول الله..). انتهي.

وقد التفت السيوطي إلي أن كيل التناقض قد طفح لإبعاد آية إكمال الدين عن ختم القرآن.. وحجة الوداع، وغدير خم.. فاستشكل في قبول قول معاوية وعمر!

ولكنه مرَّ بذلك مروراً سريعاً، علي عادتهم في التغطية والتستير، والروغان!

قال في الإتقان: 1/102:

(من المشكل علي ما تقدم قوله تعالي " اليوم أكملت لكم دينكم " فإنها نزلت بعرفة في حجة الوداع وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها. وقد صرح بذلك جماعة منهم السدي، فقال:

ص: 486

لم ينزل بعدها حلال ولا حرام مع أنه ورد في آية الربا والدين والكلالة أنها نزلت بعدها!

وقد استشكل ذلك ابن جرير وقال: الأولي أن يتأول علي أنه أكمل لهم الدين بإفرادهم بالبلد الحرام، وإجلاء المشركين عنه حتي حجه المسلمون، لا يخالطهم المشركون!). انتهي.

ومعني كلام ابن جرير الطبري الذي ارتضاه السيوطي:

أن حل التناقض في كلام الصحابة بأن نقبله ونبعد إكمال الدين وإتمام النعمة عن التشريع، وتنزيل الأحكام والفرائض، ونحصره بتحرير مكة فقط!!

حتي تسلم لنا أحاديث عمر عن الكلالة والربا، وحديث معاوية في أن آخر آية قد نزلت في توبيخ الله تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله!!

إنها فتوي تتكرر أمامك من علماء الخلافة القرشية بوجوب قبول كلام الصحابة - ما عدا أهل بيت النبي صلي الله عليه وآله - حتي لو استلزم ذلك تفريغ الآيات والأحاديث من معانيها!

فالمهم عندهم درجة العصمة (العملية) للصحابة، وأن يكون كلامهم حاكماً علي كلام الله تعالي وكلام رسوله صلي الله عليه وآله!!

ثم يفرضون عليك أن تقبل ذلك وتغمض عينيك، وتصم سمعك عن صراخ ضحاياهم من الآيات الظاهرة والأحاديث الصحيحة!!

و نتيجة هذا المنطق

أن آية اليوم أكملت لكم دينكم ليست آخر آية.. ولا سورتها آخر سورة..

ولا معناها أكملت لكم الفرائض والأحكام، بل أكملت لكم فتح مكة!

ص: 487

وأن معني اليوم في الآية ليس يوم نزول الآية، بل قبل سنتين من حجة الوداع!

وسوف تعرف أن الخليفة عمر أقرَّ في جواب اليهودي أن معني اليوم في الآية: يوم نزولها، وليس يوم فتح مكة!

بل قال القرطبي إن اليوم هنا بمعني الساعة التي نزلت فيها الآية، كما سيأتي إن شاء الله تعالي.

فكتب (مشارك) بتاريخ 2 - 7 - 1999، الواحدة صباحاً:

ستكون لي وقفات مع بحثك هذا يا عاملي:

الوقفة الأولي: تقول: " فصار مذهبهم أن آخر آية نزلت من القرآن وضعت في سورة البقرة، التي نزلت في أول الهجرة! وصار مذهبهم أن تحريم الربا تشريع إضافي، لأنه نزل بعد آية إكمال الدين ".

ماذا تقصد بأن تحريم الربا تشريع إضافي، ومن قال بهذا من العلماء، حتي ننظر في قيمة بحثك.

وكتب (الشمري) بتاريخ 3 - 7 - 1999، الرابعة صباحاً:

شكراً يا عاملي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 4 - 7 - 1999، السابعة صباحاً:

لماذا لم تجب يا عاملي؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 4 - 7 - 1999، الثانية ظهراً:

لا بد أنك قرأت قوله تعالي: " فلا تدخلوها حتي يؤذن لكم، وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكي لكم ".

ص: 488

فهل رأيت أحداً يقول لمن طرق بابه إرجع؟! إن عدم جوابه قول!

وأنت عندما تقبل أن آخر آية نزلت هي آية الربا أو الكلالة، أو غيرها من آيات الفرائض والأحكام قد نزلت بعد آية إكمال الدين، فمعناه أنك جعلتها تشريعات إضافية بعد تمام الدين!!

إن آية إكمال الدين صريحة لا تقبل التأويل عند من يجوزونه.. يا مشارك.

أما عندكم فهو من الأصل حرام، فكيف تصحِّح حديثاً يقول إن هذا التشريع وهذا الجزء من الدين، نزل بعدها؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 4 - 7 - 1999، الثالثة ظهراً:

عندما لا يستطيع الإنسان أن يجد مطعناً في مذهب أهل السنة والجماعة، يأخذ في نسبة أقوال لم تنسب إليهم، ويكذب ويقول إنهم قالوا به، وعندما يطالب بالبينة يعجز عن ذلك!

وهذا حال أهل البدع قديماً وحديثاً، ويبدو أنه لا فائدة من...

فكتب (العاملي) بتاريخ 4 - 7 - 1999، الخامسة عصراً:

كلَّمتُك بكلام علمي مستدلٌّ عليه بآية كريمة..

فلم يكن لك جواب عليه إلا أن ادعيت أنك أهل السنة والجماعة..

واتهمتنا بأننا أهل بدع عاجزون عن الجواب!!

فمن العاجز يا مشارك؟ إسأل شخصاً ثالثاً محايداً؟!

أما أنكم أتباع ابن تيمية.. فنعم، وأما أهل السنة والجماعة.. فلا..

لأنكم تكفرون كل من خالف رأيكم من المسلمين من أهل السنة والشيعة!!

ص: 489

إن البلاد الإسلامية السنية من مصر والمغرب إلي إفريقيا وإندونيسيا.. وكلها عامرة والحمد لله بمشاهد وضرائح أهل البيت عليهم السلام والأولياء الصالحين وهم يزورونهم، وأنتم تكفرونهم بسبب ذلك.. فكيف تتكلم باسمهم.. يا مشارك؟!

نعم، يصح أن تتكلم باسم من تمثل فكرهم، وهم فئة من الأقلية الوهابية الآخذة بالتناقص يوماً فيوماً والحمد لله.

وإن يكن فيك خير يأتِ بك الله تعالي، إلي التوحيد والتنزيه الذي عليه المسلمون السلف والخلف، ويخرجك من العجز عن الجواب علي حديث العماء!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 6 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً:

وليس العجز في حديث العماء، فقط وإنما العجز في حديث الإثني عشر، والعجز في حديث فقأ موسي لعين... والعجز في حديث الثقلين... فقد عاد مخصوماً في كل ذلك.

ثم العجز عن الخُلُق الرفيع.. فنري أيسر كلمة علي لسان السلف والإسلام و... كذاب، كافر، ماجن!!! فيالحلم الله.. ويالممسك غضبه أن يسبق رحمته..

وكتب (ايتو) بتاريخ 6 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

لك النصر دائماً يا أخي العاملي. اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.

نص الآية الكريمة وسياقه

ثم واصل (العاملي) نشر بحثه في شبكة أنا العربي، بتاريخ 2 - 7 - 1999، الثامنة مساءً، بعنوان (بحث في وقت نزول آية اليوم أكملت لكم دينكم)، قال فيه:

ص: 490

يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً، وإذا حللتم فاصطادوا، ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله

شديد العقاب.

حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم، وما ذبح علي النصب وأن تستقسموا بالأزلام، ذلكم فسق، اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون - اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً - فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم. المائدة 2 - 3.

آية إكمال الدين و.. اللحوم المحرمة

أول ما يواجه الباحث في آية إكمال الدين.. غرابة مكانها في القرآن!

فظاهر ما رواه المحدثون والمفسرون فيها، أنها نزلت في حجة الوداع، آية مستقلة لا جزء آية..

ثم يجدها في القرآن جزءاً من آية اللحوم المحرمة..

وكأنها حشرت في وسطها حشراً، بحيث لو رفعنا آية إكمال الدين منها لما نقص من معناها شئ..

بل لاتَّصل السياق!

فما هي الحكمة من هذا السياق؟

وهل كان هذا موضعها الأصلي من القرآن، أم وضعت هنا باجتهاد بعض الصحابة؟!

ص: 491

نحن لا نقبل القول بوقوع تحريف في كتاب الله تعالي..

لكن نتساءل.. عسي أن يعرف أحد الجواب: ما هو ربط آية إكمال الدين باللحوم المحرمة؟

فهل وجدها الذين جمعوا القرآن في وقت متأخر، فوضعوها هنا؟!!

فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن الصحابة اجتهدوا في مكان وضع الآيات في المصحف!!

ثم.. قد يقبل الإنسان أن تكون الآية نزلت بعد آيات بيان أحكام اللحوم..

ولكن هل يمكن أن ينزلها الله تعالي في وسط أحكام اللحوم؟!

فإذا قال الله تعالي: " أكملت لكم دينكم ".. فقد تمت الأحكام، فكيف يقول بعدها مباشرة:

" فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم "؟!

ثم يقول بعدها مباشرة: " يسألونك ماذا أحل لهم، قل أحل لكم الطيبات وما علمتم... " إلي آخر أحكام الدين.. الذي قال عنه أحكم الحكماء سبحانه قبل لحظات: إنه قد أكمله وأتمه؟!!!!

قال في الدر المنثور: 2/259:

(وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: اليوم أكملت لكم دينكم، قال: هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حرام ولا حلال). انتهي.

وقال في: 2/257:

(وأخرج البيهقي في شعب الإيمان، عن ابن عباس... فلما كان واقفاً بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله: اليوم أكملت

ص: 492

لكم دينكم، يقول حلالكم وحرامكم، فلم ينزل بعد هذا حلال ولا حرام). انتهي.

والأحاديث والأقوال في عدم نزول أحكام بعد الآية كثيرة، وقد مرَّ بعضها، ولا تحتاج إلي استقصائها بعد أن كان ذلك يفهم من الآية نفسها.. ويؤيده ما ذكره اللغويون في معني الكمال والتمام.

وقال الزبيدي في تاج العروس: 8 / 103:

(الكمال: التمام وهما مترادفان كما وقع في الصحاح وغيره، وقد فرق بينهما بعض أرباب المعاني، وأوضحوا الكلام في قوله تعالي: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي "، وبسطه في العناية، وأوسع الكلام فيه البهاء السبكي في عروس الأفراح.

وقيل: التمام الذي تجزأ منه أجزاؤه، كما سيأتي، وفيه ثلاث لغات: كمل كنصر، وكرم وعلم، قال الجوهري والكسر أردؤها، وزاد ابن عباد: كمل يكمل مثل ضرب يضرب، نقله الصاغاني كمالاً وكمولاً فهو كامل وكميل، جاؤوا به علي كمل).

وقال في 212:

(وتمام الشئ وتمامته وتتمته ما يتم به. وقال الفارسي: تمام الشئ ما تم به - بالفتح - لا غير، يحكيه عن أبي زيد. وتتمة كل شئ ما يكون تمام غايته، كقولك هذه الدراهم تمام هذه المائة، وتتمة هذه المائة. قال شيخنا: وقد سبق في كمل أن التمام والكمال مترادفان عند المصنف وغيره، وأن جماعة يفرقون بينهما بما أشرنا إليه. وزعم العيني أن بينهما فرقاً ظاهراً ولم يفصح عنه. وقال جماعة: التمام الإتيان بما نقص من الناقص، والكمال الزيادة علي التمام، فلا

ص: 493

يفهم السامع عربياً أو غيره من رجل تام الخلق إلا أنه لا نقص في أعضائه، ويفهم من كامل، وخصه بمعني زائد علي التمام كالحسن والفضل الذاتي أو العرضي. فالكمال تمام وزيادة، فهو أخص. وقد يطلق كل علي الآخر تجوزاً. وعليه قوله تعالي: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ". كذا في كتاب التوكيد لابن أبي الأصبع.

وقيل التمام يستدعي سبق نقص، بخلاف الكمال، وقيل غير ذلك، مما حرره البهاء السبكي في عروس الأفراح، وابن الزملكاني في شرح التبيان، وغير واحد. قلت، وقال الحراني: الكمال: الإنتهاء إلي غاية ليس وراءها مزيد من كل وجه. وقال ابن الكمال: كمال الشئ: حصول ما فيه الغرض منه، فإذا قيل: كمل، فمعناه حصل ما هو الغرض منه). انتهي.

الاقوال في تفسير الآية

بعد السؤال عن مكان الآية يواجهنا السؤال عن معناها، وسبب نزولها..

وفي ذلك ثلاثة أقوال:

قول أهل البيت

أنها نزلت يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة في الجحفة، في رجوع النبي صلي الله عليه وآله من حجة الوداع.

عندما أمره الله تعالي أن يوقف المسلمين في غدير خم، قبل أن تتشعب بهم الطرق، ويبلغهم ولاية علي عليه السلام من بعده، فأوقفهم وخطب فيهم وبلغهم ما أمره به ربه.

وهذه نماذج من أحاديثهم:

فقد روي الكليني في الكافي: 1/289:

ص: 494

(عن الإمام محمد الباقر عليه السلام فقال: وقال أبو جعفر عليه السلام: وكانت الفريضة تنزل بعد الفريضة الأخري، وكانت الولاية آخر الفرائض، فأنزل الله عز وجل: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، قال أبو جعفر عليه السلام: يقول الله عز وجل: لا أنزل عليكم بعد هذه فريضة، قد أكملت لكم الفرائض.

وعن علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: كنت عنده جالساً، فقال له رجل: حدثني عن ولاية علي، أمن الله أو من رسوله؟

فغضب ثم قال: ويحك كان رسول الله صلي الله عليه وآله أخوف لله من أن يقول ما لم يأمره به الله! بل افترضه الله كما افترض الصلاة والزكاة والصوم والحج). انتهي.

وفي الكافي 1 / 198:

(أبو محمد القاسم بن العلاء رحمه الله، رفعه عن عبد العزيز بن مسلم قال: كنا مع الرضا عليه السلام بمرو، فاجتمعنا في الجامع يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأداروا أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها. فدخلت علي سيدي عليه السلام فأعلمته خوض الناس فيه، فتبسم عليه السلام ثم قال:

يا عبد العزيز جهل القوم وخدعوا عن آرائهم، إن الله عز وجل لم يقبض نبيه صلي الله عليه وآله حتي أنزل الحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه الناس كملاً، فقال عز وجل: " ما فرطنا في الكتاب من شئ "، وأنزل في حجة الوداع وهي آخر عمره صلي الله عليه وآله: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ". وأمر الإمامة من تمام الدين، ولم يمضِ صلي الله عليه وآله حتي بين لأمته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم، وتركهم علي قصد سبيل الحق، وأقام لهم علياًّ عليه السلام علماً وإماماً، وما ترك شيئاً

ص: 495

تحتاج إليه الأمة إلا بينه، فمن زعم أن الله عز وجل لم يكمل دينه فقد رد كتاب الله، ومن رد كتاب الله فهو كافر به. هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة، فيجوز فيها اختيارهم؟! إن الإمامة أجل قدراً، وأعظم شأناً، وأعلي مكاناً، وأمنع جانباً، وأبعد غوراً، من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالوها بآرائهم، أو يقيموا إماماً باختيارهم. إن الإمامة خص الله عز وجل بها إبراهيم الخليل عليه السلام بعد النبوة والخلة، مرتبة ثالثة، وفضيلة شرفه بها، وأشاد بها ذكره فقال: إني جاعلك للناس إماماً، فقال الخليل عليه السلام سروراً بها: ومن ذريتي؟ قال الله تبارك وتعالي: لا ينال عهدي الظالمين. فأبطلت هذه الآية إمامة كل ظالم إلي يوم القيامة، وصارت في الصفوة. ثم أكرمه الله تعالي بأن جعلها في ذريته أهل الصفوة والطهارة، فقال: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلاًّ جعلنا صالحين. وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين ". فلم تزل في ذريته، يرثها بعض عن بعض، قرناً فقرناً، حتي ورثها الله تعالي النبي صلي الله عليه وآله فقال جل وتعالي: " إن أولي الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين "، فكانت له خاصة فقلدها صلي الله عليه وآله علياًّ عليه السلام بأمر الله تعالي علي رسم ما فرض الله، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم الله العلم والإيمان، بقوله تعالي: " قال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلي يوم البعث "، فهي في ولد علي عليه السلام خاصة إلي يوم القيامة، إذ لا نبي بعد محمد صلي الله عليه وآله.

فمن أين يختار هؤلاء الجهال!). انتهي.

قول السنيين الموافق لقول أهل البيت

ص: 496

وأحاديثهم في بيعة الغدير تبلغ المئات، وفيها صحاح من الدرجة الأولي عندهم.

وقد جمعها عدد من علمائهم القدماء، منهم الطبري المؤرخ في كتابه الولاية فبلغت طرقها ونصوصها عنده مجلدين.

وتنص رواياتها علي أن النبي صلي الله عليه وآله أصعد علياًّ معه علي المنبر، ورفع يده حتي بان بياض إبطيهما، وبلغ الأمة ما أمره الله فيه... إلخ.

وقد انتقد الطبريَّ بعضُ المتعصبين السنيين لتأليفه هذه الكتاب في أحاديث الغدير، التي يحتج بها الشيعة عليهم، ويجادلونهم بها عند ربهم!

وتنص بعض روايات الغدير عندهم علي أن آية إكمال الدين نزلت في الجحفة يوم الغدير بعد إبلاغ النبي صلي الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام.

لكن ينبغي الإلتفات إلي أن أكثر السنيين الذين صحت عندهم روايات الغدير، لم يقبلوا الأحاديث القائلة بأن آية إكمال الدين نزلت يوم الغدير، بل أخذوا بقول الخليفة عمر ومعاوية، أنها نزلت يوم عرفة، كما سيأتي.

وقد جمع أحاديث بيعة الغدير عدد من علماء الشيعة القدماء والمتأخرين، ومن أشهر المتأخرين النقوي الهندي في كتاب عبقات الأنوار، والشيخ الأميني في كتاب الغدير، والسيد المرعشي في كتاب شرح إحقاق الحق، والسيد الميلاني في كتاب نفحات الأزهار.

وقد أورد صاحب الغدير عدداً من الروايات من مصادر السنيين، ذكرت أن آية إكمال الدين نزلت في يوم الغدير، بعد إعلان النبي صلي الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام..

وهذه خلاصة ما ذكره في الغدير: 1/230:

ص: 497

(ومن الآيات النازلة يوم الغدير في أمير المؤمنين عليه السلام قوله تعالي: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ").

ثم ذكر الأميني رحمه الله عدداً من المصادر التي روتها، نذكر منها:

(1 - الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، المتوفي 310، روي في كتاب الولاية، بإسناده عن زيد بن أرقم، نزول الآية الكريمة يوم غدير خمٍّ في أمير المؤمنين عليه السلام..

2 - الحافظ ابن مردويه الأصفهاني، المتوفي 410، روي من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري.. ثم رواه عن أبي هريرة..

3 - الحافظ أبو نعيم الأصبهاني، المتوفي 430، روي في كتابه ما نزل من القرآن في علي..

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أن النبي صلي الله عليه وسلم دعا الناس إلي علي في غدير خم، أمر بما تحت الشجرة من الشوك فقم، وذلك يوم الخميس فدعا علياًّ فأخذ بضبعيه فرفعهما، حتي نظر الناس إلي بياض إبطي رسول الله، ثم لم يتفرقوا حتي نزلت هذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم ".

4 - الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي، المتوفي 463، روي في تاريخه: 8/290...

عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم... قال: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال عمر بن الخطاب: بخٍ بخٍ يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولي كل مسلم، فأنزل الله: " اليوم أكملت لكم دينكم.. " الآية.

ص: 498

5 - الحافظ أبو سعيد السجستاني، المتوفي 477، في كتاب الولاية بإسناده، عن يحيي بن عبد الحميد الحماني الكوفي، عن قيس بن الربيع، عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخدري...

6 - أبو الحسن ابن المغازلي الشافعي، المتوفي 483، روي في مناقبه عن أبي بكر أحمد بن محمد بن طاوان قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن السماك، قال: حدثني أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخلدي، حدثني علي بن سعيد بن قتيبة الرملي، قال:.. عن أبي هريرة...

7 - الحافظ أبو القاسم الحاكم الحسكاني... عن أبي سعيد الخدري: إن رسول الله صلي الله عليه وآله لما نزلت هذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم، قال: الله أكبر علي إكمال الدين وإتمام النعمة، ورضي الرب برسالتي، وولاية علي بن أبي طالب من بعدي.

8 - الحافظ أبو القاسم بن عساكر الشافعي الدمشقي، المتوفي 571، روي الحديث المذكور بطريق ابن مردويه، عن أبي سعيد وأبي هريرة، كما في الدر المنثور: 2/259.

9 - أخطب الخطباء الخوارزمي المتوفي 568، قال في المناقب - 80، عن أبي سعيد الخدري إنه قال: إن النبي صلي الله عليه وآله يوم دعا الناس إلي غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقُمَّ، وذلك يوم الخميس ثم دعا الناس إلي علي، فأخذ بضبعه فرفعها حتي نظر الناس إلي إبطيه، حتي

نزلت هذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم.. الآية. وروي في المناقب - 94، عن ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر الوارق... إلي آخر ما مر عن الخطيب البغدادي سنداً ومتناً.

ص: 499

10 - أبو الفتح النطنزي روي في كتابه الخصايص العلوية - عن أبي سعيد الخدري بلفظ مرَّ - 43، وعن الخدري وجابر الأنصاري..

11 - أبو حامد سعد الدين الصالحاني، قال شهاب الدين أحمد في توضيح الدلايل علي ترجيح الفضايل: وبالإسناد المذكور عن مجاهد رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية: " اليوم أكملت لكم "، بغدير خم، فقال رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وبارك وسلم: الله أكبر علي إكمال الدين وإتمام

النعمة، ورضي الرب برسالتي، والولاية لعلي. رواه الصالحاني.

12 - شيخ الإسلام الحمويني الحنفي، المتوفي 722، روي في فرايد السمطين في الباب الثاني عشر، قال: أنبأني الشيخ تاج الدين... إلخ.). انتهي.

قول عمر بأنها نزلت في حجة الوداع بعرفة يوم جمعة

وهذا هو القول المشهور عند السنيين.

فقد رواه البخاري في صحيحه: 1/16:

(عن طارق بن شهاب، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها، لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً!!

قال: أي آية؟

قال: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً.

قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة، يوم جمعة).

وفي البخاري: 5/127:

ص: 500

(عن طارق بن شهاب إن أناساً من اليهود قالوا: لو نزلت هذه الآية فينا لاتخذنا ذلك اليوم عيداً.

فقال عمر: أية آية؟

فقالوا: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً.

فقال عمر: إني لأعلم أي مكان أنزلت، أنزلت ورسول الله صلي الله عليه وسلم واقف بعرفة..

عن طارق بن شهاب:

قالت اليهود لعمر: إنكم تقرؤون آية، لو نزلت فينا لاتخذناها عيداً!

فقال عمر: إني لأعلم حيث أنزلت وأين أنزلت، وأين رسول الله صلي الله عليه وسلم حين أنزلت. يوم عرفة وأنا والله بعرفة - قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا - اليوم أكملت لكم دينكم).

وفي البخاري 8 / 137:

(عن طارق بن شهاب قال:

قال رجل من اليهود لعمر: يا أمير المؤمنين لو أن علينا نزلت هذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً.. لاتخذنا ذلك اليوم عيداً!

فقال عمر: إني لأعلم أي يوم نزلت هذه الآية، نزلت يوم عرفة في يوم جمعة.

سمع سفيان من مسعر، ومسعر قيساً، وقيس طارقاً). انتهي.

وقد روت عامة مصادر السنيين رواية البخاري هذه ونحوها بطرق متعددة..

ص: 501

وأخذ بها أكثر علمائهم، ولم يديروا بالاً لتشكيك بعضهم في أن يكون يوم عرفة في حجة الوداع يوم جمعة، مثل سفيان الثوري والنسائي!

ولا لرواياتهم المؤيدة لرأي أهل البيت عليهم السلام، التي تقدمت..

وذلك بسبب أن الخليفة عمر قال إنها لم تنزل يوم الغدير بل نزلت في عرفات قبل الغدير بتسعة أيام، وقوله مقدمٌ عندهم علي كل اعتبار.

قال السيوطي في الإتقان: 1/75: عن الآيات التي نزلت في السفر: منها:

(" اليوم أكملت لكم دينكم " في الصحيح عن عمر، أنها نزلت عشية عرفة يوم الجمعة عام حجة الوداع، وله طرق كثيرة. لكن أخرج ابن مردويه، عن أبي سعيد الخدري: أنها نزلت يوم غدير خم.

وأخرج مثله من حديث أبي هريرة وفيه: أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة مرجعه من حجة الوداع. وكلاهما لا يصح). انتهي.

وقال في الدر المنثور: 2/259:

(أخرج ابن مردويه، وابن عساكر بسند ضعيف، عن أبي سعيد الخدري قال: لما نصب رسول الله صلي الله عليه وسلم علياًّ يوم غدير خم، فنادي له بالولاية هبط جبرئيل عليه بهذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم ". وأخرج ابن مردويه، والخطيب، وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي هريرة، قال: لما كان غدير خم وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، قال النبي صلي الله عليه وسلم: من كنت مولاه فعلي مولاه، فأنزل الله: اليوم أكملت لكم دينكم). انتهي.

وموقف السيوطي هو الموقف العام للعلماء السنيين..

ص: 502

ولكنه ذلك لا يعني أنهم يضعفون حديث الغدير كما تقدم، بل يقولون إن حديث الغدير صحيح، ولكن الآية نزلت قبل ذلك اليوم، تمسكاً بقول الخليفة عمر الذي روته صحاحهم، مع أنهم رووا في مقابله أحاديث صحيحة أيضاً.

ومن المتعصبين لرأي عمر: ابن كثير.. وهذه خلاصة من تفسيره: 2/14:

(قال أسباط عن السدي: نزلت هذه الآية يوم عرفة، ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام.

وقال ابن جرير وغير واحد: مات رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوماً، رواهما ابن جرير).

ثم ذكر ابن كثير رواية مسلم وأحمد والنسائي والترمذي المتقدمة وقال:

(قال سفيان: وأشكُّ كان يوم الجمعة أم لا: اليوم أكملت لكم دينكم.. الآية.

وشكُّ سفيان رحمه الله إن كان في الرواية فهو تورع، حيث شك هل أخبره شيخه بذلك، أم لا.

وإن كان شكاًّ في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة فهذا ما أخاله يصدر عن الثوري رحمه الله، فإن هذا أمر معلوم مقطوع به، لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي والسير ولا من الفقهاء،

وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة، لا يشك في صحتها، والله أعلم.

وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن عمر.

وقال ابن جرير: عن قبيصة يعني ابن أبي ذئب، قال: قال كعب لو أن غير هذه الأمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه!!

ص: 503

فقال عمر: أي آية يا كعب؟

فقال: اليوم أكملت لكم دينكم.

فقال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت والمكان الذي أنزلت فيه، نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيد.. ورواه في مختصر تاريخ دمشق مجلد2 جزء 4صفحة 309.

وقال ابن جرير: حدثنا عمرو بن قيس السكوني أنه سمع معاوية بن أبي سفيان علي المنبر ينتزع بهذه الآية: " اليوم أكملت لكم دينكم " حتي ختمها.

فقال: نزلت في يوم عرفة، في يوم جمعة..

وقال ابن جرير: وقد قيل ليس ذلك بيوم معلوم عند الناس!!

ثم روي من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: " اليوم أكملت لكم دينكم "، يقول ليس بيوم معلوم عند الناس.

قال: وقد قيل إنها نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في مسيره إلي حجة الوداع..

ثم قال ابن كثير: قلت: وقد روي ابن مردويه من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم غدير خم، حين قال لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه.

ثم رواه عن أبي هريرة، وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يعني مرجعه عليه السلام من حجة الوداع.

ولا يصح لا هذا ولا هذا، بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية، أنها أنزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة، كما روي ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأول ملوك الإسلام معاوية بن أبي سفيان، وترجمان

ص: 504

القرآن عبد الله بن عباس، وسمرة بن جندب رضي الله عنه، وأرسله الشعبي، وقتادة بن دعامة، وشهر بن حوشب، وغير واحد من الأئمة والعلماء، واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله). انتهي.

وتلاحظ أن ابن كثير لا يريد الإعتراف بوجود تشكيك في أن يوم عرفة كان يوم جمعة..

لأن ذلك يخالف قول عمر، وقد صعب عليه تشكيك سفيان الثوري الصريح..

فالتف عليه ليخربه!!

ومما يدل علي أن الرواة كانوا في شك من أن يوم عرفات كان يوم جمعة:

ما رواه الطبري في تفسيره: 4/111، مما لم يذكره ابن كثير، قال:

(حدثنا ابن المثني، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا داود، قال: قلت لعامر: إن اليهود تقول: كيف لم تحفظ العرب هذا اليوم الذي أكمل الله لها دينها فيه؟!

فقال عامر: أوما حفظته؟

قلت له: فأي يوم؟

قال: يوم عرفة أنزل الله في يوم عرفة!!

وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية أعني قوله " اليوم أكملت لكم دينكم " يوم الإثنين، وقالوا: أنزلت سورة المائدة بالمدينة.

ذكر من قال ذلك: حدثني المثني، قال: ثنا إسحاق، قال: أخبرنا محمد بن حرب، قال: ثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش عن ابن عباس: ولد نبيكم صلي الله عليه وآله يوم الإثنين، وخرج من مكة يوم الإثنين، ودخل المدينة يوم

ص: 505

الإثنين، وأنزلت سورة المائدة يوم الإثنين " اليوم أكملت لكم دينكم "، ورفع الذكر يوم الإثنين.

ثم قال الطبري: وأولي الأقوال في وقت نزول الآية القول الذي روي عن عمر بن الخطاب أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، لصحة سنده ووهي أسانيد غيره). انتهي.

الموقف العلمي في سبب نزول الآية

بإمكان الباحث أن يفتش عن الحقيقة في سبب نزول الآية الكريمة في أحاديث حجة الوداع..

لأن هذا الوداع الرسولي المهيب قد تمَّ بإعلان رباني مسبق، وإعداد نبوي واسع..

وقد حضره ما بين سبعين ألفاًَ إلي مئة وعشرين ألفاً من المسلمين..

ونقلوا العديد من من أحداث حجة الوداع، وأقوال النبي صلي الله عليه وآله وأفعاله فيها، بشئ من التفصيل.. ورووا أنه خطب في أثنائها خمس خطب أو أكثر..

وسجلوا يوم حركته من المدينة، والأماكن التي مرّ عليها أو توقف فيها، ومتي دخل مكة، ومتي وكيف أدي المناسك..

ثم رووا حركة رجوعه وما صادفه فيها.. إلي أن دخل إلي المدينة المنورة وعاش فيها نحو شهرين بقية عمره الشريف صلي الله عليه وآله.

وعلي هذا، فإن عنصر التوقيت والتاريخ حاسمٌ في المسألة، وهو الذي يجب أن يكون مرجَّحاً للرأي الصحيح من الرأيين المتعارضين.

وعنصر التوقيت هنا يرجح قول أهل البيت عليهم السلام والروايات السنية الموافقة لهم، مضافاً إلي المرجحات الأخري المنطقية، التي تنضم إليه كما يلي:

ص: 506

أولاً: إن التعارض هنا ليس بين حديثين أحدهما أصح سنداً وأكثر طرقاً كما توهموا.. بل هو تعارض بين حديث عن النبي صلي الله عليه وآله وبين قول للخليفة عمر.

فإن الأحاديث التي ضعفوها هي أحاديث نبوية مسندة، بينما أحاديث البخاري وغيره هي قول لعمر، لم يسنده إلي النبي صلي الله عليه وآله!

فالباحث السني لا يكفيه أن يستدل بقول عمر في سبب نزول القرآن، ويرد به الحديث النبوي المتضمن سبب النزول، بل لا بد له أن يبحث في سند الحديث ونصه، فإن صح عنده فعليه أن يأخذ به ويترك قول عمر..

وإن لم يصح رجع إلي أقوال الصحابة المتعارضة، وجمع بين الموثوق منها إن أمكن الجمع، وإلا رجح بعضها وأخذ به وترك الباقي..

ولكنهم لم يفعلوا ذلك لأن عمر عندهم معصوم عملياًّ، وإن قالوا غير معصوم نظرياًّ!

ثانياً: لو تنزلنا وقلنا إن أحاديث أهل البيت عليهم السلام في سبب نزول الآية والأحاديث السنية المؤيدة لها ليست أكثر من رأي لأهل البيت ومن أيدهم في ذلك..

وأن التعارض يصير بين قولين لصحابيين في سبب النزول، أو بين قول صحابي وقول بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام..

فنقول: إن النبي صلي الله عليه وآله أوصي أمته بأخذ الدين من أهل بيته عليهم السلام ولم يوصها بأخذه من صحابته.. وذلك في حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع.

وهو كما في مسند أحمد: 3/14:

ص: 507

(عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إني تارك فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض). انتهي.

ورواه أيضاً في: 3/17 و26 و59 و: 4/366، و371.

والدارمي: 2/431.

ومسلم: 7/122.

والحاكم، وصححه علي شرط الشيخين وغيرهما في: 3/109 و148.

والبيهقي في سننه: 2/148، وغيرهم.

وهذا الحديث الصحيح بدرجة عالية، يدل علي حصر مصدر الدين بعد النبي صلي الله عليه وآله بآله عند تعارضه مع قول غيرهم!

ثالثاً: أن الرواية عن الخليفة عمر نفسه متعارضة، وتعارضها يوجب التوقف في الأخذ بها..

فقد رووا عنه أن يوم عرفة في حجة الوداع كان يوم خميس، وليس يوم جمعة.

قال النسائي في سننه: 5/251:

(أخبرنا إسحاق بن إبراهيم، قال: أنبأنا عبد الله بن إدريس، عن أبيه، عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب قال: قال يهودي لعمر: لو علينا نزلت هذه الآية لاتخذناه عيداً " اليوم أكملت لكم دينكم ".

قال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت فيه والليلة التي أنزلت، ليلة الجمعة ونحن مع رسول الله صلي الله عليه وسلم بعرفات!).

والطريف أن النسائي روي عن عمر في: 8/114: أنها نزلت في عرفات في يوم جمعة!

ص: 508

رابعاً: تقدَّم قول البخاري في روايته أن سفيان الثوري وهو من أئمة الحديث والعقيدة عندهم، لم يوافق علي أن يوم عرفة كان يوم جمعة. " قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة، أم لا "..

وهناك عدد من الروايات تؤيد شك سفيان، بل يظهر أن سفياناً كان قاطعاً بأن يوم عرفة في حجة الوداع لم يكن يوم جمعة..

وإنما قال أشك مداراةً لجماعة عمر، الذين رتبوا كل الروايات لأحداث حجة الوداع، بل وأحداث التاريخ الإسلامي كلها.. علي أساس أن يوم عرفات كان يوم جمعة، كما ستعرف.

خامساً: إن عيد المسلمين هو يوم الأضحي، وليس يوم عرفة..

ولم أجد رواية تدل علي أن يوم عرفة عيدٌ شرعيٌّ، فالقول بذلك مما تفرد به الخليفة عمر، ولم يوافقه عليه أحد من المسلمين! وهو عند السلفيين يدخل في باب البدعة!

أما إذا أخذنا برواية النسائي القائلة إن عرفة كان يوم خميس، وأن الآية نزلت ليلة عرفة..

فلا يبقي عيد حتي يصطدم به العيد النازل من السماء، ولا يحتاج الأمر إلي قانون إدغام الأعياد الإلهية المتصادمة، كما ادعي الخليفة!

فيكون معني جواب الخليفة علي هذه الرواية أن يوم نزول آية إكمال الدين يستحق أن يكون عيداً، ولكن آيته نزلت قبل العيد بيومين، فلم نتخذ يومها عيداً! وهذا كلام متهافت!

سادساً: إن قول عمر يناقض ما رووه عن عمر نفسه بسند صحيح أيضاً..

ص: 509

فقد فهم هذا اليهودي من الآية أن الله تعالي قد أكمل تنزيل الإسلام وختمه في يوم نزول الآية، وقبل عمر منه هذا التفسير..

فلا بد أن يكون نزولها بعد نزول جميع الفرائض، فيصح علي رأيه ما قاله أهل البيت عليهم السلام وما قاله السدي وابن عباس وغيرهما من أنه لم تنزل بعدها فريضة ولا حكم.

مع أن الخليفة عمر قال إن آية إكمال الدين نزلت قبل آيات الكلالة، وأحكام الإرث وغيرها، كما تقدم..

فوجب علي مذهبه أن يقول لليهودي: ليس معني الآية كما ظننت، بل كان بقي من الدين عدة أحكام وشرائع نزلت بعدها، وذلك اليوم هو الجدير بأن يكون عيداً!

وعندما تتعارض الروايات عن شخص واحد وتتناقض، فلا بد من التوقف فيها جميعاً، وتجميد كل روايات عمر في آخر ما نزل من القرآن، وفي وقت نزول آية إكمال الدين!

ومن جهة أخري، فقد أقرَّ الخليفة أن اليوم في الآية هو اليوم المعين الذي نزلت فيه، وليس وقتاً مجملاً ولا يوماً مضي قبل سنة.. كفتح مكة، أو يأتي بعد شهور مثلاً. فهو يستوجب رد قول الطبري الذي تعمد اختياره ليوافق عمر..

ويستوجب رد كل الروايات التي تريد تعويم كلمة [اليوم] في الآية، أو تريد جعله يوم فتح مكة.

قال القرطبي في تفسيره: 1/143:

(وقد يطلق [اليوم] علي الساعة، منه قال الله تعالي: " اليوم أكملت لكم دينكم " وجمع يوم أيام، وأصله أيوام فأدغم).

ص: 510

وقال في: 2/61:

(اليوم قد يعبر بجزء منه عن جميعه، وكذلك عن الشهر ببعضه تقول: فعلنا في شهر كذا كذا، وفي سنة كذا كذا، ومعلوم أنك لم تستوعب الشهر ولا السنة، وذلك مستعمل في لسان العرب والعجم.

سابعاً: إن جواب الخليفة لليهودي غير مقنع لا لليهودي ولا للمسلم!

فإن كان يقصد الإعتذار بأن نزولها صادف يوم عيد، ولذلك لم نتخذ يومها عيداً!

فيمكن لليهودي أن يجيبه: لماذا خرب عليكم ربكم هذا العيد وأنزله في ذلك اليوم؟!

وإن كان يقصد إدغام عيد إكمال الدين بعيد عرفة، حتي صار جزءاً منه!

فمن حق سائل أن يسأل: هذا يعني أنكم جعلتم يوم نزولها نصف عيد، مشتركاً مع عرفة..

فأين هذا العيد الذي لا يوجد له أثر عندكم، إلا عند الشيعة؟!

وإن كان يقصد أن هذا اليوم الشريف والعيد العظيم، قد صادف يوم جمعة ويوم عرفة، فأدغم فيهما وذاب، أو أكلاه وانتهي الأمر!

فكيف أنزل الله تعالي هذا العيد علي عيدين، وهو يعلم أنهما سيأكلانه!

فهل تعمد الله تعالي تذويب هذا العيد، أم أنه نسي والعياذ بالله فأنزل عيداً في يوم عيد..

فتدارك المسلمون الأمر بقرار الدمج والإدغام، أو التنصيف!!

ثم من الذي اتخذ قرار الإدغام؟

ص: 511

ومن الذي يحق له أن يدغم عيداً إلهياً في عيد آخر، أو يطعم عيداً ربانياً لعيد آخر!

وما بال الأمة الإسلامية لم يكن عندها خبر من حادثة اصطدام الأعياد الربانية في عرفات..

حتي جاء هذا اليهودي في خلافة عمر..ونبَّهَهُم!

فأخبره الخليفة عمر بأنه يوافقه علي كل ما يقوله، وأخبره وأخبر المسلمين بقصة تصادم الأعياد الإلهية في عرفات!

وأن الحكم الشرعي في هذا التصادم هو الإدغام لمصلحة العيد السابق، أو إطعام العيد اللاحق للسابق!

وهل هذه الأحكام للأعياد أحكام إسلامية ربانية، أم استحسانية شبيهاً بقانون تصادم السيارات..

أو قانون تصادم الأعياد الوطنية والدينية؟!!

إن المشكلة التي طرحها اليهودي، ما زالت قائمة عند الخليفة وأتباعه، لأن الخليفة لم يقدم لها حلاًّ.. وكل الذي قدمه أنه اعترف بها وأقرها، ثم رتب عليها أحكاماً لا يمكن قبولها..

ولم يقل إنه سمعها من النبي صلي الله عليه وآله، فقد اعترف خليفة المسلمين بأن يوم نزول الآية يوم عظيم ومهم بالنسبة إلي المسلمين، لأنه يوم مصيري وتاريخي أكمل الله فيه تنزيل الإسلام، وأتم فيه النعمة علي أمته، ورضيه لهم ديناً يدينونه به، ويسيرون عليه، ويدعون الأمم إليه.

ص: 512

وأن هذا اليوم العظيم يستحق أن يكون عيداً شرعياًّ للأمة الإسلامية تحتفل فيه وتجتمع فيه، في صف أعيادها الشرعية الثلاث: الفطر والأضحي والجمعة، وأنه لو كان عند أمة أخري يوم مثله لأعلنته عيداً ربانياًّ وكان من حقها ذلك شرعاً.

لقد وافق الخليفة محاوره اليهودي علي كل هذا، وبذلك يكون عيد إكمال الدين في فقه إخواننا عيداً شرعياًّ سنوياًّ، يضاف إلي عيديْ الفطر والأضحي السنويين وعيد الجمعة الأسبوعي.

إن الناظر في المسألة يلمس أن الخليفة عمر وقع في ورطة آية علي بن أبي طالب من ناحيتين:

فهو من ناحية ناقض نفسه في آخر ما نزل من القرآن..

ومن ناحية فتح علي نفسه المطالبة بعيد الآية إلي يوم القيامة!!

وصار من حق المسلم أن يسأل أتباع عمر من الفقهاء عن هذا العيد الذي لا يري له عيناً ولا أثراً ولا إسماً في تاريخ المسلمين، ولا في حياتهم، ولا في مصادرهم.. إلا عند الشيعة!

ثم.. إن الأعياد الإسلامية توقيفية، فلا يجوز لأحد أن يشرع عيداً من نفسه..

وحجة الشيعة في جعل يوم الغدير عيداً، أن أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم رووا عن النبي صلي الله عليه وآله أن يوم الآية أي يوم الغدير عيدٌ شرعيٌّ، وأن جبرئيل أخبره بأن الأنبياء عليهم السلام كانوا يأمرون أممهم أن تتخذوا يوم نصب الوصي عيداً.

فما هي حجة الخليفة في تأييد كلام اليهودي، وموافقته له بأن ذلك اليوم يستحق أن يكون عيداً شرعياًّ للأمة الإسلامية!

ثم أخذ يعتذر له بأن مصادفة نزولها في عيدين أوجبت عدم إفراد المسلمين ليومها بعيد.. إلخ.

ص: 513

فإن كان الخليفة حكم من عند نفسه بأن يوم الآية يستحق أن يكون عيداً، فهو تشريع وبدعة..

وإن كان سمعه من النبي صلي الله عليه وآله، فلماذا لم يذكره، ولم يروِ أحد من المسلمين شيئاً عن عيد الآية، إلا ما رواه الشيعة؟!!

فكتب (جميل 50) بتاريخ 2 - 7 - 1999، العاشرة إلا ربعاً مساءً:

سماحة الأخ الفاضل العاملي:

شكراً لك علي جهودك الغالية، وجزاك الله عن النبي وآله صلوات الله عليهم أجمعين خير الجزاء، وأحسن الجزاء، وأوفي الجزاء...

قد جاء عن اليهود - كما نقلت في الرواية - أن هذه الآية لو نزلت فيهم لاتخذوا ذلك اليوم عيداً، وإنا نعلم أنه عيد، وأما من خالفنا فيحاججون ويلاججون بأحاديث لا تصل معشار ما وصل إليه هذا الحديث في قوة سنده، وصراحة متنه، وبعد شأوه.

فما هو الأمر الخطير الذي يوقف مسيرة الحجيج، ولا شئ يظلهم أو يقيهم حرارة الشمس الوهاجة، أم ماذا ألقي في يراع الشعراء الذين هتفوا بهذا الحدث في مصارع بلاغتهم وأبيات أراجيزهم وقوافيهم، وكان في من كان الصحابي الجليل حسان بن ثابت؟!

ولو علم معشر اليهود بأن مشكلة هذا الحديث هو عدم توافقه مع السكة الحديدية للخلافة السياسية لدي المسلمين آنذاك، لما تعمقوا في استغراباتهم من مجانبة المسلمين بعضاً ممن جثم علي جسد الأمة!!!

وأما تساؤل عمر فلم يكن أبداه هو ولا من بعده حين احتج به علي نفسُه، وحين احتجت به فاطمة، وكثير من الصحابة كعمار بن ياسر، وقد ذكرت هذه

ص: 514

الإحتجاجات بحديث الغدير وجمعت، وصنف لها، وكفانا ما جاء في كتاب الغدير...

وكتب (الشمري) بتاريخ 2 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

اسمح لي يا أخ عاملي أن أؤكد كلامك بنص لحديث من مسند أحمد بن حنبل..

جدير أن يذكر هنا: " فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولي كل مؤمن ومؤمنة ".

17749 - حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة، أخبرنا علي بن زيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في سفر، فنزلنا بغدير خم، فنودي فينا الصلاة جامعة، وكسح لرسول الله صلي الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلي الظهر، وأخذ بيد علي رضي اللهم تعالي عنهم، فقال: ألستم تعلمون أني أولي بالمؤمنين من أنفسهم.

قالوا: بلي.

قال: ألستم تعلمون أني أولي بكل مؤمن من نفسه.

قالوا: بلي.

قال: فأخذ بيد علي، فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.

قال: فلقيه عمر بعد ذلك، فقال: هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولي كل مؤمن ومؤمنة. قال أبو عبد الرحمن، حدثنا هدبة بن خالد، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن عدي بن

ثابت، عن البراء بن عازب عن النبي صلي اللهم عليه وسلم نحوه.

ص: 515

وشكراً لإتاحتك الفرصة لنا.

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 5 - 7 - 1999، السابعة مساءًَ:

أحسنت وأجدت يا أخي العاملي، وبارك الله فيك، وجزاك الله خير الجزاء عن الإسلام والمسلمين.

قال (العاملي):

ولم يعلق مشارك ومشاركوه علي هذا الموضوع!!!

وكتب (إسلام) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 17 - 7 - 1999، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال بسيط في التفسير!)، قال فيه:

قال جل وعلا: " فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري. قال يا أبتي افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين. فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا إنا كذلك نجزي المحسنين. إن هذا لهو البلاء المبين. وفديناه بذبح عظيم وتركنا عليه في الآخرين. سلام علي إبراهيم كذلك نجزي المحسنين إنه من عبادنا المؤمنين ".

السؤال: ما هو تفسيركم لقوله تعالي: وفديناه بذبح عظيم؟

فكتب (حسين الشطري) بتاريخ 17 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

إلي الأخ إسلام: السلام عليكم.

ص: 516

إن سؤالك عن الآية المباركة: وفديناه بذبح عظيم.. أي وفدينا ابنه إسماعيل بذبح عظيم، وكان كبشاً أتي به جبرائيل من الله سبحانه وتعالي فداءً، علي ما في الأخبار.

والمراد بعظمة الذبح عظمة شأنه بكونه من عند الله سبحانه وتعالي، وهو الذي فدي به الذبيح.

وإن شئت المزيد راجع تفسير الميزان ج 17 ص 161.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، السادسة والنصف مساءً:

الآية تتحدث عن الإمتحان الإلهي والفداء الرمزي، في إبراهيم وذريته.. وبعد إبراهيم لم يبعث الله تعالي نبياً ولا وصياً إلا من ذريته..

وسنة الله تعالي في إبراهيم جارية في رسول الله صلي الله عليه وآله وذريته..

امتحانهم في أنفسهم، وامتحان الأمة بهم..

وهذه الأمة امتحانها الإلهي أعظم الإمتحانات، لأنها خاتمة الأمم..

فتكلم ما تريد يا (إسلام).

فكتب (إسلام) بتاريخ 17 - 7 - 1999، العاشرة ليلاً:

إلي حسين الشطري، شكراً علي إجابتك علي السؤال.

وفعلاً كما ذكرت الذبح العظيم هو الكبش الذي أنزله الله فداء لإسماعيل علية السلام، كما هو مذكور في كتب التفسير..

لكن قل لي.. ما هو رأيك في كلام شيخكم المهاجري التالي.. فقد ذكر في معرض حديثه عن قصة مقتل الحسين رضي الله عنه هذه الآية، ثم فسرها بأن الذبح العظيم هو الحسين.

ص: 517

وكلامه بالحرف: وفديناه بذبح عظيم: الذبح العظيم هو الحسين!! سلام الله عليه، وإلا الكبش لا يوصف بأنه عظيم. انتهي؟؟!!

ولا أدري أيكما أكثر علماً؟!! أو بالأصح أيكما أكثر جهلاً!!

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

الأدب عنوان الإنسان.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة والربع ليلاً:

أعرف أخلاقك ومستوي علمك من زمان يا (إسلام)!

ولو أن أخلاق ديننا الإسلام الحنيف السهل السمح مثل أخلاقك، لوقعت في العالم كارثة!

وكلام خطيب عالم ليس نصاًّ..

فهل عندك نصٌّ علي أن الله تعالي جعل فداء إسماعيل رمزياً هو الكبش..

وأن الله تعالي جعل ثأره سبحانه، وثأر أنبيائه ودينه في العالم: السبط الشهيد الإمام الحسين عليه السلام؟

أم تريد أن نأتي لك بنص لتناقشنا فيه، وتثبت لنا أنا مغالون في حق الإمام الحسين وأهل البيت الطاهرين عليهم السلام، الذين اختارهم الله تعالي رغم حسد الحاسدين من أئمتك..

وتثبت لنا أننا مقصرون في حق إمامك الذي تزعم أنه أمير المؤمنين المظلوم يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب، وكأن الله تعالي قال عنه أنه إمام ابن إمام أخ إمام..!!!

فقلتم أنتم إن الله اشتبه في تسميتهم أئمة الكفر.. ورسوله اشتبه في لعنه إياهم!

ص: 518

وجعلتموهم أئمة المسلمين من أمثالكم؟!!

وكتب (عرفج) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

الأخ إسلام:

الشيخ المهاجري، كما تسميه، رجل خطيب كأي خطيب مسلم في أي مسجد في بلاد المسلمين، وليس عالماً يحتج بقوله. فهل تريدنا أن نتتبع عثرات الخطباء، وليس العلماء من السلف؟

وزرت الصفحة التي أسسها أحدهم ورصّ بها قائمة بأسماء الخطباء وهم: الشيخ عبد الحميد المهاجر. الشيخ الشاهرودي. السيد الفالي. السيد جاسم الطويرجاوي. وغيرهم من الخطباء.

هؤلاء خطباء يا إخوان.. فعليكم بذكر المصدر هداكم الله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 7 - 1999، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ليس قصد الأخ عرفج الإنتقاص من علم ومكانة الخطباء الكرام المذكورين، فكلهم معروفون بالعلم والفقاهة والإطلاع وحسن العقيدة، والحمد لله.

وكفي المسلم فخراً أنه يقوم بتوعية الناس علي قضية أهل البيت المظلومين صلوات الله عليهم، خاصة الإمام الحسين عليه السلام مظهر ظلامة أوصياء الله في أرضه، ومثال النور الإلهي في مقابل الضلال البشري.

بل قصده أن الإحتجاج علي الشيعة يجب أن يكون موثقاً من مصادرهم المعتمدة المحكوم بصحتها عند علمائهم.

وللمناسبة فإن الحديث الذي ذكره المدعو (إسلام) موجود في مصادرنا، وقد يكون سنده صحيحاً. ولكنه لم يذكره من مصدر، فنبهَّهُ الأخ عرفج.

ص: 519

وكتب (إسلام) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثانية عشرة والدقيقة الواحدة صباحاً:

نستنتج من هذا الكلام أن خطباءكم جهال لا يحتج بكلامهم..

إذاً شيخكم المهاجري خطيب جاهل وليس خطيب عالم!! ويخطب فيكم!

وإلا هل يقول هذا الكلام ومثله عاقل.. " علي وجه رب الكون "؟!!

وكتب (عقيل) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الواحدة والنصف صباحاً:

أنا لم أحب أن أشارك في هذا الموضوع، ولكن اتهام المهاجر بالجهل قد أثارني.

حسناً.. فلنسمع ما يقوله خطباؤكم ولن أقول علماؤكم: " الرافضة في الأحساء يتكاثرون بمعدلات كبيرة، تصوروا أنهم يقومون بتنظيم حفلات الزواج الجماعي لكي يكثروا من النسل، تصوروا أنهم يقومون بتزويج أبنائهم وبناتهم وهم أقل من عشرين سنة، تصوروا أنهم يدخلون الجامعات ويتخرجون بمعدلات عالية، تصوروا أنهم يقومون بالإلتحاق بالعمل في المؤسسات الحكومية "!!

بذمتكم هذا منطق، أليس هذا كلام الجهال؟ وعلي نفس المنوال أقول أنا:

تصوروا أن البعض فخور بهذا المستوي في الطرح، لدرجة أنهم نشروه علي الإنترنت؟

وكتب (عرفج) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

الأخ العاملي.. أعزه الله ونصر به الإسلام.

لم أقصد الإساءة لأحد، وأردت فقط التنبيه إلي أن الأخوة السلفيين يلتقطون أي كلمة يشعرون أنها وسيلة ممتازة للتشنيع علي الشيعة.

ص: 520

ولو أردنا اتباع أسلوبهم هذا لاحتجنا إلي (10 جيجا بايت) من هذا السيرفر حتي يفي بغرض سرد الخرافات والخزعبلات التي يذكرونها، وخاصة هنا في الشمال الأمريكي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثانية إلا ربعاً ظهراً:

دعونا من اللف والدوران، هل من يقول أن المقصود بالآية هو الحسين رضي الله عنه مخطئ في ذلك، أم لا؟ وهل من ينفي ذلك يعتبر من النواصب المبغضين لآل البيت، كعادتكم معنا إذا أنكرنا هذا التفسير؟

وكتب (عقيل) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الثالثة ظهراً:

تعريفنا للنواصب واضح، هم: من يبغض علياًّ وآل البيت ويتهجم عليهم، وينصر أعداءهم.

وإنكار هذا التفسير لا يجعلك ناصبي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

لماذا يبحث مشارك دائماً عن فضائل أعداء أهل البيت عليهم السلام..

ويحاول مستميتاً التشكيك في فضائل أهل بيت نبيه صلي الله عليه وعليهم!!

ولو قيل له توجد رواية عن كعب الأحبار.. تقول إن مروان بن الحكم اللعين بن اللعين الوزغ ابن الوزغ.. الذي قتلته زوجته وخنقته بالمخدة لأمور أخلاقية.. هو شهيد هذه الأمة، وأن الله تعالي نجي إسماعيل من الذبح ليكون مروان بدله.. فإن مشاركاً يفرح بها وينظر لها!!

سبحان الله، لقد أُشْرِب حب هؤلاء الملعونين علي لسان نبيه الأمين، فصاروا أئمته الربانيين!!

ص: 521

حتي كأنه ابن أبي سفيان لصلبه!!!

فكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الواحدة صباحاً:

أهذه بضاعتك يا عاملي؟ خبت وخسرت.

وكتب (إسلام) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الرابعة إلا ربعاً عصراً:

إلي العاملي: كالنار تأكل بعضها إن لم تجد ما تأكله.

موت بغيضك.. فالحاسد يصاب بالهزال من سمنة الآخرين!!

أما الوزغ ابن الوزغ فهو أشرف من الوطواط ابن الوطواط، أتعرف من هو؟!

عليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين إلي يوم الدين..

وكتب (طالب العلم) بتاريخ 19 - 7 - 1999، الخامسة عصراً:

يا (إسلام).. لسانك حصانك إن صنته صانك وإن هنته هانك!

أهكذا تريد أن تستفيد؟!!

أترك الكلام البذئ وأجب علي أسئلة الآخرين، فوالله لم أرَ فيها إلا العدل والإنصاف.

فلماذا لا تقبل كلام الحق؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

الحمد لله لسنا من الزنادقة الذين يفسرون القرآن بأهوائهم، ليأكلوا به ثمناً قليلاً وخمساً كبيراً. انتهي.

قال (العاملي):

من الملاحظ أنهم يتهمون الشيعة بأنهم لا بضاعة لهم في التفسير..

وعندما يفحمون ولا يستطيعون نقاش طلبة الشيعة في تفسير آيات القرآن..!

ص: 522

يلجؤون إلي أسلوب الشتم، ويتهمون علماء الشيعة بأنهم يفسرون القرآن لمصلحة أهل البيت عليهم السلام، من أجل أن يعطيهم الشيعة أموالاً!!!

وهذا تأكيد علي إفلاسهم العلمي.

فتوي عمر: تفسير القرآن والبحث العلمي فيه حرام

وكتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 20 - 7- 1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (السؤال عن تفسير آيات القرآن، والبحث العلمي فيه حرام عند الخليفة عمر!)، قال فيه:

فضربه بالدرة وقال: ما لك نقبت عنها؟!

قال السيوطي في الدر المنثور: 2/227:

(وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال: قال رجل لعمر بن الخطاب: إني لأعرف أشد آية في كتاب الله.

فأهوي عمر فضربه بالدرة، وقال: ما لك نقبت عنها؟!

فانصرف حتي كان الغد.

قال له عمر: الآية التي ذكرت بالأمس.

فقال: من يعمل سوءاً يجز به، فما منا أحد يعمل سوء إلا جزي به.

فقال عمر: لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب، حتي أنزل الله بعد ذلك ورخص وقال:

" من يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً "). انتهي.

وروي الدارمي في سننه: 1/50:

ص: 523

(عن عمرو عن طاوس قال: قال عمر علي المنبر: أحرج بالله علي رجل سأل عما لم يكن، فإن الله قد بين ما هو كائن). انتهي.

وبمقتضي فتوي الخليفة يجب أن يصبر الحاكم والقضاة والناس حتي تقع الحوادث..

فيسألون أو يبحثون عن حكمها، ولا يجوز افتراض حادثة لم تقع وبحث حكمها الشرعي!!

محنة صبيغ التميمي!!!

وثائق القضية

1- روي الدارمي في سننه: 1/54:

(عن سليمان بن يسار، أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن.

فأرسل إليه عمر، وقد أعد له عراجين النخل.

فقال: من أنت؟

قال: أنا عبد الله صبيغ.

فأخذ عمر عرجوناً من تلك العراجين فضربه.

وقال: أنا عبد الله عمر، فجعل يضربه حتي دمي رأسه.

فقال: يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي!

2 - عن نافع مولي عبد الله، أن صبيغ العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتي قدم مصر، فبعث به عمرو بن العاص إلي عمر بن الخطاب، فلما أتاه الرسول بالكتاب فقرأه.

فقال: أين الرجل؟

ص: 524

فقال: في الرحل.

قال عمر: أبصر أن يكون ذهب فتصيبك مني به العقوبة الموجعة!

فأتاه به.

فقال عمر: تسأل محدثة!!

فأرسل عمر إلي رطائب من جريد فضربه بها حتي ترك ظهره دبرة!!

ثم تركه حتي برأ، ثم عاد له!

ثم تركه حتي برأ، فدعا به ليعود له!!

قال فقال صبيغ: إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلاً جميلاً، وإن كنت تريد أن تداويني فقد والله برئت!!

فأذن له إلي أرضه وكتب إلي أبي موسي الأشعري أن لا يجالسه أحد من المسلمين!

فاشتد ذلك علي الرجل، فكتب أبو موسي إلي عمر أن قد حسنت توبته، فكتب عمر أن يأذن للناس بمجالسته!!).

3 - ورواه في كنز العمال: 2/331 وقال:

(الدارمي، وابن عبد الحكم، كر ورواه بروايات أخري مختلفة، منها عن السائب بن يزيد قال:

أتي عمر بن الخطاب فقيل: يا أمير المؤمنين إنا لقينا رجلاً يسأل عن تأويل مشكل القرآن.

فقال عمر: اللهم أمكني منه.

فبينما عمر ذات يوم جالس يغدي الناس إذ جاء وعليه ثياب وعمامة صفراء، حتي إذا فرغ.

ص: 525

قال: يا أمير المؤمنين، والذاريات ذرواً، فالحاملات وقراً.

فقال عمر: أنت هو، فقام إليه، وحسر عن ذراعيه، فلم يزل يجلده حتي سقطت عمامته.

فقال: والذي نفس عمر بيده لو وجدتك محلوقاً لضربت رأسك، ألبسوه ثياباً واحملوه علي قتب، وأخرجوه حتي تقدموا به بلاده، ثم ليقم خطيب، ثم يقول: إن صبيغاً ابتغي العلم فأخطأه، فلم يزل وضيعاً في قومه حتي هلك، وكان سيد قومه.

ابن الأنباري في المصاحف، ونصر المقدسي في الحجة، واللالكائي، كر.

ورواه عن سليمان بن يسار كرواية الدارمي الأولي، وقال الدارمي ونصر والأصبهاني معاً في الحجة وابن الأنباري واللالكائي كر).

4 - (عن أبي العديس قال: كنا عند عمر بن الخطاب فأتاه رجل.

فقال يا أمير المؤمنين: ما الجوار الكنس؟

فطعن عمر بمخصرة معه في عمامة الرجل، فألقاها عن رأسه.

فقال عمر: أحروري؟ والذي نفس عمر بن الخطاب بيده لو وجدتك محلوقاً لأنحيت القمل عن رأسك. الحاكم في الكني).

5 - (عن أبي عثمان النهدي عن صبيغ، أنه سأل عمر بن الخطاب، عن المرسلات والذاريات والنازعات.

فقال له عمر: ألق ما علي رأسك. فإذا له ضفيرتان.

فقال له: لو وجدتك محلوقاً لضربت الذي فيه عيناك.

ثم كتب إلي أهل البصرة: أن لا تجالسوا صبيغاً!

ص: 526

قال أبوعثمان: فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا عنه. نصر المقدسي في الحجة كر).

6 - (عن محمد بن سيرين قال: كتب عمر بن الخطاب إلي أبي موسي الأشعري: أن لا تجالسوا صبيغاً وأن يحرم عطاءه ورزقه. ابن الأنباري في المصاحف كر).

7 - (عن إسحاق بن بشر القريشي، قال: أخبرنا ابن إسحاق، قال: جاء رجل إلي عمر بن الخطاب.

فقال: يا أمير المؤمنين، ما النازعات غرقاً.

فقال عمر: من أنت؟

قال: امرؤٌ من أهل البصرة من بني تميم، ثم أحد بني سعد.

قال: من قوم جفاة، أما إنك لتحملن إلي عاملك ما يسوؤك.

ولهزه حتي فرت قلنسوته، فإذا هو وافر الشعر.

فقال: أما إني لو وجدتك محلوقاً ما سألت عنك.

ثم كتب إلي أبي موسي: أما بعد: فإن الأصبغ بن عليم التميمي تكلف ما كفي وضيع ما ولي، فإذا جاءك كتابي هذا فلا تبايعوه، وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوه.

ثم التفت إلي القوم فقال: إن الله عز وجل خلقكم وهو أعلم بضعفكم فبعث إليكم رسولاً من أنفسكم

وأنزل عليكم كتاباً، وحد لكم فيه حدوداً أمركم أن لا تعتدوها، وفرض عليكم فرائض أمركم أن تتبعوها، وحرم حرماً نهاكم أن تنتهكوها، وترك أشياء لم يدعها نسياناً، فلا تكلفوها وإنما تركها رحمة لكم!

ص: 527

قال: فكان الأصبغ بن عليم يقول: قدمت البصرة فأقمت بها خمسة وعشرين يوماً، وما من غائب أحب إلي أن ألقاه من الموت، ثم إن الله ألهمه التوبة وقذفها في قلبه فأتيت أبا موسي وهو علي المنبر، فسلمت عليه فأعرض عني.

فقلت: أيها المعرض، إنه قد قبل التوبة من هو خير منك ومن عمر، إني أتوب إلي الله عز وجل مما أسخط أمير المؤمنين وعامة المسلمين، فكتب بذلك إلي عمر، فقال: صدق، إقبلوا من أخيكم!!).

8 - وروي في كنز العمال: 2/510:

(عن سعيد بن المسيب قال: جاء صبيغ التميمي إلي عمر بن الخطاب.

فقال يا أمير المؤمنين: أخبرني عن الذاريات ذرواً.

فقال: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

قال: فأخبرني عن الحاملات وقراً.

قال: هي السحاب، ولولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

قال: فأخبرني عن الجاريات يسراً.

قال: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

قال: فأخبرني عن المقسمات أمراً.

قال: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقوله ما قلته.

ص: 528

ثم أمر به فضرب مائة وجعل في بيت فلما برأ دعاه فضربه مائة أخري، وحمله علي قتب، وكتب إلي أبي موسي الأشعري: إمنع الناس من مجالسته، فلم يزالوا كذلك حتي أتي أبا موسي فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان يجد شيئاً، فكتب في ذلك إلي عمر، فكتب عمر ما أخاله إلا قد

صدق فخل بينه وبين مجالسة الناس. البزار قط في الافراد وابن مردويه - كر).

9 - وفي كنز العمال: 11/296:

(مسند عمر، عن صبيغ بن عسل، قال: جئت عمر بن الخطاب زمان الهدنة، وعلي غديرتان وقلنسوة.

فقال عمر: إني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: يخرج من المشرق حلقان الرؤوس يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم، طوبي لمن قتلوه وطوبي لمن قتلهم!

ثم أمر عمر أن لا أداوي ولا أجالس - كر).

10 - وفي الدر المنثور: 2/7:

(وأخرج الدارمي في مسنده، ونصر المقدسي في الحجة، عن سليمان بن يسار أن رجلاً يقال له صبيغ قدم المدينة، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل...

وأخرج الدارمي عن نافع أن صبيغا العراقي...). إلخ.

11 - (وأخرج ابن عساكر في تاريخه، عن أنس، أن عمر بن الخطاب جلد صبيغاً الكوفي في مسألة عن حرف من القرآن حتي اطردت الدماء في ظهره).

ص: 529

12 - (وأخرج ابن الأنباري في المصاحف، ونصر المقدسي في الحجة، وابن عساكر، عن السائب بن يزيد أن رجلاً قال لعمر: إني مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن!

فقال عمر: اللهم أمكني منه.

فدخل الرجل يوماً علي عمر فسأله.

فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده!

ثم قال ألبسوه تباناً واحملوه علي قتب وأبلغوا به حيه، ثم ليقم خطيب فليقل إن صبيغاً طلب العلم فأخطأه، فلم يزل وضيعاً في قومه بعد أن كان سيداً فيهم).

13 - (وأخرج نصر المقدسي في الحجة، وابن عساكر، عن أبي عثمان النهدي أن عمر كتب إلي أهل البصرة أن لا يجالسوا صبيغاً، قال: فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا).

14 - (وأخرج ابن عساكر، عن محمد بن سيرين، قال: كتب عمر بن الخطاب إلي أبي موسي الأشعري أن لا يجالس صبيغاً، وأن يحرمه عطاءه ورزقه).

15 – (وأخرج نصر في الحجة، وابن عساكر، عن زرعة قال: رأيت صبيغ بن عسل بالبصرة كأنه بعير أجرب يجئ إلي الحلقة ويجلس وهم لا يعرفونه، فتناديهم الحلقة الأخري عزمة أمير المؤمنين عمر، فيقومون ويدعونه).

16 - (وأخرج نصر في الحجة، عن أبي إسحاق، أن عمر كتب إلي أبي موسي الأشعري: أما بعد فإن الأصبغ تكلف ما خفي، وضيع ما وُلي، فإذا جاءك كتابي هذا فلا تبايعوه وإن مرض فلا تعودوه، وإن مات فلا تشهدوه).

ص: 530

17 - (وأخرج الهروي في ذم الكلام، عن الأم للشافعي رضي الله عنه، قال: حكمي في أهل الكلام حكم عمر في صبيغ أن يضربوا بالجريد ويحملوا علي الإبل ويطاف بهم في العشائر والقبائل، وينادي عليهم: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة، وأقبل علي علم الكلام!!).

18 - وفي الدر المنثور: 3/161:

(وأخرج مالك، وابن أبي شيبة، وأبو عبيد، وعبد بن حميد، وابن جرير، والنحاس، وابن المنذر وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن القاسم بن محمد قال: سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن الأنفال.

فقال: الفرس من النفل والسلب من النفل.

فأعاد المسألة.

فقال ابن عباس ذلك أيضاً.

قال الرجل: الأنفال التي قال الله في كتابه، ما هي؟

فلم يزل يسأله حتي كاد يحرجه.

فقال ابن عباس: هذا مثل صبيغ الذي ضربه عمر.

وفي لفظ فقال: ما أحوجك إلي من يضربك كما فعل عمر بصبيغ العراقي، وكان عمر ضربه حتي سالت الدماء علي عقبيه!).

19 - وفي الدر المنثور: 6/111:

(وأخرج البزار، والدار قطني في الإفراد، وابن مردويه، وابن عساكر، عن سعيد بن المسيب، قال: جاء صبيغ التميمي إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

فقال: أخبرني عن الذاريات ذرواً... إلخ).

ص: 531

20 - (وأخرج الفريابي، عن الحسن، قال: سأل صبيغ التميمي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الذاريات ذرواً، وعن المرسلات عرفاً، وعن النازعات غرقاً.

فقال عمر رضي الله عنه: إكشف رأسك. فإذا له ظفيرتان.

فقال: والله لو وجدتك محلوقاً لضربت عنقك!

ثم كتب إلي أبي موسي الأشعري أن لا يجالسه مسلم ولا يكلمه!).

21 - وفي إكمال الكمال: 5 /221:

(وأما صبيغ بالصاد المهملة وغين معجمة، فهو صبيغ بن عسل، الذي كان يسأل عمر عن غريب القرآن).

22 - وفي إكمال الكمال: 6/206:

(وعسل بن عبد الله بن عسل التميمي، حدث عن عمه صبيغ بن عسل قال: جئت عمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه - وهو الذي كان يتتبع مشكل القرآن - فأمر عمر رضي الله تعالي عنه أن لا يجالس.

وقال يحيي بن معين: هو صبيغ ابن شريك من بني عمرو بن يربوع روي خالد بن نزار عن عمر بن قيس عن عسل.

وقال في هامشه: في الأصل كتب، وفي الإصابة روي الخطيب من طريق عسل بن عبد الله بن عسيل كذا التميمي عن عطاء بن أبي رباح، عن عمه صبيغ بن عسل، قال: جئت عمر، فذكر قصة، ثم قال: الضمير في قوله عن عمه يعود علي عسل.

وربيعة بن عسل أحد بني عمرو بن يربوع بن حنظلة، ذكره ابن الكلبي في جمهرة بني تميم.

ص: 532

وأما عسل بفتح العين والسين فهو عسل بن ذكوان، أخباري). انتهي.

والأخباري في ذلك الوقت هو المؤرخ في عصرنا.

23 - وفي معجم البلدان: 4/124:

(عسل: بكسر أوله، وسكون ثانيه، وآخره لام، يقال: رجل عسل مال كقولك ذو مال.

وهذا عسل هذا وعسنه أي مثله.

وقصر عسل: بالبصرة بقرب خطة بني ضبة.

وعسل: هو رجل من بني تميم من ولده صبيغ بن عسل الذي كان يتتبع مشكلات القرآن فضربه عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأمر أن لا يجالس!!).

الصيغة القضائية لقضية صبيغ

المتهم:...

قال (العاملي):

إلي آخر البحث، ولا يتسع المجال لإيراده.. وقال في آخره:

النتيجة:

أن صبيغاً دفع في حياته ثمن أسئلته غالياً..

ثم خسر سمعته علي يد الفقهاء لأجل تبرير عمل الخليفة، فصار صاحب بدعة، وصار خارجياً مستحقاً للعقوبة قبل ظهور الخوارج وتسميتهم خوارج بربع قرن أو أكثر.. كل ذلك بدون دليل عند أحد من هؤلاء الفقهاء إلا عمل الخليفة..

ص: 533

ويمكن أن يصير صبيغ بعد مدة رافضياً خبيثاً، مع أني لم أجد له إشارة مدح واحدة في مصادر الشيعة!

ولكن لا يختلف الحال في غرض بحثنا..

فسواء اعتبرنا قضية صبيغ قضية علمية أو عقائدية أو شخصية أو سياسية.. فإنها قضية تخدم تحريم البحث العلمي في القرآن والسؤال عن غوامضه وحتي عن معاني ألفاظه ومفرداته..

كما نري في نهي الخليفة عن البحث في معني: " وفاكهة وأباًّ ".. وغيرها، وغيرها!

وإذا أردنا تطبيق أحكام الخليفة علي صبيغ في عصرنا فيجب علي الحاكم المسلم أن يجمع كتب التفسير ويحرقها، ثم يقيم الحد الشرعي علي المفسرين وطلبة العلوم القرآنية، فيجلدهم حتي تسيل دماؤهم علي رؤوسهم وظهورهم وأعقابهم، والأحوط أن يكون ذلك بجريد النخل الرطب، ثم يسجنهم حتي

يبرؤوا، ثم يضربهم مرة ثانية وثالثة..

ثم يلبسهم تبابين ويركبهم في شاحنات ويطوفهم في مدنهم وقراهم..

ويحذر الناس من شرهم.. إلي آخر أحكام الخليفة.

هذا إذا كانت أسئلتهم بمقدار أسئلة صبيغ، أما إذا كانت أسئلتهم أكثر مثل طلبة المعاهد والجامعات الدينية في عصرنا، فيجب أن يحكم عليهم بالإعدام حتي يخلص الأمة من شرهم!!

فكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 20 - 7 - 1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

رحم الله والديك، وحشرهما وما ولدا مع عترة المصطفي صلي الله عليه وآله.

ص: 534

وكتب (جميل 50) بتاريخ 20 - 7 - 99، الثانية عشرة إلا خمس دقائق ليلاً:

الأخ الفاضل العاملي:

بارك الله في يراعك، وكثر فينا من أمثالك وما أبلغ الحجج التي تداور بها علي رؤوس القوم فيحسبونها المنايا!!

انتهي.

قال (العاملي):

وغاب علماء السلف المتبجحون، بأنهم وحدهم علماء بالحديث والتفسير..

ولم يجب أحد منهم بشئ!!!

ص: 535

الفهرس

الباب الثالث: رد اتهام الشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن

القرآن معصوم عن التحريف

القرآن معصوم عن التحريف

ضمان الله نفي تحريف المحرفين بآل نبيه

روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر السنيين

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة عمر

سورة الأحزاب، ضاع منها أكثر من 200 آية

سورة براءة ضاع أكثرها

ابن حجر يقر بصحة روايات التحريف

مرة أخري، أخطأ الكاتب

الكاتب، يعيدها

ابن عباس يدعو لتحريف القرآن

متتابعات.. فقدت

المصحف العثماني ذهب

سورة التوبة سقط أولها

الروايات التي ذكرت سورا أو آيات

المعوذتان ليستا من القرآن عند عمر و البخاري

المؤامرة علي سورتي المعوذتين

اتباع المذاهب يعتقدون أن المعوذتين من القرآن، والبخاري يشكك

عالم سني يحاول الدفاع عن البخاري

سورتا الحفد والخلع اللتان كان يقرأ بهما عمر

قصة تغييب القنوت عند السنيين لتضمنه الدعاء علي المشركين والمنافقين

اعمال مبتكرة لمعالجة مشكلة الملعونين

اما البخاري فقد عقد للآية أربعة أبواب

قرار حذف القنوت من الصلاة لأنه كان محل لعن قريش

روايات القنوت الشاهدة الشهيدة

كيف صار قنوت النبي (المصحح) سورتين من القرآن

احاديث سورتي الحفد والخلع المتواترة بالمعني

ابن حزم يفضح (سورتي) عمر! و يفتي أنهما كلام غير مأثور

هل نفعت كل المقويات لبقاء سورتي الخليفة

القنوت في فقه الشيعة

محاولات تحريف مكشوفة من.. خليفة النبي

آيات زعم عمر و عائشة أنها من القرآن

آيات زعم عمر و عائشة أنها من القرآن

آية الرجم، و آية الشيخ والشيخة

آية لا ترغبوا عن آبائكم

آية: حق جهاده في آخر الزمان

آية: الولد للفراش

آية: لو كان لابن آدم واديان

التسبيحات الأربع من القرآن

آية: ألا بلغوا قومنا..

آية عائشة التي أكلتها السخلة

محاولتهم التخلص من روايات التحريف بأسطورة نسخ التلاوة

آيات حذفت من القرآن برأي الخليفة عمر... إلخ

حكم من يقول بوقوع التحريف في القرآن

مصحفنا الفعلي مكتوب عن مصحف علي

لم يكتبوا المصحف الإمام عن صحف حفصة أو نسخة عمر

و لم يكتبوا المصحف الإمام عن مصحف عائشة

قرآننا الفعلي هو نسخة علي بن أبي طالب

ليس في قرآننا الفعلي لحن و لا غلط

نسختان من القرآن عند علي

اسرار ترتيب القرآن لم تكتشف بعد

روايات نقص القرآن و زيادته في مصادر الشيعة

حول تفسير علي بن إبراهيم القمي

اتهامهم مراجع الشيعة المعاصرين بالقول بالتحريف

التهمة الجديدة القديمة

نموذج من نصوص التهمة

الهدف من تحويل المسألة النظرية إلي مسألة عملية

خلاصة ردود علماء الشيعة

ضاع من القرآن أكثره برأي الخليفة

الثقلان.. القرآن والعترة

القرآن الذي بين أيدينا صحيح

اتهامهم للشيعة بأنهم لا يهتمون بالقرآن في حوزاتهم العليمة

علماء التفسير الشيعة و كيف تعلموا القرآن

ما هو موقف الحوزات من المهتمين بالقرآن و علومه

منهج الدراسة في الحوزات العلمية الشيعية

زعمهم أن علماء الشيعة ضعفاء في علم التفسير

اول و آخر ما نزل من القرآن

رأي أهل البيت

مصادر السنيين الموافقة لرأي أهل البيت

الآراء المخالفة و المتناقضة

كيف نشأت هذه الآراء المتناقضة؟!

دلالة هاتين القصتين

بقية الأقوال

و نتيجة هذا المنطق

آية إكمال الدين و.. اللحوم المحرمة

الاقوال في تفسير الآية

قول أهل البيت

قول السنيين الموافق لقول أهل البيت

قول عمر بأنها نزلت في حجة الوداع بعرفة يوم جمعة

الموقف العلمي في سبب نزول الآية

فتوي عمر: تفسير القرآن والبحث العلمي فيه حرام

محنة صبيغ التميمي!!!

الصيغة القضائية لقضية صبيغ

المجلد4

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت

بقلم: العاملی

المجلد الرابع

دفاعاً عن الانبیاء و عن سید الانبیاء و خاتمهم

صلی الله علیه و آله و علیهم

دارالسيرة

بیروت - لبنان

ص . ب : 25/49 الغبیری

الطبعة الاولی - 1421ﻫ - 2000 م

جمیع الحقوق محفوظة للمؤلف

ص: 2

الباب الرابع: دفاعاً عن الأنبياء علیهم السلام

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: عصمة الأنبياء عليهم السلام ونزاهتهم عند الشيعة

الفصل الثاني: من إسرائيليات البخاري ومسلم

الفصل الثالث: مناقشات في عصمة الأنبياء عليهم السلام

الفصل الرابع: مناظرة بين التلميذ ومشارك في عصمة الأنبياء عليهم السلام

ص: 3

ص: 4

الفصل الأول: عصمة الأنبياء و نزاهتهم عند الشيعة

ص: 5

ص: 6

عصمة الأنبياء و نزاهتهم عند الشيعة

من توفيقات الشيعة دفاعُهم عن عصمة الأنبياء عليهم السلام.. فمن العقائد التي يمتازون بها عن بقية المسلمين وعن اليهود، أنهم يؤمنون بعصمة جميع الأنبياء عليهم السلام عصمة كاملة، قبل بعثتهم وبعدها، عن الذنوب الصغيرة والكبيرة.

بينما نري اليهود كذبوا أكثر أنبيائهم أو قتلوهم!

والذي آمنوا بنبوته منهم عصَوْهُ وآذوه، ونسبوا إليه أنواع العيوب والمعاصي، من الكذب والتزوير والظلم، وشرب الخمر وارتكاب الزنا.. وحتي عبادة الأوثان والأصنام!!

أما النصاري فقلَّدوا اليهود في افتراءاتهم علي الأنبياء عليهم السلام.. وسرت قصصهم الموهنة إلي إنجيلهم! والشئ الوحيد الذي لم يقلُّدوهم فيه اعتقادهم بعصمة المسيح عليه السلام ونزاهته.

أما المسلمون غير أتباع أهل البيت عليهم السلام فقد تبنوا (نظرياًّ) عصمة الرسل من الأنبياء فقط، لكنهم حصروها في تبليغ الرسالة فقط.. ثم ما لبثوا أن تنازلوا (عملياًّ) عن هذه العصمة المحدودة وقبلوا كثيراً من افتراءات اليهود علي أنبيائهم، ودوَّنوا الإسرائيليات في صحاحهم!

ص: 7

فصرت تري فيها ما تري في مصادر اليهود من عيوب الأنبياء وأخطائهم حتي في تبليغ رسالة ربهم!!

وقد ساعد علي ذلك مضافاً إلي تأثرهم بالثقافة اليهودية، أنهم أحبُّوا الحزب القرشي الحاكم، وحاولوا رفع مكانة زعمائه، علي حساب شخصية النبي صلي الله عليه وآله..

فزعموا أن النبي كان يخطئ، وأن عمر بن الخطاب كان يصحح له أخطاءه، ثم ينزل الوحي علي النبي مؤيداً لعمر ومخطِّئاً لسيد الأنبياء والمرسلين صلي الله عليه وآله!!

وتمهيداً للمناقشات في عصمة الأنبياء عليهم السلام، نورد في هذا الفصل بعض نصوص عقيدتنا في العصمة، من أقوال علمائنا رضوان الله عليهم:

قال الصدوق رحمه الله في الإعتقادات ص 108:

اعتقادنا في الأنبياء والرسل والملائكة والأئمة صلوات الله عليهم أجمعين أنهم معصومون مطهرون من كل دنس، وأنهم لا يذنبون ذنباً صغيراً ولا كبيراً، ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.

ومن نفي العصمة عنهم في شئ من أحوالهم فقد جهلهم.

واعتقادنا فيهم أنهم موصوفون بالكمال والعلم، من أوائل أمورهم إلي أواخرها لا يوصفون في شئ من أحوالهم بنقص ولا جهل.

وقال المفيد في المقنعة ص 30:

باب ما يجب من الإعتقاد في أنبياء الله تعالي ورسله عليهم السلام:

ويجب أن يعتقد التصديق لكل الأنبياء عليهم السلام، وأنهم حجج الله علي من بعثهم إليه من الأمم، والسفراء بينه وبينهم، وأن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف صلي الله عليه وآله خاتمهم وسيدهم وأفضلهم، وأن شريعته ناسخة لما تقدمها من الشرائع المخالفة لها، وأنه لا

ص: 8

نبي بعده ولا شريعة بعد شريعته، وكل من ادعي النبوة بعده فهو كاذب علي الله تعالي، ومن يغير شريعته فهو ضال، كافر من أهل النار، إلا أن يتوب ويرجع إلي الحق بالإسلام فيكفر الله تعالي حينئذ عنه بالتوبة ما كان مقترفاً من الآثام.

ويجب اعتقاد نبوة جميع من تضمن الخبر عن نبوته القرآن علي التفصيل، واعتقاد الجملة منهم علي الإجمال، ويعتقد أنهم كانوا معصومين من الخطأ، موفقين للصواب، صادقين عن الله تعالي في جميع ما أدوه إلي العباد وفي كل شئ أخبروا به علي جميع الأحوال، وأن طاعتهم طاعة لله ومعصيتهم معصية

لله وأن آدم ونوحاً، وإبراهيم، وإسماعيل وإسحاق ويعقوب، ويوسف، وإدريس، وموسي، وهارون وعيسي، وداود، وسليمان، وزكريا، ويحيي، وإلياس، وذا الكفل، وصالحاً، وشعيباً، ويونس، ولوطاً، وهوداً، كانوا أنبياء الله تعالي ورسلاً له، صادقين عليه كما سماهم بذلك، وشهد لهم به، وأن من لم يذكر اسمه من رسُلِه علي التفصيل كما ذكر من سميناه منهم، وذكرهم في الجملة حيث يقول: " ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل، ورسلاً لم نقصصهم عليك ".

كلهم أنبياء عن الله، صادقون وأصفياء له، منتجبون لديه، وأن محمداً صلي الله عليه وآله سيدهم وأفضلهم، كما قدمناه.

وقال السيد المرتضي في مقدمة تنزيه الأنبياء ص 15:

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله كما هو أهله ومستحقه، وصلي الله علي خيرته من خلقه علي عباده، محمد وآله الأبرار الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

ص: 9

سألت أحسن الله توفيقك، إملاءَ كتابٍ في تنزيه الأنبياء والأئمة عليهم السلام عن الذنوب والقبائح كلها، ما سمي منها كبيرة أو صغيرة، والرد علي من خالف في ذلك، علي اختلافهم وضروب مذاهبهم.

وأنا أجيب إلي ما سألت علي ضيق الوقت، وتشعب الفكر، وأبتدئ بذكر الخلاف في هذا الباب، ثم بالدلالة علي المذهب الصحيح من جملة ما أذكره من المذاهب، ثم بتأويل ما تعلق به المخالف من الآيات والأخبار، التي اشتبه عليه وجهها، وظن أنها تقتضي وقوع كبيرة أو صغيرة من الأنبياء والأئمة عليهم السلام. ومن الله تعالي استمد المعونة والتوفيق، وإياه أسأل التأييد والتسديد.

بيان الخلاف في نزاهة الأنبياء عن الذنوب:

اختلف الناس في الأنبياء عليهم السلام: فقالت الشيعة الإمامية، لا يجوز عليهم شئ من المعاصي والذنوب كبيراً كان أو صغيراً، لا قبل النبوة ولا بعدها. ويقولون في الأئمة مثل ذلك.

وجوَّز أصحاب الحديث والحشوية علي الأنبياء الكبائر قبل النبوة، ومنهم من جوزها في حال النبوة سوي الكذب فيما يتعلق بأداء الشريعة.

ومنهم من جوزها كذلك في حال النبوة بشرط الإستسرار دون الإعلان!

ومنهم من جوَّزها علي الأحوال كلها!

ومنعت المعتزلة من وقوع الكبائر والصغائر المستخفة من الأنبياء عليهم السلام قبل النبوة وفي حالها وجوَّزت في الحالين وقوع ما لا يستخف من الصغاير.

ثم اختلفوا: فمنهم من جوز علي النبي صلي الله عليه وسلم الإقدام علي المعصية الصغيرة علي سبيل العمد، ومنهم من منع من ذلك وقال إنهم لا يقدمون علي الذنوب التي يعلمونها ذنوباً، بل علي سبيل التأويل.

ص: 10

وحكي عن النظام وجعفر بن مبشر وجماعة ممن تبعهما، أن ذنوبهم لا تكون إلا علي سبيل السهو والغفلة، وأنهم مؤاخذون بذلك، وإن كان موضوعاً من أممهم لقوة معرفتهم وعلو مرتبتهم.

وجوزوا كلهم ومن قدمنا ذكره من الحشوية وأصحاب الحديث علي الأئمة الكبائر والصغائر، إلا أنهم يقولون إن وقوع الكبيرة من الإمام تفسد إمامته، ويجب عزله والإستبدال به.

واعلم أن الخلاف بيننا وبين المعتزلة في تجويزهم الصغاير علي الأنبياء صلوات الله عليهم يكاد يسقط عند التحقيق لأنهم إنما يجوزون من الذنوب ما لا يستقر له استحقاق عقاب، وإنما يكون حظه نقص الثواب علي اختلافهم أيضاً في ذلك، لأن أبا علي الجبائي يقول: إن الصغيرة يسقط عقابها بغير موازنة، فكأنهم معترفون بأنه لا يقع منهم ما يستحقون به الذم والعقاب.

وهذه موافقة للشيعة في المعني، لأن الشيعة إنما تنفي عن الأنبياء عليهم السلام جميع المعاصي من حيث كان كل شئ منها يستحق به فاعله الذم والعقاب، لأن الإحباط باطل عندهم، وإذا بطل الإحباط فلا معصية إلا ويستحق فاعلها الذم والعقاب.

وإذا كان استحقاق الذم والعقاب منفياًّ عن الأنبياء عليهم السلام وجب أن تنتفي عنهم ساير الذنوب، ويصير الخلاف بين الشيعة والمعتزلة متعلقاً بالإحباط، فإذا بطل الإحباط فلابدَّ من الإتفاق علي أن شيئاً من المعاصي لا يقع من الأنبياء (علیه السلام) من حيث يلزمهم استحقاق الذم والعقاب.

ص: 11

لكنه يجوز أن نتكلم في هذه المسألة علي سبيل التقدير ونفرض أن الأمر في الصغائر والكبائر علي ما تقوله المعتزلة، ومتي فرضنا ذلك لم نجوِّز أيضاً عليهم الصغائر، لما سنذكره ونبينه إن شاء الله تعالي.

وقال أبو الصلاح الحلبي في الكافي ص 67:

ومن حق المبعوث أن يكون معصوماً فيما يؤديه من المصالح والمفاسد.

من حيث كان تجويز الخطأ عليه في شئ من ذلك عن سهو أو عمد ترفع الثقة بشئ مما جاء به، ويمنع من امتثاله، لوقوف الإمتثال علي علم المكلف كون ما أمر به صلاحاً وما نهي عنه فساداً، وتجويز الخطأ عليه يرفع الثقة بشئ مما أتي به. فوجب لذلك القطع علي عصمته فيما يؤديه.

ولهذا الإعتبار أجمع المسلمون علي عصمة الأنبياء عليهم السلام في الأداء، لعلمهم بأن تجويز الخطأ فيه يسقط فرض الشرائع فعلاً وتركاً.

ومن حقه أن يكون معصوماً من جميع القبائح صغائرها وكبائرها، لأن تجويز القبيح عليه يقتضي التنفير عنه، لأن من علم مواقعاً للقبيح أو جوز عليه ذلك تنفرُ النفوس عن اتباعه ولا تسكن إليه سكونها إلي من لا يجوز منه القبيح، إذا كان الغرض في بعثة النبي صلي الله عليه وآله العمل بما يأتي به، وكان ذلك فرعاً لصدقه، الموقوف علي النظر في معجزة، المتعلق بحصول داعٍ إليه، وجب تنزيهه عن كل شئ نفر عنه...

وقال الشيخ الطوسي في الإقتصاد ص 155:

ويجب أن يكون النبي معصوماً من القبائح صغيرها وكبيرها قبل النبوة وبعدها علي طريق العمد والنسيان وعلي كل حال.

يدل علي ذلك أن القبيح لا يخلو أن يكون كذباً فيما يؤديه عن الله أو غيره من أنواع القبائح.

ص: 12

فإن كان الأول فلا يجوز عليه، لأن المعجز يمنع من ذلك، لأنه ادعي النبوة علي الله وصدقه بالعلم المعجز، جري ذلك مجري أن يقول له صدقت، فلو لم يكن صادقاً لكان قبيحاً، لأن تصديق الكذاب قبيح لا يجوز عليه تعالي...

وأما الكذب في غير ما يؤديه وجميع القبائح الأخر، فإنا ننزههم عنها لأن تجويز ذلك ينفر عن قبول قولهم.

ولا يجوز أن يبعث الله نبياًّ ويوجب علينا اتباعه وهو علي صفة تنفِّر عنه، ولهذا جنَّب الله تعالي الأنبياء الفظاظة والغلظة والخلق المشينة، والأمراض المنفرة، لما كانت هذه الأشياء منفرة في العادة.

ومرادنا بالتنفير هو أن يكون معه أقرب إلي أن لا يقع منه القبول، ويصرف عنه، وإن جاز أن يقع علي بعض الأحوال، كما أن ما يدعو إلي الفعل قد لا يقع معه الفعل.

ألا تري أن التبشير إلي وجه الضيف داعٍ إلي حضور طعامه، وربما لم يقع معه الحضور.

والعبوس ينفر، وربما وقع منه الحضور.

وإن كان ذلك لا يقدح في كون أحدهما داعياً والآخر صارفاً، ولا يقع القبول من الواعظ الزاهد ويقع من الماجن السخيف ولا يخرج ذلك السخفَ من كونه صارفاً والزهد من كونه داعياً.

ودليل التنفير يقتضي نفي جميع القبائح عنهم صغيرها وكبيرها، والفرق بينهما مناقضة.

وقولهم: "حط الصغائر بتنقيص الثواب " ليس بصحيح، إذا سلمنا الإحباط، لأنها وإن نقصت الثواب فهي فعل قبيح وإقدام عليه ومع ذلك يزيل ثواباً حاصلاً

ص: 13

وفي ذلك من مرتبة عالية إلي ما دونها، وذلك لا يجوز علي الأنبياء كما لا يجوز أن يعزلوا عن النبوة بعد حصولها.

ثم يلزم عليه تجويز الكبائر قبل النبوة، لأن حطها نقصان الثواب، لأن عقابها قد زال بالتوبة والنبوة، وذلك لا يقوله أكثر من خالفنا.

وقال العاملي البياضي في الصراط المستقيم: 1/50:

الفصل الرابع في عصمة الأنبياء:

وهي لطفٌ يفعله الله تعالي بهم، لا يختارون معه فعل المعصية وترك الطاعة مع قدرتهم.

واتفق الإمامية علي اتصافهم بها عن كل نقيصة من أول عمرهم.

والفضيلية من الخوارج جوَّزوا ذنوبهم، واعتقدوا أن كل ذنب كفر فجوَّزوا كفرهم، وقال بعض الفضيلية بجواز أن يبعث نبي مع أنه سيكفر، ومنع بعضهم ذلك، ولكن قال بجواز بعث من كان كافراً قبل البعث، وهو منقول عن ابن فورك، ولكن قال: إنه لم يقع.

وقال بعض الحشوية بوقوعه وذهب أكثر أهل السنة إلي جواز الكبيرة عليهم قبل البعثة وجوَّز من عدا الإمامية الصغيرة مطلقاً.

وقال المجلسي في بحار الأنوار: 11/72:

باب عصمة الأنبياء عليهم السلام، وتأويل ما يوهم خطئهم وسهوهم:

أمالي الصدوق: الهمداني علي بن إبراهيم، عن القاسم بن محمد البرمكي، عن أبي الصلت الهروي، قال: لما جمع المأمون لعلي بن موسي الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصاري والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات، فلم يقم أحدٌ إلا وقد ألزم حجته، كأنه

ص: 14

قد ألقم حجراً.

فقام إليه علي بن محمد بن الجهم، فقال له: يا بن رسول الله، أتقول بعصمة الأنبياء؟

قال: بلي.

قال: فما تعمل في قول الله عز وجل: وعصي آدم ربه فغوي؟

وقوله عز وجل: وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه؟

وقوله في يوسف: ولقد همت به وهم بها؟

وقوله عز وجل في داود: وظن داود أنما فتناه؟

وقوله في نبيه محمد صلي الله عليه وآله: وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه؟

فقال مولانا الرضا عليه السلام: ويحك يا علي، اتق الله ولا تنسب إلي أنبياء الله الفواحش، ولا تتأول كتاب الله برأيك، فإن الله عز وجل يقول: وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم.

أما قوله عز وجل في آدم عليه السلام: عصي آدم ربه فغوي:

فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه، وخليفته في بلاده، لم يخلقه للجنة، وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل، فلما أُهبط إلي الأرض وجُعل حجة وخليفة عُصم بقوله عز وجل: إن الله اصطفي آدم ونوحاً وآل إبراهيم وآل عمران علي العالمين.

وأما قوله عز وجل: وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه:

ص: 15

إنما ظن أن الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عز وجل: وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه، أي ضيق عليه، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر.

وأما قوله عز وجل في يوسف: ولقد همت به وهم بها:

فإنها همت بالمعصية، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما داخله، فصرف الله عنه قتلها والفاحشة، وهو قوله: كذلك لنصرف عنه السوء، يعني القتل. والفحشاء، يعني الزنا.

أما داود: فما يقول من قبلكم فيه؟

فقال علي بن الجهم: يقولون: إن داود كان في محرابه يصلي إذ تصور له إبليس علي صورة طير أحسن ما يكون من الطيور، فقطع صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج إلي الدار، فخرج في أثره فطار الطير إلي السطح، فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حنان، فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة

أوريا تغتسل، فلما نظر إليها هواها، وكان أوريا قد أخرجه في بعض غزواته، فكتب إلي صاحبه أن قدم أوريا أمام الحرب، فقدم فظفر أوريا بالمشركين، فصعب ذلك علي داود، فكتب الثانية أن قدمه أمام التابوت، فقتل أوريا رحمه الله، وتزوج داود بامرأته.

فضرب الرضا عليه السلام بيده علي جبهته وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبياًّ من أنبياء الله إلي التهاون بصلاته حتي خرج في أثر الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل!

فقال: يا بن رسول الله فما كانت خطيئته؟

ص: 16

فقال: ويحك إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقاً هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكيْن فتسورا المحراب فقالا: خصمان بغي بعضنا علي بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلي سواء الصراط.

إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب.

فعجل داود عليه السلام علي المدعي عليه فقال: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلي نعاجه.

فلم يسأل المدعي البينة علي ذلك، ولم يقبل علي المدعي عليه فيقول: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة حكمه، لا ما ذهبتم إليه!

ألا تسمع قول الله عز وجل يقول: يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق.. إلي آخر الآية.

فقلت: يا بن رسول الله، فما قصته مع أوريا؟

فقال الرضا عليه السلام: إن المرأة في أيام داود كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبداً، وأول من أباح الله عز وجل له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها داود، فذلك الذي شق علي أوريا.

وأما محمد نبيه صلي الله عليه وآله وقول الله عز وجل له: وتخفي في نفسك ما الله مبديه، وتخشي الناس والله أحق أن تخشاه:

فإن الله عز وجل عرف نبيه أسماء أزواجه في دار الدنيا، وأسماء أزواجه في الآخرة، وأنهن أمهات المؤمنين، وأحد من سمي له زينب بنت جحش، وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة، فأخفي صلي الله عليه وآله اسمها في نفسه ولم يبده، لكيلا يقول أحد من المنافقين، إنه قال في امرأة في بيت رجل: إنها أحد أزواجه من أمهات

ص: 17

المؤمنين، وخشي قول المنافقين، قال الله عز وجل: والله أحق أن تخشاه، في نفسك.

وإن الله عز وجل ما تولي تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم، وزينب من رسول الله صلي الله عليه وآله، وفاطمة من علي عليه السلام.

قال: فبكي علي بن الجهم وقال: يا بن رسول الله أنا تائبٌ إلي الله عز وجل.

ص: 18

الفصل الثاني: من إسرائيليات البخاري و مسلم

ص: 19

ص: 20

من إسرائيليات البخاري و مسلم

كتب (مشارك) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 29 - 6 - 1999، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (الرد علي شبهة لطم موسي لملك الموت.. يا رافضة.. لا تنقلوا من كتاب عبد الحسين فتفضحوا!)، وهو يقصد بعبد الحسين: صاحب كتاب المراجعات، السيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره، قال مشارك:

إلي هاشم:

من شبكة سحاب، حديث: لطم نبي الله موسي عين ملك الموت، بين أهل السنة والرافضة الإثني عشرية.

هذا الموضوع هو ردٌّ علي موضوع الرافضي " ضال 2 " شبكة " أنا الرافضي ".

ويمكن الحصول علي الكتاب كاملاً من موقع أنصار الحسين رضي الله عنه:

استنكار عبد الحسين حديث لطم نبي الله موسي عين ملك الموت:

في ص (76) أورد عبد الحسين حديث لطم موسي عين ملك الموت:

ص: 21

أخرج الشيخان في صحيحيهما بالإسناد إلي أبي هريرة، قال: جاء ملك الموت إلي موسي (علیه السلام) فقال له: أجب ربك، قال: فلطم موسي عين ملك الموت ففقأها.

قال: فرجع الملك إلي الله تعالي فقال: إنك أرسلتني إلي عبد لا يريد الموت ففقأ عيني.

قال: فرد الله إليه عينه، وقال ارجع إليه فقل له: الحياة تريد، فإن كنت تريد الحياة فضع يدك علي متن ثور فما توارت بيدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة.. الحديث. انتهي.

قال العاملي:

ثم أخذ يصول ويجول كعادته في إلقاء الشبهة علي هذا الحديث.. ويشكك فيه.

نذكر ما قاله باختصار:

" وأنت تري ما فيه مما لا يجوز علي الله تعالي ولا علي أنبيائه ولا علي ملائكته. أيليق بالحق تبارك وتعالي أن يصطفي من عباده من يبطش عند الغضب بطش الجبارين ويكره الموت كراهة الجاهلين؟

قلت: إن هذا الحديث قد أجاب عنه أهل العلم من قبل، فالمؤلف الفطن!! لم يأت بشئ جديد!!

قال ابن حجر: إن الله لم يبعث ملك الموت لموسي وهو يريد قبض روحه حينئذ، وإنما بعثه إليه اختياراً وإنما لطم موسي ملك الموت لأنه رأي آدمياً دخل داره بغير إذنه ولم يعلم أنه ملك الموت...

وقد جاءت الملائكة إلي إبراهيم وإلي لوط في صورة آدميين فلم يعرفاهم ابتداءً، ولو عرفهم إبراهيم لم

ص: 22

قدم لهم المأكول ولو عرفهم لوط لما خاف عليهم من قومه.

وقال بعض أهل العلم: ثبت بالكتاب والسنة أن الملائكة يتمثلون في صور الرجال وقد يراهم كذلك بعض الأنبياء فيظنهم من بني آدم كما في قصتهم مع إبراهيم ومع لوط عليه السلام، اقرأ من سورة هود الآيات 69 - 80، وقال عز وجل في مريم عليها السلام: فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياًّ قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياًّ. مريم - 17.

وفي السنة أشياء من ذلك، وأشهرها ما في حديث السؤال عن الإيمان والإسلام والإحسان، فمن كان جاحداً لهذا كله أو مرتاباً فيه فليس كلامنا معه، ومن كان مصدقاً علم أنه لا مانع أن يتمثل ملك الموت رجلاً ويأتي إلي موسي فلا يعرفه موسي.

وإليك بعض روايات أهل البيت التي تدل بأن ملك الموت، بل سائر الملائكة كانوا يأتون الأنبياء علي صورة بشر، وليست علي الصورة الحقيقية، لأن البشر بما فيهم الأنبياء لا يطيقون رؤية الملائكة علي الصورة الحقيقية.

ففي اللئالي: 1/91: في سلوك موسي: عن الصادق (علیه السلام)، قال: إن ملك الموت أتي موسي بن عمران، فسلم عليه، فقال: من أنت؟ قال: أنا ملك الموت. قال: ما حاجتك؟ قال له: جئت أقبض روحك...

حديث لطم نبي الله موسي عليه السلام لملك الموت في كتب الشيعة:

ثم إن حديث لطم موسي عليه السلام لملك الموت، قد رواه علامتكم في مصادرهم (كذا)، فهذا نعمة الله الجزائري أثبته في كتابه، ومحمد نبي التويسيركاني! أثبته في كتابه: باب في سلوك موسي عليه السلام، قال ما نصه:

(في سلوك موسي عليه السلام في دار الدنيا وزهده فيها، وفي قصة لطمه ملك الموت حين أراد قبض روحه، واحتياله له في قبضها.. وقد كان موسي عليه السلام

ص: 23

أشد الأنبياء كراهة للموت، قد روي أنه لما جاء ملك الموت، ليقبض روحه، فلطمه فأعور، فقال: يا رب إنك أرسلتني إلي عبد لا يحب الموت، فأوحي الله إليه أن ضع يدك علي متن ثور ولك بكل شعرة دارتها يدك سنة، فقال: ثم ماذا؟ فقال: الموت. فقال: انته إلي أمر ربك).

وقال محدثهم الكبير محسن الكاشاني، نقلاً من كلام علي بن عيسي الإربلي ما نصه:

(أن الطباع البشرية مجبولة علي كراهة الموت، مطبوعة عن النفور منه، محبة للحياة ومائلة إليها، حتي أن الأنبياء عليهم السلام علي شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم، أحبوا الحياة ومالوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه، وقصة آدم عليه السلام مع طول عمره وإمداد أيام حياته مع داود مشهورة، وكذلك حكاية موسي عليه السلام مع ملك الموت! وكذلك إبراهيم عليه السلام).

فأين أنتم يا أشباه العلماء من هؤلاء العلماء؟!

بل قد جاء في خبر مشهور علي ما رواه المجلسي في بحاره عن محمد بن سنان، عن مفضل بن عمر، عن جعفر الصادق عليه السلام، في خبر طويل، قال المجلسي في شرحه:

(أقول لعله إشارة إلي ما ذكره جماعة من المؤرخين أن ملكاً من الملائكة بخت نصر (كذا) لطمه ومسخه وصار في الوحش في صورة أسد، وهو مع ذلك يعقل ما يفعله الإنسان، ثم رده الله تعالي إلي صورة الإنس...).

لطم جبريل البراق!!

وقبل أن أختتم هذا الفصل لسائل أن يسأل: قد علمنا ما في قصة لطمه ملك الموت حين أراد قبض روحه، واحتياله له في قبضها وقد كان موسي عليه السلام أشد

ص: 24

الأنبياء كراهة للموت، ولكن لم نفهم حكمة ضرب البراق، وإليك روايات القوم!!

فعن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (علیه السلام)، قال: جاء جبريل وميكائيل وإسرافيل بالبراق إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخذ واحد باللجام وواحد بالركاب وسوي الآخر عليه ثيابه.

فتضعضعت البراق فلطمها قال لها: اسكني يا براق، فما ركبك نبي قبله ولا يركبك بعده مثله.

قال: فرقت به ورفعته ارتفاعاً ليس الكثير ومعه جبريل يريه الآيات...

وعن عبد الرحمن بن غنم قال: جاء جبريل إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم بدابة دون البغل وفوق الحمار، رجلاها أطول من يديها، خطوها مد البصر فلما أراد أن يركب امتنعت، فقال جبريل: إنه محمد، فتواضعت حتي لصقت بالأرض قال فركب.

ثم لا أدري كم مرة سقط النبي صلي الله عليه وآله من البراق، نسأل الله السلامة في العقل، والبعد عن التهور والجهل! لعل عبد الحسين اقتنع بما رواه أئمة أهل البيت!!

إن كان لا يعجبه ما رواه أبا (كذا) هريرة رضي الله عنه ".

فكتب المدعو (حقيقة التشيع) بتاريخ 29 - 6 - 1999، الثانية ظهراً:

جزاك الله خير يا أخي مشارك، وأسال الله لك الثبات علي هذا الجهاد مع متعصبي الرافضة الذي لا يريدون الحق، إلا اتباع الهوي وما وجدوا عليه آبائهم " إنهم ألفوا آباءهم ضالين فهم علي آثارهم يهرعون " " وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولوا كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ".

ص: 25

فأجابه (مشارك)، الثانية والثلث ظهراً:

وجزاك الله خيراً أيضاً يا أخي، وخاصة علي ما تنقله لنا من خطب للرافضة.

وكتب (عرباوي) في نفس اليوم، الرابعة مساءً:

إلي مشارك:

من الواضح من قول ملك الموت " إنك أرسلتني إلي عبد لا يريد الموت "، أن النبي موسي عليه السلام قد علم بأن الملك أتي لقبضه ولذلك ضربه والعياذ بالله، وإلا فاشرح لنا كلام الملك..

وما دليل تفسيركم بأنه (علیه السلام) لم يكن يعلم بأنه ملك الموت؟؟

أما عن وجود هذه الرواية في كتب الشيعة، فيا ليتك أتيت بمصدر معتبر عند الشيعة، فكما أنك لا تقبل روايات ابن أبي الحديد وغيره وتطلب مصادر موثوقة..

نحن أيضاً نطالبك بالمصادر الموثوقة!

فلا تأتي بكلام السيد نعمة الله الجزائري! ومحمد نبي التويسيركاني.. أول مرة أسمع به.

أما قول الشيخ الإربلي فلا دلالة فيه بأن المقصود من حكاية موسي مع ملك الموت قصة فقأ العين!!

وكتب (عقيل)، الثامنة مساءً:

الأخ مشارك:

من الجيد أن تبدأ بالتحليل العقلي للحديث.

وقد ارتكز تحليلك أن موسي (علیه السلام) لم يعرف أن القادم هو ملك الموت.

ص: 26

ولكن يتضح من صيغة الحديث جاء ملك الموت إلي موسي، فقال له: أجب ربك. قال: فلطم موسي عين ملك الموت ففقأها، أن ملك الموت قد بدأ الحديث مع موسي (علیه السلام)..

وأخبره عن غرضه بقوله: " أجب ربك "..

وأن موسي (علیه السلام) رفض تنفيذ الأمر واستهان بمبعوث الله سبحانه فضربه.

لذلك أري أنك أمام خياريْن:

1 - موسي عرف من القادم، وعرف غرضه، وعرف من أرسله، ثم استهان به وبمن أرسله، وأوامر من أرسله فضربه وعصي أمر ربه والعياذ بالله.

2 - ترد الحديث لصاحبه.. أو تقول أن أحد رواة الحديث قد ابتدعه.. خصوصاً أن الحديث ليس من متطلبات الإيمان بالله ورسله والإسلام.

أما أنا فقد اخترت، وأنت لك الخيار.. (لا داعي أن تخبرنا به).. وشكراً.

وكتب (مشارك)، الثامنة والنصف مساءً:

لنبدأ بما أنكرتموه سابقاً، أولاً:

1 - لا حجة في اتهامكم لأبي هريرة بهذا الحديث.

2 - الحديث مروي عند السنة والرافضة، ولماذا لا تعترف بالجزائري يا عرباوي.

3 - الملائكة يمكن أن تتمثل بصورة بشر.

4 - الملائكة خلقت من نور، ولكن لها أجسام بأجنحة، فهل تراجعتم عن هذه النقاط أوْ لا..

قبل أن نكمل.

فكتب (العاملي)، التاسعة إلا ربعاً مساءً:

ص: 27

حتي لو وُجدَت روايات تقول إن نبي الله موسي علي نبينا وآله وعليه السلام، أو غيره من الأنبياء والأوصياء عليهم السلام.. فقأ عين ملك كريم مرسل من الله تعالي.. فإشكالنا عليها نفس إشكالنا علي رواية البخاري!

وفرقنا عنكم: أنا نستطيع ردَّها لمخالفتها عصمة المعصومين عليهم السلام، وكذا كلُّ حديثٍ خالف كتاب الله تعالي وما ثبت أنه من ضرورات الإسلام.

أما أنتم فتقفون متحيِّرين بين أمور ثلاثة:

1 - ردَّها، الذي يعني رد شئ من البخاري، وهذا ينقض ادعاءكم أنه صحيح من الجلد إلي الجلد، وأصح كتاب بعد كتاب الله تعالي.

2 - قبولها، وهذا يعني قبولكم الطعن بأنبياء الله تعالي، من أجل حفظ البخاري وأبي هريرة!

3 - تأويلها. ولكنها لا تقبل التأويل، وإن قبلتْه فهو عندكم حرام، بل يجب قبول المعني الظاهر الحرفي لها!!

إن الحل لمشكلة الحديث عندنا وعندكم هو المنهج الذي نتبناه من صدر الإسلام إلي اليوم..

وهو ضرورة إخضاع جميع الأحاديث عند جميع المذاهب للبحث العلمي وإعطاء حرية البحث فيها للمتخصصين الأتقياء، لتصحيح ما صحَّ منها، وردِّ الباقي.. أو التوقف فيه.

وكتب (مشارك)، التاسعة مساءً:

لو أردت إخضاع أحاديث الروافض للبحث العلمي، فكم سيبقي منها يا عاملي؟ أربعة أم خمسة!!!

فأجابه (العاملي)، التاسعة والنصف مساءً:

ص: 28

موضوع كلامي ضرورة حرية البحث العلمي لعلماء المسلمين، كلٌّ في مصادر مذهبهم، علي حسب الموازين العلمية الصحيحة عندهم، وبالشروط التي يشترطونها للباحث الكفوء العادل في نظرهم.

علي هذا.. فلم أطلب من أحد أن يقدم البخاري علي طبق لعلماء الشيعة.. ولا طلبت تقديم الكافي علي طبق لعلماء السنة ليبحثوه بموازينهم!

لقد طلبت حرية البحث داخل كل مذهب وبشروطها عنده.. يا مشارك.

وعليه.. فهل ستجد يا مشارك أحداً يقبل أن تكون حضرتك باحثاً حكماً، سواء من الشيعة أو أتباع المذاهب السنية، بل حتي من أتباع ابن تيمية؟؟

فلماذا تصدَّرت للقضاء والحكم علي مصادرنا.. وأنت لم تثبت صلاحيتك للحكم في مصادركم؟!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 30-6-1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

كلامك أيها الأخ العاملي مفحِم في غاية الإفحام.

فإن المشكلة كل المشكلة في المنهج المتبع... المشكلة فيما حملوه أنفسهم من قبول البخاري ومسلم

حداًّ جعلوه فيه ثاني القرآن... وكم قد أذاعوا له الكرامات الحسان...

غير أني أضيف علي مليح كلامك أيها الأخ الفاضل: أن هذه الرواية بهذه الشناعة لم ترد عندنا في ضعاف الكتب، فضلاً عن صحاحها، وأقواها.

وأكثر ما تنادي به الرواة والمحدثون الإماميون، هي الرواية الأولي عن الإمام أبي عبد الله الصادق عليه السلام، وهي كما ذكرها في أعلاه تقريباً في تخييره لملك الموت فيما يرجع إلي الموضع الذي يقبض منه روحه، حتي مر برجل يحفر قبراً...

ص: 29

وهنا ذكر جل علمائنا، معتمدين علي مصادرهم، أن من مرَّ به الكليم صلي الله عليه وآله هو ملك في صورة رجل، وأنه هو الذي دفنه فكان ذلك علة عدم معرفة قبره..

وهذا مما يؤكد أن خلافنا: ليس في أن النبي المرسل، هل بمستطاعه أن يعرف الملك، أو لا؟!

بينا يري القارئ كيف قد أطال (مشارك) في ذكر الروايات التي تبين أن من الأنبياء من دخل عليه الملك داره أو قصره أو.. ولم يميزه إلا بعد المسألة.. وهنا ملحوظات ثلاث:

الأولي: أن ما ذكره من التأويلات لا يقول به من له أدني حظ من العلم.

إذ إن قوله له: أجب ربك.. وأمر الله للملك بالرجوع إليه ثانية، وأن يضع يده علي ظهر ثور ويديرها، هذا دليل أنه علي معرفةٍ به أولاً، وأنه من عقبي فعلته مع عزرائيل، ولا أدلَّ علي ذلك من كلامه معه حين قال له: ثم ماذا؟ قال: ثم الموت.

فهل هذا جواب من لا يعرفه؟!

الله أكبر، كيف أن التعصب يعمي الفحول من العلماء!!

الثانية: أن عدم معرفته لرجل دخل داره بغير إذن - وهذا غير صحيح، إذ قال له: أجب ربك - لا يعني أن يسدد له هذه الضربة القاصمة، فإنه ليس من خلُق الأنبياء في شئ.

الثالثة: أن هذه الرواية جاءت ضمن سلسلة من الروايات بغية الإساءة للأنبياء والرسل لا سيما نبي الرحمة صلي الله عليه وآله.

وقد ذكرت قسماً منها ولم يجبني أحد.. كبعض نساء قريش حين ضربن عنده الدفوف ولم يخشينه وخشين عمر.

وكالذي يروي من أنه يلعن، وأن الله لا يأخذ الصحابة بلعنه.. ودواليك.

ص: 30

مما لسنا بصدده فعلاً.

وأما العلامة الجزائري في كتابه الأنوار النعمانية، فقد ذكر الرواية التي أشرنا إليها عن الصادق صلي الله عليه وآله. ثم قال: " وفي حديث.. وجاء بما جاء به البخاري ومسلم ".

وقد أشار محقق الكتاب إلي ذلك!!

وعموماً فنقل روايات العامة في كتبنا غير المخصصة، ليس بعزيز.

وإن ألفاظ الرواية المتحدة مع ما جاء في كتابهم، وعدم ذكر أصل الرواية ولا الإمام الذي أخذها عنه، لدليلٌ علي ما ادعي.

وأما بقية الكلام الذي استعرضه الزميل (مشارك) فيعلم حاله كل من ألقي السمع وهو شهيد.

وها أنا آسف علي حال هذا العبد! ألا أصلحه الله، كيف لا يكف عن النقولات وعملية النسخ واللصق، كأنه يريد التعجيز لنا عن الإجابة!!!

فكتب (مشارك)، التاسعة صباحاً:

من فمك ندينك يا عاملي.

تقول: " موضوع كلامي ضرورة حرية البحث العلمي لعلماء المسلمين، كل في مصادر مذهبهم، علي حسب الموازين العلمية الصحيحة عندهم، وبالشروط التي يعتقدونها للباحث الكفوء العادل في نظرهم. علي هذا، فإني لم أطلب من أحد أن يقدم البخاري علي طبق لعلماء الشيعة، ولا طلبت

تقديم الكافي علي طبق لعلماء السنة ليبحثوه بموازينهم... ".

وقد تكلم علماء أهل السنة في منزلة الصحيحين كالدار قطني وابن حجر وغيرهم.

فلماذا تود أن تدخل نفسك فيما لست له بأهل يا عاملي.

ص: 31

فأجابه (جميل 50) في نفس اليوم، الواحدة والنصف ظهراً:

مشارك: إن في كلامي نقاطاً... أرجو أن تجيبني عليها؟!!

فرد (مشارك)، الثانية إلا ربعاً ظهراً:

لا تكن تابعاً دائماً يا جميل... إن أردت أن يكون بيني وبينك نقاش فاختر موضوعاً، وأختار أنا موضوعاً، ونبدأ في كل منهما، نقطة نقطة.. فهل توافق؟

فأجابه (جميل 50)، الثانية ظهراً:

لست تابعاً يا هذا، وكان ينبغي عليك أن تنظر إلي ما قيل.. لا إلي من قال.. وكيف قال؟

ولولا أني لا أملك وقتي بالكامل لجعلت في قائمة عناوين هذه الساحة ما يبرز لك الحقائق.

وعموماً لأنك دعوتني هنا فسوف أجبر بخاطرك وانتظر سؤالي غداً، هل توافق؟

وكيف كان، فهذا تهرب فاضح يا مشارك...

فكتب (مشارك)، السادسة مساءً:

موافق يا جميل، مني سؤال ومنك سؤال وإلي الغد.

وكتب (العاملي):

نحن ننتقد روايات بخاريكم وصحاحكم.. لتناقضها مع القرآن.. أو مع العقل.. أو مع بعضها..

أو مخالفتها لمبانيكم المقررة منكم.. ولا نفرض عليكم مبانينا! فافعلوا ذلك إن شئتم!!

وانتهي الموضوع بهروب مشارك علي عادته!

ص: 32

كتب (ذو الفقار) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 3 - 8 - 1999، العاشرة والنصف مساءً، موضوعاً بعنوان (فرار الحجر بثوب موسي)، قال فيه:

حدثنا محمد بن رافع، حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: كانت بنو إسرائيل يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلي سوأة بعض وكان موسي صلي الله عليه وآله يغتسل وحده، فقالوا: والله ما يمنع موسي إلا أنه آدر، قال: فذهب مرة يغتسل فوضع ثوبه علي حجر ففر الحجر بثوبه، قال: فجمح موسي بأثره يقول ثوبي حجر، ثوبي حجر، حتي نظرت بنو إسرائيل إلي سوأة موسي، قالوا: والله ما بموسي من بأس، فقام الحجر حتي نظر إليه.

قال: فأخذ ثوبه فطفق بالحجر ضرباً.

قال أبو هريرة: والله إنه بالحجر ندب ستة أو سبعة (ضرب موسي بالحجر)!!

صحيح مسلم: 1/183، باب جواز الإغتسال عرياناً في الخلوة.

فكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 5 - 8 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

أما حديث الصخرة وتحركها، فأقول لك: إعلم أولاً أننا لا نرد الحديث بما سميته وتصورته بالعقل. فنحن نعبد رب العقل لا العقل.

فإن علمنا الحكمة من الشئ فنحمد الله علي ذلك وإن لم نعلم الحكمة لا نرد خبر رسولنا الكريم، لأن الله يقول مادحا المؤمنين بوصفه لهم: يؤمنون بالغيب.

فإن لم نعلم الحكمة من تحرك الحجر نقول آمنا بالخبر، ونكل أمر التفصيل لرب التفصيل.

قلي (كذا، وصحيحه قل لي) يا ذو الفقار.. ما الحكمة من كون صلاة الظهر أربع ركعات لا ركعتان؟؟؟

ص: 33

ما الحكمة من قضاء المرأة الصوم من رمضان بعد أن تطهر ولا تقضي الصلاة؟

هل تريدنا أن نترك الصلاة، ونجبر المرأة أن تقضي الصلاة، حتي نعلم ما الحكمة؟؟!

لا والله لا نترك خبراً صحيحاً لمجرد عدم الحكمة، لأن العقل له حدود في القدرة علي التفكير والتقبل للأمور. قال الله تعالي عن نفسه: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.

لا نقول يا رب لن نصدق بهذا الخبر حتي تجيبنا ما الحكمة من تحرك الحجر.. ولنتأدب مع الله لأنه هو الذي سيسألنا لا العكس.

وأقول لك علي ما بينه بعض أهل العلم من سبب حدوث ذلك، والصواب كماله عند الله:

كان بنو إسرائيل يعيبون علي موسي صلي الله عليه وآله أنه ممكن أنه قد أصيب بمرض في عورته، وكانوا يريدون أن يروه ليتأكدوا من عيبه أو لا.

وقد كتب الله أن يتحرك الحجر ليتبعه موسي صلي الله عليه وآله لأن ثيابه عليه، وكان مكشوف العورة ولذلك لحق الحجر، ولعل الله أراد أن يبرئ رسوله مما نسبوه إليه، فعاينوا أن موسي صلي الله عليه وآله كان سليماً من هذا العيب، ولكن هذا لا يبرئ الذين آذوه بمثل ما تناقلوه بينهم.

هذا ما قاله بعض الذين حاولوا معرفة الحكمة من الأمر.

أما عن ضربه الحجر، فأقول لك: ولكن موسي صلي الله عليه وآله فعل ما هو أكبر من ذلك وهو عندما أتاه ملك الموت في صورة آدمي وظنه موسي غريب دخل الدار لطمه موسي فأذهب إحدي عينيه، وهذا

ص: 34

حصل لأنه كان في صورة آدمي لا علي هيئته الحقيقية فرد الله عينه... إلخ. الحديث الصحيح.

وكتب (عربي 1)، الواحدة ظهراً:

لا حول الله ولا قوة إلا بالله.

عذرٌ أقبح من ذنب، إنكم جاهدين بكل قواكم لتصحيح كتابكم الثاني البخاري، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!!!

ولهذا ضممت حديثين من حديثي البخاري لتصحيحهما، ومعني هذا الكلام:

أنه إذا رماني أحد أو مجموعة من الناس بالعيب في عورتي سأكشف عورتي لإزالة هذه الشبهة.

وأن الله لم يعرف طريقة أخري والعياذ بالله إلا هذه الطريقة لإزالة شبهة بني إسرائيل..

ولم يستطع موسي أن يتزوج لإثباتها!!

ألا تري يا راشد ببصيرتك أن هذه إهانة عظيمة لنبي من أنبياء الله؟!!

وأما استدلالك الواهي في دفع الشبهة بما هي الحكمة..

أقول: دعنا من الحكمة الآن.. وقل لي: ما هي الفائدة من الصلاة؟ وما هي الفائدة من الصوم؟

بالطبع ستجيبني ب- (تنهي عن الفحشاء والمنكر).

فأقول: هناك فائدة إذا من الصلاة.

والآن أسألك: ما هي الفائدة من هذه الرواية، هل تستدلون بإباحة كشف العورة من هذه الرواية!!!

والثانية: هل تستنبطون منها أن الإنسان قادر علي ضرب ملك الموت وفقأ عينه كما تدَّعي؟!! والسلام. انتهي.

ص: 35

قال العاملي:

وقد طال النقاش في هذا الموضوع، بين الأخ ذي الفقار وراشد الإماراتي، وتشعب.. بما لا يتسع له المجال.

ص: 36

الفصل الثالث: مناقشات في عصمة الأنبياء علیهم السلام

ص: 37

ص: 38

مناقشات في عصمة الأنبياء علیهم السلام

كتب (فرات) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 25 و 26 - 4 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (أدلة عصمة الأنبياء)، قال فيه:

الأدلة العقلية:

1 - إن من يدعي منصباً إلهياً لا بد أن يكون صادقاً أميناً ليؤدي رسالته علي أتم وجه وأكمل صورة، إذ يقبح عقلاً أن يبعث الله تعالي أو يوسط بينه وبين خلقه من هو كاذب غير أمين.

إذن إن مدَّعي الوساطة لا بد أن يكون خالياً من كل رذيلة وذنب وبالخصوص الكبائر منها وكذلك كل منفِّر يجب أن يتصف به الوسيط رعاية من الله تعالي لنا ليقربنا إلي الطاعة أكثر ويبعدنا عن المعصية.

كذلك إن النفس تسكن وتطمئن لمن لم تصدر منه (المعصية) أصلاً أكثر ممن صدرت منه سواء تاب عنها، أم لا.

ونحن الشيعة نتمسك بتنزيههم عليهم السلام من كل منقصة من حين الولادة.

2 - لو صدر منه ذنبٌ، لزم اجتماع الضدين.

لأنه من باب يجب إطاعته لأن مقامه يقتضي هذا، ومن باب يجب عصيانه لأن ما جاء به ذنب بل يجب

ص: 39

منعه والإنكار عليه وردعه وزجره وهذا يولد إيذاء له وإيذاؤه حرام " إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ".

3 - إذا أذنب كان فاسقاً ويلزم منه مثلاً رد شهادته.

4 - كذلك يشمله التوهين لقوله تعالي: " أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ".

هل العصمة محصورة في حال التبليغ والفتيا؟!!

فإذا حصروها في حال التبليغ والفتيا نقول لهم:

أولاً: إن العلماء كافة قدس سرهم أطلقوا وقالوا: إن النبي بشرٌ مثلنا له ما لنا وعليه ما علينا. وهو مكلف من الله تعالي بما كلف به الناس، إلا ما قدَّم الدليل الخاص علي اختصاصه ببعض الأحكام.

أما من جهة شخصه بذاته، وأما من جهة منصب الولاية.

فما لم يخرجه الدليل فهو كسائر الناس في التكليف، هذا مقتضي عموم اشتراكه معنا في التكليف.

فإذا صدر منه فعل ولم يعلم اختصاصه به، فالظاهر في فعله أن حكمه فيه حكم سائر الناس..

فيكون فعله حجة علينا وحجة لنا، بدليل عموم حسن التأسي به.

فلا مجال للتقيد والحصر لأنه لو لم يكن معصوماً في عموم أفعاله وكان حجة فيها علينا، فسنتبعه في الخطأ أيضاً، وهذا فيه اضطراب النظام ونقض للغرض.. ولا يمكن للمولي سبحانه أن يأمرنا باتباع الخطأ ويحاسبنا علي مخالفة الخطأ.

وثانياً: كيف نميز بين الفعل والقول والإقرار منه بحيث نعلم أن هذا تبليغ وأن هذا ليس كذلك؟

أم كيف يتم لنا تمييز ما هو تبليغ وفتيا.. عما هو فعل شخصي؟!

ص: 40

ولو قال قائل: إن عليه التنبيه، فعلي المعصوم أن يقول هذا الفعل فعل تبليغ وهذا الفعل ليس كذلك وهذا القول تبليغ وهذا ليس كذلك.. وهذا الإقرار تبليغ وهذا ليس كذلك.

ولو تنازلنا وقلنا إن هذا وقع منهم صلي الله عليه وآله، لبان لنا مع أنه لا نجد أي أثر لذلك في حياة الأنبياء والمرسلين.

وثالثاً: حتي لو قلنا أن العصمة تنحصر في التبليغ، فإننا نجد أن الروايات متضافرة وكثيرة في أن لله في كل واقعة حكماً.

وما من فعل من أفعال الإنسان الإختبارية إلا وله حكم في الشريعة الإسلامية من وجوب أو حرمة أو نحوهما من الأحكام الخمسة.

فعلي هذه المقدمة يكون كل تصرف من تصرفات المعصوم له حكمه، والمعصوم مبلغ لذلك الحكم.

وكتب (الرباني) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 9 - 1 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (عصمة الأنبياء)، قال فيه:

كثر جدل الناس حول موضوع عصمة الأنبياء، وما هو الحق فيها من الأماني.

هناك أولاً: الرسل الكرام الذين جاءوا برسالات من الله.

الأصل في البشر جميعاً أنهم غير معصومون لأنهم بشر، وقد خلقهم الله يخطئون ويندرج الخطأ عندهم إلي:

1 - خطأ ناتج عن النسيان.

2 - خطأ ناتج عن الغفلة.

3 - خطأ ناتج عن الإستكبار والعلو وحب الدنيا.

ص: 41

تقتضي مهمة الرسل الكرام أن يبلغوا ما أنزل الله عليهم بأمانة، وإذا حصل خلل في التبليغ فإن الرسالة كلها ستنقض ولهذا فإن الله سبحانه يقوم بعصمتهم وحفظهم من عدم تبليغ أي جزء من هذه الرسالة، وتكون العصمة هنا من كل ما يمكن أن يؤدي إلي نقص في التبليغ.

ويبقي السؤال عن الأنبياء: هل يندرج عليهم ما كان مع الرسل الكرام؟

النصوص القرآنية تشير بوضوح إلي حالات من الخطأ حدثت مع الأنبياء، وبالرغم من أن هذه الحالات كانت بسبب النسيان، إلا أن هذا ينفي العصمة عنهم.

وعلينا أن نتذكر أن الحالات التي حصل فيها الخطأ لم تكن في ما يمسهم في أخلاقهم ولا في عقائدهم، ومنها بعض الحالات التي يرويها اليهود في التوراة والتي تصور بعض الأنبياء كفجار ومتهتكين، فهم صلاة الله وسلامه عليهم بعيدين عن هذا من باب أن الله اختارهم علي الناس لخلقهم العالي أصلاً.

ولنا أن نتذكر الخطأ الأول الذي ارتكبه أبونا آدم وهو في الجنة.

وما قاله سيدنا نوح لرب العزة: " إن ابني من أهلي وأن وعدك الحق ".

إذن، الخلاصة: أن الرسل الكرام معصومون من الله في ما يتعلق برسالاتهم.. أما أنبياء الله فلا يندرجوا تحت هذا البند وهو العصمة المباشرة من الله، ولهذا فقد يخطئون كما يخطئ البشر العاديون، لكنهم لا يقعون في أخطاء تتعلق بأخلاقهم أو بدينهم. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

فكتب (مؤمن قريش) بتاريخ 9 - 1 - 2000، الثانية والنصف صباحاً:

الأخ الرباني:

إذا كان الرسل يخطئون أو يغفلون..

ص: 42

من أين الضمان أنهم لا يخطئون في التبليغ سيما وأن المسلمين يرون أن فعل النبي وقوله وتقريره حجة.

بعبارة أخري: كيف نثق بقوله وفعله وتقريره.. وهو غافل خاطئ؟

وأيضاً: الرسول ينطق عن المرسَل.. ولو كان الرسول خاطئ لعيب علي المرسَل أنه أرسل رسولاً فيه ما يوجب عدم الوثوق بقوله؟! ولم يكن موفقاً في اختيار الناطق عنه..

تعالي الله عما تصفون.

فرد (الرباني)، الرابعة عصراً:

لقد ذكرت في بداية الحديث أن الرسل الكرام معصومون في التبليغ والتبلغ وهم لا يخطئون ولا ينسون.

أما الأنبياء فقط كثر جدل الناس حول موضوع عصمتهم والرأي المنتشر بين الناس أنهم معصومون في كل شئ.

ولكن لم يفطن من قال بهذا الرأي إلي أنه قد ورد في القرآن الكريم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا خلفه - ورد فيه عن ذكر أخطاء حدثت معهم ولا يمكن أن نأتي ونقول أنهم معصومون عن كل خطأ، وقد ذكر الله أخطاء حصلت معهم.. حينها نكون كمن يرد القول علي رب العزة.

الأنبياء بشر.. وإمكانية الخطأ البشري - الذي لا يقدح في أخلاقهم - وارد.

ولكنهم يختلفون عنا أنهم إذا حصل هذا فإن الحق سبحانه يصححهم بالوحي فلا يظل الأمر علي ما هو عليه مثلنا نحن البشر. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فأجاب (مؤمن قريش)، العاشرة ليلاً:

أخي الرباني:

ص: 43

ورد في القرآن ما ظاهره أنه خطأ، وواقعه ليس كذلك.

إذ القرآن لا يأتيه الباطل مبين يديه ومن خلفه، لماذا؟ لأنه كلام الله.

ودليل النبوة والأنبياء كذاك، أي كالقرآن من جهة انتفاء الباطل عنهم.

والباطل بمعناه العام الشامل يشمل حتي الخطأ، فكما لا نتعقل الخطأ والباطل في القرآن كذلك في الأنبياء، لماذا؟ لأنهم رسل الله.

ولو لم نقل بالعصمة المطلقة لما حصل للنوع الإنساني وثوق بكلامهم وفعلهم.

وما خالف بظاهره الثوابت العقلية ليس المراد الجدي ما ظهر لنا.. وإلا كيف نثق وكيف نميز أنه صادق فيما أخبرنا من شرائع وأحكام.

ومن أين نعلم أن لم تغلب الشقوة أو لم ينفث الشيطان علي لسانه كما عليه بعض المسلمين حاشا الأنبياء عن ذلك.

بل نري أن الأولياء والنساك والرواة يتحرزون علي اعتبارهم وناموسهم.. حتي أنهم يتركون المباح كي لا يقعوا في المكروه والمشتبه، فضلاً عن المحرم، فكيف بالأنبياء وهم سادات الكون؟!

تعالي الله عما تصفون وتحكمون.

وكتب (المحب لأهل البيت) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثانية عشرة ظهراً، موضوعاً بعنوان (عقيدتنا في عصمة النبي والإمام... ودلائلها)، قال فيه:

أعزائي في الحوار العام:

أحاول من خلال هذا الموضوع والمواضيع اللاحقة أن أسجل بعض المفاهيم والعقائد الإمامية التي حاول الكثيرون من المخالفين للمدرسة الجعفرية تشويه المذهب الشيعي وعلي الخصوص جماعات الهجرة والتكفير وعلي رأسهم

ص: 44

محمد بن عبد الوهاب مؤسس الوهابية التي حاولت علي مرور العقود السابقة التفريق بين المذاهب الإسلامية...

نعتقد أن الأنبياء معصومون قاطبة، وكذلك الأئمة، عليهم جميعاً التحيات الزاكيات، وخالفنا في ذلك بعض المسلمين، فلم يوجبوا العصمة في الأنبياء فضلاً عن الأئمة...

والعصمة هي التنزه عن الذنوب والمعاصي صغائرها وكبائرها، وعن الخطأ والنسيان، وإن لم يمتنع عقلاً علي النبي أن يصدر منه ذلك، بل يجب أن يكون منزهاً حتي عما ينافي المروءة، كالتبذل بين الناس من أكل في الطريق أو ضحك عالٍ، وكل عمل يستهجن فعله عند العرف العام...

والدليل علي وجوب العصمة: أنه لو جاز أن يفعل النبي أو الإمام المعصية، أو يخطأ وينسي، وصدر منه شئ من هذا القبيل، فإما أن يجب إتباعه في فعله الصادر منه عصياناً أو خطأ، أو لا يجب.

فإن وجب إتباعه فقد جوزنا فعل المعاصي برخصة من الله تعالي بل أوجبنا ذلك، وهذا باطل بضرورة الدين والعقل.

وإن لم يجب إتباعه فذلك ينافي النبوة والإمامة، التي لا بد أن تقترن بوجوب الطاعة أبداً.

علي أن كل شئ يقع منه من فعلٍ أو قولٍ، فنحن نتحمل فيه المعصية أو الخطأ.

فلا يجب اتباعه في شئ من الأشياء فتذهب فائدة البعثة، بل يصبح النبي كسائر الناس ليس لكلامهم ولا لعملهم تلك القيمة العالية التي يتعمد عليها دائماً، كما لا تبقي طاعةٌ حتميةٌ لأوامره، ولا ثقة مطلقة بأقواله وأفعاله...

ص: 45

وهذا الدليل علي العصمة يجري عيناً في الإمام، لأن المفروض فيه أنه منصوب من الله تعالي لهداية البشر خليفة للنبي... والحمد لله رب العالمين...

وكتب (student) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 10-5-2000، العاشرة وعشرة دقائق مساءً، موضوعاً بعنوان (إلي الشيخ رائد: الأنبياء معصومون في التبليغ)، قال فيه:

إلي الأخ العزيز الشيخ رائد:

لقد طالبتني أن أعرض لك المصادر التي تدل علي أن أهل السنه والجماعة يرون أن النبي معصوم في تبليغ الرسالة ولا يرون العصمة في غير ذلك.

والآن يوجد عندي عدة مصادر استدل بها علي ذلك، ولكن سأكتفي بالنقل عن مصدر واحد، وإن أردتَ بعد ذلك زدناك.

والمصدر هو: كتاب أضواء علي السنة المحمدية تأليف محمود أبو رية، صفحه 45 يقول:

(وما ذكره العلماء في ذلك إنما هو لأن الرسل غير معصومين في غير التبليغ. قال السفاريني في شرح عقيدته: قال ابن حمدان في نهاية المبتدئين: وإنهم معصومون فيما يؤدونه عن الله تعالي، وليسوا بمعصومين في غير ذلك من الخطأ والنسيان والصغائر.

وقال ابن عقيل في الإرشاد: إنهم عليهم السلام لم يعتصموا في الأفعال، بل في نفس الأداء ولا يجوز عليهم الكذب في الأقوال فيما يؤدونه عن الله تعالي. وهذا ينكره علماء الشيعة فإنهم أجمعوا علي أن الأنبياء لا يخطئون ولا يعتريهم السهو والنسيان. وهم مجمعون علي أنهم معصومون في الكبير والصغير حتي في أمور الدنيا.

ص: 46

وقد ثبت أن النبي كان يصدق بعض ما يفتريه المنافقون كما في غزوة تبوك وغيرها، وصدق بعض أزواجه، وتردد في حديث الإفك وضاق صدره به زمناً، حتي نزلت عليه الآية...

قال القاضي عياض: أما أحواله في أمور الدنيا فقد يعتقد الشئ علي وجه ويظهر خلافه، أو يكون منه علي شك أو ظن، بخلاف أمور الشرع.

عن رافع بن خديج - هذا الحديث رواه مسلم - قال: قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة وهم يؤبرون النخل، فقال: ما تصنعون؟ قالوا: كنا نصنعه.

قال: لعلكم لو لم تفعلوا كان خيراً، فتركوه فنفضت، فذكروا ذلك له، فقال: إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشئ من دينكم فخذوا به، وإذا أمرتكم بشئ من رأي فإنما أنا بشر. وفي رواية أنس: أنتم أعلم بأمور دنياكم. وفي حديث آخر: إنما ظننت ظناًّ فلا تؤاخذوني بالظن.

وفي حديث بن عباس في قصه الخرص، فقال رسول الله: إنما أنا بشر، فما حدثتكم عن الله فهو حق، وما قلت فيه من قبل نفسي، فإنما أنا بشر أخطي وأصيب!!).

هذه مجموعة من الأدلة، وسأوافيك بأخري إن أردت، واعذرني دائماًَ علي التأخير.

وكتب (عمر)، العاشرة والنصف ليلاً:

عزيزي: تبحث بالكتب والقرآن به ما تريد.

ولك هذه الآية، وإذا لم تكفيك فهناك المزيد: سورة التحريم - آية 1: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. صدق الله العظيم.

وكتب (عراقي)، الحادية عشرة ليلاً:

ص: 47

ما شاء الله علي هذا التفسير يا عمر..

هل أدلك علي أشد منها بياناً وأكثر جلاءً.. وعصي آدم ربه فغوي.. هل تصدق يا عمر أن آدم معصوم، وما ذكر من العصيان بالآية.. هو ليس المعصية التي في ذهنك؟

يقولون عن إحدي مراتب الورع إنه: ترك شئ من الحلال خوفاً من الوقوع في الحرام، فعندما يتجنب الإنسان بعض الحلال - أي يحرِّم ذلك الفعل الحلال علي نفسه - خوفاً واحتياطاً، لا يعني أنه أفتي للناس أن يتجنبوا ذلك الفعل المباح، إن هو إلا ترويض نفسي لذات الشخص. فافهم.

وليس كل حلال مستساغ للجميع.. إذ كل ما ارتفع الإنسان مرتبةً، كلما ضاقت المباحات عليه.

ولتقريب المثل نقول: إذا أراد ابن تيمية أن يقود دراجة هوائية في الطرقات، فقد لا يرضي أتباعه علي فعله هذا، مع العلم أن ركوب الدراجة الهوائية أمر مباح!

فكيف بأشرف الخلق أجمعين، أتريد أن يقاس بباقي الناس؟!

إخجل من نفسك ومن نبيك، وأنت تنسب إليه الخطأ والعصيان، بتحريم حلال الله..

ثكلتك أمك يا عمر.

وكتب (أبو الفضل) بتاريخ 11 - 5 - 2000، العاشرة صباحاً:

الأخ student:

لقد سبق وسألتك.. في موضوع الأخ رائد الشيخ جواد تحت عنوان (إخواننا أهل السنة، تعالوا وناقشونا..) أسئلةً عن العصمة، ولم تجب بشئ.

ص: 48

وها أنا أكرر نفس الأسئلة عسي أن يكون لديك جواب عنه هذه المرة: كيف وجب علينا الطاعة شرعاً وعقلاً لرسول من عند الله عز وجل، ما دمنا نعتقد بخطئه؟

إن غير المعصوم غير واجب الطاعة شرعاً وعقلاً، وما دمنا نعتقد بخطئه فلا تلزمنا طاعته..

كيف نطيع الخطأ.. إذا أخطأ؟ وكيف لنا أن نعرف الخطأ من الصواب بحضرته عليه الصلاة والسلام؟

لقد وجب وفرض علينا كمسلمين أن نتقبل أحكام النبي (صلی الله علیه و آله) بدون نقاش ولا جدال..

وقد قال الله في كتابه الكريم " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ".. كيف كانوا يميزون بأن ما يقوله الرسول (صلی الله علیه و آله) هو من عند الله عز وجل؟

وأنه معصوم عن الخطأ بهذا فقط، وأن باقي أقواله يمكن أن تكون علي خطأ، طالما أنه غير معصوم، فالخطأ جائز عنه وفي أقواله - حاشاه أن يخطئ -؟!!

وكيف تأخذون بسنته (صلی الله علیه و آله) وتطلقون علي أنفسكم أهل السنة؟!

هل سنة الرسول (صلی الله علیه و آله) كانت اجتهاد منه؟ وقد قال الله في كتابه الكريم " لا ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي "؟

نرجو الإفادة من حضرتكم، والله علي ما تقولون شهيد، والسلام.

فكتب (عمر)، الواحدة ظهراً:

سورة المائدة - آية 99: ما علي الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون. صدق الله العظيم. هذه مهمة الرسل من القرآن. أما أن تقول: " إخجل من نفسك ومن نبيك وأنت تنسب إليه الخطأ والعصيان بتحريم حلال الله "

ص: 49

! أنا لم أقل.. بل القرآن بين لنا قضية مهمة في العصمة وحدودها أو الوحي ومهمته. سورة التحريم - آية 1: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم.

ولك هذه الآية الأخري سورة الأنفال - آية 67: ما كان لنبي أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض، تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة. والله عزيز حكيم. صدق الله العظيم.

سورة التوبة - آية 113: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم. صدق الله العظيم.

الخلاصة: الشيعة لها مصلحة في هذا الأمر. والشيعة أول من جعل الرسول (صلی الله علیه و آله) يخطئ بالتبليغ، وإليكم المواقف:

أولاً: الشيعة تدعي بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يبلغ الوصاية علي هذا الدين، خوفاً من قريش وردَّ جبريل وهو يحمل التبليغ بالولاية والوصاية، مما جعل جبريل يعود بآية فيها الأمر بالتبليغ، مع العلم بأن الآية مدنية والشيعة نسبتها لهذا الموقف.

ثانياً: الشيعة تدعي بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) أخطأ حين أرسل أبو بكر (صلی الله علیه و آله) للحج مما استدعي عودته مرة أخري وإرسال علي (ض) بدلاً منه.

ثالثاً: الشيعة تدعي بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يبلغ وصيته خوفاً من عمر (ض)، وأخفي شيئاً مهماً من الدين. المهم هو الفرق واضح بين الشيعة وأهل السنة.

فالشيعة اعترفت بخطأ الرسول (صلی الله علیه و آله) في التبليغ وأهل السنة في الأمور الأخري.

ص: 50

ولكن لتنزيه الأئمة عن الخطأ دافعوا عن الرسول (صلی الله علیه و آله) دون الإلتفات إلي ما نسبوه إليه.

وكتب (رائد جواد)، الواحدة والثلث ظهراً:

سبحان الله! تنكرون عصمة الأنبياء يا عمر، وتقولون بعصمة عمر بن الخطاب!

إنا لله وإنا إليه راجعون!!

ثم أن القاضي عياض ذكر إجماعكم علي عصمتهم. فمن نصدق يا أهل لا أله إلا الله؟!!

فكتب (student)، الثالثة ظهراً:

إلي الأخوة المناقشين حول العصمة:

الآن أنا لا أريد أن أحكم رأي بالمسألة.

فالنصوص التاريخية الكثيرة الموجودة عندي تدل علي أن النبي غير معصوم في غير التبليغ، وهي تأخذ بعنقي ولا أستطيع أن أنكرها، والآيات القرآنية الكثيرة، فإن استطعتم الرد والتوضيح، فافعلوا.

وأيضاً ذكرتم أنتم كما أشار الأخ عمر أنه (صلی الله علیه و آله) تردَّد كثيراً وخاف في تبليغ الأمر المعهود إليه في يوم الغدير.. فأجيبونا جواب واضح ولكم الشكر.

ملاحظة: أرجو منكم إعطائي عنوان الموسوعة الشيعية الإنجليزية.

وكتب (عراقي)، الخامسة مساءً:

لا يا عمر... ليس نحن المستفيدين من العصمة..

بل أنتم المستفيدون من القدح بها كي تبرروا أعمال من خلَّف النبي صلوات الله وسلامه عليه وآله!!

ص: 51

وأن الآيات التي أوردتَها لا تقدح بالعصمة، وهي عادتك أن تكتب ما لا تعلم وتستشهد بما لا تفهم.

لو كان النبي صلي الله عليه وآله غير معصوم، لوجب أن يذكر لنا التأريخ نوعين مختلفين من سيرته الطاهرة، واحدة معصومة وأخري غير معصومة، وهذا ليس موجوداً بين أيدي المسلمين، بل عرف عن النبي بشهادة ربه أنه " لعلي خلق عظيم "، وما تنسبون له من الطعن يخالف قول الله..

فاخجلوا ولا تعاودوا.

" ما علي الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون ".. هذه الآية تشير إلي أن النبي ليس ملزماً أن يهدي الناس عنوةً بل عليه البلاغ..

" والله يعلم ما يبدون وما يكتمون ".. من الكفر والإيمان.. هذه مهمة الرسل من القرآن!!

" يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك ".. إذا كان الشرح الذي أوردتُه لك لم ينفع معك.. وإذا كنت يا عمر تعتقد بأن النبي معصوم في التبليغ فقط، فإن هذه الآية تدخل في حدود التبليغ..

فإن كان حرم ما أحل الله.. بمفهومك أليس في ذلك معصية، ونفي للعصمة في التبليغ..

نستنتج من هذا أن النبي عندك غير معصوم، لا في التبليغ ولا في غيره.

" ما كان لنبي أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض ".. وهذه الآية يا عمر كسابقتها لا أثر لها في القدح بالعصمة.

" ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي ".. وهذه أيضاً يا عمر تنفي أن يكون النبي والذين آمنوا استغفروا للمشركين.

وأما اتهامك الباطل بأن الشيعة أول من جعل الرسول (صلی الله علیه و آله) يخطئ بالتبليغ..

ص: 52

فنحن نقول: بأن النبي معصومٌ منذ الولادة وحتي الوفادة.

أولاً: التخوف من النبي ليس معصية، وحدسه كان في مكانه، ولكن الله لا يعبأ بالقوم المفسدين وهو القائل لأملأن جهنم..

وهذا الذي حدث، لقد نكث الناكثون وتقلدها المبطلون وقسموها إلي ثلاث وسبعين، كلهم هالكون إلا من عصم الله من المخلصين.

ثانياً: وأما إرسال أبي بكر فلم تقل الشيعة بأن النبي أخطأ عند إرساله بل هو عين الصواب، إذ أراد أن يبين للناس بأن هذا الرجل لا يصلح لتبليغ سورة.. فانتبهوا، وأرسل من يصلح بأمر الله.

خلاصة القول: أن القول بعصمة أفراد ليس فيه مصلحة لمن ادعاه.. بل هو حسن الظن بالله تعالي بأنه أرسل لنا دينَه مع من لا تجوز عليهم الخطأ والخطيئة.

وأما الذي يقول عكس هذا، فله مصلحة، إذ كيف ينسب تبليغ دين الله من أناسٍ يجوز عليهم الخطأ بل العصيان أيضاً، إذ يحرمون ما أحل الله أيضاً.

عُدْ أدراجك واستغفر ربك، ولا تظن بنبيك إلا خيراً.

فكتب (عمر)، السابعة مساءً:

لدينا من كتاب الله، عتاب رباني لأفعال أتي بها النبي (صلی الله علیه و آله).. فلماذا العتاب إذا كان الله أمره؟؟؟

أما كثرة الكلام بدون دليل، فلا حاجة لنا بها.

والشيعة لها عدة مواقف كما بينَّا تجعل الرسول (صلی الله علیه و آله) يخطئ لحسابات شخصية لزوم المذهب.

فكيف يخطئ الرسول (صلی الله علیه و آله) في أمور الحياة.. والأئمة لا تخطئ؟

لذلك نري الدفاع والتخبط لنصرة القضيتين.

ص: 53

كما بينا بأن الشيعة جعلته يعارض أمر الله في التبليغ، واحدة في الغدير، والأخري عند الوصية.

لا يستطيع الشيعة إنكار الأمر بل تأويله، كما هو الحال مع العصمة والتطهير والخمس.. إلخ.

عندما نحاججكم بالقرآن فيجب أن يكون الرد بالمثل، ولندع الكلام في غير كتاب الله.

فأجاب (عراقي)، الثامنة مساءً:

العتاب.. يا حضرة المفسر شفقةً عليه لا توبيخاً. " طه. ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي ".

رسول الله صلي الله عليه وآله كلف نفسه فوق ما كلفه الله تعالي.. فيشق علي نفسه تارة، ويحرم نفسه من حلال تارة أخري.. فخاطبه الله بخطاب الشفقة عليه.

فرد (عمر)، الثامنة والربع مساءً:

عزيزي: ليكن السؤال والجواب واضحاً.

هل أخفي الرسول (صلی الله علیه و آله) وصيته يوم الخميس؟؟

وما هي الأسباب إن وجدت؟ هل تستطيع الإجابة عن هذين السؤالين؟

فأجابه (عراقي)، التاسعة مساءً:

لم يخفِ الرسول شيئاً، لا يوم الخميس ولا يوم السبت..

ولكنه أراد أن يكتب لهم الأمر الذي عهده الله لهم، والذي كان يذكرهم النبي به دائماً..

فأراد أن يكتبه كتابةً، أما أنه شئٌ جديدٌ فلا، بل هو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.

ص: 54

ولكن خوف النبي صلوات الله وسلامه عليه من ضياع الحق.. أراد أن يكون حجته عليهم بالغة في كتابته، فمُنع من قبل حزبٍ يترأسه المتسمي به.

وكتب (أبو سمية) بتاريخ 12 - 5 - 2000، السابعة صباحاً:

إذا كان النبي معصوماً في الدين فقط، فعليك أن تسقط جميع روايات مدح الصحابة من الحجية..

لأنه قد يكون متوهماً أو منحازاً... إلخ.

فإن الإخبار عن دخول عمر الجنة ليس من الدين وغير ذلك.. وإذا قلت إنها من الدين فعليك إثبات ذلك بالدليل..

ثم إليك هذه الآية الشريفة: الأحزاب - 51: " ترجي من تشاء منهن وتؤي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدني أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن ".

أليس هذا التخويل له صلوات الله تعالي عليه وآله والأمر لهن بالقبول بما يقرره.. هو دلالة علي أنه عادل ولا يخطئ بكل ما يفعل.. وإلا لكان توجه إليه الأمر بما يفعل، بل خوَّله تعالي وأقر تصرفاته معهن قبل حصولها. انتهي.

قال العاملي:

وقد اختصرنا المداخلات هنا.. وكانت من عمر ورائد جواد والسيد محمد.

فكتب (student) بتاريخ 23 - 5 - 2000، الثالثة صباحاً:

عزيزي عمر.. السلام عليكم.

لقد كنا دائماً نستميت في خنادق يهجم فيها الشيعة علي الصحابة ونحن في موقع الدفاع.

فما أسوأ حالنا اليوم نهاجم نبي الإسلام والشيعة في موقع الدفاع.

ص: 55

يجب أن نستحي علي أنفسنا ونخجل من حالنا، ونعتذر إلي ربنا ونصحح عقيدتنا في حق نبينا.

فالحق أحق أن يتبع. والسلام.

فكتب (رائد جواد) بتاريخ 24 - 5 - 2000، الثانية صباحاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.. لمثل هذا فليعمل العاملون. وكتب (student) بتاريخ 25 - 5 - 2000، الخامسة صباحاً:

والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون

وكتب (student) أيضاً في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6 - 6 - 2000، الخامسة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (عصمة الأنبياء بين السنة والشيعة)، قال فيه:

إن من المواضيع المهمة والحساسة التي طالما يدور الحوار حولها موضوع عصمة الأنبياء.

وذلك لأن هذا الموضوع يتعامل مع المصدر الثاني الذي يبني عليه الإنسان دينه وعقيدته ويسير عليه جميع شئون حياته وهو النبوة.

والاختلاف حول موضوع النبوة التي تعد من أصول الدين عندكل الموحدين يؤدي إلي اختلاف واسع في التفريعات الناشئة عن هذا الأصل.

ومن يبحث في موضوع النبوة يجد أن هناك خلاف بين المسلمين في هذا الموضوع ويظهر هذا الإختلاف بشكله الواضح حينما يدور الموضوع عن عصمة الأنبياء. فتجد السنة والشيعة اختلفوا في عصمة الأنبياء.

ص: 56

فقال أهل السنة: إن الأنبياء معصومون في تبليغ الأحكام الشرعية التي ينقلونها عن الله سبحانه وتعالي، وغير معصومين في غير ذلك، وجوَّزوا عليهم الخطأ والنسيان والتردد والمعاصي، وقد ذكرنا هذا الرأي في موضوع عصمة الأنبياء.

وقد وجد أن هنالك بعض علماء السنة يقولون بعصمة الأنبياء مطلقاًَ، وهذا علي المستوي النظري ولكنهم في نفس الحين يوردون روايات تدل علي نقض هذا الإعتقاد.

ومثال ذلك كتاب السيد سابق الذي يستدل فيه علي العصمة المطلقة، وفي آخر استدلاله يأتي بروايات تناقض هذا الكلام!!

وهناك أمثلة كثيرة.. وهذا الفعل ناتج عن خلفية تاريخية لا نريد البحث فيها الآن.

أما الشيعة فإنهم يقولون بالعصمة المطلقة حتي عن الخطأ والسهو والنسيان، وهذا هو إجماعهم ولم يشذ عنه إلا واحد من علمائهم إذ قال بجواز السهو علي النبي (صلی الله علیه و آله)، فردَّ عليه جماعة علماؤهم بأنه إن جاز السهو علي أحد من أصحاب المكانة العالية، فهو أولي بهذا العالم من النبي (صلی الله علیه و آله).

وخلال مباحثات طويلة أجريتها مع بعض العلماء، وبحث في الكتب ونقاش في ساحات الحوار وصلت إلي نتيجة وهي: أن الأنبياء معصومون مطلقاً.

ووجدتُ لهذه النتيجة أدلة من كتب كلا الفريقين، ووجدت أن اختلافنا مع الشيعة لا يمنع من الإقتناع من أدلتهم حول العصمة، من حيث أنها في صدد الدفاع عن الإسلام وفي صدد تنزيه الأنبياء ووصفهم بما يليق بهم من الصفات الكمالية، التي تليق بمقام من اختاره الله لهداية البشرية.

ص: 57

ووجدتُ أن اتباعنا لمذهب أهل السنة لا يلزمنا بأن نأخذ ما لا يتطابق مع الدليل الصحيح..

وخصوصاً إذا كان أخذُنا لمثل هذه الأمور ليس ناشئ عن اعتقادنا بها، وإنما ناشئ عن أنا لو رفضناها نكون قد طعنَّا في من نري نزاهته..

ونسينا أن مكانة الأنبياء أحق أن تحفظ، وأنه لا ينبغي أن نجامل أحد علي حساب الأنبياء، وينبغي أن نرفض كل فضيلة ومنقبة لأي شخص مهما كان خطره إذا كانت علي حساب الأنبياء.

وأنا الآن لست بصدد توضيح ما قصد.. لأنني أفترض في من يقرأ مثل هذا الكلام أن لديه الخلفية التاريخية الكافية، ومن أراد أمثلة تاريخية بعد ذلك أعطيناه.

فمن كان لديه أي اعتراض علي هذا الرأي فليداخل، وسوف أطرح الأدلة التي قادتني إلي هذا الرأي، ومن كان لديه رد عليها فليطرحه ليستفيد الجميع.

وأحب أن يعلم الجميع أني لست بصدد الدفاع عن مذهب علي حساب مذهب، وإنما أنا بصدد الدفاع عن مكانة الأنبياء التي أوجب الله علي كل المسلمين الدفاع عنهم.

وأرجو من كل من يعتقد أنه مسلم أن لا يتردد في الدفاع، وأري أن أكون آلة في أيدي الشيعة لدفاع عن نبي الإسلام (صلی الله علیه و آله) أحب إلي من أن أكون آلة في يد أعداء الإسلام للهجوم عليه صلي الله عليه

وسلم. والسلام.

وانتهي الموضوع الذي كتبه ستيودنت.. وهو شخص معقول ومنطقي، هداه الله الي الحق.

ص: 58

الفصل الرابع: مناظرة بين التلميذ و مشارك في عصمة الأنبياء

اشارة

ص: 59

ص: 60

مناظرة بين التلميذ و مشارك في عصمة الأنبياء

جرت هذه المناقشة في شبكة هجر، لكن ننقل نصَّها من شبكة سحاب.

حيث نشرها (مشارك) هناك، بتاريخ 25 - 11 - 1999، الواحدة صباحاً، بعنوان (مناظرة في عصمة الأنبياء انسحب من إكمالها كبير الروافض في شبكة هجر - التلميذ).

وقال (مشارك) متبجِّحاً، ولم يصدق في قوله: " هذه مناظرة حصلت بيني وبين التلميذ كبير الروافض وقد انسحب من إكمالها بحجة كثرة التشعبات!!! والمجال مفتوح لمن أراد أن يكملها معي من الروافض في ساحتهم ".

كتب (التلميذ) بتاريخ 15-8-1999، الثانية عشرة والنصف ليلاً، موضوعاً بعنوان (عصمة الأنبياء في القرآن الكريم)، قال فيه:

الدليل الأول: إن الله سبحانه وتعالي يطرح في كتابه العزيز عصمة الأنبياء ويضفي عليهم هذا الوصف ويشهد لذلك مجموعة من الآيات:

قال الله سبحانه وتعالي: " ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلاًّ هدينا ونوحاً هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسي وهارون وكذلك نجزي المحسنين. وزكريا ويحيي وعيسي وإلياس كلٌّ من الصالحين.

ص: 61

وإسماعيل واليسع ويونس ولوطاً وكلاًّ فضلنا علي العالمين. ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلي صراط مستقيم ". الأنعام: 84 - 88.

ثم إنه سبحانه يصف هذه الصفوة من عباده أي الأنبياء بقوله: " أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكر للعالمين ". الأنعام: 90.

فهذه الآية تصف الأنبياء بأنهم مهديون بهداية الله سبحانه علي وجه يجعلهم القدوة والأسوة.

هذا من جهة، ومن جهة أخري نري أنه سبحانه يصرح بأن من شملته الهداية الإلهية لا مضل له.

فيقول: " ومن يضلل فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مضل ". الزمر: 36 - 37.

وفي آية ثالثة يصرح بأن حقيقة العصيان هي الإنحراف عن الجادة الوسطي بل هي الضلالة.

ويقول: " ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين. وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم. وقد أضل منكم جبلاًّ كثيراً أفلم تكونوا تعقلون ". يس: 60 - 62.

وبملاحظة هذه الطوائف الثلاث من الآيات تظهر عصمة الأنبياء بوضوح.

وتوضيح ذلك كالتالي: إنه سبحانه يصف الأنبياء في اللفيف الأول من الآيات بأنهم القدوة والأسوة والمهديون من الأمة.

كما يصرح في اللفيف الثاني بأن من شملته الهداية الإلهية لا ضلالة ولا مضل له.

ص: 62

كما أنه سبحانه يصرح في اللفيف الثالث بأن العصيان نفس الضلالة أو مقارنة وملازم له حيث يقول: " ولقد أضل منكم " وما كانت ضلالتهم إلا لأجل عصيانهم ومخالفتهم لأوامره ونواهيه.

فإذا كان الأنبياء مهديون بهداية الله سبحانه، ومن جانب آخر لا يتطرق الضلال إلي من هداه الله، ومن جهة ثالثة كانت كل معصية ضلالاً، فيستنتج من ذلك أن من لا تتطرق إليه الضلالة لا يأتي إليه العصيان ومن لا يأتي إليه العصيان فهو المعصوم.

فكتب (مشارك)، الواحدة صباحاً:

وماذا عن النسيان يا تلميذ؟ وماذا عن الآيات التي لا تستقيم مع تفسيرك للعصمة؟

وأجاب (التلميذ)، التاسعة صباحاً:

إلي المشارك: هل لديك نقض لهذا الدليل؟

بمعني أن تثبت أن هذا الإستدلال بهذه الآيات وبهذه الكيفية لا يدل علي العصمة.

أما النسيان - حسب قولك - والآيات التي ظاهرها لأول وهلة حصول المعصية من الأنبياء..

فسيأتي عليها الكلام إن شاء الله تعالي، وسنثبت في محله أنها لا تفيد عدم عصمة الأنبياء عليهم السلام. فكلامنا في هذا الدليل من القرآن، إذا كان لديك نقض له.. فهاته. وإلا سننتقل إلي الدليل الثاني.

وكتب (مشارك)، العاشرة صباحاً:

وكيف تجمع بين هذه الآيات وبين قوله تعالي: " ولا تكن كصاحب الحوت "

ص: 63

" قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه... إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك "

" يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك "..

آمل أن تطرح عقيدتك كاملة، حتي نبين لك وجه الخطأ في استدلالك ببعض القرآن دون بعض.

فأجاب (التلميذ)، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

إلي مشارك: أكرِّر.. هل عندك إشكال أو نقض علي استدلالي بالآيات أعلاه علي عصمة الأنبياء، غير الآيات التي ظاهرها أنها تدل علي عدم العصمة؟

إذا كان لديك نقض بغير ذلك.. فهاته.

أما الآيات التي ذكرتها وغيرها فسيأتي عليها الكلام إن شاء الله تعالي، وسنتثبت لك بأنها لا تدل علي عدم عصمة الأنبياء، ولا داعي للَّف والدوران.

سؤال محدد يحتاج منك فقط إلي شجاعة للإجابة عليه فأجب عليه..

لماذا تلف وتدور؟ ثم تلجأ إلي طرح سؤال عن عقيدتي، ماذا تريد من عقيدتي؟

وأنت تعلم أني شيعي اثنا عشري.. يا سبحان الله!

مساكين أنتم، تبدون الإستعداد للحوار والنقاش.. وهذا هو أسلوبكم في الحوار والنقاش..

لف.. ودوران.. وهروب من موضوع الحوار إلي مواضيع أخري لا علاقة لها بالحوار.

أجبني: هل عندك نقض لهذا الدليل غير الآيات التي ذكرتها؟

لن أستمر معك في اللف والدوران.. وسأطرح الدليل الثاني وأعتبرك أنك لم تأتِ بما ينقض هذا الدليل القرآني علي عصمة الأنبياء.

ص: 64

وكتب (عربي 1)، الواحدة ظهراً:

الأخ الأستاذ التلميذ: لن تنتهي قصة مشارك أبداً، أكمل جزاك الله خيراً.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (مشارك)، الواحدة والنصف ظهراً:

يا تلميذ: ما قصدتُّه بذكر عقيدتك كاملة أي ما يتعلق بالعصمة.

ولأني لا أحب اللف والدوران فاعتبر أن هذه هي عقيدتي، وإلي أن تنتهي من ذكر أدلتك وحتي قبل ذلك لو أحببت، فيمكنك أن تناقش عقيدتي.

هذه عقيدتنا في العصمة يا تلميذ:

الأنبياء هم صفوة البشر وأفضلهم معدناً: قال تعالي: " الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس ". ولكنهم بشر مثل بقية البشر يحصل لهم ما يحصل للبشر من السهو والنسيان.

قال تعالي في قصة موسي والخضر: " قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً ".

" ولقد عهدنا إلي آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً ".

وقال تعالي عن يوشع بن نون: " وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره ".

وفي الحديث الذي يرويه الترمذي والحاكم: ونسي آدم، فنسيت ذريته.

ومن ذلك نسيان الرسول صلي الله عليه وسلم في غير البلاغ وفي غير أمور التشريع حينما صلي بهم إحدي صلاتي العشي ركعتين نسياناً، ثم أتم الصلاة بعد ذلك حينما نبهه الصحابة.. والحديث متفق عليه.

وعن ابن مسعود، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ولكني إنما أنا بشر، أنسي كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني. رواه البخاري ومسلم وغيرهما، قال هذا بعد نسيانه في إحدي الصلوات.

ص: 65

ويحصل منهم الذنب قبل البعثة وبعدها، وكذلك من الممكن أن يخطأ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ويذنبوا بعض الذنوب.

ومن ذلك ما حكاه الله عن الأسباط أخوة يوسف والذين جاءتهم النبوة بعد قصتهم مع يوسف، ومما يدل علي نبوتهم قوله عز وجل: " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلي إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون ".

والأسباط هم أبناء يعقوب الإثنا عشر الذين تفرعت منهم بنو إسرائيل، وقد حكي الله عنهم في القرآن قولهم لأبيهم " يا أبانا استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين ".

وقد ذكر الله في القرآن أيضاً قصة قتل موسي للقبطي: " فوكزه موسي فقضي عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ".

" وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون. قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل. قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ".

وحتي بعد البعثة يمكن أن يحصل الذنب من النبي، والأدلة علي ذلك كثيرة:

ص: 66

منها قوله عز وجل: " إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً. ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ".

وثبت في الصحيحين في حديث الشفاعة: أن المسيح يقول: اذهبوا إلي محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

وفي الصحيح أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقوم حتي تورم قدماه. فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟

وقد قال تعالي: " واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ".

وفي الصحيحين: عن أبي موسي، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت ما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني

أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت علي كل شئ قدير.

وفي الصحيحين: عن هريرة أنه قال: يا رسول الله أرايت سكوتك بين التكبير والقراءة، ماذا تقول؟ قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والبرد والماء البارد.

وفي صحيح مسلم وغيره أنه كان يقول نحو هذا إذا رفع رأسه من الركوع.

وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول في دعاء الإستفتاح: اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي وعملت سوءا فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني

ص: 67

سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت.

وفي صحيح مسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله علانيته وسره أوله وآخره.

وفي السنن، عن علي أن النبي صلي الله عليه وسلم أتي بدابة ليركبها وإنه حمد الله وقال: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلي ربنا لمنقلبون. ثم كبره وحمده. ثم قال: سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك وقال: إن الرب يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يقول: علم عبدي أنه لا يغفر إلا أنا وغير ذلك كثير.

ومن قصة آدم: " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين. وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ".

والآيات والأحاديث في هذا الباب كثيرة جداً.

ولكن ييسر الله لهم التوبة من أخطائهم وذنوبهم في الدنيا، كما حكي الله عن أنبيائه ورسله في القرآن.

والأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه كانوا لا يؤخرون التوبة بل يسارعون إليها ويسابقون إليها لا يؤخرون ولا يصرون علي الذنب بل هم معصومون من ذلك، ومن أخر ذلك زمناً قليلاً كفر الله ذلك بما يبتليه به.. كما فعل بذي النون صلي

ص: 68

الله عليه وسلم هذا علي المشهور أن إلقاءه كان بعد النبوة. وأما من قال: إن إلقاءه كان قبل النبوة فلا يحتاج إلي هذا.

والتائب من الكفر والذنوب قد يكون أفضل ممن لم يقع في الكفر والذنوب، وإذا كان قد يكون أفضل، فالأفضل أحق بالنبوة ممن ليس مثله في الفضيلة.

وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها ومن اتبعهم علي ما أخبر الله به في كتابه، وما ثبت عن رسوله من توبة الأنبياء عليهم السلام من الذنوب التي تابوا منها وهذه التوبة رفع الله بها درجاتهم. فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين.

وعصمتهم هي من أن يقروا علي الذنوب والخطأ، فإن من سوي الأنبياء يجوز عليهم الذنب والخطأ من غير توبة، والأنبياء عليهم السلام يستدركهم الله فيتوب عليهم ويبين لهم.

وقد ذكر الله تعالي قصة آدم ونوح وداود وسليمان وموسي وغيرهم كما تلونا بعض ذلك فيما ذكرناه من توبة الأنبياء واستغفارهم كقوله " فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه ". سورة البقرة - 37.

وقول نوح: " رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم، وإلا تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ". سورة هود 47.

وقول إبراهيم: " ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب ". سورة إبراهيم - 41.

وقوله: " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ". سورة الشعراء - 82.

وقوله سبحانه: " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ". سورة محمد - 19.

ص: 69

وقال تعالي: " وذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه فنادي في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين ". سورة الأنبياء 87 - 88.

وقال تعالي: " واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق - إلي قوله: " ظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخرَّ راكعاً وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفي وحسن مآب - إلي قوله: " ولقد فتنا سليمان وألقينا علي كرسيه جسداً ثم أناب قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب.. " الآية. سورة ص 17 - 35.

وقول موسي: " أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك ".

وقوله: " رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي ".

ونحن نعتقد بعصمة الأنبياء فيما يبلغونه عن الله عز وجل، وقد اتفقت الأمة علي أن الرسل معصومون في تحمل الرسالة فلا ينسون شيئاً مما أوحاه الله إليهم إلا شيئاً قد نسخ.

" سنقرئك فلا تنسي إلا ما شاء الله ". " ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ".

وكما أن الرسول صلي الله عليه وسلم معصوم فيما بلغه عن الله تعالي فهو معصوم في ما شرعه للأمة بإجماع المسلمين، وهذه العصمة الثابتة للأنبياء هي التي يحصل بها مقصود النبوة والرسالة فإن النبي هو المنبئ عن الله والرسول هو الذي أرسله الله تعالي وكل رسول نبي وليس كل نبي رسولاً.

والعصمة في ما يبلغونه عن الله ثابتة فلا يستقر في ذلك خطأ باتفاق المسلمين.

ص: 70

قال تعالي: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. والله يعصمك من الناس ".

" لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ".

" وما ينطق عن الهوي إن هو إلا وحي يوحي ".

" ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين ".

وبعصمتهم أيضاً بما يستقر عليه أمرهم، فقد يجتهد النبي أو الرسول في أمر ما ثم يأتي حكم الله عز وجل بالتأييد أو التصحيح لما جاء عن الرسول، وعند ذلك لا يصح لنا الإقتداء بالسابق مما جاء عن الرسول إذا جاء ما ينسخه من الله.

ومن ذلك قوله عز وجل للنبي صلي الله عليه وسلم: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم ".

فهل يجوز لنا تحريم ما أحل الله علي أنفسنا؟

" ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم " مع أن يونس نبي من أنبياء الله.

" ما كان لنبي أن يكون له أسري حتي يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عليم حكيم لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم ".

وقال صلي الله عليه وسلم كما في البخاري عن أبي هريرة: كانت امرأتان معهما ابناهما، جاء الذئب فذهب بابن إحداهما، فقالت لصاحبتها: إنما ذهب بابنك، فتحاكمتا إلي داود، فقضي به للكبري، فخرجتا علي سليمان بن داود، فأخبرتاه، فقال: ائتوني بالسكين أشقه بينهما. فقالت الصغري: لا تفعل يرحمك الله هو ابنها فقضي به للصغري.

ص: 71

وقد اقتضت حكمته سبحانه وتعالي أن يرسل لنا بشراً من أمثالنا وليس كما طلب المشركون عندما طلبوا أن يكون الرسول من الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والذين لا يأكلون ولا يشربون.

قال تعالي: " وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم ".

" وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدي إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً ".

شبهات والرد عليها:

الشبهة الأولي: هل هذا يقدح في الأنبياء وينقص من مكانتهم؟

وكذلك ما احتجوا به من أن الذنوب تنافي الكمال أو أنها ممن عظمت عليه النعمة أقبح أو أنها توجب التنفير أو نحو ذلك من الحجج العقلية..

فهذا إنما يكون مع البقاء علي ذلك وعدم الرجوع، وإلا فالتوبة النصوح التي يقبلها الله يرفع به

صاحبها إلي أعظم مما كان عليه.. كما قال بعض السلف: كان داود صلي الله عليه وآله بعد التوبة خيراً منه قبل الخطيئة.

وقال آخر: لو لم تكن التوبة أحب الأشياء إليه لما ابتلي بالذنب أكرم الخلق عليه.

وقد ثبت في الصحاح حديث التوبة لله أفرح بتوبة عبده من رجل نزل منزلاً.. إلخ.

وقد قال تعالي: " إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ".

وقال تعالي: " إلا من تاب وآمن وعمل صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات ".

ص: 72

وقد ثبت في الصحيح حديث الذي يعرض الله صغار ذنوبه ويخبئ عنه كبارها وهو مشفق من كبارها أن تظهر، فيقول الله له: إني قد غفرتها لك وأبدلتك مكان كل سيئة حسنة.

فيقول: أي رب إن لي سيئات لم أرها.

إذا رأي تبديل السيئات بالحسنات طلب رؤية الذنوب الكبار التي كان مشفقاً منها أن تظهر.

ومعلوم أن حاله هذه مع هذا التبديل أعظم من حاله لو لم يقع السيئات ولا التبديل.

والمقصود هنا أن ما تضمنته قصة ذي النون مما يلام عليه كله مغفور بدله الله به حسنات ورفع درجاته وكان بعد خروجه من بطن الحوت وتوبته أعظم درجة منه قبل أن يقع ما وقع.

قال تعالي: " فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم لولا أن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء وهو مذموم فاجتباه ربه فجعله من الصالحين ".

وهذا بخلاف حال التقام الحوت فإنه قال: " فالتقمه الحوت وهو مليم ".

فأخبر أنه في تلك الحال مليم. والمليم: الذي فعل ما يلام عليه، فالملام في تلك الحال لا في حال نبذه بالعراء وهو سقيم.

فكانت حاله بعد قوله: " لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين " أرفع من حاله قبل أن يكون ما كان.

ص: 73

والإعتبار بكمال النهاية لا بما جري في البداية والأعمال بخواتيمها، والله تعالي خلق الإنسان وأخرجه من بطن أمه لا يعلم شيئاً ثم علمه فنقله من حال النقص إلي حال الكمال.

فلا يجوز أن يعتبر قدر الإنسان بما وقع منه قبل حال الكمال، بل الإعتبار بحال كماله.

ويونس صلي الله عليه وسلم وغيره من الأنبياء في حال النهاية حالهم أكمل الأحوال.

ومن هنا غلط من غلط في تفضيل الملائكة علي الأنبياء والصالحين، فإنهم اعتبروا الملائكة كمالاً مع بداية الصالحين ونقصهم، فغلطوا، ولو اعتبروا حال الأنبياء والصالحين بعد دخول الجنان ورضي الرحمن، وزوال كل ما فيه نقص وملام، وحصول كل ما فيه رحمة وسلام حتي استقر بهم القرار.

" والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار ".

الشبهة الثانية: هل هذا يخالف التأسي بهم والإقتداء؟

والقول الذي عليه جمهور الناس وهو الموافق للآثار المنقولة عن السلف إثبات العصمة من الإقرار علي الذنوب مطلقاً.

والرد علي من يقول: إنه يجوز إقرارهم عليها.

وحجج القائلين بالعصمة إذا حررت إنما تدل علي هذا القول. وحجج النفاة لا تدل علي وقوع ذنب أقر عليه الأنبياء.

فإن القائلين بالعصمة احتجوا بأن التأسي بهم مشروع وذلك لا يجوز إلا مع تجويز كون الأفعال ذنوباً. ومعلوم أن التأسي بهم إنما هو مشروع في ما أقروا عليه دون ما نهوا عنه ورجعوا عنه.

ص: 74

كما أن الأمر والنهي إنما تجب طاعتهم في ما لم ينسخ منه، فأما ما نسخ من الأمر والنهي فلا يجوز جعله مأموراً به ولا منهياًّ عنه فضلاً عن وجوب اتباعه والطاعة فيه.

وقولهم هذا يكون صحيحاً، لو بقيت معصية الرسول ظاهرة ومختلطة بالطاعة، أما وأن الله ينبه رسله وأنبياءه إلي ما وقع من مخالفات ويوفقهم إلي التوبة منها من غير تأخير، فإن ما أورده لا يصلح دليلاً، بل يكون التأسي بهم في هذا منصباًّ علي الإسراع في التوبة عند وقوع المعصية، وعدم التسويف في هذا تأسياًّ بالرسل والأنبياء الكرام في مبادرتهم بالتوبة من غير تأخير.

تنبيه مهم: علي أنه لا يجوز لنا أن نأخذ في موضوع ذنوب الأنبياء إلا ما صح في الكتاب والسنة فقط، وأما ما يرويه اليهود والنصاري وبعض المنتسبين للإسلام من انتقاص للأنبياء ونسبة القبائح والزنا والكبائر، وأن وجوههم اسودت من الذنوب فهذا لا نقبل به.

وأيضاً:

1 - التائب من الذنب الذي لا يخص المخلوقين كمن لا ذنب له إذا قبل الله توبته، ودليل ذلك قوله تعالي: " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم ".

فالذي يتوب من ذلك ويصلح فإنه لا يعتبر فاسقاً باتفاق.

وأيضاً لأن التوبة الصادقة تجبُّ ما قبلها، وإلا لاعتبرنا أن الصحابة الذين كانوا كفاراً قبل البعثة

كفاراً لا ينفعهم الإسلام لأنهم كانوا كفاراً قبل ذلك وكانوا عصاة قبل ذلك.

ص: 75

2 - بالنسبة لآية " أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده " فيجب أن نجمع بينها وبين قوله عز وجل: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم ". وقوله عز وجل: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك والله غفور رحيم ".

وقد ذكرت لك سابقاً وجه الجمع بين هذه الآيات وأزيدك هنا بما يزيل الشبهة إن شاء الله.

يقول تعالي: " قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا براء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتي تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شئ ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا إنك أنت العزيز الحكيم لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد ".

فقد كان لإبراهيم مع أبيه موقفان:

الموقف الأول: هو موقف الإستغفار، وهو ما أثبتته آية " واغفر لأبي إنه كان من الضالين ". الموقف الثاني: التبرؤ، " وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم ".

فأما بالنسبة للموقف الأول فإننا لا نقتدي بإبراهيم صلي الله عليه وآله فيه، وذلك للأسباب التالية:

1 - أنه مستثني من الإقتداء والتأسي لقوله عز وجل " إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك ".

ص: 76

2 - أن إبراهيم صلي الله عليه وآله اعتبره خطيئة " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ".

3 - أن إبراهيم صلي الله عليه وآله غير موقفه من أبيه وتبرأ منه.

4 - أننا نهينا عن الاستغفار للمشركين " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ".

وأما بالنسبة لموقف إبراهيم الثاني (التبرؤ) فإننا نقتدي به فيه وذلك للأسباب التالية:

1 - أن هذا هو آخر الأمرين منه صلي الله عليه وسلم، ونحن نعلم أن الأنبياء معصومون من الإقرار علي الخطأ.

2 - أن الله أثني عليه في ذلك.

3 - أن هذا هو ما أمرنا به في شريعتنا.

وعلي هذا فنحن نقتدي بإبراهيم عليه الصلاة والسلام هنا في أمرين:

الأول: في المسارعة إلي التوبة من الخطأ والإستغفار " والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين ". الثاني: في موقفه الأخير، وهو التبرؤ.

وبهذا القول يمكن الجمع بين جميع الآيات. ولله الحمد والمنة. فكتب (التلميذ)، الثانية والنصف ظهراً:

إلي مشارك:

إذا لم تأتِ بدليل ينقض دليلنا الأول من القرآن الكريم علي عصمة الأنبياء.. سوي الآيات التي ظاهرها أنها تدل علي عدم العصمة، وهذه سنتعرض لها لاحقاً إن شاء الله تعالي.. سأنتقل إلي الدليل القرآني الثاني.

ص: 77

وأما حول عقيدتي في عصمة الأنبياء.. فأظن أنك قد قرأت أقوال علماء الشيعة في عصمة الأنبياء من خلال نقل (فيصل نور) لها في موقعه.. والذي قصصت منه ونقلته هنا!

فراجع.. فما ذكره السيد المرتضي والشيخ المظفر وغيره.. هي عقيدتي في عصمة الأنبياء.

علماً أنني سأرد علي صاحبك (فيصل نور) من خلال سلسلة بعنوان:

(الحق المسطور في نقض شبهات فيصل نور) وسأفند كل مغالطاته وشبهاته.. فترقب ذلك.

وكتب (مشارك)، الثالثة ظهراً:

سنترقب ردك علي فيصل نور في سلسلتك.

وأما هنا فأنا أترقب ردك علي ما ذكرته لك من عقيدتي في العصمة، وأترقب إكمالك لعقيدتك.

ليبدأ النقاش بعد ذلك، علماً أن في جوابي السابق رداًّ علي ما تعتقده لو تأملته.

فكتب (التلميذ)، الرابعة عصراً:

إلي مشارك: سأنقض عقيدتك هذه إن شاء الله تعالي في عصمة الأنبياء في المستقبل.

فلا أريد أن أخلط الحابل بالنابل، فبعد عجزك عن الرد علي الدليل الأول ونقضه.. نأتي إن شاء الله تعالي بالدليل الثاني.

وعقيدتي باختصار: أن الأنبياء معصومون، قبل النبوة وبعدها بل من يوم الولادة إلي آخر أعمارهم، من الخطأ، والذنب، والسهو، والنسيان، فلا يصدر منهم شئ من ذلك.

ص: 78

وكتب (مشارك)، الخامسة مساءً:

أرجو أن نكمل هنا ولا داعي لتكثير المواضيع وأنا في انتظارك عندما تنتهي من سرد عقيدتك وأدلتها.

فكتب (التلميذ)، السابعة مساءًَ:

رجاؤك مرفوض للأسباب التي ذكرتهُا لك في (الدليل الثاني).. فراجع هناك.

وكتب (جميل 50)، العاشرة مساءً:

أبت الوصال مخافة الرقباء... وأتتك تحت مدارع الظلماء

هذا هو وصف القرين الذي يحاذيك بمعتقداته أيها الأخ (التلميذ).. فقصة المماطلة، والتخريف في المنازلة، هو الخوف، والخوف خيرُ فاضح.

فأنت بموضوعيتك غانم، ولم لا؟ لأن الدليل يرده الدليل ذو الضوء السليط علي حدوده.

وتبقي أساليب المصادرات جانباً.. ترتع فيها العقول الضحلة.

وكتب (مشارك) بتاريخ 16 - 8 - 1999، التاسعة مساءً:

سأنتظرك يا تلميذ بعد أن تنتهي، وأما إن أردت أن تناقشني فعلي الرحب والسعة لأنني قد انتهيت من ذكر عقيدتي بأدلتها.

فكتب (التلميذ)، العاشرة صباحاً:

ولماذا تنتظرني (يا المشارك) هيَّا للنقاش..

أدلتك.. دليلاً دليلاً علي أن الأنبياء يجوز عليهم الخطأ والنسيان والسهو؟

أرجو أن تطرح دليلك الأول للنقاش كل دليلٍ علي حدة.

ص: 79

أليس هذا هو الأسلوب الأمثل في نقاش الأدلة والبراهين؟ أنا أنتظر منك طرح دليلك الأول.

وكتب (مشارك)، العاشرة والنصف مساءً:

لقد طرحت لك عقيدتي بأدلتها فناقشني فيما شئت، وسأجيبك إن شاء الله.

فأجاب (التلميذ)، الثانية عشرة ظهراً:

هل كل الأدلة التي ذكرتها أعلاه هي جميع الأدلة التي تستدل بها علي عقيدتك في عدم تنزيه الأنبياء عن الذنب والخطأ والنسيان والسهو في غير مقام التبليغ؟ أم هناك أدلة أخري؟

ثم إنه ذكرت الآيات دون كيفية الإستدلال بها.

ولم تفعل كما فعلت أنا حيث ذكرت الآيات القرآنية مع طريقة وكيفية الإستدلال بها علي عصمة الأنبياء.

فالمطلوب منك أن تنقل الدليل كاملاً - أعني أن تنقل الآية أو الرواية، ثم تنقل لنا كيفية الإستدلال بها علي عدم العصمة - لا أن تنقل روايات وآيات دون أن تذكر كيفية الإستدلال بها.

ولا داعي للمماطلة، هات أدلتك دليلاً دليلاً.. وستعرف عند نقض أدلتك أن عقيدتك باطلة وغير صحيحة، وذلك بعون الله إن شاء تعالي.

وكتب (مشارك)، الواحدة ظهراً:

لا ليست هذه كل أدلتي. ولكن اختر منها ما تشاء للمناقشة، وبيِّن وجهة اعتراضك وسأبين لك التفصيل فيها إن شاء الله، فتفضل يا تلميذ.

وكتب (التلميذ) بتاريخ 17 - 8 - 1999، الرابعة مساءً:

ص: 80

المشارك: كفاك لفاًّ ودوراناً!!

أجبني علي سؤالي هذا: هل تعتقد أن الأنبياء يرتكبون المعاصي ويخالفون الله سبحانه وتعالي في أوامره غير الإرشادية؟ وهل يفعلون كبائر الذنوب؟ ومتي يصدر منهم ذلك؟

أجب علي هذا السؤال فكفاك لعباً ولفاًّ ودوراناً وتضييعاً للوقت وتهرباً من الأجوبة.

وكتب (مشارك)، الرابعة والنصف مساءً:

لا حول ولا قوة إلا بالله، ألم نتفق علي الإحترام المتبادل؟

عموماً هذا ما عندي يا تلميذ " المشارك كفاك لفاًّ ودوراناً ".. شكراً علي النصيحة!

" أجبني علي سؤالي هذا: هل تعتقد أن الأنبياء يرتكبون المعاصي ويخالفون الله سبحانه وتعالي في أوامره غير الإرشادية. وهل يفعلون كبائر الذنوب؟ ".

تحصل منهم الصغائر ويوفقهم الله للتوبة منها قبل الموت والتفصيل في الأعلي بالأدلة، وبالنسبة للكبائر فهم معصومون منها.

" ومتي يصدر منهم ذلك؟ ".

يحصل قبل البعثة وبعدها والتفصيل في الأعلي بالأدلة.

" أجب علي هذا السؤال فكفاك لعباً ولفاًّ ودوراناً وتضييعاً للوقت وتهرباً من الأجوبة ".

هذه الإجابة أعدتها لك، وشكراً علي النصيحة!

فأجابه (التلميذ)، التاسعة مساءً:

إلي مشارك:

ص: 81

قلت: " وقد ذكر الله في القرآن أيضاً قصة قتل موسي للقبطي: فوكزه موسي فقضي عليه، قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ".

فكيف تستدل بقوله تعالي هذا علي عدم عصمة موسي صلي الله عليه وآله؟ وهل قتل موسي صلي الله عليه وآله للقبطي معصية صغيرة، أم كبيرة؟

وكتب (مشارك)، العاشرة والنصف مساءً:

قلت لك: إننا نقول إن الأنبياء معصومون من الكبائر.

وما قام به موسي عليه الصلاة والسلام هو من قبيل القتل الخطأ، وهو لم يقصد قتله، وأنتم تعصمون الأنبياء حتي من مثل هذا الخطأ، وهذا حجة عليكم.

فموسي عليه الصلاة والسلام أقر بخطئه وظلمه لنفسه واستغفر ربه لذلك فغفر الله له ذلك وتاب عليه.

فكتب (التلميذ)، الحادية عشرة ليلاً:

إلي مشارك:

إذاً هذا العمل الذي صدر من موسي صلي الله عليه وآله - وحسب اعترافك - أنه لا معصية كبيرة ولا صغيرة بل هو من قبيل الخطأ.. فقوله تعالي هذا إذاً لا دلالة فيه عن أن موسي صلي الله عليه وآله فعل معصية لا صغيرة ولا كبيرة.

فليس فيه مستمسك لكم علي أن الأنبياء تجوز عليهم المعصية من خلال هذه الآية.

أليس كذلك يا المشارك؟

أما قولك إننا لا نجوِّز صدور مثل هذا الخطأ من الأنبياء كفعلهم شيئاً.. الأَوْلي أن لا يفعلوه.

ص: 82

فمن أين أتيت به؟ فنحن نقول: إن مخالفة الأَوْلي يصدر من الأنبياء وجميع ما يصدر من الأنبياء من أخطاء في هذا النطاق فقط.

أما الخطأ بمعني صدور الذنب منهم سواءً كان صغيراً أو كبيراً.. أو الخطأ في تبليغ الأحكام..

فهذا مما لا نقول به نحن أبداً، فلا حجة في ذلك علينا ولا شئ مما ذكرت.

فالمقدار الذي ذكرته يجوِّز وقوع الخطأ من الأنبياء.

الخلاصة: أنك اعترفت أن هذا العمل الصادر من موسي صلي الله عليه وآله ليس معصية وإنما هو من قبيل الخطأ، إذاً ليس في دليلك هذا ما يدل علي وقوع المعصية من الأنبياء، كما أنه ليس فيه حجة علينا، فنحن نقول بصدور مثل هذا الخطأ من الأنبياء بمعني مخالفتهم للأَوْلي.

وقد نقضنا دليلك هذا والحمد لله رب العالمين.

وكتب (مشارك)، الثانية عشرة ليلاً:

أنا لم أنفي (كذا) أنه معصية صغيرة ولم أثبت ذلك.

بل نفيت أنه معصية كبيرة فقط، فكيف تقوِّلني ما لم أقل؟

ولكن إن أردت النقاش، فناقش هذا إن استطعت:

ومن قصة آدم " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين. قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ".

ص: 83

فنحن نعتقد أن هذه معصية من آدم عليه الصلاة والسلام، لأنه خالف نهي الله الصريح بعدم الأكل من هذه الشجرة.

فكتب (التلميذ) بتاريخ 18 - 8 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

إلي مشارك: لا تلف وتدر.

أسألك سؤال محدد: إن فعل موسي صلي الله عليه وآله وهو قتله للقبطي هل كان منه معصية لله سبحانه وتعالي، أم لا؟

فإذا كان معصية فما هو دليلك علي أنه كذلك؟

وأما الآية التي ذكرت حول آدم صلي الله عليه وآله، فسيأتي عليها الكلام.

ورد (مشارك)، العاشرة صباحاً:

نعم، نعتبر ذلك معصية وذنباً وصغيرة من الصغائر. ودليلنا موجود في الكتاب والسنة.

فمن الكتاب قوله تعالي: " فوكزه موسي فقضي عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ".

" وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون. ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون. فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل. قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ".

ص: 84

وكتب (التلميذ)، الرابعة عصراً:

إلي مشارك:

إذاً قد استقر الآن رأيك علي أن ما فعله موسي صلي الله عليه وآله هو ذنب ولكن صغير حسب زعمك! فنقول: إما أن يكون هذا الذي قتله موسي صلي الله عليه وآله ممن يجوز قتله، وإما ممن لا يجوز.

فإن كان ممن يجوز قتله فلا معصية إذا وقعت من موسي صلي الله عليه وآله.

وأما إذا كان ممن لا يجوز قتله، فقتله ليس من المعاصي الصغيرة بل هو كبيرة.. حيث قتل النفس المحرم قتلها هو من كبائر الذنوب وليس من صغائرها.

وعليه فإن قتل موسي صلي الله عليه وآله إما أنه كان جائزاً فلا ذنب عليه، وإما أنه غير جائز فيكون كبيرة من الكبائر.

وأنت طبعاً لا تقول بجواز وقوع الكبائر من الأنبياء.

وإذا قلت بأن قتله كان خطأ فإن قتل المرء للآخر خطأ لا يعد معصية لا صغيرة ولا كبيرة.

فليس في القضية ما يمكن أن يحمل فعل موسي صلي الله عليه وآله علي أنه ذنب صغير.

فمن أين استفدت أن هذا الفعل من موسي صلي الله عليه وآله كان ذنباً صغيراً؟

أما الآيات التي استشهدت بها فسيأتي عليها الكلام لاحقاً بعد أن تنقذ نفسك من إشكالي أعلاه.

فتفضل أيها المشارك.. جاوب علي هذا الإشكال وتخلص منه.

وكتب (مشارك) بتاريخ 19 - 8 - 1999، الثانية صباحاً:

إلي التلميذ:

ص: 85

الذنب الذي وقع فيه موسي عليه الصلاة والسلام هنا هو مناصرة اليهودي المجرم علي خصمه القبطي. وأما تطور المناصرة إلي قتل الخصم القبطي، فهذا حدث خطأ من موسي وهو لم يقصد ذلك، فهو لا يعتبر كبيرة.

ودليلنا في ذلك قوله عز وجل في آيات القصص " ودخل المدينة علي حين غفلة من أهلها فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته وهذا من عدوه فاستغاثه الذي من شيعته علي الذي من عدوه فوكزه موسي فقضي عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم، قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين، فأصبح في المدينة خائفاً يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسي إنك لغوي مبين فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسي أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين ".

فلن أكون ظهيراً للمجرمين: أي ناصراً لهم كما فعلت مع المجرم اليهودي عندما ناصرته وقتلت خصمه القبطي.

ويدلك علي مدي إجرام هذا اليهودي الذي هو من شيعة موسي، وما أدراك ما شيعة موسي!

أن موسي قال له " إنك لغوي مبين ".

وأيضاً أنه كشف أمر موسي للملأ حين كشف السر الذي لم يكن يعلم به غيره، رغم أن القبطي قتل لأجله.

فعجباً لذلك الشيعي المجرم الذي يتسبب في القتل، ثم يأتي ويطالب بالدم ويتهم موسي النبي الصالح بأنه جبار في الأرض!

ولكن هذه هي أخلاق اليهود وطبائعهم! فهذا جواب إشكالك. الله أعلم.

ص: 86

علي أننا لسنا مثل فرعون الزنديق الجاحد المعاند الذي أراد أن يستنكر أن يكون موسي نبياًّ لأنه ناصر اليهودي وقتل القبطي، فقال مستنكراً أن يكون موسي نبياً: " وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون. قال رب إني أخاف أن يكذبون. ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون. ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل. قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين.

ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ".

والآن دعني أطرح عليك إشكالاً لتجيب عليه أنت: أنت قلت إن موقف موسي عليه الصلاة والسلام في هذه القصة خلاف الأَوْلي، ومعني ذلك أن هذا الفعل جائز، ويجوز الإقتداء في موسي عليه الصلاة والسلام فيه.

فمعني ذلك، أن يجوز لنا تأسياً بالمعصوم إذا وجدنا اثنين يختصمان ويقتتلان أن ننصر الذي من شيعتنا حتي وإن كان غوياًّ مبيناً، حتي وإن أدي ذلك إلي ما أدي إليه من قتل للذي من عدونا، ولن يطالنا في ذلك أي عداوة دنيوية أو أخروية.

أعلم يا تلميذ أن هذا الأسلوب قد لا يعجبك، وأنا مستعد لتعديل ما بين السطور لو أنك تتلطف قليلاً في المناقشة والحدة، فلا نريد عبارات اللعب واللف والدوران.

حاول أن تكون ألطف قليلاً حتي نبقي علي تلطفنا معك ونكمل.

فكتب (التلميذ)، الرابعة والنصف مساءً:

إلي مشارك:

ص: 87

إذاً حسب قولك أعلاه إن قتل موسي صلي الله عليه وآله للقبطي كان خطأ محض.. ليس بذنب أبداً لا صغيرة ولا كبيرة وأن ذنب موسي - حاشاه أن يكون مذنباً - منحصر في مناصرته لليهودي فقط، وعليه نلاحظ علي ما أوردت التالي:

(1) حسب تتبعي - وأكرِّر حسب تتبعي - لم أجد من علماء أهل السنة من يقول بأن ذنب موسي صلي الله عليه وآله في هذه القضية منحصر في نصرته للقبطي، حيث أن المناقشة في مسألة الذنب في خصوص هذه القضية منصبة علي مسألة القتل.

والذي يريد أن يثبت عدم العصمة المطلقة للأنبياء من علماء أهل السنة يثبت الذنب لموسي صلي الله عليه وآله من خلال قتله للقبطي، لا من خلال نصرته للإسرائيلي [الذي من شيعته].

فهل هذا الرأي – أعني أن ذنب موسي هو نصرته للقبطي لا بسبب قتله للقبطي - هو رأيك فقط، أم هو رأي جمع من علماء أهل السنة أيضاً؟

إذا كان هناك من يقول بذلك فلا بأس أن ترشدنا إلي أسمائهم.

والظاهر أنك غير عارف أين يكمن الذنب - هذا حسب زعمكم أن موسي فعل ذنباً ومعصية ومخالفة لله سبحانه وتعالي - حيث يظهر من كلامك سابقاً أنك تدعي أن الذنب يكمن في القتل لا في نفس النصرة.

وهذا نص كلامك عندما سألتك عن موسي بقولي: " أسألك سؤال محدد: إن فعل موسي صلي الله عليه وآله وهو قتله للقبطي هل كان منه معصية لله سبحانه وتعالي، أم لا؟ فإذا كان معصية فما هو دليلك علي أنه كذلك؟ ".

حيث أجبتني قائلاً: " نعم نعتبر ذلك معصية وذنباً وصغيرة من الصغائر ودليلنا موجود في الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالي: (فوكزه موسي فقضي عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي

ص: 88

فغفر له إنه هو الغفور الرحيم). (وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين) ".

فكما هو ظاهر من نص سؤالي أنني سألتك عن قتل موسي للقبطي: هل هو ذنب، أم لا؟

فأجبتني أنه ذنب ولكن صغير.

ثم لما أني وجهت لك إشكالاً قوياًّ.. حرت الجواب عليه..

تنازلت عن القول بأن القتل هو الذنب، وقلت إن القتل هو خطأ وأن ذنب موسي هو نصرته للإسرائيلي.

فالظاهر أنك تناقش علي غير بصيرة ورؤية واضحة لديك حول هذه المسألة!

وذلك ظاهر من خلال التناقضات الموجودة في كلامك.

(2) لو كانت نصرة موسي للإسرائيلي [الذي من شيعته] غير جائزة، وذنباً، وقد تاب منه موسي - حسب زعمكم - فلماذا يكرر نصرته مرة أخري بإرادته البطش بالقبطي الثاني عندما استصرخه الإسرائيلي في هذه المرة؟

وذلك بصريح قوله تعالي: " فأصبح في المدينة خائفاً يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسي إنك لغوي مبين. فلما أن أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسي أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس... إلخ ".

ص: 89

فقوله: " فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما " دليل علي أن موسي قرر أن ينصر هذا الإسرائيلي مرة أخري.. وأراد أن ينتقم من القبطي الثاني، ولولا أن ذلك الإسرائيلي ظن - كما تشير بعض الروايات الواردة من طرق السنة - أن موسي صلي الله عليه وآله يقصده بالبطش - مع أنه لم يرده بذلك وإنما أراد القطبي - فقال " يا موسي أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس... إلخ ".. فتركا القتال والتقاتل لكان موسي صلي الله عليه وآله قد بطش بالقبطي الثاني.. وكان نصر هذا الإسرائيلي مرة أخري.

وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلاً عن أن تكون ذنباً.

ووصف موسي صلي الله عليه وآله للإسرائيلي بأنه " غويٌّ مبين " لا دليل فيه علي أنه كان مجرماً.

لأن كلمة (الغي) تستعمل في معاني مختلفة تارة في خلاف الرشد وإظلام الأمر، وأخري في فساد الشئ.

قال ابن فارس: فالأول: الغي وهو خلاف الرشد والجهل بالأمر والإنهماك في الباطل. يقال غوي يغوي غياًّ... إلخ. أنظر كتاب مقاييس اللغة المجلد الرابع ص 339.

فلعل وصف موسي صلي الله عليه وآله له بذلك يريد منه - والله العالم - أنك غير رشيد لدخولك في أكثر من خصام مع الآخرين من أمثال هؤلاء القبطيين، أو معني آخر من معاني كلمة الغي أو الغواية، كذلك.

ولو كان قوله، أي موسي صلي الله عليه وآله الذي حكاه الله لنا " فلن أكون ظهيراً للمجرمين " هو: أي ناصراً لهم، كما فعلت مع المجرم اليهودي عندما ناصرته وقتلت خصمه اليهودي.. كما ذكرت أنت، لما كرَّر موسي صلي الله عليه وآله مناصرة

ص: 90

اليهودي مرة أخري.. لو كان فعلاً مجرماً وكان إجرامه معلوماً لموسي.. ولما أراد مرة أخري أن يعينه علي القبطي الثاني فيبطش به.

ومن هذا نعلم أن قوله " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " ليس فيه دليل علي ما ذهبت إليه من أنه يفيد أن اليهودي الذي من شيعته كان مجرماً وأن نصرته كانت ذنباً.

وأما قول موسي صلي الله عليه وآله الذي حكاه الله تعالي " قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ". فيحتمل فيه أكثر من وجه:

الأول: أن يكون لفظ (هذا) إشارة إلي المناقشة التي دارت بين القبطي والإسرائيلي وانتهت إلي قتل الأول، وعلي هذا الوجه ليست فيه دلالة علي شئ مما تذهبون إليه...

وقد روي من طرقنا أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن قوله تعالي: " هذا من عمل الشيطان ".

فأجابه الإمام الرضا صلي الله عليه وآله قائلاً: لإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسي من قتله.

الثاني: أن لفظ (هذا) إشارة إلي قتله القبطي.

وإنما وصفه بأنه من عمل الشيطان لأن هذا العمل كان خطأ محضاً ساقه إلي عاقبة وخيمة، فاضطر إلي ترك الدار والوطن بعد ما فشا سره ووقف بلاط فرعون علي أن موسي قتل أحد أنصار الفراعنة، لذلك ائتمروا عليه ليقتلوه، ولولا أن مؤمن آل فرعون أطلعه علي حقيقة الحال لأخذته الجلاوزة وقضوا علي حياته.

ص: 91

فلم تكن لهذا العمل أية فائدة فردية أو اجتماعية سوي إلجائه إلي ترك الديار وإلقاء الرحل في دار الغربة (مدين) والإشتغال برعي الغنم أجيراً عند شعيب صلي الله عليه وآله.

فكما أن المعاصي تنسب إلي الشيطان، قال تعالي: " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " فكذلك الأعمال الخاطئة الناجمة من العجلة وسوء التدبير التي تسوق الإنسان إلي عواقب وخيمة تنسب إليه أيضاً.

وبهذا الوجه أيضاً لا دليل لك علي ما تريده من أن فعل موسي صلي الله عليه وآله سواء في مناصرته للإسرائيلي أو في قتله للقبطي علي أنه ذنب أوقعه فيه الشيطان!

وأنَّي للشيطان علي الأنبياء سبيل يوقعهم من خلاله في المعصية والذنب وهم من عباد الله المخلصين! والله سبحانه وتعالي يحكي عن هذا الطريد بأنه قال: " فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ".

وقوله: " ولأغوينهم أجمعين إلا عبادك منهم المخلصين ".

أليس موسي صلي الله عليه وآله من عباد الله المخلصين؟ فكيف يغويه الشيطان ويوقعه في المعصية؟

ويقول تعالي: " إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ".

ومعلوم أن من أخلص وأفضل عباد الله الذين هم حقيقة عباد لله قد استشعروا في نفوسهم حقيقة العبودية له هم لأنبياء عليهم السلام وأوصياؤهم.

والله سبحانه وتعالي ينفي أن يكون له علي عباده هؤلاء سلطان بأن يوقعهم في معصية ومخالفة لله سبحانه وتعالي مخالفةً منهي عنها بأمر تحريمي مولوي لا إرشادي تنزيهي.

ص: 92

وأما بالنسبة لإشكالك، فأقول لك: لقد أثبتنا لك أعلاه أن مناصرة موسي صلي الله عليه وآله للقبطي ليست معصية ولا ذنب ولا شيئاً من ذلك، فقط إن موسي صلي الله عليه وآله قد استعجل في القضاء علي القبطي المستحق للقتل باعتبار أنه من أتباع فرعون وكان الأَولي أن لا يقتله.. لا لأنه غير مستحق للقتل، بل لأن في قتله له صار موسي صلي الله عليه وآله مطالباً من قبل فرعون وسلطته، وعرض نفسه للخطر بل والموت إن قبض عليه حيث سيقتص منه بسبب قتله للقبطي.. إلي غيرها من الآثار السلبية التي حصلت ونجمت عن ذلك، كما يذكرها القرآن الكريم.

وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي صلي الله عليه وآله في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداًّ علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل.

فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي)، كان من قبيل الخطأ غير المقصود، أو من قبيل المخالفة للأَولي، لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك.

ومجال الإقتداء بالمعصوم - سواء الإقتداء الواجب أو المندوب - في فعله هو في غير ما لم يثبت أن فعله هذا خلاف الأَولي.

ونقاشنا ليس حول ذلك بل حول صدور المعصية من الأنبياء.

وكتب (مشارك)، الخامسة مساءً:

لم أقرأ كلامك السابق كلُّه بعد.. فأمهلني بعض الوقت، ولكن لفت نظري كلامك الأخير.

فردك غير صحيح بالمرة، فطالما أنه جائز فيجوز الإقتداء به فيه حتي وإن كان خلاف الأولي.

فلماذا كل هذا التناقض يا تلميذ؟ أجبني لو سمحت.

ص: 93

فأجاب (التلميذ)، الثامنة مساءً:

إلي مشارك:

عليك أن تقرأ كلامي كاملاً وترد عليه إن كان لك رد.

وأما جواب قولك: " فطالما أنه جائز فيجوز الإقتداء به فيه حتي وإن كان خلاف الأولي "..

ففي كلامي أعلاه الرد عليه، اقرأ كلامي بروية وتأني.. وستجد الجواب عليه.

وإن أردت توضيح أكثر فسأفيدك به خلال ردي علي مجموع ردك. انتظر الرد كاملاً.

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 8 - 1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

الحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله، أسأل الله أن ينور قلبك ويشرح للدين صدرك، أتمني أن تقرأ الكلام هذا بتركيز أكثر:

قضية القتل العمد سواء أكان المقتول مسلماً أم كافراً تنطبق عليها أحكام التكليف الخمسة.

فقد يكون القتل واجباً وقد يكون سنة وقد يكون جائزاً، وقد يكون مكروهاً، وقد يكون محرماً. والمقتول وإن كان قتله واجباً فقد يثاب القاتل وقد يأثم، والمقتول وإن كان قتله محرماً فقد يثاب القاتل وقد يأثم.

وهذه الأمور تدخل فيها عوامل كثيرة جداً كقضية النيات والمصلحة والمفسدة وما يتعلق بالجهاد كالتترس وغير ذلك، ولكن ليست هذه قضيتنا.

هذا مع العلم أن موسي عليه الصلاة والسلام لم يقصد قتله، بل كان قتله خطأ، فلا يمكن الأخذ بها مجردة عن الدوافع والأحوال المتعلقة بها.

ص: 94

قضية نصرة اليهودي المجرم وأنها ذنب ومعصية ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره، هذا مع العلم أنني لم أتتبع كثيرا مثل تتبعاتك وتبحراتك!

عموماً يا تلميذ:

أولاً: لا أدري لماذا تتعجب من كلامي السابق وتظن أنه متناقضاً.. مع أنه كله صحيح ولله الحمد، ولكن لا بأس، دعني أوضح لك المسألة بالتفصيل:

إعلم أن كل عمل وفعل يقوم به الإنسان فلا بد له من سبب وباعث وكذلك لا بد له من أثر ونتيجة، وفي هذه المسألة المتعلقة بقتل القبطي نلاحظ التالي:

1 - السبب أو الباعث: كان نصرة لذلك المجرم، ولذلك كان الفعل معصية.

2 - الفعل: وهو هنا الوكز، ويكون معصية إذا كان الباعث نصرة للمجرم.

3 - النتيجة: القتل لم يكن مقصوداً فهو خطأ، ولذلك أيضاً لا نقول إن الفعل كبيرة.

وعلي هذا يا تلميذ فكلامي السابق عندما قلت إن القتل كان معصية صحيح، وكذلك الوكز كان معصية صحيح، ونصرة المجرم كانت معصية صحيح. فهل اتضح لك الكلام الآن؟

وأرجو أن تعيد قراءة كلامي السابق بعد أن أوضحت لك هذه البديهيات، قبل أن تأتي بتناقضاتك الموهومة بعد ذلك، وأرجو أن تخبرني إن كان لابد أن أستخدم هذا الأسلوب التفصيلي المبسط معك دائماً.

ثانياً: أضحكتني يا تلميذ عندما استفتحت كلامك عن عمل الشيطان مستخدماً كلمة (لو)، أوما تدري أن (لو) تفتح عمل الشيطان؟ فلا تستفتح عملك بها مرة أخري فيصبح من عمل الشيطان!

ص: 95

الجواب علي إشكالك هذا موجود في كلام ابن عباس رحمه الله الذي أعتقد أنه قد مر عليك في تبحراتك في كتبنا ولعلك قرأته.

ومعني كلامه رضي الله عنهما أن موسي صلي الله عليه وسلم لم يستثن عندما قال: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ". ومعلوم أهمية الإستثناء.

كما قال تعالي: " ولا تقولن لشئ إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر بك إذا نسيت... ". وبالطبع هذه الآية تنقض عقيدة العصمة عندكم، ولكن نؤجل الكلام عنها.

وأما نقلكم عن إمامكم المعصوم " وقد روي من طرقنا أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن قوله تعالي: هذا من عمل الشيطان. فأجابه الإمام الرضا صلي الله عليه وآله قائلاً: الإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسي من قتله ".

فهذا من أعجب العجب، فحبذا لو فسرت لنا كلام معصومكم؟

ثالثاً: نأتي الآن إلي لب القصيد، ونري التناقضات الواضحة والصريحة والمضحكة التي عندكم:

أ) تقول يا تلميذ: " الثاني: أن لفظ (هذا) إشارة إلي قتله القبطي، وإنما وصفه بأنه من عمل الشيطان لأن هذا العمل كان خطأ محضا ساقه إلي عاقبة وخيمة فاضطر إلي ترك الدار والوطن بعد ما فشا سره ".

فأنت وصفت عمل موسي هنا أنه من قبيل الخطأ المحض، وتقول في موضع آخر: " فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي)

ص: 96

كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأولي، لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك ".

وأنت هنا وصفت ذلك بأنه خطأ غير مقصود، وهنا فرق بين هذا وذاك، ولكن علي كل الأحوال فهذا ينافي عقيدتكم في عصمة الأنبياء عن الخطأ والسهو أيضاً.. كما هو في كلامك التالي.

وتقول قبل ذلك أثناء ذكرك لعقيدتك:

" بسم الله الرحمن الرحيم. إلي مشارك: سأنقض عقيدتك هذه إن شاء الله تعالي في عصمة الأنبياء في المستقبل فلا أريد أن أخلط الحابل بالنابل. فبعد عجزك عن الرد علي الدليل الأول ونقضه نأتي إن شاء الله تعالي بالدليل الثاني. وعقيدتي باختصار: أن الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها بل من يوم الولادة إلي آخر أعمارهم من الخطأ والذنب والسهو والنسيان فلا يصدر منهم شئ من ذلك ".

هيا أيها التلميذ الحصيف أجبنا.

ب) ثم نأتي إلي المصطلح الطريف اللطيف الذي أتحفتمونا به وتفسيركم الأعجب لهذا المصطلح ألا وهو مصطلح (خلاف الأَولي).

فأنت تقول: " وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلاً عن أن تكون ذنباً ".

وتقول: " وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي صلي الله عليه وآله في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداً علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل، فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل

ص: 97

الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك ".

ونقول لك أيها التلميذ: ما كل هذه التناقضات والعجائب والغرائب؟ أهذه عقيدة تستطيعون إقناع أنفسكم بها؟ تقولون أن فعل موسي كان خطأ محضاً، أو خطأ غير مقصوداً.. فلماذا أراد تكراره إذن في المرة الثانية؟

تقولون إن فعل موسي.. " وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي صلي الله عليه وآله في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداًّ علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل ". فلماذا أراد تكراره إذن في المرة الثانية؟

تقولون: " وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلاً عن أن تكون ذنباً " و " أو من قبيل المخالفة للأولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك ".

فهل هناك عاقل يقول بأنه لا يجوز الإقتداء بالجائز من أفعال الأنبياء؟ إذا كانت أفعال الأنبياء الجائزة لا نقتدي بها، فبماذا نقتدي؟

إذا ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم أوتر بثلاث وبخمس و... وبأحد عشر، فنقول حسب قاعدتكم الحكيمة أنه لا يجوز الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في الوتر بثلاث ركعات، لأنه من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه، ولا ينبغي الإقتداء بذلك! أي دين هذا وأي عقيدة هذه؟!

وكتب (صاحب قديم)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

حسب علمي يا تلميذ أن الأخ مشارك لو تناقش معك في هذا الموضوع إلي أن يرث الله الأرض وما عليها لن يصل إلي نتيجة.

المسألة واضحة كالشمس في رابعة النهار ولا تحتاج إلي كل هذا التأويل.

ص: 98

الأنبياء معصومون في جانب تبليغ الرسالة، وقد يصدر منهم الذنب إلا أنهم سرعان ما يرجعون إلي الله ويتوبون منه.

وقال صلي الله عليه وسلم: كل ابن آدم خطأ وخير الخطائين التوابون.

فكل البشر يصدر منهم الخطأ، حتي الأنبياء قد يصدر منهم الخطأ كما في الأدلة التي ساقها الأخ مشارك.

وأعتقد أن ذلك واضح لكل صاحب عقيدة صافية، أما أصحاب العقائد المنحرفة فلن يقتنعوا بذلك ولو جاءتهم كل آية، حتي يروا العذاب الأليم.

لأن ذلك يعارض ويهدم ما بنوا عليه أصولهم الفاسدة من قولهم بعصمة الأئمة، السبب الذي جعلوهم ينادون بعصمة الأنبياء المطلقة، كي لا يكون ذلك حجة عليهم فيكون الأئمة أفضل من الرسل.

والنقاش مع التلميذ بلا فائدة.. عنز ولو طارت.

ووالله لقد قرأت ما كتب الأخ مشارك فرأيت أنه وافي.. ولا يحتاج لمزيد تعليق.

وكأني بالتلميذ وهو يفكر ليل نهار في كيفية دفع باقي الآيات والأحاديث ما استطاع إلي ذلك سبيلاً، وهو يركض بخيله ورجله، شابه في ذلك صاحبه الأول الذي قال الله فيه: " إنه فكر وقدر. فقتل كيف قدر. ثم قتل كيف قدر. ثم نظر ثم عبس وبسر. ثم أدبر واستكبر ".

نحن بحاجة إلي مشاركة شباب أهل السنة وبحوثهم العلمية التي تعود علي الأمة بالنفع، وأما إقناع

ص: 99

التلميذ فذاك يحتاج إلي هدر للجهد والوقت، الذي نحن بحاجة إليه.

ط وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا برئ مما تعملون ".

فكتب (التلميذ)، الرابعة صباحاً:

إلي مشارك:

لم تأتِ بشئ جديد، فكل ما أوردتَه تجد في كلامي أعلاه رداًّ عليه.. ولم تنقض شيئاً من أدلتي أعلاه، نعم ما أتيت به من جديد هو:

1 - كلام باللهجة المصرية تهاجمني فيه، والغرض منه معروف، وما أظن ذلك خفياًّ علي القارئ الكريم وهي حيلة المرجفين الذين يعوزهم الدليل فيستعيضون بالإرجاف ومهاجمة شخص المحاور، وإيهام القارئ أو المستمع بأنه ليس لديه معرفة وعلم وإلمام بموضوع المحاورة.. وهذا ما كنت تهدف إليه من كلامك ليس إلا.. وهو نفس الأسلوب الذي لجأ إليه صاحبك (صاحب قديم).

2 - أتيت بقول ثالث.. بعد أن قلت أولاً إن القتل هو معصية، ثم تراجعت عن قولك وقلت بأن المعصية مناصرة موسي لليهودي، وأن القتل كان فقط خطأ!

وإذا بك الآن تقول: إن القتل معصية، ومناصرة اليهودي معصية، فبدل أن كنتم تلصقون بنبي الله سبحانه وتعالي معصية واحدة، وإذا بك تلصق به معصيتين في آن واحد، ولكن قد رددت علي ذلك من قبل، ولا بأس أن أعيد:

فبالنسبة إذا كان القتل معصية.. فإما أن يكون قتله جائز.. أو غير جائز.

فإن كان جائزاً فلا معصية، وإن لم يكن جائزاً فهو كبيرة وليس صغيرة، وأنتم لا تقولون بالكبيرة علي الأنبياء!!

ص: 100

وأما بالنسبة للقول بأن المعصية هي مناصرة الإسرائيلي.. فنقول مرة أخري إن موسي صلي الله عليه وآله مرة أخري هب لنصرة الإسرائيلي، وقد سبق منه أن قال وأعطي الله عهداً صدره بلن التي تفيد النفي المؤبد أنه لن يعين مجرماً " فلن أكون ظهيراً للمجرمين "!

فهل موسي صلي الله عليه وآله نسي عهده هذا لله مع الله سبحانه وتعالي وأخلفه فهب لنصرة هذا المجرم مرة ثانية؟

فأكرر نفس كلامي السابق وأقول: إن نصرة اليهودي لم تكن معصية، وإلا لما كررها موسي صلي الله عليه وآله، خصوصاً بعد إعطائه العهد لله بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين.

3 - إن من الجديد في كلامك أيضاً أنك ترشدني إلي تعلم علم الأصول وأنا يا أستاذ الأصول أريد أن أتعلم علي يدك الأصول، فهل أنت مستعد لتعلمني الأصول وفي هذا الموقع؟

وابدأ معي بالدرس الأول وأنت الأستاذ وأنا التلميذ وسنري عندها معرفتك بعلم الأصول الذي تتبجح بمعرفتك له وأنني لا أعرفه.

وهنا أوجه لك سؤالاً في علم الأصول: فمن القواعد الموجودة في علم الأصول: قاعدة منجزية العلم الإجمالي.

فهل تتفضل وتشرح لي هذه القاعدة، وعليك أن تحدد أركان هذه القاعدة يا أستاذ الأصول.

الخلاصة: أن كل أدلتكم حول أن الذي صدر من موسي صلي الله عليه وآله معصية سواء في نصرته لليهودي أو قتله للقبطي أو كليهما، قد رددنا عليها، ولن يفيدك علم الأصول الذي لجأت إليه في شئ..

ص: 101

لأن المسألة لا علاقة لها بعلم الأصول أبداً، وأثبتنا أنه لم يصدر منه معصية، فثبت أن ما فعله موسي صلي الله عليه وآله من العجلة في قتل القبط هو فعل خطأ أدي إلي نتائج سلبية..

ولا أحد يقول بأن المسلم إذا علم بأن فعلاً ما إذا فعله يؤدي إلي نتيجة سلبية كبيرة، أنه يجوز له أن يفعله.

بعبارة أخري: لو حصل أن هناك شخصاً مسلماً كان يتقاتل مع كافر حربي في دولة الكفر، وأن هذا المسلم من رعايا هذه الدولة، ورآهما مسلم آخر أنهما يتقاتلان، وكان بإمكانه أن يخلصهما من هذا الإقتتال دون أن يقتل الكافر وليس في ذلك نتائج سلبية عليه، كما بإمكانه أن يقتل الكافر المستحق للقتل لعدائه وحربه للمسلمين، ولكن هناك نتائج سلبية خطيرة علي هذا المسلم..

فكل عاقل يقول بأنه عليه أن يسلك السبيل الأول، وهو فض الإقتتال بينهما دون اللجوء إلي القتل، ولا عاقل يقول بأنه عليه أن يختار السبيل الثاني اقتداءً بموسي صلي الله عليه وآله.. وذلك للعلم بأن نبي الله موسي وقع في خطأ واستعجل في القضاء علي ذلك القبطي، وأن ذلك الفعل أدي إلي نتيجة سلبية.

فأكرر وأقول: إن المطلوب من العبد أن يقتدي بالأنبياء في غير هذا المجال، لأنه ثبت أن مثل هذا الفعل الذي حصل من النبي أدي إلي نتيجة سلبية، وأنه إن اقتدي هو به فيه سيؤدي به أيضاً إلي نتائج سلبية، وما دام كذلك فلا مجال للإقتداء به.

وما ذكرت من المثال عن النبي صلي الله عليه وآله: " إذا ثبت أن النبي صلي الله عليه وآله أوتر بثلاث وبخمس وبأحد عشر ".

ص: 102

وقولك " فنقول حسب قاعدتكم الحكيمة أنه لا يجوز الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في الوتر بثلاث ركعات لأنه من قبيل خلاف الأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك ".

تقول: إنه إذا ثبت فعلاً بدليل معتبر أن هذا الفعل الذي فعله النبي هو خلاف الأولي، فنقول: نعم، لا مجال للإقتداء به في هذا الفعل، لأنه خلاف الأولي وليس في ذلك أي إشكال.

وحسب المثال مثلاً، لو ثبت بدليل شرعي معتبر أن الوتر ركعة واحدة أفضل وأثوب، وثبت أن النبي أوتر بثلاث ركعات، وعلم بدليل معتبر شرعاً أن ما فعله النبي خلاف الأولي، فلا مجال للإقتداء به في مثل فعله هذا، لأنه خلاف الأولي وأن الوتر بركعة واحدة أفضل وأثوب، وأكثر مطلوباً لله.

هذا طبعاً حسب مثالك وإن كان هذا المثال في هذا المورد.. ناقص.

وقولنا إن الأنبياء لا يصدر منهم خطأ.. لا نريد منه أنه لا يصدر منهم خطأ حتي من قبيل ترك الأَولي كما صدر ذلك من أكثر من نبي، فليس الكلام علي إطلاقه لأن الخطأ من قبيل ترك الأَولي حسب عقيدتنا لا يتنافي مع عصمة الأنبياء عليهم السلام.

ومن قال لك إن هذا يتنافي مع عقيدتنا.. وكل علمائنا مجمعون علي أن كل ما يمكن أن يظهر منه من آيات قرآنية صدور فعل خطأ أو ذنب، إنما هو من قبيل ترك الأَولي الذي لا يتنافي مع العصمة.

لأنه ليس ذنباً ولا مخالفةً لأمر مولوي صادر من قبل الله سبحانه وتعالي، بحيث يكون فعلهم تجرؤاً علي المولي.

حاشا لهذه الصفوة والخيرة من الخلق أن يتجرؤوا علي الله فيمارسون ذنباً كبيراً أو صغيراً.

ص: 103

وأخيراً يالمشارك.. دعك من توجيه سهام النقد لي شخصياً وإيهام القارئ بضحالة معرفتي في المجال الذي نتناقش فيه.

وكذلك وصفك لما أوردته لك من أدلة وبراهين ونقاش أنه يحمل التناقضات مع أنه ليس كذلك، وإنما هو محاولة منك فقط لإيهام القارئ بوجود التناقضات فعلاً في كلامي.

الذي فعلاً متناقض هو أنت، ليقرأ القارئ كلامك أعلاه وردودك، يجد أنك لم تستقر علي رأي أبداً، في أين تكمن المعصية التي فعلها موسي صلي الله عليه وآله.. فمرة تقول بأنها في القتل.. وأخري في النصرة للإسرائيلي.. وثالثة في كليهما.

أما (صاحب قديم) فأقول له: هات ما تقنعني به.. وأنا علي استعداد أن أعتقد عقيدتك إذا أقنعتني، فلا توهم القارئ بأنني مكابر.

وكتب (مشارك)، الرابعة وعشر دقائق صباحاً:

يبدو أنك لم تسمع نصيحتي بقراءة ردي عليك أكثر من مرة.

فأسلوب ردك الأخير يختلف عن أسلوبك القديم، أعد قراءة ردي مرة أخري، ودعك مما استفززناك به أنا و (صاحب قديم).

وأتنا بعد ذلك برد علمي مقبول ولا تتعجل في الرد يا تلميذ فلايعقل أن يكون هذا هو ردك علي كلامي.

قال العاملي:

من هنا يبدأ ما حذفه مشارك من هذا النقاش، ولم ينشره في شبكة سحاب.

وكتب (صاحب قديم)، السادسة صباحاً:

إذا كانت قصة موسي صلي الله عليه وآله عملت لك كل هذه البلبلة، فخذ قصة آدم صلي الله عليه وآله، وقوله تعالي عنه: " وعصي آدم ربه فغوي " معصية.

ص: 104

صدق من قال: من تمنطق فقط تزندق، نسأل الله العفو والعافية.

وكتب (مشارك)، الثامنة صباحاً:

لقد عدَّلت ردي السابق وأرسلت رسالة اعتذار للتلميذ، ورجاء للأخ صاحب قديم.

قال العاملي:

وكان مشارك كتب هنا كلاماً فيه سخرية واستهزاء بالتلميذ كما هي عادتهم.

وكتب (عمار)، التاسعة صباحاً:

السلام عليكم..

عليه أن يخفف من استفزازه سواء شرح الله قلب التلميذ حسب اعتقادك أم لم يشرح.. وليلتزم بالشروط التي أنزلها الله تعالي في القرآن فيما يخص الدعوة والنقاش. والسلام عليكم.

فكتب (التلميذ)، العاشرة وعشر دقائق صباحاً:

إلي مشارك:

صار الحوار معي ادعاء منك فقط.. وترديداً ل- " لم تفهم كلامي "، " لم تقرأ كلامي ".

وقولك: " ما زلت لم تفهم كلامي حول السبب والفعل والنتيجة ".

ص: 105

من قال لك إنني لم أقرأ كلامك؟ ومن قال لك إنني لم أفهم كلامك؟ ومن قال: إنني لم أفهم كلامك حول السبب والفعل والنتيجة؟ كلامك كله متناقض من أوله إلي آخره!

كلام مصفوف ليس فيه إشكالات ولا برهان ولا دليل واحد!

أظن أنني رددت عليك ولا داعي لكل هذا الإرجاف منك.. وأثبت لك أنه لا معصية من موسي صلي الله عليه وآله لا في القتل ولا في النصرة. وأدلتي في ذلك واضحة لم تنقض شيئاً منها.

وأما عن عدم إكمالي في المكان السابق فهو لسبب واحد هو أنني حاولت لصق الرد أعلاه هناك فلم أستطع حيث يظهر لي آخر رد هو رد (القديم).. فما أدري المشكلة من الموقع أم من عندي.

وأعلمك وأعلم صاحبك القديم أنه إن ثبت لي بطلان عقيدتي هذا علي فرض..

فوالله ثم والله لن أتبع عقيدتكم لأنه قد ثبت لي بطلانها منذ زمان، وسأبحث عن عقيدة أخري غير عقيدتكم، ولا تغرك عبارتي السابقة لصاحبك القديم، فأنا قلت له ذلك لأنني علي يقين من أنه ليس لديه ما يقنعني علي عقيدته، وأن بطلانها ثابت لدي.

ومتي ما ننتهي من مسألة موسي سنذهب إلي آدم صلي الله عليه وآله، ونجاوب علي القديم.

فلماذا يستعجل كل هذا الإستعجال.. ويكتب عشرات المرات كلمة (معصية).

ورد (مشارك)، العاشرة والدقيقة الحادية عشرة مساءً:

ص: 106

إلي التلميذ: لقد أخطأت في حقك، وأرجو أن تكون الأمور قد اتضحت الآن.

قال العاملي:

إلي هنا انتهي بعض ما حذفه مشارك وأوردناه!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 21 - 9 - 1999، الخامسة مساءً:

ها قد عدَّلت لك الرد مرة أخري يا تلميذ.

وأرجو الإجابة علي الإشكالات التي طرحتها عليك جميعها مع تفسير كلام الحسن العسكري، وأنا في انتظارك.

فكتب (التلميذ)، السابعة مساءً:

يا مشارك: هل ستتأدب أولا بآداب الحوار والمناقشة، أم لا؟

أجب.. فهو شَرطي كي أكمل الحوار معك، فأرجو أن تناقش أفكاري وكلامي، وما أطرحه من قول، لا أن تتهجم علي شخصياًّ.

فكتب (مشارك) بتاريخ 22 - 9 - 1999، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

وأرجو أن تبدأ بنفسك أولاً يا تلميذ.

وتبتعد عن تلك الألفاظ من قبيل اللف والدوران والتهرب وما شابه ذلك، مما تحاول أن تلبس خصمك به، وأنت لست ببعيد عنه، وأنا مستعد أن ألتزم بما تلتزم به أنت أيضاً.

فكتب (كميل)، الثانية صباحاً:

إليكم رأي السيد الطباطبائي رحمة الله عليه حول الآية موضع الخلاف، من تفسيره الميزان في تفسير القرآن. قال عطر الله مرقده:

ص: 107

(والمعني فدفعه أو ضربه موسي بالوكز فمات وكان قتل خطأ، ولولا ذلك لكان من حق الكلام أن يعبر بالقتل. وقوله: " قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين ": الإشارة بهذا إلي ما وقع بينهما من الإقتتال حتي أدي إلي موت القبطي، والمعني هذا الذي وقع من المعاداة والإقتتال من جنس العمل المنسوب إلي الشيطان أو ناشئ من عمل الشيطان، فإنه هو الذي أوقع العداوة والبغضاء بينهما وأغري علي الإقتتال حتي أدي ذلك إلي مداخلة موسي وقتل القبطي بيده فأوقعه ذلك في خطر عظيم، وقد كان يعلم أن الواقعة لا تبقي خفية مكتومة، وأن القبط سيثورون عليه وأشرافهم وملؤهم وعلي رأسهم فرعون سينتقمون منه. فعند ذلك تنبه علي أنه أخطأ في ما فعله من الوكز الذي أورده مورد الهلكة، ولا ينسب الوقوع في الخطأ إلي الله سبحانه لأنه لا يهدي إلي الحق والصواب.

فقضي أن ذلك منسوب إلي الشيطان، وفعله ذاك وإن لم يكن معصية منه، لوقوع خطأ وكونه دفاعاً عن الإسرائيلي دفعاً لكافر ظالم. لكن الشيطان كما يدفع بوسوسته الإنسان في الإثم والمعصية كذلك يوقعه في أي مخالفة للصواب يقع بها في الكلفة والمشقة كما أوقع آدم وزوجه فيما أوقع من أكل الشجرة المنهية، فأدي ذلك إلي خروجهما من الجنة. وقوله: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ": عهد من موسي صلي الله عليه وآله أن لا يعين مجرماً علي إجرامه شكراً لله تعالي علي ما أنعم عليه. والمراد بالنعمة وقد أطلقت إطلاقاً الولاية الإلهية علي ما يشهد به قوله تعالي: " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ". وهؤلاء أهل الصراط المستقيم مأمونون من الضلال والغضب لقوله تعالي: " إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ". وترتب الإمتناع عن إعانة المجرمين

ص: 108

علي الإنعام بهذا المعني ظاهرٌ لا سترة عليه، ومن هنا يظهر أن المراد بالمجرمين أمثال فرعون وقومه دون أمثال الإسرائيلي الذي أعانه.

فلم يكن في إعانته جرم حتي يتوب عليه منه، كيف وهو صلي الله عليه وآله من أهل الصراط المستقيم الذين لا يضلون بمعصيته، وقد نص تعالي علي كونه من المخلصين الذين لا سبيل للشيطان إليهم بالإغواء حيث قال: " إنه كان مخلصاً وكان رسولاً نبياًّ ". وقد نص تعالي أيضاً آنفاً أنه: " آتاه حكماً وعلماً وأنه من المحسنين ". ومن المتقين من أمره أن لا تستخفه عصبية قومه أو غضب في غير ما ينبغي أو إعانة ونصرة لمجرم في إجرامه. ووصفه للإسرائيلي بأنه غوي مبين، قال موسي للإسرائيلي توبيخاً وتأنيباً: إنك لغوي مبين، لا تسلك سبيل الرشاد والصواب، لأنه كان يخاصم ويقتل قوماً ليس في مخاصمتهم والمقاومة عليهم إلا الشر كل الشر!).

وكتب (التلميذ)، الرابعة والنصف مساءً:

إلي مشارك:

قلت: " عموماً يا تلميذ، أولاً: لا أدري لماذا تتعجب من كلامي السابق وتظن أنه متناقض مع أنه كله صحيح ولله الحمد، ولكن يبدو أنك تحتاج لأخذ دورات في الأصول والقواعد الفقهية، ولكن لا بأس دعني أوضح لك المسألة بالتفصيل: إعلم أن كل عمل أو فعل يقوم به الإنسان فلا بد له من سبب وباعث وكذلك لا بد له من أثر ونتيجة وفي هذه المسألة المتعلقة بقتل القبطي، نلاحظ التالي: (1) السبب أو الباعث: كان نصرة لذلك المجرم ولذلك كان الفعل معصية. (2) الفعل: وهو هنا الوكز ويكون معصية إذا كان الباعث نصرة للمجرم. (3) النتيجة: القتل لم يكن مقصوداً فهو

ص: 109

خطأ، ولذلك أيضاً لا نقول إن الفعل كبيرة وعلي هذا يا تلميذ فكلامي السابق عندما قلت إن القتل كان معصية صحيح وكذلك الوكز كان معصية فصحيح ونصرة المجرم كانت معصية صحيح. فهل اتضح لك الكلام الآن؟ أرجو إن كانت عندك مشكلة متعلقة بالأصول أن تبدأ بتعلم الأصول ".

أقول:

أولاً: لن أرد علي الكلام الزائد الذي لا علاقة له بموضوع المناقشة.

ثانياً: ما هو دليلك علي أن الإسرائيلي كان مجرماً - بمعني أنه كان ظالماً للفرعوني في اقتتاله معه - حتي تكون نصرة موسي صلي الله عليه وآله له.. معصية؟

فإن قلت: قوله تعالي: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين ".. نرده بأن هذا القول من موسي صلي الله عليه وآله وعد مطلق منه لله سبحانه وتعالي بأنه لن يعين مجرماً.. ولا دلالة فيه علي أن الإسرائيلي كان مخطئاً (مجرماً).

كما أن قتادة فسر (المجرمين) في قوله تعالي: " فلن أكون ظهيراً للمجرمين " بالمشركين، قال: " فلن أكون ظهيراً للمجرمين، يعني المشركين ". انظر تفسير الطبري / طبعة دار الكتب العلمية - بيروت - الطبعة الأولي: 1412 ه - 1992 م، ج 10 ص 46.

كما أنني ذكرت لك سابقاً أن نصرة موسي صلي الله عليه وآله للإسرائيلي لو كانت ذنباً ومعصية - كما تدعي - لما هبَّ لنصرة الإسرائيلي مرة أخري كما هو ظاهر قوله تعالي: " فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه قال له موسي إنك لغوي مبين. فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدوٌّ لهما قال يا موسي أتريد أن تقتلني كما قتلت نفساً بالأمس... إلخ ".. خصوصاً بعد أن أعطي الله سبحانه وتعالي عهداً وقطعه علي نفسه بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين، فهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي

ص: 110

في ذاتها ليس فيها إشكال ولا أنها معصية، وإلا لما كرر موسي صلي الله عليه وآله ذلك - أي النصرة - بعد أن أعطي الله عهداً بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين.

ثالثاً: بعد أن أثبتنا أن نفس النصرة لم تكن معصية، فإن الوكزة أيضاً لم تكن معصية، لأن نصرة موسي صلي الله عليه وآله للإسرائيلي إما أن تكون جائزة أو غير جائزة.

وقد أثبتنا بالدليل في [ثانياً] أعلاه أنها لم تكن محرمة، فبقي أنها جائزة، فإذا كانت جائزة لم يكن في فعلها معصية.

رابعاً: وأما القتل فعلي قولك " لم يكن مقصوداً فهو خطأ " فهو إذاً لا يكون معصية.

لأنه لا أحد يقول بأن القاتل الناشئ قتله من الخطأ وبدون قصد وإرادة منه للقتل يكون مرتكباً للذنب لا صغيراً ولا كبيراً.

وعلي قولنا أيضاً لا يكون القتل الصادر من موسي عليه السلام معصية، لأن القبطي كان مستحقاً للقتل، لأنه كان من أعوان وجنود فرعون بدليل قوله تعالي: " من عدوه " فهؤلاء الفرعونيون قد مارسوا مع الإسرائيليين أبشع الجرائم وأفظعها كما يحكي لنا القرآن الكريم ذلك.

ولكن الخطأ الذي وقع منه عليه السلام والإستعجال في قتله الذي كانت له نتائج سلبية كبيرة، حيث أصبح موسي عليه السلام مطارداً من قبل فرعون وجنوده، ومشرداً عن قومه الذين بعث إليهم، وغيرها من السلبيات الأخري.

فكان الأَولي منه أن لا يستعجل في القتل حتي ولو كان ذلك القبطي مستحقاً للقتل.. فقتله له كان مخالفة للأَولي فهو إذا ليس بمعصية.

قلت يا مشارك:

ص: 111

" ثانياً: أضحكتني يا تلميذ عندما استفتحت كلامك عن عمل الشيطان مستخدما كلمة (لو) أوما تدري أن (لو) تفتح عمل الشيطان؟ فلا تستفتح عملك بها مرة أخري فيصبح من عمل الشيطان ".

أقول:

أولاً: ما هو الدليل عندك علي أن استخدام لفظة (لو) في افتتاح الكلام يكون الكلام من عمل الشيطان؟ من أين أتيت بذلك؟ نطلب الدليل.

ثانياً: إذا كان الأمر كما ذكر ت - أعني أن افتتاح الكلام بلفظة (لو) يصبح هذا الكلام أو العمل من عمل الشيطان - فهل قول عمر بن الخطاب: " لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت ". المستدرك: 4/302. ومسند ابن حنبل: 1/18. وطبقا ت ابن سعد: 3/300.

هل قوله هذا الذي افتتحه بلفظة (لو) من عمل الشيطان؟ وهل قول الرسول صلي الله عليه وآله: " لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه ". المستدرك: 4/267. ومسند ابن حنبل: 3/160.

ومسند أبي يعلي رقم 2831. هل قوله هذا من عمل الشيطان؟

وتوجد الكثير من أقوال النبي صلي الله عليه وآله التي ابتدأها بهذه اللفظة.. فهل هذه الأقوال الصادرة منه من عمل الشيطان؟ ما هكذا تورد يا سعد الإبل.

قلت يا مشارك:

" الجواب علي إشكالك هذا موجود في كلام ابن عباس رحمه الله الذي اعتقد أنه قد مر عليك في تبحراتك في كتبنا ولعلك قرأته، ومعني كلامه رضي الله عنهما أن موسي صلي الله عليه وسلم لم يستثن عندما قال: رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين. ومعلوم أهمية الإستثناء كما قال تعالي: ولا

ص: 112

تقولن لشئ إني فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت.. وبالطبع هذه الآية تنقض عقيدة العصمة عندكم ولكن نؤجل الكلام عنها ".

أقول:

أولاً: الآية الأخيرة التي ذكرتها ليس فيها دلالة علي نقض عقيدة العصمة عندنا. وما دمت طلبت التأجيل فنحن سنؤجل معك.

ثانياً: ليس من الواجب شرعاً علي العبد عندما يريد أن يفعل شيئاً مثلاً.. كأن يريد أن يسافر غداً أن يقول سأسافر غداً إن شاء الله، بمعني أنه يجب عليه أن يتلفظ بعبارة: " إن شاء الله ".. ولا يعتبر عدم التلفظ بذلك معصية ومخالفة شرعية يستحق العبد عليها العقاب والعذاب من الله سبحانه وتعالي.

فكثيرٌ من الأشخاص يقولون بأنهم سيفعلون فعلاً ما في المستقبل دون أن يتلفظوا بعبارة وكلمة: " إن شاء الله ".. بل يضمرون هذه العبارة في نفوسهم.

والسؤال: ما هو الدليل علي أن موسي لم يضمر هذه العبارة؟ وما صحة نسبة هذا القول إلي ابن عباس؟

ثالثاً: لم تبين كيفية الرد بهذا الذي ذكرتَه علي كلامي وطريقة نقضه لما أوردتُه.

فهل تريد أن تقول بأن موسي عليه السلام لما أن قال: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " ولم يتلفظ بالإستثناء أي بالقول إن شاء الله مثلاً، عاقبه الله سبحانه وتعالي بأن جعله مرة أخري يسعي إلي نصرة الإسرائيلي؟ هل تريد أن تقول ذلك؟

إذا كنت تريد أن تقول ذلك لتنقض كلامي.. فعليك:

أولاً: أن تثبت أن موسي عليه السلام لم يضمر الإستثناء.

وثانياً: صحة نسبة قول ابن عباس الذي ذكرته إليه.

ص: 113

وثالثاً: إثبات أن الله سبحانه وتعالي عاقب موسي عليه السلام بذلك بأن جعله يسعي لنصرة الإسرائيلي لأنه لم يستثن. وهنا يرد إشكال أيضاً - إن كان قصدك ذلك - وهو هل أن الله سبحانه وتعالي عندما يريد أن يعاقب عبداً علي شئ يجبره علي فعل المعصية؟

أقول: إذا كان قصدك ذلك من إيراد قول ابن عباس هذا.. فردُّنا عليك هو هذا.

وأما إذا كان لك قصد آخر ونقض آخر لدليلنا وإشكالنا عليك.. فأورده وهاته.

قلت يا مشارك:

" وأما نقلكم عن إمامكم المعصوم، وقد روي من طرقنا، أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن قوله تعالي: (هذا من عمل الشيطان) فأجابه الإمام الرضا عليه السلام قائلاً: الإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسي من قتله. فهذا من أعجب العجب. فحبذا لو فسرت لنا كلام معصومكم؟ ".

أقول:

أولاً: مما لا شك فيه ولا شبهة عندنا أن الإمام علي بن موسي الرضا عليه السلام هو إمام معصوم وهو أحد خلفاء النبي صلي الله عليه وآله الإثني عشر حسب عقيدتنا ولنا علي ذلك أدلتنا.

ثانياً: لم تبين موضع العجب في كلام الإمام الرضا، حيث وصفته بأنه من أعجب العجب.. فلا بد منك أن تبين مواضع العجب في قول الإمام هذا؟

ثالثاً: كلامه عليه السلام واضح لا يحتاج إلي شرح أبداً، ومعناه أن قول موسي عليه السلام الذي حكاه الله سبحانه وتعالي في كتابه بقوله: " هذا من عمل الشيطان " راجعٌ

ص: 114

إلي نفس الإقتتال بين القبطي والإسرائيلي بمعني أن الإقتتال الذي حصل بينهما بسبب وسوسة الشيطان وإغوائه لهما، لا أنه راجع إلي ما فعله موسي عليه السلام. هذا هو المراد من قول الإمام الرضا عليه السلام.

قلت يا مشارك:

" ثالثاً: نأتي الآن إلي لب القصيد ونري التناقضات الواضحة والصريحة والمضحكة التي عندكم: (أ) تقول يا تلميذ: [الثاني: أن لفظ (هذا) إشارة إلي قتله القبطي، وإنما وصفه بأنه من عمل الشيطان لأن هذا العمل كان خطأ محضاً ساقه إلي عاقبة وخيمة فاضطر إلي ترك الدار والوطن بعد ما فشا سره] فأنت وصفت عمل موسي هنا بأنه من قبيل الخطأ المحض، وتقول في موضع آخر: [فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك] وأنت هنا وصفت ذلك بأنه: خطأ غير مقصود وهنا فرق بين هذا وذاك، ولكن علي كل الأحوال فهذا ينافي عقيدتكم في عصمة الأنبياء عن الخطأ والسهو أيضاً كما هو في كلامك التالي وتقول قبل ذلك أثناء ذكرك لعقيدتك: [بسم الله الرحمن الرحيم، إلي المشارك، سأنقض عقيدتك هذه إن شاء الله تعالي في عصمة الأنبياء في المستقبل فلا أريد أن أخلط الحابل بالنابل فبعد عجزك عن الرد علي الدليل الأول ونقضه نأتي إن شاء الله تعالي بالدليل الثاني، وعقيدتي باختصار أن الأنبياء معصومون قبل النبوة وبعدها بل من يوم الولادة إلي آخر أعمارهم من الخطأ والذنب والسهو والنسيان فلا يصدر منهم شئ من ذلك. هيا أيها التلميذ الحصيف أجبنا] ".

أقول:

أولاً: أنا لا أريد أن أطبل أو أزمر وأقول بأن كلامك أضحكني أو أبكاني.

ص: 115

ولكن أقول: لا علاقة لوصفي فعل موسي عليه السلام بأنه خطأ محض بقولي: " كان من قبيل الخطأ غير المقصود " لأن القول الأخير ورد في مقام بيان أن مثل هذه الموارد ليست مورداً للإقتداء بها بعد ثبوت أنها أفعال خطأ أو من قبيل ترك الأَولي...

بعبارة أخري: يكون تفسير كلامي علي النحو التالي:

فما دام وضح وتبين أن الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود كما تقول أنت يا مشارك أو من قبيل المخالفة للأَولي حسب قولنا فإنه لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك.

هذا هو معني كلامي ومقصودي منه فأي علاقة بينه وبين قولي بأنه: " خطأ محض " حتي يكون هناك تناقض، أبداً لا تناقض في البين أبداً.

ثانياً: صحيح أنني قلت أن من عقيدتنا أن الأنبياء لا يصدر منهم الخطأ، ولكن لا نريد من هذا القول أنه لا يصدر منهم عليهم السلام خطأ من قبيل مخالفة الأَولي أو ترك الأَولي كما صدر ذلك من أكثر من نبي، فليس الكلام علي إطلاقه. ولو كنت قد قرأت ولو كتاباً واحداً للشيعة في عصمة الأنبياء لما أشكلت هذا الإشكال، لأن الخطأ من قبيل ترك الأَولي حسب عقيدتنا لا يتنافي مع عصمة الأنبياء عليهم السلام. وهذه المسألة عليها إجماع الشيعة.

قلت يا مشارك:

" (ب) ثم نأتي إلي المصطلح الطريف اللطيف الذي أتحفتمونا به وتفسيركم الأعجب لهذا المصطلح ألا وهو مصطلح (خلاف الأَولي) فأنت تقول: [وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلاً عن أن تكون ذنباً] وتقول: [وطبعاً لا أحد يقول أنه ينبغي أن نقتدي بموسي عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار

ص: 116

سلبية كبيرة وخطيرة جداًّ علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل، فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأَولي، لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك] ونقول لك أيها التلميذ الضعيف: ما كل هذه التناقضات والعجائب والغرائب؟ أهذه عقيدة تستطيعون إقناع أنفسكم بها؟ تقولون إن فعل موسي كان خطأ محضا أو خطأ غير مقصود، فلماذا أراد تكراره إذا في المرة الثانية؟ تقولون إن فعل موسي [وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداً علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل] فلماذا أراد تكراره إذا في المرة الثانية؟ تقولون [وهذا دليل علي أن نصرة الإسرائيلي في المرة الأولي والثانية جائزة فضلا عن أن تكون ذنباً و أو من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء] إذا كانت أفعال الأنبياء الجائزة لا نقتدي بها، فبماذا نقتدي؟ ".

أقول:

أولاً: لا تناقض ولا عجائب ولا غرائب ولكن من لا يفهم الكلام يعتبر أن فيه تناقض.. ويعتبر أن فيه غرائب وعجائب.

ثم لنا أن نقول لك: إذا كانت النصرة معصية.. فلماذا أراد موسي أن يكررها ثانية، ويفعل معصية مرة أخري؟

وإذا كان الإسرائيلي مجرماً.. فلماذا ينصره مرة أخري ويرتكب جرماً ومعصية في نصرته وهو مجرم ويخالف عهداً قطعه علي نفسه لله أنه: " لن يكون ظهيراً للمجرمين " طبعاً حسب قولكم. والإشكالات التي أوردتها علينا تأتي عليك بكاملها.

ص: 117

علي أن تكرار ما هو مخالفة للأَولي أهون بكثير من تكرار فعل المعصية والتجرؤ علي الله سبحانه وتعالي بفعلها فتدبر ذلك.

ثانياً: نحن نقول بأن استعجال موسي عليه السلام في القضاء علي القبطي هو الخطأ فقط.. وهو الذي أدي إلي تلك النتائج السلبية وكان الأَولي أن لا يستعجل موسي عليه السلام في القضاء علي القبطي لما له من الآثار السلبية حيث سيصبح موسي عليه السلام ملاحقاً من قبل السلطة مشرداً بعيداً عن القوم الذين أرسل إليهم.

أما نصرة الإسرائيلي فليست خطأ في حد ذاتها فلا إشكال علينا في ذلك.

ثالثاً: ولتوضيح وبيان أنه ليس كل فعل هو جائز فعله وليس بحرام يكون مورداً للإقتداء، نقول:

إن الأفعال التي تصدر من العبد تنقسم حسب الأحكام الخمسة: 1 - الوجوب. 2 - الحرام. 3 - المستحب. 4 - المباح. 5 - المكروه.

والكل يعلم أن الواجب هو ما يجب علي المكلف فعله ويأثم إن تركه ولم يفعله ويثاب علي فعله. والحرام هو ما لا يجوز للمكلف فعله ويأثم في فعله ويثاب علي تركه. والمستحب هو الذي لا يجب علي المكلف فعله ولكنه يستحب له أن يفعله فإن فعله أثيب وإن لم يفعله لم يأثم. والمباح هو الفعل الذي لم يرد في الشريعة الإسلامية النهي عنه سواء كان نهي حرمة أو نهي كراهة ولم يرد الأمر به سواء كان أمر وجوب أو ندب فلا يثاب المرء علي فعله ولا يعاقب علي تركه. والمكروه هو الفعل الذي ورد التنفير منه في الشريعة الإسلامية لا علي سبيل الحرمة، فالعبد غير معاقب علي فعله ومثاب علي تركه، وذلك لأن المصلحة المترتبة علي تركه أكثر وأكبر من المصلحة المترتبة علي فعله إن كانت هناك مصلحة في فعله، وأن المفسدة الناشئة من فعله أكبر من المفسدة الناشئة من تركه إذا كانت هناك مفسدة في الترك.

ص: 118

وترك الأَولي مشابهة للمكروه من هذه الناحية، فكما أن فعل المكروه غير مورد للإقتداء بفاعله فيه فكذلك ترك الأَولي غير مورد للإقتداء بفاعله فيه أيضاً.

فمورد الإقتداء بالآخرين في أفعالهم هو في فعلهم للواجب والتزامهم به، أو تركهم للحرام أو تركهم للمكروه أو فعلهم للمستحب.

أما المباح فمباحٌ للمرء أن يقتدي في فعله بالآخرين أو لا يقتدي بهم، وبهذا نكون قد وضحنا أن ليس كل ما ليس بحرام وجائز فعله هو مورد للإقتداء.

قلت يا مشارك:

" إذا ثبت أن النبي صلي الله عليه وآله أوتر بثلاث أو بخمس و... وبأحد عشر.

فنقول حسب قاعدتكم الحكيمة: أنه لا يجوز الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في الوتر بثلاث ركعات لأنه من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك.

أي دين هذا وأي عقيدة هذه ".

أقول:

إذا ثبت أن وتر النبي صلي الله عليه وآله بثلاث ركعات أو أكثر هو خلاف الأَولي، وأن الأَولي والأفضل والأكثر ثواباً هو الوتر بركعة واحدة، فإن كل عاقل يعرف أنه لا مورد للإقتداء في ذلك بالنبي صلي الله عليه وآله في ذلك..

لأن الأفضل والأحسن والأكثر ثواباً ومطلوبية لله هو الوتر بواحدة، نعم لو كان الوتر بثلاث أو خمس أو... بإحدي عشرة.. إلخ. كالوتر بالواحدة في المطلوبية والثواب، أو كان أكثر ثواباً وأكثر مطلوبية وأفضلية عندها لا يكون فعل النبي هذا مخالفةً للأَولي بل فعلاً للمستحب، والأكثر مطلوبية من قبل المولي وعندها يكون فعله هذا مورد اقتداء.

ص: 119

وفي الختام:

أرجو منك أن ترد علي أدلتي وتناقش أفكاري وما كتبته بأسلوب الحوار الحضاري بعيداً عن تناول شخصيتي، ثم عليك أن ترد علي جميع ما أورده من رد إما إيجاباً أو سلباً.

فما كانت الحجة فيه واضحة وجلية فينبغي أن نقبله ونؤمن به ونذعن له دون أي مكابرة.

وما كان الحجة فيه غير قوية، علينا أن نناقشه ونوهنه ونبطله بالدليل والبرهان، لا أن ترد علي البعض.. وما كانت فيه الحجة قوية وجلية ولا تستطيع دفعه ورده تتجاهله.

حيث سأعتبر كل ما قد تتجاهله تسليماً منك به.

وكتب (شعاع)، الخامسة مساءً:

التلميذ:

ما معني قوله تعالي: " فعصي (كذا) آدم ربه فغوي "؟

وقوله تعالي " وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين "؟

وقوله تعالي: " ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر "؟

وهذا الخطاب موجه إلي أشرف الخلق. فلا أدري ما هي تفسيرات الرافضة لهذه الآيات؟

فكتب (التلميذ)، السابعة والنصف مساءً:

شعاع:

موضوع الحوار والمناقشة ليس معك وإنما مع مشارك.

ص: 120

ونحن الآن نناقش عصمة نبي الله موسي عليه السلام، فلا نريد خلطاً بين المواضيع.

وما ذكرته يا شعاع ليس فيه ما يدل علي صدور الذنب من أحد من الأنبياء.. وإن شاء الله عندما نصل أنا ومشارك إلي النقاش في هذه الآيات، سأثبت بالدليل القاطع صحة ما أقول.

الأخ موسي العلي حفظه الله ورعاه:

أخي العزيز لي رجاء واحد منك أن تمنع كل من يتدخل في هذا الحوار بيني وبين مشارك حتي لا يتشتت القارئ الكريم لكثرة تدخلات الأخوة.

فكتب (موسي العلي)، الثامنة والنصف مساءً:

الأخ كميل، الزميل شعاع: تحية طيبة..

الرجاء منكما عدم التعليق أو كتابه المداخلات وسوف نحذف كل مداخلة لغير التلميذ ومشارك.

ونشكركما علي التعاون، مع تحيات - المشرف.

وكتب (مشارك) بتاريخ 23 - 9 - 1999، الواحدة صباحاً:

سأوافيك بردِّي في الغد إن شاء الله.

وكتب (مشارك) بتاريخ 24 - 9 - 1999، السابعة والنصف صباحاً:

وبعد: أسأل الله أن يريني وإياك الحق حقاًّ ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه، وأشكرك حقيقة علي مواصلة الحوار، واتباعك لهذا الأسلوب الجميل في محاولة التعليق علي جميع ما أذكر.

واسمح لي بداية ببعض الوقفات المتعلقة بأصل الموضوع، قبل أن أعرج علي ردك الأخير فأقول وبالله التوفيق. رب يسر وأعن:

ص: 121

(أ) أحب أن أذكركم بما يقوله أحد علمائكم: " فلا يصح - والحال هذه - أن يهمل الإنسان نفسه في الأمور الإعتقادية أو يتكل علي تقليد المربين، أو أي أشخاص آخرين، بل يجب عليه - بحسب الفطرة العقلية المؤيدة بالنصوص القرآنية - أن يفحص ويتأمل، وينظر ويتدبر في أصول اعتقاداته المسماة بأصول الدين التي أهمها: التوحيد، والنبوة، والإمامة، والمعاد. ومن قلد آباءه أو نحوهم في اعتقاد هذه الأصول فقد ارتكب شططاً، وزاغ عن الصراط المستقيم، ولا يكون معذوراً أبداً ".

وبالإختصار عندنا هنا ادعاءان:

الأول: وجوب النظر والمعرفة في أصول العقائد، ولا يجوز تقليد الغير فيها.

الثاني: إن هذا وجوب عقلي قبل أن يكون وجوباً شرعياًّ، أي لا يستقي علمه من النصوص الدينية، وإن كان يصح أن يكون مؤيداً بها بعد دلالة العقل.

وليس معني الوجوب العقلي إلا إدراك العقل لضرورة المعرفة، ولزوم التفكير والإجتهاد في أصول الإعتقادات.

(ب) لقد جاءت آيات كثيرة تثبت وقوع الخطأ والذنب والنسيان من الأنبياء.

وقد ذكرت لك منها الكثير في الأعلي، وكذلك وردت أحاديث كثيرة عندنا تثبت نفس الأمر، وكذلك ورد عندكم في حق الأنبياء وحق أئمتكم ما يثبت ذلك أيضاً.

وسأذكر لك هنا بعض ما تروونه وتستشهدون به وأنا أنقله هنا من موضوع قديم لأخيك العاملي عن الشرك، فهذه رواياتكم أنتم لا رواياتنا، ومنقولة منكم لا منا أيضاً فمن ذلك:

ففي روضة الواعظين للنيسابوري ص 327:

ص: 122

أن أبا بصير سأل الإمام الصادق عليه السلام: ما كان دعاء يوسف في الجب، فإنا قد اختلفنا فيه؟

قال: إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة، قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً، ولن تستجيب لي دعوة، فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه فقد علمت رقته علي وشوقي إليه.

قال: ثم بكي أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب دعوة فإني أسألك بك فليس كمثلك شئ، أتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله. قال ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: قولوا هذا وأكثروا منه، كثيراً ما أقوله عند الكرب العظام.

دعاؤه عليه السلام - يعني هنا الإمام السجاد (علیه السلام)؟ - في ذكر التوبة وطلبها: الصحيفة السجادية:1/216:

اللهم يا من لا يصفه نعت الواصفين، ويا من لا يجاوزه رجاء الراجين، ويا من لا يضيع لديه أجر المحسنين، ويا من هو منتهي خوف العابدين، ويا من هو غاية خشية المتقين. هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب، وقادته أزمة الخطايا.... اللهم فارحم وحدتي بين يديك، ووجيب قلبي من خشيتك، واضطراب أركاني من هيبتك، فقد أقامتني يا رب ذنوبي مقام الخزي بفنائك، فإن سكت لم ينطق عني أحد، وإن شفعت فلست بأهل الشفاعة. اللهم صل علي محمد وآله، وشفع في خطاياي كرمك، وعد علي سيئاتي بعفوك، ولا تجزني جزائي من عقوبتك، وابسط علي طولك، وجللني بسترك، وافعل بي فعل عزيز تضرع إليه عبد ذليل فرحمه، أو غني تعرض له عبد فقير فنعشه. اللهم

ص: 123

لا خفير لي منك فليخفرني عزك، ولا شفيع لي فليشفع لي فضلك، وقد أوجلتني خطاياي فليؤمني عفوك...

الصحيفة السجادية: 1/402.

والحمد لله الذي يحلم عني حتي كأني لا ذنب لي، فربي أحمد، وهو أحق بحمدي. يا ذا المن ولا يمن عليك، يا ذا الطول، ويا ذ الجلال والإكرام، لا إله إلا أنت ظهر اللاجين، وجار المستجيرين، وأمان الخائفين، إليك فررت بنفسي يا ملجأ الخائفين، لا أجد شافعا إليك إلا معرفتي بأنك أفضل من قصد إليه المقصرون، وآمل من لجأ إليه الخائفون. أسألك بأن لك الطول والقوة والقدرة والحول أن تحط عني وزري، وتعصمني وتجعلني من الذين انتجبتهم لطاعتك وأدخلتهم بالتقوي في سعة رحمتك ورضوانك، يا أرحم الراحمين، وصلي الله علي محمد النبي وآله وسلم.

الصحيفة السجادية: 1/408:

إلهي أنت الذي فتحت لعبادك باباً إلي عفوك سميته التوبة فقلت: توبوا إلي الله توبة نصوحاً، فما عذر ن أغفل دخول الباب بعد فتحه؟! إلهي إن كان قبح الذنب من عبدك، فليحسن العفو من عندك. إلهي ما أنا بأول من عصاك فتبت عليه، وتعرض لمعروفك فجدت عليه. يا مجيب المضطر، يا كاشف الضر، يا عظيم البر، يا عليما بما في السر، يا جميل الستر استشفعت بجودك وكرمك إليك، وتوسلت بحنانك وترحمك لديك فاستجب دعائي، ولا تخيب فيك رجائي، وتقبل توبتي، وكفر خطيئتي بمنك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

وكذلك وفيما يتعلق بقضية السهو والنسيان.. تركتم ما قاله علماؤكم القدماء.

ويقول ابن بابويه القمي:

ص: 124

(إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي يقولون: لو جاز أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة فريضة كما أن التبليغ فريضة). المرجع: من لا يحضره الفقيه: 1/234.

ويقول شيخه محمد بن الحسن:

(أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلي الله عليه وآله والإمام). المرجع: من لا يحضره الفقيه: 1/234، شرح عقائد الصدوق ص 260.

وهذه من أعاجيبكم الكثيرة يا تلميذ. وأقول: تركتم هذا كله لدليل زعمتم أنه عقلي وهو أننا نتأسي بجميع أفعال الأنبياء فلذلك لا بد أن يكونوا معصومون (كذا) في كل شئ وإلا لشق علينا التأسي بهم لأنه قد نتأسي بهم في خطأ وقعوا فيه. فبهذا الدليل العقلي في نظركم تركتم جميع ما ذكر سابقاً.

والآن يا تلميذ فقد سقط دليلكم العقلي إلي الأبد. وبيدك أنت لا بيد عمرو.

فأنت تقول: " وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جداًّ علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل، فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك. ومجال الاقتداء بالمعصوم - سواء الإقتداء الواجب أو المندوب - في فعله هو في غير ما لم يثبت أن فعله هذا خلاف الأَولي ".

فمفهوم كلامك ومنطوقه يخالف وجه استدلالك السابق بآية: " أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده " حين استدللت بها في التأسي المطلق.

وكذلك فكلامك هنا ينقض عقيدتكم ودليلكم العقلي من أساسه حين قلتم " الوثوق فرع العصم "، فعلي كلامكم ودليلكم العقلي كيف يتسني لنا بعد الآن

ص: 125

أن نتأسي بالأنبياء ونقتدي بهم إذا كان من الممكن أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه.

ألا يخالف هذا مبدأ اللطف عندكم، فلا نستطيع بعد الآن التسليم بصحة الإقتداء والتأسي بالأنبياء، طالما أنه يجوز أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه! أليس هذا لازم كلامك يا تلميذ؟

(ج) أنتم تعتقدون أنكم بنفي هذه الأمور عن الأنبياء.

فعقيدتكم في الأنبياء أفضل من عقيدتنا وهذا باطل لا شك فيه. فعلي سبيل المثال ذكرت أنت أن فعل موسي عليه السلام جائز، ولا يحتاج أن يتوب منه وله أن يكرره، ومع ذلك فأنت تقول إنه لا يجوز لنا أن نفعل ذلك، فهل نحن أفضل من موسي حينما نستنكف أن نفعل ما يفعله موسي عليه الصلاة والسلام؟؟

نحن نقول إنه ذنب وقع فيه واستغفر ربه، وبدل الله سيئاته حسنات وانتهي الأمر. ونحن نقتدي بموسي عليه الصلاة والسلام في ترك هذا الأمر.

وأما أنتم فتثبتون إصرار موسي عليه، وأنه لم يتب منه، ومع ذلك لا تجيزون لنا فعل ذلك!

فواعجباً لكم كل هذا الإزراء بمقام الأنبياء.

(د) أتمني أن أحصل منك علي تعريف أصولي دقيق عندك فيما يتعلق بالذنب والمعصية ومخالفة الأَولي، وخاصة فيما يتعلق بقوله عز وجل: " ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون ".

وإن كنتم مثل الصوفية تقولون: حسنات الأبرار سيئات المقربين.. فأطالبك بذكر مثال واحد فقط لإثبات هذه القاعدة الباطلة. أي اذكر لي عملاً يعتبر حسنة عند الأبرار وسيئة عند المقربين.

ثم اشرع بعد ذلك في الرد علي كلامك الأخير.

ص: 126

(ه) الرد علي أولاً وثانياً: يبدو أنك اقتنعت بكلامي حول السبب والفعل والنتيجة.

وهذا شئ جيد يا تلميذ والحمد لله أن اتضحت لك الصورة الآن من الناحية الأصولية، واختفي التناقض الموهوم عندك.

(و) النصرة والإسرائيلي المجرم: يقول موسي عليه الصلاة والسلام " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين. وكلمة ظهيراً تعني: ناصراً.

وموسي عليه الصلاة والسلام ذكر هذا الكلام في معرض كلامه بعد مناصرته للمجرم الإسرائيلي، فهو إنما ناصر الإسرائيلي ولم يناصر القبطي، وهذا الإسرائيلي غوي مبين بشهادة موسي وهو الذي نشر خبر القتل، بل من الأقوال المذكورة فيه أنه هو السامري.

وتقول يا تلميذ: " ما هو دليلك علي أن الإسرائيلي كان مجرماً - بمعني أنه كان ظالماً للفرعوني في اقتتاله معه - حتي تكون نصرة موسي عليه السلام له معصية ".

وأقول لك يا تلميذ إن لم يقنعك الكلام السابق كله، فقد تقتنع بما قاله إمامك في شأن الإسرائيلي.

وأما نقلكم عن إمامكم المعصوم: " وقد روي من طرقنا، أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، عن قوله تعالي: (هذا من عمل الشيطان)، فأجابه الإمام الرضا عليه السلام قائلاً: الإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين، لا ما فعله موسي من قتله ".

فلو كان اقتتال الإسرائيلي مع القبطي مما يرضاه الله، فلم قال عنه إمامك إنه من عمل الشيطان؟

ص: 127

وها هو موسي عليه الصلاة والسلام ناصر اليهودي الذي فِعله من عمل الشيطان وليس من أجل الله، أوليس هذا لازم قول إمامك؟

قول قتادة كقول ابن عباس يحتاج إلي إثبات صحته أولاً.

(ز) تكرار النصرة للإسرائيلي: هذا يشكل عليكم أكثر مما يشكل علينا.

فبالنسبة لنا هناك احتمالان:

الأول: أنه ربما لم يستثن صلي الله عليه وسلم، وهذا مما روي عن ابن عباس كما في القرطبي، وأنا معك في أن هذا احتمال قد يكون صحيحاً أو خاطئاً، مع الإحتياج للتأكد من ثبوت النقل عن ابن عباس.

الثاني: أن هذا الوعد الذي قطعه موسي عليه الصلاة والسلام علي نفسه وإن استثني فيه فلا حجة لكم علينا في المعاودة، لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم.

فنحن نقول: إن موسي عليه الصلاة والسلام إن تكرر منه الأمر في المرة الأولي ثم تاب منه وقطع علي نفسه عهداً بذلك فهو ليس بمعصوم عن الوقوع في نفس الخطأ مرة أخري، ثم التوبة منه بعد ذلك، وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين منه صلي الله عليه وسلم، وإن تكرر منه الفعل مرة أو اثنين، طالما أنه في الأخير لا يعود إلي هذا العمل بعد ذلك.

(ح) الوكزة والقتل: ينطبق عليهما ما ذكر سابقاً لأنه كان نصرة للإسرائيلي المجرم.

(ط) (لو): وأما أن لو تفتح عمل الشيطان فهذا جزء من حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم. وأما عن الروايات التي ذكرتها وغيرها فهناك مبحث جميل ومفيد عن (لو) في أحد أعداد مجلة البحوث الإسلامية الصادرة

ص: 128

عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث الإسلامية والدعوة والإرشاد، ويمكنني أن أعثر علي رقم العدد، لو كان هذا مما يهمك، فقد ذكر الباحث أوجه استعمال لو الصحيحة والخاطئة.

(ي) ابن عباس والإستثناء: تقدم سابقاً.

(ك) كلام إمامكم: لماذا كان اقتتال الإسرائيلي مع القبطي من عمل الشيطان، طالما أن قتل القبطي جائز من قبل الإسرائيلي؟

(ل) لم تجب علي إشكالية إرادة تكرار موسي للأمر، مع حثكم بعدم الإقتداء به، فطالما أنك تعترف أنه خطأ، فلم حاول تكراره صلي الله عليه وسلم؟

(م) الوتر: لقد حجرت واسعاً يا تلميذ، وأنتم بعقيدتكم هذه شددتم علي الناس أيما تشديد. فمفهوم كلامك ومنطوقه بقولك " إذا ثبت أن وتر النبي صلي الله عليه وآله بثلاث ركعات أو أكثر هو خلاف الأَولي، وأن الأَولي والأفضل والأكثر ثواباً هو الوتر بركعة واحدة فإن كل عاقل يعرف أنه لا مورد للإقتداء في ذلك بالنبي صلي الله عليه وآله في ذلك، لأن الأفضل والأحسن والأكثر ثواباً ومطلوبية لله هو الوتر بواحدة ".

إننا نأخذ دائماً بالعزيمة والأكمل من حال أفعال النبي صلي الله عليه وسلم دون ما سواه.

وأنا أطالبك بالدليل علي دعواك بعدم الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في فعله المفضول إذا ثبت فعله للفاضل، فعندنا نقتدي بالنبي صلي الله عليه وسلم في الجميع، وأنت تقول هنا لا مجال للإقتداء بالنبي في المفضول!!!

شعاع: آمل تصحيح الآية يا أخي (وعصي آدم ربه فغوي).

فكتب (التلميذ) بتاريخ 25 - 9 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

ص: 129

إلي مشارك: شكراً جزيلاً علي الدعاء.

لقد نقلت كلاماً لأحد علماء الشيعة.. ولم تذكر من هو هذا العالم.. ولا أشرت إلي المصدر الذي نقلت منه هذا الكلام، مع أنه في موارد الإحتجاج والحوار يلزم أن ينقل المستشهد بقول شخص اسم صاحب القول ومصدر قوله، فالرجاء عندما تستشهد بقول أحد تذكر لي مصدره وقائله، ليتسني لي المراجعة. ثم بعد نقلك لقول هذا العالم..

قلت: " (ب) لقد جاءت آيات كثيرة تثبت وقوع الخطأ والذنب والنسيان من الأنبياء وقد ذكرت لك منها الكثير في الأعلي، وكذلك وردت أحاديث كثيرة عندنا تثبت نفس الأمر، وكذلك وردت عندكم في حق الأنبياء وحق أئمتكم ما يثبت ذلك أيضاً ".

أقول:

أولاً: هذه الآيات التي ذكرتها أو التي لم تذكرها، مما يظهر منه صدور وحصول خطأ أو معصية من بعض الأنبياء فهو محمول عندنا علي مخالفة الأَولي لا علي المعصية.

والمخالفة بمعناها المتعارف شرعاً، فالأنبياء معصومون من أي مخالفة شرعية، وإن طال بنا العمر واستمر هذا الحوار بيننا فسأثبت لك بالدليل عند الحديث عن هذه الآيات صحة قولنا هذا.

كما أن بعض هذه الآيات لا يظهر منه أصلاً ما يدل علي صدور ذنب أو خطأ، ولكن لعدم التدبر والفهم لهذه الآيات من قبلكم هو الذي جعلكم تتوهمون وتفهمون منها ذلك.

ص: 130

وبالنسبة لما ورد في بعض الآيات من حصول النسيان لبعض الأنبياء، فإنه ليس بالمعني المتعارف والظاهر من لفظة النسيان، بل بمعني الترك الذي هو أحد معاني لفظة النسيان.

فمثلاً قوله تعالي: " ولقد عهدنا إلي آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً " أي ترك آدم عهدنا إليه بعدم الأكل من الشجرة فأكل منها، ولم نجد له عزماً.

والدليل علي ذلك سيأتي في محله إن شاء الله تعالي عند البحث عن هذه الآية في مسألة عصمة نبي الله آدم عليه السلام.

ثانياً: بالنسبة للروايات التي وردت من طرقكم، فهي ليست بحجة علينا لعدم ثبوت صحة هذه الروايات عندنا.

وأما بالنسبة للروايات الواردة من طرقنا، فهي إما ضعيفة السند لجهة الإرسال فيها أو ضعف رواتها، وإما أنها لا تدل علي شئ من ذلك.

ولكن فهمكم غير الدقيق لها هو الذي جعلكم تفهمون منها ذلك.. ومتي ما احتججت علينا بشئ من هذه الروايات سنبين لك في حينها حقيقة القول فيها، وعدم قيام الحجة فيها علينا، إما بسبب ضعفها أو عدم دلالتها.

وإذا وجدت رواية واحدة صحيحة أو روايتين - هذا علي فرض وجودها - فلا تقومان مقام الأدلة الكثيرة العقلية والنقلية الدالة عندنا علي مطلق العصمة لهؤلاء الأنبياء.

قلت يا مشارك:

" وسأذكر لك هنا بعض ما تروونه وتستشهدون به وأنا أنقله هنا من موضوع قديم لأخيك العاملي عن الشرك فهذه رواياتكم أنتم لا رواياتنا ومنقولة منكم لا منا فمن ذلك:

ص: 131

ففي روضة الواعظين للنيسابوري ص 327، أن أبا بصير سأل الإمام الصادق عليه السلام: ما كان دعاء يوسف في الجب، فإنا قد اختلفنا فيه؟ قال: إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً، ولن تستجيب لي دعوة فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه فقد علمت رقته علي وشوقي إليه. قال: ثم بكي أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب دعوة، فإني أسألك بك فليس كمثلك شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله. قال ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: قولوا هذا وأكثروا منه، كثيرا ما أقوله عند الكرب العظام ".

أقول:

أولاً: مصدر هذه الرواية هو كتاب الأمالي للشيخ الصدوق عليه الرحمة ص 403 ونقلها عنه صاحب البحار في أكثر من مكان من كتاب بحار الأنوار ومنها في ج 12 ص 225 رواية 19 باب 9 والفتال النيسابوري نقلها عن أحدهما.

وهي رواية ضعيفة سنداً ففي سندها علي بن أبي حمزة البطائني وهو واقفي ملعون علي لسان الإمام الرضا عليه السلام لانحرافه، ضعيف عند علمائنا لا يعول علي مروياته.

ثانياً: ليس في الرواية شئ مما يدل علي أن معصية صدرت لا من نبي الله يوسف عليه السلام ولا من الإمام الصادق عليه السلام. وما ورد فيها من قولهما " اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي... إلخ ". فليس فيه دلالة علي صدور معصية منهم، ولا أنهم ليسوا بمعصومين ومثل هذا الكلام موجود في كثير من أدعية الأنبياء والأئمة عليهم السلام ومناجاتهم حيث أنهم يجعلون أنفسهم في مقام

ص: 132

المذنب العاصي المخالف لمولاه المتجرئ عليه، وهذا يكون منهم لمزيد من الإنقطاع إلي الله سبحانه وتعالي والتقرب إليه.

بل هؤلاء يعتبرون أنفسهم مقصرين في حق الله مهما فعلوا من طاعة وعبادة ومارسوا من أوراد والتزموا بذلك لأنهم، يعتبرون انشغالهم بالأمور المباحة في الحياة غفلة منهم عن الله سبحانه وتعالي ولذلك ينزلون أنفسهم منزل المذنب وإن لم يكونوا في واقع الأمر كذلك.

ومن هذا يفهم الرد علي ما أوردتَه يا مشارك من مقاطع أدعية الإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين من الصحيفة السجادية.

قلت يا مشارك:

" وكذلك فيما يتعلق بقضية السهو والنسيان تركتم ما قاله علماؤكم القدماء ويقول ابن بابويه القمي: إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي يقولون: لو جاز أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة فريضة كما أن التبليغ فريضة. المرجع: من لا يحضره الفقيه: 1/234.

ويقول شيخه محمد بن الحسن: أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلي الله عليه وآله والإمام. المرجع: من لا يحضره الفقيه: 1/234، شرح عقائد الصدوق ص 260. وهذه من أعاجيبكم الكثيرة يا تلميذ ".

أقول:

أولاً: إن علماء الشيعة القدماء والمتأخرين ومتأخري المتأخرين مجمعون علي رأي واحد في هذه المسألة وشذوذ واحد أو اثنين لا يخرق هذا الإجماع.

وقولك بأننا تركنا ما قاله علماؤنا القدماء فيه إيهام للقارئ بأن قدماء الشيعة مجمعون أو أن أغلبهم علي خلاف رأي المتأخرين وهذا غير صحيح.

ص: 133

وأنت لم تأتِ إلا بالشيخ الصدوق وشيخه محمد بن الحسن لعلمك بأنه لا يوجد غيرهم من القدماء من يخالف الإجماع.

ثانياً: إذا كان مخالفة رأي عالم واحد أو اثنين من الطائفة والمذهب لمجموع علماء الطائفة يعتبر من الأعاجيب، فإن أعاجيبكم أكبر وأكثر!!

ففيما قدماء علمائكم مجمعون علي عدم الأخذ بظاهر الآيات التي تثبت الجهة والجارحة لله مثل اليد والعين وغيرها من الجوارح والمتأخرون منهم يؤولون ظاهرها ولا يقبلون به، تأتون أنتم - أعني أتباع ابن تيمية (الوهابية) - وتشذون عنهم فتأخذون بظواهر هذه الآيات وتثبون الجارحة والجهة لله سبحانه وتعالي، فخالفتم جل علماء أهل السنة بذلك، ووصل الأمر إلي أن كفر وضلل بعضكم البعض.

فكيف يكون مخالفة قول واحد أو اثنين من العجائب، ولا يكون مخالفة جل علماء المذهب من هذا القبيل؟ " تلك إذا قسمة ضيزي ".

ثالثاً: إن من يراجع كلام الشيخ الصدوق عليه الرحمة وقدس الله روحه الشريف يجد أن ما يقول بجوازه من السهو علي النبي صلي الله عليه وآله هو إسهاء الله له لمصلحة، كنفي الربوبية عنه، وإثبات أنه بشر مخلوق، وإعلام الناس حكم سهوهم في العبادات وأمثاله.

أما السهو الذي يعترينا من الشيطان فإنه لا يقول به ولا يجوِّزه علي الأنبياء، فهم منه براء وهو ينزههم عنه، وليس للشيطان عليهم سلطان ولا سبيل.

يقول الشيخ الصدوق عليه الرحمة: " وليس سهو النبي صلي الله عليه وآله كسهونا، لأن سهوه من الله عز وجل، وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ رباًّ معبوداً دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متي سَهُوا. وسهوُنا من الشيطان وليس للشيطان علي النبي صلي الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام سلطان، إنما سلطانه علي الذين يتولونه

ص: 134

والذين هم به مشركون وعلي من تبعه من الغاوين ". من لا يحضره الفقيه: 1/296.

قلت يا مشارك:

" تركتم هذا كله لدليل زعمتم أنه عقلي وهو أننا نتأسي بجميع أفعال الأنبياء، فلذلك لا بد أن يكونوا معصومون (كذا) في كل شئ وإلا لشق علينا التأسي بهم، لأنه قد نتأسي بهم في خطأ وقعوا فيه فبهذا الدليل العقلي في نظركم تركتم جميع ما ذكرنا سابقاً ".

أقول:

أولاً: الدليل العقلي هو أحد الأدلة التي تعتمد عليها الشيعة في عصمة الأنبياء والأئمة عليهم السلام وليس هو الدليل الوحيد.

ثم من أين أتيت فيما سبق بما ينقض هذا الدليل لتأتي وتقول - كما يأتي في كلامك أدناه – " والآن يا تلميذ فقد سقط دليلكم العقلي إلي الأبد وبيدك أنت لا بيد عمرو ".

أليس هذا ادعاء فارغ.. وما بينته وذكرته أعلاه قد رددنا عليه. فبقي دليلنا العقلي ثابت.. لا تهزه العواصف صامد.. أبد الدهر وإلي أن تقوم الساعة إن شاء الله تعالي.

ثانياً: إن أدلة الشيعة العقلية علي عصمة الأنبياء عديدة، فلا ينحصر دليلهم علي دليل واحد.

فليس دليل الأسوة والقدوة هو الدليل الوحيد حتي يكون نقضه نقصاً لعقيدة العصمة عند الشيعة بالمعني الذي يقولونه.

ص: 135

كما أن نقض هذه العقيدة (عند الشيعة) من أساسها يحتاج إلي نقض جميع الأدلة بكاملها، سواء العقلية والنقلية منها، ودون من يحاول ذلك خرط القتاد.. يا مشارك.

قلت يا مشارك:

" والآن يا تلميذ فقد سقط دليلكم العقلي إلي الأبد وبيدك أنت لا بيد عمرو فأنت تقول:

[وطبعاً لا أحد يقول إنه ينبغي أن نقتدي بموسي عليه السلام في مثل هذا الفعل والقضاء علي الخصم في حالة ما إذا كانت الآثار السلبية كبيرة وخطيرة جدا علي الفرد نفسه أو علي الجماعة والإيجابيات أقل، فما دام وضح وتبين لنا أن هذا الفعل الصادر من هذا النبي (موسي) كان من قبيل الخطأ غير المقصود أو من قبيل المخالفة للأَولي لا مجال للإقتداء به فيه ولا ينبغي الإقتداء بذلك. ومجال الإقتداء بالمعصوم - سواء الإقتداء الواجب أو المندوب - في فعله هو في غير ما لم يثبت أن فعله هذا خلاف الأَولي].

فمفهوم كلامك ومنطوقه يخالف وجه استدلالك بآية: (أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده) حيث استدللت بها في التأسي المطلق، وكذلك فكلامك هنا ينقض عقيدتكم ودليلكم العقلي من أساسه حين قلتم (الوثوق فرع العصمة)، فعلي كلامكم ودليلكم العقلي، كيف يتسني لنا بعد الآن أن نتأسي بالأنبياء ونقتدي بهم، إذا كان من الممكن أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه، ألا يخالف هذا مبدأ اللطف عندكم؟ فلا نستطيع بعد الآن التسليم بصحة الإقتداء والتأسي بالأنبياء طالما أنه يجوز أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه! أليس هذا لازم كلامك يا تلميذ؟ ".

أقول:

ص: 136

أولاً: إن استشهادي بقوله تعالي: " فبهداهم اقتده " كان ضمن مجموعة من الآية المترابطة فيما بينها والتي تشكل بمجموعها دليلاً كاملاً علي عصمة الأنبياء. ولم آتِ بهذه الآية كدليل بمفرده علي عصمة الأنبياء، فراجع دليلي هذا.

ثانياً: إذا ثبت بدليل قاطع أن الفعل الصادر من المعصوم كان خلاف الأَولي، فإنه كما ذكرنا يكون هذا الفعل ليس مورداً للإقتداء به فيه، لأنه خلاف الأَولي.

ولا ينافي هذا مسألة الإقتداء المطلق بهم، فخرج هذا المورد من هذه المسألة بالدليل، فبقيت المسألة علي إطلاقها إلا مثل هذا المورد.

مثل ما أنتم تقولون إنه إذا ثبت لنا أن الفعل الصادر من النبي هو معصية ومخالفة لله فليس لنا أن نقتدي به فيه، هكذا نقول نحن: إن الفعل المخالف للأَولي الصادر من المعصوم، إذا ثبت أنه كذلك فليس هو مورد للإقتداء.

لكننا نقول بأنه ليس دائماً يستطيع المرء أن يشخص أن هذا الفعل الصادر من النبي مخالف للأَولي أو أنه معصية، فعلي قولنا بعصمة الأنبياء المطلقة لن نقع في المعصية حتي لو فعلنا ما فعله النبي من مخالفة الأَولي لأن مخالفة الأَولي ليست معصية.

أما أنتم فتكونون حسب عقيدتكم قد ارتكبتم معصية وذنباً إذا ما اقتديتم بفعل للنبي، وكان هذا الفعل معصية لله سبحانه وتعالي.

فإذا كان القول بعصمة الأنبياء المطلقة ليس لطفاً، أهذا يكون لطفاً، يا مشارك.

ثالثاً: إن الأمر بالأخذ من الأنبياء والرسل تعاليم الدين وأحكام الشرع والإقتداء بهم والسير علي نهجهم وطريقهم في القرآن الكريم، وقبول أحكامهم وطاعتهم أمر مطلق غير مقيد بشئ وهو دليل العصمة.

ص: 137

فلم يقل الله سبحانه وتعالي أطيعوا الرسول إذا لم يكن ما يأمركم به فيه معصية، وأما إذا أمركم بمعصية فلا تطيعوه أو تثبتوا من أقواله ولا تأخذوا بشئ منها إلا بعد أن يثبت لكم أنها غير مخالفة لله!!

ولم يقل الله سبحانه وتعالي إذا حكم الرسول بحكم فلا تقبلوا حكمه إذا كان مخالفاً لتشريع الله!!

بل أمر بقبول الحكم من النبي بشكل مطلق.

فما يحكم به النبي أو يأمر به أو ينهي عنه لا مجال لأحد أن يرفضه أبداً وبتاتاً، ومن يرفض شيئاً من ذلك أو يتردد في قبوله يكون قد رد علي الله سبحانه وتعالي برده علي رسوله!!

رابعاً: قلت لي: " فعلي كلامكم ودليلكم العقلي كيف يتسني لنا بعد الآن أن نتأسي بالأنبياء ونقتدي بهم، إذا كان من الممكن أن يصدر منهم ما لا يجوز لنا أن نقتدي بهم فيه؟ ".

أقول:

وعلي كلامكم وقولكم القائل بجواز المعصية علي الأنبياء، يكون المحذور أشد وأعظم، فكيف يتسني لنا أن نتأسي بالأنبياء ونقتدي بهم إذا كان من الممكن أن يصدر منهم المعاصي والذنوب التي هي بلا شك ليست مورداً للإقتداء بأحد فيها؟

وأكرر علي أننا لو فعلنا مثل فعل النبي المخالف للأَولي غير الظاهر لنا أنه كذلك مقتدين به فيه، فإننا حتماً لم نقع في معصية ولا ارتكبنا ذنباً.

أما أنتم وحسب عقيدتكم تكونون قد فعلتم ذنباً ومعصية بالإقتداء به في مورد المعصية.

قلت يا مشارك:

ص: 138

" أنتم تعتقدون أنكم بنفي هذه الأمور عن الأنبياء فعقيدتكم في الأنبياء أفضل من عقيدتنا وهذا باطل لا شك فيه. فعلي سبيل المثال ذكرت أنت أن فعل موسي عليه السلام جائز ولا يحتاج أن يتوب منه وله أن يكرره ومع ذلك فأنت تقول إنه لا يجوز لنا أن نفعل ذلك، فهل نحن أفضل من موسي حينما نستنكف أن نفعل ما يفعله موسي عليه الصلاة والسلام؟ وأما أنتم فتثبتون إصرار موسي عليه وأنه لم يتب منه ومع ذلك لا تجيزون لنا فعل ذلك! فواعجباً لكم كل هذا الإزراء بمقام الأنبياء ".

أقول:

أولاً: يا مشارك نحن عندما ننفي عن الأنبياء المعصية إنما لأن الدليل العقلي والنقلي ساقنا إلي ذلك، فليست المسألة مسألة أننا أفضل منكم، أو أنتم أفضل منا، فنحن مع الدليل، والقول بعصمة الأنبياء المطلقة أليق بمقامهم ومكانهم ولطفاً من الله سبحانه وتعالي بعباده.

ثانياً: ما ذكرته أعلاه مغالطة.

فنحن نقول بأن فعل موسي هذا خلاف الأَولي يعني أنه ليس بمعصية، وما ليس بمعصية لا تجب منه التوبة، ولا نقول: بأن للنبي أن يكرره.

لكننا نقول إن النبي لو صدر منه ما هو خلاف الأَولي ثم إنه كرر هذا الفعل أو مثله مما يخالف الأَولي، فإنه لم يكرر فعل معصية ولا ذنب.

ثالثاً: أنتم القائلون بجواز وقوع المعاصي من الأنبياء.

تقولون أيضاً أنه لا يجوز ولا يصح الإقتداء بهم في ذلك، فهل عندما لا تفعلون تلك المعصية التي فعلها هذا النبي أو ذاك - طبعاً حسب عقيدتكم - تكونون أنتم أفضل من الأنبياء؟

ص: 139

بلا شك إنك ستجيب ب- (كلاَّ)، إذاً فنحن عندما يثبت لنا فعل صدر من نبي من الأنبياء أنه خلاف الأولي فلم نقتدِ أو لم نفعل هذا الفعل أو مثله، لا نكون أفضل من الأنبياء.

كيف نكون نحن أفضل من أولئك الصفوة المختارة المعصومة من الله؟ كيف يكون العاصي المذنب أفضل من المعصوم؟

قلت يا مشارك:

" (د) أتمني أن أحصل منك علي تعريف أصولي دقيق عندك فيما يتعلق بالذنب والمعصية ومخالفة الأَولي وخاصة فيما يتعلق بقوله عز وجل (ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون)، وإن كنتم مثل الصوفية تقولون: (حسنات الأبرار سيئات المقربين) فأطالبك بذكر مثال واحد فقط لإثبات هذه القاعدة الباطلة، أي اذكر لي عملاً يعتبر حسنة عند الأبرار وسيئة عند المقربين ".

أقول:

لقد كررت كثيراً في كلامك في أحد ردودك السابقة أنني غير ملم بعلم الأصول ولا أفهمه، فكيف تطلب مني الآن أن أعرف لك من علم الأصول؟

أخي: المعصية معروفة شرعاً لا تحتاج إلي علم الأصول في تعريفها، ومخالفة الأَولي قد عرفتها في هذا الرد تعريفاً دقيقاً تجده في آخر هذا الرد، عند الحديث عن آخر نقطة في ردك السابق.

أما بالنسبة لقوله تعالي الذي حكاه عن لسان موسي عليه السلام بقوله: " ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " معناه: أن فرعون وأعوانه يعتبرونني حسب نظرهم مذنباً بقتلي للقبطي، فأخاف أن يقتلوني بهذا الذنب الذي لهم علي.

ص: 140

وأما بالنسبة للقول المشهور بين العلماء: " حسنات الأبرار سيئات المقربين " والذي وصفته بأنه قاعدة باطلة دون دليل ودون أن تعرف معناه، وحكمت عليه حكماً مسبقاً، فكان الأولي بك أن تسأل عنه أحد الصوفية.

لكن حسب فهمي للعبارة أنه يراد منه أن بعض الأعمال التي تصدر من الكثير من الناس ومنهم الأبرار والصالحين، هي في حد ذاتها تعتبر أموراً حسنة كالإنشغال بالأمور الحياتية مثلاً، بينما المقربون من أمثال الأنبياء يعتبرون أن هذه الأفعال وإن كانت ليست بمعاصي وذنوب حقيقة، ولكن بما أنها تشغلهم عن التوجه إلي الله في كل آن من آنات حياتهم، وفي جميع أحوالهم يعتبرون انشغالهم بذلك سيئة.. لا أنها سيئة في حقيقتها بالمعني المعروف شرعاً، بل هم يعتبرونها كذلك.

قلت يا مشارك:

" ثم أشرع بعد ذلك في الرد علي كلامك الأخير: (ه) الرد علي أولاً وثانياً: يبدو أنك اقتنعت بكلامي حول السبب والفعل والنتيجة وهذا شئ جيد يا تلميذ والحمد لله أن اتضحت لك الصورة الآن من الناحية الأصولية واختفي التناقض الموهوم عندك ".

أقول:

أولاً: لم أكن واهماً عندما قلت لك بأنك متناقض في كلامك.

فأنت أولاً جعلت ذنب موسي عليه السلام هو القتل، وبعد الإشكال عليك قلتَ بأن النصرة هي الذنب، وبعد أن أشرت إلي تناقضك هذا استنجدت بقول ثالث وقلتَ بأن النصرة ذنب والقتل ذنب.

ص: 141

ومعني كلامك هذا أن موسي عليه السلام ارتكب أكثر من ذنب، بل بالتحديد ارتكب معصيتين: الأولي أنه نصر من لا تجوز نصرته ففعل ذنباً، ثم قتل من لا يجوز قتله ففعل ذنباً ثانياً.

وهذا خلاف كلامك في المورد الأول حيث قلت: " أن الذنب يكمن في القتل ".

وأنا عندما أحجمت عن الرد عليك فيه، لا لأني سلمت بأنه ليس هناك تناقض، ولكن أنت تنفي وجوده مع أنه ظاهر من كلامك.

وعليه فعندها لن نصل أنا وأنت في المسألة إلي نتيجة.. ففضلت النقاش في لب الموضوع، لا في الجانبيات.

ولم ينقذك ما أتيت به من ما وصفته بأنه من علم الأصول - أعني السبب والفعل والنتيجة - وكأننا لا نعرف هذا الشئ، فجئت تخبرنا بشئ جديد من علم الأصول لم نكن نعرفه ولا نفهمه.

قلت يا مشارك:

" (و) النصرة والإسرائيلي المجرم: يقول موسي عليه الصلاة والسلام (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين). وكلمة ظهيراً تعني ناصراً، وموسي عليه الصلاة والسلام ذكر هذا الكلام في معرض كلامه بعد مناصرته للمجرم الإسرائيلي، فهو إنما ناصر الإسرائيلي ولم يناصر القبطي، وهذا الإسرائيلي غوي مبين بشهادة موسي، وهو الذي نشر خبر القتل، بل من الأقوال المذكورة فيه أنه هو السامري ".

أقول:

ص: 142

أولاً: من ذكر أن هذا الإسرائيلي هو السامري؟ وما مدي صحة هذا القول؟ وما هو مصدره؟ الرجاء التفضل والتكرم علينا بذكر القائل ومصدر قوله مع الإشارة إلي ما يؤيد هذا القول من النصوص الصحيحة.

ثانياً: كلامك أن موسي عليه السلام قال هذا الكلام: " رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين " عقيب حادثة النصرة وقتل القبطي أنه دليل علي أنه يشير إلي أن الإسرائيلي كان مجرماً.. لا دلالة فيه علي ما أشرت إليه.

فهو قول مطلق يحتاج إلي وجود دليل آخر يدل علي ذلك، والآيات القرآنية ليس فيها هذا الدليل. فهل عندك دليل آخر علي ذلك؟

ثالثاً: لقد ذكرت لك سابقاً أن وصف موسي عليه السلام للإسرائيلي بأنه " غوي مبين " لا دلالة فيه علي أنه كان مجرماً لأن كلمة (الغي) تستعمل في معاني مختلفة، تارة في خلاف الرشد وأخري في فساد الشئ.

قال ابن فارس: (فالأول الغي وهو خلاف الرشد والجهل بالأمر والإنهماك في الباطل، يقال:

غوي يغوي غياًّ... إلخ).

ووصف موسي عليه السلام له بذلك لعله يريد منه - والله العالم - أنك غير رشيد لدخولك في أكثر من خصام ونزاع مع الآخرين من أمثال هؤلاء القبطيين وكان ينبغي لك أن تتجنب الدخول معهم

في الخصام والنزاع حتي وإن هم حاولوا منك مخاصمتك ونزاعك والإقتتال معك أو يريد منه معني آخر من معاني هذه الكلمة.

قلت يا مشارك:

" تقول يا تلميذ: [ما هو دليلك علي أن الإسرائيلي كان مجرماً - بمعني أنه كان ظالماً للفرعوني في اقتتاله معه - حتي تكون نصرة موسي عليه السلام له معصية].

ص: 143

وأقول لك يا تلميذ: إن لم يقنعك الكلام السابق كله فقد تقتنع بما قاله إمامك في شأن الإسرائيلي (وأما نقلكم عن إمامكم المعصوم: [وقد روي من طرقنا أن المأمون العباسي سأل إمامنا الإمام علي بن موسي بن جعفر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عن قوله تعالي: هذا من عمل الشيطان. فأجابه الإمام الرضا عليه السلام قائلاً: الإقتتال الذي كان وقع بين الرجلين لا ما فعله موسي من قتله. فلو كان اقتتال الإسرائيلي مع القبطي مما يرضاه الله فلم قال عنه إمامك إنه من عمل الشيطان؟ وها هو موسي عليه الصلاة والسلام ناصر اليهودي الذي فعله من عمل الشيطان وليس من أجل الله، أو ليس هذا لازم قول إمامك؟ ".

أقول:

أولاً: لم أجد في كلامك السابق ما يقنعني والله.. ولا دليل فيه علي شئ من ذلك.

ثانياً: إن السطحية في فهم الكلام هي التي جعلتك تفهم كلام الإمام هكذا أو تفسره بهذه الكيفية، بل إن كل ما أوردته هو من باب المغالطة.

فالإمام الرضا عليه وعلي آبائه آلاف التحية والصلاة والسلام، وصف الإقتتال الدائر بين القبطي والإسرائيلي بما هو قتال لا ثمرة من ورائه ولا فائدة، أنه من عمل الشيطان فهو الذي أوجد بين هذين الشخصين هذا الإقتتال والنزاع والخصام.

أما من هو المخطئ في هذا الإقتتال هل هو القبطي أم الإسرائيلي؟ من هو الظالم ومن هو المظلوم؟ فليس في كلام الإمام عليه السلام تحديد ذلك أو الإشارة إليه!!

فقد يحصل اقتتال ونزاع بين شخصين يكون بفعل وسوسة الشيطان إلي أحدهما في قتال أخيه، فيكون هذا هو الظالم وذاك هو المظلوم.

ص: 144

ويصح أن يقال عن الإقتتال أنه من عمل الشيطان، حتي لو كان طرف واحد هو المخطئ فيه.

قلت يا مشارك:

" قول قتادة كقول ابن عباس يحتاج إلي إثبات صحته أولاً ".

أقول:

أولاً: كان عليك أن تثبت صحة قول ابن عباس من عدمه ليكون شاهداً قوياًّ لك، وهذا ما لم تفعله.

ثانياً: إن نسبة القول إلي قتادة صحيح السند، روي عنه بسند صحيح. فالرواية رواها الطبري في ج 10 ص 46 في تفسيره، وسندها هو كالتالي:

قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا: سعيد، عن قتادة: (...).

ف- (بشر) هو بشر بن معاذ العقدي، قال عنه ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب: 1/109: " صدوق من العاشرة ".

و (يزيد) هو يزيد بن زريع، قال عنه ابن حجر العسقلاني في نفس المصدر: 2/373 " ثقة ثبت ".

و (سعيد) هو سعيد بن أبي عروبة اليشكري، قال عنه ابن حجر العسقلاني في المصدر المذكور: 1/ 294: " ثقة حافظ وكان من أثبت الناس في قتادة ".

قلت يا مشارك:

" (ز) تكرار النصرة للإسرائيلي: هذا يشكل عليكم أكثر مما يشكل علينا، لنا هناك احتمالان: الأول: أنه ربما لم يستثن صلي الله عليه وسلم وهذا مما روي عن ابن عباس كما في القرطبي وأنا معك في أن هذا احتمال قد يكون صحيحاً أو خاطئاً مع الإحتياج للتأكيد من ثبوت النقل عن ابن عباس.

ص: 145

الثاني: أن هذا الوعد الذي قطعه موسي عليه الصلاة والسلام علي نفسه وإن استثني فيه فلا حجة لكم علينا في المعاودة لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم فنحن نقول إن موسي عليه الصلاة والسلام إن تكرر منه الأمر في المرة الأولي ثم تاب منه وقطع علي نفسه عهداً بذلك فهو ليس بمعصوم عن الوقوع في نفس الخطأ مرة أخري. ثم التوبة منه بعد ذلك وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين منه صلي الله عليه وسلم وإن تكرر منه الفعل مرة أو اثنتين طالما أنه في الأخير لا يعود إلي هذا العمل بعد ذلك ".

أقول:

أولاً: نعم كما ذكرت يحتاج قول ابن عباس إلي إثبات هذا أولاً. وثانياً يحتاج قوله بعد ثبوت صحته إلي كيفية الإستدلال به. وثالثاً: إثبات أن موسي عليه السلام لم يضمر الإستثناء. ورابعاً: يحتاج إلي إثبات علاقة عدم الإستثناء بالوقوع في النصرة الغير جائزة حسب زعمكم والمحرمة في المرة الثانية.

ثانياً: تكرار النصرة ليس فيه أشكال علينا فضلاً عن أن يكون أكثر من الإشكال عليكم، لأننا لا نقول بأن النصرة في حد ذاتها إلا أنها جائزة، إن لم تكن واجبة عليه سلام الله عليه.

ثالثاً: ما أعجب قولك وأغربه: " لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم "!! وقولك: " وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين "!!

أتعرف ما معني قولك هذا؟ أي أنك لا تقول بعصمة أحد من الأنبياء إلا إذا ثبت عندك أن خاتمة أمره إلي خير.

رابعاً: أهؤلاء هم صفوة البشر وخيرته ومن اصطفاهم واجتباهم الله تعالي وجعلهم أنبياء ورسلاً، وقال عنهم بأنهم علي الصراط المستقيم وأن ليس

ص: 146

للشيطان عليهم سبيل و... و... يفعلون المعاصي ويكررونها ويتجرؤون علي المولي سبحانه وتعالي؟

أهؤلاء هم قدوة البشر والناس الذين أرسلوا إليهم لجعلهم يسلكون الطريق القويم ونهج الله هم يخالفون في بعض الأحيان هذا الصراط، وينهجون غير نهجه بفعل المعاصي والذنوب؟

خامساً: إن موسي عليه السلام وبعد أن قصد مرة أخري نصرة الإسرائيلي وعزم عليها لم يثبت أن ذكر القرآن أو الروايات أنه رجع إلي ربه بما يثبت أنه نادم علي قصده المعصية مرة أخري أو علي مخالفته للعهد الذي قطعه علي نفسه بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين. وهذا دليل أيضاً علي أن النصرة لم تكن معصية ولا ذنباً.

قلت يا مشارك:

" (ط) لو: وأما أن لو تفتح عمل الشيطان فهذا جزء من حديث صحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم، وأما عن الروايات التي ذكرتها وغيرها فهناك مبحث جميل ومفيد عن (لو) في أحد أعداد مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن الرئاسة العامة لإدارة البحوث الإسلامية والدعوة والإرشاد ويمكنني أن أعثر علي رقم العدد لو كان هذا مما يهمك، فقد ذكر الباحث أوجه استعمال (لو) الصحيحة والخاطئة ".

أقول:

أولاً: كان الواجب عليك، أن تنقل لنا، نص هذا الحديث الصحيح - حسب قولك الوارد فيه - أن (لو) تفتتح عمل الشيطان، وعليه نطالب بذكر هذا الحديث ونقله لنا كاملاً مع سنده.

ص: 147

ثانياً: إن الرسول صلي الله عليه وآله والصحابة والتابعين ومن أتي بعدهم في أقوالهم وخطاباتهم التي أثرت عنهم قد استخدموا هذه اللفظة (لو) في بداية أحاديثهم وأقوالهم وحتي المسلمون في يومنا هذا، فمن احتاج كلامه وخطابه أن يستخدم هذه اللفظة فيه يستخدمها دون أدني حرج أو مانع أو شئ من هذا القبيل سواء كان الإستخدام لها في بداية الكلام أو أثنائه.

ثالثاً: إن هذا الحديث الذي تقول عنه أنه صحيح عندكم، الوارد فيه ذلك، ينبئ عن مدي التناقض الموجود عندكم في الروايات.

ففي هذا الحديث يقول النبي صلي الله عليه وآله: إن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح

بها الكلام، وفي أحاديث صحيحة أخري نجده سلام الله عليه يستخدم في بداية حديثه وكلامه هذه اللفظة، أليس هذا تناقضاً بين توجيه النبي إلي أنه لا ينبغي افتتاح الكلام ب- (لو) وبين استخدامه لها في بداية حديثه؟

بعبارة أخري إن هذا تناقض بين قول النبي صلي الله عليه وآله وبين فعله وهذه غريبة من الغرائب التي في رواياتكم يا مشارك.

وإذا أوجدت للنبي صلي الله عليه وآله عذراً في استخدامه لهذه اللفظة في بداية حديثه أو لعمر أو لغيره من الصحابة أو التابعين ممن استخدموا هذه اللفظة في بداية حديثهم مع صدور القول من النبي صلي الله عليه وآله أن الإفتتاح بها افتتاح بعمل الشيطان.. فأوجد لنا مثل هذا العذر في استخدامنا لها.

رابعاً: إن الحديث الوارد فيه ذلك لم يرد من طرقنا، فلسنا ملزمين بالأخذ به ولا حجة فيه علينا لأنه لم تثبت صحته عندنا نحن الشيعة.

ص: 148

خامساً: اللازم عليك أن تذكر لنا ما ذكره الباحث من وجوه استعمال (لو) الصحيحة والخاطئة لنعرف هل أن استخدامنا ل (لو) في كلامنا يدخل في الوجوه الصحيحة أم في الوجوه الخاطئة؟

سادساً: لم نسمع بأحد من المسلمين من علماء السنة أو الشيعة من ينهي أو يحرم أو يفتي بعدم استخدام هذه اللفظة في بداية الكلام والإفتتاح بها.

إلا إذا كان هناك من علماء مذهبك أنت (الوهابية) من يذهب إلي هذا في فتواه فقوله ليس بحجة علينا وفتواه غير ملزمة لنا.

والخلاصة: وإن كان هذا البحث لا علاقة له بموضوع حوارنا ولكن أطالبك أولاً: بذكر الرواية، وثانياً: بكلام الباحث الذي أشرت إليه.

قلت يا مشارك:

" (ك) كلام إمامكم: لماذا كان اقتتال الإسرائيلي من عمل الشيطان طالما أن قتل القبطي جائز من قبل الإسرائيلي؟ ".

أقول:

لقد جاوبنا علي هذا أعلاه وقلنا هناك بما نختصره هنا أن هذه مغالطة منك.

فكلام الإمام عليه السلام كان وصفاً لنفس الإقتتال بما هو اقتتال، بغض النظر عن من هو المخطئ فيه ومن هو المصيب.

قلت يا مشارك:

" (ل) لم تجب علي إشكالية إرادة تكرار موسي للأمر مع حثكم بعدم الإقتداء به فطالما أنك تعترف أنه خطأ فلم حاول تكراره صلي الله عليه وسلم؟ ".

أقول: إن نصرة موسي عليه السلام للإسرائيلي لم تكن خطأ في حد ذاتها حتي يكون تكرارها تكراراً للخطأ، فهذا الإشكال غير متوجه إلينا البتة، فالنبي

ص: 149

موسي عليه السلام عندما حاول نصرة الإسرائيلي مرة أخري ضد العدو الآخر، إنما فعله باعتباره جائز.. إن لم نقل أنه واجب عليه من باب نصرة المظلوم من ظالمه ".

قلت يا مشارك:

" (م) الوتر: لقد حجرت واسعاً يا تلميذ، وأنتم بعقيدتكم هذه شددتم علي الناس أيما تشديد فمفهوم كلامك ومنطوقه بقولك: [إذا ثبت أن وتر النبي صلي الله عليه وآله بثلاث ركعات أو أكثر هو خلاف الأَولي وأن الأَولي والأفضل والأكثر ثواباً هو وتر بركعة واحدة، فإن كل عاقل يقول إنه لا مورد للإقتداء في ذلك بالنبي صلي الله عليه وآله في ذلك لأن الأفضل والأحسن والأكثر ثواباً ومطلوبية لله هو الوتر بواحدة] إننا نأخذ دائماً بالعزيمة والأكمل من حال أفعال النبي صلي الله عليه وسلم دون ما سواه. وأنا أطالبك بالدليل علي دعواك بعدم الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم في فعله المفضول إذا ثبت فعله للفاضل، فعندنا نقتدي بالنبي صلي الله عليه وسلم في الجميع وأنت تقول هنا لا مجال للإقتداء بالنبي في المفضول!! ".

أقول:

أولاً: لم أحجر واسعاً، ولا عقيدتنا هذه عقيدة تشديد علي الناس ولا شئ من هذا القبيل.

وإنما عدم تدبرك في كلامي هو الذي جعلك تصل إلي هذه النتيجة.

ثانياً: إن هذا المثال أنت الذي أتيت به سابقاً - أعني مثال وتر النبي - للإشكال علي وهو في الحقيقة غير دقيق.

وذلك لأننا نعني بخلاف الأولي هو الفعل الذي لو فعله العبد كانت آثاره السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليلة أو معدومة ولو تركه كان العكس، أو هو

ص: 150

الفعل الذي لو تركه العبد تكون آثاره السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليل أو معدومة ولو فعله كان العكس.

فلو وتر النبي صلي الله عليه وآله بأكثر من ركعة بثلاث أو خمس أو.. إلخ. مبيناً أن الوتر بواحدة أو ثلاث أو خمس ممكن وجائز ولا إشكال فيه.. فهذا حتي نحن نقول بأنه يجوز الإقتداء به في كل هذه الموارد، لأنه ليس في الإقتداء به في واحد من هذه الموارد ما يخالف الأولي.

وكلامنا هو ما إذا كان الفعل الصادر من النبي في فعله سلبيات كبيرة وفي تركه إيجابيات كبيرة، وقد فعله النبي مثلاً، فنقول هنا لا مورد للإقتداء بالنبي في هذا المورد لما ثبت لنا بأن الفعل كان خلاف الأولي، وأن له سلبيات كبيرة.

كما تقولون أنتم بأنه ما ثبت لنا أنه معصية ومخالفة لله من قبل الأنبياء، فلا مجال للإقتداء بهم فيه. وحاشاهم أن يصدر منهم ذنب ومخالفة لله بمعني تجرؤ علي أوامره الإلزامية.

وعليه فمطالبتي بالدليل ناشئ من عدم فهمك لكلامي، لأن موضوع المناقشة في خصوص هذه المسألة هو موضوع الإقتداء بالأنبياء في موارد مخالفة الأَولي، لا في الإقتداء بهم في فعلهم للفعل المفضول مع سبق فعلهم للفاضل أو لحوقه، أو ثبوت أن هذا الفعل مفضول، وأن هناك فعل فاضل له.

فنحن الشيعة الإمامية الإثنا عشرية أيضاً نقول بأن كلا الموردين مورد اقتداء.. فمن فعل هذا فقد اقتدي بالنبي ومن فعل هذا فقد اقتدي بالنبي.

وأنت لو دققت النظر في كلامي أعلاه الذي أشكلت به عليَّ لوجدت أنه جاء في سياقه كلمة:

(خلاف الأولي).

وكتب (مشارك) بتاريخ 1 - 10 - 1999، السابعة مساءً:

ص: 151

وأشكرك حقيقة علي مواصلة الحوار، واتباعك لهذا الأسلوب الجميل في محاولة التعليق علي جميع ما أذكر. وإن كنت أتمني أن تبدأ كل فقرة جديدة في سطر جديد ومعذرة علي التأخير.. ولعلنا نحاول أنا وأنت الإختصار في الكتابة بما لا يخل - بعد الإنتهاء من موضوع موسي والقبطي - فهو أدعي للتواصل مع القراء، وهو أيسر لي من كتابة الردود الطويلة التي تأخذ وقتاً طويلاً مني وتكون سبباً في تأخير الرد أحياناً.

(أ) كنت أحسب أن هذا القول من المسلمات عندكم، وقد نشر في ساحتكم ومن أحدكم ولم أجد من يستنكره منكم، وعلي ما أتذكر فهو من نقولات (طالب العلم) عن شيخكم المظفر.

(ب) تقول يا تلميذ:

" أقول: أولاً: هذه الآيات التي ذكرتها أو التي لم تذكرها مما يظهر منه صدور وحصول خطأ أو معصية من بعض الأنبياء فهو محمول عندنا علي مخالفة الأَولي لا علي المعصية والمخالفة بمعناها المتعارف شرعاً، فالأنبياء معصومون من أي مخالفة شرعية، وإن طال بنا العمر واستمر هذا الحوار بيننا فسأثبت لك بالدليل عند الحديث عن هذه الآيات صحة قولنا هذا، كما أن بعض هذه الآيات لا يظهر منه أصلاً ما يدل علي صدور ذنب أو خطأ ولكن لعدم التدبر والفهم لهذه الآيات من قبلكم هو الذي جعلكم تتوهمون وتفهمون منها ذلك ".

وأقول لك:

بل سأثبت لكم إشاء الله أنكم لا تأخذون عقيدتكم من القرآن وإلا فالآيات واضحة: " واستغفر لذنبك " " وعصي آدم ربه فغوي " وغيرها من الآيات.

(ج) النسيان: وهذا أيضاً مما سأثبته لك إن شاء الله أيها التلميذ.

ص: 152

لو كان القرآن والسنة مما تحتجون به فالله عز وجل يقول عن موسي " لا تؤاخذني بما نسيت ".

وعن محمد " واذكر ربك إذا نسيت " وغير ذلك من الآيات.

(د) تقول يا تلميذ:

" فليس فيه دلالة علي صدور معصية منهم ولا أنهم ليسوا بمعصومين، ومثل هذا الكلام موجود في كثير من أدعية الأنبياء والأئمة عليهم السلام ومناجاتهم حيث أنهم يجعلون أنفسهم في مقام المذنب العاصي المخالف لمولاه المتجرئ عليه وهذا يكون منهم لمزيد من الإنقطاع إلي الله سبحانه وتعالي والتقرب إليه بل هؤلاء يعتبرون أنفسهم مقصرين في حق الله مهما فعلوا من طاعة وعبادة ومارسوا من أوراد والتزموا بذلك لأنهم، يعتبرون انشغالهم بالأمور المباحة في الحياة غفلة منهم عن الله سبحانه وتعالي ولذلك ينزلون أنفسهم منزل المذنب وإن لم يكونوا في واقع الأمر كذلك، ومن هذا يفهم الرد علي ما أوردته يا مشارك من مقاطع أدعية الإمام السجاد علي بن الحسين زين العابدين ".

وعلي هذا فمهما أتيت لك من آيات وأحاديث وأقوال لأئمتكم تثبت هذا الأمر فلا فائدة من ذلك لأنكم لا تأخذون عقائدكم منها، بل تؤولون ذلك كله علي ما يتفق مع أهوائكم.

وإلا فبيِّن لي كيف ترد علي هذا الكلام: " هذا مقام من تداولته أيدي الذنوب، وقادته أزمة الخطايا، اللهم فارحم وحدتي بين يديك، ووجيب قلبي من خشيتك، واضطراب أركاني من هيبتك، فقد أقامتني يا رب ذنوبي مقام الخزي بفنائك، فإن سكت لم ينطق عني أحد، وإن شفعت فلست بأهل الشفاعة.

ص: 153

اللهم صل علي محمد وآله، وشفع في خطاياي كرمك، وعد علي سيئاتي بعفوك، ولا تجزني جزائي من عقوبتك " بدليل منطقي؟

ما هو دليلك في نفي الذنب والسيئات عنه وهو يثبتها علي نفسه؟

وهذا أيضاً يا تلميذ:" والحمد لله الذي يحلم عني حتي كأني لا ذنب لي ".

فهو يعترف أن له ذنباً وهو يعترف بالمعصية " إلهي ما أنا بأول من عصاك فتبت عليه ".

وهو يطلب التوبة من الخطيئة " وتقبل توبتي، وكفر خطيئتي بمنك ".

وبعد هذا كله تأتي أنت لتنفي هذا كله بكلامك وتقول: " فليس فيه دلالة علي صدور معصية منهم، ولا أنهم ليسوا بمعصومين، ومثل هذا الكلام موجود في كثير من أدعية الأنبياء والأئمة عليهم السلام ومناجاتهم حيث أنهم يجعلون أنفسهم في مقام المذنب العاصي المخالف لمولاه المتجرئ عليه "!

وأنا أطالبك بالدليل الصحيح من كلامه هو لا من كلامكم أنتم.. أعطني قولاً له هو يؤيد كلامك هذا فيما حكاه عن نفسه.

وهذا أيضاً يا تلميذ ولعلي أبدؤكم بها:

(1) جاء في نهج البلاغة قول علي رضي الله عنه " لا تخالطوني بالمصانعة، ولا تظنوا بي استثقالاً في حق قيل لي، ولا التماس إعظام النفس، فإنه من استثقل الحق أن يقال له أو العدل أن يعرض عليه كان العمل بهما أثقل عليه. فلا تكفوا عن مقالة بحق أو مشورة بعدل فإني لست في نفسي بفوق أن أخطئ ولا آمن ذلك من فعلي ". نهج البلاغة ص 335.

فهو رضي الله عنه لم يدَّعِ ما تزعم الشيعة فيه من أنه لا يخطئ، بل أكد أنه لا يأمن علي نفسه من الخطأ كما يعلن عدم استغنائه عن مشورة الرعية، فأين العصمة؟؟

ص: 154

(2) وجاء من دعائه رضي الله عنه:

" اللهم اغفر لي ما أنت أعلم به مني، فإن عدت فعد علي بالمغفرة، اللهم اغفر لي ما وأيت من نفسي ولم تجد له وفاء عندي، اللهم اغفر لي ما تقربت به إليك بلساني ثم خالفه قلبي، اللهم اغفر لي رمزات الألحاظ وسقطات الألفاظ وشهوات الجنان وهفوات اللسان ". نهج البلاغة ص 104.

فها هو رضي الله عنه يقر علي نفسه بوقوع الذنب منه وبالعودة إليه بعد التوبة والإعتراف بسقطات الألفاظ. فأين العصمة؟؟

(3) قال أبو عبد الله: " إنا لنذنب ونسئ ثم نتوب إلي الله متاباً ". بحار الأنوار: 25/207.

فها هو يقر علي نفسه بالذنب والإساءة ثم التوبة. فأين العصمة؟

(4) وكان أبو الحسن موسي الكاظم يقول: " رب عصيتك بلساني ولو شئت وعزتك لأخرستني، وعصيتك ببصري ولو شئت لأكمهتني، وعصيتك بسمعي ولو شئت وعزتك لأصممتني، وعصيتك بيدي ولو شئت وعزتك لكنعتني، وعصيتك بفرجي ولو شئت وعزتك لأعقمتني، وعصيتك برجلي ولو شئت وعزتك لجذمتني وعصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها علي ولم يكن هذا جزاك مني ". انظر بحار الأنوار: 25/203.

(ه-) ولعلي آتيك الآن يا تلميذ بما لا قبل لك به إن شاء الله، وهو: ما حكم من اعتقد أنه يمكنه أن يري الله بعينيه في مذهبكم؟ وهل تعتبرون هذا من خلاف الأولي فقط؟

يقول موسي عليه الصلاة والسلام " رب أرني أنظر إليك ".

ص: 155

وهذا السؤال نبع من إمكانية تحقق الرؤية في نظره، ومعني هذا أن اعتقاد موسي - ولو لفترة ما من حياته في نظركم علي أن رؤية الله ممكنة - وهذا علي مذهبكم من الضلال العظيم.

فهيا هات ما عندك يا تلميذ في هذا الإشكال.

(و) الدين المطور: تقول يا تلميذ:

" أقول: أولاً: إن علماء الشيعة القدماء والمتأخرين ومتأخري المتأخرين مجمعون علي رأي واحد في هذه المسألة وشذوذ واحد أو اثنين لا يخرق هذا الإجماع، وقولك بأننا تركنا ما قاله علماؤنا القدماء فيه إيهام للقارئ بأن قدماء الشيعة مجمعون أو أن أغلبهم علي خلاف رأي المتأخرين وهذا غير صحيح وأنت لم تأتِ إلا بالشيخ الصدوق وشيخه محمد بن الحسن لعلمك بأنه لا يوجد غيرهم من القدماء من يخالف الإجماع ".

وأطالبك بذكر أقوال ثلاثة من القدماء في كتبهم الموجودة تخالف هذه العقيدة علي أن يكونوا في نفس الفترة الزمنية، فحسب قناعتي أن دينكم مطور ويتجه للغلو باستمرار.

(ز) الإفتراء والخروج عن مسار الموضوع:

تقول يا تلميذ:

" إذا كان مخالفة رأي عالم واحد أو اثنين من الطائفة والمذهب لمجموع علماء الطائفة يعتبر من الأعاجيب فإن أعاجيبكم أكبر وأكثر، ففيما قدماء علمائكم مجمعون علي عدم الأخذ بظاهر الآيات التي تثبت الجهة والجارحة لله مثل اليد والعين وغيرها من الجوارح، والمتأخرون منهم يؤولون ظاهرها ولا يقبلون به تأتون أنتم - أعني أتباع ابن تيمية (الوهابية) - وتشذون عنهم فتأخذون بظواهر هذه الآيات وتثبون الجارحة والجهة لله سبحانه وتعالي،

ص: 156

فخالفتم جل علماء أهل السنة بذلك ووصل الأمر إلي أن كفر وضلل بعضكم البعض، فكيف يكون مخالفة قول واحد أو اثنين من العجائب ولا يكون مخالفة جل علماء المذهب من هذا القبيل؟ تلك إذا قسمة ضيزي ".

فأهل السنة والجماعة قديماً وحديثاً من عهد الصحابة إلي عصرنا هذا متفقون في العقيدة، ويثبتون لله ما أثبته لنفسه من غير تحريف ولا تعطيل، والنقولات عنهم في ذلك كثيرة جداً كما في كتب اللالكائي وابن خزيمة والعكبري وعبد الله ابن أحمد وغيرهم.

والآن نريدك أن ترجع عن افتراءك بهذا الإجماع الكاذب أو تثبته لنا.

(ط) النسيان مرة أخري: تقول يا تلميذ:

" ليس سهو النبي صلي الله عليه وآله كسهونا، لأن سهوه من الله عز وجل وإنما أسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ رباًّ معبوداً دونه، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متي سهوا، وسهونا من الشيطان وليس للشيطان علي النبي صلي الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام سلطان، إنما سلطانه علي الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلي من تبعه من الغاوين ".

وأقول جواباً لك:

أريد إجابة محددة أولاً. هل حصل سهو ونسيان للأنبياء، أم لا؟

ونعلم أن الشيطان ليس له سلطان علي الأنبياء، ولكن هذا لا يتعارض مع قوله تعالي: " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوءاتهما ". " وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله ". فلا تكونوا ممن يؤمن ببعض فقط.

(ي) الدليل العقلي: لم تأتِ بما ينقض كلامي بخصوص دليلكم العقلي يا تلميذ.

ص: 157

وأراك خلطت عن عمد أو عن جهل بكثير من الأمور، فكلامي كان محصوراً في الإقتداء بالأفعال التي يعملها الأنبياء، وأنت أتيت بقضية المعصية ومخالفة الأَولي وهي خارجة عن الموضوع، وأتيت بوجوب طاعة الأنبياء فيما يبلغونه وهو أيضاً خارج عن الموضوع، وكلامي معك بخصوص أفعال الأنبياء مثل قوله: " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم ".

ولكي أزيد المسألة وضوحاً: أنتم تقولون لا بد أن يكون النبي والإمام معصوماً في جميع أفعاله لأنه محل القدوة، فلذلك لا بد أن يكون معصوماً حتي من الخطأ والنسيان وهذا من الغلو والتناقض.إن استطعت أن تميز محل النقاش فنستطيع أن نكمل هنا.

(ك) وتقول يا تلميذ:

" كما أن نقض هذه العقيدة - عند الشيعة - من أساسها يحتاج إلي نقض جميع الأدلة بكاملها سواء العقلية والنقلية منها ودون من يحاول ذلك خرط القتاد يا مشارك ".

وأقول لك:

بل عقيدتكم هذه لا يمكن أن تدخل أي عقل صحيح، والأدلة النقلية والعقلية في بطلانها أكثر من أن تعد أو تحصي. ولعلي أعيد لكم قريباً كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في نقض عصمة أئمتكم في موضوع بعنوان (الوجوه الإثني عشر في نقض عصمة وإمامة أئمة الإمامية). فترقبه يا تلميذ.

(ل) الإزراء بالأنبياء: رمتني بدائها وانسلت يا تلميذ.

أو نحن الذين نزري بمقام الأنبياء يا تلميذ؟ أو أنتم الذين تحترمون مقام الأنبياء يا تلميذ؟

ألا تقرأ تفاسير علمائكم حول أخطاء الأنبياء وأنها بسبب رفض ولاية الأئمة؟

ص: 158

أوليس هذا ما نقله الحويزي في تفسير نور الثقلين: 3/435 أورد رواية في تفسيره أن يونس لقي ما لقي بسبب توقفه في ولاية علي رضي الله عنه، وفي تكملة الرواية أن علي بن الحسين قال:

(يا أيتها الحوت! قال فأطلع الحوت رأسه من البحر مثل الجبل العظيم وهو يقول: لبيك يا ولي الله!

فقال: من أنت؟ قال: حوت يونس يا سيدي! قال: ايتنا بالخبر. قال: يا سيدي! إن الله تعالي لم يبعث نبياًّ من آدم إلي أن صار جدك محمد إلا وقد عرض عليه ولايتكم أهل البيت، فمن قبلها من الأنبياء سلم وتخلص، ومن توقف فيها وتتعتع في حملها لقي ما لقي آدم من المصيبة، وما لقي نوح من الغرق، وما لقي إبراهيم من النار، وما لقي يوسف من الجب، وما لقي أيوب من البلاء، وما لقي داود من الخطيئة، إلي أن بعث الله يونس فأوحي الله إليه أن يا يونس تولَّ أمير المؤمنين).

وروايات أخري في مقدمة البرهان ص 26 - 27. وأرجو منك إجابة هذا السؤال يا تلميذ: من أعظم منزلة عند الله في نظركم أئمتكم أم الأنبياء؟ ولماذا؟.

(م) علم الأصول: يا تلميذ خذها مني نصيحة حول علم الأصول، علم الأصول ليس بمحفوظات تحفظ، وإنما يحتاج لدربة ودراية وبصر ثاقب، وإن لم تفهم كلامي السابق فمعني هذا أن عندك مشكلة في فهم علم الأصول وتطبيقه.

وأما سؤالي لك عن تعريف المعصية فهذا تستطيع الجواب عنه بالرجوع إلي أحد كتبكم المتعلقة بهذا الموضوع.

(ن) الذنب: تقول يا تلميذ:

ص: 159

" أما بالنسبة لقوله تعالي الذي حكاه عن لسان موسي عليه السلام بقوله: (ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون) معناه: أن فرعون وأعوانه يعتبرونني حسب نظرهم مذنباً بقتلي للقبطي فأخاف أن يقتلوني بهذا الذنب الذي لهم علي ".

فكيف تفسر معني الذنب في قوله عز وجل " واستغفر لذنبك "؟

(صلی الله علیه و آله) حسنات الأبرار سيئات المقربين: لم تستطع أن تأتي بمثال مقبول.

فالأبرار يمكن أن يعتبروا ذلك من السيئات علي حسب مفهومك، طالما أن الإنشغال بالأمور الحياتية مما يمكن أن يفعله الناس العاديون..

يتبع يا تلميذ فانتظرني لأكمل الرد علي بقية كلامك إن شاء الله.

وكتب (مشارك) بتاريخ 9 - 10 - 1999، السادسة مساءً:

نواصل بقية الرد علي كلامك يا تلميذ:

1 - تقول يا تلميذ:

" أولاً: لم أكن واهماً عندما قلت لك: بأنك متناقض في كلامك، فأنت أولاً جعلت ذنب موسي عليه السلام هو القتل وبعد الإشكال عليك، قلتَ: بأن النصرة هي الذنب وبعد أن أشرت إلي تناقضك هذا استنجدت بقول ثالث، وقلت: بأن النصرة ذنب والقتل ذنب، ومعني كلامك هذا أن موسي عليه السلام ارتكب أكثر من ذنب بل بالتحديد ارتكب معصيتين: الأولي: أنه نصر من لا تجوز نصرته ففعل ذنباً ثم قتل من لا يجوز قتله ففعل ذنباً. ثانياً: وهذا خلاف كلامك في المورد الأول حيث قلت إن الذنب يكمن في القتل. وأنا عندما أحجمت عن الرد عليك فيه لا لأني سلمت بأنه ليس هناك تناقض ولكن أنت تنفي وجوده مع أنه ظاهر من كلامك، وعليه فعندها لن نصل أنا وأنت في المسألة إلي نتيجة ففضلت النقاش في لب الموضوع لا في الجانبيات. ولم ينقذك ما أتيت به من ما وصفته بأنه من علم الأصول أعني السبب والفعل والنتيجة وكأننا لا نعرف هذا الشئ

ص: 160

فجئت تخبرنا بشئ جديد من علم الأصول لم نكن نعرفه ولا نفهمه ".

وأقول لك:

بل الوصول إلي النتيجة أسهل مما تتصور، فقط أجبني علي هذه الأسئلة:

(أ) أوليس الفعل يأخذ حكم النية؟

(ب) لماذا وكز موسي القبطي؟

(ت) لماذا تاب موسي من هذا الفعل واستغفر؟

(ث) لماذا قال موسي بعد هذه الحادثة مباشرة: رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين؟

2 - تقول يا تلميذ:

" أولاً: من ذكر أن هذا الإسرائيلي هو السامري وما مدي صحة هذا القول وما هو مصدره، الرجاء التفضل والتكرم علينا بذكر القائل ومصدر قوله مع الإشارة إلي ما يؤيد هذا القول من النصوص الصحيحة ".

وأقول لك:

هذا ما ذكره القرطبي كأحد الأقوال، وأما قضية التصحيح فيأتي الكلام عليها عند الرد عليك في قول قتادة إن شاء الله.

3 - تقول يا تلميذ:

" ثانياً: كلامك أن موسي عليه السلام قال هذا الكلام: (رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيراً للمجرمين) عقيب حادثة النصرة وقتل القبطي أنه دليل علي أنه يشير إلي أن الإسرائيلي كان مجرماً لا

دلالة فيه علي ما أشرت إليه، فهو قول مطلق يحتاج إلي وجود دليل آخر يدل علي ذلك والآيات القرآنية ليس فيها هذا الدليل فهل عندك دليل آخر علي ذلك؟ ".

ص: 161

وأقول لك:

بل المسألة واضحة جداًّ، فموسي استغفر من مناصرة هذا الإسرائيلي الغوي المبين بعد هذه الحادثة مباشرة وتعهد ألا يناصر أمثاله، ودلالة السياق أوضح ما تكون، وإلا فما المقصود بهذه الآية إذاً؟ هل لديك تفسير مقبول؟

4 - تقول يا تلميذ:

" ثالثاًَ: لقد ذكرت لك سابقاً أن وصف موسي عليه السلام للإسرائيلي بأنه غوي مبين لا دلالة فيه علي أنه كان مجرماً لأن كلمة: (الغي) تستعمل في معاني مختلفة، تارة في خلاف الرشد وأخري في فساد الشئ قال ابن فارس: (فالأول: الغي وهو خلاف الرشد والجهل بالأمر والإنهماك في الباطل، يقال: غوي يغوي غياًّ... إلخ). ووصف موسي عليه السلام له بذلك لعله يريد منه - والله العالم - أنك غير رشيد لدخولك في أكثر من خصام ونزاع مع الآخرين من أمثال هؤلاء القبطيين وكان ينبغي لك أن تتجنب الدخول معهم في الخصام والنزاع حتي وإن هم حاولوا منك مخاصمتك ونزاعك والإقتتال معك أو يريد منه معني آخر من معاني هذه الكلمة ".

وأقول لك:

من فمك أدينك، فهذا ما نقلته أنت: " قال ابن فارس: فالأول الغي وهو خلاف الرشد، والجهل بالأمر والإنهماك في الباطل، يقال: غوي يغوي غياًّ... إلخ ".

ألا تعتبر الإنهماك في الباطل إجراماً؟ ألا تعتبر هذا إجراماً؟ ألا تعتبر الفتنة والوشاية بموسي إجراماً؟

ص: 162

ألا تعتبر كثرة فتنه ومخاصماته إجراماً؟ ألا تعتبر أن فعله طالما أنه من عمل الشيطان إجراماً؟

5 - تقول يا تلميذ:

" أولاً: لم أجد في كلامك السابق ما يقنعني والله، ولا دليل فيه علي شئ من ذلك. ثانياً: إن السطحية في فهم الكلام هي التي جعلتك تفهم كلام الإمام هكذا أو تفسره بهذه الكيفية، بل إن كل ما أوردته هو من باب المغالطة، فالإمام الرضا عليه وعلي آبائه آلاف التحية والصلاة والسلام وصف الإقتتال الدائر بين القبطي والإسرائيلي بما هو قتال لا ثمرة من ورائه ولا فائدة أنه من عمل الشيطان، فهو الذي أوجد بين هذين الشخصين هذا الإقتتال والنزاع والخصام، أما من هو المخطئ في هذا الإقتتال هل هو القبطي أم الإسرائيلي؟ من هو الظالم ومن هو المظلوم؟ فليس في كلام الإمام عليه السلام تحديد ذلك أو الإشارة إليه، فقد يحصل اقتتال ونزاع بين شخصين يكون بفعل وسوسة الشيطان إلي أحدهما في قتال أخيه، فيكون هذا هو الظالم وذاك هو المظلوم، ويصح أن يقال عن الإقتتال أنه من عمل الشيطان، حتي لو كان طرف واحد هو المخطئ فيه ".

وأقول لك:

ها قد ناقضت نفسك يا تلميذ في مسألة السبب والباعث المثارة سابقاً.

فالإقتتال حصل بين الإسرائيلي المؤمن المجرم وبين القبطي الكافر، واعتبرته أنت من عمل الشيطان , بينما الإقتتال الذي حصل بين موسي المؤمن وبين القبطي الكافر لم تعتبره أنت من عمل الشيطان.

لماذا فرقت بين الحالتين يا تلميذ.

ص: 163

وأنت لا تعترف بمسألة السبب والباعث والنية؟ أوليس هذا تناقضاً منك؟ لو كانت نية الإسرائيلي صادقة وشرعية. فلماذا اعتبرتم عمله من عمل الشيطان؟ أوليس يناله الأجر إن قتل القبطي؟ أوليس يكون شهيداً إذا كان القبطي هو القاتل؟ متي يكون الإقتتال بين المسلم والكافر من عمل الشيطان يا تلميذ إذاً؟

(6) تقول يا تلميذ:

" أقول: أولاً: كان عليك أن تثبت صحة قول ابن عباس من عدمه ليكون شاهداً قوياًّ لك وهذا ما لم تفعله. ثانياً: إن نسبة القول إلي قتادة صحيح السند روي عنه بسند صحيح فالرواية رواها الطبري في ج 10 ص 46 في تفسيره، وسندها هو كالتالي قال: حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا: سعيد، عن قتادة: (...) ف- (بشر) هو بشر بن معاذ العقدي، قال عنه ابن حجر العسقلاني في تقريب التهذيب: 1/109: (صدوق من العاشرة) و (يزيد) هو يزيد بن زريع، قال عنه ابن حجر العسقلاني في نفس المصدر: 2/373: (ثقة ثبت) و (سعيد) هو سعيد بن أبي عروبة اليشكري قال عنه ابن حجر العسقلاني في المصدر المذكور: 1/294: (ثقة حافظ وكان من أثبت الناس في قتادة) ".

وأقول لك:

أوردها سعد وسعد مشتمل.. ما هكذا يا سعد تورد الإبل.

أين ذهبت موضوعيتك وأسسك في النقاش؟ وما هي الضوابط التي تستند إليها؟ ولماذا تكثر من التناقضات مع نفسك ومعي يا تلميذ؟ لن أشغل نفسي بتصحيح رواية ابن عباس، ولن أعلق علي تصحيحك لرواية قتادة بالرجوع لتقريب التهذيب فقط، وبالإكتفاء بقول صدوق من ابن حجر.

أقول: لن أشغل نفسي بشئ من ذلك حتي يكون لك أساس ومرجعية في المناظرة يا تلميذ.

ص: 164

فعندما ذكرتك بما عندنا من أحاديث مرفوعة إلي النبي صلي الله عليه وسلم وفي البخاري ومسلم وغيرهما كمثل ما ذكرته سابقاً..

وحتي بعد البعثة يمكن أن يحصل الذنب من النبي، والأدلة علي ذلك كثيرة، منها قوله عز وجل: " إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ".

وثبت في الصحيحين في حديث الشفاعة أن المسيح يقول: " اذهبوا إلي محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ".

وفي الصحيح: أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقوم حتي تورم قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: أفلا أكون عبداً شكوراً، وقد قال تعالي: " واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات ".

وفي الصحيحين عن أبي موسي عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول: " اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت علي كل شئ قدير ".

وفي الصحيحين عن أبي هريرة أنه قال: يا رسول الله، أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول؟ قال: أقول " اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقي الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والبرد والماء البارد ".

وفي صحيح مسلم وغيره أنه كان يقول نحو هذا إذا رفع رأسه من الركوع. وفي صحيح مسلم عن علي رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان

ص: 165

يقول في دعاء الإستفتاح: " اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي وعملت سوءاً فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ".

وفي صحيح مسلم عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه كان يقول في سجوده: " اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله علانيته وسره أوله وآخره ".

وفي السنن عن علي أن النبي صلي الله عليه وسلم أتي بدابة ليركبها وأنه حمد الله وقال: " سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلي ربنا لمنقلبون. ثم كبره وحمده ثم قال: سبحانك ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك وقال: إن الرب يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، يقول: علم عبدي أنه لا يغفر إلا أنا ". وغير ذلك كثير.

وكقول الرسول صلي الله عليه وسلم فيما يحكيه عن قصة موسي والخضر " كانت الأولي من موسي نسياناً ". وغير ذلك من الأحاديث الكثيرة الصحيحة..

كان جوابك يا تلميذ وفي نفس هذا الرد الأخير: " ثانياً: بالنسبة للروايات التي وردت من طرقكم فهي ليست بحجة علينا لعدم ثبوت صحة هذه الروايات عندنا ".

وأقول لك يا تلميذ:

أهكذا تكون المنهجية في الحوار والمناظرة؟ ترفض ما أذكره لك من أحاديث صحيحة وثابتة أوردها لكي أحتج بها، ثم تأتي لتصحح لي أثراً من قتادة من كتبنا حتي تحتج به؟!!

لو أنك ترضي بما عندنا لأرحتنا يا رجل، فحديث الشفاعة الطويل واعتذار موسي عن الشفاعة لقتله القبطي كاف في المسألة.

ص: 166

فهلاَّ حددت لنا منهجك الثابت والمستقر يا تلميذ، وتركت عنك هذا التناقض؟

(7) تقول يا تلميذ:

" أولاً: نعم كما ذكرت يحتاج قول ابن عباس إلي إثبات هذا أولاً، وثانياً يحتاج قوله بعد ثبوت صحته إلي كيفية الإستدلال به، وثالثاً: إثبات أن موسي عليه السلام لم يضمر الإستثناء، ورابعاً: إلي إثبات علاقة عدم الإستثناء بالوقوع في النصرة الغير جائزة حسب زعمكم والمحرمة في المرة الثانية ".

وأقول لك:

أولاً: تكلمنا عن المنهجية في التصحيح التي ينبغي أن تسلكها يا تلميذ

ثانياً: أوضحنا ذلك فيما سبق وسيأتي التفصيل بشكل أكبر إن شاء الله.

ثالثاً: لقد أثبت موسي عليه وعلي نبينا أفضل الصلاة والسلام الذنب علي نفسه، واستغفر من ذلك الذنب، فليس نحن بالذي نفتئت علي الأنبياء، وإنما نحن نضع الإحتمالات الجائزة في ذلك، وأيهما كان الصحيح أخذنا به.

فليست القضية واردة عندنا في إثبات وقوع الذنب فهذا مثبت، وإنما في معرفة حقيقة الذنب بالضبط، وقد ذكرت لك احتمالان (كذا) في ذلك وأي منهما إذا ثبت كاف في المسألة، وبالنسبة للثاني فأنت لا تستطيع إنكاره كما سيأتي إن شاء الله.

رابعاً: الأصح لغوياًّ أن تقول (غير الجائزة) بدلاً من قولك (الغير جائزة).

وإضافة لذلك فإن الإنسان إذا قطع علي نفسه عهداً ألا يعود لأمر ما واستثني في ذلك الأمر، فهذا ليس كافياً لعدم عودته لذلك الأمر، فما بالك إذا لم يستثن؟

(8) تقول يا تلميذ:

ص: 167

" ثانياً: تكرار النصرة ليس فيه إشكال علينا فضلاً عن أن يكون أكثر من الإشكال عليكم لأننا لا نقول بأن النصرة في حد ذاتها إلا أنها جائزة إن لم تكن واجبة عليه سلام الله عليه ".

وأقول لك:

إذا كنت مصراًّ علي أن جميع ما فعله الأنبياء عن عمد وتابوا منه، أو ما فعلوه بغير قصد هو مما يجوز تكراره عمدا لجوازه فأجبنا عن حكم تكرار موسي لطلب الرؤية وفق عقيدتكم.

وأجبنا عن هذا أيضاً لو سمحت، وأنتم الذين تقولون في العصمة ما تقولون.. هل يجوز لك إلقاء المصحف من يدك علي الأرض؟

وهل تعتبر هذا العمل من موسي عليه الصلاة والسلام والذي فعله بغير قصد، من العمل الجائز تكراره عمداً من موسي " وألقي الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه " فهل تعتبر إلقاء الألواح التي فيها التوراة علي الأرض عملاً جائزاً من باب خلاف الأولي؟

(9) تقول يا تلميذ:

" ثالثا: ما أعجب قولك وأغربه: [لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم!] وقولك: [وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين!] أتعرف ما معني قولك هذا؟ أي أنك لا تقول بعصمة أحد من الأنبياء إلا إذا ثبت عندك أن خاتمة أمره إلي خير ".

وأقول لك:

من أين لك كل هذا الفهم؟ فكلامي يوضح بعضه بعضاً، وأنت إذا تأملته بكامله لزال سوء اللبس عندك. فكلامي كان:

ص: 168

" الثاني: أن هذا الوعد الذي قطعه موسي عليه الصلاة والسلام علي نفسه وإن استثني فيه فلا حجة لكم علينا في المعاودة لأننا نقول بعصمة الأنبياء بما ينتهي إليه أمرهم وعملهم والعبرة بالخواتيم. فنحن نقول إن موسي عليه الصلاة والسلام إن تكرر منه الأمر في المرة الأولي ثم تاب منه وقطع علي نفسه عهدا بذلك فهو ليس بمعصوم عن الوقوع في نفس الخطأ مرة أخري ثم التوبة منه بعد ذلك، وإنما تتحقق عصمته عندنا بآخر الأمرين منه صلي الله عليه وسلم وإن تكرر منه الفعل مرة أو اثنتين طالما أنه في الأخير لا يعود إلي هذا العمل بعد ذلك ".

والعبارة الأخيرة توضح ما أقصده من كلامي: "طالما أنه في الأخير لا يعود إلي هذا العمل بعد ذلك". فلماذا تجاهلتها يا تلميذ؟ وهي التي توضح كل الكلام السابق؟ ولماذا تحمل كلامي علي ما لا يحتمل؟

فقد ذكرت لك عقيدتي كاملة فيما يتعلق بالأنبياء وأنهم صفوة البشر.

ومن كلامي السابق: " الأنبياء هم صفوة البشر وأفضلهم معدناً: قال تعالي: (الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس) ".

ومن كلامي السابق: " ولكن ييسر الله لهم التوبة من أخطائهم وذنوبهم في الدنيا، كما حكي الله عن أنبيائه ورسله في القرآن ".

فقولك هذا: " أي أنك لا تقول بعصمة أحد من الأنبياء إلا إذا ثبت عندك أن خاتمة أمره إلي خير " مردود يا تلميذ، وهو تقويل لي لما لم أقل، ولم أقصد، فكلامي ومن أوله واضح في الأنبياء يعودون عن أخطائهم.

وأقول لك أيها التلميذ: إن كنت من هواة الأخذ بمتشابه القول رغم أن النص علي خلاف ما تقصد موجود، فما رأيك بصريح القول من كلام علمائك وآياتك؟ كما سآتيك به في الفقرة التالية.

ص: 169

(10) ثم تقول يا تلميذ:

" رابعاً: أهؤلاء هم صفوة البشر وخيرته ومن اصطفاهم واجتابهم الله تعالي وجعلهم أنبياء ورسلاً وقال عنهم: بأنهم علي الصراط المستقيم وأن ليس للشيطان عليهم سبيل.. و.. و.. يفعلون المعاصي ويكررونها ويتجرؤون علي المولي سبحانه وتعالي؟ أهؤلاء هم قدوة البشر والناس الذين أرسلوا إليهم لجعلهم يسلكون الطريق القويم ونهج الله هم يخالفون في بعض الأحيان هذا الصراط وينهجون غير نهجه بفعل المعاصي والذنوب؟ ".

وأقول لك: عجباً لك ثم عجباً يا تلميذ، عقيدتنا في أفعال الأنبياء أننا نقر بأنها صواب وأنها للتأسي والإقتداء ما لم يأتنا من الله أو رسوله خلاف ذلك، ولسنا نأخذ إلا بالنقل الثابت في ذلك فليس للعقل طريق علي رد النقل الصحيح كما تفعلون أنتم.

ولسنا نحن من أتي بهذا القول في أفعال الأنبياء من عند أنفسنا بل هذا هو ما قاله الله عز وجل في كتابه وقاله صلي الله عليه وسلم في سنته.

فالله عز وجل ذكر ذنوب الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه وأخطاءهم ونسيانهم كما مر معنا في عشرات الآيات السابقة، والله عز وجل ذكر توبة أولئك الأنبياء صلوات الله عليهم وسلامه من ذنوبهم وأخطائهم في الدنيا كما مر معنا في عشرات الآيات السابقة، والله عز وجل جعل أولئك الأنبياء للقدوة والأسوة الحسنة لبقية البشر كما مر معنا في الآيات السابقة، والله عز وجل خص ما تاب منه أولئك الأنبياء من موضوع القدوة والأسوة.

ص: 170

فنحن لا نقتدي بهم فيما تابوا منه " ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادي وهو مكظوم " وكما فصلته لك سابقاً في موضوع استغفار إبراهيم لأبيه ثم تبرؤه منه فراجعه بتفصيله في موضعه. فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما قاله الله وأثبته في كتابه؟ فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما أثبته الأنبياء في حق أنفسهم؟ فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما أثبته الرسول صلي الله عليه وسلم في حق نفسه " وأنسي كما تنسون "؟ فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما أثبته أئمتك علي لسانهم؟ فلماذا تشنع علينا يا تلميذ، ونحن لا نقول إلا بما أثبته علماؤنا وقدماء علمائكم؟ أوتريدنا أن نترك كل ذلك يا تلميذ؟ فهل أنتم أعلم، أم الله؟ وأقول لك: أيها التلميذ إن كنت صادقاً في دفاعك عن الأنبياء وعن المصطفي صلوات الله وسلامه عليهم، فدافع عنهم ضد من يقول فيهم هذا الكلام.

يري جماعة من الشيعة أن الرسول صلي الله عليه وسلم قد عصي في أخذ الفداء يوم بدر، أما الأئمة فلا يجوز ذلك عليهم، لأن الرسول إذا عصي فالوحي يأتيه من قبل الله فينبهه علي وجه الخطأ فيتوب منه، والأئمة لا يوحي إليهم ولا تهبط الملائكة عليهم، وهم من أجل ذلك معصومون لا يجوز أن يسهوا أو يغلطوا وإن جاز علي الرسول العصيان.

انظر كلامهم هذا علي ألسنة علمائك عند الأشعري في مقالات الإسلاميين ص 48، والشهرستاي في الملل والنحل: 1/185.

والآن أورد لك بعض الكلام علي لسان الخميني نائب المنتظر، وهو ينتقص الرسول صلي الله عليه وسلم وسائر الأنبياء ويجوز عليهم الفشل، فهو يري أن

ص: 171

الرسول صلي الله عليه وسلم فشل في أداء المهمة التي بعث من أجلها، وهي إقامة حكومة العدل الإلهي.

بل إن كل الأنبياء فشلوا في هذه المهمة، ويري أن الذي سينجح فيها هو الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر.

يقول الخميني بهذا الشأن: " لقد جاء الأنبياء جميعاً من أجل إرساء قواعد العدالة في العالم، لكنهم لم ينجحوا، حتي محمد خاتم الأنبياء، الذي جاء لإصلاح البشرية، وتنفيذ العدالة وتربية البشر، لم ينجح في ذلك، وإن الشخص الذي سينجح في ذلك ويرسي قواعد العدالة في جميع أنحاء العالم في جميع مراتب إنسانية الإنسان وتقويم الإنحرافات هو المهدي المنتظر ".

هذا النص جزء من خطاب ألقاه الخميني في ذكري مولد المهدي المنتظر، وقد ألقي الخطاب في (15 شعبان 1400 ه) ونقل عبر إذاعة طهران، وتناقلته بعض وكالات الأنباء والصحف، ومنها صحيفة الرأي العام الكويتية في عددها الصادر بتاريخ (21 - 6 - 1980 م) وقد انتظرت رابطة العالم الإسلامي تكذيباً أو توضيحاً من الجهات الرسمية في إيران بشأن هذا الخطاب، ولما لم يصدر شئ من هذا، أصدرت الرابطة بيانا بتاريخ (9 رمضان 1400 ه) استنكرت فيه هذا الكلام، واعتبرته طعناً في الرسول صلي الله عليه وسلم والإسلام.

ويؤكد هذا المعتقد في موضع آخر، حين يبدي أسفه لفشل الرسول صلي الله عليه وسلم، فيقول:

" إني متأسف لأمرين، أحدهما أن نظام الحكم الإسلامي لم ينجح منذ فجر الإسلام إلي يومنا هذا، وحتي في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم، ولم يستقم نظام الحكم كما ينبغي ".

ص: 172

ضمن خطاب ألقاه الخميني في ذكري مولد الرضا الإمام السابع عندكم بتاريخ (9 - 8 - 1984 م) وقد استنكرت هذا الخطاب عدة جهات إسلامية.

ويعلل الخميني فشل الرسول صلي الله عليه وسلم - كما يدعي - إلي عجزه بسبب إحاطة المنافقين به، وغلبتهم. من نفس المصدر السابق.

كما وأن الخميني يتهم الرسول صلي الله عليه وسلم بالتهيب من تبليغ أوامر الله تعالي الخاصة بإمامة علي رضي الله عنه، ويدعي أن الرسول بقي محجماً عن هذا التبليغ إلي أن جاءه الأمر الرباني الصريح.

يقول الخميني في ذلك: " يتضح من مجموع هذه الأدلة ونقل الأحاديث بأن النبي كان متهيباً من الناس بشأن الدعوة إلي الإمامة، وأن من يعود إلي التواريخ والأخبار، يعلم بأن النبي كان محقاًّ في تهيبه، إلا أن الله أمره بأن يبلغ، ووعده بحمايته، فكان أن بلغ وبذل المجهود في ذلك حتي نفسه الأخير إلا أن الحزب المناوئ لم يسمح بإنجاز الأمر. في كتابه كشف الأسرار ص 150 ".

وبقي الرسول صلي الله عليه وسلم علي خوفه وتردده - كما يدعي الخميني - إلي أن نزل قوله تعالي: " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس ". المائدة - 67.

ويزعم أن هذه الآية نزلت بشأن إمامة علي، لأنها نزلت بعد أن كان الرسول قد بلغ كل أحكام الله تعالي إلا أمراً واحداً وهو إمامة علي التي عناها الله تعالي بقوله " إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها ". النساء - 58.

قال الخميني عقب إيراده لهذه الآية: " يفسر آخرون الأمانة بالإمامة، وقد ورد ذلك في مضامين بعض الأحاديث إذ يبدي الإمام أن المقصود من هذه الآية نحن الأئمة، فقد أمر الله الرسول صلي الله عليه وسلم برد الأمانة، أي الإمامة

ص: 173

إلي أهلها وهو أمير المؤمنين عليه السلام، وعليه هو أن يردها إلي من يليه وهكذا ". الحكومة الإسلامية للخميني ص 81.

ولا يخفي ما في كلام الخميني من جرأة حين يدعي أن علياًّ صاحب الأمر والرسول مأمور برد الأمانة إليه، فضلاً عما في تفسير الأمانة بالإمامة من تحريف لكلام الله، وتجاهل لسبب نزولها المشهور.

ولم يقتصر تجاوز الخميني علي هذا الحد، ولكنه زاد الأمر قبحاً عندما وقع في تناقض، فزعم أن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يبلغ أصلاً ما أمر به بشأن خلافة علي، مما أدي إلي وقوع خلافات بين المسلمين.

يقول الخميني في هذا الصدد: " وواضح بأن النبي لو كان قد بلغ بأمر الإمامة طبقاً لما أمر الله به، وبذل المساعي في هذا المجال لما نشبت في البلدان الإسلامية كل هذه الإختلافات والمشاحنات، ولما ظهرت في أصول الدين وفروعه ". كشف الأسرار للخميني ص 155.

ولكلام الخميني هذا مدلول واحد لا غير، وهو أن كل ما حدث من خلافات بين المسلمين عبر تاريخهم الطويل كان بسبب تقصير الرسول صلي الله عليه وسلم في التبليغ، وعدم بذله الجهد في بيان أحكام الله تعالي للمسلمين مما أدي إلي تخبطهم واختلافهم.

إنها لإساءة بالغة يوجهها الخميني للرسول صلي الله عليه وسلم لم يجرؤ علي مثلها الأعداء. وبعد هذا الذي ذكرت: ألا يفهم من كلام الخميني أن الأنبياء يجوز عليهم الخطأ والنسيان والسهو والمعصية؟!

وما رأيك في هذا يا تلميذ: يقول الخميني: " إن النبي أحجم عن التطرق إلي الإمامة في القرآن لخشية أن يصاب القرآن من بعده بالتحريف ". كشف الأسرار - الخميني ص 14.

ص: 174

وهل النبي جاء بالقرآن من عند نفسه حتي يتطرق فيه لما يشاء ويحجم عما يشاء؟؟؟

هل النبي يخاف أن يحرف القرآن بعد وعد الله له بالحفظ؟؟

هل للنبي أن يحجم عن تنفيذ شئ من الدين بزعمكم ويفرط في ذلك؟؟

أهذه هي عقيدة نائب المعصوم عندكم؟ أهذه هي عقيدة الولي الفقيه عندكم؟

(11) تقول يا تلميذ:

" خامساً: إن موسي عليه السلام وبعد أن قصد مرة أخري نصرة الإسرائيلي وعزم عليها لم يثبت أن ذكر القرآن أو الروايات أنه رجع إلي ربه بما يثبت أنه نادم علي قصده المعصية مرة أخري أو علي مخالفته للعهد الذي قطعه علي نفسه بأنه لن يكون ظهيراً للمجرمين وهذا دليل أيضاً علي أن النصرة لم تكن معصية ولا ذنباً ".

وأقول لك:

هذا إشكال جيد، جعلتني أتنبه فيه لقضية هامة فأشكر لك طرح هذا الإشكال علي.

وأقول لك: دعنا ننتهي من الكلام علي النصرة الأولي بجميع أبعادها ثم نتكلم عن النصرة الثانية. فالنصرة الأولي قال بعدها موسي واصفاً نفسه " رب إني ظلمت نفسي ". فهل يعتبر قتل الكافر من ظلم النفس؟

والنصرة الأولي طلب موسي من ربه أن يغفر له " فاغفر لي ". وهل يطلب الإنسان من ربه أن يغفر له قتله لكافر؟

والنصرة الأولي غفر الله لموسي فيها ما فعل " فغفر له ". وهل تغفر الحسنات؟

ص: 175

والنصرة الأولي قال موسي للإسرائيلي بعدها " إنك لغوي مبين ". والنصرة الأولي ما زال موسي يعتبرها ذنباً، ويتذكرها لسنوات..

فها هو موسي وبعد مرور عشر سنوات علي تلك القصة يتذكر ذلك الذنب الذي حصل قبل البعثة: " وإذ نادي ربك موسي أن ائت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون. قال رب إني أخاف أن يكذبون. ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون. ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون. قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون. فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين. أن أرسل معنا بني إسرائيل. قال ألم نربك فينا وليداً ولبثت فينا من عمرك سنين. وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين. قال فعلتها إذا وأنا من الضالين. ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً وجعلني من المرسلين ". والسؤال: لماذا قال موسي عن نفسه " فعلتها إذا وأنا من الضالين "؟

أرجو ألا تأتيني بقول يقول إن المقصود " وأنا من الضالين " القبطي أو الإسرائيلي!!!

فإذاً قضية النصرة في المرة الأولي لا شك فيها ولا مرية فيها أنها مما يتاب منه ويستغفر وأنها معصية صغيرة، علي ما سبق تفصيله.

ونأتي الآن إلي الكلام علي النصرة الثانية، وهل كان الإسرائيلي ظالماً فيها، أم مظلوماً.

وهل كان ما فعله موسي صلي الله عليه وسلم فيها صحيحاً، أم غير صحيح؟

وأقول لك يا تلميذ: القرآن لم يفصل في موضوع النصرة الثانية، وهل كانت هذه المرة صحيحة أم خاطئة.

ص: 176

أما النصرة الأولي فقد فصل فيها القرآن وأثبت خطأ موسي عليه الصلاة والسلام فيها، ورجوعه عن هذا الخطأ وقبول توبته من الله عز وجل.

وأما النصرة الثانية فليس لنا أن نجزم فيها بشئ طالما أنه لم يثبت لنا شئ فيها من طريق النقل، فالإسرائيلي وإن كان مشهوراً بالغواية وكثرة المشاكل إلا أنه ربما كان في هذه المرة مظلوماً بحق وواجب النصرة.

فعند ذلك ليس هناك إشكال في نصرته في هذه المرة، بعكس المرة السابقة، وهذا احتمال قائم لا يمكن الجزم به ويبقي الإحتمال السابق قائماً، وأن موسي ربما كان مخطئاً في هذه المرة أيضاً، وهذا ما لم يجزم بذكره في القرآن، فكيف تطالب بذكر توبته منه؟

غاية ما قلناه أن هذا يبقي إحتمالاً قائماً، فإن كان ما حصل منه في المرة الثانية ذنباً فمن المحتم أن يتوب منه موسي عليه الصلاة والسلام، وإن لم يكن كذلك فلا حاجة للإستغفار.

وأقول لك: إن هذا كله كان قبل بعثته عليه الصلاة والسلام، ومسألة العصمة قبل البعثة فيها خلاف كبير.

(12) تقول يا تلميذ:

" أولاً: كان الواجب عليك، أن تنقل لنا نص هذا الحديث الصحيح - حسب قولك - الوارد فيه أن (لو) تفتتح عمل الشيطان، وعليه نطالب بذكر هذا الحديث ونقله لنا كاملاً مع سنده ".

وأقول لك:

مع تحفظي السابق علي رفضك للأحاديث التي أوردتها من الصحاح، سأجيبك هذه المرة لطلبك لأنك كبرت الموضوع كثيراً.

ص: 177

ففي صحيح مسلم وفي آخر كتاب القدر، قال مسلم بن الحجاج: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير، قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ربيعة بن عثمان، عن محمد بن يحيي بن حبان، عن الأعرج عن أبي هريرة، قال: قال النبي صلي الله عليه وسلم: " المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير أحرص علي ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل. فإن لو تفتح عمل الشيطان ".

وتجد هذا الحديث بمتن مقارب عند النسائي، وابن ماجة، والطحاوي، والطبري كما فصله ابن حجر في الفتح طبعة دار الفكر: 13/227 في كتاب التمني - باب ما يجوز من اللو والتي.. ذكر البخاري فيها أحاديث استعمل فيها النبي صلي الله عليه وسلم لفظة (لو) أو لفظة (لولا) وهي الأحاديث من 7238 إلي 7245.

(13) تقول يا تلميذ:

" ثانياً: إن الرسول صلي الله عليه وآله والصحابة والتابعين ومن أتي بعدهم في أقوالهم وخطاباتهم التي أثرت عنهم قد استخدموا هذه اللفظة (لو) في بداية أحاديثهم وأقوالهم وحتي المسلمون في يومنا هذا فمن احتاج كلامه وخطابه أن يستخدم هذه اللفظة فيه يستخدمها دون أدني حرج أو مانع أو شئ من هذا القبيل سواء كان الإستخدام لها في بداية الكلام أو أثنائه ".

وأقول لك:

هذا صحيح، وأنا لا أنكر ذلك، بل إنني أستخدمها كثيراً في كلامي، وحتي في حواري السابق معك لو راجعته!

ص: 178

بل ولماذا لا تستشهد علينا بالقرآن الكريم في ذلك يا تلميذ والله عز وجل يقول: " لو كان فيهم

آلهة إلا الله لفسدتا " ويقول " ودوا لو تدهن فيدهنون ".. وسبق أن نقلت لك أن البخاري أورد باباً كاملاً في صحيحه في كتاب التمني باب ما يجوز من اللو والتي.. ذكر البخاري فيها تسعة أحاديث استعمل فيها النبي صلي الله عليه وسلم لفظة (لو) أو لفظة (لولا) وهي الأحاديث من 7238 إلي 7245، والأحاديث في ذلك كثيرة جداًّ.

(14) تقول يا تلميذ:

" ثالثاً: إن هذا الحديث الذي تقول عنه إنه صحيح عندكم الوارد فيه ذلك ينبئ عن مدي التناقض الموجود عندكم في الروايات ففي هذا الحديث يقول النبي صلي الله عليه وآله أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام، وفي أحاديث صحيحة أخري نجده سلام الله عليه يستخدم في بداية حديثه وكلامه هذه اللفظة، أليس هذا تناقضاً بين توجيه النبي إلي أنه لا ينبغي افتتاح الكلام ب- (لو) وبين استخدامه لها في بداية حديثه؟ بعبارة أخري: إن هذا تناقض بين قول النبي صلي الله عليه وآله وبين فعله وهذه غريبة من الغرائب التي في رواياتكم يا مشارك، وإذا أوجدت للنبي صلي الله عليه وآله عذراً في استخدامه لهذه اللفظة في بداية حديثه أو لعمر أو لغيره من الصحابة أو التابعين ممن استخدموا هذه اللفظة في بداية حديثهم مع صدور القول من النبي صلي الله عليه وآله: أن الإفتتاح بها افتتاح بعمل الشيطان فأوجد لنا مثل هذا العذر في استخدامنا لها ".

وأقول لك:

أولاً: ليس فيما ثبت عندنا من روايات تناقض ولا تعارض، بل التناقض والتعارض هو أساس دينكم يا إمامية، كما سيأتي تفصيله إن شاء الله.

ص: 179

ثانياً: تقول يا تلميذ:

" ففي هذا الحديث يقول النبي صلي الله عليه وآله أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام ".

وأقول لك:

لا، ليس هكذا قال النبي صلي الله عليه وسلم، فليست القضية متعلقة بافتتاح الكلام أو اختتامه أو أثناءه، وأما ما ذكرته لك سابقاً: " أضحكتني يا تلميذ عندما استفتحت كلامك عن عمل الشيطان مستخدما كلمة (لو)، أوما تدري أن (لو) تفتح عمل الشيطان؟ فلا تستفتح عملك بها مرة أخري فيصبح من عمل الشيطان! ".

فإن الثابت منه عن الرسول صلي الله عليه وسلم هو قوله صلي الله عليه وسلم " فإن لو تفتح عمل الشيطان ".

وأما الباقي فهو من كلامي وكنت أقوله لك مازحاً بدليل أني وضعت لك علامة التعجب، وقلت لك أضحكتني يا تلميذ، وإلا فالصحيح فإن استعمال (لو) هو بحكم غرضه وسببه لا بحكم موضعه.

فليست القضية متعلقة بافتتاح الكلام بقدر ما هي متعلقة بالضابط المذكور في الحديث " احرص علي ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان " علي ما سيأتي تفصيله إن شاء الله. يتبع قريباً جداًّ إن شاء الله باقي الرد يا تلميذ فمعذرة.

وكتب (مشارك) بتاريخ 10 - 10 - 1999، السادسة وعشر دقائق مساءً:

تقول يا تلميذ:

ص: 180

" ثالثاً: إن هذا الحديث الذي تقول عنه إنه صحيح عندكم الوارد فيه ذلك ينبئ عن مدي التناقض الموجود عندكم في الروايات ففي هذا الحديث يقول النبي صلي الله عليه وآله أن (لو) يفتتح بها عمل الشيطان إذا افتتح بها الكلام، وفي أحاديث صحيحة أخري نجده سلام الله عليه يستخدم في بداية حديثه وكلامه هذه اللفظة.

أليس هذا تناقضاً بين توجيه النبي إلي أنه لا ينبغي افتتاح الكلام ب- (لو) وبين استخدامه لها في بداية حديثه بعبارة أخري إن هذا تناقض بين قول النبي صلي الله عليه وآله وبين فعله وهذه غريبة من الغرائب التي في رواياتكم يا مشارك، وإذا أوجد ت للنبي صلي الله عليه وآله عذراً في استخدامه لهذه اللفظة في بداية حديثه أو لعمر أو لغيره من الصحابة أو التابعين ممن استخدموا هذه اللفظة في بداية حديثهم مع صدور القول من النبي صلي الله عليه وآله أن الإفتتاح بها افتتاح بعمل الشيطان، فأوجد لنا مثل هذا العذر في استخدامنا لها ".

وأقول لك:

استخدامك (لو) في ذلك الموضع لا مشكلة فيه يا تلميذ، وأنا كنت أداعبك لأنك كنت تتحدث عن عمل الشيطان وبدأت بكلمة لو، وليس في رواياتنا تناقض أو تعارض كما سيأتي.

تقول يا تلميذ:

" رابعاً: إن الحديث الوارد فيه ذلك لم يرد من طرقنا فلسنا ملزمين بالأخذ به ولا حجة فيه علينا لأنه لم تثبت صحته عندنا نحن الشيعة ".

وأقول لك:

لقد فاتكم الكثير من أحكام الدين بهذا السبب، فأنتم لا تأخذون إلا عن قلة من الصحابة ومع ذلك فرجالكم وعلماؤكم لا أئمتكم يعتبرون عند علماء الجرح

ص: 181

والتعديل عندنا من الكذابين والوضاعين، وعلي ذلك فليست لو إلا نقطة في بحر.

ويكفي لنقض دينكم ما صرحتم به في روايتكم أن الشيعة كانت لا تعرف الحلال والحرام ومناسك الحج حتي جاء جعفر الباقر، وهذا يعني أنكم مكثتم أكثر من ثمانين سنة حتي عرفتم بعض ما علم من الدين بالضرورة.

ولا أدري ماذا كنتم تفعلون في تلك المدة، وأما بقية أحكام الدين فعليكم أن تنتظروا صاحب السرداب وبسبب تبنيكم لمخالفتنا دائماً كما في الروايات التي تنسبونها لأئمتكم، ومنها كما في التقية لفيصل نور (فنسبوا إلي الصادق أنه قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم.

وعن الحسن بن جهم أنه سأل الرضا يروي عن الصادق شيئاً ويروي خلافه، فبأيهما نأخذ؟ قال: خذ بما خالف القوم، وما وافق القوم فاجتنبه.

وعن الصادق أنه قال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فاعرضوهما علي أخبار العامة فما وافق أخبارهم فذروه وما خالف أخبارهم فخذوه. وعنه أيضاً: دعوا ما وافق القوم فإن الرشد في خلافهم.

وفي رواية: كيف يصنع بالخبرين المختلفين؟ فقال: إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فانظروا ما يخالف منهما العامة فخذوه وانظروا ما يوافق أخبارهم فدعوه.

وعن سماعة بن مهران أنه سأل الصادق: يرد علينا حديثان واحد يأمرنا بالعمل به والآخر ينهانا عن العمل به ولا بد أن يعمل بأحدهما؟ قال: اعمل بما فيه خلاف العامة.

ص: 182

وعن زرارة أنه سأل الصادق عن الخبرين والحديثين المتعارضين، فبأيهما يأخذ، وکلاهما مشهوران مرويان مأثوران عن الأئمة؟ قال: انظر ما وافق العامة فاتركه وخذ ما خالفه، فإن الحق فيما خالفهم.

وعن علي بن أسباط قال: قلت له - يعني الرضا - حدث الأمر من أمري لا أجد بداًّ من معرفته وليس في البلد الذي أنا فيه أحد أستفتيه من مواليك. فقال: ايت فقيه البلد، فإذا كان ذلك فاستفته في أمرك فإذا أفتاك بشئ فخذ بخلافه فإن الحق فيه).

ذكَرَ هناك مصادر كل هذه الروايات وهو ما رجحه الخميني في رسالته عن التعارض والترجيح 71.

تقول يا تلميذ:

" خامساً: اللازم عليك أن تذكر لنا ما ذكره الباحث من وجوه استعمال (لو) الصحيحة والخاطئة لنعرف هل أن استخدامنا ل- (لو) في كلامنا هل يدخل في الوجوه الصحيحة أم في الوجوه الخاطئة؟

سادساً: لم نسمع بأحد من المسلمين من علماء السنة أو الشيعة من ينهي أو يحرم أو يفتي بعدم استخدام هذه اللفظة في بداية الكلام والإفتتاح بها، إلا إذا كان هناك من علماء مذهبك أنت (الوهابية) من يذهب إلي هذا في فتواه فقوله ليس بحجة علينا وفتواه غير ملزمة لنا. والخلاصة: وإن كان هذا البحث لا علاقة له بموضوع حوارنا ولكن أطالبك أولاً: بذكر الرواية، وثانياً: بكلام الباحث الذي أشرت إليه ".

وأقول لك:

لم يتيسر لي الوقوف علي كلام الباحث السابق، ولكن أنقل لك من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية عندما أجاب علي مثل هذا السؤال، سئل عمن سمع

ص: 183

رجلاً يقول: لو كنت فعلت كذا لم يجر عليك شئ من هذا، فقال له رجل آخر سمع هذه الكلمة قد نهي النبي صلي الله عليه وسلم عنها وهي كلمة تؤدي قائلها إلي الكفر. فقال رجل آخر: قال النبي صلي الله عليه وسلم في قصة موسي مع الخضر يرحم الله موسي وددنا لو كان صبر حتي يقص الله علينا من أمرهما، واستدل الآخر بقوله صلي الله عليه وسلم: المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف.. إلي أن قال: فإن كلمة (لو) تفتح عمل الشيطان فهل هذا ناسخ لهذا، أم لا.

فأجاب: الحمد لله، جميع ما قاله الله ورسوله حق، و (لو) تستعمل علي وجهين:

أحدهما: علي وجه الحزن علي الماضي والجزع من المقدور فهذا هو الذي نهي عنه كما قال تعالي: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزي لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم " وهذا هو الذي نهي عنه النبي صلي الله عليه وسلم حيث قال وإن أصابك شئ فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان، أي تفتح عليك الحزن والجزع وذلك يضر ولا ينفع، بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك كما قال تعالي: " ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه " قالوا هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضي ويسلم.

والوجه الثاني: أن يقال: (لو) لبيان علم نافع كقوله تعالي: " لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا " ولبيان محبة الخير وإرادته كقوله: لو أن لي مثل ما لفلان لعملت مثل ما يعمل ونحوه جائز وقول النبي صلي الله عليه وسلم: وددت لو أن

ص: 184

موسي صبر ليقص الله علينا من خبرهما هو من هذا الباب.. كقوله " ودوا لو تدهن فيدهنون ". فإن نبينا صلي الله عليه وسلم أحب أن يقص الله خبرهما فذكرهما لبيان محبته للصبر المترتب عليه فعرفه ما يكون لما في ذلك من المنفعة ولم يكن في ذلك جزع ولا حزن ولا ترك لما يحب من الصبر علي المقدور، وقوله: وددت لو أن موسي صبر، قال النحاة: تقديره: وددت أن موسي صبر وكذلك قوله: " ودوا لو تدهن فيدهنون " تقديره: ودوا أن تدهن. وقال بعضهم: بل هي لو شرطية وجوابها محذوف والمعني علي التقديرين معلوم، وهو محبة ذلك الفعل وإرادته ومحبة الخير وإرادته محمود، والحزن والجزع وترك الصبر مذموم والله أعلم. مسائل في الحديث وعلومه - الفتاوي: 18/347.

وهناك زيادات في نفس الموضوع تجدها في فتح الباري تجدها في الموضع السابق المشار إليه سابقاً من الفتح.

والآن يا تلميذ: هل تبين لك أن استخدام (لو) ليس جائزاً علي إطلاقه وبنص القرآن؟

كما قال تعالي: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم إذ ضربوا في الأرض أو كانوا غزي لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم " وهذا هو الذي نهي عنه النبي صلي الله عليه وسلم، حيث قال: وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت لكان كذا وكذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان. أي تفتح عليك الحزن والجزع وذلك يضر ولا ينفع بل اعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك.

هل تيقنت الآن أنه ليس عندنا تناقض ولله الحمد ولا تعارض؟

وهل تيقنت الآن أنه فاتكم في دينكم الأوجه الخاطئة في استخدام لو؟

ص: 185

ثم نأتي يا تلميذ إلي ما نريد إثباته عن أصول دينكم وأنها تناقض بعضها البعض.

وأنقل لك مثالاً من رسالة دكتوراه بعنوان (تناقض أهل الأهواء والبدع في العقيدة) وبالطبع كان لكم نصيب كبير منها وأكتفي بذكر مثال واحد متعلق بالعصمة حتي لا تقول إنني من أصحاب التشعبات:

" 5 - ومن الأمثلة: - أن الشيعة تقول بمسألة الإمامة وربطها باللطف: يقول ابن المطهر:

(ذهبت الإمامية إلي أن الله عدل حكيم لا يفعل قبيحاً ولا يخل بواجب وأن أفعاله إنما تقع لغرض صحيح وحكمة، وأنه لا يفعل الظلم ولا العبث وأنه رؤوف بالعباد يفعل ما هو الأصلح لهم والأنفع، وأنه تعالي كلفهم تخييراً لا إجباراً ووعدهم الثواب وتوعدهم بالعقاب علي لسان أنبيائه ورسله المعصومين بحيث لا يجوز عليهم الخطأ ولا النسيان ولا المعاصي وإلا لم يبق وثوق بأقوالهم وأفعالهم فتنتفي فائدة البعثة، ثم أردف الرسالة بعد موت الرسول بالإمامة فنصب أولياء معصومين ليأمن الناس من غلطهم وسهوهم وخطئهم فينقادون إلي أوامرهم لئلا يخلي الله العالم من لطفه ورحمته. منهاج السنة:1/124).

ومع ذلك يجعلون التقية ركناً من أركان الدين، فهي عندهم تسعة أعشار الدين، ويزعمون كذباً وافتراءً أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: تارك التقية كتارك الصلاة. بحار الأنوار: 75/412.

فهم يعدون ترك التقية ذنباً لا يغفر، فزعموا أن الله يغفر للمؤمن كل ذنب يظهر منه في الدنيا والآخرة ما خلا ذنبين: ترك التقية وتضييع حقوق الإخوان، فجمعوا بين المتناقضات. فكيف يزعمون أن الأئمة معصومون من الغلط والسهو والخطأ حتي لا ينقاد الناس إلي أوامرهم، فماذا تعني التقية إلا المخالفة والخطأ

ص: 186

، وهذا يقتضي متابعة الآخرين وتقليدهم؟ يقول ابن حجر يرحمه الله: والتقية الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وتغيره للغير. فتح الباري: 12/ 314.

ويقول الإمام محمد بن عبد الوهاب يرحمه الله: والمفهوم من كلامهم أن معني التقية عندهم كتمان الحق أو ترك اللازم، أو ترك المنهي خوفاً من الناس. رسالة في الرد علي الرافضة ص 21.

فدل ذلك علي أن التقية تستلزم إظهار خلاف المعتقد والوقوع في الأخطاء والذنوب، ومن ثم يقلد الأتباع الأئمة، فجمعوا في هذا المعتقد بين المتناقضات، فإما أن يقولوا بالعصمة وإما أن يقولوا بالتقية، أما الجمع بين الاثنين فهو تناقض واضح وبين.

ومن التناقض في هذه المسألة أن الشيعة يعتقدون أن الله ينصب أولياء معصومين لئلا يخلي الله العالم من لطفه ورحمته ومع ذلك فإنهم يقولون: إن الأئمة مقهورون مظلومون عاجزون ليس لهم سلطان ولا قدرة ولا تمكين، ويعلمون أن الله لم يمكنهم ولم يؤتهم ولاية ولا ملكاً كما أتي المؤمنين والصالحين، ولا كما أتي الكفار والفجار. منهاج السنة: 1/131. فقولهم الثاني يناقض قولهم الأول حيث إن الإمام مقهور مسكين، فكيف يقوم بالمصلحة والنفع للآخرين؟ ص 500.

البحار: 68/163، 74/ 229، 75/409-415. تفسير العسكري - 128. وسائل الشيعة: 11/474، 16/223. جامع الأخبار - 95. انتهي المثال يا تلميذ.

وأقول لكم كيف استطعتم الجمع بين العصمة والتقية؟ وما الفائدة من عصمة أئمتكم إذا كنتم لا تدرون صحة ما يقولونه ويعملونه طالما أن تسعة أعشار دينكم التقية!!!

تقول يا تلميذ:

ص: 187

" قلت يا مشارك: (ك) كلام إمامكم: لماذا كان اقتتال الإسرائيلي من عمل الشيطان طالما أن قتل القبطي جائز من قبل الإسرائيلي؟ ".

أقول:

لقد جاوبنا علي هذا أعلاه وقلنا هناك بما نختصره هنا: أن هذه مغالطة منك.

فكلام الإمام عليه السلام كان وصفاً لنفس الإقتتال بما هو اقتتال بغض النظر عن من هو المخطئ فيه ومن هو المصيب.

قلت:

" يا مشارك: لم تجب علي إشكالية إرادة تكرار موسي للأمر مع حثكم بعدم الإقتداء به فطالما أنك تعترف أنه خطأ فلم حاول تكراره صلي الله عليه وسلم؟ ".

أقول:

إن نصرة موسي عليه السلام للإسرائيلي لم تكن خطأ في حد ذاتها حتي يكون تكرارها تكرار للخطأ فهذا الإشكال غير متوجه إلينا البتة، فالنبي موسي عليه السلام عندما حاول نصرة الإسرائيلي مرة أخري ضد العدو الآخر إنما فعله باعتباره جائزاً إن لم نقل أنه واجب عليه من باب نصرة المظلوم من ظالمه. وأقول لك: سبق الكلام علي هذا في الأعلي بما يغني عن إعادته هنا.

تقول يا تلميذ:

" أولا: لم أحجر واسعاً، ولا عقيدتنا هذه عقيدة تشديد علي الناس ولا شئ من هذا القبيل وإنما عدم تدبرك في كلامي هو الذي جعلك تصل إلي هذه النتيجة. ثانياً: إن هذا المثال أنت الذي أتيت به سابقاً - أعني مثال وتر النبي - للإشكال علي وهو في الحقيقة غير دقيق، وذلك لأننا نعني بخلاف الأَولي هو الفعل الذي لو فعله العبد كانت آثاره

ص: 188

السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليلة أو معدومة ولو تركه كان العكس أو هو الفعل الذي لو تركه العبد تكون آثاره السلبية كبيرة ونتائجه الإيجابية قليلة أو معدومة ولو فعله كان العكس، فلو وتر النبي صلي الله عليه وآله بأكثر من ركعة بثلاث أو خمس أو... إلخ مبيناً أن الوتر بواحدة أو ثلاث أو خمس ممكن وجائز ولا إشكال فيه، فهذا حتي نحن نقول بأنه يجوز الإقتداء به في كل هذه الموارد لأنه ليس في الإقتداء به في واحد من هذه الموارد ما يخالف الأولي. وكلامنا هو ما إذا كان الفعل الصادر من النبي في فعله سلبيات كبيرة، وفي تركه إيجابيات كبيرة، وقد فعله النبي مثلاً فنقول هنا لا مورد للإقتداء بالنبي في هذا المورد لما ثبت لنا بأن الفعل كان خلاف الأولي، وأن له سلبيات كبيرة كما تقولون أنتم بأنه ما ثبت لنا أنه معصية ومخالفة لله من قبل الأنبياء فلا مجال للإقتداء بهم فيه - وحاشاهم أن يصدر منهم ذنب ومخالفة لله بمعني تجرؤ علي أوامره الإلزامية - وعليه فمطالبتي بالدليل ناشئ من عدم فهمك لكلامي لأن موضوع المناقشة في خصوص هذه المسألة هو موضوع الإقتداء بالأنبياء في موارد مخالفة الأَولي، لا في الإقتداء بهم في فعلهم للفعل المفضول مع سبق فعلهم للفاضل أو لحوقه أو ثبوت أن هذا الفعل مفضول وأن هناك فعل فاضل له، فنحن الشيعة الإمامية الإثنا عشرية أيضاً نقول بأن كلا الموردين مورد اقتداء، فمن فعل هذا فقد اقتدي بالنبي ومن فعل هذا فقد اقتدي بالنبي، وأنت لو دققت النظر في كلامي أعلاه الذي أشكلت به علي لوجدت أنه جاء في سياقه كلمة (خلاف الأولي) ".

وأقول لك:

وأما نحن فنقتدي بجميع أفعال النبي صلي الله عليه وسلم جميعها ونحملها علي الإقتداء والتأسي إلا ما استثني علي لسان الشارع، وورد به النقل الصحيح الثابت في الكتاب والسنة، ولا نجعل أفعال النبي صلي الله عليه وسلم عرضة للبحث والتدقيق والنظر.. من باب ما تقوله " وكلامنا هو ما إذا كان الفعل الصادر

ص: 189

من النبي في فعله سلبيات كبيرة وفي تركه إيجابيات كبيرة، وقد فعله النبي مثلاً، فنقول هنا لا مورد للإقتداء بالنبي في هذا المورد، لما ثبت لنا بأن الفعل كان خلاف الأَولي وأن له سلبيات كبيرة ".

نقول لك: لا مجال عندنا لدراسة أفعال النبي صلي الله عليه وسلم بآرائنا وبفقهنا، فهي تشريع عندنا يا تلميذ، ولا نستثني من ذلك إلا ما عاد منه النبي صلي الله عليه وسلم بنفسه أو بوحي من الله أو باعترافه صلي الله عليه وسلم أنه من قبيل النسيان أو مما نص الدليل علي أنه خاص به كالزواج من تسع، وما شابه ذلك.

وبعد، أيها التلميذ:

فقد ساءني إعلانك أنك تود إنهاء هذه المناظرة وقد كنت علي وشك أن أطلب منك البدء في قصة أكل آدم عليه الصلاة والسلام من الشجرة. فهذه القصة لا تستطيع إنكار معصية آدم فيها مهما حاولت فالآيات واضحة في إثبات الله المعصية لآدم " وعصي آدم ربه فغوي ".

وفي الحديث الصحيح عندنا: " وعصي آدم فعصت ذريته ". فالآيات واضحة في نهي الله لآدم الصريح بعدم الأكل من الشجرة " ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين ". والآيات واضحة في تزيين الشيطان المعصية لآدم " فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما من الناصحين فدلاهما بغرور ". والآيات واضحة في تبيان ما حدث لموسي مباشرة بعد عصيانه لأمر الله " فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ". والآيات واضحة في عتاب الله لآدم لعصيانه أمر الله " وناداهما

ص: 190

ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين ". والآيات واضحة في اعتراف موسي بذلك وطلب المغفرة من الله " قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ". والآيات واضحة في قبول الله لتوبة آدم " فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ".

وعموماً يا إمامية: ليتنا نجرب المناقشة عن طريق البريد الإلكتروني، وحتي بدون البريد الإلكتروني المعروف للشخص وبدون إعلام الشخص بنفسه من يكون، فهذا أدعي لقبول الحق، وأعدكم أني لن أقول أن فلان الفلاني راسلني واقتنع بهذه الجزئية من كلامي، فيعلم الله أني أهدف من ذلك إلي هدايتكم لما أعرفه من الإسلام وهذا بريدي: almosharek@ com. ayna

وأخيراً يا تلميذ:

احترت في موقفك، فهل أنت تريد الإكمال معي، أم لا؟

في كل الأحوال أرجو إخباري بقرارك عاجلاً، وبعد ذلك خذ ما شئت من وقت للرد علي ردي المطول، وفي كل الأحوال فقد سعدت بحواري معك وأعتذر عما بدر مني من إساءة.

قال العاملي:

إلي هنا انتهي ما نشره مشارك في شبكة سحاب.

ثم كتب (مشارك)، في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 12 - 9 - 1999، الثانية ليلاً، موضوعاً بعنوان (إلي التلميذ: ها قد نشرت مناظرتنا هناك كاملة، ليطلع القوم علي بضاعتكم المزجاة)، قال فيه:

ص: 191

وقد تركت ردي الأخير كما هو في الأصل لأنك رفضت تعديل ردك، ولأنك افتريت علي الآن، وأنا أطلب من الجميع أن يحكموا علي تلك المناظرة التي عجز التلميذ أن يجيب فيها علي تناقضاته التي لا تنتهي.

فكتب (التلميذ)، الثامنة مساءً:

إلي مشارك:

أولاً: إذا خلي لك الجو - في منبر الحوار في شيعة لنك - فبيضي وفرخي.

ثانياً: إعلم أن من يتلقي علومه عن أهل البيت.. المصطفي والمرتضي والمجتبي والشهيد والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا والجواد والهادي والعسكري والمهدي.. فلن تكون تجارته أبداً خاسرة، ولا بضاعته مزجاة، بل الذي يتلقي علومه من النواصب أمثال ابن تيمية فبلا شك إنه سيكون كذلك.

أيها الرجل، تجارتنا رابحة وإن رغمت أنوف النواصب، وأنا بدوري أقول ليحكم الأخوة في الموضوع أعلاه.

وهل تري إرجافك هذا ينطلي علي أهل البصائر وذوي العقول.

وما عناوينك الرنانة إلا تحمل تحتها الفشل والزيغ، الذي يصيبك في كل حوار مع أي شيعي.

ولكن هو الإرجاف، وقد سبقك غيرك في ذلك من أسلافك فلا عتب عليك أن ترجف أنت أيضاً.

وكتب (مشارك)، الثامنة والربع مساءً:

ولماذا تهربت أيها البطل الهمام من الرد علي كامل ما طرحته لك في ردي الأخير؟

لقد طرحت عليك إشكالات كثيرة ولكن.. ربما كان السكوت جواباً.

ص: 192

صدقني والله إني لا أعجب من كثرة هجركم للقرآن لأنه يفضحكم ويفضح زيف عقيدتكم.

ما زلت تلميذاً يا تلميذ، ثم إذن أن تعتبرنا من النواصب يا تلميذ، أهذه هي عقيدتكم فينا؟

إذاً، وبالطبع تفضلون علينا اليهود والنصاري.

فأجاب (التلميذ)، الثامنة والنصف مساءً:

نعم، شيخك ابن تيمية ناصبي تشهد كتاباته ضد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

أما أنت فأتمني أن لا تكون مثله. ونعم، أنا التلميذ وسأبقي عظماً في حنجرتك.

ولا علي من أراجيفك وهرجك وكثرة تخريفك وإشكالاتك.

تجد عليها الجواب في ردودي عليك أعلاه، في نفس موضوع الحوار.

وليس لي وقت كي أضيعه مع أمثالك، فأنت أحقر من أن تناقش مثلي وأنا لن أناقشك فقط من باب لا تماري جاهلاً. فما تقوم به أنت ليس سوي مكابرة ومماراة. فابحث عن غيري تلعب معه.

وكتب (مشارك)، التاسعة مساءً:

قبل قليل تخليت عن تقيتكم المعهودة وقلت إني ناصبي.

ولما وجدت نفسك قد حصرت وأظهرت السر المكنون والذي لأجله تفضلون اليهود والنصاري علينا اضطررت إلي تدارك الورطة التي أوقعت نفسك فيها وقمت بحذف عقيدتك الحقيقية فينا أهل السنة، وجئت الآن تلف وتدور وتقول: " أتمني ألا تكون من النواصب ". (يبه عرفناكم زين يبه).

ص: 193

عموماً: يبدو أنك لا تدري ما تقول، وتكثر من تناقضاتك بمناسبة وبلا مناسبة، فبينما تقول متحدياًّ " وسأبقي عظما في حنجرتك " إذا بك تفر بغبار كثير وبتعالي.. لم أجده في غيرك من قومك " فأنت أحقر من أن تناقش مثلي " وعجباً، ومن أنت أيها التلميذ؟ إن أنت إلا رافضي، وهذا يكفيك!

لقد هزلت حتي بدا من هزالها... كلاها وحتي سامها كل مفلس

إن كنت تراجعت تقية عن اتهامك لي بأني ناصبي فأقول لك: نحن ولله الحمد نتبرأ من الروافض والنواصب، وأنتم روافض و نواصب، لأنكم تناصبون آل البيت العداء.

عموماً: الحمد لله أن الكلام باقٍ ليثبت لكم أنكم تتناقضون عندما نحاججكم بالقرآن، وصدقني أنني أرثي لحالكم وأتذكر دائماً قول الله عز وجل: " وإذا تتلي عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله ".

وأجابه (التلميذ)، التاسعة والنصف مساءً:

لا عليك.. لا أريد أن أشد عليك في الكلام.

فأنا أعلم أنك ستخرج من طورك وستلجأ إلي كلام السفهاء والسوقة!!

وربما تأخذ عليه إنذاراً من مراقب الساحة.. ولكن أقول: مسكين أنت أيها الأعرابي!

وكتب (مشارك)، الحادية عشرة ليلاً:

لا أدري لماذا تحرر كل موضوعاتك بهذه السرعة! يبدو أنك قد ألقمت حجراً أيها التليميذ!!

المشكلة أن لديك تلميذاً أيضاً.. ومتي يتتلمذ التلاميذ علي التلاميذ؟

ومن قال لك إني أخرج عن طوري أيها المسكين؟

ص: 194

إذا أردت السفاهة وكلام السوقة فلعلك قد تتلمذت عليه من كلام علمائكم العظام أمثال المجلسي والجزائري.

بل أيها المسكين أعتبر أن كل كلمة قلتها في حقكم هي بعض ما تستحقون وبعض ما نستطيع قوله لمن جعل محاربة الإسلام والمسلمين هي دينه، وجعل سب الصحابة شعاره، وعليك أن تراجع جميع ما حذف من كلامي، نعم لا ينبغي ذكرها في مقام المناظرة، ولكن هذا لا يعني أنكم لا تستحقونها وأنتم الذين أخذتم بأقوال الزنادقة واليهود.

عموماً: لا أتوقع أنك تستطيع أن تتفلسف وتدعي أنك لم تتناقض، وبورك لكم في العقنقل.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 9 - 1999، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

يا ليتكما بدل هذا الكلام تتناقشان في موضوع مهم.

ولكن مشاركاً أخذ علي نفسه أن لا يناقش هنا، وقد بقي في هذه الساحة لغير المناقشة!!

يعني لماذا؟!!

فكتب (التلميذ)، الثانية عشرة والربع صباحاً:

أنا أخبرك يا أخي العاملي.. بقي كي يستفز الآخرين!!

وكتب (مشارك)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

عجباً يا تلميذ: من الذي استفز الآخر؟

ألست أنت الذي أخذت تتفلسف مع شعاع، وتقول ما تقول؟

وعندما نشرنا بضاعتك المزجاة انقلب السحر علي الساحر.

ص: 195

رحم الله امرأ عرف قدر نفسه، وقدر معتقده، فيسر له الطريق الصحيح.

ردود التلميذ علي أباطيل فيصل نور

كتب (التلميذ) عدداً من البحوث تحت هذا العنوان، دافع فيها عن عصمة الأنبياء عليهم السلام، ورد علي مزاعم المدعو (فيصل نور) صاحب شبكة (الخيمة) السلفية، ولا يتسع المجال لنشرها.

وقد نشر بعضها في شبكة هجر والموسوعة الشيعية، وشبكة الحق، بعنوان (الحق المسطور في الرد علي أباطيل فيصل نور..)، قال في إحداها:

هذه هي الحلقة السابعة من سلسلة الردود علي المدعو فيصل نور حول ما كتبه تحت عنوان (نقد عقيدة العصمة عند الشيعة).. وقد سبقها ست حلقات...

ص: 196

الباب الخامس: دفاعاً هن نبینا صلی الله علیه و آله

اشارة

عناوين الفصول:

الفصل الأول: النبي صلي الله عليه وآله.. بشر لا كالبشر

الفصل الثاني: فرية الغرانيق القرشية التي استغلها أعداء الإسلام!!

الفصل الثالث: مقام عمر عند بعضهم فوق مقام النبي (صلی الله علیه و آله)!!

الفصل الرابع: أبو بكر وعمر عند بعضهم أفضل من النبي (صلی الله علیه و آله)!!

الفصل الخامس: رد افترائهم علي النبي (صلی الله علیه و آله) بأنه كان يؤذي ويسب ويضرب من لا يستحق!!

الفصل السادس: رد افتراءاتهم علي أخلاقيات النبي صلي الله عليه وآله

الفصل السابع: افتراؤهم علي النبي (صلی الله علیه و آله) أنه كان يشك في نبوته!!!

الفصل الثامن: رد ما نسبوه إلي النبي (صلی الله علیه و آله) من العبوس في وجه المؤمنين!!

الفصل التاسع: هل مات النبي صلي الله عليه وآله مسموماً؟

ص: 197

ص: 198

الفصل الأول: النبي صلي الله عليه وآله... بشر لا كالبشر

ص: 199

ص: 200

النبي صلي الله عليه وآله... بشر لا كالبشر

كتب (كمال) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ، 19 - 6 - 2000، السادسة عصراً، موضوعاً بعنوان (هل النبي صلي الله عليه وآله.. كسائر البشر؟!)، قال فيه:

يحاول البعض إثبات بعض النقائص الخلقية للنبي صلي الله عليه وآله، بدعوي أنه بشر، يعاني ما يعانيه البشر ويتصرف ما تمليه عليه طبيعته البشرية!

ولإثبات هذا الكلام ونفيه، لا بد لنا من معرفة ما المقصود بالبشر في المصطلح القرآني.

فإن القرآن الكريم وردت فيه آيات ذكر فيها البشر، وإذا تابعنا هذه الآيات فسنجد أن ما يوصف به الإنسان من كمالات أو نقائص ليست لها علاقة بكونه بشراً.

قال تعالي: " وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان ربك قديراً ". الفرقان - 54. وقال تبارك اسمه: " إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من طين ". سورة صاد - 71.

قال جل شأنه: " ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون ". الروم - 20.

ص: 201

وقال تبارك وتعالي: " وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشراً من صلصال من حمأ مسنون ". الحجر - 28.

ومجموع هذه الآيات الشريفة يؤكد علي أن البشر هو المخلوق الذي أوجده الله تعالي من طين، ولم يشر القرآن الكريم إلي كون الخلقة البشرية تقتضي أكثر من ذلك.

أما الكمالات التي للإنسان فلم تنشأ من الطبيعة البشرية، بل لأمر آخر بينه الله تعالي: " يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي، استكبرت أم كنت من العالين ". سورة ص - 75.

فكمالات الإنسان وتفضيله علي غيره من المخلوقات، لأنه مخلوق تجلت فيه صفات الجلال والجمال، ففاق بذلك بقية مخلوقات الله تعالي وفضل عليها.

وأما النواقص الخلقية وغيرها من النواقص غير التكوينية، فهي تأتي الإنسان من جهة ما يتمتع فيه من اختيار يكون منفذاً لحركة الشيطان وتأثيره في الإنسان، كما أشار إلي ذلك القرآن الكريم علي لسان إبليس لعنة الله: " قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين... إلا عبادك منهم

المخلصين ". الحجر - 38، 39.

فتلخص مما تقدم: أن الكمالات والنقائص الحاصلة للإنسان ليست تابعة نشأته البشرية، بل لأمور خارجة عن تلك النشأة، يشاركه فيها بقية المخلوقات درجات وكيفيات متفاوتة طبقاً لما أودعه الله تعالي فيها من كمالات.

وإذ نري أن الرسول صلي الله عليه وآله عندما يصف نفسه بالبشرية، لا يثبت بذلك وجود طبيعة ناقصة فيه، لأن النشأة البشرية ليس فيها إلا النقص الناشئ من الإمكان، لأنه مفتقر إلي الله تعالي في وجوده في جميع أدواره.

ص: 202

لذا قال تبارك وتعالي علي لسان رسول الله صلي الله عليه وآله: " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ". الكهف - 11.

وقال تبارك وتعالي: أو يكون لك بيت من زخرف أو ترقي في السماء ولن نؤمن لرقيك حتي تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولاً ". الإسراء - 93.

فإذن قد تبين أن البشرية التي تناولها القرآن الكريم إنما تتحدث عن أصل النشأة الخلقية، وأن الكمالات والمتحققة في الإنسان لا لكونه بشراً، بل لكونه مظهراً لأسماء الجمال والجلال، كما أن النقائص الحاصلة فيه ناتجة من تسليطه للشيطان علي نفسه واتباعه لهواه ومخالفته لمقتضيات كماله.

وقد أثبت القرآن الكريم أن الشيطان لا سلطنة له علي الكل من عباد الله تعالي حيث قال الشيطان في كلامه مع الله تعالي: " عبادك منهم المخلصين ". الحجر - 39. ومما لا شك فيه أن الرسول صلي الله عليه وآله سيد عباده المخلصين، وبالإضافة إلي ذلك قد أخبر الله تعالي عن الكمال التام لرسوله صلي الله عليه وآله حيث قال: " وإنك لعلي خلق عظيم ". القلم - 4.

وادعاء أن الرسول يتصف بالنقص الخلقي كما يتصف بذلك غيره من العباد تكذيب للإخبار الإلهي عن كمال الرسول صلي الله عليه وآله.

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 6 - 2000، الرابعة والربع عصراً:

النبي صلي الله عليه وآله: بشر لا كالبشر..

بشرٌ، لا يقاس به بشر..

بشرٌ، لا ينطق عن الهوي.. ولا يعمل عن الهوي..

ص: 203

بشرٌ، لكن حتي في تركيبه الفيزيوي يختلف عن البشر، فقد شرب رجل مسلم من دم حجامته.. فلم يمرض، ولم يشب.

بشرٌ، في عالمنا هذا.. أما قبله فقد كان نبياًّ وآدم منجدل بين الماء والطين.. ثم جعله الله في صلب آدم وحواء..

بشرٌ، في عالمنا هذا، أما في التكوين فأول نور خلقه الله تعالي من نوره كان نور محمد وآل محمد صلي الله عليه وآله.. والذين ينتقصون من مقامه صلي الله عليه وآله، هم المشركون والمنافقون، ثم الذين قلدوهم وأخذوا أفكارهم، من حكام الجور وأئمة الضلال..

وذلك لكي يبرروا مخالفة أوامره في أهل بيته بحجة أنه بشر.. ولكي.. يبرروا أخطاءهم وظلمهم.. ولكي يميعوا لعنه وذمه لهم، بحجة أنه بشر يغضب ويخطئ!

ولكي يثبتوا لأنفسهم مقاماً أنهم بمرتبة النبي وأنهم كانوا يصححون أخطاءه!!!

وكتب (رائد جواد) بتاريخ 26 - 6 - 2000، الثالثة ظهراً:

لم يكتفوا بجعله كسائر البشر!! بل فضلوا عليه غيره!!!

اتهموه بالسهو والنسيان ونزهوا غيره عن ذلك!!

يقولون: أن عمر ما رآه الشيطان سلك فجاًّ إلا سلك فجاًّ غير فجه!!!

أما النبي فقد سلك الشيطان فجه لذلك فهو يسهو في صلاته وينسي و.. و.. و.. و.. و!!!

إنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب (الموحد)، الثالثة والربع ظهراً:

ص: 204

استوقفتني هذه الجملة في كلام الأخ الفاضل العاملي: " لكن حتي في تركيبه الفيزيوي.. يختلف عن البشر ".. وهذا صحيح.

في الإسراء والمعراج تقدم النبي صلي الله عليه وآله ووطأ حضرة القدس بنعليه.. ولو لم يكن طاهراً ومطهراً لأي شئ يمس جسده الشريف صلوات ربي وسلامه عليه وعلي آله المنتجبين.. لما جاز له ذلك.

وكتب (كمال)، الخامسة والربع مساءً:

الأخوة الأفاضل العاملي والموحد، السلام عليكم، وبعد:

لفت نظري كلام الأخ الموحد في عروج النبي صلي الله عليه وآله إلي السماء حيث ألاحظ في كتاب مفاتيح الجنان، وفي دعاء الندبة بالخصوص، عبارة مكتوبة بصورتين " وعرجت به إلي سمائك " وعرجت بروحه إلي سمائك ".

فلماذا هذا الإختلاف أولاً؟؟ ومن هو القائل باستحالة وعدم إمكانية العروج البدني؟؟

ومن هو القائل بإمكانه؟؟

فأجابه (الموحد) بتاريخ 27 - 6 - 2000، الواحدة ظهراً:

الأخ العزيز كمال:

سأرد علي جانب من سؤالك في الوقت الحاضر وهو ما يختص بالإختلاف الموجود في كتاب مفاتيح الجنان ص 636:

" وعرجت بروحه إلي سمائك ".. هكذا هي مكتوبة في المتن.. وفي الهامش " وعرجت به ".. وهي تصحيح لخطأ في الترجمة من الفارسية إلي العربية.

لقد ثبت بالنص إسراء ومعراج الرسول صلي الله عليه وآله ببدنه وروحه " سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ". صدق الله العلي العظيم.

ص: 205

القرطبي:

(واختلفوا في تاريخ الإسراء وهيأة الصلاة، وهل كان إسراء بروحه أو جسده.

فهذه ثلاث مسائل تتعلق بالآية، وهي مما ينبغي الوقوف عليها والبحث عنها، وهي أهم من سرد تلك الأحاديث.

وأنا أذكر ما وقفت عليه فيها من أقاويل العلماء واختلاف الفقهاء بعون الله تعالي.

فأما المسألة الأولي: وهي هل كان إسراء بروحه أو جسده.

اختلف في ذلك السلف والخلف، فذهبت طائفة إلي أنه إسراء بالروح، ولم يفارق شخصه مضجعه، وأنها كانت رؤيا رأي فيها الحقائق، ورؤيا الأنبياء حق. ذهب إلي هذا معاوية وعائشة، وحكي عن الحسن وابن إسحاق.

وقالت طائفة: كان الإسراء بالجسد يقظة إلي بيت المقدس، وإلي السماء الروح.

واحتجوا بقوله تعالي: سبحان الذي أسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي.

فجعل المسجد الأقصي غاية الإسراء.

قالوا: ولو كان الإسراء بجسده إلي زائد علي المسجد الأقصي لذكره، فإنه كان يكون أبلغ في المدح. وذهب معظم السلف والمسلمين إلي أنه كان إسراء بالجسد وفي اليقظة، وأنه ركب البراق بمكة، ووصل إلي بيت المقدس وصلي فيه ثم أسري بجسده. وعلي هذا تدل الأخبار التي أشرنا إليها والآية.

ص: 206

وليس في الإسراء بجسده وحال يقظته استحالة، ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلي التأويل إلا عند الإستحالة. ولو كان مناماً لقال: بروح عبده ولم يقل بعبده. وقوله: ما زاغ البصر وما طغي يدل علي ذلك.

ولو كان مناماً لما كانت فيه آية ولا معجزة، ولما قالت له أم هانئ: لا تحدث الناس فيكذبوك، ولا فضل أبو بكر بالتصديق، ولما أمكن قريشاً التشنيع والتكذيب، وقد كذبه قريش فيما أخبر به حتي ارتد أقوام كانوا آمنوا. فلو كان بالرؤيا لم يستنكر.

وقد قال له المشركون: إن كنت صادقاً فخبرنا عن عيرنا أين لقيتها؟

قال: " بمكان كذا وكذا مررت عليها ففزع فلان ".

فقيل له: ما رأيت يا فلان.

قال: ما رأيت شيئاً! غير أن الإبل قد نفرت.

قالوا: فأخبرنا متي تأتينا العير؟

قال: " تأتيكم يوم كذا وكذا ".

قالوا: أية ساعة؟

قال: " ما أدري، طلوع الشمس من هاهنا أسرع أم طلوع العير من هاهنا ".

فقال رجل ذلك اليوم: هذه الشمس قد طلعت.

وقال رجل: هذه عيركم قد طلعت!

واستخبروا النبي صلي الله عليه وسلم عن صفة بيت المقدس فوصفه لهم ولم يكن رآه قبل ذلك.

روي الصحيح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لقد رأيتني في الحجر وقريش تسألني عن مسراي، فسألتني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها فكربت كرباً ما كربت مثله قط.

ص: 207

قال: فرفعه الله لي أنظر إليه فما سألوني عن شئ إلا أنبأتهم به. الحديث.

وقد اعترض قول عائشة ومعاوية بأنها كانت صغيرة لم تشاهد، ولاحدثت عن النبي صلي الله عليه وسلم.

وأما معاوية فكان كافراً في ذلك الوقت غير مشاهد للحال، ولم يحدث عن النبي صلي الله عليه وسلم. ومن أراد الزيادة علي ما ذكرنا فليقف علي كتاب الشفاء للقاضي عياض يجد من ذلك الشفاء.

وقد احتج لعائشة بقوله تعالي: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس. فسماها رؤيا. وهذا يرده قوله تعالي: سبحان الذي أسري بعبده ليلاً. ولا يقال في النوم: أسري.

وأيضاً فقد يقال لرؤية العين: رؤيا، علي ما يأتي بيانه في هذه السورة.

وفي نصوص الأخبار الثابتة دلالة واضحة علي أن الإسراء كان بالبدن، وإذا ورد الخبر بشئ هو مجوز في العقل في قدرة الله تعالي فلا طريق إلي الإنكار، لا سيما في زمن خرق العوائد.

وقد كان للنبي صلي الله عليه وسلم معارج، فلا يبعد أن يكون البعض بالرؤيا، وعليه يحمل قوله عليه السلام في الصحيح: " بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان " الحديث...

المسألة الثانية: في تاريخ الإسراء، وقد اختلف العلماء في ذلك أيضاً.

واختلف في ذلك علي ابن شهاب، فروي عنه موسي بن عقبة، أنه أسري به إلي بيت المقدس قبل خروجه إلي المدينة بسنة.

وروي عنه يونس عن عروة عن عائشة، قالت: توفيت خديجة قبل أن تفرض الصلاة.

قال ابن شهاب: وذلك بعد مبعث النبي صلي الله عليه وسلم بسبعة أعوام.

ص: 208

وروي عن الوقاصي قال: أسري به بعد مبعثه بخمس سنين.

قال ابن شهاب: وفرض الصيام بالمدينة قبل بدر، وفرضت الزكاة والحج المدينة، وحرمت الخمر بعد أحد.

وقال ابن إسحاق: أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي وهو بيت المقدس، وقد فشا الإسلام بمكة في القبائل.

وروي عنه يونس بن بكير قال: صلت خديجة مع النبي صلي الله عليه وسلم. وسيأتي.

قال أبو عمر: وهذا يدلك علي أن الإسراء كان قبل الهجرة بأعوام، لأن خديجة قد توفيت قبل الهجرة بخمس سنين وقيل بثلاث وقيل بأربع.

وقول ابن إسحاق مخالف لقول ابن شهاب، علي أن ابن شهاب قد اختلف عنه كما تقدم.

وقال الحربي: أسري به ليلة سبع وعشرين من شهر ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة.

وقال أبو بكر محمد بن علي ابن القاسم الذهبي في تاريخه: أسري به من مكة إلي بيت المقدس، وعرج به إلي السماء بعد مبعثه بثمانية عشر شهراً.

أبو عمر: لا أعلم أحداً من أهل السير قال ما حكاه الذهبي، ولم يسند قول إلي أحد ممن يضاف إليه هذا العلم منهم، ولا رفعه إلي من يحتج به عليهم...).

فكتب (كمال) بتاريخ 28 - 6 - 2000، السابعة مساءً:

الأخ الموحد، السلام عليك:

قد اطلعت علي موضوعك في المعراج وشكراً لجهدك مرة ثانية.

ولكن أعتقد أنك لم تجب حول النقاط الثلاثة التي ذكرتها لجنابك، فالنتيجة هل تؤيدني فيها، أم لك رأي ثانٍ.. أحب سماعه؟؟؟

ص: 209

وكتب (فرات) بتاريخ 1 - 7 - 2000، السابعة مساءً:

الأخوة الكرام، السلام عليكم:

لا أزيد علي ما ذكره العلامة الطباطبائي حول قضية الإسراء والمعراج وأنقلها منه رحمه الله نصاًّ:

(قال في المناقب: اختلف الناس في المعراج فالخوارج ينكرونه. وقالت الجهمية: عرج بورحصدون جسمه علي طريق الرؤيا. وقالت الإمامية والزيدية والمعتزلة: بل عرج بروحه وبجسمه إلي بيت المقدس لقوله تعالي: " إلي المسجد الأقصي ". وقال آخرون: بل عرج بروحه وبجسمه إلي السماوات.

روي ذلك عن ابن عباس وابن مسعود وجابر وحذيفة وأنس وعائشة وأم هاني.

وقال قدس سره: وأما كيفية الإسراء. فظاهر الآية والروايات بما يحتف بها من القرائن ظهورا لا يقبل الدفع أنه أسري به من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي بروحه وجسده جميعاً.

ويقول قدس سره في ج 27 عند تفسيره للآيات من 1 - 18 من سورة النجم:

وأما من المسجد الأقصي إلي السماوات، فقد قال قوم: بكونه بالروح والجسم معاً أيضاً، ووافقهم كثير من الشيعة، ومال بعضهم إلي كونه بالروح ومال إليه بعض المتأخرين... وربما يقوي كونه بالروح والجسم معاً، لما روي في تفسير القمي بإسناده إلي ابن سنان في حديث: قال أبو عبد الله عليه السلام: وذلك أنه - يعني النبي - أقرب الخلق إلي الله تعالي، وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما أسري به إلي السماء: تقدم يا محمد، فقد وطأت موطئاً لم يطأه ملك مقرب ولا بني مرسل... فإن الوطأ لا يكون إلا بالحاسة، والروح لا تطأ شيئاً).

ص: 210

وكتب (عمر)، في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23-12-1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (بشرية النبي صلي الله عليه وسلم)، قال فيه:

بشرية النبي صلي الله عليه وسلم:

سورة الكهف - 110: قال الله تعالي: قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد.

سورة الأنعام - 50: قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحي إلي قل هل يستوي الأعمي والبصير أفلا تتفكرون.

سورة الأعراف - 188: قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراًّ إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.

سورة الأنبياء - 134: وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون.

سورة الزمر - 30: إنك ميت وإنهم ميتون.

ومضات: لقد كان محمد صلي الله عليه وسلم بشراً كسائر البشر وهذا ما صرح به وأعلنه مراراً علي قومه، ونفي عن نفسه ادعاء أي صفة من الصفات التي تخرجه عن طور البشرية إلي غيرها فما هو بملك وليس بإله ولكنه بشر رسول... وصل تفكير المشركين حداًّ من العقم جعلهم يشترطون علي الرسول محمد صلي الله عليه وسلم أموراً فوق حدود بشريته، وخارجة عن نطاق مهمته، فتارة يطالبونه بالمعجزات والأعطيات، وتارة يريدون منه أن يعلمهم بما يخبئه

ص: 211

لغيب لهم، ليستفيدوا من الفرص المتاحة لهم، ويتجنبوا المخاطر التي قد تحيط بهم، ويحظوا بالنعم دون تعب أو عناء أو ابتلاء...

رسل الله بشر يطرأ عليهم ما يطرأ علي البشر من يسر وعسر، وصحة ومرض، ونوم ويقظة، فإذا ما استوفوا آجالهم أمر الله ملك الموت بقبض أرواحهم، فيموتون كما يموت البشر.. ومحمد صلي الله عليه وسلم كان واحداً من هؤلاء الرسل، أدي الأمانة وبلغ الرسالة، ونصح عباد الله، ثم انتقل إلي جوار ربه.. وتأكيداً لهذه الحقيقة وقف خليله الصديق يوم وفاته موقفاً ثابتاً أمام من أنكروا موت النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت. وهنا تتجلي روعة الإسلام الذي رقي بأتباعه من التعلق بشخص الرسول إلي التعلق بالمرسل ومصدر الرسالة، فكانت صلتهم بالله تعالي صلة وثيقة يتطلعون إليها، وعروة وثقي عقدها الرسول صلي الله عليه وسلم بينهم وبين خالقهم فتمسكوا بها. فموت الرسول صلي الله عليه وسلم لا يعني موت الإسلام، وإذا كان مصير الخليقة إلي فناء، فإن مصير العقيدة هو البقاء، ومنهج الله في الأرض مستقل بذاته عن الرسل والدعاة الذين يحملونه ويبلغونه إلي الناس، مهما علا شأنهم وجل قدرهم، وشعلة الهداية متوقدة متأججة إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها.

فكتب (فاتح) بتاريخ 27 - 12 - 1999، الخامسة والنصف صباحاً:

هل انتهيت من شتم أمير المؤمنين، وترقيت لشتم النبي صلي الله عليه وآله؟!

ونتوقع قريباً التعرض لله جل وعلا!!. انتهي.

ص: 212

وكتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 5 - 5 - 2000، الواحدة ليلاً، موضوعاً نقله من كتاب الكافي منتقداً، بعنوان (باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم عليهم السلام)، قال فيه:

(باب خلق أبدان الأئمة وأرواحهم وقلوبهم عليهم السلام:

1 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أبي يحيي الواسطي، عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الله خلقنا من عليين وخلق أرواحنا من فوق ذلك، وخلق أرواح شيعتنا من عليين وخلق أجسادهم من دون ذلك، فمن أجل ذلك القرابة بيننا وبينهم وقلوبهم تحن إلينا.

2 - أحمد بن محمد، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن محمد بن شعيب، عن عمران بن إسحاق الزعفراني، عن محمد بن مروان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول: إن الله خلقنا من نور عظمته، ثم صور خلقنا من طينة مخزونة مكنونة من تحت العرش، فأسكن ذلك النور فيه، فكنا نحن خلقاً وبشراً نورانيين لم يجعل لأحد في مثل الذي خلقنا منه نصيباً، وخلق أرواح شيعتنا من طينتنا وأبدانهم من طينة مخزونة مكنونة أسفل من ذلك الطينة ولم يجعل الله لأحد في مثل

الذي خلقهم منه نصيباً إلا للأنبياء، ولذلك صرنا نحن وهم: الناس، وصار سائر الناس همج، للنار وإلي النار.

3 - علي بن إبراهيم، عن علي بن حسان، ومحمد بن يحي، عن سلمة بن الخطاب وغيره، عن علي بن حسان، عن علي بن عطية، عن علي بن رئاب رفعه إلي أمير المؤمنين علي السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن لله نهراً دون عرشه ودون النهر الذي دون عرشه نور نوره، وإن في حافتي

ص: 213

النهر روحين مخلوقين: روح القدس وروح من أمره، وإن لله عشر طينات، خمسة من الجنة وخمسة من الأرض، ففسر الجنان وفسر الأرض، ثم قال: ما من نبي ولا ملك من بعده جبله إلا نفخ فيه من إحدي الروحين وجعل النبي صلي الله عليه وآله من إحدي الطينتين، قلت لأبي الحسن الأول عليه السلام: ما الجبل؟ فقال: الخلق غيرنا أهل البيت، فإن الله عز وجل خلقنا من العشر طينات ونفخ فينا من الروحين جميعاً فأطيب بها طيباً.

وروي غيره، عن أبي الصامت قال: طين الجنان جنة عدن وجنة المأوي وجنة النعيم والفردوس والخلد وطين الأرض مكة والمدينة والكوفة وبيت المقدس والحائر. 4 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن خالد، عن أبي نهشل قال: حدثني محمد بن إسماعيل، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: إن الله خلقنا من أعلي عليين وخلق قلوب شيعتنا مما خلقنا، وخلق أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إلينا، لأنها خلقت مم

خلقنا، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين. وما أدراك ما عليون. كتاب مرقوم يشهده المقربون ". وخلق عدونا من سجين وخلق قلوب شيعتهم مما خلقهم منه، أبدانهم من دون ذلك، فقلوبهم تهوي إليهم، لأنها خلقت مما خلقوا منه، ثم تلا هذه الآية: " كلا إن كتاب الفجار لفي سجين. وما أدراك ما سجين. كتاب مرقوم ").. المصدر: الكافي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 5 - 5 - 2000، الواحدة والنصف ليلاً:

عمر وآل عمر خلقوا من طينة واحدة.

ومحمد وآل محمد صلي الله عليه وعليهم، خلقوا من نور واحد وطينة واحدة..

ص: 214

فإن استكثرت شيئاً علي أفضل الخلق والمرسلين، فاستكثره علي آله الطاهرين!!

وإن كنت أعرابياًّ.. فظاًّ غليظ القلب والذهن، لا تعرف قيمة الأنبياء وآلهم.. فقل: محمد طارش ومات!!

الله حسيبكم أيها... متي تعرفون قيمة نبيكم وآله الطاهرين.. وتتوبون عن إصراركم أن تجعلوهم في مصاف النجسين؟!!!

فكتب (عمر)، السادسة وعشر دقائق مساءً:

عزيزي العاملي: هذا الرد من كتبكم وهو يناسب هذا الموقف: قال الشيخ المظفر رضي الله عنه:

(لا نعتقد في أئمتنا عليهم السلام ما يعتقده الغلاة والحلوليين " كبرت كلمة تخرج من أفواههم " بل عقيدتنا الخاصة أنهم بشر مثلنا، لهم ما لنا، وعليهم ما علينا. وإنما هم عباد مكرمون، اختصهم الله تعالي بكرامته، وحباهم بولايته، إذ كانوا في أعلي درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوي والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به. قال إمامنا الصادق عليه السلام: ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا. وقال الشيخ كاشف الغطاء، في معرض حديثه عن الغلاة ومقالاتهم: أما الشيعة الإمامية وأئمتهم عليهم السلام فيبرأون من تلك الفرق براءة التحريم... ويبرأون من تلك المقالات ويعدونها من أشنع الكفر والضلالات، وليس دينهم إلا التوحيد المحض وتنزيه الخالق عن كل مشابهة للمخلوق).

المصدر: مودة أهل البيت عليهم السلام وفضائلهم في الكتاب والسنة

ص: 215

وكتب (أبو سمية)، التاسعة ليلاً:

لو كنت تفهم ما يقوله الشيخ المظفر قدس سره الشريف لما نقلته.

وكتب (نصير المهدي)، الحادية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

http://www.shialink.net/muntada/Forum2/HTML/003514.html

اللهم صل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر

وكتب (العاملي) بتاريخ 6 - 5 - 2000، الثانية عشرة والنصف ليلاً:

الغلو.. يا عمر له معنيان:

الأول: ادعاءُ ألوهية أو شراكة في الألوهية لمخلوق مع الله تعالي.

والثاني: نصبُ مخلوق من دون الله إماماً وإطاعته.

ولهما حالات مختلفة في الناس، كلها كفر أو شرك.. أو تؤول إلي أحدهما، وإن لم يعرف ذلك صاحبها..

ونحن شيعة أهل البيت مبرؤون ولله الحمد منهما.

وعقيدتنا أن النبي وآله صلي الله عليه وآله مخلوقون مربوبون لا يملكون لأنفسهم مع الله شيئاً..

ولكنه سبحانه جعلهم خير عباده المكرمين، فهم وسائط فيضه وعطائه، ولهم مقامات لا يمكن لأمثال ذهنك أن يفهمها إلا بكاد وعسي..

ولا يمكن لروحيِّتك التي نراها أن تستوعبها وتتفاعل معها، إلا أن يشاء الله..

أما أنتم فقد ابتليتم بسبب ذنوبكم بالنوع الثاني من الغلو.. لأنكم نصَّبتم أئمة من دون الله ودون رسوله، وأوجبتم طاعتهم، وواليتم فيهم وعاديتم عليهم!!!

وسوف تسألون عن (عبادتكم لهؤلاء الآلهة)!!!

فكتب (فاعل خير) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الواحدة ظهراً:

ص: 216

من يعبد غير الله يا عاملي! دائماً نفس الأسلوب وهو الهروب!

تقولون بأننا نفهم وتفسرون اللغة العربية كما يحلو لك. أعطنا دليلك أننا نعبد غير الله، ولا تفتري بأقوال سوف تحاسب عليها. والله إنني لم أرَ أناس متعصبين بهذه الطريقة.. كل ما تفعلوه هو السب والشتم واللعن وتقولون: اللهم العن من يسب أهل البيت.

من يسب أهل البيت يا رجل؟! آتني بحديث واحد صحيح فيه سب ولعن لأهل البيت.. لكن عندما نعارضكم في أفكاركم دائماً تلجؤون إلي نفس الموال، وهو لعن من تدعون أنه يسب أهل البيت.. وتبدؤون بتحريك العواطف عند الناس بحجة الإسائة لأهل البيت والتي ليست موجودة إلا في عقولكم. أنتم تسبون الخلفاء والصحابة وتلعنونهم.. فهل رددنا عليكم بالمثل. لا والله، لأن هذا ليس من الإسلام بشئ، ونظل رغم ذلك نحاوركم ونحترمكم. أما أنتم فليس عندكم إلا اللعن، وكأن لكم الحق ولا لغيركم. نحن ندعو لكم بالهداية وأنتم تلعنوننا! وحتي إذا كنتم علي الحق ونحن المخطئين المفروض أن تلجؤوا للأساليب السليمة والأدبية لهدي الناس وليس بالأسلوب الهمجي الذي تتبعونه.

سوف أرد عليك.. أين الغلو في عقيدتكم، وكيف فيها مخالفة صريحة للقرآن الكريم.

وكتب (محب السنة)، الواحدة والنصف ظهراً:

يقول الله تعالي: يا أيها الناس إنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة... الآية.

ويقول النبي صلي الله عليه وسلم: كلكم لآدم وآدم من تراب.. فلم يستثني أحد من الناس بما فيهم الأنبياء. ولا نعلم أحداً من أتباع الديانات السماوية يقول غير ذلك، إلا ما جاء في التلمود عن بعض اليهود.

ص: 217

وأما الوثنيون: فالبراهمة الهندوس يعتقدون أنهم خلقوا من ابراهما إله الهندوس، ولذلك فإن لهم قداسة خاصة. فمن أين تسربت تلك العقائد إلي الشيعة؟!

فكتب (العاملي)، الرابعة والنصف عصراً:

الأخ محب السنة: أرجو أن لا تعجل.

فإن أحاديث خلق النبي صلي الله عليه وآله، ونبوته قبل أن يودعه الله تعالي في صلب آدم، وردت عندنا وعندكم!!

وطبيعي أن آله جزء من نوره. ففي مصادركم أحاديث كثيرة صحح علماؤكم عدداً منها!!

تنص علي أن خلقه ونبوته صلي الله عليه وآله قد ت-مّا قبل خلق آدم عليه السلام..

?ففي مسند أحمد: 4/127:

(الكلبي، عن عبد الله بن هلال السلمي، عن عرباض بن سارية، قال: قال رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم: إني عبد الله لخاتم النبيين وإن آدم عليه السلام لمنجدل في طينته وسأنبئكم بأول ذلك: دعوة أبي إبراهيم، وبشارة عيسي بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يَرَيْنَ). انتهي.

ورواه في مستدرك الحاكم ج 2 ص 418 و ص 600.

وفي ص 608 وزاد فيه:

(وإن أم رسول الله [صلي الله عليه وآله] رأت حين وضعته له نوراً أضاءت لها قصور الشام.

ثم تلا: يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلي الله بإذنه وسراجاً منيراً. هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه).

ص: 218

ورواه في مجمع الزوائد: 8/223 تحت عنوان: باب قدم نبوته صلي الله عليه [وآله] وسلم، أورده كما في الحاكم، وقال:

(رواه أحمد بأسانيد، والبزار، والطبراني بنحوه.

وقال: سأحدثكم بتأويل ذلك: دعوة إبراهيم دعا: وابعث فيهم رسولاً منهم.

وبشارة عيسي بن مريم قوله: ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد.

ورؤيا أمي التي رأت في منامها أنها وضعت نوراً أضاءت منه قصور الشام.

وأحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح غير سعيد بن سويد وقد وثقه ابن حبان.

وعن ميسرة العجر قال: قلت يا رسول الله: متي كتبت نبياًّ؟

قال: وآدم بين الروح والجسد. رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح.

وعن عبد الله بن شقيق، عن رجل قال: قلت يا رسول الله: متي جعلت نبياًّ؟

قال: وآدم بين الروح والجسد. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

وعن ابن عباس قال: قيل يا رسول الله متي كتبت نبياًّ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد...

وعن أبي مريم قال: أقبل أعرابي حتي أتي النبي صلي الله عليه وسلم، وعنده خلق من الناس.

فقال: ألا تعطيني شيئاً أتعلمه وأحمله وينفعني ولا يضرك.

فقال الناس: مه، أجلس.

فقال النبي صلي الله عليه وسلم: دعوه، فإنما يسأل الرجل ليعلم.

فأفرجوا له حتي جلس.

فقال: أي شئ كان أول نبوتك؟

ص: 219

قال: أخذ الميثاق كما أخذ من النبيين، ثم تلا: وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسي وعيسي بن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً، وبشري المسيح عيسي بن مريم.

ورأت أم رسول الله صلي الله عليه وسلم في منامها أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام.

فقال الأعرابي: هاه.

وأدني منه رأسه وكان في سمعه شئ.

فقال النبي صلي الله عليه وسلم: ووراء ذلك. رواه الطبراني ورجاله وثقوا).

وروي أحاديثه في كنز العمال: 11/409 وقال في مصادرها:

(ابن سعد، حل - عن ميسرة الفجر، ابن سعد - عن ابن أبي الجدعاء، طب - عن ابن عباس). وقال في هامشه:

أخرجه الترمذي كتاب المناقب - باب فضل النبي صلي الله عليه وسلم رقم (3609)، وقال: حسن صحيح غريب. ص.

وفي ج 11 ص 418 و ص 449 و ص 450، وقال في مصادره:

(حم، طب، ك، حل، هب - عن عرباض بن سارية).

(حم وابن سعد، طب، ك، حل هب - عن عرباض بن سارية)

(ابن سعد – عن مطرف بن عبد الله بن الشخير)

(ابن سعد - عن عبد الله بن شقيق عن أبيه أبي الجدعاء، ابن قانع - عن عبد الله بن شقيق عن أبيه، طب - عن ابن عباس، ابن سعد - عن ميسرة الفجر)

(ابن عساكر - عن أبي هريرة).

ص: 220

ورواها السيوطي عن المصادر المتقدمة وغيرها في الدر المنثور:1/139 و: 5/184و207و: 6/213.

كما روت مصادركم أحاديث متعددة عن اختيار الله تعالي لبني هاشم علي جميع الخلق، وهي تؤيد

هذه الأحاديث، وليس هذا مقام الكلام فيها.

ختاماً: يهمني أن أعرف أنه ليس فيك تكبر عن قبول الحق، لأنه في اعتقادي ميزانٌ لوجود دين عند الإنسان وعدمه.. وشكراً.

فكتب (محب السنة) بتاريخ 17 - 5 - 2000، الخامسة بعد الظهر:

تقول يا عاملي: " يهمني أن أعرف أنه ليس فيك تكبر عن قبول الحق، لأنه في اعتقادي ميزان لوجود دين عند الإنسان وعدمه ".

أقول: صدقت والله، فالكبر داء عضال يمنع صاحبه من قبول الحق ويمنعه من دخول الجنة ويهوي به في مهاوي الردي.

وقد فسره النبي صلي الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر. قال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر بطر الحق، وغمط الناس، وهل منع فرعون ومشركي قريش وسواهم من كثير من المشركين من الإيمان لما جاءتهم البينات إلا الكبر.

ولكن الذي أعلمه من نفسي وأسأل الله تعالي أن أكون كذلك، أني أقبل الحق إذا تبين لي أنه الحق، بغض النظر عن قائله، لعلمي بأن من أتعصب لقوله المخالف للحق، لن يغني عني من الله شيئاً.

ص: 221

أما ما ذكرتَه من أحاديث فلا أنازع في صحتها، ولكني أخالف في تأويلها اعتماداً علي ما دلت عليه النصوص الشرعية التي جاءت مفسرة لها، بما يزيل الإشكال الذي يمكن أن يفهمه بعض الناس منها.

فأقول: الوجود نوعان هما: وجود عيني ووجود علمي. فبأي النوعين نفسر النصوص المذكورة؟

لا شك أننا نفسرها بالنوع الثاني.

فنبوته صلي الله عليه وسلم لم يكن وجودها حتي نبأه الله تعالي علي رأس أربعين سنة من عمره صلي الله عليه وسلم، وهذا هو الوجود العيني.

أما الوجود العلمي، فالأشياء معلومة لله قبل كونها، وكذلك هي مكتوبة عنده، كما دل علي ذلك الكتاب والسنة.

قال تعالي: ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض، إن ذلك في كتاب إن ذلك علي الله يسير.

وهذا هو تقدير الله السابق لخلقه.

وكما في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة.

وهذا هو معني الحديث الذي رواه أحمد في مسنده، عن ميسرة الفجر، قال: قلت يا رسول الله متي كنت نبياًّ؟ قال: وآدم بين الروح والجسد.

فأخبر صلي الله عليه وسلم أنه كان نبياًّ، أي كتب نبياًّ، وآدم بين الروح الجسد.

ويدل علي هذا القول: ما رواه الترمذي عن أبي هريرة، قال: قالوا: يا رسول الله متي وجبت لك النبوة؟ قال: وآدم بين الروح والجسد.

ص: 222

وما رواه الإمام أحمد عن ميسرة الفجر، قال: قلت: يا رسول الله متي كتبت نبياًّ؟

قال: وآدم عليه السلام بين الروح والجسد.

والمعلوم الذي دلت عليه الآيات والأحاديث أن الله خلق الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم من تراب.

والنبي صلي الله عليه وسلم خلق مما يخلق منه سائر البشر، ولم يخلق أحد من البشر من نور.

ولكن لا يعني هذا تفضيل بعض المخلوقات علي بعض باعتبار ما خلقت منه.. فقد يخلق المؤمن من كافر، والكافر من مؤمن، كابن نوح منه وكإبراهيم من آزر.

وآدم خلقه الله من طين، فلما سواه، ونفخ فيه من روحه، وأسجد له الملائكة، وفضله عليهم بتعليمه أسماء كل شئ وبأن خلقه بيديه، وبغير ذلك.. ومحمد صلي الله عليه وسلم سيد ولد آدم، وأفضل الخلق وأكرمهم علي الله وآدم فمن دونه تحت لوائه.

قال صلي الله تعالي عليه وسلم: إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته.

أي كتبت نبوتي وأظهرت لما خلق آدم قبل نفخ الروح فيه، كما يكتب الله رزق العبد وأجله وعمله

وشقي أو سعيد، إذا خلق الجنين قبل نفخ الروح فيه.

فالذي تبي-َّن أن القول بأن النبي صلي الله عليه وسلم خلق مما خلق منه سائر البشر لا يقلل من مكانته، ولا يعني أن من خلق من نور كالملائكة أفضل منه. ولو كان التفضيل باعتبار أصل الخلقة.

ص: 223

فماذا تقول في ابن نوح، ووالد إبراهيم، وأبي لهب.

وأخيراً أذكرك بما ذكرتني به، فأقول: يهمني أن أعرف أنه ليس فيك تكبر عن قبول الحق، لأنه في اعتقادي ميزان لوجود دين عند الإنسان وعدمه.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 5 - 2000، التاسعة والربع مساءً:

الأخ محب السنة: لماذا حصرت أقسام الوجود بالعيني والعلمي؟!

فهل ضاقت عينك عن أنواع وجود الموجودات الذي قد يصل إلي ستين نوعاً؟!!

ألا تقول الإنسان موجودٌ في جيناته.. والضوء موجود في الشلال..

والعالم كان موجوداً في السديم.. والخلق كان موجوداً في الماء، أو كما يسمونه الغاز السائل..

والماء كان موجوداً في النور... إلخ.

وعندما قال النبي صلي الله عليه وآله: كنت نبياًّ قبل آدم.. فكيف تفسره بِ-: أني كنت موجوداً في علم الله؟!!

فهل هذا إلا تأويل، وتأويل خلاف المتبادر، وتأويل منقوض يوجب لغو الكلام.. فالمتبادر من " كُنْتُ " نوع من الوجود الخارجي، لا الوجود في علم الله تعالي!

ولو كان الوجود العلمي هو المقصود لَلَزِمَ اللغو.. لأن آدم أيضاً كان موجوداً في علم الله تعالي.. وكل المخلوقات موجودة في علمه الأزلي..

فما معني القبلية والبعدية في الوجودات العلمية؟!!

ثم إن منهجكم تحريم التأويل، ووجوب الأخذ بالظاهر، فكيف يتحول أحدكم بقدرة قادر إلي مؤول من الدرجة المفرطة، وبالوجوه البعيدة؟!

ص: 224

أين منهجكم وقواعدكم العلمية التي تصرون عليها في الصفات، يا أتباع الشيخ أحمد الحراني؟!!

فكتب (محب السنة)، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ليس ما فعلته من التأويل المذموم، ولكنه تفسير النص بالنص، فالحديث جاء بالألفاظ التالية:

متي كنت نبياًّ. متي كتبت نبياًّ. متي وجبت لك النبوة؟

ثم ما الذي تريد أن تقوله، هل تفهم من النصوص أن النبي صلي الله عليه وسلم وآل بيته ليسوا من بني آدم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 5 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

لا يمكن يا أخي.. تفسير الحديث الشريف إلا بالقول إن خلقه ونبوته صلي الله عليه وآله قد سبقت خلق أبيه آدم عليه السلام..

وبما أنه من ولد آدم، فلا بد من القول بأنه خلق في عالم ما قبل عالم الأصلاب.

وقد ورد أنه عالم النور.. وأنه كان نوراً مسبحاً عند عرش الله تعالي.

وأن آدم رأي نوره فسأل الله عنه..

إن عدداً من الأحاديث الشريفة تدل علي وجود عدة عوالم كنا فيها، قبل عالمنا هذا، منها عالم الذر الذي أخذه الله من ظهر آدم وبنيه..

ومنها عوالم كانت فيها روح آدم قبل أن تحل في قالب التراب..

ومنها عالم النور والظلال، الذي كان قبل خلق روح آدم وجسده، وفيه خلق نور نبينا لي الله عليه وآله..

بل ورد أن أول شئ خلقه الله تعالي نور محمد صلي الله عليه وآله..

وبما أن كل ذلك غيبٌ، لا علم لنا فيه إلا ما أخبرنا المتصل بالغيب صلي الله عليه وآله..

ص: 225

فلا ننفيه، بل نبقيه في عالم الإمكان، ونعتقد بما ثبت منه..

وقد ثبت أن النبي جعل نبياًّ قبل خلق آدم، ويكفي حديثه للدلالة علي أنه خلقت روحه ونوره قبله، ثم أودعه الله في صلبه..

وهذا هو ظاهر الحديث موضوع البحث، وصريح الأحاديث التي فسرته..

ومنها ما روي عن العباس، ومنها عن عمر، ومنها كثير عن علي والعترة الطاهرة عليهم السلام.

فكتب (محب السنة)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

شرف محمد صلي الله عليه وسلم ليس من أجل المادة التي خلق منها، ولكن من أجل النبوة التي اختص بها، فهو أفضل خلق الله تعالي علي الإطلاق.

وكأني بك تريد أن تثبت الأفضلية للمادة التي خلق منها ليشمل ذلك آل بيته، فآل بيته يكفيهم شرفاً أنهم من بيت النبوة.

أما النور فالذي خلق منه الملائكة فقط، ومحمد صلي الله عليه وسلم لا شك أنه أفضل منهم.

ولتوضيح الصورة أكثر وبيان أن النسب لا يغني عن المرء شيئاً إن عُدِم الإيمان: هل تنكر أن أبا لهب عم النبي صلي الله عليه وسلم، وأنه يجتمع معه في النسب، فماذا نفعه ذلك.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 5 - 2000، التاسعة والربع صباحاً:

أراك يا محب السنة تركت النقل.. ولجأت إلي ظنون العقل دون يقينه..

أين تركت الأحاديث موضوع البحث؟

وأين دليلك علي أن النور خلقت منه الملائكة فقط، ولم يخلق منه نبينا صلي الله عليه وآله..؟! وأعجب منه أنك حاولت الإستدلال علي نفي تميز طينة النبي صلي الله عليه وآله.. فخلطت طينته بطينة عمه أبي لهب!!

ص: 226

فهل تريد القول: إن طينة خاتم النبيين فيها شرك؟!!!

وهل أحطتَ بقوانين خلق طينة الأنبياء وجيناتهم وتقلبهم في الساجدين؟!!

لا تعجل يا محب السنة.. فتنفي فضيلة لنبيك من أجل نفيها عن أهل بيته.. فلو كان عندك نصف حديث في أن عمر خلق من طينة النبي.. لتشبَّثتَ به!!

ولكن الله ابتلي القرشيين وأتباعهم بكره أهل البيت عليهم السلام! وكما قال صلي الله عليه وآله، إذا ذكر أهل بيتي أمامهم فكأنما يفقأ في وجوههم حب الرمان، أي الحامض!!

فكتب (محب السنة) بتاريخ 18 - 5 - 2000، الخامسة مساءً:

أمرك يحير يا عاملي. جئناك بأدلة النقل فلم تقبلها، وفسرنا لك النقل بالنقل فلم تقبل، واستدللنا بالعقل فلم تقبل. والله لا أدري ماذا تريد؟!

هل تريد منا أن نقول إن ما تقوله حقاًّ وإن خالف العقل والنقل؟ نعتذر عن هذا فليس بإمكاننا ذلك. وليتك تعلم أننا لا نحمل في أنفسنا لآل البيت إلا الإجلال والتقدير. وليس ذلك مجاملة للشيعة، ولكنه دين ندين الله به. لأن حب آل بيت نبينا صلي الله عليه وسلم قد أوجبه الله علينا " قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي. ولكننا مع ذلك نقيد حبنا لهم بضوابط الشرع فلا نجفوا ولا نغلوا. ودين الله وسط بين الغالي فيه والجافي.

أما سوء فهمك لكلامي كقولك: " فهل تريد القول إن طينة خاتم النبيين فيها شرك " فهو ناتج عن أني حين أناقش العاملي أظن أني أناقش إنساناً عنده قدر من العلم بحيث لا أحتاج إلي ذكر المقدمات وشرح البديهيات، وأرجو أن لا أكون مخطئاً.

وكتب (جمال نعمة) بتاريخ 23 - 5 - 2000، السادسة والربع صباحاًَ:

ص: 227

تمتع بهذه الأحاديث من كتبكم فهي صحيحة السند.. ولقد ذكرنا وذكر لك الأخوة.. لا تفضح نفسك.

كشف الخفاء، الإصدار 4.01 للإمام العجلوني: حرف الهمزة مع الواو: الحديث رقم 827:

أول ما خلق الله نور نبيك، يا جابر. الحديث. رواه عبد الرزاق بسنده، عن جابر بن عبد الله بلفظ قال: قلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أخبرني عن أول شئ خلقه الله قبل الأشياء.

قال: يا جابر، إن الله تعالي خلق قبل الأشياء نور نبيك من نوره، فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله، ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا أرض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا إنسي، فلما أراد الله أن يخلق الخلق قسم ذلك النور أربعة أجزاء: فخلق من الجزء الأول القلم، ومن الثاني اللوح، ومن الثالث العرش، ثم قسم الجزء الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الجزء الأول: حملة العرش، ومن الثاني: الكرسي، ومن الثالث: باقي الملائكة، ثم قسم الجزء

الرابع أربعة أجزاء: فخلق من الأول: السماوات، ومن الثاني: الأرضين، ومن الثالث: الجنة والنار، ثم قسم الرابع أربعة أجزاء، فخلق من الأول: نور أبصار المؤمنين، ومن الثاني: نور قلوبهم وهي المعرفة بالله، ومن الثالث: نور إنسهم وهو التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله. الحديث.

كذا في المواهب. وقال فيها أيضاً: واختلف هل القلم أول المخلوقات بعد النور المحمدي، أم لا؟

فقال الحافظ أبو يعلي الهمداني: الأصح أن العرش قبل القلم، لما ثبت في الصحيح عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: قدر الله مقادير

ص: 228

الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه علي الماء. فهذا صريح في أن التقدير وقع بعد خلق العرش، والتقدير وقع عند أول خلق القلم. فحديث صفحة 311، عبادة بن الصامت مرفوعاً: (أول ما خلق الله القلم.

فقال له: أكتب. فقال: رب، وما أكتب؟ قال: أكتب مقادير كل شئ). رواه أحمد الترمذي وصححه. وروي أحمد والترمذي وصححه أيضاً من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعاً: إن الماء خلق قبل العرش. وروي السدي بأسانيد متعددة إن الله لم يخلق شيئاً مما خلق قبل الماء، فيجمع بينه وبين ما قبله بأن أولية القلم بالنسبة إلي ما عدا النور النبوي المحمدي والماء والعرش. انتهي. وقيل الأولية في كل شئ بالإضافة إلي جنسه، أي أول ما خلق الله من الأنوار نوري وكذا باقيها. وفي أحكام ابن القطان فيما ذكره ابن مرزوق، عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: كنت نوراً بين يدي ربي قبل خلق آدم بأربعة عشر ألف عام. انتهي ما في المواهب.

تنبيه: قال الشبراملسي: ليس المراد بقوله من نوره ظاهره، من أن الله تعالي له نور قائم بذاته لاستحالته عليه تعالي. لأن النور لا يقوم إلا بالأجسام.

بل المراد خلق من نور مخلوق له قبل نور محمد، وأضافه إليه تعالي لكونه تولي خلقه. ثم قال ويحتمل أن الإضافة بيانية، أي خلق نور نبيه من نور هو ذاته تعالي لكن لا بمعني أنها مادة خلق نور نبيه منها، بل بمعني أنه تعالي تعلقت إرادته بإيجاد نور بلا توسط شئ في وجوده. قال: وهذا أولي الأجوبة نظير ما ذكره البيضاوي في قوله تعالي: ثم سواه ونفخ فيه من روحه، حيث قال: أضافه إلي نفسه تشريفاً وإشعاراً بأنه خلق عجيب وأن له مناسبة إلي حضرة الربوبية. انتهي ملخصاً.

ص: 229

وجدت في: حرف الكاف. الحديث رقم: 2007:

كنت أول النبيين في الخلق، وآخرهم في البعث.

قال في المقاصد: رواه أبو نعيم في الدلائل، وابن أبي حاتم في تفسيره، وابن لال، ومن طريقة الديلمي عن أبي هريرة مرفوعاً، وله شاهد من حديث ميسرة الفخر.

أخرجه أحمد والبخاري في تاريخه والبغوي، وابن السكن، وأبو نعيم في الحلية وصححه الحاكم بلفظ: كنت نبياًّ وآدم بين الروح والجسد.

وفي الترمذي وغيره عن أبي هريرة، أنه قال للنبي صلي الله عليه وسلم: متي كنت أو كتبت نبياًّ؟

قال: كنت نبياًّ وآدم بين الروح والجسد.

وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه الحاكم أيضاً.

وفي لفظ وآدم منجدل في طينته.

وفي صحيحي ابن حبان والحاكم، عن العرباض بن سارية، مرفوعاً: إني عند الله لمكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته.

وكذا أخرجه أحمد الدارمي وأبو نعيم.

ورواه الطبراني عن ابن عباس، قال: قيل يا رسول الله متي كنت نبياًّ؟

قال: وآدم بين الروح والجسد.

ثم قال السخاوي كغيره: وأما الذي يجري علي الألسنة بلفظ: كنت نبياًّ وآدم بين الماء والطين، فلم نقف عليه بهذا اللفظ فضلاً عن زيادة: وكنت نبياًّ ولا آدم ولا ماء ولا طين.

ص: 230

وقال الحافظ ابن حجر في بعض أجوبته عن الزيادة: أنها ضعيفة والذي قبلها أقوي. وقال الزركشي: لا أصل له بهذا اللفظ.

قال السيوطي في الدرر: وزاد العوام ولا آدم ولا ماء ولا طين، لا أصل له أيضاً.

وقال القاري: يعني يحسب مبناه، وإلا فهو صحيح باعتبار معناه.

وروي الترمذي أيضاً عن أبي هريرة أنهم قالوا: يا رسول الله، متي وجبت لك النبوة؟

قال: وآدم بين الروح والجسد.

وفي لفظ: متي كتبت نبياًّ؟ قال: كتبت نبياًّ وآدم بين الروح والجسد.

وعن الشعبي، قال رجل: يا رسول الله متي استنبئت؟ قال: وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق.

وقال التقي السبكي: فإن قلت: النبوة وصف لا بد أن يكون الموصوف به موجوداً، وإنما يكون بعد أربعين سنة، فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله؟

قلت: جاء أن الله تعالي خلق الأرواح قبل الأجساد.

فقد تكون الإشارة بقوله: كنت نبياًّ، إلي روحه الشريفة أو حقيقته والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها وإنما يعرفها خالفها ومن أمده بنور إلهي.

ونقل العلقمي عن علي بن الحسين، عن أبيه، عن جده، مرفوعاً أنه قال: كنت نوراً بين يدي ربي عزل وجل قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام. انتهي.

ص: 231

وإليك الحديث بتمامه في كفاية الطالب: كفاية الطالب الباب 87 صفحة 280 - 283:

في أن علياًّ خلق من نور النبي صلي الله عليه وآله: أخبرنا إبراهيم بن بركات الخشوعي بمسجدة الربوة من غوطة دمشق، أخبرنا الحافط علي بن الحسن، أخبرنا أبو القاسم هبة الله، أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب، أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله العدل، أخبرنا أبو علي الحسن صفوان، حدثنا محمد بن سهل العطار، حدثني أبو ذكوان، حدثني حرب بن بيان الضرير من أهل قبسارية، حدثني أحمد بن عمرو، حدثنا أحمد بن عبد الله عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الكريم الجزري، عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال النبي صلي الله عليه وآله: خلق الله قضيباً من نور قبل أن يخلق الدنيا بأربعين ألف عام فخلق منه نبيكم والنصف الآخر علي بن أبي طالب.

قلت - والكلام للمؤلف الكنجي - هكذا أخرجه إمام أهل الشام، عن إمام أهل العراق، كما سقناه وهو في كتابيهما.

وأخبرنا أبو إسحاق الدمشقي، أخبرنا أبو القاسم الحافظ، أخبرنا أبو غالب بن البنا، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن يحيي، حدثنا أبو سعيد العدوي، حدثنا أبو الأشعث، حدثنا الفضل بن عياض، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن عدان، عن زاذان عن سلمان قال:

سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: كنت أنا وعلي نوراً بين يدي الله مطيعاً يسبح ذلك النور ويقدسه قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم ركز ذلك النور في صلبه فلم يزل في شئ واحد حتي افترقا في صلب عبد المطلب، فجزء أنا وجزء علي.

ص: 232

قلت - والكلام للكنجي - هكذا أخرجه محدث الشام في تاريخه في الجزء الخمسين بعد الثلاثمائة قبل نصفه ولم يطعن في سنده ولم يتكلم عليه وهذا يدل علي ثبوته.

أخبرنا علي بن أبي عبد الله المعروف بابن المقير البغدادي بدمشق، عن أبي الفضل محمد الحافظ، أخبرنا أبو نصر بن علي، حدينا أبو الحسن علي بن محمد المؤدب، حدثنا أبو الحسن الفارصي (الفارسي أو الفارضي قبل آخر حرف ليس بكامل)، حدثنا أحمد بن سلمة النمري، حدثنا أبو الفرج غلام فرج الواسطي، حدثنا الحسن بن علي، عن مالك عن سلمة، عن أبي سعيد قال:

سأل أبو عقال النبي صلي الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله من سيد المسلمين؟

فقال النبي صلي الله عليه وآله: من تراك تظن يا أبا عقال؟

فقال: آدم. فقال: ها هنا من هو أفضل من آدم.

فقال: يا رسول الله، أليس خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه، وزوجه حواء أمته وأسكنه جنته، فمن يكون أفضل منه؟

فقال النبي صلي الله عليه وآله: من فضله الله عز وجل.

فقال: شيث؟ فقال: أفضل من شيث.

فقال: إدريس؟ فقال: أفضل من إدريس ونوح.

فقال: فهود؟ فقال: أفضل من هود وصالح ولوط.

قال: موسي؟ قال: أفضل من موسي وهارون.

قال: فإبراهيم إذن. قال: أفضل من إبراهيم وإسماعيل وإسحاق.

قال: فيعقوب؟ قال: أفضل من يعقوب ويوسف.

قال: فداود؟ قال: أفضل من داود وسليمان.

قال: فأيوب إذن؟ قال: أفضل من أيوب ويونس.

ص: 233

قال: فزكريا إذن؟ قال: أفضل من زكريا ويحيي.

قال: فاليسع إذن؟ قال: أفضل من اليسع وذي الكفل.

قال: فعيسي، إذن؟ قال: أفضل من عيسي.

قال أبو عقال: ما علمت من هو يا رسول الله؟ ملك مقرب؟

فقال النبي صلي الله عليه وآله: مكلمك يا أبا عقال. يعني نفسه صلي الله عليه وآله.

فقال أبو عقال: سررتني والله يا رسول الله.

فقال النبي صلي الله عليه وآله: أزيدك علي ذلك؟ قال: نعم.

فقال: إعلم يا أبا عقال إن الأنبياء والمرسلين ثلاثمائة وثلاثة عشر نبياًّ لو جعلوا في كفة وصاحبك في كفة لرجح عليهم.

فقلت: ملأتني سروراً يا رسول الله فمن أفضل الناس بعدك؟ فذكر له نفراً من قريش.

ثم قال: علي بن أبي طالب. فقلت: يا رسول الله، فأيهم أحب إليك؟

قال: علي بن أبي طالب. فقلت: ولم ذلك؟

فقال: لأني خلقت أنا وعلي بن أبي طالب من نور واحد.

قال: فقلت: فلم جعلته آخر القوم؟

قال: ويحك يا أبا عقال، أليس قد أخبرتك أني خير النبيين، وقد سبقوني بالرسالة وبشروا بي من قبلي فهل ضرني شئ إذ كنت آخر القوم، أنا محمد رسول الله، وكذلك لا يضر علياًّ إذا كان آخر القوم،

ولكن يا أبا عقال، فضل علي علي سائر الناس كفضل جبرئيل علي سائر الملائكة.

ص: 234

قلت - والكلام للكنجي - هذا حديث حسن عال، وفيه طول أنا اختصرته ما كتبناه إلا من هذا الوجه.

أخبرنا الحافظ يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب، أخبرنا محمد بن إسماعيل بن محمد الطرسوسي، أخبرنا أبو منصور محمد بن إسماعيل الصيرفي، أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه، أخبرنا الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، أخبرنا الحسين بن إدريس التستري، حدثنا أبو عثمان طالوت بن عباد الصيرفي البصري، حدثنا فضال بن جبير، حدثنا أبو أمامة الباهلي قال:

قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إن الله خلق الأنبياء من أشجار شتي، وخلقني وعلي من شجرة واحدة، فأنا أصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمرها، فمن تسلق بغصن من أغصانها نجي، ومن زاغ عنها هوي. ولو أن عبداً عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام، ثم ألف عام لم يدرك صحبتنا أكبه الله علي منخريه في النار، ثم تلا " قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي ".

قلت (والكلام للكنجي): هذا حديث حسن عال رواه الطبري في معجمه كما أخرجناه سواء ورواه محدث الشام في كتابه بطرق شتي. انتهي.

أقول: ومما يؤيد ما ذكره علماء السنة في الأحاديث السابقة هو:

فيض القدير، شرح الجامع الصغير، الإصدار 2. 09 للإمام المناوي: وجدت في الجزء الرابع حرف العين. الحديث رقم: 5595:

" علي مني وأنا من علي " أي هو متصل بي وأنا متصل به في الإختصاص والمحبة وغيرهما، ومن هذه تسمي اتصالية، من قولهم: فلان كأنه بعضه متحد به لاختلاطهما.

ص: 235

" ولا يؤدي عني إلا أنا أو علي " كان الظاهر أن يقال لا يؤدي عني إلا علي، فأدخل أنا تأكيداً لمعني الاتصال في قوله: علي مني وأنا من علي.

وأخرج الطبراني عن وهب بن حمزة قال: صحبت علياًّ إلي مكة، فرأيت منه بعض ما أكره، فقلت: لئن رجعت لأشكونك إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم. فلما قدمت، قلت: يا رسول الله رأيت من علي كذا وكذا. فقال: لا تقل هذا، فهو أولي الناس بكم بعدي.

رواه الطبراني قال الهيثمي: فيه دكين ذكره أبو حاتم ولم يضعفه أحد وبقية رجاله وثقوا. انتهي.

كتب (محب السنة)، السابعة والربع صباحاً:

إلي جمال نعمة: ليس المقياس عندنا فيما نقبل ونرفض أن يكون في مصادرنا أو غيرها.

ولكن المقياس هو ما كان حقاًّ قبلناه وما كان باطلاً رددناه، بغض النظر عن قائله.

وما أوردته من روايات بعضها لم يثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم قالها.. وبعضها نختلف معك في تأويلها!

فإذا أردت مرة أخري أن تنقل من مصادرنا ما تحتج به علينا، فانقل ما صححه علماؤنا وقبلوه، ثم انظر بما فسروا به النصوص التي حكموا بصحتها، وبعد ذلك يمكنك الإحتجاج علينا.

فكتب (جمال نعمة)، التاسعة والربع صباحاً:

السلام عليكم: أما بعد: فكل أحاديث كفاية الطالب صحيحة السند.

جئنا بتفسير علمائكم، ومن ضعَّف أو قال بأن هذه الأحاديث موضوعة، لنناقشها؟

ص: 236

أما قولك: بأن علمائكم فسروا.. وأولوا.

أقول لك: لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم..

الراسخون في العلم هم أهل البيت عليهم السلام وأولهم علي بن أبي طالب صلوات الله وسلامه عليه. أنا في انتظار ردك فيما ذكرناه في الحديث السالف. وبانتظار تفنيدك لهذه الأحاديث.

وكتب (محب السنة)، الثانية عشرة ظهراً:

تقول: إن كل أحاديث كفاية الطالب صحيحة السند. فمن أنت حتي نقبل تصحيحك؟

أما قولك: لا يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم.

فأنا أردت بالتأويل التفسير، وبعض آل البيت وليس كلهم من الراسخين في العلم، كما أن في المسلمين من غير آل البيت من يشارك آل البيت في العلم، واقرأ ردودي السابقة علي العاملي فستجد فيها إجابة لما سألت عنه.

فكتب (العاملي) بتاريخ 24 - 5 - 2000، الثانية عشرة وخمس دقائق ظهراً:

الأخ محب السنة:

صحِّح أنت أحاديث خلق نور النبي صلي الله عليه وآله قبل آدم.. أو اسأل من تثق بتصحيحه.. وأخبرنا عن النتيجة.

أيها الأخ: اسمع مني وسأشهد عليك يوماً ما:

يوجد فرق منهجي بيننا وبينكم في الإعتقاد بالنبي صلي الله عليه وآله، وتقييم شخصيته والنظرة إليه.. أرجو أن تتأمل فيه.

إن زعماء قريش أنقصوا من شخصية النبي وشخصية آله وعشيرته.. لأغراضهم السياسية..

ص: 237

وصوروه أنه شخص كان ينزل عليه وحي.. ولكنه كان يتصرف من عند نفسه ويظلم الناس فيسبهم ويلعنهم بغير حق!! وكان يحقد علي قريش ويكرههم ويلعنهم بغير حق!! فوبخه ربه وخطأه، لأنه كان في قريش ناسٌ يكادون يكونون أفضل منه!!

مثلاً: في بني عدي شخص أعقل منه وأفهم.. ولو لم يبعث هو لبعث ذلك العدوي.. وكان العدوي يصحح أخطاء محمد فينزل الوحي مؤيداً لرأي العدوي، مخطئاً لرأي النبي الهاشمي!!

ومن جهة أخري كان محمد يريد تسليط أهل بيته علي العرب، فنظرت قريش في أمرها فرأت أنه لا يجوز أن يستأثر بنو هاشم بالنبوة والخلافة، فأبعدتهم واختارت لنفسها.. ونِعم ما اختارت!!

ومن جهة أخري.. كان محمد يحب آله وعشيرته كثيراً، فيفتخر بجده المشرك عبد المطلب في معركة

حنين.. وبعمه المشرك أبي طالب.. ويطلب أن ينشدوا شعره له!!

وكان يقول إن بني هاشم أفضل العرب، وإنه هو أفضل من آدم، وإنه كان نوراً مخلوقاً قبل آدم.. وهذا كله غير صحيح، لأنه إنسان من تراب!!

والخلاصة: أن محمداً كان حامل رسالة " طارشاً " أدي الرسالة.. ومات!!

فلا تغالوا فيه.. ولا تخاطبوه لأنه مات وانتهي الأمر!

ولا تكونوا كعمار وأبي ذر وحذيفة وعلي وبعض الأنصار، الذين كانت قريش تصفهم بأنهم

يعبدون محمداً.. وقد قال أبو بكر لهم: من كان يعبد محمداً، فإن محمداً قد مات..

ص: 238

فلا تكثروا من فضائله وفضائل أهل بيته.. بل أكثروا من فضائل بني تيم وبني عدي وبني أمية، فهؤلاء هم الصحابة أفضل الخلق، فارووا فضائلهم، وزينوا مجالسكم بذكرهم!!! اللهم صلِّ علي بني تيم وعدي وأمية.. ثم علي محمد وحده.. دون آله!!!!

نعم، هذا هو منهجكم العملي في النظرة إلي النبي صلي الله عليه وآله!! ولا قيمة لقولكم خلافه بألسنتكم؟!!!

وإن كنت عالماً.. فتتبع الفقه والتفسير والحديث.. وإن كنت من أتباع ابن تيمية فتتبع كتبه، وما قاله من كلام سئ في أن النبي قد سحر وأثَّر عليه السحر، وإن السحر يؤثر علي قليلي الإيمان!!!

فكتب (محب السنة) بتاريخ 24 - 5 - 2000، الثانية عشرة والربع ظهراً:

مشكلة الشيعة العظمي هي عدم تفريقهم بين الحب والغلو، واعتبارهم أن الغلو أعلي درجات الحب، وقد أدي بهم هذا الفهم إلي المزج بين ما ينبغي أن يكون خاصاًّ بالله تعالي وما يختص به البشر.

ولذا غلو بالأئمة ورفعوهم فوق منزلتهم، ومن خالفهم في فهمهم الخاطئ اتهموه ببغض النبي صلي الله عليه وسلم وآل بيته الأطهار عليهم السلام.

ولكي تطلع علي حقيقة موقف أهل السنة من النبي صلي الله عليه وسلم ارجع إلي ما جاء في كتبهم التي خصصوا أجزاء منها في المناقب، وما رووه من أحاديث في وجوب محبة النبي صلي الله عليه وسلم محبة تفوق محبة النفس والأهل والمال والولد، ولكنهم مع ذلك يقولون عنه: إنه بشر مثل سائر البشر ليس له شئ من خصائص الربوبية، ومن ثم لا يستحق شيئاً مما يجب أن يفرد الله به من العبادة.

ص: 239

أما سوء فهمك لما ورد عن الصحابة، فهذا ناتج عن البغض لهم والتحامل عليهم، وإلا لو جمعت هذه النصوص وفسرتها بما قاموا به من أفعال نصروا به النبي صلي الله عليه وسلم وقدموه علي أنفسهم وأهليهم، ونشروا دينه من بعده، لبانت لك الحقيقة.

والأمر في غاية الوضوح والظهور، ولكن الهداية فضل من الله يمن به علي من يشاء من عباده.

وكتب (جمال نعمة)، العاشرة والربع صباحاً:

كيف تقول إننا نغالي والأحاديث من مصادركم وكتبكم؟!

لو كانت هذه الأحاديث في كتب الشيعة لهان الأمر، ولكنها في كتبكم المعتبرة.

أما الأخ الذي عارض ما ذكره في صحة سند الأحاديث في كفاية الطالب، أقول لك:

1 - المؤلف سني شافعي.

2 - هو من علمائكم، فهذا الحديث دليل علي صحته، لأنه لو لم يكن صحيح.. لما ذكره.

3 – كفاية الطالب ليس كتاب تجميع الأحاديث - كالبخاري ومسلم وغيره - إنما هو كتاب بحث. والباحث قبل أن يفتضح.. يبحث عن صحة الأحاديث التي يوردها كي لا يكون مضحكة بين الناس. 4 - لماذا لا تورد لنا نصاًّ فيمن ضعف رواة أحادث كفاية الطالب.

ولك الأجر والثواب.. يعني بدل أن تقول هذا موضوع وغير موضوع.. برهن علي عدم صحة الحديث. ونحن بالإنتظار! انتهي.

قال العاملي:

ص: 240

وغاب محب السنة، ولم يناقش في تصحيح علمائهم لأحاديث خلق نور النبي وأهل بيته صلي الله عليه وعليهم!!

ص: 241

ص: 242

الفصل الثانی: فرية الغرانيق القرشية التي استغلها أعداء الإسلام

اشارة

ص: 243

ص: 244

فرية الغرانيق القرشية التي استغلها أعداء الإسلام

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، ساحة النقاش الإسلامية، بتاريخ 12 - 9 - 1999، موضوعاً بعنوان:

فرية الغرانيق اخترعتها قبائل قريش، ورواها البخاري ومسلم!!

قال فيه:

نزلت سورة النجم في مكة بعد مرحلة: " أنذر عشيرتك الأقربين ".. وبعد مرحلة: " فاصدع بما تؤمر "، وإعلان النبي صلي الله عليه وآله دعوته لجميع الناس، ودخول عدد من المستضعفين في الإسلام، وتضييق قريش عليهم وتعذيبهم، وهجرة بعضهم إلي الحبشة.

ومن الواضح أن تلك المرحلة كان يتفاقم فيها الصراع بين الإسلام والمشركين، وكان أهم ما يتسلح به المشركون ويطرحونه سبباً لمقاومتهم الإسلام هو: (أن محمداً قد سب آلهتنا وسفه أحلامنا).

وقد كان موقف النبي صلي الله عليه وآله من آلهتهم موقفاً صريحاً قوياًّ لا مساومة فيه.. ولا أنصاف حلول.. وقد اتضح ذلك من السور الأولي للقرآن وآياتها القاطعة في مسألة الأصنام..

ص: 245

وهذه السورة استمرار لذلك الخط الرباني الصريح المشرق، بل هي الحسم الإلهي في المسألة ووضع النقاط علي الحروف بتسمية أصنام قريش المفضلة (اللات والعزي ومناة) وإسقاطها إلي الأبد!

ومن الطبيعي أن تكون هذه الآيات أشد آيات علي قريش وأن تثير كبرياءها وعواطفها لأصنامها، وأن تتخذ ردة فعلها أشكالاً متعددة.

وقصة الغرانيق، ما هي إلا واحدة من ردات الفعل القرشية.. لكن متي وضعت ومن وضعها؟!

يغلب علي الظن أن أحد المشركين من عبدة هذه الأصنام الثلاثة لما سمع ذمها في آيات السورة وضع بعد أسمائها عبارة (تلك الغرانيق العلي، وإن شفاعتهن لترجي).

فأعْجَبَ ذلك القرشيين وتمني بعضهم لو يضاف هذا المديح لآلهتهم في السورة!

ولكن كيف يمكن ذلك، وكيف ينسجم مع السياق، والسياق كله حملة شديدة علي فكر الأصنام وأهلها!!

ولكن ثقل جريمة آيات الغرانيق ليس علي قريش المشركة، بل علي قريش المنافقة التي روجتها بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، لإثبات أنه لم يكن معصوماً عصمة مطلقة حتي تكون كل تصرفاته وأقواله حجة، بل كان يخطئ حتي في تبليغ الوحي!

وغرضها من ذلك الإلتفاف علي أوامر النبي صلي الله عليه، وتبرير أخطاء الخلفاء ومخالفاتهم لسنته!!

وهكذا سجلت مصادر إخواننا مع الأسف قصة الغرانيق التي تزعم أن النبي صلي الله عليه وآله قد ارتكب خيانة - والعياذ بالله - في نص القرآن، وشهد بالشفاعة

ص: 246

لأصنام اللات والعزي ومناة وسجد لها لكي ترضي عنه قريش، وطار بها المنافقون فرحاً ثم الغربيون!! وآخرهم المرتد سلمان رشدي.

وقد روي السيوطي عدداً من روايات الغرانيق في الدر المنثور: 4/194 و 366، وبعضها صحيح السند! قال في ص 366:

(وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات، من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس! قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم قرأ: أفرأيتم اللات والعزي ومنات الثالثة الأخري تلك الغرانيق العلي وإن شفاعتهن لترتجي!

ففرح المشركون بذلك وقالوا: قد ذكر آلهتنا.

فجاء جبريل فقال: إقرأ علي ما جئتك به، فقرأ: أفرأيتم اللات والعزي، ومناة الثالثة الأخري تلك الغرانيق العلي وإن شفاعتهن لترتجي!

فقال: ما أتيتك بهذا! هذا من الشيطان فأنزل الله: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني.. " إلي آخر الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه، بسند صحيح عن سعيد بن جبير...!!). انتهي.

وقد ورد في بعض رواياتهم الإفتراء علي النبي صلي الله عليه وآله بأنه سجد للأصنام!

(فقال: وإنهن لهن الغرانيق العلي، وإن شفاعتهن لهي التي ترتجي، فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنته، فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك بمكة وذلقت بها ألسنتهم وتباشروا بها. وقالوا: إن محمداً قد رجع إلي دينه الأول ودين قومه. فلما بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم آخر النجم، سجد وسجد كل من حضر من مسلم ومشرك، ففشت تلك الكلمة في الناس، وأظهرها الشيطان حتي بلغت أرض الحبشة، فأنزل الله: وما أرسلنا من قبلك...).

وفي بعضها:

ص: 247

(ألقي الشيطان علي لسانه: وهي الغرانيق العلي، شفاعتهن ترتجي، فلما فرغ من السورة سجد، وسجد المسلمون والمشركون إلا أبا أحيحة سعيد بن العاص، فإنه أخذ كفاًّ من تراب فسجد عليه، وقال: قد آن لابن أبي كبشة أن يذكر آلهتنا بخير، فبلغ ذلك المسلمين الذين كانوا بالحبشة أن قريشاً قد أسلمت فأرادوا أن يقبلوا، واشتد علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعلي أصحابه ما ألقي الشيطان علي لسانه، فأنزل الله: وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي.. الآية). انتهي.

ورواها الهيثمي في مجمع الزوائد: 6/32 و: 7/70.

وقد نقد الباحث السوداني عبد الله النعيم، في كتابه الإستشراق في السيرة النبوية - المعهد العالمي للفكر الإسلامي 1417 - استغلالَ المستشرقين لحديث الغرانيق، ونقل في ص 51، افتراءَ المستشرق (بروكلمان) علي النبي صلي الله عليه وآله حيث قال:

(ولكنه علي ما يظهر اعترف في السنوات الأولي من بعثته بآلهة الكعبة الثلاث اللواتي كان مواطنوه يعتبرونهن بنات الله، وقد أشار إليهن في إحدي الآيات الموحاة إليه بقوله: تلك الغرانيق العلي وإن شفاعتهن لترجي... ثم ما لبث أن أنكر ذلك وتبرأ منه في اليوم التالي)!!

ونقل عبد الله النعيم، في ص 96 زعم (مونتغمري وات) حيث قال:

(تلا محمد الآيات الشيطانية باعتبارها جزء من القرآن، إذ ليس من المتصور أن تكون القصة من تأليف المسلمين أو غير المسلمين، وإن انزعاج محمد حينما علم بأن الآيات الشيطانية ليست جزء من القرآن يدل علي أنه تلاها وإن

ص: 248

عبادة محمد بمكة لا تختلف عن عبادة العرب في نخلة والطائف.. ولقد كان توحيد محمد غامضاً (!) ولا شك أنه يعد اللات والعزي ومناة كائنات سماوية أقل من الله). انتهي.

ومع أننا تبعاً لأهل البيت عليهم السلام نرفض رواية الغرانيق من أصلها..

ونعتقد أنها واحدة من افتراءات قريش الكثيرة علي النبي صلي الله عليه وآله في حياته وبعد وفاته.. ونستدل بوجودها علي أن مطلب قريش كان الإعتراف بآلهتها وشفاعتهن وأن منافقي قريش وضعوا هذه الروايات طعناً في عصمة النبي صلي الله عليه وآله، فخدموا بذلك هدف قريش الخبيث وهدف أعداء الإسلام في كل العصور!

ومع أن المستشرقين لا يحتاجون إلي الروايات الموضوعة ليتمسكوا بها، فهم يكذبون علي نبينا وعلي مصادرنا جهاراً نهاراً، ولكن تأسفَّنا لأن مصادر إخواننا روت عدة افتراءات علي النبي صلي الله عليه وآله علي أنها حقائق، منها قصة الغرانيق، وقصة ورقة بن نوفل في بدء الوحي، وغيرها من الروايات المخالفة للعقل والتهذيب والإحترام الذي ينبغي للنبي صلي الله عليه وآله..

ولم تروِ ما في مصادرنا من بغض النبي لأصنام قريش منذ طفولته، ولا تكذيب رواية ورقة والتأكيد علي الأفق المبين الذي نصَّ عليه القرآن.. وبدأ الوحي عليه..

ولما رأي المستشرقون تلك الروايات فرحوا بها وحاولوا أن يشككوا بسببها في نبوة نبينا صلي الله عليه وآله!!

وذكر الباحث السوداني عبد الله النعيم، في هامش كتابه المذكور، المصادرَ التي روت حديث الغرانيق وهي: طبقات ابن سعد: 1/205، وتاريخ الطبري: 2/226، وتاريخ ابن الأثير: 2/77، وسيرة ابن سيد الناس: 1/157.

وقال في ص 97:

ص: 249

(يعتبر الواقدي أول من روج لهذه الفرية ثم أخذها عنه ابن سعد والطبري وغيرهم).

وقال في ص 98:

(ولم يروِ ابن إسحاق وابن هشام هذه الواقعة إطلاقاً. ومهما يكن من أمر فالواقدي هو أصلها. إن ما يدعو للتساؤل هو: كيف أمكن تمرير هذه الواقعة مع علم أصحابها بعصمة الرسل؟!). انتهي.

ثم نقل المؤلف نقد القاضي عياض في كتابه الشفا لحديث الغرانيق سنداً ومتناً.. وكذلك نقد القرضاوي في كتابه كيف نتعامل مع السنة النبوية..

ونقل عنه قوله في ص 93:

(ومعني هذا أن تفهم السنة في ضوء القرآن، ولهذا كان حديث الغرانيق مردوداً بلا ريب لأنه منافٍ للقرآن). انتهي.

ولكن البخاري و مسلما رويا فرية الغرانيق

دافع الرازي وغيره عن البخاري والصحاح فقالوا إنهم لم يرووا قصة الغرانيق!!

ولكنهم لم يقرؤوا الصحاح جيداً، وإلا لوجدوا فيها قصة الغرانيق بأكثر من رواية!

غاية الأمر أن أصحابها حذفوا منها أن النبي صلي الله عليه وآله زاد في السورة مدح أصنام المشركين، ولكنهم ذكروا دليلاً عليه وهو سجود المسلمين والمشركين، وحتي سجود أبي أحيحة، أو أمية بن خلف أو غيرهما علي كف من تراب أو حصي!!

فإن سجود المشركين بعد سماع القرآن لم ينقله أي مصدر علي الإطلاق في أي رواية علي الإطلاق، إلا في رواية الغرانيق!

ومضافاً إلي رواية البخاري الفظيعة التي ذكرها الرازي..

ص: 250

فقد روي البخاري أيضاً في ج 5 ص 7:

(عن عبد الله رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم، أنه قرأ والنجم فسجد بها وسجد من معه، غير أن شيخا أخذ كفاًّ من تراب فرفعه إلي جبهته، فقال: يكفيني هذا! قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافراً). انتهي. ورواه مسلم في: 2/88.

وروي البخاري أيضاً في ج 6 ص 52:

(عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله رضي الله عنه قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة والنجم، قال: فسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم، وسجد من خلفه إلا رجلاً رأيته أخذ كفاًّ من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً، وهو أمية بن خلف).

وقال الحاكم في المستدرك: 1/221:

(عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عبد الله، قال: أول سورة قرأها رسول الله صلي الله عليه وآله علي الناس الحج، حتي إذا قرأها سجد فسجد الناس، إلا رجل أخذ التراب فسجد عليه فرأيته قتل كافراً.

هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين بالإسنادين جميعاً، ولم يخرجاه، إنما اتفقا علي حديث شعبة عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عبد الله أن النبي صلي الله عليه وآله قرأ والنجم، فذكره بنحوه، وليس يعلل أحد الحديثين الأخيرين، فإني لا أعلم أحداً تابع شعبة علي ذكره النجم، غير قيس بن الربيع. والذي يؤدي إليه الاجتهاد صحة الحديثين، والله أعلم).

ومعني كلام الحاكم: أنه كان الأولي بالبخاري ومسلم أن يرويا رواية السجود في سورة الحج لأنها أصح، ولكنهما تركاها ورويا رواية سورة النجم!!

وقال البيهقي في سننه: 2/314:

ص: 251

(عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم سجد فيها، يعني والنجم، وسجد فيها المسلمون والمشركون والجن والأنس. رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر وغيره عن عبد الوارث.

ورواها في مجمع الزوائد: 7/115، أيضاً وصححها، قال:

(قوله تعالي " أفرأيتم اللات والعزي " عن ابن عباس، فيما يحسب سعيد بن جبير، أن النبي صلي الله عليه وسلم كان بمكة، فقرأ: سورة والنجم حتي انتهي إلي " أفرأيتم اللات والعزي ومناة الثالثة الأخري " فجري علي لسانه: تلك الغرانيق العلي الشفاعة منهم ترتجي.

قال: فسمع بذلك مشركو أهل مكة فسرُّوا بذلك، فاشتدَّ علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأنزل الله تبارك وتعالي: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ".

رواه البزار والطبراني وزاد إلي قوله " عذاب يوم عقيم "، يوم بدر.

ورجالهما رجال الصحيح، إلا أن الطبراني قال: لا أعلمه إلا عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم وقد تقدم حديث مرسل في سورة الحج أطول من هذا، ولكنه ضعيف الإسناد). انتهي.

ويقصد بالرواية الطويلة الضعيفة ما رواه في مجمع الزوائد: 7/70 وقد ورد فيها:

(حين أنزل الله السورة التي يذكر فيها " والنجم إذا هوي " فقال المشركون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، فإنه لا يذكر أحداً ممن خالف دينه من اليهود والنصاري بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشتم والشر. فلما أنزل الله السورة التي يذكر فيها والنجم وقرأ: " أفرأيتم اللات والعزي ومناة

ص: 252

الثالثة الأخري " ألقي الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت، فقال: وإنهم من الغرانيق العلي، وإن شفاعتهم لترتجي، وذلك من سجع الشيطان وفتنته فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك، وذلقت بها ألسنتهم واستبشروا بها، وقالوا: إن محمداً قد رجع إلي دينه الأول ودين قومه، فلما بلغ رسول الله صلي الله عليه وسلم آخر السورة التي فيها النجم سجد، وسجد معه كل من حضره من مسلم ومشرك، غير أن الوليد بن المغيرة كان كبيراً فرفع ملء كفه تراب فسجد عليه، فعجب الفريقان كلاهما من جماعتهم في السجود لسجود رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأما المسلمون فعجبوا من سجود المشركين من غير إيمان ولا يقين، ولم يكن المسلمون سمعوا الذي ألقي الشيطان علي ألسنة المشركين، وأما المشركون فاطمأنت أنفسهم إلي النبي صلي الله عليه وسلم، وحدثهم الشيطان أن النبي صلي الله عليه وسلم قد قرأها في السجدة، فسجدوا لتعظيم آلهتهم، ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتي بلغت الحبشة! فلما سمع عثمان بن مظعون وعبد الله بن مسعود ومن كان معهم من أهل مكة أن الناس أسلموا وصاروا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم، وبلغهم سجود الوليد بن المغيرة علي التراب علي كفه، أقبلوا سراعاً! فكبر ذلك علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فلما أمسي أتاه جبريل عليه السلام فشكا إليه، فأمره فقرأ له، فلما بلغها تبرأ منها جبريل وقال: معاذ الله من هاتين ما أنزلهما ربي ولا أمرني بهما ربك!! فلما رأي ذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم شق عليه، وقال: أطعت الشيطان وتكلمت بكلامه وشركني في أمر الله!! فنسخ الله ما يلقي الشيطان وأنزل عليه " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم، ليجعل ما يلقي فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم، وإن الظالمين لفي شقاق بعيد "

ص: 253

فلما برأه الله عز وجل من سجع الشيطان وفتنته، انقلب المشركون بضلالهم وعداوتهم. فذكر الحديث، وقد تقدم في الهجرة إلي الحبشة. رواه الطبراني مرسلاً وفيه ابن لهيعة، ولا يحتمل هذا من ابن لهيعة). انتهي.

فتبين من مجموع ذلك أن سند القصة في مصادر السنيين صحيح.

ولا يصح القول: بأن الواقدي تفرَّد بها، أو أن الصحاح لم تروِها!!

ويا ليت القرضاوي والرازي وغيرهما من الذين ردوا حديث الغرانيق بدليل مخالفته للقرآن، يتمسكون بهذا الدليل لرد غيره من المكذوبات التي وضعها منافقوا قريش وروجته الخلافة القرشية ورواتها وما زالت من الأحاديث الصحيحة أو الموثقة عند إخواننا!!

وأخيراً.. فقد طار أعداء الإسلام بهذه القصة وشنعوا بها علي الإسلام ورسوله، محتجين بأنها وردت في مصادر المسلمين! وكان آخر من استغلها المرتد سلمان رشدي!

وقد أخذها من المستشرقين بروكلمان ومونتغمري وأمثالهما، وأخذها هؤلاء من الصحاح والمصادر الصحيحة!!! مع الأسف!!

فكتب (مبضع الجراح) بتاريخ 13 - 9 - 1999، الثانية عشرة صباحاً:

كذبت ورب الحسن والحسين. ما أخرجها البخاري ومسلم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 9 - 1999، السابعة صباحاً:

أقسمتَ بعظيم.. رب سبطين عزيزين.. ولكن الأمر لا يحتاج إلي قسم!!

تأمل في الموضوع، ثم راجع البخاري ومسلماً، واقرأ فيهما الحديثين!!

وكتب (الشيباني)، السابعة والنصف صباحاً:

ص: 254

تباًّ لك يا عاملي علي هذا الإفتراء... أما تخجل من هذا العنوان؟؟!!

كذبت وافتريت وأثمت رد الله كيدك في نحرك، والله لم يروِ البخاري ولا مسلم حديث الغرانيق.

لكن قل لي: هل حديث الغرانيق أبشع، أم حديث الطينة عندكم؟؟!!

فأجاب (العاملي)، العاشرة صباحاً:

لا يحتاج الأمر إلي تبٍّ ولا سب.. أنا قلت هاتان الروايتان موجودتان في البخاري ومسلم..

وهما نفس رواية الغرانيق في المصادر الأخري!!

فأجبني بأن رواية البخاري لا تقصد قصة الغرانيق بدليل كذا وكذا..

وأن رواية مسلم لا تقصدها بدليل كذا وكذا..

فهل عندك جواب يقنع به الذين عندهم (عقول تميز بين الحق والباطل)؟!

فكتب (مبضع الجراح)، الثانية عشرة ظهراً:

ولا زال الدعي يكذب. إذا لم تستح فاكذب كما تشاء.

وكتب (عرباوي)، الواحدة ظهراً:

وفقك الله يا أخي العاملي لما يحب ويرضي..

الشيباني والبقية: هل نستنتج من ردودكم أن الحق مع العاملي؟!

لماذا لا تحللون كلامه.. وتبينون موضع الكذب و.. و..؟!؟ والسلام لمن هو أهله.

مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجي ومن تخلف عنها هوي

وكتب (الشيباني) بتاريخ 19 - 9 - 1999، الرابعة صباحاً:

ص: 255

من أراد معرفة الحقيقة فليراجع كتاب مختصر سيرة الرسول (صلی الله علیه و آله) لمحمد بن عبد الوهاب ص 24. الحق يعلو ولا يعلي عليه.

فكتب (محب السنة)، السادسة صباحاً:

حقاًّ يا عاملي، إنك مثال للباحث غير المتجرد للحق الذي لا ينشد الإنصاف، ولا يريده..

الذي أعيته الحيل وبلغ به العجز مبلغاً فلم يستطع أن يثبت ما يدعيه بأدلة صحيحة صريحة، فعمد إلي التدليس والكذب والمخادعة وتحميل الألفاظ ما لا تحتمل.

وقد أخبرتك في غير هذا الموضع أنك مثال لأهل الأهواء والبدع الذين لا يتورعون عن الكذب والمخادعة واستغفال القراء.

ولكن حيلك وألاعيبك لا تنطلي علي أحد، بل كل من قرأ ما تكتب تبين له بالدليل العملي حقيقة الرافضة وضعف حججهم، وتهاوي أدلتهم.. وما ذلك إلا لهشاشة مذهبهم وأنه ملفق من ضلالات شتي جمعت من زبالة أفكار ملل منحرفة، حتي تشكل منها مذهب الرفض.

وربما دفعك إلي الكذب علي البخاري رحمه الله موقفه من الرافضة، حينما سئل لماذا تروي عن الخوارج ولا تروي عن الرافضة، فقال: إن الخوارج يعدون الكذب كفراً، بينما الرافضة يرون الكذب دين، أو كما قال رحمه الله.

فكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 9 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

ما هذا الأسلوب؟!!

لو فرضتني أسوأ الناس، وفرضت البخاري ومسلماً أحسن الناس.. تبقي روايتاهما اللتان ذكرتهما، لا تفسير لهما إلا بقصة الغرانيق.. فلماذا تتهرب منهما

ص: 256

ولا تجيب عليهما؟! فسِّر لنا نصهما من فضلك.. أو اسكت واستر علي من رواهما!

أما زعمك عن لسان البخاري أن لا يروي عن الشيعة، فهو غير صحيح.. وهو يُسْقِط كثيراً من بخاريك عن الحجية.. لأن نحو مئة من رجاله شيعة، نص البخاري أو غيره من أئمتكم في الجرح والتعديل علي أنهم رافضة!!!

فكتب (مشارك)، الخامسة مساءً:

هذا من الأسباب في عدم كتابة الحديث عن الروافض، لأنهم كذابون، وأنت أولهم يا رافضي.

وهل دينكم إلا الكذب.

فكتب (عرفج)، التاسعة مساءً:

الأخ العاملي: الإخوان لا يقرأون إلا المختصر الشديد.

وأنا فهمت الموضوع كما جاء في العنوان، والواضح أن البخاري لا يريد أن يذكر الغرانيق ولا يريد أن يرفض الرواية.. فهو يقوم بتلطيفها فقط..

ودافع الرازي وغيره عن البخاري والصحاح، فقالوا إنهم لم يرووا قصة الغرانيق!!

ولكنهم لم يقرؤوا الصحاح جيداً، وإلا لوجدوا فيها قصة الغرانيق بأكثر من رواية!

غاية الأمر أن أصحابها حذفوا منها أن النبي صلي الله عليه وآله زاد في السورة مدح أصنام المشركين، ولكنهم ذكروا دليلاً عليه وهو سجود المسلمين والمشركين وحتي سجود أبي أحيحة، أو أمية بن خلف أو غيرهما علي كف من تراب أو حصي!!

فإن سجود المشركين بعد سماع القرآن لم ينقله أي مصدر علي الإطلاق في أي رواية علي الإطلاق، إلا في رواية الغرانيق!

ص: 257

ومضافاًَ إلي رواية البخاري الفظيعة التي ذكرها الرازي..

?فقد روي البخاري أيضاً في ج 5 ص 7:

(عن عبد الله رضي الله عنه، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأ والنجم فسجد بها وسجد من معه، غير أن شيخا أخذ كفاًّ من تراب فرفعه إلي جبهته فقال يكفيني هذا! قال عبد الله: فلقد رأيته بعد قتل كافراً). انتهي. ورواه مسلم في: 2/88.

وروي البخاري أيضاً في: 6/52:

(عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله رضي الله عنه قال: أول سورة أنزلت فيها سجدة والنجم، قال: فسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم وسجد من خلفه، إلا رجلاً رأيته أخذ كفاًّ من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافراً، وهو أمية بن خلف).

وقال الحاكم في المستدرك: 1/221:

(عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن عبد الله قال: أول سورة قرأها رسول الله صلي الله عليه وآله علي الناس الحج، حتي إذا قرأها سجد فسجد الناس، إلا رجل أخذ التراب فسجد عليه فرأيته قتل كافراً. هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين بالإسنادين جميعاً ولم يخرجاه، إنما اتفقا علي حديث شعبة عن أبي إسحاق، عن الأسود عن عبد الله أن النبي صلي الله عليه وآله قرأ والنجم فذكره بنحوه، وليس يعلل أحد الحديثين الأخيرين فإني لا أعلم أحداً تابع شعبة علي ذكره النجم غير قيس بن الربيع. والذي يؤدي إليه الاجتهاد صحة الحديثين، والله أعلم).

ومعني كلام الحاكم: أنه كان الأولي بالبخاري ومسلم أن يرويا رواية السجود في سورة الحج لأنها أصح، ولكنهما تركاها ورويا رواية سورة النجم!!

وقال البيهقي في سننه: 2/314:

ص: 258

عن عكرمة، عن ابن عباس أن النبي صلي الله عليه وسلم سجد فيها، يعني والنجم وسجد فيها المسلمون والمشركون والجن والأنس.

رواه البخاري في الصحيح عن أبي معمر وغيره، عن عبد الوارث.

ورواها في مجمع الزوائد: 7/115 أيضاً وصححها، قال:

(قوله تعالي: " أفرأيتم اللات والعزي " عن ابن عباس، فيما يحسب سعيد بن جبير، أن النبي صلي الله عليه وسلم كان بمكة فقرأ سورة والنجم حتي انتهي إلي: " أفرأيتم اللات والعزي ومناة الثالثة الأخري " فجري علي لسانه: تلك الغرانيق العلي الشفاعة منهم ترتجي، قال: فسمع بذلك مشركو أهل مكة فسروا بذلك، فاشتد علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالي " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ". رواه البزار والطبراني وزاد إلي قوله: " عذاب يوم عقيم " يوم بدر.

ورجال هما رجال الصحيح إلا أن الطبراني قال: لا أعلمه إلا عن ابن عباس عن النبي صلي الله عليه وسلم، وقد تقدم حديث مرسل في سورة الحج أطول من هذا، ولكنه ضعيف الإسناد). انتهي. ويقصد بالرواية الطويلة الضعيفة ما رواه في مجمع الزوائد: 7/70، وقد ورد فيها:

حين أنزل الله السورة التي يذكر فيها " والنجم إذا هوي ".

فقال المشركون: لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقررناه وأصحابه، فإنه لا يذكر أحداً ممن خالف دينه من اليهود والنصاري بمثل الذي يذكر به آلهتنا من الشتم والشر، فلما أنزل الله السورة التي يذكر فيها والنجم وقرأ: " أفرأيتم اللات والعزي ومناة الثالثة الأخري " ألقي الشيطان فيها عند ذلك ذكر الطواغيت فقال: وإنهم من الغرانيق العلي، وإن شفاعتهم لترتجي، وذلك من سجع

ص: 259

الشيطان وفتنته فوقعت هاتان الكلمتان في قلب كل مشرك وذلقت بها ألسنتهم واستبشروا بها، وقالوا: إن محمدا قد رجع إلي دينه الأول ودين قومه...

وكتب (الراسل)، العاشرة مساءً:

العاملي وليس مثله من عاملي..

لقد قلت الحق ولكن لم يسمع الحق، وكتبت الكلام الذي لا غبار عليه.. ولكن ماذا أقول لمثل هؤلاء أنهم لو يريدون الحقيقة، لما كذبوك من حينها.. أنت تأتي لهم بالدليل ولكن هم يهربون علي طول ويكذبوك من أول وهله! لو هم صحيح أصحاب معرفة وأصحاب منطق، لرضوا بالواقع!!. انتهي.

قال العاملي:

وغاب المتعصبون.. واكتفوا بالسب، ولم يناقش واحد منهم نقاشاً علمياً!!

وكتب (عمار) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 13 - 1 - 2000، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (ما هو تفسير الإخوة السنة لهذه الآية)، قال فيه:

قال تعالي: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم. ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم، وإن الظالمين لفي شقاق بعيد وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهاد الذين آمنوا إلي صراط مستقيم ". صدق الله العظيم.

ص: 260

وكتب (محمد إبراهيم)، العاشرة والنصف صباحاً:

الرد علي عجالة ومعذرة من الزميل عمار:

من زبدة التفاسير: " من رسول ولا نبي ": قيل الرسول: الذي أرسل إلي الخلق بإرسال جبريل إليه عياناً ومحاورته شفاهاً، والنبي: الذي يكون الوحي إليه إلهاماً أو مناماً، وقيل: الرسول من بعث بشرع وأمر بتبليغه، والنبي من أمر أن يدعو إلي شريعة من قبله، ولم ينزل عليه كتاب.

" إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته ": قال جماعة المفسرين في سبب نزول هذه الآية: إن النبي محمد صلي الله عليه وسلم لما شق عليه إعراض قومه عنه، تمني في نفسه ألا ينزل عليه شئ ينفرهم عنه لحرصه علي إيمانهم، فكان ذات يوم جالساً في نادٍ من أنديتهم، وقد نزل عليه سورة: والنجم إذا هوي، فأخذ يقرؤها عليهم حتي بلغ قوله: أفرأيتم اللات والعزي. ومناة الثالثة الأخري، فجري علي لسانه مما ألقاه الشيطان عليه: تلك الغرانيق العلي، وإن شفاعتها لترتجي!!! فلما سمعت قريش ذلك فرحوا، فلما سجد في آخرها سجد معه جميع من في النادي من المسلمين والمشركين، فتفرقت قريش مسرورين بذلك، وقالوا: قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر!! فأتاه جبريل، فقال: ما صنعت؟ تلوت علي الناس ما لم آتك به عن الله؟!!! فحزن رسول الله صلي الله عليه وسلم وخاف خوفاً شديداً، فأنزل الله هذه الآية، هكذا قالوا. ولم يصح شئ من هذا. وقال البيهقي: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، وقال ابن خزيمة: إن هذه القصة من وضع الزنادقة. ومعني تمني: تلا وقرأ كتاب الله.

" ألقي الشيطان في أمنيته ": أي في تلاوته وقراءته، أي إن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك من دون أن يتكلم به رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا جري علي لسانه، أي لا يهولنك ذلك ولا يحزنك، فقد أصاب مثل هذا من

ص: 261

قبلك من المرسلين والأنبياء، فالمعني: أنه إذا حدث نفسه بشئ تكلم به الشيطان وألقاه في مسامع الناس من دون أن يتكلم به رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا جري علي لسانه!

" فينسخ الله ما يلقي الشيطان ": أي يبطله ويجعله ذاهبا غير ثابت.

" ثم يحكم الله آياته " أي: يثبتها.

" والله عليم حكيم " أي: كثير العلم والحكمة في كل أقواله وأفعاله.

انتهي النقل من كتاب زبدة التفاسير.

وإن لزم الأمر نقلنا تفاسير أخري بإذن الله وفي انتظار تفسير الشيعة لهذه الآية.

وكتب (عمار)، الثانية عشرة ظهراً:

السلام عليكم.. أخي العزيز محمد: تقول: " ومعني تمني: تلا وقرأ كتاب الله. ألقي الشيطان في أمنيته: أي في تلاوته وقراءته ".

أي إن الشيطان أوقع في مسامع المشركين ذلك من دون أن يتكلم به رسول الله صلي الله عليه وسلم

ولا جري علي لسانه.

فما الذي ألقاه الشيطان في مسامع المشركين، زميلي العزيز؟

حبذا لو شاركنا بعض الأخوة السنة أيضاً، لمعرفة رأيهم في هذا الخصوص؟!. انتهي.

قال العاملي:

لكن لم يشارك منهم أحد، بل غاب الموجودون!!

ص: 262

الفصل الثالث: مقام عمر عند بعضهم فوق مقام النبي صلی الله علیه و آله!!

ص: 263

ص: 264

مقام عمر عند بعضهم فوق مقام النبي صلی الله علیه و آله!!

كتب (حسين الشطري) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 10 - 6 - 1999، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الخليفة عمر بن الخطاب وعصمة النبي صلي الله عليه وآله)، قال فيه:

أخرج البخاري، ومسلم، والترمذي، وأحمد بن حنبل حديثاً أسند إلي ابن عمر أنه قال:

لما توفي عبد الله بن أُبي جاء ابنه فقال: يا رسول الله أعطني قميصك أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له.

فأعطاه قميصه وقال له: إذا فرغت منه فآذنا. فلما فرغ منه آذنه به، فجاء صلي الله عليه وآله ليصلي عليه، فجذبه عمر فقال له: أليس قد نهاك الله أن تصلي عن المنافقين فقال لك: " إستغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر... ". التوبة - 80.

فقال الرسول صلي الله عليه وآله: أخِّر عني يا عمر إني خيرت، قيل لي: استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم بسبعين مرة فلن يغفر الله لهم، فلو أعلم أني إن زدت علي السبعين غفر الله له، لزدت، ثم صلي عليه، ومشي خلفه وقام علي قبره.

ص: 265

فهل غاب عن أبي حفص قوله تعالي " وما ينطق عن الهوي ".. كما غابت عنه أشياء أخري من قبل ومن بعد؟!!

أم أنه معتقد آنذاك بإمكان عصيان النبي صلي الله عليه وآله لأوامر ربه؟!!

أم أن ظن أن النبي صلي الله عليه وآله الذي أثبت القرآن عصمته قد نسي والعياذ بالله فأراد عمر أن يذكره؟! ولو أراد ذلك فهل يحصل بجذب ثوب النبي صلي الله عليه وآله.

وربما نجِد، وهو حاصل، البعض يحاول أن يكتب بكفَّيه ليبرر لنا ما قام به أبو حفص في نهيه للنبي صلي الله عليه وآله..

ولكنه نفسه حيث قال، معترفاً بخطئه: أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قط!

أراد رسول الله صلي الله عليه وآله أن يصلي علي عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت له: والله ما أمرك الله بهذا...

والغريب أن أبا حفص يقر علي نفسه بأنه قد صدرت منه هفوات كثيرة، ولكن هذه الهفوة لم يصب مثلها قط، فهو لو لم يصب هفوات عديدة، لما صح له أن يقول: ما أصبت مثلها قط.

ثم إنه بعد ذلك يقسم بين يدي حضرة النبي بأن الله ما أمره بهذا.. وهكذا يجتهد أبو حفص أمام السنة الفعلية!!

وليت الأمر انتهي عند هذا الحد، فإن الخليفة أبا حفص يذهب أشواطاً بعيدة حيث يعترض علي النبي صلي الله عليه وآله بكل خشونة " فأخذت بثوبه ".

ونظن أن عمر كان يعلم أن القرآن قد نهي عن رفع الصوت في حضرة النبي صلي الله عليه وآله، ولكنه ينهي النبي صلي الله عليه وآله عن فعل، بل ويأخذ بثوبه والله تعالي يقول: " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ". الحشر - آية 7

ص: 266

فكتب (أبو عبد الرحمن المائي) بتاريخ 11 - 6 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

ماذا تقول في قول الحق تبارك وتعالي: ولا تصلِّ علي أحد منهم مات أبداً ولا تقم علي قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون. وما هو سبب نزولها؟

وكتب (القطيف)، الثالثة ظهراً:

هذا الحديث ورد بألفاظ مختلفة.

هذا (عندهم) أحد الأحاديث التي يثبت جواز التبرك بملابس النبي وما لامس جسمه الشريف.

قميص النبي للبركة.. واحتفظ أحد الصحابة بنعال النبي.. والسيدة عائشة ببردة له. وأهل البيت بسيفه وعمامته وغيرهم بغيره.

أما أنت يا أبا عبد الرحمن، فلماذا لا تسأل الله أن يرسل لك من يفعل بك فعل الخليفة عمر بالنبي كل يوم؟!

وكتب (عرباوي)، الثانية ظهراً:

ماذا تقصد بذلك يا أبا عبد الرحمن؟؟؟

أتقصد بأن عمر كان محقاًّ في نهيه للنبي (صلی الله علیه و آله)؟؟ وهل هو أعلم من النبي؟

فكتب (أبو عبد الرحمن المائي)، السادسة مساءً:

عزائي الوحيد، أن الشاعر قال:

وكم من عائب قولاً صحيحاً... وآفته من الفهم السقيم

ويقول آخر:

ومن يك ذا فم مر مريض.... يجد مراًّ به الماء الزلال

ص: 267

وفي المثل: كل يري الناس بعين طبعه...!؟

أسألك فأجب... أو اصمت... ولا تقوِّلني ما لم أقل...!؟

وكتب (علي عيسي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

إلي أبي عبد الرحمن:

لم تجب علي السؤال الذي وجه لك: هل كان النبي صلي الله عليه وآله مخطئاً وعمر علي صواب؟

يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال!

وكتب (علي عيسي) أيضاً، الثانية صباحاً:

إلي المائي: لماذا لا تجيب إجابة محددة وواضحة؟

هل أخطأ النبي صلي الله عليه وآله وعمر أصاب، فأنزل الله آية يسند فيها فعل وقول عمر؟!!

وهل تنبيه النبي صلي الله عليه وآله علي الخطأ والعياذ بالله وهو في مقام التشريع يتم بهذه الطريقة؟

تمعن في الحديث قبل الإجابة.

وكتب (العروة الوثقي)، الثامنة صباحاً:

حاذروا يا إخوة الولاية.. فأنتم تتكلمون عن المجتهد الند لاجتهاد رسول الله صلي الله عليه وآله!!

فلولا المجتهد لما نزلت آية الحجاب ولما سمعنا نداء الإذان!!

ص: 268

المضحك أن عقل المائي أصبح خارج منطقة النداء، فعقله لا يعمل، بل يرجح عمل ابن الخطاب علي عمل رسول الله صلي الله عليه وآله. ولكن نقولها لك عسي أن يشتغل وينتبه عقلك!!

وإن كان هذا طلب صعب.. فاسمع: الأمر لا يخلو من قلة أدب من ابن الخطاب ورد لعمل الرسول صلي الله عليه وآله.

وهل هي هفوة واحدة أم هفوات وأعمال، كالتي اعترف بها في صلح الحديبية، وبسبب أعماله خالف الصحابة أمر نبيهم صلي الله عليه وآله.

فكتب (أبو عبد الرحمن المائي)، الثانية عشرة ظهراً:

والله إنه ليشتد بي العجب.. ممن يلاحق غيره بأسئلة..

أولاً: ومن اللباقة أن ترد علي السؤال إن كان موجهاً لك، أو أن تجيب إن أردت أن تدخل في حوار. أما أن تسأل دائماً.. وتطلب الإجابة.. فهذا الذي لا ينقضي منه العجب..

ألزم نفسك بما تريده من الآخرين ثم اطلب منهم ذلك هذا هو الإنصاف.. ولكن..!

وأنا سأرد عليك بنفس طريقتك.. فهلاَّ أجبت علي السؤال؟

وكتب (حسين الشطري)، الخامسة مساءًَ:

جواب سؤالك يا أبا عبد الرحمن:

أن الروايات التي ذكرت سبب النزول.. متعارضة فيما بينها، أو مدفوعة بالآيات الكريمة دفعاً، لا مرية فيه.

أولاً: لظهور قوله تعالي: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم، إن تستغفر لهم سبعين مرة، فلن يغفر الله لهم ".. ظهوراً بيِّناً في أن المراد: بيان لغوية الإستغفار للمنافقين دون التخيير.

ص: 269

وأن العدد جئ به لمبالغة الكثرة، لا لخصوصية في السبعين بحيث ترجي المغفرة مع الزائد من السبعين.

والنبي أجلُّ من أن يجهل هذه الدلالة فيحمل الآية علي التخيير..

ثم يقول سأزيد علي سبعين.. ثم يذكِّره غيره بمعني الآية فيصر علي جهله حتي ينهاه الله عن الصلاة وغيرها، بآية أخري أنزلها عليه!

ثانياً: أن سياق الآيات التي منها قوله: " ولا تصلِّ علي أحد منهم مات أبداً ".. صريحٌ في أن هذه الآية إنما نزلت والنبي صلي الله عليه وآله في سفره إلي تبوك.. ولما يرجع إلي المدينة، وذاك في سنة ثمان، وقد وقع موت عبد الله بن أبي بالمدينة سنة تسع من الهجرة، وكل ذلك مسلَّم من طريق النقل.

فما معني قوله في هذه الروايات أن النبي صلي الله عليه وآله صلَّي علي عبد الله بن أبي، وقام علي قبره، ثم أنزل الله تعالي عليه " ولا تصلِّ "...!!!

وأعجب ما ورد في بعض الروايات.. نزول قوله تعالي: " سواء عليهم، استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم.. " والآية من سورة المنافقون وقد نزلت بعد غزوة بني المصطلق، وكانت في سنة خمس، وقد كان عبد الله بن أبي حياًّ.

وقد اشتملت بعض هذه الروايات علي أن سبب استغفار النبي والصلاة علي عبد الله بن أبي، هو استمالة قلوب رجال منافقين من الخزرج إلي الإسلام.

وهنا نسأل: كيف يستقيم ذلك، وكيف يصح أن يخالف النبي صلي الله عليه وآله النص الصريح من الآيات، استمالة لقلوب المنافقين ومداهنة.

وقد هدده الله تعالي علي ذلك بأبلغ التهديد، في مثل قوله: " إذاً لأذقناك ضعف الحياة، وضعف الممات ". الآية 75 سورة الإسراء.

فالوجه أن هذه الروايات موضوعة يجب طرحها بمخالفة الكتاب. والحمد لله رب العالمين.

ص: 270

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي)، الحادية عشرة ليلاً:

فأما أنت يا عروة:

فإن كان تطاولك وسبك لعمر الفاروق تظنه خيراً.. فأقول لك: والله لن يضيره شيئاً.. ولن يغير شيئاً من الحقائق.. وإنما علي نفسها جنت براقش..!

الشطري:

لقد قلت " ثانياً: إن سياق الآيات التي منها قوله: ولا تصلِّ علي أحد منهم مات أبداً، صريح في أن هذه الآية أنما نزلت والنبي صلي الله عليه وآله في سفره إلي تبوك ولما يرجع إلي المدينة وذاك في سنة ثمان، وقد وقع موت عبد الله بن أبي بالمدينة سنة تسع من الهجرة، وكل ذلك مسلم من طريق النقل ". فهل أنت متأكد مما تقول ومن صحة هذا النقل!؟

بالنسبة للمداهنة.. حاشاه صلي الله عليه وسلم أن يداهن. ولكن يا حبذا أن تبحث معني المداهنة واستمالة القلوب.. وتفيدنا بالفرق..!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 14 - 6 - 1999، الثامنة صباحاً:

الأخ أبو عبد الرحمن المحترم: بعد التحية والسلام.

أقول: يلزمني حلمي بأن أسكت عن أدبك الرفيع!

أما سؤالك عن صحة قولنا ونقلنا فهو كذلك.. لأننا لا نمتلك جيوباً كما يمتلكها بعض رواتكم

لكي نخرج منها ما تضحك منه الثكلي ويندي له الجبين.

أما بخصوص المداهنة، فليتك تفهم ما كنا قد قلناه سابقاً ولا بأس بإعادته.. فقد كنا نتساءل ونحاكم بعض الروايات التي أكدت سبب استغفار النبي صلي الله عليه وآله والصلاة علي ابن أبي هو استماله قلوب رجال المنافقين..

ص: 271

حيث قلنا عن ذلك: كيف يستقيم ذاك، وكيف يصح أن يخالف النبي صلي الله عليه وآله النص الصريح لأجل استماله قلوب المنافقين ومداهنتهم؟؟

ولأنك لم تستوضح ما قلناه سابقاً.. ونحن مضطرون الآن لاصطحاب عدم استيضاحك لما نقوله الآن، فنقول لأجل أن تستوضح: إننا أردنا أن نكذب هذه الرواية المخالفة للوجدان والعقل من خلال مساءلتنا ومحاكمتنا لها.

أما الفرق بين الإستمالة والمداهنة، فهو خارج عن بحثنا تخصصاً لا تخصيصاً.

والآن نعتقد أنك قد عرفت: علي من جنت براقش؟

ولا ندري هل انتهيت من بحثك المعمق في أعلمية عمر علي النبي صلي الله عليه وآله!

أو أعلمية النبي صلي الله عليه وآله علي عمر.

وتذكر معني قولك أن القرآن جاء موافقاً ومؤيداً لعمر.. ولازمه أنه جاء علي خلاف ما فعله النبي!!

وقد ذكرت بعض الروايات أن عمر جذب النبي صلي الله عليه وآله من خلفه..

وأخري تقول أخذ بثوبه، وقال: ألم ينهك الله أن تصلي علي المنافقين؟! أو أتصلي عليه وقد نهاك أن تصلي عليه؟!

وهنا نسأل أن النهي إما أن يكون قد حصل قبل هذه الحادثة، وهذا ما نستظهره من سياق الروايات، وينتج عن ذلك:

1 - أن النبي صلي الله عليه وآله خالف النصوص الصريحة وهذا محالٌ لأنه مخالف للعقل والنقل.

2 - أن لا فضيلة لعمر حيث أن النهي سابق علي هذه الحادثة.

3 - هذه الروايات تثبت الذم لعمر لا المدح، لوضوح جرأته وتطاوله علي النبي صلي الله عليه وآله، وقد اعترف عمر بخطئه حيث قال: أصبت في الإسلام هفوة ما

ص: 272

أصبت مثلها قط، أراد رسول الله أن يصلي علي عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت له: والله ما أمرك الله بهذا، لقد قال لك:

استغفر لهم أو لا تستغفر لهم.

راجع ابن أبي حاتم من طريق الشعبي وأيضاً كنز العمال المطبوع بهامش المسند حديث 4404.

هذا كله إذا كان النهي حاصلاً قبل هذه الحادثة..

أما إذا افترضنا أن النهي قد جاء بعد الحادثة، فلا معني لكلام عمر للنبي بقوله: ألم ينهك، فيكون

عمر قد اخترع نهياً من عنده.

فإن قلت إن النهي قد حصل بآية: " إستغفر لهم أو لا تستغفر ". فنقول: إن هذا لا يدل علي المطلوب بدليل قول النبي في الروايات: إني خيرت!

نعم إلا إذا كان عمر يفهم القرآن والنصوص بصورة أفضل من النبي صلي الله عليه وآله! والسلام.

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 15 - 6 - 1999، الخامسة صباحاً:

الأخ أبو عبد الرحمن بعد التحية والسلام: أين أنت؟

وهل ارتج عليك الجواب؟! أو لم تنتهِِ.. من بحث الأعلمية بعد؟

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي)، الخامسة مساءً:

لا يعجبني الصلف.. ولا تعجبني العجلة.. فاجعل للحلم مكاناً..!

أنا في بداية الأمر حين ناقشت، ظننت أن هذه الواقعة المثبتة.. مسلمة لديك.. ولكن تبين لي أنك ترفضها أصلاً وأنك تنكر صلاة الرسول علي ابن أبي، أليس كذلك؟ وأتساءل إن كنا مختلفين منذ البداية فهل يا تري سنجتمع.. لا أظن!؟

ص: 273

وأعود وأكرر ما هو سبب نزول الآية لديكم.. للعلم فقط!؟ أما النقاش حول باقي المسألة.. فلن يتم.. علي غير أصل واضح!؟

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي) بتاريخ 16 - 6 - 1999، السابعة صباحاً:

الشطري: هل من رد...!!!؟؟؟

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 17 - 6 - 1999، السادسة صباحاً:

الأخ أبو عبد الرحمن: بعد التحية والسلام..

أود أن أخفف عنك بعض الشئ مما أقحمت نفسك فيه..

فالإعتراف بالخطأ فضيلة.. فلا معني للَّف والدوران بعد ما بينَّا بشكل مفصل كل النقاط التي تتعلق بالموضوع.

وأجمل لك الكلام مرة أخري:

1 - إننا لم ننكر الرواية في حديثنا، بل قلنا: أن الرواية ليس لها ربط بالآية، فإن الآية قد نزلت في السنة الثامنة للهجرة وموت عبد الله بن أبي، كان في السنة التاسعة، فليس للآية ربط بموت عبد الله بن أبي، فهي إذن لم تنزل تأييداً لعمر.

2 - أنه من المسلم لدينا أن النبي صلي الله عليه وآله عالم لا يعلم، وأنه لا وجه للمفاضلة والمقارنة بينه وبين أي مخلوق.. وبهذا نكون قد خففنا عنك الجواب الذي قد خفي عليك هذه المدة، وأني أحيي فيك عدم جرأتك علي النبي صلي الله عليه وآله، كما يفعل بعضهم ويتهم النبي بالجهل، وأن

عمر أعلم منه.

وأنك إذ لم تجب من أول الأمر.. لأنك لم تقبل ذلك للنبي صلي الله عليه وآله، ولكن ما في يديك من نصوص جعلتك متحيراً بين أن تخالف فطرتك واعتقادك بالنبي، وبين أن تنقاد وراء النصوص التي تجرك إلي ذلك.

ص: 274

فهذا موقف محمود منك.. ولعمري إنك قد أحسنت الحوار والحديث في ردك الأخير، فلم يكن فيه تهجم وسب كما عهدناه من بعض المحاورين، فنشكرك علي ذلك.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته.

وكتب (أبو عبد الرحمن المائي) بتاريخ 18 - 6 - 1999، الثامنة صباحاً:

أعود فأكرر ما هو سبب نزول الآية لديكم.. للعلم فقط...!؟. انتهي.

قال العاملي:

وبقي هذا (العالم) الوهابي، المتخصص في الحديث، يراوح مكانه!!

فهو يخاف إن قال: أخطأ النبي وأصاب عمر، أن يهاجمه الشيعة!

وإن قال أخطأ عمر والبخاري والنبي علي صواب، أن ينقض مذهبه!!

كتب (المعتز بالله) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6 - 7 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (موافقات القرآن لآراء الخليفة عمر بن الخطاب " رض "؟؟!!)، قال فيه:

أحصي المؤرخون موافقات القرآن لآراء الخليفة الثاني عمر بن الخطاب (رضی الله عنه) فكانت أكثر من عشرين موافقة.

فقد كان (رضی الله عنه) يري الرأي فينزل القرآن موافقاً لرأيه.. حيث ذكر ذلك جملة من العلماء ك-:

ابن مردويه، عن مجاهد وابن عساكر، عن علي، وعن ابن عمر مرفوعاً.

ص: 275

والشيخان، عن عمر. وأخرج مسلم، عن عمر. وفي التهذيب للنووي.

حيث ذكروا موافقة القرآن لرأيه في:

الحجاب مقام إبراهيم أساري بدر في الغبرة قصة عبد الله بن أبي في الخمر.

وكذلك في الآيات:

" يسألونك عن الخمر " - البقرة. " سواء عليهم استغفرت لهم " - المنافقون.

" كما أخرجك ربك من بيتك بالحق " - الأنفال. " سبحانك هذا بهتان عظيم ".

" أحل لكم ليلة الصيام ". " من كان عدوا لجبريل " - البقرة.

" فلا وربك لا يؤمنون " - النساء. آية الإستئذان في الدخول.

قولهم في اليهود: أنهم قوم بهت. " ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ".

ورفع تلاوة الشيخ والشيخة إذا زنيا.

هذه من الكرامات التي يذكرها لنا التاريخ الإسلامي الذي يوضح الحقيقة الناصعة لخليفتنا الثاني الذي لم يختاروه للخلافة اعتباطاً بل كان جديراً وذا عقلية إسلامية قبل الإسلام.

وكتب (الموحد)، السابعة مساءً:

يا معتز:

لو سلمنا بصحة أخباركم في هذه الموافقات وقبلناها.. فإنها لن تكون في صالح أبو بكر الذي اعترض مراراً علي عمر بقوله: " إلزم غرزه ".. هذا أولاً.

ص: 276

ثانياً: ورد في أخباركم قول رسول الله صلي الله عليه وآله لعمر بما معناه: أنك محدث. والسؤال هو: ما هو تفسيرك لاعتراض ونهي أبو بكر؟؟

وكتب (العاملي)، التاسعة مساءً:

نعوذ بالله من الخذلان!!

لقد أشربوا حب عدوي خلطي تلميذ لليهود، كما أشرب اليهود حب العجل!!

وزعموا أن نبيهم صلي الله عليه وآله كان يخطئ!! وأن هذا العدوي كان يصحح أخطاءه!

وينزل الوحي مؤيداً لعمر، مخطئاً لسيد البشر وأفضل الرسل!

ألا تستحي يا معتزاً بعمر! من تفضيلك إياه علي نبيك.. وجعلك عمر بذلك في درجة عليا أفضل من جميع الأنبياء والمرسلين؟!!!

والله إنه الضلال المبين، والإهانة لسيد المرسلين الذي لا ينطق عن الهوي، ولا يفعل عن الهوي!!

وقد يبلغ هذا الأمر بصاحبه كفراً!!

وكتب (أون لاين on line)، العاشرة مساءً:

الأخ العاملي: لماذا تري كرامات هذا الصحابي من الكفر والتقديم علي نبي هذه الأمة صلي الله عليه وآله؟؟؟ قليلاً من الحياد وترك التعصب الأعمي رعاك الله..

ولو نظرت بعين الفاحص الجاد، لرأيت أن هذه الأمور قد حدثت لكثير من الصحابة عندما كانوا يسألون عن أمور دينهم، بل والكفار أيضاً ولم تتغير طبيعة الكون بهذه المطالب، بل إنها من دلائل نبوة الرسول عندما يأتي القرآن الكريم عند تلبية احتياجات المسلمين ومسائلهم الكثيرة.

وعندما نقول لك: أن فلان وفلاناً صححوا حديث رد الشمس، أخذت تتبسم وتقبل بأنواع التبجيل ونسيت أنها هي فعلاً مطعناً للرسول بحيث ترد

ص: 277

الشمس وتتغير طبائع الكون لأجل الإمام علي كرم الله وجه حتي لا تفوته صلاة قط!!!!

فلماذا تنكر هناك علي عمر، وتؤيد هنا علي بن أبي طالب؟ أليس هذا تعصباً وتخبطاً؟؟؟

ثم أنتم من فضَّل غير الأنبياء علي الأنبياء، أنت من سنَّ هذه الفرية علي الله، وأنتم أول من اتخذ الغلو في البشر شرعاً.. فيجوز لنا كما يجوز لك أنت ترمي به غيرك ولكن مع الفارق نحن لا نغلوا في أحد، وأنتم جعلتم اثني عشر إمام.. أحسن وأفضل من الآلاف من الأنبياء والرسل.

وكتب (أبو حسين)، العاشرة والنصف ليلاً:

أما مخالفاته للقرآن فحدث ولا حرج..

وإذا أردنا أن نعدها لا يسعفنا وقت لسردها، بل يحار المرء من أيها يبدأ..

يا معتز: إن بين يديَّ الآن كتاب إسمه: من حياة الخليفة عمر بن الخطاب لمؤلفه السني عبد الرحمن أحمد البكري.. ويحتوي الكتاب علي 349 باباً، وفي كل باب توجد عورة من عورات عمر، ابتداء من شربه للنبيذ إلي الغناء إلي ما شاء الله من ال-...

وأهديك عورتين فقط للاطلاع: أليس هو القائل: حسبنا كتاب الله:

أي لا نريد النبي ولا قوله، أي سحقاً للسنة. والقرآن يقول: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول.. وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.. إن أول بدعة منكرة فرقت بين الكتاب والسنة، ورمت صاحب السنة صلي الله عليه وآله بالهجر!! كانت من نصيبهم وعلي يد عمر بن الخطاب.. حين كان رسول الله صلي الله عليه وآله يقول قبيل وفاته: ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي، فيمنع من ذلك عمر ويقول: " ما له؟ أهجر؟! حسبنا كتاب الله ".. فجاء أصحابه فلطفوا من قولته هذه،

ص: 278

فقالوا: إنه قال: " لقد غلب عليه الوجع "، ونقلوا بصحاحهم - بعد رواية هذه المصيبة - عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول: " الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلي الله عليه وآله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم ".

صحيح البخاري: 5/137 و: 7/9. ومسلم: 5/76. وأحمد: 1/323 و 324 و 336.

ومع هذا فقد زينت لهم أنفسهم صنيع عمر، فدافعوا عنه وتابعوه علي كلمته، رغم كل ما فيها، ثم قالوا إنهم هم أهل السنة!!

إن كلمة عمر هذه هي اللبنة الأولي، بل الأساس الذي قامت عليه مذاهبهم.. فإذا كانوا من هنا قد ابتدأوا فإلي أين سينتهون؟

حديث الأريكة:

تسنم أبو بكر الخلافة، فابتدأ بالمنع من التحدث بأحاديث رسول الله صلي الله عليه وآله ومن الرجوع إلي السنة النبوية في أية قضية من القضايا، فقال ما نصه: إنكم تحدثون عن رسول الله صلي

الله عليه وآله وسلم أحاديث تختلفون فيها، والناس بعدكم أشد اختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله، فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه. تذكرة الحفاظ، للذهبي: 1 / 2 - 3 في ترجمة أبي بكر... انتهي.

قال العاملي:

ثم أورد له (أبو حسين) نصوصاً عديدة من مصادرهم عن مخالفات عمر وأبي بكر للقرآن والسنة، لا يتسع لها المجال..

وختم بقوله: " ولدينا مزيد، ومن كتبكم فقط ".

فكتب (أون لاين)، الحادية عشرة والربع مساءً:

ص: 279

أما أنت يا أبو حسين، ليت شعري كم تحب أن توهم نفسك وغيرك بسقيم الأخبار وأضعفها.

فكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 7 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

لِنبقَ في الموضوع يا أخ معتز، وأخ (علي الخط)..

بالله عليكما ألا تريان أن موافقات عمر حسب رواياتكم الصحيحة، ما هي في الواقع إلا تخطئة من

الله لرسوله، وتصويباً لرأي لعمر؟

وهل رويتم فضيلة لأحد من الصحابة فيها مدح له، وتخطئة للنبي والعياذ بالله، إلا لعمر..

ودع عنك النقض بحديث رد الشمس الذي إن صح فهو معجزة للنبي صلي الله عليه وآله.. قبل أن يكون معجزة لعلي عليه السلام..

وأعطني فضيلة نرويها نحن.. فيها مقابلة بين المخطئ والمصيب كما في موافقات عمر المزعومة!!

كفاكم انتقاصاً من سيد الرسل، من أجل مدح شخص ارتضاه زعماء قريش واليهود للوقوف في وجه النبي ومنعه من كتابة وصيته!! فنفَّذ الموقف بصلافة وخشونة، وقال إن نبيكم يهجر!!

قولوها بصراحة: إن نبينا: عمر!! فهو أفضل من محمد!!!

وقولوها كما صرح بها بعضكم وفاحت رائحة كفره: نحن لا نؤمن بمحمد بدون عمر!!

وقولوا (خان الأمين) لأن عمر أولي بالنبوة!!

أعوذ بالله من الضلال!! أعوذ بالله من الكفر!!

وكتب (المعتز بالله) بتاريخ 8 - 7 - 2000، الرابعة عصراًَ:

ص: 280

هناك تعاليق جمة علي ما ذكره الأخوة.. ولكن أوقفتني عبارة العاملي فأقول له: إن كان البعض منا قد قال كما قلت " نحن لا نؤمن بمحمد بدون عمر!! " فقد قلتم بأشد منها من قبل ومن بعد، فأنتم لا تؤمنون بالله من دون علي رضي الله عنه، ناهيك عن النبي صلي الله عليه وسلم والدين.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 8 - 7 - 2000، السادسة مساءً:

لا تهرب من الموضوع يا معتز!!

نحن نقول: إننا نؤمن بالرسول صلي الله عليه وآله بدون شروط..

وإنما اتبعنا أهل البيت عليهم السلام لأن الله ورسوله جعلاهم شرطاً للإيمان..

وجعلاهم عدل القرآن، وأمرانا باتباعهم..

ومن قال بتفضيل أحد علي رسول الله صلي الله عليه وآله، فهو ضال أو كافر.. حتي لو كان تفضيله عليه بأسلوبك وأسلوب عمر المبطن في موافقاته المزعومة!!!

أعاذنا الله من الضلال، ومن الكفر!!

وكتب (المعتز بالله) بتاريخ 9 - 7 - 2000، الخامسة مساءً:

الأخوة الأعزاء بالخصوص العاملي: لي ملاحظة علي أسلوب بعضكم.

أولاً: وهي تعديكم الخط الأحمر في التنابز بالألقاب، وهذا مما لم نعهده من الأخوة الشيعة هنا، خصوصاً إذا كان الطرف الآخر لا يبتدأهم بالتنابز هذا أولاً.

ولندخل مع العاملي العزيز في بعض تعليقاته فأقول: كيف تؤمنون بالنبي بشكل مطلق غير مشروط؟ فأنا أزيدك أنكم لا تؤمنون بالله إلا مشروطاً، ولدي الدليل وهي رواية ما تسمونها بالسلسلة الذهبية، واعتقد أنك تعرفها جيداً.

وثانياً: تعليقة لطيفة أخري: ما رأيك بحديث تروونه وتفضلون فيه السيدة فاطمة علي رسول الله صلي الله عليه وسلم... وهو لولا فاطمة ما خلقتكما...

ص: 281

فكتب (العاملي) بتاريخ 9 - 7 - 2000، الثامنة مساءً:

الأخ معتز:

قلنا لك: إن كل من يفضل أحداً علي النبي صلي الله عليه وآله، فهو إما ضال وإما كافر..

وهذه المسألة من عقائد الإسلام القطعية.. وكل رواية تخالفها مردودة أو مؤولة.

وأنت تحاول الفرار من موضوعك الذي فتحته..

وتحتج علينا بمراسيل وأخبار آحاد.. تفهم حضرتك منها أنها تفضل أحد المعصومين من العترة الطاهرة علي النبي صلي الله عليه وعليهم.. وهيهات عنك ذلك!!

فابقَ في موضوعك الذي ينفر منه كل مسلم سويِّ الإيمان.. والذي روت فيه صحاحكم عن عمر زعمه أن النبي صلوات الله عليه وآله كان يخطئ حتي في التبليغ!

وأنه هو كان يصحح أخطاءه، فينزل الوحي مؤيداً لعمر مخطئاً لسيد الرسل صلي الله عليه وآله!!! فأخبرنا كيف تفسره، وتبقي مسلماً؟!!!!

وكتب (المعتز بالله) بتاريخ 13 - 7 - 2000، الرابعة عصراً:

الأخ العاملي: السلام عليك..

نفسر الأحاديث والروايات بما تفسرون أحاديثكم ورواياتكم، فكيف تفسرونها؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 7 - 2000، التاسعة مساءً:

الأخ معتز:

ص: 282

ليست المسألة اختلافاً في التفاسير.. بل هوي وتعصب لعمر، علي حساب النبي صلي الله عليه وآله!!

فلو قرأت أقوال عمر علي عاميٍّ سليم الفهم والفطرة، عما سماه عمر موافقات الله له (وتخطئته لنبيه صلي الله عليه وآله!!) لقال لك العامي: إذن عمر بمستوي النبي!!

بل إن الله تعالي رجح الله رأيه علي رأي نبيه عدة مرات!!!

فهو أكثر حكمة وأصح نظراً من محمد!!! فكن عاقلاً يا معتز.. ولا يغرنك تضخيم الحزب القرشي لعمر، وتنقيصهم من مقام محمد وأهل بيته، وكل بني هاشم!!!

وإنك أنت وعمر واردان علي الحوض ومسؤولان عن عترة نبيكم!!

ولن تنفعكما قبائل قريش المتحالفة لغصب الخلافة!!. انتهي.

قال العاملي:

فغاب (معتز).. ولم يجب!!

ص: 283

ص: 284

الفصل الرابع: ابوبكر و عمر عند بعضهم أفضل من النبي صلی الله علیه و آله

اشارة

ص: 285

ص: 286

ابوبكر و عمر عند بعضهم أفضل من النبي صلی الله علیه و آله

كتب (مشارك) بتاريخ 13 - 8 - 1999، موضوعاً بعنوان (الروافض والتطاول علي مقام خاتم الأنبياء صلي الله عليه وسلم)، جاء فيه:

أورد العياشي والحويزي في تفسيريهما، رواية تدل علي علوِّ مكانة علي فوق نبي الله صلي الله عليه وسلم، فيكتبان تحت قول الله عز وجل (حافظوا علي الصلوات والصلاة الوسطي وقوموا لله قانتين) أن المراد من الصلوات: رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين، والوسطي أمير المؤمنين.

تفسير العياشي: 1 / 128، نور الثقلين: 1 / 238

فأجابه (مالك الأشتر) بتاريخ 13 - 8 - 1999:

إنها عملية تأكيد يا عالم.

لقد جعلتم عمر خير من النبي (صلی الله علیه و آله) وأبو بكر خير من النبي (صلی الله علیه و آله)، وعثمان خير من النبي (صلی الله علیه و آله) وعائشة خير من النبي (صلی الله علیه و آله)، وكل من تحبون جعلتموهم خير من النبي (صلی الله علیه و آله). (كذا، والصحيح: خيراً).

فكتب (مشارك):

ص: 287

يا أشتر أنا أنقل لكم رواياتكم، فإن كان عندك روايات فأتنا بها، وإلا فالسكوت من ذهب.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 14 - 8 - 1999:

في مسند أحمد 6/141:

(عن عائشة قالت: خرجت يوم الخندق أقفو آثار الناس، قالت: فسمعت وئيد الأرض ورائي يعني حس الأرض، قالت: فالتفت فإذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحرث بن أوس يحمل مجنة...

فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد، ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم، ورجع رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي المدينة فوضع السلاح، وأمر بقبة من أدم فضربت علي سعد في المسجد.

قالت: فجاءه جبريل عليه السلام وإن علي ثناياه لنقع الغبار.

فقال: أقد وضعت السلاح، والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح، أخرج إلي بني قريظة فقاتلهم. قالت: فلبس رسول الله صلي الله عليه وسلم لامته، وأذن في الناس بالرحيل أن يخرجوا، فخرج رسول الله... فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء، قيل لهم: أنزلوا علي حكم رسول الله صلي الله عليه وسلم فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر، فأشار إليهم: أنه الذبح!

قالوا: ننزل علي حكم سعد بن معاذ، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنزلوا علي حكم سعد بن معاذ فنزلوا.

وبعث رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي سعد بن معاذ، فأتي به علي حمار عليه أكاف من ليف قد حمل عليه، وحفَّ به قومه.

فقالوا: يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت.

ص: 288

قالت: وإني لئن رجع إليهم شيئاً ولا التفت إليهم، حتي إذا دنا من دورهم التفت إلي قومه، فقال: قد آن لي أن لا أبالي في الله لومة لائم.

قال: قال أبو سعيد: فلما طلع علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، قال: قوموا إلي سيدكم، فأنزلوه.

فقال عمر: سيدنا الله عز وجل!!

قال: أنزلوه. فأنزلوه.

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أحكم فيهم.

قال سعد: فإني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتقسم أموالهم!

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله.

قالت: ثم دعا سعد، قال: اللهم إن كنت أبقيت علي نبيك صلي الله عليه وسلم من حرب قريش شيئاً فابقني لها، وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني إليك.

قالت: فانفجر كلمه وكان قد برئ حتي ما يري منه إلا مثل الخرص. ورجع إلي قبته التي ضرب عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم.

قالت عائشة: فحضره رسول الله صلي الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر.

قالت: فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر، وأنا في حجرتي، وكانوا كما قال الله عز وجل رحماء بينهم!!

قال علقمة: قلت: أي أمه، فكيف كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصنع؟

ص: 289

قالت: كانت عينه لا تدمع علي أحد!! ولكنه كان إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته). انتهي.

وهذه الرواية نصٌّ صريح بأن النبي كان قاسي القلب!! وأن أبا بكر وعمر رحماء أرق قلباً منه!!

وقال في مجمع الزوائد: 6/137 عن هذا الحديث: (قلت في الصحيح بعضه، رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات). انتهي.

فما رأيك يا مشارك؟!!

ملاحظة:

وكلمة عمر (سيدنا الله) قصد بها تنبيه بني قريظة أن يقولوا سيدنا الله وليس سعد بن معاذ، حتي ينجوا من حكم سعد!!

فكتب (مشارك):

قاسي القلب!!!!! يبدو أن غرائبك في الإستنباط بلا حدود يا عاملي.

وكتب (جميل):

بالله عليك.. أهذا جواب تكتفي به للأخ العاملي.. ثم ماذا تريدنا أن نقول؟

أنقول هذا جواب الشيخ مشارك؟؟!!

فردَّ (مشارك):

ليست كثرة البكاء وقلته هي ما يقاس بها الفضل.

وإلا كان علي بن الفضيل بن عياض هو خير هذه الأمة لكثرة بكائه. ولكن لماذا تتهربون عن الجواب عن الشبهة التي طرحتها في تفضيل علي رضي الله علي النبي صلي الله عليه وسلم، أيعني هذا أنكم تقرون بذلك؟

ص: 290

وكتب (مشارك) في نفس اليوم:

أين ردكم علي هذا يا عاملي؟ أورد العياشي والحويزي في تفسيريهما رواية تدل علي علو مكانة علي فوق نبي الله صلي الله عليه وسلم..

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 15 - 8 - 1999:

إذن، لا تستطيعون إنكار أنكم تفضلون علياًّ رضي الله عنه علي الرسول صلي الله عليه وسلم؟

وكتب (القطيف) بتاريخ 16 - 8 - 1999:

نحذر الجميع أن مشارك هو من الكوكو الذين تطاولوا علي النبي صلوات الله عليه، وقالوا: إنه سُحر بضم السين، وإنه نطق كلمة الكفر، وإنه فقد عقله.

فكتب (العاملي) في نفس اليوم:

قال علي عليه السلام لشخصٍ.. فضَّله علي النبي صلي الله عليه وآله: ويحك، إنما أنا عبد من عبيد محمد!!

وكل رواية تقول: إن علياًّ أفضل من النبي صلي الله عليه وآله فهي عندنا مردودة!!

أما أنتم فتصححون روايات تدل علي أن عمر أفضل منه صلي الله عليه وآله!!

ولو لم يكن إلا مزاعيم أن الوحي نزل بتخطئة النبي وتصويب عمر لكفي!!. انتهي.

قال العاملي:

فغاب مشارك.. ولم يجب بشئ!!

تراهم أشد دفاعا عن ابن تيمية منهم عن النبي

ص: 291

كتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 28 - 6 - 1999، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (زعم مشارك أن للنبي (صلی الله علیه و آله) أخطاء!! وجعل ابن تيمية معصوماً!!)، قال فيه:

ما هذا البلاء الذي ابتلي به مشارك وأمثاله؟!!

لقد أشربوا في قلوبهم حب هذا الشامي الحراني ابن تيمية، فلم يعودوا يرون غيره!!

تراهم يقبلون أن ينسب الخطأ إلي النبي صلي الله عليه وآله وأن فلاناً كان يصحح له أخطاءه، ولا يقبلون أن ينسب أي خطأ إلي ابن تيمية!!

وتراهم يردون أحاديث البخاري، ولا يردون كلام ابن تيمية!!

وإذا ناقش أحد ابن تيمية نقاشاً علمياً.. انتفخت أوداجهم واتهموه بالكذب والتجني..

وإذا وقفت سفينتهم عند " حديث العماء " الذي قبله ابن تيمية.. واستشهد به في كتبه خمس مرات أو أكثر.. قالوا له: هل صححت الحديث من مصادره؟!

وإذا جئت لهم بتصريح ابن تيمية بأن الله تعالي " جسم وله شبيه.. جسم وله شبيه.. جسم وله شبيه " صاروا مؤوِّلة للدفاع عن ابن تيمية، والتأويل في مذهبهم حرام!! أليس هذا زعماً بعصمة ابن تيمية؟!

وكيف تكون العصمة.. حمراء أو صفراء؟!!

وكتب (مشارك)، الثامنة والنصف صباحاً:

كاذب كذوب كذاب كبير الكذابين دجال مكابر معاند مستكبر كبير الدجاجلة وماذا أيضاً.

أين جعلت ابن تيمية معصوماً يا كبير الأبالسة. أكل هذا لأني طالبتك بنص الحديث!!!

ص: 292

وكتب (FullMoon)، الثانية عشرة ظهراً:

أنتم لا تقولونها صراحة.. ولكنكم لا تقبلون تخطئتهم، وتقبلون أن تخطئوا رسول الله صلي الله عليه وآله.. [عبس] حتي تبعدوا التهمة عن عثمان!!

بل إن عمر يصيب بأن لا يستغفر لهم رسول الله صلي الله عليه وآله.. والحبيب المصطفي يخطئ - حاشاه - عندما استغفر لهم.. (راجع فضائل عمر) والكثير الكثير.. إنا لله وإنا إليه راجعون. والسلام لأهله.

وكتب (العاملي)، الثانية عشرة والثلث ظهراً:

المسألة بسيطة.. لا تحتاج إلي الحدة والإتهام!!

أنت متخصص في ابن تيمية، وقد درست كتبه الكثيرة، فإن كنت لا تعتقد بعصمته..

فاذكر لي فكرة أساسية خاطئة من أفكاره! وسأوافيك إن شاء الله ب- " حديث العماء " الذي اعتمد عليه وتفسيراته المختلفة له في كتبه!!

وكتب (مشارك)، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

يكفي ما تشبعتم به من حقد وأفكار علي ابن تيمية، وليس من عادتي ذكر أخطاء علمائنا وخصوصاً في مثل هذا الموقع، ولكن سبق أن سألتني سؤالاً قريباً من هذا وأجبتك: كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد إلا المصطفي صلي الله عليه وسلم. فلماذا الإفتراء علي يا عاملي. ثق أني لن أسامحك في هذه أبداً ما لم تعتذر.

وكتب (العاملي)، الواحدة إلا عشر دقائق ظهراً:

الحمد لله أني لم أسبك.. أما أنت..

فإن شئت أكلف عاملاً بأن يلم لك كيساً من سبك وشتمك.. لي ولغيري!!

ثم ما هذا القضاء العادل يا شيخ مشارك:

ص: 293

أن المشتوم يجب أن يعتذر من الشاتم؟!! هل هذا من فتاوي ابن تيمية أيضاً؟!!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 29 - 6 - 1999، الخامسة صباحاً:

أحسنت أيها الأخ العاملي كثير الإحسان، ولعمري لقد أفحم مشارك يما إفحام. وأعتقد أنه لا يعود لمثلها إن كان ممن يستمع القول فيتبع أحسنه.

وكتب (مشارك)، السادسة صباحاً:

أنت افتريت علي يا عاملي بأن مكانة ابن تيمية عندي أكبر من مكانة النبي صلي الله عليه وسلم، وأني أقول أن ابن تيمية معصوم مع أني سبق أن أكدت لك هذا. وثق أني لن أسامحك في هذا حتي تعتذر وعند الله الحساب.

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 5 - 7 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

نعم هكذا أنتم يا شيخ مشارك: كل شئ إلا بن تيمية هذا؟؟ كل شئ.

والسلام من الله خير تحية... سبحان الذي أذل عباده بالموت.

وانتهي الموضوع، وغاب مشارك ولم يعقب!

حساسيتهم علي عائشة أكثر منها علي النبي

الألباني يهين النبي.. والشيعة هم المسؤولون!!

كتب (محب السنة) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 25 - 3 - 2000، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (المدعو مشعل الذي يشتم النبي، هل يعبر عن عقيدة الشيعة)، قال فيه:

ص: 294

كتب هذا الرافضي، تحت عنوان:

الألباني يقول بجواز إتيان نساء النبي للفاحشة. وقد كتب هذا المقال للإثارة فقط، ولم يرد عليه أحد من الشيعة! فهل يعني هذا أنه يعبر عما يعتقده الشيعة من جواز شتم النبي صلي الله عليه وسلم:

http://209,75,209,117,/muntada/Foru2/HTML/003061.html

فكتب (مشعل) بتاريخ 26 - 3 - 2000، الرابعة صباحاً:

كان الأولي أن توجه هذا السَّفه.. إلي الألباني..

لرفع ضغط الحمقي... لعل وعسي...

فكتب (محب السنة)، التاسعة صباحاً:

إلي الرافضي: هلا أوردت كلام الإمام الألباني رحمه الله، إن كنت صادقاً فيما تقول موثقاً، حتي يمكن الرجوع إليه؟!

وكتب (مشارك) بتاريخ 28 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

ولماذا سموا روافض إذن، يا محب السنة؟

فكتب (فيثاغورث)، التاسعة مساءًَ:

ونحن علي رغمك الرافضو.... ن لأهل الضلالة والمنكر. انتهي.

قال العاملي:

وكتب أحد الشيعة موضوعاً، أورد فيه نص الألباني علي أن الفاحشة محتملة في حق نساء النبي، ولسن معصومات عنها. فاقتنعوا وسكتوا!!

ص: 295

ص: 296

الفصل الخامس: رد افترائهم علي النبي صلی الله علیه و آله بأنه كان يؤذي و يسب و يضرب من لا يستحق !!

ص: 297

ص: 298

رد افترائهم علي النبي صلی الله علیه و آله بأنه كان يؤذي و يسب و يضرب من لا يستحق !!

كتب (الفاطمي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 7 - 12 - 1999، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلي جميع الأخوة، دافعوا عن خير خلق الله صلي الله عليه وآله)، قال فيه:

إلي جميع الأخوة.. لعن الله من قال أو يقول:

بأن رسول الله صلي الله عليه وآله شتم أو لعن أي من المسلمين دون وجه حق. آمين.

ورحم الله من قال: آمينا. قولوا: آمين، أكتبوها بأيديكم.. وقولوا آمين، وبانتظار ردكم.

السلام عليك يا رسول الله. السلام عليك يا خير خلق الله.

السلام عليك أيها البشير النذير. السلام عليك أيها السراج المنير.

السلام عليك وعلي بضعتك الزهراء، وعلي ابن عمك أمير المؤمنين.

وعلي سبطيك الشهيدين جميعاً، ورحمة الله وبركاته.

اللهم العن كلَّ طاعنٍ في خير خلقك محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله، وكل ساكت علي هذا الطعن وقائل به، والمصحح له. اللهم أشدد عليهم فإنهم لم يراعوا حق خير خلقك، وكان جزاؤه منهم هو الطعن في أخلاقياته العظيمة، والتي مدحتها في الذكر الحكيم.

ص: 299

آمين. ورحم الله من قال: آمينا.

وكتب (الفاروق)، الحادية عشرة صباحاً:

آمين يا رب العالمين.

وكتب (الموسوي)، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

آمين يا أعدل العادلين.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 8 - 12 - 1999، السادسة صباحاً:

بأبي وأمي أنت يا رسول الله صلي الله عليه وآله.

الأستاذ الفاطمي: هيا اشرع فيما كنت تعتزم الخوض فيه. ونحن إن شاء الله ممن يسمعون القول ويتبعون أحسنه. والسلام علي أهله.

فكتب (الفاطمي)، الثامنة صباحاً:

إلي الأخ: الفاروق..

لن أشرع بالذي أود قوله إلا عندما تكتب هذه الجملة وتؤمن بعدها: " لعن الله من قال أو يقول بأن رسول الله صلي الله عليه وآله شتم أو لعن أياًّ من المسلمين بدون وجه حق أو استحقاق ".

آمين. ورحم الله من قال آمينا.

وكتب (علي 2100)، الثالثة ظهراً:

لعن الله من قال أو يقول بأن رسول الله صلي عليه وآله شتم أو لعن أياًّ من المسلمين بدون وجه حق. اللهم العنه لعنة دائمة إلي يوم الدين. آمين.

وكتب (صبي الشيعة)، الرابعة وخمس دقائق عصراً:

ص: 300

لعن الله من قال أو يقول بأن رسول الله صلي الله عليه وآله شتم أو لعن أي من المسلمين بدون وجه حق. آمين

وكتب (السيف المشهور) بتاريخ 10 - 12 - 1999، الواحدة ظهراً:

هذا دينكم الشتم واللعن يا أتباع ابن سبأ. لا يستغرب منكم هذا الكلام سب في سب. أي دين هذا الذي أغلب مصطلحاته سب! سببتم صحابة الرسول صلي الله عليه وسلم وشتمتم التابعين وشتمتم أهل الفتوحات الإسلامية، وشتمتم الذين نشروا الدين في أنحاء المعمورة، وشتمتم الذين يدعون إلي التوحيد ونبذ الشرك ودعاء الموات، ما هو دينكم؟ والله الذي لا إله إلا هو أن صاحب الفطرة السليمة ليعلم أنكم علي ضلال مبين. وأن ضلالاكم أوضح من عين الشمس في رابعه النهار.

وكتب (الفاطمي)، السادسة مساءً:

إلي السيف المشهور:

لماذا لا تقول هذه الجملة دفاعاً عن النبي صلي الله عليه وآله؟؟؟ علي الأقل لا نطعن بصاحب الرسالة صلي الله عليه وآله..

يالسيف المكسور علي من يطعن في النبي صلي الله عليه وآله!!

وهل نسيت سبابكم وأقوال علماؤكم.. يالسيف المشهور علي من يطعن في معاوية، والمكسور علي من يطعن بالرسول صلي الله عليه وآله؟!!

ولا.. إذا لا تدافع عن الرسول، وتدافع عن من يطعن في معاوية؟؟

وهل معاوية أفضل من الرسول يالسيف المكسور؟؟؟ إن أنتم إلا في ضلال بعيد.

وشم سيفك ومتعنا بنفسك يا بو سيف العوج!!

ص: 301

وكتب (الموحد)، العاشرة ليلاً:

اللهم العن من كذب قولك العظيم في خلق الرسول صلي الله عليه وآله.

كتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14 - 2 - 2000، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (تبرئة رسولنا (صلی الله علیه و آله) من دعاوي البعض له [كذا])، قال فيه:

هل وصل الأمر للإستهزاء بالرسول (صلی الله علیه و آله) والإفتراء عليه، بعد أن افتروا علي أزواجه وأصحابه وأهل بيته؟! لا بد للنقاش أن يكون له حدود وليس تأويل لمصالح شخصية، فبعد دعاوي البعض من ما نسب للرسول (صلی الله علیه و آله) بأنه يسب ويلعن دون تفكير بما يقولون أو دون فهم الحديث، فهذا افتراء واضح ضد رسولنا ورسولكم! كيف فهمتم من الحديث بأنه كانت به هذه الصفات، أو افتريتم علي من نسب هذا الحديث له بأنه أساء إليه؟! ولكم الحديث وأقوال العلماء حتي تكون الصورة واضحة، ويغلق باب الإستهزاء والإفتراء.

قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له - الدعوات - صحيح البخاري: حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب، قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم فأيما مؤمن (سببته) فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة.

فتح الباري بشرح صحيح البخاري:

ص: 302

قوله: (اللهم فأيما مؤمن) الفاء جواب الشرط المحذوف لدلالة السياق عليه. قال المازري: إن قيل كيف يدعو صلي الله عليه وسلم بدعوة علي من ليس لها بأهل؟ قيل: المراد بقوله (ليس لها بأهل) عندك في باطن أمره، لا علي ما يظهر مما يقتضيه حاله وجنايته حين دعائي عليه، فكأنه يقول: من كان

باطن أمره عندك أنه ممن ترضي عنه فاجعل دعوتي عليه التي اقتضاها ما ظهر لي من مقتضي حاله حينئذ طهورا وزكاة. قال: وهذا معني صحيح لا إحالة فيه لأنه صلي الله عليه وسلم كان متعبداً بالظواهر، وحساب الناس في البواطن علي الله. انتهي.

وهذا مبني علي قول من قال: إنه كان يجتهد في الأحكام ويحكم بما أدي إليه اجتهاده، وأما من قال: كان لا يحكم إلا بالوحي فلا يأتي منه هذا الجواب.

ثم قال المازري: فإن قيل: فما معني قوله: وأغضب كما يغضب البشر؟ فإن هذا يشير إلي أن تلك الدعوة وقعت بحكم سورة الغضب، لا أنها علي مقتضي الشرع، فيعود السؤال.

فالجواب: أنه يحتمل أنه أراد أن دعوته عليه أو سبه أو جلده كان مما خير بين فعله له عقوبة للجاني أو تركه والزجر له بما سوي ذلك، فيكون الغضب لله تعالي بعثه علي لعنه أو جلده، ولا يكون ذلك خارجاً عن شرعه.

قال: ويحتمل أن يكون ذلك خرج مخرج الإشفاق وتعليم أمته الخوف من تعدي حدود الله، فكأنه أظهر الإشفاق من أن يكون الغضب يحمله علي زيادة في عقوبة الجاني لولا الغضب ما وقعت، أو إشفاقاً من أن يكون الغضب يحمله علي زيادة يسيرة في عقوبة الجاني لولا الغضب ما زادت، ويكون من الصغائر علي قول من يجوزها، أو يكون الزجر يحصل بدونها.

ص: 303

ويحتمل أن يكون اللعن والسب يقع منه من غير قصد إليه، فلا يكون في ذلك كاللعنة الواقعة رغبة إلي الله وطلباً للإستجابة. وأشار عياض إلي ترجيح هذا الإحتمال الأخير، فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا منوي، ولكن جري علي عادة العرب في دعم كلامها وصلة خطابها عند الحرج والتأكيد للعتب لا علي نية وقوع ذلك، كقولهم: عقري حلقي وتربت يمينك، فأشفق من موافقة أمثالها القدر، فعاهد ربه ورغب إليه أن يجعل ذلك القول رحمة وقربة. انتهي.

وهذا الإحتمال حسن إلا أنه يرد عليه.

قوله: (جلدته)، فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد، وقد ساق الجميع مساقاً واحداً، إلا إن حمل علي الجلدة الواحدة فيتجه. ثم أبدي القاضي احتمالاً آخر، فقال: كان لا يقول ولا يفعل صلي الله عليه وسلم في حال غضبه إلا الحق، لكن غضبه لله قد يحمله علي تعجيل معاقبة مخالفه وترك الإغضاء والصفح، ويؤيده حديث عائشة: ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله. وهو في الصحيح.

قلت: فعلي هذا فمعني قوله: (ليس لها بأهل) أي من جهة تعين التعجيل. وفي الحديث كمال شفقته صلي الله عليه وسلم علي أمته وجميل خلقه وكرم ذاته، حيث قصد مقابلة ما وقع منه بالجبر والتكريم، وهذا كله في حق معين وفي زمن واضح، وأما ما وقع منه بطريق التعميم لغير معين حتي يتناول من لم يدرك زمنه صلي الله عليه وسلم فما أظنه يشمله، والله أعلم.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الواحدة صباحاً:

بداية.. نود أن نذكِّر البعض بأن عصمة النبي صلي الله عليه وآله ثابتة عندنا ولا محل للنقاش فيها، بعكس بقية المذاهب الإسلامية ومذهبه.

ص: 304

وأتعجب من قول هذا البعض قوله " هل وصل الأمر للإستهزاء بالرسول (صلی الله علیه و آله) والإفتراء عليه ".. كأننا من روي هذا الحديث في كتبنا!!

وكأن الراوي هو الإمام الصادق عليه السلام لا أبو هريرة وأم المؤمنين!! وكأنه يريد إلصاق ما رواه علماؤه وأئمته وصحابته بالشيعة!! وبذلك ينفي طعنهم في خير خلق الله صلي الله عليه وآله!!

وكأن صاحبنا لا يدري أن مسلم روي هذا الحديث عن أم المؤمنين عائشة.. وفيه: " فأغضباه فلعنهما وسبهما ".

وفي لفظ آخر: " فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما "!

وهل كان خير خلق الله يسب ويلعن المسلمين بدون وجه حق؟!

وأستغرب من قول هذا البعض: " ولكم الحديث وأقوال العلماء حتي تكون الصورة واضحة ويغلق باب الإستهزاء والإفتراء ".

فلماذا لم يذكر بداية قول ابن حجر الذي يأتي بعد الحديث مباشرة وهو: " قوله: باب قول النبي من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة ". ويشمل 18 سطراً حذفه هذا البعض!!!

لماذا.. لا أدري.. فلعله يدري.. لماذا حذف قول ابن حجر؟ هل لأن كلام ابن حجر العسقلاني كان يحتوي علي بعض الأحاديث المتعلقة بهذا الباب وبمختلف متونه؟؟

أم لأن ابن حجر أورد رواية أم المؤمنين عائشة، وفيها صريح قول أم المؤمنين " فأغضباه وسبهما ولعنهما "؟!

أم لأن ابن حجر قال: " باب قول النبي من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة ".. فلم يعرف كيف يرد علي هذا القول فحذفه؟!

ص: 305

ومن يريد أن تكون الصورة واضحة للجميع فعليه إيراد جميع الروايات المتعلقة بهذا الباب في البخاري ومسلم، وإيراد قول ابن حجر كلُّه.. لا بتره وتجزئته!!

فهل يفعلها هذا البعض، ويورد جميع الروايات ويذكر جميع ما قاله ابن حجر؟؟!

ومن يريد النقاش بهذا الموضوع فعليه أن يذكر جميع الروايات في الصحيحين ويورد أقوال علمائه، وبعدها يناقش لا أن يذكر رواية واحدة، ويبتر أقوال شارح البخاري!!!

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (العاملي) بتاريخ 15 - 2 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

مضافاً إلي عدم الأمانة العلمية مع الأسف، كما ذكر الأخ الفاطمي..

فقد أصبت بالعجمة اللغوية يا عمر.. ف- " الدعاوي له " تعبير غلط هنا. وإليك هذه الفرية من مسلم صاحب الصحيح..

قال النووي في شرح مسلم بهامش الساري:10/34:

(وأما دعاؤه (صلی الله علیه و آله) علي معاوية أن لا يشبع حين تأخر... أحدهما: أنه جري علي اللسان بلا قصد!! والثاني: أنه عقوبة له لتأخره. وقد فهم مسلم من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقاً للدعاء عليه!!!). انتهي. يعني أن الحق علي النبي وهو المخطئ!!! والحق مع معاوية الطليق ابن قائد المشركين!!

هل فهمت يا عمر؟

فكتب (الفاطمي)، الثانية صباحاًَ:

ص: 306

نسيت أن أقول لهذا البعض: إختر أي تأويل من التأويلات الموجودة في فتح الباري لنناقشك به، فالموجود في فتح الباري هو: (يمكن، إحتمال، إحتمال آخر،، ويحتمل).. وأكرر لهذا البعض: إختر إحدي الإحتمالات لنبدأ النقاش، فهل تختار لنبدأ النقاش؟

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (عمر)، الثانية ظهراً:

من البديهي عندما تناقش أحد الأحاديث فيجب أن تنظر إلي السند وأقوال الرواة، لأن من جمع الحديث لم يفتي (كذا) أو يشرع، وهذه ملاحظة مهمة.

أما ما ذكره العاملي من البتر فهذا غير موجود، ويمكن أن يكون في حديث آخر، وبالإجابة علي قضية البتر، وهي أن الرسول (صلی الله علیه و آله) لعن أحد القوم.

فنقول للعاملي: هل تعرف لماذا لعنهم؟ وأعيد السؤال هل تعرف لماذا لعنهم؟؟؟ وكيف برأتهم من اللعن، وأنت تعترف بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) صاحب الخلق العظيم! أي يجب أن تقول بالطبع يستحقوا اللعن، إذا لم أدري لماذا لعنهم؟!

وأما العصمة المزعومة لدي الشيعة فقد داسها بعضهم عندما قال بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) قصر بالتبليغ، وأنه رد جبريل بأمر رباني بتولية

علي (رضی الله عنه)! هل هناك مقارنة بين التهمتين؟؟؟

أنصحك يا العاملي أن تفتح صفحة وتبرِّأ الرسول (صلی الله علیه و آله) مما نسب إليه من رد جبريل عليه السلام، ولنري دفاعك عن رسولنا ورسولك. كما نري مدي حرصكم علي تبرئته هنا.

وكتب (الفاطمي)، الرابعة عصراً:

إلي هذا البعض: قلت: " من البديهي عندما تناقش أحد الأحاديث فيجب أن تنظر إلي السند وأقوال الرواة أولاً ".

ص: 307

لا أظن بأنك تتجرأ وتقول بأنك أعلم من ابن حجر العسقلاني المشهور عندكم بالحافظ؟؟

أو إنك استدركت عليه ما فاته هو وبقية أئمة الأعلام من أهل السنة، ولم يفطن إلي هذا الإستدراك سواك.

فهل تطعن بالأحاديث والتي أوردها ابن حجر من صحيح مسلم؟؟ وهل تطعن في فهم واستدلال البخاري في ترجمة هذا الباب؟؟

وهل تريد أن تناقش في أسانيد ومتون أحاديث الباب، مع أنها مروية في البخاري ومسلم؟؟

وأما قولك: " وأما العصمة المزعومة لدي الشيعة فقد داسها بعضهم عندما قال بأن الرسول (صلی الله علیه و آله)

قصر بالتبليغ إلخ.. ". فادخل هنا لعلك تري ما تريد:

http://www.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000126.htm

http://.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002026.htm

وإذا أردت المزيد فافتح صفحة مستقلة لتهمتك هذه لتري الرد عليها.. فهذه الصفحة فتحتها أنت وأوردت الرواية بالبخاري، وأوردت شرحها المبتور من قبلك.. وتريدنا أن نرد عليك فرددنا. ولا نريد تشعيب الموضوع أو تغييره.

إفتح صفحة خاصة لتهمتك هذه، لتثبت لنا هل أنت محق في قولك هذا، أم لا؟؟

ونعود إلي الأسئلة التي تهربت منها.. فلماذا لم تذكر بداية قول ابن حجر الذي يأتي بعد الحديث مباشرة وهو: قوله: " باب قول النبي من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة ".. ويشمل 18 سطراً.. حذفته، ولماذا حذفت ما قاله ابن حجر في شرح ترجمة الباب؟

ص: 308

2 - إختر أي تأويل من التأويلات الموجودة في فتح الباري لنناقشك به، فالموجود في فتح الباري هو: " يمكن، احتمال،، احتمال آخر،، ويحتمل ".. وأكرر لهذا البعض: إختر إحدي الإحتمالات لنبدأ النقاش.

3 - هل من لعنهم رسول الله صلي الله عليه وآله بروايات هذا الباب كانوا مستحقين لهذا اللعن أم لا؟ ممكن.. جواب؟

وأخيراً.. نقول: أورِد جميع الروايات الواردة بهذا الباب من البخاري ومسلم، واذكُر بداية شرح ابن حجر العسقلاني والذي حذفته ولم تورده، واختر إحدي الإحتمالات الموجودة في الشرح لنثبت لك بعدها من الذي يطعن في خير خلق الله صلي الله عليه وآله، فهل أنت فاعل؟؟

وإلي الأخ العاملي:

لا ترد بخصوص قوله: " فقد داسها بعضهم عندما قال: بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) قصر بالتبليغ، وإنه رد جبريل بأمر رباني بتولية علي (رضی الله عنه) ".

فصاحبنا يريد تغيير الموضوع، وإن لم يفتح صفحة لقوله هذا فسوف أفتح له صفحة مستقلة لمناقشة قوله، ونأسف لذلك أخي الكريم.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (عمر)، السابعة مساء:

إلي الفاطمي: هذه أول كذبة في الموضوع، وسوف أبين لك من الكاذب. أنت ادعيت بأني بترت الموضوع كما فعلت أنت. ولك العنوان ويمكنك مطابقة النصين، ولنري من هو الصادق والكاذب:

http://hadith.alislam.com/Display/Display.

ص: 309

أما موضوع كرامة الرسول (صلی الله علیه و آله) ومن داسها في مذهبكم، فلم أكن أقصد الخميني، فهو مردد لأقوال علمائكم بهذا الأمر، وما قاله من التقية ولم يكمل القصة كلها.

وسؤال واحد: هل رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل حين أمره بتبليغ الولاية؟

هل تستطيع الإجابة علي هذا السؤال فقط؟ ولم أجد في ردك إلا الإستهزاء فيما بترته.

والآن بعد هذا الدليل لا يحتاج الأمر إلي التعليق، بل أنتظر الإجابة علي سؤال واحد فقط.

وكتب (مدقق) بتاريخ 16 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

كعادتك.. خرجت عن موضوع اللعن ودخلت في موضوع آخر.. وقد أجبت عليه في السابق.

والسؤال عن رد النبي لجبريل.. وهو وليس كما تفهم، ولو كان كذلك لكان ما قاله موسي (علیه السلام) لله سبحانه عندما أمره الله بالتبليغ أكبر..

حيث كان رده علي الله وليس جبريل (علیه السلام): " ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " الشعراء - 14. " قال رب إني قتلت منهم نفساً فأخاف أن يقتلون ". القصص - 33.

ولو قلت إن موسي (علیه السلام) اعتذر وله عذره.. قلنا نفس الشئ بالنسبة لأفضل الأنبياء والمرسلين (صلی الله علیه و آله).

ثم ارجع وأجب عن الأسئلة التي سألوكها، ولا تخرج عن الموضوع كعادتك.

وكتب (عمر)، الواحدة صباحاً:

ص: 310

أنا بانتظار الأسئلة والأجوبة ولم أجد سؤالاً يوجه لي ولم أجب عليه. لقد بينت بأن الموضوع لم يبتر ولذلك تسقط الأسئلة التي بنيت عليه. أما موضوع رد جبريل فأنا لم أجد الجواب من أحدكم..

هل رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل في أمر تبليغ الولاية؟؟؟؟ والموضوع لا يبتعد عن موضوعنا الأصلي، وأنا تحديتهم بأن يجبوا علي هذا السؤال حتي نبدأ النقاش في صفحة أخري علي خلفية الجواب.

وكتب (الفاطمي)، الواحدة والنصف صباحاً:

إلي من قال: " إلي الفاطمي: هذه أول كذبة في الموضوع، وسوف أبين لك من الكاذب ".

أقول: إقرأ ما يلي.. لتعلم من الكاذب هل هو الفاطمي، أم الموقع الذي نقلت منه ردك..

إقرأ لتعرف من تتهم بالكذب:

34 - باب قول النبي صلي الله عليه وسلم " من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة ".

6361 - حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب قال: أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: الله فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة.

قوله: باب قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة.

كذا ترجم بهذا اللفظ، وأورده بلفظ " اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة ". أورده من طريق يونس وهو ابن يزيد، عن ابن شهاب.

وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه مثله، وظاهر سياقه أنه حذف منه شئ من أوله، وقد بينه مسلم من طريق ابن أخي ابن شهاب عن عمه بهذا الإسناد بلفظ:

ص: 311

" اللهم إني اتخذت عندك عهداً لم تخلفنيه فأيما مؤمن سببته أو جلدته فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة ".

ومن طريق أبي صالح، عن أبي هريرة بلفظ: " اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعل له زكاة ورحمة ".

ومن طريق الأعرج، عن أبي هريرة مثل رواية ابن أخي ابن شهاب، لكن قال: " فأي المؤمنين آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة ".

ومن طريق سالم عن أبي هريرة بلفظ: " اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً ". الحديث.. وفيه " فأيما مؤمن آذيته " والباقي بمعناه بلفظ (أو).

وأخرج من حديث عائشة بيان سبب هذا الحديث قالت: " دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فسبهما ولعناهما، فلما خرجا قلت له، فقال: أو ما علمت ما شارطت عليه ربي؟ قلت: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجراً ".

وأخرجه من حديث جابر نحوه، وأخرجه من حديث أنس فيه تقييد عليه بأن يكون ليس لذلك بأهل ولفظه: " إنما أنا بشر أرضي كما يرضي البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة ". وفيه قصة لأم سليم.

ما في أعلاه محذوف من الموقع الذي نقلت منه.

وبعدها يأتي ما نقلته أنت وهو قوله: " اللهم فأيما مؤمن ".. إلي آخر ما ذكرته..

ص: 312

فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب الدعوات باب 34 ح 6361 ص 205 جزء 11 - دار السلام - الرياض.

فهل عرفت يا من تتهمنا بالكذب من هو الكاذب؟؟

وهل الإسلام والأمانة تجيز بتر أقوال علماؤكم؟؟ وتأتي بعدها وتتهمنا بالكذب؟؟

قلت: " والآن بعد هذا الدليل لا يحتاج الأمر إلي التعليق أي دليل يا من تدعي الدليل ".

وهل الدليل ببتر قول ابن حجر وحذف ترجمة الباب؟

ورقم الحديث عندي في فتح الباري هو 6361 بينما رقم الحديث في الموقع المذكور هو 5884..

علماً بأن الحديث هو في كتاب الدعوات في كتاب فتح الباري.

وفي الموقع أيضاً كتاب الدعوات، فلماذا الإختلاف في رقم الحديث؟

فهل الإختلاف ناتج عن اختلاف الطبعات، أم شئ آخر؟

فهل من يستطيع أن يحل هذا اللغز؟!

قلت: " وسؤال واحد هل رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل حين أمره بتبليغ الولاية؟ ".

أقول: إفتح صفحة مستقلة لنتناقش معك هذا الأمر لكي لا يضيع الموضوع الأصلي.

وهو قولك: " فبعد دعاوي البعض من ما نسب للرسول (صلی الله علیه و آله) بأنه يسب ويلعن، دون تفكر بما يقولون أو دون فهم الحديث فهذا افتراء واضح ضد رسولنا ورسولكم! ".

ص: 313

أنظر قولك " يسب ويلعن " فهذا هو الموضوع.. وما سواه فافتح صفحة مستقلة لكي نناقشك به، فهل تفعلها؟؟ ونعود إلي الأسئلة التي تهربت منها..

فلماذا لم يذكر بداية قول ابن حجر الذي يأتي بعد الحديث مباشرة.... إلخ.

قال العاملي:

وأعاد عليه أسئلته السابقة.. ثم ختم الفاطمي بقوله:

أثبت علي قولك يا من تتهمنا بالكذب، وقد قال خير خلق الله صلي الله عليه وآله: البينة علي من ادعي. أين بينتك علي اتهامك لي بالكذب؟؟ نريد البينة يا هذا؟؟ وهل عرفت من الكاذب؟؟ والآن يا من يتهمنا بالكذب: لماذا لم تنقل ما حذفته من قول ابن حجر؟؟ ولماذا حاولت إيهامنا بأن ما نقلته

هو الموجود بالموقع، ولا يوجد غيره من أقوال ابن حجر؟؟ ولماذا اتهمتنا بالكذب وأنت تعلم أن هناك من أقوال ابن حجر ما حذفته أنت وبترته؟؟ وهل تريد بذلك أن تتهرب من المناقشة؟؟ لماذا يا من تتهمنا بالكذب؟؟

وكتب (عمر)، السابعة صباحاً:

يا الفاطمي كفي كذباً وكثرة كلام، والأفضل أن تعترف بأنك مخطئ وينتهي الموضوع، ولا يحتاج الأمر للَّف والدوران.... ولنعود (كذا) للموضوع الأساسي.

لم تجب علي سؤالي الوحيد: هل رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل عندما أمره بتبليغ الولاية؟؟

أما سؤالك بأن من لعنهم الرسول (صلی الله علیه و آله) هل يستحقون اللعن، أم لا؟؟ فهذا سؤالي لك أنت ولم تجب عليه، وأنت ادعيت بأننا نقول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يلعن من لا يستحق، ونحن نقول إذا لم نعرف السبب فيجب أن نحسن الظن ونقول بأنهم يستحقوا اللعن، ما لم يثبت الشيعة غير ذلك!!

ص: 314

وأخيراً لإثبات كذبك بالدليل لك ما كتبته أنت: " وهل الإسلام والأمانة تجيز بتر أقوال علماؤكم؟؟ وتأتي بعدها وتتهمنا بالكذب؟؟ ".

أين البتر يا الفاطمي أثبت ذلك. أما لماذا لم أذكر ما في عقلك، فأنا ليس بساحر حتي أعلم ما تريد.

فكتب (الفاطمي)، الثانية ظهراً:

بحثت في الموقع الذي نقل منه الذي يتهمنا بالكذب.

بحثت في ذاك الموقع فوجدت ما حذفه عمر:

hadith. alislam. com /Display./ /: http

فلماذا قلت: وعندما كتبت النص الذي تريده أنت بينت لك موقعه، ولا أود التعليق والدخول بمهاترات معك!.

وتقصد من ورائها - والله العالم - أن تضيع الموضوع.. وأكرر يا عمر: لعنة الله علي كل كاذب منافق. وهل تقول: آآآمين.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 18 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

قلت يا عمر:

" وأنت ادعيت بأننا نقول: بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يلعن من لا يستحق، ونحن نقول: إذا لم نعرف السبب فيجب أن نحسن الظن ونقول بأنهم يستحقوا اللعن، ما لم يثبت الشيعة غير ذلك ".

أقول يا عمر:

هذا ما نقلته أنت بالقول الثاني بعدما نقلته أنا قبلك. إقرأ ما نقلته جيداً.. فستري هذه الرواية:

ص: 315

وأخرجه من حديث أنس، وفيه تقييد المدعو عليه بأن يكون ليس لذلك بأهل.

ولفظه: [إنما أنا بشر أرضي كما يرضي البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من

أمتي بدعوة ليس لها بأهل، أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة].

هل عرفت صحة قولك: " وأنت ادعيت بأننا نقول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يلعن من لا يستحق! ".

وهل عرفت من يقول بأن الرسول صلي الله عليه وآله يلعن من لا يستحق وليس لها بأهل!

وهل رسول الله صلي الله عليه وآله يدعو علي من ليس بأهل ذلك؟؟!

وكتب (عمر)، الواحدة صباحاً:

لن تفهم المقصود من الدعاء إلا إذا فسرت هذا الدعاء.

أنتم تدعون عصمة الأئمة، إذاً هل هذا الدعاء حقيقي لك، أم ماذا؟

سجود الإمام الباقر عليه السلام: عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وهو ساجد: أسألك بحق حبيبك محمد صلي الله عليه وآله إلا بدلت سيئاتي حسنات وحاسبتني حساباً يسيراً. ثم قال في الثانية: أسألك بحق حبيبك محمد صلي الله عليه وآله إلا كفيتني مؤونة الدنيا وكل هول

دون الجنة. ثم قال في الثالثة: أسألك بحق حبيبك محمد صلي الله عليه وآله لما غفرت لي الكثير من الذنوب والقليل، وقبلت من عملي اليسير. ثم قال في الرابعة: أسألك بحق حبيبك محمد صلي الله عليه وآله لما أدخلتني الجنة، وجعلتني من سكانها، ولما نجيتني من سفعات النار برحمتك.

ص: 316

فلاح السائل - ابن طاووس: 243. ومستدرك الوسائل 4: 448. والآن ما هي الذنوب التي فعلها معصومكم؟؟ وللعلم هذا من كتبكم. والآن هل هناك فرق بين الدعائين، أم لا يوجد؟؟

وكيف تفترون علي أئمتكم بأن لهم ذنوب وسيئات ويتشفعون بالرسول (صلی الله علیه و آله) للجنة، وأنتم تتشفعون بهم، لنري كيف تحل هذه المعضلة؟؟

فأجاب (الفاطمي)، الواحدة والنصف صباحاً:

سوف أحل المعضلة - كما تراها أنت - عندما ترد علي ردي الأخير يا عمر.

ولن أرضي بأن تغير الموضوع.. فأنت الذي فتحته.. ويجب أن تثبت في النقاش حوله.. لا أن تحاول تغييره.

إفتح صفحة مستقلة لنرد عليك. نريد الرد المباشر لا أن تحاول أن تغير الموضوع.

وهذه المرة الثانية تريد أن تغير الموضوع!!

المرة الأولي عندما حاولت تغيير الموضوع من لعن النبي صلي الله عليه وآله لمن ليس بأهل لذلك (من لا يستحق) إلي عصمته صلي الله عليه وآله!

والآن تريد أن تغير الموضوع مرة أخري إلي عصمة الأئمة عليهم السلام.

إفتح صفحة جديدة للحوار ويكون بيني وبينك، لتري الإجابة حول قولك عن " المعضلة ".

وهل لك أن تفسر قول ابن حجر هذا:

" وأخرجه من حديث أنس وفيه تقييد عليه بأن يكون: ليس لذلك بأهل، ولفظه: إنما أنا بشر أرضي كما يرضي البشر وأغضب كما يغضب البشر، فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة ". انتهي.

ص: 317

وهل عرفت صحة قولك: " وأنت ادعيت بأننا نقول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يلعن من لا يستحق "؟!!

وكتب (عمر)، الثانية صباحاً:

لقد بينت لك في أول الموضوع في شرح الحديث ما تريد ولا يمكنني أن أعيد إذا لم تكن تريد الفهم.. أما أقوال العلماء فلقد نقلتها لك. وهنا مرة ثانية. أنت لا تريد الفهم، ولقد أجبت عليك أكثر من مرة وأنت تتهرب من الإجابة في كل مرة. كيف تدافع عن مذهبك بالهروب، وأعيد السؤال مرة

ثانية: هل تعرف لماذا لعن الرسول (صلی الله علیه و آله) في الحديث الذي أتيت به؟ والسؤال الثاني: من كتبكم نجد بأن الأئمة أذنبت وتوسلت بالرسول (صلی الله علیه و آله) لدخولها الجنة، هل لأنهم كذبوا عليكم، أم نحسن الظن؟

سؤالان فقط، ولن أطلب أكثر من هذا، وسوف أكمل معك إلي النهاية فقط عندما تجيب علي هذان السؤالان المتعلقان (كذا) بالموضوع هنا علاقة مباشرة.

فكتب (الفاطمي)، الثالثة صباحاً:

قلت يا عمر: " أما أقوال العلماء فلقد نقلتها لك وهنا مرة ثانية...... ".

أقول يا عمر: وهل انتهي قول ابن حجر؟؟ وتقول إنك لا تبتر الأقوال؟؟

وسوف أكمله لك لتعرف أن ما قلته هو خطأ، وأن ابن حجر رد هذا القول يا عمر..

ولهذا السبب بترت شرح ابن حجر في ردك الأخير. وخذ إكمال قول ابن حجر الأخير:

[فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا منوي، ولكن جري علي عادة العرب في دعم كلامها وصلة خطابها عند الحرج

ص: 318

والتأكيد للعتب لا علي نية وقوع ذلك، كقولهم: عقري حلقي وتربت يمينك، فأشفق من موافقة أمثالها القدر، فعاهد ربه ورغب إليه أن يجعل ذلك

القول رحمة وقربة. انتهي. وهذا الإحتمال حسن إلا أنه يرد عليه قوله (جلدته). فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد].

أنظر بداية مساهمتك هذه يا عمر. أنظر إلي ما بين القوسين يا عمر.

أنظر إلي قول ابن حجر يا عمر: " وهذا الإحتمال حسن إلا أنه يرد عليه قوله (جلدته) فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد "!! فهل فهمت خطأ قول المازري؟؟

ثانياً: وهذه هي محاولات المازري في شرح الروايات: فالجواب أنه:

.... (يحتمل) أنه أراد أن دعوته.

قال: (ويحتمل) أن يكون ذلك خرج مخرج الإشفاق.

.... (ويحتمل) أن يكون اللعن والسب يقع منه.

فقال: (يحتمل) أن يكون ما ذكره من سب...

وهذا الإحتمال الذي رده ابن حجر العسقلاني والذي بترته يا عمر.

والآن إختر إحدي الإحتمالات الأخري لنناقشك فيها، ولا تحاول أن تغير الموضوع يا عمر، فالموضوع هو روايات اللعن عندكم في البخاري ومسلم.. ومن شرح ابن حجر العسقلاني في فتح الباري، فلا تحاول أن تتجاوز هذه الكتب!

قلت: " هل تعرف لماذا لعن الرسول (صلی الله علیه و آله) في الحديث الذي أتيت به؟؟ ".

أقول يا عمر: أي حديث تقصد؟؟ عموماً.. سوف أوردها..

لفظ الحديث في صحيح مسلم ح 6557:

ص: 319

[دخل علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما] [2 - ح 6558، فخلوا به، فسبهما ولعنهما وأخرجهما].

وإذا كانت أم المؤمنين عائشة لم تعرف!! فكيف أعرف أنا يا عمر؟؟

وفي البخاري، باب: قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة. كتاب الدعوات - ج 8 - ص 4435 - ح 1230: (اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة). كتاب الدعوات ج 8 ص 435 ط - دار القلم.

وانظر يا عمر: " من آذيته " - والعياذ بالله - فهل كان رسول الله يؤذي المسلمين أو المؤمنين؟؟

فهذا جواب سؤالك الأول.

وأما السؤال الثاني: فلا يتعلق بالموضوع يا عمر. فكما قلت لك إفتح صفحة أخري لتري الرد فالموضوع هنا: (روايات اللعن في كتبكم البخاري ومسلم) ولا نريد أن يحيد أحدنا.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

ورد (عمر)، الرابعة صباحاً:

ما وقع من الجلد فهو ما كان بإمكانه الصفح قبل قيام الحد، ولا أري أي اختلاف في قول ابن حجر والمازري. والرسول (صلی الله علیه و آله) لم يؤكد أي حادثة بعينها، وهو بشر، والموضوع ينقلنا لحدود العصمة، فنحن نري من القرآن داوود يقضي وسليمان يعيد الحكم ويصححه. ونجد رسولنا (صلی الله علیه و آله) بسورة التحريم يعاتبه الله ثم يعود الرسول (صلی الله علیه و آله) بالتكفير عن القسم الذي قسمه، كما نري بأنه استغفر للمنافقين وأنزل الله التحريم الصريح بفعله. الموضوع لا يكون بهل سب

ص: 320

أو لعن، بل ما هي حدود العصمة؟؟؟؟ لنري ما هي حدود العصمة لديكم؟ وهل تصل إلي التبليغ ورد جبريل؟؟ الموضوع هو: تبرئة الرسول (صلی الله علیه و آله) وما دمنا فيه فلنقارن التهمتين، وأيهما أشنع؟ أما أن تسأل وتستهزئ وأنتم تهينون الرسول (صلی الله علیه و آله)، فهذا غير منطقي وعادل. وأخيراً لا تنطق بالبتر والإتهام بأننا نبتر المواضيع، فهذا ما قلته: " وسوف أكمله لك لتعرف إن ما قلته هو خطأ، وإن ابن حجر رد هذا القول، يا عمر ولهذا السبب بترت شرح ابن حجر في ردك الأخير ". ولا زال التحدي قائماً إذا أردت أن تعرف جوابي علي هذه الإتهامات الكاذبة، ولا أري أي رد علي أسئلتي، فكيف تدافعون عن مذهبكم كما دافعتم عن الحسين (ض) عندما تهربتم منه في ساحة المعركة! فما أشبه اليوم بالأمس! هل تستطيع الإجابة علي أحد الأسئلة؟؟ ولماذا؟؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 23 - 2 - 2000، التاسعة صباحاً:

قلت يا عمر: " ما وقع من الجلد فهو ما كان بإمكانه الصفح قبل قيام الحد ".

أقول: وهل هذا آخر ما تفتق عنه ذهنك يا عمر؟!

والظاهر أن قولك هذا كان ينقص ابن حجر والنووي في شرحهما هذه الروايات..

ولكن فاتك يا عمر أنك طعنت برسول الله صلي الله عليه وآله من حيث لا تشعر بقولك هذا!

وهل الجلد إلا عقوبة علي من جاوز حداًّ من حدود الله؟؟

فكيف يصفح الرسول صلي الله عليه وآله عمن جاوز حداًّ من حدود الله ويستحق العقوبة بذلك؟؟ وهل يتهاون رسول الله في تطبيق حدود الله وشرعه لكي تقول: " ما وقع من الجلد فهو ما كان بإمكانه الصفح قبل قيام الحد ".

ومن أين أتيت بقولك هذا؟؟ ومن أي عالم من علمائكم، ومن أي كتاب نقلته يا عمر؟؟

ص: 321

قلت: " ولا أري أي اختلاف في قول ابن حجر والمازري ".

أقول: هذا ما قاله ابن حجر " وهذا الإحتمال حسن إلا أنه يرد عليه قوله: (جلدته) فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد ". وهذا القول لم ينقل عن المازري، وإلا لما رد ابن حجر عليه بهذا القول.

ثانياً: وهذه هي محاولات المازري في شرح الروايات: فالجواب أنه:

... يحتمل أنه أراد أن دعوته.

قال: ويحتمل أن يكون ذلك خرج مخرج الإشفاق،

... ويحتمل أن يكون اللعن والسب يقع منه.

فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب..

وهذا الإحتمال الذي رده ابن حجر العسقلاني، والذي بترته يا عمر أقول يا عمر!

أي الإحتمالات الأربعة هي الصحيحة؟؟ نريد رداًّ منك يا عمر.

لا أن تحاول تشتيت الموضوع. ونريد إجابة من علي أسئلتنا فهل نري جوابك؟؟

ولا نريد أن ينطبق عليك قولك هذا: " أرأيت بأنكم لا تستطيعون الصمود أمام الحقيقة بل تسعون بالأرض فساداً ".

ثم تعال يا عمر.. ما تفعل بهذه الروايات من البخاري ومسلم؟؟

في البخاري عن أنس قال: لم يكن النبي سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً.

وعن أبي هريرة: قيل لرسول الله ادعُ علي المشركين قال: إني لم أبعث لعاناً إنما بعثت رحمة.

فهل يأبي الرسول ويرفض صلي الله عليه وآله لعن المشركين، ثم يأتي والعياذ بالله ويلعن المؤمنين والمسلمين؟؟!!

ص: 322

وقال صلي الله عليه وآله لأم المؤمنين عائشة: وإياك والعنف والفحش! فهل ينهي الرسول صلي الله عليه وآله أم المؤمنين، ثم يأتي بالفعل الذي نهي عنه؟! أعوذ بالله من ذلك. ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.

قلت: " الموضوع لا يكون بهل سب أو لعن ".

فهل تريد يا عمر تغيير الموضوع بعد أن تورطت؟؟!

قلت: " أما أن تسأل وتستهزئ وأنتم تهينون الرسول (صلی الله علیه و آله) "!

أقول: هل الروايات في كتبنا أم كتبكم؟ وقس علي هذا قولك أعلاه لتعرف يا عمر علي من ينطبق قولك؟

وأخيراً: نريد أجوبة علي ما رددت عليك، ولا نريد تهرباً من الموضوع الرئيسي وهو: (روايات اللعن في البخاري ومسلم).

وإذا لديك أسئلة أخري فافتح صفحة مستقلة لنناقشك فيه وحاضرين يا عمر.

سورة النساء - آية 115: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيراً. صدق الله العظيم.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

فكتب (عمر)، الواحدة ظهراً:

لا أعتقد بأنك تريد الفهم، وكما قلت لك بأن تقلل من الأسئلة. أما ما أراه مناسباً فيجب وصف حادثتين من كتبنا وكتبكم ليكون الإستشهاد أوضح من الطرفين.. ما دمنا في تبرئة الرسول (صلی الله علیه و آله) وهل تحدث منه أخطاء فهناك حادثة مشابهة. أنتم تدعون العصمة للأولياء بحيث لا يخطئون، وهنا يعترف الإمام الباقر بأنه كثير الذنوب، فكيف يذنب من تدعون عصمته؟؟؟ ولا تتهرب لأن الموضوع لا يفهم إلا بهذه الطريقة فإذا عرفت السبب ستعذر الآخر.. انتهي.

قال العاملي:

ص: 323

ثم أعاد عمر ما نقله عن سجود الإمام الباقر عليه السلام واستغفاره!

وكتب (الفاطمي)، الثانية ظهراً:

ما لك يا عمر..

ألا تريد أن تبرئ رسولنا صلي الله عليه وآله؟؟

ألم تجعل عنوان هذا الموضوع: " تبرئة رسولنا (صلی الله علیه و آله) من دعاوي البعض له "؟!

ألم تقل: " كما أجمعت تفاسير علماء أهل السنة والجماعة بأن العصمة للرسل فقط ".

فما لك الآن لا ترد؟؟

هل صحيح البخاري ومسلم عندك أفضل من خير خلق الله صلي الله عليه وآله؟؟

وهل حبك للبخاري ومسلم حداك أن تطعن برسول الله صلي الله عليه وآله؟؟

وتقول: " ما وقع من الجلد فهو ما كان بإمكانه الصفح قبل قيام الحد "!! وأين أجوبتك يا عمر؟؟

وهل سكوتك إقرار منك بما تدعيه روايات اللعن في البخاري ومسلم؟؟

وهل تعتبر بالروايات أم بكلام الله؟

وهل توافق روايات اللعن أم تخالف الآيات القرآنية والتي أوردناها؟؟

إصحَ يا عمر، كفاك طعناً بخير خلق الله صلي الله عليه وآله؟!

ولماذا تحاول تغيير الموضوع؟

وهل أعيتك الحيل والجواب لكي تحاول مضطراً إلي تغيير الموضوع؟؟

وهل تريد أن تفهم أم تشاغب؟؟

ولو أنك جاوبت علي أسئلتي في كل رد لاحق للأسئلة لكنا انتهينا يا عمر.

ص: 324

وليس لك أن تدير النقاش علي هواك وتحاول تغيير موضوعه الأصلي لكي تقول: " أما ما أراه مناسباً فيجب وصف حادثتين من كتبنا وكتبكم ليكون الإستشهاد أوضح من الطرفين ".

أعطنا حادثة مشابهة للرسول صلي الله عليه وآله من كتبنا لكي تقول بعدها " ليكون الإستشهاد أوضح من الطرفين "!

فالإستشهاد يجب أن يكون من جنس العمل، وحصل لرسول الله صلي الله عليه وآله، ومن كتبنا ولا يكون الإستشهاد بالغير، وهل توجد في كتبنا مثل هذه الروايات؟؟

وأما أن تحاول تغيير الموضوع فهذا مرفوض، فأنت الذي فتحت الموضوع فعليك أن تثبت بالنقاش فيه، لا أن تغيره؟؟

وإذا لديك أي سؤال خارج الموضوع فالرجاء إفتح صفحة مستقلة لذلك؟؟

نريد رداًّ.. لا نريد لف ودوران.. نريد أجوبة! ممكن يا عمر؟!

ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي ونصله جهنم وساءت مصيراً. صدق الله العظيم.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

فكتب (العاملي)، الثالثة ظهراً:

أحسنت أيها السيد الأصلي.. المدافع عن جده سيد المرسلين، الراد عنه افتراءات المنافقين.

وكتب (عمر)، السادسة مساءً:

النقاش معك يا فاطمي لا يأتي بنتيجة، والإستهزاء هو شعارك وشعار أصحابك. إرجع للموضوع من البداية، وسوف تري كم مرة جاوبنا علي الكثير من الأسئلة وأنت تتهرب من الرد علي سؤال واحد. الموضوع لا يفهم إلا بضرب المثل. لو قلنا تبرئة الرسول (صلی الله علیه و آله) فأنا نقلت آراء العلماء من الحديث،

ص: 325

وكتبكم مليئة بالطعن بآل البيت، وأنتم تدعون عصمتهم سؤال يتعلق بالعصمة. هل الأولياء لهم من الذنوب الكثيرة التي تدخلهم النار؟ سيكون جوابك بالنفي. إذاً لماذا يقر الباقر بكثرة ذنوبه؟ العلاقة في صلب الموضوع، ولو كانت لك الجرأة في تبرئة آل البيت والرسول (صلی الله علیه و آله) لجاوبت علي السؤال، فها هي كتبكم تعترف بأن الباقر كثير الذنوب. لن أكمل معك النقاش إلا بعد الإجابة علي هذا السؤال الذي يتعلق بالموضوع: هل الباقر كثير الذنوب ولماذا يعترف في كتبكم بذنوبه؟ وما حدود عصمته؟

وكتب (الفاطمي)، الثامنة مساءً:

عسي ما شر يا عمر!! وما الذي حصل يا عمر؟! هل تورطت يا عمر؟؟

هل عرفت إنكم تطعنون بخير خلق الله صلي الله عليه وآله؟؟

هل استصعبت عليك الأسئلة ولا تعرف كيف ترد ولذلك تقول: " النقاش معك يا فاطمي لا يأتي بنتيجة "؟؟

وتعال يا عمر: ألم تقولوا في بخاريكم ومسلمكم إن نبي الرحمة صلي الله عليه وآله كان يؤذي ويسب ويلعن ويجلد من ليس بأهل لذلك من المؤمنين والمسلمين..

وتناسيتم قوله سبحانه وتعالي " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً عظيماً "!!!

ثم تأتينا يا عمر وتقول: " والإستهزاء هو شعارك وشعار أصحابك ". كأننا يا عمر من روي أحاديث اللعن في كتبهم، ولستم أنتم يا عمر؟!!

فهل نسيت يا عمر إنكم تنسبون رسول الله صلي الله عليه وآله والعياذ بالله إلي الظلم بتقولكم هذا؟؟ صح يا عمر...

قلت: " لن أكمل معك النقاش إلا بعد الإجابة علي هذا السؤال الذي يتعلق بالموضوع ".

ص: 326

أقول يا عمر: وهل هذه هي الطريقة المثلي لهروبك؟؟ أبَعد أن تفتح موضوع وتهدد وترعد وبعدها تهرب؟؟ وأين تبرئتك لرسول الله صلي الله عليه وآله؟؟ أين وأين و.. و.. و.. أم إنك تورطت ولم تجد رداًّ لذلك. والظاهر إنك لم تجد إلا ردَّيْن..

الأول: أن تبرئ الرسول صلي الله عليه وآله من هذه الأقوال التي افتريتموها عليه، وتطعن في روايات الطعن، وبالتالي تسقط نظرية صحة جميع الروايات في البخاري ومسلم، والتي هي من المسلمات لديكم.

والثاني: هو أن تصحح تلكم الروايات وتطعن في خير خلق الله صلي الله عليه وآله، وتناقض القرآن بذلك!!

والظاهر أن أحسن وسيلة لك للتخلص من الرد هي محاولة تغيير الموضوع من روايات الطعن في البخاري ومسلم إلي موضوع العصمة!!

ونكرر إفتح صفحة مستقلة لأناقشك فيه. الله يعينك يا عمر ورطت نفسك، وقعدت!

وكان عمر فتح الموضوع، لكنه انتهي بهروبه علي عادته السيئة!

كتب (الفاطمي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 15 - 1 - 2000، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (إلي حسام الشامي: هل كان النبي صلي الله عليه وآله يفعل هذا؟؟)، قال فيه:

الزميل الشامي.. حياك الله:

هل تعتقد بأن الرسول صلي الله عليه وآله كان يسب ويلعن ويجلد من لا يستحق من المسلمين، أو ليس هو أهلاً لذلك من المسلمين؟؟

ص: 327

وهل تعتقد بأنه صلي الله عليه وآله كان يؤذي المسلمين؟؟ خصوصاً أنك قلت بأن الرسول صلي الله عليه وآله معصوم؟؟ وما هو حكم من يطعن في أخلاقيات الرسول صلي الله عليه وآله العظيمة؟؟

وإلي الأخوة الكرام: هذه الصفحة للحوار الثنائي بيني وبين الزميل الشامي، والشكر والإعتذار لكم.

فكتب (حسام)، الحادية عشرة والنصف مساءً:

هل كان النبي يضرب ويجلد ويسب ويلعن أحداً من المسلمين؟!!

سؤال سهل وبسيط جداًّ!

يجلد: نعم.

يسب: يعتمد علي نوعية السب الذي تقصده.

اللعن: اللعن اللي نسمعه من مثلكم: لأ.

يضرب أحداً من المسلمين: نعم لمن استحق ذلك.

ثانياً: هل كان النبي يؤذي المسلمين: لا، لم يكن النبي ليؤذي المسلمين. إنما إن كان قصدك أن أحداً أراد النبي أن يقيم عليه الحد ليطهره به، وأنت رأيت في ذلك إيذاءاً، فأقول لك عندها: نعم.

ثالثاً: لا أدري ماذا تقصد بأخلاقياته العظيمة، لأننا ما عهدنا عليكم إلا لف ودوران.

فأقول: إن كان قصدك شتم النبي، فشاتم النبي كافر، أما غير ذلك فحدِّد!! أرجو أن أكون قد أجبتك الآن، ولكن هل أنت الذي تستجوبني فقط، أم أنه يحق لي أن أسأل يا فاطمي؟!! أرجو الإجابة!

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 16 - 1 - 2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

ص: 328

أقول يالشامي: الظاهر إنك لم تدقق بالسؤال، وأعيد السؤال كما هو موجود: هل تعتقد بأن الرسول صلي الله عليه وآله كان يسب ويلعن ويجلد من لا يستحق من المسلمين أو ليس هو أهلاً لذلك من المسلمين؟؟

أنظر يا شامي (من لا يستحق من المسلمين أو ليس هو أهلاً لذلك من المسلمين).

ولم أقل يضرب لكي تقول " يضرب "، ولا نريد اللف والدوران بالجواب، فالله سبحانه وتعالي مدح الرسول صلي الله عليه وآله بقوله " وإنك لعلي خلق عظيم " بينما صحاحكم تقول بأنه بأنه كان يسب ويلعن ويجلد من لم يكن أهلاً لذلك، وإليك الأحاديث الدالة علي ذلك والعياذ بالله من صحاحكم:

في صحيح مسلم كتاب البر والصلة، ج 16 ص 336، ط – دار المعرفة:

باب: من لعنه النبي صلي الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلاً لذلك، كان له زكاة وأجراً ورحمة. وألفاظ الحديث كالآتي في صحيح مسلم:

1 - ح 6557، دخل علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو، فأغضباه فلعنهما وسبهما.

2 - ح 6558، فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما.

فكيف تفسر قولك يا شامي: " اللعن: اللعن اللي نسمعه من مثلكم: لأ. " وما المقصود بلعنهما؟؟

3 - ح 6559: اللهم إنما أنا بشر، فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة.

فهذه الأحاديث تطعن في عصمته صلي الله عليه وآله الذي تعتقد بها وتناقض قول الله جل وعلا " وإنك لعلي خلق عظيم ".

ص: 329

فهل كان الرسول يسب ويلعن ويجلد من ليس هو أهلاً لذلك؟؟ وهل كان يسب ويلعن إذا غضب؟؟ وكيف تفسر هذه الأحاديث التي تطعن في أخلاقيات الرسول صلي الله عليه وآله التي مدحها الله سبحانه تعالي؟؟

قلت يا شامي: " لا، لم يكن النبي ليؤذي المسلمين ".

أقول: وبماذا تفسر ما قاله البخاري في صحيحه؟؟ في البخاري، باب: قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة. كتاب الدعوات: 8/435؟

فأنت قلت: لا، لم يكن النبي ليؤذي المسلمين.

والبخاري يقول: قول النبي صلي الله عليه وسلم: " من آذيته "!

فمن نصدق.. أنصدق البخاري، أم أنت؟؟

قلت يا شامي: لا أدري ماذا تقصد بأخلاقياته العظيمة، لأننا ما عهدنا عليكم إلا لف ودوران.

أقول: هل عرفت من الذي يلف ويدور في أجوبته؟

أنا أقول من لا يستحق من المسلمين.. وأنت تقول: نعم لمن استحق ذلك!

فالرجاء مراجعة الأسئلة.. وردِّي عليك، والإجابة عليهما بدون لف ودوران.

قلت: " أرجو أن أكون قد أجبتك الآن، ولكن هل أنت الذي تستجوبني فقط أم أنه يحق لي أن أسأل يا فاطمي؟!! أرجو الإجابة! ".

أقول: لم تجاوب علي سؤالي الذي يقول: هل تعتقد بأن الرسول صلي الله عليه وآله كان (يسب ويلعن ويجلد من لا يستحق من المسلمين أو ليس هو أهلاً لذلك من المسلمين؟؟).

وأكرر لاحظ (من لا يستحق من المسلمين) ما بين القوسين، ولا تستعجل بالرد.

ص: 330

وعندما ننتهي من هذا السؤال والردود المتعلقة به، سوف يكون لك الدور بالسؤال، وحاضرين يالشامي.

وكتب (حسام الدين الشامي) بتاريخ 16 - 1 - 2000، السادسة صباحاً:

يعني أنت من يحدد بداية النقاش ونهايته؟ جميل... ما في مانع. وعلي العموم أنا أجبتك دون لف ودوران، ولكن سبحان الله من فهمك الكبير أنت.

فكتب (عمار)، السادسة وأربع دقائق صباحاً:

بارك الله فيك يا فاطمي فأنت والله لها. فأتنا مزيداً يا ابن الزهراء. سلام الله علي جدتك الطاهرة، ولعنته علي من آذاها وغصبها حقها.

وكتب (حسام الدين الشامي)، الثانية عشرة ظهراً:

بداية أود أن أقول لك يا فاطمي: كم أنكم محظوظون أنتم معاشر الشيعة بوجود مكتبات أهل السنة في كل مكان، وكتبهم تباع دون أن يمنع أحد من أهل السنة أي كتاب، لا بل وتجمع كتبهم المعتمدة في أشرطة الليزر وتباع للجميع مهما كانت ملتهم أو ديانتهم. لأننا والله الذي لا إله غيره عندم

ندخل إلي المكاتب الشيعية في أمريكا وغيرها، ونريد أن نشتري كتاباً، أول ما يرحبوننا به لعن الشيخين، ثم يقولون هذا الكتاب غير موجود! أو في بعض الأحيان يقولون هذا الكتاب لم نسمع به من قبل! أو يقولون هذا الكتاب ليس للشيعة... إلخ.

وقد دخلت منذ شهرين إلي مكتبة في ولاية أمريكية، لا أريد ذكر اسمها لسبب سأقوله لك في نهاية الحادثة، دخلت إلي هذه المكتبة وبها إيراني شيعي

ص: 331

يقرأ من كتاب تنقيح المقال للإمام المامقاني، وما إن رأيته حتي طرت فرحاً، فقد كنت أبحث عن هذا الكتاب في كل مكان ولم أحصل عليه، فقلت له:

كم سعر هذا الكتاب؟ فقال: هذا ليس للبيع! فقلت له: طيب لو تكرمت أعطني إياه أصوره عندكم هنا في المكتبة علي حسابي، فقال: لا هذا الكتاب قديم وقد يتأثر بالحرارة! فقلت له: طيب أريد أن أصور صفحة أو صفحتين، قال: تعال بعدين!! وبالطبع أعرف بأنني لن أستطيع أن أحصل عليه حتي لو أتيت بعدين! ولكننا طلبنا من أخ إيراني أن يأتينا به لربما يستطيع هو شراءه!

وهكذا دواليك يا فاطمي، إذا طلبنا كتاب: فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب للطبرسي، يضحكون ويقولون ليس له وجود! وإذا طلبنا تنقيح المقال: امتنعوا. وإذا طلبنا فرق الشيعة للنوبختي، يقولون لا تجده إلا في قم!

فاحمد الله يا فاطمي أنت وإخوانك أن السنة لا يخفون كتاباً مهماً كان ذلك الكتاب، ولا تجدوا أحداً يطردكم إذا ذهبتم إلي مكتباتهم، ويريدون أن يتهربوا من بيعكم للكتب، فليس عند أهل السنة ما يخجلوا منه، وهذه نعمة أفتخر بها أنا كسني، وأشهد الله أنني أؤمن بما جاء في صحيح البخاري ومسلم وأدين الله به، وأسأل الله عز وجل أن يحشرني مع البخاري يوم القيامة أينما ذهب.

وأتحداك يا فاطمي أن تدعو بهذا مع شيخك الطبرسي صاحب كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، هل تدعو أن يحشرك الله معه أينما ذهب يوم القيامة؟! لا أظنك!

ص: 332

المهم من هذا كله أنني ليس عندي إلا القلة من المراجع لكتب الشيعة، وإن شاء الله يغفل الشيعة يوماً ما وينشرون هذه الكتب علي الإنترنت حتي نستطيع مناقشتكم بالكامل من كتبكم...

اللهم آمين.

والآن لنأتي لرواياتك من الإمام مسلم رحمه الله تبارك وتعالي رحمة واسعة، وقد ظننت أنك ستناقشني في موضوع دسم، إلا أنني وبعد أن قرأت الموضوع بتمعن مثل ما نصحتني، اكتشفت أن الموضوع كله يدور حول عقدة العصمة!

يعني الموضوع كله ما يستاهل. ولكن بما أنني وعدتك فسأكمل معك. أنت نقلت الروايات من صحيح مسلم ونصها كالتالي:... ون-ق-ل ب-ع-ض م-ا ت-ق-دم...

وهذه الرواية المذكورة آخراً تبين المراد بباقي الروايات المطلقة، وأنه إنما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة ونحو ذلك، إذا لم يكن أهلاً للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه، وكان مسلماً.

وإن أردت الجواب علي كيف أن النبي صلي الله عليه وآله فعل ذلك، فالجواب ما أجاب به

العلماء والذي ذكره الإمام النووي الدمشقي رحمه الله تعالي في تعليقه علي صحيح مسلم، ومختصره وجهان:

أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالي، وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلي الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك، وهو صلي الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر، والله يتولي السرائر.

ص: 333

والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله: تربت يمينك، عقري حلقي، وفي هذا الحديث " لا كبرت سنك " وفي حديث معاوية " لا أشبع الله بطنك " ونحو ذلك، لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء.

فخاف صلي الله عليه وسلم أن يصادف شئ من ذلك إجابة، فسأل ربه سبحانه وتعالي ورغب إليه

في أن يجعل ذلك رحمة وكفارة، وقربة وطهوراً وأجراً، وإنما كان يقع هذا منه في النادر والشاذ من الأزمان، ولم يكن صلي الله عليه وسلم فاحشاً ولا متفحشاً ولا لعاناً ولا منتقماً لنفسه، وقد سبق في هذا الحديث أنهم قالوا: ادع علي دوس، فقال: اللهم اهد دوساً. وقال: اللهم اغفر لقومي فإنهم ل

يعلمون. والله أعلم. ا. ه كلام الإمام النووي رحمه الله تعالي.

وأقول لك يا فاطمي: لقد فطنت والحمد لله للموضوع من أوله، فهو يدور كما قلت حول نقطة أو نقطتين لا ثالث لهما، وهي أنه لا يمكن أن يكون قد دعا علي معاوية رضي الله عنه ومعاوية ليس أهلاً لذلك (مع أنكم تجعلون معاوية بهذا الدعاء: لا أشبع الله بطنه كافر!!!) (كذا).

والثاني أن ذلك ينافي موضوع العصمة وهو الأهم في نظرك. وأما موضوع معاوية، فهذا قد عشعش في معتقداتكم، ولا أستطيع أن أغير منه أنا شيئاً، إن كان الله قد أراد غير ذلك.

وأما موضوع العصمة يا شاطر، فهذا مفروغ منه من زمان، فلا أنتم ولا نحن نقول بعصمة الأنبياء من كل شئ... أليس كذلك؟!

وكذلك فإن النبي صلي الله عيه وآله وسلم قد جلد رجلاً شرب الخمر مرتين أو ثلاث، وشتمه صحابي فقال النبي: ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله.

ص: 334

فهذا الرجل أراد له النبي أن يكون الحد أولا طهوراً له من الذنب، وكذلك دعاءه بأن تكون له رحمة، وذلك لعلمه صلوات الله وسلامه عليه بأن ذلك الرجل مؤمن. فليس كل من شرب الخمر أصبح كافراً اللهم إلا قول الخوارج!!

هذا من جهة، ومن جهة أخري فأنت يا فاطمي تحاول أن تجعل من ذلك فعلاً يفعله النبي صلوات الله وسلامه عليه دائماً!!

فالمعصوم يقول فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو جلدته. وأنت تقول: بينما صحاحكم تقول بأنه كان يسب ويلعن ويجلد من لم يكن أهلاً لذلك!!!

ويبدو أنك تحتاج لدروس في اللغة العربية لأن النبي أصدق منك، وقد قال: آذيته، سببته، جلدته، ولم يذكر في صحاحنا أنه كان يسب.. لا حظ الياء علي ماذا تدل يا فاطمي!

ولا أنه من هوايته الجلد، وكذلك أن (يلعن)! نعم، قد يكون قد جلد أو لعن أو سب، ولكن أن تقول أنت أن الإمام مسلم رحمه الله ذكر أنه كان يسب ويلعن ويجلد، حرام عليك تفتري علي الإمام.

هذا من ناحية، ومن ناحية أخري كذلك، أحب أن أتراجع في هذا المقام عن ما قلته سابقاً وأتوب إلي الله منه، ألا وهو أن النبي قد ضرب أحداً. فأستغفر الله العظيم من هذا، لأن أمي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها قالت: ما ضرب رسول الله صلي الله عليه وآله شيئاً قط بيده، وما نيل منه شئ قط، فينتقم من صاحبه، إلا أن ينتهك من محارم الله فينتقم الله. رواه مسلم.

وبما أنني لست معصوماً، فأنا أخطئ وأصيب، وأتوب إلي الله عن قولي بأن النبي صلي الله عليه وآله، قد ضرب أحداً.

ص: 335

وخلاصة الكلام أن النبي قد يقيم الحد علي إنسان مؤمن، وقد أقام الحد عليه الصلاة والسلام علي المخزومية وقطع يدها، لأنها سرقت ليكون الحد بذلك طهرة لها من السرقة، وهذه المخزومية كانت بعد ذلك من خيرة النساء، وكانت تأتي عائشة، تسألها أن يجيب النبي صلي الله عليه وآله مسألتها، وكان النبي صلي الله عليه وآله يجيبها لذلك. فهذه المخزومية استحقت الحد، ولكنها مؤمنة دعا لها النبي أن يكون ذلك طهرة لها، وقد يكون أن النبي صلي الله عليه وآله كما قال الإمام النووي رحمه الله، قد سب أو شتم أحداً وهو ليس أهلاً لذلك، لأن النبي بشر، كما قال صلي الله

عليه وآله وسلم، وقد عاتبه الله تعالي في القرآن الكريم في غير ما مناسبة في كتبكم وفي كتبنا.

ولذا تذكر يا فاطمي أمراً، لا أنتم معاشر الشيعة، ولا نحن معاشر السنة.. نقول بالعصمة المطلقة للأنبياء.. مفهوم؟! والله اعتقدت عندك سالفة يا الفاطمي! بس ما عليه، قويها المرة القادمة!

وإلي لقاء قريب عن حديث المعصوم: فاطمة بضعة مني. خليكم معنا.

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 17 - 1 - 2000، الواحدة ظهراً:

إلي الشامي. قلت: " يعني أنت من يحدد بداية النقاش ونهايته ".

أقول: أولاً استأذنتك ووافقت أنت، فلماذا هذا الطعن الغير مباشر؟ وما تقصد بقولك هذا؟؟

قلت: " وعلي العموم أنا أجبتك دون لف ودوران، ولكن سبحان الله من فهمك الكبير أنت ".

أقول: هل تجاوب ثم تتراجع عنه؟ وهل فهمت من الذي ينطبق عليه قولك " سبحان الله من فهمك الكبير " يا شامي؟؟ وهذا قولك: " ومن ناحية أخري

ص: 336

كذلك، أحب أن أتراجع في هذا المقام عن ما قلته سابقاً وأتوب إلي الله منه، ألا وهو أن النبي قد ضرب أحداً.

قلت: " وهذه الأحاديث مبينة ما كان عليه صلي الله عليه وسلم من الشفقة علي أمته، والإعتناء بمصالحهم، والإحتياط لهم، والرغبة في كل ما ينفعهم ".

أقول: وهل من الشفقة علي أمته والإعتناء بمصالحهم أن يسب ويلعن ويجلد ويؤذي من لا يستحق منهم كما تتقولون عليه صلي الله عليه وآله؟؟!

هل الأحاديث [أدناه] توافق الأحاديث التي أوردناها؟؟

ففي البخاري عن أنس قال: لم يكن النبي سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً، وعن أبي هريرة: قيل لرسول الله ادعُ علي المشركين قال: إني لم أبعث لعاناً إنما بعثت رحمة. وقال لأم المؤمنين عائشة: وإياك والعنف والفحش.

فهل كان النبي صلي الله عليه وآله يقول بشئ ويفعل نقيضه؟؟! وكيف يأمر أم المؤمنين بقوله: وإياك والعنف والفحش ثم يفعله؟؟

ألا تدل هذه الأحاديث علي عنف النبي والعياذ بالله؟؟ وهل كان النبي والعياذ بالله سباباً ولعاناً؟ مع أنه كما قال أنس عنه " لم يكن سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً "!!

قلت يا شامي: " فالجواب ما أجاب به العلماء، والذي ذكره الإمام النووي الدمشقي رحمه الله تعالي في تعليقه علي صحيح مسلم، ومختصره وجهان: أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالي، وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلي الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك ".

أقول: وكيف حكمتم بأنه ليس بأهل لذلك عند الله، وخفيت علي الرسول! وكيف عرفتم بما في السرائر.. والرسول لم يعرف؟!

ص: 337

وكيف يكون ليس بأهل لذلك عند الله وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له؟

وهل تستطيع أن تورد مثال علي ذلك؟ وما هو تفسيرك ل- (إمارة شرعية) وماهيتها؟؟

قلت: " والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله تربت يمينك، عقري حلقي، وفي هذا الحديث: لا كبرت سنك، وفي حديث معاوية: لا أشبع الله بطنك، ونحو ذلك لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء ".

أقول يا شامي: ما تقصد بقولك " أن ما وقع من سبه ودعاؤه ونحوه ليس بمقصود "؟؟

وماذا تفعل بهذه الآيات المباركة " ما ضل صاحبكم وما غوي. إن هو إلا وحي يوحي. علمه شديد القوي ".

وراجع الحديث الأول: " فلعنهما وسبهما ".

والحديث الثاني: " فسبهما ولعنهما وأخرجهما " لتعلم أنه وحسب مضمون الحديث أنه والعياذ بالله سبهما وأخرجهما.

فكيف تقول ليس بمقصود؟؟ وما هو تفسيرك ل- (فسبهما ولعنهما وأخرجهما)؟

وأحيلك إلي ابن حجر العسقلاني في فتح الباري، كتاب الدعوات - باب 35 - ح 6362 - ج 11 - ص 206 - ط - دار الرياض، قال ابن حجر:

(وأشار عياض إلي ترجيح هذا الإحتمال الأخير، فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا منوي، لكن جري علي عادة العرب في دعم كلامها وصلة خطابها عند الحرج والتأكيد للعتب لا علي نية وقوع ذلك

ص: 338

كقولهم: عقري حلقي، وتربت يميتك، فأشفق من موافقة أمثاله القدر، فعاهد ربه ورغب إليه أن يجعل ذلك القول رحمة وقربة). انتهي.

قال ابن حجر العسقلاني: (وهذا الإحتمال حسن، إلا إنه يرد عليه قوله: جلدته، فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد!!).

فهذا قول عالمك وإمامك وشيخ الإسلام وخاتمة حفاظ أهل السنة وشارح صحيح البخاري المعتمد لديكم ولدي ابن باز.

وراجع يا شامي فتح الباري لتري قول علمائكم والاحتمالات، وتفضل بالرد. ويا شامي: هل توافق هذه الروايات تلك الآيات التي أوردها بالأسفل منها؟؟ وهل تناقضها، أم لألأ؟؟

ح - 6557، دخل علي رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما. في البخاري، باب: قول النبي صلي الله عليه وسلم من آذيته فاجعله له زكاة ورحمة، كتاب الدعوات، ج 8 - ص 435 ح 1230: اللهم فأيما مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة، كتاب الدعوات - ج 8 - ص 435 - ط - دار القلم.

وهل توافق تلك الروايات قول الله تعالي " والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتاناً وإثماً عظيماً "؟!

فكيف يقول البخاري عن الرسول " من آذيته "؟؟

وهل آذي الرسول صلي الله عليه وآله من المسلمين من ليس بأهل لذلك لكي يقول: من آذيته؟؟ وهل يوافق ما قاله البخاري " من آذيته " وتلك الروايات من مسلم، قولَ الله تعالي " وإنك لعلي خلق عظيم "؟

وهل هناك إنسان خلوق يسب ويلعن ويجلد من لا يستحق؟؟ فما بالك يا شامي بمن وصفه جل وعلا بأنه: علي خلق عظيم؟؟!

ص: 339

فما بالك يا شامي بمن هو خير خلق الله، وتقول أنت عنه بأنه: معصوم؟!

وهل توافق تلك الروايات قول الله تعالي " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم ".

فالله سبحانه وتعالي يأمر نبيه صلي الله عليه وآله بالعفو والإستغفار لهم، فكيف يسبهم ويلعنهم ويؤذيهم! والعياذ بالله؟؟!

وهل يا تري بأن النبي صلي الله عليه وآله لم يمتثل لأوامر الله سبحانه؟؟!

وهل هناك طعن بالنبي صلي الله عليه وآله أشد من هذا القول؟؟!

وهل توافق تلك الروايات قول الله تعالي: " والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون "؟

وهل توافق تلك الروايات قول الله تعالي: " والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين "؟ فكيف تروون وتصححون هذه الرواية: ح - 6557، دخل علي رسول الله رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما!!

هل كان الرسول يلعن ويسب علي الغضب والعياذ بالله؟!!

وماذا تفعل يا شامي بقول أم المؤمنين عائشة " عندما سئلت عن خلق النبي قالت: خلقه القرآن؟!

وهل تعتقد وتقول بأن النبي صلي الله عليه وآله لم يتعبد بالقرآن ولم يهتدِ بهداه؟؟؟

وهل تريد القول بأن النبي صلي الله عليه وآله لم يتقيد بهذه الآية " خذ العفو وأمر بالمعروف وأعرض عن الجاهلين "، وبقية الآيات التي أوردتها أعلاه؟؟ وهل وهل وهل؟

ص: 340

هذا ردي علي ردك بخصوص الموضوع الأصلي، وأما بقية ما قلت سوف أرد عليه بعد هذا الرد لكي لا يتشعب الموضوع الأصلي. ونريد الإجابة علي جميع الأسئلة المتعلقة بردي علي ردك.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (الشامي) بتاريخ 17 - 1 - 2000، الثانية والنصف ظهراً:

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم! وإنا لله وإنا إليه راجعون! ما أحلي من قال:

وكم من عائب قولاً صحيحاً... وآفته من الفهم السقيم!

يا فاطمي، كل ما سودت به ردك هنا بلا طعمة!! أتدري لماذا؟! لأنه تماماً نفس الموضوع الأول!! وأنا قلت لك ولكن يبدو أنك لم تقرأ جيداً! أقول: الإمام مسلم رحمه الله تبارك وتعالي جمعني الله وإياه يوم القيامة أينما ذهب، لم يقل أن الرسول كان يسب! أو يلعن! أو يشتم! بل قال إن النبي قد

يكون سب أو ستم أو لعن، مفهوم؟! يا الله ليش ما تدرسون لغة عربية؟!! هل يلعن أي مثل تماماً ما نراه هنا في الحوار دائماً والحمد لله، هل يلعن مثل أن يقول النبي صلي الله عليه وسلم: لعنته؟!! سبحان الله علي فهمك. هذا من ناحية. ومن ناحية أخري، أفرض أن النبي لعن أحداً ولم يكن هو أهلاً لذلك فماذا؟! المعصوم ليس معصوماً في كل ما يعتري النفس البشرية، وهذا لا أقوله أنا ولا أهل السنة، بل أنتم أيضاً.. مفهوم؟! ولا أعيد الكلام: لا نحن ولا أنتم يا فاطمي نقول بالعصمة المطلقة للأنبياء والرسل. فإذا عرفت ذلك، عرفت أن الله قد عاتبه في سروة التحريم، وقد عاتبه في مواضع أخري. بل إن الله قال له في سورة التحريم: " لم تحرم ما أحل الله لك " يا رب، أتكون فهمت الآن!

وبعدين يا فاطمي، أنا لست ممن يسمع الكلام مثل الذي يقوله المهاجر في التلفزيون السوري: إحنا والسنة مثل بعظ!! وينطلي علي هذا الكلام!! ولست

ص: 341

ممن يقال له: هل هذا يتماشي مع كونه علي خلق عظيم؟!! هذا التلبيس لا يمشي علي! إلعب غيرها. الفعل: يلعن: فعل مضارع يفيد الإستمرارية، وفي بعض الأحيان يفيد الديمومة علي اللعن إن صرحت الجملة بذلك. لعن: فعل ماضي مبني علي الفتح لا يفيد أبدا الديمومة، بل يفيد فعل اللعن لمرة واحدة أو أكثر.

لعنت (أنا): أي فعلت فعل اللعن مرة في كذا وكذا، ولا يفهم من هذا أبدا أنه يفيد: أنني أداوم علي لعن كذا. اللهم إلا أن تأتي جملة أخري تصرح بفعل مشابه للديمومة كفعل المضارع أعلاه. إذن المعصوم بأبي هو وأمي صاحب الرسالة الحقة الذي لم يتوه عنه. (قال العاملي: وهو تعريض بأن الشيعة يقولون: تاه جبريل!!) جبريل عليه السلام ويعطيه هذه الرسالة بالخطأ، حاشا جبريل عليه السلام، يقول كما ورد في صحيح مسلم يرحمه الله: اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ.

يفيد هذا فعل اللعن أو السب لمرة واحدة فقط! ولا يفيد أنه عليه وعلي آله أفضل الصلاة والسلام كان يداوم علي اللعن.... ولكن ليت شعري!

وكتب (عمار) بتاريخ 18 - 1 - 2000، الثانية والنصف صباحاً:

لو سمحتم لي مداخلة بسيطة، وهي أن لا ننسي قوله تعالي: لا ينال عهدي الظالمين.

وجلد المسلم وسبه وهو ليس أهلاً لذلك، فيه ظلم لا ينكره إلا مكابر! ثم إنك يا أخي الشامي أقررت علي أن الرسول يشتم ويسب ويلعن ومن ثم بعد أن طُرح الموضوع بتفصيل أكثر ما أراك إلا ناكراً لما تفضلتم به في أول ردودكم!

ص: 342

إرسيلك علي بر.. أخي العزيز، وكفاك تلاعباً بالألفاظ فإنك تعلم الحق، لكنك تكابر.

أما قولك أنه جرت عادة العرب و.. إلخ من الكلام والحج التي هي أوهن من بيت العنكبوت يردها ما قاله الرسول " جلدته "، أم تراك جازماً أنه جرت عادة العرب علي الجلد أيضاً؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 19 - 1 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!! وإنا لله وإنا إليه راجعون!

قلت يا شامي: " الإمام مسلم رحمه الله تبارك وتعالي جمعني الله وإياه يوم القيامة أينما ذهب، لم يقل أن الرسول كان يسب! أو يلعن! أو يشتم! بل قال: إن النبي قد يكون سب، أو شتم، أو لعن، مفهوم ".

أقول: هل بدأت بالكذب؟؟

وهل أعيتك الإجابة والحيل حتي بدأت تكذب لتخرج من ورطتك؟؟

أين قول الإمام مسلم إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن، وفي أي صفحة وجزء من صحيح مسلم رأيت هذا القول؟؟؟ والمشكلة أنك تقول مفهوم!! وهل تريد أن تفهمنا بكذبك؟؟

ولماذا كررت كذبتك هذه وقلت يا شامي: " إذن المعصوم بأبي هو وأمي صاحب الرسالة الحقة الذي لم يتوه عنه جبريل عليه السلام ويعطيه هذه الرسالة بالخطأ حاشا جبريل عليه السلام، يقول كما ورد في صحيح مسلم يرحمه الله: اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ ".

وأقول لك يا شامي: هل تدلنا في أي صفحة وفي أي جزء من صحيح مسلم أجد قولك هذا: " اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ ".

ص: 343

وقولك السابق: " بل قال إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن ".

نريد رقم الصفحة وفي أي جزء،، مفهوم،، علي الأقل لتثبت صدق قولك!!

قلت: " هل يلعن مثل أن يقول النبي صلي الله عليه وسلم: لعنته؟!! سبحان الله علي فهمك! ".

أقول: قالت أم المؤمنين عائشة: فأغضباه فلعنهما وسبهما.

حديث رقم 6557، ص 366، ج 16، كتاب البر والصلة، صحيح مسلم، ط / دار المعرفة. وقالت أيضاً: فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما. حديث رقم 6558، نفس المصدر أعلاه!

فهل أنت أفهم من أم المؤمنين عائشة؟! يمكن؟! ليش لألألأ؟؟!! ما دمت بدأت تكذب فسوف تقول إنك الأفهم، وهل تفهمنا ما هو قصد أم المؤمنين عائشة من قولها: " فلعنهما "؟؟

قلت: " أفرض أن النبي لعن أحداً ولم يكن هو أهلاً لذلك، فماذا؟! "

أقول: وهل يعتبر اللعن بدون وجه حق من الظلم، أم لا؟؟ وهل تجوز علي نفسك أن تلعن من لم يكن أهلاً لذلك؟؟ فكيف يظلم النبي صلي الله عليه وآله؟

وقد روي عن الله جل وعلا إنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وجعلته بينكم محرماً، فلا تظالموا. صحيح مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، ج 16، ص 348.

قلت: " يا الله ليش ما تدرسون لغة عربية؟!! ".

أقول يا شامي: راجع قولك هذا لتعرف من يحتاج لدراسة اللغة العربية " إحنا والسنة مثل بعظ!! " وهل (بعض) تكتب هكذا (بعظ)؟!

ص: 344

وأقول يا شامي: لماذا تجاوزت هذه الأسئلة ولم ترد عليها؟؟ وهل هي صعبة إلي هذا الحد لكي تلتف عليها وتهرب؟؟ وأعيد لك الأسئلة والمتعلقة بردي الأخير عليك والتي تجاوزتها وهربت.

قلت يا شامي: " فالجواب ما أجاب به العلماء والذي ذكره الإمام النووي الدمشقي رحمه الله تعالي في تعلقه علي صحيح مسلم، ومختصره وجهان: أحدهما: أن المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالي، وفي باطن الأمر، ولكنه في الظاهر مستوجب له، فيظهر له صلي الله عليه وسلم استحقاقه لذلك بأمارة شرعية، ويكون في باطن الأمر ليس أهلاً لذلك ".

أقول: وكيف حكمتم بأنه ليس بأهل لذلك عند الله وخفيت علي الرسول صلي الله عليه وآله؟؟ وكيف عرفتم بما في السرائر، والرسول صلي الله عليه وآله لم يعرف؟؟

وكيف يكون ليس بأهل لذلك عند الله وفي باطن الأمر ولكنه في الظاهر مستوجب له؟؟

وهل تستطيع أن تورد مثال علي ذلك؟؟ وما هو تفسيرك ل- (إمارة شرعية) وماهيتها؟؟

قلت: " والثاني: أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود، بل هو مما جرت به عادة العرب في وصل كلامها بلا نية، كقوله تربت يمينك، عقري حلقي وفي هذا الحديث: لا كبرت سنك، وفي حديث معاوية: لا أشبع الله بطنك. ونحو ذلك لا يقصدون بشئ من ذلك حقيقة الدعاء ".

أقول يا شامي: ما تقصد بقولك " أن ما وقع من سبه ودعائه ونحوه ليس بمقصود "؟؟

وماذا تفعل بهذه الآيات المباركة " ما ضل صاحبكم وما غوي. إن هو إلا وحي يوحي. علمه شديد القوي ".

ص: 345

وراجع الحديث الأول: فلعنهما وسبهما. والحديث الثاني: فسبهما ولعنهما وأخرجهما.

لتعلم إنه وحسب مضمون الحديث إنه والعياذ بالله سبهما وأخرجهما، فكيف تقول ليس بمقصود؟؟؟ وما هو تفسيرك ل- " فسبهما ولعنهما وأخرجهما ".

وأحيلك إلي ابن حجر العسقلاني في فتح الباري،، كتاب الدعوات - باب 35 - ح 6362 - ج 11 - ص 206 - ط / دار الرياض. قال ابن حجر:

(وأشار عياض إلي ترجيح هذا الإحتمال الأخير فقال: يحتمل أن يكون ما ذكره من سب ودعاء غير مقصود ولا منوي، لكن جري علي عادة العرب في دعم كلامها وصلة خطابها عند الحرج والتأكيد للعتب لا علي نية وقوع ذلك، كقولهم عقري حلقي، وتربت يميتك، فأشفق من موافقة أمثاله القدر، فعاهد ربه ورغب إليه أن يجعل ذلك القول رحمة وقربة). انتهي.

قال ابن حجر العسقلاني: (وهذا الإحتمال حسن إلا إنه يرد عليه قوله: جلدته فإن هذا الجواب لا يتمشي فيه، إذ لا يقع الجلد عن غير قصد!!).

فهذا قول عالمك وإمامك وشيخ الإسلام وخاتمة حفاظ أهل السنة وشارح صحيح البخاري المعتمد لديكم ولدي ابن باز، وهل تستطيع الرد علي قول ابن حجر العسقلاني أم إنك ستهرب، كالعادة؟؟

وراجع يا شامي فتح الباري لتري قول علماؤكم والإحتمالات وتفضل بالرد.

وأخيراً أقول يا شامي: نريد أن تقارع الحجة بالحجة لا أن تقارع الحجة بالكذب والتهرب!!

وهل نري ردك علي الأسئلة التي تهربت منها؟؟ أم ستستمر في هروبك؟؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 22 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

ص: 346

وكتب (حسام الدين الشامي) بتاريخ 24 - 1 - 2000، العاشرة صباحاً:

يا فاطمي: أنت تحاول تلف وتدور حول نقطة تعتقد بأنك ما شاء الله صرت فطحل، وأنت مكانك راوح، وستبقي كذلك إلا أن تتغير عقيدتك. وأنا مستعد أن أجيبك إن أجبتني عن التالي:

فيمن نزلت هذه الآية: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. وهل تعتقد إن كنت تعتقد ذلك بأن المعصوم يحرم ما أحل الله لك؟!!!!

قوية ولا شلون؟!! مسكين يا فاطمي!! والله مسكين!!

فكتب (الفاطمي)، الحادية عشرة صباحاً:

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!! وإنا لله وإنا إليه راجعون!

(قال العاملي: وأعاد الفاطمي عليه أسئلته، وقال): هذا ما طلبته منك..

ولم أطلب منك أن تتفلسف وتحاول تغير الموضوع، وتقول " مسكين يا فاطمي!! والله مسكين!! " من المسكين يا حسام الكذب؟؟ هل المسكين من يقارع الحجة بالحجة أم من يقارع الحجة بالكذب؟ ولماذا تكذب يا الشأمي؟

والمشكلة مسمِّي نفسك حسام الدين! وهل حسام الدين يكذب؟ خوش دين اللي حسامه كذاب!

وهل قولك " وأنا مستعد أن أجيبك إن أجبتني عن التالي " هو للتهرب لأنك لم تجد ما قلت عنه في صحيح مسلم؟؟ وهل تريد أن تقنعنا بأكاذيبك؟؟ وهل علينا أن نلاحق أكاذيبكم؟؟

ويا سبحان الله كلما نناقش واحداً منكم يرد علينا بالكذب!!

ص: 347

أنت والفقيه والحوت والبعض، وهل تريدون إثبات مذهبكم بالكذب؟! يا حسام الكذب الشامي؟؟

دافع عن نفسك بنفي وتفنيد أكاذيبك بدل اللف والدوران.

يا حسام الكذب الشأمي؟؟ والظاهر أنك ما تدري إن آية المنافق إحداها الكذب؟؟

والمنافق في الدرك الأسفل من النار، وأتحداك أن تجد كذبتاك في صحيح مسلم!!

ووالله لو استطعت إيراد رقم الحديث ورقم الصفحة، وفي أي جزء من صحيح مسلم توجد كذبتاك، فسوف أنسحب من هذا المنتدي ومن هجر، ولن أكتب أبداً في أي ساحة!

وإذا أنت مَنت (ما أنت) قد النقاش، روح ارتاح بالبيت وبيع جهازك أحسن لك من أن تكذب وتصير منافق.

وكتب (حسام الدين الشامي) بتاريخ 25 - 1 - 2000، السابعة صباحاً:

يا فاطمي: ما كنت أريد أن أكون أنا من يتسبب في إخراجك من هذا الحوار العام، ولكن المسلمون عند عقودهم كما قال المعصوم صلي الله عليه وسلم. وأنت قلت: " أنك تتحداني إن أتيت لك بالأحاديث أنك ستخرج من الحوار العام إن أنا أتيت لك بالأحاديث!! ".

فيا فاطمي والله ما أخجّلك.. هذه هي الأحاديث: الأحاديث موجودة كلها في صحيح مسلم كتب البر والصلة، باب من لعنه النبي صلي الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه.

ص: 348

حديث 4705: حدثنا زهير بن حرب، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي الضحي، عن مسروق عن عائشة، قالت: دخل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم رجلان فكلماه بشئ لا أدري ما هو فأغضباه فلعنهما وسبهما، فلما خرجا، قلت: يا رسول الله من أصاب من الخير شيئاً، ما أصابه هذان. قال: وما ذاك؟ قالت: قلت لعنتهما وسببتهما. قال: أوما علمت ما شارطت عليه ربي، قلتُ: اللهم إنما أنا بشر فأي المسلمين لعنته أو سببته فاجعله له زكاة وأجراً. حدثناه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا أبو معاوية، وحدثناه علي بن حجر السعدي وإسحاق بن إبراهيم وعلي بن خشرم جميعاً، عن عيسي بن يونس كلاهما، عن الأعمش بهذا الإسناد نحو حديث جرير، وقال في حديث عيسي: فخلوا به فسبهما ولعنهما وأخرجهما.

حديث 4706: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: اللهم إنما أنا بشر فأيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته فاجعلها له زكاة ورحمة. وحدثنا ابن نمير حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر عن النبي صلي الله عليه وسلم مثله، إلا أن فيه زكاة وأجراً. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب، قالا: حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عيسي بن يونس كلاهما، عن الأعمش بإسناد عبد الله بن نمير مثل حديثه غير أن في حديث عيسي جعل وأجراً في حديث أبي هريرة، وجعل ورحمة في حديث جابر.

حديث 4707: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا المغيرة يعني ابن عبد الرحمن الحزامي، عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: اللهم إني أتخذ عندك عهداً لن تخلفنيه فإنما أنا بشر فأي المؤمنين

ص: 349

آذيته شتمته لعنته جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.

حدثناه ابن أبي عمر، حدثنا سفيان، حدثنا أبو الزناد بهذا الإسناد نحوه، إلا أنه قال: أو جلده. قال أبو الزناد: وهي لغة أبي هريرة وإنما هي جلدته. حدثني سليمان بن معبد، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم بنحوه.

حديث 4608: حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث، عن سعيد بن أبي سعيد عن سالم مولي النصريين، قال: سمعت أبا هريرة يقولا: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم إنما محمد بشر يغضب كما يغضب البشر، وإني قد اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه فأيما مؤمن آذيته أو سببته أو

جلدته فاجعلها له كفارة وقربة تقربه بها إليك يوم القيامة.

حديث 4709: حدثني حرملة بن يحيي، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب، أخبرني سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: اللهم فأيما عبد مؤمن سببته فاجعل ذلك له قربة إليك يوم القيامة.

حديث 4710: حدثني زهير بن حرب وعبد بن حميد، قال زهير حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا ابن أخي ابن شهاب، عن عمه، حدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أنه قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم، يقول: اللهم إني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فأيما مؤمن سببته أو جلدته

فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة.

حديث 4711: حدثني هارون بن عبد الله وحجاج بن الشاعر، قالا حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع جابر بن عبد

ص: 350

الله يقولان: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: إنما أنا بشر وإني اشترطت علي ربي عز وجل أي عبد من المسلمين سببته أو شتمته أن يكون ذلك له زكاة وأجراً. حدثنيه ابن أبي خلف: حدثنا روح وحدثناه عبد بن حميد حدثنا أبو عاصم جميعاً، عن ابن جريج بهذا الإسناد مثله.

حديث 4712: حدثني زهير بن حرب وأبو معن الرقاشي واللفظ لزهير قالا: حدثنا عمر بن يونس، حدثنا عكرمة بن عمار، حدثنا إسحاق بن أبي طلحة، حدثني أنس بن مالك، قال: كانت عند أم سليم يتيمة وهي أم أنس فرأي رسول الله صلي الله عليه وسلم اليتيمة فقال: آنت هيه، لقد كبرت ل

كبر سنك فرجعت اليتيمة إلي أم سليم تبكي، فقالت: أم سليم، ما لك يا بنية قالت الجارية دعا علي نبي الله صلي الله عليه وسلم أن لا يكبر سني، فالآن لا يكبر سني أبداً، أو قالت: قرني فخرجت أم سليم مستعجلة تلوث خمارها حتي لقيت رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقال لها رسول الله صلي الله عليه وسلم: ما لك يا أم سليم؟ فقالت يا نبي الله أدعوت علي يتيمتي؟ قال: وما ذاك يا أم سليم؟

قالت: زعمت أنك دعوت أن لا يكبر سنها ولا يكبر قرنها. قال: فضحك رسول الله صلي الله عليه وسلم ثم قال: يا أم سليم أما تعلمين أن شرطي علي ربي، أني اشترطت علي ربي فقلت: إنما أنا بشر أرضي كما يرضي البشر وأغضب كما يغضب البشر فأيما أحد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهوراً وزكاة وقربة يقربه بها منه يوم القيامة. وقال أبو معن: يتيمة بالتصغير في المواضع الثلاثة من الحديث.

والآن يا فاطمي: يالله إطلع برة! برة! برة!!

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 19 - 1 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

ص: 351

لا حول ولا قوة إلا بالله العظيم!! وإنا لله وإنا إليه راجعون!

قلت يا شامي: " الإمام مسلم رحمه الله تبارك وتعالي جمعني الله وإياه يوم القيامة أينما ذهب، لم يقل أن الرسول كان يسب! أو يلعن! أو يشتم! بل قال إن النبي قد يكون سب، أو شتم، أو لعن، مفهوم ".

أقول: هل بدأت بالكذب؟؟ وهل أعيتك الإجابة والحيل حتي بدأت تكذب لتخرج من ورطتك؟؟ أين قول الإمام مسلم إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن وفي أي صفحة وجزء من صحيح مسلم، رأيت هذا القول؟؟؟ والمشكلة إنك تقول مفهوم!! وهل تريد أن تفهمنا بكذبك؟؟

ولماذا كررت كذبتك هذه وقلت يا شامي: " إذن المعصوم بأبي هو وأمي صاحب الرسالة الحقة الذي لم يتوه عنه جبريل عليه السلام ويعطيه هذه الرسالة بالخطأ حاشا جبريل عليه السلام، يقول كما ورد في صحيح مسلم يرحمه الله: اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ ".

وأقول لك يا شامي: هل تدلنا في أي صفحة وفي أي جزء من صحيح مسلم أجد قولك هذا " اللهم من كنت قد لعنته أو سببته أو... إلخ ".

وقولك السابق " بل قال إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن "؟

نريد رقم الصفحة وفي أي جزء، مفهوم، علي الأقل لتثبت صدق قولك.

هذا ما طلبته منك وباختصار رقم الصفحة ورقم الحديث وأي جزء من صحيح مسلم أجد قولك " بل قال إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن ". وقولك هذا " اللهم من كنت قد لعنته أو سببته ".

هذا ما طلبته يا حسام الكذب إيراد قولك " بل قال إن النبي قد يكون سب أو شتم أو لعن " لاحظ قولك إن النبي " قد يكون "!! فأين " قد يكون " في الأحاديث التي أوردتها؟! وفي أي الأحاديث أجد ويجد القارئ " اللهم من

ص: 352

كنت قد لعنته "؟! ومتي قال النبي صلي الله عليه وآله: اللهم من كنت قد لعنته؟ وقولك " قد يكون سب "؟؟ أنظر ما بين القوسين يا كاذب! وفي أي من الأحاديث التي أوردتها أجد كذبتاك؟؟ أعطنا رقم الحديث لنجد كذبتاك هذا؟؟ ولماذا تريد أن تكذب علي النبي صلي الله عليه وآله؟؟ وهل هذه عادتك؟؟

وهل أنت عبيط أم إنك تستعبط علي القراء، وتورد أحاديث أنا أوردت بعضها وليس فيها إن النبي صلي الله عليه وآله " قد يكون سب " وقولك: " اللهم من كنت قد لعنته " وما هو رقم الحديث أو الأحاديث التي أورتها ويوجد فيها كذبتاك هاتان؟؟ وهل تريد أن تفند كذبتاك بكذبة أخري؟؟

وهل تعتقد إن القراء بهذه السذاجة لكي تستطيع أن تلبس عليهم؟؟

وبكل صراحة أثبت أنك لا تستحي.. وأني لكذاب أن يستحي وهو منافق.. وهل يستحي المنافق؟؟!

ويا حسام الكذب فشلت وفضحت نفسك وأثبت إن وجهك ما يعرق أبداً بدليل أكاذيبك واحدة تلو الأخري.

والظاهر إنك كتبت ردك وأنت تحت تأثير أحلام اليقظة، وكنت تحلم بأنك راح تثبت لي صدق كلامك، وأنك راح تطردني! ولكن خاب ظنك..

ما فعلته أنت هو إضحاك القراء عليك وهم يرون محاولتك لتفنيد كذبك وتغطية فشلك بإيرادك كذبة أخري.

هاردْلك.. خاب ظنك، وننتظر ردك وتخبطك والمزيد من الأكاذيب!

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (عمار) بتاريخ 25 - 1 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

أنقل الكلام عدل يالشامي، وكفاك تدليس وبتر، ولا تخجل من كلام إمامك!

ص: 353

أم أن المسألة مزاج يا أستاذ؟

قلت: ملاحظة الأحاديث موجودة كلها في صحيح مسلم... فلا تبتر الكلام، ولا تناقض نفسك، وإن كان فيك خير.. جاوب علي ما أوردته لك.

وكتب (عمار) بتاريخ 28 - 1 - 2000، الرابعة صباحاً:

الأخ الفاطمي: سلام عليك وسلمت يداك. أحسنت وأجدت وجزاك الله خير الجزاء. وليست هذه هي المرة الأولي للكذب والتدليس وتحريف الروايات ووضعها، وقد كنت فارسها كما عرفناك دوماً، وخنجر الشيطان الشامي هو الذي صار بره.. بره، هرب كالعادة ولن يعود.

ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسل فاكتبنا مع الشاهدين.

وكتب (شعلان الصلال)، الثانية عشرة ظهراً:

ساداتي أبناء الزهراء عليها السلام: الفاطمي وعمار، لله درُّكما، ورحم الله والديكما..

فقد فاحت (خيسته) هذا أبو حكي.. لا ما حكي.

والعجيب أنه يعلِّم باقي النواصب مثله علي كيفية نقاش الشيعة. وهو من الجولة الأولي ماصمد.. خيُّوه... هاردلك.

قال الوهابي اللعين د. عبد الله الغريب في تلموده المتولد من الطوفه الهبيطة (وجاء دور المجوس):

إن التشيع يسري حثيثاً في القبائل العربية البدوية كقبيلة شمر أعزها الله.

فنقول: اللهم لك الحمد والمنة علي نعمة الولاية، وهي سنام هذا الأمر.

وكتب (حسام) بتاريخ 30 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف:

ها أنا قد عدت لكم من سفري!! وللأسف لم يغادر الفاطمي لأنه يلف ويدور مثل العادة!!

ص: 354

علي العموم لي نقاش آخر معه. علي كل حال يا عمار أريد أن أقول لك شيئاً ضعه حلقة في أذنك:

أنا أفتخر وأدين الله عز وجل بكل حديث في البخاري ومسلم، وأسأل الله عز وجل أن يحشرني معهم يوم القيامة أينما ذهبوا. ولذلك أنا أعكف علي تعلم كتاب الله عز وجل الذي لم يشوبه التحريف أو التغيير أو النقص أو التبديل، وكذلك علي كتابي الإمامين البخاري ومسلم. ولكن لأنكم تذهبون إلي أشرطة السي دي وتعتقدون أن هذه هو صحيح البخاري وذاك هو مسلم، فيصبح عندكم عقدة البحث في أشياء أنتم تظنونها مدينة ولكنها في الحقيقة تدينكم أنتم!! وأما بالنسبة لاعتراضك يا ذكي علي إيرادي اسم الباب بالشكل الذي ذكرته أنا واعترضت عليه أنت باعتقادك بأنه بغير ذلك، فأقول لك: يا جاهل هناك كتاب اسمه مختصر الإمام مسلم للإمام المنذري الدمشقي رحمه الله تعالي، وفي ذلك المختصر بوب الإمام المنذري رحمه الله تعالي هذا الباب الذي تدعي حضرتك المعرفة به!!

فقال: باب في جعل دعاء النبي صلي الله عليه وسلم علي المؤمنين زكاة ورحمة. مختصر الإمام مسلم للحافظ المنذري بتحقيق المحدث الألباني رحمه الله تعالي طبع المكتب الإسلامي 1987 ص 481.

فماذا تقول يا ذكي؟!!

علي كل حال، أتحداك يا عمار أن تقول هذه الجملة بالحرف الواحد: أنا أسأل الله أن يحشرني يوم القيامة مع الطبرسي صاحب كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب أينما ذهب!!

أتحداك وأتحدي كل شيعي أن يقولها... هل تقولها يا عمار؟!! ثم أبشركم أنني قطعت عهدا علي نفسي أن ألاحق الشيعة أينما ذهبوا!! وسيكون لي مقالات

ص: 355

قريباً جداً، فإلي المواضيع التي يكره الرافضة مناقشتها. كونوا معنا في الحوار العام!

حمداً لك اللهم أقولها.. في البؤس والإيسار والإعسار

وعلي النبي الهاشمي وآله.. ليلي أصلي دائباً ونهاري

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 30 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

قلت: " ها أنا قد عدت لكم من سفري!! ".

أقول: الحمد لله علي السلامة، ونرجو أنك قد تركت أكاذيبك هناك وعدت بدونها.

قلت: " وللأسف لم يغادر الفاطمي لأنه يلف ويدور مثل العادة!! علي العموم لي نقاش آخر معه ".

أقول: الفاطمي ما يلف ويدور، وأيضاً لا يكذب في قوله. والظاهر أنك ما زلت تحلم في يقظتك ومنامك. وأما بخصوص نقاشك فأرجو أن لا تتحفنا بأكاذيبك كعادتك يا حسام الك-؟؟ الشأمي!!

قلت: " ولذلك أنا أعكف علي تعلم كتاب الله عز وجل الذي لم يشوبه التحريف أو التغيير أو النقص أو التبديل وكذلك علي كتابي الإمامين البخاري ومسلم ".

أرجو أن تقرأ هذه الآية وتتمعن فيها: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون. النحل – 105.

قلت: " وأما بالنسبة لاعتراضك يا ذكي علي إيرادي اسم الباب بالشكل الذي ذكرته أنا واعترضت عليه أنت باعتقادك بأنه بغير ذلك، فأقول لك: يا جاهل هناك كتا ب اسمه مختصر الإمام مسلم فلإمام المنذري الدمشقي رحمه الله تعالي، وفي ذلك المختصر بوب الإمام المنذري رحمه الله تعالي هذا الباب

ص: 356

الذي تدعي حضرتك المعرفة به!! فقال: باب: في جعل دعاء النبي صلي الله عليه وسلم علي المؤمنين زكاة ورحمة. مختصر الإمام مسلم للحافظ المنذري بتحقيق المحدث الألباني رحمه الله تعالي طبع المكتب الإسلامي 1987 ص 481. فماذا تقول يا ذكي؟! ".

أقول: لماذا كذبت في المرة السابقة؟؟

وقلت في كذبتك: الأحاديث موجودة كلها في صحيح مسلم، كتب البر والصلة باب: من لعنه النبي صلي الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه، وعندما كشفك عمار أردت أن ترقع نفسك وقلت: باب في جعل دعاء النبي صلي الله عليه وسلم علي المؤمنين زكاة ورحمة.

وبغيت تكحلها عميتها بالمرة، فالفرق واضح وكبير بين قوليك يا كذاب.

وأيضاً نحن نقول صحيح مسلم، وأنت تقول مختصر صحيح مسلم!! فأيهما أصح وأكمل؟؟

ولماذا تنقل من مختصر صحيح مسلم؟؟

هل لأنك محرج من قراءة صحيح مسلم لوجود الطامات فيه؟؟

أم لأنك لا تعتقد بصحة ما أوردته من أحاديث الطعن بالرسول صلي الله عليه وآله؟؟

ويدل علي هذا إجابتك في بداية الموضوع ثم تغييرك الجواب!

ولماذا غير الإمام المنذري هذا الباب فقال: باب في جعل دعاء النبي صلي الله عليه وسلم علي المؤمنين زكاة ورحمة؟!

هل لأنه رأي العنوان الحقيقي لهذا باب في صحيح مسلم ثقيلاً عليه ويطعن في معتقده في رسول الله صلي الله عليه وآله، ولا يستطيع الجواب عنه، فأراد أن يحرف ويغير عنوان الباب الأصلي ليكون أقل وطأة علي القارئ؟!!

ص: 357

وهل بتغيير عنوان الباب يستطيع إخفاء هذا الطعن في نبي الرحمة صلي الله عليه وآله؟؟

وهل يستطيع إخفاء أو تغيير أحاديث الباب بمجرد تغيير عنوان الباب؟؟

وهل فعلكم هذا للتغطية علي طعنكم في خير خلق الله صلي الله عليه وآله؟

فقد والله فضحت علماءك بكشفك عن محاولته بتغيير معالم صحيح مسلم!!

ونرجو المزيد منك يا حسام الكذب الشامي.

قلت: " ثم أبشركم أنني قطعت عهدا علي نفسي أن ألاحق الشيعة أينما ذهبوا! وسيكون لي مقالات قريباً جداً، فإلي المواضيع التي يكره الرافضة مناقشتها... كونوا معنا في الحوار العام ".

صلوا علي محمد وآل محمد يا شباب.. فلقد أتانا من يفضح علماءه بنقل أكاذيبهم هنا لكي نعريهم. وينك من زمان يا حسام الكذب.. فقد والله سهلت لنا مهمة تعريتكم أنتم وعلماؤكم.

والحمد لله إنك تلاحقنا بأكاذيبكم، والحمد لله الذي جعلك من ال-؟؟؟؟

وأرجو أن تكثر من الكذب مثلما فعلت، لتسهل علينا تعريتك، والذين تنقل عنهم! ويا حبذا أن تكتب مؤلف أكاذيبك السابقة واللاحقة. وأذكرك مجدداً بهذه الآية الكريمة: إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون. النحل - 105.

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (عمار) بتاريخ 31 - 1 - 2000، الرابعة صباحاً:

أشكر السيد حبيب ألبي الفاطمي فقد كفي ووفي.. ولكني أقول إلي الشامي: إن آخر شخص يتكلم عن كتب الحديث هو أنت، وإن أردت نقلت لك الوصل الذي تبحث من خلاله علي صفحة للأحاديث علي النت والذي كتبته في سحاب.

ص: 358

أنت الذي يحتاج إلي مراجعة الكتب يا أستاذ، وعيب عليك، الشيعة في حوزتهم كتبكم وأنت تتمسكن في صفحات الحوار تبحث عن لِنْك لأحاديث البخاري ومسلم. إن أريدت أعطيتك دار

النشر ورقم الطبعة والكتاب والباب مع رقم الصفحة من صحيح مسلم الذي في حوزتي، حتي لا تقول

أننا نستخدم السي دي!!

سبحان الله يا زميلي الشامي أنت في كل يوم تريد تكحلها تعميها بالزايد. الحمد لله الذي جعل

خصومنا من أمثالك. هدانا الله وإياكم إلي الطريق الحق آمين.

وأن تلاحق الشيعة، فهذا ما نتفهَّمه.. فهذه انفعالات المهزوم المنكسر، وإن كانت هوايتك أن تحيا في الفضائح والخزي والخذلان، فمن ذا الذي يستطيع أن يمنعك من أن تخزي نفسك؟! فهنيئاً لك.

أما الشيخ الطبرسي فخذ يا خنجر الفتنة: اللهم احشرني مع عبدك الصالح الشيخ الطبرسي عليه رحمتك ورضوانك!

فهل ستقول الآن يا سليل آل أبي سفيان: اللهم احشرني مع معاوية ويزيد وابن تيمية وابن باز؟

هل تستطيع أن تقول ذلك الآن يا شامي؟!

وعن كتاب فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب، فهل تقول لنا يا باحث يا أكاديمي إن كنت رأيت هذا الكتاب بعينك أم أنك نقلت من ساحات بني عبد الوهاب ناصبية وفيصل ظلام؟!

ص: 359

قد انفضح الآن كذبهما وتزويرهما وتلفيقهما، وإذا كانا نقلا من كتاب.. فهذا يعني أنه موجود ومطبوع، فهل يمكن أن تظهر لنا الصفحة الأولي التي عليها اسم الكتاب والمؤلف ومحل وتاريخ الطباعة يا حباب؟

وبالمناسبة ماذا يا سليل بني أمية أنت تحشر في الزاوية فتقول: إنك نقلت من مختصر، وأخوك

عمر ينفضح فيقول إنه نقل من مختصر؟! هل تحبون المختصرات إلي حد الفضيحة؟!!

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 2 - 2 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

هل سافرت من جديد يا ابن بطوطة؟ عفواً.. حسام الكذب الشامي.

ص: 360

الفصل السادس: رد افتراءاتهم علي أخلاقيات النبي صلی الله علیه و آله

اشارة

ص: 361

ص: 362

رد افتراءاتهم علي أخلاقيات النبي صلی الله علیه و آله

كتب (أبو الفضل) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 29 - 3 - 2000، السابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلي كل من يحب رسول الله - ص -)، قال فيه:

جنايات بحق رسول الله (صلی الله علیه و آله) الذي قضي حياته جهاداً وعبادة وتدريساً وتعليماً للأمة الإسلامية، فتأتي الروايات الموضوعة من قبل بلاط... لتبرير أفعالهم التي كانوا يمارسونها..

فقد كانوا يفتخرون علي بعضهم البعض بكثرة الجماع وقوة النكاح وكثرة النساء لإثبات رجولتهم، فوضعوا هذه الروايات للنيل من طهارة وقدسية الرسول (صلی الله علیه و آله) ولتبرير مجون الخلفاء والحكام..

فقد أخرجوا هذه الأحاديث وصححوها للمسلمين حتي لا يكون عليهم حجة فهم يقتدون بالرسول (صلی الله علیه و آله) فهو بشر مثلهم يحب الشهوات!! حاشي الرسول (صلی الله علیه و آله) من هذه الاتهامات وهذه الأحاديث التي وضعها الوضاعون!!

أخرج لبخاري: 1/75 و: 1/79: عن أنس بن مالك، قال كان النبي صلي اللهم عليه وسلم يدور علي نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدي عشرة، قال: قلت لأنس: أو كان يطيقه. قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين. وقال سعيد عن قتادة: إن أنساً حدثهم تسع نسوة.

ص: 363

وأخرج أيضاً ج 7 ص 44: عن قتادة أن أنس بن مالك، حدثهم أن نبي الله صلي اللهم عليه وسلم كان يطوف علي نسائه في الليلة الواحدة وله يومئذ تسع نسوة.

صحيح البخاري كتاب النكاح. الحديث رقم: 4680: عن قتادة، عن أنس رضي اللهم عنهم: أن النبي صلي اللهم عليه وسلم كان يطوف علي نسائه في ليلة واحدة وله تسع نسوة..

وأخرج مسلم في صحيحه من كتاب الغسل. الحديث رقم: 467: وحدثنا الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، حدثنا مسكين يعني ابن بكير الحذاء عن شعبة، عن هشام ابن زيد، عن أنس أن النبي صلي اللهم عليه وسلم كان يطوف علي نسائه بغسل واحد.

هذه الأحاديث وفظاعتها أيها المسلم العزيز لا تليق بالنبي (صلی الله علیه و آله) ولا بأزواجه وعرضه، فكيف يكتبون ويخرجون ما يحلو لهم؟... إلي آخر ما كتبه.

آه لوجدك يا رسول الله

كتب (جميل 50) في شبكة هجر، بتاريخ 13 - 8 - 1999، موضوعاً بعنوان (تطاولهم علي رسول الله صلي الله عليه وآله!!!) جاء فيه:

آه لوجدك يا رسول الله صلي الله عليك وآلك:

الترمذي: 2/293 في مناقب عمر:

(روي بسنده، عن عبد الله بن بريدة يقول: خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم في بعض مغازيه، فلما انصرف جاءت جارية سوداء، فقالت: يا رسول الله، إني كنت نذرت أن ردك الله صالحاً أن أضرب بين يديك بالدف وأتغني،

ص: 364

فقال لها رسول الله: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا، فجعلت تضرب!! فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت إستها، ثم قعدت عليه. فقال رسول الله: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر! إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت أنت يا عمر ألقت الدف!

قال الترمذي: وفي الباب عن عمر وسعد بن أبي وقاص وعائشة.

وقد رواه أبو داود في صحيحه، فيما يؤمر به من الوفاء من النذر عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده باختلاف في اللفظ وباختصار. ورواه أحمد بن حنبل أيضاً في مسنده: 4/353، عن ابن أبي أوفي، باختلاف واختصار. وفي: 5/353 في حديث بريدة الأسلمي، كما تقدم عن الترمذي، باختلاف يسير. وذكره أيضاً المتقي في كنز العمال: 6/338، وقال: أخرجه أحمد وأبو يعلي وابن عساكر.

بلا تعليق!!!!!!!!!!

وروي البخاري - كتاب الأدب باب التبسم والضحك:

(عن محمد بن سعد، عن أبيه، قال: استأذن عمر ابن الخطاب علي رسول الله (صلي الله عليه وآله) وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب؟! فأذن له النبي وسلم فدخل والنبي يضحك، فقال: أضحك الله سنك يا رسول الله بأبي أنت وأمي. فقال: عجبت من هؤلاء النسوة اللاتي كن عندي لما سمعن صوتك تبادرن الحجاب. فقال: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله.

ص: 365

ورواه في كتاب بدأ الخلق أيضاً من مناقب عمر بن الخطاب. ورواه مسلم أيضاً في صحيحه في كتاب الفضائل، في باب فضائل عمر بطريقين، مرة عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، وأخري عن أبي هريرة باختلاف يسير. ورواه أحمد بن حنبل في مسنده: 1/171. وذكره المحب الطبري أيضاً في رياض النظرة: 1/207، وقال فيه: قال عمر: للنسوة يا عدوات أنفسهن تهبنني ولا تهبن رسول الله! فقلن: نعم أنت أفظ وأغلظ. وقال أخرجه النسائي وأبو حاتم، وأبو القاسم في الموافقات وأحمد). انتهي.

هل يرضي عمر بهذه المنقبة علي حساب رسول الله صلي الله عليه وآله؟!

وأين الأفاضل أرباب العلم والتأويل الذين أمطرونا السؤالات، وجانبوا ما هم فيه غرقي من الخيالات والإختيالات؟

فكتب (مشارك):

كبر عقلاتك جميل. شو المشكلة عندك حتي نجيبك عليها؟

وكتب (جميل):

العجب من مثلك لا يري مشكلة في نزول النبي صلي الله عليه وآله إلي هذه المستويات الدانية، التي يلقي الحجاب أمامه، ولا يكون في الحديث حتي أنه أشار بالحجاب؟!!

بل علي العكس يجلس مستمعا لضحكاتهن، أو يقبل بالدفوف علي رأسه!!

أو يبول في سباطة قوم واقفاً!! أو يكون الصحابة أعرف منه بالمصلحة!! أو يسددوه، وما هو إلا رد عليه!! أو يلعن ويسب، ثم يتكفل الله أن يغفر لمن لعنهم؟!!

أجل لو لم يضع الوضاعون، ويكذب الكذابون بهذا الوجه للعنه وسبه، أي أن يكون الله قد غفر لمن لعنهم وكشف عنهم بلعنه وسبه، لما بقي لمن لعنهم

ص: 366

ذكر؟! ولكن هذا نبيكم يا مشارك.. وأما نبينا فقد عرفناه من كتاب الله " وإنك لعلي خلق عظيم " ومن قوله " لو كنت فظاًّ غليظ القلب.. ".

وعرفناه مما جاء به: " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فلا يصدر عنه ما يصدر عن نبيكم من خشن اللسان وفظاظة الخلق!! ولا يصح التصديق بشهادة الله بعظمة خلقه وبيانه عن نفسه، ثم خلع أخلاق عليه لا تليق إلا بغضوب دؤوب اللعن والشتم.. ونبينا هو الذي " لا ينطق عن الهوي " بما لهذه الآية من إطلاق. ونبينا هو الذي وجهنا إليه بقوله تعالي: " وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " بما لها من إطلاق أيضاً..

ثم إذا كان هذا الذي جاء الله ليفرده بوصف لم يسبق لرسول قبله هذا حاله من الخروج عن السيطرة علي النفس، فما حال الأنبياء من قبله؟!

هل هو الهتك والفتك؟! نستجير بالله.. نستجير بالله!!

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 14 - 8 - 1999:

أسأل الله تعالي يا جميل أن يحشرك مع محمد وآله الطاهرين، عليهم صلوات رب العالمين.

وكتب (مشارك):

تعال وناقش في موضوع العصمة مع تلميذكم يا جميل، لتعرف حقيقة هشاشة العقيدة التي هي أساس دينكم.

فأجابه (جميل):

أفهم من هذا أنه لا شئ وراء عرض العضلات، حيث قلت: " شو المشكلة عندك حتي نجيبك "؟

فكتب (مشارك):

ص: 367

تعال وناقش في موضوع العصمة مع تلميذكم يا جميل لتعرف حقيقة هشاشة العقيدة التي هي أساس دينكم. لا زال العرض سارياً يا جميل.

فكتب (عرباوي):

أحسنت يا أخ جميل.

وكتب (جميل):

تحية طيبة إلي الأخ العرباوي وأشكره علي متابعته هنا.

أما أنت يا مشارك فقد دسست أنفك في هذا الموضوع، وتريد الآن أن تخرجه مقطوماً؟!! لماذا لا تجيب؟! وقد طلبت إلي تشخص المشكل أولاً، وأجبتك بما حاصله أن الحديث كله مشكل!!

أذكرك هنا: إن وعد الحر دين.. وأن هذا الموضوع لا ربط له بالعصمة.. وأن الأخ التلميذ ليس بحاجة لي حتي تدعوني إلي هناك، وأنا واثق من أنه سيجعلك وفكرك في حالة من الهشاشة لا تحسد عليها. فأجبني هنا إن استطعت.

ومع هذا فلن أرد دعوتك إلا بالقبول فسآتي لأسمع، وأنقد ما سوف يدور حول محور العصمة..

وكتب (مشارك):

حسناً يا جميل، دع العصمة للتلميذ ولا تتدخل هناك، ولا تتدخل مع العاملي في الرزية، وستري إن شاء الله، والآن المطلوب منك ذكر رواية واحدة أشكلت عليك مع ذكر المصدر والكتاب الذي وردت فيه، والباب الذي وردت فيه، لأجيبك إن شاء الله، وأنا في انتظارك.

وكتب (جميل) بتاريخ 15 - 8 - 1999:

مشارك:

ص: 368

إن عنوان المقال، وطريقة العرض، والتعليق عليه، كل ذلك يخبر بالإشكال الذي يدور حول هذه المرويات، وعليه فسؤالك عما أشكل سؤال لا قيمة له..

وأيضاً: أذكرك أن المفهوم من قولك: " ما الذي أشكل عليك " هو: القضاء بصحة هكذا أخبار، فلا تتنازل إذا أشكلت عليك فيما بعد. ثم هات الإجابة ولا تماطل بذكر شروط وقيود فارغة.

فكتب (مشارك):

والآن المطلوب منك ذكر رواية واحدة أشكلت عليك مع ذكر المصدر والكتاب الذي وردت فيه والباب الذي وردت فيه لأجيبك إن شاء الله، وأنا في انتظارك. أعجزت عن هذا الشرط البسيط يا علامة يا فهامة. يا من هلكتنا بقولك: " قال جميل، قلت "! قليلاً من التواضع يا فهامة!. انتهي. قال العاملي:

وأجابه (جميل) بأن كل هذه الروايات مشكلة.. لكن مشاركاً بقي يجادل ويطلب منه أن يذكر رواية منها فيها إشكال.. دون أن يجيب علي الموضوع!!

وكتب (عبر البحار) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 27 - 7 - 1999، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إقرأ عن محبي النبي (صلی الله علیه و آله)! ماذا يقولون عنه!!)، قال فيه:

إليكم بعض الأحاديث التي واقعاً يأسف الإنسان الغيور علي وجود أمثالها في كتب القوم:

ص: 369

النبي يحب الرقص والغناء:

روي البخاري في صحيحة من كتاب الجهاد باب الدرق، وكذلك مسلم في صحيحة في كتاب صلاة العيدين باب الرخصة في اللعب الذي لا معصية فيه، عن عائشة قال: دخل علي رسول الله (صلی الله علیه و آله) وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث، فاضطجع علي الفراش وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني

وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله؟! فأقبل عليه رسول الله (صلی الله علیه و آله) فقال: دعهما!! فلما غفل غمزتهما فخرجتا.

إذن فيصبح أبو بكر أفهم من رسول الله!! نعوذ بالله هذا!!

النبي يشرب النبيذ! نعوذ بالله:

روي البخاري في صحيحة كتاب النكاح باب قيام المرأة علي الرجال في العرس وخدمتهم بالنفس، وكذلك في باب النقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس.

عن أبو حازم عن سهل قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبي وأصحابه، فما صنع لهم من طعاماً ولا قربه إليهم، إلا امرأته أم أسيد بلَّت تمرات في تور من حجارة من الليل، فلما فرغ النبي من الطعام أماثته له فسقته إياه، تتحفه بذلك.

وهذه كانت طريقة العرب في صنع الخمرة.. وهي إبلال التمر بالماء!! فهل ترضون بذلك علي أسيادكم؟؟؟؟ لكنكم ترضونه للنبي!!!!

النبي والإبتذال:

عن عائشة: حججنا مع النبي، فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية. فأراد النبي منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت يا رسول الله: إنها حائض!!

ص: 370

والله إني لأعجب لهذا النبي الذي يحب مجامعة زوجه علي مشهد وعلم من زوجته الأخري فتعلمه أنها حائض، بينما لا تعلم المعنية بالأمر من ذلك شيئاً.

النبي لا يستحي!!:

عن عائشة زوج النبي وعثمان، حدثاه أن أبا بكر استأذن علي رسول الله وهو مضطجع علي فراشه لابس مرط عائشة، فأذن لأبي بكر وهو علي تلك الحالة فقضي إليه حاجته، ثم انصرف. ثم استأذن عمر فأذن له وهو علي تلك الحالة فقضي إليه حاجته ثم انصرف. ثم استأذنت عليه فجلس وقال: إجمعي عليك ثيابك، فقضيت له حاجتي. ثم انصرفت، فقال عائشة: يا رسول الله ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر كما فزعت لعثمان؟ قال رسول الله: إن عثمان رجل حيي، وإني خشيت إن أذنت له علي تلك الحال أن لا يبلغ إلي في حاجته!!

ما هذا النبي الذي يستقبل ضيوفه وهو مضطجع؟!!

ونحن نعرف بأن من هو أدني من رسول الأخلاق والرحمة لا يفعل هذا، فكيف بالنبي الذي يقول:

أدبني ربي فأحسن تأديبي! ويقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق!! فأين هذا الفعل من الأخلاق.

وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون والعاقبة للمتقين.

وكتب (عمار) بتاريخ 29 - 7 - 1999، السابعة صباحاً: ما هو رأي الأخوة بهذه الأحاديث، وكيف تؤلونها يا تري؟.

وكتب (FullMoon)، التاسعة صباحاً:

يا أخ عبر البحار ويا أخ عربي، هم لا يستطيعون الرد، أنظر كيف كان رد (العاشر من رمضان) في هذا الموقع: http://www.q8i.com/ubb/Forum4/HTML/001259.html

ص: 371

فلا يعرفون غير paste + copy

دون تعقل أو تدبر، وبعد ذلك يقولون عنا إننا نتهرب!!

فضائح البخاري في انتقاصه لرسول الله

كتب (الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12 - 1 - 2000، الثانية عشرة ظهراً، موضوعاً بعنوان (فضائح البخاري وانتقاص رسول الله (صلی الله علیه و آله).. هدية لعمر ومحمد إبراهيم)، نذكر خلاصته:

أما بعد.. فإن الأخ محمد إبراهيم تمادي عندما وضعنا في خانة واحدة مع الملحد سلمان رشدي مما دفعني للرد علي كلامه، وكذلك المدعو عمر عندما يتهمنا بعمي الألوان، لنري من المصاب بهذا المرض يا عمر.

يقول محمد إبراهيم: " طبعاً أنت تعلم وجميع الشيعة يعلمون أن البخاري مسلم من أحسن الناس إسلاماً ".

ويقول أيضاً: " روايات البخاري موجودة عند جميع المسلمين، ولكن الشيعة وسلمان رشدي يلوون أعناق الحقائق ليحققوا مآربهم في النيل من أمهات المؤمنين لذلك فالبخاري بريء من افتراءات الشيعة وسلمان رشدي ".

أقول: هذه عادتكم يا محمد إبراهيم في الدفاع عمن انتقص من النبي مثل البخاري ومسلم وغيره، ولنورد الأحاديث التي تنال من أخلاق رسولنا العظيم وسلوكه القويم:

1 - روي البخاري في صحيحه ج 1، كتاب الوضوء، ص 167، حديث رقم 219 عن حذيفة، قال: رأيتني أنا والنبي (صلی الله علیه و آله) نتماشي، فأتي سباطة قوم

ص: 372

خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال!! فانتبذت منه، فأشار إلي فجئته، فقمت عند عقبه حتي فرغ...

لا حول ولا قوة إلا بالله.. أنظروا كيف تمثل روايات البخاري الرسول الكريم، وتصوره بأنه يبول وهو واقف!

أذكر أن أحد زملائي في المدرسة رمي مدرساً مسيحياً لأنه كان يبول واقفاً عند مروره بالقرب من إحدي دورات المياه وضحك مستهزئاً منه!!

ولكن لو كان يعلم أن البخاري روي أن الرسول فعلها، لكان هناك حديث آخر من أجل عيون البخاري.

وسؤالي هنا إلي محمد إبراهيم: هل تبول واقفاً وأحد أصحابك واقفاً عند عقبيك؟! أرجو المعذرة من الأخوة، ولكن هذا ما يقتضيه البحث. فكيف يقدم عليها سيد المرسلين، وأفضل الخلق أجمعين؟!!

النبي يسقط بعض آيات القرآن الكريم!!:

عن عائشة رضي اللهم عنها قالت: سمع النبي صلي اللهم عليه وسلم رجلاً يقرأ في المسجد، فقال: رحمه الله، لقد أذكرني كذا وكذا آية أسقطتهن من سورة كذا وكذا!!

ها هو النبي الذي أرسله الله سبحانه بالقرآن وهو معجزته الخالدة، والذي كان يحفظه من يوم نزوله عليه جملةً قبل نزوله أنجماً، وقد قال له تعالي: " لا تحرك به لسانك لتعجل به ". وقال أيضاً: " وإنه تنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين علي قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين. وإنه لفي زبر

الأولين ". الشعراء آية 196.

ولكن الكذابين والدجالين والوضاعين يأبون إلا أن يلصقوا به كل الأباطيل وكل السفاسف والمخاريق التي لا يقبلها عقل ولا ذوق سليم!!

ص: 373

يسب ويشتم ويلعن ويجلد من لا يستحق!:

عن أبي هريرة، أنه قال: سمعت رسول الله صلي اللهم عليه وسلم يقول: اللهم إني اتخذت عندك عهداً لن تخلفنيه، فأيما مؤمن سببته أو جلدته، فاجعل ذلك كفارة له يوم القيامة!! كتاب البر والصلة - صحيح مسلم.

وبمثل هذه الأحاديث الموضوعة يصبح النبي يغضب لغير الله ويسب ويشتم ويلعن ويجلد من لا يستحق كل هذا.. أي نبي هذا الذي يعتريه الشيطان فيخرج من دائرة المعقول؟! وهل يسمح رجل دين عادي أن يفعل ذلك؟ أم هل يستقبح منه ذلك؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فهذا صحيح مسلم يخالف صريح القرآن " إنك لعلي خلق عظيم " ثم يصبح صحيحاً لا مجال في التشكيك فيه!!!!!

و لما رأيت الناس قد ذهبت بهم … مذاهبهم في أبحر الغي و الجهل

ركبت علي اسم الله في سفن النجا … وهم أهل بيت المصطفي خاتم الرسل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم … كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل

وكتب (عمر)، الثانية عشرة والربع ظهراً:

كل هذا يهون عندما تعلم بأن جميع علمائكم انتقصوا من صورة رسول الله (صلی الله علیه و آله)، وجعلوه مقصراً ساعة، ومخالفاً لأمر الله ساعة، وخائفاً من أصحابه ساعة أخري. وهذا حصل عند آية: " بلغ ما أنزل إليك " وكيف رد الرسول (صلی الله علیه و آله) أمر الله بالتبليغ. أنتم كفرتم بالرسول (صلی الله علیه و آله) وجعلتموه يقصر في التبليغ، وخالفتم قول الله في آية " اليوم أكملت لكم دينكم "، وتتعجبون من هذه الأحاديث بعد ذلك. فالرجاء إعلان براءة الرسول من هذه الإدعاءات ومن بعد يمكنكم الدفاع عنه؟

ص: 374

فكتب (الأشتر)، الواحدة والنصف ظهراً:

توقعت هذا يا عمر منك!!

فبدلاً من أن تنظر إلي فداحة تلك الأحاديث وانتقاصها من رسول وتناقض بعضها مع القرآن الكريم تقول: بأن هذا هين!! تتقبل الطعن بالرسول (صلی الله علیه و آله) من أجل البخاري.. يا ناصبي يا وهابي!!

أثبت أنك عاجز عن التصدي لهذه الأحاديث، ولو أنك فعلاً علي حق لبينت ورددت ونقضت كل شبهة أوردناها، ولكنك لا ولن تفعل!

فلا يهمك الإنتقاص والنيل من رسول الله (صلی الله علیه و آله) بالطريقة البشعة التي يتقنها البخاري!! بالفعل تجيد التهرب يا عمر، وهذا فن من فنونك التي أتحفتنا بها!!

أما ما ذكرته فهذا بفضل بتر وحذف بعض من أقوال علمائنا العظام، مثلما حدث تماماً في حديث الإمام الخميني في كتابه كشف الأسرار الذي تم تحريفه في الطبعة التي تم طبعها في الأردن.

فلا توهم نفسك بتلك الأشياء. وقلت يا عمر: " كل هذا يهون عندما تعلم... ". انتهي.

قال العاملي:

وطالت مناقشات الأشتر مع عمر، وواصل عمر هروبه عن الإجابة علي ما اقترفه البخاري!!

واتتهي الموضوع بهروب عمر علي عادته!

ص: 375

ص: 376

الفصل السابع: افتراؤهم علي النبي صلی الله علیه و آله أنه كان يشك في نبوته !!!

اشارة

ص: 377

ص: 378

الانتحار سنة معطلة

وكتب (الموحد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (الإنتحار سنة معطلة)، قال فيه:

فَتَرَ الوحي حتي حزن النبي صلي الله عليه وآله فيما بلغنا حزناً غدا منه مراراً كي يتردي من رؤوس شواهق الجبال، فكلما أوفي بذروة جبل لكي يلقي منه نفسه تبدي له جبريل فقال: يا محمد إنك رسول الله حقاًّ، فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه فيرجع، فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك، فإذا أوفي بذروة جبل تبدي له جبريل فقال له مثل ذلك!! كتاب البخاري: 2/208.

في انتظار تعليق أتباع البخاري؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 23 - 3 - 2000، الواحدة والنصف:

أحسنت أيها الأخ الموحد، إن من الإفتراءات المؤلمة علي نبينا صلي الله عليه وآله، ما روته صحاح الحكومة من أنه كان يشك في نبوته!!

فالعجب كل العجب من هؤلاء الذين يردون كتاب ربهم بحديث فلان أو فلانة!!

الله تعالي يقول: " ولقد رآه بالأفق المبين " أي رآه في وضوح وبصيرة.. وهم يقولون رآه بالأفق الضبابي، والشك، والحيرة، حتي جاء مذعوراً يقول:

ص: 379

دثروني دثروني.. إلي آخر الأسطوانة التي وصلوها بالعاميّ ورقة بن نوفل، وصارت مدخلاً للكفار للطعن في نبوة نبينا صلي الله عليه وآله!!

ومن مفتريات صحاحهم: هذا الحديث الذي نبرأ إلي الله ورسوله منه!!

لقد تبنت قريش وحكوماتها أسلوب التنقيص من شخصية النبي صلي الله عليه وآله، وتكبير الحكام، وتفضيلهم عليه كناية، وحتي صراحة!!

ألم يخطب الحجاج في مكة قائلاً: أيها الناس: رسول المرء خير أم خليفته؟ فقالوا: خليفته!

فقال: إن عبد الملك بن مروان خليفة الله في أرضه!! والخليفة أفضل من الرسول!!

ألم يقل لزوار قبر النبي صلي الله عليه وآله: ما لهم يطوفون حول رمة بالية.. هلاَّ طافوا بقصر عبد الملك؟!!! لعن الله من انتقص من رسوله!

وكتب (الموحد) بتاريخ 26 - 3 - 2000 السابعة صباحاً:

كنت أتمني لو أن واحداً من المخالفين للشيعة تعرض بالرد لدفع الشبهة التي أثارها البخاري ضد الرسول صلي الله عليه وآله، أو دفع شبهتي المثارة ضد البخاري وتثبيت صحة فرية البخاري ضد رسول الله! أو استغلال هذه الرواية كدليل علي وجود الله في السماء، واعتبار صعود الرسول للأعالي مدعم لمذهبهم!! وتدارك الأمر بأن الراوي اشتبه عليه فهم سبب الصعود وفوات الأمر علي البخاري.

أما إن كان سبب صمت المخالفين هو الرضا عن الرواية برغم شناعتها فتلك مصيبة، وإن كان صمتهم نابع من رفض وخجل من كتابات البخاري فالصمت عن الحق ليس بفضيلة.. بل حجة في عدم استحقاق البخاري لمكانته المزعومة والمتوهمة باطلاً.

ص: 380

أعيد رفع الرسالة.. ولن أقطع الرجاء في تجلية أسباب امتناع معتنقي فكر البخاري عن الإعتراض أو التأييد. انتهي.

قال العاملي:

ولم يجب أحد منهم علي هذا الحديث!!

احتجاج النصاري بمفتريات الصحاح علي النبي

وكتب (وعد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16 - 12 - 1999، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هل كان محمد نصرانياًّ؟؟؟)، قال فيه:

هل كان محمد نصرانياًّ:

... إن سلسلة نسب نبي الإسلام تنفي الوثنية عن جدوده بدءاً من اسم أبيه، عبد الله الذي لا يعقل أن يتسمي به وثني، وانتهاءاً ب- (الياس) بن فهر الذي لا يمكن أن يكون إلا نصرانياًّ.

كذلك معروف عن قبيلة بني النجار، وهي القبيلة التي تنتسب إليها أمه، آمنة بنت وهب أنها من قبائل النصاري العرب. وأن أمه ماتت علي نصرانيتها، وأن نبي الإسلام حاول أن يستغفر لها، وأن يطلب لها الحياة مجدداً لفترة قصيرة وبما يكفي لها أن تتوب، لولا أن الله لم يسمح بذلك بحسب

الحديث المنسوب إليه. ولقد حاول نبي الإسلام أن يقنع عمه أبا طالب بهجر البدعة النصرانية التي كان عليها - وأعتقد أنها النسطورية - لكن التأريخ الإسلامي يذكر لنا أنه أبن ذلك.

بيد أن الدليل الحاسم علي نصرانية نبي الإسلام، قبيل اضطلاعه بالرسالة الإسلامية، يكمن في حادثة زواجه الأول من خديجة بنت خويلد. ذلك أنه من

ص: 381

الثابت تاريخياًّ أن القس ورقة بن نوفل هو الذي تولي عقد القرآن، بحضور عم محمد بن أبي طالب الذي ألقي قصيدة شهيرة في المناسبة!

والقس ورقة، ما يدل عليه لقبه، يتولي مسؤولية كهنوتية، وبغض النظر عن البدعة النصرانية التي ينتمي إليها - وسنبحث في تفصيل ذلك لاحقاً - فإن الرجل ولا شك كاهن نصراني، وينتمي إلي قبيلة أسد النصرانية والتي تنتمي إليها خديجة نفسها. هنا نصل منطقياًّ إلي تحديد تاريخي لا يمكن تجاهله أو الحياد عنه. وذلك للأسباب التالية:

1 - من الثابت أن الذي تولي عقد القرآن كان قسيس.

2 - وأن هذا القسيس هو ابن عم خديجة (العروس).

3 - وأن عقد القرآن تم قبل تكليف محمد بالرسالة بسنوات.

وهذا يعني أن كاهنا قسيساً سيزوج ابنة أخيه، وابنة عمه، هناك روايتان بهذا الصدد بشابٍ لم يكن مسلماً بعد، فإن كان نصرانياًّ تم تعميده في تاريخ سابق، فإنه لا مشكلة تعترض القسيس الكاهن لإتمام مراسم الزواج، وإن كان وثنياًّ وقتذاك - علي سبيل الإفتراض - فإن القس ورقة النصراني والكاهن ما كان يقبل إتمام مراسم الزواج قبل أن يعتنق العريس النصرانية وأن يتم تعميده أصولاً.

وفي كل الإحتمالات نجد أنفسنا مجبرين علي التأكيد بأن محمداً كان نصرانياًّ، عندما تزوج خديجة، ولا يمكن ترجيح احتمال آخر...

فكتب (بالدليل)، العاشرة صباحاً:

إعتقادنا في آباء النبي محمد (صلی الله علیه و آله) هو أنه ليس فيهم كافر ولا مشرك ولا في أمهاته زانية من أبيه عبد الله إلي آدم (علیه السلام) ومن أمه آمنة إلي حواء (علیه السلام).

دليلنا علي ذلك، قوله تعالي: " هو الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين ".

ص: 382

فإن المروي في تفسيره في المتفق علي روايته بين الأمة هو: تقلبك في الموحدين.. أي انتقاله (صلی الله علیه و آله) من أصلاب الموحدين الساجدين إلي أرحام الموحدات الساجدات.

وقوله (صلی الله علیه و آله) في الصحيح المتفق عليه: نقلنا من الأصلاب الطاهرة إلي الأرحام الزكية. والمراد أن آباءه كانوا مسلمين بدليل قوله تعالي: " إنما المشركون نجس ".

فأجابه (رحمة العاملي) بتاريخ 17 - 12 - 1999، الثالثة صباحاً:

لقد أضحكتني أيها القس الضال فعلاً.

إذا كان ما تدعيه صحيحاً، لماذا أهلك الله أبرهة مع أنه جاء لهدم الكعبة لنصر دين النصاري، وتحويل العرب إلي نصاري؟ إذا كان بعض أهل مكة كانوا نصاري كما تدعي، فما علاقتهم بالكعبة التي رفع بنائها إبراهيم عليه السلام ولم تذكر في الإنجيل؟

مع أني لا أدري في أي إنجيل تقرأ لنناقشك فيه.. ولم يذكر التاريخ أنه عند فتح مكة كان هناك كنيس فيها أو كنيسة.

وعندما أخبر الله نبيه (صلی الله علیه و آله) لن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم هذا تأكيد بأن النبي (صلی الله علیه و آله) كان من ملة والنصاري من ملة. وملة النبي هي ملة إبراهيم عليهم السلام هو الذي سمانا مسلمين قبل الدعوة المحمدية. وفريضة الحج معروفة منذ عهد إبراهيم عليه السلام ولا علاقة للمسيحية بها. وعلة عدم اختلاف ورقة مع آل هاشم، لأن ورقة عَلِمَ.. يا مدلس الرواية أن: محمد هو النبي الموعود في الإنجيل الحقيقي لا المزوَّر الذي تقرأ فيه، ولدي نسخة من إنجيل برنابا الذي يوافق عقيدة المسلمين في عيسي عليه السلام، وأنه لم يصلب وفيه بشارة بالنبي محمد (صلی الله علیه و آله). ولدي العهد القديم المحرف أيضاً. ولكن قل لي أيها القس، من

ص: 383

هو الفرقليط الذي ورد ذكره في الأناجيل؟ وقل لي أيها القس، عيسي عليه السلام كان نصرانياًّ، أم لا؟

وعيد الميلاد المعروف عندكم.. أوليس هو عيد الشمس عند الوثنيين الرومان؟

وكم ألغي بولس وبطرس من الشريعة، وخالفوا وغيروا وخلافاتهم مع باقي التلامذة؟

وهل تعرف علة وجود أهل الكتاب في الجزيرة العربية، وخاصة في مدينة يثرب، وبماذا كانوا يتطاولون علي الأوس والخزرج؟

علما بأن إنجيل برنابا كان قبل الدعوة المحمدية.. وكانت نسخة منه مخبئة في خزانة البابا سكتس الخامس، استخرجها الراهب فرامرينو، واعتنق علي أثرها الدين الإسلامي!

واسمع واقرأ هذا المقطع من إنجيل برنابا الفصل 208:

إذا كنت أفعل الإثم وبخوني يحببكم الله، لأنكم تكونون عاملين بحسب إرادته، ولكن إذا لم يقدر أحد أن يوبخني علي خطيئة، فذلك دليل علي أنكم لستم أبناء إبراهيم كما تدعون أنفسكم، ولا أنتم متحدون بذلك الرأس الذي كان إبراهيم متحداً به.

ولعمر الله إن إبراهيم أحب الله، بحيث أنه لم يكتفي بتحطيم الأصنام الباطلة تحطيماً، ولا بهجر أبيه وأمه، ولكنه كان يريد أن يذبح ابنه طاعة لله.

أجاب رئيس الكهنة: إنما أسألك هذا ولا أطلب قتلك. فقل لنا: من كان ابن إبراهيم هذا؟

ص: 384

أجاب يسوع: إن غيرة شرفك يا الله تؤججني، ولا أقدر أن أسكت. الحق أقول أن ابن إبراهيم هو إسماعيل الذي يجب أن يأتي من سلالته مسيا الموعود به إبراهيم أن به تتبارك كل قبائل الأرض. انتهي.

هل تمعنت أيها القس الضال المضل بما ورد في إنجيل برنابا، وقابلته بما جاء في القرآن الكريم من دعوة إبراهيم: " ربنا وابعث فيهم رسولاً... " الآية.

ولماذا لا يكون هذا الإنجيل هو الصحيح، والذي معك من هرطقات الكاذبين؟

إذا كان ميلاد السيد المسيح غير ثابت عندكم، فما الذي سيثبت في أناجيلكم المزورة: قانون الإرث، قانون التملك، قانون العقوبات، قانون..

ماذا يوجد في إنجيلك يا راهب الدير، أخبرني؟

ولماذا تتناسي أو تنسي قصة الراهب بحيرا؟! إن الرهبان الأوائل يؤكدون نبوة محمد (صلی الله علیه و آله) ودعوته، وأنت، كما حرفتم كتابكم وجعلتموه كتباً من قبل، تريد إلقاء شبهاتك اللعينة علينا؟!

أتحسب أن هناك من ينخدع بترهاتك السخيفة هذه في يومنا هذا؟!!!

ص: 385

ص: 386

الفصل الثامن: رد ما نسبوه إلي النبي صلی الله علیه و آله من العبوس في وجه المؤمنين !!

ص: 387

ص: 388

رد ما نسبوه إلي النبي صلی الله علیه و آله من العبوس في وجه المؤمنين !!

وكتب (بو علي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 23 - 7 - 1999، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (عبس وتولي.. وتبرئة الرسول منها)، قال فيه:

لاحظت أن الكثير من الأخوان من أهل السنة والشيعة والنصاري يحتجون بهذه الآية الكريمة علي عدم عصمة الرسول صلي الله عليه وآله!

بل ومنها يستدلون ويوثقون أحاديث أخري تطعن في شخص الرسول صلي الله عليه وآله والتي وضعت من قبل أعداء الإسلام، لأسباب منها مثلاً: تبرير ظلمهم للعباد، كأن يقولوا أن محمد قد ظلم بعضاً من أصحابه وسبهم، فكيف بنا وما نحن إلا بشر نصيب ونخطئ؟! هذه الروايات وغيرها موجودة أخي الكريم ولا تتعجب..

فمنها تعذيبه أو سبه صلي الله عليه وآله - بزعمهم - لبعض المسلمين الذين لم يستحقوا التعذيب أو السباب من قبله، كما ورد ذلك في صحيح مسلم وغيره من كتب الصحاح، حاشا الذي لا ينطق عن الهوي والذي أخلاقه القرآن أن يظلم أحداً أو يسلب حق أحد.

بعد هذه المقدمة البسيطة، تعال معي عزيزي القارئ لنبحث في هذه السورة ونري الآراء التي وردت فيها ونذكر بعض الآراء الأخري ونخرج منها بنتيجة مقبولة إنشاء الله تعالي وما توفيقي إلا بالله العلي القدير.

ص: 389

لقد جاء في سبب نزول هذه السورة أن النبي صلي الله عليه وآله كان يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل والعباس بن عبد المطلب وأبياًّ وأمية ابني خلف، كما جاء - عن رواية - في مجمع البيان للطبرسي.

وجاء في الكشاف للزمخشري أنه كانت يناجي عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا جهل والعباس وأمية وخلف والوليد بن المغيرة ويدعوهم إلي الإسلام، فجاءه وهو في هذا الحال ابن أم مكتوم وهو مكفوف البصر، فقال: يا رسول الله أقرئني شيئاً من القرآن، والنبي مشغول معهم في الحديث عن الإسلام، فلم يلتفت إليه النبي، فألح ابن أم مكتوم في طلبه، ومضي يكرر ذلك علي النبي ويلح عليه، حتي ظهرت الكراهية علي وجهه الكريم، فانصرف عنه عابساً، فلما خلا بنفسه جعل يعاتبها علي موقفه من الأعمي، فنزلت عليه السورة.

بسم الله الرحمن الرحيم: عبس وتولي (1) أن جاءه الأعمي (2) وما يدريك لعله يزكي (3) أو يذكر فتنفعه الذكري (4) أما من استغني (5) فأنت له تصدي (6) وما عليك ألا يزكي (7) وأما من جاءك يسعي (8) وهو يخشي (9) فأنت عنه تلهي (10) كلا إنها تذكرة (11) فمن شاء ذكره (12) في

صحف مكرمة (13) مرفوعة مطهرة (14) بأيدي سفرة (15) كرام بررة.

وجاء في مجمع البيان - عن رواية - أن رسول الله صلي الله عليه وآله كان إذا رأي ابن أم مكتوم يستقبله ببشاشته المعروفة ويقول: مرحباً بمن عاتبني ربي من أجله.

وجاء في تنزيه الأنبياء للسيد المرتضي:

أن ظاهر الآية لا يدل علي أن الخطاب للنبي صلي الله عليه وآله ولا فيها ما يدل علي أنه خطاب أحد، بل هو خبر محض لم يصرح فيها بالمخبر عنه، بل وفيها ما يدل بعد التأمل أن المعني فيها غير النبي صلي الله عليه وآله، لأنه وصفه بالعبوس وليس هذا من صفاته في قرآن أو خبر مع الأعداء المنابذين له فضلاً عن المؤمنين المسترشدين

ص: 390

، ثم وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا صلي الله عليه وآله، ولا يشبه أخلاقه الواسعة وعطفه علي قومه. وكيف يقول: وما عليك ألا يزكي، والنبي صلي الله عليه وآله مبعوث للدعوة إلي الإسلام، وتوجيه الناس نحوها، وقوله سبحانه: " وما عليك ألا يزكي " ترخيص له بأن لا يحرص علي إسلام قومه!

أقول: إن ذلك أيضاً يضارب ما أنزل إلينا من الله تعالي في مواصفات نبينا نبي الرحمة صلوات الله وسلامه عليه إذ نقرأ: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ". وقال تعالي: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضُّوا من حولك ". وقال تعالي:

" وإنك لعلي خلق عظيم ". وغيرها من الآيات البينات التي تنزه سيد الخلق أبي القاسم محمد بن عبد الله الصادق الأمين، المعروف بطيبة قلبه ورأفته مع غيره، حتي من قبل بعثته من أفعال يفعلها الذين لا صبر في قلوبهم ولا إيمان.

وأضاف السيد المرتضي في تنزيه الأنبياء:

أن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله كان منه هذا الفعل مع سائل أعمي جاء يسأله شيئاً، كما جاء ذلك فيما روي عن الإمام الصادق (علیه السلام) ومضي السيد المرتضي يقول:

ونحن إذا شككنا في عين من نزلت فيه هذه الآية، فلا نشك أنها لا تعني النبي صلي الله عليه وآله، وأي تنفير أعظم من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم والإقبال علي الأغنياء الكافرين والتصدي لهم، وقد نزه الله تعالي نبييه عما دون ذلك فكيف يصفه بهذه الصفات.

ص: 391

وقال في مجمع البيان: إن الذي عبس وتولي رجل من بني أمية كان في مجلس النبي صلي الله عليه وآله فجاءه ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذره وجمع نفسه وثيابه وعبس في وجهه وابتعد عنه فحكي الله سبحانه ذلك وأنكر عليه التصرف.

وهذا لعمري هو القول الحق في أسباب نزول الآية وتفسيرها.

وكتب (شاعر العرب) بتاريخ 25 - 7 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ العزيز: إعلم رحمك الله أن الأنبياء ليسوا ملائكة وإنما هم بشر، قال تعالي عن نبينا محمد صلي الله عليه وسلم: " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي ". إعلم أخي العزيز: أن العلماء اختلفوا في عصمة الأنبياء علي أقوال، والراجح والله أعلم أن الأنبياء معصومون في جانب تبليغ الرسالة فإذا عرفت ذلك، فاعلم أن الأنبياء يجري عليهم ما يجري علي غيرهم من البشر، كالمرض، والإذاء، والنسيان، وعدم علم الغيب إلا إذا أطلعهم الله عليه. واعلم أن الأنبياء قد يصدر منهم بعض الأخطاء، لكن سرعان ما يتوبون ويتوب الله عليهم لأنهم بشر. وفيما يلي بعض الأدلة التي تثبت أن الأنبياء ليسوا معصومون عصمة مطلقة:

فآدم عليه السلام أكل من الشجرة التي نهاه الله عنها لكن تاب فتاب الله عليه " فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم ". البقرة - 37

وموسي عليه السلام قتل رجلاً خطأ وندم " قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم ". القصص - 16.

ويونس عليه السلام غضب علي قومه وتركهم، فأكله الحوت.. ثم تاب وتاب الله عليه، كما في سورة الأنبياء - 87.

ص: 392

ونبينا محمد صلي الله عليه وسلم، لما جاءه الأعمي عبس في وجهه، فأنزل الله عز وجل " عبس وتولي أن جاءه الأعمي... ". سورة عبس. علماً أن الشيعة ينكرون ذلك وليس الجانب جانب تفصيل في ذلك.

وعندما أذن النبي صلي الله عليه وسلم للمنافقين التخلف عن غزوت تبوك، عاتبه الله بقوله: " عفا الله عنك لم أذنت لهم حتي يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين ". سورة التوبة - 43. وعاتب الله نبينا صلي الله عليه وسلم عندما استغفر للمشركين، فقال تعالي: " ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم ". التوبة - 113. وروي البخاري عن أنس رضي الله عنه، أن النبي صلي الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد، وشج وجهه حتي سال الدم، فقال: كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعهم إلي ربهم؟ فأنزل الله تعالي قوله: " ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ". آل عمران - 128.

والأدلة في ذلك من القرآن كثيرة، لكن الحاصل هل هذا قدح في النبوة؟ الجواب: لا لا لا لا، لأنهم كما أسلفت بشر، والله عز وجل يعصموهم في تبليغ أمور الدين، وفي باقي الأمور يجتهدون ويصبهم ما يصيب الناس. وفي ذلك حكمة وهي: لو كان الأنبياء معصومون في جميع الأمور، لما كانوا قدوة لنا، لأننا نختلف عنهم تماماً وحاله حال من يقتدي بالملائكة.

وإذا أردت الإثبات من السنة والحديث.. وطبعاً أنتم لا تعترفون بذلك لكن للزيادة والتوضيح فقط.. روي البخاري في صحيحه، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: صلي بنا رسول الله صلي الله عليه وسلم خمساًَ، فلما انفتل توشوش القوم بينهم، فقال: ما شأنكم؟ قالوا: يا رسول الله، هل زيد في الصلاة؟ قال: لا. قالوا: فإنك قد صليت خمساً، فانفتل ثم سجد سجدتين ثم سلم. ثم

ص: 393

قال: إنما أنا بشر مثلكم أنسي كما تنسون. وزاد ابن نمير في حديثه: فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين.

فسبحان الله هل ينسي النبي؟ نقول: نعم ينسي. والدليل أيضاً من القرآن، انظر في سورة الكهف الآية 60 - 64 قصة موسي عليه السلام، يقول تعالي: " قال أرأيت إذ أوينا إلي الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً ". فأقول: مما سبق يتضح لك الجواب. وإضافة علي ذلك أن النبي صلي الله عليه وسلم مشرع وقدوة لنا، وفي نسيانه تبين لنا أمر فقهي وهو مشروعية سجود السهو. لأن النبي صلي الله عليه وسلم مشرع وهو خير من يقتدي به، والفعل أبلغ من القول. وليس في ذلك قدح لمقام النبوة لأنه بشر يجري عليه ما يجري علي الناس كما أسلفت. وقد جاء في حديث آخر عن أم سلمة قوله صلي الله عليه وسلم: إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض وأقضي له علي نحو ما أسمع فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذ، فإنما أقطع له قطعة من النار. رواه البخاري. فهذا دليل أيضاً علي أنه يخفي عليه أمور الغيب ولا يعلم ما في النيات وحاله حال القاضي الذي يقضي بما يسمع ولا شئ عليه.

ولعل السبب والله أعلم الذي جعل الشيعة، ينكرون سهو النبي، وإنكار قوله تعالي " عبس وتولي " لاعتقادهم أن ذلك قدح في جانب النبوة!! ولأنهم يدعون العصمة المطلقة للأئمتهم، فلو سلمنا جدلاً أن الأئمة كذلك لكانت عصمتهم أفضل من عصمة الأنبياء مما جعلهم يطلقون العصمة المطلقة حتي

للأنبياء!!! والسلام عليكم، وأسأل سبحانه أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.. اللهم آمين.

فكتب (عربي)، الثامنة مساءً:

ص: 394

شكراً للأخ بو علي علي طرح هذا الموضوع، وشكراً للأخ شاعر العرب علي أسلوبه المهذب في مناقشة العصمة.

أخي الكريم شاعر العرب:

هذا الموضوع يطول شرحه وأدلته كثيرة جداً وربما لا تحصي علي أن الأنبياء معصومين في التبليغ وفي السهو وفي النسيان، ولا أود الخوض في هذا الموضوع لأنه ربما يطول كثيراً، ويحتاج إلي الوقت الكثير فقط للطباعة. ولهذا أدعوك يا أخي الكريم أن تراجع كتب الشيعة لتطلع علي الأدلة التي عندهم ومن ثم تحكم علي ما تراه صحيحاً.

وهناك الكثير من البحوث التي تناولت هذا الجانب ومن هذه الكتب: الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي، وفيه ما تريده من أدله قرآنية وروائية وعقلية، وفيه شرح للآيات التي ذكرت مفصلاً.

علماً أني لا ألزمك بالإعتقاد بها ولكن للإطلاع.

وكتب (المصحح) بتاريخ 30 - 7 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

المشكلة يابو علي أن البعض عندما يقتنع بعقيدة خاطئة يحرص علي ليِّ النصوص وتحريفها عن معانيها لتتلائم مع عقيدته، ويدعي تضارب النصوص وتعارضها مع العقل وغير ذلك من طوام..

فإلي الله المشتكي، وبارك الله فيك يا شاعر العرب.

وكتب (الموحد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 7 - 12 - 1999، الثالثة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يعبس)، قال فيه:

ص: 395

لقد أنزل الله القرآن الكريم وفيه آيات بينات تهدي الناس إلي الصراط المستقيم، ومن ضمنها آيات تدل علي ما لرسول الهدي والرحمة محمد صلي الله عليه وآله من مقام ورفعة شأن عند الله سبحانه وتعالي.

لكن ما يثير الإنسان هو تجاهل المخالفين للشيعة لقول الله في تلك الآيات وتحريفهم لمقاصدها دون النظر إلي فداحة ما يسببه ذلك التحريف المفضوح من خدش في شخص الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله، فهم يصرون في تفسيرهم للآية الأولي من سورة عبس علي اتهام الرسول صلي الله عليه وآله بأنه هو الذي عبس في وجه ابن أم مكتوم، ويعتبرون أن عبوسه استحق أن ينزل الله سوره يعاتبه فيها برغم أن كتبهم تحوي كلمته العظيمة صلي الله عليه وآله في بيان حاله وصفات أخلاقه

حيث قال: أدبني ربي فأحسن تأديبي.

إلا أنهم لم يلتفتوا إلي هذا القول أيضاً... وحقيق عليهم أن يسألوا أنفسهم الآن، ماذا سيقولون لربهم ونبيهم صلي الله عليه وآله يوم القيامة.

فكتب (الفاطمي)، الرابعة صباحاً:

الأخ الكريم: الموحد، السلام عليكم.

الظاهر أنت يا أخي تتعب نفسك علي لا شئ. الجماعة مستعدين يتذابحون علشان معاوية ولكن للدفاع عن سيد الخلق صلي الله عليه وآله دايخين ونايمين!!

يثبتون للرسول صلي الله عليه وآله ما لا يثبتون لأنفسهم؟؟ يثبتون له السب واللعن مع أنه صلي الله عليه وآله نهي عنهما؟؟

والله يهداك.. تنفي القول عبس عن الرسول صلي الله عليه وآله، لا تتكلم عن الصحابة وكفي، وأما رسول الله صلي الله عليه وآله عادي: عبس، وسب، ولعن!! الرسول بشر.. تصدر منه هذه الأمور كما يقولون!! والأحسن لا تتعب نفسك أكثر من لازم.. الصحابة وبس..

ص: 396

وأما النبي صلي الله عليه وآله.. آآآه لك يا رسول الله؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (محمد إبراهيم)، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

الزميل الموحد: كيف تري أن عبوس النبي صلي الله عليه وسلم في وجه رجل أعمي لا يري العبوس فيه إهانة للنبي صلي الله عليه وسلم؟

سؤال آخر: أيهما أشد: عبوس النبي صلي الله عليه وسلم في وجه رجل أعمي، أم تحريمه ما أحل الله له؟ هل طلب الله سبحانه وتعالي من الرسول صلي الله عليه وسلم التحلة من العبوس كما طلبها منه عندما حرم ما أحل الله له؟

فكتب (المستكشف) بتاريخ 8 - 12 - 1999، السابعة صباحاً:

أخي العزيز المسلم الحر: بارك الله فيك.

وما الذي تنتظره من قوم خصصوا كل طاقاتهم في التنقيص والإساءة لنبي الرحمة وأهل بيته صلوات الله عليهم وهو من وصفه الله تعالي في كتابه: " وإنك لعلي خلق عظيم ". وقال تعالي: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ". وقال عز من قائل: " لو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". وقال جلا وعلا شأنه: " لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم ". فهم ليس لديهم أي مانع لرفض هذه الآيات وغيرها، والتشبث بأقوال من يعارضها!! والقارئ المتتبع لكتاباتهم يتضح له ذلك.

وإن أحد ما تعرض لأبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية بأسلوب علمي فالويل له!

قل ما شئت في رسول الله وأهل بيته، أما هؤلاء فلا تتطاول عليهم، لأنك بذلك تصبح كافراً.

وكتب (عمر)، الثانية ظهراً:

ص: 397

الدجل والنفاق والكذب قليل عليكم. إذا كان بتفسير أهل السنة الرسول (صلی الله علیه و آله) عبس فأنتم جعلتم الرسول (صلی الله علیه و آله) عاصي لأجل علي والحادثة في آية (بلِّغ) عندما رد الرسول جبريل ولم يبلغ أمر الولاية ثم عاد مرة ثانية ورده ولم يبلغ وفي المرة الثالثة أنزل الله آية ليجبره علي التبليغ. ثم يأتي الخميني ويقول بأنه لم يبلغ ولم يشرح الآية. هذا الكفر، يا من تدعون عصمة الأولياء دون الأنبياء!! هل يستطيع أحد فيكم أن يفسر لنا كيف يرد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل وهو يحمل أمر الهي ومع كل هذا الكذب نكتشف بأن الآية مدنية ونزلت في المدينة وسبب النزول غير ما ذكره الدجالين. أين أنتم من الإسلام وعصمة

الأنبياء. أنتم تجادلون لأجل المجادلة.

وكتب (عمار)، الثانية والنصف ظهراً:

ما هذا يا أخ عمر؟ صدق، أنك أسرع من بن جونسن بالهروب.

ناقش الموضوع الحين، وبعدين افتح مواضيع تخص البقية.

وكتب (الفاطمي)، الثالثة ظهراً:

إلي الكذاب الأكبر والمنافق الأعظم عمر الكاذب المنافق:

تقول: " إلي الشيعة الكذابين أو أنهم لا يفهمون اللغة العربية "!

وتقول أيها الكذاب الأشر: " الدجل والنفاق والكذب قليل عليكم ".

كيف تقول هذا الكلام، وفاقد الشئ لا يعطيه. أنت أثبتَّ بنفسك إنك كذاب يا منافق، حتي الرواة من صحيح مسلم لم يسلموا من لسانك الكاذب، ولماذا الكذب؟؟ وهل تكذب لمجرد الكذب أم أن الكذب في دمك؟؟ وهل تشرب يومياً حليب الشياطين؟؟ ألا تستحي من كثرة الكذب؟؟

ألا تشعر بالخجل وأنت تكذب؟؟ وتكابر علي الكذب؟؟

ص: 398

فرد (عمر) بتاريخ 9 - 12 - 1999، الثانية والربع صباحاً:

إذا كنتم لا تقتنعوا بالعبوس فكيف تكفرون الرسول (صلی الله علیه و آله)؟ لقد بينا لكم من علمائكم كيف رد الرسول (صلی الله علیه و آله) جبريل مرتين وهو يحمل أمر إلهي حتي نبين الفرق بين العبوس والكفر، وأيهما أشد بالنسبة للشيعة. كيف يرد الرسول (صلی الله علیه و آله) أمر الله ولا يقبل بالتبليغ؟؟ ومن ثم يتبين لنا بأن من يدعي كفر الرسول (صلی الله علیه و آله) لا يمكن بأن يتحدث عن العبوس، أما آية: عبس وبسر، يا غبي فهي ليست بحق الرسول (صلی الله علیه و آله). وكما قلنا بأنكم لا تفهمون اللغة العربية، لقد استشهدتم بهذه الآية لشرح كلمة عبس من التفسير، ثم نري الشيعة تنسبها للرسول (صلی الله علیه و آله) وتضيف (بسر). أين الكذب منكم يا دجالين.

وكتب (محمد إبراهيم)، التاسعة صباحاً:

الأخ الكريم عمر: أحسنت بطرحك وأنا أترقب الجواب علي ما طرحته.

الزميل الكريم الموحد: لقد عاتب الله سبحانه وتعالي الرسول صلي الله عليه وسلم بأنه حرم ما أحل الله له، فلماذا لا يعاتبه في عبوسه في وجه أعمي رغم أن القرآن يخبرنا أن قصد الرسول صلي الله عليه وسلم هو أن يكسب أكابر قريش وجاء الأعمي يقاطعه. نحن لا نطعن في قصد الرسول صلي الله عليه وسلم، كما لا ننكر معاتبة الله سبحانه وتعالي له. فكما عاتبه الله سبحانه وتعالي علي تحريمه ما أحل الله له فإنه عاتبه علي عبوسه في وجه رجل أعمي. وإذا قبلت معاتبة الله سبحانه وتعالي للرسول صلي الله عليه وسلم في تحريم ما أحل الله له، فعليك أن تقبل بمعاتبته له في العبوس في وجه رجل أعمي لأن

الأولي أشد من الثانية.

فكتب (عمر)، التاسعة والنصف صباحاً:

ص: 399

مرحبا أخي محمد، ألا تري الغباء والتحدي علي الباطل عندما ينسب عبس وبسر للرسول (صلی الله علیه و آله).

لا أعرف كيف يقرؤون القرآن، ولا أعرف كيف يقتدون بالخميني، وهو لا يعرف العربية بل الفارسية دين المجوس، فأيهما أقرب إليه؟

وكتب (الموحد)، العاشرة والنصف صباحاً:

يا عمر:

يأبي الله أن يتهمه بعض المسلمين أنه سبحانه وتعالي أرسل أنبيائه (علیه السلام) وهم بشر لا يتحلون بالخلق الحسن.

القرآن يفسر بعضه، فإذا أردت أن تعرف من هو العابس عليك الرجوع إلي آيات أخري في موضع آخر من السورة، فتعرف أن الله سبحانه وتعالي لا يقبل أن يتهم المسلمون النبي صلي الله عليه وآله في خلقه.

الأخ محمد إبراهيم: أنت تريد فرض رأيك، وأنا لن يرضيني ما استقر عليه ضميرك. فأنت - كما يتضح من رسالتك - لا تريد التفريق بين العبوس الناشئ عن سوء الخلق، وحلف اليمين الذي يقصد به تجنب الأذي.

لكن يجب علي كل مسلم أن يسأل نفسه، هل يصح الإعتقاد بأن الله خلد الذكري السيئة لأنبيائه (علیه السلام) في القرآن.

وانتهي الموضوع، وغاب عمر ومحمد إبراهيم!

وكتب (المسلم المسالم) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 24 - 2 - 2000، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (تفاسير الشيعة تقول: أن الذي عبس هو المصطفي - ص -)، قال فيه:

ص: 400

تعجبت غاية العجب ممن يتهم أهل السنة أنهم ينتقصون الرسول صلي الله عليه وسلم، عندما فسروا قوله تعالي:" عبس وتولي " بأن المخاطب بها هو المصطفي صلي الله عليه وسلم... ثم نسي أو تناسي أن حتي شيعة تقول بذلك بل هو المشهور عند الطرفين.

ونحن هنا ننقل بعض كلام المفسرين من الشيعة الذين يقولون: أنها نزلت في الرسول صلي الله عليه وسلم، أو علي أقل تقدير يحكون الروايتين جميعاً، وإن كان تقديمهم هذه الرواية في بداية تفسيرهم يستشف منها ترجيحها علي غيرها. فمنهم: 1 - أمين الدين الطبرسي (مجمع البيان). 2 – سلطان عليشاه (بيان السعادة). 3 - فضل الله (وحي القرآن). 4 - ناصر مكارم (الأمثل)، حيث قال: (اختلف المفسرون ولكن المشهور بين عامة المفسرين وخاصتهم ما يلي: أنها نزلت في عبد الله بن أم مكتوم، أنه أتي رسول الله صلي الله عليه وآله وهو يناجي عتبة بن ربيعة...) انظر إلي

قوله أنه هو المشهور عند الطرفين السنة والشيعة. 5 - الشيخ محمد السبزواري (الجديد في تفسير القرآن). 6 - محمد الكرمي في كتابه (التفسير لكتاب الله المنير) حيث يقول في معرض رده علي من يقول أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي صلي الله عليه وسلم فلما جاء ابن أم مكتوم تقذر منه... قال: (ولكن سياق الآيات يتنافي بوضوح مع هذا الأثر...). 191 / 8. 7 - يعسوب الدين (البصائر) حيث نص علي أن الذي عبس هو المصطفي صلي الله عليه وسلم، ولم يذكر رواية أخري. فمما سبق يتبين لكل صاحب عقل منصف أن المخاطب في قوله تعالي: " عبس وتولي "، أن المخاطب بذلك هو المصطفي صلي الله عليه وسلم وليس في هذا انتقاص من مقامه ولا من عصمته. وأن هذا هو المشهور عند المفسرين من الطرفين وليس قولاً شاذاًّ عند الشيعة قال

ص: 401

به فضل الله في تفسيره وحي القرآن وحده، بل هو رأي الكثير من المفسرين ويسنده الرواية عن جعفر الصادق: أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان إذا رأي ابن أم مكتوم قال له: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي... فهل من متبع للحق؟؟!!

ثم كتب (المسلم المسالم) بتاريخ 3 - 3 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

في نقولاتنا السابقة يتضح لكل ذي لب.. أن نسبة العبوس إلي المصطفي صلي الله عليه وسلم ليس من أقول أهل السنة.. بل هو المشهور عند الشيعة كذلك كما نص علي ذلك غير واحد من المفسرين السابقين.. وإذا أضفنا إلي ذلك نقولات الزميل العاملي بأن من أهل السنة من يري نسبة العبوس لغير النبي صلي الله عليه وسلم.. نخرج بأن: أن نسبة العبوس للمصطفي صلي الله عليه وسلم قال به بعض الشيعة وبعض السنة.. وليس قولا لأحدهما دون الآخر. إن نسبة العبوس لغير النبي صلي الله عليه وسلم قال به بعض الشيعة وبعض السنة في خلاف من المقصود به.. وإن هذا القول ليس قولاً لأحدهما دون الآخر.

فكتب (العاملي) بتاريخ 3 - 3 - 2000، الثانية وخمس دقائق صباحاً:

أيها المدعي النقاش العلمي:

أين الأمانة العلمية فيما نقلته؟! لقد رجعت إلي مجمع البيان للطبرسي فوجدته عكس ما تقول تماماً! وأظنك اعتمدت علي ناصبي مفترٍ علي تفاسير الشيعة..

فإن كنت صادقاً فانقل عبارة كل واحد منهم (غير فضل الله) مع اسم الكتاب وطبعته!!

فردَّ (المسلم المسالم)، الثانية والربع صباحاً:

ص: 402

أنا ذكرت لك ما قرأته، فإن كان في كلامي خطأ فبينه بنقلك الكلام الصحيح حتي يعرف القراء من الكاذب فينا؟؟ مع ذكر اسم الكتاب وتاريخ الطباعة!!

فأجاب (العاملي)، الثانية والنصف صباحاً:

أخبرني عن أي كاذبٍ نقلته، ويكفيك لإثبات كذبه ما كتبته عن تفاسيرنا في:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002571.html

وكتب (الموسوي)، الثالثة صباحاً:

الأخ العزيز العاملي:

لقد سبقتني جزاك الله خيراً لفضح افتراء المسلم المسالم. فقد راجعت بنفسي كتاب الجديد في تفسير القرآن للشيخ محمد السبزواري. الجزء السابع طبعة دار التعارف - بيروت - الطبعة الأولي سنة 1406 ه ص 314، فقد قال ما يلي:

(لنزول هذه السورة المباركة سبب هام ذكره المفسرون ونذكره تقليداً لا اقتناعاً به وسنذكر غيره، وهو أن عبد الله بن أم مكتوم... إلخ).

ثم ذكر الشيخ السبزواري الرواية الواردة عن طريق أهل السنة.

ثم نقل كلام السيد المرتضي في نفي ظهور الآية في النبي (صلی الله علیه و آله)، ثم قال الشيخ السبزواري: (فالظاهر أن قوله عبس وتولي المراد به غيره).

ثم نقل رواية الإمام الصادق (علیه السلام) في نزولها في رجل من بني أمية.

ثم قال الشيخ السبزواري:

(ومما لا شك فيه أن النبي أعلي من ذلك خلقاً، وأن تألف المؤمن وزيادته أولي من تأليف الكافر رغبة في إيمانه).

ص: 403

ورغم أن (المسلم المسالم) أراد التمويه حينما قال: " ونحن هنا ننقل بعض كلام المفسرين من الشيعة الذين يقولون: أنها نزلت في الرسول صلي الله عليه وسلم أو علي أقل تقدير يحكون الروايتين جميعاً، وإن كان تقديمهم هذه الرواية في بداية تفسيرهم يستشف منها ترجيحها علي غيرها ".

حيث أنه أراد أن يخلط بين القائلين في نزولها في النبي كفضل الله، وبين من عرض الرأيين كالشيخ الطبرسي..

إلا أنه كذب حينما نسب أن البعض يستشف من كلامهم ترجيح الرواية السنية، مع أن الشيخ السبزواري نفي صراحة الرواية السنية. والآن من هو الكاذب؟؟

وكتب (المسلم المسالم)، العاشرة إلا ربعاً صباحاً:

إلي العاملي: رجعت إلي الوصلة المذكورة لكن لم أجد ذكر لتفسير البصائر فإن كنت ذكرته ولم أره، فيا حبذا لو ذكرت كلامه هنا حتي نناقشه.

أما بخصوص تفسير الطبرسي فأراك خالفت العرف العلمي.. فنقلت من كلامه نقله كلام المرتضي علم الهدي ولم تنقل كلامه هو في التفسير... كما نقلها الشيخ فضل الله.. الذي نقل كلامه الراصد، فهل هذا تناقض مني، أم منك؟

وكتب (الموسوي)، العاشرة صباحاً:

ليس في كلام الطبرسي ما يدل علي تبنيه القول بأن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله).. فإن كنت علي بينة من أمرك فدلنا علي العبارة التي تفيد ذلك.

أما كلام الشيخ ناصر مكارم الشيرازي، فسأسرد إليك قائمة بأسماء العلماء النافين نزولها في النبي (صلی الله علیه و آله) من القدماء والمتأخرين، ليتبين لك أنه أخطأ في

ص: 404

كلامه والسيد الخوئي كلامه واضح في هذا المجال. علماً بأن الشيخ ناصر مكارم لم يتبنَّ نزولها في النبي، لذا قال في نهاية كلامه بعد عرض القولين:

" ونأتي لنقول ثانية: إن المشهور بين المفسرين في شأن النزول هو نزولها في شخص النبي (صلی الله علیه و آله)، ولكن ليس في الآية ما يدل بصراحة علي هذا المعني ". تفسير الأمثل: 19/364.

وقد يقال: هل أنت أعلم أم الشيخ ناصر مكارم؟

أقول: وهل الشيخ ناصر مكارم أعلم أم السيد الخوئي؟؟

والباحث عن الحقيقة يمكن أن يعرض القائلين بكلا الرأيين، ليتبين أن الشهرة المدعاة في تفسير الآية هل هي لصالح السيد الخوئي أم الشيخ ناصر مكارم؟

وإذا أردت أن تدلي بدلوك فاذكر علي نحو الدقة والأمانة، وليس علي نحو التزوير كما في قائمتك هذه حيث نسبت مثلاً إلي الشيخ محمد السبزواري قوله أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله) في أسماء القائلين من الشيعة في نزولها في النبي (صلی الله علیه و آله) مع ذكر الجزء والصفحة، وسأورد لك في المقابل بعدها أسماء الشيعة النافين لذلك.

وأنا في صدد إعداد هذه القائمة، وسأذكرها لاحقاً ريثما أنتهي منها.

وكتب (المسلم المسالم)، الحادية عشرة صباحاً:

إلي الموسوي، هل تريد أن تعرف من الكاذب؟

أولاً: ما كنت أظنك تجهل كلام المفسرين وتقولهم ما لم يقولوا.. فأنت تخلط بين كلام المرتضي وبين كلام السبزواري. فأنت تقول: " ثم قال: الشيخ السبزواري: فالظاهر أن قوله: عبس وتولي المراد به غيره. ثم نقل رواية الإمام الصادق (علیه السلام) في نزولها في رجل من بني أمية ".

ص: 405

وهنا لنا وقفات مع أصحاب النهج العلمي.. الذين انفضحوا.. عندما أرادوا فضح غيرهم. هل هذا الكلام من قول الشيخ السبزواري؟؟؟!! أم تراه من ما زال ناقلاً لكلام المرتضي!!!!

هلاَّ كلفت نفسك قليلاً وبحثت في بقية التفاسير التي بين يديك.. التي نقلت كلام المرتضي!!!

لأنك لو فعلت ذلك لعلمت أن هذا الكلام هو كلام المرتضي وليس كلام السبزواري.. فكل المفسرين الذين حكوا كلام المرتضي ذكروا هذا من ضمن كلامه! فإما أنك جاهل بكلام المفسرين ولا تعرف أقوالهم... أو أنك كا...!

وهذا يدل علي أنك لم تقرأ ما كتبه الراصد من نقل في هذا الكلام، حيث نقل كلام المرتضي بتمامه فراجعه!!! أنظر إلي الأمانة العلمية في النقل.. تقول: " قال السبزواري: ومما لا شك فيه أن النبي أعلي من ذلك خلقاً وأن تألف المؤمن وزيادته أولي من تأليف الكافر رغبة في إيمانه ".

ثم سكتَّ ولم تكمل نقل بقية الكلام حيث قال بعدها: " وقد روي عن الصادق أيضاً أنه قال: كان الرسول (صلی الله علیه و آله) إذا رأي ابن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً.. إلي آخر الرواية... ". ثم قال السبزواري: " والله أعلم بما قال ".

لم تنقل ما يناسبك فقط علي طريقة: ويلٌ للمصلين؟؟!!

ونحن نقلنا كلام السبزواري في تفسيره، لأمرين:

1 - قوله: " لنزول هذه السورة المباركة سبب هام ذكره المفسرون ونذكره تقليداً.. ". فحكي أن هذا الأمر نسبة العبوس إلي المصطفي صلي الله عليه وسلم هو قول المفسرين.

ص: 406

2 - أن السبزواري لم يكن مقتنعاً بما قاله المفسرون، ولكن لم يكن جازماً بتفسير دون تفسير، ولذلك نقل الروايتين جميعاً، ثم ختم كلامه بما يشعر بتوقفه في الأمر، وهو قوله: " والله أعلم بما قال ".

والغريب أنك ما زلت مصراًّ علي أن القول بهذا الأمر هو قول الشيخ فضل الله وحده فقط.. أين بقية المفسرين الذين ذكرتهم لك أمثال محمد الكرمي.. وأين قول ناصر مكارم " اختلف المفسرون ولكن المشهور بين عامة المفسرين وخاصتهم ما يلي: أنها نزلت في عبد الله بن أم مكتوم.. "؟!

لماذا الإستماتة في نفي هذا التفسير عن الشيعة وهو المشهور عندهم علي قول ناصر مكارم؟؟؟

لماذا المحاولة وبشكل غريب تصوير الشيخ فضل الله أنه هو الوحيد القائل بهذا القول؟؟؟

وكتب (الموسوي)، الرابعة عصراً:

أنا لم أكذب ولم أجهل، بل عمدت إلي كلام السيد المرتضي مباشرة وقارنت أصل كلامه بما نقله الشيخ محمد السبزواري.. ففهمت أن كلام المرتضي ينتهي عند هذا الحد، لأنني عندما رجعت إلي المصدر الذي استقي منه المفسرون رأي المرتضي وجدت أن كلامه كالتالي:

(قلنا: أما ظاهر الآية فغير دال علي توجهها إلي النبي (صلی الله علیه و آله) ولا فيها ما يدل علي أنه خطاب له (صلی الله علیه و آله) بل هو خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه وفيها ما يدل عند التأمل علي أن المعني بها غير النبي صلي الله عليه وآله لأنه وصفه بالعبوس وليس هذا من صفات النبي (صلی الله علیه و آله) في قرآن ولا خبر مع الأعداء المنابذين، فضلاً عن المؤمنين المسترشدين، وتحننه علي قومه وتعطفه. وكيف يقول له " وما عليك ألا يزكي " وهو (صلی الله علیه و آله) مبعوث للدعاء والتنبيه، وكيف لا يكون هذا القول ثم وصفه بأنه

ص: 407

يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه فليس هذا مشبهاً لأخلاقه (صلی الله علیه و آله) الواسعة عليه، وكأن هذا القول إغراء بترك الحرص علي إيمان قومه. وقد قيل: أن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله كان منه هذا الفعل المنعوت فيها، ونحن إن شككنا في عين من نزلت فيه فلا ينبغي أن نشك في أنها لم يعن بها النبي (صلی الله علیه و آله)، وأي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم والإقبال علي الأغنياء الكافرين والتصدي لهم، وقد نزه الله تعالي النبي صلي الله عليه وآله عما دون هذا في التنفير بكثير).

انتهي كلام السيد المرتضي فيما يتعلق بمسألة العبوس. المصدر: تنزيه الأنبياء ص 119. لنقارن الآن بين هذا المصدر الأصلي وما ذكره الطبرسي في مجمع البيان عن السيد المرتضي - كما نقله الأخ الراصد حيث أنك استشهدت بنقله - قال المرتضي علم الهدي قدس الله روحه:

ليس في ظاهر الآية دلالة علي توجهها إلي النبي محمد (صلی الله علیه و آله)، بل هو خبر محض لم يصرح عنه، وفيها م

يدل علي أن المعني بها غيره، لأن العبوس ليس من صفات النبي (صلی الله علیه و آله) مع الأعداء المباينين فضلاً عن المؤمنين المسترشدين، ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة، ويؤيد هذا القول قوله سبحانه في وصفه (صلی الله علیه و آله): " وإنك لعلي خلق عظيم " وقوله: " ولو كنت فظ

غليظ القلب لانفضوا من حولك ". آل عمران - 159. فالظاهر أن قوله: " عبس وتولي " المراد به غيره. وقد روي عن الصادق (علیه السلام): أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلی الله علیه و آله) فجاء ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذر منه وجمع نفسه وأعرض بوجهه عنه، فحكي الله سبحانه ذلك وأنكره عليه. انتهي.

ص: 408

وبمقارنة بين النقلين يتبين أن الكلام المتقارب بين النقلين ينتهي عند جملة: (ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة) كما في مجمع البيان.

وجملة: (ثم وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه فليس هذا مشبهاً لأخلاقه (صلی الله علیه و آله) الواسعة). كما في تنزيه الأنبياء.

والنقلان يتفاوتان بعد ذلك، ولم يظهر علي نحو واضح أنه تتمة لكلام السيد المرتضي، فحملته علي أنه للشيخ السبزواري.

ومهما يكن من أمر فإن كلام السبزواري واضح وصريح حيث قال: (لنزول هذه السورة المباركة سبب هام ذكره المفسرون، ونذكره تقليداً لا اقتناعاً به وسنذكر غيره).

ثم ذكر أولاً الوجه الذي صرح بأنه غير مقتنع به، أي كون العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله).

أما الرواية الواردة عن الإمام الصادق (علیه السلام)، فليست صريحة في أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله)، بل قال (صلی الله علیه و آله): لا يعاتبني الله فيك أبداً. وهذه العبارة لا تعني أن المعاتب هو النبي (صلی الله علیه و آله) إذ تحتمل أن هذا تعريض من النبي (صلی الله علیه و آله) بالشخص المعاتب.

أما أقوال بقية المفسرين فأنا لا أملك كل التفاسير التي أشرت إليها، وسأراجعها والقدر المتيقن بالنسبة لما راجعته بنفسي أن صاحب مجمع البيان وصاحب تفسير الأمثل لا يقولان أنها نازلة في النبي (صلی الله علیه و آله). فإن كنت محقاًّ في ذلك فاذكر رأيهما. كما أن صاحب تفسير الجديد يصرح بعكس ما نسبته إليه.

ص: 409

أما قوله " ذكره المفسرون " لا يعني أن المقصود مفسرو الشيعة، وبيننا وبينك التفاسير. أما كلام الشيخ ناصر مكارم فقد قلت أنه يعارضه كلام السيد الخوئي. فيكون الحكم هو ذكرك لجميع التفاسير المصرحة بأن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله). وسأعرض أنا أقوال النافين ليظهر أن الشهرة مع أي الطرفين.

إذن لم يبق من قائمتك باستثناء (من وحي القرآن) سوي ثلاثة تفاسير هي: بيان السعادة، والتفسير لكتاب الله المنير، والبصائر. وسأسعي لتحصيلها، وإن كانت موجودة عندك فاذكر عبارة كل واحد منهم كاملة، إن لم يتسبب ذلك في تضييع وقتك. وفي الحقيقة لم أجد في حدود بحثي من قال من القدماء أن المقصود بالآية: هو النبي (صلی الله علیه و آله)، بل وجدته حتي الآن في كلام فضل الله والشيخ مغنية، من المتأخرين فقط!!

وكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 6 - 3 - 2000، السابعة مساءً:

لا بد من الإعتراف بالخطأ.. لأنه أول خطوة إلي الصواب. أنت اتهمتني زوراً وبهتاناً.. بأنني مزور.. وقبل ذلك بالإفتراء.. ثم لما بان تزويرك وافتراؤك علي الشيخ السبزواري.. وتقويله ما لم يقل.. تعتذر أنك حسبته من كلامه؟؟؟!!!

لماذا العجلة في الاتهام والسرعة في القدح في النيات.. أنا أستطيع أن أتهمك بالجهل.. أو التزوير أما اعتذارك بعدم الفهم.. فهو من باب الجهل. وهذا يدلنا علي أنك لا تقرأ ما يكتب.. فلو أنك قرأت ما كتبه الزميل الراصد في الموضوع.. لما احتجت أن تقرأ كتاب تنزيه الأنبياء.. إلا إذا كنت لا تثق بنقل الشيخ فضل الله لكلام المرتضي!! وخلاصة الموضوع: أنا سني لست محلاًّ للثقة عندك.. لكن نحب أن نسمع قولك في قول هؤلاء العلماء:

1 - ناصر مكارم (الأمثل) يقول " اختلف المفسرون ولكن المشهور بين عامة المفسرين وخاصتهم ما يلي: أنها نزلت في عبد الله بن أم مكتوم، أنه أتي

ص: 410

رسول الله صلي الله عليه وآله وهو يناجي عتبة بن ربيعة... ". فهو يدعي أنه هو المشهور عند الشيعة، فهل هو كاذب؟؟ نحب أن نسمع جوابك..

2 - جواد مغنية (الكاشف) يقول بعد أن ذكر الخلاف في من الذي عبس: " والمشهور بين المفسرين وغيرهم أن الذي عبس وتولي هو الرسول (صلی الله علیه و آله). فهو يقول المشهور بين المفسرين!!!!! هو يكذب كذلك؟؟؟؟ أرجو أن يكون ردك علي الشيخين ناصر مكارم - جواد مغنية، في دعواهما أن هذا القول هو المشهور بين المفسرين. نحب أن نسمع رأيك..

وأجاب (الموسوي)، الحادية عشرة ليلاً:

أما في نسبة الإفتراء علي الشيخ السبزواري فلم أعدل برأيي في ذلك.

وقد قلت لك: أنه يقول أنه غير مقتنع بما قيل أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله) وهذا يعني اقتناعه بالرأي الآخر القائل: أن العابس هو غير النبي (صلی الله علیه و آله).

وهذا نص كلامه ثانية للتذكير: " لنزول هذه السورة المباركة سبب هام ذكره المفسرون ونذكره تقليداً لا اقتناعاً به وسنذكر غيره، وهو أن عبد الله بن أم مكتوم... إلخ ".

بل أحب أن أضيف إلي ما قلته افتراء آخر لك، فقد قلت في صدر هذه الصفحة ما يلي: " وأن هذا هو المشهور عند المفسرين من الطرفين وليس قولاً شاذاً عند الشيعة قال به فضل الله في تفسيره وحي القرآن وحده، بل هو رأي الكثير من المفسرين، ويسنده الرواية عن جعفر الصادق أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان إذا رأي ابن أم مكتوم قال له: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي ".

مع أن الطبرسي يقول في مجمع البيان: (وروي عن الصادق (علیه السلام) أنه قال: كان رسول الله إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً). مجمع البيان: 10/664 طبعة دار المعرفة - بيروت.

ص: 411

والنقل الذي أوردته أنت يثبت أن المعاتب هو النبي حيث أنه جاء بصيغة الإثبات، أما ما نقله صاحب مجمع البيان فقد جاء بأسلوب النفي، وفيه تعريض بالمعاتب الواقعي الذي هو من بني أمية.

أما كلام السيد المرتضي، فهل تقدم أنت كلام المصدر الأصلي أم كلام الناقل أي الشيخ الطبرسي، وقد أخبرتك أن هناك تفاوتاً بين النقلين بما لا يمكن الجزم بما هو من كلام المرتضي إلا بالمقدار المقطوع به، وهو ما ذكرته والمنتهي عند قوله: " ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء ل

يشبه أخلاقه الكريمة ".

فمن أين لك أن تثبت أن باقي الكلام المذكور في مجمع البيان هو للمرتضي وليس للطبرسي؟!

بصراحة أنت لا عمل لك إلا اجترار الكلام الذي قلته.

ففي مجال الإفتراء لم تستطع أن تنفي تصريح الشيخ السبزواري في أنه غير مقتنع بما ذكره المفسرون من أن السورة قد نزلت في النبي (صلی الله علیه و آله).

وفي مجال كلام الطبرسي لم تأتِ بأي عبارة تدل علي أنه يتبني نزولها في النبي (صلی الله علیه و آله) مع أن الطبرسي قدم القول بأن العابس هو النبي بكلمة (قيل).

وفي مجال كلام الشيخ ناصر مكارم الشيرازي قلت لك إن هناك قولاً يعارضه عن السيد الخوئي قدس سره بما لا يدع مجالاً للركون إلي قوله، فيكون المحك هو الرجوع إلي أقوال المفسرين، وقد طالبتك بالدليل وذكر أقوالهم إن كنت طالب حقيقة.. ولكنك تتهرب!!

أما في خصوص سؤالك حول كذب الشيخ ناصر مكارم والشيخ مغنية، فأقول لك ثانية: إنهما كانا علي خطأ، وهناك فرق بين الخطأ والكذب. ولكي

ص: 412

أثبت لك أنهما علي خطأ. سأورد لك قائمة بأسماء من قال أن العابس هو غير النبي (صلی الله علیه و آله) من القدماء والمعاصرين:

1 - علي بن إبراهيم القمي المتوفي سنة 307 ه في تفسيره: 2/404.

2 - السيد المرتضي المتوفي سنة 436 ه في تنزيه الأنبياء - 119.

3 - الشيخ الطوسي المتوفي سنة 460 ه في تفسيره التبيان: 10/268.

4 _ ابن شهرآشوب المتوفي سنة 588 ه في متشابه القرآن: 2/12.

5 - ابن إدريس الحلي - من أعلام القرن السادس - في المنتخب من تفسير القرآن: 2/360.

6 - السيد أحمد بن موسي بن طاووس المتوفي سنة 673 ه في بناء المقالة الفاطمية في نقض الرسالة العثمانية ص 209.

7 - الفيض الكاشاني المتوفي سنة 1091 ه في تفسيره الصافي: 5/1405وفي تفسيره الأصفي: 2/1405.

8 - الشيخ نور الدين محمد بن مرتضي الكاشاني المتوفي بعد سنة 1115 ه في تفسيره المعين: 3/ 1635.

9 - السيد عبد الله شبر، المتوفي سنة 1342 ه في تفسيره المختصر ص 548، وفي تفسيره الجوهر الثمين: 6/363.

10 - الشيخ محمد جواد البلاغي، المتوفي سنة 1352 ه في الهدي إلي دين المصطفي: 1/158.

11 - السيد محمد التبريزي (مولانا) المتوفي سنة 1363 ه في التفسير الوجيز - 630.

12 - العلامة محمد حسين الطباطبائي، المتوفي سنة 1402 ه في تفسيره الميزان: 20/203.

ص: 413

13 - السيد أبو القاسم الخوئي، المتوفي سنة 1412 ه في صراط النجاة: 1/462.

14 - السيد مرتضي بن رضي الدين بن أحمد الموسوي الشهير بالمستنبط الغروي - لا أعلم بالضبط تاريخ وفاته - في تفسيره مواهب الرحمن: 30/58.

15 - السيد محمد رضا الكلبايكاني، المتوفي سنة 1414 ه في إرشاد السائل ص 198 السؤال رقم 737.

16 - السيد محمد الحسيني الشاهرودي (معاصر) في أجوبة المسائل العقائدية - 59.

17 - السيد محمد تقي الطباطبائي القمي (معاصر) في ردود عقائدي - 15.

18 - الميرزا جواد التبريزي في كتاب الحوزة العلمية تدين الإنحراف - 153.

19 - السيد محمد الشيرازي (معاصر) في تفسيره تقريب القرآن: 30/43.

20 - الشيخ محمد تقي بهجت الغروي (معاصر) في البرهان القاطع - 47.

21 - الشيخ محمد هادي معرفة (معاصر) في التمهيد لعلوم القرآن: 3/444.

22 - الشيخ جعفر السبحاني (معاصر) في سيد المرسلين: 1/481.

فأورد أنت في المقابل أسماء من قال بأن: العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله) من مفسري الشيعة وعلمائهم، مع عباراتهم، لأنني بعد نسبتك إلي الشيخ السبزواري والشيخ ناصر مكارم الشيرازي ما لم يقولوه، بدأت أشك في نقلك!!

وانتهي الموضوع وغاب المسلم المسالم.

ص: 414

وكتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21 - 11 - 1999، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (الشيعة ضائعة بين سورة عبس وسورة التحريم)، قال فيه:

من مهازل الشيعة ادعائهم بأن سورة عبس نزلت في عثمان رضي الله عنه، والسبب بأنهم يرون الأنبياء والأولياء كالملائكة لا تحس ولا تغضب ولا تشعر. وفي آية ثانية تدعي بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يبلغ الولاية ورادد الله ثلاثاً، إلي أن نزلت آية: " بلغ ما أنزل إليك ". ولكن لا أعرف رد الشيعة في هذه السورة وهل الله يخاطب شخص آخر: " يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم ". سورة التحريم -1. لنري رد الشيعة الآن؟!

فكتب (مدقق)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

يا خلوق، هل من الخلق أن أعبس بوجه الناس؟!

أم نسيت أنه: لعلي خلق عظيم. ولك رد حول هذه الآية عبس وموضوع سورة التحريم انتظره قليلاً.

ثم كتب (عمر)، الواحدة صباحاً:

ما علاقة الشيعة باللغة العربية. آخر من يفسر القرآن الإيرانيين. لك ما تقول: " يا خلوق هل من الخلق أن أعبس بوجه الناس ". العبوس بوجه الأعمي الذي لا يري ليس هو سر عتاب الله العتاب هو في هذه الآية: " أما من استغني فأنت له تصدي ". أي وددت إرضاء المشركين، وأحببت دخولهم الإسلام وتركت من يريد السؤال والفائدة. أما سورة التحريم فنحن بانتظار الجواب.

ثم كتب (عمر)، الحادية عشرة صباحاً:

هل توقف الشيعة عن الإجابة؟!!

ص: 415

فأجابه (مدقق)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

أولاً: لا يوجد ما يدل علي المقصود في هذه الآيات هو الرسول صلي الله عليه وآله، فلا يمكن الجزم علي أن الذي عبس هو الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله.

لا يمكن أن يكون المخاطب بهذه الآيات هو الرسول صلي الله عليه وآله للأسباب التالية:

1 - قال الله تعالي في رسوله الكريم صلي الله عليه وآله: " وإنك لعلي خلق عظيم ". سورة القلم - 4. وقد نزلت هذه الآية بعد سورة: " إقرأ بسم ربك الذي خلق ". العلق - 1. وقبل نزول سورة عبس. وقال أيضاً: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". فكيف يمكن لله أن يعظم خلقه في بداية البعثة، ثم يعاتبه علي بعض ما ظهر منه - علي فرض أنه ظهر منه هذا النوع من الخلق - في نهايته؟

2 - يبدو من الكلام أن حالة الرجل قبل العبوس هي المجئ وليس السؤال، وهذا ما يخالف الحديث الذي يقول فيه أن الأعمي كان يلح في سؤاله حتي عبس وجهه.

3 - ويقول سبحانه: " وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ". الشعراء - 215، وهذه آية مكية نزلت في بداية الدعوة. ويقول الله سبحانه أيضاً: " ولا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ". الحجر - 88. ويقول سبحانه

أيضاً: " و لا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ". وهذه أوامر للرسول (صلی الله علیه و آله) قبل نزول سورة عبس، أليس الرسول أولي باتباع ما أمره الله من كل الناس؟

4 - ثم أنه تذكر الآيات أن الشخص الذي عبس إنما يتصدي للأغنياء، أو أنه يقبل إليهم بوجهه، وهذا ينافي أخلاق الأنبياء (صلی الله علیه و آله).

ص: 416

5 - ثم أنه كان من الممكن أن يطلب الرسول (صلی الله علیه و آله) تأخير الحديث إلي وقت آخر من غير أن يعبس في وجهه. وأهم نقطة هي:

في تفسير القرطبي: قال ابن العربي:

(أما قول علمائنا إنه الوليد بن المغيرة فقد قال آخرون إنه أمية بن خلف والعباس، وهذا كله باطل وجهل من المفسرين الذين لم يتحققوا الدين، ذلك أن أمية بن خلف والوليد كانا بمكة وابن أم مكتوم كان بالمدينة، ما حضر معهما ولا حضرا معه وكان موتهما كافرين، أحدهما قبل الهجرة والآخر ببدر، ولم يقصد قط أمية المدينة، ولا حضر عنده مفرداً، ولا مع أحد). انتهي.

نحن نعلم أن الآية مكية، وحسب كلام العربي كان ابن أم مكتوم في المدينة، فكيف تنزل آية مكية في حادثة حصلت في المدينة؟

وكتب (عمر) بتاريخ 22 - 11 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

بعد مراجعة تفسير القرطبي تبين الآتي: لم يستنكر نزول الآية في ابن مكتوم، ولكن استنكر بأسماء الكفار. وما نقلته من مدنية ومكية لم يذكره القرطبي، إذ القرطبي يؤكد بأن الشخص الذي عبس هو الرسول (صلی الله علیه و آله) وكما بينت بأن الشيعة تكلمت كثيراً بهذه الآية لنصرة الأئمة فقط، والدليل مراجعة الرسول (صلی الله علیه و آله) لأمر الله في الغدير. والآن ننتظر الجواب في سورة التحريم.

وكتب (محمد إبراهيم)، الثانية عشرة وعشر دقائق ظهراً:

أجمع المفسرون والتفاسير أن سورة عبس وتولي نزلت في الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم مع عبد الله بن أم مكتوم.

لباب النقول في أسباب النزول:

ص: 417

أخرج الترمذي والحاكم عن عائشة قالت: أنزل عبس وتولي في ابن أم مكتوم الأعمي، أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم فجعل يقول: يا رسول الله أرشدني، وعند رسول الله صلي الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل علي الآخر، فيقول له: أتري بما أقول بأساً؟ فيقول: لا، فنزلت عبس وتولي. أن جاءه الأعمي. وأخرج أبو يعلي مثله عن أنس.

جاء في تفسير بن كثير:

ذكر غير واحد من المفسرين أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يوماً يخاطب بعض عظماء قريش وقد طمع في إسلامه، فبينما هو يخاطبه ويناجيه إذ أقبل ابن أم مكتوم وكان ممن أسلم قديماً، فجعل

يسأل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن شئ ويلح عليه، وود النبي صلي الله عليه وسلم أن لو كف ساعته تلك ليتمكن من مخاطبة ذلك الرجل طمعاً ورغبة في هدايته. وعبس في وجه ابن أم مكتوم وأعرض عنه وأقبل علي الآخر فأنزل الله تعالي: عبس وتولي. أن جاءه الأعمي. وما يدريك لعله يزكي.

تفسير فتح القدير للشوكاني:

وقد أجمع المفسرون علي أن سبب نزول الآية: أن قوماً من أشراف قريش كانوا عند النبي صلي الله عليه وسلم، وقد طمع في إسلامهم، فأقبل عبد الله بن أم مكتوم، فكره رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يقطع عليه ابن أم مكتوم كلامه، فأعرض عنه فنزلت.

تفسير البيضاوي:

ص: 418

روي أن ابن أم مكتوم أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم وعنده صناديد قريش يدعوهم إلي الإسلام فقال: يا رسول الله علمني مما علمك الله، وكرر ذلك ولم يعلم تشاغله بالقوم، فكره رسول الله صلي

الله عليه وسلم قطعه لكلامه وعبس وأعرض عنه فنزلت. فكان رسول الله صلي الله عليه وسم يكرمه ويقول إذا رآه: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، واستخلفه علي المدينة مرتين.

تفسير القرطبي:

وذكر أن الأعمي الذي ذكره الله في هذه الآية، هو ابن أم مكتوم، عوتب النبي صلي الله عليه وسلم بسببه.

فأجابه (مدقق)، الثانية عشرة والربع ظهراً:

سواء استنكر القرطبي أم لم يستنكر، فيكفي أنه اعترف أن ابن مكتوم كان بالمدينة، والسورة مكية، فكيف تنزل سورة مكية في واقعة وقعت في المدينة؟!!

فكتب (عمر)، الواحدة إلا عشراً ظهراً:

إرجع للموضوع من الأول لتري بأنني لم أطلب المناقشة في عبس وكان القصد في سورة التحريم. وأعتقد بأن لو وصلنا إلي حل في سورة التحريم سيكون من السهل العودة لسورة عبس وإقناعك بها.

قرأت التفاسير، ولا حتي واحد من التفاسير يقول أن هذا كان ذنباً علي رسول الله (صلی الله علیه و آله)، ولا أعرف كيف عرفت أنه كان ذنباً، كل ما هنالك أن الرسول (صلی الله علیه و آله) حرم علي نفسه العسل (أو ماريا) لتطيب خاطر حفصة وعائشة وكانت العملية خاصة بالرسول (صلی الله علیه و آله) وكانت تحريمه علي نفسه بالحلفان جائز

ص: 419

قبل أن ينزل الله حكماً فيه، ولم يكن تحريمه تشريعياً أبداً. والعتاب كان علي حفصة وعائشة كما تعلم وخصوصاً أن الله انتهي إلي قوله: " إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ".

فلا تخلط الأمور وتستسخف نفسك.

وكتب (عمر)، أيضاً:

يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم. انطبق المثل علي الشيعة نعجة ولو طارت! الآية واضحة كما يقرأها أي عربي.. ل-مَ: أداة استفهام وهي تقديراً للرسول (صلی الله علیه و آله)، والسبب للتحريم مرضات الأزواج، ثم أمره الله بالتحلل من التحريم والحلف... ولو لم يكن هناك خطأ ما لما عاد الرسول (صلی الله علیه و آله) بالتكفير عن القسم الذي قسمه لأنه رسول يجب أن يكون قدوة وعمله سنة. أي لو لم يعاتبه الله لأصبحت سنة اقتداء بالرسول (صلی الله علیه و آله). وهناك سورة أخري تبين بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) ليس ملاك، سورة التوبة - آية 80: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ". ويبين الله بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) مخير. وهذه أيضاً سورة التوبة - آية 84: " ولا تصل علي أحد منهم مات أبداً ولا تقم علي قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون. " وهنا أمر إلهي بعدم الصلاة عليهم وهذه الآية تبين صفة البشرية لدي الرسول (صلی الله علیه و آله). سورة الإسراء - آية 94: " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدي إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً ". وهذه الآية تثبت بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) ليس ملاك أي بصفاته لأن الملاك قادر علي التشكل كبشر. سورة الإسراء - آية 95: " قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً ". وهذه الآية تبين بأن الشيطان يحاول مع الرسول ولكن الله يبعد ما يفعله الشيطان.

ص: 420

سورة الحج - آية 52: " وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمني ألقي الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ". وهنا يتبين لنا من هم الرسل. سورة الفرقان - آية 7: " وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً ". كل هذه الصفات والآيات تثبت بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) بشر يحس كما البشر ويغضب ويتزوج ويصوم ويفطر. ونحن نبرؤه من الخطأ في الدين والتبلغ، أما ما ذكرنا في سورة عبس وسورة التحريم وسورة المائدة (بلغ)، فإنها ليس بالدين والعقيدة ولكنها من الصفات البشرية العادية كالغضب والضحك. حتي الآن لم نجد تبريراً للشيعة لسورة التحريم التي يصورونها بأنها لا يوجد بها عتاب من الرب والسورة اسمها التحريم. لا زلنا ننتظر، علي شرط أن لا يكون الجواب نعجة ولو طارت.

فكتب (مدقق)، الثانية والثلث ظهراً:

لحظة واحدة.. لا ترمي الآيات كما تشاء! لنأخذها واحدة واحدة..

ولا أري ما تري في التحريم! هل من الممكن تبين ما هو الذنب الذي وقع فيه الرسول.

وأخبرني عن ذنبه ولا تخبري عما تعتقد أنه ذنب، واستدل بالأدلة ولا تخرج عن الآية، ولا تأتِ بآيات أخري! وإذا أردت بعد ذلك.. نذهب إلي آية آية، حتي أرفع الشبهات عن تفكيرك.

ولا تنسَ أنك دائماً تفعل نفس الشئ، ترمي الآيات ولا تدري ما تقول، ثم آتيك بالتفسير وإذا العملية 180 درجة بعيدة عن رأيك الخاص. ولا أريد رأيك الخاص في الموضوع.

ص: 421

وأخيراً، لا تستعجل علي ردي، فأنا وقتي يذهب لأشياء أخري غيرك، وأنت أقل الموجودات أهمية عندي، فلذلك.. اصبر.

فرد (عمر)، السادسة مساءً:

الكلام طال.. المهم أن نعرف هل الرسول (صلی الله علیه و آله) معصوم عصمة الملائكة أي مصير وكل حركة يفعلها فهي أمر، وهذا قول الشيعة. أما قول السنة فإن الرسول (صلی الله علیه و آله) بشر يمرض ويغضب ويتذكر وينسي،

والفرق بينه وبين البشر بأنه يوحي إليه، وهذا مع سائر الأنبياء. وبالعودة لسورة التحريم فإنه غضب وحرم عليه مملوكته أو العسل، لأن هناك روايتان، ولهذا العمل عاتبه الله لأن عمله يكون قدوة للبشر وعمله سنة، أي يكون تحريم العسل أو المملوكة، وأمره بالتحلل من قسمه. ولو كان معصوماً كعصمة الملائكة كما تدعي الشيعة، لما عاتبه الله لأن الملائكة مصيرة (كذا).

ولهذا الشيعة تدعي العصمة المطلقة للنبي، حتي يكون الأئمة معصومين مثله أي كالملائكة. وفي موضع آخر تتجرأ الشيعة علي الرسول (صلی الله علیه و آله) وتقول بأنه لم يبلغ أمر الله في ولاية علي (ض). ولا بد من تجرأ علي الرسول (صلی الله علیه و آله) غاب عنه ما ذكرته الشيعة في سورة عبس. ونري بأن ما بني علي باطل فهو باطل أي إذا كان علمائكم بهذه الدرجة من العلم فلا حول ولا قوة إلا بالله.

وأجاب (مدقق)، السابعة مساءً:

أولاً: لأبين نقطة في غاية الأهمية، وهي أن الآية لا تتكلم عن أي نوع من الغضب، وهذا الكلام من عندك، والله يقول: " تبتغي مرضات أزواجك " وهذا كان سبب تحريمه ذلك الشئ علي نفسه.

ص: 422

ثانياً: أنا لم أتكلم عن العصمة، والعصمة موضوع طويل عريض، كل ما هنالك أنني أريد أن أبين أن الرسول في هذه الآية بالذات لم يذنب.

ثالثاً: العمل هذا كان لنفسه ولا علاقة له بالتشريع، وكما أن الله من الممكن أن يعاتبه علي ترك صلاة الليل لأنها واجبة عليه لا علي غيره، فهو يعامله هنا معاملة خاصة فوق البشر. وليست لها علاقة بأي ذنب.

رابعاً: أما بالنسبة للتحلل من الحلف، فحسب التفاسير أن الحلف من هذا النوع لم يكن محرماً وقتها، والله بين له كيف يتنازل عن هذا الحلف، وكما بينت أنه هذا الحلف للإمتناع كان خاصاًّ به ولا علاقة له بالتشريع. وإذا قلت أنه له علاقة بالتشريع فأصبح الرسول حتي في تبليغ الرسالة غير معصوم، وتصبح هذه مصيبة كبري!

خامساً: حسب التفاسير التي قرأتها أنه من الممكن أن الله يوجه العتاب للأنبياء لأشياء لا يوجه العتاب فيها إلي أي من عباده، وهذا طبيعي، فالمدرس الذي لديه تلميذ شاطر يحاسبه علي أقل الأمور التي لا يحاسب عليها باقي التلاميذ. والفرق.. أنه أريد أن أبين أنه لم يكن ذنباً، وهذا هو المهم.

سادساً: العتاب وإن كان موجهاً شكلياًّ إلي الرسول إنما كان لحفصة وعائشة بدليل أنه طلب منهما التوبة " إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ". كما أن الله عندما خاطب النبي عيسي (علیه السلام): " وإذ قال الله يا عيسي ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ". فكما أن هذا يبدو عتاباً للنبي عيسي، ولكنه عتاب للناس فكذلك الآية الأخري.

سابعاً: لا تحاول الإنطلاق إلي موضوع عصمة الأئمة، وهذا ليس موضوعنا، ولا أريد التشتت في الفكر. أنت طلبت شرح الآية وأتيتك بها، وانتهي.

فكتب (عمر)، السابعة والنصف مساءً:

ص: 423

يا شاطر، الموضوع الأساسي كان عن مدي عصمة الأنبياء لدي الشيعة ولذلك قارنا بين سورة عبس وسورة التحريم وعندما خاطب الله رسوله: " لم تحرم ما أحل الله لك ". فهذا يبطل كلام الشيعة في عبس لأن الشيعة تقول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لا يفعل شئ إلا بأمر الله ولا ينسي ولا يغضب. من هن

يتبين لكم أن علماء الشيعة كل يفسر علي هواه لمصلحة قضية خاسرة، وهي الإمامة.

سؤال: هل عندما حرم الرسول (صلی الله علیه و آله) ما أحله الله له كان بأمر الله، أم من تفكيره. إذا قلت بأنه من أمر الله. فلماذا يستفهم منه الله ويطلب منه التحلل من القسم، وإذا قلت بأنه من تفكيره فإنك خالفت علماء الشيعة. أي الجوابين تختار؟

وكتب (فاتح) بتاريخ 5 - 1 - 2000، السادسة مساءً:

يا عمر، لماذا الإصرار علي أنها نزلت في الرسول (صلی الله علیه و آله)؟

هل إثبات ذلك بدافع البحث عن الحقيقة، أم إرادة الإهانة للنبي (صلی الله علیه و آله)؟

وكتب (حسيني)، السابعة مساءً:

تقول: " من مهازل الشيعة ادعائهم بأن سورة عبس نزلت في عثمان "!

يا سبحان الله، غيرتك علي عثمان أصبحت أفضل من غيرتك علي الرسول (صلی الله علیه و آله)..

عثمان يفعلها.. هذا ادعاء.. ولكن رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو رسول الله (صلی الله علیه و آله) يفعلها فأمر وارد.

فإذا كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) لديكم يفعل هذه الأفعال الشنيعة.. فلماذا تقتدون به.. فلديكم عثمان إنه أفضل من الرسول، أليس كذلك حسب ما تؤمنون.. فها أنتم تستميتون للدفاع عن عثمان.

ص: 424

قول آخر: " والسبب بأنهم يرون الأنبياء والأولياء كالملائكة لا تحس ولا تغضب ولا تشعر "!

ومن قال لك إن الملائكة لا تحس ولا تغضب ولا تشعر؟! " وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء.. ". البقرة - 30.

فها هم أحسوا بالعطف والرحمة علي باقي المخلوقات من جراء ما سوف يجنيه الإنسان.

" من كان عدواً لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين ". البقرة - 98.

فإن كان الملائكة لا تحس ولا تشعر، فلماذا يراعي الله شعورهم في هذه الآية ويطمئنهم.

إن الرسل والملائكة تحس وتغضب وتشعر " قل إنما أنا بشر مثلكم يوحي إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً ".. ولكن هم تميزوا بالعصمة، أي أنهم قادرون علي السيطرة علي مشاعرهم وأحاسيسهم فلا يرتكبون المعاصي ولا يرتكبون حتي الذنوب الصغيرة.

فحاشا لرسول الله (صلی الله علیه و آله) أن يرتكب مثل هذا الفعل الشنيع، وهو العبس في وجه السائل والتولي عنه. إحذروا فإنكم كثيرا ما تتخبطون في أسألتكم، واعلموا أنكم محاسبون يوم القيامة علي ما تؤمنون.

ومع أن عمر فتح الموضوع، لكنه هرب هو ومحمد إبراهيم!

ص: 425

وكتب (الراصد) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 2 - 2000، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (من وحي القرآن - سورة عبس)، نقل فيه من الكتاب المذكور تفسير فضل الله للسورة وادعاءه أن المخاطب فيها هو النبي صلي الله عليه وآله، قال فيه:

سبب نزول الآية: وهناك مسألة مهمة أثارها المفسرون في سبب نزول الفصل الأول من السورة، ودخلوا في جدل حول الشخص الذي كان موضوعاً للحديث هل هو النبي (صلی الله علیه و آله)، أو شخص غيره؟ لأن الصفات التي توحي بها الآيات لهذا الشخص لا تتناسب مع خلق النبي (صلی الله علیه و آله)، وربما لا تتناسب مع عصمته...

فإن قيل: فلو صح الخبر الأول، هل يكون العبوس ذنباً، أم لا؟

فالجواب: أن العبوس والإنبساط مع الأعمي سواء، إذ لا يشق عليه ذلك فلا يكون ذنباً، فيجوز أن يكون عاتب الله سبحانه بذلك نبيه (صلی الله علیه و آله) ليأخذه بأوفر محاسن الأخلاق، وينبهه بذلك علي عظم حال المؤمن المسترشد، ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم علي إيمانه أولي من تأليف المشرك طمعاً في إيمانه...

وروي عن الصادق (علیه السلام) أنه قال: كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً. وكان يصنع به من اللطف حتي كان يكف عن النبي (صلی الله علیه و آله) مما فعل به. مجمع البيان: 10/664...

فكتب (الموسوي)، التاسعة مساءً:

سؤال 1296: سيدي، ما قولكم في سورة عبس وتولي هل نزلت في النبي (صلی الله علیه و آله)، أم لا؟

وإذا لم تكن نازلة في النبي (صلی الله علیه و آله)، ففي من نزلت؟

ص: 426

الخوئي: عند أهل السنة أن الآية نزلت في النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله)، وأما عند الشيعة فالآية نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلی الله علیه و آله) وجاء ابن مكتوم فعبس الرجل.

راجع التفسير. المصدر: صراط النجاة: 1/462

وكتب (طبيعي)، التاسعة والنصف مساءً:

اللهم صل علي محمد وال محمد.

وكتب (المسلم المسالم)، الثامنة صباحاً:

إلي الموسوي: من قال لك إن الشيعة لا تراها نزلت في الرسول صلي الله عليه وسلم؟؟!

وكتب (أبو حسين)، الثامنة والثلث صباحاً:

يا مسالم: أنت تعتقد أن النبي صلي الله عليه وآله هو الذي عبس...

ولماذا تعتقد هذا الإعتقاد المنحرف الذي ينافي قوله تعالي: " إنك لعلي خلق عظيم " وخصوصاً إذا عرفت أن الرجل الأعمي ما كان له ذنب متعمد عليه ليستحق بذلك العبوس، الذي وصل إلي درجة أنه نزلت به آية.

إذا كنت تعتقد هذا لأن أبناء جلدتك قالوا به، فعليك أن تصحح عقيدتك. أما قول فلان وفلان، فهؤلاء لا يمثلون بآرائهم سوي أنفسهم، وقول الله سبحانه وتعالي هو الفصل.

فكتب (طبيعي) بتاريخ 24 - 2 - 2000، الثامنة والنصف صباحاً:

إن مداخلتك أخانا المسلم خارجة عن مسار البحث، يرجي مراعاة عدم ذكر أسماء، والإكتفاء بمناقشة الفكرة المطروحة من وجهة نظر إسلامية. اللهم صل علي محمد وآل محمد.

ص: 427

وكتب (أبو حسين)، التاسعة صباحاً:

البشر خطاؤون ما عدا المعصومين عليهم السلام، أما إذا انفرد أحد برأي فهو يمثله.

ولكنكم أنتم لستم واحداً بل أجمعتم عن بكرة أبيكم بالإيمان بهذا القول المنحرف، وتريدون من غيركم الإقتداء به! بل وتدرسونه أولادكم!!

هذا هو الإنحراف الحقيقي. فهل لاحظت الفرق الآن!! فالشخص قد يعطي رأيه اليوم ويبدله غداً،

أما أنتم فقد توارثتموها أب عن جد، وستواصلون سعيكم علي هذا النهج. وإن سعيكم لشتي.

وكتب (ناصر حسين)، الحادية عشرة صباحاً:

المسالم:

لا يمكنك أن تحتج علي مذهب بشخص واحد، فاحصر احتجاجك بالإستدلال، واذكر ما يصحح تفسيرك دون أن تستأنس برأي أحد وتنسبه زوراً إلينا.

اعذرني أخي الناصر علي التعديل البسيط، ولكنه من أجل الحفاظ علي مسار البحث.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (بدر)، الثانية عشرة ظهراً:

يا أخي هذا التفسير من التفاسير الحركية المنفتحة علي ما يتفاعل وما لا يتفاعل مع الروايات!!

فلماذا حرق الأعصاب؟!

ص: 428

إن مشكلة إخواننا مع ما يطرح في هذا المنتدي بشكل مكثف ليست بالسند، وإنما بالدلالة، والعاقل

يفهم، والمطلع يدري، والراصد يعلم. اللهم نجنا من مضلات الفتن!!

ورحم الله السيد الحميري إذ يقول، ولو كان في مقاله شك لاعترض عليه الإمام الصادق عليه السلام:

قطع الله يدي ضاربها... ويد الراضي بذاك المتبع

لا عفا الله له عنه ولا... كف عنه هول يوم المطلع

فكتب (المسلم المسالم)، الثانية ظهراً:

تعجبت غاية العجب ممن يتهم أهل السنة أنهم ينتقصون الرسول صلي الله عليه وسلم عندما فسروا قوله تعالي: " عبس وتولي " بأن المخاطب بها هو المصطفي صلي الله عليه وسلم. ثم نسي أو تناسي أن حتي الشيعة تقول بذلك بل هو المشهور عند الطرفين. ونحن هنا ننقل بعض كلام المفسرين من الشيعة الذين يقولون أنها نزلت في الرسول صلي الله عليه وسلم أو علي أقل تقدير يحكون الروايتين جميعاً، وإن كان تقديمهم هذه الرواية في بداية تفسيرهم يستشف منها ترجيحها علي غيرها. فمنهم:

1 - أمين الدين الطبرسي (مجمع البيان)......

قال العاملي: وعدد التفاسير المتقدمة، ثم قال:

وأن هذا هو المشهور عند المفسرين من الطرفين وليس قولاً شاذاًّ عند الشيعة قال به فضل الله في تفسيره وحي القرآن وحده، بل هو رأي الكثير من المفسرين، ويسنده الرواية عن جعفر الصادق أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان إذا رأي ابن أم مكتوم قال له: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي.. فهل من متبع للحق؟؟!!

ص: 429

وكتب (الموسوي)، الثالثة ظهراً:

سؤال 8: ما هو رأيكم الشريف بمقولة من يري نزول آية " عبس وتولي " متعلق في الرسول (صلی الله علیه و آله) من مجيئ عبد الله بن أم مكتوم؟

جواب آية الله العظمي السيد محمد الحسيني الشاهرودي:

الروايات الواردة من طرقنا تفسر الآية بشكل آخر، وهو أن رجلاً ثرياًّ معروفاً لا نذكر اسمه عبس وتجهم عندما جلس ابن مكتوم بجانبه فنزلت الآية في حقه، ومن المعلوم أن مقام الرسول (صلی الله علیه و آله) وأخلاقه الكريمة السامية أجل وأعظم من نسبة هذه الأمور إليه وأن تنزل هذه الآيات في ذمه وتوبيخه، وهو الذي لا ينطق عن الهوي بل لا يصدر منه أي عمل عن الهوي، وقد قال الله تعالي في حقه: " وإنك لعلي خلق عظيم ". وقال تعالي: " فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". المصدر: أجوبة المسائل الإعتقادية - 59. الناشر: آل المرتضي - قم. الطبعة الأولي - شوال 1418 ه.

جواب آية الله العظمي السيد محمد تقي القمي:

يرد علي هذه المقالة عدة أمور نذكر ثلاثة منها علي نحو الإختصار:

الأمر الأول: أنه قد صرح في القرآن الكريم بعظمة الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله حيث قال الله سبحانه وتعالي: " وإنك لعلي خلق عظيم ". القلم - 4، إلي غير ذلك من الشواهد القرآنية الصريحة بعظمته صلي الله عليه وآله، وغيرها من الروايات المتظافرة. ومن تتبع سيرته صلي الله عليه وآله يجد ما قلناه عين الصواب، والحال أن هذا العمل المذكور أي العبوس قد يكون مستنكراً من أقل الناس، فما بالك بأشرف خلق الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وآله؟!

الأمر الثاني: أنه لا دليل علي هذه المقالة. وعلي فرض وجوده فلا بد من رده وذلك لمخالفته للقرآن الكريم.

ص: 430

الأمر الثالث: أن الأحاديث قد دلت علي أن الآية نزلت في عثمان بن عفان.

المصدر: ردود عقائدية ص 15 - دار الصديقة الشهيدة - مكتب سماحة المرجع الديني آية الله العظمي الميرزا جواد التبريزي - دمشق - السيدة زينب.

جواب آية الله العظمي الميرزا جواد التبريزي:

المروي عن الأئمة نزول الآية المذكورة في رجل كان في مجلس النبي (صلی الله علیه و آله)، والآية المباركة عتاب ولوم لذلك الرجل الحاضر في مجلس النبي (صلی الله علیه و آله).

المصدر: الحوزة العلمية تدين الإنحراف - 153، تأليف: محمد علي المشهدي - الطبعة الأولي - 1418 ه.

جواب آية الله العظمي الشيخ محمد تقي بهجت الغروي:

تقدم أن العصمة والحفظ بمباديهما اختياريان، وإن كانا معلومين في حق البعض.

والعدول في آية: " عبس وتولي " من الغيبة إلي الخطاب يوجب حمل أحدهما علي الآخر. فإن كان المضمون منافياً للعصمة العالية الواقعية تعين حمل الخطاب علي الغيبة، فالمورد حينئذ غير النبي (صلی الله علیه و آله). وإن لم يكن المضمون منافياً لهذه العصمة أمكن العكس وهو حمل الغيبة علي الخطاب. والرواية الخاصة عن أهل البيت (علیهم السلام) تعين الأول دون الثاني، وهو الموافق لمرتكزات وعقائد أهل الحق أعزهم الله تعالي.

المصدر: البرهان القاطع - ص 47 - دار الإيمان - الطبعة الأولي 1418 ه.

وكتبت (إيمان)، الثالثة والنصف ظهراً:

أعجب لمن يتبع الرسول صلي الله عليه وآله ويقول بعصمتهم سلام الله عليهم وأخلاقهم العظيمة.. وهم كذلك وأولي بها.. كيف يسهل عليه أن يغلظ القول علي إخوته لمجرد الإختلاف في الرأي؟!!

ص: 431

العصمة لهم عليهم السلام ثابتة عندنا في كل شئ ولكن معني ودرجات العصمة هي مدار الإختلاف.. فهل العبوس في وجه أعمي بالملابسات التي تحيط بالقضية - باطن الآية - يخالفها أو لا؟!

وأقول: لا، بالنسبة للمتجرد من الهوي والتقليد!!

وكيف يخالفها وبقية البشر مثلنا لا يطيقون سماع رأي مخالف، فيكفرون ويفسقون ويغلظون القول علي مخالفيهم!!

أنا لا أؤيد ولا أنفي أن الآية تقصد أعظم البشر أخلاقاً صلي الله عليه وآله.. ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم علي عصمتهم وما يقدح فيها.. فهم معصومين (كذا) بأقصي ما يتهيأ للبشر من عصمة، وهذا يكفي!!

وأضيف أن العصمة تتكامل عندهم، كما يتكاملون سلام الله عليهم في كل شئ.. والرسول صلي الله عليه وآله يقول: أدبني ربي فأحسن تأديبي، فظاهر الآية إن كانت في رسول الله صلي الله عليه وآله لا تدل إلا علي أن الله تعالي يؤدب حبيبه بما يحب أن يكون عليه..

وما العبوس من أجل إعلاء كلمة الله تعالي ورغبة في نشر دينه لا لهوي النفس بذنب يعتني به لغيره،

ولكن الله تعالي يعتب عليه إرادة لتكميله. وحسنات الأبرار سيئات عند المقربين. والرسول أقرب إليه من كل مقرب! فلذلك لا داعي للتكلف في هذه المسألة والإصرار علي الرأي، وكأن من قال بشئ مخالف قد كفر!! ويكفينا أن نعرف لهم عليهم السلام منزلتهم وعصمتهم، وهي التي لا يبلغها أحد من الأولين والآخرين..

ص: 432

ونقول: أن ذنوبهم - إن كان لهم ذنوب - هي مما لا يمكن أن تقاس عليه ذنوبنا.. فهم في شأن وباقي الخلق كلهم في شأن آخر!! اللهم صل علي محمد وآل محمد وعرفنا حقهم ومنزلتهم.

وكتب (الموسوي)، الرابعة عصراً:

الأخت الفاضلة إيمان: لا أدري من تقصدين في التغليظ بالقول..

ولكن مما لا شك فيه إذا كان هناك مستند شرعي للتغليظ - وأنا أتحدث الآن علي سبيل الإفتراض - كما في المبدعين والضالين، فالأمر مختلف ولا يمكن اعتباره مجرد اختلاف في الرأي.

ونحن الآن نتكلم فيما هو الحق ولم نتهم أحداً بالتكفير، وإن حكمنا علي أحد بأحكام معينة فلأسباب مذكورة في محلها، يضاف إليها صفة الشذوذ الحاكمة علي المنهج. ويجب أن نفرق بين منهج الشذوذ وبين الرأي الشاذ في مسألة ومسألتين أو ثلاث. ولي ملاحظة علي قولك: " أنا لا أؤيد ولا أنفي أن الآية تقصد أعظم البشر أخلاقاً صلي الله عليه وآله.. ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم علي عصمتهم وما يقدح فيها ". فهل يتصور هذا العبوس مع من تعبِّرين عنه أنه أعظم البشر أخلاقاً؟ وإذا حصلت لنا معرفة بأخلاقهم بما جاء في القرآن والحديث، فكيف لا نحكم علي ما جاء بما ينافي ذلك؟ كيف ترفضين أن النبي (صلی الله علیه و آله) لا يبول قائماً؟

أليس من حقي أن أسأل بنفس كلامك " ولكن المقصود أن من لا يعرف أخلاقهم لا يملك أن يحكم

علي عصمتهم وما يقدح فيها ". فكيف لك أن تعرفي أن هذا (البول قائماً) يقدح في عصمة النبي (صلی الله علیه و آله)؟؟ ولا منافاة بين تأديب الله لهم وبين عدم العبوس! بل إن الثاني مترتب علي الأول.

ص: 433

وللحديث بقية.

وكتب (الراصد)، العاشرة مساءً:

نحن أيها الإخوة الكرام لا نريد تأكيد هذه الرواية أو رفضها، بل نريد أن نثير المسألة حول إمكان نسبة القصة إلي النبي أو عدم إمكانه، لنتبني إمكان ذلك من دون منافاة لخلقه العظيم، ولعصمته في عمله وذلك في ضمن نقاط:

النقطة الأولي: إن دراستنا لعلاقة النبي (صلی الله علیه و آله) بهذا الأعمي تدل علي أن هناك صلة وثيقة بينهما بحيث كان يدخل علي النبي (صلی الله علیه و آله) وهو جالس بين زوجاته، وقد اشتهرت الرواية التي تتضمن دخوله عليه، وعنده عائشة وأم سلمة، فقال لهما: احتجبا. فقالتا: إنه أعمي فقال: أنتما تريانه. وإذا كان ذلك قد حدث في المدينة، بالإضافة إلي استخلافه عليها عند خروجه إلي الغزو، فإنه يدل علي عمق الصلة منذ البداية، لا سيما إذا سلمنا بالرواية التي تتضمن سؤاله الملِح بأن يتلو عليه كتاب الله، ويعلمه مما علمه الله، مما يدل علي الروحية الإيمانية التي تستوعب المعرفة الدينية للقرآن وللإسلام بالمستوي الذي ينتهز فيه الفرصة الدائمة لاكتساب العلم. إن ذلك كله قد يوحي بوحدة الحال بينه وبين النبي (صلی الله علیه و آله) بحيث يغيب عن العلاقة أي طابع رسمي، مما يجعل إعراض النبي (صلی الله علیه و آله) اعتماداً علي ما بينهما من الصلة التي تسمح له بتأخير الحديث معه إلي فرصة أخري، من دون أن يترك أي أثر سلبي في نفسه، لا سيما إذا كان ذلك لمصلحة الدين التي تجعل أي مسلم في زمن الدعوة الأول يفرح لنجاح النبي (صلی الله علیه و آله) في استمالته لأي شخص من كفار قريش الوجهاء في مجتمعهم، باعتبار أن ذلك يخفف العذاب والحصار علي المسلمين المستضعفين، ومنهم ابن أم مكتوم.. وبذلك يكون إعراض النبي (صلی الله علیه و آله) عنه كإعراضه عن أحد أفراد أصحابه أو عائلته، اتكالاً علي ما بينهما من صلات عميقة ووحدة صلة.. كما أن العبوس

ص: 434

لم يكن عبوس الإحتقار، بل قد يكون أقرب إلي عبوس المضايقة النفسية التي توجد تقلصاً في الوجه عندما يقطع أحد علي الإنسان حديثه الذي يرقي إلي مستوي الأهمية لديه.. فلا يكون في ذلك أي عمل غير أخلاقي، فلا يتنافي مع الآيات التي أكدت خلقه العظيم وسعة صدره.

النقطة الثانية: إن مدلول الآيات يوحي بأن النبي (صلی الله علیه و آله) كان يستهدف من حديثه مع هؤلاء الصناديد، تزكيتهم الفكرية والروحية والعملية بعيداً عن مسألة الإهتمام بغناهم من ناحية ذاتية في ما اعتاده الناس من الإهتمام بالغني تعظيماً لغناه ورغبة في الحصول علي ماله فيما يمثله ذلك من قيمة سلبية بالمستوي الأخلاقي الذي يؤكد علي تقييم الشخص لصفاته الفكرية، والعملية الإيجابية، وذلك هو قوله تعالي: " أما من استغني فأنت له تصدي وما عليك ألا يزكي " للإيحاء له بأن عدم حصوله علي التزكية، بعد إقامة الحجة عليه، من قبلك، مدة طويلة، لا يمثل مشكلة بالنسبة إليك لأنك لم تقصر في تقديم الفرص الفكرية بما قدمته من أساليب الإقناع، مما جعل من التجربة الجديدة تجربة غير ذات موضوع، لأنه يرفض الهداية من خلال ما يظهر من سلوكه، الأمر الذي يجعل من الإستغراق في ذلك مضيعة للوقت، وتفويتاً لفرصة مهمة أخري، وهي تنمية معرفة هذا المؤمن الداعية الذي يمكن أن يتحول إلي عنصر مؤثر في الدعوة الإسلامية. فأين هي المشكلة الأخلاقية المنافية للعصمة في هذا كله؟

النقطة الثالثة: إن السورة قد تكون واردة في مقام توجيه النبي (صلی الله علیه و آله) إلي الإهتمام بالفئة المستضعفة التي تخشي الله وتؤمن به، لتعميق تجربتها الروحية، وتنمية معرفتها القرآنية الإسلامية، لأن ذلك هو الذي يمكن أن يقوي قاعدة المجتمع الإسلامي الصغير النامي الذي يملك أفراده الإيمان القوي والإلتزام الشديد، ويرفع من مستوي الدعوة في اهتمامات المؤمنين ليتحولوا إلي دعاة

ص: 435

أكفاء، كما أن هذه الفئة هي الأكثر استعدادا لبذل الجهد، وتحمل المسؤوليات وتقديم التضحيات، لأنهم الأقرب إلي روح الدعوة، ولأنهم لم يستغرقوا في خصوصيات الدنيا، ولم يأخذوا بامتيازاتها كما أخذ غيرهم، فهم لا يفقدون شيئاً من امتداد الإسلام، كما يفقد الأغنياء والمستكبرون، بل يستفيدون من ذلك. ولعل هذا ما نستوحيه من الظاهرة المعروفة، وهي أن أتباع الأنبياء والمصلحين هم الفئة المستضعفة المرذولة في المجتمع، لأن الدعوات الرسالية والإصلاحية تعالج مشاكلها، وتلتقي بتطلعاتها، وتحترم إنسانيتها المسحوقة لدي الآخرين من المستكبرين. أما الأغنياء، فإن هدايتهم قد تحقق بعض الربح، وبعض النتائج الإيجابية علي مستوي إزالة المشاكل، التي كانوا يثيرونها أمام الدعوة، عن الطريق، ولكنهم لا يستطيعون التخلص من رواسبهم بشكل سريع، مما قد يجعل الإنصراف إليهم والإنشغال بهم عن غيرهم، موجباً لبعض النتائج الصغيرة، علي حساب النتائج الكبيرة. وعلي ضوء ذلك، فقد تكون هذه الآيات واردة للحديث عن المقارنة بين الإهتمام بتزكية المستضعفين من المؤمنين الذين هم القوة الحركية للدعوة، وبين الإهتمام بتزكية هؤلاء الذين قد يحتاج الموضوع لديهم إلي جهد كبير، لا يملك النبي (صلی الله علیه و آله) الوقت الكثير له في اهتماماته العامة، في الوقت الذي لم تكن فرص هدايتهم كبيرة، كما أنهم لن يؤثروا تأثيراً كبيراً لمصلحة الدعوة، مع ملاحظة مهمة، وهي أن قوة الدعوة التي يحققها المستضعفون، في جهدهم وجهادهم، سوف تحقق الإمتداد للإسلام، بحيث يدخل هؤلاء المستكبرون فيه بشكل سريع، لأن هؤلاء لا يخضعون للمنطق - عادة - بل للقوة، وهذا ما لاحظناه في فتح مكة الذي أفسح المجال لدخول الناس في دين الله أفواجاً، لأن الإسلام قد بلغ الذروة في القوة آنذاك.

ص: 436

النقطة الرابعة: أن القسوة الملحوظة في الآيات في الحديث مع النبي (صلی الله علیه و آله) تمثل ظاهرة واضحة في أكثر الآيات التي تتصل بسلامة الدعوة واستقامة خطها، سيما في قوله تعالي: " ولو تقول علينا بعض الأقاويل. لا أخذنا منه باليمين. ولقطعنا منه الوتين. فما منكم من أحد عنه حاجزين ". الحاقة - 43 - 47. وقوله تعالي في الحديث عن المحاولات التي يبذلها المشركون للتأثير عليه من أجل الإفتراء علي الله: " وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذا لاتخذوك خليلاً. ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا به نصيراً " الإسراء 73 - 75. وقوله تعالي: " لئن أشركت ليحبطن عملك.. " وغير ذلك من الآيات، لأن القضية ترقي إلي المستوي الكبير من الأهمية، بحيث لولاها لانحرفت مسيرة الرسالة بانحراف الرسول أو القائد، للإيحاء بأن هذه القضية لا تقبل التهاون حتي في الموارد المستبعدة منها، وذلك، من أجل أن يفهم الدعاة من بعد النبي (صلی الله علیه و آله)، بأن عليهم أن يقفوا في خط الإستقامة، حتي بالمستوي الذي لا يمثل تصرفهم فيه عملاً غير أخلاقي، لأن الغفلة عن الخطوط الدقيقة في المسألة، قد تجر إلي الإنحراف بطريقة لا شعورية.

النقطة الخامسة: إن القرآن الكريم قد عمل علي تثبيت شخصية النبي (صلی الله علیه و آله) وتأديبه بأدب الله، فيما يريد الله له أن يأخذ به من الكمال الروحي والأخلاقي والعملي، مما يلقي إليه الله علمه، مما قد يختلف عن الخط المألوف عند الناس. ولعل هذه المسألة تدخل في هذه الدائرة، لأن المعروف هو الإهتمام بالأغنياء لقدرتهم علي التأثير في المجتمع بطريقة فاعلة كبيرة، بينما لا يملك المستضعفون الفقراء مثل ذلك، فتكون النظرة - علي هذا الأساس - نظرة رسالية

ص: 437

.. لكنها قد تترك تأثيراً سلبياً علي النظرة العامة لسلوك الرسول، لأنهم قد يفكرون بالجانب السلبي في القضية، وهو ملاحظة جانب الغني في الإهتمام بالأغنياء من جهة النظرة الذاتية إلي قيمة الغني في المجتمع، فتأتي الآيات لتثير الموضوع، وبهذه الطريقة، لإبعاد السلوك عن الصورة السلبية من حيث الشكل، حتي لو لم تكن هناك سلبية من حيث المضمون، مع ملاحظة مصلحة الدعوة في ذلك كله، وهذا ما نستوحيه من قوله تعالي: " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً ". فإن هذه الآية توحي بأن الله يريد أن يخرج النبي (صلی الله علیه و آله) من الأجواء الضاغطة في العرف الإجتماعي، التي يمكن أن تترك تأثيرها الخفي علي نفسه بطريقة لا شعورية، فيلتفت إلي الأغنياء رغبة في الإمتيازات الحاصلة عندهم.. وربما كان ذلك علي طريقة: إياك أعني واسمعي يا جارة، ليكون الخطاب للأمة، من خلال النبي، ليكون ذلك أكثر فاعلية وتأثيراً إيحائياً في أنفسهم، لأن النبي إذا كان يخاطب بهذه الطريقة في احتمالات الإنحراف، فكيف إذا كان الخطاب يراد به غيره.

النقطة السادسة: إن الرواية المنسوبة إلي الإمام الصادق (علیه السلام) في أن الحديث عن رجل من بني أمية، لا تتناسب مع أجواء الآيات، لأن الظاهر من مضمونها، أن صاحب القضية يملك دوراً رسالياً، ويتحمل مسؤولية تزكية الناس، مما يفرض توجيه الخطاب إليه للحديث معه عن الفئة التي يتحمل مسؤولية تزكيتها باعتبارها القاعدة التي ترتكز عليها الدعوة وتقوي بها، في مقابل الفئة الأخري التي لم تحصل علي التزكية، ولا تستحق بذل الجهد الكثير.

وكتب (العاملي) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الواحدة صباحاً:

ص: 438

راجعت أقوال المفسرين السنيين في تفسير " عبس وتولي " فوجدت:

عدداً منهم يوافقوننا علي أن المخاطب بها ليس النبي صلي الله عليه وآله، بل رجلٌ آخر.. ومنهم الفخر الرازي في عصمة الأنبياء، والزركشي في البرهان وغيرهما..

ووجدت عدداً منهم يميلون إلي أن المخاطب ليس النبي صلي الله عليه وآله..

وعدداً منهم يضعف الحديث المشهور الذي نسبه الترمذي إلي عائشة، ولم ينسبه مالك وغيره إليها، بل وقفوا به عند عروة، ورواه بعضهم عنه عن أبيه الزبير..

كما وجدت أن ما نقله بعض الأخوة عن مفسري الشيعة غير صحيح..

فعامة مفسري الشيعة يذكرون الأقوال وينفون أن يكون المخاطب هو الرسول، ثم يقولون ومع تسليمنا أنه المخاطب، فلا يدل علي ارتكابه حراماً.. إلخ.

ومنهم من شذ وروي تفسير السنيين، وكأنه قبِله..

والنتيجة:

أولاً: وجود خلاف بين المفسرين السنيين أنفسهم، وبين وبينهم وبين الأغلبية الساحقة من مفسري الشيعة، في أن المخاطب هو النبي صلي الله عليه وآله...

وثانياً: عندما يري الإنسان أن الثابت بنص القرآن أن النبي صلي الله عليه وآله علي خلق عظيم.

فهذا يقين. وأن صفات: العبوس، والكلوح، والتولي، وبقية الصفات الشديدة في السورة، لم يثبت بيقين نسبتها إليه، بل بالظن.. فكيف يجرأ علي ارتكاب العمل بالظن ونسبة هذه الصفات الذميمة إلي سيد الخلق صلي الله عليه وآله؟! ألا يكفينا ردعاً أنه لا يقين عندنا في هذه النسبة؟!!!

أكتفي بعرض أقوال المفسرين الشيعة والسنة في الشخص العابس في السورة، بدون توسع في التحليل:

ص: 439

المفسرون الشيعة:

قال السيد الخوئي في منية السائل ص 224:

س: سيدي، ما قولكم في سورة عبس وتولي، هل نزلت في النبي (صلی الله علیه و آله)، أم لا؟

وإذا لم تكن نازلة في النبي (صلی الله علیه و آله)، ففي من نزلت؟

ج: عند أهل السنة أن الآية نزلت في النبي الأكرم صلي الله عليه وآله، وأما عند الشيعة فالآية نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي وجاء ابن أم مكتوم فعبس الرجل. راجع التفسير.

وكذا أجاب الميرزا جواد التبريزي في صراط النجاة: 1/462

وفي تفسير علي بن إبراهيم القمي: 2/404:

عبس مكية:

" بسم الله الرحمن الرحيم. عبس وتولي أن جاءه الأعمي " قال: نزلت في عثمان وابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم مؤذناً لرسول الله صلي الله عليه وآله وكان أعمي، وجاء إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده، فقدمه رسول الله صلي الله عليه وآله عليه، فعبس وجهه وتولي عنه! فأنزل الله عبس وتولي. يعني عثمان، أن جاءه الأعمي. " وما يدريك لعله يزكي " أي يكون طاهرا زكياً. " أو يذكر " قال يذكره رسول الله صلي الله عليه وآله. ثم خاطب عثمان فقال: " أما من استغني فأنت له تصدي " قال: أنت إذا جاءك غني تتصدي له وترفعه " وما عليك ألا يزكي " أي لا تبالي زكياً كان أو غير زكي إذا كان غنياً!! " وأما من جاءك يسعي " يعني ابن أم مكتوم.

ص: 440

" وهو يخشي فأنت عنه تلهي " أي تلهو ولا تلتفت إليه.

وقال السيد المرتضي في تنزيه الأنبياء ص 166:

مسألة: فإن قيل: أليس قد عاتب الله تعالي نبيه صلي الله عليه وآله في إعراضه عن ابن أم مكتوم لما جاءه وأقبل علي غيره بقوله " عبس وتولي أن جاءه الأعمي وما يدريك لعله يزكي أو يذكر فتنفعه الذكري " وهذا أيسر ما فيه أن يكون صغيراً. قلنا: أما ظاهر الآية فغير دال علي توجهها إلي النبي صلي الله عليه وآله، ولا فيها ما يدل علي أنه خطاب له، بل هي خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه. وفيها ما يدل عند التأمل علي أن المعني بها غير النبي صلي الله عليه وآله، لأنه وصفه بالعبوس، وليس هذا من صفات النبي صلي الله عليه وآله في قرآن ولا خبر مع الأعداء المنابذين، فضلاً عن المؤمنين المسترشدين!! ثم وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، وهذا مما لا يوصف به نبينا عليه السلام من يعرفه، ليس هذا مشبهاً مع أخلاقه الواسعة وتحننه علي قومه وتعطفه!

وكيف يقول له: " وما عليك ألا يزكي " وهو صلي الله عليه وآله مبعوث للدعاء والتنبيه، وكيف لا يكون ذلك عليه؟! وكأن هذا القول إغراء بترك الحرص علي إيمان قومه. وقد قيل إن هذه السورة نزلت في رجل من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله كان منه هذا الفعل المنعوت فيها.

ونحن وإن شككنا في عين من نزلت فيه، فلا ينبغي أن نشك أنها لم يعنَ بها النبي، وأي تنفير أبلغ من العبوس في وجوه المؤمنين والتلهي عنهم، والإقبال علي الأغنياء الكافرين والتصدي لهم؟!

وقد نزه الله تعالي النبي صلي الله عليه وآله عما هو دون هذا في التنفير بكثير.

وقال الشيخ الطوسي في التبيان: 10/268:

ص: 441

واختلفوا فيمن وصفه الله تعالي بذلك، فقال كثير من المفسرين وأهل الحشو: إن المراد به النبي صلي الله عليه وآله، قالوا وذلك أن النبي صلي الله عليه وآله كان معه جماعة من أشراف قومه ورؤسائهم قد خلا بهم فأقبل ابن أم مكتوم ليسلم، فأعرض النبي صلي الله عليه وآله عنه كراهية أن تكره القوم إقباله عليه، فعاتبه الله علي ذلك. وقيل: إن ابن أم مكتوم كان مسلماً، وإنما كان يخاطب النبي صلي الله عليه وآله، وهو لا يعلم أن رسول الله مشغول بكلام قوم، فيقول يا رسول الله. وهذا فاسد، لأن النبي صلي الله عليه وآله قد أجل الله قدره عن هذه الصفات وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب، وقد وصفه بأنه: " علي خلق عظيم ". وقال: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". وكيف يعرض عمن تقدم وصفه مع قوله تعالي: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه "؟! ومن عرف النبي صلي الله عليه وآله وحسن أخلاقه وما خصه الله تعالي به من مكارم الأخلاق وحسن الصحبة حتي قيل إنه لم يكن يصافح أحداً قط فينزع يده من يده، حتي يكون ذلك الذي ينزع يده من يده! فمن هذه صفته كيف يقطب في وجه أعمي جاء يطلب الإسلام؟!!

علي أن الأنبياء عليهم السلام منزهون عن مثل هذه الأخلاق، وعما هو دونها لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والإصغاء إلي دعائهم. ولا يجوز مثل هذا علي الأنبياء من عرف مقدارهم وتبين نعتهم.

وقال قوم: إن هذه الآيات نزلت في رجل من بني أمية كان واقفاً مع النبي صلي الله عليه وآله، فلما أقبل ابن أم مكتوم تنفر منه، وجمع نفسه وعبس في وجهه وأعرض بوجهه عنه فحكي الله تعالي ذلك وأنكره معاتبة علي ذلك.

وقال الطبرسي في مجمع البيان: 10/266:

قال المرتضي علم الهدي قدس الله روحه: ليس في ظاهر الآية دلالة علي توجهها إلي النبي (صلی الله علیه و آله)، بل هو خبر محض، لم يصرح بالمخبر عنه، وفيها ما

ص: 442

يدل علي أن المعني بها غيره، لأن العبوس ليس من صفات النبي (صلی الله علیه و آله)، مع الأعداء المباينين، فضلاًَ عن المؤمنين المسترشدين. ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء، ويتلهي عن الفقراء، لا يشبه أخلاقه الكريمة. ويؤيد هذا القول قوله سبحانه في وصفه (صلی الله علیه و آله) " وإنك لعلي خلق عظيم "! وقوله: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضوا من حولك ". فالظاهر أن قوله " عبس وتولي " المراد به غيره. وقد روي عن الصادق (علیه السلام) أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلی الله علیه و آله)، فجاء ابن أم مكتوم، فلما رآه تقذر منه، وجمع نفسه، وعبر، وأعرض بوجهه عنه، فحكي الله سبحانه ذلك وأنكره عليه. فإن قيل: فلو صح الخبر الأول، هل يكون العبوس ذنباً، أم لا؟ فالجواب: إن العبوس والإنبساط مع الأعمي سواء، إذ لا يشق عليه ذلك، فلا يكون ذنباً، فيجوز أن يكون عاتب الله سبحانه بذلك نبيه ليأخذه بأوفر محاسن الأخلاق، وينبهه بذلك علي عظم حال المؤمن المسترشد، ويعرفه أن تأليف المؤمن ليقيم علي إيمانه، أولي من تأليف المشرك، طمعاً في إيمانه. وقال الجبائي: في هذا دلالة علي أن الفعل يكون معصية فيما بعد، لمكان النهي، فأما في الماضي فلا يدل علي أنه كان معصية قبل أن ينهي عنه، والله سبحانه لم ينهه إلا في هذا الوقت. وقيل إن ما فعله الأعمي نوع من سوء الأدب، فحسن تأديبه بالإعراض عنه، إلا أنه كان يجوز أن يتوهم أنه أعرض عنه لفقره، وأقبل عليهم لرياستهم، تعظيماً لهم، فعاتبه الله سبحانه علي ذلك. وروي عن الصادق (علیه السلام) أنه قال: كان رسول الله (صلی الله علیه و آله) إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً مرحباً، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً، وكان يصنع به من اللطف حتي كان يكف عن النبي (صلی الله علیه و آله) مما يفعل به.

وقال الفيض الكاشاني في تفسير الصافي: 5/284:

ص: 443

قال: نزلت في عثمان وابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم مؤذناً لرسول الله وكان أعمي وجاء إلي رسول الله صلي الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده فقدمه رسول الله علي عثمان فعبس عثمان وجهه وتولي عنه فأنزل الله: عبس وتولي، يعني عثمان، أن جاءه الأعمي. وفي المجمع عن الصادق عليه السلام: نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي فجاء ابن أم مكتوم فلما رآه تقذر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه فحكي الله سبحانه ذلك وأنكره عليه.

ونحوه في التفسير الأصفي: 2/1405، ونحوه في مجمع البحرين: 3/112.

وقال الطباطبائي في الميزان: 20/200:

وفي الآيات الأربع عتاب شديد، ويزيد شدة بإتيان الآيتين الأوليين في سياق الغيبة لما فيه من الإعراض عن المشافهة، والدلالة علي تشديد الإنكار وإتيان الآيتين الأخيرتين في سياق الخطاب، لما فيه من تشديد التوبيخ وإلزام الحجة بسبب المواجهة بعد الإعراض، والتقريع من غير واسطة.. الآيات غير ظاهرة الدلالة علي أن المراد بها هو النبي صلي الله عليه وآله بل خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه، بل فيها ما يدل علي أن المعني بها غيره، لأن العبوس ليس من صفات النبي صلي الله عليه وآله مع الأعداء المباينين فضلاً عن المؤمنين المسترشدين. ثم الوصف بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي عن الفقراء، لا يشبه أخلاقه الكريمة كما عن المرتضي رحمه الله. وقد عظم الله خلقه صلي الله عليه وآله إذ قال، وهو قبل نزول هذه السورة: " وإنك لعلي خلق عظيم ". والآية واقعة في سورة (ن) التي اتفقت الروايات المبينة لترتيب نزول السور علي أنها نزلت بعد سورة إقرأ باسم ربك. فكيف يعقل أن يعظم الله خلقه في أول بعثته ويطلق القول في ذلك، ثم يعود فيعاتبه علي بعض ما ظهر من أعماله الخلقية

ص: 444

ويذمه بمثل التصدي للأغنياء وإن كفروا والتلهي عن الفقراء وإن آمنوا واسترشدوا. وقال تعالي أيضاً: " وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ". الشعراء - 215، فأمره بخفض الجناح للمؤمنين. والسورة من السور المكية والآية في سياق قوله: " وأنذر عشيرتك الأقربين " النازل في أوائل الدعوة. وكذا قوله: " لا تمدن عينيك إلي ما متعنا به أزواجاً منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين ". الحجر - 88، وفي سياق الآية، قوله: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ". الحجر - 94، النازل في أول الدعوة العلنية. فكيف يتصور منه صلي الله عليه وآله العبوس والإعراض عن المؤمنين، وقد أمر باحترام إيمانهم وخفض الجناح، وأن لا يمد عينيه إلي دنيا أهل الدنيا. علي أن قبح ترجيح غني الغني وليس ملاكاً لشئ من الفضل، علي كمال الفقير وصلاحه بالعبوس والإعراض عن الفقير والإقبال علي الغني لغناه، قبح عقلي مناف لكريم الخلق الإنساني، لا يحتاج في لزوم التجنب عنه إلي نهي لفظي. وبهذا وما تقدمه يظهر الجواب عما قيل: إن الله سبحانه لم ينهه صلي الله عليه وآله عن هذا الفعل إلا في هذا الوقت، فلا يكون معصية منه إلا بعده، وأما قبل النهي فلا! وذلك أن دعوي أنه تعالي لم ينهه إلا في هذا الوقت تحكم ممنوع، ولو سلم، فالعقل حاكم بقبحه، ومعه ينافي صدوره كريم الخلق، وقد عظم الله خلقه صلي الله عليه وآله قبل ذلك، إذ قال: " وإنك لعلي خلق عظيم " وأطلق القول.. والخلق ملكة لا تتخلف عن الفعل المناسب لها.

وقال ابن طاووس في سعد السعود ص 248:

(فصل) فيما نذكره من تعليق معاني القرآن، لأبي جعفر أحمد بن محمد بن إسماعيل النجاشي ووجدته بصيراً في كثير مما ذكر، فمما ذكره من الوجهة الثانية من القائمة الرابعة من الكراس قبل آخر كراس من الكتاب بلفظه: بسم الله

ص: 445

الرحمن الرحيم. عبس وتولي أن جاءه الأعمي. نزلت في ابن أم مكتوم إلي النبي، فقال أسيد: وعند النبي رجل من عظماء الكفار، فجعل النبي يعرض عنه ويقبل علي المشرك فيقول: يا فلان هل تري لما أقول بأساً؟ فيقول لا. فأنزلت عبس.

يقول علي بن موسي بن طاووس: هذا قول كثير من المفسرين ولعل المراد معاتبة كان علي الصفة التي تضمنها السورة، علي معني: إياك أعني واسمعي يا جارة، وعلي معني قوله تعالي في آيات كثيرة يخاطب به النبي والمراد بها أمته، دون أن تكون المعاتبة للنبي (صلی الله علیه و آله)، لأن النبي إنما كان يدعو المشرك بالله بأمر الله إلي طاعة الله، وإنما يعبس لأجل ما يمنعه من طاعة الله، وأين تقع المعاتبة علي من هذه صفته، وإلا، فأين وصف النبي الكامل قول الله جل جلاله: " أما من استغني فأنت له تصدي وما عليك ألا يزكي؟! وأما من جاءك يسعي وهو يخشي فأنت تلهي "؟!! فهل هذا القيل عنه تعالي: " وما ينطق عن الهوي هو إلا وحي يوحي "؟ وهل كان النبي أبداً يتصدي للأغنياء ويتلهي عن أهل الخشية من الفقراء، والله تعالي يقول عنه: بالمؤمنين رؤف رحيم. وقد تبني المجلسي في بحار الأنوار: 17/78، قول المرتضي والطبرسي.

ونقل الميانجي في مواقف الشيعة: 3/106، مناظرة بين علوي عباسي جاء فيها:

العلوي: ثم إن السنة ينسبون إلي رسول الله صلي الله عليه وآله ما لا يجوز حتي علي الإنسان العادي.

قال العباسي: مثل ماذا؟

قال العلوي: مثل أنهم يقولون إن سورة عبس وتولي نزلت في شأن الرسول!

قال العباسي: وما المانع من ذلك؟

ص: 446

قال العلوي: المانع قوله تعالي: " وإنك لعلي خلق عظيم " وقوله: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ". فهل يعقل أن الرسول الذي يصفه الله تعالي بالخلق العظيم ورحمة للعالمين. أن يفعل بذلك الأعمي المؤمن هذه العمل (اللانساني).

قال الملك: غير معقول أن يصدر هذا العمل من رسول الإنسانية ونبي الرحمة، فإذن أيها العلوي، فيمن نزلت هذه السورة؟

قال العلوي: الأحاديث الصحيحة الواردة عن أهل بيت النبي الذين نزل القرآن في بيوتهم تقول إنها نزلت في عثمان بن عفان، وذلك لما دخل عليه ابن أم مكتوم فأعرض عنه عثمان وأدار ظهره إليه. وهنا انبري السيد جمال الدين - وهو من علماء الشيعة وكان حاضراً في المجلس - وقال:

قد وقعت لي قصة مع هذه السورة وذلك: أن أحد علماء النصاري قال لي: إن نبينا عيسي أفضل من نبيكم محمد صلي الله عليه وآله.

قلت: لماذا؟

قال: لأن نبيكم كان سيء الأخلاق، يعبس للعميان ويدير إليهم ظهره، بينما نبينا عيسي كان حسن الأخلاق يبرئ الأكمه والأبرص.

قلت: أيها المسيحي، إعلم أننا نحن الشيعة نقول إن السورة نزلت في عثمان بن عفان، لا في رسول الله صلي الله عليه وآله، وأن نبينا محمد صلي الله عليه وآله كان حسن الأخلاق جميل الصفات حميد الخصال، وقد قال فيه تعالي: " وإنك لعلي خلق عظيم " وقال: " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين ".

قال المسيحي: لقد سمعت هذا الكلام الذي قلته لك من أحد خطباء المسجد في بغداد.

ص: 447

قال العلوي: المشهور عندنا أن بعض رواة السوء نسبوا هذه القصة إلي رسول الله ليبرئوا ساحة عثمان بن عفان، فإنهم نسبوا الكذب إلي الله والرسول حتي ينزهوا خلفاءهم وحكامهم!

وقال السيد جعفر مرتضي في الصحيح من السيرة: 3/155:

ويذكر المؤرخون بعد قضية الغرانيق، قضية عبس وتولي، وملخص هذه القضية:

أن النبي صلي الله عليه وآله كان يتكلم مع بعض زعماء قريش، ذوي الجاه والمال، فجاءه عبد الله بن أم مكتوم - وكان أعمي – فجعل يستقرئ النبي صلي الله عليه وآله آية من القرآن قال: يا رسول الله، علمني مما علمك الله. فأعرض عنه رسول الله وعبس في وجهه، وتولي، وكره كلامه، وأقبل علي أولئك الذين كان قد طمع في إسلامهم، فأنزل الله تعالي: " عبس وتولي. أن جاءه الأعمي. وما يدريك لعله يزكي. أو يذكر فتنفعه الذكري، أما من استغني. فأنت له تصدي، وما عليك ألا يزكي. وأما من جاءك يسعي. وهو يخشي. فأنت عنه تلهي ". وفي رواية: أنه صلي الله عليه وآله كره مجيء، ابن أم مكتوم وقال في نفسه: يقول هذا القرشي: إنما اتباعه العميان والسفلة، والعبيد، فعبس صلي الله عليه وآله.. إلخ.

ونحن نري أنها قضية مفتعلة، لا يمكن أن تصح وذلك:

أولاً: لضعف أسانيدها، لأنها تنتهي إما إلي عائشة، وأنس، وابن عباس، من الصحابة، وهؤلاء لم يدرك أحد منهم هذه القضية أصلاً، لأنه إما كان حينها طفلاً، أو لم يكن ولد. أو إلي أبي مالك، والحكم، وابن زيد، والضحاك، ومجاهد، وقتادة، وهؤلاء جميعاً من التابعين فالرواية مقطوعة، لا تقوم بها حجة.

ص: 448

وثانياً: تناقض نصوصها حتي ما ورد منها عن راوٍ واحد، فعن عائشة في رواية: أنه كان عنده رجل من عظماء المشركين، وفي أخري عنها: عتبة وشيبة، وفي ثالثة عنها: في مجلس فيه ناس من وجوه قريش، منهم أبو جهل، وعتبة بن ربيعة. وفي رواية عن ابن عباس: إنه كان يناجي عتبة، وعمه

العباس، وأبا جهل. وفي التفسير المنسوب إلي ابن عباس: إنهم العباس، وأمية بن خلف، وصفوان بن أمية. وعن قتادة: أمية بن خلف. وفي أخري عنه: أبي بن خلف. وعن مجاهد: صنديد من صناديد قريش، وفي أخري عنه: عتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف. هذا، عدا عن تناقض الروايات مع بعضه

البعض في ذلك، وفي نقل ما جري، وفي نص كلام الرسول صلي الله عليه وآله، ونص كلام ابن أم مكتوم. ونحن نكتفي بهذا القدر، ومن أراد المزيد فعليه بالمراجعة والمقارنة.

وثالثاً: إن ظاهر الآيات المدعي نزولها في هذه المناسبة هو أنه كان من عادة هذا الشخص وطبعه، وسجيته، وخلقه: أن يتصدي للغني، ويهتم به ولو كان كافراً ويتلهي عن الفقير ولا يبالي به أن يتزكي، ولو كان مسلماً. وكلنا يعلم أن هذا لم يكن من صفات وسجايا نبينا الأكرم صلي الله عليه وآله، ولا من طبعه، وخلقه. كما أن العبوس في وجه الفقير، والإعراض عنه، لم يكن من صفاته صلي الله عليه وآله حتي مع أعدائه، فكيف بالمؤمنين من أصحابه وأودائه، وهو الذي وصفه الله تعالي بأنه: بالمؤمنين رؤوف رحيم. بل لقد كان من عادته صلي الله عليه وآله مجالسة الفقراء، والإهتمام بهم، حتي ساء ذلك أهل الشرف والجاه، وشق عليهم. وطالبوه بأن يبعد هؤلاء عنه ليتبعوه، وأشار عليه عمر بطردهم، فنزل قوله تعالي: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ". ويظهر: أن الآية قد نزلت قبل الهجرة إلي الحبشة لوجود ابن مسعود في الرواية أو حين بلوغهم أمر الهدنة،

ص: 449

ورجوعهم إلي مكة. ولكن يبقي إشكال: أن ذكر عمر في هذا المقام في غير محله، لأنه لم يكن قد أسلم حينئذ لأنه إنما أسلم قبل الهجرة إلي المدينة بيسير كما سنري.

كما أن الله تعالي قد وصف نبيه في سورة القلم، التي نزلت قبل سورة عبس وتولي: بأنه علي خلق عظيم، فإذا كان كذلك، فكيف يصدر عنه هذا الأمر المنافي للأخلاق، والموجب للعتاب واللوم منه تعالي لنبيه صلي الله عليه وآله، فهل كان الله - والعياذ بالله - جاهلاً بحقيقة أخلاق نبيه؟ أم أنه يعلم بذلك، لكنه قال هذا لحكمة ولمصلحة اقتضت ذلك؟ نعوذ بالله من الغواية، عن طريق الحق والهداية.

ورابعاً: إن الله تعالي يقول في الآيات: " وما عليك ألا يزكي "، وهذا لا يناسب أن يخاطب به النبي صلي الله عليه وآله، لأنه مبعوث لدعوة الناس وتزكيتهم. وكيف لا يكون ذلك عليه، مع أنه هو مهمته الأولي والأخيرة، ولا شئ غيره. ألم يقل الله تعالي " هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة؟ " فكيف يغريه بترك الحرص علي تزكية قومه؟!

خامساً: لقد نزلت آية الإنذار: " وأنذر عشيرتك الأقربين. واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين " قبل سورة عبس بسنتين. فهل نسي صلي الله عليه وآله أنه مأمور بخفض الجناح لمن اتبعه؟ وإذا كان نسي، فما الذي يؤمننا من أن لا يكون قد نسي غير ذلك أيضاً؟ وإذا لم يكن قد نسي، فلماذا يتعمد أن يعصي هذا الأمر الصريح؟!

سادساً: إنه ليس في الآية ما يدل علي أنها خطاب للنبي صلي الله عليه وآله، بل الله سبحانه يخبر عن رجل ما أنه: عبس وتولي. أن جاءه الأعمي، ثم التفت الله

ص: 450

تعالي بالخطاب إلي ذلك العابس نفسه وخاطبه بقوله: " وما يدريك لعله يزكي ".. إلخ.

سابعاً: لقد ذكر العلامة الطباطبائي: أن الملاك في التفضيل وعدمه ليس هو الغني والفقر، وإنما هو الأعمال الصالحة، والسجايا الحسنة، والفضائل الرفيعة. وهذا حكم عقلي وجاء به الدين الحنيف، فكيف جاز له صلي الله عليه وآله أن يخالف ذلك، ويميز الكافر لما له من وجاهة علي المؤمن؟ والقول بأنه إنما فعل ذلك لأنه يرجو إسلامه، وعلي أمل أن يتقوي به الدين، وهذا أمر حسن، لأنه في طريق الدين، وفي سبيله. لا يصح، لأنه يخالف صريح الآيات التي تنص علي أن الذم له كان لأجل أنه يتصدي لذاك الغني لغناه، ويتلهي عن الفقير لفقره. ولو صح هذا، فقد كان اللازم أن يفيض القرآن في مدحه وإطرائه علي غيرته لدينه، وتحمسه لرسالته.. فلماذا هذا الذم والتقريع، إذن؟ ونشير أخيراً: إلي أن " البعض " قد ذكر: أنه يمكن القول بأن الآية خطاب كلي مفادها: أن النبي صلي الله عليه وآله كان إذا رأي فقيراً تأذي وأعرض عنه. والجواب:

أولاً: إن هذا يخالف القصة التي ذكروها من كونها قضية في واقعة واحدة لم تتكرر..

وثانياً: إذا كان المقصود هو الإعراض عن مطلق الفقير.. فلماذا جاء التنصيص علي الأعمي؟!

وثالثاً: هل صحيح أنه قد كان من عادة النبي ذلك؟!!

فيتضح مما تقدم: أن المقصود بالآيات شخص آخر غير النبي صلي الله عليه وآله ويؤيد ذلك: ما روي عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام أنه قال: كان رسول الله إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم قال: مرحباً، مرحباً، والله لا يعاتبني الله فيك أبداً. وكان يصنع به من اللطف، حتي يكف عن النبي مم

ص: 451

كان يفعل به. فهذه الرواية تشير إلي أن الله تعالي لم يعاتب نبيه في شأن ابن أم مكتوم، بل فيها تعريض بذلك الرجل الذي ارتكب في حق ابن أم مكتوم تلك المخالفة، إن لم نقل إنه يستفاد من الرواية نفي قاطع حتي لإمكان صدور مثل ذلك عنه صلي الله عليه وآله، بحيث يستحق العتاب والتوبيخ، إذ لا معني لهذا النفي لو كان الله تعالي قد عاتبه فعلاً.

ولعلك تقول: إنه إذا كان المقصود بالآيات شخص آخر.. فما معني قوله تعالي: فأنت له تصدي؟! وقوله: " فأنت عنه تلهي " فإن ظاهره: أن هذا التصدي والتلهي من قبل من يهمه هذا الدين.. فيتصدي لهذا، ويتلهي عن ذاك؟

فالجواب: أنه ليس في الآيات ما يدل علي أن التصدي كان لأجل الدعوة إلي الله أو لغيرها، فلعل التصدي كان لأهداف أخري دنيوية، ككسب الصداقة، أو الجاه، أو نحو ذلك. وقوله تعالي: " لعله يزكي " ليس فيه أنه يزكي علي يد المخاطب، بل هو أعم من ذلك، فيشمل التزكي علي يد غيره

ممن هم في المجلس، كالنبي صلي الله عليه وآله، أو غيره. ثم لنفرض: أنه كان التصدي لأجل الدعوة، فإن ذلك ليس محصوراً به صلي الله عليه وآله.. فهم يقولون: إن غيره كان يتصدي لذلك أيضاً، وأسلم البعض علي يديه، لو صح ذلك!

وبعد ما تقدم، فإن الظاهر هو أن الرواية الصحيحة، هي ما جاء عن الإمام الصادق عليه السلام أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي فجاءه ابن أم مكتوم، فلما جاءه تقذر منه، وعبس في وجهه وجمع نفسه، وأعرض بوجهه عنه، فحكي الله سبحانه ذلك عنه، وأنكره عليه.

ويلاحظ: أن الخطاب في الآيات لم يوجه أولاً إلي ذلك الرجل.. بل تكلم الله سبحانه عنه بصورة الحكاية عن الغائب: إنه " عبس، وتولي، أن جاءه الأعمي ". ثم التفت إليه بالخطاب، فقال له مباشرة: " وما يدريك " ويمكن أن

ص: 452

يكون الخطاب في الآيات أولاً للنبي صلي الله عليه وآله، من باب: إياك أعني واسمعي يا جارة. والأول أقرب، وألطف ذوقاً. وبعض الرويات تتهم عثمان بهذه القضية، وأنه هو الذي جري له ذلك مع ابن أم مكتوم. ولكننا نشك في هذا الأمر، لأن عثمان قد هاجر إلي الحبشة مع من هاجر. فمن أين جاء عثمان إلي مكة، وجري منه ما جري؟! إلا أن يقال: إنهم يقولون: إن أكثر من ثلاثين رجلاً قد عادوا إلي مكة بعد شهرين من هجرتهم كما تقدم، وكان عثمان منهم ثم عاد إلي الحبشة. وعلي كل حال، فإن أمر اتهام عثمان أو غيره من بني أمية لأهون بكثير من اتهام النبي المعصوم، الذي لا يمكن أن يصدر منه أمر كهذا علي الإطلاق. وإن كان يهون علي البعض اتهام النبي صلي الله عليه وآله بها أو بغيرها، شريطة أن تبقي ساحة قدس غيره منزهة وبريئة!!

ونسجل أخيراً: تحفظاً علي ذكر المؤرخين لرواية ابن مكتوم ونزول سورة عبس، بعد قضية الغرانيق. فإن الظاهر هو أن هذه القضية قد حصلت قبل الهجرة إلي الحبشة لأن عثمان كان قد هاجر إلي الحبشة قبل قضية الغرانيق بشهرين كما يقولون. إلا أن يكون عثمان قد عاد إلي مكة مع من عاد بعد أن سمعوا بقضية الغرانيق كما يدعون. ومما تجدر الإشارة إليه هنا: أن بعض المسيحيين الحاقدين قد حاول أن يتخذ من قضية " عبس وتولي " وسيلة للطعن في قدسية نبينا الأعظم صلي الله عليه وآله، ولكن الله يأبي إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

من وافق الشيعة من المفسرين السنيين، أو مال إلي تفسيرهم:

قال الفخر الرازي في عصمة الأنبياء ص 108:

الشبهة الثامنة: تمسكوا بقوله تعالي " عبس وتولي أن جاءه الأعمي " فعاتبه علي إعراضه عن ابن أم مكتوم. جوابه: لا نسلم أن هذا الخطاب متوجه إلي النبي عليه الصلاة والسلام. لا يقال: إن أهل التفسير قالوا: الخطاب مع الرسول،

ص: 453

لأنا نقول: هذه رواية الآحاد فلا تقبل في هذه المسألة ثم إنها معارضة بأمور: الأول: أنه وصفه بالعبوس، وليس هذا من صفات النبي صلي الله عليه وسلم في قرآن ولا خبر مع الأعداء والمعاندين، فضلاً عن المؤمنين والمسترشدين. الثاني: وصفه بأنه تصدي للأغنياء وتلهي عن الفقراء وذلك غير لائق بأخلاقه. الثالث: أنه لا يجوز أن يقال للنبي: " وما عليك ألا يزكي "، فإن هذا الإغراء يترك الحرص علي إيمان قومه! فلا يليق بمن بعث بالدعاء والتنبيه. سلمنا أن الخطاب مع النبي صلي الله عليه وسلم، لكن لا نسلم كونه ذنباً، بيانه أنه تعالي وصف نبيه بحسن الخلق، فقال: " وإنك لعلي خلق عظيم ".

وقال الزركشي في البرهان: 2/243:

عفا الله عنك لم أذنت لهم.. معناه وسع الله عنك علي وجه الدعاء، ولم أذنت لهم: تغليظ علي المنافقين، وهو في الحقيقة عتاب راجع إليهم، وإن كان في الظاهر للنبي صلي الله عليه وسلم، كقوله: " فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك ". وقوله: " عبس وتولي " قيل: إنه أمية وهو الذي تولي دون النبي صلي الله عليه وسلم! ألا تري أنه لم يقل: عبست، وقوله: " ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " وقوله: " ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم ". وبهذا يزول الإشكال المشهور في أنه كيف يصح خطابه صلي الله عليه وسلم مع ثبوت عصمته عن ذلك كله. ويجاب أيضاً بأن ذلك علي سبيل الفرض والمحال يصح فرضه لغرض. والتحقيق أن هذا ونحوه من باب خطاب العام من غير قصد شخص معين، والمعني اتفاق جميع الشرائع علي ذلك، ويستراح حينئذ من إيراد هذا السؤال من أصله. وعكس هذا أن يكون المراد عاماًّ والمراد الرسول، قوله: " لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم " بدليل قوله في سياقها: " أفأنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين ".

ص: 454

وقال القاضي عياض في الشفا: 2/161:

قوله " عبس وتولي " الآيات.. فليس فيه إثبات ذنب له صلي الله عليه وسلم، بل إعلام الله أن ذلك المتصدي له ممن لا يتزكي، وأن الصواب والأولي كان لو كشف لك حال الرجلين الإقبال علي الأعمي وفعل النبي صلي الله عليه وسلم لما فعل، وتصديه لذاك الكافر كان طاعة لله وتبليغاً عنه واستئلاف

له، كما شرعه الله له لا معصية ومخالفة له. وما قصه الله عليه من ذلك إعلام بحال الرجلين وتوهين أمر الكافر عنده والإشارة إلي الإعراض عنه بقوله " وما عليك ألا يزكي ". وقيل: أراد بعبس وتولي الكافر الذي كان مع النبي صلي الله عليه وسلم. قاله أبو تمام.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الرابعة والنصف مساءً:

جزي الله الأخ العزيز العاملي خير الجزاء، فقد كفي ووفي، والتدبر في الوجوه التي ذكرها هؤلاء المفسرون والعلماء تكفي في الإجابة ضمنياً علي كثير من الشبهات المطروحة حول الآية.

وكتبت (إيمان) بتاريخ 26 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ العاملي: جزاكم الله خيراً.. لقد كفيتم ووفيتم فعلاً بذكر أقوال العلماء الأفاضل الذين وهبوا أنفسهم للدفاع عن العقيدة والذود عنها..

ولا شك في إخلاصهم وإخلاصكم عند الإصرار علي توجيه الآية لغير ظاهرها، من أجل تنزيه وإثبات عصمة الرسول صلي الله عليه وآله..

ص: 455

ولكني أري أن قول الطرف الآخر وأعني به تحديداً من يأخذ بظاهر الآية ولا يري فيها قدحاً في العصمة للرسول صلي الله عليه وآله - كما يذكر أخانا الراصد - قول وجيه، وله من الأدلة العقلية والنقلية ما لا يستهان به..

وأكرر بأني لست في صدد الترجيح لأحد القولين ولكن كما تعلمون بأن المفسرين اختلفوا في تأويل الكثير من الآيات، والآية لها وجوه محتملة، وما لم يكن الوجه الذي يقول به الطرف الآخر مخالفاً للعقل والشرع فعلينا أن نحتمله ولا نرفضه قطعياً دون دليل.. وإلا كان رفضنا تعصباً وتقليداً موروثاً يبغضه الله تعالي لعباده المؤمنين..

ونعلم يقيناً أن الأولي الأخذ بظاهر القرآن، إلا إذا امتنع ذلك قطعياً.. والأخ الراصد ذكر وجوه منطقية (كذا) لا يبقي هذا الإمتناع لا عقلياًّ ولا نقلياًّ..

ويحتمل أن بعض المفسرين المتقدمين غفلوا عن هذه الوجوه لذلك وجهوا الآية لغير ظاهرها، لذلك فلا مانع من إعادة النظر والبحث في مثل هذه الآيات مرة أخري بغرض الوصول إلي الحقيقة - والحقيقة مهما كانت فلن تكون ضد العصمة الثابتة عقلاً ونقلاً - فلماذا التكلف والإصرار علي ما ألفناه من تأويل للآيات؟!!

وأخيراً هناك تساؤل آخر وجيه يثيره الطرف المقابل - ولم يذكره الأخ الراصد - وأري أنه من المفيد بحثه وتحليله: تذكر بعض التفاسير المؤيدة بأن الآية أنزلت في غير النبي صلي الله عليه وآله بأن الشخص المقصود كان كافراً - أو منافقاً - حاضراً في مجلس الرسول صلي الله عليه وآله.. ألا ترون أن آية تنزل في عتاب كافر لأنه عبس أمر عجيب!! يعني قد نقول بأن العبوس في وجه أعمي يقدح العصمة ولكن هل هو أكبر ذنب لكافر بحيث يعاتبه الله تعالي وينزل في عتابه مثل هذه الآيات الكريمة؟!!

ص: 456

ألا ترون بأن هذه سابقة لم نعرفها في القرآن الكريم، بل وأراها ترفع شأن أي مقصود غير رسول الله صلي الله عليه وآله، أو ممن هو يقرب منه ومن صفاته؟!! بلي لو عاتبني الله تعالي علي مثل هذا لافتخرت بذلك!! فلي ذنوباً (كذا) تبلغ العنان بحيث إن أدبني بمثل هذا العتاب وعلي مثل هذا الأمر الهين - بالنسبة للبشر العاديين - لكنت فعلاً من السعداء!! هذا مجرد وجه للتأمل في القضية من زاوية أخري..

وفي النهاية أؤكد أن غرضي ليس التعرض لهذه الآية وتفسيرها بالذات، بل الإلفات إلي أهمية الإنفتاح علي الآراء المخالفة ومحاولة تفهمها، فلها في أحيان كثيرة منطقها الذي لا يستهان به، بل وقد تطابق الحق في بعض الأمور.. لذا فلا داعي للعجلة في الحكم ومصادرة كل رأي لمجرد مخالفته لما لم نألف

عليه... والله تعالي الموفق..

فكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 2 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخت إيمان: اسمحي لي أن أقول إن ذهنك مشبع بأن الآية عتاب فقط!! بسبب تلك الرواية التي سمعتها، وقد كذبتها روايات أهل البيت عليهم السلام!!

أولاً: إن الآيات أيتها الأخت حملة شديدة علي الذين مقياسهم في تقييم الناس مقياس مادي حسب الثروة.. وهي نفس المنطق المادي السائد في عصرنا الذي يسأل عن الإنسان كم هو؟ أي ماله!!

وثانياً: في ذهنك أن الآية ظاهرة في أنها خطاب للنبي صلي الله عليه وآله! مع أن السورة تبدأ مباشرة بهجوم لم يصرح باسم صاحبه، ومثل هذا الخطاب موجود في القرآن، فأين هذا الظهور؟!

أرجو أن تعيدي قراءة السورة مجردة الذهن..

ص: 457

وثالثاً: لقد خاض أهل البيت عليهم السلام معركة للدفاع عن التهم التي تبنتها الخلافة القرشية للتنقيص من شخصية النبي صلي الله عليه وآله، في أكثر من عشرين افتراء مشيناً، وفي موضوعات مختلفة تعرفين عدداً منها، وليس هذا موضع سردها!!

أفليس من حق الباحث المجرد أن يتوقف في قبول نسبة هذه الأخلاقية المدانة قرآنياً إلي النبي صلي الله عليه وآله، ويحتمل أنها من مفردات الإفتراءات القرشية؟!!

ورابعاً: قد رأيت أن عامة مفسري الشيعة عبر القرون ينفون نسبة ذلك إلي النبي صلي الله عليه وآله، ويؤيدونه بالنص والعقل.. ألا يكفي ذلك لأن نعرف أن في رأي مفسري الخلافة أمراً غير عادي!!

وقد رأيت أن نسبة ذلك إلي بعض مفسري الشيعة كان خطأ في فهم عبارتهم، أو كذباً عليهم.

خامساً: أشكرك علي تريثك في الحكم، لأن من يتوقف يسلم من ارتكاب نسبة ذلك إلي نبيه صلي الله عليه وآله.. وفي نسبة ذلك ما فيه حتي لو كان صاحبه يري الأمر سيئة عادية لا تنافي العصمة!

وكتبت (طبيعي) بتاريخ 29 - 2 - 2000، العاشرة ليلاً:

لا بد أننا جميعاً نؤمن بإعجاز القرآن الكريم، وقد استوقفتني كثيراً كلمة الأعمي في هذه السورة، وما فتئت أفكر بأن القرآن وصف ابن مكتوم بالأعمي، علماً بأن له صفات أخري أليق بالتفاسير التي من الممكن أن تدفع للشك بأن المخاطب رسول الله صلي الله عليه وآله من فقير مثلاً أو مسكين أو مستضعف أو لحوح أو غير ذلك، ليوضح لنا القرآن سبب إدبار الرسول صلي الله عليه وآله عنه والعبوس في وجهه كصالح الدعوة مثلاً بإسلام الأغنياء، أو حتي لا يقال بأنه يتبعه العبيد والفقراء فقط، أو المعاني الأخري والتي لا أعرف كيف من الممكن أن تصب في عبوسه من جهة وخلقه العظيم من جهة أخري؟؟

ص: 458

وللحق إنني لم أجد في تعريف القرآن لابن مكتوم بالأعمي إلا دلالة علي خلق نبينا الكريم صلي الله عليه وآله، وصرفاًَ لأي معني قد يتبادر للذهن بأنه هو المخاطب، علماً بأن الآيات أصلاً لا تنقل لنا الحدث أو تأويله، بل إن ظاهر الآية لا ينقل لنا بأن نبينا صلي الله عليه وآله هو المعني بالعبوس كما تفضل أخانا العاملي أسعده الله، أعلاه.

ووالله يا إخوة إن رؤية أعمي بالطريق لتثير شفقتنا جميعاً، فكيف بمن خلقه القرآن. وإذا كان نبينا يا إخوة تعم رأفته الحيوان، حتي أنه خاطب أصحابه في طائر أخذوا فرخيه: " من فجع هذه بولدها؟! ردوا ولدها إليها ". فكيف يليق به العبس في وجه أعمي؟!

ولماذا يا إخوة، يجب أن أبحث في تأويل الرواية إن كان لا يوجد ما يبرر صرفها إلي نبينا، وإن كان يوجد ما يبرر صرفها إلي غيره، من الأسباب التي لا تقل وجاهة ومنطق عن أسباب من يدفعها إليه، وإن كان يوجد من الروايات الصحيحة لدينا بأنها مدفوعة عنه، وإن كان يوجد حتي من المخالفين من لا ينسب الوصف إليه.

يا إخوة: إن قلنا أن رسول الله عبس، وما هو بالعابس فإننا اتهمناه وقصرنا في حقه بأبي وأمي وهل يليق بنا الموالين ذلك؟؟ وإن لم نقل بأنه عابس وقد كان هو العابس فقد نزهناه وأليق بنا تنزيهه عن نسبة ما لسنا موثقين بصحته إليه.

يا أخوة: لماذا سمي مولانا أمير المؤمنين ابنه بالعباس؟؟ والله لشدة هذا الوصف علي الأعداء. فكيف بالله عليكم ينسب مثل هذا إلي نبينا صلي الله عليه وآله بغض النظر عن عصمته؟؟

أخيراً، أخي الفاضل الراصد لدي بعض الإستفسارات بخصوص النقاط التي أثرتها أخي.

ص: 459

1. هل توجد رواية صحت عندك أخي عن طريق آل البيت أئمتنا عليهم السلام بأن الآية تنسب حتماً إلي نبينا صلي الله عليه وآله؟؟

2. هل الرواية الصحيحة عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام بنسبة العبوس إلي رجل من بني أمية هي غير صحيحة سنداً عندك؟؟؟

4. قولك أخي: " ونحن لا نريد تأكيد هذه الرواية أو رفضها، بل نريد أن نثير المسألة حول إمكان نسبة القصة إلي النبي أو عدم إمكانه، لنتبني إمكان ذلك من دون منافاة لخلقه العظيم، ولعصمته في عمله ". فهل أنت تقول أخي بنسبة العبوس إليه ولكن هذا لا يتنافي مع خلقه وعصمته؟؟

أو لا تقول بنسبة العبوس إليه وأنت تنزهه، ولكنك تقول بأنه في حالة صحة الرواية فإنها لا تنافي الخلق العظيم والعصمة؟؟

لأنه إن كان الثاني أخي وأن نبينا صلي الله عليه وآله لم يعبس ويتولي (كذا) فإن فعله إذاً هو عين الأخلاق وعين العصمة. فلماذا يجب أن أبحث عن مبررات لفعل لم يفعله نبينا صلي الله عليه وآله وأقول - إن فعله - لا يتنافي؟ فباعتباره لم يفعله أصلاً إذاً هو يتنافي كما أراه، والله أعلم.

اللهم صل علي محمد وآل محمد

وكتب (الموسوي) بتاريخ 29 - 2 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

في متشابه القرآن ومختلفه لابن شهرآشوب المازندراني المتوفي سنة 588، ج 2 ص 12:

[قوله: عبس وتولي أن جاءه الأعمي. الآيات ظاهرها لا يدل علي أنها خطاب له بل هو خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه، يدل عليه أنه وصفه بالعبوس، وليس هذا من صفات النبي في قرآن ولا خبر مع الأعداء المباينين، فضلاً عن المؤمنين المسترشدين، بل في القرآن: " وإنك لعلي خلق عظيم " ثم

ص: 460

إنه نفي عنه العبوس ونحوه بقوله: " ولو كنت فظاًّ غليظ القلب لانفضُّوا من حولك ". ثم إنه وصفه بأنه يتصدي للأغنياء ويتلهي بالفقراء! وهذا مما لا يوصف به النبي (صلی الله علیه و آله) لأنه كان متعطفاً متحنناً، وقد أمره الله تعالي بقوله: " ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ". وكيف يقول: " وما عليك ألا يزكي " وهو مبعوث للدعاء والتنبيه، وكيف يجوز ذلك عليه، وكان هذا القول إغراء بترك حرصه علي إيمان قومه، وإنما عبس صحابي ذكرنا شرحه في المثالب]. كتاب لابن شهرآشوب غير مطبوع، وقد بلغني أن إحدي المؤسسات مشغولة بتحقيقه وأرجو أن يكون ما سمعته صحيحاً. وللحديث بقية.

وكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 2 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

أحسنت أيتها الأخت المتثبتة..

وما ذكرته هو منهج علمائنا رضوان الله عليهم وهو يقوم علي إدراك المقام السامي لأشرف الموجودات وأكمل البشر، صاحب الخلق العظيم، والقلب الرحيم، والمسدد من صغره بملائكة الله المرافقين، والمؤيد بروح القدس من رب العالمين، صلي الله عليه وآله الذين هم من طينته ونوره..

ومنهج التعاطي مع مثل هؤلاء العظماء، يجب أن أن يكون باحتياط تام، وحذر من التسرع في نسبة نقص ولو صغير إلي حضراتهم المقدسة، ومقامهم السامي.. إلا ما ثبت بيقين لا شك فيه.

نحن نري أن المحبين لرئيس جمهورية يدافعون عنه ولا يتسرعون في نسبة العيوب إليه!! فما بالنا لا نحذر من ذلك في أشرف المخلوقات؟!!

ص: 461

ثم.. وها نحن نري في هذه الساحة من يدافعون بالمستحيل لكي يبعدوا العيوب والنقائص عمن يحبون من رؤساء قبائل قريش.. ويعملون المستحيل لتأويل شهادات النبي المعصوم ضدهم، وحتي لعنه إياهم!

فما بالهم يتسرعون ولا يحتاطون في نسبة العبوس في وجه الأعمي والتودد إلي الأغنياء، إلي صاحب الخلق العظيم صلي الله عليه وآله؟!!

إنه والله أمر عجيب، نشأ من التلقين وعدم التأمل في الآيات، أو من الهوي لمن تسرع، أو افتري!!

وكتب (الراصد) بتاريخ 2 - 3 - 2000، السادسة مساءً:

في البداية.. أود أن أشكر الأخوة الذين أشبعوا الموضوع بحثاً وتفصيلاً، لا سيما الأخ الفاضل العاملي والأخت الفاضلة إيمان، علي الطرح الراقي في الحوار وتوخي الحقيقة، ولا يخفي عليكم أن هناك كثير من اللفتات والنكات التي تستحق أن يقف عندها الإنسان المؤمن متأملاً وباحثاً عن الحقيقة بعيداً عن

كل المؤثرات التي تحول بينه وبين الحقيقة.

ونحن نعلم كما أنكم تعلمون أن التفسير التجزيئي اعتمد في التفسير علي الروايات الواردة في كتب الحديث خضع لكثير من المؤثرات الخارجية، وهذه المؤثرات قد تكون مذهبيه وقد تكون أحياناً التشبث برأي المشهور، دون أدني بحث أو تفكير بموضوعيه، وقد يكون للمفسر تبريراته في ذلك، وأضعف الايمان في ذلك أن يلقي المسؤليه علي عاتق التاريخ وما حمله لنا من أخبار وروايات.

وهذا المعني يبدو جلياًّ عندما نطلع علي الكثير من تفاسير المسلمين، نجد المفسر يبحث لعله يجد في بحثه رواية تدعم مذهبه أو توجهه الفكري. والأمثلة علي ذلك كثيرة عند السنة والشيعة ولا أريد التعرض لها أو ذكرها خوفاً من

ص: 462

عواقب الأمور! وقبل أن أبدأ بالشروع في تكملة الموضوع أود أن أجيب علي تساؤلات الأخت الكريمة الفاضلة طبيعي:

السؤال الأول: هل توجد رواية صحت عندك أخي عن طريق آل البيت أئمتنا عليهم السلام بأن الآية تنسب حتماً إلي نبينا صلي الله عليه وآله؟

الجواب: نعم، وهي التي أشرت إليها في مقدمة الموضوع وهناك من علماء الطائفة اعتمدوا عليها في تفاسيرهم مثل الطبرسي في تفسيره مجمع البيان، والشيخ مغنية في تفسيره التفسير المبين، وسماحة العلامة فضل الله في وحي القرآن.

السؤال الثاني: هل الرواية الصحيحة عن مولانا الإمام الصادق عليه السلام بنسبة العبوس إلي رجل من بني أمية هي غير صحيحة سنداً عندك؟؟؟

الجواب: أنا لست محققاً حتي أتمكن من صحة الرواية أو عدم صحتها، ولكن أميل إلي الرأي الذي يقول إن الرجل المعاتب ليس من بني أمية.

أما بالنسبة إلي السؤال الثالث، فالإجابة واضحة من خلال ما طرحناه في الموضوع المتقدم في أن مسألة العبوس لا تتنافي مع عصمته (صلی الله علیه و آله) أو أخلاقه عليه السلام، لأن النبي كان في مقام المهم والأهم، وهذا ماسنقوم به من تكمله للموضوع.

الرسول بين المهم والأهم:

عبس وتولي: أي واجه الموقف بالعبوس الذي يتمثل في تقلص عضلات الوجه وقسوة النظرة، والإعراض عن هذا السائل الملحاح.

أن جاءه الأعمي: الذي عاش مسؤولية الإيمان في مسؤولية المعرفة، كما عاش مسؤولية الدعوة في حاجتها إلي الوعي الرسالي في كل مفردات الرسالة

ص: 463

في العقيدة والشريعة، فأراد أن ينتهز فرصة وجود النبي (صلی الله علیه و آله) مع المسلمين ليأخذ من علمه، مما أنزله الله عليه من كتاب، وما ألهمه من علم الشريعة

والمنهج والحياة.

ولكن النبي (صلی الله علیه و آله) لم يستجب له لأن هناك حالة مهمة يعالجها في دوره الرسالي المسؤول، في محاولة لتزكية هؤلاء الكفار من وجهاء المشركين، طمعاً في أن يسلموا ليتسع الإسلام في اتباع جماعتهم لهم، لأنهم يقفون كحاجز بين الناس وبين الدعوة، ولذلك أجل النبي (صلی الله علیه و آله) الحديث مع هذا الأعمي إلي وقت آخر، إذ كانت الفرص الكثيرة تتسع للقاء به أكثر من مرة، فتكون له الحرية في إغناء معلوماته بما يحب في جو هادئ ملائم، بينما لا تحصل فرصة اللقاء بهؤلاء دائماً، فكانت المسألة دائرة - في وعيه الرسالي - بين المهم في دور هذا الأعمي، وبين الأهم في دور هؤلاء الصناديد. ولكن الله يوجه المسألة

إلي ما هو الأعمق في قضية الأهمية في مصلحة الرسالة، باعتبار أن هذا الأعمي قد يتحول إلي داعية إسلامي كبير.

وما يدريك لعله يزكي: فيما يمكن أن يستلهمه من آيات القرآن التي يسمعها، مما يغني له روحه، فتصفو أفكاره، وترق مشاعره، وتتسع آفاقه، وتتعمق معرفته بربه، فيؤدي ذلك إلي عمق في الفكر، وسعة في الأفق، وغني في الشخصية، وحيوية في الحركة، مما يؤثر تأثيراً إيجابياً علي حركته في الدعوة فيحصل من ذلك علي خير كبير.

أو يذكر فتنفعه الذكري: في ما يمكن أن يعيشه من غفلة عن بعض الحقائق، أو جهل ببعض القضايا، فتأتي الكلمات القرآنية لترفع عنه حجاب الجهل، فإذا حدث له ذلك.. أمكن لهذا التطور في شخصيته أن يحقق النفع للخط الإسلامي المستقيم علي مستوي الإلتزام والدعوة والحركة.

ص: 464

أما من استغني: فلم تكن لديه أية ميزة إلا غناه، وكان يعتبر أن الغني يمثل عمق القيمة التي تمنحه موقعاً اجتماعياً متقدماً، وتغريه - دائماً - بأن يضع كل فكره وعمله وعلاقاته بالناس في خدمة غناه، حتي أن انتماءه إلي أي دين أو مذهب يتحرك في جهة الدين الذي يخدم غناه، والمذهب الذي يدعم ثروته.

فأنت له تصدي: لتحاول بجهدك الرسالي أن تمنحه زكاة الروح وطهارة الفكر، فيما تحسبه من النتائج الكبيرة لذلك علي مستوي امتداد الإسلام في قريش.

وما عليك ألا يزكي: فلن تتحمل أية مسؤولية من خلال ابتعاده عن الخط المستقيم، وتمرده علي تطلعات الروح إلي آفاق الطهارة وسماوات الصفاء، لأنك لم تقصر في الإبلاغ، ولم تدخر أي جهد فيما حركته من الوسائل التي تملكها، وفيما استخدمته من الأساليب التي تحركها في اتجاه التزكية للناس

جميعاً.. وقد سمعوا ذلك كله، وأصروا علي الإستكبار والتمرد، لا من موقع شبهة، ولكن من موقع القرار الذي أصدروه مع جماعتهم، في عدم الإستجابة إليك.. ولم يكن قدومهم إليك من أجل الهداية بل كان ذلك - ربما - من أجل الضغط عليك بطريقتهم الخاصة لتترك الرسالة، أو لتدخل معهم في حسابات التسويات، لتقدم التنازلات ضد مصلحة الرسالة. وهذا ما يريد الله أن يعرفك إياه من خلال ما يعلمه من خفايا هذا الإنسان وجماعته، وما قد تعرفه من خلال تجربتك الحسية في المستقبل.

وأما من جاءك يسعي: للحصول علي المعرفة، وهو يخشي، الله في نفسه وفي مسؤوليته في الدعوة، وفي المهمات الأخري الموكلة إليه مما قد يتوقف علي سعة المعرفة.

ص: 465

فأنت عنه تلهي: لأنك تحسب أن إيمان هؤلاء الصناديد قد ينفع الإسلام أكثر من نمو إيمان هذا الأعمي الذي يمكن أن يؤجل السؤال لوقت آخر.. ولكن المسألة ليست كذلك، لأن هذا الأعمي وأمثاله، قد يمثلون مسؤوليتك المباشرة كرسول يعمل علي تنمية خط الدعوة بتنمية الدعاة من حوله، من أجل أن يوفروا عليك بعض الجهد، أو يوسعوا ساحة الدعوة في مواقع جديدة. وهذا ما يريد الله أن يفتح قلبك عليه، فيما يريد لك من تكامل الوعي، وسعة الأفق وعمق النظرة للأمور.. ولا مانع من أن يربي الله رسوله تدريجياًّ، ويثبت قلبه بطريقة متحركة، في حركة الدعوة تبعاً لحاجتها إلي ذلك، تماماً كما كان إنزال القرآن تدريجياًّ من أجل الوصول إلي هذه النتائج. والحمد لله رب العالمين.

فكتب (العاملي) بتاريخ 2 - 3 - 2000، السابعة مساءً:

الأخ الراصد:

المستند الشرعي لبعض الشيعة الذين خالفوا جمهور مفسريهم ونسبوا صفة العبوس والصفات الأخري في السورة إلي نبينا صلي الله عليه وآله.. إنما هو الرواية التي لم يصححها أحد من العلماء عن الإمام

الصادق عليه السلام!!

ولا بد أنك رأيت أنه توجد مقابلها روايات عن الإمام الصادق وغيره، تبناها علماؤنا، وهي تعارض الرواية المذكورة، وتسقطها عن الحجية.

كما رأيت عدم صحة ما نسبوه إلي صاحب مجمع البيان وقولهم إنه تبناها، فقد تبني ضدها، وأوردها في آخر تفسيره، باعتبار أن بعضهم رواها.

والقاعدة في البحوث العلمية أن الأصل عدم جواز نسبة شئ إلي شخص عادي إلا بدليل، وعند الشك في ثبوت الدليل، فالأصل عدم جواز النسبة. وقد أتوفق لتتبع الرواية المذكورة.. وشكراً.

ص: 466

وكتب (طبيعي) بتاريخ 2 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

بارك الله فيك أخي الراصد، وللحق أن إجابتك أخي علي تساؤلاتي أوجدت أسئلة أخري، أرجو أن يسع صدرك للإجابة عنها:

1. ذكرت أخي الكريم أنك لست محققاً حتي تتمكن من صحة الرواية أو عدم صحتها، فكيف أمكن أن يصح عندك الحديث الأول بالمعني الذي أردته أخي ولا يصح عندك الحديث الثاني، بأن نبينا ليس هو المقصود بالعبوس؟؟

2. ذكرت أخي بأنك لا تميل لكون الرجل العابس هو من بني أمية، فهل تميل أخي لكونه رسول الله صلي الله عليه وآله من باب صحة الرواية الأولي عندك فقط؟؟

أو أن الأمر هو ميل شخصي للتحليل الذي أوردته في تفسير العبوس، وكونه لا يتعارض مع العصمة والأخلاق؟ وتقبل احترامي.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (الراصد)، الثامنة والربع مساءً:

أخي الفاضل العاملي: السلام عليكم ورحمة الله.

أنت تقول: " الأخ الراصد، مستندك الشرعي لنسبة العبوس والصفات السيئة في السورة إلي نبينا صلي الله عليه وآله، إنما هو الرواية التي لم يصححها أحد من العلماء عن الإمام الصادق عليه السلام!! ".

وأقول لك يا سيدي الفاضل: أنا لم أتطرق أبداً إلي مسألة الصفات السيئة والعياذ بالله لكي أنسبها إلي مقام النبي الأعظم (صلی الله علیه و آله)، وحتي صفة العبوس أو الإعراض علي قول بعض التفاسير، فلا يعد ذلك ذنباً أو شيئاً آخر يعد خدشاً في أخلاق النبي والعياذ بالله. ولك الحق في مراجعة الموضوع والردود، لكي يتبين لك أنني لم أذكر هذه العبارة البتة.

ص: 467

أما مسألة الرواية الواردة عن الإمام الصادق لقد اعتمد عليها بعض العلماء في تفاسيرهم، ومع ذلك لا بأس للمؤمن أن يسأل ويبحث في ذلك توخياً للحقيقة. فأرجو منك يا صديقي أن لا تنسب إلي كلاماً أنا ليس بقائله!

وأن تتكرم بحذف عبارة " الصفات السيئة " من باب الموضوعية في الحوار والأمانة في النقل، كما عودتنا علي ذلك. وأنا لكم من الشاكرين.

فكتب (العاملي) بتاريخ 2 - 3 - 2000، العاشرة ليلاً:

الأخ الراصد المحترم:

صفات سورة عبس للشخص المخاطب مترابطة.. وفيها أسوأ من صفة العبوس، ولكن العبوس أظهر منها للعرف!!

فالذي يثبت صفة العبوس لسيد البشر وصاحب الخلق العظيم صلي الله عليه وآله، فقد أثبت له البقية! ومع ذلك، فسأغير عبارتي بما لا يسئ إليك.

أما الرواية التي ذكر صاحب مجمع البيان رحمه الله نسبتها إلي الإمام الصادق عليه السلام ولم يعتمد عليها، فقد تتبعتها فلم أجد لها أصلاً في أي مصدر من مصادرنا، ولا في مصادر السنة منسوبة للإمام الصادق عليه السلام!! فهي إذن رواية مرسلة لا سند لها، فهي ساقطة..

ولم يذكر الطبرسي من أين أخذها، ومن عادته أن يأخذ من مصادر العامة كثيراً.

وقد وجدت أصلاً في مصادر العامة، شبيهاً بها منسوباً إلي سفيان الثوري، ولعله هو أصل مأخذ الطبرسي!!

ففي تفسير الثعالبي: 5/551:

ص: 468

قال سفيان الثوري: فكان بعد ذلك إذا رأي ابن أم مكتوم قال: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي عز وجل، وبسط له رداءه.

وفي أنساب السمعاني:1/191:

دخل علي النبي صلي الله عليه وسلم قال له رسول الله: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، وروي: مرحباً برجل عاتبني فيه ربي.. انتهي.

ونحوه في أسباب النزول للواحدي ص 297.

وكل هؤلاء متقدمون علي الطبرسي، وكانت كتبهم معروفة..

وبهذا يترجح أن أصل الكلام لسفيان الثوري، ونسبه بعضهم افتراء إلي الإمام الصادق عليه السلام!

ومما ينبغي ذكره هنا: أن العامة أكثروا الوضع علي لسان الإمام الصادق عليه السلام، لاشتهاره من جهة، ولتأييد مقولاتهم من جهة أخري!

ويكفيك أن تقرأ كتب تفسير المنام، وكتب صنعة الكيميا الشعبية، وقصص تحضير الجان والأرواح.. وأمثالها، لتري كمية المكذوب المنسوب إلي الإمام الصادق عليه السلام، من طرق العامة!!

وكتب (الموسوي) بتاريخ 3 - 3 - 2000، الثالثة صباحاً:

الأخ الكريم الراصد:

هذه مناقشة سريعة للنقاط الستة التي ذكرها فضل الله في تفسيره:

النقطة الأولي: القول بأن الصلة وثيقة، مجرد ادعاء، ودخوله علي النبي (صلی الله علیه و آله) لا يمكن أن يدل علي وجود علاقة خاصة، فالنبي (صلی الله علیه و آله) كان بيته مفتوحاً للجميع بما فيهم عبد الله بن أم مكتوم.

كما أن استخلافه علي المدينة - علي فرض التسليم به - يدل علي الصلة فقط ولا يدل علي عمقها، ولا علي عمقها من البداية!!

ص: 469

أما القول " لا سيما إذا سلمنا بالرواية " فهذا أسلوب ألفناه! فهل يسلم بالرواية، أم لا؟

وعلي فرض التسليم فغاية ما تدل عليه هو حرصه علي اكتساب العلم، وهل يمكن أن نعتبر كل سائل عن مسألة، أو طالب معرفة آية ذا علاقة وطيدة بالنبي (صلی الله علیه و آله)؟؟

والحاصل: أن التفريع بالقول " وبذلك يكون إعراض النبي (صلی الله علیه و آله) عنه كإعراضه عن أحد أفراد أصحابه أو عائلته، اتكالاً علي ما بينهما من صلات عميقة ووحدة صلة " لا يعتمد علي برهان.

فضلاً أن العبوس فالإعراض إذا نظرا معاً يعدان صفة سلبية حتي لو كان مع أحد أفراد العائلة أو أحد

الأصحاب، وخصوصاً إذا نظرنا إلي باقي آيات السورة لما فيها وصف النبي (صلی الله علیه و آله) بالتصدي والتلهي. أما مسألة الإعراض، بتأخير الحدث، إلي وقت آخر، فهي لا تبرر العبوس والإعراض، فهو (صلی الله علیه و آله): و" بالمؤمنين رؤوف رحيم ". وكان بالإمكان إخبار ابن أم مكتوم من دون ذلك العبوس، والعبوس

والإعراض يناسب الفظاظة التي نزه الله تعالي نبيه عنها. هل يتصور في النبي (صلی الله علیه و آله) الذي كان يستحيي أن يطلب المؤمنين بالخروج من بيته كما في قوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلي طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق ".. أن يعبس في وجه أعمي؟

ص: 470

أما العبوس فسواء كان عبوس احتقار، أو عبوس مضايقة فهو صفة غير لائقة عندما يكون الطرف الآخر مؤمناً، ويشتد الأمر عندما يكون أعمي وما يقتضيه العمي من الرفق والحنان.

نعم قد يكون للأمر تبريره إذا كان العبوس مع كافر يتعدي علي حرمات الله فيكون العبوس غضباً لله عز وجل، أما عندما يكون مع مؤمن من أجل كافر فالتبرير ساقط. أما التنافي مع أخلاقه العظيمة فهو حاصل بالعبوس لأنه يتنافي مع قوله تعالي: " وبالمؤمنين رؤوف رحيم ".

النقطة الثانية: إذا لم يكن للغني أي دخل في الآية، فلم تمت المقابلة بين شخصين من استغني وهو كافر مستكبر، ومن جاء يسعي وهو مؤمن يخشي الله، وهذه المقابلة تعني أن لكل عنوان تأثيره في هذا اللوم المذكور في الآية بالتصدي والتلهي. وهذا يعني أن السورة في صدد التعريض بالمتصدي للأغنياء والغافل عن الأتقياء. وفي هذا (إثبات) إساءة أخلاقية بلا شك لمن نزلت السورة فيه.

النقطة الثالثة: لا مانع أن تكون السورة في مقام توجيه النبي (صلی الله علیه و آله) إلي الإهتمام بالفئة المستضعفة التي تخشي الله وعدم الإنشغال بالأغنياء، ولكن لا يعني ذلك أن تكون السورة نازلة في النبي (صلی الله علیه و آله)، بل التوجيه يمكن القول به أيضاً لو قلنا أن السورة نزلت في غير النبي (صلی الله علیه و آله). فلا مشكلة في التوجيه المذكور في النقطة، بل في المحاذير الحاصلة لو قلنا: بأن المقصود من العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله). والخلاصة: أنه لا ينبغي الخلط بين ما تهدف إليه السورة وبين من نزلت فيه السورة.

النقطة الرابعة: آيات سورة الحاقة في مقام بيان صدق النبي (صلی الله علیه و آله) فيما ينسبه إلي الله عز وجل، بحيث أنه لو تقول وافتري علي الله شيئاً لوقع عليه

ص: 471

العذاب، وهل يعقل في أي نبي من الأنبياء فضلاً عن الصادق الأمين وأفضل الأنبياء أن يفتري ويكذب شيئاً علي الله؟؟!!

يقول العلامة الطباطبائي في تفسيره الميزان: 19/405:

فالآيات في معني قوله: " لولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً، إذن لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً ". الإسراء - 75. وكذا قوله في الأنبياء بعد ذكر نعمه العظمي عليهم: " ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ". الأنعام - 88.

أما ما قاله عن آيات سورة الإسراء فهو ما يلي:

والمعني: لولا أن ثبتناك بعصمتنا، دنوت من أن تميل إليهم قليلاً، لكنا ثبتناك فلم تدن من أدني الميل إليهم فضلاً من أن تجيبهم إلي ما سألوا فهو (صلی الله علیه و آله) لم يجبهم إلي ما سألوا ولا مال إليهم شيئاً قليلاً ولا كاد أن يميل. الميزان: 13/173.

وبما مر يتبين حكم آية حبط العمل المعلق علي الشرك، وقد قال السيد المرتضي في تنزيه الأنبياء ص 119:

مسألة: فإن قيل: فما معني قوله تعالي مخاطباً لنبيه صلي الله عليه وآله " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين " وكيف يوجه هذا الخطاب إلي من لا يجوز عليه الشرك ولا شئ من المعاصي؟

الجواب: قد قلنا في هذه الآية أن الخطاب للنبي (صلی الله علیه و آله) والمراد به أمته، فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال نزل القرآن بإياك أعني واسمعي يا جارة. والأمر هنا في سورة عبس ليس علي نحو " لو " وعلي نحو " لئن "، وعلي نحو " الإفتراض "، بل هو علي نحو الحكاية والإخبار، وبالتالي المقارنة بين التحقق والافتراض غير صحيحة.

ص: 472

النقطة الخامسة: تأديب الله لنبيه يعني إلتزام النبي بما أدبه الله لا المخالفة، ومهما يكن هدف الآية فحاشا النبي (صلی الله علیه و آله) أن " تترك الأجواء الضاغطة تأثيرها الخفي علي نفسه بطريقة لا شعورية، فيلتفت إلي الأغنياء رغبة في الإمتيازات الحاصلة عندهم "، فهل نحن نتحدث عن زيد وعمر حتي تؤثر فيه بعض الأمور بطريقة لا شعورية، أم عن سيد الأنبياء والمرسلين (صلی الله علیه و آله)؟

والعجيب أن من يقول: " وربما كان ذلك علي طريقة: إياك أعني واسمعي يا جارة ليكون الخطاب للأمة، من خلال النبي "، لماذا لا يفرض أن الخطاب في السورة في بعض مقاطعها من الباب الذي يفترضه أي: إياك أعني واسمعي يا جارة!!!!

فيكون العابس هو شخص آخر ويتوجه الخطاب للنبي في بعض الآيات من باب الطريقة التي ذكرها.

وبهذا التوجيه يكون قد عالج بنفسه ما جعله معضلة في النقطة السادسة!!

النقطة السادسة: إن توجيه الخطاب إلي النبي (صلی الله علیه و آله) في بعض الآيات التي فيها الكلام علي نحو الحضور لا يعني أنه هو العابس في الآيات التي علي نحو الغيبة، وكما أشار بنفسه في النقطة الخامسة، فمن الجائز أن يكون الخطاب للنبي (صلی الله علیه و آله) من باب إياك أعني واسمعي يا جارة، وكون التزكية من أعظم المسؤوليات التي يضطلع بها النبي (صلی الله علیه و آله) لا يعني أن هذه المسؤولية مرتفعة عن غير النبي (صلی الله علیه و آله) ولو بدرجة متدنية. للحديث بقية.

ثم كتب (الموسوي) بتاريخ 4 - 3 - 2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

الأخت الفاضلة إيمان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 473

أعتذر في البداية عن التأخر في الرد بسبب بعض الإنشغالات وهذه بعض الملاحظات، أرجو أن يتسع لها صدرك.

قلت: " إن من العار علي مسلم يؤمن برسول الله صلي الله عليه وآله ويؤمن بعصمته أن يضع نفسه في موقع الحكم علي ما يخرج الرسول صلي الله عليه وآله من العصمة ".

أقول: هل يعني ذلك أن نعطل عقولنا لتبقي العصمة شيئاً معلقاً في الهواء لا تطبيق له، فلا يمكننا أن نحكم علي الهراء المنقول في كتب أهل السنة حول الأنبياء (علیه السلام) وما يشينهم.

ما الفائدة من اعتقاد يفتقد إلي تطبيق بل يحصل التطبيق فيه عكس الإعتقاد. وأين العار في تنزيه النبي من العبوس؟

قلت: " ومن قال بأن الآية أنزلت في الرسول صلي الله عليه وآله فلم يجرم في شئ إذ ظاهر الآية فيه والروايات اختلفت في التأويل ".

أقول: من أين استكشفت أنه ظاهر؟ وهل مجرد وجود الروايات كافٍ للأخذ بها؟ وهل يمكن أن تذكري رواية شيعية واحدة تصرح بأن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله). نعم روايات أهل السنة ذكرت أنه النبي (صلی الله علیه و آله)!!!

قلت: " قد يكون هناك أيضاً تأويلات أخري لم تكشف لنا بعد ترفع هذا اللبس نهائياً.. ومن الخطأ تأويل كل آية لما يخالف ظاهرها لمجرد أن هناك أمور غامضة لم نفهمها بعد!! ".

أقول: إن اكتشفت شيئاً من تلك الوجوه فنحن مصغون لها ولكن حسب ما جاء في القرآن من خلق النبي (صلی الله علیه و آله) فإننا نرفض ما قيل في سبب نزولها بالنبي (صلی الله علیه و آله).

قلت: " وأما الحديث الذي تذكره ويبدو أنك تعتقد بأني علقت علي الموضوع سابقاً ولم أفعل!! " فإن حجية الأحاديث غير حجية آية صريحة من

ص: 474

القرآن.. والأولي في كل الحالات: أن لا يقف المسلم عند هذه الأحاديث من الطرفين، لأنها لا تليق بالذكر احتراماً لمقام الرسول صلي الله عليه وآله.

[صدقت أو كذبت].. وأزيد عليه أن إثارته لا يدل علي أن الحق عند أي من الطرفين!!

أقول: إن الحديث الذي أوردته - والذي يفيد بول النبي قائماً والعياذ بالله - قد جاء من طرق أهل السنة، وأنا أنزه النبي صلي الله عليه وآله عن ذلك، وقد أوردته من جهة أنه مروي ومستنكر، والجهة في استنكاره موجودة في العبوس..

ولكنني أسألك هل تعتقدين بما نسبوه إلي النبي من البول قائماً؟ هل ترين فيه ما يشين النبي (صلی الله علیه و آله)؟ ولماذا؟ أظن أن الإجابة علي هذا السؤال ستعين علي حل اللبس الحاصل في الآية.

قلت: " وأكرر بأني لست في صدد الترجيح لأحد القولين ولكن كما تعلمون بأن المفسرين اختلفوا في تأويل الكثير من الآيات والآية لها وجوه محتملة وما لم يكن الوجه الذي يقول به الطرف الآخر مخالفاً للعقل والشرع فعلينا أن نحتمله ولا نرفضه قطعياً دون دليل ".

أقول: ميلك إلي أحد الرأيين واضح، ولكن كما بينا فإن رفضنا للقول الآخر مستندٌ إلي الدليل لمنافاة العبوس والتصدي للأغنياء والتلهي عن المؤمنين مع ظواهر الأدلة في القرآن والحديث من خلق النبي العظيم.

قلت: " ونعلم يقيناً أن الأولي الأخذ بظاهر القرآن إلا إذا امتنع ذلك قطعياً.. والأخ الراصد ذكر وجوه منطقية لا يبقي هذا الإمتناع لا عقلياًّ ولا نقلياًّ ".

أقول: ظاهر القرآن لا يدل علي أن العتاب للنبي، بل أن ظاهر القرآن الذي يثبت اهتمام النبي بالمؤمنين ورأفته بهم وخلقه العظيم يدعو إلي القول بأن المراد

ص: 475

شخص آخر، ويعضد هذا الظاهر ما روي عن أهل البيت (علیهم السلام). والوجوه المذكورة قد تمت الإجابة عليها.

وللعلم فإن هذه الوجوه ليست للأخ الكريم الراصد بل هي لفضل الله!!!

قلت: " ويحتمل أن بعض المفسرين المتقدمين غفلوا عن هذه الوجوه، لذلك وجهوا الآية لغير ظاهرها، لذلك فلا مانع من إعادة النظر والبحث في مثل هذه الآيات مرة أخري بغرض الوصول إلي الحقيقة، والحقيقة مهما كانت فلن تكون ضد العصمة الثابتة عقلاً ونقلاً، فلماذا التكلف والإصرار علي ما ألفناه من تأويل للآيات؟!! ".

أقول:

أولاً: لا تأويل في الآيات، لأن التأويل حينما يكون هناك ظاهر لا يمكن قبوله، وهنا الظهور غير معلوم.

ثانياً: هناك روايات تصرح بأن العابس هو غير النبي (صلی الله علیه و آله) فليست المسألة مجرد تفسير بغض النظر عن سبب النزول، ومن ثم فلا تكلف، بل نقل للإستظهار الناشئ من القرآن والحديث.

قلت: " تذكر بعض التفاسير المؤيدة بأن الآية أنزلت في غير النبي صلي الله عليه وآله بأن الشخص المقصود كان كافراً - أو منافقاً - حاضراً في مجلس الرسول صلي الله عليه وآله.. ألا ترون أن آية تنزل في عتاب (كافر) لأنه عبس أمر عجيب!! ".

أقول: لم يقل أحد أن من نزلت فيه الآية كان كافراً وجميع كلامك الباقي مبتنٍ علي هذا الأصل، وهو إما غير ثابت، أو ثابت خلافه.

وكتبت (إيمان) بتاريخ 4 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

السلام عليكم، الأخوة العاملي والموسوي.. شكراً علي ردودكم..

ص: 476

ذكرت سابقاً أني أكره أن أخوض في مثل هذا الحوار عن عصمة الرسول صلي الله عليه وآله، وذلك لأني أري أنه من العار لمن يعرف عظمة الرسول صلي الله عليه وآله ورفعة مقامه أن يقيم عصمته وما يخرج منها.. فالخوف كل الخوف أن يقدح أحد منا في هذه العصمة، من حيث لا أدري..

فمثلاً لنفترض جدلاً أن تكون الآية نزلت في الرسول صلي الله عليه وآله في علم الله تعالي، وقمنا بالإصرار علي نفي ذلك بدعوي أنها تنافي العصمة - بغير علم - ألا يكون قولنا هذا طعناً وقدحاً في عصمة الرسول صلي الله عليه وآله لو تبين أنه غير ذلك؟!!

فالقول باحتمالية - وليس القطع بدون أدلة ثابتة - بأنها أنزلت في الرسول صلي الله عليه وآله ولكن بمفهوم أنها لا تطعن في عصمته - بأي وجه من الوجوه المتقبلة عقلاً وشرعاً - هو أكثر أمناً، إذ لن يطعن في العصمة لو ثبت غير ذلك من أي طريق!! فتأملوا إخواني في هذا!!

ولقد ذكرت أن ظاهر الآيات تدل علي أن المقصود هو الرسول صلي الله عليه وآله لعدة أسباب أشير إليها موجزة هنا:

1 - الروايات التي تنكر أن الآية نزلت في الرسول صلي الله عليه وآله كان رجلاً من بني أمية، وبعضها تصرح باسم أحدهم وعلي هذا فقد احتملت أن يكون الشخص المقصود إما كافراً أو منافقاً..

ولقد ذكرت أن جرم المنافق أو الكافر أكبر بكثير من أن يعاتب في القرآن علي مثل العبوس في وجه أعمي لا يري عبوسه!!

2 - الآية تذكر: " وأما من جاءك يسعي وهو يخشي فأنت عنه تلهي " فهل جاء الشخص للرسول صلي الله عليه وآله أو للرجل المقصود بالعبوس؟!!

ص: 477

فإن قلنا للرسول صلي الله عليه وآله فيعني ذلك أن ضمير المخاطب يعود للرسول صلي الله عليه وآله في كل الآيات، إذ أن تنقل الخطاب من الرسول صلي الله عليه وآله إلي غيره في الآيات لا دليل عليه..

وأما إن قلنا بأنه جاء غير الرسول صلي الله عليه وآله، فإنه لا معني لخشية الأعمي وسعيه من أجل التذكر..

3 - الآية تذكر: " وما عليك ألا يزكي " أي: لن تحاسب إن لم يزكي من استغني. والتزكية كانت مسؤولية الرسول صلي الله عليه وآله خاصة دون غيره من المسلمين.. وكذلك الآية التي تذكر: " وما يدريك لعله يزكي أو يذكر فتنفعه الذكري "..

4 - الآية تستخدم أسلوب الخطاب المباشر للرسول صلي الله عليه وآله وبأسلوب المفرد وفي قضية محددة المعالم ولها سبب نزول واضح، ونحن نعلم يقيناً أن القرآن الكريم جاء لهداية البشر لا فتنتهم، فلا بد من سبب وجيه لاستخدام الأسلوب الخطابي المباشر غير: إياك أعني واسمعي يا جارة، وهذا ما لم يفسره أحد بصورة منطقية ومفهومة!!

5 - الآية استخدمت أسلوب الغائب في الآية الأولي " عبس وتولي " رغم أن الآيات اللاحقة تستخدم أسلوب المخاطب، ولا بد من سبب وجيه أيضاً لذلك قلت قد يكون للآية تأويل لم نعرفه بعد فإن كانت هذه الآية خاصة هي ما تثير الشك عند من يظن العبوس يقدح في العصمة، فقد تكون الآية

تذكر العبوس لغير الرسول صلي الله عليه وآله - أي لا تكون كذاك الذي يعبس في وجه الأعمي - ولكن تثبت العتاب له، أي إن موقفك في الإصرار علي تزكية المستغني - من أجل إعزاز الدين - ليس مما كلفت به بل عليك بمن: " جاءك يسعي وهو يخشي " فلا يجب أن تلتهي عنهم بغيرهم.. هذا مجرد

ص: 478

احتمال ولكنه وارد ويرفع الإشكال.. واحتمال آخر أن يكون الإبهام مراده عدم إلفات المسلمين للعبوس – لأنه غير ما يعرفون مما يقدح كمال الخلق - بل ما يعتبه هو تصديه لمن هو مستغن ٍعن الهداية - بقصد إعلاء الدين لا لماله!! -.. هذا آخر ما لدي في الموضوع. وأرجو العذر إذ أنني سأتوقف عن مواصلة الحوار في هذه المسألة إذ أن لا جديد لي فيها، ولا أحب المواصلة من منطلق الجدل وإثبات الرأي.. وفقكم الله تعالي وتقبل أعمالنا جميعاً..

وكتب (الموسوي) بتاريخ 6 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

في تفسير تقريب الأذهان: 30/43، للسيد محمد الشيرازي:

قد نزلت هذه السورة في عثمان بن عفان، حيث كان عند الرسول (صلی الله علیه و آله) مع جملة من أصحابه، فجاء أعمي وجلس قرب عثمان، فعبس عثمان وجهه وتولي عنه وجمع ثيابه وأقبل علي بعض الجالسين الآخرين الذين كان لهم ثراء، فنزلت الآيات. ومن غريب الأمر أن بعض بني أمية المبغضين للرسول (صلی الله علیه و آله) نسب هذا الأمر إلي الرسول لتبرئة ساحة قريبهم عثمان، وقال: إن الرسول هو الذي عبس وتولي مخالفاً بذلك نص القرآن العظيم: " إنك لعلي خلق عظيم " " وبالمؤمنين رؤوف رحيم " " وعزيز عليه ما عنتم حريص عليكم ". وغيرها. ثم جاء جماعة من الوهابيين فأخذوا يلحسون قصاع الأمويين في نسبة هذه السبة إلي الرسول بتزويقات وزخارف من القول، وقد صار ذلك حراباً في أيدي الصليبيين في الهجوم علي الرسول (صلی الله علیه و آله) حتي أن بعض كراريسهم كتبت أيهما خير المسيح أو محمد، فإن الأول: كان يبرئ الأعمي بنص كتابكم " يبرئ الأكمه والأبرص "، والثاني: كان يعبس ويتولي إذا جاءه الأعمي بنص كتابكم. للحديث بقية.

ص: 479

وكتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 4 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً، موضوعاً بعنوان (نسبوا الصفات السيئة في سورة عبس إلي نبيهم.. بدون حديث مسند أبداً!!)، قال فيه:

من عجائب ما وصلتُ إليه في البحث عن الأصل الذي اعتمد عليه مفسرو العامة في زعمهم أن المخاطب بسورة عبس هو سيد البشر، وصاحب الخلق العظيم صلي الله عليه وآله، واعتمدوا عليه نسبتهم الصفات السيئة في السورة إلي مقامه السامي.. أني لم أجد أي أصل مسند علي الإطلاق لروايتهم التي تزعم أن النبي صلي الله عليه وآله كان يقول إذا جاءه الأعمي ابن أم مكتوم: مرحباً مرحباً بالذي عاتبني فيه ربي!!

فلا أصل مسنداً لها في مصادرنا، لا عن النبي صلي الله عليه وآله ولا عن الإمام الصادق عليه السلام!!

وكذلك لا أصل مسنداً لها في مصادر السنيين علي الإطلاق، في أكثر من ألف مجلد من مصادر الحديث التي فتشت فيها!!!

فابن الجوزي نسب هذا القول في زاد المسير إلي المفسرين بدون تعيين! قال في ج 8 ص 179:

قال المفسرون: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يوماً يناجي عتبة بن ربيعة، وأبا جهل بن هشام، وأمية وأبياًّ ابني خلف، ويدعوهم إلي الله تعالي، ويرجو إسلامهم فجاء ابن أم مكتوم الأعمي، فقال: علمني يا رسول الله مما علمك الله، وجعل يناديه ويكرر النداء، ولا يدري أنه مشتغل بكلام غيره، حتي ظهرت الكراهية في وجهه صلي الله عليه وسلم لقطعه كلامه، فأعرض عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأقبل علي القوم يكلمهم، فنزلت هذه الآيات، فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يكرمه بعد ذلك ويقول: مرحباً بمن عاتبني فيه

ص: 480

ربي. وذهب قوم، منهم مقاتل، إلي أنه: إنما جاء ليؤمن فأعرض عنه النبي صلي الله عليه وسلم اشتغالاً بالرؤساء فنزلت فيه...

والقرطبي نسبه في تفسيره: 19/213، إلي سفيان الثوري، قال:

قال سفيان الثوري: فكان النبي صلي الله عليه وسلم بعد ذلك إذا رأي ابن أم مكتوم يبسط له رداءه ويقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي، ويقول: هل من حاجة؟

وكذلك قال الثعالبي في تفسيره: 5/551

أما الواحدي في أسباب النزول - 297، فلم ينسبه إلي أحد، لكن أرسله إرسال القبل، قال:

قوله تعالي: " عبس وتولي أن جاءه الأعمي " وهو ابن أم مكتوم، وذلك أنه أتي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يناجي عتبة بن ربيعة وأبا جهل بن هشام وعباس بن عبد المطلب وأبياًّ وأمية ابني خلف،

ويدعوهم إلي الله تعالي ويرجو إسلامهم، فقام ابن أم مكتوم وقال: يا رسول الله، علمني مما علمك الله، وجعل يناديه ويكرر النداء ولا يدري أنه مشتغل مقبل علي غيره، حتي ظهرت الكراهية في وجه رسول الله صلي الله عليه وسلم لقطعه كلامه، وقال في نفسه: يقول هؤلاء الصناديد إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد، فعبس رسول الله صلي الله عليه وسلم وأعرض عنه وأقبل علي القوم الذين يكلمهم، فأنزل الله تعالي هذه الآيات، فكان رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد ذلك يكرمه، وإذا رآه يقول: مرحباً بمن عاتبني فيه ربي. انتهي.

ونحوه السمعاني في الأنساب: 1/191.

ولم أجد في الصحاح الستة إلا رواية وردت فيها عبارة مشابهة، هي قول للراوي عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وليست حديثاً مرفوعاً ولا مقطوعاً!!

ص: 481

ففي سنن النسائي: 6/210:

عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، قال:حدثنا أبي عن شعيب، قال: قال الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، أن عبد الله بن عمرو بن عثمان، طلق ابنة سعيد ابن زيد، وأمها حمنة بنت قيس البتة، فأمرتها خالتها فاطمة بنت قيس بالإنتقال من بيت عبد الله بن عمرو، وسمع بذلك مروان، فأرسل إليها فأمرها أن ترجع إلي مسكنها حتي تنقضي عدتها، فأرسلت إليه تخبره أن خالتها فاطمة أفتتها بذلك، وأخبرتها أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أفتاها بالإنتقال حين طلقها أبو عمرو بن حفص المخزومي، فأرسل مروان قبيصة بن ذؤيب إلي فاطمة فسألها عن ذلك، فزعمت أنها كانت تحت أبي عمرو لما أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم علي بن أبي طالب علي اليمن خرج معه فأرسل إليها بتطليقة وهي بقية طلاقها، فأمر لها الحرث بن هشام وعياش ابن أبي ربيعة بنفقتها، فأرسلت إلي الحرث وعياش تسألهما النفقة التي أمر لها بها زوجها.

فقالا: والله مالها علينا نفقة، إلا أن تكون حاملاً، وما لها أن تسكن في مسكننا إلا بإذننا.

فزعمت فاطمة أنها أتت رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فصدقهما.

قالت: فقلت: أين أنتقل يا رسول الله؟

فقال: انتقلي عند ابن أم مكتوم، وهو الأعمي الذي عاتبه الله عز وجل في كتابه، فانتقلت عنده، فكنت أضع ثيابي عنده، حتي أنكحها رسول الله صلي الله عليه وسلم، زعمت أسامة بن زيد!!! انتهي.

ص: 482

وهذه الرواية لو صحت فلا حجة فيها، لأنها ليست من قول النبي صلي الله عليه وآله، ولا هي مسندة عنه! بل من تعليق الراوي أو الراوية صاحبة القصة!

ولهذا السبب رواها العظيم آبادي في عون المعبود بلفظ (قيل) ولم يستعمل حتي كلمة (روي) بسبب أنها قول، وليست حديثاً!

قال في ج 8 ص 107:

قيل إنه صلي الله عليه وسلم إنما ولاه الإمامة بالمدينة إكراماً له وأخذاً بالأدب فيما عاتبه الله عليه في أمره في قوله: " عبس وتولي أن جاءه الأعمي " وقد روي أن الآية نزلت فيه. انتهي.

والسؤال: كيف تجرأ المفسرون السنيون علي نسبة هذه الصفات السيئة إلي رسول الله صلي الله عليه وآله!!

وهل يكفي أن يروا مفسراً يذكرها مرسل فيقلدونه؟!! ثم.. إن فعلوا هم ذلك!!

فهل يصح لنا نحن شيعة أهل البيت الطاهرين الذين ننزه رسولنا وآله صلوات الله عليهم عن النقائص التي نسبوها إليهم.. أن نقلد من ينتقص من مقامهم، ويفتري عليهم؟!!

ثم كتب (العاملي) بتاريخ 4 - 3 - 2000، الثانية والثلث ظهراً:

الأدلة من داخل السورة علي أن الشخص العابس ليس النبي صلي الله عليه وآله.

من يتأمل سورة عبس يقتنع بأنها تتحدث عن نموذج من الشخصيات السيئة المنافقة في مجتمع مكة!!

ولئن كان نزولها في مكة، فإن الآية 31 من سورة المدثر نزلت قبلها، وتحدثت عن الذين في قلوبهم مرض من المسلمين، وهم المنافقون!!

ص: 483

ومسألة وجود المنافقين في المرحلة المكية موضوع يحتاج إلي بحث مستقل..

لكن غرضنا هنا أن نبين أن المخاطب الموصوف في السورة، ليس نبينا صلي الله عليه وآله، وذلك:

أولاً: أن ظاهر صفاتها أنها عادة وسلوك دائم للشخص العابس.. وليست حالة نادرة، كما يريد من ينسبها إلي النبي صلي الله عليه وآله.

ثانياً: أن صفة: " تولَّي "، عندما تستعمل في القرآن مطلقة، تعني التولي عن الدين والإعراض عنه.. وهذا لا ينطبق علي النبي صلي الله عليه وآله.

ثالثاً: ظاهر صفة التصدي للأغنياء أنها عادةٌ ودأبٌ لذلك العابس.. والمعهود من صفة النبي صلي الله عليه وآله ضدها، حتي طلب منه الأغنياء إبعاد الفقراء من مجلسه!!

رابعاً: " فأنت له تصدي وما عليك ألا يزكي " لا يصح نسبتها إلي النبي بحال ووصفه بأنه يهتم بالشخص بشرط أن يكون غنياًّ فقط، ولا يبالي أن يتزكي ويؤمن، أم لا! وهو الذي وصفه الله تعالي بأنه يحرص علي هداهم أكثر مما أوجب عليه!! وكذلك التلهي عمن جاءه يخشي ويتذكر، حتي لو

لم يكن أعمي!!

خامساً: " كلا إنها تذكرة... " رد لذلك النموذج العابس في وجوه الفقراء المؤمنين، وبيان أن الحجة عليه تامة إن أراد أن يتذكر أو يتولي.. وهذا لا ينطبق علي النبي صلي الله عليه وآله!

سادساً: أن السورة قطعة واحدة في محورها ودوائره التي تدور حوله.. فهي تستمر في بيان أهمية التذكرة الإلهية التي يحملها سفرة كرام بررة من الملائكة والرسل، وموقف الإنسان المكذب بها..

ص: 484

ويلاحظ أن صفاتها استمرار لصفات الإنسان العابس، الذي يعيش بمقاييس مادية، ولا يهتم بالدين ولا بتزكية النفس البشرية وتكاملها..

وموقع نبينا صلي الله عليه وآله من هذه اللوحة أنه سيد سفراء الله إلي عباده.. فكيف يكون هو العابس المتولي المحترم للأغنياء المتلهي عن الفقراء، إلي آخر الصفات الشديدة لذلك الإنسان المادي الكافر بأنعم ربه؟!!

وكتب (علي العلوي) بتاريخ 4 - 3 - 2000، الخامسة مساءً:

السلام عليكم أخي العاملي:

أشكرك علي هذا الموضوع المحترم، ووفقك الله للذود عن حياض الإسلام ونصرة محمد وآله الطاهرين (علیه السلام).

عندي تساؤل حول تفسير السورة الكريمة، فقد أشكل أحد الأشخاص علي في أن لغة المخاطب دائماً تستخدم للحديث مع الرسول الكريم (صلی الله علیه و آله)، فلا أدري كيف الرد علي هذا الإشكال، وخصوصاً أن الآيات تتكلم بلغة المخاطب لفرد.

أفيدونا أفادكم الله. ورحم الله والديك.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 5 - 3 - 2000، العاشرة ليلاً:

أود أن أضيف هاتين الملاحظتين استكمالاً للبحث القيم الذي تفضل به الأخ العزيز العاملي:

1 - ذهب ابن العربي من أهل السنة إلي أن السورة قد نزلت في المدينة وليس في مكة. راجع نهاية المسألة الثانية من تفسير السورة في تفسير القرطبي.

وقد ذكر الطبري في تفسيره أن ابن أم مكتوم رجل من الأنصار. تفسير الطبري: 12/444 الحديث رقم 36325 - طبعة دار الكتب العلمية - 1992.

ص: 485

2 - إن أكثر ما جاء في سبب النزول هو عن طريق أهل السنة، ولم يأت من طريق الإمامية حسب تتبعي في كتب التفسير الروائية، كنور الثقلين والبرهان سوي ثلاثة روايات، الأولي في تفسير القمي وهي صريحة في أن العابس هو عثمان، وروايتان ذكرهما الطبرسي في مجمع البيان، ولم أعثر عليهما في غير هذا الكتاب، وهما مرويتان عن الإمام الصادق (علیه السلام)، وواحدة منهما تنص أن العابس رجل من بني أمية، والأخري تقول أن النبي (صلی الله علیه و آله) كان إذا رأي عبد الله بن أم مكتوم يقول له: مرحباً مرحباً، لا والله لا يعاتبني الله فيك أبداً، وهذه الرواية كما أسلفنا لا تدل علي أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله)، بل الظاهر منها أنها تنفي وقوع العتاب علي النبي (صلی الله علیه و آله) وتعرض بالعابس.

وكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 6 - 3 - 2000، السادسة صباحاً:

إذا كنت تعتقد أنه لا يوجد أثر صحيح في كتب السنة، ولا كتب الشيعة في تحديد العابس، فلماذا تحمل السنة تبعة هذا القول.. لماذا لا يكون العكس هو الصحيح.. أن السنة يقلدون الشيعة في هذ

الأمر..

ثم ما معني قولك: " فهل يصح لنا نحن شيعة أهل البيت الطاهرين الذين ننزه رسولنا وآله صلوات الله عليهم عما النقائص التي نسبوها إليهم.. أن نقلد من ينتقص من مقامهم، ويفتري عليهم؟!! "

هل يفهم من كلامك أن كل يفسر أن العابس هو المصطفي صلي الله عليه وسلم ينتقص من مقامه؟؟

هل الشيخ فضل الله والشيخ مغنية وغيرهم من مفسري الشيعة ينتقصون من مقام النبي صلي الله عليه وسلم؟؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (الموسوي) بتاريخ 6 - 3 - 2000، العاشرة والثلث مساءً:

ص: 486

مع الإعتذار للأخ العزيز العاملي..

ومتي كان أهل السنة يرجعون إلي الشيعة ويقلدونهم؟؟؟؟

ونعم، من ينفي كون العابس هو الرسول فإنما ينفيه لكونه انتقاصاً للنبي (صلی الله علیه و آله).

ألم تقرأ حتي الآن أقوال النافين كالسيد المرتضي وغيره؟

وكتب (المسلم المسالم) بتاريخ 7 - 3 - 2000، السادسة صباحاً:

ومتي كان الشيعة المبغضون للصحابة رضوان الله عليهم يقبلون روايات أهل السنة وينقلون عنهم؟

وهل من يثبت العبوس للمصطفي (صلی الله علیه و آله) منتقص له أمثال فضل الله وجواد مغنية وغيرهم؟

ثم ما حكم منتقص الرسول صلي الله عليه وسلم؟؟؟

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 7 - 3 - 2000، السابعة صباحاً:

إن الشيعة محبة ومبجلة للصحابة ولكن ليس كل الصحابة، فهل من آذي رسول الله صلي الله عليه وآله كمن كان وفياًّ له؟

إن صحابتكم طعنوا برسول الله صلي الله عليه وآله وهو علي فراش الموت، فهل تطلب منا إجلال من فعل ذلك؟

الذين طردهم من عنده صلي الله عليه وآله كالذين بقوا معه؟

الذين تركوا جنازته وذهبوا ينهبون حق أهل بيته، كالذين بقوا مع جنازته؟

لقد أعماكم حب الحزب القرشي المتمثل بأبي بكر وعمر حتي عن حب الرسول صلي الله عليه وآله! وأخذتم تلتمسون الأعذار لهم ضد النبي. ورحم الله أبا فراس الحمداني حين يقول:

يا باعة الخمر كفوا عن مفاخركم... من معشر بيعهم يوم الهياج دم

ص: 487

قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

الفرق واضح فافهم!

لم يقل أحد من قدماء الشيعة أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله)، بينما اتفقت كلمة القدماء والمتأخرين من أهل السنة أن العابس هو النبي (صلی الله علیه و آله)، ولا تجد القول بنسبة العبوس عند النبي (صلی الله علیه و آله) لدي الشيعة إلا عند المتأخرين منهم. وبالتالي فلا وجه لاحتمال اقتباس السنة من الشيعة. وإثبات العبوس والإعراض والتصدي للأغنياء والتلهي عن الفقراء للنبي (صلی الله علیه و آله) انتقاص له في نظر كبار علماء الطائفة كالسيد المرتضي وابن شهرآشوب المازندراني والشيخ الطوسي.

ولكن ليس كل انتقاص يستوجب تفسيق أو جرح من ينسبه للنبي (صلی الله علیه و آله)، فإنه يكون كذلك إذا كان عالماً بأن في قوله أو فعله هذا منتقص له مسئ إليه، أما مع جهله لشبهة طرأت في ذهنه.. فلا.

وانتهي الموضوع وغاب المسلم المسالم!

ص: 488

الفصل التاسع: هل مات النبي صلی الل علیه و آله مسموما؟

ص: 489

ص: 490

هل مات النبي صلی الل علیه و آله مسموما؟

كتب (عمار بن ياسر) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 18 - 4 - 2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أريد الروايات.. التي تقول أن النبي (صلی الله علیه و آله) مات مسموماً، وخصوصاً من مصادر السنة؟)، قال فيه:

أحتاج إلي الأحاديث التي تقول أن النبي صلي الله عليه وآله قد مات علي أثر السم الذي سقته إياه المرأة اليهودية..

فهل من ملب لهذا الطلب وأجره علي الله. مع خالص تحياتنا وشكرنا مقدماً.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 4 - 2000، التاسعة صباحاً:

في البخاري: 3/141:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن يهودية أتت النبي صلي الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجئ بها، فقيل ألا نقتلها؟ قال: لا.

قال: فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلي الله عليه وسلم.

ونحوه في مسلم: 7/14، وفيه: عن أنس بن مالك يحدث أن يهودية جعلت سماًّ في لحم ثم أتت به رسول الله صلي الله عليه وسلم، بنحو حديث خالد.

وفي سنن أبي داود: 2 / 368:

ص: 491

أنس بن مالك، أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلي الله عليه وسلم بشاة مسمومة، فأكل منها، فجئ بها إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فسألها عن ذلك، فقالت: أردت لأقتلك.

فقال: ما كان الله ليسلطك علي ذلك. أو قال: (عليَّ).

فقالوا: ألا نقتلها؟ قال: لا.

فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلي الله عليه وسلم.

عن أبي هريرة أن امرأة من اليهود أهدت إلي النبي صلي الله عليه وسلم شاة مسمومة، قال: فما عرض لها النبي صلي الله عليه وسلم.

قال أبو داود: هذه أخت مرحب اليهودية التي سمت النبي صلي الله عليه وسلم. 4510 - حدثنا سليمان بن داود المهري، ثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: كان جابر بن عبد الله يحدث أن يهودية من أهل خيبر سمت شاة مصلية، ثم أهدتها لرسول الله صلي الله عليه وسلم، فأخذ رسول الله صلي الله عليه وسلم الذراع، فأكل منها وأكل رهط من أصحابه معه، ثم قال لهم رسول الله صلي الله عليه وسلم: إرفعوا أيديكم.

وأرسل رسول الله صلي الله عليه وسلم إلي اليهودية فدعاها، فقال لها: أسممت هذه الشاة؟

قالت اليهودية: من أخبرك؟ قال: أخبرتني هذه في يدي، للذراع.

قالت: نعم. قال: فما أردت إلي ذلك؟

قالت: قلت: إن كان نبياًّ فلن يضره، وإن لم يكن استرحنا منه.

فعفا عنها رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يعاقبها، وتوفي بعض أصحابه الذين أكلوا من الشاة، واحتجم رسول الله صلي الله عليه وسلم علي كاهله من

ص: 492

أجل الذي أكل من الشاة، حجمه أبو هند بالقرن والشفرة، وهو مولي لبني بياضة من الأنصار.

4511 - حدثنا وهب بن بقية، ثنا خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أهدت له يهودية بخيبر شاة مصلية..

نحو حديث جابر، قال: فمات بشر بن البراء بن معرور الأنصاري، فأرسل إلي اليهودية: ما حملك علي الذي صنعت؟ فذكر نحو حديث جابر، فأمر بها رسول الله صلي الله عليه وسلم فقتلت، ولم يذكر أمر الحجامة.

4512 - حدثنا وهب بن بقية، عن خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة.

وثنا وهب بن بقية في موضع آخر، عن خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، ولم يذكر أبا هريرة، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يأكل الصدقة، زاد: فأهدت له يهودية بخيبر شاة.

[تم مسحه من قبل الملاحظ العام لمخالفته الصريحة لقوانين شبكة هجر!!]

[هذه المشاركة حررت بواسطة ملاحظ هجر في 21 - 4 - 2000].

قال العاملي:

والذي مسحه الملاحظ مراعاة لاعتراض (البدوي) هو: احتمال أن تكون وفاة النبي صلي الله عليه وآله، بسبب دواء مسموم لدوه به!!

فقد كانت امرأة من اليهود تدخل علي عائشة، ولعلها هي التي هيأت الدواء الذي أعطته إياه عائشة، في قضية اللد المعروفة.

وسيأتي العبارة الممسوحة في كلام عمار بن ياسر، وأحاديث لدِّ عائشة للنبي صلي الله مع نهيه وتشديده عليهم أن لا يلدوه إذا أغمي عليه!!

ص: 493

فكتب (الرباني)، العاشرة صباحاً:

أخي عمار:

يقول رب العزة وهو أصدق القائلين " يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس " يقول له رب العزة: " والله يعصمك من الناس " ونحن نشك في قدرة رب العزة علي عصمته؟!

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 19 - 4 - 2000، الثامنة صباحاً:

الأخ الكريم الرباني: السلام عليكم.

إن الله سبحانه وتعالي قد عصم النبي من الناس في مسائل التبليغ، وعلي رأينا في مسألة تبليغ الإمامة وأخذ البيعة عليها والعهود علي عدم نكثها، وقد صدق الله وعده لرسوله.

أما أن يموت النبي صلي الله عليه وآله قتلاً في المعركة أو عن طريق السم، فهو أمر لا علاقة للآية به وخارج عن موضوعها تماماً.

فقولك: " يقول له رب العزة والله يعصمك من الناس ونحن نشك في قدرة رب العزة علي عصمته "، لا محل له في موضوعنا البتة.

أخي الكريم والأستاذ الكبير العاملي:

الروايات التي ذكرتها مشكوراً تشير إلي أن النبي صلي الله عليه وآله قد شرب السم، لكنها ل

تصرح بأنه قد مات علي أثر هذا السم.

وأذكر أنني قرأت رواية أو أكثر من كتب إخواننا السنة تقول: بأن النبي صلي الله عليه وآله قد قال لإحدي زوجاته بما معناه: أن أثر سم فلانة أخذ يسري في بدني.. أو هكذا عبارة.

فأرجو ممن وجدها أن ينقلها لنا ونحن له من الشاكرين.

ص: 494

أما عبارتك الأخيرة: " ولا تنسَ أيها الأخ أحاديث لد النبي صلي الله عليه وآله في مرضه، عندما أغمي عليه، رغم أنه نهاهن عن ذلك!!! فهو أمر يوجب الشك في أن اليهود أعطوا السم لعائشة، وكانت خادمتها يهودية!! ".

فلم أفهم ماذا تقصد بها، وهل هي إشارة إلي رواية ما، أم لا؟؟

فالعبارة غامضة أرجو التوضيح، ولكم الشكر.

فكتب (الرباني)، السابعة مساءً:

أخي الكريم: كيف حكمت أن لا علاقة للآية بما تقول.

وكيف يترك رب العزة رسوله تحت رحمه البشر، ولا تقبل بذلك أصغر دولة في العالم لسفير لها.

أرجو أن لا يكون ذلك لغاية في نفس يعقوب.

وكتب (العاملي) بتاريخ 19 - 4 - 2000، العاشرة مساءً:

الأخ الرباني:

كان النبي صلي الله عليه وآله يطلب من القبائل حمايته من قريش حتي يبلغ رسالة ربه..

وقد اتخذ الحرس إلي آخر عمره الشريف.. وهذا يدل علي أنه معرض للقتل..

فلو كانت العصمة كما تقول لما لزمه ذلك، بل كان منه نقص إيمان بعصمة الله له من القتل!!

ولما صح أن يقول الله تعالي: " فإن مات أو قتل "..

وأنت لو عرفت أنت أنك معصوم من القتل لرفعت عنك الحراسة!!

فلا بد أن يكون المقصود بعصمته من الناس عصمته من ارتدادهم في حياته.

الأخ عمار: نعم، أذكر عبارة من هذا النوع، ولعلي أجدها إن شاء الله.

ص: 495

فكتب (الرباني)، الحادية عشرة ليلاً:

أخي الكريم: من قال إن الرسول الكريم اتخذ حرساً في حياته؟ ومن كان حارسه الشخصي؟

إذن العصمة التي حددها رب العزة - ومعني العصمة معروف لا يحتاج إلي كثير جدال - هي متعلقة بالتبليغ، أما كقائد جيش فإنها أمر آخر..

ترك الله الباب مفتوحاً عنده، في كلامه: " أفإن مات أو قتل ".

ومن المعلوم، حسب الروايات أن الرسول الكريم تعرض لمحاولات اغتيال كثيرة كان رب العزة ينجيه منها، فهل تكون محاولة السم هذه محاولة لم يعلم بها رب العزة، حتي استطاعت تلك المرأة أن تنجح فيها!

لقد رفع الله المسيح بن مريم إلي السماء عندما كانت النتيجة ستؤول إلي قتله تكريماً له. فهل كرامة نبينا أقل عند الله من المسيح حتي يسمح ليهودية بأن تقتله سماًّ؟!

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 20 - 4 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخ الرباني:

كنت أتصور أنك صاحب درك أكثر من هذا! كلامك عجيب غريب في هذا الموضوع!

لو أن قتل نبي هو إنقاص من كرامته، فلماذا قتلت الأنبياء؟! ولماذا سمح الله بقتل يحيي عليه السلام وغيره من الأنبياء؟!!

ولو كانت كرامة الأنبياء بالرفع إلي السماء كما رفع عيسي عليه السلام إلي السماء، فلماذا لم يرفع نبينا إلي السماء، وجعله يموت علي فراش الموت؟!!

ص: 496

لست أدري ما هو وجه النقص والإهانة في أن يموت النبي مقتولاً أو مسموماً، وخصوصاً إذا حان أجله ودنت ساعته، فبالإضافة إلي تحصيله درجة النبوة يحصل علي درجة الشهادة " فالقتل لنا عادة وكرامتنا عند الله الشهادة ".

فالله يعصم نبيه في تبليغ رسالته إلي أن ينتهي أجلها، وقد فعل ذلك ونجاه من محاولات القتل والسم الكثيرة لأن ساعته لم تدنُ بعد، ولكن إذا حان أجلها فلا موضوع للعصمة كي يمتنع السم عليه أو القتل.

والدليل علي ذلك - لو ثبت أنه مقتول بالسم - أنه لم يمت منه مباشرة لوجود الضرورة التي يجب أن يبقي فيها النبي صلي الله عليه وآله كي يبلغ تمام الرسالة الإلهية..

وعندما فعل ذلك ورضي الله تعالي بذلك، وقال: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لك الإسلام ديناً.. انتهي أمد العصمة من الناس، ومات علي أثر ذلك السم كما تقول الرواية. ولا منافاة بين الأمرين.

بل في الأمر دلالتان:

الأولي: هي البرهان علي نبوة النبي صلي الله عليه وآله ومعجزة له، لأنه لم يمت مباشرة.

الثانية: البرهان علي أن النبي صلي الله عليه وآله هو بشر كبقية البشر ويؤثر به ما يؤثر بالبشر. ولست أدري لماذا تقرع بعبارتك " لغاية في نفس يعقوب "!! فما هي الغاية من وراء هذا القول إذا كان يعتمد علي روايات تاريخية موجودة في كتب السيرة والتاريخ؟!

سامحك الله وهداك إلي طريقه المستقيم. وأشكر الأخ العاملي علي اهتمامه وآجركم الله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 4 - 2000، الثالثة صباحاً:

في صحيح البخاري: 5/137:

ص: 497

أن النبي صلي الله عليه وسلم قال في مرضه الذي مات فيه: يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم.

ورواه الحاكم في المستدرك: 3/58، وصححه علي شرط الشيخين.

وكتب (الرباني) بتاريخ 20 - 4 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

أخي عمار:

1 - السطر الأول غير مفهوم لدي، وسأحاول أن أعتبر نفسي غير فاهم له حتي توضحه، إن كان خيراً، أو تعتذر لأخيك إن كان مقصدك سوءاً.

2 - أنا لم أقل إن قتل النبي انتقاص لكرامته، فإن كنت فهمت هذا فأنت حر في فهمك.

قلت: عيسي عليه السلام رسول ونبي ولم يرضَ الله له أن يقتل علي يد اليهود فرفعه إليه، فهل كرامة نبينا ورسولنا محمد أقل عند الله؟

المفاضلة كانت هنا بين نبيين رسولين لكل منهما كتاب، ولم أذكر أحداً سواهما من الأنبياء.

3 - لم أقل إن كرامة الأنبياء تنقص إذا ماتوا علي الأرض، وإن كنت فهمت هذا، فأنت حر مرة أخري، لكن لا تحمل كلامي نتيجة هذا الفهم، ولو عدت إلي كلامي مرة أخري لوجدت الفرق.

4 - أوقف الله مفعول السم فترة من الزمن، فلما ختمت الرسالة، أعاد الله مفعول هذا السم إلي العمل، سيناريو غريب جداًّ، إذا كنت فهمت منه ما أردت أن يفهمه الناس.

ص: 498

5 - أما الغاية التي في نفس يعقوب - فإني أظن واستغفر الله من هذا الظن - إنك أعلم بها مني، ولا أشك أنك لا تجهل ما في التاريخ من تزوير وتحريف يجعلنا مطالبون بأن نحقق فيه وندقق جيداً.

سامحني وإياك الله، وهدانا جميعاً إلي الحق، وأعاننا علي اتباعه.

وكتب (البدوي) بتاريخ 21 - 4 - 2000، الثانية صباحاً:

تعليقي.. الأستاذ العاملي:

نحن نعرف، وقلنا وذكرنا، وقالت قوانين هجر.. بأنه يجب أن يوقف ويمنع الحوار الطائفي!

[تم مسحها لمخالفتها قوانين الكتابة في هجر].

الأخ البدوي: لقد تم مسح الجملة المذكورة من قبل كاتبها الأخ العاملي لمخالفتها قوانين الكتابة في هجر، ونرجو منك مرة أخري التنبيه بوجود تجاوزات من بعض الرواد وعدم التعرض إلي أمور لا صلة لها بالموضوع وشكراً.

[هذه المشاركة حررت بواسطة ملاحظ هجر في 21 - 4 - 2000]

وكتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21 - 1 - 2000، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (قضايا مبهمة في عصر النبي صلي الله عليه وآله.. لم تكشف حقيقتها!)، قال فيه:

توجد عدة أحداث مهمة في حياة النبي صلي الله عليه وآله لم تعطَ حقها من البحث والكشف عن حقيقتها!

ص: 499

لأن خلافة قبائل قريش من بعده.. تعمدت تغطيتها وتمييعها، خوفاً من.. انكشاف أبطالها!!

من ذلك: سبب هجر النبي لنسائه شهراً... وسكناه في بيت المؤمنة الطاهرة مارية القبطية!!

وقد حاولوا تصوير السبب بأنه أمور شخصية بين النبي ونسائه!!

ومن ذلك: سبب نزول سورة التحريم، والتي يدين الله تعالي فيها عائشة وحفصة بأنهما قد انحرفتا، ويهددهما بقوله " وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير ".. وهو تهديد من رب العالمين، بجيش جرار، لا يهدد فيه إلا قوة كبري تواجه الرسول والإسلام!!

ثم يضرب لهما مثلاً بخيانة امرأتي نوح ولوط لزوجيهما ودخولهما النار!!! ومع ذلك حاولوا تصوير السبب.. بأنه أمور شخصية بين النبي ونسائه!!

ومن ذلك: المؤامرة علي حياة النبي صلي الله عليه وآله ومحاولة قتله في رجوعه من تبوك [مؤامرة ليلة العقبة] التي كان أبطالها سبعة عشر من شخصيات الصحابة، لم يكشفهم النبي، إلا لحوارييه المعتمدين لديه مثل: علي وعمار وحذيفة!!

وقد حرصت السلطة بعد النبي صلي الله عليه وآله علي أن تغطي عليهم، لأنهم كانوا من تحالف قبائل قريش الذي حكم!!

ومنها: حادثة غريبة في مرض النبي صلي الله عليه وآله، تقول.. إنه أحس بأنه من الممكن أن يعطوه [دواء] بالقوة في حال إغمائه من الحمي، فنهاهم عن ذلك، ولكنهم اغتنموا غياب بني هاشم وفعلوا!!

ولما أفاق النبي أو أحس بفعلهم، وبخهم بشدة، وأمر أن يسقي من ذلك الدواء الذين سقوه الدواء أو حضروا، إلا بني هاشم!!

ص: 500

وفيما يلي نذكر رواياتهم عن لد النبي، والبطل فيه عائشة وحفصة ومعهما رجال!!!

قال البخاري: 7/17:

عن ابن عباس، قالت عائشة: لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني.

فقلنا: كراهية المريض للدواء.

فلما أفاق، قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟!

قلنا: كراهية المريض للدواء.

فقال: لا يبقي في البيت أحد إلا لُدَّ، وأنا أنظر إلا العباس، فإنه لم يشهدكم!!

ورواه في: 8/40 و 42، وفيه أنه أحس باللد فنهاهم ولكنهم لم يمتنعوا فعاقبهم:

قالت عائشة: لددنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في مرضه. وجعل يشير إلينا لا تلدوني.

قال: فقلنا: كراهية المريض للدواء.فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟!

ورواه الحاكم في المستدرك: 4/202، وفيه:

والذي نفسي بيده لا يبقي في البيت أحد إلا لد إلا عمي. قال: فرأيتهم يلدونهم رجلاً رجلاً.

قالت عائشة رضي الله عنها: ومن في البيت يومئذ فيذكر فضلهم، فلُدَّ الرجال أجمعون، وبلغ اللدود أزواج النبي فلددن امرأة امرأة!!

هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

وقال النووي في شرح مسلم: 14/198: قولها:

لددنا رسول الله صلي الله عليه وسلم في مرضه فأشار أن لا تلدوني...

ص: 501

قال أهل اللغة: اللدود: بفتح اللام هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض ويسقي،

أو يدخل هناك بأصبع وغيرها ويحنك به. ويقال منه: لددته ألده. وحكي الجوهري: أيضا ألددته رباعياًّ والتددت أنا. قال الجوهري: ويقال للدود لديد أيضاً، وإنما أمر صلي الله عليه وسلم بلدِّهم عقوبة لهم حين خالفوه في إشارته إليهم، لا تلدوني. ففيه أن الإشارة المفهمة تصريح العبارة في نحو هذه المسألة. وفيه تعزيز المتعدي بنحو من فعله الذي تعدي به. انتهي.!!!

وقد ذكر المحدثون أن حادثة اللد هذه كانت يوم الأحد..

بعد تأكيد النبي صلي الله عليه وآله علي إنفاذ جيش أسامة، ولعنه من تخلف عنه!

وكان في جيشه كل زعماء تحالف قريش، وإنما تخلفوا عن سفرهم رغم أن النبي صلي الله عليه وآله أكد علي حركتهم ولعن من تخلف.. لأنهم حسبوا أنه لو مات في غيابهم لم يكن لعلي منازع، ولتم تنفيذ وصية النبي في أهل بيته بسهولة!! والأسئلة في هذه الحادثة كثيرة، منها:

هل يمكن نفي وجود محاولة لسم النبي صلي الله عليه وآله؟

وهل وجد اللوبي اليهودي طريقاً إلي بيت النبي صلي الله عليه وآله، وهيأ له [دواء] وأقنع بعض نسائه وأصحابه أن يلدوه به؟!!

هل أن عمل النبي صلي الله عليه وآله.. عقوبة؟

وهل يجوز معاقبة الجميع غير بني هاشم؟! أم هو إعلان عن شكه فيما سقوه إياه، فأمره جبرئيل أن يسجل هذا الشك بهذه الصورة، لعلم من يفهم من الأجيال فقط؟!! إلخ.

وكتب (بدون اسم) بتاريخ 21 - 1 - 2000، السادسة مساءً:

نعم.

ص: 502

وكتب (مالك الأشتر)، السادسة والنصف مساءً:

السلام عليكم أخي العاملي: جزاك الله خيراً.

هناك نقطة مهمة في الرواية التي تفضلت بنقلها وهي:

" وقالت عائشة لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا: أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء. فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟! ".

لقد مات رسول الله وعائشة وحزبها لا يعتقدون بعصمته صلي الله عليه وآله!

فلو كانوا يعتقدون، لما قالت: فقلنا: كراهية الدواء.

إنهم لا يعتقدون بكلام الله حين يقول: وما ينطق عن الهوي، إن هو إلا وحي يوحي!!

وكتب (الأشتر)، التاسعة مساءً:

بل الأكثر من ذلك أنها عصت أمر رسول الله كالعادة.

والسلام علي من اتبع الهدي

وكتب (عمر)، التاسعة والنصف مساءً:

سؤال إلي مالك الأشتر:

كيف استغفر النبي (صلی الله علیه و آله) علي ابن سلول بعد أن نزلت هذه الآية سورة التوبة - 80: " استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين ". صدق الله العظيم.

وبعد هذه الحادثة نزل قول الله بالتحريم سورة التوبة - 84: " ولا تصل علي أحد منهم مات أبداً ولا تقم علي قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ". صدق الله العظيم.

ص: 503

ألا تعتقد بأن العصمة لها حيز معلوم بعد هذه الآيات؟ والعصمة بمفهومنا هي: التشريع، والعبادات، وأخبار الأولين.

أما الرسول (صلی الله علیه و آله) فهو بشر سورة إبراهيم - 11: " قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن علي من يشاء من عباده وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله وعلي الله فليتوكل المؤمنون ". صدق الله العظيم

فكتب (العاملي) بتاريخ 21 - 1 - 2000، الحادية عشرة مساءً:

اللهم إني أبرأ إليك من هذا الذي أشرب حب العصاة لرسولك.. والدفاع عنهم!!

إن كنت، يا عمر تقول إن النبي أخطأ وأصابت عائشة في هذا الموضوع أو غيره.. وإن الذين عصوا النبي كانوا عل حق وكان الرسول علي خطأ..

فأنا أقول: اللهم العن من عصي رسولك عالماً عامداً، ولا تورده حوضه!!

وإن كنت تقول: إن عصمة الرسول محدودة، فقد كان يخطئ وينطق عن الهوي، وكان يسدده عمر أو غير عمر، وينزل الوحي بتخطئة النبي وتصويب غيره..

فإني أبرأ إلي الله منك، لأنك جعلت غير النبي أفضل منه.. وأسقطت وجوب إطاعته، وجوزت لغيره أن يجتهد في مقابله!!

وأدعوك أن تتوب إلي الله، ولا تكن مع المنافقين يا عمر!!!!!!

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 30 - 1 - 2000، السابعة مساءً:

الرواية تقول: وقالت عائشة لددناه في مرضه فجعل يشير إلينا: أن لا تلدوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن تلدوني؟!!!

نقول: هل هذه أول مرة يمرض فيها الرسول صلي الله عليه وآله؟

ص: 504

وهل سبق للرسول أن أعطي أي دواء وبدت منه كراهية لذلك، ثم لما شفي، قال العكس؟

وهل الرسول كغيره من البشر إذا مرض لا يعقل ما يقول؟

أم أن هذه الخطة التي كان متفق عليها " غلب عليه الوجع أو يهجر "؟!

أم أن في هذا اللد شئ أراد أن يفضحه الرسول صلي الله عليه وآله؟

أم أراد أن يخبر الناس بأن عائشة خالفته حتي وهو علي فراش الموت؟

وأخيراً، كل الرويات تقول إن النبي صلي الله عليه وآله مات مسموماً.. فمن سم النبي صلي الله عليه وآله؟

ص: 505

الفهرس

دفاعاً عن الأنبياء

عصمة الأنبياء و نزاهتهم عند الشيعة

من إسرائيليات البخاري و مسلم

مناقشات في عصمة الأنبياء

مناظرة بين التلميذ و مشارك في عصمة الأنبياء

ردود التلميذ علي أباطيل فيصل نور

النبي بشر لا كالبشر

النبي بشر لا كالبشر

فرية الغرانيق القرشية التي استغلها أعداء الإسلام

ولكن البخاري و مسلما رويا فرية الغرانيق

مقام عمر عند بعضهم فوق مقام النبي

ابوبكر و عمر عند بعضهم أفضل من النبي

تراهم أشد دفاعا عن ابن تيمية منهم عن النبي

حساسيتهم علي عائشة أكثر منها علي النبي

رد افترائهم علي النبي بأنه كان يؤذي و يسب و يضرب من لا يستحق

رد افتراءاتهم علي أخلاقيات النبي

آه لوجدك يا رسول الله

فضائح البخاري في انتقاصه لرسول الله

افتراؤهم علي النبي أنه كان يشك في نبوته

الانتحار سنة معطلة

احتجاج النصاري بمفتريات الصحاح علي النبي

رد ما نسبوه إلي النبي من العبوس في وجه المؤمنين

هل مات النبي مسموما؟

المجلد5

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

بقلم : العاملي

المجلد الخامس

زيارة قبر النبي وقبور الأنبياء والأوصياء علیهم السلام

دار السيرة

الكتاب : الإنتصار

المؤلف : العاملي

الناشر : دار السيرة

الطبعة : الأولى

1421 ه - 2000 م

ص: 2

الباب السادس: زيارة قبر النبي وقبور آله صلی الله علیه و آله والإستشفاع والتوسل والإستغاثة بهم إلى الله تعالى بهم

اشارة

عناوين الفصول :

فصول الباب :

 الفصل الأول : زيارة قبور النبي وآله صلی الله علیه و آله

 الفصل الثاني : البناء على قبور الأنبياء والأوصياء علیهم السلام

 الفصل الثالث : التبرك بآثار الأنبياء والأئمة علیهم السلام

 الفصل الرابع : التوسل والإستشفاع والإستغاثة بالنبي وآله صلوات الله عليهم

 الفصل الخامس : تحريم الوهابيين الإحتفال بالمولد النبوي وأمثاله !!

 الفصل السادس : الإحتفال بالمولد النبوي .. وإهداء الزهور للمريض .. حرام !!

 الفصل السابع : صيغة الصلاة على النبي صلی الله علیه و آله

ص: 3

ص: 4

الفصل الأول: زيارة قبر النبي وقبور آله صلی الله علیه و آله

اشارة

عناوين المواضيع :

 بدعة ابن تيمية تحريم التوسل والإستشفاع ..

 شبهة على أصل التوسل

 مسألة التوسل دقيقة وحساسة

 التوسل والتوجه في مصادر السنيين

 توسل عمر بن الخطاب بالعباس عم النبي صلی الله علیه و آله

ص: 5

ص: 6

زيارة قبر النبي و قبور آله

أوردنا في هذا الفصل ما غلب عليه بحث الزيارة، وفيه موضوعات تعرضت للتوسل أيضاً.

كما أن فصل التوسل فيه موضوعات تعرضت للزيارة أيضاً.

كتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 21-6-1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (زيارة الحنابلة للقبور، وتوسلهم بأصحابها!!)، قال فيه:

في طبقات الحنابلة، لأبي يعلي: 2/186:

سمعت رزق الله يقول: زرت قبر الإمام أحمد صحبة القاضي الشريف أبو علي فرأيته يقبل رجل القبر، فقلت له في هذا أثر؟ قال لي: أحمد في نفسي شئ عظيم! وما أظن أن الله تعالي يؤاخذني بهذا.

وفي وفيات الأعيان، لابن خلكان:1/64:

أحمد بن حنبل... وفي ضحوة الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول... بغداد، ودفن بمقبرة باب حرب، وباب حرب منسوب إلي حرب بن

ص: 7

عبد الله أحمد أصحاب أبي جعفر المنصور، وإلي حرب هذا تنسب المحلة المعروفة بالحربية، وقبر أحمد بن حنبل مشهور بها يزار.

وفي السيرة النبوية، لابن يوسف الشامي: 12/398:

في كتاب العلل والسؤالات لعبد الله بن الإمام أحمد، عن أبيه رواية أبي علي الصوان قال عبد الله: سألت أبي عن الرجل يمس منبر النبي (صلی الله علیه و آله) ويتبرك بمسه ويقبله ويفعل بالقبر مثل ذلك رجاء ثواب الله عز وجل؟ قال: لا بأس.

وفي تاريخ بغداد للخطيب: 4/423:

عن أبي الفرج الهندباني يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدة، فرأيت في المنام قائلاً يقول لي: لم تركت زيارة إمام السنة!!

وفي مراصد الاطلاع للبغدادي: 3/1295:

مقابر قريش ببغداد... بين مقبرة الإمام أحمد والحريم الطاهري بها مشهد قبر موسي بن جعفر، وابن ابنه الجواد.

وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 481:

أبو زرعة الهنديائي يقول: كنت أزور قبر أحمد بن حنبل فتركته مدة فرأيت في المنام قائل يقول لي: تركت زيارة قبر إمام السنة..

صالح بن أحمد بن حنبل قال: لما توفي أبي وجه إلي ابن طاهر من يصلي عليه.. فلما صرنا إلي الصحراء إذا ابن طاهر واقف فصلي ولم يعلم الناس بذلك، فلما كان من الغد علم الناس فجعلوا يجيئون ويصلون عليه علي القبر، ومكث الناس يأتون فيصلون علي القبر..

وفي مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص 418:

عبد الوهاب الوراق يقول: أظهر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنة، والطعن علي أهل البدع.. ولزم بعض الناس القبر وباتوا عنده..

ص: 8

وفي عمدة القاري للعيني مجلد 5 جزء 9 ص 241:

أبو سعيد العلائي قال: رأيت في كلام أحمد بن حنبل.. إن الإمام أحمد سئل عن تقبيل قبر النبي (صلی الله علیه و آله) وتقبيل منبره فقال: لا بأس بذلك قال: فأريناه للشيخ تقي الدين بن تيمية فصار يتعجب من ذلك ويقول: عجبت!!! أحمد عندي جليل يقول هذا كلامه؟!! وأي عجب! وقد روينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصاً للشافعي، وشرب الماء الذي غسله به!!

وفي تاريخ الإسلام للذهبي: 14/335:

وقال ابن خزيمة: هل كان ابن حنبل إلا غلاماً من غلمان الشافعي.

وفي الإعتصام للشاطبي: 1/226:

والجواب عن هذا - قول أحمد بن حنبل - أنه كلام مجتهد يحتمل اجتهاده الخطأ والصواب.. وقد كان ابن حنبل يميل إلي نفي القياس ولذلك قال ما زلنا نلعن أهل الرأي ويلعنوننا، حتي جاء الشافعي فخرج بيننا.

وفي رحلة ابن بطوطة: 1/220:

قبور الخلفاء ببغداد وقبور بعض العلماء والصالحين بها... وبقرب الرصافة قبر الإمام أبي حنيفة وعليه قبة عظيمة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر وليس بمدينة بغداد اليوم زاوية يطعم الطعام فيها ما عدا هذه الزاوية، وبالقرب منها قبر الإمام أبي عبد الله أحمد بن حنبل ولا قبة عليه.. ويذكر أنها بنيت علي قبره مراراً فتهدمت بقدرة الله تعالي، وقبره عند أهل بغداد معظم، وأكثرهم علي مذهبه، وبالقرب منه قبر أبي بكر الشبلي من أئمة المتصوفة.

الله يزور أحمد كل عام!!

وفي الغدير للأميني: 11/139:

ص: 9

روي ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 454 قال: حدثني أبو بكر بن مكارم بن أبي يعلي الحربي وكان شيخاً صالحاً قال: كان قد جاء في بعض السنين مطر كثير جداًّ قبل دخول رمضان بأيام فنمت ليلة في رمضان فأريت في منامي كأني قد جئت علي عادتي إلي قبر الإمام أحمد بن حنبل أزوره فرأيت قبره قد التصق بالأرض حتي بقي بينه وبين الأرض مقدار ساف أو سافين فقلت: إنما تم هذا علي قبر الإمام أحمد من كثرة الغيث فسمعته من القبر وهو يقول: لا بل هذا من هيبة الحق عز وجل لأنه عز وجل قد زارني، فسألته عن سر زيارته إياي في كل عام فقال عز وجل: يا أحمد! لأنك نصرت كلامي فهو ينشر ويتلي في المحاريب. فأقبلت علي لحده أقبله. ثم قلت: يا سيدي ما السر في أنه لا يقبل قبر إلا قبرك؟ فقال لي: يا بني ليس هذا كرامة لي، ولكن هذا كرامة لرسول الله صلي الله عليه وسلم لأن معي شعرات من شعره صلي الله عليه وسلم، ألا ومن يحبني، يزورني في شهر رمضان، قال ذلك مرتين!

أحمد والملكان النكيران!!

ذكر ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 454 عن عبد الله بن أحمد يقول: رأيت أبي في المنام، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي. قلت: جاءك منكر ونكير؟ قال: نعم، قالا لي: من ربك؟ قلت: سبحان الله أما تستحيان مني؟ فقالا لي: يا أبا عبد الله! أعذرنا بهذا أمرنا.

قال الأميني: ما أجرأ الإمام علي الملكين الكريمين في ذلك المأزق الحرج؟ وما أجهله بالناموس المطرد من سؤال القبر وأنه بأمر من الله العلي العزيز.. حتي جابه الملكين بذلك القول الخشن، ما أحمد وما خطره؟

ص: 10

وقد جاء في الرواية: أن عمر ارتعد منهما لما دخلا عليه وكان عمر بمحل من المهابة علي حد قول عكرمة: أنه دعا حجاماً فتنحنح عمر وكان مهيباً فأحدث الحجام فأعطاه عمر أربعين درهماً.

وعلي الملكين أن يشكرا الله سبحانه علي أن كف الإمام عن أن يصفعهما فيفقأ عينهما كما فعل موسي بملك الموت في مزعمة أبي هريرة.

عمود نور من السماء إلي قبر الحنبلي

الغدير للأميني: 11/157:

ذكر ابن العماد الحنبلي في شذرات الذهب: 3/46، في ترجمة أبي بكر عبد العزيز بن جعفر الحنبلي المعروف بغلام الخلال المتوفي سنة 363 قال:

حكي أبو العباس ابن أبي عمرو الشرابي قال: كان لنا ذات ليلة خدمة أمسيت لأجلها، ثم إني خرجت منها نوبة الناس وتوجهت إلي داري بباب الأزج، فرأيت عمود نور من جوف السماء إلي جوف المقبرة فجعلت أنظر إليه ولا ألتفت خوفاً أن يغيب عني، إلي أن وصلت إلي قبر أبي بكر عبد العزيز فإذا أنا بالعمود من جوف السماء إلي القبر، فبقيت متحيراً ومضيت وهو علي حاله.

قال الأميني: أبو بكر الحنبلي هذا هو شيخ الحنابلة وعالمهم في عصره صاحب التصانيف وهو الراوي عن الخلال عن الحمصي عن إمام الحنابلة أحمد: أنه سئل عن التفضيل، فقال: من قدم علياًّ علي أبي بكر فقد طعن علي رسول الله صلي الله عليه وآله، ومن قدمه علي عمر فقد طعن علي رسول الله صلي الله عليه وآله وعلي أبي بكر، ومن قدمه علي عثمان فقد طعن علي أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أهل الشوري والمهاجرين والأنصار.

ص: 11

قال الأميني: وليت مثقال ذرة من ذلك النور الخيالي الممتد من قبر الرجل سطع علي مكمن بصيرته إبان حياته، فلا يخضع لكلمة شيخه التافهة هذه التي تخالف الكتاب والسنة، وإن مقدار الرجل ينبو عن التدخل في هذا الشأن العظيم الذي ليس هو من رجاله لكن " حن قدح ليس منها " أني يقع قوله في التفضيل مع آيتي المباهلة والتطهير؟ ومقتضي الأولي اتحاد مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مع صنوه النبي

الأعظم صلي الله عليه وآله فيما يمكن اتحاد شخصين فيه، وليست هي إلا الفضائل والفواضل والمكارم والمآثر ما خلا النبوة، فما ظنك برجل يوازنه صلي الله عليه وآله فيما ذكرناه من الفضل؟

من يزور أحمد غفر الله له

الغدير للأميني: 5/199:

أخرج الحافظ ابن عساكر في تاريخه: 2/46 عن أبي بكر بن أنزويه، قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم في المنام ومعه أحمد بن حنبل، فقلت: يا رسول الله من هذا؟ فقال: هذا أحمد ولي الله وولي رسول الله علي الحقيقة وانفق علي الحديث ألف دينار. ثم قال: من يزوره غفر الله له، ومن يبغض أحمد فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله.

مناقب أحمد لابن الجوزي ص 481: قال ابن الجوزي: وفي صفر سنة 542 رأي رجل في المنام قائلاً يقول له: من زار أحمد بن حنبل غفر له!

قال: فلم يبق خاص ولا عام إلا زاره وعقدت يومئذ ثم مجلساً فاجتمع فيه ألوف من الناس. النهاية: 12/323.

فضل زوار قبر أحمد

ص: 12

أخرج ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 481: عن أحمد بن الحسين عن أبيه، قال: قال الشيخ أبو طاهر ميمون: يا بني رأيت رجلاً بجامع الرصافة في شهر ربيع الأول من سنة ستين وأربعمائة، فسألته فقال: قد جئت من ستمائة فرسخ. فقلت: في أي حاجة؟ قال: رأيت وأنا ببلدي في ليلة جمعة كأني في صحراء أو في فضاء عظيم والخلق قيام وأبواب السماء قد فتحت، وملائكة تنزل من السماء تلبس أقواماً ثياباً خضراً ويطير بهم في الهواء، فقلت: من هؤلاء الذين قد اختصوا بهذا؟ فقالوا لي: هؤلاء الذين يزورون أحمد بن حنبل! فانتبهت ولم ألبث أن أصلحت أمري وجئت إلي هذا البلد وزرته دفعات، وأنا عائد إلي بلدي إن شاء الله.

وفي تاريخ الإسلام للذهبي: 38/23-24:

في عام 554 غرقت مقبرة الإمام أحمد وخرجت الموتي علي وجه الماء! وكانت آية عجيبة.

التوسل بلحية أبي بكر

وفي الغدير: 7/239:

ذكر اليافعي في روض الرياحين، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال: بينما نحن جلوس بالمسجد وإذا نحن برجل أعمي قد دخل علينا وسلم فرددنا عليه السلام، وأجلسناه بين يدي النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: من يقضيني حاجة في حب النبي صلي الله عليه وآله؟

فقال أبو بكر رضي الله عنه: ما حاجتك يا شيخ؟

ص: 13

فقال: إن لي أهل، أولم يكن عندي ما نقتات به، وأريد من يدفع لنا شيئاً نقتات به في حب رسول الله صلي الله عليه وسلم. قال: فنهض أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

وقال: نعم أنا أعطيك ما يقوم بك في حب رسول الله صلي الله عليه وسلم، ثم قال: هل من حاجة أخري؟

فقال: نعم، إن لي ابنة أريد من يتزوج بها في حياتي حباًّ في محمد صلي الله عليه وسلم.

فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنا أتزوج بها في حياتك حباًّ في رسول الله صلي الله عليه وسلم، هل من حاجة أخري؟

فقال: نعم أريد أن أضع يدي في شيبة أبي بكر الصديق رضي الله تعالي عنه حباًّ في محمد صلي الله عليه

وسلم. فنهض أبو بكر رضي الله عنه ووضع لحيته في يد الأعمي.

وقال: أمسك لحيتي في حب محمد صلي عليه وسلم. قال: فقبض الأعمي بلحية أبي بكر الصديق رضي الله عنه.

وقال: يا رب أسألك بحرمة شيبة أبي بكر إلا رددت علي بصري، قال: فرد الله عليه بصره لوقته.

فنزل جبريل عليه السلام علي النبي صلي الله عليه وسلم وقال: يا محمد، السلام يقرئك السلام ويخصك بالتحية والإكرام، ويقول لك: وعزته وجلاله لو أقسم علي كل أعمي بحرمة شيبة أبي بكر الصديق لرددت عليه بصره، وما تركت علي وجه الأرض أعمي، وهذا كله ببركتك وعلو قدرك وشأنك عند ربك!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 22-6-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 14

تحية عطرة إلي الأخ العاملي:

ولكن لا أدري لعل الكتب التي أخذت عنها غير معتمدة؟! أو أن العلماء الذين حكيت عنهم ليسوا من أبناء الجماعة؟! أو لعلك لم تنقل الحقيقة كما هي؟! هذا ما تعودناه من إخواننا السنة كلما هالهم أمر الحقيقة.

ولكن عجبي الذي لا ينقضي فهو سرمد، كيف لا يقبلون من بعض الصحابة مواقفهم من الزيارة وكيف لا يقبلون من فقهائهم المؤسسين انصياعهم إلي هذا الأمر من قبيل الشافعي الذي قال:

" إن قبر موسي بن جعفر ترياق مجرب "!!!!

ويأخذون بمن تأخر عنهم.. علي الرغم من شذوذه ومعارضة المسلمين له فطرة ومنهاجاً..

وكتب (القطيف) بتاريخ 22 - 6 - 1999، الواحدة إلا ربعا صباحاً:

أتمني أنك تحفظ ما تجمعه من دلائل هنا وفي غيره من المواضيع، فلعلك تجعلها في يوم من الأيام ككتاب أو تساهم بها في موقع آخر، مثل موقع الأخ التلميذ. وفقك الله لما يحب ويرضي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 22 - 6 - 1999، الواحدة صباحاً:

شكراً للأخوين جميل والقطيف، وعظم الله أجركم بذكري وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام، وأسألكم الدعاء.

يقول أعداء العرب: إن العرب لا يقرؤون!

وهذا القول ظالم، لأن معدل القراءة والمطالعة في عالمنا العربي أكثر من غيره، ومستوي الثقافة العامة في بلادنا أعلي منها في البلاد الغربية.

ص: 15

لأنهم في الغرب مجتمعات ثقافة متخصصة فقط، فلا يعرف أحدهم إلا تخصصه، أما في غير ذلك فتجده أمياًّ!! حتي في المعلومات العامة عن بلاده!!

ولكنا إذا قلنا النواصب لا يقرؤون ما يخالف ذوقهم الأعوج، لكنا صادقين. وإذا قلنا إنهم لا يحبون أن يقرأ لهم أحد ما في مصادرهم، لكنا صادقين.

بل إذا قلنا: إنهم اتخذوا قراراً بأن لا يفهموا شيئاً يخالف " صبَّتهم الذهنية الوراثية " لكُناَّ أيضاً صادقين. اللهم لك الحمد فأعنا..

الأخ صارم:

أرجو أن تقرأ هذا الموضوع، لأنه جزء من بحثنا.. والمقصود الإستدلال بمجموع هذه المصادر والنقولات، وفيها موثقون عندكم.

وهي تدل علي أن قبر الإمام أحمد كان مشيداً يزار، وأن الحنابلة كغيرهم من المسلمين كانوا يزورون القبور، ويتوسلون إلي الله بمن يعتقدون صلاحهم. انتهي.

قال العاملي:

يشير العاملي.. إلي مناقشته الآتية مع المدعو صارم في زيارة القبور والتوسل بالأنبياء والأئمة عليهم السلام.

كتب (العاملي)، في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 10-8-1999، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (انفراد ابن تيمية.. عن جميع علماء المسلمين بتحريم السفر لزيارة النبي صلي الله عليه وآله!!!!)، قال فيه:

ابن تيمية هو الوحيد الذي ابتدع تحريم زيارة النبي صلي الله عليه وآله!!

ص: 16

وقد رد عليه معاصروه والمتأخرون عنه بفتاوي وكتب خاصة.. لدفع شبهاته!! ومن أفضل الكتب المعاصرة له كتاب شفاء السقام للإمام السبكي.

وقد حققه أخيراً ونشره الباحث العلامة السيد محمد رضا الحسيني الجلالي، وأضاف إليه فوائد جمة، جزاه الله خيراً. وفيما يلي مقتطفات مختصرة منه:

قال السبكي في ص 59:

أما بعد، فهذا كتاب سميته شفاء السقام في زيارة خير الأنام ورتبته علي عشرة أبواب:

الأول: في الأحاديث الواردة في الزيارة.

الثاني: في الأحاديث الدالة علي ذلك وإن لم يكن فيها لفظ " الزيارة ".

الثالث: فيما ورد في السفر إليها.

الرابع: في نصوص العلماء علي استحبابها.

الخامس: في تقرير كونها قربة.

السادس: في كون السفر إليها قربة.

السابع: في دفع شبه الخصم وتتبع كلماته.

الثامن: في التوسل والإستغاثة.

التاسع: في حياة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام.

العاشر: في الشفاعة، لتعلقها بقوله: " من زار قبري وجبت له شفاعتي ". وضمنت هذا الكتاب الرد علي من زعم أن أحاديث الزيارة كلها موضوعة؟! وأن السفر إليها بدعة غير مشروعة؟!

وهذه المقالة أظهرُ فساداً من أن يرد العلماء عليها، ولكني جعلت هذا الكتاب مستقلاً في الزيارة وما يتعلق بها، مشتملاً من ذلك علي جملة يعز جمعها علي طالبها.

ص: 17

وقال في ص 79 بعد أن أورد الأحاديث الدالة علي مشروعية الزيارة واستحبابها:

وبهذا، بل بأقل منه، يتبين افتراء من ادعي أن جميع الأحاديث الواردة في الزيارة موضوعة. فسبحان الله! أما استحي من الله ومن رسوله في هذه المقالة التي لم يسبقه إليها عالم ولا جاهل؟ لا من أهل الحديث، ولا من غيرهم؟

وقال في ص 139:

الباب الثالث: في ما ورد في السفر إلي زيارته صريحاً. وممن روي ذلك عنه من الصحابة، بلال بن رباح مؤذن رسول الله صلي الله عليه وسلم سافر من الشام إلي المدينة لزيارة قبره صلي الله عليه وسلم. روينا ذلك بإسناد جيد إليه، وهو نص في الباب، وممن ذكره الحافظ أبو القاسم ابن عساكر رحمه الله بالأسناد الذي سنذكره. وذكره الحافظ أبو محمد عبد الغني المقدسي رحمه الله في (الكمال) في ترجمة بلال، فقال: ولم يؤذن لأحد بعد النبي صلي الله عليه وسلم فيما روي إلا مرة واحدة في قدمة قدمها المدينة لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم طلب إليه الصحابة ذلك، فأذن ولم يتم الأذان.

وقال في ص 159:

وقال الشيخ موفق الدين بن قدامة المقدسي في كتاب المغني وهو من أعظم كتب الحنابلة التي يعتمدون عليها: فصل: يستحب زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم. وذكر حديث ابن عمر من طريق الدارقطني ومن طريق سعيد بن منصور عن حفص، وحديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق أحمد: " ما من أحد يسلم علي عند قبري... " وكذلك نص عليه المالكية، وقد تقدم حكاية القاضي عياض الإجماع.

وقال في ص 188:

ص: 18

فمن منع زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم، فقد شرع من الدين ما لم يأذن به الله! وقوله مردود عليه!!!! ولو فتحنا باب هذا الخيال الفاسد لتركنا كثيراً من السنن، بل ومن الواجبات والقرآن كله،

والإجماع المعلوم من الدين بالضرورة وسيرة الصحابة!!

وقال في ص 189:

والتابعين وجميع علماء المسلمين، والسلف الصالحين، علي وجوب تعظيم النبي صلي الله عليه وسلم المبالغة في ذلك! ومن تأمل القرآن العزيز، وما تضمنه من التصريح والإيماء إلي وجوب المبالغة في تعظيمه وتوقيره والأدب معه، وما كانت الصحابة يعاملونه به من ذلك، امتلأ قلبه إيماناً، واحتقر هذا الخيال الفاسد، واستنكف أن يصغي إليه، والله تعالي هو الحافظ لدينه. ومن يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فلا هادي له!!!

وعلماء المسلمين متكفلون بأن يبينوا للناس ما يجب من الأدب والتعظيم، والوقوف عند الحد الذي لا يجوز مجاوزته، بالأدلة الشرعية، وبذلك يحصل الأمن من عبادة غير الله تعالي. ومن أراد الله ضلاله من أفراد الجهال، فلن يستطيع أحد هدايته.

وقال في ص 212:

رداًّ علي زعم ابن تيمية وأتباعه بأن المسلمين في القرون الثمانية قبل عصره لم يكونوا ينوون السفر للزيارة بل للصلاة في المسجد:

أما المنازعة فيما يقصده الناس، فمن أنصف من نفسه وعرف ما الناس عليه، علم أنهم إنما يقصدون بسفرهم الزيارة من حين يعرجون إلي طريق المدينة، ولا يخطر غير الزيارة من القربات إلا ببال قليل منهم، ثم مع ذلك: هو مغمور بالنسبة إلي الزيارة في حق هذا القليل، وغرضهم الأعظم هو الزيارة، حتي لو لم

ص: 19

يكن ربما لم يسافروا، ولهذا قل القاصدون إلي بيت المقدس مع تيسر إتيانه وإن كان في الصلاة فيه من الفضل ما قد عرف. فالمقصود الأعظم في المدينة الزيارة، كما أن المقصود الأعظم في مكة الحج أو العمرة، وهو المقصود - أو معظم المقصود - من التوجه إليها. وإنكار هذا مكابرة! ودعوي كون هذا الظاهر أشد. وصاحب هذا السؤال إن شك في نفسه، فليسأل كل من توجه إلي المدينة: ما قصد بذلك؟

وقال في ص 246:

قد يتوهم من استدلال الخصم بهذا الحديث: أن نزاعه قاصر علي السفر للزيارة، دون أصل الزيارة، وليس كذلك، بل نزاعه في الزيارة أيضاً، لما سنذكره في الشبهتين الثانية والثالثة، وهما: كون الزيارة

علي هذا الوجه المخصوص بدعة. وكونها من تعظيم غير الله المفضي إلي الشرك، وما كان كذلك كان ممنوعاً. وعلي هاتين الشبهتين بني كلامه، وأصل الخيال الذي سري إليه منهما لا غير، وهو عام في الزيارة والسفر إليها.

وقال في 251:

ولنتكلم علي الشبهة الثانية والثالثة، اللتين بني ابن تيمية رحمه الله كلامه عليهما. أما الشبهة الثانية: وهي كون هذا ليس مشروعاً، وأنه من البدع التي لم يستحبها أحد من العلماء، لا من الصحابة، ولا من التابعين ومن بعدهم. فقد قدمنا سفر بلال من الشام إلي المدينة لقصد الزيارة، وأن عمر بن عبد العزيز كان يجهز البريد من الشام إلي المدينة للسلام علي النبي عليه الصلاة والسلام. وأن ابن عمر كان يأتي قبر النبي صلي الله عليه وسلم فيسلم عليه وعلي أبي بكر وعمر رضي الله عنهم. وكل ذلك يكذب دعوي: أن الزيارة والسفر إليها بدعة. ولو

ص: 20

طولب ابن تيمية رحمه الله بإثبات هذا النفي العام، وإقامة الدليل علي صحته لم يجد إليه سبيلاً!!!

فكيف يحل لذي علم أن يُقدِم علي هذا الأمر العظيم بمثل هذه الظنون، التي مستنده فيها أنه لم يبلغه، وينكر به ما أطبق عليه جميع المسلمين شرقاً وغرباً في سائر الأعصار، مما هو محسوس خلفاً عن سلف، ويجعله من البدع؟!!!!

وقال في 257:

وأما الشبهة الثالثة: وهي أن من الشرك بالله تعالي اتخاذ القبور مساجد، كما قال طائفة من السلف في قوله تعالي: " قالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداًّ ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ". قالوا: كان هؤلاء قوماً صالحين في عهد نوح، فلما ماتوا عكفوا علي قبورهم، ثم صوروا علي صورهم تماثيل، ثم طال عليهم الأمد فعبدوها، وتخيل ابن تيمية، أن منع الزيارة والسفر إليها من باب المحافظة علي التوحيد، وأن فعلها مما يؤدي إلي الشرك.

وهذا تخيل باطل، لأن اتخاذ القبور مساجد والعكوف عليها وتصوير الصور فيها هو المؤدي إلي الشرك وهو الممنوع منه، كما ورد في لأحاديث الصحيحة، كقوله صلي الله عليه وسلم: " لعن الله اليهود والنصاري، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ".

وقال في ص 262:

الفصل الثاني: في تتبع كلماته وقد سبق تتبع ما نقلته من خطه في فتيا لم يسأل فيها عن الزيارة قصداً، بل جاء ذكرها تبعاً للكلام في المشاهد. والذي اتصل عنه بالدولة نسخة فتيا نقلت من خطه، وعلي

رأسها بخط قاضي القضاة جمال الدين ما صورته: قابلت الجواب عن هذا السؤال المكتوب دونه، في هذه الورقة، علي خط تقي الدين ابن تيمية، فصح،

ص: 21

سوي ما علم عليه بالأحمر، فإن مواضعه من الورقة التي بخطه وجدتها واهية، وليس ذلك بمحزٍ، إنما المحز جعله زيارة قبر النبي صلي الله عليه وسلم وقبور سائر الأنبياء عليه السلام معصية بالإجماع مقطوعاً بها. وكتب محمد بن عبد الرحمان القزويني الشافعي. وقد علم عليها الآن بالأسود في هذه النسخة.

وقال في ص 276:

ومسألتنا هذه من الفروع، فلو فرضنا أنه لم يقل أحد باستحباب السفر، وفعله شخص علي جهة الإستحباب، معتقداً ذلك لشبهة عرضت له، لم يحرم ولم يأثم.

فكيف وكل الناس قائلون باستحبابه؟!!!! وقوله: ومعلوم أن أحداً لا يسافر إليها إلا لذلك. هذا يقتضي أن كلامه ليس في أمر مفروض، بل في الواقع الذي عليه الناس، وأن الناس كلهم إنما يسافرون لاعتقادهم أنها طاعة، والأمر كذلك. ويقتضي علي زعمه أن سفر جميعهم محرم بإجماع المسلمين! فإنا لله وإنا إليه راجعون!! أيكون جميع المسلمين في سائر الأعصار، من سائر أقطار الأرض، مرتكبين لأمر محرم، مجمعين عليه؟!!!!

فهذا الكلام من ابن تيمية يقتضي تضليل الناس كلهم، القاصدين لزيارة النبي صلي الله عليه وسلم ومعصيتهم. وهذه عثرة لا تقال، ومصيبة عظيمة! ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!!!

ص: 22

بدعة ابن تيمية تحريم التوسل والإستشفاع والإستغاثة بالنبي

قال السبكي في ص 291:

إعلم: أنه يجوز ويحسن التوسل والإستغاثة والتشفع بالنبي صلي الله عليه وسلم إلي ربه سبحانه وتعالي. وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكل ذي دين، المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين، وسير السلف الصالحين، والعلماء والعوام من المسلمين. ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان، ولا سمع به في زمن من الأزمان، حتي جاء ابن تيمية، فتكلم في ذلك بكلام يلبس فيه علي الضعفاء الأغمار، وابتدع ما لم يسبق إليه في سائر الأعصار!!! انتهي ما اقتطفناه من كتاب الإمام السبكي.

وقد فتحنا له هذا الموضوع حسب طلب الأخ جميل والمراقب، وجعلنا العنوان هيناً ليناً مع أن عمل ابن تيمية بدعة عظيمة، وهو كما رأيت في كلام السبكي لا يختص بالسفر بقصد الزيارة، بل يشمل نفس الزيارة أيضاً!!

ولكن أتباعه يستعملون التقية مع المسلمين، ويحاولون حصر البحث في السفر للزيارة!!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 10 - 8 - 1999، الواحدة والنصف ظهراً:

إلي العاملي: أولاً: أشكرك علي اختيار العنوان، وإن كان لدي شئ من التحفظ حوله. أما نقلك كلام السبكي فلا يغني من الحق شيئاً، ولعله يتيسر لي إشارة ولو خاطفة للحديث عنه. لكن لنبحث المسألة من أصلها، ثم ننتقل إلي فروعها. وسؤالي: لماذا تدعون إلي شد الرحال وزيارة القبور، والتبرك

بها؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 10 - 8 - 1999، الثانية ظهراً:

ص: 23

وأشكرك أيها الأخ علي العقلانية. تسألني بصفتي شيعياًّ مقتنعاً بوجوب اتباع أهل بيت النبي صلي الله عليه وعليهم، ووجوب أخذ معالم ديني منهم فقط..

فجوابي: أن عقيدتي أن احترام قبور الأنبياء وأوصيائهم جزء من الدين الإلهي من زمن آدم إلي نبينا صلي الله عليه وآله. وأن كل أحاديث النهي عن الصلاة عند قبر النبي صلي الله عليه وآله، وزيارته، وتعميره، وإعماره، لم تثبت عند سادتي ومواليَّ عليهم السلام، بل ردوها من زمن صدورها من

بعض الصحابة!!

ولعلك تفضل أن لا نخوض في هذا الحديث الصعب، لأنه يرتبط بالسقيفة والإجبار علي البيعة، وتهديد أهل البيت بالقتل إن لم يبايعوا، والهجوم علي دارهم وإشعال النار في بابه الخارجي..

وقد تبع ذلك إعلان الأحكام العرفية.. ومنع التجمع علي القبر، لأنهم خافوا أن يأتي أهل البيت ويستجيروا بقبر النبي صلي الله عليه وآله!!!

ومن أعراف العرب الراسخة أن لا يرد مستجير بقبر عزيز!! في تلك الظروف ظهرت أحاديث النهي عن الصلاة عند القبر والعكوف عليه.. إلخ.

أما إن أردت الجواب علي حسب قواعد مذاهب المسلمين غير الشيعة فأقول لك: إن حديث شد الرحال بعد تسليم سنده، لا يدل علي ما ذهب إليه ابن تيمية!

وأبسط دليل علي ذلك أن المسلمين الأقرب من ابن تيمية إلي زمن صدور النص لم يفهموا منه تحريم شد الرحال لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، واستمروا علي هذا العمل ثمانية قرون!!

فهل نحن مجانين.. لكي نرجح فهم ابن تيمية علي فهم الصحابة والتابعين، وأجيال ثمانية قرون من الأمة؟!!

ص: 24

أما.. كيف لم يفهموا ذلك؟ فله وجوه متعددة:

منها: أن زيارته صلي الله عليه وآله خارجة تخصصاً عن موضوع الحديث.

ومنها: أن شد الرحال إلي مسجده، صلي الله عليه وآله، مأخوذ في مفهومه العرفي، زيارة قبره الشريف.. إلخ.

وأرجو أن تنظر إلي المسار العام لجمهور الصحابة والتابعين، وجمهرة علماء الأمة، وأئمة المذاهب والفرق، وسيرة السواد الأعظم من الأمة.. فقد كانوا يقصون الزيارة ويزورون، ويصلون عند القبر الشريف، ويتوسلون ويخاطبون صاحب القبر.. فهؤلاء فهموا وعملوا.

ثم جاء ابن تيمية.. وفهِم خلاف فهمهم جميعاً.. وبحث ليجد من يوافقه منهم فلم يجد إلا كلمة لابن بطة، ونصف كلمة لابن فلان..!

فهل يصلح ذلك لتخطئة سيرة كل الأمة؟ والزعم أن ابن تيمية اكتشف بعد ثمانية قرون ما لم تنتبه له الأمة جميعاً؟! فأي الفهمين أحري بالقبول والإتباع؟!!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 10 - 8 - 1999، الرابعة عصراً:

المكرم العاملي: أرجو أن تكتب لي ما تعتقده أنت حول زيارة القبور، حتي أتمكن من نقاشك. ولك تحياتي. وفقت للصواب.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 10 - 8 - 1999، الثامنة مساءً:

أردت مني أيها الأخ.. ما أعتقده شخصياًّ في زيارة القبور، وقد ذكرته لك وخلاصته:

أن زيارة قبور الأنبياء وأوصيائهم صلوات الله عليهم تشريعٌ ثابتٌ في جميع الرسالات الإلهية، من زمن أبينا آدم إلي نبينا صلي الله عليه وآله.

ص: 25

وعليه سارت الأمم والشعوب في زمن أنبيائها وبعدهم! وهو أمر واضح من مصادر الحديث عندكم، حول قبور الأنبياء وأوصيائهم، نعم أوصيائهم!!

ومن مصادر التاريخ، بل ومصادر ثقافة الأمم كلها.. فهو سيرة عقلائية عالمية متصلة، لم يوجد فيها مخالف من أهل الأديان والشعوب!!!

والإسلام لم ينسخ هذا الحكم، بل زاده احتراماً وتأكيداً!! وأما كل الأحاديث التي تخالف ذلك، فلا أعتقد بها مهما كانت درجة صحتها، لأن أهل بيت نبيي صلي الله عليه وآله قد ردوها!

وهم والقرآن حجة علي وحجة لي، فهم المقياس النبوي بأمر الله تعالي، ويجب عليَّ أن آخذ منهم ديني لا من غيرهم، كائناً من كان غيرهم..

وعندما يثبت لي أن واحداً من أهل البيت المطهرين المعصومين ردَّ (حديثاً)، وقال إن رسول الله لم يقله، فقد تمت علي الحجة بوجوب القبول منه وحرمة الرد عليه، بنص حديث الثقلين، وغيره.

وقد كنت مدة أبحث عن سبب هذه الأحاديث التي لا يوجد مثلها عند أمة من الأمم، ولا في صحابة نبي من الأنبياء، ولا حول قبر نبي من الأنبياء!!

حتي وصلت إلي قناعة بأن من عادات العرب كغيرهم من الشعوب أن يحترموا القبور احتراماً خاصاً، وأن من عاداتهم أن صاحب المشكلة والظلامة والحاجة يستجير بقبر رئيس القبيلة، أو الشخص العزيز عليهم، فيصير من الواجب علي من يعزُّ عليهم صاحب القبر أن يرفعوا ظلامته، أو يلبوا حاجته!

وقد تتبعت ذلك في تاريخ العرب فوجدت نموذجه في قبر غالب جد الفرزدق في كاظمة..

ووجدت أنه استمر بعد الإسلام أيضاً..

ص: 26

ثم وجدت تعليلاً عن عائشة لعدم بنائهم القبر أنهم لو بنوه وجاء أحد واستجار به. فماذا يفعلون؟!

فأنا الآن مقتنع بأن هذه الأحاديث عمل وقائي من السلطة، حتي لا يستجير علي وفاطمة والحسن والحسين بقبر النبي صلي الله عليه وآله، ويعلنوا مطالبتهم بحقهم الذي نص عليه النبي!!!

وتقول لي: هذا مستحيل!! وهل يمكن أن يقوم الصحابة بذلك؟

فأقول: الذين قاموا بأعظم منه، فمنعوا نبيهم من كتابة وصيته التي تضمن عدم ضلال الأمة إلي يوم القيامة، والتي تضمن عزتها إلي يوم القيامة.. يمكن أن يقوموا بهذا العمل المتعلق بقبره، وغيره..

فكل شئ ممكن علي الذين قاموا بمواجهة الرسول والرد عليه في حياته وفي وجهه، ومنعوه من ممارسة حقه الطبيعي.. الذي لا يملك أحد أن يمنع منه.. حتي المحكوم عليه بالإعدام..

وكل شئ يصبح صغيراً، ويصبح من تفاصيل ذلك الإنقلاب الضخم الضخم، الذي غير مسيرة الأمة الإسلامية مئة وثمانين درجة، إلي أن يظهر المهدي الموعود ويصحح المسار من جديد!!!

ولكن.. قلت لكم يا أخي إن البحث علي هذا المستوي صعبٌ ثقيل، فدعه عنك، وأخبرني:

لقد كانت أحاديث النهي عن شد الرحال موجودة عند المسلمين، وفهموا كلهم صحابةً وتابعين وتابعي التابعين إلي القرن الثامن، أنها لا تنافي قصد زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، وكانوا يقومون بذلك.. حتي جاء ابن تيمية فخطأ فهمهم جميعاً!! فأي الفهمين أحق بالإتباع؟!!

ص: 27

وكتب (الصارم) بتاريخ 11 - 8 - 1999، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

المكرم العاملي: لقد أغلقت باب الحوار بكلامك هذا: " وكل الأحاديث التي تخالف ذلك، لا أعتقد بها مهما كانت درجة صحتها، لأن أهل بيت نبيي صلي الله عليه وآله قد ردوها! ".

وأظن ألاَّ تلاقي، فلديك قناعات راسخة، ولا تلام علي ذلك، وقد جئت بكلام عام لا يصلح مجالاً للإستشهاد، ومثل هذه التعميمات لا تصلح إذا أردت النقاش الجاد. فبالله عليك، هل يصلح الإستشهاد بما فعله العرب في جاهليتهم حتي تأتي بهذا المثال: " وقد تتبعت ذلك في تاريخ العرب فوجدت نموذجه في قبر غالب جد الفرزدق ". هداك الباري.

وهاك أنموذجاً آخر من تعميماتك التي لا تستند إلي دليل: " لم يوجد فيها مخالف من أهل الأديان والشعوب!! والإسلام لم ينسخ هذا الحكم بل زاده احتراماً وتأكيداً!! وقد كنت مدة أبحث عن سبب هذه الأحاديث التي لا يوجد مثلها عند أمة من الأمم، ولا في صحابة نبي من الأنبياء، ولا حول قبر نبي

من الأنبياء!! " ثم رجعت إلي فعل العرب في جاهليتهم، والتي حاربها الإسلام وجعلت ذلك دليلاً علي دعواك فقلت: " عادات العرب كغيرهم من الشعوب أن يحترموا القبور احتراماً خاصاًّ، وأن من عاداتهم أن صاحب المشكلة والظلامة والحاجة يستجير بقبر رئيس القبيلة، أو الشخص العزيز عليهم ".

وهل عادات العرب في شربهم للخمرة، ووأد البنات، وحروبهم الطاحنة... هل تصلح دليلاً؟

إذا لماذا جاء الإسلام؟!!

ص: 28

وانتهيت أخيراً هديت للحق إلي هذا التعميم الجائر الذي لا يستند إلي دليل: " لقد كانت أحاديث النهي عن شد الرحال موجودة عند المسلمين، وفهموا كلهم صحابة وتابعين وتابعي التابعين إلي القرن الثامن، أنها لا تنافي قصد زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، وكانوا يقومون بذلك حتي جاء ابن تيمية فخطأ فَهْمَهم جميعاً!! ".

وكيف لي بالرد علي قولك، وقد آمنت بأحاديث الأئمة المعصومين، وسددت باب الحوار من أول مقالك؟

كما قلت فكر بعقلك لا بعاطفتك، وستهتدي بإذن الله. وأعيد سؤالي الذي لم أجد له إجابة شافية إلي الآن: لماذا تشد الرحال إلي القبور؟ أرجو أن أجد جواباً مختصراً كافياً شافياً. ولكم تحياتي.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 11 - 8 - 1999، الواحدة صباحاً:

حديث شد الرحال لم يصح عند أهل البيت عليهم السلام. وقد صح عند بقية المذاهب.

وفهموا منه عدم شموله لشد الرحال إلي زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، بدليل أنهم كانوا يمارسون ذلك. وفهمُ هؤلاء حجة علي من يعتقد بالحديث، ويعتقد بفهم الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب، لأنهم عنده الأصل والأقرب إلي عصر النص ومعناه.

وقد ألف عدد من العلماء قبل ابن تيمية، رسائل في تفسير الحديث، وردَّ عليه عدد آخر واتفقوا علي أن فهمه للحديث مخالفٌ لإجماع علماء المسلمين، وسيرتهم لمدة ثمانية قرون، بل إلي يومنا هذا!!

ص: 29

أما إشكالاتك علي اعتقادي بأهل البيت عليهم السلام وتصحيح ما صححوه ورد ما ردوه، فلا ألزمك بنتيجته، ولكنك سألتني عن عقيدتي في مسألة زيارة القبور فأجبتك.

وأكتفي هنا بالإشارة إلي أمرين:

الأول: أنه لو ثبت عن نبي الله موسي أو سليمان علي نبينا وعليهما السلام أنه قال: " إني تارك فيكم الثقلين التوراة و عترتي وسوف توافوني يوم القيامة وأسألكم عنهما ". فإنا نحتج علي من تبع القضاة بعد موسي، أو تبع غير ذرية سليمان بعده، بأنكم انحرفتم عن وصية نبيكم وخطه الذي أمركم به، فذِمَّتُكم غير بريئة عند ربكم إلا باتباع من عينهم لكم!!

والثاني: أن منهج الحديث في البحث لا يلغي غيره من وسائل الإثبات، فجوهر هذا المنهج هو الوثاقة الشرعية بالصدور عن النبي أو من نثق به.

وكل دليل تاريخي أو عقلي تحصل منه الوثاقة بوجود موضوع، فهو محترم شرعاً ودليل إثبات في المحكمة الشرعية، وفي البحث العلمي.

فحتي المتشددين في المنهج الحديثي تري أحدهم قد يرجع إلي لغوي ثقة أو طبيب ثقة، فيأخذ بكلامه.

فالمهم هو: حصول الثقة بينك وبين الله تعالي بالموضوع، وأن تتم الحجة عندك أمام الله تعالي.

وهو ما يسمي في علم الأصول: " المعذرية من العقاب والمنجزية للتكليف "!

إن تبني المنهج الحديثي لا يعني رفض المنهج العقلي، لأنه نفسه من نتائج التفكير العقلي، بل يعني رفض النتائج الظنية والإحتمالية للعقل، والتمسك بالنتائج القطعية والإطمئنانية.. فكل يقين عقلي قطعي أو اطمئناني هو حجة في البحث والشرع، بشروطه المذكورة في علم الأصول.

ص: 30

وهو يحصل بعد القرآن، إما من حديث تثبت صحته، وإما من تجميع مقدمات من مصادر مختلفة، تكون نتيجتها قطعية أو مطمأن إليها، وغير مخالفة للقرآن وما ثبت من السنة. وشكراً.

وكتب (عمار) بتاريخ 11-8-1999، الثانية صباحاً:

السلام عليكم:

لا تشدوا الرحال إلا إلي ثلاث مساجد. لا وإلا أدوات حصر.

1 - إذا أردت أشد الرحال لطلب العلم، فهل ذلك حرام؟

2 - شد الرحال لغرض التجارة، حرام؟

فإما يكون شد الرحال لكل مسجد محرم وغير حلال إلا هذه المساجد.. وإما، مطلق شد الرحال حرام... وهذا لا يمكن لأنه النقط 1 و 2 تجوز. إذا بقيت لدينا شد الرحال إلي المساجد.

فلماذا ذلك حرام؟؟؟

إذا ذهب الشخص للمسجد فماذا يفعل هناك؟ يرقص ويسكر ويغني مثلاً؟ أم نذهب للمساجد للصلاة ولذكر الله وقراءة القرآن، وعلي أقل تقدير التبرك بالمسجد لأن الجلوس فيه عبادة، فلماذا هذا حرام، وهل يلتقي هذا مع الخطوط العامة؟

في رأيي أن الرواية كلها مخترعة، ومبتكرها هو عبد الملك بن مروان! لماذا؟

في أيامه كان الفرد يذهب إلي مكة، وهناك كان عبد الله بن الزبير يحكم علي الحجاز وإذا يأتي الواحد من المسلمين هناك يستلمه ابن الزبير ويغسل دماغه، ويبقي الفرد عنده ولا يرجع إلي الشام، ويكون من أتباع ابن الزبير

ص: 31

ويصبح ضد الأمويين!! فأرادوا قطع هذا من أصله فابتكروا هذه الرواية حتي العالَم تتجه إلي بيت المقدس فقط. إقرأ ابن كثير ومحمد سعيد في سر انحلال الأمة العربية.

وإذا كان الحديث فإنه يعني أن الذهاب إلي هذه المساجد أفضل من غيرها.. وإلا لا يحرم الذهاب إلي مسجد آخر أو مشهد أو عتبة مقدسة، لأنه الذهاب إلي القبر وزيارته يذكر بالآخرة " ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوي القلوب ". والسلام عليكم.

وكتب (الصارم) بتاريخ 11 - 8 - 1999، التاسعة صباحاً:

عجيب أمركم جد عجيب، سؤالي واضح لا لبس فيه ولا غموض، فلم الحيدة؟ والخروج عن مسار الموضوع؟ سؤالي واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار.

وأقول للمكرم عمار: وهل يصلح أن تقول: وفي رأي؟!! هل وصلنا إلي مرحلة الإجتهاد حتي يكون لنا رأي؟!! والسؤال مرة ثالثة ورابعة وعاشرة: لماذا تشدون الرحال إلي القبور؟!!

إن لم يكن هناك جواب فلن يكتمل الحوار، وشكراً.

فكتب (العاملي) بتاريخ 11-8-1999، التاسعة والنصف صباحاً:

لقد أجبتك.

فنحن نشد الرحال إلي زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله، وقبور الأئمة المعصومين عليهم السلام، لأن زيارة قبورهم مستحبة عندنا، ومن أفضل القربات إلي الله تعالي.

ص: 32

ولم يثبت عندنا أن النبي صلي الله عليه وآله نهي عن ذلك، بل ثبت أنه دعا إليه، وحث عليه، وكان يزور القبور المباركة لتكون سنَّة من بعده. وكذلك كانت سيرة علي وفاطمة والأئمة عليهم السلام.

ولزيارة القبور عندنا أحكام وشروط وآداب شرعية، وليس فيها شئ ينافي التوحيد أبداً، بل فيها ما يؤكد التوحيد، وأن النبي وآله لا يملكون من عندهم شيئاً، بل هم عباد مكرمون، نزورهم ونستشفع بهم إلي الله تعالي، كما أمرنا.

وكتب (الصارم) بتاريخ 11-8-1999، العاشرة صباحاً:

أحسنت يا عاملي، وهذا ما أريده منك بالضبط، فقد شفيت غليلي بهذه الإجابة الشافية الكافية. ولعل صدرك يتسع لأسئلتي.

وسؤالي الآن: لماذا تستشفع بهم؟ لم لا تتجه في طلبك إلي الله مباشرة؟ لماذا تجعلهم واسطة بينك وبين الله؟ ألم تعلم أن الجاهليين كانوا يعبدون الأصنام يستشفعون بها؟ ويجعلونها واسطة بينهم وبين الله؟!

وقد ناقضت نفسك حينما قلت: " وأن النبي وآله لا يملكون من عندهم شيئاً، بل هم عباد مكرمون، نزورهم ونستشفع بهم إلي الله تعالي، كما أمرنا ". كيف تستشفع بهم وهم " لا يملكون من عندهم شيئاً، بل هم عباد مكرمون " لقد خالفت المنهج الرباني وسنة المصطفي من وجهين: الوجه الأول: من مخالفة السنة، لأن الأموات لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراًّ، فما بالك بامتلاك النفع لغيرهم؟!

الوجه الثاني: مشابهة الكفار، وقد نهينا عن مشابهتهم! فهل بعد هذا تستشفع بهم؟!

أرجو للجميع الهداية.

ص: 33

وأجاب (العاملي) بتاريخ 11 - 8 - 1999، الواحدة ظهراً:

غفر الله لك يا صارم.. موضوعنا زيارة النبي صلي الله عليه وآله، والسفر بنيتها.

وأنت تريد التوسل والتوجه والإستشفاع والإستغاثة بالنبي صلي الله عليه وآله، وهو موضوع آخر، والنسبة بينهما كما يقول المناطقة عموم من وجه.

نعم، يتراق التوسل والإستشفاع عادة مع الزيارة. لا بأس.. سؤالك في أصله وجيه.

فلو كان الأمر لنا لقلنا: لنطلب كل شئ من الله تعالي مباشرة، ولا نجعل بيننا وبينه واسطة من المخلوقين؟! ولكن الأمر له عز وجل وليس لنا.

وقد قال لنا: " اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ". وقال: " أولئك يبتغون إليه الوسيلة أيهم أقرب ".

وقال: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ". مع أنه لا حاجة إلي مجيئهم واستغفارهم عند الرسول واستغفار الرسول لهم..

وهذا يعني.. أنه تعالي قال لرسوله صلي الله عليه وآله: كن موحداً بلا شروط، ومهما قلتُ لك فأطعني، وحتي لو قلت لك عندي ولد فاعبده.. فافعل!! وقل لهم: " قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين ".. ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً!!

فالمسألة إذن، ثبوت مبدأ التوسل في الإسلام في حدوده التي أمر بها الله تعالي أو سمح بها، وهو يختلف عن زعم التوسل عند المشركين سواء في طبيعته أم في نيته..

فهل تقبل أصل مبدأ التوسل والإستشفاع الذي قبله إمامك ابن تيمية؟

ص: 34

أم أنك أشد في هذا الأمر من إمامك؟!

وكتب (الصارم) بتاريخ 11 - 8 - 1999، الخامسة مساءً:

إلي العاملي هدانا الله وإياه إلي الصواب:

قلت عن التوسل: " ثبوت مبدأ التوسل في الإسلام في حدوده التي أمر بها الله تعالي أو سمح بها ".

هل لي أن أعرف هذه الحدود التي أمر أو سمح بها؟

أرجو أن تجيبني باختصار، وفي حدود السؤال. هديت للصواب.

فكتب (العاملي) بتاريخ 11 - 8 - 1999، التاسعة مساءً:

يعجبني أنك تحب الكلام ضمن الموضوع وباختصار، فهو أسلوب مفيد في التركيز وبلورة الأفكار، لكن ليس كل الموضوعات يمكن اختصارها..

وكنت كتبت هذا الموضوع حول التوسل، أرجو أن يكون جواباً لسؤالك.. وبما أنه طويل فسوف أضع خلاصته في آخره، لتكون محور أسئلتك إن شئت.

شبهة علي أصل التوسل

أثار بعضهم إشكالاًَ علي مبدأ التوسل في الإسلام، شبيهاً بالإشكال علي الشفاعة..

والسبب في ذلك أنهم يرون الشفاعات والوساطات والمحسوبيات السيئة عند الرؤساء والمسؤولين في دار الدنيا، وما فيها من محاباة وإعطاء بغير حق ولا جهد من المشفوع لهم أو المتوسط لهم..

وبما أن الله تعالي يستحيل عليه أن يحابي كما يحابي حكام الدنيا، وإنما يعطي جنته وثوابه بالإيمان والعمل الصالح.. فلذلك صعب عليهم قبول الشفاعة والوساطة والوسيلة إلي الله تعالي!

ص: 35

ولكنه فات هؤلاء أنه في الأصل لا استحقاق لمخلوق علي الله تعالي، وأن عطاءه كله تفضل..

وأن المنشأ الحقوقي الوحيد لحق المخلوق علي ربه هو وعده سبحانه إياه بالعطاء، فهو حق مكتسب بالوعد لأن الله تعالي رحيم صادق.. وليس حقاًّ أصلياًّ للعبد.

وفاتهم أيضاً.. أن الإستشفاع والتوسل إليه تعالي عمل صالح، لأنه تعالي أمرنا أن نبتغي إليه الوسيلة، والوسيلة هي العمل الصالح والإرتباط بأنبيائه وأوصيائه عليهم السلام.. فاتَهُم أن الحكمة من جعله تعالي الأنبياء والأوصياء عليهم السلام الوسيلة إليه تعالي:

أولاً: أن يعالج مشكلة التكبر في البشر، لأن البشر لا يمكنهم الإنتصار علي تكبرهم والخضوع لعبودية الله تعالي، إلا إذا انتصروا علي ذاتيتهم في مقابل الأنبياء والأوصياء عليهم السلام، واعترفوا لهم بالفضل والمكانة المميزة والإختيار الإلهي، وأنهم المبلغون عن الله تعالي. فهذا الإعتراف مطلوب، لأنه مقدمة علمية وعملية للإيمان بالله تعالي وممارسة العبودية له. فبدون الخضوع للأنبياء والأوصياء عليهم السلام لا يتحقق خضوع حقيقي لله تعالي، ولا إيمان حقيقي به!!

وهذا هو المقصود بقوله تعالي:" وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم به مشركون "!!

كان من الممكن أن يقول الله تعالي للناس: آمنوا بي ولا شغل لكم برسلي وأوليائي، فإنما هم مبلغون لما أرسلتهم به، وإنما " الرسول طارش " كما قال بعضهم. ولكن ذلك لا يعالج مشكلة الإنسان في التكبر علي عباد الله!!

وإذا لم تنحل مشكلته هذه فلا تنحل مشكلة تكبره علي ربه وادعاءاته الفارغة بقربه منه وتكريمه له، كما نشاهد في المجتمعات الغربية واليهودية! إن

ص: 36

الخضوع العملي للمخلوقين الربانيين الممتازين هو الطريق الطبيعي الوحيد للخضوع للخالق سبحانه!

وهما نوعان مختلفان من الخضوع، لأن حق الخضوع لله ذاتي، ولأوليائه تبعي جعلي.. كما أنهما في الحقيقة النهائية نوع واحد، لأن الخضوع للأولياء بأمر الله تعالي إنما هو خضوع لله تعالي.

وثانياً: أن جَعْل الأنبياء والأوصياء عليهم السلام وسيلة إلي الله تعالي ضرورة ذهنية للبشر..

ذلك أن الفاصلة بين ذهن الإنسان المحدود الميال إلي المادية والمحدودية، وبين التوحيد المطلق المطلوب والضروري، فاصلة كبيرة، فهي تحتاج إلي نموذج ذهني حاضر من نوع الإنسان، يمارس التوحيد أمامه ويكون قدوة له.

وبدون هذا النموذج القدوة، يبقي الإنسان في معرض الجنوح في تصوره للتوحيد وممارسته، والجنوح في هذا الموضوع الخطير أخطر أنواع جنوح الضلال!!

وهذا هو السبب في اعتقادي في أن الله تعالي جعل أنبياءه وأوصياءهم عليهم السلام حججاً علي العباد، وهو السبب في أنه جعلهم من نوع أنفسهم وليس من نوع آخر كالملائكة مثلاً.

والنتيجة: أن وجود الوسيلة بين العباد والله تعالي لو كان أمره يرجع إلينا لصحَّ لنا أن نقول: يا ربنا نريد أن تجعل كل أنواع ارتباطنا بك مباشراً، فلا تجعل بيننا وبينك واسطة في شئ! كما ما يميل إليه أهل الإشكال علي الشفاعة والتوسل.. ولكن الأمر ليس بيدنا، فالأفضل أن يكون منطقنا أرقي من

ص: 37

ذلك فنقول: اللهم لا نقترح عليك، فأنت أعلم بما يصلحنا، وإن أردت أن تجعل أنبياءك وأوصياءك واسطة بيننا وبينك، وحججاً علينا عندك، فنحن مطيعون لك ولهم ولا اعتراض عندنا..

وهذا هو التوحيد العالي، والتسليم المطلق لإرادته تعالي، في إطاعة حججه، وقد عبر عنه سبحانه بقوله لرسوله صلي الله عليه وآله: في سورة الزخرف - 81: " قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين ". ومعناه: أيها الرسول وحِّد لله تعالي توحيداً بلا شرط، واقبل معه كل شرط حتي لو اتخذ ولداً وأمرك

بعبادته!

ثم بيَّن تعالي أن الواقع أنه لم يتخذ ولداً فقال: " سبحان الله رب السماوات والأرض، رب العرش عما يصفون "..

مسألة التوسل دقيقة و حساسة

فهي مسألة ذات حدين، لا بد فيها التوازن.. والحذر من الإفراط والتفريط!

فلا هؤلاء الوسائط يملكون شيئاً مع الله تعالي.. لأنهم مخلوقون فقراء إليه تعالي، كما أنه لا غني للناس عن وساطتهم إلي الله.. لأنهم عباد مكرمون عنده تعالي.

والتعادل المطلوب فيها تعادل فكري وعملي.. لأن أقل حركة غير منطقية ذهنية أو عملية فيها توجب الضلال!!

فالذين ينقصون من دور أنبياء الله وأوصيائه ومقامهم عند الله تعالي، بحجة توحيده وإبعاد الشركاء عن ساحته المقدسة، يقعون في الضلال والبعد عن الطريق الذي عيَّنه الله لتوحيده والذي هو محصور بطاعتهم، واحترامهم، والإرتباط بهم، والتوسل إلي الله بهم!

ص: 38

والذين يزيدون علي دورهم المحدد من الله تعالي، ويجعلون لهم معه شراكة.. في ملكه أو حكمه أو عبادته، ولو ذرة واحدة، بحجة أنه جعلهم وسيلة إليه.. يقعون في الضلال والبعد عن الطريق الذي عينه الله تعالي وهو توحيده المطلق! وبسبب دقة هذه العقيدة الإسلامية في الأنبياء والأوصياء عليهم السلام نجد أن الآيات والأحاديث الشريفة تؤكد علي الجانبين معاً!

علي أن طاعته تعالي إنما تكون بطاعتهم، وابتغاء الوسيلة إليه عن طريقهم من ناحية.. ومن ناحية أخري تؤكد علي بشريتهم، وأن الذين جعلوهم آلهة أو شركاء لله قد ضلوا وكفروا.

التوسل والتوجه في مصادر السنيين

تعليم النبي (صلی الله علیه و آله) المسلمين التوسل به إلي الله تعالي:

روي الترمذي: 5/229، برقم 3649:

حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن أبي جعفر عن عمارة بن خزيمة بن ثابت، عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضرير البصر أتي النبي صلي الله عليه وسلم فقال: أدع الله أن يعافيني، قال إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك. قال: فادعه. قال: فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي، اللهم فشفعه في. هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي. انتهي.

ورواه ابن ماجة في: 1/441، وقال:

قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح. انتهي. ورواه أحمد: 4/138، بروايتين.

ص: 39

ورواه الحاكم في المستدرك: 1/313، وقال:

هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه. انتهي.

ورواه في: 1/519، بسندين آخرين، وقال بعدهما: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. ورواه في: 1/526، وقال: تابعه شبيب بن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن والإسناد والقول... وقال أيضاً: هذا حديث صحيح علي شرط البخاري ولم يخرجاه، وإنما قدمت حديث عون بن عمارة لأن من رسمنا أن نقدم العالي من الأسانيد. ورواه الطبراني في كتاب الدعاء ص 320، وما بعدها بعدة طرق. وكذا في المعجم الكبير: 9/31، والصغير: 1/183، وصححه.

ورواه في مجمع الزوائد: 2/279، وقال: قلت: روي الترمذي وابن ماجة طرفاً من آخره خالياً عن القصة، وقد قال الطبراني عقبه: والحديث صحيح، بعد ذكر طرقه التي روي بها. ورواه في كنز العمال: 2/181، و:6/521 (ت ه- ك عن عثمان بن حنيف). (حم ت: حسن صحيح غريب هك وابن السني عن عثمان بن حنيف). ورواه ابن خزيمة في صحيحه: 2/225.

وفي السنن الكبري للنسائي: 6 / 168:

(10494) أخبرنا محمد بن معمر، قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا جعفر، عن عمارة بن خزيمة، عن عثمان بن حنيف أن رجلاً أعمي أتي النبي صلي الله صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني رجل أعمي، فادع الله أن يشفيني، قال: بل أدَعُك، قال: أدع الله لي مرتين أو ثلاثاً. قال: توضأ ثم صل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلي الله أن يقضي حاجتي، أو حاجتي إلي

ص: 40

فلان، أو حاجتي في كذا وكذا. اللهم شفع في نبيي وشفعني في نفسي. انتهي. ثم رواه النسائي بروايتين أخريتين.

توسل عمر بن الخطاب بالعباس عم النبي

روي الحاكم في المستدرك: 3/34:

أخبرنا أبو زكريا يحيي بن محمد العنبري، ثنا الحسن بن علي بن نصر، ثنا الزبير بن بكار، حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني، عن داود بن عطاء المدني، عن زيد بن أسلم، عن ابن عمر، أنه قال: استسقي عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب، فقال: " اللهم هذا عم نبيك العباس نتوجه إليك به فاسقنا ". فما برحوا حتي سقاهم الله. قال: فخطب عمر الناس، فقال: أيها الناس إن رسول الله كان يري للعباس ما يري الولد لوالده، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله في عمه العباس، واتخذوه وسيلة إلي الله عز وجل فيما نزل بكم!... انتهي... إلي آخر البحث.

الخلاصة:

أن العقل لا يمنع أن أن يجعل الله تعالي نبيه وسيلة لنا، ويأمرنا أن نتوسل به وتطلب له درجة الوسيلة في الجنة عند ربه.. فقد تكون الحكمة والمصلحة للعباد توجب ذلك.

والنقل يقول إنه تعالي جعل ذلك وأمر به، في ثلاث آيات علي الأقل، وفي أحاديث كثيرة.

وأن مسألة التوسل حساسة لأنها ذات حدين، فيجب توعية المسلمين حتي لا ينحرفوا فيها إفراطاً أو تفريطاً.

ص: 41

وأن قسماً من عوام المسلمين وجماهيرهم أساؤوا تطبيق عقيدة التوسل، فسبب ذلك ردة فعل عند ابن تيمية ومن تبعه، ولكنها كانت ردة فعل عنيفة رجعوا فيها كثيراً عن حافة السطح حتي وقعوا من الجهة الثانية!! وكثير من ردات الفعل علي الإفراط تكون تفريطاً مع الأسف!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، التاسعة صباحاً:

إلي العاملي: كلامك طويل. وفيه نسبة من الصحة، إضافة إلي بعض الشُّبه التي تحتاج إلي رد، فلو كان مقالاً قصيراً لرددت علي كل نقطة تذكرها وتخالف ما أعتقده، لذا أرجو مرة أخري أن يكون جوابك مختصراً دقيقاً، وعموماً فأجيبك باختصار:

الآيات التي استدللت بها في الأمر بطاعة الرسول عليه السلام عليك لا لك، لأنه أمرنا بالتوحيد الخالص النقي من شوائب الشرك. ومن طاعته تنقية التوحيد مما يفضي إلي الشرك أعاذنا الله وإياك من مضلات الفتن. ثم إنك استدللت في الإستشفاع بدعاء النبي للأعمي، وهذا لا إشكال فيه لأنه طلب من حي فيما يستطيعه، لذا لجأ عمر رضي الله عنه في استدلالك الثاني إلي عم النبي، ولو كان الإستشفاع فيما ذكرته صحيحاً، للجأ الناس إلي النبي عليه السلام وهو في قبره وهذا ما لم يحصل إطلاقاً.

وأعود وأسأل مرة أخري ما الذي يستطيع عمله الميت حينما تستشفع به؟

أرجو الإجابة وكما ذكرت باختصار حتي لا يتشعب الحوار. ولك تحيات الصارم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الواحدة ظهراً:

سأماشيك بأسلوب النقاش الذي تحبه..

ص: 42

فمن أسباب الخطأ عند المخالف للتوسل: أنه يتصور أن المتوسل يطلب من النبي صلي الله عليه وآله، أو من الولي..

بينما هو يطلب من الله تعالي ويتوسل إليه بمقام النبي، أو يطلب من النبي التوسط له عند الله تعالي.

فلا طلب إلا من الله تعالي. وأما شبهة: أن الرسول ميت.. فكيف تصح مخاطبته؟ فجوابه: أنه حيٌّ عند ربه، ولذا تسلِّم عليه في صلاتك " السلام عليك أيها النبي ".

وإذا قبلت حديث تعليم النبي للأعمي أن يتوسل به، فقد صح عندكم أن عثمان بن حنيف، طبقه بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، وعلمه لشخص كان عنده مشكلة عند الخليفة عثمان فاستجاب الله له.

وتطبيق الصحابي الثقة حجة لأنه معاصر للنص.

وقد أجاز ابن تيمية التوسل بالنبي بعد موته، فلا تكن ملَكياًّ أكثر من الملك!! بل ورد عندكم التوسل إلي الله تعالي بالممشي إلي الصلاة والحج! " أتوسل إليك بممشاي "!

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الثانية والنصف ظهراً:

إلي العاملي هداه الله: إن كنت طالب حق فلا تحد عن الجواب ولا تراوغ!! وإن كنت طالب جدل، فأنا أعلن انسحابي من هذا الحوار الجدلي الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، إنما هو مضيعة لوقتي ووقتك. هذه الصفحة الطويلة التي كتبناها ألخصها بما يلي:

قلت يا عاملي: أنتم تحرمون زيارة القبور.

فقلت لك: نحن نحرم شد الرحال إليها منعاً لجناب التوحيد أن تشوبه شوائب الشرك. ثم سألتك لم تشدون الرحال؟ فقلت: للإستشفاع!! ثم سألتك كيف

ص: 43

تستشفعون بهم؟ فأتيتني بجواب فيه حيدة وتهرب، وأنا أريد جواباً صريحاً، فإن أردت أن تسير معي هكذا، تتهرب من الجواب المباشر فلن أكمل، وإن أردت أن تجيبني علي قدر السؤال، فهذا سؤالي: لماذا تستشفعون بالأموات؟ وكيف؟

ختاماً، أرجو ألا تلجأ لمثل هذه الأساليب، التي لا تليق. من مثل قولك: " فلا تكن ملكياًّ أكثر من الملك!! ". ولك تحيات الصارم.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الثالثة مساءً:

إلي الآن ما زلت تتصور أن الزيارة لا بد أن يرافقها استشفاع.. فمن أين جئت بهذا؟!

فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ولا يتوسل ولا يستشفع به!

وقد يتوسل المسلم بنبيه في بيته ولا يذهب لزيارته، فالزيارة شئ والتوسل شئ آخر!!

وإلي الآن تتصور أن شد الرحال لا يكون إلا للإستشفاع!

مع أن شد الرحال قد يكون للزيارة وحدها، أو مع نية الإستشفاع والتوسل!

وقد أجبتك بأن النبي صلي الله عليه وآله حي عند ربه، وأنك تسلم عليه في صلاتك، فلا مانع أن يخاطبه المتوسِّل. علي أن المتوسل لا يطلب من النبي بل من الله، ولا يحتاج إلي مخاطبة النبي بل يخاطب ربه ويسأله بحق رسوله ومقامه ومعزته عنده!!

وقلت لك: لقد أجاز ابن تيمية التوسل والإستشفاع بالنبي (الميت)!! صلي الله عليه وآله، فهل تريد نص كلامه؟!!

وتعود وتسألني: لا إذا تشدون الرحال للإستشفاع، ولماذا تستشفعون بالميت؟

ص: 44

أرجو أن تتأمل في كلامي أكثر.

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الخامسة مساءً:

إلي العاملي: لقد تأملت في كلامك جيداً وتوصلت لما يلي:

قلت في معرض كلامك: " وإلي الآن تتصور أن شد الرحال لا يكون إلا للإستشفاع! مع أن شد الرحال قد يكون للزيارة وحدها، أو مع نية الإستشفاع والتوسل! ".

النتيجة واحدة وهو وجود التوسل والإستشفاع، وهذا ما أريده وأسأل عنه.

وقلت أيضاً: " فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ولا يتوسل ولا يستشفع به! ".

هذا منطوق كلامك، وعليه فقد يزور مسلم نبيه ويؤدي واجب احترامه ويتوسل ويستشفع به!

وهذا مفهوم كلامك. وسؤالي كيف يتوسل به؟ وسؤالي الثاني: كيف يستشفع به؟ هل أجد عندك إجابة مختصرة في حدود السؤالين السابقين؟ ولك تحيات الصارم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، الخامسة والثلث مساءً:

توسل به إلي الله، واستشفع به، وتوجَّه به، وتجوَّه به، وسأله به، واستغاث به، وأقسم عليه به.. كلها بمعني واحد، أي توسط به إلي الله تعالي.

ومعني توسلنا واستشفاعنا بالرسول صلي الله عليه وآله، أننا نقول: اللهم إن كنت أنا غير مرضي عندك ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي، فإني أسألك بحرمة عبدك ورسولك محمد، الذي له هو نبيي ومبلغي أحكامك، وخير خلقك، وصاحب المقام الأول عندك.. أن تقبل دعائي وتستجيبه.

ص: 45

وهذا يا أخ صارم أمر طبيعي صحيح، ليس فيه عبادة للنبي، ولا ادعاء شراكة له مع الله تعالي..

بل فيه تأكيد لمقام عبوديته وإطاعته لربه الذي وصل به إلي مقامه المحمود عند الله تعالي.. وهو مشروعٌ لورود النص به.

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، السادسة مساءً:

العاملي: أعوذ بالله من غضب الله ما هذه الجرأة علي الله؟

كيف تقول: " ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي "!!!! هل تعتقد أن الله لا يسمع؟! نعوذ بالله من الخذلان. هل تعتقد أن الله يخفي عليه شئ في الأرض وفي السماء؟ سبحانك هذا بهتان عظيم. أفق يا رجل فوالله إن الذي قلته ليزلزل الجبال. هداك الله. أرجو أن تستغفر الله بلا واسطة عن هذا الذنب العظيم. ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولي معك وقفة بإذن الله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، السادسة مساءً:

تركت كل الموضوع، وأخذت كلمة " تسمع دعائي " وفسرتها بأنا نعتقد أن الله تعالي لا يسمع!!

ما هذا الأسلوب يا صارم؟!!

العبارة: " إن كنت لا تسمع دعائي بسبب ذنوبي "، يعني لا تستجيب.. وسماع الدعاء بمعني استجابته عربي فصيح، أيها العربي!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 12 - 8 - 1999، السادسة والنصف مساءً:

العاملي: قد أخرج الموضوع عن مساره قليلاً، هل لك أن تدلني علي أن السماع بمعني الإستجابة من لغة العرب، وقبل ذلك القرآن؟ ولك تحياتي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 12 - 8 - 1999، السابعة مساءً:

ص: 46

فعلاً لا تحضرني مصادر.. لكن يستحب للمصلي أن يقول سمع الله لمن حمده، ومعناها استجاب، وليس مجرد السماع. ويكفي استعمالها عند العرب بقولهم: هل يسمع فلان منك، أم لا؟

وهو ليس سؤالاً عن حالة أذنيه.. وطرشه!!

ثم كتب (العاملي) بتاريخ 12-8-1999، الثامنة مساءً:

في سنن النسائي: 8/263:

عن أبي هريرة يقول: كان رسول الله صلي الله عليه وسمل يقول: " اللهم إني أعوذ بك من الأربع: من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعاء لا يسمع ". انتهي.

وفي هذا كفاية، فأجب علي ما ذكرته في موضوعنا.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 12 - 8 - 1999، العاشرة مساءً:

لقد بدأت أستغرب من كثرة المداقة منك في الألفاظ التي نستخدمها وكثرة نكرانك علينا في هذا الأمر، والحقيقة لم أكن لأشك في أن السماع بمعني الإستجابة، من يوم عرفنا الصلاة وفيها: " سمع الله لمن حمده " لتعذر حمل السمع هنا علي معناه اللغوي؟؟!!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 13 - 8 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

إلي العاملي: أشكرك علي إحالتك وبيانك.

وسؤالي وأرجو ألا تتذمر لم تلجؤون إلي الواسطة بينكم وبين الله؟ ألم يخلقنا؟ ألم يرزقنا؟ أليس سبحانه هو المتكفل بنا؟ ألم يقل لنا " ادعوني أستجب لكم " بلا واسطة؟

ألا تعلم أن العبد أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد؟

ص: 47

ألا تعلم أن كل وازرة لا تزر وزر أخري؟ ألا تعلم أن الإنسان مهما بلغ من الكمال فهو عبد ضعيف مربوب لله تعالي لا يملك لنفسه ضراًّ ولا نفعاً؟ فأي فرق بيننا وبين الأموات؟ وقد ذكرت لك أن عمر رضي الله عنه استشفع بعم النبي صلي الله عليه وآله، ولم يلجأ إلي قبر النبي عليه السلام!

فلم لم يفعل ذلك؟!! أتراه غفل عما تدعون إليه؟!!

نعم، للإنسان أن يطلب من آخر حي أن يدعو له، أما من الميت فإن الميت لا حول له ولا قوة!!

ولو كان بيده شئ لدفع الموت عن نفسه. وسؤالي مرة أخري لم تجعلون الميت واسطة؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 8 - 1999، الواحدة ظهراً:

حسب فهمنا المحدود وإدراك عقولنا القاصرة، الأمر كما تقول..

فالإنسان يعبد الله تعالي مباشرة، فينبغي أن يطلب منه مباشرة.. والله تعالي سميع بصير عليم، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد، فلا يحتاج إلي واسطة من شخص حي ولا ميت ولا أي مخلوق.. هذا حسب إدراك عقولنا..

ولكنه سبحانه بني هذا الكون، وخلق الإنسان وأقام حياته في الأرض علي أساس الأسباب والمسببات في أمور الطبيعة..

وأخبرنا أن عبادته والطلب منه لها أصول وأسباب، وأن علينا أن نتعامل معه حسب هذه الأصول. مثلاً: لماذا يجب الإيمان بالرسول؟

فإذا أردنا أن ننفي الواسطة نقول: إن المطلوب هو الإيمان بالله وحده، والرسول مبلغ وقد بلغ ذلك وانتهي الأمر.. فلماذا نجعل الإيمان به مقروناً بالإيمان بالله تعالي؟! لماذا قال الله تعالي: أطيعوني وأطيعوا الرسول، ولم يقل أطيعوني فقط، كما بلغكم الرسول؟!! وهذا المثل قد يكون صعباً..

ص: 48

مثل آخر: الكعبة..

لماذا أمر الله تعالي ببناء غرفة، وقال توجهوا إليها وحجوا إليها وتمسحوا بها؟

هل يفرق عليه في عبادتنا له أن نصلي له إلي هذه الجهة أو تلك؟ أو تحج تلك المنطقة، أو لا تحج؟ فلماذا جعلها واسطة بيننا وبينه؟!

بل إن الصلاة أيضاً نوع من التوسل.. وقد يسأل إنسان: هل تحتاج عبادة الله إلي صلاة له؟

بل إن الدعاء أيضاً توسل.. فالله تعالي مطلع علي الضمائر والحاجات، فلماذا يطلب أن نقول له؟

بل يمكن لهذا التفكير العقلي أن يوصل الإنسان إلي القول: لماذا خلق الله الإنسان بحيث تكون له حاجات، وقال له: ادعني حتي أستجيب لك..

إنا جميعاً يا صارم.. أفكار العقل القاصر أمام حكمة الله تعالي، وحكمته تُعرف بالشرع والعقل معاً، وليس بظنون العقل واحتمالاته!! وما دام مبدأ التوسل ثبت في الشرع، فإن العقل لا يعترض عليه، بل هو " العقنقل " كما عبر عنه الأخ مشارك!!

والتوسل بالنبي صلي الله عليه وآله ثابت في حياته وبعد موته بدون فرق، لأنه حي عند ربه، وحياته أقوي من حياة أحدنا!

وقد قلت لك إن التوسل لا يحتاج إلي مخاطبة، فهو سؤال لله تعالي بمقام النبي وجهاده في سبيله وشفاعته عنده.

وأخبرتك أن ابن تيمية أجاز التوسل بالأموات ولعله حصره بالنبي صلي الله عليه وآله.

وكتب (الصارم) بتاريخ 13 - 8 - 1999، الرابعة عصراً:

العاملي:

ص: 49

أولاً: أوافقك القول علي أن العقل قاصر، وهذا لا مرية فيه. أما تمثيلك بالكعبة فقياس مع الفارق، لوجود الدليل الذي أمرنا الله من خلاله أن نتوجه إلي الكعبة إذ الكعبة ليست واسطة. ولك أن تتصور أن شخصاً يتحدث معك وقد التفت عنك وأعطاك ظهره!! هل تقبل عليه وتتحدث معه؟ وكذلك وضعت الكعبة ليتجه إليها المسلمون جميعاً في صلاتهم، لا أنها واسطة... إلي غير ذلك من الحكم.

ثانياً: قلت: " أن ابن تيمية أجاز التوسل بالأموات ولعله حصره بالنبي صلي الله عليه وآله ". كلامك متناقض كيف تقول أجاز ثم ترجع وتقول: لعله؟!! هذا لا يستقيم. فإما أنه أجاز التوسل بالأموات، وهذا محال، أو أنه أجاز التوسل بالنبي عليه السلام، فهل لك أن تدلني علي كلام شيخ الإسلام رحمه الله في التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله مع ذكر المرجع؟

ثالثاً: أريد الدليل من القرآن، ومن القرآن، علي قولك. راجياً الإختصار ما أمكن، وشكراً لك.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 8 - 1999، الرابعة والنصف عصراً:

قال ابن تيمية في رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص 16:

(وكذلك مما يشرع التوسل به في الدعاء. كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلي الله عليه وسلم علَّم شخصاً أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها. اللهم فشفعه في. فهذا التوسل به حسن، وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام! والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا علي سبيل

ص: 50

استحضاره لا علي سبيل الطلب منه. وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه). انتهي.

فقد أفتي ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير وفيه خطاب للنبي صلي الله عليه وآله، وهو ميت!

ولا حظ.. يا صارم أن الميزان عند ابن تيمية أن تطلب من الله أو من المتوسل منه.

وهذا هو كلام علماء المسلمين كلهم.

وتفريقه بين المتوسل والداعي والمستغيث غير صحيح، لأنه لا يوجد مسلم يدعو النبي ويطلب منه من دون الله أو يستغيث به من دون الله!!

وأزيدك حديثاً آخر صححه الطبراني يفسر حديث الضرير.

قال في المعجم الكبير: 9/17:

عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن عمه عثمان بن حنيف رضي الله عنه: أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان بن عفان رضي الله عنه في حاجة له فكان عثمان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان بن حنيف فشكا إليه ذلك.

فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد، فصل فيه ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلي الله عليه وسلم نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فتقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك، ورح إلي حتي أروح معك.

فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتي باب عثمان بن عفان فجاء البواب حتي أخذ بيده، فأدخله علي عثمان بن عفان فأجلسه معه علي الطنفسة، وقال له: ما حاجتك؟

ص: 51

فذكر حاجته، فقضاها له. ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتي كانت هذه الساعة، وقال: ما كانت لك من حاجة فائتنا. ثم إن الرجل خرج من عنده فلقي عثمان بن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً، ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إلي حتي كلمته فيَّ!

فقال عثمان بن حنيف: والله ما كلمته، ولكن شهدت رسول الله صلي الله عليه وسلم وأتاه رجل ضرير فشكا إليه ذهاب بصره، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: أو تصبر؟

فقال: يا رسول الله إنه ليس لي قائد وقد شق عليَّ. فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: إئت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات. قال عثمان بن حنيف: فوالله ما تفرقنا وطال بنا الحديث، حتي دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر، قط!

وكتب (الصارم) بتاريخ 14 - 8 - 1999، الواحدة ظهراً:

إلي العاملي: إليك الجواب عما أثرته وأعتذر عن الإطالة:

أولاً: لم تحلني علي مرجع، وقولك: " قال ابن تيمية في: رسالة لشيخ الإسلام من سجنه ص 16 "، أتعد هذا إحالة؟!! ما رأيك لو قلت لك: قال صاحب الكافي في رسالة له. أتقبل ذلك مني؟!

ثانياً: إما أنك لا تجيد النقل، وتأخذ ما يوافق هواك!! وأعيذك بالله أن تكون كذلك، وإما أنك أسأت فهم كلام ابن تيمية، أو نقلت شبهة كان يريد الرد عليها، لأن أقواله في هذه المسألة - التوسل بالنبي - مشهورة مبثوثة في ثنايا كتبه رحمه الله. وحتي أزيدك إيضاحاً حول هذه المسألة عند أهل السنة والجماعة أقول: التوسل بالرسول عليه السلام ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يتوسل بالإيمان به واتباعه وهذا جائز في حياته وبعد مماته.

ص: 52

القسم الثاني: أن يتوسل بدعائه أي بأن يطلب من الرسول صلي الله عليه وآله أن يدعو له فهذا جائز في حياته، أما بعد مماته فلا لتعذره.

القسم الثالث: أن يتوسل بجاهه ومنزلته عند الله فهذا لا يجوز لا في حياته ولا بعد مماته.

ثالثاً: قلت يا عاملي: " فقد أفتي ابن تيمية بجواز العمل بحديث الضرير وفيه خطاب للنبي صلي الله عليه وآله، وهو ميت! ". ولا أدري من أين استنبطت قولك: وهو ميت؟!!!

رابعاً: قلت: " لا يوجد مسلم يدعو النبي ويطلب منه من دون الله أو يستغيث به من دون الله!! "

فبالله عليك لم يشد الناس رحالهم إلي القبور؟ إن قلت من أجل الدعاء عندها دون أن يكون للميت تأثير، قلنا لك فلا فائدة من شد الرحال، والإجابة حاصلة في مكانك الذي أنت فيه دون أن تشد الرحل. وإن قلت إن للميت تأثيراً، أو من أجل حصول البركة، قلنا: كيف يؤثر وهو لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراًّ؟

ومن هنا جاء النهي عن شد الرحال للقبور منعاً لجناب التوحيد من شوائب الشرك.

ولو تنزلنا معك ووافقناك في قولك أنا لا أستغيث بها، قلنا: لك لكن عوام الناس ممن لا فقه عنده سيظن أن للميت تأثيراً وإلا لما شدت إليه الرحال، فيلجأ في دعائه إلي الميت، وهذا ما يحصل عند غالب القبوريين. فلما كانت هنالك مفسدة مترتبة علي ذلك وقع النهي.

خامساً: أما حديث الطبراني فيحتاج إلي مراجعة، فلم يسعفني الوقت للوقوف عليه، وعلي صحته.

ص: 53

آمل أن تتأمل جوابي جيداً ليتضح لك الحق بإذن الله. ولك تحياتي.

وأجاب (العاملي) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

أرجو أن تصحح ما هو المركوز في ذهنك من أن الزيارة تلازم التوسل والإستغاثة.. وأن شد الرحال يكون للإستغاثة، فلا تلازم بينها أبداً..

وإذا أكملنا البحث في التوسل آتي لك بنصوص الزيارة بلا توسل.

وهذا اليوم قرأت لإمامك ابن تيمية مجدداً كل مقولاته حول التوسل وحديث عثمان بن حنيف عن الضرير، وعن حديث عثمان بن حنيف الآخر الذي صححه الطبراني..

فقد تعرض لذلك في كتبه وكتيباته التالية:

العبادات عند القبور.

وزيارة القبور.

والتوسل والوسيلة.

واقتضاء الصراط المستقيم.

ورسالة من سجنه.

وخلاصة رأيه: أنه يفسر حديث الأعمي بأنه توسل بدعاء الرسول صلي الله عليه وآله، لا بذاته، وفي حياته لا بعد مماته.

قال في التوسل والوسيلة ص 265:

وفي الجملة فقد نقل عن بعض السلف والعلماء السؤال به بخلاف دعاء الموتي والغائبين من الأنبياء والملائكة والصالحين والإستغاثة بهم والشكوي إليهم فهذا مما لم يفعله أحد من السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا

ص: 54

رخص فيه أحد من أئمة المسلمين. وحديث الأعمي الذي رواه الترمذي هو من القسم الثاني من التوسل بدعائه.

وقال في ص 268:

وفيه قصة قد يحتج بها من توسل به بعد موته إن كانت صحيحة، رواه من حديث إسماعيل بن شبيب بن سعيد الحبطي، عن شبيب بن سعيد، عن روح بن القاسم، عن أبي جعفر المديني، عن أبي أمامة

سهل بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان بن عفان في حاجة له وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي الرجل عثمان بن حنيف، فشكا إليه ذلك، فقال له عثمان بن حنيف: ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل ركعتين، ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة. يا محمد، إني أتوجه بك إلي ربي.... إلخ. قال البيهقي ورواه أحمد بن شبيب بن سعيد عن أبيه بطوله، وساقه من رواية يعقوب بن سفيان عن أحمد بن شبيب بن سعيد، قال: ورواه أيضا هشام الدستوائي عن أبي جعفر... إلخ. انتهي.

ثم ناقش ابن تيمية في سند الحديث، ولم يفت بالتوسل بالنبي صلي الله عليه وآله بعد وفاته.

أما رسالته من سجنه، فهي مطبوعة ضمن مجموعة رسائله وتبدأ من ص 248، وهي من سجنه في مصر، وأنقل لك منها فقرات، والأخيرة فيها يجيز فيها التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله فقد قال به، ولم يقل بدعائه!!

قال في ص 250:

فجاء الفتاح أولاً، فقال: يسلم عليك النائب وقال: إلي متي يكون المقام في الحبس، أما تخرج؟ هل أنت مقيم علي تلك الكلمة، أم لا؟ وعلمت أن الفتاح ليس في استقلاله بالرسالة مصلحة لأمور لا تخفي، فقلت له: سلم علي النائب،

ص: 55

وقل له: أنا ما أدري ما هذه الكلمة، وإلي الساعة لم أدر علي أي شئ حبست، ولا علمت ذنبي، وأن جواب هذه الرسالة لا يكون مع خدمتك، بل يرسل من ثقاته الذين يفهمون ويصدقون أربعة أمراء، ليكون الكلام معهم مضبوطاً عن الزيادة والنقصان، فأنا قد علمت ما وقع في هذه القصة من الأكاذيب.

فجاء بعد ذلك الفتاح ومعه شخص ما عرفته، لكن ذكر لي أنه يقال له علاء الدين الطيبرسي، ورأيت الذين عرفوه أثنوا عليه بعد ذلك خيراً وذكروه بالحسني لكنه لم يقل ابتداء من الكلام ما يحتمل الجواب بالحسني، فلم يقل الكلمة التي أنكرت كيت وكيت ولا استفهم: هل أنت مجيب إلي كيت وكيت؟! [ولعله يقصد أنه عرضوا عليه أن يتوب ويسلم].

وقال في ص 253:

وجعل غير مرة، يقول لي: أتخالف المذاهب الأربعة؟ فقلت: أنا ما قلت، إلا ما يوافق المذاهب الأربعة..

وقال في ص 256:

وقال لي في أثناء كلامه فقد قال بعض القضاة إنهم أنزلوك عن الكرسي، فقلت: هذا من أظهر الكذب الذي يعلمه جميع الناس، ما أنزلت من الكرسي قط، ولا استتابني أحد قط عن شئ، ولا استرجعني.

وقلت: قد وصل إليكم المحضر الذي فيه خطوط مشائخ الشام وسادات الإسلام، والكتاب الذي فيه كلام الحكام الذين هم خصومي كجمال الدين المالكي وجلال الدين الحنفي...

وقال في ص 265:

فقال: فاكتب هذه الساعة أو قال: اكتب هذا، أو نحو هذا، فقلت: هذا هو مكتوب بهذا اللفظ في العقيدة التي عندكم، التي بحثت بدمشق واتفق عليها

ص: 56

المسلمون فأي شئ هو الذي تريده؟ وقلت له: أنا قد أحضرت أكثر من خمسين كتاباً من كتب أهل الحديث والتصوف والمتكلمين والفقهاء الأربعة الحنيفة والمالكية والشافعية والحنبلية وتوافق ما قلت...

وقال في ص 266:

فراح ثم عاد وطلب أن أكتب بخطي أي شئ كان. فقلت فما الذي أكتبه؟ قال: مثل العفو وألا تتعرض لأحد!! فقلت: نعم هذا أنا مجيب إليه...!!

وقال في ص 272:

وهذا الذي يخافه من قيام العدو ونحوه في المحضر الذي قدم به من الشام إلي ابن مخلوف فيما يتعلق بالإستغاثة بالنبي صلي الله عليه وسلم، إن أظهروه وكان وباله عليهم، ودل علي أنهم مشركون لا يفرقون بين دين المسلمين ودين النصاري...

وقال في ص 276:

وأما حقوق رسول الله صلي الله عليه وسلم بأبي هو وأمي مثل تقديم محبته علي النفس والأهل والمال وتعزيره وتوقيره وإجلاله وطاعته واتباع سنته وغير ذلك، فعظيمة جداًّ. وكذلك مما يشرع التوسل به

في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه أن النبي صلي الله عليه وسلم علم شخصا أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في. فهذا التوسل به حسن. وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام، والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين. المتوسل إنما يدعو الله ويخاطبه ويطلب منه لا يدعو غيره إلا علي سبيل استحضاره لا علي سبيل الطلب منه.

ص: 57

وأما الداعي والمستغيث فهو الذي يسأل ويطلب منه ويستغيثه ويتوكل عليه والله هو رب العالمين. انتهي.

وأنت تلاحظ أنه عبر هنا بالتوسل به، وليس بدعائه، كما أنه لم يخصصه بحال حياته، بل ذكر ذلك من حقوقه والإعتقاد به فعلاً!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الخامسة مساءً:

إلي العاملي:

هنالك نقطة اختلاف بيني وبينك، ولعلها لم تظهر بعد، فأنت حينما تسافر وتقطع مئات الأميال من أجل أن تزور القبر الفلاني، لم أقدمت علي هذا العمل؟ وكيف لا يكون هناك تلازم بين التوسل والإستغاثة والزيارة وهذا ما قصدته فيما كتبته لك. وهو ما أسأل عنه لم تشد الرحل للقبر؟

فقلت بعظمة لسانك " نزورهم ونستشفع بهم إلي الله تعالي " ثم تقول: لا تلازم، أي تناقض هذا؟!!

أما قولك إنك قرأت كتب ابن تيمية حول موضوعنا، فأشكرك علي شجاعتك ونقلك لما يخالف كلامك، وكنت أتمني منك لو قلت: وقد أخطأت، أو وقد تبين بطلان كلامي، فكل منصف سيري هذا الخطأ الذي وقعت فيه ونسبته لشيخ الإسلام.

قولك: " ولعله يقصد أنه عرضوا عليه أن يتوب ويسلم ". لا داعي له، فما وقع الإختلاف بيننا إلا بمثل هذه " اللعلات " التي لا تستند إلي دليل، اللهم إلا البحث عن العيوب، وتسقط العثرات.

أخيراً: قولك فيما نقلته عن الشيخ: "... أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها اللهم فشفعه في.

ص: 58

فهذا التوسل به حسن وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام، والفرق بين هذين متفق عليه بين المسلمين ".

ثم قلت: " وأنت تلاحظ أنه عبر هنا بالتوسل به، وليس بدعائه ". أقول لك: إرجع إلي تقسيم التوسل الذي ذكرته لك آنفاً، وستعرف المقصود بكلام الشيخ رحمه الله فلا حجة لك عليه، وكيف تفسر الكلام بهواك بلا دليل؟

وقولك: " كما أنه لم يخصصه بحال حياته، بل ذكر ذلك من حقوقه والإعتقاد به فعلاً!! " من أين لك هذا الإستنباط؟!! فلو كان هذا فهم السلف، لما لجؤوا إلي عم النبي العباس رضي الله عنه في الاستسقاء. وإلا.. فقلي (كذا) بربك ما تفسير توسلهم بدعاء عم النبي صلي الله عليه وآله، ولم يلجؤوا إلي قبره؟!!!

أرجو أن أجد جواباً شافياً مختصراً علي جميع أسئلتي. ولك تحيات الصارم.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا سألت كريماً حاجة فدعه يفكر، فإنه لا يفكر إلا في خير.

وكتب (العاملي) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ صارم.. اسمح لي أن أفهرس نقاشنا:

أولاً: مسائله ثلاث:

فأصل موضوعنا زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله.

وهناك موضوعان يتصلان بها:

الأول: شد الرحال إليها يعني السفر إلي المدينة المنورة بقصد الزيارة.

والثاني: التوسل والإستشفاع بالنبي صلي الله عليه وآله.

وثانياً: كان موضوعنا الحكم الشرعي لذلك، سواء من الأحاديث الصحيحة علي حسب موازين علماء المذاهب.. ووصلنا إلي رأي ابن تيمية في ذلك.

ص: 59

لقد قرأت اليوم رأيه في زيارة القبور وشد الرحال إليها من بضعة كتب وكتيبات له وهي:

فتيا في نية السفر.

زيارة بيت المقدس.

رسالة في الدعاء عند القبور.

رده علي الأخنائي.

إبطاله لفتاوي قضاة مصر.

الجواب الباهر في زوار المقابر.

شرح حديث لعن الله زوارات القبور.

بيان مختصر لمناسك الحج مضافاً إلي ما ذكره حول المسألة في تفسير سورة الإخلاص.

الحديث وعلومه.

والنتيجة التي خلصت إليها:

أنه يحرم شد الرحال إلي زيارة أي قبر، حتي قبر النبي صلي الله عليه وآله، ويحلله إلي مسجده.

كما أنه يحلل زيارته بمعني السلام عليه بدون شد رحال وبدون توسل به.

ووصلت إلي نتيجة أن فتواه من السجن كانت مداراة بتعبيركم، وتقية بتعبيرنا، وقد استعمل فيها أسلوب التعميم والإجمال ليرضي القضاة والسلطان ويخلص نفسه منهم.

لا بأس.. لو سألك شخص من مصر، وهو ناوٍ للحج، فقال لك: أنا ذاهب إلي مكة والمدينة، فدلني كيف أنوي، وكيف أزور قبر النبي وشهداء أحد

ص: 60

زيارة شرعية وليست بدعية حسب فتوي ابن تيمية، ما هو الحلال وما هو الحرام؟ فبماذا تجيبه؟

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 16 - 8 - 1999، الخامسة مساءً:

الرد علي العاملي:

كنت أتابع كلام أخي الصارم مع العاملي، وكانت لي ملاحظات كثيرة لأن الحوار قد تفرع كثيراً. والذي أعجبني من أخي الصارم أنه يحدده بسؤال سؤال دون إطاله، وها تسهيلاً للقراء، أما العاملي فأقول لك لا بأس من الإطالة في البداية، ولكن بعد أن تعرض كل كلامك ويعرض أخي صارم كل

كلامه، بعدها تأخذون الحوار نقطة نقطة من ما عرضتموه ولا تنتقلون لما بعده من النقاط حتي تنتهوا من تلك النقطة.

لأن تنقلاتك يا عاملي لما بعد النقطة التي يسألك عنها الأخ صارم لا تفيدكم ولا تفيد القراء. بما أني لا أداخل أخي صارم بملاحظاتي الكثيرة علي كلام العاملي، لأن الأخ صارم إنشاء الله ما زال يجيبه، فأنا أسأل العاملي فقط نفس السؤال الذي سأله أخي صارم ولكن بأسلوب آخر.

يا عاملي قد سألك أخي صارم: لماذا تستشفعون بالأموات؟ وكيف؟ كيف يتوسل به؟ كيف يستشفع به؟ فأجبته أنت قائلاً: " توسل به إلي الله، واستشفع به، وتوجه به، وتجوه به، وسأله به، واستغاث به، وأقسم عليه به.. كلها بمعني واحد، أي توسط به إلي الله تعالي. ومعني توسلنا واستشفاعنا بالرسول صلي الله عليه وآله أننا نقول: اللهم إن كنت أنا غير مرضي عندك ولا تسمع دعائي بسبب ذنوبي، فإني أسألك بحرمة عبدك ورسولك محمد، الذي له هو نبيي ومبلغي أحكامك،

وخير خلقك، وصاحب المقام الأول عندك.. أن تقبل دعائي وتستجيبه ".

ص: 61

فأقول لك يا عاملي: هل أنت توافق المشركين الذين حاربهم الرسول صلي الله عليه وسلم لأنهم قالوا: " وما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي "؟؟؟ بالطبع ستقول لا. طيب..

السؤال 1: هل ممكن أن تشرح لي ما معني عبادتهم لهم وكيف كانوا يعبدونهم لكي نحذر مما كفرهم الله به؟

السؤال 2: إن قلت لي إنكم تتوسطون بأهل القبور ليقربوكم إلي الله زلفي لأن لهم جاهاً وأنتم لكم ذنوب لا يستجيب الله دعائكم.

قلت لك: وكذلك المشركون، كانوا يفعلون مع القبور تماماً كما قلت بنص هذه الآية لأنهم يعتقدون أن اللات والعزي ومناة صالحون وهم قد ماتوا، فهم يأتون قبورهم أو آثارهم المجسمة كأصنامهم ليتوسطوا لهم عند الله بنص هذه الآية.

وإن قلت لي: ثبت عندنا أن صلاح الرسول صلي الله عليه وسلم ثابت لا ينكر، أما اللات والعزي و.. و.. فلم يثبت عنكم صلاحهم.

فأقول لك: ولكن الله عز وجل سمي الفعل هذا عبادة لهم وشركاً ولم يشترط الله صلاح الذين يعبدونهم ليقربوهم إلي الله زلفي كما أنكر الله عبادة الملائكة في القرآن مثلاً رغم صلاحهم.

فإن قلت لي: هم كفروا لأنهم كانوا يعبدون اللات والعزي ومناة لأنهم كانوا يعتقدون لها قدرة علي النفع والضر مثل أنها خلقت شيئاً مع الله و.. و.. من دون الله.

قلت لك: ولكنهم يقولون ليقربونا إلي الله زلفي وكلامهم واضح أن قصدهم الله في النهاية ولكن عن طريق وساطة اللات و.. و.. و.. ولكن رغم هذا كفرهم الله ورسوله.

ص: 62

فما هو الفرق بين عملكم وبين عملهم؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (الصارم) بتاريخ 16 - 8 - 1999، السادسة مساءً:

الأخ العزيز الإماراتي:

أشكرك كثيراً علي هذه المداخلة، وكما يقولون القلوب عند بعضها، وهذا ما كنت أنوي فعله مع العاملي، بإرجاع الموضوع إلي أساسه، حتي لا يتشعب الحوار، وكان سبب تأخري في ذلك حدوث خلل منعني من الدخول للساحة، وقد راسلت الفاضل العلي، وأرشدني إلي طريقة دخلت من خلالها،

فلك وله الشكر.

أما العاملي فيشكر أيضاً علي رجوعه للحق، حينما قرأ بعض كتب ابن تيمية وقرر، ما قررته من أن ابن تيمية لا يجيز الإستشفاع بالأموات، أما التوسل بهم فكما ذكرت في تقسيمي أعلاه. وبالرغم من ذلك فلي عتب عليه حينما قال: " ووصلت إلي نتيجة أن فتواه من السجن كانت مداراة بتعبيركم، وتقية بتعبيرنا، وقد استعمل فيها أسلوب التعميم والإجمال، ليرضي القضاة والسلطان ويخلص نفسه منهم " لأن ذلك موضوع آخر ليس هذا مجال نقاشه، وأنا أرد قوله عليه لأن هذا الإمام الجهبذ قد وقف نفسه لله، ولا يمكن أن يفعل ذلك.

أما جواب سؤالك فأرجئه (كذا) إلي أن تجيب أخي الإماراتي، لأن محور النقاش يدور حول ذلك. ولك تحياتي وشكري علي اعترافك بالحق. هدانا الله وإياك إلي المحجة البيضاء التي لايزيغ عنها إلا هالك.

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا سألت كريماً حاجة فدعه يفكر، فإنه لا يفكر إلا في خير.

فكتب (العاملي) بتاريخ 16 - 8 - 1999، الثامنة مساءً:

ص: 63

نعم، لقد تشعب الموضوع.

ولكن سؤال الأخ راشد عن التوسل والإستشفاع. وسؤالك عن شد الرحال والتوسل والإستشفاع.

وقد سألتك عن شد الرحال لأثبت لك تناقض فتاوي ابن تيمية فيها.

وسأترك مطالبتك بالجواب.. فعلاً، وأجيبكما عن التوسل والإستشفاع، ومعناهما عندنا وعندكم واحد.

فالتوسل الجائز عند إمامكم هو التوسل بدعاء النبي في حياته فقط، ومعناه أنه الآن لا يجوز، لا حتي بدعائه، كما لا تجوز مخاطبته.. لأنه ميت.

أما عندنا.. فالتوسل جائز ومستحب بالنبي وآله صلي الله عليه وآله، بذاته الشريفة وكل صفاته الربانية ومقامه المحمود، وكذا مخاطبته، والطلب منه أن يدعو لنا ربه، أو يشفع إلي ربه في الحاجة، أو الجنة.. كل ذلك جائز، وبعضه مستحب.

ولا فرق عندنا في ذلك بين حياته وبعد وفاته، لأنه حي عند ربه، يسمع كلامنا بإذن ربه، إلا أن يحجب الله كلام أحد عنه.

وهذا التوسل ليس فيه أي شائبة شرك، لأنا نعتقد أنه عبد الله ورسوله، ليس له من الأمر شئ إلا ما أعطاه الله، ولا يملك شيئاً من دون الله، بل كل ما يملكه فهو من الله تعالي. وطلبنا منه وتوسلنا به، ليس دعاء له من دون الله، بل هو دعاء الله، وطلب من الله وحده، والطلب من الرسول أن يكون

واسطة وشفيعاً إلي ربه.

ودليلنا علي ذلك: الآيات والأحاديث الصحيحة التي أجازته وحثت عليه.. وقد أشرت لك إلي أننا لم نخترع ذلك من عندنا.. ولا عندنا هواية لأن نضم إلي الطلب من الله مباشرة، الطلب منه تعالي بواسطة.. ولا الأمر إلينا حتي نختار هذا الأسلوب في دعائنا وعبادتنا أو ذاك!!

ص: 64

بل الأمر كله له عز وجل..

وقد قال لنا: " اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ".

وقال: " أولئك يبتغون إليه الوسيلة أيهم أقرب "

وقال: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول "

وقال عن أبناء يعقوب: " يا أبانا استغفر لنا ".

كما روينا ورويتم الأحاديث الصحيحة الدالة عند علماء المذاهب علي ما ذهبنا إليه.

فهل إشكالكم علينا لأنا نطيع ربنا ونتبع الواسطة والوسيلة التي أمرنا بها.. ولا نتفلسف عليه ونقول له نريد أن ندعوك مباشرة، فلا تجعل بيننا وبينك واسطة!!

لقد أمر عز وجل رسوله صلي الله عليه وآله أن يكون موحِّداً بلا شروط، ويطيعه مهما أمره حتي لو قال له لقد اتخدت ولداً لي فاعبده! " قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين ".. ولكنه سبحانه أخبرنا أنه لم يتخذ صاحبة ولا ولداً!!

لكن أخبرنا أنه جعل رسوله وآله شفعاء إليه، وأمرنا أن نتوسل بهم ونستشفع بهم في الدنيا والآخرة.

أما نسبتي إلي ابن تيمية تجويز التوسل في سجنه، فلم تكن افتراء والعياذ بالله، بل اعتمدت علي عبارته المتقدمة في سجنه، وكذلك اعتمد عليها السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام.

وأبو حامد المرزوق في كتابه التوسل بالرسول وجهلة الوهابية وغيرهما كثير..

ولا أقول إن هؤلاء العلماء قد افتروا عليه.. فهُم من أهل البحث والدقة.. ولكنهم اعتمدوا علي تلك العبارة المجملة التي كتبها في السجن!

ص: 65

ونحن الشيعة حساسون من كل ما يكتب بالإكراه أو شبه الإكراه، ولا نقول بصحة نسبة الرأي الصادر من صاحبه في ظروف الإكراه وشبهه.. ونفتي ببطلان البيع المكره عليه، وكذا البيعة.

لذلك بعد قراءتي الشاملة لما كتبه في الموضوع، قلت: إن ابن تيمية لم يجوز التوسل رغم عبارته المذكورة.

ولكني لا أوافقه علي رأيه، لأن دليل علماء المذاهب أقوي من دليله. ثم دليلنا في اعتقادي أقوي من أدلة علماء المذاهب.. وشكراً.

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 16 - 8 - 1999، العاشرة ليلاً:

أعيد السؤال للعاملي:

يا عاملي أليس 1 قدس سره 1 = 2؟ سؤالي وطلبي كان في منتهي الوضوح: أليس الله تعالي يقول " ولتستبين سبيل المجرمين:؟ والمشركون هم يسلكون هذا السبيل بلا شك ومن سبيلهم الذي كفرهم الله به هو أنهم يقولون " وما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي ".

السؤال 1: هل ممكن أن تشرح لي ما معني عبادتهم لهم وكيف كانوا يعبدونهم لكي نحذر مما كفرهم الله به ونحذر سبيلهم؟

السؤال 2: فما هو الفرق بين عملكم وبين عملهم؟

إن قلت لي: إنكم تتوسطون بأهل القبور ليقربوكم إلي الله زلفي لأن لهم جاهاً وأنتم لكم ذنوب لا يستجيب الله دعائكم إلا من طريقهم كما قلت بسبب الذنوب.

قلت لك: وكذلك المشركين كانوا يفعلون مع أهل القبور تماماً كما قلت بنص هذه الآية لأنهم يعتقدون أن اللات والعزي ومناة صالحون.. فما هو الفرق بين عملكم وبين عملهم؟؟

ص: 66

أجب علي هذه الأسئلة فقط، ولا تقول قال السبكي وقال شيخ الإسلام وهناك رواية و.. و.. و.. و.

أجب أولاً، ثم انتقل مع الأخ صارم خطوة خطوة، لكي لا يتشعب الكلام، لأننا نحن نستطيع أن ننسخ لك كتاب التوحيد ونلصقه كاملاً.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 16 - 8 - 1999، العاشرة والنصف ليلاً:

في البدء.. أتلو اعتذاري علي الأخوين العاملي، والصارم علي هذه المداخلة التي ما كنت أرجوها لأن طريقة البحث كانت هادئة ومصيبة في غالب الأحايين، بيد أني أريد أن أضع مفارقة بسيطة.. لولا غيابها عن ذهن الإماراتي لما أدلي باستفساراته هنا..

أولاً: وكما قال الأخ العاملي وقلتم أن التوسل وإن كان له مدخلية وارتباط عضوي بأصل البحث غير أنه من غير المبتغي أن يبدء ببحثه الآن..

ثانياً: وهذا للإماراتي خاصة: إن جميع كلامك يعتمد علي قضية المشركين، وما هنالك من الشباهة المتوهمة بين مقامهم ومقام الأولياء الصالحين.. كما جاء عن الشيخين ابن تيمية وسليل فكره ابن عبد الوهاب النجدي.

وقد قلتَ موجهاً في ذلك أن المشركين لم يستقلوا بأصنامهم في أمر العبادة، ولكن الله ذي العزة والجلال أدانهم بالكفر...

وهذا أعتبره تخليطاً واضحاً من خلال أنك ادعيت أن الله سماها عبادة علي الرغم من عدم انطواء قصدهم علي ذلك؟!!

بينما الذي سماه عبادة، ودل ذلك علي وجود عبادة حقيقية ما حكاه الله جلا وعلا عنهم، وليس الله مباشرة، فقال تبارك اسمه: " ما نعبدهم إلا ليقربونا.. " نعم جعلوا غاية العبادة هو التقرب لله، والله قد حصر العبادة لوجهه الكريم.

ص: 67

وبهذا سيكون الفرق واضحاً وجاهراً أيضاً.. وهناك كلام بدا لي أن أخلفه فيما يتخلف...

وكتب (العاملي) بتاريخ 16 - 8 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

أثار الأخ راشد في مداخلته عدة موضوعات..

وإذا أراد الأخ صارم أن أحول الموضوع إلي نقاش مع الأخ راشد فبها، وإلا فيمكن فتح موضوع من

الموضوعات التي طرحها راشد..

ومنها مفهوم العبادة عند المشركين وعند المسلمين، والفرق بينهما.. لأثبت له أن الشفاعة والتوسل وغيرها من عقائد الإسلام لا تنافي التوحيد.. كما تصور.

وكتب (الإماراتي راشد) بتاريخ 17 - 8 - 1999، الواحدة صباحاً:

حرصاً علي هدوء الحوار كما سميته أنت وجميل 50، فأنا أترك الكلام الآن لك مع صارم لانشغالي بأمور أخري، رغم أنه لا يحق لك أن تشترط النقاش مع واحد فقط، لأني كنت أناقش (7) مناظرون لي وأنا وحدي في عدة صفحات، وأنت كنت منهم، فلم أقل للجميع لا تتدخلوا واتركوني مع واحد منكم.

ولكني أطلب من أخي الحبيب صارم أن يعتبر سؤالي هذا هو عين سؤاله هو موجهاً للعاملي، وآذن له أن يصوغ السؤال كما يراه ويوجهه من جديد للعاملي، لأن سؤالي هو ليس خروجاً عن الموضوع، لأن العنوان هو الزيارة والزيارة يندرج تحتها شد رحال أو توسط واستغاثة بالميت عندكم و.. و..

وأنا لم أسال إلا عن نفس الذي سأله أخي صارم، ولكن بأسلوبي الخاص. لك أن تجيب يا عاملي ولك أن تتجاهل، وهذا يسمي تهرب غير مرغوب فيه،

ص: 68

ومن حق الأخ صارم أن يلح عليك بالإجابة علي هذا السؤال، لأن من حق المناظر أن تجيبه.

وإلا فما العبرة من النقاش إن كنت تتجاهل السؤال ونتجاهل أسئلتك؟!؟!؟! ما هو هدف النقاش؟!؟! أليس الوصول للحق طبعاً، والوصول للحق يكون بسؤال وعرض وإجابة وتحاور و.. و..

أخي صارم هذا طلبي منك، ولك المشورة فيما تشور والصدر رحب للأحباب من أمثالك الموحدين.

وكتب (الصارم) بتاريخ 17-8-1999، الواحدة صباحاً:

أخي راشد حفظه الله ورعاه، وجعل الجنة مثوانا ومثواه: سواء سألت أنت أم أنا، لنا منهج واحد بحمد الله. لذا لا تثريب عليك أن تطرح ما تشاء باسمي، ولك أن ترد عني. هدفنا إظهار الحق وبيانه للناس، ودلالتهم علي الخير، لا الإنتصار لأنفسنا وأهوائنا، وإلا لن نصل إلي نتيجة.

وبإمكاننا أن نغادر الساحة، ونتركها لهم، ولن يضيرنا ذلك شئ، لكن عندنا رسالة يجب أن نؤديها ونبلغها للناس، فمن رضي فله الرضي ومن سخط فعليه السخط، والسلام. ملحوظة: سأعود للعاملي، في الغد بإذن الله.

وكتب (الصارم) بتاريخ 18 - 8 - 1999، الخامسة والنصف مساءً:

إلي العاملي: ألخص حوارنا السابق بما يلي:

سؤالي لماذا تشد الرحال إلي القبور؟ فأجبت للإستشفاع!!

لماذا تستشفع بهم؟ فأجبت لأن لي ذنوباً!!! ما الذي يعمله الميت لك؟

أرجو أن تجيب بصراحة عن هذا السؤال وبلا إطالة.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18 - 8 - 1999، السابعة مساءً:

ص: 69

كان سؤالك: لماذا تشد الرحال إلي القبور؟

وجوابه: أننا نشد الرحال لزيارة من ثبت عندنا استحباب زيارته كالنبي وأهل بيته صلي الله عليه وعليهم..

فغرضنا وكل المسلمين من شد الرحال والسفر هو الزيارة، وقد لا يعرف بعضهم الإستشفاع أبداً، بل يقول أنا ذاهب لزيارة النبي.

وقد يستشفع بهم الزائر وقد لا يستشفع، بل يسلم عليه ويصلي عنده، ويدعو الله تعالي بدون استشفاع.

وسألتني: لماذا تستشفع بهم؟

فضربت لك مثلاً في طلب شفاعتهم بالمغفرة.

وأضيف هنا أن النبي صلوات الله عليه وآله له مقام عظيم أكرمه به ربه في الدنيا والآخرة، ومن

إكرامه له أن المسلم إذا طلب من ربه حاجة مستشفعاًَ به وكانت مستجمعة للشروط الأخري، قضاها له.

فالتوسل والإستشفاع طلب من الله تعالي وحده بجاهِ نبيه، وليس طلباً من النبي الذي هو مخلوق مثلنا، ليس له من الأمر شئ، إلا ما أعطاه الله.

وسألت: ما الذي يعمله الميت لك؟

وجوابه أن النافع الضار هو الله تعالي وحده لا شريك له.

والميت والحي وكل المخلوقات لا تملك لي ولا لأنفسها نفعاً ولا ضراًّ، إلا ما ملَّكها الله تعالي..

ومن اعتقد بأن أحداً له بنفسه ذرة من ذلك فهو مشرك بالله تعالي.

ولكن الله تعالي هو الذي جعل هذا المقام لنبيه صلي الله عليه وآله، وأمرنا أن نبتغي إليه الوسيلة بالعمل وبتشفيع رسوله في حاجاتنا في الدنيا والآخرة.

ص: 70

ومع الأسف أن بعضكم ما زال يتصور أن شد الرحال إنما يكون بنية الإستشفاع والتوسل، وأن الإستشفاع والتوسل طلب من النبي ودعاء له بدل الله تعالي!! ونعوذ بالله من ذلك، ونعوذ به ممن يتهم المسلمين بذلك بدون دليل!!

وكتب (الصارم) بتاريخ 22 - 8 - 1999، الثالثة ظهراً:

إلي العاملي: معذرة لتأخري، وأعود مرة أخري لموضوعنا وأقول: هل لك أن تفرق بين فعل الشيعة وبين فعل المشركين في جاهليتهم عند قبورهم؟

فالمشركون يقرون بالربوبية، وإنما كفروا بتعلقهم بالملائكة والأنبياء، لأنهم يقولون " هؤلاء شفعاؤنا عند الله ". أرجو أن تفرق لي باختصار. تحياتي لك.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 22 - 8 - 1999، الثالثة والنصف ظهراً:

الكفار والمشركون اتخذوا آلهة وأولياء من دون الله تعالي.

والضالون اتخذوا إليه وسيلة من دونه.. لم يأمرهم بها.. ولم ينزل بها سلطاناً..

أما نحن.. فنوحده ونطيعه ونبتغي إليه الوسيلة التي أمرنا بها وهي محمد وآل محمد صلوات الله عليهم. والذين ينتقدوننا لم يفرقوا في موضوع التوسل والشفاعة بين ما هو من الله تعالي.. وما هو من دونه!!

وفي الفرق بينهما يكمن الكفر والإيمان، والهدي الضلال!!

وكتب (حسين مهدي أحمد) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 28-1-2000، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (حول زيارة قبور الأنبياء الأئمة والأولياء)، قال فيه:

ص: 71

يشكل علي الشيعة بأنهم يعتقدون بجواز زيارة قبور الأنبياء والأئمة صلوات الله وسلامه عليهم والأولياء ويشيدونها ويتبركون بها ويصلون ويدعون عندها مع أنه ورد النهي عن اتخاذ القبور مساجد وعن بناء المساجد علي القبور.

لم يرد النهي عن الزيارة في أثر من الآثار وإنما نهي عنه الوهابيون، منع الوهابية من شد الرحال إلي زيارة النبي صلي الله عليه وآله، فضلاً عن غيره.

ونقل القسطلاني في شرح صحيح البخاري، وابن حجر الهيثمي في الجوهر المنظم، عن ابن تيمية قدوة الوهابيين تحريم زيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله مع شد الرحال وبدونه!

وعن الملا علي القاري في المجلد الثاني من شرح الشفا أنه قال:

قد فرط ابن تيمية من الحنابلة حيث حرم السفر لزيارة النبي صلي الله عليه وآله، كما أفرط غيره حيث قال: كون الزيارة قربة معلوم من الدين وجاحده محكوم عليه بالكفر! ولعل الثاني أقرب إلي الصواب، لأن تحريم ما أجمع العلماء فيه بالإستحباب يكون كفراً، لأنه فوق تحريم المباح المتفق عليه في هذا الباب. انتهي.

تدل علي مشروعية زيارته صلي الله عليه وآله وفضيلتها، كما في كشف الإرتياب 362 - 372، الأدلة الأربعة:

الدليل الأول: كتاب الله العزيز:

قال تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ". النساء - 64. قال السمهودي في وفاء الوفاء: 2/411: العلماء فهموا من هذه الآية العموم لحالتي الموت والحياة واستحبوا لمن أتي القبر أن يتلوها.

الدليل الثاني: السنة الشريفة:

ص: 72

والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة، نقلها السمهودي في وفاء الوفاء: 4/394 - 403، ونقلها غيره ونحن ننقلها منه وربما نترك بعض أسانيدها، وقد تكلم هو علي أسانيدها بما فيه كفاية.

1 - الدار قطني في السنن وغيرها، والبيهقي وغيرهما بالأسانيد من طريق موسي بن هلال العبدي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زار قبري وجبت له شفاعتي.

2 - البزار من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري، عن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر عن النبي صلي الله عليه وآله: من زار قبري حلت له شفاعتي.

3 - الطبراني في الكبير والأوسط، والدار قطني في أماليه، وأبو بكر بن المقري في معجمه، من رواية مسلمة بن سالم الجهني، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع عن سالم، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من جاءني زائراً لا تحمله حاجة إلا زيارتي كان حقاًّ علي أن أكون له شفيعاً يوم القيامة.

قال والذي في معجم ابن المقري: من جاءني زائراً كان حقاًّ علي الله عز وجل أن أكون له شفيعاً يوم القيامة.

قال وأورد الحافظ ابن السكن هذا الحديث في باب ثواب من زار قبر النبي صلي الله عليه وآله من كتابه السنن الصحاح المأثورة.

ومقتضي ما شرطه في خطبته أن يكون هذا الحديث مما أجمع علي صحته. انتهي.

وهو بإطلاقه شامل للزيارة في الحياة وبعد الموت.

4 - الدار قطني والطبراني في الكبير والأوسط، وغيرهما من طريق حفص بن داود القاري، عن ليث عن مجاهد، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي.

ص: 73

قال: ورواه ابن الجوزي في مثير الغرام الساكن بسنده وزاد: وصحبتي.

ورواه ابن عدي في كامله بسنده بهذه الزيادة. ورواه أبو يعلي بسنده بدون الزيادة.

وفي بعض الروايات: من حج فزارني في حياتي.

ورواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريق عائشة بنت يونس امرأة الليث، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي.

أقول: ورواه بلفظه الأول السيوطي في الجامع الصغير، عن أحمد في مسنده، وأبي داود، والترمذي والنسائي عن الحارث.

5 - ابن عدي في الكامل، من طريق محمد بن محمد بن النعمان، عن جده، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني.

قال السبكي: وذكر ابن الجوزي له في الموضوعات طرفاً منه.

6 - الدار قطني في السنن، من طريق موسي بن هارون، عن محمد بن الحسن الجيلي، عن عبد الرحمن بن المبارك، عن عون بن موسي، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني في المدينة كنت له شهيداً وشفيعاً.

7 - أبو داود الطيالسي، عن سوار بن ميمون أبي الجراح العبدي، عن رجل من آل عمر، عن عمر قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: من زار قبري أو قال من زارني كنت له شفيعاً أو شهيداً. الحديث.

8 - أبو جعفر العقيلي من رواية سوار بن ميمون، عن رجل من آل الخطاب، عن النبي صلي الله عليه وآله: من زارني متعمداً كان في جواري يوم القيامة. الحديث.

ص: 74

9 - الدار قطني، وغيره من طريق هارون بن قزعة، عن رجل من آل حاطب، عن حاطب، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي. الحديث.

10 - أبو الفتح الأزدي، من طريق عمار بن محمد، عن خاله سفيان، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من حج حجة الإسلام وزار قبري وغزا غزوة وصلي في بيت المقدس لم يسأله الله عز وجل فيما افترض عليه.

11 - أبو الفتوح بسنده، من طريق خالد بن يزيد، عن عبد الله بن عمر العمري، عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني بعد موتي فكأنما زارني وأنا حي ومن زارني كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة.

12 - ابن أبي الدنيا، من طريق إسماعيل بن أبي فديك، عن سليمان بن يزيد الكعبي، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: من زارني بالمدينة كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة. وفي رواية: كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة.

ورواه البيهقي بهذا الطريق ولفظه: من زارني محتسباً إلي المدينة كان في جواري يوم القيامة.

13 - ابن النجار في أخبار المدينة، بسنده عن أنس قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني ميتاً فكأنما زارني حياًّ، ومن زار قبري وجبت له شفاعتي يوم القيامة.

14 - أبو جعفر العقيلي، بسنده عن ابن عباس، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زارني في مماتي كان كمن زارني في حياتي، ومن زارني حتي ينتهي إلي قبري كنت له يوم القيامة شهيداً.

أو قال: شفيعاً.

ص: 75

15 - بعض الحفاظ في زمن ابن مندة، بسنده عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من حج إلي مكة ثم قصدني في مسجدي كتبت له حجتان مبرورتان. قال: والحديث في مسند الفردوس.

16 - يحيي بن الحسن بن جعفر الحسيني، في أخبار المدينة بسنده عن علي عليه السلام، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من زار قبري بعد موتي فكأنما زارني في حياتي، ومن لم يزرني فقد جفاني.

وروي ابن عساكر بسنده عن علي: من زار قبر رسول كان في جوار رسول الله صلي الله عليه وآله.

17 - يحيي أيضاً، بسنده عن رجل، عن بكر بن عبد الله، عن النبي صلي الله عليه وآله: من أتي المدينة زائراً لي وجبت له شفاعتي يوم القيامة. الحديث.

انتهت الأحاديث التي أوردها السمهودي وهي مع كثرتها يعضد بعضها بعضاً وتعضدها الأحاديث الآتية مع أنه لا حاجة لنا إلي الإستدلال بها للسيرة القطعية وعمل المسلمين البالغ حد الضرورة.

الدليل الثالث: الإجماع:

فقد أجمع المسلمون خلفاً عن سلف من عهد النبي صلي الله عليه وآله والصحابة إلي يومنا هذا قولاً وعملاً علي زيارة قبره صلي الله عليه وآله ولم يشذ عنهم أحد إلا الوهابيون.

بل إن استحباب زيارة قبور الأنبياء والصالحين، بل وسائر المؤمنين ومشروعيتها ملحق بالضروريات عند المسلمين فضلاً عن الإجماع، وسيرتهم مستمرة عليها من عهد النبي صلي الله عليه وآله والصحابة والتابعين وتابعيهم، وجميع المسلمين في كل عصر وفي كل صقع، عالمهم وجاهلهم، صغيرهم وكبيرهم، ذكرهم وأنثاهم. فلا يكون إنكار ذلك إلا مصادمة للبديهة وإنكاراً للضروري.

ص: 76

قال السمهودي في وفاء الوفاء، نقلاً عن السبكي، قال عياض: زيارة قبره صلي الله عليه وآله سنة بين المسلمين مجمع عليها وفضيلة مرغوب فيها. انتهي.

قال السبكي: وأجمع العلماء علي استحباب زيارة القبور للرجال كما حكاه النووي، بل قال بعض الظاهرية بوجوبها. واختلفوا في النساء، وامتاز القبر الشريف بالأدلة الخاصة به، لهذا أقول إنه لا فرق بين الرجال والنساء.

الدليل الرابع: دليل العقل:

فإنه يحكم بحسن تعظيم من عظمه الله تعالي، والزيارة نوع من التعظيم، وفي تعظيمه صلي الله عليه وآله بالزيارة وغيرها تعظيم لشعائر الإسلام وإرغام لمنكريه.

وأما زيارة سائر القبور، فثبت أن النبي صلي الله عليه وآله كان يزور أهل البقيع وشهداء أحد. وروي ابن ماجة بسنده، عنه صلي الله عليه وآله: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة.

وبسنده عن عائشة، أنه صلي الله عليه وآله رخص في زيارة القبور، وقال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة.

ورواه مسلم إلي قوله: فزوروها.

وروي النسائي: ونهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر.

وفي حاشية السندي عن الزوائد: إن رجال إسناده ثقات.

وقد زار النبي صلي الله عليه وآله قبر أمه وهي مشركة بزعم الخصم.

روي مسلم، وابن ماجة، والنسائي بأسانيدهم عن أبي هريرة: زار النبي صلي الله عليه وآله قبر أمه فبكي وأبكي من حوله، فقال صلي الله عليه وآله: استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم بالموت.

قال النووي في شرح صحيح مسلم: هو حديث صحيح بلا شك.

ص: 77

وروي مسلم: أنه كلما كانت ليلة عائشة من رسول الله صلي الله عليه وآله يخرج من آخر الليل إلي البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وآتاكم ما توعدون. وعلم صلي الله عليه وآله عائشة حين قالت له: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين. رواه مسلم.

ونحن وإن كنا نعتقد بأن آباء النبي وأمهاته كلهم مؤمنون تبعاً لما ثبت عندنا بالأحاديث الصحيحة، ولا نقبل أن أم النبي صلي الله عليه وآله كانت مشركة، ولكنا أوردنا الحديث لنحتج به علي من يحرم الزيارة. ونسأل الله التوفيق.

وكتب (خادم الحق) بتاريخ 29 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

أحسنت والله يا أبا علي... وعندما نزور قبور النبي وأهل بيته (صلی الله علیه و آله).. فإننا نعظم ما جاء به النبي (صلی الله علیه و آله) وما جاهد من أجله أهل البيت طوال حياتهم.. ألا وهو الإسلام.. فهل في هذا الأمر من شئ؟؟؟

ولكن نقول الحمد لله الذي خصنا بولاتهم وهدانا لزيارتهم... ونسأله أن يجعلنا معهم ولا يحرمنا صحبتهم. آمين رب العالمين.

وكتب (مالك الأشتر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27 - 11 - 1999، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (آداب الزيارة عند أهل السنة)، قال فيه:

هذه بعض آراء علماء السنة في زيارة النبي صلي الله عليه وآله وآدابها، واعتقادهم بحقيقته بعد موته صلي الله عليه وآله:

1 - أخرج القاضي عياض، بإسناده عن ابن حميد، قال:

ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين - يعني المنصور الدوانيقي - مالكاً - مالك إمام المذهب المالكي - في مسجد رسول الله صلي الله عليه وآله، فقال له مالك: يا أمير المؤمنين

ص: 78

لا ترفع صوتك في هذا المسجد فإن الله أدب قوماً فقال: " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ".. ومدح قوماً فقال: " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله.. " الآية، وإن حرمته ميتاً كحرمته حياًّ.

فاستكان أبو جعفر، وقال: يا أبا عبد الله أأستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله؟

فقال مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلي الله تعالي يوم القيامة؟! بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله تعالي، قال الله تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول، لوجدوا الله تواباً رحيماً ".

2 - قال العبدري المالكي في شرح رسالة ابن أبي زيد:

وأما النذر للمشي إلي المسجد الحرام، أو المشي إلي مكة، فله أصل في الشرع وهو الحج والعمرة، وإلي المدينة لزيارة قبر النبي صلي الله عليه (وآله) أفضل من الكعبة ومن بيت المقدس.

وقال ابن الحجاج في المدخل: 1/256 بعد نقل هذه العبارة: وهذا الذي قاله مسلم صحيح، لا يرتاب فيه إلا مشرك أو معاند لله ولرسوله صلي الله عليه وآله!!

3 - يقول جمال الدين عبد الله الفاكهي المكي الشافعي المتوفي سنة 927، في كتابه حسن التوسل في آداب زيارة أفضل الرسل:

يتتبع [المسافر لزيارة النبي] ما في طريقه من المساجد والآثار المنسوبة إلي النبي صلي الله عليه (وآله) فيحييها بالزيارة ويتبرك بالصلاة فيها.

4 - يقول الفقيه الشرنبلالي في كتاب مراقي الفلاح:

ص: 79

فإذا عاين [الزائر] حيطان المدينة المنورة يصلي علي النبي ثم يقول: اللهم هذا حرم نبيك ومهبط وحيك فامنن علي بالدخول فيه، واجعله وقاية لي من النار وأماناً من العذاب واجعلني من الفائزين بشفاعة المصطفي يوم المآب.

5 - قال القاضي عياض في الشفاء: إن أبا الفضل الجوهري لما ورد المدينة زائراً وقرب من بيوتها ترجل باكياً منشداً:

و لما رأينا رسم من لم يدع لنا... فؤاداً لعرفان الرسوم ولا لب

نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة... لمن بان عنه أن نلم به ركب

فضمنها القاضي عياض قصيدة نبوية له يقول فيها:

وتهنا بأكناف الخيام تواجداً... نقبلها طوراً و نرشفها طور

و نبدي سروراً والفؤاد بحبها... تقطع و الأكباد أوري بها لهب

أقدم رجلاً بعد رجل مهابة... وأسحب خدي في مواطنها سحب

وأسكب دمعي في مناهل حبها... و أرسل حباًّ في أماكنها النجب

وكتب (مدقق) بتاريخ 27 - 11 - 1999، السادسة والنصف صباحاً:

أحسنت.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 28 - 11 - 1999، الواحدة صباحاً:

أين الذين يرموننا بعبادة القبور؟

ثم كتب (صعصة بن صوحان) بتاريخ 10 - 2 - 2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

السلام عليك يا سيدي ومولاي ونبيي وشفيعي رسول الله صلي الله عليه وآله

السلام عليك يا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

ص: 80

السلام عليك يا سيدتي ومولاتي أيتها الصديقة الزهراء سيدة نساء العالمين عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي أبا محمد الحسن بن علي المجتبي عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي أبا عبد الله الحسين يا شهيد كربلاء عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي محمد بن علي الباقر عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي جعفر بن محمد الصادق عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي موسي بن جعفر الكاظم عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي علي بن موسي الرضا عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي محمد بن علي الجواد عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي علي بن محمد الهادي عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي الحسن بن محمد العسكري عليه السلام

السلام عليك يا سيدي ومولاي يا صاحب العصر والزمان، يا محمد بن الحسن المهدي المنتظر.

عجل الله تعالي فرجه وسهل مخرجه. وجعلنا الله وإياكم من الطالبين رضا الله بمناصحته.

اللهم ارزقنا زيارتهم والتقرب والتبرك والتوسل عند قبورهم، صلواتك عليهم أجمعين.

وكتب (ولائي) بتاريخ 10 - 2 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أحسنتم يا إخوة.. وكثر الله من أمثالكم.

ص: 81

وكتب (فرات) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 20-2-2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (زيارة القبور في السنة النبوية)، قال فيه:

إن زيارة القبور تنطوي علي آثار أخلاقية وتربوية هامة، باعتبار أن مشاهدة المقابر التي تضم في طياتها مجموعة كبيرة من الذين عاشوا في هذه الدنيا ثم انتقلوا إلي الآخرة، يؤدي إلي قتل روح الطمع والحرص علي الدنيا، أو لا أقل يؤدي إلي تخفيفها في النفس..

وبالتالي يغير سلوك الإنسان فيترك المظالم والمنكرات ويتوجه إلي الحي الذي لا يموت بقلب خاشع، مما يجعله يصبو نحو الآخرة.

وبهذا المعني يقول الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله: زوروا القبور فإنها تذكركم بالآخرة.

مضافاً إلي روايات أخري تدل بالصراحة علي المطلب لا مجال لذكرها. هذا كله في زيارة قبور المسلمين.

وأما زيارة مدفن الأولياء من النبي صلي الله عليه وآله والأئمة والشهداء والصالحين.. فلا شك في أن لزيارتهم نتائج مهمة، فإن زيارة مراقدهم نوع من الشكر والتقدير لتضحياتهم الجبارة التي بذلوها. وإعلام للجيل الحاضر بأن هذا هو جزاء الذين يسلكون طريق الحق والهدي والفضيلة والدفاع عن المبدأ والعقيدة. وهذا لا يدفعنا إلي زيارة قبورهم فقط، بل يدعونا إلي إبقاء ذكرياتهم حية ساخنة والمحافظة علي آثارهم، وإقامة المناسبات في ذكري مواليدهم، وعقد المجالس في أيام التحاقهم بالرفيق الأعلي لأجل تعظيمهم من جهة، والإستلهام من منابعهم والتزود من فيوضهم من جهة أخري..

ص: 82

وهذا مما لا ينكره منصف، ولهذا نري الأمم الحية يتسابقون في زيارة مدفن رؤسائهم وشخصياتهم، الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم في سبيل إحياء الشعب واستقلاله من يد المستعمرين والظالمين، ويقيمون الذكريات لإحياء معالمهم.

فبطريق أولي يحسن أن نقيم هذه المهرجانات، لأن عظماءنا جادوا بأرواحهم وقدموا دمائهم رخيصة من أجل سعادة البشرية جمعاء، وأرادوا أن يكون الوجود كله خاضعاً في مسالكه تابعاً في إرادته لله الواحدالقهار.

ولا يخطر ببال أحد أن هذه الأمور عبادة لهم!! فأين التعظيم للشخصيات من عبادتها؟!

فإن التعظيم تقدير لجهودهم، والعبادة من تأليههم واتخاذهم أرباباً! فهل منا من يخلط بين الأمرين؟!

وكتب (خادم أهل البيت) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 5 - 3 - 2000، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (زيارة القبور والتوسل بالعلماء.. عند أهل السنة)، قال فيه:

هذه نبذة بسيطة من الروايات والأحاديث الموجودة عند العامة في كتبهم: -

أبو حنيفة النعمان بن ثابت إمام الحنفية المتوفي 150 ه، قبره في الأعظمية ببغداد مزار معروف.

روي الخطيب في تاريخه: 1/123:

عن علي بن ميمون قال: سمعت الشافعي يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجئ إلي قبره في كل يوم، فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلي قبره وسألت الله تعالي الحاجة عنده فما تبعد حتي تقضي.

ص: 83

وذكره الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة: 2/199.

والكردري في مناقبه: 2/112.

وطاش كبري زاده في مفتاح السعادة: 2/82.

والخالدي في صلح الإخوان صفحة 83 نقلاً عن السفيري وابن جماعة.

وقال ابن حجر - الخيرات الحسان - في مناقب الإمام أبي حنيفة في الفصل الخامس والعشرين:

إن الإمام الشافعي أيام كان هو ببغداد، كان يتوسل إلي الله تعالي به في قضاء حاجاته، وقال: قد ثبت أن الإمام أحمد توسل بالإمام الشافعي، حتي تعجب ابنه عبد الله بن الإمام أحمد، فقال له أبوه: إن

الشافعي كالشمس للناس وكالعافية للبدن. ولما بلغ الإمام الشافعي أن أهل المغرب يتوسلون بالإمام مالك لم ينكر عليهم.

وقال ابن الجوزي في صفوة الصفوة: 2/183:

عن أحمد بن الفتح قال: سألت بشرا - التابعي الجليل - عن معروف الكرخي، فقال: هيهات

حالت بيننا وبينه الحجب. إلي أن قال: فمن كانت له إلي الله حاجة فليأت قبره وليدع فإنه يستجاب له إن شاء الله تعالي. وقال: قبره ظاهر يتبرك به في بغداد.

أحمد بن حنبل إمام الحنابلة المتوفي 241، قبره ظاهر مشهور يزار ويتبرك به. كذا في مختصر طبقات الحنابلة ص 11. وقال الذهبي في لسان الميزان:1/114: ضريحه يزار ببغداد.

وحكي ابن الجوزي في مناقب أحمد ص 297 عن عبد الله ابن موسي قال:

ص: 84

خرجت أنا وأبي في ليلة مظلمة نزور أحمد، فاشتدت الظلمة، فقال أبي: يا بني تعال حتي نتوسل إلي الله تعالي بهذا العبد الصالح حتي يضئ لنا الطريق فإني منذ 30 سنة ما توسلت به إلا قضيت حاجتي، فدعا أبي وأمنت علي دعائه فأضائت السماء كأنها ليلة مقمرة حتي وصلنا إليه.

هذا قليل من كثير مما حصلت عليه في هذا اليوم، فهل هذا مختص بالشيعة فقط؟؟؟

وكتب (تائه) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14-12-1999، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان

(زيارة القبور.. رد علي الجاهل بالفرق بين عبادة الأصنام والقبور)، قال فيه:

إعلم أن البناء علي قبور الأنبياء والعباد المصطفين تعظيم لشعائر الله، وهو من تقوي القلوب، ومن السنن الحسنة، حيث إنه احترام لصاحب القبر، وباعث علي زيارته، وعلي عبادة الله عز وجل - بالصلاة والقراءة والذكر وغيرها - عنده، وملجأ للزائرين والغرباء والمساكين والتالين والمصلين.

بل هو إعلاء لشأن الدين.

فعن النبي صلي الله عليه وآله: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها. وقد بني علي مراقد الأنبياء قبل ظهور الإسلام وبعده، فلم ينكره النبي صلي الله عليه وآله، ولا أحد من الصحابة والخلفاء..

كالقباب المبنية علي قبر دانيال عليه السلام في شوشتر، وهود، وصالح، ويونس وذي الكفل عليهم السلام، والأنبياء في بيت المقدس وما يليها..

كالجبل الذي دفن فيه موسي عليه السلام، وبلد الخليل مدفن سيدنا إبراهيم عليه السلام.

ص: 85

بل الحجر المبني علي قبر إسماعيل عليه السلام وأمه رضي الله عنها.

بل أول من بني حجرة قبر النبي صلي الله عليه وآله باللبن - بعد أن كانت مقومة بجريد النخل - عمر بن الخطاب، علي ما نص عليه السمهودي في كتاب الوفا.. ثم تناوب الخلفاء علي تعميرها.

وروي البنائي، واعظ أهل الحجاز، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده الحسين، عن أبيه علي، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له: والله لتقتلن في أرض العراق وتدفن بها.

فقلت: يا رسول الله، ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟

فقال: يا أبا الحسن، إن الله جعل قبرك وقبر ولديك بقاعاً من بقاع الجنة وعرصة من عرصاتها، وإن الله جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباده، تحن إليكم وتحتمل المذلة والأذي، فيعمرون قبوركم، ويكثرون زيارتها تقرباً منهم إلي الله تعالي، ومودة منهم لرسوله أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، الواردون حوضي، وهم زواري غداً في الجنة، يا علي، من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود علي بناء بيت المقدس... إلي آخره.

ولا يخفي أن جعل معمر قبورهم كالمعين علي بناء بيت المقدس، دالٌّ علي أن تعظيم مراقدهم تعظيم لشعائر الله سبحانه.

ونقل نحو ذلك أيضاً في حديثين معتبرين، نقل أحدهما: الوزير السعيد بسند، وثانيهما: بسند آخر. والسيرة القطعية، من قاطبة المسلمين المستمرة، والإجماع، يغنيان عن ذكر الأحاديث الدالة علي الجواز. وما أعجب قول المفتين: أما البناء علي القبور فممنوع إجماعاً!

ص: 86

فإن مذهب الوهابية وهم فئة قليلة بالنسبة إلي سائر المسلمين لم يظهر إلا قريباً من قرن واحد، ولا يتفوه أحد من المسلمين سوي الوهابية بحرمة البناء، فأين الإجماع المدعي؟!

ودعوي ورود الأحاديث الصحيحة علي المنع لو ثبت غير مجدٍ لإثبات الحرمة، لأن أخبار الآحاد لا تنهض لدفع السيرة والإجماع القطعي، مع أن أصل الدعوي ممنوع جداًّ.

فإن مثل رواية جابر: نهي رسول الله أن تجصص القبور، وأن يكتب عليها، وأن يبني عليها، وأن توطأ.. لا تدل علي التحريم، لعدم حرمة الكتابة علي القبور ووطئها.. فذلك من أقوي القرائن علي أن النهي في الرواية غير دال علي الحرمة، ولا نمنع الكراهة في غير قبور مخصوصة.

مع أن الظاهر من قوله: " يبني عليها " إحداث بناء كالجدار علي نفس القبر، فإن بناء القبة وجدرانها بعيدة عن القبر، ليس بناء علي القبر علي الحقيقة، وإنما هو نوع من المجاز، وحمل اللفظ علي الحقيقة حيث لا صارف عنها، معين، مع أن النهي عن الوطء يؤكد هذا المعني، لا الذي فهموه من الرواية. وأما الإستدلال علي وجوب هدم القباب بحديث أبي الهياج، فغير تام في نفسه مع قطع النظر عن مخالفته للإجماع والسيرة لوجوه:

الأول: إن الحديث مضطرب المتن والسند. فتارة يذكر عن أبي الهياج أنه قال: قال لي علي كما في رواية أحمد عن عبد الرحمن. وتارة يذكر عن أبي وائل، أن علياًّ قال لأبي الهياج. ورواه عبد الله بن أحمد في مسند علي هكذا: لأبعثنك فيما بعثني فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم، أن أسوي كل قبر وأن أطمس كل صنم. فالإضطراب المزبور يسقطه عن الحجية والإعتبار.

ص: 87

الثاني: إنه من الواضح أن المأمور به في الرواية لم يكن هدم جميع قبور العالم، بل الحديث وارد في بعث خاص وواقعة مخصوصة.

فلعل البعث قد كان إلي قبور المشركين لطمس آثار الجاهلية - كما يؤيده ذكر الصنم - أو إلي غيرها مما لا نعرف وجه مصلحتها، فكيف يتمسك بمثل هذه الرواية لقبور الأنبياء والأولياء؟!

قال بعض علماء الشيعة من المعاصرين:

إن المقصود من تلك القبور، التي أمر علي عليه السلام بتسويتها، ليست هي إلا تلك القبور التي كانت تتخذ قبلة عند بعض أهل الملل الباطلة، وتقام عليها صور الموتي وتماثيلهم، فيعبدونها من دون الله.. إلي أن قال:

وليت شعري لو كان المقصود من القبور التي أمر علي عليه السلام بتسويتها هي عامة القبور علي الإطلاق، فأين كان عليه السلام وهو الحاكم المطلق يومئذ عن قبور الأنبياء التي كانت مشيدة علي عهده؟! ولا تزال مشيدة إلي اليوم في فلسطين وسورية والعراق وإيران، ولو شاء تسويتها لقضي عليها بأقصر وقت. فهل تري أن علياًّ عليه السلام يأمر أبا الهياج بالحق وهو يروغ عنه فلا يفعله؟!

انتهي ما أردنا نقله منه.

الثالث: قال بعض المعاصرين من أهل العلم: لا يخفي من اللغة والعرف أن تسوية الشئ من دون ذكر القرين المساوي معه، إنما هو جعل الشئ متساوياً في نفسه.

فليس لتسوية القبر في الحديث معني إلا جعله متساوياً في نفسه، وما ذلك إلا جعل سطحه متساوياً. ولو كان المراد تسوية القبر مع الأرض، لكان الواجب في صحيح الكلام أن يقال: إلا سويته مع الأرض.

ص: 88

فإن التسوية بين الشيئين المتغايرين لا بد فيها من أن يذكر الشيئان اللذان تراد مساواتهما. وهذا ظاهر لكل من يعطي الكلام حقه من النظر، فلا دلالة في الحديث إلا علي أحد أمرين:

أولهما: تسطيح القبور وجعلها متساوية برفع سنامها، ولا نظر في الحديث إلي علوها، ولا تشبث فيه بلفظ " المشرف ".

فإن الشرف إن ذكر أنه بمعني العلو، فقد ذكر أنه من البعير سنامه، كما في القاموس وغيره، فيكون معني " المشرف " في الحديث هو: القبر ذو السنام، ومعني تسويته: هدم سنامه.

وثانيهما: أن يكون المراد: القبور التي يجعل لها شرف من جوانب سطحها، والمراد من تسويته أن تهدم شرفه ويجعل مسطحاً أجم، كما في حديث ابن عباس: أمرنا أن نبني المدائن شرفاً والمساجد جماء.

وعلي كل حال، فلا يمكن في اللغة والإستعمال أن يراد من التسوية في الحديث أن يساوي القبر مع الأرض، بل لا بد أن يراد منه أحد المعنيين المذكورين.

وأيضاً: كيف يكون المراد مساواة القبر مع الأرض، مع أن سيرة المسلمين المتسلسلة علي رفع القبور عن الأرض؟!

وفي آخر كتاب الجنائز من جامع البخاري، مسنداً عن سفيان التمار، أنه رأي قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم مسنماً.

وأسند أبو داود في كتاب الجنائز عن القاسم، قال: دخلت علي عائشة، فقلت: يا أمه، اكشفي لي عن قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة.

ص: 89

وأسند ابن جرير، عن الشعبي، أن كل قبور الشهداء مسنمة. انتهي ما أردنا نقله منه.

وأقول بعد ذلك: لو كان قوله: " مشرفاً " بمعني عالياً، فليس يعم كل قبر ارتفع عن الأرض ولو بمقدار قليل، فإنه لا يصدق عليه القبر العالي.

فإن العلو في كل قبر إنما هو بالإضافة إلي سائر القبور، فلا يبعد أن يكون أمراً بتسوية القبور العالية فوق القدر المتعارف المعهود في ذلك الزمان إلي حد المتعارف، وقد أفتي جمع من العلماء بكراهة رفع القبر أزيد من أربع أصابع. ولتخصيص الكراهة لو ثبتت، بغير قبور الأنبياء والمصطفين من الأولياء وجه.

الرابع: لو سلم أي دلالة في الرواية، فلا ربط لها ببناء السقوف والقباب ووجوب هدمها، كما هو واضح.

وأما قول السائل: إذا كان البناء في مسبلة كالبقيع وهو مانع... إلي آخره. فقد أجاب بعض المعاصرين عنه بما حاصله: أن أرض البقيع ليست وقفاً، بل هي باقية علي إباحتها الأصلية، ولو شككنا في وقفيتها يكفينا استصحاب إباحتها.

وأقول: بل وقفيتها غير مانع عن البناء لأنها موقفة مقبرة علي جميع الشؤون المرعية في المقابر. ومنها: البناء علي قبور أشخاص مخصوصين كالأصفياء، فإن البناء علي القبور ليس أمراً حديثاً، بل كان أمراً متعارفاً من قديم الأيام.. في الصلاة عند القبور، وإيقاد السرج عليها، وقد جرت سيرة المسلمين السيرة المستمرة، علي جواز ذلك.

وأما حديث ابن عباس: لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم زائرات القبور، والمتخذين عليها المساجد والسرج.

ص: 90

فالظاهر والمتبادر من اتخاذ المسجد علي القبر: السجود علي نفس القبر، وهذا غير الصلاة عند القبر. هذا لو حملنا المساجد علي المعني اللغوي. ولو حملناه علي المعني الإصطلاحي، فالمذموم اتخاذ المسجد عند القبور، لا مجرد إيقاع الصلاة، كما هو المتعارف بين المسلمين، فإنهم لا يتخذون المساجد علي المراقد، فإن اتخاذ المسجد ينافي الغرض في إعداد ما حول القبر إعانة للزوار علي الجلوس لتلاوة القرآن وذكر الله والدعاء والإستغفار، بل يصلون عندها، كما يأتون بسائر العبادات هنالك...

وكتب (ذو الفقار) بتاريخ 14 - 12 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (عمر) بتاريخ 15 - 12 - 1999، الثانية عشرة ليلاً:

سورة فاطر - 22: وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور.

فكتب (تائه) بتاريخ 16 - 12 - 1999، الثالثة ظهراً:

الأخ عمر.. هل يعني هذا أنك لا تعترف بما أوردته كتبكم من روايات بهذا الخصوص..

إن كان كذلك فذلك شئ.. أو أن لديك كتب أخري لا نعرفها تعتمد عليها.. إذاً فلماذا تأخذ ببعض أحاديثها ولا تأخذ ببعضها الآخر.. أهُوَ مزاج.. أخبرنا علي الملأ.. والسلام.

وكتب (عمر) بتاريخ 16 - 12 - 1999، الثامنة مساءً:

ص: 91

أنت لا تقبل بالروايات التي أحضرها لك. وليكن مرجعنا كتاب الله: لماذا لعن الله اليهود والنصاري؟ إرجع للأسباب وستجدها عند الشيعة.. الفرق هو بالإسم فاليهود والنصاري، قالت: ابن الله.

والشيعة قالت: أئمة، والجميع يستطيع أن يفعل الشئ نفسه من الشفاعة والشفاعة المغفرة ودخول الجنة.

لو سألت نصراني، ماذا تعتقد بعيسي؟

ولو سألت شيعي ماذا تعتقد بعلي (رضی الله عنه)، ستجد نفس جواب النصراني.

ولو سألت سني ماذا تعتقد بالرسول محمد (صلی الله علیه و آله)؟ لوجدت الجواب مختلف تماماً.

سورة الأنعام - 50: قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحي إلي قل هل يستوي الأعمي والبصير أفلا تتفكرون.

سورة الأنعام - 58: قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضي الأمر بيني وبينكم والله أعلم بالظالمين.

سورة الأعراف - 188: قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراًّ إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء، إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون.

سورة هود - 31: ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول إني ملك ولا أقول للذين تزدري أعينكم لن يؤتيهم الله خيراً الله أعلم بما في أنفسهم إني إذاً لمن الظالمين.

سورة القلم - 7: إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.

ص: 92

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 24 - 1 - 2000، الواحدة والنصف ظهراً:

هذه بداية التهرب يا عمر وبداية الكلام الذي القصد منه تشتيت القارئ.

كما يبدو أنك تريد الهرب يا عمر؟! مسكين يا وهابي.

وكتب (جندي الحجة) بتاريخ 24 - 1 - 2000، الخامسة مساءً:

الحمد لله الذي نصرنا علي القوم الجاهلين.

يا عمر ويا محمد إبراهيم، أنا لم أرمكم بالعجز بهتاناً عليكم... ولكي لا تنسوا خيبتكم وعجزكم، سأذكركم ببعض الأسئلة التي أفحمتكم:

1 - إذا كنت تعتقد أن الصلاة قرب القبور غير جائزة، فهل تستطيع أن تخبرني كيف كانت السيدة عائشة وطوال أكثر من 30 عاماً تصلي في حجرة تحتوي علي ثلاث قبور، وهي التي تأخذون ثلثي دينكم عنها؟؟ ألا تخاف عائشة أن يشملها لعن من يصلي قرب القبور؟؟!

2 - أنت تقول إن النبي له حكم خاص ولذلك دفن في بيته. هل أبو بكر وعمر أنبياء أيضاً، لكي يدفنوا في البيت؟؟!

3 - عندما أزال الوهابيون البناء من فوق القبور وساووها بالأرض، لماذا لم يفعلوا الشيء نفسه بقبر النبي (صلی الله علیه و آله)؟!

4 - أنتم تقولون إن الشيعة مشركون لأنهم يتوسلون بالأموات، هل أن أحمد بن حنبل مشرك أيضاً، لأنه ثبت أنه كان يتوسل بالأموات؟؟!

5 - ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي

ص: 93

من هو كاذب كفار. هل أن الصحابة مشمولون بهذه؟ لأنهم وبدون أي شك كانوا لا يتبركون بالنبي (صلی الله علیه و آله) إلا ليتقربوا إلي الله زلفي!!؟؟

أعطيتكم هذه الآية الكريمة والسؤال لكي (تفهموا) كيف أنكم تفسرون الآيات وفقاً لأهوائكم!! وبطريقتكم هذه، تحاولون أن تقلبوا الحق باطلاً والباطل حقاً.. ولكن هيهات.. يأبي الله إلا أن يتم نوره.

أنا لم أكن أرجو منكم في هذا الحوار أن تقروا بالحقيقة وتعترفوا بالحق، لأني سبق وأن اطلعت علي مستوي علمكم، أو مستوي حكمكم علي الوقائع!!

ولكن والحمد لله فإن لي إخوة كرام من أهل السنة أعرفهم معرفة شخصية تغيرت فكرتهم عن الشيعة تغيراً جذرياًّ، منذ أن بدؤوا يتصفحون الحواريات المنوعة والقيمة في هذا المنتدي، وكنت أتمني أن تعرفوا رأي إخواننا هؤلاء في معظم آرائكم وردودكم، لكي نقول وعلي الملأ: " وشهد شاهد من أهلها "!!

علي كل حال فليس المهم من يشهد، المهم أن ينتفع الجميع. والحمد لله الذي فضح تزييفكم، والصلاة والسلام علي رسوله وآله الطاهرين.

وكتب (عمر) بتاريخ 24 - 1 - 2000، السادسة والنصف مساءً:

أما موضوع عائشة (ض) فهو منتهي بحسب الأدلة التي وضعناها..

وهي بأن الأنبياء يدفنوا حيث يتوفاهم الله.. وكيف تترك بيتها والله خصها بهذه الميزة الفريدة.

أما الخليفتين فدفنا معه، لأنهم أصحابه وأفضل الخلق من المؤمنين بعد الرسل (صلی الله علیه و آله).

وكتب (قادر) بتاريخ 24 - 1 - 2000، الثامنة مساءً:

ص: 94

أخي.. تدبر في ما ورد في القرآن في سورة الكهف: " لنتخذن عليهم مسجداً ".

وكتب (الغريفي) بتاريخ 25 - 1 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

وعليه توكلنا.. إلي الأخ عمر:

أود أن أوضح سؤالي: وهو ما الفرق بين تقبيل القرآن، وبين تقبيل القبور؟

الجواب هو أن تقبيل القرآن يقصد به تقديس واحترام كلام الله تعالي وليس المقصود به تقبيل الورق أو الغلاف أو غيره! وكذلك هو التقبيل بالنسبة للقبور، فالغرض من التقبيل ليس عبادة وتقديس الحجر، كما هو الحال بالنسبة للصليب، ولكن هو تكريم واحترام وإجلال للذي بداخل القبر..

وأرجو في المرة القادمة أن تطرح أمثلة لها صلة بموضوع الذي يتناقش حوله.

وكتب (عمر) بتاريخ 25 - 1 - 2000، الواحدة ظهراً:

لو نظرنا لتقبيل القرآن، وهل كان الرسول (صلی الله علیه و آله) يقبل القرآن؟؟ لم يثبت تقبيل القرآن وإنما بعض العلماء جوز لما للقرآن من شفاء وأجر، وأنا لا أكسب أجراً بالتقبيل أو قربة، وإنما يكون القصد الإحترام.

بينما القبور وتقبيلها والتوسل بها يختلف كثيراً، حيث يعتقد المقبل والمتوسل بأن صاحب القبر يسمعه ويراه ويشفع له.. وإلخ.

والنصاري عذرها كما عذر الشيعة في تقبيل الصليب، فهم لا يعتقدون بالصليب بل بما يرمز له كم

هي التربة وتقبيلها، وكل هذا يعتبر شرك كبير.. إذا اعتقدتَ بأن هناك من له قدرة إلاهية في النفع والضر بعد الموت. وهذه الآية تفند دعواكم..

ص: 95

سورة الأنعام - 71: قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد علي أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلي الهدي ائتنا قل إن هدي الله هو الهدي وأمرنا لنسلم لرب العالمين.

أما العبادة فهي الأعمال التي يعتقد العباد بأن بها أجر، وإذا اعتقد الإنسان بهذه البدع وجعلها عبادة فهنا يكون الشرك.

سورة يونس - 18: ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالي عما يشركون.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 25 - 1 - 2000، الثالثة ظهراً:

إلي جاهل بني عبد الوهاب:

" ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالي عما يشركون ".. أتعرف معني كلمة " يعبدون " يا جاهل بني عبد الوهاب؟!

" ويعبدون.. ويعبدون " يا جاهل!! قلت لك إنك تفسر الآيات حسب مزاجك الشخصي.

راجع تفاسير هذه الآيات عندكم.

وكتب (جندي الحجة) بتاريخ 25 - 1 - 2000، التاسعة مساءً:

إلي جميع الإخوة: أعتذر عن هذا الإنقطاع.

الأخ الكريم الحر الرياحي: بارك الله فيك علي هذه الحجج والإستدلالات... وفقكم الله.

ص: 96

إلي الأخ عمر وباقي الأخوة: ولو أن الموضوع يعتبر منتهياً لأنكم عجزتم عن رد كل الأسئلة، ولكني أحب أن أوضح بعض النقاط بخصوص الردود التي ذكرتها لأنها في الحقيقة تسهل علينا إقامة الحجة.

قلت: " أما موضوع عائشة (رضی الله عنه) فهو منتهي بحسب الأدلة التي وضعناها، وبأن الأنبياء يدفنوا حيث يتوفاهم الله، وكيف تترك بيتها وآله خصها بهذه الميزة الفريدة ".

أقول: إن الله تعالي لم يخص عائشة بميزة من هذا القبيل حيث لم يرد أي نص من الكتاب أو السنة يعطيها هذه الميزة من دون باقي المسلمين، ولكنها كانت تصلي في هذه الحجرة لأن الصلاة في هذا المكان جائزة، وليست وحدها كانت تفعل ذلك، وليس فقط مع قبر نبينا الأكرم (صلی الله علیه و آله)، فهذه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (علیها السلام) كانت تزور قبر عمها الحمزة (علیه السلام) كل جمعة فتبكي وتصلي عنده كما يروي ابن كثير في تاريخه.

وأما قولك: " أما الخليفتين فدفنا معه لأنهم أصحابه وأفضل الخلق من المؤمنين بعد الرسل ".

فهذا إقرار صريح منكم بجواز دفن (الصالحين) في الأماكن المشيدة، وإقرار صريح.. بجواز تمييز قبور (الصالحين) عن سائر قبور المسلمين، وإقرار بفضل الدفن بالقرب من قبور أولياء الله وأحبائه!!

وإلا لماذا اختار أبو بكر وعمر أن يدفنا بالقرب من النبي (صلی الله علیه و آله)؟

أما الآية الكريمة: " ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم أذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون ".. فلم يدَّعِ أحد من المفسرين أنها نزلت في أصحاب القبور أو زائريهم

ص: 97

!! راجع التفاسير لتجد المقصودين بالآية! ولا تحاول إلصاق الآيات بما يوافق أهواءك من الأفكار أي... باختصار وبدون إطالة: حججك واهية!!

وإذا كنت تريد الجدل لغرض الجدل لا الوصول إلي الحقيقة، فاذهب إلي أقرانك من الوهابية واسألهم عن كل هذه الأسئلة، وأضف إليها ما ذكره أخي الكريم الحر الرياحي حول رأي أئمة المذاهب الأربعة حول هذا الموضوع، وإجماعهم علي خلاف الذي يراه ابن تيميتكم!

وأنا أضيف لك التالي:

فقد نقل عبد الله بن أحمد بن حنبل، في كتاب العلل والسؤالات، قال: سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول الله يتبرك بمسه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاء ثواب الله. فقال: لا بأس به.

الحمد لله، والصلاة والسلام علي رسول الله وآله الطاهرين.

وكتب (رؤوف) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 24 - 2 - 2000، العاشرة ليلاًَ، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي.. كل سلفي غير متعصب تعصباً أعمي)، قال فيه:

تقول السلفية بحرمة زيارة القبور، وبأن الأولياء والصالحين لا ينفعون ولا يضرون بعد الموت.

ولكن نحن الشيعة نأتي بالأعمي والمشلول إلي قبر الإمام عليه السلام فيشفيه الله تعالي.

ص: 98

وأنا شخصياًّ بنت خالي أوشكت علي الموت، بل أصبح لونها أخضر من شدة المرض، فلما أتينا بلباس لها ومسحناه بضريح الإمام الرضا عليه السلام وألبسناها ذلك الثوب، شفاها الله تعالي في تلك اللحظات!

بعد كل هذه الحوادث والكرامات التي نراها جميعاًَ، هل من الممكن أن نصدق بروايات نقلتموها، ونترك ما نلمسه بأنفسنا.

مع العلم أن موقفكم هذا من زيارة القبور يخالفكم فيه الكثير من المسلمين، ولدينا الروايات الكثيرة التي تدل علي استحباب زيارة الأئمة عليهم السلام.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الثانية عشرة وثلاث دقائق صباحاً:

أرجو أن لا تعتبروا كلامي هذا استهزاءاً، ولكنه تساؤل واستدلال بنفس الطريقة: لماذا تقيمون المستشفيات في إيران إذاً؟! كل ما عليكم فعله هو أخذ المرضي إلي أضرحة الأولياء وطلب الشفاء من هؤلاء الأولياء والتبرك بقبورهم. ولا داع أن تضع الحكومة وزارة للصحة أو ميزانية للمصروفات الصحية التي ترهق كاهل البلد.

وإذا كان الأولياء يشفون الناس من المرض بعد موتهم: فلماذا كان الأولياء يمرضون في حياتهم؟

ألم يكونوا يستطيعون الدعاء لأنفسهم بالشفاء وينجلي المرض عنهم علي الفور.. فإذا كانوا لا يستطيعون دفع المرض عن أنفسهم في حياتهم، فكيف يدفعون المرض عن الناس بعد مماتهم؟

لقد رأيت في قناة الجزيرة تحقيقاً قصيراً عن موقع مسجد في إيران في منطقة نسيت إسمها ولكنها ربما تابعة لقم.. هذا المسجد بني حديثاً في موقع يعتقد شيعة إيران بأن صاحب الزمان أو المهدي باعتقاد الشيعة سوف يظهر في هذا

ص: 99

الموقع، فصار الموقع مزاراً للحجاج الشيعة، يحج إليه الشيعة من مختلف الأماكن مع أسرهم حتي يطلبوا الشفاء والكرامات.

وقد قامت الإدارة المسؤولة عن الموقع بعمل مكتب لتسجيل الكرامات!!! أية كرامات؟ الكرامات المقصود منها أنه لو أتي شخص طلباً للشفاء وتحقق له ذلك فإن هذه كرامة يسجلها ذلك المكتب! طبعاً يؤم هذا المكان المئات يومياًّ وتتوقع أن تشفي عدة حالات ولو تلقائياًّ، ولكن العامة يصدقون كل شئ ويعتبرون هذه كرامات تسجل في المكتب فتكون دعاية جيدة له.. وطبعاً هناك فوائد كثيرة لموقع مثل هذا من الناحية السياحية والدعائية.. ولكنه موقع مدمر من الناحية العقائدية.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الواحدة صباحاً:

طيب، ما موقف من لا يشفي بعد أن زار وتبرك وتمسح بالضريح؟ هل يجرب ضريح آخر أم يتجه لله مباشرة ويطلب الشفاء؟؟ ولنقل إنه طلب الشفاء عند أكثر من ضريح وتم له ما طلب.. فكيف يعرف بأي ضريح قد منحت له؟؟؟

وكتب (عمر) بتاريخ - 2 - 2000، الثالثة صباحاً:

سورة الحجر - 39: قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين.

سورة الأعراف - 30: فريقا هدي وفريقا حق عليهم الضلالة إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون. صدق الله العظيم.

وكتب (رؤوف) بتاريخ 5 - 3 - 2000، التاسعة والنصف مساءً:

الإخوة محمد إبراهيم والفاروق وعمر:

ص: 100

إذا أتيتم ورأيتم بأم أعينكم أن مريضكم الذي قد عجز عنه الأطباء قد شفاه الله تعالي عند قبر الإمام عليه السلام، هل تصر علي أن القبور لا تضر ولا تنفع؟! هل تقتنع بتلك الروايات؟؟!!

سأل محمد إبراهيم، عن سبب إقامة المستشفيات؟

والجواب عليه: ألم يقل الله تعالي: " ادعوني أستجب لكم ".

فلماذا تذهب إلي المستشفيات؟! أدعُ الله تعالي وهو يشفيك!! إن الله تعالي قد جعل للشفاء أسباباً وينبغي الأخذ بتلك الأسباب. الله تعالي هو الشافي. والطبيب ما هو إلا وسيلة للشفاء.. فلماذا لا تترك الأسباب وتتجه إلي الله مباشرة؟!

إن قلت: إن الله قد جعل للشفاء طرقاً وأمر بالأخذ بها.

قلنا لك: ومن الطرق التي جعلها الله هو أولياءه أحياءً وأمواتاً.. والأئمة عليهم السلام قد أمرونا أن نأخذ بالأسباب الطبيعية، ولكن عندما يعجز الطب نتوسل إلي الله لا إليهم فكل شئ لديهم من الله تعالي.

ومن هذا يتبين لك أن الأئمة عليهم السلام لا يقبلون منا أن نعطل العلم والعقل، بل إذا عجز الأطباء فقد جعل الله تعالي للشفاء طريقاً آخر.

وما قلته من سؤال عن مرض الأولياء.. جوابه: تجده في صحيح مسلم الذي نقل في حديث 4853 أن رسول الله صلي الله عليه وآله قد دعا لأحد المسلمين فشفاه الله. فلماذا لا يدعو النبي لنفسه كي لا يمرض؟؟!! بل النبي كما تقولون قد سحر! فلماذا لم يدفع عنه ذلك بالدعاء؟!!

كما أن مسلم ينقل في صحيحه حديث رقم 4546: أن سبب دخول أم أبي هريرة في الإسلام هو دعاء الرسول لها بعد أن شكي له أبو هريرة عدم قبولها

ص: 101

الإسلام، ولا ندري لماذا يدعو الرسول لأم أبي هريرة، ولا يدعو لعمه أبي طالب؟!!

مع العلم أن رسول الله قد بذل كل مجهوده ليدخل عمه أبو طالب في الإسلام حسب زعمكم!!

ولا تتهرب من السؤال لأني نقلت لك قصة رأيناها بأم أعيننا، فهل نكذب ذلك ونقبل كلامك؟؟ السؤال يتكلم عن من رأي ذلك بأم عينه فكيف تريد أن تحتج عليه بهذا الدليل.

كما أرجو منك أن لا تأخذ معلوماتك عن الشيعة من غير المصادر الشيعية ذاتها.. وما ذكرته من المسجد فأعتقد أن المقصود هو مسجد جمكران، وهو مسجد قريب من قم المقدسة.. وكل الشيعة تعتقد أن الإمام المهدي سيخرج من مكة المكرمة لا من جمكران ولا من أي مكان آخر.. غاية ما في الأمر أن الشيعة تعتقد أن هذا المسجد قد بني بأمر الإمام المهدي عليه السلام. فراجع.

وما شككت فيه من الكرامات نقول عنه: سؤالنا إنما هو عن الأشخاص الذين رأوا بأم أعينهم هذه الكرامات وقد شفي مريضهم.

ثانياً: أنت تريد أن تشكك في هذه الكرامات وتقول إنها مختلقة.

وقد ذكرت لك سابقاً احتمال أن تكون الفضائل التي صححتموها لفلان وفلان مختلقة فلم تجب علي ذلك. والحق أن احتمال اختلاق فضائل أصحابكم أقرب من احتمال اختلاق كرامات في مسجد جمكران للأسباب التالية:

لا مقارنة بين وسائل الإعلام في هذا الزمان ووسائل الإعلام في ذلك الزمان.

كما أن أسلوب التحقيق والبحث قد تطور كثيراً، والإعلام المعادي موجود في هذه الدنيا ويصل إلي عمق مسجد جمكران.. ولكن في الزمن الماضي وبعد حرق الأحاديث والمنع عن تدوينها، كيف تريد من الأعرابي أن يتحقق من

ص: 102

مسألة وهو بعيد عن المدينة المنورة؟ أم كيف يواجه الكوفي كذبة المدني وافتراءه وهو لا يعلم بما قال، أو كيف يوصل صوته إليه.

إذا كنت تطرح احتمال اختلاق كرامات لمسجد معين أو لبقعة معينة والكرة الأرضية قد أصبحت كالقرية الواحدة.. فهذا الإحتمال جارٍ وبشكل أكبر وأوضح في ذلك الزمن الذي لا يعلم المدني عن أخبار الشام إلا إذا أتي مسافر، وربما هذا المسافر لم يطلع علي تلك القضية في الشام..

كما أن التحقق من كرامات جمكران ميسور للجميع بالحس والتجربة، أما التحقق من كرامات وفضائل أصحابكم المختلقة فليست كذلك.

كما أننا لا نتكلم عمن يشفي بعد أيام وليالي.. بل نتكلم عن من يشفي في تلك الليلة بعد أن يئس الطب من علاجه.

الأخ الكريم الفاروق:

ماذا تفعل إذا دعوت الله تعالي ولم تراه قد أعطاك ما طلبته هل تجرب الله آخر.. والعياذ بالله؟

أم تقول بأن الله قد أخلف وعده ولم يستجب دعاءك؟؟!! ألم يعد الله تعالي باستجابة الدعاء، فلماذا لم يجبك؟؟!! هذه مسألة جداًّ مهمة والجواب عليها، جواب علي سؤالك هذا.

واعلم أن الدعاء في ليلة القدر أفضل وأقرب للإستجابة من الدعاء في ليلة عادية. والدعاء في بيت الله الحرام أفضل وأقرب للإستجابة من الدعاء في بيتكم.

وبعد كل هذا.. أعود فأقول بأن الجميع لم يجب علي السؤال الذي فتحت لأجله هذه الصفحة: الإنسان الذي رأي الحاجات تقضي عند قبور الأولياء، هل

ص: 103

من المقبول عقلائياً أن يترك ما رآه بأم عينه ويقبل أحاديثكم التي تقول بأنهم لا يضرون ولا ينفعون؟؟!!

مع العلم بأن مسألة أن القبور لا تنفع ولا تضر، ليست من المسائل المتفق عليها عند المسلمين؟!

وكتب (رؤوف) بتاريخ 28 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً:

للرفع والانتظار.

وكتب (المنصف) بتاريخ 28-3-2000، الحادية عشرة ليلاً:

قبل عدة سنوات تشرفت بزيارة الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله وأئمة البقيع الأربعة عليهم السلام رزقنا الله في الدنيا والآخرة زيارتهم وشفاعتهم.

ومنذ اليوم الأول لوصولي إلي المدينة المنورة أحسست بآلام شديدة في رجلي حتي أني لم أكن أكثر من المشي لشدة الألم.. أتذكر أني قمت بعلاج رجلي ولكن دون فائدة.

بعد ثلاثة أيام من هذه الحالة كنت أصلي في الروضة الشريفة بجوار المرقد الطاهر للرسول الأكرم صلي الله عليه وآله، وبعد الفراغ من الصلاة توسلت برسول الله حتي يزول عني هذا الألم الشديد..

فوالله الذي لا إله إلا هو ما أن أتممت توسلي بالرسول حتي أحسست أن الألم قد انسل من رجلي انسلالاً في نفس اللحظة وعادت رجلي صحيحة كما كانت!! اللهم صل علي محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين.

هل يريد هؤلاء إقناعي بعدم جدوي التوسل بالرسول في قضاء الحوائج بعدما حصلت هذه الحادثة معي شخصياًّ؟

ص: 104

لا يمكن قبول روايات لا يتفق علي صحتها جميع المسلمون، وإنكار ما حصل لي ويحصل علي أرض الواقع لمن يتوسل بهؤلاء الوجهاء عند الله عليهم السلام.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 29 - 3 - 2000، الرابعة عصراً:

طيب.. لما لا تتوجه إلي الله مباشرة وتطلب حاجتك؟

هل أنت غير واثق من فضل الله وعطائه إلا بوجود وسيط يكون بينك وبينه تعالي؟

والذهاب إلي الطبيب هي من باب الأخذ بالأسباب وعدم ترك الدعاء، كما لا ينبغي التوكل علي غير الله في طلب الحاجات.

فكتب (المنصف) بتاريخ 29 - 3 - 2000، الثامنة مساءً:

أنا واثق من كرم الله وجوده الواسع وأن في دعائي إياه سبباً في الشفاء بإذن الله تعالي.. واستشفاعي برسول الله وتوسلي به لا يتعارض وهذه الثقة بالله.. بل هي مثبتة لهذا التوكل وهذه الثقة.. فلو كنت غير واثق بالله لما رجوت الشفاء منه تعالي.

علي أن نظام الوجود قائم علي أساس الوسائط، والقرآن الكريم ملئ بالآيات التي تصرح بوجود الوسائط بين خالق الكون والمخلوقات جميعاً.

وإذا كنت يا فاروق تجد مشكلة في جعل الرسول الأكرم (صلی الله علیه و آله) وسيطاً بيني وبين الله، فهل تجد في توسيطه لغفران الذنوب.. مشكلة؟

قال تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفرا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ". لاحظ أن الآية تقول " جاؤوك " وهذا ما تفعله الشيعة في ذهابهم لرسول الله (صلی الله علیه و آله) طالبين منه الشفاعة لغفران الذنوب وطلب الحوائج الدنيوية التي منها الشفاء، والأخروية أيضاً.

ص: 105

وكتب (رؤوف) بتاريخ 30 - 3 - 2000، العاشرة صباحاً:

هذا الفاروق.. لا يعرف أبداً أن يجيب علي السؤال؟؟ هو الفاروق بين.. البحث العلمي والبحث الجدلي. انتهي.

قال العاملي:

وغاب الفواريق.. بين الجدل والجدل!!

وكتبت (جمانة) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6 - 3 - 2000، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (هل زيارة قبر النبي.. حرام؟؟!!)، قالت فيه:

ذهبت قبل مدة إلي العمرة، وكنت متلهفة لزيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله والشهداء، كما هي عادة من يذهب إلي الديار المقدسة، ولكني عند مطالعتي لبعض الكتب المنتشرة هناك فوجئت بتحريمهم لذلك. فهل هي حرام فعلاً؟؟؟؟!!!!!

فكتب (أبو فراس) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الثانية عشرة والنصف ليلاً:

زيارة قبور المسلمين والدعاء لهم بالرحمة والمغفرة فهذا أمر مشروع.

وأما الذهاب إلي قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم، والسلام عليه وعلي صاحبيه فجائز إن شاء الله.

وربما قرأت الأفعال البدعية التي يعمل بها الناس عندما يزورون قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم، مثلاً يسألونه ويتمسحون علي جدار قبره.. فهذا لا يجوز فإنها من البدع المحرمة.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الواحدة صباحاً:

ص: 106

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: 32/256: اختلف الفقهاء في حكم تقبيل القبر واستلامه، فذهب الحنفية والمالكية إلي منع ذلك وعدوه من البدع، وذهب الشافعية والحنابلة إلي الكراهة، وقال الشافعية إن قصد بتقبيل الأضرحة التبرك لم يكره، وقال البهوتي من الحنابلة: كله من البدع.

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: 24/90 تحت عنوان زيارة القبور: وقال الحنابلة: لا بأس بلمس قبر بيد لا سيما من ترجي بركته.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

تظافرت السنة علي استحباب زيارة قبر النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) حيث رواها أئمة المذاهب الأربعة وأصحاب السنن والمسانيد في كتبهم. ولما ظهرت بدعة التشكيك في زيارة النبي الأكرم..

قام الإمام تقي الدين السبكي (م / 754 ه) بجمع ما رواه الحفاظ في هذا المجال فبلغت خمسة عشر حديثاً، وقد صحح كثيراً من أسانيدها بما كان له من اطلاع واسع في مجال رجال الحديث.

وممن قام بنفس العمل الحافظ نور الدين علي بن أحمد السمهودي في كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفي (م / 911 ه) حيث أحصي سبعة عشر حديثاً غير ما ورد في ذلك المجال، ولم يشتمل علي لفظ " الزيارة ".

1 - السبكي، شفاء السقام في زيارة خير الأنام، الباب الأول: 5/39.

2 - السمهودي، وفاء الوفا: 4/1336، الباب الثاني، وقد قام بنفس ما قام به الإمام السبكي من تصحيح للإسناد وذكر لمصادر الروايات علي وجه بديع.

من جهة أخري قام الكاتب الإسلامي الشيخ محمد الفقي، من علماء الأزهر الشريف، بجمع ما ورد في زيارة النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) من غير تحقيق للإسناد بل مجرد النقل فبلغ اثنين وعشرين حديثاً.

ص: 107

وبذل المجاهد الكبير الشيخ الأميني جهداً كبيراً في العثور علي مظان الروايات في كتب الحديث والتفسير والتاريخ، وربما نقل بعض الأحاديث، كالحديث الأول، عن واحد وأربعين مصدراً.. إلخ.

وكتب (سليل المجد) بتاريخ 7 - 3 - 2000، الخامسة مساءً:

شد الرحال للقبور عمل محرم لا يجوز، أياًّ كان ذلك المقبور.

وكتب (الموسوي) بتاريخ 7 - 3 - 2000، العاشرة مساءً:

من القائل بالحرمة.. غير ابن تيمية والوهابية؟!

فكتب (سليل المجد) بتاريخ 8 - 3 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

أكرم وأنعم بمن ذكرتهم يا عيسوي.. وإن كنت تريد نقاشاً فناقش بموضوعية ولا تتهرب!!

وإياك أن تتعدي علي أحد من أهل السنة.. فقد سمعت عنك مقالاً أرجو ألا يكون صحيحاً بأنك حاولت النيل من أحد مشايخي!! فاحذر تسلم!!

فأجاب (الموسوي) بتاريخ 9 - 3 - 2000، الخامسة مساءً:

أما إن كان ما بلغك الطعن في ابن تيمية وإحسان إلهي ظهير فهو صحيح.. فهما معروفان بتزوير الحقائق، ولا داعي للتهديد!!!! فليس هناك ما أخشاه!

أما مسألة شد الرحال: فهل تعلم أن جمهور العلماء من أهل السنة يذهبون إلي جواز شد الرحال لزيارة قبر النبي (صلی الله علیه و آله).. فهل عندك شئ غير ما أقول؟؟!!

وكتب (عزام) بتاريخ 12 - 3 - 2000، السادسة مساءً:

الأخ سليل المجد:

ص: 108

من الغريب أنك تعلق علي الأدلة المسطورة من قبل الأخ مالك الأشتر بفتوي التحريم من دون أن تذكر أي دليل علي ما تقول!! ثم تدعو الأخ الموسوي إلي النقاش بموضوعية وعدم التهرب!!

أخي الكريم: إن كنت تريد النقاش الموضوعي فيجب عليك أن ترد أدلة الجواز أعلاه، وتقدم أدلة تثبت ما أفتيت به " قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين "!! انتهي.

قال العاملي:

وانسل سليل المجد، هارباً من النقاش الذي دعا إليه!!

وكتب (سيف الله المسلول) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 25-3-2000، الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان (الروافض وعقيدة الشرك بالله)، قال فيه:

يذكر محمد بن يعقوب الكليني في أصول الكافي، باب أن الأرض كلها للإمام، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الدنيا والآخرة للإمام - يضعها حيث يشاء ويدفعها إلي من يشاء - جائز له من الله.

فماذا يستنبط المسلم المنصف من هذه العبارة، مع أن الله تعالي يقول في محكم آياته: إن الأرض لله يورثها من يشاء. لله ملك السماوات والأرض. فلله الآخرة والأولي. له ملك السماوات والأرض.

تبارك الذي بيده الملك وهو علي كل شئ قدير.

والشيعة يكتبون: قال علي:... أنا الأول وأنا الآخر وأنا الظاهر وأنا الباطن وأنا وارث الأرض.

ص: 109

وهذه العقيدة أيضاً باطلة مثل الأولي. وعلي رضي الله عنه برئ منها وما هذا إلا افتراء عظيم عليه وحاشاه أن يقول ذلك. والله يقول جل جلاله: هو الأول والآخر والظاهر والباطن. ولله ميراث السماوات والأرض.

وفسر الشيعي المشهور مقبول أحمد، آية الزمر: " وأشرقت الأرض بنور ربها "، فقال: أن جعفر الصادق يقول: أن رب الأرض هو الإمام، فحين يخرج الإمام يكفي نوره ولا يفتقر الناس إلي الشمس والقمر. تفكروا كيف جعلوا الإمام رباًّ، حيث قالوا في معني " بنور ربها " أن الإمام هوالرب ومالك الأرض.

وكذا قال هذا المفسر الشيعي في تفسير آية الزمر: " لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين بل الله فاعبد وكن من الشاكرين " بأنه روي عن جعفر الصادق في الكافي: أن معناه لئن أشركت في ولاية علي أحداً فينتج منه: ليحبطن عملك...

قال العاملي:

إلي آخر ما كتبه، وختمه بقوله: للعلامة محمد عبد الستار التونسوي رئيس منظمة أهل السنة في باكستان

فأجابه (بالدليل) بتاريخ 25 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً:

عقيدتنا في الأئمة: لا نعتقد في أئمتنا ما يعتقده الغلاة والحلوليون " كبرت كلمة تخرج من أفواههم " بل عقيدتنا الخاصة أنهم بشر مثلنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وإنما هم عباد مكرمون اختصهم الله تعالي بكرامته وحباهم بولايته، إذ كانوا في أعلي درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوي والشجاعة والكرم والعفة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، لا يدانيهم أحد من البشر فيما اختصوا به. وبهذا استحقوا أن يكونوا أئمة وهداة ومرجعاً بعد النبي

ص: 110

في كل ما يعود للناس من أحكام وحكم، وما يرجع للدين من بيان وتشريع، وما يختص بالقرآن من تفسير وتأويل.

قال إمامنا الصادق عليه السلام: ما جاءكم عنا مما يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا تجحدوه وردوه إلينا، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا.

من كتاب عقائد الإمامية: للشيخ محمد رضا المظفر.

وكتب (أبو غدير) بتاريخ 29 - 3 - 2000، الواحدة صباحاً:

بدون تعليق.

علي النواصب.. النسخ واللصق. وعلي الشيعة.. الرد.

http://www.cybercities.com/s/shia/butlan-first.htm

http://shialink.org/muntada/Forum2/html/003280.htm

وكتب (رؤوف) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 1 - 2 - 2000، السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هل يستطيع الوهابيون الجواب علي هذه المعضلة العويصة)، قال فيه:

قال الأخ العزيز الشطري في أحد مقالاته في هجر، ما يلي:

" بسم الله الرحمن الرحيم، هل تري وتسمع روح الميت من يزوره، أم لا تري ولا تسمع كما يقوله الوهابيون؟ استماع أرواح الأموات كلام الأحياء، فضلاً عن الشهداء والنبي الأعظم صلي الله عليه وآله ".

هل تري وتسمع روح الميت زيارة زائريه، أم أنها لا تري ولا تسمع كما يقوله الوهابيون؟

فنقول: إنها تري وتسمع كما ورد في الصحاح عن النبي صلي الله عليه وآله.

ص: 111

1 - صحيح البخاري، باب غزوة بدر وباب الجنائز، وكتاب مختصر سيرة النبي لمحمد بن عبد الوهاب في باب عزوة بدر:

قال عمر: يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها؟! قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئاً...

كذلك في صحيح مسلم في باب الجنة وصفة نعيمها وأهلها في الحديث 76 و 77.

وكذلك في مسند أحمد، في مسند عبد الله بن عمر: 2/131.

2 - في صحيحي البخاري ومسلم ومسند أحمد وغيرهما:

قال رسول الله صلي الله عليه وآله: العباد إذا وضع في قبره وتولي وذهب أصحابه حتي أنه ليسمع قرع نعالهم.

صحيح البخاري في كتاب جنائز في باب الميت يسمع خفق النعال.

صحيح مسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها - الحديث 70 - 71.

مسند أحمد في مسند أبي هريرة: 2/347-445.

في مسند أنس: 3/233.

في مسند البراء بن عازب: 4/296.

3 - قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إن الميت يعرف من يحمله ومن يغسله ومن يدليه في قبره.

مسند أحمد بن حنبل في مسند أبي سعيد الخدري: 2/3.

4 - قال رسول الله صلي الله عليه وآله: لقنوا موتاكم لا إله إلا الله.

صحيح مسلم في كتاب الجنائز في باب تلقين الموتي لا إله إلا الله.

مسند أحمد بن حنبل في مسند أبي هريرة: 2/3.

ص: 112

وصحح ابن تيمية رواية التلقين في كتابه الفتاوي الكبري باب تلقين الميت وجواز مخاطبة أهل القبور.

5 - عن عبد الله بن عمر: من سر علي هؤلاء الشهداء فسلم عليهم لم يزالوا يردون عليه إلي يوم القيامة.

تاريخ المدينة المنورة لابن شبه في باب الجنائز.

6 - صحيح مسلم - كتاب الجنائز - باب ما يقال عند دخول القبور والدعاء لأهلها خطاب لأهل القبور: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل البقيع...

ومثله في مسند أحمد بن حنبل في مسند أبي هريرة: 2/200، 205 و 408.

وقريب منه روايات أخري في صحيح مسلم باب الجنائز، وباب ما يقال عند دخول القبور

ومسند أحمد في مسند أبي هريرة: 2/300 و 375.

وفي مسند بريدة من مسند أحمد: 5/353: تعليم النبي عائشة زيارة القبور وما يخاطب به أهلها: السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون.

صحيح مسلم في كتاب الجنائز في باب ما يقال عند دخول القبور.

مسند أحمد في مسند عائشة: 6/111.

7 - أخيراً نود أن نشير هنا إلي ما صح من الأحاديث المباركة الواردة في الصحاح وبناء علي فتوي فقهاء المذاهب الإسلامية المختلفة، وعلي إجماع المسلمين.

فإن علي كل مسلم أينما كان أن يسلم في صلاته علي الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله بصيغة المخاطب الحاضر وليس بصيغة الغائب بقوله: " السلام عليك أيها النبي

ص: 113

ورحمة الله وبركاته " وهذا إن دل علي شئ إنما يدل علي أن الرسول صلي الله عليه وآله كالشمس الطالعة، فهو في مكانه صلي الله عليه وآله لأن أشعة وجوده تفيض علي العالم. لذا فإن علي الجميع مخاطبته بالسلام بصيغة الحاضر.

أما الشهداء الذين قتلوا في سبيل الله، فقد قال الله فيهم: ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون. البقرة - 154.

الصحابة والخلفاء والأئمة كانوا يطلبون الدعاء من النبي ويتوسلون به صلي الله عليه وآله بعد موته:

أبو بكر:

قال أحمد زيني دحلان في كتابه الدرر السنية في الرد علي الوهابية، طبع مصر، صفحة 36:

إن أبا بكر بعدما توفي رسول الله، قال: اذكرنا يا محمد عند ربك ولنكن من بالك.

وعن الحافظ أبي سعيد السمعاني عن علي أبي طالب أنه قال: قدم علينا أعرابي بعدما دفنا رسول الله صلي الله عليه وآله بثلاثة أيام، فرمي بنفسه علي قبر النبي صلي الله عليه وآله وحثا من ترابه علي رأسه، وقال: يا رسول الله، قلت: فسمعنا قولك، ووعيت عن الله سبحانه ووعين

عنك، وكان فيما أنزل عليك: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله.." الآية.

وقد ظلمت وجئتك تستغفر لي، فنودي من القبر: إنه قد غفر لك. وفاء الوفاء للسمهودي: 2 /1361 عن أبي سعيد السمعاني.

أبو عيسي الترمذي:

ص: 114

وذكر أحمد بن زيني دحلان أيضاً أن العلامة السيد محمد طاهر بن محمد بن هاشم باعلوي ذكر في كتابه مجمع الأحباب في ترجمة الإمام أبي عيسي الترمذي صاحب السنن أنه رأي في المنام أنه سأل الله عما يحفظ عليه الإيمان حتي يتوفاه وهو عليه. قال: فقال لي: قل بعد ركعتي صلاة الفجر قبل صلاة فرض الصبح: " إلهي بحرمة الحسن وأخيه وجده وبنيه وجده وبنيه وأمه وأبيه نجني من الغم الذي أنا فيه يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام يا أرحم الراحمين "، فكان الإمام الترمذي يقول ذلك دائماً ويأمر أصحابه به ويحثهم علي فعله والمواظبة عليه. وهذا إمام حجة يقتدي به، بل لم ينكر التوسل أحد لا من السلف ولا غيرهم إلا المبدع ابن تيمية ومن هم علي نهجه.

سأل النبي صلي الله عليه وآله في دعائه إلي الله: " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك ".

مسند أحمد بن حنبل عن أبي سعيد الخدري: 3/21.

سنن الدارمي: باب ما أكرم الله نبيه به بعد موته: عن أبي الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطاً شديداً، فشكوا إلي عائشة فقالت: انظروا قبر النبي صلي الله عليه وآله فاجعلوا منه كوةً إلي السماء حتي لا يكون بينه وبين السماء سقف. قال: ففعلوا فمطرنا مطراً حتي نبت العشب، وسمنت الإبل حتي تفتقت من الشحم فسمي عام الفتق.

وفي ختام هذا البحث، نورد بعض العبارات التي وردت في زيارة النبي صلي الله عليه وآله برواية الفاكهاني وغيره.. والتي ردها الوهابيون فقط.

أ - " وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون ". نقل السمهودي في أواخر وفاء الوفاء هذه الزيارة.

ب - ورد في زيارة مجمع الأزهر: "وأتوسل بك إلي الله تعالي، في أن أموت مسلماً علي ملتك وسنتك".

ص: 115

ج - أورد الشرنبلالي الحنفي في المراقي زيارة أخري ورد فيها: " وجئنا من بلاد شاسعة وأمكنة بعيدة بقصد زيارتك لنفوز بشفاعتك.. فاشفع لنا إلي ربك وأسأله أن يميتنا علي سنتك.. الشفاعة الشفاعة يا رسول الله ".

د - وأحسن ما قاله: " نحن وفدك يا رسول الله وزوارك جئناك لقضاء حقك وللتبرك بزيارتك والإستشفاع بك مما أثقل ظهورنا وأظلم قلوبنا ".

ه - أورد القسطلاني في المواهب اللدنية: " وينبغي للزائر له صلي الله عليه و[آله] وسلم أن يكثر من الدعاء والتضرع والاستغاثة والتشفع والتوسل به، وجدير بمن استشفع له أن يشفعه الله فيه ".

و - والزرقاني في كتاب شرح المواهب يقول: " وليتوسل به، ويسأل الله تعالي بجاهه في التوسل به ". نقل السمهودي عن النووي وغيره: " بأن علي الزائر أن يتوسل به صلي الله عليه و[آله] وسلم في حق نفسه ويستشفع به سبحانه وتعالي ".

وفي المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لابن جوزي في تاريخه للسنوات 29 - 61:

" سمعت جعفر الخلدي يقول كان بي جرب عظيم فتمسحت بتراب قبر الحسين فغفوت فانتبهت وليس علي من شئ ".

وهذا توسل بأهل بيت النبي صلي الله عليه وآله، فكيف لا يتوسل الوهابييون بالنبي صلي الله عليه وآله؟! وروي هذا أيضاً ابن حجر في كتاب الجوهر المنتظم.

الإمام الشافعي:

ذكر أحمد بن زيني دحلان في كتابه في صفحة 30:

أن العلامة ابن حجر ذكر في كتابه الصواعق المحرقة في الرد علي أهل البدع والزندقة أن الإمام الشافعي توسل بأهل البيت النبوي حيث قال:

ص: 116

آل النبي ذريعتي.. وهم إليه وسيلتي

أرجو بهم أعطي غداً.. بيدي اليمين صحيفتي

عثمان بن حنيف الصحابي:

روي ابن تيمية في كتاب مجموعة الرسائل والمسائل:1/18، طبع بيروت: أن النسائي الترمذي رويا حديثاً صحيحاً أن النبي علم رجلاً أن يدعو فيسأل الله ثم يخاطب النبي فيتوسل به ثم يسأل الله قبول شفاعته: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله أني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي لتقضي لي اللهم فشفعه في.

وروي السمهودي في كتاب وفاء الوفاء المجلد الرابع في باب توسل الزائر - 1373، طبع بيروت - عن الطبراني في المعجم الكبير: أن رجلاً توسل بهذا الدعاء بالنبي صلي الله عليه و [آله] وسلم عند قبره في زمن عثمان بن عفان فقضي الله حاجته، وكان عثمان بن حنيف قد علمه إياه وهو: اللهم أني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربك أن تقضي حاجتي.

وهذا الدعاء معروف بدعاء الضرير وعلم عثمان بن حنيف في زمن عثمان بن عفان هذا الرجل وبهذا يتضح أن التوسل بالنبي كان سيرة للصحابة في زمن حياة النبي وبعد وفاته أيضاً.

قال أحمد بن زيني دحلان في كتابه الرد علي الوهابية: أن البخاري ذكر هذا الحديث في تاريخه. وابن ماجة في سننه: 1/441. والسيوطي في الجامع الكبير والصغير. والحاكم في المستدرك بإسناد صحيح. وفي مسند أحمد بن حنبل عن عثمان بن حنيف: 4/138.

أبو جعفر المنصور والإمام مالك:

ص: 117

روي السمهودي: قال السمهودي قد أشار مالك إلي ما رواه البيهقي بإسناد صحيح في توسل أبينا آدم بالنبي صلي الله عليه وآله: يا رب أسألك بحق محمد إلا ما غفرت لي.

أيضاً: جواب الإمام مالك عند سؤال أبي جعفر المنصور: أستقبل القبلة وأدعو، فقال الإمام مالك: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلة أبيك آدم، بل استقبله واستشفع به.

فقد أمر الإمام مالك أبا جعفر المنصور بالتوسل بالنبي والإستشفاع به صلي الله عليه وآله.

والعجب أن الوهابيين كيف يستحلون دماء المسلمين لتوسلهم بالنبي صلي الله عليه وآله مع ورود هذه الأحاديث الصحاح وسيرة الصحابة والأئمة والخلفاء والعلماء.

لقد كفر الوهابيون المتوسلين والمستشفعين بالنبي صلي الله عليه وآله ولم يستثنوا الصحابة والخلفاء والأئمة.

قال أحمد بن زيني دحلان في كتاب الدرر السنية في الرد علي الوهابية - 50:

والظاهر من حال بن عبد الوهاب أنه يدعي النبوة إلا أنه ما قدر علي إظهار التصريح بذلك وكان في أول أمره مولعاً بمطالعة أخبار من ادعي النبوة كاذباً كمسيلمة الكذاب وسجاح والأسود العنسي وطليحة الأسدي وأضرابهم، وكأنه يضمر في نفسه دعوي النبوة، ولو أمكنه إظهار هذه لأظهرها! وكان يقول لأتباعه أني أتيتكم بدين جديد، ويظهر ذلك من أقواله وأفعاله. ولهذا كان يطعن في مذاهب الأئمة وأقوال العلماء ولم يقبل من دين نبينا صلي الله عليه و [آله] وسلم إلا القرآن ويأوله علي حسب مراده! مع أنه إنما قبله ظاهراً لئلا يعلم الناس حقيقة أمره فينكشفوا عنه، بدليل أنه هو وأتباعه إنما يؤولونه علي حسب

ص: 118

ما يوافق أهواءهم لا بحسب ما فسره به النبي صلي الله عليه و [آله] وسلم وأصحابه والسلف والصالح وأئمة التفسير!!

فإنه كان لا يقول بذلك ولا يقول بما عدا القرآن من أحاديث النبي صلي الله عليه و [آله] وسلم وأقاويل الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين ولا بما استنبطه الأئمة من القرآن والحديث ولا يأخذ بالإجماع ولا بالقياس الصحيح. وكان يدعي الإنتساب إلي مذهب الإمام أحمد رضي الله عنه كذباً وتستراً وزوراً والإمام أحمد برئ منه، ولذلك انتدب كثير من علماء الحنابلة المعاصرين له للرد عليه، وألفوا في الرد عليه رسائل كثيرة، حتي أخوه سليمان بن عبد الوهاب ألف رسالة في الرد عليه!! وتمسك محمد بن عبد الوهاب في تكفير المسلمين بآيات نزلت في المشركين فحملها علي الموحدين! وقد روي البخاري عن عبدالله بن عمر في وصف الخوارج أنهم انطلقوا إلي آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين.

وفي رواية أخري عن ابن عمر أنه صلي الله عليه و [آله] وسلم قال: أخوف ما أخاف علي أمتي رجل متأول للقرآن يضعه في غير موضعه!

فهذا وما قبله صادق علي محمد بن عبد الوهاب ومن تبعه.

وقد قتلوا كثيراً من العلماء والصالحين وغيرهم من المسلمين لكونهم لم يوافقوه علي ما ابتدعه!!

وكان يقسم الزكاة علي ما يأمره به شيطانه وهواه وكان أصحابه لا يتخذون مذهباً من المذاهب بل يجتهدون كما أمرهم، ويستترون ظاهراً بمذهب الإمام أحمد ويلبسون بذلك علي العامة... انتهي.

قال العاملي:

فلم يجب أحد من الوهابيين المشتركين في الموقع!!

ص: 119

كتب (عمر) عدة مواضيع في شبكة الموسوعة الشيعية، ينتقد فيها الشيعة لزيارتهم قبور النبي والأئمة المعصومين عليهم السلام، منها هذا الموضوع بتاريخ 21 - 11 - 1999، الحادية عشرة مساءً، بعنوان (وجعلناهم أئمة يدعون إلي النار ويوم القيامة لا ينصرون)، قال فيه:

سورة الأنعام - آية 71: قل أندعو من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد علي أعقابنا بعد إذ هدانا الله كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران له أصحاب يدعونه إلي الهدي ائتنا قل إن هدي الله هو الهدي وأمرنا لنسلم لرب العالمين...

قال العاملي:

وحشد فيه آيات عن.. المشركين!!

فكتب (المسلم الحر) بتاريخ 21 - 11 - 1999، الحادية عشرة والنصف مساءً:

لماذا يتميز الوهابية دائماً بالسطحية في التفكير؟ من قال بأن الشرك.. حلال؟

الشرك هو كبيرة الكبائر بلا شك.. وكل هذه الآيات تتحدث عن عبادة غير الله.. وليس منا من عبد غير الله تعالي.. لا شريك له..

وكتب (عمر) بتاريخ 21 - 11 - 1999، الثانية عشرة إلا ربعاً مساءً:

لقد اقتربنا من المقصود. الشرك هو عبادة غير الله، والعبادة عندكم تدخل في زيارة القبور والتوسل وأكل التربة، والكثير من الأشياء، هل توافق الآن: عبادة الأشخاص هي التقرب بهم إلي الله؟

ص: 120

فكتب (مدقق) بتاريخ 22 - 11 - 1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

أما عبادة القبور فنحن لا نعبدها كما لا نعبد الكعبة عندما نسجد أمامها.. وإنما الأعمال بالنيات.

هل من الممكن أن تثبت لنا أنت شخصياًّ أنك عندما تذهب لتسجد أمام الكعبة إنما تسجد لله؟

ما يدرينا أنك لا تسجد للصخور الكعبة؟

وأما للتوسل، فالحديث الصحيح يقره: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي، اللهم فشفعه في.

قال المناوي في شرحه: " سأل الله أولاً أن يأذن لنبيه أن يشفع له، ثم أقبل علي النبي، ملتمساً شفاعته، ثم كرَّ مقبلاً علي ربه أن يقبل شفاعته.. ".

قال السبكي: " ويحسن التوسل والإستعانة والتشفع بالنبي إلي ربه، ولم ينكر ذلك أحد من السلف حتي جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم، وابتدع ما لم يفعله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلة ". انتهي كلام السبكي والمناوي.

أما بشأن قوله: " أنه لم ينكر التوسل أحد من السلف "فيكفي عليه دليلاً رواية الترمذي وابن ماجة والحاكم لهذا الحديث، وحكم الحاكم أنه صحيح علي شرط البخاري ومسلم، وتلقي الأمة له بالقبول والتطبيق مئات من السنين، دون أي تردد في ذلك القبول.

أما بشأن صحة إمكان استعمال هذا الدعاء علي ممر الأجيال بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم، فإن أجل وأصوب حكم حول ذلك الأمر، الذي هو

ص: 121

من أمور العقيدة، بلا منازع علي الإطلاق هو الصحابي عثمان بن حنيف نفسه، حيث قد علمه أيضاً لأحدهم أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه وقضيت حاجته، وكان هذا سبباً لرواية الحديث، فليتنبه.

ولا عبرة لكلام من خالف الصحابة في أمور العقيدة، كانوا من كانوا، وإن كان لهم في أمور أخري، إسهام وفضل كبيرين علي الأمة الإسلامية كابن تيمية رحمه الله، وتجاوز عنا وعنه أخطاءنا برحمته، آمين. دار الحديث.

التخريج (مفصلاً): الترمذي وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن عثمان بن حنيف تصحيح السيوطي: صحيح.

وكتب (عمر) بتاريخ 22-11-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

هل زيارة قبر الحسين (ض) عبادة؟ وما فضلها؟ هل النذر للقبور له فضل؟ مع بيان فضله لو أمكن نحن بالإنتظار.

فأجاب (المسلم الحر) بتاريخ 22 - 11 - 1999، الثالثة ظهراً:

زيارة الحسين لها فضل عظيم وهي من أفضل الأعمال..

لماذا لا تفهم الفرق بين عبادة القبر المزعومة وبين التوسل؟؟ ألست تزور النبي (صلی الله علیه و آله) في المدينة؟

أم أن هذا حرام أيضاً؟ ألست تزور سيديك أبي بكر وعمر؟ ألا تسلم عليهما؟

هذه زيارة، وليست عبادة..

وكتب (مدقق) بتاريخ 22 - 11 - 1999، السادسة مساءً:

زيارة قبر الحسين عبادة لله كما أن زيارة قبر الرسول عبادة لله.

ص: 122

لم تجب علي سؤالي.. مرة أخري: أما عبادة القبور فنحن لا نعبدها كما لا نعبد الكعبة عندما نسجد أمامها، وإنما الأعمال بالنيات. هل من الممكن أن تثبت لنا أنت شخصياًّ أنك عندما تذهب لتسجد أمام الكعبة إنما تسجد لله؟ ما يدرينا أنك لا تسجد لصخور الكعبة؟

وكتب (عمر) بتاريخ 22 - 11 - 1999، السابعة مساءً:

كل عبادة لغير الله تعتبر شرك.

وكتب (مدقق) بتاريخ 22 - 11 - 1999، السابعة والنصف مساءً:

لو تقرأ السؤال ولو مرة واحدة لأدركت أنني لم أسألك عن الشرك..

بل سألتك أن تثبت لي أنك عندما تسجد أمام الكعبة أنك لا تسجد لها وأن سجودك لله!

وأنت بطبيعة الحال لا تقدر أن تثبت ما في قلبك فهو مستحيل. والحمد لله أن إجابتك الأخيرة تدل علي عدم قدرتك علي الإجابة الصحيحة لهذا للسؤال الذي طرحته.

عمر، بصراحة...

هل أنت تفكر في نتيجة تفسيراتك للآيات من غير الرجوع إلي المصادر.. ألا تخاف من الله؟

والله.. أسأل هذا السؤال وأنا من كل قلبي، أقصد الخير.

وكتب (عمر) بتاريخ 22 - 11 - 1999، الثامنة إلا ربعاً مساءً:

الكعبة والحجر الأسود ورجم الشيطان هذه شعائر الله، وهي أركان الحج ولا علاقة لها بالبدع والخرافات والشرك، كما قال عمر (رضی الله عنه): والله لو لم أري

ص: 123

رسول الله يقبلك لما قبلتك. وهذا للحجر الأسود. إذاً الموضوع خارج نطاق التغطية. الشعائر والبدع نقيضان.

أما قبر النبي (صلی الله علیه و آله) فهو في أحد المساجد الثلاثة التي أمرنا الله بزيارتها، ومن زار النبي (صلی الله علیه و آله) لقصد العبادة فهو مشرك. القبر موجود بالمسجد النبوي، وبين لنا كيفية الوقوف بالقبر والسلام فقط علي الميت.

أما ما يفعله الشيعة بالكوفة وقم ومشهد، فهذا الذي لم ينزل به الله من سلطان، والدليل علي الشرك فيما يصنعه الشيعة في المشاهد والقبور..

سورة الجن - 18: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً. صدق الله العظيم. أي الشيعة وضعت المساجد علي القبور، وأمرت بالتقرب للأموات. والآية السابقة صريحة.

وكتب (المسلم الحر) بتاريخ 23 - 11 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

يا عمر.. هل تعرف قصة أصحاب الكهف؟؟

من المتفق عليه أنهم بعد رقدتهم الطويلة.. صحوا في عهد كان الإيمان فيه منتشراً.. وكانت الغلبة

للمؤمنين.. وعندما جاء مؤمنو مدينتهم ليروهم توفاهم الله تعالي..

قال تعالي في حالة الناس بعد وفاتهم: " وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً ".

أرأيت.. هؤلاء الناس مؤمنون.. وكانت الإقتراحات هي بناء البنيان عليهم واتخاذ قبرهم مسجداً.. ولو كان هذا شركاً لما سكت القرآن الكريم عن ذلك.. ولجاءت الآية التالية عن الشرك والكفر! ولكن القرآن لم ينتقد هذا التصرف علي الإطلاق، دلالة علي صحته..

ص: 124

وكتب (عمر) بتاريخ 23 - 11 - 1999، العاشرة مساءً:

سورة الكهف - 21: وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً. أين المؤمنين الذين تدعي بأنهم بنوا المسجد، الآية تذكر " الذين غلبوا علي أمرهم " وهؤلاء هم اليهود وهم المغضوب عليهم , قال الرسول (صلی الله علیه و آله): لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. وهذا يفند قولكم.

فكتب (المسلم الحر) بتاريخ 23 - 11 - 1999، العاشرة مساءً:

ألا تفهم؟

أقول: الذين غلبوا علي أمرهم كانوا مؤمنين وجميع المفسرين يقولون بأن أصحاب الكهف صحوا في زمن غلبة الإيمان علي الحاكم الكافر الذي كان يهددهم قبل أكثر من ثلاثمائة عام..

ثم أقول لك: القرآن لم يستنكر قولهم بالبناء واتخاذ المسجد، ولو كان شركاً للدرجة التي تشنع بها،

لما سكت القرآن.

انتهي.

قال العاملي:

وغاب عمر، لأنه لا دليل له علي أن اتخاذ المسجد علي القبر.. حرام!

ص: 125

وكتب (فرات) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12 - 12 - 1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (الدعاء بقيد الزمان والمكان، ألا يعد شركاً؟؟؟!!!)، قال فيه:

من جملة شرع الإسلام استحباب الدعاء. ولضمان إجابة الدعاء جعل الله تعالي شروطاً وكمالات علي أساسها يجاب دعاء الداعي.

قال الله تعالي: " وإذا سألك عبادي عني فأني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان، فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ". البقرة 186.

فيشترط أن يكون الداعي قاصداً الدعاء حقاًّ، كما لا بد أن يكون متوجهاً في دعاءه إلي الله تعالي.

مضافاً إلي أنه لا بد أن يكون مؤمناً بالله تعالي، وهذا شرط يعتبر البنية الأساسية لجميع الشروط.

وهنا شروط أخري تذكر في محالها.

كما أن لإستجابة الدعاء شروط كمال من قبيل الطهارة من الخبث والحدث والدعاء بالأسماء الحسني وغير ذلك مما هو مذكور في طيات السنة والشريفة.

لكن أود أن ألفت انتباه الإخوة إلي شرطين مهمين هما الزمان والمكان.

فإن كتب الحديث في باب الدعاء تحث علي أن يكون الدعاء في أزمنة معينة: كليلة الجمعة وشهر رجب وشهر رمضان.

وكذلك الحث علي الدعاء في أماكن معينة: من قبيل الدعاء في المسجد الحرام، وفي المسجد النبوي وغير ذلك من الأمكنة التي تنص عليها كتب الحديث.

ولم يدع أحد أن تقييد الدعاء في هذه الأزمنة والأمكنة الخاصة من الشرك بالله تعالي مع أن الزمان والمكان مخلوقين لله تعالي.

ص: 126

ولكن عندما يذهب الشيعة إلي القول باستحباب الدعاء عند مراقد الأئمة الأطهار عليهم السلام بحسب ما ثبت عندهم، يشنع عليهم بعض المحسوبين علي المسلمين وينعتوهم بالشرك مع أن الشيعة لم تدَّعِ يوماً أنها تدعو الأئمة، بل تدعو الله تعالي في هذه الإمكان التي يحبها الله، ويرشد إلي الدعاء عندها.

والله من وراء القصد.

وكتب (عمر) بتاريخ 12 - 12 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

سورة غافر – آية 60: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين.

الدعاء في كل وقت ومكان، ومتي اعتقدت بأن الله يقبل الدعاء بمكان دون آخر فهذا شرك بالله، أما التوسل بالأموات فلا علاقة له بالدعاء لله حسب الآية.. متي ما اعتقد الإنسان بأن هناك صلة بينه وبين الله. وما أقصده بالأموات أو الجماد.. إلخ. فهذا الشرك بعينه!

سورة النمل - آية 80: إنك لا تسمع الموتي ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين.

سورة فاطر - آية 14: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.

سورة الرعد - آية 14: له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ إلا كباسط كفيه إلي الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال.

وكتب (الموحد) في اليوم التالي، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 127

" وبالأسحار هم يستغفرون ". الذاريات - 18.. تعني تحديد وقت للإستغفار، وهو مشرع من الله ففيه يعجل في قبول التوبة ومنح البركات.

" رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً ". نوح - 28.. هذه الآية حددت شخصية معينة يقبل بها الإستغفار، فنوح عليه السلام دعي الله أن يغفر الله للمؤمنين بمجرد دخولهم بيته، فهل دخول البيت هو الموجب للمغفرة أم أن صاحب البيت المستضيف هو الذي أوجب الله لزائريه المغفرة بمجرد زيارته،

وهل يجوز اعتبار زائريه الراغبين في نيل المغفرة مشركين.

" يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ". الأحقاف - 31.. غفران بعض ذنوب الكفار بمجرد الإستجابة لنداء الحق، أي بمجرد التحاقهم بصف النبي المرسل، فهل اندماجهم إلي صفه يعني أنهم أشركوا.

الآيات السابقة تؤيد رأي أخونا العزيز فرات، وتشهد بخلاف رأي عمر! فالدعاء مقبول في أي ظرف زماني أو مكاني، لكن يعتمد علي النية القلبية.

سؤال لعمر: أنت دائماً تتهم الشيعة بأنهم يجعلون واسطة بينهم وبين الله، فهل لك أن تخبرني عن سبب انقيادك لولاة أمركم، ألا تعتبر طاعتك لولي الأمر رغبة منك في نيل رضا الله حسب اعتقادك طبعاً.. ألا يعني هذا أنك تبحث دائماً عن واسطه بينك وبين الله؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وما هو رأيك بأمر الله لك باتباع أولي الأمر الذين تعتقد بهم.

وكتب (عمار) بتاريخ 13 - 12 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

" وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ".

وكتب (فرات) بتاريخ 13 - 12 - 1999، العاشرة مساءً:

ص: 128

الأخ عمر: تحية وسلام، وبعد:

أولاً: إنا لم أدَّعِ إن الله لم يقبل الدعاء إلا في هذه الأماكن.

ثانياً: لماذا تخرج عن صلب الموضوع , فإن موضوعنا ليس في سمع الأموات وعدم سمعهم أو في اعتبارهم وسائط.. وإنما موضوعنا في الدعاء إلي الله عندهم.. هل يعتبر شركاً، أم لا؟؟؟

وأثبتنا عدم الشرك في ذلك.

وكتب (عمر) بتاريخ 14 - 12 - 1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

سورة فاطر - آية 14: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.

هذه الآية تكفي لبيان الشرك لمن اعتقد بأن الميت قادر علي فعل شئ لك، ولا أظن بأنك لا تفهم كلام الله أو أنه يحتاج إلي تفسير.

سؤال للشيعة: لماذا أخفي علي (رضی الله عنه) قبره ولم يجعله مكاناً للدعاء لأصحابه؟؟

لو أجبت بصراحة لعرفت معني الآية.

فكتب (فرات) بتاريخ 14-12-1999، التاسعة مساءً:

أخي الكريم عمر.. لم تقتنع مني بالجواب المختصر فإليك تفصيل الكلام:

وقولك: " ومتي اعتقدت بأن الله تعالي يقبل الدعاء بمكان دون آخر فهذا شرك ".

أولاً: إنا لم أدَّعِ أن الله يقبل الدعاء في مكان دون آخر، بل ذكرت أن من شروط كمال الدعاء هو أن يكون في أزمنة وأماكن خاصة، ولكن قولك: " فهذا شرك ".. نوع من التحكم لأنه لا دليل علي كون هذا المعتقد مشرك، نعم

ص: 129

اعتقاده هذا خطأ، أي غير مطابق للواقع، فإن الله يقبل الدعاء في أي مكان وزمان، ولكن حب الله لهذه الأمكنة والأزمنة لما تنطوي علي خصائص تساعد علي تجذير الإيمان بالله تعالي ولهذا يرشد العبد للدعاء فيها.

ثانياً: إن الحديث لم يكن في توسيط الأموات، وإنما في دعاء الله تعالي في هذه الأماكن، ومع هذا إني أجدك قد مزجت بين الأموات والجماد، وكأنك قد نسيت إن الإنسان روح وبدن، والذي يسمع بعد الموت هو روح الإنسان ونفسه لا جسده، فإن الجسد يكون من قبيل الجمادات، أما روح الإنسان فهي باقية حية تسمع، ما لم تتبوأ مقعدها من النار.

وكتب (عزام) بتاريخ 14 - 12 - 1999، التاسعة ليلاً:

إلي عمر، تحية وسلام، وبعد: لماذا تخلط في الموضوع..

فأين سؤالك عن قبر علي عليه السلام من موضوع الأخ فرات.

ولكن لا بأس من إجابتك: إن علياًّ عليه السلام أمر بإخفاء قبره حذراً من الخوارج وأصحاب معاوية من نبش قبره إذا علموا مكانه.

حيث أن معاوية لعنه الله سنَّ لعن علي عليه السلام علي المنابر 70 سنة، ولو كان قد حظي بقبر الأمير عليه السلام لكان معلوم عندك ماذا سيفعل هذا المجرم، حيث كان سيقوم بإخراج الجسد الشريف

للوصي كما أخرجوا زيد بن الإمام زين العابدين وأحرقوا جثمانه، وهذا أقل ما كان سيفعلون!!!

ثم أظهره الإمام الصادق عليه السلام في عهد الدولة العباسية.

وكتب (عزام) بتاريخ 15 - 12 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

إلي عمر: تحية وسلام..

ص: 130

أراك تضرب سهماً طائشاً لا يصيب مبتغاه، وتعطي شبهة تفر منها فرارك من الأسد...

فأخبرنا هل هذه سجيتك؟ " في الهزيمة كالغزال "!

وكتب (عمر) بتاريخ 15 - 12 - 1999، العاشرة مساءً:

سورة فاطر - آية 14: إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير.

ما ضر علي (رضی الله عنه) لو نبش قبره أو أخفي وهو عند الله؟!

نحن نعتقد بأنه أخفاه منكم ومن بدعكم.. ومن هو القادر علي الأذي هل هو الحي أو الميت.

إذا كان أخفي قبره حتي لا ينبش.. إذا هو لا يستطيع فعل شئ.. كيف لا يرد الأذي عن جسده، ويفيدكم أنتم؟ هذه نظرية جديدة في العلم الحديث.

سورة فاطر - آية 22: وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور.

إذا اعتقدنا بأن الميت قادر علي صنع شئ يفيدنا، فهذا تعدي علي الله ويعتبر شرك بالله.

أنا قادر علي إيقاع الضر بالقبر والميت لا يستطيع دفع الأذي عن نفسه، فكيف نترجي من لا يدفع الأذي عن نفسه. هذه النظرية أوجدها سيدنا إبراهيم بعد كسر الأصنام، ولك هذه الآيات إذا كان لديك عقل تفكر به: " قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون. فرجعوا إلي أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا علي رؤوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون. قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئاً ولا يضركم أفٍّ لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون ".

ص: 131

وأجابوه الشيعة ثلاثة ردود أفحمته من فرات مرة ومن عزام مرتين.. ومع ذلك ينتهي الحوار ومعه الفصل الأول.. بما قاله عمر!!

ص: 132

الفصل الثانی: البناء علي قبور الأنبياء والأوصياء

ص: 133

ص: 134

البناء علي قبور الأنبياء والأوصياء

كتب (عزام) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 3 - 2000، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (الصحابة أول من بني علي قبر النبي)، قال فيه:

قام الوهابيون في سنة 1344 ه بهدم البناء الموجود حول مزار ذوي القربي وشباكه، لكن لم يقدروا علي هدم قبة رسول الله وشباكه، بل إحدي الأمور الهامة التي اتخذها الوهابيون شعاراً لهم هي دعوتهم إلي تخريب البيوت والجدران المقامة علي حريم مزار قبر النبي صلي الله عليه وآله!!

وكان قيام الوهابيون بهذه الأعمال التخريبية لزعمهم صيرورة القبر بذلك مشرفاً ومسجداً، وقد نهي عن إشراف القبور وجعلها مساجد.

ولكن الدليل علي عدم صيرورة القبر بذلك مشرفاً ومسجداً أمور:

1 - وصية النبي صلي الله عليه وآله بدفنه في غرفته، وكذلك وصية لصحابة والخلفاء وعملهم بذلك دلائل واضحة علي جواز جعل القبر في لغرفة، وعدم صيرورة القبر بذلك مشرفاً ومسجداً.

ص: 135

ففي طبقات ابن سعد، المجلد الثاني، باب ذكر موضع قبره وكتاب مختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبد الوهاب باب ذكر غسله وتكفينه ودفنه:

كان المسلمون قد اختلفوا في دفن رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم، فقال أبو بكر: سمعت رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم يقول: ما مات نبي إلا دفن حيث يقبض. فرفع فراش النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم الذي توفي عليه ثم حفر له تحته.

2 - تحويط الصحابة والخلفاء مزار النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم، دليل علي جواز تحويط المزار وعدم صيرورة القبر بذلك مشرفاً ومسجداً.

روي ابن زبالة عن عائشة إنها قالت: ما زلت أضع خماري وأتفضل في ثيابي حتي دفن عمر فلم أزل متحفظة في ثيابي حتي " بنيت " بيني وبين القبور جداراً.

قال ابن سعد في الطبقات: لم يكن علي عهد رسول الله علي بيت النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم الذي كان مزاره بعد موته حائط، وكان أول من بني عليه جداراً عمر بن الخطاب.

وفي طبقات ابن سعد: كان ابن الزبير قد زاد في ارتفاع الحائط الذي بني علي قبر الرسول. قال عبيد الله بن أبي زياد: كان جداره قصيراً ثم بناه عبد الله بن الزبير. وروي في البخاري أنه بعد سقوط الحائط، بناه الوليد بن عبد الملك الأموي.

(لما سقط عليهم الحائط في زمان الوليد بن عبد الملك، أخذوا في بنائه)!!

وكتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 1 - 2000، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (ما الفرق بين عبادة الأوثان والقبور؟)، قال فيه:

ص: 136

وكان أول ذلك في قوم نوح، قال الله سبحانه: " قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من لم يزده ماله وولده إلا خساراً، ومكروا مكراً كباراً، وقالوا لا تذرن آلهتكم، ولا تذرن وداًّ ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً ". كانوا قوماً صالحين من بني آدم، وكان لهم أتباع يقتدون بهم، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم: لو صورناهم كان أشوق لنا إلي العبادة إذا ذكرناهم فصوروهم. فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال: إنما كانوا يعبدونهم، وبهم يسقون المطر، فعبدوهم، ثم عبدتهم العرب بعد ذلك.

وقد حكي معني هذا في صحيح البخاري عن ابن عباسي رضي الله عنهما، وقال قوم من السلف: إن هؤلاء كانوا قوماً صالحين من قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا علي قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمر فعبدوهم.

ويؤيد هذا ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها: أن أم سلمة رضي الله عنها ذكرت لرسول الله صلي الله عليه وسلم كنيسة رأتها بأرض الحبشة، وذكرت له ما رأت فيها من الصور. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل

الصالح بنوا علي قبره مسجداً، وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله.

وأخرج ابن جرير في تفسير قوله تعالي " أفرأيتم اللات والعزي " قال: كان يلت السويق للحاج فمات فعكفوا علي قبره...

وفي صحيح مسلم وغيره عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ألا أبعثك علي ما بعثني عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم: أن لا أدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته. وفي صحيح مسلم أيضاً عن ثمامة بن شفي نحو ذلك.

ص: 137

وفي هذا أعظم دلالة علي أن تسوية كل قبر مشرف بحيث يرتفع زيادة علي القدر المشروع واجبة متحتمة.

فمن إشراف القبور: أن يرفع سمكها أو يجعل عليها القباب أو المساجد. فإن ذلك من النهي عنه بلا شك ولا شبهة. ولهذا فإن النبي صلي الله عليه وسلم بعث لهدمها أمير المؤمنين علياًّ، ثم أمير المؤمنين بعث لهدمها أبا الهياج الأسدي في أيام خلافته.

وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان من حديث جابر قال: نهي رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يجصص القبر، وأن يبني عليه، وأن يوطأ. وزاد هؤلاء المخرجون لهذا الحديث عن مسلم " وأن يكتب عليه ".

قال الحاكم: النهي عن الكتابة علي شرط مسلم، وهي صحيحة غريبة. وفي هذا التصريح بالنهي عن البناء علي القبور، وهو يصدق علي ما بني علي جوانب حفرة القبر، كما يفعله كثير من الناس من رفع قبور الموتي ذراعاً فما فوقه، لأنه لا يمكن أن يجعل نفس القبر مسجداً، فذلك مما يدل علي أن المراد بعض ما يقربه مما يتصل به، ويصدق علي من بني قريباً من جوانب القبر كذلك، كما في القباب والمساجد والمشاهد الكبيرة، علي وجه يكون القبر في وسطها أو في جانب منها. فإن هذا بناء علي القبر، لا يخفي ذلك علي من له أدني فهم، كما يقال بني السلطان علي مدينة كذا، أو علي قرية كذا سوراً. وكما يقال: بني فلان في المكان الفلاني مسجداً، مع أن سمك البناء لم يباشر إلا جوانب المدينة أو القرية أو المكان. ولا فرق بين أن تكون تلك الجوانب التي وقع وضع البناء عليها قريبة من الوسط، كما في المدينة الصغيرة والقرية الصغيرة والمكان الضيق، أو بعيدة في الوسط كما في المدينة الكبيرة والقرية الكبيرة والمكان

ص: 138

الواسع، ومن زعم أن في لغة العرب ما يمنع من هذا الإطلاق فهو جاهل لا يعرف لغة العرب، ولا يفهم لسانها ولا يدري بما استعملته في كلامها.

وإذا تقرر لك هذا علمت أن رفع القبور ووضع القباب والمساجد والمشاهد عليها قد لعن رسول الله صلي الله عليه وسلم فاعله تارة.. كما تقدم، وتارة قال: اشتد غضب الله علي قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فدعا عليهم بأن يشتد غضب الله عليهم بما فعلوه من هذه المعصية. وذلك ثابت في الصحيح.

وتارة نهي عن ذلك. وتارة بعث من يهدمه. وتارة جعله من فعل اليهود والنصاري. وتارة قال: لا تتخذوا قبري وثنا. وتارة قال: لا تتخذوا قبري عيداً أي: موسماً يجتمعون فيه كما صار يفعله كثير من عباد القبور، يجعلون لمن يعتقدون من الأموات أوقاتاً معلومة يجتمعون فيها عند قبورهم، ينسكون لها المناسك، ويعكفون عليها، كما يعرف ذلك كل أحد من الناس من أفعال هؤلاء المخذولين، الذين تركوا عبادة الله الذي خلقهم ورزقهم ثم يميتهم ويحييهم.. وعبدوا عبداً من عباد الله، صار تحت أطباق الثري، لا يقدر علي أن يجلب لنفسه نفعاً ولا يدفع عنها ضراًّ، كما قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما أمره الله أن يقول: " لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراًّ "... فهل سمعت أذناك أرشدك الله بضلال عقل أكبر من هذا الضلال الذي وقع في عباد أهل القبور؟! إنا لله وإنا إليه راجعون.

وكتب (جندي الحجة) بتاريخ 23 - 1 - 2000، السابعة مساءً:

إن الله تبارك وتعالي يقول في محكم كتابه الكريم: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ".

أي أن الله تعالي جعل شرط التوبة والرحمة في هذه الآية بالذات بشروط ثلاث:

ص: 139

1 - الذهاب إلي الرسول الأكرم (صلی الله علیه و آله).

2 - الإستغفار من الله عند الرسول (صلی الله علیه و آله).

3 - استغفار الرسول (صلی الله علیه و آله) لطالب المغفرة.

ولو قلت لي: إن العمل بهذه الآية ينحصر في حياة الرسول (صلی الله علیه و آله) ولا تطبق بعد مماته (صلی الله علیه و آله)، قلت لك: إن هذا غير صحيح لما يلي:

1 - عدم وجود أي دليل لديك. وأقصد بذلك الدليل المباشر والواضح كالتي سأسوقها لك لاحقاً.

2 - الحديث الشريف: من زارني في مماتي كمن زارني في حياتي. وفي بعض الألفاظ: " وصحبني ".

وهذا الحديث اعتبره الذهبي من أقوي أحاديث زيارة قبره (صلی الله علیه و آله) سنداً بحيث أن محي البدعة ابن تيمية في كتابه كلمة جليلة في التوسل والوسيلة، لم يستطع تكذيب الحديث من خلال الخوض في سنده، لكنه حاول خائباً تكذيبه بقوله: " إنه حديث غير معقول "!!!؟

ونحن طبعاً لن نكذب الحديث اعتماداً علي عقله الفارغ. وبجمع الحديث الشريف مع الآية الكريمة يكون معني إليه شاملاً لمماته (صلی الله علیه و آله).

3 - أكثر من (15) حديثاً أخرجها كبار الحفاظ من أهل السنة مثل الحاكم والطبراني والدارقطني والبيهقي وغيرهم حول فضل زيارته (صلی الله علیه و آله) منها: من حج ولم يزرني فقد جفاني. من زار قبري وجبت له شفاعتي. وغيرها كثير.

4 - العديد من علماء أهل السنة الذين ألفوا العديد من الكتب في الرد علي منكري الزيارة.

وإذا أردت ذكرهم وذكر مؤلفاتهم لتطلب ذلك مني جهداً كبيراً.

ص: 140

لقد حاولت الإختصار بشدة وأرجو أن لا يكون اختصاري هذا قد أثر علي الموضوع، فلا تزال هناك عشرات الأدلة التي لم أذكرها.

أما فيما يخص موضوع البناء علي القبور وجعل القبور من ضمن المساجد، فأنا لن أذكر أدلتي من الكتاب والسنة قبل أن يجيبني الأخ عمر علي هذا السؤال: عندما أزال الوهابيون البناء من فوق القبور وساووها بالأرض؟ لماذا لم يفعلوا الشيء نفسه بقبر النبي (صلی الله علیه و آله)؟

هل تعرف لماذا لم يفعلوا ذلك يا عمر؟ لأنهم منافقون.. خافوا من رد فعل العالم الإسلامي في حينها، ورأوا أن ذلك أشد وقعاً بكثير مما أجرموه في تهديم مشاهد الصالحين، والذي استنكره كل المسلمين في وقتها كما استنكروا كل جرائم الوهابية. ولو لم يكن الوهابية منافقين لكانوا فعلوا الشيء نفسه بقبر النبي (صلی الله علیه و آله) فمن المعروف عندهم أن النبي (صلی الله علیه و آله) بشر كسائر البشر في هذه الأمور.

ولو كان بناء المساجد فوق القبور محرماً كما تزعمون، ففي هذه الحالة يكون الفقهاء السبعة - وهم فقهاء المدينة المعروفين - الذين تم توسيع المسجد النبوي الشريف تحت إشرافهم، يكونون جهلة، لأنهم وبأجمعهم لا يعلمون بأمر هذا الحديث الذي ينهي وبشدة عن بناء المساجد فوق القبور!!

وإذا كانوا فعلاً لا يعلمون هذا فتلك مصيبة كبيرة، لأن كل أهل السنة أخذوا دينهم عن هؤلاء الفقهاء السبعة، وإذا كان الفقهاء يعرفون هذا الحديث ولم يعملوا به فالمصيبة أكبر وأعظم.

مما لا شك فيه أن هؤلاء الفقهاء أعلم وأكثر تقوي من ابن تيمية وابن عبد الوهاب اللذين يفهمان من الدين ما تمليه أهواءهم.

وإذا قلت لي إنهم كانوا مضطرين لذلك لكي يتم توسيع المسجد النبوي، قلت لك: إن الإضطرار لا يشمل هذه الحالة، لأنه وببساطة شديدة كان يمكنهم

ص: 141

توسيع المسجد الشريف من الجهة البعيدة عن قبره (صلی الله علیه و آله) ولا يشملهم اللعن المباشر الوارد في هذا الحديث.

في الحقيقة إن هذا الحديث إن صح فهو يشير إلي اليهود والنصاري الذين جعلوا قبور أنبيائهم مساجد أي جعلوا كل قبر منها " قبلة " يتوجهون إليها في صلاتهم ويقصدونها نية في سجودهم أو أنهم يعبدون هذه القبور. ولا يمكن أن يكون للحديث معني آخر.

يا عمر أجبني عن هذا السؤال: إذا كنت تعتقد أن الصلاة قرب القبور غير جائزة، فهل تستطيع أن تخبرني كيف كانت " السيدة عائشة " وطوال أكثر من 30 عاماً، تصلي في حجرة تحتوي علي ثلاثة قبور، وهي التي تأخذون ثلثي دينكم عنها؟!

وكتب (عمر) بتاريخ 23 - 1 - 2000، السابعة والثلث مساءً:

لا أجد أي أدلة من الكتاب والسنة في إثبات شرعية التوسل بالأموات، بل خلطت زيارة قبر الرسول (صلی الله علیه و آله) بالتوسل والشفاعة والتمسح بالقبور.

يجب أن يكون حديثك عن التوسل كما صنع الكفار مع الأصنام، ولا علاقة لزيارة القبور وخاصة قبر النبي (صلی الله علیه و آله). ومن المعروف بأن المشركين كانوا بالبداية علي ملة إبراهيم حتي اختلط الشرك بعملهم وضل سعيهم. وهذه الحالة نراها في أغلب العصور لأن الإنسان يريد الشئ الملموس والمحسوس.

وأكبر دليل وهو أصحاب موسي والعجل الذي عبدوه والكل يدعي بأنه علي حق.

سورة الزمر - 3: ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار.

ص: 142

أما سؤالك عن بيت عائشة (ض) وقبر النبي (صلی الله علیه و آله) فهذه حالة خاصة لأن الأنبياء يدفنون حيث يتوفون.

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 23 - 1 - 2000، الثامنة مساءً:

أما بعد إلي عمر:

الفرق بينهما كالفرق بين رأسك وقدمك، وبين الجنة والنار.

لم يرد النهي عن زيارة القبور في أثر من الآثار، وإنما نهي عنه الوهابيون وابن تيمية قدوة الوهابية.

تدل علي مشروعية زيارته صلي الله عليه وآله وفضيلتها كما في كشف الإرتياب 362-372، الأدلة الأربعة:

الدليل الأول: كتاب الله العزيز.

قال تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول، لوجدوا الله تواباً رحيماً ". النساء - 64.

قال السمهودي في وفاء الوفاء: 2/411: " العلماء فهموا من هذه الآية العموم لحالتي الموت والحياة واستحبوا لمن أتي القبر أن يتلوها ".

الدليل الثاني: السنة الشريفة.

والأحاديث الواردة في ذلك كثيرة، نقلها السمهودي في وفاء الوفاء: 4/394-403، ونقلها غيره، ونحن ننقلها منه، وربما نترك بعض أسانيدها، وقد تكلم هو علي أسانيدها بما فيه كفاية.

1 - الدار قطني في السنن وغيرها، والبيهقي، وغيرهما بالأسانيد عن طريق موسي بن هلال العبدي، وعن عبيد الله بن عمر، وعن نافع عن ابن عمر، قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من زار قبري وجبت له شفاعتي ".

ص: 143

2 - البزار من طريق عبد الله بن إبراهيم الغفاري، وعن عبد الرحمن بن زيد، عن أبيه، عن ابن عمر، عن النبي صلي الله عليه وآله: " من زار قبري حلت له شفاعتي ".

3 - أو الطبراني في الكبير والأوسط، والدار قطني في أماليه، وأبو بكر بن المقري في معجمه من رواية مسلمة بن سالم الجهني، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن سالم، عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من جاءني زائراً لا تحمله حاجة إلا زيارتي، كان حقاًّ علي أن أكون له شفيعاً يوم القيامة ".

قال: والذي في معجم ابن المقري: " من جاءني زائراً كان حقاًّ علي الله عز وجل أن أكون له شفيعاً يوم القيامة ".

قال: وأورد الحافظ ابن السكن هذا الحديث في باب ثواب من زار قير النبي صلي الله عليه وآله من كتابه السنن الصحاح المأثورة ومقتضي ما شرطه في خطبته أن يكون هذا الحديث مما أجمع علي صحتها. انتهي. وهو بإطلاقه للزيارة في الحياة وبعد الموت.

4 - الدار قطني والطبراني في الكبير والأوسط وغيرهما، من طريق حفص بن داود القاري، عن ليث، عن مجاهد، عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي".

قال: ورواه ابن الجوزي في مثير الغرام الساكن بسنده وزاد وصحبتي. ورواه ابن عدي في كامله بسنده بهذه الزيادة، ورواه أبو يعلي بسنده بدون الزيادة، وفي بعض الروايات " من حج فزارني في حياتي ". ورواه الطبراني في الكبير والأوسط عن طريق عائشة بن يونس امرأة الليث، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد، عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من زار قبري بعد موتي كان كمن زارني في حياتي ".

ص: 144

5 - ابن عدي في الكامل، من طريق محمد بن محمد بن النعمان عن جده، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني ".

قال السبكي: وذكر ابن الجوزي له في الموضوعات طرفاً منه.

الدليل الثالث: الإجماع.

فقد أجمع المسلمون خلفا عن سلف من عهد النبي صلي الله عليه وآله والصحابة إلي يومنا هذا قولاً وعملاً علي زيارة قبره صلي الله عليه وآله ولم يشذ عنهم أحد إلا الوهابيون. بل إن استحباب زيارة قبور الأنبياء والصالحين، بل وسائر المؤمنين ومشروعيتها ملحق بالضروريات عند المسلمين، فضلاً عن الإجماع.

قال السمهودي في وفاء الوفاء نقلاً عن السبكي: قال عياض: زيارة قبره صلي الله عليه وآله سنة بين المسلمين مجمع عليها، وفضيلة مرغوب فيها.

قال السبكي: وأجمع العلماء علي استحباب زيارة القبور للرجال كما حكاه النووي، بل قال بعض الظاهرية بوجوبها. واختلفوا في النساء، وامتاز القبر الشريف بالأدلة الخاصة به.

الدليل الرابع: دليل العقل.

فإنه يحكم بحسن تعظيم من عظمة الله تعالي، والزيارة نوع من التعظيم، وفي تعظيمه صلي الله عليه وآله بالزيارة وغيرها، تعظيم لشعائر الإسلام، وإرغام لمنكريه.

وأما زيارة سائر القبور، ثبت أن النبي صلي الله عليه وآله كان يزور أهل البقيع وشهداء أحد. وروي ابن ماجة بسنده عنه صلي الله عليه وآله: " زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة ".

وبسنده عن عائشة أنه صلي الله عليه وآله رخص في زيارة القبور وقال: " كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة ". ورواه مسلم إلي قوله: فزوروها.

ص: 145

وروي النسائي: " ونهيتكم عن زيارة القبور فمن أراد أن يزور فليزر ". وفي حاشية السندي عن الزوائد: أن رجال إسناده ثقات.

وقد زار النبي صلي الله عليه وآله قبر أمه وهي مشركة بزعم الخصم!

روي مسلم، وابن ماجة والنسائي، بأسانيدهم عن أبي هريرة: زار النبي صلي الله عليه وآله قبر أمه فبكي وأبكي من حوله، فقال صلي الله عليه وآله: " استأذنت ربي في أن أستغفر لها فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكركم بالموت ".

قال النووي في شرح صحيح مسلم: هو حديث صحيح بلا شك.

وروي مسلم أنه كلما كانت ليلة عائشة من رسول الله صلي الله عليه وآله يخرج من آخر الليل إلي البقيع فيقول: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين وآتاكم ما توعدون " وعلم صلي الله عليه وآله عائشة حين قالت له: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال: قولي: " السلام علي أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ". رواه مسلم.

ونحن وإن كنا نعتقد بأن آباء النبي وأمهاته كلهم مؤمنون، تبعاً لما ثبت عندنا بالأحاديث الصحيحة، ولا نقبل أن أم النبي صلي الله عليه وآله كانت مشركة، ولكنا أوردنا الحديث لنحتج به علي من يحرم الزيارة.

وكتب (عمر) بتاريخ 23-1-2000، الحادية عشرة ليلاً:

يا هذا، نحن نتكلم عن التوسل والتمسح بالقبور، ولا نقصد زيارة النبي (صلی الله علیه و آله) أو زيارة المقبرة، هل فهمت؟

وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 23 - 1 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ص: 146

أعرف ذلك أيها... وإذا أثبت استحباب زيارة القبور.. بعد ذلك يمكن أن نثبت التوسل بالقبور.. أيها...

وكتب (جندي الحجة)، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

الأخ عمر:

أنت لم تجبني علي سؤالي الأول، وأنا لم أخلط الأمور، لأن زيارة قبر الرسول (صلی الله علیه و آله) والتوسل به هو شئ واحد، ونحن نزوره (صلی الله علیه و آله) وفاءاً منا له (صلی الله علیه و آله)، ولكي نتوسل ونتشفع به (صلی الله علیه و آله) في قضاء حوائج الدنيا والآخرة وأولها طلب المغفرة من الله تعالي تطبيقاً للآية: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم... والتي تتضمن عبارة: واستغفر لهم الرسول.. ولكي يستغفر لهم الرسول (صلی الله علیه و آله) لا بد أن يطلبوا منه (صلی الله علیه و آله) ذلك، تماماً كما كان يفعل المسلمون الأوائل في حياته (صلی الله علیه و آله) يأتون إلي النبي (صلی الله علیه و آله) يسلمون عليه يقبلونه - وفي هذا منتهي سعادتهم - يظهرون حبهم له وتمسكهم به وبملته، ثم يطلبون منه الدعاء لهم بقضاء الحوائج، فمنهم من يطلب منه الدعاء لنيل المغفرة، ومنهم من يطلب دعاءه (صلی الله علیه و آله) للشفاء من مرض، ومنهم من يطلب منه الدعاء للرزق.. وهكذا..

كانوا يجتهدون ويتفننون في طرق التبرك به (صلی الله علیه و آله)، فهؤلاء يجمعون شعراته، وهؤلاء يتلقفون الماء النازل من وضوئه (صلی الله علیه و آله)، وهذا يختلق قصة لكي يقبل بطنه (صلی الله علیه و آله)، وغيرهم فعل غير هذا..

أليس هذا تمسحاً وتبركاً وتقبيلاً؟؟!

طبعاً ستقول لي أن هذا كله كان جائزاً في حياته أما الآن فهو غير جائز، لأنه (صلی الله علیه و آله) قد مات!!

ليت شعري أكاد أجن من هذا الكلام الذي ترددوه كالببغاوات، من دون أن تتأملوا فيه ولو قليلاً!!

ص: 147

أولاً.. نص الحديث: " من زارني في مماتي كمن زارني في حياتي وصحبني " ولم يستثنِ شيئاً من فوائد الزيارة، فجعل فائدتها وفضلها لمن زاره في مماته تماما كمن زاره في حياته (صلی الله علیه و آله)! وكلامه (صلی الله علیه و آله) يقاس

بالمثقال كما تقولون.

ثانياً.. لو كان التقبيل والتمسح والتشفع والتوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) بعد موته شركاً كما تزعمون، فيجب بالتأكيد أن يكون شركاً في حياته (صلی الله علیه و آله) أيضاً لأن حجة عدم تجويزكم للتقرب إلي الله بهذه الطرق هي نفس الحجة!

وهي هذه الآية الكريمة سورة الزمر - آية 3: " ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ".

فلو كانت هذه الآية تنطبق علي الذين يزورون النبي (صلی الله علیه و آله) ويتوسلون به (صلی الله علیه و آله) في مماته، فهي تنطبق أيضا علي الصحابة الذين كانوا يزورونه (صلی الله علیه و آله) ويتوسلون به في حياته، لأنهم كانوا أيضاً يفعلون ذلك تقربا إلي الله زلفي!!!!!؟، فلماذا كان النبي (صلی الله علیه و آله) لا يمنعهم مستشهداً بهذه الآية أو غيرها من الآيات الكريمة، التي تعطي معنيً مقارباً؟؟؟

أنت تقول: " يجب أن يكون حديثك عن التوسل كما فعل الكفار مع الأصنام ". إذاً، هل كان توسل الصحابة بالرسول كما فعل الكفار مع الأصنام؟!!!

أنت لم تجبني عن موضوع قبر النبي (صلی الله علیه و آله) الذي أصبح ضمن المسجد مع أنك أنت من فتح موضوع القبور والمساجد؟!! ولم تخبرني لماذا لم يسوِّ الوهابية قبره (صلی الله علیه و آله) بالأرض؟؟ أليس قبراً لبشر؟؟!!

ص: 148

تقول أنك لا تجد أي دليل علي شرعية التوسل بالأموات.. وأنت طبعاً تعتبر كل من يتوسل بالأموات مشركاً، وطبعاً أنتم تقولون إن هذا الشرك يمس العقيدة ولا يمكن التهاون فيه..

هل ستستمر علي رأيك هذا عندما تعلم أن أحمد بن حنبل كان يتوسل بالأموات وابن تيمية - الذي يدعي أنه حنبلي المذهب - هو نفسه يروي دعاء أحمد بن حنبل في التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) في كتابه كلمة جليلة في التوسل والوسيلة ص 78!!

الدعاء يبدأ ب- " اللهم إني أسألك بنبيك نبي الرحمة محمد (صلی الله علیه و آله).. " حتي يصل إلي ".. يا محمد يا رسول الله إني توجهت بك إلي الله.. " وهو تقريباً نفس الحديث الذي يعترف بصحته الوهابية،

والذي يروي كيف أن الرسول (صلی الله علیه و آله) علم أحد المسلمين دعاء التوسل به (صلی الله علیه و آله)، وعندما يعلق علي هذا الدعاء يتتأتأ ولا يدري ما يجيب!!!

أليس هذا الدعاء توسلاً بميت؟؟؟ هل أن أحمد بن حنبل كان مشركاً؟؟!!

وإذا كنت ستحاول تأويل هذا الدعاء - كما هي عادتكم العقيمة في تأويل كل نص صريح لا يوافق أهواءكم - فإني أقول لك: إنه وكما تري واضح، ولا يقبل أي تأويل.

ورداًّ علي قولك بأن دفن النبي (صلی الله علیه و آله) في بيته هو حكم خاص، وأنا أسألك: لماذا لم تترك السيدة عائشة هذا البيت وبقيت تصلي فيه أكثر من (30) عاماً؟!!

ألا تخاف عاشه (كذا) أن يشملها لعن من يصلي قرب القبور؟؟!!

وهل أبو بكر وعمر أنبياء أيضاً لكي يدفنوا في البيت؟؟؟؟!!

الحمد لله أنك ناقضت نفسك بنفسك!!! وإذا لم تجبني علي كل أسئلتي فهذا دليل علي عجزك وعجز كل الوهابية أمام الحجج الدامغة.

ص: 149

أترك هذه الدلائل المختصرة إلي عقولكم وضمائركم.

وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 23 - 1 - 2000، الثانية عشرة إلا ثلاث دقائق ليلاً:

أقدم هذه المساهمة في الموضوع.. وهي أصلاً رسالة للأخ أبو سلمان في سحاب..

هل يجوز اتخاذ القبور مساجد؟

يقول دعاة القبور: إن قبر إسماعيل في الحجر.. وفي المسجد الحرام بين زمزم والركن والمقام قبر تسعة وتسعين نبياًّ.. وكانت عائشة تصلي في حجرتها وفيها قبر رسول الله صلي الله عليه وسلم.. ولما مات أبو بصير دفنه أبو جندل وبني علي قبره مسجداً.. فهذا يدل علي جواز البناء علي القبور وإقامة المساجد عليها.. وأما حديث: " لعنة الله علي اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " فلا يدل عدم جواز البناء مطلقاً، بل المحرم البناء علي القبر لا حوله لحديث " بنوا علي قبره مسجداً ". فقال: " علي " ولم يقل: " حول " فإذاً يجوز بناء الأضرحة لأنها حول القبور تحيط بها، لا عليها، وهذا من تعظيم القبور وتوقير أصحابها وحفظها من الضياع.

الجواب: يقال: ما الفائدة التي نجنيها من الحرص علي الصلاة في القبر، أو بناء المسجد، أو الضريح عليه؟ الفائدة كما يقولون: البركة في تحصيل الثواب وتعظيم الأولياء..

فيقال: هل الله أمر بذلك؟ هل في القرآن آية ولو واحدة فيها الأمر بالعناية بالقبور والبناء عليها؟

وهل فيه الأمر بتعظيم الأولياء بعد مماتهم بالصلاة عند قبورهم أو إقامة المساجد عليها؟ وهل في القرآن إشارة إلي أن ذلك مما يقرب إلي الله زلفي؟

ص: 150

الجواب في كل ذلك: لا. فشئ بهذه الأهمية الكبري عند دعاة القبور، حتي لأجله باغضوا مخالفيهم وناصبوهم العداء، وصار كل كلامهم وحديثهم حوله، في المجالس، وفي المساجد، وفي الكتب والرسائل، هل يعقل أن لا يكون له شأن أو ذكر في القرآن؟!

إن القرآن جاء بقواعد الإسلام وأصوله، وكلها مذكورة فيه، جاء بإفراد الله وحده بالعبادة ونبذ الشرك: " اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ". " إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ".

جاء بذكر أسمائه عز وجل وصفاته ونعمه وآلائه، جاء بذكر الجنة والنار والقيامة واليوم الآخر، جاء بذكر الخلق والموت والبعث، جاء بأحكام الصلاة والصيام والحج والجهاد، فكل القضايا الكبري والقواعد العظمي قد ذكرت وفصلت في القرآن، لكن لا نجد القبور وتعظيم أصحاب القبور من بين تلك القضايا القرآنية، بالرغم من أنها قضية كبري عند دعاة القبور، فما السبب؟

هل الله سبحانه قد نسي ذكرها - تعالي الله - فجاء هؤلاء ليستدركوا ذلك علي الله؟ أم أن هؤلاء دعاة ضلالة وبدعة وانحراف عن السبيل؟ ثم هل الرسول صلي الله عليه وسلم أمر باتخاذ المساجد علي القبور وإقامة الأضرحة حولها والصلاة عندها، وتعظيم الموتي بالتبرك بالمكث عند قبورهم والدعاء؟ الجواب: لا، بل نهي عن ذلك وأمر بضده، وما يروجه دعاة القبور من أحاديث في هذا الباب تؤيد دعواهم فهي إما ضعيفة أو موضوعة أو أنها محرفة المعني إن كانت صحيحة، من ذلك ما ذكروه من وجود قبور الأنبياء في المسجد الحرام.

ص: 151

فأما عن قبر إسماعيل عليه السلام فقد جاء في تذكرة الموضوعات لمحمد بن طاهر بن علي الهندي الفتني قال:

باب: في بعض قبور الأنبياء والأولياء، في المختصر: قبر إسماعيل في الحجر، سنده ضعيف.

وكذا قال الزرقاني في مختصر المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة علي الألسنة.

أما عن القبور التي في المسجد الحرام:

فقد روي الأزرقي في أخبار مكة في: ذكر حج إبراهيم عليه السلام وأذانه بالحج، وحج الأنبياء، وطوافه وطواف الأنبياء.. قال:

حدثني جدي قال: حدثنا يحي بن سليم عن ابن خيثم، قال: سمعت عبد الرحمن بن سابط يقول: سمعت عبد الله بن ضمرة السلولي يقول: " ما بين الركن إلي المقام إلي زمزم قبر تسعة وتسعين نبياًّ، جاءوا حجاجاً فقبروا هناك ".

هذا الأثر ليس مرفوعاً إلي النبي صلي الله عليه وسلم، فراويه تابعي، ومثل هذا الخبر لا يقال بالرأي، بل لا بد فيه من دليل صحيح من الكتاب والسنة، وإذا كان كذلك فلا يحتج به، فلا يحتج إلا بما ثبت عن رسول الله، وهذا ليس قولاً لرسول الله صلي الله عليه وسلم، بل هو قول تابعي، وديننا لا نأخذه إلا مما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام.

وروي الأزرقي كذلك، قال: حدثني مهدي بن أبي المهدي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله مولي بني هاشم عن حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن محمد بن سابط عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: " كان النبي من الأنبياء إذا هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد بها النبي ومن معه حتي يموت فيها، فمات بها نوح وهود وصالح وشعيب، وقبورهم بين زمزم والحجر ".

ص: 152

هذا الأثر لا يصح عن رسول الله صلي الله عليه وسلم لأنه مرسل، فمحمد بن سابط ليس من الصحابة، وقد نظرت في الإصابة لابن حجر فلم أجده ذكره، ثم إن عطاء بن السائب اختلط بآخره، قال أحمد: من سمع منه قديماً فهو صحيح، ومن سمع منه حديثاً لم يكن بشئ. وقال يحي بن معين:

لا يحتج به. قال ابن كثير: وأما قبره عليه السلام فروي ابن جرير والأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط أو غيره من التابعين مرسلاً أن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام.

الشاهد من كلامه أنه قال: " مرسلاً "، والمرسل من أنواع الحديث الضعيف، وهو ما يرويه التابعي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ويسقط منه الصحابي، وعلي ذلك فلا حجة في هذا الأثر علي مطلوبهم.

وقد اختلف الناس في تحديد قبور الأنبياء، والصواب أنه لا يعرف قبر نبي علي وجه التحديد إلا قبر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، فهود عليه السلام قيل أن قبره في بلاد اليمن، وذكر آخرون أنه في دمشق وعن قبر شعيب عليه السلام ذكر وهب بن منبه أنه مات بمكة ومن معه من المؤمنين، وقبورهم غربي الكعبة بين دار الندوة ودار بني سهم، فهذا النقل يخالف حديث الأزرقي أن قبورهم بين الركن وزمزم والمقام، فهو يدل علي أن قبورهم خارج المسجد.

وفي كل حال فإن تلك القبور مجهولة المكان، وما جهلت وعميت علي الناس إلا لسبب ظاهر، حتي لا تعبد من دون الله، إذ الشيطان كان قد عبث بالناس باسم تعظيم الأولياء والتبرك بقبورهم حتي دخل بهم في الشرك، فكان من الحكمة تعمية قبورهم، فإذا كان الناس يعظمون قبور من لم يعرف صلاحه، فكيف بنبي عرف فضله وسبقه ومنزلته؟

ولذا لم يثبت لنا مكان قبر نبي إلا قبر بنينا عليه الصلاة والسلام، وقد كان دعا ربه فقال: " اللهم لا تجعل قبري وثناً يعبد، اشتد غضب الله علي قوم اتخذوا

ص: 153

قبور أنبيائهم مساجد " فاستجاب الله له فلم يقدر أحد علي اتخاذ قبره وثناً يعبد، وقبره لم يكن في المسجد، فقد قبر خارج المسجد في حجرة عائشة الملاصق للمسجد، ثم إن الوليد بن عبد الملك أمر سنة 88 ه بعد انقراض عهد الصحابة في المدينة بهدم حجر أزواج النبي وضمها إلي المسجد من أجل التوسعة، وقد أنكر العلماء ذلك منهم سعيد بن المسيب خشية أن يتخذ القبر مسجداً، لكن الوليد أصر حتي هدمت الحجر وأضيفت حجرة عائشة إلي المسجد من الشرق، فبنوا علي القبر حائطاً وسنموه وحرفوه لئلا يصل أحد إلي قبره..

وعائشة كانت تصلي في حجرتها من قبل وفاة رسول الله، ثم لما توفي قبر في مكانه كعادة الأنبياء، فهي لم تبن مسجدا علي قبر النبي، ثم إن القبر كان ناحية عن الحجرة، لأن القبور كانت في مقدم الحجرة، وكانت هي في مؤخر الحجرة، والمؤكد أنها وهي التي تروي حديث: " لعنة الله علي اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد " أعرف الناس بحقيقة حكم الصلاة عند القبر وأن يتخذ مسجداً، ومن المستحيل أن تقع في شئ..

لا يمكن لنا أن نترك هذا الكم الهائل من الأحاديث التي تحذر من اتخاذ القبور مساجد، ونستدل بصلاة عائشة في حجرتها الذي فيها القبر علي جواز البناء علي القبور والصلاة عندها.. خاصة وأن عائشة لم تبنِ علي القبر مسجداً، ولم تكن تصلي إليه..

وأما حديث: " ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة "، فالحديث روي بهذا اللفظ.. لا بلفظ: " قبري "، فهذا خطأ، فإن النبي لما قال هذا لم يكن قد قبر، ولهذا لم يحتج بهذا أحد من الصحابة لما تنازعوا في دفنه، ولو كان هذا عندهم لكان نصاًّ في محل النزاع.

ص: 154

أما أثر أبي جندل في دفن أبي بصير وبنائه مسجداً علي قبره، وأن النبي أقره علي ذلك، فذلك كذب، فابن حجر ذكر في الفتح فقال: وفي رواية موسي بن عقبة عن الزهري: فكتب رسول الله إلي أبي بصير، فقدم كتابه وأبو بصير يموت، فمات وكتاب رسول الله في يده، فدفنه أبو جندل مكانه وجعل عند قبره مسجداً. هكذا روي الأثر، لا كما قالوا: " علي قبره مسجداً "، وقوله: " عند " لا يلزم منه أن يكون عليه، بل قد يكون القبر في ناحية والمسجد في الناحية الأخري وبينهما جدار وحاجز أو طريق واسع ويقال هذا عند هذا، ولا يلزم منه أن يكون في حريم القبر وفنائه، وقد جاء في البخاري: عن عائشة أن أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا كنيسة رأينها بأرض الحبشة فيها تصاوير فذكرتا للنبي صلي

الله عليه وسلم فقال: " إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا علي قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة ".

فتلك الكنيسة كانت علي القبر تحيط به من كل ناحية كالأضرحة الموجودة الآن، فالبناء علي القبور محرم، وأما كون المسجد عندها، بمعني قربها لكن بفاصل من طريق ونحوه، لا بكونه ضمن سورها أو ناحية قبلتها فذلك لا يظهر فيه بأس. ثم إن الأثر مرسل أرسله الزهري، والمرسل من أنواع الضعيف فلا يحتج به، وأبو جندل استشهد في خلافة عمر رضي الله عنه، وعلي ذلك فليس في الأثر جواز البناء علي القبور.

ولو فرضنا جدلاً أن الصحابي فعل ذلك فلا يقر عليه، وليس في الأثر أن النبي أقره كما زعموا،

كما أن النبي لم يقر حديثي العهد بكفر علي اتخاذ ذات أنواط، جاء في حديث أبي واقد الليثي: خرجنا مع رسول الله إلي حنين ونحن حدثاء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها: ذات أنواط،

ص: 155

فقلنا: يا رسول الله! اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط، فقال رسول الله: " الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل: اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون، لتركبن سنن من كان قبلكم ".

فانظر كيف جعل عليه الصلاة والسلام اتخاذ الشجرة للتبرك كاتخاذ إله آخر، وهو مثل ما يقوله هؤلاء عن القبور وتعظيم الموتي.. يتبين لك خطر هذه الدعوة.

فكل حديث فيه تعظيم شأن القبر بالبناء عليه، وتزيينه، والتعبد عنده، فهو حديث ضعيف أو موضوع مثل: " إذا أعيتكم الأمور فعليكم بأصحاب القبور " فهذا حديث مفتري لم يروه أحد من أهل العلم، ولا يوجد في شئ من الكتب المعتمدة. والله أعلم.

فكتب (جندي الحجة) بتاريخ 24 - 1 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

إلي عمر ومحمد إبراهيم:

لقد ذكرتني أجوبتكم هذه بنكتة النملة والفيل:

سأل المدرس أحد الطلاب عن النملة وكان هذا الطالب لا يعرف عنها شيئاً وكان يعرف كثيراً عن الفيل، فأجابه الطالب بما يلي:

(النملة أصغر من الفيل، أما الفيل فهو كذا وكذا وكذا و......)

لقد فتح عمر النقاش بأحاديث معينة وحجج ناقشناها، وبعدها جئناه ببعض حججنا، وأنتم لم تجيبوا عن معظم الأسئلة التي سألتكم إياها!!

وبدلاً من هذا فإنكم أتيتم بحجج واهية ومضحكة، وابتعدتم عن أسئلتي المحرجة لكم، تماماً كما فعل الطالب بالنملة والفيل!!

ص: 156

والعجب أني أراكم فرحين بتلك " الحجج " المضحكة، ومنها: أن عائشة كانت تصلي في مؤخر الحجرة والقبور في مؤخرها!!!

وهذا يناقض كلياًّ رأيكم ورأي باقي الوهابية في تحريم الصلاة تحريماً مطلقاً في أي حجرة تحوي قبراً!!

ولا يحتاج أن أذكركم برأي ابن باز عندما سأل عن وجود القبر في أي ناحية من نواحي المسجد وأفتي بعدم جواز ذلك، وقال: إذا كان المسجد بني فوق القبر فيجب تهديمه، أما إذا كان المسجد قبل القبر ففي هذه الحالة يجب إخراج الميت ودفنه في مكان آخر!!

ما دمتم لم تجيبوني علي أسئلتي فهذا دليل علي عجزكم!! وحاولوا أن تفهموا كيف يكون البحث المنهجي المستند علي أسس علمية ووفق تسلسل منطقي.

صدقوني عندي الجواب لكل ما ذكرتموه حتي الآية الدالة علي بناء المسجد فوق القبور.. وستستغربون كيف أنكم قرأتموها عشرات المرات ولم تنتبهوا لمعناها..

ولن أذكرها إلا بعد أن تجيبوني علي كل أسئلتي، لكي يأخذ الحوار تسلسله، المنطقي ولكي لا تلعبوا معي لعبة طفر الموانع.

وكتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 11 - 2 - 2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (باب كراهة بناء المساجد عند القبور من كتب الشيعة)، قال فيه:

65 - باب كراهة بناء المساجد عند القبور:

ص: 157

1 - محمد بن علي بن الحسين، بإسناده عن سماعة بن مهران، أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن زيارة القبور وبناء المساجد فيها، فقال: أما زيارة القبور فلا بأس بها، ولا تبني عندها مساجد.

ورواه الكليني عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسي، عن سماعة قال: سألته، وذكر مثله.

2 - قال: وقال النبي صلي الله عليه وآله: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإن الله لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.

أقول: ويأتي ما يدل علي ذلك في مكان المصلي. الكافي 3: 228 - 2

www. rafed. net / aalulbayt / wasael - 3 / was 3012. html 14

وكتب (يحيي ابن الحاشر العسقلاني) وهو زيدي، بتاريخ 12 - 2 - 2000، الثالثة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ عمر.. هناك فرق بين الكراهة وبين الرمي بالشرك!

ولا أظنك تخالفني في ذلك، ولو اقتصرتم علي المناقشات في الحرمة والكراهة لكان البحث أكثر علمية، كما هو ظاهر كلامكم..

ولو انتهج الوهابية ذلك وقالوا بالتحريم، ولم يلزموا الناس قسراً عليه، ولم يرموا الأمة بالشرك، لكان هناك احترام لهم من قبل العلماء من كافة المذاهب، لكنهم غلوا غلواًّ عظيماً برميهم من خالفهم بالشرك والكفر والبدعة!

وتمسكوا بالقشور بفهم النصوص، ولم يرجعوا لقواعد الفقه وما قرر العلماء وقعدوه من نظريات.

فلما رأي أهل العلم القوم لم يتبعوا النهج الصحيح، وعمدوا إلي الغلظة والتنصل من القواعد، والقفز فوق المقدمات، ولا سيما التلاعب بمعاني النصوص والروايات، فجابههم العلماء علي اختلاف مذاهبهم

ص: 158

بالرد علي مناكيرهم وأباطيلهم التي ساقوها ضد أهل لا إله إلا الله..

سامحهم الله وإيانا ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وكتب (عمر) بتاريخ 12 - 2 - 2000، الثالثة صباحاً:

لا أظنك لم تقرأ هذا الحديث الذي كتبته أيضاً وأعيده لك مرة ثانية: " وقال النبي صلي الله عليه وآله: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإن الله لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. وهنا يكون التحريم ".. وليس الكراهة هدانا الله وإياكم.

فكتب (العسقلاني) بتاريخ 12 - 2 - 2000، الثالثة والنصف صباحاً:

لم يتخذ أحداً من المسلمين قبره عليه الصلاة والسلام قبلة ولا مسجداً، هدانا الله وإياك..

بل هو تخيل من جانبكم وتطبيق خاطئ للرواية.. وحسبك أن الفقهاء لهم في شرحها صولات وجولات. كما أن احتمالات معانيها كثيرة..

ومن المعلوم كما هو مقرر أن الدليل إذا دخله الإحتمال بطل الإستدلال به! ولا يسعفني الآن كلام شراح الحديث كالإمام ابن حجر، ولا النووي..

وكتب (الموحد) بتاريخ 12 - 2 - 2000، الرابعة إلا ربعاً صباحاً:

الليلة عيد.. عند عمر بسبب هذا الحديث الذي وجده في رافد.

لكن أين بني مسجد الرسول صلي الله عليه وآله، أفي المملكة أم في قم؟ ومن بناه؟

إذا فيك خير.. روح إهدم المسجد.. يا الله أرنا شطارتك.. مع هيئة الأمر بالمعروف، والضرب بالشلوت.

وكتب (عمر) بتاريخ 12 - 2 - 2000، الثانية ظهراً:

ص: 159

قبر الرسول (صلی الله علیه و آله) لم يكن مسجداً ولا مكاناً للتمسح والتوسل، والحادثة معروفة بتوسعة المسجد الموجود قبل وفاته، أي لا ينطبق الحديث علي هذه الحادثة.

أما القبور التي بنيت عليها مساجد فحدث ولا حرج، وآخرها الخميني والمسجد أو المشهد الذي بني عليه. اتقوا الله في سنة نبيه.

وكتب (عمر) بتاريخ 25 - 2 - 2000، الثانية والنصف ظهراً:

من المتناقضات بمذهب الشيعة قضية القبور، فنجد أحدهم يحرم بناء المساجد علي القبور والآخر يرغب بها ويعطيها من الفضل ما يثير العقل.

ولكم الآن فضائل القبور في المذهب الشيعي:

وقد تواترت نصوص أهل البيت عليهم السلام، في فضل زيارة مشاهدهم، وما تشتمل عليه من الخصائص الجليلة، والثواب الجم.

فعن الوشا، قال: سمعت الرضا عليه السلام يقول: إن لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإن من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغبوا فيه، كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة.

وعن زيد الشحام قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ما لمن زار واحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول الله صلي الله عليه وآله.

وعن أبي الحسن موسي عليه السلام قال: إذا كان يوم القيامة، كان علي عرش الرحمن أربعة من الأولين، وأربعة من الآخرين. فأما الأربعة الذين هم من الأولين: فنوح وإبراهيم وموسي وعيسي، وأما الأربعة من الآخرين: محمد وعلي والحسن والحسين عليهم السلام. ثم يمد الطعام فيقعد معنا من زار قبور الأئمة، ألا إن أعلاهم درجة وأقربهم حبوة زوار قبر ولدي.

ص: 160

وعن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: زارنا رسول الله، وقد أهدت لنا أم أيمن لبناً وزبداً وتمراً، قدمنا منه، فأكل، ثم قام إلي زاوية البيت فصلي ركعات، فلما كان في آخر سجوده بكي بكاءاً شديداً، فلم يسأله أحد منا إجلالاً وإعظاماً.

فقام الحسين في الحجرة. وقال له: يا أبه، لقد دخلت بيتنا، فما سررنا بشئ كسرورنا بدخولك، ثم بكيت بكاءاً غماًّ، فما أبكاك؟

فقال: يا بني، أتاني جبرئيل آنفاً، فأخبرني أنكم قتلي، وأن مصارعكم شتي.

فقال: يا أبه، فما لمن يزور قبورنا علي تشتتها؟

فقال: يا بني، أولئك طوائف من أمتي، يزورونكم، فيلتمسون بذلك البركة، وحقيق علي أن آتيهم يوم القيامة حتي أخلصهم من أهوال الساعة من ذنوبهم، ويسكنهم الله الجنة. انتهي.

والغريب بأن الحسين (رضی الله عنه) كان من الصغر بحيث لا يفقه مغزي هذا السؤال.

فكتب (العاملي) بتاريخ 25-2-2000، السابعة مساءً:

صار عمر فقيهاً يفتي علي مذهب الشيعة!!

1 - الحديث الذي يزعم أن النبي صلي الله عليه وآله نهي عن البناء علي قبره الشريف غير صحيح.. وإن رأيته يا عمر في بعض مصادرنا فهو متسرب من الرواة الذين كانوا مثلك، ثم تشرفوا بولاء أهل البيت عليهم السلام، وبقيت فيهم رواسب، وعندهم مزريات.. ومثل هؤلاء كثير..

ولكن فقهاءنا يصححون الصحيح، ويبطلون الباطل، ويتوقفون في المشكوك.. فإن كنت صادقاً فأعطنا فتوي لأحد فقهاء الشيعة يحرم فيها البناء علي القبر!

ص: 161

2 - النبي صلي الله عليه وآله دفن في بيته - في غير غرفة عائشة - وكان الجدار ملاصقاً للمسجد ففتحوه فصار القبر في المسجد والصلاة عنده وحوله!! فهل كان عملهم هذه بدعة؟!!

ثم وسعوا المسجد فصار في وسطه تقريباً!! فهل كان عملهم حراماً وبدعة؟!!!

كلا يا عمر.. ليس البناء علي قبور الأنبياء حراماً، ولا اتخاذ المساجد عليها، ولا زيارتها والصلاة عندها، ولا التوسل إلي الله بهم..

وأمامك سيرة جميع أهل الأديان في كل التاريخ.. ولكن افهم مني سر المسألة:

السر يا عمر في وضع هذا الحديث المزعوم أن عمر وأبا بكر خافا أن يأتي علي وفاطمة والحسنان عليهم السلام، ويستجيروا بقبر النبي مطالبين بحقهم الشرعي المغصوب!! كما هي عادة العرب!!

فأصدروا أحكاماً عرفية تمنع التجمع عند القبر، والصلاة عنده، والمكوث عنده.. ووضعوا هذه الرواية!! هذا كل ما في الأمر.

ولكن أهل البيت عليهم السلام كانوا يعملون بالبرنامج الذي أوصاهم به النبي صلي الله عليه وآله، ولم يكن في نيتهم الإستجارة بالقبر!!

وهناك بحوث فقهية وتاريخية في هذا الموضوع.. ولكنك يا عمر لا يهمك البحث، ولا الفقه مع الأسف!

وكتب (عمر) بتاريخ 25-2-2000، الثامنة مساءً:

من الغريب بأنك تستشهد بالكافي وعندما نحجك من كتابك تتبرأ منه. إنه أمر مضحك ومحزن: البناء علي القبور محرم إجماعاً بين الشيعة والسنة بدليل الكافي.

ص: 162

أما ما حدث بعد ذلك من التحليل والترغيب فهو للإسترزاق من البشر العطاشي للشرك.. لاحظ المصلحة الشخصية في الأمر بهذه الأفعال ونتائجها علي من يدعو إلي تعظيم القبور.. أما في القرآن فلا أعتقد بأنك ستضعفه ولكن يمكنك التأويل. سورة الجن - آية 18: وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً.

وكتب (مدقق) بتاريخ 26 - 2 - 2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

يقول الله في كتابه الكريم حول بناء المساجد علي القبور: " وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنياناً ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا علي أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً ". والذين غلبوا علي أمرهم هم المؤمنون، وهو واضح لأن المؤمنين هم الذين يبنون المساجد إلا ما خرج بالدليل.

وكتب (عمر) بتاريخ 26 - 2 - 2000، الواحدة والثلث صباحاً:

لا أعرف كيف استدللت بأنهم المؤمنين؟؟ ولكنك عندما تقارن الحديث بالآية تعرف من الذي بني المسجد. وقال النبي: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجداً، فإن الله لعن اليهود حيث اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. انتهي.

قال العاملي:

وهكذا يصر الجامدون الذين زرقوا في أذهانهم عصمة البخاري وعمر، علي قبول كلامهما حتي لو خالف كتاب الله تعالي!!

ص: 163

ص: 164

الفصل الثالث: التبرك بآثار الأنبياء والأئمة

ص: 165

ص: 166

التبرك بآثار الأنبياء والأئمة

كتب (علي القاضي) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 15 - 2 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (التبرك ومشروعيته!!)، قال فيه:

من الأمور المتسالمة بين المسلمين مسألة التبرك.

وقد كانت هذه الظاهرة متعارفة منذ الصدر الأول للإسلام، فإن المسلمين حين ذاك يتبركون بمسح النبي صلي الله عليه وآله رؤوس أولادهم في الصغر، وتبركهم بسؤر النبي في طعامه وشرابه بل يتبركون بكل شئ تقريباً يعود له. ولكن مما يؤسف أن في وقتنا الحاضر نري بعض المسلمين يعتبرون ذلك كله بدعة لا تجوز. والمشكلة هو التبرك بقبره الشريف في وقتنا الحاضر.

فإن من يذهب إلي بيت الله لا يمكنه مس القبر الشريف بنية التبرك، ولا زيارته بتلك النية. ولكن الذي يراجع كتب التاريخ والحديث يري أن ذلك جائز بل إنه من الأمور الراجحة شرعاً.

قال السمهودي: كان الصحابة: يأخذون من تراب القبر يعني قبر النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم. وفاء الوفاء: 1/544. وروي أن ابن عمر كان يضع يده اليمني علي القبر الشريف وأن بلالاً وضع خده عليه. كشف الإرتياب - 434. وروي أن فاطمة عليها السلام جاءت فوقفت علي قبر رسول الله صلي الله عليه وآله فأخذت قبضة من

ص: 167

تراب القبر فوضعتها علي عينيها فبكت. الوفاء لابن الجوزي: 2/804 وكشف الإرتياب - 436. وأما كتبنا ففيها الكثير من الروايات الصحيحة، فإن زيارة النبي صلي الله عليه وآله والتبرك بقبره، من المسلمات.

وكتب (يحيي ابن الحاشر العسقلاني) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 11 - 2 - 2000، الرابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هديتي إلي كل وهابي - 2: تمسح المقدسي الحنبلي بقبر إمامه فبرئ!!)، قال فيه:

قال العلامة الكوثري رحمه الله: في حاشية السيف الصقيل - 185:

رأيت بخط الحافظ الضياء المقدسي الحنبلي في كتابه - الحكايات المنثورة - المحفوظ تحت رقم 98 من المجاميع بظاهرية دمشق، أنه سمع الحافظ عبد الغني المقدسي الحنبلي يقول: إنه خرج في عضده شئ يشبه الدمل فأعيته مداواته، ثم مسح به قبر أحمد بن حنبل فبرئ ولم يعد إليه. انتهي ملخصاً.

فمن الذي يستطيع أن يعد هؤلاء قبوريين يتعبدون الضرائح؟!!!

وكتب (مدقق) بتاريخ 11-2-2000، العاشرة صباحاً:

أحسنت، هل من مزيد؟

وكتب (يحيي ابن الحاشر العسقلاني) بتاريخ 11 - 2 - 2000، العاشرة مساءً:

بالتأكيد أخي مدقق، بالتأكيد!

وكتب (يحيي بن الحاشر العسقلاني) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12-2-2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هديتي إلي كل وهابي - 3: كلام الإمام ابن حنبل في تقبيل القبر والمنبر)، قال فيه:

ص: 168

نسوق للقوم هنا كلام قاطع وبرهان ساطع وهو كلام الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، فإن أصروا علي البغي والعناد فالله حسيبهم، وحسبنا أن نلقي الحجة عليهم، لعلهم يرجعون!!

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في كتاب العلل والسؤالات، قال:

سألت أبي عن الرجل يمس منبر رسول الله يتبرك بمسه وتقبيله، ويفعل بالقبر ذلك رجاء ثواب الله، فقال: لا بأس به. انتهي بفصه ونصه! المصدر: العلل: 2/492 ح 3243.

ونقله أيضاً العلامة السمهودي الشافعي عنه أيضاً في وفاء الوفا: 4/1404.

وكلام هذا الإمام قاطع للفئة الباغية!! ولله الحمد والمنة.

وكتب (رائد جواد) بتاريخ 13 - 2 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

أخي الفاضل يحيي العسقلاني أعزه الله..

لله درك ما أروعها من صولات وغارات هذه التي تثري بها المنتدي بين الحين والآخر!!!

وهي والله إن دلت علي شئ فإنما تدل عن مكنون علمك وسعة اطلاعك.. أسأل الله أن يريك الحق حقاًّ فتتبعه، ويريك الباطل باطلاً فتجتنبه، ويبعد عنك كل مكروه ويحرسك بعينه التي لا تنام.

وكتب (يحيي ابن الحاشر العسقلاني) بتاريخ 13 - 2 - 2000، التاسعة ليلاً:

أخي العزيز الحبيب رائد حفظه الله، ما أشد الفرحة بوجودك بالمنتدي، نصر الله بك الحق، ولم ولن أنسي أياديك الجميلة علي، بارك الله فيكم.

وكتب (أبو أحمد) بتاريخ 14 - 2 - 2000، الثالثة ظهراً:

ص: 169

الأخ العسقلاني رعاك المولي تعالي: بعد السلام عليك والتحية الطيبة.. فقط للتذكير أقول..

قال من وصفته بالعلامة الإمام المجدد، وهو يتحدث عن التبرك بقبر النبي الأكرم صلي الله عليه وآله، ما نصه: " ما الفائدة التي نستفيدها، من أن نمسك الشباك، أو نمسك الحديد ".

مجلة الموسم: ع 21 - 22 ص 299.

نسأل الله تعالي لنا ولكم المغفرة والهداية وحسن العاقبة. والحمد لله رب العالمين وصلي الله علي سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين.

وكتب (الموسوي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12-1-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً، موضوعاً بعنوان (ماذا تقولون في هذا... هل هو بدعة؟!!)، قال فيه:

هذه المقاطع منقولة من كتاب تذكرة الحفاظ للذهبي:

سبعين تسبيحة في كل سجدة؟:

ج 1 ص 151: في ترجمة سليمان التيمي الحافظ: قال: سعيد بن عامر الضبعي: كان سليمان التيمي يسبح الله في كل سجدة سبعين تسبيحة.

القيام احتراماً للصالحين:

ج 1 ص 213: في ترجمة إبراهيم بن طهمان الحافظ: وقال أبو زرعة: كنت عند أحمد بن حنبل فذكر إبراهيم بن طهمان، وكان متكئاً من علة، فجلس وقال: لا ينبغي أن يذكر الصالحون فيتكأ.

قراءة التوحيد 3 مرات مع كل بيت شعر:

ص: 170

ج 2 ص 585: في ترجمة الحربي: وروي أبو الفضل الزهري، عن أبيه، عن إبراهيم الحربي، قال: ما أنشدت بيتاً قط إلا قرأت قل هو الله أحد ثلاث مرات.

التصدق بالرغيف ليلة الجمعة وجمع اللقم:

ج 3 ص 868: في ترجمة النجاد: وقال أبو إسحاق الطبري: كان النجاد يصوم الدهر ويفطر كل ليلة علي رغيف فيترك منه لقمة، فإذا كان ليلة الجمعة تصدق برغيفه، وأتي بتلك اللقم.

قراءة سورة يس بنية الشبع:

ج 3 ص 902: في ترجمة محمد بن داود بن سليمان: قال الدارقطني: ثقة فاضل. وعنه قال: أكلت في أيام القحط رغيفاً واحداً في أربعين يوماً بالبصرة، كنت إذا جعت قرأت " يس " بنية الشبع.

النزول عند البئر اقتداءاً بالوالد:

ج 3 ص 1035: في ترجمة ابن منده: قال أبو زكريا ابن منده: كنت مع عمي عبيد الله في طريق نيسابور فلما بلغا بئر مجة حكي لي عمي قال: كنت أسيراً يوماً فعرض لي شيخ جمال، فقال: كنت قافلاً عن خراسان مع أبي، فلما وصلنا إلي هنا، إذا نحن بأربعين وقراً من الأحمال فظننا أن ذلك ثياب، فإذا خيمة صغيرة فيها شيخ، وإذا هو والدك، فسأله بعضنا: ما هذه الأحمال؟ فقال: هذا متاع، قلَّ من يرغب فيه في هذا الزمان، هذا حديث رسول الله صلي الله عليه وآله. ثم ذكر لي عمي بعد ذلك، فقال: كنت قافلاً عن خراسان، ومعي عشرون وقراً من الكتب، فنزلت فيها عند البئر اقتداء بالوالد.

علامة الزهد:

ج 3 ص 1088: في ترجمة عطية بن سعيد: وقال - أي الخطيب -: كان زاهداً لا يضع جنبه، إنما ينام محتبياً.

ص: 171

قراءة الصحيح علي قبر الولد ثم المائدة عند الختم:

ج 4 ص 1279: في ترجمة التيمي: قال أبو موسي: وسمعت بعض أصحابه أنه كان يملي شرح صحيح مسلم عند قبر ولده أبي عبد الله، ويوم تمامه.

وكتب (جابر الأنصاري) بتاريخ 12 - 1 - 2000، السابعة مساءً:

أنت السيد ويعجز القلم عن مدحك. أقول فيك بيت:

قد نصرت حق حقك... وملء الفم فيك.

أذكرك لهجاً باسمك.

وتقبل مني هذه يا سيدنا.

ما خلت أن الدهر من عاداته... تروي الكلاب به ويظمي الضيغم

ص: 172

الفصل الرابع: التوسل والإستشفاع والإستغاثة بالنبي و آله صلوات الله علیهم

ص: 173

ص: 174

التوسل والإستشفاع والإستغاثة بالنبي و آله صلوات الله علیهم

كتب (مشارك) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 7 - 7 - 1999، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (لا تقل يا علي يا حسين يا بدوي، وقل يا الله)، قال فيه:

كثير من المنتسبين للسنة والشيعة تجدهم بدلاً من أن يدعوا الله وحده ويخلصوا له في الدعاء، تجدهم يدعون المخلوق الضعيف، وهذا من أفحش الجهل، فالمفترض فيمن يدعي الإسلام أن يخلص الدعاء لله وحده. هل هناك من يخالف في هذا، وهل له حجة في الخلاف؟

وكتب (العاشر من رمضان) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الثامنة والثلث صباحاً:

وفقك الله يا داعية التوحيد.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 7 - 7 - 1999، التاسعة إلا ربعاً صباحاً:

ص: 175

لقد حكم عليكم علماء السنة أن ما تقولونه كفر وزندقة.. وقد أثبت إليكم بالدليل..

ولكن أبيتم إلا كفراً وأبيتم إلا تشنيعاً علي المسلمين. هذه هي وظائفكم.. التفرقة بين المسلمين. توبوا إلي الله قبل أن يأتي يوم لا تنفع به أمريكا ولا إسرائيل.

وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، التاسعة صباحاً:

أين الكفر والزندقة في كلامي يا أشتر؟؟؟؟؟؟؟

إن كنت تستطيع أن تخالفني في كلامي هذا فأتني بحجتك!!

وكتب (عمار) بتاريخ 7 - 7 - 1999، التاسعة والثلث صباحاً:

لماذا توسل عمر بالعباس عم النبي، بدلاً من أن يتوجه مباشرة إلي الله تعالي؟

وما هو رأيك بحديث الضرير وغيره من الأحاديث؟ وهل توسل المسلمون بالرسول أثناء حياته؟

وما هو الفرق إن كان حياًّ في هذه الدنيا، أو تلك؟ الروح لا تموت والجسد فقط يموت.

أخي.. هذا ما حاولت الشيوعية أن تحاربه طول فترة وجودها، إذ أنهم أنكروا وجود حياة ما بعد الموت. المسألة ليست مسألة إن كان في هذه الدنيا، أم لا، لأنك تضع الإشكال بمنع التوسل بأي شخص سوي الله تعالي، ولهذا فأسألك سؤالاً بسيطاً وهو: لماذا تذهب إلي الطبيب عندما تمرض؟

وكتب (إسلام) بتاريخ 7 - 7 - 1999، العاشرة صباحاً:

جزاك الله خيراً يا أخي مشارك.

ص: 176

ونعم والله صدقت والذي نفسي بيده، فالدعاء هو العبادة من صرف منه شئ لغير الله فقد أشرك مع الله غيره، وهل يملك علي أو الحسين رضوان الله عليهم أو غيرهم لأنفسهم ضراًّ أو نفعاً حتي يتعدي نفعهم لغيرهم.. لا والله لا يملك أحد لأحد شيئاً من دون الله.

ولقد ورد عن النبي صلي الله عليه وسلم، أحاديث منها: " إن الدعاء هو العبادة ". " الدعاء مخ العبادة ". " إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله ". " يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئاً ". وقول الله أبلغ: " إن الذين تدعون من دون الله لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ". " وإذا سالك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوه الداعي إذا دعاني فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ".

والحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 7 - 7 - 1999، العاشرة وسبع دقائق صباحاً:

قد سألنا المدعي إسلام من قبل ولم يجبنا!

ونعيد هنا السؤال لماذا تقولون: توكلت علي الله ثم عليك، ولا تقولون توكلت علي الله وعليك؟

فإن " ثم " وحرف " و " هما حرفان عاطفان وليس هناك فرق بينهما إلا في التراخي في " ثم ".

هل تجيب يا إسلام، أم يجيب عنك مشارك؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الحادية عشرة إلا خمس دقائق صباحاً:

ص: 177

لماذا لا نلتزم بضوابط الحوار يا شباب.

عمار: مسألة التوسل غير مسألة الدعاء، وإن شئت أن تطرح لها موضوعاً مستقلاًّ فسنجيب علي ما عندك فيها من شبه.

إسلام: جزاك الله خيراً علي نقولاتك التي في صلب الموضوع. ولكن والله أعلم فإن حديث " الدعاء مخ العبادة " ضعيف، والحمد لله أن باقي ما ذكرت صحيح، وحجة في الموضوع.

أبو زهراء: بإمكانك فتح موضوع عن التوكل لو أحببت، وسنجيب علي سؤالك هناك إن شاء الله أنا أو الأخ إسلام.

إن كان عندكم نقاش علمي في المسألة هذه فهاتوا ما عندكم من حجة ودليل، وإلا فاعترفوا بخطئكم وارجعوا عنه " والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي " أليست هذا هو حال المشركين؟

وكتب (إسلام) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الحادية عشرة وثلاث دقائق صباحاً:

إلي أبو (كذا) زهراء:

إذهب وراجع كتب النحو للمرحله (كذا) الابتدائيه (كذا) لتعرف الفرق بين " ثم " و " و ". لتعرف لما لا نقول توكلت علي الله وعليك.. ونقول ثم عليك إذا كانت الحاجة لشخص في أمر من أمور الدنيا! لأن " ثم " لا تفيد النديه (كذا) أو المساواه (كذا) بعكس الواو.

وشكراً علي هذا السؤال الهايف!!

فكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الثانية ظهراً:

إن طرح الموضوع بالشكل الذي اختاره مشارك غلط علمي..

ص: 178

لأنه افترض مسبقاً في المتوسل أنه يتوسل بأولياء الله من دون الله تعالي.. وفرق كبير بين الأولياء من دونه والأولياء من عنده.. والشفعاء من دون الله والشفعاء من عنده..

كما أنه غلط في الأمانة العقائدية أيضاً، لأن فيه تدليساً علي القارئ وتهمة لنا بأننا استبدلنا بعبادة الله تعالي ودعائه، عبادة عباده ودعائهم!!

مع أنه هو سبحانه أمرنا بهذا فقال: " وابتغوا إليه الوسيلة ".. إلخ.

لقد نشرنا في هذا الموقع رسالة الحافظ حسن السقاف وهو سني شافعي، يثبت فيها مشروعية التوسل وصحة أحاديثه.. فهرب مشارك من الجواب عليها، وجاء يفتح هذه المغالطة!!

والغريب أن مشاركاً الذي يعتقد بالتجسيم والتشبيه والأين لمعبوده، وقد عجز عن إقناعنا به!

فجاء لينصحنا بأن نتوسل بالله تعالي مباشرة ويحرم ما أحله الله تعالي من التوسل إليه بنبيه وآله، صلي الله عليه وآله!!

وسنجبره إن شاء الله أن يكون عاقلاً، وأن يفهم معني التوسل والإستشفاع والتبرك والإستغاثة المشروعة بالنبي وآله صلي الله عليه وآله، لا كما استشفع وتوسل إمامه أحمد بقبر الشافعي!

ولا كما توسل المجسمون من أجاده بقبر الإمام أحمد!!

ولا كما يتوسل عوامهم بقبر ابن باز الذي توفي هذه الأيام، إن صح ما بلغنا!!

ونبدأ هذا البحث بذكر أهم مسائل التوسل:

ونشر العاملي بحثاً في معني التوسل، والتوسل في الأديان السابقة. قال في آخره:

ص: 179

هل كان مبدأ التوسل والإستشفاع إلي الله تعالي بالأعمال والأشخاص موجوداً في الدين الإلهي قبل الإسلام؟

الذي نعتقده هو الجواب بالإيجاب، وأن قوله تعالي في آخر سورة نزلت من القرآن: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ". المائدة - 35، ليس دعوة إلي سنة جديدة، بل إلي سنته سبحانه في الأديان السابقة، ولذلك أبقي الوسيلة مطلقة ولم يبينها، لأنها معهودة في أذهان المسلمين بأنها الأعمال الصالحة والرسول، وما يحدده الرسول (صلی الله علیه و آله).

وبذلك تكون الآية إذناً للمسلمين بأن يتوسلوا إليه بأعمالهم وبأنبيائه وأوليائه، كما كانت السنة في الأديان السابقة.

فإن قلت: ما دام الإسلام جاء بمبدأ الواسطة بين الله وعباده، وأمر به، فلماذا كل هذه الحملة في القرآن والحديث علي المشركين الذين اتخذوا آلهتهم ومعبوديهم وسائط بينهم وبين الله تعالي؟ وماذا يكون الفرق بينهم وبين المؤمنين؟!

فالجواب: أن الفرق بين المؤمنين والمشركين في كل الأديان: أن المشركين جعلوا له شفعاء لم يأذن بهم فأشركوهم معه. وأن المؤمنين وحدوا الله تعالي وأطاعوه، بأن جعلوا وسيلتهم لتوحيده والطلب منه وسيلة مشروعة وشفعاء بإذنه هم الأنبياء والأولياء.

فيكون الحد الفاصل بين الشرك والتوحيد: أن الواسطة التي أذن بها الله تعالي، لا تنافي التوحيد بل تؤكده، لأنها واسطة بأمر الواحد الأحد وإجازته..

والواسطة التي لم يأذن بها تكون شركاً، يخرج بها أصحابها عن التوحيد مهما ادعوه.

ص: 180

وثانياً: لأن جعل هؤلاء الرسل واسطة لا يتضمن ادعاء بأن لهم شراكة معه تعالي ولو بمقدار ذرة، بل هم عباد مكرمون، أذن سبحانه لعباده أن يجعلوهم وسائط لعطائه، بل أمر بذلك.

وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الخامسة مساءً:

يا عاملي: ما زلت تقل الأدب كعادتك، وتفتري، ولن أرد عليك في هذا، بل سأطبق نصيحة الشافعي في الأعراض. ثم ألا تستطيع التفريق بين الدعاء والتوسل!!!!

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 7 - 7 - 1999، الخامسة والنصف مساءً:

الأخ مشارك المحترم: بعد التحية والسلام..

ليس من الصحيح أن تطرح المغالطات وتتهرب من الإجابة عما يذكر لك من شواهد وحجج.

كلام الأخ العاملي متين ومحكم ومعزز بالشواهد، وإعراضك عنه دليل عجزك وقد حصل منكم هذا في أكثر من موضوع.

أرجو أن تتأمل قليلاً وتراجع نفسك وتسألها عن العقائد التي تعتقدها، فإذا كانت عقائد هشة وغير مشفوعة بالأدلة الكافية ينبغي لمن هو مثلك أن يعدل عنها ويرجع إلي الحق وما يثبته الدليل.

قال الله تعالي: " قل هاتوا برهانكم ". وشكراً.

وكتب (مشارك) بتاريخ 7 - 7 - 1999، السادسة مساءً:

يا شطري: وحتي أنت لا تستطيع التفريق بينهما.

ص: 181

أنا هنا لم أفتح موضوع التوسل وأنواعه وما هو الجائز وغير الجائز فيه، فهذا موضوع آخر يمكن مناقشته في موضوع مستقل، وإنما الكلام هنا عن الدعاء.

وما نقله العاملي فهو حجة عليه لو تأملت فيه حق التأمل، ففي روايته عن الإمام الصادق عليه السلام قال: " إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة، قال: اللهم إن كانت لخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً، ولن تستجيب لي دعوة، فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب، فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه، فقد علمت رقته علي وشوقي إليه. قال: ثم بكي أبو عبد الله عليه السلام ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب دعوة فإني أسألك بك فليس كمثلك شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله ". فأنت تلاحظ أن إمامه استخدم يالله يالله، ولم يستخدم يا نبي الرحمة.

وأن يوسف كما زعموا قال: " إني أتوجه إليك " ولم يقل إني أتوجه إلي يعقوب، فهل عرفت الآن الفرق بين الدعاء والتوسل، أم تريد المزيد!!!

فكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 7 - 1999، السادسة والربع مساءً:

نعرف الفرق بين: الدعاء والإستشفاع والتوسل والإستغاثة بالنبي وآله الطاهرين، ونجوز الجميع.

ولنا في كل موضوع بحث وأدلة.. والحمد لله أن إخواننا السنيين يوافقوننا علي ذلك.. وقد ردوا مقولة إمامك ابن تيمية ببحوث ومؤلفات عديدة..

ومشكلة هذا الرجل أنه غليظ الذهن فهو يفترض أن التوسل يعني المقابلة أو المبادلة بين الله تعالي والأنبياء والأوصياء..

ولا يفرق بين الولي من الله تعالي وبأمره، والولي من دونه، كما هو حال المشركين وغيرهم!

ص: 182

علي أن الثابت عن إمامك أن ذهنه في السجن اعتدل! وكتب رسالة في تجويز التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله!! فهل فاتتك؟ أم أنك تحتاج إلي سجن أسبوع حتي تفتي بجوازه؟!!

وكتب (مشارك)، الثامنة مساءً:

الحمد لله ما زال ذهني صحيحاً يا عاملي، ولذلك فإني أتكلم عن الدعاء وليس عن التوسل، لأن أصل الموضوع عن الدعاء، والحمد لله أنك تعرف الفرق بينهما فتستطيع المشاركة إذن هنا عن الدعاء.

وكتب (طاهر) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

غريب يا أيه العاملي.. مواضيعك تدلني علي علو مقامك العلمي، وتفكيرك يدلني علي علو مرتبتك العقلية، وألفاظك تدلني علي حسن أخلاقك وحكمتك، ولكن لماذا لا تتخذ لك زميل حوار أفضل من هذا البسيط المتواضع الخالي الفارغ..

ولو أنه بعض الأحيان يجد ويبحث ويعجبني بصراحة إذا جد، ولكنه إذا لم يتفرغ للبحث فلا يستاهل إلا سجنكم الذي قلتم عنه!

أرجوك دعه عنك وحتي يلتزم بآداب الحوار، فهو مربي علي الدلال، يريد أن يسب كما يشاء، والطرف الآخر لا يتكلم إلا ما يعجبه.

وإذا خالفت ذلك أصبحت إما.. جاهلاً أو مخالفاً لضوابط الساحة، أو يشتكي عليك!!

وأخيراً تقبل تحياتي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

ص: 183

مشكلة إمامك ابن تيمية.. أنه فرض الدعاء بمعني العبادة، أو جعل الأصل فيه ذلك.. وساق الناس.. بعصاه!!

ولم يعرف أن استعمال العرب للدعاء واسع وبمعان كثيرة، وأنت تعرف أنه لم يكن أديباً ولا لغوياًّ..

فحبذا لو كنت عربياًّ غير مدخول الفطرة، وصاحب خبرة بلغة الضاد، أن تعدد لي معاني الدعاء عند العرب مختصراً كل معني مع شاهده ومصدره.. وبأي هذه المعاني استعمل القرآن الدعاء ومشتقاته؟؟

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الرابعة صباحاً:

إسلام: أنت تتكلم عن النحو وأنت ليس في جعبتك إلا القص واللصق!

كتبت: " إلي أبو زهراء " والصحيح: " إلي أبي زهراء "..

فهنا غلطتان إملائيتان وغلطة نحوية.. أم أنك لا تعرف حروف لوحة المفاتيح.

وهكذا بالنسبة إلي جميع الكلمات التي تنتهي بتاء مربوطة، كتبتها بهاء مربوطة.

ونرجع للموضوع: فإنا إذا قلنا جاء زيد وعمرو فهذا يعني أن مجيئهما كان في وقت واحد لوجود حرف الواو كما لا يخفي.

أما إذا قلنا جاء زيد ثم عمرو، فهذا يعني أن مجئ زيد كان قبل مجئ عمرو، لوجود حرف " ثم " للتراخي، وهذا لا ينفي مجئ عمرو.

فقولك توكلت علي الله ثم عليك، هو نفس قولك توكلت علي الله ثم توكلت عليك!

فأنت لم تنفِ التوكل عن الغير في جملتك الأولي. وهذا هو الشرك بعينه الذي قال به شيخك عبد الوهاب.

ص: 184

فأنتم فررتم من قول صحيح وهو: " توكلت عليك في قضاء الأمر الفلاني " ووقعتم في قول فيه الشرك الواضح بقولكم " توكلت علي الله ثم عليك " حيث أنكم وضعتم العبد قبال المعبود في التوكل.

فإن كان التوكل علي الغير مع الله في المساواة فهو الشرك.

وإن كان التوكل علي الغير مستقلاًّ عن الله فهو الكفر. فما هو ردك يا إسلام؟

وإذا لم يوجد لديك رد، فلا بأس برد مشارك.

وكتب (الطالب) بتاريخ 8 - 7 - 1999، السادسة صباحاً:

ما زال مشارك يقوم بنفس ألاعيبه من الهروب من الإجابة عندما يحصر في زاوية ضيقة لا يري منها مخرجاً سوي القول إنه لا يناقش التوسل بل الدعاء.

إذن أنت تقول إن التوسل بهؤلاء الأطهار لا بأس به، وإنه لا يجوز أن نسمي ذلك دعاء..

حسناً فليكن.

ومن قال إن من يقول: يا علي ويا حسين هم يدعون، بل هم يتوسلون، ولا يوجد من يقول إنهم يدعون غير الله، بل هم في دعائهم يتوجهون إلي الله عز وجل بهؤلاء الأطهار الذين ارتضاهم شفعاء لخلقه.

وكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 8 - 7 - 1999، السادسة والنصف صباحاً:

اسمعوا، سأقول كلمتين وأذهب لأنام من أجل أن لا يرتفع الضغط!

1 - كنت دائماً ألوم مشارك علي طريقته في الحوار، ولكن اليوم وبصراحة هو التزم، بينما الأخ طاهر لم يلتزم حتي باللغة الفصحي.

ص: 185

وكذلك العاملي الذي هو متخصص، اسمح لي، في الإفتراء، فمن أفلام هوليوود ووارنر برذرز، الآن إلي فوكس. أتحدي وأستحلفك بالله أن تحضر لي سنياًّ حنبلياً واحداً يدعو الإمام أحمد!!!

وأستحلفك بالله أن تحضر لي، وتحلف، أن هناك من يتوسل بابن باز.. واترك الرجل في حاله فقد لاقي وجهاً كريماً.

ثم قلنا أدب، يعني لا مجسمة ولا نواصب ولا حشوية ولا رافضة، فلماذا لا تلتزم؟!

لقد كنت جيداً في البداية يا عاملي، ثم بدأت في الغلط، وأراك تحب اختراع القصص. فلماذا؟

أخي.. قوي الحجة يطرح حجته بأدب ويمضي ويتحمل في سبيل الدعوة. أنظروا إلي مداخلة عمار المهذبة! هل أنتم أكثر غيرة منه علي دينكم؟ لماذا تدخل بأدب؟ هداكم الله تخرجون عن الموضوع.

وكتب (مشارك) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

شكراً يا شجرة الدر، وسأستمر في الأسلوب الهادئ لنري ما عندكم.

يا طالب ويا طاهر ويا أبو زهراء " يجوز قولك أبو زهراء، أبا زهراء. واسأل العاملي ":

هاهو صاحبكم العاملي، يعرف أن هناك فرقاً بين الدعاء والتوسل، وحيث أن حديثنا عن الدعاء، فلن أدخل في غيره، ولا يعني هذا أني أقر ما تقولونه في التوكل أو التوسل، ولكن هذا موضوع آخر يمكن فتحه بعد هذا.

يا عاملي:

ص: 186

وأيضاً جاءت الصلاة في اللغة بمعان كثيرة، والزكاة، وغير ذلك، ولكني أتكلم عن الدعاء في الإصطلاح، فلا تخرج عن الموضوع.. أين أبناء الدليل؟؟؟؟؟؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

نحن لا نهرب من الجواب ولا من الموقف الشرعي والحمد لله.

وسؤالي لك عن معاني الدعاء في اللغة.. لكي أوصلك إلي ما تدعي أنه معني اصطلاحي للدعاء!

لأنه لا يوجد معني واحد مصطلح للدعاء، متفق عليه عند العلماء، شامل لكل أنواعه..

ولذا احتجنا إلي معرفة معانيه اللغوية أولاً..

وقد زعمت، أنه يوجد له معني اصطلاحي، فما هو وما هو مصدره، وهل هو متفق عليه أم مختلف فيه؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 8 - 7 - 1999، الواحدة ظهراً:

يا عاملي لماذا لا ترينا حجتك وأدلتك في الموضوع بدون تطويل.

أنا أقول يجب ألا ندعو إلا الله، وأنتم إن كنتم تجوزون دعاء غيره فأتونا بأدلتكم في ذلك، وإن كنتم تقولون مثل قولنا فانتهي الموضوع، وننتقل لموضوع آخر.

أرأيت كم هي المسألة بسيطة؟ إذن لم تستطيعوا أن تأتوا بأي دليل؟ فهل تعترفون أن هذا من تلبيس الشيطان لكم؟

ثم كتب (مشارك) بتاريخ 10-7-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ص: 187

أين أبناء الدليل؟ أين أصحاب الطينة المباركة؟؟ أين المدافعين عن منهج أهل البيت!! أين؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 11 - 7 - 1999، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

أراك تطلب العلم بالصياح!

إن الدعاء ومشتقاته في اللغة العربية يقع علي معاني كثيرة ابتداءً من أشياء بسيطة إلي... العبادة!

تقول " أدعوك " إلي طعام الغداء.. وتقول " أدعو " ربي أي: أعبده وأدعو لعبادته.. وما بينهما أنواع من الدعاء!

ولكنكم تميل أذهانكم إلي التسطيح، وتفسير اللغة الغنية بمعني واحد! فلا معني للدعاء عندكم، إلا العبادة! كأنكم لم تقرؤوا القرآن!!

إرجع إلي مفردات الراغب، وإلي استعمالات الدعاء في القرآن والحديث الذي تريد، لتراه أوسع مما ضيقته!

والنداء نوع منه، يصح لمئة غرض، فعندما أقول في مسألة علمية: يا مشارك أين أنت، فهل أعبدك؟

بل لا بد أن يسأل المنادي عن هدفه!

وعندما يقول المعتقد بوَلِيٍّ: يا فلان.. لا بد أن يُسأل عن هدفه من النداء، وبعض الأهداف منه مشروعة، وبعضها غير مشروعة، فتوضح له، ولا يرمي بالكفر ويحكم عليه بأن قصده عبادة غير الله تعالي!! إن هذا لا يثبت إلا بإقراره صريحاً أو بلازم مذهبه الجلي!!

ص: 188

وأسألك سؤالاً، ولا أظنك تعرفه: هل يستحق من حكم علي مسلم بالكفر إقامة الحد الشرعي عليه؟ وهل تشمل المتوسل بقوله: يا محمد يا علي، قاعدة: " ادرؤوا الحدود بالشبهات "؟

فما لكم لا تتقون الله في المسلمين، وترمونهم بالكفر بسبب توسلهم وزيارتهم واستغاثتهم بأولياء الله تعالي، ليشفعوا لهم في حاجاتهم؟!!

ما لكم تكفرونهم بالشبهات، ولا تصدقونهم في نيتهم وقصدهم من كلامهم؟!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 11 - 7 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أخيراً بدأت تدخل في صلب الموضوع يا عاملي!

لماذا لم تدخل في صلب الموضوع من البداية إذن؟؟ هذا هو نص كلامي الذي بدأت به الموضوع:

" لا تقل يا علي يا حسين يا بدوي وقل يا الله. كثير من المنتسبين للسنة والشيعة تجدهم بدلا من أن يدعوا الله وحده ويخلصوا له في الدعاء، تجدهم يدعون المخلوق الضعيف، وهذا من أفحش الجهل، فالمفترض فيمن يدعي الإسلام أن يخلص الدعاء لله وحده. هل هناك من يخالف في هذا، وهل له حجة في الخلاف؟ ". فهل تري فيه شئ من الخطأ؟ فلنكمل هنا حواراً هادئاً لا كعادتي وعادتك!

وكتب (مشارك) بتاريخ 11 - 7 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

هل أسلوبي هنا حاد يا عقيل، أم هادئ؟ وهل هناك سبب في عدم جوابكم؟ إن اقتنعتم فالحمد لله هذا ما أريده ويكفي.

ص: 189

وكتب (محب السنة) في شبكة هجر، بتاريخ 21-2-2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (إن لم يكن هذا الدعاء شركاً، فلا شرك في الدنيا)، قال فيه:

يقول الله تعالي في محكم التنزيل: " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ". فالدعاء عبادة من أعظم العبادات، ومن ثم، فمن صرف هذه العبادة لغير الله تعالي فقد أشرك.

وألفاظ هذا الدعاء واضحة لا تحتاج إلي تعليق، أو بيان الألفاظ الشركية فيها، وهي كما يلي:

" كلمح البصر أو هو أقرب ". " يا محمد يا علي ". " يا محمد يا علي اكفياني فإنكما كافيان وانصراني فإنكما ناصران ". " يا مولانا يا صاحب الزمان الغوث، الغوث، الغوث، أدركني، أدركني، أدركني. الساعة، الساعة، الساعة، العجل، العجل، العجل، يا أرحم الراحمين بحق محمد وآله الطاهرين ".

قال تعالي: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

وكتب (العروة الوثقي) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثامنة صباحاً: مفهوم الشرك عندكم بالكيلوات الضخمة المصدِّية.. اللي يستخدمونها بالشبرة.. قد قيل لكم لا نقاش مذهبي.. ولكنك لا تأبه.

وكتب (العاملي) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

إذا خربت سيارتك يا محب السنة في صحراء قاحلة.. ومر بك شخص فناديته: يا فلان أرجوك.. تعال واسحب سيارتي.. أنت فقط تستطيع أن تحل مشكلتي.. فهل تكون بذلك مشركاً؟!!

ص: 190

إن النداء من أنواع التوسل..

والتوسل بالمخلوق الكريم عند الله ليس تأليهاً له، بل هو توسل مشروع بما له عند الله من كرامة، وذلك عملاً بقوله تعالي: " وابتغوا إليه الوسيلة ".

وكتب (محب السنة) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الواحدة ظهراً:

إذا خربت سيارتك يا عاملي في صحراء قاحلة وليس عندك أحد فناديت إنساناً ميتاً أو غائب في بلد آخر هل يسمع ندائك واستغاثتك؟ وهل يستطيع مساعدتك وإنقاذك مما أنت فيه؟

قال تعالي: قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.

وكتب (المأمن بالله) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية ظهراً:

لقد تناقشنا فيما سلف في هذا الموضوع، وأعيده لك، واستشهدت لك بتلك الفقرات:

يقول الله عز وجل في كتابه الحكيم: " إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين ". سورة المؤمنون - 37.

" ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله ". سورة آل عمران - 169 و 170.

وجاء في الخطبة 68 من نهج البلاغة عن الإمام علي (علیه السلام) إذ يعرف فيها أهل البيت (علیهم السلام) ويصفهم، فيقول: أيها الناس، خذوها من خاتم النبيين: إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبلي من بلي منا وليس ببالٍ.

فقد قال ابن أبي الحديد والميثمي والشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية، قالوا في شرح هذه الكلمات ما ملخصه: إن أهل بيت النبي (صلی الله علیه و آله) لم يكونوا في

ص: 191

الحقيقة أمواتاً كسائر الناس. نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 6/373، ط دار إحياء التراث اللبناني - بيروت.

وأما قولهم: يا علي أدركني، أو: يا حسين أعني، وما إلي ذلك، فليس معناه: يا علي.. أنت الله

فأدركني! أو: يا حسين.. أنت الله فأعني!

بل لأن الله عز وجل جعل الدنيا دار وسائل وأسباب، وأبي الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها، فنعتقد أن النبي (صلی الله علیه و آله) وآله هم الوسيلة النجاة من الشدائد، فنتوسل بهم إلي الله سبحانه وتعالي.

وإن توجهنا إلي الله عز وجل في طلب الحوائج ودفع الهموم والغموم هو بالإستقلال، ولكنا نتوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) وآله الطيبين صلوات الله عليهم أجمعين، ليشفعوا لنا عند الله سبحانه في قضاء حوائجنا، ونتوسل بهم إلي الله تعالي ليكشف عنا همومنا وغمومنا، ومستندنا في هذا الإعتقاد هو القرآن الحكيم إذ يقول: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ". سورة المائدة -35.

فنحن الشيعة نعتقد بأن الله عز وجل هو القاضي للحوائج، وأن آل محمد (صلی الله علیه و آله) لا يحلون مشكلا ولا يقضون حاجة لأحد، إلا بإذن الله وإرادته، فهم واسطة الفيض، والفياض هو الله رب العالمين.

وقد روي كبير العلماء منهم الحافظ أبو نعيم، في: نزول القرآن في علي.. والحافظ أبو بكر الشيرازي في: ما نزل من القرآن في علي.. والإمام الثعلبي في تفسيره للآية الكريمة.. وغير أولئك.. رووا عن النبي (صلی الله علیه و آله) أن المراد من الوسيلة في الآية الشريفة: عترة الرسول (صلی الله علیه و آله) وأهل بيته صلوات الله عليهم

أجمعين. وبالله التوفيق.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الثانية والنصف ظهراً:

ص: 192

" لا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون " معني كلامك أن النبي لا فائدة ترجي منه بعد انتقاله إلي ربه؟ اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتبت (إيمان) بتاريخ 22 - 2 - 2000، الرابعة عصراً:

السلام عليكم.. الأخ محب السنة:

أرجو الإلتفات إلي أن النقاشات المذهبية في هجر ممنوعة.. وقضية الشرك والفرق بينه وبين التوسل في الدعاء قد أشبعها الشيعة بالبحث، فيمكنك الإطلاع عليها من مصادرها.. وبناء عليه سأقوم بإغلاق هذا الموضوع لمخالفته لقوانين الشبكة.. مع تحياتي.

كتب (سيف الحق) في شبكة الساحة العربية بتاريخ 24 - 6 - 1999، الرابعة والنصف عصراً، موضوعاً بعنوان (شيخ الإسلام.. يجوز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، نرجو الرد العلمي)، قال فيه:

لست من دعاة جواز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم.. ولكني كنت أقرأ في كتاب عن حياة شيخ الإسلام ابن تيمية لأبي الحسن الندوي، وفوجئت بجملة وردت علي لسان شيخ الإسلام رحمه الله، وهي نقلاً عن رسالة وجدت في المكتبة الظاهرية بدمشق بخط الشيخ رحمه الله، وقد حقق هذه الرسالة الشيخ عبد الرزاق حمزة إمام الحرم المكي سابقاً، والشيخ محمد نصيف رحمه الله:

" وكذلك ما يشرع التوسل به في الدعاء كما في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه: أن النبي صلي الله عليه وسلم علم شخصاً أن يقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك

ص: 193

إلي ربي في حاجة لتقضيها، اللهم فشفعه في، فهذا التوسل به حسن، وأما دعاؤه والإستغاثة به فحرام.. إلخ ".

وكتب (أبو محمد التيمي) بتاريخ 29 - 6 - 1999، الثامنة مساءً:

وقال في فتوي له مطولة:

وأما القسم الثالث وهو أن يقول: اللهم بجاه فلان عندك أو ببركة فلان أو بحرمة فلان عندك افعل بي كذا وكذا، فهذا يفعله كثير من الناس لكن لم ينقل عن أحد من الصحابة والتابعين وسلف الأمة أنهم كانوا يدعون بمثل هذا الدعاء، ولم يبلغني عن أحد من العلماء في ذلك ما أحكيه، إلا ما رأيت في

فتاوي الفقيه أبي محمد بن عبد السلام، فإنه أفتي أنه لا يجوز لأحد أن يفعل ذلك إلا للنبي صلي الله عليه وآله، إن صح الحديث في النبي صلي الله عليه وآله.

ومعني الإستشفاع، قد روي النسائي والترمذي وغيرهما أن النبي صلي الله عليه وآله علم بعض أصحابه أن يدعو فيقول: اللهم إني أسألك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة، يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها لي، اللهم فشفعه في.

فإن هذا الحديث قد استدل به طائفة علي جواز التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله في حياته وبعد مماته، قالوا وليس في التوسل دعاء المخلوقين ولا استغاثة بالمخلوق، وإنما هو دعاء واستغاثة بالله لكن فيه سؤال بجاهه، كما في سنن ابن ماجة عن النبي صلي الله عليه وآله أنه ذكر في دعاء الخارج للصلاة أن يقول: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك وبحق ممشاي هذا، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا رياء ولا سمعة، خرجت اتقاء سخطك وابتغاء مرضاتك، أسألك أن تنقذني من النار وأن تغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

ص: 194

قالوا ففي هذا الحديث أنه سأل بحق السائلين عليه وبحق ممشاه إلي الصلاة، والله تعالي قد جعل علي نفسه حقاًَّ. قال الله تعالي: "وكان حقاًّ علينا نصر المؤمنين "، ونحو قوله: " كان علي ربك وعداً مسؤولاً ".

وفي الصحيحين عن معاذ بن جبل أن النبي صلي الله عليه وآله قال له: يا معاذ أتدري ما حق الله

علي العباد؟ قال الله ورسوله أعلم. قال: حق الله علي العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، أتدري ما حق العباد علي الله إذا فعلوا ذلك؟ فإن حقهم عليه أن لا يعذبهم.

وقد جاء في غير حديث: كان حقاًّ علي الله كذا كذا، كقوله من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين يوما، فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد فشربها في الثالثة أو الرابعة كان حقاًّ علي الله أن يسقيه من طينة

الخبال. قيل: وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار!

وقالت طائفة ليس في هذا جواز التوسل به وبعد مماته وفي مغيبه، بل إنما فيه التوسل في حياته بحضوره، كما في صحيح البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه استسقي بالعباس فقال: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون.

وقد بين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنهم كانوا يتوسلون به في حياته فيسقون، وذلك التوسل به أنهم كانوا يسألونه أن يدعو الله لهم فيدعو لهم ويدعون معه ويتوسلون بشفاعته ودعائه، كما في الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة من باب كان بجوار دار القضاء ورسول الله صلي الله عليه وآله قائم يخطب، فاستقبل رسول الله صلي الله عليه وآله قائماً فقال: يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله لنا أن يمسكها عنا. قال: فرفع رسول

ص: 195

الله صلي الله عليه وسلم يديه، ثم قال: اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم علي الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر. قال: وأقلعت فخرجنا نمشي في الشمس.

ففي هذا الحديث أنه قال: ادع الله لنا أن يمسكها عنا.

وفي الصحيح أن عبد الله بن عمر قال: إني لأذكر قول أبي طالب في رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم، حيث يقول:

وأبيض يستسقي الغمام بوجهه... ثمال اليتامي عصمة للأرامل

فهذا كان توسلهم به في الإستسقاء ونحوه. ولما مات توسلوا بالعباس رضي الله عنه كما كانوا يتوسلون به ويستسقون، وما كانوا يستسقون به بعد موته، ولا في مغيبه، ولا عند قبره، ولا عند قبر غيره.

وكذلك معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه استسقي بيزيد بن الأسود الجرشي وقال: اللهم إنا نستشفع إليك بخيارنا يا يزيد ارفع يديك إلي الله فرفع يديه ودعا ودعوا فسقوا!

فلذلك قال العلماء يستحب أن يستسقي بأهل الصلاح والخير، فإذا كانوا من أهل بيت رسول الله صلي الله عليه وآله كان أحسن!

ولم يذكر أحد من العلماء أنه يشرع التوسل والإستسقاء بالنبي والصالح بعد موته ولا في مغيبه، ولا استحبوا ذلك في الإستسقاء ولا في الإستنصار ولا غير ذلك من الأدعية، والدعاء هو العبادة كما ثبت في الصحيح عن النبي والعبادة مبناها علي السنة والإتباع لا علي الأهواء والإبتداع، وإنما يعبد الله بما شرع لا يعبد بالأهواء والبدع. قال تعالي: " أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله وقال تعالي ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين ".

وقال النبي صلي الله عليه وآله: إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الدعاء والطهور..

ص: 196

مما أفادني به الأخ الشحي حفظه الله.

فأجابه (الجاري) بتاريخ 2 - 7 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

هذا الحديث ضعفه بعض أهل العلم، وإن صح فقصته أن رجلاً أعمي جاء للنبي عليه الصلاة والسلام وطلب منه الدعاء له فطلب منه النبي عليه الصلاة والسلام أن يدعو بهذا الدعاء، فبرئ بإذن الله.

ولاحظ أن الدعاء كان في حياة النبي صلي الله عليه وسلم، ثم أنه لم يرد عن أحد من الصحابة بما فيهم راوي الحديث نفسه من أنه توسل بالنبي عليه الصلاة والسلام بمثل ذلك في حياته أو بعد مماته، حيث أنهم فهموا أن ذلك كان خاصاًّ بذلك الرجل، وأن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يضر أحداً ولا ينفعه في مماته إلا بإذن الله " قل إني لا أملك لكم ضراًّ ولا نفعاً " ناهيك عن نفعه وضره عليه الصلاة والسلام بعد مماته.

أقول، إن صح الحديث فليس فيه دليل علي أن التوسل الشركي المعمول به الآن جائز. والله أعلم.

وكتب (أبو صالح) بتاريخ 3 - 7 - 1999، الرابعة عصراً:

قال الحافظ في الفتح: 2/397، ما نصه:

وروي ابن شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمان، عن مالك الدار وكان خازن عمر، قال: أصاب الناس قحط في زمن عمر , فجاء رجل إلي قبر النبي صلي الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! استسق لأمتك , فإنهم قد هلكوا. فأتي الرجل في المنام , فقيل له: ائت عمر.. الحديث.

وقد روي سيف في الفتوح أن الذي رأي المنام المذكور هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة.

ص: 197

انتهي.

قال ابن كثير رحمه الله في البداية: 1/91 بعد أن ساق الحديث من طريق البيهقي قال في آخر الأثر: وهذا إسناد صحيح.

وكتب (الفارس المكي) بتاريخ 3 - 7 - 1999، العاشرة والنصف ليلاً:

يا أبا صالح سيأتيك الرد المفصل عن الحديث فلا تستعجل..

فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله..

وكتب (السردال) في شبكة أنا العربي بتاريخ 28 - 7 - 1999، العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (ما قول الشيعة في الإستغاثة بغير الله)، قال فيه:

ما قول الشيعة في الإستغاثة بغير الله..؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 29 - 7 - 1999، الثانية عشرة وعشرة دقائق صباحاً:

معني استغاث به في العربية: طلب العون منه.

فعندما تقول لصديقك: يا فلان أغثني، أو الغوث الغوث.. فإن كنت تعتقد والعياذ بالله أنه إلهك أو شريك لله تعالي ويملك من عنده غوثك، فأنت مشرك أو كافر..

وإن كنت تعتقد في المستغاث به أنه عبدٌ مملوكٌ لله تعالي، وتطلب معونته وغوثه مما أعطاه الله تعالي.. فذلك أمر مباح. ومن حرمه فهو لا يفهم العربية، أو لا يفهم نية المستغيث، أو لا يفهم الشرع..

وأن كل شئ لم يرد فيه نهي فهو مطلق وحلال، حتي يرد الدليل علي حرمته.

ص: 198

وكتب (العاملي) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أجمع علماء المذاهب السنية علي استحباب التوجه إلي الله والتوسل بالنبي وآله صلي الله عليه وآله)، قال فيه:

أمر الله تعالي بالتوجه إليه والتوسل بالنبي وآله صلي الله عليه وآله، بقوله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ".

وقد ابتدع أهل الأهواء والبدع تحريم التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله، بحجة أنه مات، وأن التوسل به إلي الله عبادة له!!

ولكن علماء المذاهب السنية كانوا وما زالوا يعلمون الناس أن يربوا أولادهم علي ذلك..

ومما قرأته للفقيه البكري صاحب المصدر الفقهي المعروف: إعانة الطالبين، قوله ج 1 ص 36:

نظم بعضهم أسمائهم - أولاد النبي – متوسلاً بهم، فقال:

يا ربنا بالقاسم ابن محمد... فبزينب فرقية فبفاطمة

فبأم كلثوم فعبد الله ثم... بحق إبراهيم، نجي ناظمه

فهذه نبذة من العقائد اللازمة، وقد تكفل بها علماء التوحيد، فيجب علي ما مر تعليم المميز ذلك، حتي تكون نشأته علي أكمل الإيمان وبالله التوفيق. انتهي.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 21 - 1 - 2000، الثانية والثلث صباحاً:

ص: 199

في الأذكار النووية، في تتمة باب حرف الألف: في: اللهم إني أسألك، وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد، إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي، اللهم فشفعه فيَّ.

قال المناوي في شرحه: سأل الله أولاً أن يأذن لنبيه أن يشفع له، ثم أقبل علي النبي ملتمساً شفاعته، ثم كرَّ مقبلاً علي ربه أن يقبل شفاعته..

قال السبكي: ويحسن التوسل والإستعانة والتشفع بالنبي إلي ربه، ولم ينكر ذلك أحد من السلف حتي جاء ابن تيمية فأنكر ذلك وعدل عن الصراط المستقيم وابتدع ما لم يفعله عالم قبله وصار بين أهل الإسلام مثلة. انتهي كلام السبكي والمناوي.

أما بشأن قوله أنه لم يذكر التوسل أحداً من السلف، فيكفي عليه دليلاً رواية الترمذي وابن ماجة والحاكم لهذا الحديث، وحكم الحاكم أنه صحيح علي شرط البخاري ومسلم، وتلقي الأمة له بالقبول والتطبيق مئات من السنين، دون أي تردد في ذلك القبول.

أما بشأن صحة إمكان استعمال هذا الدعاء، علي ممر الأجيال، بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم، فإن أجل وأصوب حكم حول ذلك الأمر - الذي هو من أمور العقيدة - بلا منازع علي الإطلاق هو الصحابي عثمان بن حنيف نفسه، حيث قد علمه أيضاً لأحدهم أثناء خلافة عثمان رضي الله عنه، وقضيت حاجته، وكان هذا سبباً لرواية الحديث، فليتنبه.

ولا عبرة لكلام من خالف الصحابة في أمور العقيدة، كانوا من كانوا، وإن كان لهم في أمور أخري، إسهام وفضل كبيرين علي الأمة الإسلامية، كابن تيمية رحمه الله وتجاوز عنا وعنه أخطاءنا برحمته، آمين.

ص: 200

التخريج (مفصلاً): الترمذي وابن ماجة والحاكم في المستدرك عن عثمان بن حنيف تصحيح السيوطي: صحيح.

وروي الحديث مفصلاً الطبراني، وذكر فيه كيف أن عثمان بن عفان علم الدعاء لعثمان بن حنيف، وجاء في شرح المواهب للرازقاني. ووجد في كنز العمال في جوامع الأدعية.

وكتب (أبو الحارث) (أحمد الكاتب) في هجر الثقافية، بتاريخ 24 - 4 - 2000، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أدركني يا علي... إستشفاع أم إستغاثة؟!)، قال فيه:

أخوة الإيمان والتوحيد.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

قال تعالي: " يا أيها الذين آمنوا... آمنوا بالله ورسوله "، أي جددوا إيمانكم وتعاهدوه، وحريٌّ بنا أن نجدد إيماننا ونتعاهده كما يتعاهد أحدنا ماله وبدنه " فإن الله يحول بين المرء وقلبه ".

تكثر بين أوساطنا عبارة " أدركني يا علي "، في بيوتنا وفي سياراتنا وفي منشوراتنا ونريد أن نعرف، بعيداً عن العصبية العمياء والمواقف المسبقة الموروثة، موقف الإسلام كدين التوحيد منها، ماذا تعني هذه العبارة؟ وما الدليل علي جوازها أو عدمه؟

أهيب بالأخوة الكرام ممن يريد المشاركة في هذا الحوار، وليكن حواراً بناءاً بعلم وليس جدالاً، وليكن الحق مبتغانا والإنصاف والإنتصار لدين الله والذب عنه هي غايتنا وهوانا " لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعاً لما جئت به " وفقكم الله وهداكم وإيانا لما يحب ويرضي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أليس الله بكافٍ عبده؟

ص: 201

فكتب (العاملي) بتاريخ 24 - 4 - 2000، العاشرة صباحاً:

مسألتك من مسائل التوسل المبحوثة عند المسلمين.

وقد أجاز أتباع المذاهب كلها التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله في حياته وبعد مماته، سواء بمخاطبته أو بندائه.. وحرم ذلك ابن تيمية بحجة أن النبي مات، ولا يسمع نداءك!!

ورده علماء المذاهب بتطبيق الصحابة لحديث مخاطبته والتوسل به بعد وفاته صلي الله عليه وآله.

وقول المتوسل: " يا محمد، يا علي ". هو نداء للتوسل.

وهو جائز عند كل المسلمين إلا التيميين، ولا حجة لهم. وفيما يلي أذكر لك بعض الأحاديث السنية في الموضوع:

النبي صلي الله عليه وآله يعلم المسلمين التوسل به إلي الله تعالي:

روي الترمذي: 5/229 برقم 3649:

حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا عثمان بن عمر، أخبرنا شعبة، عن أبي جعفر، عن عمارة بن خزيمة

بن ثابت، عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضرير البصر، أتي النبي صلي الله عليه وسلم، فقال: أدع الله أن يعافيني. قال: إن شئت دعوت، وإن شئت صبرت فهو خير لك. قال: فادعه. قال فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويدعوه بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة. يا محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي هذه لتقضي لي، اللهم فشفعه فيَّ.

هذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي. انتهي. ورواه ابن ماجة في: 1/441، وقال: قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح. انتهي.

ص: 202

إلي آخر ما كتبه العاملي، وفيه تعليم الصحابي عثمان بن حنيف هذا التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله، في خلافة عثمان بن عفان، واستجابة دعائه.. وقد تقدم.

وكتب (عز الدين) (الحموي) بتاريخ 24 - 4 - 2000، الواحدة ظهراً:

شو هيدا يا عاملي، عامللي حالك بتفهم بالدين!

كلامك كله علي التوسل، وليس هذا موضوعنا، سؤال الأخ أبي الحارث عن الإستغاثة؟؟؟؟؟؟؟

وكتب (stranger) بتاريخ 24 - 4 - 2000، الثالثة ظهراً:

الأخ عز الدين: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تفحصت جوابك، فلم أجد إلا قلة في التمعن وقصوراً في النظر لما ذكره الشيخ العاملي، دام علاه. أنظر إلي هذه العبارات الصريحة في طلب الإستغاثة من سيد الكائنات بإذن رب السماوات:

1 – " يا محمد إني أتوجه بك إلي الله أن يقضي حاجتي ". السنن الكبري للنسائي: 6/168.

2 – " يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فتقضي لي حاجتي ". المعجم الكبير: 17/9.

3 – " يا محمد يا نبي الرحمة أدركني ". منسك المرزوي - 6.

يا أخي، طلب الإستغاثة والتوجه ليس إلا من قبيل القول: يا فلان أغثني من هذا المأزق.

فكما تري ليس هناك من ذكر لله لوجود التسليم بأن الآمر الأول والأخير هو الله عز وجل.

ص: 203

وعلي من يفهم الكلام.. السلام.

وكتب (العاملي) بتاريخ 24 - 4 - 2000، الرابعة عصراً:

سلامة معرفتك باللغة العربية.. يا أخ عز الدين.

الإستشفاع والإستغاثة من مفردات عنوان التوسل الذي هو الأصل، وهو الذي وردت فيه ثلاث آيات في القرآن!

وقولك: " يا محمد أدركني، أو يا علي " هو نداء يعني استغاثة، من أجل الإستشفاع به والتوسل إلي الله تعالي، بصفته ولياًّ مقرباً يستجيب الله دعاءه فيك.

وآيات التوسل تشمل ذلك، والحديث الذي قدمته، نصٌّ فيه!! وإليك الآيات:

الآية الأولي: قال الله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ". المائدة - 35.

فقد أمرت هذه الآية الكريمة باتخاذ " وسيلة " إلي الله تعالي، ولكنها لم تبين ما هي.

وهذا يعني أن الله تعالي ترك بيانها للرسول صلي الله عليه وآله. وقد ثبت عند جميع المسلمين أن النبي وآله هم أقرب الخلق وسيلة إلي الله تعالي.

الآية الثانية: قال الله تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ". النساء - 64.

ورد تفسير المجئ إلي الرسول فيها عن أهل البيت عليهم السلام، أنه يشمل المجئ إلي الرسول صلي الله عليه وآله في حياته، والمجئ إلي قبره الشريف بعد وفاته. وقد وافقتهم علي ذلك روايات عديدة من مصادر السنيين.

ففي الكافي: 4/550:

ص: 204

عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا دخلت المدينة، فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها، ثم تأتي قبر النبي صلي الله عليه وآله، ثم تقوم فتسلم علي رسول الله صلي الله عليه وآله ثم تقوم عند الأسطوانة المقدمة من جانب القبر الأيمن، عند رأس القبر، عند زاوية القبر، وأنت مستقبل القبلة، ومنكبك الأيسر إلي جانب القبر، ومنكبك الأيمن مما يلي المنبر، فإنه موضع رأس رسول الله صلي الله عليه وآله وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأشهد أنك رسول الله، وأشهد أنك محمد بن عبد الله، وأشهد أنك قد بلغت رسالات ربك، ونصحت لأمتك، وجاهدت في سبيل الله، وعبدت الله مخلصاً حتي أتاك اليقين وأديت الذي عليك من الحق، وأنك قد رؤفت بالمؤمنين، وغلظت علي الكافرين، فبلغ الله بك أفضل شرف محل المكرمين، الحمد لله الذي استنقذنا بك من الشرك والضلالة. اللهم فاجعل صلواتك وصلوات ملائكتك المقربين، وعبادك الصالحين، وأنبيائك المرسلين، وأهل السماوات والأرضين، ومن سبح لك يا رب العالمين من الأولين والآخرين، علي محمد عبدك ورسولك ونبيك وأمينك ونجيك وحبيبك وصفيك وخاصتك وصفوتك وخيرتك من خلقك. اللهم أعطه الدرجة والوسيلة من الجنة، وابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون. اللهم إنك قلت: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً. وإني أتيت نبيك مستغفراً تائباً من ذنوبي وإني أتوجه بك إلي الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي.

ومن كانت لك حاجة، فاجعل قبر النبي صلي الله عليه وآله خلف كتفيك، واستقبل القبلة وارفع يديك واسأل حاجتك، فذلك أحري أن تقضي إن شاء الله.

ص: 205

ورواه في تهذيب الأحكام: 6/5، ونحوه في من لا يحضره الفقيه: 2/567، وفيه:

اللهم وأعطه الدرجة والوسيلة من الجنة وابعثه مقاماً محموداً يغبطه بن الأولون والآخرون، اللهم إنك قلت وقولك الحق: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً. وإني أتيت نبيك مستغفراً تائباً من ذنوبي، يا رسول الله إني أتوجه بك إلي الله ربي وربك ليغفر لي ذنوبي. انتهي.

وفي المصادر السنية:

في الدر المنثور: 1/238:

وأخرج البيهقي، عن أبي حرب الهلالي، قال: حج أعرابي، فلما جاء إلي باب مسجد رسول الله صلي الله عليه وسلم، أناخ راحلته فعقلها، ثم دخل المسجد حتي أتي القبر، ووقف بحذاء وجه رسول

الله صلي الله عليه وسلم، فقال: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، جئتك مثقلاً بالذنوب والخطايا، مستشفعاً بك علي ربك، لأنه قال في محكم كتابه: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً، وقد جئتك بأبي أنت وأمي مثقلاً بالذنوب والخطايا، أستشفع بك علي ربك أن يغفر لي ذنوبي، وأن يشفع فيَّ.

ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول:

يا خير من دفنت في الترب أعظمه... فطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه... فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ورواه في كنز العمال: 4/258، وقال في هامشه: وذكر ابن كثير في تفسيره: 2/329.

ص: 206

وقصة هذا الأعرابي تدل علي أن العربي الصافي الفطرة، يفهم أن قوله تعالي: " جاؤوك " يشمل المجيء إلي الرسول في حياته، وإلي قبره بعد وفاته.

وقال الشرنبلاني في نور الإيضاح - 156:

ثم يعود ويقف عند رأس سيدنا النبي (صلي الله عليه وآله) الشريف مستقبله كالأول ويقول: اللهم

إنك قلت وقولك الحق ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً. وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك اللهم ربنا اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا، ربا إنك رؤوف رحيم.

وفي الدر المنثور: 2/219:

وأخرج عبد بن حميد، عن ابن مسعود، قال: من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء، ثم استغفر غفر له: ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً. ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول.. الآية.

وفي الدر المنثور: 2/170:

وأخرج هناد، عن ابن مسعود، قال: أربع آيات في كتاب الله عز وجل أحب إلي من حمر النعم وسودها: في سورة النساء قوله: إن الله لا يظلم مثقال ذرة.. الآية. وقوله: إن الله لا يغفر أن يشرك به.. الآية. وقوله: ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك.. الآية. وقوله: من يعمل سوءاً أو يظلم نفسه.. الآية.

وفي الدر المنثور: 2/180:

وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير قال: الإستغفار علي نحوين، أحدهما في القول والآخر في العمل. فأما استغفار القول، فإن الله يقول

ص: 207

: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول ". وأما استغفار العمل، فإن الله يقول: " وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ". فعني بذلك أن يعملوا عمل الغفران. انتهي.

الآية الثالثة: قال الله تعالي: " وربك أعلم بمن في السماوات والأرض، ولقد فضلنا بعض النبيين علي بعض وآتينا داود زبوراً. قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً. أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذوراً ". الإسراء 55 - 57.

وهذه الآية تدل علي مشروعية التوسل إلي الله تعالي بالأشخاص الأقرب إليه، فمن المتفق عليه بين

المفسرين أن قوله تعالي: " يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب " مدحٌ لهؤلاء المؤمنين بأنهم يطلبون التوسل إلي الله تعالي.. وإن اختلفوا في تعيين هؤلاء المتوسلين، والمتوسل بهم.

وكتب (عز الدين) بتاريخ 24 - 4 - 2000، العاشرة ليلاً:

لست بصدد نقاش رأيكم، خاصة أن تسعين بالمائة من أحاديثكم ضعيفة، ولكن لو صحت، فكلها حول التوسل الذي ليس بشرك. والله عجيب، صارت كلمة: أدركني يا علي، ككلمة: اللهم إني أتوسل بمحمد أن تقضي لي حاجتي.. عشنا وشفنا.

وكتب (عز الدين) أيضاً بتاريخ 24 - 4 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

مثال دنيوي علي التوسل: يا فلان، توسط لي عند المدير الفلاني كي يوظفني.. علي الإستغاثة: يا فلان، أنقذني وأذهب همي.. لا تضحكوا علي

ص: 208

عقولنا، لتجعلوا قضية التوسل المختلف فيها هل هي حرام أم مشروعة، كقضية الإستغاثة التي هي شرك بإجماع أهل السنة، من صوفية معتدلة ومن سلفية.

وكتب (العاملي) بتاريخ 25-4-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

أولاً: أتيت لك بأحاديث صحيحة عندكم، لا يمكنك ردها.

ثانياً: قولك: " يا محمد أدركني "، مثل قولك: " يا محمد إني أتوجه بك إلي الله ". وقد علمه النبي صلي الله عليه وآله في الحديث الصحيح، وطبقه الصحابة بعد وفاته في الحديث الصحيح أيضاً!!

ثالثاً: من الذي حرف اللغة العربية، فميز بين كلمات التوسل والإستغاثة والإستشفاع، وحمل الأخيرة معني التأليه والتشريك مع الله تعالي؟! هل تذكر لي مصدراً لغوياًّ واحداً، ذكر ذلك؟!!

لن تجد النداء يدل علي تأليه المنادي المتوسل به والمستغاث به والمستشفع به، إلا في ذهن حضرتك..

فهي نداءات لشخص من أجل مساعدة، ولا علاقة لها بتأليهه ولا بتشريكه مع الله تعالي.

فأنت عندما تنقطع سيارتك في الصحراء، وتصرخ لصاحبك.. وتتوسل به، وتستغيث به، وتستشفع به.. هل تؤلههه؟!!

كلاَّ، ثم كلاَّ.. ولكن شيخك زرق في ذهنك أن الإستغاثة شرك، لأنها طلب من مخلوق!!

ونحن غير مسؤولين عن تزريق شيخك، لأنه ليس من العربية!!

إنا نطلب المساعدة والمدد من النبي وآله صلي الله عليهم، ليس من عند أنفسهم، فهم مثلنا لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراًّ، لكنهم عباد مكرمون عند ربهم، وقد أمرنا سبحانه أن نتخذهم وسيلة إليه..

ص: 209

هو أَمَرَ، وليس نحن!

وفرق كبير بين الواسطة التي أمر بها الله تعالي فهي واسطة من عنده.. والتي لم يأمر بها فهي واسطة من دونه!!

ولكن بعض الأذهان الغليظة لا تفرق بين الأولياء بإذنه والأولياء من دونه، والشفعاء والوسطاء بإذنه، والوسطاء من دونه.. مع أن النوع الأول إيمان، والثاني شرك وكفر..

ورابعاً: دعواك أن الإستغاثة: " هي شرك بإجماع أهل السنة، من صوفية معتدلة ومن سلفية " دعوي إجماع هوائي بلا دليل.. فاذكر من قال بهذا الإجماع الذي كذبوه عليك.. لأذكر لك من أفتي بخلافه من أتباع المذاهب!!

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 25 - 4 - 2000، الخامسة صباحاً:

الأخ الكريم عز الدين: شكراً لك علي مشاركتك.

وفقط أحب أن أوضح أن الإجماع المعتد به هو إجماع الأمة الإسلامية كاملة، ولا يلتفت إلي إجماع طائفة بعينها إلا لأتباعها، بارك الله فيك.

الأخ الكريم العاملي: شكراً لك علي مشاركتك، وأحب أن أنبه أنه لا داعي للإنفعال والهمز واللمز لأخيك كما أهبت بكم في مقدمة هذا الموضوع، نريد حواراً بدون ازدراء. بارك الله فيك.

لقد لاحظت أنك اعتمدت علي الأحاديث المذكورة عند أهل السنة كوسيلة للإثبات، أنا لا يعنيني أثبتتها السنة أو الشيعة، إن القضية تتعلق بالعقيدة، وليست خلافاً فقهياًّ أو تأريخياًّ، هذه القضية أول ما تطرح علي كتاب الله، فإن وافقته بحثنا تفصيلها في السنة والآثار، وإن خالفته رمينا بها عرض الحائط، ولا نلتفت لغيرها من الأحاديث وإن روتها الملائكة!

ص: 210

قال صادق أهل البيت عليه السلام: " كل ما خالف كتاب الله فهو زخرف ". قد عرفنا رأيك وتعليقك حول الموضوع مشكوراً. وبودي لو يشارك بقية الأخوة كذلك.

وكتب (stranger) بتاريخ 25 - 4 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

يا أبا الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1 - قلت: " أحب أن أوضح أن الإجماع المعتد به هو إجماع الأمة الإسلامية كاملة، ولا يلتفت إلي إجماع طائفة بعينها إلا لأتباعها ".

2 - قلت: " اعتمدت علي الأحاديث المذكورة عند أهل السنة كوسيلة للإثبات، أنا لا يعنيني أثبتتها السنة أو الشيعة، إن القضية تتعلق بالعقيدة، وليست خلافاً فقهياًّ أو تأريخياًّ ".

ألا تري التناقض؟

أولاً تؤيد إجماع الطائفة التي تنتمي إليها من دون الإلتفات للغير، ثم ترفضه لأسباب الإحتجاج بها!

بعبارة أخري: عليك الإلتزام بالأمور التي تحاول إلزامنا بها.

بصراحة شديدة: قد أفحمك الشيخ العاملي، وردك الخالي من الحجج خير دليل علي ذلك.

في الزيارة الجامعة الكبيرة، وردت فقرة: " ومفوض أمري كله إليكم ". فهل لك أن تشرح لنا أقسام " التفويض " المذكورة في كتب الطائفة؟

بالنسبة للأخ عز الدين، فأقول: بحد ذات الشيء نفس الأمر حد.

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 26 - 4 - 2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 211

وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا Stranger

1 - قولك معلقاً علي تنبيهي للأخوة أعلاه: " ألا تري التناقض؟ أولاً تؤيد إجماع الطائفة التي تنتمي إليها من دون الإلتفات للغير: ثم ترفضه لأسباب لا احتجاج بها! ".

أقول: ما وجه التناقض في ما ذكرت أعلاه؟ تمعن جيداً فيما كتبت أعلاه، ولا تستعجل بالإستنتاجات، أنا لا أنحي (كذا) بنفسي علي أية طائفة حتي أؤيد إجماعها! أنا من المسلمين، أدين بالإسلام وحجتي كتاب الله وهو النبع الذي لا تزيغ به الأهواء، وعلي سنة رسول الله ومنهج أهل بيته عليهم السلام والصادقين من أصحابه رضوان الله عليهم، ولا أنتمي لطائفتك ولا لطائفة خصومك، فالعناوين الطائفية شأنكم أنتم، أما أنا فربي يقول: " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلي الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ". " ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل ".

2 - قولك: " بصراحة شديدة: قد أفحمك الشيخ العاملي، وردك الخالي من الحجج خير دليل علي ذلك ".

أضحكتني والله! وهل قرأت ردي أو عرفت رأيي بعد؟! وهذا يدل علي أنك تأخذ الموضوع من جانب المراء والخصومة وليس بحثاً للحق ونصرته، فالقضية عندك هي اعتبارات طائفية ليس إلا. مرة أخري أقول لك تدبر جيداً فيما تقرأ، فما كتبت إلا تنبيهاً، ولا تستبق الأحداث فأنا لم أقل كلمتي بعد، وإنما طرحت الموضوع لاستقراء آراء الباحثين، وعما قليل لتسمعن كلام الحق وستعرف جيداً كيف اختلطت الأمور عليك وعلي غيرك! فمهلاً مهلاً، فستعلم نبأه بعد حين.

ص: 212

3 - قولك: " في الزيارة الجامعة الكبيرة، وردت فقرة: ومفوض أمري كله إليكم، فهل لك أن تشرح لنا أقسام التفويض المذكورة في كتب الطائفة؟ ".

يا سبحان الله! أخي الكريم، إقرأ الزيارة جيداً لتعرف أنك قد حرفت العبارة عن موضعها مما يؤكد مشكلتك في قراءة النصوص العربية! العبارة في الزيارة تقول: " مفوض في ذلك كله إليكم "، وهي عبارة مبهمة غير كاملة، لكنها تختلف بالتأكيد عن العبارة التي نقلتها لنا " ومفوض أمري كله إليكم "

والذي يعتقد بأنه يفوض أمره إلي الأئمة، هو أحد ثلاثة: إذا كان يفوض أمره إلي الأئمة ولا يفوض أمره إلي الله، فقد كفر بالله، أجارنا الله وإياك. وإذا كان يفوض أمره إلي الأئمة وإلي الله، فقد أشرك بالله. وإن كان لا يفوض أمره إلا إلي الله، عند ذلك فقط يكون قد حقق معني التوحيد. يقول ربي

وربك ورب الأئمة: " وأفوض أمري إلي الله "، وصاحبك الذي تنقل عنه يقول للأئمة: " ومفوض أمري كله إليكم " صدق الله وكذب صاحبك!

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 26 - 4 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

يا علي، أنت مولاي ومولي كل مؤمن ومؤمنة.. ويل لمن عاداك يا علي. اللهم صلي علي محمد وآل محمد

ولايتي لأمير النحل تكفيني... بعد الممات و تغسيلي وتكفيني

وطينتي خلقت من قبل تكويني... بحب حيدر كيف النار تكويني

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 29 - 4 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخ أبو الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أ - قلت: " ما وجه التناقض في ما ذكرت أعلاه؟ تمعن جيداً فيما كتبت أعلاه ولا تستعجل بالإستنتاجات، أنا لا أنحي بنفسي علي أية طائفة حتي أؤيد

ص: 213

إجماعها! أنا من المسلمين، أدين بالإسلام وحجتي كتاب الله وهو النبع الذي لا تزيغ به الأهواء، وعلي سنة رسول الله ومنهج أهل بيته عليهم السلام والصادقين من أصحابه رضوان الله عليهم، ولا أنتمي لطائفتك ولا لطائفة خصومك، فالعناوين الطائفية شأنكم أنتم ".

الرد:

1 - الطائفة التي تعرضت لها في كلامي هي الشيعة الإثنا عشرية، والظاهر من كلامك عدم الإنتماء إليها. لذلك، لا دخل لك في أحكامنا لأنها ملزمة لأتباعها فقط.

2 - الإجماع لازم لأتباع الطائفة كما تكرمت، ولم أقصد الإستنتاجات الغريبة التي صورها لك خيالك.

ب - قلت: " يا سبحان الله! أخي الكريم، اقرأ الزيارة جيداً لتعرف أنك قد حرفت العبارة عن موضعها مما يؤكد مشكلتك في قراءة النصوص العربية! العبارة في الزيارة تقول: مفوض في ذلك كله إليكم.

الرد:

1 - عزيزي! أقترح أن تقوم بإلقاء نظرة علي الكتب التالية:

شرح الزيارة الجامعة الكبيرة، للشيخ جواد الكربلائي.

الزيارة الجامعة الكبيرة: إلقاء الضوء علي النسخ المختلفة، للدكتور حسن العيسي.

ثم أخبرني، إذا كان نقل عبارة مرموزة ب- (خ. ل) لوضوح معناها من مسائل التحريف، ومشكلة " في قراءة النصوص العربية! "

ج - قلت: " والذي يعتقد بأنه يفوض أمره إلي الأئمة هو أحد ثلاثة: إذا كان يفوض أمره إلي الأئمة ولا يفوض أمره إلي الله، فقد كفر بالله، أجارنا الله

ص: 214

وإياك. وإذا كان يفوض أمره إلي الأئمة وإلي الله، فقد أشرك بالله، وإن كان لا يفوض أمره إلا إلي الله، عند ذلك فقط يكون قد حقق معني التوحيد.

يقول ربي وربك ورب الأئمة: وأفوض أمري إلي الله. وصاحبك الذي تنقل عنه يقول للأئمة: ومفوض أمري كله إليكم. صدق الله وكذب صاحبك! ".

الرد:

1 - أخي: بدلاً عن التشنيع والقول الفظيع.. الذي أتحفت به فهمي القاصر، أقترح أن تفهم قولي الحقير، فكلامك دليل علي عدم العلم بالمسألة التي طرحتها عليك.

2 - الأقوال في التفويض:

أن الله خلق الأئمة، وفوض إليهم الأمر بواسطة الإستقلال عنه، وعدم الحاجة إليه، وهذا محض الكفر! لعنة الله علي أصحابه.

أن الله خلق الأئمة، وجعلهم وسائل للبرايا إليه، فهذا التفويض مددي وليس استقلالي، لقوله عز من قائل: " بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون " ولقول مولانا الصادق: " لولا المدد منهم هلكنا! " وهذا القول له أسس في مسألة: " الأمر بين الأمرين "، فلاحظ.

وكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 4 - 2000، الثامنة والنصف مساءً:

الأخ أبا الحارث:

الموضوع.. سؤال عن قولنا: يا محمد أدركني، أو يا علي أدركني، أو يا صاحب الزمان أدركني.. هل هذا توسل.. أم إستغاثة؟

والقصد من السؤال، كما يبدو، إثبات أنه إستغاثة وشرك والعياذ بالله..

ص: 215

وقد أثبتُّ لك: أنه لا فرق في اللغة والحكم الشرعي بين الإستغاثة والتوسل. وأنهما من أنواع النداء أو الدعاء لغرض.

وقد خرج الموضوع عن عنوانه إلي مواضيع أخري..

لذا رأيت أن أثبت لك أنك كلامك عن إجماع المسلمين والمذاهب علي تحريم الإستغاثة غير صحيح. وكأنك لم ترَ إلا رأي ابن تيمية فتصورته رأي علماء المذاهب!!

قال الشيخ محمود سعيد ممدوح في كتابه رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة، المطبوع في دار الإمام النووي، بعمان، سنة 1416، في صفحة 355، في تعريف التوسل:

وهو السؤال بالنبي أو بالولي أو بالحق أو بالجاه أو بالحرمة أو بالذات وما في معني ذلك. وهذا النوع لم ير المتبصر في أقوال السلف من قال بحرمته أو أنه بدعة ضلالة، أو شدد فيه وجعله من موضوعات العقائد، كما نري الآن! لم يقع هذا إلا في القرن السابع وما بعده! وقد نقل عن السلف توسل من هذا القبيل.. والتوسل به صلي الله عليه وسلم معتمد في المذاهب ومرغب فيه، نص علي ذلك الأئمة الأعلام، وكتب التفسير والحديث والخصائص ودلائل النبوة والفقه طافحة بأدلة ذلك بدون تحريم وهي بكثرة. انتهي.

فابن تيمية يفترض مسبقاً أن المتوسل أو المستغيث بالنبي صلي الله عليه وآله [يدعوه] أي يطلب منه، لا من الله تعالي!

وهذا مصادرة علي المطلوب وتبطين للحكم المتنازع فيه في لفافة، علي أنه جزء من مقدمة مسلمة عند

الطرف الآخر!

ص: 216

لأن المتوسل لم يدع النبي بدل الله تعالي! بل توسل به واستغاث به واستشفع به إلي الله تعالي!!

وما هو دليل ابن تيمية علي أن المتوسلين والمستشفعين يدعون الرسول من دون الله تعالي؟!!

وقال الحافظ السقاف في مقدمة كتاب إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي، للحافظ ابن الصديق الغماري:

أما بعد، فالتوسل والإستغاثة والتشفع بسيد الأنام، نبينا محمد صلي الله عليه وسلم مصباح الظلام، من الأمور المندوبات المؤكدات، وخصوصاً عند المدلهمات وعلي ذلك سار العلماء العاملون، والأولياء العابدون، والسادة المحدثون، والأئمة السالفون، كما قال السبكي، فيما نقل، عند صاحب فيض القدير: 2/135: ويحسن التوسل والإستعانة والتشفع بالنبي إلي ربه ولم ينكر ذلك أحد من السلف ولا من الخلف.. انتهي.

حتي نص السادة الحنابلة في مصنفاتهم الفقهية علي استحباب التوسل بسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، ونقلوا ذلك عن الإمام أحمد أنه استحبه، كما في كتاب: الإنصاف فيما ترجح من الخلاف: 2/456، وغيره.

ونقل ابن كثير في البداية: 14/45، أن ابن تيمية أقر أخيراً في المجلس الذي عقده له العلماء العاملون الربانيون المجاهدون، بالتوسل، وأصر علي إنكار الإستغاثة. مع أنه يقول في رسالة خاصة له في الإستغاثة بجوازها بالنبي فيما يقدر عليه المخلوق.

واعتمد الإمام الحافظ النووي استحباب التوسل والإستغاثة في مصنفاته.

كما في حاشية الإيضاح علي المناسك له ص 450. و ص 498 من طبعة أخري.

ص: 217

وفي شرح المهذب المجموع: 8 / 274.

وفي الأذكار ص 307، من طبعة دار الفكر، في كتاب أذكار الحج، و ص 184 من طبعة المكتبة العلمية.

وهو مذهب الشافعية، وغيرهم من الأئمة المرضيين، المجمع علي جلالتهم وثقتهم. انتهي.

فأين من حرم الإستشفاع من علماء المسلمين، قبل ابن تيمية؟!!

وكيف تجرؤ أيها الأخ، علي دعوي إجماع المسلمين علي تحريمه؟!!!

حبذا لو ذكرت لنا شخصاً ادعي الإجماع قبلك، مجرد دعوي!!!

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 3 - 5 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

الأخ Stranger باختصار شديد، تعقيباً إلي ما ذكرت أعلاه:

قولك: " الطائفة التي تعرضت لها في كلامي هي الشيعة الإثنا عشرية، والظاهر من كلامك عدم الإنتماء إليها. لذلك، لا دخل لك في أحكامنا لأنها ملزمة لأتباعها فقط ".

نعم، هذا صحيح فيما لو كان كلامنا يتعلق بالأحكام الفقهية أو غيرها من المسائل الفرعية التي تركها الشارع مفتوحة للإستنباط ولم يفصل فيها، ومسألتنا عقائدية قد بت فيها القرآن، وأنتم خاضعون للقرآن كائنة من تكون طائفتك. وحتي المسائل الفقهية قد وضع الله لها شروطاً وحدوداً تلزمك وتلزم طائفتك، وكل ما يخالف كتاب الله فهو معرض للتشهير!

قولك: " إن الله خلق الأئمة وجعلهم وسائل للبرايا إليه، فهذا التفويض مددي وليس استقلالي لقوله عز من قائل: بل عباد مكرمون، لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، ولقول مولانا الصادق: لولا المدد منهم هلكنا! ".

ص: 218

هذا ادعاء لا دليل عليه! فإن كنت تقصد أن الله جعلهم كذلك للإقتداء بفعلهم والسير علي نهجهم وهديهم فهذا مما لا خلاف فيه، وكذلك أرسل لنا رسوله وأنزل علينا شريعته وهي أفضل وسائل البرايا إليه، وأفضل الوسائل إليه هي طاعته واجتناب نواهيه والعمل بكتابه. أما ما قلته، من أنهم عباد مكرمون، فقد خلطت بين أمرين لا يشبه أحدهما الآخر، فمعرض الآيات تتحدث عن الملائكة كما أجمع المفسرون وكما هو الواضح من سياق الآيات، ولا دخل للأئمة بهذا، والمدد من الله وحده، ل

من الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء، وما نقلته عن جعفر الصادق مما لا يصح، وقبل أن تنقل الأقوال والآراء أعرضها أولاً علي كتاب الله لتري سقيمها من صحيحها، وفقك الله.

الأخ العاملي:

قولك: " أثبت لك أنه لا فرق في اللغة والحكم والشرعي بين الإستغاثة والتوسل، وأنهما من أنواع الدعاء ".

بنفس منطقك هذا، أستطيع أن أثبت لك أن الزواج من المسلمة والزواج من المجوسية هو من أنواع الزواج! لكن الأول صحيح والثاني باطل!

نعم، الإستغاثة والتوسل من أنواع الدعاء إذا كانت لله وحده، تتوسل به وتستغيث به وتوجه سؤالك وتضرعك إليه وحده، سمها بما شئت، وقد أريناك كيف فسر المسلمون معني الوسيلة إليه، وهي عكس ما فهمته وتصر عليه! فراجع أقوالهم.

قولك: " فأين من حرم الإستشفاع من علماء المسلمين قبل ابن تيمية؟!! وكيف تجرؤ، أيها الأخ، علي دعوي إجماع المسلمين علي تحريمه؟!!! حبذا لو ذكرت لنا شخصاً، ادعي الإجماع قبلك، مجرد دعوي؟!! ".

ص: 219

أقول: لقد كلفت نفسك عناء البحث والرد علي أمر لم أقله ولم أصرح به، بل قلت عكسه تماماً! مما يدفعني إلي الشك بأنك لم تقرأ الموضوع واكتفيت برؤوس الأقلام والفكرة المسبقة، وكأن الذي يجرؤ علي الكلام في الوسيلة والدعاء هم فقط ابن تيمية وأتباع ابن تيمية! أنقل لك نصاًّ ما ذكرته في معرض كلامي سابقاً: قلتُ: إن التوسل الشرعي هو الطلب من الله مباشرة وبدون واسطة، ولا بأس بسؤال الله بجاه أحد أولياءه كأن يقول: اللهم أني أسألك بحق فلان أو بجاه فلان... إلخ. بشرط أن يكون الخطاب موجهاً لله عند طلب الحاجة، السؤال لله وليس للولي، وهذا التوسل لم يمنعه إلا ابن تيمية بحجة أنه بدعة مفضية إلي الشرك حسب تعبيره ومن ثم جاء أتباعه من بعده وعدوه شركاً ولا حجة لهم من الكتاب والسنة، فلا يلتفت إلي رأيهم.

قلت: "لم يمنعه إلا ابن تيمية ". وقلت: " فلا يلتفت إلي رأيهم "!!

فخبرني: أين ادعيت ما اتهمتني به؟!!!!

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 4 - 5 - 2000، الثانية عشرة صباحاً:

الأخ أبا الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أ - قلت: " نعم، هذا صحيح فيما لو كان كلامنا يتعلق بالأحكام الفقهية أو غيرها من المسائل الفرعية التي تركها الشارع مفتوحة للإستنباط ولم يفصل فيها، ومسألتنا عقائدية قد بت فيها القرآن، وأنتم خاضعون للقرآن كائنة من تكون طائفتك. وحتي المسائل الفقهية قد وضع الله لها شروطاً وحدوداً تلزمك وتلزم طائفتك، وكل ما يخالف كتاب الله فهو معرض للتشهير! ".

الرد:

ص: 220

1 - كلامك صحيح ولا غبار عليه من بعض النواحي، لكنه بعيد عن المعني المقصود في أنحاء أخري.

2 - أنت تري بأن الإستغاثة التي توجه للمعصوم مباشرة تتجاهل دور الله في الأمر، وتشرك عباده في قضاء الأمور. لكن ليس هذا المعني المقصود منه.

3 - لنفترض بأنك علي وشك الغرق، ورأيت شخصاً يمشي علي الشاطئ، فقلت: أغثني يا أخ. هل هذا العمل شرك؟ هل تجاهلت دور الله في الأمر؟ أليس لديك العلم بأن الله هو المنقذ الأول والأخير؟ أليس إنقاذ هذا الشخص لك مظهراً من مظاهر قدرة الله؟

4 - علي غرار المثال السابق، لنفرض أن شخصاً وقع في مأزق، وعلماً منه بقدرة الرسول بإذن الله، قال: أغثني يا رسول الله، فهل هذا شرك وتناسٍ لدور الله في الأمر؟ أليست هذه الإستغاثة فطرية كما في مثال الغرق؟

5 - عوداً إلي النقطة الثانية، أقول بأن الإستغاثة: إما نداء للمعصوم بنية نفعه من دون الله، وهذا خطأ وأوافقك علي أنه ضلال. وإما علم بمقام المعصوم عند الله واليقين بأن العبد يدبر والله يقدر، فهذا هو التوسل الصحيح.

وأيضاً المسألة مرتبطة ب-: " إنما الأعمال بالنيات ". فإذا كانت نية الدعاء بقصد نفي دور الله، فهي ضلال. أما إذا كانت النية بقصد التوجه إلي الله بخير عباده، ويقين بأن لا ضار ونافع من دون الله، فهي من علائم الإيمان.

ب - قلت: " هذا ادعاء لا دليل عليه! فإن كنت تقصد أن الله جعلهم كذلك للإقتداء بفعلهم والسير علي نهجهم وهديهم فهذا مما لا خلاف فيه، وكذلك أرسل لنا رسوله وأنزل علينا شريعته وهي أفضل وسائل البرايا إليه، وأفضل الوسائل إليه هي طاعته واجتناب نواهيه والعمل بكتابه. أما ما قلته من أنهم عباد مكرمون، فقد خلطت بين أمرين لا يشبه أحدهما الآخر، فمعرض الآيات

ص: 221

تتحدث عن الملائكة كما أجمع المفسرون، وكما هو الواضح من سياق الآيات، ولا دخل للأئمة بهذا، والمدد من الله وحده، لا من الملائكة أو الأنبياء أو الأولياء، وما نقلته عن جعفر الصادق مما لا يصح، وقبل أن تنقل الأقوال والآراء أعرضها أولا علي كتاب الله لتري سقيمها من صحيحها ".

الرد:

1 - أليس المؤمن من عباد الله المكرمين؟ ماذا عن رسول الله؟

2 - أليس العبد المكرم من يتبع أوامر الله ونواهيه، فهل هذا أمر مقتصر علي الملائكة؟

3 - مسألة المدد الإلهي إما بالوحي، أو الإلهام، أو الملائكة كما في غزوة بدر وغيرها من المعارك يا عزيزي، فعليك أن لا تخلط الأمور.

ألم يرسل الله المدد إلي مريم؟ ماذا عن أم موسي؟ وماذا عن النحل؟ أليس للمدد من صور مختلفة؟

4 - أما عن تشكيكك في حديث الإمام، فهذا أمر أوضحته أعلاه، والحمد لله علي عدم قولنا بوجود كتاب صحيح بالكامل، ما عدا كتاب الله.

5 - مسألة كون المعصوم وسيلة إلي الله أمر بديهي.. من ناحية أنك تقتدي بأقواله، وأفعاله، وحركاته، وسكناته.

فهل من المعقول أن تقتدي بشخص ليس لديه ارتباط بالله؟

هل من المعقول أن يتبع إنسان ما، الأشياء التي جاء بها رسول الله، ثم يقول: إنني أتبع ما جاء به الرسول، ولا أعتقد بأن له اتصال بالله؟

أليس اتباع القرآن من وسائل اتباع الله والرسول؟ فكيف يكون القرآن وسيلة إلي الله ولا يكون رسول الله، كذلك؟!

ص: 222

وأيضاً، عندما يكون الإنسان مسلماً، أليس من الواجب عليه أن يؤمن بالله، والرسول، ثم يتبع بالقرآن؟

فإذا كانت العلاقة عكسية، فقد عمل هذا الشخص بالقرآن من دون إيمان بالله ورسوله، فهل يصح هذا؟!

في الختام، أذكرك ونفسي الجانية، أولاً بما ورد في الزيارة الجامعة الكبيرة: " وأنتم نور الأخيار، وهداة الأبرار، وحجج الجبار. بكم فتح الله، وبكم يختم وبكم ينزل الغيث، وبكم يمسك السماء أن تقع علي الأرض إلا بإذنه، وبكم ينفس الهم، ويكشف الغم ".

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 6 - 5 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

الأخ Stranger: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ردودك التي أوردتها أعلاه:

" 2 - أنت تري بأن الإستغاثة التي توجه للمعصوم مباشرة تتجاهل دور الله في الأمر وتشرك عباده في قضاء الأمور. لكن ليس هذا المعني المقصود منه ".

نعم، الإستغاثة التي توجه للنبي أو الإمام مباشرة تتجاهل دور الله في الأمر وتشرك عباده، شركاً خفياًّ علي أقل تقدير، في قضاء الأمور. هل سمعت بالشرك الخفي، وكيف وصفه النبي والأئمة عليهم السلام؟ كالنملة السوداء علي الصخرة الصماء في الليلة الظلماء! لقد وضحنا هذه المسألة في تفصيلها سابقاً ولم نأت بشئ من عندنا، فدونك كتاب الله، قرآناًَ عربياًّ لقوم يعلمون.

" 3 - لنفترض بأنك علي وشك الغرق، ورأيت شخصاً يمشي علي الشاطئ، فقلت: أغثني يا أخ. هل هذا العمل شرك؟ هل تجاهلت دور الله في الأمر؟ أليس لديك العلم بأن الله هو المنقذ الأول والأخير؟ أليس إنقاذ هذا الشخص لك مظهرا من مظاهر قدرة الله؟ ".

ص: 223

لا، ليس هذا شركاً، هذا عمل بالأسباب، أرأيت هذا الشخص لو كان في مدينة أخري، أكنت مناديه لينقذني؟ أكنت مناديه لو كان يبعد عني عشرة أميال؟ ستقول لا، لماذا؟ لأنه لا يسمع ندائي! قس علي ذلك مثالك التالي:

" 4 - علي غرار المثال السابق، لنفرض أن شخصاً وقع في مأزق، وعلماً منه، بقدرة الرسول بإذن الله، قال: أغثني يا رسول الله، فهل هذا شرك وتناس لدور الله في الأمر؟ أليست هذه الاستغاثة فطرية كما في مثال الغرق؟ ".

لا، كلامك غير صحيح، هذه ليست استغاثة فطرية، الإستغاثة الفطرية تحدث عنها رب العباد ومغيثهم فقال: " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجاكم إلي البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً ". هل تنادي الذي هو أقرب إليك من حبل الوريد، أم تنادي الذي لا يسمعك وهو في جنات الخلد؟ أم ستقول أنه يسمعك ويسمعني ويسمع هذا وذاك؟! فإن قلت أنهم يسمعون السائلين، فهذا من علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله، فعليك بالدليل من كتابه! هذه من صفات رب العزة الذي لا يشغله سمع عن سمع ولا يغلطه كثرة السائلون كما بينا في شرح الموضوع سابقاً.

نادِ عليه، أغثني يا إمام، بشفاعتك.. وسأناديه معك!

" 5 - عوداً إلي النقطة الثانية أقول بأن الإستغاثة: أما نداء للمعصوم بنية نفعه من دون الله، وهذا خطأ وأوافقك علي أنه ضلال. وأما علم بمقام المعصوم عند الله، واليقين بأن: العبد يدبر والله يقدر، فهذا هو التوسل الصحيح. وأيضاً، المسألة مرتبطة ب-: إنما الأعمال بالنيات. فإذا كانت نية الدعاء بقصد نفي دور الله، فهي ضلال. أما إذا كانت النية بقصد التوجه إلي الله بخير عباده ويقين بأن لا ضار ونافع من دون الله، فهي من علائم الإيمان ".

ص: 224

أخي الكريم: العبد يدبر والله يقدر، في الحياة الدنيا، لأنها فيها عمل وليس فيها حساب، أما بعد الموت فحساب بلا عمل، وحقيقة الأمر أن المدبر هو الله والعبد يعمل بالأسباب، حتي المشركون كانوا يعلمون من يدبر الأمر " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن

يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر، فسيقولون: الله.. فقل: أفلا تتقون ". فما لذي أباح دمائهم وأموالهم وأهلكهم؟!!!

وحديث: إنما الأعمال بالنيات، قد أجبت عليه أيضاً في تفصيل الموضوع سابقاً، ولا أدري لماذا الإصرار علي إعادة طرح التبريرات؟ عزيزي، المقصود بالحديث هي الأعمال المشروعة فقط، وإلا فإني أستطيع أن أدمي رأسك بحجر، وأقول لك إن نيتي هي تخليصك من الدم الزائد في بدنك!

والنيات موكلة إلي الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، هل تستطيع أن ترمي مصلياً ما، بأن نيته ليست لله؟!

قلت: " حديثنا عن مشروعية العمل نفسه ولا دخل لنيات العباد به. أليس المؤمن من عباد الله المكرمين؟ ماذا عن رسول الله؟ أليس العبد المكرم من يتبع أوامر الله ونواهيه، فهل هذا أمر مقتصر علي الملائكة؟ ".

من نازعك في هذا أو قال غير ذلك؟! كل ما قلناه أن الآيات كانت تتحدث عن وصف الملائكة ومن ضمنها أنهم عباد مكرمون ولم تكن تتحدث عن العباد المكرمين، وفيها يدخل من ذكرت، فتنبه!

قلت: " مسألة المدد الإلهي إما بالوحي، أو الالهام، أو الملائكة كما في غزوة بدر وغيرها من المعارك يا عزيزي، فعليك أن لا تخلط الأمور. ألم يرسل الله المدد إلي مريم؟ ماذا عن أم موسي؟ وماذا عن النحل؟ أليس للمدد من صور مختلفة؟ ".

ص: 225

أحسنت، للمدد صور مختلفة، والماد هو الله وحده، قد أجبت نفسك!

قلت: " 5 - مسألة كون المعصوم وسيلة إلي الله أمر بديهي من ناحية أنك تقتدي بأقواله، وأفعاله، وحركاته، وسكناته. فهل من المعقول أن تقتدي بشخص ليس لديه ارتباط بالله؟ هل من المعقول أن يتبع إنسان ما الأشياء التي جاء بها رسول الله، ثم يقول: إنني أتبع ما جاء به الرسول، ولا أعتقد بأن له اتصال بالله؟ أليس اتباع القرآن من وسائل اتباع الله والرسول؟ فكيف يكون القرآن وسيلة إلي الله ولا يكون رسول الله كذلك؟ وأيضاً، عندما يكون الإنسان مسلماً، أليس من الواجب عليه أن يؤمن

بالله والرسول، ثم يتبع بالقرآن؟ فإذا كانت العلاقة عكسية، فقد عمل هذا الشخص بالقرآن من دون إيمان بالله ورسوله، فهل يصح هذا؟ ".

ما هذا الكلام؟! وما دخله بما نقول؟! أخي الكريم رعاك الله ووفقك، لا داعي لفلسفة الكلام وعندنا كتاب الله بلسان عربي مبين، إذا كان الله يقول لرسوله: " قل ما كنت بدعاً من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم إن أتبع إلا ما يوحي إلي وما أنا إلا نذير مبين ". وقوله: " إن عليك إلا البلاغ ".

وقوله: " فما أرسلناك عليهم حفيظاً ". وقوله: " وما جعلناك عليهم حفيظاً ". وقوله: " وما أنت عليهم بوكيل ". وقوله: " قل إني لا أملك لكم ضراًّ ولا رشداً. وقوله: " إن أنت إلا نذير. وقوله: " قل لا أملك لنفسي ضراًّ ولا نفعاً ". وقوله: " ولكم في رسول الله أسوة حسنة.. " إلخ.

إذا كان كل هذا ممتنع (كذا) من رسول الله صلي الله عليه وآله فهو من الأئمة أمنع! (كذا) الرسل مبلغون وموضحون لشرع الله والأئمة ناقلون لسنة رسول الله وليسوا واسطة بين الله وعباده، وهذا ما أضل أهل الكتاب والأمم من قبلنا! الدعاء مخ العبادة، هل نعبد الله كما يحب هو أم كما نحب نحن؟! إن كنا نعبده كما يحب

ص: 226

هو وشرع فقد قال لنا: " ولله الأسماء الحسني فأدعوه بها " علي هذا المنوال سار النبي والأئمة من بعده صلي الله وسلم عليهم أجمعين، ولا أظنك ستقول أننا نعبد الله كما نحب نحن، فإن الله يقول: " ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدي من الله "." ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ". وفقنا الله وإياك للعمل بكتابه وسنة نبيه عليه وآله الصلاة والسلام.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 6 - 5 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

الأخ أبا الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأدعو الله أن تكون بخير صحة وعافية.

بالنسبة للحوار الجاري بيننا الآن..

فقد لاحظت كما لم يخفي عليك أنه يدور في حلقة مفرغة، لذلك، قررت الإقتصار علي أمثلة توضح المراد، ولك الرد بالأسلوب الذي يدعوك إليه.. العقل.

1 - يا رسول الله أغثني.

2 - يا رسول الله، يا شفيعاً عند الله، أغثني.

3 - يا رسول الله، يا شفيعاً عند الله، أغثني في قضاء هذا الحاجة.

4 - يا رسول الله، يا شفيعاً عند الله، أغثني في قضاء هذه الحاجة بشفاعتك لي عند الله.

العبارات السابقة تختلف من ناحية أن بعضها مختصرة وتكتفي بالإشارة، بينما بعضها مفصلة وصريحة في المطلب.

بمعني أن الكلام مختلف والمقصد مؤتلف. فهل في الإختصار أي إشكال، ما دامت النية تقصد القول المطول؟ الرجاء الإجابة بنعم، أو لا.

ص: 227

ومن ثم اشرح المجمل باختصار، فقد ابتعدت عن الذي وصفته ب- " فلسفة الكلام ".

وكتب (العاملي) بتاريخ 6 - 5 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

أرجو من الأخ أبا الحارث أن يلخص دليله علي تحريم الإستغاثة. وأن المستغيث يكون مشركاً وكافراً بالله والعياذ بالله..

ولا يحشد في الموضوع آيات الشرك والمشركين، ومن يتخذون أولياء من دون الله تعالي!!

فهي والكلام حولها، أجنبية عن الموضوع من جهة.. وفيها تهمة لمن استغاث برسول الله وآله صلي الله عليه وعليهم، بأنه يعبدهم، فهو مشرك..

وهذه التهمة الشنيعة لملايين المسلمين رددها ابن تيمية وأتباعه.. وردها عليهم أتباع المذاهب!!

فإن المتوسل، والمستشفع، والمستغيث يتقرب إلي الله تعالي بما ثبت عن رسوله وآله، فعمله ليس من دون الله، بل من الله تعالي، وبأمر الله، وليس من دون الله.

وماذا نصنع.. إذا جعل الله محمداً وآله الوسيلة إليه، وأخبرنا أنه لا يقبل عملاً إلا بحبهم، بل إن الدعاء يبقي معلقاً، ولا يرفع إلي السماء إلا بالصلاة عليهم.. كما روي ذلك علماؤك، عن عمر بن الخطاب!!!

وعندما يجعل الله تعالي لي، هؤلاء، واسطة له وأطيعه، فهذا إيمان وليس شركاً..

فالشرك يكون بأن أنصِّب الصحابة بدون نص، أو أنصب أحداً من عندي، أو أنصب نفسي ورأيي، وأدعو الناس إليه..

ص: 228

أما ما ثبت بأمر الله تعالي فهو إيمان، ولو أن الله تعالي اتخذ ولداً، وقال اعبدوه، لعبدناه " قل إن كان لله ولد فأنا أول العابدين " ولكنه لم يتخذ ولداً وسبحانه، بل اتخذ خير عباده المكرمين أولياء ووسائط لخلقه، وقرن طاعتهم بطاعته، وقرن اسمهم باسمه، وأمرنا أن نتوجه إليه بهم ونتوسل، ونستشفع ونستغيث إليه، بهم..

فما ذنبنا، إذا لم يجعل الله الصحابة، كذلك، ولا جعل ابن تيمية كذلك، ولا جعل أبا الحارث كذلك؟!!

وأرجو أن تلاحظ رسالة السقاف العلمية، في هذا الموضوع.. وشكراً.

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/001801.html

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 10 - 5 - 2000، السادسة مساءً:

الأخ Stranger: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

لقد قمت بنقل تساؤلك أعلاه إلي موضوع (القرآن والعترة يردون علي أدركني يا علي) باعتباره الإمتداد الطبيعي للموضوع قيد الحوار، وقمت بتحرير إجابتي عليه هناك.

http://www.hajr.com/hajr-html/Forum1/HTML/001745.html

الأخ العاملي!

إن أسلوبك المتشنج في الرد أعلاه، واستخدامك عبارات مثل: " فما ذنبنا إذا لم يجعل الله الصحابة كذلك، ولا جعل ابن تيمية كذلك، ولا جعل أبا الحارث كذلك؟!! " بعيد عن أدب الخلاف، ويشير بوضوح إلي حبك للمهاترة والخصومة! واستمرارك علي هذا المنوال يعكس عدم أهليتك لنقاش

المواضيع التي تصطدم مع مفاهيمك ومعتقداتك التي نشأت عليها، والتي أخفقت في تبريرها والدفاع عنها أمام كتاب الله، الذي بدأت تطلب الآن أن لا

ص: 229

تتلي عليك آياته! وليس أدل علي هذا من تخبطك أعلاه وخلطك الحق بالباطل بلا دليل يحتكم إليه! لقد تقولت علي الله وجئت بأشياء من عندك ولم تسرد عليها دليلاً واحداً!

منها قولك: " فإن المتوسل والمستشفع والمستغيث يتقرب إلي الله تعالي بما ثبت عن رسوله وآله، فعمله ليس من دون الله بل من الله تعالي، وبأمر الله وليس من دون الله "..

مجرد قول ولا دليل لك عليه! وقل لنا ما هذا الذي ثبت عن رسول الله وآله فيما يخص المتوسل والمستشفع والمستغيث؟!! أنت تقول أنه ثبت عن رسول الله، أرنا كيف!

ومنها قولك: " وماذا نصنع إذا جعل الله محمداً وآله الوسيلة إليه وأخبرنا أنه لا يقبل عملاً إلا بحبهم، بل إن الدعاء يبقي معلقاً ولا يرفع إلي السماء إلا بالصلاة عليهم.. كما روي ذلك علماؤك عن عمر بن الخطاب!!! ".

كلامك هذا لا يمت بصلة إلي موضوعنا! أما أنهم الوسيلة إليه فقد أريناك معني الوسيلة كما فسرها علماؤك بأنها عمل الطاعات، وأما أنه لا يقبل عملاً إلا بحبهم، فهم لا يبغضهم إلا منافق، والمنافق لا يقبل الله منه عملاً، وهناك أعمال لا يقبلها الله وإن امتزجت بحبهم! هذه التي فيها شرك فيه " إن الله لا يغفر أن يشرك به "! وأما أن الدعاء لا يرفع إلا بالصلاة عليهم، فهذا صحيح، فما جئتنا بشيء.

ومنها قولك: " وعندما يجعل الله تعالي لي هؤلاء واسطة له وأطيعه، فهذا إيمان وليس شركاً "..

ص: 230

مرة أخري، دعوي بدون دليل! قل لي أين جعلهم الله واسطة؟!! هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين! الله يقول أنه أقرب إلينا من حبل الوريد وأنت تقول أنه يحتاج إلي واسطة! واسطة ليسمع دعاؤنا؟!!

الرسل مبلغين، وأرسلهم الله لنطيعهم لا لنستغيث بهم " وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ".

ومنها قولك: " فالشرك يكون بأن أنصب الصحابة بدون نص ".

ما دخل الصحابة بموضوعنا؟!!

" أو أنصب أحدا من عندي، أو أنصب نفسي ورأيي، وأدعو الناس إليه.. ".

أنت أولي بهذا مني! أنا دعوتك إلي كتاب ولم آت بشئ من عندي، وأنت الآن تدعو إلي رأيك، فنفسك فعضها (كذا)!

ومنها قولك " ولكنه لم يتخذ ولداً وسبحانه، بل اتخذ خير عباده المكرمين أولياء ووسائط لخلقه، وقرن طاعتهم بطاعته وقرن اسمهم باسمه، وأمرنا أن نتوجه إليه بهم ونتوسل ونستشفع ونستغيث إليه بهم.. "

أما أنه قد قرن طاعتهم بطاعته فنعم، قال تعالي: " من أطاع الرسول فقد أطاع الله ". أما أنه اتخذهم وسائط لخلقه وأمرنا أن نتوجه إليه بهم ونتوسل، ونستشفع، ونستغيث إليه بهم، دعوي أخري بدون دليل! فهذا كتاب الله بين أيدينا وهو نفسه بين أيديكم فقل لنا أين أمرنا بذلك؟! أم تقولون علي الله ما لا تعلمون؟!!! إن كنت تعني أن نسأله بجاههم: يا رب نسألك بحق محمد وآله. فهذا مما لا غبار عليه ونقول به، أما إن كنت تعني أن نسأل ذواتهم: أدركني يا علي. فهذا هو التبجح، ولا دليل لك عليه!!

وأخيراً قولك: " فما ذنبنا إذا لم يجعل الله الصحابة كذلك، ولا جعل ابن تيمية كذلك، ولا جعل أبا الحارث كذلك؟!! ".

ص: 231

مهاترة! ما دخل الصحابة هنا؟! ألا تستسيغ سوي أكل لحوم الصحابة؟! يا هذا.. إن من الصحابة من أثني الله عليه ورضي عنه! هل نزل قوله تعالي: " والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيه

أبدا ذلك الفوز العظيم " في الأشباح أم في الصحابة؟!! يبدو أن الصحابة عندك وعند خصومك هم أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابن العاص!! أين أبو ذر والمقداد وعمار والبراء وابن مسعود وأبي وحذيفة وخزيمة وغيرهم من الذين ضاعوا بينك وبين خصومك؟! ألا تستحيي منهم؟! بدل أن تتخذ أسلوب الحوار العلمي الهادئ للوصول إلي الحقيقة والإبتعاد عن العصبية والتشنجات كما أهبت بكم بداية طرحي للموضوع، آثرت المراء والخصومة! وتقولت بما يقل به الله ولا رسوله، أنسيت قول الله تعالي: " ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدي ولا كتاب منير "؟!! وأعجب من هذا طلبك مني الدليل بدون آيات الله أو آيات الشرك كما تسميها! ثم تقول عنها: " فهي والكلام حولها أجنبية عن الموضوع من جهة، وفيها تهمة لمن استغاث برسول الله وآله صلي الله عليه وعليهم بأنه يعبدهم فهو مشرك.. "! والله، يا أخ عاملي، أنا لم آتك بآيات أحكام العدة والطلاق والميراث، لتكون غريبة عن الموضوع! جئتك بآيات الدعاء وموضوعنا هو الدعاء! أليس كذلك؟!! وها أنت ذا تقر بلسانك من حيث لا تدري أن فيها تهمة، لمن استغاث برسول الله وآله بأنه مشرك!! فهي إذن، تتحدث عن الإستغاثة!! أما رسالة السقاف، فسأتركها لك تجادل بها عن نفسك أمام الله يوم الحساب، عندما يسألك عن كتابه!! أما أنا العبد الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين، فحسبي كتاب الله: " قل أي شئ أكبر شهادة

ص: 232

قل الله شهيد بيني وبينكم وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ "." نحن أعلم بما يقولون وما أنت عليهم بجبار فذكر بالقرآن من يخاف وعيد ".

فكتب (العاملي) بتاريخ 10 - 5 - 2000، العاشرة ليلاً:

الأخ أبا الحارث أو أحمد الكاتب: أرجو أن تقرأ هذه السطور.. بتمعن:

أولاً: لا أريد أن أتعقب مقولاتك التي تمس شخصي مهما كثرت، لا عن عجز بل تعففاً، علم الله..

ولا أريد أن أتعقب.. فعلاً، الأخطاء العلمية عندك في المنهج والإستدلال.. فلذلك مجال آخر.

وغرضي هنا بيان الحق في موضوع الإستغاثة والإستشفاع والتوسل.

ثانياً: عقيدتنا نحن الشيعة، أن النبي والأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أحياء عند ربهم، بنوع حياة أرقي من حياة الشهداء، الذين نص القرآن أنهم أحياء عند ربهم يرزقون..

وأن الأحياء ليسوا بأسمع لكلامنا منهم.. وهذه هي عقيدة عامة السنيين في النبي صلي الله عليه وآله، والكثيرين منهم في آله عليهم السلام..

إقرأ مقالة الدكتور مالك الحزين عن مشهد الإمام الحسين عليه السلام في القاهرة.. ومثل مصر عامة إفريقيا، وأكثرية الشعوب الإسلامية.

وعندما نخاطب النبي والأئمة صلوات الله عليهم، فنقول: يا رسول الله أغثني، وأدركني.. فنحن لا نؤلههم، بل نطلب منهم مما أعطاهم الله تعالي، وقد أعطاهم الكثير الكثير.. وجعلهم الواسطة والوسيلة بينه وبين خلقه، أحياء عندنا أو أحياء عنده.

ولا تجد أحداً من فقهاء مذاهب السنيين يفتي بأن من قال ذلك، فقد.. أشرك!

ص: 233

ولن تجد أحداً طرح هذه المسألة ونقلها إلي باب العقائد وكفر المسلمين بسببها قبل ابن تيمية..

فقد تجرأ هذا الحراني، وحكم علي عامة الأمة الإسلامية بأنهم مشركون، عن عمد أو جهل!!

وأن الموحدين هو ومن تبعه فقط!!

فإن أتيت لي بفقيه أو مرجع لمذهب من المذاهب، قال بذلك في القرون السبعة قبله، فلك جائزة!!

ثالثا: إن كنت شيعياًّ كما يفهم من وَصْفك السقيفة بالمهزلة، وشكراً لك.. أتيناك بالأحاديث الصحيحة عن الأئمة الطاهرين في مقام النبي وآله صلوات الله عليهم وأنهم نور الله في أرضه، وحججه علي عباده، وواسطته في الفيض والعطاء، وأنه أمر بالتوسل والإستشفاع بهم.. والإستغاثة نوع من الإستشفاع والتوسل..

رابعاً: إن كنت سنياًّ، فهذه فتاوي المذاهب.. أوردها لك السقاف، فرد عليها إن استطعت.

خامساً: إن كنت وهابياًّ، فناقشنا علي أصول إمامك ابن تيمية، لنثبت لك تناقضه وتهافت أدلته، وبدعته في هذا الموضوع وغيره!!

سادساً: وهو أهمها، إثبتْ علي محور موضوعك، ولا تخرج عنه ذات اليمين والشمال.. فقد قلت إن دليلك القرآن!

فعدد الآيات التي في الموضوع لا خارجه، آية آية، واذكر وجه دلالتها. والأحاديث كذلك.. فهل تفعل؟

ص: 234

ومن الغريب أنك جعلت عنوان موضوعك الآخر أن: القرآن والعترة يردون الإستغاثة بالنبي وعلي، ولم تأتِ بآية ولا حديث في الموضوع! أليس هذا عجيباً؟!

ترك أبو الحارث (أحمد الكاتب) موضوعه السابق، وفتح في هجر الثقافية، بتاريخ 26 - 4 - 2000، العاشرة مساء، موضوعاً بعنوان (القرآن والعترة يردون علي.. أدركني يا علي!!!)، قال فيه:

كنت قد طرحت مقدمة هذا الموضوع سابقاً متوخياً استقراء آراء الأخوة المشاركين لتعلق الموضوع بالعقيدة الإسلامية، ولأن القضية تخص أبناء الطائفة الشيعية فقد أثارت بعض الحساسية لدي البعض منهم. والحق، أن الذي يتابع أسلوب الرد والتعقيب عند أغلب زوار الواحة يلمس فيه نزعة التكتل والتشنج أمام المواضيع التي تمس اعتقادهم، فلا يهمه سوي الإنتصار لها حقاًّ كانت أو باطلاً!

بل يلمس أيضاً أن هذه التكتلات ما هي إلا اثنان أو ثلاثة من الذين يتصدون للرد أو التعقيب يتبعهم مجموعة من المشجعين!

وتجد نفس الصورة عند بعض أتباع الطائفة السنية في الساحات الأخري ولكن يهمنا هنا ما يحدث في هجر، فالمنطق الذي تفكر فيه هذه التكتلات هو منطق رد الفعل، يساويه في القوة، ويعاكسه في الإتجاه، الرد من أجل الرد، إنه منطق الإنفعالات التي لا تزيد صاحبها إلا غشاوة فيتخبط هنا وهناك.

لقد حذرنا القرآن من هذا المنطق " إنا وجدنا آبائنا علي أمة وإنا علي آثارهم مقتدون ". وقوله " إنا أطعنا ساداتنا وكبراؤنا فأضلونا السبيلا ".

ص: 235

وطالبنا أولاً بتحكيم العقل للتمييز بين الحق والباطل الذي أودعه في فطرتنا، والقرآن ملئ بالآيات التي تدعو وتثني علي الذين يعقلون، الذين يعلمون، لقوم يتفكرون، لأولي الألباب وغيرها.

إن الغاية من الحوار هي إظهار الحق بالحجة والدليل، وكل شئ يؤخذ منه ويرد إلا كتاب الله، فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وما عداه فهو معرض للجرح والتعديل، وصاحب الحق لا يرتبك ولا ينفعل ولا يتشنج إن كان يقف علي أرض صلبة، وما عليه سوي أن يبينه، فإن بان

له أن الحق عند غيره تبعه، وإن تبين له أن الحق معه فقد نصره ببيانه. أما الذي يقف علي هوي متبع، والهوي يعمي ويصم، فهو الذي يخاف أن ينكشف زيفه وتبطل حجته، فيتحرك وراء الكواليس ويطبل ويزمر كالإمعة التابع!

وفي هجر أيضاً تجد الأحرار، من كلا الطائفتين، الذين جعلوا الحق مبتغاهم وعملوا لآخرتهم فأولئك كان سعيهم مشكوراً وأبشرهم بقول ربنا " والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا " وأسألهم أن لا يلتفتوا الإستفزازات التي يتعرضون، ولا ينجرفوا وراء المهاترات وأصحاب المراء لأنهم لن يغنوا من

فقر ولن ينفعوا عند ضر.

نعود إلي موضوع: أدركني يا علي. الذي علق عليه بعض الأخوة هنا، ومنهم من أفرد له موضوعاً مستقلاًّ، فشرق قوم وغرب آخرون، وكلها جاءت من منطلق الطائفية، ولم تبحث العبارة نفسها، فجاء رد الأخ العاملي مستعرضاً روايات أهل السنة في حديث الأعمي الذي توسل برسول الله (صلی الله علیه و آله)، وكأن الغبار يرتفع عن المسألة إذا أثبتها أهل السنة!

ص: 236

هناك أيضاً طائفة من أهل السنة عندها ما يشبه: أدركني يا علي! عندهم: مدد يا شيخ عبد القادر! وحديث الأعمي أنه كان يسأل الله برسول الله (صلی الله علیه و آله) وكأن خطابه موجهاً لله وفي هذا فرق، كما سيأتي بيانه إن شاء الله.

أما ذلك الأعرابي الذي جاء إلي قبر النبي (صلی الله علیه و آله) فلا يحتج به لأنه ليس مصدراً للتشريع، وحديث استسقاء عمر بن الخطاب بالعباس بن عبد المطلب لا حجة فيه، لأنه سأل الله وتوسل به بشخص يصيبه نفع السقيا، من بال (كذا) الإستعطاف، ولو جاز له لاستقي برسول الله (صلی الله علیه و آله) من باب أولي، لكنه (صلی الله علیه و آله) لا يفيد من الماء وهو في الفردوس الأعلي. وأشير هنا إلي الموضوع الذي أفرده الأخ فرات في قضية التوسل بالصالحين، وما ذكره الأخ فرات، لا ينافي التوسل الصحيح ولا غبار عليه، لأنه سؤال من الله مباشرة، وللعبد أن يخاطب الله بما شاء، لكنه لا يبرر: أدركني يا علي. ولا وجه للمقارنة بينهما.

وللأمانة بقي أخيراً أن أقول أنه قد سأل أحد المراجع الكبار الحاليين عن: أدركني يا علي.

فأجاب: " إن عقيدتنا هي أن الإستعانة لا بد أن تكون بالله ولا يجوز أن تكون بغيره، بمعني أن يقصد الإنسان النبي أو المعصوم علي أساس أنه هو الذي يقضي الحاجة أو يحل المشكلة، ولكن لا مانع من التوسل بالأنبياء والأولياء ليشفعوا له عند الله في قضاء حوائجه وتفريج كربه وتوسعة رزقه ونصرته علي عدوه، بعد أن قام بجهده الذاتي في الإتيان بالأسباب التي مكنه الله منها. وإني أتصور أن الشيعة الذين يتحدثون بطريقة: أدركني يا علي. أو نحو ذلك لا يقصدون الإستعانة به بشكل مستقل، بل يقصدون توجيه الخطاب إليه أن يدركهم بالشفاعة إلي الله في تحقيق مطالبهم. انتهي كلام المرجع أعلاه.

ص: 237

لكل ما سبق نقول بإذن الله: هناك صيغتان من صيغ التوسل بالأنبياء والأولياء، وفيهما يقع الخلط بين الناس، الصيغة الأولي هي صيغة التوسل بالجاه، كأن يقول القائل: " اللهم إني أسألك بحق رسولك وآله ". وهي خطاب لله مباشرة، لا كلام لنا عن هذه الصيغة وإن منعها بعض المسلمين، لكنها وردت في بعض أدعية الأئمة الموثقة ولا معارض لها من الكتاب والسنة، وفي هذا دليل كافٍ، بالنسبة لنا. أما الصيغة الثانية فهي صيغة التوسل المباشر، كأن يقول القائل: " أدركني يا علي ". هذه الصيغة منتشرة في مجتمعنا، سواء بين عامتهم ومثقفيهم، فهي إذن ليست من طرح الخيال، بل هي واقع ملموس وفي عصرنا الحالي، لذا يحق لنا مناقشته.

التبريرات التي ألقيت حول هذه الصيغ هي أنها لطلب الشفاعة من الله لقضاء الحوائج وتفريج الكرب!

وهذا تبرير بعيد عن الحقيقة لعدة أسباب منها: أن ليس في نص الصيغة ما يدل علي طلب الشفاعة، لأن تلك صيغتها: يا علي إشفع لي.

و " أدركني " غير " إشفع لي ".. " أدركني " هي صيغة اليائس من حوله وقوته إلي حول وقوة من هو أقدر منه، أما " إشفع لي " فهي طلب الوساطة في أمر الحكم فيه لطرف ثالث.

فدعاء " إشفع لي " فيه ثلاثة أطراف، المستشفع والمستشفع به والمستشفع عنده، أما دعاء " أدركني " ففيه طرفان فقط، المستغيث والمستغاث به ولا واسطة بينهما وكلا الصيغتان: " إشفع لي أو أدركني " غير جائزة يا إخواننا.. لأنها خطاب مباشر لطلب قضاء حاجة لمن لا يسمع الدعاء..

فإن قيل: أن الأئمة والأولياء إنما هم شهداء والشهداء أحياء ويشفعون أوليائهم! نقول: نعم والله، إنهم لأحياء وإنهم لأهل للشفاعة، ولكنهم أحياء

ص: 238

عند ربهم وليس عندنا، هم في جنات الخلد وليسوا بين ظهرانينا. لا يستطيعون سماعي وسماعكم وسماع هذا أو ذاك! لأن هذه من صفات الله جل وعلا وهو الذي لا يشغله سمع عن سمع ولا يغلطه كثرة السائلون، وهو أقرب إلينا من حبل الوريد. ولم يبلغنا أن الله تعالي مكن الأنبياء والأولياء بعد أن أسكنهم جناته من سماع نداء المستغيثين، ولا أنه قد منحهم بعضاً من صفاته!

لا جرم ولا جدال أنهم أهل الشفاعة عند الله بعهد الله وميثاقه، فإن كنا نبغي الشفاعة بقولنا: " يا علي إشفع لي " فالأولي، وأدباً مع الله أن نطلب الشفاعة منه مباشرة ونقول: " اللهم شفعني في رسولك أو شفعني في علي ". هذا فيما يخص دعاء " إشفع لي " وهو أخف وطأة من صيغة " أدركني "، غير أنه لم يمر علي فيما مضي صيغة " إشفع لي " بين أوساط الشيعة بل صيغة " أدركني " هي المهيمنة، وهنا الطامة الكبري.

من غير الصحيح القول بأن الشيعة الذين يتحدثون بطريقة: " أدركني يا علي " يقصدون توجيه الخطاب إليه أن يدركهم بالشفاعة، فليس في ذلك ما يدل عليها ولا توجد قرينة ولا بينة لذلك، وأسألكم بالله، ساعة أن يردد الشيعي " أدركني يا علي " هل يفكر في الله أم يفكر في علي؟ " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه "! ولا يمكن تبرير هذه الصيغ وإسنادها إلي النيات، لأن النية غير كافية إذا كان العمل غير مشروعاً!

يقص لنا القرآن أخبار الأمم السابقة ليس علي سبيل التسلية بل للعبرة والإتعاظ والنهي عن التشبه بأفعال أهل الضلال، لئلا ننتهي إلي ما إنتهوا إليه: " لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب " يوسف - 111. " وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ". الحشر - 1 ". والله قص خبر المشركين،

ص: 239

وأخبر عن نياتهم بأنها التقرب إلي الله زلفي، وأن هذه الأوثان إنما هم شفعاؤهم عند الله: " ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم شيئاً، ولا يضرهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ". يونس - 18 فما علتهم إذن؟ هل كان الإعتراض علي أنهم لم يوفقوا في اختيار الشفيع أم علي أسلوب الشفاعة؟ ولكن مهلاً.. قد يقول قائل هنا: كيف نقارن بين المشركين والمؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله وكتابه وأقاموا الصلاة؟!

والجواب: هو أننا لا نقارن وإنما نبين الأمر كي لا نقع فيه، ألم يقل الله تعالي مخاطباً المؤمنين: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا... ". آل عمران - 156! كيف خاطبهم بصيغة الإيمان ثم شبه فعلهم بفعل الكافرين؟!

إنها صيغة تحذير من التشبه بأفعال الكافرين، لأن الشيطان يسير بخطوات ولا يستطيع أن ينقل المؤمن إلي النقيض بخطوة واحدة، يقول إحذروا هذه الخطوة لأن بعدها خطوة وبعدها خطوة وهكذا.. هذا هو أسلوب القرآن: " يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين كفروا... " ونحن نقول يا إخواننا لا تكونوا كالذين أشركوا في اتباعهم الأسلوب الخطأ في الدعاء إلي الله، لأن دعاء غير الله إشراك به، قال تعالي " يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمي ذلكم الله ربكم له الملك.. والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير! إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم! ولو سمعوا ما استجابوا لكم! ويوم القيامة يكفرون بشرككم! ولا ينبئك مثل خبير ". فاطر: 13 – 14.

" قل ادعوا الذين زعمتم من دونه، فلا يملكون كشف الضر عنكم، ولا تحويلاً ". الإسراء – 56. " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء؟ ".

ص: 240

النحل - 62. " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم.. فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين! ". الأعراف - 194. وفي هذا رد علي الذين يزعمون أن نهي القرآن إنما جاء عن الأصنام فقط، وقول الرسول (صلی الله علیه و آله) لابن عباس: يا غلام إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله.. إلي آخر الحديث. والقرآن مليء بهذه الآيات وأمثالها.

ليست هذه مسألة فقهية تعتمد أسس الإستنباط، أو تحتاج إلي ذوي الإختصاص حتي يختلف في تأويلها وتفسيرها، هذه من صلب عقيدة التوحيد التي لم يجعل القرآن فيها مجالاً للشك أو التأويل، لأنها حجة علي الخلق أجمعين، وآيات الله تصرخ وتصيح في كل موضع وفي كل سورة، أن الذين تدعون من دون الله لا يسمعونكم ولا يستجيبون لكم فأخلصوا الدعاء لله وحده: " بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء وتنسون ما تشركون ". الأنعام - 41. " قل أندعوا من دون الله ما لا ينفعنا ولا يضرنا ونرد علي أعقابنا بعد إذ هدانا الله ". الأنعام - 71. " قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين ". الأعراف - 29." ادعوا ربكم تضرعاً وخفيةً ". الأعراف - 55. " لله الأسماء الحسني فادعوه بها ". الأعراف - 180 " والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ". الأعراف - 197 " ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك ". يونس - 106. " له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ ". الرعد - 14." قل هل يسمعونكم إذ تدعون؟ ". الشعراء - 72. " أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين! ". الصافات -125. " إن الله يقضي بالحق، والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشئ، إن الله هو السميع البصير ". غافر - 20. " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ". غافر - 60. " هو الحي لا إله إل

ص: 241

هو فادعوه مخلصين له الدين ". غافر - 65. " ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة، وهم عن دعائهم غافلون ". الأحقاف - 5. " قل، إنما أدعو ربي ". الجن - 20. و " إياك نعبد وإياك نستعين ". الفاتحة - 5.

إن القضية عندما يطرحها القرآن، بهذه الكثافة، وهذا الوضوح لا تحتاج إلي رأي العلماء، قال تعالي: " فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون؟! ". الجاثية - 6، لأنها قضية تكفل بالإجابة عنها وتوضيحها القرآن، وهي واضحة وضوح الشمس في وضح النهار: " فلا تدعو مع الله أحداً ". الجن - 18.

" لا تدعو " ومصدرها الدعاء ولم يقل " لا تدعو " ومصدرها الإدعاء.. " مع الله أحداً "، لا ملكاً مقرب ولا نبي مرسل ولا ولي مشفع (كذا)، هذه مسألة خالصة لله، الدعاء مخ العبادة. والإعتماد علي النيات ليس هذا موضعه، وإنما تبرز أهمية النية فيما لو كان العمل صالحاً شرعياًّ، والنية مختلف فيها. كأن يتصدق رجل بصدقة، فإن كانت نيته لله أجر عليها، وأثيب، وإن كانت لغير الله لم يؤجر، لكنه لا يعاقب أيضا وإنما فاته أجر هذا العمل.

رجل شارك في معارك الجهاد، فإن كانت نيته خالصة لإعلاء كلمة الله أثيب علي جهاده، وإن كانت لحسابات دنيوية أخري لا ثواب له ولا عقاب وإنما فاته أجر هذا العمل.

رجل صام رمضان، إن كان صيامه إيماناً واحتساباً أثيب، وإن كان لتخفيف الوزن لم يثاب ولم يعاقب أيضا بل فاته أجر هذا العمل، هنا النية هي الفيصل لأن العمل صالح ومشروع.

لكن قضية: " أدركني يا علي " إن كانت لغير الله فقد وقع في ظلم الشرك وحبط عمله كله، وإن كانت نيته أن يدعو الله بهذا الدعاء، فقد أساء الأدب مع

ص: 242

الله تكلم بهراء. سألت أحد إخواننا مرة: ما هي مدلولات لا إله إلا الله؟ فقال: لا خالق إلا الله، قلت: ثم ماذا؟ فلم يحر جواباً!

من مدلولاتها لا معبود في الكون بحق إلا الله، لا رازق إلا الله، لا كاشف إلا الله، لا شافي إلا الله، لا نخاف إلا الله، لا نتوكل إلا علي الله، لا نسأل كشف الضر إلا الله، لا ندعوا إلا الله، لا نستعين إلا بالله.

كان المشركون يعلمون تماماً من خلق السماوات والأرض ومن يخرج الحي من الميت ومن يدبر الأمر، قال تعالي: " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر، فسيقولون الله.. فقل أفلا تتقون ". يونس - 31. فما علتهم إذن إذا كانوا يعلمون كل هذا؟! لماذا منعوها رسول الله (صلی الله علیه و آله)؟ لأنهم لم يعملوا بما علموا.

مرة أخري، نحن نسوق هذه الأمثلة علي سبيل التوضيح والتحذير ولا نقول أن إخواننا هم كهؤلاء المشركين والعياذ بالله، لكن هذا الفعل شبيه بفعلهم ذاك، ولم يعصم الله هذه الأمة من الوقوع في الشرك، ألم يقل بأبي هو وأمي (صلی الله علیه و آله): لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع؟! نحن نقول إن الأمة غير معصومة والواجب تنبيهها وتحذيرها، وخطوات الشيطان كثيرة، تبدأ من تخفيف حدة العبادة وتقليل النوافل وتنتهي بالإشراك بالله والعياذ بالله.

لقد أورثنا الأئمة تراثاً من الأدعية تكتب بحروف من ذهب علي صفحات من نور، وقد بلغوا الذروة في أساليب التوسل والتضرع إلي الله لم يسبقهم إليها أحد ولم يأتي بشبيه لها من بعدهم أحد، وهذه أدعية أمير المؤمنين (علیه السلام) وصحيفة السجاد (علیه السلام) بين أيدينا وليس فيها صيغة استدراك أو سؤال لغير الله،

ص: 243

فهل فاتهم سؤال رسول الله (صلی الله علیه و آله) وطلب الإستدراك منه؟! وما بال قومنا لا يقولون: " أدركنا يا محمد " من باب أولي؟!.. لا يا إخواننا، إنها ليست لطلب الشفاعة. إني أعرف تماماً ماذا يجري عندنا في العراق، عبارة: " أدركني يا علي" تجدها في أغلب سيارات وباصات الأجرة، وتزين بيوتنا هناك، ودعاء الناس حول أضرحة الأئمة (علیهم السلام) في الكاظمية أو كربلاء أو النجف أو سامراء ليست لطلب الشفاعة، لا، إنها لطلب الشفاء من الإمام أو لطلب الرزق وقضاء الحوائج وتفريج الكرب، ويذبحون الذبائح بأسمائهم " في سبيل أبي عبد الله! ". بل إنك تري العجب العجاب هناك، العباس - أخي الإمام الحسين - له قدرة علي الضر، هذه حقيقة من الواقع الذي كان نتيجة طبيعية لإفرازات

" أدركني يا علي " وثقافة " مفاتيح الجنان ". وكل هذا يجري أمام أعين العلماء والمراجع الذين جعلهم الله ورثة أنبياءه وأمناء رسالاته يبلغونها للناس " الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله ". الأحزاب - 39، لكنهم غضوا الطرف عنها، والذي حاول أن يغير وينبه فقد حاربوه وأماتو

ذكره، والعقائد يمرون عليها مر الكرام أو يشيرون إليها من بعيد بالبنان. وكان يكفي أن يفتتحوا رسائلهم العملية للإشارة وتنبيه الناس إلي هذا الأمر باعتبارها ستصل إلي أكبر عدد ممكن من العامة، بدلا من الإقتصار علي الإسهاب في أحكام الطهارة والإستحاظة (كذا) وموارد الخمس!!

كان الأولي تنبيه الناس حول عقائدهم بدل المراهنة علي نياتهم. لقد ذكر لنا الله القاعدة القرآنية البليغة " ضره أكبر من نفعه " ولو قلبنا مسألة: " أدركني يا علي ".. وفرضنا المستحيل وقلنا أن نيات الناس جميعاً أنما هي الإستعانة بالله، لكان من الأولي رفعها وإلغائها من قانون الشيعة من باب سد الذرائع، فنحن أولي بتمحيص عقيدتنا من هذه، ونحن ندعي أننا أتباع إمام المتقين وسيد

ص: 244

الموحدين. ونحن نقرأ دعاء كميل كل يوم خميس، فهل نقرأه لأننا معجبون بشخصية الإمام (علیه السلام)، أم للتدبر بهذا التراث الخالد. بماذا توسل الإمام (علیه السلام) في بداية دعائه؟ برحمة الله وجبروته وقدرته وعظمته وأسمائه وصفاته، وخطابه ومناجاته كلها لله وحده ولم يسأل أحداً غيره، ولو جاز ذلك لكان هو الأولي بسؤال رسول الله (صلی الله علیه و آله) وهو الأخلص نية والأصفي قلباً! ألم نقرأ قول الإمام السجاد (علیه السلام):" الحمد لله الذي لا أدعو غيره ولو دعوت غيره لم يستجب لي دعائي، والحمد لله الذي لا أرجو غيره ولو رجوت غيره لأخلف رجائي ". نحن تشيعنا للإمام (علیه السلام) ليس لشخصه ولا لنسبه، وإنما للعقيدة التي آمن بها وللفكر الذي حمله وللنهج الذي انتهجه باعتباره المرآة الحقيقية لنهج رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولعقيدة التوحيد الخالص في الأسماء والصفات والأفعال، سطرها ربنا في قرآنه وبينها رسوله (صلی الله علیه و آله) وجاهد عليها الأئمة (علیهم السلام) وبذلوا أنفسهم دونها. " أدركني يا علي " لا تكشف الضر.. " وأيوب إذ نادي ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين. فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر ". الأنبياء: 83 – 84. يقول الإمام الصادق عليه السلام: عجبت لمن أدركه الهم.. ولم يفزع إلي قول الحق سبحانه: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فإني سمعت الله بعقبها يقول: " فنجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين " وعجبت لمن أدركه الخوف.. ولم يفزع إلي قول الحق سبحانه وتعالي: " حسبنا الله ونعم الوكيل ". فإني سمعت الله بعقبها يقول: " فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء ". وعجبت لمن خاف المكر ولم يفزع إلي قول الحق سبحانه وتعالي: " وأفوض أمري إلي الله ". فإني سمعت الله يعقبها يقول:

" فوقاه الله سيئات ما مكروا ". إن الذي يسمع كل هذا ويقرأ قول الحق سبحانه: " والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير.. إن تدعوهم لا

ص: 245

يسمعوا دعائكم.. ولوا سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم.. ولا ينبئك مثل خبير " يرمي بما دونه من التبريرات عرض الحائط ويخضع للحق، لأنه خضوع لله تعالي.

أليس الله بكافٍ عبده؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 27 - 4 - 2000 الثانية عشرة صباحاً:

مقدمة الموضوع سياسة وتهم.. وفيه نفس أحمد الكاتب، وأسلوبه في خلط المواضيع.. لكن لا يهم أن يكون أبا الحارث أياًّ كان.. خلاصة الموضوع أنه ليس له برٌّ يرسو عليه.. فهو يقبل التوسل تارة، ثم يرد حديث التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله الذي صححه السنيون وتضمن: " يا محمد إني أتوجه بك إلي الله ".

ويقبل أحاديث أهل البيت عليهم السلام، ثم يرفضها.. ويقبل سلوك التعبد والتضرع والتوسل، ثم يحمل علي " ثقافة مفاتيح الجنان "!!

نرجو من الأخ كاتب الموضوع أن يلخص الموضوع ليكون قابلاً للمناقشة، فيبين بوضوح ما يقبله وما لا يقبله من التوسل..

وأن يعرفنا هل يقبل الأحاديث التي صححها علماء السنة، أو علماء الشيعة..

أو هو انتقائي علي هواه، أو انتقائي لأنه مجتهد في الجرح والتعديل؟

وما رأيه بآيات التوسل الثلاث التي أوردتها له، فهل يؤولها بأنها ضد ثقافة التوسل أيضاً؟!!

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 28 - 4 - 2000، الرابعة عصراً:

ما وصفه الأخ العاملي ب- " سياسة وتهم " هو للأسف الشديد واقع مستمر!

ص: 246

ويمكن لأي منصف أن يتصفح مواضيع هجر ليتيقن له ذلك. الموضوع هو مشروعية: " أدركني يا علي " وليس اختبار نفس أحمد الكاتب أو هوية أبو الحارث! أو غيرها من التهم!

وأنا لا أخلط المواضيع، وليست مشكلتي إذا اختلطت علي الأخ العاملي المواضيع فأصبح لا يميز بين سؤال الله وسؤال غير الله! بالرغم من أن الأخ عز الدين نبهه عليه مرة فاتهمه بعربيته علي طريقته الخاصة في الإستخفاف بالآخرين! ثم بيناه له ولغيره في ثلاث مواقع من الموضوع نفسه، ولا يزال يصر علي أن الموضوع اختلط عليه، وللمرة الرابعة وباختصار شديد نقول: إن التوسل الشرعي هو الطلب من الله مباشرة وبدون واسطة، ولا بأس بسؤال الله بجاه أحد أولياءه (كذا) كأن يقول: " اللهم أني أسألك بحق فلان أو بجاه فلان... إلخ ". بشرط أن يكون الخطاب موجهاً لله عند طلب الحاجة، السؤال لله وليس للولي. أما التوسل الغير شرعي فهو مخاطبة الولي مباشرة وأشدها وأكثرها انتشاراً العبارة قيد البحث: " أدركني يا علي " لأن القرآن يمنعها بصريح آياته المحكمات كما بيناَّ سابقاً قسماً منها ولأنها تضرب آيات التوحيد عرض الحائط! أما ادعاؤه بأني أقبل أحاديث أهل البيت ثم أرفضها، فليته يخبرنا ما هي هذه الأحاديث التي قبلناها ثم رددناها؟

أما قوله: " ويقبل سلوك التعبد والتضرع والتوسل، ثم يحمل علي ثقافة مفاتيح الجنان ".

أقول: ما دخل مفاتيح الجنان بسلوك التعبد والتضرع والتوسل؟! مفاتيح الجنان فيه بعض الأدعية مما صح عن أهل البيت عليهم السلام، ولكن فيه من الغثاء والهراء ما يضحك الثكلي! علي سبيل المثال لا الحصر، فضائل الأضرحة تبين أن زيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل عند الله ألف ألف حجة، وأن الله ينظر إلي

ص: 247

زواره قبل أن ينظر إلي زوار عرفات! فلم نحج إذن إلي بيت الله؟! يذكرني بحديث: " من أكل سبع ورقات من شجرة الهندباء جاء يوم القيامة كالمتشحط بدمه في سبيل الله "!! ولو أردت

الإسترسال بفضائح هذا الكتاب الذي لا يكاد يخلو بيت منه لفعلت. نعم فيه بعض الكلمات الصالحة من بقايا بيت النبوة ولكن أثمه أكبر من نفعه! أصبح مفاتيح الجنان عنوان التعبد والتضرع!! لا حول ولا قوة إلا بالله. ما طلبه الأخ العاملي من تلخيص الموضوع موضح أعلاه، وكل آية من الآيات التي ذكرت هي تلخيص للموضوع، فليحاكم: " أدركني يا علي " قبالة أي منها.

أما قوله: " وأن يعرفنا هل يقبل الأحاديث التي صححها علماء السنة، أو علماء الشيعة.. أو هو انتقائي علي هواه، أو انتقائي لأنه مجتهد في الجرح والتعديل؟ ".

فأقول: هل يقبل هو أحاديث الغدير والمنزلة والكساء التي صححها أهل السنة أم يرفضها لأنها جاءت مضارب القوم؟! يقبلها، حسناً. وهل يقبل الأحاديث التي صححها أيضاً أهل السنة ومنها حديث: " أبي وأبوك في النار "! و " تركت أبا طالب في ضحضاح من النار "؟!! يرفضها، لماذا؟ أليست هذه انتقائية هوائية كما يسميها، أم هي من باب الجرح والتعديل؟! ما يسميهم هو علماء السنة أو علماء الشيعة نسميهم نحن علماء المسلمين، وكلها تخضع للجرح والتعديل، فلم يخلو الطرفان من الكذابة علي دين الله وسنة رسوله وآل بيته صلي الله وسلم عليهم أجمعين. نعم ما وافق منها كتاب الله أخذنا به، وما خالفه رددناه. ثم ما شأن موضوعنا بالأحاديث؟! عجيب والله!! المسألة حسمها القرآن بآياته المحكمات، هل أقول له قال الله ثم يقول لي: لكن حدثنا فلان

ص: 248

عن فلان!!! أما آيات التوسل الثلاث التي أوردها في مقدمة الموضوع فهي مما التبس أمر التوسل فيها عليه، نقول باختصار شديد:

1 - الآية الأولي: قوله: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ".

قال عنها: " وقد ثبت عند جميع المسلمين أن النبي وآله هم أقرب الخلق وسيلة إلي الله ".

وهذه دعوي مجردة من عنده، وليذكر لنا كيف أجمع المسلمون علي هذا، أما أنهم أقرب الخلق

إلي الله فهذا لا ينكره إلا جاهل بحقهم وفضلهم، وهذا لا يمس موضوعنا لا من قريب ولا من بعيد. وقد فهم الوسيلة علي غير ما فهمه المفسرون والواضح من سياق الآية، فهي تارة تأتي بمعني الدرجة التي في الجنة وأخري بمعني القربة بعمل الطاعات واجتناب المعاصي.

فابن كثير يقول: والوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها، والوسيلة درجة في الجنة، وهي التي جاء الحديث الصحيح بها في قوله عليه الصلاة والسلام: " فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ".

والقرطبي يقول: يقول تعالي آمراً عباده المؤمنين بتقواه، وهي إذا قرنت بطاعته كان المراد بها الإنكفاف عن المحارم، وترك المنهيات وقد قال بعدها: " وابتغوا إليه الوسيلة ".

قال سفيان الثوري: عن طلحة، عن عطاء، عن ابن عباس أي القربة.

وكذا قال مجاهد، وأبو وائل، والحسن، وقتادة، وعبد الله بن كثير، والسدي وابن زيد وغير واحد.

وقال قتادة: أي تقربوا إليه بطاعته والعمل بما يرضيه.

ص: 249

وقرأ ابن زيد: أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة. وهذا الذي قاله هؤلاء الأئمة لا خلاف بين المفسرين فيه.

والوسيلة هي التي يتوصل بها إلي تحصيل المقصود. والوسيلة أيضاً علم علي أعلي منزلة في الجنة وهي منزلة رسول الله صلي الله عليه وسلم، وداره في الجنة، وهي أقرب أمكنة الجنة إلي العرش، وقد ثبت في صحيح البخاري: من طريق محمد بن المنكدر، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إلا حلت له الشفاعة يوم القيامة.

حديث آخر: في صحيح مسلم، من حديث كعب، عن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي، فإنه من صلي علي صلاة صلي الله عليه عشراً، ثم سلوا لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة.

ويقول عنها الطبرسي مجمع البيان: أي اطلبوا إليه القربة بالطاعات.

وفي جوامع الجامع: كل ما يتوسل إليه من الطاعات وترك المقبحات.

وفي تفسير شبر: أي ما تتوسلون به إلي ثوابه من الطاعة.

وللطباطبائي في الميزان: حقيقة الوسيلة إلي الله تعالي، مراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحري مكارم الشريعة، وهي القربي. ولا رابط يربط بين العبد وربه إلا ذل العبودية، فالوسيلة هي التحقق بحقيقة العبودية وتوجيه وجه المسكنة والفقر إلي جنابه تعالي. فهذه هي الوسيلة الرابطة.

ص: 250

وللسيد محمد الحسيني الشيرازي في تقريب القرآن: السبب الذي يقربكم إليه سبحانه من فعل الخيرات والأعمال الصالحة.

فهذه كلها تقول إن الوسيلة هي طاعة الله، وما ذهب إليه الأخ العاملي، غير صحيح.

الآية الثانية: قوله تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيما ".

أقول: الأحاديث التي ذكرها إن كانت هي العمدة في التفسير وجب علي كل مسلم الذهاب إلي قبره (صلی الله علیه و آله) والإستغفار عنده، لأن المسلم لا يخلو من ظلمه لنفسه في معظم أوقاته، وهذا مما لا يتيسر فعله، وعمل الأعرابي كما أسلفنا لا يحتج به، فتارة الحديث يرويه ابن العتبي ورؤيته للرسول (صلی الله علیه و آله) في المنام، وتارة أخري يسمع الأعرابي صوتاً من القبر يقول له: لقد غفر لك! وأيها صح فليس بشيء. والآية صريحة تقول: " واستغفر لهم الرسول " أي لا بد بعد استغفارهم، من أن يستغفر لهم الرسول، وهذا ما دفع بعض العلماء إلي القول بأن الآية نزلت تخصص جماعة من المنافقين، الذين كادوا لرسول الله

(صلی الله علیه و آله) وعرض الله عليهم التوبة. تفسير الكشاف لمحمد جواد مغنية.

وذهب الشعراوي والسيد محمد حسين فضل الله إلي أن المقصود بها طاعة رسوله، باعتباره ممثله في الأرض , من هدي القرآن لفضل الله.

الآية الثالثة: قوله: " قل ادعو الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً، أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ".

ففسر الآية من عنده ليوهم القارئ فقال: " وهذه الآية تدل علي مشروعية التوسل إلي الله تعالي بالأشخاص الأقرب إليه، فمن المتفق عليه بين المفسرين

ص: 251

أن قوله تعالي: يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب، مدحٌ لهؤلاء المؤمنين، بأنهم يطلبون التوسل إلي الله تعالي.. وإن اختلفوا في تعيين هؤلاء المتوسلين، والمتوسل بهم ".

أقول له: اتق الله ولا تفت بما لا تعلم نصرة لرأيك، فجمهور المفسرين أجمع علي أن المقصود من الآية هو أن هؤلاء الصالحين الذين يدعوهم المشركون، أقربهم إلي الله يبتغي الوسيلة إليه بالطاعة والقربة، فكيف بغير الأقرب!

وانظر إلي المفسرين من قومك كيف فسروا هذه الآية بما فتح الله عليهم من فضله:

الطبرسي في جوامع الجامع: أي يبتغي من هو أقرب منهم الوسيلة إلي الله فكيف غير الأقرب!

الصافي للكاشاني: أي أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة، هؤلاء الآلهة يبتغون إلي الله القربة بالطاعة أيهم أقرب، أي يبتغي من هو أقرب منهم إلي الله الوسيلة فكيف بغير الأقرب!

المعين للكاشاني: أي يبتغي من هو أقرب منهم إلي الله الوسيلة، فكيف بغير الأقرب.

تفسير شبر: أي يطلبون إلي ربهم الوسيلة بالقربة بالطاعة أيهم هو أقرب إليه.

وتمعن جيداً لئلا تختلط عليك الأمور فيما قاله السيد محمد حسين فضل الله في تفسيره من وحي القرآن:

والظاهر أن المراد من الوسيلة هي العمل الصالح، الذي أراده الله سبيلاً للقرب منه فيما يتقرب الناس إليه، لا الأشخاص الذين يتخذهم الناس وسائل!!

وختاماً أقدم الشاهد الأخير علي أنكم أخطأتم الطريق في التوسل إلي الله!! يقول أمير المؤمنين وسيد الموحدين ووصي رسول رب العالمين وحجة الله علي

ص: 252

الأولين والآخرين يعلمنا ويعلمكم كيف يكون أدب التوسل مع الله: " إن أفضل ما توسل به المتوسلون إلي الله سبحانه وتعالي الإيمان به وبرسوله

والجهاد في سبيله فأنه ذروة الإسلام، وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة، وإقامة الصلاة فإنها الملة، وإيتاء الزكاة فإنها فريضة واجبة، وصوم شهر رمضان فإنه جنة من العقاب، وحج البيت واعتماره فإنهما ينفيان الفقر ويرحضان الذنب، وصلة الرحم فإنها مثراة في المال ومنساة في الأجل، وصدقة السر فإنها تكفر الخطيئة، وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء، وصنائع المعروف فإنها تقي مصارع الهوان ". فلستم أتقي لله منه، ولستم أعلم بكتابه منه ولا أنشط في طلب الوسيلة منه، فهلا أطعتموه وعملتم بمنهجه كما تدعون بأنكم أتباعه، وأهل ولايته؟!!!!! اللهم إني قد بلغت، اللهم فأشهد...

فكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 4 - 2000، الثالثة ظهراً:

أرجو أن تجيبني علي سؤالين:

هل تقبل، حديث عثمان بن حنيف، الذي رواه الترمذي، والطبراني وصححه، وفيه: " يا محمد إني توجهت بك إلي الله "؟ أم ترده؟

هل الذي يقول: " يا رسول الله أدركني "، أو " يا علي أدركني "، يعتقد أن المنادي أو المتوسل به أو المستغاث به، هو ربه أو شريك ربه والعياذ بالله؟!! فهو يريد العون منه؟ أم أنه يريد مساعدة المنادي، وشفاعته إلي الله، لأن له عنده مقاماً وشفاعة؟!

وكذا الذي انقطعت سيارته فينادي صاحبه من بعيد: يا سعود أدركني.. فهل يؤله سعوداً أو يعتقد أنه شريك لله تعالي؟!!

أما حديث أن علياًّ عليه السلام، أقرب الخلق وسيلة إلي الله تعالي بعد رسوله، فقد روته عائشة بسند صحيح، فهل تريده؟!

ص: 253

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 3 - 5 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

سؤاليك (كذا) أعلاه:

هل تقبل، حديث عثمان بن حنيف، الذي رواه الترمذي، والطبراني وصححه، وفيه: " يا محمد إني توجهت بك إلي الله "؟ أم ترده؟

أنت لا تبالي بآيات القرآن المحكمات! ولا تبالي بأدعية الأئمة وكلها لا تسعفك! ولم تجد بغيتك إلا في حديث الأعمي الذي سأل رسول الله صلي الله عليه وآله أن يشفيه! وأنت تعلم أنه لا يقف أي حديث أمام النص الإلهي المطهر، ولكننا سنجاريك.

روي الحديث أحمد في مسنده: " حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة، عن أبي جعفر المديني، قال: سمعت عمارة بن خزيمة بن ثابت، يحدث عن عثمان ابن حنيف أن رجلاً ضريراً أتي النبي صلي اللهم عليه وسلم، فقال: يا نبي الله ادع الله أن يعافيني، فقال: إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك وإن شئت دعوت لك. قال: لا بل ادع الله لي. فأمره أن يتوضأ، وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلي اللهم عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي وتشفعني فيه وتشفعه فيَّ. قال: فكان يقول هذا مراراً. ثم قال بعد أحسب أن فيها أن تشفعني فيه، قال: ففعل الرجل فبرأ ".

إن الأعمي طلب من النبي أن صلي الله عليه وسلم أن له ليرد إليه بصره فعلمه النبي صلي الله عليه وسلم دعاء أمره فيه أن يسأل الله قبول شفاعة نبيه فيه.

فهذا يدل علي أن النبي صلي الله عليه وسلم شفع فيه وأمره أن يسأل الله قبول شفاعته، فقوله: " يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي في حاجتي هذه فتقضي وتشفعني فيه وتشفعه في " فطلب من الله أن يشفع فيه نبيه.

ص: 254

وقوله: " يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي " هي كما يقول المصلي: " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " وكقولنا: " السلام عليك يا أبا عبد الله " فهو نداء يطلب به استحضار المنادي في القلب فيخاطب لشهوده في القلب، وليس فيه صيغة سؤال أو استعانة أو استغاثة!

بقي أن تعرف أن هذا الحديث مرفوع! وما ذهبت إليه يعارضه الحديث الصحيح الآخر الذي رواه الترمذي عن ابن عباس: " عن ابن عباس، قال: كنت خلف رسول الله صلي اللهم عليه وسلم

يوماً فقال: يا غلام إني أعلمك كلمات أحفظ الله يحفظك، أحفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعت علي أن ينفعوك بشئ لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا علي أن يضروك بشئ لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت

الأقلام وجفت الصحف ". قال هذا حديث حسن صحيح!

قولك: " هل الذي يقول يا رسول الله أدركني، أو يا علي أدركني، يعتقد أن المنادي أو المتوسل به أو المستغاث به، هو ربه أو شريك ربه والعياذ بالله؟! فهو يريد العون منه؟ أم أنه يريد مساعدة المنادي وشفاعته إلي الله، لأن له عنده مقاماً وشفاعة؟! وكذا الذي انقطعت سيارته فينادي صاحبه من بعيد يا سعود أدركني.. فهو يؤله سعوداًَ أو يعتقد أنه شريك لله تعالي؟!! ".

لا، لا يعتقد أن له رباًّ غير الله ولا أن المنادي هو شريك لربه، لكنه يجهل حقيقة التوحيد، هل سمعت قوله تعالي: " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر، فسيقولون: الله.. فقل: أفلا تتقون ". فخبرني عن هؤلاء، إذاً؟ هل تشك في نياتهم؟ هم يعلمون من يدبر الأمر، فما علتهم؟ أترك لك الجواب

ص: 255

! إن الذي ينادي: " يا علي أدركني " يعتقد أن المنادي يسمعه وقادر علي تنفيذ طلبه، أدعو الله أن ييسر لك زيارة العتبات المقدسة في العراق لتري بأم عينيك دعاء الناس عند الأضرحة.. هذه تطلب منه الولد لأنها عاقر، والآخر يسأله الرزق، وآخر يسأله عن ولده المفقود أن يعيده إليه!!! فماذا تركتم لله؟!!

لم يفقهوا ولم ينبههم أحد ولم يذكرهم أحد بقوله " إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم، فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ". وقد شرحت هذا وفصلته في الموضوع أعلاه، فدونكه. أما هذا الذي انقطعت سيارته في بيروت، فهل سينادي علي صاحبه الذي في دمشق: هلمَّ إلي؟! فهل يكون إلا معتوهاً؟! هل تنادي من لا يسمعك ولا يملك لك ضراًّ ولا نفعاً وتترك الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور؟! في كل القرآن تجد صيغة: " ويسألونك... فقل ". " ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً ". " ويسألونك عن المحيض قل هو أذي "." ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع "." يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند ربي... " إلخ. إلا في موضع واحد، فهو الذي بادر في السؤال وقال: " وإذا سألك عبادي عني ". لم يقل له: " فقل " وإنما تولي الإجابة هو بنفسه جل وعلا فقال: " فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان "!!! عن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم.

أما حديث أن علياًّ عليه السلام، أقرب الخلق وسيلة إلي الله بعد رسوله، فهذا، من جنس قوله تعالي: " أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه " كما بينا سابقاً.

أليس الله بكافٍ عبده؟

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 10 - 5 - 2000، الخامسة مساءً:

ص: 256

الأخ الكريم محمد الهجري: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. وأدعوه أن تكون بوافر من الصحة والعافية. أرجو المعذرة عن تأخري في الرد.. وذلك لعدم تيسر الوصول إلي الواحة إلا أسبوعياًّ أحياناً.

رأيت أن أنقل تساؤلك إلي هذه الوصلة باعتبارها الإمتداد الطبيعي للموضوع قيد البحث.

ما ذكرته سابقاً كان: " بالنسبة للحوار الجاري بيننا الآن، فقد لاحظت كما لم يخفي عليك أنه يدور في حلقة مفرغة، لذلك قررت الإقتصار علي أمثلة توضح المراد، ولك الرد بالأسلوب الذي يدعوك إليه العقل..

قال العاملي:

وأورد أحمد الكاتب.. كلام الأخ محمد الهجري المتقدم.. ثم أجاب:

أخي الكريم.. ما ذكرته أعلاه يصب في مجري واحد، وهو الإعتماد والإستغاثة بمن لا يسمع الدعاء والإستغاثة، وبوسعي أن أسوق لك المئات من الصيغ الأخري التي تؤيد نفس المعني، علي سبيل المثال قول أهلنا في العراق عندما يودعون أحداً: روح الله ومحمد وعلي معاك! أو عندما ينشط أحدهم

لمهمة ما يقول: يا علي يا أبو الحسن، وعندما تستفسر منه يجبك بصراحة: ناديته ليساعدني، ليقف لي!! هذا لا يعني أنهم مشركون يعتقدون بوجود إله آخر كما يلوح به أصحاب العقول الغليظة! هؤلاء الناس لشدة حبهم لرسول الله ولأهل بيته عليه وعليهم السلام اندرجت هذه الألفاظ علي ألسنتهم دون أن يعوا خطرها العقائدي، هؤلاء لا يعرفون الخطوط الحمراء بين الله وبين أولياؤه لضعف علاقتهم بالقرآن من جهة ولوجود تلك الطبقة التي تعيش علي لعق الدين ما بقي يدر معايشهم علي حسب تعبير سيد الشهداء! هناك فرق بين أن تقول: " أدركني يا علي " وبين أن تقول: " اللهم إني أسألك بحبك لعلي،

ص: 257

وبمنزلته عندك إلا قضيت لي حاجتي "! فالأولي يمنعها القرآن بصريح آياته التي يخاف البعض أن تتلي عليه! والثانية جائزة وصحيحة لأنك وجهت خطابك للذي يملك الضر والنفع ويسمعك أينما كنت وكيفما كنت.. الثانية صحيحة لأنك توجه كلامك لربك ورب علي، وتسأل الله بمنزلة هذا العبد الصالح، تلميذ الإسلام وربيب النبوة، ليس لأنه ابن عم رسوله، فأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب أيضاً ابن عمه لكنه أسلم عام الفتح، وليس لأنه ختنه علي ابنته، فعثمان كان ختنه علي ابنته أيضاً. بل لأنه كان يجسد التقوي بكل معانيها، التقوي هي التي رفعت كرامته عند الله لأنه بلغ منتهي لآفاقها دون أن يوحي إليه، لأن عقله ومنهجه وطريقه كان القرآن ونبع النبوة من رسول الله صلي الله عليه وعليهم. إن حبنا لهؤلاء يكون صادقاً بطاعتهم واتباعهم، وهذا ما يكمل رسالتهم ويعطي ثمارها، قال تعالي: " قل إن كنتم تحبون الله.. فاتبعوني! يحببكم الله " وما أحسن ما قال الشاعر:

لو كان حبك صادقاً لأطعته... إن المحب لما يحب مطيع!

وتدبر بعمق في آفاق أحسن ما قيل في رثاء سيد الشهداء:

وحزناً عليك بحبس النفوس... علي نهجك النير المهيع

أما التلهج بأسمائهم وترك أعمالهم فهو كالإحتجاج بالشجرة وترك الثمرة، علي حد تعبير أمير المؤمنين حول مهزلة السقيفة! وفقنا الله وإياك لما يرضيه وحشرنا وإياكم في زمرة نبيه وأهل بيته الطاهرين.

أليس الله بكافٍ عبده؟

فأعاد له (العاملي) جوابه المتقدم في ست نقاط.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 11 - 5 - 2000، الواحدة صباحاً:

ص: 258

الأخ أبا الحارث: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وجهت إليك مجموعة من الأمثلة المحددة المتعلقة بقاعدة " إنما الأعمال بالنيات " التي كنت أرجو أن لا ترد عليها بالقول: لا حاجة لطرح المبررات، لكنك لم تقل بذلك.. بل لمحت إليه بأمثلتك عن العمال في العراق!

فكل ما أقوله هو أن هذا العامل الذي ينادي أمير المؤمنين، استعمل الصيغة الأولي من الإستغاثة التي لا غبار عليها.

فالمطلوب هو توضيح إذا كانت هذه الإستغاثة تستلزم الصيغة الكاملة كما في المثال الرابع.

محمد الهجري.

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 13-5-2000، الثانية عشرة وعشرة دقائق صباحاً:

سلامتك يا أخ عاملي! والله بدأت أخشي عليك من هذا البعبع الذي اسمه أحمد الكاتب، الذي يبدو أنه يقض مضاجعكم! والله لقد شوقتني إليه وإلي ما يقول، فوالله لا أعرف عنه سوي ذلك المقال المليح الذي نشر هنا وحذف بعد ذلك! فليتك تدلنا علي موقعه إن كان له موقع أو ربما الأخوة

المشرفون هنا يستطيعون تزويدنا بحواراته معكم من الأرشيف.

نعود إلي موضوع الاستغاثة، وتعقيباً علي فقراتك أعلاه:

أولاً: أنت تتحدث عن عقيدتك في النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم أنهم أحياء عند ربهم ومنزلتهم فوق منزلة الشهداء - لا تستهينن بمنزلة الشهداء فتظن أنها لا تكفي الأئمة، وليس فوق الشهداء إلا الصديقين والأنبياء - ولا مشاحة في هذا كله. ثم تقول: " إنهم أسمع لكلامنا من الأحياء لنا "! هذه هي الطامة التي لا تجيبون عليها! ما دليلك؟ أنتم ترددون نفس الإدعاءات ومنذ

ص: 259

بداية الموضوع وبدون دليل! أخي، أنت تتحدث عن عقيدة إسلامية، وعقيدة تتعلق بعلم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله " عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحداً، إلا من ارتضي من رسول " النبيين والصديقين والشهداء كل ما نعرف عنهم أنهم أحياء عند ربهم، وبالتأكيد ليسوا عندنا، هذا ما أخبرنا به الله في كتابه، لكنه لم يخبرنا بمنحهم تلك القدرات الفائقة في سماع الدعوات من الخلائق! والدعوات علي مدار الساعة!

أما أن عقيدة عامة السنيين هي كذلك في النبي صلي الله عليه وآله، فهو جهل آخر منهم، هل تستدل بالجهل علي الجهل؟! ورسائل المصريين إلي مشهد الإمام الحسين في القاهرة لقضاء الحاجات أيضاً! وماذا يعني هذا؟!! هي حالة أخري من حالات الجهل، عجيب والله! هل تأخذ عقيدتك في علم الغيب من القرآن أم من أفواه الناس؟! إننا المسلمون، وأنتم منهم، نتحدي العالم بعقيدتنا وكلها مستمدة من كتاب الله الذي نتحدي العالم أن يثبتوا فيه عوجاً!

ثانياً: حديثك عن طوائف المسلمين، لا أخونا العزيز، أنا لست شيعياًّ ولا سنياًّ ولا وهابياًّ ولا تحريرياًّ كما أتحفنا بذلك مؤخراً أخونا العروة الوثقي! ولا غيرها من الأسماء التي ابتدعها المسلمون لأنفسهم، أنا مسلم، والإسلام يحويها كلها، ولا تحوي هي كل الإسلام!

وكل يدعي وصلاً بليلي! وليلي لا تقر لهم بذاكا!

أما إذا كنت تتحدث عن الولاء والبراء، فولائي لأهل البيت وبراءتي من أعداءهم كائناً من كان، وهذه نتيجة طبيعية لمن يفهم الإسلام ويكون حراًّ في تفكيره، وليس تابعاً للبيئة والتربية والنسب! ومفهوم أن كل شيعي موالي لهم، وليس كل موالي شيعي! أما حديثك عن ابن تيمية، البعبع الآخر الذي لو كان حياًّ لما ترددت أن ترميني به، فلا داعي لأن تنقل لي تناقضاته وآفاته، فأنا علي

ص: 260

علم بها ولله الحمد، فلا تنقل التمر إلي هجر! ولكن هذا لا يعني أن نحكم علي آرائه كلها بالسقم، حتي الصحيح منها! فالرجال تعرف بالحق ولا يعرف الحق بالرجال! أليس كذلك؟ والله يقول: " ولا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوي ". وكلامك يكون أوفق في الحجة وأصوب في الرأي إذا ذكرت كلامه بنصه وبينت وجه الخطأ فيه، لا أن تلوح باسمه بين الفينة والأخري باعتباره العدو التقليدي للشيعة فتقول هذه آراء بن تيمية! ومرة أخري أكرر، لا تلق الكلام جزافاً، عندما تقول أمر الله بكذا وكذا، فعليك بالدليل من كتاب الله وكلي آذان صاغية وهذا ما طلبته منكم أول الأمر، فلا تنسب إلي الله ما لم يقله في كتابه، وكل الأحاديث التي تنقل في التوسل والإستشفاع بهم إن صحت فهي لقولنا: " اللهم إنا نسألك بحق نبيك " وهي لا تعارض الكتاب ويمكن أن يستأنس بها، أما قولك أن الإستغاثة نوع من الإستشفاع والتوسل، فهذا الكلام من عندك وبينا لك في أكثر من مرة بطلانه من وجوه! فكل كلامك الذي ذكرته من قبيل أن الله اتخذهم واسطة ووسيلة بينه وبين خلقه وأنه أمر بالإستشفاع بهم مما لا دليل لك عليه، ولو أن الله سكت عن هذه لسكتنا، كيف وآياته تصيح وتصرخ بما لا تقولون!

إن قلت: " أنهم أسمع لكلامنا من الأحياء لنا "!

فأنا أقول لك: إن الله أسمع لكلامنا منهم ومن الأحياء لنا! هل تناجي ربك بينك وبين نفسك أم تناجي الأئمة؟! أم تقول أن الأئمة يسمعون مناجاتك؟! أجبني عن هذه إن استطعت!

إن قلت: نعم يسمعون مناجاتك.

ص: 261

فقد أقررت بألوهيتهم من حيث لا تدري! والإله ليس بالضرورة أن يكون معلناً " أرأيت من اتخذ إلهه هواه " فهل رأيت أحداً يقول أنا أعبد هواي؟ وما أكثرهم!

وإن قلت: إنهم لا يسمعون مناجاتك.

فكيف تستبدلون الذي هو أدني بالذي هو خير؟!! كيف تتركون دعاء الذي يعلم السر وأخفي وهو معكم أينما كنتم، وتزعمون لمن دونه ما لا تعلمون؟! إن شئت الشفاعة لدعائك فأرفقه بالصلاة عليهم لأن الله يحب أن يصلي عليهم، وهو كريم، لا يجيبك لشئ هو يحبه ويترك حاجتك، ولا يرد خائباً عن بابه.

أما قولكم: أنهم الوسيلة إليه.

فادعائكم هذا قد نسفه الإمام السجاد نسفاً في مناجاة المطيعين! هل قرأتها؟ اسمع إليه يقول: " ولا وسيلة لنا إليك إلا أنت "!! نفي يتبع استثناء يفيد الحصر! كقولنا لا إله إلا الله! هذا إمامكم كما تقولون، فرد عليه إن استطعت! وكل ما ذكرته لنا أعلاه في كفة، وعبارتك الأخيرة في كفة أخري!

قولك: " ومن الغريب أنك جعلت عنوان موضوعك الآخر أن القرآن والعترة يردون الإستغاثة بالنبي وعلي، ولم تأت بآية ولا حديث في الموضوع! أليس هذا عجيباً؟!! "!!!!

فعلاً عجيب أخ عاملي! والأعجب من هذا كله أنك لم تقرأ الموضوع أساساً! ولو كنت قد فعلت لعلمت أني أوردت لك فيه عشرين آية من كتاب الله كلها تتحدث عن دعاء الله والطلب منه! وأوردت لك فيه حديثاً صحيحاً عن رسول الله! وحديثاً عن أمير المؤمنين! وحديثاً عن السجاد! وحديثاً عن الصادق عليهم السلام!!! كل هذا وتقول أني لم أت بآية أو حديث! والله لقد رأيت منك العجب!

ص: 262

أقول: عوداً علي بدء، عد إلي الموضوع أعلاه وأرجو أن تقرأه بتمعن حتي نهايته لتكفيني إعادة عرضه هنا مرة أخري.

الأخ محمد الهجري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مثال العامل في العراق الذي طرحته لك يماثل الصيغة الأولي التي قلنا عنها بأنها باطلة، وإنما أزحنا الغبار عن الصيغة الثانية وفيها:" اللهم إني أسألك بحق محمد وآله " وهذا ما لم يقله العامل!

فكتب (محمد الهجري) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخ العزيز أبا الحارث: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

قلت: " مثال العامل في العراق الذي طرحته لك يماثل الصيغة الأولي التي قلنا عنها بأنها باطلة، وإنما أزحنا الغبار عن الصيغة الثانية وفيها: اللهم إني أسألك بحق محمد وآله. وهذا ما لم يقله العامل! ".

أولاً: عبارة العامل صحيحة وليست باطلة، لأنها صيغة مختصرة للمطولة.

ثانياً: قول العامل باطل في حالة واحدة، وهي الإعتقاد بأن أمير المؤمنين له حول وقوة من دون الله. وهذا شئ لا تستطيع القطع به لأنه لم يقله ولا يظهر من كلامه ذلك، وحسن الظن يحتم خلافه.

ثالثاً: القاعدة المعروفة: إثبات الشئ لا ينفي ما عداه. تنطبق علي مثالك.

فالعامل أثبت بأنه يستغيث بأمير المؤمنين، ولم يقم بنفي دور الله في الأمر. فهل اطلعت علي باطنه؟!

رابعاً: عدم ذكر الصيغة المطولة لا يعني عدم قصدها. فقوله:" يا علي " يثبت إقراره بأمير المؤمنين، وإقراره بالإمرة إقرارٌ بكون الأمير من أولياء الله، والإقرار له بالولاية، إقرارٌ بدور الله في الأمور.

ص: 263

وهذا كلام معروف لدي كل شيعي إمامي. محمد الهجري.

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الخامسة صباحاً:

الأخ الكريم محمد الهجري: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يبدو أن هناك التباس بين الصيغ والأمثلة التي طرحناها، أسألك سؤالاً: هل تستطيع التمييز بين الصيغتين التاليتين:

1 - " أدركني يا علي " ومنها مثال العامل وأمثلتك الأربعة. 2 - " اللهم إني أسألك بحبك لعلي "؟

الأولي هي التي قلت عنها بأنها باطلة، والثانية جائزة.. ومثال العامل والأمثلة الأربعة التي صغتها أنت كلها تندرج تحت مدلولات الصيغة الأولي. أرجو أن يكون هذا واضحاً.

نعود إلي صيغة العامل التي قال فيها: " يا علي يا أبو الحسن " وأقر بأنه يريد عونه.

قلت أنت عنها: " أولاً: عبارة العامل صحيحة وليست باطلة، لأنها صيغة مختصرة للمطولة ".

نحن لم نجز المطولة أصلاً حتر ندرج فيها المختصرة.

" ثانياً: قول العامل باطل في حالة واحدة، وهي الإعتقاد بأن أمير المؤمنين له حول وقوة من دون الله. وهذا شئ لا تستطيع القطع به لأنه لم يقله ولا يظهر من كلامه ذلك، وحسن الظن يحتم خلافه ".

قلنا سابقاً: إن النيات موكلة إلي رب العباد، والغاية هنا هي بحث مشروعية الإستغاثة بغيره بقطع النظر عن نية المستغيث! إذا اعتقد المستغيث بأن أمير المؤمنين له حول وقوة من دون الله فقد ارتكب شركاً اعتقادياًّ، وهذا خطير! لأنه قد جمع العمل والنية بما لا يرضي الله! أما إذا كان اعتقاده غير ذلك، بنية

ص: 264

القربي حسب اعتقاده هو، فقد ارتكب شركاً عملياًّ، وجب تنبيهه عليه لأنه قد يفضي إلي الشرك الإعتقادي الأخطر، إقرأ قصة قوم نوح مع ود ويغوث ويعوق ونسر.

ثالثاً: القاعدة المعروفة: إثبات الشئ لا ينفي ما عداه. تنطبق علي مثالك. فالعامل أثبت بأنه يستغيث بأمير المؤمنين، ولم يقم بنفي دور الله في الأمر. فهل اطلعت علي باطنه؟ ".

أخي الكريم، لا ينفي أحد دور الله في الأمور، فهذه قضية أودعها الله في فطرة البشر، وقد قص الله لنا في كتابه هذه المسألة وذكرنا مثالاً واضحاً عليها في قوله: " قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن يملك السمع والأبصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الأمر فسيقولون الله فقل أفلا تتقون " مجرد الإعتقاد لا يكفي إذا كان العمل غير مشروع! كثيراً من الناس يحتجون بهذا علي تركهم الصلاة ويقول لك: " إلا من أتي الله بقلب سليم "!!

" رابعاً: عدم ذكر الصيغة المطولة لا يعني عدم قصدها. فقوله: يا علي. يثبت إقراره بأمير المؤمنين، وإقراره بالإمرة إقرار بكون الأمير من أولياء الله، والإقرار له بالولاية إقرار بدور الله في الأمور. وهذا كلام معروف لدي كل شيعي إمامي ".

عفواً أخي الكريم، ولكن لا أري رابطاً أو قرينة بين ما تقول، وبما أنه كلام معروف لدي كل شيعي إمامي كما تقول، فحبذا لو تبين لنا أكثر ما عنيته بسلسلة الإقرارات التي تبدأ بقوله: " يا علي " وتنتهي بإقراره بدور الله! وبالذات ما هو دور الله الذي أقر به؟ تقبل تحياتي.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الثامنة صباحاً:

ص: 265

اسمح لي يا أبا الحارث أن أصفك بالتذبذب وعدم الوقوف علي الجادة. فأنت تقول بأنك شيعي، ويتضح لنا بأنك غير ذلك.

ثم.. لم هذا التنقل من موضع لآخر؟! هل تريد تشتيت ذهن المحاور معك، فيعجز عن مناقشتك أم لغاية في نفس يعقوب..

أما قولك رداًّ علي الشيخ العاملي: " أما رسالة السقاف فسأتركها لك تجادل بها عن نفسك أمام الله يوم الحساب عندما يسألك عن كتابه!! أما أنا العبد الضعيف الذليل الحقير المسكين المستكين، فحسبي كتاب الله ".

فهو جواب عمر للنبي عندما منعه أن يكتب كتاباً للأمة لا تضل بعدها أبداً!!

ومن قال لك أن كتاب الله ينفعك وحده يوم حشرك، هل تدعي أنك تفهم كتاب الله؟؟؟؟؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 5 - 2000، التاسعة صباحاً:

الأخ أبا الحارث، أو أحمد الكاتب:

لا أحمد الكاتب بعبع، ولا ابن تيمية، ولا أئمتهما!!

والبعبع لا يولي هارباً.. أمام بعض طلبة الشيعة، ثم يتستر بأسماء أخري!!

وأكرر أن تبقي في الموضوع ولا تخرج عنه.. فقد جعلت عنوان موضوعك: أن القرآن والعترة يردون الإستغاثة بالنبي وآله صلي الله عليه وآله.. وحشدت آيات وكلاماً لا دليل فيه..

فعدد الآيات التي تدل بزعمك علي دعواك بأن الإستغاثة بالنبي وآله شرك، آية آية.. واذكر وجه دلالتها بدقة.

والأحاديث كذلك.. ولا تقفز عن محور الموضوع ذات اليمين والشمال.. فهل تفعل؟

أم لا تستطيع!!

ص: 266

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ أبو زهراء: السلام عليكم ورحمة الله.

أنا أرحب بمداخلتك، وكنت أحبذ أن تبدأها بالسلام كذلك.

لا أذكر أني قلت بأني" شيعي " كما تفضلت، بل ذكرت بأني مسلم والإسلام يحوي الجميع، فلا أدري وجه التذبذب الذي ظننت. ولم أفهم قصدك بالتنقل من موضع لآخر، موضوعنا هو الإستغاثة بغير الله ولا أري أني حدت عنه وليست عندي غاية أخري، فإن كنت قد فعلت فصوبني وقل لي أين.

أخي الكريم: اعتراضك علي " حسبي كتاب الله " ليس هذا موضعه، فلكل مقام مقال، هذه الكلمة التي قالها عمر وقحة لأنها قيلت في حضرة النبي صلي الله عليه وآله وفي مقابل أمره الذي لا يرد، ولو قيلت في حضرة غيره لما اعترضنا عليها، والأخ العاملي ليس رسول الله، أما هل سينفعني كتاب الله

وحده يوم حشري؟ فما رأيك أنت؟ لا أظن أن الله تعالي سيأتي لي بصحيح البخاري أو الكافي أو غيرها ليقول لي ماذا عملت فيها! أما أني أفهم كتاب الله، فأفهمه بما يسره الله تبارك وتعالي لي، ولغيري، ولا يحاط بعلم الكتاب، وبالتأكيد هو ليس كتاب ألغاز أو طلاسم! بل قرآناً عربياًّ لقوم يعقلون، يسره الله ليفهمه عباده " ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "؟! والسلام.

الأخ العاملي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرجو أن تحدد الشخص الذي تود محاورته، وبإمكانك الإتصال بأحمد الكاتب واستحلافه وتصفية الحساب معه واسأله لماذا ولي هارباً! عند ذلك نستطيع مواصلة الحوار الذي يبدو أنه لم يبدأ بعد! فأنا لا أستطيع النيابة عن شخصين " ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ". والسلام.

ص: 267

وكتب (العاملي) بتاريخ 13-5-2000، الثانية ظهراً:

الأخ أبا الحارث:

بحثي مع أبي الحارث الذي فتح موضوعين ليثبت حرمة الإستغاثة أو أنها شرك، في قول القائل:

" أدركني يا علي، أو يا رسول الله أدركني.. وما شابه ".

وقد ادعي في عنوان هذا الموضوع أن القرآن والعترة يحرمان ذلك..

فأرجو أن تذكر أدلتك من القرآن، أو المصادر المعتبرة عند مذاهب المسلمين علي تحريم هذا النوع من التوسل بالنبي وآله صلي الله عليه وآله..

وأن يكون الإستدلال واضحاً دقيقاً، علي النحو المتعارف في كتابة علماء المذاهب وكتابهم، وكتابة الحقوقيين والباحثين.. وشكراً.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 13 - 5 - 2000، الخامسة مساءً:

الأخ أبا الحارث: السلام عليكم..

لدي سؤال واحد وهو: هل لك أن تبين لنا الشيء الذي نطلبه من أحد المعصومين عندما نقول: " يا فلان أدركني "؟

بعبارة أخري: بماذا سوف يدركني؟ وخير الكلام ما قل ودل.

أما التي أطلقت عليها اسم: " سلسلة الإقرارات " فإن لها وقتاً آخر إن شاء الله.

محمد الهجري.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17 - 5 - 2000، الثالثة ظهراً:

أين أنت يا أبا الحارث؟

وكتب (أبو الحارث) بتاريخ 19 - 5 - 2000، العاشرة ليلاً:

ص: 268

السلام عليكم ورحمة الله. أعتذر عن تأخري، فالحياة في المهجر لها همومها..

الأخ محمد الهجري:

المقصود من الإستغاثة بغير الله هو ما يقتضيه ظاهر اللغة من الإستعانة بغيره! وقلنا ليس لأحد أن يبحث النيات. فقد يظن المستغيث أن للولي قدرة ذاتية علي التغيير، مع الله أو بدونه، وهو باطل، وقد يظن أنه يستغيث به لأنه سيسمع كلامه وينقله بشفاعته إلي ربه، وهو ممتنع لإنعدام الدليل، بل لوجود موانع له من الكتاب والسنة. وأرجو أن تلاحظ التعقيب التالي فهو يشمل ما طرحته أيضاً.

الأخ العاملي والأخوة المتابعين:

الأدلة المطلوبة موضحة في بداية هذا الموضوع، وبينا فيها حكم القرآن الجامع المانع، وعززناه بما ثبت عن النبي صلي الله عليه وآله وعترته بما ذكرنا عن الإمام علي كرم الله وجهه والأئمة السجاد والصادق عليهم السلام أجمعين مما يعد تبياناً ودعماً وشرحاً وتطبيقاً لآيات التوحيد المختصة بدعاء الله والإستغاثة به أو بغيره. وهذه الأحاديث لم تأت بتشريع جديد، وأني لها، وإنما جاءت تطبيقاً لتشريع القرآن، فالحديث الصحيح لا ينسخ القرآن ولا يناقضه! لأن الله وعدنا بحفظ القرآن ولم يعدنا بحفظ الحديث!

ولاختصار القصة نوجزها بما يلي علي وجه العجالة: الدعاء مخ العبادة، والعبادة مبناها القرآن والسنة والاتباع لا علي الأهواء والإبتداع، وقلنا بأنا نعبد الله بما يحبه هو وبما شرع فلا يعبد بالأهواء والبدع

" أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله "؟! فلا نافع ولا ضار إلا الله " وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ". إن الله بين لنا في قرآنه التناقض الشديد الذي يقع فيه الإنسان حين

ص: 269

تدهمه الكرب والملمات حيث يلجأ، بفطرته التي فطره الله عليها، فيدعو الله وحده ويخصه بالدعاء وحده، حتي إذا ما كشف الكرب عنه أعرض وجعل لله أنداداً، وكل شيء يضعه الإنسان بديلاً أو شريكاً لله فهو ند له، من دون فرق بين كون ذلك الند ملكاً أو نبياًّ أو ولياًّ أو صنماً! يقول تعالي: " وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيباً إليه " هذا هو دعاء الفطرة! ثم يقول:" ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً "." فإذا مس الإنسان ضر دعانا ". هذا هو دعاء الفطرة! ثم يقول:" ثم إذا خولناه نعمة منا قال إنما أوتيته علي علم ".. " وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه " هذا هو دعاء الفطرة، ثم يقول: " فلما نجاكم إلي البر أعرضتم وكان الإنسان كفوراً "." قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة بغتة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين، بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إن شاء وتنسون ما تشركون "." وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين "." فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلي البر إذا هم يشركون "." وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلي البر فمنهم مقتصد "." قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر تدعونه تضرعا وخفية لئن أنجانا من هذه لنكونن من الشاكرين "." وإذا مس الإنسان الضر دعانا لجنبه أو قاعداً أو قائماً فلما كشفنا عنه ضره مر كأن لم يدعنا إلي ضر مسه ". وغيرها كثير " وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ". الروم - 33، ولم يترك الله هذه القضية العقدية للفقهاء حتي يختص بها أهل العلم، لأنها حجته علي الناس جميعاً، ولا تقليد في العقائد! بل بينها في أغلب مواضع القرآن وشدد عليها أكثر مما شدد علي الصلاة! كيف يستقيم الإخلاص لله إذا اشترك معه غيره، في الدعاء؟! أم كيف

ص: 270

يكون الإنقطاع إلي الله، إذا دعونا أحدا سواه؟! أم كيف تكون مناجاة الله والتضرع له الذي أمرنا به " ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين " إن أعظم الخلق قدراً ومنزلة هو رسول الله صلي الله عليه وآله، وأهل بيته وأصحابه هم أعلم الناس بأمره وقدره وأطوع الناس له وم يكن يأمر أحداً منهم عند الفزع أو الكرب أو الخوف أن يستغيث به فيقول يا سيدي يا رسول الله أغثني! وهو الذي الذي ما ترك طريقاً للفلاح والخير والرشاد إلا ودل أمته إليه، بل كان يأمرهم بذكر الله ودعائه، وروي عنه أنه علم ابنته الزهراء عليها السلام أن تقول:" يا حي يا قيوم يا بديع السماوات والأرض لا إله إلا أنت برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلي نفسي طرفة عين ولا إلي أحداً من خلقك ". إن الذي يملك الضر والنفع هو الله وحده، وأمرنا أن نتوجه إليه بعد أن نأخذ بالأسباب المتاحة لنا علي قاعدة:" إعقلها وتوكل " حتي إذا عجزت أسبابنا توجهنا إلي خالق الأسباب ومسببها، لقد أمر الله تعالي مريم البتول عليها السلام حينما أجاءها المخاض إلي جذع النخلة أن تهز بجذعها لتسقط عليها رطباً! فهل رأيت إنساناً هز نخلة من قبل لتسقط عليه رطباً؟! ناهيك عن هذه المرأة الضعيفة وهي بعد في أضعف حالاتها بين آلام الوضع! إنه الأخذ بالأسباب " وما رميت إذ رميت ولكن الله رمي "! ما هي معالم التوحيد في الإسلام؟ ما هي مدلولات لا إله إلا الله التي حاربها ويحاربها الناس؟ إنها لربط الإنسان مطلقاً بخالقه وإخراجه من عبودية

غيره، إن لا إله إلا الله لا تعني فقط لا خالق إلا الله، فهذه يعرفها حتي الذين يحاربون الإسلام! إن لها أبعادا لم يألفها البشر إلا في مناهج الرسل التي دأب البشر علي تحريفها وتشويهها بما ينسجم مع تصوراتهم المادية المحدودة، فاخترعوا الوسطاء بين الله وبين خلقه! وما قصة قوم نوح إلا مثالاً واضحاً عن كيفية تحول فئة من أولياء الله ك- (ود) و (يغوث) و (يعوق) و (نسر) إلي

ص: 271

آلهة تعبد وترتجي من دونه مع تعاقب الأجيال، ودونكم تصورات النصاري وعقائدهم في بنوة المسيح التي اخترعها لهم بطرس لتماشي عقائد الرومان في الآلهة! لا إله إلا الله تعني لا معبود في الكون بحق إلا الله، لا رازق إلا الله، لا مدبر إلا الله، لا نخشي إلا الله، لا نتوكل إلا علي الله، لا نرجو إلا الله، لا نخاف إلا الله، لا نبكي إلا لله، رهبة منه ورغبة إليه، لا نلجأ إلا إليه، ولا نتضرع إلا إليه، لا نرفع أكفنا بالدعاء إلا إليه، فنقول يا رب أغثنا وأدركنا بلطفك، ولا نرفع أيدينا فنقول:" يا علي أدركنا "! لا نرفع أيدينا لغيره، لا لأنبيائه ولا لأوليائه! لأن حقهم علينا ليس دعاءهم والإستغاثة بهم، بل اتباع أثرهم والإقتداء بنهجهم والصلاة عليهم، وهذا هو السبيل لنصرتهم، وهذا هو ما يفرحهم ويعطي ثمرة جهادهم ودمائهم.. أرسل الله الرسل ليطاعوا لا ليستغاث بهم " وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله " أرسلهم الله ليكونوا واسطة التبليغ عنه، لا ليكونوا واسطة التبليغ إليه! هم رسل الله إلينا، وليسوا رسلنا إلي الله! هم يبلغوننا ما يريده الله منا، ولا يبلغون الله ما نريده منه! هو الذي يسمع دعاء الخلائق وتضرعهم وليس بينه وبين دعائهم حجاب! إن آيات الله التي تدعوا لإخلاصه بالدعاء واضحة بأبلغ ما تكون، لا تحتاج لمصطلحات الفقهاء وتعابير الحقوقيين لتستدل علي معناها لأن الله خاطب به

الناس جميعاً: " قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون "." ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين "." ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفاً وطمعاً إن رحمة الله قريب من المحسنين "." ولله الأسماء الحسني فادعوه بها "." إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين "." والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم. الأعراف 29، 55 - 56

ص: 272

، 180، 194، 197." قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً ". " الذين " جامعة مانعة لما هو من دون الله من جماد أو ملك أو نبي أو ولي " أولئك الذين يدعون يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه " وقد رأينا كيف فسر العلماء الوسيلة بأنها القربة بالطاعات، وكيف قال السجاد في مناجاة المطيعين: " ولا وسيلة لنا إليك إلا أنت ".. " واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطاً ". الكهف - 28. " وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسي ألا أكون بدعاء ربي شقياًّ ". مريم - 48. " قال هل يسمعونكم إذ تدعون؟! ". الشعراء - 72. " أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ". النمل - 62. " تتجافي جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ". السجدة - 16." إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير ". فاطر - 14." أتدعون بعلاً وتذرون أحسن الخالقين ". الصافات - 125." فادعوا الله مخلصين له الدين ". غافر - 14.

وتمعن بقوله: " وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ". وقوله: " هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين " وقوله:" ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون ". وقوله: " قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً ". هذا كلام الله وهذه آياته " فبأي حديث بعد الله وآياته يؤمنون؟! ". وقال رسول الله: إذا سألت فأسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. وسيرة العترة وكلامهم جاء مصداقاً لكلام الله، وما مقدمة دعاء كميل لأمير

ص: 273

المؤمنين ببعيد عنا وقول صادق أهل البيت: عجبت لمن أدركه الهم... إلي آخر ما تقدم.

فهذا هو حديث القرآن وحديث العترة.. حديث الثقلين! فهل نتمسك بهما؟! أم أن لأهوائنا رأي آخر؟!!

إن قضية الإستغاثة بغير الله، بالأنبياء أو الأولياء، قضية أنكرها القرآن ولا شأن لها بالوهابية أو السلفية كما يسمون نفسهم، كل ما هنالك أنهم قد رفعوا عقيرتهم بها حين استهان بها الجمع الآخر من المسلمين، واستغل آل سعود هذه الثغرة وأفتي لهم علماء السوء بإباحة دماء المسلمین الأبرياء بحجة أنهم مشركون حتي يسهل لهم السلب والنهب خاصة إبان فترة اجتياحهم للجزيرة قبل قرنين تقريباً، وانبري الشيعة والصوفيون لتبريرها والدفاع عنها كنتيجة طبيعية للصراع العقائدي بينهم وبين السلفية، وكردة فعل لتشدد السلفيين وتطرفهم، حتي صار شعار السلفية التوحيد! وكأنه لا يوجد موحد سواهم! إن محاربة التطرف لا تتأتي (كذا) بتطرف آخر، يساويه في القوة ويعاكسه في الإتجاه! " قل أمر ربي بالقسط " والحكمة ضالة المؤمن وهو أولي بها! سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 19 - 5 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ أبا الحارث:

قلت: " المقصود من الاستغاثة بغير الله هو ما يقتضيه ظاهر اللغة من الإستعانة بغيره! وقلنا ليس لأحد أن يبحث النيات. فقد يظن المستغيث أن للولي قدرة ذاتية علي التغيير، مع الله أو بدونه، وهو باطل،

ص: 274

وقد يظن أنه يستغيث به لأنه سيسمع كلامه وينقله بشفاعته إلي ربه، وهو ممتنع لإنعدام الدليل، بل لوجود موانع له من الكتاب والسنة ".

1 - صرحت جنابك بعدم جواز البحث في النيات، لكن هذا مرفوض، والقاعدة معروفة.

2 - الأدلة التي استندت إليها ليست إلا الآيات التي تحدثت عن أهل الشرك، فلا وجه هنا للقرينة.

3 - سماع المعصوم للإستغاثة أمر شهدت به الروايات خصوصاً زيارات الإمام الحسين التي منها: " من الدخول في كفالتك ". و: " أشهد أنك تسمع الكلام وترد الجواب ". و: " المعترف بحقك جاءك مستجيراً ".

4 - طلب الإستغاثة من المعصوم خلاصته الطلب من المعصوم أن يقوم بالشفاعة المقرونة بالفعل لك عند الله، وهذه الشفاعة إغاثة لقضاء الحاجة.

محمد الهجري.

وكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 5 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

الأخ أبا الحارث: موضوعنا: ادعاؤك تحريم الاستغاثة بالنبي وآله صلي الله عليهم بندائهم..

كأن يقول المسلم: " يا محمد يا علي يا فاطمة يا حسن يا حسين، أو يا محمد أدركني، أو يا علي أدركني.. " إلخ.

وجوابي عليه من ثلاثة أقسام:

القسم الأول: ملاحظات علي بعض ماورد في كلامك في الموضوعين اللذين فتحتهما أنت لهذا الموضوع.

ص: 275

والقسم الثاني: أردتك أن تكتب بصيغة الإستدلال الفقهي أو الجامعي.. لكنك كتبت بأسلوبك، فصار لزاماً علي أن أستخرج منه أدلتك وأنظمها، ثم أجيب عليها.

والقسم الثالث: تحرير مسألة الإستغاثة بالنداء وغيره، ناظراً إلي إشكالاتك، التي هي عين إشكالات ابن تيمية.

القسم الأول: ملاحظات علي بعض كلماتك:

1 - قلت: " وكل شئ يؤخذ منه ويرد إلا كتاب الله، فهو الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه، وما عداه فهو معرض للجرح والتعديل ".

أقول: لا بد أن تضيف إليه ما ثبت بالتواتر في مصادر مذهب أهل البيت عليهم السلام.. إن كنت شيعياًّ. أو في مصادر السنيين.. إن كنت سنياًّ.

أما قولك: " أحب أن أوضح أن الإجماع المعتد به هو إجماع الأمة الإسلامية كاملة ولا يلتفت إلي إجماع طائفة بعينها إلا لأتباعها ".

وقولك: " أنا لا أنحي بنفسي علي أية طائفة حتي أؤيد إجماعها "!

فهو مذهب جديد يضيق علي صاحبه البحث، بل الخناق، لأن ما أجمع عليه الجميع قليل جداًّ.

وتحريم الإستغاثة مما لم يجمعوا عليه قطعاً!!

2 - قلت: " فجاء رد الأخ العاملي مستعرضاً روايات أهل السنة في حديث الأعمي الذي توسل برسول الله (صلی الله علیه و آله) وكأن الغبار يرتفع عن المسألة إذا أثبتها أهل السنة! ".

شكراً لك علي موافقتنا علي تقييم الإستدلال من مصادر السنيين.

فمذهبنا أن نستدل بمصادر أهل بيت النبوة صلوات الله عليهم، ونؤيد ذلك تأييداً بما ورد في مصادر السنيين. أو نورده لإلزام من يراه صحيحاً ويلتزم به.

ص: 276

3 - قلت: " وللأمانة بقي أخيراً أن أقول، أنه قد سأل أحد المراجع الكبار الحاليين عن: " أدركني يا علي " فأجاب... " إلخ.

وذكرت من جوابه: " أتصور أن الشيعة الذين يتحدثون بطريقة: أدركني يا علي أو نحو ذلك، لا يقصدون الإستعانة به بشكل مستقل، بل يقصدون توجيه الخطاب إليه أن يدركهم بالشفاعة إلي الله في تحقيق مطالبهم ".

وسؤالي: ما دمت لست مجتهداً وعندك [مرجع كبير] تأخذ برأيه في مسائل..

فلماذا لا تأخذ بفتواه المذكورة في تحليل الإستغاثة، وهل أنت مجتهد، وأعلم منه في هذه المسألة؟!

4 - قلت: " ليست هذه مسألة فقهية تعتمد أسس الإستنباط، أو تحتاج إلي ذوي الإختصاص حتي يختلف في تأويلها وتفسيرها، هذه من صلب عقيدة التوحيد.. إلخ ".

وسؤالي: من الذي يحدد أن هذه المسألة فقهية، أو عقيدية؟ أنت أم المراجع المسلم اجتهادهم وفقاهتهم عند الجميع؟

وهل تستطيع أن تذكر لي رأي عالم واحد منهم، قال إنها مسألة عقيدية، وليست فقهية؟!!

5 - قلت: " أولاً: أنت تتحدث عن عقيدتك في النبي والأئمة صلوات الله عليه وعليهم أنهم أحياء عند ربهم ومنزلتهم فوق منزلة الشهداء، لا تستهينن بمنزلة الشهداء فتظن أنها لا تكفي الأئمة، وليس فوق الشهداء إلا الصديقين والأنبياء ".

ص: 277

وسؤالي: أنت تري أن منزلة الشهداء تكفي للأئمة.. وربما تري أنها كثيرة عليهم.. وقد جعلت منزلة جميع الصديقين وجميع الأنبياء أفضل منهم!! فهل هذه عقيدتك؟

وهل تتراجع عنها إذا أثبتنا لك من مصادر الشيعة أو مصادر الجميع أن منزلة الأئمة عليهم السلام هي جزء من منزلة النبي صلي الله عليه وآله، الذي هو سيد الأنبياء والمرسلين، وأفضل المخلوقات؟

6 – قلت:" لقد لاحظت أنك اعتمدت علي الأحاديث المذكورة عند أهل السنة كوسيلة للإثبات، أنا لا يعنيني أثبتتها السنة أو الشيعة، إن القضية تتعلق بالعقيدة وليست خلافاً فقهياًّ أو تأريخياًّ، هذه القضية أول ما تطرح علي كتاب الله، فإن وافقته بحثنا تفصيلها في السنة والآثار، وإن خالفته رمينا بها عرض الحائط، ولا نلتفت لغيرها من الأحاديث وإن روتها الملائكة! قال صادق أهل البيت عليه السلام: كل ما خالف كتاب الله فهو زخرف ".

وسؤالي: من الذي يحدد أن هذا الحديث موافق لكتاب الله أو مخالف له؟ أنت أم المجتهدون؟

وهل تستطيع أن تذكرلي رأي عالم واحد منهم، قال إن أحاديث التوسل والإستغاثة بالنداء تخالف القرآن، وهي التي أفتي علماء جميع المذاهب باستحبابها عند زيارة قبر النبي، وفيها خطاب للنبي الذي لا يسمع الداعي ولا يفيده كما ذكرت؟!!

7 - قلت: " يبدو أن الصحابة عندك، وعند خصومك هم أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابن العاص!! أين أبو ذر والمقداد وعمار والبراء وابن مسعود وأبي وحذيفة وخزيمة وغيرهم من الذين ضاعوا بينك وبين خصومك؟! ألا تستحيي منهم؟! ".

ص: 278

أقول: يسرنا أن تعرف قدر هؤلاء الصحابة الذين ذكرتهم، وهم جميعاً مرضيون عند أئمتنا الطاهرين عليهم السلام، وأن تفضلهم علي أبي بكر وعمر وعثمان.

8 - قلت: " يقول أمير المؤمنين وسيد الموحدين ووصي رسول رب العالمين وحجة الله علي الأولين والآخرين يعلمنا ويعلمكم كيف يكون أدب التوسل مع الله..

وقلت: " كالإحتجاج بالشجرة وترك الثمرة علي حد تعبير أمير المؤمنين حول مهزلة السقيفة! " وقلت: " هذه الكلمة التي قالها عمر وقحة! لأنها قيلت في حضرة النبي صلي الله عليه وآله، وفي مقابل أمره الذي لا يرد ".

وسؤالي: هل هذا اعتراف منك بأن علياًّ عليه السلام وصي النبي صلي الله عليه وآله وخليفته، واعتراف بمؤامرة السقيفة التي لبسوها فيما بعد اسم الشوري.. وبأن عمر رد علي رسول الله، فلزمه حكم الراد علي الله ورسوله؟!

9 - قلت: " أما حديثك عن ابن تيمية، البعبع الآخر الذي لو كان حياًّ لما ترددت أن ترميني به، فلا داعي لأن تنقل لي تناقضاته وآفاته، فأنا علي علم بها ولله الحمد، فلا تنقل التمر إلي هجر! ".

وطلبي: نرجو أن تتفضل علينا ببعض تناقضات ابن تيمية، وآفاته، لنستفيد منها، ونتعرف علي آرائك.

10 - قلت: " أما أني أفهم كتاب الله، فأفهمه بما يسره الله تبارك وتعالي لي ولغيري، ولا يحاط بعلم الكتاب، وبالتأكيد هو ليس كتاب ألغاز أو طلاسم! بل قرآناً عربياًّ لقوم يعقلون ".

وسؤالي: هل أنت مجتهد في تفسير القرآن؟ كما أنت مجتهد في العقائد؟ وهل عندك من المعرفة والتخصص باللغة العربية والسيرة والحديث والفقه، والأدوات العلمية والممارسة التي يحتاج إليها الإجتهاد في التفسير؟

ص: 279

11 - وردت في كلامك بعض الأخطاء النحوية واللغوية الفاحشة بالنسبة إلي مجتهد، أسجل منها ما يلي:

قلت: " ولا يغلطه كثرة السائلون ". والصحيح: " السائلين ". لأنه مضاف إليه.

قلت: " ناد عليه أغثني يا إمام بشفاعتك " و " سينادي علي صاحبه الذي ". والصحيح: " ناده وسيناديه ". لأن ناداه هنا متعد، ونادي عليه تستعمل لمن يراد بيعه أو نادي علي جنازته، أو يراد القيام بعمل به!

قلت: " إذا كان كل هذا ممتنع ". والصحيح: " ممتنعاً ". لأنه خبر كان.

قلت: " فهو من الأئمة أمنع ". وقصدك منها: أكثر امتناعاً، وقد اختلطت بأفعل التفضيل من المنعة.

قلت: " الرسل مبلغين، وأرسلهم الله لنطيعهم لا لنستغيث بهم ". والصحيح: " مبلغون ". لأنه خبر.

قلت: " أما.... دعوي أخري ". والصحيح: " فدعوي أخري ". لوجوب الفاء بعد أما.

قلت: " وكلا الصيغتان: إشفع لي، أو أدركني، غير جائزة يا إخواننا ". والصحيح: " كلا الصيغتين ". لأنه مضاف إليه.

قلت: " ولا يغلطه كثرة السائلون ". والصحيح: " السائلين ". لأنه مضاف إليه.

قلت: " وإن كان لتخفيف الوزن لم يثاب ". والصحيح: " لم يثب ". لأنه مضارع مجزوم.

قلت: " العباس أخي الإمام الحسين ". والصحيح: " أخ الحسين ". لأنه لا معني للياء هنا.

قلت: " أحكام الطهارة والأستحاظة ". والصحيح: بالضاد. لأنه من الحيض.

ص: 280

قلت: " فلم يخلو الطرفان ". والصحيح: " فلم يخل ". لأنه مضارع مجزوم.

قلت: " كل شيعي موالي لهم، وليس كل موالي شيعي ". والصحيح: " موال " في الموردين، بدون ياء. لأنه مفرد.

قلت: " التوسل الغير شرعي ". والصحيح: " التوسل غير الشرعي ".

قلت: " أو هوية أبو الحارث! " والصحيح: " أبي " بالكسر. وللصحة وجه إذا كان علماً..

ثم كتب (العاملي) بتاريخ 22 - 5 - 2000، السابعة والنصف مساءً:

القسم الثاني من الجواب:

صياغة أدلة الكاتب علي تحريم الإستغاثة بالنداء، وردها:

الدليل الأول: أن الدعاء عبادة، والعبادة توقيفية، والأصل في الدعاء الحرمة حتي تثبت مشروعيته.

وقد تضمنت هذا الدليل فقرات متفرقة من كلام الكاتب..

مثل قوله: " الأدلة المطلوبة موضحة في بداية هذا الموضوع، وبينا فيها حكم القرآن الجامع المانع، وعززناه بما ثبت عن النبي صلي الله عليه وآله وعترته بما ذكرنا عن الإمام علي كرم الله وجهه والأئمة.. الدعاء مخ العبادة، والعبادة مبناها القرآن والسنة والإتباع لا علي الأهواء والإبتداع، وقلنا بأنا نعبد الله بما يحبه هو وبما شرع فلا يعبد بالأهواء والبدع. أم لهم شركاء، شرعوا لهم من الدين، ما لم يأذن به الله؟! ". انتهي.

والجواب:

أولاً: إن قولنا " يا محمد أدركني، يا علي أدركني " نداء، وليس دعاء.

ص: 281

فهو نداء للنبي وآله من أجل أن يشفعوا للمنادي المستغيث عند الله تعالي ويدعوا له الله تعالي، أو يعطوه مما أعطاهم الله وخولهم. فهو مقدمة للدعاء علي وجه وليس دعاء.

وثانياً: أن القاعدة المعروفة عند الفقهاء أن العبادات توقيفية..

يقصدون بها العبادات التي ورد لها صيغة وصورة معينة كالصلاة والصوم والحج.. فهذه تتوقف صيغتها علي الشرع، ويحرم فيها الزيادة والنقصان..

أما الدعاء والتضرع بمعناه العام، فصيغته الشرعية مفتوحة من الأصل، وكل آيات الأمر بالدعاء مطلقة من حيث صيغته..

فقد ورد عن النبي وآله صلي الله عليهم أنواع الأدعية، ونصت بعض الأحاديث علي أنه يستحب الدعاء وليس فيه شئ موظف، فيدعو المسلم بما شاء، وما جري علي لسانه.

نعم يحرم أن يكون الدعاء بحرام أو يتضمن حراماً، لأن الله لا يطاع من حيث يعصي.

فقاعدة توقيفية العبادة إذن، لا تثبت حرمة: " يا محمد أدركني " بل لا بد لمن يدعي حرمتها أن يثبتها من دليل آخر.. ولا يوجد!

الدليل الثاني: أنه يجب علي المسلم الموحد أن يدعو الله وحده. وقولنا: " يا محمد أدركني " وشبهه، يخالف توحيد الله في الدعاء. وقد تضمنت هذا الدليل فقرات متفرقة من كلام الكاتب.

مثل قوله: " إن الله بين لنا في قرآنه التناقض الشديد الذي يقع فيه الإنسان حين تدهمه الكرب والملمات حيث يلجأ، بفطرته التي فطره الله عليها، فيدعو الله وحده ويخصه بالدعاء وحده، حتي إذا ما كشف الكرب عنه أعرض وجعل لله أنداداً، وكل شئ يضعه الإنسان بديلاً أو شريكاً لله فهو ند له، من دون فرق

ص: 282

بين كون ذلك الند ملكاً أو نبياًّ أو ولياًّ أو صنماً! يقول تعالي: وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه. هذا هو دعاء الفطرة! ثم يقول: ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداداً ". انتهي.

والجواب:

أولاً: أن قولنا: " يا محمد أدركني " ليس دعاء، بل قد يكون طلباً من المنادي أن يدعو له الله، كما بينا.

وثانياً: موضوع كلامه والآية المذكورة فيه، والآيات المشابهة، دعاء غير الله تعالي، بمعني عبادته وجعله نداًّ لله تعالي أو شريكاً، والعياذ بالله!

وليس في قولك: " يا محمد أدركني " ادعاء شئ من ذلك.. لا في نية المنادي ولا في الفهم العرفي.. فلو سألت العراقي الذي يقول: يا الله، يا محمد، يا علي، أو المصري الذي يقول: يا حسين مدد، أو يا سيدي البدوي مدد، أو الإيراني أو الهندي الذي يقول يا علي مدد.. إلخ. عن معني هذا النداء لقالوا: إنهم ينادون النبي والأولياء، بما لهم من كرامة عند الله، ليشفعوا لهم، أو ليعطوهم مما أعطاهم الله.

فتشبيه ذلك بمن يدعو الأصنام والأوثان ويعبدها، أو يعبد أي مخلوق من دون الله، أو يزعم شراكتها لله في شئ من الألوهية.. تشبيه باطل ظالم.

فإن دعاءَ أولئك دعاءُ عبادة، وأهله كفار مشركون! وهؤلاء المسلمون موحدون، يشهدون كل يوم في صلواتهم ألا إله إلا الله، ويعتقدون أن النبي والأئمة والأولياء، عباد مخلوقون لله، لكنهم مكرمون عنده..

ص: 283

فهم يتوسلون إليه بهم، لأنه جعلهم وسائط إليه، وأمر بالتوسل بهم، وجعل عليه ثواباً. فكيف تقاس الواسطة المجعولة من عنده تعالي، بالواسطة المفتراة من دونه؟ وكيف يجعل التوسل بها اتخاذاً للأنداد من دونه، وشركاً به؟!!

وهل هذا إلا اتهام ظالم للمتوسلين من أتقياء الأمة، الموحدين لربهم، المتضرعين إليه بأنواع الطرق التي شرعها؟!!

الدليل الثالث: أن دعاء غير الله تعالي كفر به أو شرك للمدعو معه.. وقولنا: " يا محمد أدركني " دعاء لغير الله، فهو كفر أو شرك، وإن كان قائله لا يعلم ذلك لجهله!

وقد تضمنت هذا الدليل فقرات متفرقة من كلام الكاتب.

مثل قوله: " كيف يستقيم الإخلاص لله إذا اشترك معه غيره في الدعاء؟! أم كيف يكون الإنقطاع إلي الله إذا إذا دعونا أحداً سواه؟! قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً.. الذين: جامعة مانعة لما هو من دون الله من جماد أو ملك أو نبي أو ولي.. فلا نافع ولا ضار إلا الله. وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله.. إلخ ".

والجواب:

أولاً: إن قولنا: " يا محمد أدركني " ليس دعاء، بل قد يكون طلباً من المنادي، أن يدعو الله، كما بينا.

ثانياً: موضوع قوله تعالي: " قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً " وأمثاله من الآيات الشريفة التي أكثر الكاتب حشدها تبعاً لابن تيمية.. هو أن: من دون الله تعالي، علي وجه الألوهية أو الشراكة مع الله تعالي..

ص: 284

والمتوسلون بالنبي وآله صلي الله عليهم بمثل قولهم: " اللهم إني أتوجه إليك بمحمد، أو يا محمد إني أتوجه بك إلي الله، أو يا محمد أدركني " لم يدعوهم من دون الله تعالي.. بل دعوهم بأمره.

لأنهم أولياؤه وأقرب الخلق إليه، فهم بذلك امتثلوا أمر الله الذي جعل هؤلاء الوسيلة إليه، والشفعاء عنده، وأخبر أنه لا يرد شفاعتهم، ولا يقبل صلاة ولا دعاء إلا بالصلاة عليهم!!

فكيف يتجرأ أحد أن يجعل الوسيلة المأمور بها من الله تعالي كالوسيلة المجعولة نداًّ لله تعالي، أو المفتراة من دونه، التي لم ينزل بها سلطاناً؟!!

أما قوله تعالي: " وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو " وأمثالها..

فهي تدل علي أن التأثير في الكون ومنه كشف الضر مخصوص بالله تعالي، وأنه لا يجوز أن يُدعي غيره لذلك..

لكنها لا تحصر طريقة دعائه تعالي لكشف الضر بسؤاله مباشرة، بدون واسطة، بل طرق الدعاء متعددة..

وقد جعل منها التوسل إليه بأحب الخلق إليه محمد وآله الطاهرين، وجعل الصلاة عليهم والتوسل إليه بهم شرطاً لقبول التضرع إليه في الصلاة المفروضة..

بل جعل الصلاة عليهم شرطاً في قبوله دعاء الداعين وتضرع المتضرعين إليه لكشف الضر وغيره..

ومن الطريف أن مصادر السنيين روت عن عمر بن الخطاب أن دعاء العبد يبقي معلقاً ولا يصعد إلي السماء إلا بالصلاة علي محمد وآله صلي الله عليه وآله!!

فأي منافاة بين عقيدة اختصاص كشف الضر بالله تعالي، وبين التوسل إليه لكشف الضر بمحمد وآله، سواء كان بصيغة التوجه إليه بهم، أو بصيغة الإستشفاع، أو بصيغة ندائهم لكي يشفعوا له؟!!

ص: 285

الدليل الرابع: أن هذه المسألة عقيدية وليست فقهية، فلا يجوز التقليد فيها لأنه لايجوز التقليد في العقائد!

وقد تضمنت هذا الدليل فقرات متفرقة من كلام الكاتب.

مثل قوله: " ولم يترك الله هذه القضية العقدية للفقهاء حتي يختص بها أهل العلم، لأنها حجته علي الناس جميعاً، ولا تقليد في العقائد! بل بينها في أغلب مواضع القرآن وشدد عليها أكثر مما شدد علي الصلاة! ".

والجواب:

أولاً: من الذي يقرر أن هذه المسألة فقهية أو أصولية أو عقيدية؟ ومن هم الذين صنفوا مسألة التوسل في العقائد؟

لقد كانت المسألة من فروع مسائل الحج وزيارة قبر النبي صلي الله عليه وآله..

وبحثها علماء المسلمين من جميع المذاهب هناك، وهذه كتبهم شاهدة، حتي جاء ابن تيمية في القرن الثامن فنقلها من فروع الفقه إلي أصول العقائد.. كما تنقل قضية من المحكمة الحقوقية الجزائية إلي.. محكمة أمن الدولة!!

ثانياً: ما هو الفرق العلمي في النتيجة بين تصنيف المسألة في العقائد أو الفقه..

مع ملاحظة أنه كثيراً ما يترتب علي المسألة الفقهية حكم عقائدي، وعلي المسألة العقيدية، حكم فقهي؟ أليست مسائل العقائد واجبات شرعية؟ أليست مسائل الشريعة وأحكامها عقائد يجب الإعتقاد بها؟!

إنه مجرد اصطلاح من العلماء لتسهيل البحث والتصنيف، لا يغير من وحدة مسائل الإسلام وترابطها.

ثالثاً: أراك اشتبهت في فهم مقولة العلماء: " لا تقليد في أصول العقيدة " فعممتها من جهة، وحرمت علي العلماء أن يفيدوا المكلفين فيها!!

ص: 286

إن قاعدة: " لا تقليد في أصول العقائد ".. تعني أن الإسلام أوجب علي المكلف أن يفكر شخصياًّ ليصل بنفسه إلي الإعتقاد بالله تعالي، ونبوة نبيه صلي الله عليه وآله، فلا يصح أن يقول أعتقد أن الله موجود وأن محمداً رسول الله، لأن فلاناً العالم قال ذلك!

أما بعد أن يؤمن بالشهادتين وبما جاء به النبي صلي الله عليه وآله من عند ربه.. فإن طريق معرفة تفصيل ذلك هو أهل الخبرة..

والمكلف إما أن يكون مجتهداً أو يرجع إلي قول المجتهدين، سواء في ذلك الأحكام الشرعية وتفاصيل العقائد التي وصل إليها بنفسه، وبقية العقائد التي لم يصل إليها..

ومسألة التوسل بالنبي وآله وبالأولياء الصالحين، من مسائل الأحكام وفيها جنبة عقائدية، ولو سلمنا أنها من مسائل العقيدة فهي من تفاصيلها التي عليه أن يقلد فيها.

ولو صحت مقولة: " أنه لا شغل للفقهاء والعلماء في العقائد " لأنه لا تقليد فيها، فما معني بحوث العلماء فيها؟

وهل هو لغو، بما في ذلك ما كتبه ابن تيمية؟! وهل رأي الكاتب أبي الحارث في أنها عقيدية مما يجب

التقليد فيه؟

ثم.. ما معني إرجاع الأئمة عليهم السلام للمسلمين إلي العلماء لكي يأخذوا منهم " معالم دينهم " وهل معالم الدين هي الأحكام دون العقائد؟!!

ينبغي الإلفات إلي أن بعض المغرضين في عصرنا قد تسلحوا بهذه المقولة، لكي يبعدوا الشيعة عن مراجعهم في تلقي العقائد، ويجروهم إلي تلقي شبهاتهم وتضليلاتهم هم!

ص: 287

ورددها معهم بعض الشيعة كالببغاوات، ولم يعرفوا أنها فخ من المضللين!! يتبع.. إن شاء الله.

وكتب (أمين) بتاريخ 22 - 5 - 2000، الثامنة مساءً:

سؤالي إلي الأخ العاملي:

إذ قلنا أن المقصود من: " يا محمد أو أدركني يا مهدي، وغير ذلك ".. هو أدركني بجاهك الذي لا يغضي عنه، وبشفاعتك التي لا ترد، فما جوابكم علي هذا السؤال: أليس قولنا: " يا محمد أدعو لي و يا علي أدركني بجاهك وشفاعتك.. أبين، وأفصح من قولنا: " يا محمد أعطني، أو، يا علي هب لي؟؟؟ وكذلك نقول: أليس قولنا المقترح، ألصق بالعقيدة وإن لم يكن القول الذي تدفعون عنه منافياً بتمام المنافاة؟؟ ومرة ثالثة: أليس القول المقترح، يري العبد أن كل من الإله والمقربين له منزلته من حيث التقديم والتأخير.. وفي خصوص هذا الأخير فإن مدرسة الدعاء تأيده وتأكده، وفي صورة الإجابة عن هذه التساؤلات بنعم، كيف جاز علي المعصوم مجافاتها وتعليم الناس باللفظ والطريق الأبعد في أداء المعني؟!؟!؟!؟!؟!

فأجابه (العاملي) بتاريخ 22 - 5 - 2000، العاشرة مساءً:

الأخ أمين: البحث مع أتباع ابن تيمية ومن تأثر بفكرهم، إنما هو في جواز التوسل بالنبي والأئمة صلوات الله عليه، بالتوجه بهم إلي الله تعالي، وغيره من أنواع التوسل..

ومنه التوسل بنداء الإستغاثة: " يا محمد، يا علي ".

فهم يزعمون أن التوسل بالميت شرك، وأن التوسل به بالنداء شرك.. وقد أفتوا ويفتون بأننا بسبب ذلك مشركون..

ص: 288

وبعضهم مثل كاتب الموضوع يري أن عوامنا مشركون جهلة.. إلخ.

وغرضنا هنا..

أولاً: إثبات مشروعية أصل التوسل، وأن الأنبياء والأوصياء أحياء عند ربهم، وتشرع مخاطبتهم.

وثانياً: أن التوسل بندائهم من أنواع التوسل المشروعة عند جميع المسلمين.

أما موضوعك فهو في التفضيل بين أنواع التوسلات وصيغها بعد التسليم بمشروعيتها..

فاعلم يا أخي.. أن أئمتنا عليهم السلام علمونا أنواعاً من التوسل، وأهمها: ما ورد في افتتاح الصلاة " اللهم إني أتوجه إليك بنبيك، نبي الرحمة، محمد وآله الطيبين الطاهرين، وأقدمهم بين يدي صلاتي.. إلخ ".

وأن سيرة كبار علمائنا وأتقيائنا رضوان الله عليهم أنهم لا يتوسلون بالنداء والإستغاثة إلا في حالات خاصة من الشدائد..

فإن أردت صيغة التوسل الأفضل في افتتاح الصلاة، فهي ما أفتي بها فقهاؤنا، وورد نظيرها في الأدعية المروية بسند صحيح.

وإن أردت المشروعية.. فإن أنواع التوسل المعروفة عند عوام الشيعة والسنة مشروعة ولا غبار عليها، وإن كان غيرها أفضل منها..

وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام تعديل لتوسل نبي الله يوسف عليه السلام الذي كان يدعو به في الجب..

كما في روضة الواعظين ص 327، قال:

إن يوسف لما صار في الجب وآيس من الحياة، قال: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً، ولن

ص: 289

تستجيب لي دعوة فإني أسألك بحق الشيخ يعقوب، فارحم ضعفه واجمع بيني وبينه، فقد علمت رقته علي وشوقي إليه.

قال: ثم بكي أبو عبد الله عليه السلام، ثم قال: وأنا أقول: اللهم إن كانت الخطايا والذنوب قد أخلقت وجهي عندك فلن ترفع لي إليك صوتاً ولن تستجيب دعوة، فإني أسألك بك فليس كمثلك

شئ، وأتوجه إليك بمحمد نبيك نبي الرحمة، يا الله يا الله يا الله.

قال: ثم قال أبو عبد الله عليه السلام: قولوا هذا وأكثروا منه، كثيراً ما أقوله عند الكرب العظام. انتهي.

وكتب (أمين) بتاريخ 22 - 5 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ العاملي دام توفيقه..

بهذا أفهم أنك أجبت بنعم، وأن المعصوم لم يعلم الناس هذه اللفظة المجافية والأبعد في أداء المعني، مع إقرارنا بمشروعية أصل التوسل.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 23 - 5 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ أمين:

كتبت لك: " سيرة كبار علمائنا وأتقيائنا رضوان الله عليهم، أنهم لا يتوسلون بالنداء والإستغاثة إلا في حالات خاصة من الشدائد ".

فكتبت لي: " بهذا أفهم أنك أجبت بنعم، وأنا المعصوم لم يعلم الناس هذه اللفظة المجافية والأبعد في أداء المعني، مع إقرارنا بمشروعية أصل التوسل "!!

وتفسير ذلك: أني أقول لك أن الإستغاثة بالنبي والأئمة صلوات الله عليهم، عمل مشروع، وأن خواص المتدينين يستعملونها عند الشدائد، ولا يبتذلونها

ص: 290

كما يفعل بعض العوام.. وأن صيغة التوسل بالتوجه هي المفضلة في افتتاح الصلاة..

وأنت تقول لي: وافقتني.. أن التوسل بالإستغاثة لفظة جافية، أو مجافية لا فرق، وأن الأئمة لم يعلموها.. إلخ.!!!

هل تقصد بذلك أنها محرمة، أو غير مناسبة؟ وكيف حكمت أن الأئمة لم يعلموها لشيعتهم؟

أنا لم أبحث عن ذلك.. لكني أعرف أنهم علموا شيعتهم، إذا حدث عليهم خطر في فلاة أن يستغيثوا حتي بالملائكة، ومؤمني الجن بالنداء!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 26 - 5 - 2000، التاسعة صباحاً:

أين أنت يا أبا الحارث؟

وكتب (حسام الإسلام) بتاريخ 29 - 5 - 2000، العاشرة صباحاً:

يقول العاملي:

" والجواب: أولاً: أن قولنا: يا محمد أدركني، ليس دعاء بل قد يكون طلباً من المنادي أن يدعو له الله، كما بينا ".

أنظر يرحمك الله ل- " قد " التي سبقت الفعل المضارع " يكون " وهو ما يفيد التشكيك عند علماء اللغة، فتلك قاصمة الظهر له.. ولغيره ممن نحا نحوه.. ولف لفه. فإن كان قصد وضعه لكلمة " قد " فعقيدة أصحابه تحتمل وجهين، بتقريره هو!!

أما الأول: فهو ذلك الطلب، المتوهم لديه، ولست بصدد نقاشه الآن، فقد كفي ووفي فيه أبو الحارث. وأما الثاني: فهو الدعاء.. الذي يتفق معنا علي شرك من فعله!!

ص: 291

وأما إن كان قد وضع " قد " هنا خطأ مثلما يخطئ الجميع - ولا أظنها جاءت كذلك - إلا أن يكون العاملي إماماً معصوماً لا يخطئ!! فلعل هذا الخطأ أشد وقعاً.. وأضل ارتحالاً.. من كل أخطاء الأخ

الكريم أبي الحارث فأخطاء التشكيل.. ليست كأخطاء تعليق العقائد علي الإحتمالات!!

باب: أخطاء العاملي اللغوية.. واقتداءاً بسيرته في تتبع أخطاء الغير.. وليس ذلك بالأمر المحمود له.. إذ أنه قد يدفعنا لعرض بعض أخطائه الظاهرة التي ينضح بها كلامه بدلاً من تلك التي تحتاج لعدسة مكبرة.. واستقراء متحفز يحاول التقاط الأخطاء والبحث بين بواطن السطور عنها! مثل محاولته مع أبي الحارث.. فإليكم بعض أوابده..

1 - يقول: يقصدون بها العبادات التي ورد لها صيغة وصورة.. والصواب: التي وردت لها.

نوع الخطأ: تذكير المأنث!!

2 - يقول: أولاً: أن قولنا: يا محمد أدركني، ليس دعاء.. والصواب: إن قولنا.

فلا يصح أن تبدأ الجمل ب- (أن).. اللهم إلا إذا كانت عنده بادئة أولاً، جزءاً من الكلام!!!!

نوع الخطأ: سبق ذكره.

في نفس الجملة: ليس دعاء.. والصواب: ليس دعاءاً!!

والطريف أنه أنكر نفس هذا الخطأ علي أبي الحارث من قبل.. فعاد ليخطئه هو!

نوع الخطأ: رفع خبر ليس.

ص: 292

3 - يقول: فهم بذلك امتثلوا أمر الله.. والصواب: امتثلوا لأمر الله.

4 - يقول: وأنه لا يجوز أن يدعي غيره لذلك.. والصواب: أن يدعي غيره بذلك.

نوع الخطأ: تغيير كامل للمعني.. فالدعاء عنده مرادف.. للدعوة!! فيا للطامة!! ولعل صاحبنا قد استمات في موضوعه منذ البداية.. طمعاً في الدفاع عن الدعوة لغير الله!! وليس عن دعاء غير الله!!

5 - يقول: الدليل الرابع: أن هذه المسألة عقيدية.. والصواب: عقدية.

نوع الخطأ: استنتاج فاسد للمصادر.

6 - يقول: ويحرم فيها الزيادة.. والصواب: وتحرم فيها.

نوع الخطأ: لا زلنا مع مشكلة التأنيث والتذكير!!

7 - يقول: فقد ورد عن النبي وآله صلي الله عليهم أنواع الأدعية.. والصواب: وردت..

نوع الخطأ: إفراد الجمع!!

فأجابه (العاملي) بتاريخ 29 - 5 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

إسمك كبير يا حسام.. ويا ليتك كنت حسب اسمك مؤدباً.

قولنا: " يا محمد أدركني ".. ليس دعاء، بل نداء لغرض من أغراض النداء..

وقد بينت الوجه الثاني ل- " قد ". وأن غرض المنادي قد يكون أن يدعو له الله، أو غرضه أن يعطيه مما أعطاه الله تعالي..

فمن أين قولتني ما لم أقله وافتريت علي بأن " قد " الثانية تعني عبادة المنادي؟!!

ألا تري أن تأليه المنادي وعبادته خارجان عن مفهوم النداء وأغراضه في اللغة العربية؟!!

ص: 293

أما اعتراضك علي انتقادي أخطاء الكاتب اللغوية والنحوية، فهدفي منه كما بينته إثبات أنه لا يصح أن يدعي الإجتهاد في القرآن، بل يجب عليه أن يقلد عالماً في تفسيره..

وأما أخطائي التي أتعبت نفسك فيها!! فجوابي عن:

الأول والسادس والسابع: أن فعل المؤنث المجازي يجوز تأنيثه وتذكيره، وقد نص علي ذلك النحويون كلهم، مثل ابن عقيل: 1/777.

وقد ورد ذلك في في القرآن حتي جمع المؤنث الحقيقي قال تعالي: " وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه ". فهل حسام الإسلام أفصح من القرآن!!

وعن الثاني: أن كلمة " أولاً " جزء من الكلام، فيصح فتح همزة أن.

وعن كلمة: " دعاء " أن رسم الإملاء الغالب في عصرنا كتابتها في حالة النصب بالتنوين بدون ألف أيضاً، كما تلا حظ في الكتب المعتبرة وأنهم يكتفون بالتنوين ولا يضيفون الألف إلي: " سواء وأبناء " وأمثالهما.

أما: " امتثل " فاستعمالها متعدية للأمر أكثر من استعمالها لازمة، وهل رأيتها وردت لازمة في الحديث؟ لا أظن!

أما قولي: " وأنه لا يجوز أن يدعي غيره لذلك " فمعناه لذلك السبب، ومتعلقه يجوز وليس يدعي، فانتبه.

أما النسبة إلي: " العقيدة " فتصح: " عقيدية وعقدية وعقائدية " وباب النسبة واسع. فلا تتعب نفسك يا حسام، ولا تسئ الأدب، وأجب إن استطعت عن أصل الموضوع لا عن سفسافه!!

وأين صاحبك كاتب الموضوع؟!

وكتب (some) بتاريخ 30-5-2000، التاسعة صباحاً:

ص: 294

الإخوة الأعزاء: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أستأذنكم في التدخل ولو ببعض العبارات البسيطة.. أسأل الأخ أبو الحارث: كلنا نعلم أن أي طبيب لا يشفي مرضاه من دون الله، ولكن قد نتوعك ونذهب للطبيب قائلين: يا طبيب أنا مريض بكذا وأريد الشفاء من هذا الداء، فهل في سؤالي للطبيب - الشفاء - ما هو شرك بالله حيث أني سألت من لا ينفع ولا يضر من دون الله؟ الجواب ببساطة هو: لا.

ولكن إذا سألت الطبيب الشفاء وشفاني الله ماذا يعني هذا، يعني هذا أن الله سبحانه وتعالي قد

جعل هذا الطبيب هو السبب، وما كان علي إلا أن آخذ بالسبب فأخذت به وشفاني الله ولو لم آخذ به لم يكن ليتم الشفاء أليس صحيحاً. هذا الطبيب قد يكون علي أي ملة وعلي أي حال.

ستقول إنه حي.. وأنا أقول إن آل البيت أحياء بل والصالحين والأولياء أحياء، بل والمسلمين أحياء، بل وكل البشر مسلمهم وكافرهم أحياء، وليس أوضح علي ذلك من حديث قتلي بدر، وكلام سيدنا رسول الله صلي الله عليه وآله لهم.. ولكن الفارق هو نوع هذه الحياة، وهذا ما نعنيه هنا. قد تعتقد أن المنتقلين عن هذه الدنيا بمعزل عن هذا العالم.. خطأ.

إنهم يرون ويسمعون ويعون ولكن كل علي قدره.. فمنهم المحبوس، ومنهم الحر الطليق، ومنهم الذي لا يغيب عن الحضرة الإلهية.

وهكذا يتضح أن ليس كل المنتقلين علي قدم المساواة.. فمن المنتقلين من يتفاعل مع الدنيا، ومن يتفاعل ينفع ويضر.. يا أخي، ولكن كنفع الطبيب.. بإذن الله. فإذا حكَّمه الله في الأمر كان له، وإلا فلا. وعفواً للإطالة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ص: 295

وكتب (حسام الإسلام) بتاريخ 31 - 5 - 2000، العاشرة مساءً:

علي نفسها جنت براقش!!

وقد فتحت علي نفسك باباً من الصعب أن تغلقه.. فاسمع وافهم: أولاً: وبخصوص إشكالية الدعاء.

1 - تقول: " ألا تري أن تأليه المنادي، وعبادته، خارجان عن مفهوم النداء، وأغراضه في اللغة العربية؟!! ". فهل الإشكالية يا ذكي.. في الإستخدام المجرد لأداء النداء " يا ". فلو كانت الإشكالية في النداء المجرد علي سكان الدار الآخرة.. لما رأينا شرك من يفعله.. ولكان اتهامه بالجنون والخبل.. أقرب عندها من اتهامه بالشرك. إنما الإشكالية فيما يأتي بعد أداة النداء.. من طلب النصرة والعون وغير ذلك من الأفعال التي لا يقدر عليها العباد المتصلون بالدنيا.. فكيف بالمنقطعين عنها!

وهل يترادف عندك النداء المجرد.. بالنداء المقرون بالطلب أو بالرجاء؟؟ وهل تعد هذا الأخير نداءاً مجرداً؟!! وهل تظن أن محاولتك للخلط ما بين النداء المجرد.. وما بين النداء المقرون بالطلب.. قد تنطلي علي أحد من رفع القلم عنهم؟؟ سمِّ ما شئت.. فلست أبالي بتسمياتك.. وإنما الأسماء لا تغني عن المسميات من شئ وإلا.. فما قولك في: " يا علي اشف ابنتي "؟ أهذا أيضاً نداء مجرد!! أم أنه دعاء محض وهل يملك الإمام علي أن يشفي نفسه.. فوق أن يشفي أحداً من الخلق! حتي ولو كان يمشي بين الناس في دار البوار؟ وما قولك في: " يا رسول الله أدركني "؟!

فإن قلت: هذا نداء.. وليس بدعاء.. كذباً وتدليساً.. وخلطاً للمفاهيم عند البسطاء، وإذا كان من عقيدتك أن الأئمة المعصومين أحياء.. وأن من ماهية تلك الحياة أنهم يسمعون وينقلون ما سمعوه إلي ربهم بدعواك فأطلب منك أن

ص: 296

تعرفنا بطبيعة هذه الحياة؟ وهل هي مثل حياة البشر؟ فيها تناكح وتغوط وعرق ونوم وغير ذلك؟؟ وهل هم يسمعوننا نحن أهل دار البوار؟ ومن أي مسافة؟ وبأي مقدار في مستوي علو الصوت؟ وهل هم حاضرون دوماً لسماع نداءات أصحابك؟ فإن قلت.. بل يسمعوننا عند قبورهم فقط.. فما دليلك علي هذا الحصر والقصر؟؟ ناهيك عن أنك تكون بذلك، قد كفرت نصف قومك.. إذ هم يقولون: " يا علي مدد " بمناسبة وبغير مناسبة.. فضلاً عن أن يكون عند قبره أو عند غيره، وماذا إن كان صوت المنادي بزعمك، عند قبر المنادي بزعمك، أيضاً منخفضاً بما لا يكفي لسماعه؟ بل ماذا إذا اختلطت نداءات الأقوام من الملتفين حول القبر أو الضريح، فلم يعرف طلب هذا من طلب ذاك؟ نعوذ بالله من الضلال والزيغ! وإن قلت.. بل وعند غيرها أيضاً - أي القبور - طمعاً في نفي التهمة عن قومك فأبشر.. فقد انتقصت من قدر معبودك.. إذ من صفات كماله وجماله وجلاله.. أنه يسمع الهمس والصخب.. ويعلم السر والعلن.. لا يغفل ولا ينام.. ويسمع دعاء من دعاه.. ونداء من ناداه.. في أي وقت وفي أي مكان وبأي صوت حتي لو كان ذلك.. مناجاة بالقلب وأئمتك عندها.. لا ينامون ولا يغفلون! وهو يضرون وينفعون!

وهم حاضرون علي الدوام لسماع نداءات المبتدعة واستغاثاتهم! وهم يسمعون الهمس والمخافتة بالصوت! وهم يستطيعون سماع أكثر من صوت في آن واحد.. بل والتمييز بين هذا وذاك!

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.. علي ضيعة الأفهام.. وهنات العقول، وهذا هو ديدن كل أهل البدع والضلالات.. ما إن حاولوا الخروج من حفرة.. إلا ووقعوا في مطب!

ص: 297

وقد سبقهم كفار قريش بقولهم: " ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي " فجاء هؤلاء وقالوا: ما نناديهم - وحقيقتها ندعوهم - إلا ليقربونا إلي الله زلفي!

ثانياً: بالنسبة لأخطائك اللغوية.. فقد كان يجدر بك الإعتراف بأنك تخطئ مثل باقي البشر بدلاً من أن تجادل وتنافح عن نفسك بالباطل!! والباطل، وبذا تنتهي المشكلة التي بدأتها أنت.. والبادي أظلم!

أما وإنك لا زلت مصراًّ علي أنك لم تخطئ.. فعلي نفسها جنت براقش.. واعلم أني لم أورد أخطاءك هنا إلا طمعاً في أن أسقط عنك هالات الغرور التي انتفخت منها أوداجك، وامتلأت بها أحشاؤك، فخذ نصيباً جديداً عله يقوم اعوجاج رقبتك المنتصبة علي لا شيء!! لعلك ترضي بما قسمه الله لك..

1 – تقول: " فجوابي عن الأول والسادس والسابع أن فعل المؤنث المجازي يجوز تأنيثه وتذكيره ". فقلت.. أما عن لفظة " نسوة " التي هي من جمع التكسير.. وليست من جمع المؤنث الحقيقي!!! مثلما توهمت.

فيجري عليها ما يجري علي اسم الجنس الجمعي مثل: " قوم " و " ثلة " و " فريق " و " إنس "

و " جن ".. إلخ. من جواز التذكيره والتأنيث..

فنقول: " قال نسوة ".. و.. " جاء جماعة ".. و.. " فاز فريق ". ولا أعرف من أين جئت بأن جمع المؤنث السالم.. بل والمفرد حتي غير المجموع!! بأنه يجوز تأنيث فعله أو تذكيره!

فإن استطعت أن تأتي لنا من القرآن، أو من غيره، مما في لغة العرب.. بلفظة مأنثة ذكرت.. وليست جمع تكسير أو اسم جنس جمعي.. فلك جائزة!! وهذا تحدٍّ مني لك.. ثم هل تستطيع الإدعاء بأن لفظة " أنواع " التي وضعت لها الفعل " ورد " اسم جنس جمعي؟؟ أو جمع مؤنث سالم؟؟

ص: 298

وهل هذا سوء فهم فوق ما عرفناه عن سوء فهمك؟ أم أنه لف ودوران! وهل تدعي أن لفظة " العبادات " التي وضعت لها الفعل " ورد "! اسم جنس فوق أن تكون جمع تكسير؟؟

ثم إلي قاصمة ظهرك.. هل تدعي أن لفظة " الزيادة " التي وضعت لها الفعل " يحرم "!! جمع أصلاً فوق أن تكون جمع تكسير؟؟ ويبدو أن صاحبنا، بارك الله فيه، قد وصل إلي درجة من التبجح بحيث أجاز تذكير المفرد المؤنث! وبناءا علي منطقه في الخلط والخبط..

فيجوز لنا إذن أن نقول: " ذهب خديجة ".. وجاء " زينب "!!! وسبحان من قسم العقول!

2 - أما عن " ليس دعاءاً " فأراك حاولت في حركة سريعة يسمونها في عالم السيرك: خفة اليد.. وأسميها في عالم الفكر: خفة عقل!! حاولت القيام بإثبات جواز استخدام " دعاء " بعد " ليس " بوضع التنوين مباشرة فوق الهمزة دون الحاجة لكتابة الألف.. وهو ما لا نخالفك فيه ولم تستطع ولا أظنك تستطيع نفي عدم جواز استخدامها مرفوعة كما فعلت أنت! ولعلك في موقفك الراهن قد استدعيت منطق أرسطو حين قال لصاحبه أنا لست أنت.. وأنا لست حماراً.. إذن فأنت حمار!!!!!

فأخبرني إذن يا علامة عصرك.. بالفرق ما بين هاتين الجملتين.. علَّ المسألة تتضح لك.

الأولي: " ليس دعاء " وهو ما ادعيت جواز كتابته بهذه الطريقة.

والثانية: " ليس بدعاء ".. وهو ما لا أظنك تستطيع إنكار صحته لغوياًّ، إذ أن خبر " ليس " شبه جملة.. جار ومجرور.. فإن قلت: نعم.. الأولي مثل الثانية..

ص: 299

وهو قولك الذي لم تتراجع عنه.. بل والآخذ بتلابيبك! فبذلك يستقيم عندك ما أضيف إلي حرف الجر مع ما لم يضف إليه!!

3 - تقول: " وعن الثاني أن كلمة: أولاً، جزء من الكلام، فيصح فتح همزة أن ".

فأقول لك.. وقعت في الفخ أيها الحاذق!! ويبدو أنك تتعامي عن أخطائك! فأنت في مقالك.. تارة تردف " إن " بعد " أولاً ".. وتارة تردف " أن ". وانظر إلي مقالك لعلك تري ما كنت غافلاًَ عنه!

وباستخدام منطقك أنت!! فاللغة تتلون إذن من حال إلي حال.. بل في ذات المقال الواحد!!

وعليه ف- " أولاً " جزء من الكلام تارة.. وليست جزءاً من الكلام تارة أخري!

وربما تلتمس لنفسك أو يلتمس لك مريدوك! عذراً في ذلك بدعوي أن الأعمال بالنيات.. تنكباً لمسيرتك في إثبات أن دعاء غير الله جائز بنفس قولة الحق التي إنما أريد بها الباطل! فتارة كانت نيتك جعلها جزءاً من الكلام وهو ما لا يصح لا لغة ولا منطقاً.. وتارة كانت نيتك جعلها مجرد بادئة!

ولو أن أهل اللغة والبلاغة اجتمعوا علي أذكي عقل رجل منهم لما توصلوا لتلك النتيجة المدهشة!

4 - أما عن " عقائدية ".. فمثلك كمن يختلق مشكلة.. ثم ينسبها لخصمه في سذاجة مفرطة ثم يأتي ليولول بعد ذلك علي ما وضعه هو في فمه من الكلمات! ولم أتكلم عن " عقائدية ".. حتي تذكرها لي.. بل ولم أكن لأتكلم عنها، ولكني تكلمت عن: " عقيدية ".. وهي نسبة لا تصح.. وطلاب المرحلة الإعدادية يعرفون ذلك جيداً مثل: " بدهي ".. وليس: " بديهي ".. و " عقدي ".. وليس " عقيدي ".. فتكلم عن ما هو محل للنزاع بيني وبينك..

ص: 300

5 - تقول: " أما قولي: وأنه لا يجوز أن يدعي غيره لذلك. فمعناه لذلك السبب ومتعلقه يجوز وليس يدعي ".

فلست أدري أين ذهبت جملتك التي قلت فيها ذلك! وهل يا تري مسحها المراقب حتي يخرجك مما أنت واقع فيه من ورطة!! فوق غرقك في أوحال البدعة والذب عنها. وأطالبك أن تعيد هذه الجملة.. حتي أثبت كذبك.. لك ولغيرك، وهذا حق أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله الذين أفضت في سبهم، وإن عدتم عدنا.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 31 - 5 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

أرجو أن تقرأ يا حسام هذا الموضوع لتعرف رأي المذاهب الأربعة في التوسل والإستغاثة..

وستوجه إشكالك إليهم، حيث جوزوا مخاطبة النبي صلي الله عليه وآله بعد انتقاله من هذه الدنيا، وحياته عند ربه في الملأ الأعلي..

فإن الجواب عن مخاطبة النبي، هو الجواب عن مخاطبة آله صلي الله عليه وعليهم.

وأما طلب المنادي عملاً من المنادي، فإنما يكون شركاً إذا اعتقد والعياذ بالله أنه إله أو شريك لله..

أما إذا طلب منه مما أعطاه الله تعالي وأكرمه، فليس فيه أي شائبة..

إقرأ رجاءً، وأخبرني علي أي مذهب أنت؟:

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/001721.html

وأما كلامك النحوي واللغوي، فافتح له موضوعاً مستقلاًّ..

ص: 301

وأعطيك فرصة لتعيد النظر فيما كتبته هنا من خبط، وتراجع مصادر النحو، ولتتراجع عن الخلط بين النسوة المؤنثة تأنيثاً حقيقياًّ ولو كانت جمع تكسير، وبين المؤنث المجازي..

ثم لتجد عبارتي التي أشكلت عليها بخطأ عود الضمير.. موجودة في مكانها، لم يحذفها المراقب ليستر علي خطئي، كما زعمت! وأين كاتب الموضوع؟!! أم أنت هو؟

فأجابه (حسام الإسلام) بتاريخ 2 - 6 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

دعك من اللغة ومن أخطائك فيها، بل وإذا أردت حتي أن أحذفها من الموضوع برمته.. فلا مانع عندي حتي لا تخرج بنا عن محور النقاش، وأحسب أن رسالتي من خلالها قد وصلت لك وحققت المرجو منها.. وهذا هو المهم عندي.

أما عن قراءة الموضوع.. فقد قمت بتسجيله وسوف أقرأه علي مهلي وسوف أعود إليك إن شاء الله حالما أنتهي من قراءتي له.. ونكمل عندها نقاشنا.

وأما عن كوني وكاتب الموضوع شخصاً واحداً.. فلا أدري.. أهي عقدة قديمة يا عاملي؟؟

مرة تقول له.. هل أنت أحمد الكاتب، ثم تعود لتقول لي الآن.. هل أنت أبو الحارث!! رغم أني لا أعرف كليهما.. ولا أظن أحداً منهما حتي يعرفني.. فدعك من الكاتب.. وكن مع الكتابة.. ودعك من الطارح.. وكن مع الطرح.. فهذا هو المهم.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 3 - 6 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاًَ:

لا بأس يا حسام.

ص: 302

فغرض المسلم العاقل إثبات ما يعتقد أنه حق والدفاع عنه.. وما عليه بالأشخاص.

وكتب (some) بتاريخ 4 - 6 - 2000، الواحدة صباحاً:

أين صاحب الموضوع؟

انتهي.

قال العاملي:

وغاب أحمد الكاتب ومناصروه، ولم يجيبوا!!

وكتب (الموسوي) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 1-3-2000، الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان (التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) بعد وفاته.. بين جمهور أهل السنة وابن تيمية)، قال فيه:

هذا الموضوع وإن كنت قد ذكرته بحذافيره في موضوع (أوجه الشبه بين ابن تيمية والوهابية) ولكن تسهيلاً لمن يريد الاطلاع علي المضمون من خلال العنوان، وأهمية لهذا المبحث أفردت له صفحة مستقلة، ليظهر عن قرب مدي بعد ابن تيمية وأتباعه عن مذهب أهل السنة أنفسهم.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: 14/156:

اختلف العلماء في مشروعية التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) بعد وفاته كقول القائل: اللهم إني أسألك بنبيك أو بجاه نبيك أو بحق نبيك، علي أقوال:

القول الأول: ذهب جمهور الفقهاء - المالكية والشافعية ومتأخرو الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة - إلي جواز هذا النوع من التوسل سواء في حياة النبي أو بعد وفاته (1).

ص: 303


1- شرح المواهب: 8/304. والمجموع: 8/274. والمدخل: 1/248 وما بعدها. وابن عابدين: 5/254. والفتاوي الهندية: 1/266، و: 5/318، وفتح القدير: 8/497 - 498، والفتوحات الربانية علي الأذكار النووية: 5/36.

قال القسطلاني: وقد روي أن مالكاً لما سأله أبو جعفر المنصور العباسي، ثاني خلفاء بني العباس، يا أبا عبد الله، أأستقبل رسول الله وأدعو، أم أستقبل القبلة وأدعو؟

فقال له مالك: ولم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلي الله عز وجل يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعه الله.

وقد روي هذه القصة أبو الحسن علي بن فهر في كتابه فضائل مالك بإسناد لا بأس به، وأخرجها القاضي عياض في الشفاء من طريقه عن شيوخ عدة من ثقات مشايخه (1).

وقال النووي في بيان آداب زيارة قبر النبي (صلی الله علیه و آله): ثم يرجع الزائر إلي موقف قبالة وجه رسول الله (صلی الله علیه و آله) فيتوسل به ويستشفع به إلي ربه، ومن أحسن ما يقول، الزائر، ما حكاه الماوردي والقاضي أبو الطيب وسائر أصحابنا عن العتبي مستحسنين له، قال: كنت جالساً عند قبر النبي (صلی الله علیه و آله) فجاءه أعرابي فقال: السلام عليك يا رسول الله. سمعت الله تعالي يقول: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً ". النساء - 64، وقد جئتك مستغفراً من ذنبي، مستشفعاً بك إلي ربي، ثم أنشأ يقول:

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه... وطاب من طيبهن القاع والأكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه... فيه العفاف و فيه الجود والكرم

وقال العز بن عبد السلام: ينبغي كون هذا مقصوراً علي النبي (صلی الله علیه و آله) لأنه سيد ولد آدم، وأن لا يقسم علي الله بغيره من الأنبياء والملائكة والأولياء لأنهم ليسوا في درجته، وأن يكون مما خص به تنبيهاً علي علو رتبته.

وقال السبكي: ويحسن التوسل والإستعانة والتشفع بالنبي إلي ربه.

ص: 304


1- شرح المواهب: 8/304 - 305. والمدخل: 1/248، 252. ووفاء الوفاء: 4/1371 وما بعدها. والفواكه الواني: 2/466. وشرح أبي الحسن علي رسالة القيرواني: 2/478. والقوانين الفقهية - 148.

وفي إعانة الطالبين: وقد جئتك مستغفراً من ذنبي مستشفعاً بك إلي ربي (1) ما تقدم أقوال المالكية والشافعية. وأما الحنابلة:

فقد قال ابن قدامة في المغني بعد أن نقل قصة العتبي مع الأعرابي: ويستحب لمن دخل المسجد أن يقدم رجله اليمني..، إلي أن قال: ثم تأتي القبر فتقول:.. وقد أتيتك مستغفراً من ذنوبي مستشفعاً بك إلي ربي.. ومثله في الشرح الكبير (2).

وأما الحنفية: فقد صرح متأخروهم أيضاً بجواز التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله).

قال الكمال بن الهمام في فتح القدير: ثم يقول في موقفه: السلام عليك يا رسول الله.. ويسأل الله تعالي حاجته متوسلاً إلي الله بحضرة نبيه عليه الصلاة والسلام.

وقال صاحب الإختيار فيما يقال عند زيارة النبي (صلی الله علیه و آله): جئناك من بلاد شاسعة.. والإستشفاع بك إلي ربنا.. ثم يقول: مستشفعين بنبيك إليك.

ومثله في مراقي الفلاح، والطحاوي علي الدر المختار، والفتاوي الهندية. ونص هؤلاء عند زيارة قبر النبي (صلی الله علیه و آله): اللهم.. وقد جئناك سامعين قولك طائعين أمرك مستشفعين بنبيك إليك.

وقال الشوكاني: ويتوسل إلي الله بأنبيائه والصالحين (3).

وقد استدلوا لما ذهبوا إليه بما يأتي: (4).

أ - قوله تعالي: " وابتغوا إليه الوسيلة ".سورة المائدة - 35.

ب - حديث الأعمي (5) المتقدم وفيه: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة..

فقد توجه الأعمي في دعائه بالنبي عليه الصلاة والسلام أي بذاته.

ص: 305


1- المجموع: 8/274. وفيض القدير: 2/134-135. وإعانة الطالبين: 2/31. ومقدمة التجريد الصريح بتحقيق الدكتور مصطفي ديب البغاص.
2- كشاف القناع: 2/68. والمبدع: 2/204. والفروع: 2/159. والمغني مع الشرح: 3/588 وما بعدها. والشرح الكبير مع المغني: 3/494- 495. والإنصاف: 2/456.
3- الإختيار: 1/174- 175. وفتح القدير: 2/337. ومراقي الفلاح بحاشية الطحاوي - 407. وحاشية الطحاوي علي الدر المختار: 1/562. والفتاوي الهندية: 1/266. وتحفة الأحوذي: 10/34. وتحفة الذاكرين للشوكاني - 37.
4- المراجع السابقة. المدخل: 1/248 وما بعدها. وشرح المواهب: 8/304. وجلاء العينين ص 433 وما بعدها. وقاعدة جليلة ص 65 وما بعدها. وحقيقة التوسل والوسيلة ص 38 وما بعدها لمؤلفه موسي محمد علي. والتوسل وأنواعه وأحكامه للألباني ص 51 وما بعدها.
5- حديث الأعمي سبق تخريجه ف / 8. وفي ص 154 الفرع 8 جاء ما يلي في الهامش: حديث عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضرير البصر أتي النبي (صلی الله علیه و آله)... أخرجه الترمذي: 5/569 - ط. الحلبي، وقال: حديث حسن صحيح.

ج - قوله (صلی الله علیه و آله) في الدعاء لفاطمة بنت أسد: إغفر لأمي فاطمة بنت أسد ووسع عليها مدخلها بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي فإنك أرحم الراحمين (1).

د - توسل آدم بنبينا محمد عليهما الصلاة والسلام: روي البيهقي في دلائل النبوة، والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): لما اقترف آدم الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي. فقال الله تعالي: يا آدم كيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟

قال: يا رب إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت علي قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله، محمد رسول الله. فعلمت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب خلقك إليك.

فقال الله تعالي: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، وإذ سألتني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد ما خلقتك (2).

ه - حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان (رضی الله عنه): روي الطبراني والبيهقي: أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان بن عفان (رضی الله عنه) في زمن خلافته، فكان لا يلتفت، ولا ينظر إليه في حاجته، فشكا ذلك لعثمان بن حنيف، فقال له: إئت الميضأة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلِّ ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي فيقضي لي حاجتي، وتذكر حاجتك. فانطلق الرجل فصنع ذلك، ثم أتي باب عثمان بن عفان (رضی الله عنه)، فجاء البواب فأخذ بيده، فأدخله علي عثمان (رضی الله عنه) فأجلسه معه، وقال له: اذكر حاجتك، فذكر حاجته فقضاها له، ثم قال: ما لك من حاجة فاذكرها. ثم خرج من عنده فلقي ابن حنيف، فقال له: جزاك الله خيراً، ما كان ينظر لحاجتي حتي كلمته لي. فقال ابن حنيف: والله ما كلمته،

ص: 306


1- حديث دعاء النبي لفاطمة بنت أسد: أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط كما في مجمع الزوائد للهيثمي: 9/257 - ط. القدسي، وقال: وفيه روح بن صلاح، وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح.
2- حديث: لما اقترف آدم الخطيئة... أخرجه الحاكم: 2/615 - ط. دائرة المعارف العثمانية، وعنه البيهقي في دلائل النبوة: 5/489 - ط. دار الكتب العلمية، وقال البيهقي: تفرد به عبد الرحمن بن زيد بن أسلم من هذا الوجه، وهو ضعيف. وتعقب الذهبي تصحيح الحامن في تلخيص المستدرك بقوله: بل موضوع، وعبد الرحمن واه.

ولكن شهدت رسول الله (صلی الله علیه و آله) وأتاه ضرير فشكا إليه ذهاب بصره (1).. إلي آخر حديث الأعمي المتقدم.

قال المباركفوري: قال الشيخ عبد الغني في إنجاح الحاجة: ذكر شيخنا عابد السندي في رسالته: والحديث - حديث الأعمي - يدل علي جواز التوسل والإستشفاع بذاته المكرم في حياته، وأما بعد مماته، فقد روي الطبراني في الكبير، عن عثمان بن حنيف أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان... إلي آخر الحديث.

وقال الشوكاني في تحفة الذاكرين: وفي الحديث دليل علي جواز التوسل برسول الله (صلی الله علیه و آله) إلي الله عز وجل مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالي، وأنه المعطي والمانع ما شاء كان، ومالم يشأ لم يكن (2).

القول الثاني في التوسل بالنبي بعد وفاته:

جاء في التاترخانية معزياً للمنقي: روي أبو يوسف، عن أبي حنيفة: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به - أي بأسمائه وصفاته - والدعاء المأذون فيه المأمور به ما استفيد من قوله تعالي: ولله الأسماء الحسني فادعوه بها. سورة الأعراف - 180.

وعن أبي يوسف أنه لا بأس به، وبه أخذ أبو الليث للأثر.

وفي الدر: والأحوط الامتناع لكونه خبر واحد، فيما يخالف القطعي، إذ المتشابه إنما يثبت بالقطعي (3).

أما التوسل بمثل قول القائل: بحق رسلك وأنبيائك وأوليائك، أو بحق البيت فقد ذهب أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد إلي كراهته.

قال الحصكفي: وإنما يخص برحمته من يشاء من غير وجوب عليه.

ص: 307


1- حديث الرجل الذي كانت له حاجة عند عثمان بن عفان أخرجه الطبراني في معجمه الصغير: 1 /183 - ط. المكتبة السلفية، وقد تكلم الذهبي في ميزان الاعتدال: 2/262 - ط. الحلبي، في رواية شعيب بن سعيد بما يقتضي تضعيف زيادته في هذا الحديث.
2- تحفة الأحوذي: 10/34.
3- ابن عابدين: 5/254، والفتاوي الهندية: 1/266 و: 5/318، وفتح القدير: 8/497- 498، وحاشية الطحاوي علي الدر المختار: 4/199.

قال ابن عابدين: قد يقال: إنه لا حق لهم وجوباًَ علي الله تعالي، لكن لله سبحانه وتعالي جعل لهم حقاًّ من فضله، أو يراد بالحق الحرمة والعظمة، فيكون من باب الوسيلة، وقد قال تعالي: وابتغوا إليه الوسيلة. سورة المائدة - 35. وقد عُدَّ من آداب الدعاء التوسل علي ما في (الحصن)، وجاء في رواية: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق ممشاي إليك، فإني لم أخرج أشراً ولا بطراً (1) الحديث. ويحتمل أن يراد بحقهم علينا وجوب الإيمان بهم وتعظيمهم. وفي (اليعقوبية): يحتمل أن يكون الحق مصدراً لا صفة مشبهة، فالمعني بحقيقة رسلك، فليتأمل. ا ه. أي: المعني بكونهم حقاًّ لا بكونهم مستحقين. أقول - أي ابن عابدين -: لكن هذه احتمالات مخالفة لظاهر المتبادر من اللفظ، ومجرد إيهام اللفظ ما لا يجوز كاف في المنع... فلذا والله أعلم أطلق أئمتنا المنع، علي أن إرادة هذه المعاني مع هذا الإيهام فيها الإقسام بغير الله تعالي، وهو مانع آخر، تأمل. (2).

هذا ولم نعثر في كتب الحنفية علي رأي لأبي حنيفة وصاحبيه في التوسل إلي الله تعالي بالنبي (صلی الله علیه و آله) في غير كلمة " بحق ". وذلك كالتوسل بقوله: " بنبيك " أو " بجاه نبيك " أو غير ذلك إلا ما ورد عن أبي حنيفة في رواية أبي يوسف قوله: لا ينبغي لأحد أن يدعو الله إلا به.

القول الثالث في التوسل بالنبي بعد وفاته:

ذهب تقي الدين وبعض الحنابلة من المتأخرين إلي أن التوسل بذات النبي (صلی الله علیه و آله) لا يجوز.

وأما التوسل بغير الذات، فقد قال ابن تيمية: ولفظ التوسل قد يراد به ثلاثة أمور، أمران متفق عليهما بين المسلمين:

أحدهما: هو أصل الإيمان والإسلام، وهو التوسل بالإيمان به (صلی الله علیه و آله) وبطاعته.

ص: 308


1- حديث: " اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك... " سبق تخريجه ف / 7. وجاء هناك ص 154، الهامش 2 ما يلي: حديث أبي سعيد الخدري: ما خرج رجل من بيته إلي الصلاة فقال: اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك... أخرجه ابن ماجة: 1/256 - ط. الحلبي، وابن السني في عمل اليوم والليلة ص 24 - ط. دائرة المعارف العثمانية، وقال البوصيري في الزوائد: هذا إسناده مسلسل بالضعفاء.
2- نفس مصادر الهامش رقم (12).

والثاني: دعاؤه وشفاعته (صلی الله علیه و آله) - أي في حال حياته - وهذا أيضاً نافع يتوسل به من دعا له وشفع فيه باتفاق المسلمين.

ومن أنكر التوسل به بأحد هذين المعنيين فهو كافر مرتد يستتاب، فإن تاب وإلا قتل مرتداًّ.

ولكن التوسل بالإيمان به وبطاعته هو أصل الدين، وهذا معلوم بالإضطرار من دين الإسلام للخاصة والعامة، فمن أنكر هذا المعني فكفره ظاهر للخاصة والعامة.

وأما دعاؤه وشفاعته وانتفاع المسلمين بذلك فمن أنكره فهو كافر أيضاً، ولكن هذا أخفي من الأول، فمن أنكره عن جهل عرف ذلك، فإن أصر علي إنكاره فهو مرتد.

أما دعاؤه وشفاعته في الدنيا فلم ينكره أحد من أهل القبلة، وأما الشفاعة يوم القيامة فمذهب أهل السنة والجماعة، وهم الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة المسلمين الأربعة وغيرهم، أن له شفاعات خاصة وعامة.

والتوسل به في عرف كثير من المتأخرين يراد به الإقسام به والسؤال به، كما يقسمون بغيره من الأنبياء والصالحين ومن يعتقد فيه الصلاح. وحينئذ فلفظ التوسل يراد به معنيان صحيحان باتفاق المسلمين، ويراد به معني ثالث لم ترد به سنة.

ومن المعني الجائز قول عمر بن الخطاب: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. أي بدعائه وشفاعته. وقوله تعالي: " وابتغوا إليه الوسيلة ". سورة المائدة - 35. أي القربة بطاعته، وطاعة رسوله طاعته (1) ... إلي آخر استدلالاته السقيمة وآرائه السخيفة.

انتهي المتن الذي اخترته من الموسوعة الفقهية الكويتية.

ص: 309


1- قاعدة جليلة ص 51.

فانظر كيف يحرف ابن تيمية المعاني، ويتكلف أيما تكلف لتمرير هذه التمحلات، ويسعي لإعطاء معاني غريبة عن ظواهر واضحة، فيقول أن التوسل بالنبي صلي الله عليه وآله يراد به التوسل بطاعته!!!!

إنه يحرف معني التوسل، ويقول إن التوسل له معانٍ عديدة، وهي التوسل بدعائه، والتوسل بطاعته وهذه معانٍ متفق عليها، أما التوسل بذاته فالسلف علي خلافه!!! مع أن محل الكلام في التوسل هو التوسل بالذات.

المهم من كل هذا، أن ابن تيمية وبعض الحنابلة المتأخرين - من أتباع ابن تيمية - والوهابية حالياًّ هم المانعون للتوسل بالنبي، أما بقية أهل السنة والجمهور منهم فلهم رأي آخر.

وإن هذا يبين أن الخلاف في التوسل بالنبي (صلی الله علیه و آله) عبر المنع منه، بدأ من عند ابن تيمية، والحنابلة المتأخرين، أما قبل ذلك حيث يتمثل رأي أهل السنة والجماعة ورأي السلف الصالح فلا ذكر لمثل أقوال ابن تيمية.

ذكر الذهبي في ترجمة في ابن المقري: وروي عن أبي بكر بن أبي علي، قال: كان ابن المقرئ يقول: كنت أنا والطبراني وأبو الشيخ بالمدينة فضاق بنا الوقت، فواصلنا ذلك اليوم، فلما كان وقت العشاء حضرت القبر، وقلت: يا رسول الله الجوع، فقال لي الطبراني: أجلس، فإما أن يكون الرزق أو الموت، فقمت أنا وأبو الشيخ فحضر الباب علوي ففتحنا له، فإذا معه غلامان بقفتين، فيهما شئ كثير، وقال: شكوتموني إلي النبي صلي الله عليه وآله، رأيته في النوم فأمرني بحمل شئ إليكم.

وذكر أيضاً في ترجمة ابن عبيد الله: قال أبو الربيع بن سالم الحافظ: كان وقت وفاة أبي محمد بن عبيد الله قحط مضر، فلما وضع علي شفير القبر،

ص: 310

توسلوا به إلي الله في إغاثتهم، فسقوا في تلك الليلة مطراً وابلاً، وما اختلف الناس إلي قبره مدة الأسبوع إلا في الوحل والطين. قال ابن فرتون: ظهرت

له كرامات. انتهي.

أليس هؤلاء الحفاظ من سلفهم الصالح؟ أم أن السلف الصالح محصور بابن تيمية؟؟؟

فكيف يزعم أدعياء أتباع السلف الصالح، أن التوسل بذات النبي حرام، وموقف السلف الصالح معروف.

إن إضافة العشرات من أمثال محمد بن عبد الوهاب، وابن باز، وابن عثيمين، وأضرابهم لن يغير الحقيقة، ولن يجعل هؤلاء الشرذمة ممثلين لأهل السنة والجماعة.

وهؤلاء الوهابية أسهل ما يكون عندهم أن ينسبوا آراءهم لأهل السنة والجماعة وهم أبعد ما يكونون عن رأي أهل السنة!! انتهي.

ص: 311

ص: 312

قال العاملي:

ولم يجب أحد من أتباع ابن تيمية!!

وكتب (جايكل) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 14 - 8 - 1999، العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (ما حكم دعاء الرسول الله صلي الله عليه وسلم، عند قبره؟)، قال فيه:

الجواب:

دعاء الرسول، صلي الله عليه وسلم، من دون الله شرك بالله، سواء عند قبره أو بعيداً عنه، لأن الدعاء عبادة خاصة لله، قال تعالي: " ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ويضرك ". وقال صلي الله عليه وسلم: إنه لا يستغاث بي وإنما يستغاث بالله. ومن أراد شفاعة الرسول صلي الله عليه وسلم فيعمل بسنته، ويسأل الله أن يشفعه فيه يوم القيامة، فهذا شأن المحب للرسول صلي الله عليه وسلم، قال تعالي: " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم ".

وكتب (عمار) بتاريخ 14 - 8 - 1999، العاشرة والنصف ليلاً:

ص: 313

كثيراً ما نقرأ ونسمع الوهابية تطعن بمن يزور قبر الرسول صلي الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام.

ويتهمونهم بعبادة تلك القبور، فهل يا تري حقاًّ هؤلاء الزوار، يذهبون لعبدة تلك القبور ويتوجهون إليها مع الله تعالي ويشركون بالله؟ أم يعبدونها من دون الله تعالي ويكونوا كفاراً؟ معاذ الله؟!

فقد أجمع المسلمون علي وجوب اجتناب عبادة غير الله، وأن يفرد الله تعالي وحده بالعبادة..

ولكن الخلاف هو في تحديد مفهوم العبادة وهو أهم شئ في هذا الباب.. لأنه المكان الذي نزلت فيه أقدام الوهابية.

فإذا قلنا أن: التوحيد الخالص هو صرف العبادة لله تعالي.. لا يكون له معني، إذا لم نحدد مفهوم العبودية، ونعرف حدودها وضوابطها، حتي يكون لنا معيار ثابت نعرف به الموحد من المشرك.. فمثلاً الذي يتوسل، ويزور مقابر الأولياء ويعظمهم، هل يعد مشركاً أم موحداً؟

وقبل الإجابة لا بد بنا من ضابط نكتشف به مصاديق العبادة في الواقع الخارجي.

مناقشة مفهوم الوهابية في مناط مفهوم العبادة:

اعتبرت الوهابية أن مطلق الخضوع والتذلل والتكريم عبادة، فكل من يخضع أو يتذلل لشئ يعتبر عابداً له، فمن يخضع ويتذلل لنبي من أنبياء الله تعالي، أو ولي من أوليائه، بأي شكل من أشكال الخضوع يكون عابداً له، وبالتالي مشركاً بالله تعالي..

ص: 314

فالذي يسافر ويقطع المسافات من أجل زيارة رسول الله صلي الله عليه وآله حتي يقبل ضريحه الطاهر ويتمسح به تبركاً يعتبر كافراً مشركاً.. وكذلك الذي يبني المشاهد والقبب علي الأضرحة لتكريمها وتعظيمها.

يقول بن عبد الوهاب في إحدي رسائله: فمن قصد شيئاً من قبر أو شجر أو نجم أو نبي مرسل لجلب نفع أو كشف ضر فقد اتخذ إلهاً من دون الله، فكذَّب بلا إله إلا الله، يستتاب وإلا قتل.

وإن قال هذا المشرك: لم أقصد إلا التبرك، وإني لأعلم أن الله هو الذي ينفع ويضر.

فقل له: إن بني إسرائيل ما أرادوا إلا ما أردت، كما أخبر الله تعالي عنهم أنهم لما جاوزوا البحر أتوا علي قوم يعكفون علي أصنام لهم قالوا يا موسي اجعل لنا إلهاً كما لهم آله. فأجابهم بقوله:" إنكم قوم تجهلون ". عقائد الإسلام لمحمد بن عبد الوهاب ص 26.

ويقول في رسالة أخري: أيضاً من تبرك بحجر أو شجر أو مسح علي قبر أو قبة يتبرك بهم فقد اتخذهم إلهاً.

لكي يتضح لنا الخلط الذي ارتكبته الوهابية لا بد لنا أن ننقض هذه القاعدة التي اعتمدوها مقياساً في معرفة العبادة، وهو الخضوع والتذلل والتكريم.

لا يمكن شرعاً وعقلاً حمل مطلق الخضوع والتذلل علي العبادة..

فنحن نري كثيراً من الأمور التي يمارسها الإنسان في حياته الطبيعية، يتخللها الخضوع والتذلل، مثل خضوع الجندي أمام قائده، والتلميذ لأستاذه، ولا يمكن أن يجترأ إنسان ويصف عملهم هذا بالعبادة، فقد أمرنا الله تعالي بإظهار الخضوع والتذلل للوالدين، قال تعالي: "

ص: 315

واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ". والخفض هنا كناية عن الخضوع الشديد، فلا يمكن أن نسمي هذا العمل عبادة..

بل إن شعار المسلم هو التذلل والخضوع للمؤمن، والتعزز علي الكفار. قال تعالي: " فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكفار ".. وإذا كان التذلل عبادة يكون قد أمر الله تعالي المؤمنين أن يعبدوا بعضهم البعض، وهذا محال.

وهناك آيات أكثر وضوحاً في هذا الأمر، وتنفي تماماً ما ادعته الوهابية، منها:

سجود الملائكة لآدم عليه السلام، والسجود هو أعلي مراتب الخضوع والتذلل. قال تعالي: " إذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم.. ".

فإذا كان السجود لغير الله سبحانه وإظهار قمة الخضوع والتذلل عبادة كما تدعي الوهابية فيتحتم عليها أن تسمي الملائكة والعياذ بالله مشركين كفاراً، وأن تسمي آدم طاغوتاً، فما لهم لا يتدبرون القرآن؟ أم علي قلوبهم أقفالها؟

ومن هذه الآية نعرف أن قمة الخضوع ليس عبادة، ولا يعترض معترض بقوله إن السجود ليس بمعناه الحقيقي، أو أن المقصود من السجود لآدم (علیه السلام) هو جعله قبلة، كما يجعل المسلمون الكعبة المشرفة، قبلة، فإن كلا الاحتمالين باطل..

لأن السجود الظاهر من الآية هو الهيئة المتعارفة. ولا يجوز صرفه إلي غيره من المعاني، وأما كونه قبلة فهذا تأويل من غير مصدر ولا دليل..

كما أن السجود لآدم (علیه السلام) لو كان معناه أن آدم (علیه السلام) كان قبلة، لما كان لإبليس أي مبرر للإعتراض حيث السجود لا يكون لآدم بذاته..

ص: 316

وقد أكد القرآن الكريم خلاف ذلك بقول إبليس: " أأسجد لمن خلقت طيناً ". ففهم إبليس من الأمر الإلهي السجود لنفس آدم (علیه السلام).. لذلك اعترض بقوله: " أنا خير منه ". أي أفضل.. فكيف يسجد الأفضل للمفضول عليه.

وإذا كان المقصود من السجود هو اتخاذ آدم قبلة، فلا يلزم من ذلك أن تكن القبلة أفضل من الساجد، فبذلك لا يكون لآدم (علیه السلام) حظ من الفضل وهذا خلاف ظاهر الآية. والذي يؤكد ذلك قول إبليس: " أأسجد لمن خلقت طيناً ".

وإما أن يكون السجود هذا من أجلي مصاديق العبادة، وتكون الملائكة الساجدة مشركة، ولكنه شرك أذن الله به وأجازه، وهذا ما لا يقول به مسلم عاقل، وهو مردود بقوله تعالي: " قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون علي الله ما لا تعلمون ".

فلو كان السجود عبادة وشركاً لما كان الله سبحانه وتعالي يأمر به. وبهذا لا يمكن أن نسمي ذلك المسلم الموحد الذي يخضع ويتذلل أمام قبر الرسول صلي الله عليه وآله مشركاً عابداً للقبر، لأن الخضوع لا يعني العبادة..

ولو أن مثل هذا العمل عبادة للقبر، لكان عمل المسلمين في الحج من الطواف حول البيت الحرام والسعي بين الصفا والمروة وتقبيل الحجر الأسود أيضاً عبادة، لأن هذه الأعمال من حيث الشكل والظاهر لا تختلف عن الطواف بقبر رسوله صلي الله عليه وآله أو تقبيله أو التمسح به، ورغم ذلك نجد الله سبحانه وتعالي يقول: " وليطوفوا بالبيت الحرام ". ويقول جل شأنه: " إن الصفا والمروة من

شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ". فهل تري أن الطواف بالحجارة والطين عبادة لها؟

لو كان مطلق الخضوع عبادة، للزم أن تكون هذه الأفعال عبادة، ولا مخرج هنا بالأمر الإلهي، لأن الأمر الإلهي لا يغير ماهية الفعل..

ص: 317

ولكن مشكلة الوهابية أنهم لم يفهموا العبادة ولم يعرفوا روحها وحقيقتها، فيتعاملون فقط بالظواهر والأشكال..

فعندما يروا ذلك الزائر يقبل مقام رسول الله صلي الله عليه وآله يذهب ذهنهم إلي ذلك المشرك الذي يقبل صنمه، فينتزع الحكم من تلك الحالة الذهنية، لينسبها إلي ذلك الموحد الذي يقبل مقام الرسول وهذا هو الإشتباه..

فلو كان مجرد الشكل الخارجي كافياً للحكم، لوجب عليهم أن يكفروا كل من يقبل الحجر الأسود، ولكن الواقع غير ذلك.

وكتب (عمار) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

تعريف العبادة بالمفهوم القرآني:

العبادة هي الخضوع اللفظي والعملي عن اعتقاد بألوهية المعبود أو ربوبيته أو الإعتقاد باستقلاله في فعله بأنه يملك شأناً من شؤون وجوده وحياته علي وجه الإستقلال.

فكل عمل مصحوب بهذا الإعتقاد يعد شركاً بالله.. ولذلك نجد أن مشركي الجاهلية كانوا يعتقدون بألوهية معبوداتهم وقد صرح القرآن بذلك.

قال تعالي: " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاًّ ". أي كان هؤلاء يعتقدون بألوهية معبوداتهم. قال تعالي: " الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر، سوف يعلمون ".

فهذه الآيات ترد الوهابية علي أعقابهم، حيث تصرح أن الشرك الذي كان يقع فيه الوثنيون هو من باب إعتقادهم بألوهية معبوداتهم.

وقد نص الله تعالي علي هذا الأمر في قوله تعالي: " وأعرض عن المشركين، إنا كفيناك المستهزئين

الذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون ".

ص: 318

فهذه الآيات الملاك الأساسي في قضية الشرك، وهو الإعتقاد بألوهية المعبود، ولذلك استنكرو

واستكبروا علي عقيدة التوحيد التي جاء بها الرسول صلي الله عليه وآله.

قال تعالي: " إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ". ولذلك كانت دعوة الأنبياء لهم محاربة اعتقادهم بإله غير الله سبحانه وتعالي.. حيث يمتنع عقلاً عبادة من لا يعتقد بألوهيته، فيعتقد أولاً ثم يعبد ثانياً.. قال تعالي: " يا قوم اعبدوا الله ما لكم إله غيره ".. فيبين القرآن الكريم بذلك انحرافهم عن الإله الحقيقي.

فإذاً المناط في الشرك، هو الخضوع المقترن بالإعتقاد بالألوهية، وقد يكون الشرك ناتجاً من الإعتقاد بربوبية المعبود، أي كونه مالكه ومسيطراً علي أمره من الخلق والرزق والحياة والممات، أو لكونه مالكاً للشفاعة والمغفرة..

فالذي يخضع لشئ معتقداً بربوبيته يكون عابداً له، ولذلك جاءت الآيات القرآنية تدعو الكفار والمشركين لعبادة الرب الحق.

قال تعالي: " وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا الله ربي وربكم ". وقال تعالي: " إن هذه أمتكم

أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون ".

وهنا مناط آخر وهو الإعتقاد بأن الشيء مستقل في ذاته أو فعله من غير أن يكون قائماً بالله، فالخضوع المقترن بهذا الإعتقاد يعد شركاً..

فإذا خضعتَ أمام إنسان باعتبار أنه مستقل في فعله سواء كان هذا الفعل عادياًّ مثل التكلم والحركة، أو كالمعجزات التي يقوم بها الأنبياء، يكون هذا الخضوع عبادة علي حد سواء..

ص: 319

بل لو اعتقد الإنسان أن حبة الصداع تشفي بصورة مستقلة عن الله تعالي يكون هذا الإعتقاد شركاً.

وبهذا نعرف أن الملاك في العبادة ليس فقط إظهار الخضوع والتذلل، وإنما الملاك الحقيقي هو الخضوع والتذلل بالقول أو الفعل لمن يعتقد بأنه إله أو رب أو مالك لشيء من شؤونه، علي وجه الإستقلال.

وكتب (العاملي) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

هذا.. الدكتور جايكل، مثل إمامه الحراني.. يبطن الحكم في مقدمة السؤال.. ويقول:

ماذا تقولون فيمن يدعو النبي؟ ويقصد: ماذا تقولون في من يدعو النبي بدل الله تعالي؟!

والجواب أعطاه هو، لأنه قال: أيها المسلمون الذين تزورون النبي وتتوسلون به إلي الله، لأنه عبده ورسوله، أنتم تدعونه وتعبدونه بدل الله!! فأنتم مشركون!!

وهذا أسوأ أنواع المصادرة والتزوير في البحث!!!

ثم أين مصدر هذا الحديث المكذوب الذي ذكره، الذي ينهي عن الإستغاثة إلي الله برسوله؟!!

إنه لا يوجد حتي.. في كيس أبي هريرة، فمن أي كيس أتيت به؟!!

وكتب (طالب العلم) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الواحدة والنصف صباحاً:

السلام علي من اتبع الهدي:

أعتقد أن الدكتور جايكل له كيس.. قد فصله له إمامه ابن تيمية.. وخيطه ابن عبد الوهاب..

ص: 320

وهذا أكبر من أكياس أبي هريرة!!!

وكتب (جايكل) بتاريخ 15 - 8 - 1999، الحادية عشرة صباحاً:

الجواب كان واضح أو وضح من الشمس، وأنتم فعلاً ما تفهمون! الآيات موجودة والأحاديث موجودة، بس ما تفهمون!

وكتب (العباسي) في الساحة الإسلامية بتاريخ 12 - 5 - 1999، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (ما الفرق بين استغاثة النصاري بعيسي، واستغاثة الشيعة بالعباس أبو فاضل؟)، قال فيه:

بالله.. ما الفرق؟؟؟؟؟

وكتب (شامس 22) بتاريخ 12 - 5 - 1999، الثانية عشرة ظهراً:

نفس الفرق بين عنبر أخو بلال، أو بلال أخو عنبر.. علي ما أظن.

وكتب (سلمان) بتاريخ 12 - 5 - 1999، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

روي الطبراني في معجمه الكبير من حديث عثمان بن حنيف:

أن رجلاً كان يختلف إلي عثمان بن عفان في حاجة له، فكان لا يلتفت إليه، ولا ينظر في حاجته، فلقي ابن حنيف فشكا إليه ذلك. فقال عثمان بن حنيف: ائتِ الميضاة فتوضأ، ثم ائت المسجد فصلِّ ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد (صلی الله علیه و آله) نبي الرحمة. يا محمد إني أتوجه بك إلي ربي لتقضي حاجتي. وتذكر حاجتك. فانطلق الرجل فصنع ما قال له. ثم أتي باب عثمان بن عفان، فجاءه البواب، فأخذه بيده فأدخله علي عثمان، فأجلسه معه علي الطنفسة فقال: ما حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها له. ثم قال: ما ذكرت حاجتك حتي كانت الساعة. وقال: من كان لك من

ص: 321

حاجة فاذكرها. راجع تحقيق النصرة ص 114 - 155، رواه نقلاً عن الطبراني في معجمه الكبير.

وروي جماعة منهم الحاكم في المستدرك، من حديث عمر بن الخطاب:

أن آدم لما اقترف الخطيئة قال: يا رب أسألك بحق محمد لما غفرت لي.

قال الله: يا آدم وكيف عرفت محمداً ولم أخلقه؟

قال: يا رب لأنك لما خلقتني بيدك، ونفخت فيَّ من روحك، رفعت رأسي، فرأيت علي قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمد رسول الله. فعلمت أنك لم تضف إلي اسمك إلا أحب الخلق إليك. فقال تعالي: صدقت يا آدم، إنه لأحب الخلق إلي، ادعني بحقه فقد غفرت لك، ولولا محمد لما خلقتك. وذكره الطبراني وزاد فيه: وهو آخر الأنبياء في ذريتك. راجع مستدرك الحاكم، كتاب التاريخ في آخر كتاب البعث: 2/615، ومجمع الزوائد: 8/253.

إذن ما الفرق بين توسل آدم (علیه السلام) بالنبي صلي الله عليه وآله، وتوسلنا بأبي الفضل العباس (علیه السلام)؟

وكتب (شامس 22) بتاريخ 12 - 5 - 1999، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

نقول لك الله موجود يجيب دعوة الداعي إذا دعاه. تقول: أبو فاضل! أبو فاضل مات، هم لاحقينه. الله يهداك بس.

وكتب (أبو محمد التيمي) بتاريخ 12 - 5 - 1999، الثامنة مساءً:

أولاً: يجب أن يعرف أن هناك فرق كبير بين التوسل بالمخلوقين.. دعاء الله بهم.. وبين دعائهم من دون الله. فالأول بدعة لم يفعله السلف، وهو يؤدي إلي الشرك كما هو مشاهد.. أما الثاني: فشرك صريح باتفاق العلماء.

ص: 322

ثانياً: القصة التي ذكرتها عن الطبراني ضعيفة جداًّ، وهي تختلف عن حديث توسل الأعمي بدعاء رسول الله صلي الله عليه وسلم.

أنظر: هذه مفاهيمنا: في الرد علي محمد علوي المالكي، للشيخ صالح آل الشيخ ص 37.

أما الحديث الثاني فهو لا يصح، ولو صحَّ، وهذا بعيد جداًّ، لكان من التوسل بالمخلوقين وليس من دعائهم. والذي يفعله الشيعة وغيرهم من الصوفية هو دعاء صريح واستغاثة بالأموات.

وكتب المدعو (محب أهل البيت) بتاريخ 13 - 5 - 1999، السادسة صباحاً:

الفرق هو أن النصاري عندهم اثنان زيادة علي الله يدعونهم ويلتجؤون إليهم، وهم المسيح والروح القدس. والكاثلويك يضيفون العذراء مريم. لكن الشيعة عندهم اثنا عشر رجلاً يستعينون بهم. وعندي روايات كثيرة في هذا الباب تقشعر منها جلود المؤمنين، ويكفي المرء عجباً أن يري إنساناً يقر

ما يزيد علي 17 مرة في صلاته: " إياك نعبد وإياك نستعين " ثم يأتي ليقوم فيقول: " يا علي " أو تمرض بنته، فيذهب إلي مرقد فلان وفلان، ليدعو!!

وكتب (شامس 22) بتاريخ 14 - 5 - 1999، الرابعة عصراً:

المسيحيين عندهم اثنين أو ثلاثة، وهؤلاء عندهم درزن.. راهين! أليس كذلك؟؟؟؟؟

وكتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 26 - 3 - 2000، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (حكم التوسل بالأولياء والصالحين)، قال فيه:

ص: 323

فإنه نتيجة لبعد كثير من المسلمين عن ربهم، وجهلهم بدينهم في هذا الزمن، فقد كثرت فيهم الشركيات والبدع والخرافات، ومن ضمن هذه الشركيات التي انتشرت بشكل كبير، تعظيم بعض المسلمين لمن يسمونهم بالأولياء والصالحين، ودعاؤهم من دون الله، واعتقادهم أنهم ينفعون ويضرون،

فعظموهم وطافوا حول قبورهم. ويزعمون أنهم بذلك يتوسلون بهم إلي الله لقضاء الحاجات وتفريج الكربات، ولو أن هؤلاء الناس الجهلة رجعوا إلي القرآن والسنة، وفقهوا ما جاء فيهما بشأن الدعاء والتوسل لعرفوا ما هو التوسل الحقيقي المشروع؟

إن التوسل الحقيقي المشروع هو الذي يكون عن طريق طاعة الله، وطاعة رسوله صلي الله عليه وسلم بفعل الطاعات واجتناب المحرمات، وعن طريق التقرب إلي الله بالأعمال الصالحة، وسؤاله بأسمائه الحسني وصفاته العلا، فهذا هو الطريق الموصل إلي رحمة الله ومرضاته.

أما التوسل إلي الله عن طريق: الفزع إلي قبور الموتي والطرف حولها، والترامي علي أعتابها وتقديم النذور لأصحابها، لقضاء الحاجات وتفريج الكربات فليس توسلاً مشروعاً بل هذا هو الشرك والكفر بعينه والعياذ بالله..

وكتب (عراقي) بتاريخ 26 - 3 - 2000، التاسعة مساءً:

أسألك سؤال.. يا عمر:

أنت عندما تطوف بالكعبة المشرفة، والتي هي في الواقع " أحجار " وتتمسح بجدرانها..

وعندما تمسك الحجر الأسود، أقول " الحجر " وتلثمه.. فهل أنت بعملك هذا تعبد الكعبة وتعبد الحجر، فإن قلت: نعم فقد أشركت بالله.

ص: 324

النبي.. يا حضرة عمر أشرف من الكعبة، بل أشرف الموجودات علي الإطلاق.. ويأتي بعده آله الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم.

وإذا كنت تودع الحجر ميثاقك وتعتقد بحفظه للميثاق، فما بالك تستشكل بها عند وصولك لسيد الموجودات وآله الميامين، وهم أحياء عند ربهم يرزقون، ولكن لا تشعرون.

وكتب (العاملي) بتاريخ 26 - 3 - 2000، العاشرة مساءً:

ما رأيك يا عمر.. لو كان المتوسل بقبر الشافعي هو أحمد بن حنبل؟! أو كانوا كبار أئمتك يتوسلون بقبر أحمد؟!!

وكتب (عمر) بتاريخ 26 - 3 - 2000، العاشرة والنصف مساءً:

لا تخلط شعائر الحج بالتمسح بالقبور " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق ".

أما إلي العاملي: مع تحفظنا علي ما تذكر عن ابن حنبل، فهو لا يصل إلي ما تفعلوه وتعتقدوه بالقبور. وأعتقد بأن الله أقرب من صاحب القبر بتفريج الكربات.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 26 - 3 - 2000، الحادية عشرة ليلاً:

هل تعلم يا عاملي أحداً من أهل السنة توسل بمخلوق مثل توسلكم هذا: " كلمح البصر، أو هو أقرب يا محمد، يا علي، يا محمد، يا علي، اكفياني فإنكما كافيان، وانصراني فإنكما ناصران، يا مولانا يا صاحب الزمان، الغوث، الغوث، الغوث، أدركني، أدركني، أدركني، الساعة، الساعة، الساعة، العجل، العجل، العجل. يا أرحم الراحمين بحق محمد وآله الطاهرين ".

ص: 325

وبالمناسبة ما تعليقك علي هذا التوسل هل هو مشروع، أم ممنوع؟ إن جئتنا بأحد من أهل السنة توسل بمثل هذا الكلام، فنحن علي استعداد للبراءة منه.

وكتب (خادم علي) بتاريخ 26 - 3 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

هل قولك هذا يخص، أو يعم؟ فإن كان يعم، فخذ هذه الهدية:

ذكر اليافعي في روض الرياحين، عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أنه قال: بينما نحن جلوس بالمسجد وإذا نحن برجل أعمي قد دخل علينا...

قال العاملي:

ونقل قصة التوسل بلحية أبي بكر التي تقدمت عن الغدير، وقال:

" اللهم إني لو وجدت شفعاء أقرب إليك من محمد وأهل بيته الأخيار الأئمة الأبرار لجعلتهم شفعائي. فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك، أسألك أن تدخلني في جملة العارفين بهم وبحقهم، وفي زمرة المرحومين بشفاعتهم، فإنك أرحم الراحمين ".

وكتب (سجاد) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة صباحاً:

عن أنس، أن عمر بن الخطاب، كان إذا قحطوا استسقي بالعباس فقال: اللهم إنا كنا نتوسل بنبيك فتسقنا، وإنا نتوسل إليك بعم نبيك فاسقنا فسقوا...

ضياء الصدور ص 11، استانبول، أفست 1986 م.

صحيح البخاري: 1/179 - 2/306.

وكتب (عمر) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة والثلث صباحاً:

ما ذكرته عن توسل عمر (ض) بدعاء العباس (ض) فلقد علقنا عليه في بداية الموضوع، ومن ردك نري بأنك لم تقرأ ما كتبناه في بداية الموضوع.

ص: 326

وكتب (العاملي) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة والدقيقة الواحدة والثلث ليلاً:

لكن أنا قرأت يا عمر، فأجبني!!

ما لك رأيت أموراً تنقض كلامك، ومذهب إمامك ابن تيمية، فأغمضت عنها..

وهربت من جوابها!! ورأيت أمراً صغيراً من الأخ سجاد فتشبثت به؟!

وكتب (عمر) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

عزيزي العاملي:

ما كتب خلط للأوراق.. فيه حقائق وبدع وضلال.

الرجاء تحديد المراد ومن ثم المناقشة، والأهم هو اتباع الكتاب والسنة في هذه الأمور المهمة. فإذ

كان لك ما يوافقك فهاته راجع الموضوع بالبداية لتري التوثيق بآيات الله، ولا رأي بعد كتاب الله.

وكتب (عراقي) بتاريخ 27 - 3 - 2000، السابعة والنصف صباحاً:

أعود إلي موضوع أحجار الكعبة المشرفة والحجر الأسود.. فقد كان جوابك.. بأن لا أخلط بين مناسك الحج والتمسح بالقبور.

أقول: ليس من شروط الحج أن تتمسح بأحجار الكعبة.. وليس من شروط الحج التمسح بالحجر الأسود..

وأضيف لك معلومة أخري وهي أن المسلمين عندما يطوفون بالبيت العتيق يضمون بطوافهم قبر نبي الله إسماعيل وأمه المدفونين في حجر إسماعيل، فهل في طواف المسلمين إشكال، يا عمر؟؟؟؟؟

ص: 327

وكتب (حساوي) بتاريخ 27 - 3 - 2000، العاشرة صباحاً:

يا عمر هذا حديث نقله إليك الأخ سجاد.. تهربت من الإجابة عليه: كيف يجوز لعمر ابن الخطاب ما لا يجوز لغيره؟ هل هذا حديث صحيح، أم لا؟

سؤال ثاني: هل تعبد الحجر الأسود؟؟ هل تعبد الكعبة؟؟ لماذا لا تدعو الله عن بعد؟؟ إن الله سميع بصير، لماذا تقبل القرآن الكريم، هل تعبده؟؟ لماذا تقبل أبنائك هل تعبدهم؟؟ إنما الأعمال بالنيات.

اللهم ارزقنا زيارة سيدي أبي عبد الله الحسين.

وكتب (أبو الفضل) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

والله لا أظن. بعد هذا الإفحام.. إفحام يا عمر.. أين أنت، لا تجيب.. أو أنك اكتفيت!

الله يهديك ويهدي جميع الإخوة السنة، الذين يغلطون فينا كل يوم.

اللهم لا أرجو إلا شفاعة أهل البيت عليم السلام.

وكتب (عمر) بتاريخ 27 - 3 - 2000، الواحدة ظهراً:

كيف أتهرب والجواب مذكور في بداية الموضوع! ولو كان عمر (رضی الله عنه) شيعياًّ لذهب لقبر الرسول (صلی الله علیه و آله) وترك العباس (رضی الله عنه)، لقد فضل عمر (رضی الله عنه) الحي علي الميت، وأخذ بدعاء العباس (رضی الله عنه) أي لم يتمسح بميت!! أعد قراءة الموضوع من البداية لتعرف الإجابة!

وكتب (حساوي) بتاريخ 27 - 3 - 2000، التاسعة والربع مساءً:

يا أخ عمر.. لماذا يتوسل عمر ابن الخطاب بالعباس؟؟ لماذا كان يتوسل بالنبي؟

لماذا لا يتوسل إلي الله مباشرة؟ هل في هذا شرك بالله؟

ص: 328

هل يجوز التوسل بالأحياء الصالحين كما فعل عمر؟ الرجاء الإجابة وليس التعليق!

اللهم ارزقنا زيارة أبي عبد الله الحسين.

وكتب (عمر) بتاريخ 27 - 3 - 2000، العاشرة والثلث مساءً:

لا يجوز التوسل بالأحياء، بل التبرك بدعائهم أي نطلب منهم الدعاء باسمنا لمنزلتهم. أما الميت فلا يستطيع الإجابة.

وكتب (عراقي) بتاريخ 28 - 3 - 2000، السابعة صباحاً:

يظهر من كلامك.. أن العباس أفضل من عمر. ولهذا قلت: تبركاً بدعائهم لمنزلتهم.

والثانية: قولك إن الميت لا يستطيع الإجابة..

فالإجابة والإستجابة هي من الله، لا من المتوسل به!! ورسول الله صلي الله عليه وآله حرمته حي كحرمته ميت..

وأن الله سبحانه وتعالي قال: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون. فهل في الكون أحداً أشرف وأعلي منزلة من رسول الله صلي الله عليه وآله كي تعتبره ميتاً.

وكتب (عمر) بتاريخ 28 - 3 - 2000، الثانية ظهراً:

العباس (رضی الله عنه) عم الرسول (صلی الله علیه و آله) وهو أقرب أقاربه ولو كانت الخلافة للأقارب لكان العباس (رضی الله عنه) دون علي (رضی الله عنه). أما دعاء الإستسقاء فيكون بأفضل المؤمنين ولقد اجتهد عمر (رضی الله عنه) بهذا الرأي ووجد أقرب الناس للنبي (صلی الله علیه و آله) هو العباس. يجب أن تفرق بين الدعاء والتوسل والتمسح بالقبور والتبرك بالأحياء والأموات. حدد ما تريد أن تناقش به.

ص: 329

وكتب (عراقي) بتاريخ 28 - 3 - 2000، السادسة والنصف مساءً:

ليس الخلافة بالأقارب.. بل بما اختاره الله.

وقد اختار السلالة الطاهرة كما اختار لأنبيائه من قبل، كآل داوود وآل عمران وآل إبراهيم..

فلماذا انحرفت عندما وصلت إلي آل محمد صلوات الله عليهم.

وأما قولك: " أما دعاء الإستسقاء فيكون بأفضل المؤمنين ". فهذا تأكيد آخر منك علي أن العباس أفضل من عمر!!!!!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 29 - 3 - 2000، الحادية عشرة مساءً:

فرق بين التوسل السني والتوسل البدعي.. أن التوسل السني الصحيح يتوجه المتوسل بدعائه إلي الله وليس إلي المخلوقين، فيقول مثلاً: اللهم إني أتوسل إليك.

أما البدعي فيدعو المتوسل المخلوقين مباشرة كأن يقول المتوسل: يا رسول الله، يا علي، يا حسين، فيدعوهم من دون الله تعالي. وهذا الذي لا يجوز وفاعله مشرك بالله تعالي، لأن الدعاء عبادة فلا يجوز صرفه لغير الله.

وكتب (العاملي) بتاريخ 30 - 3 - 2000، الثالثة والنصف ظهراً:

وماذا تصنع.. يا محب السنة بحديث الصحابي عثمان بن حنيف رحمه الله.

حيث علم مسلماً، كانت له حاجة إلي عثمان بن عفان في خلافته، أن يصلي ركعتين ثم يقول: اللهم إني أتوجه إليك بمحمد، يا محمد إني أتوجه بك إلي الله... إلخ.

وقد صححه الطبراني، وغيره؟!!

ص: 330

مشكلتكم.. أنهم ركبوا في أذهانكم أن التوسل والنداء طلب من المتوسل به والمنادي!!

ولو سألتم عربياًّ فصيحاً غير مدخول، لقال لكم: إن التوسل والنداء ليس تأليهاً، بل هو طلب مساعدة من الشخص نفسه أو من غيره، أو من ربه بواسطته؟!

وقد ضربت لك مثلاً.. سابقاً: لو أن سيارتك انقطعت في الصحراء.. وناديت صاحبك: " يا علي، يا عمر، أعني، ساعدني رجاء ".. فهل أنت بذلك تعبده؟!!!!

وكتب (أبو فراس) بتاريخ 30 - 3 - 2000، الرابعة إلا ربعاً عصراً:

هذا هو طلب للمساعدة، يعني رأيت رجلاً فطلبت منه أن يعاونك أو يساعدك كما تذهب بسيارتك إلي الكراج مثلاً لتصليح العطل الذي بها، هذا لا بأس به. أو إذا مرضت تذهب إلي الطبيب للمعالجة، هذه الأمور معروفة، وجائزة إن شاء الله. ولكن أن يكون طلبك للميت وقد أكله الدهر، أو من مات للتو، هذا طبعاً، لا يجوز، أو تطلب منه أن يشفع لك عند الله، أو تقول أدركني، أو أغثني. فالدعاء هنا يكون لله تعالي، حيث قال: " فلا تدعوا مع الله أحداً ".. بل أقول: يا الله، يا رحمن، يا رحيم أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك.. بعد ذلك أدعو ما شئت من الدعاء. مثلاً: ارحمني، واغفر لي، وهكذا.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 30 - 3 - 2000، السادسة مساءً:

لو تعطلت سيارتك ودعوت إنساناً ميتاً أو غائباً هل يسمعك أو ينفعك. أما إن استعنت بحي قادر فليس في ذلك بأس وهو سبب مباح. قال تعالي: " ومن أضل

ص: 331

ممن يدع من دون الله من لا يستجيب له إلي يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين ".

وكتب (العاملي) بتاريخ 31 - 3 - 2000، الواحدة صباحاً:

روحي لك الفداء، يا رسول الله..

أشهد أنك حيٌّ.. عند ربك ترزق.. وتسمع كلام من سلم عليك.. وتوسل إلي الله بك.. وتكلم معك.. إلا أن تحجب ذنوبه توسله بك.. أو تمنع معاصيه سماعك صوته..

أشهد أنك أقرب الخلق إلي الله وسيلة، حياًّ في دنيانا، وميتاً في الملأ الأعلي فوقها..

وأشهد أننا ما عرفنا علوَّ مقامك عند ربك، ولا وقرناك كما أنت أهله، وأن الأذهان المسطحة والمشاعر الخشنة، والأرواح الغليظة، قد ظلمتك وقالت إن بدنك الطاهر قد بلي، وإنك لا تنفع ميتاً، وأن عصا شيخهم تنفع أكثر منك!!!

وأنك " طارش " أوصلت الرسالة.. وانتهي الأمر!!! ألا بعداً لهذه الجرأة الوحشية، وقلة الفهم الأعرابية!!

وأشهد أن حديث ابن حنيف عنك صحيح.. وأن الله أوحي إليك، أن تعلم أمتك، التوسل إلي ربها بك.. وأنك وأهل بيتك.. الوسيلة التي قال الله عنها: " وابتغوا إليه الوسيلة ".

وقال عنها: " يبتغون إلي ربهم الوسيلة أيهم أقرب ".

وقال: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول "

وأن هذا المجئ إليك حياًّ وميتاً، واستغفارك لمن طلب منك حياًّ وميتاً.. صلي الله عليك وعلي آلك الأطهار، ووفقنا لمعرفة مقامكم، وحقكم العظيم.

ص: 332

وكتب (عمر) بتاريخ 31 - 3 - 2000، الثانية ظهراً:

عزيزي العاملي: كلامك يخالف القرآن في هذه الآية: سورة الأعراف - 188: " قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراًّ إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير

وبشير لقوم يؤمنون ". كيف لا يستطيع دفع السوء عنه ليدفعه عن غيره؟؟

انتهي.

قال (العاملي):

كثيراً ما يعرض المناقشون الشيعة عن مقولات عمر هذا.. لأنه يناقض نفسه.. ولا يتكلم بمنطق، ولا يعترف بخطأ إلا عندما يكون افتضاحه فاحشاً!!

وقد ناقض ما صح من مذهبه في هذا الموضوع بقوله إن عمر لم يتوسل بالعباس.. مع أن عمر نص علي ذلك في صلاة الإستسقاء!!

واعترف بذلك أن العباس أفضل من عمر، مع أن مذهبه لا يقبل ذلك.. إلخ.

وكتب (ذو الفقار) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23 - 1 - 2000، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (قال الله تعالي: يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة. المائدة - 35)، قال فيه:

إن تحريم التوسل بالنبي الأكرم صلي الله عليه وآله، وبسائر الأنبياء والأئمة عليهم السلام، وكذا بالأولياء الصالحين، هو من مبتدعات الوهابيين.

قال الله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ". المائدة - 35.

ص: 333

قال السمهودي الشافعي في كتابه وفاء الوفا بأخبار دار المصطفي:

(قد يكون التوسل، به صلي الله عليه [وآله] وسلم، بطلب ذلك الأمر منه، بمعني أنه صلي الله عليه [وآله] وسلم قادر علي التسبب فيه بسؤاله وشفاعته إلي ربه فيعود إلي طلب دعائه وإن اختلفت العبارة ومنه قول القائل له أسألك مرافقتك في الجنة... الحديث. ولا يقصد به إلا كونه صلي الله عليه [وآله] وسلم سبباً وشافعاً).

وفي كتاب كشف الارتياب ص 252:

(روي النسائي والترمذي وغيرهما إنه صلي الله عليه وآله علم بعض أصحابه أن يدعو ويقول: اللهم إني أسئلك وأتوسل إليك بنبيك نبي الرحمة يا محمد يا رسول الله إني أتوسل بك إلي ربي في حاجتي ليقضيها لي اللهم فشفعه بي).

ونقل السمهودي في وفاء الوفا: 2/422:

(عن القاضي عياض في الشفاء بسند جيد عن أبي حميد قال: ناظر أبو جعفر أمير المؤمنين مالكاً في

مسجد رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم.

فقال مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله تعالي أدب قوماً فقال: " لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي.. " الآية، ومدح قوماً فقال: " إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله.." الآية، وذم قوماً فقال: " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات.. " الآية. وإن حرمته ميتاُ كحرمته حياًّ. فاستكان لها أبو جعفر.

فقال: يا أبا عبد الله، أستقبل القبلة وأدعو، أم أستقبل رسول الله صلي الله عليه وآله.

ص: 334

فقال: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك ووسيلة أبيك آدم عليه السلام إلي الله يوم القيامة؟ بل استقبله واستشفع به فيشفعك الله، قال الله تعالي: " ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم.. " الآية). انتهي.

وذكر صاحب كتاب خلاصة الكلام أن هذا الحديث أورده:

السبكي في كتابه شفاء السقام في زيارة خير الأنام.

والسمهودي في كتابه خلاصة الوفا.

والقسطلاني في المواهب اللدنية.

وابن حجر في تحفة الزوار، والجوهر المنظم.

وذكر كثير من مؤلفي كتب المناسك في آداب زيارة النبي صلي الله عليه وآله.

قال ابن حجر في كتابه الجوهر المنظم:

(رواية ذلك عن الإمام مالك جاءت بالسند الصحيح الذي لا مطعن فيه).

وقال الزرقاني في شرح المواهب:

(ورواها ابن فهد بإسناد جيد، ورواها القاضي عياض في الشفا بإسناد صحيح رجاله ثقات، ليس في إسنادها وضاع، ولا كذاب. وقال: ومراده بذلك الرد علي من نسب إلي مالك كراهية استقبال القبر).

وفي الصواعق المحرقة لابن حجر: أن الإمام الشافعي توسل بأهل البيت النبوي حيث قال:

آل النبي ذريعتي... وهم إليه وسيلتي

أرجو بهم أعطي غداً... بيدي اليمين صحيفتي

وزاد في كشف الإرتياب ص 260:

(أما أئمة أهل البيت الطاهر النبوي، فأدعيتهم المأثورة عنهم التي تبلغ حد التواتر طافحة بالتوسل بجدهم صلي الله عليه وآله وبآله وبحقه وحقهم والأقسام عليه تعالي

ص: 335

بهم. وهم أعرف بسنة جدهم وبأحكام ربهم من ابن تيمية وابن عبد الوهاب وأتباعهما من أعراب نجد، فهم باب مدينة علم المصطفي، وورثة علمه الذين أمرنا بأن نتعلم منهم).

وقال في كشف الإرتياب ص 260:

(ومن أنواع التوسل به صلي الله عليه وآله، استقبال قبره الشريف، وقت الدعاء، فإنه في الحقيقة توسل به صلي الله عليه وآله، وبقبره الشريف، وقد جرت عليه سنة المسلمين خلفاً عن سلف وقرناً بعد قرن، وجيلاً بعد جيل، وأفتي باستحبابه الإمام مالك، إمام دار الهجرة في قوله للمنصور: لم تصرف وجهك عنه وهو وسيلتك، ووسيلة أبيك آدم إلي الله تعالي، بل استقبله واستشفع به).

قال في كتاب خلاصة الكلام:

(ذكر علماء المناسك أن استقبال قبره الشريف صلي الله عليه وآله وقت الزيارة والدعاء، أفضل من استقبال القبلة).

قال في الجوهر المنظم:

(ويستدل لإستقبال القبر أيضاً، بأنا متفقون علي أنه صلي الله عليه وآله حي في قبره، يعلم زائره، وهو صلي الله عليه وآله لو كان حياًّ لم يسع الزائر إلا استقباله واستدبار القبلة، فكذا يكون الأمر حين زيارته في قبره الشريف..). ثم نقل قول مالك للمنصور المشار إليه آنفاً.

ثم قال قال العلامة الزرقاني في شرح المواهب:

(إن كتب المالكية طافحة باستحباب الدعاء عند القبر مستقبلاً له، مستدبراً للقبلة).

ثم نقل عن مذهب أبي حنيفة والشافعي والجمهور مثل ذلك وقال:

ص: 336

(وأما مذهب الإمام أحمد ففيه اختلاف بين علماء مذهبه، والراجح عند المحققين منهم أنه يستقبل القبر

الشريف كبقية المذاهب).

وقال في ص 258، قال السمهودي:

(ذكر كثير من علماء المذاهب الأربعة في كتب المناسك عند ذكرهم زيارة النبي صلي الله عليه وآله أنه يسن للزائر أن يستقبل القبر الشريف ويتوسل إلي الله تعالي في غفران ذنوبه وقضاء حاجاته ويستشفع به صلي الله عليه وآله).

وفي ص 263:

(روي أبو حنيفة في مسنده، عن ابن عمر، قال: من السنة أن تأتي قبر رسول الله صلي الله عليه وآله من قبل القبلة، وتجعل ظهرك إلي القبلة وتستقبل القبر وتسلم).

وقال ابن جماعة في منسكه الكبير:

(ومذهب الحنفية... إلي أن قال: ثم يدور إلي أن يقف قبالة الوجه المقدس، مستدبر القبلة فتسلم).

إحذر يا ناصبي!!!!!

وكتب (الموسوي) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 2 - 2 - 2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (من فمك أدينك - 1!! التنبيه علي ضعف حديث: " لا يستغاث بي ")، قال فيه:

http://www.sahab.net/sahab_html/Forum1/HTML/010636.html

هذا هو بحث ل- (المنصور) في سحاب، حول بطلان الاستدلال بحديث: " لا يستغاث بي ".

ص: 337

الذي يكثر الوهابية الإستدلال به!

وهذه المرة آثرت أن أنقله أيضاً لأن الوصلة التي وضعتها لموضوع (الألباني ينصح الأمة بهدم الكعبة!) لا تظهر لي، لا في أنا المسلم، ولا في سحاب. ففضلت أن أنقل بحث المنصور أيضاً ولا أكتفي بالإشارة للوصلة فلعله يحذف أيضاً!!

بسم الله الرحمن الرحيم

في الليلة السابقة، وقع في خلدي، أن أقوم بتحرٍّ للحديث الذي أري أن البعض قد أكثر من تداوله والإستدلال به في باب العقيدة معتمداً علي ذكره في بعض الكتب من غير تحقيق، ولا مراجعة، وعمدتهم في ذلك ما ذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/ 159: إذ قال:

وعن عبادة بن الصامت، قال: قال أبو بكر: قوموا نستغيث برسول الله صلي الله عليه وسلم من هذا المنافق.

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنه لا يستغاث بي، إنما يستغاث بالله عز وجل.

وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة، وهو حسن الحديث. وقد رواه أحمد بغير هذا السياق، وهو في الأدب في باب القيام.

أقول وبالله التوفيق:

هذه العبارة ليست تحسيناً للحديث كما ظن البعض، بل هي عبارة ممجلة، حكم بها الهيثمي علي ابن لهيعة، وقد كررها في مواضع من كتابه. وحاله لا يخفي علي المهتمين بهذا العلم.

والجمهور من العلماء قد خالف الهيثمي في هذا، أو بالأحري فصَّل في ذلك، واعتبروا تحسين روايته

ص: 338

فقط في المتابعات والشواهد، كما فعل مسلم وغيره.

بل والأكثر من ذلك أن الهيثمي نفسه قد ضعفه مطلقاً، كما في المواطن التالية: 1/54، 1/89، 1/92، 1/202: ضعيف، وقد وثق.

وقال في: 10/375، وقد ضعفه الجمهور، وغيرها كثير.

وفي: 10/264 / قال: حديثه يعتضد.

وفي: 10/206، قال: وهو يدلس وفيه ضعف وقد وثق.

والصواب التفصيل كما سبق بيانه، وقد لخص وجمع الأقوال، الهيثمي نفسه كما في: 6/97، فقال عن ابن لهيعة: وقد ضعف، وحديثه حسن باعتبار الشواهد.

ونعود لحديثنا هنا، فنقول لا ينبغي أن يعتقد أن الهيثمي قد حسن الحديث، بل هذا خطأ محض من قائله للأسباب التالية:

أ - أن الهيثمي، قد صرح بأن مدار الحديث علي ابن لهيعة، ولو كان مصححاً للحديث أو لا يريد تنبيهك علي شئ، لقال: ورجاله ثقات أو نحو ذلك.

ب - وبقوله: " رجاله رجال الصحيح "، فإنه قد أحالك إلي متابعة دراسة السند من حيث الإتصال وغيره من إرسال خفي ونحوه.

وحديثنا هذا من الأمثلة علي أهمية اعتبار هذه النقطة، فللحديث علل ينبغي التنبه لها:

1 - أن ابن لهيعة نفسه، قد رواه بإسناد فيه رجل مجهول، وهذه الرواية هي التي بين أيدينا، وقد أشار إليها الحافظ الهيثمي هنا، ثم ذكرها في موطن آخر. وهي في مسند أحمد: 5/317: ثنا موسي بن داود، ثنا بن لهيعة، عن الحرث بن يزيد، عن علي بن رباح، أن رجلاً سمع..

ص: 339

وقال في مجمع الزوائد: 8 /40 رواه أحمد وفيه راوٍ لم يسمَّ، وابن لهيعة. وتأمل كيف أرسل الهيثمي القول في ابن لهيعة لشهرة المقالة فيه. إضافة علي ذلك نقول: لعل رواية الطبراني فيها كذلك الرجل المجهول نفسه، لكن الهيثمي لم ينبه علي ذلك، خاصة بأن السياق قد لا يوحي بذلك، وفي بعض الأحايين لا يمكن التحقق من ذلك إلا بمراجعة طرق أخري للحديث، ولا ندري حتي الآن الراجح في ذلك! وحيَّهلا بباحث يأتينا بإسناد الطبراني ولفظه كاملاً، فإني قد حاولت جاهداً الوقوف عليها دون

جدوي، مع علمي بأن الهيثمي قد ذكرها، وتبعه السيوطي في الجامع الكبير.

2 - لفظ هذه الرواية وهي الأشهر مغاير، وليس فيها لفظ الإستغاثة بتاتاً، وقد مرَّ.

فلفظ أحمد: " عن عبادة بن الصامت قال: خرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: قوموا نستغيث برسول الله صلي الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يقام لي إنما يقام لله تبارك وتعالي ".

ووجدته في الطبقات الكبري: 1/387: " أخبرنا موسي بن داود، أخبرنا بن لهيعة، عن الحارث بن يزيد، عن علي بن رباح، أن رجلاً سمع عبادة بن الصامت يقول: خرج علينا النبي صلي الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: قوموا نستغيث برسول الله صلي الله عليه وسلم من هذا المنافق، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا يقام لي إنما يقام لله ".

3 - إيراد ابن كثير الرواية بكاملها في تفسيره، وبإسنادها عند ابن أبي حاتم وضعفها.

ص: 340

قال رحمه الله ج 3 ص 174: " قال ابن أبي حاتم رحمه الله، ذكر عن زيد بن الحباب، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا الحارث بن يزيد الحضرمي عن علي بن رباح اللخمي، حدثني من شهد عبادة بن الصامت يقول: كنا في المسجد ومعنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقرأ بعض القرآن فجاء عبد الله

بن أبي بن سلول ومعه نمرقة وزربية، فوضع واتكأ، وكان صبيحاً فصيحاً جدلاً، فقال: يا أبا بكر قل لمحمد يأتينا بآية كما جاء الأولون، جاء موسي بالألواح، وجاء داود بالزبور، وجاء صالح بالناقة، وجاء عيسي بالإنجيل وبالمائدة، فبكي أبو بكر رضي الله عنه، فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: قوموا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم نستغيث به من هذا المنافق.

فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم: إنه لا يقام لي إنما يقام لله عز وجل.

فقلنا: يا رسول الله، إنا لقينا من هذا المنافق.

فقال: إن جبريل قال لي: أخرج فأخبر بنعم الله التي أنعم بها عليك وفضيلته التي فضلت بها فبشرني أني بعثت إلي الأحمر والأسود، وأمرني أن أنذر الجن، وآتاني كتابه وأنا أمي، وغفر ذنبي ما تقدم وما تأخر وذكر اسمي في الأذان، وأمدني بالملائكة، وآتاني النصر وجعل الرعب أمامي، وآتاني الكوثر، وجعل حوضي من أكثر الحياض يوم القيامة وروداً، ووعدني المقام المحمود، والناس مهطعون رؤوسهم، وجعلني في أول زمرة تخرج من الناس، وأدخل في شفاعتي سبعين ألفاً من أمتي الجنة بغير حساب، وآتاني السلطان والملك، وجعلني في أعلي غرفة في الجنة في جنات النعيم، فليس فوقي أحد إلا الملائكة الذين يحملون العرش، وأحل لي ولأمتي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلنا.

ص: 341

وقال: هذا الحديث غريب جداًّ، وهنا في هذه الرواية التصريح بالسماع من ذلك المجهول، وأنه واسطة في الإسناد.

4 - إنفراد ابن لهيعة، إذ لا يوجد له متابعة، ولا للفظه شواهد يرتقي بها.

فملخص المبحث أنه لا يجوز الإستدلال بهذا الحديث فيما يتعلق بالعقيدة. نسأل الله التوفيق.

وكتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 4 - 2 - 2000، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (هل سورة الزمر.. تنطبق علي الشيعة؟؟)، قال فيه:

لا أعرف لماذا توقفت عند قراءة هذه السورة الكاملة التي تبين التوحيد وتنقض الأوصياء أو الشفعاء. هذه السورة أكبر دليل علي الدعاء لله فقط دون غيره، وأتمني من الشيعة التبصر بهذه الآيات:

تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم. إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلي الله زلفي إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 5 - 2 - 2000، الثامنة صباحاً:

عمر كان أفهم منك يا.. عمر، وإن كنت أنت خيراً منه..

ألا تفرق بين الشفعاء من دون الله، والشفعاء من الله؟!!

وبين الأولياء من دون الله، والأولياء من الله؟!!

وبين اتخاذ الناس شفعاء وأولياء من عند أنفسهم كما اتخذت أنت عمر..

ص: 342

وبين اتخاذنا محمداً وآله صلي الله عليه وعليهم شفعاء وأولياء.. لأن الله أمرنا بولايتهم.. وأمرنا باتخاذهم وسيلة إليه بقوله: " اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة "؟؟!

ثم..

ألا تفرق بين التوسل بالنبي إلي ربه تعالي، وبين عبادة النبي من دون الله؟!! هل اختلطت عليك الأمور إلي هذا الحد؟!! أم أن نوع ذهنك...؟!!

وكتب (صبي الشيعة) بتاريخ 5 - 2 - 2000، التاسعة صباحاً:

كم من قارئ للقرآن والقرآن يلعنه!

وكتب (عمر)، الواحدة ظهراً:

أعتقد بأنكم من اختلطت الأمور لديكم، وما علاقة الشفاعة بالتوسل وما علاقة الشفاعة بشفاء الأمراض؟ وما علاقة الشفاعة بحضور الشفيع بالقبر، بل ما علاقة الشفاعة تفضيل أرض المشفوع علي بيت الله؟ كل هذه الأمور هي التي اختلطت عليكم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 5 - 2 - 2000، الرابعة عصراً:

ما ذكرته عن التوسل والإستشفاع بالنبي وآله صلي الله عليهم، صحيح نعتقد به.

وعندنا أدلتنا من أحاديثكم وأحاديثنا الصحيحة.. ويكفينا من أحاديثكم:

ما رواه الطبراني، وصححه، عن ابن حنيف رحمه الله، من تعليم النبي للمسلمين الإستشفاع والتوسل إلي الله تعالي به..

وفيه بعد أن تصلي ركعتين تقول: " اللهم إني أتوجه إليك بنبيك محمد.. يا محمد إني توجهت بك إلي الله.. ".

ص: 343

وقد علمه ابن حنيف لأحد المسلمين بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، في زمن عثمان بن عفان.. فراجع.

أما ما توهمته من تفضيلنا الزيارة المستحبة علي الحج الواجب.. فليس صحيحاً.

وكتب (العاملي) في هجر الثقافية، بتاريخ 13 - 9 - 1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (مختارات من كتاب: رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة، للشيخ محمود سعيد ممدوح)، قال فيه:

مختارات من كتاب رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة، بقلم الحافظ الشيخ محمود سعيد ممدوح:

قال في المقدمة:

وبعد: فإن مسألتي التوسل والزيارة من المسائل التي شغلت الناس كثيراً، وصنفت فيهما، خاصة مسألة التوسل، مصنفات متعددة وحصل أخذ ورد وجدل، وتزيد وتاجر بهما سماسرة الإختلاف بين المسلمين، ومما زاد الطين بلة أن سبكهما المتشددون في مسائل الإعتقاد!!

وقد حصل بسببهما الخوض في أعراض كثير من أئمة الدين، وتطاول في أعراض جماهير المسلمين.

ومن أحاط علماً بما ذكرت، علم كم صحب ذلك من النهي الشديد والتخويف والتهديد، وقد تلاحقت أقلام في ذلك كان من آخرها رسالة باسم: " الأخطاء الأساسية في توحيد الألوهية الواقعة في فتح الباري " شنع فيها صاحبها

ص: 344

علي الحافظ ابن حجر لتجويزه التوسل، وقوله باستحباب الزيارة، وهذا غاية في الغلو والتعصب والجهل!

فيا للعار والشنار، قاضي قضاة المسلمين وشيخ المحدثين، وإمامهم ومفخرة المسلمين أحمد بن حجر العسقلاني رحمه الله، تصنف بدون حياء رسالة تحوي هذا المعني الذي لا يدل إلا علي مبلغ انحراف مصنفها المسكين ومن دله عليها، علي جماعة المسلمين.

ولكن أهل الفضل لا يكترثون بمصنف تألف، فغايته أنه صرير باب، أو طنين ذباب، ولا يضر البحر العظيم أمثاله.

ما يضر البحر أمسي زاخراً... أن رمي فيه غلامٌ بحجر.

ولو كتبت مثل هذه الرسالة في عصر انتشار العلم والعناية بأهله، لكان للقضاء وللعلماء موقف آخر من هذا المتطاول وأمثاله..

وقد استعنت بالله تعالي علي تحقيق الحق في الأحاديث الواردة في التوسل والزيارة، وأردت أن أسلك فيه سبيل الإنصاف، وبعدتُّ فيه عن المحاباة والتعصب والإعتساف وتقيدت بقواعد الحديث الشريف.

والغرض من هذا المصنف بعد بيان الحق في الأحاديث، هو أن الخلاف في مسألة التوسل هو خلاف في الفروع، ومثله لا يصح أن يشنع أخ به علي أخيه أو يعيبه به.

وأن من قال به، وهو التوسل بالأنبياء والأولياء، متمسك بأدلة ثابتة ثبوت الجبال الرواسي، وردها لا يجئ إلا من متعنت أو مكابر، فإن لم تقنع فاسكت وسلم ولا تشنع، فالخلاف في الفروع لا يحتمل هذا الإفراط، سلك الله بنا سواء السبيل.

ص: 345

وأما المقصود في مسألة الزيارة، فهو إثبات إطباق فقهاء الأمة علي استحباب أو وجوب زيارة المصطفي صلي الله عليه وآله بشد رحل أو بدونه، وأن من قال بتحريم الزيارة المستوجبة لشد الرحل قد ابتدع، وخالف النصوص الصريحة، وإطباق فقهاء مذهبه، فضلاً عن المذاهب الأخري.

فأولي بأولي النهي ترك الشاذ من القول والتسليم بالمعروف المشهور الذي أطبقت الأمة علي العمل به، والله المستعان.

أما من تعود أن يقول: عنزة ولو طارت، أو يا داخل مصر مثلك كثير، فهو مكابر أو متعنت فلا كلام لنا معه، فقد خالف صريح الدليل وخالف أعيان الأئمة وسرج الأمة!

وقد سميت هذا المصنف: رفع المنارة لتخريج أحاديث التوسل والزيارة. أسال الله تعالي أن يتقبله بقبول حسن، ويجعله في صحيفة حسناتي. انتهي.

المقدمة الأولي في الكلام علي التوسل:

كان ابن تيمية، يري منع التوسل بالأنبياء والملائكة والصالحين، وقال: التوسل حقيقته هو التوسل بالدعاء، دعاء الحي فقط. وذكر ذلك في مواضع من كتابه التوسل والوسيلة ص 169.

وقال ابن تيمية ص 65، وهو الإعتراض الأول:

" السؤال به - أي بالمخلوق - فهذا يجوزه طائفة من الناس، لكن ما روي عن النبي صلي الله عليه وسلم في ذلك كله ضعيف بل موضوع، وليس عنه حديث ثابت قد يظن أن لهم فيه حجة، إلا حديث الأعمي لا حجة لهم، فإنه صريح في أنه إنما توسل بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم وشفاعته، وهو طلب من النبي صلي الله عليه وسلم الدعاء، وقد أمره النبي أن يقول: اللهم شفعه فيَّ.

ص: 346

ولهذا رد الله عليه بصره لما دعا له النبي صلي الله عليه وسلم، وكان ذلك مما يعد من آيات النبي صلي الله عليه سلم، ولو توسل غيره من العميان الذين لم يدع لهم النبي صلي الله عليه وسلم بالسؤال به لم تكن حالهم كحاله ". ا ه.

سيأتي إن شاء الله تعالي الرد علي هذا الكلام في تخريج الأحاديث، ففيها الصحيح والحسن والضعيف عند أئمة هذا الشأن، ووفق قواعد الفن.

أما قوله: " إلا حديث الأعمي لا حجة لهم فيه فإنه صريح في أنه إنما توسل بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم وشفاعته، وهو طلب عن النبي صلي الله عليه وسلم الدعاء، وقد أمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يقول: اللهم شفعه في. ولهذا رد الله عليه بصره لما دعا النبي صلي الله عليه وسلم وكان ذلك مما يعد من آيات النبي صلي الله عليه وسلم ". ا ه.

قلت: فنظر ابن تيمية إلي أن التوسل من الأعمي كان بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم، وكلامه، فيه نظر ظاهر، لأن الناظر في حديث توسل الأعمي يجد فيه الآتي:

1 - جاء الأعمي للنبي صلي الله عليه وسلم فقال له: ادع الله أن يعافيني، فالأعمي طلب الدعاء.

2 - فأجابه النبي صلي الله عليه وسلم قائلاً: " إن شئت أخرت ذلك وهو خير وإن شئت دعوت " فخيَّره رسول الله صلي الله عليه وسلم وبين له أن الصبر أفضل.

3 - ولكن لشدة حاجة الأعمي التمس الدعاء من النبي صلي الله عليه وسلم.

4 - عند ذلك أمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يتوضأ فيحسن وضوءه ويصلي ركعتين.

ص: 347

5 - وزاد علي ذلك، هذا الدعاء: " اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة ي محمد إني توجهت بك إلي ربي في حاجتي فتقضي لي ". فدعا النبي صلي الله عليه وسلم بهذا الدعاء كما طلب الأعمي في أول الحديث، ودعا الأعمي بهذا الدعاء، كما علمه النبي صلي الله عليه وسلم.

6 - فعلمه النبي صلي الله عليه وسلم دعاء هو توسل به صلي الله عليه وسلم، وهو نص في التوسل به صلي الله عليه وسلم، لا يحتمل أي تأويل، وكيف يحتمل غير التوسل به صلي الله عليه وسلم، وفيه: " أتوجه إليك بنبيك ". " إني توجهت بك ". ومن رأي غير ذلك فقد استعجم عليه الحديث.

وابتهج الألباني في توسله بكلام ابن تيمية فردده قائلاً ص 72: " وعلي هذا، فالحادثة كلها تدور حول الدعاء - كما هو ظاهر - وليس فيها ذكر شئ مما يزعمون ". ا ه.

قلت: هذه مصادرة للنص وتعمية علي القارئ!

كيف لا يكون كذلك، والنبي صلي الله عليه وسلم علم الرجل دعاء فيه السؤال بالنبي صلي الله عليه وسلم.

نعم. الحادثة تدور حول الدعاء، ولكن السؤال هنا: ما هو الدعاء الذي دعا به النبي صلي الله عليه وسلم؟ وما هو الدعاء الذي علمه للرجل الأعمي؟

لا يستطيع أي منصف إلا الإجابة بأن هذا الدعاء هو الذي فيه نص بالتوسل به صلي الله عليه وسلم، فالأعمي جاء يطلب مطلق الدعاء برد بصره، وعلمه صلي الله عليه وسلم، وأمره بالتوسل به ليتحقق المطلوب.

7 - ثم قال صلي الله عليه وسلم: " اللهم شفعه في وشفعني في نفسي " أي تقبل شفاعته، أي دعاءه في وتقبل دعائي في نفسي. وهنا سؤال: أي دعاء هنا الذي يطلب قبوله؟

ص: 348

لا شك أن الإجابة عليه ترد بداهة في ذهن أي شخص إنه الدعاء المذكور فيه التوسل به صلي الله عليه وسلم، وهذا لا يحتاج لإعمال فكر أو إطالة نظر وتأمل!!

وهو واضح وضوح الشمس في رابعة النهار.

ويمكن أن يقال: إن سؤال قبول الشفاعة، هو توسل بدعائه صلي الله عليه وسلم مع التوسل بذاته، وهذا منتهي ما يفهم من النص، والله أعلم.

8 - فسبب رد بصر الأعمي هو توسله بالنبي صلي الله عليه وسلم، وهذا ما فهمه الأئمة الحفاظ الذين أخرجوا الحديث في مصنفاتهم، فذكروا الحديث علي أنه من الأدعية التي تقال عند الحاجات.

فقال البيهقي في دلائل النبوة: 6/166: " باب: ما جاء في تعليمه الضرير ما كان فيه شفاؤه حين لم

يصبر وما ظهر في ذلك من آثار النبوة ". ا ه.

ولا يخفي أن تعليمه للضرير، هو الدعاء، الذي فيه التوسل بالذوات، وعبارة البيهقي واضحة جداًّ، والبيهقي حافظ فقيه.

وهكذا، ذكره النسائي، وابن السني في عمل اليوم والليلة، والترمذي في الدعوات، والطبراني في الدعاء، والحاكم في المستدرك، والمنذري في الترغيب والترهيب، والهيثمي في مجمع الزوائد في صلاة الحاجة ودعائها، والنووي في الأذكار علي أنه من الأذكار التي تقال عند عروض الحاجات، وابن الجزري في العدة في باب صلاة الضر والحاجة ص 161.

وقال القاضي الشوكاني في تحفة الذاكرين ص 162:

" وفي هذا الحديث، دليل علي جواز التوسل برسول الله صلي الله عليه وسلم إلي الله عز وجل، مع اعتقاد أن الفاعل هو الله سبحانه وتعالي وأنه المعطي المانع

ص: 349

ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ". ا ه. واستقصاء الحفاظ، الذين فهموا أن الحديث علي عمومه، واستعمال الدعاء الوارد فيه، الذي فيه التوسل به صلي الله عليه وسلم، يطول.

9 - إن عثمان بن حنيف رضي الله عنه، وهو راوي الحديث فهم من الحديث العموم، فقد وجه رجلاً يريد أن يدخل علي عثمان بن عفان رضي الله عنه، إلي التوجه بالدعاء المذكور في الحديث الذي فيه التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، إسناده صحيح سيأتي إن شاء الله تعالي.

وفهم الصحابي الجليل عثمان بن حنيف رضي الله عنه هو ما لا يستقيم فهم الحديث إلا به.

10 - إن رواية ابن أبي خيثمة للحديث، من طريق حماد بن سلمة الحافظ الثقة فيها: " فإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك " وهي زيادة ثقة حافظ، فهي صحيحة مقبولة كما هو معلوم ومقرر في علوم الحديث. وهذه الرواية تدل علي العموم وطلب العمل بالحديث في الحياة وبعد الممات إلي قيام الساعة.

ثم قال ابن تيمية رحمه الله تعالي: " ولو توسل غيره من العميان الذين لم يدع لهم النبي بالسؤال به لم تكن حالهم كحاله ". ا ه.

وقال ابن تيمية في موضع آخر: " وكذلك لو كان أعمي توسل به صلي الله عليه وسلم ولم يدع له الرسول صلي الله عليه وسلم بمنزلة ذلك الأعمي لكان عميان الصحابة أو بعضهم يفعلون مثل ما فعل الأعمي، فعدولهم عن هذا إلي هذا دليل علي أن المشروع ما سألوه دون ما تركوه ". ا ه.

قلت: الجواب عليه ميسور، وكنت أود ألا أورد هذا الإيراد، لكنني رأيت جماعة أخذوا هذا الإيراد ونسبوه لأنفسهم، وكان الصواب ألا يذكر لفساده، أو

ص: 350

يذكر مع نسبته لقائله، ومن الذين نسبوه لأنفسهم الألباني، فإنه قال في توسله ص 76: " لو كان السر في شفاء الأعمي، أنه توسل بجاه النبي صلي الله عليه وسلم وقدره وحقه، كما يفهم عامة المتأخرين، لكان المفروض أن يحصل هذا الشفاء لغيره من العميان الذين يتوسلون بجاهه صلي الله عليه وسلم، بل ويضمون إليه أحياناً جاه جميع الأنبياء المرسلين، وكل الأولياء والشهداء والصالحين، وجاه كل من له جاه عند الله من الملائكة والإنس والجن أجمعين، ولم نعلم ولا نظن أحداً قد علم حصول مثل هذا، خلال هذه القرون الطويلة بعد وفاته صلي الله عليه وسلم إلي اليوم ". ا ه.

وذكر نحو هذا الإيراد: صاحب " التوصل إلي حقيقة التوسل " ص 243.

وكذا المتعالم صاحب " هذه مفاهيمنا " ص 37.

والجواب علي هذا الإيراد بالآتي:

1 - إجابة الدعاء ليست من شروط صحة الدعاء. وقد قال الله تعالي: " أدعوني أستجب لكم ".

ونحن نري بعض المسلمين يدعون فلا يستجاب لهم، وهذا الإيراد يأتي علي الدعاء كله، فانظر إلي هذا الإيراد أين ذهب بصاحبه؟

2 - هذا الإيراد يرد عليه احتمال أقوي منه، وحاصله أن عدم توسل عميان الصحابة وغيرهم احتمال فقط لا يؤيده دليل، وهم إما توسلوا فاستجيب لهم، أو تركوا رغبة في الأجر، أو توسلوا وادخر ذلك أجراً لهم، أو تعجلوا فما استجيب لهم.

وقد صح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: قد دعوت فلم يستجب لي ". رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

ص: 351

وكم من داعٍ متوسلاً لله بأسمائه وصفاته ولم يستجب له، ويلزم هؤلاء إشكال هو أننا نري من يدعو ويتوسل بأسماء الله وصفاته أو بعمله الصالح، أو بدعاء رجل صالح، ولم نر إجابة الدعاء. هذا من تمام الحجة عليهم ونقض إيرادهم، فلا تلازم بين الدعاء والإجابة، فلا تلازم بين الدعاء والإجابة، والله أعلم بالصواب.

علي أن قول الألباني: " لا نعلم ولا نظن أحداً... إلخ ". تهاون وشهادة علي نفي، لا ينخدع به إلا مسلوب العقل.

تذنيب مفيد لكل لبيب:

بعد أن تبين لك دلالة الحديث الواضحة علي التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، وأن المخالف متسنم بيتاً من بيوت العنكبوت، تجد أن من هؤلاء المخالفين من لم يستطع تحت قوة الدليل إلا الإعتراف بجواز هذا التوسل، وأنه لا غبار عليه، فشكك في شبهاته، وأسقط كلامه، إنه الألباني الذي قال في توسله

ص 77:

" علي أنني أقول: لو صح أن الأعمي، إنما توسل بذاته صلي الله عليه وسلم، فيكون حكماً خاصاًّ به صلي الله عليه وسلم لا يشاركه فيه غيره من الأنبياء والصالحين، وإلحاقهم به، مما لا يقبله النظر الصحيح، لأنه صلي الله عليه وسلم سيدهم وأفضلهم جميعاً، فيمكن أن يكون هذا مما خصه الله به عليهم، ككثير مما يصح به الخبر، وباب الخصوصيات لا تدخل فيه القياسات، فمن رأي أن توسل الأعمي كان بذاته صلي الله عليه وسلم، فعليه أن يقف عنده ولا يزيد عليه، كما نقل عن الإمام أحمد والشيخ العز بن عبد السلام رحمهما الله تعالي، هذا هو الذي يقتضيه البحث العلمي مع الإنصاف والله الموفق للصواب ". ا ه.

ص: 352

فقل لي بربك، لماذا كان كل هذا المراء من أساسه، وترك الدليل إلي التقليد؟

بيد أن عبارته فيها هنات، لا تخفي، فقصره بالتوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم فقط لا دليل عليه، وهو تخصيص بدون مخصص، فالخصوصية لا تثبت إلا بدليل، وإذا كان الإمام أحمد رحمه الله تعالي يجوز التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، فلم ينقل عنه المنع من التوسل بغيره، ومن نقل عنه ذلك يكون قد إفتأت عليه، والحنابلة وهم أعرف بإمامهم، لم يذهبوا إلي القصر الذي ادعاه الألباني.

فيقول ابن مفلح الحنبلي في الفروع: 1/595:

ويجوز التوسل بصالح، وقيل يستحب، قال أحمد في منسكه الذي كتبه للمروزي: إنه يتوسل بالنبي

صلي الله عليه وسله في دعائه، وجزم به في المستوعب وغيره ".

الإعتراض الثاني:

ثم قال ابن تيمية: " ودعاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، في الإستسقاء المشهور بين المهاجرين والأنصار، وقوله: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. يدل علي أن التوسل المشروع عندهم، هو التوسل بدعائه وشفاعته لا السؤال بذاته، إذ لو كان هذا مشروعاً، لم يعدل عمر والمهاجرون والأنصار، عن السؤال بالرسول صلي الله عليه وسلم إلي السؤال بالعباس ". ا ه. ص 66.

وقال في موضع آخر: " وكذلك، ثبت في الصحيح، عن ابن عمر، وأنس وغيرهما، أنهم كانوا إذا أجدبوا، إنما يتوسلون بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم واستسقائه، لم ينقل عن أحد منهم أنه كان في حياته صلي الله عليه وسلم سأل الله تعالي بمخلوق، لا به ولا بغيره، لا في الإستسقاء ولا غيره، حديث الأعمي،

ص: 353

سنتكلم عليه إن شاء الله تعالي، فلو كان السؤال به معروفاً عند الصحابة، لقالوا لعمر: إن السؤال والتوسل به أولي من السؤال والتوسل بالعباس، فلم نعدل عن الأمر المشروع

الذي كنا نفعله في حياته، وهو التوسل بأفضل الخلق إلي أن نتوسل ببعض أقاربه، وفي ذلك ترك السنة المشروعة، وعدول عن الأفضل وسؤال الله تعالي بأضعف السببين مع القدرة علي أعلاهما، ونحن مضطرون غاية الإضطرار في عام الرمادة الذي يضرب به المثل في الجدب، والذي فعله عمر فعل مثله

معاوية بحضرة من معه من الصحابة والتابعين، فتوسلوا بيزيد بن الأسود الجرشي كما توسل عمر بالعباس ". ا ه. ص 67.

قلت وبالله التوفيق: الناظر في كلام ابن تيمية يجده ينفي التوسل بالذوات مطلقاً، لأن الصحابة رضي الله عنهم، تركوا التوسل به صلي الله عليه وسلم بعد وفاته، لأنه مقصور علي الدعاء فقط، ودعاؤه بعد انتقاله غير ممكن، ولو كان توسلهم بذاته ممكناً، لما تركوه مع قيام المقتضي.

و الجواب علي هذا الإيراد يظهر في النقاط التالية:

1 - إن غايته ترك للتوسل به صلي الله عليه وسلم، مع قيام المقتضي وهو شدة الحاجة، والترك بمفرده لا يدل علي التحريم أو الكراهية، وإنما يفيد الترك أن المتروك جائز تركه فقط.

أما التحريم أو الكراهية، فهذا يحتاج لدليل آخر يفيد الحظر، وينبغي ألا ينسب لساكت قول، فتدبر. وقد حرر مسألة الترك تحريراً ما عليه مزيد، شيخنا العلامة المحقق سيدي عبد الله بن الصديق رحمه الله تعالي ونور مرقده، في رسالته المطبوعة باسم: حسن التفهم والدرك لمسألة الترك.

ص: 354

2 - لو كان الترك يدل علي التحريم، فإن الصحابة قد تركوا التوسل المتفق علي جلالته وفضله، وهو التوسل بأسماء الله وصفاته وهم مضطرون غاية الإضطرار لحال الشدة والقحط. كما يعلم من استسقاء عمر رضي الله عنه.

3 - إن قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: " وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا ". لا يخرج عن كونه توسلاً بالنبي صلي الله عليه وسلم، فقد قال العباس في دعائه: " وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك ". ولذلك قال عمر بن الخطاب: " بعم نبيك ". ولم يقل بالعباس.

وكان الأحري بعمر، في شدة الضيق، أن يتوسل بمن هو أفضل من العباس من الصحابة، وهم متوافرون، ولكن عمر قال: " واتخذوه وسيلة إلي الله ".

فلم يعدل عن التوسل بالنبي صلي الله عليه وسلم، فتوسل عمر بالعباس رضي الله عنهما، فيه إرضاء للنبي صلي الله عليه وسلم في الحين، والإقتداء به في إكرام عمه، واتخاذه وسيلة لقربه، ثم مع هذا رجاء دعائه لصلاحه.

قال الحافظ في الفتح: 2/47: " ويستفاد من قصة العباس استحباب الإستشفاع بأهل الخير والصلاح وأهل بيت النبوة، وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس، ومعرفته بحقه ". ا ه.

أما قول الألباني في توسله ص 68:

" لو صحت هذه الرواية، فهي إنما تدل علي السبب الذي من أجله توسل عمر بالعباس دون غيره من الصحابة الحاضرين حينذاك، وأما أن تدل علي جواز الرغبة عن التوسل بذاته صلي الله عليه وسلم، لو كان جائزاً عندهم، إلي التوسل بالعباس أي بذاته، فكلاَّ، ثم كلاَّ، لأننا نعلم بالبداهة والضرورة - كما قال بعضهم - أنه لو أصاب جماعة من الناس قحط شديد، وأرادوا أن يتوسلوا بأحدهم، لما أمكن أن يعدلوا عمن دعاؤه أقرب إلي الإجابة وإلي رحمة الله

ص: 355

سبحانه وتعالي. ولو أن إنساناً أصيب بمكروه فادح، وكان أمامه نبي وآخر غير نبي، وأراد أن يطلب الدعاء من أحدهما، لما طلبه إلا من النبي، ولو طلبه من غير النبي وترك النبي لعُدَّ من الآثمين الجاهلين! فكيف يظن بعمر ومن معه من الصحابة أن يعدلوا عن التوسل به صلي الله عليه وسلم إلي التوسل بغيره؟ ". ا ه.

قلت: هذه الرواية: " واتخذوه وسيلة إلي الله " مقبولة الإسناد، وتفصيل الكلام عليها سيأتي إن شاء الله تعالي.

قوله: " فهي إنما تدل علي السبب الذي من أجله توسل بالعباس دون غيره من الصحابة ". ا ه.

قلت: هذا تسليم منه بالمطلوب، فكان يكفيه الوقوف عند ذلك، ولكن..

أما التوسل بالأدني مع وجود الأعلي والفاضل مع وجود المفضول، فله نظائر كثيرة بين الصحابة، معلومة في أماكنها.

قوله: " ولو طلبه من غير النبي صلي الله عليه وسلم وترك النبي لعُدَّ من الآثمين الجاهلين ".

قلت: هذا تهويل وتشويش وإيهام باطل، ولم يقل أحد بمقولته هذه التي لا دليل عليها وغاية الأمر أنه ترك، والترك يدل علي جوازه فقط وتركهم - إن سلم ذلك - له احتمالات كثيرة، ولا ينبغي أن ينسب لساكت قول، والبناء علي المجهول أفول.

4 - قول ابن تيمية: " وقوله: اللهم إنا كنا إذا أجدبنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا. يدل علي أن التوسل المشروع عندهم هو التوسل بدعائه وشفاعته لا السؤال بذاته ". ا ه.

قلت: قوله هذا يخالف فهم الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعرف وأفهم من غيرهم، كيف لا وهم قد حضروا التوسل بالعباس وهم عرب لم تدخلهم عجمة

ص: 356

، فالفرق بين فهمهم وفهم مخالفهم كالفرق بين الأبيض والأسود، فالقول قولهم، والصواب حليفهم، ولا يرضي العاقل بغير فهمهم، لو أراد

الإنصاف! وممن فهم أن التوسل بالعباس هو توسل به، لا بدعائه حسان بن ثابت حيث قال:

سأل الأنام و قد تتابع جدبنا...فسقي الغمام بغرة العباس

عم النبي و صنو والده الذي... ورث النبي بذاك دون الناس

أحيا الإله به البلاد فأصبحت... مخضرة الأجناب بعد الياس

وصحابي آخر هو عباس بن عتبة بن أبي لهب، فقال:

بعمي سقي الله الحجاز و أهله... عشية يستسقي بشيبته عمر

توجه بالعباس في الجدب راغباً... إليه فما رام حتي أتي المطر

ومنا رسول الله فينا تراثه فهل... فوق هذا للمفاخر مفتخر

فالأبيات السابقة تصرح بأن التوسل كان بالعباس، ومن يحاول أن يصرف اللفظ هنا عن ظاهره يكون قد كذب علي صاحبي الأبيات رضي الله عنهما، واتبع هواه.

5 - وعليه فإن قول بعضهم: إن الكلام ليس علي ظاهره ولا بد من تقدير مضاف محذوف في قول عمر: " وإنا نتوسل إليك بعمِّ نبينا ". أي بدعاء عمِّ نبينا، قولهم هذا فيه صرف للنص عن ظاهره ولا دليل معهم إلا شبه متخيلة، فالواجب والحالة هذه إبقاء النص علي ظاهره، ذلك أن الحذف يكون علي خلاف الأصل، والواجب العمل بالأصل.

وتجد المخالف يقول: أراد عمر بدعاء عم نبيك، وهذا خطأ، لأن الإرادة محلها القلب فتعيين الإرادة علي خلاف الظاهر باطل.

ص: 357

وعمر بن الخطاب رضي الله تعالي عنه أجل من أن يلبس علي الناس دينهم فيكون ظاهر كلامه مخالفاً لما يريده.

6 - بقي بيان أن الإسترسال السابق، هو في دفع شبه فقط، وإلا فالصحابة رضي الله عنهم توسلوا بالنبي صلي الله عليه وسلم.

ثبت ذلك عن ابن عمر، وبلال بن الحارث المزن، وعائشة، كما سيأتي إن شاء الله تعالي.

ثم لا يخفي علي اللبيب أن المتوسل لم يطلب من الميت أو الحي شيئاً، وإنما طلب من الله عز وجل فقط متوسلاً، أي متقرباً، إلي الله تعالي بكرامة هذا الميت أو الحي، أو عمله الصالح أو نحو ذلك!!

فهل في هذا ونحوه عبادة للميت أو تأليه له، نعوذ بالله من المجازفة، والهجوم علي أعراض المسلمين.

ص: 358

الفصل الخامس: تحريم الوهابيين الإحتفال بالمولد النبوي و أمثاله

ص: 359

ص: 360

تحريم الوهابيين الإحتفال بالمولد النبوي و أمثاله

كتب (سيف المزروعي) في الساحة العربية، بتاريخ 24 –6- 1999، الثالثة والربع عصراً، موضوعاً بعنوان (تأملات في المولد النبوي)، قال فيه:

لن يعود لهذه الأمة مجدها الثابت وعزها المستقر حتي تعود أفراداً وشعوباً إلي دينها الذي به عزتها وتطبق هذا الدين قولاً وعملاً وعقيدة وهدفاً علي ما جاء به محمد صلي الله علية وسلم وأصحابه الكرام، وإن من تمام تطبيقه أن لا يشرع شئ من العبادات والمواسم الدينية إلا ما كان ثابتاً عن النبي صلي الله عليه وسلم، فإن الناس أمروا أن يعبدون الله مخلصين له الدين حنفاء، فمن تعبد لله بما لم يشرعه الله فعلمه مردود عليه، لقول النبي صلي الله عليه وسلم: " من عمل شيئاً ليس عليه أمرنا فهو رد ".

وهو في نظر الشارع بدعة وكل بدعة ضلالة، وإن من جملة البدع ما ابتدعه بعض الناس في شهر ربيع الأول من بدعة عيد المولد النبوي، يجتمعون في

ص: 361

الليلة الثانية عشرة منه في المساجد أو البيوت فيصلون علي النبي صلي الله عليه وسلم بصلوات مبتدعة ويقرؤون مدائح للنبي صلي الله عليه وسلم تخرج بهم إلي حد الغلو الذي نهي عنه النبي صلي الله عليه وسلم، وربما صنعوا لذلك طعاماً يسهرون عليه فأضاعوا المال والزمان وأتعبوا الأبدان فيما لم يشرعه الله ولا رسوله ولا عمله الخلفاء الراشدون ولا الصحابة

ولا المسلمون في الثلاثة قرون المفضلة ولا التابعون بإحسان، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، ثم يأتي أناس في القرن الرابع الهجري فيحدثون تلك البدعة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه اقتضاء الصراط المستقيم:

ما يحدثه بعض الناس إما مضاهاة للنصاري في ميلاد عيسي، وإما محبة للنبي صلي الله عليه وسلم وتعظيما له، من اتخاذ مولد النبي صلي الله عليه وسلم عيدا، مع اختلاف الناس في مولده.

فإن هذا لم يفعله السلف مع قيام المقتضي عليه له منا وهم علي الخير أحرص، وإنما كانت محبته تعظيماً في متابعته وطاعته واتباع أمره وإحياء سنته ظاهراً وباطناً، ونشر ما بعث به والجهاد في ذلك بالقلب واللسان واليد. وأكثر هؤلاء الذين تجدهم حرصاء علي هذه البدع تجدهم فاترين في أمر رسول الله صلي الله عليه وسلم مما أمروا بالنشاط فيه، وإنما هو بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه أو يقرأ فيه ولا يتبعه. انتهي.

إن بدعة المولد التي تقام في شهر ربيع الأول في الليلة الثانية عشرة منه ليس له أساس من التاريخ، لأنه لم يثبت ولادة النبي صلي الله عليه وسلم كنت في تلك الليلة، وقد اضطربت أقوال المؤرخين في ذلك فبعضهم زعن إن ولادته في اليوم الثاني من الشهر، وبعضهم في الثامن وبعضهم في التاسع وبعضهم في

ص: 362

العاشر وبعضهم في الثاني عشر وبعضهم في السابع عشر وبعضهم قال في الثاني والعشرين.

فهذه أقوال سبعة ليس لبعضها ما يدل علي رجحانه علي الآخر فيبقي تعيين مولده صلي الله عليه وسلم من الشهر مجهولاً. إلا أن بعض المعاصرين حقق أنه كان في اليوم التاسع.

وإذا لم يكن لبدعة المولد النبوي أساس من التاريخ فليس لها أساس من الدين أيضاً، فإن النبي صلي الله عليه وسلم لم يفعلها ولم يأمر بها، ولم يفعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم، وقد قال صلي الله عليه وسلم: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثة الأمور فإن كل بدعة ضلالة.

وكان صلي الله عليه وسلم يقول: أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلي الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.

وختاماً: أذكركم ونفسي بقول الله عز وجل: " وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون ". كلمات لفضيلة الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين حفظه الله ورعاه ومد في عمره. مع تحيات سيف المزروعي / أبو ظبي

و انظر لباز التقي العلم تبصره... بدون عينين قد أربي علي البشر

عبد العزيز الذي تهفو النفوس له... وتشتري نظرة في وجهه النضر

كالبحر في علمه السامي وذو خلق... كالمسك كالعنبر الفواح كالزهر

ص: 363

وكتب (أبو صالح)، في الساحة الإسلامية، بتاريخ 25 - 6 - 1999، السادسة صباحاً، وهو من مؤيدي السيد محمد علوي المالكي العالم المكي الذي أعلن مخالفته للوهابيين في المولد والتوسل وأفتي بجواز الإحتفال بالمولد، كتب موضوعاً بعنوان (هل سمعتم ماذا قال الطرف المقابل في المولد؟؟؟)،

قال فيه:

ها هو التاريخ يعيد نفسه.. وها هي نفس الأصوات التي نسمعها كل عام تعترض ممسكة بطرف واحد من الحوار، ولا أريد الإطالة، ولكني أترككم مع أقوال بعض العلماء الأفاضل في عمل المولد:

1 - قال السيوطي:

قد ظهر لي تخريجه علي أصل آخر، وهو ما أخرجه البيهقي، عن أنس أن النبي صلي الله عليه وسلم عق عن نفسه بعد النبوة، مع أنه قد ورد أن جده عبد المطلب قد عق عنه، في سابع ولادته، والعقيقة لا تعاد مرة ثانية، فيحمل ذلك علي أن الذي فعله النبي صلي الله عليه وسلم:

1 - إظهار للشكر، علي إيجاد الله تعالي إياه رحمة للعالمين.

2 - وتشريع لأمته، فيستحب لنا أيضاً إظهار الشكر بمولده صلي الله عليه وسلم، وقال تعالي مخاطباً رسوله الكريم: " وكلاًّ نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك ". فإذا كان الرسول الذي ملئ قلبه إيماناً محتاجاً إلي تثبيت القلب.. بما يقصه الله عليه من أخبار من تقدمه من الرسل، فيجد عزاء وسلوة بما يصيبه من قومه، فنحن أرباب الضعف، من الإيمان، أولي بالتثبيت وأحوج منه عليه الصلاة والسلام، لا سيما في هذا الزمان الذي بعد عنا نور النبوة، فأصبحنا نتخبط في دياجير مظلمة من الجهل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فتعمهم بركاته وخيراته، لا سيما إذا كان علي طريقة شرعية مرضية،

ص: 364

فرحم الله امرأ أظهر السرور والإبتهاج والفرح بمولده الشريف في كل الليالي والأيام، وخصوصاً في مناسبة ذكري مولده عليه الصلاة والسلام التي تتكرر في كل عام، والتي يجتمع الناس فيها علي حضور مولد سيد الأنام، فيذكرهم قارئ قصة المولد الشريف بسيرته وأخلاقه ويسرد لهم طرفاً من أعماله وأحواله فيحصل لهم التأسي المشار إليه بقوله عز وجل: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ".

2 - قال إمام القراء الحافظ شمس الدين الجزري في كتابه عرف التعريف بالمولد الشريف:

رؤي أبو لهب بعد موته في النوم، فقيل له ما حالك؟

فقال: في النار.. إلا أنه قد خفف عني كل يوم إثنين، فأمص من بين إصبعي هاتين ماء بقدر هذا، وأشار برأس إصبعيه، وإن ذلك بإعتاقي ثوبة جاريتي، عندما بشرني بولادة النبي صلي الله عليه وسلم وبإرضاعها له. رواه الإمام البخاري في صحيحه معلقاً.

قلت: بل هو موصول بالإسناد الذي قبله كما قال الحافظ ابن حجر.

فإذا كان أبو لهب الكافر الذي نزل القرآن بذمه، جوزي في هذا بفرحه ليلة مولد النبي صلي الله عليه وسلم، فما حال المسلم الموحد من أمة النبي صلي الله عليه وسلم الذي يعني بنشر مولده، ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته صلي الله عليه وسلم، إننا لا نشك في أن الرجاء في الله أن يكون جزاؤه من الله الكريم أن يدخله بفضله جنات النعيم.

وقال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدمشقي في كتابه مورد الصادي في مولد الهادي:

ص: 365

وقد صحَّ أن أبا لهب قد خفف عنه عذاب النار في يوم الإثنين بإعتاقه ثويبة سروراً بميلاد النبي صلي الله عليه وسلم، ثم أنشد:

إذا كان هذا كافراً جاء ذمه... بتبت يداه في الجحيم مخلد

أتي أنه في يوم الإثنين دائماً... يخفف عنه للسرور بأحمد

فما الظن بالعبد الذي كان عمره... بأحمد مسرورا ومات موحد

3 - الأصل الذي أصله الحافظ ابن حجر العسقلاني، حيث يقول:

قد ظهر لي تخريجه علي أصل ثابت، وهو ما ثبت في الصحيحين، من أن النبي صلي الله عليه وسلم قدم المدينة، فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فسألهم، فقالوا: هو يوم أغرق الله فيه فرعون ونجي موسي فنحن نصومه شكراً، فقال: نحن أولي بموسي منكم.

فيستفاد منه فعل الشكر علي ما منَّ به في يوم معين من إسداء نعمة أو دفع نقمة.. ويعاد في نظير ذلك اليوم من كل سنة، والشكر لله يحصل بأنواع العبادة، كالسجود والصيام والصدقة والتلاوة، وأي نعمة أعظم من بروز هذا النبي، نبي الرحمة، في ذلك اليوم قال تعالي: " لقد منَّ الله علي المؤمنين إذ بعث فيهم رسولاً من أنفسهم ". انتهي كلامه.

4 - باختصار، المرجع في الفتوي بخصوص هذا الموضوع، إنما يكون للعلماء. ومن أداه اجتهاده إلي جواز بل استحباب هذا العمل، أئمة أعلام، أولي بالإعتبار من غيرهم، وإليك بعض أسمائهم:

الحافظ أبو شامة الدمشقي، شيخ الإمام النووي.

الحافظ ابن الجزري، وإليه تنتهي أسانيد الدنيا اليوم في القراءات، فاحذر من الخطأ عليه!!!!!!

الحافظ ابن دحية.

ص: 366

الحافظ ابن رجب الحنبلي.

الحافظ ابن ناصر الدمشقي.

الحافظ العراقي.

الحافظ ابن حجر وخرجه علي أصل ثابت في الصحيحين.

الحافظ السيوطي وخرجه علي أصل آخر.

5 - قال الحافظ ابن تيمية: يثاب بعض الناس علي فعل المولد.

نسأل الله أن يوفقنا لما يرضيه.

فأجابه (أبو محمد الدوسري) بتاريخ 25 - 6 - 1999، الرابعة عصراً:

أما بعد. المولد بدعة زعم مبتدعوها حبهم للرسول صلي الله عليه وسلم، ولم يعلموا أنهم عصوه بها واتبعوا من لم يؤتيه (كذا) الله سلطاناً ونوراً.

ولم يعلموا أن محبته باتباعه وطاعته في ما أمر واجتناب ما نهي عنه وزجر. ولعل كل عاقل يعلم ويعي أن المولد لم يكن في الأولين من الصالحين ولم يجد له في السنة الشريفة أي دليل، وأنه قد أحدث في زمن الدولة الفاطمية الباطنية العبيدية، وأن من أقرهم بهذه البدعة فقد جانبه الصواب في طاعة نبيه، حيث ورد التهديد والوعيد لمن لا يطيعه في أمر أمره، ولقد تحدث معظم العلماء في ذلك ولم يجدوا دليلاً واحداً يقوم علي صحة هذه الفعلة، ولكن من أغفلوا عقولهم، وقيدوا أفكارهم ورهنوا أنفسهم للشيطان واتباع الهوي هم الذين يوافقون هؤلاء المبطلون (كذا).

وحسب رواية أحد الأخوة المصريين " سيبونا نسترزأ "، لأن فيها من الأشياء الدنيوية غير فرق الإنشاد والرقص، ما لا يخطر علي بالك من النصب والإحتيال، فكما احتالوا علي عقائدهم، فهم يحتالون علي أموالهم بحجة الصدقات و... و

ص: 367

... و يكفي لكل عاقل أن يترك هذه البدعة، أن مبتدعوها هم الفاطمين الباطنين العبيدين لعنهم الله جميعاً ومن اتبعهم. آمين. ولا أحب أن أطيل، والله أعلم.

فكتب (أبو صالح) بتاريخ 26 - 6 - 1999، السادسة مساءً:

فعلاً أثبت أنك لست بطالب علم!

وليتك تبدأ بسلوك سبيل الأدب، فهل يطلق علي مثل هؤلاء العلماء " هؤلاء المبطلون " ومن سار علي نهجهم وارتضي اجتهادهم أنه ممن " أغفلوا عقولهم وقيدوا أفكارهم ورهنوا أنفسهم للشيطان واتباع الهوي " إلي آخر الألفاظ البذيئة! لكنها ليست غريبة عليك! فيكفيك فخراً تبنيك لفظ " المخنثين ".

وإليك هذه القائمة المباركة فاستعد لمواجهتهم يوم القيامة:

الحافظ أبو شامة الدمشقي، شيخ الإمام النووي.

الحافظ ابن الجزري...

قال العاملي:

ثم عدد له الحفاظ المتقدمين.

وكتب (أبو محمد الدوسري) بتاريخ 26 - 6 - 1999، التاسعة والنصف مساءً:

مسكين. لا عقل لك.

كل من أقر المولد أنه عبادة ومن السنة مبطل لا عقل له بل أحمق، سواء كان عالما من المتأخرين أو المتقدمين. يا مسكين يا داعية الضلال.

لِ- غير العرب: خنيث ومخنث، معناها المتأنث، وجمعها مخانيث، وفعلها تخنث، أي تأنث.

ص: 368

والخنثي هو المتأنث، رجل ولا يحمل صفة الرجولة، بل يميل إلي النساء، أي هو إلي النسوة أقرب.

ويا مسكين! أخبرتك بأني لست طالب علم للمرة الثالثة، وما زلت مصر (كذا) أني طالب علم. وكل يوم تقول فعلاً أثبت أنك لست طالب علم.

عجبي... جاهل وأحمق ومتكبر أي الصفات باقية لم تنطوي (كذا) تحت جناحك.

وتدعي العلم. يا مسكين.

فكتب (أبو صالح) بتاريخ 27 - 6 - 1999، الرابعة صباحاً:

إلي أحباب المصطفي:

أظنني لا أحتاج التعليق علي ما سبق، فالإناء قد فاض بما فيه. فلا حاجة للرد.

لكن ليت كل الناس يطلعوا علي هذا الكلام، ليتعرفوا علي الجوانب الأخري لأمثال المذكور.

وإن كنت لا أشك في اطلاع الغالبية من الأمة علي ذلك سوي بعض المخدوعين.

ملاحظة: ليس لغير طالب العلم المناقشة في أمور الدين، إلا علي شكل إستفسار.

وكتب (أبو حمزة المكي) في الساحة الإسلامية، بتاريخ 17 - 10 - 1998، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (شيخ الأزهر والمفتي في الليلة الختامية لمولد السيد البدوي!!!!! اقرأوا هذا الخبر!)، قال فيه:

ص: 369

في بلد الأزهر الذي أصبح ماضياً، وأنا غير متشائم بهذا بل هو واقع , حدث شيئاً غريباً.

وقد نقلته بالنص من جريدة الأهرام: حضر شيخ الأزهر الإحتفال بالليلة الختامية، من مولد العارف بالله السيد أحمد البدوي، بمرافقة الدكاترة نصر فريد واصل مفتي الجمهورية، وأحمد عبد الغفار محافظ الغربية، وفاروق التلاوي محافظ البحيرة، وأحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر، والشيخ حسن الشناوي رئيس الطرق الصوفية.

.. العلماء والوعاظ، لإحياء شهر رمضان القادم، للدول العربية. " نشراً للفكر الإسلامي الصحيح طبعاً "!!!

وأكد مفتي الجمهورية أن جهود الرئيس مبارك لحل الأزمة التركية السورية هي عمل قومي!

وجهاد في سبيل الله!!!!!

لأنه يدعو إلي نشر السلام في جميع أنحاء العالم حسبما يأمر الإسلام ويجب علي الرؤساء، والملوك أن يحذوا حذوه لإحلال السلام في المنطقة.

وقال المفتي " كنوع من ممارسة مهنته التي لا يظهر فيها إلا قليلاً ": إنه يصح قضاء المرأة فيما تصح شهادتها فيه، وأن تتولي جميع المناصب العامة، بشرط أن تتواءم مع طبيعتها.

وأكد ضرورة أن تتوحد الدول العربية " لاحظ لم يقل الإسلامية " لإعادة القدس الشريف بالطرق السلمية، واتخاذ كل ما شأنه استعادة الأراضي وتحريرها، وفي حالة عدم الإستجابة لنداء السلام يجب

عليهم استعادتها بالقوة.

إخواني في الله: تعليقات علي الخبر:

ص: 370

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، يظهر الله الحق ويظهر الباطل ويزهقه. ها هو إمام الجهلة الذي كفر أستاذه الشيخ محي إسماعيل لاعتراضه علي مقابلته للحاخام، ها هو الجاهل يحضر مولد سيده العارف بالله!!!!!

ويسحب معه ذلك المفتي الذي يضل الأمة بفتاويه الغريبة، الذي جعل حسني مجاهداً في سبيل الله، ولربما يجعله خليفة المسلمين... ويفتي بعمل المرأة كقاضية، مع أنه هو ذات نفسه كان

في بداية تنصيبه يقول إن عمل المرأة في مناصب ريادية لا يجوز، فنهشه العلمانيون في الجرائد فنشر تكذيباً للخبر.

وها هو شيخ الأزهر الذي خربه بعد مقابلته الحاخام " حشرهما الله سوياًّ يوم القيامة. قل آمين " يكفر عالماً من علماء الأمة الأفذاذ الذين ما فتئوا يدافعوا عن دين الحق، ويوجه له تهمة الخروج علي إجماع الأمة...؟ أي أمة هذه يا شيخ مشايخ الأزهر؟! والله إني أرجو الله أن يبتليه بما يكون له عبرة له ولغيره.. وهل مداهنة الحكام صارت جهاداً!!!

شيخ الأزهر الذي حلل كل شيء، ولكن مع الإسلاميون (كذا) يقول: المتطرفون المتعصبون المارقون عن الدين. الذي يحركه الكرسي من فوق بالريموت كنترول ليقول ما يريدون أن يقول...

2 - وها هو المفتي يظهر بفتاويه العجيبة وآخرها هو إباحة الإجهاض للمغتصبة، وليس ذلك فحسب بل أزاد (كذا) " أعطاه الله ما يستحق " أنه يجوز أن تقوم بعمل عملية ترجعها بكراً ثانية فيغير في خلق الله.

وبذلك إن شاء الله عما قريب ستجد مستشفيات الإجهاض الدولي في مصر المحروسة بلد الأزهر والألف مئذنة. والله إنني من أعماقي، أرجو الله أن ينتقم من هذا الرجل الذي أضاع هيبة العلماء وأضل أمته وسب مخالفيه، وأرجو الله "

ص: 371

غيرةً علي الإسلام " أن يبتليه فيكون عبرة. اللهم لا تحاسبنا بما فعل السفهاء منا. والسلام عليكم.

غاضب لله.

وكتب (الدكتور نبيل شرف الدين) بتاريخ 17 - 10 - 1998، السابعة صباحاً:

الأخ الذي يكني نفسه بأبي حمزة المكي:

هل أنت مكي فعلاًَ، أم هي مجرد كنية فحسب؟ وهل أنت مصري؟ قلبي يحدثني بذلك..

ولنأتِ لصلب الموضوع:

آلمني وصفك لشيخ الأزهر إمامنا الأكبر، وتطاولك عليه دون تدقيق أو تمحيص، وآلمني أكثر أن تدعو عليه بالجحيم، فليس هكذا نتحدث عن قطب له مكانته، مهما اختلفنا معه في الرأي ومهما كانت تحفظاتنا عليه، فهذا الشيخ الجليل هو في نهاية المطاف شيخ الأزهر.. قلعة العلوم الشرعية ومنارة الفقه الإسلامي منذ أكثر من عشرة قرون مضت.

وانظر للمسيحيين الذين يختلفون مع بطريرك كنيستهم، لكنهم لا يصفونه إلا بسيدنا.. والحبر الأعظم وغيرها من صفات التبجيل والإكبار احتراماً منه للمكانة وليس للشخص، ففي إهدار هذه المكانة فتنة أكبر من مجرد إبداء اعتراض أو تحفظ.

وقديماً قالوا أن درأ المفسدة مقدم علي جلب المنفعة، وأناشدك أن تغلق باب الفتنة هذا حتي لا نلتهم لحوم علمائنا ورموزنا المبجلين الذين نعرف بهم بين الأمم، وإلي أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً. جزاؤنا جميعاً عنده ما دامت ظواهر الأمور لا توقع اليقين كما يقول علماء العقيدة.

ص: 372

وفي النهاية أرجوك.. وأشدد علي الرجاء، ألا يأتي ردك انتصاراً لرأيك وتشبثاً به، وألا تمضي في سب الشيخ الجليل بهذه الألفاظ، التي لا يقبل بها عبد أو خادم.. فما بالك بإمام له منزلته الرفيعة.

ثم أجبني بصدق يحاسبك الله عليه: هل كنت ستفعل هذا مع فقيه وهابي لو اختلفت معه في الرأي؟

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخوكم: د. نبيل شرف الدين

وكتب (عبد الرحمن) بتاريخ 17 - 10 - 1998، الثامنة صباحاً:

ليس غريب (كذا) مثل هذا الكلام من إمام العلمانيين الأكبر.. وشيخهم ومفتيهم الجليل الذي يفتي لهم بكل ما تشتهيه نفوسهم الدنيئة.. وسابقهم إلي جهنم وبئس المصير.. حبيب اليهود..

وكتب (المراقب الرابع)، الثامنة والنصف صباحاً:

هونوا علي أنفسكم يرحمكم الله. لقد كنت متأكداً بأن هذا الموضوع سوف يجلب القيل والقال، ولكن أرجو أن لا يخرج الموضوع عن أدب الحوار. ومثلكم لا يحتاج إلي توجيه.

وكتب (نبيل شرف الدين) بتاريخ 18 - 10 - 1998، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ المراقب الرابع:

أشهدك علي الشتام الذي طالما تحرش بي، وأشهد الساحة عليك.. فأنت تراه يبدأ السباب وتصمت.. ولا توجه له سوي كلمات عتاب رقيقة..

أما أنت فاسمع يا هذا:

ص: 373

أنا لست شيعياًّ حتي تهددني وتبتزني كما تفعل معهم، أنا لست عاجزاً عن توجيه الصاع صاعين لك ولمن هم علي شاكلتك من الشتامين.

الجحيم والجنة هي من علم الله ومن فيض كرمه، فبأي حق تخوض فيما لا يعنيك؟!

كف أذاك عن خلق الله وإلا تفرغت لك.. وجعلتك عبرة لمن لا يعتبر.. وحتي تظهر حقيقتك علي الملأ..

فأنت عضو بما يسمي بتنظيم " الجماعة الإسلامية " الإرهابية التي تلوثت أيديكم بدماء الأطفال!!

ونحن في مصر نعرف كيف نعاملكم، وقد أدركنا الوسيلة المثلي لذلك، وكم وقفنا كصحفيين مدافعين عما يحدث لكم!

أما وقد رأينا فعلكم، فأنتم تستحقون ما ينزل بكم، بل وأكثر من هذا أيضاً!!

طفشتم الخلق كلها من الساحات وبقيتم فيها كالغربان والحدادي!!

لكن والله لن أتركها إلا مطروداً، فأنا أجيد قتال الخوارج وأجد فيه متعة لا تعادلها متعة، ولم يعد الكلم الطيب ينفع معكم والبادي أظلم.

عدوك اللدود.

وكتب (عبد الرحمن) بتاريخ 18 - 10 - 1998، الثانية عشرة والربع ظهراً:

مجنون ولا إيش!! هو أنا جبت إسمك.. قلت علماني، هو أنت اسمك علماني!!!

سبحان الله.. ولا اللي علي راسو بطحة يحسس بيها.. ثم أنا لست مصري.. يا دُك..

وليتك تتفرغ لي شوية!!

ص: 374

والمسلمين في مصر أحرص بكثير علي دماء الأطفال منكم يا من تقبلون أيادي ال-... حتي يسمحوا لكم أن تأكلوا فتات موائدهم... وإن كنت تجد متعة في قتال (الخوارج)!... فأنا أجد متعة لا تعادلها متعة في محاربة العلمانيين..!!

وكتب (الدكتور صلاح المغربي) بتاريخ 18 - 10 - 1998، الثانية صباحاً:

الأخ الفاضل الرابع: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إبحث في الموضوع، واحصر سطور وكلمات الموضوع، واحصر سطور وكلمات السب والدفاع.

إن الثانية تفوق الأولي عشرات المرات، ليس دفاعاً عن شيخ الأزهر ومرافقوه (كذا).. للدفاع عنهم أمام هاموش.. ليس تبربراً لأفعالهم أو اعتراضاً عليها، ولكن الغاية من الموضوع..؟

فلنبحث بعقلانية الغاية من الموضوع..

إذا أراد العالم أن يجتمع، فمن يتحدث باسم المسلمين؟ هل أطفال الهاموش الغير معلوم، عنهم داخل بيوتهم أي حجم، أم الرؤساء والملوك والعلماء؟

وشيخ الأزهر هذا يفسق آل سعود وخادم الحرمين، وذاك يفسق حسني مبارك، وهذا يسب لبنان، وذاك الإمارات؟! من قائد هذه الأمة؟!!

إخوة الإسلام.. درأ المفاسد مقدم علي جلب المصالح، وإذا كان في إعلان الأمر مفسدة فكتمه واجب ولو كان حقاًّ، فما بالكم وكل من الرواد يبخس كل من ليس منهم، أو من مذهبهم؟

أخي الرابع - ويا حبذا أن أسميه الأول والأخير - لأنني لا أجد نشاط معتدل (كذا) لسواه:

ص: 375

يا حبذا.. لو أغلق الموضوع أو حذف منه أي سب للأفراد أو البلاد..

وكتب (حسام الإسلام) بتاريخ 18 - 10 - 1998، السابعة والثلث صباحاً:

شيخ الأزهر.. إمامنا الأكبر!! من أمم ذاك الرجل علينا يا دكتور نبيل؟! من جعل من هذا الرجل الذي يفتي لإرضاء الحكام وأنت تعلم ذلك أكثر مني.

من جعل منه شيخاً للأزهر؟! أهم علماء الأزهر الذين لا يزال الكثيرون منهم بخير؟! أم أنها السلطة التي تريد الشيخ المعمم الذي يفتي لها الذي يبرر لها أفعالها باسم الدين. لا يخفي علي عالم سياسي قدير مثلك أن منصب شيخ الأزهر منصب سياسي محض.

لقد اكتوينا يا دكتور نبيل، وأنت اكتويت أكثر مني، بمن يستغلون الإسلام لتحقيق أهداف سياسية! وأنت تعلم علم اليقين أن هذا الرجل للأسف الشديد يطوع الدين، ويصدر ألواناً من الفتاوي مستغل

بذلك ديننا.. أعز ما نملك!

إن كانت المسألة مسألة خلاف فكري مع الدكتور سيد طنطاوي يا دكتور صلاح.. فسأكون أول من يقف ضد كل من يهاجمه، وسأكون أول من يجعل من قلمه أضحوكة للجميع!!

وأنتم تعلمون جيداً، أني وبحمد الله أملك ذلك.. وأجيد ذلك، لكن يا سادة.. وأنتم مصريون وتعلمون ذلك.. فإن المسألة ليس لها علاقة بالدين ولا بالفقه!!

إن دولتنا المحترمة وللأسف الشديد، تعمد استفزازنا بالتأكيد، علي إبراز تلك المواليد.

يحاولون تصويرها للناس علي أنها الإسلام الصحيح.. وعلي أنها الصورة المثلي لما يجب أن ينحصر الإسلام فيه.

ص: 376

كل هذا من أجل الفصل بين الإسلام وبين السياسة.. كل هذا من أجل الحفاظ علي كراسيهم!!

وأنت تعلم يا دكتور نبيل بمدي خطورة هذا النهج الحقير، وأعلم أنك لا تستطيع تمالك نفسك من الضحك عند مشاهدة تلك الحضرات وتلك الحلقات الذكرية التي تسئ للدين.. وتعطي فكرة ممسوخة شائهة عن الإسلام.

إذا كنتم يا أهل السلطة تريدون فصل الدين عن السياسة من أجل الحفاظ علي كراسيكم.. فواجهونا مواجهة شريفة.. فكر أمام فكر.. منهج أمام منهج..

واجهونا حتي ولو مثل ما يواجهنا العلمانيون.. وعندها سنحترمكم وسنجلكم.. لأننا نحترم كل من يحمل شيئاً في رأسه حتي ولو كان مخالفاً لديننا.. بل ونلزم أنفسنا تجاهه بواجب الدعوة إلي الله.. وبواجب محاولة زحزحة خده عن مس نار جهنم له، والمعركة الفكرية بيننا وبين من يحمل فكر

هي معركة مسموحة بل ومستحبة..

إن كنتم لا تستطيعون أن مواجهتنا بالفكر الإسلامي الصحيح.. لأنكم توقنون أننا من يملكه..

حسناً واجهونا بالفكر اللااسلامي تلبسوا عباءة الشيوعية وواجهونا بها.. ارتدوا زي العلمانية وواجهونا به.. حتي ولو بالكذب، اكذبوا وقولوا أنكم تكرهون الإسلام ونكلوا بنا واجهونا بالتنكيل..

فاتقوا الله عباد الله.. وقولوا قولا سديداً..

وكتب (مسلم للأبد) بتاريخ 19 - 10 - 1998، الرابعة صباحاً:

لله درك يا حسام الإسلام.. نعم إنها لعبة معروفة..

صرف الأذهان عن الموضوع الرئيسي حتي نتناقش في أمور ليست ذات صلة.. فيضيع الحق.

ص: 377

إنني أنتظر رداًّ من الدكتور صلاح، أو الأستاذ نبيل.. دفاعاً عن شيخ الأزهر، فإن كان دفاعهما عن هيبته ومركزه، فردك كافٍ.. وإن كان دفاعهما عن شخصه فربما سردت لهما شيئاً من أفعاله التي لا يظن مسلم مهما كان مذهبه أنه يفعلها مقتنعاً بها.. وهو الحافظ لكتاب الله، الدارس لشرع الله، العالم بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم أن السلطان والقرآن سيفترقان والذي حدد لنا الجانب الذي نلزم. بل من يتعامل مع الدكتور طنطاوي، سيعلم من طباعه ومعاملاته مع مخالفيه في الرأي، الشيء العجيب.

وكتب (دكتور صلاح المغربي) بتاريخ 19 - 10 - 1998، الرابعة والنصف صباحاً:

الكلام واضح.. ليس من الحكمة أن نتكلم عن رمز الإسلام في المحافل الدولية وهو شيخ الأزهر بالصفة وليس محمد سيد طنطاوي أو غيره.

العالم كله يقول أنه شيخ الإسلام، ويتحدث باسم الإسلام..

ولذا ليس من المنطق.. أي أمر يخص شيخ الأزهر، أو تقصيره، أو صفاته أياًّ كانت، أن تنشر تلميحاً أو تصريحاً بالإنترنت أو أي وسائل إعلام.

ولست بحاجة أن أذكر لكم.. هل يحاب بابا الفاتيكان.. هل يحاب بابا الإسكندرية رغم الخلافات

الكثيرة جداًّ بينهم.. وإذا ما طلب أمر من المسلمين عامة، يتم مع شيخ الأزهر..

وعليه أرجو الإنتهاء من هذا الموضوع لوجه الله والإسلام.

ص: 378

وكتب (مالك الحزين) وهو نفسه الدكتور نبيل شرف الدين، في شبكة هجر، بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثانية والربع ظهراً، موضوعاً بعنوان (لماذا يحتفلون بأعياد الجلوس والتأسيس.. ويحظرون الإحتفال بالمولد النبوي؟)، قال فيه:

ريم علي القاع بين البان والعلم... أحل سفك دمي.. في الأشهر الحرم..

فإذا سلمنا أن مولد نبينا ورسولنا وإمامنا وسيدنا وخير من وطأ الحصي (صلی الله علیه و آله) بدعة.. أليس أيضاً الإحتفالات بعيد الجلوس، وعيد التأسيس، وعيد التحرير، وعيد الإستقلال، وعيد أم قردان وأبو رجل مسلوخة، هي بدع ومحدثات؟ هه، هل هناك جواب؟

فكتب (محمد الهجري) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثانية والثلث ظهراً:

الدكتور مالك..

المقولة التي حفظتها منهم: " ذاك رجال ومات، لكن الدولة وقادتها أحياء " و " هذا تشبه بالنصاري " و " هذه بدعة ".. وهلم جراًّ.

عزيزي، هذه مثل مقولتهم: " التصوير حرام "..

لكنهم أكثر الناس وجوداً في الصور، ويا ليتك تراهم عندما يكون المصور علي وشك التقاط الصورة، يا الله.. تجد " الهندزة " والتعديل علي أصولهما، خصوصاً " الغترة الهدد ". (رداء الرأس المسدل). وأهم شئ هو توجيه النظر إلي نقطة خيالية، لا إلي عدسة الكاميرا.

فكتب (السعودي) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثانية والنصف ظهراً:

والله، إنك خطير، أفحمتهم.. يازينك ساكت!

وكتب (محمد الهجري)، الثالثة إلا ثلث ظهراً:

ص: 379

دكتور مالك.. مثلما تقولون في مصر: " طنش تعش ".

يا سعودي مع أن أخلاقك غير سعودية، ولا تستحق هذا اللقب، صحيح أنه أفحمك.

وأكبر دليل علي ذلك هو ردك البدائي المعبر عن عدم قدرتك علي النقاش الموضوعي.

بالعربي غير الفصيح: " روح موت، يا شيخ ".

فكتب (إبراهيم)، الثالثة إلا ربعاً ظهراً:

لقد سبقتني يا مالك بطرح هذا الموضوع.. فقد كنت أنوي طرحه بصيغة أخري هي في السعودية..

الإحتفال بمولد الرسول الأكرم صلي الله عليه وآله بدعة وحرام لا يجوز!!! والإحتفال بالمئوية والعيد الوطني جائز بل واجب علي جميع المواطنين!!!

علي ما أظن أن جميع الدول العربية تحتفل بهذا المولد عدي السعودية!! فهل هذا صحيح؟

وكتب (محمد الهجري)، بعده بدقائق:

الأخ إبراهيم..

علي حسب علمي القاصر، فإن ما تكرمت به صحيح، حيث أن وزارة الأوقاف الكويتية صرحت بالجواز المطلق عام 1995، وسارت علي نهجها وزارة الشؤون الإسلامية في الإمارات.

أما في السعودية، فإن الإحتفالات الخاصة في مكة تتم علي يد السيد العلوي المالكي.

ص: 380

وفي المدينة علي يد الذين يسمون اشتهروا باسم " عبيد الحسن " حيث إنهم ينحدرون من سلالة خدم الإمام المجتبي.

بالنسبة للقطيف والأحساء، فإن احتفالاتهم معروفة ومشهورة، خصوصاً مع وجود الشيعة والمالكية في تلك الأنحاء بكثرة.

وما زلت أتذكر مولد الرسول الأعظم صلي الله عليه وآله عام 1417 في حسينية الإمام الحسن الأحسائية، حيث قرأ الشيخ حسين الفهيد قصيدة:

صلوا علي أحمد... محمد زاهي المنظر... صلوا علي أحمد..

فكتب (البدوي) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثالثة إلا عشرة دقائق ظهراً:

الأخ نبيل:

إن كنت تقصد، في الأحكام الإسلامية، فإن المشايخ في المملكة اعترضوا علي احتفالات المملكة بمرور 100 عام، وقالوا إنها بدعة. ولا عيد يحتفل به إلا عيدين الفطر والأضحي.

والمشايخ واضحين في هذا الموضوع وما عندهم مجاملات. لكن الدولة واصلت المهرجان ولم توقفه.

وكتب (الخزاعي)، الثالثة إلا خمس دقائق ظهراً:

ولد الهدي فالكائنات ضياء... وفم الزمان تبسم وثناء

فتح هذا الموضوع جاء في محله.

لنسمع ممن يمنع الإحتفال بمولد منقذ البشرية الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله).

هم يقولون بدعة , وكل بدعة ضلالة , وكل ضلالة في النار.. لكن كيف يكون الإحتفال بمولد رسول الله (صلی الله علیه و آله) بدعة.

ص: 381

فالمعروف أن البدعة هي: إدخال ما ليس من الدين في الدين. وعدُّ ما ليس منه , منه..

فهل الإحتفال بالمولد النبوي وتعظيم الرسول مما هو ليس من الدين في شيء، أم هو من روح الدين؟

علماً أنهم يقسمون البدعة إلي قسمين حسنة وسيئة , ففي أيهما تقع مسألة الإحتفال بالمولد النبوي؟ فإن كان من البدع السيئة فأين السوء هنا؟ وإن كانت من البدع الحسنة , فلماذا المنع؟

وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثالثة وتسع دقائق ظهراً:

الأخ البدوي:

يعنيني رأي الساسة أكثر مما تعنيني خلافات العلماء، مع احترامي لهم. فالسياسية هي ما أفهم فيها، أما العلوم الشرعية فلست فيها من شيء يذكر.. ثم إن الناس علي دين " ملوكهم "، كما نعلم جميعاً.

الأخ الخزاعي: سأنقل لكم صورة لإحتفالات مصر، وأجواء القاهرة والأرياف بمناسبة المولد النبوي الشريف.. قبل حلوله يوم الخميس إن شاء الله.

محبتي واحترامي.

وكتب (غشمرة) بتاريخ 9 - 6 - 2000، الثالثة والنصف ظهراً:

منوِّر يا دكتور، كله غير جائز، ولا معني له، أو كله جائز ومقبول، أنا مع الخيار الأول.

نشوفكم علي خير.

وكتب (قاسم جبر الله) بتاريخ 9 - 6 - 2000، التاسعة والنصف مساءً:

ص: 382

مبروك مقدماً وألف ألف مبروك للشعب المصري بمناسبة مولد الرسول الأعظم..

منتجات الحرمة والبدعة أصبحت غير مستساغة، ومدتها انتهت.

" لقد مات محمد ".. قديمة وهزيلة أيضاً. والسلام.

وكتب (عسل) بتاريخ 9 - 6 - 2000، العاشرة مساءً:

كله حرام.. يافندم، والسلام.

فكتب (مالك الحزين)، العاشرة وعشرة دقائق مساءً:

تحرم عليك عيشتك.. يا اللي أنت في بالي.

وكتب (حسن حسان) بتاريخ 10 - 6 - 2000، العاشرة والثلث صباحاًً:

أولاً: من الناحية الشرعية كل ما يفعله الناس من الإحتفال بعيد الجلوس، وعيد الإستغلال أقصد الإستقلال، وعيد المئوية، وعيد الجلاء، وغيرها من الأعياد لا يجوز وحرام شرعاً وبدعة في الدين.

وأقلها بدعة الإحتفال بالمولد النبوي.

ثانياً: لا يوجد في الإسلام بدعة حسنة وبدعة سيئة، وتقسيم بعض علماء الإسلام البدعة إلي حسنة وسيئة تقسيم لا دليل عليه. وقد قال به بعض العلماء الأجلاء مثل القرافي والعز بن عبد السلام.

والدليل في ذلك، أن كون الشئ حسن أو قبيح، من خصائص الشرع، فالشرع هو الذي يحسن ويقبح، لا كما تقول المعتزلة بأن العقل يحسن ويقبح.

إن لو كان التحسين والتقبيح من خصائص العقل، لما احتيج إلي إرسال الرسل، أو إنزال الشرائع.

ص: 383

إن الحديث الصحيح: " وكل بدعة ضلالة " حديث عام في جميع البدع، ولا يخصص فقط للبدعة السيئة. إن العلماء عرفوا البدعة ب-: طريقة مخترعة في الدين تضاهي الشرع يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد.

وكتبت (حوراء) بتاريخ 10 - 6 - 2000، الحادية عشرة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ حسن حسان.. نحتاج لمترجم.

في الواقع لم أفهم شئ مما كتبته! ولم تأتِ بالمفيد!!

سؤالي وسؤال الأستاذ مالك: ما سبب كون الإحتفال بمولد النبي صلي الله عليه وآله بدعة؟؟

كما فهمت من كلامك، بأنك تعبره بدعة كسائر البدع التي لا تعد ولا تحصي.. ما شاء الله.

هل يستوي في الحق من صاموا علي... ورع ومن هدروا الدماء وصاموا؟

ماذا جني المتكبرون، ومن جنوا؟... ظلماً علي أهل بيت النبي وهاموا؟!

وكتب (الخزاعي) بتاريخ 10 - 6 - 2000، الحادية عشرة وثمان وأربعين دقيقة صباحاً:

الأخ حسن حسان:

كيف لا تقبل العلماء الذين ذكرتهم بتقسيم البدعة إلي حسنة وسيئة، وفي الوقت ذاته تقول: " وأقلها بدعة بدعة الإحتفال بالمولد النبوي "!!

فأنت هنا تجعل البدعة نسبية , فهناك البدعة الكبيرة وهناك البدعة الكبيرة , وكما لا دليل لدي العلماء علي التقسيم الأول، لا دليل لديك علي هذه النسبية في البدعة.. أم لا؟

ص: 384

وثانياً: لي سؤال هنا لك وللأخ غشمرة.. علي قولكما بعدم جواز الإحتفال بالمولد النبوي , يأتي القول بعدم جواز الإحتفال برأس السنة الهجرية , بينما نجد العكس، فلماذا؟؟

ومن الواضح إذا كان الإحتفال بالهجرة ورأس السنة الهجرية مشروع وجائز , كان من الأولي أن نحتفل بمولد صاحب هذه الهجرة , إذ لولا هذا المولد المبارك لما كانت هناك هجرة أصلاً.

ويا أخوتي: الإحتفال بمولد الرسول الأعظم (صلی الله علیه و آله) هو احتفال بالإسلام قرآناً وسنة واحتفالنا بمولد الرسول (صلی الله علیه و آله) هو احتفال بالهدي وبالوحي. " إن هو إلا وحي يوحي ".

وبهذا نصل إلي أن الإحتفال بالمولد النبوي المبارك هو تعظيم للشعائر فيكون مستحباًّ لا مباحاً وحسب.

وكتب (العاملي) بتاريخ 10 - 6 - 2000، الثالثة والنصف عصراً:

شكراً لك يا أخ مالك علي هذا الموضوع.

وأصله يرجع إلي بحث في أصول الفقه يسمي أصالة البراءة وأصالة الحل.. والسؤال فيه: هل الأصل فيما لم يرد فيه نص، هو التحريم أو التحليل؟

عامة فقهاء المسلمين يقولون الأصل هو الحل، وأن الله تعالي حرم وحلل في نطاق اللزوم، وترك الباقي مفتوحاً للناس..

ويستشهدون بقوله تعالي: " لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها " أي ما بين لها. وقوله تعالي: " وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون ".

وبالأحاديث الشريفة: " كل شئ لك حلال حتي تعلم أنه حرام ". " كل شئ مطلق حتي يرد فيه نهي ".

ص: 385

ويستدلون بدليل العقل " قبح العقاب بلا بيان ". وأن العقل يحكم بأن العقاب علي فعل شيء لم يبينه الشرع محالٌ. ولهذا يفتون بحلية كل عمل لم يرد فيه نهي في الشريعة الإسلامية..

بينما توجد قلة ضئيلة لا تكاد تعثر عليها في تاريخ الفقه وأصوله تقول: إن الأصل في الأشياء التحريم، فلا يجوز لك أن تعمل عملاً إلا إذا نص الشرع علي حليته..

ولكنهم يتورطون في تصرفاتهم الكثيرة التي لم يرد فيها نص بالجواز، ومنها استعمال الوسائل الحديثة، وحتي في عملهم في وزارات الأوقاف التي لم يرد فيها نص..

وتراهم يحاولون وضع قواعد لما يجوز وما لا يجوز مما لم يرد فيه نص.. لا تسلم واحدة منها من الإشكالات!!

فكتب (حسن حسان) بتاريخ 20 - 6 - 2000، الثامنة مساءً:

الرجاء أن نتكلم بعلم أو لنصمت، عندما نقول بالبراءة الأصلية، والتي يعبر عنها العلماء بقاء ما كان علي ما كان، فإنهم يقصدون العادات وليس العبادات.

أما العبادات فالأصل فيها التحريم، فلا يقال إن الأصل بالعبادات الإباحة، لأن هذا يفتح باباً للبدع، فما قولكم في الصلاة السادسة، هل نقول أن الأصل فيها الإباحة؟

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 20 - 6 - 2000، التاسعة وخمسين دقيقة ليلاً:

مع عدم محبتي للدخول في الفقهيات، لما فيها من اختلافات وصلت إلي حد الخلافات، فأرجو أن يتسع قلب الأخ حسن لهذه الملاحظة البسيطة:

ص: 386

1 - قلت: " فما قولكم في الصلاة السادسة، هل نقول أن الأصل فيها الإباحة؟ ":

هناك فرق بين الواجبات والمستحبات. فالصلوات الخمس من الواجبات، لكن النوافل اليومية والليلية مستحبة. فلا يجوز أداؤها بقصد الوجوب، بل الإستحباب، مما يعني بطلان القرينة، حيث إن الصلاة السادسة - مع عدم صحة المسمي - تكون من النوافل، وليست من الواجبات، فإذا قال شخص

بوجوبها، فهو مخطئ.

وأما عن أوقات وجوب الصيام والصلاة عدا الواجبة أمثال اليومية، والآيات، وغيرها، فهي الوفاء بالنذور عندما يقول أحدنا: " في حال قضاء هذه الحاجة، فإنني سأصوم كذا ".

أما الصلوات المستحبة وصيام بعض الأيام في شعبان، فما من شخص قائل بحرمتها.

ونفس الأمر يجري مع الدعاء، والمناجاة، ومدح الرسول، فليس هناك من وقت لتلك الأمور.

فليس هناك من شئ اسمه " الأصل الحرمة في العبادات ". إلا في الموارد التي ورد فيها النهي، فلا اجتهاد مقابل النص. فهل ورد نص يحرم المولد؟

وفي حال القول: " لم يرد نص عن الرسول بجواز المولود ".

أجبناك: إن عدم ورود النص لا يعني الحرمة، من حيث إن الرسول شجعنا علي إحياء ذكره بالصلاة والثناء عليه، فليس هناك من ضرر ولا ضرار ناتج عن اجتماع أهل الإسلام في مجلس واحد لمدح الرسول والثناء عليه.

ص: 387

وهل ينكر أحدنا أن يوم مولده بركة؟ فلم لا نقوم بإحياء هذه البركة ونعممها وننشرها علي نطاق واسع؟ أليس من الأولي أن تنظم الأشعار في مدح الرسول وتلقي علي مسامع أكبر عدد من المسلمين؟

أم أن رؤساء الدول أحق بها عند قيام المؤتمرات الثقافية؟

وها هي الجهات في الخليج، تقيم احتفالات للأنشودة الإسلامية، وما من معترض ولا شخص يفتي بحرمتها، لكن الرسول لا نصيب له. انتهي.

وكتب (علاء الدين)، في شبكة هجر بتاريخ 3 - 8 - 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (الإحتفال بمولد السيدة زينب عليها السلام، في القاهرة)، قال فيه:

يحتفل المصريون كل عام بمولد السيدة زينب عليها السلام، وتجتمع الحشود لهذه الغاية في مسجدها بالألوف.

وقد كتب محرر مجلة (الغد) مقالاً خاصاًّ، بهذه المناسبة عن السيدة، في عدد فبراير، شباط سنة 1959، علي الصفحة 9، تحت عنوان مولد السيدة وأعياد الأمة العربية، جاء فيه:

طوال ثلاثة أسابيع، في الشهر الماضي، كانت حشود من الرجال والنساء والأطفال تتجه إلي حي السيدة، وتظل تلك الحشود الكبيرة ساهرة رغم البرد الشديد حتي الفجر.

وسط الأنوار الزاهية ألوف من الناس تستمتع فعلاً بالمولد الكبير لبطلة كربلاء.. زنيب أخت شهيد الإسلام الخالد الحسين بن علي.

ص: 388

وفي السرادقات، والمقاهي المتنقلة، وحول السيرك، ترتفع دقات الدفوف ونغمات الربابة، وإيقاع الطبول، وأصوات المطربين والمنشدين، وتهتز القلوب وتمتلئ بالبهجة العريضة.. وترتفع الأصوات من حناجر الألوف ممتلئة بالحب الحقيقي تنادي: يا رئيسة الديوان..!

إن السيدة زينب رئيسة الديوان.. رمز لشيء عميق الدلالة، إنها المرأة الباسلة الشجاعة التي ظلت تضمد جراح الرجال في معركة كربلاء من أبناء بيت الرسول وأتباع الحسين، حتي سقطوا جميعاً صرعي بين يديها.

لم يرهبها جنود يزيد بن معاوية الأنذال السفاحون، الذين اقتلع حكم يزيد الباطش المطلق من نفوسهم آخر خيط يربطهم بالإنسانية.. فكانوا يقطعون بسيوفهم رقاب الأطفال أمام السيدة زينب، ورأتهم يبقرون بطن غلام من أبناء الحسين، فلم يزدها ذلك إلا بسالة وتماسكاً ورغبة في النصر.

ورأت أخاها العظيم الباسل الحسين بن علي وقد وقف بمفرده أمام جنود يزيد وهو يرفض التسليم، وراح يقاتلهم بعد أن استشهد كل أتباعه وأهله.. ما عدا ولده زين العابدين الذي كان مريضاً، ونائماً في حضن عمته زينب، فتركوه ظناًّ منهم أنه سيلفظ أنفاسه الأخيرة من المرض.. لكنه عاش.. وكان شوكة في عين الدولة الأموية، تلك الدولة التي أقامها معاوية بالدس والشر، والتنكر لأعظم مبادئ الإنسانية في ذلك الزمان.. لرسالة محمد رسول الله صلي الله عليه وآله.

واندفعت زينب من خبائها نحو أخيها... تصيح: واحسيناه.. ثم سقطت مغمي عليها من الحزن العميق.. كانت تري في نهاية الحسين، انهياراً لبناء هائل كبير أقامه جدها النبي في طول الأرض وعرضها، ليخلص البشرية من انحطاطها واندفاعها نحو الفوضي والشر.

ص: 389

ومع ذلك.. فإن مصرع الحسين كان نذيراً لدولة معاوية الأفاق، وانهارت الدولة بعد ذلك بنصف قرن وسط أفراح الشعب.

ظل الشعب يلعن يزيد بن معاوية وخلفاءه حتي سقطوا، بل إن الشعب انتقم من قادة الجيش الأمويين شر انتقام، فلقي أكثرهم مصرعه بعد أن استشهد الحسين علي أيديهم، وهو الإمام والقائد والزعيم السياسي المثالي لأمة العرب في ذلك الحين، والرجل الذي قام برحلته الدامية إلي العراق، وهو يعلم أن ألوف الجنود المرتزقة من جيش يزيد، سوف تلحق به وتحول بينه وبين الإتصال بالشعب.

وكان الحسين يعلم أنه يستشهد لا محالة، هو وأهل بيته، لكنه مضي في طريقه دون خوف أو تردد، وتلك صفات الزعماء الحقيقيين للشعوب.

طلبوا منه أن يسلم نفسه فأبي.. طلبوا منه البيعة ليزيد، فرفض أن يبايع شاباًّ فاسداً شريراً، لا يصلح أن يقود أمة حديثة في طريقها الطويل. وامتشق سيفه، وظل يقاتل جنود الشيطان يزيد، خليفة المسلمين الذي فرضه أبوه معاوية فرضا علي الأمة العربية. ولم يكن معه سوي العشرات من الرجال

والنساء والأطفال، كل جيشه كان يمكن لفصيلة من الجنود سحقها في لحظات..

لكن الجيش الصغير صمد أياماً طويلة وقاتل بقيادة الحسين ببسالة عجيبة مذهلة، لم يشهد تاريخ الشرق أو الغرب مثيلاً لها. كان الحسين عطشان جائعاً.. ورجاله يفتك بهم الظمأ مثله، وأطفاله يصرخون في طلب جرعة ماء.. كان الحصار من حوله في كربلاء محكماً جداًّ، ألوف من جنود الشيطان يمنعون عنه وعن عياله الماء..! ومع ذلك قاتل وصمد، ولم يترك سيفه ورمحه إلا بعد أن تمزق جسده بعديد من

ص: 390

السيوف والحراب.

وخلال ذلك كله.. خلال أعظم معركة في سبيل العقيدة، شهدها التاريخ القديم لأمة العرب، برزت شخصية السيدة زينب رئيسة الديوان كما نسميها نحن أبناء مصر.. بطلة باسلة مؤمنة شجاعة.. حتي أن يزيد بن معاوية الأفاق، لم يجرؤ علي مناقشتها عندما ساقوها إليه، ورفضت أن تبايعه، ولعنته، كما لعنت كل الذين يغدرون ويطعنون المؤمنين في ظهورهم!

ومن أجل ذلك نحن في مصر وفي كل الوطن العربي، نؤمن ببطولة السيدة زينب، كما نؤمن بذلك البطل الخالد الحسين بن علي أبي الشهداء جميعاً..

نؤمن بأمثال هؤلاء العظام ونحتفل بمولدهم... وننشد حول أضرحتهم، وذلك لأننا نحبهم، ولا أحد يستطيع أن يزيل من قلوبنا الحب الصادق لرائد البطولة الخارقة..

وقد نحيا ونمتلئ بالأمل فنعمل ونكافح، لأن مثل هذا الرمز يضئ لنا الطريق، ويشحننا بالرغبات الطيبة والإيمان بالشرف. ونحن لا نبالغ إذا اعتبرنا مولد السيدة زينب ومولد الحسين من الأعياد القومية لأمة العرب. ثلاث باقات محبة.. بين يدي السيدة زينب عليها السلام:

الباقة الأولي: من الشيخ عبد الرحمن الأجهوري (مصر)

آل طه.. لكم علينا الولاء... لا سواكم بما لكم آلاء

مدحكم في الكتاب جاء مبيناً... أنبأت عنه ملة سمحاء

حبكم واجب علي كل شخص... حدثتنا بضمنه الأنباء

شرفت مصرنا بكم آل طه... فهنيئاً لنا.. و حق الهناء

منكم بضعة الإمام علي سيف... دين لمن به الإهتداء

زينب فضلها علينا عميم... و حماها من السقام شفاء

ص: 391

كعبة القاصدين، كنز أمان... و هي فينا اليتيمة العصماء

وهي بدر بلا خسوف، وشمس... دون كسف، والبضعة الزهراء

وهي ذخري و ملجأي و أماني... ورجائي، و نعم ذاك الرجاء

من كراماتها الشموس أضاءت أين من... ها السها؟! و أين السماء؟!

من أتاها و صدره ضاق ذرعاً... من عسير أو ضاق عنه الفضاء

حلت الخطب مسرعاً وجلته... فانجلي عنه عسره و العناء

لا يضاهي آل الرسول و صيف... لا يوافي كمالهم أدباء

نوروا الكون بعد كان ظلاماً... إذ أضاءت ذراهم الغراء

الباقة الثانية: من السيد محمد جمال الهاشمي (العراق)

باب البطولات فالثمه، وقف وزر... واستوح روح العلي من جوه العطر

هنا القداسة في أسمي مراتبها... مصونة عن يد الأحداث و الغير

هنا الجهاد الذي من ذكره ارتعدت... فرائص الدهر في الأجيال و العصر

هنا الجلال، جلال الله تخشع... من جماله الفذ حتي أعين القدر

هنا لزينب أفق فيه قد ألقت... آلاؤه كائتلاق الأنجم الزهر

بنت الولاية، بل بنت النبوة من... سمت بأمجادها عن عالم البشر

أخت الحسين.. التي سارت متابعة... خطاه في كل درب للعلا خطر

ففي المواقف قد لاحت مكانتها... بهالة.. أين عنها هالة القمر؟!

مضي الحسين شهيد البغي وهي مضت... سبية كسبايا الروم و الخزر!

قد قاسمته وسام الخلد، فهو له... شطر، وشطر لها في كل مفتخر

لولا مواقفها في الطف ما خفقت... للدين فيه بنود الفتح و الظفر

الباقة الثالثة: من الأستاذ أحمد فهمي محمد المحامي (مصر)

ص: 392

لذ بالعقيلة بضعة الزهراء... متوسلاً بكريمة الآباء

فهناك مهبط رحمة تخظي بها... وهناك ما ترجو من الآلاء

وافتح بفاتحة الكتاب ضريحها... واقرأ سلامك ضارعاً بدعاء

حتي تنال الخير من نفحاتها... و تري شعاع جلالة و بهاء

فمزارها حرم، ومهبطها حمي... و هي اللياذ لنا من اللأواء

فجوارحي تصبو لزورة قبرها... و جوانحي تهفو لها بولاء

فالله شرف قدرها و مقامها... و الله يوفي الخير للسعداء

فكتب (فرات) بتاريخ 8 - 8 - 2000، الخامسة مساءً:

في الخامس من جمادي الأولي من السنة الخامسة للهجرة النبوية الشريفة وضعت الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء سلام الله عليها وليدتها المباركة التي لم تولد مثلها امرأة في الإسلام إيماناً وشرفاً وطهارة وعفة وجهاداً.

وكيف لا تكون كذلك وهي وريثة جدها المصطفي صلي الله عليه وآله وأبيها المرتضي عليه السلام حيث جمعت ما امتازا به من صفات كريمة ونزعات شريفة.

فهي أول سيدة في دنيا الإسلام صنعت التأريخ وأقامت صرح العدل والحق ونسفت قلاع الظلم والجور وسجلت مواقفها المشرفة شرفاً للإسلام وعزاًّ للمسلمين علي امتداد التأريخ، فلقد نشرت الوعي السياسي والديني في وقت تلبدت فيه أفكار الجماهير وتخدرت وخفي عليها الواقع.

وقراءة تحليلية واعية ومنصفة لعصرها تكشف الجو العام الذي كان سائداً فبعد إقصاء العترة الطاهرة من مقامها وشؤون الخلافة آلت الأمور إلي بني أمية الذين هم الشجرة الملعونة في القرآن فاتخذوا مال الله دولا وعباد الله خولاً وأشاعوا الجور والظلم بين الناس، واستهدفوا المصلحين ورجال الوعي بالإعدام والتنكيل!!

ص: 393

فقد أعدم معاوية بن أبي سفيان أعلام الإسلام أمثال حجر بن عدي، وعمرو بن الحمق الخزاعي وغيرهما، وتتبع أخوه اللاشرعي زياد بن أبيه هذا الإرهابي اللئيم الخواص من المؤمنين وسامهم أنواع العذاب ونفذ في معظمهم الإعدام وهكذا حتي رتب معاوية خلافة الحكم من بعده لولده يزيد.

ويزيد هذا أجمع المؤرخون علي أنه شارب الخمر وقاتل النفس المحترمة وحاكم ظالم وجاهلي ما آمن بالله طرفة عين أبداً وقد خلد إلي الفسق والفجور واقترف كل ما حرم الله من إثم وقد أعلن كفره وإلحاده ومروقه عن الدين بقوله:

لعبت هاشم بالملك فلا... خبر جاء ولا وحي نزل

وقد استعان معاوية والأمويون إضافة إلي القتل والتهديد بسياسة خبيثة من خلال الإغراء بالمال والمساندة من قبل ضعاف النفوس من وضاع الحديث علي النبي صلي الله عليه وآله، ومن وعاظ السلاطين الذين ما خلا زمان منهم!

ففي ظل هذه الأجواء ليس هناك في العالم الإسلامي من يستطيع أن يقول كلمة الحق ويغير مجري التأريخ غير سبط الرسول صلي الله عليه وآله وريحانته ووارث علمه الإمام الحسين عليه السلام.

والحديث عن نهضته فيه الكثير من التفاصيل والدروس والعبر، ونحن نقتصر هنا بذكر شيء قليل من دور العقيلة زينب عليها السلام.

فقد ساهمت في الثورة الحسينية، وشاركت في جميع ملاحمها وفصولها مشاركه إيجابية وفاعلة وجاهدت جهادا لم يعرف التأريخ مثله في مرارته وأهواله وتبنت جميع مخططات الثورة وأهدافها وهي التي أبرزت قيم الثورة الأصيلة في خطبها التأريخية في أروقة الحكم الأموي فكشفت للعالم الإسلامي زيف الحكم الأموي وجرائمه وموبقاته وابتعاده عن الإسلام!

ص: 394

كما ودللت علي خيانته وعدم شرعية هذا الحكم وكيف أن هؤلاء المجرمين تسلطوا علي رقاب المسلمين بغير رضا ولا مشورة، لقد أعلنت ذلك كله بخطبها الثورية الرائعة فأوجدت وعياً أصيلاً كان من نتائجه الثورات الشعبية التي أطاحت بالحكم الأموي وأزالت كابوسه ونختم مقالتنا بقطعة مقتطعة من

خطبتها أمام طاغية عصرها الملعون يزيد بن معاوية:

(... فكد كيدك، واسع سعيك وناصب جهدك فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا ولا تدرك أمدنا ولا ترحض عنك عارها. وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم ينادي المناد: ألا لعنة الله علي الظالمين...).

فالسلام عليها يوم ولدت، ويوم صعدت روحها الطاهرة إلي السماء، ويوم تبعث حية. اللهم ارزقنا شفاعة السيدة زينب يوم الورود عليك.

ص: 395

ص: 396

الفصل السادس: الاحتفال بالمولد النبوي.. و إهداء الزهور للمريض حرام !!

ص: 397

ص: 398

الاحتفال بالمولد النبوي.. و إهداء الزهور للمريض حرام !!

كتب (ابن الشاطئ)، في شبكة أنا العربي، بتاريخ 29 - 7 - 2000، السادسة والربع عصراً، موضوعاً بعنوان (فتوي ملزمة لجميع أعضاء شبكة هجر)، قال فيه:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إلي كل الأعضاء الحالمين بغدٍ مشرق.

إلي كل المتفائلين بالتطور والرقي في بلادنا الحبيبة.

أنقل إليكم هذه الفتوي، من موقع الساحة الإسلامية:

209. 39. 13. 51. www 81. alsaha. com

فتوي رقم 21409 تاريخ 21 / 3 / 1421

الحمد لله والصلاة والسلام علي من لا نبي بعده وبعد، فلقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء علي ما ورد إلي سماحة المفتي العام من المستفتي محمد عبد الرحمن العمر والمحال إلي اللجنة من الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم 1330 وتاريخ 3 / 1420، وقد سأل المستفتي سؤالاً هذا نصه:

ص: 399

" لقد انتشرت في بعض المستشفيات محلات بيع الزهور، وأصبحنا نري بعض الزوار يصطحبون باقات - طاقات الورود - لتقديمها للمزورين، فما حكم ذلك؟

وبعد دراسة اللجنة للإستفتاء أجابت بما يلي:

ليس من هدي المسلمين علي مر القرون إهداء الزهور الطبيعية أو المصنوعة للمرضي في المستشفيات، أو غيرها.. وإنما هذه عادة وافدة من بلاد الكفر (؟؟؟)

نقلها بعض المتأثرين بهم من ضعفاء الإيمان (؟؟؟)

والحقيقة أن هذه الزهور لا تنفع المزور، بل هي محض تقليد وتشبيه بالكفار لا غير.

وفيها أيضاً إنفاق للمال في غير مستحقه، وخشية مما تجر إليه من الإعتقاد الفاسد بهذه الزهور من أنها من أسباب الشفاء! وبناء علي ذلك: فلا يجوز التعامل بالزهور علي الوجه المذكور بيعا أو شراء أو إهداء. انتهي.

رئيس اللجنة... التوقيع... الأعضاء...

ملحوظة:

- صورة لمنظمة السلام الأخضر.

- صورة لمحلات بيع الزهور.

- صورة للسفارة الهولندية.

- صورة للسيد كوفي أنان لتوزيعها علي الأعضاء العاملين في الأمم المتحدة.

- صورة لأحفاد المرحوم حضيري أبو عزيز، صاحب أغنية، عمي يا بياع الورد.

- صورة لجميع المرضي المتفائلين بشكل الورد.

ص: 400

- صورة لمحلات بيع المخلل (راح تعرفون لماذا لاحقاً).

فكتب (سليم) بتاريخ 29 - 7 - 2000، السابعة مساءً:

رحم الله أيامك، يا خزاعي.

وكتب (البدوي) بتاريخ 29 - 7 - 2000، الثامنة مساءً:

جزاهم الله كل خير علي هذه الفتوي.

شخصياًّ أنا (أكره) تقديم الزهور للمرضي , ولكن أفضل إعطائهم الشوكولاته.

السبب أن بعض الزهور تحمل معها من الفيروسات التي تسبب الحساسية (Allergy) الشي الكثير للمرضي , وبالخصوص المرضي الخارجين من عمليات جراحية.

وهنالك صديق لي , وهو طبيب (جراح) يرفض دخول الزهور لمرضاه لمدة يوم بعد العمليات التي يقوم بها علي المرضي!

الغريب أن هذا الصديق (أمريكي , مسيحي).

وكتب (ابن الشاطئ) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الثانية عشرة صباحاً:

الأخ بدوي: السلام عليكم.

أخي العزيز أرجو أن لا يلتبس الأمر عليك، فلم تكن تحكمني نظرة طائفية أو مناطقية.

كل ما في الأمر أني أري من وجهة نظري - وهي بالمناسبة ليست ملزمة لأحد - أن هناك أشياء أهم من بيع الزهور! أشياء تهم الوطن من أقصاه إلي أقصاه، وبجميع شرائحه.

هل سأل أحدهم عن حكم بيع القدس مثلاً؟؟؟

ص: 401

أما قولك إنك تفضل الشوكولاته علي الزهور، فما رأيك، أن الشوكولاتة، لا تلائم كثيراً من المرضي.. أقولها بحكم عملي؟ وما رأيك لو صدرت فتوي بتحريم أخذ الشوكولاتة؟ فماذا سوف تأخذ لمريضك يا صاحبي؟؟ هل ستأخذ بطيخة مثلاً؟؟

وكتب (عرب) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الواحدة صباحاً:

أغاية الدين أن تحفو شواربكم. يا أمة ضحكت من جهلها الأمم، ماذا بقي ولم يحرموه؟؟!

بالأمس.. حرموا التلفاز... اليوم.. تحريم إهداء الورد

غداً.. تحريم الشوكولاته! وبعد غد.. تحريم الكمبيوتر!

حتي يصبح الحلال شيء غير طبيعي!

وكتب (أبو عمر) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الواحدة والثلث صباحاً:

الأخ البدوي: السلام عليكم.

هل استندت اللجنة في تحريمها لإهداء الزهور علي أسباب طبية مثل التي ذكرتها؟

لو كان مستند اللجنة أسباب طبية مثلاً لكانت الفتوي الصادرة مفهومة، ولها ما يبررها.

لكن أن تجعل إهداء الزهور تشبهاً بالكفار وخطراً علي الإعتقاد!

فهذه إحدي الكبر!

لكن عزاؤنا الوحيد.. أنها ليست الفتوة الوحيدة التي أتت بكل ما هي غريب وعجيب، فقد سبقت بفتاوي الله بها عليم..

ص: 402

أذكر في شهر رمضان المبارك قبل سنوات، عندما حدثت مذبحة الحرم الإبراهيمي، كان أحد أعضاء هذه اللجنة يلقي درساً في الحرم المكي وهو أشهر من نار علي علم، فبدأ درسه بالحديث عما حصل في الحرم الإبراهيمي، ودعا علي اليهود بدقيقة واحدة لم يتجاوزها أبداً! ثم انتقل للإجابة عن أسئلة الحضور. وكأن هذه الحادثة لا تستحق دروساً وخطباً كاملة!

وكان من بين الأسئلة التي وجهت له - وأرجو من المراقب عدم الحذف - سؤال حول حكم لبس الصدرية للمرأة وهل هي بدعة، أم لا!!!!

وسأكتفي بذلك ولن أذكر الإجابة المضحكة لكل عازب، المبكية لكل زوج!

وكتب (فارس) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

وقبل حضور المراقب، أقدم لكم " ممنوعات "!!! والله يستر!!

(ووضع صورة وردة متحركة)

وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الواحدة وأربعين دقيقة صباحاً:

وبهذه الفتوي يتضح أن أقاربي الصعايدة من أكثر الناس التزاماً بالمقاصد العليا للشريعة، فالورد في الصعيد " عيب ". ومما يستوجب " العار " الذي لا بد أن تراق علي جوانبه الدم حتي يسلم الشرف الرفيع من الأذي..

لذلك تري الصعايدة " أحباب الله " يحملون معهم للمرضي كم كيلو برتقال، وبطيخة، وفرخة مشوية مؤخراً.. والشاب الصعيدي يقدم لفتاته " جعضيض ". وهذا أمر شرحه يطول وأنا الليلة مشغول..

ملحوظة: يمكن سؤال الدكتور المفكر العربي عن معني " الجعضيض "..

ص: 403

وكتب (غربي) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الثالثة والنصف صباحاً:

سبقني الجميل عرب... يا أمة... ضحكت.. من جهلها... الأمم.

سأشتري الزهور... وسأهديها لمن أحب... وسأهديها كعادتي.. لكل من يحتاج تلويحة ود... مشكلة الجوري، أنه يفقد رائحته مع السفر الطويل، فيصلنا هنا بدون رائحة، والزهور بدون رائحة، كالقهوة بلا هيل... إذن.. سأعتمد القرنفل فرائحته تدوم، وهي أقرب للتقوي، وهي أعظم أجراً!

وفي بالي سؤال: ربما لم يتسن للشيخ، سلمت براجمه من الأوخاز، أن يشم يوماً ورداً جورياًّ، أو قرنفلة بيضاء، أو حتي.. ورقة شجر! لذلك أفتي بالتحريم!! حافظوا علي القرنفل.

غربي - زمن الشم.

عش ألقاً... وابتكر قصيدة... وامض. زد سعة الأرض.

وكتب (المفكر العربي) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الرابعة صباحاً:

يا صباح الجمال والمعننه، إيه رجعت من سويسرا؟؟

إن شاء الله تكون انبسطت والمزاج يكون عالي.

الجعضيض: من عائلة الخضروات الطازجة، أخوه السريس، وأخته الخبيزة. وقريب ونسيب عائلات البرسيم والملوخية والحلبة والفجل والكرات. وأكله حرام يوم الجمعة، وحلال باقي الأيام.

منقول من موسوعة الكومبيوتر الحديثة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الرابعة عصراً:

ص: 404

بقطع النظر عن البعد الإجتماعي لهذه الفتوي الغريبة.. فقد لاحظت أن الدليل الشرعي الذي استند عليه المُفتون، هو: " ليس من هدي المسلمين علي مر القرون إهداء الزهور الطبيعية أو الصناعية ".

ويسمي في أصول الفقه: الإستدلال بعدم فعل السلف. أو عدم فعل الصحابة. أو عدم فعل النبي صلي الله عليه وآله.

ولم يقل أحد من علماء الفقه بصحة الإستدلال بترك الفعل، فضلاً عن عدم فعله.

فالدليل الأصولي الذي أجمع عليه الفقهاء هو أن فعل المعصوم لشيء يدل علي أنه حلال، لا أن عدم فعله لشئ يدل علي أنه حرام!

والحكم الشرعي في مثل هذه الحالة الرجوع إلي الأصل، وهو قاعدة: " كل شئ لك حلال حتي تعلم أنه حرام بعينه.. وكل شئ مطلق حتي يرد فيه نهي من الكاب أو السنة ".

ولو قلنا إن: " كل شئ حرام حتي يثبت أن الشرع أباحه، أو أن السلف فعلوه ".. فيجب تحريم كل وسائل الحياة الجديدة، وأنواع الفعاليات التي يقوم بها الناس، ومنهم هؤلاء المفتون!

فهل يلتزمون بذلك؟!!

وكتب (نادر) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الرابعة وأربعين دقيقة مساءً:

غربي.. جميل أن تهدي من غير حساب!

يا صديقي، أكاد أفقد ثقتي، في القياس، لولا النسبية!

من أهداف زيارة المريض إدخال السرور إلي قلبه، ولعل لها أصلاً في الدين، والسرور هنا.. دخل عليها (ال-) لتفيد كل ما يدخل في السرور من شيء. فلو كان من السرور أن تزور المريض ومعك ملك الموت كان حسناً!!!

ص: 405

الأخ فرقد: شئ جميل، لو استطعت أن تعرض بأي طريقة للفضلاء أهل الفتوي ما سأقوله هنا، لعلهم يراجعوا فتواهم إن كانت وردت كما النص أعلاه!

في حديث عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (إن الله... وسكت عن أمور، رحمة بكم من غير نسيان...). وكان عليه السلام يحب الطيب، ويهديه، وورد عنه أنه ندب في صرف بعض الكسب في شراء الطيب.

فلعل حمل الورد إلي المريض من باب إدخال السرور علي المريض، ولعلها من الفأل الذي كان يحبه أو هي علي الأقل من الأمور المسكوت عنها!!

وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الخامسة مساءً:

كعادته كان دقيقاً وحاسماً شيخنا الجليل السيد العاملي.

فالأصل في الأشياء الإباحة حتي يرد نص قطعي، أو يقوم دليل شرعي علي التحريم، والقول بأن السلف لم يفعلوا ذلك هو قياس فاسد لا يمكن الإعتداد به، وإلا ستصبح كل حياتنا حراماً في حرام، فالسلف لم يستعملوا صنابير المياه، ولم يستخدموا السيارات، ولم يركبوا الطائرات، ولم يقتنوا الأنسر ماشين ولا الكمبيوتر ولا الإنترنت، ولم يأكلوا " الكافيار " ولا " البيتزا " ولم يستخدموا الكاسيت، ولم يقرؤوا الصحف ولا المجلات، ولم يتعاملوا مع البورصات والأسواق الدولية، ولم يتزلجوا علي الجليد، ولم يؤسسوا نظم الدفاع الجوي، ولم يشتروا الصواريخ ولا الطائرات..

يا خلق الله.. نحن أبناء هذا الزمان، ومن لا يريد أن يصدق ذلك فليلزم داره أو كهفه، ويريح ويستريح..

لماذا تريدون ظلم الإسلام ووصمه بأنه دين البداوة وعبادة الماضي.. ولا صلة له بالحاضر أو المستقبل.. هذا أشد خطراً علي الدين مما عداه من المخاطر

ص: 406

الأخري.. ثم هل انتهينا من كل أزماتنا ومشكلاتنا حتي نتفرغ لقضية الورد والفل؟

ونعود للجدل حول جنس الملائكة هل هم ذكور أم إناث.. أو نستفتي شيوخنا - أراحنا وإياهم وإياكم الله من الكدر والتنطع - حول رأي الدين في من توضأ ثم حمل علي كتفه قربة مملوءة بالفساء..

العقل والدين يا رب.

وكتب (مجموعة إنسان) بتاريخ 30 - 7 - 2000، السادسة مساءً:

لعن الله زارعها ومسقيه

وحارسها في لياليه

وقاطفها ومستحليه

وحاملها إلي السوق إلي أهليه

وبائعها وشاريها ومشتريه

وشامها و (مشميها)

ومن نظر إلي مشتريه

والفلبيني مزينها و (مزنيها)

وهاديها ومهديه

وأبو المستشفي الذي ولد فيه

من قال لها أن تكون وردة جميلة لمحبيه

وأن تكون بلا رائحة ومعني لحاقديه

تباًّ وسحقاً لألوانها، فهي ليست فينا... وفيها.

إمنين أجيب إحساس.. للي ما يحس؟

ص: 407

وكتب (عز الدين) بتاريخ 30 - 7 - 2000، السابعة مساءً:

فتوي لا تمثل كل الإسلاميين، وخاصة الموجودين هنا. ومن الخطأ مناقشتها، لإيماننا جميعاً أنها لا تمثل أصلاً رأي الإسلام. وصدق رسول الله لما قال: " هلك المتنطعون ".

وكتب (أبو معتصم) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الثامنة إلا خمس دقائق مساءً:

العلماء ورثة الأنبياء...؟؟؟

كنت أظن أن الزهور تفتح النفس، وأنها من خلق الله، وأنها من المتع الحلال... أوكل ما سبقنا به غربي أصبح حراماً؟؟ المرة القادمة التي أزور فيها أخ لي.. سوف آخذ معي نخلة...

محزن أن يسمع المرء بأمور مثل هذه... أين فقه الواقع منا...؟؟؟

وكتب (غشمره) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الحادية عشرة والربع ليلاً:

لو أراد إنسان أن يشوه الإسلام في عقول الناس لما زاد علي نشر أمثال هذه الفتاوي المضحكة التي لا تدل إلا علي ضيق الأفق وسخف التفكير..

مأساة حين يفتي من لا يفهم، ويقرأ من لا يعي، ويطبق من ديدنه إلغاء العقل باسم النقل.

نشوفكم علي خير.

وكتب (بحر) بتاريخ 30 - 7 - 2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

إذا الورد قدم كهدية لمريض يعتبر حرام.. أوكي.. " رأي وفتوي "..

السؤال الآن: عندما يأتي رئيس دولة لزيارة رئيس يقدم إليه الورد في المطار..

ص: 408

عندما يجلسون كبار الشخصيات ويلقون خطباً، أو اجتماعات علي مستوي الدولة أمامهم غابة من الورد..

عندما يموت أحد يقدمون إليه الورد.. الآن أصبح الورد حرام.. عجبي علي الفتوي..

غداً سيحرمون " الفانيلا " التي نلبسها وتصدر بها فتوي لأنها تشرب العرق..

وكتب (غربي) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

عفواً غشمرة.. سأتوقف، وأطيل الوقوف، علي عبارة واحدة أراك تكررها، ههنا، وهنا:

"... ويقرأ من لا يعي ".. لا أدري من المقصود بها.

ربما أنا ممن يحسبون كل صيحة عليهم، قاتلهم الله ورسوله.. أني يؤفكون!

يا غشمرة... هذه الفتوي، ومثيلاتها، هي الدلالة المؤلمة، علي ما نحن فيه من ضياع.. إن كانت هذه الفتوي، البذيئة، لها ملامح الغباء الواضحة، وبالتالي يسهل فردها والإعتراض عليها، بل والضحك.. فإن هناك من الفتاوي، والأفكار، الأكثر فحشاً، ما لا يمكن معرفة سخفها ببساطة، خاصة إذا تمكنت من عقول الناس، وموجداتهم، مما يصعب معه تعريضها للنقد، والعقل، خاصة في مواجهة الإيمان المطلق.. للبسطاء.

" لو أراد إنسان أن يشوه الإسلام في عقول الناس، لما زاد علي نشر أمثال هذه الفتاوي المضحكة ".

هذا غير صحيح.. يا غشمرة. بل إن في نشرها، الدليل الأعمق تأثيراً، علي مقدار ما نحن فيه من غلو في تقديس المنقولات، وتقديمها، وتركيع العقل والمنطق والحس السليم.. من أجلها.

ص: 409

يا غشمرة.. عندما تجد لنفسك حظاًّ في التدريس، فستري كم تضطر للأمثلة المبالغة في البساطة، والإضحاك، من أجل تبيان حقيقة علمية.. مهمة، ونقض مسلمة أضحت كالحقيقة غير القابلة للجدل، في عقول طلاب، حكم التعليم البذئ علي عقولهم.. بالقولبة.

هذه الفتوي، ويح غربي، هي بعض صغير مما خرج لنا من جراب الحاوي، وسمح لنا بالتندر عليه.. ويا ما في الجراب.. يا غشمرة!

فكتب (غشمره) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

لكنك ممن يعي يا غربي، أقصد من لا يعي لأنه لا يفكر أحياناً، ويأبي أن يفكر غالباً.

ويا ما في الجراب... يا غشمرة!

أي والله يا غربي، هذه أعرفها أكثر مما تظن، يقولون: " اسمع كلامك أصدقك، أشوف أفعالك استغرب ". هذه بحذافيرها تضحكني يومياًّ هنا في هذه المدينة العجيبة الجامدة.. الرياض.

نشوفك علي خير.

وكتب (المفكر العربي) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الخامسة صباحاً:

ياريت أخونا الذي ذكر أنه توجد فتوي تخص مشدات الصدر للسيدات أن يتحفنا بنص الفتوي رقمها وتاريخها..

ويا ليت إن كانت الفتوي تضم قسماً لباقي الملابس الداخلية النسائية والرجالية أيضاً.. لأنه علي حد معلوماتي الموثقة أن العرب " ما عدا الحواضر " لم يعرفوا استخدام الملابس الداخلية إلي عهد اختلاطهم بالأجانب!

ص: 410

وما زال الكثير من البدو وأيضاً اليمنيين للآن لا يعرفونها، وكانوا يلبسون رجالا وسيدات ما يسمي الهاف، وهو قطعة قماش مفتوحة غير مخيطة، تلف حول الخصر، وتغطي منطقة العورة فقط.

وكتب (فرقد) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الثانية عشرة ظهراً:

إنها المهزلة: فتاوي غريبة..

كتاب مثقفين يتلقفون هفوات العلماء ويجعلونها لبانهم.. عامة وسوقة غير واعين تماماً لما يجري يرددون بسذاجة كالببغاوات.. والجميع في لجة البحر يتوسطون دوامة تشدهم إلي قعر البحر، غافلين عن

حالهم وبؤسهم.. أليس من الأجدر بكم أن تتعالوا عن السفاهات..

هؤلاء علماء، فهل وصلتم إلي معشار ما وصلوا إليه من العلم، لتقارعوهم بالحجة والبرهان!!

أنا لا أخص علماء بعينهم..

القرضاوي، استهزئ به علي الرغم من سعة علمه.. الغزالي رحمه الله، تناسوا محاسنه ودعوته وتهجموا عليه.. ابن باز، لم يسلم من ألسنتهم.. وغيرهم كثير..

متي يا أمة الإسلام نعود إلي رشدنا ونتروي في إطلاق الأحكام وندع العشوائية والتسرع والسذاجة.. أظن أننا تعدينا مرحلة المراهقة الفكرية.. ولا أظن أننا دخلنا مرحلة المراهقة المتأخرة بعد.. أنتم أكبر من هذا وأعقل.. أنتم من يعقد عليكم الآمال في إصلاح المجتمع بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة والعفو عن الناس والله يحب المحسنين..

وكتب (حسن حسان) بتاريخ 31 - 7 - 2000، الثانية عشرة والربع ظهراًَ:

ص: 411

وأعوذ بالله ممن استعاذت منه الإنس والشياطين، وبعد:

فقط اطلعت علي تعليقات لبعض الرواد، وباستثناء العاملي، الذي تناول الموضوع بالطريقة الشرعية وبقواعد الأصول، وهو أن الأصل في الأمور الإباحة وفي العبادات التحريم، وحيث أني لم أطلع بعد علي ما نشر في الساحة العربية حماها الله ممن تحميه الشياطين وبئس الحامي والمحمي والحماة التي تزوجه ابنتها، لا بأس.

كان يا مكان يا شياطين الإنس.. كان هناك شيخ يقرأ علي تلاميذه بعض من أمور الفقه التي لا تعلموها.. ولا تعلموا أنكم لا تعلموها..

فبينما هو يحدث تلاميذه إذا بزلة لسان يحدثها الشيخ أفاق علي أثرها من النوم أحد التلاميذ، وقال للشيخ ناكراً عليه مستنكراً قوله بحدة الغراب وحقد الجمل ومكر الثعلب: ماذا يا شيخ ماذا قلت، لا يا شيخ، هذا لا يجوز!!

فرد الشيخ عليه: قاتلك الله، ذهب حديث اليوم كله وأنت نائم لا أجد منك إلا شخيراً وتقلباً! والآن أخطأت فأفقت. أنت كالذباب لا تقع إلا علي الوسخ.

وكتب (عزام) بتاريخ 6 - 8 - 2000، السادسة مساءً:

الإخوة الكرام: السلام عليكم.

إني لأعجب حقيقة لهذه العقول، فهل كل ما لم يتعوده المسلمون يعد صنعه حراماً؟

فهل هذا أصل من أصول المسلمين لم نطلع عليه , ولو كان هذا أصل، فالمفروض أن نتمسك بذلك في جميع الأمور، فلا نصعد سيارة بل نصعد علي الجمال والحمير. ولا نستضئ بالكهرباء، بل يعتمد علي المصابيح الزيتية كما كان المسلمون آن ذاك وما إلي ذلك..

ص: 412

وكتب (الأبهاوي) بتاريخ 6 - 8 - 2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

لكل شيخ طريقته.

إن شئت أن تعمل بهذه الفتوي فاعمل، وإن شئت أن تضرب عليها ستائر النسيان فلن تجد من يسلط السيف عليك، ويقول إعمل كما أمرناك!

التدخين محرم، ومع ذلك ندخن أمام نظرات العداء التي يطالعنا بها بعض صغار المشائخ، وتذهب نظراتهم تلك مثل نفخة الدخان من الفم.

وكتب (أبو معتصم) في هجر، واحة الحوار الإسلامي، بتاريخ 5 - 8 - 2000، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (سبق وأن تم نشر فتوي تخص إهداء المرضي الزهور هل حذفت؟؟؟؟؟... لم أعد أراها...).

فأجابه (العاملي) بتاريخ 6 - 8 - 2000، الواحدة صباحاً:

هذه هي الفتوي الغريبة أيها الأخ، في واحة الحوار المعاصرة.

لقد حرموا عليك أن تأخذ معك إلي المريض الزهور.. وبقي أن يفتوا بأنه يستحب لك أن تأخذ له معك كفناً!!

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum3/004641.html

ص: 413

ص: 414

الفصل السابع: صيغة الصلاة علي النبي صلی الله علیه و آله

اشارة

عناوين المواضيع :

 الصلاة على النبي صلی الله علیه و آله في الصلاة وغيرها .

 ملاحظات العاملي على كلام المغربي والألباني .

ص: 415

ص: 416

صيغة الصلاة علي النبي صلی الله علیه و آله

كتب (المأمن بالله) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 8 - 12 - 1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (لماذا عندما يذكر آل بيت النبي (صلی الله علیه و آله) تذكر جملة " عليهم السلام "؟؟)، قال فيه:

روي العلامة القندوزي في ينابيع المودة نقلاً عن البخاري، وابن حجر في الصواعق المحرقة، في الباب الحادي عشر، الفصل الأول الآية الثانية:

كلهم رووا عن كعب بن عجرة، قال: لما نزلت هذه الآية، قلنا: يا رسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ فقال (صلی الله علیه و آله): قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد... إلي آخره.

وقال ابن حجر: وفي رواية الحاكم، فقلنا: يا رسول الله! كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: قولوا اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد... إلي آخره.

فراجع يا أخي كل المصادر ولأسهل عليك سأزيدك:

رواه الإمام الفخر الرازي في ج 6 في تفسيره الكبير ص 797.

ص: 417

كما روي ابن حجر في الصواعق ص 87: قال (صلی الله علیه و آله): لا تصلوا علي صلاة البتراء! فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون: اللهم صل علي محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.

ورواه أيضاً العلامة القندوزي، في مقدمة ينابيع المودة ص 6، عن الصواعق المحرقة وعن جواهر العقدين، وقال: وقد أخرج الديلمي أنه (صلی الله علیه و آله) قال: الدعاء محجوب، حتي يصلي علي محمد وأهل بيته، اللهم صل علي محمد وآله.

ولابن حجر، بحثٌ مفصلٌ ينقل آراء علمائكم وفقهائكم في وجوب الصلاة والسلام علي آل محمد (صلی الله علیه و آله) في التشهد في الصلوات اليومية، ثم يقول: وللشافعي رضي الله عنه:

يا أهل بيت رسول الله حبكم... فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم... من لم يصل عليكم لا صلاة له

وقد بحث الموضوع، السيد أبو بكر بن شهاب الدين، في كتابه رشفة الصادي، الباب الثاني، ص 29-35، ونقل دلائل في وجوب الصلاة والسلام علي آل محمد في الصلاة اليومية عن النسائي والدارقطني وابن حجر والبيهقي وأبي بكر الطرطوسي وأبي إسحاق المروزي والسمهودي والنووي والشيخ سراج الدين القصيمي..

وكل هذا وبعض إخواننا يقولون إنها بدعة.. فهذا برهان قوي علي رد هذه الأقاويل..

ومن الواضح أن الذين أمر النبي (صلی الله علیه و آله) أن تقرن أسماؤهم مع اسمه الشريف، ويصلي ويسلم عليهم في الصلوات اليومية، مقدمون علي غيرهم في الفضل والشرف! ومن السفاهة والجهل والتعصب والعناد أن نرجح الآخرين عليهم..

ص: 418

فأطلب منكم يا أخواني أن تبينوا لنا كيف أن الله يصلي ويسلم علي صحبه بقولكم " محمد صلي الله عليه وعلي آله وصحبه "؟

وكتب (محمد أبو الحسن) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 2 - 12 - 1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً، موضوعاً بعنوان (هل الصلاة علي النبي وآله واجبة في كتب أهل السنة.. ولكن المبغضون منهم يبترون، أليس كذلك؟)، قال فيه:

وقال الرازي في تفسيره: 7/391: إن الدعاء للآل منصب عظيم، ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة، وقوله: اللهم صلي علي محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل، فكل ذلك يدل علي أن حب آل محمد واجب.

وقال: أهل بيته صلي الله عليه وآله ساووه في خمسة أشياء:

1 - في الصلاة عليه وعليهم في التشهد. 2 - وفي السلام. 3 - والطهارة. 4 - وفي تحريم الصدقة. 5 - وفي المحبة.

وقال النيسابوري في تفسيره عند قوله تعالي: " قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربي ": كفي شرفاً لآل رسول الله صلي الله عليه وآله وفخراً ختم التشهد بذكرهم والصلاة عليهم في كل صلاة. انتهي.

وروي محب الدين الطبري في الذخاير ص 19، عن جابر رضي الله عنه، أنه كان يقول: لو صليت صلاة لم أصل فيها علي محمد وعلي آل محمد، ما رأيت أنها تقبل.

ص: 419

وأخرج القاضي عياض في الشفا، عن ابن مسعود مرفوعاً: من صلي صلاة لم يصل علي فيها وعلي أهل بيتي لم تقبل منه.

وللقاضي الخفاجي الحنفي في شرح الشفا: 3/500 - 505، فوائد جمة حول المسألة وذكر مختصر ما صنفه الإمام الخيصري في المسألة سماه: " زهر الرياض في رد ما شنعه القاضي عياض ".

وصور الصلوات المأثورة علي النبي وآله مذكورة في شفاء السقام لتقي الدين السبكي ص 181.

وأورد جملة منها الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد: 10/163، وأول لفظ ذكره عن بريدة قال: قلنا: يا رسول الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك؟ قال. قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك علي محمد وآله محمد، كما جعلتها علي آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

أخرج الديلمي أنه صلي الله عليه وآله قال: الدعاء محجوب حتي يصلي علي محمد وأهل بيته: اللهم صلي علي محمد وآله.

ورواه عنه ابن حجر في الصواعق ص 88.

وأخرجه الطبراني في الأوسط عن علي أمير المؤمنين عليه السلام: كل دعاء محجوب حتي يصلي علي محمد وآله محمد.

وذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: 10/160، وقال: رجاله ثقات.

وأخرج البيهقي وابن عساكر، وغيرهما عن علي عليه السلام مرفوعاً ما معناه: الدعاء والصلاة معلق بين السماء والأرض لا يصعد إلي الله منه شئ حتي يصلي عليه وآله. شرح الشفا للخفاجي: 3/506.

لو لم يكونوا خير من وطأ الحصا... ما قال جبريل لهم تحت العب

ص: 420

وفي الأخير أقول: قال الله تعالي: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ". صدق الله العظيم.

وكتب (مدمر النواصب) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 26 - 3 - 2000، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (لماذا النواصب.. لا يكملون الصلاة علي محمد وآله)، قال فيه:

قال رسول الله صلي الله عليه وآله: " لا تصلوا عليه صلاة البتراء ". أي الصلاة الناقصة..

فلماذا النواصب.. لا تكمل الصلاة علي أهل البيت.. ونسيانهم.. إن كانوا يحبونهم كما يزعمون.

وكتب (المنصف) بتاريخ 28 - 3 - 2000، العاشرة والنصف ليلاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

أزيد علي ما قلته يا أخي.. أن أكثر الروايات الواردة في صحاح أهل السنة.. في كيفية الصلاة، هي: " اللهم صل علي محمد وآل محمد ".

كما أنه لا توجد ولا رواية واحدة تقول: " اللهم صل علي محمد وآل محمد وأصحابه أجمعين " كما يفعل أهل السنة.

إضافة إلي ذلك: يذكر أهل السنة الصلاة علي آل محمد في التشهد في الصلاة، فلماذا لا يصلون عليهم خارج الصلاة؟!!!!!

ولا أنسي أن بعض فقهاء أهل السنة كالشافعي يقول بعدم صحة الصلاة إذا لم يذكر فيها آل محمد عليهم السلام.

ص: 421

كتب (العاملي)، في شبكة أنا العربي، بتاريخ 10 - 6 - 1999، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (بحث في صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله)، قال فيه:

صيغة الصلاة علي النبي في الصلاة و غيره

خلاصة البحث: أن المذهب الوهابي قام علي قاعدتين في أصول الفقه، وكل ما تراه من فتاوي وملابسات ناتج عنهما.

الأولي: وجوب الأخذ بظاهر الألفاظ العربية وحرمة تفسيرها بالمعني المجازي، حتي في مثل: " يد الله " و" وجه الله ".

والثانية: قاعدتهم الخاطئة في وجوب الإتباع وحرمة الإبتداع.

حيث أن معناها عندهم: أن كل عمل ديني لم يرد فيه نص، فالأصل فيه أنه حرام، مثل: الإحتفال بالمولد النبوي الشريف، وأخذ الصور الفوتوغرافية، ومراسم عزاء الإمام الحسين.. وصاحب هذه الأعمال مبتدع وخارج عن الدين.. إلي آخر أحكامهم!

أما في مذهبنا ومذهب أكثر فقهاء المسلمين، فإن الأصل أن يحمل اللفظ علي الحقيقة، ولكن إذا منع مانع، أو وجدت قرينة، فلا مانع من حمله علي المجاز وتفسيره بذلك.

كما أن الأصل في الأعمال الحلية والإباحة وأن كل شيء مطلق حتي يرد فيه نهي.

وفي هذا البحث نقول لهم: إن الإحتفال بالمولد الشريف وغيره، ليس فيه نص عندكم، فهو مثل إضافة اسم الصحابة إلي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله.. فإن حرمتم هذا فحرموا هذا، وإن حللتم هذا فحللوا هذا!!

ص: 422

فالواجب عليهم أن يقولوا حسب مذهبهم عند ذكر النبي: " صلي الله عليه وآله ". ثم يدعون بعده للصحابة بما شاؤوا، فيقولوا: " ورضي الله عن صحبه "، مثلاً..

وبذلك تكون جملة: " رضي الله عن صحبه " دعاء للصحابة، وليست بدعة وضماًّ لهم إلي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله.

ونقصد بذلك أن نلزمهم بإعادة النظر في فتاويهم وتبديعاتهم، التي كانت وما زالت تسبب لهم المشاكل مع العالم الإسلامي!!

صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله في الصلاة وغيرها:

اتفقت مصادر الجميع، علي أن المسلمين سألوا النبي (صلی الله علیه و آله): كيف نصلي عليك؟

فعلَّمهم صيغة الصلاة عليه، التي تتضمن الصلاة عليه وعلي آله معاً، صلي الله عليه وآله..

وتسمي في مصادر السنيين: الصلاة الإبراهيمية، لأن فيها فقرة: " كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم ".

وقد تقيد أتباع المذاهب السنية بهذه الصيغة في صلواتهم عبر العصور المختلفة، إلي عصرنا هذا..

أما في غير الصلاة فكانت عادتهم إلي عصر العثمانيين، أن يصلُّوا علي آل النبي معه فيقولون: " صلي الله عليه وآله "، أو ما شابه..

كما نلاحظ ذلك في نصوص التاريخ، ومخطوطات المؤلفين السنيين، لا مطبوعاتها.

والذي حدث في عهد العثمانيين أنه حذفت كلمة " وآله " من غير فريضة الصلاة، واستبدلت بكلمة: " وسلم " مع أن التسليم في آية: " صلوا عليه وسلموا تسليماً "، بمعني سلموا لأمر الله وأمر رسوله، فهو سلموا تسليماً، وليس سلموا سلاماً. فما نراه في عصرنا موروث من العهد التركي العثماني!

ص: 423

والأمر الثاني: الذي حدث في صيغة الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله): إضافة الصلاة علي الصحابة إليها.

فصار يقال: " صلي الله عليه وآله وصحبه ".

وبعضهم يضيف وأزواجه أمهات المؤمنين.. أو تعبيرات أخري فيها ذكر الصحابة والأزواج.

والسؤال الذي يتوجه إلي فقهاء المسلمين، عن مشروعية هذه التغيير العثماني، وهل يجوز شرعاً حذف " آل محمد " من الصلاة عليه؟

وهل يجوز أن نضيف في الصلاة عليه (صلی الله علیه و آله) أحداً لم يأمر به الشرع، ولم يثبت به حديث شريف؟

والجواب: عند غير الظاهريين والوهابيين، أن صيغة الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله) في غير الصلاة مفتوحة شرعاً لعدم النهي عنها.

وكل ما لم يرد عنه نهي فهو حلال، فيجوز أن تضيف الصحابة وإن لم يرد فيهم نص. كما يجوز لك أن تصلي علي أهل البيت، إفراداً واتباعاً.. أي بإضافة اسمهم إلي اسم الرسول (صلی الله علیه و آله)، أو مستقلاًّ، كأن تقول فاطمة الزهراء صلي الله عليها، وعلي صلي الله عليه، أو صلوات الله عليه.

ويجوز لك عند بعضهم أن تصلي مستقلاًّ علي أي مؤمن، مشمول بعموم قوله تعالي: " أولئك عليهم صلوات من ربهم ".

أما عند الظاهريين، ومنهم المتشددون من الحنابلة، والوهابيون، فهو أن كل ما لم يرد فيه نص فهو ابتداع.. والواجب هو الإتباع.

ولذلك يحرمون مراسم المولد النبوي، ومراسم عزاء الإمام الحسين عليه السلام، بحجة أنها لم يرد فيها نص فهي بدعة حرام..

ص: 424

فلا بد لهم من الإعتراف بأن إضافة الصحابة في الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله)، بدعة في الدين وحرام أيضاً، لأنها لم يرد فيها نص، فيجب تركها!!

فإن جوزوها، فمعناه أنهم تنازلوا عن أصل من أصولهم الذي جعلوه سيفاً يحكمون فيه علي المسلمين بالإبتداع وترك الإتباع..

وإن حرموها فعليهم أن يتركوها، ويشنوا حملة علي من يضيف " الصحابة " للصلاة علي الرسول صلي الله عليه وآله!!

وقد هاجم الحافظُ المحدث الشيخ عبد الله الصديق الغماري المغربي، المحدثَ الشيخ ناصر الألباني.. وحكم عليه بأنه رجل مبتدع، لأنه يضيف الصحابة في صلاته علي النبي صلي الله عليه وآله.

فقد كتب المغربي رسالة سماها: " القول المقنع في الرد علي الألباني المبتدع " رد فيها علي إشكالات الألباني علي تخريجه لكتاب: " بداية السؤول في تفصيل الرسول ".

وأورد فيها هذا الموضوع.. وفيما يلي:

خلاصة كلام الصديق المغربي الغماري، ثم رد الألباني عليه:

قال الصديق المغربي في كتابه المذكور ص 9:

قال في لسان الميزان: وابن تيمية أكثر الطعن في أحاديث فضل علي عليه السلام، تجد ذلك في منهاجه واضحاً، فلا يعتمد عليه! وكم من مبالغة لتوهين كلام الرافضي أدته أحياناً إلي تنقيص علي رضي الله عنه. ا ه. ج 6 ص 319-320.

والألباني حريص كل الحرص، علي تلقيب ابن تيمية بشيخ الإسلام، مع أنه لقب مبتدع، لا أصل له عن السلف، إلا ما جاء بإسناد واهٍ عن عبد الله بن أبي، رأس المنافقين أنه رأي أبا بكر رضي الله عنه وجماعة من الصحابة، فقال

ص: 425

لأصحابه: انظروا كيف أصرف هؤلاء السفهاء. فتقدم إلي أبي بكر فصافحه، وسماه شيخ الإسلام، نفاقاً ومداهنة!

ثم إن الإسلام دين الله أنزله علي رسوله، فكيف يكون أحد شيخاً له؟!

والعجيب في أمر هذا الألباني أنه يحرص علي تلقيب ابن تيمية بهذا اللقب المبتدع، ويعيب علي الذين يسودون النبي عليهم السلام في الصلاة عليه، ويعتبر لفظ السيادة، بدعة؟! ويعتبر الذين يذكرونها متبدعة!

مع أن سيادته عليهم السلام ثابتة بالتواتر، ومعلومة بالضرورة لكل مسلم.

قال الفيومي في المصباح: وساد يسود سيادة، والإسلام السؤدد، وهو المجد والشرف، فهو سيد والأنثي سيدة.

قلت: فمعني قوله (صلی الله علیه و آله): علي سيد العرب، أنه ذو المجد والشرف فيهم، لأنه من أهل البيت الذين صح عن النبي صلي الله عليه وآله أنه جمع علياًّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، ثم أدخلهم ثوبه وجللهم بكساء كان عليه ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. فسر قول الله تعالي: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً.

ولهذا الحديث طرق، عن أم سلمة، وعائشة، وواثلة بن الأسقع، وأبي سعيد الخدري، وسعد بن أبي وقاص، وغيرهم، فهو حديث مستفيض.

فعلي عليه السلام سيد العرب، لكونه من أهل البيت النبوي، وهذه خصوصية له خصه الله بها..

وخصوصية أخري لعلي رضي الله عنه، وهي أنه يقال له: عليه السلام.

لأن هذه الكلمة، تقال لأهل البيت، ولا تقال لغيرهم، وإن كان أفضل منهم كأبي بكر، وعمر رضي الله عنهما.

ص: 426

ولعلي عليه السلام خصوصية ثالثة، وهي أنه إذا صلي شخص علي النبي صلي الله عليه وآله، صلي علي آله معه، دخل علي دخولاً أولياًّ.

وننبه هنا علي خطأ، وقع من جماهير المسلمين، قلد فيه بعضهم بعضاً، ولم يتفطن له إلا الشيعة.

ذلك أن الناس حين يصلون علي النبي صلي الله عليه وآله يذكرون معه أصحابه، مع أن النبي صلي الله عليه وآله حين سأله الصحابة، فقالوا: كيف نصلي عليك؟ أجابهم بقوله: قولوا: اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وفي رواية: علي محمد وأزواجه وذريته كما صليت علي آل إبراهيم.

ولم يأت في شئ من طرق الحديث، ذكر أصحابه، مع كثرة الطرق وبلوغها حد التواتر.

فذكر الصحابة في الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، زيادة علي ما علمه الشارع، واستدراك عليه، وهو لا يجوز.

وأيضاً، فإن الصلاة حق للنبي ولآله صلي الله عليه وآله، ولا دخل للصحابة فيها، لكن يترضي عنهم.

قال ابن عبد البر في التمهيد: استدل قوم بهذا الحديث علي أن آل محمد هم أزواجه وذريته خاصة، لقوله في حديث مالك عن نعيم المجمر، وفي غير حديث مالك: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد. وفي هذا الحديث: اللهم صل علي محمد وأزواجه وذريته.

قالوا: فجائز أن يقول الرجل، لكل من كان من أزواج محمد صلي الله عليه وآله، ومن ذريته: " صلي الله عليك " إذا واجهه. و" صلي الله عليه " إذا غاب عنه. ولا يجوز ذلك، في غيرهم. انتهي.

ص: 427

وروي مالك حديث أبي حميد الساعدي، أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟

فقال: قولوا: اللهم صل علي محمد وأزواجه..

وقال الغماري في ص 18: وتواتر عنه صلي الله عليه وآله تواتراً قطعياًّ معلوماً بالضرورة أنه كان يكتفي في إسلام المرء بالشهادتين، ولم يشترط شيئاً آخر غيرهما، وجري علي هذا صحابته الكرام، وتابعوهم بإحسان.

فما بال هذا الألباني المبتدع يفرق بين المسلمين ويضلل جمهورهم كالأشعرية، الذين منهم المالكية والشافعية وبعض الحنابلة، وكالماتريدية الذين هم الحنفية.

ولم يبق من المسلمين سني إلا هو ومن علي شاكلته من الحشوية، والمجسمة الذين ينسبون إلي الله تعالي ما لا يليق بجلاله.

وآية فساد عقيدته أن العلماء عابوا علي ابن تيمية قوله بإثبات حوادث لا أول لها.

ورجح حديث: كان الله ولم يكن شئ قبله، علي حديث: كان الله ولم يكن شئ غيره.

وكلاهما في صحيح البخاري، ليوافق الحديث قوله المخالف لقول الله تعالي: " الله خالق كل شئ ". و" خلق كل شيء فقدره تقديراً ". " إنا كل شئ خلقناه بقدر ". ولإجماع المسلمين علي أن الله كان وحده لا شيء معه، ثم أوجد العالم.

وابن تيمية لم يفهم الحديثين، فلجأ إلي الترجيح بينهما فأخطأ.. ولو أن تلك المقالة صدرت عن أشعري، أو صوفي، لرفع الألباني عقيرته بإنكارها وإكفار قائلها.

ص: 428

لكن حيث صدرت عن شيخ الإسلام ابن تيمية اكتفي بقوله: ليته لم يقله! نسأل السلامة والتوفيق. انتهي.

وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 10 - 6 - 1999، الحادية عشرة مساءً:

الأخ العاملي..

أشكركم علي هذا البحث القيم المفيد.. وقد كنت في حاجة إليه لسبب قراءتي أخيراً في كتب المجاز. وقد قام البحث بالإجابة علي بعض الأسئلة التي كانت تبحث عن أجوبة..

فأشكركم مرة ثانية، وأسأل شخصكم الكريم.. هل من مزيد؟ والسلام من الله خير تحية..

فكتب (العاملي) بتاريخ 11-6-1999، الواحدة صباحاً:

شكراً للأخ عبد الله.

وقد بحث مسألة: " الحمل علي الحقيقة والمجاز " كل الذين ناقشوا الظاهريين، الذين هم أجداد الوهابيين، وسوف أهدي إليك موضوعاً في ذلك.. وشكراً.

قال العاملي:

هنا توجد مداخلات لمشارك هرب فيها من الموضوع.. وتحامل فيها علي الشيعة.. وطرح مسألة أنهم يكفرون من خالف أهل البيت عليهم السلام.

وأساء الكلام، فقامت شبكة أنا العربي بحذف مواضيعه ومنعت اشتراكه.. خاصة أنه كان شامتاً في عملية التخريب التي تعرضت لها الشبكة!

ولكن لم يطل منع اشتراك مشارك، وعاد لمناقشاته، كما ستري في القسم الثاني من الموضوع.

ص: 429

ومما كتبه له (العاملي) بتاريخ 11 - 6 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ مشارك:

أرجو أن تقرأ القسم الثاني من الموضوع وفيه رد الشيخ الألباني.. ومناقشتي له وللصديق المغربي.

وقاعدة: " كل من أحدث في أمرنا هذا فهو رد " صحيحة عندنا. وإن لم تصح صيغتها التي ذكرت.

ولكنها علي أي حال.. خاصة فيمن أضاف شيئاً إلي الدين وادعي أنه جزء منه.. ولو كان ذرة.

وهو عندنا تشريع حرام، وفي بعض الحالات نحكم بكفر صاحبه إذا ادعي لنفسه حق التشريع مع الله والعياذ بالله.

ولكن ابن تيمية وابن عبد الوهاب عمماها للأعمال التي يفتي فقهاء المسلمين بأنها مباحة لأصالة الحل حتي يثبت نهي شرعي. وبذلك اتسع مجالها كثيراً كثيراً ونشأ منها التبديع والتكفير!!

أما الآيات والحديث التي ذكرتها، فنحن نستدل بها علي جواز الصلاة علي أهل البيت الطاهرين منفردين.. والصلاة علي كل مؤمن، لأنها وإن وردت في مورد خاص. ولكن عندنا قاعدة: " أن المورد لا يخصص الوارد ".

ولكن فقهاؤكم، لا يقبلون ذلك، ويقولون أن مورد الجميع خاص، ولا يجوز تعميم الخاص.

فالآية خاصة بمن أصابتهم مصيبة. والآية الثانية، والحديث أمرٌ للرسول صلي الله عليه وآله مختص به.

وعلي هذا، تبقي إضافة " الصحابة " إلي صيغة الصلاة النبوية مشمولة لحديث الرد عندكم.

ص: 430

فهي علي مبناكم - لا مبنانا - بدعة يجب علكم التوبة منها.. وإلا شملتكم بحكمها عصا التكفير التي تضربون بها أمة محمد صلي الله عليه وآله.. وشكراً. انتهي.

وكتب (هادي 2) بتاريخ 12 - 6 - 1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً.. مداخلةً رد فيها علي تهمة مشارك.. بأن الشيعة يكفرون من خالف أهل البيت عليهم السلام..

وأنهم إنما يكفرون النواصب الذين نص النبي صلي الله عليه وآله علي نفاقهم.. ويأتي موضوع حكم النواصب، إن شاء الله تعالي.

وكتب (أبو زهراء) بتاريخ 12 - 6 - 1999، الحادية عشرة والربع ليلاً.

ثم كتب (جميل 50) بتاريخ 13-6-1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً.. وكلامهما رد علي مشارك، في المواضيع الجانبية التي طرحها مشارك.. فراراً من الموضوع المطروح!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

الإخوة مشارك، وهادي، وأبي زهراء: السلام عليكم..

تشابكت المسائل، ولعل أهم شئ في البحث فرز المسائل وتحديدها، وأهمها هنا ثلاثة:

الأولي: صيغة الصلاة الشرعية علي رسول الله صلي الله عليه وآله.

وهي موضوع بحثي مع الأخ مشارك. وسوف أكتب له فيها إن شاء الله، عند ملاحظاته الأخيرة علي القسم الثاني.

والثانية: مسألة تكفير الشيعة للسنة وبالعكس.

وهي مسألة بحثها الطرفان في فقههم، ومصادرهم الأخري، وما ذكره الأخ مشارك موجود في مصادرنا. ويوجد أشد منه في مصادرهم.

ص: 431

والسبب في أننا ألين من إخواننا السنيين في الحكم عليهم:

أن للمسألة عند فقهائنا ثلاث مستويات: الحكم الظاهري، والحكم الواقعي، والحكم عند الله يوم القيامة في استحقاق مخالفي أهل البيت النار أو عدم استحقاقهم.

والحكم الظاهري متفق عليه عندنا، وهو أنهم مسلمون.. لما ثبت في الصحيح أن الرسول صلي الله عليه وآله أخبر علياًّ عليه السلام بما سيكون بعده، ووجهه بتوجيهاته في مرات عديدة، منها أنه قال له ذات مرة: يا علي ستغدر بك الأمة، فقال له: يا رسول الله، أوَأنزلهم في ذلك بمنزلة ردة أم بمنزلة ضلالة؟ قال: بل بمنزلة ضلالة.

والضلالة: اسم عام للمسلم الذي يسير في طريق خطأ. وهي درجات من الخطأ، وليس فيها تكفير. فكل من خالف علياًّ والأئمة من أهل البيت عليهم السلام مخطئون في عقيدتنا، ولكنهم مسلمون لهم ما لشيعة أهل البيت، وعليهم ما عليهم وحسابهم علي الله تعالي.

أما هم، فيكفروننا لأنا خالفنا بيعة أبي بكر وعمر وعثمان، وفي نفس الوقت لا يكفرون فاطمة الزهراء عليها السلام التي كان موقفها شديداً جداًّ وقاطعاً مع أبي بكر وعمر..

ولا يكفرون علياًّ، وسعد بن عبادة، ونحو أربعين من شخصيات المهاجرين والأنصار الذين اعترضوا ورفضوا شهوراً ولم يبايعوا إلا مجبرين تحت التهديد بالقتل... إلخ.

المهم أن مقياسهم للإيمان والكفر صار عندهم هو الصحابة، كما أن مقياسنا للهدي والضلال كان أهل البيت.

ص: 432

ويوجد بحث عند بعض فقهائنا كالمجلسي، والشهيد الثاني وهو العاملي الذي ذكره الأخ مشارك، والمحقق البحراني وغيرهم، بحثوا فيه: هل أن الحكم الواقعي، في علم الله تعالي، هو كفر من خالف أهل البيت عليهم السلام، لأن الله تعالي جعل حبهم وبغضهم ميزاناً للإيمان والنفاق.. أم أن حكمهم، في واقع علم الله تعالي، هو الخطأ والضلال وليس الكفر؟

كما أن هناك بحثاً آخر في حكمهم يوم القيامة وهل يدخلون الجنة أو النار.

وينبغي القول، هنا أننا لسنا مسؤولين في هذه الدنيا عن معرفة الواقع في علم الله تعالي، ولا عن تصنيف المسلمين من يدخل منهم الجنة أو النار.. فذلك علمه المطلق، وعمله سبحانه.

ويصعب علي الإنسان الباحث أن يصل إليه.. بل نلاحظ أن نبي الله موسي عليه السلام كان مكلفاً بعلم الظاهر، ولم يكلفه الله تعالي بالواقع..

بل كلف عبده الخضر عليه السلام، وجعله من جنوده الخاصين وعلمه من لدنه من علم الباطن والواقع ما ينبغي له!

فالمتفق عليه عندنا أن الغلاة والنواصب كفار، أما غيرهم من الأمة فهم مسلمون، لهم مالنا، وعليهم ما علينا. وعلم باطنهم علي الله وحسابهم عليه.

فنحن لا نكفر إلا الغلاة، الذين يؤلهون أهل البيت، أو أي مخلوق.. وإلا النواصب الذين يعادون أهل البيت أي ينصبون لهم العداء في قلوبهم أو أعمالهم.

ومما يسهل الخطب علينا في تكفير إخواننا لنا، أنهم يرون أن شفاعة النبي صلي الله عليه وآله تشملنا يوم القيامة، فشكراً لهم..

وقد رأيت أن ابن تيمية يقول بشمول الشفاعة لعموم الخلق فيدخلون الجنة!!

ص: 433

ولهذا نتعجب من شدة مقلديه علينا في الدنيا، ما دام إمامهم يفتي، بأننا في الآخرة سنكون من أهل الجنة، إن شاء الله.

والمسألة الثالثة: حديث: " من مات وليس في عنقه بيعة، أو ولم يعرف إمام زمانه فقد مات ميتة جاهلية "..

فالذي صحَّ عند إخواننا هو الصيغة الأولي، وصحت عندنا الصيغة الثانية..

وهي مسألة فيها تفصيل، وحاصلها وجوب البيعة عندهم فرضاً عينياًّ، ووجوب معرفة الإمام المعصوم وطاعته عندنا فرضاً عينياًّ.

والموتة الجاهلية لمن قصر في ذلك، مفسرة بوجوه منها: الكفر، ومنها غيره ولا يتسع الوقت لبيانها.. وشكراً.

وكتب (الشمري) بتاريخ 13 - 6 - 1999، العاشرة صباحاً:

للباحثين عن الحقيقة بدون تعصب ولأسباب: أورد البخاري صيغة الصلاة علي النبي.

إلي أحرار العقول هاكم البخاري يقول:

4797 - حدثني سعيد بن يحيي بن سعيد، حدثنا أبي، حدثنا مسعر عن الحكم، عن ابن أبي ليلي، عن كعب بن عجرة، رضي اللهم عنهم، قيل: يا رسول الله، أما السلام عليك، فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟

قال: قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد، كما صليت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

راجع الأحاديث: 3369، 3370، 6357، 6358، 4798، 6360.

ص: 434

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الحادية عشرة صباحاً، راداًّ علي زعم مشارك أن الشيعة الشيخية لا يعتقدون بالإمام المهدي عليه السلام، فقال:

الزميل مشارك:

لفت انتباهي قولك في الشيخية: وما هو رأيكم في الشيخية الذين يعتقدون بعدم وجود صاحب السرداب الآن، وأنه سوف يولد من جديد من أب وأم، فمن هو إمامهم الآن؟

أم أنهم أيضاً ممن يموت ميتة جاهلية؟

هذا الكلام ليس له أساس من الصحة، وما هو مصدر هذا الكلام؟

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 14 - 6 - 1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

الزميل مشارك: بالنسبة لموضوع الشيخية..

أنت قلت: " وما هو رأيكم في الشيخية الذين يعتقدون بعدم وجود صاحب السرداب الآن وأنه سوف يولد من جديد من أب وأم، فمن هو إمامهم الآن أم أنهم أيضاً ممن يموت ميتة جاهلية؟ ".

وأنا أعرف الشيخ أحمد بن زين الدين الأحسائي عين المعرفة، وعندي عنه تصورات.. وأعرف أقوال العلماء فيه، وتنتسب إليه الجماعة الشيخية، وهم يعتقدون بوجود الإمام المهدي المنتظر عليه السلام في زمن الغيبة، واستغرب من ادعائك بقولك: " أنهم لا يؤمنون بوجود الإمام المهدي في زمن الغيبة ". وأريد أن أعرف مصدر هذا القول لأنه مهم بالنسبة لي، أيها الزميل؟

وكتب (العاملي) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 11 - 6 - 1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (صيغة الصلاة علي النبي - القسم الأخير)، قال فيه:

ص: 435

ردَّ الألباني في مقدمة كتابه سلسلة الأحاديث الضعيفة: 3/8، علي الصديق المغربي رداًّ مطولاً..

قال الألباني: قلت: ليس في هذا الكلام من الحق إلا قولك الأخير أنه لا تجوز الزيادة علي ما علمه الشارع.. إلخ. فهذا حق نقول به ونلتزمه ما استطعنا إلي ذلك سبيلاً.

ولكن ما بالك أنت وأخوك خالفتم ذلك، واستحببتم زيادة كلمة " سيدنا " في الصلاة عليه صلي الله عليه وآله، ولم ترد في شيء من طرق الحديث؟!

أليس في ذلك استدراك صريح عليه صلي الله عليه وآله، يا من يدعي تعظيمه بالتقدم بين يديه؟!

أما سائر كلامك فباطل، لوجوه:

الأول: أنك أثنيت علي الشيعة بالفطنة، ونزهتهم عن البدعة، وهم فيها من الغارقين الهالكين. واتهمت أهل السنة بها وبالبلادة والغباوة، وهم والحمد لله مبرؤون منها، فحسبك قوله (صلی الله علیه و آله) في أمثالك: إذا قال الرجل هلك الناس، فهو أهلكهم. رواه مسلم.

الثاني: أنك دلست علي القراء، فأوهمتهم أن الحديث بروايتيه هو مختصر، كما ذكرته ليس له تتمة، والواقع يكذبك، فإن تتمته في الصحيحين وغيرهما: " كما صليت علي إبراهيم.. اللهم بارك علي محمد.. " إلخ. الصلوات الإبراهيمية المعروفة عند كل مصلٍّ، ومذكورة في صفة الصلاة.

الثالث: فإن قلت: فاتني التنبيه علي تمام الحديث. قلنا لك: هب أن الأمر كذلك - وما أظن - فاستدلالك بالحديث حينئذ باطل، لأن أهل السنة جميعاً الذين اتهمتهم بما سبق، لا يذكرون أصحابه (صلی الله علیه و آله) في هذه الصلوات الإبراهيمية!

ص: 436

فإن قلت: إنما أعني ذكرهم الصحابة في الصلاة علي النبي وآله في الخطب!

قلنا: هذا وإن كنت قد صرحت به في آخر رسالتك، ص 21، ونقلته عنك فيما سبق، ص 10. فإنه لا يساعدك علي إرادة هذا المعني استدلالك بالحديث، لكونه خاصاًّ بالصلاة لا الخطبة، كما بينت آنفاً. وقولك في آخر تنبيهك المزعوم: فذكر الصحابة في الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله) زيادة علي ما علمه الشارع، واستدراك عليه وهو لا يجوز.

حقاًّ إن ذلك لا يجوز، ولكن أين تعليمه الصلاة عليه، في خطبة الكتاب، الذي ذكر فيه هو " وآله " دون الأصحاب، حتي يكون ذكرهم زيادة واستدراكاً عليه، صلي الله عليه وعلي آله، وصحابته أجمعين؟!

الخامس: فإن قلت: إنما استدللت بالحديث لقوله (صلی الله علیه و آله): قولوا: " اللهم صل علي محمد.. " فعمَّ ولم يخص صلاة ولا غيرها.

فأقول: هذا العموم المزعوم أنت أول مخالف له، لأنه يستلزم الصلاة عليه (صلی الله علیه و آله) بهذه الصلوات الإبراهيمية كلما ذكر عليه الصلاة والسلام.

وما رأيتك فعلت ذلك ولو مرة واحدة في خطبة كتاب أو في حديث ذكر فيه النبي (صلی الله علیه و آله). ولا علمنا أحداً من السلف فعل ذلك، والخير كله في الإتباع.

والسر في ذلك أن هذا العموم المدعي إنما هو خاص بالتشهد في الصلاة، كما أفادته بعض الأحاديث الصحيحة، ونبه عليه الإمام البيهقي فيما ذكره الحافظ في فتح الباري: 11/154 - 155. الطبعة السلفية. فليراجعه من شاء.

.. الإمام الشافعي في رسالته علي ما ذكره الحافظ السخاوي في القول البديع، والرافعي، والشيرازي والنووي، وابن تيمية، وابن القيم، وابن حجر، وغيرهم كثير وكثير جداًّ لا يمكن حصرهم، ما زال كل واحد منهم يصلي علي النبي (صلی الله علیه و آله) في خطبة كتبه، يصلي علي أصحابه معه كما أفعل أنا أحياناً اقتداءً بهم.

ص: 437

وبخاصة أن الحافظ ابن كثير نقل في تفسيره الإجماعَ علي جوازه، ومع ذلك كله رميتني بسبب ذلك بدائك وبدعتني..

أفهؤلاء الأئمة مبتدعة عندك! ويحك... أم أنت تزن بميزانين وتكيل بكيلين؟!

ولذلك كنت اخترت الصلاة عليه (صلی الله علیه و آله) بهذه الصلوات الإبراهيمية في كل تشهد، وسط وأخير، وهو نص الإمام الشافعي كما تراه في " صفة الصلاة ص 185 " مشروحاً.

وكيف يمكن أن يكون هذا الإستدلال صواباً، وفيه ما سبق بيانه من المخالفات والمنكرات؟!

مع أنه لم يقل أحد من أهل العلم، ببدعية ذكر الصحابة معه (صلی الله علیه و آله) في الصلاة عليه تبعاً، كما تزعم أنت، بل ما زالوا يذكرونهم في كتبهم سلفاً وخلفاً.

وماذا تقول في أخيك الشيخ أحمد، فإنه أيضاً يفعل مثلي في خطب بعض كتبه، مثل كتابه مسالك الدلالة ورسالته في القبض، أتراه مبتدعاً أيضاً؟

يمكن أن يكون كذلك في غير هذه المسألة، أما فيها فلا.

وكذلك فعل أخوك الآخر المسمي عبد العزيز في خطبة كتابه التحذير، وكتابه تسهيل المدرج إلي المدرج، أمبتدع هو أيضاً؟!

ملاحظات العاملي علي كلام المغربي والألباني

محل الخلاف في موضوعنا مسألتان:

الأولي: هل يجوز، حذف الصلاة علي آل النبي، وإفراده بالصلاة، في غير الفريضة؟

ص: 438

والثانية: هل يجوز، اتباع الصلاة علي النبي وآله، بالصلاة علي صحابته، في الفريضة وغيرها؟

والجواب عن ذلك حسب فقهنا:

أن الصلاة توقيفية علي ما ورد به الشرع، لتوقيفية العبادات كلاًّ.

ولقوله صلي الله عليه وآله: " صلُّوا كما رأيتموني أصلي ". فلا يجوز الزيادة فيها ولا التنقيص منها.

وقد ثبت عندنا وجوب الصلاة عليه وعلي آله صلي الله عليهم، في التشهد والتسليم.

أما كيفيتها:

فقد وردت فيها صيغ متعددة، إحداها الصلاة الإبراهيمية..

أما فقهاء المذاهب السنية:

فالظاهريون منهم، الذين يتمسكون بحرفية النصوص الشرعية، ولا يجيزون لأنفسهم البحث عن مغزاها وملاكها والفتوي به مثل الشيخ الألباني وكافة الوهابيين، والسلفيين، وقسم من الحنابلة، وأتباع المذهب الظاهري..

فالأصل عندهم في الأحكام والموضوعات كلها أن تكون توقيفية، ولا عبرة عندهم بالملاك، ولو كان بحكم العقل قطعياًّ.

كما أن الأصل عندهم في الأشياء الحرمة حتي يثبت جوازها من الشرع، ولا يقولون مثلنا: " إن كل شئ مطلق حتي يرد فيه نهي، وكل شئ حلال حتي تعلم أنه حرام.. ".

ولذلك تواجههم مشكلتان في إفراد الصلاة علي الصحابة أو إتباعها:

ص: 439

الأولي: أن الكيفية التي علمها النبي (صلی الله علیه و آله) للمسلمين مطلقة، فد سألوه كيف نصلي عليك، ونطبق الآية التي أمرنا الله بها بذلك؟ فعلمهم الصلاة عليه وآله ولم يذكر أصحابه.

ولم يقيد المسلمون سؤالهم بالصلاة. ولا قيد النبي (صلی الله علیه و آله) جوابه بالصلاة عليه فيها..

ولو كان الحكم يختلف في الصلاة وخارجها لبينه لهم (صلی الله علیه و آله) لأنه في مقام بيان ما أنزل إليه من ربه.

فلا بد لمفتيهم أن يفتي بحرمة ذلك، لأنه زيادة علي تعليمه (صلی الله علیه و آله) واستدراك عليه، فهو بدعة محرمة، وصاحبها مبتدع فاسق يجب تحذير المسلمين منه ومن بدعته!

وغاية ما يمكنهم قوله للخروج من البدعة، أن يدَّعوا وجود دليل آخر، يدل علي جواز ذلك.

كما قال الشيخ الألباني: " والسر في ذلك، أن هذا العموم المدعي، إنما هو خاص بالتشهد في الصلاة كما أفادته بعض الأحاديث الصحيحة، ونبه عليه الإمام البيهقي فيما ذكره الحافظ في فتح الباري ".

ولكنه لم يذكر هذه الأحاديث الصحيحة، التي يجب أن تكون علي درجة قوية من الدلالة والصحة، حتي تنهض بتقييد إطلاق التعليم النبوي، وتصلح للخروج عن التحريم الأصلي عندهم.

وهو هنا تحريمان: تحريم الزيادة والإستدراك علي النبي (صلی الله علیه و آله). وتحريم الصلاة علي أحد، إلا بنص شرعي!

والمشكلة الثانية: التي تواجه المصلين علي الصحابة، هي عدم جواز تعميم الصلاة عليهم جميعاً بدون تخصيص أو تقييد..

ص: 440

والدليل عليه أن مصطلح الصحابة عندهم يشمل أكثر من مئة ألف شخص.

وهؤلاء فيهم من شاركوا في محاولة اغتيال النبي (صلی الله علیه و آله) ليلة العقبة..

وفيهم من ثبت نفاقهم بنص القرآن ونص النبي (صلی الله علیه و آله)..

وفيهم جماعة شهد النبي (صلی الله علیه و آله) بأنهم سوف ينقلبون من بعده، ويمنعون من ورود حوضه ويؤمر بهم إلي النار!

فيكون حكم الصحابة حكم الشبهة المحصورة، كما لو اشتبه المال الحلال بالحرام، أو الظروف الطاهرة بالنجسة. والفتوي المتفق عليه فيها: إما اجتنابها جميعاً. أو وجوب تمييز الحلال من الحرام والطاهر من النجس منها، قبل التصرف فيها..

فلا بد للمصلين علي الصحابة، إذا استطاعوا أن يحلوا الإشكال الأول.. من تمييز الصحابة المصلَّي عليهم.. بالقول مثلاً عند ذكر النبي صلي الله عليه وعلي آله وأصحابه المؤمنين، أو المرضيين، أو ما شابه ذلك من تقييد، يُخْرِج أعداء الله ورسوله من الصلاة عليهم!

بل إن المشكلة الفقهية نفسها ترد عند السنيين، في آل الرسول صلي الله عليه وآله.

لأنهم يعممونهم إلي كل ذريته وذرية بني هاشم والمطلب.. إلي يوم القيامة.. وفي هؤلاء أشخاص، ثبت أنهم أعداء لله ورسوله (صلی الله علیه و آله) بفتواهم وفتوانا.. وفيهم اليوم نصاري وملحدون، وفيهم قتلة وأشرار!!

فكيف يجوز للمسلم أن يصلي علي الكفار والفجار ويقرنهم بسيد المرسلين (صلی الله علیه و آله)؟!

فلا بد لهم أيضاً أن يقيدوا صلاتهم عليهم في الصلاة وغيرها بمن آمن وصلح منهم.. أما حسب مذهبنا فلا مشكلة..

ص: 441

لأن " آله " عندنا هم المطهرون الذين حددهم هو (صلی الله علیه و آله) دون غيرهم، وهم أربعة فقط: علي وفاطمة والحسن والحسين، وتسعة من ذرية الحسين، صلي الله علي رسوله وعليهم.

ولعل الشيعة الزيديين لا مشكلة عندهم أيضاً، لأنهم مع تعميمهم الآل لكل ذريته (صلی الله علیه و آله) لكنهم يشترطون فيهم شروطاً..

والحاصل: أن إشكال الصديق الغماري إشكال فقهي وعقائدي وارد علي الشيخ الألباني وأمثاله.

ولا يكفي للخروج منه الإستشهاد بفعل أحد من السلف..

أو بأن أخ الغماري أبدع في الدين، وقال: " سيدنا رسول الله ". فيجوز لنا أن نبدع ونقول: صلي الله عليه وآله وصحبه!

بل لا بد للمحدث الألباني أن يأتي بنص صحيح عنده، واضح الدلالة علي جواز إضافة الصحابة إلي الصلاة عليه (صلی الله علیه و آله).

وبما قدمناه يتضح أن قول الغماري، في ص 10، من كتابه المذكور:

" وننبه هنا علي خطأ وقع من جماهير المسلمين، قلد فيه بعضهم بعضاً ولم يتفطن له إلا الشيعة ". انتهي.

هو كلام علمي، مبني علي موازين فقهية صحيحة، وقد تفطن الشيعة إلي ذلك من صدر الإسلام وساروا عليه إلي يومنا هذا..

وحتي لو كان الشيعة برأي الألباني مبتدعين هالكين أو كافرين، فليس هذا موضوع البحث ليستطرد برشق الشيعة بهذه الصلية!

فالبحث في جواز اتباع الصحابة في الصلاة علي النبي (صلی الله علیه و آله).

والأصل فيه عند الألباني والوهابيين أنه حرام وبدعة، حتي تقوم عليه الحجة القطعية من كتاب أو سنة!

ص: 442

وينبغي لنا أن نعطي الألباني وجماعته مهلة، حتي يجدوا لصلاتهم علي الصحابة حجة شرعية، أو يتوبوا من هذا العمل، الذي هو بدعة.. حسب مذهبهم!

وكتب (مشارك) بتاريخ 12 - 6 - 1999، الثانية عشرة صباحاً:

أعيد لك ما سبق أن كتبت.

عموماً فإن أهل السنة والجماعة والحمد لله منهجهم قائم علي الكتاب والسنة، وهم يرون جواز أن يبدأ الإنسان كلامه بإحدي الصيغ التالية، أو ما في معناها:

- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين.

- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين.

- الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين.

وغيرها من الصيغ التي في نفس المعني، ومما نستدل به في ذلك قوله تعالي: " هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيماً ".

وأيضاً عن عبد الله ابن أبي أوفي، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم، قال: اللهم صل علي آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صلي علي آل أبي أوفي. النسائي كتاب الزكاة باب صلاة الإمام علي صاحب الصدقة حديث رقم 2307. وقال الألباني: صحيح.

فكيف تقول لم يرد في ذلك أي حديث؟!

الحق أبلج والباطل لجلج. قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

ص: 443

وكتب (مشارك) بتاريخ 12 - 6 - 1999، التاسعة صباحاً:

سؤال: ذكرنا لك حجتنا في رأينا وهي الآية والحديث، فهل تنتهي المشكلة عندك إذا قلنا: " وصحبه المؤمنين " بدلاً من " وصحبه أجمعين ".

الحق أبلج والباطل لجلج. قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الثانية صباحاً:

الأخ مشارك: بعد السلام عليكم..

الظاهر أن أمر الخلاف بين الشيعة والوهابيين.. لو كان بيدي ويدك لتوصلنا إلي اتفاق تاريخي!

فإني أقبل منك أن تصلي علي نبيك ونبيي بأي صيغة تطمئن إليها..

وأقول لك ما دمت مخلصاً.. وبحثت ووصل رأيك إلي هذا، فأسأل الله تعالي أن يتقبل منك. وسأطلب منك أن تعذرني في أن أستعمل الصيغة التي وصلت إليها في الصلاة عليه صلي الله عليه وآله.

لكنك يا أخي.. باحث، وتعرف أن غرضي من البحث أن أثبت لإخواننا الوهابيين أن قاعدتكم في تعريف البدعة التي بدعتم بسببها أكثر المسلمين، قاعدة خاطئة.. وأنها أوقعتكم في التناقض..

فعليها تصير إضافة " الصحابة " بدون نص في صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، بدعة.. تستحقون التكفير بسببها..

وقد ذكرت لك.. أن الآيات والأحاديث التي استدليت بها لا يقبلون هم دلالتها.. ويرونها خاصة بمواردها، وأن تعميمها إلي غير موردها بدعة!!

ص: 444

فالهدف إلفات المثقفين الوهابيين والمتفكرين منهم أن يعيدوا النظر في أصول مذهبهم لأنها متناقضة.

وأنا علي يقين.. أنهم لا يقبلون منك تقييد الصحابة في صيغة الصلاة بالمؤمنين، لأنه يشعر بأن فيهم غير مؤمنين.. فيكون تعريضاً بالصحابة وتستغله الرافضة!

ولذا.. سوف يحرِّمونه من باب سد الذرائع.. إلي آخر أسلوبهم في الإستدلال علي الأحكام الشرعية!

إن المشكلة أمامهم في مثل هذه المسألة مركبة من ثلاث:

الأولي: أصل إضافة أحد إلي صيغة الصلاة عليه صلي الله عليه وآله، غير الذين ورد فيهم النص وهم آله بالإجماع، وفي رواية ذريته وأزواجه.

والثانية: أن الصحابة، فيهم من ثبت عندهم في الصحيح أنه من أهل النار، وفيهم المطرودون عن الحوض وهم أكثرية الصحابة بالنص الصحيح، وفيهم بضعة عشر ائتمروا ليقتلوا الرسول في العقبة!

وفيهم من شهد بأنهم لن يروه ولا يراهم.. وفيهم.. وفيهم.. إلخ. إن وصف من تصلي عليهم بالمؤمنين يحل هذه المشكلة فقط، ولا يحل السابقة!

والثالثة: أن أهل البيت، عندهم.. هم كل بني هاشم وبني عبد المطلب وغيرهم.

وهم الآن أكثر من أربعين مليوناً، وفيهم كفار، وفيهم من أشر خلق الله، وفيهم من خيار عباد الله، فكيف يجوز لمسلم أن يصلي علي هؤلاء في صلاته، ويقرنهم بأشرف الخلق؟!!

ص: 445

يمكن أن تقول لي: نقيد من نصلي عليه منهم بالمؤمنين فتحل هذه المشكلة.. ولكن تبقي المشكلة الأصلية وهي قاعدتكم المزعومة، في أصالة الحرمة وتعريف البدعة!!

إن هدفي أن أقدم معادلة علمية صحيحة للوهابيين: إما أن تتركوا تبديع المسلمين وتكفيرهم..

وإما أن تتركوا الصلاة علي الصحابة في صيغة الصلاة النبوية، لأنها بنفس قاعدتكم إبتداع في مقابل الإتباع..

وسبحان من يسلط القواعد علي أصحابها!! وشكراً.

وكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 6 - 199، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

وبعد الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي أشرف المرسلين نبينا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين. يبدو أن عدوي حوار الطرشان قد انتقلت إلينا.

عموماً سوف يكون الكلام في نقطتين:

الأولي: والتي كعادتك تأتي فيها بالعجائب، وهي عدم تناقض أهل السنة في صلاتهم علي الصحابة خارج الصلاة، وأعيد لك ما ذكرته من أن أهل السنة يثبتون ذلك للصحابة ولمن تبعهم بإحسان إلي يوم الدين، ومن حججهم في ذلك الآية الكريمة: " هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم

من الظلمات إلي النور وكان بالمؤمنين رحيماً ". فماذا قال أهل السنة في الضمير في " عليكم " هل قالوا: أهل البيت؟؟

وأما بالنسبة للحديث عن عبد الله ابن أبي أوفي، قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل علي آل فلان، فأتاه أبي بصدقته، فقال: اللهم صلي علي آل أبي أوفي. النسائي كتاب الزكاة باب صلاة

ص: 446

الإمام علي صاحب الصدقة حديث رقم 2307. وقال الألباني: صحيح. فقد كنت تدعي في البداية أنه لا يوجد ذكر لأي حديث يثبت الصلاة علي الصحابة وأن ذلك مختص بالنبي وأهل بيته، وأن ما سوي ذلك بدعة، فهل تراجعت عن ذلك القول الآن بعد أن ثبت لك بالدليل من القرآن والسنة ورود طلب الصلاة لغير النبي والآل.

أقول يا صاحب الحوار العلمي هل تراجعت عن ذلك التقييد الآن، أم أنك ممن يؤمن ببعض ويكفر ببعض!!! ومن قال بالخصوصية في هذا الحديث من أهل السنة، وأين قال ذلك؟ أم أنك تؤلف ما تشاء يا صاحب الحوار العلمي!!

فالحديث عام في كل من أتي بصدقته، والآية عامة في المؤمنين فتأمل!!

وأما سؤالي لك: فهل تنتهي المشكلة عندك إذا قلنا: " وصحبه المؤمنين " بدلاً من " وصحبه أجمعين " فهو حجة عليك لا لك. لأن تعريف الصحابي عندنا هو من لقي النبي مؤمناً ومات علي ذلك.

فنحن لا ندخل المنافقين فيهم، ولسنا مثلكم، ولله الحمد الذين نري من آياتكم وزنادقتكم الكفر الصراح، ثم تقولون حب علي حسنة لا يضر معها سيئة!!!

ثم تأتي بمسألة أطم وتحاول أن تستدرك علي المصطفي صلي الله عليه وسلم، فالحديث الوارد في الصلاة علي الآل عام " اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد " ونحن نلتزم بذلك في صلاتنا.

وأما أنت فتقول: " والثالثة: أن أهل البيت عندهم هم كل بني هاشم وبني عبد المطلب وغيرهم، وهم الآن أكثر من أربعين مليوناً، وفيهم كفار، وفيهم من أشر خلق الله، وفيهم من خيار عباد الله، فكيف يجوز لمسلم أن يصلي علي

ص: 447

هؤلاء في صلاته، ويقرنهم بأشرف الخلق؟!! يمكن أن تقول لي نقيد من نصلي عليه منهم بالمؤمنين فتحل هذه المشكلة، ولكن تبقي الأصلية!! ".

ثم تحاول أن تفصح عن رأيك، في الصحابة وهو السؤال الذي طالما تهربتم ن الإجابة الصريحة عليه فتقول: " والثانية: أن الصحابة فيهم من ثبت عندهم في الصحيح أنه من أهل لنار، وفيهم المطرودون عن الحوض وهم أكثرية الصحابة بالنص الصحيح، فيهم بضعة عشر ائتمروا ليقتلوا الرسول في العقبة!

وفيهم من شهد بأنهم لن يروه ولا يراهم.... ". وسوف يكون الرد منفصلا علي هذه النقطة إن شاء الله.

وأما النقطة الثانية: فهي الكلام علي البدع ومذهب أهل السنة في البدع.

حقيقة يصعب الكلام معكم في مثل هذه النقطة، لأن دينكم كله ابتداع. أنتم تأخذون عن اليهود والمعتزلة والمرجئة والزنادقة و.. ثم تردون علي البدع!!!!

إذا أردت أن تتكلم عن البدع، فأولاً أذكر لنا ما هو تعريف البدعة وما أنواعها، وما حكم المبتدع، وضوابط البدعة وغير ذلك، وبعد ذلك تعال تفلفس ببضاعتك المزجاة.

وأما قولك: " الظاهر أن أمر الخلاف بين الشيعة الوهابيين لو كان بيدي ويدك لتوصلنا إلي اتفاق تاريخي! ". فأقول لك: لا، وألف لا، لن نصل لأي اتفاق مع من دينهم الكذب.

الحق أبلج والباطل لجلج. قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه إذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

وكتب (موسي العلي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الواحدة ظهراً:

الزميل مشارك:

ص: 448

لن أدخل معك في تفاصيل النقاش، والأمر متروك للأخ الفاضل العاملي..

لكني أعقب علي قولك الشيعة: " دينهم الكذب " في ختام كلامك: " فأقول لك لا، وألف لا، لن نصل لأي اتفاق مع من دينهم الكذب ".

ماذا تقصد من ذلك.. وأي كذب. أعطني براهين علي ذلك وأدلة من كتبهم المعتمدة.

لا نريد قول جزاف أو من مصادركم التي تقدسونها: قال السلف وقال السلف!!

هذه دعوي وتحتاج إلي بينة؟ مع تحيات موسي العلي

فكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 6 - 1999، السادسة والثلث مساءً:

حسناً يا موسي: هلاَّ أجبتني علي هذه الأسئلة في البداية قبل أن أثبت لك ذلك! ما الفرق عندكم بين التقية والكذب والنفاق؟ ما هو قول جعفر والكاظم في غالبية الرواة عنهم؟؟

كيف يأتي القمي لأقوال ابن سبأ، وغيره من الغلاة التي كان الشيعة القدماء يتبرأون منها.. ثم يأتي ويقول: إنها أصبحت من ضرورات المذهب؟؟

كم من زعمائكم من ادعي البابية والنيابة عن المعصوم؟؟ كم منهم من اعترف بدور المال في قضية التواقيع والرقاع؟؟

هل صحيح في دينكم، أن من تمتع مرة كان كالحسين، ومرتين كالحسن، وثلاث كعلي، وأربع كالنبي؟ إذن ما ما منزلة من تمتع أكثر من ذلك بألف مرة، أليس هذا حديثاً عندكم؟

ألا توجد أحاديث في الكليني وغيره تجيز، بل تستحب رفع القول الوارد عن أحد أئمتكم إلي علي بل إلي النبي بل إلي الله؟ ألا يوجد الكثير من علمائكم من يثبت تحريف القرآن وأن الكفار المذكورين بأسمائهم في القرآن

ص: 449

سبعون، حذفوا جميعاً إلا أبي لهب، نكاية بالنبي لأنه عمه؟ هذه بعض الأسئلة التي من خلالها توقن بصحة الدعوي.

وكتب (سماحة) بتاريخ 13 - 6 - 1999، السادسة مساءً:

صحيح أنك هربت من الموضوع الأصلي يا مشارك.

لكن أحيي فيك عدم هروبك من النادي.. إجابة السؤال بسؤال هي من طرق الهرب.

فلو أجبناك علي أسئلتك، هل تستمر في الموضوع، أم تغير؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، الثامنة مساءً:

إن أقوي شاهد علي أنه لا يوجد أي دليل علي جواز إضافة الصحابة إلي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، هو أن الصديق المغربي قال عنها إنها: " زيادة علي ما علمه الشرع واستدراك عليه وهذا لا يجوز ".

فقال الألباني معقباً عليه: " حقاًّ إن ذلك لا يجوز ".

ثم حاول الألباني أن يثبت أن تعليم النبي صلي الله عليه وآله كان خاصاًّ في تشهد الصلاة..

فإضافتها في الصلاة فقط، بزعمه بدعة، توجب فسق فاعلها أو كفره.. أما في غير الصلاة فحلال!

ولكن يبقي الباحث يتساءل: لقد سأل المسلمون نبيهم صلي الله عليه وآله: كيف نصلي عليك؟ فعلمهم صيغة الصلاة عليه وآله، وأطلق ذلك لكل الأحوال.. ولم يقل لهم، هذا فقط في تشهد صلاتكم.. وأما في غيره فأضيفوا إليه أصحابي أو غيرهم!

ص: 450

فجواز الإضافة والتغيير، في الصيغة النبوية، يحتاج إلي دليل يخصص التعليم النبوي في حالة دون حالة. وإلا.. فإن كل تغيير فيها يكون بحكم قاعدتكم: استدراكاً علي ما علمه الشرع، وهو البدعة.. بعينها!!

وما ذكره الألباني، وذكرته أنت من آية، وصلاة الرسول صلي الله عليه وآله علي ابن أبي أوفي، وقوله في صلاته علي جنازة: صلي الله عليك، وأمثاله..

لا تصلح مخصصاً لعموم التعليم النبوي، لأنها كما ذكرنا موارد خاصة عندكم لا يجوز تجاوزها.

ثم إنها فعل الله تعالي ورسوله، فالله تعالي يصلي علي صاحب المصيبة، ويصلي علي من شاء، والرسول صلي علي من أعطي زكاته، أو علي الجنازة، لأنه مأمور من ربه أن يصلي عليهم..

أما فعلنا نحن المسلمين.. وكيف نصلي علي الرسول صلي الله عليه وآله.. فقد علمنا الرسول صيغته وأطلق تعليمه. ولا يصح أن نجعل هذه الحالات مخصصة لتعليمه الشريف، وهي عنه أجنبية!!

النقطة المركزية هنا يا مشارك: لا يمكنك أنت، ولا الألباني، أن تتخلصوا من عموم التعليم النبوي، وتثبتوا اختصاصه بتشهد الصلاة!

أما قول الألباني: إن فلاناً.. نقل عن فلان في حاشية الكتاب الفلاني! أن الصيغة النبوية خاصة بالتشهد..

فهو قول مضحك عند أهل العلم.. لأن العام النبوي إنما يتخصص بدليل نبوي.. لا بكلام فلان.. وفلان..

وإلا كان اجتهاداً في مقابل النص، وتخصيصاً حيث لا مخصص، وهو من نوع البدعة أيضاً!!!

ص: 451

المسألة الثانية: ما رأيك في باحث مناظر، إذا أخذ يقفز من موضوع إلي موضوع؟

أرجو أن تجيبني، وتستعين إن شئت برأي علماء النفس، والخبراء في إدارة البحوث، والمناظرات.

إن القفز من موضوع إلي موضوع، يضر صاحبه ولا يضر من يناظره، بل ينفعه!!

فما لك تحشر في موضوع بحثنا.. مواضيع عديدة؟!! وأذكرك مجدداً ببحثنا.. ونقطته المركزية حتي نفرغ منه!!

المسألة الثالثة: ما هو رأيك بالمناظر، أو بالداعية المسلم، إذا استعمل مع من يناظرهم التجريح، والإهانة، والسب، والأحكام المسبقة، وهو يدعي أنه يريد أن يناظرهم بأسلوب علمي هادئ ويدعوهم من ضلالهم إلي هداه؟

وتراه يختم كلامه " العلمي " معهم دائماً بآية أو كلام تجعلهم كفاراً أو ضلالاً؟!!

إن القفز والنط من موضوع إلي موضوع..

والتجريح بالشيعة.. واتهامهم، والشيخية جزء لا يتجزأ منهم..

وادعاء أن خطبة أمير المؤمنين علي عليه السلام، ووصفه مخالفيه.. أو شيعته غير المرضيين عنده في عصره بأنهم أشباه الرجال.. وادعاء أن ذلك رأيه في شيعته..

نوع من التهريج، يكفي لأن يسكتك الشيعي بقوله: إذا كان أولئك المسلمون الأقرب لعلي منك أشباه الرجال، فماذا تكون أنت؟

أو يقول لك: إقرأ رأي عمر في أهل الشوري، كيف فسق بعضهم، وكفر بعضهم، ثم جعلهم أعضاء في الشوري!! فماذا تقول له؟؟

الأفضل لك أن تكون هادئاً حتي نستمر في مخاطبتك..

ص: 452

وإن أبيت فيوجد في الشيعة من يكيل لك بمكيالك، ويقفز بك من موضوع إلي موضوع حتي تفقد صوابك!

المسألة الرابعة: أنا أخاطب الوهابيين.. وأنت منهم، فلماذا تصر دائماً علي أنك من أهل السنة والجماعة، مع علمك أن الوهابيين يكفرون أكثر المسلمين!

هل مصر وهابية.. يا مشارك، أم فلسطين، أم نيجيريا..؟ أرجو أن تتكلم باسم من تحمل فكرهم. فأكثر المسلمين السنة يعتقدون بأهل البيت عليهم السلام وبالأولياء، ويزورون قبورهم ويعمرونها، ويعتبرونكم أنتم المبدعين.. في تكفيرهم!!

فانظر إلي مشاهد الصالحين ومساجدهم وقبورهم في العالم السني من مصر إلي آخر الدنيا، كيف هي

عامرة بالزوار والمصلين والحمد لله، ومنها قبر هاشم جد النبي صلي الله عليه وآله في غزة بفلسطين الذي تزعمون أنه كافر.. فهل تتحدث عن هؤلاء؟!! أرجو أن تتكلم باسمك الشخصي.. أو بإسم الذين تحمل فكرهم.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 13 - 6 - 1999، التاسعة مساءً:

الأخ الفاضل العاملي: تحية طيبة مني إليك، وإلي الزميل مشارك.

لقد جلبني هذا الحوار، وعندي بعض المداخلات الثانوية.. كم أتردد في بسطها هنا حيث أري أنك تتكلم بإسهاب ممتع. ولا أريد أن أحرف الجادة بمداخلة بسيطة. لولا أني أحببت أن أذكر هذه النكتة المفردة:

الأحاديث الواردة في تعليم الأصحاب لكيفية التصلية عليه حازت علي عدة مواصفات ستكون نتيجتها عدم إضافة أمر آخر:

الأولي: أنها متكررة بلا تلك الإضافة، حداًّ لا يعتوره شبهة.

الثانية: أنها في الأغلب من سائل إلي مجيب.

ص: 453

والحكم في مقام الجواب، يعطي قرينة صافية علي أن المراد كيفما جاء به السائل.

وفي المقام لم يسأل الصحابة - كما في رواية كنز العمال عن علي ابن أبي طالب، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وموطأ مالك، ومسند أحمد، وسنن الدارمي كلهم عن ابن مسعود، وغير ذلك من الروايات - لم يسألوا عن التصلية داخل الصلاة!

فالإطلاق محكم كما يقولون، وإن أدرجها بعضهم في أبواب التشهد.

الثالثة: أن كون الروايات في معرض السؤال للتعلم والجواب للتعليم يجعل الرواية بيانية.

وهذا معروف في الأساليب الفقهية، فإذا جاءت رواية بيانية بالقرينة التي ذكرنا، وأقلت محتوي معين ومتكرر - لحسن الحظ طبعاً - فإن أية رواية لا تحمل هذه الصفة البيانية، لا يمكن أن ترجع إليها الرواية ذات البيان، فكيف بالروايات المتعددة؟!

الرابعة: في الروايات المتقدمة، كان النبي يبتدأ بنفسه ثم بإبراهيم ثم.. ثم.. فلماذا لم يقل هنا: اللهم صل علي، ثم ختم بصاحب الزكاة مثلاً..

فهذا إن دل علي أمر، فإنما تكون دلالته علي الإستفصال بين المقامين.

الخامسة: إن معني الصلاة لغة الذي هو التكثير والمتابعة، وإلي آخر ما ذكر أرباب اللغة، قابل لأن ينطبق علي أكثر من مورد، ولذا وردت في المصابين وغيرهم.

السادسة: أنه لا بد من التأكد من صحتها.

ص: 454

السابعة: أن هذه الرواية بعد كل ما ذكرنا، يدور معناها بين أن تريد الإضافة، أو التصرف الخاص من النبي الذي لا يتعدي مورده، خصوصاً عند أبناء العامة. والإحتمال مفسد للإستدلال؟!

الثامنة: إن النزاعات قد حصلت بين الصحابة أنفسهم وبين بعضهم وبعض التابعين.

وعلي كثرة إحتجاجهم، لم نجد من احتج بأن الرسول صلي عليهم، وأما أهل البيت فلا يخفي ذلك إلا علي المعاند.

وأؤكد ما قاله الأخ العاملي.. الرجاء عدم الغوص في مواضيع أخري حتي إكمال هذا الموضوع؟؟؟!!!

وكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 6 - 1999، التاسعة مساءً:

إلي صاحب الحوار العلمي: رمتني بدائها وانسلت.

تقول: " ما هو رأيك في باحث مناظر إذا أخذ يقفز من موضوع إلي موضوع؟ أرجو أن تجيبني، وتستعين إن شئت برأي علماء النفس والخبراء في إدارة البحوث والمناظرات. إن القفز من موضوع إلي موضوع يضر صاحبه ولا يضر من يناظره، بل ينفعه!! فما لك تحشر في موضوع بحثنا، مواضيع عديدة؟!! وأذكرك مجدداً ببحثنا ونقطته المركزية حتي نفرغ منه!! ".

لست أنا من تهرب من الموضوع الرئيسي ودخل في مواضيع أخري وإنما هو أنت.

فأنت من بدأ بالكذب علينا في أمر البدعة، وفي أصول الفقه وفي التكفير وأخذت تلمز بالصحابة، وتسخر بالعلماء وأنت لا تساوي ظفرهم، فهل هذه بضاعتك؟

لماذا لم ترد علي النقاط التي طرحتها لك:

ص: 455

فأولاً: ينبغي أن تثبت تراجعك عن كلامك السابق في عدم ورود حديث إلي كلامك الحالي في ورود حديث ولكنك تؤوله.

ثانياً: لماذا لا تلتزموا بالصلاة الإبراهيمية بنصها في كل خطبكم يأهل السنة والإتباع!!!!

ثالثاً: كما عودتنا علي الإستدراك علي العلماء، فها أنت تستدرك علي الرسول، ثم تأتي بمسألة أطم وتحاول أن تستدرك علي المصطفي صلي الله عليه وسلم.

فالحديث الوارد في الصلاة علي الآل عام " اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد " ونحن نلتزم بذلك في صلاتنا. وأما أنت فتقول " والثالثة: أن أهل البيت عندهم هم كل بني هاشم، وبني عبد المطلب وغيرهم، وهم الآن أكثر من أربعين مليوناً، وفيهم كفار، وفيهم من أشر خلق الله، وفيهم من خيار عباد الله، فكيف يجوز لمسلم أن يصلي علي هؤلاء في صلاته، ويقرنهم بأشرف الخلق؟!! يمكن أن تقول لي نقيد من نصلي عليه منهم بالمؤمنين فتحل هذه المشكلة ولكن تبقي الأصلية!! ".

فهل تريدنا في الصلاة أن نقول: " وعلي آله المؤمنين " أو نقول: " وعلي آله الأئمة الإثني عشر المعصومين "؟!

رابعاً: وكعادتك تأتي بالعجائب والغرائب. تقول: " ثم إنها فعل الله تعالي ورسوله، فالله تعالي يصلي علي صاحب المصيبة ويصلي علي من شاء، والرسول صلي علي من أعطي زكاته أو علي الجنازة لأنه مأمور من ربه أن يصلي عليهم ".

ولي مع هذا الكلام وقفتان:

ص: 456

فقد كانت أصل المسألة عندك، ليست فقط أن نصلي علي الصحابة، أم لا نصلي، وإنما كانت المسألة أنه لا يجوز ذلك من الأساس..

ولما جئناك بالأدلة غيرت وبدلت كعادتك، وجعلت الأمر ليس في مشروعية جواز الصلاة عليهم لأنهم يستحقونها، وإنما هل نصلي عليهم، أم لا نصلي عليهم.. ولا أدري ماذا سوف يبقي أصل المسألة عندك مع استمرار النقاش.

الوقفة الثانية: تقول إن هذا فعل الرسول، فهل لهذا تعتبره بدعة؟؟!!

وأما نحن، فإن السنية لأمر تثبت من فعل الرسول ومن قوله. فسبحان من خلق العقول.

وكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 6 - 1999، العاشرة مساءً:

في اعتقادي.. أني لم أخرج عن موضوع بحثنا إلا إلي ما يتعلق به.

وبسبب مداخلاتك.. علي أي حال.. هبني خرجت عن الموضوع.. فما زال سؤالي قائماً:

ما هو دليلك علي أن التعليم النبوي لصيغة الصلاة عليه مختص بتشهد الصلاة؟!

وأرجو أن تقرأ كلامي مرة أخري.. فهناك أوامر للرسول صلي الله عليه وآله خاصة به.. مثل قوله تعالي: " وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ".

فهل تقول: إن هذا الأمر شامل لك مثلاً، لكي تنزل السكينة علي المؤمنين بصلاتك عليهم؟!

وآل محمد الذين تجب الصلاة عليهم عندنا.. هم الذين حددهم بالأسماء.. وأدار عليهم الكساء وقال: " هؤلاء أهل بيتي ".. كما صرحت به صحاحكم. فلا نحتاج إلي إضافة " المؤمنين ".

ص: 457

أما عندكم.. فهم كل بني هاشم، وفي صلاتكم تصلون عليهم جميعاً، وهم اليوم كما ذكرت لك نحو أربعين مليوناً، وفيهم غير مسلمين!

بل إذا عممتم بني هاشم إلي كل ذرية الرسول من أبناء فاطمة الزهراء عليها السلام ومن بناتها.. فقد شملت صلاتكم غير المسلمين الذين ينتسبون إلي بني هاشم من الأم، مثل الملكة اليزابت! التي هي من بنات الإدريسية زوجة هنري الثامن!!

فهل يسرك أن تشمل صلاتك علي آل محمد، في وسط فريضتك أمثال هؤلاء، وتقرنهم بنبيك؟!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 13 - 6 - 1999، العاشرة ليلاً:

عفواً يا مشارك. لقد بدأت تفقد أعصابك شيئاً فشيئاً.. لماذا؟؟؟؟

وأما البدعة.. فهي مساقة في أصل الكلام، الذي جري بين الصديق المغربي والألباني، وما أدراك ما الألباني!!!

وأما المسألة الأصولية فكانت جواباً لك، وحقاًّ إنها الجواب.

وأما التكفير.. فلا أظن أن الأخ العاملي سبقك به حين نقلت عن الشهيد الثاني، والمرعشي وغيره، فهل تشخص لك.. من هي التي ترمي بدائها ثم تنسل؟!

وأما العدول من المنع إلي الجواز، فلا أدري كيف تقرأ الكلام الذي تخاطب به.. هداك الله؟

إن البحث إذا كان يقصد به التشريع فهو بدعة، ولا يجوز ولا تراجع في ذلك أبداً.

وأما إذا كان المراد منه استحبابه العام، بحيث لا يكون الصحابي في أمر التصلية عليه متميزاً، بل مثاله مثال من يدعي له، فلا حرمة إلا في قولكم.. بناءً علي الجمود في كل رواية حسب موردها؟! وبناءً علي مفهوم وتطبيق البدعة..

ص: 458

ورغم كل هذا سوف لا أحشر نفسي هنا وأترك البحث متسلسلاً ما بينك وبين العاملي.

فكتب (مشارك) بتاريخ 15 - 6 - 1999، الواحدة ظهراً:

إلي صاحب الحوار العلمي:

لكي يكون الحوار علمياًّ يجب أن ترد علي كلام المناظر لك ولا تتهرب منه!!

فأولاً..

قال العاملي:

وأعاد مشارك نفس نقاطه الأربع السابقة.. وأضاف في آخرها:

خامساً: أنت تعلم أن هذه المسألة خلافية عند أهل السنة والجماعة، والحق والحمد لله لا يخرج عنهم، وأنت تعرف أن الذي رجحه ابن القيم، وابن تيمية هو الإقتصار علي علي الرسول وآله وأزواجه وذريته.. وقد ذكر ابن القيم في جلاء الأفهام حجة كل مذهب، وانتصر للقول الأول. فسواء كان القول بشمولهم في الصلاة هو الأرجح أو العكس، فهو والحمد لله هو الصحيح، وليس مذهب أهل الرفض الذين ينكرون الرويات الثابتة، والتي جاء فيها ذكر أزواج النبي صلي الله عليه وسلم.

وكتب (مشارك) بتاريخ 18 - 6 - 1999، السادسة صباحاً:

أين ردك يا من تدعي أنني أتهرب؟ لماذا لم تعترف بفضيحتك في موضوع: " فضيحة واحد من الدكاترة الأكاديميين "! أم أنك تظن أنني الذي أتهرب وليس أنت! انتهي.

قال العاملي:

وظل مشارك يناور ويتهرب من الإجابة علي الموضوع، ويدعي الإنتصار!!

ص: 459

وكتب المدعو (هارون) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 24-4-2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (هل يكمل الشيعة الصلاة علي محمد وآله الأطهار؟)، قال فيه:

إن الشيعة تدعي علي أهل السنة بأنهم يصلون علي النبي الصلاة البتراء، ويستدلون من صحيح مسلم والبخاري أن الرسول قال: " قولوا: اللهم صل علي محمد، وعلي آل محمد كما صليت علي آل إبراهيم , وبارك علي محمد وعلي آل محمد كما باركت علي آل إبراهيم , إنك حميد مجيد ".

هذه هي الصلاة الكاملة. لكن السني يقول: " محمد صلي الله عليه وسلم " والشيعي يقول: " اللهم صل علي محمد وآل محمد " أليست كلاهما بتراء؟؟؟

وكتب (جنوبي) بتاريخ 25 - 4 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

إن النبي إبراهيم ليس نبي عصرنا الحاضر..

والصلاة هي علي رسول عصرنا محمد (صلی الله علیه و آله) وآل بيته عليهم السلام كما كانت علي إبراهيم وآل بيته.

والمعلوم أن كل الأنبياء كانت تصلي علي رسولنا محمد وآل بيته.

الصلاة البتراء هي: عندما تصلي علي محمد ولا تذكر آل بيته. وهنا المقارنة هي: أن تذكر آل النبي كما ذكر آل إبراهيم.

وكتب (عزام) بتاريخ 25 - 4 - 2000، السادسة والنصف مساءً:

الأخ الكريم هارون، السلام عليكم:

تعود الكثير من المسلمين - بدون قصد - أن يصلوا علي النبي بهذه الكيفية: " صلي الله عليه وسلم " دون ذكر آله الطاهرين.

ص: 460

والصحيح هو " صلي الله عليه وآله " وهو المتواتر عند الشيعة. وأما أدلتها من كتب إخواننا السنة أنفسهم فهي:

1 - في كنز العمال: عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله عليه وآله وسلم: قولوا اللهم صلي علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد.

2 - في صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي والنسائي وموطأ مالك ومسند أحمد وسنن الدارمي: عن أبي مسعود الأنصاري قال: أتي رسول الله فجلس معنا في مجلس سعد بن عبادة، فقال له بشير بن سعيد وهو أبو النعمان بن البشير: أمرنا الله أن نصلي عليك يا رسول الله، فكيف نصلي عليك؟

قال: فصمت رسول الله حتي تمنينا أنه لم نسأله! ثم قال: قولوا: اللهم صلي علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم، وبارك علي محمد وعلي آل محمد، كما باركت علي إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد. والسلام كما قد علمتم.

3 - صحيح البخاري وسنن النسائي وابن ماجة ومسند أحمد:

عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول الله، هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة؟

قال: قولوا اللهم صلي علي محمد عبدك ورسولك كما صليت علي إبراهيم وبارك علي محمد وآل محمد كما باركت علي إبراهيم.

4 - وفي معتبر الطبري ورد كذلك.

5 - سنن النسائي.

6 - مسند أحمد.

7 - كنز العمال.

ص: 461

8 - الدر المنثور.

ولكن للأسف البعض يبخل بالصلاة عليهم (آله)!

فهل هذا وفاء للنبي صلي الله عليه وآله حيث علمنا كيف نصلي عليه، وقال: لا تصلوا علي الصلاة البتراء. وهي الصلاة عليه دون آله الطاهرين.

جاء في الصواعق المحرقة قال:

ويروي لا تصلوا علي الصلاة البتراء، فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون اللهم صلي علي محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صلي علي محمد وآل محمد.

وقال ابن حجر: أخرج الدارقطني، والبيهقي حديث من صلي الصلاة ولم يصل فيها علي وعلي أهل بيته لم تقبل منه.

وكتب (فرات) بتاريخ 26 - 4 - 2000، السابعة إلا ثلث مساءً:

الأخ الكريم هارون: السلام عليكم..

من الفضائل العظيمة والمناقب الجليلة لأهل البيت.. إن الدعاء محجوب حتي يصلي عليهم.

فقد أخرج ابن حجر في صواعقه ص 88 قال:

أخرج الديلمي أن النبي (صلي الله عليه وآله) قال: الدعاء محجوب حتي تصلوا علي محمد وأهل بيته.

كما أخرج الطبراني ج 5 في الأوسط عن علي قال:

كل دعاء محجوب حتي يصلي علي محمد وآل محمد.

وقد نزل القرآن الكريم بها.. فقد أخرج البخاري ومسلم وكل المحدثين من أهل السنة والجماعة، بأن الصحابة جاؤوا إلي النبي عندما نزل قول الله تعالي: " إن الله وملائكته يصلون علي النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً ".

ص: 462

الأحزاب - 56، فقالوا: يا رسول الله عرفنا كيف نسلم عليك، ولم نعرف كيف نصلي عليك؟ فقال النبي: قولوا اللهم صل علي محمد وآل محمد كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد. صحيح البخاري: 4/128.

وزاد بعضهم قوله: ولا تصلوا علي الصلاة البتراء، قالوا: وما الصلاة البتراء، يا رسول الله؟ قال: أن تقولوا اللهم صلي علي محمد وتسكتوا، وإن الله الكامل لا يقبل إلا الكامل.

مما حدا بالإمام الشافعي أن يصرح بأن الذي لا يصلي علي أهل البيت لا يقبل الله صلاته:

يا آل بيت رسول الله حبكم... فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم الشأن أنكم... من لم يصلي عليكم لا صلاة له

وفي سنن الدارقطني ص 136 بسنده عن أبي مسعود الأنصاري قال:

قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: من صلي صلاة لم يصل فيها علي ولا علي أهل بيتي لم تقبل صلاته.

فيا لها من منزلة جليلة لأهل بيت محمد، بحيث أن البشر مهما بلغوا من الكمالات يبقي دعاءهم محجوب ما لم يصلوا عليهم!!

ومع هذا كله تجد الكثير من إخواننا السنة، حينما يذكر الرسول الكريم صلي الله عليه وآله عندهم، أو عند ذكرهم لإسم محمد، أو النبي صلي الله عليه وآله، يكتفون فقط بعبارة " صلي الله عليه وسلم ". وإذا ما اضطروا إلي إكمالها، فإنهم عندئذ يزيدون عليها " وعلي أصحابه أجمعين ".

وكتب (الحربي) بتاريخ 27 - 4 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

ونحن نصلي علي محمد وآله بعد التشهد الأخير في كل صلاة. فقد عملنا بالأحاديث الواردة، فكيف تنفي ذلك.. وتدعي أن صلاتنا غير مقبولة.

ص: 463

وكتب (جنوبي) بتاريخ 27 - 4 - 2000، الثالثة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ الحربي: السلام عليكم وعلي كل من أسلم لله..

الصلاة علي الرسول في الصلاة واجبة " اللهم صل علي محمد وآل محمد " وإن لم تذكر كاملة فقد بطلت الصلاة.

وكذلك الصلاة علي الرسول عند ذكر اسمه، أو أحد من أهل بيته، يجب أن تكون كما ذكر، وإلا الصلاة بتراء وباطلة. والسلام.

وكتب (موالي أمير المؤمنين) بتاريخ 27 - 4 - 2000، الثالثة صباحاً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

كتب (العاملي) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلي الذين يقرنون نبيهم (صلی الله علیه و آله) في صلاتهم مع الفجار والكفار!!)، قال فيه:

سألت ناصبياًّ: عندما تصلي في صلاتك علي محمد وآل محمد.. فمن تعني بهم؟

قال: أعني بهم آل علي، وعقيل، وجعفر، والعباس، وعبد المطلب، وكل بني هاشم، وأزواج النبي وذريته جميعاً.

قلت له: هؤلاء في عصرنا ملايين!! وفيهم فساق وفجار وقتلة، وفيهم كفار.. فكيف تقرنهم بنبيك وتصلي عليهم معه؟! من باب المثال.. يوجد في لبنان خمس عوائل مسيحية أصلهم من بني هاشم؟! وهم: آل شهاب، ونخلة، وزوين، والحسيني، وهاشم!! فكيف.. تقرن الكفار في صلاتك مع نبيك؟!! وهل تكتب لك صلاة، أو جريمة وإهانة للنبي.. صلي الله عليه وآله؟!!

قال: لا أعرف، أنا أصلي علي النبي وآله، كما أمرني!!

ص: 464

والسؤال هنا: هل يمكن أن يأمرنا الله ورسوله بمعصية؟!

أليس هذا دليلاً علي أن آل محمد.. الذين أمرنا بالصلاة عليهم، هم مصطلح إسلامي خاص بالذين حددهم النبي فقط: علي وفاطمة والحسن والحسين، وتسعة من ذرية الحسين، صلي الله علي رسوله وعليهم؟

وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثانية وخمس دقائق صباحاً:

الأخ العزيز العاملي: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومعذرة لهذه الفقرة الإعتراضية..

ولكن الرجاء الدخول علي الوصلة التالية، وانظر لو تكرمت لما يقوله الكربلائي:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002851.html

اللهم وصل علي ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر

وكتب (الفاروق) بتاريخ 20-3-2000، السابعة صباحاً:

تعرف أيها العاملي أن عقلك جبار.. وتملك من ذخائر المعرفة الشيء الكثير وتحسد عليه أيما حسد. حفظك الله ورعاك من كل سوء. وهل من الممكن تعلمنا من علمك الواسع وبحر علمك العميق: من هم آل إبراهيم عليهم السلام المعصومين.. حتي ننوي السلام عليهم والصلاة بأسمائهم، كي لا يدخل بها الفاجر والكافر.

فكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، العاشرة صباحاً:

وهذا من عبقريتك يا فاروق!!

فأنت تتصور أنك تصلي في صلاتك علي إبراهيم وآل إبراهيم!!

ألم تفهم أن الصلاة الإبراهيمية ليس فيها إلا.. صلاة علي محمد وآله فقط!!

ص: 465

وأن قولك: " كما صليت علي إبراهيم وآل إبراهيم " ليس صلاة عليهم.. بل تشبيه لنعمة الله علي محمد وآله.. بنعمته علي إبراهيم وآله بالنبوة والإمامة؟!!

إنها شهادة منك يا فاروق.. أن امتداد إبراهيم وآل إبراهيم هو فقط بمحمد وآل محمد..

وليس بتحالف قبائل حاشِد وبَكيل القرشية، التي ورثت تحالف قبائل بني إسرائيل ضد آل إبراهيم.

إنها شهادة منك رغم أنفك.. بأن وراثة الكتاب الإلهي هي في آل محمد.. وإدانة منك لمحاولة أئمتك سلبها منهم، وجعلها في قبائل قريش!!

ورحم الله الكميت الأسدي حيث يقول:

يقولون لم يورث ولولا تراثه.. لقد شركت فيه بكيل وأرحب!!

وكتب (الفاروق) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الحادية عشرة صباحاً:

زادك الله علماً وبسطة في الإيمان، ونسأل الله لك أن تنال ما ترضي، ونتمني أن تكون آية عظمي مجتهد.. يقلدك من يقلدك وتخفف عنا عبء الصلاة الإبراهيمية، وببركاتك مولانا تسقطها بالصلاة، لأنها ما هي إلا امتداد للصلاة علي آل البيت (!!).

ومثلك يعرف أن آل البيت روحي لهم الفداء أعلي منزلة من الأنبياء، وخاصة سيدنا إبراهيم عليه السلام، فلماذا نصلي الصلاة الإبراهيمية وهي مهمشة في شرعك، مولانا العاملي قدس الله سرك، وسر سرك.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ظهراً:

أيها العربي، الذي يجادل في بديهيات اللغة العربية..

ص: 466

عندما تقول: أيها الملك.. أعطِ آل العتيبي كما أعطيت آل السديراوي.. فأنت تطلب لآل العتيبي فقط، وليس لآل السديراوي؟!!

وكتب (الفاروق)، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

مولانا أدام الله ظلك: تمهل علينا قليلاً لكي نفهم ما أنت ذاهب إليه، إن الصلاة الإبراهيمية مطلب لإتمام الصلاة الصحيحة، أم ليست مطلب؟؟

هنا إشكال طفيف.. قد لا يراه سوي العامة من أمثالنا، ولكن الآيات أمثالكم قد تعودوا عليه وهو: إذا كانت الصلاة حصلت لآل إبراهيم عليه السلام وتمت له من عند الله، وأن آل إبراهيم هم أقل مركزاً ومكاناً من آل محمد عليه الصلاة والسلام.. فلماذا يكون هذا المطلب بالصلاة عليهم، وهم أعلي شأناً من آل إبراهيم عليه السلام؟؟؟؟

إذ أن الله سوف يصلي عليهم بلا مطالبة ومقارنة، حيث أنهم أصل سدرة المنتهي روحي لهم الفداء، كما نشكر سماحتكم علي سعة الصدر.

وكتب (العاملي) بتاريخ 20 - 3 - 2000، الثالثة ظهراً:

الصلاة علي إبراهيم وآل إبراهيم مشروعة ومستحبة.. صلي الله عليه وآله.

لكن صيغة الصلاة الشرعية في الإسلام علي نبينا وآله.. ليست صلاة علي إبراهيم وآله..

بل فيها إشارة إلي نعمة الله وصلاته عليهم، لتفهيمنا أن النبي وآله مثل إبراهيم وآله..

" ذرية بعضها من بعض، والله سميع عليم ".

فاعجب يا فاروق.. لظلم قبائل قريش، ومؤامراتها علي من أمرها ربها أن تقرنهم برسوله وتصلي عليهم، في صلاتها وغير صلاتها!!!

ص: 467

وكتب (العاملي) في شبكة هجر الإسلامية، بتاريخ 27-9-1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي أهل الخبرة بالحديث: هل يوجد حديث يحلل الصلاة علي الصحابة مع النبي؟!)، قال فيه:

وهذا الحديث مهم جداًّ.. لأنه إن وجد فلا مشكلة.

وإن لم يوجد.. فإن إضافة: " وصحبه " أو " وأصحابه أجمعين ".. تكون استدراكاً علي النبي صلي الله عليه وآله، وبدعة!!

وحكمها أن يستتاب صاحبها حسب فتوي ابن تيمية، فإن لم يتب يحكم بكفره ويقتل!!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 28 - 9 - 1999، الثامنة مساءً:

ما فتؤا يتسمون بأهل السنة و... وقد استقبلوا السنة ب-: الإجتهاد، الإضافة والإستدراك، الرد عليها، الدس فيها بما لا يقبله عقل عاقل متدين، ثم يحفظ كل ذلك في الصحاح..

وكتب (العاملي) بتاريخ 29 - 9 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

إن لم يكن عندكم جواب، وكانت صلاتكم علي الصحابة بدعة حسب مذهبكم!!

فتوبوا عن بدعة إضافتهم في الصلاة علي النبي، صلي الله عليه وآله!

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 29 - 9 - 1999، الحادية عشرة والربع ليلاً:

ص: 468

نحن نشملهم جميعاً بالسلام. أما الصلاة فهي علي محمد وآل محمد جميعاً وليس (12) شخص فقط. إن أنت أتيت بدليل علي أن الصلاة علي آل محمد فقط علي الأئمة الإثني عشر.. جئناك بأدلتنا.

فكتب (العاملي) بتاريخ 29-9-1999، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

أفهم من كلامك أن السلام علي الصحابة جائز..

أما إضافتهم إلي الصلاة علي النبي وآله، فهو بدعة.. هل هذا ما قصدته؟

وكتب (عزام الربيعي) بتاريخ 3 - 10 - 1999، الرابعة عصراً:

إلي الصارم المسلول:

لم أسمع منك ولا من أحد من أصحابك الصلاة علي النبي وآله!

ألا يعني هذا اعترافاً منكم بالإلتزام بالبدعة، وترككم للسنة التي أكد عليها النبي الأكرم صلي الله عليه وآله؟؟؟!!!

وأنا ما زلت أنتظر منكم الإلتزام بأمره صلوات الله عليه وعلي آله الطيبين الطاهرين، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 3 - 10 - 1999، الخامسة مساءً:

إن إشراك الصحابة بالصلاة مع الرسول وآله يأتي من منطلق أن تعريف آل محمد يدخل من ضمنه أن الأصحاب من آل الشخص. هذا من ناحية. أما من ناحية أخري إن الإجماع قد وقع علي جواز ذلك والرسول (صلی الله علیه و آله) قال: لا تجتمع أمتي علي الخطأ. والإجماع عند السنة من مصادر التشريع، واستناداً لذلك كان ذلك جائزاً عندنا بالإجماع.

وكتب (العاملي) بتاريخ 3 - 10 - 1999، العاشرة ليلاً:

لم أقرأ لعلماء معتبرين أن مصطلح " آل محمد " يشمل أصحابه أبداً..

ص: 469

بل غاية ما قالوه أنه يشمل أزواجه، وقد توفين جميعاً.. ولم يبق مشمولاً للأمر بالصلاة علي آله، إلا بني هاشم عندكم، وفاطمة والإثني عشر إماماً عندنا.

وللزيديين مسلك بيننا وبينكم حيث يشترطون في آله الذين تشملهم الصلاة شروطاً.. علي أن كلامك التالي في الصحابة ينقض رأيك هذا..!!

فإن كان عندك أثارة من علم، أو مصدر لشمول آل محمد لأصحابه.. فأخبرنا عنه!!

أما الإجماع علي جواز الصلاة علي الصحابة فمشكوك فيه، ولم أجد نصاًّ عن أحد من الصحابة والجيل الأول من التابعين، أنه أضاف الصلاة علي الصحابة إلي الصلاة علي الرسول وآله..

فإن كان عندك أثارة من علم عنهم.. فآتنا بها!!

وكتب (جميل 50) بتاريخ 3 - 10 - 1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

لقد امتد هذا الموضوع بضعة أيام ولم نرَ دليلاً يتناسب وهذا الإلتزام العملي في التصلية علي الرسول صلي الله عليه وآله، فماذا عسانا أن نعتبره... هل هو تحريف للسنة؟!!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 4 - 10 - 1999، العاشرة صباحاً:

وياما بمصر من المضحكات... ولكنه ضحك كالبك

عجباً والله يا أهل الرقاع أنتم تعلموننا السنة وتردوننا إليها؟! نتمني والله ذلك.

هل وقفتم علي أقوال أهل السنة في هذه المسألة وعرفتم أدلتهم، أم أنكم تتقولون عليهم وتحكمون بدافع من الجهل والهوي.

لقد فرق علماء أهل السنة استناداً منهم علي أدلة الكتاب والسنة علي الصلاة علي غير الأنبياء إذا كانت تبعاً أو استقلالاً، كما فرقوا بينها إذا اتخذت شعاراً

ص: 470

لشخص كلما ذكر اسمه صلي عليه، أو لم تتخذ شعاراً. وأهل السنة لا يصلون علي أحد استقلالاً ويتخذون ذلك شعاراً، كفعلكم مع آل البيت.

وما أوردتموه من اعتراضات تنبئ في الحقيقة عن جهل بالسنة وعدم معرفة بطرق الإستدلال وفهم للنصوص، بطريقة لا تتفق مع شرع أو لغة أو حتي عقل!

وعجباً لكم تخالفون صريح القرآن ولا تعرفون السنة أصلاً ثم تعترضون علي أهل السنة في مسألة لهم فيها أدلة، ويسوغ في الإجتهاد، وتحتمل اختلاف الآراء!

وإذا كتب أحدكم موضوعاً أيده الباقون بطريقة مضحكة تنبئ عن ضعف وهوي، وأخذوا يكيلون الإتهامات ويصدرون الأحكام كل من جهته، وهم لا يعرفون أدلة الطرف الآخر.

ورغم اختلافي معك يا عاملي فقد كنت أظنك باحثاً إسلامياًّ متخصصاً - في مذهبك طبعاً - ولذلك كنت أفضل مناقشتك، ولكن بعد سلسلة الموضوعات التي تطرحها والأحكام التي تصدرها، تبين لي أنك تنقل نقلاً تعتمد فيه في الغالب علي برامج الكمبيوتر، ودورك في الغالب لا يتعدي طريقة القص واللصق. وهذه بعض الأدلة التي تمسك بها أهل السنة، وإن شئتم المزيد أتيناكم بما تريدون.

روي البخاري: عن عبد الله بن أبي أوفي، قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: اللهم صل علي آل فلان، فأتاه أبي بصدقته فقال: اللهم صل علي آل أبي أوفي.

قال ابن حجر:

استدل به علي جواز الصلاة علي غير الأنبياء. وكرهه مالك والجمهور. قال ابن التين: وهذا الحديث يعكر عليه. وقد قال جماعة من العلماء: يدعو آخذ

ص: 471

الصدقة للتصدق بهذا الدعاء لهذا الحديث , وأجاب الخطابي عنه قديماً بأن أصل الصلاة الدعاء إلا أنه يختلف بحسب المدعو له , فصلاة النبي صلي الله عليه وسلم علي أمته دعاء لهم بالمغفرة , وصلاة أمته عليه دعاء له بزيادة القربي والزلفي ولذلك كان لا يليق بغيره. انتهي.

قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 4 - 10 - 1999، العاشرة والنصف صباحاً:

إلي العاملي:

أدلتنا كثيرة في هذا الخصوص ومنها الإجماع وبالله عليك كيف يكون الإجماع؟

ثم نحن إن لم نذكر الصحابة في الصلاة علي الرسول وآله لا نؤثم. لأن الصلاة جوازية، وعدم ذكرهم لا يمثل خطأ. ثم من تعاريف علماء اللغة أن آل الشخص: أقرباؤه، ويشمل ذلك الأزواج، والأصحاب، وكذلك العشيرة، والقبيلة. أم أنك لا تعلم باللغة؟

وكتب (جميل 50) بتاريخ 5 - 10 - 1999، العاشرة صباحاً:

أسمع جعجعة ولا أري طحناً؟!!!!!

محب السنة كما ادعي لنفسه، وهو لا يعرف للحوار أدباً، مما تعج به السنة الشريفة، فهو يكثر من وصف الكلام، ويطور الأنغام بلا مراعاة ولا اهتمام بالدليل، فقهاً أو دراية..

ص: 472

ونصيحتي أن تقلع عن هذا الأسلوب الذي تري من خلاله في كل تعليقة، وأنت تؤكد علي جهل من يناقشك وتكثر العتاب من حيث أنك لا تفقه الجواب؟!

فلو أردت أن لا أجرحك ولكن ألمسك الواقع، فإن أبعد من يكون عن سنة رسول الله ووحيه والتصديق به هو أنتم، مع الأسف الشديد..

فإذا أردتَ.. أقرأ سيرة الصحابة وأطوار انقلابهم علي السنة الصريحة.. وأتبع ذلك بما قدمه علماؤك من التحليل والتبرير.

قالوا إيه..... قالوا، اجتهدوا، قالوا؟!!

وأما ما يرتبط بهذا المبحث: فكل ما وافيتنا به يضيع أوقات طالبي العلم، لأنه من الكلام الخطابي والحديث الشاعري الفارغ، الذي لا ينفع ولا يشفع!!!

ما هو مصدر هذه التفرقة التي ذكرتها وأنت من أنت... أي أنت الذي لا يخطو بلا سنة، خصوصاً في المحدثات الشرعية كالتصلية وغيرها. هذا إذا فهمت معني المحدثات الشرعية وحدودها التوقيفية...

والله يساعدك!

والسؤال الأخير إليك: إذا كان حديث أبي أوفي دليلك، فقد سبق أن سددته بثمانية إشكالات مع صاحبك مشارك قبل حادثة التخريب، التي لا شك تستند إلي سنة شريفة؟!!! ولكن للأسف أنني لم أحفظها، ولعلني أستطيع الحصول عليها بشكل وآخر..

ولكن هذا إشكالك الآن.. لماذا لا تلتزمون، لأنه المورد التطبيقي الصحيح للعمل بالحديث، بالتصلية

علي الصحابة كلما ذكرتموهم لوحدهم..

ص: 473

لأن الدعاء لهم يناسبه ذلك، لأنه أول مرتبة في ظهور الحديث بعد التسليم، وإنما جواز اتباعهم لمكان إطلاقه؟!!

وثانياً: ما دام هذا دعاء، لماذا يقف عند هذا الحد، بينما من الواضح في أدلة الدعاء، من السنة طبعاً، أنه كلما كان أوسع وأشمل، كلما كان أفضل وأقرب للإجابة..

فلماذا لا تضيفوا صالح المؤمنين خصوصاً وأنها إضافة.. فحبذا لو تتقن، لأن خير الأعمال أحمزها، ورحم الله امرئ عمل عملاً فأتقنه.

ولا شك أن هذا من درجات الإتقان، لأنه من باب ذكر العام بعد الخاص، وقد استخدمه القرآن للدعاء، قال تعالي: " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمناً وللمؤمنين والمؤمنات ".

هل فهمت؟!!

وثالثاً: لم يكن الإشكال ذا وجهة واحدة، لأن ابتعادكم عن جو السنة ما يقضي عنه العجب. فأضفتم ما لم ينص عليه! وتخليتم عمن نص عليه كما هو مقتضي الأحاديث البيانية والإرشادية إلي طريقة التصلية، فأين إبراهيم وآل إبراهيم؟!!!

طبعاً.. أعرف البساطة والسذاجة التي ستجيبني بها في خصوص الإشكال الأخير ولكن هاتها...

وكتب (فرزدق) بتاريخ 7 - 10 - 1999، السادسة مساءً:

ملاحظة علي قول الصارم:

أولاً: " إن إشراك الصحابة بالصلاة مع الرسول وآله يأتي من منطلق أن تعريف آل محمد يدخل من ضمنه أن الأصحاب من آل الشخص... إلخ ".

ص: 474

وعلي قوله ثانياً: " ثم من تعاريف علماء اللغة أن آل الشخص أقرباؤه ويشمل ذلك الأزواج والأصحاب.. إلخ ".

أقول: إذا كان الأمر كما تقول يا صارم.. فلماذا تأتون بعبارة: " وصحبه " حين الصلاة علي النبي وآله..

فلو كان الصحب داخلاً في الآل كما تزعم، لما اقتضي ذلك إفراد الصحب بالذكر الذي هو آية الإختلاف بينهما وعدم الشمول. فافهم.

وملاحظة علي قوله أخيراً: " ثم نحن إن لم نذكر الصحابة في الصلاة علي الرسول وآله لا نؤثم لأن الصلاة جوازية وعدم ذكرهم لا يمثل خطأ ".

أقول: من قال لك إن عدم ذكرهم يمثل خطأ، حتي تقول بأن عدم ذكرهم لا يمثل خطأ لأن الصلاة جوازية...وإنما الكلام، كل الكلام هو في ذكرهم عند الصلاة علي النبي وآله، فذكرهم أمر وجودي وهو أمر تعبدي ندبي حسب الفرض، فيحتاج إلي دليل شرعي، ومتي انتفي الدليل صار العمل بدعة. والبدعة ضلالة و... إلخ.

وأما الإجماع المدعي فلم يثبت، لأن ذكر علمائكم للأصحاب عند الصلاة علي النبي وآله.. لو تم جدلاً، فإنه ليس بحجة، وإنما الحجة لو أجمع علماء المسلمين علي الإستدلال لصحة ومشروعية تلك الإضافة.. كيف وشطر من علماء المسلمين لم يروا مشروعيتها، وآخرون لم يستدلوا علي صحتها في كتبهم.. وأما مجرد التلفظ به عند عدد منهم فهو أقرب ما يكون إلي القول المعروف: " رب مشهور لا أصل له "! وهذا لا يثبت إجماعاً شرعياًّ.

وأما حديث آل أبي أوفي، فهو علي فرض صحته وتماميته، فعلٌ للنبي صلي الله عليه وآله، أو من نصبه النبي عند أخذ الصدقات، وقد أشار القرآن إلي ذلك: " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم ".

ص: 475

وأين هذا من مشروعية ذكر الأصحاب.. أجمعين، أكتعين، أبصعين عند الصلاة علي ذلك الوجود المقدس المبارك لرسول الله وآله الأطهار... فلاحظ هداك الله. والسلام علي من اتبع الهدي..

وكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 10 - 1999، الثامنة مساءً:

أحسنتما يا أخ جميل، ويا أخ فرزدق..

والقوم لا يملكون دليلاً علي هذه البدعة.. وقد عجز الألباني وغيره عن الجواب عنها!

وحسب قواعدهم.. يجب عليهم أن يستتابوا ويتوبوا، فإن لم يتوبوا يقتلوا!!!

ولكنهم يستحلون البدعة والإستدراك علي رسول الله صلي الله عليه وآله من أجل من يحبون من الصحابة!!

ويستحلونها لرد حق أهل البيت عليهم السلام.. مع أنهم صحابة وأهل بيت النبي!

وفي نفس الوقت تراهم يصدرون حكمهم علي مؤذن في المنطقة الشرقية بالإعدام لأنه " زاد " لا إله إلا الله مرة، في الأذان.. بزعمهم!!

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 7 - 10 - 1999، الحادية عشرة ليلاً:

علي العموم إذا كنتم بالقرآن مطلعون.. ستجدون ما تبحثون عنه. فوالله، إن الله يصلي علي المؤمنين كما نصلي علي النبي الكريم، فالمؤمنون هم الصحابة. ومن غيرهم يصلح لهذه المكانة؟؟؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 7 - 10 - 1999، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

لم يستدل قبلك أحد من علماء التفسير السنيين بقوله تعالي: " هو الذي يصلي عليكم وملائكته " علي جواز إضافة الصلاة علي الصحابة إلي الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله!!

ص: 476

وذلك لأن صيغة الصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله صيغة تعليمية توقيفية.. حيث علمها للمسلمين بعد سؤالهم بصيغتها المنصوصة.. واقتصر فيها عليه وعلي آله.

فكل استدراك علي ذلك بدعة!!

أما الإستدلال بصلاة الله وملائكته، فهو استدراك علي تعليم النبي، لأنه فعل خاص بهم، ولو كان له عموم يشمل المسلمين لاستدل به الرسول، ولم يحصر الصلاة به وبآله!! صلي الله عليه وآله.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 8 - 10 - 1999، الواحدة صباحاً:

هذه المسألة لا تحتاج إلي كل هذه الجعجعة يا عاملي! فنحن ذكرنا أدلتنا، ونحن علي ثقة منها.

ويظهر أنك لا تفرق بين المسائل الكبري والصغري والتي لها أدلة والتي تخالف الأدلة. فمسألة تحريف القرآن لا تتبرأ ممن قال بها، ولا تحكم عليه بالكفر والقتل ردة. وهذه المسألة تجعلها من أصول الدين والأمر فيها ليس كذلك. فلا تظن أننا أغبياء إلي هذا الحد الذي لا نفرق فيه بين الأصول والفروع، وما يسوغ فيه الاختلاف وما لا يسوغ.

قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 8 - 10 - 1999، العاشرة صباحاً:

إنما الجعجعة منكم وإليكم يا محب...

ولكن تهيأ الآن.. وأجبني علي آخر كلام ذكرته لك.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 8-10-1999، الخامسة مساءً:

يا (جميل 50):

ص: 477

الذي بيته من الزجاج لا يرمي الناس بالحجارة. وأفيدك بأني ولله الحمد لا يعجزني الرد علي شيء من كلامكم، ولكن يمنعني من مناقشة أكثركم ومنهم أنت، ضحالة أفكارهم واستدلالهم بالأدلة في غير موضعها، وعدم فهمهم للحق، وإذا فهموه فإنهم لا يقبلونه. وليس كل من تحمس لمذهبه وأشرب

حبه قادر علي المناقشة والمحاورة. أرجو أن تكون قد فهمت الآن ما يمنعني من الرد عليك.

قال تعالي: بل نقذف بالحق علي الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون.

فكتب (جميل 50) بتاريخ 8 - 10 - 1999، التاسعة مساءً:

إلي محب...

كثير ما أشرت إليك بأن تترك الكلام العاري من الأدلة.. والقاضي فينا بلا علة..

علي أن من الظاهر أنني لم أصادر عن المطلوب في جوابي عليك، وكذا من بوركت يمناهم من الأخوة الذين تشاطروا أمر الإجابة علي دعاويكم، في الأغلب كذلك.

وحكمك أننا لا نفهم ولا نثقف هو حكم خصم من الجور أن يسمع إليه.. ومن قلة الفهم بأحكام الجدل والمناظرة، أن يعلن ذلك والمقام لم يختم بعد؟!!

والآن أكررها عليك، وهذه المرة تلو ما قد سبق: تهيأ للإجابة.. وأجب، واترك عنك الدعاوي الفارغة. انتهي.

قال العاملي:

ص: 478

وغاب المناقشون الثلاثة مشارك والمسلول ومحب السنة.. وهم من أقوي علماء الوهابيين.

وكتب (هاشم بني هاشم) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16 - 6 - 1999، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (محب أهل البيت، في سحاب يقيد حبه للصحابة بالمؤمنين فقط!!)، قال فيه:

الكاتب: (محب أهل البيت).

حرر بتاريخ: 6 - 16 - 1999، السادسة والنصف عصراً:

"... اللهم أمتنا علي الإسلام وعلي حبك وحب نبيك ومن آمن من أهل بيته وعلي أصحابه المؤمنين، إنك علي كل شئ قدير ".

للتذكير فقط يا محب أهل البيت!!

وكتب (طاهر) بتاريخ 17 - 6 - 1999، الثانية صباحاً:

أين ردك يا محب أهل البيت، هل نعتبر هذا.. قبول؟

وكتب المدعو (محب أهل البيت) بتاريخ 17 - 6 - 1999، الثانية صباحاً:

سبحان الله!

إذا كان هذا تقييد، فكيف يمكن أن أصف الصحابة إذا لم أرد التقييد؟!!

ألستم أنتم الشيعة تقولون أيضاً " وأهل بيته الطاهرين ".

فهل يعني ذلك أن بقية أهل البيت ليسوا طاهرين أو أنهم نجسين.. والعياذ بالله!! هناك فرق بين إرادة مفهوم المخالفة وعدم إرادته، وأظن أنكم تعرفون اللغة العربية.

ص: 479

أقترح عليك يا هاشم بدلاً من التصيد في كلامي أن تطرح شيئاً مفيداً!! قال تعالي: " فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ".. فإذا كان هذا في القرآن وهو كلام الله، ألا يمكن أن يأتي رجل في قلبه زيغ ليستخدم كلامي، وأنا بشر أصيب وأخطئ، في ابتغاء الفتنة. نسيت أن أذكر أن وصفي للصحابة بالمؤمنين لكوني أراهم مؤمنين.

لاحظ عبارتي: " ومن آمن من أهل بيته وعلي أصحابه المؤمنين ". فقصدي هو أن من أهل البيت من ليس بمؤمن كأبي لهب وغيره.

وهؤلاء ليسوا المعنين بدعائي، بل المراد هم أصحاب الكساء وأزواج النبي وباقي مؤمني أهل البيت رضوان الله عليهم. ثم قلت: " أصحابه المؤمنين ". للدلالة علي أن الصحابة مؤمنون.. وليس فيهم من ليس بمؤمن، فلماذا لبس الحق بالباطل؟!

وكتب (العاملي) في هجر الثقافية، بتاريخ 13 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أطلب من مشارك أن يترك البدعة ويتوب، ويرجع إلي الإسلام!!!)، قال فيه:

الأخ مشارك..

أنصحك أن تترك حساسيتك من أهل بيت نبيك وشيعتهم، التي أوغرت صدرك، وأعضلت أمرك، وجعلتك متأزماً.. لا تعرف ماذا تريد!!

يا أخي بصراحة نحن شيعة، شيعة، شيعة.. فناقشنا بالحجة إن سمحوا لك ولنا بالنقاش..

ص: 480

أو إقبل بنا علي علاتنا، كما نقبل بك علي علاتك.. ولا تفرض نفسك قيماً علي خلق الله وأتباع المذاهب، وتطلب منهم: يالله.. تعالوا تبرؤوا من هذا، وقولوا هذا، ولا تقولوا هذا، وأجيبوني علي سؤالي بهذه الصيغة، وقولوا عن فلان الصحابي كذا، ولا تقولوا كذا.

واتركوني أنا أسب من تحبونهم من الصحابة وأبيح قتلهم، وأسامح يزيد بن معاوية بدم سبع مئة منهم جزرهم في المدينة دفعة واحدة، واستباح أموالهم وأعراضهم!!

يا مشارك.. لو عملنا بمنطقك ووصايتك التي ما أنزل الله بها من سلطان علي المسلمين.. لقلنا لك إنك بحكم فتوي إمامك ابن تيمية مبتدع كافر مصر علي البدعة..

لأنك تقول: " صلي الله عليه وآله وصحبه "! مع أن نبيك أمرك كما ثبت في صحاحك أن تصلي عليه وعلي آله فقط!

ولا يوجد عندك حديث صحيح واحد، ولا نصف حديث، يجيز لك الإبتداع والإستدراك علي نبيك صلي الله عليه وآله، وتحريف صيغة الصلاة عليه!!

فإن لم تتب من ذلك، فأنت مبتدع مصر علي بدعته.. وحكمه بفتوي إمامك الكفر والقتل.

وأنت أيضاً بحكم إمامك ظالم لآل نبيك محمد صلي الله عليه وعليهم.. لأنك صادرت الحق الذي جعله الله لهم، فقسمته بينهم وبين الصحابة..

فما رأيك أيها العالم الغيور علي الإسلام، الناصب نفسه ولياًّ علي مذاهب المسلمين؟!

وكتب المدعو (حقيقة التشيع) بتاريخ 13 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً:

ص: 481

ممنوع إثارة النعرات الطائفية في شبكة هجر، هذا ما قاله المراقب. هل تراجعتم عن القرار؟!

وكتب (العاملي) بتاريخ 13-1-2000، الواحدة والنصف صباحاً:

أهلاً بالأخ القديم.. هذا الموضوع لسد باب الإثارات، ولتسكيت مشارك في مطاليبه المتعددة منا.. فهل قرأت مطاليبه، وهل تشاركه فيها؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 13-1-2000، السادسة مساءً:

مضحك هو أسلوبك هذا يا عاملي! أراك دائماً تلجأ لمثل هذه الأساليب لإستفزازي!

ما رأيك أن تأتي معي إلي " شيعة لنك ". ونتناقش أولاً في الأمور التي استنكرها عليكم علماء السلف قديماً وحديثاً، ومن أجلها كفركم الكثير منهم، هل توافق؟

وكتب (لولوي) بتاريخ 13 - 1 - 2000، السابعة مساءً:

الأخوة الأعزاء: نقطة نظام..

الرجاء عدم التطرق إلي أي موضوعي طائفي أو مذهبي، وإلا سيتم حذف هذا الموضوع.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13 - 1 - 2000، الثامنة مساءً:

أسلوبك هو المضحك يا مشارك.. وأنت تعرف أن أسلوبي هذا.. جواب مفحم لك!!!

وهدفي منه أن أضع إصبعك علي أزمتك النفسية، وهي أنك تعطي لنفسك ولاية علي الناس، وتريدهم أن يخضعوا لآرائك!!

ص: 482

إن الجلاد العامي أعدل منك، وأطيب منك نفساً، وأصفي روحاً.. لأنه تنبه إلي خطئه ورجع عنه. ويظهر أنك مصر علي خطئك حتي ينبهك عليه منكر ونكير!!

إن كان هدفك أن تحصل علي ممسك من هجر لتقدمه إلي المسؤول عن.. " البروكسي الذي يحجب شبكات الإنترنت داخل السعودية ".. فلن تستطيع.

فكن عاقلاً.. وقدر أن رواد هجر عندهم ممسك عليك بتكفير آل فلان وفلان، ولم يقدموه ضدك!! أنت هاوي البحث عن المشاكل وإشباع الغيظ.. ولا ينفع معك النصح مع الأسف حتي تقع في البئر الذي تحفره.. فماذا نصنع لك؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 13 - 1 - 2000، التاسعة مساءً:

ألم أقل لك مضحك هو أسلوبك هذا يا عاملي!! ثم لماذا الإفتراء يا عاملي؟ عموماً يبدو أنك مصر علي استفزازي بشتي الوسائل!!!

وكتب (مشارك) أيضاً بتاريخ 13 - 1 - 2000، التاسعة والنصف مساءً:

يا عاملي. هل هذا هو الذي أغضبك علي؟

إلي موسي آل علي مشرف شبكة هجر الثقافية: نشكركم علي وقف النقاشات المذهبية العقيمة التي لم تكن قائمة علي أساس صحيح في النقاش والتي لم نستفد منها الكثير.

وإكمالاً لذلك القرار البناء فإننا نطالب بمنع كل ما يثير مشاعر البغضاء عندنا لما يكتبه البعض منكم حول أبي بكر الصديق رضي الله عنه، من مثل ما تقصدونه به في هذا الدعاء: " اللهم العن أول ظالم لآل محمد ". " ولأي الأمور تدفن ليلا بضعة المصطفي ويعفي ثراها؟ ". وغيرها مما شابه ذلك. وذلك إذا كنتم صادقين في رغبتكم منع إثارة الكراهية الطائفية بيننا وبينكم.

ص: 483

وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 13 - 1 - 2000، العاشرة إلا ثلث مساءً:

مشارك:

أرجوك توقف عن هذا الأسلوب الذي لن يفيد ولا يفيد ولم يفيد.

وهل كان أبو بكر ظالم.. لآل محمد حتي تغضب؟ وهل كان أبو بكر يكره فاطمة بنت محمد؟

أنت بهذا ألصقت التهم بأبي بكر الصديق.

أوردها سعد وسعد مشتمل... ما هكذا يا سعد تورد الإبل!!!

لا حزن إلا في جهنم ولا سعادة إلا في الجنة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

لست غاضباً يا مشارك.

ولكن أتعجب أنك عالم ولا تعرف أنه يوجد في الإسلام من بعد النبي صلي الله عليه وآله وجهتا نظر في فهمه.. إذا صح التعبير.

وجهة نظر أهل البيت ومن وافقهم من الصحابة. ووجهة نظر من خالفهم من الصحابة.

وتصر علي إلغاء أهل البيت وشيعتهم، وإصدار الأوامر إليهم..

فإن استمريت في إصدار أوامرك إلي هجر والشيعة، فلنا منك مطاليب يشهد مذهبك بأنها شرعية منطقية، فاستجب لها أولاً.. ثم تعال لنبحث شرعية أوامرك ومنطقيتها.

وهذا الموضوع الذي لن تستطيع أن تجيب عليه لا أنت ولا أساتذتك.. واحد من مطاليبنا منك.

وكتب (مشارك) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الواحدة إلا ثلث صباحاً:

ص: 484

يا عاملي. سبق أن أخبرتك إن أردت النقاش فتعال إلي: شيعة لنك.

وكتب (أبو المقداد) بتاريخ 14-1-2000، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

إلي العاملي:

أري أنه من الأفضل لك أن تترك الأخ مشارك وشأنه، فهو كما قلت لديه من العلم الشرعي ما إن وزع علي الكثير من رواد هجر لأخرجهم من سلة الجهلاء.

لقد توقفنا عن المناقشات المذهبية فلا داعية لفتحها. وطريقتك هي الإستفزاز وهذا الشيء عرفته عندما ناقشتك حول حقيقة الإسلام، فإنك تحاول أن تستفز خصمك إلي ما لا يحمد عقباه، وهذا ناتج عن جهلك لكثير من أمور الدين.

اذهب إلي شيعة لنك وناقشنا هناك وليكن في علمك: لقد ناقشت الشيعة مدة من الزمان لم أهزم في واحدة قط! وإني أعرف كيف أناقشكم وكفي بك أنك لا تعرف حقيقة قوله تعالي: " ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم ".

فكتب (العاملي) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الواحدة صباحاً:

الأخ مشارك:

أنت تعرف أني انتظرتك شهوراً حتي تواصل بعض مواضيع نقاشك التي اقترحتها أنت وتركتها!!

لا مانع عندي من مناقشتك في موقع آخر، وسوف أشترك في (الموسوعة الشيعية) وقد سمعت بأن موقعاً آخر للحوار علي مستوي سيفتح قريباً إن شاء الله.

الأخ أبا مقداد: المتخرج حسب كلامه من جامعة قندهار للتفجيرات..

ص: 485

لا بأس أن تؤمن بعلمك الكثير وعلم مشارك الغزير الذي يصلح للتوزيع.. لكن لا داعي لأن ترمي الآخرين بالجهل.. راجع مواضيع نقاشي معك وانظر نتيجتها وآخر فقراتها!!

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الواحدة والثلث صباحاً:

الزميل مشارك: صبحك الله بالخير كيف الحال ومن يعز عليك.

أوردت يا زميلي هذا القول:

" ولأي الأمور تدفن ليلاً... بضعة المصطفي ويعفي ثراها؟! " باعتبار أنه يثير الطائفية، ولن أعلق علي قولك إلا بكلمة واحدة: الموضوع في شيعة لينك.

وكتب (أبو المقداد) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الواحدة والنصف صباحاً:

عفواً، جامعة قندهار للعلوم التفجيرية.. تخصص: نصاري، عرب، قوميون، علمانيون، السولتي مان، وتذكر قوله تعالي: " ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم ".

وكتب (مشارك) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الثانية إلا ثلث صباحاً:

عندما تشترك في شيعة لنك، أخبرنا يا عاملي.

وكتب (العاملي) بتاريخ 14 - 1 - 2000، الثالثة صباحاً:

حسب اقتراحك اشتركت في موقع " شيعة لنك " يا مشارك، ووضعت الموضوع هناك.

فأجب إن أردت.. وشكراً. انتهي.

قال العاملي:

ولم يجب مشارك، لا هنا.. ولا هناك!!

ص: 486

وكتب (العاملي) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 30-3-2000، الواحدة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (من مناقشاتكم أيها الأبرار.. بدؤوا بالصلاة الصحيحة علي النبي)، قال فيه:

لقد أنست بكل ما رأيت في صفحة فيصل نور.. وزاد اعتقادي بأن النقاش أخذ يؤتي ثماره..

ومن علائمه أن مناقشاتكم أيها الإخوة الشيعة الفضلاء الأبرار أخذت تعطي ثمارها، فقد بدؤو

يصححون نطقهم بالصلاة علي النبي صلي الله عليه وآله، فأضافوا إليها آله الأطهار، والحمد لله..

لاحظوا عنوان: موقفهم من صحابة رسول الله صلي الله عليه وآله: http://www.khayma.com/fnoor/debates.htm

فكتب (الموحد) بتاريخ 30 - 3 - 2000، الخامسة صباحاً:

السلام عليكم أخي العاملي:

لقد جرت محاورات قبل سنة ونصف في موقع الجارح بين فيصل نور ومجموعة من الأخوة الشيعة، تناول فيها رأي الشيعة في تمام القرآن الكريم وعدم نقصانه، ولكنه لم يكملها..

المحاورة كانت علي غرار ما دار في هذا المنتدي من حوار بين الشيعة وجبهان الكاتب الذي كان يجمع أدله حول مصحف فاطمة الزهراء عليها السلام..

لقد كنت موفقاً جداًّ باستشعارك للتقدم الحاصل في موقفهم وإضافة " وآله " بعد ذكرهم للنبي صلي الله عليه وآله، وندعو الله أن يؤمنوا بها حقاًّ لتحقق لهم بها المثوبة.. وأن يسدد خطي إخواننا المؤمنين في كل مكان، ويجزيهم بالأجر العظيم في الآخرة. ودمت سالماً..

ص: 487

وكتب (عمار بن ياسر) بتاريخ 30 - 3 - 2000، السابعة صباحاً:

أخي الكريم.. العاملي. سلام من الله عليكم ورحمته وبركاته.

كم نتمني دائماً أن تثمر الحوارات وتصل إلي النتيجة الصحيحة، ونتبعها دون عناد وتكبر، فإن مشكلة الكثير ممن يحاورون أنهم قد يرون الحقيقة عين اليقين، إلا أنهم يأنفون عن إظهارها كي لا يعترفوا بالهزيمة.. والوصول إلي الحقيقة لا يعتبر هزيمة.. بل عدول إلي طريق الحق.

نتمني أن تأخذ الحوارات طابع الجد وإظهار الأدلة القوية، كي يهتدي بها المسلمون. تحياتي لكم ولكل المؤمنين.

وكتب (العاملي) في هجر الإسلامية، بتاريخ 23-7-1999، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (شروط الصحابة والتابعين الذين تجوز الصلاة عليهم عند أهل البيت)، قال فيه:

شروط صحابة الأنبياء الذين تجوز الصلاة عليهم عند أهل البيت عليهم السلام.

كان من دعاء الإمام زين العابدين عليه السلام، في الصلاة علي أتباع الرسل ومصدقيهم:

" اللهم وأتباع الرسل، ومصدقوهم من أهل الأرض بالغيب، عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب، والإشتياق إلي المرسلين بحقائق الإيمان، في كل دهر وزمان أرسلت فيه رسولاً، وأقمت لأهله دليلاً.. من لدن آدم إلي محمد صلي الله عليه وآله من أئمة الهدي، وقادة أهل التقي، علي جميعهم السلام.

فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان.

اللهم وأصحاب محمد خاصة، الذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه، وأسرعوا إلي وفادته، وسابقوا إلي دعوته،

ص: 488

واستجابوا له حيث أسمعهم حجة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوته، وانتصروا به، ومن كانوا منطوين علي محبته، يرجون تجارة لن تبور في مودته، الذين هجرتهم العشائر إذ تعلقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظل قرابته، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك، وارضهم من رضوانك، وبما حاشوا الخلق عليك، وكانوا مع رسولك دعاة لك إليك، واشكرهم علي هجرهم فيك ديار قومهم، وخروجهم من سعة المعاش إلي ضيقه ومن كثرت في إعزاز دينك من مظلومهم.

اللهم وأوصل إلي التابعين لهم بإحسان، الذين يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، خير جزائك.

الذين قصدوا سمتهم، وتحروا وجهتهم، ومضوا علي شاكلتهم، لم يثنهم ريب في بصيرتهم، ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم والايتمام بهداية منارهم، مكانفين وموازرين لهم، يدينون بدينهم، ويهتدون بهديهم، يتفقون عليهم، ولا يتهمونهم فيما أدوا إليهم.

اللهم وصل علي التابعين من يومنا هذا إلي يوم الدين، وعلي أزواجهم وعلي ذرياتهم وعلي من أطاعك منهم، صلاة تعصمهم بها من معصيتك، وتفسح لهم في رياض جنتك، وتمنعهم بها من كيد الشيطان، وتعينهم بها علي ما استعانوك عليه من بر، وتقيهم طوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير، وتبعثهم بها علي اعتقاد حسن الرجاء لك، والطمع فيما عندك، وترك التهمة فيما تحويه أيدي العباد، لتردهم إلي الرغبة إليك والرهبة منك، وتزهدهم في سعة العاجل، وتحبب إليهم العمل للآجل، والإستعداد لما بعد الموت، وتهون عليهم كل كرب يحل بهم يوم خروج الأنفس من أبدانها، وتعافيهم مما تقع به الفتنة من

ص: 489

محذوراتها، وكبة النار وطول الخلود فيها، وتصيرهم إلي أمن من مقيل المتقين ".

وكتب ( مالك الأشتر ) بتاريخ 14 - 8 - 1999 ، الثانية عشرة والنصف صباحاً :

حفظك الله يا عاملي .

قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

انتهى المجلد الخامس من كتاب :

الإنتصار - مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

ويليه المجلد السادس وموضوعه :

دفاعاً عن أمير المؤمنين علي علیه السلام.

ص: 490

المجلد6

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

بقلم : العاملي

المجلد السادس

دفاعاً عن أمير المؤمنين علیه السلام

دار السيرة

الكتاب : الإنتصار

المؤلف : العاملي

الناشر : دار السيرة

الطبعة : الأولى

1421 ه - 2000 م

ص: 2

الباب السابع: دفاعا عن أميرالمؤمنين عليه السلام

اشارة

فصول الباب:

الفصل الأول لماذا حساسيتهم من علي عليه السلام؟

الفصل الثاني الصدّيق والفاروق لقبان لعلي.. سرقوهما!!

الفصل الثالث علي أفضل الخلق بعد النبي صلي الله عليه وآله

الفصل الرابع حب علي ميزان الاسلام والكفر والايمان والنفاق

الفصل الخامس فضل شيعة علي عليه السلام

الفصل السادس: أين الصحابة.. من علي عليه السلام؟!

الفصل السابع: علي قسيم الجنة والنار

الفصل الثامن: بعض الأدلة علي إمامة علي عليه السلام وعصمته

الفصل التاسع: إثبات نصب ابن تيمية ومقلديه.

الفصل العاشر: من إشكالات النواصب علي أمير المؤمنين عليه السلام

الفصل الحادي عشر: تشكيك ابن تيمية وأتباعه في مكان قبر أمير المؤمنين عليه السلام

الفصل الثاني عشر: حكم الذين حاربوا علياً عليه السلام

ص: 3

ص: 4

الفصل الأول : لماذا حساسيتهم من علي علیه السلام؟

اشارة

عناوين مواضيع الفصل:

لماذا يضيق صدرهم عند ذكر فضائل علي؟!

خطّأوا أئمتهم لأنهم قالوا عند ذكر علي: كرم الله وجهه!

محاولتهم تحريف آية في مدح علي عليه السلام!

محاولاتهم التشكيك في ولادة أمير المؤمنين في الكعبة.

حساسيتهم من حديث الدار في أول البعثة!

ص: 5

ص: 6

لماذا يضيق صدرهم عند ذكر فضائل علي؟!

كتب (ذو الشهادتين) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 15-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (حياك الله يالعاملي وسؤال: لماذا يغضب النواصب عند ذكر فضائل علي عليه السلام؟)، قال فيه:

السلام عليكم أخي العزيز العاملي:

كتبتُ موضوع (كذا) عن فضائل أمير المؤمنين عليه السلام وأنه قسيم الجنة والنار، فغضب النواصب واتهموني بالشرك لأنني أنقل فضائل علي عليه السلام علي لسان الشاعر السيد الحميري رحمه الله الذي نظم الأحاديث الواردة في فضائل علي عليه السلام قصائدَ رائعة.

فلماذا يغضب النواصب؟؟ أليس أمير المؤمنين هو الخليفة الرابع كما يزعمون؟؟ أليس أمير المؤمنين عليه السلام صحابي جليل؟؟ المفترض من النواصب أن يفرحوا، لا أن يغضبوا إلا إذا كانوا منافقين. فهل توافقني أخي العاملي العزيز؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 15-1-2000، الواحدة والنصف ليلاً:

السلام عليك أيها الأخ ذا الشهادتين.. ورضوان علي الصحابي الجليل الذي

ص: 7

تيمَّنتَ باسمه، والذي سماه النبي ذا الشهادتين، ولكن السلطة لم تقبل شهادته بولاية علي عليه السلام.

بالنسبة لسؤالك، فإن عوامل بغضهم لعلي عليه السلام متعددة..

منها: سبب إرثي قبلي.. فقبائل قريش الثلاث والعشرين، التي كانت تنتمي الي اسماعيل عليه السلام، كان أشرفها وأكرمها وأتقاها في الجاهلية والاسلام بنو هاشم.. وكانت القبائل الأخري تحسدهم. ولا تنسَ أن حلف (لعقة الدم) كان حلفاً قرشياً موجهاً ضدهم، فأجابهم عبد المطلب بحلف المطيبِّين.

وأن الذي أسس رحلة الصيف لقريش هاشم رضوان الله عليه، والذي أسس رحلة الشتاء ولده عبد المطلب رضوان الله عليه.

ولا تنسَ أن العامل الأساسي لتكذيبهم للنبي صلي الله عليه وآله، ليس تمسكهم بالأصنام بل لأن هذا النبي من عشيرة بني هاشم، والايمان به يعني الاعتراف بقيادة بني هاشم! وأبو سفيان يريد أن يكون النبي من بني أمية، وأبو جهل يريد أن يكون النبي من بني مخزوم، وبنو عبد الدار يريدونه منهم... الخ.

ولا تنسَ أن أبا طالب رضوان الله عليه استطاع بعون الله بشجاعته، توحيد موقف بني هاشم وبني المطلب، والوقوف في وجه تحالف قبائل قريش العاتي، وتحداهم بتهديد السلاح والاستماتة..

ولا تنسَ أنه علي وقاره وسنه وجلالته ورئاسته المشهود بها في قريش، واحترامهم لنفوذ أبيه وجده ونفوذه عند قبائل العرب، وعند الدول التي عقدوا معها اتفاقيات ضمان سلامة قوافل قريش في رحلتي الشتاء والصيف..

أقول مع هذه المكانة الكبيرة.. تحول أبو طالب الوقور المتين المهيب، الي شاعر مادح لابن أخيه، كما يمدح الشاعر العادي رئيساً كبيراً!

ص: 8

ولا تنس أنه في شعره وبخ قبائل قريش توبيخاً شديداً، وكان يعبر عن أبي جهل (أحيمق مخزوم)!!

وأكثر من هذا فقد شكك أبو طالب في أنسابهم الي اسماعيل!!!

وهذا أعظم سبة عند العرب!! فهذا هو الأب..

والابن علي.. وأنت تعرف ماذا فعل في حروب رسول الله صلي الله عليه وآله مع عتاة قريش وأبطالها وفرسانها.. لقد قتل في يوم أحد وحده تسعة أبطال من بني عبد الدار الذين هم أصحاب راية قريش، يعني لهم وزارة الدفاع..

وإذا لم يدخل الايمان في قلوب قريش، ولم تجاهد نفسها، فكيف تحب علياً؟!!

وكيف يحبه الذين يموتون من اسم أبيه وجده؟!!

ولا تنسَ يا أخي أن تحالف قبائل قريش هو الذي حكم بعد النبي صلي الله عليه وآله.. وأن النواصب أخذوا دينهم وولاءهم من هذا التحالف!!

فميزانهم من يحبه هؤلاء الزعماء القرشيون، وليس من يحبه الله ورسوله!!

إنهم أتباعٌ إمعاتٌ لزعماء قبائل قريش.. فهم يؤمنون بالله بشرط زعامة زعماء قريش.. ويؤمنون بالنبي بشرط أن يكون وزراؤه زعماء قريش.. وتثور غيرتهم لزعماء قريش أكثر مما تثور لله ولرسوله!!

لقد أشربوا حبهم مع حلبهم، وأطعموه مع ضبابهم أيضاً!!

ومنها: أن الاسلام والايمان جوهرة إلهية غالية، لا يضعها الله تعالي في قلوب الأشرار الفجار.. وحب علي علامة لب الايمان وميزانه. ومن لم يعطَ الايمان فلا بد أن يبغض علياً عليه السلام!! وفي الحديث الشريف (إن الله يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض، ولا يعطي دينه إلا لمن يحب)..

ص: 9

ومنها.. ومنها.. ما ربما نتوفق لتعداده أيها الأخ، إن شاء الله.

وكتب (ذو الشهادتين) بتاريخ 15-1-2000، الثالثة ظهراً:

السلام عليك أخي العزيز العاملي:

أحسنت علي الرد والتوضيح، ولكن عندي استفسار آخر:

لقد أمضي الرسول محمد صلي الله عليه وآله 23 عاماً يدعو قومه إلي الإسلام والإيمان. وخلال هذه الأعوام ظهرت علامات ودلائل النبوة والمعجزات الباهرة لأصحابه. وكذلك ظهر التأييد الإلهي للرسول الأكرم صلي الله عليه وآله في بعض الغزوات مثل غزوة بدر والأحزاب.. فهل يعقل أن أكثر الصحابة ارتدوا بالرغم من مصاحبتهم للرسول ومشاهدتهم للمعجزات الإلهية في عهد الرسول (صلی الله علیه و آله)، والسبب هو (حسداً لبني هاشم)؟ أم أن الصحابة التزموا بأوامر الرسول وهديه؟؟

أم أنهم ارتدوا وأن هناك أسباب أخري لا نعلمها؟ أفدنا يرحمك الله.

إن يحسدوك (ياعلي) علي علاك فإنما متسافل الدرجات يحسد من عل

إني لأعذر حاسديك علي الذي أولاك ربك ذو الجلال وفضل

وكتب (حسام الدين الشامي) بتاريخ 15-1-2000، السادسة مساءً:

لو سمحتم سؤال... ممكن؟!

هل تقصدون بفضائل الإمام علي رضي الله عنه مثل تلك الفضيلة التي تذكرون وتسطرون في كتبكم أن زواج ريحانته أم كلثوم كان فرج غصب منه، ولم يفعل شيئاً؟!! نرجو التوضيح.

وكتب (ذو الشهادتين) بتاريخ 15-1-2000، السادسة والنصف مساءً:

إلي رأس النفاق حسام الشامي: كنت أستغرب دائماً من كيفية سيطرة معاوية

ص: 10

علي أهل الشام وتضليلهم. السبب واضح الآن لأنهم من أمثالك..

أميَرالمؤمنين َأراكَ إما *** ذكَرْتُك عند ذي حسبٍ صَغا لي

وإن كَرّرتُ ذكَركَ عِند *** نغلٍ تكَدّر سَِرُهُ، وبغَي قِتالي

فصِرتُ إذا شكَكتُ بأصلِ مرءٍ *** ذكرتُكَ بالجميَل من المقال

فليَسَ يُطيقُ سَمَع ثنَاكَ إلا *** كرَيمُ الأصلِ محَمودَ الخِلالِ

فها أنا قد خَبَرتُ بكَ البرَايا *** فأنتَ مَحَكُّ أولادِ الحَلالِ

وكتب (فاتح) بتاريخ 15-1-2000، الحادية عشرة والنصف مساءً:

ذكر علي عبادة.

وكتب (حسام الدين الشامي) 15-1-2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ما أكو إجابة..؟!

ص: 11

خطأوا أئمتهم لأنهم قالوا عند ذكر علي

كتب المدعو (رشاد) في شبكة هجر، بتاريخ 22-2-2000، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (كرم الله وجهه... سلام الله عليه.. تعليقك لو سمحت)، قال فيه:

اعترض مدير المدرسة ومدرِّس الدين علي (سلام الله عليه) وقالوا لمشرف الاذاعة والطالب: قل... كرم الله وجهه.. فهذه بدعة.

وعقب المدير: هالأيام مكثرين روايات عن علي كرم الله وجهه!!

وكتب المدعو (المأمن بالله) بتاريخ 22-2-2000، الثانية عشرة ظهراً:

أما بعد، لماذا عندما يذكر أهل بيت النبي (صلی الله علیه و آله) تذكر جملة عليهم السلام؟؟ وهل هي بدعة كما عرفوها (كذا) البعض؟؟

أولاً: إن الله تعالي قال في الآية الكريمة: (إن الله وملائكته يصلون علي النبي) فقد قال تعالي في صورة الصافات: (سلام علي آل ياسين). سورة الصافات الآية 130.

ثانياً: والله عز وجل في تلك السورة أيضاً سلم علي أنبيائه بقوله: (سلام علي نوح في العالمين) الآية 79. (سلام علي إبراهيم) الآية 109. (سلام علي موسي وهارون) الآية 120. ولم يسلم علي آل أحد الأنبياء إلا آل ياسين، و(يس) أحد أسماء نبينا محمد (صلی الله علیه و آله) لأن الله ذكر لنبيه في القرآن الكريم (يس - والقرآن الكريم - إنك لمن المرسلين) سورة يس، الآية 1- 3.

ثالثاً: وذكر ذلك في الصواعق المحرقة الآية الثالثة، في فضائل أهل البيت، قال:

ص: 12

إن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس أنه قال: أن المراد ب- (سلام علي آل ياسين) أي: سلام علي آل محمد. قال: وكذا قال الكلبي، ونقل ابن حجر أيضاً عن الإمام الفخر الرازي أنه قال: إن أهل بيته صلي الله عليه وآله يساوونه في خمسة أشياء:

أ - في السلام، قال: السلام عليك أيها النبي، وقال: سلام علي آل ياسين.

ب - وفي الطهارة، قال تعالي: (طه). سورة طه الآية 1، أي الطاهر، وقال: (ويطهركم تطهيراً). سورة الأحزاب، الآية 33.

ج - وفي تحريم الصدقة.

د - وفي المحبة، قال تعالي: (فاتبعوني يحببكم الله) سورة آل عمران – 31 وقال: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي) الشوري - 23.

وذكر السيد أبوبكر بن شهاب الدين في كتابه رشفة الصادي: في الباب الأول ص 24: عن جماعة من المفسرين رووا عن ابن عباس، والنقاش عن الكلبي: سلام علي آل ياسين أي: آل محمد صلي الله عليه وآله. ورواه أيضاً في الباب الثاني ص 34.

وذكر الإمام الفخر الرازي في التفسير الكبير ج 7 ص 163 في تفسير الآية الكريمة (التي ذكرت) وجوهاً... الوجه الثاني: إن آل ياسين هم آل محمد.

ونقل الحافظ سليمان الحنفي في ينابيع المودة الطبعة السابعة ص 6 من مقدمته ما نصه: وأخرج أبو نعيم الحافظ وجماعة من المفسرين، عن مجاهد وأبي صالح، هما عن ابن عباس رضي الله عنهما قال آل ياسين آل محمد. وياسين إسم من أسماء محمد (صلی الله علیه و آله) فجواز الصلاة والسلام علي آل محمد، أمر متفق عليه بين الفريقين.

ص: 13

روي البخاري في صحيحه ج 3 ومسلم في صححه ج 1، والعلامة القندوزي في (ينابيع المودة) نقلاً عن البخاري، وابن حجر في الصواعق المحرقة: في الباب الحادي عشر، الفصل الأول الآية الثانية، كلهم رووا عن كعب بن عجرة، قال: لما نزلت هذه الآية، قلنا: يارسول الله! قد علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟؟ فقال (صلی الله علیه و آله): قولوا:

اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد... إلي آخره.

وقال ابن الحجر: وفي رواية الحاكم، فقلنا: يا رسول الله! كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: قولوا اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد... إلي آخره.

فراجع يا أخي كل المصادر. ولأسهِّل عليك سأزيدك:

رواه الإمام الفخر الرازي في ج 6 في تفسيره الكبير ص 797، كما روي ابن حجر في الصواعق ص 87: قال (صلی الله علیه و آله): لا تصلوا علي صلاة البتراء. فقالوا: وما الصلاة البتراء؟؟ قال (صلی الله علیه و آله): تقولون: اللهم صل علي محمد وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل علي محمد وعلي آل محمد.

ورواه أيضاً العلامة القندوزي في مقدمة ينابيع المودة ص 6، عن الصواعق المحرقة وعن جواهر العقدين، وقال: وقد أخرج الديلمي أنه (صلی الله علیه و آله) قال: الدعاء محجوب حتي يصلي علي محمد وأهل بيته، اللهم صل علي محمد وآله.

ولابن حجر بحثٌ مفصل ينقل آراء علمائكم وفقهائكم في وجوب الصلاة والسلام علي آل محمد صلي الله عليه وآله في التشهد في الصلوات اليومية، ثم يقول: وللشافعي رضي الله عنه:

يا أهل بيت رسول الله حبكم *** فرض من الله في القرآن أنزله

ص: 14

كفاكم من عظيم القدر أنكم *** من لم يصل عليكم لا صلاة له

وقد بحث الموضوع السيد أبو بكر بن شهاب الدين في كتابه رشفة الصادي، الباب الثاني ص 29 - 35.. ونقل دلائل في وجوب الصلاة والسلام علي آل محمد في الصلاة اليومية، عن النسائي والدارقطني وابن حجر والبيهقي وأبي بكر الطرطوسي وأبي إسحاق المروزي والسمهودي والنووي والشيخ سراج الدين القصيمي...

وكل هذا وبعض إخواننا يقولون إنها بدعة... فهذا برهان قوي علي رد هذه الأقاويل. ومن الواضح أن الذين أمر النبي صلي الله عليه وآله أن تقرن أسماؤهم مع إسمه الشريف ويصلي ويسلم عليهم في الصلوات اليومية مقدمون علي غيرهم في الفضل والشرف، ومن السفاهة والجهل والتعصب والعناد أن نرجح الآخرين عليهم.

وكتب (رشاد) بتاريخ 22-2-2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

شكراً لك لقد وفيت وكفيت. الله يوفقك.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 22-2- 2000، الواحدة ظهراً:

أخي رشاد. السلام عليكم.

وهل تتوقع أن يقولوا: عليه السلام؟!

وحتي فاطمة الزهراء (عليها السلام) الذي قال عنها البخاري: فتراهم يقولون رضي الله عنها، فهل تدري لماذا لا يقول أكثرهم (عليها السلام)؟؟

لا أستطيع أن أكمل... وهل مسموح أن نحكي؟

وكتب (كميل) بتاريخ 22-2-2000، الثامنة مساءً:

ص: 15

وهل يطيب لهم ذِكر علي وآل علي صلوات الله عليهم؟

صدقوني إذا ذكرنا أمير المؤمنين أو استشهدنا بقول له ونحن في العمل وبعض.. حاضرين، تري وجوه البعض منهم تتغير! وكأن الأمير قتل آبائهم!

وكتب (رشاد) بتاريخ 23-2-2000، السادسة مساءً:

شكراً للجميع، وأنا فرحان كثير.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 24-2-2000، الواحدة ظهراً:

ألستم تقولون بأن النقاشات المذهبية ممنوعة. أم هي ممنوعة علي أهل السنة فقط؟ هل ما نلاحظه من غمز ولمز لأهل السنة ومذهبهم ومنها هذا الموضوع يتفق مع ما تدعون، أم أن النقاش ممنوع فقط علي أهل السنة!

من حقكم أن تقولوا ذلك لأن هذا الموقع خاص بكم، لكن لا تدعون

(كذا) ما لا تلتزمون به أو افتحوا المجال لأهل السنة بالرد علي ما تتهمون به مذهبهم.

وأخيراً والله ثم والله يمين يسألني الله عنه يوم القيامة: إن أهل السنة يحبون آل البيت وأولهم علي رضي الله عنه أكثر مما تحبونهم.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 24-2-2000، الثانية ظهراً:

الأخ: محب السنة حياك الله، وتفضل قول إللي عندك ونحن معك، وسلم لي علي المشارك ومحب أهل البيت.

قلت يا محب السنة: (وأخيراً والله ثم والله يمين يسألني الله عنه يوم القيامة إن أهل السنة يحبون آل البيت وأولهم علي رضي الله عنه أكثر مما تحبونهم).

أقول يا محب: وإذا كنت صادقاً فيما قلت. هل تستطيع قول هذه الجملة

ص: 16

الصغيرة وخفيفة علي اللسان. قل يا محب: لعن الله من لعن أو سب أو أمر بسب علي بن ابي طالب أو سمع بذلك ورضي به؟؟

ننتظرك يا أخي الكريم لتثبت لنا صدق قولك هذا ونرجوا أن لا يطيل الإنتظار أو الإختفاء، وهل ممكن أن تقول تلك الجملة؟؟ ممكن ومش ممكن!

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 24-2-2000، الثالثة ظهراً:

نحن لا نلعن أحداً من المسلمين فضلاً عن آل البيت رضي الله عنهم، ليس لأننا نقر لعنهم، أو نري أحداً منهم مستحقاً للعن، فحاشاهم من ذلك وهم آل بيت نبينا صلي الله عليه وسلم، بل نقول: إن مجرد ذكرهم بسوء ولو لم يبلغ اللعن خطأ فاحشاً (كذا) لا نقره.

ولكننا ندع اللعن امتثالاً لأمر رسول الله صلي الله عليه وسلم في كف المسلم لسانه عن اللعن. روي الترمذي، عن عبدالله بن مسعود قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء.

أما قولك: (هل تستطيع قول هذه الجملة الصغيرة وخفيفة علي اللسان؟)

فأقول: إن كان اللعن خفيفاً علي لسانك، فوالله إنه من أثقل الكلام علي لساني. ولسنا بالذين نحكم بين عباد الله فيما كانوا فيه يختلفون، فعند الله تجتمع الخصوم، وسيجازي كلا بعمله.

وكتب (رشاد) بتاريخ 23-2-2000، السادسة مساءً:

السلام.. لا تفهم أني أستفزه بل أستفسر منه.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 24-2- 2000، الثانية عشرة صباحاً:

ص: 17

رحم الله إمرء عرف قدر نفسه؟ ونراكم علي خير.

وكتب (رشاد) بتاريخ 24-2-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

عجيب، كنت... أشك... بس...

وكتب (حكيم العرب) في 24-2-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

تشك بماذا يا ولدي؟ أنا أعرف أن بعض الروايات الضعيفة تواترت عن سبب التسمية، أهمها... أنه رضي الله عنه لم ينظر الي عورته قط! ولكن لا أعرف من يصر عليها... هي دعوة لتمييز سيدنا علي عند أهل السنة (وبالذات المتصوفة علي فكرة) باعتباره والد أهل البيت صلي الله عليهم... هذا ما أعرفه، إن كنت تعرف غيره أفِدنا... وهل هذه الدعوة، مكروهةٌ عند الشيعة؟ تحياتي.

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 24-2-2000، الثانية صباحاً:

أخي: حكيم العرب، السلام عليكم. قلت أخي الكريم: أنه رضي الله عنه، لم ينظر الي عورته قط!

أقول يا أخي: لم أسمع بقولك هذا من قبل والصحيح (أعني قولك) هو: أنه لم ينظر إلي عورة إنسان قط. والدليل: أنه عليه السلام وعندما أراد أن يطعن عمرو (كذا) بن العاص في معركة صفين توقف فجأة وأشاح بوجهه الكريم! هل تدري لماذا؟ اسأل المرحوم الشعراوي أخي حكيم العرب، أو إسال أشرطته؟ لا بعد... شريط فيديو.

وهذه الدعوة (كرم الله وجهه) غير مكروهة، ولكن الأفضل هي: عليه السلام لكونه من الذين تصلي عليهم في آخر صلاتك، لأنه من آل محمد.

ص: 18

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (عز الدين) بتاريخ 24-2-2000، الثامنة والنصف صباحاً:

حسب معلوماتي، فلقد أطلق البعض علي علي رضي الله عنه لقب كرم الله وجهه نظراً لأنه لم يسجد لصنم قط فلقد أسلم وهو في العاشرة من عمره. والله أعلم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 24-2-2000، الحادية عشرة صباحاً:

كان الصحابة وأئمة المذاهب، والرواة، والعلماء السنيون، يذكرون هذه الميزة لعلي عليه السلام بعد ذكر اسمه، وما زالوا.. ولكن بعض الناس في عصرنا كأنهم يغصون بها مع الأسف.

- روي الامام الشافعي في اختلاف الحديث ص 564: أبي جحيفة قال: سألت علياً كرم الله وجهه: هل...

- وروي الامام أحمد في مسنده ج1 ص 10: أسماء بن الحكم الفزاري، قال: سمعت علياً كرم الله وجهه، قال: كنت إذا سمعت من رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم حديثاً نفعني الله به...

- وفي مسند أحمد ج 4 ص 52: فجاء مرحب يخطر بسيفه فقال:

قد علمت خيبر أني مرحب شاكي السلاح بطل مجرب

إذا الحروب أقبلت تلهب

فقال: علي بن أبي طالب كرم الله وجهه:

أنا الذي سمتني أمي حيدره كليث غابات كريه المنظره

أو فيهم بالصاع كيل السندره

ص: 19

ففلق رأس مرحب بالسيف وكان الفتح علي يديه...

- وفي سنن النسائي ج 2 ص 102: ابن عباس، فقلت: ألا أعرض عليك ما حدثتني عائشة عن مرض رسول الله صلي الله عليه وسلم، قال: نعم. فحدثتُه فما أنكر منه شيئاً، غير أنه قال: أسمت لك الرجل الذي كان مع العباس؟

قلت: لا، قال: هو علي كرم الله وجهه.

- وفي سنن النسائي ج 7 ص 233: عبيد مولي ابن عوف، قال: شهدت علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في يوم عيد بدأ بالصلاة قبل الخطبة.

- وفي النسائي ج 8 ص 305: عن الحرث بن سويد، عن علي كرم الله وجهه، عن النبي صلي الله عليه وسلم: أنه نهي عن الدباء والمزفت...

- وفي مستدرك الحاكم ج3 ص483: تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه في جوف الكعبة...

- وفي سنن البيهقي ج 2 ص 415: أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن نبي الله صلي الله عليه وسلم قال في بول الرضيع: ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية.

- وقال النووي في شرح مسلم ج 2 ص 70: جماعة من السلف الي أنه يكفر، وهو مروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

- وقال النووي في شرح مسلم ج 2 ص 95: (أبو الاسود الدؤلي) أول من تكلم في النحو وولي قضاء البصرة لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه. انتهي.

فكرم الله وجهه من خصائصه عليه السلام، لأنه من بين كبار الصحابة لم يسجد صنم، بينما سجد غيره للأصنام سنوات طويلة أو قصيرة..

وقال العاملي:

ص: 20

ذكر المؤرخون عن بني عبد الدار، الشجعان الذين هم أصحاب لواء قريش، أنهم أول من علم قريشاً أسلوباً في الدفاع عن نفسها في الحرب أمام بني هاشم، فقد ابتكروا طريقة للاستفادة في الحرب من تَرَفُّعِ بني هاشم وسموهم الأخلاقي!

فقد روي ابن كثير في السيرة: 3 / 39، نقلاً عن ابن هشام قال: لما اشتد القتال يوم أحد، جلس رسول الله صلي الله عليه وسلم تحت راية الأنصار وأرسل الي عليٍّ أن قَدِّم الراية، فقدم عليٌّ وهو يقول: أنا أبو القصم، فناداه أبو سعد بن أبي طلحة، وهو صاحب لواء المشركين: هل لك يا أبا القصم في البراز من حاجة؟ قال: نعم. فبرزا بين الصفين، فاختلفا ضربتين، فضربه عليٌّ فصرعه ثم انصرف ولم يجهز عليه! فقال له بعض أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟

فقال: إنه استقبلني بعورته فعطفتني عليه الرحم، وعرفت أن الله قد قتله.

وقد فعل ذلك علي رضي الله عنه يوم صفين مع بسر بن أبي أرطاة.

لما حمل عليه ليقتله أبدي له عورته، فرجع عنه.

وكذلك فعل عمرو بن العاص، حين حمل عليه علي في بعض أيام صفين، أبدي عن عورته، فرجع علي أيضاً. ففي ذلك يقول الحارث بن النضر:

أفي كل يوم فارس غير منتهٍ وعورته وسط العجاجة باديهْ

يكف لها عنه علي سنانهُ ويضحك منها في الخلاء معاويهْ

وكتب (محمد أبو الحسن) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 14-3-2000، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (سؤال إلي محمد إبراهيم)، قال فيه:

الأخ العزيز محمد إبراهيم: من المعلوم أنه في الجاهلية كان الناس يعبدون

ص: 21

الأصنام.. كانت أمة جاهلية تعبد الأوثان من دون الله تعالي!

فهل الخليفة أبو بكر والخليفة عمر والخليفة عثمان عبدوا الأصنام أم لا؟ وهل علي بن أبي طالب الذي تقولون عنه (كرم الله وجهه) عبد الأصنام؟ أرجو الجواب علي سؤالي هذا، وأرجو عدم الزعل والتجريح ولك مني خالص الشكر.

فكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 14-3-2000، الثامنة مساءً:

أخي محمد أبو الحسن: وكيف أزعل منك يا أبا رضا، وأنا أعلم صفاء نيتك وطيب قلبك، أحسبك كذلك ولا أزكي علي الله أحداً. نعم لقد عبد الكثير من الصحابة الأصنام قبل الإسلام ومنهم: عمار وأبو بكر وعثمان وعمر الذي كان يقول ويصرح بذلك بنفسه عندما يذكر نعمة الإسلام، بل إن عما (كذا) النبي صلي الله عليه وسلم العباس وحمزة سيد الشهداء قد عبدا الأصنام في الجاهلية.

وهناك كثير من صغار الصحابة من لم يكونوا بسن العبادة فلم يعبدوا الأصنام مثل علي وعبد الله ابن العباس، وغيرهم.

ومما ساعد علياً وعبد الله ابن العباس في عدم عبادة الأصنام، هو تربية النبي صلي الله عليه وسلم، فهما قد نشآ في كنف النبي صلي الله عليه وسلم، فسيدنا علي قد أخذه النبي صلي الله عليه وسلم من عمه أبي طالب ليخفف عن عمه نفقة عياله، وعبدالله ابن العباس كان دائماً في كنف النبي صلي الله عليه وسلم وكان النبي صلي الله عليه وسلم يردفه خلفه علي مطيته.

الذي أعلمه أننا نقول عن سيدنا علي (كرم الله وجهه) لأنه لم يسجد لصنم قط. وليست هذه هي الفضيلة الوحيدة لسيدنا علي، فقد أوردت أنا سابقاً رسالة في الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة والجماعة في الفضائل التي تفرد بها

ص: 22

سيدنا علي كرم الله وجهه، وسوف أوردها لك إن أحببت ذلك.

وكتب (أبو فراس) بتاريخ 15-3-2000، الواحدة صباحاً:

استدراك علي قول محمد ابراهيم. كذلك يجوز القول لأبي بكر كرم الله وجهه لأنه لم يسجد لصنمٍ قط. فكُلاًّ من علي بن أبي طالب وأبي بكر نقول لهما: كرم الله وجوههما.

فكتب (العاملي) بتاريخ 15-3-2000، الثانية صباحاً:

أين مصدرك علي أن أبا بكر لم يعبد الأصنام؟ انتهي.

وغاب محمد ابراهيم ولم يجب، لأنه لا مصدر صحيحاً عنده!

ص: 23

محاولتهم تحريف آية في مدح علي علیه السلام

كتب (العاملي) في شبكة هجر، بتاريخ 8-10-1999، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (محاولاتهم الفاشلة.. لتحريف آية نزلت في علي عليه السلام!) قال فيه:

في القرآن الكريم عدة تعبيرات عن العلم بالكتاب الإلهي.. منها تعبير: إيتاء الكتاب، ويستعمل بمعني الإيتاء العام للأمم، حتي لأولئك الذين انحرفوا عن الكتاب الإلهي وضيعوه ولم يعرفوا منه إلا أماني.. قال الله تعالي: إن الدين عند الله الإسلام وما اختلف الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ومن يكفر بآيات الله فإن الله سريع الحساب. آل عمران – 19.

ويستعمل بمعني الإيتاء الخاص للأنبياء وأوصيائهم، قال تعالي: أولئك الذين آتينا هم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوماً ليسوا بها بكافرين. أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده، قل لا أسألكم عليه أجراً إن هو إلا ذكري للعالمين. الأنعام - 90.

ومنها تعبير: توريث الكتاب، ويستعمل أيضاً بمعني عام وخاص، وقد اجتمعا في قوله تعالي: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير. فاطر-32.

ومنها تعبير: الراسخون في العلم، قال تعالي: هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون

ص: 24

في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب. آل عمران – 7.

ومنها تعبير: الذي عنده علم من الكتاب، قال تعالي: قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين. قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين. قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم. النمل 38-40.

ومنها تعبير: الذي عنده علم الكتاب، قال تعالي: ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب. يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب. أو لم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب. وقد مكر الذين من قبلهم فلله المكر جميعاً يعلم ما تكسب كل نفس وسيعلم الكفار لمن عقبي الدار. ويقول الذين كفروا لست مرسلاً قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب. الرعد - 43.

وقد وردت الروايات الصحيحة عندنا أن الراسخين في العلم، والذين عندهم علم الكتاب، هم بعد النبي أهل بيته صلي الله عليه وآله.

ويدل عليه قول النبي صلي الله عليه وآله: إني أوشك إن أدعي فأجيب وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء الي الأرض، وعترتي أهل بيتي. وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتي

ص: 25

يردا علي الحوض! فانظروني بم تخلفوني فيهما، الذي رواه أحمد في مسنده: 3 / 17 وغيره، وغيره.. بأسانيد صحيحة عند إخواننا، فإنه لا معني لإخبار الله تعالي لرسوله أنهما لن يفترقا الي يوم القيامة، إلا أنه سيكون منهم إمام في كل عصر، وأن علم الكتاب عنده، فيكون أفضل من وزير سليمان ووصيه آصف بن برخيا الذي عنده علم من الكتاب.

ونص الآية الموجود في القرآن (وَمَنْ عِنْدَهُ علم الكتاب) فتكون مَن موصولة بمعني الذي.. لكن يطالعك في مصادر السنيين أن الخليفة عمر حاول إبعاد الآية عن علي عليه السلام فقرأها (وَمِنْ عِنْدِهِ) فكسر مَنْ وكسر عِنْدَه! وأراد بهاتين الكسرتين أن يغير معني الآية من أساسه ليصير: قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم، ومِن عند الله علم الكتاب. وقراءة عمر هذه لا معني لها لأنها تقطع الربط بين الفقرتين، وتجعل مِنْ عنده ابتداء بجملة جديدة بعيدة عن الموضوع، مع أن الآية هي آخر آية في سورة الرعد!

والعجيب أن عمر نسب ذلك الي النبي صلي الله عليه وآله!!

قال السيوطي في الدر المنثور: 4 / 69 (وأخرج تمام في فوائده، وابن مردويه عن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلي الله عليه وسلم قرأ: ومن عنده علم الكتاب، قال: من عند الله علم الكتاب)!

وفي كنز العمال: 2 / 593 (عن عمر أن النبي صلي الله عليه وسلم قرأ: وَمِنْ عِنْدِهِ عِلمُ الكتاب - قط في الافراد، وتمام، وابن مردويه).

وفي المجلد 12 /589 (عن ابن عمر قال: قال عمر وذكر إسلامه فذكر أنه حيث أتي الدار ليسلم سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقرأ: ومن عنده علم الكتاب. ابن مردويه).

ص: 26

وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: 7 / 155 (وعن ابن عمر قال: قرأ رسول الله صلي الله عليه وسلم: وَمِنْ عِنْدِهِ عِلمُ الكتاب.

رواه أبو يعلي، وفيه سليمان بن أرقم. وهو متروك). انتهي.

والحمد لله أن إخواننا السنة لم يطيعوا هذه الروايات، فالموجود في مصحف الجميع (وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب)!

وبعد فشل محاولة قراءة (وَمِنْ عِنْدِهِ) بكسر (مِن)، يبقي السؤال عن هذا الذي جعله الله شاهداً في الأمة علي نبوة النبي صلي الله عليه وآله؟

أما أهل البيت وشيعتهم فقد رووا أن هذا الشاهد علي عليه السلام.. قال الحويزي في تفسير نور الثقلين: 2 / 523 (في أمالي الصدوق رحمه الله بإسناده الي أبي سعيد الخدري قال: سألت رسول الله صلي الله عليه وآله عن قول الله جل ثناؤه: قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب؟

قال: ذاك أخي علي بن أبي طالب.

وقال العياشي في تفسيره:2/220 (عن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر عليه السلام في قوله: ومن عنده علم الكتاب، قال: نزلت في علي عليه السلام، إنه عالم هذه الأمة بعد النبي صلوات الله عليه وآله.

عن بريد بن معاوية العجلي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب؟ قال: إيانا عني، وعليٌّ أفضلنا، وأولنا، وخيرنا بعد النبي صلي الله عليه وآله.

عن عبدالله بن عطاء قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: هذا ابن عبد الله بن سلام يزعم أن أباه الذي يقول الله قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب! قال: كذب.. هو علي بن أبي طالب!

ص: 27

عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن قوله: قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب، فقال: نزلت في علي بعد رسول الله صلي الله عليه وآله وفي الأئمة بعده، وعلي عنده علم الكتاب) انتهي.

وقال علي بن إبراهيم القمي في تفسيره: 1 / 367 (فإنه حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن أذينة، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: الذي عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين عليه السلام.

وسئل عن الذي عنده علم من الكتاب أعلم أم الذي عنده علم الكتاب؟ فقال: ما كان علم الذي عنده علم من الكتاب، عند الذي عنده علم الكتاب، إلا بقدر ما تأخذ البعوضة بجناحها من ماء البحر.. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: ألا إن العلم الذي هبط به آدم من السماء الي الأرض وجميع ما فضلت به النبيون الي خاتم النبيين في عترة خاتم النبيين صلي الله عليه وآله). انتهي.

ولا نطيل في إيراد الروايات الدالة علي ذلك من مصادرنا.

أما مفسروا إخواننا السنة فمنهم من تحير في تفسيرها، ومنهم من فسرها برجل يهودي أسلم! وكأن المهم عندهم إبعاد الآية عن علي ولو بتلبيسها ليهودي، ولو لزم منها أن لا يكون في الأمة الإسلامية شخص عنده علم القرآن!!

قال السيوطي في الدر المنثور: 4 / 69 (قوله تعالي ويقول الذين كفروا... الآية. أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم أسقف من اليمن، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم: هل تجدني في الإنجيل رسولاً؟ قال: لا، فأنزل الله قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب. يقول: عبدالله بن سلام!). انتهي.

والمتفق عليه بين المحدثين والمؤرخين أن حادثة أسقف اليمن كانت في

ص: 28

المدينة، لكن واضع الحديث لم يلتفت الي أن الآية نزلت في مكة قبل الهجرة!!

ثم قال السيوطي (وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق عبدالملك بن عمير أن محمد بن يوسف بن عبدالله بن سلام قال قال عبدالله بن سلام: قد أنزل الله فيَّ القرآن: قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب!

وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الملك بن عمير، عن جندب رضي الله عنه قال: جاء عبد الله بن سلام رضي الله عنه حتي أخذ بعضادتي باب المسجد، ثم قال: أنشدكم بالله أتعلمون أني أنا الذي أنزلت فيه ومن عنده علم الكتاب؟ قالوا: اللهم نعم!

وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عبدالله بن سلام رضي الله عنه أنه لقي الذين أرادوا قتل عثمان رضي الله عنه فناشدهم بالله فيمن تعلمون نزل قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم ومن عند علم الكتاب؟ قالوا: فيك.

وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، عن مجاهد رضي الله عنه أنه كان يقرأ: ومن عنده علم الكتاب، قال هو عبدالله بن سلام). انتهي.

ثم روي السيوطي روايتين تكذبان أن يكون المقصود بالآية ابن سلام، قال: وأخرج سعيد بن منصور، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس في ناسخه، عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه سئل عن قوله: ومن عنده علم الكتاب، أهو عبد الله بن سلام رضي الله عنه؟ قال: وكيف وهذه السورة مكية؟! وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال: ما نزل في عبد الله ابن سلام رضي الله عنه شئ من القرآن). انتهي.

ص: 29

ثم روي تفسيراً آخر وسع فيه من عنده علم الكتاب ليشمل عدة أشخاص مع ابن سلام، قال: وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر ن وابن أبي حاتم، عن قتادة رضي الله عنه في الآية، قال: كان من أهل الكتاب قوم يشهدون بالحق ويعرفونه منهم عبد الله بن سلام والجارود وتميم الداري وسلمان الفارسي.

ثم روي تفسيراً آخر جعل الشهداء علي الأمة الإسلامية كل أهل الكتاب! الذين يشهدون ضدها!! قال: وأخرج ابن جرير من طريق العوفي، عن ابن عباس رضي الله عنهما: ومن عنده علم الكتاب، قال: هم أهل الكتاب من اليهود والنصاري!

وتفسيراً آخر جعله جبرئيل، قال: وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: ومن عنده علم الكتاب قال: جبريل.

وتفسيراً آخر جعله الله عز وجل، قال: وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه: ومن عنده علم الكتاب قال: هو الله عز وجل.

أما الطبري فخلاصة ما قاله في تفسيره ج 7 ص 118، أن في الآية قراءتين، قراءة بالفتح فتكون مَن إسماً موصولاً، وعليه فسروها بابن سلام واليهود والنصاري، وروي في ذلك روايات، ومن طريف ما رواه فيما بينها (عن أبي صالح في قوله: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب، قال: رجل من الإنس ولم يسمِّه) وكأن أبا صالح خاف أن يقول إنه علي عليه السلام!

ثم ذكر الطبري أن في الآية قراءة بالكسر (مِن) وأنه كان يقرؤها المتقدمون، وكأنها عاشت مدة بعد عمر ثم تلاشت!

ص: 30

ثم روي روايات هذه القراءة عن مجاهد والحسن البصري وشعبة وقتادة وهارون والضحاك بن مزاحم.. وكلهم يبغضون علياً..! ثم قال (وقد روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم خبر بتصحيح هذه القراءة وهذا التأويل، غير أن في إسناده نظراً، وذلك ما حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني عباد بن العوام، عن هرون الأعور، عن الزهري، عن سالم بن عبد الله، عن أبيه، عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قرأ: وَمِنْ عِنْدِهِ عِلم الكتاب، عند الله علم الكتاب، وهذا خبر ليس له أصل عند الثقات من أصحاب الزهري. فإذا كان ذلك كذلك وكانت قراء الأمصار من أهل الحجاز والشام والعراق علي القراءة الأخري وهي: وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكتاب، كان التأويل الذي علي المعني الذي عليه قراء الأمصار أولي بالصواب ممن خالفه، إذ كانت القراءة بما هم عليه مجمعون أحق بالصواب).

يقصد الطبري أن قراءة الفتح علي الموصولية أصح من قراءة الجر. وقراءة قُرّاء الأمصار أصح من قراءة الخليفة عمر ومن تبعه، حتي لو كانوا من كبار القراء والمفسرين القدماء.. والخبر الذي نفاه الطبري وقال لا أصل له عند الثقات من أصحاب الزهري هو الخبر المروي عن الخليفة عمر، ولكن رواية القراءة بالكسر عن عمر ليست محصورة بطريق الزهري، مع أنه يكفي أن أول من اخترع الكسر في الآية هو الخليفة عمر!

أما الفخر الرازي فقد عجز عن تفسير الآية أو هرب من معركتها! فاكتفي في تفسيره: 19 / 69، بذكر الأقوال فيها بناء علي قراءة الفتح وعلي قراءة الكسر، ولم يستطع ترجيح أي قول منها، فقال (والله تعالي أعلم بالصواب).

وهكذا فرض المفسرون السنيون أن المقصود بالكتاب في الآية التوراة

ص: 31

والإنجيل، ودارت أقوالهم بين أن يكون الذي عنده علم الكتاب عبد الله بن سلام أو غيره من أمثاله! وتركز جهدهم علي إبعاد (الكتاب) عن القرآن!

وإن قلت لهم: حسناً، كلامكم هذا عن علم التوراة والإنجيل، فأين الذي عنده علم القرآن؟!

لقالوا: لا يوجد بعد النبي عند أحد! أو يوجد عند الأمة كلها!

أو يوجد عند فلان وفلان الصحابي الذي يتحير في قراءة آية، وفي معني مفرداتها!

وهكذا استطاعت السياسة المعادية لأهل بيت النبي صلي الله عليه وآله أن تشوِّش معني الآية في مصادر التفسير، وتحول البحث فيها من معرفة المقصود بقوله تعالي وَمَنْ عِنْدَهُ عِلمُ الكتاب الي البحث في (مَن) وهل هي موصولة أو جارّة، فإن كانت جارّة كما يري الخليفة عمر، فالمقصود الله تعالي! ويكون معني الآية: قل كفي بالله شهيداً بيني وبينكم، وبالله!!

وإن كانت موصولة كما اختاره الطبري، فالمقصود بها عبد الله بن سلام، فهو العيلم الشاهد الذي ارتضاه الله تعالي شاهداً علي الأمة الإسلامية والعالم!!

ولك الله يا علي بن أبي طالب!

وعندما نرجع الي حياة عبدالله بن سلام الذي ادعوا أنه الشاهد الرباني علي الأمة، نجد أن تعصبه اليهودي لا يجعله أهلاً لهذه المسؤولية الضخمة، فقد روي الذهبي عنه أنه استجاز النبي صلي الله عليه وآله في أن يقرأ القرآن ليلة والتوراة ليلة.. فأجازه النبي صلي الله عليه وآله!! قال في تذكرة الحفاظ ج 1 ص27 (عن يوسف بن عبدالله بن سلام، عن أبيه ن أنه جاء الي النبي صلي الله عليه وآله فقال: إني قرأت القرآن والتوراة، فقال: إقرأ هذا ليلةً وهذا ليلة! فهذا إن صح ففيه الرخصة في تكرير التوراة

ص: 32

وتدبرها!! اتفقوا علي موت ابن سلام في سنة ثلاث وأربعين بالمدينة رضي الله عنه). انتهي.

وإذا جاز ذلك عند الذهبي فينبغي حسب فتواه أن توزع نسخ التوراة علي المسلمين، أو يطبعوها مع القرآن!!

ومنها ما رواه الهيثمي في حديث موثق من أن عبد الله بن سلام وأولاده كانوا من مرتزقة بني أمية، قال في مجمع الزوائد: 9 / 92:

(وعن عبد الملك بن عمير أن محمد بن يوسف بن عبدالله بن سلام استأذن علي الحجاج بن يوسف فأذن له، فدخل وسلم، وأمر رجلين مما يلي السرير أن يوسعا له، فأوسعا له فجلس، فقال له الحجاج: لله أبوك أتعلم حديثاً حدثه أبوك عبد الملك بن مروان عن جدك عبد الله بن سلام؟ قال: فأي حديث رحمك الله؟ قال: حديث المصريين حين حصروا عثمان. قال: قد علمت ذلك الحديث، أقبل عبد الله بن سلام وعثمان محصور فانطلق فدخل عليه فوسعوا له حتي دخل، فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فقال: وعليك السلام ما جاء بك يا عبدالله بن سلام؟ قال: جئت لأثبت حتي استشهد، أو يفتح الله لك...

في حديث طويل قال في آخره: رواه الطبراني ورجاله ثقات). انتهي.

ونعرف من النص التالي أنه كان يوجد اتجاه لتكبير ابن سلام حتي جعلوه بدرياً!

قال في هامش تهذيب الكمال: 15 / 75 (وقال ابن حجر: ذكره أبو عروبة في البدريين وانفرد بذلك، وأما ابن سعد فذكره في الطبقة الثالثة ممن شهد الخندق وما بعدها، والله أعلم. تهذيب التهذيب: 5 / 249)!!!

ص: 33

فكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 9-1-1999، الحادية عشرة صباحاً:

الي العاملي، أنت أثرْتَ موضوعاً للمناقشه أم للقراءه فقط؟؟

فأنت تأتي بمسائل وردود علماء السنه عليها حسب ماذكرت بالبداية، اتهمت عمر بالتحريف وأنت تعلم كذب ذلك، ثم فسرت معني الكتاب حسب هواك، ثم طعنت بصحابي! بالله عليك قلي هل تريد أن يجيبك أهل السنة وأنت تتشعب بالموضوع الواحد وتجعله مواضيع؟! فرفقاً بحالك يا عاملي، وحدد ما تريد مناقشته موضوعاً تلو الآخر. وأما إن كان قصدك أن الموضوع للقراءة، فأرجو أن تنشره في مكان آخر لأننا في ساحة نقاش.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 9-10-1999، الرابعة عصراً:

هل تقرأ أنت الآية (ومن عنده علم الكتاب) بفتح (من) أو بكسرها؟

ومن هو هذا الشاهد علي الرسالة الذي عنده علم الكتاب، برأيك؟

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 9-10-1999، الثامنة مساءً:

عند الله سبحانه ومن يخصه من عباده. ثم لماذا اقحمت عمر بهذا كله؟؟

ثم بينت إن السنة لم تأخذ بكلام عمر وكأننا لا نتولي عمر ونحبه؟؟ أرجو أن تنقل ماهو صحيح، حتي يكون النقاش واضحاً جلياً. أليس كذلك يا عاملي؟؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 9-10-1999، التاسعة مساءً:

إنما نقلت قراءة الخليفة عمر من مصادركم.. فإن كنت تري خللاً في نقلي، أو تري أن قراءة عمر غير ذلك.. فصصح لي وشكراً.

وكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 9-10-1999، الحادية عشرة ليلاً:

ص: 34

سوف آتيك بالرد إن أسعفني الوقت، ولك مني شكري وتقديري. انتهي.

وانغمد الصارم، ولم يسعفه الوقت ولا الحجة، لكي يرد!!

محاولاتهم التشكيك في ولادة أميرالمؤمنين في الكعبة

كتب (عمر) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 30-3-2000، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (القمي يكذّب من ادعي بأن علي (رضی الله عنه) ولد بالكعبة)، قال فيه: مولد الامام علي (علیه السلام):

أخبرنا الشيخ الامام العالم الورع الناقل ضياء الدين شيخ الاسلام ابوالعلاء الحسن بن احمد بن يحيي العطار الهمداني (ره) في همدان في مسجده، في الثاني والعشرين من شعبان سنة ثلاث ثلاثين وستمائة، قال: حدثنا الامام ركن الدين احمد بن محمد بن اسماعيل الفارسي، قال: حدثنا عمر بن روق الخطابي، قال: حدثنا الحجاج بن منهال ن عن الحسن بن عمران، عن شاذان بن العلاء، قال: حدثنا عبد العزيز، عن عبد الصمد، عن سالم، عن خالد بن السري، عن جابر بن عبد الله الانصاري، قال: سألت رسول الله صلي الله عليه وآله عن ميلاد علي بن ابي طالب (علیه السلام) فقال: آه آه سألت عجباً يا جابر عن خير مولود ولد بعدي علي سنة المسيح، إن الله تعالي خلقه نوراً من نوري وخلقني نوراً من نوره، وكلانا من نور واحد وخلقنا من قبل أن يخلق سماءً مبنية ولا أرضاً مدحية، ولا كان طول ولا عرض، ولا ظلمة ولا ضياء، ولا بحر ولا هواء بخمسين ألف عام، ثم إن الله عزوجل سبح نفسه فسبحناه، وقدس ذاته فقدسناه، ومجد عظمته فمجدناه، فشكر الله تعالي ذلك لنا، فخلق من تسبيحي السماء فمسكها، والأرض فبطحها، والبحار فعمقها، وخلق من تسبيح علي الملائكة المقربين، فجميع ما سبحت

ص: 35

الملائكة لعلي وشيعته، يا جابر: إن الله تعالي عز وجل نسلنا فقذف بنا في صلب آدم صلي الله عليه وآله، فأما أنا فاستقررت في جانبه الأيمن وأما علي فاستقر في جانبه الأيسر، ثم إن الله عزوجل نقلنا من صلب آدم صلي الله عليه وآله في الأصلاب الطاهرة، فما نقلني من صلب إلا نقل علياً معي، فلم نزل كذلك حتي أطلعنا الله تعالي من ظهر طاهر وهو ظهر عبد المطلب، ثم نقلني من ظهر طاهر وهو ظهر عبدالله، واستودعني خير رحم وهي آمنة، فلما ظهرت ارتجت الملائكة وضجت وقالت: إلهنا وسيدنا ما بال وليك علي لا نراه مع النور الأزهر، يعْنون بذلك محمداً. فقال الله عزوجل: إني أعلم بوليي وأشفق عليه منكم، فأطلع الله عزوجل علياً من ظهر طاهر من بني هاشم... الي آخر هذا الرواية التي نقلها عن كتاب الفضائل لشاذان بن جبرائيل القمي، وهي تذكر ولادة علي عليه السلام في الكعبة.

فكتب المدعو (رحمة العاملي) بتاريخ 31-3-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

(ده جزاء يلي ما بيسمعش كلام بابا وماما). راجع الفصل 56 بدقة يا عمر.

وكتب (الموحد) بتاريخ 31-3-2000، الخامسة صباحاً:

عجباً لك يا عمر، تنقل من القمي دون توثق فهل الخطأ منك، لأنك

تلجأ للقص واللصق،أم خطأ القمي الذي لم يضبط تحقيقاته في شأن مولد أمير المؤمنين (علیه السلام)؟!

في رسالتك الأولي بعنوان (القمي يكذب من ادعي بأن علي(رضی الله عنه) ولد بالكعبة) نقلت نفي ولادة أمير المؤمنين (علیه السلام) في الكعبة الشريفة.

أما في رسالتك الثانيه المعنونة: إحياء علي (علیه السلام) للميت،، فأنك نقلت شهادة مالك الدوسي بولادة أمير المؤمنين (علیه السلام) في الكعبة الشريفة (إذ دخل عليه من

ص: 36

الباب رجل طويل علية قباء خز أدكن متعمم بعمامة أتحمية صفراء وهو مقلَّد بسيفين فدخل من غير سلام ولم ينطق بكلام فتطاول... ثم قال: أيكم المجتبي في الشجاعة، والمعمم بالبراعة، والمدرع بالقناعة، أيكم المولود في الحرم، والعالي في الشيم، والموصوف بالكرم؟) راجع رسالتك الأولي.

http://www.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/003317.html

ورسالتك الثانية:

http://www.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/003316.html

وكتب (عمر) بتاريخ 31-3-2000، الثانية ظهراً:

راجع ولادة الكعبة التي انشقت ودخلت الأم وغابت ثلاث أيام، ثم راجع الرواية التي ذكرتها أنا، والسؤال:

هل أبو طالب بعد هذه المعجزات يستمر في شركه أو يكون أول المسلمين؟

وما دور عشيرته وأعمام الرسول (صلی الله علیه و آله) الذين كذبوا رسالته؟؟

العقل يقف ليلاحظ الغلو والتخبط والتزوير في روايات الشيعة، خاصة وأن مفتاح الكعبة كان عند بني شيبة، وكيف تدنس الكعبة، ويطهر بيت المقدس عند ميلاد سيدنا عيسي (فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا). العقل يا شيعة.

وكتب (رحمة العاملي) بتاريخ 31-3-2000، الرابعة عصراً:

أولاً: فاطمة بنت أسد رضوان الله عليها لا تحتاج لبني شيبة ليعيروها المفتاح، فتح الله عقلك المتربس يا عمر، وهل أنت أصدق عندنا من أئمة الحديث، فقد أشار عبد الباقي العمري الي أن حادثة ولادة الامام علي ابن أبي طالب عليه السلام في الكعبة من المتفق عليها، ولو أنكر ربعك كلهم من أول عمر الي حضرتك. وسبحان من يضع الأمور في مواضعها وهو أحكم الحاكمين. راجع: مروج

ص: 37

الذهب للمسعودي. وإثبات الوصية وسيرة الخلفاء لعبد الحميد خان الدهلوي.

ثانياً: هل أنت كفلت النبي صلي الله عليه وآله ونصرته بدل أبو طالب رضوان الله عليه يا مفتري؟! وهل إيمانك وإيمان اصحابك حشرك الله معهم كإيمان أبو طالب؟!

وكتب (فرات) بتاريخ 31-3-2000، الخامسة عصراً:

الأخ عمر، السلام عليكم.

1 - أري أنك مستمر علي إنكار الواضحات، وتأليف الشبهات في مقابل البديهيات، فولادة أمير المؤمنين علي عليه السلام في جوف الكعبة من الأمور التي تواترت الأخبار بها، فهذا الحاكم يقول في مستدركه علي الصحيحين: 3/483: (فقد تواترت الأخبار أن فاطمة بنت أسد ولّدت أمير المؤمني علي بن أبي طالب عليه السلام في جوف الكعبة).

وكذلك حكي الحافظ الكنجي الشافعي في الكفاية وتعبة أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي فقال في كتابه إزالة الخفاء: (تواترت الأخبار إن فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين علي عليه السلام في جوف الكعبة فإنه ولد في يوم الجمعة... الخ).

وقال شهاب الدين السيد محمود الآلوسي صاحب التفسير الكبير في كتابه

(سرح الخريده الغيبية في شرح القصيدة العينية، لعبد الباقي العمري عند قول الناظم:

أنت العلي الذي فوق العلي رُفعا ببطن مكة عند البيت إذ وضع

قال: وكون الأمير كرم الله وجهه ولد في البيت أمر مشهور في الدنيا وذكر في كتب الفريقين السنة والشيعة... إلي إن قال: ولم يشتهر وضع غيره كرم الله وجهه كما اشتهر وضعه هو، وما أحري بإمام الأئمة أن يكون وضعه فيما هو قبلة

ص: 38

للمؤمنين، وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها، وهو أحكم الحاكمين.

ويجد القارئ هذه الفضيلة من المتسالم عليها من فضائل مولانا أمير المؤمنين صلوات عليه في غير واحد من مصادركم:

1 - تذكرة خواص الأمة لسبط بن الجوزي.

2 - الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي.

3 - السيرة النبوية نوري الدين الحلبي الشافعي.

4 - شرح الشفاج القارئ الحنفي.

5 - مطالب السؤل لابن طلحة الشافعي.

6 - المناقب، الأمير محمد صالح الترمذي.

7 - مدراج النبوة لعبد الحق الدهلوي.

8 - نزهة المجالس، الصفوري الشافعي.

9 - روائح المصطفي، للبردواني.

10 - نور الأبصار، محمد مؤمن الشبلنجي.

11 - كفاية الطالب، حبيب الله الشنقيطي.

12 - مروج الذهب، المسعودي.

13 - كتاب الحسين، جلال الدين.

14 - مفتاح النجا في مناقب آل العبا، ميرزا محمد المدخشي.

15 - محاضرة الأوائل، علاء الدين السكتواري.

ولو شئنا لرصدنا لك مئات المصادر المعتمدة لكم تذكر هذه الفضيلة للأمير عليه السلام. فلماذا هذا البخس وهذا التعجب لفضائل آل بيت النبي صلي الله عليه وآله، وتثبت الفضيلة لغيرهم بحديث واحد عليل المتن والسند؟!

(تلك إذن قسمة ضيزي)!

2 - أما قضية أبو طالب عليه السلام، فقد ألصق هذه الأكذوبة به أعداء ولده البار

ص: 39

أمير المؤمنين عليه السلام، ممن أجبرهم علي الإسلام بقوة السيف.

أما الباحث عن الحقيقة، فإليه البيان:

إن المتأمل في التاريخ يري أن إيمان أبي طالب واضح كنارٍ علي علم، ونقتصر علي إيمانه من طرق بعض السنة ونضرب عن طرق الشيعة صفحات. إضافة إلي شعره الدال علي إيمانه صراحة، فقد ذهب جماعة من أهل السنة الي إيمان أبي طالب وكتبوا الكتب والبحوث في ذلك:

1 - كالبر زنجي في أسني المطالب ص 6 - 10، 2 - والأجهودي، 3 - والإسكافي، 4 - وأبي القاسم البلخي، 5 - وابن وحشي في شرحه لكتاب شهاب الأخبار، 6 - والتلمساني في حاشية الشفاء، 7 - والشعراني، 8 - وسبط أبن الجوزي، 9 - والقرطبي، 10 - والسبكي، 11 - وأبي طاهر، 12 - والسيوطي.. وغيرهم.

وقال ابن الأثير (وما أسلم من أعمام النبي غير حمزة والعباس وأبي طالب).

ومما يدل علي إيمانه مناصرته للنبي وتحمله تلك المشاق والصعاب العظيمة وتضحيته بمكانته في قومه وحتي بولده وتوطينه نفسه علي خوض حرب طاحنة تأكل الأخضر واليابس ولو كان كافراً فماذا يتحمل كل ذلك.

وقد استدل سبط ابن الجوزي علي إيمانه بأنه كما نقل: لو كان أبو علي كافراً لشنع عليه معاوية وحزبه، والزبيريون وأعوانهم، وسائر أعدائه، مع أن علياً كان يذمهم ويزري عليهم بكفر الآباء والأمهات ورذالة النسب.

وإليك بعض أشعاره الدالة علي إيمانه (رضي الله عنه):

1 - ألم تعلموا أنا وجدنا محمداً *** نبياً كموسي خط في أول الكتب

2 - وقال: نبيّ أتاه الوحي من عند ربه *** ومن قال لا يقرع بها سنّ نادم

3 - وقال: يا شاهد الله عليّ فاشهد *** أني علي دين النبيّ أحمد

4 - وقال: أنت الرسول رسول الله نعلمه *** عليك نزل من ذي العزة الكتب

ص: 40

5 - وقال: أنت النبيّ محمد *** قرم أغر مسودُ

6 - وقال: لقد أكرم الله النبيّ محمداً *** فأكرم خلق الله في الناس أحمد ُ

7 - وقال: وخير بني هاشم أحمد *** رسول الإله علي فترة

8 - وقال: والله لا أخذل النبي ولا *** يخذله من بنيّ ذو حسبِ

وأشعار أبي طالب الناطقة بإيمانه كثيرة، وقد اقتصرنا منها علي هذا القدر طلباً للاختصار.

ومن المؤسف المؤلم أن يجازي هذا الشيخ الجليل من المسلمين بأن يقال عنه كافراً ف- (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) وقد دعا له النبيّ صلي الله عليه وآله في كثير من المواطن. فلماذا هذا الإجحاف بحق مؤمن قريش. والعجيب أن نفس الذين يقولون أنه كافر يقولون بإيمان أبي سفيان الذي أعدّ العدد وجهز الجيوش لمحاربة الإسلام والنبي صلي الله عليه وآله!! فياللعجب العجاب!!

وكتب (عمر) بتاريخ 31-3-2000، الخامسة والنصف مساءً:

العقل ينفي ما تدعيه الشيعة، والسبب:

1- من شاهد معجزة الولادة يجب أن يكون أول مسلم وإلا يكون من الضالين.

2- لو أسلم أبو طالب لحاربه كفار قريش ولما استطاع حماية الرسول(صلی الله علیه و آله)

3- لك من القرآن ما نزل بهذه الحادثة سورة التوبة - 113: ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربي من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم. صدق الله العظيم.

ص: 41

وكتب (الفتي الإمامي) بتاريخ 1-4-2000، الثالثة ظهراً:

أعتقد أن هذه الوصلة مفيدة للموضوع أدلة ايمان أبي طالب عليه السلام …

الي آخر ماذكره، وقد أورد عدة أدلة من أحاديث النبي والأئمة عليهم السلام ومن شعر أبي طالب من مصادر الفريقين علي إيمان أبي طالب رضوان الله عليه.

حساسيتهم من حديث الدار في أول البعثة

كتب (فاروق البكري) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 21-5-1999، موضوعاً بعنوان (حديث الدار) وهو بحث حول تصحيح سند الحديث الشريف، وبيّن فيه خطأ ابن تيمية في تضعيفه.

فكتب المدعو (أبو المقداد):

موضوع حديث الدار (فاروق بكري) يطعن في شيخ الاسلام ابن تيمية

(حاذروا)!! إقرأ الموضوع بتمعن!

فبادرت رئيسة المراقبين إلي حذفه بعد أقل من ساعة، وكتبت بتاريخ 21-5-1999، العاشرة صباحاً:

يبدوأنك تريد مخالفة ضوابط الساحة الاسلامية بالمنع من نشر المعتقدات المخالفة لتوجه هذه الساحة فيما نعتقده بالله تعالي ورسوله وصحابته الكرام، والتي هي علي معتقد السلف الصالح أهل السنة والجماعة، لذا فأنت ممنوع من الكتابة في هذه الساحة.. وكذلك كل من يتدخل في الخوض بما نعتقده وندين

ص: 42

الله تعالي به وسنلقاه عليه.

(مراقبة الساحة الاسلامية حرر الموضوع بواسطة بنت الإسلام 21-5-99).

قال (العاملي):

وحديث الدار روته مصادرهم، وخلاصته: أنه عندما نزل قوله تعالي

(وأنذر عشيرتك الأقربين) في أول البعثة، دعا رسول الله صلي الله عليه وآله بني عبد المطلب الي طعام في بيته وكانوا أربعين رجلاً، فأظهر لهم المعجزة بإشباعهم جميعاً بكتف شاة وعس لبن، وأخبرهم أن الله تعالي بعثه رسولاً ووعده أن يورث أمته ملك كسري وقيصر، وأنَّ من يوازره منهم علي هذا الأمر يتخذه أخاً ووزيراً وخليفةً من بعده.. فلم يقبل أحد منهم إلا علي عليه السلام، فقال له النبي صلي الله عليه وآله في محضرهم: أنت أخي ووزيري وخليفتي من بعدي، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا!! فجعلوا يسخرون من ذلك ويقولون لأبي طالب: أمرك أن تسمع لابنك وتطيع!!

ص: 43

ص: 44

الفصل الثاني: الصديق والفاروق لقبان لعلي.. سرقوهما !!

اشاره

عناوين مواضيع الفصل:

أحاديث الصدّيق والفاروق

من الذي سمي عمر بالفاروق؟

ص: 45

ص: 46

احاديث الصديق والفاروق

كتب المدعو (فرزدق) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 11-2-2000، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أحاديث في الصديق والفاروق!!! فهل مِن مُتأمل...)، قال فيه:

هناك عدد كبير من الأحاديث الشريفة التي تثبت أن لقب الصديق ولقب الفاروق هما من ألقاب أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب عليه السلام..

وسنذكر فيما يلي عدداً منها.. بإذن الله..

أولاً: رواية سلمان الفارسي وأبي ذر: رويا عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) أنه أخذ بيد علي وقال: (ألا إن هذا أول من آمن بي وهذا أول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل وهذا يعسوب الدين والمال يعسوب الظالمين).. وتجده في:

1 - مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص 29، نقله عن المعجم الكبير للطبراني.

2 - تأريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج 1 ص 87 حديث 119، وفي طبعة ج 1 ص 76. حديث 122.

3 - أرجح المطالب لعبيد الله الحنفي ص 21.

ص: 47

4 - فرائد السمطين للحمويني ج1 ص 39.

ثانياً: روي عن عبدالله بن عباس أنه قال: ستقع فتنة فمن أدركها فليتمسك بأمرين: كتاب الله وعلي بن أبي طالب، لأني سمعت رسول الله - وهو آخذ بيد علي - يقول: (علي أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة وهو فاروق الأمة يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الظالمين وهو الصديق الأكبر والخليفة من بعدي).. وتجده في:

1 - تاريخ دمشق ترجمة الامام علي ج 1 ص 89 حديث 122 و124.

2 - كفاية الطالب للحافظ الكنجي باب 44 ص 187.

3 - ميزان الاعتدال للذهبي ج1 ص 316 وج 2 ص 35.

4 - لسان الميزان للعسقلاني ج 2 ص 414 وج 3 ص 283.

5 - وسيلة النجاة للكنهوي ص 133.

6 - الكامل في معرفة الضعفاء والمتروكين ص 149.

ثالثاً: رواية أبي ليلي الغفاري:

قال سمعت النبي يقول: (ستكون بعدي فتنة فإذا كان ذلك فالزموا علي بن أبي طالب فإنه أول من يراني وأول من يصافحني يوم القيامة هو الصديق الأكبر وهو فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل وهو يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين). لاحظه في:

1 - الاستيعاب لابن عبد البر ج 2 ص 657، وفي المطبوع بهامش الاصابة ج 13 ص 117 رقم 3156.

2 - مناقب الخوارزمي فصل8 ص57.

3 - تأريخ دمشق لابن عساكر ج 3 ص 157 حديث 1174.

4 - كفاية الطالب للحافظ الكنجي باب 44 ص 188 وقد اعترف باعتبار سنده.

5 - ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 316.

ص: 48

6 - الإصابة في معرفة الصحابة لابن حجر آخر ج 11 عن ابن عدي.

7 - لسان الميزان للعسقلاني ج 3 ص 283.

8 - مودة القربي للهمداني - مودة رقم 6 – حديث 5.

9 - كنز العمال للمتقي ج 11 ص 612 نقله عن الحافظ ابي نعيم.

10 - المناقب المرتضوية للكشفي الترمذي ص 92.

11 - مسند البزار ج 1 ص 38.

12 - مفتاح النجا للبدخشي ص 66.

13 - ينابيع المودة للقندوزي الحنفي باب 15 ص 93 وباب 43 ص 152.

14 - رموز الأحاديث للنقشبندي ص 304.

15 - مناهج الفاضلين للحمويني ص 319.

16 - مناقب العيني ص 16 حديث 25.

17 - أرجح المطالب للآمرتسري ص 23.

18 - فردوس الأخبار للديلمي حرف السين (ستكون بعدي...).

19 - تحفة المحبين بمناقب الخلفاء الراشدين لمحمد بن رستم ص189.

رابعاً: رواية أبي ذر الغفاري: قال أبو رافع: ذهبتُ إلي الربذة لوداع أبي ذر، ولما أردنا فراقه خاطبنا قائلاً: ستقع قريباً فتنة، فعليكم بتقوي الله واتباع علي بن أبي طالب لأني سمعت رسول الله يقول له: (أنت أول من آمن بي وأول من يصافحني يوم القيامة وأنت الصديق الأكبر وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل وأنت يعسوب المؤمنين والمال يعسوب الكافرين وأنت أخي ووزيري وخير من أترك بعدي، تقضي ديني وتنجز موعدي). لاحظه في:

1 - نقض العثمانية للجاحظ ص290.

2 - تأريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج 1 ص 88 حديث 120 و121 و123.

3 - أسد الغابة لابن الاثير ج 5 ص 287.

ص: 49

4 - فرائد السمطين للحمويني ج1 ص139 و140 حديث 102 و103.

5 - الرياض النضرة للمحب الطبري ج2 ص155.

6 - ذخائر العقبي للمحب الطبري أيضاً ص 56.

7 - المواقف للقاضي الأيجي ج 3 ص 276.

8 - شرح النهج لابن أبي الحديد ج 13 ص 228 و215.

9 - مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 102.

10 - نزهة المجالس للصفوري ج 2 ص 205.

11 - قرة العينين في تفضيل الشيخين للدهلوي ص 234.

12 - إنتهاء الافهام للبصري ص74.

13 - ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 201.

14 - أرجح المطالب لعبيد الله الحنفي اللآمرتسري ص 23.

خامساً: رواية علي بن أبي طالب: روي عنه سلام الله عليه أنه قال: (أنا عبد الله وأخو رسول الله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب مفترٍ، ولقد صليت مع رسول الله قبل الناس لسبع سنين، وأنا أول من صلي معه). تجده في:

1 - فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ج 1 حديث 115.

2 - خصائص النسائي ص 25 حديث 7.

3 - تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج 1 ص 53 حديث90، مع اختلاف يسير.

4 - المصنف لابن أبي شيبة ج 12 ص 65 حديث 12133.

5 - السنن الكبري للنسائي ج 5 ص 107 حديث 8395.

6 - سنن ابن ماجة ج 1 ص 44 حديث 120.

7 - المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج 3 ص 121 حديث 4584.

8 - تاريخ الطبري ج 2 ص 213 وفي طبعة ج 2 ص 310.

علماً بأن هؤلاء قد رووه بأسانيد صحيحة، رجالها ثقات..

ص: 50

وبعد كل هذا. فهل يصح لنا إطلاق هذه الألقاب علي غير صاحبها جُزافاً، وتبديلاً للحقائق وتغييراً لتلقيب النبي الأعظم صلي الله عليه وآله.

والسلام علي من اتبع الهدي...

وكتب (علي بن يقطين) بتاريخ 11-2-2000، الثالثة والنصف ظهراً:

اللهم صل علي محمد وآل محمد

وكتب (عالم نجد والحجاز) بتاريخ 11-2-2000، السادسة مساءً:

وعلي افتراض أن هذه الأحاديث صحيحة فنحن الذين نتبعه ونطيعه فهو الخليفة الرابع تربي في بيت النبوة وشرب منها، ونكن له احتراماً وحب (كذا)... لكن الذين يظهرون له الحب الزائف ولم يتبعوه هم الذين شبههم بأشباه الرجال ولا رجال...

فكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 11-2-2000، السادسة والنصف مساءً:

إن الذين شبههم عليه السلام بأشباه الرجال لم يكونوا شيعة، وما كان الكلام لشيعته عليه وعليهم السلام، وإنما كان الكلام لمن بيده أمور عشيرته ومن تبع هؤلاء الرؤساء الخونة والعملاء لابن أبي سفيان.

إن الأمير عليه السلام كان يخاطب دولة. والدولة تحوي الطيب والخبيث وإلا علي حسابكم تكون الدولة الإسلامية بأجمعها شيعية إلا الخارج عن إمام زمانه...

وكتب (فرزدق) بتاريخ 12-2-2000، الثامنة مساءً:

نشكر الأخ العزيز الفاضل مالك الأشتر علي جوابه وأضيف:

إن شر البلية ما يضحك... فقد أصبح أتباع ابن تيمية - الذي أنكر فضائل الامام علي بل شكك حتي في إيمانه وجهاده وعلمه، أصبحوا من أتباع الامام

ص: 51

علي ويكنون له الاحترام!!! وأصبح المدافعون عن معاوية - محارب أمير المؤمنين عليه السلام، والسابّ له علي المنابر - من المحبين لعلي والمطيعين له!!!

أرأيت احتراماً وحباً أكثر من ذلك؟؟؟!!!

ولقد صدق من قال: إن عشت أراك الدهر عجباً!!

وفيما يلي نذكر عدداً من المصادر الأخري لبعض الروايات السابقة، إضافة إلي أحاديث جديدة لم تذكر فيما تقدم:

أولاً: عن أبي ذر وسلمان قالا: أخذ رسول الله بيد علي بن أبي طالب، فقال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (هذا أول من آمن بي. وهذا أول من يصافحني يوم القيامة وهذا الصديق الأكبر وهذا فاروق هذه الأمة يفرق بين الحق والباطل، وهذا يعسوب المؤمنين، والمال يعسوب المنافقين). رواه غير من تقدم ذكرهم:

1 - الشوكاني في در السحابة ص 205، وقال: أخرجه الطبراني في الكبير بإسنادٍ رجاله ثقات.

2 - المتقي في كنز العمال ج 11 ص 616 طبع حلب، رواه عن حذيفة.

ثانياً: قال علي (علیه السلام): (أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي الا كذاب مفترٍ، لقد صليت قبل الناس سبع سنين). راجعه في المصادر التالية عدا من تقدم ذكره:

1 - الكامل لابن الاثير ج2 ص22.

2 - جمع الجوامع للسيوطي كما في ترتيبه ج6 ص394.

3 - طبقات الشعراني ج 2 ص 55.

4 - الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج 2 ص 155 و158 و167.

5 - شرح النهج لابن أبي الحديد ج 3 ص 257.

6 - ذخائر العقبي ص60.

ص: 52

7 - فرائد السمطين للحمويني ذكره في الباب 49.

ثالثاً: عن ابن عباس وأبي ذر، قالا سمعنا رسول الله يقول لعلي: (أنت الصديق الأكبر وأنت الفاروق الذي يفرق بين الحق والباطل). راجعه في:

1 - شمس الأخبار للقرشي ص35.

2 - المواقف للقاضي الايجي ج3 ص276.

3 - نزهة المجالس للصفوري ج2 ص205.

4 - الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج2 ص155، وفي طبعة أخري بالقاهرة ج3 ص136.

5 - شرح النهج لابن أبي الحديد ج3 ص276.

6 - فرائد السمطين للحمويني ذكره في الباب 24.

رابعاً: قال علي (علیه السلام): (أنا الصديق الأكبر...). راجعه في:

1 - المعارف لابن قتيبة ص73.

2 - جمع الجوامع للسيوطي كما في ترتيبه ج6 ص405.

3 - تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج1 ص53 حديث 90.

4 - الرياض النضرة للمحب الطبري ج2 ص155 و157.

5 - ذخائر العقبي ص 58.

6 - شرح النهج لابن أبي الحديد ج3 ص251 و257.

خامساً: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (الصديقون ثلاثة: حبيب النجار مؤمن آل يس قال (يا قوم اتبعوا المرسلين)، وحزقيل مؤمن آل فرعون قال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله. وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم). وتجده في المصادر التالية:

1 - كنز العمال للمتقي ج 6 ص 152 وفي طبعة أخري ج 11 ص 601 حديث 32897 و32898.

2 - السيرة الحلبية للحلبي ج 1 ص 435.

ص: 53

3 - فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ج 2 ص 627 حديث 1072 وص655 حديث 1117.

4 - الجامع الصغير للسيوطي ج 2 ص 42 طبع الميمنية بمصر.

5 - كفاية الطالب للحافظ الكنجي ص123 و124 وفي طبعة أخري ص47.

6 - الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ج 2 ص 202 وفي طبعة أخري ج 2 ص 153.

7 - فردوس الأخبار للديلمي ج2 ص581 حديث 3681، وفي طبعة أخري ببيروت ج 2 ص 421 حديث 3866.

8 - الأمالي للشجري ج 1 ص 139 طبع القاهرة.

9 - تأريخ الخميس للديار بكري المالكي ج 2 ص 275 طبع الوهبية بمصر.

10 - تأريخ دمشق لابن عساكر ج1 ص 79 حديث 128 وج 2 ص 282 حديث 805.

11 - فيض القدير للمناوي ج 4 ص 137. وقال: رواه الطبراني والبزار.

12 - التفسير الكبير للرازي ج 27 ص 57.

13 - الدر المنثور للسيوطي ج 5 ص 262 وقال: أخرجه البخاري في تاريخه.

14 - منار الهدي للأشموني ص 289 طبع الحلبي بالقاهرة.

15 - منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل ج5 ص30.

16 - مناقب ابن المغازلي ص 245 حديث 293 و294.

17 - جمع الجوامع للسيوطي كما في ترتيبه ج 6 ص 152.

18 - إتحاف ذوي النجابة للتباني الطيفي ص 156 طبع الحلبي بالقاهرة.

19 - نُزل الأبرار للبدخشي ص 64 حديث 3.

20 - الصواعق المحرقة لابن حجر ص 123 وفي طبعة أخري ص 74 و 75 وفي طبعة ثالثة ص30 و31.

21 - شرح النهج لابن أبي الحديد ج 9 ص 172 ط مصر بتحقيق أبو الفضل. وفي ط بيروت ج 2 ص 431.

22 - مناقب الخوارزمي ص 215، وفي طبعة أخري ص 219.

ص: 54

23 - شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 2 ص 223 - 226 حديث 938 - 942.

24 - ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 126و185 و233. طبع اسلامبول.

سادساً: لقد ورد في أن قوله تعالي: والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون. نزل في علي بن أبي طالب.. راجع:

1 - فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ج 2 ص 627 وص 655 حديث 1072 و1117.

2 - ذكر كثير من المفسرين حديث النبي (صلی الله علیه و آله): (الصديقون ثلاثة...) المتقدم، في ذيل هذه الآية المباركة. فراجع من ذكرناهم من المفسرين آنفاً.

سابعاً: ومما يؤيد تسمية أمير المؤمنين علي (علیه السلام) بالصديق ما ورد في تفسير قوله تعالي: الذي جاء بالصدق وصدق به أولئك المتقون.. فقد روي أن الذي (جاء بالصدق) هو رسول الله وأن الذي (صدق به) هو علي بن أبي طالب.

راجع ذلك في:

1 - تفسير القرطبي ج 15 ص 256.

2 - تفسير الدر المنثور للسيوطي ج 7 ص 228 وفي طبعة بيروت ج 5 ص 328 قال: أخرجه إبن مردويه عن أبي هريرة.

3 - كفاية الطالب للحافظ الكنجي ص 233، وفي طبعة أخري ص 109.

4 - تفسير روح المعاني للآلوسي ج 30 ص 3.

5 - مناقب ابن المغازلي ص 369 حديث 317.

6 - تأريخ دمشق لابن عساكر ج 2 ص 418 حديث 917 و918 طبع بيروت.

7 - معارج العلي لمحمد صدر العالم ص 91.

8 - شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني ج 2 ص 120 حديث 810 – 815.

9 - توضيح الدلائل لشهاب الدين احمد الشافعي ص 328.

وأخيراً.. نختم حديثنا برواية جميلة يرويها القرشي في شمس الأخبار ص 33 عن النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) أنه قال: (قال لي ربي ليلة أسري بي: من خلفت

ص: 55

علي أمتك يا محمد؟ قال: قلت: يا رب أنت أعلم.. قال: يا محمد، إنتجبتك برسالتي واصطفيتك لنفسي، وأنت نبيي وخيرتي من خلقي، ثم الصديق الأكبر الطاهر المطهر الذي خلقته من طينتك وجعلته وزيرك وأبي سبطيك السيدين الشهيدين الطاهرين المطهرين سيدي شباب الجنة، وزوجته خير نساء العالمين.. أنت شجرة وعلي غصنها وفاطمة ورقها والحسن والحسين ثمارها، خلقتهما من طينة عليين وخلقت شيعتكم منكم، إنهم لو ضُربوا علي أعناقهم بالسيوف ما إزدادوا لكم إلا حباً.. قلت: يا رب ومن الصديق الأكبر؟ قال: أخوك علي بن أبي طالب). اللهم اجعلنا من شيعة محمد وآل محمد وأنصارهم قولاً وعملاً.

والسلام علي من اتبع الهدي...

وكتب (العاملي) بتاريخ 12-2-2000، التاسعة مساءً:

الذين وبخهم أمير المؤمنين علي عليه السلام ووصفهم بأنهم أشباه الرجال.. مهما قلت فيهم فقد كانوا معه، وحاربوا معه الناكثين والمارقين والقاسطين.. فهم أقرب اليه من عدوه معاوية والطلقاء الذين كان يدعو عليهم في قنوته! وإن كنت تري يا أخ (عالم نجد والحجاز) أنك أقرب اليه منهم، فمرحباً بك.

إبرأ من عدوه.. واقبل أن لقب الصديق والفاروق وسامان نبويان أعطاهما الله لعلي، فلا تستعملهما لغيره.

وكتب (فرزدق) بتاريخ 14-2-2000، الثامنة مساءً:

اللهم صل علي محمدٍ وآل محمدٍ، وعجل فَرَجَهم، والعن أعداءهم...

وكتب المدعو (المأمن بالله) في شبكة هجر، بتاريخ 8-12- 1999، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الإمام علي - ع - فاروق بين الحق والباطل)..

ص: 56

(وقد اكتفينا عنه بموضوع الفرزدق، وقد أضاف المأمن بالله، وعمار، عدداً من المصادر في أحاديث الموضوع).

من الذي سمي عمر بالفاروق؟

وكتب (نصير المهدي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16-2-2000، الثانية والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (الصديق والفاروق في حديث رسول الله (صلی الله علیه و آله)، أورد فيه أحاديث من الرياض النضرة 2 - 155 بسنده عن أبي ذر وأخرج الهيثمي في مجمع الزوائد 9 - 102، والمناوي في فيض القدير 4 - 358 وفي الطبراني والبزار، عن حذيفة...

وعقب عليه (العسكري) بتاريخ 18-2- 2000، الخامسة صباحاً:

حياك الله أخي الحبيب نصير المهدي، وأدامك الله نصيراً للمهدي:

مطهرون نقيات ثيابهم تجري الصلاة عليهم أينما ذكرو

الله لما بري خلقاً وأتقنه صفَّاكم واصطفاكم أيها البشر

أنتم الملأ الاعلي وعندكم علم الكتاب وما جاءت به السور

وكتب المسمي (أسئلة) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 26-1-2000، الثانية والنصف ظهراً، موضوعاً بعنوان (الفاروق.. لقب مسروق)، أورد فيه أحاديث عن تسمية اليهود لعمر بالفاروق، من تاريخ المدينة لابن شبة: 2 / 662، قال:

تسميته بالفاروق: قال: أخبرنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن صالح بن كيسان قال، قال ابن شهاب: بلغنا أن أهل الكتاب كانوا أول من قال لعمر: الفاروق، وكان المسلمون يؤثرون ذلك من قولهم، ولم يبلغنا أن رسول

ص: 57

الله صلي الله عليه وسلم ذكر من ذلك شيئاً. انتهي.

وبذلك يتبين أن السارق وخطة السرقة كليهما.. يهوديان!!

ص: 58

الفصل الثالث : علي أفضل الخلق بعد النبي صلي الله عليه وآله

اشاره

عناوين مواضيع الفصل:

علي أحب الناس الي رسول الله صلي الله عليه وآله

علي أفضل الخلق بعد النبي صلي الله عليه وآله

درجة علي في الجنة أعلي ثاني درجة النبي صلي الله عليه وآله

ص: 59

ص: 60

علي أحب الناس الي رسول الله صلي الله عليه وآله

كتب (فرات) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 14-3-2000، السادسة مساءً، بعنوان (أحب الناس للنبي صلي الله عليه وآله... من هم؟؟)، قال فيه:

أخرج الترمذي في صحيحه (ج 2 ص 319) بسنده عن ابن بريدة عن أبيه قال: كان أحب النساء الي رسول الله فاطمة، ومن الرجال علي.

ورواه الحاكم في المستدرك (ج 3 ص 155) وقال: هذا حديث صحيح الاسناد. انتهي. ورواه النسائي في خصائصه (ص 29). ورواه ابن عبد البر في الاستيعاب (ج 2 ص 751).

وأخرج الترمذي كذلك في (ج 2 ص 310) عن عائشة مثله، وصححه الحاكم ج 3 ص 157.

وأخرج الحاكم (ج 3 ص 154) عندما سُئلت عائشة عن علي قالت: تسألني عن رجل والله ما أعلم رجلاً كان أحب الي رسول الله من علي.

وقال هذا حديث صحيح الاسناد. ورواه النسائي (ص 29).

وأخرج أحمد بن حنبل (ج 4 ص 257):... فسمع أبو بكر صوت عائشة عالياً وهي تقول: والله لقد عرفتُ أن علياً أحب اليك من أبي ومني

(مرتين). ورواه النسائي ص 28 وقال فيه: وأهوي لها ليلطمها...

ص: 61

والهيثمي رواه في مجمعه (ج 9 ص 126). وقال: رواه البزاز، ورجاله رجال الصحيح.

وكذلك أخرج ابن حجر وابن الاثير في أسد الغابة (ج 5 ص 547): أن علياً عليه السلام أحب الناس اليه صلي الله عليه وآله.

ويؤيد هذه الأحاديث حديث الطائر المشوي، الذي ينص علي أن علياً أحب الخلق الي الله والي رسوله، الذي أخرجه كل من: الترمذي في صحيحه (ج 2 ص 299). والنسائي (ص5). وابن الأثير (ج 2 ص 30). والمحب الطبري (ص 61). والحاكم (ج 3 ص 130). وقال: حديث صحيح علي شرط الشيخين. والهيثمي في مجمعه (ج 9 ص 125). وأبي نعيم في حليته (ج 6 ص 339). والبغدادي في تاريخه (ج 3 ص 171) والمتقي في كنزه (ج 6 ص 406). وهكذا استفاضت الروايات في ذلك.

ولكن أيدي الوضع التي لا يروق لها ثبوت مثل هذه الفضائل لأهل بيت النبي صلي الله عليه وآله، حاولت صرف هذه الفضيلة عنهم وإثباتها لغيرهم.

ص: 62

علي أفضل الخلق بعد النبي صلي الله عليه وآله

كتب (صبي الشيعة) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 2-11-1999، العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (المسيح عيسي وأمير المؤمنين)، قال فيه:

الموضوع منقول من شبكة هجر الإسلامية.

وأي شخص يريد الاضافة، فليفعل مشكوراً:

المسيح عيسي بن مريم عليه السلام يتشرف أن يكون عبداً لعلي بن أبي طالب.

فكتب (محب السنة)، الثانية عشرة ظهراً:

لم أكن أتصور أن يصل الضلال إلي هذا الحد!

كيف يتصور عاقل فضلاً عن مسلم أن يكون علي رضي الله عنه أفضل من واحد من أولي العزم من الرسل!!

زر هذا الموقع لتستمع إلي شيخ شيعي وهو يقول: إن المسيح عليه السلام يتشرف أن يكون عبداً لعلي!!

وكتب (البيان)، الواحدة ظهراً:

روي عن طريق أبي داود الطياليسي وغيره، عن الحكم بن عبد الرحمن أبي نعيم عن أبيه عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلي الله عليه (وآله) وسلم: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، إلا ابني الخالة يحيي وعيسي). قصص الأنبياء للامام أبي الفداء اسماعيل بن كثير.

فإذا كان الامام الحسن والامام الحسين سيدا (كذا) نوح وإبراهيم وموسي وهم أنبياء أولي (كذا) عزم علي ما ذكر بالحديث السابق، فإن أبوهما علي عليه السلام خير منهما، فإذن هو أفضل من الأنبياء إلا رسول الاسلام صلي الله عليه وآله. وعلي

ص: 63

ما أعتقد أن ابن كثير سني وليس بشيعي.

وكتب (عبد العزيز) بتاريخ 3-11-1999، الثالثة صباحاً:

يا محب السنة يا حبيبي، يا فلذة كبدي لا تكتب مثل هذا الكلام:

(لم أكن أتصور أن يصل الضلال إلي هذا الحد).

يا أخي أنت في هذه الصفحة مظهر من مظاهر الضلال، فلا تحسب نفسك فاهماً، وتقول إن هذا ضال وذاك منحرف!

ويا أخي إذا ناقشنا قضية الخلافة ورأينا أن علي (كذا) أحق بها وأن الله خصه بها بعد نبيه (صلی الله علیه و آله) فإن الأمر يعد من البديهيات. فما قولك بحديث النبي (صلی الله علیه و آله) الذين يقول فيه: (إن علماء أمتي أفضل من أنبياء بني اسرائيل). أو في رواية أخري.. (كأنبياء بني اسرائيل).. فما بالك بالامام!

يا أخي يا أخي، أهجر هذا الأسلوب البدوي والأعرابي في الكلام... والسلام.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 6-11-1999، السابعة صباحاً:

لقد كنت قبل كتابة هذا المقال أظن أني أخاطب قوماً لهم عقول. وكنت جازماً أن من يطلع علي ما كتبت من الشيعة سيبادر إلي تخطئة ذلك الشيخ … ولكن تبين لي أن الجميع علي شاكلته.

أما من يحتج بحديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فهو لم يتمعن ولو قليلاً في اللفظ فهما سيدا الشباب فقط.

ثم إن الموازنة بين أحد من الناس كائن من كان ولو كان الصديق أبو بكر، أو الفاروق عمر، أو ذو النورين عثمان، أو أحد من الأنبياء فضلاً عن أولي العزم من الرسل، تدل علي سفاهة ما بعدها سفاهة وضلال ما بعده ضلال، وإن رغم

ص: 64

أنف من لا يرضي بذلك.

فكتب (العاملي) بتاريخ 6-11-1999، التاسعة صباحاً:

يا صاحب العقل الوافر.. ما دام أعلي مكان في الجنة يوم القيامة هو جنة الفردوس. وهي كما روينا ورويتم مسكن النبي وآله وابراهيم وآله صلي الله عليهما وآلهما، فإن آل النبي مع النبي وعلي أولهم.. فما العجب إذا كان مقام علي ملحقاً بمقام النبي وفوق مقام بقية الأنبياء، ماعدا ابراهيم عليهم السلام؟!!

وثانياً، الامام المهدي عليه السلام أقل مرتبة من علي عليه السلام، وقد رويتم وروينا أن عيسي عليه السلام عندما ينزل في آخر الزمان يصلي خلف المهدي.

وثالثاً، روي الترمذي وحسنه أن النبي صلي الله عليه وآله أخذ بيد حسن وحسين وقال: من أحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي في الجنة!!

فلا تجادل في مقام أهل بيت نبيك، ولا تقدم بطون قبائل قريش عليهم، بل أحبهم وأطعهم، لتكون أنت ملحقاً بدرجة نبيك التي هي فوق درجة عيسي وموسي عليهم السلام. وأرنا عقلك يا صاحب العقل!!

وكتب (ذوالفقار)، الثالثة ظهراً:

قال تعالي (تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض..). البقرة - 253.

وقال تعالي (ولقد فضلنا بعض النبيين علي بعض..). الإسراء - 55.

وقال محب السنة: (ثم إن الموازنة بين أحد من الناس كائن من كان ولو كان الصديق أبو بكر أو الفاروق عمر أو ذو النورين عثمان وأحد من الأنبياء فضلاً عن أولي العزم من الرسل تدل علي سفاهة ما بعدها سفهة وضلال ما بعده ضلال، وإن رغم أنف من لا يرضي بذلك).

ص: 65

وكتب (محب السنة)، السادسة مساءً:

إلي العاملي: أما قولك: ياصاحب العقل الوافر، فقد عرفت نعمة العقل وحمدت الله عليها من قديم، ولكن معرفتي بهذه النعمة ازدادت لما اطلعت علي معتقدات الشيعة من خلال الكتب والمناقشة عبر الإنترنت، فلله الحمد أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، أن جعلني مسلماً سنياً.

أما أنت فالذي ظهر لي أنك تقبل أي ضلالة مهما كانت درجة منافاتها للعقل بشرط أن يكون القائل لها شيعياً، ولا تكتفي بذلك بل تدافع عنها وتسوغها وتسعي جاهداً لإقناع الآخرين بها. ومن الأمثلة علي ذلك قبولك:

1 - دفاعك عن قول من قال من علمائك أن أكل... الأئمة قدس سره شرب... = دخول الجنة (معذرة مكان النقط معروف لديك والحياء يمنعني من التصريح به).

2 - قبولك لفتوي الخامنئي الذي جوز وضع نطفة رجل أجنبي في رحم امرأة لا تنجب.

3- ردك لكلام الله الصريح في فضل الصحابة والثناء عليهم والرضي عنهم، ودفاعك عن أبي طالب الذي لم يثبت أنه أسلم لا بكتاب ولا سنة.

والأمثلة أكثر من أن تحصر أو تحد بعدد.

أما قولك: (ما دام أعلي مكان في الجنة يوم القيامة هو جنة الفردوس، وهي كما روينا ورويتم مسكن النبي وآله وإبراهيم وآله صلي الله عليهما وآلهما، فإن آل النبي مع النبي وعلي أولهم.. فما العجب إذا كان مقام علي ملحقاً بمقام النبي وفوق مقام بقية الأنبياء ماعدا إبراهيم عليهم السلام؟!!).

فلو أنك فكرت قليلاً لما قلت هذا الكلام لأنه في غير موضعه، فنحن لم

ص: 66

نتكلم في الثواب في الآخرة، وإنما تكلمنا في الفضل، وشيخكم يقول: بأن المسيح صلي الله عليه وسلم يتشرف بأن يكون عبداً عند علي! (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً). وبمثل ما تقدم يجاب عما رواه الترمذي.

أما قولك: وثانياً، الإمام المهدي عليه السلام أقل مرتبة من علي عليه السلام، وقد رويتم وروينا أن عيسي عليه السلام عندما ينزل في آخر الزمان يصلي خلف المهدي.

فلم يفهم أهل السنة من هذا الكلام أن المهدي أفضل من عيسي بل قالوا: إن ذلك دال علي أن عيسي يتبع شريعة محمد صلي الله عليه وسلم ويعمل بمقتضاها وأن تأخره عن الصلاة يكون في بداية الأمر، ثم يكون المهدي تابعاً لعيسي ومقتدياً به في الصلاة وغيرها.

أما قولك: فلا تجادل في مقام أهل بيت نبيك، ولا تقدم بطون قبائل قريش عليهم.

فأنا ولله الحمد ليست الغاية عندي من النقاش حب الغلبة وإحراج المخالف، ولكنني أدعو إلي ما أعتقد أنه الحق، ولدي الاستعداد للتنازل عن قولي إذا ظهر لي أن قول المخالف هو الحق، لأن الأمر عندي ليست حلبة مصارعة بل دين أدين الله تعالي به وقائدي ورائدي فيما أقول وأكتب وأعتقد كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، ولا أتعصب لقول أحد من الناس خالف قوُله كلام الله وكلام رسوله، ابتداء من أبي بكر الصديق إلي آخر واحد من علماء الأمة.

فهذا ما هداني له عقلي الذي تهزأ به، والفضل كله لله سبحانه وتعالي.

أما احتجاجك يا ذو (كذا) الفقار بقول الله تعالي: تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض. البقرة 253. وقال تعالي (ولقد فضلنا بعض النبيين علي بعض.. الإسراء

ص: 67

55، فيبدو أنك لم تفهم ما كتبته، فأعد قراءته مرة أخري، وعندها سيتبين لك أن الكلام ليس في المفاضلة بين النبيين الذي هو حقيقة دلّ عليها القرآن ولكنه في المفاضلة بين النبيين وغيرهم، إلا إذا كنتم تعتقدون أن علياً من النبيين فهذا موضوع آخر.

فكتب (ذوالفقار)، السادسة والنصف مساءً:

الي محب السنة: هل مسألة التفضيل مسألة عقلية، أو نرجع فيها الي النصوص الشرعية؟

وكتب (البيان) بتاريخ 7-11-1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

الي محب السنة، بعد السلام:

قلت: (أما من يحتج بحديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، فهو لم يتمعن ولو قليلاً في اللفظ فهما سيدا الشباب فقط).

أقول: أما والله لقد احترنا بين اللتيا والتي، وهل يكون في الجنة غير الشباب هذا أولاً.

ثانياً: لو قرأت الحديث السابق بتمعن وعقل لما قلت الذي قلت. وسوف أعيده عليك فلاحظ ما بين القوسين: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة (إلا ابني الخالة يحيي وعيسي). إلا هنا: للاستثناء. أي أنهما سيدا شباب أهل الجنة أجمعين عمال (كذا) كانوا أو ملوك (كذا) أو غيره من الصالحين الذين رزقهم الله الجنة، ما عدا عيسي ويحيي! أي أن من الشباب عيسي ويحيي. ولا أعلم.. هل أنبياء الله الباقين يسكنون الجنة وهم شيوخ.

ثانياً، قلت: (في جواب قول العاملي) الإمام المهدي عليه السلام أقل مرتبة من علي عليه السلام، وقد رويتم وروينا أن عيسي عليه السلام عندما ينزل في آخر الزمان يصلي

ص: 68

خلف المهدي: فلم يفهم أهل السنة من هذا الكلام أن المهدي أفضل من عيسي. بل قالوا إن ذلك دال علي أن عيسي يتبع شريعة محمد صلي الله عليه وسلم ويعمل بمقتضاها، وأن تأخره عن الصلاة يكون في بداية الأمر، ثم يكون المهدي تابعاً لعيسي ومقتدياً به في الصلاة.

أقول: إقرأ واعقل: (وروي هشام بن عروة، عن صالح مولي أبي هريرة أن الرسول صلي الله عليه وآله قال: (فيمكث في الأرض أربعين سنة). وقد بينا نزوله عليه السلام في آخر الزمان في كتاب (الملاحم)، الي أن يقول ابن كثير: وأنه ينزل علي المنارة البيضاء بدمشق وقد أقيمت صلاة الصبح. فيقول له إمام المسلمين: تقدم يا روح الله فصلِّ، فيقول: لا، بعضكم علي بعض أمراء، مكرمةٌ الله لهذه الأمة. وفي رواية فيقول عيسي عليه السلام: إنما أقيمت الصلاة لك فيصلي خلفه، ثم يركب ومعه المسلون في طلب المسيح الدجال فيلحقه عند باب لد فيقتله بيده الكريمة. كتاب قصص الأنبياء لابن كثير.

أقول: أجب عن هذا السؤال: أيهما أفضل الإمام أم المأموم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 7-11-1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ محب السنة، أشكر الله أني لم أهزأ بعقلك، وأن كل ما كتبته لك في هذا المجال سابقاً ولا حقاً كان جواباً علي اتهامك الشيعة في عقولهم!

ألا تذكر موضوعك (هل لكم عقول تميزون بها.. وما في معناه)؟.

أما ملاحظتك عليّ بأني أقبل ما يخالف العقل إذا كان الذي قاله شيعياً، وأحاول تبريره.. فإني أعتقد بعصمة النبي وآله الذين نص عليهم النبي فقط، ولا أدعي لنفسي العصمة ولا للشيعة.. ولئن كنت شيعياً بالولادة والوراثة.. فقد بحثت بتجرد سنين كثيرة، فطابقت قناعاتي أكثر موروثاتي، فما ذنبي، وماذا

ص: 69

تريدني أن أصنع؟.. ومع ذلك فأنا والحمد لله مستعد لقبول الدليل حتي لو خالف ما وصلت اليه.. وأسأل الله لي ولك أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

وأما دفاعي عن المسألة ذات الصيغة السخيفة التي طرحها بعضكم من أن بعض الشيعة يرون طهارة دم النبي والامام وبولهما، والتبرك بشربه!! فقد أجبت فيها مجملاً بسبب سخافة الطرح، وإلا فأنا أعتقد بأن النبي صلي الله عليه وآله (بشر وليس كبقية البشر) وأن تركيب جسمه الشريف يختلف فيزيائياً عن غيره وإن اشترك معه في البشرية.. وأن طينة أهل بيته من طينته ونورهم من نوره. ويكفي دليلاً علي ذلك ما ثبت عندنا وعندكم في الشخص الذي شرب دم حجامة النبي صلي الله عليه وآله...

وأما دفاعي عن فتوي السيد الخامنئي، فأنا لا أفتي بها وأناقش بها علمياً، ولكن لا أري أنها تستحق التهويل الذي هولتم به.. وإن كانت غير عادية، فإن عندكم الكثير من أمثالها وأغرب منها!

وأما ما ذكرت من إنكاري لفضل الصحابة، فهل أبقت آية الانقلاب وأحاديث الصحابة المرتدين المطرودين عن الحوض، عذراً لمسلم أن يقتدي بهم؟!!

وهل أبقت وصية النبي بالثقلين وإطاعتهما، وخطبة الغدير وبيعته، عذراً لمسلم أن يتخلف عن علي؟!!

وهل أبقت مواجهتهم للنبي: إنا لا نريد وصيتك ولا كتابتك ولا سنتك، وحسبنا كتاب الله!!! مجالاً لمسلم لكي يدافع عنهم؟!!

يا محب السنة، أنتم كفّرتم البغدادي والقذافي لأنهما قالا بعد أربعة عشر قرناً

ص: 70

، رُبع ما قاله الصحابة وواجهوا به نبيهم، ومنعوه من تأمين الأمة من الضلال الي يوم القيامة!!

يا محب السنة، وحقّك إن بطون قريش ائتمرت بينها، وتملّص رؤساؤها من بعث أسامة، ورفضوا السنة جهاراً نهاراً، وواجهوا بذلك نبيهم!!!

وأما تفريقك في موضوعنا بين الثواب والأفضلية فإن التحقيق أنهما متلازمان، وأن الأفضل من الأنبياء وغيرهم هو الأكثر ثواباً عند ربه.

وإذا قبلت أن علياً مع النبي في ثوابه وملحق بدرجته، فقد قبلت أفضليته علي عيسي عليه السلام وغيره.

وأما تعبير الشيخ الذي ذكرته بأن عيسي يفتخر أن يكون عبداً لعلي، فلا أوافق عليه لخشونته، ولكن درجة علي والمعصومين من أهل البيت النبوي يوم القيامة هي من درجة النبي صلي الله عليه وآله.

وأما كلامك في عدم جواز التفضيل بين الأنبياء أو تفضيل أحد عليهم، فهو بحث مفصل، والصحيح أن ذلك يتبع الدليل، وأن الأحاديث تدل علي درجات كثيرة للأنبياء والأولياء.. وقد فتح الأخ ذو الفقار معك هذا الموضوع.

وختاماً، فإني أسجل إعجابي بقولك: (فأنا ولله الحمد ليست الغاية عندي من النقاش حب الغلبة وإحراج المخالف، ولكنني أدعو إلي ما أعتقد أنه الحق، ولدي الاستعداد للتنازل عن قولي إذا ظهر لي أن قول المخالف هو الحق، لأن الأمر عندي ليست حلبة مصارعة، بل دين أدين الله تعالي به وقائدي ورائدي فيما أقول وأكتب وأعتقد كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، ولا أتعصب لقول أحد من الناس خالف قوُله كلام الله وكلام رسوله ابتداء من أبي بكر الصديق إلي آخر واحد من علماء الأمة. فهذا ما هداني له عقلي الذي تهزأ

ص: 71

به والفضل كله لله سبحانه وتعالي). انتهي كلامك.

وهو كلام منطقي عقلاني، معاذ الله أن أهزأ به.. وشكراً.

وكتب (عبد العزيز)، الواحدة والنصف صباحاً:

الي محب أهل السنة. أنت قلت: (أما من يحتج بحديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فهو لم يتمعن ولو قليلاً في اللفظ فهما سيدا الشباب فقط).

أريد أن أقول أن أهل الجنة كلهم من الشباب. وكثيرة هي الروايات التي تخبر بأن أهل الجنة أعمارهم ثابتة علي 33 سنة، وأنهم شباب لا يحشرون طاعنين ولا شيوخ (كذا) بل يحشرون بأحسن صورة. فراجع أنت أخبار أهل الجنة.

وبذلك يكون الحسن والحسين سيدا (كذا) كل من في الجنة.

وكتب (كميل)، الواحدة والدقيقة الثاثية والثلاثين صباحاً:

من الأدلة علي تفضيل أمير المؤمنين علي عليه السلام علي المسيح عليه السلام: الآية الشريفة: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندعوا أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله الكاذبين).

وعلي عليه السلام هو المعني بِ: أنفسنا في الآية الكريمة والمراد منها المماثلة.

وفي خبر الطائر المشوي: (ائتني بأحب خلقك إليك) فلم يستثنِ منهم الأنبياء عليهم السلام.

وأخرج البيهقي عن رسول الله (صلی الله علیه و آله) أنه قال: (من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه وإلي نوح في تقواه وإلي إبراهيم في حلمه وإلي موسي في هيبته وإلي عيسي في عبادته فلينظر إلي علي بن أبي طالب). فقد اجتمع فيه ما تفرق فيهم،

ص: 72

فهو أفضل من كل واحد منهم. والحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين.

وكتب (مدقق)، في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 1-12-1999، الرابعة صباحاً موضوعاً بعنوان (النبي عيسي عليه السلام يتشرف أن يكون عبد للإمام علي عليه السلام)، قال فيه:

حان الوقت للإجابة علي الأسئلة التي تطرحها الوهابية حول تلك التسجيلات المرئية، والتي يقولون إن فيها كفراً ومغالاة في الأئمة عليهم السلام، وأنا سأجيب علي النقاط واحدة تلو الأخري، شيئاً فشيئاً حتي تكتمل الردود، وعلي الشيعة الأفاضل أخذ هذه الردود ونشرها في كل مكان، حتي لا تبقي تلك الشبهات عثرة في طريقكم.

النقطة الثالثة: (النبي عيسي عليه السلام يتشرف أن يكون عبد للإمام علي عليه السلام. كعادة الوهابية أخذوا الأمور بمقاييسهم، وأخذوا المسطرة الوهابية وقاسوا قول النبي: (عيسي يتشرف أن يكون عبداً للإمام) وقالوا: إن هذا الكلام باطل، فربما وضّحوا كيف أن القول هذا باطل، ولكن الحمد لله أنهم حينما سمعوا هذه الكلمة لم يقولوا (عبداً) بمعني أنه يعبد الإمام علي (علیه السلام)، وإنما عني بها القائل أنه خادماً (كذا) للإمام علي (علیه السلام)، وقد وضعوا كلمة (خادم) بين قوسين. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل أيجوز أن يكون النبي عيسي متشرفاً في خدمة الإمام علي (علیه السلام)، أم لا؟

وإذا قال أحدهم كلمة معينة، فهل سألوا بموضوعية عن الجواب؟ بالطبع لا، فهم مباشرة يدعون عدم صحة الكلام من غير تدبر، ولا تعقل، ولا سؤال ولا تمحيص لذلك سنخطو خطوة بخطوة حتي نصل إلي النتيجة المطلوبة، وسنري

ص: 73

إن كان هذا الكلام باطلاً أم حقاً.

أولاً: هل يجوز أن يكون النبي خادماً لنبي آخر؟

لو قرأنا القرآن لوجدنا أن هناك دليل علي أن الأنبياء كانوا يتشرفون في خدمة بعضهم البعض، وإليك هذه الآيات: وَإِذْ قَالَ مُوسَي لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتي أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا... فَلَما جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا) (الكهف60 - 62). ولو سألنا من هذا الذي يسميه القرآن فتيً، لعرفنا أنه يوشع بن نون والذي هو نبي.

(راجع تفسير الطبري، والجلالين، والقرطبي، ابن كثير، وهكذا في التفاسير الشيعية.. فقد قال الجلالين في تفسيره: (يوشع بن نون كان يتبعه ويخدمه ويأخذ عنه العلم.) إذن عملية خدمة الأنبياء لبعضها البعض وارد في القرآن، وليس بغريب، وإذا نظرت إلي الآية التي تأتي بعدها بقليل تري كيف كان نوع هذه الخدمة: َلَما جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا الكهف - 62، والخدمة هنا وتفاوت المقام واضح ولاغبار عليه.

وكلمة (الفتي) تعني: حديث السن، أو تطلق علي الذي يتبع ويخدم، ولذا يسمي العبد بالفتي لخدمته مولاه، كما جاء في تفسير الجديد (الشيعي)، وكما يقول القرطبي (سني) في تفسيره لكلمة: فتي أنها إما تعني: الشاب. أو تعني: الخادم، والعربي يتجه في رأيه إلي أن معني كلمة (الفتي) هي (الخادم)، استدلالاً بآيات أخري من القرآن، وسواء كان (الفتي) يعني العبودية الحقيقة بمعني الرق، أو الخدمة تحقق في المعنيين خدمة الأنبياء لبعضهم البعض. إذن لا بأس من أن يكون نبياً خادم (كذا) لنبي آخر بلا جدال، والآية تبين ذلك، ويكفي الاستدلال في هذا الموضوع بآية واحدة، وإن كانت هناك آيات أخري

ص: 74

تبين أن خدمة الأنبياء لبعضهم البعض متحققة.

ثانياً: هل يجوز أن يكون النبي خادماً لغير نبي؟

نحن نعرف تماماً أن الإمام علي (علیه السلام) ليس بنبي، وإنما كان خاتم الأنبياء سيد المرسلين محمد (صلی الله علیه و آله) (ولاحظ كلمة (سيد المرسلين)، وهذه كلمة دائماً تقال، ولكن ربما لا ينتبه لها أحد)، فنسأل هل من الممكن أن يكون الإمام علي (علیه السلام) في مرتبة تجعل النبي عيسي (علیه السلام) يتشرف أن يكون خادماً له، أم لا؟

نسأل السؤال الأول، هل هناك من هو أقل منزلة من الإمام علي الذي يكون فيه النبي عيسي منقاداً لأمره؟. نعم، فالروايات الواردة حول الإمام المهدي تدل علي ذلك. ففي ينابيع المودة يقول في قوله تعالي: إن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً. إن عيسي ينزل قبل يوم القيامة إلي الدنيا فلا يبقي أهل ملة يهودي ولا غيره إلا آمنوا به قبل موتهم، ويصلي عيسي خلف الإمام المهدي.

وفي تذكرة الخواص لسبط الجوزي (الحنفي) قال السدي: يجتمع المهدي وعيسي بن مريم فيجيء وقت الصلاة فيقول المهدي لعيسي: تقدم، فيقول: أنت أولي بالصلاة، فيصلي عيسي وراءه بالصلاة مأموماً.

وفي كنز العمال عن الرسول (صلی الله علیه و آله): (منّا الذي يصلي عيسي ابن مريم خلفه).

إذا كان النبي عيسي لا يسمح لنفسه أخذ القيادة في الصلاة، ويعتبر نفسه أقل منزلة من الإمام المهدي، فكيف هو مع الإمام علي عليه السلام الذي هو أعلي منزلة من الإمام المهدي؟ ألا يكون النبي عيسي تشرف بخدمة الإمام علي عليه السلام؟

ثم إذا ما قرأت الأحاديث لرأيت أن الأنبياء كانوا يتوسلون بأهل البيت الذين من ضمنهم الإمام علي عليه السلام، أليس هذا يدل علي عظم مقام أهل البيت الذين

ص: 75

لولاهم لما نجحت طلباتهم من الله تعالي؟

مثال علي تلك الأحاديث: هو توسل النبي آدم عليه السلام لطلب المغفرة من الله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام: أخرج ابن النجار عن ابن عباس قال: (سألت رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه، قال: سأل بحق محمد، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين، إلا تُبتَ علي، فتاب عليه). كنز العمال.

وإذا كان الإمام علي عليه السلام بمنزلة هارون من موسي، إلا أنه ليس بنبي، أليس الذي يكون بمنزلة هارون من موسي بالنسبة لسيد الأنبياء محمد صلي الله عليه وآله يتشرف أن يكون له المسيح خادماً؟

المشكلة أن الناس قللوا من قدر الإمام علي (علیه السلام) إلي درجة أنهم لا يعرفون قيمته، فعندئذ أصبح من هو صحابي عادي أعلي منه منزلةً. ونطلب من غيرنا الإتيان بالأدلة علي عكس ذلك. فليتفضلوا.

وكتب (مالك الأشتر)، السابعة صباحاً:

أولاً، أحسنت أخي مدقق وجزاك الله خير الجزاء، وحشرك مع نبينا وآله الأوفياء عليهم السلام. وأزيدك أخي: أن الرسول الأعظم قال: (علماء أمتي كأنبياء بني أسرائيل). فكيف بسيد العلماء بعد رسول الله صلي الله عليه وآله، ألا وهو أمير المؤمنين علي عليه السلام، والله يقول: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون. إذن العلم أساس التفضيل، وبما أن الرسول هو أعلم الخلائق وأمير المؤمنين ورارث علم الرسول (صلی الله علیه و آله)، فيكون أمير المؤمنين أفضل الخلائق بعد رسول الله. ونلاحظ أن القرآن الكريم جعل في آية المباهلة الرسول وعلي عليهما وآلهما السلام نفس واحدة بقول: وأنفسنا.

ص: 76

وكتب (بالدليل) التاسعة صباحاً:

الأخوين العزيزين مدقق ومالك الأشتر، السلام عليكم. إضافةً للموضوع:

المعلوم أن وصيّ النبي سليمان (علیه السلام) استطاع أن يأتي بعرش بلقيس من اليمن إلي فلسطين بلمح البصر، والقرآن الكريم يقول عنه: الذي عنده علم من الكتاب (جزء منه). فكيف بمن عنده علم الكتاب (كله) وهو أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام. ففي القرآن الكريم: قل كفي بالله شهيد بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب. نسألكم الدعاء.

وكتب (عبدالله)، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

قال تعالي: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون). أجمعوا علي نزولها في علي عليه السلام لماتصدق بخاتمه علي المسكين في الصلاة بمحضر من الصحابة.

علي عليه السلام الثالث بعد الله ورسوله صلي الله عليه وآله.

وقال تعالي: (فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين) أجمع المفسرون أن أبناءنا: إشارة الي الحسن والحسين، ونساءنا: إشارة الي فاطمة، وأنفسنا: إشارة الي علي عليه السلام. فكون علي بن أبي طالب عليه السلام نفس النبي صلي الله عليه وآله. والنبي صلي الله عليه وآله أفضل الخلق، فعلي أفضل الخلق بعد النبي صلي الله عليه وآله.

وقال صلي الله عليه وآله: مكتوب علي باب الجنة لاإله الا الله، محمد رسول الله، علي أخو رسول الله. وقال صلي الله عليه وآله: مكتوب علي ساق العرش لاإله الا الله، محمد رسول الله، أيدته بعلي ونصرته بعلي. أخرجه الطبراني في الكبير، وأنظر الجزء السادس من الكنز. فلماذا لم يكتب علي باب الجنة إسم أحد من الأنبياء بدل

ص: 77

إسم علي. وقد جمع علي عليه السلام أفضل صفات الأنبياء.

قال صلي الله عليه وآله: من أراد أن ينظر الي نوح في عزمه، والي آدم في علمه، والي ابراهيم في حلمه، والي موسي في فطنته، والي عيسي في زهده، فلينظر الي علي بن أبي طالب. أخرجه البيهقي في صحيحه، والامام أحمد بن حنبل في مسنده.

فهل النبي صلي الله عليه وآله يغلو في علي بن أبي طالب عليه السلام؟

وكتب (مدقق)، الثانية ظهراً:

للذين لم يقرأوا بعد!

وكتب (الفاروق)، الثامنة مساءً:

مازلت تخلط الحق بالباطل حتي تواري عوار عقيدتكم؟؟؟

لا بأس أكمل الردود. فوالله أنت أشجع رافضي رأيته في حياتي.

فكتب (مدقق)، التاسعة مساءً:

لا والله، كل الروافض شجعان. وأما ردودي فهي واضحة مثل الشمس، ولكنها تحتاج إلي قلب سليم، ليس فيه حقد.

وكتب (مالك الأشتر)، العاشرة مساءً:

قال رسول الله صلي الله عليه وآله: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما). وهذا الحديث كافي (كذا) في بيان أفضلية هؤلاء السادة عليهم السلام علي جميع المخلوقات بعد النبي الأعظم صلي الله عليه آله.

يقول: (سيّدا)، ومقابل السيد هو العبد (الخادم) فمن لا يتشرف أن يخدم سيده؟؟؟

ص: 78

وكتب (محب السنة)، العاشرة والنصف مساءً:

إلي الزميل مدقق وسائر الزملاء:

هذه ليست مشكلة الوهابية فقط، بل مشكلة جميع المسلمين وكل من له عقل سليم، فهو لا يمكن أن يقبل هذا الهراء!

كيف يقبل العقل أن يكون رجل من المسلمين مهما كانت درجته في الفضل، أعظم من واحد من أولي العزم من الرسل؟!

إن هذا الإفتراء لا يعدو كونه استخفافاً بالرسالة وبرسل الله تعالي الذين أعلي الله شأنهم واصطفاهم علي سائر الناس. قال تعالي (الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس).

وأجاب (عبد الله) بتاريخ 2-12-1999، الواحدة والربع صباحاً:

يا أخي، لماذا قلت هراء؟

هل قول رسول الله صلي الله عليه وآله، هو الهراء؟.

أم قول الله تعالي عزوجل هو الهراء. مجرد قولك: هراء، ليس بدليل، لكن كان من المفروض عليك أذا أردت أن تنقض كلام الأخوة السابق أن تبين موطن الخلل في كلامهم. مثلاً: أن تقول الأحاديث التي جئتم بها ليست صحيحة، الآيات التي استدللتم بها لم تنزل في علي. لامجرد صفّ كلمات من قبيل: هراء، استخفاف. أما قولك (كيف يقبل العقل) أتقصد أنه يوجد مانع عقلي، ماهو هذا المانع العقلي؟!

فردّ (محب السنة)، الثامنة مساءً:

هل جئتم بأحاديث أو آيات تدل علي أن علياً أفضل من المسيح؟.

ص: 79

بل العكس هو الصحيح، فالقرآن والسنة تظافرا علي ذكر المسيح باسمه صراحة، وبيان فضله وأنه من أولي العزم من الرسل، فالعقل والشرع دالاّن علي أنه لا يصح المفاضلة بينه وبين أحد من الناس، حتي وإن كان من الصحابة رضي الله عنهم.

وكتب (فرزدق) بتاريخ 3-12-1999، السابعة صباحاً:

كنت قد كتبت هذا الموضوع فيما مضي وأعيده هنا لارتباطه بالموضوع، وإن كان بعض الأخوة الأعزاء قد ذكروا بعض هذه الأحاديث، ولكن في الاعادة إفادة إن شاء الله.. وأيضاً لكي يلتفت الأخ محب السنة الي أن محبة السنة هي في الحقيقة محبة أحاديث النبي المصطفي بالدرجة الأولي، لأنها هي السنة الحقيقية، إلا إذا كان يريد بالسنة غير ذلك!! فهو أمر آخر!!!

هنالك أحاديث كثيرة رواها علماء أهل السنة تدل علي أفضلية الامام علي (علیه السلام) علي جميع البشر عدا رسول الله (صلی الله علیه و آله) واليك باقة من هذه الأحاديث الشريفة:

أولاً: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (عليٌ خير البشر، من شك فيه فقد كفر).

وتجد هذا الحديث في:

1- كنز العمال ج 6 ص 159.

2- تاريخ بغداد ج 5 ص 37.

3- كنوز الحقائق المطبوع بهامش الجامع الصغير ج 2 ص 16.

4- مناقب الخوارزمي ص 235.

وقد ورد هذا الحديث بصيغه أخري وهي (عليٌ خير البشر، فمن أبي فقد كفر). وتجد هذا الحديث في:

ص: 80

1 - ميزان الاعتدال للذهبي ج2 ص271.

2 - تأريخ دمشق لابن عساكر، ترجمة الامام علي ج2 ص444 وص446 حديث 958.

3 - كنوز الحقائق ص 98، طبع بولاق.

4 - منتخب كنز العمال المطبوع بهامش المسند ج 5 ص 35.

5 - تأريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 3 ص 154 وج 7 ص 421.

6 - كفاية الطالب للحاكم الكنجي ص 245.

7 - فرائد السمطين ج1 ص 154.

وأيضاً قال (صلی الله علیه و آله): (من لم يقل: عليٌ خير الناس فقد كفر).

وتجد هذا الحديث في:

1 - تهذيب التهذيب لابن حجر ج9 ص 419.

2 - تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج 2 حديث 954.

3 - كنز العمال ج6 ص159.

4 - تأريخ بغداد ج3 ص192.

5 - منتخب كنز العمال المطبوع بهامش المسند ج 5 ص 35.

6 - فرائد السمطين ج 1 ص 145 حديث 116.

7 - كفاية الطالب للحاكم ص245.

وجاء في لسان الميزان ج 1 ص 175 حديث 562 عن النبي (صلی الله علیه و آله) أنه قال: (عليٌ خير البرية) وفي أنساب الأشراف للبلاذري ج 2 ص 103، حديث 36: أنه سُئِل جابر (رضی الله عنه) عن علي (علیه السلام)، فقال: ذلك خير البشر. وفي تاريخ دمشق ج 2 ص 444، حديث 965. وكذلك كفاية الطالب ص 246: أن عائشة قالت لعطا، وقد سألها عن علي: ذاك خير البشر، لا يشك فيه إلا كافر.

ثانياً: حديث الطائر المشوي الذي أتي به جبرئيل (علیه السلام) للنبي قال (صلی الله علیه و آله): (اللهم ائتني بأحب الخلق إليك، يأكل معي هذا الطائر) فجاء عليٌ وأكل معه..

وتجد هذا الحديث في:

ص: 81

1 - صحيح الترمذي ج 5 ص 636 حديث 3721.

2 - أسد الغابة ج 4 ص 30.

3 - البداية والنهاية ج 7 ص 351.

4 - مستدرك الحاكم ج 3 ص 130. وقد صححه. وقال: رواه أنس عن أكثر من ثلاثين شخصاً.

5 - فضائل الصحابة لابن حنبل ج 2 ص 560 حديث 945. 6

6 - جامع الأصول ج 9 ص 471.

7 - مصابيح السنة ج 4 ص 173.

8 - أنساب الأشراف ج 2 ص 143 حديث 141.

9 - المناقب لابن المغازلي ص 156 حديث 189.

10 - أسني المطالب للكنجي الشافعي ص 35 حديث 25.

11 - تأريخ دمشق ج 2 ص 120 حديث 625.

12 - الخصائص للنسائي ص 5. وذكر ابن المغازلي في مناقبه ص168، صيغة أخري للحديث وهي: (اللهم ائتني بأحب الخلق إليك من الأولين والآخرين..).

ثالثاً: حديث النور، قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (كنت أنا وعلي بن أبي طالب نوراً بين يدي الله قبل أن يُخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلما خلق الله آدم قسم ذلك النور جزئين فجزء أنا وجزء علي). تجد هذا الحديث في:

1 - لسان الميزان لابن حجر ج 2 ص 229.

2 - ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 507.

3 - فردوس الأخبار للديلمي في حرف الكاف (كنت أنا …) وحرف الخاء (خلقت …).

4 - مختصر الفردوس للعسقلاني، في حرفي الكاف والخاء أيضاً.

5 - الرياض النضرة للمحب الطبري ج 2 ص 164 وص 217.

6 - تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص 52 رواه عن ابن حنبل.

ص: 82

7 - كفاية الطالب للحاكم الكنجي ص 314، رواه عن الخطيب البغدادي.

8 - المناقب لابن المغازلي ص 87.

9 - الخوارزمي في المناقب ص 88، رواه عن ابن مردويه.

10 - منتخب كنز العمال بهامش المسند ج 5 ص 32،روي روايات بمعناه.

رابعاً: حديث الأشباه، قال النبي (صلی الله علیه و آله): (من أراد ان ينظر الي آدم في علمه والي نوح في تقواه والي ابراهيم في حلمه والي موسي في هيبته والي عيسي في عبادته فلينظر الي علي ابن أبي طالب). تجد هذا الحديث في:

1 - كنز العمال للمتقي ج 1 ص 226.

2 - شرح المقاصد ج 2 ص 299.

3 - الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 21 وص 107.

4 - الرياض النضرة للمحب الطبري ج 2 ص 218 وص 290.

5 - معجم الأدباء لعبد الرزاق في ترجمته للامام علي (علیه السلام).

6 - فردوس الأخبار للديلمي حرف الميم (من أراد أن ينظر...).

7 - تفسير الفخر الرازي ج 2 ص 700. وفي طبعة أخري ج 8 ص 81 في ذيل آية المباهلة، رواه بلفظ آخر بمعناه.

8 - تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج 2 ص 280 حديث 804. رواه بلفظ آخر بمعناه.

9 - مناقب الخوارزمي ص 220.

10 - وقد أيد مضمون هذا الحديث العارف ابن العربي، كما نقله عنه الشعراني في اليواقيت والجواهر ص 72 المبحث 32.

خامساً: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة).

وإذا علمنا أن أهل الجنة كلهم شباب كما قال النبي: لا تدخل الجنة عجوز وكما في تفسير: (أتراب) من قوله (كواعبَ أترابا)، علمنا أنهما خير الناس.

تجد هذا الحديث في:

ص: 83

1 - صحيح الترمذي ج 2 ص 306.

2 - كنز العمال للمتقي ج 6 ص 220.

3 - أسد الغابة ج 5 ص 574.

4 - تهذيب التهذيب ج 3 ص 358.

ولعلك تقول: وأين أبوهما علي؟

فأقول: لقد روي ابن ماجة في سننه ج 1 ص 56، وابن الأثير في البداية والنهاية ج 8 ص 35 هذا الحديث هكذا: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما.

سادساً: لقد جعلت الأحاديث الشريفة علياً نفس النبي. وإذا كان النبي خير الناس فعلي كذلك. قال النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله): (والذي نفسي بيده لتقيمُن الصلاة ولتؤتن الزكاة أو لأبعثن إليكم رجلاً مني أو كنفسي... فأخذ بيد علي فقال: هو هذا). تجد هذا الحديث في:

1 - المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج 2 ص 120.

2 - مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 163 وص 134.

3 - الصواعق المحرقة لابن حجر ص 75 وفي طبعة أخري ص 124.

4 - كنز العمال للمتقي ج 15 ص 144 حديث 412.

5 - تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج2 ص368 حديث 867.

6 - ارجح المطالب لعبيدالله الحنفي ص 446. وروي قريب منه في:

7 - الخصائص للنسائي ص 89 وفي طبعة أخري ص 32.

8 - الاستيعاب لابن عبد البر ج 3 ص 46.

9 - تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص 4.

10 - المناقب للخوارزمي ص 81.

واعلم أن القرآن قد سمي علياً نفس النبي في آية المباهلة: (قل تعالوا ندع

ص: 84

أبنائنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم). حيث لم يدع معه إلا الحسن والحسين وهم: الأبناء في الآية. وفاطمة وهي: النساء في الآية، وعلياً وهو: الأنفس في الاية، وقال (صلی الله علیه و آله): اللهم هؤلاء أهل بيتي. أو اللهم هؤلاء أهلي).

ذكر ذلك المفسرون في ذيل آية المباهلة ويمكنك مراجعةالمصادر التالية:

1 - صحيح مسلم ج7 ص121 طبع مصر.

2 - صحيح الترمذي ج4 ص293 طبع المدينة.

3 - مسند أحمد بن حنبل ج1 ص 185، طبع الميمنية بمصر.

4 - مصابيح السنة ج 2 ص 204، طبع مصر.

5 - جامع الأصول لابن الاثير ج 9 ص 470. وغيرها كثير.

سابعاً: لما نزل قوله تعالي: (في بيوت أذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه) سئل النبي (صلی الله علیه و آله): أي البيوت هذه؟ قال: بيوت الأنبياء. فأشار أبو بكر الي بيت علي وفاطمة. وقال هذا منها؟ فقال (صلی الله علیه و آله): نعم، من أفاضلها.

ومن الواضح أن شرف البيت بشرف ساكنيه.

وأما مصادر هذا الحديث فراجع:

1 - تفسير روح المعاني للالوسي ج 18 ص174، طبع المنيرية بمصر.

2 - تفسير الدر المنثور للسيوطي ج 5 ص 50 طبع مصر، وفي طبعة أخري ج 6 ص 203.

3 - توضيح الدلائل ص 163.

4 - عوارف المعارف ص 261.

5 - أرجح المطالب ص 75 طبع لاهور.

ثامناً: لما نزل قوله تعالي (فتلقي آدم من ربه كلمات فتاب عليه). سئل النبي (صلی الله علیه و آله) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه، قال (صلی الله علیه و آله): (سأله بحق محمد

ص: 85

وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا ما تبت عَلي. فتاب عليه). تجد هذا الحديث في:

1 - تفسير الدر المنثور للسيوطي ج 1 ص 60 وص 147، طبع بيروت.

2 - دلائل النبوة للبيهقي ج 5 ص 89، طبع دار الفكر بيروت.

3 - فردوس الأخبار للديلمي ج 3 ص 151 حديث 4409، طبع بيروت.

4 - منتخب كنز العمال بهامش المسند ج 1 ص 419.

5 - السيرة الحلبيه ج 1 ص 219، طبع مصر.

6 - المناقب لابن المغازلي ص 63 حديث 89.

والسلام علي من اتبع الهدي...

فكتب (مدقق)، الثامنة صباحاً:

أحسنت والله يا فرزدق.

وأما بالنسبة لمحب السنة فأضف إلي ذلك: أنه ليس كل من ذكره القرآن دليل علي أفضليته، فالقرآن يذكر فرعون ولم يذكر الكثير من الأنبياء، وليس عدد مرات الذكر تدل علي أفضلية الشخص، فموسي ذكر في القرآن أكثر من النبي محمد (صلی الله علیه و آله) وليس ذلك دليل علي أفضلية موسي علي حبيبنا محمد (صلی الله علیه و آله). والآيات التي ذُكرت في الإمام علي (علیه السلام) فهي متروكة لتفسير رسول الله (صلی الله علیه و آله)، وهي أكثر مما ذكرت في المقال الأول، وهي أكثر مما تعلم (فربما تقرأ بعض كتبكم).

فردّ (محب السنة)، الحادية عشرة ليلاً:

أما الأحاديث من الأول إلي الرابع والثامن كذلك، فلم تخرج من مشكاة النبوة وتحيط بها ظلمات الوضع والكذب، وهل يقبل عقل صحة هذا النص مثلاً

ص: 86

: عليٌ خير البشر من شك فيه فقد كفر. الشك في ذات الله تعالي أو صدق رسالة النبي صلي الله عليه وسلم يؤدي بصاحبه إلي الكفر، أما مجرد الشك بأفضلية علي علي البشر هل يعقل أن يكون هذا من كلام النبي صلي الله عليه وسلم. نحن لا نقبل الكلام علي عواهنه بل ننظر في صحة السند والمتن، ولنا عقول نميز بها بين الحق والباطل.

أما البقية ففيها ما هو صحيح، لكنه لا يؤيدكم فيما تريدون، ولو أننا اتبعنا طريقتكم في فهم النصوص الشرعية، لقلنا في أبي بكر وعمر وغيرهما من الصحابة رضي الله عنهم مثل قولكم أو أشد.

أما ما قول مدقق: أنه ليس كل من ذكره القرآن دليل علي أفضليته، فالقرآن يذكر فرعون ولم يذكر الكثير من الأنبياء، وليس عدد مرات الذكر تدل علي أفضلية الشخص، فموسي ذكر في القرآن أكثر من النبي محمد (صلی الله علیه و آله) وليس ذلك دليل علي أفضلية موسي علي حبيبنا محمد (صلی الله علیه و آله).

فنقول: هل ذكر عيسي أو موسي أو غيرهما من الأنبياء في القرآن مثل ذكر فرعون؟ هؤلاء الرسل الكرام ذكروا في معرض الثناء عليهم وبيان فضلهم وصبرهم في الدعوة إلي الله تعالي وحث لمن بعدهم للاقتداء بهم حتي النبي أمر بالاقتداء بهم، فبعد أن ذكرهم الله تعالي، قال لنبيه صلي الله عليه السلام (أولئك الذين هدي فبهداهم اقتده). الأنعام. أما فرعون وأضرابه من الطغاة فذكروا لبيان جرمهم وكفرهم وتحذير للناس من التشبه بهم.

وكتب (عمر) بتاريخ 4-12-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أقسم بالله العظيم بأنكم أشد كفراً من كفار قريش!

ما تقولونه شرك في شرك، والله لا يغفر الشرك، ومصيركم الي النار وبئس

ص: 87

المصير هذا إذا لم تتوبوا. أين عقولكم يا أصحاب الشيطان؟

صدق بكم قول الله سورة إبراهيم - آية 22: وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما أشركتمون من قبل إن الظالمين لهم عذاب أليم.

هل تعرفون بأنكم أشد كفراً من النصاري؟! والسبب بأن لديهم كتاب محرف وأنتم لديكم كتاب محفوظ من الله. الحج - آية 3: ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد. المجادلة - آية 19: استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون..

أين ما يدعيه الشيعة من هذه الفضائل وهي موجودة بالقرآن، وفي النهاية عيسي بشر وأكرمه الله بالنبوة، كما قال الحق ….. انتهي.

(ثم ساق عمر الآيات في مدح عيسي علي نبينا وآله وعليه السلام).

فكتب (مدقق)، الخامسة صباحاً:

أما استدلالك بالآية التي تتحدث عن تكلم النبي عيسي (علیه السلام) في المهد.

فلم يكن رسول الله (صلی الله علیه و آله) كذلك، فهل النبي عيسي (علیه السلام) أعلي منزلة من الرسول (صلی الله علیه و آله) لذلك؟. ولم يحي الرسول الموتي، ولم يولد من أم فقط، فدليل عائد عليك. وأما تكفيرك لنا فهذه عادتكم، ونحن مسلمون رغم أنفك.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 6-12-1999، الثانية عشرة ظهراً:

إلي الأخوة من أهل السنة:

أري أن النقاش حول هذا الموضوع لن يأتي بنتيجة، فمن الصعوبة بمكان أن تقنع من ينكر البديهيات التي يثبتها سائر العقلاء فضلاً عن الأذكياء.

ص: 88

كيف تثبت لمن ينكر ضوء الشمس في رابعة النهار أن الشمس طالعة؟!

لو كانت المفاضلة بين نبي ونبي لكان هذا ممكناً، لكن أن يكون التفضيل لواحد من البشر علي أحد أولي العزم من الرسل، فهذا مالا يستسيغه العقل السليم!

وليتهم جاؤوا بأدلة من الكتاب والسنة، ولكنهم يعتمدون علي ظنون وشبهات زعموها أدلة هي أوهي من خيوط العنكبوت. وكلما جئتهم بدليل تظن أنه سيردعهم عن الاستمرار فيما هم فيه، مازادوك إلا تمسكاً بهواهم! فالنقاش إذاً لم تكن له ثمرة. فالأولي تركه والله المستعان.

وكتب (مالك الأشتر)، الواحدة ظهراً:

أنظروا الي هذا المدعو محب السنة يقول: كيف تثبت لمن ينكر ضوء الشمس في رابعة النهار... يقول: ليتهم جاءوا بأدلة من الكتاب والسنة؟

كل هذه الأدلة وكل هذه الروايات الواردة عن النبي الأقدس صلي الله عليه وآله يقول عنها محب السنة: ظنون وشبهات زعموها. والأخ فرزدق أتاه بروايات من كتب السنة، وانظروا كيف يرد!! علي كل حال، سنحتمل أنه لم يقرأها، وها نحن نعيدها عليه مرة ثانية... انتهي. (وأعاد نشر ماكتبه الأخ الفرزدق)

وكتب (عمر)، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

سورة النساء - آية 69: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

لا شك بأن الشيعة ابتعدت عن هؤلاء الذين وصفهم الله في آياته. أما الشيعة فقد بين لنا القرآن حكمهم حين قال الحق: سورة يونس - 18:

ص: 89

ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالي عما يشركون... يا شيعة العالم استيقظوا.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 8-12-1999، العاشرة والثلث ليلاً:

يامالك الأشتر: ليس كل مارواه أهل السنة يعتبر حجة عليهم. وليس كل ما رواه سني يعتبر صحيحاً، فسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم أجل وأعظم من أن يجامل فيها أحد. وأهل الجرح والتعديل أحياناً بعضهم يجرح أباه أو أخاه ويرد روايته، إن كان فيه ما يدعو إلي رد روايته، فلابد من صحة الدليل ثم صحة الاستدلال وبعد ذلك نقول علي الرأس والعين.

فأجاب (علي بن يقطين) بتاريخ 9-12-1999، الحادية عشرة صباحاً:

الأخ الزميل محب السنة... أنت تقول.. في مقالتك (وأهل الجرح والتعديل أحياناً بعضهم يجرح أباه أو أخاه ويرد روايته إن كان فيه ما يدعو إلي رد روايته)

وأنا أقول: هلاّ أبنت لنا من هم أهل الجرح والتعديل المعتمدين عندكم بالأسماء وغير المعتمدين عندكم بالمصادر والأسماء.. حتي نقف علي الحقيقة.

وكتب (حقيقة التشيع) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 5-4-2000، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (كيف يكون علي بن أبي طالب أفضل من جميع الأنبياء)، قال فيه:

أرجوا ممن لديه علم شرح ذلك، لأنه مشكل علينا.

فكتب (العاملي) بتاريخ 6-4-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

لأنه في الدنيا والآخرة أخ لأفضل الأنبياء صلي الله عليه وآله، ويسكن معه في جنة

ص: 90

الفردوس في درجة الوسيلة.. وعلي ذلك نصت الأحاديث الصحيحة عندنا وعندكم.

فإن كنت معترضاً علي أحد، فاعترض علي الله تعالي لماذا جعل علياً مع النبي!

وإن كنت معترضاً علي ذلك، فاترك الصلاة علي علي عليه السلام في صلاتك، ولا تقرنه بنبيك!!

وإن كنت معترضاً علي ذلك فقل في صلاتك: اللهم صل علي محمد وعلي أصحابه! (حذف مراقب هجر كلمة (أصحابه)).

وإن لم تستطع ذلك، ولم تكن راضياً بهذه الدرجة لعلي، ففكر في الانتحار!!

وكتب (حقيقة التشيع)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

المعذرة يا أخي العاملي. ما ذكرتَه لا يجعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه أفضل من الأنبياء بمجرد الصلاة عليه، ثم إن الصلاة، لم تختص بعلي فقط بل تشمل آل البيت جميعهم.

أما الوسيلة فهي درجة لا تنبغي إلا لواحد فقط هو النبي صلي الله عليه وسلم، بنص الأحاديث الصحيحة. أعتقد أن هذا القول مخالف للمعتقد الصحيح، وهذا ما عليه أكثر المسلمين، لكن لا داعي للإنتحار. نسأل الله تعالي أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

وكتب (علي العلوي)، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

شيخنا العاملي. أرجو التنبه إن الأخ الذي تحدثه ليس من شيعة أهل البيت فهو من الأخوة السنة، وهو يشكل إشكالات عند السنة علي الشيعة، فالحديث

ص: 91

لا بد أن يكون من المصادر التي يقر بها هو، أي مصادر أهل السنة.

وكتب (حقيقة التشيع)، الواحدة صباحاً:

الأخ علوي... الأخ العاملي يعرفني من زمان، ولعلك لاحظت ذلك من ردِّه.

فكتب (العاملي)، الواحدة والثلث صباحاً:

أشكر الأخ علوي، فالأخ صديق قديم منذ نحو سنة.. من أيام (أنا العربي) و(هجر).. وأهلاً بالأخ حقيقة...

تدل أحاديث كثيرة عندكم علي أن: علياً والأئمة من أهل بيت النبي هم معه صلي الله عليه وآله ملحقون بدرجته يوم القيامة.. وما دامت درجته أفضل من درجة الأنبياء، فهم معه في تلك الدرجة. بل نجد في مصادركم أن محبيهم في درجة النبي صلي الله عليه وآله، فكيف بمن أمر الله بحبهم!!!

- روي الترمذي في ج 4 ص 331: أن النبي صلي الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين وقال: من أحبني، وأحب هذين، وأباهما، وأمهما، كان معي في درجتي يوم القيامة. هذا حديث حسن. انتهي.

وقد وردت أحاديث كثيرة أن أهل بيته أول أمته وروداً عليه الي الحوض، وأن علياً حامل لواء الحمد الذي هو لواء رئاسة المحشر، وأنه ساقي النبي علي الحوض وذائد المنافقين عنه... الخ.

منها: ما رواه الامام أحمد في مناقب الصحابة 661: حدثنا محمد بن هشام بن البختري، ثنا الحسين بن عبيد الله العجلي، ثنا الفضيل بن الاستثناء، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): أعطيت في علي خمساً هن أحب إلي من الدنيا وما فيها!

ص: 92

أما واحدة: فهو تكأتي إلي بين يدي حتي يفرغ من الحساب.

وأما الثانية: فلواء الحمد بيده، آدم عليه السلام ومن ولد تحته.

وأما الثالثة: فواقف علي عقر حوضي يسقي من عرف من أمتي.

وأما الرابعة: فساتر عورتي ومسلمي إلي ربي.

وأما الخامسة: فلست أخشي عليه أن يرجع زانياً بعد إحصان أو كافراً بعد إيمان.

ورواه أبو نعيم في الحلية ج 10 ص 211، والطبري المؤرخ في الرياض النضرة 2 ص 203، ورواه في كنز العمال 6 ص 403.

وإليك هذان الحديثان في مقام فاطمة الزهراء عليها السلام وشفاعتها:

- روي مسلم في صحيحه: 2 / 4: عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلي الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلي علي صلاة صلي الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لاتنبغي الا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة! انتهي. ورواه أبو داود: 1/ 128، والترمذي: 5 / 247، والبيهقي في السنن: 1 / 409 وأحمد: 2 / 167 و168 وفي: 2 / 265 و365.

وليس معني أن درجة الوسيلة العظيمة تختص به صلي الله عليه وآله، أنه لا يكون معه فيها أحد!! بل يكون آله معه، ثم تتسع هذه الدرجة لمحبيهم أيضاً!! وقد ورد تفسير هذه الوسيلة ما رواه ابن مردويه كما في كنز العمال: 12/ 103 و13 / 639: عن النبي صلي الله عليه وآله قال: في الجنة درجة تدعي الوسيلة، فإذا سألتم الله فسلوا لي الوسيلة.قالوا: يارسول الله، من يسكن معك فيها؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين.

ص: 93

انتهي.

وانظر الي هذا الحديث العجيب في بيان مقام آل النبي صلي الله عليه وعليهم:

- في مناقب علي لمحمد بن سليمان: 2 / 589: حدثنا أبو أحمد قال: أخبرنا عبدالله بن عبد الصمد، عن عبد الله بن سوار، عن عباس بن خليفة، عن سليمان الأعمش قال: قال: بعث أبو جعفر أمير المؤمنين إليّ فأتاني رسوله في جوف الليل فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي، فقلت عسي أن يكون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة ليسألني عن فضائل علي فلعلي إن صدقته صلبني. قال: فكتبت وصيتي ولبست كفني ودخلت عليه، فإذا عنده عمرو بن عبيد فحمدت الله علي ذلك. فقال لي أبو جعفر: يا سليمان أدنُ مني، قال: فدنوت منه. فاشتم رائحة الحنوط.

فقال لي: والله يا سليمان لتصدقني أو لأصلبنك!

قال: قلت: حاجتك يا أمير المؤمنين.

قال: ما لي أراك محنطاً؟.

قال: قلت: أتاني رسولك أن أجب، فبقيت متفكراً فيما بيني وبين نفسي، فقلت عسي أن يكون بعث إلي أبو جعفر في هذه الساعة يسألني عن فضائل علي، فلعلي إن صدقته صلبني!!

قال: فاستوي جالساً وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فقال: يا سليمان أسألك بالله، كم من حديث ترويه في فضائل علي؟

قلت: ألفي حديث أو يزيد.

قال لي: والله لأحدثنك حديثين ينسيان كل حديث ترويه في فضل علي!

قال: قلت: حدثني.

ص: 94

قال: نعم، أيام كنت هارباً من بني مروان أدور البلاد وأتقرب إلي الناس بحب علي وفضله وكانوا يطعموني، حتي وردت بلاد الشام وأنا في كساء خَلِق ما علي غيره، قال: فنودي للصلاة وسمعت الاقامة، فدخلت المسجد وفي نفسي أن أكلم الناس ليطعموني، فلما سلّم الامام، إذا رجل عن يميني معه صبيان.

فقلت: من الصبيان من الشيخ؟.

قال: أنا جدهما وليس في هذه المدينة رجل يحب علياً غيري ولذلك سميت أحدهما حسناً والآخر حسيناً.

قال: فقمت إليه فقال: يا شيخ ما تشاء؟.

قال قلت: هل لك في حديث أقرُّ به عينك؟.

قال: إن أقررتَ عيني أقررتُ عينك.

قال قلت: حدثني أبي عن جدي قال: كنا مع رسول الله صلي الله عليه وآله ذات يوم، قعدوا إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي بكاء شديداً. فقال لها النبي صلي الله عليه وآله: ما يبكيك؟

قالت: يا أبتاه خرج الحسن والحسين ولا أدري أين أقاما البارحة؟.

فقال لها النبي صلي الله عليه وآله: يا فاطمة لا تبكي فو الله إن الذي خلقهما هو ألطف بهما منك، ثم رفع طرفه إلي السماء، ثم قال: اللهم إن كانا أخذا براً أو ركبا بحراً فاحفظهما وسلمهما. فإذا بجبرئيل قد هبط علي النبي صلي الله عليه وآله فقال: يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول: إنك لا تحزن لهما ولا تغتم لهما، فإنهما فاضلان في الدنيا فاضلان في الآخرة، وأبواهما خير منهما، وهما نائمان بحضيرة بني النجار، قد وكل الله بهما ملكاً يحفظهما. فقام رسول الله صلي الله عليه وآله فرحاً مع أصحابه حتي أتي حضيرة بني النجار، فإذا الحسن معانق الحسين، وإذا ذلك الملك الموكل

ص: 95

بهما باسط أحد جناحيه تحتهما والآخر قد جللهما به، فانكب عليهما النبي صلي الله عليه وآله فقبلهما، حتي انتبها من نومهما فحملهما النبي صلي الله عليه وآله، وهو يقول: والله لأبينن فيكما كما بيّن فيكما الله. فقال له أبو بكر: يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنك.

فقال النبي: يا أبا بكر نعم الحامل حاملهما ونعم المحمولان هما وأبوهما خير منهما. فقال عمر: يا رسول الله ناولني أحد الصبيين أخفف عنك، فقال: يا عمر نعم الحامل حاملهما، ونعم الراكبان هما، وأبوهما خير منهما.

فأتي بهما النبي صلي الله عليه وآله إلي المسجد فقال: يا بلال، هلمّ إلي الناس. فنادي منادي رسول الله في المدينة، فاجتمع الناس إلي رسول الله، فقام علي قدميه فقال: يا معشر الناس، ألا أدلكم علي خير الناس جداً وجدة؟.

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: الحسن والحسين جدهما رسول الله وجدتهما خديجة ابنة خويلد سيدة نساء أهل الجنة.

ثم قال: أيها الناس: ألا أدلكم علي خير الناس أباً وأماً؟.

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: عليكم بالحسن والحسين، أبوهما شاب يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله وأمهما فاطمة ابنة رسول الله.

يا معشر الناس: ألا أدلكم علي خير الناس عماً وعمة ً؟.

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: عليكم بالحسن والحسين عمهما جعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة، وعمتهما أم هانئ بنت أبي طالب.

ص: 96

ثم قال: يا معشر الناس: ألا أدلكم علي خير الناس خالاً وخالةً؟.

قالوا: بلي يا رسول الله.

قال: عليكم بالحسن والحسين فخالهما القاسم بن رسول الله، وخالتهما زينب ابنة رسول الله.

ثم قال: إن الحسن والحسين في الجنة وأباهما في الجنة وأمهما في الجنة وعمهما في الجنة وعمتهما في الجنة وخالهما في الجنة وخالتهما في الجنة. اللهم إنك تعلم أنه من يحبهما أنه معهما. اللهم إنك تعلم أنه من يبغضهما إنه في النار.

فلما قلت ذلك للشيخ، قال: من أنت يا فتي؟.

قلت: من أهل الكوفة. قال: عربي أم مولي؟.

قلت: عربي.

قال: أنت تحدث بهذا الحديث، وأنت في هذا الكساء؟!

قال: فكساني حلة وحملني علي بغلته.

قال: فبعتهما في ذلك الزمان بمائة دينار...

وقد رواه بعدة أسانيد ابن المغازلي الشافعي في الحديث (188) من كتابه مناقب علي عليه السلام ص 143. قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان بن الفرج بن الأزهر الصيرفي البغدادي رحمه الله قدم علينا واسطاً، حدثنا أبو بكر محمد بن الحسبن سليمان، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبدالله العكبري، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن عتاب العبدي، حدثنا عمر بن شبة بن عبيدة النميري قال: حدثني المدائني، قال: وجه المنصور إلي الأعمش يدعوه... قال: وحدثنا محمد بن الحسن حدثنا عبد الله بن محمد بن عبدالله العكبري، حدثنا عبدالله بن

ص: 97

عتاب بن محمد، حثنا الحسن بن عرفة، حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش قال: أرسل إلي المنصور...

وحدثنا محمد بن الحسن، حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله العكبري، حدثنا عبد الله بن عتاب بن محمد العبدي، حدثنا أحمد بن علي العمي، حدثنا إبراهيم بن الحكم قال: حدثني سليمان بن سالم قال: حدثني الأعمش قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور... انتهي.

- وفي مناقب الخوارزمي من حديث النبي لفاطمة: إن الله عز وجل اطلع إلي أهل الأرض فاختار من الخلائق أباك فبعثه نبياً، ثم اطلع إلي الأرض ثانية فاختار من الخلائق علياً فزوجك الله إياه واتخذته وصياً، فعلي مني وأنا منه، فعلي أشجع الناس قلباً وأعلم الناس علماً وأحلم الناس حلماً وأقدم الناس سلماً وأسمحهم كفاً وأحسنهم خلقاً.

يا فاطمة، إني آخذ لواء الحمد ومفاتيح الجنة بيدي، ثم أدفعها إلي عليّ فيكون آدم ومن ولده تحت لوائه.

يا فاطمة، إني مقيم غداً علياً علي حوضي يسقي من عرف من أمتي. والحسن والحسين ابناه سيدا شباب أهل الجنة من الأولين والآخرين، وقد سبق اسمهما في توراة موسي وكان اسمهما في التوراة شبراً وشبيراً، سماهما الله الحسن والحسين لكرامة محمد علي الله لكرامتهما عليه.

يا فاطمة، ألا ترين أني إذا دعيت إلي رب العالمين دعي علي معي، وإذا شفعني الله في المقام المحمود شفع علي معي.

يا فاطمة، إذا كان يوم القيامة كسي أبوك حلتين وعليّ حلتين وينادي المنادي في ذلك اليوم: يا محمد نعم الجد جدك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك

ص: 98

علي.

وقال في هامشه: 1100 - والحديث رواه الخوارزمي في أول الفصل (19) من كتابه مناقب علي عليه السلام بسند آخر عن الأعمش، وبزيادات في متن الحديث. انتهي.

فلا تبخل ياهذا بما أعطي الله آل نبيه وخصهم به، فإنه لم يعطهم من جيبك!

وكتب (الرباني) بتاريخ 7-4-2000، الثانية والنصف صباحاً:

لا حول ولا قوة إلا بالله!

فكتب (العاملي)، الحادية عشرة صباحاً:

الأخ الرباني... أنت من عقلاء القوم، فلماذا حولقت أمام أحاديث نبيك في مقام أهل بيته، صلوات الله عليه وعليهم؟

أرجو أن تحكم بيننا: عندما نقول إن آل ابراهيم عليهم السلام معه في الجنة، فهم في درجته فوق درجة غيره من الأنبياء.. يقبل قومك ذلك.

أما عندما نقول إن آل محمد صلي الله عليه وعليهم معه في الجنة، فهم في درجته فوق درجة غيره من الأنبياء.. يلوون رؤوسهم ويقولون: أنتم مغالون.. كلامكم مشكل علينا فاشرحوه لنا.. ويغضبون من كلامنا ويحولقون.. إنهم يريدون النبي وحده بدون آله!! يريدون أشخاصاً يحبونهم من أصحابه بدل آله!! يريدون تعديلاً في الاسلام يضع الصحابة بدل الآل!!

يريدون تبريراً لعزلهم آله واستبدالهم بأصحابه!!

هذا كل الموضوع.. ثم تراهم يقولون: نحن والله نحب أهل البيت!!

فهل إذا أردت أن أجردك من أوسمة خصك الله بها، وأعطيها الي غيرك، أو

ص: 99

أشرك فيها معك آخرين.. أكون محباً لك؟

وكتب (الرباني) بتاريخ 8-4-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

أخي الكريم، تأتي بأحاديث وتستنتج منها ما تشاء علي هواك.

1 - كيف يكون علي بن أبي طالب أفضل من كل الأنبياء ولم تستثني (كذا) منهم أحداً، ولا حتي الرسول الكريم.

2 - علي بن أبي طالب ليس برسول ولا نبي، وكل نصوص الكتاب تقول من الذين أنعم الله عليهم من النبيين أول ما يذكر الله يذكر النبيين، ثم يأتي بعد ذلك علي ذكر الصديقين والشهداء و...

فكيف سمحنا لأنفسنا بأن نجعل علياً كرم الله وجهه أفضل منهم.

3 - لا نفرق بين أحد من رسله. هذا ما وصانا به ربنا إذا كنا مطالبين بعدم التفريق بين الرسل بعضهم ببعض، فكيف نأتي لنفاضل عليهم أيا كان؟

4 - ومن قال أننا نريد أن نفضل الصحابة علي الأنبياء، أو أننا نريد أن نفضل أحداً منهم علي أحد! الأدب يقتضي منا أن لا نفعل هذا، فأين نحن منهم. أستطيع أن أضع تقييماً لأناس هم دون مستواي وأقول هذا أفضل من ذاك. أما من زكاهم رب العزة في كتابه. فاسمحو لي ليس من حقنا أن نفاضل بينهم وندخل في هذه المصيدة التي أوقعنا أنفسنا بها.

5 - أنا أتسائل مجدداً: ما هذه الأوسمه التي تتكلم عنها؟.

أين دليلها من كتاب الله ولا تأتيني بالعام من الآيات إذا سمحت لي.

أين هي الآيات المحكمة من فضلك.

6 - إذا أعطي الله امتيازاً لأحد وأعطي الله مثله لغيره، فما يضيره في هذا. ألا يجب أن يسر أن الله أنعم علي غيره بما أنعم عليه. وتستغربون علينا أن حوقلنا

ص: 100

بعد كل ذلك؟. هدانا الله وإياكم الي الحق وأعاننا علي اتباعه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب (عز الدين) في 9-4-2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

الله المستعان. ويقولون ليس عندنا غلو، علي رضي الله عنه الصحابي الجليل أفضل من الأنبياء!!

وكتب (جون)، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

إلي عز الدين:

1 - ما مفهوم الغلو لديك؟.

فربما نختلف في معني هذا المفهوم فتري أنت أمراً (ما) أنه من الغلو بينما لا يراه الطرف الآخر - حسب معني هذا المفهوم لديه - غلو.

2 - إن إنزال الناس حسب منازلهم التي أنزلهم الله عز وجل وجعلها لهم لا يعد من الغلو في شئ، فالأخ العاملي نقل من مصادركم ما يثبت به أن علي بن أبي طالب عليه السلام والسيدة الزهراء والحسن والحسين يكونون مع الرسول صلي الله عليه وآله يوم القيامة، وفي منزلته التي هي كما يستفاد من الروايات أنها من أعلي الدرجات في الجنة، وأنها منزل سامي (كذا) فيها خاص به، وبلا شك أن الناس في يوم القيامة تكون منازلهم حسب أفضليتهم عند الله عز وجل.

فكون هؤلاء مع النبي وفي منزلته دليل علي أفضليتهم عن بقية الخلق الذين لا يصلون إلي هذه المنزلة.

3 - ثم أنكم أنتم تغالون في عمر وتفضلونه حتي علي رسول الله صلي الله عليه وآله، كما يظهر من الرواية الواردة في مصادركم القائلة بأنه لو نزل العذاب لما نجي منه إلا عمر... فعمر هنا أفضل من الرسول، لأن الرسول سيشمله العذاب بينما عمر ليس

ص: 101

كذلك... (رمتني بدائها وانسلت).

وردّ (عز الدين)، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

لا، عيوني، تعال نرتبها لك:

أفضل البشر محمد صلي الله عليه وسلم. ثم الأنبياء والرسل. ثم الصحابة بالترتيب الذي نعتقده، العشرة المبشرين بالجنة ثم الباقي. ومن قال لك أننا نعتقد أن عمر رضي الله عنه أفضل من النبي محمد صلي الله عليه وسلم فهو أحمق!!

وكتب (رضا)، الواحدة والثلث ظهراً:

أخي عز الدين الحموي:

الموضوع هو: استفسار عن وجهة نظر الشيعة في قولهم: إن الامام علي بن أبي طالب عليه السلام أفضل من الأنبياء...

وهل معني هذا أنه يدخل في الغلو أم لا؟!!! فأجابه الأخوة الفضلاء من الشيعة بتوضيح هذه الاشكالية علي رأي مذهب الشيعة الكلامي.

والموضوع المطروح هنا ليس لصحة أو خطأ هذه المفاضلة بين السنة والشيعة وذلك لأن الموضوع محسوم عند الشيعة بأفضلية الامام علي عليه السلام بعد الرسول صلي الله عليه وآله علي الاطلاق، ولديهم في ذلك الأدلة النقلية والعقلية، وكما تعلم أنه يوجد في هذا الموضوع خلاف بينهم وبين أهل السنة منذ زمن بعيد، وليس وليد الساعة، وهو يحتاج الي نقاش وحوار علمي بالدليل، وأتصور أنه قد منعت النقاشات المذهبية بهذا الخصوص في شبكة هجر، فعليه تستطيع النقاش في موقع شبكة الحق الثقافية، وعنوانها: www.alhag.org

وتستطيع أن ثبت كلامك حول ما طرحته من ترتيب الأفضلية من الكتاب

ص: 102

والسنة الصحيحة المتفق عليها بين الطرفين، وكذلك يستطيعون الشيعة أن يثبتون لك أفضلية الامام علي عليه السلام بعد الرسول صلي الله عليه وآله علي الاطلاق. والأمر راجع لكم.

وكتب (جون)، الواحدة والنصف ظهراً:

1 - قلت لك إنكم تغالون في عمر، وحديث لو نزل العذاب يرسله البعض إرسال المسلمات وهو شاهد علي المغالاة!

أما أنك أنت أو غيرك لا تعتقدون ذلك، فلا يخصنا هذا بشئ...

فنحن نملك الأدلة علي عقيدتنا...

وما دام أنكم سألتمونا ووجهتم لنا سؤال (كذا) حول عقيدتنا هذه فقد أجبناكم عنها وذكرنا الأدلة من مصادركم... ولم تأتوا بدليل ينقض دليلنا... فكان الأفضل لكم السكوت والكف... وأن تنقلوا كلامنا هذا إلي مواقعكم مواقع التشنيع علي الشيعة وتطبلون وتزمرون به!! لأن الهدف من السؤال معلوم يا عزيزي... وأخيراً يا عز الدين أريد أن أهمس في أذنك بكلمة وهي:

أن حديث العشرة المبشرة بالجنة، وإن أثبت السيد الميلاني عدم صحة هذا الحديث وتناقضه، فإنه يناقض عقيدتكم في الصحابة بأنهم كلهم يدخلون الجنة...

فالرسول لم يبشر منهم إلا عشرة - حسب زعمكم - فلو كانوا كلهم يدخلون الجنة لما خصص دخول الجنة بهؤلاء العشرة... ومسلسل الإشكالات كثير والله علي رواياتكم وعقائدكم... فلا زلنا في موقع الدفاع، فالله يستر عندما يتحول الدفاع إلي هجوم...

وكتب (عقيل)، الثانية إلا ربعاً ظهراً:

السلام عليكم الأخ الرباني:

ص: 103

1 - في القرآن آيات متشابهات وأخري محكمات. والآية التي ذكرت (لا نفرق بين أحد من رسله) يجب أن توضع مع الآية (تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض) (البقرة 253).

2 - الله سبحانه زكّي الصحابة، وكان الخطاب عاماً، علينا أن نعرف من هم الذين عناهم الله سبحانه وتعالي بهذه التزكية، ومن منهم الذين عناهم الله بقوله: (انقلبتم علي أعقابكم، ومن ينقلب علي عقبيه فلن يضر الله شيئاً) وذلك لكي نعرف ممن نأخذ ديننا (من أبو ذر أو من كعب الأحبار).

3 - أما ما قلته عن الترتيب في: ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. النساء- 69، فمن الملاحظ أنه لا يوجد ترتيب في هذه الآية لأنها تربط بينهم بواو العطف، والمعروف أن واو العطف لا تفيد الترتيب، كما أن الآية تتكلم عن مكان المطيعين لله ورسوله، وأن مكانهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصلحين وهذا دليل آخر علي عدم دلالة هذه الآية بالذات علي أفضلية الترتيب.

من ناحية أخري، فإن هناك آية قدتدل علي أفضلية الصدّيقين علي الأنبياء وهي (واذكر في الكتب إدريس، إنه كان صديقا نبياً) فوَصفه بالصديق قبل النبوة.

4 - نحن لا نناقش مواقفهم من باب الأدب أو عدمه، ولكن من باب التاريخ ومعرفة مصادر الدين.

5 - نحن لا نقول في الامام علي إلا ما قاله الامام علي لمن سأله إن كان هو أفضل من الرسول (صلی الله علیه و آله) فأجابه: (ويحك، إنما أنا عبد من عبيد محمد (صلی الله علیه و آله)) والسلام.

ص: 104

وكتب (حقيقة التشيع)، الثانية والثلث ظهراً:

علي بن أبي طالب مشهود له بالجنة ولا يختلف في ذلك إثنان، وأما حديث العشرة المبشرين بالجنة فقد ضعفه بعض أهل العلم لعلة في الاسناد. لكن ذلك لا يعني نفي البشارة عنهم، بل هم مبشرون بالجنة إضافة إلي غيرهم من الصحابة الذين ثبتت بشارتهم بالجنة، ولم يذكروا في تلك الرواية. والله أعلم.

وكتب (التلميذ)، الثالثة ظهراً:

حقيقة التشيع، بدأت تغلط... فلماذا الغلط؟ إلي أي عادة قديمة ستعود ريمة؟ هل أن حزن الشيعة علي الحسين عليه السلام مختص بهذه الأيام... لا والله...

فما أراك إلا جاهل بهذا الأمر وحقيقته... فما يمضي أسبوع من أيام السنة إلا ويقام فيه من قبل الشيعة أكثر من مجلس عزاء علي الحسين وعلي أهل البيت عليهم السلام... إن مصيبتة خلفت لوعة في قلوب محبيه ياهذا، لن تزول من نفوسهم هذه اللوعة أبد الآبدين... حتي يجتمعوا معه في حضيرة القدس إن شاء الله تعالي.

وكتب (العاملي)، الرابعة عصراً:

الأخ حقيقة.. بعد السلام،

الغلو نوعان: نوعٌ شرك، ونوعٌ كذب، قد يؤول الي الشرك.

أما غلو الشرك: فإن يزعم أحد أن مخلوقاً أياً كانت درجته له مع الله تعالي شرك في الخلق أو مختصات الخالق سبحانه، ولو بمقدار قطمير أو ذرة.

وأما غلو الكذب: فأن يزعم أحدٌ لمخلوق مقاماً عندالله تعالي أكثر مما أعطاه له.

ص: 105

ونحن ولله الحمد، ليس عندنا غلو الشرك، لأنا نقول عن النبي وآله صلي الله عليهم عباد مخلوقون مربوبون مطيعون، وأن سر علو مقامهم هو عمق عبوديتهم. كما أننا لانحتاج الي شرك الكذب، لأنه صح عندنا وعندكم أن مقامهم عند الله تعالي هو الدرجة الأولي بين الخلائق.. وعندما نقول إن آل محمد معه في درجته يوم القيامة، نؤيد قولنا بالأحاديث المتقدمة وغيرها.. علي أنه يكفي أن تفكر في نفسك أن الذرية المؤمنة العادية تلحق يوم القيامة بآبائها (ألحقنا بهم ذرياتهم). فكيف بخير المخلوقين، وخير الذريات..

ومن أجل التخفيف عليك، فقل: إن المقام العظيم الذي رويتم في صحاحكم أنه لا ينبغي إلا لشخص واحد، هو لسيد الرسل صلي الله عليه وآله، وأهل بيته ملحقون به إلحاقاً.. فخففوا علي أنفسكم، واعتبروه من باب الالحاق، وجمع الشمل!!

أما نحن فنقول إنه استحقاق ذاتي أيضاً، وليس مجرد استحقاق تبعي فقط!

من ناحية أخري.. فإن إشكالك علينا وارد علي رواياتكم التي جعلت عمر في درجة النبي يوم القيامة، وأن اليهود وكعب الأحبار شهدوا له بأن جنة الفردوس غرسها الله بيده (الحسية) وأن عمر يكون فيها!!!

كما جعلتم عائشة زوجة النبي صلي الله عليه وآله في الجنة، وأنها تسكن معه في درجة الوسيلة!!!

فما دمتم أدخلتم تيماً وعدياً الي درجة الوسيلة، فتفضلوا بالسماح لنبي بني هاشم أن يدخل معه ذريته وأحب الناس الي قلبه.. صلي الله عليه وعليهم!!

وكتب (الرباني)، الثامنة مساءً:

أخي عقيل:

ص: 106

1 - (لا نفرق بين أحد من رسله) من الآيات المحكمات، مفهومها واضح وجلي وهي كما تري موجهة الي المؤمنين.

أما الآية الأخري: (تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض). فكما تري من الضمير (نا) فهو عائد الي رب العزة والمفهوم منها: أن الله الذي فضلهم وهو الذي يحق له ذلك فهو الذي خلقهم واصطفاهم. أما الآية الأولي فهي تدعونا الي عدم تفضيل بعضهم علي بعض، فإما أن تلتزم بما طلبه منا ربنا أو أن نصر علي تفضيل بعضهم علي بعض.

2 - والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضو عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار.

والنص هنا أيضاً واضح للذين بشرهم الله بالجنة أنهم السابقون الأولون من المهاجرين السابقون الأولون من الأنصار وهم لا شك بالمئات. وعلينا أن نلاحظ جنات تجري تحتها الأنهار وليس من تحتها، كما ذكر في آيات كثيره لغيرهم. أما الذين انقلبوا علي أعقابهم فليس هناك نص أنهم من الصحابة. بل الحديث هنا عن المسلمين عموماً وقد كانوا وقتها بالملايين ومعلوم منهم من انقلب علي عقبيه بعد وفاة الرسول الكريم.

أما أن نحول آية الإنقلاب الي الصحابة لهوي في النفس ونعارض بها نصاً محكماً فيه بشرهم الله فيه بالجنة. فعلينا إن أصررنا عندها أن نتحمل وزرنا يوم القيامة.

3 - الترتيب ذكرته لسبب، أن الباقين عرف موقعهم في الجنة من موقع الأنبياء، وليس العكس فأصل الموقع للأنبياء والباقي ألحقوا بالأنبياء.

4 – لا يعالج الخطأ بخطأ أكبر. لا النبي الكريم يقبل أن يكون أمير المؤمنين

ص: 107

كرم الله وجهه عبداً له ولا بأن (كذا) أبي طالب يرضي بذلك. ولا نحن المؤمنين الموحدين نرضي بذلك. علي بن أبي طالب عبد لله فقط وهو علي الدين الذي جاء به رسولنا الكريم.

اللهم اهدنا الي الحق وأعنا علي اتباعه. والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.

وكتب (العاملي) بتاريخ 10-4-2000، الثامنة صباحاً:

تستعمل كلمة (عبد) في لغة العرب بمعني عابد، وبمعني مملوك، وقد وردت بهما في القرآن (من عبادكم وإمائكم).

وكذا في المعني العرفي عندما تقول لشخص: يا مولاي.

وقد خلطت أنت بينهما.. كما وقع ابن تيمية في هذا الخلط أيضاً.

وكتب (كميل)، الثالثة ظهراً:

السلام علي الإخوة الكرام. الأخ الرباني:

يبدو أن الأمر مشتبه عليك حول فضل الأنبياء ومراتبهم،، فالآية الكريمة التي جاء فيها (لا نفرق بين أحد منهم) تعني الرسالة التي بُعِثوا بها صلوات الله عليهم حيث جاءوا بالتوحيد فلا فرق بين ما جاء به آدم عليه السلام وسائر الأنبياء إلي خاتمهم صلوات الله عليهم أجمعين. ولكن يتفاوت الأنبياء الكرام في الدرجة والمرتبة ولاخلاف بين المسلمين إن أفضلهم هوخاتمهم محمد صلي الله عليه وآله.

وهذا ما تشير وما تعنيه الآية الأخري (تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسي ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس). وتبين الآية الكريمة بعض أسباب التفضيل كتكليم الله سبحانه موسي عليه السلام.

نعود للموضوع الآخر وهو: تفضيل علي عليه السلام علي سائر الأنبياء عدا نبينا

ص: 108

محمد صلي الله عليه وآله، فنقول:

إن هناك من الأدلة ما يشير إلي ذلك ويثبته فمنها قول رسول الله (صلی الله علیه و آله) في خبر الطائر المشوي: (ائتني بأحب الخلق إليك) ولم يستثني (كذا) الأنبياء.

وأسند ابن أبي عمير إلي الصادق عليه السلام: أن الله قال لموسي عليه السلام (وكتبنا له في الألواح من كل شئ) ولم يقل كل شئ، وفي عيسي (ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه).

وقال في علي ابن أبي طالب (ومن عنده علم الكتاب). وقال (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين). فعند علي علم كل رطب ويابس وهو ما ذكره الحافظ أبي نعيم والثعلبي في تفسيره. وأخرج البيهقي من قول النبي (صلی الله علیه و آله) من أراد أن ينظر إلي آدم في علمه، وإلي نوح في تقواه، وإلي إبراهيم في حلمه، وإلي موسي في هيبته، وإلي عيسي في عبادته فلينظر إلي علي بن أبي طالب)!

فقد اجتمع فيه ما تفرق فيهم فهو أفضل من كل واحد منهم. أضف إلي ذلك أنه نفس النبي بنص القرآن (وأنفسنا وأنفسكم) والمراد المماثلة.

والحمد لله رب العالمين.

وكتب (عقيل) بتاريخ 11-4-2000، التاسعة صباحاً:

السلام عليكم، الأخ الرباني، أعتذر عن التأخير في الرد:

1 - ترتيب الأنبياء والصديقين و...الخ. ما أوردته أنا بخصوص (واو العطف) هو قاعدة معروفة في كلام العرب، فمن أين استقيت مفهومك عن الترتيب؟. أرجو ألا يكون من (قال فلان وفلان).

2 - آية (قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل علي إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسي وعيسي والنبيون من ربهم لا نفرق

ص: 109

بين أحد منهم ونحن له مسلمون) (آل عمران 84). معناها: أن الرسل جميعهم أتوا برسالة واحدة تدعو لله تعالي، فنحن لا نفرق بينهم بشأن محتوي الرسالة التي بُعثوا بها وأنهم مكلفون بالتبليغ من قبل الله سبحانه، وليس لها علاقة بمرتبة الرسل فيما بينهم أو الأمر بعدم تفضيل الرسول علي الآخرين في الشئون التي ليس لها علاقة بالرسالة السماوية.

3 - أية الانقلاب نزلت بعد غزوة أحد والكلام موجه لمن كان مع الرسول حينها وخصوصاً للفارين من المعركة (إرجع للتاريخ لتعرفهم)!!

وهم نفسهم (الذين جبنوا عن قتال عمرو بن ود في الخندق) وهم نفسهم (الفارين في حنين بعد أن أعجبتهم كثرتهم)!!

وهم الذين منعوا فاطمة إرثها من أبيها بكذبة (نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه صدقة)!! ثم أورثوا عائشة وباقي نساء النبي منزل الرسول!! (هذه تحتاج شوية منطق لكي نستوعبها)!! ولا أريد أن أزيد في ذكر مواقفهم، فاعقل أو ضع نظارة سوداء، فلربما خففت من شمس الحقيقة والتاريخ!!

4 - كلمة (علي عبدٌ من عبيد محمد) صلي الله عليهم، أكتفي بما قال أخي العاملي، وشكراً للأخ كميل.

وكتب (الرباني)، الثامنة مساءً:

أخواني الكرام...

1 - لم ترد كلمة (عبد) منسوبة الي أحد في كتاب الله إلا الي الله وحده ولا يمكن أن يرضاها المسلم إلا أن تكون منسوبة لله. أما أن نصرّ خلاف هذه لخبر ظني وصلنا، فهذا أمر آخر.

2 - لا نفضل بين أحد من رسله، النص هنا واضح: من رسله. ولم يقل: من

ص: 110

رسالاته. ولو كان قصد الله كما فهمت أنت لقالها صراحة. ولا شك أن رب العزة أقدر من يملك القدرة علي التعبير في اللغة التي خلقها هو، لا نفرق بين أحد منهم. لا نفرق بين أحد من رسله. نصان واضحان. أما إذا أشكل الأمر علي بعض المسلمين وظنوا غير ذلك، فأنا أري أن الحكم عندنا هو النص الواضح من كتاب الله.

3 - في كلامه عن الأنبياء كان رب العزة يذكر بالاسم. أما ما رويتم من أخبار وهي قد يختلف علي تفسيرها الكثيرين. فهي أخبار ظنية في الشخص الذي نسبت إليه. أما ولا حبة في ظلمات البحر ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين فهي في كتاب مبين.

وإن قال أحد إن علمها عند علي فهو علي الأقل من الذين يخرصون. وهو من الذين ينسبون لأمير المؤمنين علم الله وهو ما يتبرأ منه أمير المؤمنين كرم الله وجهه.

3 - أنا والحمد لله لا أستقي فقط مما قال فلان عن فلان، وأظن هذا الكلام موجَّه لغيري، وهم الذين ينسبون لعلي علم الله لنقلهم عن فلان وعلان.

4 - ينقلب علي عقبيه: نزلت بعد تحول القبلة، ولا أدري مكان (انقلب علي عقبيه) بعد تحول القبلة، أرجو أن ترشدنا اليه. والآيه الثانية تتحدث عن الانقلاب بعد وفاة الرسول وهي من آيات الاعجاز في القرآن، فهي قبل وفاة الرسول تبلغ المسلمين أن هناك من ينقلب علي عقبيه بعد وفاته، ومعلوم من انقلب علي عقبيه بعد وفاة الرسول.

أما ما ذهبت اليه فهو أخي الكريم لا دليل عليه بتاتاً، وأنا أطالبك بالدليل أنا آتيك بالدليل وأنت مطالب به. أما كلمات مثل إعقل.. فلم أرد بكلام كهذا

ص: 111

علي أي من الإخوه الكرام، ولهذا لا أتوقع أن تذكر لي. ولن أزيد.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 11-4-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

غفر الله لك، كأنك لا تقرأ القرآن، ولا تقرأ ما يكتب لك منه أيضاً!! كتبت لك أن كلمة (عبد) في اللغة وفي القرآن تكون بمعني عابد، وتكون بمعني المملوك والخادم.. ثم رأيتك تصرّ علي أنها لم تستعمل في القرآن إلا بمعني عابد!!

قال الله تعالي في سورة النور - 32: (وأنكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم).

وهي هنا ليست بمعني عابديكم قطعاً!!

فردّ (الرباني) بتاريخ 12-4-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

وغفر الله لي ولك، ألم تخطر ببالك لِمَ لم يستعمل رب العزة كلمة (عبيد) هنا فيقول: من عبيدكم، بدلاً: من عبادكم. هل سبق أن سمعت أن مسلماً سمي ابنه عبد فلان؟ وأنا هنا أتحدث عن المسلمين لا عن المنتسبين للاسلام.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وأجاب (العاملي)، التاسعة صباحاً:

كلمة (عباد) أكثر ما تستعمل في القرآن في عباد الله تعالي. فاستعمالها في الآية حجة علي الاشتراك، أكثر من كلمة (عبيد). وقد وردت كلمة (عبدك) في حديث النبي صلي الله عليه وآله بمعني الغلام.. ففي البخاري: 3/ 129: أنه صلي الله عليه وسلم أرسل إلي امرأة من المهاجرين وكان لها غلام نجار. قال لها: مُري عبدك

ص: 112

، فليعمل لنا أعواد المنبر...

- كما أرجو أن تلاحظ أصل الرواية التي اعترضت عليها:

روي الكليني في الكافي ج 1 ص 89: عن الامام الصادق عليه السلام، أنه قال: جاء حبر من الأحبار إلي أمير المؤمنين عليه السلام.

فقال: يا أمير المؤمنين متي كان ربك؟

فقال له: ثكلتك أمك ومتي لم يكن حتي يقال: متي كان، كان ربي قبل القبل بلا قبل، وبعد البعد بلا بعد، ولا غاية ولا منتهي لغايته، انقطعت الغايات عنده فهو منتهي كل غاية.

فقال: يا أمير المؤمنين! أفنبيّ أنت؟

فقال: ويلك إنما أنا عبد من عبيد محمد صلي الله عليه وآله. انتهي.

ولعمري إنه لا اعتراض علي هذا الكلام، لأن المراد به أنه خادم النبي وغلامه ومطيعه. كما أن قياسك هذا التعبير بالتسمية بعبد فلان قياس مع الفارق، علي أن لنا كلاماً في هذه التسمية... وشكراً.

وكتب (الرباني) بتاريخ 14-4-2000، الحادية عشرة ليلاً:

أخي الكريم،كلمة (عبد) و(عباد) قد تطلق لمعناها الإصطلاحي عند قوم معينين كما كانت في عهد العبودية، فيقال فلان عبد فلان أي رقيقه يملكه. أما المختلف عليه والذي لا يجب أن يكون مختلفاً عليه، فهو المعني الآخر المتعلق بعبودية الناس لله (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله)، ولا شك أنك لاحظت أن رب العزة قرر أنه لا يمكن لنبي أن يجعل عباداً له من دون الله ولهذا فإن استعمال هذه الكلمة بهذا المعني ممنوع وبما أن عصر العبيد قد انتهي والحمد لله فلا أدري كيف سنستعملها في

ص: 113

العصر الحالي.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

فكتب (العاملي) بتاريخ 14-4-2000، الحادية عشرة والنصف مساءً:

من أين جاء الربط في ذهنك: أنه ما دامت العبودية لغير الله تعالي ممنوعة فاستعمال كلمة (عبد) لغير عبد الله حرام.

إن الحرام استعمال عبد فلان بمعني عابده، أما عبد فلان بمعني مطيعه أو غلامه فحلال.. وانظر في كتب فقه المذاهب كلها، لتري أن عبد فلان، وباع عبده، واشتري عبداً، عادية عندهم!!

وكتب (الرباني) بتاريخ 15-4-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أخي العاملي، قلت في ما كتبت في آخر مداخلة أن استعمال كلمه (عبد) بالمعني المتعارف عليه سابقاً علي أنه ملك أو رقيق جائز، وهذا غير الخادم طبعاً، ولكن المعني الآخر هو الذي لا يجوز ولا ننسي أن العبودية قد انتهت.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب (محمد إبراهيم) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 13-3-2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً، موضوعاً بعنوان (مسلسل الإشكاليات: الحيرة في تفضيل إمامة علي علي إمامة النبي إبراهيم؟)، قال فيه:

يؤمن معظم الشيعة بأن منزلة الإمامة هي فوق منزلة النبوة:

http://www.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000357.html

أي أن منزلة سيدنا علي رضي الله عنه هي فوق منزلة جميع الأنبياء المرسلين بما فيهم أسيادنا نوح وإبراهيم وعيسي وموسي عليهم السلام!!!

حجة الشيعة في تفضيل الأئمة وأولهم سيدنا علي رضي الله عنه علي الرسل

ص: 114

والأنبياء هي الآية التالية: (وإذ ابتلي إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين.) البقرة - 124.

ويقول الشيعة أنه طالما أن سيدنا إبراهيم عليه السلام كان نبياً ورسولاً، ولكنه لم يحصل علي الإمامة إلا بعد الابتلاء، فإن معني ذلك أن منزلة الإمامة هي أعلي من منزلة النبوة!!! ولكن الإشكالية هنا أن الشيعة وهم يستخدمون إمامة سيدنا إبراهيم كمثال لتفوّق الإمامة علي النبوة، فإنهم يعتبرون أئمتهم أعلي منزلة من سيدنا إبراهيم!!!

والبحث التالي هو لتوضيح خطأ هذا الاستدلال عند الشيعة، ولتوضيح التناقض في عقيدة تفضيل الأئمة علي الأنبياء عندهم. لنوضح أولاً العلاقة الدينية وعلاقة التبعية بين أفضل الخلق محمد صلي الله عليه وسلم وبين أبو الأنبياء وخليل الرحمن سيدنا إبراهيم عليه السلام (رغم تفوق وشمولية رسالة محمد صلي الله عليه وسلم فوق رسالة سيدنا إبراهيم عليه السلام)، وذلك من كلام الله سبحانه وتعالي أي القرآن الكريم: وقالوا كونوا هوداً أو نصاري تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. البقرة 135.قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين. آل عمران 95... ثم سرد محمد ابراهيم، أكثر الآيات في نبي الله ابراهيم عليه السلام، وتابع قائلاً: فما الذي يجعل منزلة علي والأئمة فوق منزلة سيدنا إبراهيم الذي جعله الله إماماً، وأثبت ذلك في كتابه الكريم؟ هذا هو السؤال الذي يتهرب الشيعة من الإجابة عنه ويلفون ويدورون حوله (فيما عدا الفاضل الموسوي الذي أشهد له بحسن الحوار وعدم اللف والدوران).

فكتب (العاملي) بتاريخ 13-3-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

ص: 115

أسألك سؤالاً بسيطاً أرجو أن تجيبني عليه:

هل مقام نبينا محمد أعلي من مقام إبراهيم صلي الله عليهما وآلهما، أم لا؟

وردّ (محمد ابراهيم)، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

أرجو عدم الخروج عن موضوع الصفحة بتمييع الموضوع وتشتيته:

لم يذكر أحد هنا بتفضيل سيدنا إبراهيم علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. ولكن الإشكالية واضحة في تفضيل إمامة علي علي إمامة خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام. الموضوع هو التفضيل بين الإمامين، ولكن واضح من ردك السريع جداً أنك لم تقرأ الرسالة أبداً ولم تقرأ آيات القرآن الكريم ولم تقرأ إشارات إلي عدم تفضيل أحد علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم.

أرجو أن تكون الردود حول المقارنة بين الإمام علي والإمام إبراهيم خليل الرحمن في ضوء آيات القرآن التي أوردتها، وأي محاولة لتمييع وتشتيت الموضوع، فهي مكشوفة، فنرجو احترام المنتدي ومكانة الحوارات فيه.

فأجاب (العاملي)، الثانية والنصف صباحاً:

لا أريد تمييع الموضوع يا محمد ابراهيم بل أريد أن يفتح الله ذهنك لفهمه وتعقله.. وقد أجبتني بأن نبينا صلي الله عليه وآله أفضل من ابراهيم، فقد انحلت المشكلة.. لأنه هو صلي الله عليه وآله نص علي أن علياً معه وفي درجته يوم القيامة..

إن مشكلتكم أنكم لا تتعقلون أن آل محمد معه في درجته في الآخرة!! فقد فرقتم بينهم في الدنيا، وتريدون التفريق بينهم في الآخرة!! ويأبي الله إلا أن يكونوا مع نبيه في الفردوس في درجة الوسيلة، كما نصت الأحاديث الصحيحة.. ويأبي الله إلا أن تصلي الأمة في صلاتها علي آله معه..

ولكنكم يصعب عليكم فهم ذلك، بسبب التزريق في أذهانكم، وتربيتكم

ص: 116

علي اسلام الحكومات القرشية المخالفة لبني هاشم، المقصِيَة آل نبيها عن الحكم!!

وكتب (أبو الحسن)، العاشرة والنصف ليلاً:

الأخ محمد إبراهيم … السلام عليكم،

بخصوص قضية تفضيل الإمام علي وباقي الأئمة علي الأنبياء عليهم جميعاً أفضل الصلاة والسلام، والتي قد جاء بعضها في الرد من قبل بعض الأخوة علي ما تسميه أنت بالإشكالات، وهي ليست بإشكالات إلا بسبب قصور في فهمك لمثل هذه العقائد ومستنداتها العلمية. وإلا ففي الواقع فإنه ليس هناك أي إشكال.

1 - من خلال ما كتبت يتبيّن أنك تقارن بين فكرتين.

الأولي: هو فضل مرتبة الامامة علي مرتبة النبوة.

والثانية: هي فكرة تفضيل إمام علي إمام ونبي في نفس الوقت، وتعتبر أن بينهما تناقض وإشكال (كذا). الجواب هو: كلاّ يا أخي، فالمسألة هنا ليست واحد زائداً واحد (كذا) يساوي اثنين، فليس معني أن إبراهيم عليه السلام قد جمع النبوة والإمامة قد صار الأفضل.. نعم النبوة شرف ومكانة عند الله ولكن الإمامة أفضل والامامة مراتب ودرجات. كما النبوة مراتب ودرجات تبينها القرائن والأدلة من القرآن نفسه ومن السنة المطهرة. وهنا مربط الفرس كما يقولون حيث الإختلاف بيننا وبينكم في فهم مدلولات الآيات وتفسيرها، وفي الأخذ ببعض الأحاديث وترك الآخر. فبحسب الأدلة والقرائن القرآنية والروايات المعتبرة لدي الشيعة فهم يقولون بهذا الرأي.. وليس بسبب مقارنة سطحية بين مرتبة الإمامة ومرتبة النبوة.. وحيث الإختلاف بيننا وبينكم علي قبول أو رد مثل

ص: 117

هذا الروايات أو التفاسير، فالأولي أن يكون النقاش علي صحة هذه الأدلة من عدمه. وعليه يكون إثبات أو نفي ما يذهب اليه الشيعة في هذا الأمر.

وبعيداً عن الأدلة والحجج النقلية، أورد هنا مثالاً قد يصلح لأن يقرب لك المعني المراد بشكل عقلي، وإن كان لايصلح أن يكون حجة أو إثبات للقول بالتفضيل المشار إليه: هب أن لديك شخصين قد تقدما لوظيفة، وجرت بينهما مفاضلة، الأول لديه شهادة جامعية بمعدل مرتفع، لكن معدل شهادته الثانوية منخفض. الثاني لديه شهادة جامعية بمعدل منخفض، لكن معدل شهادته الثانوية مرتفع. فأيهما لديه الفرصة الأكبر للتوظيف ويكون الأفضل؟

طبعاً الأول، وذلك لأن الفيصل هنا هي الشهادة الجامعية، فهي الأعلي مرتبة فلا أحد ينظر الي الشهادة الأدني وهي الثانوية وكم معدلها.

قد لا يكون المثال ملائماً تماماً ولكن أرجو أن تكون قد فهمت مرامي من عرض المثال. فإبراهيم عليه السلام نبي وإمام، وعلي عليه السلام إمام فقط لكنه في إمامته أفضل من النبي ابراهيم (الإمام) بحسب أدلة أخري.

وحيث أن المعيار هو الإمامة كان علي هو الأفضل، كيف لا وهو إمام المتقين وقائد الغر المحجلين، إمام لخير أمة أخرجت للناس، وأمين علي خاتمة الرسالات، ومبلغ لها للبشرية من بعد ابن عمه رسول الله صلي الله عليه وآله.

2 - اعتمدت أخي الكريم في نفي التفضيل لعلي علي النبي ابراهيم بكثرة ما ورد في القرآن الكريم من آيات في مقام النبي ابراهيم ومكانته عند الله وعدم ورود مثل ذلك، بل لاشئ عن الإمام علي عليه السلام.

المسألة يا أخي لاتحسب بمجرد ورود ذكر شخص من عدمه، أو بعدد الآيات التي وردت في حقه، فسياق الآيات والهدف منها كما أفهمه أنا هو ايراد

ص: 118

العظة والعبرة للرسول الأكرم (صلی الله علیه و آله) والتذكير بالماضين من أنبياء ومصلحين، بما يناسب الحاجة لها، لتقوية عزم الرسول في مواصلة الدعوة لله تعالي، مع ملاحظة القاسم المشترك بين محمد (صلی الله علیه و آله) ومن سبقه من الأنبياء، ألا وهي تبليغ الرسالة السماوية.

وطبعاً هناك مجالات أخري هدفت الآيات القرآنية لها في سرده لقصص وسير الأنبياء السابقين.

وللتذكير هنا فإنه من الثابت لدينا (ولا أدري الي أي حد تختلفون معنا في ذلك) ورود آيات كثيرة في حق علي وبقية أهل البيت عليهم السلام منها آية التطهير، وآية المباهلة، وسورة الدهر، وآية التصدق بالخاتم، وغيرها كثير، قد أوردها المفسرون، وإن كانت لم تصرح باسم الإمام علي (علیه السلام) أو غيره..... ولا أدري رأيكم في مثل هذه الأحاديث التي تفيد بهذا المعني.

مثال آخر: وهو تفضيلكم لأبي بكر وعمر بن الخطاب علي بقية الصحابة. فهل لأي منهما ذكر صريح في القرآن؟ حسن، فهذا القرآن يذكر اسم أحد الصحابة صراحة ألا وهو زيد مولي رسول الله (صلی الله علیه و آله) فهل لذلك معني في التفضيل؟ كلاّ. طبعاً قد تقول لي: أن المراد هنا التصريح بالاسم مع ذكر فضيلة أو منقبة.

أقول لك: نعم وحتي ذكر الفضيلة أو المنقبة بدون التصريح يؤدي لنفس الغرض، إذا أفادت القرائن الأخري ثبوت نسبة تلك الفضيلة لشخص ما. وأما التصريح بذكر الإسم فهو عائد لاعتبارات أخري لادخل لها بالتفضيل.

ختاماً: أريد التنويه الي أنني قد كتبت هذه الكلمات لا للدخول في حوار أو إقناع أحد، بل لمجرد عرض وجهة نظر، فأنا أعتقد أن مثل هكذا قناعات في

ص: 119

مجال العقيدة لا تغيرها بضع كلمات.

كما أهيب بك أخي الكريم محمد ابراهيم، البعد عن أسلوب التحدي في طرح المواضيع من مسلسلات اشكالية أو غيرها، والذي قد يؤلب عليك من يري في ذلك تعدي (كذا) علي عقيدته، فيسمعك مالا تحب.

عذراً علي الإطالة، والحمد لله رب العالمين.

ص: 120

درجة علي في الجنة ثاني درجة النبي صلي الله عليه وآله

كتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6-4-2000، الواحدة والنصف صباحاً، بعنوان (درجة النبي (صلی الله علیه و آله) في الجنة أعلي من درجة الأنبياء (علیه السلام) وآله وشيعتهم معه!!)، قال فيه:

نوقش هذا الموضوع في شبكة هجر، من تاريخ 5-10-1999:

طرح المدعو مقدام موضوعاً يسأل فيه عن درجة أئمتنا أهل البيت عليهم السلام يوم القيامة، وهل نفضلهم علي الأنبياء؟ وطلب فيه أن لا أجيب أنا!!!

ولو كان يريد فهم مذهبنا لما اشترط من أول الموضوع أن لايجيبه شيعي!!

ثم قلده مشارك!! فطلب أن لا أدخل في مواضيع نقاشه!!

فقلت له: الحمد لله أني لا أحتاجكم لكي تحددوا لي تكليفي الشرعي والأخلاقي في أن أكتب في رد التهم والافتراءات والشبهات التي تطرحونها ضد أهل البيت ومذهبهم وشيعتهم.. فعندما أري لزوماً لذلك سأكتب ولا أسمع لرأي مقدام ولا محجام..

يتفق جميع المسلمين علي أن النبي صلي الله عليه وآله شفيع المحشر، وأن درجته في جنة الفردوس في مساكن الوسيلة.. وقد ورد أنها أعلي مساكن الجنة وفيها ابراهيم وآل ابراهيم ومحمد وآل محمد.. فآل محمد صلي الله عليه وعليهم، معه يوم القيامة، في درجته، تابعون له، ملحقون به.. وبهذا تكون درجتهم أعلي من درجات جميع الأنبياء!!

ولكن النواصب الذين يحسدون آل محمد، ويحسدون الناس علي ما آتاهم الله من فضله، سعوا للتفريق بين الرسول وآله في الدنيا وقدموا غيرهم عليهم..

ص: 121

وهم يريدون أن يفرقوا بين الرسول وآله في الآخرة، ويقولون إن الرسول يبعد عنه آله يوم القيامة ويقرب اليه زيداً وعمراً وبكراً!!! والحمد لله أن أحاديث الرسول صلي الله عليه وآله حتي في الصحاح، ترد عليهم، وتلقمهم أحجاراً!!

بل ورد أن درجة الوسيلة في الفردوس تتسع لأهل البيت، ولشيعتهم معهم!!

فما رأيك يامقدام في الحديث التالي الذي رواه الترمذي وحسنه؟؟؟!!!

- قال الترمذي في ج 4 ص 331: عن علي بن أبي طالب أن النبي صلي الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين وقال: من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيامة!!! هذا حديث حسن. انتهي.

فلا تناقش يامقدام في درجتهم، ولا تحاول تقديم غيرهم عليهم، ولا تتسلح بالأنبياء عليهم السلام.. وأنصحك أن تحبهم وتطيعهم، وتتبرأ من مبغضيهم، حتي تصير أنت معهم ويغبطك الأنبياء علي درجتك!!!

فكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 5-10-1999:

أنا أشكرك كل الشكر، وأسأل الله أن يجعلك سيفاً من سيوف آل محمد عليهم السلام، ودرعاً من دروعهم تذب عنهم العاديات، وترمي نفسك دونهم في اللهوات، وأقر الله بك عيونهم، وأسعد قلوبهم وأسعدك ووالديك وما ولدا بمجاورتهم، وجعلك علماً من أعلام غائبهم يوم الأخذ بثأرهم، بحق محمد وآله ومظلوميتهم.

وكتب (العاملي) بتاريخ 7-10-1999:

أين جواب المقدام والمقدامون..

أم أن الأفضل الجواب بتغطية الرأس بالرمال؟!!

ص: 122

فكتب (المقدام) في نفس اليوم:

لقد أردت ردي... وردي أني لا أريد أن أناقشك...

فهل تفعل بالمثل، أرجو ذلك...

فأجابه (العاملي):

لا تناقشني.. واهرب ما شئت!

ولكن استفد من صحاحكم في معرفة درجة أهل البيت وشيعتهم يوم القيامة!! ولا أعدك أن لا أجيبك، لأنك لست مناقشاً تريد معرفة الحق.. بل صاحب غيظ تريد التمويه والأذي. ومع أن البركة في كل واحد من الأخوة الشيعة، وقدت لمست أنت منهم قوة المنطق والحمد لله.. لكن واجبي الشرعي مشاركتهم في رد تهمك الباطلة، وشبهاتك المغرضة!

فكتب (الصارم المسلول) بتاريخ 8-10-1999:

حديث الترمذي يقصد به الدرجة في الجنة وليس الوسيلة التي هي للرسول فقط. وإلا ما معني دعائنا له بعد كل أذان: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه اللهم مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد. وقال صلي الله عليه وسلم: من دعي لي بهذا الدعاء حلت عليه شفاعتي يوم القيامة. والدرجة المقصودة في حديث الترمذي هي: الفردوس الأعلي مقام الأنبياء والرسل والشهداء والصديقين.

وإذا أخذنا بكلامك يا عاملي فإن كل من يحب الحسنين هو مع الرسول في الدرجة العالية اي: الوسيلة. وهذا بلا شك خطأ.

وما الوسيلة إلا للرسول عليه الصلاة والسلام.

ص: 123

فأجابه (العاملي):

أعد النظر في تصورك عن الجنة وسعتها، والكرم الرباني والنبوي فيها، يا صارم.

إذا قال ملك أسبانيا: عندي منطقة اصطياف خاصة في أسبانيا، أقدمها خصوصياً الي الملك فهد، وأدعوه الي الاصطياف فيها.. فهل معني ذلك أنها هدية ودعوة للملك وحده بدون أهل بيته وأتباعه الخاصين؟!!

يا صارم.. لقد فعل تحالف قريش (المستحيل) للتفريق بين النبي وأهل بيته في الدنيا.. فمالك تقلدهم وتريد التفريق بينه وبينهم في الآخرة؟!!!

حديث الترمذي صحيح،وصريح في أن أهل البيت ومحبيهم مع النبي صلي الله عليه وآله في نفس درجته في الجنة.. يعني يكونون معه حيث يجعله ربه فوق درجة الأنبياء، ويكرمهم مما يعطيه ربه!!

فلا تناقش في درجة أهل بيت النبي بالمحال كما يفعل مقدام، فهم معه أينما فرضتموه!! ولا تبخل عن الله ورسوله!! واترك ابن تيمية وبني أمية، وتعال معنا، لتكون مع نبيك في درجته إن شاء الله!!

فأجاب (الصارم المسلول):

أنا مع نبيي إن شاء الله وأقول أن الوسيلة للرسول فقط. ولكنكم تريدون أن تجعلوا الأئمه في درجة خير البشر أجمعين، وما كرامتهم إلا من الرسول وإنني أحبهم لحبي للرسول (صلی الله علیه و آله). ولا تقل أجمع العلماء في أن من يحب الحسنين يكون مع الرسول في الوسيلة. فالاجماع واقع علي أن الرسول (صلی الله علیه و آله) هو صاحب الوسيلة، وما دعاؤنا له إلا من أجل ذلك. ثم إني أحب الرسول أكثر من نفسي وولدي وأهلي أجمعين فما تكون درجتي بالجنة؟؟؟ فالأولي أن يكون حب

ص: 124

الرسول (صلی الله علیه و آله) هو السبب في دخولنا الوسيلة. وهذا لعمري لايكون.

فأين نحن من درجة حبيب الله؟؟؟.

إذاً هذا دليل علي أن الدرجة هي الفردوس وليس الوسيلة، بثبوت ذلك من الأحاديث المتواتره في فضل السبطين. أما الأمويين (كذا) وابن تيميه وتحالف قريش المزعوم فلهم رب يحاسبهم ويحاسبك. وأما أنا فأقول بما قال علماؤنا من أن آل البيت حبهم من ضرورات مذهب أهل السنة والجماعة. وأما أن أساويهم في درجة الرسول (صلی الله علیه و آله) في الجنة، فهذا لم يثبت، بل الرسول دعي لهم أن يذهب عنهم الرجس. الرجس لغة: هو الشرك. فكيف أقول بمن دعي لهم الرسول أن يطهرهم أنهم في درجة واحدة مع خير البشر، وأفضل الأنبياء سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام. وما بالك في جميع الناس الذين يحبون الحسنين يصبحون مع خير البشر في الوسيلة، فبماذا يتميز الرسول إذا ً؟؟

فأجابه (مالك الأشتر):

الأخ المسلول السلام عليكم، سؤال لو سمحت: متي نزلت آية التطهير؟

متي نزلت آية القربي (قل لا أسالكم عليه أجراً...)

متي نزلت آية (فقل تعالوا ندعوا أبنائنا وأبنائكم...).

ولك مني مزيداً من الشكر والامتنان، وصلي الله علي محمد وعترته.

وكتب (العاملي):

إن كنت مؤمناً بما ثبت عن رسول الله صلي الله عليه وآله، فلا بد لك من الاعتقاد بأن أهل بيته الطاهرين معه بنصه، وتصريحاته العديدة.. ولئن استطاعت حكومات تحالف القبائل القرشية أن تفصلهم عنه في ثقافتكم ودينكم الذي أخذتموه من الحكومات القرشية.. فقد أفلتت منهم أحاديث في صحاحكم تنص علي أنهم

ص: 125

معه علي الحوض، ومعه في الشفاعة ومعه في الجنة..

ولايمكنك أن تتخلص منها وتقفز عنها، ولامن حديث الترمذي الصريح!!

والعجيب في أمركم أن النبي يقول (محمد وآله) وأنتم تقولون محمد فقط!!!

أو محمد وأصحابه!! وتزعمون أنكم تحبونه، وأنكم تابعون لسنته!!

والدعاء بالوسيلة أيها الفاهم، أصله مقدمة للصلاة علي النبي وآله، ولكن دين الحكومات القرشية فصل الدعاء بالوسيلة عن الصلاة عليهم..

وعندي بحث في ذلك من مصادركم، سأنشره إن شاء الله!!

والتطهير في الآية ليس مجرد دعاء ولا إرادة تشريعية، وإلا لما كان فرق بين من أراد الله تطهيرهم وغيرهم من المسلمين! ولكان تخصيصهم بالآية غلطاً!!

بل هو إرادة تكوينية، وإخبار عن فعل الهي!!

فأجاب (الصارم المسلول) بتاريخ 9-10-1999:

الي الأشتر: لا أري وجهاً للمقارنة بين درجة الوسيلة الخاصة برسولنا، ودرجة آل البيت. فلكل درجته.

الي العاملي: قد وضحت ما هو صحيح عندنا. وأما ما قلته أنا في آل البيت ليس طعناً بهم – مع العلم أن آل البيت عندنا ليسوا اثني عشر فقط معاذ الله - ولكن إثباتا أن الوسيلة خالصة للرسول، لا يشاركه أحد فيها. أما بحثك الذي ذكرته أرجو أن تطرحه للنقاش فما الذي يمنعك.

ثم لي ملاحظة علي عنوان الموضوع: وهو جعلك الأئمة أفضل من الأنبياء والرسل حين قلت أن محمد (صلی الله علیه و آله) خير من الأنبياء والرسل وآله في درجته. وهذا عندنا لا يجوز ويدخل في دائرة التكفير، لأن الرسل في درجة واحدة عند

ص: 126

الله (ولا نفرق بين أحد من رسله). ولكن التفضيل من الله يخص من يشاء بنعمته ومحبته. وآل البيت ليسوا أفضل من الرسل، ولا يقارنون أساساً بهم. وشتان بين هذا وذاك. في النهاية أتمني من الله هدايتكم الي الحق لتتبعونه والباطل لتتجنبونه، وأن يهدينا وإياكم الي خير السبيل. اللهم آمين.

فأجابه (العاملي):

كنت أظنك جاهلاً، ولكن ليس الي هذا الحد!!

فقد قلت لي: (ثم لي ملاحظة علي عنوان الموضوع وهو جعلك الأئمة أفضل من الأنبياء والرسل حين قلت إن محمد (صلی الله علیه و آله) خير من الأنبياء والرسل وآله في درجته وهذا عندنا لا يجوز ويدخل في دائرة التكفير، لأن الرسل في درجة واحدة عند الله (ولا نفرق بين أحد من رسله) ولكن التفضيل من الله يخص من يشاء بنعمته ومحبته). انتهي.

فقد خالفت صريح القرآن، وأصدرت عليّ حكماً بالكفر بدون علم كما يفعل إمامك!! وكأنك لم تقرأ قوله تعالي: تلك الرسل فضلنا بعضهم علي بعض منهم من كلم الله، ورفع بعضهم درجات وآتينا عيسي ابن مريم البينات وأيدناه بروح القدس، ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من بعد ما جاءتهم البينات ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد. البقرة - 253. وقوله تعالي: وربك أعلم بمن في السماوات والأرض ولقدفضلنا بعض النبيين علي بعض وآتينا داود زبوراً. الاسراء - 55.

أما الحديث المزعوم الذي ينهي عن تفضيل النبي صلي الله عليه وآله علي النبي موسي وعلي يونس، فلا يمكن قبوله لأنه يخالف القرآن والأحاديث الصحيحة، ومنها قول النبي صلي الله عليه وآله لعمر والمتهوكين (والله لو كان موسي فيكم لما وسعه إلا اتباعي)

ص: 127

فهذه الأحاديث في صحاحكم من تأثيرات اليهود!!

وأما زعمك أن مساكن الوسيلة درجة خاصة للنبي صلي الله عليه وآله وحده، ولا يسكن معه أهل بيته، فهو زعم بلا دليل!! فأين دليله؟!!

وكيف ترد جواب نبيك صلي الله عليه وآله حين سئل من يسكن معك في الوسيلة. فقال: أهل بيته!! كما قدمت لك!!

فما بالك ياصارم صرت مشلول الذهن متخبطاً مرة واحدة!!

فكتب (الصارم المسلول):

قد أبنْت جهلك يا عاملي والله. أنا آتيتك بآية قرآنية (ولانفرق بين أحد من رسله) وأنت تقول: إني كفرتك!!! ثم أنا قلت لك إن الله يختص بعضهم بالمحبة. فيكلم أحدهم ويجعلهم درجات طبقاً لمحبته. ولكننا لانفرق بين أحدهم أبداً.

وأما تفضيل الله بعضهم لبعض فهذا أمر خاص بالله سبحانه، وقد أمرنا الله أن لا نفرق بينهم كما هو النص القرآني.

ثم إن اعتراضي علي عنوانك أن تجعل آل محمد (صلی الله علیه و آله) وشيعتهم في درجة الرسول. وهذا لا يجوز فمحمد (صلی الله علیه و آله) أفضل الرسل عند الله، ولا يمكن مقارنتنا بالرسل ومن يساوي نفسه مع الرسل والأنبياء هذا كفر بالله ورسوله، لأن الرسل والأنبياء أفضل البشر عند الله. فما بالك وأنت تجعل الشيعة أفضل من البشر.

في الختام لم تجد إلا حجه التكفير حتي تصرخ وتستغيث. ولكن إعلم أني أكفر من يسب الصحابة، فما بالك بمن يطعن بالأنبياء والرسل؟؟؟؟

فأجابه (العاملي):

ص: 128

عبارتك واضحة وصريحة في أن الرسل درجة واحدة وأن تفضيل بعضهم علي بعض يدخل في دائرة التكفير.. فأعد قراءتها إن كنت نسيتها!!

وتريد أن تتراجع.. فلا بأس، لكن استحِ قليلاً!!

فكتب (الصارم المسلول):

واضحة جداً ياعاملي. فشتّان بين التفضيل بين الرسل والأنبياء عند الله وتفضيلهم عند البشر. وأما قولك أن آل محمد وشيعتهم في نفس درجة الرسول (صلی الله علیه و آله) في الوسيلة فهذا هو الكفر. لأنكم لم تطيعوا الله سبحانه حين قال: آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته ورسله لا نفرق بين أحد من رسله... الآية. فكلامي واضح جلل لا يحتاج إلا (كذا) تأويلكم. وكما قلت تفضيل الرسل درجات هذا عند الله فقط يعطيه من يشاء من عباده.

في الختام أقول: اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة وابعثه اللهم مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لاتخلف الميعاد. اللهم آمين. واجعلنا ممن يشفع لهم خير البرية.

غداً ألقي الأحبة محمداً وحزبه. انتهي!!!!

وكتب (كمال) بتاريخ 10-4-2000، الرابعة عصراً:

فليسمع وليعي (كذا) شيعة بني أمية وأعداء أهل البيت!!

وكتب (عمر)، السابعة مساءً:

عزيزي العاملي: لا أحد يستطيع أن يقول بأن علي (رضی الله عنه) أفضل من محمد (صلی الله علیه و آله) ولكن الشيعة احترفت التزوير والتمويه في هذا الأمر، وإليك الدليل من ما تدعونه: الفقيه ابن شاذان في كتاب: مائة منقبة: من المعروف بأن الوسيلة

ص: 129

درجة في الجنة لشخص واحد، والرسول (صلی الله علیه و آله) أمرنا بالدعاء له لهذه المنزلة، والفقيه الشيعي يدعي بأن الوسيلة لعلي (رضی الله عنه) أي أنه أفضل الخلق جميعاً، وإليك الحديث، قال: حدثني حذيفة بن اليمان، قال: قام النبي صلي الله عليه وآله [وقبل ما بين عيني علي بن أبي طالب عليه السلام] وقال: يا أبا الحسن أنت عضو من أعضائي تنزل حيث نزلت، وإن لك في الجنة [درجة وهي] درجة الوسيلة، فطوبي لك ولشيعتك من بعدك.

والأمر الثاني: دخول علي (رضی الله عنه) الجنة قبل الرسول (صلی الله علیه و آله) فهذا تفضيل وإليك الحديث: عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: أول من يدخل الجنة من النبيين والصديقين علي بن أبي طالب عليه السلام. فقام أبودجانة (وقال: يا رسول الله) ألم تخبرنا عن الله تعالي أنه أخبرك أن الجنة محرمة علي الأنبياء حتي تدخلها أنت، وعلي الأمم حتي تدخلها أمتك؟. قال: بلي، ولكن أما علمت أن حامل لواء القوم أمامهم، وعلي حامل لواء الحمد يوم القيامة بين يدي (وهو صاحب رايتي فيدخل الجنة قبلي فإن العلم معه) وأنا علي أثره. فقام علي عليه السلام وقد أشرق وجهه سروراً وهو يقول: الحمد لله الذي شرفنا بك يا رسول الله.

والأمر الثالث: تفضيله علي كتاب الله، ولو عدنا للآيات لعرفنا بأن كلام الله يسبق كلام الرسول (صلی الله علیه و آله) وما دام كلام علي (رضی الله عنه) يسبق كلام الله فهو الأفضل ولك الحديث: قال: قال رسول الله صلي الله عليه وآله: إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعلي بن أبي طالب عليه السلام. واعلموا أن علياً لكم أفضل من كتاب الله لأنه مترجم لكم عن كتاب الله تعالي. انتهي.

وهل بعد هذا كفر وغلو، أم استهويتم التقية في الغلو؟؟

ص: 130

المصدر: مائة منقبة الشيخ الفقيه ابن شاذان.

فكتب (العاملي) بتاريخ 10-4-2000، التاسعة إلا ربعاً مساءً:

إفهم يا عمر، ولا أظنك..

درجة الوسيلة لرسول الله صلي الله عليه وآله، وآله معه.. وأنت تزعم أن عائشة معه؟!!

وحامل اللواء أو المرافق أو الحارس، إذا تقدم علي سيده فلا يعني هذا أنه أفضل منه، بل هو احترام له وخدمة.

وأسألك فأجبني بلا مواربة: أيهما أفضل، رسول الله أم القرآن؟.

وكتب (المسلم المسالم)، التاسعة مساءً:

إذا كان الرسول صلي الله عليه وسلم وأهل بيته وشيعتهم كلهم في درجة واحدة، فما فضل النبي صلي الله عليه وسلم علي أهل بيته؟؟ ثم ما فرق أهل بيته عن شيعتهم إذا كانوا كلهم سواء؟؟. ثم لمن باقي درجات الجنة إذا كان الشيعة مع أهل البيت ومع الرسول صلي الله عليه وسلم؟؟

فأجاب (العاملي)، العاشرة ليلاً:

إن فيزياء الجنة يا أخ مسالم مختلفة.. ومساحاتها، ودرجاتها، وحياتها.. فلا تستكثرن علي الله واسع العطاء.. نحن لا علم لنا بالغيب إلا ماعرَّفنا رسول الله الذي فتح الله عليه من علم غيبه صلي الله عليه وآله.

وقد أيدنا أحاديثه الشريفة بحديث في صحاحكم.. ولكنك مع الأسف لا تقبل فضيلة لأهل البيت وشيعتهم حتي لو كانت من صحاحكم!!

ولو كان الحديث يقول إن عائشة وأبا بكر وعمر ومعاوية وابن تيمية مع النبي في درجة الوسيلة لسارعت الي تصديقه، وحاججتنا به، فهذا هو التعصب

ص: 131

الأعمي! والحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به بسبب هواك!!

وكتب (المسلم المسالم)، الحادية عشرة إلاربعاً ليلاً:

هل هذا جواب يا عاملي؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 10-4-2000، الحادية عشرة والربع ليلاً:

يا مسالم، كأن الدرجة في الجنة عندك مكان أو موضع لشخص واحد؟!!

فلماذا تضيق واسعاً؟!! ولا نقول بإطلاق رواية الترمذي، وأن مجرد حب النبي وآله صلي الله عليهم بدون شروط يوجب تلك الدرجة.. فالشيعة أيضاً درجات، والمحبون لأهل البيت أنواع عديدة.. وبقية المسلمين المقبولين عند الله تعالي من الأمم السابقة وهذه الأمة، أنواع ودرجات..

ولا علم لنا عن درجات الجنة وسكانها إلا ما ورد في القرآن والسنة.. ومما ورد أن الناصبي لو عبدالله تعالي ألف عام ورأي نجوم الظهر لا يشم ريح الجنة.

فهل هذا جواب يامسالم؟

وكتب (عمر) بتاريخ 11-4-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

عزيزي العاملي: كلام الله هو القرآن وهو المعجزة الباقية. أما الرسول (صلی الله علیه و آله) فهو مبلغ لكلام الله وأوامره، ولو عدنا للاحتجاج. أيهما نتبع القرآن أو الرسول (صلی الله علیه و آله)، فهما شئ واحد تقريباً. ولو أن هناك بعض الأمور التي عاتب الله بها رسوله (صلی الله علیه و آله) مثل آية التحريم وعبس، نري بأن القرآن أفضل من السنة، والشيعة فضلت علي (رضی الله عنه) علي القرآن أي كلام الله، ولا أجد غلواً أكبر من هذا! إذاً من هو الإله؟ هذا ما نريد أن نعرفه من قصده بهذه الأحاديث.

أما حامل اللواء، فهو عذر أقبح من ذنب.

ص: 132

وكتب (تصحيح عمل المراقب)، الثانية صباحاً:

فضيلة الشيخ العلامة العاملي. تحية طيبة. أولاً أريد أن اسألك سؤال في مذهبك! هل تعتمد في هذه المسألة الكبيرة وهي (كون الشيعة في منزلة النبي في الجنة) علي حديث الآحاد؟. علي حديث واحد حسن!

ولتصحيح مفهومك يا شيخ نقول: ليس عندنا الصحاح الست!!!

عندنا الصحيحين أو السنن الأربعة. ولا تحاول خلط الأوراق يا شيخ!

هذا أمر... الأمر الآخر: والذي أنا أتعجب منه حقاً مع علمي أن الشيعة تدرس المنطق والفلسفة!! أتعجب من تسلحك بدليل (الإمكان والتكرم)!!

كيف سقطت في هذا الوحل الذي لا خروج منه؟.

تقول: (فلا تستكثرن علي الله واسع العطاء)، هل هذه حجة؟؟

نحن لا نستكثر علي الله أن يعفو عن جميع البشر مسلمهم وكافرهم، وأن يدخلهم جنة الفردوس يا عاملي... وهل المقياس بالإمكان وسعة رحمة الله؟

رحمة الله وسعة كل شئ، كل شئ، كل شئ، ومن هذا الشئ فرعون وهامان وقارون وإبليس وغيرهم. فهل نستبعد علي الله واسع الرحمة والفضل أن يمن علي هؤلاء بالرحمة!!! دع الأماني والأمنيات. فالله سبحانه وتعالي يكتب رحمة لمن؟ لمن قام بحقها وأدي أعمالها دون الإحتجاج بالرحمة الواسعة. ثم أريد أن تُفهمني، ماذا تريد بالضبط؟. هل تريد كل الشيعة (مجرد الشيعة ولو غير الأتقياء) في نفس منزلة النبي في الجنة؟ أم هم الشيعة الأتقياء فقط؟ أم أن التشيع هو مجرد الولاء القلبي دون العمل كالصلاة والصيام وغيرها؟ وهل الشيعة تبلغ منزلة النبي بالولاء القلبي دون العمل أو بكليهما مع بلوغ درجة الكمال؟. وأين إذاً يكون عوام الشيعة العصاة؟ وأين فضل الله الواسع عنهم؟. وأين يكون

ص: 133

السني الذي يشهد بالتوحيد والنبوة ويجحد الولاية؟ أين فضل الله الواسع عليه؟ ولماذا تحسدون بقية المسلمين من غير الشيعة من فضل الله؟

ولك حبي يا شيخي.؟؟

ص: 134

الفصل الرابع : حب علي ميزان الاسلام والكفر والايمان والنفاق

اشاره

عناوين مواضيع الفصل:

رغم أنوف النواصب.. عليٌّ ميزان الكفر والايمان!!

محاولة ابن حجر تجريد علي من هذه الفضيلة!!

من هم النواصب؟

ص: 135

ص: 136

رغم أنوف النواصب.. عليٌّ ميزان الكفر والايمان!!

كتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 26-42000، الرابعة والنصف عصراً، موضوعاً بعنوان (علي رغم أنوف النواصب.. حب علي عليه السلام، ميزان الكفر والاسلام)، قال فيه:

روي الحاكم: 3 / 129: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. هذا حديث صحيح علي شرط مسلم، ولم يخرجاه.

ورواه أحمد في فضائل الصحابة: 2 / 639، والدارقطني في المؤتلف والمختلف: 13763، والهيثمي في مجمع الزوائد: 9 / 132

وروي الترمذي: 4 / 327، و: 5 / 293 و298 باب مناقب علي: عن أبي سعيد الخدري قال: إن كنا لنعرف المنافقين نحن معشر الأنصار ببغضهم علي بن أبي طالب. هذا حديث غريب. وقد تكلم شعبة في أبي هارون العبدي.

وقد روي هذا عن الأعمش عن أبي صالح، عن أبي سعيد.

وروي النسائي في: 8 / 115: عن أم سلمة قالت: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: لا يحب علياً منافق، ولا يبغضه مؤمن. وقال: هذا حديث حسن. انتهي.

ص: 137

ورواه أيضاً النسائي أيضاً في خصائص علي 5 / 137، وابن ماجة: 1 / 42، والترمذي: 4 / 327 وج 5 / 594، وأحمد في مسنده: 2 / 579 و639، وفي فضائل الصحابة: 2 / 264، وعبد الرزاق في مصنفه: 11 / 55، وابن أبي شيبة في مصنفه: 12 / 56، والحاكم في المستدرك: 3 ص 129، وقال: هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه!، ووافقه الذهبي في تلخيص المستدرك. ورواه الطبراني في الأوسط: 3 / 89

والهيثمي في مجمع الزوائد: 1299، وقال: رجال أبي يعلي رجال الصحيح. ورواه الخطيب في تاريخ بغداد عن صحابة متعددين في: 2 / 72 و4 / 41 و13 / 32/ 153 و14 / 426 و2 / 255، والبيهقي في سننه: 5 / 47

وابن عبد البر في الاستيعاب: 3 / 37

وفي الترمذي: 5 / 601: عن الأعمش: إنه لا يحبك إلا مؤمن. وقال: هذا حديث حسن صحيح.

وفي الطبراني الكبير: 1 / 319 و23 / 380: عن أبي الطفيل قال: سمعت أم سلمة تقول: أشهد أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من أحب علياًّ فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغض علياًّ فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله. ورواه الهيثمي في الزوائد: 9 / 2

وفي فردوس الأخبار: 3 / 64: عن ابن عباس أن النبي (صلی الله علیه و آله) قال: علي باب حطة، من دخل منه كان مؤمناً، ومن خرج منه كان كافراً. عن أبي ذر أن النبي (صلی الله علیه و آله) قال: علي باب علمي، ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي. حبه إيمان، وبغضه نفاق، والنظر إليه رأفة ومودة وعبادة.

وفي صحيح مسلم: 1 / 60، تحت عنوان: باب حب علي من الايمان: عن زر بن حبيش قال: قال علي عليه السلام: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي صلي الله عليه وسلم إلي، أن لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق.

ص: 138

ورواه ابن ماجة: 1 / 42، والنسائي في سننه: 8 / 115 و117 وفي خصائص علي: 1375، وأحمد في مسنده: 1 / 84 و95 و128 وفي فضائل الصحابة: 2 / 264، وابن أبي شيبة في المصنف: 12 / 56، وعبد الرزاق في المصنف: 11 / 55، وابن أبي عاصم في السنة: 5842، وابن حبان في صحيحه: 9 / 40، والخطيب في تاريخ بغداد: 2 / 255 و14 / 426، وابن عبد البر في الاستيعاب: 3 / 37، وأبو نعيم في حلية الأولياء: 8 / 185، وابن حجر في الاصابة: 2 / 503، والحاكم في المستدرك: 3 / 139، والبيهقي في سننه: 5 / 47، وابن حجر في فتح الباري: 7 / 57.

وفي مسند أبي يعلي: 1 / 237: عن الحارث الهمداني قال: رأيت علياًّ جاء حتي صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه، ثم قال: قضاء قضاه الله علي لسان نبيكم النبي الأمي صلي الله عليه و(آله) وسلم إلي: أنه لا يحبني إلا مؤمن، ولا يبغضني إلا منافق، وقد خاب من افتري.

وفي فتح الباري: 7 / 72: وفي كلام أمير المؤمنين كرم الله وجهه يقول: لو ضربت خيشوم المؤمن بسيفي هذا علي أن يبغضني ما أبغضني، ولو صببت الدنيا بجمانها علي المنافق علي أن يحبني ما أحبني! وذلك أنه قضي فانقضي علي لسان النبي الأمي صلي الله عليه و(آله) وسلم أنه قال: يا علي لا يبغضك مؤمن، ولا يحبك منافق.

وهو في نهج البلاغة: 2 / 154، شرح محمد عبده، وقال ابن أبي الحديد في شرحه 2 / 485: في الخبر الصحيح المتفق عليه أنه: لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، وحسبك بهذا الخبر، ففيه وحده كفاية: وقال ابن أبي الحديد في موضع آخر كما في هامش بحار الأنوار: 39 / 294: قال شيخنا أبو القاسم البلخي: قد اتفقت الأخبار الصحيحة التي لا ريب عند المحدثين فيها أن النبي قال له: لا يبغضك إلا منافق ولا يحبك إلا مؤمن.

ص: 139

وفي بشارة المصطفي للطبري الشيعي / 107: أخبرنا الشيخ الفقيه المفيد أبو علي الطوسي رحمه الله بقراءتي عليه في شعبان سنة إحدي عشرة وخمسمائة بمشهد مولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام قال: أخبرنا السعيد الوالد أبو جعفر محمد بن الحسين الطوسي رحمه الله قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان الحارثي رحمه الله قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال: حدثنا علي بن العباس بن الوليد قال: حدثنا ابراهيم بن بشير بن خالد، قال: حدثنا منصور بن يعقوب قال: حدثنا عمرو بن ميمون، عن ابراهيم بن عبد الأعلي، عن سويد بن غفلة قال: سمعت عليا عليه السلام يقول: والله لو صببت الدنيا علي المنافق صباً ما أحبني، ولو ضربت بسيفي هذا خيشوم المؤمن لأحبني، وذلك أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله يقول: يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق! انتهي. ورواه محمد بن سليمان في مناقب أمير المؤمنين (علیه السلام): 2 / 484، والفتال النيسابوري في روضة الواعظين / 295

وفي فردوس الأخبار: 5 / 316: قال النبي (صلی الله علیه و آله): يا علي محبك محبي، ومبغضك مبغضي. ونحوه في الطبراني في الأوسط: 3 / 89، عن عمران بن حصين. وأحمد في فضائل الصحابة: 2 / 639، عن جابر بن عبد الله الأنصاري. والحاكم في: 3 / 130، عن سلمان الفارسي. وفي: 3 / 129، عن أبي ذر الغفاري. والهيثمي في مجمع الزوائد: 9 / 129، عن أبي يعلي، عن أبي رافع. وفي تاريخ بغداد: 9 / 72، وفي: 4 / 41، وفي: 13 / 23، عن ابن مسعود، وفي ص 153، عن ابن عباس. ورواه أيضاً في: 9 / 72، وروي فيها: عن عمار بن ياسر قال سمعت رسول الله يقول لعلي: يا علي طوبي لمن أحبك وصدق فيك، وويل لمن أبغضك وكذب فيك.

وروي الحاكم في المستدرك: 3 / 128: عن ابن عباس قال: نظر النبي صلي الله عليه وسلم الي علي فقال: يا علي أنت سيد في الدنيا وسيد في الاخرة،

ص: 140

حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوك عدوي وعدوي عدو الله، والويل لمن أبغضك بعدي!! صحيح علي شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

ورواه في تاريخ بغداد: 4 / 41، وفي فردوس الأخبار: 5 / 324.

وفي الطبراني الأوسط: 3 / 89: عن عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لعلي: إن الله تبارك وتعالي زينك بزينة لم يزين العباد بزينة مثلها! إن الله تعالي حبب اليك المساكين والدنو منهم، وجعلك لهم إماماً ترضي بهم، وجعلهم لك أتباعاً يرضون بك، فطوبي لمن أحبك وصدق عليك، وويل لمن أبغضك وكذب عليك.

فأما من أحبك وصدق عليك فهم جيرانك في دارك، ورفقاؤك من جنتك. وأما من أبغضك وكذب عليك، فإنه حق علي الله عز وجل أن يوقفهم مواقف الكذابين.

وفي مستدرك الحاكم ص 138: عن علي بن أبي طلحة قال: حججنا فمررنا علي الحسن بن علي بالمدينة، ومعنا معاوية بن حديج، فقيل للحسن: إن هذا معاوية بن خديج الساب لعلي، فقال علي به، فأتي به فقال: أنت السابّ لعلي؟! فقال: ما فعلت! فقال: والله إن لقيته، وما أحسبك تلقاه يوم القيامة، لتجده قائما علي حوض رسول الله صلي الله عليه وآله، يذود عنه رايات المنافقين، بيده عصا من عوسج.. حدثنيها الصادق المصدوق، وقد خاب من افتري. هذا حديث صحيح الاسناد، ولم يخرجاه. انتهي.

وفي مسند أبي يعلي: 6 / 174: عن علي بن أبي طلحة مولي بني أمية، قال: حج معاوية بن أبي سفيان وحج معه معاوية بن خديج، وكان من أسب الناس لعلي، قال: فمر في المدينة وحسن بن علي ونفر من أصحابه جالس، فقيل له:

ص: 141

هذا معاوية بن خديج السابّ لعلي! قال: علي الرجل، قال: فأتاه رسول فقال: أجب. قال من؟ قال: الحسن بن علي يدعوك، فأتاه فسلم عليه. فقال له الحسن: أنت معاوية بن خديج؟ قال: نعم. فرد ذلك عليه، قال: فأنت الساب لعلي بن أبي طالب؟! قال: فكأنه استحيا. فقال له الحسن: أما والله لئن وردت عليه الحوض، وما أراك ترده، لتجدنه مشمر الأزار علي ساق، يذود عنه رايات المنافقين ذود غريبة الأبل. قول الصادق المصدوق، وقد خاب من افتري. ورواه أبو يعلي في مسنده: 12 / 139، والطبراني في الأوسط: 3 / 22، وفي الكبير: 913، وفي مجمع الزوائد: 9 / 130، و272 وفيه:

قال يامعاوية بن خديج إياك وبغضنا، فإن رسول الله قال: لا يبغضنا ولا يحسدنا أحد إلا ذيد عن الحوض يوم القيامة بسياط من نار.

ورواه في مختصر تاريخ دمشق: 12 جزء 24 / 393، وفي كفاية الطالب / 89، عن أبي كثير، ورواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 8 جزء 15 / 18، عن المدائني.

وفي شواهد التنزيل للحسكاني: 1 / 551 ح 585: بسنده عن جابر وأنس قالا قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): يا علي، لو أن أمتي أبغضوك لأكبهم الله علي مناخرهم في النار.

وفي شواهد التنزيل: 1 / 550 ح 583: بسنده عن جابر قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) يا علي، لو أن أمتي صاموا حتي صاروا كالأوتاد، وصلّوا حتي صاروا كالحنايا، ثم أبغضوك لأكبهم الله علي مناخرهم في النار!!

وفي شواهد التنزيل: 1 / 496 ح 524: بسنده عن جابر قال: خطبنا رسول الله (صلی الله علیه و آله) فسمعته يقول: من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً!!

ص: 142

وفي شواهد التنزيل: 1 / 550 ح 584: بسنده عن أبي سعيد قال: قتل قتيل بالمدينة علي عهد النبي (صلی الله علیه و آله)... فقال: والذي نفس محمد بيده لا يبغضنا أهل البيت أحد إلا أكبّه الله عز وجل في النار علي وجهه!

وفي بشارة المصطفي للطبري الشيعي / 204: قال حدثنا الهيثم بن حماد، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك قال: رجعنا مع رسول الله صلي الله عليه وآله قافلين من تبوك فقال في بعض الطريق: ألقوا إليّ الأحلاس والأقتاب ففعلوا، فصعد رسول الله صلي الله عليه وآله فخطب فحمد الله وأثني عليه بما هو أهله ثم قال: معاشر الناس مالي أراكم إذا ذكر آل إبراهيم تهللت وجوهكم، فإذا ذكر آل محمد كأنما يفقأ في وجوهكم حب الرمان!! والذي بعثني نبياً لو جاء أحدكم يوم القيامة بأعمال كأمثال الجبال، ولم يجئ بولاية علي بن أبي طالب لأكبه الله عز وجل في النار!!

محاولة ابن حجر تجريد علي من هذه الفضيلة

قال في فتح الباري: 1 / 63: وقد ثبت في صحيح مسلم عن علي أن النبي (صلی الله علیه و آله) قال له: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق. وهذا جارٍ باطراد في أعيان الصحابة لتحقق مشترك الاكرام، لما لهم من حسن الغناء في الدين!

قال صاحب المفهم: وأما الحروب الواقعة بينهم، فإن وقع من بعضهم بغضٌ فذاك من غير هذه الجهة، بل للأمر الطارئ الذي اقتضي المخالفة! ولذلك لم يحكم بعضهم علي بعض بالنفاق، وإنما كان حالهم في ذاك حال المجتهدين في الأحكام، للمصيب أجران وللمخطيء أجر واحد!! والله أعلم.

وقال في فتح الباري: 7 / 72، في شرح رواية البخاري: 1 / 525: لأعطين

ص: 143

الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله: وقوله في الحديثين إن علياًّ يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله: أراد بذلك وجود حقيقة المحبة، وإلا فكل مسلم يشترك مع علي في مطلق هذه الصفة!

وفي الحديث تلميح بقوله تعالي: قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله، فكأنه أشار الي أن علياً تامّ الاتباع لرسول الله (صلی الله علیه و آله) حتي اتصف بصفة محبة الله له، ولهذا كانت محبته علامةالايمان وبغضه علامة النفاق، كماأخرجه مسلم من حديث علي نفسه، قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي (صلی الله علیه و آله) أن لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا منافق. وله شاهد من حديث أم سلمة عند أحمد. انتهي.

فقد حاول ابن حجر أن يميع شهادة النبي صلي الله عليه وآله لعلي عليه السلام في خيبر، وشهادته له بأن حبه وبغضه ميزان الايمان.. ويجعلهما شهادتين عامتين لكل الصحابة!! فتأمل في هذا البغض المكنون!!

أما في خيبر فقد حاصر المسلمون خيبر وفتحوا عدداً من حصونها، ولكنهم عجزوا عن فتح أهم حصن فيها (حصن السلالم)! وكانت آخر محاولتين لفتحه حملتان قاد المسلمين في الأولي منهما أبو بكر، وما أن اقتربوا من الحصن حتي واجهتهم دفاعات اليهود من أعلي الحصن بوابل من السهام والأحجار.. فانهزموا راجعين الي مقرّ قيادة النبي صلي الله عليه وآله!!

وفي اليوم التالي قاد الحملة عمر بن الخطاب، فتكرر نفس المشهد بشكل أسوأ! وانهزم المسلمون من أول رشق!! ورجعوا وهم يجبِّنون عمر وهو يجبِّنهم!!

عندها غضب النبي صلي الله عليه وآله وقال كلمته الخالدة (لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، كرار غير فرار، لا يرجع حتي يفتح الله علي

ص: 144

يديه) وكان علي مريضاً برمد العينين، فأحضره النبي صلي الله عليه وآله ومسح بريقه علي عينيه فشفاه الله تعالي، وأعطاه الراية، فتقدم علي أمام المسلمين وصعد في جبل الحصن قبلهم، وهو يدفع السهام والأحجار حتي تكسر ترسه، وتمكن من الصعود الي باب الحصن وبه جراحات، فاستعان بالله تعالي ودحا الباب الحديدي الضخم فانفتح، فدخل عليهم وحده وقتل فارسهم مرحبا، ورفع صوته بالتكبير، ففهم المسلمون أنه النصر، فدخلوا الحصن علي أثره وأكملوا تحريره!!

فانظر كيف حاول ابن الحجر توسيع هذه الشهادة النبوية لتشمل كل الصحابة، ويغمض عينيه عن خصوصياتها المتعددة، التي لا تنطبق إلا علي علي؟!

والأعجب من ذلك أنه عمد الي الميزان الالهي لإيمان الأمة، والذي هو ميزان منصوص، لشخص مخصوص، فجعله ميزاناً واسعاً، ضائعاً مائعاً متناقضاً! فقال ابن حجر: وهذا جار باطراد في أعيان الصحابة، لتحقق مشترك الاكرام، لما لهم من حسن الغناء في الدين!!!

يعني بذلك أن حب كل واحدمن الصحابة علامة علي الايمان وبغض أي واحد منهم علامة علي النفاق، لأنهم جميعاً شاركوا في نصرة النبي صلي الله عليه وآله!

يفعل ابن حجر ذلك وهو يعلم أن غرض الاسلام من التأكيد علي حب علي عليه السلام أن يجعله الميزان لادعاء كال من ادعي الاسلام.

وكيف يعقل ابن حجر أن يكون الصحابة جميعاً مقياساً لذلك، وعددهم عنده أكثر من مئة ألف، وقد كانوا في عهد النبي صلي الله عليه وآله مختلفي المشارب والاتجاهات والمستويات، وصاروا بعده أكثر اختلافاً وعداوةً وبغضاءً.. حتي

ص: 145

انقسمت الأمة بسببهم الي محب لهم ومبغض، وقامت بينهم الحروب!!

فلو جعلنا حب أي واحد منهم مقياساً للايمان، فقد نفينا وجود منافقين في الأمة!

لأن المنافقين في زمنه وبعده، إما صحابة أو يحبون أحداً من الصحابة! وذلك تكذيب للقرآن حيث أخبرا بوجود منافقين في حياة النبي صلي الله عليه وآله.

وإن جعلنا بعض أي واحد منهم مقياساً للنفاق فيكون جميع الصحابة منافقين!! لأنه لايكاد يوجد صحابي إلا وأبغض صحابياً آخر!! فانظر أي مشكلة عقيدية أنزلها ابن حجر علي رؤوس الصحابة أنفسهم!!

- وقد حاول ابن حجر أن يخلص من هذه الورطة فنقل عن صاحب المفهم كلاماً غير مفهم، مفاده أن الصحابة قد أبغضوا بعضهم، وقد اشتهر بغض معاوية لعلي، ولكن هذا البغض بزعمه ليس نفاقاً! لأن قصد النبي صلي الله عليه وآله أن علامة النفاق هو بغض علي بسبب نصرته للنبي فقط.. وأما بغضه لسبب آخر فهو حلال زلال، لا يوجب نفاقاً ولا هم يحزنون!!

وهي حيلة وجدها علماء الخلافة القرشية قبل ابن حجر، فحللوا بها بغض علي، وزعموا أن التأكيد النبوي المطلق مخصوص بمن أبغضه لنصرته للنبي صلي الله عليه وآله فقط! فلا يشمل الذين يبغضونه لأسباب أخري غير النصرة!!

وقد تشبثوا بتلك الحيلة لرفع حكم النفاق عن معاوية، وتبرير لعنه علياً عليه السلام ومطاردته محبيه في كل صقع، وتقتيله شيعته وهدم بيوتهم، وتقريب مبغضيه ولاعنيه، وإعطائهم مناصب الدولة!!

وقد تمسك بهذه الحيلة بعض فقهاء النواصب في عصر ابن حجر، ودافعوا بها أمام القضاة السنيين، الذين أصدروا حكمهم علي ابن تيمية، بأنه ناصبي

ص: 146

منافق مبغض لعلي عليه السلام! فقال المدافعون: إن بغضه لعلي الذي ليس بسبب نصرته للنبي صلي الله عليه وآله فهو مثل معاوية يبغض علياً لأسباب أخري، فبغضه له حلالٌ لا يصير بسببه من المنافقين، كما أن معاوية لم يصرّ من المنافقين! ولكنه منطق متهافت:

أولاًً، لأن كلام النبي صلي الله عليه وآله صريح في الاطلاق والعموم. فأين دليلهم علي التخصيص، وأين المخصص والمقيد من عقل أو نقل؟

وثانياً، أنهم بذلك جوزوا للمسلمين أن يصيروا كلهم رافضة، وأن يبغضوا الصحابة ويلعنوهم لأسباب أخري غير نصرتهم للنبي صلي الله عليه وآله!! فما دام بغض معاوية والنواصب ولعنهم علياً حلال، وهم مصدَّقون في ادعائهم أن بغضهم له لسبب آخر غير النصرة! فكل مسلم يجوز له أن يبغض من شاء من الصحابة ويلعنهم، ويكفي لتبرئته أن يزعم أن ذلك لسبب آخر غير النصرة!!

والواقع أن ابن حجر وأمثاله يعرفون أن علياً هو المقياس النبوي الالهي للايمان في الأمة في حياة النبي وبعده، ويروون في الصحاح قصة بغض بريدة وخالد وغيرهما لعلي وغضب النبي صلي الله عليه وآله عليهم لذلك!

ولكن علماء الخلافة يجادلون نبيهم، ويحتالون علي أحاديثه تخصيصاً وتوسيعاً وتمييعاً، لمصلحة مبغضي أهل بيت نبيهم من قبائل قريش الأخري، التي أشربوا حبها علي حساب أهل بيت نبيهم!! ولله في خلقه شؤون!!

فكتب (أبو الفضل) بتاريخ 26-4-2000، الخامسة إلا ربعاً مساءً:

تعجز الأيدي بكتابة شئ بحقك يالعاملي، مما أنت عليه من حب وولاء لأهل بيت رسول الله (صلی الله علیه و آله). سلمت يداك وعقلك، وحياك الله وجزاك كل خير.

وكتب (أبو فراس)، الخامسة والنصف مساءً:

ص: 147

نحن ضد كل من يبغض علياً فمن يبغضة إلا كل من أعماه الله. كرم الله وجهه

وأجاب (العاملي) بتاريخ 26-42000، السادسة إلا ربعاً مساءً:

أحسنت يا أبا فراس، وهل تري أن معاوية كان يحب علياًّ عليه السلام؟

وهل تري أن ابن تيمية كان يحب علياًّ عليه السلام؟

وكتب (أبو فراس) بتاريخ 26-4-2000 السادسة مساءً:

أجل. وأسأل الله أن يجعلهم كما قال: (ونزعنا ما في صدورهم من غلٍ إخواناً علي سرر متقابلين).. فكلاهما يعرف قدر صاحبه ويعظمه.

فمن لا يعرف قدر علي فذلك ممن أعماه الله. ومن لم يعرف قدر معاوية فذلك ممن أخزاه الله.

وكتب (هاشم بني هاشم)، السادسة والنصف مساءً:

أبا فراس. حشرك الله مع معاوية من يحب معاوية وحشرني الله مع علي عليه السلام ومن يحب علياًّ.

وكتب (السبطين)، السابعة مساءً:

إن من أعجب الأعاجيب عندما نري كثيراً من متعصبي أهل السنة يقول لك: أن الصحابة يعرفون قدر بعض، فلو كان إمامهم معاوية يعرف أمير المؤمنين عليه سلام لما قاتله وحاربه بكل الوسائل سواء كانت محرمة أم محللة. ويقولون إن كان أخطأ فهو مثاب لأنه مجتهد، وقد قال الشاعر فيه:

فلو كان باجتهاد أتاها *** لارعوي بعد قتله عمار

لكن من تسموا بأهل السنة ضلوا وظلوا فيما يعتقدون من تقديس للبغاة

ص: 148

والطلقاء.

حب آل البيت قربه *** وهو أسمي الحب رتبه

ذنب من والآهمُ *** تغسله مزن المحبه

والذي يبغضهم *** لا يسكن الإيمان قلبه

علمه والنسك رجسٌ *** عسل في ضرع كلبه

لعن الله عدو *** الآل إبليس وحزبه

وكتب (أبو فراس)، السابعة وخمس دقائق مساءً:

حشرني الله مع معاوية. آمين. دعاء لابأس به. ولكن أدلّك علي دعاء خير منه قل: حشرك الله مع محمد وصحبه.

وكتب (ناصر)، السابعة والنصف مساءً:

يا أبا فراس. هل يجتمع الليل والنهار. هل يجتمع الأبيض والأسود. هل يجتمع الماء والنار هل يجتمع الكفر والايمان؟

إذن كيف اجتمع في قلبك حب محمد (صلی الله علیه و آله) وآله (علیه السلام) وحب عدوه وهم أبوسفيان وآله (ل) وكيف يحب قلب امريء ويكره في آن واحد...!! والله يا أبو فراس ماهو إلا النفاق الذي بلاكم (كذا) الله به حتي النخاع...

ولكن لا أقول إلا كقول السبط الشهيد (علیه السلام): (كونوا أحراراً في دنياكم)!

فإن كنت بالشوري ملكت أمورهم *** فكيف بهذا والمشيرون غيَّبُ

وإن كنت بالقربي حججت خصيمهم *** فغيرك أولي بالنبي وأقربُ

وكتب (سجاد)، السابعة والدقيقة السابعة والثلاثين مساءً:

جزيت خيراً يا شيخنا العاملي وسلمت يداك، ورويت من الكوثر، وحشرك

ص: 149

الله مع أهل البيت عليهم السلام وبارك الله فيك ياشيخنا الجليل. سؤال بسيط وبريء:

إن كان معاوية يحب الأمير (علیه السلام) ويعظمه ويعرف مكانته (علیه السلام)، فمن سيدفع حساب المئة ألف من المسلمين الذين قتلوا من وراء ابن آكلة الأكباد؟! أم أن دمائهم كانت حلال، وكانت مشروب الكوكاكولا؟!

وكتب (ذو الشهادتين)، الثامنة إلا ربعاً مساءً:

أسأل الله أن يحشرنا مع محمد وآل محمد.

لا يقبل أي إنسان وحتي الطفل فكرة أن الله يحشر الظالم القاتل والخارج علي إمام زمانه وقائد الفرقة الباغية (معاوية بن أبي سفيان الطليق) التي قتلت عمار بن ياسر مع المظلومين علي (علیه السلام) وعمار بن ياسر، وذو الشهادتين خزيمة بن ثابت، وأبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنهم.

أنتم تزعمون أن الظالم والمظلوم في الجنة والقاتل والمقتول في الجنة!!

إذاً أين العدالة الإلهية؟؟ حشرك الله يا أبا فراس مع معاوية إن شاء الله.

وكتب (أبو فراس)، الثامنة إلا عشر دقائق مساءً:

سبحان الله. يا ناصر.. إتق الله.. إتق الله. كفاك أن تصف الصحابي الجليل معاوية بالكفر فتكون كافراً لكفرك (كذا) إياه. من كفَّر صحابي (كذا) فهو كافر، ثم لو أن معاوية كافر فيكون الحسن بن علي كافر وليس بمعصوم... فكيف يعطي الخلافة لكافر؟؟ يا رجل اتق الله.كفاكم تخبطاً في قولكم!

ثم من المعلوم أن علياًّ هو الذي بدأ بالقتال وليس معاوية. ولا نقول عنهما إلا كل خير. ثم كيف تكفر وقد قال رسول الله لإبنه الحسن بأنه سيدٌ يصلح الله علي يديه بين طائفتين عظيمتين من المسلمين.

ص: 150

هذا دعاء لي يا رجل... اللهم آمين عسي أن أحشر مع محمد إمام المتقين وقائد الغر المحجلين. مع صحابته أجمعين مع الصالحين في العليين، وحسن أولئك رفيقاً. اللهم آمين.

فكتب (ذو الشهادتين)، الثامنة وعشر دقائق مساءً:

هذه هدية متواضعة مني إلي النواصب:

في الإستيعاب لإبن عبدالبر ج2 ص 464 قال: وروي عمار الدهني عن أبي الزبير عن جابر قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغض علي بن أبي طالب صلي الله عليه وآله.

يقول السيد الحميري في ذلك:

وجاء عن بن عبدالله أنا به كنا نميز المؤمنين

فنعرفهم بحبهم علياًّ وإن ذوي النفاق ليُعرفون

ببغضهم الوصيَ ألا فبعداً لهم ماذا عليه ينقمون

ومما قالت الأنصار كانت مقالة عارفين مجربين

ببغضهم الهادي عرفنا وحققنا نفاق منافقين

اللهم احشرنا مع محمد وآل محمد.

وكتب (أبو سمية)، التاسعة مساءً:

أحسنت يا مولانا العاملي وشيعة الآل الاطهار، وحشرنا مع محمد وآل محمد صلوات الله عليهم، ومع الذين يدخلون الجنة الذين هم بقدر (همل النعم).

ومن الطبيعي معاوية مع من حارب أمير المؤمنين علي (كذا) في جهنم وبئس المهاد.. عجيب أمر من يقول بدخول المقاتل للحق والمقتول علي الحق في الجنة!

ص: 151

وكتب (المسلم المسالم)، التاسعة وعشر دقائق مساءً:

لماذا تكفرون الغلاة، إذن، وهم إنما يحبون علياًّ رضي الله عنه ويعتقدون فيه ما لا تعتقدون أنتم فيه؟؟ كيف تكفرونهم والرسول صلي الله عليه وسلم يقول: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق؟؟؟ فهل الغلاة مؤمنون عندكم... أم كفار؟؟

وكتب (عمر)، التاسعة والثلث مساءً:

عزيزي العاملي: لو سلمنا بحديثكم وأن الكافر هو الذي يبغض الامام علي (رضی الله عنه) فما قولك بمن كفر الصحابة وجعلهم مرتدين، وهم لهم نفس الحديث من البخاري أي معتمد. ولك من البخاري ما يشابه حديثك: علامة الإيمان، حب الأنصار من الإيمان. آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار.

فتح الباري بشرح صحيح البخاري: قوله: (آية الإيمان) هو بهمزة ممدودة وياء تحتانية مفتوحة وهاء تأنيث، والإيمان مجرور بالإضافة، هذا هو المعتمد في ضبط هذه الكلمة في جميع الروايات، في الصحيحين والسنن والمستخرجات والمسانيد. والآية: العلامة كما ترجم به المصنف، ووقع في إعراب الحديث لأبي البقاء العكبري (إنه الإيمان) بهمزة مكسورة ونون مشددة وهاء، والإيمان مرفوع، وأعربه فقال: إن للتأكيد، والهاء ضمير الشأن، والإيمان مبتدأ وما بعده خبر، ويكون التقدير: إن الشأن الإيمان حب الأنصار. وهذا تصحيف منه. ثم فيه نظر من جهة المعني لأنه يقتضي حصر الإيمان في حب الأنصار، وليس كذلك. فإن قيل: واللفظ المشهور أيضاً يقتضي الحصر، وكذا ما أورده المصنف في فضائل الأنصار من حديث البراء بن عازب (الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن)، فالجواب عن الأول: أن العلامة كالخاصة تطرد ولا تنعكس

ص: 152

، فإن أخذ من طريق المفهوم فهو مفهوم لقب لا عبرة به. سلمنا الحصر لكنه ليس حقيقياً بل ادعائياً للمبالغة، أو هو حقيقي لكنه خاص بمن أبغضهم من حيث النصرة. والجواب عن الثاني أن غايته أن لا يقع حب الأنصار إلا لمؤمن.

وليس فيه نفي الإيمان عمن لم يقع منه ذلك، بل فيه أن غير المؤمن لا يحبهم.

فإن قيل: فعلي الشق الثاني هل يكون من أبغضهم منافقاً وإن صدق وأقر؟ فالجواب: أن ظاهر اللفظ يقتضيه ; لكنه غير مراد، فيحمل علي تقييد البغض بالجهة، فمن أبغضهم من جهة هذه الصفة – وهي كونهم نصروا رسول الله صلي الله عليه وسلم – أثر ذلك في تصديقه فيصح أنه منافق.

ويقرب هذا الحمل زيادة أبي نعيم في المستخرج في حديث البراء بن عازب (من أحب الأنصار فبحبي أحبهم، ومن أبغض الأنصار فببغضي أبغضهم)، ويأتي مثل هذا الحب كما سبق. وقد أخرج مسلم من حديث أبي سعيد رفعه (لا يبغض الأنصار رجل يؤمن بالله واليوم الآخر)، ولأحمد من حديثه (حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق). ويحتمل أن يقال إن اللفظ خرج علي معني التحذير فلا يراد ظاهره، ومن ثم لم يقابل الإيمان بالكفر الذي هو ضده، بل قابله بالنفاق إشارة إلي أن الترغيب والترهيب إنما خوطب به من يظهر الإيمان، أما من يظهر الكفر فلا ; لأنه مرتكب ما هو أشد من ذلك.

قوله: (الأنصار) هو جمع ناصر كأصحاب وصاحب، أو جمع نصير كأشراف وشريف، واللام فيه للعهد أي: أنصار رسول الله صلي الله عليه وسلم، والمراد الأوس والخزرج، وكانوا قبل ذلك يعرفون ببني قيلة، بقاف مفتوحة وياء تحتانية ساكنة وهي الأم التي تجمع القبيلتين، فسماهم رسول الله صلي الله

ص: 153

عليه وسلم (الأنصار) فصار ذلك علماً عليهم، وأطلق أيضاً علي أولادهم وحلفائهم ومواليهم. وخصوا بهذه المنقبة العظمي لما فازوا به دون غيرهم من القبائل من إيواء النبي صلي الله عليه وسلم ومن معه والقيام بأمرهم ومواساتهم بأنفسهم وأموالهم وإيثارهم إياهم في كثير من الأمور علي أنفسهم، فكان صنيعهم لذلك موجباً لمعاداتهم جميع الفرق الموجودين من عرب وعجم، والعداوة تجر البغض، ثم كان ما اختصوا به مما ذكر موجباً للحسد، والحسد يجر البغض، فلهذا جاء التحذير من بغضهم والترغيب في حبهم حتي جعل ذلك آية الإيمان والنفاق، تنويهاً بعظيم فضلهم، وتنبيهاً علي كريم فعلهم، وإن كان من شاركهم في معني ذلك مشاركاً لهم في الفضل المذكور كل بقسطه. وقد ثبت في صحيح مسلم عن علي: أن النبي صلي الله عليه وسلم قال له: (لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)، وهذا جارٍ باطراد في أعيان الصحابة، لتحقق مشترك الإكرام، لما لهم من حسن الغناء في الدين.

قال صاحب المفهم: وأما الحروب الواقعة بينهم فإن وقع من بعضهم لبعض فذاك من غير هذه الجهة، بل الأمر الطارئ الذي اقتضي المخالفة، ولذلك لم يحكم بعضهم علي بعض بالنفاق، وإنما كان حالهم في ذاك حال المجتهدين في الأحكام: للمصيب أجران وللمخطئ أجر واحد. والله أعلم.

وكتب (ابو سمية)، العاشرة مساءً:

ومن هنا نثبت كفر معاوية لبغضه للمدينة والأنصار، وكذلك كفر ابنه يزيد صاحب موقعة الحرة.. فما تقول؟!

فكتب (العاملي)، الحادية عشرة مساءً:

صلوات الله علي رسوله وعلي وصيه عليّ..

ص: 154

علي ميزان الكفر والايمان في حياة النبي..

وكان وما يزال ميزان الكفر والايمان بعده..

هذا ما يرويه حتي خصوم علي والناصبون له العداء!! ولوكان عندهم نصف حديث في أئمتهم لهجموا به بيوتنا وهدموها أكثر مما هدموها!!

ها أنت تري أن شيعة علي عليه السلام علي بصيرة من ربهم ونبيهم.. فقد جعل الله لهم نوراً يمشون به في الناس ويقيسونهم به..

وتري مخالفيه.. متخبطين، حشويين، خلاّطين، متناقضين، لا بصيرة لهم ولا يقين، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور!!

قالت النصاري: الله والآب والابن ثلاثة = واحد!! وقالت النواصب: حب علي فريضة، والصلاة عليه مع النبي فريضة.. ومبغضه في النار.. ولكن معاوية قاتله وهو محب له، فهو في الجنة!!! أرأيتم أنهم في التناقض سواء؟!!

أبا فراس: أنتم تروون أن الخلافة ثلاثون سنة فقط، وبعدها الملك العضوض للمسلمين!! فمعاوية بنصكم هو: العضوض، فاتق الله ولا تسميه خليفة.. والامام الحسن عليه السلام صالحه للضرورة، وهو يعلم أنه سيحكم المسلمين ويعضهم، وشرط عليه شروطاً فنكثها، وانفسخ الصلح..

عمر: عندما واجه أئمتكم نبيهم وردوا عليه، ورفضوا أن يلتزموا بالكتاب الذي أراد أن يكتبه لهم فلا يضلوا.. فقد ارتدوا وانتهي أمرهم!!

أما ردتهم بعد وفاة النبي فهي الثانية أو الرابعة!! لكن النبي صلي الله عليه وآله أمر علياً عليه السلام أن ينزلهم في ذلك بمنزلة ضلالة، لأمر أراده الله تعالي.. ولو أن علياًَ حكم بكفرهم لحكمنا بنجاستهم..

وقد وصفهم عليه السلام بأنهم أئمة الضلال الذين حذر منهم النبي، فقبلنا قوله. وقد

ص: 155

جاراهم وداراهم ولم يجاهدهم لمصلحة الاسلام.. فقبلنا عمله.. لأنه معصوم بنص الله في كتابه (وأطيعوا االرسول وأولي الأمر منكم) وحاشا لله أن يفرض إطاعة ولي أمر غير معصوم!!

ومعصوم بنص النبي بأنه ولي الأمة بعده. وحاشا لله أن يجعل ولياً علي الأمة ويفترض طاعته وهو غير معصوم!!

من هم النواصب؟

وكتب (أبو فراس) الحادية عشرة مساءً:

في قولك يا العاملي (وقالت النواصب: حب علي فريضة، والصلاة عليه مع النبي فريضة.. ومبغضه في النار.. ولكن معاوية قاتله وهو محب له، فهو في الجنة!!! أرأيتم أنهم في التناقض سواء؟!!)

من تعني؟ كأنك تعنينا؟؟ نحن نحب علياً ونواليه ونصلي علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبة أجمعين، ولا نذكر علياً أو معاوية إلا بكل خير، هل هذا في نظرك نصباً (كذا)؟؟ علي بن أبي طالب نشهد له في الجنة، لأن رسول الله شهد له بذلك فهو من العشرة المبشرين بالجنة. ومعاوية نشهد له بصلاح أمره وبالمغفره وفي الجنة إن شاء الله مع رسول الله صلي الله عليه وسلم وأصحابه، لأن رسول الله دعا له حيث قال: اللهم اجعله هادياً مهدياً. ورواية أخري في البداية والنهاية حديث قال: اللهم علمه القرآءة والحساب وقه العذاب. هل حب صحابة رسول الله صلوات الله وسلامه عليه تعدونه نصباً.

إن كان نصباً حب صحب محمدٍ فليشهد الثقلان أني ناصبي

وأجاب (العاملي) بتاريخ 27-4-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

ص: 156

ألا تعرف بأنه لم يثبت عند علمائكم في الجرح والتعديل أي حديث في معاوية إلا قوله صلي الله عليه وآله (لا أشبع الله بطنه).

ألا تعرف قصة النسائي مع أهل دمشق، عندما قال لهم لم يصح عندي في معاوية إلا (لا أشبع الله بطنه)!! فهجموا عليه وضربوه حتي مات علي أثرها!!

ألم يثبت عندك حديث (لعنهما الله وأركسهما في النار) له ولعمرو بن

العاص.. ومتي رأيت ملعوناً علي لسان نبيه، توفَّق للتوبة والجنة؟!!

إقرأ آراء علمائكم في معاوية، ولا تقتصر في قراءتك علي النواصب، الذين يدافعون عن معاوية!!

أمَا ثبت عندكم أنه قائد الفئة الباغية، وأنه الملك الذي يعض الأمة!!!

وكتب (ناصر)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

نعم يا أبا فراس. فمعاوية عار علي الاسلام ويجب التبرأ منه تماماً وكل من يحبه يحشر معه، فمعاوية لو ظفر بعلي لقتله بدون تردد. ولما لم يستطع ذلك نفث حقده وسمه لمن بعده لقتل ذريته الطاهرة، ولكن قبل أن يموت سنّ سنة اللعن والسب اللاأخلاقية، فضلاً عن كفر ونفاق من أمر بها وقالها … وإليك هذه المصادر في أن معاويه أمر بسب علي عليه السلام:

1- صحيح مسلم ج2 ص 360

2- صحيح الترمذي ج5 ص 301: قال رسول الله ص: (من سب علياًّ فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله أكبه الله علي منخريه في النار).

1- نور الأبصار للشلبجي ص100. ط السعيديه وص 99 ط العثمانية.

2- ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 205 ط اسلامبول.

3- ذخائر العقبي ص 66.

4- مناقب علي بن أبي طالب للشافعي ص 394.

ص: 157

5- الفصول المهمه لابن الصباغ المالكي ص 111.

فهل يكب الله تعالي بالنار مؤمن (كذا) أم كافر؟؟؟؟

وكتب (الهاشمي)، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

علي مع الحق والحق مع علي يدور معه حيثما دار.

أحسنت أخي الكريم العاملي، وجزاك عن علي عليه السلام وآل بيته وشيعتهم ومحبيهم خير الجزاء.

أما أن يكون علي إمام المتقين، وأول الناس اسلاماً وأكثرهم بلاءً، مع مافيه من قول الرسول صلوات الله وسلامه عليه، في كفة من أي ميزان، وفي الكفة الأخري الطليق، شارب الخمر وقاتل النفس المحرمة، الباغي علي إمامه، والمبتدع في الاسلام، فتلك ظلامة التاريخ والضمير المتعصب التي تنال من أمير المؤمنين عليه السلام اليوم، مثلما نالت منه بالأمس.

بورك فيك أيها المحب لآل البيت الناصر لهم ولحقّهم، وأنت لها ولكل صعبة.

وكتب (عمر)، الواحدة صباحاً:

الغريب بأن الشيعة تلعن من والي معاوية، ولا تدري بأنها تلعن أئمتهم وعلي رأسهم الحسن والحسين (رضی الله عنه) وعلي (رضی الله عنه) الذي لم يقبل بسب أصحاب معاوية ولا تكفيرهم.

لا أدري متي ابتدع الشيعة لعن معاوية وهذا الحسين (رضی الله عنه) يبايع معاوية حتي وفاته ولكم قول الحسين (رضی الله عنه) في معاوية قبل أن يقتله الشيعة؟

المصدر: الارشاد في معرفه حجج الله علي العباد شيخ الأمة وعلم الشيعة محمد بن محمد بن النعمان: (لما مات الحسن عليه السلام تحركت الشيعة بالعراق،

ص: 158

وكتبوا إلي الحسين عليه السلام في خلع معاوية والبيعة له، فامتنع عليهم، وذكر أن بينه وبين معاوية عهداً وعقداً لايجوز له نقضه، حتي تمضيالمدة، فإذا مات معاوية نظر في ذلك، فلما مات معاوية وذلك للنصف من رجب سنة ستين من الهجرة).

وكتب (أبو فراس)، الواحدة والثلث صباحاً:

يا عاملي. إن كنت تري نصباً من يدافع عن معاوية فإنني أدافع عنه، فحديث: لا أشبع الله بطنه، فقد مات رسول الله وهو عنه راضٍ، وهذا يكفي.

وكتب (ذو الشهادتين)، الثانية صباحاً:

السلام عليكم أيها العاملي الجليل.

ساعد الله قلبك علي مناقشة أناس من أمثال أبوفراس وعمر.

والله إنك تحتاج لصبر أمير المؤمنين (علیه السلام) وسعة صدره لمحاورة عمر وأبو فراس.

إذ أنهم لا يميزون الحق من الباطل والظالم من المظلوم والقاتل من المقتول.

أين العدالة الإلهية يا بشر؟؟؟ قليل من التفكير ينفع.

إنفضوا غبار الجهل والتعصب عن خلايا عقولكم لعلها تحيا مرة أخري!!!

ساعد الله قلبك يا رسول الله (صلی الله علیه و آله) ويا أمير المؤمنين (علیه السلام)، فإذا كان العاملي يلاقي كل هذه المحن بمناقشته عمر وأبو (كذا) فراس اللذان (كذا) يعيشان في عصر التكنولوجيا المتقدمة وعصر ازدهار العلم، فلا أستطيع أن أتصور محن ومصائب أمير المؤمنين في التعامل مع الأجلاف من الأعراب الجهلة والمنافقين، وبعض الصحابة المرتدين، والمبدلين لسنة المصطفي (صلی الله علیه و آله).

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

ص: 159

وكتب (أبو فراس)، الثالثة صباحاً:

لا يوجد فتن إلا من ورائكم يا أسباب فتن آل بيت رسول الله صلي الله عليه وسلم.. من قتلهم غيركم... من خذلهم غيركم، خذلتم علي بن أبي طالب وياما يحرضكم حتي لعنكم. وغدرتم بالحسين حتي قتلتموه بسيوفكم..

عندما هددكم عبيد الله بن زياد بجنود الشام فانضممتم إليه ضد الحسين، وقتلتم مسلم بن عقيل في الكوفة قبل قدوم الحسين، وتتباكون عليه في عاشوراء.

تقتلونه وتتباكون عليه؟! صدق الفرزدق حين قال للحسين رضي الله عنه: قلوبهم معك وسيوفهم عليك. أي نفاق هذا؟!

وكتب (أبو زهراء)، الرابعة إلا الثلث صباحاً:

أحسنت يا شيخنا العاملي، فلقد أمتعتنا بهذا البحث القيم، فحشرك الله مع محمد وآله الطاهرين.

أبا فراس: إقرأ وافهم، ولا تتعصب علي الحق فتكون من أهل النار، لا أشبع الله بطنه، إنما هي دعوة علي كافر، وإليك هذا الحديث من صحيح البخاري: 5078 / 5080 حدثنا محمد بن بشار: حدثنا عبد الصمد: حدثنا شعبة، عن واقد بن محمد، عن نافع قال: كان ابن عمر لا يأكل حتي يؤتي بمسكين يأكل معه، فأدخلت رجلاً يأكل معه فأكل كثيراً، فقال: يا نافع، لا تدخل هذا عليَّ، سمعت النبي صلي الله عليه وسلم يقول: (المؤمن يأكل في مِعًي واحد، والكافر يأكل في سبعة أمعاء).

وأخبرنا متي رضي الرسول صلي الله عليه وآله عن معاوية وهو يلعنه ويلعن أباه، كما أن أم

ص: 160

المؤمنين عائشة كانت تدعو علي معاوية أيضاً بعد مقتل أخيها محمد بن أبي بكر.

ص: 161

ص: 162

الفصل الخامس: فضل شيعة علي علیه السلام

اشارة

عناوين مواضيع الفصل:

أسلوب النبي الفريد في الحث علي حب علي والعترة!

فضل شيعة علي من مصادر السنيين!

ص: 163

ص: 164

اسلوب النبي الفريد في الحث علي حب علي والعترة

كتب (سلمان مسعود العربي)، في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 11-12-1999، الثانية والنصف ظهراً، موضوعاً بعنوان (حب علي بن أبي طالب أحلي من الشهد الي الشارب)، قال فيه:

حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الغطريف الجرجاني، قال: حدثني أبو خليفة الفضل بن حباب الجمحي، قال: حدثني علي بن عبدالله بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عبيد، قال: حدثني عبد الله عن نافع عن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قال: سألنا رسول الله صلي الله عليه وآله عن علي بن أبي طالب عليه السلام، فغضب وقال: ما بال أقوام ينكرون من له منزلة عند الله كمنزلتي ومقام كمقامي إلا النبوة؟!

ألا ومن أحب علياً فقد أحبني ومن أحبني رضي الله عنه كافأه بالجنة.

ألا ومن أحب علياً استغفرت له الملائكة وفتحت له أبواب الجنة يدخل من أي باب شاء بغير حساب.

ألا ومن أحب علياً أعطاه الله كتابه بيمينه وحاسبه الله حساب الأنبياء.

ألا ومن أحب علياً لا يخرج من الدنيا حتي يشرب من حوض الكوثر ويأكل

ص: 165

من شجرة طوبي ويري مكانه من الجنة.

ألا ومن أحب علياً هون الله عليه سكرات الموت وجعل قبره روضة من رياض الجنة.

ألا ومن أحب علياً أعطاه الله في الجنة بكل عرق في بدنه حوراء وشفعه في ستين نفراً من أهل بيته وله بكل شعرة علي بدنه مدينة في الجنان.

ألا ومن أحب علياً بعث الله إليه ملك الموت كما يبعث إلي الأنبياء ودفع عنه أهوال منكر ونكير ونور قبره وفسحه مسيرة سبعين عاماً وبيض وجهه يوم القيامة.

ألا ومن أحب علياً أظله الله في ظل عرشه مع الصديقين والشهداء والصالحين وآمنه من الفزع الأكبر وأهوال الصاخة.

ألا ومن أحب علياً تقبل الله منه حسناته وتجاوز عن سيآته وكان في الجنة رفيق حمزة سيد الشهداء.

ألا ومن أحب علياً أثبت الله الحكمة في قلبه وأجري علي لسانه الصواب وفتح الله عليه أبواب الرحمة.

ألاومن أحب علياً سمي أسير الله في الأرض وباهي به الله ملائكته وحملة العرش.

ألا ومن أحب علياً ناداه ملك من تحت العرش: الآن يا عبد الله استأنف العمل فقد غفر الله لك الذنوب كلها.

ألا ومن أحب علياً جاء يوم القيامة وجهه كالقمر ليلة البدر.

ألا ومن أحب علياً وضع الله علي رأسه تاج الكرامة وألبسه حلة العز.

ألا ومن أحب علياً مر علي الصراط كالبرق الخاطف ولم يرَ صعوبة المرور.

ألا ومن أحب علياً كتب الله له براءة من النار وبراءة من النفاق وجوازاً علي

ص: 166

الصراط وأماناً من العذاب.

ألا ومن أحب علياً لا ينشر له ديوان ولا ينصب له ميزان وقيل له ادخل الجنة بغير حساب.

ألا ومن أحب علياً أمن من الحساب والميزان والصراط.

ألا ومن مات علي حب آل محمد صلي الله عليه وآله صافحته الملائكة وزارته أرواح الأنبياء وقضي الله له كل حاجة كانت له عند الله.

ألا ومن مات علي بغض آل محمد مات كافراً.

ألا ومن مات علي حب آل محمد مات علي الايمان.

ألا ومن مات علي بغض آل محمد مكتوب بين عينيه هذا آيس من رحمة الله.

ألا ومن مات علي بغض آل محمد صلي الله عليه وآله لم يشم رائحة الجنة.

ألا ومن مات علي بغض آل محمد صلي الله عليه وآله يخرج من قبره أسود الوجه.

ملامك في آل النبي فإنهم *** أحباي ماداموا وأهل ثقاتي.

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 12-12- 1999، الواحدة صباحاً:

لِمَ إن تيّمني الوجْد وأعياني الهيام وترامتني أيادي الشوق وأشتدّ الأوام

لِمَ إن أسكرني الحب وأضْناني الغرام يندبُ القلبُ علي ذِكرك من دونِ دَليل

قال (العاملي): روي نحو هذا الحديث الشريف، من علماء السنة:

الزمخشري في تفسيره الكشاف:3/82 وفي طبعة ثانية:2/339.

وابن الفوطي في الحوادث الجامعة ص 153.

وابن حجر في الصواعق المحرقة ص 109، أوله.

ص: 167

والقندوزي في ينابيع المودة ص 27 و263.

والحمويني الشافعي في فرائد السمطين باب 49.

والشبلنجي في نور الأبصار ص 104.

وأبو بكر العطاس في رشفة الصادي ص 45.

والآمر تسري الحنفي في أرجح المطالب ص 320.

وولي الله اللكنهوي في مرآة المؤمنين ص 5.

وفي نزهة المجالس ص 469.

ورواه من علماء الشيعة:

الصدوق في فضائل الشيعة ص 2.

والطوسي في الأمالي ص 30.

وابن جرير الطبري الشيعي في بشارة المصطفي ص 36. وآخرون غيرهم.

ص: 168

فضل شيعة علي من مصادر السنيين

وكتب (خطير) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 23-4-2000، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (شيعة علي في الجنة.. من مصادر أهل السنة)، قال فيه: بعض الروايات الواردة في مصادر إخواننا أهل السنة:

مجمع الزوائد 9/173:

(روي عن أبي هريرة، قال النبي (صلی الله علیه و آله) لعلي: أنت معي وشيعتك في الجنة).

تاريخ بغداد:12 /289:

(قال النبي (صلی الله علیه و آله) لعلي: أنت وشيعتك في الجنة).

الدر المنثور للسيوطي: 6/379 (طبعة مصر):

(قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) لعلي: أنت وشيعتك تردون علي الحوض رواء).

تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص59 ط.الغري:

(بسنده عن أبي سعيد الخدري قال: نظر النبي (صلی الله علیه و آله) إلي علي بن أبي طالب. فقال: هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة).

تاريخ ابن عساكر: 4/318، ابن حجر في الصواعق ص96، تذكرة الخواص ص31، مجمع الزوائد: 9/131:

(قال (صلی الله علیه و آله): يا علي إن أول أربعة يدخلون الجنة أنا وأنت والحسن والحسين، وذرارينا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذرارينا، وشيعتنا عن أيماننا وعن شمائلنا).

الصواعق المحرقة ص66 (طبعة الميمنية بمصر):

(قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): يا علي أنت وشيعتك تردون علي الحوض رواء

ص: 169

مرويين، مبيضة وجوههم، وإن أعداءكم يردون علي الحوض ظماء مقمحين).

كفاية الطالب ص135:

(قال (صلی الله علیه و آله) لعلي:.. وإن شيعتك علي منابر من نور مبيضة وجوههم حولي، أشفع لهم، فيكونون غداً في الجنة جيراني..).

فردوس الأخبار للديلمي:

(روي عن أنس بن مالك أنه قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): شيعة علي هم الفائزون).

جعلنا الله وإياكم من شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

ص: 170

الفصل السادس: اين الصحابة.. من علي علیه السلام؟!

اشاره

عناوين مواضيع الفصل:

أين الصحابة كلهم.. من علي عليه السلام؟!

رد زعمهم أن أبا بكر أفضل من علي عليه السلام.

حديث سورة براءة بين علي وأبي بكر.

علي أحق أن يتبع!

لولا علي لهلك عمر!

علي مجمع الفضائل.. ولايقاس به غيره

علي سيد العرب

ص: 171

ص: 172

أين الصحابة.. من علي عليه السلام؟!

كتب (خادم أهل البيت) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 28-12-1999، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (أين الصحابة من علي)، قال فيه:

مما لاشك فيه أن تاريخ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام تاريخ حافل بالتضحيات والتفاني والآلام، كلها في سبيل ربه.. ولم يكن لأي من الصحابة أن يضاهيه ولو بنصف إنجازاته عليه السلام، وحتي ربعها، فلم يكن كمن بكي وطلب أن يقيلوه البيعة بعدما طالب بها، أو كمن يختبئ خلف رسول الله صلي الله عليه وآله ويطلب الإذن بضرب رقاب الناس! في حين ليس له أي حادثة تذكر في الحروب! أو كمن يفضل عشيرته علي حساب عباد الله بعدما فاز بالخلافة!

إنما كان ممن يحبهم الله ورسوله ويحبهم الله ورسوله، كرار غير فرار، مع الحق والحق معه، يدور معه حيث دار، صارم يقتل أعداء الدين والمنافقين.

وعبد مطيع خاشع في محرابه، زاهد في الدنيا، لا تستميله الصفراء والبيضاء، لا تأخذه في الله لومة لائم، ولا عذل عاذل.

أسد باسل في الحروب، يباهي الله به ملائكة السماء!

يعترف الموالي والمخالف بأعلميته وأفضليته وأشجعيته.

ص: 173

يحذو حذو الرسول، يقاتل علي التأويل كما قاتل علي التنزيل.

احتضنه الرسول الأكرم منذ اليوم الأول لولادته عليه السلام، وكان يلقمه أنامله، ويغذيه الأخلاق الرسالية من صغره، فكان الرسول الأب الروحي والمعلم الأول له، يتبعه اتباع الفصيل اثر أمه، ترعرع في كنف الرسالة، يتعبد ورسول الله معاً في حراء، ويصلون سوياً في حين لا تزال مكة في ضلالها، وضياعها، تعبد الأصنام، وتأكل الربا، ويأكل القوي الضعيف، إلي أن أنار الله بالنبي ظلمها، فكان علي أول القوم إيماناً وتصديقاً، إذ كان شريكاً له في التعبد والصلاة من دون الناس.

وعند نزول قوله تعالي: (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا المصطفي عشيرته فقال لهم: أيكم يعينني علي هذا الأمر فيكون أخي ووصيي وخليفتي ووزيري من بعدي. فلم يجبه إلا علي عليه السلام، وكررها ثانيةً وثالثةً، وفي كل مرة يجيب الإمام علي عليه السلام، فقال الرسول الكريم: (أنت أخي وخليفتي ووصيي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا).

فخرج القوم مستهزئين ساخرين، يقولون لأبي طالب: قد أمّر ابنك عليك.

وتمر السنون، ولا يزال القوم يؤذون النبي الأكرم، حتي أمره الله عز وجل أن يهاجر، وأن يبيت علي بفراشه، وما أن سمع الإمام بذلك حتي قال: نفسي لنفسك الفدي، وروحي لروحك الوقي، والله لا يبالي ابن أبي طالب، وقع علي الموت أم وقع الموت عليه. ففداه بروحه في سبيل إعلاء كلمة الله ودينه، ونصرة رسوله فنزل قوله تعالي: (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد) وقال جبريل وميكائيل: (بخ بخ لك يا ابن أبي طالب، يباهي الله بك ملائكة السماء).

ص: 174

في حين شهدت السماء بشجاعة علي عليه السلام في هذا الموقف، شهدت أيضاً بخوف الآخر في الغار، حتي كان النبي يهدئه ويطمئنه.

ويلحق بعدها الإمام علي عليه السلام بالرسول الكريم صلي الله عليه وآله، مع الفواطم من بني هاشم، ليستقبله النبي المختار قبل دخوله المدينة المنورة، ليدخلاها سوياً بين أهازيج المستقبلين من المهاجرين والأنصار:

طلع البدر علينا *** من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع

أيها المبعوث فينا *** جئت بالأمر المطاع

جئت نورت المدينة *** مرحباً يا خير داع

وفي السنة الأولي من الهجرة المباركة، تزوج علي عليه السلام بالزهراء عليها السلام، بعدما ردّ أبوها جميع الخاطبين من أكابر المسلمين، وأعلاهم شأناً، لتنحصر ذرية النبوة في علي وفاطمة.

ويوم بدر، لم يكن علي عليه السلام كمن قال لرسول الله: (إنها قريش وخيلاؤها) متخوفا من القتال!! إنما كان حاملاً لواء المسلمين متقدماً عليهم، استأنف المعركة بقتل الوليد بن عتبة، وعاون علي قتل شيبة وعتبة، ليفور التنور بعدها ويحمي الوطيس، ويستمر علي في قطع أعناق الكفر واحداً بعد واحد، إلي أن وضعت الحرب أوزارها، فيكون عدد قتلي قريش سبعون، قتل من الإمام علي عليه السلام ستة وثلاثين رجلاً، أي نصفهم تقريباً، أي نصف من قتلوا علي يد المسلمين والملائكة معاً.

ويوم أحد... كان الفارس الأول بلا منازع، والفتي المتقدم من دون المسلمين، قتل حملة ألوية الكفر، ليتقهقر الكفار بعدها، ويلوح النصر في

ص: 175

الأفق، لولا مخالفة بعض المسلمين لأوامر قائدهم رسول الله صلي الله عليه وآله، وعدم تقيد الرماة بمواقعهم، ليغير عليهم خالد بن الوليد من ظهورهم، يقود الكفار، ليحاصر المسلمين، فيصيح إبليس: (قتل محمد، قتل محمد) ليتزعزع الصف الإسلامي، وينهزم أصحاب النفوس الضعيفة، ليقاتل رسول الله وعلي وحدهم في مواجهة الجيش الكافر، ويصيح الرسول: (يا علي ردّ هذه الكتيبة عني) فيردها عليه السلام بكل استبسال واستماتة في سبيل الله، وإذا بجبريل ينادي بين السماء والأرض: (لا فتي إلا علي، ولا سيف إلا ذو الفقار)... فينهزم بعدها الجيش الإسلامي، ويتقهقر، ويختبئ النبي وأصحابه خلف صخرة، ويبدو أن أحدهم ظهرت شجاعته خلف الصخرة فقط، فأصبح يقول: (الله مولانا ولا مولي لكم، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار).

ويوم الخندق... عندما اجتمعت الأحزاب للهجوم علي المدينة المنورة، حفر المسلمون خندقاً كي يتجنبوا تعدد الجبهات القتالية، فيستطيع عمرو بن عبد ود العامري من اختراق هذا الخندق، طالباً المبارزة، فطلب الرسول الكريم من أصحابه أن يبارزوه، لكن وكالعادة لم يجبه أحد سوي ذلك الفتي ابن أبي طالب، فأجلسه النبي، ليعرض الموضوع علي الآخرين، فلم يجب أحد أيضاً عدا الأسد الباسل ابن أبي طالب، فأجلسه النبي، ويعرض الأمر عليهم للمرة الثالثة، فلم يجبه أحد غير الليث القسورة علي بن أبي طالب، ليأذن له بالقتال، فيقول الرسول صلي الله عليه وآله: (خرج الإيمان كله للكفر كله).

فلم يطيل (كذا) علي الأمر ورجع حاملاً رأس الكفر، مما دعا رسول الله أن يقول: (ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين).

وتتوالي الأحداث... ولا يزال ابن أبي طالب الفتي المقدم علي الصحابة

ص: 176

بإنجازاته وفضائله الجمة، فها هو ذا يوم خيبر، يفتح فتحاً جديداً للإسلام، بعدما عجز الأول والآخر عن فتح حصن اليهود، وعادا خائبيْن كلٌّ يجبِّن أصحابه وأصحابه ويجبِّنونه، فقال الرسول المصطفي: (سأعطي الراية غداً لرجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار، يفتح الله علي يديه) فتطاولت الأعناق واشرأبت، كلهم ينظر أيهم يعطاها، فدعا الرسول فتاه منادياً أين عليا؟ فاقتيد أرمد عين، فتفل صلي اله عليه وآله فيها فبرأت، وأعطاه الراية ليدك حصون اليهود ويفتح خيبر، ويحقق نصراً جديداً للإسلام. وأهله.

وتستمر إنجازات ابن أبي طالب... وله مواقف يوم الحديبية، وفتح مكة، وحنين وغيرها من الغزوات والسرايا، إلي أن ينتقل الرسول إلي الرفيق الأعلي، ويغتصبه القوم حقه بالخلافة، متناسين مكانته وفضله علي الإسلام وأحقيته ووصية الرسول يوم الغدير، لكنه فضل أن يقعد حقناً لدماء المسلمين، وخوفاً علي بيضة الإسلام، لم يكن كمن يقاتل لنيلها، ويغتصب البيوت ويحرق الأبواب ليحصل علي البيعة، علماً بوجود من يسانده ويطلب له بحقه، لكنه فضل السكوت علي مضض!! وعندما مضي الأول لسبيله، أعطاها للآخر كبيعة في سوق، وكأنه اتفاق مسبق، ولم يكن الآخر أصلاً في الحسبان، إذا أنه لم يكن مرشحاً لها، حيث التنافس كان بين الإمام علي عليه والسلام وبين الأول منهما، هذا ما دعاه عليه السلام لقول ما قاله في الخطبة الشقشقية: (فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لأخر بعد وفاته).

وعند ممات الآخر، اختلق وابتدع كعادته، إذ جعلها في ستة نفر أحدهم الإمام علي عليه السلام، ويقتل من لا يتفق معهم، ولم يكن أي من الستة نظيراً له، ولا مساوياً له في الفضل، يقول عليه السلام: (فيا لله وللشوري متي اعترض الريب فيَّ مع

ص: 177

الأول منهم حتي صرت أقرن بهذه النضائر!)

فقام الثالث بالخلافة، مفضلاً أهله وعشيرته علي حساب الناس، وجعل رقاب المسلمين بأيديهم، حتي غاض ذلك المسلمين، فعارضوه ونددوا به، وقال أحدهم (أقتلوا نعثلاً فقد كفر) فقامت ثائرة القوم من ظلم بنو أمية، فقتلوه، وبايعوا علياً، ولكن بعد ماذا؟ بعدما قدموا غيره عليه، وذاقوا الذل والهوان علي أيديهم وما أن قام عليه السلام بالخلافة وبايعه المسلمون حتي عاداه القوم، حقداً عليه وكرها، فقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، لا يخاف في الله لومة لائم، يقوِّم اعوجاج الناس، ويقتل أئمة النفاق.

إلي أن وقف عليه السلام في مثل هذه الليلة في محرابه بمسجد الكوفة يصلي، فضربه أشقي الآخرين يتبع أشقي الأولين علي رأسه الشريف بسيف مسموم، فصاح عليه السلام علي الفور: (فزت ورب الكعبة) وخضبت لحيته الكريمة بدمه الطاهر، لينتقل إلي الرفيق الأعلي بعدها بيومين، خاتماً حياةً مليئة بالإنجازات والفضائل، لم تكن لأحد من الصحابة.

ربي ارزقني شفاعة محمد وآل محمد.

فكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 28-12-1999 الثانية ظهراً:

الزميل الكريم خادم أهل البيت:

رغم عدم موافقتي علي الكثير مما أوردته بشأن الصحابة الكرام وخاصة الصديق أبو بكر (كذا) والفاروق عمر وذي النورين عثمان رضي الله عنهم، فإنني أوافقك بأن سيدنا علي (كذا) رضي الله عنه هو من أجلّ الصحابة وأكرمهم.

الشاهد أن الشيعة تقول إن علي (كذا) هو وصي سيدنا محمد صلي الله عليه

ص: 178

وسلم بالنص؛ أي إنه تكليف إلهي وليس بالاختيار أو الانتخاب أو القرعة أو بالبحث والتمحيص... ولكنك أوردت في رسالتك الآتي:

(وعند نزول قوله تعالي: (وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا المصطفي عشيرته فقال لهم: أيكم يعينني علي هذا الأمر فيكون أخي ووصيي وخليفتي ووزيري من بعدي. فلم يجبه إلا علي عليه السلام، وكررها ثانيةً وثالثةً، وفي كل مرة يجيب الإمام علي عليه السلام، فقال الرسول الكريم: أنت أخي وخليفتي ووصيي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا) فخرج القوم مستهزئين ساخرين، يقولون لأبي طالب: قد أمّر ابنك عليك).

أي أن الرسول صلي الله عليه وسلم حسب رواياتكم كان يبحث عن أخ وخليفة ووصي بين بني هاشم، ولكنهم رفضوا لدرجة أن الرسول صلي الله عليه وسلم كررها ثلاثاً، وأخيراً وافق علي علي ذلك وهو صبي صغير لا يعرف معني الوصاية والخلافة، وعندها اختاره الرسول صلي الله عليه وسلم أخاً وخليفة ووصياً؟؟؟ فأين النص علي علي بالوصاية والإمامة والخلافة إذا كان الرسول صلي الله عليه وسلم قد عرضها علي الجميع من بني هاشم مراراً، وكان علي مخيراً، برفضها أو قبولها؟؟؟

أي أن ولاية علي التي يتولاها الشيعة قد جاءت باختيار علي بعد إلحاح، وليس بالنص حسب الرواية التي توردونها أنتم في تفسير الآية الكريمة: وأنذر عشيرتك الأقربين. فإما أن تفسيركم للآية وهذه الرواية غير صحيحين، أو أن القول بالنص علي ولاية علي غير صحيح!

مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون. العنكبوت - 41.

ص: 179

فكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 28-12-1999، الثالثة ظهراً:

الزميل محمد إبراهيم. السلام عليكم ورحمة الله.

القول بأن الرسول (صلی الله علیه و آله) يبحث عن أخ أو خليفة أو وصي غير صحيح، إذ أن البيان بالصورة التي كان عليها في آية الإنذار، إنما هي طريقة من طرق البيان كغيرها من الطرق الموصِّلة لبيان المعني المراد، المعتمدة في إيصال المعاني الإلهية عبر الآيات القرآنية، أو حتي المفاهيم العقلية.

والرسول مأمور بالحديث بلسان قومه وعلي قدر عقولهم. فما كان لا يعدو كونه طريقة لإيصال المعني المراد، وهذا ما فسره علماء السنة فضلاً عن الشيعة. ناهيك عن التكرار بطرق مختلفة من القول والفعل والتقرير في مثل كثير من الأحكام وغيرها، وهذا يرشدنا إلي ما قلناه سابقاً من المخاطبة علي قدر العقول، فهذا منه ولا فرق بين الخطابين.

فلا التفسير غير صحيح، خاصة وأنه جاء به كثير من علماء السنة فضلاً عن الشيعة، ولا النص علي ولاية أمير المؤمنين غير صحيح، لما ذكر ولتواتر الكثير من الروايات الدالة علي هذا، فضلاً عن حكم العقل بوجوب النص.

كما لا محل للاختيار في البين. وفقنا الله وإياكم. كتب هذا الرد علي عجالة.

وكتب (خادم أهل البيت) بتاريخ 28-12-1999 – الرابعة عصراً:

الزميل محمد ابراهيم. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالنسبة لسؤالك حول النص والوصية، فقد أجاب عليه أستاذنا الجليل عبدالحسين البصري. لكن أود أن أعرف ما الذي لم توافقني عليه بشأن الصحابة؟ علماً بأن جميع الروايات التي ذكرتها من كتب أهل السنة.

وهل وافقتني بأن الإمام عليه السلام أفضل الصحابة؟ ولا يوجد لأي من الصحابة

ص: 180

تاريخ كتاريخه؟ ولا لأي منهم انجازات كإنجازاته وفضائله؟ هل وافقتني؟

وإن لم توافقني... فهلاّ ذكرت تاريخ أكبرهم شأناً؟ وهل سيتعدي تاريخه في انتشار الإسلام وخدمته وخصوصاً في صدر الإسلام بضعة أسطر؟ وأغلبها موضوع وضعيف؟!!.. ربي ارزقني شفاعة محمد وآل محمد.

وكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 29-12-1999، الثانية عشرة والربع ليلاً:

الزميلين الكريمين خادم أهل البيت، وعبد الحسين البصري:

للأسف أن الأخ عبد الحسين البصري لم يجب عن سؤالي بشكل مباشر رغم أهميته، رغم أنني أعذره في أنه كتب الرد في عجالة، ولكنني أتطلع إلي جواب شافٍ يقطع الشك باليقين لأهمية أمر الولاية والوصاية.

لقدذكرت في روايتك العديد من الأشياء غير الصحيحة عن جميع الخلفاء الأربعة: فانتقصت من الخلفاء الثلاثة الأوائل، وغاليت في علي حتي جعلته يتعبد مع الرسول صلي الله عليه وسلم في غار حراء؟؟!!! وهذه جديدة ليس علي فقط بل علي جميع المسلمين.

لقد قال سيدنا أبو بكر: (لقد وليت عليكم ولست بخيركم) فإن قال:

(وأنا بخيركم). لقلتم: (مدعٍ). وإن قال: (لست بخيركم). قلتم: لا يستحق البيعة؟؟؟

ولقد اتبع سيدنا أبو بكر أسس العدالة الإسلامية عندما قال: (فإن أحسنت فإعينوني وإن أسأت فقوموني).

أما سيدنا عمر الذي تقول عنه إنه جبان رعديد، فأنصحك أن تقرأ سيرته وخاصة طريقة هجرته إلي المدينة.

وأما سيدنا عثمان وقولكم أنه عيَّن الولاة من الأمويين، فإنه من المعروف أن

ص: 181

هؤلاء الولاة وأولهم معاوية وعمرو بن العاص، كانوا في الولاية من أيام سيدنا عمر ولقد أثبتا جدارتهما في الولاية والفتوحات الإسلامية: فلماذا يعزلهما؟؟

اسمح لي أن أقول أن: رسالتك كانت مليئة بالمغالطات، ولكن هذا ليس بيت القصيد الآن: بل المهم هو توضيح المغالطة الخطيرة فيما ذكرتموه عن التالي: أن الرسول صلي الله عليه وآله حسب رواياتكم كان يبحث عن أخ وخليفة ووصي بين بني هاشم ولكنهم رفضوا (لدرجة أن الرسول صلي الله عليه وآله كررها ثلاثاً) وأخيراً وافق علي علي ذلك (وهو صبي صغير لا يعرف معني الوصاية والخلافة) وعندها اختاره الرسول صلي الله عليه وآله أخاً وخليفة ووصياً؟؟؟ فأين النص علي علي بالوصاية والإمامة والخلافة... الي آخر ما تقدم من كلامه.

وكتب (فرات) بتاريخ 29-12-1999 – العاشرة والنصف ليلاً:

الأخ العزيز محمد إبراهيم أدامه الله. أرجو أن تتحملوا تطفلي علي هذا الموضوع. وأحب أن أبين بعض الملاحظات علي ما أوردته من اشكال علي ما أفاده الأخ خادم أهل البيت:

أولاً: إن هذا الحديث لم ينفرد به الشيعة، كما أردت أن توهمه عند قولك (حسب رواياتكم)! فقد أخرجه عدد كبير من أصحاب الحديث والتواريخ وصححه بعظهم مثل الطبري في تاريخه ج 2 ص 216، والامام أحمد في مسنده ج 1 ص 159، والنسائي في الخصائص ص 18، والكنجي الشافعي في الكفاية ص 89، وابن ابي الحديد في شرحه علي النهج ج 3 ص 255، وغيرهم كثير.

ثانياً: قوله: إن أمير المؤمنين كان صبياً صغيراً لايعرف معني الوصاية والخلافة، فكتب الحديث والتاريخ تدل علي أن أول من آمن بالنبي صلي الله عليه وآله وآزره هو علي عليه السلام، وكون عمره صغيراً لايقدح في كونه وصياً لرسول الله صلي الله عليه وآله

ص: 182

وخليفةً، وهو في هذا العمر لأنها منصب إلهي، والا كيف كان عيسي عليه السلام نبياً وهو في المهد؟!

الحديث واضح في الدلالة علي الوصاية والخلافة.

ثالثاً: كون النبي صلي الله عليه وآله عرضها علي بني هاشم فرفضوها وقبلها علي عليه السلام، فهذا كله من تدبير الله تعالي لأن منصب الخلافة والولاية منصب إلهي كما قلنا، والله تعالي هو الذي يختار الشخص المناسب لهذا المنصب، ففي ذلك أبلغ حجة علي بني هاشم في وجوب اتباع علي عليه السلام بعد الرسول صلي الله عليه وآله، وليست المسألة مسألة انتخابات والرسول بانتظار من يرشح نفسه كما يصور ذلك الأخ محمد ابراهيم!! فلا يرِد قوله إن ولاية علي قد جائت باختيار علي بعد الحاح وليس بالنص.

رابعاً: سوقه الاحتمالات في أنه إما أن الرواية غير صحيحة، أو أن القول بالنص علي ولاية علي غير صحيح.. كما بينا فإن الرواية صحيحة والنص علي ولاية أمير المؤمنين عليه السلام صحيح، وليس هذا الحديث وحده يدل علي ذلك بل هناك الكثير كحديث الغدير والمنزلة وحديث (ولي كل مؤمن بعدي) وغيرها والسلام. انتهي.

ولم يجب أحد من المخالفين.

ص: 183

رد زعمهم أن أبابكر أفضل من علي علیه السلام

كتب (مشارك) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 3-12-1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (تفضيل أبي بكر علي علي رضي الله عنهما)، نقل فيه مقطعاً من كلام إمامه ابن تيمية، جاء فيه:

وسئل رحمه الله عن رجلين اختلفا فقال أحدهما: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضيالله عنهما أعلم وأفقه من علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

وقال الآخر: بل علي بن أبي طالب أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر.

فأي القولين أصوب؟ وهل هذان الحديثان، وهما قوله صلي الله عليه وسلم: أقضاكم علي. وقوله: أنا مدينة العلم وعليٌّ بابها صحيحان؟ وإذا كانا صحيحين فهل فيهما دليل أن علياً أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين؟.

وإذا ادعي مدعٍ أن إجماع المسلمين علي أن علياً رضي الله عنه أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر رضي الله عنهم أجمعين، يكون محقاً أو مخطئاً؟.

فأجاب: الحمد لله، لم يقل أحد من علماء المسلمين المعتبرين أن علياً أعلم وأفقه من أبي بكر وعمر ولا من أبي بكر وحده، ومدعي الإجماع علي ذلك من أجهل الناس وأكذبهم، بل ذكر غير واحد من العلماء إجماع العلماء علي أن أبا بكر الصديق أعلم من علي. منهم الإمام منصور بن عبد الجبار السمعاني المروذي أحد أئمة السنة من أصحاب الشافعي، ذكر في كتابه تقويم الأدلة علي الإمام، اجماع علماء السنة علي أن أبا بكر أعلم من علي، وما علمت أحد المشهورين ينازع في ذلك! كيف وأبو بكر الصديق كان بحضرة النبي صلي الله

ص: 184

عليه وسلم يفتي ويأمر وينهي ويقضي ويخطب، كما كان يفعل ذلك إذا خرج هو وأبو بكر يدعو الناس الي الاسلام لما هاجرا جميعاً، ويوم حنين، وغير ذلك من المشاهد! والنبي صلي الله عليه وسلم ساكت يقره علي ذلك ويرضي بما يقول، ولم تكن هذه المرتبة لغيره. وكان النبي صلي الله عليه وسلم في مشاورته لأهل العلم والفقه والرأي من أصحابه يقدم في الشوري أبا بكر وعمر فهما اللذان يتقدمان في الكلام والعلم بحضرة الرسول عليه السلام علي سائر أصحابه، مثل قصة مشاورته في أسري بدر أول من تكلم في ذلك أبو بكر وعمر، وكذلك غير ذلك.

وقد روي في الحديث أنه قال لهما: إذا اتفقتما علي أمر لم أخالفكما، ولهذا كان قولهما حجة في أحد قولي العلماء، وهو إحدي الروايتين عن أحمد، وهذا بخلاف قول عثمان وعلي.

وفي السنن عنه أنه قال: اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر، ولم يجعل هذا لغيرهما. بل ثبت عنه أنه قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة. فأمر باتباع سنة الخلفاء الراشدين، وهذا يتناول الأئمة الأربعة، وخص أبا بكر وعمر بالاقتداء بهما. ومرتبة المقتدي به في أفعاله، وفيما سنّه للمسلمين فوق سنة المتبع فيما سنه فقط...

وقد ثبت في الصحيحين عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: قد كان في الأمم قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي أحد فعمر. وفي الصحيحين عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: رأيت كأني أتيت بقدح لبن فشربت حتي أني لأري الري يخرج من أظفاري. ثم ناولت فضلي عمر. فقالوا: ما أوّلته يا رسول

ص: 185

الله؟ قال: العلم. وفي الترمذي وغيره أنه قال: لو لم أبعث فيكم لبعث عمر.

وأيضاً فإن الصديق استخلفه النبي صلي الله عليه وسلم علي الصلاة التي هي عمود الإسلام، وعلي إقامة المناسك التي ليس في مسائل العبادات أشكل منها، وأقام المناسك قبل أن يحج النبي صلي الله عليه وسلم، فنادي أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. فأردفه بعلي بن أبي طالب لينبذ العهد الي المشركين، فلما لحقه قال: أمير أو مأمور؟ قال: بل مأمور، فأمر أبا بكر علي علي بن أبي طالب. وكان علي ممن أمره النبي صلي الله عليه وسلم أن يسمع ويطيع في الحج وأحكام المسافرين، وغير ذلك لأبي بكر. وكان هذا بعد غزوة تبوك التي إستخلف علياً فيها علي المدينة ولم يكن بقي بالمدينة من الرجال إلا منافق أو معذور أو مذنب. فلحقه علي فقال: أتخلِّفني مع النساء والصبيان. فقال: أما ترضي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسي. بين بذلك أن استخلاف علي علي المدينة لا يقتضي نقص المرتبة فإن موسي قد استخلف هارون. وكان النبي صلي الله عليه وسلم دائماً يستخلف رجالاً لكن كان يكون بها رجال، وعام تبوك خرج النبي صلي الله عليه وسلم بجميع المسلمين، ولم يأذن لأحد في التخلف عن الغزاة، لأن العدو كان شديداً والسفر بعيداً..... وأيضاً فعلي بن أبي طالب تعلم من أبي بكر بعض السنة، بخلاف أبي بكر فإنه لم يتعلم من علي بن أبي طالب. كما في الحديث المشهور الذي في السنن حديث صلاة التوبة: عن علي قال: كنت إذا سمعت من النبي صلي الله عليه وسلم حديثاً ينفعني الله منه بما شاء أن ينفعني، فإذا حدثني غيره استحلفته فإذا حلف لي صدقته...

وأما قوله: أقضاكم علي. فلم يروه أحد من أهل الكتاب الستة، ولا أهل المسانيد المشهورة، لا أحمد ولا غيره بإسناد صحيح ولا ضعيف. وإنما يروي

ص: 186

من طريق من هو معروف بالكذب، ولكن قال عمر بن الخطاب: أبي بكر (كذا) أقرؤنا وعلي أقضانا، وهذا ما قاله بعد موت أبي بكر...

وأما حديث: أنا مدينة العلم. فأضعف وأوهي، ولهذا إنما يعد في الموضوعات المكذوبات، وإن كان الترمذي قد رواه. ولهذا ذكره الجوزي في الموضوعات وبين أنه موضوع من سائر طرقه. والكذب يعرف من نفس متنه لا يحتاج الي النظر في إسناده، فإن النبي صلي الله عليه وسلم إذا كان مدينة العلم، لم يكن لهذه المدينة إلا باب واحد، ولا يجوز أن يكون المبلغ عنه واحداً، بل يجب أن يكون المبلغ عنه أهل التواتر الذين يحصل العلم بخبرهم للغائب...

وهذا الحديث إنما افتراه زنديق أو جاهل ظنه مدحاً وهو مطرق الزنادقة الي القدح في علم الدين إذا لم يبلغه الا واحد من الصحابة.

ثم إن هذا خلاف المعلوم بالتواتر فإن جميع مدائن المسلمين بلغهم العلم عن رسول الله صلي الله عليه وسلم من غير طريق علي رضي الله عنه، أما أهل المدينة ومكة فالأمر فيهم ظاهر. وكذلك أهل الشام والبصرة، فإن هؤلاء لم يكونوا يروون عن علي إلا شيئاً قليلاً، وإنما غالب علمه كان في أهل الكوفة، ومع هذا فقد كانوا تعلموا القرآن والسنة قبل أن يتولي عثمان فضلاً عن خلافة علي، وكان أفقه أهل المدينة وأعلمهم تعلموا الدين في خلافة عمر. وقبل ذلك لم يتعلم منهم من علي شيئاً إلا من تعلم منه لما كان باليمن، كما تعلموا حينئذ من معاذ بن جبل، وكان مقام معاذ بن جبل في أهل اليمن وتعليمه لهم أكثر من مقام علي وتعليمه، ولهذا روي أهل اليمن عن معاذ أكثر مما رووه عن علي. وشريح وغيره من أكابر التابعين انما تفقهوا علي معاذ. ولما قدم علي الكوفة كان شريح قاضياً فيها قبل ذلك، وعلي وجد علي القضاء في خلافته شريحاً

ص: 187

وعبيدة السلماني، وكلاهما تفقه علي غيره.

فإذا كان علم الإسلام انتشر في مدائن الاسلام بالحجاز والشام واليمن والعراق وخراسان ومصر والمغرب قبل أن يقدم الي الكوفة، ولما صار الي الكوفة عامة ما بلغه من العلم بلغه غيره من الصحابة، ولم يختص علي بتبلغ شئ من العلم إلا وقد اختص غيره بما هو أكثر منه، فالتبليغ العام الحاصل بالولاية حصل لأبي بكر وعمر وعثمان منه أكثر مما حصل لعلي.

وأما الخاص فابن عباس كان أكثر فتياً منه، وأبو هريرة أكثر رواية منه. وعلي أعلم منهما، كما أن أبا بكر وعمر وعثمان أعلم منهما أيضاً. فإن الخلفاء الراشدين قاموا من تبليغ العلم العام بما كان الناس أحوج إليه مما بلغنه من بلغ بعض العلم الخاص. وأما ما يرويه أهل الكذب والجهل من اختصاص علي بعلم انفرد به عن الصحابة، فكله باطل... الخ.

فكتب (قادر)، الثالثة ظهراً:

أخي: تستدل بروايات من طريقكم! والمفروض يكون من طريق الخصم..

والفضل ما شهدت به الأعداء.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 4-12-1999، الواحدة صباحاً:

لماذا لم تقل قال: ابن تيمية يا مشارك؟!! ولكن مع ذلك سأجيبك عن كل نقطة بموضوع منفرد. ولكن هنا سأقول لك شئ واحد (كذا):

أنت تقول: هو وأبو بكر يدعو الناس الي الاسلام، ولما هاجرا جميعاً ويوم حنين وغير ذلك من المشاهد.

ويوم حنين!! يا مشارك، قل لإمامك الذي كتب هذا: ألم يكن أبو بكر مع الهاربين يوم حنين؟ ألم يترك الرسول صلي الله عليه وآله للموت؟! لقد روت السنة قبل

ص: 188

الشيعة فراره في المواقف. ولكن سيأتيك التفصيل إنشاء الله.

وكتب (مدقق)، الرابعة صباحاً:

أما بالنسبة لأبي بكر وعمر، وللكلام الذي نقلته عن المجهول. فإليك الرد:

تقول: (وكيف وأبو بكر الصديق كان بحضرة النبي صلي الله عليه وسلم يفتي ويأمر وينهي ويقضي). سبحان الله مِن كذب واضح وضح النهار، فكيف يقضي في حضرة رسول الله (صلی الله علیه و آله)، والرسول (صلی الله علیه و آله) هو القاضي، وهو الفاصل في أمور المسلمين إذا كان موجوداً؟!

وأين هذا القول من الحديث الصحيح الذي نقل في كتبكم والذي يبين أن الرسول (صلی الله علیه و آله) عارض أقواله وما قضي به؟!! يقول الحديث في صحيح البخاري: حدثنا يسرة بن صفوان بن جميا اللخمي، حدثنا نافع بن عمر، عن ابن أبي ملكية قال: كاد الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، رفعا أصواتهما عند النبي صلي الله عليه وسلم حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال: أبو بكر لعمر: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل الله: (يا أيها الذين آمنوا لاترفعوا أصواتكم) الآية. قال ابن الزبير: فما كان عمر يسمع رسول الله صلي الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتي يستفهمه. ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر.

وهذه آية نزلت تضرب في أبي بكر وعمر. وأين ذلك من علمه بالقضاء؟! والآية تؤكد أن الله هو الذي رد عليهم، والرسول (صلی الله علیه و آله) مع الله.

وكيف نأخذ بسنة الخلفاء وهم يعارضون بعضهم البعض؟!

وإليك الآية الأخري التي نزلت في أبي بكر وعمر، كلها تضرب بآرائهم

ص: 189

وأساليبهم في حضرة الرسول: حدثني إبراهيم بن موسي: حدثنا هشام بن يوسف: إن ابن جريج أخبرهم، عن ابن أبي ملكية: أن عبد الله بن الزبير أخبرهم: أنه قدم ركب من بني تميم علي النبي صلي الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: أمر القعقاع بن معبد بن زرارة، قال عمر: بل أمر الأقرع بن حابس، قال أبوبكر: ما أردت إلا خلافي، قال عمر: ما أردت خلافك، فتماريا حتي ارتفعت أصواتهما، فنزل في ذلك: يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا… البخاري.

فهذا موقف آخر ورد آخر من الله أيضاً علي تصرفاتهم وسوء أدبهم عند رسول الله (صلی الله علیه و آله). فأين هم من القضاء يا تري؟!

وأما في حديث العشاء الذي لم يذكره بالتفصيل فها هو: حدثني محمد بن المثني: حدثنا ابن أبي عدي، عن سليمان، عن أبي عثمان: قال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما: جاء أبو بكر بضيف له أو بأضياف له، فأمسي عند النبي صلي الله عليه وسلم، فلما جاء، قالت أمي: احتبست عن ضيفك أو أضيافك الليلة، قال: ما عشيتهم؟ فقالت: عرضنا عليه أو عليهم فأبوا أو فأبي، فغضب أبو بكر، فسب وجدع، وحلف لا يطعمه، فاختبأت أنا، فقال يا غنثر، فحلفت المرأة لا نطعمه حتي يطعمه، فحلف الضيف أو الأضياف أن لا يطعمه أو يطعموه حتي يطعمه، فقال أبو بكر: كأن هذه من الشيطان، فدعا بالطعام، فأكل وأكلوا، فجعلوا لا يرفعون لقمة إلا ربا من أسفلها أكثر منها، فقال: يا أخت بني فراس، ما هذا؟ فقالت: وقرة عيني، إنها الآن لأكثر قبل أن نأكل، فأكلوا، وبعث بها إلي النبي صلي الله عليه وسلم، فذكر أنه أكل منها. البخاري.

أنظروا كيف أن أبو بكر يحلف ثم يترك حلفه ويقول هو من الشيطان، وكيف يسب. وأين هذا من علمه بالقضاء؟ وأين هذا من الكفارات في

ص: 190

الحلف؟

وفي قضية عمر فها هو يقول بقتل حاطب وهو ممن شهد بدر، ورسول الله يعارضه: قال عمر: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، قال: (إنه قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع علي أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم). البخاري.

وفي قضية أخري حصلت بين المهاجرين والأنصار: فقام عمر فقال: يا رسول الله، دعني أضرب عنق هذا المنافق، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: (دعه، لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه). البخاري.

وأين أنت من حديث رزية يوم الخميس الذي كان فيه عمر معارضاً لقول رسول الله؟ أهذا الذي تدعون علمه؟ حدثنا يحيي بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس قال: لما اشتد بالنبي صلي الله عليه وسلم وجعه قال: (اتئوني بكتاب أكتب لكم كتابا لا تضلوا من بعده). قال عمر: إن النبي صلي الله عليه وسلم غلبه الوجع، وعندنا كتاب الله حسبنا. فاختلفوا وكثر اللغط، قال: (قوموا عني، ولا ينبغي عندي التنازع). فخرج ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلي الله عليه وسلم وبين كتابه. البخاري.

وأين إقرار الرسول (صلی الله علیه و آله) بكلام عمر، هل نستدل بذلك علي طرده له مع المعارضين الذين صنعهم عمر؟!

وأين فقهه وعلمه من قول الله: (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب)؟

وأين قضاء عمر في الجنابة؟ فاقرأ الحديث في صحيح مسلم: حدثني

ص: 191

عبدالله بن هاشم العبدي، حدثنا يحيي (يعني ابن سعيد القطان) عن شعبة قال: حدثني الحكم عن ذر، عن سعيد بن عبدالرحمن بن أبزي، عن أبيه، أن رجلاً أتي عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء. فقال: لا تصلّ. فقال عمار: أما تذكر، يا أمير المؤمنين! إذ أنا وأنت في سرية فأجنبنا. فلم نجد ماء. فأما أنت فلم تصلّ. وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض. ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك. فقال عمر: اتق الله يا عمار! قال: إن شئت لم أحدث به. قال الحكم: وحدثنيه ابن عبدالرحمن بن أبزي عن أبيه، مثل حديث ذر. قال: وحدثني سلمة عن ذر، في هذا الإسناد الذي ذكر الحكم. فقال عمر: نوليك ما توليت. (مسلم).

هذا هو قضاء عمر!! فهو لا يعرف حتي أبسط الأمور مثل التيمم، في أيام رسول الله، وحتي بعد وفاته (صلی الله علیه و آله). فأين علمه الذي مصه من إصبع رسول الله؟! فأين موافقة الرسول (صلی الله علیه و آله) لأبي بكر وعمر؟!!

ولا تنسي (كذا) أن هذه الأحاديث من صحيح البخاري وصحيح مسلم، فلا تقدر علي ردها مهما حاولت.

وأما علم أمير المؤمنين علي (علیه السلام) فهذا أتركه للإخوة حتي يأتوك بالعشرات من المصادر، والتي هي من كتب أهل السنة.

وكتب (مشارك) بتاريخ 5-12-1999، الثامنة مساءً:

ما أشد جهلكم بكتاب الله يا إمامية. يقول تعالي (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان)، فما معني هذا يا مدقق؟

وكتب (مالك الأشتر)، العاشرة ليلاً:

بل ما أشد عنادكم علي الباطل. تركت كل الردود وذهبت لليمين؟

ص: 192

وأما أنت يا مدقق، فسلام عليك ورحم الله والديك.

قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وكتب (مشارك) بتاريخ 6-12-1999، السادسة صباحاً:

لا جواب إذن علي القضية الأولي يا مالك، ولاحجة لديكم ننتقل للقضية الثانية. تقول يا مدقق (تقول: وكيف وأبو بكر الصديق كان بحضرة النبي صلي الله عليه وسلم يفتي ويأمر وينهي ويقضي. سبحان الله من كذب واضح وضح النهار...

ونقول لكم: ها قد ألقمتم الحجة يا إمامية نعم هذه الآيات نزلت في أبي بكر وعمر، وقد شهد الله لهم فيها بالايمان: (يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) فهم مؤمنون. وقد قال الله في أصحاب الشجرة: (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) وقد قال صلي الله عليه وسلم: (لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة). فإذن بشهادتكم وبما تحتجون به علينا، فأبو بكر وعمر في الجنة، فأرونا جوابكم يا إمامية.

وكتب (مدقق)، السابعة صباحاً:

الحمد لله الذي لم تقدر علي رد الأحاديث، وكل ما أتي به ابن تيمية ليس إلا حلما من أحلامه. ولم يقل أحداً أنهم ليسوا بمؤمنين، والإيمان درجات، وقد يكونون بأقل الدرجات، وإليك آية يذكر الله فيها المؤمنين ويهددهم بعذاب أليم، فإذا كان أولئك من هؤلاء فلا مشكلة عندي فتفضل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَي الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ. إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شيئاً وَاللّهُ عَلَي كُلِّ شئ قَدِيرٌ)،

ص: 193

فهذا تهديد صريح للمؤمنين، كما أن الآية لم يذكرها بكاملها البخاري، فتفضل:

يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون. فربما حبطت أعمالهما كلها وهم لا يشعرون. وقد خرجنا عن الموضوع الذي يتكلم فيه عن أفضلية أبو بكر، والموضوع ليس في إيمانه. والسلام.

وكتب (الفاطمي)، الثالثة ظهراً:

مساك الله بالخير مشارك. إشلونك وإشلون التمزق معاك. لا تزعل.

هربت من هجر عندما لم تستطع الإجابة. وهنا صايدك المدقق ومالك الاشتر. الأفضل تعتزل وتتقاعد أحسن لك من هالتهرب. عموماً الأسئلة موجودة وأثبت للجميع إنك لا تفر.

ويا أخي المدقق: إشوي إشوي عليه، فيه تمزق وانفصام في الشخصية من كثرة الهروب والتنحش والتفحش. وتري عنده تاج ونجمة (مقدم ركن في التهرب والتنحش والتفحش).

وكتب (مشارك)، التاسعة مساءً:

يا مدقق: لقد رددت علي موضوعي ببعض الأحاديث، وأوردت لك بعض المتعلقات بها، فإما أن تكون أهلاً للنقاش فناقش، وإلا فسأتجاهلك كما أتجاهل سفهاء قومك.. أردت أن أبدأ معك في إثبات قضية الايمان أولاً، لاثبات قضية الأفضلية. ثانياً فهل عندك اعتراض علي إثبات الايمان؟

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 7-12-1999، الواحدة ظهراً:

ص: 194

أخي المدقق السلام عليكم. هذا طبعه ومنتهاه،، أحسن ما يجيد فن الهروب والمراوغة،، وإذا انحشر يتفحش بالقول، وبعدها يتمسكن!

وأيضاً يجيد تغيير المواضيع وتشعيبها! ويحب أن يبدأ هو الموضوع اللي يعجبه، إحشره وأنا أخيك يا بعد خي.

وعلي فكرة: معاوية وابن تيمية عند المشارك أفضل من رسول الله صلي الله عليه وآله، ومن علي عليه السلام، وهو يدري لماذا قلت بذلك؟؟

واسأله يا مدقق عن صحة قولي هذا؟؟ والسلام عليك أخي العزيز.

ويالمشارك،، شوف كلامك وشوف كلامي، وبعدين قرر من هو السفيه؟؟ أكمل ردك!!

وكتب (مدقق)، الثانية ظهراً:

أخي الكريم مشارك: أقول لك كلمة تحفظها وتعيها، عندما رددت عليك رددت علي الموضوع الذي طرحته في الأصل، وأصل الموضوع كان في تفضيل أبو بكر (كذا) علي علي (علیه السلام)، وكانت لديك استدلالات كثيرة وفندت واحدة منها بشكل قطعي يستحيل ردها، وكان مطلبي هو تبيان زيف رأي ابن تيمية الذي عرضته، وتم. وباقي النقاط تكفل بها المؤمنون علي المنتدي.

وأما عن افتتاح موضوع آخر حول إيمان أبو بكر (كذا) فافتح الموضوع، وأنا إن شئت (بعد مشيئة الله) رددت عليك، وإن لم أشأ لم أرد عليك.

وكتب (مشارك)، السابعة مساءً:

لا تستدل بما يكون حجة عليك يا مدقق.

وكتب (فرزدق) بتاريخ 8-12-1999، الثامنة صباحاً:

ص: 195

خلاصة الجواب في رد كلامك يا مشارك: ففي تفسير قوله تعالي: يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله …هناك عدّة أقوال وقد ذكر جملة منها الرازي في تفسيره الكبير ومنها قوله: (وثانيها: أن الخطاب مع المنافقين، والتقدير: يا أيها أيها الذين آمَنوا باللسان آمِنوا بالقلب، ويتأكد هذا بقوله تعالي: مِن الذين قالوا آمنّا بأفواههم ولم تؤمِن قلوبُهم..

وثالثها: أنه خطاب مع الذين آمنوا وجه النهار وكفروا آخره، والتقدير: يا أيها الذين آمَنوا وجه النهار آمِنوا آخره.

ورابعها: أنه خطاب للمشركين تقديره: يا أيّها الذين آمنوا باللات والعُزي آمنوا بالله … الي آخر كلامه)، تفسير الرازي:11- 12 /60!!!

وبذلك يتضح أن لفظ الإيمان في القرآن لايُحمل فقط علي الإيمان بالمعني الأخص وإنما يمكن حمله علي الإيمان بالمعني الأعم، وهو الاسلام، بل يمكن حمله علي الإيمان اللساني مع الكفر القلبي كما اتضح.. ولا يخفي بأن القرائن المقالية والمقامية هي التي تُحدد المراد من اللفظة، وهي هنا صارفة للمعني الأول من الإيمان، أي المعني الأخص، بلا شك، كما هو مفاد ذيل الآية: أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون.. وإنما قلنا بذلك، لأن من أهم صفات المؤمنين هي التسليم المطلق بكل ما جاء به النبي صلي الله عليه وآله من عند ربه، وأما الاعتراض والرّد والاتهام بالهجر ورفع الصوت بمحضره، وغيرها، وغيرها من الصفات التي كان يتصف بها من نزلت في حقهم الآية، عندكم، فليست هي صفات المؤمنين..

وللتدليل علي ما نقول لاحظ قوله تعالي: فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكّموك فيما شجَرَ بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرَجاً ممّا قضيت ويُسلّموا

ص: 196

تسليماً..

تأمّل في (فلا وربك لايؤمنون) وهو قسم مغلّظ، وفي (في أنفسهم) أي ليس في ظاهر حالهم، وإن كان ظاهر الحال مطلوباً أيضاً، بل في باطن قلوبهم وواقع أنفسهم، وأيضا تأمّل في (ويسلّموا تسليماً) أي من دون أي اعتراض، بل تسليم مطلق وطاعة عمياء، إن صح التعبير، فهل كان أصحاب الآية هكذا؟! والجواب معروف عند الجميع، والشواهد عليه كثيرة!!

وأما لو حملنا المراد من الآية علي الإيمان بالمعني الأعم، أي الأسلام وهو ما يُرجحه الأغلب، فإن هذا لاينفعك في شئ، لأن حالهم سيكون حال غيرهم من المسلمين بهذا المعني والذي يدخل فيه حتي الأعراب اللذين هم أشدّ كفراً ونفاقاً.. قالت الأعرابُ آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولمّا يدخل الإيمان في قلوبكم.. ولا مُخرج لهم عن ذلك إلاّ بقرائن خارجية، نمتلكُ، من خلال مصادركم، مُعارضاتِها ومُسقطاتها.. فافهم وتأمّل جيّداً.. ولا تغترّ بصيد عُصفور فقد أتيناك بصيد جَزور.. والسلام علي من اتبع الهدي …

رد زعمهم أن أبابكر أعلم من علي علیه السلام

وكتب (مالك الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 4-12-99الثالثة والنصف عصراً، موضوعاً بعنوان (مشارك يتبع ابن تيمية ويقول إن ابابكر وعمر أعلم من علي عليه السلام)، قال فيه:

الشيخ مشارك يتبع ابن تيمية في كتابه ج 4 ص 136 ويقول إن أبابكر وعمر اعلم من علي عليه السلام!! فابن تيمية يقول: علم كل ذي حظ من العلم إن الذي كان

ص: 197

عند ابي بكر من العلم أضعاف ما كان عند علي منه. ثم يقول علم كل ذي حس علماً ضرورياً أن الذي كان عند عمر من العلم أضعاف ماكان عند علي من العلم. الي أن قال: فبطل قول هذه الوقاح الجهال، فإن عاندنا معاند في هذا الباب جاهل أو قليل الحياء لاح كذبه وجهله... انتهي.

فلنعرف الآن من هو الكذاب الجاهل والقليل الحياء و… اليآخره. وإليكم أيها الأعزاء أقوال النبي الأعظم صلي الله عليه وآله في علم علي عليه السلام: قال رسول الله لفاطمة صلي الله عليهما وآلهما: زوجتك خير أمتي أعلمهم علماً وأفضلهم حلماً وأولهم سلماً. أخرجه الخطيب في المتفق، السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه:6 /398

2 - إنه لأول أصحابي إسلاماً، أو أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأعظمهم حلماً. مسند أحمد:5 /26 - الاستيعاب:3 /36 - الرياض النضرة:2 /194 - مجمع الزوائد:9 /101و114 بطريقين صحح أحدهما ووثق الآخر.

والمرقاة في شرح المشكاة:5 /569. كنزالعمال:6 /153. السيرة الحلبية:1/285. سيرة زيني دحلان:1/188.

3 - أعلم أمتي بعدي علي بن أبي طالب. أخرجه الديلمي عن سلمان، وذكره الخوارزمي في المناقب ص 49 _ ومقتل الحسين:1/43 _ والمتقي الهندي في كنز العمال:6 /153.

4 - علي وعاء علمي ووصيي وبابي الذي أوتي منه. شمس الأخبار ص 39كفاية الكنجي ص 70 و93.

5 - علي باب علمي ومبين لأمتي ما أرسلت به من بعدي. (أخرجه الديلمي عن ابي ذر كما في كنز العمال ج 6 ص 156 - كشف الخفاء ج1 ص204)

ص: 198

6 - علي عيبة علمي. (الجامع الصغير وجمع الجوامع له كما في ترتيبه: 6 /153. شرح العزيزي:2 /417.حاشية شرح العزيزي للحفني:2 /417. مصباح الظلام:2/ 56

7 - قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً واحداً. (حلية الأولياء:1 /65. أسني المطالب للحافظ الجزري/ 14).

8 – وكان صلي الله عليه وآله يقول لما كان يقضي علي ع في حياته: الحمد لله الذي جعل الحكمة فينا أهل البيت. (أحمد في المناقب. محب الدين الطبري في الرياض: 2 / 194).

9 - وكان يقول إن علياً باب مدينة علمه أو حكمته كما رواه الكثير من الحفاظ: (وصححه الحاكم والطبري وابن معين والخطيب والسيوطي وغيرهم.

هذه بعض أقوال رسول الله صلي الله عليه وآله. وأما أقوال الصحابة فإليكم هذه: قالت عائشة: علي أعلم الناس بالسنة. (الأستيعاب:3/40 هامش الأصابة. الرياض النضرة:2 /193 مناقب الخوارزمي ص54، الصواعق ص 76. تاريخ الخلفاء ص 115)

2 - عمر يقول: لولا علي لهلك عمر. (تذكرة السبط، وغيره كثير)

3 - عمر يقول: لا أبقاني الله بأرض لست فيها أبا الحسن. (تذكرة السبط 87. مناقب الخوارزمي ص 60)

4 - اللهم لا تبقني لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب. (الرياض النضرة: 2/197 تذكرة ابن الجوزي ص 88. فيض القدير:4/357. مناقب الخوارزمي).

5 - يقول: أعوذ بالله ان أعيش في قوم ليس فيهم أبو الحسن. (الرياض النضرة ص 197 وكنز العمال:2 / 352).

ص: 199

وأقوال عمر في هذه ملئت كتب السير والحديث والمناقب. ولما بلغ معاوية قتل علي عليه السلام وقال: لقد ذهب الفقه والعلم بموت إبن أبي طالب. (أخرجه ابو الحجاج البلوي في كتابه (ألف باء): 1 / 222))

قول ابن عباس (رضی الله عنه): والله أعطي علي بن ابي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر. (الاستيعاب:3 /40. الرياض:2 / 194. مطالب السؤل ص 30). وقال: علمي وعلم أصحاب محمد (صلی الله علیه و آله) في علم علي (علیه السلام) إلا كقطرة في سبعة أبحر.

وقال: العلم ستة أسداس، لعلي من ذلك خمسة أسداس وللناس سدس، ولقد شاركنا في السدس حتي لهو أعلم به منا. مناقب الخوارزمي ص55. فرائد السمطين الباب 68 بطريقين.

وقال الصحابي ابن مسعود: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء والناس جزءاً، وعلي أعلمهم بالواحد منها. كنز العمال:5 / 156، 401، نقلاً عن غير واحد من الحفاظ.

وقال: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن ابي طالب. الاستيعاب:3 / 41. الرياض:2 / 194.

وقال: إن القرآن نزل علي سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن، وإنّ علي بن أبي طالب عنده منه الظاهر والباطن. مفتاح السعادة:1 /400

وسئل عطاء: أكان في أصحاب محمد أحد أعلم من علي؟

قال: لا والله، ما أعلم. الاستيعاب: 3 /40. الرياض النضرة:2 م 194. الف باء:1 / 222 - في الفتوحات الاسلامية:2 م 337.

وهناك كثير من الأدلة لمن يريد المزيد..

ص: 200

ونختم هنا بقول أمير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام:

والله إني لأخوه ووليه وابن عمه ووارث علمه، فمن أحق به مني. خصائص النسائي ص 81. مستدرك الحاكم: 3 / 126 صححه، وصححه الذهبي. وسنفرد موضوعاً في علم أبي بكر، وموضوعاً في علم عمر، إنشاء الله، لأجل عيني الشيخ مشارك، والسلام لمن أراد الحق ولمن وجد الحق وأتبعه.

فكتب (الفاطمي) بتاريخ 4-12-1999، الرابعة عصراً:

أخي العزيز مالك الأشتر. وفقك الله وجعله ذخراً لك في الآخرة، وعسي الله أن يديم عليكم الصحة والعافية.

ولأي الأمور تدفن ليلاً بضعة المصطفي ويعفي ثراها؟؟

وكتب (عمار) بتاريخ 4-12-1999، الخامسة عصراً:

كيف يكون ذلك، وعمر بنفسه قال: (ألهاني الصفق في الاسواق) واعترف به؟ كيف ذلك، وقد جلبوا له أصغر القوم ليشهد عليه بخصوص مسألة الاستئذان؟ كيف ذلك، وعمر لا يعرف ما قرأ الرسول صلي الله عليه وآله في صلاة العيد؟ كيف ذلك، وعمر يجهل التيمم ويأمر بترك الصلاة، لولا عمار بن ياسر رضي الله عنه؟ كيف ذلك، وعمر يريد أن يرجم المجنونة؟ كيف ذلك، وعمر يقول أمر الله (في الهروب في معركة حنين)! متي أمر الله بترك الرسول يواجه الكفار وحده؟ كيف ذلك، وهو يقول حسبكم كتاب الله ويحرق السنة ويمنع الصحابة من نشر سنة المصطفي؟ كيف ذلك، وعمر يحرم المتعتين؟ كيف ذلك، وهو يخالف سنة الرسول في المؤلفة قلوبهم؟ كيف ذلك، وفي صلح الحديبية يشكك بالرسول ويقول لذلك فعلت ما فعلت وخاف أن يكون قرآنٌ قد نزل به؟!!

ص: 201

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 4-12-1999، الثامنة مساءً:

الفاطمي وعمار، السلام عليكم. وفقكم الله لنصرة دينه.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 4-12-1999، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

يقول الله تعالي عن بني إسرائيل: ولقد اخترناهم علي علم علي العالمين، فهل يعني ذلك أنهم أفضل من جميع الأمم ومن أمة محمد صلي الله عليه وسلم؟!

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 5-12-1999، الواحدة صباحاً:

هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟

وإليك هذه المصادر في رجوع بعض الصحابة لعلي عليه السلام في العلم مثل عائشة وابن عمر:

في صحيح مسلم في كتاب الطهارة، في باب التوصيف في المسح علي الخفين، سنن النسائي:1/32، سنن ابن ماجة ص 42، مسند أحمد:1/96، 100، 113، 117، 133، 146، 149، 210 و6/110، مسند الطيالسي: 1/15، سنن البيهقي: 1/272 و: 5/149، 277، حلية الأولياء: 1/83، تاريخ بغداد: 11/246، معاني الآثار في كتاب الطهارة ص 49، مسند أبو حنيفة: 5/129؛ كنز العمال: 5/147، فتح الباري: 16/168.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 6-12-1999، الحادية عشرة صباحاً:

كم من العلماء يرجعون إلي من هو دونهم في العلم في بعض المسائل، ولا يعني ذلمك أنهم أقل منهم علماً، وعلي حين بعث النبي صلي الله عليه وسلم كان طفلاً بينما كان أبو بكر رجلاً، كما أن أبا بكر أكثر ملازمة للنبي صلي الله عليه وسلم من علي، فليس مستغرباً أن يحصل من العلم أكثر من علي، فالواقع دال علي ذلك. ورضي الله عن الصحابة أجمعين.

ص: 202

وكتب (عبدالحسين البصري) بتاريخ 6-12-1999، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

لِمَ هذا العناد يا محب السنة؟! أبو بكر أكثر ملازمةً للنبي!!!!!!!!!! كيف؟ وعلي الذي هو ربيب رسول الله صلي الله عليه وآله وزوج البتول عليها السلام، وبعد ما جاء فيه ما جاء مما لا يحصي وقد روته كتبكم مع شدة المحن التي تعرض لها هؤلاء الرواة وبغض بعض أصحاب الصحاح والسنن وأصحاب الجرح والتعديل إن كانوا فعلا أصحاب جرح وتعديل مع أن قسم كبير منهم من النواصب! مع هذا كله يقال هذا: أن أبا بكر أكثر ملازمة!!!!!

ثم ألا يعني الرجوع في بعض المسائل للأعلم جهلاً؟! وأيُّ مسائل؟! التي تتعلق بالأمور التي تُبتلي فيها الأمة!!! أنظر إلي عجز أبا بكر (كذا) في تفسير الكلالة!! وأنظر إلي ما حكم في إرث فاطمة عليها السلام، وتراجعه وتخبطه في الأمر وأيُّ أمر؟ الإرث!!! وأنظر إلي أحكام وفتاوي عمر في الفروج والدماء وغيره مما ذكرته كتبكم!

أمثل الجاهل بمثل هذه الأحكام يقال له عالماً (كذا)؟!! فضلاً عن أن يتولي خلافة رسول الله صلي الله عليه وآله ويسوس الناس!! (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَي فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ)!!

ولدي سؤال: هل رجع أمير المؤمنين علي عليه السلام إلي هؤلاء وأمثالهم في أمور الفتوي؟ وهل تعرف بما أجاب الخمسة المجتمعون عندما عرضوا عليه أن يحكم بكتاب الله وسنة أبي بكر وعمر؟ لقد رفض وأجاب: أعمل بكتاب الله ورأيي أو اجتهادي. هذا هو أمير المؤمنين علي عليه السلام. وصدق حين قال: (فيا لله وللشوري متي اعترضَ الريبُ فيَّ مع الأول منهم حتي صرتُ أُقرنُ إلي مثل

ص: 203

النظائر! لكنني أسففت إذ أسفُّوا، وطرت إذ طاروا، فصغي رجلٌ منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن، إلي أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع...)

اللهم ثبتنا علي ولاية سيدي ومولاي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.

اللهم ثبتنا علي ولاية محمد وآل محمد. اللهم آمين يا رب العالمين.

وكتب (المشارك) بتاريخ 6-12-1999، التاسعة مساءً:

رُدَّ عليَّ في موضوعي يا أشتر ولا تتهرب:

http://www.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000563.html

وكتب (فرزدق) بتاريخ 6-12-1999، العاشرة ليلاً:

وكما قال الأخ العزيز البصري: هل رجع أمير المؤمنين علي عليه السلام إلي هؤلاء وأمثالهم في أمور الفتوي؟؟؟

ورحم الله الخليل بن أحمد الفراهيدي حين سُئل عن دليل أفضليّة الأمير علي غيره فقال: استغناؤه عن الكل، واحتياج الكل إليه، دليل علي أنه أفضل الكل.. والسلام علي من اتبع الهدي...

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 8-12-1999، الخامسة عصراً:

أما تقرأ العنوان يا شيخ مشارك؟

أو هي هذه عادتك لكل هروب عذر (تكتيكي)؟!!

ثم كتب (مالك الأشتر) بتاريخ 27-12-1999، الواحدة ظهراً:

كنز العمال:1 / 274 قال:

عن ابراهيم التيمي قال سئل ابو بكر عن الأبّ ماهو، في قوله تعالي: وفاكهة وأبّا، في سورة عبس. فقال: أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في

ص: 204

كتاب الله ما لا أعلم. قال أخرجه ابو عبيدة وابن أبي شيبة وعبد ابن عيد. انتهي!!!

حديث سورة براءة بين علي و أبي بكر

وكتب (عزام) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 7-12- 1999 الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (حديث البراءة بين علي عليه السلام وأبي بكر)، قال فيه:

إن الذي يدمي القلب ويجعله يعتصر ألماً أن تسلب حقوق أهل البيت عليهم السلام وتنكر، ومما يزيد الطين بلة أن تؤخذ فضائلهم وتنسب لغيرهم (فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون) البقرة: 79. ولا نقول لهم إلا أنهم منافقون كما ورد في صحيح مسلم عن الرسول (صلي الله عليه وآله وسلم) وهو يخاطب علياًّ عليه السلام: (لا يبغضك إلا منافق).

فعندما أنزلت سورة براءة أمر الرسول صلي الله عليه وآله أبا بكر أن يبلغ آيات من هذه السورة إلي مكة، وعندما توكه إلي مكة نزل جبرائيل عليه السلام من عند الله: لن يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك، فبعث رسول الله صلي الله عليه وآله علياً عليه السلام علي ناقته العضباء أو الجدعاء أثره فلحقه علي عليه السلام في العرج أو في مكان آخر حسب الروايات، وأخذ الكتاب منه وحج وبلغ وأذن وهذا ما أخرجه كثير من الأئمة والحفاظ من أهل السنة والحديث بجمع يحصل التواتر بأقل منه، فقد نقله نيفٌ وسبعون حافظاً ومفسراً.

ومع العلم أن أسانيد هؤلاء ترجع إلي جمع من الصحابة الأولين. ويأتي أحد

ص: 205

الذين طبع علي قلوبهم (ابن كثير الدمشقي في كتابه البداية والنهاية ج 7 بعد ذكره للحديث، ويقول: إن هذا الحديث فيه نكارة من وجعة أمره برد الصديق فإن الصديق لم يرجع بل كان هو أمير الحج... الخ).

نحن لو عرضنا كل حديث علي أهوائنا وأنفسنا لما سلم لنا حديث عن رسول الله صلي الله عليه وآله، فلا يجدر بنا عند عدم ميلنا إليحديث ما أن نقول: هذا بعيد الصدور من النبي، أفنحن نعلم الله سبحانه وتعالي ورسوله. فلم يكن كلام هذا المبغض سوي مغلطة وجدلاً لا طائل من الخوض معه والرد عليه، وقد راح ضحيته الكثير. انتهي.

ولم يجب علي هذا الموضوع أحد من المخالفين!!

ص: 206

علي أحق أن يتبع

كتب (التلميذ) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 11-12- 1999، موضوعاً بعنوان (علي أحق أن يتبع)، قال فيه:

روي أبو يعلي في مسنده ج 2 ص 318، بسنده عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال: (كنا عند بيت النبي صلي الله عليه وسلم في نفر من المهاجرين والأنصار فخرج علينا فقال ألا أخبركم بخياركم. قالوا: بلي. قال: خياركم الموفون المطيبون إن الله يحب الخفي التقي. قال: ومرّ علي بن أبي طالب. فقال: الحق مع ذا الحق مع ذا). وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: ج 7 ص 235 بعد أن ذكر الحديث أعلاه: (رواه أبو يعلي ورجاله ثقات).

وبلا شك أن من يكون معه الحق دائماً لا يفترق عنه فهو هاد إلي الحق، والله سبحانه وتعالي يقول في كتابه الكريم في سورة يونس الآية 35: (أفمن يهدي إلي الحق أحق أن يتبع أمّن لا يهدي إلاّ أن يهدي فما لكم كيف تحكمون).

وعليه فعلي عليه السلام أحق أن يتبع، كما يفيد هذا الحديث أن كل من وقف في جبهة ضد علي عليه السلام فهو علي الباطل لأنه لا يمكن للحق أن يقف في وجه الحق.وصدق الله القائل: (فما لكم كيف تحكمون)؟!! انتهي.

ولم يجب علي هذا الموضوع أحد من المخالفين.

ص: 207

لولا علي لهلك عمر

كتب (أبو بكر) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 14-12-1999 العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (سأل أحد الرافضة: لماذا قال سيدنا عمر: لولا علي لهلك عمر)، قال فيه:

سأل أحد الرافضة لماذا قال سيدنا عمر: لولا علي لهلك عمر. قلت له: لا أدري ولكن حسب الظاهر وقعت واقعة، وعلي ساعد عمر. قال أحدهم حقق وردّ علي رجائا ساعدوني.

وكتب (كميل) بتاريخ 18-12-1999 الثانية صباحاً:

بل قالها عمر في أكثر من سبعين واقعة، فراجع وتمعن!!

وكتب (عمر) بتاريخ 18-12-1999 الثالثة صباحاً:

هذا الحديث لم أسمعه الا في الحسينيات. وإذا لم تصدق إبحث عن حديث آخر هو مدينة العلم، لا يوجد لها أثر إلا عند المغفلين.

وكتب (المستكشف) بتاريخ 18-12-1999 – الرابعة صباحاً:

قال صلي الله عليه وآله: أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد العلم فليأت الباب. أخرجه الطبراني في الكبير عن ابن عباس كما في ص 107 من الجامع الصغير للسيوطي. وأخرجه في منا قب علي ص 226 من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك، بسندين صحيحين أحدهما عن ابن عباس من طريقين صحيحين، والآخر عن جابر بن عبدالله الأنصاري. وقد أقام علي صحة طرقه أدلة قاطعة. وأفرد الإمام أحمد بن محمد بن الصديق المغربي نزيل القاهرة لتصحيح هذا الحديث كتاباً

ص: 208

حافلاً سماه (فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي) وقد طبع سنة 1354 ه- بالمطبعة الإسلامية الأزهر- مصر، فحقيق بالباحثين ان يقفوا عليه فإن فيه علماً جماً، ولا وزن للنواصب وجرأتهم علي هذا الحديث الدائر كالمثل السائر علي ألسنة الخاصة والعامة من أهل الأمصار والبوادي، وقد نظرنا في طعنهم فوجدناه تحكماً محضاً، لم يدلوا فيه بحجة ما غير الوقاحة في التعصب! صرح به الحافظ صلاح الدين العلائي حيث نقل القول ببطلانه عن الذهبي وغيره، فقال: ولم يأتوا في ذلك بعلة قادحة سوي دعوي الوضع دفعاً بالصدر.

وكتب (عمار) بتاريخ 18-12-1999، الرابعة عصراً:

سبحان الله... وصل بك النصب يا عمير الي درجة نعتك بعلمائك فقط، لأنهم نقلوا حديث عن الامام علي؟!

ها قد أثبت الأخ المستكشف حفظه الله أن للحديث أثر (كذا) في كتبكم، وهنيئاً لك علماؤك المغفّلين (كذا) الذين نقلوا هذا الحديث وأكثر منه.

وكتب (عمر) بتاريخ 18-12-1999، السادسة مساءً:

يا شيعة. هناك كتب أحاديث معتمدة. ومدينة العلم جاء بالأحاديث الموضوعة وبحثت بجميع الكتب ولم أجد إلا الموضوعة، وذلك بحسب كلام الناقل. لا يجوز هذا الكلام. نحن نسمع هذه الأحاديث من الحسينيات فقط. هل فكر شيعي بالبحث ورائهم؟؟ لا أظن.

وكتب (الفاروق) بتاريخ 19-12-1999، العاشرة ليلاً:

لو قلت إن الامام علي كرم الله وجهه كلم الفيل وشهد الفيل بولايته، لقالت الشيعة: هذا حديث صحيح. كما أن الشيعة لا يلتفتون الي السند أو المتن نهائياً.

ص: 209

إنهم يرون الاسم هل هو لعلي بن ابي طالب سلام الله عليه، ومن هنا دخل أكلت (كذا) الخمس الي قلوب الشيعة المغفلين، وابتزت جيوبهم خير ابتزاز. هل هذا مذهب؟ هل هذا طريق صحيح للوصول الي الحق؟

سبحان الله (لا نامت أعين..)، والسلام علي أهله.

وكتب (عمر) بتاريخ 19-12-1999 العاشرة والنصف ليلاً:

هناك كتب معتمدة للحديث. وأتمني من الشيعة شراء سي دي، وبه الأحاديث المعتمدة والموضوعة مع الاشارة الي الموضوعة. كما أتمني من الشيعة الاطلاع علي هذه الأحاديث قبل المناقشة والتخبط.

هناك الكثير من الأحاديث الموضوعة تتداول بالحسينيات، والشيعة لا ترجع للمصادر بل للعمائم! ولقد بينا الكثير من الكذب والتدليس في الحسينيات لما فيها من در لأموال من الشيعة.

وكتب (عمار) بتاريخ 20-12-1999، العاشرة صباحاً:

يقول عمير إنه ليس لها أثر، والحمد لله فالأثر موجود. والآن تراجعتم وتقولون أنه حديث غير صحيح. ولهذا بحث آخر منفرد به.

الهدف كان إثبات أثر لهذه الأحاديث من كتبكم لكشف زيغ وكذب ما افتراه عمير.. والحمد لله فالأثر موجود وظهر الحق.

إن أردتم افتحوا موضوع خاص (كذا) بحديث علي مدينة العلم.

أما هنا فقد بان الكاذب والمفتري. انتهي.

وغاب عمر والفاروق.. ولم يجيبا!!

كتب (حر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 30-11-1999،

ص: 210

السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (في رجوع عمر إلي علي عليه السلام وقوله المعروف: لولا علي لهلك عمر، ونحو ذلك)، قال فيه:

سنن أبي داود ص 28 باب المجنون يسرق أو يصيب حداً 147؛ صحيح البخاري كتاب المحاربين في باب لا يرجم المجنون والمجنونة؛ مسند أحمد 1/140، 154؛ سنن الدارقطني ص 346؛ فيض القدير 4/356؛ فتح الباري 15/73،131؛ الموطأ كتاب الاشربة ص 166، 186؛ مستدرك الصحيحين 4/375؛ الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالي «يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر»؛ والدر المنثور في تفسير قوله تعالي «فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله» وكذلك في الدر المنثور في تفسير قوله تعالي «وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم»؛ مستدرك الصحيحين 1/400 و3/14 و4/375؛ كتاب الحدود ص 346؛ فتح الباري 15/73، 74؛ التفسير الكبير «والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين»؛ فيض القدير 3/46تاريخ الطبري 2/112؛ كنز العمال 1/229 و2/221 و3/53، 95، 96، 110، 179، 228 و4/223 و5/244؛ سنن البيهقي 6/123 و7/343، 442;الاستيعاب 2/461، 463؛ الطبقات الكبري 2/102 القسم 2 وكذلك ج 3 القسم 1 ص 221؛ سنن الدار قطني، كتاب الصائم، باب القبلة للصائم ص 238؛ أسد الغابة 4/22؛ الإصابة ج 4 القسم 1 ص 270؛ تهذيب التهذيب 7/327؛ معاني الآثار ج2 كتاب القضاء ص 294 وكتاب الحدود 88؛ الرياض النضرة 2/170، 194، 195، 196، 197؛ فيض القدير4/356؛ نور الأبصار 171؛ قصص الأنبياء 566 «إذ أوي الفتية الي الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة»؛ شرح صحيح البخاري 17/105.

في رجوع عثمان إلي علي (علیه السلام):

الموطأ ص 36، 176؛ سنن البيهقي 7/419، 442 الشافعي في مسنده كتاب العدد ص 171؛ الإصابة ج 8 القسم 1/240؛ الاستيعاب 2/764؛الرياض النضرة 2/197؛الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالي «ووصينا الانسان بوالديه حسناً»؛ تفسير ابن جرير 25/61؛ مسند أحمد 1/100، 104شرح معاني الآثار في كتاب الحج ص 386؛ كنز العمال 3/53، 277؛ مجمع الزوائد 3/229

ص: 211

في رجوع معاوية إلي علي (علیه السلام):

الموطأ في كتاب الاقضية ص 126؛ سنن البيهقي 8/230، 237 و10/147؛ مسند الشافعي كتاب الجائز الحدود ص 204؛ كنز العمال 3/180، 181 و6/21 و7/300؛ الاستيعاب 2/463 الرياض النضرة 2/195؛ فيض القدير3/46 و4/356؛ الصواعق المحرقة ص 107؛ فتح الباري 17/105؛ سنن البيهقي 10/120.

وكتب (مالك الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 7-12-1999، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (مشارك وابن تيمية يقولان: عمر أعلم من علي عليه السلام)، قال فيه:

هذا هو علم من هو أعلم من علي بن ابي طالب:

1 - أخرج امام الحنابلة أحمد في مسنده ج1 ص192: باسناده عن مكحول أن رسول الله ص قال: إذا صلي أحدكم فشك في صلاته فإن شك في الواحدة والثنتين فليجعلها واحدة، وإن شك في الثنتين والثلاث فليجعلها ثنتين، وإن شك في الثلاث والأربع فليجعلها ثلاثاً، حتي يكون الوهم في الزيادة ثم يسجد سجدتين السهو قبل أن يسلم ثم يسلم. قال محمد بن اسحاق: وقال لي حسين بن عبدالله: هل أسنده لك؟ فقلت: لا. فقال: لكنه حدثني أن كريباً مولي ابن عباس حدثه عن ابن عباس. قال: جلست الي عمر بن الخطاب، فقال: يابن عباس إذا اشتبه عليالرجل في صلاته فلم يدري أزاد أم نقص؟ قلت: ياأمير المؤمنين ماأدري ما سمعت في ذلك شيئاً، فقال عمر: والله ما أدري _ وفي لفظ البيهقي- لا والله ما سمعت منه ص فيه شيئاً ولا سألت عنه. فبينا نحن علي ذلك إذ جاء عبد الرحمن بن عوف فقال: ما هذا الذي تذكران؟ فقال عمر: ذكرنا الرجل يشك في صلاته كيف يصنع؟ فقال: سمعت رسول الله ص يقول ((

ص: 212

وذكر الحديث)).

إذا كان لا يعلم هذا، فكيف يكون أعلم؟!؟!؟!

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 16-12-1999، الثانية والثلث ظهراً:

وعمر يقول لولا علي لهلك عمر وعمر يقول: لا أبقاني الله لمعضلة ليس فيها أبو الحسن.

وكتب (تائه) بتاريخ 16-12-1999، الرابعة عصراً:

الأخ مالك الأشتر.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أحسنت. ورحم الله والديك.. وحشرك مع محمد وآله الطاهرين آمين.

وكتب (ميثم التمار) بتاريخ 16-12-1999، الرابعة والربع عصراً:

تحية طيبة والله يعطيكم ألف عافية يا أخوتي، وهل يستطيعون الرد. سلاحهم الوحيد هو الشتم والتدليس علي الله ورسوله ووفقكم الله.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 21-12-1999، الثانية عشرة ظهراً:

الطبري في الرياض النضرة؛2 ص195 قال: وعن زيد بن علي عن أبيه عن جدّه قال: أتي عمر بأمرأة حامل قد اعترفت بالفجور فأمر برجمها قتلقاها علي عليه السلام فقال: ما بال هذه فقالوا: عمر أمر برجمها، فردها عليه السلام وقال هذا سلطانك عليها، فما سلطانك علي ما في بطنها ولعلك انتهرتها وأخفتها، قال (عمر) قد كان ذلك. قال عليه السلام: أوما سمعت رسول الله صلي الله عليه وآله قال: لا حدّ علي معترف بعد بلاء أنه من قيد أو حبس أو تهدد فلا إقرار له، فخلي سبيلها. أخرجه ابن السمان في الموافقة.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 5-1-2000، الثانية والربع صباحاً:

ص: 213

عمر يقول: حتي ربات الحجال أعلم من عمر! والمعاندون يقولون عمر أعلم!

وكتب (عمر) بتاريخ 5-1-2000، الثانية والنصف صباحاً:

الي مالك الأشتر: في أي من الصحاح رأيت لولا علي لهلك عمر؟؟ بحيث بحثت ولم أجده الا مرة وكتب حديث مكذوب الرجاء تنويرنا بالمصدر.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 5-1-2000، الثالثة والنصف صباحاً:

في فيض القدير ج 4 ص 356 للمناوي. الاستيعاب لابن عبد البر ج 2 ص461. كنز العمال ج3 ص 53. الطبراني في الرياض النضرة ج2 ص194.

كنز العمال ج3 ص179.

ص: 214

علي مجمع الفضائل لا يقاس به غيره

كتب (فرزدق) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21-1-2000، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (عليٌ مجمعُ الفضائل.. فهل يُقاسُ به غيرُه.. دعوة للقراءة والتأمّل والمشاركة)، قال فيه:

وبعد، فإن الله سبحانه ذكر في كتابه العزيز مقاييس للتفضيل والتكريم والاصطفاء... فقال تعالي في محكم كتابه العظيم عند بيانه سبب اختيار طالوت ملكاً علي الملأ من بني اسرائيل من بعد موسي (علیه السلام): إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم..

وقال عز من قائل: فضل الله المجاهدين علي القاعدين أجراً عظيماً.. وقال تعالي: يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات..

وقال سبحانه: والسابقون السابقون اولئك المقربون..

وقال جل وعلا: إن أكرمكم عند الله أتقاكم..

ونستفيد من هذه الآيات الشريفة أن أهم أسباب التفضيل هي: 1 - السبق الي الايمان 2 - مقدار وقوة الايمان 3 - التقوي 4 - العلم 5 - الجهاد والشجاعة.. هذا وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه قد امتاز وتقدم علي غيره في هذه الخصال والفضائل بمجموعها، ونحن سنشير إلي نماذج من ذلك:

أولا - السبق الي الايمان.. ونوجزه بهذه النقاط:

ألف - قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) (سابق هذه الأمة علي بن أبي طالب) مصادره:

1 - تفسير روح المعاني للالوسي ج27 ص114.

2 - تفسير الدر المنثور للسيوطي ج6 ص154.

ص: 215

3 - تفسير ابن كثير ج4 ص283.

4 - الصواعق المحرقة لابن حجر ص123.

5 - ينابيع المودة للقندوزي الحنفي.

باء - ذكر المحدثون والحفاظ بأن علياً هو أول من أسلم وأول من صلي مع النبي (صلی الله علیه و آله).. راجع:

1 - مسند أحمد بن حنبل ج4 ص318.

2 - سنن البيهقي ج6 ص206.

3 - كنز العمال للمتقي ج6 ص156 و395.

4 - مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص102.

5 - المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج3 ص499.

6 - الاصابة بهامش الاستيعاب ج5 ص170 و171.

7 - خصائص النسائي ص2.

جيم - سيأتي حديث النبي (صلی الله علیه و آله) لفاطمة: (أني زوجتك أقدم أمتي اسلاماً - أو سلماً -...). وسنذكر عندئذ مصادره عند ذكر التفضيل بالعلم.

دال - من المعلوم لدي كافة المسلمين أن علياً (علیه السلام) لم يسجد لصنم قط لذلك قيل عنه كرم الله وجهه - ولا داعي لذكر المصادر في ذلك - بل إنه هو الذي كسر الأصنام حينما صعد علي كتف النبي (صلی الله علیه و آله).. راجع:

1 - المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج3 ص5.

2 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج13 ص302.

3 - الرياض النضرة امحب الدين الطبري ج2 ص200.

4 - تفسير الكشّاف للزمخشري عند تفسيره لقوله تعالي: { قل جاء الحق وزهق الباطل}. وأما غيره فقد عاش دهراً من عمره مشركاً عابداً للأصنام..

ثانياً - مقدار الايمان وقوته: فقد روي عمر عن النبي (صلی الله علیه و آله) أنه قال: (لو أن

ص: 216

السموات السبع والأرضون السبع وضعن في كفة ميزان ووضع إيمان علي في كفة أخري لرجح ايمان علي) رواه:

1 - الذهبي في ميزان الاعتدال ج3 ص494 عند ترجمة محمد بن تسنيم الوراق برقم 7288.

2 - ابن حجر في لسان الميزان ج5 ص97 ترجمة محمد بن تسنيم برقم 328، ورواه أيضاً في ج 1 ص 175 برقم 462.

3 - الديلمي في فردوس الأخبار ج3 ص363 حديث 51.

4 - المحب الطبري في الرياض النضرة ج3 ص206.

5 - أنساب الأشراف للبلاذري ج2 ص103 حديث 36.

6 - تهذيب التهذيب ج9 ص419.

7 - منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل ج5 ص35.

8 - مناقب الخوارزمي ص235 وفي طبعة أخري ص130 - 131 حديث 145 و14.

9 - كفاية الطالب للحافظ الكنجي ص245 و246 وفي طبعة أخري ص258 باب62.

10 -تأريخ دمشق لابن عسكر ج42 ص340 -341.

11 - مناقب ابن المغازلي ص289حديث 330.

12 - شرح وصايا أبي حنيفة لأبي سعيد الخادمي ص 177.

13 - كنز العمال للمتقي ج11 ص617 حديث 32993.

14 - سعد الشموس والأقمار لعبد القادر ورديفي ص211.

ثالثاً- التقوي: فقد سمي النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله) علي بن أبي طالب (إمام المتقين) في أحاديث كثيرة، رواها الحُفّاظ، ومنهم:

1 - الطبراني في المعجم الصغير ج2 ص88.

2 - الهيثمي في مجمع الزوائد ج9 ص121.

3 - ابن الأثير في أسد الغابة ج1 ص69 وج3 ص116.

4- ابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمةالامام علي: 2/257حديث773 وص440 حديث

ص: 217

949

وص 487 حديث 1005.

5 - المتقي في كنز العمال ج15 ص157 حديث 443.

6 - أبو نعيم في حلية الأولياء ج1 ص63.

7 - الذهبي في ميزان الاعتدال ج1 ص64.

8 - ابن طلحة الشافعي في مطالب السؤل ج1 ص46 و60.

9 - ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص107.

10 - مناقب الخوارزمي ص 42 و235.

فكل من دخل في زمرة المتقين فعلي إمامه، بنص أحاديث النبي الأكرم (صلی الله علیه و آله)..

رابعاً - العلم.. ونوضحه بهذه النقاط:

ألف - قال رسول الله (صلی الله علیه و آله) لفاطمة (علیها السلام): (أما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً).. رواه من الحفاظ:

1 - أحمد بن حنبل في مسنده ج5 ص26.

2 - المتقي في كنز العمال ج6 ص53و153 و397.

3 - الهيثمي في مجمع الزوائد ج9 ص101 و114.

4 - ابن الأثير في اسد الغابة ج5 ص530.

5 - ابن عبد البر في الاستيعاب ج3 ص36.

6 - علي القاري في المرقاة في شرح المشكاة ج5 ص569.

7 - الحلبي في السيرة النبوية ج1 ص285.

باء - قوله (صلی الله علیه و آله): (من أراد أن ينظر الي آدم في علمه والي نوح في تقواه والي ابراهيم في حلمه والي موسي في هيبته والي عيسي في عبادته فلينظر الي علي بن أبي طالب).. رواه:

ص: 218

1 - المتقي في كنز العمال ج1 صصص226.

2 - التفتازاني في شرح المقاصد ج2 ص299.

3 - عبد الرزاق في معجم الادباء في ترجمته للامام علي.

4 - ابن الصباغ المالكي في الفصول المهمة ص21 و107.

5 - الديلمي في فردوس الأخبار حرف الميم (من أراد أن ينظر …).

6 - الفخر الرازي في التفسير الكبير ج2 ص700 وفي طبعة أخري ج8 ص81.

7 - المحب الطبري في الرياض النضرة ج2 ص218و 290.

8 - ابن عساكر في تاريخ دمشق ترجمة الامام علي ج2 ص280 حديث 804.

9 - الخوارزمي في المناقب ص220.

10 - الشعراني في اليواقيت والجواهر ص72 مبحث 32.

ومن المعلوم أن الله وصف آدم في كتابه قائلا: (وعلّم آدم الاسماء كلها)..

جيم وكذلك قال النبي (صلی الله علیه و آله): (أنا مدينة العلم وعلي بابها ومن أراد المدينة فليأتها من بابها).. مصادر هذا الحديث:

1 - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 170.

2- ميزان الاعتدال للذهبي ج 1 ص 415.

3 - فيض القدير للمناوي ج 3 ص 46.

4 - الاستيعاب بهامش الاصابة لابن عبد البر ج 3 ص 38.

5 - المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج 3 ص 126.

ولتواتر هذا الحديث وشهرته نكتفي بهذه المصادر.

دال - وقال عمر: (أقضانا علي) أو (علي أقضانا) ومعلوم أن القضاء يستلزم العلم الكامل بالأحكام، بل أن الأعلميّة به تستلزم الأعلميّة بها.. روي ذلك عن عمر:

1 - صحيح البخاري ج6 ص23 في تفسير قوله تعالي {وما ننسخ من آية او ننسها}.

ص: 219

2 - مسند أحمد بن حنبل ج5 ص113.

3 - الطبقات الكبري لابن سعد ج2 ص339 - 340.

4 - الاستيعاب ج3 ص1102 ترجمة الامام علي برقم 1855.

5 - أنساب الأشراف للبلاذري ج2 ص852.

6 - حلية الأولياء لأبي نعيم ج1 ص65.

7- المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج3 ص305.

8 - الفتوحات الاسلامية لزيني دحلان ج2 ص454.

9 - تاريخ دمشق لابن عساكر ج42 ص402.

10 - فتح الباري شرح صحيح البخاري ج7 ص60.

11 - البداية والنهاية ج7 ص359.

12 - تاريخ الخلفاء للسيوطي ص170 و233.

13 - الصواعق المحرقة لابن حجر ص127.

14 - تفسير الدر المنثور ج1 ص104 في تفسير: وما ننسخ من آية ….

أما غير علي فقد سُئِل عن الأبّ والكلالة وميراث الجدة وعشرات المسائل فلم يدري ما جوابها حتي اشتهر عن أحدهما قوله مخاطباً نفسه: كل الناس أفقه منك يا عمر.. وتواتر قوله: لولا علي لهلك عمر.. ونحوه.

6 - الجهاد.. ونوجزه بهذه الأمور:

ألف - في معركة بدر: قتل علي نصف القتلي من المشركين وقتل باقي المسلمين النصف الآخر من القتلي

باء - وفي معركة أحد: هرب المسلمون إلا علي وغُشي علي النبي (صلی الله علیه و آله) فلما أفاق قال: ما فعل المسلمون؟

قال (علیه السلام): نقضوا العهد وولوا الدبر.. فقال (صلی الله علیه و آله): إكفني هؤلاء فكشفهم عنه.. ونادي جبرئيل في السماء: (لاسيف الاّ ذو الفقار ولا فتي الا علي).. وقال

ص: 220

جبرئيل للنبي (صلی الله علیه و آله): (يا رسول الله، لقد عجبت الملائكة من حسن مواساة علي لك بنفسه. فقال (صلی الله علیه و آله) (ما يمنعه من ذلك وهو مني وأنا منه).. راجع:

1 - تاريخ الطبري ج2 ص197 وفي طبعة أخري ج3 ص17.

2 - شرح النهج لابن ابي الحديد ج3 ص380 و397.

3 - سيرة ابن هشام ج3 ص52.

4 - مناقب الخوارزمي ص104.

5 - الروض الانف للخثعمي ج2 ص143.

6 - الفضائل لاحمد بن حنبل.

جيم - وفي معركة الخندق: لما برز عمرو بن عبد ود العامري خاف المسلمون ولم يبرز إليه أحد إلا علي بن أبي طالب فقتله، فقال النبي (صلی الله علیه و آله) قولته المشهورة: (لمَبارزة علي لعمرو بن عبد ود أفضل من اعمال امتي الي يوم القيامة)..

مصادر هذا الحديث:

1 - المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج3 ص32 اوج4 ص32.

2 - كنز العمال للمتقي ج6 ص156 وفي طبعة أخري ج11 ص623.

3 - السيرة النبوية للحلبي ج2 ص340.

4 - التفسير الكبير للفخر الرازي ج8 ص445.

5 - نهاية العقول للرازي ص114.

6 - تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج13 ص19.

7 - المواقف للقاضي الايجي ج3 ص276.

8 - هداية المرتاب في فضائل الاصحاب ص148.

قال ربيعة السعدي: أتيت الصحابي حذيفة بن اليمان فقلت: يا أبا عبد الله إنّا لنتحدث عن علي ومناقبه فيقول أهل البصرة: إنكم لتفرطون في علي، فهل

ص: 221

تحدثني بحديث؟ فقال حذيفة: والذي نفسي بيده لو وُضع جميع أعمال أمة محمد في كفة منذ بعث الله محمداً الي يوم القيامة ووضع عمل عليٍ في الكفة الأخري لرجح عمل عليٍ علي جميع أعمالهم..

فقال ربيعة: هذا الذي لا يقام له ولا يقعد..

فقال حذيفة: يا لكع.. وكيف لا يُحمل، وأين كان أبو بكر وعمر وحذيفة وجميع أصحاب النبي (صلی الله علیه و آله) يوم عمرو بن عبد ود وقد دعا الي المبارزة فأحجم الناس كلهم ما خلا علي فإنه نزل إليه فقتله، والذي نفس حذيفة في يده لعمله في ذلك اليوم أعظم اجراً من عمل أصحاب محمد(صلی الله علیه و آله) الي يوم القيامة.. راجع كلام حذيفة هذا في:

1 - المواقف لعضد الدين الايجي ص617 طبع اسلامبول.

2 - شرح النهج لابن أبي الحديد ج4 ص344.

3 - ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 95 و137.

دال - وفي معركة خيبر: بعث رسول الله أبا بكر بالراية فعاد ولم يصنع شيئاً فأرسل بعده عمر ولم يفتح. وفي الطبري والحاكم والذهبي قالوا عن عمر: فعاد يُجبّنُ أصحابه ويجبنونه فقال (صلی الله علیه و آله): (لأعطين الراية غداً رجلاً يُحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله لا يخزيه الله أبداً ولا يرجع حتي يفتح عليه وفي بعضها: كرار غير فرار) ثم أعطاها لعليٍ ففتح الله علي يديه حصون خيبر وقتل قائد اليهود مرحب.. تجد ذلك كله في المصادر التالية:

1 - سنن النسائي ج5 ص109 حديث 8402.

2 - المستدرك علي الصحيحين للحاكم ج3 ص37 وصححه.

3- تلخيص االمستدرك للذهبي المطبوع بذيل المستدرك ج3 ص37 وصححه ايضا.

4 - سيرة ابن هشام ج3 ص216.

ص: 222

5 - تاريخ الطبري ج3ص93.

6 - الكامل في التاريخ لابن الاثير ج2 ص219.

7 - أسد الغابة ج4 ص21.

8 - البداية والنهاية ج7 ص349.

9 - دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص209.

10 - حلية الأولياء لابي نعيم ج1 ص62.

11 - الروض الانف ج6 ص507.

هاء - وفي معركة بني المصطلق: قتل علي قائدهم مالكاً وابنه وسبي جويرية بنت الحارث فاصطفاها النبي (صلی الله علیه و آله) راجع:

1 - السيرة الحلبية ج2 ص280.

2 - تاريخ الخميس ج1 ص474.

واو - وفي معركة ذات السلاسل: انهزم الأول والثاني لما أرسلهم النبي فبقي أياما ثم بعث إليهم علياً … فكبس عليهم وقت الفجر فانتصر عليهم فأنزل الله سورة العاديات. ولما عاد علي استقبله النبي (صلی الله علیه و آله) وقال له: (والذي نفسي بيده لولا أن يقول فيك طوائف من أمتي ما قالت النصاري في المسيح لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ منهم إلا أخذوا التراب من تحت قدميك، اركب فإن الله ورسوله عنك راضيان).. رواه:

1 - ابن أبي حاتم في علل الحديث ج1 ص313.

2 - مسند أحمد بن حنبل ج1 ص160.

3 - مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص131.

4 - مناقب الخوارزمي ص 245.

5 - مناقب ابن المغازلي ص304.

6 - تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة الامام علي ج1 ص226.

ص: 223

7 - شرح النهج لابن ابي الحديد ج4 ص219 او ج18 ص282.

8 - ارجح المطالب ص454.

وهكذا في المواقف كلها كان علي حامل راية رسول الله ولم يجعل عليه أميراً أبداً، بينما كان أبو بكر وعمر في ذات السلاسل تحت قيادة عمرو بن العاص تارة وتحت قيادة علي تارة أخري.. وفي جيش أسامة جعل النبي اسامة ذلك الشاب أميراً علي أبي بكر وعمر.. راجع:

1 - الطبقات الكبري لابن سعد ج2 ص190.

3 - الكامل لابن الاثير ج2 ص317.

4 - السيرة الحلبية ج3 ص207.

5 - السيرة النبوية لزيني دحلان بهامش الحلبية ج2 ص339.

6 - كنز العمال للمتقي ج5 ص312.

7 - أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص474.

8 - تهذيب تاريخ ابن عساكر ج2 ص391 بترجمة أسامة.

وبعد ما قدّمنا الشواهد والأدلة علي التقديم نذكر قرائن أخري تنفع في المقام: فعندما يخطب أبو بكر وعمر فاطمة الزهراء يمتنع النبي من تزويجهما.. وتجد ذلك في:

1 - كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص302.

2 - مجمع الزوائد ج9 ص204 - 206.

3 - خصائص النسائي ص 31 وفي طبعة اخري ص51.

4- الصواعق المحرقة لابن حجر ص139 و161 وفي طبعة أخري ص84 و97.

5 - أسد الغابة لابن الأثير ج1 ص386.

6 - الاصابة للعسقلاني ج1 ص374.

7 - جامع الاصول ج9 ص474.

ص: 224

8 - كنز العمال ج15 ص99 حديث 285.

9 - محاضرات الأدباء للراغب الأصبهاني ج 4 ص 477.

10 - تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ص306.

11 - رشفة الصادي للحضرمي ص 7و8.

12 - المواهب اللدنية للقسطلاني ج2 ص4.

13 - السيرة النبوية لزيني دحلان بهامش الحلبية ج2 ص7.

14 - تاريخ بغداد للخطيب ج14 ص363.

أما حينما أراد عليٌ أن يتزوج من فاطمة، ينزل الأمر الإلهي من السماء بأن يزوّج علياً من فاطمة.. راجع ذلك في:

1 - مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص204 - 209.

2 - ميزان الاعتدال للذهبي ج1 ص637 حديث 2448.

3 - الصواعق المحرقة لابن حجر ص 84.

4 - كفاية الطالب للحافظ الكنجي ص298.

5 - مناقب الخوارزمي ص247 فصل 20.

6 - أسني المطالب للوصابي ص74 باب 12 حديث 6.

7 - مناقب ابن المغازلي ص346 حديث 397.

8 - تحفة المحبين بمناقب الخلفاء الراشدين لمحمد بن رستم ص177.

9 - ذخائر العقبي للمحب الطبري ص29.

والسبب في ذلك واضح لمن بلغه حديث النبي في فاطمة حيث قال (صلی الله علیه و آله): (لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤٌ) رواة:

1 - أبو نعيم في حلية الاولياء ج1 ص341.

2 - محب الدين الطبري في الرياض النضرة ج2 ص168.

3 - ذخائر العقبي ص 65.

4 - موسوعة اهل البيت لتوفيق ابو علم ص144.

ص: 225

أتعلم لماذا؟ الجواب هو (أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة) كما ورد ذلك في حديث النبي (صلی الله علیه و آله)، فلا يليق بشأنها الاّ من هو مثلها.. مصادر هذا الحديث:

1 - مسند أحمد بن حنبل ج3 ص64 وفي طبعة اخري ج5 ص391.

2 - الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص326.

3 - تاريخ الاسلام للذهبي ج2 ص92

4 - مجمع الزوائد ج9 ص201

5 - خصائص النسائي ض34.

6 - اسعاف الراغبين للصبان بهامش نور الأبصار ص191.

7 - الشرف المؤبد للنبهاني ص53.

8 - ارجح المطالب لعبد الله الحنفي ص311.

إذن لا يقاس بآل محمدٍ أحدٌ من الناس كما ورد ذلك عن النبي المصطفي في قوله: (نحن أهل البيت لا يقاس بنا أحد).. والذي تجده في:

1 - كنوز الحقائق ص153.

2 - الرياض النضرة ج2 ص208.

3 - الفردوس للديلمي ج4 ص283 حديث 6838.

4 - ذخائر العقبي للطبري ص17.

5 - وروي بمعناه أبو نعيم في حلية الأولياء ج7 ص201

ولذلك قال أحمد بن حنبل: (عليٌ من أهل بيتٍ لا يقاس بهم أحد). مناقب الامام أحمد لابن الجوزي ص219

وفي الختام: نلفت الإنتباه إلي أننا لم نذكر - آنفاً - الأدلة الخاصة التي تُلزم تقديم أمير المؤمنين الامام علي بن أبي طالب علي غيره من المسلمين في أمر الخلافة ونحوها.. كبعض الآيات القرآنية مثل آية التطهير وأية الولاية وآية المباهلة وغيرها.. وكذلك الأحاديث الشريفة كحديث الغدير والمنزلة والثقلين

ص: 226

والدار والسفينة وأمثالها.. والتي تحتّم علينا تقديم الأمير (علیه السلام) علي الآخرين، لتقديم الله ورسوله إياه.. وبعبارة أخري: إنه حتي لو لم تتم لدينا هذه الأدلة الخاصة علي تقديمه سلام الله عليه، فإنه ومن خلال تلك الأدلة العامة نحرز لزوم تقديمه علي غيره في مسألة الخلافة ونحوها.. فإنه وكما ورد في الآثر عن المصطفي (صلي الله عليه وآله): (من استعمل عاملاً من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولي بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيّه، فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين) - تفسير المنار ج5 ص215 - فكيف بخليفة المسلمين!!!

وبذلك فإن القول بتقديمه - بناءً علي تلك الأدلة العامة - يقتضيه الدليل العقلي ويحكم به البرهان النقلي ويعضدهما الانصاف والوجدان والتأريخ … كيف والأدلة الخاصة هي كالشمس في رابعة النهار من قوة السند وتمام الدلالة.. ولاتخفي إلاّ علي من أغمض عينيه عنها أو كان أعمي!!!

هذا وقد أشار أمير المؤمنين نفسه إلي هذه الحقيقة - أعني تقدّمه علي غيره بل عدم صحة المقايسة بينه وبينهم - في خطبته الشقشقية حيث قال روحي فداه: (فيا لله وللشوري.. متي اعترض الريبُ فيّ مع الأول منهم حتي صرت أقرنُ إلي هذه النظائر!!). وهو يشير إلي الشوري السداسيّة!! ورحم الله الشاعر وهو يمدح أمير المؤمنين، فيقول:

قاسوكَ أبا حسنٍ بسواكَ وهلْ بالطودِ يقاسُ الذر

أنّا ساوَوْكَ بمن ناوَوْكَ وهل ساوَوْا نعليْ قنبر

هذه بعض الحقائق والبراهين والحجج.. أدعو الأخوة جميعا للتدبّر والتأمل فيها.. فأين المتدبرون والمتأملون... والسلام علي من اتبع الهدي...

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 21-1-2000، السادسة مساءً:

ص: 227

أخي فرزدق. السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أحسنت وأجدت..

تشكيلة رائعة وتنظيم ممتاز، وفقك الله لمراضيه وأسعدك كما أسعد بك.

قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربي

وكتب (فرزدق) بتاريخ 23-1-2000، الحادية عشرة ليلاً:

شكراً لك أخينا العزيز مالك الأشتر.. يامن تأسّيت بمالك الأشتر (رضی الله عنه) في الدفاع عن حياض الامامة ومقدسات الاسلام.. ولازلتُ آمُل تواجد المتأمّلين والمتدبرين في هذه الصفحة ومشاركتهم.والسلام عليك وعلي عباد الله الصالحين..

وكتب (عمر) بتاريخ 24-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

هناك موضوع مهم تناسيته. وعندما استشهدت بهذه الآية:

النساء- 95: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم علي القاعدين درجة وكلاًّ وعد الله الحسني وفضل الله المجاهدين علي القاعدين أجراً عظيماً.

ولقد وضعنا هذه الآية مقياساً ربانياً للأفضل بين أصحاب النبي (رضی الله عنه)، هل تعلم بأن أبو بكر (كذا) (رضی الله عنه) لم يتخلف عن جميع غزوات النبي (صلی الله علیه و آله) وأنفق جميع ماله، إذاً هو الأول حسب الآية.

التاني عمر (رضی الله عنه) لم يتخلف عن جميع الغزوات وأنفق نصف ماله إذاً هو الثاني.

أما عثمان (رضی الله عنه) وعلي (رضی الله عنه) فلقد تخلف كل منهم بأمر رسول الله (صلی الله علیه و آله).

وبالنسبة للانفاق فعثمان (رضی الله عنه) أنفق أكثر من جميع المسلمين، وتزوج

ص: 228

ببنتين من بنات رسول الله (صلی الله علیه و آله) ولقد اختاره المسلمون بالشوري ثالث الخلفاء. والرابع بالاسلام علي (رضی الله عنه) وما له من فضائل كثيرة. هذا هو المقياس الصحيح للآية.

وكتب (فرزدق) بتاريخ 27-1-2000، الثامنة صباحاً:

يا عمر: أولاً: أنا لم أتناسَ الموضوع، ولكنك أنت تعاميت عن المفهوم..

فأرجو منك لبس النظارة وإعادة قراءة الموضوع من جديد، ففيه جواب شافٍ لكلامك!!! فأنت لم تفهم مراد الله تعالي في آخر تلك الآية الشريفة وهو قوله تعالي: فضّل الله المجاهدين علي القاعدين أجراً عظيماً.. فإن المراد بأن المناط علي من يتصف في بذله النفس أو المال بالمجاهد.. أي.. من يكون في عمله متصفاً بصفة الجهاد في سبيل الله تعالي.. وأما من بذل ماله علي فرض صحة ذلك، بغير هذا الوجه، أو كان في جهاده مُرائياً مثلاً، أو لم يتحقق منه جهاد واقعي، وإنما هو حضور في المعركة، بل فرار وخذلان في بعض الأحيان، فليس هذا من الجهاد في شئ. وبعبارة أخري: فهل الحضور بمجرده ودفع المال بمجرده كافٍ في التقديم؟؟!! فلو كان الحال كذلك فإن هناك من الصحابة من لم يتخلف عن جميع غزوات النبي (صلی الله علیه و آله) أيضاً كعمار بن ياسر والمقداد بن الاسود وأمثالهما، بل وأبلوا البلاء الحسن فيها.. فهل قارنتموهم بأولئك؟؟

وهناك منهم من افتقر بسبب بذل جميع ماله في سبيل الاسلام ولم يك يمتلك عند موته سوي الحصير الذي يجلس عليه، وهي السيدة الجليلة أم المؤمنين خديجة بنت خويلد (رضی الله عنه) مثلاً.. فهل فضلتموها عليهم؟؟

يا عمر: المقياس الحقيقي ليس هو بالكمّ وإن كان فاقدا للكيف، وإنما هو

ص: 229

بالكيف وإن افتقد الكمّ.. نعم إذا أجتمعا فهو خير علي خير.. وأني لك ولغيرك أن تُثبت ذلك لأصحابك!!! وهل شراء عبدٍ أو عبدين أو ثلاثة وأمثال ذلك، لو تمّت كمّاً وصحّت كيفاً، كمن كان كلُّ وجوده لله وفي سبيل الله ولأجل الدفاع عن رسول الله وعن الاسلام العظيم.. لاحظ المراد من قوله تعالي: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله - البقرة 207- ومن هو الذي نزلت فيه …

وتأمّل في قول الباري: أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون عند الله... - التوبة 19، حيث نزلت تأييداً لقول علي (علیه السلام): (أنا أوّل من آمن وهاجر وجاهد في سبيل الله).. راجع:

1 - تفسير الطبري ج10 ص68.

2 - تفسير ابن كثير ج2 ص341.

3 - تفسير الدر المنثور للسيوطي ج3 ص218.

4 - التفسير الكبير للرازي ج16 ص10.

5 - أسباب النزول للواحدي ص139.

6 - جامع الاصول ج9 ص477.

7 - تفسير القرطبي ج8 ص19

إن من كان بذله وإن قلّ خالصاً لوجه الله تعالي، فإن الله سوف يسجّل عمله بأحرفٍ من نور، ويُنزل فيه قرآنا يُتلي آناء الليل وأطراف النهار..

كما في قوله تعالي: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون. حين تصدّق عليٌ بخاتمه وهو راكع، وهذا عمل صغير في ظاهره، ولكنه كبير جداً في قصده ومحتواه ومؤدّاه عند الباري جل شأنه.

ص: 230

ذكر أغلب المفسرين اختصاص هذه الآية بعلي بن أبي طالب ولدينا ستون مصدراً لذلك.

وفي حادثة أخري يتصدق أمير المؤمنين علي (علیه السلام) بأربعة دراهم فتنزل آيات من السماء بمدحه يتلوها المسلمون، وذلك في قوله تعالي: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرّاً وعلانية - البقرة 274، وممن ذكر نزولها في ذلك:

1 - الواحدي في أسباب النزول ص64.

2 - الفخر الرازي في التفسير الكبير ج7 ص89.

3- السيوطي في الدر المنثور ج1 ص363.

4 - الخازن في تفسيره ج1 ص214.

5 - أبن حجر في الصواعق المحرقة ص87.

6 - الهيثمي في مجمع الزوائد ج6 ص324.

وفي موقف ثالث يتصدّق عليٌ وأهله بأقراص خبز لثلاثة أيام فيسجل القرآن مدحهم بأروع ما يكون المدح في قوله تعالي: ويطعمون الطعام علي حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً أنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءاً ولا شكوراً.. إلي آخر مدحهم في سورة (الانسان).. راجع:

1 - تفسير القرطبي ج19 ص130.

2 - أسباب النزول للواحدي ص251.

3 - تفسير روح المعاني للآلوسي ج29 ص157.

4 - تفسير الفخر الرازي ج13 ص243.

5 - تفسير الدر المنثور للسيوطي ج6 ص299.

6 - تفسير البيضاوي ج5 ص165.

7 - تفسير فتح القدير للشوكاني ج5 ص349.

فلو كان صاحبك قد بذل مخلصاً لله - كما تزعم - لنزل في مدحه القرآن

ص: 231

كما نزل في علي (عليه السلام)..

وأما الجهاد وما أدراك ما الجهاد.. حيث المواقف المشهودة والأمجاد المعهودة للأمير (علیه السلام).. ففي موقف من المواقف يبرز أمير المؤمنين في معركة الخندق فيقول النبي الأعظم (برز الايمان كله الي الشرك كله).. إنه عمل وأحد ولكنه قام به من أمتلأ إيماناً من رأسه إلي أخمص قدميه وكان به نصر الدين والفتح للمسلمين و... وعندما ضرب علي بن أبي طالب هامة عمر بن عبد ود العامري ففلقها نصفين وهي ضربة واحدة قال النبي المصطفي: (ضربة علي يوم الخندق تعدل - وفي رواية أفضل من أعمال أمتي إلي يوم القيامة).. تركنا ذكر المصادر لشهرة الحادثة والحديث.. فهل كانت أهمية تلك الضربة لقوّتها يا تُري!!! أم لأنها كانت مما قام به الدين وأستقام عليه ولولاها لما كنتَ مسلماً، لو كنت، وفي موقف آخر، عند معركة أحد، ينهزم القوم ولا يبقي مع النبي سوي علي..

فيطلب المصطفي من المرتضي أن يكشف عنه قوما هاجموه فيكشفهم ويقتل فيهم ثم يطلب منه أخري فيفعل ذلك ثانية حتي يقول أمين الوحي جبرائيل (علیه السلام) للنبي (والله إنها المواساة) فيقول النبي (صلی الله علیه و آله): نعم.. إنه مني وأنا منه.. ثم يسمع الجميع هاتفاً يقول: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتيً إلا علي.. إنه موقف واحد بالقياس إلي عمْر الرسول والرسالة ومواقف المسلمين، ولكن: لا فتيً إلاّ علي..

ثانياً: هل تعلم ما هو حكم القرآن لمن حضر المعركة ثم فر من الزحف، فإن كنت لا تعلم فاستمع لقوله تعالي: ومن يولّهم يومئذ دبره … فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير. الأنفال- 16.

ص: 232

ومن المعلوم فرار أصحابك في أحد وخيبر وجبنهم في غيرها، كما مر عليك بعضه في أصل الموضوع، وإليك بعضه الآخر: ففي معركة خيبر روي الحاكم في المستدرك بسند صحيح ج3 ص37 فقال:

أخبرنا أبو قتيبة سالم بن الفضل الآدمي بمكة، حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثنا علي بن هاشم، عن ابن أبي ليلي، عن الحكم وعيسي، عن عبدالرحمن، عن أبي ليلي، عن علي أنه قال: يا أبا ليلي، أما كنت معنا بخيبر؟ قال: بلي والله كنت معكم، قال: فإن رسول الله صلي الله عليه وآله بعث أبا بكر إلي خيبر فسار بالناس وانهزم حتي رجع.وقد اعترف الذهبي بصحته في تلخيصه.

وروي الحاكم في المستدرك أيضاً ج3 ص37 قال: أخبرنا أبو العباس محمد بن أحمد المحبوبي بمرو، حدثنا سعيد بن مسعود، حدثنا عبد الله بن موسي، حدثنا نعيم بن حكيم، عن أبي موسي الحنفي، عن علي رضي الله عنه: قال سار النبي صلي الله عليه وآله إلي خيبر فلما أتاها بعث عمر وبعث معه الناس إلي مدينتهم أو قصرهم فقاتلوهم، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه، فجاءوا يجبنونه ويجبنهم.. وعقب الحاكم عليه: هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. وقد اعترف الذهبي أيضاً بصحته في التلخيص. وفي الدر المنثور: عن ابن عباس وغيره: إن آية إن الذين تولوا منكم يوم التقي الجمعان. نزلت بعثمان. وأمر فراره يوم أحد معروف، فراجع:

1 - تاريخ الأمم والملوك ج2 ص 203.

2 - البداية والنهاية ج4 ص28.

3 - السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص55.

4 - فتح القدير ج1 ص 392.. وغير ذلك من المصادر

ص: 233

حتي قال له النبي بعد أن عاد إلي المدينة بعد ثلاثة أيام: لقد ذهبت بها عريضة!!

ولو شئت لملأت لك هذه الصفحة بذكر المواقف المخ... لأصحابك في بعض معارك النبي صلي الله عليه وآله وغيرها لفعلت.. ولكن حسبك منها ما ذكرته لك …

وأخيراً: فإنه وكما يقال بأن الحق كان عليّ حينما كتبتُ ذلك الموضوع بالشكل الذي تصوّرتَ منه جهلا منك المقايسة، فليس الذنبُ ذنبك وإنما هو ذنبي حيث قارنتُ وقايست أخيرا بين من لا تصح المقارنة والمقايسة بينهم، وربّ الكعبة.. حتي تأتي أنت وتجيب بهذا الجواب السخيف.. فهل تصح المقارنة بين الثري والثريّا!!! وهل يصح القياس بين الحصي ونجوم السماء!!وهل يصح التنظير بين عود الثقاب ونور الشمس!!! كلا وألف كلا … ولقد صدق الشاعر حينما قال:

ألم ترَ أن السيف يزري بقدرِهِ إذا قيل أن السيف خير من العص

والسلام علي اتبع الهدي …

وكتبت (طبيعي) بتاريخ 27-1-2000، العاشرة صباحاً:

اعتذر لنفسي لأنني لم أقرأ مقالتك إلا اليوم، فحرمت هذا النعيم، فبوركت أخي الفاضل، ودع عنك الرد علي الجهّال، فليس الكل تطيب نفسه بذكر علي عليه السلام. اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (عمر) بتاريخ 27-1-2000، الثانية عشرة ظهراً:

تغيير الموضوع أفضل طريقة للشيعة بعد تأويل القرآن، لا أعتقد بأن الآية تحتاج الي تفسير أو شرح، والمعني واضح. سورة النساء- 95: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم

ص: 234

وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم علي القاعدين درجة وكلاًّ وعد الله الحسني وفضل الله المجاهدين علي القاعدين أجراً عظيماً. صدق الله العظيم.

هذا مقياس رباني وأفضل الأعمال عند الله الجهاد. ثم يأتي بعده الانفاق في سبيل الله ولو أردت الآيات التي تدعو الي الانفاق فهي كثيرة.

وهذه واحدة سورة البقرة - 261: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم. صدق الله العظيم.

وكما بينا بأن أبو بكر (كذا) (رضی الله عنه) أنفق الكثير وخاصة في آخر أيامه عندما أنفق جميع ماله، وشارك جنباً الي جنب مع الرسول (صلی الله علیه و آله) في كل غزواته، وحج بالناس في حياته، وصلي بهم في مرضه، فهذه الفضائل ملموسة وشاهدة علي حب الرسول (صلی الله علیه و آله) لهذا الرجل وكل هذا الفضائل وغيرها هي التي جعلته أفضل الخلق بعد رسول الله (صلی الله علیه و آله).

والموضوع لانقرره نحن بل أصحاب الرسول (صلی الله علیه و آله) الذين بايعوه ونصروه، واستطاع أن يعيد الاسلام بعد ارتداد الجزيرة، واستطاع أن يفتح أعظم الدول، ولا أحد منكم يستطيع انكار هذه الأعمال، أو يأتي بأحد استطاع أن يفعلها رحمة الله عليه وعلي أصحابه.

وكتب (فرزدق) بتاريخ 28-1-2000، الخامسة مساءً:

يا عمر، أحسنت: مثَلُ الذين يُنفقون أموالهم (في سبيل الله) كمثل حبة.. فلو كان إمامك أنفق ما أنفق في سبيل الله لنزلت فيه آية أو نصف آية أو ربع آية.. كما نزلت في علي يوم تصدّق بخاتم.. ونزلت فيه يوم دفع دراهم.. ونزلت فيه يوم تصدّق بأرغفة.. ونزلت ونزلت... ألا يستحق ذلك المُنفق الكبير خاصة

ص: 235

في آخر أيامه كما تزعم (مع أن المعروف فقره فيها) ألا يستحق نصف آية!!!

وأما الجهاد وما أدراك ما الجهاد.. فإني علي يقين بأنه لو كان أبو بكر بنفسه مكانك لما أعاد وكرر تلك النقطة بالذات، لما قام به في تلك المعارك من بطولات دوّنها التأريخ بأحرفٍ من نور!!! خاصّة عندما عاد من إحداها يجبّن أصحابه ويجبّنونه!!! وقد ذكرنا جملة منها فيما تقدّم.. فلا تضطرني إلي إعادتها والإتيان بغيرها..

وأما الحج والصلاة وهما أخرُ ما بقي في جُعبتك فقد بيّن الاخوة الأعزاء في هذا المنتدي كثيراً من الزيف الذي حصل في تلك الروايات سنداً ودلالة، وأثبتوا بما يُقنع (العاقل) بطلان الاحتجاج بها.. فلا أعيد.. وأين هذا من عشرات المواقف البطولية والأحاديث النبوية والآيات القرآنية، التي تفرّد وامتاز بها أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب سلام الله عليه.. وها أنت تجرنّي إلي المقايسة المفاضلة بينه وبينهم..

وواللهِ الذي لا إله إلاّ هو فإن هذا لقياس باطل حتي علي مذهب أبي حنيفة!!!

وكما قلتُ سابقاً وسأعيد.. فهل تصح المقارنة بين الثري والثريّا!!!!! وهل يصح القياس بين الحصي ونجوم السما!!! وهل يصح التنظير بين عود الثقاب ونور الشمس!!!!! كلاّ وألف كلاّ … ولقد صدق الشاعر حينما قال:

ألم ترَ أن السيف يزري بقدرِه إذا قيل أن السيف خير من العص

وأخيراً: فلقد كان يكفيني لإجابتك أن أقول: سلاماً...حتي لا يكون هناك تغييرا للموضوع كما تزعم، ويكون جوابي مطابقاً لكلامك بالضبط!!!

هل فهمت... لا أظن...

ص: 236

علي سيد العرب

كتب (هاشم) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 12-7-1999، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً بعنوان (أمير المؤمنين علي عليه السلام سيد العرب)، قال فيه:

روي الحاكم بسنده عن سعيد بن جبير عن عائشة أن النبي صلي الله عليه (وآله) وسلم قال: أنا سيد ولد آدم وعلي سيد العرب. قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد.. (المستدرك ج3 ص124)

أخرجه أيضاً المتقي في كنز العمال ج6 ص157 وقال: أخرجه الحاكم وتعقب عن عائشة والدارقطني في الأفراد عن ابن عباس والحاكم عن جابر.

أذكر لكم أيضاً بعض المصادر التي روت حديث (علي سيد العرب):

حلية الأولياء لأبي نعيم:1 /63 و:5 /38. تاريخ بغداد للخطيب البغدادي:11 /89. كنز العمال:6 /400. مجمع الزوائد للهيثمي:9 /116. الصواعق المحرقة لابن حجر ص 73. تقبلوا تحياتي.

وكتب (عرباوي) بتاريخ 12-7-1999، الحادية عشرة صباحاً:

أحسنت.. مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجي ومن تخلف عنها هوي.

وكتب (KhaTeeR) 12-7-1999، الثانية ظهراً:

جزاك الله خيرا.

وكتب (العاملي) بتاريخ 12-7-1999، الثالثة ظهراً:

أحسنت يا أخ هاشم، وللحديث مصادر أخري.. وقد صححه كثيرون من كبار القوم، واسمح لي بتعليقات عليه:

ص: 237

1- النبي صلي الله عليه وآله لاينطق عن الهوي، فلماذا قال ذلك؟!

2 - أن دراسة مناسبات أحاديث النبي صلي الله عليه وآله في علي عليه السلام فيها علم كثير وكشف لكثير من الحقائق التي لا يحب كشفها مدّعو حب علي!

3 - إن المقايسة بين مناسبات أحاديث فضائل علي، وما ادعي مناسبات لأحاديث فضائل غيره.. تكشف عن وجود مناسبات طبيعية حقيقية في فضائله عليه السلام، أما فضائل خصومه فمناسباتها شكلية غالباً، ومضحكة أحياناً، وغير معقولة أحياناً.

4 - علي سيد العرب، بنص الله ورسوله.. فانظر كيف فعلوا مع سيدهم بعد رسوله، ثم مع أبناء سيدهم، وأسباط نبيهم؟!!

5 - علي سيد العرب، ويجوز أن تجبره رعيته علي بيعة منتخب اتحاد قبائل قريش، فيسقط حقه من السيادة، وتصير بيعة السيد البديل شرعية مملوءة شرعاً!

6 - علي سيد العرب في الدنيا، وسيدهم في الآخرة فهو يشفع لمن يقبله من رعيته وشيعته.. أما المطرودون منه، فهم المطرودون عن حوض الرسول صلي الله عليه وآله، لأن علياً وكيله علي الحوض والساقي عليه، وذائد المنافقين عنه!

وكل ذلك منصوص بأحاديث صححها علماء سنيون!

وأخيراً، علي سيد العرب، وقلَّ من وَفَي لرسول الله فيه من العرب..

جعلنا الله منهم!

وكتب (هاشم) 12-7-1999، الرابعة والنصف عصراً:

أهلاً بالأخ خطير.. وشكري للأخ العاملي علي تعليقاته المتممة..

أخيراً أقول: إني أخذت مصادر الحديث الشريف من الكتاب القيم (فضائل الخمسة من الصحاح الستة). تأليف السيد مرتضي الحسيني الفيروز آبادي.

ص: 238

والسلام عليكم.

ص: 239

ص: 240

الفصل السابع: علي قسيم الجنة والنار

اشاره

عناوين مواضيع الفصل:

علي بأمر ربه قسيم النار والجنة

من مكابرات النواصب

أحمد بن حنبل يعترف وأتباعه ينكرون!!

ص: 241

ص: 242

علي بأمر ربه قسيم النار والجنة

كتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21-4-2000، الثالثة صباحاً، موضوعاً بعنوان (في أن علياً عليه السلام قسيم الجنة والنار)، نقلاً عن التفسير المنسوب للامام العسكري عليه السلام، قال فيه:

ثم ينادي من آخر عرصات القيامة: ألا فسوقوهم إلي الجنة لشهادتهم لمحمد صلي الله عليه وآله بالنبوة. فإذا النداء من قبل الله تعالي: لا، بل، وقفوهم إنهم مسؤلون. يقول الملائكة الذين قالوا سوقوهم إلي الجنة، لشهادتهم لمحمد صلي الله عليه وآله بالنبوة: لماذا يوقفون يا ربنا؟ فإذا النداء من قبل الله تعالي: إنهم مسؤلون عن ولاية علي بن أبي طالب وآل محمد، يا عبادي وإمائي إني أمرتهم مع الشهادة بمحمد بشهادة أخري، فإن جاءوا بها فعظموا ثوابهم، وأكرموا مآبهم، وإن لم يأتوا بها لم تنفعهم الشهادة لمحمد صلي الله عليه وآله بالنبوة ولا لي بالربوبية، فمن جاء بها فهو من الفائزين، ومن لم يأت بها فهو من الهالكين.

قال: فمنهم من يقول: قد كنت لعلي بن أبي طالب بالولاية شاهداً، ولآل محمد محباً، وهو في ذلك كاذب يظن أن كذبه ينجيه، فيقال له: سوف نستشهد علي ذلك علياً. فتشهد أنت يا أبا الحسن، فتقول: الجنة لأوليائي شاهدة

ص: 243

، والنار علي أعدائي شاهدة. فمن كان منهم صادقاً خرجت إليه رياح الجنة ونسيمها فاحتملته، فأوردته علالي الجنة وغرفها وأحلته دار المقامة من فضل ربه لا يمسه فيها نصب ولا يمسه فيها لغوب. ومن كان منهم كاذباً جاءته سموم النار وحميمها وظلها الذي هو ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب فتحمله، فترفعه في الهواء، وتورده في نار جهنم.قال رسول الله صلي الله عليه وآله: فلذلك أنت قسيم الجنة والنار، تقول لها: هذا لي وهذا لك.

فكتب (فرات) بتاريخ 22-4-2000، الخامسة مساءً:

ومما يدل علي صدق هذه القضية هو أن رواها من خالف علياً عليه السلام في كتبهم:

1 - الصواعق المحرقة لأبن حجر ص 75 قال: وأخرج الدار قطني أن علياً عليه السلام قال للستة الذين جعل عمر الأمر شوري بينهم كلاماً طويلاً من جملته: أنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم: يا علي أنت قسيم الجنة والنار يوم القيامة غيري؟ قالوا: لا.

قال: ومعناه ما رواه غيره عن علي الرضا عليه السلام: أنه صلي الله عليه [وآله] وسلم قال له: أنت قسيم الجنة والنار في يوم القيامة، تقول للنار هذا لي وهذا لك.

2 - كنز العمال ج6 ص402 قال: عن علي عليه السلام قال: أنا قسيم النار، قال: أخرجه شاذان الفضيلي، في رد الشمس.

3 - كنوز الحقائق للمناوي ص92 ولفظه: علي قسيم النار، قال: أخرجه الديلمي، يعني عن رسول الله صلي الله عليه [وآله] وسلم.

ومما يؤكد هذه الحقيقة الحديث الذي أخرجه الأئمة والحفاظ كمسلم في صحيحه والترمذي في جامعه وأحمد في مسنده وغيرهم وهو (عن أمير

ص: 244

المؤمنين علي عليه السلام قال: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلّي، إنه لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا منافق).

من مكابرات النواصب

وردّ (عمر) بتاريخ 23-4- 2000، التاسعة مساءً:

من الغباء الاعتقاد بهذا الحديث، وإليك السبب العقلاني:

لو كانت الولاية لعلي (رضی الله عنه) شرط (كذا) أساسي في دخول الجنة، فلماذا استغربت الملائكة في بداية الأمر؟؟ (لماذا يوقفون يا ربنا؟). لاحظ الاستغراب من الملائكة. إذاً كيف علمت الملائكة بشهادتهم للنبي بالنبوة ولم يعلموا بالولاية. الأمر يحتاج الي عقل، لنبيّن الخبيث من الطيب.

وكتب (أبو سمية)، التاسعة والنصف مساءً:

ولماذا يسأل الله تعالي النبيين: ماذا أجبتم؟؟ ولماذا يقول النبي صلوات الله تعالي عليه وآله: (... أصحابي... لا تدري...)؟؟

وكتب (أبو فراس)، العاشرة إلا ربعاً ليلاً:

لن يقتنعوا أبداً مهما أتيت لهم بالدليل. ومهما جئت من أمهات كتبهم من أمور مستنكرة. ويكفي علي هذا ما ينشره الإخوان من خلال صفحات الإنترنت من صورة بصوت وصورة عن مشايخهم، والمهاترات التي تحدث في الحسينيات التي أصبحت وكأنها كنائس. مع ذلك لن يقتنعوا!

إذا أصبح الأمر عناداً، فماذا سيجدي النقاش معهم؟؟

ص: 245

فكتب (العاملي) بتاريخ 23-4-2000، العاشرة ليلاً:

الي متي تبقي يا عمر أنت وصاحبك، في التعصب والنصب، والتخريف والجهالة؟! ثم نراك لا تنكسر عينك أمام دليل وحجة!!

علي عليه السلام قسيم الله بين الجنة والنار:

قال القاضي عياض في الشفا: 1 / 294: (وأخبر النبي)... وما ينال أهل بيته وتقتيلهم وتشريدهم، وقتل علي، وأن أشقاها الذي يخضب هذه من هذه، أي لحيته من رأسه، وأنه قسيم النار، يدخل أولياؤه الجنة، وأعداءه النار...

- وقال الكنجي الشافعي في كفاية الطالب / 72: قال محمد بن منصور الطوسي: كنا عند أحمد بن حنبل، فقال له رجل: ما تقول في هذا الحديث الذي يروي أن علياً قال: أنا قسيم النار؟ فقال أحمد: وما تنكرون من هذا الحديث؟! أليس روينا أن النبي قال لعلي: لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق؟ قلنا: بلي. قال: فأين المنافق؟ قلنا: في النار. قال: فعلي قسيم النار!!

ونقل هذه الحكاية عن أحمد، في إحقاق الحق: 17 / 209، عن مجمع الآداب للبخاري الفوطي: 3 ق / 1 / 594 ط. بغداد.

ونقلها في: 30 / 402، عن مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة للصفوري / 167 ط. دار ابن كثير، دمشق وبيروت، تحقيق محمد خير المقداد ونقلها في: 4/ 259، عن طبقات الحنابلة لأبي يعلي: 1 / 320 طبع القاهرة.

وروي الحديث في صحيفة الأمام الرضا / 115، من عدة مصادر، بعدة أسانيد، عن الامام الرضا عليه السلام عن آبائه، عن النبي صلي الله عليه وآله قال: يا علي إنك قسيم النار والجنة، وإنك تقرع باب الجنة فتدخلها بلا حساب. وقال في هامشه:

ص: 246

أخرجه محب الدين الطبري في الرياض النضرة: 2/ 160 و211. وذخائر العقبي: 61. وابن المغازلي في المناقب: 7 6 ح 97، عنه ابن طاووس في الطرائف: 76 ح 100. وعنه البحار: 39 / 209 ح 31. وأخرجه القندوزي في ينابيع المودة: 84 من طريق ابن المغازلي، عن ابن مسعود وفيه: وتدخلها أحباءك. وفي / 303 وص 257 عن علي. ورواه الخوارزمي في مناقبه: 209. والحمويني في فرائد السمطين: 1 / 142 ح 105. وقال في إحقاق الحق: 7 / 172: حديث حذيفة رواه القوم: منهم العلامة الامرتسري في أرجح المطالب / 32 ط. لاهور، روي من طريق الديلمي وابن المغازلي والقاضي عياض عن حذيفة قال: قال رسول الله عليه صلي الله عليه وآله: يا علي أنت قسيم النار والجنة، وأنت تقرع باب الجنة وتدخلها أحباءك بغير حساب. وفي الصواعق المحرقة لابن حجر / 126: عن علي الرضا أنه (صلی الله علیه و آله) قال له: أنت قسيم الجنة والنار في يوم القيامة، تقول للنار: هذا لي وهذا لك.. وفي فردوس الأخبار: 3 / 90، عن حذيفة: علي قسيم النار. وفي بغية الطلب لابن العديم: 1 / 289: قال الأعمش: وإنما يعني بقوله أنا قسيم النار: من من كان معي فهو علي الحق. ورواه في إحقاق الحق: 20 / 251، عن مخطوطة كتاب (آل محمد) لحسام الدين المردي الحنفي ص 32، عن أبي سعيد الخدري. وأورد في إحقاق الحق: 4 / 259، و30 / 402، أسماء عدد من المؤلفين السنيين الذين رووا الحديث أو ذكروه في مؤلفاتهم، منهم: أحمد بن أبي عبيد العبدي الهروي في كتابه الغريبين / 307 في مادة القاف مع السين، مخطوط.

وابن المغازلي في كتابه مناقب أمير المؤمنين - مخطوط، قال: قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لعلي عليه السلام: إنك قسيم الجنة والنار، وأنت تقرع

ص: 247

باب الجنة وتدخلها بغير حساب. والخوارزمي في المناقب / 234 ط. تبريز.

وأبو يعلي الحنبلي في طبقات الحنابلة: 1 / 320 ط. القاهرة، ذكر حكاية أحمد المتقدمة. وابن الأثير في نهاية اللغة: 3 / 284.

والحمويني في فرائد السمطين، قال: أخبرنا الشيخ شرف الدين أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الحسن بن عساكر سماعاً عليه قال: أخبرتنا زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمان الشعري الجرجاني إجازة، أنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي، نبأ أبي أحمد بن عامر بن سليمان، نبأ أبوالحسن علي بن موسي الرضا، حدثني أبي موسي بن جعفر بن محمد، حدثني أبي علي بن أبي طالب، قال: قال النبي (صلی الله علیه و آله): يا علي إنك قسيم النار، وإنك تقرع باب الجنة فتدخلها بغير حساب. وقال: أنبأني أبو الفضل بن أبي العباس مودود بن محمود عبد الله بن محمود الحنفي رحمه الله، قال: أنا أبو جعفر عمر بن محمد بن معمر بن طرزة الدارمي، قال: أنا أبو القاسم بن أبي عبد الرحمان بن أبي نصر المستملي الشحامي إجازة، قال: أنبأ أبو بكر بن الحسين الحافظ، قال: أنا أبو الحسين بن الفضل القطامي، قال: أنا عبد الله بن جعفر، قال: ثنا يعقوب: قال حدثني يحيي بن عبد الحميد، قال: ثنا علي بن معمر عن موسي بن طريف، عن عبايه، عن علي قال: أنا قسيم النار، إذا كان يوم القيامة، قلت هذا لك وهذا لي.

وابن كثير في البداية والنهاية / 355: 7 ط. مصر، قال: لفظ عبد الله بن أحمد يعقوب بن سفيان: ثنا يحيي بن عبدالحميد، ثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن موسي بن طريف، عن عباية، عن علي قال: أنا قسيم النار، إذا كان يوم القيامة، قلت هذا لك، وهذا لي.والعسقلاني في لسان الميزان: 3 /

ص: 248

247 و248 ط. حيدر آباد الدكن، و6 / 113 والمتقي الهندي في منتخب كنز العمال (المطبوع بهامش المسند: 5 / 52 ط القديم بمصر) قال: عن علي قال: أنا قسيم النار. والصديقي في مجمع بحار الأنوار (: 3 / 144 ط نول كشور) قال: وفي الحديث: علي قسيم النار.

والكشفي الترمذي في المناقب المرتضوية / 91 ط. بمبئي، عن سنن الدارقطني والصواعق المحرقة لابن حجر المكي. والمناوي في كنوز الحقايق / 98، ط. بولاق بمصر، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: علي قسيم النار.

والبدخشي في مفتاح النجا / 46 - مخطوط، قال: وأخرج الدارقطني عن علي كرم الله وجهه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا علي أنت قسيم النار يوم القيامة. والزبيدي في تاج العروس: 2 / 25 ط. القاهرة، ذكر قول علي رضي الله عنه: أنا قسيم النار.

والقندوزي في ينابيع المودة / 84 ط اسلامبول، قال: وفي جواهر العقدين: قد أخرج الدارقطني، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة الكناني: أن علياً قال حديثاً طويلاً في الشوري، وفيه أنه قال لأهل الشوري: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلي الله عليه وآله: أنت قسيم النار والجنة غيري؟ قالوا: اللهم لا. وفي ص 85: وفي المناقب عن أبي الطفيل عامر بن واثلة، وفيه (يا علي لو أن رجلاً أحبك وأولادك في الله، لحشره الله معك ومع أولادك. وأنتم معي في الدرجات العلي، وأنت قسيم الجنة والنار، تدخل محبيك الجنة ومبغضيك النار.

والصفوري، في مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة / 167 ط. دار ابن كثير، دمشق وبيروت.

ص: 249

والعدوي الحمراوي في مشارق الأنوار / 122 ط. مصر، عن جواهر العقدين أن المأمون قال لعلي الرضا... انتهي.

وقال في هامش مناقب أمير المؤمنين عليه السلام: 2 / 527 وروي ابن قتيبة في آخر غريب كلام أمير المؤمنين عليه السلام من كتاب غريب الحد يث: 2 / 150، ط 1، قال: وقول علي أنا قسيم النار، يرويه عبد الله بن داود، عن الأعمش، عن موسي بن طريف. قال ابن قتيبة: أراد علي أن الناس فريقان: فريق معي فهم علي هدي، وفريق علي فهم علي ضلال كالخوارج فأنا قسيم النار. معناه نصف الناس في الجنة معي، ونصف في النار. وقسيم: في معني مقاسم، مثل جليس وأكيل وشريب.

وليلاحظ مادة قسم من الغريبين والنهاية والفائق ولسان العرب.

وروي المرشد بالله يحيي بن الحسن الشجري في فضائل علي عليه السلام كما في ترتيب أماليه / 134، ط. مصر، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن محمد الواعظ المقريء المعروف بابن العلاء بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن ميثم، قال: أخبرنا أبو أحمد القاسم بن جعفر بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، قال: حدثنا أبي جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عبدالله، عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن أبيه: الحسين بن علي، قال: قال لي أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: أنا قسيم النار. فقال عمار بن ياسر: إنما عني بذلك أن كل من معي فهو علي الحق، وكل من مع معاوية علي الباطل ضالاً مضلاً...

ثم قال المرشد بالله يحيي بن الحسين الشجري: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن علي المقريء ابن الكوفي بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن

ص: 250

ابراهيم بن أحمد الكناني المقريء قال: حدثنا أبوالحسين عمر بن الحسن القاضي الأشناني، قال: حدثنا إسحاق بن الحسن الحربي، قال: حدثني محمد بن منصور الطوسي، قال: كنا عند أحمد بن حنبل، فقال له رجل: يا أبا عبدالله ما تقول في هذا الحديث الذي يروي أن علياً عليه السلام قال: أنا قسيم النار؟ فقال أحمد: وما تنكر من ذا؟! أليس روينا أن النبي صلي الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام: لا يحبك إلا مؤمن ولا ببغضك إلا منافق؟! … وانظر الحكاية 7 و9 من خاتمة أربعين منتجب الدين.

رواه أيضاً ابن القاضي أبي يعلي الحنفي في كتاب طبقات الحنابلة: 1 / 320. وقريباً منه رواه أيضاً ابن عساكر في الحديث: 775 من ترجمة علي من تاريخ دمشق: 2 / 253 ط 2، وفيما قبله وما بعده شواهد جمة للمقام.

وكتب (عمر) بتاريخ 24-4-2000، الواحدة صباحاً:

عزيزي العاملي: يكفكيك أن تستشهد بأحد الكتب الصحاح، فإذا وجدت شيئاً فهاته، أما البحث في التخاريف والضعاف فهذا كغثاء السيل.

وأقولها لك صريحة: من يعتقد بهذا الشئ فهو خارج الملة، فلا تتعب نفسك في البحث عن الضعيف والمكذوب. نحن نعتقد بأن الله وحده قسيم النار والجنة، ولا علاقة لبشر أو نبي بهذا الشئ، ويمكنك العودة للقرآن لتجد ما تريده!

فكتب (أبو زهراء)، الثالثة صباحاً:

حريّ بمن كاناسيدا شباب أهل الجنة أن يكون والدهم قسيم النار والجنة.

علي حبه جنة قسيم النار والجنة

وصي المصطفي حقاً إمام الإنس والجنة

وكتب (عمر)، الواحدة ظهراً:

ص: 251

وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَيْنَ شُرَكَآؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ انظُرْ كَيْفَ كَذَبُواْ عَلَي أَنفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ. صدق الله العظيم.

فكتب (محمد الهجري)، الرابعة عصراً:

الأخ عمر، بعد التحية والسلام:

إليك هذه الملاحظات علي ردك الملئ بالفراغات:

أ – قلت: (نحن نعتقد بأن الله وحده قسيم النار والجنة، ولا علاقة لبشر أو نبي بهذا الشئ). الملاحظة:

1 - الله عز وجل يقول: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ). ق: 24، فمن المعنيان بقوله (أَلْقِيَا)؟ أليسا من خيار خلقه؟

2 - إن قلت: (ألقيا) عني الله بها ذاته. فالرد هو أن الله لم يُشِر الي أوامره بغير صيغتي الجمع والمفرد، أما التثنية فلم ترد في أي مكان.

ب – قلت: (لو كانت الولاية لعلي (رضی الله عنه) شرط أساسي في دخول الجنة. فلماذا استغربت الملائكة في بداية الأمر؟). الملاحظة:

1 - الله يقول: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) البقرة: 30، ألم تستغرب الملائكة في بداية الأمر؟

2 - روي مسلم: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع وأبو معاوية، عن الأعمش، وحدثنا يحيي بن يحيي واللفظ له، أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عدي بن ثابت، عن زر قال: قال علي: (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي صلي الله عليه وسلم إلي أن لا يحبني إلا مؤمن ولا يبغضني إلا

ص: 252

منافق) (جزء 1، صفحة 86، حديث 78).

بما أنك تعرف ولاية أمير المؤمنين بأنها: المحبة والمودة. والحديث واضح بأن مبغضه منافق، فهل للمنافق مكان في الجنة؟

ج – قلت: (يكفكيك أن تستشهد بأحد الكتب الصحاح، فاذا وجدت شيئاً فهاته، أما البحث في التخاريف والضعاف فهذا كغثاء السيل). الملاحظة:

1 - هل من دليل مقبول علي كون الحديث بأسانيده المتعددة من (التخاريف والضعاف)؟

2 - هل تعني بأن القاضي عياض، وأحمد بن حنبل، ومحب الدين الطبري، وابن حجر العسقلاني، وابن قتيبة، والطحاوي، وغيرهم قد قاموا بتصحيح (التخاريف والضعاف)؟

3 - الظاهر من قولك هو أنك لا تقبل إلا بالأحاديث الواردة في صحاحكم الستة، لا غير. مما يعني أنك لا تعتمد إلا عليها. فكيف تناقض كلامك الواضح وتستشهد بغيرها في الحوارات؟

وأجاب (العاملي) بتاريخ 24-4- 2000، الخامسة والنصف مساءً:

الحمد لله الذي أنك شهدت علي نفسك بالضلال وأنك تتبع المخرفين!!

فقد رفضت الأحاديث من غير الصحاح، التي تمتليء منها كتب إمامك ابن تيمية!! واتهمت إمام مذهبك أحمد بن حنبل بأنه صاحب تخاريف!!! تعليقاً علي مانقلته لك عنه: قال محمد بن منصور الطوسي: كناّ عند أحمد بن حنبل، فقال له رجل: ما تقول في هذا الحديث الذي يروي أن علياً قال: أنا قسيم النار؟

فقال أحمد: وما تنكرون من هذا الحديث؟! أليس روينا أن النبي (صلی الله علیه و آله) قال لعلي: لا يحبك إلا مؤمن ولا بغضك إلا منافق؟ قلنا: بلي. قال: فأين المنافق؟

ص: 253

قلنا: في النار. قال: فعلي قسيم النار!!. انتهي.

راجع كلامك ياعمر، وراجع ماذكرناه لك من أحاديث صحيحة في أن علياً عليه السلام قسيم بأمر الله تعالي لأهل الجنة والنار.

فكتب (صبي الشيعة)، السادسة مساءً:

أحسنت أستاذنا العاملي.

اللهم صل علي محمد وآل محمد. وجولة أخري رابحة.

وكتب (عمر)، التاسعة مساءً:

عزيزي العاملي: لقد بينت لك رأيي في الجملة بدون شرح. وعندما عدت للحديث في كتب الشيعة فتعجبت من جرأتهم علي الله وتعجبت أكثر من مدي تقيتكم عندما سألناكم عن معني الحديث وأنتم تتهربون من الاجابة. أما أحاديث الصحاح فهي معروفة وآراء العلماء موجودة في هذه الأحاديث، ولقد خلطت حديث أحمد مع قسيم النار وجعلتم احتجاجكم في أحمد ابن حنبل، ولا اعتراض علي حديث أحمد بل استهويتم خلط الأمور.

وأما من استشهد بالآية وأن الكلمة للمثني فهذا يخالف الواقع، فالملائكة هم الذين يلقون الكافرين وليس الله، وأخيراً استغراب الملائكة من أمر الولاية وتشبيهه بكلام الله (إني جاعل)، فالله يتكلم عن غيب وليس خبر مضي، والتشبيه بين الأمرين يجحده أي عاقل. والخلاصة التي وجدناها بأنكم لا تريدون التصديق.

ص: 254

احمد بن حنبل يعترف و أتباعه ينكرون

وكتب (العاملي) بتاريخ 24-4-2000، الحادية عشرة ليلاً:

لا تهرب ياعمر، جملة (قسيم الجنة والنار) لها معنيان، وقد أيّد إمامك أحمد أحدهما، فهل تؤيده أم لا؟ فإن قلت: نعم، فلماذا تدلس وتنفيه ولا تقول أقبله بالمعني الذي قبله أحمد، وأنفيه بالمعني الثاني؟!!

وكتب (عمر)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

عزيزي العاملي: لقد خلطتم الموضوعين وألبستموه أحمد. هل يوجد هذا الحديث في مسند أحمد أم في كتبكم؟ أما أنا لا أقبله لتعارضه مع ما أمرنا الله به.

وكتب (محمد الهجري) بتاريخ 25-4- 2000، الثانية صباحاً:

الأخ عمر... بعد التحية والسلام، فمن الجلي أنك في معزل عن الصواب وذلك واضح كوضوح الشمس في رابعة النهار.

الحديث الي الآن صحيح كل الصحة، وكل ما رددت به ليست إلا نواقص أظهرتك بمظهر العاجز.

يا حبيبي، أنظر في أقوال علماء أهل الجماعة الذين صرحوا بصحة الحديث، ثم أنقض أقوالهم، وإلا فعليك بالصمت. وإنني علي تمام الثقة في قدرتك علي ذلك، فلا تحرج نفسك علي رؤوس الاشهاد!

وكتب (العاملي) بتاريخ 25-4- 2000، التاسعة صباحاً:

قلت يا عمر: (لقد خلطتم الموضوعين وألبستموه أحمد بن حنبل). لابأس، إفصل الموضوعين أنت، وأثبت عدم صحة الحديث النبوي، ثم أثبت عدم

ص: 255

صحة شهادة أحمد. أما نفيك لشهادة أحمد بمعني الحديث، واحتجاجك بأنها لم ترد في مسنده، فهل تلتزم بتكذيب كل راوي عنه لأنه لم يذكر في مسنده؟!! فتطيِّر بذلك نصف مذهبك؟!!

وأما تصورك أن كون علي عليه السلام قسيم الجنة والنار كما شهد أحمد، يتعارض مع القرآن.. فنبارك للحنابلة أنه نبغ فيهم شخص أعلم بالقرآن وما يتعارض معه من إمامهم أحمد. أيها الحنابلة وأتباع ابن تيمية.. أتركوا ابن حنبل، وعليكم بهذا الامام الجديد الذي هو موظف في الكويت، ووظيفته تحطيب المواضيع ضد الشيعة مهما كانت واهية وخرافية، ورد الأدلة والأحاديث مهما كانت صحيحة!!!

وكتب (عمر)، الثانية ظهراً:

عزيزي العاملي: يكفيكم ما نقلتموه زوراً وبهتاناً عن أئمتكم فكيف الحال بمن خالفكم. أعتقد بأن الامام أحمد بريء من هذه المقولة. والدليل بأنه لم ينقل حديث قسيم النار والجنة في مسنده وأهل السنة لهم حاسة ضد الأحاديث المزورة، والسبب بأن كل ما يتعارض مع أمر الله فهو كذب وتزوير.

أما الشيعة فلا فرق لديها في مخالفة أمر الله إذا كان الأمر يتعلق بالأئمة، وهذا الحديث أحد الحالات! كما أحرق الامام علي (رضی الله عنه) من ادعي بمثل دعواكم! وأقسم بالله بأنكم لا تختلفون عنهم، لقد أعماكم الباطل عن الحقيقة وتركتم الله ورسوله واتجهتم الي علي! والتاريخ يذكر حادثة العجل ووجه الشبه بينها وبينكم، والقرآن صريح في هذا الأمر!! سورة الرعد - 16: قل من رب السماوات والأرض قل الله قل أفاتخذتم من دونه أولياء لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً قل هل يستوي الأعمي والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور أم جعلوا

ص: 256

لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شئ وهو الواحد القهار.

فأجابه (العاملي) بتاريخ 5-4- 2000، الرابعة عصراً:

إن كان لك شيخ أو مرجع أو إمام، فاسأله عما نقلناه عن إمامك أحمد..

وإن كنت إمام نفسك، فعلي الإمام عمر ومذهبه السلام.

وكتب (السبطين)، السابعة مساءً:

نوجه سؤالاً لعمر: هل هذا الحديث موجود في كتب أهل السنة أم لا؟ فنحن كشيعة نذكره من مصادركم لا أكثر ولا أقل لغرض الاستئناس. أما في رواياتنا فهو صحيح الثبوت والدلالة، فإذا كنت غير مقتنع به فهذا ليس ذنبنا كشيعة من حيث قبولك ورفضك له. فالرجاء جعل الموضوعية نصب عينك دوماً.

حب آل البيت قربه وهو أسمي الحب رتبه

ذنب من والآهمُ تغسله مزن المحبه

والذي يبغضهم لا يسكن الإيمان قلبه

علمه والنسك رجسٌ عسل في ضرع كلبه

لعن الله عدو الآل إبليس وحزبه

وكتب (عمر)، التاسعة مساءً:

عزيزي السبطين: لا أثر لوجود حديث قسيم النار في كتبنا المعتمدة. أما إذا أردت الصواعق المحرقة وما يشابهها فهذه الكتب اهتمت بنقل ما هو مسموع بدون التحقق من السند، أما إذا كان قصدك حديث: بغض المنافق لعلي. فهناك

ص: 257

حديث مشابه لبغض المنافق للأنصار. واذا أردنا أن نحتج مثل الشيعة فهم أيضاً قسيموا الجنة والنار.

وملاحظة أخيرة: من استشهد بالآية وكلمة (ألقيا) فهو افتراء أيضاً، وإليك الآية وما قبلها لتكتشف بأن القصد غير ما ذهب إليه الشيعة. بسم الله الرحمن الرحيم. إِذْ يَتَلَقَّي الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ. مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ. وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ. وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ. لَقَدْ كُنتَ فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ. وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ. صدق الله العظيم.

وأجابه (العاملي) بتاريخ 26-4-2000، الثانية عشرة صباحاً:

حديث (يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق) صحيح عندكم. بل صح عندكم أيضاً أن المؤمنين علي عهد النبي صلي الله عليه وآله كانوا يعرفون المنافقين ببغضهم لعلي عليه السلام.. وهذا المعني من معاني قسيم الجنة والنار قَبِله إمامك أحمد، بينما رددته أنت لنُصبِك!! وإن أردتَ مصادره وأقوال علمائكم فيه أتينا لك بها.. ولكنك تكره علياً عليه السلام، وتريد مصادرة ماخصه الله به، واعترفَ به حتي إمامك.. وهذا من أسوأ أنواع النصب!!

ولو صح ماروي في الأنصار، فحديث علي خاص، وقد كان ميزاناً عملياً لمعرفة المنافقين، فهو حاكمٌ علي حديث الأنصار، حكم الخاص علي العام، وحكم الميزان بشخص، علي الميزان بأمة أو طائفة.

ثانياً.. أراك تكتب القرآن ولا تفهم معناه.. فمن هو المخاطب بقوله تعالي: (ألقيا في جهنم كل جبار عنيد.. فألقياه..)؟! أجب إن كنت عربياً أو عجمياً

ص: 258

تفهم العربية.. ولا تنقل عشرين وجهاً.. قال فلان: يحتمل، وقال علان: لعله!!! ولن تجد لها تفسيراً إلا أن المخاطب سيد الخلق رئيس المحشر صلي الله عليه وآله، ومعاونه علي عليه السلام.

وكتب (عمر)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

عزيزي العاملي: إذا كنت لا تفهم المراد من الآيات، وقبلت بأن هناك شخص يأمر بالناس في النار، فمن هو الشخص حسب الآيات. يمكن أن يحتج أي إنسان بأي اسم ولا دليل لك عليه. وهذه الآية من المتشابهات التي يريد الشيعة بها بناء حقيقة غير موجودة، كما حدث بالعصمة. أما حديث قسيم النار فلا وجود له، كما لا وجود لاعتراف أحمد به، إلا في كتبكم المزورة، ألا تعتقد بأنه عدم أمانة في أن يترك حديث في مسنده، وهو يعتقد بأنه صحيح! وياحبذا لو تخالفني وتذكر اسم الناقل عن أحمد، بشرط أن لا يكون شيعي، والسبب بأنهم نقلوا زوراً عن الأئمة فما بالك عن أحمد؟ أما في مسند أحمد ما يخالف رأيكم فيه، وله حديث بأن الله وحده هو القسيم بين النار والجنة، وإليك الحديث لتفنيد مزاعمكم عن أحمد: حديث شداد بن أوس رضي الله تعالي عنه، مسند الشاميين: حدثنا أبو النضر، قال: حدثنا عبد الحميد يعني ابن بهرام، قال: قال: شهر بن حوشب، قال: ابن غنم: لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الدرداء لقينا عبادة بن الصامت، فأخذ يميني بشماله وشمال أبي الدرداء بيمينه، فخرج يمشي بيننا ونحن ننتجي والله أعلم فيما نتناجي، وذاك قوله، فقال عبادة بن الصامت: لئن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما، ليوشكن أن تريا الرجل من ثبج المسلمين (يعني من وسط) قرأ القرآن علي لسان محمد صلي الله عليه وسلم، فأعاده وأبداه وأحل حلاله وحرم حرامه، ونزل عند منازله أو

ص: 259

قرأه علي لسان أخيه قراءة علي لسان محمد صلي الله عليه وسلم، فأعاده وأبداه وأحل حلاله وحرم حرامه ونزل عند منازله، لا يحور فيكم إلا كما يحور رأس الحمار الميت.

قال: فبينا نحن كذلك إذ طلع شداد بن أوس وعوف بن مالك فجلسا إلينا.

فقال شداد: إن أخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لَمَا سمعت من رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من الشهوة الخفية والشرك. فقال: عبادة بن الصامت وأبو الدرداء: اللهم غفراً، أولم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد حدثنا أن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب، أما الشهوة الخفية فقد عرفناها هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها، فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد: أرأيتكم لو رأيتم رجلاً يصلي لرجل أو يصوم له أو يتصدق له، أترون أنه قد أشرك. قالوا: نعم والله، إنه من صلي لرجل أو صام له أو تصدق له لقد أشرك. فقال شداد: فإني قد سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من صلي يرائي فقد أشرك. ومن صام يرائي فقد أشرك. ومن تصدق يرائي فقد أشرك. فقال عوف بن مالك عند ذلك: أفلا يعمد إلي ما ابتغي فيه وجهه من ذلك العمل كله فيقبل ما خلص له ويدع ما يشرك به.فقال شداد عند ذلك: فإني قد سمعت رسول الله صلي الله عليǠوسلم يقول: إن الله عز وجل يقول أنا خير (قسيم) لمن أشرك بي، من أشرك بي شيئاً، فإن حشده عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به وأنا عنه غنيّ. انتهي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 26-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

مازلت تهرب من الحق يا عمر كعادتك! وإني أسأل الحق سبحانه أن يجزيك بعملك.. وقد زدت الطين بلة بكذبك وبهتانك علينا، وكذبك الصريح علي

ص: 260

إمامك أحمد، فقلت: (أما حديث قسيم النار فلا وجود له. لاوجود لاعتراف أحمد به إلا في كتبكم المزورة. ألا تعتقد بأنه عدم أمانة في أن يترك حديث في مسنده وهو يعتقد بأنه صحيح. وياحبذا لو تخالفني وتذكر اسم الناقل عن أحمد بشرط أن لا يكون شيعي. والسبب بأنهم نقلوا زوراً عن الأئمة فما بالك عن أحمد. أما في مسند أحمد ما يخالف رأيكم فيه. وله حديث بأن الله وحده هو القسيم بين النار والجنة. واليك الحديث لتفنيد مزاعمكم عن أحمد.... إن الله عز وجل يقول أنا خير (قسيم) لمن أشرك بي، من أشرك بي شيئاً فإن حشده عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به). انتهي كلامك.

تقول هذا ياعمر بجرأة وعدم حياء، بعد أن نقلت لك شهادة القاضي عياض في الحديث وهو سني! ونقلت قول أحمد المتقدم عن مجمع الآداب للبخاري الفوطي: 3 ق / 1 / 594 ط. بغداد. وهو سني!

- وعن مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة للصفوري / 167 ط. دار ابن كثير، دمشق وبيروت، تحقيق محمد خير المقداد.. وهو سني!

- وعن طبقات الحنابلة لأبي يعلي: 1 / 320 طبع القاهرة. وهو سني!

- وكتبت لك أنه روي حديث: أن علياً قسيم الجنة والنار ابن المغازلي في المناقب: 7 6 ح 97. وهو سني!

- ورواه الخوارزمي في مناقبه: 209، وهو سني!

- وابن حجر في الصواعق المحرقة لابن حجر / 126، وهو سني!

- ورواه الديلمي في فردوس الأخبار: 3 / 90، عن حذيفة، وهو سني!

- ورواه ابن العديم في بغية الطلب: 1 / 289، وهو سني!

- وأورد في إحقاق الحق: 4 / 259، و30 / 402، أسماء عدد من المؤلفين

ص: 261

السنيين الذين رووا الحديث، أو ذكروه في مؤلفاتهم، منهم:

- أبو عبيد العبدي الهروي في كتابه الغريبين / 307 في مادة القاف مع السين، وهو إمام للسنيين.

- وابن الأثير في نهاية اللغة: 3 / 284، وهو سني!

- وابن كثير في البداية والنهاية / 355: 7 ط. مصر، وهو سني!

- والعسقلاني في لسان الميزان: 3 / 247 و248 ط. حيدر آباد الدكن،

و6 / 113، وهو سني!

- والمناوي في كنوز الحقايق / 98، ط. بولاق بمصر، وهو سني!

- والبدخشي في مفتاح النجا / 46 عن الدار قطني، وهو سني.

- وقال القندوزي في ينابيع المودة / 84 ط اسلامبول، قال: وفي جواهر العقدين: قد أخرج الدارقطني، عن أبي الطفيل عامر بن وائلة الكناني: أن علياً قال حديثاً طويلاً في الشوري، وفيه أنه قال لأهل الشوري: فأنشدكم بالله هل فيكم أحد قال له رسول الله صلي الله عليه وآله: أنت قسيم النار والجنة غيري؟

قالوا: اللهم لا.

- والصفوري، في مختصر المحاسن المجتمعة في فضائل الخلفاء الأربعة / 167 ط. دار ابن كثير، دمشق وبيروت. وهو سني!

- وروي ابن قتيبة في كتابه غريب الحد يث، في آخر غريب كلام أمير المؤمنين عليه السلام: 2 / 150، وهو سني مجسم مثلك!

- ورواه الشجري في ترتيب أماليه / 134، ط. مصر، وهو سني!

- أما زعمك أن الحديث لو كان صحيحاً لرواه أحمد في مسنده، فيضحك منه الطالب المبتدي، لأن أحمد عنده كتب أخري روي فيها ما ليس في مسنده،

ص: 262

فهل رواياته فيها باطلة؟!!

وقد روي في فضائل الصحابة: 2 / 639: عن أبي ذر رضي الله عنه قال: ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلوات، والبغض لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.

- ورواه الحاكم: 3 / 129 وقال: هذا حديث صحيح علي شرط مسلم، ولم يخرجاه. ورواه الدارقطني في المؤتلف والمختلف.

لاحظ يا عمر أن الحديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يروياه؟

فهل تعرف لماذا لم يروياه؟!!!

اتق الله ياعمر. فأمامك آخرة وحساب، فلا تكن تابعاً لمن ظلم وآل محمد، وأنت تصلي عليهم في صلاتك!!!

صلوات الله عليهم، ولعن الله أول ظالم ظلمهم، وآخر تابع له علي ذلك.

وكتب (عمر)، الثانية إلا ربعاً ظهراً:

عزيزي العاملي: بدأ التخبط واضحاً في كلامك ولقد طلبت منك بعدم الاستشهاد بضعاف الكتب، وها أنت تعود لما بدأنا! أهل السنة لهم حاسة فريدة في الكشف عن الغريب من الأحاديث، والسبب هو ما يخالف كتاب الله. ولقد بينت لك من مسند أحمد عكس ما تقول. والغريب بأن مثل هذا الحديث وأهميته لا يوجد في الكتب المعتمدة مع أنه شهادة ثالثة بعد الله ورسوله (صلی الله علیه و آله) والأغرب بأنه لم يذكر بالأذان والصلاة عند التشهد.

أما من استشهد بالآيات التي عجز عقلك عن فهمها، فلك التفسير: (إِذْ يَتَلَقَّي الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ) من هما عن يمينك وشمالك؟؟ إنهما منكر ونكير ويستمر السياق في المثني (وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ)

ص: 263

ولا زال الخطاب للمثني (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ) إذاً من هما الذين قررا بأنه يستحق النار؟؟ إنه عملك وما صنعت وما كتبا (كذا) الملكان منكر ونكير. اتقوا الله فقط فلقد تماديتم في أفعالكم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 26-4-2000، الرابعة إلا ربعاً عصراً:

أسأل الله أن يجعل ابتلائي بمناقشة عمر كفارةً لذنوبي..

ياعمر أنت تزعم أن كل المصادر التي ذكرتها لك ضعيفة!

وأغلبها مصادر لائمة معترف بهم في مذهبك.. وفيها كتاب فضائل الصحابة لامامك أحمد! فاذكر لي عالماً واحداً أو نصف عالم يوافقك علي رأيك!!!

فإن لم تفعل فأنت مفترٍ..

أما ماذكرته من مسند أحمد (أنا خير قسيم)، وأنه تعالي يعطي العمل الذي فيه شرك لمن شركه فيه ولا يقبله.. فهو خارج عن الموضوع، فهو تعالي صاحب الجنة والنار وقسيمهما، ولا ينافي أنه يوكل بذلك ملائكته ومن شاء من عباده ليقسم الناس للجنة والنار كما يعلمه!!

أما المخاطب بآية (ألقيا في جهنم) فلا يصح أن يكون الرقيب والعتيد، ولا السائق والشهيد، ولا قرين السوء.. لقد خلطت الملكين الشاهدين، بالسائق والشهيد، وبالقرين.. ولو تأملت لفهمت. ولكنك كأنك حلفت أن لا تفعل!!

وكتب (السبطين)، السابعة مساءً:

عزيزي عمر: يجب عليك أن لاتطعن في الرواية ابتداءً دون النظر في أسانيدها وطرقها، وهذا أساس ومنهج علمي، فلا يعني أن الرواية غير موجودة في كتب الصحاح أنها موضوعة أو ضعيفة!! فيجب أن تذكر أقوال الحفاظ.

ص: 264

والقاعدة الحديثية المعروفة تقول: من أسندك فقد أحالك، فيلزمك التحقق. أما صحته عند بعض الحفاظ وضعفه عند البعض فليس ملزماً للكل الالتزام به. فتدبر أرشدك الله.

وكتب (عمر)، التاسعة مساءً:

عزيزي السبطين: مثل هذا الموضوع والذي أعتقد بأنه يحدد مصير الانسان بين الشرك والتوحيد فلا بد أن يكون له ذكر في الصحاح. أما غير هذا فنحن نعتمد علي القرآن ونترك المتشابهات من الآيات.كما أعتقد بأن من يصدق هذه الروايات فهو في الشرك أو قريب منه. ولا أعتقد بأن أحد العلماء من أهل السنة يوافق علي هذا الحديث.

كما أكتفي بهذا القدر من المناقشة، ونترك القراء للحكم.

ص: 265

ص: 266

الفصل الثامن: بعض الأدلة علي إمامة علي و عصمته

اشاره

عناوين مواضيع الفصل:

سؤالهم عن الأدلة علي إمامة علي وعصمته؟

اعترافهم بحديث الغدير ومحاولاتهم ليَّ عنقه!!

ص: 267

ص: 268

سؤالهم عن الأدلة علي إمامة علي و عصمته

كتب (محب السنة) في شبكة هجر، بتاريخ 9-11-1999، الواحدة ظهراً موضوعاً بعنوان (ما الأدلة التي تستدلون بها علي أن علياً إمام معصوم، وأنه وصي النبي صلي الله عليه وسلم)، قال فيه:

تقولون إن علياً رضي الله عنه هو الوصي للنبي صلي الله عليه وسلم وإنه إمام معصوم وهذا أمر علي درجة كبيرة من الأهمية، لأنه مادام وصيا فإنه مشرع بعد النبي صلي الله عليه وسلم، وأن ما يقوله ويفعله دين يجب الأخذ به وتحرم مخالفته والخروج عن أمره، وقد يصل الأمر بالمخالف له إلي الكفر والخروج من الإسلام. وما دام الأمر علي هذه الدرجة من الأهمية فلا بد أن تكون أدلته ظاهرة جلية صريحة يعرفها الجاهل والعالم، لأن رحمة الله تقتضي أنه كلما كانت حاجة العباد إلي معرفة حكم شرعي عظيمة كلما كثرت الأدلة التي تبين هذا الأمر فلا تدع لأحد حجة يحتج بها.

فما الأدلة التي تستدلون بها، ولابد أن تكون من كلام الله وكلام رسوله صلي الله عليه وسلم، كما أنه لا بد أن تكون صريحة لاتحتمل التأويل.

وأجاب (العاملي) بتاريخ 9-11-1999، السابعة مساءً:

ص: 269

يكفينا ماصح عندنا وعندكم من أن النبي الذي لا ينطق عن الهوي صلي الله عليه وآله، قد أمر الأمة بالتمسك بعده بالثقلين القرآن والعترة، وأول العترة علي عليه السلام. وعندما يأمر الله ورسوله باتباع شخص أو أشخاص، لا بد أن يكونوا دائماً مصيبين عاملين بطاعته.. وإلا كان أمره بطاعتهم مع علمه بمعصيتهم، أو احتمال ارتكابهم معصية.. إغراءً لعباده بالجهل، تعالي الله عن ذلك.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 9-11-1999، الحادية عشرة ليلاً:

ألا تتفق معي ياعاملي أن الأمر علي درجة كبيرة من الأهمية، وما دام كذلك فلا بد أن تكون أدلته صريحة لا تحتمل التأويل، وما ذكرته من أدلة تعتبر مجملة لا تكفي للاستدلال علي هذه المسألة.

والذي يفهم من الأدلة التي تحتج بها: الوصية بالإحسان إلي آل البيت، ومودتهم، وموالاتهم، ومعرفة ما لهم من الفضل.

ولو سلمنا جدلاً بصحة الاستدلال بها علي عصمتهم والاقتداء بهم، لكان في الأمة غيرهم يشاركهم بهذه الخاصية، لما ورد من النصوص الصريحة التي تأمر باتباعهم والاقتداء بهم مثل قول النبي صلي الله عليه وسلم: عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ.

وقوله: اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر.

ولكن أهل السنة لم يفهموا من هذه الأحاديث أنهم معصومون، بل فهموا أنهم أقرب الناس للحق، وأحرصهم عليه، وأعلمهم به.

فكتب (العاملي) بتاريخ 9-11-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

نعم الأمر خطير ومهم يا أخ محب السنة.. والدليل الذي ذكرته لك قوي وصحيح عندكم بل متواتر. ونصوصه قوية صريحة صارخة: (إني تاركٌ فيكم

ص: 270

الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وقد نبأني اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما.. إنكم واردون علي وسائلكم كيف خلفتموني فيهما.. من لم يحبهم لا يرد الحوض علي، لا والله.. يا علي لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق..) وعشرات النصوص الصحيحة القوية لفظاً ودلالة.. التي لو صدر بعضها عن نبي وهو يودع أمته، لكان كافياً.

وأعيذك بالله أن تميع معانيها كما فعلت بطون قريش، فتجعلها دعوة للمسلمين للاحسان والصدقة علي آل الرسول!!

فقد شرف الله آل محمد حتي عن الزكاة وعن الصدقات أوساخ الناس، وشرع لهم مالية خاصة في ميزانية الدولة الاسلامية الي يوم القيامة!!

أما أحاديث الاقتداء بأبي بكر وعمر والخلفاء فهي عندنا غير صحيحة، وإن صحت عندكم فهي معارضة لأحاديثه في أهل بيته، ولا يمكن الجمع بينها، فلا بد من إسقاط إحدي الطائفتين.. لأن الرسول لا يمكن أن يأمر باتباع المختلفين.

وأحاديث التمسك بأهل البيت عندكم أقوي سنداً، وهي مجمع عليها من جميع الامة.. ولا يقدم الاضعف سنداً علي الأقوي، ولا المختلف فيه علي المجمع عليه.

وكتب (عمار) بتاريخ 10-11-1999، الواحدة صباحاً:

الأخ محب السنة السلام عليكم، تقول: (والذي يفهم من الأدلة التي تحتج بها الوصية بالإحسان إلي آل البيت ومودتهم وموالاتهم ومعرفة ما لهم من الفضل)

أن أحاديث الثقلين أوصت بأكثر من الإحسان إلي آل البيت ومودتهم، بل

ص: 271

نصّت علي إتباعهم والتمسك بهم وبكتاب الله تعالي.. وإليك أحد هذه الأحاديث من سنن الترمذي:

3718 - حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ هُوَ الأَنْمَاطِيُّ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَي نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. قَالَ: وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي سَعِيدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَحُذَيْفَةَ ابْنِ أَسِيدٍ قَالَ: وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. قَالَ: وَزَيْدُ بْنُ الْحَسَنِ قَدْ رَوَي عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وقد تواترت أحاديث الثقلين، وألفت الكثير من الكتب في خصوص هذا الحديث! فبالله عليك أتري في هذه الأحاديث ما يدعو فقط الي الإحسان والمودة والموالاة؟! أم أنه نصٌ صريحٌ باتباعهم؟

ولنعد الآن إلي الأحاديث التي تحتجون بها وأقول:

يا زميلي إنه من الجهل أن يحتجَّ أي سني علي أحد الشيعة بهذا الحديث، وذلك لانفراد أهل السنة به، ولا يمكن إلزام الشيعة بما لم يروونه في مصادرهم التي يثقون بها. ولكن وبالرغم من هذا فسنحاول الرد علي هذه الأحاديث، وما توفيقي إلاّ بالله:

إن أول إشكال يوجه للحديث (عليكم بسنتي..) أنه مما أعرض عنه الشيخان البخاري ومسلم ولم يخرجاه. وهذا يعني النقصان في درجة صحته، وذلك لأن أصح الأحاديث (عندكم) ما أخرجه الشيخان، ثم ما انفرد في إخراجه البخاري ثم ما انفرد في إخراجه مسلم، ثم ما كان علي شرطيهما، ثم ما كان

ص: 272

علي شرط البخاري، ثم ما كان علي شرط مسلم. وهذه المميزات لاتوجد في هذا الحديث... الي آخر ما كتبه عمار (وسيأتي البحث في هذا الحديث المزعوم الذي ضعفوه هم).

وكتب (محب السنة) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 22-11-1999، التاسعة مساءً موضوعاً بعنوان (أيها الشيعة ما الأدلة التي تستدلون بها علي أن علياً إمام معصوم وأنه وصي النبي)، قال فيه:

يقول ابن المطهر الحلي في كتابه منهاج الكرامة:

إثبات الإمامة: فهي أهم المطالب في أحكام الدين وأشرف مسائل المسلمين، وهي مسألة الإمامة التي يحصل بسبب إدراكها نيل درجة الكرامة، وهي أحد أركان الإيمان المستحق بسببه الخلود في الجنان والتخلص من غضب الرحمن، فقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: من مات ولم يعرف إمام زمانه ميتة جاهلية.

فقد جعلها ابن المطهر أحد أركان الإيمان، والمؤمن بها ينال أعظم الثواب، فهل يعقل أن تكون أدلتها مختلف (كذا) فيها بين أهل الإسلام، وهي بهذه المنزلة الرفيعة من الدين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض رده علي ابن المطهر حين استدل بقول النبي صلي الله عليه وسلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتي يردا علي الحوض، وقال: أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق، وهذا يدل علي وجوب التمسك بقول أهل بيته وعلي سيدهم فيكون واجب الطاعة علي الكل فيكون هو

ص: 273

الإمام..

قال: الجواب من وجوه:

أحدها، أن لفظ الحديث الذي في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم: قام فينا رسول الله صلي الله عليه وسلم خطيباي بماء يدعي خُماًّ بين مكة والمدينة فقال: أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب ربي، وإني تارك فيكم ثقلين أولهما كتاب الله فيه الهدي والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به فحث علي كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي.

وهذا اللفظ يدل علي إن الذي أمرنا بالتمسك به، وجعل المتمسك به لا يضل هو كتاب الله، وهكذا جاء في غير هذا الحديث، كما في صحيح مسلم عن جابر في حجة الوداع لما خطب يوم عرفة وقال: قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟

قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت.

فقال بِإصبعه السبابة يرفعها إلي السماء وينكبها إلي الناس: اللهم اشهد ثلاث مرات.

وأما قوله وعترتي أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتي يردا عليَّ الحوض. فهذا رواه الترمذي وقد سئل عنه أحمد بن حنبل فضعفه، وضعفه غير واحد من أهل العلم وقالوا لا يصح. وقد أجاب عنه طائفة بما يدل علي أن أهل بيته كلهم لا يجتمعون علي ضلالة، قالوا ونحن نقول بذلك، كما ذكر القاضي أبو يعلي وغيره، ولكن أهل البيت لم يتفقوا ولله الحمد علي شئ من خصائص مذهب الشيعة.

ص: 274

وأما قوله: مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح، فهذا لا يعرف له إسناد لا صحيح ولا هو في شئ من كتب الحديث التي يعتمد عليها، فإن كان قد رواه مثل من يروي أمثاله من حطاب الليل، الذين يروون الموضوعات، فهذا ما يزيده إلا وهنا.

ويبين رحمه الله (يقصد ابن تيمية) أن المراد بالعترة آل البيت كلهم فيقول:

الوجه الثاني: إن النبي صلي الله عليه وسلم قال عن عترته: إنها والكتاب لن يفترقا حتي يردا عليه الحوض، وهو الصادق المصدوق، فيدل علي إن إجماع العترة حجة. وهذا قول طائفة من أصحابنا، وذكره القاضي في المعتمد، لكن العترة هم بنو هاشم كلهم ولد العباس وولد علي وولد الحارث بن عبدالمطلب، وسائر بني أبي طالب، وغيرهم. وعلي وحده ليس هو العترة، وسيد العترة هو رسول الله صلي الله عليه وسلم، يبين ذلك أن علماء العترة كابن عباس وغيره لم يكونوا يوجبون اتباع علي في كل مايقوله، ولا كان علي يوجب علي الناس طاعته في كل ما يفتي به.،ولا عرف أن أحدا من أئمة السلف لا من بني هاشم ولا غيرهم قال إنه يجب اتباع علي في كل ما يقوله.

الوجه الثالث: أن العترة لم تجتمع علي إمامته ولا أفضليته، بل أئمة العترة كابن عباس وغيره يقدمون أبا بكر وعمر في الإمامة والأفضلية، وكذلك سائر بنوهاشم من العباسيين والجعفريين وأكثر العلويين. وهم مقرون بإمامة أبي بكر وعمر وفيهم من أصحاب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد وغيرهم، أضعاف من فيهم من الإمامية.

والنقل الثابت عن جميع علماء أهل البيت من بني هاشم من التابعين وتابعيهم من ولد الحسين بن علي وولد الحسن وغيرهما، أنهم كانوا يتولون أبا بكر وعمر

ص: 275

وكانوا يفضلونهما علي علي. والنقول عنهم ثابتة متواترة، وقد صنف الحافظ أبو الحسن الدارقطني كتاب ثناء الصحابة علي القرابة وثناء القرابة علي الصحابة، وذكر فيه من ذلك قطعة، وكذلك كل من صنف من أهل الحديث في السنة، مثل كتاب السنة لعبد الله بن أحمد، والسنة للخلال، والسنة لابن بطة، والسنة للآجري، واللالكائي والبيهقي، وابن ذر الهروي، والطلمنكي، وابن حفص بن شاهين، وأضعاف هؤلاء (كذا) الكتب التي يحتج هذا بالعزو إليها، مثل كتاب فضائل الصحابة للإمام أحمد، ولأبي نعيم، وتفسير الثعلبي، وفيها من ذكر فضائل الثلاثة ما هو من اعظم الحجج عليه، فإن كان هذا القدر حجة فهو حجة له وعليه، وإلا فلا يحتج به.

الوجه الرابع: إن هذا معارض بما هو أقوي منه، وهو أن إجماع الأمة حجة بالكتاب والسنة والإجماع والعترة بعض الأمة، فيلزم من ثبوت إجماع الأمة إجماع العترة. وأفضل الأمة أبو بكر.

وكتب (عبد الله) بتاريخ 23-11-1999، الثامنة مساءً:

ملاحظات علي كلامك:

1 - الدين كامل قبل وفاة النبي صلي الله عليه وآله. نعم وقد وعاه المسلمون: هذه دعوي تحتاج إلي دليل، فهلا تفضلت علينا بدليل يثبت هذه الدعوي، لأنه من المعروف أن الصحابة اختلفوا في كل شئ ولاتجد مسألة إلا وتجد قول (كذا) لابن عباس وقول لجابر وقول لعائشة وهكذا.. حتي في أبسط المسائل!

فنحن من نصدق وبقول من نأخذ؟

نعم وعاه رجل واحد فقط هو علي بن أبي طالب عليه السلام، الذي نزلت فيه الآية (وتعيها أذن واعيه).

ص: 276

وتولي الله عز وجل حفظه: بأي طريق؟ بطريق غيبي أم بطريق طبيعي سببي، يعني بعبارة أخري، الله عزوجل يحفظ لنا هذا الدين بأمور خارجة عن المتعارف أي أمور خارقة للعادة، أم أنه يحفظ هذا الدين عن طريق طبيعي حسب الأمور المتعارفة، أجب علي هذا السؤال لوسمحت.

2 - الوصي يقوم مقام النبي صلي الله عليه وآله فهو مبلغ عن النبي صلي الله عليه وآله، والتبليغ يقتضي أن يكون معصوماً كما كان النبي صلي الله عليه وآله معصوماً عندما كان يبلغ عن الله عز وجل.. لأنه لو لم يكن معصوما لاحتمل أن ينسي فلا يبلغ الرسالة كاملة، والحال أن يجب عليه أن يبلغها كاملة.

3 - وقولك إن الوصي لماذا كان بعد النبي صلي الله عليه وآله فقط؟ أو إلي وقت الأئمة الاثنا عشر؟ وباقي الناس أليس لهم حق؟

نقول: إن الامامة مستمرة الي يوم القيامة، والامام الثاني عشر وإن كنا لانراه إلا أنه موجود بيننا يرعي الأمة من الاضمحلال والزوال. وهو قبل أن يغيب عن أنظارنا كلفنا بمهمة واحدة وهي أن نتبع الفقهاء العدول.

ثم نحن لانعلمه مسئوليته وما المفروض أن يقوم به! لأنه أعرف بمسئوليته، وهو مكلف من قبل الله عز وجل.

4 - وأما قولك هذا أمر عظيم. فنعم، هو كذلك ويحتاج الي برهان واضح وأدلة ساطعة. نعم، نحن معك، وهذه الأدلة من الكثرة بحيث أن الانسان يعجز عن إحصائها، وما يقوم به الأخوة في المنتدي جميعاً هو هذا!! أي إثبات الامامة.

والحمد لله رب العالمين.

وكتب (المسلم الحر) بتاريخ 23-11-1999، التاسعة مساءً:

ص: 277

إلي محب السنة.. أما عن قولك بنسخ شريعة النبي بالوصي.. فهذا ليس من معتقدات الشيعة..

فالوصي ليس نبياً ليأتي بتشريع جديد بل هو موضح ومكمل لتشريع النبي..

أما قولك بأن النبي ترك فينا الكتاب والسنة.. فلماذا حارب الخلفاء السنة إذا كان النبي وصي بها؟؟ وفي موضوعي الأخر أدلة علي حرب الخلفاء للسنة النبوية الشريفة..

وأما من قال بتحرف القرآن.. فيضرب بكلامه عرض الحائط لمخالفته قوله تعالي: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).. سواء أكان القائل سنياً أم شيعياً.. عالماً أم غير عالم..

لقد بينت في موضوعي: (كتاب الله وسنتي.. أم كتاب الله وعترتي) وبين الإخوان مشكورين مدي صحة الكتاب والعترة مقارنة بالكتاب والسنة..

وكتب (محب السنة) بتاريخ 24-11-1999، التاسعة صباحاً:

إلي عبد الله تقول: غاية مانبتغيه هو أن يعتقد الغير أن عندنا أدلة تسند آراءنا كما قلت أنت.

هذا ما نعتقد جازمين أنكم تفتقدونه والأدلة ينبغي أن تكون صريحة صحيحة من الكتاب والسنة تصرح بما تدعون وهذا ما لن تستطيعوا أن تأتوا به.

أما ملاحظاتك، فدليل كمال الدين قول الله تعالي (اليوم أكملت لكم دينكم) فهل بعد هذا دليل أما اختلاف الصحابة فكان في الفروع أي في المسائل الفقهية فقط وهي تقبل الاختلاف.

أما قولك وعاه رجل واحد فقط هو علي بن أبي طالب عليه السلام الذي نزلت فيه الآية: (وتعيها أذن واعيه).

ص: 278

فهذا مثال علي تخبطكم وأخذك بالظن، فالأمر الذي بهذه الأهمية لا يكون دليله مبهماً والآية التي ذكرت لا تؤيدك فيما تقول.

أما حفظ الدين فالله تعالي يتولي حفظه بنفسه ولا يمنع أن يكون من حفظ الله تعالي للدين أن يهيء من يحفظه.

أما قولك: إن الامامة مستمرة الي يوم القيامة والامام الثاني عشر وإن كنا لانراه الا أنه موجود بيننا يرعي الأمة من الاضمحلال والزوال. وهو قبل أن يغيب عن أنظارنا كلفنا بمهمة واحدة وهي أن نتبع الفقهاء العدول، ثم نحن لانعلمه مسئوليته وما المفروض أن يقوم به لأنه أعرف بمسئوليته وهو مكلف من قبل الله عز وجل.

فأقول حبذا لو أخبرتنا كيف يرعي الغائب الأمة، وليكن قولك مؤيد بأدلة من الكتاب والسنة.

أما قولك: وهذه الأدلة من الكثرة بحيث أن الانسان يعجز عن احصائها وما يقوم به الأخوة في المنتدي جميعاً هو هذا أي اثبات الامامة.

فأقول: ليس العبرة بالكثرة العبرة بالصحة فعندنا مجلدات تتضمن أحاديث حكم عليها علمائنا بأنها موضوعة مكذوبة علي النبي صلي الله عليه وسلم. أكرر القول نريد أدلة من الكتاب والسنة أدلة صريحة يفهمها كل من قرأها لأن مضمونها مطالوب من الجميع الإيمان به فالأمر أعظم مما تتصورون فهذا دين الله والله لايكلف عباده الإيمان بأمر إلا بعد أن يقيم عليهم الحجة كاملة.

وكتب (بالدليل) بتاريخ 25-11-1999، السابعة مساءً:

الزميل محب السنة، الزملاء الأعزاء، السلام عليكم.

الأدلة في اثبات ولاية أمير الؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كثيرة جداً

ص: 279

في كتب الأخوة أهل السنة وكتب أهل الشيعة، الدليل العقلي واضح للجميع: ضرورة وجود قائد للأمة الإسلامية يدير شؤونها وأمورها، فغير معقول أن يهمل مثل هذا الأمر والله سبحانه حكيم وترك الأمة بلا خليفة أمر ينافي الحكمة، إذن لا بد من وجود خليفة. والأدلة النقلية كثيرة جداً وأهمها حديث الغدير وإليكم التفصيل الآتي:

أجمع رسول الله صلي الله عليه وآله الخروج إلي الحج في سنة عشر من مهاجره، وأذن في الناس بذلك، فقدم المدينة خلق كثير يأتمون به في حجته تلك التي يقال عليها حجة الوداع. وحجة الاسلام. وحجة البلاغ. وحجة الكمال. وحجة التمام (1) ولم يحج غيرها منذ هاجر إلي أن توفاه الله، فخرج صلي الله عليه وآله من المدينة مغتسلاً متدهناً مترجلاً متجرداً في ثوبين صحاريين إزار ورداء، وذلك يوم السبت لخمس ليال أو ست بقين من ذي القعدة، وأخرج معه نساء ه كلهن في الهوادج، وسار معه أهل بيته، وعامة المهاجرين والانصار، ومن شاء الله من قبائل العرب وأفناء الناس (2).

وعند خروجه صلي الله عليه وآله أصاب الناس بالمدينة جُدَري (بضم الجيم وفتح الدال وبفتحهما) أو حصبة منعت كثيراً من الناس من الحج معه صلي الله عليه وآله، ومع ذلك كان معه جموع لا يعلمها إلا الله تعالي، وقد يقال: خرج معه تسعون الف، ويقال: مائة ألف وأربعة عشر ألفاً، وقيل: مائة ألف وعشرون ألفاً، وقيل: مائة ألف وأربعة وعشرون ألفاً، ويقال أكثر من ذلك، وهذه عدة من خرج معه، وأما الذين حجوا معه فأكثر من ذلك كالمقيمين بمكة والذين أتوا من اليمن مع علي (أميرالمؤمنين) وأبي موسي (3).

أصبح صلي الله عليه وآله يوم الأحد بيلملم، ثم ارح فتعشي بشرف السيالة، وصلي هناك

ص: 280


1- الذي نظنه (وظن الألمعي يقين) أن الوجه في تسمية حجة الوداع بالبلاغ هو نزول قوله تعالي: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، الآية كما أن الوجه في تسميتها بالتمام والكمال هو نزول قوله سبحانه: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، الآية.
2- الطبقات لابن سعد ج3 ص225، امتاع المقريزي ص510، ارشاد الساري ج6 ص429.
3- السيرة الحلبية ج 3 ص 283، سيرة أحمد زيني دحلان ج 3 ص 3، تاريخ الخلفاء لابن الجوزي في الجزء الرابع، تذكرة خواص الأمة ص 18، دائرة المعارف لفريد وجدي ج 3 ص 542.

المغرب والعشاء، ثم صلي الصبح بعرق الظبية، ثم نزل الروحاء، ثم سار من الروحاء فصلي العصر بالمنصرف، وصلي المغرب والعشاء بالمتعشي وتعشي به، وصلي الصبح بالاثابة، وأصبح يوم الثلاثاء بالعرج واحتجم بلحي جمل (وهو عقبة الجحفة) ونزل السقياء يوم الاربعاء، وأصبح بالأبواء، وصلي هناك ثم راح من الأبواء ونزل يوم الجمعة الجحفة، ومنها إلي قديد وسَبَت فيه، وكان يوم الأحد بعسفان، ثم سار فلما كان بالغميم إعترض المشاة فصفو صفوفاً فشكوا إليه المشي، فقال: استعينوا باليسلان (مشي سريع دون العدو) ففعلوا فوجدوا لذلك راحة، وكان يوم الاثنين بمر الظهران فلم يبرح حتي أمسي وغربت له الشمس بسرف، فلم يصل المغرب حتي دخل مكة، ولما انتهي إلي الثنيتين بات بينهما فدخل مكة نهار الثلاثاء.

فلما قضي مناسكه وانصرف راجعاً إلي المدينة ومعه من كان من الجموع المذكورات، ووصل إلي غدير خم من الجحفة التي تتشعب فيها طرق المدنيين

ص: 281

والمصريين والعراقيين، وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجة نزل إليه جبرئيل الأمين عن الله بقوله: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك. الآية. وأمره أن يقيم علياً علماً للناس ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية وفرض الطاعة علي كل أحد، وكان أوائل القوم قريباً من الجحفة فأمر رسول الله أن يرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان ونهي عن سمرات خمس متقاربات دوحات عظام أن لا ينزل تحتهن أحد حتي إذا أخذ القوم منازلهم فقم ما تحتهن حتي إذا نودي بالصلاة صلاة الظهر عمد إليهن فصلي بالناس تحتهن، وكان يوماً هاجراً يضع الرجل بعض رداءه علي رأسه وبعضه تحت قدميه من شدة الرمضاء، وظلل لرسول الله بثوب علي شجرة سمرة من الشمس، فلما انصرف صلي الله عليه وآله من صلاته قام خطيباً وسط القوم علي أقتاب الإبل وأسمع الجميع، رافعاً عقيرته فقال:

الحمد لله ونستعينه ونؤمن به، ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا الذي لا هادي لمن ضل، ولا مضل لمن هدي، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله - أما بعد:

أيها الناس: قد نبأني اللطيف الخبير أنه لم يعمر نبي إلا مثل نصف عمر الذي قبله، وإني أوشك أن ادعي فأجبت، وإني مسؤول وأنتم مسؤولون، فماذا أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت ونصحت وجهدت فجزاك الله خيراً، قال: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وأن جنته حق وناره حق وأن الموت حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور؟ قالوا: بلي نشهد بذلك، قال: اللهم اشهد.

ثم قال: أيها الناس ألا تسمعون؟ قالوا: نعم. قال: فإني فرط علي الحوض،

ص: 282

وأنتم واردون علي الحوض، وإن عرضه ما بين صنعاء وبصري فيه أقداح عدد النجوم من فضة فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين فنادي منادٍ: وما الثقلان يا رسول الله؟ قال: الثقل الأكبر كتاب الله طرف بيد الله عزوجل وطرف بأيديكم فتمسكوا به لا تضلوا، والآخر الأصغر عترتي، وإن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يتفرقا حتي يراد علي الحوض. فسألت ذلك لهما ربي، فلا تقدموهما فتهلكوا، ولا تقصروا عنهما فتهلكوا، ثم أخذ بيد علي فرفعها حتي رؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال:

أيها الناس: من أولي الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟ قالوا: ألله ورسوله أعلم، قال: إن الله مولاي وأنا مولي المؤمنين وأنا أولي بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلث مرات (وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرات)!

ثم قال: اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلغ الشاهد الغايب، ثم لم يتفرقوا حتي نزل أمين وحي الله بقوله: أليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، الآية. فقال رسول الله صلي الله عليه وآله: الله اكبر علي إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضي الرب برسالتي، والولاية لعلي من بعدي، ثم طفق القوم يهنئون أميرالمؤمنين صلوات الله عليه وممن هنأه في مقدم الصحابة: الشيخان أبو بكر وعمر كل يقول: بخ بخ لك يا بن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولي كل مؤمن ومؤمنة، وقال ابن عباس: وجبت والله في أعناق القوم، فقال حسان: إئذن لي يارسول الله أن أقول في علي أبياتاً تسمعهن، فقال: قل علي بركة الله، فقام حسان فقال: يا معشر مشيخة قريش

ص: 283

أتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية، ثم قال:

يناد بهم يوم الغدير نبيهم *** بخمٍ فاسمع بالرسول منادي

إلي آخر الأبيات..

وكتب (بالدليل) بتاريخ 26-11-1999، العاشرة ليلاً:

الأخوة الأعزاء السلام عليكم، سؤال إلي محب السنة: هل تعتبرون النص التالي غير كافي (كذا)؟ (أيها الناس من أولي الناس بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: إن الله مولاي وأنا مولي المؤمنين وأنا أولي بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلث مرات، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: (أربع مرات)؟!!

ومن نقل حديث الغدير: 120 صحابياً من معتمدي أهل السنة، 84 من التابعين من أهل السنة، 260 حافظاً من أهل السنة!!

وإن طلبتم إيرادهم بالاسم، أوردناهم. وشكراً.

ص: 284

اعترافهم بحديث الغدير و محاولاتهم لي عنقه

وكتب (محب السنة) بتاريخ 27-11-1999 الخامسة عصراً:

إلي بالدليل: أما الحديث فقد رواه الامام أحمد ووالترمذي بألفاظ مختلفة واختلف في صحة بعضها. ولسنا نناقش في صحة الحديث من عدمها بل نفترض صحة الحديث لكنه مع ذلك لا تقوم به الحجة فهو لا يصرح بأن علياً وصي النبي ولا أنه معصوم.

وأجاب (بالدليل) بتاريخ 30-11-1999، الثالثة والنصف ظهراً:

الأخوة الأعزاء، السلام عليكم. إلي الزميل محب السنة:

أرجو الإجابة علي هذين السؤالين:

1 - هل حديث الغدير ثابت عندكم؟

2 - ماذا تفهم من نص حديث الغدير؟

وللتذكير نص الغدير: أيها الناس من أولي الناس بالمؤمنين من انفسهم؟ قالوا: ألله ورسوله أعلم، قال: إن الله مولاي وأنا مولي المؤمنين وأنا أولي بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعلي مولاه، يقولها ثلث مرات، وفي لفظ أحمد إمام الحنابلة: أربع مرات. ومن نقل حديث الغدير:120 صحابياً من معتمدي أهل السنة 84 من التابعين من أهل السنة 260 حافظاً من أهل السنة ….

وكتب (محب السنة) بتاريخ 30-11-1999، الخامسة عصراً:

إلي الزميل بالدليل مع التحية:

أنا أعترف بأن هذا الحديث صحيح، بل عندي غيره كثير من الأدلة التي

ص: 285

تثبت كثيراً من الفضائل لعلي، لكن هذا الحديث لا تقوم به الحجة لإثبات أمر علي هذه الدرجة من الأهمية.

أليس اعتقاد عصمة علي وأنه وصي النبي صلي الله عليه وسلم يلزم اعتقاده من كافة الأمة. الأمر الذي علي هذه الدرجة من الأهمية يحتاج إلي أدلة صريحة من الكتاب والسنة.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 30-11-1999، السادسة مساءً:

ألم تجعل آية المباهلة رسول الله صلي الله عليه وآله وعلياً عليه السلام نفس واحدة (وأنفسنا)؟!!

وكتب (بالدليل) بتاريخ 30-11-1999 السادسة والربع مساءً:

الأخوة الأعزاء، السلام عليكم. الأخ محب السنة، شكراً لك علي إجابة السؤال الأول، حيث أجبت أن حديث الغدير صحيح.

أرجو الإجابة علي السؤال الثاني: ماذا تفهم من حديث الغدير؟

وبالأخص قوله (صلی الله علیه و آله): ألست أولي بالمومنين من أنفسهم، وعلاقتها بالآية الكريمة: النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟؟.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 30-11-1999، الثامنة والنصف مساءً:

أفهم منها إثبات ولاية علي رضي الله عنه وأنه ولي من أولياء الله تعالي، وتزكية النبي صلي الله عليه وسلم له. لكن ليس فيها دليل علي أنه وصي أو معصوم.

وكتب (بالدليل) بتاريخ 2-12-1999، الواحدة ظهراً:

في قوله سبحانه في سورة الأحزاب - 6: (النبي أولي بالمؤمنين من أنفسهم) أنفس المؤمنين هم المؤمنون، فمعني كون أولي بهم من أنفسهم: أنه أولي

ص: 286

بهم منهم فالنبي (صلی الله علیه و آله) أولي بهم فيما يتعلق بالأمور الدنيوية أو الدينية، ويجب علي المؤمنين السمع والطاعة للنبي (صلی الله علیه و آله) فيما أمرهم، وقوله (من يطع الرسول فقد أطاع الله)

وفي مسند أحمد: أن النبي (صلی الله علیه و آله) أخذ بيد علي، فقال: ألستم تعلمون أني أولي بكل مؤمن من نفسه، قالوا: بلي، قال: فأخذ بيد علي، فقال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال: هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولي كل مؤمن ومؤمنة.

فلاحظ تذكير النبي (صلی الله علیه و آله) لهم بقوله: أني أولي بكل مؤمن من نفسه، ثم بيانه أنه كذلك علي، فيكون علي أيضاً أولي بالمؤمنين من أنفسهم والنبي معصوم وهل سيمنح مثل هذا الحق الخطير إلا أن يكون معصوماً، ففي هذا النص وضوح الشمس في كبد السماء أن النبي (صلی الله علیه و آله) قد نص أن علي أولي بالمؤمنين من أنفسهم.

فهو نص أن لعلي (علیه السلام) من الطاعة مثل ما للنبي (صلی الله علیه و آله) ثم انظر في ظروف الزمن والمكان، في حجة الوداع والمكان في الصحراء في حر الهجير.

فتأويل الحديث إلي معني معني المحب والنصير لصرفه عن معناه الأصلي الذي قصده الرسول (صلی الله علیه و آله) وذلك حفاظاً علي كرامة الصحابة أمر غير مقبول لمخالفته للنص الصريح، ثم ماذا عن كرامة الرسول (صلی الله علیه و آله) الذي يجمع حشود الناس في الحر والهجير الذي لا يطاق ليقول لهم بأن علي محب وولي من أولياء الله.

فالنص صريح بوجوب طاعة الإمام علي (علیه السلام)، وانظر كذلك إلي امتناع علي عن البيعة لأبي بكر وبقائه ما يقارب الستة أشهر بعيدأ عنهم.

ص: 287

وكتب (بالدليل) بتاريخ 4-12-1999، التاسعة مساءً:

إلي الزميل محب السنة. للتذكير فقط. وشكر

وكتب (فرزدق) بتاريخ 04-12-1999 الحادية عشرة ليلاً:

المعذرة لهذه المداخلة.. تقول يا محب السنة بأنك تفهم من حديث الغدير بأن علياً ولي من أولياء الله تعالي..

فنقول: أن كون الامام علي من أولياء الله في حياة النبي وبعد وفاته من المسلّمات، ولكن حديث الغدير يريد بيان أمرأ آخر وهو ولاية أمور المسلمين والخلافة. والدليل علي ذلك هو أن كثيراً من نصوص حديث الغدير وردت بهذه الصيغة: (هو ولي كل مؤمن بعدي).. ومما لا يخفي أن كلمة (بعدي) في الحديث ترد كل التفسيرات الاخري التي ذُكرت في معني (الولي) من حديث الغدير مثل: الناصر والمحب وابن العم.. أو المعني الذي ذكرته وهو كونه من أولياء الله.. وذلك لأن كل هذه المعاني وإن كانت صحيحة ولكنها شاملة لزمان حياة النبي (صلی الله علیه و آله) ولزمان ما بعده (صلی الله علیه و آله).وبذلك تكون كلمة (بعدي) لغواً! وحاشا رسول الله أن يتكلم لغواً!!

وحينئذ لا يبقي معني صحيح لكلمة (الولي) إلاّ ولاية أمور المسلمين بعد النبي، لأن ولي أمور المسلمين في حياة النبي هو النبي نفسه (صلی الله علیه و آله) ولذلك ذكر كلمة بعدي ليبن ولي الأمر من بعده..

وإليك بعض مصادر حديث النبي (صلی الله علیه و آله) في علي (علیه السلام): (هو ولي كل مؤمن عدي):

1 - الترمذي في صحيحه ج5 ص296 حديث 3796 وفي طبعة أخري ج5 ص632 حديث 3712، وقال عنه: حديث حسن.

ص: 288

2 - الحاكم في المستدرك علي الصحيحين ج3 ص110، وحكم بصحته.

3 - صحيح ابن حبّان ج15 ص373 حديث 6929.

4 - الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة ج5 ص261حديث 2223 حيث قال بعد أن حكم بصحة الحديث: فمن العجيب حقاً ان يتجرأ شيخ الاسلام ابن تيمية علي انكار هذا الحديث وتكذيبه …!!!

5 - مسند أحمد بن حنبل ج4 ص437 وج5 ص356.

6 - مسند أبي داود الطياليسي ص111 حديث 829.

7 - المصنف لأبي شيبة ج6 ص375 حديث 32112.

8 - حلية الأولياء لأبي نعيم ج6 ص294.

9 - البداية والنهاية لابن الأثير ج7 ص351 و356 و358.

10 - الصواعق المحرقة لابن حجر ص74 وفي طبعة أخري ص122.

11 - كنز العمال للمتقي ج15 ص125 حديث 359.

12 - مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص127.

13 - الاصابة لابن حجر ج2 ص509.

14 - مصابيح السنة للبغوي ج2 ص243.

15 - مشكاة المصابيح ج3 ص243.

16 - الفتح الكبير للنبهاني ج3 ص88.

17 - جامع الأصول لابن الاثير ج9 ص470 حديث 6480.

18 - اسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص143 وفي طبعة أخري بمصر أيضاً ص 158.

19 - مختصر اتحاف السادة المهرة ج9 ص170 حديث 7410، قال البوصيري: رواه أبو داود الطياليسي بسند صحيح.

هذا بالاضافة الي الأحاديث الأخري التي نصّت علي أن الامام علي (علیه السلام) خليفة ووصي للنبي المصطفي ومن أشهرها حديث الدار الذي قال النبي فيه

ص: 289

لعلي بن أبي طالب: (إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فأسمعو له وأطيعوا). والذي ذكره المفسرون في ذيل آية { وأنذر عشيرتك الاقربين } وكذلك ذكره المؤرخون والمحدّثون أمثال:

1 - الطبري في تأريخه ج2 ص319 طبع دار المعارف بمصر.

2 - ابن الأثير في الكامل ج2 ص62 طبع دار صادر ببيروت.

3 - الحلبي في سيرته ج1 ص311 طبع البهية بمصر.

4 - المتقي الهندي في كنز العمال ج15 ص115 حديث 334 طبع حيدر آباد.

5 - ابن عساكر في تأريخ دمشق ترجمة الامام علي ج1 ص85 حديث 139 - 141 طبع بيروت.

6 - تفسير الخازن ج3 ص371 و390 طبع مصر.

7 - تفسير المنير للجاوي ج2 ص118 طبع الحلبي بمصر.

ولو رغبت ببقية الأحاديث التي تنص علي أن علياً (علیه السلام) خليفة ووصي للنبي (صلی الله علیه و آله) فسنوافيك بها بإذنه تعالي..

والسلام علي من اتبع الهدي...

وكتب (بالدليل) بتاريخ 6-12-1999، التاسعة والنصف مساءً:

الأخ فرزدق، شكراً كثيراً.

وكتب (فرزدق) بتاريخ 8-12-1999، السادسة صباحاً:

ولك الشُكر الجزيل أيضا.. ولكن قل لي أين المحب؟؟!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 8-12-1999، العاشرة مساءً:

إلي بالدليل وفرزدق: إليكما ما قاله أهل العلم في شرح الأحاديث الواردة في ولاية علي رضي الله عنه ومعناها الحقيقي مما يدفع الإشكال الذي توهمتموه من معناه، وسيلاحظ المنصف أن كلامهم كلام علمي بعيد عن التعصب

ص: 290

والهوي فهم يثبتون ماصح من الألفاظ ويردون ما لم يصح ويفسرون الألفاظ وفق ما تقتضيه قواعد الفهم في اللغة العربية التي وردت بها النصوص الشرعية...

ثم نقل محب السنة مقطعاً من كلام ابن حجر وابن تيمية، يظهر فيه تحيرهما في تفسير الحديث وتأويله!!

قال: عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلي الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلي الظهر وأخذ بيد علي رضي الله تعالي عنه فقال: ألستم تعلمون أني أولي بالمؤمنين من أنفسهم. قالوا: بلي. قال: ألستم تعلمون أني أولي بكل مؤمن من نفسه. قالوا: بلي. قال: فأخذ بيد علي. فقال: من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال: فلقيه عمر بعد ذلك فقال هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولي كل مؤمن ومؤمنة. رواه الإمام أحمد قِيلَ سَبَب ذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا تَكَلَّمَ فِيهِ بَعْض مِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْيَمَن فَأَرَادَ صَلَّي اللَّه تَعَالَي عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا أَنْ يُحَبِّب إِلَيْهِمْ قُلْت فَفِي جَامِع التِّرْمِذِيّ عَنْ الْبَرَاء بَعَثَ النَّبِيّ صَلَّي اللَّه تَعَالَي عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَيْشَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَي أَحَدهمَا عَلِيًّا وَعَلَي الْآخَر خَالِدًا وَقَالَ إِذَا كَانَ الْقِتَال فَعَلِيٌّ فَافْتَتَحَ حِصْنًا وَأَخَذَ مِنْهُ جَارِيَة فَكَتَبَ لِي خَالِد كِتَابًا إِلَي النَّبِيّ صَلَّي اللَّه تَعَالَي عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَنِي بِهِ قَالَ فَقَدِمْت إِلَي النَّبِيّ صَلَّي اللَّه تَعَالَي عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَرَأَ الْكِتَاب فَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ ثُمَّ قَالَ مَا تَرَي فِي رَجُل يُحِبّ اللَّه وَرَسُوله وَيُحِبّهُ اللَّه وَرَسُوله قَالَ قُلْت أَعُوذ بِاَللَّهِ مِنْ غَضَب اللَّه وَغَضَب رَسُوله وَإِنَّمَا أَنَا رَسُولٌ فَسَكَتَ. قَالَ التِّرْمِذِيّ حَدِيث حَسَن، وَعَلَي هَذَا أَلَسْت أَوْلَي بِالْمُؤْمِنِينَ مَعْنَاهُ أَلَسْت أَحَقّ بِالْمَحَبَّةِ وَالتَّوْقِير وَالْإِخْلَاص بِمَنْزِلَةِ الْأَب لِلْأَوْلَادِ؟!

ص: 291

يُنَبِّهُ عَلَي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَي: وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ. وَقَوْله: فَهَذَا وَلِيّ مَنْ أَنَا مَوْلَاهُ مَعْنَاهُ مَحْبُوب مَنْ أَنَا مَحْبُوبه.

قُلْت: وَيَدُلّ عَلَي هَذَا الْمَعْنَي قَوْله: اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَلَاهُ أَيْ أَحِبَّ مَنْ أَحَبَّهُ بِقَرِينَةِ اللَّهُمَّ عَادِ مَنْ عَادَاهُ وَعَلَي هَذَا فَهَذَا الْحَدِيث لَيْسَ لَهُ تَعَلُّق بِالْخِلَافَةِ أَصْلًا كَمَا زَعَمَتْ الرَّافِضَة وَيَدُلّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَبَّاس وَعَلِيًّا مَا فَهِمَا مِنْهُ ذَلِكَ كَيْف وَقَدْ أَمَرَ الْعَبَّاسُ عَلِيًّا أَنْ يَسْأَل النَّبِيّ صَلَّي اللَّه تَعَالَي عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ هَذَا الْأَمْر فِينَا أَوْ فِي غَيْرنَا فَقَالَ لَهُ عَلَي إِنْ مَنَعَنَا فَلَا يُعْطِينَا أَحَد أَوْكَمَا قَالَ.

وَفِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ: (دَعُوا عَلِيًّا دَعُوا عَلِيًّا) (إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ) أَيْ فِي النَّسَبِ وَالصِّهْرِ وَالْمُسَابَقَةِ وَالْمَحَبَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَزَايَا وَلَمْ يُرِدْ مَحْضَ الْقَرَابَةِ وَإِلَّا فَجَعْفَرٌ شَرِيكُهُ فِيهَا.

قَالَهُ الْحَافِظُ فِي الْفَتْحِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شَأْنِ جُلَيْبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ)، مَعْنَاهُ الْمُبَالَغَةُ فِي اِتِّحَادِ طَرِيقَتِهِمَا، وَاتِّفَاقِهِمَا فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَي تَنْبِيهٌ: اِحْتَجَّ الشِّيعَةُ بِقَوْلِهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ) عَلَي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ زَعْمًا مِنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ عَلِيًّا مِنْ نَفْسِهِ حَيْثُ قَالَ: (إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي) وَلَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ فِي غَيْرِ عَلِيٍّ.

قُلْت: زَعْمُهُمْ هَذَا بَاطِلٌ جِدًّا فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْنَي قَوْلِهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ عَلِيًّا مِنِّي) أَنَّهُ جَعَلَهُ مِنْ نَفْسِهِ حَقِيقَةً، بَلْ مَعْنَاهُ هُوَ مَا قَدْ عَرَفْت آنِفًا، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ لَمْ يَقُلْ هَذَا الْقَوْلَ فِي غَيْرِ عَلِيٍّ فَبَاطِلٌ أَيْضًا فَإِنَّهُ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ فِي شَأْنِ جُلَيْبِيبٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَي عَنْهُ، فَفِي حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي مَغْزًي لَهُ فَأَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: (هَلْ

ص: 292

تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ)؟ قَالُوا نَعَمْ فُلَانًا وَفُلَانًا وَفُلَانًا الْحَدِيثَ وَفِيهِ قَالَ: (لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا فَاطْلُبُوهُ) فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَي فَوَجَدُوهُ إِلَي جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ ثُمَّ قَتَلُوهُ. فَأَتَي النَّبِيُّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: (قَتَلَ سَبْعَةً ثُمَّ قَتَلُوهُ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ) وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقَالَ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ فِي شَأْنِ الْأَشْعَرِيِّينَ. فَفِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرَمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اِقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ).

رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَالَ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْقَوْلَ فِي شَأْنِ بَنِي نَاجِيَةَ، فَفِي حَدِيثِ سَعْدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبَنِي نَاجِيَةَ: أَنَا مِنْهُمْ وَهُمْ مِنِّي. رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَهُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ بَعْدِي.

اِسْتَدَلَّ بِهِ الشِّيعَةُ عَلَي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ خَلِيفَةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ، وَاسْتِدْلَالُهُمْ بِهِ عَنْ هَذَا بَاطِلٌ فَإِنَّ مَدَارَهُ عَنْ صِحَّةِ زِيَادَةِ لَفْظِ بَعْدِي وَكَوْنُهَا صَحِيحَةً مَحْفُوظَةً قَابِلَةً لِلِاحْتِجَاجِ وَالْأَمْرُ لَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّهَا قَدْ تَفَرَّدَ بِهَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَهُوَ شِيعِيٌّ بَلْ هُوَ غَالٍ فِي التَّشَيُّعِ، قَالَ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ: قَالَ الدُّورِيُّ كَانَ جَعْفَرٌ إِذَا ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ شَتَمَهُ وَإِذَا ذَكَرَ عَلِيًّا قَعَدَ يَبْكِي.

وَقَالَ اِبْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِي كَامِلٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنِي أَبِي إِلَي جَعْفَرٍ فَقُلْت بَلَغَنَا أَنَّك تَسُبُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ؟ قَالَ أَمَّا السَّبُّ فَلَا وَلَكِنْ الْبُغْضُ مَا شِئْت فَإِذَا هُوَ رَافِضِيٌّ الْحِمَارُ. انْتَهَي. فَسَبُّهُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَي عَنْهُمَا يُنَادِي بِأَعْلَي نِدَاءٍ أَنَّهُ كَانَ غَاليا فِي التَّشَيُّعِ، لَكِنْ قَالَ اِبْنُ عَدِيٍّ عَنْ زَكَرِيَّاءَ السَّاجِيِّ:

ص: 293

وَأَمَّا الْحِكَايَةُ الَّتِي حُكِيَتْ عَنْهُ فَإِنَّمَا عَنَي بِهِ جَارَيْنِ كَانَا لَهُ قَدْ تَأَذَّي بِهِمَا يُكَنَّي أَحَدُهُمَا أَبَا بَكْرٍ وَيُسَمَّي الْآخَرُ عُمَرُ فَسُئِلَ عَنْهُمَا فَقَالَ أَمَّا السَّبُّ فَلَا وَلَكِنْ بُغْضًا مَا لَك وَلَمْ يَعْنِ بِهِ الشَّيْخَيْنِ أَوْ كَمَا قَالَ. انْتَهَي.

فَإِنْ كَانَ كَلَامُ اِبْنِ عَدِيٍّ هَذَا صَحِيحًا فَغُلُوُّهُ مُنْتَفٍ وَإِلَّا فَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا كَوْنُهُ شِيعِيًّا فَهُوَ بِالِاتِّفَاقِ. قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضُّبَعِيُّ أَبُو سُلَيْمَانَ الْبَصْرِيِّ صَدُوقٌ زَاهِدٌ لَكِنَّهُ كَانَ يَتَشَيَّعُ اِنْتَهَي، وَكَذَا فِي الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ، وَظَاهِرٌ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا يَقْوَي بِهِ مُعْتَقَدُ الشِّيعَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي مَقَرِّهِ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ إِذَا رَوَي شيئاً يُقَوِّي بِهِ بِدْعَتَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ. قَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْحَقِّ الدَّهْلَوِيُّ فِي مُقَدِّمَتِهِ: وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ إِنْ كَانَ دَاعِيًا إِلَي بِدْعَتِهِ وَمُرَوِّجًا لَهُ رُدَّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ قُبِلَ إِلَّا أَنْ يَرْوِيَ شيئاً يُقَوِّي بِهِ بِدْعَتَهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ قَطْعًا. انْتَهَي.

فَإِنْ قُلْت: لَمْ يَتَفَرَّدْ بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ بَعْدِي جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا أَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ فَرَوَي الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَجْلَحَ الكندي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ بُرَيْدَةَ قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْثَيْنِ إِلَي الْيَمَنِ عَلَي أَحَدِهِمَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَعَلَي الْآخَرِ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ: (لَا تَقَعُ فِي عَلِيٍّ فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي وَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي).

قُلْت: أَجْلَحُ الكندي هَذَا أَيْضًا شِيعِيٌّ قَالَ فِي التَّقْرِيبِ: أَجْلَحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ حُجَيَّةَ يُكَنَّي أَبَا حُجَيَّةَ الكندي يُقَالُ اِسْمُهُ يَحْيَي صَدُوقٌ شِيعِيٌّ اِنْتَهَي، وَكَذَا فِي الْمِيزَانِ وَغَيْرِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ زِيَادَةَ بَعْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَهْمِ هَذَيْنِ الشِّيعِيَّيْنِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رَوَي فِي مُسْنَدِهِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ لَيْسَتْ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا هَذِهِ الزِّيَادَةُ. فَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ

ص: 294

حَدَّثَنَا اِبْنُ أَبِي عُيَيْنَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ اِبْنِ عَبَّاسٍ عَنْ بُرَيْدَةَ قَالَ غَزَوْت مَعَ عَلِيٍّ الْيَمَنَ فَرَأَيْت مِنْهُ جَفْوَةً الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ فَقَالَ: (يَا بُرَيْدَةُ أَلَسْت أَوْلَي بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ)؟ قُلْت بَلَي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ (مَنْ كُنْت مَوْلَاهُ فَعَلَيَّ مَوْلَاهُ). وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ اِبْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَرِيَّةٍ الْحَدِيثَ. وَفِي آخِرِهِ: (مَنْ كُنْت وَلِيُّهُ فِعْلِيٌّ وَلِيُّهُ).

وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ، وَكِيعٍ حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ اِبْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ مَرَّ عَلَي مَجْلِسٍ وَهُمْ يَتَنَاوَلُونَ مِنْ عَلِيٍّ الْحَدِيثَ وَفِي آخِرِهِ: مَنْ كُنْت وَلِيُّهُ فِعْلِيٌّ وَلِيُّهُ. فَظَهَرَ بِهَذَا كُلِّهِ أَنَّ زِيَادَةَ لَفْظِ بَعْدِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَتْ بِمَحْفُوظَةٍ بَلْ هِيَ مَرْدُودَةٌ، فَاسْتِدْلَالُ الشِّيعَةِ بِهَا عَلَي أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَانَ خَلِيفَةً بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ بَاطِلٌ جِدًّا. هَذَا مَا عِنْدِي وَاَللَّهُ تَعَالَي أَعْلَمُ.

وَقَالَ الْحَافِظُ اِبْنُ تَيْمِيَّةَ فِي مِنْهَاجِ السُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: هُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي كَذِبٌ عَلَي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلْ هُوَ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَمَاتِهِ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَكُلُّ مُؤْمِنٍ وَلِيُّهُ فِي الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، فَالْوِلَايَةُ الَّتِي هِيَ ضِدُّ الْعَدَاوَةِ لَا تَخْتَصُّ بِزَمَانٍ، وَأَمَّا الْوِلَايَةُ الَّتِي هِيَ الْإِمَارَةُ فَيُقَالُ فِيهَا وَالِي كُلَّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي كَمَا يُقَالُ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ إِذَا اِجْتَمَعَ الْوَلِيُّ وَالْوَالِي قُدِّمَ الْوَالِي فِي قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَقِيلَ يُقَدَّمُ الْوَلِيُّ.

وَقَوْلُ الْقَائِلِ عَلِيٌّ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي كَلَامٌ يَمْتَنِعُ نِسْبَتُهُ إِلَي النَّبِيِّ صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ الْمُوَالَاةَ لَمْ يَحْتَجْ أَنْ يَقُولَ بَعْدِي وَإِنْ أَرَادَ الْإِمَارَةَ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ وَالٍ عَلَي كُلِّ مُؤْمِنٍ. انْتَهَي.

ص: 295

فَإِنْ قُلْت: لَمْ يَتَفَرَّدْ جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ بِقَوْلِهِ: (هُوَ وَلِيُّ كُلِّ مُؤْمِنٍ بَعْدِي) بَلْ وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ فَفِي آخِرِهِ لَا تَقَعُ فِي عَلِيٍّ (فَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي وَإِنَّهُ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدِي). قُلْت: تَفَرَّدَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي حَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَجْلَحُ الْكِنْدِيُّ وَهُوَ أَيْضًا شِيعِيٌّ.

وكتب (بالدليل) بتاريخ 8-12-1999، العاشرة والثلث ليلاً:

معاني الولي منها: ولي القاصر أبوه وجده لأبيه، ثم وصي أحدهما، ثم الحاكم الشرعي، فإن معناه أن هؤلاء هم الذين يلون أمره، ويتصرفون بشؤونه. والقرائن علي إرادة هذا المعني من الولي في تلك الأحاديث لا تكاد تخفي علي أولي الالباب، فإن قوله صلي الله عليه وآله: وهو وليكم بعدي، ظاهر في قصر هذه الولاية عليه، وحصرها فيه. وهذا يوجب تعيين المعني الذي قلناه، ولا يجتمع مع إرادة غيره، لأن النصرة والمحبة والصداقة ونحوها غير مقصورة علي أحد، والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض، وأي ميزة أو مزية أراد النبي إثباتها في هذه الأحاديث لأخيه ووليه، إذا كان معني الولي غير الذي قلناه، وأي أمر خفي صدع النبي في هذه الأحاديث ببيانه، إذا كان مراده من الولي النصير أو المحب أو نحوهما، وحاشا رسول الله صلي الله عليه وآله، أن يهتم بتوضيح الواضحات، وتبيين البديهيات، إن حكمته البالغة، وعصمته الواجبة، ونبوته الخاتمة، لأعظم مما يظنون، علي أن تلك الأحاديث صريحة في ان تلك الولاية إنما تثبت لعلي بعد النبي صلي الله عليه وآله، وهذا أيضاً يوجب تعيين المعني الذي قلناه، ولا يجتمع مع إرادة النصير والمحب وغيرهما، إذ لا شك باتصاف علي بنصرة المسلمين ومحبتهم وصداقتهم منذ ترعرع في حجر النبوة، واشتد ساعده في حضن الرسالة، إلي أن قضي نحبه عليه السلام، فنصرته ومحبته وصداقته للمسلمين غير

ص: 296

مقصورة علي ما بعد النبي صلي الله عليه وآله، كما لا يخفي.

وحسبك من القرائن علي تعيين المعني الذي قلناه، ما أخرجه الامام أحمد في ص 347 من الجزء الخامس من مسنده بالطريق الصحيح عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن بريدة، قال: (غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة، فلما قدمت علي رسول الله (صلی الله علیه و آله) ذكرت علياً فتنقصته، فرأيت وجه رسول الله يتغير، فقال: يا بريدة ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت: بلي يا رسول الله، قال من كنت مولاه فعلي مولاه (531)). اه. وأخرجه الحاكم في ص 110 من الجزء الثالث من المستدرك، وصححه علي شرط مسلم. وأخرجه الذهبي في تلخيصه مسلماً بصحته علي شرط مسلم أيضاً.

وأنت تعلم ما في تقديم قوله: ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم، من الدلالة علي ما ذكرناه.. ومن أنعم النظر في تلك الأحاديث وما يتعلق بها لا يرتاب فيما قلناه. والحمد لله. انتهي.

وغاب محب السنة وزملاؤه ولم يعودوا، كالعادة!!

ص: 297

ص: 298

الفصل التاسع: اثبات نصب ابن تيمية و مقلديه

اشاره

عناوين مواضيع الفصل:

إثبات أن ابن تيمية ناصبي مبغض لعلي عليه السلام.

إنكار ابن تيمية لحديث: علي مع الحق!

ابن تيمية يكذب بغضاً لعلي!

تناقض أقوال ابن تيمية في علي!

إنكار ابن تيمية حديث: علي مني وأنا منه!

ص: 299

ص: 300

إثبات أن ابن تيمية ناصبي مبغض لعلي عليه السلام

كتب (التلميذ) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 26-11-1999، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (هذا رأي ابن تيمية في علي!!)، قال فيه:

يقول ابن تيميّة في كتابه منهاج السنّة ج 4 ص 138: (وأمّا قوله: قال رسول الله صلّي عليه وسلّم: (أقضاكم علي) والقضاء يستلزم العلم والدّين، فهذا الحديث لم يثبت وليس له إسناد تقوم به الحجة).

أقول: أولاً: لينظر إلي قول ابن تيميّة: (والقضاء يستلزم العلم والدّين) إنه أكبر انتقاص من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام حيث يلزم قوله هذا إلي أن علياً عليه السلام يفقدهما، إنّ مثل هذا القول لو قاله عالم شيعي في حق أي صحابي من صحابة رسول الله صلي الله عليه وآله لأقام عليه أتباع ابن تيمية الدنيا ولم يقعدوها، ولشهروا به في كل منتدي ومحفل، بل ولمزوه بالضلال وربما بالكفر، ولكن لأن قائله - ابن تيمية - فهو مرضي ومقبول عندهم ويدافعون عنه بالغالي والنفيس، ولن يلمزوه لا بكفر ولا بضلال بل هو عندهم شيخ الإسلام، وصدق الشاعر عندما قال:

وعين الرضا عن كل عيب كليلةٌ ولكن عين السخط تبدي المساوي

ص: 301

ثانياً: لقد اعترف الصحابة وعلي رأسهم عمر بن الخطاب بأن علياً عليه السلام هو (أقضاهم) فقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: (أقرؤنا أبيّ، وأقضانا عليّ). (انظر صحيح البخاري ج4 ص 1628، السنن الكبري للنسائي). قال ابن حجر في فتح الباري (ج 8 ص 167) في شرحه الحديث المذكور: (وأما قوله: وأقضانا عليّ، فورد في حديث مرفوع أيضاً عن أنس رفعه: أقضي أمتي علي بن أبي طالب. أخرجه البغوي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 26-11-1999، الخامسة مساءً:

الأخ الفاضل التلميذ، بعد السلام عليكم، أضيف الي موضوعك بعض مصادر للحديث كنت جمعتها، ولكن يوجد ناسٌ لو جئتهم بكل حديث وآية.. ولو ضربت خيشومهم بالسيف.. لما أحبوا علياً عليه السلام، لأن حبه حرَّمه الله عليهم بنص رسوله صلي الله عليه وآله!!

- في مسند أحمد ج 5 ص 113: عبدالله، حدثني أبي، ثنا يحيي بن سعيد، عن سفيان، حدثني حبيب يعني ابن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر: علي أقضانا، وأبيّ أقرؤنا...

حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا سويد بن سعيد في سنة ست وعشرين ومائتين، ثنا علي بن مسهر، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: خطبنا عمر رضي الله عنه علي منبر رسول الله صلي الله عليه وسلم، فقال: علي رضي الله عنه: علي أقضانا، وأبيّ رضي الله عنه أقرؤنا...

- وفي فتح الباري ج 7 ص 60: أخرج المصنف من مناقب علي أشياء في غير هذا الموضع منها حديث عمر علي أقضانا، وسيأتي في تفسير البقرة، وله

ص: 302

شاهد صحيح من حديث بن مسعود عند الحاكم.

- وفي مصنف ابن ابي شيبة ج 7 ص 183: حدثنا ابن نمير، قال: حدثنا الأعمش عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: خطبنا عمر فقال: علي أقضانا وأبي أقرأنا.

- وفي تاريخ المدينة لابن شبة: 2 / 706:

حدثنا يحيي بن سعيد، ومحمد بن عبد الله بن الزبير، عن سفيان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال عمر رضي الله عنه: أقضانا علي، وأقرؤنا أبي.

- وفي الطبراني الأوسط ج 7 ص 357: محمد بن عيسي بن السكن نا عبيد بن محمد ابن عائشة التيمي نا عبد الواحد بن زياد [ثنا] أبو فروة مسلم بن سالم، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلي يقول: سمعت عمر: يقول أقضانا علي وأبيّ أقرؤنا. لم يرو هذا الحديث عن أبي فروة، إلا عبد الواحد بن زياد.

- وفي مناقب الخوارزمي ص 92: وبهذا الاسناد عن أحمد بن الحسين هذا، أخبرناأبو محمد الحسن بن علي ابن المؤمل الماسرجسي، حدثني ابوعثمان عمرو بن عبد الله البصري، حدثنا أبوأحمد محمد بن عبد الوهاب، أخبرنا يعلي بن عبيد، حدثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: خطبنا عمر فقال: علي أقضانا، وأبي أقرأنا.

- وفي كشف العجلوني ج 1 ص 162: (أقضاكم علي) تقدم بمعناه في حديث أرحم أمتي، ورواه البغوي في شرح السنة والمصابيح عن أنس، ورواه البخاري وابن الإمام أحمد عن ابن عباس بلفظ قال: قال عمر بن الخطاب: علي أقضانا وأبي أقرؤنا، والحاكم، وصححه عن ابن مسعود بلفظ: كنا نتحدث أن

ص: 303

أقضي أهل المدينة علي... وروي البغوي في المرفوع عن أنس أيضاً: أقضي أمتي علي، وعزاه الطبري في الرياض النضرة للحاكم بسند واهٍ عن معاذ بن جبل مرفوعاً، في حديث أوله: يا علي تخصم الناس بسبع.. وذكر منها: وأبصرهم بالقضية. لكن أوردها ابن الجوزي في الموضوعات! ونحوه عند أبي نعيم عن أبي سعيد: يا علي لك سبع خصال لا يحاجك فيها أحد. وأثبت منها كلها ما رواه الحاكم وابن ماجه والترمذي والبزار من طرق عن علي. أحسنها رواية البزار عنه بسند واه أنه صلي الله عليه وسلم لما بعثه إلي اليمن قاضياً قال: يا رسول الله بعثتني أقضي بينهم وأنا شاب لا أدري ما القضاء، فضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم في صدره وقال: اللهم اهده، وثبت لسانه. قال فوالذي فلق الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين. وقد رواه ابن حبان عن أبن عباس عنه، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً.

نعم، روي البخاري في التفسير وأبو نعيم عن ابن عباس قال قال عمر: أقضانا علي وأقرؤنا أبي، ونحوه عن أبي وآخرين، وللحاكم عن ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضي أهل المدينة علي، وقال صحيح.

ومثل هذه الصيغة حكمها الرفع علي الصحيح، وكذا قاله في الأصل. ونظر فيه القاري في الموضوعات، أي لأنه مما يمكن أن يكون للرأي فيه مجال. فليتأمل.

- وفي فتح الملك العلي لابن الصديق المغربي ص 70:

شهادة عمر بن الخطاب:

قال البخاري في تفسير البقرة من صحيحه: حدثنا عمرو بن علي، ثنا يحيي، ثنا سفيان، عن حبيب سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال عمر رضي الله عنه:

ص: 304

أقرؤنا أبي وأقضانا علي (ميزان الاعتدال 4: 99) وقال: قاسم بن أصبغ في مصنفه: حدثنا أبو بكر أحمد بن زهير، ثنا ابوخيثمة، ثنا أبوسلمة التبوذكي، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا أبوجروة، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: قال عمر رضي الله عنه: علي أقضانا، واخرجه ابن أبي خيثمة من وجه آخر أيضاً قال: حدثنا أبي، ثنا ابن عيينة، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس قال: قال عمر: علي أقضانا. وأسنده الذهبي في ترجمة الحافظ أبي بكر بن زياد من التذكرة من هذا الوجه وزاد: وأبي أقرؤنا.

وقال ابن ابي خيثمة، ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، ثنا مؤمل ابن اسماعيل، ثنا سفيان الثوري، عن يحيي بن سعيد، عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ بالله من معضلة ليس لها أبوحسن، وكان عمر يقول: لولا علي لهلك عمر. وقال ابن الأثير في أسد الغابة بعد إيراده آثاراً في علم علي: ولو ذكرنا ما سأله الصحابة مثل عمر وغيره رضي الله عنهم لأطلنا. انتهي.

شهادة عبد الله بن مسعود:

قال أبونعيم في الحلية: ثنا أبوالقاسم نذير بن جناح القاضي، ثنا اسحاق بن محمد بن مروان، ثنا أبي، ثنا عباس بن عبيدالله، ثنا غالب بن عثمان الهمداني أبومالك، عن عبيدة، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود قال: إن القرآن أنزل علي سبعة أحرف ما منها حرف إلا له ظهر وبطن وأن علي بن أبي طالب عنده علم الظاهر والباطن.

قال الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة له: حدثنا يحيي بن آدم قال: ثنا ابن ابي زائدة، عن أبيه، عن أبي اسحاق، عن ابن ميسرة قال: قال ابن مسعود: إن أقضي أهل المدينة علي بن أبي طالب. قال الحلواني أيضاً: ثنا يحيي

ص: 305

بن آدم، ثنا مبذو، عن مطرف، عن أبي اسحاق، عن سعيد بن وهب قال: قال عبد الله: أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب.

شهادة ابن عباس:

قال ابن عبد البر: ثنا خلف بن القاسم، ثنا عبد الله بن عمر الجوهري، ثنا أحمد بن محمد بن الحجاج، ثنا محمد ابن أبي السري، ثنا عمرو بن هاشم الجنبي، ثنا جويبر، عن الضحاك ابن مزاحم، عن عبد الله بن عباس قال: والله لقد أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر، وروي طاووس عنه أيضاً، قال: كان علي والله قد ملئ علماً وحلماً.

قال ابن أبي خيثمة: حدثنا فضيل عن عبد الوهاب قال: ثنا شريك، عن ميسرة، عن المنهال، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس قال: كنا إذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به.

قال أبونعيم في الحلية: حدثنا احمد ابن ابراهيم بن جعفر، ثنا محمد بن يونس السامي، ثنا أبونعيم، ثنا حبان بن علي، عن مجاهد، عن الشعبي، عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب أرسله إلي زيد بن صوحان فقال: يا أمير المؤمنين إني ما علمتك لبذات الله عليم وإن الله لفي صدرك لعظيم.

شهادة عائشة:

قال ابن أبي خيثمة: ثنا محمد بن سعيد الأصبهاني، ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن قليب، عن جابر قال: قالت عائشة: من أفتاكم بصوم عاشوراء؟ قالوا: علي، قالت: أما انه أعلم الناس بالسنة، وكانت كثيراً ما ترجع إليه في المسائل.

ص: 306

- مصادر ذكرها بهامش كتاب النص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص 389:

عمر بن الخطاب: علي أقضانا:

يوجد في: ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 / 27 ح 1054 و1055 و1056 و1057 و1058 و1059 و1060 و1061 و1062 ط بيروت، حلية الأولياء ج 1 / 65، صحيح البخاري ك التفسير ج 6 / 23، المستدرك للحاكم ج 3 / 305، أنساب الأشراف للبلاذري ج 2 / 97 ح 21 و23، احقاق الحق ج 8 / 61، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 / 39 و40، الطبقات الكبري لابن سعد ج 2 / 339 و340، تذكرة الحفاظ ج 3 / 38، أخبار القضاة ج 1 / 88، المناقب للخوارزمي ص 47، أسني المطالب للجزري ص 72، البداية والنهاية ج 7 / 359، تاريخ الخلفاء ص 115، الغدير ج 3 / 97.

قول عبدالله بن مسعود: أقضي أهل المدينة علي بن أبي طالب:

يوجد في: ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 3 / 34 ح 1063 و1064 و1065 و1066 و1067 و1068 و1069 ط بيروت، أنساب الأشراف للبلاذري ج 2 / 97 ح 22، الطبقات الكبري ج 2 / 338، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 / 39 و41، شواهد التنزيل للحسكاني ج 1 / 24 ح 20، المستدرك للحاكم ج 3 / 135، أخبار القضاة ج 1 / 89، احقاق الحق ج 8 / 57، الرياض النضرة ج 2 / 209 ط 1، مجمع الزوائد ج 9 / 116، فتح الباري ج 8 / 59، المناقب للخوارزمي ص 47، أسني المطالب للجزري ص 73، تمييز الخبيث من الطيب ص 25.

- وفي مقام الامام علي (علیه السلام) لنجم الدين العسكري ج 1 ص 26:

(الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 78) في الفصل الذي ذكر فيه ثناء الصحابة لعلي عليه السلام (قال): أخرج ابن سعد (أي في الطبقات) بسنده عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب، علي أقضانا، وفي الرياض النضرة ج 2 (

ص: 307

ص 198): عن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) قال: أقضانا علي بن أبي طالب.

(قال المؤلف) اخرج جلال الدين السيوطي الشافعي في (تاريخ الخلفاء ج 1 ص 66) نحوه في الباب الذي ذكر فيه فضائل علي عليه السلام، وقال: أخرج ابن سعد عن علي أنه قيل له: مالك أنت أكثر أصحاب رسول الله صلي الله عليه وآله حديثاً (قال): إني كنت إذا سألته أنبأني، وإذا سكت ابتدأني.

(ثم قال) وأخرج عن أبي هريرة قال: قال عمر بن الخطاب، علي أقضانا، وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضي أهل المدينة علي. (قال) عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر بن الخطاب يتعوذ بالله من معضلة ليس فيها أبو الحسن.

(قال المؤلف) إن تعوذ عمر (رضی الله عنه) بالله من معضلة ليس فيها أبو الحسن علي بن أبي طالب عليه السلام ذكره جمع كثير من علماء السنة الشافعية والحنفية (منهم): ابن عبد البر في الاستيعاب (ج 2 ص 484) حيث أخرج عن سعيد ابن المسيب أنه قال: كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها أبو الحسن.

(ومنهم) محب الدين الطبري الشافعي في ذخائر العقبي (ص 82) فإنه قال بعد ذكره مراجعة عمر إلي علي عليه السلام في حكم المرأة التي ولدت لستة أشهر (قال) وعن سعيد بن المسيب قال: كان عمر يتعوذ من معضلة ليس لها ابوالحسن (أخرجه أحمد بن حنبل وابو عمر).

(ومنهم) أبو المظفر يوسف بن قزاغلي الحنفي في كتابه (تذكرة خواص الائمة ص 87) طبع ايران (قال) قال عمر في فضية المرأة التي ولدت لستة

ص: 308

أشهر فأمر برجمها فمنعهم من ذلك علي بن أبي طالب عليه السلام بعد ما بين سببه، قال: عمر اللهم لا تبقتي لمعضلة ليس لها ابن أبي طالب.

(ومنهم) علي المتقي الحنفي في كنز العمال (ج 3 ص 53) فانه اخرج ما بمعناه، وهذا نصه قال عمر: اللهم لا تنزل بي شدة إلا وابو الحسن إلي جنبي.

(ومنهم) محب الدين الطبري فانه اخرج في ذخائر العقبي (ص 82) مراجعة عمر إلي علي عليه السلام في قضاياه المشكلة وقوله: اللهم لا تنزلن بي شديدة إلا وأبو الحسن إلي جنبي، وذكر أيضاً عن يحيي بن عقيل قال: كان عمر يقول لعلي إذا سأله ففرج عنه: لا أبقاني الله بعدك ياعلي (قال) وعن أبي سعيد الخدري أنه سمع عمر يقول لعلي وقد سأله عن شئ فأجابه: أعوذ بالله أن أعيش في يوم لست فيه ياأبا الحسن. (وقال المؤلف) أن لعمر مع علي عليه السلام عندما كان يفرج عنه كلمات عديدة بعبارات مختلفة، وقد جمعنا بعضها في كتابنا (علي والخلفاء ص 114 وص 118 وص 126 وص 127) راجع الكتاب لكي تعرف أن علياً عليه السلام كان مقدراً عند معاصريه من الخلفاء وغيرهم، وأنه عليه السلام مع أنه كان جليس داره كان هو المرجع في حل مشكلات المسلمين، وقد ذكرنا في كتابنا المشار إليه ما يقرب من (140) قضية مشكلة راجعوا فيها أمير المؤمنين عليه السلام فحلها عليه السلام حلاً مرضياً. (وقال المؤلف) ومن جملة علماء الشافعية الذين ذكروا قول عمر في حق علي عليه السلم (علي أقضانا) الكنجي الشافعي في كفاية الطالب (ص 130) (قال) روي سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر قال: علي أقضانا، (ثم قال: عمر) أخذت ذلك من رسول الله فلا أتركه أبداً. (قال المؤلف) قول عمر أخذا ذلك من رسول الله أشار به إلي أن رسول الله صلي الله عليه وآله قال: علي أقضاكم، يقول فإني أخذت قولي في علي: علي أقضانا، من قول ابن عمه

ص: 309

رسول الله صلي الله عليه وآله. وأخرجه أيضا ابن الصباغ المالكي في كتابه (الفصول المهمة (ص 17). وخرج الكنجي الشافعي في كفاية الطالب (ص 104) بعد أن قال: كان علي أعلم الصحابة قال: ويدل علي أن علياً كان أعلم الصحابة وجوه، (الأول) قوله صلي الله عليه وآله: أقضاكم علي، والقاضي محتاج إلي جميع أنواع العلوم فلما رجحه (صلي الله عليه وآله وسلم) علي الكل في القضاء لزم ترجيحه عليهم في العلوم، أما ساير الصحابة فقد رجح كل واحد منهم علي غيره في علم واحد كقوله صلي الله عليه وآله أفرضكم زيد وأقرأكم أبيّ، (قال) فلما ذكر النبي صلي الله عليه وآله لكل واحد فضيلة وأراد ان يجمعها لابن عمه علي بن أبي طالب (عليه السلام) بلفظ واحد كما ذكر لأولئك ذكره بلفظ يتضمن جميع ما ذكره في حقهم وهو قوله صلي الله عليه وآله: (أقضاكم علي) انتهي باختصار. وفي الرياض النضرة ج 2 ص 198) عن أنس عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: أقضي أمتي علي، أخرجه في المصابيح.

- وفي كتاب أضواء علي الصحيحين للشيخ محمد صادق النجمي ص 341: أقول: هذه الكلمة التي أقر بها الخليفة الثاني واعترف بها، اقتبسها من كلمة النبي صلي الله عليه وآله التي طالما كان يكررها في مواقف عديدة، فمرة قال صلي الله عليه وآله: أقضاهم علي أي أقضي الأصحاب، وأخري قال: أقضاها علي الأمة جمعاء.

ولا يخفي أن مسألة القضاء وإن كانت تستلزم التقوي والورع، فإنها تحتاج ضرورة الي العلم الكافي والمعرفة التامة بالمسائل، بحيث لو لم تحصل تلك العلوم لاستحال القضاء الصحيح.

وبناء علي هذا، إن معرفة الامام علي التامة بعلم القضاء، الذي أمضاه الرسول وهو في الواقع إشارة الي أن الامام علي له المعرفة التامة بجميع العلوم، وكأن كلمة الرسول (أقضاهم علي) حلت محل (علي أعلمهم وأتقاهم و... و...).

ص: 310

وكتب (التلميذ) بتاريخ 27-11-1999، السادسة صباحاً:

أحسنتم أخي العزيز العاملي وبارك الله فيكم، وجعله في ميزان عملك إن شاء الله تعالي. تقبل تحياتي. أخوكم في العقيدة. التلميذ.

وكتب (الصارم المسلول)، السابعة صباحاً:

عجيب أمركم!

وأجاب (التلميذ)، الثامنة صباحاً:

ماهو العجيب من أمرنا يا مسلول؟ لماذا لا تتعجب من كلام من سميّتموه شيخ الإسلام وهو ينفي عن أمير المؤمنين عليه السلام العلم والدّين؟!

أليس علي صحابياً؟ لماذا لا توجه اللوم لهذا الشيخ الذي ينتقص علي؟

لماذا تتعجب من أمرنا؟ والله إن أمركم لأعجب يا مسلول؟

وكتب (مشارك) بتاريخ 28-11-1999، السادسة والنصف مساءً:

ذكرت التلميذ بكلامي فهو يدعي أنه لن يتحاور معي بعد الآن!!!!

سأذكر لك بعض من أورد هذا الحديث المرفوع في الضعاف والموضوعات ودعك من تلبيس العاملي الذي يحتج ببعض الآثار فكلامنا عن الحديث المرفوع للنبي صلي الله عليه وهو لا يثبت فتجد من ضعفه في المراجع التالية:

1) أسني المطالب (الحوت) جزء 1 ص 240

2) الأسرار المرفوعة (ملا علي القاري) ج1 ص 52

3) التمييز (ابن الديبع) ج1 ص 29

4) الشذرة (ابن طولون) ج1 ص 127

5) اللؤلؤ المرصوع (ابن القاوقجي) ج1 ص 56

6) المقاصد الحسنة (السخاوي) ج 1 ص 142

ص: 311

7) كشف الخفاء (العجلوني) ج1 ص 489

والآن هل لا زلت متذكراً لوعدك بعدم الحوار معي؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 28-11-1999، السابعة مساءً:

احتجاجنا علي ابن تيمية يامشارك بكلام عمر، وشهادته القاصعة لك ولابن تيمية بأن علياً عليه السلام أقضي الصحابة، فهو أفقههم وأعلمهم!!

وكلام عمر دائماً عندك مقبول يامشارك.. فلما صار مدحاً لعلي عليه السلام وشهادة بأنه أعلم الصحابة، صار (أثراً) لا قيمة له!! ونزل علي قلبك غمة!! وصرت مهتماً بتضعيف الحديث النبوي في ذلك؟!!

وتصف من احتج عليك بقول عمر أنه يستعمل التلبيس؟!!

إياك يامشارك أن تكون مبغضاً لعلي بن أبي طالب!! فأنت تعرف حكم الاسلام في مبغض علي ورأيه في حسبه ونسبه!! انتهي.

وكتب (صريح)، الثامنة والثلث مساءً:

علي بن أبي طالب رضي الله عنه الذي يحب أبا بكر وعمر وعثمان وبقية الصحابة ولا يكفرهم. هذا تكفره الإمامية وتلعنه ولا تحبه.

علي الشخصية الوهمية الموجودة في كثير من رواياتهم الذي يكفر الصحابة ولا يحبهم ويراهم مغتصبين للإمامة، وله قدرات خارقة ومعاجز كثيرة، كإحياء الموتي ومعرفة الغيب وغير ذلك. هذا الذي تعبده الإمامية وتتولاه وتتابعه! وهنا يتبين للمنصف أنهم يعبدون ويتابعون معدوماً لا حقيقة له لا هو ولا للأئمة من بعده، فكلهم لهم صورتان: صورة حقيقية وهي تخالف معتقدات الإمامية، وصورة وهمية نسجتها أيدٍ مفسدة مخرّبة، ويوم القيامة سيتبرأ علي وفاطمة وذريّته رضي الله عنهم من هؤلاء الإمامية. وعندها سيقول الأتباع المغرر بهم:

ص: 312

ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً. فليفهم من قدر له الفهم هذه الحقيقة، وليتدارك نفسه قبل حلول رمسه.

وكتب (عمار)، الثامنة والنصف مساءً:

الأخ صريح. لا تخرج عن الموضوع يرحمكم الله، واترك الأخوة يتناقشون. وكذلك زميلي وحبيبي الفاطمي حفظه الله ورعاه. والسلام عليكم.

وكتب (مشارك) بتاريخ 29-11-1999، الخامسة مساءً:

يا عاملي: نحن أولي بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه منكم، ونحن لا ننكر فضله وسابقته وهو من المبشرين بالجنة، ولا ينكر أحد علم علي بالقضاء، ولكن أنتم عبتم علي شيخ الاسلام تضعيفه لهذا الحديث المرفوع،، فبينا لكم أن هذا ما عليه علماءنا. لم يبق إلا الروافض ليتكلموا في النسب ونسوا أن نساءهم عندهم من المستأجرات. ولكن لعلكم لم تنسوا ليلة الطفية والمتعة الدورية وقرة العين، والملا صاحب المتعة (تأدب يا عاملي).

وكتب (التلميذ)، السابعة مساءً:

وما هو القول في نفي ابن تيمية الدين والعلم عن أمير المؤمنين عليه السلام؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 30-11-1999، العاشرة صباحاً:

أشكرك علي أنك توصيني بالأدب يامشارك، وأنا أكرر وصيتي أن تنتبه حتي لاتقع في هاوية بغض علي بن أبي طالب عليه السلام.

وقد صح عندكم وعندنا أن مبغضه منافق درجة أولي!! فهو إذن خارج عن الاسلام وفي الدرك الأسفل من النار!! كما ورد في مصادرنا ومصادركم الطعن

ص: 313

في نسب مبغض علي عليه السلام!!

فما قلته أنا ليس من عندي بل من عند نبيك صلي الله عليه وآله، فهو وحي يوحي، ويلبس صاحبه لبساً!! وما قلته أنت فهو من عندك وافترائك، ولايضر الشيعة ولا يضيرهم!

وسؤالي: هل ثبت عندك أن مبغض علي منافق خارج عن الاسلام أم لا؟ أرجو أن تجيبني؟. انتهي.

ولم يجب مشارك علي السؤال مع أنه عن قاعدة كلية، ولا أجابوا عن سؤال التلميذ حول نصب ابن تيمية!!

قال (العاملي): بعد مدة من هذا النقاش تتبعت حديث (أقضاكم علي) وما في معناه، فرأيته مسنداً الي النبي صلي الله عليه وآله في مصادر السنيين بثلاث طرق، ومؤيداً بأحاديث صحيحة عندهم، وأن بعضهم رفعه ونسبه بصيغة القطع!

فقد رواه ابن وكيع في أخبار القضاة: 1 / 88، بطريقين، قال:

أخبرني محمد بن عبدالله بن سليمان الحضرمي قال: حدثنا محمد بن يحيي بن فياض قال: حدثنا محمد بن الحارث، عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني، عن أبيه، عن ابن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله: (أقضي أمتي علي).

وقال أيضاً:

حدثنا السري بن عاصم أبو سهل قال: حدثنا بشر بن زاذان أبو أيوب قال: حدثنا عمر بن الصبح، عن بريد بن عبد الله، عن مكحول، عن شداد بن أوس قال: قال رسول الله (صلی الله علیه و آله): (أقضي أمتي علي).

ورواه ابن عساكر في تاريخه: 42 ص 241 ح 8753، بطريق ثالث، قال:

أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر، وأبو بكر محمد بن الحسين وأبو عبدالله

ص: 314

البارع، وأبو غالب عبد الله بن أحمد بن بركة ومحمد بن قريس قالوا: أنا أبو الغنائم بن المأمون، أنا أبو الحسن الحربي نا العباس بن علي بن العباس، أنا الفضل المعروف بالنسائي، نا محمد بن علي بن خلف العطار، نا أبو حذيفة عن عبدالرحمن بن قبيصة، عن أبيه، عن ابن عباس قال قال رسول الله (صلی الله علیه و آله):

(علي أقضي أمتي بكتاب الله) فمن أحبني فليحبه، فإن العبد لا ينال ولايتي إلا بحب علي.

وممن نسبه بصيغة القطع الي النبي صلي الله عليه وآله وأرسله إرسال المسلمات:

القرطبي في تفسيره، قال في: 15 / 162:

قال القاضي أبو بكر بن العربي: فأما علم القضاء فلعمر إلهك إنه لنوع من العلم مجرد، وفصل منه مؤكد، غير معرفة الأحكام والبصر بالحلال والحرام، ففي الحديث (أقضاكم علي وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل).

- وقال الغزالي في المستصفي ص 170:

وقال (صلی الله علیه و آله) في حق علي: اللهم أدر الحق مع علي حيث دار.

وقال صلي الله عليه وسلم: أقضاكم علي، وأفرضكم زيد، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل.

- وقال الآمدي في الاحكام: 4 / 237:

وقال عليه السلام: أقضاكم علي، وأفرضكم زيد، وأعرفكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل.

- وقال النقوي في خلاصة عبقات الأنوار: 4 / 299:

قال القاري: والمعضلات التي سأله كبار الصحابة ورجعوا إلي فتواه فيها فضائل كثيرة شهيرة. تحقق قوله عليه السلام: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقوله عليه السلام،

ص: 315

أقضاكم علي.

- وقال ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: 51 / 300:

ومنزلة أحمد من الفقهاء كمنزلة عمر في صلابته، لأنه لم يتكلم في القرآن إلا بحق.. ومنزلة الشافعي في العلماء كمنزلة علي في الصحابة، فإنه كان أعلمهم وأفضلهم وأقضاهم، وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم: أقضاكم علي.

- وقال ابن جبر في نهج الايمان ص 661:

وكان لداود سلسلة الحكومة، وقال النبي صلي الله عليه وآله: أقضاكم علي.

- وقال ابن الدمشقي في جواهر المطالب في مناقب علي: 1 / 76:

السابعة: أنه أقضي القضاة من الصحابة، لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم: أقضاكم علي. وقد بعثه النبي إلي اليمن وهو شاب فقال: والله يا رسول الله ما أدري القضاء. قال: فمسح بيده صدري وقال: اللهم اهد قلبه وسدد لسانه. قال: فوالله ما أشكلت علي قضية بعدها.

- وقال الشيخ كاظم آل نوح في طرق حديث الأئمة الإثنا عشر ص 76:

(80) فضل ابن روزبهان ذكره في الرد علي نهج الحق للعلامة الحلي متسالماً عليه بلا أي غمز في سنده، وقال في رد حجاج العلامة بأعلمية أمير المؤمنين بحديثي أقضاكم علي وأنا مدينة العلم، من طريق الترمذي:

وأما ما ذكره المصنف من علم أمير المؤمنين فلا شك، فإنه من علماء الامة والناس محتاجون إليه فيه، وكيف وهو وصي النبي (صلی الله علیه و آله) في إبلاغ العلم وودائع حقائق المعارف، فلا نزاع لأحد فيه. انتهي.. وغيرهم.. وغيرهم.

وقد أجاد العجلوني حيث اعتبر أن قول عمر في أصله مرفوع وهو نفس حديث النبي صلي الله عليه وآله.. قال في كشف الخفاء: 1 / 162:

ص: 316

489 - (أقضاكم علي) تقدم بمعناه في حديث أرحم أمتي، ورواه البغوي في شرح السنة والمصابيح عن أنس، ورواه البخاري وابن الإمام أحمد عن ابن عباس بلفظ قال، قال عمر بن الخطاب علي أقضانا وأبي أقرؤنا. والحاكم وصححه عن ابن مسعود بلفظ: كنا نتحدث أن أقضي أهل المدينة علي.

ورواه الملا في سيرته عن ابن عباس في حديث مرفوع أوله (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر). ورواه عبد الرزاق عن قتادة رفعه مرسلاً بلفظ (أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في أمر الله عمر وأصدقهم حياء عثمان وأقضاهم علي..) الحديث، وهو موصول في فوائد ابن أبي نجيح عن أبي سعيد الخدري.

وروي البغوي في المرفوع عن أنس أيضاً (أقضي أمتي علي).

وعزاه الطبري في الرياض النضرة للحاكم بسند واه عن معاذ بن جبل مرفوعاً في حديث أوله (يا علي، تخصم الناس بسبع)، وذكر منها (وأبصرهم بالقضية) لكن أوردها ابن الجوزي في الموضوعات (أي الحديث عن معاذ الذي فيه سبع خصال وليس حديث أقضاكم علي). ونحوه عند أبي نعيم عن أبي سعيد (يا علي لك سبع خصال لا يحاجك فيها أحد).

وأثبت منها كلها ما رواه الحاكم وابن ماجه والترمذي والبزار من طرق عن علي، أحسنها رواية البزار عنه بسند واه أنه صلي الله عليه وسلم لما بعثه إلي اليمن قاضيا قال (يا رسول الله بعثتني أقضي بينهم وأنا شاب لا أدري ما القضاء) فضرب رسول الله صلي الله عليه وسلم في صدره وقال اللهم اهده وثبت لسانه، قال: فوالذي فلق الحبة ما شككت في قضاء بين اثنين.

وقد رواه ابن حبان عن أبن عباس عنه، وهذه الطرق يقوي بعضها بعضاً.

نعم روي البخاري في التفسير وأبو نعيم عن ابن عباس قال قال عمر: (أقضانا

ص: 317

علي وأقرؤنا أبي) ونحوه عن أبي وآخرين، وللحاكم عن ابن مسعود قال: (كنا نتحدث أن أقضي أهل المدينة علي)، وقال صحيح، ومثل هذه الصيغة حكمها الرفع علي الصحيح. انتهي.

انكار ابن تيمية لحديث: علي مع الحق

وكتب (فرات) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 29-12-1999، العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (ابن تيمية وحديث علي مع الحق والحق مع علي!!!)، قال فيه:

إن حديث (علي مع الحق والحق مع علي) من الأحاديث القطعية الثابتة عن رسول الله صلي الله عليه وآله، رواه أكثر من عشرين صحابي (كذا)، ورواه أكثر من مائة حافظ ومحدث وعالم.

أخرج الحاكم النيسابوري أن الرسول صلي الله عليه وآله قال: رحم الله علياً، اللهم أدر الحق معه حيث دار. هذا حديث صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجاه). المستدرك: 3 / 124. وكذلك الترمذي في صحيحه: 5 / 592 وأخرج (لما سار علي الي البصرة دخل علي أم سلمة زوج النبي يودعها فقالت: سر في حفظ الله وفي كنفه، والله أنك لعلي الحق والحق معك، ولولا أني أكره أن أعص الله ورسوله فإنه أمرنا أن نقر في بيوتنا لسرت معك، ولكن والله لأرسلت معك من هو أفضل عندي وأعز علي من نفسي، إبني عمر.

قال الحاكم بعد أحاديث هذا ثالثها: هذه الأحاديث كلها صحيحة علي شرط الشيخين ولم يخرجاها!!. ووافقه الذهبي المستدرك:3 /119.

ص: 318

والعجيب غن بعض من يدي العلم، واتخذته طائفة من المسلمين شيخاً لها، يقول: إنهم رووا جميعاً، أن رسول الله قال: علي مع الحق والحق مع علي يدور معه، من أعظم الكلام كذباً وجهلاً، فإن الحديث لم يروه أحد عن النبي لا بإسناد صحيح ولا ضعيف) منهاج السنة.

فهل بعد هذا إلا إبطال لسنة رسول الله الصحيحة.

ابن تيمية يكذب بغضا لعلي

وكتب (مالك الأشتر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14-2-2000، التاسعة والنصف صباحاً موضوعاً بعنوان (ابن تيمية يكذب! بغضاً لعلي عليه السلام -2-)، قال فيه:

قال ابن تيمية في كتابه منهاج السنة ص 167، 168: حديث أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (علي مع الحق والحق معه يدور حيث دار ولن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض) من أعظم الكلام كذباً وجهلاً فإن هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي صلي الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف وهل يكون أكذب ممن يروي عن الصحابة والعلماء أنهم رووا حديثاً والحديث لا يعرف عن أحد منهم أصلاً؟ بل هذا من أظهر الكذب ولو قيل:رواه بعضهم وكان يمكن صحته لكان ممكناً، وهو كذب قطعاً علي النبي صلي الله عليه وسلم فإنه كلام ينزه عنه رسول الله. انتهي.

فنقول: اما الحديث فأخرجه جمع من الحفاظ والأعلام منهم الخطيب في التاريخ (14/321) من طريق يوسف بن محمد المؤدب قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن سليمان السراج، حدثنا عبد السلام بن صالح، حدثنا علي بن هاشم بن

ص: 319

البريد عن ابيه عن ابي سعيد التميمي، عن أبي ثابت مولي أبي ذر، قال دخلت علي أم سلمة فرأيتها تبكي وتذكر علياً وقالت: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض يوم القيامة) هذه أم المؤمنين أم سلمة سيدة صحابية! وقد نفي الرجل أن يكون أحد الصحابة قد رواه!! كما نفي ان يكون أحد من العلماء يرويه إلا أن يقول: إن الخطيب - وهو هو - ليس من العلماء! او لم يعتبر أم المؤمنين صحابية!! وهذا اقرب الي مبدأ ابن تيمية لأنها علوية النزعة علوية الروح علوية المذهب.

وحديث أم سلمة سمعه سعد بن أبي وقاص في دارها قال:سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول علي مع الحق، أو الحق مع علي حيث كان). قاله في بيت أم سلمة فأرسل أحد الي بيت أم سلمة فسألها فقالت: قد قاله رسول الله في بيتي. فقال الرجل لسعد: ما كنت عندي قط ألوم منك الآن.فقال:و لِم َ؟ قال: لو سمعت من النبي صلي الله عليه وسلم لم أزل خادماً لعلي حتي أموت. أخرجه الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (7/236) وقال: رواه البزار وفيه سعد بن شعيب ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح.

قال العلامة الأميني رحمه الله: الرجل الذي لم يعرفه الهيثمي هو سعيد بن شعيب الحضرمي قد خفي عليه لمكان التصحيف.ترجمه غير واحد بما قال شمس الدين ابراهيم الجوزجاني: إنه كان شيخاً صالحاً صدوقاً كما في خلاصة الكمال (خلاصة الخزرجي: 1/382 رقم 02479) وتهذيب التهذيب: 4/42.

وكيف يحكم الرجل بأن الحديث لم يروه أحد من الصحابة والعلماء أصلاً؟

وهذا الحافظ بن مردويه في المناقب والسمعاني في فضائل الصحابة، أخرجا بالاسناد عن محمد بن أبي بكر عن عائشة...

ص: 320

وروي ابن قتيبة في الامامة والسياسة:1/73 عن محمد بن أبي بكر: أنه دخل علي أخته عائشة...

وروي الزمخشري في ربيع الأبرار: 1/828 قال: استأذن أبو ثابت مولي علي علي أم سلمة رضي الله عنها فقالت: مرحباً بك يا أبا ثابت، أين طار قلبك حين طارت القلوب مطائرها؟ قال: تبع علي بن أبي طالب.قالت: وفّقت والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول (علي مع الحق والقرآن، والحق والقرآن مع علي ولن يفترقا حتي يردا عليّ الحوض).

وبهذا الفظ أخرجه أخطب الخطباء الخوارزمي في المناقب ص176ح214من طريق الحافظ بن مردويه وكذا شيخ الاسلام الحموئي في فرائد السمطين: 1/177 ح140، في الباب (37) من طريق الحافظين أبي بكر البيهقي والحاكم أبي عبد الله النيسابوري.

وأخرج ابن مردويه في المناقب عن أبي ذر أنه سئل عن اختلاف الناس فقال: عليك بكتاب الله والشيخ علي بن ابي طالب، فإني سمعت النبي صلي الله عليه وآله يقول (علي مع الحق والحق معه وعلي لسانه والحق يدور حيثما دار علي)... وصح عنه صلي الله عليه وآله قوله: رحم الله علياً، اللهم أدر الحق معه حيث دار. مستدرك الحاكم3/135 ح 4629. جامع الترمذي 5/592ح3714، جامع الأصول 9 / 420 ح 6372 كنز العمال11/642ح33124

وقال الرازي في التفسير الكبير 1/205: (وأما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كان يجهر بالتسمية فقد ثبت بالتواتر. ومن اقتدي في دينه بعلي بن أبي طالب فقد اهتدي والدليل عليه قوله عليه السلام (اللهم أدر الحق مع علي حيث دار)... الي آخر بحث الأشتر الذي اضطررنا لاختصاره.

ص: 321

تناقض أقوال ابن تيمية في علي

وكتب (العاملي) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 29-8-1999، الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان (بغض ابن تيمية لأمير المؤمنين علي عليه السلام!!)، قال فيه: بحث من كتاب (دراسات في منهاج السنة لابن تيمية) للعلامة الباحث السيد علي الميلاني: ابن تيمية وإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب:

نستعرض في هذا الباب ما جاء في (منهاج) ابن تيمية حول أمير المؤمنين وأهل البيت عليهم آلاف الصلاة والتحية، لنعرف مدي صحة ما ذكروه من نسبة ابن تيمية إلي النصب والنفاق والعداء لهم!

قال الحافظ ابن حجر بترجمته - الدرر الكامنة 1/155: (وافترق الناس فيه شيعاً، فمنهم من نسبه إلي التجسيم... ومنهم من ينسبه إلي الزندقة... ومنهم من ينسبه الي النفاق، لقوله في علي ما تقدم [يعني ما نقله سابقاً أنه قال في حق علي: أخطأ في سبعة عشر شيئاً، ثم خالف فيها نص الكتاب، منها: إعتداد المتوفي عنها زوجها أطول الأجلين] ولقوله: إنه كان مخذولاً حيث ما توجه، وإنه حاول الخلافة مراراً فلم ينلها، وإنما قاتل للرياسة لا للديانة، ولقوله: إنه كان يحب الرياسة وإن عثمان كان يحب المال، ولقوله: أبو بكر أسلم شيخاً يدري ما يقول وعلي أسلم صبياً والصبي لا يصح إسلامه علي قول، وبكلامه في قصة خطبة بنت أبي جهل ومات وما نسيها من الثناء (هنا بياض في المطبوع) وقصة أبي العاص بن الربيع وما يؤخذ من مفهومها، فإنه شنع في ذلك، فألزموه بالنفاق لقوله صلي الله عليه وسلم: ولا يبغضك إلا منافق).

ص: 322

ومن درس كتاب (منهاج السنة) وجده يطعن ويقدح في جميع شئون أمير المؤمنين عليه السلام، وينكر فضائله ومناقبه كلها، من إسلامه، ومن صفاته النفسانية كالعلم والعدالة والشجاعة والزهد، ومن فضائله ومناقبه الواردة في الصحاح والسنن وغيرها من كتب أهل السنة، وحتي في إمامته وخلافته بعد عثمان!! بل يكذب عليه، ويطعن فيه، وينال منه...!!

ولكن في كلماته تناقضات لا تحصي... وهذه جملة من كلماته نذكرها في فصول تحتها عناوين:

1 - حول إسلامه وجهاده إسلامه وصلاته قبل الناس:

إن علياً عليه السلام أول من أسلم، بالأدلة الثابتة عند الفريقين، وهذا مما اعترف به كبار الأئمة المتقدمين علي ابن تيمية والمتأخرين عنه (منهاج السنة 8/389)، وهذه فضيلة لم يشركه فيها أحد. ويريد ابن تيمية إنكار هذه الفضيلة، لكنه يضطرب!! فنحن نورد كلماته في المسألة وعليك أن تقارن بينها:

يقول: قول علي: صليت ستة أشهر قبل الناس، فهذا مما يعلم بطلانه بالضرورة، فإن بين إسلامه وإسلام زيد وأبي بكر وخديجة يوما أو نحوه، فكيف يصلي قبل الناس بستة أشهر. منهاج السنة 5/19.

فهنا يعترف بإسلامه قبل أبي بكر، ولا ينقل قولا علي الخلاف.

وفي موضع آخر يشكك في ذلك ويقول: (وتنازعوا في أول من نطق بالأسلام بعد خديجة، فإن كان أبو بكر أسلم قبل علي، فقد ثبت أنه أسبق صحبة كما كان أسبق إيمانا.وإن كان علي أسلم قبله فلا ريب أن صحبة أبا بكر للنبي كانت أكمل وأنفع من صحبة علي ونحوه).

فيردد الأمر مع التصريح بدعوي كون إسلامه بعد خديجة، ثم يفضل إسلام

ص: 323

أبي بكر علي كل تقدير.

وفي موضع ثالث ينسب القول بتقدم إسلام أبي بكر إلي أكثر الناس، فيقول: قول القائل: علي أول من صلي مع النبي، ممنوع، بل أكثر الناس علي خلاف ذلك، وأن أبا بكر صلي قبله (منهاج السنة: 7/273).

فلاحظ كيف يضطرب!

ومما يبين شدة اضطرابه وقوة نصبه وعدائه: تشكيكه في أصل قبول إسلام الامام عليه السلام، إنه يقول: قوله: وهذه الفضيلة لم تثبت لغيره من الصحابة ممنوع، فإن الناس متنازعون في أول من أسلم، فقيل: أبو بكر أول من أسلم، فهو أسبق إسلاماً من علي، وقيل: إن علياً أسلم قبله، لكن علي كان صغيراً وإسلام الصبي فيه نزاع بين العلماء، ولا نزاع في أن إسلام أبي بكر أكمل وأنفع، فيكون هو أكمل سبقا بالأتفاق، وأسبق علي الإطلاق علي القول الاخر. فكيف يقال: علي أسبق منه بلا حجة تدل علي ذلك (منهاج السنة: 7/155).

ولا يكتفي ابن تيمية بهذا القدر، بل يحاول إثبات كفر علي عليه السلام قبل إسلامه، والتشكيك في إسلامه وهو غير بالغ، انظر إلي كلامه: (قبل أن يبعث الله محمداً لم يكن أحد مؤمناً من قريش، لا رجل ولا صبي ولا امرأة، ولا الثلاثة ولا علي! وإذا قيل عن الرجال: إنهم كانوا يعبدون الأصنام فالصبيان كذلك، علي وغيره!! وإن قيل: كفر الصبي ليس مثل كفر البالغ. قيل: ولا إيمان الصبي مثل ايمان البالغ. فأولئك يثبت لهم حكم الإيمان والكفر وهم بالغون وعلي يثبت له حكم الكفر والإيمان وهو دون البلوغ. والصبي المولود بين أبوين كافرين يجري عليه حكم الكفر في الدنيا باتفاق المسلمين، وإذا أسلم قبل البلوغ فهل يجري عليه حكم الإسلام قبل البلوغ؟ علي قولين للعلماء. بخلاف

ص: 324

البالغ فإنه يصير مسلماً باتفاق المسلمين. فكان إسلام الثلاثة مخرجاً لهم من الكفر باتفاق المسلمين. وأما إسلام علي فهل يكون مخرجاً له من الكفر؟ علي قولين مشهورين، ومذهب الشافعي أن إسلام الصبي غير مخرج له من الكفر.(منهاج السنة: 8/285).

الرافضة تعجز عن إثبات إيمان علي!!:

قال ابن تيمية: (إن الرافضة تعجز عن إثبات إيمان وعدالته، فإن احتجوا بما تواتر من إسلامه وهجرته وجهاده، فقد تواتر إسلام معاوية ويزيد وخلفاء بني أمية وبني العباس وصلاتهم وصيامهم وجهادهم الكفار. (منهاج السنة: 2/62).

أقول: وهل كان إيمان أمير المؤمنين وعدالته بحاجة إلي إثبات؟ وكيف يقاس إيمانه بإيمان غيره مطلقاً، فضلاً عن معاوية وغيره ممن ذكر؟ أما معاوية فقد حارب أمير المؤمنين، وقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله: (حرب علي حربي وسلمه سلمي وطاعته طاعتي ومن فارقه فارقني).

(مسند أحمد: 3/442، المستدرك: 3/124، الصواعق: 114 وغيرها).

ولا ريب في أنه كان مبغضاً لأمير المؤمنين، الذي قاله رسول الله (بغضه نفاق) في حديث صحيح متفق عليه بين الجميع، ومن رواته من الجمهور: مسلم في صحيحه، وأحمد في مسنده، والترمذي في صحيحه، والنسائي في خصائصه، وأو نعيم في حليته، وغيرهم.

وإذا كان هذا حال معاوية فما ظن بحال يزيد وغيره!! فهل عرفت لماذا نسبه بنو قومه إلي النفاق؟! بين علي وبين الكفار والمنافقين يقول ابن تيمية: (لم يعرف أنه كان يبغضه الكفار والمنافقون. منهاج السنة: 7/461).

وفي موضع آخر يقول: (لم يكن لعلي إلي أحد منهم إساءة، لا في الجاهلية

ص: 325

ولا في الأسلام، ولا قتل أحدا من أقاربهم، فإن الذين قتلهم علي لم يكونوا من أكبر القبائل، وما من أحد من الصحابة إلا وقد قتل أيضاً. وكان عمر - رضي الله عنه - أشد علي الكفار وأكثر عداوة لهم من علي، فكلامهم فيه وعداوتهم له معروفة. منهاج السنة: 4/361).

إذن! لم يكن لعلي إلي أحد منهم إساءة، والذين قتلهم لم يكونوا من (أكبر القبائل)!! فأنصف ولم يقل: كانوا (من الموالي)!! أما عمر فكان (أشد علي الكفار وأكثر عداوة لهم) بأي شئ؟ ومتي؟ لا يصرح بالقتل والقتال، لأنه يعلم بواقع الحال!!

لكنه في موضع آخر لا يستحي فيقول: (وقوله: إن علياً قتل بسيفه الكفار. فلا ريب أنه لم يقتل إلا بعض الكفار، وكذلك سائر المشهورين بالقتال من الصحابة، كعمر والزبير وحمزة والمقداد وأبي طلحة والبراء بن مالك وغيرهم رضي الله عنهم، ما منهم من أحد إلا قتل بسيفه طائفة من الكفار).

وهل قتل عمر بسيفه طائفة من الكفار؟!

فهو يضطر إلي أن يقول: (والقتال يكون بالدعاء كما يكون باليد! (منهاج السنة 4/480 - 484). إذن! قتل عمر طائفة من الكفار بالدعاء!! وقد كرر هذا الكلام في موضع آخر، إذ قال: (وهؤلاء لم يقتل علي أحدا منهم ولا أحدا من الأنصار، وقد كان عمر رضي الله عنه أشد عداوة منذ أسلم للمشركين من علي، فكانوا يبغضونه أعظم من بغضهم لسائر الصحابة، وكان الناس ينفرون عن عمر لغلظته وشدته أعظم من نفورهم عن علي. منهاج السنة 6/321.

لكنه علي كل حال لم يدع (قتالاً) لأبي بكر، لا (بسيفه) ولا (بالدعاء)! بل لما أراد ذكره بدل التعبير من القتال إلي (الجهاد) فكان جهاد أبي بكر وغيرهم

ص: 326

أعظم من جهاد علي! يقول: (وأما علي رضي الله عنه فلا ريب أنه ممن يحب الله ويحبه الله، لكن ليس بأحق بهذه الصفة من أبي بكر وعمر وعثمان، ولا كان جهاده للكفار والمرتدين أعظم من جهاد هؤلاء، ولا حصل به من المصلحة للدين أعظم مما حصل بهؤلاء. منهاج السنة 7 / 218.

جهاده الكفار بسيفه وكونه أشجع الناس بعد النبي:

يقول العلامة الحلي: (إنه كان أشجع الناس، وبسيفه ثبتت قواعد الإسلام، وتشيدت أركان الأيمان، ما انهزم في موطن قط...).

فاستمع إلي جواب ابن تيمية: (أما قوله: إنه كان أشجع الناس، فهذا كذب، بل كان أشجع الناس رسول الله... منهاج: 8/76.

بالله عليك! فهل كان العلامة يدعي كون أمير المؤمنين أشجع من النبي، صلي الله عليهما وآلهما وسلم؟ إن هذا الجواب أليق بالحمقي منه بأهل العلم! إلا أن السر في هذه المغالطة هو عدم تمكنه من دعوي أشجعية أبي بكر وعمر... لكنه كما جعل (القتل) يكون (بالدعاء) كذلك جعل (الشجاعة) تكون (بالقعود) عن الحرب والقتال... قال: (وإذا كانت الشجاعة المطلوبة من الأئمة شجاعة القلب، فلا ريب أن أبا بكر كان أشجع من عمر، وعمر أشجع من عثمان وعلي وطلحة والزبير... وكان يوم بدر مع النبي في العريش..منهاج السنة 8/79.

إذن: كان أبو بكر وغيره فاقدين للشجاعة البدنية، لكن الشجاعة المطلوبة من الأئمة هي (شجاعة القلب) ولا ريب في أن أبا بكر وعمر كانا أشجع من علي.

ألا سائل يسأله بعد التنزل عن كل ما هنالك: هل الشجاعة البدنية تكون بلا

ص: 327

شجاعة القلب؟! وإذا كانوا واجدين لشجاعة القلب وثباته فلماذا انهزموا وفروا؟

يقول: (وأما قوله: ما انهزم قط. فهو في ذلك كأبي بكر وعمر وطلحة والزبير وغيرهم من الصحابة، فالقول في أنه ما انهزم كالقول في أن هؤلاء ما انهزموا قط، ولم يعرف لأحد من هؤلاء هزيمة. والمسلمون كانت لهم هزيمتان: يوم أحد ويوم حنين. ولم ينقل أن أحدا من هؤلاء انهزم، بل المذكور في السير والمغازي أن أبا بكر وعمر ثبتا مع النبي صلي الله عليه وسلم يوم أحد ويوم حنين، ولم ينهزما مع من انهزم. ومن نقل أنهما انهزما يوم حنين فكذبه معلوم. وإنما الذي انهزم يوم أحد عثمان، وقد عفا الله عنه، وما نقل من انهزام أبي بكر وعمر بالراية يوم حنين فمن الأكاذيب المختلقة التي افتراها المفترون. منهاج السنة: 8/91.

ثم إذا طالبته بأحسن مورد ظهرت فيه شجاعة أبي بكر، ذكر في الجواب مافي الصحيحين! عن عروة بن الزبير! عن عبد الله بن عمرو بن العاص!...

يقول ابن تيمية: (ومن شجاعة الصديق مافي الصحيحين، عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو، عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلي الله عليه وسلم قال: رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً، فجاء أبو بكر فدفعه عنه... فهذه شجاعة أبي بكر عند أشد ما صنع المشركون برسول الله!!

تكميل: من الأمور الثابتة بالضرورة فرار أبي بكر وعمر يوم أحد ويوم خيبر، أما في احد فروي الخبر: أبو داود الطيالسي، وابن سعد، والبزار، والطبراني، وابن حبان، والدارقطني، وأبو نعيم، وابن عساكر، والضياء المقدسي، وغيرهم من الأئمة الأعلام. (كنز العمال: 10/424 رقم 30025).

ص: 328

وأما في خيبر فرواه: أحمد، وابن أبي شيبة، وابن ماجة، والبزار، والطبري، والطبراني، والحاكم، والبيهقي، والضياء، والهيثمي، وجماعة غيرهم فراجع كنز العمال: 10/461 عدة أحاديث.

وأما في حنين، فالذي صبر مع النبي صلي الله عليه وآله، وعد من خصائصه كما في الحديث الصحيح عن ابن عباس: هو علي عليه السلام. المستدرك: 3/111. وأما في الخندق فقد عرف الناس حال القوم، وقعودهم عن البراز إلي ابن عبد ود، بما لا يحتاج إلي ذكر!! وعلي هذه فقس ما سواها!

ومع كل ما جاء في مواقفه في الغزوات.. كذب وأنكر ابن تيمية كل ما ذكره العلامة من مواقف ومشاهد أمير المؤمنين عليه السلام في حروب رسول الله وغزواته صلي الله عليه وآله، فراجع كلماته في (غززة بدر) و(أحد) و(الأحزاب) و(خيبر) و(حنين) وغيرها. منهاج السنة: 8/94 - 127). كما أنه أنكر فرار المشايخ في غير واحد من المشاهد!!

والعجيب أنه في جميع إنكاراته ينسب الانكار إلي (أهل العلم بالمغازي والسير)! ولا ندري ما إذا كان يقصد من (أهل العلم) نفسه وبعض من حوله فقط!!

والأعجب من ذلك مطالبته بالنقل المعتبر لما يقوله العلامة قائلاً (بين لنا سند هذا)! و (لابد من بيان إسناد كل ما يحتج به من المنقول أوعزوه إلي كتاب تقوم به الحجة وإلا فمن أين يعلم أن هذا وقع)!

قلت: قد ذكرنا في (الشرح) الأسانيد في كل مورد، كما ذكرنا بعض من روي فرار القوم في (احد) و(خيبر) وغيرهما من الغزوات، من أعلام الأئمة الثقات... وفيهم من يعتمد عليه ابن تيمية ويحسبه من كبار الأئمة الحفاظ لسنة

ص: 329

رسول الله صلي الله عليه وآله، كأحمد بن حنبل والدار قطني وأمثالهما...

لكنه مع ذلك يقول في جواب قول العلامة (وفي غزاة أحد لما انهزم الناس كلهم) يقول: (قد ذكر في هذه من الأحاديث العظام التي لا تنفق إلا علي من لم يعرف الأسلام، وكأنه يخاطب بهذه الخرافات من لا يعرف ما جري في الغزوات)!

إنه يذكرك بما اتفق علي روايته المسلمون من قوله صلي الله عليه وآله:

(إذا لم تستح فاصنع ما شئت)!!!

فكتب (ياسين داود) بتاريخ 29-8-1999، الخامسة مساءً:

أشكرك أيها الأستاذ العاملي. إنه نعم الرد علي من يبغض أمير المؤ منين عليه السلام:

http://www.sahab.net/sahab_html/Forum1/HTML/001969.html

وكتب (الكاتب) بتاريخ 29-8-1999، السادسة مساءً:

أسأل الله أن يهديهم لقراءة هذا الإستعراض بعبرة.

و (إنك لا تهدي من أحببت).

وكتب (بوعبدالرحمن) بتاريخ 30-8-1999، التاسعة مساءً:

إنك تتكلم كثيراً، وتكتب كثيراً، وتحشو كثيراً، وتسب الصحابة كثيراً، وتقول قال ابن تيمية في نصف سطر، (وأقول) في عشرين سطر، فمن أنت حتي تفهم النصوص بهذا الفهم البديع.

إياك وسب الصحابة رضوان الله عليهم، فإن سبهم نفاق وكفر. إياك والافتراء علي ابن تيمية، وليس عندي مزيد قول سوي: (اتقوا الله).

فكتب (العاملي) بتاريخ 30-8-1999، العاشرة ليلاً:

ص: 330

يا أخ أبا عبد الرحمن.. لا يناسبك أن تتهم وتشتم الناس، فالمسألة جدية وعلمية.. فإن كان عندك علمٌ فردَّ علي حديث واحد من الأحاديث التي كذبها ابن تيمية في علي عليه السلام، وهي صحيحة عند علماء الحديث!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 30-8-1999، العاشرة والربع ليلاً موضوعاً بعنوان (القسم الثالث من موضوع: بغض ابن تيمية لأمير المؤمنين علي عليه السلام):

حديث يوم الدار كذب!!

قال العلامة: (المنهج الثالث، في الأدلة المستندة إلي السنة المنقولة عن النبي صلي الله عليه وآله، وهي اثنا عشر، الأول: ما نقله الناس كافة: إنه لما نزل قوله تعالي: (وأنذر عشيرتك الأقربين) جمع رسول الله صلي الله عليه وآله بني عبد المطلب في دار أبي طالب...).

قال ابن تيمية: (هذا الحديث كذب عند أهل المعرفة بالحديث، فما من عالم يعرف الحديث إلا وهو يعلم أنه كذب موضوع، ولهذا لم يروه أحد منهم في الكتب التي يرجع إليها في المنقولات، لأن أدني من له معرفة بالحديث يعلم أن هذا كذب... منهاج السنة: 7/302.

أقول: تري كيف يقول ابن تيمية هذا، وقد أخرجه إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل في المسند بسند صحيح؟!! … الي آخر الموضوع من بحث السيد الميلاني (دراسات في منهاج السنة) ولا يتسع المجال، لايراده.

ص: 331

انكار ابن تيمية حديث علي مني و أنا منه

وكتب (فرات) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 28-12-1999، العاشرة والنصف، موضوعاً بعنوان (ابن تيمية وحديث: إن علياً مني وأنا منه، وهو ولي كل مؤمن بعدي)، قال فيه:

هذا الحديث نقله الكثير من أصحاب السنن كالإمام أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم بأسانيد صحيحة. وهو يدل دلالة واضحة علي تقدم أمير المؤمنين عليه السلام علي غيره فضلاً ومكانة من رسول الله صلي الله عليه وآله، خصوصا بالنظر الي قوله صلي الله عليه وآله: إن علياً مني وأنا منه، فنفس علي عليه السلام وذاته من نفس وذات الرسول صلي الله عليه وآله فهو وارثه فضلاً وعلماً وعملاً، ومن حضي بتلك الكرامات غير علي عليه السلام؟!! ولأجل أن يستمر الإسلام علي نهج رسول الله صلي الله عليه وآله بعد وفاته فهو يري ان نهجه لايستمر إلا بعلي فيقول قوله وأمام الملأ: (وهو ولي كل مؤمن بعدي). ولكن هذا لايروق لمزاج بعضهم!!

ولما كانت قدسية الرجال عندهم أعظم من قدسية النص، رغم ثبوته عندهم وصحته، أطلقوا ألسنتهم بالتكذيب والتأويل!! فقال بعضهم إسناد صحيح مع نكاره في متنه، لشذوذ كلمة (بعدي)!!

ثم جاء شيخ الإسلام ليقول: فإن هذا موضوع باتفاق أهل المعرفة بالحديث!!

فلو كان في غير علي عليه السلام فهل كان فيه نكارة..؟!!!!

ص: 332

الفصل العاشر: من إشكالات النواصب علي أميرالمؤمنين

اشاره

عناوين مواضيع الفصل:

زعمهم أن أمير المؤمنين عصي النبي صلي الله عليه وآله!

زعمهم أن أمير المؤمنين صرح بأنه ليس له حق في الخلافة!

زعمهم أن أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلح للخلافة!

زعمهم أن أمير المؤمنين أغضب فاطمه عليها السلام!

زعمهم أن أمير المؤمنين عليه السلام أقر بخلافة أبي بكر وعمر.

زعمهم أن أمير المؤمنين أقر سيرة أبي بكر وعمر.

زعمهم أن علياً عليه السلام فضل أبا بكر علي نفسه!

زعمهم أن أمير المؤمنين عليه السلام مدح أبا بكر وعمر

لماذا سمي الائمة بعض أولادهم بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان؟

هل زوج أمير المؤمنين عليه السلام ابنته أم كلثوم لعمر؟

زعمهم أن علياً عليه السلام مدح عمر عند موته!

ص: 333

ص: 334

زعمهم أن أميرالمؤمنين عصي النبي صلي الله عليه وآله

كتب (مشارك) في شبكة هجر، بتاريخ 26-9-1999، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (علي رضي الله عنه لم ينفذ أمر النبي صلي الله عليه وسلم له!)، قال فيه:

إلي أتباع ابن سبأ فقط.. علي رضي الله عنه في الجنة وهو من الخلفاء الراشدين، ومن آل البيت الذين نحبهم ونتولاهم كما نحب أبا بكر وعمر. ولكنكم اعتدتم أن تأتوا بأشياء ثابتة وأخري كاذبة وتفسرونها علي ما لا تحتمل. روي البخاري في صلح الحديبية: أن النبي صلي الله عليه وسلم قال لعلي في شأن كتابة محمد رسول الله: امحه، فقال علي: ما أنا بالذي أمحاه. فمحاه رسول الله بيده.

وهذا ليس فيه مطعن علي علي رضي الله عنه لمن تأمله، ولكن لو كان عمر رضي الله عنه هو الذي قال ذلك لشرقتم وغربتم يا سبئية!

فكتب (أبو زهراء القطيفي)، الخامسة مساءً:

نعم ليس هناك مطعن علي فعل علي عليه السلام، لأنه رفض أن يمسح الرسالة عن الرسول، (ولم يمنعه) من كتابة الكتاب الذي يدعو الي العصمة وعدم الضلال.

وكتب (شعاع)، الخامسة والربع مساءً:

ص: 335

معصية الرسول من كبائر الذنوب. ومن عصي رسول الله فقد عصي الله (ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً بعيداً) (ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً).

هذا مايريدنا الرافضة أن نقول في علي رضي الله عنه، ولكن هذا الحكم يتم تطبيقه علي أبو بكر (كذا) وعمر فقط... فياليتكم حين تدعون أن عمر يعص الله... تطبقون ذلك علي الجميع..؟؟؟

وكتب (مشارك)، الخامسة والثلث مساءً:

هؤلاء السبئية لا عقل، ولا نقل.

فكتب (جميل50)، الخامسة والنصف مساءً:

إلي أتباع السامري وعجله فقط. فكل مرة لاتحسن أن تنقل الخبر جيداً يا مشارك. واخترت رواية البخاري أقل المحدثين (حباً) لأهل البيت.كيف وهناك من الدراسات حوله ما كشفت عن طريقته ومنهجه اللامتوازن مع أهل البيت عليهم السلام، هذا إذا كان نقلك صحيح (كذا)!! وكيف كان، فالذي رواه ابن الأثير أن سهيل ابن عمرو لما بعثته قريش للصلح وتم الإتفاق مع النبي صلي الله عليه وآله وأرادا أن يكتباه أمر النبي علياًّ فقال: أكتب: بسم الله الرحمن الرحيم فاعترض سهيل وقال: لانعرف هذا... ولكن أكتب باسمك اللهم.

فلما قال النبي صلي الله عليه وآله: أكتب: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلي الله عليه وآله سهيل بن عمرو. فقال سهيل: لو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك. ولكن أكتب اسمك واسم أبيك، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله لعلي: أمحُ رسول الله، فقال علي: لا أمحوك أبداً، فأخذه رسول الله صلي الله عليه وآله وليس يحسن أن يكتب، فكتب موضع رسول الله: محمد بن عبد الله.. وقال لعلي: لتبلين بمثلها!!!

ص: 336

فإذا أردت أن تستدل بهذه الحادثة فانظر إلي أمور ثلاثة:

الأول: أن علي عليه السلام ورغم صعوبة الموقف التي دعت بعض الصحابة إلي أن يشكك في النبي صلي الله عليه وآله ذلك اليوم، وأخذ يردد القول علي النبي: علام نعطي الدنية في ديننا..علام نعطي الدنية في ديننا..علام نعطي الدنية في ديننا.. حتي نهاه أبو عبيدة الجراح؟!!! فإن علي لايزال متمسكاً بالرسالة للنبي صلي الله عليه وآله (ويأبي أن يمحوها) علي مستوي الحبر علي الورق، فضلاً من أن يحدث كلاماً؟!!

الثاني أن النبي صلي الله عليه وآله لم يبدو (كذا) عليه شئ من الوجد والغضب ولا حتي بكلمة فاردة، بل أخذ الكتاب بنفسه ثم عاد إلي علي ولم ينتدب غيره … أتلاحظ؟!!!.

الثالث: أن النبي صلي الله عليه وآله أخبر عن أمرٍ مُغيَّب (وهذا من خصائصه) بأنّ: علي سيبتلي بمثلها. أي يوم الحكمين في حرب صفين!!!

وكتب (مالك الأشتر)، السادسة إلا ربعاً مساءً:

إن علياًّ عليه السلام أراد أن يبين أن كلمة (رسول الله) صلي الله عليه وآله كلمة مقدسة، فكيف برسول الله نفسه صلي الله عليه وآله. ولذلك قال له الرسول صلي الله عليه وآله: إن لك مثلها يا علي. فأراد النبي صلي الله عليه وآله أن يبين أن كلمة (أمير المؤمنين) هي كلمة مقدسة ومقام مقدس وليس ادعاء.

فكما أن كلمة (رسول الله) لا يمكن أن تقال لأحد سوي الرسول المبعوث من الله، كذلك كلمة (أمير المؤمنين) كلمة لا يمكن أن تقال لأحد سوي من سماه الله ورسوله، لأنها منصب إلهي.

أما تقرأوا (كذا) قول عمر لعلي عليه السلام: بخٍ بخٍ لك يابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولاي ومولي كل مؤمن ومؤمنة. بعدما قال الرسول صلي الله عليه وآله في غدير خم

ص: 337

بعد خطبته العصماء: من كنت مولاه فهذا علي مولاه … قال: سلموا علي علي بإمرة المؤمنين. ولكنكم أبيتم إلا عناداً!!

وكتب (الصارم المسلول) السادسة مساءً:

صدقت يا مشارك.. لو كان عمر الذي فعلها لجعلوها أكبر الكبائر والمطاعن عليه.

وكتب (جميل50)، السادسة والربع مساءً:

إلي المسلول... لا داعي للتهريج.

أما أولاً: فجئنا لعمر بمثلها إن استطعت، وستري أننا لانؤولها حيث لم نكن مؤولة؟!! وليكن في محفوظك أن الشيعة لاتنكر المواقف الحسنة للصحابة وهي تعرف بعض المواقف المثلجة للصدور مما صدر من الصحابة.. فليست قضيتنا أنّ فلان يرعي حكم الله مطلقاً أولا يرعاه مطلقاً. ولكنك تعلم أن للعمل ميزان (كذا) ولا يكفي مجرد تحقيقه خارجاً، فالأشد من العمل الإبقاء علي العمل. وأن (الأعمال بالنيات) وهذا ما نبحثه في خصوص بعضهم...

وأما ثانياً: فقد وافاك التحليل والجواب الجزيل فانظره وعلق عليه، إن أمكنك الفهم وأسعفك العلم..

وكتب (مشارك)، السادسة والثلث مساءً:

ماذا تقصد بأتباع السامري يا جميل 50؟

فأجاب (جميل50)، السادسة والنصف مساءً:

أنا لا أعرف ابن سبأ....وأنت لا تعرف السامري.. إذا ما الفرق؟!!

وكتب (مشارك)، السابعة والنصف مساءً:

ص: 338

لا تقل كلمة أكبر منك يا جميل، عبد الله بن سبأ اليهودي رأس فرقة السبئية، فهل تستطيع أن تقول من هو السامري الذي تدعي أننا أتباعه؟

فكتب (جميل50)، الثامنة مساءً:

أكبر مني أكبر منك..ولا عكس.. هنالك رد للدكتور الفرحان علي آخر استنتاج لكم حول ابن سبأ، حاول أن تنغمر في مناقشته أولاً، ودعْك عنا نحن!! ثم هل تعرف هارون هذه الأمة.. إذا توصلت إليه فسوف يسقط منك النظر علي سامريها وعجله؟!!! الآن عليك أن تمر بمرحلة تفكير ولا تعجل..

وكتب (مالك الأشتر)، العاشرة والنصف مساءً:

مالي أراكم يا شيعة علي عليه السلام والدرر تخرج من أفواهكم. خيب الله شانئيكم، وأسعدكم كما أسعد بكم.

قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي.

وكتب (مشارك) في اليوم التالي، السابعة والنصف صباحاً:

لم تستطع أن تقول شيئاً يا جميل. فهلاّ خنست إلي السراديب والجحور المظلمة حيث القذارات والفئران.

وأجابه (جميل50)، التاسعة والنصف صباحاً:

قال تعالي: (خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين)...

ولقد أمر علي اللئيم يسبني...... فمضيت ثمت قلت لا يعنيني

وكتب (عمار)، العاشرة إلا ربعاً صباحاً:

سبحان الله! بحثتم في سيرته سلام الله عليه ولم تجدوا إلاّ هذا؟

إنا لله وإنا إليه راجعون!

ص: 339

وكتب (جميل50)، العاشرة صباحاً:

مشارك: لقد طرحت شبهتك مقابل الأمر البدهي في سيرة المولي علي وأجبتُك. هلاّ نقضتَ؟!! أم تريد أن تذوّب قيمة الإجابة بأن تتشبث بعبارة ليست من صلب الطرح الذي طُرح، وتُغفل أصل الموضوع؟!!

أما السبئية فقد قلت لك أنكم غير قادرين علي إثبات ذلك لا بالرواية ولا بالدراية من طرقكم!!! وأما من طرقنا فحاله معلوم، وأمره موضح في تلك الروايات نفسها التي تعرض ماجري عليه في وقته.. هذا علي تقدير قبول الروايتين أو الأكثر للإعتماد عليها فعلاً!

وكيف كان.. فهذا غير البحث الذي عقدت أنت له الذكر هنا؟!!

وأما السامرية، والسامري، وعجله، فما لايستطع أحد إنكاره أبداً، ولكن حتي لايضيع معقد الكلام في هذه الصفحة أجبنا علي الرد الموفي إليك أولاً، ثم سأنعمنّك عيناً فيما تنتظره مني!!

عجل بذلك فأنا لست ممن يلازم الساحة ليل نهار...

وكتب (عمار)، العاشرة والثلث صباحاً:؟؟

إلي من لايعرف السامري وعجله: لوكنتم ممن يقرأ القرآن لعلمتم كل هذا. ولكن للأسف.. الظاهر البخاري مو ذاكر عنه شئ، لهذا أنتم لاتعلمون.

أخذتم البخاري وهجرتم كتاب الله؟؟ يا أمة ضحكت من جهلها الأمم!

وكتب (الصارم المسلول)، الخامسة مساءً:

والله إن في كتبكم أكبر الطعن بآل البيت. وأنا قلت لكم: هاتوا برهانكم علي ارتداد واحد من الصحابة، ولكنكم عاجزون.

ص: 340

فكتب (جميل50) بتاريخ 29-9-1999الحادية عشرة والنصف صباحاً:

مشارك..لاداعي أن تتغافل عن الموضوع، لكي يرجع إلي الخلف، وكأن شيئاً لم يكن؟!! لقد أجبناك بأوسط محتمل، لأوسط عاقل، في أوسط إشكال.

أجب ولا تتهرب؟؟!

وكتب (مشارك) بتاريخ 1-10-1999، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

إلي أتباع ابن سبأ. سبق أن قلت أن الموضوع ليس فيه طعن لعلي رضي الله عنه، ولكن من هو السامري؟

وكتب (عزام الربيعي) بتاريخ 2-10-1999، الخامسة والنصف مساءً:

لكل كلام يصدر من عاقل هدف معين. فهل يبين لنا مشارك هدفه من هذا الموضوع؟؟ أم أنه يتنازل عن عقله؟ أم أنه يري أن علياًّ ليس من الصحابه فيجوز له القدح فيه؟؟ مع كثرة دفاعه عن يزيد وابن تيميه؟؟...فليراجع كل منا عقيدته وليتفحص إمامه الذي يتبعه!!!

وكتب (الصارم المسلول)، السابعة مساءً:

لم يدافع أحد عن يزيد، بل دافعنا عن معاوية، فإن لو تكن متابع (كذا) للموضوع يا ربيعي، أرجو أن يحل خريفك وترحل أفضل لك.

فأجاب (عزام الربيعي)، السابعة والربع مساءً:

وهل يجرؤ أحد منكم أن يتحدث عن يزيد الفاسق وأتباعه، كجرأتكم علي إمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام؟؟!!

وكتب (الجبهان)، السابعة والثلث مساءً:

الأخ الحبيب مشارك الخير... الباطنية لها مصطلحات لايفهمها إلا الباطنية

ص: 341

أنفسهم ومن هذه المصطلحات:

يقصدون بأبي بكر بهذه الألفاظ: (زريق، الجبت، الأول، السامري.. الخ)

ويقصدون عمر بهذه الألفاظ: (الطاغوت، الثاني، العجل، رمع، ابن صهاك)

ويقصدون عثمان بهذه الألفاظ: (الميسر، نعثل، الثالث).

وهذه الألفاظ كان يستخدمها الباطنية في أدوار الستر والتقية، ومتي ما لزم الأمر حتي لا يثيروا الجمهور الأعظم من المسلمين!! ولهذه التسميات أسباب ورموز لا نريد أن نطيل الوقوف عندها!

فكتب (العاملي)، الثامنة والنصف مساءً:

ما معني الباطنية عندك؟! ومتي صارت تسمية المعارضة للحكام بأسماء رمزية، مذهباً باطنياً، وهي باصطلاح اليوم ثورية تقدمية؟!!

الباطنية: هي الاعتقاد بغير ظواهر القرآن والحديث والنصوص كما يفهمها العرب وتقررها موازين النحاة والبيانيين والأصوليين والفقهاء.. وتفسيرها تفسيراً رمزياً لا تدل عليه اللغة.. فافهم معناها.

زعمهم أن أميرالمؤمنين صرح بأنه ليس له حق في الخلافة

كتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 22-2-2000، العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (علي (رضی الله عنه) يتبرأ من الخلافة في نهج البلاغة)، قال فيه:

92 - ومن خطبة له عليه السلام لما أريد علي البيعة بعد قتل عثمان رضي الله عنه: دعوني والتمسوا غيري فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان. لا تقوم له القلوب

ص: 342

ولا تثبت عليه العقول. وإن الآفاق قد أغامت، والمحجة قد تنكرت. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ماأعلم ولم أصغَ إليقول القائل وعتب العاتب.

وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أمير. انتهي.

أين الوصايا ورغبته بالخلافة؟؟ فها هو يطبق قصة هارون من موسي في الوزارة كما وصفه رسولنا (صلی الله علیه و آله)، وهذا أكبر دليل علي القصة!

فكتب (العاملي)، الحادية عشرة ليلاً:

كن عاقلاً يا عمر.. إن كنت تريد معرفة عقيدة أمير المؤمنين عليه السلام بأنه وصي النبي صلي الله عليه وآله، وخليفته الشرعي، وأن قريشاً دبرت مؤامرة غصب الخلافة منه.. فعليك أن تراجع خطبه ورسائله الكثيرة في نهج البلاغة وغيره، التي تنص علي ذلك.. إبحث مثلاً كلمة (قريش) وكلمة وصيه، وكلمة أهل بيته، آل محمد.. الي آخره، لتعرف رأيه الصريح عليه السلام..

أما أن تتشبث بكلمة مجملة رأيتها، وتفسرها علي هواك، فهذا ظلمٌ لعلي عليه السلام، وقلةُ علم!!

إن علياًّ كان يعلم أنه سيقاتل علي تأويل القرآن الناكثين والفاسطين والمارقين، عهدٌ معود إليه من رسول الله صلي الله عليه وآله، وكان يريد إتمام الحجة علي الأمة.. ولا يتسلم أمرهم إلا باختيارهم وإصرارهم.. وهذا لاينافي أن يكون مفروضَ الطاعة عليهم.. فقد كان النبي مفروضَ الطاعة، ومع ذلك كان يشاورهم، ويقيم الحجة عليهم، ويطلب منهم البيعة!!

إن طلب المعصوم للبيعة طلب التزامٍ من الأمة، وليس طلب إنشاء حقٍ له غير موجود. وإن عصت الأمة ربها ولم تطعه، يجوز له أن يبايع من تختاره، ويطيعه

ص: 343

في غير معصية الله، لمصلحة الاسلام العليا. هل فهمت؟!

وكتب (مظاهر)، الحادية عشرة والربع ليلاً:

الي الزميل: عمر. لا أدري فيما الإشكال وأين موضع السؤال، هل في قوله: دعوني والتمسوا... أم عند قوله: أنا لكم وزير خيرمني... كما لست أدري أين شاهد القصة الهارونية في حنايا هذا الكلام؟!!

طبعاً التصيد في نهج البلاغة حيلة العاجز المفلس.. هذه هي الحقيقة. ولكن لابأس أن أجيب بأخصر مايكون الجواب هنا:

فاعلم أيها الزميل (عمر) أن الإمامة هي أول ما ينشد في حياة وسيرة هذا الرجل الإلهي العظيم. وأما الخلافة بما لها من معني اليد السلطوية، والإمرة المادية فليست من مهمات الأنبياء والأوصياء إلا أن يقيموا حداً ويحقوا بعدالتهم حقاً..

وهذا ما ذكره هو أيضاً عليه السلام في خطبه الأخري..

إذاً فالمنشود الأول هو الإمامة التشريعية، وأتحداك أن تجد نصاًّ واحداً يتنازل فيه عن هذا الحق.. ومن المؤكد أنهم لم يدعونه إليها حتي تقول: كيف يتسني له رفضها مع أنها حق إلهي قد أمر به من قبل النبي صلي الله عليه وآله، بل إنهم دعوه للخلافة التي تجمع وطنهم وتحمي حماهم، وتكفل أمور دنياهم..

وبعبارة ثانية: إن علياًّ دعي كرجل من أكبر رجالات الصحابة، ولم يدعي (كذا) بنداء الولاية التي نادي بها النبي صلي الله عليه وآله في موقعة الغدير الشهير، إلا أن تكون مشككاً في الغدير أيضاً؟!! وأنه بويع علي ما بويع به غيره، لا كما بويع به في خيمة الغدير، والتي قال فيها عمر: بخٍِ بخٍ لك ياعلي فقد أصبحت مولاي ومولي كل مؤمن ومؤمنة؟!!

ص: 344

فإذا تقرر أن محل الدعوة وموضوعها مجرد خلافة مادية وإمرة ظاهرية، فإنها لاتنجز شيئاً من حقه الذي أوجبه الله عليهم، ولذا وصفها في بعض خطبه الأخري بأنها (أهون عليه من عفطة عنز).

وأخيراً: إن في تأبِّيهِ عن قبولها وقوله عليه السلام: فإنا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان. لا تقوم له القلوب ولا تثبت عليه العقول. وإن الآفاق قد أغامت والمحجة قد تنكرت. واعلموا أني إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ولم أصغ إلي قول القائل وعتب العاتب. (قول من يعلم، لأننا إذا ربطناه بما حدث بعد توليه سوف نبهر لقوة حاسته وحدسه، وهذا مما يؤكد أنه مساند بعلم الله الذي علمه رسوله صلي الله عليه وآله وعلمه الرسول لعلي عليه السلام.

ولأرجع وأقول أين محل الإشكال بعد هذا الجواب؟؟؟

وكتب (عمر)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

(وإن تركتموني فأنا كأحدكم ولعلي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم. وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أمير). انتهي.

أما الدليل بالقسم من علي فلك الخطبة الثانية: (والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة. ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها). انتهي.

ماذا تقول الآن بهذا القسم؟؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 22-2-2000، الثانية عشرة ليلاً:

أحسنت يا أخ مظاهر.. لقد ابتلينا بجهلة حتي عن أبسط أصول البحث والمنهج الاستدلالي الانساني!

فهؤلاء لا يقبلون نهج البلاغة، ولا ماثبت عندهم في مصادرهم عن أمير

ص: 345

المؤمنين علي عليه السلام إذا خالف هواهم.. ثم يفرحون إذا رأوا جملة فيه يتشبثون بها، ويحملونها غير معناها ليحاجونا بها!!

فلنسأل عمر: إذا ثبت لك أن علياًّ عليه السلام والعباس قد اتهما عمر، وشهدا بخيانته، هل تقبل شهادتهما؟! فإن قبلت خسرت أبا بكر وعمر.. وإن رفضت فقد رددت البينة الشرعية، وخسرت علياًّ والعباس، وكذبت ادعاءك بعدالة الصحابة!! فأجب، ولا تهرب.

وكتب (عمر) بتاريخ 23-2-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

لا أراك إلا تهربت كعادتك، ما علاقة موضوعك بقسم علي (رضی الله عنه) بأنه لا رغبة له بالخلافة. السؤال: هل هذا القسم معتمد أم من قبيل التقية؟؟

هل تعرف كيف ندينكم وندين ما تدعون إليه. لا يوجد في نهج البلاغة أوصياء علي هذا الدين، كما لا توجد عصمة، بل في خيالكم.

فأجاب (العاملي)، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

هل صارت معاني الكلمات العربية مقلوبة عندك ياعمر؟! متي كانت (لا رغبة له) بمعني لا حق له؟!! إذا جعلوا عليك مديراً فشاكسته وآذيته، فقال لك: لا رغبة لي بالإمرة عليك، فهل معناها أني لا حق لي!!

وكتب (عمر)، الواحدة صباحاً:

(والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة. ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها).

إنه القسم يا العاملي وإذا كان له حق وهو يرفضه فهذا عصيان لأمر الله!

وتخيل موقف الرسول (صلی الله علیه و آله) في الطائف حين طردوه وهو يقول، إذا كان

ص: 346

ليس بك غضب فلا يهمني، وهنا يتقاعس علي (رضی الله عنه) بالخلافة، أي لو كانت أمراً ربانياً فهنا يقبل رأي القوم بالخلافة ويرفض الوصية الربانية. لا مخرج لكم إلا بالتكذيب كالعادة والرجوع الي السند والمتن، هذا ما تعودناه منكم.

لاحظ القسم ولاحظ ادعائكم بالوصية له، وستجد بأنه خان القضية، هذا من نظر الشيعة! أما نحن فنقر كلامه، وأنه لم يحرص علي الخلافة أكثر من غيره، وكان يري بها خدمة الاسلام ليس إلاّ.

وكتب (أبو حسين)، الواحدة والنصف صباحاً:

يا عمر... يا عمر... لقد شرحت لك هذه الخطبة قبل أيام ليست بعيدة، وأوضحت لك معناها المتجلي في بلاغتها، ولكن لست أدري لماذا تجاهلتها.

علي كل حال سأذكرك ببعضها: الإمام علي عليه السلام لم يوجِّه خطبته هذه الي الخُلَّص من أصحابه، بل وجهها الي القوم الذين ركنوا الي الأول والثاني والثالث، والذين أنكروا عليه إمامته، وقد جاؤوه في زمن يصعب معه إرجاع القوم الي ماكان عليه الإسلام أيام رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وهو يعلم أنهم لايطيقون الرجوع فقال كلمته: أني لكم وزير خير لكم مني أمير، لأنكم لاتحتملون إمارتي عليكم لأنكم تعوَّدتم علي نمط من الأمور هو غير الخط الذي رسمه صاحب الرسالة صلوات الله وسلامه عليه، وأوضح لهم بأنه لإإربة له بالخلافة أي لا حاجة دنيوية له فيها كما كان للذين سبقوه إلا أن يحق حقاً أو يبطل باطلاً.

ولهذا عندما قام بتغييرات جذرية فعزل الولاة وبدّل القادة، ونقل مركز الخلافة من المدينة الي الكوفة وغير التوزيع المالي فأخذ يساوي في العطاء، فتبين أن هذا الوضع الجديد لم يكن يعجبهم، لهذا خرج عليه الخوارج من

ص: 347

المارقين والقاسطين والناكثين، ولم يعطوا له فرصة طيلة فترة خلافته الي أن قتلوه في محراب صلاته، صلوات الله وسلامه عليه..

فهل تنتهي بك الجرأة الي هذا الحد، أم أنك ستواصل الطعن في آل محمد.

وكتب (عمر)، الثانية إلا الربع صباحاً:

(والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة. ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها).

وما علاقة القسم هنا بالنيات والتأويل، إنه يتبرأ من الخلافة ويقسم بالله، أي هناك حالتين، إما أن يكون غير ملزم بتولي الخلافة، أو يكون ملزماً بأمر ربانياً وهو لا يطيع هذا الأمر، بحيث يقسم بأنه لا يريده.

فكتب (أبو حسين)، السادسة صباحاً:

لقد أوضحت لك ياعمر هذه الفقرة من الخطبة رداً علي موضوع سابق لك، ولكنك تحب أن تكثر من الكتابة والقفز هنا وهناك. أنا أعذرك ياعمر لعدم فهمك كلام أمير المؤمنين، ومثلك أجدر به أن لايعرف حتي حدود الله.…

ونريد منك الآن ياعمر أن تبهتنا بعد أن وضعت إمامك المفترض عليك طاعته بين حالتين وكلاهما معضلة، فهلاَّ أخرجتنا منها ياحضرة البليغ، وهاتين الحالتين علي حد زعمك هي: إما أن يكون غير ملزم بتولي الخلافة، أو يكون ملزماً بأمر ربانياً وهو لا يطيع هذا الأمر، بحيث يقسم بأنه لا يريده.

وكتب (عمر)، الواحدة ظهراً:

المعضلة الشيعية موجودة بقسم علي (رضی الله عنه) بأنه لا رغبة له بالخلافة، كمن يقول والله لا رغبة لي بالصلاة ولكن أصلي، هل فهمت؟

ص: 348

أنتم تدعون بأنه ملزم بالخلافة كما وصاه الرسول (صلی الله علیه و آله) بأمر إلهي. كيف يتقاعس ويجبر ملزماً ويؤكد تقاعسه بالقسم. هذا ما نريد فهمه؟

وكتب (مظاهر) بتاريخ 24-2-2000، السادسة صباحاً:

دع عنك الضوضاء والغش في الكلام، وأجبني عن الإشارات التي وجهتها إليك في أعلاه؟؟

وكتب (المسلم المسالم)، السادسة والنصف صباحاً:

دع عنك الهروب وحيلة الضغفاء، وجاوب علي سؤال الآخ الكريم عمر حفظه الله، هل كان علي رضي الله عنه كاذباً في يمنيه؟؟

فكتب (أبو حسين)، السادسة والربع مساءً:

إنظر ياعمر الي كلام الإمام عليه السلام بدقة: والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة. فلم يقل والله لا أرغب بالخلافة، بل قال ماكانت لي فيها... وشتان بين: أن لا أرغب بالشئ، وبين: ماكان لي فيه (حق)..

فردّ (عمر)، الثامنة مساءً:

نفس القصة: إنكم تدعون بأن علي (رضی الله عنه) غير كفؤ بالخلافة أو الوصايا (كذا) علي المسلمين، فهو يتقبل الأمر الإلهي بدون رغبة ويقسم بأنه ليس له رغبة، وتارة أخري يتبرأ من الخلافة ويطلب أن يكون وزيراً، لا مجال للتأويل في هذا الأمر نعم علي (رضی الله عنه) لم يكن لديه وصاية علي المسلمين.

ولما أحس بأن الفتنة قادمة أراد الابتعاد عن الفتنة، وعندما أصروا عليه قبل لرغبتهم وليس هناك تكليف رباني، هذا هو المنطق.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 25-2-2000، الثامنة والربع صباحاً:

ص: 349

لوكان الخط الرسالي علي مساره الصحيح في عهود الثلاثة ماكانت الفتن التي طفحت علي الساحة أن يكون لها هذا التواجد الخطير الذي اراق دماءهم...

إذن الخط منحرف تماماً والذي حدث هو نتيجة لهذا الإنحراف...

وأما خطب الإمام علي عليه السلام التي لم تفهم معانيها البلاغية التي شرحناها لك فأنت معذور، لأن هذا هو مستوي فهمك.

فمعذرة لعدم الرد عليك لو عاودت التساؤل.

وكتب (المسلم المسالم)، التاسعة صباحأ:

من الذي جعل الخلافة وراثة في بنيه؟. أبو بكر أوصي بها لعمر رضي الله عنهما، ولم يوصِ بها لابنه. وعمر الفاروق كذلك.

أما نحن أهل السنة فنعتقد أن الخلفاء الراشدين كلهم لم يوصوا بها لأبنائهم..

فكتب (أبو حسين)، الخامسة والنصف مساءً:

لله سبحانه وتعالي جعل خلافة الأرض في ذرية بعضها من بعض، جرت في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة، فمن آدم الي ولده هابيل، ومن ابراهيم الي ولده إسماعيل ومن إسحاق الي ولده يعقوب، ومن يعقوب الي ولده يوسف، ومن زكريا الي ولده يحيي. علي نبينا وآله وعليهم أفضل الصلاة. والسلام.

وكتب (عمر)، السابعة مساءً:

ألا تعتقد بأن الأرحام المطهرة أتت بابن نوح العاصي كما أتت بأبو (كذا) إبراهيم المشرك، كما أتت بعم النبي (صلی الله علیه و آله) أبو لهب، كما أتت بجعفر الصادق والكاذب، إن نظرية الوصايا بالنسب لا علاقة لها بالدين.

ص: 350

فنحن جميعاً من نوح ونوح من آدم. هل تعتقد بأن الأرحام تعرف من هو المطهر ومن غير ذلك؟؟. سورة الأعراف- 188: قل لا أملك لنفسي نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون. صدق الله العظيم.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 29-2-2000، الخامسة والنصف صباحاً:

الأصلاب شامخة والأرحام مطهرة، ولا ذنب للأصلاب ولا للأرحام إذا شذ الخارج منها...

ثم كتب (عمر) بتاريخ 27-3-2000، الثامنة والنصف مساءً:

(والله ما كانت لي في الخلافة رغبة، ولا في الولاية إربة. ولكنكم دعوتموني إليها وحملتموني عليها)

للرفع بمناسبة يوم الغدير.

فكتب (بالدليل)، التاسعة والنصف مساءً:

نهج البلاغة خطبة رقم: 3 - ومن خطبة له وهي المعروفة بالشقشقية:

أما والله لقد تقمصها فلانٌ (وفي رواية ابن أبي قحافة) وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحي، ينحدر عني السيل ولا يرقي إلي الطير، فسدلت دونها ثوباً، وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر علي طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتي يلقي ربه. فرأيت أن الصبر علي هاتا أحجي، فصبرت وفي العين قذي، وفي الحلق شجا، أري تراثي نهباً!!

حتي مضي الأول لسبيله فأدلي بها إلي فلان بعده (ثم تمثل بقول الاعشي:)

ص: 351

شتان ما يومي علي كورها.... ويومِ حيانَ أخي جابر

فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته! لشدَّما تشطرا ضرعيها!!

حتي إذا مضي لسبيله، جعلها في جماعة زعم أني أحدهم!! فيا لله وللشوري.. متي اعترض الريب في مع الأول منهم، حتي صرت أقرن إلي هذه النظائر؟!! لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا.. فصغي رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره.. مع هن وهن!

الي أن قام ثالث القوم، نافجاً حضنيه.. ما بين نثيله ومعتلفه!! ….

هل رأيت بيان الامام علي عليه السلام لحقه، وغصب الغاصبين له؟! انتهي.

وغاب عمر وجماعته!

ص: 352

زعمهم أن أميرالمؤمنين علیه السلام لا يصلح للخلافة

كتب (الملاك الطائر) في شبكة هجر، بتاريخ 15-8-1999، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الصحابي علي (رضی الله عنه) هل يصلح خليفة؟ عرض ونقد علي ميزان العقل!!!)، قال فيه:

الزملاء: من السهل أن يدعي شخص ما أن فلان خليفة أو معصوم أو مهدي أو غيره. ويكون استناده علي أحاديث يظن يجزم أنها صحيحة، فيروي أحاديث موثقة من كتاب الخركوشي، وابن الصباغ، والنيهقي والبرياني وابن شبط والفكهاني، والخضرجي البطاطسي، والقندوري، وغيرهم الكثير ممن ثبتت صحة أحاديثه عند من يدعي الإجماع علي شخص معين!

وفي حين أن طائفة تدعي ذلك الإجماع وتستدل من كتب خصومها ماتظن أنه يدل علي مقصودها، فإن خصومها لا يسلِّمون بذلك، بل يردون عليهم بنفس منطقهم ومنطوقهم، والعكس كذلك. وهكذا نسير في حلقة مفرغة ندور وندور وننتهي حيث ابتدأنا.. وهذا ما يسمي في المنطق بالدور والتسلسل... وهو باطل.

وحيث أن النص الثابت علي تعيين شخص معين كمثل لو جاء في القرآن إن الله يأمركم أن تتخذوا أباهريرة خليفة عليكم، إمام صدق وحق من بعد رسول الله، والله علي ذلكم شهيداً (كذا). إن الذين يكذبون بإمامة أبي هريرة لعنهم الله وأعد لهم سعيراً. خالدين في جهنم وساءت مصيراً. يا أبا هريرة إنا جعلناك في الأرض خليفة فاحكم بين الناس بالحق ولا تشطط والله كان للمؤمنين نصيراً). فنحن هنا أمام نص صريح، يدل دلالة قطعية علي إمامة أبي هريرة (رضی الله عنه).

لو كان في القرآن نص مثل ذلك نزل علي (كذا) أحد الصحابة....

ص: 353

فأجابه (السفير)، الحادية عشرة صباحاً:

أخبرني بالمصادر التاريخية التي تعتمد عليها وكذلك الروائية، وسأثبت لك أحقية علي بالخلافة من منظورين: الأول: المنظور النقلي الذي تعتمد عليه أنت. الثاني: المنظور العقلي. وأناقشك بشرط أن تكون ألفاظك محترمة ومهذبة. فماذا قلت؟

فردّ (الملاك الطائر)، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

إلي المدعو بالسفير: أنا لا أريد إلا التحاكم للعقل، العقل فقط. ولكي يكتمل التحاكم للعقل لايلزم الرجوع إلي النقل، وإلا وقعنا في الدور والتسلسل.

فقط يكفي أن تقر أو تنكر هذه الأمور. وعليها نبني أو نهدم ما تشاء أو مالا تشاء وهذه الأمور هي:

(1) هل تعتقد بأن النبي (صلی الله علیه و آله) أوصي لعلي بالأمر؟

(2) هل تعتقد بنفاق الشيخان (كذا)؟

(3) هل تعتقد أن النبي (صلی الله علیه و آله) كان مهتم (كذا) بالوصاية علي علي؟

(4) هل تعتقد أن النبي (صلی الله علیه و آله) نص علي علي في غدير خم؟

(5) هل تعتقد أن حضور الغدير كان حوالي مئة ألف صحابي؟

(6) هل تعتقد بأن علي (كذا) كان وقت وفاة النبي في بيت زوجته ثم انشغل بعد ذلك بجهاز النبي الكريم؟

(7) هل تعتقد أن ابو بكر (كذا) وعمر أحرقا بيت فاطمة؟

(8) هل تعتقد أن الشيخان (كذا) وبالأخص عمر قد ضرب فاطمة وحجرها بين الباب فقتل طفلها محسن (كذا)؟

(9) هل تعتقد أن علي بايع مكره (كذا) لأبي بكر بعد وفاة فاطمة؟

ص: 354

(10) هل تعتقد أن فاطمة ماتت وهي غاضبه علي الشيخان (كذا)؟

(11) كم كان عدد أنصار الشيخان (كذا) قبل السقيفة؟

(12) كم كان عدد المتشيعين لعلي (لا تنسي (كذا) ما قاله عبد الحسين وجعفر السبحاني وآل كاشف الغطاء)

(13) هل علي يعلم الغيب ومستقبله بتعليم النبي له؟

(14) هل الشيخان جبناء ويفرون من المعارك؟

(15) أيهما أقوي إيماناً وقوة، قلب وجسد علي أم الفاروق؟

(16) هل يمكن أن تتواطأ أمة محمد خير أمة علي كتمان نص جلي؟

(17) هل تقر أن علي كان يناصح الشيخان؟ (كذا)

(18) هل تقر أن علي (كذا) كان يأخذ الأعطيات والمخصصات والنساء من السبايا من الشيخان؟ (كذا)

(19) ماتفسيرك لرفض علي الخلافة بعد وفاة عثمان؟

(20) ماتفسيرك لتصلب علي في عزل معاوية؟

(21) ما تفسيرك لرضوخ علي للتحكيم؟

(22) ماتفسيرك لفعل علي يقاتل الأعداء ولا يسبي نساءهم ولا يأخذ أموالهم! هل هم مسلمين (كذا) أم هم كفار؟

هذا بعض الأسئلة والتي ستبين موقفك وموقفي.... ويكفي في جوابك علي كل سؤال بكلمة أو كلمتين (نعم أو لا). وما يحتاج إلي توضيح وضحه في سطر أو نحوه. ولا تهمني الروايات بقدر مايهمني مايعتقده المقابل. وما دام أنك تجشمت عناء التصدر للجواب. فأنا أمنع من دخول غيرك معي في النقاش فإذا انتهيت منك سأبدأ بمن يريد. هل اتفقنا. أنا أنتظرك عجل الله فرجك.

ص: 355

فكتب (العاملي)، الثانية عشرة ظهراً:

يظهر أن من شروط الصحابي حتي يكون خليفة برأيك، أن يكون ملعوناً علي لسان النبي صلي الله عليه وآله لعنة شاملة له ولذريته!!

وعلي عليه السلام ليس فيه هذا الشرط، لأنه كان وزير النبي وعضده، وحامل لوائه، ومحقق انتصاراته، وفاديه بنفسه.. ولم يصدر من النبي مدح بحق مجموع الصحابة عشر معشار ما صدر في حق علي، مضافاً الي الآيات التي أنزلها الله في مدحه!!

ولكن هذا لا يكفي عند تحالف قبائل قريش وعبَّادهم، في عصرهم وعصرنا!!

فهم يفضلون الذين صدر اللعن بحقهم علي لسان النبي، لأنه يجب أن يحكم هذه الأمة بعد نبيها الملعونون علي لسانه!!!

ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. انتهي.

وغاب الطائر ولم يجب علي هذا الموضوع.. وطار معه النواصب!

ص: 356

زعمهم أن أميرالمؤمنين أغضب فاطمه علیها السلام!

كتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 4-12-1999، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (علي يغضب فاطمة)، قال فيه:

من البخاري: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري، قال: حدثني علي بن حسين: أن المسور بن مخرمة، قال: إن علياًّ خطب بنت أبي (جهل) فسمعت بذلك فاطمة. فأتت رسول الله صلي الله عليه وسلم. فقالت: يزعم قومك أنك لاتغضب لبناتك وهذا علي ناكح بنت أبي (جهل). فقام رسول الله صلي الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد يقول: أما بعد أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني وإني أكره أن يسوءها. والله لا تجتمع بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم وبنت عدو الله عند رجل واحد فترك علي الخطبة.

وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة، عن ابن شهاب، عن علي بن الحسين، عن مسور: سمعت النبي صلي الله عليه وسلم وذكر صهراً له من بني عبد شمس فأثني عليه في مصاهرته إياه فأحسن. قال: حدثني فصدقني، ووعدني فوفي لي.

فتح الباري بشرح صحيح البخاري: قوله: (إن علياًّ خطب بنت أبي جهل) اسمها جويرية كما سيأتي، ويقال: العوراء ويقال: جميلة، وكان علي قد أخذ بعموم الجواز، فلما أنكر النبي صلي الله عليه وسلم أعرض علي عن الخطبة، فيقال تزوجها عتاب بن أسيد، وإنما خطب النبي صلي الله عليه وسلم ليشيع الحكم المذكور بين الناس ويأخذوا به، إما علي سبيل الإيجاب وإما علي سبيل

ص: 357

الأولوية.

وغفل الشريف المرتضي عن هذه النكتة فزعم أن هذا الحديث موضوع. لأنه من رواية المسور وكان فيه انحراف عن علي، وجاء من رواية ابن الزبير وهو أشد في ذلك، ورد كلامه بأطباق أصحاب الصحيح علي تخريجه، وسيأتي بسط ما يتعلق بذلك في كتاب النكاح إن شاء الله تعالي.

قوله: (وهذا علي ناكح بنت أبي جهل) في رواية الطبراني عن أبي اليمان (وهذا علي ناكحاً) بالنصب، وكذا عند مسلم من هذا الوجه، أطلقت عليه اسم ناكح مجازاً باعتبار ما كان قصد يفعل، واختلف في اسم ابنة أبي جهل. فروي الحاكم في (الإكليل) جويرية وهو الأشهر، وفي بعض الطرق اسمها: العوراء أخرجه ابن طاهر في (المبهمات)، وقيل اسمها: الحنفاء ذكره ابن جرير الطبري، وقيل: جرهمة حكاه السهيلي، وقيل: اسمها جميلة. ذكره شيخنا ابن الملقن في شرحه. وكان لأبي جهل بنت تسمي صفية، تزوجها سهل بن عمرو. سماها ابن السكيت وغيره وقال: هي الحيفاء المذكورة.

قوله: (حدثني فصدقني) لعله كان شرط علي نفسه أن لا يتزوج علي زينب، وكذلك علي، فإن لم يكن كذلك فهو محمول علي أن علياًّ نسي ذلك الشرط فلذلك أقدم علي الخطبة، أو لم يقع عليه شرط إذ لم يصرح بالشرط لكن كان ينبغي له أن يراعي هذا القدر فلذلك وقعت المعاتبة، وكان النبي صلي الله عليه وسلم قل أن يواجه أحداً بما يعاب به، ولعله إنما جهر بمعاتبة علي مبالغة في رضا فاطمة عليها السلام، وكانت هذه الواقعة بعد فتح مكة، ولم يكن حينئذ تأخر من بنات النبي صلي الله عليه وسلم غيرها، وكانت أصيبت بعد أمها بإخوتها، فكان إدخال الغيرة عليها مما يزيد حزنها، وزاد محمد بن عمرو بن حلحلة - بمهملتين

ص: 358

مفتوحتين ولامين الأولي ساكنة - وقد تقدم هذا الحديث من روايته موصولاً في أوائل فرض الخمس مطولاً وفيه ذكر بعض ما يتعلق به.

حدثنا قتيبة بن سعيد، قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبي حازم، عن سهل بن سعد قال: جاء رسول الله صلي الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد علياًّ في البيت. فقال: أين ابن عمك؟. قالت: كان بيني وبينه شئ فغاضبني فخرج. فلم يقل عندي. فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لإنسان: انظر أين هو. فجاء، فقال: يا رسول الله، هو في المسجد راقد. فجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه (تراب) فجعل رسول الله صلي الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول قم أبا (تراب) قم أبا (تراب).

أما الموقف الثالث: فنستخلصه من روايات الشيعة الكاذبة التي تدعي بأن عمر (رضی الله عنه) أسقط جنين فاطمة (رضی الله عنه) وآذاها، ثم يأتي علي (رضی الله عنه) ويزوجه بنتها، إما أن تكون روايات الشيعة صادقة ويكون عاصي، أم تكون روايات الشيعة كاذبة ونبرأه من المعصية.

وكتب (الفاطمي)، الرابعة عصراً:

لا نستغرب عندما تطعنون في علي عليه السلام. فلقد طعنتم وتطعنون في رسول الله صلي الله عليه وآله، وتقولون بأنه كان يشتم ويلعن المسلمين بغير سبب. فليس بالمستغرب منكم أن تتقولوا علي علي عليه السلام. في حين أنكم تتقولون علي خير خلق الله محمد بن عبدالله صلي الله عليه وآله. فهل عرفتم الفرق بين قولنا في رسول الله صلي الله عليه وآله وقولكم فيه؟؟

ولأي الأمور تدفن ليلاً،،، بضعة المصطفي ويعفي ثراها؟؟

وكتب (عمار)، الخامسة مساءً:

ص: 359

لا يمكنك يا عمر أن تحتج بالبخاري علينا، أيمكن للشيعي أن يحتج عليك بنهج البلاغة؟ بل إنكم ترفضون الاحتجاج شرح النهج للمعتزلي! أم أنها قلة الحجة والتمسك بالطحالب مثلما يقال؟!

وما بالك أيها الزميل، تغير موضوعك وتتهرب الي موضوع آخر بعيد كل البعد عن موضوعك الأول؟

يمكنكم طبعاً الاحتجاج بالكافي والبحار، ولكن بما صح عنهم، ولا تأتوا بالضعيف والنادر والمتروك كما هو ديدنكم يا أخوة.

كيف لو نحتج بالروايات التي أوردها الطبري في تأريخه؟

أم باؤكم تجر وباؤنا لا تجر؟

عمر: بإمكانك فتح موضوع خاص عن تزويج علي سلام الله عليه ابنته لعمر، أما هنا في هذا الموضوع... لا تحاول الهروب ولا تغير الموضوع.

وكتب (سمير)، السابعة والنصف مساءً:

الزهراء عليها السلام لم تغضب من علي بل غضبت علي أبو بكر وعمر، حيث قالت: (نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله يقول: رضي فاطمة من رضاي وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة فقد أحبني ومن أرضي فاطمة فقد أرضاني، فمن أحب فاطمة أحبني ومن أرضي فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟

قالوا: نعم!! سمعناه من رسول الله!!!

قالت: فإني أشهد الله وملائكته إنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه). الامامة والسياسة 1/14.

فكتب (عمر)، العاشرة والربع مساءً:

ص: 360

لقد بينّا إغضابها أولاً وأخيراً، أي في حياتها وبعد وفاتها بتزويج بنتها الي عمر (رضی الله عنه). أما ما تدعوه (كذا) من إغضاب أبو (كذا) بكر (رضی الله عنه) لها. فهو لأجل الله، وإذا أردتم الأحاديث التي تبين رجاحة الحكم عند أهل البيت، نحن لا نحسبها معصية، ولكن حسب وصف الشيعة للمعصية، فهو أول وآخر من أغضبها وعصاها.

وكتب (الفاطمي) بتاريخ 5-12-1999، الثالثة والنصف صباحاً:

الي عمر:

ولأي الأمور تدفن ليلاً؟؟؟ بضعة المصطفي ويعفي ثراه

فمضت وهي أعظم الناس شجواً؟؟؟ في فم الدهر غصة من جواه

وثوت لا يري لها الناس مثوي؟؟؟ أي قدسٍ يضمه مثواه

فلماذا إذ جهزت للقاء الله؟؟؟ عند الممات لم يحضراه

شيّعت نعشها ملائكة الرحمن؟؟؟ رفقاً بها وما شيعاه

كان زهدا في أجرها أم عناداً؟؟؟ لأبيها النبي لم يتبعاه

أم لأن البتول أوصت بأن لا؟؟؟ يشهدا دفنها فما شهداه

أم أبوها أسر ذاك إليها؟؟؟ فأطاعت بنت النبي أباه

كيف ما شئت قل كفاك فهذي؟؟؟ فرية قد بلغت أقصي مداه

أغضباها وأغضبا عنا ذاك؟؟؟ الله رب السماء إذ أغضباه

وكذا أخبر النبي بأن الله؟؟؟ يرضي سبحانه لرضاه

وكتب (مالك الأشتر)، الثانية ظهراً:

إغضاب أبي بكر وعمر لفاطمة عليها السلام مما صرحت به هي، وماتت وهي غاضبة عليهما. ولم تصرح بغضبها علي علي بل علي العكس من ذلك، وإن كذبت

ص: 361

ذلك فقد كذبت صحيح البخاري ومسلم وغيرهما، ولا أظنك تجرؤ علي ذلك، حتي وإن تجرأت علي الإمام علي عليه السلام.

بالنسبة لإغضاب علي لها عليها السلام: الحمد لله الذي يكشفك علي حقيقتك لكي لا تقول نحن لا نتجاسر علي الصحابة. فإن الذي أغضب فاطمة عليها السلام هو الشقي الذي أخبرها كذباً بأن علي خطب بنت أبي جهل، وعلي لم يصدر منه هذا الفعل.

وكتب (عمر) بتاريخ 6-12-1999، العاشرة ليلاً:

رواية الشيعة أتت بها من الحسينيات. أما رواية البخاري في (من أغضب فاطمة فقد أغضبني) فكانت بحق علي(رضی الله عنه). وأما بعد مماتها (رضی الله عنه) فعلي (رضی الله عنه) أغضبها بعد زواج بنتها أم كلثوم (رضی الله عنه) لعمر (رضی الله عنه) حسب ما تدعي الشيعة بحق عمر (رضی الله عنه) من ردة وتجرئه لبنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) لا يمكن تفند الكذب بالكذب يا شيعة إرجعوا الي أهل السنة في فضائل علي (رضی الله عنه) تجدونها أقل، ولكن لا تجدون الاساءة له كما في كتبكم.

فأجاب (مالك الأشتر) بتاريخ 7-12-1999، الواحدة والثلث صباحاً:

قال صلي الله عليه وآله: لعن الله الكاذب ولو كان مازحاً.

وكتب (الفاروق)، الخامسة صباحاً:

الي عمار:

الذي يقرأ جوابك يري أنه هو الهروب بعينه تريد إثبات اللواصق بمكان آخر.

موضوع إغضاب سيدنا علي عليه السلام لفاطمه عليها السلام مرتبط كلياً وجزئياً بزواج

ص: 362

الخليفة الثاني عليه السلام من بنت الخليفه الرابع عليه السلام، وأمها فاطمة عليها السلام بنت النبي صلي الله عليه وعلي وآله وسلم.

المعادله كالآتي: أنتم تزعمون بأن عمر عليه السلام أسقط جنين فاطمة عليها السلام الذي اسمه محسن،،، فكيف يزوج علي ابنته من قاتل أمها وأخيها وغاصب حق أبيها؟؟

إما أن يكون الامام علي عليه السلام لا يعلم بما يدور حوله وأنتم أعلم منه.

وإما ان يكون الامام علي عليه السلام أعلم منكم فيجب الاقتداء به بمصاهره سيدنا عمر عليه السلام.

عملية الاغضاب عملية مستمرة فتنقطع بانقطاع السبب أو ما يظهر بما يظهر من مصالحه. فإن قلتم بأن الامام علي أرغم علي هذا الزواج خوفاً علي بيضة الاسلام فنقول أي إمام هذا يحرق الدين لديه ويغضب به آل بيت الرسول ويسحق به الاسلام ويحرف، وهو ساكت لا يحرك ساكناً. فأين بيضه الاسلام عندما قاد الحروب ضد معاوية رضي الله عنه.

وهل هناك فرق بين معاوية وأبو بكر (كذا) وعمر رضوان الله عليهم مما يستدعيه للمحافظه علي بيضه الاسلام،،، أما آن لهذه البيضه أن تفقس؟؟؟؟.

هذه هي الأسئله التي تقض مضجعك يا عمار، والتي لطالما تتهرب منها.

وإن كنت مدافعاً هات ما عندك.

توضيح هام: الامام علي بن أبي طالب سلام الله عليه هو أحد سادات العرب وزهادها، هو ابن عم النبي صلي الله عليه وسلم، وهو الذي دافع عن الاسلام خير دفاع.

أبناءه عليهم السلام الحسن والحسين سبطا رسول الله عليه الصلاه والسلام من ابنته

ص: 363

فاطمة عليه السلام أهل الكساء. ولعن الله من عاداهم ووهن من شأنهم. وضعف من عقولهم ونسب إليهم ما يهين به عقائدهم. والسلام علي أهله.

وكتب (الناصر لدين الله)، السادسة والنصف صباحاً:

غضب فاطمة عليها السلام علي علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليست في كتب السنة وحدهم.. بل هي موجودة كذلك في كتب الرافضة أيضاً... وتنص علي أن سبب قول النبي صلي الله عليه وسلم (فاطمة بضعة مني وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني) هو خطبة علي رضي الله عنه بنت أبي جهل.. فقد ذكر ذلك الصدوق في كتابه علل الشرائع ص 185 (وجاءت رواية أخري تدل علي غضب فاطمة رضي الله عنها علي علي رضي الله عنه عندما رأته واضعاً رأسه في حجر جارية أهديت له) ذكرها القمي في علل الشرائع: 163، والمجلسي في باب كيفية معاشرتها مع علي.

وغضبت علي علي رضي الله عنه مرة ثالثة كما يذكر الرافضة عندما لم يناصرها في طلبها فدك من أبي بكر الصديق رضي الله عنه. وقد ذكر ذلك المجلسي في حق اليقين بحث فدك: 203.

وغير ذلك من الحوادث التي تدل علي غضب فاطمة رضي الله عنها علي زوجها. فهذه رواياتكم من كتبكم وليست من صحيح البخاري.

أما غضبها علي الصديق رضي الله عنه، فكتبنا غير صحيحة عندكم.. لكن كتبكم هي الصحيحة!!! فما تقول عن هذه المسألة: ذكر المجلسي في حق اليقين: أنها قبل موتها رضيت عن الشيخين وذلك بعدما مشيا إليها وزارها عند موتها. ص 180 وكذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة.. هل كتبكم تكذب أيضاً؟

ص: 364

وكتب (الفاروق)، الثامنة والنصف صباحاً:

الأخ الكريم الناصر لدين الله، الحمد لله علي سلامتك ونور المنتدي بوجودك معانا، جزاك الله خير (كذا) علي المداخله والتي أسهمت في إيضاح الأمر المتعلق في غضب فاطمه رضي الله عنها وأرضاها. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وكتب (عمر)، العاشرة والنصف ليلاً:

كما يوجد هناك بعض الشبهات لدي الشيعة كيف يتزوج علي (رضی الله عنه) من زوجة أبو بكر (كذا) (رضی الله عنه) بعد وفاته.

وكذلك تسميته أبنائه بأبو بكر (كذا) أو عمر وعثمان حسب روايات الشيعة، كيف يخون فاطمة بتسميته هذه الأسماء. وزواجه من زوجة أبو بكر (رضی الله عنه)؟

وكتب (فرات) بتاريخ 9-12-1999، السابعة والثلث مساءً:

هل أن الاسماء احتكار؟! حتي لا يسمي أحد بأسماء معينة؟!

وكتب (مالك الأشتر)، الثامنة إلا ربعاً مساءً:

كما تزوج النبي صلي الله عليه وآله أم حبيبة وزوجها مرتد كافر، وأبوها مشرك محارب للاسلام، وكما تزوج صفية بنت حيي وأبوها يهودي وزوجها يهودي، قتلا في المعركة ضد الرسول صلي الله عليه وآله.

وأما الأسماء: فهاشم اسمه عمرو العلا.

عثمان: الامام يقول هذا سمي أخي عثمان بن مضعون (كذا).

وأبو بكر كنية وليس اسم، وكان اسمه محمد، قتل في كربلاء قتله زحر بن بدر النخعي لعنة الله عليه.

ص: 365

وكتب (الناصر لدين الله)، الحادية عشرة ليلاً:

إذا كانت هذه الأسماء تدل علي هذه المعاني... فلماذا لا تقتدي الرافضة بأهل البيت وتسمي أولادها بهذه الأسماء (أبو بكر وعمر وعثمان)؟؟

هل ترغبون عن سنة أهل البيت؟؟!

وكتب (عمر) بتاريخ 10-12-1999، الواحدة ظهراً:

ولماذا زوج علي (رضی الله عنه) بنت فاطمة الزهراء (رضی الله عنه) لعمر (رضی الله عنه)؟؟

السؤال غريب عليكم وأعتقد بأن الشيعة لا تؤمن بالاجابة!

فكتب (مالك الأشتر)، الثانية والربع ظهراً:

بعد مرور السنين أخذت القضية بعد سياسي. ورأينا أن أئمتنا المتأخرين صلوات الله عليهم لم يسموا أولادهم بهذه الأسماء لأنها أصبحت لها مداليل لم تكن من قبل في زمن علي والحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وقد أصبح الأسم يرمز لمعني (والمعني هو أن الخليفة الأول والثاني والثالث علي حق وخلافتهم صحيحة). وأصبحت هذه الأسماء نادرة عند الشيعة الي أن أصبحت أندر من النادرة.

أما تزويج أم كلثوم من عمر فقد أثبت لكم كذب هذا الأدعاء بموضوع منفرد ولكن أبيتم إلا عناداً. ولا تحتجوا علينا بروايات ضعيفة من كتبنا، فنحن ليس عندنا كتاب مقدس لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه إلا القرآن. والسلام لمن أحب الهداية.

زعمهم أن أميرالمؤمنين علیه السلام أقر بخلافة أبي بكر و عمر

ص: 366

كتب (الصارم) في شبكة هجر، بتاريخ 16-9-1999، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (علي بن أبي طالب يقرّ بخلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنهما!!)، قال فيه:

هل يقر الشيعة بذلك؟. أجب بنعم أو لا، لنتحاور.

فكتب (كميل)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

الي الصارم، قال أمير المؤمنين عليه السلام: (أما والله لقد تقمصها إبن أبي قحافة وأنه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحي، ينحدر عني السيل ولا يرقي اليّ الطير، فسدلت عنها ثوباً وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذاء أو أصبر علي طخية عمياء يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير ويكدح فيها مؤمن حتي يلقي ربه، فرأيت أن الصبر علي هذا أحجي فصبرت وفي العين قذي وفي الحلق شجي، أري تراثي نهبا).

مما سبق تستطيع بنفسك معرفة موقف الإمام من خلافة أبي بكر.

علي أن الفاروق نفسه لم يري (كذا) شرعيتها بقوله: كانت بيعة أبي بكر فلتة وقي الله شرها، فمن عاد لمثلها فاقتلوه!!

وكتب (شعاع) في اليوم التالي، الرابعة صباحاً:

الي كميل، هل تعرف الكتاب الذي أخذت منه هذه العبارة.. هو نفس الكتاب الذي يقول: (لله بلاد فلان فقد قوم الأود وداوي العمد وخلف الفتنة وأقام السنة، ذهب نقي الثوب قليل العيب أصاب خيرها وسبق شرها أدي الي الله طاعته وأنقاه بحقه وتركهم في طرق متشعبة لايهتدي بها ضال ولا يستيقن المهتدي) نهج البلاغة ص350. تحقيق صبحي صالح.

ص: 367

هل تعلم من المقصود ولماذا حذف اسمه ووضعت كلمة (فلان)؟؟؟. أظنك تعرف ذلك؟ وإن كنت لاتعلم من هو فراجع كتب الشرح الشيعيه مثلاً: ابن الميثم البحراني: 4 / 96، 97 والدنبلي. وأيضا الدرة النجفية ص257، وشرح النهج الفارسي ج 4 ص 712. هذا مما بقي ولم يتعرض للتحريف والحذف؟؟؟

فكتب (مالك الأشتر)، السادسة صباحاً:

أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وأنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحي، ينحدر عني السيل ولا يرقي إليّ الطير، فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر علي طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتي يلقي ربه، فرأيت أن الصبر علي هاتا أحجي، فصبرت وفي العين قذي وفي الحلق شجاً، أري تراثي نهباً.... الخ. هذه هي الخطبة الشقشقية لفحل الفحول أسد الله الغالب علي بن أبي طالب صلوات الله عليه. رواها:

ابن قبة الرازي في كتابه الانصاف في الإمامة. ابن عبد ربه المالكي في العقد الفريد. القاضي عبد الجبار في المغني. أبو سعيد الآبي في كتابيه نثر الدرر ونزهة الأديب. سبط ابن الجوزي في تذكرة الخواص. وصححها الشيخ محمد عبده.

وكتب (الصارم) بتاريخ 17-9-1999، الواحدة ظهراً:

أريد جواباً بنعم، أو لا. طلبي واضح.

فكتب (الاشتر)، الواحدة والنصف ظهراً:

الصارم. بايع... نعم. لكن رضي بذلك... فلا.

ص: 368

وكتب (شعاع)، الثانية ظهراً:

ما معني أنه يمدح أبو بكر (كذا) أو عمر في مكان ويخونه في مكان آخر؟!!

هل هذا كلام رجل مسلم فضلاً عن إمام من أئمة المسلمين تزعمون عصمته؟؟ والروايات من النهج وغيره من كتبكم تثني علي الخلفاء الثلاثة.. فلا أدري ما هذا التناقض!!

وكتب (العاملي) 17-9-1999، الخامسة مساءً:

راجع ما فعله أوصياء الأنبياء عندما انقلبت أممهم علي أعقابها.. لتجد أن علياً عليه السلام فعل ما يجب عليه تماماً.. فبينما كان أهل بيت النببي صلي الله عليه وعليهم يعيشون أعظم حزن عاشه ناس في التاريخ.. وكانوا مشغولين في مراسم تجهيز جنازة النبي صلي الله عليه وآله.. سارع تحالف قبائل قريش خفية وغيلة مع الذين ائتمروا معهم، بدون إخبار أهل البيت!! الي عقد بيعة أبي بكر!!! ثم جاؤوا به يزفونه ويهددون من في طريقهم أن يبايع وإلا ضربت عنقه!!

لقد أكمل علي مراسم دفن النبي وهم غائبون مشغولون بإجبار المسلمين علي البيعة!! ثم أكملوا مؤامرتهم بتهديد علي بالقتل أو البيعة!!

وعندما اجتمع الممتنعون من الصحابة من المهاجرين والأنصار في بيت علي، هاجموا بيته وأحرقوا بابه.. وحصلت أحداث كثيرة...!!

ثم بايع علي بعد أيام ستة أشهر كما تقول صحاحكم! فبالله عليك هل تعتبر هذه بيعة شرعية عن رضا؟! وبالله عليك لو أجبروك علي بيع بيتك تحت السلاح، هل يكون ذلك بيعاً شرعياً، ويكون بيتك لهم حلالاً؟!!

فما بال فقهائكم يفتون ببطلان بيع المكره والمجبور.. حتي إذا دخلت علي

ص: 369

البيع تاء التأنيث صار حلالاً زلالاً؟!!

الأفضل لكم أن تتركوا هذه المواضيع.. فقد سكت علي عليه السلام من أجل حفظ الاسلام ونصرته.. ونحن حاضرون أن نسكت لسكوته!! أوما يكفيكم مؤامرة تحالف قريش علي علي وأهل بيت نبيكم؟! وتصرفهم الخشن الوحشي معهم؟!! حتي تريدون أن يمضي لكم علي علي شرعية عملهم؟!!

وكتب (الصارم)، الخامسة والنصف مساءً:

الشطري والعاملي:

أشكركم علي الشجاعة والإجابة، أظهر الله الحق لنا ولكم.

ما دمتم تقرون بالبيعة وأنه كان مكرهاً علي حد زعمكم!! أسألكم عن أم محمد بن الحنفية رحمه الله ورحمها الذي هو ولد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أهي حرة أم أمة؟ أجب علي السؤال فقط لا أريد الإطالة. قل هي حرة أم أمة فقط. وشكراً لك.

فكتب (الاشتر)، السابعة إلا الثلث مساءً:

يا صارم، إذا كنت ترنو الي الاستفسار عن كيفية قبول الامام علي أم محمد بن الحنفية من الخليفة وكيف رضي أن يأخذها.

فنقول لك لنا في هذا الكلام نظر، لأن البلاذري روي في كتابه تاريخ الاشراف أن علياً اشتراها منهم ثم اعتقها وأمهرها وتزوجها وولدت له محمداً، فلا تحاول إيجاد التناقضات الميؤوس منها.

وكتب (الصارم)، السابعة مساءً:

أجب عن سؤالي يا رجل، ثم إذا وصلنا إلي هذه النقطة أتحفنا بما عندك.

ص: 370

لا تغلق الطريق من أوله نريد أن نصل إلي شئ.

فكتب (العاملي)، التاسعة مساءً:

أشكل بعض الناس قبلكم: إذا كانت خلافة أبي بكر في نظر علي عليه السلام غير شرعية، فكيف ساعده في الفتوحات، وقبل أن يأخذ عطاءه من بيت المال، وكيف أخذ جارية من سبي بني حنيفة، هي أم ولده محمد المعروف بابن الحنفية؟

والجواب: أنه عليه السلام ولي المسلمين بعد رسول الله صلي الله عليه وآله، فله الحق أن يجيز حروبهم وفتوحاتهم، حتي لو قادها غيره.. وله الحق أن يأخذ من الغنائم والسبي سهمه، أو يشتري.. وليس في ذلك أي إمضاء أو إعطاء شرعية لنظام الحكم!

علي أنك تعرف أن الأنبياء وأوصياءهم عليهم السلام، ربما كانوا يقبلون هدايا الناس وحتي الطغاة في زمانهم!

أما عندنا فهذا الاشكال غير وارد من أساسه، لأن علياًّ عليه السلام مع الحق بالنص وهو مطهر معصوم بالنص.. فعمله حجة ودليل علي الجواز.

وأزيدك، أننا نروي أن كل الأئمة المعصومين عليهم السلام كان في عنقهم بيعة أجبروا عليها بشكل وآخر من حكام عصرهم.. إلا الامام المهدي عليه السلام. وهذا يعني أنهم مأمورون بمداراة السلطة، وعدم الخروج عليها.. وقد روينا ورويتم أن النبي صلي الله عليه وآله أخبر علياً بأن الأمة ستغدر به، وأنك ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين!! ووجّهه ماذا يفعل.

وكتب (الصارم) بتاريخ 18-9-1999، الثانية ظهراً:

قلت يا عاملي: (أنه عليه السلام ولي المسلمين بعد رسول الله صلي الله عليه وآله، فله الحق أن يجيز حروبهم وفتوحاتهم، حتي لو قادها غيره.. وله الحق أن يأخذ من الغنائم

ص: 371

والسبي سهمه، أو يشتري..وليس في ذلك أي إمضاء أو إعطاء شرعية لنظام الحكم!).

سبحان ربي فقه عجيب فات علماء الفقه والاجتماع والقانون، واكتشفه العاملي! خليفة بلا خلافة!! إذاً أنا أعلن من هذه الساحة أني خليفة المسلمين، وأجيز ما يفعله حكامهم!! ومن أراد أن يعلن منكم الآن فليفعل، فهذه مكرمة من العاملي تفضل بها علينا! لا أظنها ستتكرر.

أيها العاملي أشكرك علي اختصار الطريق، وهذا ما أريده بالضبط، لكن لِمَ المكابرة؟! أيعقل أن يكون الإنسان خليفة بلا خلافة أهذه حجة!!

ولنتنزل معك علي هذه الدعوي المتهافتة أن علياًّ هو الخليفة، وأن أبا بكر هو الخليفة التنفيذي، فقد قلت: بأنه راض عن ذلك. فما الخلاف إذاً؟

ما دام راضياً بصنيعهم فالحمد لله، ولماذا تخالفونه؟ وما الذي حمل علياًّ رضي الله عنه علي السكوت مدة ولاية أبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه وعثمان رضي الله عنه؟. أتعرفون الحق أكثر منه؟!!

سبحانك ما أحلمك علي عبادك. هدانا الله وإياك للصواب.

وكتب (المقدام)، الثانية وعشر دقائق ظهراً:

والأدهي أخي الصارم أنه عندما أصبح خليفة المسلمين... تخاذلوا عنه فقال فيهم: (ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها وأصبحت أخاف ظلم رعيتي، استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سراً وجهراً فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا، شهود كغياب، وعبيد كأرباب، وأحثكم علي جهاد أهل البغي فما آتي علي آخر قولي حتي أراكم متفرقين أيادي سباً… منيت منكم بثلاث واثنتين، صم ذووأسماع، وبكم ذوو كلام،

ص: 372

وعمي ذوو أبصار، لا أحرار صدق عند اللقاء، ولا إخوان ثقة عند البلاء.

والله لكأني بكم فيما إخالكم: أن لو حمس الوغاء وحمي الضراب، قد انفرجتم عن ابن أبي طالب انفراج المرأة عن قبلها. نهج البلاغة 141-142

وكتب (البيان)، الحادية عشرة ليلاً:

قال أمير المؤمنين علي عليه السلام:

فإن كنت بالشوري ملكت أمورهم فكيف بذاكَا والمشيرون غُيَّبُ

وإن كنت بالقربي حججت خصيمهم فغيرك أولي بالنبيَِ وأقرب

زعمهم أن أمير المؤمنين علیه السلام أقر سيرة أبي بكر وعمر

كتب (عمر) في شبكة هجر، بتاريخ 20-9-1999، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (لماذا رفض علي بن ابي طالب الخلافة حينما عرضت عليه مع شرط العمل بسيرة الشيخين؟)، قال فيه:

وهو يعلم أنها من حقوقه الخاصة بنص الولاية في طريق الرجوع من حجة الوداع.. ومع علمه أنها إن وصلت الي عثمان بن عفان زعيم الأمويين.. فإنها ستصل الي غلمان بني أمية وصبيانهم يلعبون بها كلعبهم بالكرة؟؟

فأجابه (العاملي) بتاريخ 20-9-1999، الحادية عشرة صباحاً:

أخبر النبي صلي الله عليه وآله عليا والزهراء والحسنين عليهم السلام بكل ما سيحدث بعده، ووجههم بما أمره الله تعالي.

ومن الخطوط التي سار عليها علي عليه السلام، ما يمكن أن نسميه: سياسة الحدية

ص: 373

في النظرية والمرونة في التطبيق. فقد كان المهم عنده أن يبقي الاسلام في أصوله وحدوده محفوظاً سالماً من التحريف، حتي لو لم يطبق فعلاً.

واشتراطهم عليه أن يسير بسنة وسيرة أبي بكر وعمر، محاولة منهم لانتزاع الاعتراف بأنها جزء من الاسلام! وهذا تحريف للاسلام وإضرار (بنظريته) لا يمكن لعلي القبول به. بل من مصلحة الاسلام أن يسجل التاريخ أن علياًّ عليه السلام رفض أن يعطي الشرعية لسيرتهما، وأعلن أنها ليست جزء من الاسلام!!!

وهو موقف مشرف من أمير المؤمنين عليه السلام، كشف أنه ليس حريصاً علي الملك والخلافة كما اتهموه، لأنه رفضها عندما كان ثمنها أن يدخل في الدين ما ليس منه!! كما رفض استعمال الحيلة والغش السياسي والاجبار لأخذ الخلافة.

ولو كان غيره لقال: نعم قبلت، وعندما يصير خليفة يعمل ما شاء!!

إنه علي وزير النبي وأخوه ووصيه، وجوهره من جوهره.. وقد كشف هذا الموقف سمو هذا الجوهر الرباني!!

وكتب (الصارم المسلول)، الحادية عشرة ليلاً:

أتمني من الأخوه الكرام أن يأتوا بالدليل علي ذلك.كما أني أسال:

هل في سيرة الخلفاء كفر؟.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 21-9-1999، الرابعة عصراً:

يا مسلول.. قبل أن تسأل هل في سيرة الخلفاء كفر، أنظر التواريخ في قصة الشوري وبيعة عثمان وانظر هل هذا الكلام صحيح أم لا؟ فإن كان الكلام صحيح راجع سيرتهم بتجرد واجعل الميزان رسول الله صلي الله عليه وآله.

وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضي.

ص: 374

وكتب (شعاع)، الخامسة مساءً:

لا أدري أي مصلحة وأنتم تكفرون من والي الشيخين، فأي إسلام بقي حتي يحافظ علي كيانه إذا كان كل من أسلم قد ارتد إلا نفر قليل... واقرأوا في نهج البلاغة نصيحة علي لعثمان رضي الله عنهما.... وتعرفون هل كان علي يعتقد بالنص الذي ادعاه ابن سبأ وشيعته... ويقول علي: (والله ماكان لي في الخلافة رغبة ولا في الولاية إربة ولكن دعوتموني اليها وحملتوني عليها) نهج البلاغة. فلا أدري هل من قال هذا الكلام كان يعتقد بالنص... ويقول: (دعوتموني... حملتوني) ولماذا لم يقل: حملنيها الله ورسوله... تناقضات تمتليء بها كتبكم. ففي الشقشية يذم الراشدين وفي مواطن أخري يمدحهم. وذلك في نفس الكتاب ومنها (لله بلاء فلان...) الخ... وهو يعني بذلك عمر كما قال به شراح النهج من الشيعة... فلا أدري أيهما التي قال علي؟

وكتب (الشيباني)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ماذا تتأمل من كتاب بين الراوي فيه (الشريف الرضي) والمروي عنه (علي رضي الله عنه) أكثر من ثلاثمائة سنة؟؟!!. مثل هذا عندنا معشر أهل السنة والحديث لا يُستحق النظر فيه أصلاً فضلاً عن الأخذ عنه ومنه!!!.

فكتب (العاملي) بتاريخ 22-9-1999، الثانية والربع صباحاً:

لا تظلم نهج البلاغة ياشيباني.. فقد ذكرنا لك أن الشريف الرضي أسقط الأسانيد وأن اعتماد علمائنا علي الأسانيد الواردة لخطب نهج البلاغة ورسائله وكلماته في مصادر أخري، ونصفها علي الأقل في مصادركم..

بالله عليك لو رأيت كتاباً جمع فيه مؤلفه مختارات كلام عمر وأسقط

ص: 375

أسانديها.. هل كنت تقول عنه هذا لكلام، أم تقول: إنه موجود بأسانيده في المصادر؟!!

ثم.. إذا رأيت لعمر عدة أقوال لعمر في شخص، بعضها يظهر منه المدح وبعضها صريح في الذم.. ألا تقوم بتتبعها والجمع بينها، لتخرج بنتيجة رأيه الحقيقي في ذلك الشخص؟. فلماذا لا تفعل ذلك في كلمات علي عليه السلام في الخلفاء الذين قبله، وفي معاوية؟!

وكتب (الشيباني)، السابعة صباحاً:

لا تكذب يا عاملي!!! أنت بنفسك اعترفت بأن ما في نهج البلاغة هو من قبيل المرسل والمنقطع، وإن شئت نقلت لك كلامك!!

أما قولك: بالله عليك لو رأيت كتاباً جمع فيه مؤلفه مختارات كلام عمر وأسقط أسانديها.. هل كنت تقول عنه هذا لكلام؟

فأقول: أريدك أن تذهب أبعد من ذلك!! لو رأيتُ كتاباً جمع فيه مؤلفه أقوال الرسول صلي الله عليه وسلم (وليس عمر رضي الله عنه) وأسقط أسانيدها فلا أعدّه شيئاً ولا أنظر فيه! فهل تقتنع الآن؟؟.

وكتب (العاملي) بتاريخ 22-9-1999، الثامنة صباحاً:

لا تناقض في رأيي في نهج البلاغة ولا كذب.. ولكنك عجول.. متهم! فقد قلت لك إن اعتمادنا علي مصادر نهج البلاغة، لأنه مرسل. وإن كنت من أهل العلم، فإن الفرق بين الرد.. وبين التوقف من أجل التثبت من المصادر، كبير!!

وكتب (كميل)، الرابعة عصراً:

الي شعاع. قال أمير المؤمنين كلمته تلك، بعد أن هزلت حتي بدا من هزالها

ص: 376

كلاها واستامها كل مفلس! ليس لعدم إيمان منه بحقه فيها، ولكن لعلمه بنتيجة أخذه لهم بالحق.

إرجع الي التاريخ واقرأ كلامه عليه السلام مع طلحة والزبير حين بايعاه.

وكتب (شعاع)، الرابعة والثلث عصراً:

كميل: لا أدري هل يقول هذا من نص الله عليه؟؟ ولا أدري كيف يدعي أن المسلمون (كذا) هم من حمله الأمر، وهم من دعوه الي ذلك؟؟ فإنك بتفسيراتك تخاصم نفسك!! فإن رسول الله أوذي أكثر من عشر سنوات ولم يقل مثل هذا الكلام....وأظن من خلال قراءتي لكتبكم أن الامامة كالنبوة تكون بالنص، وأن أئمتكم أفضل من الأنبياء والملائكة كما يدعي الخميني وغيره... فيا تري أين النص؟؟

أنا اطلعت علي النهج.... واعتقد أنه هو الكتاب الوحيد الذي يستاهل أن يقرأ من كتبكم... ومع ذلك فإنكم تخالفون كثيراً مما فيه، فأنتم تكفرون معاوية ومن معه، وهو في الكتاب يصفهم أكثر من مرة بأنهم إخوانهم في الدين، وأن الخلاف كان في دم عثمان، وينهي أتباعه عن سب معاوية ومن معه ويأمرهم بأن يدعوا الله أن يحقن دماء الطرفين... فلا أدري أين أنتم من تطبيق هذا؟؟.

وكتب (الصارم المسلول)، الثامنة مساءً:

الي العاملي: أريد منك مصدر واحد (كذا) علي اشتراط اتباع سنة الخلفاء؟

وأجابه (العاملي)، الحادية عشرة ليلاً:

نفي ابن تيمية في منهاج السنة ج 2 ص 351، أن يكون عبد الرحمن بن عوف قد عرض الخلافة علي علي عليه السلام بشرط أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله

ص: 377

وسيرة الشيخين أبي بكر وعمر. وقال إنه لم يثبت. ولكن ابن عبد البر رواه في العقد الفريد ج2 ص260، ورواه الشريف المرتضي في الشافي ج 4 ص 209.

ويؤيده أن المنكرين علي عثمان أنكروا عليه مخالفة ما اشترط عليه في الخلافة من السير بسيرة الشيخين، كما في السيرة الحلبية ج 2 ص 87، وغيرها كثير.

وكتب (الصارم المسلول)، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

يعني يا عاملي لم يصل الي حد التواتر، وأنتم تحاجونا بالمتواتر، ولكن هل ذكرت لي الرواة من المصدرين؟ خلاصة الكلام: لم يقل أحد بأن علي رفض الخلافه لهذا الشرط. انتهي.

قال (العاملي):

ولكنهم عندما يعترفون بأن ابن عوف عرض الخلافة علي علي قبل عثمان بشرط، فلم يقبلها.. فعليهم أن يبينوا هذا الشرط الذي رفضه أمير المؤمنين عليه السلام.. ولا وجود لرواية تبينه إلا هذه؟!!

ص: 378

زعمهم أن عليا علیه السلام فضل أبابكر علي نفسه!

وكتب (الحبيب) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 25-7-1999، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (علياً (كذا) يقول لا يفضلني أحد علي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إلا جلدته حد المفتري)، قال فيه:

إذا وجد السبب بطل العجب!!! قال شيخ الإسلام (شاؤوا الرافضة أو لم يشاؤوا) في كتابه الصارم المسلول:

1- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قال رسول الله عليه الصلي والسلام (يظهر في أمتي في أخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام). هكذا رواه عبد الرحمن بن أحمد في مسند أبيه...

2- قال علي أبن أبي طالب: قال رسول الله عليه الصلي والسلام (ألا أدلك علي عمل إن عملته كنت من أهل الجنة؟ وأنك من أهل الجنة، سيكون بعدنا قوملهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون).

قال علي: سيكون بعدنا قوم ينتحلون مودتنا يكذبون علينا، مارقة، أية ذلك أنهم يسبون أبا بكر وعمر رضي الله عنهم.

3- ورواه أبو القاسم البغوي عن علي رضي الله عنه قال: يخرج في أخر الزمان قوم لهم نبز (أي لقب) يقال لهم الرافضة يعرفون به، وينتحلون شيعتنا وليسوا من شيعتنا، وأية ذلك أنهم يشتمون أبا بكر وعمر أينما أدركتموهم فاقتلوهم فإنهم مشركون.

4- عن أنس قال: قال رسول اله عليه الصلي والسلام (أن الله أختارني وأختار لي أصحابي فجعلهم أنصاري وجعلهم أصهاري وأنه سيجئ في آخر الزمان قوم

ص: 379

يبغضونهم، أل افلا تواكلوهم ولا تشاربهم، ألا فلا تناكحهم ألا فلا تصلون معهم ولا تصلون عليهم،عليهم حلت اللعنة).

5- بلغ علي أبن أبي طالب أن عبد الله بن السوداء يبغض أبا بكر وعمر فهمّ بقتله فقيل له: تقتل رجلاً يدعوا إلي حبكم أهل البيت؟ لا يساكني في دار أبداً.

ويؤيد ذلك ما روي الحكم بن حجل قال: سمعت علياًّ يقول: لا يفضلني أحد علي أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ألا جلدته حد المفتري...

هذا ما جاء في كتاب (الصارم المسلول) لشيخ الإسلام أبن تيميه رحمه الله ص582 إلي ص 585.

(إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ).

وكتب (الاشتر) بتاريخ 25-7-1999، الواحدة ظهراً:

رد سريع:

1- حدثنا عبد الله، حدثنا محمد بن جعفر الوركاني في سنة سبع وعشرين ومائتين، حدثنا أبو عقيل يحيي بن المتوكل وحدثنا محمد بن سليمان لوين في سنة أربعين ومائتين، حدثنا أبو عقيل يحيي بن المتوكل، عن كثير النواء، عن إبراهيم ابن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن أبيه عن جده قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: يظهر في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الاسلام.

الرد: يحيي بن المتوكل ابو عقيل المدني ضعيف. وأخرجه عبد الله بن أحمد في (زوائد المسند) ج1 ص103، يحيي منكر الحديث وكثير النواء ضعيف

2- قال علي أبن أبي طالب:قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: (ألا أدلك

ص: 380

علي عمل أن عملته كنت من أهل الجنة؟. وأنك من أهل الجنة، سيكون بعدنا قوم لهم نبز يقال لهم: الرافضة فإن أدركتهم فاقتلهم فإنهم مشركون.

الرد: أورده ابن الجوزي في (الواهيات) راجع كنز العمال للمتقي الهندي ج11 الحديث 31631 (راجع الهامش). وروي في مجمع الزوائد للهيثمي حديثاً بنفس اللفظ وهو:

3- عن أم سلمة قالت: كانت ليلتي وكان النبي صلي الله عليه وسلم عندي، فأتته فاطمة فسبقها علي، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: يا علي أنت وأصحابك في الجنة إلا أنه ممن يزعم أنه يحبك أقوام يرفضون الإسلام ثم يلفظونه يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم لهم نبز يقال لهم الرافضة فإن أدركتهم فجاهدهم فإنهم مشركون قلت: يا رسول الله ما العلامة فيهم؟. قال: لا يشهدون جمعة ولا جماعة ويطعنون علي السلف الأول. رواه الطبراني في الأوسط وفيه الفضل بن غانم وهو ضعيف (راجع مجمع الزوائد الحديث رقم 15660)

أما بقية الروايات التي ذكرتها فلم أجد لها ذكر كتب الأحاديث. فيا ليتك تذكر لنا مصدر هذه الأحاديث وتذكر السند. والله الموفق.

وكتب (جايكل)، السابعة مساءً:

سبحان الله. راجع كتاب ابن تيميه وستجد السند. مع أطيب تحياتي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 25-7-1999، التاسعة مساءً:

نصَّ علماؤكم والحمد لله علي أن أحاديث ذم الرافضة موضوعة..

أما الحديث المزعوم في مدح علي عليه السلام لأبي بكر، فلا يصح لا سنداً ولا متناً. وأكبر دليل علي ذلك أنه صح عن علي عليه السلام عند الطرفين ما هو ضده، بل

ص: 381

روت الصحاح اتهامه لأبي بكر وعمر بالغدر والخيانة! فلوكان القول المذكور صدر منه لروته صحاح الخلافة القرشية التي كانت تبحث عن شبيه له!!

بينما لم يروه واحد من الصحاح ولا المجاميع المعتبرة عند السنيين، ولم أجد من صححه غير ابن التيمية!! وعلماء الجرح والتعديل لا يعتبرون تصحيح ابن الست تيمية وتضعيفه، لأنه ليس من أهل الخبرة، ولأنه كان متحاملاً علي علي عليه السلام!!

بل حتي أتباع ابن تيمية لا يعتبرون تصحيحه! ولذا خطأه الألباني في تضعيفه حديث (من كنت مولاه فعلي مولاه) وصححه واعترف أن ابن تيمية كان يتسرع في رده علي الشيعة بتضعيف الأحاديث الصحيحة!!

وقد روي هذا الحديث الهندي في كنز العمال ج: 13 / 9، عن الخطيب في تلخيص المتشابه، وفي ص 27 عن ابن أبي عاصم وخيثمة في فضائل الصحابة).

وقد طبَّل ابن تيمية كثيراً لهذا لحديث، واستشهد به في عدد من كتبه، مثل كتاب النبوات ص 130 فقال: (والشيعتان وفي مع سائر الأمة متفقة علي تقديم أبي بكر وعمر. قيل لشريك بن عبدالله القاضي: أنت من شيعة علي وأنت تفضل أبا بكر وعمر؟ فقال: كل شيعة علي علي هذا، هو يقول علي أعواد هذا المنبر: خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر. أفكنا نكذبه والله ما كان كذاباً!! انتهي.

والمعروف عن شريك خلاف ذلك، كما تري في ترجمته في مصادر السنيين.

كما استشهد ابن تيمية بهذا الحديث المزعوم في الصارم المسلول ص 1105 بشكل مؤيد وليس أساسياً، فقال: (ويؤيد ذلك ما روي الحكم بن جحل قال: سمعت علياًّ يقول.. ثم قال: وروي ذلك ابن بطة اللالكائي من حديث سويد بن

ص: 382

غفلة عن علي في خطبة طويلة خطبها..

ثم نقل ابن تيمية ذلك عن عمر فقال: وروي الامام أحمد باسناد صحيح عن ابن أبي ليلي قال: تداروا في أبي بكر وعمر. فقال رجل من عطارد: عمر أفضل من أبي بكر. فقال الجارود: بل أبو بكر أفضل منه. قال: فبلغ ذلك عمر، قال: فجعل يضربه ضرباً بالدرة حتي شغر برجليه. ثم أقبل الي الجارود فقال: إليك عني. ثم قال عمر: أبو بكر كان خير الناس بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم في كذا وكذا. ثم قال عمر: من قال غير هذا أقمنا عليه ما نقيم علي المفتري! انتهي. وهذا هو أصل الحديث، فهو عن عمر، ثم نسبوه زوراً الي علي عليه السلام!!

ونقله ابن تيمية في الصارم المسلول ص 1106، عن ابن بطة اللالكائي من حديث سويد بن غفلة عن علي في خطبة طويلة خطبها. انتهي.

وكرر الحديث في منهاج سنته: 1/ 308، وادعي أنه متواتر!! فقال: (وقد ثبت عن علي رضي الله عنه الأحاديث الثابتة بل المتواترة أنه قتل الغالية كالذين يعتقدون إلهيته بعد أن استتابهم ثلاثاً كسائر المرتدين، وأنه كان يبالغ في عقوبة من يسب أبا بكر وعمر وأنه كان يقول أنهما خير هذه الأمة بعد نبيها وهذا مبسوط في مواضع)!!. انتهي.

وهذه دعوي غريبة يضحك منها طلبة علم الحديث المبتدئون!!

ولعل ابن تيمية دلس في كلامه، فنسب التواتر الي قتل علي للغلاة الذين ألهوه، ثم عطف عليه عقوبة علي المزعومة لمن كان يفضله علي أبي بكر!!

وقال ابن تيمية في جامع الرسائل ص 261: (ولما بلغ علياً أن أقواماً يفضلونه علي أبي بكر وعمر قال: لا أوتي بأحد يفضلني علي أبي بكر وعمر إلا جلدته حد المفتري). انتهي. ولم يذكر له ابن تيمية سنداً! وبذلك يعلم أن أصل

ص: 383

الحديث عن عمر، وأنهم وضعوه علي لسان علي عليه السلام. وإن أردت مايضاده من الصحاح، قدمناه لك، وإنما لم نذكره لأنه ثقيل عليك.

وكتب (الأشتر) بتاريخ 26-7-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أخي العاملي... رحم الله والديك. تحياتي.. أخوك الاشتر

وكتب (علي 110)، الرابعة عصراً:

لا فُضّ فوك أيها العاملي، وأحسنت أيها الأشتر، أما الرد:

أولاً: كن عارفاً باللغة العربية وأحسن كتابتها، ومن ثم دافع أو هاجم، فكلمة ابن تحذف ألفها عند وقوعها بين اسمين.

ثانياً: إن الحديث يصرخ بأعلي صوته بأنه من الأحاديث الموضوعة، وأنه لم يعتمده أصحاب الصحاح، وشيخ الاسلام هذا من مصاديق: نرده الي أرذل العمر.

ثالثاً: كيف تفسر انقطاع الامام علي عليه السلام عن الذين تدعي أنه رفض أن يفضل عليهم وعدم مشاركته عليه السلام لهم في اجتماعاتهم، أوليس هذا من العجاب؟.

رابعاً: كيف تفسر حكم معاوية بسبّ وشتم ولعن الامام علي عليه السلام أكثر من ثلاثين سنة علي المنابر في استفتاحية الخطب، أليس هذا دليل علي بغضه لأحد أصحاب الرسول صلي الله عليه وآله، وأنه يرفض الاسلام لخروجه علي خليفة رسول الله صلي الله عليه وآله؟ غفر الله لنا ولكم. والسلام.

وكتب (شريفي)، التاسعة مساءً:

هل تعرف من قائل هذا الحديث: لا يفضلني أحد علي أبو بكر وعمر رضي

ص: 384

الله عنهما إلا جلدته حد المفتري... إنهم أجداد ابن تيمية الذي كانوا يقتلون ويجلدون الموالين لأهل بيت الرسول ويفضلونهم علي كل الطغاة والظلمة!! فكان هؤلاء الظلمة يكتبون أحاديث يبررون بها جلدهم وقتلهم لهؤلاء الموالين المظلومين!

زعمهم أن أميرالمؤمنين علیه السلام مدح أبابكر و عمر

كتب (محب السنة) في شبكة هجر، بتاريخ 30-11-1999، الرابعة عصراً، بعنوان (هل أثر عن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه الطعن في أبي بكر أو عمر رضي الله عنهما)، قال فيه:

أولاً: أحيّ جميع الزملاء بتحية الإسلام بعد طول غياب، فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثانياً: أرجو الله تعالي أن يكون هدفنا من النقاش الرغبة في إحقاق الحق والتمسك به وليس حب الغلبة والظهور بمظهر المنتصر لأهداف شخصية ومآرب ذاتية، فليس هذا شأن الدعاة إلي الله تعالي السائرون علي نهج نبيه صلي الله عليه وسلم إن كنا نري أنفسنا كذلك.

ثم أقول: من المعلوم المتفق عليه عند المسلمين كافة أن علي بن أبي طالب رضي الله مشهور بالشجاعة والقوة في الحق وأنه لا يداهن في دين الله تعالي ولو كلفه ذلك حياته. والشواهد علي شجاعة علي رضي الله عنه أكثر من أن تحصر. ومن عرف بهذه الشجاعة، هل يعقل أن يسكت حين يغصب حقه بل أعظم حقوقه ألا وهو الخلافة، بل المأثور عنه أنه علي العكس من ذلك يثني علي من

ص: 385

يُزعم أنه غصبه حقه ويمدحه ويعترف له بالفضل. وهذا ماروي عن علي رضي الله عنه بالتواتر، وهي أصح طرق الرواية التي تثبت بها الأخبار. فقد روي عنه بطرق أكثر من أن تحصر التصريح بفضل أبي بكر ثم عمر.

فعن محمد بن الحنفية، قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ قال: أبو بكر. قلت: ثم من؟. قال: ثم عمر. وخشيت أن يقول عثمان. قلت: ثم أنت؟. قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين. رواه البخاري.

وروي الإمام أحمد، عن أبي جحيفة، قال: سمعت علياًّ رضي الله عنه يقول: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر، ثم قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر: عمر رضي الله عنه.

وروي الإمام أحمد، عن الشعبي، حدثني أبو جحيفة الذي كان علي يسميه وهب الخير، قال: قال علي رضي الله عنه: يا أبا جحيفة ألا أخبرك بأفضل هذه الأمة بعد نبيها؟ قال: قلت: بلي. قال ولم أكن أري أن أحداً أفضل منه، قال: أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وبعد أبي بكر عمر رضي الله عنه. وبعدهما آخر ثالث ولم يسمه.

وروي الإمام أحمد، أيضاً عن عبد خير الهمداني، قال: سمعت علياًّ رضي الله عنه يقول علي المنبر: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها؟. قال: فذكر أبا بكر. ثم قال: ألا أخبركم بالثاني؟ قال: فذكر عمر رضي الله عنه. ثم قال: لو شئت لأنبأتكم بالثالث. قال: وسكت. فرأينا أنه يعني نفسه. فقلت: أنت سمعته يقول هذا؟. قال: نعم ورب الكعبة وإلا صمتاً.

وروي أبو داود، عن محمد ابن الحنفية، قال: قلت لأبي: أي الناس خير بعد

ص: 386

رسول الله صلي الله عليه وسلم؟. قال: أبو بكر. قال: قلت: ثم من؟. قال: ثم عمر. قال: ثم خشيت أن أقول ثم من؟. فيقول: عثمان. فقلت: ثم أنت يا أبة؟ قال: ما أنا إلا رجل من المسلمين.

(حذفت أسانيد هذه الأحاديث رغبة في الاختصار).

والمشهور عند الشيعة أن العلاقة بين علي رضي الله عنه وسائر الصحابة وخصوصاً الشيخين علاقة خصومة وشقاق. فهل يستطيع الشيعة أن يثبتوا دعواهم هذه بأدلة صحيحة ثابتة عن علي رضي الله عنه يصرح فيها ببغض الشيخين أو تفسيقهما أو بما يناقض ما أردنا الاستدلال له.

وكتب (فرات) بتاريخ 30-11-1999، السادسة مساءً:

الأخ الكريم محب السنة، السلام عليكم: في البدء أشكر لك روحك المنفتحه في النقاش، وأرجو أن يدوم ذلك إلي النهاية.

إن الموضوع الذي طرحته من المواضيع الحساسة التي كنا نتجنب الخوض فيها حرصاً علي الوحدة الإسلامية وعدم الخدش في مشاعر الأخوة من أهل السنة وخصوصاً فيما يتعلق بأبي بكر وعمر حيث أن لهما المقام السامي والمرموق في قلوب أبناء السنة والجماعة، فاحتراماً لمشاعرهم ومقدساتهم كنا لا ندخل في مثل هذه المواضيع، ولكن إذا أحبت التلميح وليس التصريح نعرض عليك بعضاً من ذلك. ولا بد قبل ذلك من وضع محطات للحوار وأسس للمناقشة، لابد من الالتفات إليها جيداً لكي نشترك فيها وننطلق منها.

وأول هذه المحاور وأهمها: هي تقبل الأحاديث الصحيحة من كتب الشيعة ومن أسانيدهم؟ أعتقد أن جوابك سوف يكون بالنفي والسلب لا بالإثبات والقبول.

ص: 387

فإذا كان كذلك فما الداعي وماالفائدة في طلب أدلة صحيحة من الشيعة، وأما الأحاديث التي تفضلت بها فهي كذلك من كتبكم وهي حجة عليكم ولا يمكن الاحتجاج بها علينا لعدم قبولها عندنا لكني أقول: إن خطبة الشقشقية لهي خير دليل علي مظلومية أمير المؤمنين عليه السلام التي ذكرها أهل السنة في مصادرهم ونسبوها إلي علي عليه السلام قبل خلق الشريف الرضي وممن يرتضيها أيضاً من أهل السنة من المتأخرين عن الشريف الرضي هو ابن أبي الحديد في شرحه علي نهج البلاغة.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 30-11-1999، الثامنة مساءً:

علي رضي الله عنه تولي الخلافة وأصبح أميراً للمؤمنين وكان بإمكانه أن يظهر ما عنده من اعتقاد في الصحابة ومنهم الشيخين فترة خلافته، ولو أنه فعل ذلك لاشتهر عنه كما اشتهر عن بعض بني أمية سب علي رضي الله عنه، ولكن ذلك لم يحدث ولا يكفي في ذلك خبر بلا إسناد أو إسناد واهٍ لا يعول عليه، فأخبارنا التي نرويها عنه في الثناء علي الشيخين متواترة لا مجال للطعن فيها.

وكتب (المأمن بالله)، الثامنة والنصف مساءً:

أما بعد، أخي الفرات السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إسمح لي يا أخي العزيز أن أزيد علي الموضوع تعقيباً علي ما قلته حتي يتسني للأخ محب السنة أن يستدل بصورة أكثر توضيحاً... ووفقكم الله. لماذا قعد علي (علیه السلام) ولم يطالب بحقه؟.

وذلك لأن الإمام (علیه السلام) كان متفانياً في الله سبحانه وتعالي، فلا يريد شيئاً لنفسه ولا يطلب المصالح الشخصية، بل أثبت في حياته وسلوكه أنه (علیه السلام) كان وراء المصالح العامة، وكان يبتغي مرضات الله تعالي بالحفاظ علي الدين،

ص: 388

وإبقاء شريعة سيد المرسلين. ولا يخفي أن الإسلام في ذلك الوقت كان يعد جديداً ولم ينفذ في قلوب أكثر معتنقيه، فكانوا مسلمين بألسنتهم، ولمّا يدخل الإيمان في قلوبهم، لذا كان الإمام علي (علیه السلام) يخشي من حرب تقع بين المسلمين إذا جرّد السيف لمطالبة حقه بالخلافة والتي كانت له لا لغيره، أو المطالبة بفدك لفاطمة الزهراء (علیها السلام) أو مطالبة إرثها من أبيها رسول الله (صلی الله علیه و آله) الذي منعوها من ذلك بحجة الحديث (ونحن معاشر الأنبياء لا نورث) وكأن الرسول (صلی الله علیه و آله) لا يعلم بذلك فتركها هكذا دون علم ومعرفة فسكت علي (علیه السلام) وسكن لكي لا تقع حرب داخلية، لأنه كان يري في المطالبة بحقه في تلك الظروف الزمنية زوال الدين وإفناء الإسلام لو وقعت حرب بين المسلمين. وقد كان أكثرهم ينتظرون الفرصة حتي يرتدوا إلي الكفر.

جاء في روايات أهل البيت والعترة الطاهرة (علیها السلام) أن فاطمة الزهراء (علیها السلام) لما رجعت من المسجد بعدما خطبت خطبتها العظيمة وألقت الحجج علي خصومها، خاطبت أبا الحسن (علیه السلام) وهو جالس في البيت فقالت: يابن أبي طالب، إشتملت شملة الجنين وقعدت حجرة الظنين، نقضت قادمة الأجدل، وخانك ريش الأعزل فأجابها علي (علیه السلام): نهنهي عن نفسك ياابنة الصفوة وبقية النبوة، فما ونيت عن ديني ولا أخطأت مقدوري. فإن كنت تريدين البلغة فرزقك مضمون وكفيلك مأمون. وما أعد لك أفضل مما قطع عنك.

قالوا: فبينما علي (علیه السلام) يكلمّها ويهدؤها وإذا بصوت المؤذن إرتفع، فقال لها علي (علیه السلام): يا بنت رسول الله (صلی الله علیه و آله) إذا تحبين أن يبقي هذا الصوت مرتفعاً ويخلد ذكر أبيك رسول الله (صلی الله علیه و آله) فاحتسبي الله عز وجل واصبري. فقالت (علیه السلام): حسبي الله. وأمسكت.

ص: 389

وأقرب تأكيد وإعتبار علي ما أقوله هو ما نقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:1/307، ط. إحياء الكتب العربية عن المدائني عن عبد الله بن جنادة، أنه (علیه السلام) خطب في أول إمارته وخلافته بالمدينة المنورة. فحمد الله وأثني عليه (عز وجل)، وذكر النبي وصلي عليه ثم قال: أما بعد، فإنه لمّا قبض الله نبيه (صلی الله علیه و آله) قلنا: نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه دون الناس، لا ينازعنا سلطانه أحد، ولا يطمع في حقنا طامع، إذ انبري لنا قومنا فغصبونا سلطان نبينا، فصارت الإمرة لغيرنا وسرنا سوقة، يطمع فينا الضعيف، ويتعزز علينا الذليل، فبكت الأعين منّا لذلك، وخشنت الصدور وجزعت النفوس، وأيم الله لولا مخافة الفرقة بين المسلمين، وأن يعود الكفر ويبور الدين، لكنا علي غير ما كنّا لهم عليه … إلخ.

ونقل ابن أبي الحديد أيضاً بعد هذه الخطبة في صفحة 308، عند مسيره للبصرة، قال: (إستأثرت علينا قريش بالأمر، ودفعتنا عن حق نحن أحق به من الناس كافة فرأيت أن الصبر علي ذلك أفضل من تفريق كلمة المسلمين وسفك دمائهم، والناس حديثوا عهد بالإسلام، والدين يمخض مخض الوطب، يفسده أدني وهن، ويعكسه أقل خلف... إلخ.

ولعلي(علیه السلام) في نهج البلاغة كتاب إلي أهل مصر، بعثه مع مالك الأشتر رحمه الله جاء فيه: أما بعد، فإن الله سبحانه وتعالي بعث محمد (صلی الله علیه و آله)، نذيراً للعالمين ومهيمناً علي المرسلين، فلما مضي (صلی الله علیه و آله) تنازع المسلمون الأمر بعده، فوالله ما كان يلقي في روعي، ولا يخطر ببالي أن العرب تزعج هذا الأمر من بعده (صلی الله علیه و آله) عن أهل بيته، ولا أنه منحوه عني من بعده (صلی الله علیه و آله)، فما راعني إلا إنثيال الناس علي فلان يبابعونه، فأمسكت بيدي حتي رأيت راجعة الناس قد رجعت عن

ص: 390

الإسلام، يدعون إلي محق دين محمد (صلی الله علیه و آله) فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أري فيه ثلماً أو هدماً، تكون مصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي هي متاع أيام قلائل يزول منها ما كان … إلخ..

ونقله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج9/94، ط إحياء الكتب العربي تحت عنوان: خطبة الإمام علي (علیه السلام) بعد مقتل محمد بن أبي بكر، قال: وروي إبراهيم صاحب كتاب الغارات عن رجاله عن عبد الرحمن بن جندل عن أبيه... (كما ذكر أعلاه). فإنه لمّا قبض الله نبيه (صلی الله علیه و آله) قلنا: نحن أهله وورثته وعترته وأولياؤه... وبالله التوفيق...

وكتب (محب السنة)، التاسعة مساءً:

الدين ليس فيه مجاملة فلو كان علي رضي الله عنه يعتقد كفر الصحابة أو فسقهم لبيّن ذلك، ولأظهره. كيف لا يفعل ذلك وهو الوصي المعصوم كما تدعون هل يليق به أن يترك الناس يضلون ويتخبطون ولا يبين لهم!!

فكتب (متعلم) العاشرة ليلاً:

الإخوان بعد إذنكم مداخلة:

ماذا فعل النبي هارون (علیه السلام) عندما غاب عن بني اسرائيل النبي موسي (علیه السلام) 40 يوما فقط، وهل أطاع بني اسرائيل النبي هارون (علیه السلام)؟؟!!

الجواب معروف. لقد عصوه سوي قلة لا تكاد تذكر. ولقد كان مستخلف (كذا) فيهم بأمر من النبي موسي (علیه السلام). ألم يقل: إن القوم استضعفوني.... فالخطأ ليس في المستخلف، الخطأ في الناس الذين يعاهدون ثم ينبذون العهد والميثاق. فماذا يفعل إمام بلا مأمومين (سوي أفراد قلائل) والسواد الأعظم ما بين عاص وخائف من السلطة. أليس الصبر وإنقاذ ما يمكن إنقاذه هو عين الحكمة؟

ص: 391

وكتب (فرات) بتاريخ 1-12-1999، الثالثة ظهراً:

الأخ الكريم محب السنة، السلام عليكم.

لي عدة ملاحظات علي ما تفضلت به:

1 - أخي الكريم، أراك في البدء تريد محاورة تتسم بالانفتاح والأخوة الصادقة ويطفح في معالمها الخلق العالي وهذا حق لك. لكن وللأسف الشديد في محاورتك الثانية لم تكن مستعداً حتي لتحية الإسلام.

فهل هذا دليل علي صدقك في المحاورة، أم ماذا؟.

2 - ما ذكرته من أن علياً عليه السلام لو أثر عنه السب والطعن لأشتهر ذلك بين المسلمين. فأقول: هل أن علياً عليه السلام عرفه الإسلام سباباً علي المنابر منتهزاً للفرص. أعتقد أنك لاتوافق علي ذلك. ثم أن علياً عليه السلام كان عنده المصلحة الكبري في حفظ نظام المسلمين وعدم تشتت كلمتهم وسكوته - لو سلمنا به - لايعني عدم أحقيته في الخلافة وأنه الوصي المباشر بعد النبي صلي الله عليه وآله.

3 - إنك ذكرت في ضمن كلامك أن بعض بني أمية كان يسب علياً عليه السلام واشتهر بين المسلمين ذلك. فهل تذكر لنا لو سمحت أسماء هؤلاء وما هو حكمهم في المنظور الإسلامي؟.

4 - ثم إنك قد قطعت أسس المحاورة حينما قلت: أن الروايات المنقولة في كتبكم متواترة لا يربو إليها الشك. فكيف تريدنا أن نتحاور ونناقش وأنت من البداية تريدنا أن نسلم بما عندكم.

5 – إ ئتنا بخبر واحدمن طرقكم أن علياً كان يثني علي الشيخين بشرط التواتر.

وكتب (عمار)، الثامنة والنصف مساءً:

ص: 392

السلام عليكم. إضافة الي ما قاله الأخ فرات: لقد طعن سيّد الأنصار سعد بن عبادة بأبي بكر وبخلافته. طعنت سيّدة النساء بهم حيث أنها أمرت أن تدفن ليلاً وأن لا يصلي عليها أبو بكر، بل وأنها رفضت أن تكلمه، بل وهناك روايات كثيرة خاصة في كتب الامامة والسياسة لابن قتيبة. وأيضاً الكامل لابن الأثير وتاريخ الأمم والملوك لابن جرير. أحيلكم اليها وأترفّع من نقلها احتراماً لمشاعركم.

رفض الإمام سلام الله عليه بيعته الي أن سلمت سيدة النساء الأمانة.

ويقول البخاري: فاستنكر علي وجوه الناس فافهم.

كما وقال عمر: أن علي والزبير ومن معه تخلفوّا عنهم.

كما وقد ورد طعن من الامام سلام الله عليه في خلافة أبو بكر في الأبيات التالية: فإن كنت بالشوري ملكت أمورهم....فكيف بهذا والمشيرون غيّبُ

وإن كنت بالقربي حججت خصيمهم.... فغيرك أولي بالنبي وأقربُ

وكتب (العاملي) بتاريخ 1-12-1999، العاشرة ليلاً:

تصورت يا محب السنة أنك تستطيع إحراج شيعة علي عليه السلام في أمر الصحابة؟ وأن تصور للناس أن علياً أن يتولي أبا بكر أو عمر ويعتقد بصلاحهما!

إنك تعرف أن علياً وفاطمة والعباس وكل بني هاشم، وعدداً كبيراً من شخصيات الصحابة كانت عقيدتهم أن بطون قريش فعلوها واستغلوا فرصة انشغال بني هاشم بجنازة النبي صلي الله عليه وآله!! وأنهم كانوا يرون أن خلافة أبي بكر وعمر مؤامرة لا شرعية لها.. ولو وجدوا أنصاراً لجاهدوهم!!

ولكنك تتبع مجري التاريخ، وما نشأت عليه وتلقنته!! فما رأيك بشهادة عمر بأن علياً والعباس كان رأيهما فيه وفي أبي بكر أنهما آثمان غادران خائنان؟!!

ص: 393

فمن تصدق ومن تكذب؟!!!: روي مسلم ج 5 ص 152 من كلام عمر لعلي والعباس أن رأيهما في أبي بكر أنه كان: كاذباً آثماً غادراً خائناً والله يعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق. ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله وولي أبي بكر فرأيتماني كاذباً آثماً غادراً خائناً! والله يعلم أني لصادق بار راشد تابع للحق. انتهي.

- وقال البيهقي في السنن الكبري: 6 / 298: رواه مسلم في الصحيح عن عبد الله بن محمد بن اسماء. ورواه البخاري عن اسحاق ابن محمد الفوري عن مالك. انتهي. ورواية البخاري ملطفة أكثر!! فإن كنت غير متناقض، فأخبرنا من تصدق ومن تكذب؟!! وإلا فاسكت علي عقيدة تجمع التناقضات!!

وكتب (محب السنة)، الحادية عشرة ليلاً:

الأخ فرات. أما قولك: ثم أن علياً عليه السلام كان عنده المصلحة الكبري في حفظ نظام المسلمين وعدم تشتت كلمتهم وسكوته - لو سلمنا به - لايعني عدم أحقيته في الخلافة وأنه الوصي المباشر بعد النبي صلي الله عليه وآله.

فأقول: لقد تولي علي الخلافة وأصبح أمير المؤمنين ولم يعرف عنه أنه تبرأ من الصحابة لا هو ولا أبناءه ولا أتباعه من الصحابة كعمار بن ياسر وعدي بن حاتم، ولو كان التبرؤ منهم وبيان ردتهم دينا لبينه للناس حتي يعتقدوه. أما من يسب علياً من بني أمية: فقد نقل في كتب التاريخ ولا شك أنها بين يديك ومن سب علياً فإنه ظالم مخطئ. أما جزاؤهم علي ذلك فلست بالذي يتولي محاسبتهم فأمرهم جميعاً إلي الله وهو الحكم العدل وعنده تجمع الخصوم. وقد عصم الله سيوفنا من دمائهم فلنكف ألسنتنا عنهم.

أما قولك: ثم إنك قد قطعت أسس المحاورة حينما قلت أن الروايات

ص: 394

المنقولة في كتبكم متواترة لا يربو إليها الشك. فكيف تريدنا أن نتحاور ونناقش وأنت من البداية تريدنا أن نسلم بما عندكم. فهذا اعتقادي الذي تؤيده الروايات المبثوثة في كتب السنة بطرق متعددة متصلة صحيحة ولست بالذي يلزمك باعتقاد ما تبين لي أنه الحق.

أما قولك: إئتنا بخبر واحد من طرقكم أن علياً كان يثني علي الشيخين بشرط التواتر. فالحديث الذي أوردته وهو وروي الإمام أحمد عن أبي جحيفة قال: سمعت علياً رضي الله عنه يقول: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر. ثم قال: ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر: عمر رضي الله عنه. وبإمكانك أن تتبع الروايات في كتب السنة وهي ولله الحمد بمتناول الجميع وبرامج الكمبيوتر قد سهلت المهمة كثيراً. أسأل الله لي ولك ولجميع الزملاء الهداية والتوفيق.

أما ماذكره الأخ عمار من مخالفة سعد بن عبادة لأبي بكر أو عمار فلم تقتضي هذه المخالفة تكفيراً أو تبديعاً ولو كان الأمر كذلك لكان ما يجري في إيران الآن بين علماء الشيعة وساستهم تكفيراً من بعضهم لبعض.

وكتب (عمار) بتاريخ 2-12-1999، الثانية عشرة ظهراً:

السلام عليكم. أنت الآن أخي محب غيرت سؤالك وتريد نصاً علي تكفير الشيخين وهذا ما لا نعتقده حتي نحن. فانتبه لهذا يرحمك الله. أنت قلت: طاعنٌ في أبو بكر وسعد وغيره، قد طعنوا به سواء بخلافته أو بأشياء أُخري آخذوها عليه. (راجع الردود) نرجوا أنلا تتلاعب بالكلمات يا أخي.

والسلام عليكم.

فكتب (العاملي) بتاريخ 2-12-1999، الثامنة صباحاً:

ص: 395

ولماذا عبرْتَ عن جوابي يامحب السنة؟!

وكتب (محب السنة)، السابعة مساءً:

لم أفهم سؤالك يا عاملي، فحبذا لو بينت مرادك من السؤال.

أما ما ذكره عمار من عدم تكفير الشيعة للشيخين، فيبدوا أنه لم يطلع علي ما كتبه علماء الشيعة من تكفير الصحابة وأولهم الشيخين، فإن تكن أنت لا تكفر الشيخين فهذا اعتقادك أنت، وإن شئت أورت لك من كلامهم موثقاً ما يصرحون به بتكفير أبي بكر وعمر رضي الله عنهما.

وكتب (عمار)، التاسعة مساءً:

سؤالك كان حول الطعن، وأوردنا لك مواقف بعض الصحابة، وكلام الله عز وجل فيما يخص الطعن. فلا تغيّر الموضوع يا عزيزي. وأنا والأخوة الشيعة نعتقد أنهم ارتدوا عن بيعتهم لأمير المؤمنين ولا نقول أنّهم كفار أبداً. كيف ذلك والرسول صلي الله عليه وآله يقول من: قال لاإله الاّ الله عصم دمه وماله؟

علي العموم أجب عن الردود التي أوردناها لكم فيما يخص الطعن بهم وإن أردت افتح موضوع خاص عن تكفيرهم. سؤالك كان عن الطعن، صحيح؟ والسلام. ملاحظة: أنتظر أري ردودكم علي ما أورده الأخ العاملي أيضاً.

وكتب (العاملي) بتاريخ 2-12-1999، التاسعة والنصف مساءً:

كلام الأخ عمار قوي يا أخ محب السنة.. أعد قراءة عنوان موضوعك لتعرف أن المشاركين الشيعة أجابوا علي موضوعك بعينه، بنعم، وذكروا لك المصادر التي تعتقد بها.. فاعترف بأن الحق في المسألة غير ما كنت تتصوره، ولا تطفر الي موضوع التكفير أو غيره.

ص: 396

وكتب (فرات) بتاريخ 4-12-1999، الرابعة عصراً:

الأخ الكريم محب السنة. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

كتبت لك جواباً مختصراً قبل يومين علي تعقيبك علي كلامي الأخير ولكنها لخلل فني لم تبث في الإنترنت. وهنا أحاول الإجابة عما تفضلت به بشئ من الاختصار.

ذكرت في بداية كلامك أن لدينا أخبار متواترة عن علي في تفضيل الشيخين وجئت برواية (محمد بن الحنفية عن علي عليه السلام).

أخي العزيز: إن هذه الرواية وإن كانت موجودة في صحيح البخاري، وأنتم كما هو معلوم تصححون جميع ما في الصححاح الستة. لكن هناك فرق قد غفلت عنه بين الحديث المتواتر وبين الصحيح، فليس كل صحيح متواتر، فإن الصحيح هو الذي كل رجاله ثقات عدول عندكم وأما المتواتر فهو الذي رواه جماعة يمتنع تواطئهم علي الكذب، ويتولد من ذلك القطع واليقين بالحديث، بخلاف الحديث الصحيح فأنه لايعدو الظن، مضافاً إن الحديث المذكور ضعيف سنداً. فإن البخاري يرويه عن (محمد بن كثير) وهو (العبدي)، وهذا مجروح كما ذكره الذهبي في ترجمته حيث قال: وروي أحمد بن ابي خيثمة قال لنا ابن معين: لا تكتبوا عنه لم يكن بالثقة. (راجع ميزان الاعتدال 4 / 18).

وكذلك قال العسقلاني: وفي طريقه أيضاً سفيان الثوري وقد كان يدلس عن الضعفاء كما ذكره الدهبي وابن حجر العسقلاني وغيرهما.

والتدليس كما هو واضح لديكم من أفحش الأمور من النقل، إلا أن تكون أخي محب السنة من القائلين بصحة جميع ما في الصحاح، فهل هو كذلك؟؟؟. وهنالك نقطة ثانية أحببت بيانها فيما تفضلت به. قلت: (أما من يسب علياً من

ص: 397

بني أمية فقد نقل في كتب التاريخ ولاشك بين يديك ومن سب علياً فإنه ظالم مخطئ، أما جزائهم علي ذلك فلست...)

أقول: اعطيتنا رأيك الكريم وجزاك الله خيراًَ في من يسب علياً عليه السلام وإنه ظالم مخطئ فقط حكمت عليهم بالظلم، والظالم بعيد عن هداية الله قال الله تعالي: (إن الله لايهدي القوم الظالمين) الأنعام: 144. والظالم ملعون من قبل الله قال الله تعالي: (ألا لعنة الله علي الظالمين) هود: 18. فأراك قد لعنتهم من حيث تدري أو لا تدري، ثم تعاتبنا أذ فسقناهم وهو أقل مراتب الظلم.

هذا وهنالك نقاط كثيرة وملاحظات لا تتحملها لغة الإنترنت فقد بنيت علي الإختصار والدقة. ولك مني الشكر والتقدير.

ثم كتب: فاتني أن أشكر كلاًّ من الأخوة العاملي وعمار وغيرهم، علي مداخلاتهم القيمة، فأجدد شكري لهم سائلاً المولي لهم دوام التوفيق.

وكتب (محب السنة)، الحادية عشرة ليلاً:

إلي الزميل فرات مع التحية. أولاً قولك: إن هذه الرواية وإن كانت موجودة في صحيح البخاري وأنتم كما هو معلوم تصححون جميع ما في الصححاح الستة، لكن هناك فرق قد غفلت عنه بين الحديث المتواتر وبين الصحيح، فليس كل صحيح متواتر، فإن الصحيح هو الذي كل رجاله ثقات عدول عندكم، وأما المتواتر فهو الذي رواه جماعة يمتنع تواطئهم علي الكذب، ويتولد من ذلك القطع واليقين بالحديث، بخلاف الحديث الصحيح فإنه لايعدو الظن.

ما تقدم من كلامك يدل علي أنه يخفي عليك كثير من منهجنا في رواية الأحاديث وحكمنا علي ما في كتب السنة وهذا للأسف ما لا أستطيع بيانه لك مفصلاً، ولكن حسبي أن أشير إشارات موجزة:

ص: 398

أ - لم أحكم علي الحديث بأنه متواتر لرواية البخاري له، وإنما لأنه له طرق كثيرة جداً تبلغ حد التواتر ومن ثم لاحجة لمن ضعف طريقاً منها أو جرح راوياً من الرواة.

ب- ما نعتبره صحيحاً من الأحاديث ما جاء في الصحيحين البخاري ومسلم، أما بقية الكتب ففيها ما هو دون الصحيح.

أما قولك: والظالم بعيد عن هداية الله قال الله تعالي: (إن الله لايهدي القوم الظالمين) والظالم ملعون من قبل الله قال الله تعالي: (ألا لعنة الله علي الظالمين)، فأراك قد لعنتهم من حيث تدري أو لا تدري.

فأقول: طريقتك في الاستدلال وضرب الآيات بعضها ببعض، هي التي اتبعها الخوارج وكانت سبباً في ضلالهم، كما أن لازم القول ليس بقول، والظلم درجات والذين ورد لعنهم في القرآن هم المشركون لقول الله تعالي: إن الشرك لظلم عظيم. وارجع إلي سياق الآيات.

ومثلما قلتَ: فإن لغة الإنترنت لا تسمح بالتفصيل.

فكتب (فرات) بتاريخ 5-12-1999، الرابعة عصراً:

الأخ الكريم محب السنة، السلام عليكم:

أعجبني كثيراً أسلوبك في الحوار وأرجو أن تدوم الأخوة والمحاورة الهادئة وإن اختلفنا في بعض وجهات النظر، ولك مني خالص التقدير.

أخي الكريم: لي عدة ملاحظات علي ما تفضلت به: أولاً: إن قولك إن هذه الأخبار متواترة هي دعوي بلا دليل لذا نرجو أن تتفضل علينا بأسانيدها ورواتها الكثيرين لكي يتم بعد ذلك النقاش ويكون أبعد عن الادعاءات.

ثانياً: لا أريد أن أدخل في تفسير الآيات وادعاءك إنما ماذهبت عليه هو

ص: 399

منهج الخوارج. لكني هنا أسألك فقط ماذا تقصد من الظلم؟؟ وما هي أقل مراتب الظلم؟؟ وهي يخرج الظلم عن العدالة؟؟

ثالثاً: نعم ماقلت بأنكم تصححون (جميع ما في صحيح البخاري ومسلم). وهنا أقول: إن ما سألته في بداية المحاورة (هل أثر عن علي) تجده موجوداً عندك في صحيح مسلم. فلماذا تسألنا إذن؟؟. وإليك الرواية:

أخرج مسلم في (الصحيح) في كتاب الجهاد، عن مالك بن أوس في حديث طويل، أنه قال عمر بن الخطاب لعلي والعباس ما هذا نصه: (قلما توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم قال أبو بكر: أنا ولي رسول الله صلي الله عليه وسلم، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك، ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لا نورث ما تركنا صدقة. فرأيتماه كاذباً آثماً غادراً خائناً، والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفي أبو بكر فكنت أنا ولي رسول الله صلي الله عليه وسلم وولي أبي بكر، فرأيتماني كاذباً غادراً خائناً، والله يعلم أني لصادق بار راشد تابع للحق)

(5 / 152) فبناءاً علي قولك من صحة ما في الصحيحين يلزمك الاعتراف بصحة هذه الرواية، وإلا فيجب عليك الخدش في صحة المدعي.

وكتب (فرات) بتاريخ 7-12-1999، الرابعة والنصف عصراً:

الأخ الكريم محب السنة. السلام عليكم ك

كنت أراك قوي العارضة، وشديد الشكيمة، علمياً في محاوراتك، مؤدباً في مناقشتك فلذلك أحببت الإستمرار معك، ولكن: ما حدا مما بدا، عسي أن يكون المانع خير. عافاك الله من كل سوء.

ص: 400

لماذا سمي الائمة بعض أولادهم بأسماء أبي بكر و عمر و عثمان؟

كتب (سيف الله المسلول) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 25-3-2000، الثالثة صباحاً،موضوعاً بعنوان (تسمية أهل البيت لأولادهم بأسماء الخلفاء الراشدين)، قال فيه:

قد يشعر الكثير بالصدمة عندما يطلعون علي حقيقة ظلت مخفية عن البعض وهي وجود ابن لعلي وابن للحسين اسم كل منهما أبو بكر وعمر!!! فقد ذكرت المصادر الشيعية أن ممن ماتوا مع الحسين: أبو بكر بن علي أخو الحسين. وكذلك أبو بكر بن الحسين (1).

يقول المجلسي: كان عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب ممن استشهد مع الحسين في كربلاء) (2) وخالفه في ذلك الأصفهاني، فقال: بأن عمر بن الحسين لم يقتل وإنما كان أسيراً) (3) أما أسماء بعض أهل البيت فهي:

الخليفة علي رضي الله عنه: فقد سمي بعض أولاده بأبي بكر وعمر وعثمان. (4).

الحسنان رضي الله عنهما: فقد سمي كل واحد منهم أولاده بأبي بكروعمر. (5).

موسي بن جعفر رحمه الله: سمي ولده بأبي بكر وابنته بعائشة. (6).

زين العابدين رضي الله عنه: قد سمي ابنته بعائشة. (7).

علي بن محمد الهادي: سمي ابنته بعائشة. (8).

وهذا إن دل فإنما يدل علي محبة أهل البيت عليهم السلام لأصحاب الرسول صلي الله عليه وآله.

ص: 401


1- جلاء العيون: المجلسي - ص 582. كشف الغمة: الأربيلي - ج2 ص 64. مقاتل الطالبيين: الأصفهاني - ص 87و142. التنبيه والإشراف: المسعودي - ص 263.
2- جلاء العيون:ص 582.
3- مقاتل الطالبيين: ص 119.
4- إعلام الوري: الطبرسي - ص 203. الإرشاد: للمفيد - ص 186. تاريخ اليعقوبي: ج 2 ص 213. جلاء العيون: ص182. كشف الغمة: ج2 ص 64. مقاتل الطالبيين: ص 142.
5- إعلام الوري:ص 213. جلاء العيون: 582. مقاتل الطالبيين:78 و119. تاريخ اليعقوبي: ص 228 التنبيه:ص 263.
6- كشف الغمة: ج2 ص 90 و217. مقاتل الطالبيين: ص 561.
7- كشف الغمة: ج2 ص 334. الفصول المهمة: ص 283.
8- نفسه.

وأما زعم الرافضة بأن هذه مجرد تسميات، فنقول: ولماذا لا يسمون أولادهم أبو جهل وأبو سفيان ووحشي وعبد الرحمن بن ملجم ويزيد والحجاج وزياد وفرعون وهامان؟ ثم لماذا لا يقتدي الرافضة بأهل البيت فيسمو أبنائهم بأبي بكر وعمر وعثمان؟! يقول جعفر الصادق لامرأة سألته عن أبي بكر وعمر: أأتولهما؟! فقال: توليهما. فقالت: فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما؟ فقالها: نعم. (1) وتعجب رجل من أصحاب الباقر حين وصف الباقر أبا بكر بالصديق!! فقال الرجل: أتصفه بذلك؟؟؟!!! فقال الباقر: نعم الصديق، فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولاً في الآخرة. (2) فما رأي الشيعة بأبي بكر الصديق؟.

ص: 402


1- روضة الكافي: ج8 ص 101.
2- كشف الغمة:ج 2 ص 174.

وكان (أبو صالح) كتب نفس الموضوع في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 10-12-1999، الثالثة ظهراً، بعنوان (لماذا سمي الإمام علي (علیه السلام) بعض أبناءه بأسماء الخلفاء؟؟؟)، قال فيه:

لماذا سمي الإمام علي (علیه السلام) بعض أبناءه بأسماء الخلفاء؟؟؟ سؤال وجيه. ولكن للأسف لا أحد يستطيع الرد علي هذا السؤال إلا الإمام علي بنفسه.

لماذا؟!!! لأننا لانعلم ما في قلبه.. هل هو لأجل أنه كان يحبهم، أم أنه قد سماهم بأسماء عربية قديمة وشائعة.. أم أنه قد سماهم بأسماء أشخاص آخرين غير الخلفاء. (رواية عثمان بن مظعون).

المهم... أن من يدعي بأنه يعرف فهو يكذب … إلا إذا كان عنده تصريح من الامام بمعني هذه التسمية. ولكن قد يقول قائل: أنا لا أعرف السبب الحقيقي أو أنا غير متأكد.. ولكن أضع أقرب التفاسير للواقع.. أو أنني أخمن أن هذا التفسير هو الحقيقي بناءاً علي سيرة الإمام وأفعاله وأقواله.

وماذا حدث في تلك الفترة الزمنية من التاريخ.

وكان (العاشر من رمضان) كتب في شبكة أنا العربي، بتاريخ 8-7-1999، الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان (لماذا سمي علي والحسين رضي الله عنهما بعض أولادهما بأبي بكر وعمر)، قال فيه:

ص: 403

سؤال إلي الشيعة... أجيبوني لماذا سمي علي والحسين رضي الله عنهما بعض أولادهما بأسماء مثل أبي بكر وعمر وعثمان؟ أم أن هذه كذبة وفرية؟؟..

أعتقد أنكم تحفظون شجرة أهل البيت جيداً أم أن علياً والحسين رضي الله عنهما كانا تحت القهر ولهذا سمياهم بهذه الأسماء ماهي دلالة هذه التسميات؟. أين الإجابات؟

وكتب (حسين الشطري) بتاريخ 17 –7-1999، الخامسة مساءً:

الأخ العاشر من رمضان، السلام عليكم.

لماذا تطبل وتزمر وكأنك فتحت فتحاً، وهل هذا موضوعاً علمياً ينبغي النقاش فيه وهل الأسماء حكراً علي الأشخاص. ثم من قال إن التسمية بهذه الأسماء حرام، فلماذا هذه الضجة التي افتعلتها، وتسمية شخص باسم قد سبقه بهذه الإسم شخص آخر ليس فيه أي دلالة علي ماتذهب اليه، والتسمية نوع اعتبار، فلو سميت الجميل باسم قبيح لا يجعله قبيحاً، وإذا سميت القبيح باسم جميل لا يجعله جميلاً، علي أي حال نحن لا ننكر وليس حرام التسمية بها عندنا ولا مكروه. وشكراً.

وكتب (العاشر من رمضان) في 18-7-1999، الرابعة والثلث عصراً:

نحن لا نطبل ولا نزمر لأننا لا نعرف التطبيل ولا التزمير. إنما نريد أن أن نقول بمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد، لمن أراد أن يفهم الحقيقة أن هذه التسمية تدل علي ما كان بين هؤلاء الأخيار من محبة ومودة، وأنكم حشرتم أنفسكم في ما ليس لكم أن تدخلوا فيه.. فلا يمكن أن يكون بين هؤلاء الصفوة إلا كل حب لأنهم هم الذين كانوا يقرأون كل يوم وليلة قوله تعالي (ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم). فهمت يا

ص: 404

شطري!!!

وكتب (أبو زهراء)، السادسة مساءً:

أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحا، ينحدر عني السيل ولا يرقي إلي الطير، فسدلت دونها ثوباً وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر علي طخية عمياء، يهرم فيها الكبير ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتي يلقي ربه.. فرأيت أن الصبر علي هاتا أحجي، فصبرت وفي العين قذيً، وفي الحلق شجا، أري تراثي نهباً...

حتي مضي الأول لسبيله فأدلي بها الي ابن عدي بعده، ثم تمثل بقول الأعشي:

شتان ما يومي علي كورها ويوم حيان أخي جابر

فيا عجباً بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها لآخر بعد وفاته؟!! لشد ما تشطرا ضرعيها! فصيرها في حوزة خشناء يغلظ كلمها، ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم!! فمني الناس، لعمر الله، بخبط وشماس وتلون واعتراض، فصبرت علي طول المدة، وشدة المحنة..

حتي إذا مضي لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم!! فيا لله وللشوري متي اعترض الريب فيّ مع الأول منهم، حتي صرت أقرن إلي مثل هذه النظائر؟!

لكني أسففت إذ أسفوا وطرت إذ طاروا، فصغا رجل منهم لضغنه، ومال الآخر لصهره، مع هن وهن!!

إلي أن قام ثالث القوم، نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه

ص: 405

يجضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع!! إلي أن انتكث عليه فتله وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته. نهج البلاغة - الخطبة الثالثة

وكتب (العاشر من رمضان)، السابعة مساءً:

نهج البلاغة لايعتد به عندنا، لأننا نوقن أن الكتاب قد حشي ومليء بما هو مكذوب ومفتري علي أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.

نحن نقول لكم دلالة التسمية هي عمق المحبة الموجودة في قلب علي والحسين رضي الله عنهما لأبي بكر وعمر وعثمان، وإن كره الكارهون، وإن رفض الرافضون. والسلام.

وكتب (الشيباني)، العاشرة ليلاً:

إلي الشطري.

إذا كنت تقول: ثم من قال إن التسمية بهذه الأسماء حرام... فلماذا لم نسمع أحداً من الشيعة في زماننا هذا من سمي ابنه أبا بكر وعمر وعثمان؟.

وأنتم تقولون إنهم أئمة معصومون. فلماذا لا تسمون أبناءكم بما سمي به المعصمون أبناءهم؟

وكتب (عمار)، الحادية عشرة ليلاً:

مسألة التسمية ليست مسألة تعبّدية. وهل تعتقد أننا ننظر اليوم إلي التسمية بنفس الطريقة التي كان يُنظر اليها في زمن الرسول (صلی الله علیه و آله)؟.

وكتب (ايتو) بتاريخ 19-7-1999، الحادية عشرة صباحاً:

هل تري اليوم من يسمي ابنه إسرائيل؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 19-7-1999، الثالثة ظهراً:

ص: 406

ما هو مقصود هؤلاء (الباحثين العلميين) الذين طرحوا هذا الموضوع في عدة شبكات؟

إذا كان قصدهم أن موقف علي وفاطمة والحسنين والذرية الطاهرة من أهل البيت عليهم السلام، الذين هم أعظم وأفضل بيت نبوة في تاريخ الأنبياء جميعاً -أن موقفهم الواضح القاطع الحاسم الحازم - من خلافة أبي بكر وعمر، قد تزلزل قيد أنملة، وأنهم أعطوها ذرة من الشرعية.. فهم واهمون!

فهذه هي نصوص الحديث والتاريخ والسيرة وما عرفه القاصي والداني من موقفهم الذي يستند الي نصوص النبي صلي الله عليه وآله، بأن الله تعالي قد جعل حق الحكم والامامة في هذه الأمة بعد نبيه لعترته وأورثهم الكتاب، كما كانت سنته سبحانه في الأنبياء من بعد إبراهيم.. ولن تجد لسنة الله تبديلاً.

وإن كان قصدهم إثبات مراعاة علي عليه السلام لهم بتسميته بعض أولاده بأسمائهم، لغرض أن يعطوه مجالاً لخدمة الاسلام، والتقليل من زاوية الانحراف..

فهذا عمل ممكن وليس حراماً، ولا يدل علي اعترافه بحكومتهم، ولا علي حبه لهم، ولا يصح جعله شهادة بعدالتهم وعدم ظلمهم.

وها نحن نري في عصرنا كثيراً من المخالفين للحكام والدول يسمون أولادهم بأسماء العائلة المالكة، مراعاة لهم، أو للتقرب اليهم، أو لدفع خطرهم عنهم.. أو لأغراض أخري كثيرة، ولا يدل شئ منها علي قولهم بشرعية حكمهم، ولا شهادتهم بعدالتهم.

ويكفي أن تنظروا الي كثرة التسمي بأسماء العوائل المالكة في الخليج والمملكة العربية السعودية، ومنهم معارضون لهذه الدول، ومنهم خارجون عليها!!

ص: 407

علي أني لا أستبعد أن علياً وبقية الأئمة من أهل البيت عليهم السلام كانوا يضعون أسماء أولادهم الائمة عليهم السلام بوصية وعلم من جدهم صلي الله عليه وآله.

وأما غير الائمة من أولادهم فيضعون أسماءهم حسب ماهو المتعارف في عصرهم، وقد تختار الأم اسم ولدها فيقبل به والده.

ومن الواضح أن الحساسية الدينية حول اسم الشخص لا تتكون بسرعة إلا بعد أحداث وسنين.. فكان في أسماء أولادهم من ذكرتم، حتي صارت التسمية تعني نوعاً من التزكية للمسمي به المعروف، فتركوها.

والنتيجة أن التسميات المذكورة، لا يثبت بها ما يريدون إثباته.. والعجيب أننا قد نأتيهم بعشر أحاديث شريفة، فيقول مشاركهم أثبتوا صحتها أثبتوا دلالتها!!

بيمنا هم يريدون منا أن نصدق بكل احتمال واهم يأتون به، ونرد به الثابت القطعي عندنا وعندهم!!

وكتب (العاشر من رمضان) بتاريخ 20 –7-1999، الواحدة ظهراً:

والله كل ردودكم لا تزيدكم إلا بعداً عن الحق، ولا تزيد القاريء المحايد إلا شكاً في مصداقيتكم ويقيناً في مصداقيتنا، فنحن الذي نحب الطرفين [أهل البيت والصحابة] وأنتم الذين تبغضون أحدهما إلي حد اللعن والتكفير وتغلون في الآخر إلي حد ادعاء العصمة. نحن أهل الوسطية فلا إفراط ولا تفريط ولا غلو ولا جفاء.. فأهل البيت عندنا محترمون ومن صميم عقيدتنا أن نحبهم ونترضي عليهم أما أنتم... سأترك للقاريء أن يكمل هو بنفسه. والسلام.

وكتب (جميل 50) بتاريخ 20-7-1999، الرابعة عصراً:

الأخ العاشر من رمضان، بعد التحية.

ص: 408

إن عجبي لاينقضي من هذه الأساليب المتخذة من قبلك وسائر الأخوة (هداكم الله) إن مع وجود مواضيع تأريخية وعقائدية أكثر دقة وأشد حرجاً لاينبغي النزول في حومة هكذا موضوعات لا تغني ولا تسمن من جوع، وسوف أجيبك جواباً مختصراً علي سؤالك هذا ولست براغب في ذلك طبعاً، حيث لا أستشعر وراء هذه الطريقة من النقاش مزيد فائدة، ولا أتوخي غير الجدل والجدل الممل حقاً.

أخي (مع سابق العذر) إذا كان إتخاذ الإسم دليلاً علي المحبة فأجبني علي ما يلي:

لماذ ا لم يكن هذا التبادل فاشياً بين الصحابة ولماذا لم يسمي الذي يشكون فيهم الشيعة أبنائهم بِ(علي) مثلاً علماً بأن الأمم كانت تفتخر بأبطالها فهل أحد الخلفاء الثلاثة قام بذلك؟....

ومن المعلوم أنك لو تجد تبادل التسمية فاشياً بين الصحابة أجمع لما صح ذلك دليلاً علي تبادل المحبة، إلا إذا كان مشفوعاً بتصريح واضح أو قرينة مدللة، فأينها هنا يا أخي؟؟؟؟

أم هل يحق لنا علي ميزانك هذا أن نعتبر عدم التسمية بإسم علي وأولاده آية البغض لعلي وآل علي؟!!!! أم هل كانت التسمية بعمر وعثمان غير معروفة عند العرب قبل الخليفتين الثاني والثالث؟!!!!!.وهل ذي لب من يستدل بأسماء ومسميات، ويذر ذكر الأدلة القاطعة كما نوّه بذلك الأخ العاملي.

ثم ما هو الصفاء الذي تتحدث عنه وتغالطنا به؟

هل تعني الصفاء الذي ألب الأمة وحرضها علي دم عثمان؟!

أم الصفاء الذي أمسك لجام الجمل في حرب الجمل؟!

ص: 409

أم الصفاء الذي أجج الحرب العوان في صفين؟!

أم الصفاء الذي أردي علياً صريعاً في محرابه في ليلة القدر؟!

ص: 410

هل زوج أميرالمؤمنين علیه السلام ابنته ام كلثوم لعمر؟

كتب (محمد ابراهيم) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14-2-2000 الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (مسلسل الإشكاليات: هل يمكن أن يبايع الإمام المعصوم منافقاً كافراً علي الخلافة؟)، قال فيه:

سيدنا علي وهو الإمام المعصوم عند الشيعة قد بايع سيدنا أبي بكر علي الخلافة وعاش تحت إمامته وخلافته كأحد رعاياه. وكذلك فإن الإمام المعصوم قد بايع سيدنا عمر علي الخلافة وعاش تحت خلافته وإمامته كأحد رعاياه، وفوق هذا قد صاهره ووافق علي زواجه من ابنته المؤمنة الطاهرة أم كلثوم الكبري بنت فاطمة عليها السلام. هل يمكن أن يكون كل من أبي بكر وعمر منافقين كافرين؟؟؟.

لا أريد ذكر روايات، ولكن إمكانية أن يكونا كافرين أو منافقين من هذه الناحية أم لا؟

بحسب عقيدة الشيعة هل يمكن أن يبايع الشيعي من يعلم بأنه منافق كافر علي الخلافة؟. هل يمكن أن يبايع الإمام المعصوم منافقاً كافراً علي الخلافة، ويعيش تحت حكمه كأحد رعاياه؟

فأجابه (العاملي) بتاريخ 14-2-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

إن كنت تريد معرفة وجه الحق، لوجه الحق تعالي.. فهل انتهيت الي نتيجة من موضوعك السابق حتي فتحت هذا الموضوع؟! أم لا تريد إلا فتح الموضوعات؟!!

فاعلم أنه ما من نبي ولا وصي ولا عالم من أولياء الله عاش في دولة جبار

ص: 411

يجبر الناس علي ولائه وبيعته.. إلا وبايعه وداراه حتي يستطيع تبليغ رسالته، عسي الله أن يهدي شخصين أو ثلاثة يوحدونه في أرضه.. وقد كان أبو بكر وعمر جباري قريش، حيث أجبرا الناس علي البيعة بالسيف!! وهددا أميرهم وسيدهم ومن بايعاه في يوم الغدير، هدداه بالقتل إن لم يبايع!!

فاستحِ لفعل إماميك القرشيين يا هذا!! فوالله لو أن أحداً جاءك ووقف فوق رأسك بمسدسه وقال لك وقع معاملة بيع بيتك لي، فوقعت له.. لقلت: إني أجبرت، والبيع باطل.. فمالكم أيها (المبصرون) تحكمون ببطلان بيع بيت بالجبر، وتحكمون بصحة بيعة علي المسلمين بالسيف؟!!

إن أمير المؤمنين عليه السلام عمل بوصية النبي صلي الله عليه وآله، وداري الجبابرة الغاصبين.. حتي يكمل إقامة الحجة علي الأمة بعد نبيها، وحتي يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتل علي تنزيله.. ويبلغ الله أمراً في هذه الأمة هو بالغه..

وكتب (مظاهر) بتاريخ 15-2-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

الكلام هذا خال من أي توجيه مباشر، فلم نتعرف إن كان المقصود باللازم هو بطلان العصمة، أو هو الشهادة للشيخين من خلال أن العصمة لاتوافق من هو علي غير الجادة المستقيمة...

وعلي كل تقدير ليس لك حظ نجاح في طريقتك هذه أيها الزميل العزيز، وذلك للبيان الآتي:

إن كان إشكالك علي أصل العصمة فأنت تحتاج إلي استفسار أولي وشرح بدائي لمعني العصمة ومدركها، ولكن لابهذه الطريقة من العرض التي تعمدتها.

وإن كان مرامك من هذا الكلام هو إلزام الشيعة بأحقية الخليفتين لأن علياً قام بمبايعتهما فإليك الجواب:

ص: 412

إن دور البيعة الذي قام به المسلمون للخلفاء الثلاثة ومن ثم الإمام علي عليه السلام دور له تأريخه وظروفه الخاصة جداً، وليس يصح التغافل عنها ثم المجيء بمثل هذا التسائل الساذج (معذرة) ولذا فنحن نسأل أيضاً: هل تقصد من البيعة التي تبرئ ساحة من وقعت علي يده البيعة.. البيعة الطوعية، أو الكرهية أو الأعم منهما؟!

إذا أجبت علي هذا التساؤل فسوف أحيلك إلي الخبر الأكيد من دور علي عليه السلام في تلك المرحلة بالذات...

وكتب (محمد ابراهيم)، التاسعة والنصف مساءً:

أعزائي الإشكالية واضحة: الجميع متفق علي أن الإمام المعصوم قد بايع أبو بكر وعمر. ولا نريد الآن أن نتكلم عن أي أمور أخري سوي بيعة الإمام المعصوم لأبي بكر وعمر وعيشه تحت حكمهما.

نحن لا نقول بأن أبو بكر وعمر هما كافرين أو منافقين حاشاهما. ولكن هل يمكن أن يكونا كذلك بحسب عقيدة الشيعة؟

هل يمكن أن يبايع الإمام المعصوم علي الخلافة من يعلم بأنه منافق وكافر، وأن يعيش تحت حكم منافق وكافر؟ هل يمكن أم لا يمكن؟

وكتب (ذو الشهادتين)، العاشرة ليلاً:

لعل ما حصل لنبي الله هارون (علیه السلام) يحل إشكالياتك، إذا كنت تريد أن تصل إلي الحق.

فكتب (العاملي) بتاريخ 15-2-2000، الحادية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

أولاً:لم تجبني عن الجبارين الذين أجبروا المسلمين وخاصةً علياً وبني هاشم

ص: 413

علي البيعة! وستهرب كالعادة، لأنك ليس عندك جواب!!

ثانياً: إذا أجبر أحد النبي المعصوم أو الامام المعصوم علي البيعة، فقد يجوز له أو يجب عليه أن يبايع، كما فعل علي، أو لا يبايع، كما فعل الحسين.. وقد ثبت عندنا أن فعلهما كان بوصية رسول الله صلي الله عليه وآله.

ثالثاً: المعصوم عمله هو المقياس.. فبعد أن ثبتت عندنا عصمة علي والأئمة عليهم السلام، بدليل أن الله أمر بطاعتهم، ويستحيل أن يأمر بطاعة غير المعصوم لأنه يكون تضليلاً.. فعملهم سلام الله عليهم يدل علي الجواز أو الوجوب.

وكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 16-2-2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

أنا لا أتكلم عن البيعة بالرضا أو بالغصب. ليس حديثنا عن عن البيعة لمسلم. الإشكالية هي بمن يقول بأن أبو بكر (كذا) وعمر كانا منافقين وكافرين... هل يمكن أن يكون ذلك؟. هل يمكن أن يبايع الإمام المعصوم من يعلم بأنه منافق كافر؟. وأن يعيش الإمام المعصوم تحت حكم وشرع الكفر؟

وأجاب (العاملي) بتاريخ 16-2-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

أيها الفاهم، الأنبياء كلهم معصومون، وكان أكثرهم بمن فيهم أب الأنبياء ابراهيم عليهم السلام يعيشون تحت سلطة الجبابرة!! لقد رخص الله لهم إن أجبروا أن لا يعرضوا أنفسهم للقتل!! ولقد أجبر جبابرة قريش علياً علي البيعة، فعمل بالرخصة وبوصية النبي صلي الله عليه وآله.. فهذا جواب إشكاليتك؟

وكتب (محمد ابراهيم)، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

هل بايع أحد من الأنبياء كافراً علي حكم المسلمين؟؟

ص: 414

لقد زدت الإشكالية إشكالاً.

فكتب (العاملي)، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

ولماذا هذا الاصرار علي تسميتها بيعة، وإعطائها صفة الشرعية؟!!

ما دام المعصوم مجبوراً من جبار دموي، ورخص له الله تعالي باتقاء شره وعدم تعريض نفسه للقتل، لكي يبلغ دين الله ولو لأفراد معدودين.. فمعناه أنه قال له: اتق شر هذا الجبار، وأعطه ما يريد، حفظاً لدمك ودماء المؤمنين منه..

وهكذا فعل الأنبياء، وكان يوجد في زمنهم مؤمنون، فهل معناه أنهم بايعوا كافراً بيعة شرعية ليحكم بالكفر علي المؤمنين..

إنها إجبار.. وتسميها بيعة!!! لقد ضربت لك مثلاً ببيع بيتك إجباراً تحت تهديد السلاح! ولكنك تحب الجدل!!

وكتبت (طبيعي)، الثالثة إلا ربعاً صباحاً:

نعم لقد صبر أمير المؤمنين عليه السلام علي سلب وظلم من ذكرت صفتهم وهو رضي وقبول ببيعة كما يقيس الجاهلون وزهد، كما يعرفه الموالون و (صبر واحتساب) عند الله ورسوله. ثم لماذا المغالطة في وصف خلافة عمر بالبيعة إن سلمنا جدلاً بكون خلافة أبو بكر (كذا) بالبيعة؟؟.

هل كانت إلا وصية (من أبي بكر)؟؟ اثبت أنها غير ذلك؟؟.

هل يمكن أن يبايع المعصوم (منافق وكافر)؟؟.

إجابته: أعرف الحق تعرف أهله، وإن عرفت من أمير المؤمنين عليه السلام عرفت أعداءه، وإن عرفت أعداءه ستعرف أي صفة تلحق بهم.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

ص: 415

وكتب (رؤوف)، التاسعة والنصف صباحاً:

قال الشيخ المفيد عليه الرحمة في كتاب (الفصول المختارة) ص 56 ما هذا نصه: (والمحققون من أهل الإمامة يقولون لم يبايع ساعة قط).

وكتب (محمد ابراهيم)، الرابعة عصراً:

إذا أخذنا برأي المفيد فإن معني ذلك أن كل الروايات الشيعية التي تقول أن سيدنا علي قد أُجبر علي بيعة سيدنا أبي بكر هي روايات كاذبة...!!! ومعني هذا أن كل الأحداث التي جاءت في هذه الرويات من حرق الباب وكسر الضلع وغيرها هي كلها أكاذيب (حسب رأي الشيخ المفيد).

لقد أضفت إشكالاً جديداً علي الإشكال الذي كان عويصاً في الأصل.

ما رأي الزميل رؤوف: هل كل الروايات الشيعية التي تقول أن سيدنا علي قد أُجبر علي البيعة هي روايات كاذبة؟.

وكتب (ذو الشهادتين)، الخامسة والنصف مساءً:

السلام عليكم: يقول أمير المؤمنين (علیه السلام) في خطبته الشقشقية:

ولولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله تعالي علي أولياء الأمر، أن لا يقروا علي كظة ظالم، أو سغب مظلوم، لألقيت حبلها علي غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها...

فأمير المؤمنين لم يجاهد ويقاتل الذين اغتصبوا الخلافة منه لقلة الأنصار والأتباع. وله بذلك أسوة حسنة ببعض أنبياء الله:

الأول: نوح (علیه السلام) قال الله تعالي مخبراً عنه في سوره القمر آية10: (ربي إني مغلوب فانتصر) فإن قالوا لم يكن مغلوباً فقد كذبوا القرآن. وإن قالوا كان

ص: 416

كذلك فعلي (علیه السلام) أعذر. الثاني: ابرهيم الخليل... الثالث: ابن خالة ابراهيم نبي الله تعالي لوط.. الرابع: نبي الله يوسف... الخامس: كليم الله موسي ابن عمران.. السادس: نبي الله هارون بن عمران (علیه السلام) إذ يقول علي ما حكاه الله تعالي في سورة الأعراف آية 150: (يا بن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني)، فإن قالوا: إنهم ما استضعفوه فقد كذبوا القرآن! وإن قالوا: إنهم استضعفوه وأشرفوا علي قتله، فعلي (علیه السلام) أعذر.

الإمام علي (علیه السلام) لم يبايعهم كخلفاء وأولياء الأمر علي الأمة، ولكنه دخل فيما دخل فيه الناس حقنا لدمه ودماء بني هاشم من الجبابرة... فهل قبل نبي الله هارون (علیه السلام) بالعجل كإله؟؟ حاشاه، ولكن المصلحة العامة إقتضت أن لا يفعل شيئاً فيه تفرقة لبني إسرائيل.

عجبت من قوم أتوا أحمداً *** بخطة ليس لها موضع

قالوا لو شئت أعلمتنا *** إلي من الغاية والمفزع

إذا توفِيت وفارقتنا *** وفيهم في الملك من يطمع

فقال لو أعلمتكم مفزعاً *** ماذا عسيتم فيه أن تصنعو

صنيع أهل العجل إذ فارقوا *** هارون فالترك له أوسع

وفي الذي قال بيان لمن *** كان له أذن بها يسمع

يقول والأملاك من حوله *** والله فيهم شاهد يسمع

من كنت مولاه فهذا له *** مولي فلم يرضوْا ولم يقنعو

فاتهموه وانحنت منهم *** علي خلاف الصادق الأضلع

وضل قوم غاظهم قوله *** كأنما آنافهم تجدع

حتي إذا واروه في قبره *** وانصرفوا من دفنه ضيعو

ص: 417

ما قال بالأمس وأوصي به *** واشتروا الضر بما ينفع

وقطَعوا أرحامه بعده *** فسوف يجزون بما قطَعو

وأزمعوا غدرا بمولاهم *** تباًّ لما كانو به أزمعو

(السيد الحميري رحمه الله)

وكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 16-2-2000، العاشرة والنصف ليلاً:

الزميل ذو الشهادتين: أنت تبرر سكوت علي المزعوم عن كفر أبو بكر (كذا) وعمر، بأنه مثل سكوت سيدنا هارون عليه السلام عن عبادة بني إسرائيل للعجل. هذا تبرير ساقط...!!!

هل كان سكوت هارون عن عبادة العجل صحيحاً أم خطأ؟

إن كان صحيحاً: فلماذا غضب عليه نبي الله موسي غضباً شديداً حتي أنه ألقي الألواح التي فيها كلام الله تعالي وأخذ برأس هارون ولحيته من شدة الغضب؟ وإن كان سكوت هارون خطأ فإن استشهادك بهذا ساقط.

أرجو أن تلاحظ أن الموضوع هو عن أنه: هل يمكن أن يبايع الإمام المعصوم شخصاً كافراً منافقاً علي حكم المسلمين؟ كيف تخرج من هذا الإشكال بدون أن تغير الموضوع؟

الزميل رؤوف: وما الفائدة من نقل النصوص؟ لماذا تقفز فوق كلامك؟.

ألست أنت الناقل بأن الشيخ المفيد قال: أنه لم يبايع؟.

هل تراجعت عن تأييدك لكلام الشيخ المفيد؟ إن كنت أنت والشيخ المفيد ترون بأن سيدنا علي لم يبايع سيدنا أبا بكر وسيدنا عمر علي الخلافة، فمعني هذا أن جميع الروايات التي تقول بأنه أُجبر علي البيعة هي روايات باطلة، وبالتالي فإن كل ما جاء في هذه الروايات باطل، بما فيها الأخبار عن كسر

ص: 418

الضلع وحرق الباب وإسقاط الجنين وضرب علي وغير ذلك مما تقولون.

هذه إشكاليتك أيها الزميل رؤوف أنت والشيخ المفيد، وعليك أن تحلها وخصوصاً أنك تعارض في هذه الصفحة زميلاً شيعياً آخر هو (العاملي) الذي يقول بأن علي أُجبر علي البيعة...!!!

أحدكما أو كلاكما علي خطأ ولكن لا يمكن أن يكون كلاكما علي حق، لأنكما علي طرفي نقيض. أنت والزميل العاملي عليكما أن تحلا الإشكال بينكما في هذه الصفحة، حتي نري نحن جميعاً النتيجة ثم بعد ذلك تعودان للإشكال الأكبر في البيعة. بقية الزملاء الأفاضل:

كما ترون أن هذه إشكالية سقط أمامها بعض الزملاء في محاولة حلها بأسلوب خطأ. هل هناك منكم من لديه حل أفضل لهذه الإشكالية؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 16-2-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

باع محمد ابراهيم بيته لعصابة المافيا تحت التهديد بالقتل!! واختلف الناس هل أنه باع بيته أم لا؟ فحكمت المحكمة الشرعية بأن البيع غير شرعي، وأنه لم يبع بيته أصلاً ولا ساعة واحدة!!

وبايع علي أبا بكر تحت التهديد بالقتل! واختلف الناس هل بايع شرعاً أم لا؟

(والمحققون من أهل الإمامة يقولون لم يبايع ساعة قط)!! فأين التناقض والاشكالية أيها المتصيد للاشكاليات الخيالية علي أهل بيت نبيه، الهارب من الاشكاليات الحقيقية في بيوت أعدائهم؟!!

وكتب (محمد ابراهيم)، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

محاولة غير موفقة عزيزي العاملي. عليك أن تحل هذه الإشكالية بينك وبين الزميل رؤوف: فهو لم يقل أنه كانت هناك بيعة شرعية أم لم تكن، ولكنه نقل

ص: 419

أن المفيد قال: إنه لم يبايع، وأنت تقول: أن بايع مجبراً..!!! حظاً موفقاً في المرة القادمة. حتي يرسي الزميلان علي بر: ما رأي بقية الزملاء في هذه الإشكالية؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 16-2-2000، الثانية عشرة ليلاً:

ومتي كان موضوعك ياأخ محمد ابراهيم، أو كان يهمك، أن نتفق أنا والأخ رؤوف ونرسو علي بر؟! فموضوعك بيعة علي لأبي بكر علي فرض وقوعها، ولا علاقة له بتفسيرنا لكلام المفيد رحمه الله.. فإن لم يبايع أصلاً فقد انتفي موضوعك، وإن بايع فقد أجبناك بأنها بيعة باطلة لعنصر الجبر! وأن مثلها كثير بين المعصومين والجبابرة. وأيهما اخترت منهما فقد بطلت حجتك وإشكاليتك!!

فنحن راسون علي بر والحمد لله، وبقي عليك أن ترسو علي بر، أو في بحر، ولا تبقي معلقاً من شاهق!!

وكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 17-2-2000، الثانية عشرة وخمس دقائق ليلا ً:

هل تنكر جميع الروايات التي قالت بأن سيدنا علي قد بايع. إذا أنكرت هذه الروايات فيجب أن تنكر كل ما جاء فيها من أخبار. وإن لم تنكرها فأنت تناقض نفسك حينما تقول بأنه لم يبايع ومع ذلك تتمسك بروايات البيعة.

ما رأي بقية الزملاء: هل روايات البيعة هي صحيحة أم باطلة؟

هل روايات تكفير أبي بكر وعمر هي صحيحة أم باطلة؟.

(يا لها من إشكالية لم يستطع أحد حلها بشكل مرضِ حتي الآن)!

فكتب (العاملي) في 17-2-2000، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

اعتقادي أن علياً عليه السلام قد بايع مجبراً، وأنه كان يعامل أبا بكر وعمر معاملة

ص: 420

المسلمين الضُّلاَّل وإن كان حسابهم يوم القيامة أصعب من حساب بعض الكفار..

وكل ذلك بوصية من النبي صلي الله عليه وآله. وليس فيه الاشكالية المدعاة.

وكتبت (طبيعي)، الواحدة صباحاً:

دع عنك كل ما نقول وأثبت لنا من كتبكم وليس من كتبنا أن علي (كذا) عليه السلام بايع أبو بكر (كذا) يوم السقيفة راضياً مرضياً، وأنه بايع عمر وكانت بيعة عمر شوري أيضاً راضياً مرضياً، كما بايع جميع المؤمنين وصحابة رسول الله لهما.. وحل لنا أنت هذه الاشكالية؟؟؟؟؟

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (فرزدق)، التاسعة صباحاً:

المعذرة للأخوة الأعزاء بهذه المداخلة، واسمحو لي بجواب محمد ابراهيم..

ولعمري فإنه لو أراد الحق والهدي لاكتفي بما أجبتموه، ولكن.

أولاً. تقول في كلامٍ سابق: (هل كان سكوت هارون عن عبادة العجل صحيحاً أم خطأ؟ إن كان صحيحا فلماذا غضب عليه نبي الله موسي و.. الخ).

أقول: إنّ إشكالك هذا ناتج عن عدم التدبّر في كتاب الله، ولو تدبرت جيداً لما وقعت في هذا الاشتباه ولما أشكلت هكذا الإشكال، وذلك لأن موسي إنما غضب علي أخيه قبل أن يعلم السبب فلما أخبره هارون بالسبب دعا لأخيه هارون كما في سورة الأعراف، وترك هارون وتوجه باللوم علي السامري كما في سورة طه وللتأكد من ذلك اقرأ معي: قال تعالي في سورة الأعراف آية 150- 151: (ولما رجع موسي الي قومه غضبانَ أسفاً قال بئسما خلفتموني من بعدي أعجلتم أمر ربكم وألقي الألواح وأخذ برأس أخيه يجرّه إليه، قال ابن أمّ

ص: 421

إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تُشمت بيَ الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين. قال ربّ اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحمُ الراحمين..)..

وقال تعالي في سورة طه 90 - 95: (ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري. قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتي يرجع الينا موسي. قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا. ألاّ تتبعنِ أفعصيت امري. قال يا ابنَ أمّ لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرّقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي. قال فما خطبك يا سامري..)..

إذن.. فموسي لم يغضب علي أخيه بعد علمه بالسببين كما هو واضح، وظاهر القرآن أنه قد أقرّ فعل أخيه لذلك دعا له بعد ذلك، إذ ان سكوت هارون كان اضطراراً.. والعجيب.. إن أمير المؤمنين (علیه السلام) حينما قيل له: بايع،، قال: فإن لم أفعل!! قالوا: إذن تُقتل!! قال: إذن تقتلون عبد الله وأخا رسوله.. فأجابوه: أما عبد الله فنعم وأما أخو رسوله فلا …

وبعد ذلك التفت الي قبر رسول الله وقال (علیه السلام): يا ابنَ امّ إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني.. أي إنه ردد نفس كلام نبي الله هارون ليبين إن موقفه يشابه موقف نبي الله هارون.. أو إن قول علي (علیه السلام) إشارة للسبب الثاني الذي ذكره هارون من عدم تفريق كلمة المسلمين: (لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين وكان الجور علي خاصّة).. وكأنّ النبي (صلی الله علیه و آله) أراد أن يؤكد لنا هذا التشابه بينهما أيضاً حينما قال لعلي (أنت مني بمنزلة هارون من موسي إلاّ أنه لا نبي بعدي) وقال أيضاً: (علي وهارون كالفرقدين). أو حينما قال له (إن الأمة ستغدر بك بعدي). أو قوله له (أما أنت ستلقي بعدي جهداً). أو قوله لأهل بيته

ص: 422

(أنتم المستضعفون بعدي)..

ولقد استفاض في الروايات بأن امير المؤمنين لم يبايع القوم حتي هجموا علي داره وجمعوا حطباً وأشعلوا النار وأرادوا إحراقها.. حتي قيل لعمر: إن في الدار فاطمة!! قال: وإن.. أو قول الزهراء لعمر: أجئت لتحرق علينا دارنا … الي غير ذلك.. وهناك الكثير من المصادر السُنية التي ذكرت هذه الحادثة.. حتي إن شاعر مصر حافظ ابراهيم ذكرها في قصيدته العُمرية مفتخراً بذلك!! وهي موجودة في ديوانه حيث قال:

وقولةٍ لعليٍ قالها عمرٌ أكرمْ بسامعها أعظمْ بُملقيه

حرّقت داركَ لا أُبقي عليك بها إن لم تبايع وبنتُ المصطفي فيه

رغم أن النبي (صلی الله علیه و آله) قد قال مراراً وتكراراً (فاطمة بضعة مني من آذاها فقد آذاني). وقد قال الله تعالي: (والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب اليم). وقال أيضاً: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنوا في الدنيا والآخرة). وقال (صلی الله علیه و آله): (إن الله يغضب لغضب فاطمة ويرضي لرضاها).

وقد صرح البخاري بأنّ فاطمة ماتت وهي غاضبة علي أبي بكر! والله تعالي يقول (يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم)!!

فهلاّ رحمتم أنفسكم وتداركتموها قبل فوات الأوان، ولات حين مندم!

ثانياً: تذكر موضوع التعارض في الروايات وتريد إسقاطها بسبب ذلك وتدعو قائلاً: (هل هناك منكم من لديه حل أفضل لهذه الإشكالية؟). فأقول:

أولاً: لا أدري هل تجهل أم تتجاهل بأنه لا يخلو موضوع من المواضيع في الفقه وغيره من وجود روايات متعارضة لأسباب مختلفة:

منها.. لأن بعضها عام والبعض الآخر خاص..

ص: 423

ومنها.. لأن بعضها مطلق والآخر مقيد..

ومنها.. لأن بعضها مجمل والآخر مفصل..

ومنها.. لأن بعضها منسوخ وبعضها ناسخ..

ومنها.. لأن بعضها صحيح وبعضها مكذوب..

ومنها.. لأن بعضها مضبوطة في النقل، والأخري حصل الاشتباه فيها، من نسيان الرواة أو غيره.. وهكذا، وهكذا.. فهل سمعت أحداً من المسلمين قبلك قال يوماً: إذن لنسقط الروايات عن الاعتبار بسبب تعارضها!!!

وكأنك سمعت بقول الأصوليين أن القاعدة الأوليّة عند التعارض هي التساقط هكذا.. ولكنك لم تلتفت بأن ذلك إنما يتحقق بعد تماميّة شرائط التعارض.. ومنها اعتبار كلا الخبرين، وعدم إمكان الجمع ووو.. فافهم.

وأذكر لك من باب المثال أنه قد وردت عن عمر فقط في مسألة ميراث الجدة روايات كثيرة ومتناقضة جداً، فهل تسقط في رأيك روايات ميراث الجدة بسبب ذلك، أو نعطل حكماً من أحكام الله بسبب هذا (العلم!!).

وهكذا الأمر في جميع الأبواب والمواضيع!!

فلو أخذنا بخطتك العظيمة لسقط الفقه كله عن الاعتبار..

ثالثاً: لا أدري هل غاب عنك وجهُ الجمع بينهما حقاً؟ أم أن الأمر غير ذلك! فمن الواضح لمن ألقي جلباب التعصب جانباً أن أمر الجمع سهل، وذلك لأن الناظر بعقله الي القضية تارة يلاحظ ظاهر الأمر وتارة يلاحظ واقع الأمر وحقيقته.

فإذا قصد الأمر الظاهر قال: لقد وقعت البيعة منه عليه السلام.. واذا قصد الأمر الواقع قال: لم تقع البيعة منه عليه السلام.. وذلك لأن الفقهاء ذكروا في أبواب الفقه مثلاً: إن

ص: 424

بيع المُكرَه كَلابيع.. ولما كانت بيعته عليه السلام وقعت لهم الإكراه، أمكن القول بأنه لم يبايع حقيقة.. وهذا أمر يُدركه الوجدان ويفهمه الانسان غير المتعصب، ولا يحتاج الي مؤنة كبيرة لمعرفته، وعليه فلا تناقض بينهما.. ولكن وكما قال الشاعر:

وعينُ الرضا عن كلِ عيبٍ كليلة *** ولكنّ عين السخط تُبدي المَساوي

ثم حتي لو فرضنا أن عالماً من العلماء تتبّع روايات البيعة فوصل تحقيقه إلي ضعفها، فهل أن وجود مثل ذلك يؤدي الي إسقاط جميع الروايات في هذا الباب. اللهم إننا لم نسمع بمثل هذا العِلم!! من غيرك.

وإلاّ لو مشينا علي رأيك وأسلوبك فسوف لا تبقي مسألة عند أحدٍ من المسلمين لأنه لابد من وجود علماء مخالفين.. وهذا الأمر موجود لدي جميع فرق المسلمين ولذلك فإنك تجد الفوارق العجيبة في كل مسألة فقهية بين مذاهب أهل السنة الأربعة بل إن للمذهب الواحد عدّة آراء، فمثلاً: يقال علي أحد رأيي الشافعي او علي أحد رأيي أبي حنيفة وهكذا، فلو كان هذا سبباً لسقوط جميع الآراء المتخالفة لم تبق مسألة لمذهب من المسلمين، وهذا ما لم يدّعه أحد قبلك.. فلاحظ. والحمد لله رب العالمين، علي نعمة الولاية لأمير المؤمنين.

وكتب (ذو الشهادتين) بتاريخ 17-2-2000، الواحدة والنصف ظهراً:

السلام عليكم. أحسنت أخي العزيز الفرزدق، فوالله لقد كفيت ووفيت. أحسنت علي إيضاح أوجه الشبه بين قضية نبي الله هارون (علیه السلام) وبيعة أمير المؤمنين. هل علمت يا محمد إبراهيم بعد هذه الردود من إستدلالاته متهافته وغير موضوعية وغير منطقية؟؟

ص: 425

أنت تقول: (أرجو أن تلاحظ أن الموضوع هو عن أنه هل يمكن أن يبايع الإمام المعصوم شخصاً كافراً منافقاً علي حكم المسلمين؟ كيف تخرج من هذا الإشكال بدون أن تغير الموضوع؟).

أقول: ما ذكرته أنا وأخي العزيز الفرزدق يدخل في صلب الموضوع ويحل إشكاليتك لو كنت تفهم ما نكتب وتريد أن تصل إلي الحق ولا تريد العناد والمكابرة.

نصيحة لوجه الله: تدارك أمرك قبل فوات الفوت حيث لا ينفع الندم. أقرأ ردود الإخوة الأعزاء بإنصاف وبدون تعصب فإنك ستري الردود موضوعية ومنطقية وتحل إشكالاتك.

وكتب (محمد ابراهيم)، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

الزميل العاملي: لم تحل مع الزميل رؤوف التضارب بينكما حول الإجبار علي البيعة من عدمه...

الفاضلة طبيعي: حديثنا هنا هو ليس حول كيف بايع سيدنا علي وحول ماذا نقول في بيعة علي؟ لأنه لا يوجد تناقض عندنا، ولا نقول نحن أبداً بأن سيدنا علي (كذا) قد بايع كافراً مرتداً علي حكم المسلمين. إن حديثنا هنا هو حول: إشكالية مبايعة الإمام المعصوم لمن تقولون بأنه كافر مرتد علي حكم المسلمين.

الزميل رؤوف: لنبدأ أولا بحل إشكالية كيف أن الإمام المعصوم يبايع كافراً مرتداً علي حكم المسلمين، ومن ثم بطلان الروايات التي تقول بأنه بايع كافراً مرتداً بكل ما فيها، ثم نبحث في الروايات الأخري...

ولكن لا يمكن أن نبحث في الروايات الأخري الآن، في حين أن هناك أمر

ص: 426

كبيراً في عقيدتكم مرتبط بهذه الإشكالية الكبيرة.

الزميل فرزدق: هل النبي موسي معصوم بحسب عقيدتكم أم لا؟

إن كان معصوماً. فلماذا غضب علي هارون وأخذ بشعر رأسه ولحيته بينما هارون علي حق وليس علي خطأ؟ وفي الحقيقة فإنك لو قرأت الآيات جيداً فإن غضب موسي لم يسكت قبل أن يجر بشعر هارون ولحيته ولا بعد أن أخبره بأنه قد أُجبر علي السكوت علي قومه وما يفعلون، وليس بعد أن شرح له أخوه سبب سكوته ودعائه لنفسه ولأخيه بالرحمة والمغفرة. ولكن بعد ذلك كما تري من سياق القصة في القرآن الكريم: (ولما سكت عن موسي الغضب أخذ الألواح وفي نسختها هدي ورحمة للذين هم لربهم يرهبون) - الأعراف 154.

فقد سكت الغضب عن موسي لاحقاً. إذاً موسي ظل غاضباً علي أخيه حتي بعد أن عرف السبب وحتي بعد أن دعا لأخيه ولنفسه خوفاً من غضب الله تعالي.

الآن أنت يا عزيزي فرزدق تتحدث عن هل بايع الإمام مجبراً، أم لا؟. حتي لو سايرنا رواياتكم التي تقول بأن سيدنا علي قد بايع مجبراً، فإن هذا لا يعفي من القول بأنه قد بايع كافراً منافقاً مرتداً علي حكم المسلمين. وإن كنتم تقولون بأنه قد بايع سيدنا أبو بكر مجبراً حسب زعمكم؟؟ فهل بايع سيدنا عمر مجبراً أيضاً؟

ثانياً: أنت تقول أن هناك تعارض في الروايات، وأنا أسألك: أليست الإشكالية في هذه الروايات أنها تجمع بين أن سيدنا علي قد بايع كافرين منافقين مرتدين علي حكم المسلمين؟؟ ما هي الجزئية التي تريد أن تزيلها وما هي التي تريد أن تبقيها؟

هل تبغي أن نعيد تفصيل الروايات حتي لا تبقي هناك إشكالية؟ لماذا لا

ص: 427

تنكرون الروايات التي تقول بأن أبوبكر وعمر هما منافقين ومرتدين وكافرين (كذا) وتأخذون بالروايات التي لاتقول ذلك وتحلون بذلك الإشكالية، بدلاً من التلاعب بتاريخكم كله في سبيل تثبيت كفر ونفاق وارتداد من بايعهما الإمام المعصوم علي حكم المسلمين؟.

الزميل ذو الشهادتين: أشكرك حقيقة علي النصيحة، ولكنني أدعوك وغيرك للتدبر في هذه الإشكاليات، وسوف تشكرني يوم القيامة.. هل يمكن للإمام المعصوم أن يبايع كافراً مرتداً منافقاً علي حكم المسلمين مهما كانت الأسباب؟.

وكتبت (طبيعي) بتاريخ 18-2-2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

الامام علي عليه السلام إما معصوم أو غير معصوم. فإن كان معصوماً ففعله حجة. إن كان بايع وفعله حجة إن لم يكن بايع. وحقيقة كون من بايعه كافر أو منافق (كذا) أو علة المبايعة غير ذي أهمية في ذا المقام.

أما إن كان ليس بمعصوم ففعله في ما تسميه بيعة كفعل الصحابة الذين لم يبدلوا ولم ينقلبوا علي أعقابهم. وعليك أنت أن تثبت أنه بايع راضياً مرضياً أو أنه لم يبايع وخالف بذلك (إجماع) الصحابة. وقد تم شرح حقيقة بيعته لك.

ولعلمنا بأنك تبحث مخلصاً عن حل لهذه الاشكالية، لذا لا بد من مناقشة أمر عصمته أولاً، فإن ثبت لك ذلك ثبت ما دونه، وإن لم يثبت لك ذلك فلن تحل هذه الاشكالية عندك للأسف، وإن كانت لا توجد لدينا نحن الامامية.

اللهم صل علي محمد وآل محمد.

وكتب (ذو الشهادتين)، الواحدة ظهراً:

يقول محمد إبراهيم: هل النبي موسي معصوم بحسب عقيدتكم أم لا؟ إن كان معصوماً فلماذا غضب علي هارون وأخذ بشعر رأسه ولحيته بينما هارون

ص: 428

علي حق وليس علي خطأ.

أقول: إشكالك باطل يا محمد إبراهيم لأن نبي الله هارون (علیه السلام) هو أيضاً معصوم بحسب عقيدة الشيعة فكيف له أن يخطئ، حاشاه. النبي هارون (علیه السلام) معصوم عند الشيعة وما فعله في قضية العجل كان عين الصواب إذ أنه إستضعف وكاد يقتل من قبل بني إسرائيل، ولم يرد أن يفرق كلمتهم.

أما بالنسبة لغضب النبي موسي (علیه السلام) فهل أجلب عليه ذنباً أو معصية جعلت العصمة تنتفي منه؟!

لأساعدك علي الجواب، هل انتفت العصمة من الرسول محمد (صلی الله علیه و آله) عندما حرم علي نفسه العسل فنزلت سورة التحريم؟؟ نحن هنا لسنا بصدد إثبات عصمة الأنبياء، ولكن بصدد إثبات أن إشكالك باطل.

يقول محمد إبراهيم: أشكرك حقيقة علي النصيحة ولكنني أدعوك وغيرك للتدبر في هذه الإشكاليات وسوف تشكرني يوم القيامة.

أقول: لقد تدبرنا في إشكالياتك، ولم نرها سوي محاولات يائسة، لإخفاء الحقائق وتبديلها!!

وكتب (رؤوف)، الرابعة عصراً:

محمد ابراهيم: هل أنت تستهبل أم أنك فعلاً أهبل؟.

أقول لك لم يبايع؟. وتعترض عليّ في (الأدلة الدامغة..) بأن علياً قد بايع.

تدعي أن إنكار البيعة الاكراهية يعني إنكار حرق الباب، وكسر الضلع، فلما أطالبك بالدليل تتهرب!!

أقولها وبصراحة: إما أن تثبت لنا أن إنكار البيعة الإكراهية يعني إنكار حرق الباب وكسر الضلع، وإما تعلن أن كلامك هذا مخالف للحق، وأنك قلته للتمويه

ص: 429

علي القرّاء، أو جهلاً مركباً منك!

فردّ (محمد ابراهيم) بتاريخ 18-02-2000 – التاسعة مساءً:

الفاضلة طبيعي: لقد قلت في عنوان الصفحة الإمام المعصوم علي أساس أنني أسايركم جدلاً بأن الإمام علي معصوم بحسب عقيدتكم، أي أن النقاش مبني علي عقيدتكم في عصمة الإمام علي. وأنت تقولين إن كان معصوماً وبايع فإن فعله حجة؟؟؟ ولا يهم كون من بايعه كافراً أو منافقاً؟

أرجو أن تجيبي بصراحة: هل يجوز في عقيدة الشيعة مبايعة من عُلم كفره علي حكم المسلمين؟

الزميل ذو الشهادتين: لقد أثبتُّ للزميل فرزدق بأن موسي غضب من هارون لأنه سكت عن عبادة بني إسرائيل للعجل، وجر شعر رأسه ولحيته، وسمع منه عذره ودعا الله تعالي أن يغفر لهما: كل هذا وموسي غضبان، ولم يسكت غضبه إلا لاحقاً، حسب ما جاءت القصة في سورة الأعراف. لماذا إذاً قال موسي (قال ربّ اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك وأنت أرحمُ الراحمين) بعد أن علم بما فعله هارون؟

الزميل رؤوف: هل دفعك عجز الحجة إلي أن تسبني. لن أدع مسبتك هذه تفسد القضية لأهميتها لغيرك من القراء عسي الله أن ينفع أحداً فيها.

لقد قلت صراحة بأن المقصود هو حل الإشكالية التالية في بعض معتقدات الشيعة: هل يمكن أن يكون كل من أبي بكر وعمر منافقين كافرين؟؟؟. لا أريد ذكر روايات، ولكن إمكانية أن يكونا كافرين أو منافقين من هذه الناحية أم لا؟ بحسب عقيدة الشيعة هل يمكن أن يبايع الشيعي من يعلم بأنه منافق كافر علي الخلافة؟. هل يمكن أن يبايع الإمام المعصوم منافقاً كافراً علي الخلافة،

ص: 430

ويعيش تحت حكمه كأحد رعاياه؟.

حتي الآن لم يجب أي من الشيعة عن حل لهذه الإشكالية التي تمس جزءاً مهما من عقيدته، ومعظم الذين تحدثوا (فيما عدا الزميلة الفاضلة طبيعي) يلفون حول الموضوع من غير أن يخوضوا فيه: لماذا يا تري؟

ألا تريدون أن تكون عقيدتكم في هذه الأمور الخطيرة عن بينة؟.

وكتب (ذو الشهادتين)، الحادية عشرة ليلاً:

لقد جاوبناك يا محمد إبراهيم وحللنا عقدك وإستشكالاتك لو كنت تفقه ما نقول ولكن... أنت تنظر إلي الموضوع بعين التعصب العمياء فلهذا تري أن إشكالك لم يحل!!

نقول لك أن أمير المؤمنين(علیه السلام) كانت له بهارون (علیه السلام) أسوة عندما استضعف وكاد يقتل، فتظن أننا نحيد عن الحوار، ثم تدخل معنا في نقاش عن هارون وهل إذا كان فعله صحيحاً أم خاطئاً. نثبت لك أن فعل هارون كان صحيحاً، فتقول لم غضب موسي عليه؟ وهو معصوم عندكم؟؟.

أثبتنا لك أن سؤالك عن غضب موسي (علیه السلام) وإشكالك أن موسي معصوم وأن غضبه يدل علي خطأ النبي هارون (علیه السلام) أثبتناه إنه باطل وساقط، لأن هارون (علیه السلام) هو نبي معصوم أيضاً وحاشاه أن يخطئ.

فإذا كان نبي الله هارون (علیه السلام) قد سكت عن فعل بني إسرائيل واتخاذهم العجل لكي يحفظ دين موسي ولا يفرق بينهم، وبسبب إستضعافهم له، فعلي (علیه السلام) أعذر لأنه استضعف وكاد أن يقتل، وداره كادت أن تحرق من قبل الجاهل عمر وزبانيته وجلاوزته. فدخل فيما دخل فيه القوم صوناً لنفسه وعشيرته المستضعفة، من قبل أناس نقضوا عهد نبيهم في أهل بيته، وأذاقوا البتولة ما

ص: 431

أشجاها.

يقول أمير المؤمنين (علیه السلام) في خطبته الشقشقية:

لولا حضور الحاضر، وقيام الحجة بوجود الناصر، وما أخذ الله تعالي علي أولياء الأمر، أن لا يقروا علي كظة ظالم، أو سغب مظلوم، لألقيت حبلها علي غاربها ولسقيت آخرها بكأس أولها...فوالله يا محمد إبراهيم لوكان لأمير المؤمنين (علیه السلام) أنصاراً لما جعل أناس جهلة من أمثال أبي بكر وعمر يحكمون ويدبرون أمور المسلمين. يا محمد إبراهيم تمعن جيداً بردود الإخوة الكرام، فستجد أن إشكالك قد حل لو كنت تفقه ما نقول.

وكتب (فرزدق) بتاريخ 22-2-2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

أود أن ألفت نظر الإخوة الكرام المتحاورين عموماً الي عقيدة محمد ابراهيم وأنه لا يمثل إخواننا أهل السنة وسأثبت ذلك من خلال الجواب.. فإن مما يثير العجب والاستغراب لدي كل مسلم غيور علي دينه أنّ هذا الشخص عندما يذكر أنبياء الله ورسله ينسب اليهم التقصير ويتهمهم بما لا يليق بأنبياء الله ورسله كما تلاحظون هنا، فتارة ينسب الخطأ الي كليم الله وأخري ينسبُه الي نبي الله هارون.. مع أن أهل السنة يُجمعون علي عصمة الأنبياء في التبليغ، ومن المعلوم أن هذا أمر تبليغي.. وإذا لم يكن صاحبنا سنياً ولا شيعياً. فماذا يكون!!! وكأنّه يتّبع في ذلك التوراة المحرّفة، التي نسبت الي أنبياء الله كلّ قبيح!!! … الي آخر ما كتبه الفرزدق دفاعاً عن عصمة نبي الله موسي وعن أمير المؤمنين عليهما السلام.

وكتب (فاتح) شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 29-12-1999، السادسة صباحاً، بعنوان (تعليل أمير المومنين بيعة عمر لأبي بكر)، قال فيه:

ص: 432

ما هو السبب علي مبايعة عمر لصاحبه لنستمع لتعليل علي عليه السلام. قال ابن قتيبة الدنيوري في إباية علي لمبايعة أبي بكر حين أتي به قال علي: أنا عبد الله وأخو رسوله. فقيل له: بايع أبا بكر. فقال: أنا أحق بهذا الأمر منكم، لا أبايعكم وأنتم أولي بالبيعة لي!! أخذتم هذا الأمر من الأنصار، واحتججتم عليهم بالقرابة من النبي، وتأخذونه منا أهل البيت غصباً؟ ألستم زعمتم للأنصار أنكم أولي بهذا الأمر منهم لما كان محمد منكم، فأعطوكم المقادة وسلموا اليكم الأمارة؟

وأنا احتج عليكم بمثل ما احتججتم علي الأنصار: نحن أولي برسول الله حياَّ وميتاً، فأنصفونا إن كنتم تومنون، وإلا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون.

فقال عمر: إنك لست متروكاً حتي تبايع!!

فقال علي لعمر: إحلب حلباً لك شطره، واشدد له اليوم يردده عليك غداً. المصادر: الإمامة والسياسة: 1/11.

وكتب (عمر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12-2-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (تزويج أم كلثوم (رضی الله عنه) لعمر (رضی الله عنه))، قال فيه:

فأقدم رواة هذا الخبر ومخرجيه - فيما نعلم - هو: محمد بن سعد بن منيع الزهري - المتوفي سنة 230ه- - صاحب كتاب «الطبقات الكبري».

«أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ابن قصي. وأمها فاطمة بنت رسول الله، وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي. تزوجها عمر بن الخطاب، وهي جارية لم تبلغ، فلم تزل عنده إلي أن قتل. وولدت له: زيد بن عمر، ورقيّة بنت عمر. ثم خلف علي أم

ص: 433

كلثوم - بعد عمر- عون بن جعفر بن أبي طالب بن عبد المطلب. فتوفي عنها.

ثم خلف عليها أخوه محمد بن جعفر بن أبي طالب فتوفي عنها. فخلف عليها أخوه عبدالله بن جعفر بن أبي طالب بعد أختها زينب بنت علي بن أبي طالب.

فقالت أم كلثوم: إني لأستحيي من أسماء بنت عميس، إن ابنيها ماتا عندي، وإني لأتخوف علي هذا الثالث. فهلكت عنده. ولم تلد لأحد منهم شيئاً.

أخبرنا أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن عمر ابن الخطاب خطب إلي علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم. فقال عليّ: إنما حبست بناتي علي أولاد جعفر. فقال عمر: أنكحنيها يا عليّ، فو الله ما علي ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحبتها ما أرصد. فقال عليّ: قد فعلت. فجاء عمر إلي مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر- وكانوا يجلسون ثم عليّ وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف، فإذا كان الشئ يأتي من الآفاق جاءهم فأخبرهم ذلك واستشارهم فيه - فجاء عمر فقال: رفئوني، فرفؤوه وقالوا: بمن يا أمير المؤمنين؟ قال: بابنة علي بن أبي طالب. ثم أنشأ يخبرهم فقال: إن النبي صلي الله عليه [وآله] وسلم قال: كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي.

وكنت قد صحبته فأحببت أن يكون هذا أيضاً.

أخبرنا وكيع بن الجراح، عن هشام بن سعد، عن عطاء الخراساني: أن عمر أمهر أم كلثوم بنت عليّ أربعين ألفاً. قال محمد بن عمر(الواقدي) وغيره: لما خطب عمر بن الخطاب إلي علي ابنته أم كلثوم قال: يا أمير المؤمنين: إنها صبية فقال: إنك والله ما بك ذلك، ولكن قد علمنا ما بك. فأمرعلي بها فصنعت. ثم أمر ببرد فطواه وقال: إنطلقي بهذا إلي أمير المؤمنين فقولي: أرسلني أبي يقرؤك

ص: 434

السلام ويقول: إن رضيت البرد فامسكه وإن سخطته فردّه. فلما أتت عمر قال: بارك الله فيك وفي أبيك، وقد رضينا. قال: فرجعت إلي أبيها فقالت: ما نشر البرد ولا نظر إلا إليّ، فزوّجها إيّاه. فولدت له غلاماً يقال له زيد.

أخبرنا وكيع بن الجراح، عن أسماعيل بن أبي خالد، عن عامر (الشعبي) قال: مات زيد بن عمر وأم كلثوم بنت علي، فصل عليهما ابن عمر. فجعل زيداً مما يليه وأم كلثوم مما يلي القبلة، وكبر عليهما أربعاً.

أخبرنا عبيدالله بن موسي، قال: أخبرنا اسرائيل، عن أبي حصين، عن عامر، عن ابن عمر، أنه صلي علي أم كلثوم بنت عليّ وابنها زيد وجعله مما يليه وكبر عليهما أربعاً.

أخبرنا وكيع بن الجراح، عن زيد بن حبيب، عن الشعبي بمثله وزاد فيه: وخلفه الحسن والحسين ابنا عليّ ومحمد بن الحنفية وعبدالله بن عباس وعبدالله بن جعفر.

أخبرنا عبيدالله بن موسي، أخبرنا إسرائيل، عن جابر، عن عامر، عن عبدالله بن عمر: أنّه كبر علي زيد بن عمر بن الخطاب أربعاً وخلفه الحسن والحسين، ولو علم أنه خير أن يزيده زاده.

أخبرنا عبيدالله بن موسي، اخبرنا إسرائيل، عن السدي، عن عبدالله البهي قال: شهدت ابن عمر صلّي علي أمّ كلثوم وزيد بن عمر بن الخطاب، فجعل زيداً فيما يلي الإمام، وشهد ذلك حسن وحسين.

أخبرنا وكيع بن الجراح، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار - مولي بني هاشم - قال: شهدتهم يومئذ وصلي عليهما سعيد بن العاص، وكان أمير الناس يومئذ، وخلفه ثمانون من أصحاب محمد صلي الله عليه [وآله] وسلم.

ص: 435

أخبرنا جعفر بن عون، عن ابن جريج، عن نافع، قال: وضعت جنازة أم كلثوم بنت عليّ بن أبي طالب - امرأة عمر بن الخطاب - وابن لها يقال له زيد، والإمام يومئذ سعيد بن العاص.

أخبرنا عبدالله بن نمير، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، قال: صلي ابن عمر علي أخيه زيد وأم كلثوم بنت عليّ، وكان سريرهما سواء، وكان الرجل مّما يلي الإمام»

http://www.rafed.net/book/rasae-10/rasa21.htmlh1

وكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 12-2-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً: أخي عمر: أشكرك... وجزاك الله خيراً.

وكتب (الفاطمي)، الثانية صباحاً، محولاً إياه علي بحث السيد الميلاني في شبكة رافد:

http://www.rafed.net/book/rasael-10/rasa22.htmlh9

http://www.rafed.net/book/rasael-10/rasa23.htmlh41

السلام عليك يا بضعة المصطفي يا فاطمة الزهراء

وكتب (رائد جواد)، الثانية والثلث صباحاً:

جزاك الله خيراً مولانا الفاطمي وأبعد عنك كل مكروه، والغريب من هؤلاء استشهادهم بهذا الموضوع بروايات السنة لا الشيعة!!

والأغرب من ذلك أن عمر المسكين نقل الموضوع من مصدرٍ اسمه (الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة) للعلامة الفاضل (علي الميلاني)، فهو أعزه الله يذكر الأحاديث الموضوعة، وعمر يحتج بهذه الأحاديث!!!

فأقرأ واعجب!!!!

ص: 436

وكتب (محمد ابراهيم)، العاشرة ليلاً:

جاء في بحار الأنوار للمجلسي في: 42 / 93: (وأما أم كلثوم فهي التي تزوجها عمر بن الخطاب).

وفي الكافي: 6 / 115: حميد بن زياد عن ابن سماعة عن محمد بن زياد عن عبد الله بن سنان ومعاوية بن عامر عن أي عبد الله (علیه السلام) قال سألته عن المرأة المتوفي عنها زوجها أتعتد في بيتها أو حيث شاءت، قالت: بل حيث شاءت، إن علياً (علیه السلام) لما توفي عمر أتي أم كلثوم فانطلق بها إلي بيته. وفي رواية أخري في الكافي: فأخذ بيدها فانطلق بها إلي بيته. وهناك رواية مشابهة في التهذيب للطوسي ج 8 ص 161. وفي الاستبصار للطوسي: 3 / 352.كما جاء في التهذيب: 2 / 362.

الرواية التالية: (محمد بن أحمد بن يحيي عن جعفر بن محمد القمي عن القداح عن جعفر عن أبيه (علیه السلام) قال: ماتت أم كلثوم بنت علي (علیه السلام) وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة، لا يدري أيهما هلك قبل، فلم يورث أحدها الآخر وصلي عليهما جميعاً). وكذلك راجع كتاب أعيان الشيعة:3 / 484، في خبر أم كلثوم الكبري بنت علي بن أبي طالب حيث يؤكد زواجها من سيدنا عمر بن الخطاب.

إذاً خبر زواج سيدنا عمر من السيدة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب خبر مثبت في كتب الشيعة. وطبعاً الزواج هذا حصل في فترة خلافة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

وكتب (فاتح) بتاريخ 14-2-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

لماذ يا محمد ابراهيم؟!!

ص: 437

أيها الأخوة، لاحظوا هذا التدليس!! إن محمد ابراهيم دلس في المصدر وذلك ان جعل الاستشهاد بالبحار علي زواج أم كلثوم من عمر ففي صفحة 93، من الجزء 42، قال وأما أم كلثوم التي تزوجها عمر … ولم يكمل في حين أن المجلسي كان يذكر كلام النوبختي الشافعي النسابة. ولم يكمل محمد ابراهيم ذيل الصفحة، لماذ؟! لأن فيها استبعاد زواجها لأنهم يدعون أنها ولدت لعمر ولدين، بينما في ذيل الصفحة أن عمر مات عنها ولم يدخل بها فعليكم بمراجعة البحار للتأكد!

وأيضا من الأشياء التي تركها ما هو في الجزء 42، في الصفحات السابقة وبالتحديد ص 88، هناك رواية تنفي الزواج من أم كلثوم من عمر، وأن علي عليه السلام لم يقبل لما طلب منه العباس أن يزوجها منه وأبي أشد الإباء (كذا) رغم تهديد عمر.

وكتب (فاتح) أيضاً بتاريخ 14-2-2000، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

هناك محاولة لإثبات الزواج من الأخ محمد ابراهيم وعمر، ولكن لنتأمل في الروايات. بعض الروايات تقول: إنها لم تتزوج. وبعض الروايات تقول: إنها كانت جنية دفعت لعمر كما رواها المجلسي.

وبعض الروايات تقول: إن عمر دخل بها وله منها ولدين. وبعض الروايات تقول: مات عمر ولم يدخل بها، كما ذكره البحار عن النسابة الشافعي النوبختي.

وبعض الروايات تقول: بأن علي (كذا) أخذها بعد موت عمر مباشرة.

فهل مع هذا التعارض بين الروايات يحق لك يامحمد ابراهيم أن تأخذ الزواج بضرس قاطع؟

ص: 438

إذا كان الهدف الدفاع عن عمر، فإن زواج أم كلثوم علي فرض حصوله وإن كان دون إثباته خرط القتاد.. إلا أنه لو تم فإنه لايغير من سوء عمر، ويبقي عمر هو عمر، من لعَنَته الزهراء عليها السلام، وماتت وهي واجدة عليه من سوء عمله وظلمه.

وكتب (أبو حسين) بتاريخ 16-2-2000، الثامنة صباحاً:

إن أئمتنا صلوات الله وسلامه عليهم ليسوا بأناس عاديين. فلا يمكن أن نقيس تصرفاتهم بتصرفاتنا نحن. فهم ينظرون الي الأمور نظرة بعيدة، ولا يخفي علي أحد أن آل محمد صلوات الله وسلامه عليهم بالغوا في طاعة الله حتي أوجب الله سبحانه وتعالي ذكرهم في صلاتنا اليومية وسيبقي ذكرهم هذا الي أن تقوم الساعة، وفرض مودتهم علي المسلمين جميعاً، ولم يوجب هذه المودة لأنبياءه بل اكتفي بالإيمان بهم والتصديق برسالاتهم وكتبهم!! ولاشك أن هذا التكريم لم يأتي (كذا) إعتباطاً لولا علم الله بإخلاصهم لطاعته... ونحن نعلم أن تزويج البنت ليست أعظم من الصبر علي إغتصاب الخلافة، لقد عمل مولانا بأفضل ما يمكن أن يتصرفه عبد امتحن الله قلبه للإيمان، فكان مصداقاً للقرآن وكان العين الساهرة علي الرسالة المحمدية الخالدة طيلة الفترة الحرجة التي قضاها صلوات الله وسلامه عليه في عهد الثلاثة الذين اعتلوا أمره والتي سلموها الي من حاربه وشهر السيف في وجهه ووجه أبناءه من بعده، فكانت النتيجة ان تحوَّل الخلافة الرسالية الي ملك عضوض كان نتيجته تقتيل آل محمد الواحد تلو الآخر ومحاربة مواليهم قتلاً وتشريداً وتشويه سمعةً، والي يومنا هذا..

كفاكم أيها المخالفين (كذا) عناداً... أقول لكم آل محمد... تقولون لي... صحابة... أقول لكم قال الله فيهم قولاً عظيماً... تقولون لي... أحاديث البخاري.. أقول لكم أوجب الله ذكرهم في الصلاة... تقولون...!!!!

ص: 439

أقول لكم فرض مودتهم علينا فرضاً ولم يفرض علينا مودة أنبيائه (السابقين)

... تقولون خطائين ويخطؤون...

وكتب (محمد ابراهيم)، الحادية عشرة ليلاً:

الزميل أبو حسين: الكلام هو عن زواج سيدنا عمر بالسيدة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب. لا أري في رسالتك ذكر لهذا الموضوع سوي العبارة التالية:

ونحن نعلم أن تزويج البنت ليست أعظم من الصبر علي إغتصاب الخلافة، لقد عمل مولانا بأفضل ما يمكن أن يتصرفه عبد امتحن الله قلبه للإيمان. أي أنك تقول بأن تزويج سيدنا علي ابنته الطاهرة السيدة أم كلثوم بنت علي إلي سيدنا الفاروق عمر هو أفضل ما يمكن أن يتصرفه عبد امتحن الله قلبه للإيمان.

الحمد لله رب العالمين: هذه تزكية منك في سيدنا الفاروق عمر هو في غني عنها ولكنني أقدرها لك عموماً... وحظاً موفقاً في المرة القادمة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17-2-2000، الواحدة إلا الثلث صباحاً:

جعلتم البيعة بالتهديد والاجبار فضيلة لأبي بكر وعمر.. ونسيتم أنهما صارا بذلك جبارين!! وجعلتم تزويج علي لعمر - لو صح - بالاجبار والتهديد فضيلة له.. ونسيتم أنه صار بذلك جباراً!! فقد كثرت عندكم فضائل الجبارين الذين يجبرون الناس علي بيعتهم وانتخابهم!! وصار قوم لوط أصحاب فضيلة عندكم!! لأن آذوا لوطاً عليه السلام وجبروه أن يعرض عليهم بناته، وكان مستعداً أن يزوجهم!! وذلك قبل أن يخسف الله فيهم بساعات!!

فطوبي لكم علي هذا المنطق الأعوج، من أجل إثبات فضائل أئمتكم!!

وكتب (عمر)، الثانية والثلث صباحاً:

ص: 440

المنطق الأعوج يقول: كيف يكون عمر (رضی الله عنه) جباناً ثم يأخذ البيعة بالقوة، لا أعرف أي منطق يكون هذا؟

وكيف يقتحم بيت فاطمة (رضی الله عنه) ولا يخاف من زوجها المغوار؟ من هو الجبان في هذا المنطق الأعوج؟؟؟؟؟.

وكتب (محمد ابراهيم) آخر أيضاً في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 11-2-2000، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (مسلسل الإشكاليات: زواج ابنة المعصوم من كافر؟)، قال فيه:

بعض الروايات الشيعية تعتبر سيدنا عمر كافراً (حاشاه). ومن المعروف أن سيدنا علي قد زوج ابنته أم كلثوم لسيدنا عمر.فإذا كان عمر كافراً بحسب روايات الشيعة فإن سيدنا علي قد زوج ابنته إلي كافر...!!!

هل يجوز للمعصوم أن يزوج أبنته من كافر؟

وهل يجوز للكافر أن يتزوج من مؤمنة ابنة مؤمن؟

إما أن المعصوم قد أخطأ وخالف الآية الكريمة...

وإما أن سيدنا عمر هو غير كافر...

وإما أن المعصوم لا يعلم بأن عمر كافر وبذلك فهو لا يعلم الغيب...

(لاحظ أن الشيعة يقولون بأن المعصوم كان يعلم موعد موته، ولذلك فإن تزويجه لابنته ليس خوفاً علي حياته).

وإما أن جميع الروايات الشيعية التي تقول بأن عمر كافر، هي روايات باطلة.

فما هو المخرج المناسب من هذه الإشكالية؟

وكتب (عالم نجد والحجاز) بتاريخ 11-2-2000، الحادية عشرة ليلاً:

يا أخي لو تعلم ما أعلم... إنها منقبة لسيدنا علي كرم الله وجهه، ومنقبة لعمر

ص: 441

أفضل الخلق في زمنه.

وكتب (محمد ابراهيم)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

أخي عالم نجد والحجاز: أشكرك علي هذه الالتفاتة الطيبة... بالفعل إن هذه منقبة لسيدنا علي ولسيدنا عمر معاً.. ولكن واأسفاه: من الذي يستطيع أن يقنع بعض الشيعة بذلك!!! المهم: هل يري الشيعة مخرجاً مناسباً لهذه الإشكالية؟

وكتب (رائد جواد) بتاريخ 12-2-2000، الثانية والنصف صباحاً:

الزميل العزيز محمد إبراهيم،، عجباً منك - زميلي العزيز - تنقل الروايات دون تفكرٍ ونظر!!!! ألم تقرأ أسم الكتاب الذي نقلت منه هذا الموضوع؟!!!

ألم تعلم أن أسم الكتاب هو (الرسائل العشر في الأحاديث الموضوعة في كتب السنة)؟!!! حيث أن سماحة السيد الميلاني –مؤلف الكتاب – ذكر في رسائله هذه الأحاديث الموضوعة!!!

ثم إن كل هذه الأحاديث التي أشرت أليها هي من كتب السنة لا الشيعة فتدبر! وأنا لست بصدد التطرق لايمان الخليفة عمر بن الخطاب، لأنني لم ولن أتعرض لأمورٍ كهذه مهما كلفني ذلك،، لكن الذي أريد التحدث به هو وقوع هذا الزواج أو عدم وقوعه، ولا يفوتني أن أدلك علي مصدر مهم من مصادر الشيعة وهو كتاب بحار الأنوار للمجلسي، والذي قال في: 42 / 88، بعدم وقوع هذا الزواج.

وكتب (محمد ابراهيم)، العاشرة ليلاً:

الرواية التي يعتمد عليها الزميل الكريم صلي الله عليه وآله رائد الشيخ جواد عليهما السلام في إنكار زواج سيدنا عمر من أم كلثوم بنت علي، سوف أوردها حتي يحكم عليها القراء

ص: 442

بأنفسهم: في بحار الأنوار ج 42 ص 88:

الصفار عن أبي بصير، عن جذعان بن نصر، عن محمد بن مسعده، عن محمد بن حسويه، عن اسماعيل، عن أبي عبد الله الربيبي، عن عمر بن أذينة قال: قيل لأبي عبد الله (علیه السلام) إن الناس يحتجون علينا ويقولون أن أمير المؤمنين زوّج فلاناً؟؟ ابنته أم كلثوم، وكان متكئاً فجلس وقال: أيقولون ذلك؟! إن قوماً يزعمون ذلك لا يعتدون إلي سواء السبيل! سبحان الله، ما كان يقدر أمير المؤمنين أن يحول بينه وبينها فينقذها؟ كذبوا ولم يكن ما قالوا!

إن فلاناً خطب إلي علي بنته أم كلثوم، فأبي علي فقال للعباس: والله لئن لم تزوجني لأنتزعن منك السقاية وزمزم، فأتي العباس علياًّ فكلمه فأبي عليه فألح العباس، فلما رأي أمير المؤمنين مشقة كلام الرجل علي العباس وأنه سيفعل بالسقاية ما قال، أرسل أمير المؤمنين إلي جنية؟؟ من أهل نجران يهودية يقال لها سحيفة بنت جريرية، فأمرها فتمثلت في مثال أم كلثوم وحجبت الأبصار عن أم كلثوم وبعث بها إلي الرجل، فلم تزل عنده حتي أنه استراب بها يوماً فقال: مافي الأرض أهل بيت أسحر من بني هاشم، ثم أراد أن يظهر ذلك للنا س فقتل وحوت الميراث وانصرفت إلي نجران، وأظهر أمير المؤمنين أم كلثوم.

هذه هي رواية بحار الأنوار التي يحتج بها الزميل رائد الشيخ جواد: سيدنا علي يستعين بجنية، حتي لا تطير السقاية وبئر زمزم من العباس؟ وقد تناست هذه الرواية باقي الروايات الشيعية التي تتكلم عن عدة السيدة أم كلثوم بعد وفاة عمر، وكذلك أخبار أولادها من عمر. كما أن هذه الرواية تؤكد بطريق غير مباشر زواج سيدنا عمر من أم كلثوم بنت علي، وإن حاول البعض من وضاع الأحاديث بالتغطية علي الموضوع باختلاق قصة استعانة سيدنا علي بجنية!!!

ص: 443

وعلي ذكر بحار الأنوار، فقد جاء في البحار في ج 42 ص 93: وأما أم كلثوم فهي التي تزوجها عمر بن الخطاب.

وفي الكافي ج 6 ص 115: حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن محمد بن زياد، عن عبد الله بن سنان ومعاوية بن عامر، عن أي عبد الله (علیه السلام) قال سألته عن المرأة المتوفي عنها زوجها أتعتد في بيتها أو حيث شاءت؟. قالت: بل حيث شاءت. إن علياً (علیه السلام) لما توفي عمر أتي أم كلثوم فانطلق بها إلي بيته.

وفي رواية أخري في الكافي: فأخذ بيدها فانطلق بها إلي بيته.

وهناك رواية مشابهة في التهذيب للطوسي ج 8 ص 161 وفي الاستبصار للطوسي ج 3 ص 352. كما جاء في التهذيب ج 2 ص 362 الرواية التالية:

محمد بن أحمد بن يحيي، عن جعفر بن محمد القمي، عن القداح، عن جعفر عن أبيه (علیه السلام) قال: ماتت أم كلثوم بنت علي (علیه السلام) وابنها زيد بن عمر بن الخطاب في ساعة واحدة، لا يدري أيهما هلك قبل، فلم يورث أحدها الآخر وصُلي عليهما جميعاً.

وكذلك راجع كتاب أعيان الشيعة:3 / 484، في خبر أم كلثوم الكبري بنت علي بن أبي طالب حيث يؤكد زواجها من سيدنا عمر بن الخطاب.

إذاً خبر زواج سيدنا عمر من السيدة أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب خبر مثبت في كتب الشيعة. فإذا كان عمر كافراً بحسب روايات الشيعة فإن سيدنا علي قد زوج ابنته إلي كافر...!!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 12-2-2000، العاشرة والنصف ليلاً:

مضافاً الي حوالة الأخوة علي بحث السيد الميلاني.. أسألكما هذا السؤال:

هل الذين عرض عليهم نبي الله المعصوم لوط عليه السلام، أن يزوجهم من بناته،

ص: 444

فقال لهم: (هؤلاء بناتي إن كنتم فاعلين) كانوا مؤمنين، أم كانوا من أعداء الله الذين عمهم العذاب بعد ساعات..؟!!

إذن، حتي لو ثبت الزواج المزعوم، فلا دلالة فيه علي ما تزعمان.

وكتب (محمد ابراهيم)، الحادية عشرة والنصف مساءً:

الزميل العاملي: هل تردّ جميع الروايات الشيعية التي تقول بأن الزواج صحيح؟!

هل يجوز في عقيدة الشيعة بأن يزوج الرجل المؤمن ابنته المؤمنة من كافر منافق؟

وكتب (رائد جواد)، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

لقد ذكر مولانا العاملي أعلاه نقطة مهمة حفظه الله. وأود أن أضيف أن

(آسيا بنت مزاحم) رضوان الله عليها كانت زوجة فرعون!! والكل يعلم أنها إحدي زوجات الرسول (صلی الله علیه و آله) في الجنة، وكذلك لها قصراً في الجنة، فبماذا تُجيب زميلي العزيز؟؟؟

وكتب (محمد ابراهيم)، الثانية عشرة إلا عشرة دقائق ليلاً:

هل يجوز في عقيدة الشيعةبأن يزوج الإمام المعصوم ابنته المؤمنة من كافر منافق؟

إجابة هذا السؤال فيه الجواب عن أسئلتكم جميعها. وحيث أنكم شيعة فإنكم أنتم أحق بجواب هذا السؤال مني. أنا الذي لا يؤمن بشئ إسمه عصمة الأئمة.

هل يجوز أم لا يجوز؟

ص: 445

وكتب (رائد جواد) بتاريخ 13-2-2000، الواحدة صباحاً:

زميلي العزيز محمد ابراهيم،،

أثبت لنا أولاً حديث الأرتداد الذي ذكرته،، بشرط أن يكون بسند صحيح،، وبعدها نبحث معك مسألة الزواج.. مع فائق الإحترام والتقدير.

فكتب (العاملي) بتاريخ 13-2-2000، الواحدة والنصف صباحاً:

- الأخ محمد ابراهيم، هناك مسلمات عندكم في تاريخنا الاسلامي وسيرة النبي صلي الله عليه وآله، يجب أن تعيدوا النظر فيها.

- من هذه الأمور: أنه يجب أن تعرفوا - ولا تريدون أن تعرفوا - أن قريشاً المشركة المحكوم عليها من رب العالمين بجهنم، صارت (مسلمة الفتح) وسرعان ما سيطرت علي دولة محمد بعده.. فماذا تنتظرون منها؟!!

- ومن هذه الأمور: حديث بدء الوحي ودور القسيس ورقة بن نوفل المكذوب، الذي روته مصادركم.

- ومنها: حديث الغرانيق..

- ومنها: أن أيتام خديجة وبنات أختها هم بنات حقيقيات للنبي صلي الله عليه وآله..

- ومنها: زعم أن خديجة كانت متزوجة قبل النبي.. وأن عائشة كانت غير متزوجة قبله.. وأن.. وأن..

وعندما يصل الي الانسان الباحث الي حقائق مدهشة قلبتها السلطة وإعلامها ومحدثوها، فمن حقه أن يشك..

فاسمح لي أن أشك في الموضوع، لأني وجدت نصاً يقول إن عمر خطب أم كلثوم بنت أبي بكر وأصرت عليها عائشة، فرفضت وهددت بأنها ستلجأ الي قبر النبي صلي الله عليه وآله وتكشف شعرها وتصيح.. فتركها عمر.

ص: 446

من يضمن لي أن هذه القصة لم تكن في الواقع مع أم كلثوم بنت علي.. وأن إعلام الدولة أراد أن يصور أن الخليفة صار صهر النبي علي حفيدته أم كلثوم؟!!

ثم.. عندما أجد عندكم حديثاً صحيحاً أن عائشة سألت النبي: بم أتكني؟

فقال لها: تكني باسم ابنك عبدالله!! فماذا تريدني أن أقول؟!!

أنت لا تتحمل البحث لمعرفة الواقع يا محمد ابراهيم!! فلنكتفِ بهذا!!

وكتب (الفاروق)، الثانية صباحاً:

يا سبحان الله، بالأمس العاملي يقول بأن التاريخ ثابت وأنه صريح عندما تعرض لأمنا عائشة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أباها، واليوم يقول إن التاريخ مدلس ومكتوباً كذباً عندما نذكر له أمر تزويج أم كلثوم من عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

العاملي: هل هذا التاريخ هو نفس تاريخ أمس الذي تتحدث عنه، أم أن العمليه هي مجرد ميزان ذو ثلاث قرءات، بل وربما عشر قراءات (كذا).

والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته

وكتب (محمد ابراهيم)، الخامسة مساءً:

الزميل العاملي: إن خبر زواج سيدنا عمر من السيدة أم كلثوم ثابت من روايات الفريقين، وليس تخريصاً مثل الأشياء التي جئت أنت بها. سأذكر مثالاً واحداً علي ماجئت أنت به في رسالتك لأبين لك أنك ما جئت إلا بتخريصات وقس الباقي عليها:

السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كانت تكني بأم عبد الله أي عبد الله

ص: 447

بن الزبير ابن أختها أسماء وهو في مقام ابنها، وهي كانت تكني بذلك، لأنها لم يكن لها أولاد، فاختار لها الرسول صلي الله عليه وسلم هذه الكنية.

روايات الشيعة المثبتة في الكافي وغيرها من أمهات الكتب عندكم ليست من إعلام الدولة الأموية أو غيرها، بل هي من إعلام الدولة الشيعية التي تتبعها أنت ولذلك فهي ملزمة لك. المهم الآن ما هو المخرج من هذه الإشكالية...!!! كيف يزوج الإمام المعصوم المطهر ابنته المؤمنة من رجل يعلم علم اليقين بأنه كافرومنافق، وأنه كاسر ضلع زوجته ومجهض ابنهما وضاربه (حسب روايات الشيعة)؟؟؟

الزميل رائد الشيخ جواد: هل تقصد أنك تشكك في روايات ارتداد سيدنا عمر وكفره؟

فكتب (رائد جواد) بتاريخ 14-2-2000، الواحدة صباحاً:

الزميل الكريم (محمد ابراهيم) مالي أراك ترد علي سؤالي بسؤال؟!!!

لقد أدعيت بأن الشيعة يقولون بارتداد الصحابة، والبينة علي من ادعي،، فأحضر لنا هذه البينة بشرط أن تكون رواية موثوقة بسندٍ صحيح..

ونحن بانتظار ذلك.

وكتب (مالك الأشتر)، العاشرة صباحاً:

رداً علي محمد ابراهيم حول كلامه للأخ العاملي:

يروي ابن سعد في طبقاته ج 8، ترجمة عائشة:

أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) لما خطب عائشة من أبي بكر. قال أبو بكر: يا رسول الله إني كنت أعطيتها مطعماً لابنه جبير، أي زوجها جبير، فدعني حتي أسلها منه بحكم أن جبير كان علي جاهليته فهي بحكم الطالق فاستسلها منهم فطلقها

ص: 448

فتزوجها رسول الله. انتهي كلام ابن سعد.

ويروي ابن سعد في طبقاته أيضاً ج 8: عن عائشة قالت: قلت يا رسول الله إن النساء قد إكتنين فكنني. قال (صلی الله علیه و آله): تكني بابنك عبدالله.

وقد حاول الفقهاء احتواء هذه الرواية. فقالوا: عبدالله الذي كنت به عائشة هو ابن اختها أسماء وهو ابن الزبير.

أقول: كم كان عمر عبد الله بن الزبير حينما أمر النبي صلي الله عليه وآله عائشة أن تتكني به؟ وكم كان عمرها؟!! ويروي عن أم سلمة أيضاً في طبقات ابن سعد باب في المقام عند البكر، يروي أبو داود عن أم سلمة أن رسول الله (صلی الله علیه و آله) لما تزوج بها أي عائشة أقام عندها ثلاثاً!!!!

ثم قال: ليس بك علي أهلك هوان إن شئت سبعت لك... وكان رسول الله (صلی الله علیه و آله) إذا تزوج البكر أقام عندها سبعاً، وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثاً!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 14-2-2000، العاشرة والنՙ`صباحاً:

تأخرت حتي رأيت الآن مداخلات الأخوة، فجزاهم الله خيراً وخاصة الأخ مالك الاشتر، فقد أجابك يامحمد إبراهيم ويا عمر.. وليس عندكما جواب..

كما أني أجبتكما ببنات نبي الله لوط عليه السلام.. وهذا علي فرض وقوع هذا الزواج، لأني متوقف فيه. فأين جوابك يامحمد ابراهيم؟

أما عمر فهو لا يجيب، بل شغله عصفور طيار..

وكتب (محمد ابراهيم)، الحادية عشرة ليلاً:

ليسمح لي الزميل مالك الأشتر بأنني سوف أتجاهل التخرصات التي جاء بها لأنها خارج الموضوع، وهذا هو الأهم حتي لا يتشتت الموضوع، ويمكنك

ص: 449

عزيزي مالك الأشتر أن تفتح صفحة مستقلة بهذه التخرصات إن أردت، ولكن دعنا نكون هنا في موضوع الصفحة.

الزميل العاملي: أجبتك عن سؤالك من قبل وقلت لك: إن كان سيدنا لوط

(كذا) وسيدنا نوح (كذا) متزوجين من كافرتين، فهل معني هذا أن المعصوم المطهر يمكن أن يزوج ابنته المؤمنة من كافر؟ هل هذا ممكن في عقيدة الشيعة؟ إذا لم يكن عمر كافراً فليس هناك مشكلة، ولكنكم تكفرون عمر، أليس كذلك؟ أم أنكم لا تكفرون عمر؟!

الزميل الكريم رائد الشيخ جواد: أري أنك تتحاشي صلب الموضوع بطلب الروايات؟ هل تريد أن تقول إن الصحابة غير مرتدين؟.

إذا لم آتي (كذا) بأي رواية صحيحة من كتب الشيعة بأن الصحابة مرتدين

(كذا) فهل تقبل أنت بأن الصحابة ليسوا مرتدين؟

أو بمعني آخر: حسب علمك أنت أيها الشيعي، هل توجد عندكم رواية صحيحة بأن الصحابة بما فيهم سيدنا عمر هم مرتدون عن الإسلام؟.

إذا كانت توجد عندكم رواية صحيحة بهذا المعني وتأخذون أنتم بها فهذه إشكالية كبيرة حيث أن هذا الذي تقولون عنه أنه مرتد وكافر ومنافق قد زوجه الإمام المعصوم ابنته المؤمنة أم كلثوم.

وإن لم تكن هناك رواية صحيحة بهذا المعني وأنكرتم كل الروايات التي هي بهذا المعني، فإن الإشكال ينتهي بالنسبة لكم عندئذ.

فهل لديكم رواية صحيحة عن ارتداد سيدنا عمر، أم أنكم تنكرون كل روايات ارتداد سيدنا عمر، حتي لا يكون في هذا الأمر تجريح للإمام المعصوم وابنته الطاهرة؟

ص: 450

في جواب هذا السؤال مخرج الشيعة من هذه الإشكالية.

وكتب (مالك الأشتر)، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

يا محمد ابراهيم هل تعلم معني كلمة تخرص، أو أنك لا تعلم؟

إن كنت تعلم فتأدب، وإن كنت لا تعلم فلا تقل ما لا تعلم.

وأنا قلت روي فلان وفلان عالم سني. وإذا كنت تريد صفحة مستقلة، فسوف تأتيك إن شاء الله. وعلي أهلها جنت براغش.

فكتب (العاملي) في 15-2-2000، الثانية عشرة وخمس دقائق ليلاًً:

أعطني رأيك إن كنت شجاعاً وطالب حق يا محمد ابراهيم.. فقد سألتك عن بنات لوط عليه السلام، لاعن زوجته، حيث عرض زواج بناته علي أعداء الله تعالي!! وأجب عن غيرها من النقاط في كلامي وكلام الأخوة، التي هربت من جوابها!! لقد ترك محمد ابراهيم الموضوع، وفتح غيره!! وكذا كان يفعل زملاؤه منذ سنة كاملة!! أتواصَوا به؟ بل هم قوم فرّارون!!

وكتب (رائد جواد)، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

أي موضوعٍ هذا الذي أتحاشي صلبه؟؟

ألم يكن سؤالي الذي طرحته من صلب الموضوع؟؟

أنت قلت أن الصحابة ارتدوا، وبنيت ما سميته إشكالية علي هذا الأساس،، فكيف يكون طلبي لروايات الأرتداد التي أستندت عليها خارجاً عن صُلب الموضوع؟!! الأفضل أن تقوم بمحو ما ذكرته هنا وهناك – في موضوع ارتداد الصحابة – وإن لم تكن لديك الجرأة علي ذلك فسأبادر أنا بهذه الخطوة!

وكتب (محمد ابراهيم)، الثانية عشرة ظهراً:

ص: 451

ليس الهدف هنا هو مناقشة الروايات التي تتحدث عن كفر ونفاق أبو بكر (كذا) وعمر من ناحية الصحة والضعف، بل الهدف هو إنكارها كلية.

طبعاً أنتم أدري مني بالروايات في كتب الشيعة في تكفير أبي بكر وعمر، سواء بالإشارة أم بشكل مباشر. فمثلاً بالإشارة إلي كفر عمر تقول هذه الرواية من كتاب الكافي (ج1 ص 411): محمد بن يحيي، عن جعفر بن محمد، قال حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري، عن عمر بن زاهر، عن أبي عبد الله (علیه السلام) قال: سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا، ذلك إسم سمي الله به أمير المؤمنين عليه السلام لم يسم به أحد قبله ولا يتسمي به بعده إلا كافر.

ومن المعروف أن سيدنا عمر هو أو من تسمي بإسم أمير المؤمنين، وذلك قبل سيدنا علي، ولذلك فهو بحسب هذا الحديث كافر.

مثال آخر علي روايات تكفر أبي بكر (كذا) وعمر بشكل مباشر، هذه الأخبار التي أنقلها بتصرف من كتاب بحار الأنوار للمجلسي ج 85 ص 260، وما بعدها:

[البعد الأمين وجنة الأمان] هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة ورواه عبد الله بن عباس عن علي (علیه السلام) أن كان يقنت به، وقال: أن الداعي به كالرامي مع النبي (صلی الله علیه و آله) في بدر وأحد وصفين بألف ألف سهم، الدعاء:

اللهم العن (ما أكثر ما يحب بعض الشيعة اللعن!) صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتهيهما وإفكيهما (يقصدون أبو بكر (كذا) وعمر كما سيأتي في الشرح (لاحقاً) وابنتيهما (يقصدون أمهات المؤمنين زوجات الرسول ص عائشة وحفصة) الذين خالفا أمرك، وأنكرا وحيك، وجحدا أنعامك، وعصيا رسولك، وقلبا دينك، وحرفا كتابك، وعطلا أحكامك، وأبطلا فرائضك، وألحدا في

ص: 452

آياتك وعاديا أولياءك، وواليا أعداءك، وخربا بلادك، وأفسدا عبادك، اللهم العنهما وأنصارهما.

إلي آخر الدعاء الطويل، المليء باللعن والسباب للشيخين وأنصارهما.

ويقول المجلسي بعد ذلك: والصنمان هما الفحشاء والمنكر.

قال شارح هذا الدعاء: الصنمان الملعونان هما الفحشاء والمنكر (في بعض التفاسير الشيعية فإن الفحشاء والمنكر والبغي تعني أبو بكر (كذا) وعمر وعثمان) ويستمر في شرح الدعاء حتي يقول... وأما المنكرات التي أتوها فكثيرة جداً وغير محصورة عدّاً، حتي رُوي أن عمر قضي في الجده بسبعين قضية غير مشروعة. ويستمر في ذكر الحوادث المزعومة من إيذاء علي وفاطمة، وحرق الدار، وضرب علي، وكسر الضلع، وإسقاط الجنين، حتي يقول وهنا بيت القصيد:

والكفر المنصوب هو أن النبي ص نصب عليا عليهما علماً للناس هادياً فنصبوا كافراً وفاجراً... (حتي يقول)... والنفاق الذي أسرّوه هو قولهم في أنفسهم لما نصب النبي ص علياً (علیه السلام) للخلافة قالوا والله لا نرضي أن تكون النبوّة والخلافة لبيت واحد، فلما توفي النبي ص أظهروا ما أسرّوه من النفاق!!

ولهذا قال علي عليه السلام: والذي فلق الحبة وبرئ النسمة ما أسلموا ولكن استسلموا أسرّوا الكفر فما رأوا أعواناً عليه أظهروه!!.

والكلام طويل، وفيه إصرار منهم علي تكفير أبي بكر وعمر، وآخرين من الصحابة المقربين من الرسول صلي الله عليه وسلم. وهناك في نفس بحار الأنوار روايات أخري وأدعية أخري، جمعها المجلسي من كتب متفرقة، من كتب الشيعة، وكلها في تكفير ولعن أبي بكر وعمر.

ص: 453

هل يمكن أن تكون هذه الروايات صحيحة؟

هل يجوز للمعصوم أن يزوج ابنته من كافر؟

وكتب (العاملي) في 16-2-2000، الثانية عشرة وعشرة دقائق ليلاًً:

نحدث محمد ابراهيم عن نبي الله المعصوم لوط، حيث عرض زواج بناته المؤمنات علي أعداء الله الذين خسف بهم الله الارض بعد ساعات.. فيحدثنا عن زوجة لوط!! ما هذا؟!

نحن نقول: إن النبي صلي الله عليه وآله أخبر علياً عليه السلام بأن الأمة ستغدر به من بعده.. فسأله علي: أَوَأنزلهم في ذلك بمنزلة ردة أم بمنزلة ضلالة؟

فقال له: بل بمنزلة ضلالة. ولذلك عاملهم علي معاملة المسلمين.. فلا يرد إشكالك علي تزويجه أم كلثوم لعمر لو صح.

كما أنه لو صح أن علياً يعتقد بكفر عمر، فجواب إشكاليتك أن لوطاً النبي المعصوم عليه السلام عرض تزويج بناته علي أرذل خلق الله الذين حاصروا داره!!

أرجو أن تكون فهمت المسألة، وجواب إشكاليتك!

وكتب (الفاروق)، السادسة صباحاً:

يبدو والله أعلم أن الأستاذ العاملي قد تمسك ببنات نبي الله لوط من وحي الآية والذي يعتقده بأنهن فعلاً بنات نبي الله لوط عليه السلام. والآية كما هي (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِي فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ).من المعلوم بأن نبي الله لوط أراد في حديثه مع قومه زوجاتهم اللائي في بيوتهم، وأن الأنبياء بمنزله الوالد من أقوامهم، وإلا لما قال الله في الآية الأخري (أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم

ص: 454

عادون) ومن الواضح هنا بأن نبي الله لوط أراد زوجاتهم لكي يرشدهم لما هو أنفع لهم وأصلح، وليس كما يعتقد الزميل العاملي لكي يبتعد عن صلب الموضوع والتمسك بما هو غير مجدي.

الأخ محمد أتي بهذا الإشكال لكي تردوا عليه، فعلاً إنه إشكال ذو ثلاث عقد: الأولي منها: تمس العصمة، والثانية: تمس العدل والفضل، والأخيرة: تتعلق بحقيقة التشيع. فهل يوجد من الزملاء الشيعة من يمكننا أن نطلق عليه حلال العقد؟

والسلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

وكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 17-2-2000، الخامسة صباحاً:

أشكر الأخ الحبيب الفاروق علي توضيحه... ولكن رغم هذا التوضيح الدامغ لا نري من يتطوع ليزيل هذه الإشكالية عن معتقداته. والزميل العاملي يتمسك بمقولته عن زوجة نوح وزوجة لوط... ولكنه يتحاشي الكلام عن تزويج الإمام المعصوم لابنته الطاهرة إلي من يدعي الشيعة بأنه كافر منافق مرتد.

هل من غير العاملي من يستطيع أن يجلي هذه الإشكالية المعضلة.

وكتب (مشارك)، السادسة مساءً:

الأخ الحبيب محمد ابراهيم حفظه الله: لقد أوقعت الامامية في حيرة عظيمة، وهم لا يزالون يحاولون فك الطلاسم والألغاز والاشكالات والتناقضات الموجودة في رواياتهم. وهذه عقائدهم الباطنية تخبر بذلك...

وكتب (أبو حسين)، السابعة مساءً:

ص: 455

أخي الكريم: إن موضوع الزواج الذي دارت رحي الحوار عليه، ليس هو الخطر الداهم علي الطريق، ولا التحقق منه يورث إنكشاف الطريق السالكة، بل إن في تزويج النبي لعثمان مرتين أكبر... ولكن هذه الشوكات لا أثر لها في التصويب، لأن من طلب الحق فأخطأه ليس كمن طلب الباطل فأصابه، خصوصاً اذا عرفنا أننا في دنيا اختبار، وقد اختبر الله سبحانه وتعالي هذه الأمة بآل محمد في قوله تعالي (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي)..

وقوله صلي الله عليه وآله (معناً (كذا) لا نصاً): (أوصيكم الله في أهل بيتي، أوصيكم الله في أهل بيتي، أوصيكم الله في أهل بيتي). وقول حفيده الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام (معناً (كذا) لا نصاً): (والله لو كان جدي رسول الله صلي الله عليه وآله قد أوصاهم بتقتيلنا وتشريدنا مازادوا عما فعلوا).

أيها الحبيب.. دلني علي طريق هو خير من طريق آل محمد فإن عرفته فأرشدني وأنا بدوري سأقوم بواجبي إتجاهكم، وغايتي وغايتك هو النجاة والفوز برضي الله سبحانه وتعالي... ومن ناحية أخري نحن لا نستطيع أن نفسر كل خطوات أئمتنا عليهم السلام، ففي تصرفهم حكمة نجهلها، وما قاموا به هو عين الصواب، بل هو أفضل ما يمكن أن يتصرفه عبد امتحن الله قلبه للإيمان.

فإن كنا لا نستطيع أن نفسر هذا التصرف، فنحن معذورون فقد عجز من هو أفضل منا (موسي عليه السلام) عن تفسير أعمال عبد من عباد الله (الخضر عليه السلام) ولم يستطع عليه صبراً.

وكتب (محمد ابراهيم) بتاريخ 18-2-2000، الثانية عشرة صباحاً:

أشكر الأخ العزيز (المشارك) علي هذا الإطراء الذي لا أستحقه.

السيد الفاضل (أبو حسين): أشكرك أيضاً علي الإطراء الذي لا أستحقه.

ص: 456

في الحقيقة أحب أولاً أن أوضح لك بأننا نحن أهل السنة والجماعة نتمسك بمحبة أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم من دون استثناء كما يفعل الشيعة.

فالشيعة يعتبرون أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم هم آل علي فقط، بينما في الحقيقة فإن أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم هن أمهات المؤمنين، ومن ثم آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل.

ذكرت في قولك: (إن موضوع الزواج الذي دارت رحي الحوار حوله، ليس هو الخطر الداهم علي الطريق ولا التحقق منه يورث إنكشاف الطريق السالكة، بل إن في تزويج النبي لعثمان مرتين أكبر...)

ماذا تقصد بالضبط: هل تكفير من زوجه سيدنا علي ابنته ليس هو الخطر الداهم علي الطريق، ولا التحقق منه يورث انكشاف الطريق السالكة؟ هل ترضي أنت بتكفير أبويك؟ فلماذا ترضاها علي أحد أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم وعلي من زوجه الإمام المعصوم ابنته الطاهرة.

وماذا تقصد بقولك أن (في تزويج النبي لعثمان مرتين أكبر...) هل تقصد بأن عثمان صهر الرسول صلي الله عليه وسلم كان كافراً؟؟؟ لقد زدت الإشكالية إشكاليةً! هل الرسول صلي الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوي والذي لا يفعل شيئاً إلا بوحي من السماء والذي يعلم الغيب (بحسب عقيدتكم) والمعصوم يخطئ بتزويج ابنتين من بناته لكافر؟؟.

هل هذا هو ما تقصده بقولك؟.

وقلت أيضاً: (ومن ناحية أخري نحن لا نستطيع أن نفسر كل خطوات أئمتنا عليهم السلام ففي تصرفهم حكمة نجهلها، وما قاموا به هو عين الصواب بل هو أفضل ما يمكن أن يتصرفه عبد امتحن الله قلبه للإيمان).

ص: 457

فالرد علي أقوالك هو: هل من يراعي الله في أموره يزوج ابنته الطاهرة المؤمنة من كافر منافق مرتد؟! هل يجوز أن تتزوج المسلمة من كافر مرتد، فما بالك بالمؤمنة الطاهرة ابنة الإمام المعصوم؟! أم أن كل الروايات التي تقول بأن عمر هو كافر منافق مرتد هي روايات باطلة؟!.

في الخاتمة أود أولاً أن أشكرك علي كلامك المهذب، ولكن للأسف أنك لم تحل الإشكالية، بل زدتها تعقيداً بذكرك تزويج النبي صلي الله عليه وسلم ابنتين من بناته لسيدنا عثمان ذي النورين. هل هناك من لديه الحل الوافي لهذه الإشكالية التي تمس سيدنا علي وأحد أفعاله المثبتة في كتبكم.

وكتب (العاملي) بتاريخ 18-2-2000، الواحدة صباحاً:

أولاً، نحن لا نحكم بكفر من خالف أهل البيت عليهم السلام، إلا النواصب منهم. وثانياً، لو صح أن علياً عليه السلام زوج ابنته لعمر، فلا يدل ذلك علي اعترافه له بدرجة من الايمان، لأن نبي الله لوط عرض زواج بناته علي كفار فجار ومحاولة الفاروق تأويل (بناتي) بنسائهم مخالفة لظاهر القرآن، ولمفسريكم.

وثالثاً، مسألة عثمان حجة عليك لا لك.. لأن عائشة كفَّرته، ولأن الصحابة العدول عندكم شهدوا بخيانته للأمة وقتلوه ورفضوا الصلاة عليه ودفنه!

فلا ينفعه أنه صهر النبي صلي الله عليه وآله.

ورابعاً، الصحيح عندنا أن (بنات) النبي غير فاطمة الزهراء عليها السلام، هن ربيباته، وهن بنات أخت خديجة.

وخامساً، إن كان مؤيدوك من أهل العلم، فليأتوا بنص يرد قصة بنات لوط عليه السلام.

وكتب (أبوحسين)، التاسعة صباحاً:

ص: 458

الأخ الكريم محمد ابراهيم.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

لقد ورد في جوابكم العبارات التالية: (نحن أهل السنة والجماعة نتمسك بمحبة أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم).

أقول: إن الحب اللفظي لا اعتبار له بل المطلوب هو الحب العملي المتمثل بالإتباع والإقتداء، ثم ألا تري أن كتاباتي عن أهل البيت تختلف عن كتاباتك عنهم...

وأما قولك: (فالشيعة يعتبرون أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم هم آل علي فقط، بينما في الحقيقة فإن أهل بيت النبي صلي الله عليه وسلم هن أمهات المؤمنين ومن ثم آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل).

أقول: ليست الشيعة التي تقول هذا الكلام بل الله ورسوله، وأرجو منك ان تطالع حديث الكساء المشهور عندكم لتعرف من هم أهل البيت....

وأما تقديمك أمهات المؤمنين علي آل علي فلي هنا معك وقفة... ثبت عندكم ان رسول الله صلي الله عليه وآله قال: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما أفضل منهما).

وقال صلوات الله وسلامه عليه عن إبنته فاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها أنها سيدة نساء العالمين. فهل لديكم حديث يثبت لأمهات المؤمنين منزلة السيادة هذه؟.

وهل عندما تذكر في صلاتك لفظة (آل محمد) في قولك اللهم صلي علي محمد وآل محمد، تقولها وأنت تقصد بها أمهات المؤمنين أولاً ومن ثم آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل)؟؟؟.... إن هذا الإعتقاد خطير....

وأما موضوع الزواج: فليس له قيمة تاريخية معتبرة حتي تبني عليه أمور

ص: 459

خطيرة، لأن حكم الخلفاء هو حكم الغاصبين لحق أمير المؤمنين، وليس حكمهم حكم الكافر او الخارج عن ربقة الإسلام كي لايصح تزويجه.

ثم كتب (فرات) في 18-4-2000، الرابعة عصراً، جواباً علي سؤال:

حقيقة خبر تزويج أم كلثوم من عمر:

يروي بعض أهل السنة في كتبهم أن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) زوج ابنته أم كلثوم ممن عمر بن الخطاب. وممن روي ذلك هو ابن سعد في الطبقات والدولابي في الذرية الطاهرة والحاكم في المستدرك والبيهيقي في سننه.. ولكن من يتبع أسانيد هذا الخبر يتبين له أن هذا الخبر مكذوب ولا أصل له، بالنظر الي أصول أهل السنة وقواعدهم في علم الحديث، واستناداً الي كلمات علمائهم في علم الرجال وذلك لأن:

أولاً: إعراض البخاري ومسلم عنه، وكم من حديث لم يأخذ به في بحوثهم معتذرين بعدم إخراجها إياه، بل إنه غير مخرج في شئ من الكتب المعروفة عندهم بالصحاح، فهو متفق علي تركه بين أرباب الصحاح الستة، وفوق ذلك أنه لم يخرج في المسانيد المعتبره عندهم، كمسند الامام أحمد بن حنبل الذي قال هو وجماعته بأن ما ليس في مسند أحمد فليس بصحيح، هذا من جهة عامة.

ثانياً: ومن جهة خاصة، فان ابن سعد الطبقات يخرجه عن الامام جعفر ابن محمد (عليه السلام) وابن سعد بنفسه يتجاسر عليه ويصفه بالضعف. راجع تهذيب التهذيب ج 2 ص 89، وفي أخباره (وكيع بن الحجاج) وقد أورده الذهبي في (ميزانه) (فذكر أن أحمد ابن حنبل يقدح فيه بامور هي: سب السلف، وشرب المسكر، والفتوي بالباطل) ميزان الاعتدال ج 4 ص 336 وذكر ابن حجر عن أحمد: (أخطأ وكيع في خمسمائة حديث). تهذيب

ص: 460

التهذيب 11/110 وغيرها من كلمات القدح.

وأما الذي أخرجه الحاكم في المستدرك فقد قال عنه الذهبي متعقباً إياه (منقطع) تلخيص المستدرك ج 3 ص 142. وقال عنه البيهيقي (مرسل) سنن البيهيقي 7/64. وكذلك الحديث الذي في الذرية الطاهرة عن الحسن ابن الحسن ورجاله ضعفاء. وأما الحديث الذي في سنن البهيقي فهو ساقط السند فيه (ابن ابي مليكه) ويكفي في سقوطه (أنه كان قاضياً لابن الزبير ومؤذن له). تهذيب التهذيب 5/ 268. وكذلك بقية الاسناد والنتيجة أنه لايوجد لهذا الخبر سند يمكن الاعتماد عليه وفق قواعدهم، فهو حديث مكذوب عند أهل السنة فضلاً عن الشيعة.

زعمهم أن عليا علیه السلام مدح عمر عند موته!

كتب (عمر) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 17-2-2000، التاسعة مساءً، موضوعاً بعنوان (ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منك)، قال فيه:

من فضائل عمر رضي الله عنه فضائل الصحابة صحيح مسلم: عن ابن أبي مليكة، قال سمعت أن عباس يقول: أوضع عمر بن الخطاب علي سريره فتكنفه الناس يدعون ويثنون ويصلون عليه قبل أن يرفع، وأنا فيهم. قال فلم يرعني إلا برجل قد أخذ بمنكبي من ورائي. فالتفت إليه. فإذا هو علي ترحم علي عمر وقال: ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقي الله بمثل عمله منك، وايم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك. وذاك أني كنت أكثر أسمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: جئت أنا وأبو بكر وعمر. ودخلت أنا وأبو بكر وعمر.

ص: 461

وخرجت أنا وأبو بكر وعمر. فإن كنت لأرجو أو لأظن أن يجعلك الله معهما.

وكتب (مالك الأشتر)، التاسعة والنصف مساءً:

موضوعٌ، ومفتريً علي أمير المؤمنين.

وكتب (ذو الشهادتين)، العاشرة إلا ربعاً مساءً:

سبحان الله: أمير المؤمنين صاحب الفضائل والمناقب يطلب من الله أن يكون له مثل عمل عمر؟! ما هي أعمال عمر: فراره في أحد وحنين؟ جهله بأبسط الأمور والمسائل الفقهية؟ تغيير سنة رسول الله (صلی الله علیه و آله)؟ إغضاب الزهراء وحرق دارها. و.... وبعد كل هذا يأتي أمير المؤمنين ويطلب من الله أن تكون أعماله كعمر حين يلقي الله!!!!

إلعب غيرها يا عمر، وانشر هذا المقال في ساحات النواصب، الذين يصدقون كل سخيف، وهم كالأنعام بل هم أضل.

وكتب (العاملي) بتاريخ 17-2-2000، الحادية عشرة ليلاً:

إذا صحّ أن أمير المؤمنين علياً عليه السلام تكلم بهذا الكلام عند وفاة عمر، فقصده أنه يحب أن يلقي الله تعالي بالصحيفة التي وقعها عمر وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولي أبي حذيفة، وتعاقدوا فيها أن لا يطيعوا محمداً في أهل بيته، ويجعلوا خلافته بين قبائل قريش!!

فقد تآمر هؤلاء في حجة الوداع وكتبوا هذه الصحيفة ووقعوها عند الكعبة!!

ثم وسعوا الموقعين عليها في المدينة!!

وكانت الصحيفة عند أبي عبيدة، ولذلك سموه أمين هذه الأمة؟!

كما كان عند بني هاشم صحيفة أخري لعمر، وقعها جده نفيل عندما زني

ص: 462

بصهاك السوداء أمة عبد المطلب فحملت، فخاف نفيل وهرب الي الطائف فلحقه الزبير بن عبد المطلب وجاء به مكتوفاً الي مكة، وكتب عليه أن الحمل وذريته عبيد لبني هاشم، وأشهد عليها زعماء قريش في دار الندوة!!

وكان حملها الخطاب والد عمر!!

وكانت الصحيفة عند النبي صلي الله عليه وآله، ثم عند علي وذريته، ولم يخرجوها حسب وصية النبي صلي الله عليه وآله ليكمل امتحان هذه الأمة!!

وأخرجها الامام الصادق عليه السلام في حادثة قتل الهاشميين لعمري تعرض بامرأة من بني هاشم.. الي آخر القصة...!!!

وكتب (عمر) بتاريخ 18-2-2000، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

كنت أتمني من غير العاملي يأتي بهذه الخرافات، ولكن المثل يقول:

إذا كان رب البيت بالدف ضارب (كذا) فشيمت (كذا) أهل البيت الرقص

وإليكم المزيد من الفضائل لفاتح بيت المقدس: من فضائل عمر رضي الله عنه فضائل الصحابة صحيح مسلم: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَر، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال: أُرِيتُ كَأَنِّي َنْزِعُ بِدَلْو بَكْرَةٍ عَلَي قَلِيبٍ فَجَاءَ أَبُو بَكْر فَنَزَع ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ فَنَزَعَ نَزْعًا ضَعِيفًا وَاللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَي يَغْفِرُ لَهُ. ثُمَّ جَاء عُمَر فَاسْتَقَي فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنْ النَّاسِ يَفْرِي فَرْيَه حَتَّي رَوِيَ النَّاسُ وَضَرَبُوا الْعَطَنَ.

فكتب (العاملي) بتاريخ 18-2-2000، الواحدة صباحاً:

لو كنت من طلبة العلم لاهتميت بما كتبته لك وسألتني عن مصادره، لأنه يهز وجدان طالب العلم والحق!! ولكنك فرّار يا عمر!!

ص: 463

وكتب (عمر)، الواحدة والربع صباحاً:

الي العاملي: بما أنك من طالبي العلم وحريص علي توضيح الحقيقة وخاصة إذا كانت من الامام علي (رضی الله عنه) فلي طلب صغيرجداً. هل تستطيع أن تأتي لنا من نهج البلاغة مايفيدنا بهذه القضية، وما أقصده كلام علي (رضی الله عنه) في مدح عمر

(رضی الله عنه)، هل تستطيع أم لا؟؟؟ أنا بانتظار الجواب من طالب العلم والحق معاً.

وكتب (ذو الشهادتين)، الثالثة ظهراً:

السلام عليك يا شيخنا الجليل العاملي: هل من الممكن أن تأتي بمصادر المعاهدة المشؤومة التي كتبها الصحابة في حجة الوداع وتركوها مع بن الجراح؟؟. وكذلك الصحيفة التي أخرجها الإمام الصادق (علیه السلام). وجزاك الله خير الجزاء.

يا عمر لا تلم الأخ الموحد، بل لمُِ البخاري في نقله تلك الأحاديث العجيبة الغريبة.

وكتب (العاملي) بتاريخ 18-2-2000، الخامسة مساءً:

موقف أمير المؤمنين علي عليه السلام من خلافة أبي بكر وعمر أوضح من رابعة النهار، ويكفي أنه أدان عملهم، وامتنع عن البيعة حتي هددوه بالقتل.

فارجع الي كل مصادر السقيفة يا عمر..

وأما نهج البلاغة فأنت تريد التشبث بعبارة فيه يمدح فيها الامام عليه السلام شخصاً غير مسمي، فزعمتم أنه يقصد به عمر!!

فإن صح سند ذلك، فهو تشبث منكم بالمتشابه المجمل مع وجود المحكم

ص: 464

المبين!

ومن المحكم الخطبة الشقشقية التي لم يبق فيها لابي بكر وعمر قائمة!! يقول فيها عليه السلام: والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أني محلي منها محل القطب من الرحي، ينحدر عني السيل ولا يرقي اليَّ الطير، فسدلت دونها ثوباً، وطويت عنها كشحاً، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء، أو أصبر علي طخية عمياء، يشيب فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، ويكدح فيها مؤمن حتي يلقي ربه، فرأيت أن الصبر علي هاتي أحجي، فصبرت وفي العين قذي وفي الحلق شجي.. أري تراثي نهباً.. الخ.!!

ويقول فيها عليه السلام عن أبي بكر وعمر بصراحة: فواعجبا، بينا هو يستقيلها في حياته، إذ عقدها آخر بعد وفاته!! لشد ما تشطرا ضرعيها!!

الأخ ذا الشهادتين.. سأذكر لك بعض المصادر إن شاء الله.

وكتب (عمر)، الثامنة مساءً:

الي العاملي: لا زلت أنتظر منك الجواب من كتابكم الذي أشار اليه الخميني بأنه بعد القرآن. أرأيت بأنكم لا تستطيعون الصمود أمام الحقيقة، بل تسعون بالأرض فساداً. لماذا لم تذكر ما استشهد به علي (رضی الله عنه) في صالح عمر (رضی الله عنه) أي أمانة لديكم اذا كان الجحود والتدليس أصاب الامام علي (رضی الله عنه) وأقواله هل تعارضونه في ما قال؟؟ ومن توافقون إذا عارضتموه؟؟.أو أن بحثكم يكون دائماً في فساد هذه الأمة وما يعطبها ويفرقها وتستحون من ما يجمعها؟

لا زال السؤال قائماً للعاملي: هل تستطيع أن تذكر لنا الحديث الذي يثبت فضائل عمر (رضی الله عنه) من نهج البلاغة الذي استشهدت أنت منه؟؟

وكتب (عمر) بتاريخ 22-2-2000، التاسعة والثلث ليلاً:

ص: 465

من كلام له في الثناء علي عمر ابن الخطاب:

228 - ومن كلام له عليه السلام: لله بلاء فلان، فقد قوم الاود وداوي العمد. خلف الفتنة وأقام السنة. ذهب نقي الثوب، قليل العيب. أصاب خيرها وسبق شرها. أدي إلي الله طاعته واتقاه بحقه. رحل وتركهم في طرق متشعبة لا يهتدي فيها الضال ولا يستيقن المهتدي.

(هامش: هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقوم الأود عدل الاعوجاج. والعمد بالتحريك -: العلة. وخلف الفتنة تركها خلفاً لا هو أدركها ولا هي أدركته عبارة عن الاختلاف.

6 - (ومن كتاب له عليه السلام إلي معاوية): إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان علي ما بايعوهم عليه، فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد، وإنما الشوري للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا علي رجل وسموه إماما كان ذلك لله رضي، فإن خرج من أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلي ما خرج منه فإن أبي قاتلوه علي أتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولي. انتهي.

فكتب (العاملي) بتاريخ 24-2-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ ذا الشهادتين.. هذا ماوعدتك به:

- روي الكليني رحمه الله في الكافي: 8 / 258: عن أحمد بن هلال، عن زرعة، عن سماعة قال: تعرض رجل من ولد عمر بن بن الخطاب بجارية رجل عقيلي فقالت له: إن هذا العمري قد آذاني فقال لها: عديه، وأدخليه الدهليز، فأدخلته، فشد عليه فقتله وألقاه في الطريق!! فاجتمع البكريون والعمريون والعثمانيون وقالوا: ما لصاحبنا كفو، لن نقتل به إلا جعفر بن محمد، وما قتل صاحبنا غيره!!

ص: 466

وكان أبو عبد الله عليه السلام قد مضي نحو قبا، فلقيته بما اجتمع القوم عليه فقال: دعهم قال: فلما جآء ورأوه وثبوا عليه، وقالوا: ما قتل صاحبنا أحد غيرك، وما نقتل به أحدا غيرك! فقال: لتكلمني منكم جماعة، فاعتزل قوم منهم فأخذ بأيديهم فأدخلهم المسجد، فخرجوا وهم يقولون: شيخنا أبو عبد الله جعفر بن محمد، معاذ الله أن يكون مثله يفعل هذا، ولا يأمر به! انصرفوا.

قال: فمضيت معه فقلت: جعلت فداك ما كان أقرب رضاهم من سخطهم!

قال: نعم دعوتهم فقلت أمسكوا وإلا أخرجت الصحيفة.

فقلت: وما هذه الصحيفة، جعلني الله فداك؟.

فقال: أم الخطاب كانت أمة للزبير بن عبد المطلب فسطر بها نفيل فأحبلها، فطلبه الزبير، فخرج هارباً إلي الطائف، فخرج الزبير خلفه فبصرت به ثقيف فقالوا: يا أبا عبد الله ما تعمل ههنا؟ قال: جاريتي سطر بها نفيلكم!! فخرج منه إلي الشام، وخرج الزبير في تجارة له إلي الشام، فدخل علي ملك الدومة فقال له: يا أبا عبد الله لي إليك حاجة. قال: وما حاجتك أيها الملك؟ فقال: رجل من أهلك قد أخذت ولده فاحب أن ترده عليه! قال: ليظهر لي حتي أعرفه فلما أن كان من الغد دخل علي الملك فلما رآه الملك ضحك: فقال: ما يضحكك أيها الملك؟ قال: ما أظن هذا الرجل ولدته عربية لما رآك قد دخلت لم يملك استه أن جعل يضرط. فقال (الزبير): أيها الملك إذا صرت إلي مكة قضيت حاجتك.

فلما قدم الزبير تحمل عليه ببطون قريش كلها أن يدفع إليه ابنه (أي الخطاب، لأنه ابن أمته صهاك) فأبي.

ثم تحمل عليه بعبد المطلب فقال: ما بيني وبينه عمل، أما علمتم ما فعل في

ص: 467

ابني فلان، ولكن امضوا أنتم إليه. فقصدوه وكلموه فقال لهم الزبير: إن الشيطان له دولة وإن ابن هذا ابن الشيطان ولست آمن أن يترأس علينا، ولكن أدخلوه من باب المسجد عليَّ، علي أن أحمي له حديدة وأخط في وجهه خطوطاً، وأكتب عليه وعلي ابنه ألا يتصدر في مجلس، ولا يتأمر علي أولادنا، ولا يضرب معنا بسهم. قال ففعلوا وخط وجهه بالحديدة وكتب عليه الكتاب! وذلك الكتاب عندنا! فقلت لهم: إن أمسكتم وإلا أخرجت الكتاب ففيه فضيحتكم فامسكوا!

وكتب (ذو الشهادتين)، الثامنة والنصف صباحاً:

السلام عليك أيها الشيخ العاملي الجليل:

أحسنت علي إيرادك لهذه الرواية. إذاً ليس بمستغرب من شخص هذا نسبه أن يأمر بحرق دار الزهراء سلام الله عليها. إذ لا يتجرأ علي قتل المؤمن إلا... فما بالك بمن يريد حرق دار سيدة النساء. لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وكتب (عمر)، الثانية عشرة ظهراً:

الي العاملي: الاستشهاد لا يكون بكتاب ألف ليلة وليلة (الكافي). وإذا قبلت الاستشهاد منه، فأنا علي استعداد لأبين لك كفرك من هذا الكتاب الذي تتبعه. هل توافق؟؟

وكتب (الفاروق)، الخامسة مساءً:

العاملي: ما أشد تحاملك علي الصحابة لأمر في نفسك. هل أصبح الكافي معتمد (كذا) لديكم؟ لطالما سمعنا أنكم لا تعتمدون علي الكثير منه، وها أنت تورد لنا حكاية قبل النوم منه. الآن قد عرفنا ما هو الصحيح في كافيكم وما نوعه!

فكتب (العاملي) بتاريخ 24-2-2000، العاشرة والنصف ليلاً:

ص: 468

هذه الرواية من الكافي الشريف ضعفها بعض علمائنا، ولكني أعتقد أنها لم تولد من عدم!! وإن كان الكافي كتاب ألف ليلة وليلة ياعمر، فالبخاري قصة راسبوتين، لكثرة مافيه من الروايات التي يخحل منها الانسان، لأنها تتحدث عن أمور جنسية بلا حياء!!

أما أني أتحامل علي بعض الصحابة المبغضين لأهل البيت النبوي، لأمر في نفسي.. فهذا صحيح. لكن يعلم الله تعالي أنه لا يوجد لي دافع علي ذلك إلا أني اكتشفت أنهم تحالفوا وتآمروا في حياة النبي صلي الله عليه وآله، لسرقة خلافته، وعزل عترته الذين أمر الله الأمة بإطاعتهم بعد نبيه!!

ثم اكتشفت أنهم مشروع يهودي كامل، عمل في حياة النبي وبعد وفاته!!

فلو كانت هذه رؤيتك، فهل تبقي تحبهم؟!!

وكتب (عمر) بتاريخ 25-2-2000، الثانية والنصف ظهراً:

الي العاملي والجواد: لكم هذا الحديث من كتبكم الذي يصف أخلاقكم ونتائج أفعالكم: قد يستحلي البعض تلفيق الأكاذيب الساخرة، للتندّر علي الناس، والسخرية بهم، وهو لهو عابث خطير، ينتج الأحقاد والآثام. قال الصادق عليه السلام «من روي علي مؤمن رواية، يريد بها شينه، وهدم مروتّه ليسقط من أعين الناس، أخرجه اللّه تعالي من ولايته الي ولاية الشيطان، فلا يقبله الشيطان».

ثم (كتب الحربي) بتاريخ 21-4-2000، الحادية عشرة صباحاً:

العاملي يقول: هذه الرواية من الكافي الشريف ضعفها بعض علمائنا، ولكني أعتقد أنها لم تولد من عدم!! سبحان الله. لأنها في صالحك. مارأيك أن تعمل بهذا أيضاً في جميع ما تدعون أنه ضعيف عندكم. اتباع الهوي يعمي ويصم.

ص: 469

ص: 470

الفصل الحادي عشر: تشكيك ابن تيمية و أتباعه في مكان قبر أميرالمؤمنين علیه السلام

ص: 471

ص: 472

تشكيك ابن تيمية و أتباعه في مكان قبر أميرالمؤمنين علیه السلام

كتب (محب السنة) في شبكة هجر، بتاريخ 23-9-1999، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (الشيعة يعظمون قبر المغيرة بن شعبة ظناً منهم أنه قبر علي رضي الله عنه)، قال فيه:

التشبه بأهل الكتاب:

مع أن الله قد حذرنا سبيل اليهود والنصاري، فقضاؤه نافذ بما أخبر به رسوله مما سبق في علمه، حيث قال فيما أخرجاه في الصحيحين، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة حتي لو دخلوا حجر ضب لدخلتموه. قالوا يا رسول الله اليهود والنصاري؟ قال: فمن؟

وروي البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتي تأخذ أمتي مأخذ القرون شبراً بشبر وذراعاً بذراع. فقيل يا رسول الله كفارس والروم؟ قال ومن الناس إلا أولئك؟!

فأخبر أنه سيكون في أمته مضاهاة لليهود والنصاري وهم أهل الكتاب ومضاهاة لفارس والروم وهم الأعاجم، وقد كان صلي الله عليه وسلم ينهي عن التشبه بهؤلاء وهؤلاء.

ص: 473

وليس هذا إخباراً عن جميع الأمة، بل قد تواتر عنه أنه قال: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرة علي الحق حتي تقوم الساعة....

ومن الأمور التي نهي النبي صلي الله عليه وسلم عنها وحذر أمتها من فعلها إقامة المساجد علي القبور، وبين أن ذلك من فعل أهل الكتب مثل قوله الذي رواه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبدالله، قال سمعت النبي صلي الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك. وقال: لعن الله اليهود والنصاري إتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.

وقد اتفق أئمة الإسلام علي أنه لا يشرع بناء هذه المشاهد علي القبور، ولا يشرع إتخاذها مساجد ولا يشرع الصلاة عندها ولا يشرع قصدها لأجل التعبد عندها بصلاة أو إعتكاف أو استغاثة أو ابتهال أو نحو ذلك...

وإنما دين الله تعظيم بيوت الله وحده لا شريك له، وهي المساجد التي تشرع فيها الصلاة جماعة وغير جماعة والاعتكاف وسائر العبادات البدنية والقلبية من القراءة والذكر والدعاء لله...

متي ظهر في المسلمين بناء المشاهد علي القبور:

وأما اتخاذ القبور أوثاناً فهو دين المشركين الذي نهي عنه سيد المرسلين، ولم يكن علي عهد الصحابة والتابعين وتابعيهم من ذلك شيء في بلاد الإسلام، لا في الحجاز ولا اليمن ولا الشام ولا العراق ولا مصر ولا خراسان ولا المغرب. ولم يكن قد أحدث مشهد لا علي قبر نبي ولا صاحب ولا أحد من أهل البيت، ولا صالح أصلاً. بل عامة هذه المشاهد محدثة بعد ذلك، وكان ظهورها وإنتشارها حين ضعفت خلافة بني العباس وتفرقت الأمة وكثر فيهم الزنادقة

ص: 474

الملبسون علي المسلمين وفشت فيهم كلمة أهل البدع في أواخر المائة الثالثة، فإنه إذ ذاك ظهرت القرامطة العبيدية القداحية بأرض المغرب، ثم جاءوا بعد ذلك إلي أرض مصر، وقريبا من ذلك ظهر بنو بويه، وكان في كثير منهم زندقة وبدع قوية، وفي دولتهم قوي بنو عبيد القداح بأرض مصر.

متي ظهر المشهد الذي علي قبر علي رضي الله عنه ومن الذي أظهره:

وفي دولة بني بويه أظهر المشهد المنسوب إلي علي رضي الله عنه بناحية النجف، وإلا قبل ذلك لم يكن أحد يقول إن قبر علي هناك، وإنما دفن علي رضي الله عنه بقصر الإمارة بالكوفة.

الرافضة يقدسون قبر المغيرة بن شعبة ظناً منهم أنه قبر علي:

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما مشهد علي فعامة العلماء علي أنه ليس قبره بل قد قيل إنه قبر المغيرة بن شعبة، وذلك انه إنما أظهر بعد نحو ثلاثمائة سنة من موت علي في إمارة بني بويه. وذكروا أن أصل ذلك حكاية بلغتهم عن الرشيد أنه أتي إلي ذلك المكان وجعل يعتذر إلي من فيه مما جري بينه وبين ذرية علي.

وبمثل هذه الحكاية لا يقوم شيء فالرشيد أيضاً لا علم له بذلك، ولعل هذه الحكاية إن صحت عنه فقد قيل له ذلك كما قيل لغيره. وجمهور أهل المعرفة يقولون إن علياً إنما دفن في قصر الإمارة بالكوفة أو قريباً منه، وهكذا هو السنة، فإن حمل ميت من الكوفة إلي مكان بعيد ليس فيه فضيلة وأمر غير مشروع، فلا يظن بآل علي رضي الله عنه أنهم فعلوا به ذلك، ولا يظن أيضاً أن ذلك خفي علي أهل بيته والمسلمين ثلاثمائة سنة حتي أظهره قوم من الأعاجم الجهال ذوي الأهواء. أين دفن علي رضي الله عنه، ولماذا.

ص: 475

المعروف عند أهل العلم أن علياً دفن بقصر الإمارة بالكوفة كما دفن معاوية بقصر الإمارة من الشام ودفن عمرو بقصر الإمارة خوفاً عليهم من الخوارج أن ينبشوا قبورهم؟ من أراد أن يجيب إجابة علمية فليجيب (كذا) علي هذين السؤالين:

1- لماذا أقيم المشهد في النجف مع أن المشهور، والمعلوم أن علياً قتل في الكوفة؟

2- لماذا لم عرف هذا المشهد ولم يقام (كذا) إلي في القرن الثالث الهجري؟

وكتب (الصارم المسلول)، الثامنة مساءً:

المعروف أن قبر أمير المؤمنين علي غير معروف أصلاً، ودفن سراً ولم يعرف مكان قبره، خوفاً من الخوارج من نبش قبره الطاهر، وإن كان ما قلت يا محب السنة هو الصحيح، وان أجابوك أجابوك بكلام بلا سند ولا دليل.

وكتب (شعاع)، الثامنة والنصف مساءً:

نسيتوا (كذا) هناك من يعلم الغيب عندهم... علي حسب افتراءاتهم... فهم عرفوا القبر بهذه الطريقة...

وكتب (الصارم المسلول)، التاسعة مساءً:

نعم قد نسيت العصمة، ولكن ماداموا معصومين، لماذا ينسبون الخطأ الي أئمتهم؟

فكتب (العاملي) بتاريخ 23-9-1999، التاسعة والربع مساءً:

أولاً: نعم أخبر النبي صلي الله عليه وآله أن أمته ستتبع سنن اليهود، وأن طائفة منها لاتزال

ص: 476

علي الحق حتي يظهر المهدي وينزل عيسي عليهما السلام. وهو إخبار رباني صادق.. يقرر أن الخط العام للامة سيكون منحرفاً مثل اليهود!! وأن طائفة فقط من الأمة تثبت علي الحق!! ومع الأسف يامحب السنة، لا يمكن تفسير هذه الأحاديث المتواترة إلا بالقول بانحراف الحكم في الأمة وانحراف أكثريتها، كما انحرفت أكثرية اليهود بعد أنبيائهم، فتركوا أوصياء أنبيائهم! وأطاعوا زعمائهم الذين سموهم القضاة!! واستمرت دولة القضاة فيهم مثل دولة الخلافة!

أما الطائفة الثابتة علي الحق فهي تعني القلة، بينما أنت تريد تفسيرها بالكثرة!

ثانياً: حديث النهي عن البناء علي القبور والتجمع والصلاة عندها.. لم يظهر إلا بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله، وقد حكم أهل البيت عليهم السلام بأنه موضوع مكذوب علي رسول الله صلي الله عليه وآله.. فقد خافت السلطة أن يقيم أهل البيت مراسم، أو يستجير علي أو فاطمة بقبر الرسول لرفع ظلامتهم، ومن عادة العرب أنهم لا بد أن يستجيبوا للمستجير بالقبر!! فظهرت هذه الأحاديث!! وقد كان النبي صلي الله عليه وآله والزهراء وعلي وكل أهل البيت عليهم السلام، يزورون القبور، ويبنونها، ويصلون عندها.. وأحاديث قبر حمزة شاهدة!! ولو تتبعت موقف أهل البيت عليهم السلام من أحاديث النهي عن بناء القبور، لعرفت كثيراً من الحقائق، إن كنت تريد أن تعرف! ولكنك مع الأسف تعرض عن أهل بيت نبيك الذين أمرك بأخذ دينك عنهم وتأخذه من فلان وفلان!

ثالثاً: أين الاثبات علي كلامك أن زيارة القبور وبناءها ظهر متأخراً..

هل نسيت ما ورد في قبر حمزة وغيره؟!

رابعاً: متي صار النواصب أعرف وأخبر بمكان قبر أمير المؤمنين علي عليه السلام من ذريته الطاهرة، وشيعته؟ وهل الروافض أعرف منك بقبر أبيك وجدك؟!!

ص: 477

وكتب (مالك الأشتر)، العاشرة إلا ربعاً مساءً:

جزاك الله يا عاملي خير الجزاء. وأسمح لي أن أضيف اشكال بسيط (كذا):

إن علي بن أبي طالب عليه السلام لم يسكن في حياته بقصر الامارة. فهل تراه يدفن فيه؟! ثم من هؤلاء المسلمون الذين اتفقوا علي حرمة بناء المساجد علي قبور الأنبياء والأولياء؟ وها نحن نري المسلمين في كل الوطن الاسلامي، في مصر قبر رأس الحسين وقبور أهل البيت عليهم السلام وقبور الأولياء كلها مساجد. وهذي الشام وذاك المسجد الأموي فيه قبر يحيي عليه السلام. وهكذا في كل مكان إلا اللهم الوهابية، فقد هدموا قبور الأولياء من أهل البيت وغيرهم وذلك قبل (100 عام).

1300 سنة والمشاهد موجودة!! 1300 كانت المسلمون في حالة شرك، وأسلموا بالسيف قبل مئة سنة فقط؟!!! من أين حّرمتم والقرآن في حديث أهل الكهف يقول كما قال المؤمنون (اتخذوا عليهم مسجدا)؟!!

وبالنسبة لقبر سيد الكائنات بعد رسول الله صلي الله عليهما وآلهما، أعتقد أن أهل البيت أدري بالذي فيه، أوَ هذه تريدون أن تسحبوها من أهل البيت أيضاً؟!

(قل لا اسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربي).

وكتب (محب السنة) بتاريخ 24-9-1999، العاشرة والنصف مساءً:

الوهابية لم ينهوا عن البناء علي القبور واتخاذها مساجد من تلقاء أنفسهم، ولكنهم فعلوا ذلك اتباعاً لأمر النبي صلي الله عليه وسلم كما جاء ذلك عنه في الأحاديث الصحيحة، ومنها ما يلي:

عن عائشة أم المؤمنين أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فذكرتا للنبي صلي الله عليه وسلم فقال: إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا علي قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصور، فأولئك

ص: 478

شرار الخلق عند الله يوم القيامة. رواه البخاري ومسلم.

وعن عائشة وعبد الله بن عباس قالا: لما نزل برسول الله صلي الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له علي وجهه، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه. فقال وهو كذلك: لعنة الله علي اليهود والنصاري اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما صنعوا...

وعن جندب قال سمعت النبي صلي الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس وهو يقول: إني أبرأ إلي الله أن يكون لي منكم خليل فإن الله تعالي قد اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً. ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد إني أنهاكم عن ذلك. رواه مسلم.

وهذه الأحاديث قد رواها عن النبي صلي الله عليه وسلم أصحابه قبل ظهور التشيع، وقبل محمد بن عبد الوهاب، فكيف ينسب القول بالنهي عن اتخاذ القبور مساجد إلي الوهابية.

ثم ما مصلحة الصحابة من رواية مثل هذه الأحاديث؟ إن قلتم لعداوتهم لآل البيت؟ قلنا: ما وجه العداوة هنا، ولم يكن في ذلك الوقت بناء علي القبور. بل إن مما ورد من الأحاديث في النهي عن البناء علي القبور ما روي عن علي رضي الله عنه، فعن أبي الهياج الأسدي قال قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك علي ما بعثني عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته. رواه مسلم.

أما ما من يعترض علي كون علي رضي الله عنه دفن بقصر الإمارة، فنقول له لا يذهب خيالك بعيدا، ولا تظن أن القصر مثل قصور الأمراء الآن، فقد كان

ص: 479

يسمي مكان الأمير بهذا الاسم قبل علي، عندما كان أمير الكوفة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه. ونحن لا ننكر زيارة القبور، ولكن ننكر البناء عليها، وعبادتها التي تعدونها تعظيما لآل البيت ومحبة لهم.

ثم إنكم لم تجيبوا علي الإشكال المهم وهو: لماذا نقل قبر علي إلي النجف، مع أنه مات في الكوفة. ثم لماذا لم يعرف مكانه إلي بعد موته بقرابة ثلاثة قرون؟ وابحثوا في مصادركم التي ألفت في بداية القرن الثالث الهجري، فهل تجدون فيها ذكر قبر لعلي في النجف؟

أما قبر الحسين وكونه في مصر فهذه من الأدلة الكبيرة علي خطأ عباد القبور، فالحسين قتل عام 61ه- والقاهرة بنيت عام 540، والقبر نقل من عسقلان في عام 540 بعد قتل الحسن ب- 470 سنة، ومن المعلوم تاريخياً أن الحسين لم يقبر في عسقلان. ثم الذين بنوا المشهد الحسيني هم القرامطة الذين تسموا بالفاطميين.

وكتب (الصارم المسلول)، الحادية عشرة إلا ربعاً مساءً:

مادام المهدي قد ظهر من 1200 سنة، لماذا لم يظهر سيدنا عيسي بعد؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 24-9-1999، الحادية عشرة ليلاً:

خلطت الموضوعات يا محب السنة، ولم تجب علي ماذكرته أنا ومالك الأشتر.

- متي اتهمنا الوهابية بوضع الأحاديث في النهي عن البناء علي القبور والصلاة عندها؟ لقد قَوَّلتنا مالم نقل كعادتك! بل قلنا إنها ظهرت بعد وفاة النبي صلي الله عليه وآله! أما استشهادك بأمر النبي لعلي أن يسوي قبور معبودات المشركين، إن صحت روايته، فلا يصح الاستشهاد به. وإنما رددنا أحاديثكم المزعزمة لأن

ص: 480

أهل البيت عليهم السلام ردوها!!

فما رأيك بحديث رده الصادقون المطهرون الذين أمرنا النبي بالتمسك بهم؟!!

- توجد طريقان لتعيين قبر علي عليه السلام: النصوص الموثقة. وشهادة أبنائه وذريته وشيعته. وأنت هربت من الاثنتين!! فاذكر النصوص التي رويتم وروينا، لنري! أو أجبنا عن سؤالنا: هل أن الروافض أعرف منك بقبر أبيك وجدك؟!

- أما نصوصنا الصحيحة المتواترة فتقول إن عليا عليه السلام أوصي أن يدفن سراً ويخفي قبره، لأنه عرف مما أخبره النبي صلي الله عليه وآله أن بني أمية سوف يسيطرون، ولو عرفوا قبره لنبشوه وأحرقوه! فدفنه الحسنان عليهما السلام حسب وصيته في الغريين في مكان مميز، وحفظ أبناؤه قبره وكانوا يزورونه سراً حتي زالت دولة بني أمية، فأظهره هارون الرشيد وبني عليه.

وما أكثر النصوص في ذلك، ومنها نصوص من عصر بني أمية!!

- أما مشهد رأس الحسين الذي في مصر فلم يدع أحد أنه قبر الحسين عليه السلام، إلا أنت، حيث قوَّلت الشيعة والتاريخ ما تهوي!! فأين مصدرك!! وإنما هو مشهد رأس الحسين الذي حملوه لإمامك يزيد! وقالت رواية إنه حفظه في خزائن بني أمية، ثم أخذوه ودفنوه في عسقلان، وله مزار هناك. ثم نقله الفاطميون، الذين سميتهم القرامطة ظلماً، الي مصر! فما الذي يغيظك من ذلك؟ ولماذا أضفته الي الموضوع؟!!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 25-9-1999، الخامسة صباحاً:

يبدو أنك يا عاملي لم تقرأ كلام صاحبك مالك الأشتر. ثم إن كلامك ليس علمي (كذا) وإنما مبني علي أماني وظنون، وأنا أعلم علم اليقين أن ذرية علي رضي الله عنه لم يكونوا روافض، بل كانوا من أئمة أهل السنة والجماعة،

ص: 481

ولذلك فهم أحرص الناس علي اتباع أمر النبي صلي الله عليه وسلم. وأنا قد بنيت كلامي علي أدلة من كلام النبي صلي الله عليه وسلم أعتقد أنها حق وصدق. أما أنت فلم تذكر أدلة علي ما تقول.

أما القرامطة العبيديون أبناء عبيد الله بن ميمون القداح، الذين سموا أنفسهم الفاطميين، فهل تقول إنهم منكم وإنهم إمامية، وتعتقد عقيدتهم وتؤيد أفعالهم؟ وللمعلومية منهم الحاكم بأمر الله، والمعز لدين الله الفاطمي.

وكتب (مالك الأشتر)، السادسة صباحاً:

اذا كانت الأحاديث التي ذكرتها أنت صحيحة فلماذا لم يتقيد بها المسلمون؟ أم أن الشيعة كانت تحكمهم؟! هذه الشام وهذا المسجد الأموي لماذا اتخذ الأمويون قبر يحيي عليه السلام مسجداً؟! ألا تأتني بهذه الرواية التي تقول بأن الفاطميين قرامطة مع سندها واسم الكتاب ومؤلفه لو سمحت.

وفقنا الله وإياك لمرضاته.

وكتب (محب السنة)، السادسة صباحاً:

كل كتب التاريخ التي كتبت عن تاريخ العبيديين، ذكرت ذلك.

ثم إننا أهل السنة مع خلافنا مع الشيعة نفرق بين الشيعة والمتسمين بالفاطميين ونعتقد أن معتقدات العبيديين لا تمت للإسلام بصلة، ولو أنك قرأت في تاريخ العبيديين وعرفت معتقداتهم الباطنية لتبرأت منهم ولم تدافع عنهم.

أما المسجد الأموي فقد كان كنيسة قبل فتح المسلمين لدمشق، وليس مؤكداً أن يحي عليه السلام مدفون فيه، ومن المعلوم أن يحيي قد عاش في فلسطين وليس دمشق. ثم إن عمل الأمويين ليس عندنا حجة. الحجة قال الله، قال رسوله فقط.

ص: 482

وكتب (مالك الأشتر)، السادسة والنصف صباحاً:

أنا لا أدافع عن الفاطميين، ولكن أريد أن أعرف من أن لك هذه الرواية وكلمة (كل كتب) لاتجزي في النقاش!

وأنا حينما استشهد بالأمويين لأنكم تعتبرونهم خلفاء صالحين، وهم أقرب الي عهد الرسول صلي الله عليه وآله، فلو كانوا يعلمون هذا (أي حرمة البناء علي قبور الأنبياء) أليس من الأجدر أن لا يبنوا علي القبر مسجداً؟!

ثم هذا قبر يحيي أو غير يحيي (وطبعاً هو قبر يحيي) فقد بنوا عليه مسجداً. أما انه كان كنيسة فنحن نعلم ذلك، ولكن كان بإمكانهم هدم الكنيسة وبناء المسجد في مكان ثاني (كذا)، لكنهم جعلوا المسجد في هذا المكان، وهذا دليل كذب الحديث!! وهذا قبر أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد بن حنبل كل قبورهم مساجد، فأتباعهم كلهم خالفوا الرسول صلي الله عليه وآله بأن اتخذوا قبور أئمتهم مساجد؟!! انتهي.

وغاب محب السنة ليفتح نفس الموضوع من جديد!!

وكتب (العاملي) في شبكة هجر، بتاريخ 3-9-1999، الرابعة والنصف عصراً، موضوعاً بعنوان (الي محب السنة.. هذا بعض ما ورد في مصادركم ومصادرنا عن مكان قبر علي عليه السلام)، قال فيه:

طلبتَ مني نصوصاً من مصادرنا في تعيين مكان قبر أمير المؤمنين علي عليه السلام، وهي كثيرة في الأصول المؤلفة عندنا من معاصرين للأئمة عليهم السلام، ثم في زمن الغيبة.. وقد نصت علي أنه دفن ليلاً خارج الكوفة بوصية منه، حتي لا تعرف بنو أمية فقبره فتنبشه! وأن الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام، المتوفي 94،

ص: 483

قد زار قبر جده في نجفة الكوفة، وكذا ولده محمد بن علي الباقر عليه السلام، المتوفي سنة 114، وكذلك الامام جعفر الصادق عليه السلام المتوفي سنة 148، وكان القبر معروفاً للأئمة، وجملةٍ من الشيعة، الي أن أظهره هارون الرشيد... ففي كامل الزيارات ص92:

عن أبي علي مهدي بن صدقة الرقي، قال حدثني علي بن موسي، قال حدثني أبي موسي بن جعفر عليهما السلام، عن أبيه جعفر عليه السلام، قال زار زين العابدين علي بن الحسين عليهما السلام قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ووقف علي القبر، فبكي ثم قال:

السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، السلام عليك يا أمين الله في أرضه وحجته علي عباده.

أشهد أنك جاهدت في الله حق جهاده، وعملت بكتابه، واتبعت سنن نبيه صلي الله عليه وآله، حتي دعاك الله الي جواره، وقبضك اليه باختياره، والزم أعداءك الحجة في قتلهم إياك، مع ما لك من الحجج البالغة علي جميع خلقه.

اللهم فاجعل نفسي مطمئنة بقدرك، راضية بقضائك، مولعة بذكرك ودعائك، محبة لصفوة أوليائك، شاكرة لفواضل نعمائك، ذاكرة لسوابغ آلائك، مشتاقة الي فرحة لقائك، متزودة التقوي ليوم جزائك، مفارقة لأخلاق أعدائك، مشغولة عن الدنيا بحمدك وثنائك.

ثم وضع خده علي القبر وقال: اللهم إن قلوب المخبتين اليك والهة، وأعلام القاصدين اليك واضحة، وأفئدة العارفين منك فازعة...

وفي هامش نظم درر السمطين ص 138: أجمع المؤرخون في تعين قبر الامام أنه دفن بالحيرة أو في موقع يقال له: النجف الغري، كما ذكره ابن سعد

ص: 484

في الطبقات والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص 42 ص 2، والمسعودي في مروج الذهب 106 ونور الأبصار ص 25، والمحب الطبري 189 ص 2، واليعقوبي في تاريخه 118، والشبلنجي في ص 114، وفي ذخاير العقبي ص 247 ص 2، وفي الرياض النضرة، وغيرهم من أئمة التاريخ والسير.

وهناك مؤلفات في تعيين قبر أمير المؤمنين وأنه مدفون في النجف. أما ما أشاعه النواصب من أن قبره هو قبر المغيرة بن شعبة، فاسمع ما قاله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج6 ص121: قال أبو الفرج وحدثني أحمد بن سعيد، قال حدثنا يحيي بن الحسن العلوي، قال: حدثنا يعقوب بن زيد، عن ابن أبي عمير، عن الحسن بن علي الخلال، عن جده، قال قلت للحسين بن علي عليه السلام: أين دفنتم أمير المؤمنين عليه السلام؟ قال: خرجنا به ليلاً من منزله حتي مررنا به علي منزل الأشعث بن قيس، ثم خرجنا به إلي الظهر بجنب الغري.

قلت: وهذه الرواية هي الحق وعليها العمل، وقد قلنا فيما تقدم أن أبناء الناس أعرف بقبور آبائهم من غيرهم من الاجانب، وهذا القبر الذي بالغري، هو الذي كان بنو علي يزورونه قديماً وحديثاً، ويقولون: هذا قبر أبينا، لا يشك أحد في ذلك من الشيعة ولا من غيرهم، أعني بني علي من ظهر الحسن والحسين وغيرهما من سلالته المتقدمين منهم والمتأخرين، ما زاروا ولا وقفوا إلا علي هذا القبر بعينه.

وفي الكافي: 1 / 456 بسند صحيح: أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن القاسم بن محمد، عن عبد الله بن سنان قال: أتاني عمر بن يزيد فقال لي: اركب فركبت معه، فمضينا حتي أتينا منزل حفص الكناسي فاستخرجته فركب معنا، ثم مضينا حتي أتينا الغري فانتهينا إلي قبر، فقال: انزلوا هذا قبر أمير

ص: 485

المؤمنين عليه السلام. فقلنا: من أين علمت؟ فقال: أتيته مع أبي عبد الله عليه السلام حيث كان بالحيرة غير مرة وخبرني أنه قبره!

- ومما يؤيد أنه ليس في الكوفة، ما ذكره في عون المعبود:8 /310: وقال العيني وأما نقل الميت من موضع إلي موضع فكرهه جماعة وجوزه آخرون. وقال السيوطي في تاريخ الخلفاء في خلافة علي قال شريك: نقله ابنه الحسن إلي المدينة.

وقال المبرد عن محمد بن حبيب أول من حول من قبر إلي قبر علي رضي الله عنه. وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز قال لما قتل علي بن أبي طالب حملوه ليدفنوه مع رسول الله صلي الله عليه وسلم. انتهي. فهذه الروايات تشير الي أنه ليس في الكوفة، كما تشير الي إخفاء الامام الحسن لقبره، محافظة عليه لما كان يعلم من تسلط بني أمية!! وانظر الي هذه الرواية التي تدل أن معاوية هم أن يفتش عن القبر حتي يعرفه فينبشه! في شرح الأخبار للقاضي النعمان:3 /161:

ثم استشار معاوية في نبش قبر علي عليه السلام عبد الله بن عامر بن كريز، فقال: ما أحب أن تعلم مكان قبره، ولا أن تسأل عنه، ولا أحب أن تكون هذه العقوبة بيننا وبين قومنا، فقبل معاوية من عبد الله ما أشار به عليه، وأعرض عن رأي مروان فيما أشار به من نبش قبر علي!!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 1-10-1999، السادسة والنصف مساءً:

أما رواية محمد بن يعقوب الكليني فلا يعتمد عليها لتأخر وفاته، فقد توفي عام 329 ه-، وما ذكر في عون المعبود وتاريخ الخلفاء ليس فيه دليل علي ما تريد، وإنما هو خبر ظني وغاية ما يفيد لو صح أن القبر في المدينة، وهو دليل

ص: 486

علي عدم التيقن من مكان القبر.

وقولك: وهذه الروايات تشير الي أنه ليس في الكوفة، كما تشير الي إخفاء الامام الحسن لقبره، محافظة عليه لما كان يعلمه من تسلط بني أمية، اعتراف منك ببعض الحق، وهو عدم معرفة مكانه بسبب إخفاء الحسن له.

أما أن معاوية أراد نبش قبر علي فلا نظن ذلك بمعاوية، فنحن عندنا روايات علي الضد مما تقول، وإن كنا نقول إن الحق مع علي، وإنه أفضل من معاوية، منها ما رواه أبو نعيم في الحلية (1/ 84-8) أن رجلا من أصحاب علي ومحبيه وهو ضرار بن ضمرة الكناني دخل مجلس معاوية وهو يعلم حبه لعلي ونصرته له فيستنطقه معاوية ليسمع منه وصفاً لعلي وتعداداً لفضائله فقال له: صف لي علياً، فقال: أو تعفيني با أمير المؤمنين قال: لا أعفيك، قال: أما إذ لا بد فإنه كان والله بعيد المدي، شديد القوي، يقول فصلاً ويحكم عدلاً، يتفجر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلم، كان والله غزير العبرة طويل الفكرة، يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، ومن الطعام ما جشب، كان والله كأحدنا يدنينا إذا أتيناه، ويجيبنا إذا سألناه، وكان مع تقربه إلينا وقربه منا لا نكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظم أهل الدين، ويحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله. فأشهد بالله لقد رأيته في بعض مواقفه وقد أرخي الليل سدوله وغارت نجومه يميل في محرابه قابضاً علي لحيته يتملل تململ السليم ويبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن وهو يقول: يا ربنا يا ربنا - يتضرع إليه - ثم يقول للدنيا: إليَّ تعرضتِ، إلي تشوفتِ، هيهات هيهات، غري غيري، قد بتتك ثلاثاً فعمرك قصير، ومجلسك حقير، وخطرك يسير.. آهٍ

ص: 487

من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق!! فوكفت دموع معاوية علي لحيته ما يملكها، وجعل ينشفها بكمه وقد اختنق القوم بالبكاء، فقال: كذا كان أبو الحسن رحمه الله، كيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبح واحدها في حجرها، لا ترقأ دمعتها ولا يسكن حزنها، ثم قام فخرج.

فما أنكر معاوية شيئاً مما سمع، بل أقر ضراراً وترحم علي علي.

- وقال ابن كثير في البداية والنهاية الجزء:5 الصفحة:436: والمقصود أن علياً رضي الله عنه لما مات صلي عليه ابنه الحسن فكبر عليه تسع تكبيرات، ودفن بدار الإمارة بالكوفة خوفاً عليه من الخوارج أن ينبشوا عن جثته، هذا هو المشهور. ومن قال إنه حمل علي راحلته فذهبت به فلا يدري أين ذهب فقد أخطأ وتكلف ما لا علم له به، ولا يسيغه عقل ولا شرع.

وما يعتقده كثير من جهلة الروافض من أن قبره بمشهد النجف فلا دليل علي ذلك ولا أصل له، ويقال إنما ذلك قبر المغيرة بن شعبة، حكاه الخطيب البغدادي عن أبي نعيم الحافظ عن أبي بكر الطلحي عن محمد بن عبد الله الحضرمي الحافظ عن مطر أنه قال: لو علمت الشيعة قبر هذا الذي يعظمونه بالنجف لرجموه بالحجارة، هذا قبر المغيرة بن شعبة.

قال الواقدي: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة عن إسحاق بن أبي فروة قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي الباقر كم كان سن علي يوم قتل؟ قال: ثلاثاً وستين سنة. قلت: أين دفن؟ قال: دفن بالكوفة ليلاً وقد غبي عني دفنه، وفي رواية عن جعفر الصادق أنه كان عمره ثمانياً وخمسين سنة، وقد قيل إن علياً دفن قبلي المسجد الجامع من الكوفة، قاله الواقدي، والمشهور بدار الإمارة، وقيل بحائط جامع الكوفة...

ص: 488

وقد حكي الخطيب البغدادي عن أبي نعيم الفضل بن دكين أن الحسن والحسين حولاه فنقلاه إلي المدينة فدفناه بالبقيع عند قبر فاطمة. وقيل إنهم لما حملوه علي البعير ضل منهم فأخذته طيء يظنونه مالاً، فلما رأوا أن الذي في الصندوق ميت ولم يعرفوه دفنوا الصندوق بما فيه، فلا يعلم أحد أين قبره، حكاه الخطيب أيضاً. وروي الحافظ ابن عساكر عن الحسن بن علي قال: دفنت علياً في حجرة من دور آل جعدة. وعن عبد الملك بن عمير قال: لما حفر خالد بن عبد الله أساس دار ابنه يزيد استخرجوا شيخاً مدفوناً أبيض الرأس واللحية كأنما دفن بالأمس فهم بإحراقه ثم صرفه الله عن ذلك، فاستدعي بقباطي فلفه فيها وطيبه وتركه مكانه. قالوا وذلك المكان بحذاء باب الوراقين مما يلي قبلة المسجد في بيت إسكاف. وما يكاد يقر في ذلك الموضع أحد إلا انتقل منه.

وعن جعفر بن محمد الصادق قال: صلي علي علي ليلاً ودفن بالكوفة، وعمي موضع قبره، ولكنه عند قصر الإمارة.

وقال ابن الكلبي: شهد دفنه في الليل الحسن والحسين وابن الحنيفة وعبد الله بن جعفر وغيرهم من أهل بيتهم، فدفنوه في ظاهر الكوفة، وعموا قبره خيفة عليه من الخوارج وغيرهم.

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 1-10-1999، الثامنة مساءً:

أنا أسال إن كان علي بن أبي طالب عليه أفضل الصلاة والسلام دفن في هذا المكان أو غيره، فهل هذا يغير موضوع أنه علي حق أو علي باطل؟ هل يغير هذا أن علي ظلم أم لم يظلم؟ هل يغير أن الذين ظلموا علياً سيدخلون الجنة أو النار؟ هل يغير واقع من مظلومية الرسول وأهل بيته أو عدم مظلوميتهم؟

يعني إذا دفن في هذا المكان أو غيره تغير من شهادة لا اله إلا الله؟

ص: 489

أعتقد أنا أن المهم هو: ظُلِمَ الرسول أم لم يظلم؟ وظلموا أهل بيته علي وفاطمة والحسن والحسين أم لا؟ بعبارة أوضح تآمروا علي النبي وأهل بيته ام لا؟

واتركوا الشيعة وغالبية سنة العراق يزورون قبر علي بن أبي طالب في النجف، لأنهم يعتقدون هذا هو قبر علي بن أبي طالب! واذهبوا أنتم وزوروا قبر معاوية في الشام، وانكم ترون أن زيارة القبور حرام (كذا) فهذا كلام (ماخوذ خيره)! فالمهم هل سرقت الخلافة أم لا؟ وهل ظلموا أهل الكساء عليهم السلام أم لا؟

وكتب (العاملي) بتاريخ 2-10-1999، الثانية عشرة والربع صباحاً:

أولاً، إن الوضع الطبيعي أن يدفن المغيرة بن شعبة في مقبرة ثقيف في حي ثقيف لانه ثقفي، وقد أتيت لك بنص في ذلك.. ومقبرة ثقيف في الكوفة وليست في النجف، والمسافة بينهما نحو عشرة كيلو متر.

ثانياً، الروايات في مكان قبره في مصادركم متعارضة لا يمكن قبولها؟! علي أن منها الضعيف ومنها المغرض! ومتي كنتم أنتم، تثقون أنتم بابن الكلبي والواقدي ومطر؟! إلا عند الاشكال علي الشيعة؟!!

ثالثاً، رواياتكم المتعارضة لا تنهض لمعارضة روايات أهل البيت المتفق عليها والصحيحة السند، والكثيرة الي حد التواتر، في أن قبره عليه السلام في ظهر الكوفة عند الغري أو الغريين. وظَهْر الكوفة اسمٌ للنجف الفعلية. وفي رواياتكم ما يوافق ماقاله الائمة من أهل البيت عليهم السلام.

وعندما يتفق أولاد شخص وذريته كابراً عن كابر علي مكان قبر أبهم، ويقول آخرون بخلافه وتضطرب أقوالهم.. لا يمكن ترجيح قول من أقوال البعداء المتناقضة، ورد قول أولاد الميت المتفق عليه عندهم وعند شيعتهم!

ص: 490

ورابعاً، كما ذكر لك الاخ الاشتر، أهل البيت وشيعتهم متفقون قديما وحديثا علي مكان قبر أمير المؤمنين عليه السلام، وأنت تعتقد أنه في مسجد الكوفة أو في جانب قصر الامارة.. فإذا ذهبت الي هناك فزره هناك.. ولكن المهم مكانة علي الشرعية التي جعلها الله له ورسوله، وظلم تحالف قبائل قريش له، ولأهل بيته ومعصيتهم لنبيهم فيهم!! والمهم لنا اليوم: عمن نأخذ معالم ديننا؟!

ها نأخذه عن تحالف القبائل ضد أهل البيت، ومن رواتهم وعلماء دولهم، أم من الذين أوصانا بهم نبينا صلي الله عليه وآله وجعلهم عدل القرآن؟!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 2-10-1999، السابعة والنصف صباحاً:

لم نتحدث عن مكانة علي وفضله. ويعلم الله أني أحب علياً أكثر مما تحبونه وأفديه بنفسي وأهلي. ولكني أوردت هذا مثالاً علي تخبطكم وبناء دينكم علي الظنون، دون مستند من عقل أو شرع، وقد حاول التدليس كعادته ليثبت صحة مكان القبر ولكنه لم يستطع.

فأجاب (العاملي) بتاريخ 2-10-1999، العاشرة إلا ربعاً صباحاً:

عندما يقرر محب السنة الاعراض عن عمد عن كل ما روي عن أهل البيت وشيعتهم عليهم السلام في مكان قبر علي عليه السلام.. ولا يحب أن يري شيئاً منه، ولا يسألني كم عدد هذه الآثار ومدي صحتها..

ثم يقرر أن يغمض عينيه (البصيرتين) عن تعارض مصادرهم وتضاربها في مكان القبر الشريف.. تكون النتيجة: أن النواصب وأتباع ابن تيمية أخبر بمكان قبر علي عليه السلام من ذريته وأولاده الأئمة وشيعتهم، الذين زاروه في النجف من بعد وفاته جيلاً فجيلاً الي الآن!! وتكون النتيجة أيضاً: أن الروافض أخبر من محب ا لسنة بقبر أجداده المحبين للسنة أو المحبين لشئ آخر!!

ص: 491

ثم كتب (العاملي) في شبكة هجر، بتاريخ 2-10-1999، الرابعة عصراً موضوعاً بعنوان (الي محب السنة.. من أدلتنا علي أن قبر علي عليه السلام في نجف الكوفة) قال فيه:

الي الأخ محب السنة.من أدلتنا علي أن قبر علي عليه السلام في نجفة الكوفة: خلاصة من كتاب (فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي) تأليف السيد عبد الكريم بن طاووس الحسني- المتوفي سنة 693 هجرية.

ونشر منه العاملي مقدمة الكتاب، وفهرس فصوله.. تركناها اختصاراً.

فكتب (محب السنة) بتاريخ 2-10-1999، العاشرة مساءً:

يا عاملي لا شك عندي أنك باحث مطلع، ولكني ألمس مما تنقله وتتوصل إليه من نتائج أنك لا تستطيع التخلص من موروثاتك العقدية، فأنت أسير لها دوماً وهذا مشكلة يشاركك فيها كثير من الباحثين وما نقلته من كتاب فرحة الغري في تعيين قبر أمير المؤمنين علي تأليف السيد عبد الكريم بن طاووس الحسني- المتوفي سنة 693 هجرية يخالف الشرط الذي ذكرته سابقاً، وهو ذكر مصادر متقدمة ترجع إلي بداية القرن الثالث الهجري، وتسبق وقت الرواية المنسوبة للرشيد التي لا شك عندي أنها هي المستند الوحيد لدي الشيعة حين ظنوا أن ذلك القبر هو قبر علي، مع أني أيضاً استبعد أصلاً صحة الرواية.

ثم إن ما نقلته من هذا الكتب الذي يدعي مؤلفه تأكيد الخبر ويزعم أنه متواتر يظهر في الحقيقة اختلاف الفهم لمعني المتواتر بين السنة والشيعة، فالمتواتر عندنا ما رواه جماعة يستحيل في العادة أن يتواطئوا علي الكذب فيكون الخبر له طرق عديدة يختلف كل طريق منها عن الآخر وهذا مالم يورده

ص: 492

المؤلف، فهو أولا أقر بأنه دفن سراً فقال: نقول: لاخلاف بيننا وبينكم انه عليه السلام دفن سراً، ثم بني قوله بالتواتر علي ما يروي عن آل البيت مما أخبروا به أتباعهم بمكان قبره، وفي هذه الحالة يشترط اتصال السند إليهم بطرق متعددة وهذا مالم يورده المؤلف، ومن ثم ينتفي القول بتواتر الخبر، ثم أدلة عقلية سبق أن ذكرتها أنت سابقاً، وهي قوله وأقول أيضاً: ان كل ميت أهله أعلم بحاله في الغالب، وهم أولي بذلك من الأباعد الأجانب إلي آخره... ثم ذكر روايات نسبها إلي النبي صلي الله عليه وسلم لا يعرف لها صحة لمخالفتها العقل والشرع، وليس هذا موضع بيان ذلك.

وأحب التنبيه هنا رداً علي ما كتبه أحد المشاركين من قوله إننا لا نري زيارة القبور ودعوته لأهل السنة بزيارة قبر علي، فأقول نحن نري زيارة القبور امتثالاً لأمر نبينا صلي الله عليه وسلم حيث قال: زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة، وقد كان عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك، ولو أننا عرفنا قبر علي رضي الله عنه وكنا بالقرب منه لزرناه ونحن نتشرف بذلك، ولكن دون دعاء له من دون الله أو طواف علي قبره، أو أن نطلب منه تفريج الكربات وتحقيق الرغبات، لأن ذلك لا يطلب إلا من الله تعالي، ونعلم كذلك أنه لن ينتفع بمعرفتنا لقبره وأنه ليس بحاجة لزيارتنا فهو من هو في الشرف والمكانة، وأنه من المشهود لهم بالجنة ونحن بذلك متبعون لكتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم.

وكتب (العاملي) بتاريخ 3-10-1999، العاشرة والنصف صباحاً:

أولاً، لم تصبر حتي تري بقية استدلال السيد ابن طاووس، مع أني وضعت لك فهرس أبواب بحثه في أول البحث..

ثانياً، من أين حكمت أن أصل مستندنا في تعيين مكان قبر أمير المؤمنين هو

ص: 493

الرواية عن هارون الرشيد؟!! ألم تلاحظ بقية روايات ابن طاووس؟! وهي جزء قليل مما في مصادرنا!!

ثالثاً، الظاهر أن المتواتر عندكم وعندنا بمعني واحد.

رابعاً، هذا قسم آخر من كتاب فرحة الغري أرجو ان تلاحظه، ولا تتعجل بالحكم …ونقل له من فرحة الغري أكثر من عشرين نصاً مسنداً … منها:

الباب الثالث: فيما ورد في ذلك عن الحسن والحسين عليهما السلام:

13- وبالاسناد عن جعفر بن محمد بن قولويه، قال: حدثني محمد بن الحسن عن محمد بن الحسين الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسي، عن محمد بن أبي عمير، عن الحسين الخلال، عن جده، قال: قلنا للحسن بن علي أين دفنتم امير المؤمنين صلوات الله عليه؟ فقال: خرجنا به ليلاً حتي مررنا علي مسجد الأشعث، حتي خرجنا الي ظهر ناحية الغري.

14 - عن الطوسي (ومن خطه نقلت) عن محمد بن النعمان، عن (محمد بن أحمد بن داود)، عن محمد بن نكار النقاشي، قال: حدثنا الحسن ابن محمد الفزاري، قال: حدثني الحسن بن علي النحاس، قال: حدثنا جعفر بن الرماني، قال: حدثني يحيي الحمامي، قال: حدثني محمد بن عبيد الطيالسي، عن مختار التمار، عن أبي مطر قال: لما ضرب ابن ملجم الفاسق أمير المؤمنين، قال له الحسن: أقتله؟ قال: لا، ولكن احبسه، فإذا مت فأقتلوه، فإذا مت فأدفنوني في هذا الظهر في قبر أخوي هود وصالح. انتهي.

ولكن محب السنة غاب، ولم يعلق بشئ!!

غير أن (محب السنة) بقي مصراً علي إثارة التشكيك في مكان قبر أمير

ص: 494

المؤمنين عليه السلام، فكتب في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 25-3-200، السابعة مساءً موضوعاً بعنوان (أفيقوا أيها الشيعة الذي بالنجف قبر المغيرة ليس قبر علي!!) ونشر فيه كلامه السابق في شبكة هجر، دون ردود الشيعة عليه!!

فأجابه (ناصر) بتاريخ 25-3-2000، العاشرة إلا ربعاً مساءً:

ماهذا الاكتشاف المذهل يا رجل!

وبما أن ابن تيميه هو القائل فالقول ماقال ابن تيمية! أنصحك بتسجيل براءة الاكتشاف باسمك، أو باسم ابن تيميه قبل أن يطير منك!

فإن كنت بالشوري ملكت أمورهم فكيف بهذا والمشيرون غيب

وإن كنت بالقربي حججت خصيمهم فغيرك أولي بالنبي وأقرب

وكتب (متي اللقيا) بتاريخ 25-3-2000، العاشرة والثلث ليلاً:

المقدمه الطويله العريضه اللي كاتبنها ليش.. حرام بناء القبور واستدلالات.. بعدين القبر اللي في النجف قبر شخص آخر غير الامام علي... اكتشافك خطير! سجل براءة الاختراع، مثل ما سبقني الأخ في اقتراحه!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 25-3-2000، العاشرة النصف ليلاً:

أضيف.. أن ابن تيمية صار أخبر بمكان قبر أمير المؤمنين عليه السلام من أولاده وذريته وشيعته!! لقد تتبعوا أمير المؤمنين بالاذي في حياته.. وبقي عليهم أن يتتبعوه بعد مماته، ليشككوا الناس في قبره، ويمنعوا الشيعة والسنة ن زيارته!!

وكتب (محب السنة) في 25-3-2000، الحادية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

سبق يا عاملي أن ناقشنا هذا الموضوع في ساحة هجر، ولم تستطع أن تأتي بأي رواية كتبت قبل القرن الثالث الهجري ولو من مصدر شيعي تثبت أن علياً

ص: 495

دفن بكربلاء (يقصد النجف، وهكذا كان كتبها في العنوان فصححناه) ولا زال التحدي قائماً.

وكتب (العاملي) بتاريخ 25-3-2000، الحادية عشرة والربع ليلاً:

نعم يامحب السنة، وأتيتك بعدة أحاديث صحيحة من كتاب فرحة الغري لابن طاووس وغيره، مسندة الي الامامين الحسنين، والامام الصادق والامام الباقر عليهم السلام، فرددتها بحجة أنها أحاديث لم تدون قبل الوقت الذي تريده!!

وإذا جئت لي أنت برواية صحيحة علي مكان قبر جدك، فيمكنني أن أردها وأقول إنه قبر شخص سيخي، لأن روايتك لم تسجل في المحكمة الشرعية!!!

وكنت أحب أن أسألك عن معني اسمك، فهل السنة التي تحبها هي التي قال عنها إمامك عمر: لاحاجة لنا بها! حسبنا كتاب الله!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 26-3-2000، التاسعة صباحاً:

وهل يقبل العقل يا عاملي أن تخلو كتب العلم لمدة ثلاثة قرون من ذكر قبر علم من الأعلام وليس كأي علم!! وعلي فرض خلو كتب السنة الذين لا يهتمون بالبناء علي القبور والطواف عليها، فما بالك بمن يعتقدون في علي من الشيعة أيعقل أن يهملوا في مدوناتهم ذكر قبر علي، ولا يشيرون إليه ولو مجرد إشارة ثلاثة قرون متتالية، أم أن عقيدة الشيعة المتقدمين غير عقيدة المتأخرين، فلم يُعرف الغلو والطواف علي القبور ودعوة الأموات من دون الله إلا بعد القرون الثلاثة.

أما السنة التي أحبها فهي التي يحبها الفاروق عمر رضي الله عنه ويقضي بها، والتي أخذها من مشكاة النبوة. ولكل مقام مقال، والمنصف يعرف مراد عمر رضي الله عنه.

ص: 496

وكتب (عراقي) بتاريخ 26-3-2000، العاشرة والنصف صباحاً:

سؤالك هذا جيد يامحب: فهل لك أن تجبني عليه، السؤال: (وهل يقبل العقل أن تخلو كتب العلم لمدة ثلاثة قرون من ذكر قبر علم من الأعلام وليس كأي علم)، فأين تعتقد يامحب قبر أمير المؤمنين؟ وما هو دليلك؟ ولماذا خلت كتب العلم من ذكره ثلاثة قرون؟

فأجاب (العاملي) بتاريخ 26-3-2000، الواحدة ظهراً:

أولاً، لا أنت يا محب السنة ولا إمامك ابن تيمية من أهل التتبع والتحقيق والحمد لله.. فلاحظ أنه فيما نقلته عنه وقلدته به أنه مثلك لم يسند كلامه الي مصدر!! بل تراه يقول (المعروف عند أهل العلم.. المتفق عليه.. أجمع أهل السنة) وكل كلامه ادعاء أجوف، أو ادعاء كاذباً!!

وأنت.. أثرت شبهة علي مكان قبر أمير المؤمنين عليه السلام بدون أن تذكر لها مصدراً واحداً وتبحث تعارض الروايات؟!! وهذا يدل علي أنك غير موضوعي وأن هدفك فقط إثارة الشبهة، لعلها تؤثر في صرف الشيعة والسنة عن زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام في النجف، فتفرح بذلك ويفرح معك أصحابك النواصب!!

ثانياً، لماذا تريد مصدراً مؤلفاً في القرون الثلاثة الاولي، وليس بعدها؟! وأنت تعرف أن كثيراً من الحقائق ذكرت في مؤلفات بعد القرون الثلاثة، ولكنها مسندة عن رواة ثقات الي القرن الأول. وإذا فتحت هذا الباب الذي تتصوره علمياً، لسألناك عن كثير من الأشياء لا وجود لها في مؤلف قبل القرن الثاني، وحتي الخامس.. ومن ذلك: أعطني مصدراً يذكر الصلاة علي الصحابة مع النبي صلي الله عليه وآله.. أعطني مصدراً يثبت أن اسم أهل السنة والجماعة اسم لمخالفي أهل البيت وشيعتهم من القرن الأول.. الخ.

ص: 497

ثالثاً، وجدت لك ثلاثة كتب مؤلفة قبل القرن الثالث، تذكر أن قبر أمير المؤمنين عليه السلام في ظهر الكوفة بالنجف.. فهل تقنع؟! لا أظنك!!

الأول، كتاب وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقري المتوفي سنة 212

والثاني، كتاب الغارات لابراهيم بن محمد الثقفي المتوفي سنة 283

والثالث، وهو أبلغ لأن مؤلفه سني! وهو: كتاب مقتل الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، لأبي بكر عبد الله بن محمد بن عبيد المعروف بابن أبي الدنيا، المولود سنة 208 والمتوفي سنة 281.. قال في ص 79 تحت عنوان (موضع دفن علي رحمة الله عليه): حدثني أبي رحمه الله، عن هشام بن محمد، قال: قال لي أبو بكر بن عياش: سألت أبا حصين وعاصم بن بهدلة والأعمش وغيرهم فقلت: (هل) أخبركم أحد أنه صلي علي علي أو شهد دفنه؟ قالوا: لا. فسألت أباك محمد بن السائب فقال: أخرج به ليلا خرج به الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وعدة من أهل بيتهم فدفن في ظهر الكوفة. قال (أبو بكر ابن عياش): فقلت لابيك: لم فعل به ذلك؟ قال: مخافة أن تنبشه الخوارج أو غيرهم. ورواه ابن عساكر في تاريخه: 3 / 376 برقم 1438، من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام.

وفي الغارات للثقفي: 2 / 846: لما حضرت أمير المؤمنين عليه السلام الوفاة قال للحسن والحسين عليهما السلام: إذا أنا مت فاحملاني علي سريري ثم أخرجاني واحملا مؤخر السرير فانكما تكفيان مقدمه ثم ائتيابي الغريين فإنكما ستريان صخرة بيضاء فاحتفرا فيها فإنكما ستجدان فيها ساجة فادفناني فيها، فلما فعلا ما أمرهما ووجدا الساجة مكتوبا فيها: (هذا ما ادخر نوح عليه السلام لعلي بن أبي طالب) فدفناه فيها وانصرفنا ونحن مسرورون بإكرام الله تعالي لامير المؤمنين عليه السلام، فلحقنا قوم

ص: 498

من الشيعة لم يشهدوا الصلوة عليه، فأخبرناهم بماجري فقالوا: نحب أن نعاين من أمرها ماعاينتم. فقلنا لهم: إن الموضع قد عفي أثره لوصية منه عليه السلام، فمضوا وعادوا.

ويؤيده مارواه الطبراني في المعجم الكبير: 4 / 56: محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا طلق بن غنام عن يونس بن عكرمة أن خبابا أوصي أن يدفن في ظهر أهل الكوفة. وراجع الاستيعاب 1: 438.

ومن المعروف أن الصحابي خباباً رحمه الله من خاصة شيعة علي عليه السلام وأنه توفي قبله بأقل من سنة، فلا أن يكون عرف أن أمير المؤمنين سيدفن هناك وأراد أن يكون في جواره. انتهي.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 26-3-2000، السابعة مساءً:

لعلنا نستفيد الموضوعية والمنهج العلمي السليم والأمانة في النقل منك ياعاملي! إن شيخ الإسلام وهو العالم المحقق الأمين في النقل والنقد، والمشهور بإنصافه وتحريه للحق حين يقول: (المعروف عند أهل العلم.. المتفق عليه.. أجمع أهل السنة) يعرف مدلولات هذه الألفاظ، ويعلم علم اليقين أنه لو لم يكن قوله موافقاً للحق لانبري له من يرد عليه، وهذا ما لم يحصل (!!) فرغم تتابع القرون لم يعلم أحد ممن يعتد بقوله قال بتخطئة شيخ الإسلام (!!!).

أما قولك: أثرت شبهة علي مكان قبر أمير المؤمنين عليه السلام بدون أن تذكر لها مصدراً واحداً؟ فأقول: أي إنصاف أعظم ممن يكتفي بأي إشارة لمكان القبر وأنه في النجف بغض النظر عن مصدر الخبر، سواء كان في كتب الشيعة أو السنة ويفتح المجال للباحث في أن يبحث فيما كتب عبر ما يقارب 300 سنة.

ص: 499

أما قولك: إن هدفك فقط إثارة الشبهة لعلها تؤثر في صرف الشيعة والسنة عن زيارة قبر أمير المؤمنين عليه السلام في النجف، فتفرح بذلك ويفرح معك أصحابك النواصب.

فأقول: إن الدليل علي محبة علي رضي الله عنه ليس في زيارة قبره والطواف عليه ودعائه من دون الله كما يفعل الشيعة، ولكن في اقتفاء أثره والاهتداء بهديه.

أما قولك: لماذا تريد مصدراً مؤلفاً في القرون الثلاثة الأولي، وليس قبلها؟!

فأقول: لأن قبر علي رضي الله لم يعرف قبل هذا التاريخ، ولأن فيها دليل علي أن الشيعة يبنون معتقداتهم علي الأوهام والظنون ويقبلون كل ما يوافق أهواءهم وإن كان مخالفاً للعقل والشرع، فلم يذكر أن قبر علي في النجف إلا استناداً للحكاية المنسوبة للرشيد، ولم تثبت عنه كما قال شيخ الإسلام (إنما أظهر بعد نحو ثلاثمائة سنة من موت علي في إمارة بني بويه، وذكروا أن أصل ذلك حكاية بلغتهم عن الرشيد أنه أتي إلي ذلك المكان وجعل يعتذر إلي من فيه مما جري بينه وبين ذرية علي) ومعروف أن دولة بني بوية دولة شيعية.

أما قولك: وأنت تعرف أن كثيراً من الحقائق ذكرت في مؤلفات بعد القرون الثلاثة، ولكنها مسندة عن رواة ثقات الي القرن الأول.

فأقول: إن التدوين للعلم بمختلف فروعه قد بدأ حتي قبل المائة الأولي والأحاديث مثلا قد بدأ جمعها وتدوينها علي رأس المائة كما هو معلوم.

وقولك: إذا فتحت هذا الباب الذي تتصوره علمياً، لسألناك عن كثير من الأشياء لا وجود لها في مؤلف قبل القرن الثاني، وحتي الخامس..

فأقول: نحن أهل السنة لا نبني ديننا علي الظنون كما هو الحال بالنسبة لكم،

ص: 500

ولذك عندنا النقد للروايات والأسانيد، فما صح قبلناه وما لم يثبت رفضناه.

أما قولك: أعطني مصدراً يذكر الصلاة علي الصحابة مع النبي صلي الله عليه وآله.

فهذا من الدعاء ونحن لا نفرد الصحابة بالدعاء، والصلاة عليهم تبعاً وليست استقلالاً، والأمر في هذا واسع. ونحن لا نخالف آل البيت، فآل البيت من أئمة أهل السنة والجماعة، ونحن أولي بهم منكم!! ثم إن هذه المسائل التي أثرتها ليست داخلة فيما نحن بصدده، ويمكنك أن تفتح فيها موضوعاً خاصاً، ونحن علي استعداد لمناقشتها.

أما ما نقلته من المصادر التي زعمت أنها تثبت أن قبر علي في النجف فهي دليل علي عجزك، وكل من قرأها وهو منصف يستنتج ذلك. فالأول ورد فيه: عن هشام بن محمد، قال: قال لي أبو بكر بن عياش: سألت أبا حصين وعاصم بن بهدلة والأعمش وغيرهم فقلت: (هل) أخبركم أحد أنه صلي علي علي أو شهد دفنه؟ قالوا: لا. فسألت أباك محمد بن السائب فقال: أخرج به ليلا خرج به الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وعدة من أهل بيتهم فدفن في ظهر الكوفة. قال (أبو بكر ابن عياش) فقلت لأبيك: لم فعل به ذلك؟

قال: مخافة أن تنبشه الخوارج أو غيرهم. وهو يؤيد ما ذكرنا من أنه عمي قبره مخافة أن تنبشه الخوارج.

والثاني ورد فيه …:(هذا ما ادخر نوح عليه السلام لعلي بن أبي طالب)!! مثال علي تعلق الشيعة بالخرافات وولعهم بها.

والثالث ورد فيه: محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ثنا طلق بن غنام عن يونس بن عكرمة أن خباباً أوصي أن يدفن في ظهر أهل الكوفة.

ص: 501

وهذه الروايات كلها تؤيد ما قاله شيخ الإسلام وتثبت صدق قوله، وأنه عالم منصف محقق. وتثبت أن القبر الذي في النجف لادليل علي أنه قبر علي رضي الله عنه. أما أنت فلم تستطع أن تحل الإشكال ولن تستطيع، فالأولي لك ولقومك الاعتراف بهذا الخطأ التاريخي، والرجوع إلي الحق.

وكتب (الخزاعي) بتاريخ 26-3-2000، السابعة والنصف مساءً:

يا محب السنة: إنك والله تكابر.. يا محب السنة أنا أدلك علي قبر علي (علیه السلام) ولا مجال لك أن تشكك. إن قبر علي في قلوب محبيه:

لا عذب الله أمي أنها شربت حب الوصي وغذتنيه باللبن

وكان لي والد يهوي أبا حسن فصرت من ذي وذا أهوي أبا حسن

وكتب (محب السنة) بتاريخ 26-3-2000، التاسعة والنصف مساءً:

أي مكابرة يا خزاعي وأنا أطلب دليلاً ولو من مصادركم (!!)

هذا منتهي الإنصاف.

وكتب (عراقي) بتاريخ 26-3-2000، التاسعة والنصف مساءً:

إن الذي يدلنا علي الموضع الحقيقي لقبر سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام هم الأئمة من بعده من آل محمدٍ صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، الذين دأبوا علي زيارته وعرفوا بذلك شيعتهم ومواليهم.

فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الي ولاء آل بيت نبيه واتباع الحق الذي جاؤوا به، نحمده حمداً كثيراً إذ لم يجعلنا من فرق الضلالة التي ستدخل جهنم بسوء ما اختاروا أئمةً لهم من أعداء آل بيت نبيهم.

وكتب (العاملي) بتاريخ 26-3-2000، التاسعة وأربعين دقيقية مساءً:

ص: 502

لماذا رددت رواية ابن أبي الدنيا وهو عندكم من الأئمة الموثوقين؟! هل أنت خبير بالجرح والتعديل فوجدت فيها ما يوجب ضعفها؟!! وهل تعرف أنه أورد في كتابه المذكور روايات عديدة مسندة غيرها؟! ثم كيف قلت إنها تؤيد قول ابن تيمية؟! أليس هذا تحكماً ومكابرة؟!!

وكتب (محب السنة) بتاريخ 26-3-2000، العاشرة إلا ربعاً مساءً:

ماذا في رواية ابن أبي الدنيا أعد قراءتها لتري أنها تؤيد ما قاله شيخ الإسلام …

وأجابه (العاملي) بتاريخ 26-3-2000، العاشرة والنصف مساءً:

(ظهر الكوفة) اسم للنجف أو نجفة الكوفة، وفيها علمان اسمهما (الغريان) وهما بناءان مصبوغان بناهما النعمان بن المنذر، وهما عند الذكوات البيض، وعند الطور أو الطارات.. وتاريخ المنطقة مدون مفصل أيها الأخ.. ولو كنت منصفاً لسألتني عما عندنا من روايات، وقرأت مصادرنا التي تتضمن تفاصيل كثيرة، وهي علي الأقل تصلح لك شواهد توجب رفع كثير من المجهولات لديك..

أما إذا كنت مقلداً ابن تيمية وقررت أن لا تغير رأيك، حتي لو حاصرتك الأدلة.. فهذا مرض ماله دواء!!!

وكتب (محب السنة) في 26-3-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

حبذا لو أيدت قولك بالرجوع إلي معجم البلدان للحموي مثلاً، لأنه متخصص في هذا المجال.

وكتب (العاملي) بتاريخ 27-3-2000، الواحدة صباحاً:

ص: 503

غفر الله لك إن كنت أهلاً يامحب السنة، فقد أسهرتني لقلة اطلاعك:

- قال ياقوت الحموي في معجم البلدان: 4 / 196: الغريان: تثنية الغري، وهو المطلي، الغراء، ممدود: وهو الغراء الذي يطلي به، والغري فعيل بمعني مفعول، والغري: والحسن من كل شئ، يقال: رجل غري الوجه إذا كان حسنا مليحا، فيجوز أن يكون الغري مأخوذاً من كل واحد من هذين. والغري: نصب كان يذبح عليه العتائر، والغريان: طربالان وهما بناءان كالصومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر علي بن أبي طالب، رضي الله عنه.

- وقال في: 5 / 271: النجف: بالتحريك، قال السهيلي: بالفرع عينان يقال لأحداهما الربض وللاخري النجف تسقيان عشرين ألف نخلة، وهو بظهر الكوفة كالمسناة تمنع مسيل الماء أن يعلو الكوفة ومقابرها، والنجف: قشور الصليان، وبالقرب من هذا الموضع قبر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وقد ذكرته الشعراء في أشعارها فأكثرت، فقال علي بن محمد العلوي المعروف بالحماني الكوفي:

فياأسفي علي النجف المعري *** وأودية منورة الأقاحي

وما بسط الخورنق من رياض *** مفجرة بأفنية فساح …

وقال إسحاق بن إبراهيم الموصلي يمدح الواثق ويذكر النجف:

يا راكب العيس لا تعجل بنا وقف *** نحي داراً لسعدي ثم ننصرف …

ما إن أري الناس في سهل ولا جبل *** أصفي هواء ولا أعذي من النجف

كأن تربته مسك يفوح به *** أو عنبر دافه العطار في صدف

حفت ببر وبحر من جوانبها *** فالبر في طرف والبحر في طرف

وبين ذاك بساتين يسيح بها *** نهر يجيش بجاري سيله القصف

ص: 504

وقال في: 5 / 272: خطبهم زياد ودعاهم إلي بيعة أبي بكر، رضي الله عنه، فنكص الأشعث عن بيعة أبي بكر، رضي الله عنه، ونهاه ابن امرئ القيس بن عابس فلم ينته فكتب زياد إلي أبي بكر بذلك فكتب أبو بكر إلي المهاجر بن أبي أمية وكان علي صنعاء بعد قتل العنسي أن يمد زياداً بنفسه ويعينه علي مخالفيه..

- وقال الخليل في كتاب العين: 4 / 38: ورجل ظهري: من أهل الظهر. ولو نسبت رجلاً إلي ظهر الكوفة لقلت: ظهري، وكذلك لو نسبت جلداً إلي ظهر قلت: جلد طهري. والظهران من قولك: أنا بين ظهرانيهم وظهريهم.

- وقال ابن سلام في غريب الحديث: 1 / 240: وروي عن بيان قال: كنت أمشي مع الشعبي بظهر الكوفة فالتفت إلي بيوت الكوفة فقال: هذه كفات الأحياء، ثم التفت إلي المقبرة فقال: وهذه كفات الأموات يريد تأويل قوله: ألم نجعل الأرض كفاتاً أحياء وأمواتاً.

- وقال الحربي في غريب الحديث: 3 / 998: حدثني ربعي بن الجارود: سمعت الجارود أن أبا الفرزدق نافر رجلا بظهر الكوفة علي أن يعقر هذا مائة إذا وردت الماء فغذوا عليها، وغدا الناس يلتمسون اللحم، فخرج عليهم علي وعبد الله فقالا: لا تأكلوا فإنها أهل بها لغير الله.

- وقال الجوهري في الصحاح: 2 / 689: سنمار: اسم رجل رومي بني الخورنق الذي بظهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس، فلما فرغ منه ألقاه من أعلاه فخر ميتا كيلا يبني لغيره مثله، فضربت به العرب المثل فقالوا: جزاء سنمار. قال الشاعر: جزتنا بنو سعد بحسن..... جزاء سنمار وما كان ذا ذنب

وقال البكري في معجم ما استعجم: 1 / 203: أنقرة، بفتح أوله وسكون ثانيه

ص: 505

وكسر القاف، بعدها راء مهملة، علي وزن أفعلة: موضع بظهر الكوفة، أسفل من الخورنق، كانت إياد تنزله في الدهر الأول، إذا غلبوا علي ما بين الكوفة والبصرة، وفيه اليوم طيئ وسليح. انتهي.

ولعل اسم أنقره التركية جاء من هنا لان جند طي فتحوت أرضها؟

- وقال ابن منظور في لسان العرب ج 2 ص 153: حديث الشعبي: أنه كان بظهر الكوفة فالتفت إلي بيوتها، فقال: هذه كفات الأحياء، ثم التفت إلي المقبرة، فقال: وهذه كفات الأموات، يريد تأويل قوله، عز وجل: ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا.

- وقال ابن منظور في لسان العرب: 9 /624: الأعرابي: النجفة المسناة، والنجف التل. ال الأزهري: والنجفة التي بظهر الكوفة، وهي كالمسناة تمنع ماء السيل أن يعلو منازل الكوفة ومقابرها.

- وقال الزبيدي في تاج العروس: 4 / 58: الغريان: مثني هما بظاهر الكوفة حيث قبر أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، زعموا أنهما بناهما بعض ملوك الحيرة.

- وقال في: 6 / 251: السهلي بالفرع عينان يقال لأحدهما الغريض وللآخر النجف يسقيان عشرين ألف نخلة، وهو بظهر الكوفة كالمسناة، وبالقرب من هذا الموضع قبر أميرالمؤمنين علي بي أبي طالب رضي الله عنه.

- وقال في:10 / 264: ومنه الغريان) وهما (بنا آن مشهوران بالكوفة) عند الثوية حيث قبر أمير المؤمنين علي رضي الله عنه زعموا أنهما بناهما بعض ملوك الحيرة قاله نصر: وفيهما يقول الشاعر:

لو كان شئ له ألا يبيد علي طول الزمان لما باد الغريان

ص: 506

وقال الجوهري: هما بناآن طويلان يقال هما قبرا مالك وعقيل نديمي جذيمة الأبرش وسميا غريين لأن النعمان بن المنذر كان يغريهما بدم من يقتله إذا خرج في يوم بؤسه، فسياق الجوهري يقتضي أنهما سميا بالتغرية وهو الالصاق، وسياق

المصنف أنه من الحسن (ولا غرو ولا غروي).

وكتب (عمار الدهني) بتاريخ 27-3-2000، الحادية عشرة صباحاً:

لا شك في أن قبر الامام علي (علیه السلام) أخفي فترة من الزمن خوفاً من أن تهتك حرمته من قبل أعدائه، أمثال الخوارج وبني أمية، وكان معروفاً عند ولده وخواص شيعته، قبل أن يظهره البويهيون كما ادعاه الكاتب!

فقد نص علي ذلك أبو الفرج الاصفهاني في مقاتل الطالبيين عن الحسن بن علي بسنده عن الحسن الخلال. ونقل مثله عن الحسن بن علي ابن اعثم الكوفي في تاريخه. ونقل مثل ذلك الحافظ الكنجي في كفاية الطالب بسنده عن الحاكم. ونقل في مقاتل الطالبيين ذلك عن زيدبن علي. وذكر مثل ذلك الحافظ الصاغاني في الشمس المنيرة، وكان أبناؤه وذريته يزورونه في نفس المكان المعروف.

فليراجع في ذلك روايات أهل البيت التي نقلها شيعتهم مثل ابن قولويه المتوفي 367، في كامل الزيارة، والكليني المتوفي 329، وغيره.

وليراجع كتب السنة مثل منتظم ابن الجوزي، فقد ذكر أبا الغنائم محمد بن علي بن ميمون الرسي المقري فقال توفي ابو الغنائم هذا في سنة عشر وخمسمأة وكان محدثاً من أهل الكوفة ثقة حافظاً، وكان من قوام الليل ومن أهل السنة، وكان يقول ما بالكوفة من هو علي مذهب أهل السنة واصحاب الحديث غيري،

ص: 507

وكان يقول مات بالكوفة ثلاث ماة صحابي ليس قبر أحد منهم معروفاً إلا قبر أمير المؤمنين، وهو هذا القبر الذي يزوره الناس الي أن جاء جعفر بن محمد وأبوه محمد بن علي بن الحسين فزاراه الخ. كما زاره أمثال المنصور والرشيد والمقتفي والناصر والمستنصر والمستعصم وغيرهم، فراجع الحوادث الجامعة لابن الفوطي وغيره.

ويؤكد ذلك أن عمارة القبر الأولي أقامها الرشيد، وقد خربها المتوكل وعمرها بعد ذلك محمد بن زيد الداعي الحسني المقتول 287، ثم عمرها عمربن يحيي من أحفاد زيد الشهيد، وهو الذي استرد الحجر الاسود من القرامطة. وكلها سابقة علي عمارة البويهيين!!

هذا وقد صرح بموضع قبره المذكور اليعقوبي المتوفي 292، وابن الطقطقي في الفخري والحموي في معجم البلدان، ومراصد الاطلاع، وابن الأثير، وقال أبو الفداء في المختصر: والأصح - وهو الذي ارتضاه ابن الأثير وغيره - أن قبره هو المشهور بالنجف، وهو الذي يزار اليوم.

وأقر بذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج، وصرح بزيارة سلالة علي المتقدمين والمتأخرين له وأنهم ما زاروا ولا وقفوا إلا علي هذا القبر بعينه. وقال وأولاده أعرف بقبره، وأولاد كل أناس أعرف بقبور آبائهم من الأجانب.

وصرح بذلك القلقشندي في صبح الاعشي، والفخري في تاريخ الوزراء، والكرماني في عمدة الطالب، والدينوري وابن طلحة في مطالب السؤول، وابن الصباغ في الفصول المهمة، وابن شحنة في روضة المناظر، والشبلنجي في نور الأبصار، وصاحب القاموس، وصاحب تاج العروس، وابن كثير، وغيرهم من النسابين وأهل السير. هذا من أهل السنة.. أما الشيعة، فالأمر عندهم أوضح

ص: 508

حتي أنهم ألفوا المؤلفات المستقلة لاثبات هذا الأمر.

وأما ادعاء أنه قبر المغيرة فقد جاء في تاريخ بغداد حاكياً ذلك عن أبي نعيم عن الطلحي عن الحضرمي، ولكن سبط ابن الجوزي عد ذلك من أغلاط أبي نعيم، وقال: إن المغيرة بن شعبة لم يعرف له قبر، وقيل إنه مات بالشام. وراجع ما ذكره ابن أبي الحديد في المقام، وراجع تعيين قبر المغيرة في الأغاني، وما ذكره ابن حبان والحموي وابن الأثير وأنه بالثوية.

وهل تحدث تلك الكرامات التي تحدث عن بعضها ابن بطوطة والحكيم السنائي والشاعر الفردوسي والسيد محمد صالح الترمذي الكشفي وكلهم من أهل السنة من قبر المغيرة المعادي لعلي؟!! أم أن حقه علي التاريخ ان يكون قبره كقبر سيده معاوية لا أزيد.

أما رأي ابن تيمية فلا يعدو أن يكون رأياً انفعالياً كسائر آراءه تجاه الشيعة!! لذلك لايصح أن تؤخذ آراؤه كقضايا مسلمة، بل كما من حقه أن يناقِش، كذلك من حق غيره ذلك أيضاً. والسلام علي من اتبع الهدي.

وكتب (محب السنة) بتاريخ 28-3-2000، الرابعة مساءً:

أشكرك علي هذا الإطراء حين وصفتني بقلة الاطلاع.

ولعلمك أني ذكرتك بكتب المعاجم لسابق علمي بأنك ستجد فيها ما تظن أنه يؤيدك. وقد كان توقعي في محله. لكن ما تمخض عنه بحثك أشبه بحال غريق يتشبث بخيط واه عله يكون سبباً في نجاته، ولم أجد فيما نقلت ما يؤيد ما تريد إثباته، فليس فيه قول فصل مؤكد لقضية بمثل هذه الأهمية. ويبدو لي أنك تريد أن تثبت من خلال ما نقلت أن ظاهر الكوفة يراد به النجف، وهذا احتمال، وإذا ورد الاحتمال بطل الاستدلال. ومعلوم أن الاسم الواحد قد يشترك فيه أكثر من

ص: 509

مكان.

كما أنك أردت ببعض ما نقلت أن تثبت أن ثمة مكان يقال له النجف، وليس هذا موضع اختلاف. وأشكرك بالمناسبة علي نقل قصيدة إسحاق الموصلي لأني في الحقيقة استمتعت بقراءتها.

هذه الكتب ينقل أصحابها مما وجدوه مدوناً قبلهم، وقد أشار بعضهم إلي النجف، والمؤلفات التي استشهدت بها لا ينطبق عليها الشرط الهام وهو أن يكون المؤلف قد كتب قبل نهاية القرن الثالث، وقبل شيوع الحكاية التي رويت عن الرشيد وØϘʠإلي أن يظهر بنو بويه القبر ويشيعوا ذكره، وهذا كله بعد القرن الثالث الهجري. ثم أين كتب الشيعة المتقدمين المؤرخين منهم أو الفقهاء، ألا يوجد أحد منهم عاصر الحدث أو أتي بعده بفترة وجيزة فتطرق له، أم أن الغلو في الأموات نشأ عند الشيعة متأخراً!

ولعلمك ليس لأهل السنة مصلحة في إنكار مكان قبر علي رضي الله عنه، فهو ليس القبر الوحيد الذي يطاف عليه أو يدعي صاحبه من دون الله، فغيره كثير، ومنها قبر المصطفي صلي الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما، وغيرها كثير. ولكنه البحث العلمي الذي يقتضي منا التحري والدقة.

ثم أعاد ما نقله سابقاً عن الطبري من روايات متناقضة!!

وكتب (العاملي) بتاريخ 28-3-2000، الخامسة مساءً:

ما أسهل الجدل والانكار في أمثال موضوعنا وغيره!! ألا تدرك يامحب السنة، أنه من الطبيعي عندما يتوفي شخص مثل أمير المؤمنين علي عليه السلام، ويتعمد آله إخفاء قبره حتي لا يسئ اليه الخوارج الموتورون منه، والامويون الذين أخبر هو أنهم سيتسلطون علي الأمة من بعده.. من الطبيعي أن تكثر الأقاويل في موضع

ص: 510

دفنه، وأن الفيصل في مثل هذه الحالة هو قول أبنائه وخاصته، لأنهم أخبر بالمكان الحقيقي لقبره. علي هذا الاساس، لا شك عندنا في أن قبره عليه السلام في النجف الذي كان يسمي (ظهر الكوفة) ويسمونه أيضاً (الغري والغريين والثوية). وحجتنا في ذلك أن الائمة من أبنائه أجمعوا علي ذلك وزاروا قبره هناك، والزيارة الدعاء التي يقرؤها الشيعة اليوم هي دعاء الامام زين العابدين علي بن الحسين عند قبر جده علي عليهما السلام!!

ثم زاره الامام الباقر والصادق عليهما السلام، ودلوا عليه خاصة الشيعة وعرف بينهم وزاروه خاصة في فترة ضعف دولة بني أمية.. حتي كانت قصة هارون الرشيد وأتي للصيد في تلك المنطقة، وطارد غزالاً فدخل الي ربوة ورجعت الكلاب عن مطاردته أكثر من مرة، فتعجب وسأل، فأخبره شيخ من أهل المنطقة بأن في تلك الربوة قبر علي بن أبي طالب، فأمر بالبناء عليه، وأظهره رسمياً، بعد أن كان ظاهراً معروفاً لذرية علي وخاصة الشيعة..

إن مشكلتك أنت وابن تيمية، أنكم تصورتم أن حكاية هارون الرشيد هي الأساس في تعيين قبر علي عليه السلام! وتصورتم أنه لا يوجد دليل غيرها عند الشيعة فضلاً عن السنة.. وهذا غلطٌ وتعصب!! فقد رويت أنت عن الطبري وغيره أقوالاً مختلفة في مكان قبره، وفيها روايات تؤيد إجماع الشيعة، ومنها الرواية الاخيرة التي نقلتها أنت عن ابن الكلبي، والأخري التي نقلتها لك عن ابن أبي الدنيا، وكلتاهما مع غيرهما تؤيد إجماع الشيعة علي ذلك!!

فكان الأحري بك أن تقول: هناك قول واحد أجمع عليه الشيعة..بينما روي غيرهم أقوالاً متعددة منها ما يوافق رأي الشيعة ومنها ما يخالفه، وما يوافقهم أقوي لانها روايات سنية تامة السند، معتضدة بإجماع أهل الخبرة وأهل القضية،

ص: 511

الذين هم أئمة أهل البيت وشيعتهم!!

وأعيد عليك رواية ابن أبي الدنيا المولود 208 والمتوفي 283، وفقد رددتها أنت بدون حجة إلا لهوي!! قال في كتابه مقتل علي: (موضع دفن علي رحمة الله عليه): حدثني أبي رحمه الله، عن هشام بن محمد، قال: قال لي أبو بكر بن عياش: سألت أبا حصين وعاصم بن بهدلة والاعمش وغيرهم، فقلت: (هل) أخبركم أحد أنه صلي علي علي أو شهد دفنه؟ قالوا: لا. فسألت أباك محمد بن السائب فقال: أخرج به ليلا خرج به الحسن والحسين وابن الحنفية وعبد الله بن جعفر وعدة من أهل بيتهم فدفن في ظهر الكوفة. قال (أبو بكر ابن عياش): فقلت لابيك: لم فعل به ذلك؟ قال: مخافة أن تنبشه الخوارج أو غيرهم.

ورواها ابن عساكر في تاريخه: 3 / 376 برقم 1438من ترجمة أمير المؤمنين عليه السلام …

وطالت مناقشة محب السنة، وظل يكابر ويكرر ما قاله، ولا يأتي يجديد!!

ص: 512

الفصل الثاني عشر: حكم الذين حاربوا عليا

اشارة

ص: 513

ص: 514

الذين قاتلوا عليا ملعونون علي لسان النبي صلي الله عليه وآله

كتب (العاملي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 21-3-2000، الحادية عشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (هل لعن النبي صلي الله عليه وآله من قاتل علياً عليه السلام؟!) قال فيه:

- روي الصدوق في من لايحضره الفقيه ج 4 ص 419: عن الأصبغ بن نباتة قال: قال أميرالمؤمنين عليه السلام في بعض خطبه: أيها الناس اسمعوا قولي واعقلوه عني، فإن الفراق قريب. أنا إمام البرية، ووصي خير الخليقة، وزوج سيدة نساء الأمة، وأبو العترة الطاهرة، والائمة الهادية.

أنا أخو رسول الله صلي الله عليه وآله، وصيه ووليه ووزيره، وصاحبه وصفيه، وحبيبه وخليله.

أنا أمير المؤمنين وقائد الغر المحجلين وسيد الوصيين، حربي حرب الله، وسلمي سلم الله، وطاعتي طاعة الله، وولايتي ولاية الله، وشيعتي أولياء الله، وأنصاري أنصار الله.

والذي خلقني ولم أك شيئاً:لقدعلم المستحفظون من أصحاب محمد صلي الله عليه وآله أن الناكثين، والقاسطين، والمارقين، ملعونون علي لسان النيي الأمي، وقد خاب من افتري!!

- وفي شرح الأخبار: 1/ 396: أنه قال يوم الجمل: قد علم أولوا العلم من آل محمد صلوات الله عليه وآله، وعلمت عائشة بنت أبي بكر! وها هي ذه فاسألوها. إن أصحاب الجمل، وأصحاب الأسود ذي الثدية، ملعونون علي لسان النبي صلوات الله عليه وآله، وقد خاب من افتري.

وفي الاحتجاج للطبرسي:1/ 376: عن سليم بن قيس الهلالي قال: لما التقي

ص: 515

أمير المؤمنين عليه السلام أهل البصرة يوم الجمل نادي الزبير:

يا أبا عبد الله أخرج اليَّ، فخرج الزبير ومعه طلحة. فقال لهما: والله إنكما لتعلمان وأولوا العلم من آل محمد، وعائشة بنت أبي بكر، أن كل أصحاب الجمل ملعونون علي لسان محمد صلي الله عليه وآله، وقد خاب من افتري.

قالا: كيف نكون ملعونين ونحن أصحاب بدر وأهل الجنة؟! فقال عليه السلام: لو علمت أنكم من أهل الجنة لما استحللت قتالكم!

فقال له الزبير: أما سمعت حديث سعيد بن عمرو بن نفيل وهو يروي أنه سمع من رسول الله يقول: عشرة من قريش في الجنة؟!

قال علي عليه السلام: سمعته يحدث بذلك عثمان في خلافته!

فقال الزبير: أفتري كذب علي رسول الله؟!

فقال له علي عليه السلام: لست أخبرك بشئ حتي تسميهم.

قال الزبير: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن عمرو بن نفيل. فقال له علي عليه السلام: عددت تسعة، فمن العاشر؟

قال له: أنت.

قال علي عليه السلام: قد أقررت أني من أهل الجنة، وأما ما ادعيت لنفسك وأصحابك فأنا به من الجاحدين الكافرين.

قال له: أفتراه كذب علي رسول الله؟!!

قال عليه السلام: ما أراه كذب، ولكنه والله اليقين.

فقال علي عليه السلام: والله إن بعض من سميته لفي تابوت في شعب في جب في أسفل درك من جهنم، علي ذلك الجب صخرةٌ إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع

ص: 516

تلك الصخرة!! سمعت ذلك من رسول الله صلي الله عليه وآله، وإلا أظفرك الله بي وسفك دمي علي يديك، وإلا أظفرني الله عليك وعلي أصحابك وسفك دمائكم علي يدي، وعجل أرواحكم إلي النار!!!

فرجع الزبير إلي أصحابه وهو يبكي!!!

وقال ابن كثير في البداية والنهاية: 7 / 336: الحديث الرابع عشر عن أم المؤمنين عائشة قال الحافظ البيهقي: أنا أبو عبد الله الحافظ وأبوسعيد بن أبي عمرو، ثنا أبوالعباس الاصم، ثنا السري بن يحيي، ثنا أحمد بن يونس، ثنا علي بن عياش عن حبيب بن مسلمة. قال قال علي: لقد علمت عائشة أن جيش المروة وأهل النهروان، ملعونون علي لسان محمد صلي الله عليه وسلم!!

ورواه في كنز العمال: 11/ 289، برقم 31547 عن الطيالسي، والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر.

كتب (كمال) بتاريخ 26-3-2000، الخامسة مساءً:

ليت من يستشهد بابن كثير يقرأ هذا الموضوع، ليقل لنا رأيه فيه.

ص: 517

المجلد7

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

بقلم: العاملي

المجلد السابع

دفاعاً عن الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء علیها السلام

ص: 2

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا

ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين

جرت في شبكات الانترنت نقاشاتٌ عديدة حول مقام الصديقة الشهيدة فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وموقفها من خلافة أبي بكر .. ولم يستوعب النقاش جوانب شخصيتها وظلامتها، حيث دار أكثره حول منعها إرثها من أبيها، ومصادرة فدك التي أعطاها إياها صلی الله علیه و آله !

ونظراً الى مقام الصديقة الزهراء علیها السلام المجمع على سموه عند جميع المسلمين، وأن موقفها من خلافة أبي بكروعمر يعتبر ركناً في مذهب التشيع لأهل البيت النبوي علیهم السلام .. رأينا ضرورة إضافة فصول مختصرة، عن خلافة النبي صلی الله علیه و آله، وما قام به في حجة الوداع وبعدها لتثبيت خلافة عترته الطاهرة، ثم أحداث وفاته صلی الله علیه و آله، وما تبعها من مهاجمتهم بيت علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام لإجبارهم على البيعة . .

ص: 3

أرجو أن تكون هذه الفصول مع المناقشات، بحوثاً نافعة للمسلمين وتصوراً متكاملاً لمسائل حياة الصديقة الزهراء علیها السلام ومواقفها علیها السلام .

وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب .

كتبه: العاملي

في العشرين من شهر رجب الأصب 1422

ص: 4

الفصل الأول: خلافة النبي صلی الله علیه و آله كانت مطروحة في حياته ..

اشارة

ص: 5

ص: 6

خلافة النبي صلی الله علیه و آله كانت مطروحة في حياته ..

من أكاذيب التاريخ الكبيرة قولهم: إن خلافة النبي صلی الله علیه و آله لم تطرح في حياة النبي أبداً ! ولا أوصى الى أحد أبداً ! ولا سأله أحد حتى مجرد سؤال عن الخلافة من بعده لمن هي! ولا ائتمر زعماء قريش بينهم ولا اتفقوا أن يحرموا منها عترة النبي علیهم السلام . . ولا تشاوروا مع اليهود أبداً !!

وقد أخذت هذه اللاءات طريقها من أصحاب السقيفة، ثم من بلاط الخليفة وحمله الأتباع والرواة . . وكتبته الصحاح ! ! فأبو بكر وابنته عائشة، وعمر وابنته حفصة .. قالوا إنه لم يجر مع النبي صلی الله علیه و آله أي حديث حول الموضوع، وإنهم تأسفوا كثيراً لماذا لم يسألوه عن الخلافة من بعده لمن تكون !

وعندما تقول هاتان العائلتان .. يقول الرواة، ويقول التاريخ، وتقول الصحاح ..!! ويصير كل من خالف قولهم مخالفاً للاسلام ! أما من كذبهم فهو عدو للاسلام ! فهذه اللاءات . . كانت ضرورية لمشروع قريش في ترتيب الخلافة بين قبائلها وعزل بني هاشم سياسياً !

وإذا قال لهم أحد إن هذه اللاءات هذه تصطدم بمنطق الأمور، وبقضايا كثيرة ونصوص كثيرة، رويتموها أنتم وتجعل الرسول ساذجاً مقصراً .. يتعمد

ص: 7

ترك فراغ هائل بعده، وهو يعرف أن صراعاً بين أصحابه سينفجر بمجرد أن يغمض عينيه ! وتجعل الرسول يناقض نفسه حيث يأمر كل مسلم بالوصية قبل موته .. بينما يتعمد هو أن لا يوصي !

بل تتناقض مع حكمة الله تعالى وعدله، لأنها تعني أنه سبحانه ختم النبوة في الأرض . . وترك أمة نبيه تقتتل على خلافته .. ثم لم يصنع لها شيئاً !!

إذا قلت ذلك . . فجوابهم إنها لاءات ضرورية . . ولتصطدم بما تصطدم !!

شهود بالجملة على كذب لاءات قريش !

اشارة

من الأدلة القطعية التي تشهد على كذب لاءات بطون قبائل قريش ..

1- حديث بني عامر بن صعصعة

ورد في سيرة النبي صلی الله علیه و آله من أنه كان يعرض نفسه على القبائل في أول بعثته، ويطلب منها أن تحميه لكي يبلغ رسالة ربه . . وأن بعض القبائل قبلت عرضه بشرط أن يكون لها الأمر من بعده، فأجابها النبي صلی الله علیه و آله بأنه مجرد رسول والأمر ليس له، بل هو لله تعالى يجعله لمن يريد! وأبرز ما وجدناه من ذلك: حديث بني عامر بن صعصعة، وحديث كندة، وكلاهما في أول البعثة، وحديث عامر بن الطفيل وهو في أواخر حياة النبي صلی الله علیه و آله !

ففي سيرة ابن هشام: 2/289: (أتى بني عامر بن صعصعة فدعاهم إلى الله عز وجل، وعرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال له: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك، ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟ قال: الأمر إلى الله، يضعه حيث يشاء .

ص: 8

قال فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا ! لاحاجة لنا بأمرك ! فأبوا عليه .

فلما صدر الناس، رجعت بنو عامر إلى شيخ لهم، قد كانت أدركته السن حتى لا يقدر أن يوافي معهم المواسم، فكانوا إذا رجعوا إليه حدثوه بما يكون في ذلك الموسم، فلما قدموا عليه ذلك العام سألهم عما كان في موسمهم، فقالوا: جاءنا فتى من قريش ثم أحد بني عبد المطلب، يزعم أنه نبي يدعونا إلى أن نمنعه ونقوم معه ونخرج به إلى بلادنا .

قال: فوضع الشيخ يديه على رأسه، ثم قال: يا بني عامر هل لها من تلاف؟! هل لذناباها من مُطَّلب ؟! والذي نفس فلانٍ بيده ما تقوَّلها إسماعيليٌّ قط، وإنها لحق، فأين رأيكم كان عنكم !) . انتهى .

ورواه الطبري في تاريخه:2/84 . وابن كثير في سيرته: 2/158، وحكاه في الغدير: 7/134 عن سيرة ابن هشام 2/32، والروض الأنف: 1/264، وبهجة المحافل للعامري: 1/128، والسيرة الحلبية: 2/3، وسيرة زيني دحلان: 1/302، بهامش الحلبية، وحياة محمد لهيكل / 152

2- حديث قبيلة كندة

رواه ابن كثير في سيرته: 2/159، قال: (قال عبدالله بن الأجلح: وحدثني أبي عن أشياخ قومه أن كندة قالت له: إن ظفرت تجعل لنا الملك من بعدك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الملك لله يجعله حيث يشاء، فقالوا لا حاجة لنا فيما جئتنا به) ! . انتهى .

3- حديث عامر بن الطفيل

ص: 9

هو شيخ مشايخ قبائل غطفان، روى قصته ابن كثير أيضاً في سيرته: 4/114 قال: (عن ابن عباس أن أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب، وعامر بن الطفيل بن مالك، قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهيا إليه وهو جالس، فجلسا بين يديه . فقال عامر بن الطفيل: يا محمد، ما تجعل لي إن أسلمت ؟ !

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لك ما للمسلمين وعليك ما عليهم. قال عامر: أتجعل لي الأمر إن أسلمت، من بعدك ؟ !

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك لك، ولا لقومك، ولكن لك أعنة الخيل .

قال: أنا الآن في أعنة خيل نجد ! إجعل لي الوَبَر، ولك المَدَر .

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا .

فلما قفل من عنده قال عامر: أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً !

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمنعك الله .

وفي ص 112، قال: (وكان عامر بن الطفيل قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال: أخيرك بين ثلاث خصال: يكون لك أهل السهل ويكون لي أهل الوبر، وأكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء !

قال فطعن (أصيب بالطاعون) في بيت امرأة، فقال: أغدةٌ كغدة البعير، وموتٌ في بيت امرأة من بني فلان ! - وفي رواية في بيت سلولية - ائتوني بفرسي، فركب، فمات على ظهر فرسه !) . انتهى .

ص: 10

4- شرط النبي صلی الله علیه و آله على الأنصار حماية أهل بيته وذريته

من آيات النبوة أن بيعة النبي صلی الله علیه و آله للأنصار من أول يوم في مكة تضمنت ثلاثة شروط:

الأول: أن يحموا النبي صلی الله علیه و آله مما يحمون منه أنفسهم .

والثاني: أن يحموا أهل بيته وذريته ممايحمون منه أولادهم وذراريهم.

والثالث: أن لا ينازعوا الأمر أهله !!

وهذا الشرط الأخير دليلٌ واضحٌ على أن مبدأ الإختيار الإلهي للأئمة بعد النبي صلی الله علیه و آله كان مفروغاً عنه من أول الرسالة، وأن لهذا الأمر أهلاً بعد النبي صلی الله علیه و آله، على الأمة أن تطيعهم ! وليس لها أن تختار هي، ولا أن تنازع أهل الأمر، أو أولي الأمر، الذين يختارهم الله تعالى لقيادتها بعد نبيه ! وقد وفَى الأنصار بالشرط الأول خير وفاء، ولكن أكثرهم حنث بالشرطين الأخيرين حنثاً سيئاً، مع الأسف !

وقد روت الصحاح هذه الشروط النبوية الثلاثة ..

ففي صحيح البخاري: 8/122: (عن عبادة بن الصامت قال: بايعنارسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا، لا نخاف في الله لومة لائم) . ورواه مسلم: 6/16، والنسائي: 7/137، بعدة روايات، وعقد باباً بعنوان (باب البيعة على أن لا ننازع الأمر أهله) . ورواه ابن ماجة: 2/ 957 . وأحمد 5/316، وفي ص 415 وقال: (قال سفيان: زاد بعض الناس: ما لم تروا كفرا بواحاً). ورواه البيهقي في سننه 8/145 .

ص: 11

وفي مجمع الزوائد: 6/49: (عن عبادة بن الصامت أن أسعد بن زرارة قال: يا أيها الناس، هل تدرون على ما تبايعون محمداً ؟ إنكم تبايعونه أن تحاربوا العرب والعجم، والجن والأنس ! فقالوا: نحن حرب لمن حارب، وسلم لمن سالم. قالوا: يا رسول الله إشترط . قال: تبايعوني على أن: تشهدوا أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة، والسمع والطاعة، وأن لا تنازعوا الأمر أهله، وأن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم .

وعن حسين بن علي قال: جاءت الأنصار تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة فقال يا علي قم فبايعهم، فقال على ما أبايعهم يارسول الله؟ قال: على أن يطاع الله ولا يعصى، وعلى أن تمنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وذريته، مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم . انتهى .

ومن الملفت أن مصادرهم روت أن النبي صلی الله علیه و آله ضمَّنَ شروط بيعة الشجرة التاريخية في صلح الحديبية مع المهاجرين والأنصار، نفس هذا الشرط الذي اشترطه على الأنصار قبل الهجرة ! أن يحموه وأهل بيته وذريته مما يحمون منه أنفسهم، وأن لا ينازعوا الأمر أهله) !

قال النووي في شرح مسلم: 13/2: (قوله: في رواية جابر ورواية معقل بن يسار (بايعناه يوم الحديبية على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت) وفي رواية سلمة أنهم بايعوه يومئذ على الموت، وهو معنى رواية عبد الله بن زيد بن عاصم. وفى رواية مجاشع بن مسعود البيعة على الهجرة والبيعة على الاسلام والجهاد. وفي حديث ابن عمر وعبادة: بايعنا على السمع والطاعة وأن لا ننازع الأمر أهله . . وفى رواية عن ابن عمر في غير صحيح

ص: 12

مسلم البيعة على الصبر . قال العلماء: هذه الرواية تجمع المعاني كلها، وتبين مقصود كل الروايات) . انتهى.

ومن الواضح لمن له أدنى خبرة أن الزيادة التي قال عنها أحمد بن حنبل (قال سفيان: زاد بعض الناس: مالم تروا كفراً بواحاً) . . من إضافات أتباع السلطة على الحديث بعد معارضة بني هاشم والأنصار لخلافة أبي بكروعمر!

وكذلك كل ما في معناها، كالذي رواه البخاري: 8/ 88 (إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم من الله فيه برهان) والبيهقي في سننه: 8/145، لأن بيعة الأنصار كانت قبل الهجرة، ولم يكن فيها استثناء من الطاعة، ولم تكن مسألة إثرة القرشيين على الأنصار مطروحة أبداً إلا بعد بيعة أبي بكر ورفض رئيس الأنصار صاحب السقيفة سعد بن عبادة لها بشدة !

ويلاحظ أن الصحاح القرشية أكثرت من رواية شرط النبي صلی الله علیه و آله على الأنصار أن لا ينازعوا الأمر أهله، لأجل أن تحتج عليهم بأنهم لا سهم لهم في الخلافة القرشية .. ولكنها لم تروِ شرط النبي صلی الله علیه و آله على الأنصار أن يمنعوا أهل بيته وذريته مما يمنعون منه أهليهم، لأن ذلك في غير مصلحة الخلافة القرشية، التي هاجمت بيت فاطمة علیها السلام وعلي علیهما السلام وأشعلت فيه النار لتحرقه بمن فيه، إن لم يخرجوا ويبايعوا !

ولا روت شرط النبي صلی الله علیه و آله عليهم أن لا ينازعوا الأمر أهله، إلا ما فلت من سذاجة راويه أو كان من صدقه كما رأيت في حديث عبد الله بن عمر ! لأن رواية هذا الشرط في غير مصلحة الذين اغتنموا انشغال بني هاشم بجنازة النبي وسرقوا الأمر من أهله !

ص: 13

وبهذا تعرف الهدف من الروايات المدبجة التي حرفت الحديث من كونه شرطاً نبوياً على المسلمين وحولته الى أمر نبوي للمسلمين بطاعة كل حاكم! كالتي رواها أحمد في مسنده: 5/321: (عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله: عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك، ولا تنازع الأمر أهله وإن رأيت أنه لك) . انتهى .

ولا يتسع المجال لتحليل هذا الشرط النبوي البليغ، الذي بدأ به النبي صلی الله علیه و آله مبكراً فاشترطه بأمر ربه على الأنصار، ثم اشترطه على المهاجرين.. وعمق دلالاته على الخطة الالهية لمستقبل الاسلام، وترتيب الامامة بعد النبوة .

5- حديث الدار . . . وأندر عشيرتك الأقربين

حديث الدار معروف، فهو مرتبط في مصادر التفسير والسيرة بتفسير قوله تعالى: (وأنذر عشيرتك الأقربين)، حيث دل نص الآية على أن الله تعالى أمر رسوله في المرحلة الأولى أن يدعو بني هاشم فقط !

فماذا فعل النبي صلی الله علیه و آله في هذه المرحلة ؟ وهل استمرت مدتها شهوراً، أو سنين، حتى نزل الأمر بتوسيع نطاق الدعوة لعموم الناس ؟

وما معنى الأمر الإلهي: أن تكون نبوة الرسول صلی الله علیه و آله أولاً لبني هاشم خاصة، وبعدها لقريش والعرب والناس عامة ؟

وما معنى أن قريشاً اتخذت قراراً بمحاصرة بني هاشم، فالتفوا جميعاً حول النبي صلی الله علیه و آله، مؤمنهم وكافرهم، وتحملوا الحصار الشامل الذي استمر من السنة السادسة أو السابعة، إلى السنة الحادية عشرة للبعثة.. ولم يقل أحد منهم آخ! وما معنى أنه عندما كانت الشدائد تقع على المسلمين، لم ينهض بحملها إلا بنو هاشم ؟

ص: 14

فقد انهزم المسلمون جميعاً في أحد، ولم يثبت غير بني هاشم !

ثم تحداهم جميعاً فارس الأحزاب يوم الخندق، فلم يجرؤ أحد على مبارزته غير بني هاشم !

ثم انهزموا في حنين وهم عشرة آلاف . . فلم يثبت غير بني هاشم ! !

إنها حقائق وظواهر تفسر الحديث الذي روته مصادرنا قال فيه النبي صلی الله علیه و آله: (بعثت إلى أهل بيتي خاصة، وإلى الناس عامة) .

كما تدل آية (وأنذر عشيرتك الأقربين) وما ورد في تفسيرها، على أن إنذار بني هاشم كان مبرمجاً من الله تعالى . . وأن تعيين وصي النبي صلی الله علیه و آله وخليفته من بينهم، كان ضمن ذلك البرنامج ..

فقد قال السيوطي في الدر المنثور: 5/97: (وأخرج ابن إسحق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبو نعيم، والبيهقي في الدلائل، من طرقٍ، عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلی الله علیه و آله: وأنذر عشيرتك الأقربين، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعاً، وعرفت أني مهما أبادؤهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمتُّ عليها حتى جاء جبريل فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك، فاصنع لي صاعاً من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واجعل لنا عساً من لبن، ثم اجمع لي بني عبد المطلب، حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به . ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلما وضعته تناول النبي صلی الله علیه و آله بضعة من اللحم فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي

ص: 15

الصحفة، ثم قال: كلوا بسم الله، فأكل القوم حتى نهلوا عنه، ما ترى إلا آثار أصابعهم !

والله إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم !

ثم قال: إسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعاً ! وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله !

فلما أراد النبي صلی الله علیه و آله أن يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال: لقد سحركم صاحبكم ! فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلی الله علیه و آله . فلما كان الغد قال: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب، ثم اجمعهم لي، ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلم النبي صلی الله علیه و آله فقال: يا بني عبد المطلب إني والله ما أعلم أحداً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على أمري هذا ؟

فقلت وأنا أحدثهم سناًّ: إنه أنا، فقام القوم يضحكون) . انتهى .

ثم رواها السيوطي بسند آخر عن ابن مردويه عن البراء بن عازب، قال: (لما نزلت هذه الآية: وأنذر عشيرتك الأقربين، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب، وهم يومئذ أربعون رجلاً . . .) إلخ . .

ولكن السيوطي بتر الحديث هنا، ولم يذكر بقية كلام النبي صلی الله علیه و آله . . وهو أسلوب دأب رواة خلافة قريش على ارتكابه في حديث الدار، لأن بقية الحديث تقول إن الله أمر رسوله من ذلك اليوم أن يختار وزيره وخليفته من عشيرته الأقربين !

ص: 16

قال الأميني في الغدير: 1/ 207: (وها نحن نذكر لفظ الطبري بنصه حتى يتبين الرشد من الغي . قال في تاريخه: 2/217 من الطبعة الأولى: (إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ؟

قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت وإني لأحدثهم سناً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه .

فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا . قال: فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع) .

وقال الأميني: 2/279: (وبهذا اللفظ أخرجه أبو جعفر الإسكافي المتكلم المعتزلي البغدادي، المتوفى 240، في كتابه نقض العثمانية، وقال: إنه روي في الخبر الصحيح. ورواه الفقيه برهان الدين في أنباء نجباء الأبناء 46- 48 . وابن الأثير في الكامل: 2/24 . وأبو الفداء عماد الدين الدمشقي في تاريخه: 1/116 . وشهاب الدين الخفاجي في شرح الشفا للقاضي عياض: 3/37 (وبتر آخره) وقال: ذكرفي دلايل البيهقي وغيره بسند صحيح. والخازن علاء الدين البغدادي في تفسيره – 390 . والحافظ السيوطي في جمع الجوامع، كما في ترتيبه: 6/392 . وفي / 397، عن الحفاظ الستة: ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي . وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 3/254) . انتهى كلام صاحب الغدير .

ثم شكا رحمة الله من الذين حرفوا الحديث لإرضاء قريش، ومنهم الطبري الذي رواه في تفسيره بنفس سنده المتقدم في تاريخه، ولكنه أبهم كلام

ص: 17

النبي صلی الله علیه و آله في حق علي علیه السلام فقال: ثم قال: إن هذا أخي، وكذا وكذا !! وتبعه على ذلك ابن كثير في البداية والنهاية 3/40 وفي تفسيره 3/351 !

وقال في هامش بحار الأنوار: 32/272: (وناهيك من ذلك مؤاخاته مع رسول الله صلی الله علیه و آله بأمر من الله عز وجل في بدء الإسلام حين نزل قوله تعالى: وأنذر عشيرتك الأقربين. راجع: تاريخ الطبري: 2/321، كامل ابن الأثير: 2/24، تاريخ أبي الفداء: 1/116، والنهج الحديدي: 3/254، ومسند الإمام ابن حنبل: 1/159، وجمع الجوامع ترتيبه: 6/408، وكنز العمال: 6/401 . وهذه المؤاخاة مع أنها كانت بأمر الله عزوجل، إنما تحققت بصورة البيعة والمعاهدة (الحلف) ولم يكن للنبي صلی الله علیه و آله أن يأخذ أخاً ووزيراً وصاحباً وخليفة غيره، ولا لعلي علیه السلام أن يقصر في مؤازرته ونصرته والنصح له ولدينه، كمؤازرة هارون لموسى على ما حكاه الله عز وجل في القرآن الكريم ولذلك ترى رسول الله صلی الله علیه و آله حين يؤاخي بعد ذلك المجلس بين المهاجرين بمكة، فيؤاخي بين كل رجل وشقيقه وشكله: يؤاخي بين عمر وأبي بكر، وبين عثمان وعبد الرحمن بن عوف، وبين الزبير وعبد الله بن مسعود، وبين عبيدة بن الحارث وبلال، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة، وبين حمزة بن عبد المطلب وزيد بن حارثة الكلبي. (راجع سيرة ابن هشام: 1/504 . المحبر: 71 /70 . البلاذري: 1/270)، يقول لعلي علیه السلام: والذي بعثني بالحق نبياً ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، وأنت معي في قصري في الجنة.

ص: 18

ثم قال له: وإذا ذاكرك أحد فقل: أنا عبد الله وأخو رسوله ولا يدعيها بعدي إلا كاذب مفتر . (الرياض النضرة: 2/168. منتخب كنز العمال: 5/45 و46).

ولذلك نفسه تراه صلی الله علیه و آله حينما عرض نفسه على القبائل فلم يرفعوا إليه رؤوسهم، ثم عرض نفسه على بني عامر بن صعصعة قال رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس بن عبد الله بن سلمة الخير بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال لرسول الله: أرأيت إن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك ؟

قال: الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء . قال: فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لا حاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه . (راجع: سيرة ابن هشام: 1/424، الروض الأنف: 1/264، بهجة المحافل: 1/128، سيرة زيني دحلان: 1/302، السيرة الحلبية: 2/3) .

فلولا أنه صلی الله علیه و آله كان تعاهد مع علي علیه السلام بالخلافة والوصاية بأمر من الله عز وجل قبل ذلك، لما ردهم بهذا الكلام المؤيس، وهو بحاجة ماسة إلى نصرة أمثالهم) . انتهى .

وفي دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي: 1/15: (وروينا أيضاً عن علي بن أبي طالب صلى الله عليه أنه قال: لما أنزل الله عز وجل: وأنذر عشيرتك الأقربين، جمع رسول الله صلی الله علیه و آله بني عبد المطلب على فخذ شاة وقدح من لبن، وإن فيهم يومئذ عشرة ليس منهم رجل إلا أن يأكل الجذعة ويشرب الفرق، وهم بضع وأربعون رجلاً، فأكلوا حتى صدروا وشربوا حتى ارتووا، وفيهم يومئذ أبو لهب، فقال لهم رسول الله صلی الله علیه و آله: يا بني عبد المطلب أطيعوني تكونوا

ص: 19

ملوك الأرض وحكامها، إن الله لم يبعث نبياً إلا جعل له وصياً ووزيراً ووارثاً وأخاً وولياً، فأيكم يكون وصيي ووارثي ووليي وأخي ووزيري ؟ فسكتوا، فجعل يعرض ذلك عليهم رجلاً رجلاً، ليس منهم أحد يقبله، حتى لم يبق منهم أحد غيري، وأنا يومئذ من أحدثهم سناً، فعرض علي علیه السلام فقلت: أنا يا رسول الله . فقال: نعم، أنت يا علي . فلما انصرفوا قال لهم أبو لهب: لو لم تستدلوا على سحر صاحبكم إلا بما رأيتم، أتاكم بفخذ شاة وقدح من لبن فشبعتم ورويتم ! وجعلوا يهزؤون ويقولون لأبي طالب: قد قدم ابنك اليوم عليك) . انتهى .

ولا بد أن تكون حادثة دعوة النبي صلی الله علیه و آله لبني هاشم قد شاعت في قريش ثم في العرب، فقالوا إن النبي الجديد جمع عشيرته بأمر ربه كما يزعم، ودعاهم إلى دينه، وطلب منهم شخصاً يكون وزيره وخليفته من بعده، فأجابه ابن عمه الشاب الغلام علي .. فاتخذه وزيراً وخليفة !

ومنها نفهم تفسير ولاية علي علیه السلام بأنها النبأ العظيم كما في الكافي: 1/418: (عن عبدالله بن كثير قال سألت الامام الصادق علیه السلام في قوله تعالى (عم يتساءلون . عن النبأ العظيم) ؟ قال: النبأ العظيم: الولاية) . انتهى .

وينبغي هنا أن ننبه هنا على أمرٍ مهم.. هو أن مدوني السيرة النبوية الشريفة طمسوا مرحلة دعوة بني هاشم وحذفوها من السيرة، وكأنه لا يوجد في القرآن آية: (وأنذر عشيرتك الأقربين) !

واخترعوا بدلها مرحلة بيت الأرقم، وما قبل بيت الأرقم .. وما بعد بيت الأرقم . . ! وأكثروا فيه من الروايات غير المعقولة !

ص: 20

فهذه الأدلة المتعددة الثابتة حتى في مصادر السنيين بأسانيد صحيحة، لا تدع مجالاً للشك في أن ولاية الأمر بعد النبي صلی الله علیه و آله كانت مطروحةً يتكلم فيها النبي صلی الله علیه و آله والناس، من أول بعثته إلى آخر حياته صلی الله علیه و آله .. وأن الناس كانوا يعرفون أن مشروع النبوة ودعوة الناس إليها، هو أيضاً مشروع تكوين دولة يرأسها النبي صلی الله علیه و آله، وتحتاج إلى خليفة له بعده .. ولذلك كانت القبائل ترى في نبوته بحسابها المادي، مشروعاً مغرياً، وتحاول أن تأخذ منه وعداً بأن يكون لها الأمر من بعده، ومنها قبائل يمانية وعدنانية، وزعيم قبائل نجد المتنقلة .

بل يمكننا بملاحظة هذا الواقع أن نفترض أن يكون في المسلمين الأوائل منافقين جذبتهم هذه الحركة النبوية باعتبارها مشروعاً مغرياً يؤمل له النجاح، فكان الواحد منهم يطمع أن يجدله موقعاً في دولة هذا المتنبئ من بني هاشم، ينقله من ذل التهميش القبلي الذي هو فيه، إلى مركز قيادي !

وبهذا فقط نستطيع أن نفسر ذكر المنافقين والذين في قلوبهم مرض، في الآية 31 من سورة المدثر، التي نزلت مبكراً في مكة ! !

أمام هذه الحقائق الصارخة ..كيف يصدق عاقل دعوى حكومات زعماء قريش، بأن أحداً لم يطرح مسألة الخلافة مع النبي صلی الله علیه و آله أبداً أبداً! حتى بصيغة سؤال عن الحكم الشرعي وواجب المسلمين من بعده !! فهل يقبل عاقل أن المسلمين سألوا النبي صلی الله علیه و آله عن مستقبل الأمة ورووا عنه الأحاديث في كل ما يكون بعده الى يوم القيامة، إلا في أمر الخلافة، وإلا في تعيين الإمام الشرعي من بعده ؟!!

ص: 21

ص: 22

الفصل الثاني: المؤامرات القرشية اليهودية على النبي صلی الله علیه و آله

اشارة

ص: 23

ص: 24

أكثر من عشرين محاولة لاغتيال النبي صلی الله علیه و آله .. وأضعافها مؤامرات !

اشارة

يلاحظ المتأمل في سيرة النبي صلی الله علیه و آله أنه في الثلاث وعشرين سنة من بعثته الى وفاته، تعرض لأكثر من عشرين محاولة اغتيال ! وأن أصحاب هذه المحاولات هم فئتان لا أكثر: قريش .. واليهود !! وهذا يدلنا على أهل القوة الحقيقية في الجزيرة المتضررين من الاسلام، والمنتفعين حسب خيالهم من قتل نبيه الهاشمي !

لكن نلاحظ أن هدف اليهود من قتل محمد ثابت لم يتغير .. بينما هدف قريش من قتله تطور فقد كان هدفهم في مكة إطفاء دعوته، ثم صار بعد هجرته الى المدينة ونشوب الحروب معه، الانتقام والغلبة على محمد عدو قريش واليهود .. لكن بعد فتح مكة وإجبار قريش على الخضوع وخلع السلاح .. لم يعد محمد في نظر زعماء قريش شاباً من بني هاشم هدد نفوذهم على قبائلهم وعلى العرب . . بل صار رئيس دولة مترامية، خضعت لها الجزيرة واليمن والبحرين، ووصل نفوذها الى مشارف الشام وفلسطين ومصر .. فالهدف

ص: 25

الصحيح من قتله هو (وراثة سلطانه) وتسلم قيادة هذه الدولة الكبيرة، المتحفزة لفتح بلاد كسرى وقيصر، ذلك الهدف المغري الذي طالما أكد عليه النبي صلی الله علیه و آله في دعوته لقريش في أيامها الأولى، وجعله من وعود نبوته القطعية !!

ولا يتسع المجال لاستعراض جميع محاولاتهم لاغتياله ومؤامراتهم عليه .. فهي متنوعة ومكثفة خاصة في آخر سنة من حياته الشريفة صلی الله علیه و آله . . ونكتفي من مؤامراتهم ومحاولاتهم اغتيال النبي صلی الله علیه و آله، بما يلي:

المحاولة الأولى: محاولة قريش اغتيال النبي صلی الله علیه و آله في طريق عودته من تبوك

وقدكانت محاولة متقنة نفذتها مجموعة منافقة بلغت نحو عشرين شخصاً فقد عرفوا أن النبي صلی الله علیه و آله سيمر ليلاً من طريق جبلي بينما يمر الجيش من طريق حول الجبل، وكانت خطتهم أن يكمنوا في أعلى الجبل فوق الطريق الذي سيمر فيه الرسول، حتى إذا وصل إلى المضيق ألقوا عليه ما استطاعوا من صخور ضخمة تنحدر بقوةوتقتله، ثم يفرون ويضيعون أنفسهم في جيش المسلمين، ويبكون على النبي صلی الله علیه و آله مع الباكين، ويعلنون بيعة أحدهم لخلافته !

وقد تركهم الله تعالى ينفذون خطتهم، حتى إذا بدؤوا بإلقاء الصخور، جاء جبرئيل وأضاء الجبل عليهم فرآهم الرسول صلی الله علیه و آله وناداهم بأسمائهم، وأراهم لمرافقيه المؤمنين: حذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر، وأشهدهما عليهم ! فسارعوا بالفرار ونزلوا من الجهة الثانية من الجبل، وضيعوا أنفسهم في المسلمين!!

أما لماذا لم يعلن الرسول أسماءهم ؟! فلأنهم من قريش ومن المعروفين فيها . . ولو أعلن أسماءهم وقام بمعاقبتهم أو طردهم، لواجه خطر إعلان قريش الردة

ص: 26

عن الإسلام، بحجة أن محمداً أسس ملكاً وأعطى كل شئ من بعده لبني هاشم، ولم يعط لقريش والعرب شيئاً ! وهذا يعني السمعة السيئة للإسلام، وأن نبيه صلی الله علیه و آله بعد أن آمن به أصحابه، اختلف معهم على خلافته، وقاتلهم وقاتلوه !

ويعني الحاجة من جديد إلى بدر، وأحد، والخندق، وفتح مكة ! ولن تكون نتائج هذه الدورة للإسلام أفضل من الدورة الأولى !

لذلك كان الحل الإلهي: السكوت عنهم ما داموا يعلنون قبول الإسلام، ونبوة الرسول صلی الله علیه و آله، وينكرون فعلتهم الخيانية .

ومن الملاحظ أن روايات مؤامرة العقبة ذكرت أسماء قرشية معروفة، وطبيعي أن يضعِّف علماء الخلافة الرواة الذين رووها، لكن أكثر أهل الجرح والتعديل وثقوا الوليد ابن جميع وغيره من الرواة، الذين صرحوا بأسماء المشاركين فيها، وأنهم الزعماء القرشيون المعروفون !

كما أنهم رووا عن حذيفة وعمار روايات فاضحة لبعض الصحابة الذي كان يسألهما عن نفسه: هل أنا من المنافقين؟ هل رأياه في الجبل ليلة العقبة؟ ويحاول أن يأخذ منهما براءة من النفاق والمشاركة في المؤامرة !

كما رووا أنهم كانوا يعرفون أن الشخص من المنافقين عندما يموت ولا يصلي على جنازته حذيفة ! وقد شهدت رواياتهم أن حذيفة لم يصل على جنازة أي زعيم قرشي مات في حياته أبداً !!

ومن نماذج أحاديث مؤامرة العقبة، مارواه مسلم في صحيحه: 8 /123: عن أبي الطفيل قال: (كان بين رجل (؟) من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس، فقال: أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة ؟ قال فقال له القوم: أخبره إذ سألك ! قال: كنا نخبر أنهم أربعة عشر، فإن كنت منهم، فقد

ص: 27

كان القوم خمسة عشر! وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حرب لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) . انتهى .

ويتضح من هذه الرواية أن التغطية على أصحاب مؤامرة العقبة كانت ضرورية حتى بعد وفاة النبي صلی الله علیه و آله .. ولا يوجد سبب لذلك إلا أنهم من زعماء قريش !!

الثانية: محاولات قريش اغتيال النبي صلی الله علیه و آله في معركة حنين

بعد فتح مكة، وبعد أن اضطر فراعنة قريش وأتباعهم إلى الدخول في الإسلام تحت السيف، لكن بقيت مشاعر الغيظ والكبرياء القرشي محتدمة في قلوبهم، لكنهاكامنة . .

وفي نفس الوقت ظهر فيهم منطق يقول: إن دولة محمد دولتنا ! فمحمد أخ كريم، وابن أخ كريم، ودولته دولة قريش، وعزه عز قريش وفخرها، فمحمد هو ابن قريش، ودولته أوسع من نفوذ قريش وأقوى، ومهما كان الماضي فقد عفا محمد عن قريش وعفت عنه وغفرت له ذنبه، وهاهو يفتح المجال أمام زعمائها في دولته، فلماذا نحاربها ؟! بل لماذا نتركها بأيدي الغرباء من الأوس والخزرج اليمانيين !

أما مسألة بني هاشم ووراثة دولة محمد بعده، فهي مسألة قرشية داخلية قابلة للعلاج ! لذلك ترجح عند قريش أن توجه جهودها لمرحلة ما بعد محمد صلی الله علیه و آله، وأن تمنع محمداً أن يرتب الأمر من بعده لبني هاشم، ويجمع لهم النبوة والخلافة على حد تعبير قريش ! فالنبوة لبني هاشم كأمر واقع، ولكن خلافة محمد يجب أن تكون لقريش من غير بني هاشم !

ص: 28

وعلى الرغم من وجود هذا المنطق، فإن نصوص السيرة الموثقة، واعترافات بعض زعمائهم، تدل على أنهم كانوا يعملون على جبهة المؤامرة أيضاً ! وأن أكثريتهم كانوا يائسين من أن يشركهم محمد في حكم دولته، لأنه يعمل بجدية تامة لتركيز حكم عترته من بعده .. فالأفضل عند زعمائهم أن يتم اغتياله في مكة، وترتيب الأمر بعده ! وسرعان ماحاولوا تنفيذ ذلك في غزوة حنين التي دعاهم النبي صلی الله علیه و آله الى مشاركته فيها !

يا للعجب .. لقد أعلنوا إسلامهم، وأجابوا النبي صلی الله علیه و آله ليساعدوه في حربه ضد قبيلتي هوازن وغطفان، اللتين عسكرتا في حنين قريباً نسبياً من مكة، كان عدد جيش النبي صلی الله علیه و آله الذي فتح به مكة عشرة آلاف وعدد جيش القرشيين الذين شاركوا معهم في حرب هوازن ألفين .. وبمجرد أن واجههم كمين من هوازن في حنين، وكان القرشيون في المقدمة انهزموا مذعورين من أول رشقة سهام ! فسببوا الهزيمة في صفوف المسلمين فانهزموا الجميع، كما حدث في أحد !

وثبت النبي صلی الله علیه و آله ومعه بنو هاشم فقط فقط كالعادة! وقاتلوا بشدة حتى رجع اليهم مئة من الفارين فردوا كمين هوازن وحملتها، ثم رجع آخرون من المسلمين الفارين .. وكتب الله لهم النصر .

وفي أثناء هزيمة المسلمين، قامت قريش بعدة محاولات لقتل النبي صلی الله علیه و آله ! وهو أمر يوجب الشك بأن الهزيمة كانت مدبرة مع قبيلة هوازن !

ونكتفي هنا بذكر ما نقله قائد قوات قريش النضير بن الحارث زعيم بني عبد الدار، وقد نقل ذلك عنه ابن كثير المتعصب لقريش ولبني أمية، فقال في سيرته: 3/ 691: (كان النضير بن الحارث بن كلدة من أجمل الناس، فكان يقول: الحمد لله الذي من علينا بالإسلام، ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ولم

ص: 29

نمت على ما مات عليه الآباء، وقتل عليه الأخوة وبنو العم. ثم ذكر عداوته للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه خرج مع قومه من قريش إلى حنين، وهم على دينهم بعد، قال: ونحن نريد إن كانت دائرة على محمد أن نغير عليه، فلم يمكنا ذلك. فلما صار بالجعرانة فوالله إني لعلى ما أنا عليه، إن شعرت إلا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أنضير ؟ قلت: لبيك. قال: هل لك إلى خير مما أردت يوم حنين مما حال الله بينك وبينه ؟ قال: فأقبلت إليه سريعاً . فقال: قد آن لك أن تبصر ما كنت فيه توضع ! قلت: قد أدري أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى شيئاً، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم زده ثباتاً . قال النضير: فوالذي بعثه بالحق لكأن قلبي حجر ثباتاً في الدين، وتبصرة بالحق. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمدلله الذي هداه) . انتهى .

وأنت تلاحظ أن هذا الكلام يتضمن إقراراً من هذا الزعيم القرشي على نفسه، وإقرار الإنسان على نفسه حجة .. كما يتضمن ادعاءه أنه آمن بالله تعالى، وهو ادعاء للنفس بدون شهادة الغير !

ومما يلاحظ عليه أنه ذكر في إقراره ومدحه لنفسه أنه تشهد الشهادة الأولى فقط، ولم يذكر الثانية !

وغرضناهنا أن نسلط الضوء على اعترافه وهو زعيم بني عبد الدار صاحب راية قريش وقائد قواتها في معركة حنين المؤلفة من 2000 مقاتل، بأن إعلان زعماء قريش إسلامهم في مكة كان كاذباً، وأنهم

اتفقوا بعده على قتل النبي صلی الله علیه و آله، وحاولوا مرات في حنين فلم يستطيعوا لأن الله تعالى أحبط خططهم، وكشف لنبيه صلی الله علیه و آله نواياهم !

ص: 30

بل تدل أحاديث السيرة، على أن زعماء قريش لم يملكوا أنفسهم عندما انهزم المسلمون في حنين أول الأمر، فأظهروا كفرهم وفضحوا أنفسهم ! ففي سيرة ابن هشام: 4/ 46، قال ابن إسحاق: (فلما انهزم الناس، ورأى من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغن، فقال أبو سفيان بن حرب: لاتنتهي هزيمتهم دون البحر، وإن الأزلام لمعه في كنانته) ! (أي كان يحمل صنمه مع سهامه) وصرخ جبلة بن الحنبل قال ابن هشام كلدة بن الحنبل وهو مع أخيه صفوان بن أمية مشرك في المدة التي جعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا بطل السحر اليوم !

قال ابن إسحاق: (وقال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة أخو بني عبد الدار: قلت اليوم أدرك ثأري من محمد، وكان أبوه قتل يوم أحد، اليوم أقتل محمداً، قال: فأدرت برسول الله لأقتله، فأقبل شئ حتى تغشى فؤادي فلم أطلق ذاك، وعلمت أنه ممنوع مني) . انتهى .

وشيبة هذا قائد آخر من قادة جيش قريش (المسلمة المؤمنة المجاهدة) يعترف بأنه في حنين عند الهزيمة أو بعدها (دار) مرة أو مرات حول النبي صلی الله علیه و آله ليقتله !

إن الناظر في مقومات شخصيات زعماءقريش وتفكيرهم واهتماماتهم .. يصل إلى قناعة بأنهم فراعنة كما وصفهم الله تعالى، وأنهم يهود هذه الأمة، لا يعرفون شيئاً اسمه الوفاء أو الخجل، بل يصابون بالصداع إن لم يغدروا بمن عفا عنهم وأحسن إليهم ! لقد مردوا على النفاق، واتخذوا قراراً بأن يكذبوا بكل الآيات والمعجزات التي يأتيهم بها محمد صلی الله علیه و آله ويكفروا بكل القيم والأعراف

ص: 31

الإنسانية التي يدعوهم إليها ويعاملهم بها .. وقرروا أن لا يدخلوا في دينه إلا في حالتين لا ثالثة لهما: إذا كان السيف فوق رؤوسهم ! أو صارت دولة محمد وسلطانه بأيديهم ! فقد حاربوا هذا الدين ونبيه صلی الله علیه و آله بكل الوسائل حتى عجزوا وانهزموا . .

ثم واصلوا تآمرهم على النبي صلی الله علیه و آله ومحاولاتهم اغتياله صلی الله علیه و آله .. حتى عجزوا..

ثم جاؤوا يشترطون الشروط عليه وهم منهزمون طلقاء أي عبيد له أطلقهم ولم يعتقهم، ليأخذوا شطراً من دولته فعجزوا . .

ثم جاؤوا يدعون أنهم أصحاب الحق في دولة نبيهم صلی الله علیه و آله لأنه من قبائل قريش !!

فتأمل في طبيعة هذه الطينة التي استولت على مقدرات الدولة الإسلامية، وأبعدت عن الحكم أهل بيت نبيها، وحرمت الأمة من الذين اختارهم الله لقيادتها، وأورثهم الكتاب والحكمة !

الثالثة: مؤامرة سورة التحريم

فقد نصت السورة على أن النبي صلی الله علیه و آله أسرَّ بحديث خطير إلى بعض أزواجه، وأكد عليها أن لا تقوله الى أحد، ولا بد أن الله تعالى أمره بذلك لحكم ومصالح يعلمها سبحانه .

فما كان من (أم المؤمنين) إلا أن خالفت حكم الله تعالى وأفشت سر زوجها الرسول صلی الله علیه و آله، وعملت مع صاحبتها لمصلحة (قريش) ضد مصلحة زوجها النبي صلی الله علیه و آله ! فأطلع الله تعالى نبيه على مؤامرتهما، فأخبرهما بما فعلتا، فكشف القرآن سرهما وسر من ورائهما وهددهما، وضرب لهما مثلاً بامرأتي نوح ولوط، اللتين خانتا زوجيهما النبيين فدخلتا النار !!

ص: 32

أما رواة الخلافة القرشية فيقولون إن المسألة كانت عائلية صرفة، تتعلق بغيرة نساء النبي صلی الله علیه و آله من بعضهن، وبعض الأخطاء الفنية الخفيفة لهن مع النبي صلی الله علیه و آله ! إنهم يريدونك أن تغمض عينيك عن آيات الله تعالى في سورة التحريم، التي تتحدث عن خطر عظيم على الرسول صلی الله علیه و آله والرسالة، وتحشد أعظم جيش جرار لمواجهة الموقف فتقول (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما، وإن تظاهرا عليه، فإن الله هو مولاه، وجبريل، وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير) .

فلمن صغت قلوبهما، ولمصلحة من تعاونتا على الرسول صلی الله علیه و آله ؟! وما هي القضية الشخصية التي تحتاج معالجتها إلى هذا الجيش الإلهي الجرار، الذي لا يستنفره الله تعالى إلا في حالات الطوارئ القصوى ؟!

أما ابن عباس الذي يصفونه بحبر الأمة، فكان يقرأ الآية (زاغت قلوبكما) وبذلك تكون اثنتان من أمهات المؤمنين خرجتا من الاسلام، واحتاجتا إلى تجديد إسلامهما .. فهل فعلتا ؟!

الرابعة: حادثة هجر النبي صلی الله علیه و آله نسائه شهراً

وقد شاع خبر طلاقه لهن ! حتى أنه اعتزل منزله الذي يعشن فيه، وذهب بعيداً عنهن وعن المسجد إلى بيت مارية القبطية الذي كان في ضاحية المدينة على بعد كيلومترات عن منزله ومسجده، وبقي هناك شهراً !!

وقد صورت الروايات القرشية هذه الحادثة كعادتها على أنها حادثة شخصية .. وزعموا أن سببها كثرة طلبات نساء النبي المعيشية منه صلی الله علیه و آله، وأكدوا أنه لاربط للحادثة بقضايا الإسلام المالئة للساحة السياسية آنذاك، والشاغلة لزعماء قريش

ص: 33

خاصة .. ومنها خلافة النبي صلی الله علیه و آله !! وكيف تكون حادثة شخصية بزعمهم وقد شغلت النبي صلی الله علیه و آله والوحي والمسلمين شهراً كاملاً !!

الخامسة: تصعيد عمل قريش ضد علي بن أبي طالب علیه السلام

وذلك بهدف إسقاط شخصيته، والانتقام منه لقتله زعماء قريش وأبطالها، وتهيئة الجو لعزله بعد النبي صلی الله علیه و آله ! وقد غضب النبي صلی الله علیه و آله من ذلك، وشدد عليهم في دفاعه عن علي، وأكد مكانته الشرعية.. ولهذا الموضوع مفردات عديدة في حروب النبي صلی الله علیه و آله وسلمه، وسفره وحضره صلی الله علیه و آله، ونلاحظ أنها كثرت في السنة الأخيرة من حياته، وغضب بسببها مراراً، وخطب أكثر من مرة، مبيناً فضل علي علیه السلام، ونفاق من يؤذيه ويبغضه، أو كفره !

ولو لم يكن من ذلك إلا قصة بريدة الأسلمي الكاسحة، التي روتها مصادر السنيين بطرق عديدة، وأسانيد صحيحة عالية، وكشفت عن وجود شبكة عمل منظم ترسل الرسائل من اليمن الى المدينة، وتضع الخطط ضد علي علیه السلام .. وسجلت إدانة النبي صلی الله علیه و آله الغاضبة لهم وتصريحه بأن علياً (وليكم من بعدي) كما رواه أحمد في مسنده، وأن كل من ينتقد علياً وكل من لا يحب علياً، ولا يطيعه .. فهو منافق خارج عن الاسلام ! وهي حادثة تكفي دليلاً على عمق حسد زعماء قريش لعلي علیه السلام، وعدم سماعهم لأوامر النبي صلی الله علیه و آله تجاهه، وأقواله في حقه .

ص: 34

السادسة: منع تدوين سنة النبي صلی الله علیه و آله في حياته

أما القرآن فالصحيح عندنا أن عامة الناس كانوا يكتبونه حين نزوله، وكان النبي صلی الله علیه و آله يأمر بوضع ما ينزل منه جديداً في مكان بين المنبر والحائط، فيه ورق ودواة، لمن يريد أن يكتبه .

وكان علي علیه السلام يكتب القرآن، وحديث النبي صلی الله علیه و آله وكان آخرون يكتبون حديث النبي صلی الله علیه و آله أيضاً، ومنهم شبان قرشيون يعرفون الكتابة مثل عبد الله بن عمرو بن العاص .. وقد أحست قريش بأن ذلك يعني تدوين مقولات النبي صلی الله علیه و آله العظيمة في حق عترته وبني هاشم، ومقولاته في ذم عدد كبير من فراعنة قريش وشخصياتها .. فعملت على منع كتابة سنة النبي صلی الله علیه و آله في حياته، في حين أن بعض زعمائها كان يكتب أحاديث اليهود، ويحضر درسهم في كل سبت !! وقد وثقنا ذلك في محله . وقد روت مصادر السنيين أن عبد الله بن عمرو بن العاص شكى إلى النبي صلی الله علیه و آله أن (قريشاً) نهته عن كتابة حديثه لأن أحاديثه التي فيها غضب عليها ليست حجة شرعاً !

قال أبو داود في سننه: 2/176: (عن عبد الله بن عمرو قال: كنت أكتب كل شئ أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أريد حفظه، فنهتني قريش (؟) وقالوا: أتكتب كل شئ تسمعه ؟! ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا ؟! فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فأومأ بإصبعه إلى فيه فقال: أكتب، فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق !) . انتهى . ورواه أحمد في مسنده: 2 / 192، و215، والحاكم: 1 / 105 و: 3 / 528، وصححه .

ص: 35

السابعة: محاولة اغتيال النبي صلی الله علیه و آله في طريق عودته من حجة الوداع

عند عقبة هرشى، بعد انصرافه من غدير خم، على أثر إعلانه إمامة علي علیه السلام وخلافته له ! وقد كشف الوحي المؤامرة، وكانت شبيهة بمؤامرة اغتياله صلی الله علیه و آله في العقبة في طريق رجوعه من مؤتة ! ويظهر أن خبر هذه المحاولة بقي محدوداً، حيث لم تروه إلا مصادر أهل البيت علیهم السلام .

الثامنة: تصعيد قريش انتقادها لأعمال النبي صلی الله علیه و آله

لتركيز مكانة عترته علیهما السلام وأسرته بني هاشم في الأمة! فقد اعترض عدد منهم على النبي صلی الله علیه و آله بوقاحة، وطالبوا أن يجعل الخلافة لقريش تدور في قبائلها، أو يشرك مع علي علیه السلام غيره من قبائل قريش ! وقد رفض النبي صلی الله علیه و آله كل مطالبهم، لأنه لا يملك شيئاً مع الله تعالى، ولم يعط لعلي علیه السلام وبني هاشم شيئاً من عنده حتى يمنعه من عنده، وإنما هو عبد مبلغ صلی الله علیه و آله !

ففي تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ص 167: (جاءه قوم من قريش فقالوا له: يا رسول الله صلی الله علیه و آله إن الناس قريبو عهد بالإسلام، لا يرضون أن تكون النبوة فيك والإمامة في ابن عمك علي بن أبي طالب . فلو عدلت به إلى غيره لكان أولى . فقال لهم النبي صلی الله علیه و آله: ما فعلت ذلك برأيي فأتخير فيه، لكن الله تعالى أمرني به وفرضه علي . فقالوا له: فإذا لم تفعل ذلك مخافة الخلاف على ربك، فأشرك معه في الخلافة رجلا من قريش تركن الناس إليه، ليتم لك أمرك، ولا يخالف الناس عليك) . . . الخ .

ص: 36

التاسعة: إصرار قريش على مخالفة النبي صلی الله علیه و آله ومنع مسير جيش أسامة

فعندما كان النبي صلی الله علیه و آله مريضاً شكل جيشاً بقيادة أسامة بن زيد، وجعل تحت إمرته كل زعماء الأنصار، وزعماء قريش وأتباعهم غير بني هاشم، وكان عدد القرشيين في جيش أسامة سبع مئة، وعقد اللواء لأسامة، وأمره أن يسير إلى مؤتة في الأردن لمحاربة الروم .. أراد بذلك أن يرسخ قدرة الدولة الإسلامية ويأخذ بثأر شهداء مؤتة، كما أراد أن يفرغ المدينة من المعارضين لعلي علیه السلام قبيل وفاته صلی الله علیه و آله . فخرج أسامة بمن معه وعسكر خارج المدينة، وحثه النبي صلی الله علیه و آله على الحركة، ولكن زعماء قريش تثاقلوا عن الالتحاق بمعسكر أسامة، وثبطوا معهم من استطاعوا، ثم طعنوا في تأمير النبي صلی الله علیه و آله لأسامة الشاب الأسود بحجة صغر سنه (18 سنة) فصعد النبي صلی الله علیه و آله المنبر رغم مرضه ورد اعتراضهم، وأمر بتعجيل سفر جيش أسامة !! لكنهم واصلوا تسويف الوقت، والذهاب إلى المعسكر، ثم الرجوع إلى المدينة ! حتى صعد النبي صلی الله علیه و آله المنبر وشدد على إنفاذ جيش أسامة ولعن من تخلف عنه، وبذلك صدرت اللعنة من الله عز وجل على كل من عصى النبي صلی الله علیه و آله ولم يلتحق بمعسكره !!

ومع كل ذلك ظلوا يسوفون ويتعللون عن الالتحاق والحركة بحجة أن النبي صلی الله علیه و آله مريض .. حتى توفي صلی الله علیه و آله فنفذوا خطتهم ضد عترته .

ص: 37

العاشرة: قرار قريش المواجهة المباشرة مع النبي صلی الله علیه و آله

وقد قام بمهمة المواجهة زعيم قريش الجديد عمر بن الخطاب ! الذي ارتضاه اليهود وسهيل بن عمرو وبقية زعماء قريش، زعيماً عاماً لقريش بصفته صحابياً جريئاً، ليقود الانقلاب ويبعد بني هاشم عن خلافة النبي صلی الله علیه و آله ! وبالفعل قاد عمر أعنف مواجهة في تاريخ النبوات، وذلك عندما جمع النبي صلی الله علیه و آله زعماء قريش والأنصار في مرض وفاته، وأخبرهم أنه قرر أن يكتب لأمته كتاباً إن هم نفذوه لا يضلوا بعده أبداً !!! فعرفوا أنه يريد أن يدون ولاية علي علیه السلام وأهل بيته على الأمة بشكل مكتوب، فواجهه عمر بصراحة: لا نريد كتابك وأمانك من الضلال ولا سنتك ولا عترتك، وحسبنا كتاب الله ! وحتى تفسير القرآن هو من حقنا نحن لا من حقك ولا حق عترتك !!

وأيده القرشيون الحاضرون ومن أثروا عليهم من الأنصار، وصاحوا في وجه نبيهم صلی الله علیه و آله: القول ما قاله عمر ! القول ما قاله عمر ! وانقسم الحاضرون في بيت نبيهم، وتشادوا بالكلام فوق رأسه صلی الله علیه و آله .. وكثر صياحهم ولغطهم ! منهم من يقول قربوا له دواةً وقرطاساً يكتب لكم أماناً من الضلال . وأكثرهم يصيح: القول ما قاله عمر، لا تقربوا له شيئاً، ولا تدعوه يكتب !!

ولا بد أن جبرئيل حينذاك كان عند النبي صلی الله علیه و آله، فقد كثر نزوله عليه في الأيام الأخيرة، فأخبره أن الحجة قد تمت عليم، وأن الإصرار على الكتاب يعني دفع قريش نحو إعلان ردتها وقولها إن محمداً يريد تأسيس ملك كملك كسرى وقيصر لأهل بيته وعشيرته بني هاشم ويفرضهم على قريش والعرب ! والحل هو الاعراض عنهم، وإتمام الحجة عليهم بطردهم ! فطردهم النبي صلی الله علیه و آله وقال لهم: قوموا عني فما ينبغي عند نبي نزاع! قوموا عني، فما أنا فيه خير مما تدعوني إليه ! !

ص: 38

وهذا الحديث الذي سماه ابن عباس رزية يوم الخميس، حديث معروف روته صحاحهم، ورواه البخاري في ست مواضع من صحيحه !!

الحادية عشرة: توفي النبي صلی الله علیه و آله .. مسموماً ؟

في الأيام الأخيرة من مرضه .. أصيب النبي صلی الله علیه و آله بحمى شديدة، فكان يغشى عليه لدقائق من شدة الحمى ثم يفيق .. واطلع على أن عائشة وحفصة تريدان أن تسقياه دواء عندما يغمى عليه، فأفاق ونهاهم، وشدد عليهم النهي بأن لا يسقوه أي دواء إذا أغمي عليه مرة أخرى .. ولكنهما اغتنمتا فرصة إغمائه وخالفتا نهيه المشدد، وصبتا في فمه دواء فرفضه لكنهما سقتاه إياه بالقوة! فأفاق النبي صلی الله علیه و آله ووبخهما على عملهما! وأمرهما وكل من كان حاضراً أن يشربوا من ذلك الدواء، ما عدا بني هاشم لأنه لم يكن منهم أحد ! ورووا أن الجميع غير بني هاشم شربوا من (ذلك) الدواء ! والله العالم .

هذه الحادثة المعروفة في السيرة بحادثة (لَدّ النبي) صلی الله علیه و آله، لم تعط حقها من البحث والتحقيق، فربما كانت محاولةً لقتل النبي صلی الله علیه و آله بالسم .. أما أصحاب خطة السم فهم اليهود أو قريش، ولا مصدر ثالثاً .. وقد كانت امرأة يهودية تسكن بيت عائشة باسم خادمة !! قال البخاري: 7 / 17: (عن ابن عباس قالت عائشة: لددناه في مرضه فجعل يشير الينا أن لا تلدوني، فقلنا كراهية المريض للدواء . فلما أفاق قال: ألم انهكم أن تلدوني ؟! قلنا: كراهية المريض للدواء . فقال: لا يبقى في البيت أحد إلا لدّ، وأنا أنظر إلا العباس، فإنه لم يشهدكم !!) ورواه في: 8 /40 و42، وفيه أنه أحس باللدّ فنهاهم ولكنهم لم يمتنعوا فعاقبهم !! (قالت عائشة: لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه وجعل يشير الينا لا تلدوني، قال: فقلنا: كراهية المريض للدواء، فلما أفاق قال: ألم أنهكم أن

ص: 39

تلدوني ؟!) . ورواه الحاكم في المستدرك: 4/202، وفيه: والذي نفسي بيده لا يبقى في البيت أحد إلا لد، إلا عمي . قال فرأيتهم يلدونهم رجلاً رجلاً . قالت عائشة رضى الله عنها: ومن في البيت يومئذ فيذكر فضلهم، فلدّ الرجال أجمعون، وبلغ اللدود أزواج النبي صلی الله علیه و آله فلددن امرأة امرأة !! ... وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الاسناد، ولم يخرجاه !! قال النووي في شرح مسلم: 14/ 198: قولها: (لددنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فأشار أن لا تلدوني ...) قال أهل اللغة: اللدود: بفتح اللام هو الدواء الذي يصب في أحد جانبي فم المريض ويسقى أو يدخل هناك بأصبع وغيرها ويحنك به . ويقال منه: لددته ألده . وحكى الجوهرى: أيضاً ألددته رباعياً والتددت أنا .قال الجوهرى: ويقال للدود لديد أيضاً، وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بلدهم عقوبة لهم حين خالفوه في إشارته اليهم لا تلدوني . ففيه أن الاشارة المفهمة تصريح العبارة في نحو هذه المسألة، وفيه تعزيز المتعدى بنحو من فعله الذى تعدى به) . انتهى !!!

ومهما حاولوا التخفيف من هذه القضية . . فهي إعلانٌ من النبي صلی الله علیه و آله عن شكه فيمن سقتاه دواء حين أغمي عليه رغم نهيه ! واتهامٌ لهما بأنهما يمكن أن تكونوا قصدتا سمه، أو سقتاه سماً أعطاه لهما اليهود باسم دواء ! فأمره جبرئيل أن يسجل هذا الإعلان بهذه الصورة، ليفهم الأجيال أن الجميع متهمون باغتياله، ما عدا بني هاشم !!

وفي مجمع الزوائد: 8/34: (عن عبد الله يعني ابن مسعود قال: لأن أحلف تسعاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل قتلاً، أحب إلي من أن أحلف واحدةً أنه لم يقتل، وذلك بأن الله عز وجل جعله نبياً واتخذه شهيداً! قال الأعمش:

ص: 40

فذكرت ذلك لابراهيم فقال: كانوا يرون أن اليهود سموه . رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح) . انتهى .

وقد ذكر المحدثون أن حادثة اللد هذه كانت يوم الأحد، بعد تأكيد النبي صلی الله علیه و آله على إنفاذ جيش أسامة، وبعد لعنه من تخلف عن الحركة معه ! وكان في جيشه كل زعماء تحالف قريش، فتخلفوا رغم تأكيد النبي صلی الله علیه و آله ولعنه، لأنه لو مات النبي صلی الله علیه و آله في غيابهم فسيتم الأمر لعلي علیه السلام بلا منازع !

إن كل واحدة من هذه الحوادث موضوعٌ لدراسة مفصلة، وهي وإن كانت مؤامرات متنوعة في أساليبها وأوقاتها.. لكن أبطالها الحقيقيين والأدمغة المخططة لها دائماً هي قريش واليهود .. فقط لا غير، لاغير !!

ص: 41

ص: 42

الفصل الثالث: النبي صلی الله علیه و آله يعلن قرب موته ..ويدعو الناس الى حجة الوداع

اشارة

ص: 43

ص: 44

1- الإعداد والإستعداد من النبي صلی الله علیه و آله .. ومن قريش

من معجزات نبينا صلی الله علیه و آله، أنه أخبر الناس بقرب وفاته، مع أنه كان في أوائل الستين من عمره، سالماً، نشيطاً، قويَّ البدن !! فقد نزل عليه الأمين جبرئيل وأخبره بذلك، وأمره أن يحج بالمسلمين حجة الوداع، ويبين لهم ما بقي من معالم دينهم، فأرسل النبي صلی الله علیه و آله مبعوثيه الى أرياف المدينة والقبائل يدعوهم الى موافاته في الحج . .

إنها معجزة ربانية واضحة، وهي سنة الله سبحانه في أنبيائه أنه إذا قرب رحيل الواحد منهم يهئ أمته لفراقه، ويوصيهم بوصاياه، ويعين لهم الوصي من بعده ..

وقد أعد النبي صلی الله علیه و آله لحجة الوداع واستعد .. وأعد المسلمون واستعدوا، ليودعوا نبيهم ويحفظوا كلماته وحركاته وسكناته، ويسجلوها في قلوبهم وقرطاسهم، قبل أن يفقدوا النبي صلی الله علیه و آله من بينهم، ويرحل الى ربه !

وفي المقابل استعدت قريش وأعدت ..! فالنبي صلی الله علیه و آله أعلن قرب وفاته .. وهو يمهد لحكم عترته من بعده، وقد أعلن إمامة أولهم علي علیه السلام، الذي يبلغ من العمر ثلاثين سنة.. وأعلن بعده إمامة سبطيه الحسن والحسين، وعمرهما أقل من عشر سنوات . . ومن بعدهما تكون الامامة في أولاد الحسين . .

ص: 45

لهذا قال زعماء قريش لبعضهم إذا دخلت الخلافة في بني هاشم فلن تخرج منهم أبداً، ولن يصل منها الى قبائل قريش شئ !

ولم يحتج زعماء قريش الى جهد ليعرفوا أن الغرض الأول للنبي من اجتماع حجة الوداع الذي وسع الدعوة اليه .. أن يركز حكم أهل بيته من بعده كركن من أركان الاسلام، ويعلن ذلك رسمياً، ويأخذ من المسلمين البيعة عليه! بعد أن قطع شوطاً كبيراً في هذا الأمر .. فقد قرنهم به في الصلاة وجعل الصلاة عليهم جزء من صلاة المسلمين، وأمر المسلمين أن يصلوا في صلاتهم على محمد وآل محمد . .

كما حرم عليهم الصرف من الزكوات، وجعل لهم بدل ذلك بنداً خاصاً في ميزانية الدولة الاسلامية هي الخمس .. وعين مسؤولاً خاصاً عن أخماس بني هاشم من يوم بدر، هو محمية بن جزء اليماني .

وأعلن أن حب ابن عمه وصهره علي علیه السلام وبغضه، ميزانٌ للايمان والنفاق . .

وأعلن ابنته فاطمة علیها السلام سيدة نساء العالمين . .

وأعلن سبطيه الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة . .

وجعل أجرة تبليغه لرسالة ربه .. مودة قرباه واتباعهم . .

وبذلك اقترب من الصيغة الختامية التي تنتظم هذه الاعلانات وتكرسها .. وإذا تم له ذلك في عترته .. فقد فاتت القافلة قريشاً ! وكتب عليها أن تكون تابعة مطيعة لبني هاشم الى آخر الدهر .. كما اضطرت أن تكون تابعة مطيعة لنبيهم محمد مادام حياً . . !

من هنا . . كان واضحاً عند زعماء قريش أنه لا بد لهم أن يعملوا كل ما استطاعوا ليمنعوا إعلان النبي صلی الله علیه و آله إمامة عترته !

ص: 46

ولابد أنهم تشاوروا فيما بينهم .. سواءٌ من وجد منهم في المدينة، وقد كثروا بعد (هجرة) العديد من الطلقاء حتى بلغوا ألفين، وتشاوروا مع رئيس قريش الجديد في مكة سهيل بن عمرو، ومن بقي معه من زعمائهم ولم (يهاجر) الى المدينة عاصمة دولة محمد !!

إن الباحث في خطب حجة الوداع النبوية الست في حجة الوداع يقرأ فيها جميعاً همَّ النبي صلی الله علیه و آله لقضية إمامة عترته .. وكيف أقام الحجة لربه فيها، وكيف كان مثقلاً بحساسية قريش وحسدها لبني هاشم !

وفيما يلي لقطات من هذه الخطب الشريفة:

2- تخليد النبي صلی الله علیه و آله لمحصب الخيف مكان مؤتمر قريش ضد بني هاشم !

في خطبة النبي صلی الله علیه و آله الأولى في مكة قبيل مراسم الحج، خطب المسلمين وأمرهم أنه ينزلوا في محصب منى من جهة مسجد الخيف .. فكان ذلك رسالة قوية الى زعماء قريش الذين عقدوا مؤتمرهم بالأمس القريب في ذلك المكان وتعاهدوا على حصار بني هاشم، وحاصروهم سنوات طويلة ! !

روى البخاري في صحيحه: 5/92: (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منزلنا إن شاء الله إذا فتح الله، الخيف حيث تقاسموا على الكفر) . انتهى . ورواه في: 4/246 و: 8/194 وفي: 2/158، بنص أوضح، قال: (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (قال النبي صلی الله علیه و آله من الغد يوم النحر وهو بمنى: نحن نازلون غداً بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر . يعني بذلك المحصب، وذلك أن قريشاً وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب أو بني المطلب، أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى

ص: 47

يسلموا إليهم النبي صلی الله علیه و آله !) . انتهى . ورواه مسلم: 4/86، وأحمد: 2/322 و237 و263 و353 و540 . وفي رواية البيهقي عن الأوزاعي زيادة: (أن لايناكحوهم، ولا يكون بينهم شئ، حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم) . وفي مجمع الزوائد: 3/250: (عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل يوم التروية بيوم: منزلنا غداً إن شاء الله بالخيف الأيمن، حيث استقسم المشركون. رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله ثقات) . انتهى .

لقد أراد صلی الله علیه و آله أن يخلد ذلك المكان في ذاكرة المسلمين والتاريخ، لأن حادثةً عظيمةً وقعت فيه قبل نحو أربع عشرة سنة من حجة الوداع، وهي حادثةٌ تريد قريش أن تدفنها لينساها الناس . . وكلها عارٌ على قريش، وفخرٌ للنبي صلی الله علیه و آله وبني هاشم.. وصورةٌ عن جهود فراعنة قريش حيث استطاعوا أن يحققوا إجماع قبائلهم، ويقنعوا قبائل كنانة القريبة من الحرم بالتحالف معهم وتنفيذ المقاطعة التامة لبني هاشم ! ! وقد تضامن بنو هاشم مع النبي صلی الله علیه و آله، وقبلوا أن يحاصروا في شعب أبي طالب، مسلمهم وكافرهم ما عدا أبي لهب، وتحملوا المقاطعة والفقر والأذى والإهانة في سنوات الحصار الخمس أو السبع، ولم يشاركهم في ذلك أحد من المسلمين ! حتى فرج الله عنهم بمعجزة !

أراد النب صلی الله علیه و آله أن يوعي المسلمين عبر الأجيال على تاريخ الإسلام، وتكاليف الوحي، ليعرفوا قيمته .. وأن يعرفهم أين يقع معدن الإسلام . . وأين يقع معدن الكفر !

كما أراد أن يبعث بذلك رسالة إلى من بقي فراعنة قريش، من أعضاء مؤتمر المقاطعة الذين مازالوا أحياء، بأنهم قد تحملوا وزر هذا الكفر والعار، ثم ارتكبوا بعده ما هو أعظم منه فخاضوا حروباً ضد النبي صلی الله علیه و آله والاسلام، ولم

ص: 48

يتراجعوا إلاعندما جمعهم النبي صلی الله علیه و آله في فتح مكة في المسجد الحرام، تحت سيوف بني هاشم والأنصار، فأعلنوا إسلامهم خوفاً من القتل !! وهاهم اليوم يخططون لوراثة دولة الإسلام التي بناها الله تعالى ورسوله، وهم كارهون !!

لقد أهلك الله تعالى عدداً قليلاً من أبطال ذلك الحلف الشيطاني، من سادة مؤتمر المحصب.. بالموت، وبسيف علي بن أبي طالب، ولكن العديد مثل سهيل بن عمرو، وأبي سفيان، وعكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية بن خلف، وحكيم بن حزام، وصهيب بن سنان، وأبا الأعور السلمي، وغيرهم من زعماء قريش وكنانة .. ما زالوا أحياءً ينظرون، وكانوا حاضرين مع النبي صلی الله علیه و آله صلىالله عليه وآله في حجة الوداع يسمعون كلامه ويذكرون ماضيهم بالأمس القريب جيداً، ويتعجبون من عفوه عنهم واكتفائه بإقامة الحجة الدامغة عليهم ! وكانت تصرفاتهم الظاهرة والخفية، ومنطق الأمور، وشهادة أهل البيت، ومجرى التاريخ .. كلها تدل على فرحهم بأن النبي صلی الله علیه و آله يعلن قرب موته ورحيله عنهم، وأنهم يعدون العدة لحصار جديد لبني هاشم وهذه المرة باسم الاسلام !!

لقد ذكَّرهم النبي صلی الله علیه و آله بخطتهم في حصارهم القديم كيف أحبطها الله تعالى ! وأنه سيحبط حصارهم الجديد أيضاً ولو بعد حين !!

3- تحذير النبي صلی الله علیه و آله لقبائل قريش من الطغيان بعده !

في مجمع الزوائد: 3/272: (عن فهد بن البحيري بن شعيب بن عمرو بن الأزرق، قال: خرجت إلى مكة فلما صرت بالصحرية، قال لي بعض إخواني:

ص: 49

هل لك في رجل له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت: نعم، قال صاحب القبة المضروبة في موضع كذا وكذا، فقلت لأصحابي: قوموا بنا إليه، فقمنا فانتهينا إلى صاحب القبة، فسلمنا فرد السلام. فقال: مَنِ القوم ؟ قلنا: قوم من أهل البصرة بلغنا أن لك صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال: نعم، صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدت تحت منبره يوم حجة الوداع، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: إن الله يقول: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم، فليس لعربي على عجمي فضل، ولا لعجمي على عربي فضل، ولا لأسود على أحمر فضل، ولا لأحمر على أسود فضل، إلا بالتقوى . يا معشر قريش لاتجيئوا بالدنيا تحملونها على رقابكم وتجئ الناس بالآخرة، فإني لا أغني عنكم من الله شيئاً . قلنا: ما اسمك ؟ قال: أنا العداء بن خالد بن عمرو بن عامر، فارس الضحياء في الجاهلية . رواه الطبراني في الكبير بأسانيد . هذا ضعيف، وتقدم له إسناد صحيح في الخطبة يوم عرفة) . انتهى .

ونشكر الله تعالى أن الحديث صحيح عندهم، وأن فهداً البحيري هذا كان بدوياً، ولم يكن قرشياً ولا كنانياً، وإلا لحول هذه الرواية الى تحذير لبني هاشم وبني عبد المطلب وذم كنائي لهم، وأبعدها عن قريش، كما فعل الرواة القرشيون! فرووا عشرات الأحاديث في مدح قريش ووجوب أن تكون القيادة فيهم ! ولا تكاد تجد فيها حديثاً في ذم قريش إلا حرفوه إلى ذم بني هاشم ! أو أحبطوا معناه بحديث آخر ! أو جعلوه مدحاً لقريش !! وحديث ابن البحيري هذا في حجة الوداع تحذيرٌ نبويٌّ صريح لقريش، وهو في محله ووقته تماماً، لأن قريشاً ذات موقع مميز في العرب .. وهي المتصدية لقيادة عرب الجزيرة في حياة

ص: 50

النبي صلی الله علیه و آله وبعده.. فالخطرعلى أهل بيته وعلى مستقبل الاسلام والمسلمين، إنما هو من قريش وحدها.. وبقية القبائل تبع لها !

والنبي صلی الله علیه و آله إنما هو مبلغٌ عن ربه، ومتممٌ لحجة ربه .. وعليه أن يحذر وينذر .. ليحيى من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة .

4- إعلان النبي صلی الله علیه و آله أن صحابته سيتقتتلون على السلطة بعده !

وقد روت أخبار هذا التحذير النبوي مصادر الجميع في حجة الوداع ففي صحيح البخاري:1/ 38: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في حجة الوداع استنصت الناس فقال: لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ! وفي: 2/191: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال: يا أيها الناس أي يوم هذا قالوا يوم حرام قال فأي بلد هذا قالوا بلد حرام قال فأي شهر هذا قالوا شهر حرام قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا فأعادها مرارا ثم رفع رأسه فقال اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت قال ابن عباس رضي الله عنهما فوالذي نفسي بيده إنها لوصيته إلى أمته فليبلغ الشاهد الغائب: لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض!) وقد خففها البخاري في: 5/ 126: فاستبدل لفظ (كفاراً) بلفظ (ضلالاً) ! ! وقد عقد ابن ماجة في سننه: 2/1300: باباً بعنوان: باب لا ترجعوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض . . ! !

والذي يتأمل في التحذيرات النبوية يعرف أن معنى هذا التحذير أن الإقتتال بين أصحابه سوف يقع، بل أخبرهم بصراحةً أنهم سيفعلون، ولكنه صلی الله علیه و آله يستعمل بلاغته وعاطفته في التخويف والتحذير، ليقيم الحجة عليهم لربه عز

ص: 51

وجل من ناحية، ويترك لهم الحرية من ناحية، حتى إذا وافوه يوم القيامة لا يقولوا: لماذا لم تحذرنا ؟!

والذين يحذرهم من الإقتتال ليسوا إلا الصحابة لا غير . . لا اليهود ولا القبائل العربية، ولا حتى زعماء قريش بدون شركائهم من الصحابة .. فالدولة الإسلامية كانت قائمة، وقد حققت مركزيتها على كل الجزيرة، والخوف من الإقتتال بعد النبي صلی الله علیه و آله ليس من القبائل التي خضعت للإسلام طوعاً أو كرهاً، مهما كانت كبيرة وموحدة مثل هوازن وغطفان.. فهي لا تستطيع أن تطمح إلى قيادة هذه الدولة، وإن طمحت فلا حظَّ لها في النجاح، إلا بواسطة الصحابة ..

واليهود لا يمكنهم أن يقودوا العرب فضلاً عن دولة الاسلام، كما أنهم لايشكلون خطراً عسكرياً بعد أن حطم النبي صلی الله علیه و آله قوتهم العسكرية، وأجلى قسماً منهم من الجزيرة .. فمكائدهم وخططهم مهما كانت قوية، لا حظَّ لها في النجاح إلا.. بواسطة الصحابة وقريش ..

وزعماء قريش، مع أنهم يملكون جمهور قبائل قريش، ومعهم ألفا مقاتل، وربما أكثر، فهم لا يستطيعون أن يدعوا حقاً في قيادة الدولة بعد النبي صلی الله علیه و آله لأنهم أعداؤه وطلقاؤه، ومعنى ذلك أنه كان للنبي صلی الله علیه و آله الحق في أن يقتلهم، أو يتخذهم عبيداً، فاتخذهم عبيداً وأطلقهم .. فلا طريق لهم للقيادة إلا بواسطة العدد الضئيل من الصحابة، من القرشيين المهاجرين ..

وبذلك يتضح أن تحذيره صلی الله علیه و آله من الصراع بعده على السلطة ينحصر بالصحابة المهاجرين، ثم بالأنصار فقط .. وفقط !!

5- إعلان النبي صلی الله علیه و آله أن صحابته في النار إلا مثل همل النعم!

ص: 52

وهو تحذير مباشر لأكثرية الصحابة ومن يتبعهم من الأمة .. لا ينقصه إلا الأسماء الصريحة.. وقد جاء هذا الإعلان النبوي على شكل لوحة من الغيب، عن المصير الذي يمشي إليها هؤلاء الصحابة المنحرفون المحرفون !! لوحةٌ أخبره بها جبرئيل علیه السلام عن الله تعالى، يوم يجعل الله محمداً صلی الله علیه و آله رئيس المحشر، ويعطيه جبرئيل لواء الحمد، فيدفعه النبي صلی الله علیه و آله إلى علي بن أبي طالب فهو حامل لوائه في الدنيا والآخرة، ويكون جميع أهل المحشر تحت قيادة محمد صلی الله علیه و آله، ويفتخر به آدم علیه السلام فيدعى أبا محمد صلی الله علیه و آله .. ويعطي الله تعالى رسوله الشفاعة وحوض الكوثر، فيفد عليه الوافدون من الأمم فيشفع لهم ويعطيهم بطاقة للشرب من حوض الكوثر، ليتغير بتلك الشربة تركيبهم الفيزيائي، وتصلح أجسادهم لدخول الجنة والخلود في نعيمها .

وعندما يفد عليه أصحابه تحدث المفاجأة: يأتي النداء الإلهي بمنع النبي صلی الله علیه و آله من الشفاعة لهم، ومنعهم من ورود الحوض، ويؤمر ملائكة العذاب بأخذهم إلى جهنم !!

هذا هو مستقبل هؤلاء الصحابة على لسان أصدق الخلق !! إنها صورة رهيبة جاء بها جبرئيل الأمين، لكي يبلغها النبي صلی الله علیه و آله إلى الأمة في حجة الوداع !!

وهي أعظم كارثة على صحابة أعظم رسول!! وسببها أنهم سوف يعزلون القيادة التي اختارها الله من عترته صلی الله علیه و آله، ويجرون أمته من بعده الى أعظم كارثة !! ولا ينجو من هؤلاء الصحابة إلا مثل (همل النعم) كما في روايات محبي الصحابة الصحيحة كالبخاري !

وهو تعبير نبوي عجيب، لأن همل النعم هي الغنم أو الإبل الفالتة من القطيع، الخارجة على راعيه ! وهو يدل على أن قطيع الصحابة في النار، وهملهم الذي

ص: 53

يفلت منهم، يفلت من النار إلى الجنة ! بل ذكر النبي صلی الله علیه و آله أن الصحابة الجهنميين زمرتان أي أنهم خطان من صحابته لاخط واحد، وقد تقدم قول الحاكم عن حديثه: صحيح على شرط الشيخين، وفيه (ثم أقبلت زمرة أخرى، ففعل بهم كذلك، فلم يفلت إلا كمثل النعم !!) .

إنها مسألةٌ مذهلةٌ .. صعبة التصور والتصديق، خاصةً على المسلم الذي تربي على حب كل الصحابة، وخير القرون، والجيل الفريد، وحديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم .. وفتح عينيه على الصور واللوحات الرائعة للصحابة، التي كبر هذا المسكين معها وكبرت معه .. فإذا به يفاجأ بهذه الصورة الجهنمية المخيفة عن الصحابة !!

لو كان المتكلم عن الصحابة غير الرسول صلی الله علیه و آله لقالوا عنه إنه عدو للإسلام ولرسوله يريد أن يكيد للإسلام عن طريق الطعن في صحابة الرسول ! ولكن المتكلم هو .. الرسول صلی الله علیه و آله بعينه .. بنفسه .. وكلامه ليس اجتهاداً منه ولارأياً رآه، حتى تقول قريش إنه يتكلم في الرضا والغضب، وتزعم أن كلامه في الغضب ليس حجة . . بل هو وحي نزل عليه من رب العالمين !!

إنها حقيقةٌ مرةٌ .. ولكن هل يجب أن تكون الحقيقة دائماً حلوة كما نشتهي.. وأن يكون الحق دائماً مفصلاً على مزاجنا، مطابقاً لموروثاتنا ؟! وماذانصنع إذاكانت أحاديث الصحابةالمطرودين،المرفوضين، الممنوعين من ورود الحوض مستفيضة في الصحاح، وهي في غير الصحاح أكثر .. وكلها تصرح بأنه لا ينجو منهم إلا القليل أو مثل همل النعم !!

قال الجوهري في الصحاح: 5/1854: (والهمل بالتحريك: الإبل التي ترعى بلا راع، مثل النفش، إلا أن النفش لا يكون إلا ليلاً، والهمل يكون ليلاً

ص: 54

ونهاراً . يقال: إبلٌ هملٌ وهاملة وهمال وهوامل . وتركتها هملاً: أي سدى، إذا أرسلتها ترعى ليلاً ونهاراً بلا راع . وفي المثل: اختلط المرعى بالهمل . والمرعى الذي له راع) .

لكن السؤال هو: لماذا طرح الرسول صلی الله علیه و آله موضوعهم في حجة الوداع؟!

وجوابه: أن الله تعالى أمره بذلك فهو لا ينطق عن الهوى، ولا يعلم من نفسه ما سيفعله أصحابه من بعده، ولا بحالهم يوم القيامة ! !

وسؤال آخر: وماذا فعل الصحابة بعد الرسول؟ هل كفروا وارتدوا كما يقول الحديث ؟ هل حرفوا الدين ؟ هل اقتتلوا على السلطة والحكم ؟ !

والجواب: إقبل ما يقوله لك نبيك صلی الله علیه و آله، واسكت، وإلا صرت رافضياً !

وسؤال آخر: لماذا اختار الله تعالى هذا الأسلوب في التحذير، ولم يهلك هؤلاء الصحابة، الذين سينحرفون، أو يأمر رسوله بقتلهم، أو كشفهم للمسلمين ليحذروهم !

والجواب: هذه سياسته سبحانه وتعالى في إقامة الحجة كاملة على العباد، وترك الحرية لهم .. ليحيى من حيَّ عن بينة، ويهلك من هلك عن بينة.. ولا يسأل عما يفعل، وهم يسألون .. فهو سبحانه مالكهم له حق سؤالهم، وهو لا يفعل الخطأ حتى يحاسب عليه . وهو الأعلم والأحكم، وغير الأعلم لا يمكنه أن يحاسب الأعلم ويسأله !

وسؤال أخير: ماذا كان وقع ذلك على الصحابة والمسلمين ؟! ألم يهرعوا إلى الرسول صلی الله علیه و آله ليحدد لهم الطريق أكثر، ويعين لهم من يتبعونه بعده، حتى لا يضلهم هؤلاء الصحابة الخطرون ؟!

والجواب: لقد عين لهم الثقلين من بعده: كتاب الله وعترته، وبشرهم باثني عشر إماماً ربانياً يكونون منهم بعده .. وطالما حدد النبي صلی الله علیه و آله لهم عترته وأهل

ص: 55

بيته بأسمائهم: علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام والحسن والحسين علیهم السلام، وتسعة من ذرية الحسين آخرهم المهدي، وذلك قبل حجة الوداع وفيها وبعدها، حتى أن أحاديث الصحاح تقول إنه حددهم حسياً فأدار كساء يمانياً على علي وفاطمة والحسنين، وقال للمسلمين: هؤلاء عترتي أهل بيتي !! ثم لم يكتف بذلك، حتى أوقف المسلمين في رمضاء الجحفة بغدير خم وأخذ بيد علي علیه السلام وبلغ الأمة إمامته من بعده، ونصب له خيمة، وأمر المسلمين أن يسلموا عليه بإمرة المؤمنين، ويباركوا له ولايته عليهم التي أمر بها الله تعالى. فهنؤوه جميعاً وباركوا له، وأمر النبي صلی الله علیه و آله نساءه وكنَّ معه في حجة الوداع، أن يهنئن علياً فجئن إلى باب خيمته وهنأنه وباركن له .. معلناتٍ رضاهن بولايته على الأمة.

ثم أراد صلی الله علیه و آله في مرض وفاته أن يؤكد الحجة على الأمة بوثيقة مكتوبة، فطلب منهم أن يأتوه بدواة وقرطاس ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً . . ولكنهم رفضوا ذلك بشدة ! وقالوا له: شكراً أيها الرسول لقد قررنا أن نضل، عن علم وعمد واختيار وإصرار ! ولا نريد أن تكتب لنا أطيعوا بعدي عترتي علياً، ثم حسناً، ثم حسيناً، ثم تسعة من ذرية الحسين ! وقالوا بكل وقاحة: إن نبيكم ليهجر، لا تقربوا له دواة ولا قرطاساً !!

فهل تريد من نبيك صلی الله علیه و آله أن يقيم الحجة أكثر من هذا ؟!

6- تحذير النبي صلی الله علیه و آله أمته من بدايات الانحراف الصغيرة

ورد في نصوص خطب حجة الوداع أن النبي صلی الله علیه و آله حذر أمته من محقرات الأعمال التي توجب الانحراف، وأن الشيطان قد رضي منهم بها !

ففي سنن ابن ماجة: 2 / 1015: (عن سليمان بن عمرو بن الأحوص، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: في حجة الوداع: يا أيها

ص: 56

الناس ألا أي يوم أحرم؟ ثلاث مرات . قالوا: يوم الحج الأكبر . قال: فإن دماءكم أموالكم وأعراضكم بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا . في بلدكم هذا . ألا لا يجنى جان إلا على نفسه . ولا يجنى والد على ولده، ولا مولود على والده . ألا إن الشيطان قد أيس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا . ولكن سيكون له طاعة في بعض ما تحتقرون من أعمالكم، فيرضى بها . . . ألا يا أمتاه هل بلغت ؟ ثلاث مرات . قالوا: نعم . قال: اللهم اشهد . ثلاث مرات) . ونحوه في سنن الترمذي: 3 / 313، وقال: هذا حديث حسن صحيح ورواه أيضاً في السنن الكبرى: 2/445 .

وقال في تحفة الأحوذي: 6 /315: (قال الطيبي رحمة الله قوله فيما تحتقرون، أي مما يتهجس في خواطركم وتتفوهون عن هناتكم وصغائر ذنوبكم، فيؤدي ذلك إلى هيج الفتن والحروب، كقوله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان قد يئس من أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم) . انتهى .

وفي ذلك إلفات نبوي إلى قاعدة مهمة في السلوك الفردي والإجتماعي، وهي أن الإنحراف يبدأ بأمر صغير، أو أمور تبدو بسيطة يحتقرها الإنسان ولا يراها مهمة في ميزان التقوى.. وإذا بها تستتبع أموراً أخرى، وتجره إلى هاوية الهلاك الأخروي أو الدنيوي !

وهو أمر مشاهد في حالات الهلاك الفردي والإجتماعي.. فقد يتسامح المسلم في النظر إلى امرأة أجنبية تعجبه، ثم يتسامح في الحديث معها، ثم في التصرف .. حتى ينجر أمره إلى الفاحشة ! وقد يتسامح في اتخاذ صديق سوء، ولا ينصت إلى صوت ضميره الديني، ولا نصح ناصحيه .. حتى يغرق معه في بحر ظلمه للناس، أو بحر رذيلته !

ص: 57

وقد تتسامح الأمة في اعتداء الأجانب عليها، أو نفوذهم السياسي أو الإقتصادي أو الثقافي في بلادها.. فينجرالأمر إلى تسلطهم علىمقدراتها..

أو يتسامح المجتمع في مظهر من مظاهر الفساد والمنكر أول ما يحدث في محلة أو منطقة منه، أو في فئة من فئاته، أو شخص . .

أو يتسامح المجتمع في شروط حاكمه، ووزرائه وقضاته، أو في ظلمهم وسوء سيرتهم.. فينجر ذلك إلى شمول الفساد في المجتمع، وتسارع هلاكه!

فالمحقرات من الذنوب هي المواقف أو التصرفات الصغيرة، التي تكون في منطق الأحداث والتاريخ بذوراً لشجرة شر كبيرة، على المستوى الفردي أو الإجتماعي ! !

وبهذا ورد تفسيرها عن النبي صلی الله علیه و آله، في مصادر الطرفين .. ففي الكافي: 2/288: (عن الإمام الصادق علیه السلام قال: إن رسول الله صلی الله علیه و آله نزل بأرض قرعاء، فقال لأصحابه: إئتوا بحطبٍ، فقالوا: يا رسول الله نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب ! قال: فليأت كل إنسان بما قدر عليه، فجاؤوا به حتى رموا بين يديه، بعضه على بعض، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: هكذا تجتمع الذنوب، ثم قال: إياكم والمحقرات من الذنوب، فإن لكل شئ طالباً، ألا وإن طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم، وكل شئ

أحصيناه في إمام مبين) . انتهى .

وفي سنن البيهقي: 10/188: (عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إياكم ومحقرات الأعمال، إنهن ليجمعن على الرجل حتى يهلكنه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلاً، كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل يجئ بالعويد،

ص: 58

والرجل يجئ بالعويد، حتى جمعوا من ذلك سواداً، ثم أججوا ناراً فأنضجت ما قذف فيها) . انتهى .

وهذان الحديثان الشريفان ناظران إلىالتراكم الكمي للذنوب والأخطاء المحقرة، وأن كمها يتحول إلى خطر نوعي في حياة الفرد والمجتمع .

وقد يكون الحديثان التاليان ناظرين إلى التراكم الكيفي في نفس الإنسان والمجتمع، وشخصيتهما . . ففي الكافي: 2/287: (عن الإمام الصادق علیه السلام قال: اتقوا المحقرات من الذنوب، فإنها لا تغفر ! قلت: وما المحقرات ؟ قال: الرجل يذنب الذنب، فيقول طوبى لي لو لم يكن لي غير ذلك !) .

وفي سنن ابن ماجة: 2/1417: (عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة إياك ومحقرات الأعمال، فإن لها من الله طالباً) . في الزوائد: إسناده صحيح، رجاله ثقات . انتهى . ورواه الدارمي: 2/303، وأحمد: 6/70 و151 .

وفي صحيح البخاري: 7/187: (باب ما يتقى من محقرات الذنوب .. عن أنس رضي الله عنه قال إنكم لتعملون أعمالاً هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا نعد (ها) على عهد النبي (من) الموبقات). انتهى .

ومن القواعد الهامة التي نفهمها من هذا التوجيه النبوي: أن الشيطان عندما ييأس من السيطرة على أمة في قضاياها الكبيرة،يتجه إلى التخريب والإضلال عن طريق المحقرات ! فالإسلام الذي أنزله الله تعالى، وبناه رسوله صلی الله علیه و آله صرح كبير وقلعة محكمة، يئس الشيطان من قدرته على هدمها، فعمد الى إقناع شخص من أهله بسحب حجر واحدٍ صغير من ركن الجدار، ثم حجر آخر .. وآخر .. حتى

ص: 59

يفرغ تحت الأساس فينهار الصرح على من فيه ! شبيهاً بالجرذ الذي سحب الحجر الأول من جدار سد مأرب !

ومن الأمور الملفتة في رواية علي بن إبراهيم أن إطاعة الشيطان في محقرات الذنوب عبادة له، فالذين يبدؤون بالإنحراف في مجتمع، إنما يعبدون الشيطان ويدعون الأمة العابدة لله تعالى إلى عبادة الشيطان .. (ولكنه راض بما تحتقرون من أعمالكم، ألا وإنه إذا أطيع فقد عبد !)، تفسير علي بن إبراهيم: 1/171 .

كما أن شهادة النبي صلی الله علیه و آله بأن الشيطان راض بتلك المحقرات شهادةٌ خطيرة بنجاح الشيطان في مشروعه في إضلال الأمة وهدم صرحها عن طريق المحقرات.. وهو ينفع في تفسير قوله تعالى: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقاً من المؤمنين) سبأ - 20 .

7- إعلان النبي صلی الله علیه و آله تمييز بني هاشم بمالية خاصة !

ص: 60

من الأمور الملفتة في الاسلام أن الله تعالى ميز رسوله صلی الله علیه و آله وأهل بيته علیهم السلام، وأسرتهم بني هاشم، فحرم عليهم الصدقات والزكوات، وجعل لهم مالية خاصة في ميزانية الدولة الاسلامية هي الخمس !

ففي مسند أحمد: 4/186: (خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته فقال: ألا إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي، وأخذ وبرة من كاهل ناقته، فقال: ولا ما يساوي هذه، أو ما يزن هذه . لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه). انتهى .

وفي صحيح البخاري: 2 / 135: (عن أبي هريرة قال: أخذ الحسن بن علي رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كخ كخ ليطرحها، ثم قال أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة) .

وفي صحيح البخاري: 4/ 36: (فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بالفارسية كخ كخ . أما تعرف أنا لا نأكل الصدقة) . ورواه مسلم: 3 /117، وروى عن شعبة أن النبي قال: (إنا لا تحل لنا الصدقة) .

وفي سنن أبي داود: 1 / 373: (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على الصدقة من بنى مخزوم، فقال لأبي رافع: إصحبني فإنك تصيب منها، قال: حتى آتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسأله، فأتاه فسأله فقال: مولى القوم من أنفسهم، وإنا لا تحل لنا الصدقة !) .

وفي سنن الترمذي: 2 /416: أن (علي بن أبي طالب أصاب ديناراً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفه فلم يجد من يعرفه، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأكله، وكان علي

لا تحل له الصدقة) . انتهى .

وفي شرح مسلم للنووي: 7 / 175: (قال القاضى يقال: كخ كخ، بفتح الكاف وكسرها وتسكين الخاء ويجوز كسرها مع التنوين . وهي كلمة يزجر بها

ص: 61

الصبيان عن المستقذرات فيقال له كخ أي اتركه وارم به . قال الداودى هي عجمية معربة بمعنى بئس، وقد أشار الى هذا البخاري بقوله في ترجمة باب من تكلم بالفارسية والرطانة) .

وقال ابن حجر في فتح الباري: 3 /282: (وفي رواية حماد بن سلمة عن محمد بن زياد عند أحمد فنظر إليه فإذا هو يلوك تمرة فحرك خده وقال ألقها يا بني ألقها يا بني ويجمع بين هذا وبين قوله كخ كخ بأنه كلمه أولا بهذا فلما تمادى قال له كخ كخ إشارة إلى استقذار ذلك له) . انتهى .

وقول البخاري إن كلمة كخ فارسية بعيد، بل الظاهر أنها من أسماء الأصوات المشتركة في اللغات .

أما الذي هو أشد من تحريم الصدقات على قريش فهو: أن النبي صلی الله علیه و آله نص في تعليل هذا التشريع الرباني أن الصدقات (الضرائب) هي تطهير لأموال الناس، فهي غسالة أموالهم وأوساخها، ولا تناسب الأسرة التي اختارها الله تعالى واجتباها !

ففي صحيح مسلم:3 / 118: (اجتمع ربيعة بن الحارث والعباس بن عبد المطلب فقالا والله لو بعثنا هذين الغلامين (قالا لي وللفضل بن عباس) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلماه فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس وأصابا مما يصيب الناس ؟ قال فبينما هما في ذلك جاء علي بن أبي طالب فوقف عليهما فذكرا له ذلك، فقال علي بن أبي طالب: لا تفعلا فو الله ما هو بفاعل . فانتحاه ربيعة بن الحارث فقال: والله ما تصنع هذا إلا نفاسة منك علينا، فوالله لقد نلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما نفسناه عليك ! قال علي علیه السلام: أرسلوهما فانطلقا واضطجع علي علیه السلام، قال فلما صلى رسول الله صلى الله

ص: 62

عليه وسلم الظهر سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها حتى جاء، فأخذ بآذاننا ثم قال أخرجا ما تصرران ؟ ثم دخل ودخلنا عليه، وهو يومئذ عند زينب بنت جحش، قال فتواكلنا الكلام ثم تكلم أحدنا، فقال يا رسول الله أنت أبرُّ الناس وأوصل الناس، وقد بلغنا النكاح فجئنا لتؤمرنا على بعض هذه الصدقات فنؤدي اليك كما يؤدي الناس ونصيب كما يصيبون . قال فسكت طويلاً حتى أردنا أن نكلمه، قال وجعلت زينب تلمع علينا من وراء الحجاب أن لا تكلماه، قال ثم قال: إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس ! أدعوا لي محمية (وكان على الخمس) ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، قال فجاآه فقال لمحمية: أنكح هذا الغلام ابنتك (للفضل بن عباس) فأنكحه، وقال لنوفل بن الحارث أنكح هذا الغلام ابنتك فأنكحني، وقال لمحمية: أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا . قال الزهري ولم يسمه لي) . انتهى .

وأورد القصة أيضاً برواية ثانية وفيها: (ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أدعوا إلى محمية بن جزء، وهو رجل من بني أسد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس) . انتهى . ورواه أحمد في مسنده: 4 / 166، وأبو داود: 2 / 28

وقال النووي في شرح مسلم: 7 / 179: (قوله صلى الله عليه وسلم: إنما هي أوساخ الناس، تنبيه على العلة في تحريمها على بني هاشم وبني المطلب وأنها لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ . ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم، كما قال تعالى: خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها .. فهي كغسالة الأوساخ) !

ص: 63

وقال ابن حجر في فتح الباري: 3 /280: (قال بن قدامة لا نعلم خلافاً في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة كذا قال . . . وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم: الصدقة أوساخ الناس، كما رواه مسلم) .

وقال في فتح الباري: 5/150: (قال ابن بطال: إنما كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل الصدقة لأنها أوساخ الناس، ولأن أخذ الصدقة منزلة ضعة والأنبياء منزهون عن ذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم كان كما وصفه الله تعالى: ووجدك عائلاً فأغنى، والصدقة لا تحل للأغنياء . وهذا بخلاف الهدية، فإن العادة جارية بالاثابة عليها، وكذلك كان شأنه) . ونحوه في شرح السيوطي لمسلم: 3 / 173 .

وفي عون المعبود: 5/47: (وقال النووي: تحريم الزكاة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وهم بنو هاشم وبنو المطلب . هذا مذهب الشافعي وموافقيه أن آله صلى الله عليه وسلم هم بنو هاشم وبنو المطلب، وبه قال بعض المالكية . وقال أبو حنيفة ومالك هم بنو هاشم خاصة . وقال بعض العلماء: هم قريش كلها ! وقال أصبغ المالكي: هم بنو قصي . دليل الشافعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن بني هاشم وبني المطلب شئ واحد، وقسم بينهم سهم ذوي القربى. انتهى .

قال المنذري: وأخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح . هذا آخر كلامه) . انتهى .

وفي عون المعبود: 8/ 146: (ادعوا إلى محمية بن جزء) قال النووي: حمية وبميم مفتوحة ثم حاء مهملة ساكنة ثم ميم أخرى مكسورة ثم ياء مخففة وجزء بجيم مفتوحة ثم راي ساكنة ثم همزة . هذا هو الأصح). انتهى.

ص: 64

ولك أن تتصور تأثير هذا الإعلان والتأكيد النبوي في جموع الحجيج بتمييز أهل بيته وكل عشيرته بني هاشم عن بقية المسلمين حتى في ماليتهم ! ولا بد أن حساد بني هاشم من المنافقين ومرضى القلوب قالوا إن محمداً يؤسس ملكاً لبني هاشم كملك كسرى وقيصر !

8- إعلان النبي صلی الله علیه و آله اللعنة الالهية على من تولى غير أهل البيت !

توجد في خطب النبي في حجة الوداع، فقرةٌ ملفتةٌ وردت بعد تحريم الصدقات على آل النبي في أحاديث حجة الوداع عند السنة والشيعة، وهي فقرة اللعن لمن ادعى لغير أبيه أو تولى غير مواليه ! فقد تقدم في حديث أحمد قول النبي صلی الله علیه و آله (لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه). وقد روت هذا الحديث أهم الصحاح، لكن بعضها نص على أنه في حجة الوداع، وبعضها لم ينص، ففي صحيح البخاري: 4/ 67: (فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى فيها محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل . ومن تولى غير مواليه فعليه مثل ذلك) . ونحوه في مسلم: 4 / 115، وابن ماجه: 2/870 وص 905، والترمذي: 3/ 297، والبيهقي في سننه: 8/ 26 . وفي مصنف ابن أبي شيبة: 6/ 186: (عن عمرو بن خارجة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم وهوعلى راحلته وإن راحلته لتقصع بجرانها، وإن لعابها يسيل بين كتفي، فقال: من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله، لا يقبل منه صرف ولا عدل، أو قال عدل ولا صرف) .

ص: 65

وقال ابن قدامة في المغني: 5/327: (وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من انتسب إلى غير أبيه، أو تولى غير مواليه) .

وقال في: 7 / 238: (وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لعن الله من تولى غير مواليه . قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح) . انتهى .

وقد تصور رواتهم وفقهاؤهم أن اللعن هنا للولد الذي يدعي غير أبيه النسبي، والغلام الذي يترك مالكه الحقيقي ويدعي أنه غلامٌ لشخص آخر .. لكنهم غفلوا عن شدة الحكم، وعن بلاغة النبي صلی الله علیه و آله، وأن مقصوده هنا لا يمكن أن يكون الأبوة النسبية وولاء الرق المعروفين، بل مقصوده أبوته المعنوية للأمة وولاؤه وولاء أهل بيته الطاهرين !

والدليل البسيط على ذلك: أن جميع الفقهاء يفتون بقبول توبة الولد إذا هرب من أبيه وادعى لنفسه والداً آخر، ثم تاب من فعلته..كما يفتون بقبول توبة العبد المملوك إذا هرب من سيده ولجأ إلى شخص وادعى أنه سيده، ثم تاب ورجع إلى سيده.. بينما الشخص الملعون في كلام النبي صلی الله علیه و آله محكوم بكفره مصبوب عليه الغضب الإلهي إلى الأبد! (فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً)، والصرف هو التوبة، والعدل الفدية، وقد فسرتهما الأحاديث الشريفة بذلك .

بل صرحت بعض الأحاديث بكفر من يفعل ذلك وخروجه من الإسلام ! كما في مجمع الزوائد: 4 / 232: (عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من تولى غير مواليه فقد خلع ربقة الايمان من عنقه . رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا خالد بن أبي حيان وهو ثقة) .ونحوه في سنن البيهقي: 8/26، وكنز العمال: 5/872 . وفي كنز العمال: 10/324: (من تولى غير مواليه فقد خلع ربقة

ص: 66

الإسلام من عنقه. أحمد عن جابر) . وفي /326: (من تولى غير مواليه فليتبوأ بيتاً في النار . ابن جرير عن عائشة) . وفي / 327: (من تولى غير مواليه فقد كفر . ابن جرير عن أنس) . وفي 16/255: (ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على رسوله . ش) . انتهى .

كما ورد في مصادر الفريقين أن هذا الحديث كان مكتوباً في صحيفة صغيرة معلقة في ذؤابة سيف النبي صلی الله علیه و آله، الذي ورثه لعلي علیه السلام .. فقد رواه البخاري في صحيحه:4/67، ومسلم: 4/115، و 216، بعدة روايات، والترمذي: 3/297 . وغيرهم ... وقد أكثروا من روايته لأن الراوي زعم فيه على لسان علي أن النبي صلی الله علیه و آله لم يورث أهل بيته شيئاً من العلم، إلا القرآن، وتلك الصحيفة المعلقة في ذؤابة سيف النبي ! وأن فيها لعن الله من تولى غير مواليه !!

أما في مصادرنا فالحديث ثابتٌ عنه صلی الله علیه و آله في خطب حجة الوداع، وهو أيضاً جزء من حديث الغدير .. ففي بحار الأنوار: 37/123: عن أمالي المفيد . . . عن زيد بن أرقم قال: سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله بغدير خم يقول: إن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي، لعن الله من ادعى إلى غير أبيه، لعن من تولى إلى غير مواليه، الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر، وليس لوارث وصية). انتهى . ورواه الصدوق في عيون أخبار الرضا:2 / 63، وروى نحوه في / 186، عن بشارة الإسلام .

فنحن في هذا النص النبوي أمام عقوبة إلهية مشددة، لاتصلح إلا لحالات الخيانة العظمىكالإرتداد، ولا يعقل أن يكون الاسلام شرعها لولد جاهل دعا نفسه لغير أبيه، أو لعبد مملوك أو مظلوم، دعا نفسه لغير سيده !

فالأبوة هنا أعظم من الأبوة النسبية، وهي أبوة النبي صلی الله علیه و آله وآله لهذه الأمة .. والولاء هنا ولاء النبي صلی الله علیه و آله وآله الطاهرين، وهو أعظم من ولاء العبد لسيده .. فالذي يناسبه الحكم المشدد هو من خرج على هذه الأبوة والولاية . . لا تلك !

ص: 67

والسؤال هنا: إذا لم يفهم أتباع قريش هذا الاعلان النبوي في حجة الوداع فهل فهمته قريش .. وهل تفاجأت به ؟!

والجواب: أنه لم يكن إعلان النبي صلی الله علیه و آله في حجة الوداع هو المرة الأولى التي أفهمهم هذه الحقيقة الاسلامية المرة عليهم ! فقد روت مصادرنا أنه أفهمها لزعماء قريش مرات قبل حجة الوداع، وبلغهم هذه اللعنة .. !!

منها: عندما كثر طلقاء قريش في المدينة، وصارت أجواؤهم ضد بني هاشم كتلك التي كانت في مكة، وزاد تناغمهم مع المنافقين وعملهم ضد أهل بيت النبي صلی الله علیه و آله، حتى أنهم كانوا في مجلس في السكة فمر بهم أحد بني هاشم فتحدثوا في أمرهم، وبلغت الجرأة بزعيمهم أن يقول: (إنما مثل محمد في بني هاشم كمثل نخلة نبتت في كبا: أي مزبلة) فبلغ ذلك النبي صلی الله علیه و آله فغضب، وأمر علياً أن يصعد المنبر ويجيبهم ! !

فقد روى في بحار الأنوار: 38/204: عن أمالي المفيد، عن محمد بن عمر الجعابي، عن ابن عقدة، عن موسى بن يوسف القطان، عن محمد بن سليمان المقري، عن عبد الصمد بن علي النوفلي، عن أبي إسحاق السبيعي، عن الأصبغ بن نباتة قال: لما ضرب ابن ملجم لعنه الله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام، غدونا نفر من أصحابنا أنا والحارث وسويد بن غفلة وجماعة معنا، فقعدنا على الباب، فسمعنا البكاء فبكينا، فخرج إلينا الحسن بن علي علیه السلام فقال: يقول لكم أمير المؤمنين: انصرفوا إلى منازلكم، فانصرف القوم غيري فاشتد البكاء من منزله فبكيت، وخرج الحسن وقال: ألم أقل لكم: انصرفوا ؟ فقلت: لا والله يا ابن رسول الله لاتتابعني نفسي ولا تحملني رجلي أنصرف حتى أرى أميرالمؤمنين علیه السلام . قال: فبكيت، ودخل فلم يلبث أن خرج، فقال لي: أدخل،

ص: 68

فدخلت على أمير المؤمنين علیه السلام فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء، قد نزف واصفر وجهه ما أدري وجهه أصفر أو العمامة ؟ فأكببت عليه فقبلته وبكيت . فقال لي: لا تبك يا أصبغ، فإنها والله الجنة . فقلت له: جعلت فداك إني أعلم والله أنك تصير إلى الجنة، وإنما أبكي لفقداني إياك يا أمير المؤمنين . جعلت فداك حدثني بحديث سمعته من رسول الله، فإني أراك لا أسمع منك حديثاً بعد يومي هذا أبداً . قال: نعم يا أصبغ: دعاني رسول الله صلی الله علیه و آله يوماً، فقال لي: يا علي انطلق حتى تأتي مسجدي، ثم تصعد منبري، ثم تدعو الناس إليك، فتحمد الله تعالى وتثني عليه وتصلي علي صلاة كثيرة، ثم تقول: أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم، وهو يقول لكم: إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي علىمن انتمى إلى غير أبيه أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيراً أجره .

فأتيت مسجده وصعدت منبره، فلما رأتني قريش ومن كان في المسجد أقبلوا نحوي فحمدت الله وأثنيت عليه، وصليت على رسول الله صلی الله علیه و آله صلاة كثيرة ثم قلت: أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم، وهو يقول لكم: ألا إن لعنة الله ولعنة ملائكته المقربين وأنبيائه المرسلين ولعنتي على من انتمى إلى غير أبيه، أو ادعى إلى غير مواليه، أو ظلم أجيراً أجره . قال: فلم يتكلم أحد من القوم إلا عمر بن الخطاب، فإنه قال: قد أبلغت يا أبا الحسن ولكنك جئت بكلام غير مفسر، فقلت: أُبْلِغُ ذلك رسول الله صلی الله علیه و آله . فرجعت إلى النبي صلی الله علیه و آله فأخبرته الخبر، فقال: إرجع إلى مسجدي حتى تصعد منبري، فأحمد الله واثن عليه وصل علي علیه السلام، ثم قل: أيها الناس، ما كنا لنجيئكم بشئ إلا وعندنا تأويله

ص: 69

وتفسيره ألا وإني أنا أبوكم ألا وإني أنا مولاكم، ألا وإني أنا أجيركم !!) . انتهى .

ومنها: ما روته مصادرنا في مناسبة أخرى، كما في تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره /392: قال: حدثنا عبد السلام بن مالك قال: حدثنا محمد بن موسى بن أحمد قال: حدثنا محمد بن الحارث الهاشمي قال: حدثنا الحكم بن سنان الباهلي، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لفاطمة بنت الحسين: أخبريني جعلت فداك بحديث أحدث، واحتج به على الناس . قالت: نعم: أخبرني أبي أن النبي صلی الله علیه و آله كان نازلاً بالمدينة، وأن من أتاه من المهاجرين عرضوا أن يفرضوا لرسول الله صلی الله علیه و آله فريضة يستعين بها على من أتاه، فأتوا رسول الله صلی الله علیه و آله وقالوا: قد رأينا ما ينوبك من النوائب، وإنا أتيناك لتفرض فريضة تستعين بها على من أتاك . قال: فأطرق النبي صلی الله علیه و آله طويلاً ثم رفع رأسه فقال: إني لم أؤمر أن آخذ منكم على ما جئتم به شيئاً، إنطلقوا فإني لم أؤمر بشئ، وإن أمرت به أعلمتكم . قال: فنزل جبرئيل علیه السلام فقال: يا محمد إن ربك قد سمع مقالة قومك وما عرضوا عليك، وقد أنزل الله عليهم فريضة: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى . قال فخرجوا وهم يقولون: ما أراد رسول الله إلا أن تذل الأشياء، وتخضع الرقاب ما دامت السماوات والأرض لبني عبد المطلب ! قال: فبعث رسول الله صلی الله علیه و آله إلى علي بن أبي طالب أن اصعد المنبر وادع الناس إليك ثم قل: أيها الناس من انتقص أجيراً أجره فليتبوأ مقعده من النار، ومن ادعى إلى غير مواليه فليتبوأ مقعده من النار، ومن انتفى من والديه فليتبوأ مقعده من النار ! قال: فقام رجل وقال: يا أبا الحسن ما لهن من تأويل؟ فقال: الله ورسوله أعلم. فأتى رسول الله صلی الله علیه و آله فأخبره فقال رسول الله: ويل لقريش من

ص: 70

تأويلهن، ثلاث مرات! ثم قال: يا علي انطلق فأخبرهم أني أنا الأجير الذي أثبت الله مودته من السماء، ثم أنا وأنت مولى المؤمنين، وأنا وأنت أبوا المؤمنين) . انتهى .

وقال ابن البطريق في كتابه العمدة / 344: (وأما الأخبار التي تكررت من الصحاح من قول النبي صلی الله علیه و آله: لعن الله من انتمى إلى غير أبيه، أو توالى غير مواليه، فهي أدل على الحث على اتباع أمير المؤمنين علیه السلام بعده بدليل ما تقدم من الصحاح من غير طريق، في فصل مفرد مستوفى، وهو قول النبي صلی الله علیه و آله: من كنت مولاه فعلي مولاه، ثم قال مؤكداًً لذلك: اللهم وال من والاه وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله . فمن كان النبي صلی الله علیه و آله مولاه فعلي علیه السلام مولاه، ومن كان مؤمناً فعلي علیه السلام مولاه أيضاً، بدليل ما تقدم من قول عمر بن الخطاب لعلي لما قال له النبي صلی الله علیه و آله: من كنت مولاه فعلي مولاه، فقال له عمر: بخ بخ لك يا علي أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة، وفي رواية: مولاي ومولى كل مؤمنة ومؤمن . وهذه منزلة لم تكن إلا لله سبحانه وتعالى، ثم جعلها الله لرسوله صلی الله علیه و آله ولعلي علیه السلام بدليل قوله تعالى: إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكوة وهم راكعون . . .

وقوله صلی الله علیه و آله: من انتمى إلى غير أبيه، فالمراد به: من انتمى إلى غير أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام في الولاء، مأخوذ من قول النبي صلی الله علیه و آله لعلي علیه السلام: أنا وأنت أبوا هذه الأمة، فعلى عاق والديه لعنة الله) . انتهى.

وفي الكافي: 7/274: (ثم قال لي: أتدري ما يعني من تولى غير مواليه؟ قلت ما يعني به ؟ قال: يعني أهل الدين (وفي نسخة أهل البيت): والصّرف التوبة) .

ص: 71

9- تأكيد النبي صلی الله علیه و آله على أداء الفرائض وإطاعة ولاة الأمر من عترته

روى الطبراني في المعجم الكبير: 8/136: (عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلىالله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع:

أيها الناس، إنه لا نبي بعدي ولا أمة بعدكم، أعبدوا ربكم، وصلوا خمسكم، وصوموا شهركم، وأطيعوا ولاة أمركم، تدخلوا جنة ربكم). ورواه أيضاً في: 8/115، ورواه في:22/316 عن أبي قتيلة، ورواه أيضاً في مسند الشاميين: 1/310، و:2/16، و193، وابن الأثير في أسد الغابة: 5/275، والهيثمي في مجمع الزوائد: 3/273، والضحاك في الآحاد والمثاني:5/252، والهندي في كنز العمال: 5/294، عن عدة مصادر .. ورواه من علمائنا الصدوق في الخصال ص 322، والحر العاملي في وسائل الشيعة: 1/23 .

وعندما يقول النبي صلی الله علیه و آله للمسلمين وهو يودعهم (أطيعوا ولاة أمركم) فهو لا يقصد ولاة أمورهم بعده أياً كانوا، وأن ولاية الأمر بعده متروكة لكل من هب ودب، على قاعدة الصراع والغلبة ! بل يقصد ولاة الأمر الذين بينهم لهم عندما نزل قوله تعالى: (يا أيها الدين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، والذين قال لهم عنهم مراراً خاصة في حجة الوداع: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي وإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض .. وقال عن أولهم: هذا وليكم من بعدي . . صلوات الله عليهم .

10- تحذير النبي صلی الله علیه و آله من الكذابين عليه في حياته وبعد وفاته !

ص: 72

روت مصادر الجميع تحذيرات النبي صلی الله علیه و آله في مناسبات متعددة من الكذب عليه، وخاصة قوله (من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)، وروى ذلك بعضهم في نصوص خطب حجة الوداع .

ففي بحار الأنوار: 37/123: (عن أمالي المفيد من خطبة النبي صلی الله علیه و آله في حجة الوداع: (ألا وقد سمعتم مني ورأيتموني .. ألا من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) . انتهى .

وهذا التنبيه النبوي يدل على أن مشكلة الكذب والافتراء على النبي صلی الله علیه و آله في حياته، ستبقى بعد وفاته بل سوف تتفاقم ! لذا كان من اللازم أن يحذر جموع المسلمين في حجة الوداع، ويؤكذ لهم أنه يوجد في أصحابه كذابون يكذبون عليه .. وأن عليهم التأكذ والتثبت مما ينسبونه اليه، والمرجع في ذلك هم عترته الذين جعلهم الله عدل القرآن، فهم يفسرون كتاب الله للأمة، وهم يميزون الصحيح من سنة النبي صلی الله علیه و آله من المكذوب عليه .

في الكافي: 1/ 62: (عن سليم بن قيس الهلالي، قال: قلت . لأمير المؤمنين علیه السلام: إني سمعت من سلمان والمقداد وأبي ذر شيئاً من تفسير القرآن وأحاديث عن نبي الله صلی الله علیه و آله غير ما في أيدي الناس، ثم سمعت منك تصديق ما سمعت منهم ورأيت في أيدي الناس أشياء كثيرة من تفسير القرآن ومن الأحاديث عن نبي الله صلی الله علیه و آله أنتم تخالفونهم فيها، وتزعمون أن ذلك كله باطل، أفترى الناس يكذبون على رسول الله صلی الله علیه و آله متعمدين، ويفسرون القرآن بآرائهم ؟ قال: فأقبل علي علیه السلام فقال: قد سألت فافهم الجواب:

إن في أيدي الناس حقاً وباطلاً، وصدقاً وكذباً، وناسخاً ومنسوخاً، وعاماً وخاصاً، ومحكماً ومتشابهاً، وحفظاً ووهماً، وقد كذب على رسول الله صلی الله علیه و آله على

ص: 73

عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة، فمن كذب علي متعمداً فليتبوء مقعده من النار، ثم كذب عليه من بعده . . .) . انتهى .

ومن الطبيعي للنبي الحكيم عندما يرى أنه يوجد في أصحابه من يكذب عليه، ويخبر أمته أن هذه المشكلة ستستمر بعد وفاته .. أن يعين الجهة التي يرجع اليها لتكون ميزاناً يعرف بها الصحيح الصادر عنه من المكذوب عليه .. وليست تلك الجهة إلا العترة والقرآن، اللذان أوصى بهما النبي صلی الله علیه و آله دون غيرهما.

11- إعلان النبي صلی الله علیه و آله مبادئ احترام الإنسان المسلم وحرياته الشخصية

أكثر مارواه الرواة من أحاديث حجة الوداع، فقراتٌ تتعلق بمبادئ إسلامية عامة، مثل إلغاء آثار الجاهلية ومآثرها وتشريعاتها المخالفة للإسلام . ومبدأ الأخوة والتكافؤ بين المسلمين . ومبدأ احترام حياة المسلم، وتحريم دماء المسلمين على بعضهم . واحترام الملكية الشخصية وتحريم أموال المسلمين على بعضهم . واحترام عرض المسلم وكرامته وتحريم أعراضهم على بعضهم . وهذه نمادج منها من مصادر الطرفين:

في تحف العقول لابن شعبة ص 30: (أما بعد: أيها الناس، إسمعوا مني ما أبين لكم، فإنى لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، في موقفي هذا .

أيها الناس: إن دماءكم وأعراضكم عليكم حرام، إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا . ألا هل بلغت ؟ اللهم اشهد . . .

وإن ربا الجاهلية موضوع، وإن أول ربا أبدأ به ربا العباس بن عبدالمطلب.

وإن دماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أبدأ به دم عامر بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب .

ص: 74

وإن مآثر الجاهلية موضوعة، غير السدانة والسقاية . والعمد قَوَدٌ، وشبه العمد ما قتل بالعصا والحجر، وفيه مائة بعير فمن ازداد فهو من الجاهلية) .

وفي صحيح البخاري: 1/24: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا . ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه) .

وفي صحيح مسلم: 4/41: (فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادي فخطب الناس، وقال: إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا . ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل. وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانا ربا عباس بن عبد المطلب، فإنه موضوع كله) . انتهى .

وسبب اهتمام الرواة بهذه الفقرات هوإعجاب المسلمين المؤمنين بها، وكونها تمثل حلاً لمشكلة الغزو والقتل التي كانوا يعانون منها .. فقد كان المجتمع العالمي في عصره صلی الله علیه و آله مجتمع تمييزٍ حادٍ على أساس قومي وقبلي وطبقي . . وكان يحكمه (قانون الغلبة والقوة) فالغالب على حق دائماً سواء كان حاكماً، أو قبيلة، أو فارساً، أو صعلوكاً !! فما دام استطاع أن يقهر الآخرين، أو يغزوهم ويقتلهم ويسرق أموالهم، أو يغصبها منهم عنوة، أو يحتال عليهم بحيلة . . فهو على حق !

ص: 75

فجاءت تشريعات الإسلام لتلغي ذلك كله، وتعلن تساوي الناس أمام الشرع والقانون، وتحرم كل أنواع الاعتداء على الحقوق الشخصية، وتؤسس احترام الإنسان وكرامته وملكيته . وقدكان لهذه التشريعات والتوجيهات النبوية، تأثير كبير على مجرى احترام الإنسان وماله وعرضه ورأيه في حياة النبي صلی الله علیه و آله .

أما بعد وفاته فنلاحظ هبوط هذه القيم والقوانين هبوطاً حاداً بعد النبي صلی الله علیه و آله .. وأن أكثر الناس احتراماً للإنسان وحرياته المشروعة، هم عترة النبي وأهل بيته الطاهرون علیهم السلام،ثم الأقرب منهم فالأقرب !

فعلي علیه السلام هو الحاكم الوحيد بعدالنبي صلی الله علیه و آله الذي لم يجبر أحداً على بيعته، ولم يستعمل قانون الطوارئ أو الأحكام العرفية، ولا أي قانون استثنائي حتى مع خصومه والممتنعين عن بيعته، بل حتى في حروبه! مع أنه ابتلي بثلاثة حروب استوعبت مدة خلافته كلها !

بينما استعمل أبو بكر وعمر قانون الجاهلية في القهر والغلبة في السقيفة ضد الأنصار، وهموا بقتل سعد بن عبادة ! ثم هاجموا الممتنعين عن بيعتهم وهم مجتمعون في بيت علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام، مع أنهم في عزاء بوفاة النبي صلی الله علیه و آله ! وهددوهم بإحراق البيت عليهم إن لم يخرجوا ويبايعوا! ولما تأخروا عن الخروج أشعلوا النار في الحطب، وأحرقوا الباب !!

12- إعلان النبي صلی الله علیه و آله فريضة التمسك بالثقلين القرآن والعترة

ص: 76

روت مصادرنا تأكيد النبي صلی الله علیه و آله في خطب حجة الوداع على الثقلين القرآن والعترة، في خطبة الغدير، وخطبة مسجد الخيف أيضاً، وربما في غيرها من خطب حجة الوداع . .

أما مصادر السنيين فقد روت بشكل واسع تأكيده على الثقلين القرآن والعترة في خطبة غدير خم فقط، وصححوا روايتها، وألف محدثوهم فيها كتباً مستقلة، منها كتاب الولاية للطبري المعروف، الذي جمع طرق أحاديث الغدير وأسانيدها في مجلدين !

أما في غير خطبة الغدير من خطب الوداع: فقد روى الوصية بالكتاب والعترة الترمذي: 5/ 328، قال: (عن جابر بن عبد الله قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول: يا أيها الناس، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي . وفي الباب عن أبي ذر، وأبي سعيد، وزيد بن أرقم، وحذيفة بن أسيد . هذا حديث غريب حسن، من هذا الوجه . وزيد بن الحسن قد روى عنه سعيد بن سليمان، وغير واحد من أهل العلم) .

أما غير الترمذي من صحاحهم المعروفة فروت وصية النبي صلی الله علیه و آله في حجة الوداع بالكتاب وحده، بدون العترة ! ففي صحيح مسلم: 4/41: (وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به: كتاب الله) . ومثله في أبي داود: 1/427، وسنن البيهقي: 5/8، ونحوه في ابن ماجة: 2/1025، وفي مجمع الزوائد: 3/265: بصيغة (أيها الناس إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله فاعملوا به) . انتهى .

لكن المتتبع لأحاديث الباب يطمئن بأنهم أسقطوا لفظ العترة من روايتهم، بسبب رقابة قريش على أحاديث نبيها صلی الله علیه و آله ! والدليل على ذلك أن نفس

ص: 77

المصادر التي روت هذا الحديث ناقصاً في حجة الوداع، روته تاماً في غيرها، فيحمل الناقص على التام ! فقد روى مسلم والبيهقي وابن ماجة والهيثمي وصية النبي صلی الله علیه و آله بالقرآن والعترة معاً، وتأكيداته المتكررة على ذلك .. بروايات متعددة! ففي صحيح مسلم: 7/122: (عن زيد بن أرقم: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خماً، بين مكة والمدينة، فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي . فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد، أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده . قال: ومن هم ؟ قال: هم آل علي علیهم السلام وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس . قال: كل هؤلاء حرم الصدقة ؟ قال نعم). انتهى . ورواه البيهقي في سننه 7/30 و10/114 .

وفي مجمع الزوائد: 1/170: (عن زيد بن ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إني تركت فيكم خليفتين: كتاب الله، وأهل بيتي، وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض . رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات) . ورواه بنحوه: 9/162 وقال: رواه أحمد وإسناده جيد . وأما أبو داود فهو وإن لم يرو حديثاً صريحاً في الثقلين، لكنه عقد في سننه: 2/309 كتاباً باسم (كتاب المهدي)، روى فيه حديث الأئمة الإثني عشر وبشارة النبي صلی الله علیه و آله بالإمام المهدي وأنه من ذرية علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام، وروى عن النبي صلی الله علیه و آله قوله: (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً) . انتهى .

ص: 78

ومما يدل على أن الوصية بالعترة حذفت من خطب حجة الوداع: أن الكلام النبوي الذي هو جوامع الكلم، له خصائص يتفرد بها .. منها أنه يستعمل تراكيب معينة لمعان معينة لا يستعملها لغيرها، فهو بذلك يشبه القرآن . وتركيب (إني تارك فيكم .. ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي) خاص لوصيته للأمة بالقرآن والعترة، ولم يستعمله صلی الله علیه و آله في غيرهما أبداً .. ولذلك عندما قال لهم في مرض وفاته: إيتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً .. فهمت قريش أنه يريد أن يلزم المسلمين بإطاعة الأئمة من عترته بشكل مكتوب، فرفضت ذلك بصراحة ووقاحة ! وقد روى البخاري هذه الحادثة في ستة أماكن من صحيحه ! !

كما روت مصادرهم أن عمر افتخر في خلافته، بأنه بمساعدة قريش حال دون كتابة ذلك الكتاب !!

وعليه، فإن ورود هذا التركيب في بعض نصوص خطب حجة الوداع للقرآن وحده بدون ذكر العترة، يخالف الأسلوب النبوي في تعبيره المبتكر للوصية بهما معاً .. خاصة وأن الترمذي وغيره رووهما معاً !

وستعرف ما يؤكد ذلك من أحاديث بشارة النبي صلی الله علیه و آله لأمته في خطبة عرفات باثني عشر إماماً بعده، ومن تأكيده على الكتاب والعترة في خطبة الغدير.

13- بشارة النبي صلی الله علیه و آله أمته بالأئمة الإثني عشر من بعده

ص: 79

من الحقائق الاسلامية الكبيرة التي عتمت عليها مصادر أتباع الخلافة القرشية . . أن النبي صلی الله علیه و آله بشر الأمة في أهم خطبة له في حجةالوداع في عرفات، بالأئمة الإثني عشر من عترته علیهم السلام ! فقد اتفق الجميع على صحة الحديث بذلك، لكن زعمت مصادر السنيين أن المسلمين لغطوا وضجوا عندما وصل النبي صلی الله علیه و آله الى تعيين هوية هؤلاء الأئمة، فلم يسمعوا جيداً، فقال لهم بعضهم إنهم من قريش لا من بني هاشم فقط !!

روى البخاري في صحيحه: 8/127: عن (جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكون اثنا عشر أميراً، فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش) !

وفي صحيح مسلم: 6/3: (جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لايزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال ؟ فقال: كلهم من قريش) !

ثم روى مسلم رواية ثانية نحوها، قال فيها (ثم تكلم بشئ لم أفهمه) .

ثم روى ثالثة جاء فيها: (لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى إثني عشر خليفة، فقال كلمة صَمَّنِيَها الناس ! فقلت لأبي: ما قال ؟ قال: كلهم من قريش) . انتهى .

ولم يصرح البخاري ولم يشر إلى أن هذا الحديث جزء من خطبة حجة الوداع في عرفات ! وقلدته أكثر المصادر في ذلك ! لكن عدداً منها (نسي) ونص عليه، ففي مسند أحمد: 5/93 و96 و99: (عن جابر بن سمرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات، فقال . . .) وفي ص 87:

ص: 80

(يقول في حجة الوداع ...) . وفي ص 99 منه: (وقال المقدمي في حديثه: سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله يخطب بمنى) . انتهى .

وستعرف أنه صلی الله علیه و آله كرر هذا الموضوع المهم في عرفات، وفي منى عند الجمرة يوم العيد، وفي اليوم الثاني .. ثم في اليوم الثالث في مسجد الخيف . ثم أعلنه صريحاً قاطعاً إلزامياً .. في غدير خم !

فماهي قصة الأئمة الإثني عشر ؟ ولماذا طرحها النبي صلی الله علیه و آله على أكبر تجمع للمسلمين، وهو يودع أمته ؟!

يجيبك البخاري: إن الأئمة بعد النبي صلی الله علیه و آله هم أبو بكر وعمر، وهؤلاء الإثنا عشر ليسوا أئمة تجب طاعتهم دون سواهم، بل هم أمراء صالحون سوف يكونون في أمته في زمن ما، وقد أخبر صلی الله علیه و آله أمته بما أخبره الله تعالى من أمرهم، وأنهم جميعاً من قريش، لا من بني هاشم وحدهم، بل من البضع وعشرين قبيلة التي تتكون منها قريش، وليس فيهم أحد من الأنصار، ولا من قبائل العرب الأخرى، ولا من غير العرب .. وهذا كل ما في الأمر .

وتسأل البخاري: لماذا أخبر النبي صلی الله علیه و آله أمته في حجة الوداع في عرفات بهؤلاءالإثني عشر؟ وماهو الأمر العملي الذي يترتب على ذلك؟!

يجيبك: بأن الموضوع مجرد خبر فقط، فقد أحب النبي صلی الله علیه و آله أن يخبر أمته بذلك، لكي تأنس به ! فكأن الموضوع عند البخاري مجرد خبر صحفي ليس فيه أي عنصر عملي !!

والنتيجة: أن البخاري لم يروِ في صحيحه في الأئمة الإثني عشر إلا هذه الرواية اليتيمة المجملة المبهمة، التي لا يمكنك أن تفهمها أنت ولا قومك ! بينما روى عن حيض أم المؤمنين عائشة في حجة الوداع روايات عديدة، واضحة

ص: 81

مفهومة، تبين كيف احترمها النبي صلی الله علیه و آله وأرسل معها من يساعدها على إحرامها وعمرتها .. إلخ .

أما مسلم فكان أكرم من البخاري قليلاً، لأنه اختار رواية يفهم منها أن هؤلاء الإثني عشر هم خلفاء، يحكمون بعد النبي صلی الله علیه و آله !

ويفرح المسلم بحديث مسلم هذا، لأنه يعني أن الله تعالى قد حل مشكلة الحكم في الأمة بعد نبيه صلی الله علیه و آله، فهؤلاء أئمة معينون من الله تعالى على لسان نبيه، ويستمدون شرعيتهم من هذا التعيين، ولا يحتاج الأمر إلى سقيفة واختلافات ثم إلى صراع دموي على الحكم من صدر الإسلام إلى يومنا هذا .. وملايين ملايين الضحايا على مذبح الخلافة .. وانقساماتٍ في الأمة أدت إلى تراكم ضعفها .. حتى انهارت خلافتها وكيانها على يد العثمانيين !

ولكن رواية مسلم تقول: كلا لم تحل المشكلة، لأن النبي صلی الله علیه و آله أخبر عنهم إخباراً مجملاً ! ولم يخبر المسلمين عن هويتهم وأسمائهم ؟ ولم يسأله أحد من عشرات الألوف الذين أخبرهم بهذا الموضوع الخطير: من هم يا رسول الله ؟! ولو أن أحداً سأله عنهم فسماهم أو سمى الأول منهم، لرضيت بذلك كل قبائل قريش وسلمت إليهم الأمر ولم تنازعهم، لأنها قبائل مؤمنة مخلصة، مترفعة عن حطام الدنيا، مطيعة لله تعالى ولرسوله !!

وكأن مسلماً يقول: مع أن روايتي فيها إضافة على ما رواه البخاري فأنا لا أزيد على ماقال: كلا، كلا . . إن هؤلاء الأئمة هم أناس ربانيون فقط، يعز الله بهم الإسلام، وهم من قريش .. من قريش .. هذا كل ما في الأمر !!

وهكذا لا يمكنك أن تصل من البخاري ومسلم إلى نتيجة مقنعة في أمر هؤلاء الأئمة الإثني عشر.. فقد أقفل الشيخان عليك الأبواب، وقالا لك مقولة

ص: 82

قريش: إن نبيك تحدث في حجة الوداع عن رائحة الأئمة الإثني عشر فقط .. فَشُمَّهَا واسكت !

ولكنك لا تعدم الكشف عن عناصر مفيدة من مصادر قرشية أخرى، أقل مراعاة من البخاري ومسلم للسياسة وأهلها، أو أن ظروف أصحابها أحسن من ظروفهما ! فقد رووا كلمة (بعدي) بصيغ أكثر دلالة على أنهم يكونون مباشرة بعد النبي صلی الله علیه و آله . روى أحمد في مسنده: 5/92: عن نفس الراوي جابر السوائي قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون (بعدي) . . وروى في نفس الصفحة عن نفس الراوي جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش . قال ثم رجع إلى منزله فأتته قريش فقالوا: ثم يكون ماذا ؟ قال ثم يكون الهرج . انتهى .

ففي الروايتين كلمة (بعدي) التي يفهم منها أنهم يكونون بعده مباشرة .

والرواية الثانية تكشف عن اهتمام قريش بالموضوع، وسؤالهم عن هؤلاء الأئمة الربانيين، وأن القصة في المدينة، لا في حجة الوداع !

وقد تكررت كلمة بعدي، ومن بعدي، في عدد من روايات الحديث .

منها ما رواه أحمد أيضاً في: 5/94: عن نفس الرواي (يكون بعدي اثنا عشر أميراًَ، ثم لا أدري ما قال بعد ذلك، فسألت القوم . .) .

وفي: 5/99 و108: عن السوائي أيضاً (يكون من بعدي اثنا عشر أميراً فتكلم فخفي علي فسألت الذي يليني أو إلى جنبي، فقال كلهم من قريش).

وفي سنن الترمذي: 3/340: (يكون من بعدي اثنا عشر أميراً، قال: ثم تكلم بشئ لم أفهمه، فسألت الذي يليني فقال قال: كلهم من قريش) .

ص: 83

وفي تاريخ البخاري: 1/446 رقم 1426: (عن جابر بن سمرة أيضاً أنه سمع النبي صلی الله علیه و آله قال: يكون بعدي اثنا عشر خليفة) .

وفي الصواعق المحرقة لابن حجر /20: (قال: خرج أبو القاسم البغوي بسند حسن، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون خلفي اثنا عشر خليفة) . انتهى .

إذن، فقد طرح النبي صلی الله علیه و آله في حجة الوداع أمر الحكم من بعده، وأخبر عن ربه عزوجل بأن حكم الأمة الشرعي يكون لاثني عشر! ولكن ذلك لايحل مشكلة الباحث بل يفتح باب الأسئلة على قريش ورواتها: السؤال الأول: لماذا نرى أن روايات هذه القضية الضخمة تكاد تكون محصورة عندهم براوٍ واحد، هو جابر السوائي، الذي كان صغيراً في حجة الوداع صبياً ابن عشر سنوات ! ألم يسمعها غيره ؟ ألم يروها غيره من كل الصحابة الذين كانوا حاضرين ؟ !

أم رواها غيره .. ولكن رواية جابر فازت بالجائزة، لأنها أحسن رواية ملائمة للخلافة القرشية، فاعتمدتها وسمحت بتدوينها !

السؤال الثاني: كان المسلمون يسألون النبي صلی الله علیه و آله عن صغير الأمور وكبيرها، حتى في أثناء خطبه، وهذه الروايات تقول إنه أخبرهم بأمر كبير خطير، عقائدي، عملي، مصيري، مستقبلي . . وتدعي أنه أجمله إجمالاً، وأبهمه إبهاماً .. ثم لا تذكر أن أحداً من المسلمين سأله عن هؤلاء الأئمة الربانيين، وما هو واجب الأمة تجاههم ؟!

وإذا كانت (قريش) قد ذهبت إلى النبي صلی الله علیه و آله في بيته في المدينة، كما يقول نفس الراوي في حديث آخر، وطرقت عليه بابه لتسأله عما يكون بعد مضي

ص: 84

هؤلاء الإثني عشر وانتهاء عهودهم .. فهل يعقل أنها لم تسأله عنهم، وعما يكون في زمانهم ؟!

وعندما يقول رواة حديث في المدينة (قريش) فهي تعني عمر وأبا بكر فقط .. وما دامت قريش هذه سألته عنهم فأين جوابه صلی الله علیه و آله ؟!

نكتفي بما تقدم، ونحيل في هذا الموضوع على كتاب الغدير للعلامة الأميني رحمة الله، وآيات الغدير - مركز المصطفى للدراسات الاسلامية .

14- إعلان النبي صلی الله علیه و آله علياً ولياً للأمة بعده والإمام الأول من الإثني عشر

من الحقائق المتفق عليها من أعمال النبي صلی الله علیه و آله في حجة الوداع.. أنه أوقف الحجيج الذين كانوا معه في طريق العودة، في الصحراء في لهب الظهيرة، في مكان يسمى غدير خم، قرب رابغ .. لأن الله تعالى أمره بأمر، وأمره أن يوقفهم ويبلغهم إياه هناك !!

وخطب فيهم خطبة وداع، وأصعد معه علياً على المنبر، وأوصى مؤكداً بكتاب الله وعترته أهل بيته، ثم أمسك بيد علي علیه السلام ورفعها معرفاً له، وقال فيما قال: (ألا من كنت مولاه فعلي مولاه) !

وبعد الخطبة أمرهم أن ينصبوا لعلي علیه السلام خيمة ويهنئوه بولايته عليهم التي نزلت من عند الله، فهنؤوه، وهنأه عمر قائلاً: (بخ بخ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مسلم) . تاريخ بغداد: 8/290، وشواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: 1/158، والغزالي في سر العالمين ص 21 .

ص: 85

وهكذا جاء إعلان النبي صلی الله علیه و آله علياً علیه السلام ولياً وخليفة وإماماً للأمة من بعده، فصيحاً صريحاً في خطبة خاصة، وفي مكان لاينسى، حيث أوقف النبي صلی الله علیه و آله الحجيج في حر الظهيرة في غير منزل، ورفع بيد علي.. الخ.

كان هذا العمل النبوي تتويجاً لما بلَّغه عن ربه عز وجل في أهل بيته .. وقد تحملته قريش على مضض كبير، وما كان لها أن تتحمله لولا أن الله تعالى عصم نبيه من ردة فعلها، وقال له: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس، إن الله لايهدي القوم الظالمين) . ولا يتسع المجال لبحث نص الخطبة النبوية وأسانيدها ودلالتها .. وقد تكفلت بذلك مصادر الحديث والكلام، ومن أقدمها كتاب (الولاية) للطبري السني، ومن أواخرها كتاب (الغدير) للعلامة الأميني رحمة الله .

يوم الغدير.. فرحت فاطمة

الزهراء علیها السلام واطمأنت، فقد أكمل الله دينه وأتم نعمته، عليها وعلى الأمة بولاية بعلها علي علیه السلام والأئمةالمعصومين من أولادها وأقام النبي صلی الله علیه و آله الحجة على الأمة فأبلغها ذلك، وأعلن علياً ولياً من بعده . .

لكن فاطمة علیها السلام أوفر عقلاً وأبعد نظراً، من أن تؤخذ بسكوت قريش، أو ببيعتها لعلي علیه السلام وتهنئتها له، أو ببخبخة زعيمها الجديد عمر بن الحطاب، الذي اتفقت عليه بطون قريش ليقوم بنزع الخلافة من بني هاشم ويعطيها لهم !

لقد كانت فرحة فاطمة علیها السلام بمنطقها ومنطق أبيها، الذي هو أعلى من منطق اللعب السياسية القرشية .. كان فكر النبي صلی الله علیه و آله ربانياً بمستوى أعلى من البيعة.. بمستوى الأمر الإلهي والاختيار الإلهي، الذي لاخيرة فيه لأحد، ولا محل فيه للبيعة، إلا إذا طلبها من الناس النبي أو الوصي فتجب. فهذا هو منطق التبليغ، وحسب! ولذلك لم يشاورهم النبي صلی الله علیه و آله في بيعة علي علیه السلام، لأن اختيار الله تعالى

ص: 86

لايحتاج إلى مشورتهم ولا بيعتهم ولا رضاهم.. لقد أمر الله تعالى رسوله صلی الله علیه و آله أن يشاورهم ليتألفهم، ويسيّرهم معه في الطريق الصحيح.. وفي نفس الوقت أمره: إذا عزمت فتوكل، ولا تسمع لكلام مخلوق، لأنك تسير بهدى الخالق!

أما إذا عزم الله تعالى واختار ولياً بعد نبيه صلی الله علیه و آله، وقال لنبيه بلغ ولا تخف، ولست مسؤولاً عن إطاعة من أطاع ومعصية من عصى .. فليس للمشاورة ولا للبيعة محل من الإعراب !

لقد طلب منهم الرسول صلی الله علیه و آله تهنئة علي علیه السلام إقراراً بالإختيار الإلهي، وهي تهنئةٌ أقوى من البيعة وألزم منها للأعناق ..

ثم ليفعلوا بعدها ما يحلو لهم.. فإنما على النبي صلی الله علیه و آله أن يبلغهم، وحسابهم على من يملك كل الأوراق، ويملك الدنيا والآخرة، ويفعل ما يريد . . سبحانه وتعالى !

ومضافاً الى التهنئة، طلب منهم النبي صلی الله علیه و آله البيعة لعلي علیه السلام، ومعناه أنه طلب منهم أيضاً إعلان التزامهم بإطاعة علي علیه السلام .. فأعلنوا !

لكن الأمر لا يختلف من ناحية شرعية وحقوقية، فسواء أمرهم ببيعة علي علیه السلام أم بتهنئته فقط .. فإن تبليغ الولاية أقوى من التهنئة، والتهنئة أقوى من البيعة، فالتبليغ اصطفاء .. والتهنئة اعترافٌ وتبريك .. والبيعة تعهدٌ بالإلتزام .

لقد سكتت قريش آنياً بسبب أنهالم تكن حاضرةً كلها في الجحفة .. وبسبب عنصر المفاجأة، وظرف المكان والزمان ! ولعلها كانت تقنع نفسها بأن المنطق النبوي يبقي لها مساحة للعمل .. فالباب مفتوح أمامها للتصرف !! أما في المنطق النبوي فقد حسم الأمر .. ومن شاء فليكفر، ولْيهلكْ من هلك عن بينة، وليحي من حيَّ عن بينة .

ص: 87

وهذا نفسه منطق فاطمة علیها السلام .. فعندما أدانت هي وعلي علیه السلام بيعة السقيفة، وقررا أن يستنهضا الأنصار ويطالباهم بالوفاء ببيعة العقبة، التي شرط عليهم النبي صلی الله علیه و آله فيها أن يحموه وأهل بيته وذريته، مما يحمون منه أنفسهم وذراريهم، فبايعوه على ذلك ! كان قول أكثرهم: يابنت رسول الله، لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لأبي بكر، ما عدلنا بعلي علیه السلام أحداً ! فقالت الزهراء علیها السلام:

وهل ترك أبي يوم غدير خمٍّ لأحد عذراً .. !! (الخصال 1/173)

إن منطق الاسلام والتسليم والرضابالله تعالى وماأنزله على رسوله صلی الله علیه و آله .. منطقٌ مطهرٌ من تثاقل المثَّاقلين إلى الأرض وتفكيرهم . ذلك أن الزهراء علیها السلام كأبيها ذات شخصية واحدة .. وعالم واحد موحَّد موحِّد .. منسجمٌ دائماً . وليس لها كغيرها شخصيتان: واحدةٌ رسالية والأخرى شخصية، تغلب هذه مرة وهذه مرة !! وهي لذلك ترى أن أباها قد أقام الحجة لربه كاملةً غير منقوصة، في كل قضايا الاسلام، ومن أعظمها حق زوجها علي علیه السلام، وولديها الحسن والحسين علیهم السلام والأئمة من ذرية الحسين، الذين أعطاهم الله حق الولاية على الأمة بعد نبيها !

وبهذا المنطق قالت الزهراء علیها السلام للأنصار: إن جوابكم لي جواب سياسي.. ومنطق الحجة الإلهية أعلى من منطق اللعب السياسية، ومهيمنٌ عليه، ومتقدم عليه رتبةً، وفاضحٌ له! فقد بلَّغ أبي صلی الله علیه و آله عن ربه، وأخبركم أن المالك العظيم سبحانه قد قضى الأمر، وجعل لأمة رسوله أولياء بعد نبيه .. وما ذنبنا أن كان الأولياء منا، ومتى كان لكم الخيرة من أمركم حتى تختاروا زيداً أو عمرواً، بعد أن قضى الله ورسوله أمراً !!

ص: 88

فالحجة عليكم تامةٌ من أبي، والآن مني، ونعم الموعدُ القيامة، والزعيم محمد صلی الله علیه و آله .. وعند الساعة يخسر المبطلون !

ص: 89

ص: 90

الفصل الرابع: فاطمة علیها السلام وعلي علیهما السلام في حجة الوداع

اشارة

ص: 91

ص: 92

1- العظماء الخمسة

كان المسلمون في المدينة إذا ذكروا اسم النبي صلی الله علیه و آله، تبادر الى ذهنهم معه اسم علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام والحسن والحسين علیهم السلام .. فهؤلاء هم أسرة النبي صلی الله علیه و آله اللصيقون به، الذائبون فيه، الذين يتعلق بهم النبي صلی الله علیه و آله تعلقاً خاصاً لا يشبهه تعلقه بأحد من الناس أبداً . .

فعلي علیه السلام . . هو التلميذ والعضد والمعتمد، والوزير وابن العم والصهر، والمعبر عن النبي صلی الله علیه و آله الناطق باسمه، ورجل المهام الكبرى، وحامل لوائه دائماً، الذي فلَّ جيوش المشركين، وجندل أبطال العرب وقريش، وأقام النائحات عليهم .. وهو الذي لم يفر عن رسول الله في معركة أبداً، كما فعل غيره .

وفاطمة علیها السلام . . سيدة نساء العالمين، ذات المكانة المميزة عند النبي صلی الله علیه و آله، والشخصية الأكثر تمييزاً .. يعاملها النبي صلی الله علیه و آله كأنها ابنته الوحيدة، وكأن بناته غيرها ربائبه .. وآخر ما يقوم به النبي صلی الله علیه و آله قبل سفره من المدينة أن يودع فاطمة علیها السلام، وأول مايقوم به بعد أن يرجع، أن يزور فاطمة علیها السلام .. وإذا دخلت عليه وقف لها احتراماً، وقبل يدها وأجلسها في مجلسه .

ص: 93

والحسن والحسين .. سيدا شباب أهل الجنة، السبطان اللذان بشره بهما جبرئيل واختار الله اسميهما، وسماهما النبي صلی الله علیه و آله ابنيه وسبطيه .. أخوان كالتوأم، عليهما ملامح جدهما النبي صلی الله علیه و آله وأنواره، يعيشان مع النبي صلی الله علیه و آله ويدرجان حوله فيقبلهما ويضمهما، ويبلغ الأمة مقامهما عند الله .. ويمرضان، فيزورهما النبي صلی الله علیه و آله ويزورهما زعماء العرب ! فقد ذكر ذلك المفسرون السنة والشيعة في تفسير سورة (هل أتى) كما في طرائف السيد ابن طاووس ص 107، عن تفسير الثعلبي من عدة طرق، منها عن ابن عباس قال: (مرض الحسن والحسين فعادهما جدهما رسول الله ومعه أبو بكر وعمر وعادهما عامه العرب فقالوا: يا أبا الحسن لو نذرت على ولديك نذراً ... فقال: أصوم ثلاثة أيام شكراً لله، وكذلك قالت فاطمة علیها السلام، وقال الصبيان نحن أيضاً نصوم ثلاثة أيام وقالت جاريتهم فضة . فألبسهما الله عافيته، فأصبحوا صياماً وليس عندهم طعام . . . الخ .) .

2- علي علیه السلام فاتح اليمن

في حجة الوداع كما في فتح مكة .. كانت الزهراء علیها السلام والحسنان علیهم السلام في رفقة النبي صلی الله علیه و آله، يحجون معه حجة الوداع ..

أما علي علیه السلام فكان في مهمة استكمال فتح اليمن، التي استعصت ستة أشهر على جيش بعثه النبي صلی الله علیه و آله بقيادة خالد بن الوليد! فبعث علياً المذخور للمهمات.. قال الطبري في تاريخه:2/389: (عن البراء بن عازب قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الاسلام، فكنت فيمن سار معه فأقام عليه ستة أشهر لا يجيبونه إلى شئ، فبعث

ص: 94

النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأمره أن يقفل خالد ومن معه، فإن أراد أحد ممن كان مع خالد بن الوليد أن يعقب معه، تركه .

قال البراء: فكنت فيمن عقب معه فلما انتهينا إلى أوائل اليمن بلغ القوم الخبر فجمعوا له، فصلى بنا علي علیه السلام الفجر فلمافرغ صفنا صفاً واحداً، ثم تقدم بين أيدينا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان كلها في يوم واحد !

وكتب بذلك إلى رسول الله صلىالله عليه وسلم فلما قرأ كتابه خر ساجداً، ثم جلس فقال: السلام على همدان، السلام على همدان . ثم تتابع أهل اليمن على الاسلام) . انتهى .

وهذه الرواية عن مناطق همدان وهي ثقل مهم في اليمن، لكن بقية مناطقها احتاجت الى حروب خاضها علي علیه السلام .. واستعمل في بعضها المعجزة التي خصه بها النبي صلی الله علیه و آله، لأن الله أراد لليمن أن تدخل في الاسلام !

ففي الثاقب في المناقب لابن حمزة ص 68: (عن حنش بن المعتمر، عن علي علیه السلام أنه قال: دعاني رسول الله صلی الله علیه و آله، فوجهني إلى اليمن لأصلح بينهم، فقلت: يا رسول الله إنهم قوم كثير لهم سن وأنا شاب حدث، قال يا علي إذا صرت بأعلى عقبة أفيق فناد بأعلى صوتك: يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمد رسول الله يقرؤكم السلام !

قال: فذهبت فلما صرت بأعلى عقبة أفيق أشرفت على أهل اليمن، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي مشرعون رماحهم، مشرعون أسنتهم، متنكبون قسيهم، شاهرون سلاحهم، فناديت بأعلى صوتي: يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمد رسول الله يقرؤكم السلام ! فلم يبق شجرٌ ولا مدرٌ ولا ثرى إلا ارتج بصوت

ص: 95

واحد: وعلى محمد رسول الله السلام، وعليك السلام ! فاضطربت قوائم القوم وارتعدت ركبهم، فوقع السلاح من أيديهم وأقبلوا إلَّي مسرعين، فأصلحت بينهم، وانصرفت عنهم). انتهى .

ويظهر أن هذه المعجزة كانت في مهمة سابقة لعلي علیه السلام في اليمن .. أما هذه فكانت آخر مهماته لتكميل فتح المناطق النائية منها .. وسرعان ما وصلت رسائله بالنصر المتتابع الى النبي صلی الله علیه و آله، ففرح بذلك النبي صلی الله علیه و آله وفرحت فاطمة علیها السلام .. وأرسل الى علي علیه السلام أن يوافيه الى مكة لحجة الوداع .

كانت الزهراء علیها السلام تعيش مع ربها العظيم وهي قاصدة حج بيته الحرام وتنعم مع أولادها في ظل أبيها سيد الأنبياء وسيد الآباء، وتنتظر أن توافي بعلها الفريد علياً عندما تصل الى مكة، حيث سيعود منتصراً من مهمته الرسولية في اليمن ..

لكنها ما زالت تفكر في مؤامرات قريش على علي علیه السلام، وحسدها لأهل بيت النبي علیهم السلام، وغيظها كيف أعطى الله آل محمد .. ولم يعطهاً ؟!

وما زالت فاطمة علیها السلام تذكر أن قريشاً واليهود أفرطوا في حسدهم لمحمد وآل محمد وبني هاشم، حتى أنزل فيها قوله: (ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت، ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا ! أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا . أم لهم نصيب من الملك، فإذا لا يؤتون الناس نقيرا . أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ن فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكاً عظيما) . سورة النساء 51- 54

لقد شهدت فاطمة علیها السلام قبل أيام واحدة من معارك الحسد القرشي التي استهدفوا فيها شخصية علي! فقد جاء من اليمن وفد مبعوث برسالة من خالد بن

ص: 96

الوليد، يحملها بريدة الأسلمي، ويشكون فيها الى النبي صلی الله علیه و آله من علي علیه السلام، ويتهمونه أنه خان بيت المال !

وقبل أن تصل الرسالة الى النبي صلی الله علیه و آله تلقفها حساد قريش المرجفون، وأشاعوا في المدينة بأن علياً خان أمانة المسلمين، وأخذ من الفئ جارية وتزوجها !

قال أحمد بن حنبل في مسنده: 5/ 356: (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: بعث رسول الله صلی الله علیه و آله بعثين على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال: إذا التقيتم فعلي علیه السلام على الناس، وإذا افترقتما فكل واحد منكما على جنده . فلقينا بني زيد من اليمن فاقتتلنا فظفر المسلمون على المشركين، فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى علي علیه السلام من السبي امرأة لنفسه .

قال بريدة: وكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلی الله علیه و آله يخبره بذلك، فلما أتيت النبي صلی الله علیه و آله دفعت الكتاب إليه فقرئ عليه، فرأيت الغضب في وجه رسول الله، فقلت: يا رسول الله هذا مكان العائذ بك، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أرسلت به . فقال رسول الله: يا بريدة لا تقع في علي علیه السلام، فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي !!) . انتهى.

وقصة بريدة حجة بالغة، فقد وصل الغضب النبوي فيها أقصاه، حتى أنه قال لبريدة: أنافَقْتَ بعدي يا بريدة ؟!! وقد روى ذلك ابن عساكر في تاريخ مدينة دمشق: 42/191 قريباً مما في مصادرنا، قال: (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال بعث رسول الله علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد كل واحد منهما وحده وجمعهما فقال إذا اجتمعتما فعليكم علي علیه السلام، قال فأخذنا يميناً أو يساراً، قال

ص: 97

فأخذ علي علیه السلام فأبعد (أي راوح خالد بجيشه مكانه، بينما توغل علي علیه السلام بجيشه في فتح اليمن) فأصاب سبياً فأخذ جارية من الخمس، قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضاً لعلي علیه السلام، وقد علم ذلك خالد بن الوليد، فأتى رجل خالداً فأخبره أنه أخذ جارية من الخمس فقال ما هذا، ثم جاء آخر ثم أتى آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك، فدعاني خالد فقال: يا بريدة قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله فأخبره، وكتب إليه فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله، فأخذ الكتاب فأمسكه بشماله، وكان كما قال الله عز وجل لا يكتب ولا يقرأ، وكنت رجلاً إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي أو تكلمت فوقعت في علي علیه السلام حتى فرغت، ثم رفعت رأسي فرأيت رسول الله قد غضب لم أره غضب مثله قط إلا يوم قريظة والنضير !! فنظر إلي فقال: يا بريدة إن علياً وليكم بعدي، فأحب علياً فإنه يفعل ما يؤمر ! قال فقمت وما أحد من الناس أحب إلي منه .

وقال عبد الله بن عطاء: حدثت بذلك أبا حرب بن سويد بن غفلة فقال كتمك عبد الله بن بريدة بعض الحديث، أن رسول الله قال له أنافقتَ بعدي يا بريدة ؟!) . وقال لبريدة كما في المسترشد للطبري الشيعي ص 620 وغيره: (يا بريدة ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت بلى، قال: من كنت مولاه فعلي علیه السلام مولاه، هو وليكم من بعدي يا بريدة) وقال له: إن نصيب علي علیه السلام من الخمس أكثر من جارية! وقال له: لاتقع في علي علیه السلام فإنه مني وأنا منه .. الخ .

ولم يكتف النبي صلی الله علیه و آله بما قاله لبريدة، لأن الخطر أكبر من بغض بريدة وخالد لعلي علیه السلام .. إنه خطر الحسد القرشي لما آتاه الله لآل محمد من وراثة

ص: 98

الكتاب الالهي والحكمة والملك العظيم ! فصعد النبي صلی الله علیه و آله المنبر وبلغ المسلمين فضل علي علیه السلام وحقه على الأمة، وفضح حاسديه !

كانت فاطمة علیها السلام مطمئنة الى حماية أبيها لبعلها في حياته، لأنه ثقته وعضده، ووصيه بأمر ربه، وكانت تأمل أن يضع النبي صلی الله علیه و آله الأمور في نصابها في حجة الوداع .. لكنها كانت قلقة من مكر قريش وخططها !

3- من تحريكات الحزب القرشي ضد علي علیه السلام

اقترب جيش علي علیه السلام من مكة من ناحية اليمن . . وعرف علي علیه السلام أن موكب النبي صلی الله علیه و آله اقترب منها من جهة المدينة.. فاستخلف قائداً علىجيشه، وبادر مسرعاً الى حبيبه النبي صلی الله علیه و آله لكي يتزود منه بعد فراق شهرين، ويقدم له تقريراً عن نعم الله تعالى بفتح اليمن، وترتيب إدارتها !

كانت غياب علي علیه السلام عن جيشه قصيراً ليوم أو يومين .. ولكنها كانت فرصة كافية لأتباع الحزب القرشي في جيشه، ليس للشكوى عليه الى النبي صلی الله علیه و آله هذه المرة، فقد بلغهم الرد النبوي الغاضب على شكوى خالد ! بل ليوقعوا بين علي علیه السلام وقادة جيشه ! فأقنعوا خليفته أن يعطي الى وجهاء الجيش حلل الجزية النجرانية . . فأعطاهم إياها ولبسوها !

قال المفيد الارشاد: 1/172: (وخرج أمير المؤمنين علیه السلام بمن معه من العسكر الذي كان صحبه إلى اليمن، ومعه الحلل التي أخذها من أهل نجران. فلما قارب رسول الله صلی الله علیه و آله مكة من طريق المدينة، قاربها أمير المؤمنين علیه السلام من طريق اليمن، وتقدم الجيشَ للقاء النبي صلی الله علیه و آله وخلَّف عليهم رجلاً منهم، فأدرك النبي عليه وآله السلام وقد أشرف على مكة، فسلم وخبَّره بما صنع وبقبض ما قبض، وأنه سارع للقائه أمام الجيش، فسُرَّ رسول الله صلی الله علیه و آله بذلك وابتهج بلقائه

ص: 99

وقال له: بما أهللت يا علي ؟ فقال له: يا رسول الله، إنك لم تكتب إلي بإهلالك ولا عرفتنيه فعقدت نيتي بنيتك وقلت: اللهم إهلالاً كإهلال نبيك وسقتُ معي من البدن أربعاً وثلاثين بدنة، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: الله أكبر، فقد سقتُ أنا ستاً وستين، وأنت شريكي في حجي ومناسكي وهديي، فأقم عل إحرامك وعد إلى جيشك فعجل بهم إلي، حتى نجتمع بمكة إن شاء الله، فودعه أمير المؤمنين علیه السلام وعاد إلى جيشه، فلقيهم عن قرب فوجدهم قد لبسوا الحلل التي كانت معهم، فأنكر ذلك عليهم، وقال للذي كان استخلفه فيهم: ويلك ما دعاك إلى أن تعطيهم الحلل من قبل أن ندفعها إلى النبي صلی الله علیه و آله، ولم أكن أذنت لك في ذلك ؟! فقال: سألوني أن يتجملوا بها ويحرموا فيها ثم يردونها علي علیه السلام . فانتزعها أمير المؤمنين علیه السلام من القوم وشدها في الأعدال فاضطغنوا لذلك عليه! فلما دخلوا مكة كثرت شكايتهم من أمير المؤمنين علیه السلام فأمر رسول الله صلی الله علیه و آله مناديه فنادى في الناس: (إرفعوا ألسنتكم عن علي بن أبي طالب فإنه خشن في ذات الله عز وجل، غير مداهن في دينه)، فكف الناس عن ذكره، وعلموا مكانه من النبي صلی الله علیه و آله، وسخطه على من رام الغميزة فيه !) . انتهى .

لكن هل يسكت الذين أكل الحسد قلوبهم ؟! لقد أشاعوا عن علي علیه السلام أنه تفاجأ عندما دخل بيته فوجد فاطمة علیها السلام قد أحلت من إحرامها، فأخبرته أن النبي صلی الله علیه و آله أمر بفصل العمرة عن الحج، إلا من ساق معه الهدي، فلم يثق بها وذهب محرشاً عليها أباها !! ففي سنن أبي داود:5/144 عن لسان علي علیه السلام ! (فانطلقت محرشاً أستفتي رسول الله، فقلت يا رسول الله إن فاطمة علیها السلام لبست ثياباً صبيغاً واكتحلت، وقالت أمرني به أبي ! قال صدقت صدقت صدقت أنا

ص: 100

أمرتها) . لكن النسائي رواه في: 1/428، عن جابر بن عبدالله.. وقال: (لم يذكر جابر فذهبت محرشاً، وذكر قصة فاطمة رضي الله عنها) . انتهى .

غير أن ابن كثير على عادته في التحامل على علي علیه السلام، روى أن علياً ذهب للتحريش، وحذف الاستفتاء ! قال في النهاية: 5/185: (فذهب محرشاً عليها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره أنها حلت ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت، وزعمت أنك أمرتها بذلك يارسول الله ؟! فقال: صدقت، صدقت، صدقت ! !) . انتهى .

ومعنى التحريش الشكاية للتحريك، وقد استعمل في قصة بريدة، وأن خالداً أرسله الى النبي صلی الله علیه و آله محرشاً على علي علیه السلام .. وقد يقال إن التحريش يستعمل بمعنى أخف لأنه ورد في رواياتنا، لكن ذلك بعيد، والأقرب أن بعض رواتنا متأثر بنص رواياتهم، فروى عنه الباقون .

وينبغي الالتفات هنا الى أن الحزب القرشي المخالف لعلي علیه السلام كان مولعاً بالتحريش، والاهتمام بأن يظهر علياً صهراً غير مناسب للنبي، وأن علاقته مع فاطمة الزهراء علیها السلام لم تكن كما ينبغي، وأنه لم يكن يصدق كلامها كما في قصة الإحرام ! وأنه خطب عليها ابنة أبي لهب أو ابنة أبي جهل، فغضب عليه النبي صلی الله علیه و آله وقال لا والله لاتجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عندك أبداً !! وقد تبنت الخلافة القرشية هذه المكذوبات ودونتها في صحاحها ! ورتب عليها فقهاؤهم أحكاماً بتحريم الزواج على بنت النبي صلی الله علیه و آله، استثناءً لها من نساء الأمة، لأن ذلك يؤذي النبي صلی الله علیه و آله !

ص: 101

هذا مع أنهم رووا قصة بريدة، وفيها أن علياً علیه السلام تسرى جاريةً من اليمن فشكاه خالد الى النبي صلی الله علیه و آله فقال: إن حق علي علیه السلام من الخمس أكثر من جارية ! ولم ينتقد النبي صلی الله علیه و آله عمل علي علیه السلام، ولا الزهراء علیها السلام علیهما السلام !

4- أضحية النبي صلی الله علیه و آله مئة من الإبل .. وعلي علیه السلام شريكه فيها ؟

ينبغي التعرض هنا الى أضحية النبي صلی الله علیه و آله بمئة ناقة، مع أن الواجب واحدة، وأشرك فيها علياً علیه السلام مع أن يجب أن تكون الأضحية معينة، ولا يصح الاشتراك المشاع فيها !

قد يقال إن النبي صلی الله علیه و آله جعلها مئة ناقة بسبب كثرة الناس وحاجتهم الى اللحم، لكن ذلك بعيد، فإن أضاحي منى كانت تكفيهم قبل الاسلام، ويعملون ما بقي منها قديداً مجففاً، والأضاحي في الاسلام أكثر منها في الجاهلية، فلا بد أن يكون السبب تكريم الحج والكعبة الشريفة على سنة ابراهيم علیه السلام، وسنة عبد المطلب رضي الله عنه، كما سيأتي .

مهما يكن، فماذا يعني إشراكه علياً في أضحيته ؟ ولماذا علياً دون غيره من الصحابة وبعضهم عنده أضحية واحدة، وبعضهم ليس عنده أضحية ؟! ولماذا علياً دون فاطمة

سلام الله عليهما ؟! فالروايات تشير الى أن أضحيتها كانت واحدة كما سيأتي .

أما الحسن والحسين علیهما السلام ، فقد يكون النبي صلی الله علیه و آله ضحى عنهما في حجة الوداع بكبشين أقرنين، لأنه كان يضحي عنهما كل عام في المدينة يوم الأضحى بكبشين أقرنين منذ نزل قوله تعالى: (إنا أعطيناك الكوثر، فصل لربك وانحر، إن شانئك هو الأبتر)، فقد رد الله قول الذين قالوا إن محمداً أبتر لاذرية

ص: 102

له .. وأعطاه خير الذرية من ابنته فاطمة علیها السلام، فقد روى البيهقي في سننه: 5/238 (عن أنس بن مالك أن النبي كان يضحي يوم النحر بكبشين أملحين أقرنين) ورواه البخاري ومسلم، ولكن رواة الخلافة قالوا إنه كان ينوي كبشاً عن آل محمد، وآخر عن أمته .

أما نساء النبي صلی الله علیه و آله فقد ضحى النبي صلی الله علیه و آله عنهن جميعاً ببقرة واحدة ! قال في فتح الباري:3 /440: (عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحر عن أزواجه بقرة واحدة) وقال الشوكاني في نيل الأوطار:5/191: (عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لخمس بقين من ذي القعدة ولا نرى إلا الحج . . . قالت: فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت ما هذا ؟ فقيل: نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه . متفق عليه) . ونحوه في سير أعلام النبلاء للذهبي: 9 /219 .

وقد تحير الفقهاء والباحثون في معنى إشراك النبي صلی الله علیه و آله علياً علیه السلام في أضحيته؟! فقال النووي في شرح مسلم: 8/192: (وأما قوله وأشركه في هديه، فظاهره أنه شاركه في نفس الهدي، قال القاضي عياض: وعندي أنه لم يكن تشريكاً حقيقة، بل أعطاه قدراً يذبحه، والظاهر أن النبي صلی الله علیه و آله نحر البدن التي جاءت معه من المدينة وكانت ثلاثاً وستين، كما جاء في رواية الترمذي وأعطى علياً البدن التي جاءت معه من اليمن، وهي تمام المائة والله أعلم) . ونحوه في شرح السيوطي على مسلم:3/324 .

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: 5/192: (قوله: وأشركه . ظاهره أنه أشركه في نفس الهدي . .) . انتهى .

ص: 103

وكلام النووي والشوكاني قويٌّ، لأن الظاهر من الإشراك الحقيقي لا الشكلي، وهو المفهوم من رواية جابر المطولة التي روتها مصادر السنة في وصف حج النبي صلی الله علیه و آله، ونقل الزيلعي في نصب الراية: 3/131 منها فقرات واضحات، قال: (أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها سبع حصيات، يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادي، ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده، ثم أعطى علياً فنحر ما غبر وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت، فأكلا من لحمها، وشربا من مرقها، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر، فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال: انزعوا بني عبد المطلب، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلواً فشرب منها . ورواه بن حبان في صحيحه) . انتهى .

بل روت مصادرهم أن نحر الأضحيات كان مشتركاً أيضاً، فقد روى البيهقي في سننه: 5/238: عن (غرفة بن الحارث الكندي قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأتي بالبدن فقال: أدعوا لي أبا حسن، فدعي له علي علیه السلام فقال له: خذ بأسفل الحربة، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأعلاها، ثم طعنا بها البدن، فلما فرغ ركب بغلته وأردف علياً) . انتهى . ورواه الطبراني في الأوسط: 3/173، والكبير: 18/262

وقد يفهم من بعض روايات مصادرنا ما يؤيد رأي عياض في أنه اشتراك علي علیه السلام ليس في المئة ناقة كالذي رواه الصدوق في علل الشرائع: 2/ 413، قال: (وأشركه في هديه وجعل له من الهدي سبعاً وثلاثين، ونحر رسول الله صلی الله علیه و آله ثلاثاً وستين نحرها بيده، ثم أخذ من كل بدنة بضعة فجعلها في قدر واحد، ثم

ص: 104

أمر به فطبخ فأكلا منهاوحسوا من المرق فقال: قد أكلنا الآن منها جميعاً). انتهى .

لكن ما تقدم من اشتراكهما في النحر، والأكل من المرق وقوله صلی الله علیه و آله (قد أكلنا الآن منها جميعاً) يؤيد اشتراكهما الحقيقي في تمام المئة!

وحيث ثبت أنه اشتراك حقيقي فالمشكلة تزداد! إذ كيف يصح أن يشترك اثنان في عددمن الأضحيات على نحو المشاع، وذلك يوجب الجهالة في عين الأضحية، التي يجب أن تكون معينة مشخصة وصاحبها معيناً ؟! ولهذا أجاب بعض فقهائنا بأن هذا الحكم خاص بالنبي صلی الله علیه و آله لأنه لا يتفق مع القاعدة . .

لكن يبقى السؤال: هل خرق النبي صلی الله علیه و آله القاعدة الفقهية .. أم أن أذهاننا لم تصل الى محتواها .. ؟ وأن الإثنينية بين النبي صلی الله علیه و آله وعلي علیه السلام هنا ملغاة، فهما من نور واحد، وعلي علیه السلام نفسه بقوله تعالى (وأنفسنا وأنفسكم) !!

مهما يكن .. فإن هذا العمل من النبي صلی الله علیه و آله كان في نظر قريش .. إمعاناً منه في ترتيب الأمر بعده لعلي علیه السلام وذرية النبي من فاطمة علیها السلام صلوات الله عليه وعليهم ! فأصحاب الأذهان المادية المسطحة يفهمون تصرفات النبي صلی الله علیه و آله على أنها عمل شخصي، ولا يريدون أن يفهموا أنه لاينطق عن الهوى، ولا يفعل عن الهوى . . صلوات الله عليه وآله .

ولا بد أن هذا التمييز النبوي لعلي علیه السلام، كغيره من تمييزاته له، كان مؤججاً لحسد قريش لعلي علیه السلام .. ولكن ماذا يصنع النبي صلی الله علیه و آله لقريش، فإنما عليه أن يبلغ، وليس مسؤولاً عن غضب من يغضب، ولا حسد من يحسد !

قال القاضي النعماني المغربي في شرح الأخبار: 1/253: (وكان علي علیه السلام أول من آمن بالله عز وجل وتولى رسوله صلی الله علیه و آله، وأول من صلى معه وتزكى

ص: 105

وصام، وأول من جاهد في سبيل الله، وبذل مهجته دون رسول الله صلی الله علیه و آله، ولما حج رسول الله أشركه في هديه، فكان بذلك أفضل من حج معه .. فجمع الله عز وجل له السبق إلى كل فضيلة، إبانةً له بالفضل عمن سواه، وأنه أقرب الخلق بعد رسول الله صلی الله علیه و آله بقوله تبارك اسمه في كتابه (والسابقون السابقون أولئك المقربون) فكان علي علیه السلام أسبق الخلق إلى كل فضيلة بعد رسول الله صلی الله علیه و آله، لما يؤثر من سبقه إلى الجهاد وعنائه فيه، وإنه أوفر الأمة حظاً منه، بما أبان الله عز وجل به فضله على سائر الأمة لقوله عز وجل: (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم، فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلاً وعد الله الحسنى، وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجراً عظيما) . انتهى .

5- عدد المئة من الإبل .. أيضاً يغيض قريشاً !

تضمن هدف النبي صلی الله علیه و آله في أضحياته غيضاً أكبر لقريش، فقد أراد أن تبلغ أضحيته مع أضحية علي علیه السلام مئة ناقة، بقدر أضحية جدهما عبد المطلب رضوان الله عليه، الذي كان نذر أن يذبح ولده عبد الله قرباناً لله تعالى، وتكريماً لبيته، فأمره الله تعالى أن يفديه بمئة ناقة !

فإن قريشاً بعد اضطرارها للدخول في الاسلام، كانت تعمل على اعتبار عبد المطلب وكل آباء النبي مشركين !

ثم أضاف الأمويون بعد ذلك اليه عم النبي صلی الله علیه و آله أبا طالب، فقالوا إنه مات مشركاً وإنه نصر النبي صلی الله علیه و آله حمية لابن أخيه ولم يسلم! وغرضهم من ذلك أن ينفوا وراثة عبد المطلب لدين جده اسماعيل وابراهيم، وينفوا وراثة أبي طالب

ص: 106

والنبي صلی الله علیه و آله لعبد المطلب، وينفوا وراثة بني هاشم للنبي وعبد المطلب ! وبذلك تتخلص قبائل قريش من أي وراثة لبني هاشم للنبي صلی الله علیه و آله !

فأراد النبي صلی الله علیه و آله بذلك أن تكون أضحية ابنيْ عبد المطلب أي هو وعلي علیه السلام، مئة من الإبل، بقدر أضحية جدهم عبد المطلب رضوان الله عليه !

وقد رأيت في أحاديث أضحية النبي صلی الله علیه و آله في مصادر الطرفين أنه صلی الله علیه و آله عندما وافاه علي علیه السلام قادماً من اليمن سأله كم ساق معه من الهدي، فأجابه أربعاً وثلاثين ناقة، وكان النبي صلی الله علیه و آله ساق معه ستاً وستين .. فكبَّرَ النبي صلی الله علیه و آله لذلك، وليس معنى تكبيره إلا أنه اعتقد أن ذلك إرادة إلهية لأن تكون أضحيتهما معاً مئة كاملة، مشتركة بينهما !

ويؤيد ذلك ما صح عندنا عن الأئمة علیهم السلام في مدح عبد المطلب ففي الكافي: 1/446: في صحيح زرارة عن الصادق علیه السلام قال: (يحشر عبد المطلب يوم القيامة أمة وحده، عليه سيماء الأنبياء، وهيبة الملوك !) .

وفي من لا يحضره الفقيه: 3 / 89: عن الباقر علیه السلام قال: (أول من سوهم عليه مريم بنت عمران وهو قول الله عز وجل: وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم، والسهام ستة .

ثم استهموا في يونس لماركب مع القوم فوقعت السفينة في اللجة فاستهموا فوقع السهم على يونس ثلاث مرات، قال: فمضى يونس إلى صدر السفينة فإذا الحوت فاتح فاه فرمى نفسه .

ثم كان عند عبد المطلب تسعة بنين فنذر في العاشر إن رزقه الله غلاماً أن يذبحه، فلماولد عبدالله لم يكن يقدرأن يذبحه ورسول الله صلی الله علیه و آله في صلبه، فجاء بعشر من الإبل فساهم عليها وعلى عبد الله فخرجت السهام على عبد الله، فزاد عشراً فلم تزل السهام تخرج على عبد الله، ويزيد عشراً، فلما أن خرجت مائة

ص: 107

خرجت السهام على الإبل، فقال عبد المطلب: ما أنصفت ربي، فأعاد السهام ثلاثاً فخرجت على الإبل، فقال: الآن علمت أن ربي قد رضي فنحرها !) . انتهى .

فهاتان الروايتان تدلان على أن نذر عبد المطلب صحيح، وإسهامه وفداؤه بالإبل صحيح .. وأنه كان ملهماً من الله تعالى يعلم بأن ولده عبدالله سيلد رسول الله صلی الله علیه و آله !

ويؤيد ذلك ما ثبت له من كرامات، في إرشاد الله إياه في المنام الى حفر زمزم، وإخباره بحفظ البيت من غزو أبرهة، وأنه كان يعلن دائماً أنه على ملة أبيه إبراهيم صلی الله علیه و آله - كما كان أبو طالب يعلن دائماً أنه على ملة عبد المطلب - وأنه أحيا عدداً من سنن شريعة ابراهيم، وشرع تشريعات لقريش والعرب .. أمضاها الاسلام كلها !

ولابد من الإلتفات الى أن عبد المطلب رضي الله عنه كان يعيش في مجتمع وثني يتقرب إلى الأصنام بالقرابين، وقد يذبح أحدهم ولده قرباناً لصنمه !! فمن المعقول أنه قابل ذلك بنذر أحد أولاده قرباناً لله تعالى وتعظيماً لبيته الحرام، كما نذر إبراهيم ذبح ولده اسماعيل، ليكون ذلك دعوةً عملية لعبدة الأصنام أن يعبدوا رب هذا البيت رب إبراهيم واسماعيل، ويقدموا لله قرابينهم عنده، لا لأصنامهم .

أما الاشكالات التي نراها في عمله، فهي واردة على شريعتنا لا على شريعة إبراهيم، ثم هي واردة عندنا لعدم معرفتنا بتفاصيل الحادث والمستند الشرعي الذي استند عليه عبد المطلب في نذره وطريقة وفائه به . غير أن ما ثبت لنا عن شخصية عبد المطلب وإيمانه العميق، يكفي للقول بأنه لم يكن يقدم على نذره ثم على التحلل منه بالقرعة، إلا بحجة بينة من ربه تعالى .

ص: 108

وقد روى الدكتور شوقي ضيف في تاريخ الأدب العربي ص 41، طبعة دار المعارف المصرية، أن المنذر بن ماء السماء ملك المناذرة المعاصر لعبد المطلب والذي كان أعظم ملك وثني في العرب، قد أسر ابن الحارث بن شمر ملك الغساسنة النصراني في حربه معه، فذبحه قرباناً للعزى !! فلا يبعد أن يكون نذر عبد المطلب أن يذبح واحداً من أولاده لرب البيت سبحانه، تعزيزاً لدين إبراهيم ورداً على عمل المنذر في عبادة صنم العزى !

وعلى هذا يكون غيض قريش أكثر من تأكيد النبي صلی الله علیه و آله لعمل جده عبد المطلب، خاصةً وأن فيه إثباتاً لشراكة علي علیه السلام معه في وراثة عبد المطلب، صلوات الله على رسوله وآله، وعلى جده عبد المطلب .

6- يا فاطمة علیها السلام .. قومي الى أضحيتك فاشهديها

قال الحاكم في المستدرك: 4/ 222: (عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: يا فاطمة علیها السلام قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي: إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لاشريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين .

قال عمران: قلت يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة، فأهل ذاك أنتم (وفي رواية البيهقي وابن حميد والشعراني وغيرهم: وهم أهل لما خصوا به) أم للمسلمين عامة ؟ قال: لابل للمسلمين عامة . هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه . وشاهده حديث عطية عن أبي سعيد . . . وفيه: (قالت يا رسول الله هذا لنا أهل البيت خاصة، أو لنا وللمسلمين عامة ؟ قال: بل لنا وللمسلمين عامة) . انتهى .

ص: 109

وهنا عدة أسئلة: لماذا قال لفاطمة علیها السلام خاصة، ولم يقل لغيرها من النساء ؟ وهل يستحب للمرأة أن تشهد أضحيتها في منى ؟

وما معنى أن مصادرنا الأساسية لم ترو هذه الرواية، وروت بدلها أن لصاحب الأضحية بكل قطرة من دمها حسنة ؟

لكن الذي يدخل في غرضنا هو خصوصية فاطمة

سلام الله عليها واهتمام النبي صلی الله علیه و آله الخاص بتوجيهها، لكي تتقن نسكها وعبادتها .

7- خواطر الصديقة الطاهرة بعد حجة الوداع ..

(1)

بعد العودة من حجة الوداع .. كانت أكبر مسألة تشغل ذهن الصديقة الطاهرة سلام الله عليها، شعورها أن الأيام تقترب من فقدها لأبيها ..

هذا الأب الذي يعني لها كل شئ بعد الله تعالى .. الأب الذي يهبط عليه جبرئيل بين يوم ويوم، وربما مرات في اليوم، يبلغه عن الله العظيم، ويخبره بأخبار أوليائه، وخطط أعدائه، ويوجهه بما يجب فعله .. وفاطمة علیها السلام تنعم بكل نعم الله التي تتنزل على أبيها .

وجود النبي صلی الله علیه و آله يعني لها . . الأب العطوف عطفاً غامراً، تمتزج فيه الأبوة الحانية بالنبوة الهادية، والقدوة العليا بالأخوة والألفة . .

ويعني لها .. العماد الذي تقوم به حياتها وحياة زوجها وأولادها، خاصة بعد فقدها لأمها وأخوالها، ورجال بني هاشم أهل العاطفة والمعرفة والشهامة كعمها أبي طالب وحمزة وجعفر .. في مجتمع لاتقوم فيه الحياة إلا بعشيرة .

ص: 110

ويعني لها قبل ذلك وبعده .. علاقة جزء الجوهر بكله وحنينه اليه .. ففاطمة علیها السلام منذ الأزل جزءٌ لا يتجزأ من النور المحمدي، خلقهم الله قبل هذا العالم، أجساماً نورانية خاصة، فعبدوه عند عرشه، وأحبوا بعضهم بحبه .. ولذا لاترى لها في هذه النشأة مناغماً في فكرها ومشاعرها وعالمها مع ربها، مثل أبيها وبعلها وبنيها، صلوات الله عليهم .

كان من الصعب على فاطمة علیها السلام أن تتصور، حتى مجرد تصور، أنها ستفقد أباها عن قريب، وتعيش بعده بدونه ! لذا كان الشئ الوحيد الذي يسليها عن فراقه، ويخرجها من بكائها وحزنها العميق .. أن النبي صلی الله علیه و آله قال لها لاتخافي يافاطمة علیها السلام، إن مدة بقائك بعدي قليلة (أنت أول أهل بيتي لحوقاًبي) ! فتنفست فاطمة علیها السلام الصعداء، وتوقفت دموعها الغزار وتبسمت تبسم الرضا .. قالت عائشة: (فأقبلت فاطمة علیها السلام تمشي ماتخطئ مشيتها من مشية رسول الله شيئاً، فلما رآها رحب بها فقال مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارَّها فبكت بكاء شديداً، فلما رأى جزعها سارَّها الثانية، فضحكت ! قالت عائشة: مارأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن ! وسألتها عما قال لها النبي صلی الله علیه و آله فقالت إنه بشرها بأنها ستلحق به عما قريب !

(2)

والأمر الآخر الذي كان يشغل ذهن الصديقة الزهراء علیها السلام .. هو فتنة الأمة الحتمية بعد أبيها، والعاصفة التي يعد لها زعماء قريش ليل نهار، ليحرفوا سفينة الاسلام عن مجراها الرباني الهادي .. الى مجرى قبلي خشن ! لقد أخبرها النبي صلی الله علیه و آله بأن ذلك قضاء الله تعالى على هذه الأمة كماكان قضاؤه على الأمم السابقة بعد أنبيائها.. أن يعطيها الحرية والقدرة على اختيار الضلال، مادامت لم

ص: 111

ترتفع الى مستوى عقلاني تفهم فيه الفرق بين القيادة المعينة من الله تعالى، والمعينة من القبيلة الغالبة.. ! كلا بل إن زعماءها فهموا ذلك ووعوه،لكن حليت الدنيا في أعينهم، وراقهم زبرجها، فاختاروا منطق القبائل والأطماع، على منطق النص النبوي !

لقد أعد النبي صلی الله علیه و آله فاطمة علیها السلام وعلياً والحسنين علیهم السلام لمرحلة ما بعده .. فلا تنقصهم المعلومات، ولا التوجيهات، ولا اليقين بما سيكون .. فقد حكاه الله لنبيه فحكاه لهم، فآمنوا به على مستوى الحس لا الحدس .. وأخذ عليهم النبي صلی الله علیه و آله العهد والميثاق أن يصبروا ويعملوا لإنقاذ ما يمكن .. وأعطوه العهد على ذلك عن إيمان ورضا، ووطنوا أنفسهم على العطاء لله من كرامتهم حتى يرضى !

لكن هذا اليقين لا يمنع فاطمة علیها السلام أن تستشرف صور الفتنة وعواصفها المزمجرة كلما اقتربت أيام وصولها.. فقد دخلت على أبيها في مرضه وقد (جرت دموعها على خديها، فقال لها رسول الله صلی الله علیه و آله: ما يبكيك يا فاطمة علیها السلام ؟ قالت: يا رسول الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك، فاغرورقت عينا رسول الله بالبكاء، ثم قال: يا فاطمة علیها السلام أما علمت أنا أهل بيت اختار الله عز وجل لنا الآخرة على الدنيا، وأنه حتم الفناء على جميع خلقه ...) !!

فاغرورقت عينا رسول الله بالبكاء .. فهو على يقين مثلها أن عاصفة بطون قريش بالباب، تنتظر أن يغمض عينيه لتعصف بالاسلام وبالترتيبات الربانية النبوية له ! ويعرف أنها أول هدف للعاصفة بيت علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام والحسن والحسين، وأنها ستهددهم بإحراق البيت بمن فيه، أو يعترفوا بشرعية إمام القبائل القرشية!!

ص: 112

يعرف مثلها أن عاصفة أبي بكر وعمر ستفتح باب العواصف على آل محمد حتى يضج منها التاريخ .. فيعيشون وشيعتهم مظلومين مضطهدين مقهورين، ما بين مسموم ومقتول ومسجون ومشرد.. حتى يظهر مهديهم الموعود من رب العالمين .

يبكي النبي صلی الله علیه و آله لبكاء فاطمة علیها السلام .. ويقول بذلك لها.. نعم سيكون ماتخشين يا فاطمة علیها السلام، لكن علينا أن ندفع ضريبة العبودية الكاملة لربنا .. فقد آمنا بها واخترناها ورضيناها . . وهي ضريبة أيام قليلة، تعقبها راحة طويلة . . فعمر الدنيا القصير يسهل الأمر يابنية !

(3)

بعد حجة الوداع، لم يكن أحدٌ يعاني كما عانت فاطمة علیها السلام وعلي علیه السلام والحسنان . كان وداع النبي صلی الله علیه و آله بالنسبة اليهم وداعاً لعالم أعلى فيه كل شئ .. واستعداداً للدخول في عالم الأحزان والآلام، ومقارعة العواصف والأفاعي !!

كانوا يدركون أن كل تأكيدات النبي صلی الله علیه و آله واحتياطاته سوف لا تؤثر في قريش التي ركبت رأسها وأصرت على مؤامرتها، وهيأت الأجواء في قبائلها وقبائل العرب وحتى في أوساط من الأنصار، بأن بني هاشم تكفيهم النبوة، وليس من العدل أن يجمعوا بين النبوة والخلافة، ويحرموا قبائل قريش !!

لقد شاهدت فاطمة علیها السلام في حجة الوداع أنواعاً من الصراع بين الهدى النبوي والضلال القرشي.. ورأت أن النبي صلی الله علیه و آله خطب خمس خطب، وأوضح للأمة مراراً موقع عترته وأهل بيته من بعده، بأساليبه المبتكرة، وبلاغته النبوية .. وأنه كلما وصل الى تعيين الولاة بعده وأن الله غرسهم في هذا البيت من بني هاشم ..

ص: 113

لغطت قريش وشوش أتباعها المبثوثون في مجلسه، وصاحوا وقاموا وقعدوا وكبروا .. ثم قالوا: قال النبي صلی الله علیه و آله: قريش، قريش .. والأئمة من قريش من كل قريش .. ولم يحصرهم في بني هاشم !!

لقد أقام النبي صلی الله علیه و آله الحجة لربه بينةً صريحةً .. ويوم الغدير لم يبق لأحد عذراً .. لكن الحجة لله ولرسوله كأنها لاتعني قريشاً بشئ.. فهذا سهيل بن عمر يمسك بزعامتها في مكة ويقول نحن ومحمد ! ويرسل جابر بن النضر العبدري ليعترض على النبي صلی الله علیه و آله، لأنه بزعمه لم يكتف بما فرضه على الناس من صلاة وصوم وزكاة وحج .. حتى أخذ بضبع ابن عمه قائلاً: من كنت مولاه فعلي علیه السلام مولاه !

وهؤلاء الطلقاء من قريش صاروا ألوفاً في المدينة، وهم ملتفون حول أبي بكر وعمر، وعائشة وحفصة تواصلان تظاهرهما على رسول الله وتفشيان سره لهم ! وكلما علَّمَ جبرئيل النبي صلی الله علیه و آله خطةً لترتيب الوضع لوصيه وعترته من بعده .. عملوا في إبطالها وتخريببها !!

حتى أن النبي صلی الله علیه و آله عرض عليهم ما لم يعرضه نبي على أمته قط ! وطلب منهم أن يقبلوا بكتاب يكتبه لأمته يؤمنها من الضلال الى يوم القيامة، ويجعلها سيدة العالم الى يوم القيامة ! فبادروا الى رفضه، ودفعوا عمر لمواجهة النبي صلی الله علیه و آله بكل صلافة: لاحاجة لنا بكتابك، ومنعوه من كتابه !!

ثم أراد النبي صلی الله علیه و آله أن تفرغ المدينة من دعاة الفتنة وأرسلهم في جيش أسامة .. وفيهم سبع مئة رجل من قريش .. فاصطنعوا المشاكل والأعذار لتسويف الوقت وإفشال غزوة أسامة !!

كانت فاطمة علیها السلام ترى كل المقادير تسير الى وقوع الكارثة على الاسلام وعترة نبيه، بمجرد أن يغمض النبي صلی الله علیه و آله عينيه ويلاقي ربه !!

ص: 114

صدق الله ورسوله . . سمعاً وطاعة يا أبتاه .. تدمع العين ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، فرضا الله رضانا أهل البيت . .

في أمالي الشيخ الطوسي ص 188: (عن عبد الله بن العباس، قال: لما حضرت رسول الله الوفاة بكى حتى بلت دموعه لحيته، فقيل له: يا رسول الله ما يبكيك ؟ فقال: أبكي لذريتي، وما تصنع بهم شرار أمتي من بعدي، كأني بفاطمة

ابنتي وقد ظلمت بعدي وهي تنادي يا أبتاه يا أبتاه، فلا يعينها أحد من أمتي . فسمعت ذلك فاطمة علیها السلام فبكت، فقال لها رسول الله لم تبكين يا بنية؟ فقالت: لست أبكي لما يصنع بي من بعدك، ولكن أبكي لفراقك يا رسول الله . فقال لها: أبشري يا بنت محمد بسرعة اللحاق بي، فإنك أول من يلحق بي من أهل بيتي) .

وبعين الله ماسألقاه بعدك يا أبتي . . يغصب حق زوجي، ويهجمون علينا ويضرمون النار في دارنا، ويهتكون حرمتنا، وأهان أنا وأضرب ويسقط جنيني، ويقاد زوجي بحمائل سيفه .. رضاً برضا الله ياأبت .. ورضاك .

ص: 115

ص: 116

الفصل الخامس: النبي صلی الله علیه و آله يحاول إبعاد عاصفة الحزب القرشي عن الاسلام

اشارة

ص: 117

ص: 118

1- سعي النبي صلی الله علیه و آله قبل وفاته لترتيب الحكم بعده

رجع النبي صلی الله علیه و آله من حجة الوداع الى المدينة بعد العشرين من ذي الحجة.. وعاش فيها نحو ثمانين يوماً، هي بقية ذي الحجة وشهر محرم وصفر الى الثامن والعشرين منه، حيث توفي صلوات الله عليه ..

وفي هذه المدة نزلت بقية آيات القرآن، وجرت أحداث أكثرها يتعلق بخلافته صلی الله علیه و آله، فقد كان الجو الحاكم جو الترقب لوفاته، فهو الصادق الأمين، وقد أخبر عن قرب رحيله الى ربه.. وقد اتضح للجميع أن النبي صلی الله علیه و آله قد استكمل في حجة الوداع وفي غدير خم ترتيب الأمر لعترته أهل بيته وكثر حديثه في التأكيد على متاب الله وعترته، والتبشير بالأئمة الاثني عشر منهم كعدد نقباء بني اسرائيل .. وقد رأوه عين علياً علیه السلام أول إمام من العترة، وأعلن أن سبطيه الحسن والحسين إمامان بعد أبيهما . .

ومعنى ذلك في ذهنية بطون قريش القبلية المادية، أن النبي صلی الله علیه و آله أسس لبني هاشم ملكاً يمتد مع الدهر، وحرم قبائل قريش والعرب من خلافته، وفرض عليهم طاعة الأئمة من بني هاشم !

ص: 119

كانت قريش متحيرة مع النبي صلی الله علیه و آله، حيث لم ينفع معه نقاش ولا اعتراض، فهو يقول إنه لم يفعل شيئاً لعترته من عند نفسه، بل كان كل ما فعله بأمر ربه ! لكنها مسألة لا يمكن لقريش أن تؤمن بها ولا أن تسكت عنها .. فما العمل ؟ !

لقد قرر زعماء قريش أن ينشطوا ويعملوا المستحيل .. حتى لا يجمع بنو هاشم بين النبوة والخلافة ! ويحرموا قبائل قريش بزعمهم !!

لقد تجسد في قريش حسد أبناء يعقوب .. واتضحت فيهم الانتقائية في الايمان بنبوة محمد بن عبد المطلب بن هاشم ! فقد غلبها محمد وأعلنت دخولها في الاسلام، وقررت أن ترضى به نبياً، لكن بدون عترته !

أما في عمل النبي صلی الله علیه و آله مع الحزب القرشي .. فقد تجلى القانون الالهي في التبليغ وإقامة الحجة، وترك الحرية للناس .. أن يهتدوا .. أو يضلوا !!

2- حساسية قريش من البشارة النبوية بالأئمة الاثني عشر !

روى أحمد في مسنده: 5/92: (عن جابر بن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش . قال ثم رجع إلى منزله فأتته قريش فقالوا: ثم يكون ماذا ؟ قال: ثم يكون الهرج) ! ومن المرجح أن يكون هذا الحديث في مسجده في المدينة، في الشهرين الباقيين من عمره الشريف، لأنه ثبت في صحاحهم أن النبي صلی الله علیه و آله تحدث عن الأئمة الاثني عشر في حجة الوداع في خطبة عرفات، وربما في غيرها .

وقد نص الطبراني في المعجم الكبير: 2/256 ح 2073، على أن هذا الحديث كان في المدينة، فقال: (عن جابر بن سمرة: قال سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله وهو يخطب على المنبر ويقول: اثنا عشر قيماًَ من قريش، لا يضرهم عداوة من عاداهم !! قال فالتفت خلفي، فإذا أنا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه

ص: 120

وأبي في ناس، فأثبتوا لي الحديث كما سمعت) . انتهى . وقال عنه في مجمع الزوائد: 5/191: (رواه البزار عن جابر بن سمرة وحده وزاد فيه: ثم رجع، يعني النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته فأتيته فقلت ثم يكون ماذا؟ قال ثم يكون الهرج . ورجاله ثقات) . انتهى .

ويلاحظ أنه يوجد في الروايتين كلمة (بعدي) مما يدل على أن النبي صلی الله علیه و آله أخبر أن هؤلاء الأئمة الاثني عشر يكونون بعده مباشرة .. وأن الذي (صحح) الحديث للغلام سمرة هو عمر فقال له نعم إن النبي صلی الله علیه و آله قال إن هؤلاء القيمين الربانيين على الأمة من كل بطون قريش، وليسوا من بني هاشم فقط !

كما يلاحظ حساسية قريش وشدة اهتمامهم بالموضوع، وسؤالهم عن هؤلاء الأئمة الربانيين وما يكون بعدهم! وقريش في المدينة تعني أول ماتعني أبا بكر وعمر، والطلقاء الذين كثروا في المدينة بعد الفتح .

كما يلاحظ أن النبي أخبر عن عداوة أمته أو بعضها لهؤلاء الأئمة القيمين بأمر ربهم على الأمة (لا يضرهم عداوة من عاداهم) !!

ومن عجائب قريش ورواتها أن جابر بن سمرة روى أحاديث الأئمة الاثني عشر في حجة الوداع، وعندما وصل الى هويتهم ضاع عليه كلام النبي صلی الله علیه و آله فلم يسمعه، بسبب لغط الناس في عرفات !

ثم رواه عن النبي صلی الله علیه و آله في المدينة، وزعم أن النبي صلی الله علیه و آله قال إنهم من قريش، أي من قبائلها الثلاث والعشرين ! وإن عمر وغيره أثبتوا له الحديث كما نقله !

أما ابن أبي جحيفة .. فعندما وصل الى هويتهم ضاع عليه كلام النبي صلی الله علیه و آله أيضاً فلم يسمعه، لكن بسبب انخفاض صوت النبي صلی الله علیه و آله ! قال الحاكم في

ص: 121

المستدرك: 3/618: (عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: كنت مع عمي عند النبي صلی الله علیه و آله فقال: لا يزال أمر أمتي صالحاً حتى يمضي اثنا عشر خليفة، ثم قال كلمة وخفض بها صوته، فقلت لعمي وكان أمامي: ما قال يا عم ؟ قال: قال يا بني: كلهم من قريش) . انتهى . وقال عنه في مجمع الزوائد: 5/190: (رواه الطبراني في الأوسط والكبير، والبزار، ورجال الطبراني رجال الصحيح) . انتهى.

وهذا أمر لامثيل له في كل أحاديث رسول الله صلی الله علیه و آله ! وهو يدل على أن هوية هؤلاء الأئمة الاثني عشر مهمة عند الحزب القرشي جداً، وأنهم لايرتاحون حتى يقولوا: كلهم من قريش وليسوا فقط من بني هاشم !!

3- مبعوث قريش الوقح من بني عبد الدار .. !

بنو عبد الدار وقد يقال لهم العبدريون، من أشجع قبائل قريش، وهم أصحاب لوائها، أي لهم وزارة دفاعها ! وقد قادوا كل معاركها ضد النبي صلی الله علیه و آله .. وقتل علي علیه السلام يوم أحد فقط تسعةً من أبطالهم تناوبوا على حمل اللواء ! وبضعةً آخرين في معارك الاسلام الأخرى، ومنهم أخ جابر هذا الذي روى أبو عبيد الهروي في كتابه: غريب القرآن، أنه قصد النبي صلی الله علیه و آله الى المدينة محتجاً على استخلافه ابن عمه علي علیه السلام في غدير خم !!

قال في مناقب آل أبي طالب 2/240: (أبو عبيد، والثعلبي، والنقاش، وسفيان بن عينيه، والرازي، والقزويني، والنيسابوري، والطبرسي، والطوسي في تفاسيرهم، أنه لما بَلَّغَ رسول صلی الله علیه و آله بغدير خم ما بَلَّغ، وشاع ذلك في البلاد، أتى الحارث بن النعمان الفهري، وفي رواية أبي عبيد: جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري فقال: يا محمد ! أمرتنا عن الله بشهادة أن لا إله إلا الله وأن

ص: 122

محمداً رسول الله، وبالصلاة، والصوم، والحج، والزكاة، فقبلنا منك . ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي علیه السلام مولاه ! فهذا شئ منك أم من الله ؟ ! فقال رسول الله: والذي لا إله إلا هو إن هذا من الله .

فولى جابر يريد راحلته وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد حقاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم !! فما وصل إليها حتى رماه الله بحجر، فسقط على هامته وخرج من دبره وقتله، وأنزل الله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع . . الآية) . انتهى .

والحديث بموازين الجرح والتعديل السنية صحيح، ولابد أن يكون معنى قول الراوي (وأنزل الله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع .. الآية) أنه نزل يومئذ تأويلها، وفي بعض رواياتها أن جبرئيل قال للنبي: يا محمد إقرأ سأل سائل .. أي هذا تأويل قوله تعالى الذي نزل عليك في مكة .

وقد أحصى علماؤنا، كصاحب العبقات، وصاحب الغدير، وصاحب إحقاق الحق، وصاحب نفحات الأزهار، وغيرهم.. عدداً من أئمة السنيين وعلمائهم الذين أوردوا هذا الحديث في مصنفاتهم فزادت على الثلاثين، بعدة طرق وأسانيد .

4- زعماء الأنصار يعرضون خدماتهم على النبي صلی الله علیه و آله . .

يظهر من الأحاديث الواردة في تفسير قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، أن لهذه الآية أكثر من قصة مع النبي صلی الله علیه و آله والمسلمين .. وأن أصل نزولها عندما عرض عليه الأنصار خدماتهم في أوائل قدومه الى المدينة.. قال الواحدي في أسباب النزول ص 251: (قوله تعالى: قل لا

ص: 123

أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى، قال ابن عباس: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة،كانت تنوبه نوائب وحقوق وليس في يده لذلك سعة، فقال الأنصار: إن هذا الرجل قد هداكم الله تعالى به، وهو ابن أختكم وتنوبه نوائب وحقوق وليس في يده لذلك سعة، فاجمعوا له من أموالكم مالايضركم فأتوه به ليعينه على ما ينوبه، ففعلوا

ثم أتوا به فقالوا يا رسول الله إنك ابن أختنا وقد هدانا الله تعالى على يديك، وتنوبك نوائب وحقوق، وليست لك عندنا سعة، فرأينا أن نجمع لك من أموالنا فنأتيك به فتستعين على ما ينوبك وهو هذا، فنزلت هذه الآية) . انتهى .

فقوله (لما قدم رسول الله المدينة) يدل على أن هذه الحركة كانت مبادرة طيبة من الأنصار في أول هجرة النبي صلی الله علیه و آله .. فنزلت الآية ترفض عرضهم وتفرض عليهم بدله حفظ النبي صلی الله علیه و آله في أهل بيته صلى الله عليه وعليهم ! ولا يخفى ما في ذلك من إعجاز إلهي وتكريم للنبي، وإخبارٍ بالظلم الذي سيلاقيه أهل بيت النبي علیهم السلام من بعده، ومعالجةٍ لمشكلة سوف تحدث في الأمة !!

أما الرواية التالية فهي تتحدث عن مرحلة تالية بعد ولادة الحسن والحسين علیهما السلام ، قال في مجمع الزوائد ج7 ص 103: (وعن بن عباس قال لما نزلت: (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى)، قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال: علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام وابناهما . رواه الطبراني من رواية حرب بن الحسن الطحان، عن حسين الأشقر، عن قيس بن الربيع وقد وثقوا كلهم وضعفهم جماعة، وبقية رجاله ثقات .

وفي مجمع الزوائد: 9/ 168: (وعن ابن عباس قال لما نزلت (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) قالوا: يا رسول الله ومن قرابتك هؤلاء

ص: 124

الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام وابناهما). انتهى . وهذا الحديث في الطبراني الكبير: 3 /47، وفي إرشاد الساري: 7 /330، ونقله الرازي في تفسيره: 14 جزء 27 / 166، عن الكشاف للزمخشري . وذكره في هامش الترغيب للمنذري: 3 /366، وقال: قال البيضاوي: اللهم إني أحب الحسن والحسين، فأقبل حبي لهما، وشرحي لحديث جدهما صلى الله عليه وسلم) . انتهى .

وأما الروايات الثالثة، فهي تتحدث عن مرحلة لاحقة قد تكون قريبة من حجة الوداع أو بعدها .. قال في مجمع الزوائد: 7/103: (وعن ابن عباس قال قالت الأنصار فيما بينهم: لو جمعنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مالاً فبسط يده لايحول بينه وبينه أحد فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله إنا أردنا أن نجمع من أموالنا فأنزل الله جل ذكره: (قل لا أسألكم عليه أجراً الا المودة في القربى) فخرجوا مختلفين فقال بعضهم: إنما قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم، فأنزل الله جل ذكره: (أم يقولون افترى على الله كذباً .. إلى قوله: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) فعرض لهم التوبة إلى قوله: (ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله) . رواه الطبراني في الكبير والأوسط، وزاد بعد من فضله: هم الذين قالوا هذا . إن تتوبوا إلى الله وتستغفروه . والباقي بنحوه، وفيه عثمان بن عمير أبو اليقظان، وهو ضعيف). انتهى . وتضعيف الهيثمي لايضره لأن سببه تشيعه وقد قال عنه يحيى بن معين كما في تاريخه للدارمي ص 158: (وسألته عن عثمان أبي اليقظان فقال: ليس به بأس) . والحديث في الطبراني الكبير: 3 / 39 وج11/ 444 وج 12/ 26، ورواه أحمد في فضائل الصحابة: 2 /669. وحتى لو كان عثمان بن عمير عندهم ضعيفاً فله متابعات متعددة يصير بسببها على مقاييسهم من الصحيح لغيره .

ص: 125

أما الاشكال عليه بأن هذه الآية أو غيرهانزلت قبل ذلك، فهو من عدم الالتفات الى أن الآية قد تنزل مراراً، ويكون نزولها التالي تأويلاً وتطبيقاً لها .. وقد ثبت عند المفسرين أن سورة الكوثر، وقوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) نزلتا أكثر من مرة، في مناسبات مختلفة كان جبريل يقرؤها أو يأمر النبي صلی الله علیه و آله بقراءتها، تسلية من الله تعالى لنبيه صلی الله علیه و آله .

وروى فرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره /392: قال: (حدثنا عبد السلام بن مالك قال: حدثنا محمد بن موسى بن أحمد قال: حدثنا محمد بن الحارث الهاشمي قال: حدثنا الحكم بن سنان الباهلي، عن ابن جريج، عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لفاطمة علیها السلام بنت الحسين: أخبريني جعلت فداك بحديث أحدث، واحتج به على الناس .

قالت: نعم، أخبرني أبي أن النبي صلی الله علیه و آله كان نازلاً بالمدينة، وأن من أتاه من المهاجرين عرضوا أن يفرضوا لرسول الله صلی الله علیه و آله فريضة يستعين بها على من أتاه، فأتوا رسول الله صلی الله علیه و آله وقالوا: قد رأينا ما ينوبك من النوائب، وإنا أتيناك لتفرض فريضة تستعين بها على من أتاك . قال: فأطرق النبي صلی الله علیه و آله طويلاً ثم رفع رأسه فقال: إني لم أؤمر أن آخذ منكم على ما جئتم به شيئاً، إنطلقوا فإني لم أؤمر بشئ، وإن أمرت به أعلمتكم. قال: فنزل جبرئيل علیه السلام فقال: يا محمد إن ربك قد سمع مقالة قومك وما عرضوا عليك، وقد أنزل الله عليهم فريضة: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى . قال فخرجوا وهم يقولون: ما أراد رسول الله إلا أن تذل الأشياء، وتخضع الرقاب ما دامت السماوات والأرض لبني عبد المطلب ! قال: فبعث رسول الله صلی الله علیه و آله إلى علي بن أبي طالب أن اصعد المنبر وادع الناس إليك ثم قل: أيها الناس من انتقص أجيراً أجره فليتبوأ مقعده من

ص: 126

النار، ومن ادعى إلى غير مواليه فليتبوأ مقعده من النار، ومن انتفى من والديه فليتبوأ مقعده من النار ! قال: فقام رجل وقال: يا أبا الحسن ما لهن من تأويل ؟ فقال: الله ورسوله أعلم . فأتى رسول الله صلی الله علیه و آله فأخبره، فقال رسول الله: ويل لقريش من تأويلهن، ثلاث مرات ! ثم قال: يا علي انطلق فأخبرهم أني أنا الأجير الذي أثبت الله مودته من السماء، ثم أنا وأنت مولى المؤمنين، وأنا وأنت أبوا المؤمنين) . انتهى .

وفي الصراط المستقيم: 2/93: (وأسند نحو ذلك محمد بن جرير الطبري برجاله في كتاب المناقب وفيه: أخرج فناد: ألا من ظلم أجيراً أجرته فعليه لعنة الله، ألا من تولى غير مواليه فعليه لعنة الله، ألا من سب أبويه فعليه لعنة الله، فنادى بذلك . فدخل عمر وجماعة إلى النبي صلی الله علیه و آله وقالوا: هل من تفسير لما نادى به ؟ قال: نعم، إن الله يقول: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى، فمن ظلمنا فعليه لعنة الله، ويقول النبي صلی الله علیه و آله: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ من كنت مولاه فعلي علیه السلام مولاه، فمن توالى غيره وغير ذريته فعليه لعنة الله وأشهدكم أني أنا وعلي علیه السلام أبوا المؤمنين، فمن سب أحدنا فعليه لعنة الله . فلما خرجوا قال عمر: يا أصحاب محمد ما أكد النبي صلی الله علیه و آله عليكم الولاية لعلي علیه السلام بغدير خم ولا غيره بأشد من تأكيده في يومنا هذا . قال خباب بن الأرت: كان ذلك قبل وفاة النبي صلی الله علیه و آله بسبعة عشر يوماً) . انتهى .

ص: 127

5- أعظم عرض في تاريخ الأنبياء .. وأسوأ رد من صحابته !

المشكلة الكبرى المستعصية والمتكررة في تاريخ الأنبياء، هي أن أممهم تختلف بعدهم وتنحرف، فتجري عليها السنة الإلهية في الصراع الداخلي والضعف والتفكك، حتى تتغلب عليها الأمم الأخرى فتنهار ! ويبدو أنها مشكلة لاحل لها، وأنه لا بد أن تجري سنة الله وقوانينه في الأمم . . !

غير أن نبينا صلی الله علیه و آله قال لأمته إن الله تعالى أوحى اليه علاجاً لهذا المرض الخبيث في تاريخ الأمم ومستقبلها، وأنه علاجٌ مضمون يضمن لأمته أن تكون الى يوم القيامة سيدة العالم ورائدة الأمم، وهادية البشرية الى خير دنياها وآخرتها !! وأن شرطه الوحيد أن يدونه النبي صلی الله علیه و آله في كتاب، ويعلن صحابته قبولهم له والتزامهم بتنفيذه !

إنه أغرب عرض من نبي على أمته .. وهو ميزةٌ عجيبة، وخصوصية فريدة لنبينا صلی الله علیه و آله، فلا نعلم نبياً أنزل عليه هذا العرض وقدمه لأمته، ولعل السبب أن محمداً خاتم الأنبياء صلی الله علیه و آله، وأن أمته خاتمة الأمم الحاملة لرسالة ربها !!

لقد جمعهم النبي صلی الله علیه و آله في بيته في مرض وفاته، وبلَّغهم ما نزل به جبرئيل من عند ربه، وبشرهم بهذا الإكسير الذي يضمن لهم خلود العزة الى يوم القيامة، ويضمن لهم الثبات على خط الهدى الإلهي والتنعم ببركاته الى يوم القيامة .. وقال لهم: إيتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعدي أبداً ! !

فهل ترى - بالله عليك - أروع وأعظم من هذا العرض النبوي ؟

وهل ترى في كلام هذا النبي صلی الله علیه و آله الصادق الأمين ذرة خطأ، أو مساساً بأحد؟

وهل تجاوز النبي صلی الله علیه و آله حقه بصفته نبياً يبلغ رسالة ربه ؟

ص: 128

أو حقه بصفته مؤسس أمة يريد حفظ مستقبلها ؟

أو حقه بصفته رئيس دولة يريد ضمان استقرارها ونموها ؟

أو حقه بصفته مريضاً يريد أن يوصي أمته وذويه ؟

أو حقه بصفته صاحب بيت يريد أن يكتب شيئاً ويشهد عليه الحاضرين؟!

كلا والله.. إذن ما قولك بصحابي لم يقبل كلام النبي صلی الله علیه و آله وواجهه برفض طلبه، مدعياً عدم الحاجة الى كتابة كتاب يضمن عدم ضلال الأمة ! وبطَّن كلامه باتهام النبي صلی الله علیه و آله بالهذيان، وطلب أن يستفهموه ليثبت لهم أنه يهذو !!

وما قولك بأكثرية الصحابة الذين صاحوا: القول ما قاله عمر ! حسبنا كتاب الله !! ثم لغطوا وتصايحوا مع من خالفهم من الصحابة ! حتى طردهم النبي صلی الله علیه و آله وقال لهم: قوموا عني فلا ينبغي عند نبي نزاع ؟!!

إنها قضية كبيرة خطيرة . . غنية بالعناصر العقيدية، والشرعية، والحقوقية، والسياسية، والانسانية .. فالذي حدث فيها أنه ظهرت الى العلن قيادة عمر بن الخطاب في مقابل قيادة النبي صلی الله علیه و آله ! ووقع فيها انقسام الأمة الى جبهتين جبهة مع عمر، هي الأكثرية الغالبة، وجبهة مع النبي صلی الله علیه و آله هي الأقلية المغلوبة !!

وبحساب سياسي.. فقد انتهى أمر الاسلام وأمته وتولى قيادتهما عمر، وقامت أكثرية الصحابة بعزل النبي صلی الله علیه و آله، لكنها أعطته فرصة وهو على فراش المرض لكي يموت باحترام، بدون أن تعلن عليه الردة رسمياً !!!

وهكذا استطاع الحزب القرشي أن يعزل النبي صلی الله علیه و آله نفسه عن القيادة !!!

ولِمَ لا يفعل . . فبعد فتح مكة أي قبل سنتين من هذه الجلسة الصاخبة، عمل سهيل بن عمر زعيم القرشيين الجديد بدهاء، ونجح في أن يحكم قبضته على مكة حتى جعل حاكمها من قبل النبي صلی الله علیه و آله أسيد بن عتاب وجوداً شكلياً لا

ص: 129

أكثر، مع أنه مكي أموي، حتى أن أسيداً توارى خوفاً من القتل عندما توفي النبي صلی الله علیه و آله ! فأرسل اليه سهيل أن اخرج من مخبئك، ولا نقتلك !

كما خطط أئمة الحزب القرشي لتكثير الطلقاء في المدينة فبلغ عددهم ألوفاً ! وزعَّموا عليهم عمر بن الخطاب ليجعل خلافة محمد لكل بطون قريش تتداولها فيما بينها، ويقوم بعزل آل محمد بعد وفاته، ويخلص قريشاً من الأئمة الربانيين من بني هاشم الى الأبد !

وكان من جرأة عمر وحسن أدائه لدوره القيادي أنه عبأ القرشيين في المدينة وبعض الأنصار، وهيأ الأجواء لعزل آل محمد تحت شعار: إن قريشاً لاترضى أن يجمع بنو هاشم بين النبوة والخلافة ! بل زادت جرأته وثقته بتأييد كل قريش له، فجعلته يواجه نبيه في حياته، فأخر حركة جيش أسامة ! ووواجه النبي صلی الله علیه و آله نفسه برفض عرضه بأن يكتب لأمته كتاباً يضمن عدم ضلالهم الى يوم القيامة وتكلم بكلام جارح للنبي ! فأيدت قريش عمر، وصاحت في وجه النبي صلی الله علیه و آله: القول ما قاله عمر .. القول ما قاله عمر !!

هذه الحقائق التي ظهرت يوم الخميس، كان معناها الوحيد عند أهل البيت علیهم السلام، أن يستعدوا لما أخبرهم به النبي صلی الله علیه و آله من الاضطهاد، عندما نظر اليهم ودموعه تترقرق في عينيه وقال: أنتم المستضعفون بعدي !!

ففي مجمع الزوائد: 8/34: (عن أم الفضل بنت الحارث وهى أم ولد العباس أخت ميمونة قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فجعلت أبكى فرفع رأسه فقال ما يبكيك ؟ قالت: خفنا عليك ولا ندري ما نلقى من الناس بعدك يا رسول الله ! قال: أنتم المستضعفون بعدي) .

ص: 130

6- جيش أسامة.. قرار نبوي بإبعاد المخالفين لعلي علیه السلام من المدينة !

اشارة

مؤتة .. مدخل القدس، على مرمى حجر منها، وكيلو مترات قليلة ..!

وهي على بعد نحو 2000 كيلومتر من المدينة.. وفي السنة الثامنة للهجرة، وصل اليها جيش النبي صلی الله علیه و آله .. يعني قبل فتحه لمكة، وخلعه سلاح قريش وتحويله بالقوة باتجاه فتوحات الاسلام !

كانت معركة مؤتة أول معارك النبي صلی الله علیه و آله مع الروم واليهود الذين هم تحت سيطرتهم ! وكان أمير الجيش فيها جعفر بن أبي طالب ابن عم النبي، الذي قال فيه النبي صلی الله علیه و آله عندما رأى شجاعة ابنته أم هاني (لله در أبي طالب لو ولد الناس كلهم لكانوا شجعاناً !!) . كشف الغمة:2/235

أراد النبي صلی الله علیه و آله بإرسال جيش الى مؤتة أن يرسم توجه المسلمين نحو القدس ونحو الروم .. فأرسلهم ثلاثة آلاف بقيادة جعفر وقال: فإن قتل جعفر فأميركم زيد بن حارثة، فإن قتل زيد فأميركم عبد الله بن رواحة ! وهكذا كان.. فقد لقيهم الروم بأضعافهم والتحموا معهم في معركة غير متكافئة، صبر فيها المسلمون واستبسل أميرهم جعفرفعرقب فرسه علامة عدم فراره، وقاتل راجلاً، حاملاً راية النبي صلی الله علیه و آله في يد، والسيف الهاشمي في يد وقتل منهم كثيراً، حتى تكاثروا عليه وقطعوا يده فقاتلهم بالأخرى حتى قطعوها، فسقط شهيداً، وعد بعضهم في بدنه خمسين طعنة رمح وضربة سيف . . رضوان الله عليه . . وأخذ الراية زيد بن حارثة الذي رباه النبي صلی الله علیه و آله، فقاتل بشجاعة حتى استشهد، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل بشجاعة حتى استشهد.. وظهر الضعف على المسلمين فانحاز بهم خالد بن الوليد، وانسحبوا من المعركة عائدين .

ص: 131

وكظم النبي صلی الله علیه و آله هزيمة جيشه وشهادة صحابته الأبرار بانتظار أن يؤمر بالكرة .

وبعد حجة الوداع .. وقد كان النبي صلی الله علیه و آله يعيش هموم ترتيب خلافته لعترته الذين اختارهم الله وطهرهم، ويعالج أدواء حسد قريش ومؤامراتها عليهم . . جاءه جبرئيل وأمره أن يخلي المدينة من زعماء قريش ومعهم زعماء الأنصار ويرسلهم كلهم تحت إمرة أسامة بن زيد الى مؤتة، ويستبقي علياً وأهل بيته عنده .. حتى إذا جاءته الوفاة، انتظم الأمر لعلي علیه السلام قبل أن يعودوا فلا يكون لعلي علیه السلام معارض !

أمر النبي صلی الله علیه و آله بإحضار أسامة بن زيد، ابن الثمانية عشر عاماً، وهو شاب أسود، فأمه أم أيمن حبشية وهي أمة للنبي صلی الله علیه و آله زوجها لزيد الذي رباه.. لكنه شاب شجاع، استفاد من تربية النبي صلی الله علیه و آله له ومن تأميره في السنة الماضية على جيش صغير سماه البخاري (باب بعث أسامة بن زيد الى الحرقات - سبل الهدى والرشاد: 6/ 193) . .

أحضر النبي صلی الله علیه و آله أسامة وقال له، كما في عيون الأثر: 2/352: (سر إلى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل، فقد وليتك هذا الجيش، فأغر صباحاً على أهل أبنى وحرق عليهم، وأسرع السير تسبق الأخبار، فإن ظفرك الله فأقلل اللبث فيهم، وخذ معك الأدلاء وقدم العيون والطلائع معك .

فلما كان يوم الأربعاء بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فحم وصدع، فلما أصبح يوم الخميس عقد لأسامة لواء بيده، ثم قال: أغزُ بسم الله وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله . فخرج بلوائه معقوداً فدفعه إلى بريدة بن الحصيب

ص: 132

الأسلمي، وعسكر بالجُرف، فلم يبق أحد من وجوه المهاجرين الأولين والأنصار إلا انتدب في تلك الغزوة منهم أبوبكر، وعمر بن الخطاب، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد وقتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريس .. فتكلم قوم وقالوا يستعمل هذا الغلام على المهاجرين الأولين، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً فخرج وقد عصب على رأسه عصابة وعليه قطيفة فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد أيها الناس، فما قالةٌ بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ؟! ولئن طعنتم في إمارتي أسامة لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبله ! وأيم الله إن كان لخليقاً للامارة وإن ابنه من بعده لخليق للامارة، وإن كان لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمخيلان لكل خير - أي لمظنة لكل خير - فاستوصوا به خيراً فإنه من خياركم .

ثم نزل فدخل بيته، وذلك في يوم السبت لعشر خلون من شهر ربيع الاول سنة إحدى عشرة، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخرجون إلى المعسكر بالجُرف، وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقول: أنفذوا بعث أسامة) .

وفي عيون الأثر: 2/352: (فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فدخل أسامة من معسكره والنبي صلى الله عليه وسلم مغمور وهو اليوم الذى لدوه فيه ! فطأطأ أسامة فقبله والنبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلم فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة، قال أسامة: فعرفت أنه يدعو لي، ورجع أسامة إلى معسكره .

ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله صلىالله عليه وسلم مفيقاً فقال له: أغد على بركة الله، فودعه أسامة وخرج إلى معسكره، فأمر الناس بالرحيل، فبينا هو

ص: 133

يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاءه يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يموت، فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت، فتوفي حين زاغت الشمس يوم الاثنين . . .) . انتهى .

هذه هي الرواية القرشية لجيش أسامة، أو بعث أسامة .. ولا تحتاج معها الى جهد كبير لتعرف أن جيش أسامة كان خطة ربانية أحبطتها قريش وحققت هدفها في الخلافة .. لكن الله تعالى أتم فيها حجته وحجة نبيه صلی الله علیه و آله .. ونكتفي لذلك بتسجيل الملاحظات التالية:

جيش أسامة أمر رباني نزل فيه الوحي !

أنهم كانوا يعرفون أن أمر النبي صلی الله علیه و آله بإرسالهم في جيش أسامة، والتشديد على سرعة حركته وحرمة تأخره، إنما هو أمر رباني نزل به الوحي ..

ففي تاريخ ابن عساكر: 2 /56، أنهم قالوا لأبي بكر: فلو استأنيت بغزو الروم حتى يضرب الاسلام بجرانه ويعود أهل الردة إلى ما خرجوا منه أو يفنيهم السيف، ثم تبعث أسامة حينئذ . . . فقال: والذي نفسي بيده لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة لانفذت هذا البعث ولا بدأت بأول منه كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي من السماء يقول: أنفذوا جيش أسامة ؟!!!) . انتهى .

ص: 134

أول ما برز المنشقون على النبي صلی الله علیه و آله في كتابة الكتاب وجيش أسامة !

من الواضح أن أصل اختلاف المسلمين هو ظهور المنشقين على النبي صلی الله علیه و آله في حياته، العاصين له في كتابة الكتاب، وفي جيش أسامة !

ففي شرح المواقف للجرجاني: 8 / 376: (قال الآمدي:كان المسلمون عند وفاة النبي علیه السلام على قيدة واحدة طريقة واحدة، إلا من كان يبطن النفاق ويظهر الوفاق، ثم نشأ الخلف فيما بينهم أولاً في أمور اجتهادية لا توجب إيماناً ولا كفراً، وكان غرضهم منها إقامة مراسم الدين، وإدامة مناهج الشرع القويم !! وذلك كاختلافهم عند قول النبي صلی الله علیه و آله فى مرض موته: ائتونى بقرطاس أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي ! حتى قال عمر: إن النبي قد غيبه الوجع حسبنا كتاب الله ! وكثر اللغط في ذلك حتى قال النبي صلی الله علیه و آله: قوموا عني لا ينبغي عندي التنازع !!!

وكاختلافهم بعد ذلك في التخلف عن جيش أسامة فقال قوم بوجوب الاتباع لقوله علیه السلام: جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه . وقال قوم: التخلف انتظاراً لما يكون من رسول الله في مرضه !!) . انتهى .

أمر النبي صلی الله علیه و آله المنشقين بالسفر في جيش أسامة .. عندما رفضوا كتابة الكتاب . .

يوجدارتباط بين كتابة كتاب التأمين من الضلالة الذي أمر به النبي صلی الله علیه و آله فعصوه، وبين أمره لهم بالمسير الى مؤتةتحت إمرة أسامة.. لأن النبي صلی الله علیه و آله توفي يوم الاثنين، وقد أمرهم بكتابة الكتاب يوم الخميس، وعقد اللواء لأسامة وأمره

ص: 135

بالحركة يوم الخميس .. وإن كنا يحتمل أن يكون عقد لواء أسامة في الخميس الماضي، أي قبل وفاته باثني عشر يوماً .

فمن الثابت في مصادر الجميع أن قضية الكتاب الذي رفضه عمر وقريش، كان في يوم الخميس، حتى سماها ابن عباس (رزية الخميس) .. أما جيش أسامة فقال ابن حجر في فتح الباري: 8/115: (بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الأربعاء فأصبح يوم الخميس فعقد لأسامة فقال: أغز في سبيل الله وسر إلى موضع مقتل أبيك فقد وليتك هذا الجيش) . انتهى .

خطة التثاقل والتخلف القرشية عن جيش أسامة !

لم تكن حركة جيش كبعث أسامة في ذلك الوقت تحتاج الى أكثر من يوم أو يومين .. فبمجرد أن يصدر الأمر النبوي ويعقد النبي صلی الله علیه و آله الراية، يستلمها القائد ويعلن مكان الاجتماع ويذهب اليه، ويلتحق به المنسَّبون اليه، فيتحرك.

وقد تحرك أسامة يوم الخميس بمجرد أن عقد له النبي صلی الله علیه و آله اللواء الى محلة (الجُرف) على فرسخين خارج المدينة، وعسكر فيها، والتحق به في يومه واليوم الثاني أكثر جيشه . . لكن بدأت الاشاعات والتعللات وأولها أنه يوجد معترضون علىتأمير أسامةالشاب الأسود الصغير السن على زعماء المهاجرين والأنصار .. ! وسرعان ماحسم النبي صلی الله علیه و آله ذلك بغضب نبوي وتوبيخ للمنافقين الذين اعترضوا . . لكن جيش زيد لم يتحرك .. فما أن تنتهي قصة وإشاعة لتأجيل حركته . . حتى تجئ قصة وتعلل آخر !!

وهذا يدل على أنه كان يوجد متخلفون عن جيش أسامة عن عمد وإصرار، بل كانت توجد خطة تثاقل لتأخيره، وأن تخلفهم لم يكن قلقاً على حياة النبي صلی الله علیه و آله، بل كان معصية كبيرة لله ورسوله بلغت حد الارتداد واستحقاق

ص: 136

صدور اللعنة عليهم من الله ورسوله !! فقد روى عدد من المصادر أن التشديد النبوي على إنفاذ جيش أسامة رافقه لعن هؤلاء المتخلفين! وقد لاحظت ما تقدم في شرح المواقف، وفي الملل والنحل للشهرستاني ص 29، وفي طبعة أخرى:1/14: (الخلاف الثاني في مرضه أنه قال: جهّزوا جيش أسامة لعن الله من تخلّف عنه . الخ. . . .) .

وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: 6/52: (في حديث أن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: أنفذوا جيش أسامة، لعن الله من تخلف عنه، وكرّر ذلك) . انتهى.

وعليه، فلا يمكن الوثوق بالروايات القرشية التي تصور تأخر جيش أسامة بأنه حادث عادي ! وكيف يكون عادياً مع إصرار النبي صلی الله علیه و آله المتتابع، ومع تأخر الجيش عن الحركة أياماً، أو اثني عشر يوماً، كما نرجح ؟!

قال الطبري الشيعي في المسترشد ص 112: (وجعل أبا بكر وعمر، وأبا عبيدة ابن الجراح، وسعد بن أبي وقاص، وأبا الأعور السلمي، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، في رجال من المهاجرين والأنصار عدة، منهم قتادة بن النعمان، وسلمة بن أسلم بن حريش، تحت لوائه، وكان أشدهم إنكاراً لولايته عياش بن أبي ربيعة حتى قال: أيستعمل هذا الغلام على المهاجرين والأولين ؟! فكثرت القالة فسمع عمر بن الخطاب هذا القول فرده على من تكلم به !! وجاء إلى النبي صلی الله علیه و آله فأخبره بقول من قال، فغضب رسول الله صلی الله علیه و آله من (بعض) ذلك القول غضباً شديداً، فخرج في علته وقد عصب رأسه بعصابة وعليه قطيفة وصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة، لقد طعنتم في إمارتي أباه من قبل، وأيم الله إنه للامارة لخليق،

ص: 137

وإبنه بعده للامارة خليق، وهو من أحب الناس إلي، وإنهما أهل لكل خير فاستوصوا به خيراً فإنه من خياركم .

ثم نزل رسول الله صلی الله علیه و آله فدخل بيته وذلك ليوم السبت، لعشر خلون من شهر ربيع الأول، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله صلی الله علیه و آله، وفيهم أبو بكر وعمر، ورسول الله يقول: أنفذوا جيش أسامة، ودخلت أم أيمن وهي أم أسامة، فقالت: يارسول الله لو تركت أسامة يقيم في معسكره حتى تتماثل، فإن أسامة إن خرج على حالته هذه لم ينتفع بنفسه فقال رسول الله صلی الله علیه و آله أنفذوا بعث أسامة . فمضى الناس إلى المعسكر فباتوا ليلة الأحد ورسول الله ثقيل مغمى عليه، فدخل أسامة على رسول الله وعيناه تهملان وعنده العباس عمه رحمة الله، والنساء حوله فتطأطأ إليه أسامة فقبله رسول الله صلی الله علیه و آله ورفع يديه إلى السماء ثم نصبهما إلى أسامة . قال أسامة: فعرفت أنه يدعو لي فرجعت إلى معسكري .

فلما كان يوم الاثنين جاء أسامة فقال له رسول الله صلی الله علیه و آله: أغد على بركة الله، فودعه أسامة، ورسول الله مفيق، فصاح أسامة بأصحابه وأمرهم باللحوق بالمعسكر، وبالرحيل . فلما متع النهار فبينا أسامة يريد أن يركب من الجرف أتاه رسول أم أيمن يخبره أن رسول الله صلی الله علیه و آله يموت، فامتنع عليه القوم ! فتوفي رسول الله في ذلك اليوم حين زاغت الشمس، وهو يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول، ودخل الناس من الجرف إلى المدينة، ولم ينفذوا لأمر رسول الله، ثم اضطربوا وبايعوا لأبي بكر قبل دفن رسول الله صلی الله علیه و آله، ثم ادعى القوم أن أبا بكر لم يكن في جيش أسامة !) . انتهى .

ص: 138

لاحظ عبارة (فامتنع عليه القوم !) أي لم يطيعوا أمر أسامة بالحركة . . وقد كان الوقت صبح الاثنين والنبي صلی الله علیه و آله مفيق وحالته حسنة، فقد توفي عصر يوم الاثنين!

ومن حق الباحث هنا أن يشك في أن أم أيمن قدأرسلت الى ولدها أسامة أكثر من مرة، أن يخالف أمر النبي صلی الله علیه و آله المشدد ويتأخر ! كما تزعم مصادرهم ..

فقد كانت أم أيمن امرأة بسيطة مؤمنة طيبة، وكانت أمة لآمنة أم النبي، ثم أمة النبي المطيعة المعتقدة بنبوته وصدقه، ولم يعهد أنها كانت تتدخل في أوامر النبي صلی الله علیه و آله حتى لو كانت تتعلق بزوجها زيد أو بولدها أسامة .. فمن المرجح أن القرشيين كانوا على الخط، وأن العاملات لهم أرسلن أحداً باسم أم أيمن، أو أثرن عليها حتى أرسلت الى أسامة بدون إذن من النبي صلی الله علیه و آله !

أبو بكر وعمر والمتسللون لواذاً من معسكر أسامة !

خرج أسامة يوم الخميس بلوائه الى مؤتة وعسكر في الجرف خارج المدينة، ليلتحق به الذين أمرهم النبي صلی الله علیه و آله بأن يكونوا معه .. ولم يكن الأمر يحتاج إلا يوماً أو يومين لكي يتحرك بالجيش، أي بقية يوم الخميس ويوم الجمعة! فالمفروض في أبي بكر وعمر وبقية السبع مئة قرشي من المهاجرين والطلقاء، أن يكونوا في الجرف مع أسامة .. لكن الذي حدث شئ آخر !!

فقد كانت الموازنة عند هؤلاء بين السفر الى مؤتة لقتال الروم، وبين مواصلة خطتهم لابعاد بني هاشم عن خلافة النبي صلی الله علیه و آله وتعويمها في قبائل قريش!! وأنى لمن طمع في خلافة نبيه أن يترك الفرصة، ويذهب لقتال الروم ؟!!

ص: 139

يضاف الى ذلك أن المنظرين للخلافة القرشية واجهوا إشكالاً بأنه كيف يكون أبوبكر خليفة شرعياً للنبي صلی الله علیه و آله، وقد توفي النبي صلی الله علیه و آله وأبو بكر جندي تحت إمرة أسامة بن زيد ؟!

وللتخلص من ذلك ادعى بعض متعصبيهم كابن تيمية، أن أبا بكر لم يكن أصلاً في جيش أسامة .. وقد رد عليهم بعض علمائهم مثل ابن حجر، فقال في فتح الباري: 8 / 115: (وقد أنكر بن تيمية في كتاب الرد على ابن المطهر أن يكون أبو بكر وعمر كانا في بعث أسامة . ومستند ما ذكره (يقصد ابن المطهر الذي هو العلامة الحلي) ماأخرجه الواقدي بأسانيده في المغازي، وذكره بن سعد أواخر الترجمة النبوية بغير إسناد، وذكره بن إسحاق في السيرة المشهورة، ولفظه: بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الأربعاء فأصبح يوم الخميس فعقد لأسامة، فقال: أغز في سبيل الله، وسر إلى موضع مقتل أبيك، فقد وليتك هذا الجيش، فذكر القصة وفيها لم يبق أحد من المهاجرين الأولين إلا انتدب في تلك الغزوة، منهم أبوبكر وعمر. ولما جهزه أبو بكر بعد أن استخلف سأله أبو بكر أن يأذن لعمر بالاقامة فأذن.

ذكر ذلك كله بن الجوزي في المنتظم جازماً به، وذكره الواقدي، وأخرجه بن عساكر من طريقه مع أبي بكر وعمر أبا عبيدة وسعداً وسعيداً وسلمة بن أسلم وقتادة بن النعمان، والذي باشر القول ممن نسب إليهم الطعن في إمارته عياش بن أبي ربيعة . وعند الواقدي أيضاً أن عدة ذلك الجيش كانت ثلاثة آلاف، فيهم سبعمائة من قريش) . انتهى . وهي واحدة من الصفعات العلمية التي وجهها ابن حجر لابن تيمية !

ص: 140

وقال البلاذري في أنساب الأشراف: 2/115: (حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن جده عن أبي صالح عن ابن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصباً رأسه حتى جلس على المنبر، وكان الناس قد تكلموا في أمره حين أراد توجيههم إلى مؤته، فكان أشدّهم قولاً في ذلك عياش بن أبي ربيعة .

فقال: أيها الناس، أنفذوا بعث أسامة، فلعمري لئن قلتم في أمرته لقد قلتم في إمرة أبيه من قبله، ولقد كان أبوه للإمارة خليقاً وإنه لخليق بها . وكان في جيش أسامة أبو بكر وعمر ووجوه من المهاجرين والأنصار) . انتهى .

وقد أورد السيد شرف الدين في المراجعات والشيخ الأميني في الغدير، عدداً كبيراً من المصادر التي نصت على أن أبا بكر كان في جيش أسامة .. مثل ابن سعد في الطبقات، وابن الجوزي في المنتظم، والجوهري في السقيفة وابن الأثير في تاريخه، وابن سيد الناس في سيرته .. وغيرهم وغيرهم ..

العلاقة بين لدِّهم للنبي صلی الله علیه و آله .. وبين عملهم لإفشال جيش أسامة !

تقدم قول ابن سيد الناس في عيون الأثر: 2/352: (فلما كان يوم الأحد اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه، فدخل أسامة من معسكره والنبي صلى الله عليه وسلم مغمور وهو اليوم الذي لدُّوه فيه ! فطأطأ أسامة فقبله والنبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلم، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة، قال أسامة: فعرفت أنه يدعو لي، ورجع أسامة إلى معسكره .

ثم دخل يوم الاثنين وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مفيقاً فقال له أغد على بركة الله، فودعه أسامة وخرج إلى معسكره، فأمر الناس بالرحيل فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أمه أم أيمن قد جاءه يقول إن رسول الله صلى الله عليه

ص: 141

وسلم يموت، فأقبل وأقبل معه عمر وأبو عبيدة، فانتهوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت، فتوفي حين زاغت الشمس يوم الاثنين . . .) . انتهى .

كما تقدم الكلام في لدهم للنبي صلی الله علیه و آله في مرضه أي إعطائهم له دواء بالاجبار عندما أغمي عليه، وأنه غضب لذلك وأمر بعقوبتهم ليسجل بذلك احتمال أنهم سقوه سماً في الدواء !! قال البخاري ج 7 ص 17 (عن ابن عباس قالت عائشة: لددناه في مرضه فجعل يشير الينا أن لا تلدوني فقلنا كراهية المريض للدواء . فلما أفاق قال: ألم انهكم أن تلدوني ؟! قلنا: كراهية المريض للدواء . فقال: لا يبقى في البيت أحد إلا لدّ، وأنا أنظر إلا العباس، فإنه لم يشهدكم !!) ورواه في: 8/40 و42، وفيه أنه أحس باللدّ فنهاهم، ولكنهم لم يمتنعوا فعاقبهم !) انتهى .

وواضح أن عملية اللد وقعت في وقت لم يكن عند النبي صلی الله علیه و آله أحد من بني هاشم أبداً ! ولا بد أنها كانت فترة قصيرة أو لحظات، لأن علياً والزهراء علیها السلام والحسنين علیهم السلام، والعباس وأولاده رضي الله عنهم كانوا ملازمين للنبي صلی الله علیه و آله، إلا إذا بعث أحداً منهم في مهمة، أو صادف خلو الغرفة منهم لفترة وجيزة ! وفي هذه الفرصة الوجيزة قامت عائشة وحفصة بلد النبي صلی الله علیه و آله عندما أغمي عليه، رغم نهيه لهن وتشديده في النهي !!

وقد غضب النبي صلی الله علیه و آله من عملهم، ومع أنه يعرف أن الذي يقدم على سم أحد، لا يشرب هو من نفس الدواء المسموم الذي سقاه إياه ! لكنه صلی الله علیه و آله أراد أن يسجل اتهامهم لهم بأنهم سموه !! فأمرهم أن يشربوا من نفس الدواء الذي سقوه له !

ص: 142

والذي يتأمل يجد العلاقة واضحة بين الذين اعترضوا على كتابة كتاب تأمين الأمة من الضلال، واعترضوا على تأمير أسامة، والذين تثاقلوا وخططوا لتأخير حركة الجيش، والذين لدوا النبي صلی الله علیه و آله رغم نهيه، والذين عندهم حساسية مفرطة من أهل بيت النبي صلی الله علیه و آله وبني هاشم، والذين سارعوا الى السقيفة وصفقوا على يد أبي بكر وأعلنوا بيعته ..

إنهم رموز الحزب القرشي .. لاغير !!

إفشال قريش جيش أسامة .. مقدمات العاصفة على آل الرسول !

ظهرت مقدمات عاصفة الحزب القرشي على العترة النبوية قبل حجة الوداع، ثم تتابعت وبرزت في حجة الوداع، ثم تفاقمت واشتدت بعد عودة النبي صلی الله علیه و آله الى المدينة .. حتى ظهرت فاغرة أفواهها بالسم أمام النبي صلی الله علیه و آله ! عندماردوا أمره وقالوا له بوقاحة: لانريد أن تكتب لنا كتاباً يؤمننا من الضلال!! فقد استطاعت قريش أن تزعم عليها أجرأ أصحاب النبي وأخشنهم، وأوكلت اليه مواجهة النبي صلی الله علیه و آله بنفسه، فأعلن أمام النبي صلی الله علیه و آله أنه يرفض أن يكتب النبي صلی الله علیه و آله لهم كتاباً يتضمن الخطة الربانية للحكم بعده.. واتهم النبي بأنه يهجر وقال حسبنا كتاب الله .. فصاح أفراد الحزب القرشي: القول ماقاله عمر .. القول ماقاله عمر !!

ولابد أن هؤلاء الصارخين في وجه نبيهم، وأكثرهم من الطلقاء ! كانوا في جيش أسامة يلتفون حول عمر ويقولون .. القول ما قاله عمر ! !

قال ابن حجر في فتح الباري: 8/115: (وعند الواقدي أيضاً أن عدة ذلك الجيش كانت ثلاثة آلاف، فيهم سبعمائة من قريش) . انتهى .

ص: 143

وقد استطاع هؤلاء أن يفشلوا الخطة الربانية لإرسال جيش أسامة، ويعصوا أوامر النبي صلی الله علیه و آله وتأكيداته المتتابعة عليهم بالاسراع في الحركة، حتى مضت الأيام وتوفي النبي صلی الله علیه و آله .. ورتبوا في يوم وفاته بيعة السقيفة !

طرق المدينة هذه الليلة شر عظيم !!

في ليلة الاثنين، كانت حالة النبي صلی الله علیه و آله تشتد وتخف، يغمى عليه من الحمى ثم يفيق .. فأفاق بعض الإفاقة فقال: لقد طرق ليلتنا هذه المدينة شر عظيم، فقيل له: وما هو يا رسول الله ؟! فقال: إن الذين كانوا في جيش أسامة قد رجع منهم نفر يخالفون عن أمري، ألا إني إلى الله منهم برئ . ويْحَكم نفذوا جيش أسامة، قالها مرات كثيرة !!

ففي بحار الأنوار: 28 / 108 عن كتاب سليم بن قيس رضي الله عنه: (قال: فخلا أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بأسامة وجماعة من أصحابه فقالوا إلى أين ننطلق ونخلي المدينة ونحن أحوج ماكنا إليها وإلى المقام بها ؟ فقال لهم: وما ذلك ؟ قالوا إن رسول الله قد نزل به الموت، ووالله لئن خلينا المدينة لتحدثن بها أمور لا يمكن إصلاحها، ننظر ما يكون من أمر رسول الله، ثم المسير بين أيدينا . قال: فرجع القوم إلى المعسكر الأول وأقاموا به وبعثوا رسولاً يتعرف لهم أمر رسول الله، فأتى الرسول إلى عائشة فسألها عن ذلك سراً، فقالت إمض إلى أبي وعمر ومن معهما وقل لهما: إن رسول الله قد ثقل، فلا يبرحن أحد منكم، وأنا أعلمكم بالخبر وقتاً بعد وقت .

واشتدت علة رسول الله فدعت عائشة صهيباً فقالت: إمض إلى أبي بكر وأعلمه أن محمداً في حال لا يرجى، فهلم إلينا أنت وعمر وأبو عبيدة ومن

ص: 144

رأيتم أن يدخل معكم، وليكن دخولكم في الليل سراً، قال: فأتاهم الخبر فأخذوا بيد صهيب فأدخلوه إلى أسامة فأخبروه الخبر، وقالوا له كيف ينبغي لنا أن نتخلف عن مشاهدة رسول الله ؟! واستأذنوه في الدخول فأذن لهم وأمرهم أن لايعلم بدخولهم أحد، وإن عوفي رسول الله رجعتم إلى عسكركم وإن حدث حادث الموت عرفونا ذلك لنكون في جماعة الناس . فدخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ليلاً المدينة، ورسول الله قد ثقل فأفاق بعض الإفاقة فقال: لقد طرق ليلتنا هذه المدينة شر عظيم!! فقيل له: وما هو يا رسول الله ؟ فقال: إن الذين كانوا في جيش أسامة قد رجع منهم نفر يخالفون عن أمري، ألا إني إلى الله منهم برئ، ويحكم نفذوا جيش أسامة، فلم يزل يقول ذلك حتى قالها مرات كثيرة .

قال: وكان بلال مؤذن رسول الله يؤذن بالصلاة في كل وقت، فإن قدر على الخروج تحامل وخرج وصلى بالناس، وإن هو لم يقدر على الخروج أمر علي بن أبي طالب فصلى بالناس، وكان علي بن أبي طالب والفضل بن العباس لا يزايلانه في مرضه ذلك، فلما أصبح رسول الله من ليلته تلك التي قدم فيها القوم الذين كانوا تحت يدي أسامة، أذن بلال ثم أتاه يخبره كعادته، فوجده قد ثقل فمنع من الدخول إليه، فأمرت عائشة صهيباً أن يمضي إلى أبيهافيعلمه أن رسول الله قدثقل في مرضه وليس يطيق النهوض إلى المسجد وعلي بن أبي طالب قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس، فاخرج أنت إلى المسجد فصل بالناس، فإنها حالة تهنؤك، وحجة لك بعد اليوم !

قال: فلم يشعر الناس وهم في المسجد ينتظرون رسول الله أو علياً يصلي بهم كعادته التي عرفوها في مرضه، إذ دخل أبو بكر المسجد وقال: إن رسول الله قد ثقل وقد أمرني أن أصلي بالناس، فقال له رجل من أصحاب رسول الله: وأنى

ص: 145

لك ذلك وأنت في جيش أسامة ؟! ولا والله لا أعلم أحداً بعث إليك ولا أمرك بالصلاة ! ثم نادى الناس بلال فقال: على رسلكم رحمكم الله لأستأذن رسول الله في ذلك، ثم أسرع حتى أتى الباب فدقه دقاً شديداً فسمعه رسول الله فقال: ما هذا الدق العنيف فانظروا ما هو ؟ قال: فخرج الفضل بن العباس ففتح الباب فإذا بلال، فقال: ما وراءك يابلال ؟ فقال: إن أبا بكر قد دخل المسجد وقد تقدم حتى وقف في مقام رسول الله، وزعم أن رسول الله أمره بذلك ! فقال أو ليس أبو بكر مع جيش أسامة، هذا هووالله الشر العظيم الذى طرق البارحة المدينة، لقد أخبرنا رسول الله بذلك! ودخل الفضل وأدخل بلالاً معه فقال: ما وراءك يا بلال ؟ فأخبر رسول الله الخبر، فقال: أقيموني أقيموني، أخرجوا بي إلى المسجد، والذي نفسي بيده قد نزلت بالاسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن !! ثم خرج معصوب الرأس يتهادى بين علي علیه السلام والفضل بن العباس، ورجلاه تجران في الأرض، حتى دخل المسجد وأبو بكر قائم في مقام رسول الله، وقد أطاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الذين دخلوا، وأكثر الناس قد وقفوا عن الصلاة ينتظرون ما يأتي بلال، فلما رأى الناس رسول الله قد دخل المسجد وهو بتلك الحالة العظيمة من المرض، أعظموا ذلك .

وتقدم رسول الله فجذب أبا بكر من ورائه فنحاه عن المحراب، وأقبل أبو بكر والنفر الذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله، وأقبل الناس فصلوا خلف رسول الله وهو جالس، وبلال يسمع الناس التكبير حتى قضى صلاته، ثم التفت فلم ير أبا بكر فقال: أيها الناس ألا تعجبون من ابن أبي قحافة وأصحابه الذين أنفذتهم وجعلتهم تحت يدي أسامة، وأمرتهم بالمسير إلى الوجه الذي وجهوا إليه فخالفوا ذلك ورجعوا إلى المدينة ابتغاء الفتنة، ألا وإن الله قد أركسهم فيها !

ص: 146

أعرجوا بي إلى المنبر، فقام وهو مربوط حتى قعد على أدنى مرقاة فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال:

أيها الناس: إني قد جاءني من أمر ربي ما الناس إليه صائرون، وإني قد تركتكم على الحجة الواضحة ليلها كنهارها، فلا تختلفوا من بعدي كما اختلف من كان قبلكم من بني اسرائيل .

أيها الناس: إنه لا أحل لكم إلا ما أحله القرآن، ولا أحرم عليكم إلا ما حرمه القرآن، وإني مخلف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ولن تزلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي هما الخليفتان فيكم، وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض، فأسائلكم بماذا خلفتموني فيهما ؟ وليذادنَّ يومئذ رجالٌ عن حوضي كما تذاد الغريبة من الابل، فتقول رجال أنا فلان وأنا فلان، فأقول أما الأسماء فقد عرفت، ولكنكم ارتددتم من بعدي، فسحقاً لكم سحقاً !! ثم نزل عن المنبر وعاد إلى حجرته، ولم يظهر أبو بكر ولا أصحابه حتى قبض رسول الله وكان من الأنصار وسعد من السقيفة ماكان). انتهى . وبعد أقل من أربع وعشرين ساعة من هذه الحادثة، ظهر أبو بكر وأصحابه يدعون الناس الى بيعته تحت التهديد بالقتل والحرق، وأعطوه لقب خليفة رسول الله صلی الله علیه و آله، وادعوا أن النبي صلی الله علیه و آله أمره بإمامة الصلاة مكانه !!

كل هذا وجنازة النبي صلی الله علیه و آله ما زالت مسجاة، لم تدفن بعد !!

هذه هي قصتهم عن صلاة أبي بكر بالناس بأمر النبي صلی الله علیه و آله .. وقد كشف زيفها أهل البيت علیهم السلام وعلماء مذهبهم، ولعل أفضل من فضحها الباحث القدير السيد الميلاني في بحثه (رسالة في صلاة أبي بكر) !

ص: 147

سعد بن عبادة وعدو الحزب القرشي كان أيضاً في جيش أسامة !

كان سعد بن عبادة زعيم الأنصار في جيش أسامة، وقد عسكر معهم في الجرف خارج المدينة بانتظار أمر الحركة من أسامة .. وكان على معرفة بمشروع القرشيين في صرف خلافة النبي صلی الله علیه و آله عن أهل بيت النبي علیهم السلام من بني هاشم، وتعويمها بين قبائل قريش، فسرى اليه التفكير القبلي والطمع في الخلافة مع إيمانه بنص النبي صلی الله علیه و آله على استخلاف علي علیه السلام والعترة الطاهرة ! لكن سعداً أقسم أنه لم يطلب خلافة النبي لنفسه حتى رآهم اتفقوا على صرفها عن علي علیه السلام !!

قال الطبري الشيعي في المسترشد ص 412: (ثم إن سعد بن عبادة، لما رأى الناس يبايعون أبا بكر، نادى: والله ما أردتها حتى صرفت عن علي، ولا أبايعكم أبداً حتى يبايعكم علي علیه السلام ولعلي علیه السلام لا أفعل وإن بايع !!) . انتهى .

وهنا تبرز الحكمة النبوية في جعله تحت قيادة أسامة أيضاً !

ص: 148

الفصل السادس: فاطمة علیها السلام في مرض النبي صلی الله علیه و آله

اشارة

ص: 149

ص: 150

1- فاطمة علیها السلام الطفلة الصديقة .. المجاهدة !!

كانت فاطمة علیها السلام صلی الله علیه و آله دائماً الى جنب أبيها صلی الله علیه و آله .. وكانت من صغرها تفكر تفكير الكبار، وتتحمل مسؤولية الكبار !

فقد رووا عنها العجائب والكرامات .. منها أنها كانت معه وهو يصلي في مكة، فوجه القرشيون سفهاءهم وألقوا عليه كرش ناقة وهو ساجد .. فألقته عنه فاطمة علیها السلام وبكت ودعت عليهم .. وكأن دعاءها كان مؤشراً ربانياً ينتظره النبي صلی الله علیه و آله ليدعو عليهم، ولعلها أول مرة بدأ الدعاء عليهم !! قال البخاري: 4 / 71: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش المشركين، إذ جاءه عقبة بن أبى معيط بسلى جزور فقذفه على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يرفع رأسه حتى جاءت فاطمة علیها السلام صلی الله علیه و آله فأخذت من ظهره، ودعت على من صنع ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم عليك الملأ من قريش، اللهم عليك أبا جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وعقبة بن أبى معيط، وأمية بن خلف أو أبي بن خلف، فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر فألقوا في بئر، غير أمية أو أبي فإنه كان رجلاً ضخماً فلما جروه تقطعت أوصاله قبل أن يلقى في البئر) . انتهى .

ص: 151

وينبغي أن نسجل هنا أن كلمة (ودعت على من صنع ذلك) صارت في روايات القرشيين (وسبتهم) !!

ومن عجيب ماذكروه في سيرة النبي صلی الله علیه و آله أن فاطمة علیها السلام هي التي أخبرته بتآمر زعماء قريش عليه ليقتلوه ! ففي مجمع الزوائد: 8/ 228: (عن ابن عباس قال إن الملأ من قريش اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا باللات والعزى ومنات الثالثة الأخرى وأساف ونائلة، لو قد رأينا محمداً لقد قمنا إليه قيام رجل واحد فلم نفارقه حتى نقتله، فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله عنها تبكي حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذا الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك لقد قاموا اليك فيقتلوك، فما منهم رجل إلا وقد عرف نصيبه من دمك!!

قال يابنية أدلي وضوءً، فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا هذا هو، وخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقروا في مجالسهم فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه رجل منهم، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رؤسهم فأخذ قبضة من التراب فقال: شاهت الوجوه، ثم حصبهم بها فما أصاب رجلاً من ذلك الحصى حصاة إلا قتل يوم بدر كافراً . رواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح) . انتهى. فمن أين جاءتها هذه المعلومة السرية الخطيرة.. لابد أنها كانت ملهمة؟!

ولعل هدف الرواة من هذه الرواية أن يقولوا إن مؤامرة قريش انتهت بهذه المعجزة، ولم تكن بحاجة الى مبيت علي علیه السلام في فراش النبي صلی الله علیه و آله، ولكنهم تركوا فضيلة لعلي علیه السلام فرووا كرامة ومعجزة عجيبة لفاطمة الزهراء علیها السلام علیهما السلام !

وعندما هرب المسلمون من المعركة وتركوا نبيهم صلی الله علیه و آله لسيوف قريش وهجماتهم المستميتة لقتله، ولم يبق معه إلا علي علیه السلام .. انقضًت فاطمة الزهراء

ص: 152

علیها السلام كالصقر المجروح الى ساحة المعركة في أحد لتكون الى جنبه ! ففي سنن البيهقي: 2/402: عن سهل بن سعد قال: هشمت البيضة على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته، وجرح وجهه! قال أبو حازم: وكانت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تغسل عنه الدم، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه يأتيها بالماء في مجنة، فلما أصاب الجرح الماء كثر دمه فلم يرقأ الدم حتى أخذت قطعة حصير وأحرقته حتى صار رماداً، ثم جعلته على الجرح فرقأ الدم) . انتهى.

وفي البخاري:3/229: (عن سهل رضي الله عنه أنه سئل عن جرح النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد ؟ فقال: جرح وجه النبي صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه فكانت فاطمة علیها السلام تغسل الدم وعلي رضي الله عنه يمسك، فلما رأت أن الدم لا يزيد إلا كثرة أخذت حصيراً فأحرقته حتى صار رماداً، ثم ألزقته فاستمسك الدم) . انتهى. وينبغي أن نسجل هنا أنهم حذفوا من رواياتهم أن النبي صلی الله علیه و آله قاتل في أحد قتال الأبطال، وأن علياً بقي يرد حملات المشركين التي استهدفت قتل النبي صلی الله علیه و آله الى ما بعد الظهر حتى نزل جبرئيل وقال (لاسيف إلا ذوالفقار ولا فتى إلا علي علیه السلام) !

حذفوا ذلك ليكتبوا بدله إن النبي صلی الله علیه و آله لم يقاتل، بل أعطى سيفه لأبي دجانة فقاتل عنه ! مع أن أبا دجانة وسهل بن حنيف قد ثبتا مع النبي لكن سرعان ما جرحا وخرجا من المعركة.. ولم يبق معه إلا علي علیه السلام من الضحى الى العصر ! ومع أن علياً علیه السلام كان يقول (كنا إذا اشتد البأس لذنا برسول الله صلی الله علیه و آله - الرسالة السعدية للعلامة الحلي ص 79) وفي مسند أحمد: 1/86: (عن علي رضي الله عنه قال: لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقر بنا

ص: 153

إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأساً) . وفاطمة علیها السلام بضعة من النبي صلی الله علیه و آله، وشجاعتها من شجاعته .. فبينما كان الصحابة ممعنين في هروبهم من المعركة كما قال الله تعالى (إذ تصعدون ولاتلوون على أحد والرسول يدعوكم في أخراكم !) وإذا بفاطمة تنقض كالصقر لتكون هي وعلي علیه السلام فقط الى جنب النبي صلی الله علیه و آله . .

ومن مكذوباتهم في هذا الموضوع أنهم رووا ما يفهم منه أن فاطمة علیها السلام لم تذهب الى أحد، وأن علياً عندما رجع الى المدينة افتخر لفاطمة علیها السلام بشجاعته وثباته فوبخه النبي !! قال ابن هشام في سيرته: 3 / 614: (قال ابن إسحاق: فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة علیها السلام فقال اغسلي عن هذا دمه يا بنية، فو الله لقد صدقني اليوم، وناولها على بن أبي طالب سيفه فقال: وهذا أيضاً فاغسلي عنه دمه فو الله لقد صدقني اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه سلم: لئن كنت صدقت القتال، لقد صدق سهل بن حنيف وأبو دجانة) . انتهى .

وفي بقية معارك النبي صلی الله علیه و آله التي سمح لها فيها بالحضور، أو ألهمها الله الحضور فيها كانت فاطمة علیها السلام الى جنب أبيها .. وفي فتح مكة .. وفي حجة الوداع .

أما في مرضه فقد لازمته فاطمة علیها السلام كزوجها علي علیه السلام . . إلا لضرورة، أو عندما يبعثهما النبي صلی الله علیه و آله بمهة فيغيبان ليعودا.. وشبيهٌ بهما العباس وولده الفضل، ومن بقي من بني هاشم، ولم يكن بقي من رجالهم إلا قليل !

وعندماخلا بيت النبي صلی الله علیه و آله من بني هاشم قامت نساؤه اللائي تظاهرن عليه بنص القرآن، بلدِّه وسقيه (دواء) في يوم الأحد، قبل وفاته بيوم واحد !

ص: 154

2- فاطمةو علي علیهم السلام والحسنان .. مخصوصون بأسرار النبوة!!

اشارة

في صحيح مسلم: 7/142: (عن عائشة قالت: كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عنده لم يغادر منهن واحدة، فأقبلت فاطمة علیها السلام تمشي ما تخطئ مشيتها من مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، فلما رآها رحب بها فقال مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم سارَّها فبكت بكاء شديداً، فلما رأى جزعها سارَّها الثانية، فضحكت ! فقلت لها خصك رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين نسائه بالسرار، ثم أنت تبكين ؟! فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم سألتها ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت: ما كنت لأفشي على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره! قالت: فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: عزمت عليك بما لي عليك من الحق، لما حدثتني ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت: أما الآن فنعم، أما حين سارني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآن في كل سنة مرة أو مرتين، وأنه عارضه الآن مرتين، وإنى لا أرى الأجل إلا قد اقترب فاتقي الله واصبري، فإنه نعم السلف أنا لك .. قالت فبكيت بكائي الذي رأيت . فلما رأى جزعي سارني الثانية فقال: يافاطمة علیها السلام أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة؟ قالت فضحكت ضحكي الذى رأيت).انتهى . ونحوه في البخاري: 3/101

وفي سنن النسائي: 5/95: (عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة علیها السلام ابنته في وجعه الذي توفي فيه فسارها بشئ، فبكت . ثم دعاها فسارها فضحكت ! قالت فسألتها عن ذلك فقالت: أخبرني رسول الله صلى الله

ص: 155

عليه وسلم أنه يقبض في وجعه هذا فبكيت، ثم أخبرني أني أول أهله لحاقاً به فضحكت) . انتهى .

أما تعبير النسائي في كتابه خصائص علي علیه السلام ص 117، فهو أدق، قال: (دعا فاطمة رضي الله عنها فناجاها فبكت، ثم حدثها فضحكت.. الخ). انتهى . ومثله في الطبراني الكبير: 22 / 422 .

ماكنت لأفشي على رسول الله سره !

قالت هذه الكلمة فاطمة علیها السلام لعائشة .. وكأنها بذلك قرأت لها الآيات التي خلد الله فيها خيانة عائشة لسر النبي صلی الله علیه و آله، فقال عنها وعن حفصة: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم الخبير . إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ! وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير) سورة التحريم 3- 4، تقول لها بذلك نحن نعرف أنكما مازلتما تفشيان سره وتتظاهران عليه !!

أما لماذا دعا النبي صلی الله علیه و آله فاطمة علیها السلام فناجاها، وأسر اليها أنه يموت في مرضه هذا ؟! وأبقى ذلك سراً عن غيرها، مع أن الله أمره أن يعلن للمسلمين قرب أجله، وأن يحج بهم حجة الوداع، ويؤدي لهم كل ما يجب قوله وفعله ؟!

السبب .. أنه صلی الله علیه و آله عبدٌ مأمور، وقد أمره الله أن يعلن دون توقيت.. أما التوقيت فهو من أسرار الله تعالى، وله أهله، وأهله فاطمة علیها السلام وعلي علیه السلام فقط ! أما الباقون فإن السر ينفذ منهم الى المتربصين من اليهود وقريش الذين يحسبون لموته بالدقائق، لكي يغنوا أغنيتهم .. وينفذوا خطتهم !!

ص: 156

أسرَّ الى ابنته فاطمة علیها السلام، الصديقة، الطاهرة، فخر نساء العالم وسيدتهم.. لكي تتأهب هي وعلي علیه السلام والحسنان.. للمهمة التي أعدهم لها وأخذ عليهم ميثاقه للوفاء بها، في ذلك المجلس العظيم العظيم الذي لاتنساه !!

ففي الكافي: 1/ 281: (عن الامام الصادق علیه السلام قال: حين نزل برسول الله صلی الله علیه و آله الأمر، نزلت الوصية من عند الله كتاباً مسجلاً، نزل به جبرئيل مع أمناء الله تبارك وتعالى من الملائكة، فقال جبرئيل: يا محمد، مرْ بإخراج من عندك إلا وصيك، ليقبضها منا وتشهدنا بدفعك إياها إليه ضامناً لها، يعني علياً، فأمر النبي صلی الله علیه و آله بإخراج من كان في البيت ما خلا علياً، وفاطمة علیها السلام فيما بين الستر والباب، فقال جبرئيل: يا محمد ربك يقرؤك السلام ويقول: هذا كتاب ماكنت عهدت إليك، وشرطت عليك وشهدت به عليك، وأشهدت به عليك ملائكتي وكفى بي يامحمد شهيداً، قال: فارتعدت مفاصل النبي صلی الله علیه و آله فقال: يا جبرئيل ربي هو السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام، صدق عز وجل وبرَّ، هات الكتاب فدفعه إليه وأمره بدفعه إلى أمير المؤمنين فقال له: إقرأه، فقرأه حرفاً حرفاً، فقال: يا علي هذا عهد ربي تبارك وتعالى اليَّ، شرطه علي علیه السلام وأمانته، وقد بلغت ونصحت وأديت، فقال علي علیه السلام: وأنا أشهد لك بأبي وأمي أنت بالبلاغ والنصيحة والتصديق على ما قلت، ويشهد لك به سمعي وبصري ولحمي ودمي . فقال جبرئيل: وأنا لكما على ذلك من الشاهدين، فقال رسول الله: يا علي أخذت وصيتي وعرفتها وضمنت لله ولي الوفاء بما فيها ؟ فقال علي علیه السلام: نعم بأبي أنت وأمي علي علیه السلام ضمانها، وعلى الله عوني وتوفيقي على أدائها . فقال رسول الله: ياعلي علیه السلام إني أريد أن أشهدَ عليك بموافاتي بها يوم القيامة. فقال علي علیه السلام: نعم أشْهِدْ .

ص: 157

فقال النبي صلی الله علیه و آله: إن جبرئيل وميكائيل فيما بيني وبينك الآن وهما حاضران معهما الملائكة المقربون لأشهدهم عليك . فقال: نعم ليشهدوا وأنا بأبي أنت وأمي أشهدهم، فأشهدهم رسول الله ! وكان فيما اشترط عليه النبي صلی الله علیه و آله بأمر جبرئيل فيما أمر الله عز وجل أن قال له:

يا علي تفي بما فيها من موالاة من والى الله ورسوله، والبراءة والعداوة لمن عادى الله ورسوله، والبراءة منهم . على الصبر منك، وعلى كظم الغيظ، وعلى ذهاب حقك، وغصب خمسك، وانتهاك حرمتك ؟

فقال: نعم يا رسول الله .

فقال أميرالمؤمنين: والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لقد سمعت جبرئيل علیه السلام يقول للنبي: يا محمد عرفه أنه تنتهك الحرمة، وهي حرمة الله وحرمة رسول الله، وعلى أن تخضب لحيته من رأسه بدم عبيط .

قال أمير المؤمنين: فصعقت حين فهمت الكلمة من الأمين جبرئيل حتى سقطت على وجهي، وقلت: نعم قبلت ورضيت، وإن انتهكت الحرمة وعطلت السنن، ومزق الكتاب، وهدمت الكعبة، وخضبت لحيتي من رأسي بدم عبيط، صابراً محتسباً أبداً، حتى أقدم عليك !

ثم دعا رسول الله فاطمة علیها السلام والحسن والحسين، وأعلمهم مثل ما أعلم أمير المؤمنين، فقالوا مثل قوله، فختمت الوصية بخواتيم من ذهب، لم تمسه النار ودفعت إلى أمير المؤمنين .

قال الراوي عن الامام الكاظم: فقلت لأبي الحسن: بأبي أنت وأمي ألا تذكر ما كان في الوصية ؟ فقال: سنن الله، وسنن رسوله . فقلت: أكان في الوصية توثبهم وخلافهم على أمير المؤمنين؟ فقال: نعم والله شيئاً شيئاً وحرفاً حرفاً، أما سمعت قول الله عز وجل: (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ماقدموا وآثارهم

ص: 158

وكل شئ أحصيناه في إمام مبين). والله لقد قال رسول الله لأمير المؤمنين وفاطمة علیها السلام: أليس قد فهمتما ما تقدمت به إليكما وقبلتماه ؟ فقالا: بلى وصبرنا على ما ساءنا وغاظنا) . انتهى .

إنها مهمة هداية البشرية الى آخر هذا العالم بعد ختم النبوة .. مهمة الامامة وعهدها ميثاقها، ومسؤوليتها الثقيلة، وعلومها وأسرارها الربانية..

ولكن زعماء قريش لايريدون أن يفهموا إمامة الأمة بعد النبي صلی الله علیه و آله، إلا أنها رئاسة دولة محمد والتمتع بسلطان محمد، وليس من العدل أن يجمع بنو هاشم بين النبوة والخلافة !! فالنبوة كانت سهم بني هاشم، وإمامة أمة الاسلام يجب أن تكون سهم بقية بطون قريش !

إنهم أنفسهم الذين قال الله عنهم: (وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم . أهم يقسمون رحمة ربك ؟! نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات .. ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ! ورحمة ربك خير مما يجمعون) سورة الزخرف - 31- 32

3- فاطمة علیها السلام لأبيها: أخشى على نفسي وولدي الضيعة من بعدك !

في هذه الأجواء كانت تعيش فاطمة علیها السلام وعلي علیه السلام وأهل البيت علیهم السلام ..

فقريش ضارية في عملها ضد عترة النبي علیهم السلام وبني هاشم، لكي تنفذ صحيفة المقاطعة الجديدة ضدهم، كتلك التي نفذتها قبل ست عشرة سنة !

ص: 159

لقد تحملت فاطمة علیها السلام في رها سنوات طويلة جور صحيفة المقاطعة القرشية في شعب أبي طالب .. لكنها كانت في كنف أبيها خير البشر، وأمها الصديقة خديجة الكبرى، وكنف عشيرتها الأبطال بني هاشم ..

أما اليوم فهي تواجه صحيفة قرشية أشد وأعتى .. ولا من والد يرد عنها، ولم يبق من رجال بني هاشم إلا علي علیه السلام والعباس وعقيل !

قالت قريش ليس من العدل أن يجمع محمد لبني هاشم بين النبوة والخلافة، وائتمرت لمنعهم من الخلافة وتحالفت !

فكأن محمداً أعطى بني هاشم ومنع قريشاً من عند نفسه ! وكأن القرشيين لم يعرفوا الى الآن أن محمداً هو الذي كانوا يسمونه قبل بعثته (الصادق الأمين) صلی الله علیه و آله .. وكأنهم لم يسمعوا قول الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحيٌ يوحى) وقوله تعالى: (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لايريدون علواً في الأرض ولا فساداً، والعاقبة للمتقين) !!

بلى والله لقد سمعوه ووعوه، لكن حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها! سبحانك اللهم .. أعطيت عترة نبيك وحرمت قريشاً .. فجعلتهم لهم فتنة، وجعلت قريشاً لهم بلاء .. ! لا اعتراض على أمرك، ولا شك في حكمتك !

كانت فاطمة علیها السلام تعد نفسها للمصائب التي ستنزلها قريش بالبيت النبوي.. ولكنها أرادت أن تبث شجونها وتسكب عبرتها أمام أبيها الحنون .. فدخلت عليه وهي تتأجج حزناً وألماً.. وشكت اليه أنها ترى الأفق ملبداً بالغيوم الداكنة، وترى الأفاعي فاغرة تنتظر أن يغمض الرسول عينيه، حتى تهاجمها مع زوجها وولديها !! فقد روت المصادر السنية والشيعية أجزاء من هذه الملحمة المؤثرة،

ص: 160

بين النبي وفاطمة علیها السلام .. ففي كمال الدين ص 262: (عن سليم بن قيس الهلالي قال: سمعت سلمان الفارسي رضي الله عنه يقول: كنت جالساً بين يدي رسول الله صلی الله علیه و آله في مرضته التي قبض فيها فدخلت فاطمة علیها السلام، فلما رأت ما بأبيها من الضعف بكت حتى جرت دموعها على خديها، فقال لها رسول الله صلی الله علیه و آله: ما يبكيك يا فاطمة علیها السلام ؟ قالت: يا رسول الله أخشى على نفسي وولدي الضيعة بعدك، فاغرورقت عينا رسول الله بالبكاء، ثم قال: يا فاطمة علیها السلام أما علمت أنا أهل بيت اختار الله عز وجل لنا الآخرة على الدنيا، وأنه حتم الفناء على جميع خلقه، وأن الله تبارك وتعالى اطَّلع إلى الأرض اطِّلاعةً فاختارني من خلقه فجعلني نبياً، ثم اطَّلع إلى الأرض اطِّلاعة ثانية فاختار منها زوجك وأوحى إلي أن أزوجك إياه وأتخذه ولياً ووزيراً وأن أجعله خليفتي في أمتي، فأبوك خير أنبياء الله ورسله، وبعلك خير الأوصياء، وأنت أول من يلحق بي من أهلي .

ثم اطَّلع إلى الأرض اطلاعة ثالثةً فاختارك وولديك، فأنت سيدة نساء أهل الجنة، وابناك حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبناء بعلك أوصيائي إلى يوم القيامة، كلهم هادون مهديون، وأول الأوصياء بعدي أخي علي علیه السلام، ثم حسن، ثم حسين، ثم تسعة من ولد الحسين في درجتي، وليس في الجنة درجة أقرب إلى الله من درجتي ودرجة أبي إبراهيم .

أما تعلمين يا بنية أن من كرامة الله إياك أن زوجك خير أمتي، وخير أهل بيتي أقدمهم سلماً، وأعظمهم حلماً، وأكثرهم علماً .

فاستبشرت فاطمة علیها السلام وفرحت بما قال لها رسول الله صلی الله علیه و آله، ثم قال: يا بنية إن لبعلك مناقب: إيمانه بالله ورسوله قبل كل أحد، فلم يسبقه إلى ذلك أحد من أمتي، وعلمه بكتاب الله عزوجل وسنتي، وليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي

ص: 161

غير علي علیه السلام، وإن الله عز وجل علمني علماً لا يعلمه غيري وعلم ملائكته ورسله علماً، فكلما علمه ملائكته ورسله فأنا أعلمه، وأمرني الله أن أعلمه إياه ففعلت، فليس أحد من أمتي يعلم جميع علمي وفهمي وحكمتي غيره .

وإنك با بنية زوجته، وابناه سبطاي حسن وحسين وهما سبطا أمتي، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، فإن الله جل وعز آتاه الحكمة وفصل الخطاب . وبابنية إنا أهل بيت أعطانا الله عزوجل ست خصال لم يعطها أحداً من الأولين كان قبلكم، ولم يعطها أحداً من الآخرين غيرنا، نبينا سيد الأنبياء والمرسلين، وهو أبوك، ووصينا سيد الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا سيد الشهداء وهو حمزة بن عبد المطلب عم أبيك . . . وجعفر بن أبي طالب ذو الجناحين الطيار في الجنة مع الملائكة، وإبناك حسن وحسين سبطا أمتي وسيدا شباب أهل الجنة، ومنا والذي نفسي بيده مهدي هذه الأمة الذي يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً . قالت وأي هؤلاء الذين سميتم أفضل ؟

قال: علي علیه السلام بعدي أفضل أمتي، وحمزة وجعفر أفضل أهل بيتي بعد علي علیه السلام، وبعدك وبعد ابنيَّ وسبطي حسن وحسين، وبعد الأوصياء من ولد ابني هذا وأشار إلى الحسين، منهم المهدي .

إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، ثم نظر رسول الله صلی الله علیه و آله إليها وإلى بعلها وإلى ابنيها فقال: يا سلمان أشهد الله أني سلم لمن سالمهم، وحرب لمن حاربهم، أما إنهم معي في الجنة .

ثم أقبل على علي علیه السلام فقال: يا أخي أنت ستبقى بعدي وستلقى من قريش شدة من تظاهرهم عليك وظلمهم لك، فإن وجدت عليهم أعواناً فجاهدهم وقاتل من خالفك بمن وافقك، وإن لم تجد أعواناً فاصبر وكفَّ يدك ولا تلق

ص: 162

بها إلى التهلكة، فإنك مني بمنزلة هارون من موسى، ولك بهارون أسوة حسنة إذ استضعفه قومه وكادوا يقتلونه، فاصبر لظلم قريش إياك وتظاهرهم عليك، فإنك بمنزلة هارون ومن تبعه، وهم بمنزلة العجل ومن تبعه . يا علي إن الله تبارك وتعالى قد قضى الفرقة والاختلاف على هذه الأمة، ولو شاء الله لجمعهم على الهدى حتى لا يختلف اثنان من هذه الأمة ولا ينازع في شئ من أمره، ولا يجحد المفضول لذي الفضل فضله . ولو شاء لعجل النقمة وكان منه التغيير حتى يكذب الظالم ويعلم الحق أين مصيره . ولكنه جعل الدنيا دار الأعمال، وجعل الآخرة دار القرار، ليجزي الذين أساؤوا بما عملوا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى .

فقال علي علیه السلام: الحمد لله شكراً على نعمائه، وصبراً على بلائه) . انتهى .

وهكذا علم النبي صلی الله علیه و آله عزيزته الزهراء علیها السلام ووصيه علياً الرضا والتسليم ..

وهكذا كانت عبودية الانسان الكامل وإطاعته للخالق العظيم الحكيم، مطلقةً من الشروط، بريئةً من الذات، خالصةً نقيةً من رواسب الطين .. فكان التكريم الرباني بمستوى تسليمهم المطلق لإرادته .. صلوات الله عليهم .

لقد فهمت فاطمة علیها السلام وعلي علیه السلام والحسنان . . أنهم أمام قدر الله وإرادته في الامتحان، وأن عليهم أن يدفعوا ضريبة العبودية .. فدفعوها بسخاء، ورضوا بقدر الله تعالى، وعيونهم تفيض بالدمع، وقلوبهم تنبض بالخشوع والشكر !!

وهنيئاً لمن فهم بعض ما فهموا، واستوعب بعض ما استوعبوا .

ص: 163

4- الله .. يا يوم الاثنين

لم ينم أحد في بيت النبي صلی الله علیه و آله ليلة الاثنين إلا لماماً .. !

فالنبي صلی الله علیه و آله من يوم الأحد، منذ أن لدَّته عائشة وحفصة، يغمى عليه ويفيق .. ورغم حالته هذه، فقد اضطر للخروج الى المسجد عند المغرب متوكئاً على علي علیه السلام والعباس، ليتدارك فتنة عائشة حيث أرسلت الى أبيها عن لسان النبي صلی الله علیه و آله أن يصلي إماماً بالناس، فذهب النبي صلی الله علیه و آله وأزاحه وصلى بهم، وخطب آخر خطبة له مؤكداً على التمسك بعترته، وغشي عليه في المسجد حتى صاح الناس وبكوا .. ثم أفاق وأمرهم بإرجاعه الى البيت، وبقي يغمى عليه ويفيق الى وقت وفاته بعد ظهر الاثنين .. صلوات الله عليه وآله !

قال في البحار: 22/486: (وقال: ادعوا لي العباس، فدعي فحمله هو وعلي، فأخرجاه حتى صلىبالناس وإنه لقاعد،ثم حمل فوضع على منبره، فلم يجلس بعد ذلك على المنبر، واجتمع له جميع أهل المدينة من المهاجرين والأنصار حتى برزت العواتق من خدورهن، فبين باك وصائح وصارخ ومسترجع، والنبي يخطب ساعة ويسكت ساعة، وكان مما ذكر في خطبته أن قال: أيها الناس: لا تأتوني غداً بالدنيا تزفونها زفاً، ويأتي أهل بيتي شعثاً غبراً مقهورين مظلومين، تسيل دماؤهم أمامكم . . .

أيها الناس: ومن كانت له قبلي تبعة فها أنا، ومن كانت له عدة، فليأت فيها علي بن أبي طالب، فإنه ضامن لذلك كله، حتى لا يبقى لأحد علي علیه السلام تباعة) . انتهى .

وفي الارشاد للمفيد: 1/183: (فلما كان من الغد (يوم الاثنين) حجب الناس عنه وثقل مرضه، وكان أمير المؤمنين لايفارقه إلا لضرورة، فقام في بعض

ص: 164

شؤونه، فأفاق علیه السلام إفاقة فافتقد علياً علیه السلام فقال وأزواجه حوله: أدعوا لي أخي وصاحبي، وعاوده الضعف فأصمت، فقالت عائشة أدعوا له أبا بكر، فدعي فدخل عليه فقعد عند رأسه، فلما فتح عينه نظر إليه أعرض عنه بوجهه، فقام أبو بكر . فقال: أدعوا لي أخي وصاحبي، فقالت حفصة: أدعوا له عمر فدعي، فلما حضر رآه النبي علیه السلام فأعرض عنه بوجهه، فانصرف . ثم قال أدعوا لي أخي وصاحبي! فقالت أم سلمة: أدعوا له علياً فإنه لا يريد غيره، فدعي أمير المؤمنين علیه السلام، فلما دنا منه أومأ إليه فأكب عليه، فناجاه رسول الله صلی الله علیه و آله طويلاً، ثم قام فجلس ناحية حتىأغفى رسول الله صلی الله علیه و آله، فلما أغفى خرج فقال له الناس: يا أبا الحسن ما الذي أوعز إليك ؟ فقال: علمني رسول الله ألف باب من العلم فتح لي كل باب ألف باب، ووصاني بما أنا قائم به إن شاء الله.

ثم ثقل رسول الله صلی الله علیه و آله وحضره الموت، فلما قرب خروج نفسه قال له: ضع رأسي يا علي في حجرك، فقد جاء أمر الله عز وجل، فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك، ثم وجهني إلى القبلة، وتول أمري، وصل علي علیه السلام أول الناس، ولاتفارقني حتى تواريني في رمسي، واستعن بالله عزوجل .

وأخذ علي علیه السلام رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه، وأكبت فاطمة علیها السلام تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه.. ثمالُ اليتامى عصمةٌ للأرامل، ففتح رسول الله صلی الله علیه و آله عينيه وقال بصوت ضئيل: يا بنية هذا قول عمك أبي طالب لاتقوليه، ولكن قولي: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل، إفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ! فبكت طويلاً فأومأ إليها بالدنو منه، فدنت إليه، فأسر إليها شيئاً هلل له وجهها .

ص: 165

ثم قضى صلی الله علیه و آله، ويد أمير المؤمنين اليمنى تحت حنكه، ففاضت نفسه علیه السلام فيها، فرفعها إلى وجهه فمسحه بها، ثم وجهه وغمضه ومد عليه إزاره، واشتغل بالنظر في أمره) . انتهى .

وقد روت شبيهاً بذلك مصادرهم .. لكن على طريقتها في الحذف والتحريف! ففي مسند أحمد: 1/356: (عن ابن عباس قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال: أدعوا لي علياً قالت عائشة: ندعو لك أبا بكر ؟ قال أدعوه، قالت حفصة يا: رسول الله ندعو لك عمر؟ قال أدعوه، قالت أم الفضل: يارسول الله ندعو لك العباس ؟ قال أدعوه فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم ير علياً فسكت، فقال عمر: قوموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...). انتهى. ومثله ابن ماجة: 1 / 391

والقارئ يفهم الكثير الكثير من قول النبي صلی الله علیه و آله: أدع لي علياً فتجيبه عائشة: ندعو لك أبا بكر ! وتجيبه حفصة: ندعو لك عمر !!

ولا يحتاج الى شرح لذلك بعد أن شرحه الله تعالى بقوله: (إن تتوبا لى الله فقد صغت قلوبكما، وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه، وجبريل وصالح المؤمنين، والملائكة بعد ذلك ظهير) وفي قراءة ابن عباس (زاغت قلوبكما) والمعنيان صحيحان، لأن قلبيهما زاغا عن الايمان الى النفاق، بسبب أنهما صغتا الى شياطين قريش واليهود، وعملتا لمصلحتهم ضد العترة النبوية !

ص: 166

5- الساعات الأخيرة من عمر خير البشر ..

في بحار الأنوار: 22/531: (عن الامام الصادق علیه السلام قال: (لما حُضِرَ النبي صلی الله علیه و آله جعل يغمى عليه، فقالت فاطمة علیها السلام: واكرباه لكربك يا أبتاه، ففتح عينه وقال: لا كرب على أبيك بعد اليوم) .

وفي بحار الأنوار: 22/ 532: (عن علي علیه السلام قال: كان جبرئيل ينزل على النبي صلی الله علیه و آله في مرضه الذي قبض فيه في كل يوم وفي كل ليلة فيقول: السلام عليك، إن ربك يقرئك السلام، فيقول: كيف تجدك ؟ وهو أعلم بك، ولكنه أراد أن يزيدك كرامة وشرفاً إلى ما أعطاك على الخلق، وأراد أن يكون عيادة المريض سنة في أمتك، فيقول له النبي صلی الله علیه و آله إن كان وجعاً: يا جبرئيل أجدني وجعاً، فقال له جبرئيل اعلم يا محمد إن الله لم يشدد عليك، وما من أحد من خلقه أكرم منك، ولكنه أحب أن يسمع صوتك ودعاءك حتى تلقاه مستوجباً للدرجة والثواب الذي أعد لك والكرامة الفضيلة على الخلق . وإن قال له النبي صلی الله علیه و آله: أجدني مريحاً في عافية، قال له: فاحمد الله على ذلك، فإنه يحب أن تحمده وتشكره ليزيدك إلى ما أعطاك خيراً، فإنه يحب أن يحمد ويزيد من شكر .

قال: وإنه نزل عليه في الوقت الذي كان ينزل فيه فعرفنا حسه، فقال علي علیه السلام: فيخرج من كان في البيت غيري، فقال له جبرئيل: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويسألك وهو أعلم بك كيف تجدك ؟ فقال له النبي صلی الله علیه و آله: أجدني ميتاً، قال له جبرئيل: يا محمد أبشر، فإن الله إنما أراد أن يبلغك بما تجد ما أعد لك من الكرامة . قال له النبي صلی الله علیه و آله: إن ملك الموت استأذن علي علیه السلام فأذنت له، فدخل واستنظرته مجيئك ؟ فقال له: يا محمد إن ربك إليك

ص: 167

مشتاق، فما استأذن ملك الموت على أحد قبلك، ولا يستأذن على أحد بعدك، فقال النبي صلی الله علیه و آله: لا تبرح يا جبرئيل حتى يعود، ثم أذن للنساء فدخلن عليه، فقال لابنته: أدني مني يا فاطمة علیها السلام، فأكبت عليه فناجاها فرفعت رأسها وعيناها تهملان دموعاً فقال لها: أدني مني، فدنت منه فأكبت عليه فناجاها فرفعت رأسها وهي تضحك، فتعجبنا لما رأينا، فسألناها فأخبرتنا أنه نعى إليها نفسه فبكت، فقال: يا بنية لا تجزعي، فإني سألت ربي أن يجعلك أول أهل بيتي لحاقاً بي، فأخبرني أنه قد استجاب لي، فضحكت .

قال: ثم دعا النبي صلی الله علیه و آله الحسن والحسين فقبلهما وشمهما وجعل يترشفهما وعيناه تهملان) . انتهى .

وفي مناقب آل أبي طالب: 1 / 203: (دعت أم سلمة علياً فناجاه طويلاً، ثم أغمي عليه، فجاء الحسن والحسين يصيحان ويبكيان حتى وقعا على رسول الله، وأراد علي علیه السلام أن ينحيهما عنه فأفاق رسول الله ثم قال: ياعلي علیه السلام دعهما أشمهما ويشماني وأتزود منهما ويتزودان مني، ثم جذب علياً تحت ثوبه ووضع فاه على فيه وجعل يناجية .

فلما حضره الموت قال له: ضع رأسي يا علي في حجرك فقد جاء أمر الله فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك، ثم وجهني الى القبلة وتول أمري وصل علي علیه السلام أول الناس، ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي واستعن بالله عز وجل .

وأخذ علي علیه السلام برأسه فوضعه في حجره وأغمي عليه، فبكت فاطمة علیها السلام فأومى إليها بالدنو منه، فأسر إليها شيئا تهلل وجهها، القصة ...

ص: 168

ثم قضى، ومد أمير المؤمنين يده اليمنى تحت حنكه ففاضت نفسه فيها فرفعها الى وجهه فمسحه بها، ثم وجهه ومد عليه أزاره واستقبل بالنظر في أمره).

وفي بحار الأنوار: 22/529: (قال: وصاحت فاطمة علیها السلام، وصاح المسلمون ووضعوا التراب على رؤوسهم) .

6- غابت عائشة وحفصة وأبو بكر وعمر.. عن جنازة النبي صلی الله علیه و آله !

ما إن صعدت صيحة أهل بيت النبي علیهم السلام، والمسلمين الموجودين قرب بيته وفي مسجده الملاصق للبيت.. حتى ظهر عمر في المسجد لابساًلباس الحرب شاهراً سيفه وهو يصيح (إن النبي لم يمت والله لا أسمع أحداً يقول مات رسول الله إلا ضربته بالسيف !) مجمع الزوائد: 5/182، ثم خرج الى السكك يتابع صياحه وتهديده (حتى أزبد شدقاه) ! سبل الهدى للصالحي: 12 / 298، وصححه كانت حركة غريبة من عمر على المسلمين، لكنها جنون سياسي محسوب سلفاًً من قائد الحزب القرشي.. فقد خافوا أن يبادر العباس عم النبي أو أحد من بنس هاشم الى دعوة المسلمين لتجديد البيعة لعلي علیه السلام ! فكان من الضروري أن يكسبوا الوقت لساعات قليلة حتى يرتبوا إعلان بيعة أبي بكر قبل أي حركة من بني هاشم ! فمن الضروري لهم التشكيك في وفاة النبي صلی الله علیه و آله، ليؤخروا مراسم دفنه وأي تفكير بتجديد البيعة لعلي علیه السلام !

روى الطبري في تاريخه: 2/442، أن عمر كان يقول: (إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي، وإن رسول الله والله ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن

ص: 169

قيل قد مات . والله ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول الله مات !!) .

وأضاف النسائي والهيثمي: (لا أسمع أحداً يقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ضربته بالسيف !) مجمع الزوائد:5 /182و النسائي: 4/ 263 .

وقال الصالحي الشامي في سبل الهدى والرشاد: 12/298: (روى البزار والبلاذري وبقي بن مخلد، عن أبي هريرة وابن عباس، وأبو يعلى وأحمد برجال ثقات، والطيالسي والترمذي في الشمائل بإسناد حسن، عن عائشة، والطبراني برجال ثقات، عن عكرمة، عن ابن عباس، وإسحاق بن راهوية عن عكرمة، وعبد بن حميد بسند صحيح، عن سالم بن عبيد الصحابي . . في حديث طويل جاء فيه أن عمر كان يقول . . . وليقطعن أيدي رجال وأرجلهم وألسنتهم، وتكلم حتى أزبد شدقاه . . . وابن أم مكتوم في مؤخرة المسجد يقرأ: وما محمد إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرسل . . . والناس يموجون ويبكون ولا يسمعون، فخرج عباس بن عبد المطلب على الناس فقال: يا أيها الناس هل عند أحد منكم من عهد رسول الله فليحدثنا ؟! قالوا: لا . قال: هل عندك يا عمر من علم ؟! قال: لا . فقال العباس: أشهد أيها الناس أن أحداً لا يشهد على رسول الله بعهد عهده إلي في وفاته، والله الذي لا إله إلا هو فقد ذاق رسول الله الموت، فادفنوا صاحبكم . .) . انتهى .

فقد كان العباس يتصور أن كل شئ بيدهم وأنهم يجب أن يدفنوا النبي صلی الله علیه و آله أولاً ثم يجددوا البيعة لعلي علیه السلام ! ولا بد أن عمر ارتاح الى أن برنامجهم دفن النبي صلی الله علیه و آله أولاً، لكنه احتاط ولم يقتنع بكلام العباس، كما (لم يقتنع) من قبل بنص القرآن بذلك الذي كان يتلوه ابن أم مكتوم في المسجد بشكل مستمر !!

ص: 170

وإنما اقتنع عندما جاء أبو بكر وقرأ له آية إنك ميت وإنهم ميتون .. فتغيرت حالته لأنه اطمأن الى نجاح خطتهم، وقد قال هو عن نفسه، كما في البخاري: 5 / 20: (لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم قلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار .. وقال كما في البخاري: 8 / 27: (وكنت زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر، وكنت أداري منه بعض الحدة، فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر: على رسلك، فكرهت أن أغضبه، فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر، والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري، إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل، حتى سكت . فقال: ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل، ولم يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسباً وداراً، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم، فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا، فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب الي من أن اتأمر على قوم فيهم أبو بكر، اللهم الا ان تسول الي نفسي عند الموت شيئاً، لا أجده الآن ! فقال قائل الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب، منا أمير ومنكم أمير يامعشر قريش.. فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت أبسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون، ثم بايعته الأنصار، ونزونا على سعد بن عبادة، فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت قتل الله سعد بن عبادة!

قال عمر: وأنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر! خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلاً منهم بعدنا، فإما بايعناهم على ما لانرضى، وإما نخالفهم فيكون فساد . فمن بايع رجلاً على غير مشورة

ص: 171

من المسلمين، فلا يتابع هو ولا الذي بايعه، تغرة أن يقتلا !) . انتهى . وكلامه الأخير فتوى بوجوب قتل أصحاب بيعة الفلتة، كبيعتهم !!

(انطلق بنا الى الأنصار .. فانطلقا يتعاديان ...) !!

وكان هذا آخر عهد أبي بكر وعمر بجنازة النبي صلی الله علیه و آله ! ومعهما عائشة وحفصة!! أما لماذا ذهبا الى سقيفة بني ساعدة، فلأن سعد بن عبادة زعيم الأنصار مريض، وهو نائم في تلك السقيفة التي هي محل استقبال سعد لأنها قرب بيته وحوله على العادة بعض الأنصار، فهو أفضل مكان لبيعة أبي بكر وإعلانها !! قال ابن كثير في السيرة: 4/ 491: (قال الامام أحمد ... توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه في صائفة من المدينة قال فجاء فكشف عن وجهه فقبله وقال: فداك أبي وأمي ما أطيبك حياً وميتاً، مات محمد ورب الكعبة . فذكر الحديث قال: فانطلق أبو بكر وعمر يتعاديان حتى أتوهم، فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله من شأنهم إلا ذكره .. الخ .) . انتهى .

ولم يقل أحمد في روايته هذه أن أبا بكر غطى وجه النبي صلی الله علیه و آله وقال لأهل بيته استلموا صاحبكم أنا مشغول ! لكن النسائي قاله في كتاب الوفاة ص 75: (ثم قال أبو بكر عندكم صاحبكم، وخرج) !

وقال البيهقي في سننه: 8/145 دونكم صاحبكم، لبني عم رسول الله يعني في غسله وما يكون من أمره ثم خرج) !! .

وقال ابن أبي شيبة فى المصنف: 8/572، قال: (حدثنا ابن نمير، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أن أبا بكر وعمر لم يشهدا دفن النبي صلی الله علیه و آله وكانا في الأنصار، فدفن رسول الله صلی الله علیه و آله قبل أن يرجعا) . انتهى .

ص: 172

وإن كان عجيباً أن ينشغل أبو بكر وعمر عن جنازة الرسول أياماً! فالأعجب منه أن زوجته عائشة وحفصة، ماأن أغمض عينيه حتى خرجتا من بيته وكانتا تتجولان وتعملان مع أبويهما في إقناع الأنصار، ولم تجلسا في بيتهما للبكاء على زوجهما، ولا أدَّتا واجب الحداد عليه!!

ثم نرى عائشة بعد ذلك تعتب على علي علیه السلام وبني هاشم لتقصيرهم في حقها وحق حفصة حيث لم يفتشوا عنهما في مناطق المدينة ويدعوهما لحضور مراسم دفن النبي صلی الله علیه و آله !! قال ابن عبد البر في الاستيعاب: 1 / 47: (عن عمرة عن عائشة قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلی الله علیه و آله حتى سمعنا صوت المساحي من جوف الليل وصلى عليه علي علیه السلام والعباس وبنو هاشم ثم دخل المهاجرون، ثم الأنصار، ثم النساء والغلمان) . انتهى . ورواه ابن هشام في سيرته: 4/321، والطبري في تاريخه: 3 / 213، والبيهقي في دلائل النبوة: 7 /256، والشوكاني في نيل الأوطار: 2 جزء 4 / 88، وابن شيبة في المصنف: 3 /227 .. وغيرهم .

7- بات آل محمد بأطول ليلة ..!

في بحار الأنوار: 22 / 537: (عن الامام الباقر علیه السلام قال: لما قبض رسول الله بات آل محمد بأطول ليلة حتى ظنوا أن لا سماء تظلهم، ولا أرض تقلهم! لأن رسول الله وَتَرَ الأقربين والأبعدين في الله، فبينما هم كذلك إذ أتاهم آتٍ لايرونه، ويسمعون كلامه، فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته، إن في الله عزاء من كل مصيبة، ونجاة من كل هلكة، ودركاً لما فات، كل نفس ذائقة الموت، وإنما توفون أجوركم يوم القيامة، فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور .

ص: 173

إن الله اختاركم وفضلكم وطهركم، وجعلكم أهل بيت نبيه، واستودعكم علمه، وأورثكم كتابه، وجعلكم تابوت علمه، وعصا عزه، وضرب لكم مثلاً من نوره، وعصمكم من الزلل، وآمنكم من الفتن، فتعزوا بعزاء الله، فإن الله لم ينزع منكم رحمته، ولن يزيل عنكم نعمته، فأنتم أهل الله عز وجل الذين، بهم تمت النعمة، واجتمعت الفرقة، وائتلفت الكلمة، وأنتم أولياؤه، فمن تولاكم فاز، ومن ظلم حقكم زهق، مودتكم من الله واجبة في كتابه على عباده المؤمنين، ثم الله على نصركم إذ يشاء قدير، فاصبروا لعواقب الأمور، فإنها إلى الله تصير، قد قبلكم الله من نبيه وديعة، واستودعكم أولياءه المؤمنين في الأرض، فمن أدى أمانته أتاه الله صدقه، فأنتم الأمانة المستودعة، ولكم المودة الواجبة، والطاعة المفروضة، وقد قبض رسول الله وقد أكمل لكم الدين، وبين لكم سبيل المخرج، فلم يترك لجاهل حجة، فمن جهل أو تجاهل أو أنكر أو نسي أو تناسى، فعلى الله حسابه، والله من وراء حوائجكم، وأستودعكم الله، والسلام عليكم) .

فسألت أباجعفر ممن أتاهم التعزية ؟ فقال من (قبل) الله تبارك وتعالى).

وفي الأنوار البهية: ص 42: (وعن الثعلبي: إنه قبض حين زاغت الشمس، فلما قبض رسول الله، جاء الخضر فوقف على باب البيت، وفيه علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام والحسن والحسين، ورسول الله قد سجي بثوب، فقال: السلام عليكم يا أهل البيت: كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة إن في الله خلفاً من كل هالك، وعزاءً من كل مصيبة، ودركاً من كل مافات، فتوكلوا عليه، وثقوا به، وأستغفر الله لي ولكم .

ص: 174

وأهل البيت يسمعون كلامه ولا يرونه، فقال أمير المؤمنين: هذا أخي الخضر جاء يعزيكم بنبيكم) . انتهى .

8- علي وفاطمة علیهم السلام ينفذان وصية النبي صلی الله علیه و آله ..

لم يكن بقي من رجال بني هاشم الكبار بعد وفاة النبي صلی الله علیه و آله إلا العباس وابنه الفضل وعلي علیه السلام، فكانوا هم المعنيين بجنازة النبي صلی الله علیه و آله .. أما عقيل بن أبي طالب فكان في مكة .. وكان الباقون شباناً وغلماناً، وهم كثرة ..

وقد حدد النبي صلی الله علیه و آله (آله وأهل بيته) مراراً بعلي علیه السلام وفاطمة علیها السلام والحسنين علیهم السلام .. أما بقية بني هاشم فهم أرحامه وعشيرته، لكنهم ليسوا آله ولا أهل بيته، بالمصطلح الاسلامي الذي وضعه النبي صلی الله علیه و آله .

ومع أن العباس عم النبي صلی الله علیه و آله، والعم عند العرب صنو الأب، لكنه كان يعرف لعلي مقامه من النبي صلی الله علیه و آله، خاصة أن علياً قبل وصية النبي صلی الله علیه و آله بأن يقضي عنه ديونه وعداته، بينما لم يقبلها العباس خوفاً من ثقلها عليه !

كان العباس يفكر أن الأمور بيدهم، فقد أمر النبي صلی الله علیه و آله المسلمين وبايعوا علياً في حياته، وأنهم سيفون ببيعتهم ويجددونها بعد وفاته، لكن لايصح أن يتكلم أحد عن خلافة النبي صلی الله علیه و آله إلا بعد مراسم دفنه .. وقد رأى العباس حركة عمر للتشكيك في وفاة النبي صلی الله علیه و آله فردها، وتصور أن عمر قد سكت وذهب وانتهى الأمر ! لكنه عندما عرف فيما بعد أنهم تركوا جنازة النبي صلی الله علیه و آله بأيديهم وذهبو ليعلنوا بيعتهم لأبي بكر بدون مشورة، صاح منفعلاً: فعلوها والله !! فعلوها !!

ص: 175

أما علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام والحسنان .. فكانوا يعلمون أن قريشاً ماضية في خطتها الجهنمية في الانقلاب على نبيها بعده، على سنة اليهود حذو القذة بالقذة . . وكانوا ينتظرون أن تأتيهم موجة الفتنة القرشية اليهودية بين حين وآخر !

لكنهم لم يكونوا حاضرين لأن يقوموا بأي عمل، أو ينشغلوا بأي شغل سوى تنفيذ وصية النبي صلی الله علیه و آله حرفياً .. فقد أوصاهم النبي صلی الله علیه و آله بما يجب عليهم بوضوح، وأوصى علياً بكل ما يعمله في مراسم احتضاره وتغسيله والصلاة عليه ودفنه .. ثم أوصاه أن يعتكف في بيته حتى يجمع القرآن كما وجهه ويعرضه عليهم، فإن لم يقبلوه، احتفظ به عن الناس وورثه للحسن ثم للحسين ثم للأئمة من ذريته .

كانت وصايا النبي صلی الله علیه و آله بتجهيزه والصلاة عليه ودفنه، تحتاج الى بقية يوم الاثنين الذي توفي فيه ويوم الثلاثاء كاملاً الى أواخر الليل، حيث قام علي علیه السلام بدفن النبي صلی الله علیه و آله ليلاً . ولم يكن يستشير أحداً في شئ من أمر النبي صلی الله علیه و آله لا في تجهيزه والصلاة عليه ولا في مكان دفنه أو وقته،كما تزعم بعض الروايات .. لأن النبي صلی الله علیه و آله كان حدد لعلي علیه السلام كل ذلك بدقة !

في بحار الأنوار: 22 / 492: عن الامام الصادق علیه السلام قال: (قال علي علیه السلام ابن أبي طالب: كان في الوصية أن يدفع إلي الحنوط، فدعاني رسول الله صلی الله علیه و آله قبل وفاته بقليل فقال: يا علي ويا فاطمة علیها السلام هذا حنوطي من الجنة دفعه إلي جبرئيل، وهو يقرئكما السلام ويقول لكما: إقسماه واعزلا منه لي ولكما قال: لك ثلثه، وليكن الناظر في الباقي علي بن أبي طالب، فبكى رسول الله وضمها إليه . وقال: موفقة رشيدة مهدية ملهمة . يا علي قل في الباقي، قال: نصف ما بقي لها، ونصف لمن ترى يا رسول الله، قال: هو لك فاقبضه . ..

ص: 176

وبالاسناد المتقدم عنه عن أبيه قال: قال رسول الله: يا علي أضمنت ديني تقضيه عني ؟ قال: نعم، قال: اللهم فاشهد، ثم قال: يا علي تغسلني ولا يغسلني غيرك فيعمى بصره، قال علي علیه السلام: ولم يا رسول الله ؟ قال: كذلك قال جبرئيل عن ربي، إنه لا يرى عورتي غيرك إلا عمي بصره قال علي علیه السلام: فكيف أقوى عليك وحدي؟ قال: يعينك جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت وإسماعيل صاحب السماء الدنيا، قلت: فمن يناولني الماء ؟ قال: الفضل بن العباس من غير أن ينظر إلى شئ مني، فإنه لايحل له ولالغيره من الرجال والنساء النظر إلى عورتي، وهي حرام عليهم، فإذا فرغت من غسلي فضعني على لوح، وافرغ علي علیه السلام من بئري بئر غرس أربعين دلوا مفتحة الافواه . قال عيسى: أو قال: أربعين قربة شككت أنا في ذلك، قال: ثم ضع يدك يا علي على صدري، وأحضر معك فاطمة علیها السلام والحسن والحسين من غير أن ينظروا إلى شئ من عورتي، ثم تفهم عند ذلك ما كان وما هو كائن إن شاء الله تعالى . أقبلت يا علي ؟ قال: نعم . قال: اللهم فاشهد .

قال: يا علي ماأنت صانع لو قد تأمر القوم عليك بعدي، وتقدموا عليك، وبعث إليك طاغيتهم يدعوك إلى البيعة ثم لببت بثوبك، تقاد كما يقاد الشارد من الابل مذموماً مخذولاً محزوناً مهموماً وبعد ذلك ينزل بهذه الذل ؟

قال: فلما سمعت فاطمة علیها السلام ما قال رسول الله صرخت وبكت، فبكى رسول الله لبكائها، وقال: يا بنية لا تبكين ولا تؤذين جلساءك من الملائكة، هذا جبرئيل بكى لبكائك، وميكائيل وصاحب سر الله إسرافيل، يا بنية لا تبكين فقد بكت السماوات والارض لبكائك .

ص: 177

فقال علي: يا رسول الله أنقاد للقوم، وأصبر على ما أصابني من غير بيعة لهم ما لم أصب أعواناً لأناجز القوم، فقال رسول الله: اللهم اشهد .

فقال: يا علي ما أنت صانع بالقرآن والعزائم والفرائض ؟

فقال: يا رسول الله أجمعه ثم آتيهم به، فإن قبلوه وإلا أشهدت الله عز وجل وأشهدتك عليه . قال: أشهد .

قال: وكان فيما أوصى به رسول الله أن يدفن في بيته الذي قبض فيه، ويكفن بثلاثة أثواب أحدها يمان، ولا يدخل قبره غير علي علیه السلام .

ثم قال: يا علي كن أنت وابنتي فاطمة علیها السلام والحسن والحسين، وكبروا خمساً وسبعين تكبيرة، وكبر خمساً وانصرف، وذلك بعد أن يؤذن لك في الصلاة .

قال علي علیه السلام: بأبي أنت وأمي من يؤذني ؟ قال: جبرئيل يؤذنك .

قال: ثم من جاء من أهل بيتي يصلون علي علیه السلام فوجاً فوجاً، ثم نساؤهم، ثم الناس بعد ذلك) . انتهى .

ص: 178

9- منع أبي بكر وعمر فاطمة الزهراء علیها السلام من إقامة مجالس البكاء على أبيها !

اشارة

قال البخاري: 5 / 144: (عن أنس رضى الله عنه قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه فقالت فاطمة علیها السلام: واكرب أباه ! فقال لها: ليس على أبيك كربٌ بعد اليوم ! فلما مات قالت:

يا أبتاه .. أجاب رباً دعاه

ياأبتاه .. من جنة الفردوس مأواه

يا ابتاه .. إلى جبريل ننعاه

فلما دفن قالت فاطمة علیها السلام: يا أنس، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب ؟!) . انتهى .

روت مصادر الحديث والسيرة السنية هذا الحديث، وأحاديث أخرى تهز قلب كل مسلم، عن بكاء الصديقة الزهراء علیها السلام، ونعيها البليغ الحنون لأبيها صلی الله علیه و آله .. لكنها لم ترو شيئاً عن مهاجمة السلطة القرشية لدار فاطمة علیها السلام، وجمعهم الحطب وإضرامهم النار في بابها .. ولا عن الأحكام العرفية التي أعلنتها حكومة بطون قريش ومنعت بموجبها فاطمة علیها السلام أن تقيم مجلس البكاء عند قبر أبيها صلی الله علیه و آله، بل منعت أي تجمع عند القبر والإقتراب منه، بحجة تحريم البكاء على الميت، وزعم عمر أن النبي قال إن الله يعذب الميت إذا بكى أهله عليه ! وأن النبي نهى أن يتخذ قبره عيداً، أي مجتمعاً للزائرين !

والسبب في هذه الاجراءات المشددة المسندة بأحاديث موضوعة، أنهم خافوا من تأثير مجالس الزهراء علیها السلام عند قبر أبيها على الرأي العام، وخافوا أن

ص: 179

يعلن أحد من بني هاشم استجارته بالقبر ويقيم عنده حتى يلبي طلبه، كما هي عادة العرب في الاستجارة بقبور عظمائهم والاقامة عندها حتى يلبى طلبهم، ومن العار على ذوي القبر أن يستجير أحد بقير عظيم لهم، ولا يلبوا طلبه ما أمكن !!

أما في مصادرنا .. فترى الصورة منطقية لا تناقض فيها ولا امتهان للعقل.. فالبكاء على الميت والحزن عليه عاطفة إنسانية ممدوحة، وله أحكام شرعية، تبين ما يستحب منه، وما يكره، وما يحرم ..

والبكاء على مصاب الأمة بنبيها وأهل بيته الطاهرين، وعلى مصائبهم وأحزانهم، من أرقى أنواع بكاء المؤمنين وعبادتهم لربهم، والملائكة تسجل تلك العواطف والدموع في الحسنات.. ومن الظلم والمحال أن يعذب الله ميتاً لأن أحداً يبكي عليه كما زعم عمر !!

وحرمة النبي صلی الله علیه و آله وآله صلى الله عليهم أمواتاً كحرمتهم أحياء، فهم أحياء عند ربهم يرزقون، يسمعون كلامنا، ويردون سلامنا، وتعرض عليهم أعمالنا .. وزيارة قبورهم المباركة ومشاهدهم المشرفة من أفضل القربات الى الله تعالى لأنها أمكنة مباركة مقدسة لها أحكام المساجد، وهي أفضل من بعض المساجد، فالصلاة لله في جوارهم من أفضل الأعمال . ودعاء الله عندها من أرجى الأدعية استجابةً، لأن مشاهدهم مظان إجابة الله تعالى لأدعية عباده وتضرعاتهم اليه .

أما الأحاديث التي زعموا فيها أن النبي صلی الله علیه و آله نهى عن الصلاة عند قبره، أو نهى أن يكون القبر في المسجد، أو نهى أن يتوسل بالنبي صلی الله علیه و آله وآله، أو نهى أن يشد الرحال الى زيارتهم، أو لعن من فعل ذلك .. فهي أحاديث موضوعة،

ص: 180

أو محرفة عن أصولها، لأغراض سياسية قرشية ! وقد كذبها أهل بيت النبي علیهم السلام من أول يوم بقولهم وعملهم !

فاطمة علیها السلام .. وبيت الأحزان

إن موقف سلطة أبي بكر وعمر من مجالس البكاء التي كانت تقيمها الصديقة الزهراء سلام الله عليها على أبيها رسول الله صلی الله علیه و آله، دليلٌ واضح على أن مسألة البكاء على النبي صلی الله علیه و آله، وزيارة قبره والتجمع عنده، والتوسل والاستشفاع به الى الله تعالى .. كانت تخيف السلطة أشد الخوف لذا اعتبروها من الأمور التي تمس بالأمن القومي، على حد تعبير الحكومات المعاصرة المشابهة !

فلابد للباحث المنصف أن يشك في كل الأحاديث التي رووها مما يخالف سلوك فاطمة الزهراء علیها السلام وأهل البيت وأقوالهم علیهم السلام !

في الخصال للصدوق ص 272، عن الامام الصادق علیه السلام قال:

(البكاؤون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة علیها السلام بنت محمد، وعلي علیه السلام بن الحسين علیهم السلام . فأما آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية، وأما يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره، وحتى قيل له: تا الله تفتؤ تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين . وأما يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذى به أهل السجن فقالوا له: إما أن تبكي الليل وتسكت بالنهار، وإما أن تبكي النهار وتسكت بالليل، فصالحهم على واحد منهما .

ص: 181

وأما فاطمة علیها السلام فبكت على رسول الله صلی الله علیه و آله حتى تأذى بها أهل المدينة فقالوا لها قد آذيتنا بكثرة بكائك ! فكانت تخرج إلى المقابر فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف .

وأماعلي علیه السلام بن الحسين فبكى على الحسين علیه السلام عشرين سنة أو أربعين سنة، ما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: إنما أشكو بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، إني ما أذكر مصرع بني فاطمة علیها السلام إلا خنقتني لذلك عبرة) . انتهى . ورواه الصدوق أيضاً في الأمالي ص 204، والنيسابوري في روضة الواعظين ص 451، وابن شهراشوب في المناقب: 3/104

وقال المجلسي في بحار الأنوار: 43/177: (واجتمع شيوخ أهل المدينة وأقبلوا إلى أمير المؤمنين علي علیه السلام فقالوا له: يا أبا الحسن إن فاطمة علیها السلام تبكي الليل والنهار فلا أحد منا يتهنأ بالنوم في الليل على فرشنا، ولا بالنهار لنا قرار على أشغالنا وطلب معايشنا، وإنا نخبرك أن تسألها إما أن تبكي ليلاً أو نهاراً، فقال: حباً وكرامة، فأقبل أمير المؤمنين حتى دخل على فاطمة علیها السلام وهي لا تفيق من البكاء، ولا ينفع فيها العزاء، فلما رأته سكنت هنيئة له، فقال لها: يا بنت رسول الله إن شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إما أن تبكين أباك ليلاً وإما نهاراً . فقالت: يا أبا الحسن ما أقل مكثي بينهم وما أقرب مغيبي من بين أظهرهم فوالله لا أسكت ليلاً ولا نهاراً، أو ألحق بأبي رسول الله . فقال لها علي علیه السلام: إفعلي علیه السلام يا بنت رسول الله ما بدا لك . ثم إنه بنى لها بيتاً في البقيع نازحاً عن المدينة يسمى بيت الأحزان، وكانت إذاأصبحت قدمت الحسن والحسين أمامها

ص: 182

، وخرجت إلى البقيع باكية فلا تزال بين القبور باكية، فإذا جاء الليل أقبل أمير المؤمنين إليها وساقها بين يديه إلى منزلها) . انتهى .

وقال السيد شرف الدين في النص والإجتهاد ص 301: (وهنا نلفت أولي الألباب إلى البحث عن السبب في تنحي الزهراء علیها السلام عن البلد في نياحتها على أبيها صلی الله علیه و آله وخروجها بولديها في لمة من نسائها إلى البقيع يندبن رسول الله صلی الله علیه و آله، في ظل أراكة كانت هناك، فلما قطعت بنى لها علي علیه السلام بيتاً في البقيع كانت تأوى إليه للنياحة يدعى بيت الأحزان، وكان هذا البيت يزار في كل خلف من هذه الأمة، كما تزار المشاهد المقدسة، حتى هدم في هذه الأيام بأمر الملك عبد العزيز بن سعود النجدي، لما استولى على الحجاز وهدم المقدسات في البقيع عملاً بما يقتضيه مذهبه الوهابي، وذلك سنة 1344 للهجرة . وكنا سنة 1339 تشرفنا بزيارة هذا البيت بيت الأحزان، إذ منَّ الله علينا في تلك السنة بحج بيته وزيارة نبيه، ومشاهد أهل بيته الطيبين الطاهرين في البقيع علیهم السلام) .

وقال صاحب الذريعة: 7 /52: (أقول: إن دار تميم الداري معروفة بالمدينة، وهو مشهد يزار حتى اليوم، وكذا دار أبي بكر وعثمان، ولكن انهدم بيت الاحزان في بقيع الغرقد لمجاورته مراقد أئمة الشيعة علیهم السلام وذلك لأجل أنه: قد يؤخذ الجار بجرم الجار) !

وفي بيت الأحزان للقمي ص 128: للشيخ صالح الحلي رحمة الله: ***

الواثبين لظلم آل ومحمد *** ومحمد ملقىً بلا تكفينِ

والقائلين لفاطم آذيتنا *** في طول نوح دائمٍ وحنينِ

والقاطعين أراكةً كيما تقيلَ *** بظل أوراقٍ لها وغصون

ومجمعي حطبٍ على البيت الذي *** لم يجتمع لولاه شمل الدين

ص: 183

والهاجمين على البتولة ببيتها *** والمسقطين لها أعز جنين

والقائدين أمامهم بنجاده والطهر *** تدعو خلفه برنين

خلوا ابن عمي أولأكشف في الدعا *** رأسي وأشكو للإله شجوني

ما كان ناقة صالح وفصيلها *** بالفضل عند الله إلا دوني

ورنَت

إلى القبر الشريف بمقلة *** عبرى وقلبٍ مُكمَد محزون

قالت وأظفار المصاب بقلبها *** غوثاه قلَّ على العداة معيني

أبتاه هذا السامري وعجله تُبعا *** ومال الناس عن هارون

أي الرزايا أتقي بتجلدي *** هو في النوائب مذحييت قريني

فقدي أبي أم غصب بعلي حقه *** أم كسرضلعي أم سقوط جنيني

أم أخذهم إرثى وفاضل نحلتي *** أم جهلهم حقي وقد عرفوني

قهروا يتيميك الحسين وصنوه *** وسألتهم حقي وقد نهروني

لماذا تنتحبين يازهراء ..؟!

- كتب السبيل الأعظم في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 11-6-2001، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (تنتحبين يازهراء ؟)، قال فيه:

الزهراء علیها السلام (علیه السلام) تبكي ! بل الزهراء علیها السلام تنحب بنشيج !

بل الزهراء علیها السلام تُؤذي أهل المدينة ببكائها ! جلست عند الشجرة فقطعوها!

فبنى لها أمير المؤمنين (علیه السلام) بيتاً بعيداً عن المدينة !

عجيبٌ أمركِ يا فاطمة علیها السلام ! أما لكِ شغلٌ غير البكاء والنحيب وأذية الناس ! !

ص: 184

كفِّي عن البكاء !

كلُّ ذلك من أجل رحيل أبيكِ من هذا الوجود الدنيوي ! ما عند أحد أبٌ إلا أنتِ ؟! أو ما ضربوك إلا أنت، حتى أسقطوك ؟!

أنتِ امرأة مؤمنة بالله سبحانه ومسلمة لقضاء الله وقدره ومؤمنة بأن الموت حق، فلماذا تبكين ؟!

أنتِ معصومة لاتخالفين الله سبحانه، ولا تفعلين فعلا إلا وفيه رضا لله سبحانه فإذاً لماذا هذا البكاء ؟؟

أجيبوني ياموالين، فلقد حيرتني الزهراء علیها السلام في أمرها..لماذا كانت تبكي؟!

من هم أهل المدينة الذين تجرأوا وقالوا للزهراء علیها السلام لقد آذيتنا ؟!

هل كان بكاؤها عاطفياً محضاً، أم كان واجباً لهدف من الأهداف ؟!

يا شفيعة المذنبين يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الحقاني في 11-6-2001، الخامسة إلا ربعاً صباحاً:

سلام الله عليك يا زهراء ...

أخي الفاضل هذا السؤال من الأفضل أن نوجهه الى أهل السنة والجماعة ليبحثوا عن السبب، وأما نحن الشيعة فنعرف لماذا حدث، ولكن أرجو من المنصفين الاجابة .

- وكتب الكاشف في 11-6-2001

م، الثامنة صباحاً:

الأخ السبيل الأعظم:

هل تعلم أن الرسول محمد صلی الله علیه و آله بكى على الموتى ؟

ص: 185

1 - فقد روى البخاري في صحيحه: أنّ النبي نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم وقال: أخذ الراية زيد، فأُصيب . ثم أخذها جعفر فاُصيب، ثمّ أخذها ابن رواحة فاُصيب، وعيناه تذرفان (صحيح البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي، باب مناقب خالد بن الوليد 2 / 204، ط.الحلبي بمصر .)

2 - وفي ترجمة جعفر من الاستيعاب وأُسد الغابة والاصابة وخبر غزوة مؤتة من تأريخ الطبري وغيره ما ملخّصه: لما أُصيب جعفر وأصحابه دخل رسول اللّه صلی الله علیه و آله بيته وطلب بني جعفر، فشمهم ودمعت عيناه، فقالت زوجته أسماء بأبي واُمّي ما يبكيك ؟ أبَلغك عن جعفر وأصحابه شئ ؟ قال: نعم، أُصيبوا هذا اليوم. فقالت أسماء: فقمت أصيح وأجمع النساء، ودخلت فاطمة علیها السلام وهي تبكي وتقول واعماه . فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: على مثل جعفر فلتبكِ البواكي !

3 - ولقد بكى الرسول صلی الله علیه و آله على ابنه ابراهيم: كمافي صحيح البخاري: قال أنس: دخلنا مع رسول الله صلی الله علیه و آله ... وإبراهيم يجود بنفسه. فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف (رضی الله عنه): وأنت يا رسول الله !؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة . ثم أتبعها بأخرى فقال: إن العين تدمع والقلب يحزن، ولا نقول إلاّ ما يرضي ربّنا، وإنّا بفراقك يا إيراهيم لمحزونون . وفي سنن ابن ماجة: فانكبّ عليه وبكى (صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي صلی الله علیه و آله: إنّا بك لمحزونون 1 / 158، واللفظ له. وصحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب رحمته بالصبيان والعيال، ح 62. وسننابنماجة، كتاب الجنائز، باب ما جاء في النظر إلى الميّت، ح 1475، 1 / 473. وطبقات ابن سعد، ط. اوربا 1 / ق 1 / 88. ومسند أحمد 3 / 194.)

4- بكاءه على حفيده: ففي صحيح البخاري: أنّ ابنة النبي صلی الله علیه و آله أرسلت إليه: أنّ ابنا لي قبض فأتنا. فقام ومعه سعد ابن عبادة ورجال من أصحابه فرُفع إلى رسول اللّه صلی الله علیه و آله ونفسه تتقعقع ففاضت عيناه، فقال سعد: يا رسول الله ما هذا؟

ص: 186

فقال: هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء . صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي صلی الله علیه و آله: (يعذّب الميّت ببعض بكاء أهله عليه) واللفظ له. وكتاب المرضى، باب عيادة الصبيان 4/3. وصحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميّت، ح 11، ص 636. وسنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب البكاء على الميّت، ح 3125، 3 / 193. وسنن النسائي، كتاب الجنائز، باب الامر بالاحتساب والصبر 1 / 264 . ومسند أحمد 2 / 306، و3 / 83، 88 و89.)

5 - ندب الرسول صلی الله علیه و آله إلى البكاء على عمّه حمزة: في مغازي الواقدي وطبقات ابن سعد ما موجزه: لما سمع رسول اللّه صلی الله علیه و آله بعد غزوة أحد البكاء من دور الأنصار على قتلاهم ذرفت عينا رسول الله صلی الله علیه و آله وبكى وقال: لكن حمزة لا بواكي له ! فسمع ذلك سعد بن معاذ، فرجع إلى نساء بني عبد الأشهل فساقهنّ إلى باب رسول الله صلی الله علیه و آله فبكين على حمزة . فسمع ذلك رسول الله صلی الله علیه و آله فدعا لهنّ وردّهن. فلم تبكِ امرأة من الأنصار بعد ذلك إلى اليوم على ميّت إلاّ بدأت بالبكاء على حمزة ثمّ بكت على ميّتها. (من ترجمة حمزة في طبقات ابن سعد، ط. دار صادر بيروت 1377 ه-، 3 / 11. وأكثر تفصيلا منه في مغازي الواقدي 1 / 315 - 317. وبعده إمتاع الاسماع 1 / 163. ومسند أحمد 2 / 40، وتأريخ الطبري. وأورده ابن عبد البرّ بإيجاز بترجمة حمزة من الاستيعاب، وباختصار أيضا، ابن الاثير بترجمته من اُسد الغابة .)

6 - بكى الرسول صلی الله علیه و آله على قبر أمّه وأبكى من حوله: زار رسول الله صلی الله علیه و آله قبر أمّه فبكى وأبكى مَن حوله . (سنن النسائي، كتاب الجنائز، باب زيارة قبر المشرك 1 / 267. وسنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب زيارة القبور، ح 3234، 3 / 218. وسنن ابن ماجة، كتاب الجنائز، بابما جاء في زيارة قبور المشركين، ح 1572، 1 / 501) .

يظهر لنا من الأحاديث أن الرسول صلی الله علیه و آله بكى ولم ينهه.. أما مبدأ نهى البكاء فعائشة اصطدمت بالخليفة عمر حول هذه النقطة:

ص: 187

1 - في صحيح البخاري ومسلم عن ابن عباس: لما أن أصيب عمر دخل صهيب يبكي ويقول وا أخاه وا صاحباه ! فقال عمر: يا صهيب أتبكي علي علیه السلام وقد قال رسول الله: (إنّ الميّت ليعذّب ببكاء أهله عليه) ؟ فقال ابن عباس: فلمّا مات عمر ذكرت ذلك لعائشة فقالت: رحم الله عمر، والله ما حدّث رسول الله صلی الله علیه و آله: إنّ الله ليعذّب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكنّ رسول الله صلی الله علیه و آله قال: (إنّ الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه)، وقالت: حسبكم القرآن: (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ اُخْرى). قال ابن عباس (رضی الله عنه) عند ذلك: والله هو أضحك وأبكى. (صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي صلی الله علیه و آله: يعذّب الميّت ببكاء أهله عليه 1/155 و156. ومسلم، كتاب الجنائز، باب الميت يعذّب ببكاء أهله ح22، ص 641.)

2- وفي صحيح مسلم: ذكر عند عائشة أنّ ابن عمر يرفع إلى النبي صلی الله علیه و آله: (إنّ الميّت يعذّب في قبره ببكاء أهله عليه) فقالت:وَهِلَ (وَهَِل بفتح الواو وفتح الهاء وكسرها أي غلط ونسي)، إنما قال رسول الله صلی الله علیه و آله: (إنّه ليعذّب بخطيئته أو بذنبه وإنّ أهله ليبكون عليه) . وفي رواية قبله: ذكر عند عائشة قول ابن عمر: الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه، فقالت رحم الله أبا عبد الرحمن سمع شيئا فلم يحفظه، إنما مرّت جنازة ليهوديّ على رسول الله وهم يبكون عليه، فقال: (أنتم تبكون وإنّه ليعذّب) (صحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه، ح 25 و2، ص642و643، وح 27، ص 643. وقريب منه لفظ الترمذي في كتاب الجنائز، الرخصة في البكاء على الميّت 4 / 225. وسنن أبي داود، كتاب الجنائز، ح3129، 3 / 19.)

3 - قال الامام النووي (ت: 676 ه-) في شرح صحيح مسلم عن روايات النهي عن البكاء المروية عن رسول الله صلی الله علیه و آله: وهذه الروايات من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبدالله رضي الله عنهما وأنكرت عائشة ونسبتها إلىالنسيان

ص: 188

والاشتباه عليهما، وأنكرت أن يكون النبيّ صلی الله علیه و آله قال ذلك . (شرح النووي بهامش صحيح مسلم، المطبعة المصرية 1349 ه-، 6 / 228، كتابالجنائز، باب الميّت يعذّب ببكاء أهله عليه.)

4 - ويظهر من الحديث الآتي أنّ منشأ الخلاف كان في اجتهاد الخليفة عمر فبالنهي عن البكاء في مقابل سنة الرسول صلی الله علیه و آله بالبكاء، فقد ورد في الحديث أنّه: مات ميّت من آل الرسول صلی الله علیه و آله فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر ينهاهنّ ويطردهنّ فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: دعهنّ يا عمر، فإنّ العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب. (سنن النسائي، كتاب الجنائز، باب الرخصة في البكاء على الميّت. وسنن ابن ماجة، كتابالجنائز، باب ما جاء في البكاء على الميّت، ح 1587، ص 505. ومسند أحمد 2/110، 273، 333، 408 و444.)

فلماذا تتعجب من بكاء الزهراء علیها السلام ؟!!

- وكتب الموسوي في 11-06-2001 م، التاسعة صباحاً:

تعجب الأخ العزيز السبيل الأعظم في محله. والسؤال غير موجه للسنة فقط بل لبعض الشيعة أيضاً ! والعجب كل العجب حينما ينكرون شدة حزن الزهراء علیها السلام وبكائها، ويعتبرونه منافياً للصبر وللرضا بقضاء الله وقدره ؟!!

- وكتب أبوسمية في 11-06-2001

م، التاسعة والربع صباحاً:

ستغدر بك الأمة . . . والغدر بأمير المؤمنين غدر بالدين . . فليست هذه المصيبة فقط، بل ستليها مصائب . .

المسألة مسألة حق ضاع . . وقبله أتعاب وأعباء !!

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وكل تابع له على ذلك.

- وكتب العاملي في 11-06-2001

م، العاشرة والنصف صباحاً:

ص: 189

الأخ السبيل الأعظم، الاخوة الاعزاء ..

شكراً لكم على تعطير الجو بذكر الصديقة الزهراء علیها السلام ..ومن حق إعجازها في الايمان والقول والعمل ..أن يكون محيراً ..والى الآن .. لم يتم تحليل موقفها من الحكومة التي بادرت قريش الى تشكيلها والنبي صلی الله علیه و آله مسجى بين أهله !!

تعالوا .. لنعدد مفردات هذا الموقف .. وكل مفردة منه موقف كامل ..

1- إدانتها لتركهم جنازة النبي صلی الله علیه و آله مسجاة بين يدي أهل بيته .

2- إدانتها تدبيرهم بيعة أبي بكر في غياب أهل بيت النبي صلی الله علیه و آله .

3- إعلان شكايتها الى الله مالقيته من ابن الخطاب وابن أبي قحافة، عند هجومهم الأول على بيتها ..

4- تهديدها أن تكشف رأسها الى ربها بالدعاء، أي تدعو بالاسم الأعظم، إن أرادوا قتل علي علیه السلام ..

5- إعلانها مقاطعتهما كل حياتها .. ودعاؤها عليهما بعد كل صلاة .

6 - بكاؤها ونوحها على النبي صلی الله علیه و آله .. بمفردها.. وفي مجالس النوح والبكاء .. وعدم استطاعة عمر أن يمنعها .. مع أنه منع عائشة وضرب أخواتها، وكاد يضربها .

7 - عقدها لمجلس بكاء يومي تحت شجرة في البقيع، ليكون البكاء والنوح على النبي صلی الله علیه و آله سنة في المسلمين ..

8 - انتقالها بعد قطع الشجرة الى بيت الأحزان الذي بناه لهاعلي علیه السلام في البقيع.

9 - زيارتها لقبر أبيها وصلاتها عنده، وتبركها بتربته .. مع أنهم أعلنوا حالة الطوارئ عند القبر .. ووضعوا الحديث الذي يلعن من صلى عنده!!

ص: 190

10 - زيارتها كل يوم اثنين وخميس لقبر حمزة سيد الشهداء وشهداء أحد، وصلاتها عند قبورهم .

11 - إقامتها الحجة على الأنصار وذهابها مع مرضها الى بيوت زعمائهم.. ومطالبتهم بأن يفوا بيعتهم للنبي في العقبة بحماية أهل بيته وذريته من بعده .. كما يحمون أهل بيتهم وذريتهم .

12 - مطالبتها بإعادة منحة النبي صلی الله علیه و آله وميراثه التي صادروها من يدها ..

13 - خطبتها في المسجد النبوي التي كان لها وقع الصاعقة على المهاجرين والأنصار ..

14 - رفضها قبول زيارة الشيخين في مرضها . . وبعد أن أذن لهما علي علیه السلام .. لم تجب سلامهما وأقامت عليهما الحجة، وأعلنت أنها ستواصل دعاءها عليهما بعد كل صلاة حتى تلقى أباها وتشكوهما اليه ..

15 - وصيتها أن لايحضرا جنازتها، وأن يخفى قبرها ..

- وكتب الآراكي في 11-6-2001

م، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

السلام عليكم... سبب نحيب الزهراء علیها السلام

تشرحه هي علیها السلام في أبياتها:

قد كان بعدك أنباء وهنبثة *** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب

إنا فقدناك فقد الأرض وابلها *** واختل قومك فاشهدهم ولا تغب

وكل أهل له قربى ومنزلة *** عند الإله على الأدنين مقترب

أبدت رجال لنا نجوى صدورهم *** لما مضيت وحالت دونك الترب

تهجمتن،ا رجال واستخف بنا *** ما فقدت وكل الأرض مغتصب

وكنت بدرا ونورا يستضاء به *** عليك ينزل من ذي العزة الكتب

قد كان جبريل بالآيات يؤنسنا *** فقد فقدت وكل الخير محتجب

ص: 191

فليت قبلك كان الموت صادفنا *** لما مضيت وحالت دونك الكثب

إنا رزينا بما لم يرز ذو شجن *** من البرية لا عجم ولا عرب

(بحار الأنوار 8/109) . . . . فسلام الله عليك يا مولاتي يا فاطمة علیها السلام ....

- وكتب التمار في 11-06-2001

م، الواحدة ظهراً:

أنا لا أتصور أن الزهراء علیها السلام وهي لاشغل لها إلا البكاء، وهي التي يقول عنها أئمة أهل البيت علیهم السلام نحن حجج الله على الخلق وفاطمة علیها السلام حجة الله علينا، فأنا لا أتصورها وهي حجة الله البالغة وهي لاشغل لها إلا البكاء حتى تأذى أهل مدينة الرسول الأعظم الى درجة أنها لاتهدأ من البكاء لا ليلاً ولا ونهاراً.. أيكون هكذا حال الزهراء علیها السلام بعد أبيها ؟ فالرسول صلی الله علیه و آله الذي هو رحمة للعالمين، والذي لم يتأذ منه مخلوق قط، وهو أبوها بأبي هي وأمي كيف تؤذي المسلمين، كيف تؤذي من نصروا الاسلام ؟ أيعقل أن تؤذي أحداً وهي النسمة الطاهرة، إلا أن يكون هناك سر لا نعلمه ؟

- وكتب أبوسمية في 11-06-2001

م، السابعة والنصف مساءً:

روايات تحدثت عن:1. مهاجمة الدار واختباء فاطمة علیها السلام صلوات الله تعالى عليها خلفه، وما تبعه من كسر الضلع وقضية المسمار والإسقاط..

2. حق ضاع..(حق) وليس المقصود به (حقها فقط) . .

3. مصيبة فقد الوالد . . هذه كلها الآم . . وقبل ذلك نرى أن الجماعة قد عرفوا بتزوير الحقائق وأمثلة ذلك كثيرة .. إليكم الخلافة .. فدك ... حروب الردة . . تغيير الأحداث من معدوم إلى موجود ومن موجود إلى معدوم . . . .

أفضل طريقة يقولون أنها كانت تبكي على فقدان أبيها ... لأن البكاء أمر مفروغ منه لم يمكنهم إغفاله.. بقي السبب .. فإذا ثبت الأول ... أو الثاني ... أو

ص: 192

الثالث .. أو ما تقدم مجتمعاً... فهي الطامة الكبرى على المخالف... على الأقل نستدل علىجواز البكاء على الميت بهذه الصورة.

وأما رد ماجاء في كتب التاريخ بحجة عدم المعقولية فغير معقول.. لأننا إما أن ننسف جميع كتب التاريخ، أو يكون الانتقاء وفق أسس معينة مدروسة . .

قد يقال: لا يعقل أن يكون عمر قاصداً قتلها .. نقول نعم وهو الذي عرف بوأد البنات .. أما كان عليه أن يرعى حرمة الدار ؟!

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وكل تابع له على ذلك.

- وكتب السبيل الأعظم في 13-6-2001

م، الواحدة إلا ثلث ظهراً:

أشكر الأخوة الأفاضل لولائهم وحبهم لسيدتهم الزهراء علیها السلام، وتفانيهم في إظهار مظلوميتها سلام الله عليها .

الأخ الفاضل الحقاني .. أشكرك على مداخلتك ونصيحتك . ولكن أقول: ليس كلنا نحن الشيعة نعرف الحقايق . فكثير منّا، وأقطع بذلك، لا يعرف الحقايق إلا قشوراً أو يعرف لكنه يتجاهل .

الأخ الفاضل الكاشف .. أشكرك على ردك في جواز البكاء على الميت واستفدت فائدة في ردك وهي أن الحث على البكاء ليس من جهة اعتباطية، وإنما لغرض في نفس رسول الله صلی الله علیه و آله . وإلا الرسول يأمر أو يحث على البكاء لغرض عاطفي فقط ! غير معقول في نظري القاصر.. وإنما هناك أغراض، فياحبذا لوبينت لنا هذا الأمر، أو غيرك من لأخوة الكرام .

الأخ العزيز الإستاذ الموسوي .. أنت الذي لاتحاول اللف والدوران وتريد أن تبين الحقايق بصورتها لواقعية .

ص: 193

نعم، تعجبك هو محل سؤالي.. لماذا يُنكر شدة حزن الزهراء علیها السلام ؟ لماذا يُعتبر حزنهاوبكاؤها منافياً للصبر ومنافياً لرضا بقضاء الله وقدره ..؟ فأطلب منكم الإجابة .

الأخ الفاضل السيد أبو سمية .. نعم أخي العزيز، أستفيد من كلامك في المداخلة الأولى (التي هي جزء جواب عن أساس الموضوع) أن البكاء والحزن إنما هو صرخة في وجوه الأعداء لما فعلوا ببعلها من غصب الخلافة. لكن أما تظن أن هناك طرقاً أخرى لإبداء هذه المظلومية ؟ سؤال قد يُثار في الساحة، فما الجواب ؟ ؟

الأخ الأستاذ الشيخ العاملي .. أشكرك على هذه المداخلة ولازلت مؤيداً وناصراً للمذهب بإظهارك مظلومية الزهراء علیها السلام بجزئياتها.. إجابتك في صميم الموضوع ... ياحبذا شيخنا العزيز لو وضحتم مواقف الزهراء علیها السلام من الحكومة بشئ من الروايات (إذا ما عليكم زحمة) لأكون من الشاكرين لك . . .

- وكتب الكاظميني في 15-6-2001، الواحدة صباحاً:

الحقيقة أني عاجزعن كتابة أي موضوع بعد الردود التي قرأتهامن أساتذتي وإخواني، ولكن أحب أن أطرح وجهة نظري القاصرة التي هي قابلة للرد والقبول: مما يؤخذ على البعض أن فهمهم للأمور التاريخية للمعصوم تكون في حلقة فكرهم وعقلهم الخاص، بعيداً عن قبول فعل المعصوم ومحاولة فهمه لا محاولة نفيه لأن العقول لا تقبله ! فإن مسائل كثيرة ثبتت عن طريق البرهان والدليل والنقل التاريخي تثبت أفعالاً للمعصوم ربما لا يقبلها عقل شخص فيقال عنها (لايقبلها عاقل) (ولا أتصور) (وليس من الممكن) . فنحن يا إخوان ليس لنا اقتضاء حتى نفهم المعصوم كما تشتهي أنفسنا، وبعبارة أوضح لا يصح أن

ص: 194

نحاول رسم المعصوم صورة كما نريد ونشتهي . وأما بكاء الزهراء علیها السلام على النبي صلی الله علیه و آله، فهو أمر طبيعي مضافاً الى أنه يؤدي رسالة الى المسلمين.. مضافاً الى أن إعلانه وعقد المجالس له نوع من الثورة والإدانة لتلك الحكومة الغاصبة .. وقطعاً هناك ثمرات أجل وأعظم من التي طرحناها.

إن فعل المعصوم خاضع للحكمة وليس مجرداً عنها، ولذا ننبه على أن من يحاول أن يصور الزهراء علیها السلام بالانسانة الغير الباكية، لأنه هو يريد أن يفهم شخصية الزهراء علیها السلام كما يشتهي وليس كما يريد الله .

وأتعجب من الذي يقول هذه المقولة ومن ثمة يقول إنه لاخصوصية في شخصية الزهراء علیها السلام، ويدعي أن أي امرأة عادية لو كانت في محل الزهراء علیها السلام لكانت زهراء ثانية !!

اللهم صل على فاطمة علیها السلام وأبيها، وبعلها وبنيها، والسر المستودع فيها، عدد ما أحاط به علمك .

ص: 195

ص: 196

الفصل السابع: عاصفة السقيفة القرشية على آل الرسول

اشارة

ص: 197

ص: 198

1- فهرس بالأحداث أيام مرض النبي صلی الله علیه و آله ووفاته !

اشارة

- قال العاملي: حاولت أن أضع تقويماً أو جدولاً زمنياً دقيقاً لمراسم تغسيل النبي صلی الله علیه و آله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه صلی الله علیه و آله، والأحداث الخطيرة التي وقعت أثناء ذلك وبعده الى أسبوعين من وفاته .. فوجدت أن ذلك من المهمات الصعبة، بسبب أن نصوص هذه الفترة كثيرة متعارضة متضاربة، ينفي بعضها الآخر، ويخرب بعضها الآخر ! وهذا بنفسه دليل على تدخل السياسة في رواياتها، وعملها على إخفاء أمور كانت موجودة، واختراع عناصر لم تكن موجودة !

وتذكرت حادثة الشيخ متولي الشعراوي عندما قال في محاضرة له في التلفزيون المصري إن كلام علي علیه السلام في وداع فاطمة علیها السلام يدل على وجود أحداث كبيرة خطيرة بعد وفاة النبي صلی الله علیه و آله ينبغي أن نكشفها.. وهو يقصد قول علي علیه السلام عند دفن سيدة النساء فاطمة علیها السلام كما في نهج البلاغة:2/182، وقدروي في غيره مسندا ً: (السلام عليك يارسول الله، عني وعن ابنتك النازلة في جوارك، والسريعة اللحاق بك . قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبرى، ورق

ص: 199

عنها تجلدي . إلا أن لي في التأسي بعظيم فرقتك، وفادح مصيبتك موضع تعز . فلقد وسدتك في ملحودة قبرك، وفاضت بين نحري وصدري نفسك .

إنا لله وإنا إليه راجعون . فلقد استرجعت الوديعة، وأخذت الرهينة . أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، إلى أن يختار الله لي دارك التي أنت بها مقيم، وستنبئك ابنتك بتضافر أمتك على هضمها، فأحفها السؤال واستخبرها الحال . هذا ولم يطل العهد، ولم يخل منك الذكر . والسلام عليكما سلام مودع لا قال ولا سئم . فإن أنصرف فلا عن ملالة، وإن أقم فلا عن سوء ظن بما وعد الله الصابرين) . انتهى. وفي اليوم الثاني من كلام الشعراوي خرجت صحيفة مصرية تتساءل هل تشيع الشعراوي ؟! وبذلك أسكتوه عن بحث تلك الأحداث، أو الحديث عنها !

فإذا كانت هذه حال عالم سني معروف كالشعراوي، وفي مصر بلد الذي فيه قدر من الحرية وشعبه محب لأهل البيت وفاطمة

الزهراء علیها السلام خاصة.. فما بال من يحاول كشف تلك الأحداث في عصور حكم الخلافة القرشية ؟!!

فهرس بأهم الأحداث لأيام وفاة النبي صلی الله علیه و آله

1 - تدهورت حالة النبي صلی الله علیه و آله بعد أن لدته عائشة وحفصة يوم الأحد، أي سقتاه (دواء) في حال إغمائه رغم نهيه المشدد عن ذلك، وتوفي في اليوم الثاني !

2- باشر علي علیه السلام بمراسم تجهيز النبي صلی الله علیه و آله من ساعة وفاته، بعد ظهر يوم الاثنين الى صباح الثلاثاء، وأذن للمسلمين أن يصلوا على جنازته ضحى ذلك اليوم الى العصر، ثم انشغل علي علیه السلام بضغوط أبي بكر وعمر ومجئ رسولهما ثم

ص: 200

مجيئئهما الى بيته يطالبونه ومن معه بالبيعة لهم، ويهدودنه بالهجوم على بيته إن لم يبايع !!

3 - دبَّر الحزب القرشي بيعة أبي بكر في السقيفة بعد وفاة النبي صلی الله علیه و آله بساعتين! وساعدهم رؤساءالأوس حسداً لسعد بن عبادة رئيس الخزرج. ولم يثبت أن سعد بن عبادة أو أحداً من الأنصار دعا الى اجتماع في السقيفة لبحث خلافة النبي صلی الله علیه و آله .. بل كانت السقيفة محل استقباله وضيافته، وهي مكان من الشارع مسقوف ومنسوب الى جيرانها بني ساعدة الخزرجيين .. وكان مريضاً نائماً فيها يزوره الناس هناك، فاختارها الحزب القرشي لوجود سعد وعدد من رجال الأنصار حوله، وفتحوا الموضوع وناقشوا سعداً ومن حضر عنده، فبادر أبو بكر الى القول إني رضيت لكم أحد الرجلين عمر أو أبا عبيدة فبايعوا أحدهما! فقال عمر لانتقدم عليك وأخذ يده وصفق عليها هو وأبو عبيدة، ثم بايعه ثلاثة نفر من الأوس المضادين لسعد ! ! وهكذا أعلنوا بيعة أبي بكر بالحيلة من غير مشورة، وساندهم كل القرشيين الطلقاء، وكانو ألوفاً في المدينة .

4- تغلب الحزب القرشي على سعد بن عبادة المريض رغم موقفه الشديد ضدهم وهجموا عليه وداسوا بطنه، فحمله أولاده الى بيته، وعندما انسحب سعد صارت السقيفة بيد القرشيين، واتخذوها مقراً لبيعة أبي بكر ومركزاً لجلوسهم وعملياتهم ! وقال سعد فيما بعد إنه طرح نفسه للخلافة بسبب أن قريشاً قررت أن تخالف وصية النبي صلی الله علیه و آله وتمنع منها عترته حتى لا يجمع بنو هاشم بين النبوة والخلافة !

5- ترك القرشيون جنازة النبي صلی الله علیه و آله لعترته وعشيرته بني هاشم وكذلك الأنصار ! حتى أن مسجد النبي ومحيطه كان في الأيام الثلاثة بعد وفاته خالياً من

ص: 201

الناس تقريباً !! وانشغل الجميع إلا المنقطعون الى أهل البيت بتأييد بيعة أبي بكر أو معارضتها، وكانت فعاليات الحزب القرشي أبو بكر وعمر وعائشة وحفصة وأبو عبيدة وسالم مولى حذيفة ومن معهم من الأوس، مشغولين بمعالجة موقف الأنصار، يجولون في أحيائهم ويزورون زعماءهم في بيوتهم لإقناعهم ببيعة أبي بكر، ومنع تأثير سعد وعلي علیه السلام عليهم !

6 - جاء أبو بكر وعمر وأنصارهما في اليوم الثاني الى مسجد النبي صلی الله علیه و آله، يزفون أبا بكر زفةً مسلحة ويهددون من لم يبايع بالقتل ! وأصعد عمر أبا بكر بالقوة على منبر النبي صلی الله علیه و آله وبايعه بعض الناس، وصلى بهم المغرب ثم عاد الى السقيفة .

7 - في مساء الثلاثاء ليلة الأربعاء بعد منتصف الليل، قام علي علیه السلام بدفن جنازة النبي صلی الله علیه و آله، وحضر مراسم الدفن بنو هاشم وبعض الأنصار، وقليل جداً من القرشيين، ولم يحضرها أحد من قادة الحزب القرشي !

8- في ليلة الخميس قام أمير المؤمنين ومعه فاطمة علیها السلام والحسنان علیهم السلام بجولة على بيوت الأنصار، وطالبوهم بالوفاءببيعتهم في العقبة للنبي صلی الله علیه و آله، التي شرط فيهاعليهم أن يدافعوا عن أهل بيته وذريته كما يدافعون عن بيوتهم وذراريهم .. فاستجاب له منهم أربع وأربعون رجلاً، فواعدهم أن يأتوه غداً محلقين رؤوسهم مستعدين للموت، فلم يأته إلا أربعة !

ثم أعاد أمير المؤمنين جولته على الأنصار وبعض المهاجرين، ليلة الجمعة ثم ليلة السبت.. فلم يأته غير أولئك الأربعة: المقداد وعمار وأبوذر وسلمان !

9 - في هذ المدة أرسل الحزب القرشي الى أسامة وهو في معسكره بالجرف خارج المدينة، أن يترك معسكره وأن يأتي ومن بقي معه الى المدينة،

ص: 202

وأن يبايعوا أبا بكر لأن المسلمين بايعوه .. فاحتج عليهم أسامة بأن النبي صلی الله علیه و آله توفي وهو أمير على أبي بكر، فأبو بكر مازال جندياً تحت إمرته ! قال الطبرسي في إعلام الورى: 1/ 269: (فما كان بين خروج اسامة ورجوعه إلى المدينة الا نحو من أربعين يوما، فلما قدم المدينة قام على باب المسجد ثم صاح: يا معشر المسلمين، عجباً لرجل استعملني عليه رسول الله صلی الله علیه و آله فتأمَّر علي علیه السلام وعزلني !).

10 - تخوف الحزب القرشي من علي علیه السلام أن يجد أنصاراً ويقف ضدهم، ولذا تتابعت رسل أبي بكر له بالحضور الى السقيفة ليبايعه، فكان يتعلل لهم بأنه مشغول بمراسم دفن النبي صلی الله علیه و آله، أو مشغول بجمع القرآن .. لكنهم صعدوا تهديدهم له وجاؤوا مسلحين الى باب داره، فتلاسن معهم بعض أنصاره، لكنهم تغلبوا عليهم واقتحموا البيت بالقوة، وأخذوا علياً الى السقيفة فحاججهم بقوة منطق .. وسكتوا عنه ذلك اليوم .

وهذه الحادثة هي الهجوم الأول على بيت علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام، وقد يكون وقتها يوم الأربعاء أو الخميس !

11 - في يوم الجمعة التي تلت وفاة النبي صلی الله علیه و آله .. اتفق اثنا عشر من المهاجرين والأنصار على أن يتكلموا في المسجد ويقيموا الحجة على أبي بكر وعمر، وتكلموا جميعاً وبينوا وصية النبي صلی الله علیه و آله لعلي علیه السلام وبيعة المسلمين له يوم الغدير، وأدانوا مؤامرة السقيفة !

12 - كان تأثير احتجاج الصحابة الاثني عشر يوم الجمعة قوياً، وأحدث موجة مضادة لمؤامرة السقيفة، ضعف أمامها أبو بكر حتى أنه وآخرين من الحزب القرشي فكروا أن يعيدوا الخلافة شورى بين المسلمين، لكن عمر استطاع إحداث موجة مضادة لمصلحة الحزب القرشي .

ص: 203

13 - من المرجح أن الهجوم الثاني وقع بعد يوم الجمعة المذكور واحتجاج وجهاء الصحابة على أبي بكر وعمر، وهو الهجوم الذي حدث فيه ضرب الزهراء علیها السلام وإسقاط جنينها، وأخذوا علياً أيضاً الى السقيفة وهددوه بالقتل إن لم يبايع أبا بكر !

14- في يوم الجمعة الثانية لوفاة النبي صلی الله علیه و آله خطب علي علیه السلام في مسجد النبي خطبته البليغة القوية المعروفة ب- (خطبة الوسيلة) ! وكانت إتماماً لإقامة الحجة على المسلمين، من أهل السقيفة والأنصار، وقد بين فيها مقام النبي صلی الله علیه و آله وأهل بيته عند الله، ويوم القيامة، وواجب الأمة تجاههم .

15 - خطبة الزهراء علیها السلام في المسجد، ووقتها بعد أحداث السقيفة وهجومهم على بيتها وضربها وإسقاط جنينها .. فقد شنوا حرباً اقتصادية على أهل البيت علیهم السلام وقرروا إفقارهم، فحرموهم الخمس الذي له، ومنعوا فاطمة علیها السلام إرثها من النبي صلی الله علیه و آله، وصادروا منها مزرعة فدك التي كان أعطاها إياها النبي صلی الله علیه و آله امتثالاً لقوله تعالى (وآت ذا القربى حقه . .) فرأت الصديقة الزهراء علیها السلام في ذلك مناسبةً لأن تخطب في المسجد وتؤكد عليهم الحجة، وتفضح مؤامرتهم على الاسلام .

16- حادثة ضرب عمر للصديقة الزهراء علیها السلام في الطريق، وأخذه منها بالقوة الكتاب الذي كتبه لها أبو بكر باسترجاع فدك ! ويبدو أنها كانت بعد خطبتها في المسجد النبوي، وإلا لذكرت ذلك في خطبتها .

ص: 204

2- هجومان على بيت فاطمة علیها السلام وعلي علیه السلام !

الهجوم الأول

تدل النصوص على أن الحزب القرشي أعلن بيعة أبي بكر بعد ساعة أو ساعتين من وفاة النبي صلی الله علیه و آله، واتخذ من السقيفة مركزاً لعملياته، وانشغل في معالجة موقف الأنصار .. لكن ذلك لم يمنعه من إرسال جماعة لعلي علیه السلام يطلبون منه الحضور الى السقيفة لبيعة أبي بكر، خاصةً أن جماعة من الأنصاركانوا يهتفون باسمه ويقولون لا نبايع إلا علياً .

ومع أن علياً أعلن بشدة إدانته لمؤامرتهم وسقيفتهم، لكنهم اطمأنوا الى أنه ليس عنده أنصار ليواجههم بالسلاح.. وأنه مشغول بتنفيذ وصية النبي صلی الله علیه و آله ومراسم جنازته ! ففي كتاب سليم بن قيس: ص 148: فأرسل إليه أبو بكر: أجب خليفة رسول الله، فأتاه الرسول فقال له ذلك فقال له علي علیه السلام: سبحان الله ما أسرع ما كذبتم على رسول الله ! إنه ليعلم ويعلم الذين حوله أن الله ورسوله لم يستخلفا غيري . وذهب الرسول فأخبره بما قال له . قال إذهب فقل له: أجب أمير المؤمنين أبا بكر، فأتاه فأخبره بما قال، فقال له علي علیه السلام: سبحان الله ما والله طال العهد فينسى . فوالله إنه ليعلم أن هذا الاسم لا يصلح إلا لي، ولقد أمره رسول الله وهو سابع سبعة فسلموا علي علیه السلام بإمرة المؤمنين . فاستفهم هو وصاحبه عمر من بين السبعة فقالا: أحقٌّ من الله ورسوله ؟ فقال لهما رسول الله صلی الله علیه و آله: نعم، حقاً حقاً من الله ورسوله إنه أمير المؤمنين وسيد المسلمين وصاحب لواء الغر المحجلين، يقعده الله عز وجل يوم القيامة على الصراط، فيدخل أوليائه الجنة وأعداءه النار . فانطلق الرسول فأخبره بما قال. قال: فسكتوا عنه يومهم ذلك) .

ص: 205

وفي تفسير العياشي:2/66، والاختصاص للمفيد ص 185: (عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبيه، عن جده قال: ما أتى على علي علیه السلام يوم قط أعظم من يومين أتياه، فأما أول يوم فاليوم الذي قبض فيه رسول الله صلی الله علیه و آله، وأما اليوم الثاني فوالله إني لجالس في سقيفة بني ساعدة عن يمين أبي بكر والناس يبايعونه إذ قال له عمر: يا هذا ليس في يديك شئ مهما لم يبايعك علي! فابعث إليه حتى يأتيك يبايعك، فإنما هؤلاء رعاع، فبعث إليه قنفذ فقال له: إذهب فقل لعلي علیه السلام: أجب خليفة رسول الله صلی الله علیه و آله، فذهب قنفذ فما لبث أن رجع فقال لأبي بكر: قال لك ما خلف رسول الله أحداً غيري ! قال: ارجع إليه فقل: أجب، فإن الناس قد أجمعوا على بيعتهم إياه، وهؤلاء المهاجرون والأنصار يبايعونه وقريش، وإنما أنت رجل من المسلمين لك ما لهم وعليك ما عليهم، فذهب إليه قنفذ، فما لبث أن رجع فقال قال لك: إن رسول الله صلی الله علیه و آله قال لي وأوصاني أن إذا واريته في حفرته لا أخرج من بيتى حتى أؤلف كتاب الله، فإنه في جرايد النخل وفي أكتاف الابل . قال عمر: قوموا بنا إليه، فقام أبو بكر، وعمر، وعثمان وخالد بن الوليد، والمغيرة بن شعبة، وأبو عبيدة بن الجراح، وسالم مولى أبى حذيفة، وقنفذ، وقمت معهم، فلما انتهينا إلى الباب فرأتهم فاطمة علیها السلام صلوات الله عليها أغلقت الباب في وجوههم، وهي لاتشك أن لا يدخل عليها إلا بإذنها، فضرب عمر الباب برجله فكسره وكان من سعف، ثم دخلوا فاخرجوا علياً ملبباً فخرجت فاطمة علیها السلام فقالت: يا أبا بكر أتريد أن ترملني من زوجي، والله لئن لم تكف عنه لأنشرن شعري ولأشقن جيبي ولآتين قبر أبى ولأصيحن إلى ربى، فأخذت بيد الحسن والحسين وخرجت تريد قبر النبي صلی الله علیه و آله فقال علي علیه السلام لسلمان: أدرك ابنة محمد فإني أرى جنبتي المدينة تكفيان، والله إن نشرت

ص: 206

شعرها وشقت جيبها وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربها لايناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها، فأدركها سلمان رضي الله عنه . فقال: يا بنت محمد إن الله إنما بعث أباك رحمة فارجعي، فقالت: يا سلمان يريدون قتل علي علیه السلام ! ما على علي علیه السلام صبر، فدعني حتى آتى قبر أبى فأنشر شعري وأشق جيبي وأصيح إلى ربى، فقال سلمان: إني أخاف أن يخسف بالمدينة، وعلى بعثني اليك ويأمرك أن ترجعي إلى بيتك وتنصرفي، فقالت: إذاً أرجع وأصبر وأسمع له وأطيع .

قال: فأخرجوه من منزله ملبباً ومروا به على قبر النبي عليه وآله السلام قال: فسمعته يقول: يا بن أم إن القوم استضعفوني .. إلى آخر الآية .وجلس أبو بكر في سقيفة بني ساعدة وقدم علي علیه السلام فقال له عمر: بايع ! فقال له علي علیه السلام: فإن أنا لم أفعل فمَهْ ؟ فقال له عمر: إذا أضرب والله عنقك ! فقال له علي علیه السلام: إذاً والله أكون عبد الله المقتول وأخا رسول الله .فقال عمر: أما عبد الله المقتول فنعم، وأما أخو رسول الله فلا، حتى قالها ثلاثاً، فبلغ ذلك العباس بن عبد المطلب فأقبل مسرعاً يهرول فسمعته يقول: إرفقوا بابن أخي ولكم علي علیه السلام أن يبايعكم، فأقبل العباس وأخذ بيد على فمسحها على يد أبي بكر، ثم خلوه مغضباً فسمعته يقول: ورفع رأسه إلى السماء: اللهم إنك تعلم أن النبي صلی الله علیه و آله قد قال لي إن تموا عشرين فجاهدهم، وهو قولك في كتابك: إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين . قال: وسمعته يقول: اللهم وإنهم لم يتموا عشرين، حتى قالها ثلاثاً، ثم انصرف) . انتهى .

ص: 207

الهجوم الثاني

كتب مالك الأشتر في شبكة أنا العربي بتاريخ5-8-1999، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (الهجوم على بيت البتول بعد الرسول صلی الله علیه و آله)، قال فيه:

قال أبو بكر الخليفة الأول وهو على فراش الموت: ليتني لم أفتش بيت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله وأدخله الرجال، ولو كان أُغلق على حرب !!

1 - تاريخ الاسلام للذهبي ج 1ص 117، 2- العقد الفريد ج4 ص298، 3- الامامة والسياسة ج1ص18، 4- سير الخلفاء الراشدين ص17، 5- منتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج2 ص171 تاريخ اليعقوبي ج2ص137، 7- ميزان الاعتدال ج3 ص109، 8- المعجم الكبير للطبراني ج 1 ص 62، 9- حياة الصحابة ج2 ص24، 10- تاريخ ابن عساكر: (ترجمة حياة أبي بكر)

- وكتب رنا نضال بتاريخ 5 –8-1999، التاسعة مساءً:

(ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً . يا ويلتي ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً . لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للانسان خذولاً) . صدق الله العظيم .

- وكتب الإماراتي راشد بتاريخ 6–8-1999، الرابعة صباحاً:

الرد على الأشتر .. ولماذا تتعب نفسك وأنت تعلم أننا لا نأخذ من كتب الحديث إلا الصحيح. فكيف بكتب التاريخ ؟! هل عندك سند هناك في كتب التاريخ ؟! إن قلت لي نعم فقل لي من من العلماء المعتبرين صححوا هذا السند والحديث ؟! إن لم تفعل فلن تعدو قدر الكذابين الذين لا نستطيع أن نحصيهم من كثرتهم .

ص: 208

- وكتب مالك الأشتر بتاريخ 6-10- 1999 السادسة مساء:

الى الإماراتي:

هل من الممكن أن تعطيني أسماء علمائك الذين تقبل بقولهم ؟

- وكتب العاملي:

الأخ الأشتر .. إسمح لي أن أجيبك، فعلماؤه الذين يقبل قولهم هم ابن تيمية، ثم ابن تيمية، ثم المقلدون لابن تيمية ! ولمعلوماتك فإن ابن تيمية توفي في أواسط القرن الثامن . . يعني لو أن الله تعالى خلقهم في القرون الثمانية قبل ابن تيمية لما قلدوا أحداً وانتظروه حتى يأتي ! لأن العلماء قبله صفر !!!

- قال العاملي: وغاب المدعو راشد الإماراتي، ولم يجب .

- كتب (حر) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 7-1-2000، الواحدة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (فقتلوا الأمّ ضرباً .. يا فاطمة علیها السلام .. يا ريحانة الرسول . . .)، قال فيه:

هل يمكن أن يحدث كل هذا لبنت النبي الرؤوف الرحيم صلی الله علیه و آله ؟! في حين أنه لم يمض على رحيله إلاّ أيام قليلة ؟!! أم تناسوا كلّ خير عميم أسداه، وكلّ كلام رحيم أبقاه، وكلّ خلق عظيم أبداه ؟!

ولتأكيد الأمر، وزيادته وضوحاً نورد إليك هذا القبس فنقول: (روى سليم بن قيس، عن عبد الله بن العباس، أنه حدثه أن النبي صلی الله علیه و آله قال لعلي علیه السلام: (إن قريشاً ستظاهر عليكم، وتجتمع كلمتهم على ظلمك وقهرك، فإن وجدت أعواناً فجاهدهم، وإن لم تجد أعواناً فكف يدك واحقن دمك، أما إنّ الشهادة من

ص: 209

ورائك، لعن الله قاتلك . ثم أقبل على ابنته فقال: إنك أول من يلحقني من أهل بيتي، وأنت سيدة نساء أهل الجنة وسترين بعدي ظلماً وغيظاً حتى تضربي، ويكسر ضلع من أضلاعك، لعن الله قاتلك .) .

وروى سليم بن قيس عن ابن عباس أيضاً قال: (دخلت على علي علیه السلام بذي قار فأخرج لي صحيفة، وقال لي: يا ابن عباس هذه صحيفة أملاها علي علیه السلام رسول الله صلی الله علیه و آله وخطي بيدي. فقلت: يا أمير المؤمنين إقرأها علي علیه السلام . . . إلى أن قال: فكان مما قرأه علي علیه السلام: كيف يصنع به، وكيف تستشهد فاطمة علیها السلام، وكيف يستشهد الحسن . . . إلخ) .

وفي كنز الفوائد: عن أبي الحسن بن شاذان، عن أبيه، عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسين بن الصفار، عن محمد بن زياد، عن مفضل بن عمر، عن يونس بن يعقوب، عن الصادق علیه السلام، أنه قال في حديث طويل: (يا يونس، قال جدي رسول الله: ملعون من يظلم بعدي فاطمة علیها السلام ابنتي ويغصبها حقها ويقتلها) .

وفي كتاب الإختصاص: روى الشيخ المفيد عن أحمد بن محمد بن عيسى عن أبيه، والعباس بن معروف، عن عبد الله بن المغيرة، قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني قال: صحبت أبا عبدالله علیه السلام في طريق مكة من المدينة . . . ثم ذكر حديثاً طويلاً عن الإمام (علیه السلام) جاء فيه: (قاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة علیها السلام، وقاتل المحسن، وقاتل الحسن والحسين . . . إلخ) .

وفي دلائل الإمامة: عن أبي جعفر الباقر علیه السلام قال في حديث: (وحملت بالحسن، فلما رزقته حملت بعد أربعين يوماً بالحسين ثم رزقت زينب، وأم كلثوم، وحملت بمحسن، فلما قبض رسول الله وجرى ما جرى في يوم دخول

ص: 210

القوم عليها دارها، وإخراج ابن عمها أمير المؤمنين، وما لحقها من الرجل، أسقطت به ولداً تماماً . وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها صلوات الله عليها) .

قال الفاضل الخواجوئي المازندراني: (ورد في طريقنا أنها علیها السلام كانت معصومة صديقة شهيدة رضية . . .) .

وذكر الشيخ المفيد في كتاب المزار زيارة لفاطمة علیها السلام تقول: (السلام عليك يا رسول الله، السلام على ابنتك الصديقة الطاهرة، السلام عليك يا فاطمة علیها السلام بنت رسول الله، يا سيدة نساء العالمين، أيتها البتول الشهيدة الطاهرة ..) .

وقال الشيخ الطوسي قدس سره بعد نقله الزيارة المروية: يا ممتحنة امتحنك الله . . .: (هذه الرواية وجدتها مروية لفاطمة علیها السلام، وأما ما وجدت أصحابنا يذكرونه من القول عند زيارتها فهو أن تقف على أحد الموضعين اللذين ذكرناهما، وتقول: السلام عليك يا بنت رسول الله... السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة ...) . وفي البحار نص آخر وهو: (اللهم صلّ على السيدة المفقودة، والكريمة المحمودة، والشهيدة العالية) . وذكر الكفعمي في مصباحه: (إن سبب وفاتها علیها السلام هو أنها ضربت وأسقطت) .

وقال المجلسي الثاني: (وفي رواية أخرى: ضربها عمر بالسوط، فماتت حين ماتت وإن في عضدها مثل الدملج من ضربته… إلى أن قال: لم تدعهم يذهبوا بعلي علیه السلام حتى عصروها وراء الباب، فألقت ما في بطنها مَنْ سمَّاه رسول الله (محسناً) حتى ماتت مما أصابها) .

وقال أيضاًفي تعليقه على الخبر الصحيح المروي عن أبي الحسن علیه السلام: إن فاطمة علیها السلام صديقة شهيدة، ما لفظه: (ثم إن هذا الخبر يدل على أن فاطمة علیها السلام صلوات الله عليها كانت شهيدة، وهو من المتواترات . وكان سبب ذلك: أنهم

ص: 211

لما غصبوا الخلافة، وبايعهم أكثر الناس بعثوا إلى أمير المؤمنين ليحضر للبيعة، فأبى . فبعث عمر بنار ليحرق على أهل البيت بيتهم، وأرادوا الدخول عليه قهراً، فمنعتهم فاطمة علیها السلام عند الباب، فضرب قنفذ غلام عمر الباب على بطن فاطمة علیها السلام، فكسر جنبها، وأسقط لذلك جنيناُ كان سماه رسول الله محسناً . فمرضت لذلك، وتوفيت صلوات الله عليها في ذلك المرض . . . إلخ) . وذكر صاحب كتاب ألقاب الرسول وعترته: (أن من ألقاب فاطمة علیها السلام الشهيدة) .

وقال الحسيني في كتاب التتمة في تواريخ الأئمة: (فجمع عمر بن الخطاب جماعة وأتى بهم إلى منزل علي علیه السلام، فوجدوا الباب مغلقاً، فلم يجبهم أحد، فاستدعى عمر بحطب وقال: والله لئن لم تفتحوا لنحرقنّه بالنار . فلما سمعت فاطمة علیها السلام ذلك خرجت وفتحت الباب، فدفعه عمر فاختفت هي من وراء الباب، فعصرها بالباب فكان ذلك سبب إسقاطها، ونقل أنه سبب موتها) . وقال أيضاً: (سبب وفاتها هي من الضرب الذي أصابها، وأسقطت بعده الجنين) .

وقال الكفعمي: (إن سبب موتها علیها السلام أنها ضربت وأسقطت . . فألقوا في عنقه حبلاً، وحالت بينهم وبينه فاطمة علیها السلام عند باب البيت، فضربها قنفذ الملعون بالسوط، فماتت حين ماتت وإن في عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله . . .

وأيضاً قال سليم بن قيس في كتابه: (وقد كان قنفذ لعنه الله ضرب فاطمة علیها السلام بالسوط، حين حالت بينه وبين زوجها، وأرسل إليه عمر: إن حالت بينك وبينه فاطمة علیها السلام فاضربها فألجأها قنفذ إلى عضادة بيتها ودفعها، فكسر ضلعها من جنبها، فألقت جنيناً من بطنها، فلم تزل صاحبة فراش حتى ماتت صلى الله عليها من ذلك شهيدة) .

ص: 212

وكذلك قال سليم بن قيس: (فقال العباس لعلي: ما ترى عمر منعه من أن يغرم قنفذاً كما أغرم جميع عماله ؟ فنظر علي علیه السلام، إلى من حوله، ثم اغرورقت عيناه، ثم قال: شكر له ضربة ضربها فاطمة علیها السلام بالسوط . فماتت وفي عضدها أثر كأنه الدملج) .

وعن أمالي الصدوق، عن ابن عباس في خبر طويل عن النبي صلی الله علیه و آله قال فيه: كأني بها وقد دخل الذل بيتها، وانتهكت حرمتها، وغصبت حقها، ومنعت إرثها، وكسر جنبها، وأسقطت جنينها، وهي تنادي يامحمّداه فلا تجاب، وتستغيث فلا تغاث ... إلى أن يقول: فيلحقها الله بي، فتكون أوَّل من يلحقني من أهل بيتي، فتقدم علي علیه السلام محزونة، مكروبة، مغمومة، مغصوبة، مقتولة، فأقول عند ذلك: اللهمَّ العن من ظلمها، وعاقب من غصبها، وذلّل من أذلّها، وخلّد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها، فتقول الملائكة عند ذلك: آمين) .

وذكر ابن طاووس في كتابه الإقبال: (في زيارة الصدّيقة الزهراء علیها السلام المرويّة عن أهل بيت العصمة: اللهمّ صلّ على محمّد وأهل بيته، وصلّ على البتول الطاهرة، الصدّيقة المعصومة، التقيّة النقيّة، الرّضيّة المرضيّة الزكيّة الرشيدة، المظلومة المقهورة، المغصوبة حقّها، الممنوعة إرثها، المكسورة ضلعها، المظلوم بعلها، المقتول ولدها، فاطمة علیها السلام بنت رسولك، وبضعة لحمه، وصميم قلبه، وفلذة كبده . . .) .

وروى ابن قولويه في كامل الزيارات: بإسناده إلى حماد بن عثمان، عن أبي عبد الله، قال: (لما أسري بالنبي صلی الله علیه و آله ... إلى أن قال: وأما ابنتك فتظلم وتحرم، ويؤخذ حقها غصباً الذي تجعله لها، وتضرب وهي حامل، ويدخل على

ص: 213

حريمها ومنزلها بغير إذن، ثم يمسّها هوان وذل ثم لا تجد مانعاً، وتطرح ما في بطنها من الضرب، وتموت من ذلك الضرب .

وروى ابن قولويه أيضاً في كامل الزيارات، في حديث عن الإمام الصادق، قال: (وقاتل أمير المؤمنين، وقاتل فاطمة علیها السلام ومحسن، وقاتل الحسن، والحسين علیهم السلام) .

وروى الشيخ المفيد في الإختصاص: (أبو محمد، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: لمّا قبض رسول الله ... في حديث طويل ... إلى أن يقول: فرفسها برجله وكانت حاملة بابن اسمه المحسن، فأسقطت المحسن من بطنها، ثمَّ لطمها، فكأنّي أنظر إلى قرط في أذنها حين نقفت . ثمَّ أخذ الكتاب فخرقه، فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوماً مريضة ممّا ضربها عمر ثمَّ قبضت . . . إلى آخر الخبر .

وذكر العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي رحمة الله، وهو والد الشيخ محمد باقر صاحب البحار، قال في شرحه لكتاب من لايحضره الفقيه: (وشهادتها كانت من ضربة عمر الباب على بطنها، عندما أرادوا أمير المؤمنين لبيعة أبي بكر ... وضرب قنفذ غلام عمر السوط عليها بإذنه . والحكاية مشهورة عند العامة والخاصة، وسقط بالضرب غلام كان اسمه محسن) .

وقال العلامة الشيخ محمد باقر المجلسي رحمة الله: في كتاب مرآة العقول، الذي شرح فيه أخبار أصول الكافي والروضة، قال عند رواية أنها علیها السلام صدّيقة شهيدة: (إنه من المتواترات، وكان سبب ذلك أنهم لمّا غصبوا الخلافة، وبايعهم أكثر الناس، بعثوا إلى أمير المؤمنين علیه السلام ليحضر البيعة، فأبى . فبعث عمر بنارٍ ليحرق على أهل البيت بيتهم، وأرادوا الدخول عليه قهراً، فمنعتهم فاطمة علیها السلام عند

ص: 214

الباب، فضرب قنفذ غلام عمر الباب على بطن فاطمة علیها السلام فكسر جنبها، وأسقطت لذلك جنيناًكان سمّاه رسول الله صلی الله علیه و آله محسناً، فمرضت لذلك، وتوفيت صلوات الله عليها من ذلك المرض) .

وروى الطبري في دلائل الإمامة: عن أبي عبد الله علیه السلام قال: قبضت فاطمة علیها السلام في جمادى الآخرة يوم الثّلاثاء لثلاث خلون منه، سنة إحدى عشر من الهجرة. وكان سبب وفاتها أنَّ قنفذاً مولى عمر لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسنّاً، ومرضت من ذلك مرضاً شديداً، ولم تدع أحداً ممّن آذاها يدخل عليها . وكان الرَّجلان من أصحاب النبي صلی الله علیه و آله سألا أمير المؤمنين صلوات الله عليه أن يشفع لهما إليها، فسألها أمير المؤمنين علیه السلام فلمّا دخلا عليها قالا لها: كيف أنت يا بنت رسول الله ؟ قالت: بخير بحمد الله، ثمَّ قالت لهما: ما سمعتما النبي صلی الله علیه و آله يقول: فاطمة علیها السلام بضعة منّي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ؟ قالا: بلى . قالت: فوالله لقد آذيتماني . قال: فخرجا من عندها وهي ساخطة عليهما .

قال محمد بن همام: وروي أنها قبضت لعشر بقين من جمادى الآخرة، وقد كمل عمرها يوم قبضت ثمانية عشر سنة وخمساً وثمانين يوماً بعد وفاة أبيها، فغسّلها أمير المؤمنين ولم يحضرها غيره والحسن والحسين وزينب وأم كلثوم وفضّة جاريتها وأسماء بنت عميس. وأخرجها إلى البقيع في اللّيل، ومعه الحسن والحسين وصلّى عليها، ولم يعلم بها، ولا حضر وفاتها، ولا صلّى عليها أحد من سائر النّاس غيرهم، ودفنها بالرَّوضة، وعمي موضع قبرها . وأصبح البقيع ليلة دفنت، وفيه أربعون قبراً جدداً، وإنَّ المسلمين لمّا علموا وفاتها جاؤوا إلى البقيع، فوجدوا فيه أربعين قبراً، فأشكل عليهم قبرها من سائر القبور، فضجَّ

ص: 215

الناس . ولام بعضهم بعضاً وقالوا: لم يخلف نبيّكم فيكم إلاّ بنتاً واحدة، تموت وتدفن ولم تحضروا وفاتها والصّلاة عليها، ولا تعرفوا قبرها . ثمَّ قال ولاة الأمر منهم: هاتم من نساء المسلمين من ينبش هذه القبور، حتى نجدها فنصلي عليها، ونزور قبرها . فبلغ ذلك أمير المؤمنين صلوات الله عليه، فخرج مغضباً قد احمرَّت عيناه، ودرَّت أوداجه، وعليه قباه الأصفر الّذي كان يلبسه في كلِّ كريهة، وهو متوكئ على سيفه ذي الفقار، حتى ورد البقيع، فسار إلى النّاس النذير، وقالوا: هذا علي بن أبي طالب قد أقبل كما ترونه، يقسم بالله لئن حوِّل من هذه القبور حجر ليضعنَّ السّيف على غابر الآخر. فتلقّاه عمر ومن معه من أصحابه وقال له: مالك يا أبا الحسن، والله لننبشنَّ قبرها ولنصلّينَّ عليها . فضرب علي علیه السلام بيده إلى جوامع ثوبه فهزَّه، ثمَّ ضرب به الأرض، وقال له: يا ابن السّوداء، أمّا حقّي فقد تركته مخافة أن يرتدّ الناس عن دينهم، وأمّا قبر فاطمة علیها السلام فوالّذي نفس علي علیه السلام بيده، لئن رمت وأصحابك شيئاً من ذلك لأسقينَّ الأرض من دمائكم، فإن شئت فأعرض يا عمر ! فتلقّاه أبو بكر فقال: يا أبا الحسن بحقِّ رسول الله، وبحقِّ من فوق العرش إلاّ خلّيت عنه، فإنّا غير فاعلين شيئاً تكرهه . قال: فخلّى عنه وتفرَّق النّاس، ولم يعودوا إلى ذلك) .

- وكتب ذو الفقار بتاريخ 7-1-2000، الثالثة صباحاً:

نعم أحسنت أخي العزيز (حر) جعلك الله حراً في الدنيا والآخرة، أتحفنا بمثل هذه المواضيع الطيبة. لعنة الله على ظالميها. لانامت أعين الجبناء.

- وكتب الفاروق بتاريخ 7-1-2000، الرابعة صباحاً:

أستغفر الله وأتوب اليه أنه هو التواب الرحيم .

ص: 216

أيها الزملاء الشيعة: والله مايجوز القول بهذا أبداً ولا يصح، حرام عليكم خافوا الله في أنفسكم وفيما تقولون . إن كلاماً كهذا يضع أمير المؤمنين علیه السلام علي بن أبي طالب في مصاف الضعاف والجبناء، ويجعله سلام الله عليه من الذين لا يغارون على حرمات الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وهو البطل المغوار وأسد الصحراء وسيد من سادات العرب، وإمام المسلمين وإمامكم إن كنتم فعلاً توالونه ؟! هداكم الله وهدانا الى ما يحب ويرضى .

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 24-1-2000، الواحدة ظهراً:

على خلفية الأحاديث التي جاء بها الزميل (حر) أود أن أسأله بعض الأسئلة التي تبين أجوبتها أن ما جاء به من أخبار إنما هي أخبار متهافتة كالعادة . ولا أظن أنه ستكون لديه الشجاعة ليجيب على هذه الأسئلة:

1) أليس سيدنا علي هو الذي حمل باب خيبر الذي عجز عن حمله عشرات الرجال (حسب الروايات الشيعية طبعاً) ؟ كيف يعجز من هو به القوة الخارقة من أن يذود عن امرأته عندما يأتي بعض الجبناء، ويعتدون عليها بالضرب ويُجهضون جنينها وهو منزوٍ في ركن البيت يبكي ويقول دعيهم، لا بل ويمسكونه هو أيضا ويشبعونه ضرباً (حسب الروايات الشيعية) ؟ كيف تستقيم هذه الأمور مع بعضها البعض ؟

2) سيدنا علي من أكرم وأشجع وأنبل العرب كما هو معروف لدى جميع المسلمين، كيف يرضى هذا السيد الشجاع النبيل أن يدخل قوم على زوجته ويضربونها ويجهضون جنينها، من غير أن يقاتلهم حتى الموت ؟! أين ذهبت نخوة سيدنا علي وشجاعته في هذه الروايات الخيالية ؟

ص: 217

3) إذا فعل أحد هكذا مع زوجتك فهل ستسكت عنه ؟ كيف إذاً سكت عنهم سيدنا علي؟! لاوبل بايعهم وعاش تحت حكمهم وساعدهم في شؤون الحكم ؟ أين نخوة سيدنا علي وحبه لزوجته وجنينه الذي أجهضوه؟ لا تقل لي تقية ومصالح المسلمين فهذا الكلام مأخوذ خيرة، لأن هذه الأعذار تجعل سيدنا علي يخسر أكثر مما لو لم يعمل بالتقية ومصالح المسلمين ضاعت أكثر بعد أن سكت سيدنا علي عنها، بل وكان من آثار سكوته قتل ابنه الحسين وحصول الفتن بين المسلمين (حسب أقوال الشيعة طبعاً) فكيف يرضى المعصوم بهذه الأمور ولا يدافع عن الحق خوفاً وجبناً كما تدعي الشيعة؟! كيف تستقيم هذه الأمور مع التساؤلات الثلاثة التي سألتك إياها ...؟!

- وكتب الفاروق بتاريخ 24-1-2000، الرابعة عصراً:

أشكر الأخ الكريم محمد ابراهيم على ما يبذله من جهد للدفاع عن الخليفه الرابع، وعن تعظيم فضله ومكانته بين المسلمين .

الى صاحب الموضوع: أنا لا أشك يوماً بأنك ممن يحبون الامام علي علیه السلام كرم الله وجهه، ولكن يجب أن تختار ما هو لائق بمكانته وعلو شأنه بين المسلمين هذه الروايات ما هي الا دليل على ضعف الامام وجبنه، وحاشا لله أن يكون هكذا سيدنا الامام علي .

أدعو الأفاضل الشيعه أن يتمعنوا بهذه الروايات التي لا تنال إلا من أمير المؤمنين . نصرة أمير المؤمنين تكون بإيضاح فضائله ومكارم أخلاقه وشجاعته . فمن هذه الروايات المكذوبة عليه وعلى آله ما هي إلا مدخل لكل ضال مضل لكي ينال من آل الرسول علیه السلام جميعاً . انتهى .

ص: 218

- قال العاملي: لم أجد بقية الموضوع .. ولايغرنك الغيرة التي أظهرها المدعو فاروق ومحمد ابراهيم على أمير المؤمنين علیه السلام ! فطالما دافعا عن أعدائه وقاتليه، وحاولا أن يثبتا أن غيره أعلم منه وأشجع .. ولكنهما رأيا هنا أن أفضل طريقة في الدفاع عن أبي بكر وعمر ونفي هجومهما على بيت فاطمة علیها السلام أن يقولا إن ذلك محال مع وجود أمير المؤمنين علیه السلام !

وجوابهما: أنه ثبت عندنا أن النبي صلی الله علیه و آله أخبر علياً وفاطمة علیها السلام والحسنين بما يجري عليهم بعده، وأن الأمة ستغدر بهم، وأوصاهم بوصاياه وأخذ منهم عهد الله تعالى وميثاقه على تنفيذ ما أمرهم به لإبقاء الاسلام.. وقد نفذوا ذلك حرفياً وتحملوا أنواع التعديات والبغي والإهانة احتساباً وطاعةً لله ورسوله .

وقد كان من الأسهل على علي علیه السلام أن يجرد ذا الفقار ويسقي الأرض من دمائهم، ويوصل صراخهم وفلولهم الى آخر المدينة .. ولكن نتيجة ذلك أن ترتد العرب عن الاسلام ويقولوا إن دعوة هذا النبي كانت للدنيا، والدليل عليه أن أصحابه اختلفوا على سلطانه !!

فشجاعة علي علیه السلام في صبره وتحمله الهجوم على بيته وما ارتكبوه بحق الصديقة الزهراء علیها السلام وحقه..أعظم من شجاعته في مقابلتهم بالسيف، بل أعظم من شجاعته في معارك الاسلام مثل بدر وأحد والخندق وخيبر !!

- وكتبت المدعوة فريدة في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 19-2-2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هل للسيدة الزهراء علیها السلام ولد اسمه محسن)، قالت

فيه:

إخواني الشيعة: حدثتني إحدى الأخوات الشيعيات أيام دراستنا في الجامعة أن فاطمة

الزهراء علیها السلام لها ثلاثة أولاد، الثالث يسمى المحسن . في حين أن

ص: 219

المعروف أن لها الحسن والحسين فقط، ولم أجد كتاباً فيه ذلك .. أرجو تبيين حقيقة ذلك . ولكم الشكر الخالص .

- فكتب الموسوي بتاريخ 19-2-2000، الخامسة مساءً:

الأخت الفاضلة فريدة .. رغم بعض المشاغل التي تحول دون التفرغ للإجابة على سؤالك هذا، ولكن لأهمية الموضوع فإنني سأورد لك بعضاً مما جاء في كتاب حوار مع فضل الله حول الزهراء علیها السلام حول مسألة الجنين محسن علیه السلام، وسأنقله بتصرف واختصار من ذلك الكتاب (ص 313 . .: (جاء ذكر السقط الشهيد محسن علیه السلام في كثير من كتب الحديث والتاريخ، بشكل يجعل المرء يقطع بوجوده بل والسبب في إسقاطه . أما ما جاء في مصادرنا الشيعية، فمن الأحاديث المسندة التي وردت في هذا المجال ما يلي:

1 - ماذكره علي بن إبراهيم القمي المتوفى بحدود سنة 307 ه- عن أبيه، عن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: إذا كان يوم القيامة يدعى محمد صلی الله علیه و آله فيكسى حلة وردية ثم يقام على يمين العرش... ثم ينادي مناد من بطنان العرش من قبل رب العزة والأفق الأعلى: نعم الأب أبوك يا محمد وهو إبراهيم، ونعم الأخ أخوك وهو علي بن أبي طالب، ونعم السبطان سبطاك وهما الحسن والحسين، ونعم الجنين جنينك وهو محسن . . . الخ . (تفسير القمي ج 1 ص 128) .

2 - ما ذكره محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني المتوفى سنة 329 ه- في كتاب العقيقة من الكافي - باب الأسماء والكنى، الحديث الثاني: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: حدثني أبي، عن جدي، قال:

ص: 220

قال أمير المؤمنين علیه السلام: سموا أولادكم قبل أن يولدوا، فإن لم تدروا أذكر أم أنثى، فسموهم بالأسماء التي تكون للذكر والأنثى، فإن أسقاطكم إذا لقوكم يوم القيامة ولم تسمّوهم، يقول السقط لأبيه ألا سمّيتني، وقد سمّى رسول الله صلی الله علیه و آله محسناً قبل أن يولد) . الكافي ج 6 ص 18 وسند الرواية صحيح .

3 - ما رواه الشيخ الصدوق أبو جعفر محمد بن علي علیه السلام بن بابويه المتوفى سنة 381 ه- في كتابيه الأمالي والخصال، فقد روى في الأمالي عن علي علیه السلام بن أحمد بن موسى الدقاق، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إن رسول الله صلی الله علیه و آله ..، والخبر طويل يتحدث فيه الرسول عما يجري على أهل بيته من الظلم، وجاء في الخبر: (كأني بها وقد دخل الذل بيتها وانتهكت حرمتها وغصبت حقها ومنعت إرثها وكسر جنبها وأسقطت جنينها وهي تنادي يا محمداه فلا تجاب وتستغيث فلا تغاث ... فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها وعاقب من غصبها وأذلّ من أذلّها، وخلّد في نارك من ضرب جنينها حتى ألقت ولدها فتقول الملائكة عند ذلك آمين) . الأمالي ص 100، وكذلك روى الصدوق في كتابه الخصال بسند صحيح عن أبيه، قال: حدثنا سعد بن عبد الله، قال: حدثني محمد بن عيسى بن عبيد اليقطيني، عن القاسم بن يحيى، عن جده الحسن بن راشد، عن أبي بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله علیه السلام قال: حدثني أبي، عن جدي، عن آبائه علیه السلام: " إن أمير المؤمنين علیه السلام علّم أصحابه في مجلس واحد أربع مائة باب مما يصلح في دينه ودنياه، وجاء في الحديث ضمن النصائح: (سمّوا أولادكم، فإن لم تدروا أذكر هم أم أنثى فسمّوهم بالأسماء التي تكون للذكر والأنثى، فإن أسقاطكم إذا لقوكم في القيامة ولم

ص: 221

تسمّوهم يقول السقط لأبيه: ألا سمّيتني، وقد سمّى رسول الله صلی الله علیه و آله محسناً قبل أن يولد). الخصال ص 634

4 - ما ذكره جعفر بن محمد بن قولويه المتوفى سنة 367ه- في روايتين من باب نوادر الزيارات من كتابه كامل الزيارات، فقد روى الرواية الأولى عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي علیه السلام بن محمد بن سليمان، عن محمد بن خالد، عن عبد الله بن حماد البصري، عن عبد الله الأصم، عن عبد الله بن بكر الأرجاني قال: صحبت أبا عبد الله علیه السلام في طريق مكة . . .، وجاء في الرواية عن الإمام الصادق علیه السلام عبارة: (وقاتل أمير المؤمنين وقاتل فاطمة علیها السلام ومحسن وقاتل الحسن والحسين علیهم السلام) (كامل الزيارات باب108 ح2 ص326 ط المرتضوية ص541 ط. مؤسسة نشر الثقافة) أما الرواية الثانية فيرويها بنفس الإسناد إلى عبد الله الأصم الذي يسندها إلى حماد بن عثمان عن أبي عبد الله علیه السلام، والرواية تحكي بعض ما أوحي إلى النبي صلی الله علیه و آله لما أسري به إلى السماء مما سيجري عليه وعلى أهل بيته، وجاء في هذه الرواية: (وأما ابنتك فتظلم وتحرم ويؤخذ حقها غصبا الذي تجعله لها وتضرب وهي حامل ويدخل عليها وعلى حريمها ومنزلها بغير إذن ثم يمسها هوان وذل ثم لا تجد مانعا وتطرح ما في بطنها من الضرب وتموت من ذلك الضرب). وجاء في مقطع آخر من الرواية: (وأول من يحكم فيهم محسن بن علي علیه السلام في قاتله ثم في قنفذ فيؤتيان هو وصاحبه فيضربان بسياط من نار) كامل الزيارات الباب108 ح11 ص332ط .المرتضوية، ص 548 ط . مؤسسة نشر الثقافة) .

5 - ما رواه محمد بن جرير بن رستم الطبري الذي عاش في القرن الرابع في كتابه دلائل الإمامة عن إبراهيم بن أحمد الطبري قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين

ص: 222

علي علیه السلام بن عمر بن الحسن بن علي علیه السلام بن مالك السياري قال: أخبرنا محمد بن زكريا الغلابي، قال: حدثني جعفر بن محمد بن عمارة الكندي، قال: حدثني أبي، عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر محمد بن علي علیه السلام بن الحسين علیهم السلام، عن أبيه، عن جده، عن محمد بن عمار بن ياسر قال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله يقول لعلي علیه السلام يوم زوج فاطمة علیها السلام: (يا علي ... قال (أي عمار بن ياسر): وحملت بالحسن فلما رزقته حملت بعد أربعين يوماً بالحسين، ثم رزقت زينب وأم كلثوم، وحملت بمحسن فلما قبض رسول الله صلی الله علیه و آله وجرى ما جرى في يوم دخول القوم عليها دارها وإخراج ابن عمها أمير المؤمنين وما لحقها من الرجل أسقطت به ولداً تماماً وكان ذلك أصل مرضها ووفاتها صلوات الله عليها) . (دلائل الإمامة ص104 ح35) .

وروى الطبري في كتابه عن محمد بن هارون بن موسى التلعكبري، عن أبيه، عن محمد بن همام بن سهيل، عن أحمد بن محمد بن البرقي، عن أحمد بن محمد الاشعري القمي، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عبد الله بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمد علیه السلام قال: "... وكان سبب وفاتها أن قنفذا مولى الرجل لكزها بنعل السيف بأمره وأسقطت محسناً ومرضت من ذلك مرضا شديدا. (دلائل الإمامة ص134 ح43، عنه بحار الأنوار ج43 ص170 ح11) .

أما ما جاء في كتبنا سواء في رواياتنا المرسلة أو عبائر علمائنا ومؤرخينا عن السقط محسن فكثيرة، منها:

ص: 223

1 - تاريخ أحمد بن إسحاق اليعقوبي المتوفى بعد سنة 292 ه-، فقد جاء فيه: (وكان له من الولد الذكور أربعة عشر ذكراً: الحسن والحسين، ومحسن مات صغيراً، أمهم فاطمة علیها السلام بنت رسول الله) . (تاريخ اليعقوبي:2/213) .

2 - تاريخ الأئمة لمحمد بن أحمد بن محمدبن عبدالله بن إسماعيل المعروف بابن أبي الثلج المتوفى سنة 325 ه- . وقد جاء فيه: "ولد لأمير المؤمنين علیه السلام من فاطمة علیها السلام: الحسن والحسين ومحسن سقط". (مجموعة نفيسة ص 16) .

3- إثبات الوصية لعلي علیه السلام بن الحسن المسعودي المتوفى سنة 346 ه-، فقد جاء فيه: (فأقام أمير المؤمنين علیه السلام ومن معه من شيعته في منزله بما عهد إليه رسول الله صلی الله علیه و آله فوجهوا إلى منزله فهجموا عليه وأحرقوا بابه، واستخرجوه منه كرهاً وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً) (إثبات الوصية ص124) .

4 - تلخيص الشافي للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي المتوفى سنة 460 ه- . فقد قال: (ومما أنكر عليه ضربهم لفاطمة علیها السلام، وقد روي أنهم ضربوها بالسياط، والمشهور الذي لا خلاف فيه بين الشيعة إن عمر ضرب على بطنها حتى أسقطت فسمي السقط محسناً، والرواية بذلك مشهورة عندهم، وما أرادوا من إحراق البيت عليها حين التجأ إليها قوم وامتنعوا من بيعته، وليس لأحد أن ينكر الرواية بذلك لأنا قد بينا الرواية الواردة من جهة العامة من طريق البلاذري وغيره. ورواية الشيعة مستفيضة به لا يختلفون في ذلك) . (تلخيص الشافي ج3 ص156) .

ص: 224

5 - تاج المواليد للحسن بن علي علیه السلام الطبرسي المتوفى سنة 548 ه- فقد ذكر في الفصل الخامس من الباب الثاني ما يلي: " وكان لأمير المؤمنين علیه السلام ثمانية وعشرون ولداً ويقال ثلاث وثلاثون ولداً ذكراً وأنثى: الحسن والحسين علیهما السلام والمحسن الذي أسقط ". (مجموعة نفيسة ص94) .

6 - المناقب لمحمدبن علي علیه السلام بن شهراشوب المازندراني المتوفى سنة 588 ه-، فقد كتب في مقدمة كتابه في معرض حديثه عن الجماعات الضالة والمنحرفة ما يلي: (وجماعة من السفساف حملهم العناد على أن قالوا: كان أبو بكر أشجع من علي علیه السلام، وإن مرحباً قتله محمد بن مسلمة، وأن ذا الثدية قتل بمصر، وإن في أداء سورة براءة كان أبو بكر أميراً على علي علیه السلام، وربما قالوا: قرأها انس بن مالك، وإن محسناً ولدته فاطمة علیها السلام في زمن النبي صلی الله علیه و آله سقطا) . (المناقب ج 1 ص14) . وذكر أيضاً في كتابه عن كنى فاطمة

الزهراء علیها السلام مايلي: (وكناها أم الحسن وأم الحسين وأم المحسن وأم الأئمة وأم أبيها) . (المناقب ج3 ص357) .

أما عن أولادها فقال: " وأولادها الحسن والحسين والمحسن سقط، وفي معارف القتيبي أن محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي". (المناقب ج3 ص358، ولكن الموجود في الطبعة المتداولة لكتاب المعارف لابن قتيبة ص 210-211 ما يلي: (فولد علي علیه السلام الحسن والحسين ومحسناً وأم كلثوم الكبرى وزينب الكبرى، أمهم فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم ... وأما محسن بن علي علیه السلام فهلك وهو صغير) . انتهى .

ومثل هذا التحريف ليس بعزيز فقد مر سابقاً محاولة أبي عبيد القاسم بن سلام إخفاء أمر هجوم أبي بكر على بيت فاطمة علیها السلام، وللمزيد يمكن مراجعة

ص: 225

بداية كتاب التاريخ والإسلام للسيد جعفر مرتضى العاملي حيث ذكر أسماء الكتب التي وقع فيها التحريف ومواقعه) . انتهى موضع الشاهد من الكتاب المذكور . وأفضل من استقصى موارد ذكر السقط محسن علیه السلام هو العلامة السيد جعفر مرتضى العاملي في كتابه مأساة الزهراء علیها السلام:2 /337 –349 .

- وكتب (فرات) في شبكة الموسوعة الشيعية، في 22-1-2000، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (لماذا عاملوا الزهراء علیها السلام هكذا ؟؟!)، قال فيه:

فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله،من الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، مودتها فرض على كل مسلم (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) الشورى- 23 . يغضب الله ورسوله لغضبها قال رسول الله صلی الله علیه و آله (إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك)، أخرجه الحاكم في مستدركه وصححه، والذهبي في ميزان الاعتدال ح 2/72 معترفاً بصحته وغيرهم . وقوله صلی الله علیه و آله (فاطمة علیها السلام بضعة مني فمن أغضبها أغضبني) . أخرجه البخاري - باب مناقب فاطمة علیها السلام . وهي سيدة نساء هذه الأمة بل نساء العالمين قال لها صلی الله علیه و آله (يافاطمة علیها السلام أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة) هذه قطرة من بحر فضائلها سلام الله عليها، ولكن ما هو موقف الصحابة معها بعد وفاة أبيها صلی الله علیه و آله ؟!

نجد مواقف عديدة منها: بعد وفاة الرسول تفقد أبو بكر قوماً تخلفوا عن بيعته عند علي علیه السلام كرم الله وجهه فبعث إليهم عمر . فجاء وناداهم وهم في دار علي علیه السلام، فأبوا أن يخرجوا فدعا بالحطب وقال: والذي نفس عمر بيده، لتخرجن أو لأحرقها على من فيها! فقيل له: يا أبا حفص إن فيها فاطمة علیها السلام !!

ص: 226

فقال: وإن . . !! ثم قام عمر فمشى معه جماعة حتى أتوا باب فاطمة علیها السلام فدقوا الباب فلما سمعت أصواتهم، نادت بأعلى صوتها (يا أبت يارسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ؟!!) الإمامة والسياسة 1/12 ويمكنك أن تراجع حديث احراق دار الزهراء

سلام الله عليها في المصادر: تاريخ الطبري 3 / 198، تاريخ أبي الفداء 2 / 64، العقد الفريد 5/ 12 . أعلام النساء 4 / 114 تاريخ اليعقوبي 2 / 126، الفتوح لابن اعثم 1/ 13.شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد 2 / 65) . حتى قال حافظ إبراهيم:

وقولةٌ

لعلي قالها عمر *** أكرم بسامعها أعظم بملقيها

حرَّقت دارك لا أبقي عليك بها إن *** لم تبايع وبنت المصطفى فيها

ما كان غير أبي حفص بقائلها أمام *** فارس عدنان وحاميها

إن المرء ليقف مذهولاً من موقف الصحابة هذا، أيصل الأمر إلى أن يقسم صاحبهم على إحراق بيت الزهراء علیها السلام وهم مقرون بأنه البيت الذي كان رسول الله صلی الله علیه و آله نفسه لايدخل إلا بعد استئذان ؟! من حق كل مسلم حر أن يسأل نفسه: لماذا وصل الأمر بهم إلى هذا الحد ؟!!

- وكتب حسيني بتاريخ 22-1-2000، التاسعة مساءً:

إنه حب المنصب والظهور يا أخي العزيز، هذه الغريزة التي أودعها الله بنا لاختبارنا وتمحيصنا ! ويا لها من غريزة إذا لم يتحكم بها الانسان ويسيطر عليها من خلال عقله . فإنها سوف تجره الى مهالك الضالين ... وهل تعلم ياأخي لماذا هذه المحاولات البغيضة لإخفاء الحقائق الجلية؟! السبب هو حب المنصب والظهور والابتعاد عن الورع والتقوى . فسلام الله عليك يا أماه يا فاطمة الزهراء علیها السلام، ولعن الله أعدائك وظالميك من الأولين والآخرين .

ص: 227

- وكتب العاملي في 22-1-2000، العاشرة والنصف مساءً:

أحسنتما أيها الأخوين .. ستبقى الزهراء علیها السلام قمةً سامقةً في طليعة العترة الطاهرة، لا يمكن لأحد أن ينال من صدقها لله، وتجردها عن الهوى، وشموخها عن حطام الدنيا .. فهي بنص من لاينطق عن الهوى: سيدة نساء أهل الجنة، وسيدة نساء العالمين .. وقد بقى موقفها في إدانة تحالف قبائل قريش المتآمرة في حياة النبي صلی الله علیه و آله وبعده، صخرةً صلبةً، صلدةً، عصيةً على دهاة السياسة اليهودية القرشية، أن ينالوا منه أو يطوعوه !! إن مواقف الزهراء علیها السلام أكبر سندٍ حيً بعد النبي صلی الله علیه و آله على انحراف الأمة، وكشف خطة قريش في فرض حصارها الجديد على بني هاشم، ولمدة أطول من سنوات الحصار الخمس في شعب أبي طالب، وهذه المرة باسم الاسلام ومصلحة الاسلام، وأن قبائل قريش لا ترضى أن يجمع بنو هاشم بين النبوة والخلافة !!

إن السر في حساسية أتباع الخلافة القرشية من قضية الزهراء علیها السلام ومسائل ظلامتها . . أنهم يسهل عليهم أن يلووا أعناق نصوص الآيات والأحاديث، وربما المواقف . . ولكنهم لا يستطيعون أن يزوروا مواقف الزهراء علیها السلام العظيمة، والمبتكرة !!

ومن أبسط أمثلتها، أنهم يقولون بشرعية خلافة أبي بكر وعمر، ووجوب بيعتهما على الأمة، وأن من لم يبايعهما فهو عاص خائن، في النار .. لكن عندما يصلون الى إدانة الزهراء علیها السلام لمؤامرتهما ورفضها بيعتهما، ورفضها الكلام معهما، ودعائها عليهما بعد كل صلاة ! وقسمها أن تشكوهما الى رسول الله صلی الله علیه و آله .. تقف سفينتهم .. وتغرق حججهم !!

- وكتب الفاطمي في 23-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 228

فلماذا إذ جهزت للقاء الله *** عند الممات لم يحضراها

شيّعت نعشها ملائكة الرحمن *** رفقا بها وما شيعاها

كان زهداً في أجرها أم عناداً *** لأبيها النبي لم يتبعاها

أم لأن البتول أوصت بأن لا *** يشهدا دفنها فما شهداها

أم أبوها أسر ذاك إليها *** فأطاعت بنت النبي أباها

كيف ماشئت قل كفاك فهذي *** فرية قد بلغت أقصى مداها

أغضباها وأغضبا عند ذاك *** الله رب السماء إذ أغضباها

وكذا أخبر النبي بأن الله *** يرضى سبحانه لرضاها

- وكتب فرات بتاريخ 23-1-2000، الرابعة عصراً:

شعت فلا الشمس تحكيها ولا القمرُ... زهراءُ من نورها الأكوان تزدهر

أشكر الأخوة والأساتذة الفضلاء على تعقيبهم على الموضوع ..

وهنالك نكته أخرىيمكن اكتشافها للتدليل على عظم مظلوميتها علیها السلام، وهي تأكيد النبي صلی الله علیه و آله في أكثر من حديث وفي مختلف الأزمنة والأمكنه بقوله: يؤذيني ما يؤذيها يؤلمني ما يؤلمها يغضبني ما يغضبها ! حيث نكتشف أن النبي صلی الله علیه و آله أراد أن يؤكد حدوث ظلم فادح على بضعة الزهراء علیها السلام بعد وفاته.

- وكتب حسيني بتاريخ 24-1-2000، الثانية صباحاً:

ولكن الظلم الأشد والأمّر والذي يقطع القلب هو الظلم العملي، والذي بدأت بعض الجماعات سامحها الله بممارسته بحق فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وهو أنهم بعدما كانوا يقيمون الاحتفالات بولادة الزهراء علیها السلام أو فرحة الزهراء علیها السلام، ويقيمون العزاء لوفاة الصديقة الطاهرة، بدأوا يتهربون ويتحاشون من إقامة

ص: 229

مثل هذه المراسيم والشعائر، وكأنما أصبح الدين فقط شعارات وأقوالاً ! فإذا لم نقم مثل هذه الاحتفالات والشعائر والتي تذكر الناس بالتاريخ وما حصل لأهل البيت علیهم السلام، كيف ستتعرف الأجيال على تاريخ المعصومين وما حل بهم ؟! الكثير نراهم يسطرون الكلام المنمق ويذكرون الشعارات والكلمات الرنانة في حق فاطمة الزهراء علیها السلام، ولكن عندما ترى أفعالهم وأعمالهم ترى أنها تكون بعيدة كل البعد عن ما يقولون، فيدعون الناس الى عدم ذكر ظلامات الزهراء علیها السلام علناً !! بل يدعونهم الى عدم تكرار هذه الحادثة التي مضت عليها مئات السنوات حسب قولهم بين فترة وأخرى !! أليس هذا الظلم أشد وقعاً على القلب أيها الأخوة الأعزاء ؟!

السلام عليك أيتها الصديقة الطاهرة المعصومة .

ولعن الله من غصب حقك وظلمك الى قيام يوم الدين .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 25-1-2000، الثالثة صباحاً:

أخي العزيز الفرات.. السلام عليكم.. بعد 1400 سنة ومازالوا يحاربون الزهراء علیها السلام وهي في مثواها المجهول! وما زالوا يمنعوننا من قراءة الكتب التي تتحدث عنها سلام الله عليها وعن مظلوميتها مثل كتاب (فاطمة تعني فاطمة) للدكتور شريعت . وكتاب فدك للسيد محمد حسن القزويني . والذي بعد جهود جبارة حصلت على صور لصفحات الكتاب بعد أن منع عندنا في الكويت . وعسى الله أن يوفقني في نشر هذا الكتاب الثمين في إحدى مواقع الإنترنت حتى يستطيع جميع الأخوة أن يطلعوا عليه . ولا أدري ما هو سبب إصرار البعض على ظلمها وحتى هي في مثواها ؟!!

السلام عليك يا بضعة المصطفى .. يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

ص: 230

- وكتب حسيني بتاريخ 25-1-2000، الخامسة صباحاً:

ربما كل هذا الظلم وإخفاء الحقائق من أجل المشروع المسمى بالتقارب بين المذاهب . وفي الحقيقة لا أعلم مدى مصداقية هذا المشروع، لأن المشكلة أن الخلاف عميق، فإما أن نتنازل عن مبادئنا من أجل تحقيق هذا المشروع أو أن نتغافل عن ذكر النقاط السوداء على كثرتها بيننا وبين الأطراف الأخرى من أجل هذا المشروع، حيث بدأ البعض يستغلون هذا الشعار من أجل إقناع الناس أن الحادثة المتعلقة بظلم الزهراء علیها السلام ما هي إلا حادثة ملفقة وغير صحيحة ! مستغلين بذلك الضعف الايماني لكثير من الناس، وهذا ناتج من قلة الوعي لما حدث، وقلة المعرفة بالتاريخ .

-كتب السبيل الأعظم في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 24-5-2001، الثامنة صباحاً، موضوعاً بعنوان (لماذا هذا الكلام على ظلامة الزهراء علیها السلام ؟!) قال فيه:

هذه الأيام أيام المآسي والحزن لماجرى علىمولاتنا فاطمة الزهراء علیها السلام ونريد أن نلقي الضوء على ماجرى عليها من الظلامات، وأحب من الأخوة المشاركة . وطرحي لهذا البحث حيث أجد بعضاً من المؤمنين في بلادنا الحبيبة القطيف من ينكر تلك الظلامات، ويدافع عن أعداء الزهراء علیها السلام ! في هذه الأيام تحدث خطيب على المنبر يذكرظلامة الزهراء علیها السلام وما حصل لها من ضرب وعصر ووكز بالسيف وإسقاط للجنين .. وبعد البحث تحدث رجل وهو في سن الأربعين أو يزيد شيئاً مع صاحبه يقول: هذه خرافة ! إلى متى نتحدث عن

المكذوبات ؟ متى نطهر المنبر من هذه السوالف ؟! وهلم جراً، وحط من مكانة الشيخ الخطيب !!

ص: 231

نكتفي برواية في كتاب سليم بن قيس الهلالي برواية أبان بن أبي عياش عنه، عن سلمان وعبد الله بن العباس قالا: توفي رسول الله صلی الله علیه و آله يوم توفي فلم يوضع في حفرته، حتى نكث الناس وارتدوا وأجمعوا على الخلاف، واشتغل علي علیه السلام برسول الله صلی الله علیه و آله حتى فرغ من غسله وتكفينه وتحنيطه ووضعه في حفرته . ثم أقبل على تأليف القرآن وشغل عنهم بوصية رسول الله صلی الله علیه و آله، فقال عمر لأبي بكر: يا هذا إن الناس أجمعين قد بايعوك ما خلا هذا الرجل وأهل بيته فابعث إليه، فبعث إليه ابن عم له يقال له قنفذ فقال له ياقنفذ إنطلق إلى علي علیه السلام فقل له أجب خليفة رسول الله، فبعثا مراراً وأبى علي علیه السلام أن يأتيهم، فوثب عمر غضبان ونادى خالد بن الوليد وقنفذاً فأمرهما أن يحملا حطباً وناراً، ثم أقبل حتى انتهى إلى باب علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام صلوات الله وسلامه عليهما، وفاطمة علیها السلام قاعدة خلف الباب قد عصبت رأسها ونحل جسمها في وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله، فأقبل عمر حتى ضرب الباب ثم نادى: يا ابن أبي طالب إفتح الباب، فقالت فاطمة علیها السلام: ياعمر ما لنا ولك، لاتدعنا وما نحن فيه ؟! قال افتحي الباب وإلا أحرقنا عليكم ! فقالت: ياعمر أما تتقي الله عز وجل تدخل علي علیه السلام بيتي وتهجم على داري؟! فأبى أن ينصرف، ثم دعا عمر بالنار فأضرمها في الباب فأحرق الباب، ثم دفعه عمر فاستقبلته فاطمة علیها السلام وصاحت: يا أبتاه يا رسول الله، فرفع السيف وهو في غمده فوجأ به جنبها فصرخت، فرفع السوط فضرب به ذراعها فصاحت: يا أبتاه ! فوثب علي بن أبي طالب علیه السلام، فأخذ بتلابيب عمر، ثم هزه فصرعه ووجأ أنفه ورقبته، وهم بقتله فذكر قول رسول الله صلی الله علیه و آله وما أوصاه به من الصبر والطاعة فقال:والذي أكرم محمد بالنبوة يابن صهاك، لولا

ص: 232

كتابٌ من الله سبق لعلمت أنك لاتدخل بيتي!! فأرسل عمر يستغيث فأقبل الناس حتى دخلوا الدار فكاثروه وألقوا في عنق علي علیه السلام حبلاً فحالت بينهم وبينه فاطمة علیها السلام عند باب البيت، فضربها قنفذ الملعون بالسوط!! فماتت حين ماتت وإن عضدها كمثل الدملج من ضربته لعنه الله ! فألجأها إلى عضادة بيتها ودفعها فكسر ضلعاً من جنبها، فألقت جنيناً من بطنها . . . الخ) . انتهى .

وهناك روايات كثيرة في هذا المعنى . لكن عجبي من قومي فإنهم ينكرونها وأنها لم تضرب ولم تسقط ولم ... ولم ... فما يقول أهل الغيرة على المذهب؟!

يا شفيعة المذنبين، ياسيدة نساء العالمين، يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- فكتب العاملي بتاريخ 24-5-2001، الثامنة والنصف صباحاًَ:

أحسنت أيها الأخ الموالي، فإن مقام الصديقة الزهراء علیها السلام في الاسلام، وظلامتها وموقفها الصارم من خلافة أبي بكر وعمر .. له موقعه المركزي في مذهبنا في التشيع للعترة النبوية الطاهرة .. وإن كل محاولة لتجاوز ذلك، أو تمييعه، أو تخفيف لونه الصارخ .. إنما تنتج عن عدم الاطلاع على تاريخ الاسلام، أو من الضعف والانهزام أمام إعلام الحكومات المخالفة، أو من فهم خاطئ للوحدة السياسية الاسلامية المطلوبة، وتصور أنها يجب أن تتم بتنازلنا عن عقائدنا، ومسامحة الظالمين بظلامة العترة الطاهرة، مع أنها ظلامة لا يملكها من يسامح بها أو يتسامح فيها.. وهو لايفعل أكثر من أن يضم نفسه الى الظالمين .. ولو لم يقصد ذلك !!

اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد .. وآخر تابع له على ذلك .

- وكتب علي علیه السلام الشيخ بتاريخ 24-5-2001، العاشرة والنصف صباحاًَ:

ص: 233

استجابتاً لنداءك أقول . . . إن هناك أناساً لا يعرفون الحقيقة . . جهال . . وهناك أناس لاأقول جهال ولكن اطلاعهم على السيرة والتاريخ ضعيف جداً. وهناك فئة أيضاً وهم الأكثرية يقولون كيف تضرب الزهراء علیها السلام ومعها الامام علي علیه السلام وهو يراها ويرى مايفعل بها علیها السلام وهي بنت من؟ بنت حبيب الله ورسوله! ومن هو علي علیه السلام هذا ؟ إنه قتال العرب كسار الأصنام، الشجاع والأبي الشهم .. أين غيرته ؟!

وهم جهلاء يطرحون هذه الأسئلة ولا يعلمون بأن أمير المؤمنين مقيد بوصية رسول الله صلی الله علیه و آله وأنه وكما قال الامام الحسين علیه السلام عن النساء والاطفال لماذا يأخذهم معه فأجاب: شاء الله أن يراهم سبايا .. وهكذا حال الزهراء علیها السلام والامام علي علیهم السلام .. شاء الله أن يقبض أرواحهم مظلومين، عليهم صلوات لله ..

ثانياً، بهذه الفاجعة يعرف ويميز المؤمن من الكاذب المنافق، فهي امتحان لهؤلاء الذين يدعون أنهم أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله .

- وكتب ناظم بتاريخ 24-5-2001، الثانية عشرة ظهراً:

لماذا الإنكار ؟! مظلمة السيدة الزهراء علیها السلام مظلمة سجلها التاريخ .. حتى وإن حاول البعض أن يظللها بالغمام، ليحجبها من أجل سواد عين فلان أو إرضاء لخاطر فلان . . .

الواثبين

لظلم آل محمد ومحمد ملقى بلا تكفينِ

والقائلين

لفاطمٍ آذيتنا في طول نوح دائم وحنينِ

ومجمّعي حطب على البيت الذي لم يجتمع لولاه شمل الدينِ

والداخلين على البتولة بيتها والمسقطين لها أعزّ جنينِ

والقائدين

إمامهم بنجاده والطهر تدعو خلفهم برنينِ

ص: 234

خلّواابن عمي أولأكشف بالدعا رأسي وأشكو للإله شجوني

ما كان ناقة صالح وفصيلها بالفضل عند الله إلا دوني ...

عظم الله أجورنا وأجوركم .

- وكتب الكاظميني بتاريخ 24-5-2001، الثانية عشرة ودقيقة ظهراًَ:

نتيجة الجهل معروفة ومعلومة، ولا أظن القائل بهذه المقولة يتعدى الحكم عليه بكونه جاهلاً، إلا أن هناك من يدعي العلم في المقام وله أتباع ! وإني لا ألوم عالمهم القائل بهذه المقولة، لكن كلي أسف على من يتبعه ويدافع عنه بكل صلافة، وهم بهذا يدافعون عن من ينال من سيدتي ومولاتي الزهراء علیها السلام ! فهو نفسه الذي يقول لاخصوصية للزهراء في شخصيتها فإنه بإمكان كل امرأة تكون بمكان الزهراء علیها السلام أن تكون زهراء ثانية، فالأجواء المحيطة التي أحاطت بالزهراء علیها السلام هي التي صنعت الزهراء علیها السلام، وإلا لاخصوصية للزهراء !! وقد غفل عن رواية الرضا علیه السلام حيث يقول: نحن حجج الله عليكم وأمنا فاطمة علیها السلام حجة الله علينا !

لكن ماذا عسانا أن نقول ونحن نعلم أن أهل البيت علیهم السلام قد ظُلموا وهم أحياء، وإنهم اليوم يُظلمون وهم عند ربهم بيد أناس جهال يعانون من الجهل وآخرون يعانون من حب الرئاسةوالزعامة السريعة، المبنية على أسس مريضة خارجة عن صلب عقائدنا، فلا أعلم لماذا هذه العداوة مع الزهراء علیها السلام .. لماذا ؟!

وهل هذه هي الوحدة المطلوبة المزعومة بين الشيعة والسنة؟ فلا خير في وحدة نضع فيها تاريخنا ومظلومية أهل البيت علیهم السلام وراء ظهورنا، فبؤساً لهذه الوحدة التي تزيد في ظلم أهل البيت !

ص: 235

وأنا أدعو نفسي وجميع الشيعة أن يرتبطوا بالحوزة العلمية التي هي المدار في جميع النوائب والفتن، والسؤال عن كل صغيرة وكبيرة، وأن لا يخدعهم الاعلام المزيف الذي يطبل لكل من لديه اعوجاج في الفكر .

وليعلم الكل أن الإعلام قد روّج للساقاطات والعاهرات، وليس هو المدار في تقييم الأشخاص، وإنما هي الحوزة العلمية التي ما زالت تذب عن حياض المذهب، متحملةً كل أعباء الحروب الخارجية والداخلية .. وواجب الشيعة الرجوع والالتفاف حول علمائها، كي تبقى قلعة قوية قلعة شامخة في وجوه أعداء المذهب . والله من وراء القصد .

ص: 236

الفصل الثامن: غضب فاطمة علیها السلام على السلطة.. وأن غضبها غضب الله تعالى

اشارة

ص: 237

ص: 238

زعمهم أن علياً أغضب فاطمة علیها السلام، وأراد أن يتزوج عليها !

- كتب الشيباني في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 9-9-1999، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً، موضوعاً بعنوان (للمنصفين فقط !! فاطمة علیها السلام تغضب على علي رضي الله عنهما… فماذا تقولون ؟!)، قال فيه:

(روى ابن بابويه القمي الملقب بالصدوق في كتابه عن أبي عبدالله (جعفر الصادق) أنه سئل: هل تشيع الجنازة بنار ويمشى معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يضاء به ؟ قال: فتغير لون أبي عبد الله علیه السلام من ذلك واستوى جالساً . ثم قال: إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: أما علمت علياً قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقاً ما تقول ؟ فقال: حقاً ما أقول ثلاث مرات . فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها وذلك أن الله تبارك تعالى كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهاداً، وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله . قال: فاشتد غم فاطمة علیها السلام من ذلك وبقيت متفكرة حتى أمست وجاء الليل

ص: 239

حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الأيسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى، ثم تحولت إلى حجرة أبيها، فجاء علي علیه السلام فدخل حجرته فلم يرَ فاطمة علیها السلام فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة ما هي، فاستحيا أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ما شاء الله، ثم جمع شيئاً من كثيب المسجد واتكأ عليه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما بفاطمة من الحزن، أفاض عليها الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع وساجد، وكلما صلّى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن والغم، وذلك أنه خرج من عندها وهي تتقلب وتتنفس الصعداء، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا يهنيها النوم وليس لها قرار قال لها: قومي يا بُنية فقامت، فحمل النبي صلى الله عليه وسلم الحسن وحملت فاطمة علیها السلام الحسين وأخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي علیه السلام وهو نائم فوضع النبي صلى الله عليه وسلم رجله على علي علیه السلام فغمزه وقال: قم أبا تراب ! فكم ساكن أزعجته ! أدع لي أبا بكر من داره وعمر من مجلسه وطلحة، فخرج علي علیه السلام فاستخرجهما من منازلهما واجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله عليه وسلم: يا علي ! أما علمت أن فاطمة علیها السلام بضعة مني، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي) . انظر علل الشرائع لابن بابويه القمي ص 185، 186 مطبعة النجف .أيضاً أورد الرواية المجلسي في كتابه (جلاء العيون).

وغضبت عليه (مرة أخرى) حينما رأت رأسه في حجر جارية أُهديت له من قبل أخيه! وها هو النص: يروي القمي والمجلسي عن أبي ذر أنه قال: كنت أنا

ص: 240

وجعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الحبشة، فأُهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم، فلما قدمنا المدينة أهداها لعلي تخدمه فجعلها علي في منزل فاطمة، فدخلت فاطمة

يوماً فنظرت إلى رأس عليّ في حجر الجارية، فقالت: يا أبا الحسن فعلتها ؟! فقال: والله يا بنت محمد ما فعلت شيئاً، فما الذي تريدين ؟ قالت: تأذن لي في المسير إلى منزل أبي رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال لها: قد أذنت لك، فتجلببت بجلبابها، وأرادت النبي صلى الله عليه وسلم). انظر علل الشرائع للقمي ص 163 وأيضاً بحار الأنوار ص 43، 44 باب (كيفية معاشرتها مع علي) .

وغضبت عليه (مرة ثالثة) كما يرويه القوم: (إن فاطمة رضي الله عنها لما طالبت فدك من أبي بكر امتنع أبو بكر أن يعطيها إيّاها فرجعت فاطمة وقد جرعها من الغيظ ما لم يوصف ومرضت، وغضبت على علي لامتناعه عن مناصرته ومساعدته إيّاها وقالت: يا ابن أبي طالب ! اشتملت مشيمة الجنين وقعدت حجرة الظنين بعد ما أهلكت شجعان الدهر وقاتلتهم، والآن غلبت من هؤلاء المخنثين، فهذا هوابن أبي قحافة يأخذ مني فدك التي وهبها لي أبي جبراً وظلماً ويخاصمني ويحاججني، ولا ينصرني أحد، فليس لي ناصر ولا معين، وليس لي شافع ولا وكيل، فذهبت غاضبة ورجعت حزينة، أذللت نفسي، تأتي الذئاب وتذهب ولا تتحرك، يا ليتني متّ قبل هذا وكنت نسياً منسياً، إنما أشكو إلى أبي وأختصم إلى ربي). أنظر كتاب حق اليقين للمجلسي بحث فدك ص 203، 204 . ومثله في كتاب الأمالي للطوسي ص 295 .

ولنا مع هذه الروايات بعض الوقفات:

(1) أنكم تلاحظون أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: (فاطمة علیها السلام بضعة مني وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني..) حسب الرواية موجهة لعلي رضي الله عنه

ص: 241

، لكنكم تحولونه إلى الصديق رضي الله عنه. فنقول: إن كان هذا وعيداً لاحقاً بفاعله لزم أن يلحق هذا الوعيد علي بن أبي طالب وإن لم يكن وعيداً لاحقاً بفاعله كان أبو بكر أبعد عن الوعيد من علي رضي الله عنهما .

(2) هناك وقائع أخرى ذكرها كل من المجلسي والطوسي والأربلي وغيرهم وقعت بين علي وفاطمة رضي الله عنهما التي سببت إيذاءها ثم غضبها على علي رضي الله عنه . فماذا سيُجيب القوم عن هذه الوقائع المُتظافرة، وبماذا سيحكم المنصفون منهم ؟! فنحن نريد كل منصف متعقل من الشيعة ونرضاه حكماً، فما هو جوابهم عن علي رضي الله عنه فهو جوابنا عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما . فإن قالوا إنها رضيت عن علي علیه السلام بعد ما غضبت عليه فنقول: إنها رضيت أيضاً عن الشيخين بعدما غضبت .

(فمشى إليها أبو بكر بعد ذلك وشفع لعمر وطلب إليها فرضيت عنه) . انظر شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 57 ط بيروت، وشرح نهج البلاغة لابن ميثم ج 5 ص 507 ط بيروت، وحق اليقين ص 180 ط طهران .

- فكتب العاملي بتاريخ 9-9-1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

أولاً: إن غضب فاطمة علیها السلام على أبي بكر وعمر دراية، لأنه متواتر والجميع رووه وشهدوا به . وغضبها على علي علیه السلام رواية. وليست الدراية كالرواية .

وثانياً: أنت قد تغضب من والدتك أو ولدك، وقد تغضب من شخص هو برأيك غاصب لحقك وحق ولدك .. فهل الغضبان من نوع واحد ؟! وهل تجعل (غضب) الزهراء علیها السلام من علي علیه السلام - إن صح - من نوع غضبها على من شهدت لله أمام المسلمين بأنه خالف الله ورسوله وغصب الخلافة، وهدد أسرتها

ص: 242

بإحراقهم إن لم يبايعوا، وأشعل الحطب في باب دارها .. الى آخر ما جرى، مما لا مثيل له مع أسرة نبي من الأنبياء في التاريخ ؟!!

وثالثاً: ثبت في البخاري: أنها غضبت عليهما وغاضبتهما وبقيت غضبى حتى توفيت !! فهل رأيت شيئاً من هذا في غضبها المزعوم على علي علیه السلام ؟!

ورابعاً: للزهراء شهادات عظيمة بحق علي علیهما السلام ، في حياتها الى عند وفاتها .. فهلاّ جمعت بينها وبين الروايات التي ذكرتها ؟ وهلاّ وجدت لها حرفاً واحداً تشهد فيه بخير، لمن غضبت عليهما ؟!!

- وكتب محمد نور الله في 9-9-1999، الواحدة صباحاً:

من أساليب النقاش أن تأتي بما نعتقد بصحته، لاما لانعتقد به مما هو منتشر في الأخبار الضعيفة، وإلا لو كان هذا أسلوباً علمياً معتمداً لانقلب السحر عليكم أيضا ! هل تريد أن أستخرج لك جميع الروايات غير المقبولة عندكم ؟! ماذا سترد علي حينها ؟! فيا عزيزي إعلم أن المسألة ليست بهذه السهولة التي تتصورها . ولك وافر تحياتي .

- وكتب الموحد في 9-9-1999، الثانية صباحاً:

أيها الأخوة، لقد أخبرتكم من قبل، وها أنا أعيد .. الشيباني مدلس فافهموا يرحمكم الله . هذه رواية أخرى من علل الشرائع تعارض ما جلبه الشيباني ليحتج به، وكلما أشعل ناراً أطفأها الله . علل الشرائع ص156: يقول الشيخ الصدوق في خبر تسمية الرسول أمير المؤمنين بأبي تراب: (ليس الخبر عندي بمعتمد ولا هو لي بمعتقد في هذه العلة لأن علياً وفاطمة الزهراء علیها السلام ما كان ليقع بينهما كلام يحتاج رسول الله إلى الإصلاح بينهما، لأنه سيد الوصيين وهي سيدة نساء العالمين مقتديان برسول الله في حسن الخلق. لكني اعتمد في ذلك على ما

ص: 243

حدثني به أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى بن زكريا قال: حدثنا بكر بن عبدالله بن حبيب قال: حدثنا تميم عن بهلول عن أبيه قال: حدثنا أبو الحسن العبدي عن سليمان بن مهران، عن عبايه ابن ربعي قال: قلت لعبد الله بن عباس: لم كنّى رسول الله علياً أبا تراب ؟ قال: لأنه صاحب الأرض وحجة الله على أهلها بعده وبه بقاؤها وإليه سكونها .ولقد سمعت رسول يقول: أنه إذا كان يوم القيامة ورأى الكافر ماأعد الله تبارك وتعالى لشيعة علي من الثواب والزلفى والكرامة، قال يا ليتني كنت تراباً: يعني من شيعة علي علیه السلام، وذلك قول الله عز وجل " ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً) .

ها أنتم تقرؤون إقرار الصدوق أن الرواية التي ذكرها الشيباني ليست معتمدة ثم تحتجون بها . . ! وإذا لم تستحِ فافعل ما شئت ! .

- وكتب (محب أهل البيت) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 16-6-1999 الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (أطروحة الشيعة لإغضاب سيدتنا فاطمة علیها السلام والرد عليها)، قال فيه:

كثيراً ما تثيرون مسألة إغضاب سيدتنا فاطمة رضوان الله عليها وهذا حق لا نجادل فيه، لكن قصة إحراق البيت وإسقاط الجنين مكذوبة، بل فيها إهانة للإمام علي علیه السلام نفسه لأنه رجل شهم، فكيف ينظر الى امرأته يحدث لها هذا ولا يتحرك ؟!!

أما قصة فدك فقد طرحتها من قبل وبينت أن أبا بكر استشهد بحديث صحيح عند السنة والشيعة (صححه المجلسي في مرآة العقول وصححه الخميني واستشهد به على ولاية الفقيه) . وبقي أن أقول إن كتب الشيعة تبين أن الإمام

ص: 244

علي علیه السلام نفسه أغضب فاطمة علیها السلام . فهل ترضون أن تطبقوا المبدأ على الإمام علي علیه السلام، أم أن المسألة عندكم مزاجية ؟!!

دخل الحسن بن علي علیه السلام على جدّه رسول الله . . . الى آخر ما نقله الشيباني . . ثم نقل رواية علل الشرائع التي نقلها الشيباني أيضاً .. وقال:

والغريب هنا أنّ هذه المقولة قيلت بناء على إغضاب علي لفاطمة وهو تحذير نبوي لعلي زوج فاطمة

ولباقي الصحابة من إغضاب فاطمة، إلا أنّ الشيعة لا يستدلون بهذا الحديث إلا على أبي بكر ! ولو كان إغضاب فاطمة رضوان الله عليها أو رضاها سبباً في إيمان أو كفر للحق الوعيد علي بن أبي طالب قبل أبي بكر وقبل أي رجل أو امرأة اختلفت مع فاطمة .

نحن نقول بأنه لا علي بن أبي طالب ولا أبو بكر كفرا أو فسقا بسبب إغضابهما فاطمة، والنبي عليه الصلاة والسلام إنما قال تلك الكلمات في حق من يغضب فاطمة تعظيماً لأمرها وهي بلا شك أهل لذلك، وتحذيراً من إغضاب ابنته التي لها من المكانة عنده ما لها، رضوان الله عليها .

وغضب فاطمة لا بد أن يُقاس من خلال القرآن والسنة فإن كان غضبها لأجلهما كان إغضابها إغضاباً لله والرسول، أما إذا كان غضبها لخلاف شخصي أو لوجهة نظر لها كالذي يحصل للناس عادة، فهذا ما لا يقتضي إدانة أحد لأنّ الله عز وجل ودين الإسلام لا يتماشى مع آراء البشر ولو كانوا من صلحاءهم ومصلحيهم .

- وكتب عبد الله الشيعي في 16-6- 1999، الحادية عشرة ليلاً:

قال حافظ إبراهيم في ديوانه في الصفحة 82: (عمر وعلي)

وقولة لعلي قالها عمرٌ *** أكرم بسامعها أعظم بملقيها !

ص: 245

حرقت دارك لا أبقي عليك بها *** إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها!

ماكان غير (أبي حفص) يفوه بها *** أمام فارس (عدنان) وحاميها !

كلاهما في سبيل الحق عزمته *** لا تنثني أو يكون الحق ثانيها !

فاذكرهما وترحَّم كلما ذكروا *** أعاظماً أُلّهوا في الكون تأليها !

فماذا أنتم قائلون في محاولة الحرق؟! وحديث الرسول الأعظم محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام حيث يقول: (فاطمة علیها السلام بضعة مني من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ...) أم هو عندكم حديث موضوع ؟!

وكتب مدافع عن الحقيقةفي 16-6-1999،الحادية عشرة والنصف ليلاً:

قال محب أهل البيت: (دخل الحسن بن علي علیه السلام على جده رسول الله صلی الله علیه و آله وهو يتعثر بذيله فأسرّ إلى النبي عليه الصلاة والسلام سراً فرأيته وقد تغير لونه ثم قام النبي عليه الصلاة والسلام حتى أتى منزل فاطمة علیها السلام ... ثم جاء علي علیه السلام فأخذ النبي صلی الله علیه و آله بيده ثم هزها إليه هزاً خفيفاً ثم قال: يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة علیها السلام فإنّ الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها) . بحار الأنوار 43/42 .

أقول: أنقل لكم نص ما أورده العلامة المجلسي عليه الرحمة في بحار الأنوار في 43/42، وذلك كي تقارنوا بين ما نقله من سمّى نفسه محب أهل البيت وبين أصل النص الوارد في البحار ! فالنص كالتالي: (ابن عبد ربّه الأندلسي في العقد: عن عبد الله بن الزبير في خبر عن معاوية بن أبي سفيان قال: دخل الحسن بن علي علیه السلام على جدّه صلی الله علیه و آله وهو يتعثر بذيله فأسرّ إلى النبي صلی الله علیه و آله سرّاً فرأيته وقد تغيّر لونه، ثم قام النبي صلی الله علیه و آله حتى أتى منزل فاطمة علیها السلام فأخذ بيدها فهزّها إليه هزّاً قوياً ثم قال: يا فاطمة علیها السلام إياك وغضب علي علیه السلام فإن الله يغضب لغضبه

ص: 246

ويرضى لرضاه، ثم جاء علي علیه السلام فأخذ النبي صلی الله علیه و آله بيده ثم هزها إليه هزّاً خفيفاً ثم قال: يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة علیها السلام فإن الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها . فقلت: يا رسول الله مضيت مذعوراً وقد رجعت مسروراً . فقال: يا معاوية كيف لا أسر وقد أصلحت بين اثنين هما أكرم الخلق على الله . . .) . انتهى .

أولاً: إن مصدر هذا الكلام هو كتاب العقد الفريد لابن عبد ربّه الأندلسي، فالرواية واردة من طرق السنة لا من طرق الشيعة .

ثانياً: أن راويها معاوية بن أبي سفيان، والرجل قاتلَ علياً وسبّه، فغير بعيد أن يلفق هذه الحكاية كي يسئ إلى أمير المؤمنين والسيدة الزهراء علیها السلام .

ثالثاً: نقل الشيخ المجلسي عليه الرحمة عن ابن بابويه قوله: (هذا غير معتمد لأنهما منزّهان أن يحتاجا أن يصلح بينهما رسول الله صلی الله علیه و آله) بحار الأنوار 43/42 .

قال محب أهل البيت: (وعن أبي عبد الله (جعفر) . . . فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: يا علي أما علمت أنّ فاطمة علیها السلام بضعة مني وأنا منها، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي . علل الشرائع للقمي ص 185-186 . انتهى .

أقول: إن هذا الرجل لم يذكر من الرواية ما يدل على أن علياً علیه السلام لم يحصل أصلاً منه ما يغضب السيدة الزهراء علیها السلام . فقد ورد في الرواية بعد قوله صلی الله علیه و آله: ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي . قال فقال علي علیه السلام: بلى يا رسول الله، قال فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقال علي علیه السلام: والّذي بعثك بالحق نبياً ما كان مني مما بلغها شئ ولا حدثت بها نفسي. فقال النبي

ص: 247

صلی الله علیه و آله: صدقت وصدقت ففرحت فاطمة علیها السلام بذلك . . . الخ . والرواية طويلة .. فلا يوجد في الرواية حسب ظاهرها ما يدل على أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد أغضب الزهراء علیها السلام علیهما السلام ، حتى تكون هذه الرواية مستنداً لمحب أهل البيت يستدل بها على ما ذهب إليه ! ولا يوجد في التاريخ دليل واحد صحيح يدل على أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قد أغضب الزهراء علیها السلام علیهما السلام .

وقال السيد الشريف المرتضى علم الهدى في كتابه تنزيه الأنبياء (ص167) عن خبر خطبة علي علیه السلام بنت أبي جهل بن هشام: (قلنا هذا خبر باطل موضوع).

- وكتب الكويتي في 17-6-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

إلى محب أهل البيت أقول وباختصار: حاشا مولانا الامام علي علیه السلام أن يغضب الزهراء سلام الله عليها مع علمه بغصب الله، ولا توجد لدى الشيعة رواية صحيحة السند بذلك، فاحفظ نفسك واستر عليها، ولا تحاول النيل من محمد وآل محمد صلی الله علیه و آله، وإليك أوجه أسئلتي: ماذا تعني أن المجلسي صحح الحديث ؟ ما هو دليلك أنه صححه ؟ لماذا لم تذكر سند الحديث ؟! بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فاذا هو زاهق، ولكم الويل مما تصفون. كل الشكر والتقدير لمدافع عن الحقيقة .

- وكتب محب أهل البيت بتاريخ 17-6-1999، الثانية صباحاً:

الى الكويتي.. الحديث الذي عنيته هو (الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورثوا العلم) رواه الكليني في الكافي (الأصول) وصححه المجلسي في مرآة العقول . وكذا الخميني في الحكومة الاسلامية . راجعه لو سمحت .

ص: 248

- وكتب محب أهل البيت في 17-6-1999، الثالثة إلا ربعاً صباحاً: عبد الله الشيعي .. أظن حافظ ابراهيم ليس عالماً بل شاعراً، لا يفهم من الدين إلا كيف يصلي ويصوم وو .. وليس له دراية بالعلم الشرعي . أنصحك بالاستدلال أيضا بكلام فريد شوقي وليلى علوي، إذا كانت المسألة محاكمة أهل السنة بكل من هب ودب !!

مدافع عن الحقيقة: الرواية التي في علل الشرائع واضحة في بيان الإغضاب، ثم كيف تنفي الرواية لمجرد أنها تخالف عقيدتكم وتقبلون الرواية التي تتحدث عن أبي بكر ؟ هل المسألة مزاج أم ماذا ؟!! إذا كان أبو بكر قد استشهد بحديث صحيح عند الفريقين (السنة والشيعة) كما أشرت آنفاً للزميل الكويتي، فلماذا يوضع أبو بكر في قفص الاتهام، هل تريدونه أن يخالف قول الرسول؟!!

السيدة فاطمة علیها السلام لم تقبل الحديث لترجح ظنها أنه ليس بصحيح، ونحن كأهل سنة نلتمس العذر للسيدة فاطمة علیها السلام في ذلك . أما أبو بكر فلم يخطئ لأنه طبق الحديث بحذافيره، نرجو أن تفكرون بمنهج علمي لا بعاطفة، فالسيدة فاطمة علیها السلام سيدتنا وحبيبتنا لكن المنصف يحكم بعد دراسة القضية لا بعواطفه . فإن قلت أن السيدة فاطمة علیها السلام معصومة. قلت لك لاأسلّم بهذا. وحديث الكساء قد بينت من قبل أنه لا يعني العصمة لشواهد كثيرة لا مجال لذكرها هنا .

- فكتب مدافع عن الحقيقة في 17-6-1999، الثامنة صباحاً:

إلى محب أهل البيت: أولاً: قلت: (مدافع عن الحقيقة: الرواية التي في علل الشرائع واضحة في بيان الإغضاب . . .)

ص: 249

أقول: أين النص الذّي في رواية علل الشرائع الدال على إغضاب الإمام أمير المؤمنين للسيدة الطاهرة الزهراء علیها السلام علیهما السلام ؟ بالله عليك دلّنا عليه ؟ فهل تريد أن تنتصر لباطلك وما تهذي به بتفسير نص الرواية حسب مزاجك وعلى خلاف ما يدل عليه ؟ أليس في هذه العبارة الواردة ضمن هذه الرواية (والّذي بعثك بالحق نبيّاً ما كان مني مما بلغها شئ ولا حدّثت بها نفسي . فقال النبي صلی الله علیه و آله: صدقت وصدقت) دليلٌ على أنه لم يصدر من مولى المتقين علیه السلام ما يغضب السيدة الزهراء علیها السلام .

ثانياً: قلت: (ثم كيف تنفي الرواية لمجرد أنها تخالف عقيدتكم وتقبلون الرواية التي تتحدث عن أبو بكر، هل المسألة مزاج أم ماذا؟!!)

أقول: أين يكمن نفيي للرواية في قولي أعلاه ؟ فأنا فقط بيّنت تدليسك على القارئ الكريم الذي أردت إيهامه بأن الرواية واردة من طريق الشيعة حيث ذكرت أنت أن مصدرها بحار الأنوار دون الإشارة منك إلى أن صاحب البحار قد نقلها عن مصدر آخر وهو كتاب العقد الفريد للأندلسي !

وأما تعليقي على الرواية فهو ليس نفي لأصل وجود الرواية هذه في مصدرها، فهي موجودة، ولكني ناقشت صحة هذه الرواية من حيث سندها ومضمونها . فمعاوية هو الراوي وهو مجروح عندنا، ومضمونها يتنافى مع عقيدتنا في السيدة الزهراء علیها السلام والإمام أمير المؤمنين لأنهما معصومان، ولأنهما كانا يعيشان الانسجام في الحياة الزوجية بما لكلمة الانسجام من معنى، فلم يصدر يوماً من الزهراء علیها السلام ما يغضب الإمام علیه السلام ولم يصدر من الإمام ما يغضبها ! يروي الحافظ موفق بن أحمد الحنفي الخوارزمي في كتابه المناقب ص243، رواية طويلة خاصة بخبر زواج السيدة الزهراء علیها السلام من أمير المؤمنين علیه السلام ودخول

ص: 250

الرسول صلی الله علیه و آله عليهما صباح عرسهما وفيها: (وقال: كيف أنت يا فاطمة علیها السلام وكيف رأيت زوجك ؟ قالت: يا أبه خير زوج، إلاّ أنه دخل علي نساء من قريش وقلن لي: زوّجك رسول الله من رجل فقير لا مال له، فقال لها رسول الله: ما أبوك بفقير ولا بعلك بفقير، ولقد عرضت علي خزائن الأرض من الذهب والفضة فاخترت ما عند ربي عزّ وجل . يا بنيه لو تعلمين ما يعلم أبوك لسمجت الدنيا في عينيك . والله يا بنيه ما ألوتك نصحاً أن زوجتك أقدمهم سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً .

يا بنيه إن الله عزّ وجل اطلع إلى الأرض اطلاعه فاختار من أهلها رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك .

يابنيه نعم الزوج زوجك لا تعصي له أمراً . ثم صاح بي رسول الله فقلت: لبيك يا رسول الله، قال: أدخل بيتك وألطف بزوجك وأرفق بها، فإن فاطمة علیها السلام بضعة مني يؤلمني ما يؤلمها ويسرني ما يسرها، أستودعكما الله وأستخلفه عليكما . قال علي علیه السلام: فوالله ما أغضبتها ولا أكرهتها من بعد ذلك على أمر حتى قبضها الله عزّ وجل إليه، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمراً . ولقد كنت أنظر إليها فتنجلي عني الهموم والأحزان بنظرتي إليها) .

فرواية معاوية ليست مقبولة عندنا بحال من الأحوال، ولنا أن لا نقبل بهذه الرواية وأمثالها مما فيه الإساءة إلى هاتين الشخصيتين العظيمتين .

وأما قولك عن قبولنا للرواية التي تتحدث عن أبي بكر . فلا أدري ما هذه الرواية التي تعنيها ؟ نعم نحن نحتج بالروايات الواردة من طرقكم عليكم، وذلك من باب: من فمك أدينك . وهذا الأمر مما هو معروف في مجال الجدال والمناظرة، فليس المسألة مسألة مزاج كما تزعم ولا شئ من ذلك . وكلامك

ص: 251

هذا إن دلّ على شئ فإنما يدل على أنه أسقط ما في يدك، حيث أردت أن تثبت بما أوردته أن السيدة علیها السلام أنها كما غضبت على أبي بكر فقد غضبت - وحاشاها ثم حاشاها - على أمير المؤمنين علیه السلام !! ولكن بالرد عليك بان وظهر عدم صحة وبطلان ما أردت إثباته، فأخذت تتهمنا بالمزاجية . هذا ما يخص ادعائك أن علياً علیه السلام أغضب الزهراء علیها السلام .

وأما مسألة إرث الزهراء علیها السلام فهو موضوع آخر . ولكن لعلمك أن السيدة الزهراء علیها السلام لم تنحصر مطالبتها لأبي بكر بالإرث فقط، بل بنحلتها أيضاً من رسول الله صلی الله علیه و آله التي أنحلها الرسول لها وهي (فدك) . وإن كنت تستطيع خوض غمار هذا المجال والنقاش فيه، فأنا على استعداد أن أدخل في النقاش معك فيه، فأنتظر منك إشارة فقط .

ثالثاً: بالنسبة للحديث الذي تطبل وتزمر عليه والذي تقول بأن أبي بكر استشهد به في منعه للزهراء إرثها من أبيها، والذّي تدّعي أنه صحيح من طرق الفريقين . فأقول: إن الحديث الوارد في المصادر الشيعيّة لا دلالة فيه على شئ مما تذهبون إليه . ففي الكافي: 1/103، روى الشيخ الكليني عليه الرحمة بسنده عن أبي عبدالله قال: (إن العلماء ورثة الأنبياء وذاك أن الأنبياء لم يوّرثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم، فمن أخذ بشئ منها فقد أخذ حظاً وافراً فانظروا علمكم هذا عمّن تأخذونه ؟ فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولاً ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين) . وفي الكافي: 1/111، روى الشيخ الكليني عليه الرحمة بسنده عن أبي عبد الله علیه السلام قال: (قال رسول الله صلی الله علیه و آله: من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاًبه وأنّه يستغفر لطالب

ص: 252

العلم من في السماء ومن في الأرض حتى الحوت في البحر وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وأن العلماء ورثة الأنبياء إن الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) . انتهى .

وقد شرح العلامة المجلسي عليه الرحمة الحديث الأول فقال في كتابه مرآة العقول: 1/103: (قوله علیه السلام: العلماء ورثة الأنبياء، أي يرثون منهم العلوم والمعارف والحكم إذْ هذه عمدة ما يتمتعون به في دنياهم . ولذا علّله بقوله: أن الأنبياء لم يورّثوا درهماً ولا ديناراً، أي لم يكن عمدة ما يحصلون عليه في دنياهم وينتفع الناس به منهم في حياتهم وبعد وفاتهم الدينار والدرهم، ولا ينافي أن يرث وارثهم الجسماني منهم ما يبقى بعدهم من الأموال الدّنيوية . أو يقال وارثهم من حيث النبوّة المختصّة بهم العلماء فلا ينافي ذلك كون وارثهم من جهة الأنساب الجسمانية يرث أموالهم الظاهرة، فأهل البيت علیهم السلام ورثوا النبي صلی الله علیه و آله من الجهتين معاً . على أنه يحتمل أن يكون الأنبياء علیهم السلام لم يبق منهم خصوص الدينار والدّرهم بعد وفاتهم . لكن الظاهر أنه ليس المراد حقيقة هذا الكلام بل المراد ما أومأنا إليه من أن عمدة أموالهم وما كانوا يعتنون به ويورّثونه هو العلم دون المال، وذكر الدينار والدرهم على المثال) .

ثم يقول: (ويخطر بالبال وجه آخر وهو أن يكون المراد بقوله علیه السلام: أن الأنبياء لم يورّثوا بيان الموروث فيه، لأنه علیه السلام لما قال: أن العلماء ورثة الأنبياء. فكأن سائلاً يسئل: أي شئ أورثوا لهم ؟ فأجاب بأنه لم يورّثوا لهم الدرهم والدينار ولكن أورثوهم الأحاديث . ولذا قال: أحاديث من أحاديثهم لأن جميع علومهم لم يصل إلى جميع العلماء بل كل عالم أخذ منها بحسب قابليته واستعداده . ففي الكلام تقدير: أي لم يورّثوا لهم، فيشعر بأن لهم ورثة يرثون

ص: 253

أموالهم ولكن العلماء من حيث العلم لا يرثون إلاّ أحاديثهم وهذا وجه وجيه وإن كان قريباً مما مر) . انتهى .

فهذا تفسير هذه الرواية عند هذا العالم من علماء الشيعة الإمامية ليس فيها يا من سميت نفسك أنك محب لأهل البيت، ليس فيه ما تريد إثباته . ولا بد من توجيه هذه الرواية بهذا المنحى والتفسير أو ما يشابهه - أي بما لا ينفي توريث الأنبياء لأبنائهم - وإلاّ فإنها تخالف صريح القرآن الكريم الذي يثبت التوارث بين الآباء والأبناء ولم يستثن الأنبياء . والذي يثبت في آياته ما يدل على الأنبياء قد ورّثوا أبناءهم، وعليه فإنها تكون مخالفة للقرآن وفي هذه الحالة أي في حالة عدم إمكانية التوجيه لها، يضرب بها عرض الجدار .

رابعاً: قلت: (فإن قلت إن السيدة فاطمة علیها السلام معصومة قلت لك لا أسلم لك بهذا . وحديث الكساء قد بينت من قبل أنه لا يعني العصمة لشواهد كثيرة لا مجال لذكرها هنا) .

أقول: أنت لا تسلّم لي هذا فهذا شأنك فهي معصومة . والأدلة على ذلك كثيرة جداً، وبالنسبة لحديث الكساء فنعم قد زعمت أنه لا يدل على العصمة زعماً خالياً من الدليل والبرهان . وقد رددت عليك في الساحة الإسلامية بفارس نت، وأثبت لك أن آية التطهير تدل على عصمة أصحاب الكساء بمن فيهم السيدة الزهراء علیها السلام . وإذا كانت عندك شواهد كثيرة خاصة بحديث الكساء كما تزعم تدل على عدم عصمة أصحاب الكساء بما فيهم السيدة الزهراء علیها السلام، فهيّا اذكرها لنا فأنا بودّي أن أكمل الحديث معك حول إشكالاتك على آية التطهير .

- وكتب عبدالله الشيعي بتاريخ 17-6-1999، الواحدة ظهراً:

ص: 254

يامحب آل البيت ولكن العكس صحيح ... ومن أين استاق حافظ ابراهيم هذه الحادثة ورتبها في أبياته الواضحة، من كتب تاريخ أبيه، أم من كتب الواقع الاسلامي المرير ... والسلام من الله خير تحية .

- وكتب فادي بتاريخ 17-6-1999، الواحدة والنصف ظهراً:

ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى .

أنقل لأخينا الكريم قول الرسول صلی الله علیه و آله نفسه بأن من أغضب فاطمة علیها السلام فقد أغضب الرسول، فيقول إذا لم يكن الغضب لأمر شخصي ! فهل الرسول صلی الله علیه و آله قال هذا الكلام مجرد مجاملة لابنته سلام الله عليها ؟! أليس رسولاً لا ينطق عن الهوى ؟!! هل تريد أن تقول لنا أن هذه الرواية مجرد مجاملة وليس لها أي معنى ومغزى، وأن غضب فاطمة علیها السلام كغضب باقي الناس ؟!

بمقتضى هذه الرواية نفهم أن فاطمة سلام الله عليها لا يمكن أن تغضب لشخصها أبداً ولا تغضب إلا لله تعالى، ولذلك كان غضبها غضب الرسول نفسه وأذيتها أذية الرسول صلی الله علیه و آله نفسه، ومن أغضبها أو آذاها استحق النار بمقتضى الآيات الكريمة . أرجو أن لا تكون كلمات ابن تيمية عندك أدق وأهم وأعمق من كلمات الرسول صلی الله علیه و آله !!!

- وكتب محب أهل البيت بتاريخ 17-6-1999، الرابعة عصراً:

عموماً أنا لا أستطيع أن أجيب على خمسة مناقشين في وقت واحد، لست سوبرمان كما يسمونه، لكن سأذكر التالي:

1 - تفسير المجلسي للحديث بناء على رأيه الشخصي، لكن المهم أن الحديث صحيح، أبو بكر لم يختلق الحديث كما تزعمون، بل جاء بحديث

ص: 255

صحيح، استدلاله به سواء كان صحيحاً أم خطأ لا يهمني، بل يهمني إثبات الحديث، وأنه لم يكن اختلاقاً كما تزعمون .

2 - إقرأ الرواية مرة أخرى يا مدافع عن الحقيقة (التلميذ) قبل مناقشتي ومن المدلس أنا أم أنت ؟! وعن أبي عبد الله جعفر) علیه السلام أنه سُئل هل تشيع الجنازة بنار ويُمشى معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يُضاد به ؟ قال: فتغير لون أبي عبد الله من ذلك واستوى جالساً ثم قال: إنه جاء شقي من الأشقياء إلىفاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلىالله عليه وآله وسلم فقال لها: أما علمت أنّ علياً قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقاً ما تقول ؟ ! . . كيف تزعم أنه ليس فيها مايذكر اغضاب علي لفاطمة علیها السلام ؟!

قولك (الحديث الذي تطبل وتزمر عليه) عيب وليس فيه احترام لحديث رسول الله، استغفر الله من هذا البهتان !! أهكذا احترامك لقول رسولك حتى تجلب هذه المسميات السخيفة (تطبيل وتزمير) وتسقطها على الحديث إن كنت أطبل أو أزمر فلا يمكن أن أسمح لنفسي أن أستخدم مجرد استخدام لهذه الألفاظ مع حديث رسول الله الذي أراك بقولك هذا لا تعرف قيمته .

- وكتب حسين الشطري بتاريخ 17-6-1999، الخامسة عصراً:

أنقل بأمانة إذاكنت أميناً . الحمد لله الذي جعلك تعترف بأصل قضية إغضاب فاطمة علیها السلام، وأنه إغضاب لله ولرسوله، وإذا كان هذا محل اتفاق بيننا فأقول:

1 - قصة إحراق البيت وإسقاط الجنين مما استفاضت به روايات السنة وتواترت فيه روايات الشيعة، وإن أحببت أعطيناك من المصادر التي تعجبك ما تشاء، وقصة فدك معروفة ولا مجال لنكرانها إلا لمن عاند الحق صريحاً .

ص: 256

2 - إغضاب أبي بكر وعمر لفاطمة علیها السلام مما صرحت به هي وماتت وهي غاضبة عليهما، ولم تصرح بغضبها على علي علیه السلام بل على العكس من ذلك، وإن كذبت ذلك فقد كذبت صحيح البخاري ومسلم وغيرهما، ولا أظنك تجرؤ على ذلك حتى وإن تجرأت على الإمام علي علیه السلام .

3 - بالنسبة لإغضاب علي علیه السلام لها فهذا مما لم يسبقك اليه سابق، واعلم أنك أول من افترى به على الإمام علي علیه السلام، ولكن الحمد لله الذي يكشفك على حقيقتك، لكي لا تقول نحن لا نتجاسر على الصحابة ! ولو أسميت نفسك عدو أهل البيت لكان أصدق ! فإن الذي أغضب فاطمة علیها السلام هو الشقي الذي أخبرها كذباً بأن علي علیه السلام خطب ... وعلي علیه السلام لم يصدر منه هذا الفعل، وليتك أكملت الحديث ولم تقطعه لكي يتضح للجميع بطلان ما نسبته للإمام علیه السلام وما تدعيه، ولكنك قطعته بغية تشويه المعنى وتمرير الأباطيل على من ليس له إطلاع، فعجباً عجباً ! هل يجوز هذا في الإسلام، وهل هذا رعاية للأمانة العلمية، أم تقنع نفسك بذلك ! فما هكذا تورد يا سعد الإبل، وأنا أكمل لك الحديث الذي غضضت بصرك وبصيرتك عنه... قال رسول الله صلی الله علیه و آله: يا علي أما علمت أن فاطمة علیها السلام بضعة مني، وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاني في حياتي، ومن آذاها في حياتي كمن آذاها بعد موتي، قال: فقال علي علیه السلام: بلى يا رسول الله . قال: فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقال علي علیه السلام: والذي بعثك بالحق نبياً ماكان مني مما بلغها شئ ولا حدثت بها نفسي . فقال النبي صلی الله علیه و آله: صدقت وصُدقت . ففرحت فاطمة علیها السلام بذلك وتبسمت حتى رؤي ثغرها، فقال أحدهما لصاحبه أنه لعجب ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة .

ص: 257

قال: ثم أخذ النبي صلی الله علیه و آله بيد علي علیه السلام فشبك أصابعه بأصابعه فحمل النبي بيده الحسن وحمل الحسين علي علیه السلام وحملت فاطمة علیها السلام أم كلثوم وأدخلهم النبي بيتهم، ووضع عليهم قطيفة وأستودعهم الله ثم خرج وصلى بقية الليل، ثم ذكر الحديث كيف أن فاطمة علیها السلام أشهدتهما على ذلك، فقالا: نعم . ثم قالت: اللهم أني أشُهدك فأشهدوا يامن حضرني أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكوكما بما صنعتما بي، وارتكبتما مني ! فدعا أبو بكر بالويل والثبور وقال يا ليت أمي لم تلدني ! فقال عمر: عجباً للناس كيف ولوك أمورهم وأنت شيخ خرفت، تجزع لغضب إمرأة وتفرح برضاها وما لمن أغضب إمرأة، وقاما وخرجا) . انتهى .

فانظر أيها المسلم بإنصاف هل في هذه الرواية دلالة على أن علياً أغضب فاطمة علیها السلام ؟! ثم تساءل لماذا دعا الرسول هؤلاء النفر، وهل كان لهم يد وراء أخبار ذلك الشقي الذي أخبر فاطمة علیها السلام كذباً، فكانوا وراء أذيتها ؟ القرينة تؤيد ذلك. أو كان النبي صلی الله علیه و آله أراد أن يُسمع الأشخاص الذين يعلم أنهم سيغضبونها بعد موته، وهذا هو المتيقن .

4 - الحديث الأول الذي ذكرته، لو غضضنا الطرف عن سنده لما كان فيه دلالة على ما تقول، وإن كنت عربياً حقاً راجع كلماته وألفاظه . فليس فيه دلالة لا من قريب ولا من بعيد على أن علياً أغضب فاطمة

سلام الله عليهما، وهذا تحميل منك وتأويل ليس له أي شاهد، فإن النبي صلی الله علیه و آله أخبر علي علیه السلام عن فاطمة سلام الله عليها بأن الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها، وليس فيه دلالة أكثر من هذا.

ص: 258

5 - بالنسبة لقولك إن غضبها لا بد أن يقاس على الكتاب والسنة، فنحن نقول لو لم يقسه رسول الله على الكتاب والسنة لما قال ذلك، لأنه (لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى . علمه شديد القوى) .

ولكن لا تثريب عليك فقد سبقك إلى ذلك من قال للنبي (إن الرجل ليهجر) وقصدك من كلامك التقليل من شأن فاطمة علیها السلام، وإن وضعت بعض الكلمات التي لا تؤمن بها . ولكن يلقمك حجراً قوله سبحانه وتعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فالتي أذهب الله عنها الرجس ليست كما تقول، تغضب كما تغضب النساء عادة ! وأخيراً أرجو منك أن تراجع عقائدك وأقوالك بعد مطابقتها مع القرآن والكتب التي تعتقدون بأنها صحيحة، ولا تنس قوله سبحانه وتعالى (قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى) . والحمد لله رب العالمين .

- وكتب مدافع عن الحقيقة بتاريخ 17-6-1999، العاشرة ليلاً:

إلى محب أهل البيت: أولاً: قلت: (1- تفسير المجلسي للحديث بناء على رأيه الشخصي، لكن المهم أن الحديث صحيح، أبو بكر لم يختلق الحديث كما تزعمون بل جاء بحديث صحيح، استدلاله به سواء كان صحيحاً أم خطأ لا يهمني، بل يهمني إثبات الحديث وأنه لم يكن اختلاقاً كما تزعمون) .

أقول: 1- إن الشيخ المجلسي عليه الرحمة عندما فسّر الرواية الواردة من طرق الشيعة بما فسرّها به، إنما هو لأن أخذ الرواية حسب التفسير الذي تريدونه أنتم يجعل الرواية تخالف صريح القرآن الكريم، فالقرآن الكريم كما أشرتُ سابقاً يثبت توريث الآباء لأبنائهم، ولم يستثنِ الأنبياء من هذا القانون العام يقول تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) سورة النساء - 11

ص: 259

فهذه الآية وغيرها من آيات الإرث والسهام مطلقة تشمل الناس جميعاً بما فيهم الأنبياء علیهم السلام بنا فيهم النبي صلی الله علیه و آله مشمولون بهذا الإطلاق يرثون ويورّثون وتنتقل أموالهم لورثتهم . ويقول تعالى: (ذكر رحمت ربّك عبده زكريا إذ نادى ربّه نداءاً خفياً، قال ربي إني وهن العظم مني واشتعل الرأس شيباً ولم أكن بدعائك رب شقياً وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك وليّاً يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله ربّي رضياً) . سورة مريم - 4، ويقول تعالى: (ولقد أتينا داود وسليمان علماً، وقالا الحمد لله الّذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علّمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ إن هذا لهو الفضل المبين) . سورة النمل -16

فالميراث هنا ميراث المال لظهور اللفظ في ذلك، ولا يجوز العدول عنه إلاّ بقرينة قطعية، فأين القرينة ؟ والسيدة الزهراء سلام الله عليها عندما ذكر لها أبو بكر الحديث المذكور أثبتت له وهن استدلاله بالحديث المذكور وذلك من خلال سردها لآيات من القرآن الكريم تدل على صحة توارث أبناء الأنبياء من آبائهم الأنبياء، فمن أراد نص قولها في الرد عليه فهو مذكور في خطبتها سلام الله عليها .

2 - لو صح حديث أبي بكر فإنه يشمل كل أموال النبي صلی الله علیه و آله جميعاً، وعليه فإنه يجب حرمان الورثة منها سواءكانت ثيابه أو سلاحه وحيواناته وأثاث بيته وغيرها، فتصادر إلى بيت المال وتدخل في الأموال العامة، والتاريخ يشهد أن الرسول صلی الله علیه و آله توفي وله أموال خاصة به لم يمنع أبو بكر منها الورثة وبقيت نساؤه في بيوتهن، ولم يرو التاريخ لنا أن أبا بكر صادر سلاح النبي صلی الله علیه و آله وثيابه ودوابه وأثاث بيت زوجاته، وهذا بنفسه دليل على ضعف الحديث الذي رواه أبوبكر -

ص: 260

ويبدو أنّه هو نفسه لم يقتنع به - وإلاّ فما معنى التفكيك بين أمواله صلی الله علیه و آله وهو يدّعي أنه سمع الرسول يقول: إنّا معاشر الأنبياء لانورّث، أموالنا صدقة، ولكنه لم يأخذ بيوت النبي من أزواجه، وخدش قلب فاطمة علیها السلام - ريحانة النبي وعزيزته وحبيبته - فكدّر عواطفها بحرمانه لها من حقها .

3 - إن أبا بكر حينما حضرته الوفاة أوصى أن يدفن في حجرة رسول الله صلی الله علیه و آله واستأذن لذلك من عائشة، ولو كان يعتقد حقاً أن النبي لا يورث وأمواله صدقة، فحجرته من أموال عامة المسلمين وينبغي أن يستأذنهم جميعاً ويكسب رضاهم !

4 - هل يعقل القول بأن علي بن أبي طالب علیه السلام خزانة علم النبوّة وفاطمة علیها السلام بنت محمد ربيبة بيت النبوة والولاية، لم يعرفا هذا الحكم المهم من أحكام الإسلام، وهو محل ابتلاءهم، ولكن أبا بكر يعرف ذلك ؟!

وهل يمكن أن يقال: أن فاطمة علیها السلام المعصومة الطاهرة الصديقة تعرف الحكم في المسألة ولكنّها خالفت أمر أبيها ؟!!

وهل يمكن أن يقال أن علياً علیه السلام يعرف الحكم ولكنّه أجاز لزوجته أن تخالف أمر الرسول صلی الله علیه و آله وتطالب بإرثها ؟!

وهل أن النبي صلی الله علیه و آله لا يعلم أن ورثته سيسمون تركته من بعده وفقاً لأحكام الشريعة ؟ أو أنه يعلم ذلك ولكنه والعياذ بالله قصّر في تبليغ الأحكام فلم يخبر ورثته أن أمواله من بعده ليست لهم فيها نصيب وأنها صدقة عامة ؟!

وعليه فالذي يهمّنا هو عدم صحة الاستدلال بالرواية المذكورة على عدم التوارث بين الأنبياء وأبنائهم، ولا يهمنا صحة الرواية أو عدم صحتها مع العلم أن

ص: 261

نص رواية: (إنا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة) فهذا النص مما تفرد أبو بكر بروايته عن النبي صلی الله علیه و آله .

ثانياً: قلت: (2 - اقرأ الرواية مرة أخرى يا مدافع عن الحقيقة قبل مناقشتي، ومن المدلس أنا أم أنت !! وعن أبي عبد الله (جعفر) علیه السلام أنه سُئل . . . . . الخ) .

أقول: أما حول سؤالك فمن هو المدلس أنا أم أنت ؟ فأقول إنه أنت لا أنا، والّذي يراجع أصل موضوعك وردي عليه يظهر له من منا المدلّس .

أما الرواية فقد قرأتها مرات ومرات فليس فيها ما يدل على أن فعلاً فعله علي علیه السلام أو صدر منه هو شخصيّاً أدّى إلى إغضاب السيدة الزهراء علیها السلام . أقصى ما تدل عليه الرواية بغض النظر عن سندها أن هناك من الأشقياء من كذب على فاطمة علیها السلام بأن علياً خطب بنت أبي جهل فأدّى ذلك إلى تأثرها وتألمها فقط ... فعلي علیه السلام لم يصدر منه فعل يغضب الزهراء علیها السلام علیهما السلام ، ومسألة خطبة علي علیه السلام لأبنت أبي جهل مكذوبة، ولذلك عندما سأله النبي صلی الله علیه و آله بقوله: (فما دعاك إلى ما صنعت ؟ قال علي علیه السلام: والّذي بعثك بالحق نبياً ما كان مني مما بلغها شئ ولا حدّثت بها نفسي) فهذا أمير المؤمنين علیه السلام ينفي صدور شئ منه فيما يتعلق بخطبة بنت أبي جهل . ولذلك قال له النبي صلی الله علیه و آله (صدقت وصدقت) ففرحت فاطمة علیها السلام .

والظاهر أن العزة بالإثم أخذتك حيث انتقصت من أمير المؤمنين ومن السيدة الزهراء علیها السلام، فأخذت تصر على قولك بأن ما في الرواية يدل على أن علياً أغضب الزهراء علیها السلام علیهما السلام ، مع عدم دلالة شي مما ورد في الرواية على ذلك . على أن في النفس شئ من هذه الرواية أصلاً . فالسيدة الزهراء علیها السلام أجل من أن تنفعل

ص: 262

لمسألة كهذه وتغضب وتترك بيت زوجها , إضافة إلى كل ذلك فالرواية في سندها مجهول الحال، وهو أبو العباس أحمد بن محمدبن يحيى.

ثالثاً: قلت: (قولك " الحديث الذي تطبل وتزمر عليه " عيب وليس فيه احترام لحديث رسول الله، استغفر الله من هذا البهتان !! أهكذا احترامك لقول رسولك حتى تجلب هذه المسميات السخيفة (تطبيل وتزمير) وتسقطها على الحديث، إن كنت أطبل أو أزمر فلا يمكن أن اسمح لنفسي أن أستخدم مجرد استخدام لهذه الألفاظ مع حديث رسول الله الذي أراك بقولك هذا لا تعرف قيمته) .

أقول: ماذا نفعل مع أصحاب العقول السقيمة الجامدة المتحجرة التي لاتفهم دلالات الكلام البين الظاهر، أنا لم أصف حديث النبي صلی الله علیه و آله بشئ، فالوصف الذي قلته أعني قولي (الحديث الذّي تطبل وتزمر عليه)، إنما هو انتقاد لك أنت لا للحديث النبوي . فوصف التطبيل والتزمير واقع عليك أنت لا على الحديث، وذلك باستغلالك لهذا الحديث واتخاذه وسيلة لتحقيق ما تريده . فلماذا تصادر علي علیه السلام حديثي وقولي وتوجهه خلاف ما أنا قصدته ؟!

- وكتب جميل 50 بتاريخ 18-6-1999، الثانية صباحاً:

شكر الله جهودكم أيها المحبون لأهل البيت، غير المجازفين ببضاعة الولاء وهو وصية نبيكم وأمانة ربكم، وأخص بالشكر الأخ العزيز التلميذ (الأستاذ) ولكن .. ماذا ... أين أنت يا محب ؟!!!

- وكتب محب اهل البيت بتاريخ 18-6-1999، الثالثة صباحاً:

ص: 263

حسين الشطري بالاضافة الى مدافع عن الحقيقة: لم أستطع قراءة ردكم بتمعن وكل واحد ما شاء الله كاتب لي مقالة كاملة ويحتاج رد مفصل، وهذا يأخذ وقت، سأرى متى تتسنى لي فرصة لقراءة ردكم مرة ثانية والرد عليه .

جميل 50 . . ما أدري ماذا أتصرف مع أمثالك ممن يقفون موقف جماهير المصارعة الحرة وغيرها ويصفقون ويطبلون وكأني منسحب، مع أني لم أقرأ الرد إلا الآن، بل كتبت ردي العصر وفتحت الكمبيوتر ليلاً لأجد رد الشطري ومدافع، فهل هذا الوقت يكفي لإصدار حكم علي؟!!

- فكتب جميل 50 بتاريخ 18-6-1999، الثالثة صباحاً:

عفواً من الأخ (محب . . .) ليس من ديدني الوقوف موقف الجماهير يا أخي، وإنما أحببت أن أمسح العرق عن جبين هذين اللذين إن كتبا كان الدليل حليفهما، وإن نطقا كان البيان أساسهما . ووالله إني من أصحاب الأشغال والإرتباطات، ولا أقوى على المراجعة ...حتى أنني قرأت موضوعك هذا، وأحببت أن أراجع الرواية، ولم أستطع حتى دخل عليك التلميذ.. وعندما أجد مثل هذين أحبهما محبتي للصدق والحقيقة، وليس بضائر أكتب حسب المنهج العلمي وسوف أشجعك . . .

لطفية خفية: يعد الشيخ علي الفارقي، من أعلام بغداد ومدرساً في مدرستها الغربية . وهو من شيوخ ابن أبي الحديد المعتزلي، إذ سأله فقال: أكانت فاطمة علیها السلام صادقة في دعواها النحلة ؟ قال: نعم . فقال ابن أبي الحديد: فلم لم يدفع لها أبوبكر فدكاً وهي عنده صادقة ؟ فتبسم ثم قال كلاماً لطيفاً مستحسناً مع ناموسه وحرمته وقلة دعابته، قال: لو أعطاها اليوم فدكاً بمجرد دعواها، لجاءت اليه غداً وادعت لزوجها الخلافة وزحزحته عن مقامه ولم يكن يمكنه الإعتذار

ص: 264

بشئ، لأنه يكون قد سجل على نفسه بأنها صادقة من غير حاجة الى بينة ولا شهود ! ! انتهى .

ومما يعلمنا أن هذا الأمر دُبّر بليل ؟! أنه طالبها بالبينة مع أن البينة كانت لازمة عليه لا عليها . لأنه ادعى حديثاً يجهله علي علیه السلام وهو أعلمهم، ويجهله العباس على قربه وفضله، ولم يسمع بذلك الحديث . ويعزب عن علم بني هاشم كافة حتى فوجئوا به بعد النبي صلی الله علیه و آله . بل يجهله أمهات المؤمنين اللائي ورثنه ! وهذه عائشة يدفن أبوها في بيت رسول الله صلی الله علیه و آله بمكان إرثها ؟! وقد أرسلن أمهات المؤمنين عثمان يسأل لهن ميراثهن من رسول الله ؟!

كل هذا ولم يحتج الى بينة! واحتاجت فاطمة علیها السلام الى بينة وهي المشمولة لآية التطهير باتفاق المسلمين، والتي هي أفضل نساء العالمين الأولين والآخرين، والتي هي ممن تعبَّد الله الخلق بالصلاة عليهم في كل فريضة، كما تعبدهم بالشهادتين! فجاء الأمر (اللهم صل على محمد وآل محمد) وهي من الآل، قولاً مرضياً لدى الجميع .

وعلى الأخ ... آل البيت، أن يتأمل البحث الذي استطرده معه الأخ التلميذ (الأستاذ) بكل إنصاف وروية .

- وكتب المدعو الفاروق في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6-1-2000، الرابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (فاطمة

الزهراء سلام الله عليها وعلى أبيها أفضل الصلوات والسلام)، قال فيه:

الزملاء الشيعة، بعد الاحترام: هذه سطور قليله ولكن فائدتها كثير ومنها على سبيل المثال لاالحصر غضب السيدة فاطمة رضي الله عنها وأرضاها، كيف هو

ص: 265

مشهور عند الشيعة ليس فقط عند السنة، بل الشيعه بروؤا أبا بكر وعمر من غضب فاطمة علیها السلام .

غضب فاطمة علیها السلام على علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليس في كتب السنة وحدهم .. بل موجود كذلك في كتب الشيعه أيضاً ... وتنص على أن سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم: فاطمة علیها السلام بضعة مني وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني.. هو خطبة علي رضي الله عنه بنت أبي جهل .. فقد ذكر ذلك الصدوق في كتابه علل الشرائع ص 185 .. وجاءت رواية أخرى تدل على غضب فاطمة رضي الله عنها على علي رضي الله عنه عندما رأته واضعاً رأسه في حجر جارية أهديت له .ذكرها القمي في علل الشرائع: 163 والمجلسي في باب كيفية معاشرتها مع علي علیه السلام .

وغضبت على علي رضي الله عنه مرة ثالثة كما يذكر الرافضة .. عندما لم يناصرها في طلبها فدك من أبي بكر الصديق رضي الله عنه . وقد ذكر ذلك المجلسي في حق اليقين بحث فدك: 203 . وغير ذلك من الحوادث التي تدل على غضب فاطمة رضي الله عنها على زوجها ... فهذه رواياتكم من كتبكم وليست من صحيح البخاري... أما غضبها على الصديق رضي الله عنه.. فكتبنا غير صحيحة عندكم .. لكن .. كتبكم هي الصحيحة !!! فما تقولون عن هذه المسألة؟

ذكر المجلسي في حق اليقين: أنها قبل موتها رضيت عن الشيخين وذلك بعدما مشيا إليها وزاراها عند موتها . ص: 180 . وكذلك ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة .. هل كتبكم تكذب أيضاً … والسلام على أهله.

- فكتب عبدالحسين البصري بتاريخ 6-1-2000، الخامسة صباحاً:

ص: 266

الزميل الفاروق. ليس للعلامة المجلسي كتاب بإسم حق اليقين! أرجو التأكد من المصدر الذي نقلت منه مع ذكر السند . ولكم الشكر .

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 6-1-2000، الواحدة ظهراً:

أشكر الأخ الفاروق أعزه الله على هذا البحث المهم جداً . في خضم هذا البحث هناك سؤال مهم جداً:إذا كان أبوبكر قد اغتصب فدك من فاطمة (حسب أقوال الشيعة) فلماذا لم يردّ علي فدكاً إلى ولد فاطمة في فترة خلافته ؟؟

- وكتب الفاروق بتاريخ 7-1-2000، الرابعة إلا ربعاً صباحاً:

السيد مشرف الحوار العام، تحيه طيبه وبعد:

لن أخفي عليك سراً إذا قلت لك أنك لست الوحيد الذي قال بأن حق اليقين ليس للمجلسي، يا البصري حق اليقين للمجلسي، ولك أن تشتريه من مكتبة الألفين في الكويت .

- وكتب عبد الحسين البصري بتاريخ 7-1-2000، الرابعة صباحاً:

الزميل الفاروق .. عذراً أنا لست من الكويت، وعندما أذكر لك هذا فقد اعتمدت على كتب التراجم والتصانيف. أرجو منك ذكر الطبعة والدار الناشرة إن كان حقاً ما تقول . ويا حبذا تنشر لنا الصفحة الأولى منه لكي نتأكد من النسبة . ولا تنس ذكر السند . ولك جزيل الشكر .

- وكتب الفاروق بتاريخ 7-1-2000، الثالثة والنصف صباحاً:

الأخ محمد ابراهيم سلمه الله . السلام عليكم .. والله يا أخ محمد سؤالك هذا مهم جداً، بارك الله فيك .

ص: 267

أنا أدعو الزملاء الأماميين أن يجيبوا عليه بلا لف أو دوران .

- وكتب جابر الأنصاري بتاريخ 7-1-2000 الرابعة والربع صباحاً:

أخي الفاروق، إن قولك بأن الشيعة يعتقدون بصحة الروايات في كتبهم فهذا افتراء وكذب، فالشيعة يعتقدون بأن كتبهم تحتوي على الروايات القوية والروايات الضعيفة، والرواية التي ذكرتها لنا من علل الشرائع سندها ضعيف حيث أن معاويه من بين الناقلين للخبر .

- وكتب فاتح بتاريخ 7-1-2000، الرابعة والنصف صباحاً:

عجباً لهذه الأمة كيف طغت وتجاوزت في طغيانها فقد حاربت رسول الله في أحب الناس إليه فاطمة علیها السلام وسلبوها إرثها، حتى قال القائل منهم: ليت أبا بكر لم يصنع ما صنع ! وأخذوا علياً مقيداً كما فعل اليهود بهارون، فصدق فيهم قول رسول الله صلی الله علیه و آله لو دخلوا جحر ضب دخلتموه . وقدموا من أخره الله ورسوله ومنعه من تبليغ سورة براءة ثم منع عمر أيضاً من تبليغها ثم أمر علياً علیه السلام لأنه لا يبلغها إلا هو أو رجل كنفسه بقول الله تعالى: وأنفسنا وأنفسكم. فلم يباهل إلا بعلي علیه السلام وفاطمة علیها السلام والحسنين. وقال: علي مع الحق والحق مع علي . وقد اتهموه أنه آذى الزهراء علیها السلام . فهل كان رسول الله مخطئاً في قوله وهو يقول: علي مع القرآن والقرآن مع علي، والقرآن لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد لعنه معاوية بن أبي سفيان على منبر رسول الله وقتلوا شيعته وحاربوا أهل بيته وقتلوا ابنه في كربلاء وأدخلوا بناته مجالس الشام مما لايرضى به المسلم لنفسه وترضونه لرسول الله وبناته .

ودخل عمر على فاطمة علیها السلام وأسقط جنينها وضربها في سكك المدينة، وأنتم تترضون عليه وتسخطون الرسول بترضيكم . والبخاري يروي أن الزهرا

ص: 268

ء علیها السلام ماتت وهي واجدة عليهما . وكيف تقولون أنها ليست غاضبة، ألم تمنعهما من الصلاة عليها . فهذه المدينة تكذبكم في افترائكم . فأين قبر فاطمة علیها السلام ؟ لماذ لم يصل عليها الشيخان ؟!

ما عساكم تقولون لرسول الله حين تردون القيامة وقد اتبعتم قاتل ابنته وتركتم وصيه، وأخذتم دينكم ممن خرجت على إمام زمانها، وخالفت صريح القرآن، فلم تقر في بيتها وتبرجت تبرج الجاهلية الأولى . وأخذتم دينكم من أبي هريرة الذي جلده عمر لسرقته بيت مال البحرين . . . .

ومحمد ابراهيم أخذته العزة بالإثم مع ما أورده الأخوة من حجة عليه !!

- وكتب الفاطمي بتاريخ 10-1-2000، السادسة مساءً:

المكرم: الفاروق حياك الله ..

قلت: لن أخفي عليك سراً إذا قلت لك أنك لست الوحيد الذي قال بأن حق اليقين ليس للمجلسي، يا البصري حق اليقين للمجلسي، ولك أن تشتريه من مكتبة الألفين في الكويت .

أقول: لا أدري من الذي أخبرك بأن حق اليقين للمجلسي موجود في مكتبة الألفين يالفاروق ! فللتوّ رجعت من مكتبة الألفين، وطلبت منه هذا الكتاب فقال صاحب المكتبة: لا يوجد لدي كتاب للمجلسي بإسم حق اليقين ولم أسمع به، ولكن يوجد للسيد عبد الله الشبر كتاب بهذا الإسم وهو ممنوع في الكويت، وموجود في القطيف . وعندما سألته وهل يوجد كتاب يشابه هذا الإسم، قال: نعم يوجد كتاب بإسم: علم اليقين للفيض الكاشاني، وهو أيضاً ممنوع عندنا (بالكويت) .

ص: 269

ويا زميلي الفاروق: الرجاء التأكد من معلوماتك، ولكي تتأكد مما قلت أنا تستطيع الإتصال بصاحب المكتبة ورقم التلفون هو: 2522797، ومن يريد الإتصال من الخارج فيجب إضافة 965 .

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب ذو الشهادتين بتاريخ 11-1-2000، الواحدة صباحاً:

سيدي العزيز الفاطمي: ِلمَ تستنكر على الفاروق كذبه ؟! الكذب هو جزء مهم من ردود النواصب الموضوعية كما يزعمون !!

الى محمد إبراهيم: بالله عليك هل يحق لي أن أشهر بجميع إخواننا السنة بسبب كذبة الفاروق هذه ؟ هل يجوز لي إتهام جميع إخواننا السنة بالكذب بسبب كذبة الفاروق ؟!

السيد الفاطمي:لاتضيع وقتك مع الفاروق وأمثاله . حشرك الله يا الفاطمي مع جدتك الزهراء علیها السلام المظلومة:

نقضوا

عهد أحمد في أخيه *** وأذاقوا البتولة ما أشجاها

يوم جاءت إلى عدي وتيم *** ومن الوجد ما أطال بكاها

تعظ

القوم في أتم خطاب *** حكت المصطفى به وحكاها

جرعاها من بعد والدها الغيظ *** مرارا فبئس ما جرعاها

ولأي الأمور تدفن سراً *** بضعة المصطفى ويعفى ثراها

بنت من أم من حليلة من *** ويل لمن سن ظلمها وأذاها

- قال العاملي: وغاب عمر الفاروق، ولم يجب عن كذبته !!!

ص: 270

الفصل التاسع: سياسة الخلافة القرشية في عزل أهل البيت وإفقارهم!

اشارة

ص: 271

ص: 272

حديث استثناء الأنبياء من قانون التوريث .. لم يروه إلا أبو بكر

- قال العاملي: قامت خطة الحزب القرشي في الانقلاب على النبي صلی الله علیه و آله يوم وفاته .. على الختل، والإرهاب ! فقد اغتنموا فرصة انشغال بني هاشم بجنازة النبي صلی الله علیه و آله، وداسوا مبدأ الشورى الذي رفعوا قميصه فيما بعد، وسارعوا الى سقيفة بني ساعدة حيث ينام سعد بن عبادة مريضاً.. وتمكنوا من شق صف الأنصار فاتفقوا مع بعض زعماء الأوس المنافسين لسعد الذي هو رئيس الخزرج، وأخذوهما معهم الى السقيفة .. وهناك اكتفوا بحضور بضعة عشر نفراً من مجموع المسلمين، ويعد مناقشة أولية لموضوع الخليفة، سارع أبو بكر الى ترشيح عمر أو أبي عبيدة، فرداها عليه وصفقا على يده، ثم صفق على يده بعدهما الأوسيان !! فأعلنوا بذلك أن البيعة تمت لأبي بكر، وهجموا على سعد وهو مريض وداسوا بطنه وكادوا يقتلونه، لولا أن دفعهم عنه أولاده، وحملوه الى بيته !!

وهكذا اتخذ الحزب القرشي سقيفة بني ساعدة مقراً له، وتركوا جنازة النبي، واشتغلوا ثلاثة أيام في إقناع الأنصار ببيعة أبي بكر، فكانوا يزورونهم في

ص: 273

أحيائهم ويعقدون معهم الجلسات، ويحذرونهم من غزو قريش للمدينة إذا هم أصروا على المطالبة ببيعة علي بن أبي طالب أو سعد بن عبادة !

وقد نصت مصادرهم على غياب أبي بكر وعمر عن جنازة النبي صلی الله علیه و آله، وعلى أن حفصة وعائشة تمردتا على عدة الحداد الشرعية، وتركتا جنازة النبي صلی الله علیه و آله بيد أهل بيته، وانشغلتا بالعمل لخلافة أبويهما !

وقد سجل أحد الرواة تعجبه عندما دخل المدينة في يوم وفاة النبي صلی الله علیه و آله، فوجد المسجد خالياً وباب بيت النبي مغلقاً، وداخله أهل بيته مشغولون بمراسم جنازته مع قليل قليل من المسلمين .. أما الباقون فكانوا مشغولين في السقيفة في أحياء الأنصار !!

وعندما تم للحزب القرشي بيعة أكثرية الأنصار، وجه عملياته ضد علي بن أبي طالب وفاطمة

الزهراء علیها السلام علیهما السلام ، فهاجم بيتهما مراراً، وفي آخرها جمع أكوام الحطب على باب دارهما وأشعل فيها النار، وصاح فيهم عمر مهدداً بإحراق البيت علىمن فيه من أهل بيت النبي علیهم السلام ومن اعتصم معهم إن لم يبايعوا أبابكر! ثم أحضروا علياً بالقوة الى السقيفة وهددوه بالقتل إن لم يبايع! ولما تم لهم ما أرادوا وأجبروا علياً على السكوت وإن لم يبايع.. بدؤوا بإصدار قرارات عزل بني هاشم اجتماعياً، وحرمانهم، وإذلالهم !!

قال المحامي أحمد حسين يعقوب في كتابه مساحة للحوار ص 143: (وبعد موت الرسول، رتبت البطون أمرها وألغت مرجعية ربها وتجاهلت وجودها تماماً، كما تجاهلت وجود النبي صلی الله علیه و آله ! ولم تكتف بذلك إنما حاصرت أهل بيت النبوة وجردتهم من ممتلكاتهم، ومن كافة حقوقهم المدنية والسياسية، وحاصرتهم اقتصادياً " وعزلتهم اجتماعياً ") .

ص: 274

وقال في كتابه خلاصة المواجهة مع النبي وآله ص 125: (3- لم يكن أهل البيت آنئذ في حالة يشكلون معها خطراً على دولة الانقلابيين، ولكن عمر كان مصمماً على تحطيم آل محمد من جميع الوجوه لكي لا يطمع طامع منهم بالسلطة فيأخذ الخلافة ويجمع الهاشميون النبوة والخلافة معا، فيحدث الاجحاف بحق البطون .

ومن جهة أخرى فإن عمر كان يريد أن يزين ملك التحالف ببيعة آل محمد، ولأجل ذلك قرر أن يستصدر من الخليفة سلسلة من القرارات الاقتصادية يضطهد بها آل محمد ويضطرهم إلى الركوع، بعد أن عجز حصار المشركين في مكةعن تركيع البيت الهاشمي بسبب ضعف تخطيط المشركين آنذاك وسوء تدبيرهم. ويمكن تلخيص هذه القرارات في ما يلي:

أولاً: حرمان أهل بيت النبوة من إرث النبي صلی الله علیه و آله، واحتجوا لذلك بأن الرسول قال لأبي بكر، نحن الأنبياء لا نورث (58)، وقد احتج الإمام علي علیه السلام على أبي بكر بقول الله تعالى: وورث سليمان داود، (59)، وقوله تعالى: يرثني ويرث من آل يعقوب، (60) فكيف يتم التوفيق بين دعوى أبي بكر أن الأنبياء لا يورثون، وبين هاتين الآيتين ؟ وقال علي علیه السلام: هذا كتاب الله ينطق، فسكت أبو بكر وانصرف مصراً على ادعائه . وأما فاطمة علیها السلام فلم تكتف بذلك، وإنما بسطت الخصومة بينها وبين أبي بكر علنا أمام المهاجرين والأنصار، وأقامت الحجة على أبي بكر بخطبة رائعة جاء فيها: وزعمتم أن لا حق ولا إرث لي من أبي، ولا رحم بيننا، أفخصكم الله بآية أخرج منها بنيه ؟ أم تقولون: أهل ملتين لا يتوارثون ! أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة ؟ لعلكم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من النبي، أفحكم الجاهلية تبغون !

ص: 275

(61) . فأصر أبو بكر على رأيه، وادعى أن وراث محمد هو الذي يقوم مقامه (62)، وبما أن أبا بكر قد أصبح خليفة النبي، فيكون هو الوارث الوحيد لرسول الله .

ثانياً: قرار حرمان أهل بيت النبوة من المنح التي أعطاهم الرسول إياها، ومصادرة تلك المنح، وكانت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله أول من طالها هذا القرار فصودرت منحتها، وقد قالت لأبي بكر: أعطني فدك، فقد جعلها رسول الله لي، فسألها البينة فشهدت لها أم أيمن زوج الرسول، ورباح مولى الرسول، فقال أبو بكر: لا يجوز إلا شهادة رجل وامرأتين ! (63)، وعلى الرغم من أن علياً شهد لها أيضاً، إلا أن الخليفة قرر ولا راد لقراره ! والعجيب أن أبا بكر ترك كافة المنح التي أعطاها رسول الله لكثير من الناس واستولى فقط على المنح التي أعطاها النبي صلی الله علیه و آله لأهل البيت، وأنه لم يسأل الناس بينة، ولكنه سأل فاطمة علیها السلام عن البينة !

ثالثاً: قرار حرمان أهل بيت النبوة من حقهم في الخمس الوارد في القرآن الكريم، وقد طالبت فاطمة علیها السلام بهذا الحق وقالت لأبي بكر: لقد حرمتنا أهل البيت، فأعطنا سهم ذوي القربى، وقرأت الآية: واعلموا أن ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى . . . (64)، فقال لها أبو بكر: سمعت رسول الله يقول، سهم ذوي القربى للقربى حال حياتي، وليس لهم بعد موتي ! (65) .

تركت هذه القرارات أثرها المؤلم على آل محمد، وتذكرت القلة المخلصة من المهاجرين حصار بطون قريش ومقاطعتهم لبني هاشم في شعاب أبي طالب، وأن بطون قريش قصرت الحصار يومها على البيع والشراء والنكاح ! وتمنت

ص: 276

القلة المخلصة لو طبق هذا الحصار ثانية على أهل البيت، إذن لكان أخف وطأةً وأسهل تحملاً من هذه القرارات الاقتصادية الجائرة . لقد حرم آل النبي علیهم السلام من الإرث، ومما منحهم رسول الله ومن حصتهم في الخمس، فإذا علمنا أن أموال الصدقة محرمة عليهم، (66) فمن أين يأكل أهل البيت، وكيف يعيشون ؟ !

قال أبو بكر لفاطمة علیها السلام مجيباً عن هذا السؤال: إني أعول من كان رسول الله يعول، وأنفق على من كان رسول الله ينفق عليه. (67) . فالحاكم يقدم لآل بيت محمد المأكل ولا يزيدون عليه، ويجب على آل البيت طوال التاريخ أن يمدوا أيديهم للحاكم من أجل الطعام ! ومن حسن الخلف أن يطيع الإنسان من يطعمه ! تلك هي سنة أبي بكر وعمر! وهذا هو عدلهم ومودتهم للقربى، وهذا هو برهم ووفاؤهم لمحمد بن عبد الله !

ويبدو أن أبابكر قد تنبه في لحظة من لحظات استيقاظ الضمير إلى شناعة ما ارتكبه بحق آل محمد، فاعتراه الندم ولكن بعد فوات الأوان . لقد تذكر فاطمة علیها السلام تنادي بأعلى صوتها: يا أبت يا رسول الله، ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ! (68)، واستعاد ما قالته فاطمة علیها السلام شخصيا له ولعمر بن الخطاب وجها لوجه: أرأيتكما إن حدثتكما حديثاً عن رسول الله تعرفانه وتفعلان به ؟ قالا: نعم . فقالت: نشدتكما الله، ألم تسمعا رسول الله يقول: رضى فاطمة من رضاي، وسخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني: ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني ؟ قالا: نعم، سمعناه من رسول الله، فقالت الزهراء علیها السلام: فإني أشهد الله أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني، ولئن لقيت النبي لأشكونكما إليه... أنتحب أبو بكر

ص: 277

حتى كادت نفسه أن تزهق، وهي تقول: والله لأدعون عليك في كل صلاة أصليها !! (69) .

واستحضر تهديد عمر بن الخطاب لعلي علیه السلام بالقتل، وكيف التحق علي علیه السلام بقبر النبي صلی الله علیه و آله يبكي ويصيح: يا ابن أم إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني ! (70) تذكر أبوبكر كل ذلك وندم، وأدرك أنه أول ضحايا هذا النظام الجديد الذي أقامه عمر، وخرج إلى الناس قائلاً: يبيت كل واحد منكم معانقاً حليلته، مسروراً في أهله، وتركتموني وما أنا فيه، أقيلوني بيعتي ! (71) ربما كان الرجل صادقاً بالفعل، ولكنه كان قد قطع على نفسه خط الرجعة، ولم يسمح له قادة الانقلاب وبالذات عمر بالإفلات، كان لا بد له من البقاء ومواصلة الشوط، فهذه مرحلة انتقالية يجب أن يحمل وزرها وهو مشرف على الموت، وبموته يرثون دولة مستقرة !!). انتهى.

حديث استثناء الأنبياء من قانون التوريث .. لم يروه إلا أبو بكر !!

- كتب الحجازي في شبكة هجر الاسلامية، بتاريخ 10-9-1999، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (حديث: الأنبياء لاتورث، سمعه ورواه أبو بكر وعمر فقط، حتى أن أهل البيت أنكروه !!)، قال فيه:

هل يصح أن لا يخبر رسول الله أهل بيته أنه لايورث وبالأخص فاطمة علیها السلام ؟! وهل تعرفون للحديث راوياً غير الشيخين ؟!!

وهذه مصادر الحديث من الصحاح وغضب فاطمة عليهم:

البخاري / 2862 - لا نورث ما تركنا صدقة فغضبت فاطمة ..

البخاري / 3913 - لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد ..

ص: 278

مسلم / 3304 - لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد..

الترمذي / 1533- لا نورث ولكني أعول من كان رسول الله يعوله ..

الترمذي / 1534 - إني لا أورث قالت والله لا أكلمكما أبداً ..

أبو داود / 2578 - لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد ..

أحمد / 25 - لا نورث ما تركنا صدقة فغضبت فاطمة فهجرت..

أحمد / 52 - لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد ..

أحمد / 57 - إن النبي لا يورث ولكني أعول من كان رسول..

أحمد / 75 - إني لا أورث ..

- وكتب شعاع بتاريخ 11-9-1999، الثانية عشرة ظهراً:

الرافضة يحبون أن يوجدوا أي عداوةبين أهل البيت وبين أصحاب رسول الله كعادتهم ... ومع أن علي قد أقر بذلك ولم يورث فدك لأبنائه لعلمه بالحديث، إلا أن الرافضة (أبناء المجوسية) يظنون أن الاسلام لازال تحت ملك كسرى فيورث الملك كما يدعون في الولاية . إن الاسلام جاء ليخرج الناس من الظلمات الى النور .

هذا الحديث موجود بلفظ آخر في الكافي: (روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله علیه السلام قوله: قال رسول الله صلی الله علیه و آله ... وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) . واستشهدبه الخميني في كتابه الحكومات الاسلاميه على ولاية الفقيه، أم أنها حلال للخميني محرمة على غيره. أما عند المسلمين فقد صح عن أبي هريرة وعن عائشة في البخاري ومسلم ولا أعلم ما في غيرهما . أيضاً أقر بالحديث كل من الزبير وطلحة وسعد بن أبي وقاص وعبدالرحمن بن عوف، بالاضافة الى

ص: 279

علي علیه السلام والعباس . . . فراجع الأحاديث التي ذكرت أرقامها أنت وسوف تجد ذلك .

الحجازي: نصيحة لوجه الله دائماً استفساراتك على هذه الهيئة كما فعلت في سحاب وتظن أنك ستنتصر ولكن في النهاية تكون . . . فأرى أن تغير من أسلوبك اللطيف الذي يدل على برائتك ونيتك الحسنة وبحثك عن الحق

- فكتب الحجازي بتاريخ 12-9-1999، التاسعة مساءً:

شعاع: 1 - إذا كان علي علیه السلام يعلم، لماذا لم يقل لفاطمة علیها السلام ويجعلها ترضى عن الشيخين وفي هذه الأحاديث، ماتت وهي غاضبة عليهما، وغضبها كما معلوم هو غضب الرسول صلی الله علیه و آله وغضب الرسول هو غضب الله جل جلاله .

2 - حديثك يتكلم عما ورث العلماء من الأنبياء وهو العلم لاغيره، فلا تخلط .. ثم لماذا لم تعط مصدره كاملاً حتى نراجعه .

3 - قال الرضا علیه السلام ما معناه: (عندما سئل لماذا لم يسترد علي علیه السلام فدك عندما ولي الأمر قال: إنا أهل بيت الله يسترجع لنا ماغصبناه ولسنا نحن، بل إننا أولياء المؤمنين نحكم بينهم) عيون أخبار الرضا . نقلت الحديث بالمعنى لأن النص لايحضرني .

4 - ماذا تسمي غضب الزهراء علیها السلام هنا إذا لم يكن رد فعل على عداء وغصب الشيخين لفدك . فماذا تسميه، وضِّح رجاءً .

5 - في سحاب أنتم دائماً منتصرون، لأن مراقب الساحة يمسح الأجوبة المعارضة، ويترك أجوبتكم بدون ردود، ثم يقوم بإلغاء الاشتراك تماماً إذا أحس أن الكاتب مخالف، كما فعل معي هناك .

ص: 280

6 - ألم تسمع في حياتك أن عمر بن عبد العزيز أرجع فدكاً لأهل البيت علیهم السلام . فما معنى فعله هذا ؟ أجب بوضوح .

7 - نصحتني أن أغير أسلوبي ولم تنصحني الى أي نوع من التغيير، ونصيحتك كانت لوجه الله، وأنا أعلم أن وجه الله عندكم هو جزءمن الأجزاء الأخرى، وأنا أنصحك لوجه الله على معتقدنا، أن تصححه على معتقدكم فتقول مثلاً: نصيحة لله عز وجل حتى لاتخالف عقيدتك.

8- إن الأحاديث التي ذكرتها لم يذكر فيها أحد غير الزهراء علیها السلام ومطالبتها وغضبها على أبو بكر أو على الشيخين معاً، الى أن توفيت سلام الله عليها .

- وكتب الصارم المسلول بتاريخ 12-9-1999، التاسعة مساءً:

أيها الحجازي إليك سند الحديث الذي نقله الأخ شعاع: (روى الكليني عن حماد بن عيسى عن القداح عن أبي عبد الله علیه السلام: من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً الى الجنة .. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) (الأصول من الكافي كتاب فضل العلم باب ثواب العالم والمتعلم ج 1 ص 32) وروايه عن الصادق: أن العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم. (نفس المصدر السابق) .

- وكتب الصارم المسلول في 12-9-1999، العاشرة إلا ربعاً ليلاً:

الحجازي .. أنت شخص كريم ومثال يحتذى في الأدب . ولكن ما هو قولك على الآتي: (أ) روى المجلسي في (حق اليقين) ص 201 و 202 ترجمه من

ص: 281

الفارسية: أن أبا بكر لما رأى غضب فاطمة علیها السلام قال لها: أنا لا أنكر فضلك وقرابتك من رسول الله علیه السلام، ولم أمنعك من فدك إلا امتثالاً بأمر رسول الله وأشهد الله على أني سمعت رسول الله يقول: نحن معاشر الأنبياء لا نورث وما تركناه إلا الكتاب والحكمه والعلم . وقد فعلت هذا باتفاق المسلمين ولست بمتفرد في هذا . وأما المال فخذي من مالي ما شئت لأنك سيدة أبيك وشجرة طيبة لأبنائك ولا يستطيع أحد أن ينكر فضلك) .

(ب) ذكر المرتضى في الشافي ص 231، وشرح نهج البلاغه لابن أبي حديد ج 4: أن الأمر لما وصل الى علي بن أبي طالب كلم في رد فدك فقال إني لأستحي من الله أن أرد شيئاً منع منه أبو بكر وأمضاه عمر) .

(ج) لما سئل محمد الباقر عن ذلك وقد سأله كثير النوال: "جعلني الله فداك، أرأيت أبا بكر وعمر هل ظلماكم من حقكم شيئاً أو قال ذهبا من حقكم شيئاً ؟ فقال: لا والله الذي أنزل القران على عبده ليكون للعالمين نذيراً ما ظلمانا من حقنا مثقال حبة من خردل . قلت: جعلت فداك . أفأتولاهما ؟ قال: نعم ويحك تولهما في الدنيا والآخرة وما أصابك ففي عنقي) . (شرح نهج البلاغه لابن أبي حديد ج 4 ص 82)

بالله قلي، هل أنت متبع الحق ؟ والحمد لله رب العالمين.

- وكتب شعاع بتاريخ 13-9-1999، السادسة صباحاً:

أولاً: لماذا لم يُعد علي علیه السلام الأرض الى أبناء فاطمة علیها السلام، وهذا إن كان حقاً فليس فيه مجاملة . . .

النقطة الأخرى: الذي أعرف أن في دينكم المرأة لاترث من العقار . بوّب الكليني باباً مستقلاً في الكافي بعنوان (إنّ النساء لايرثن من العقار شيئاً) روى

ص: 282

فيه عن أبي جعفر قوله (النساء لايرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً) وروى الطوسي في التهذيب والمجلسي في بحار الأنوار، عن ميسر قوله: (سألت أبا عبد الله علیه السلام عن النساء ما لهن من الميراث فقال: لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب، فأما الأرض والعقار فلا ميراث لهن فيهما) وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیه السلام قال: (النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً) . وعن عبد الملك بن أعين عن أحدهما علیهما السلام قال: (ليس للنساء من الدور والعقار شيئاً) .

فلا أدري لماذا كل هذا الجدل ؟؟ وكما قلت سابقاً إن أعداء الاسلام لم يجدوا إلا الوقيعة بين أهل البيت وبين الصحابة رضوان الله عليهم .

- وكتب جميل 50 في 13-9-1999، السادسة والنصف صباحاً:

العجب كل العجب حينما تترائى بعض العقول ذات عوار في التفكير، لا تبصر إلا بجانب واحد بين عدة جوانب، ولا ترى إلا جهة فاردة من عدة جهات، وهنا المشكلة إذ لم يقل أحد أن الجاهل لايستطيع أن يتحدث ... ولكنه بعد الحديث .. صانعاً من غير الدليل دليلاً، ومن غير الحجة حجةً، مادام يروم التمسك بالطحالب، ويتشبث بالمفردات الشاردة، والموارد النادرة ليضرب بها الكم الهائل والكيف غير الزائل، من مجموع الموارد التأريخية والشواهد الروائية الأخرى . كلنا يعرف أن الفقيه لايشهد له بأخذ رواية ولو صحيحة قبل أن يوافق بينها وبين ما يعارضها إن أمكنت الموافقة، وإلا فللتعارض أحكام مذكورة ودساتير مأثورة وغير مأثورة . .

وهنا إرث فاطمة علیها السلام الذي شهد به القرآن الكريم: يوصيكم الله في أولادكم. والقرآن لم ينزل ليعمل به الناس دون النبي صلی الله علیه و آله إلا بمخصص

ص: 283

وكلامنا فيه الآن .. وأول نقض على المخصص المدعى أنه معارض للقرآن إذا أن الدعوة جاءت لتشمل جميع الأنبياء، وها قد قال عن زكريا: وإني خفت الموالي من ورائي وكانت امرأتي عاقراً فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب .

بينما، والكلام للمتدبرين فحسب، لاوجه لذكر الموالي والخوف منهم .. ثم تعقيبه بصفة زوجته (وامرأتي عاقراً) التي لاربط لها ولاسببية منعقدة بينها وبين توريث العلم هذا بالضرورة . كما أن التأريخ يذكر أنه ناقض نفسه سواء حينما حكم لعلي علیه السلام بسيف رسول الله صلی الله علیه و آله وعمامته كميراث فلم يجعلها صدقة؟!! أو كما جاء في المسند من أنه قال: شئ تركه رسول الله فلم يحركه فلا أحركه . فإنه إذا كان صدقة . فلماذا لايحركه على ذلك الوجه . وكيف كان فهذه قضية بحالها ولها مجالها من الحديث.. وكذا في الإستشهاد بكلام الباقر علیه السلام الذي تراهم استخرجوا رواياته في الإشادة بالخلفاء وعدم التعريض بهم في أمر الإرث . فنعم سؤال الأخ: لماذا أرجعه أحد الخلفاء ؟ وهنا أقول: إن كان واضحاً لماذا بقي الجدل فيه إلى أن حان حين المأمون من الخلفاء العباسيين، ولماذا ينشد به بعض الشعراء في ذلك العصر ممن والى فاطمة علیها السلام وبعلها وبنيها . . . . هذا فقط لأدلل على أن الأمر لم يكن واضحاً.

وعموماً مثل الامام الباقر وغيره من أئمةآل البيت علیهم السلام فكلامهم ليس يأخذ على ظاهره لما عانوه من الظلم والإضطهاد . وخير رادع لمن أراد أن يستشهد بهم هنا هو:كيف تعتبرون أولئك من السائرين على خطى الشيخين والخلفاء رغم ما هو موجود في التأريخ من أنهم عاشوا الحصار والمضايقة من حكومات كانت لاتحيد برأيها عن سياسة الشيخين ؟! أم كيف تصدقون أنهم ميالون إلى

ص: 284

عقيدتكم وقد جعلتهم كتبكم الروائية أقل الرواة، بل في بعضها وأصحها لاتوجد لهم رواية أصلاً، مع أنهم أهل بيت زقوا العلم زقاً .. أبعد هذا نستقبل كلامهم على قلته كما ظاهره ؟!! وأما الرواية في كتبنا فبعد الغض عن سندها نقول ليست فيها دلالة أيضاً، لأن الخطاب ليس لعياله بالمعنى الأخص، وإنما لعياله بالمعنى الأعم، أي الأمة من حوله وهذا فارق مهم، ومثبته أنه في الغزوات ومستوى الدخل العام لبيت المال ربما تشفق الأمة على المال وتتصور أن النبي صلی الله علیه و آله يضمن لها سعادتها من هذه الناحية لأنه الكاسب بمشيئة الله وما سخروه له من همتهم ودمائهم و... وفارق آخر أن الأحاديث هذه لم تذكر الجزء الكلامي المدعى: ماتركناه صدقة . فتأمل يرحمك الله .

والحقيقة أن هذا الحديث لم يسمعه غيره، والمسألة واضحة فليست برياضية تحتاج إلى عناء المعادلات والمدقات الحسابية، بل كل الصيد في جوف الفرا . . . أي إذا أجبنا على هذا السؤال انتهى كل شئ: لماذا لم يخبر النبي صلی الله علیه و آله ابنته ونسائه بذلك مع أنهم هم المعنيون لا أبو بكر؟! ولماذا لم يمنع علي فاطمة علیها السلام من المطالبة وهو الوافر في العلم، وأكثر الصحابة سماعاً على يد الرسول صلی الله علیه و آله ؟!!

وليكن نظرك للمجموع، فلا تنفي واحدة بما تثبت به أخرى ؟!

ص: 285

محاولتهم تصوير قضية فدك بأنها خلاف فقهي محض !

- كتب المدعو محب أهل البيت في شبكة الساحة الإسلامية، بتاريخ 4-5-1999، الثامنة مساءً، موضوعاً بعنوان (فدك بين أبو بكر الصديق والسيدة فاطمة علیها السلام - مناقشة علمية)، ونشره في شبكات عديدة مثل شبكة الجارح وسحاب، وقد أجاب عليه الشيعة لكن أكثر إجاباتهم حذفت !

قال: أرض فدك، قرية في الحجاز كان يسكنها طائفة من اليهود، ولما فرغ الرسول عليه الصلاة والسلام من خيبر، قذف الله عز وجل في قلوبهم الرعب، فصالحوا رسول الله صلی الله علیه و آله على فدك، فكانت ملكاً لرسول الله صلی الله علیه و آله، لأنها مما لم يُوجف عليها بخيل ولا ركاب . ورغم أن خلاف الخليفة أبو بكر مع السيدة فاطمة علیها السلام رضوان الله عليهما كان خلافاً سائغاً بين طرفين يملك كل منهما أدلة على رأيه، إلا أنّ حساسية البعض من شخصية أبي بكر تجعله ينظر إلى الأمور بغير منظارها فتنقلب الحبة إلى قبة. ولو أننا استبدلنا شخصيات القصة (أبا بكر وفاطمة علیها السلام) بفقيهين من الشيعة مثلاً أو مرجعين من مراجعهم لكان لكل طرف منهما مكانته وقدره دون التشنيع عليه وإتهام نيته، ولكانت النظرة إلى رأي الطرفين نظرة احترام وتقدير على اعتبار وجودنصوص وأدلة يستند إليها الطرفين في دعواهما وإن كان الأرجح قول أحدهما . لكن أمام أبي بكر وفاطمة علیها السلام الأمر يختلف، فأبو بكر عدو للشيعة ومادام عدواً فكل الشر فيه وكل الخطأ في رأيه، هكذا توزن الأمور! توزن بميزان العاطفة التي لا تصلح للقضاء بين متنازعين فكيف بدراسة أحداث تاريخية ودراسة تأصيلها الشرعي ! لكن المنصف الذي لا ينقاد إلى عاطفته بل إلى الحق حيث كان، يقف وقفة تأمل لذاك الخلاف ليضع النقاط على الحروف .

ص: 286

فأرض فدك هذه لا تخلو من أمرين: إما أنها إرث من النبي صلی الله علیه و آله لفاطمة رضوان الله عليها، أو هي هبة وهبها رسول الله لها يوم خيبر . فأما كونها إرثاً فبيان ذلك ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما من أنه بعد وفاة النبي صلی الله علیه و آله جاءت فاطمة رضوان الله عليها لأبي بكر الصدّيق تطلب منه إرثها من النبي عليه الصلاة والسلام في فدك وسهم النبي صلی الله علیه و آله من خيبر وغيرهما. فقال أبو بكر الصدّيق: إني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله يقول: (إنّا لا نورّث، ما تركناه صدقة) وفي رواية عند أحمد (إنا معاشر الأنبياء لا نورّث) (39)، فوجَدَت (32) فاطمة علیها السلام على أبي بكر . بينما استدلت رضوان الله عليها بعموم قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين (39) . ولنكن حياديين هاهنا ولننس أنّ المطالب بالإرث امرأة نحبها ونجلها لأنها بنت نبينا وأنّ لها من المكانة في نفوسنا وعند الله عز وجل ما لها، لنقول: كلام محمد عليه الصلاة والسلام فوق كلام كل أحد، فإذ صح حديث كهذا عن رسول الله فلا بد أن نقبله ونرفض ما سواه، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا نلوم أبو بكر على التزامه بحديث رسول الله وتطبيقه إياه بحذافيره ؟! لقد صح حديث (إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث) عند الفريقين السنة والشيعة، فلماذا يُستنكر على أبي بكر استشهاده بحديث صحيح ويُتهم بالمقابل باختلاقه الحديث لكي يغصب فاطمة علیها السلام حقها في فدك ؟!!

أما صحته عند أهل السنة فهو أظهر من أن تحتاج إلى بيان، وأما صحته عند الشيعة فإليك بيانه: روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله علیه السلام قوله: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: (... وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) (39) . قال عنه المجلسي في مرآة العقول 1/111: الحديث الأول (أي الذي بين يدينا) له

ص: 287

سندان الأول مجهول، والثاني حسن أو موثق لايقصر عن الصحيح، فالحديث إذاً موثق في أحد أسانيده ويُحتج به، فلماذا يتغاضى عنه علماء الشيعة رغم شهرته عندهم؟! والعجيب أن يبلغ الحديث مقدار الصحةعند الشيعة حتى يستشهد به الخميني في كتابه الحكومة الإسلامية على جواز ولاية الفقيه فيقول تحت عنوان صحيحة القداح: (روى علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن القداح (عبدالله بن ميمون) (89) عن أبي عبدالله علیه السلام قال: (قال رسول الله صلی الله علیه و آله: (من سلك طريقاً يطلب فيه علماً، سلك الله به طريقاً إلى الجنة… وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورّثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) . ويعلق على الحديث بقوله (رجال الحديث كلهم ثقات، حتى أنّ والد علي بن إبراهيم (إبراهيم بن هاشم) من كبار الثقات (المعتمدين في نقل الحديث) فضلاً عن كونه ثقة) (67) . ثم يشير الخميني بعد هذا إلى حديث آخر بنفس المعنى ورد في الكافي بسند ضعيف فيقول: (وهذه الرواية قد نقلت باختلاف يسير في المضمون بسند آخر ضعيف، أي أنّ السند إلى أبي البختري صحيح لكن نفس أبي البختري ضعيف والرواية هي: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد عن أبي البختري عن أبي عبد الله علیه السلام قال: (إنّ العلماء ورثة الأنبياء وذاك أنّ الأنبياءلم يورّثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما ورّثوا أحاديث من أحاديثهم …) (39) . إذاً حديث (إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم) صحيح . كما بيّن ذلك الخميني والمجلسي من قبله، فلماذا لا يؤخذ بحديث صحيح النسبة إلى رسول الله مع أننا مجمعين على أنه لا اجتهاد مع نص ؟! ولماذا يُستخدم الحديث في ولاية الفقيه ويُهمل في قضية فدك ؟! فهل المسألة يحكمها المزاج ؟!

ص: 288

إنّ الاستدلال بقول الله تبارك وتعالى عن زكريا علیه السلام: فهب لي من لدنك ولياً يرثني ويرث من آل يعقوب، على جواز توريث الأنبياء لأبنائهم استدلال غريب يفتقد إلى المنطق في جميع حيثياته، وذلك لعدة أمور: أولاً: لا يليق برجل صالح أن يسأل الله تبارك وتعالى ولداً لكي يرث ماله فكيف نرضى أن ننسب ذلك لنبي كريم كزكريا علیه السلام في أن يسأل الله ولداً لكي يرث ماله، إنما أراد زكريا علیه السلام من الله عز وجل أن يهب له ولداً يحمل راية النبوة من بعده، ويرث مجد آل يعقوب العريق في النبوة .

ثانياً: المشهور أنّ زكريا علیه السلام كان فقيراً يعمل نجاراً، فأي مال كان عنده حتى يطلب من الله تبارك وتعالى أن يرزقه وارثاً، بل الأصل في أنبياء الله تبارك وتعالى أنهم لا يدخرون من المال فوق حاجتهم بل يتصدقون به في وجوه الخير .

ثالثاً: إنّ لفظ (الإرث) ليس محصور الاستخدام في المال فحسب بل يستخدم في العلم والنبوة والملك وغير ذلك كما يقول الله تعالى (ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا)(39) وقوله تعالى (أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون)(39) فلا دلالة في الآية السابقة على وراثة المال .

رابعاً: حديث (إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم) الذي ذكرناه آنفاً يتضمن نفي صريح لجواز وراثة أموال الأنبياء، وهذا كاف بحد ذاته . وكذلك الحال في قوله تعالى: وورث سليمان داود، (39) فإنّ سليمان علیه السلام لم يرث من داود علیه السلام المال، وإنما ورث النبوة والحكمة والعلم لأمرين إثنين: الأول: أنّ داود علیه السلام قد اشتُهر أنّ له مائة زوجة وله ثلاثمائة سريّة

ص: 289

أي أمة، وله كثير من الأولاد فكيف لا يرثه إلا سليمان علیه السلام ؟! فتخصيص سليمان علیه السلام حينئذ بالذكر وحده ليس بسديد .

الثاني: لو كان الأمر إرثاً مالياً لما كان لذكره فائدة في كتاب الله تبارك وتعالى، إذ أنّه من الطبيعي أنّ يرث الولد والده (والوراثة المالية ليست صفة مدح أصلاً لا لداود ولا لسليمان علیهما السلام فإنّ اليهودي أو النصراني يرث ابنه ماله فأي اختصاص لسليمان علیه السلام في وراثة مال أبيه !! والآية سيقت في بيان المدح لسليمان علیه السلام وما خصه الله به من الفضل وإرث المال هو من الأمور العادية المشتركة بين الناس كالأكل والشرب ودفن الميت، ومثل هذا لا يُقص عن الأنبياء، إذ لا فائدة فيه، وإنما يُقص ما فيه عبرة وفائدة تُستفاد وإلا فقول القائل (مات فلان وورث فلان ابنه ماله) مثل قوله عن الميت (ودفنوه) ومثل قوله (أكلوا وشربوا وناموا) ونحو ذلك مما لا يحسن أن يُجعل من قصص القرآن) (93)

وأعجب من هذا كله حقيقة تخفى على الكثيرين، وهي أنّ المرأة لا ترث في مذهب الشيعة الإمامية من العقار والأرض شيئاً، فكيف يستجيز الشيعة الإمامية وراثة السيدة فاطمة

رضوان الله عليها لفدك، وهم لا يُورّثون المرأة العقار ولا الأرض في مذهبهم ؟!! فقد بوّب الكليني باباً مستقلاً في الكافي بعنوان (إنّ النساء لا يرثن من العقار شيئاً) روى فيه عن أبي جعفر قوله: (النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً) (34). وروى الطوسي في التهذيب والمجلسي في بحار الأنوار عن ميسر قوله (سألت أبا عبد الله علیه السلام عن النساء ما لهن من الميراث، فقال: لهن قيمة الطوب والبناء والخشب والقصب فأما الأرض والعقار فلا ميراث لهن فيهما) (39) وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیه السلام

ص: 290

قال: (النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً) (39) وعن عبد الملك بن أعين عن أحدهما علیهما السلام (39) قال: (ليس للنساء من الدور والعقار شيئاً) .

كما أنّ فدك لو كانت إرثاً من النبي صلی الله علیه و آله لكان لنساء النبي ومنهن عائشة بنت أبي بكر وزينب وأم كلثوم بنات النبي حصة منها، لكن أبا بكر لم يعطِ ابنته عائشة ولا أحد من نساء النبي ولا بناته شيئاً استناداً للحديث، فلماذا لا يُذكر هؤلاء كطرف في قضية فدك بينما يتم التركيز على السيدة فاطمة علیها السلام وحدها ؟!! هذا على فرض أنّ فدك كانت إرثاً من رسول الله صلی الله علیه و آله أما إذا كانت فدك هبة وهدية من رسول الله صلی الله علیه و آله لفاطمة رضوان الله عليها كما يروي ذلك الكاشاني في تفسيره الصافي 3/186، فالأمر يحتاج إلى وقفة أخرى أيضاً فعلى فرض صحة الرواية والتي تناقضها مع روايات السنة والشيعة حول مطالبة السيدة فاطمة

رضوان الله عليها لفدك كأرث لا كهبة من أبيها، فإننا لا يمكن أن نقبلها لاعتبار آخر، وهو نظرية العدل بين الأبناء التي نص عليها الإسلام. إنّ بشير بن سعد لمّا جاء رسول الله صلی الله علیه و آله فقال: يا رسول الله إني قد وهبت ابني حديقة واريد أن أُشهدك، فقال النبي صلی الله علیه و آله: أكُلّ أولادك أعطيت ؟ قال لا، فقال النبي صلوات الله وسلامه عليه (إذهب فإني لا أشهد على جور) (39) فسمّى النبي صلی الله علیه و آله تفضيل الرجل بعض أولاده على بعض بشئ من العطاء جوراً، فكيف يُظن برسول الله صلی الله علیه و آله كنبي معصوم لا يشهد على جور أن يفعل الجور (عياذاً بالله) ؟! هل يُظن به وهو أمين من في السماء أو يجور في أمانة أرضية دنيوية بأن يهب السيدة فاطمة علیها السلام فدك دون غيرها من بناته ؟! فكلنا يعرف أنّ خيبر كانت في السنة السابعة من الهجرة بينما توفيت زينب بنت رسول الله في الثامنة من الهجرة

ص: 291

، وتوفيت أم كلثوم في التاسعة من الهجرة، فكيف يُتصور أن يُعطي رسول الله فاطمة

رضوان الله عليها ويدع أم كلثوم وزينباً ؟!!

والثابت من الروايات أنّ فاطمة رضوان الله عليها لمّا طالبت أبو بكر بفدك كان طلبها ذاك على اعتبار وراثتها لفدك لا على أنها هبة من رسول الله صلی الله علیه و آله . ولذا فإنّ فدك لم تكن لا إرثاً ولا هبة، وهذا ما كان يراه الإمام علي علیه السلام نفسه إذ أنه لمّا استُخلف على المسلمين لم يعط فدك لأولاده بعد وفاة أمهم فاطمة علیها السلام بحيث يكون له الربع لوجود الفرع الوارث، وللحسن والحسين وزينب وأم كلثوم الباقي (للذكر مثل حظ الأنثيين) وهذا معلوم في التاريخ، فلماذا يُشنع علىأبي بكر في شئ فعله علي بن أبي طالب نفسه؟! بل يروي السيد مرتضى (الملقب بعلم الهدى) في كتابه الشافي في الإمامة عن الإمام علي علیه السلام ما نصه

(إنّ الأمر لمّا وصل إلى علي بن أبي طالب علیه السلام كُلّم في رد فدك، فقال: إني لأستحيي من الله أن أرد شيئاً منع منه أبو بكر وأمضاه عمر) (2) .

وماكدت أشرف على إغلاق ملف قضية فدك ومناقشة أدلتها حتى وقعت على رواية طريفة تُعبر بالفعل عن المأساة الحقيقة التي يعيشها من يريدون القدح بأبي بكر بأي طريقة كانت (شرعية وغير شرعية) !!

روى الكليني في الكافي عن أبي الحسن قوله (ورد على المهدي ورآه يردّ المظالم . فقال: يا أمير المؤمنين ! ما بال مظلمتنا لا تُرد ؟ فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن ؟ قال: إنّ الله تبارك وتعالى لمّا فتح على نبيه صلی الله علیه و آله فدك... فقال له المهدي: يا أبا الحسن حدّها لي . فقال: حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل) . (29) فأين أرض في خيبر من مساحة كهذه ؟!!

ص: 292

ألهذا الحد يُستخف بعقول الناس ؟!!

- وكتب أويس بتاريخ 4-5-1999، العاشرة ليلاً:

أسأل الله أن ينفعنا بهذا ويهدي بهذا البيان طالبي الحق من الشيعة .. آمين.

- وكتب شامس 22 أيضاً في 12-5-1999، السادسة صباحاً:

جزاك الله خير على هذا الكلام الطيب .

- وكتب محب أهل البيت بتاريخ 12-5-1999، السابعة صباحاً:

الأخ شامس . جزاك الله خير .

هذه المقالة تعتمد على حديث في الكافي صححه المجلسي في مرآة العقول والخميني في الحكومة الاسلامية . والمطلوب من الشيعة الرد، خصوصاً وإني لم أجلب حديث مكذوباً أو ضعيفاً عندهم . فلماذا تتهمون أبا بكر رضوان الله عليه بغصبه فدك، مع أن دليله مجمع على صحته بين السنة والشيعة !!

ثم سؤالي هو: هل يرى الشيعة أن إغضاب السيدة فاطمة علیها السلام لايجوز، وإغضاب رسول الله جائز ؟!! إن الاستدلال بحديث (يغصبني مايغضبها) في واقعة فدك غير ملائم. لأن اغضاب فاطمة

رضوان الله عليها مشروط بعدم إغضاب الله ورسوله أولاً، والسيدة فاطمة علیها السلام لم يصلها الحديث وظنت أنه غير صحيح في بادئ الأمر .

- وكتب شامس 22 بتاريخ 12-5-1999، الخامسة مساءً:

أين الرد يا شيعة يا سادة يا محترمين ؟

- وكتب سماحة بتاريخ 22-5-1999، الثامنة مساءً:

الشيعة يردّون، ولكن تحذف ردودهم بسرعة !!!

ص: 293

- وكتب العاملي بتاريخ 5-5-1999، العاشرة صباحاً:

فدك ليست هي القضية .. بل رمز لقضية الخلافة:

إن موقف الزهراء علیها السلام من خلافة أبي بكر وعمر يتضمن عدة قضايا، لابد أن نوضح حدود كل واحدة منها أولاً، تحديداً شرعياً وقانونياً ثم نبحثها . ولا يصح أن نصادر المسألة، ونصورها على أنها مسألة مطالبة من الزهراء علیها السلام بمزرعة فدك، وأن أبا بكر أجابها بأن الأنبياء مستثنون من قانون الإرث الشرعى، وانتهى الأمر ! !

وأهم القضايا التي تضمنها موقف الزهراء علیها السلام هي:

القضية الأولى: أن الزهراء علیها السلام أدانت بيعة السقيفة، واتهمتهم بأنهم خالفوا الرسول صلی الله علیه و آله ونكثوا بيعة علي علیه السلام فى يوم الغدير، وانقلبوا على أعقابهم ! وكان موقفها نفس موقف علي علیه السلام والعباس وعدد كبير من المهاجرين والأنصار الذين امتنعوا عن البيعة وأدانوا السقيفة، وكانوا مجتمعين فى بيت علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام، في مراسم تعزية أهل البيت بالنبي صلی الله علیه و آله، فهاجمهم عمر وجماعته بأمر أبي بكر لا لكي يعزوهم، بل ليهددوهم إما أن يبايعوا وإما أن يحرقوا عليهم الدار !! وبالفعل أحرقوا باب الدار الخارجي وضربوا فاطمة الزهراء علیها السلام، التي خرجت في محاولة لمنع الاصطدام بينهم وبين المعتصمين داخل الدار، وهي تأمل أن يوقفوا الهجوم ويحترموا بنت نبيهم، وهي في اليوم الثاني من مصيبتها بفقد أبيها صلی الله علیه و آله !!

ثم قامت الزهراء علیها السلام بعدة أعمال لنصرة الامام الشرعي علي علیه السلام وإفشال المؤامرة .. ومن ذلك أنها ذهبت مع علي علیه السلام وأولادهما الى بيوت زعماء

ص: 294

الأنصار تذكرهم ببيعتهم لعلي علیه السلام يوم الغدير، وبأنهم بايعوا النبي صلی الله علیه و آله بيعة العقبة على أن يحموه وأهل بيته مما يحمون منه أنفسهم وأهليهم !! ثم قامت بإعلان تحريم بيعة أبي بكر، والدعاء عليه وعلى عمر .. ثم خطبت خطبتها التاريخية في مسجد النبي صلی الله علیه و آله بحضور جمع كبير من المسلمين، وأدانت خلافة أبي بكر وعمر ثم لما صادروا منها مزرعة فدك، أدانت عملهم وطالبت بها وبما صادروه من إرثها من النبي صلی الله علیه و آله .

ثم قاطعت أبا بكر وعمر ولم تكلمهما الى آخر حياتها، وأدارت وجهها عنهما ولم تكلمهما بحرف عندما جاءا الى زيارتها واعتذرا عن مهاجمة بيتها! فهذه القضية فيها عدة مسائل عقيدية وفقهية ...

منها: هل أن فاطمة الزهراء علیها السلام سيدة نساء أهل الجنة، ولا يمكنكم أن تقولوا إنها أخطأت لأنها لم تبايع أبا بكر، وماتت ميتة جاهلية، لأن من مات وليس في عنقه بيعة مات موتة جاهلية ؟!

ومنها: هل تكون بيعة أبي بكر وعمر بيعة شرعية، بعد أن شهدت سيدة نساء أهل الجنة بأنها خيانة ؟!

ومنها: لماذا أوصت فاطمة علیها السلام وأصرت على أن تدفن خفية، ولا يشارك في جنازتها أبو بكر ولا عمر وأنصارهما ؟!! ومنها .. ومنها . . . الخ .

القضية الثانية: موقف السلطة من المنح التى كان أعطاها الرسول للمسلمين في حياته صلی الله علیه و آله، وهي إقطاعات كثيرة وردت تسمياتها فى مصادر السيرة والفقه، وقد تركتها السلطة بأيدي أصحابها ولم تصادر منها شيئاً .. بينما صادرت كل ما كان أعطاه لأهل بيته خاصة، وعمدة ذلك مزرعة فدك من يد فاطمة علیها السلام وعلي علیه السلام !!

ص: 295

القضية الثالثة: موقف السلطة من التشريع الاسلامى المجمع عليه، الذي يحرم الصدقات والزكوات على أهل بيت الرسول صلی الله علیه و آله، ويشرع لهم بدلها الخمس .. فلماذا حرمت السلطة أهل بيت النبي صلی الله علیه و آله من حقهم الشرعي في ميزانية الدولة، وجعلتهم بلا مورد من الخمس والزكاة ؟!!

فمسألة فدك أيها الأخ، إنما هي مفردة واحدة من سياسة الدولة الاقتصادية في اضطهاد أهل بيت نبيهم بمجرد رحيله الى ربه !! ثم مفردة من سياستهم الكلية، التي بدأت بترك جنازة النبي بين أيدي أهل بيته، وتشكيل اجتماع السقيفة بدون مشورتهم، ولا دعوتهم اليه، ولا إخبارهم به !! ثم بإجبارهم على الاختيار بين بيعة أبي بكر أو إحراق بيتهم عليهم أو قتلهم !! بالله عليك لوأن بلداً في عصرنا أجرى انتخابات وأجبر الناخبين على انتخاب مرشحه الوحيد، تحت طائلة الاعدام لكل من يمتنع، هل يكون ذلك عملاً شرعياً، وهل تكون رئاسته شرعية ؟! إن الاستثناء الوحيد من الخلفاء الذي أعطى للمسلمين حريتهم فى بيعته وعدمها، هو علي بن أبي طالب، وكل من عداه ترافقت بيعته بالاجبار ومصادرة حريات المسلمين ! أما مسألة فدك فهى تشمل مسائل عديدة أيضاً:

المسألة الأولى: هل أن مزرعة فدك إرث أم أنها كانت منحة أعطاها النبي صلی الله علیه و آله فى حياته لفاطمة علیها السلام واستلمتها وجعلت عليها وكيلاً واستغلتها سنة أو سنتين في حياة النبي صلی الله علیه و آله ؟!! نحن نثبت أنها كانت بيدها، واليد على الشئ علامة الملكية فى الشريعة الاسلامية، وفي كل قوانين الدنيا، وأن أبا بكر صادرها، وعليه هو أن يأتى ببينة على جواز مصادرة ملكية شرعية صحيحة تحت يد مالكها، حتى لو كان هذا شخصاً عادياً وليس بنت أعظم رسول صلی الله علیه و آله التي نزل الوحي عليه بأنها سيدة نساء العالمين؟!

ص: 296

ومن العجيب أن سياسة أبي بكر كانت بمكيالين، فلم يصادر شيئاً من المنح وإقطاعات الأراضي التي كان منحها الرسول صلی الله علیه و آله لكثيرين في المدينة وخارجها، بل أبقاها في أيديهم، ولم يطالبهم بدليل إثبات عليها كما طالب فاطمة علیها السلام ؟!!!

الثانية: أن القرآن ينص على قانون الإرث، وتشريعات الاسلام عامة شاملة للرسول وغيره، إلا ماخرج منها بدليل، مثل حق الرسول فى الزواج بأكثر من أربع زوجات .. فأين الدليل هنا على استثناء الرسول صلی الله علیه و آله من قانون الإرث ؟! إنه لايوجد دليل إلا مارواه أبو بكر وأجاب به فاطمة الزهراء علیها السلام ! ولم يروه أحد غيره من المسلمين أبداً !! حتى أن الهيثمى اعترف فى مجمع الزوائد مجلد 9 ص 40، بأن روايتهم الأخرى للحديث عن غير أبي بكر وهي في الطبراني الأوسط في طريقها (الفيض بن وثيق) وهو كذاب ! ولهذا السبب تجد بحثاً في علم الأصول اسمه: (هل يجوز نسخ القرآن أو تحصيصه بخبر الواحد ؟) لأن رواي النسخ أو التخصيص لتشريع الإرث هو أبو بكر وحده !! وهنا يحق للمسلم أن يسأل: هل يعقل أن النبي صلی الله علیه و آله لم يخبر أهل بيته ولا أحداً من المسلمين بأن الأنبياء مستثنون من قانون الإرث وخص بذلك أبا بكر وحده فقط وفقط ؟!

أم هل يعقل أن فاطمة علیها السلام تعرف ذلك وتطالب بما ليس لها بحق وتريد أن تطعم أولادها المال الحرام وفي طليعتهم سيدا شباب أهل الجنة ؟!! أو تريد أن تسرق لهم من أموال المسلمين ؟!!

إن كل واحد من هذه المسائل والقضايا فيها بحوث.. فأرجو أن تقرأ أكثر، ولا تستعجل بالأحكام .. ولاتخلط بين إرث الزوجة من الأرض وإرث البنت !! ولابين عدم اهتمام الأنبياء بالتوريث المادي الوارد في رواياتنا وبين تحريم

ص: 297

توريثهم ماتركوه لورثتهم، ومصادرة ماكانوا وهبوه لهم!! وأضيف لك: إن من الأدلة الواضحة على أن مطالبة الزهراء علیها السلام بفدك كانت رمزاً للخلافة:

أولاً: أنها وجميع المسلمين يعرفون أنها أول أهل بيت النبي علیهم السلام لحوقاً به، وذلك بإخبار النبي صلی الله علیه و آله إياها، ومن كانت بهذا المقام والحالة، ماذا تصنع بفدك وغير فدك .

ثانياً: أن سبب تشدد أبي بكر وعمر في ردها وتكذيبها ورد شهودها، أنهما خافا إن أعطياها اليوم فدكاً وقبلا أنها صادقة لا تكذب، كما شهدت عائشة، فقد تطالبهما غداً بالخلافة وتشهد أن علياً علیه السلام وصي النبي الشرعي الرسمي من يوم الغدير، وأنهما خانا الله ورسوله !!

ثالثاً: عندما سأل هارون الرشيد الامام الكاظم علیه السلام عن حدود فدك ليرجعها لهم، أجابه بأن حدودهاحدود الدولة الاسلامية كلها ! وليتك فهمت قصد الإمام الكاظم علیه السلام بدل أن تهزئه وتسخر منه ! بل ليت هارون الرشيد سلَّم الخلافة المغصوبة الى أهل البيت النبوي المطهرين، إذن لتغير مسار التاريخ، ولما ضيعها أولاد هارون حتى وصلت الى السلاجقة والمماليك، ثم الى العثمانيين وانتهت بذلةعلى أيديهم في استانبول، وصارت بلاد المسلمين بأيدي الغربيين والشرقيين!!

- قال العاملي: قامت شبكتهم بحذف هذا الرد وغيره وأبقت الموضوع!

ص: 298

محاولاتهم تبرير ظلم أبي بكر بتضييع فدك بين النحلة والارث !

- كتب المدعو جاكون في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 2-4-2000، الثانية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (سؤال الى الاخوة الشيعة بشأن وضع فدك)، قال فيه:

هل فدك نحلة نحلها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ابنته فاطمة

الزهراء علیها السلام ؟ أم كانت إرثاً ؟

- فكتب العاملي في 2-4-2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

كلاهما .. فأنت قد تهب لولدك في حياتك وتقول له: يابني سوف ينازعونك فاستلم من الآن لتكون صاحب يد، وإن رفض القاضي تصديقك فخاصمه بالشهود، فإن رفض الشهود، فخاصمه بالإرث .

- وكتب أبوالصراحة في 2-4-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أحسنت يا العاملي . أغلقت جميع الأبواب عليه . إلعب غيرها يا جاكون .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 2-4-2000، الواحدة صباحاً:

وما زلت كما عهدتك ياجاكون ناصبي .. والظاهر أنك تموت على نصبك للزهراء علیها السلام ! وما زلت متمسكاً بافتراءاتك على سيدة نساء العالمين سلام الله عليها.

يا ويلك يالناصبي من غضب الله ورسوله صلی الله علیه و آله !!

- وكتب جاكون بتاريخ 3-4-2000، الواحدة والنصف صباحاً:

ص: 299

أنت قلت إنها هبة الى فاطمة علیها السلام أصلاً، ثم قال الرسول كذا لكي يكون كذا أين الدليل ؟ أم أنه مجرد احتمال .. ثم قلت إنها تنازلت عن الهبة الى تقاسم الهبة مع الورثة الآخرين . إن القول بالإرث والقول بالهبة لا يجتمعان بمنطق العقلاء . كما أنه لايستوي احتراز الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك مع علمه بالغيب، وعلمه بهضم حقها مستقبلاً عندكم، فإن كانت فدك حلالاً صرفاً لها لا يشاركها فيه أحد .. فلم كان رجوعها الى شخص لا تعترف بسلطته عليها أصلاً، ولكي يفعل ماذا ؟! هل تمكن بنو هاشم وباقي سكان المدينة من رضا الخليفة الجديد عليهم لتثبيت أملاكهم وعقارهم ؟ وهل أرسل هذا الخليفة زبانيته الى خيبر، أم اعترض طريق غلتها إليها في أول يوم من خلافته لكي تذهب إليه .

والآن .. عود لذي بدء ... هل كانت هبة أم إرثا ؟

- وكتب عمر بتاريخ 3-4-2000، الثانية صباحاً:

(ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب). سورة الحشر- آية 7 .. السؤال: هل يجوز للرسول صلی الله علیه و آله أن يهب مال الله وذي القربى وابن السبيل واليتامى لشخص واحد ؟ أعتقد بأن من يدعي بأنه وهبها فإنه ينتقص من الرسول صلی الله علیه و آله ! هذا ما أعتقده أنا بعد الرجوع للآية . الرجاء التوضيح لمن له رأي آخر، مع الاعتذار للمداخلة .

- وكتب سجاد بتاريخ 5-4-2000، الثالثة والثلث صباحاً:

أخي العزيز الفاطمي حفظك الله. هذه بعض الأدلة من كتبهم على إعطاء النبي صلی الله علیه و آله السيدة فاطمة الزهراء علیها السلام فدكاً:

ص: 300

السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى:وآت ذا القربى حقه، قال: (وأخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي الحاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية: وآت ذا القربى حقه، دعا رسول الله فاطمة علیها السلام فأعطاها فدكاً .

وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت: وآت ذا القربى حقه، أقطع رسول الله صلی الله علیه و آله فاطمة علیها السلام فدكاً) .

الهيثمي في مجمعه: 7 / 49 قال: عن أبي سعيد قال لما نزلت: وآت ذا القربى حقه، دعا رسول الله فاطمة علیها السلام وأعطاها فدكاً) . رواه الطبراني وذكره الذهبي أيضاً في ميزان الاعتدال:2/ 228، وصححه المتقي في كنز العمال:2/ 158: عن أبي سعيد قال: لما نزلت: وآت ذا القربى حقه، قال النبي صلی الله علیه و آله: يافاطمة علیها السلام لك فدك) أخرجه الحاكم في تاريخه وابن النجار .

أحببت التنويه الى هذه المصادر . وعفواً للمداخلة .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 5-4-2000، الثالثة والنصف صباحاً:

أخي العزيز سجاد سلمك الله تعالى .. وهل يعترفون ؟! نورد لهم من البخاري وغيره ولا يصدقون، وأعتقد لو أن خير خلق الله صلی الله علیه و آله يخبرهم يوم القيامة إن فدكاً للزهراء سلام الله عليها، فسوف يشككون به وبقوله وهل تعرف لماذا ؟! ويوم يعض الظالم على يديه . . .

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب جاكون بتاريخ 5-4-2000، العاشرة ليلاً:

ص: 301

الصحيح عند أهل السنة: هو أنها جاءت تطلب إرثاً، وغير ذلك ضعيف عقلاً ونقلاً، لكن يبدو أنكم تقولون بالأعطية، ولكي نقطع الشك باليقين هذا سؤال بسيط لكي نحدد موقف مذهبكم في القضية وإجابته كلمة واحدة لا تتعداها: هل كانت فدك هبة أم إرثاً ؟ ولكم الشكر مقدماً .

- وكتب أبو سمية بتاريخ 7-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

الصحيح عندكم وعندنا وكما أورده الأخوة المؤمنون أعلاه أنها عطية. ولكن الاستيلاء عليها بعد الاستيلاء على الخلافة، لكي لا تكون مصدر تموين لثورة متوقعة، جعلهاتذهب الى أبي بكر لتستردها وفعلاً استردتها منه، ولكنها في طريق العودة لقيت عمر في الطريق فأخذ الكتاب منها وبصق فيه ثم مزقه ! ثم حصلت رواية تلك الرواية فهل نسيها أبوبكر قبلاً أم ماذا؟! (راجع نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 16 ص 388 طبعة الأعلمي) . .

والمعلوم أن أحكام أبي بكر كانت تخضع للضغوط . أليس هو القائل (إن لي شيطاناً يعتريني . .) الصواعق المحرقة: ص7 . الامامة والسياسة: ج1 ص6 نور الأبصار ص53 . ولا ندري من شياطين الجن كان أم الانس !

نعم فاتني أن أذكر أنها لما استنفذت السبل في الحصول عليها، طالبت بها كإرث فتذكر أبو بكر الحديث ! ثم حصل ماحصل .. وهذا ما أورده أخونا العاملي سدد الله تعالى خطاه من البداية..راجع . . والسلام .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 7-4-2000، الثانية عشرة والثلث ظهراً:

وهل كانت الزهراء علیها السلام صادقة في دعواها، أم لالالالالا ؟ وما هو موقف مذهبكم من دعواها ومطالبتها علیها السلام بفدك ؟ نريد جواباً، واترك عنك أسطوانتكم

ص: 302

المشروخة، ولا تطعنوا بها وبأبيها صلوات الله وسلامه عليهما، نريد جواباً ... وهل تريد النقاش ؟ وهل تثبت ولا تهرب كما فعلتها من قبل؟

والرجاء أن تكفوا عن طعنكم في الزهراء علیها السلام، لأن الله يغضب لأبيها ولها صلوات الله وسلامه عليهما، ولن تفلحوا بعدها أبداً . والنصيحة اليوم ببلاش . . ويوم يعض الظالم على يديه . . .

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام

- وكتب خالد 78 بتاريخ 7-4-2000، الثانية ظهراً:

لطالما تساءلت حين أقرأ القصص عن فدك وغيرها التي تمس أحد أطهر الخلق سيدة نساء العالمين في أغلب الروايات، كيف حصلت سيدة نساء العالمين على هذا اللقب .. هل هو بنوتها للرسول الأعظم .. زواجها من رافع لواء الحمد .. أم صلاة وتقوى وحب لله وغيرها من صفات الأخيار .. لكننا لو قرأنا أغلب القصص التي تحكى عما حدث من خرافات .. فإنه لشئ يخجل منه أضعف الضعفاء ولا يرضى به العامة من المسلمين لأهلهم . ولو قرأنا أعدل وأخف الروايات فإن الإنسان يتساءل: لما كل هذا .. لما كل هذا الفرقة بين المسلمين والشتم والسباب، من أجل أرض من أجل مال من أجل عرض دنيا .. هل هذه هي أخلاق الأنبياء وآل الأنبياء ؟

أطهر الخلق هل هذا ما تعلمته من مدرسة النبوة .. وعندما طلبت خادماً علمها أباها التسبيح وقسم العمل بينها بين زوجها وغيرها من التضحيات التي كان الرسول قدوتهم، وكانوا هم قدوة الناس كيف هذه القدوة التي من أجل أرض تسبب كل هذا .. هل هذا هو الإرث الذي يطالبون به ويفاخرون به الناس.. حاشاهم هم أطهر من ذلك وأنبل .. إن ما حصل لو حصل هو سوء تفاهم أو

ص: 303

لنقل اختلاف في وجهات النظر وانتهى . لكن أبى المغرضون إلا أن يشقوا وحدة الأمة بمثل هذه وتلك الشبهات، وهي فتن من عند الله حمانا الله منها أجمعين . أين هذا من مريم بنت عمران حين سألها زكريا … فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتاً حسناً وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقاً قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب - آل عمران 37 .. مريم تربت بين يهود وانظر ماذا قالت .

الزهراء علیها السلام أحرى من أن تتوكل على الله، فقد تربت في خير كنف هل كانت تريد ملكاً وسلطاناً وجاهاً ومالاً . هل كانت تخاف الفقر، أو أرادت أن تضمن مستقبل أولادها مستحيل… حاشا لله من هذا الإفتراء .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 7-4-2000، الثانية والثلث ظهراً:

نريد منك موقفاً واضحاً ياخالد، وبدون لف ودوران .. نريد الإجابة على هذا السؤال: هل كانت الزهراء علیها السلام صادقة في دعواها أم لالالالالا ؟؟؟ وما هو موقف مذهبكم من دعواها ومطالبتها علیها السلام بفدك ؟ والرجاء أن تكفوا عن طعنكم في الزهراء علیها السلام، لأن الله يغضب لأبيها ولها صلوات الله وسلامه عليهما ولن تفلحوا بعدها أبداً .

والظاهر ياخالد لم تلتفت إلى السطرين الأخيرين.. فتنبه ودير بالك !!

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب خالد 78 بتاريخ 7-4-2000

، الخامسة مساءً:

ما هذا ؟ إرهاب فكري ؟!

يا أخي هذا المنتدى لطرح الأفكار ولتبادل الأراء . إنها وجهات نظر، إن أعجبك أو لم يعجبك لا ترد، لا أحد يستطيع أن يجبر أحداً على شئ . إعتبر أن

ص: 304

هناك من يبحث عن أين الحقيقة وأين الواقع . إعتبرني جديد على هذه المواضيع فقرأ ما قرأ ثم استنتج ما استنتج من خلال مشاهدتي لمجريات الأمور، فإن الرسول وصحابته خصوصاً أهل بيته هم قدوة ومحاسبون على كل عمل أمام الناس، لأنهم يقتدون بهم، فكنت دائماً أفكر ما الحكمة من تصرف الزهراء علیها السلام، وما هو الدرس الذي نتعلمه، وما هي القدوة هذا ما قصدته أعلاه . رأي أهل السنة الذي أنا من مقتنعيه أن السيدة الزهراء علیها السلام طيب الله ذكراها وعلى أبيها وعليها أفضل الصلوات والسلام، ذهبت لتطالب بما رأت أنه حقها . الخليفة الأول مع حبه لبنت حبيبه رسول الله أكثر من نفسه إلا أنه رأى أن هذا ليس لها، ولن ولن يحابي في دين الله أحداً .

إنه امتحان وفتنة، فنجحت هي ونجح هو في الإمتحان، وسقط المغرضون في الفتنة . وانتهى الموضوع على هذا . وكل ما زيد على ذلك هو من خيالات المغرضين .. كلام عندي أقوله لوجه الله، ولا أريد أن أدخل في تبادل صفحات من أحاديث من عندك لا أومن بها، ولا أحاديث عندي أنت غير مؤمن بها والسلام .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 7-4-2000، الثامنة مساءً:

أخينا خالد: السلام عليكم . . رد بسيط وموجز: قلتَ: لا أريد أن أدخل في تبادل صفحات من أحاديث من عندك لا أومن بها، ولا أحاديث عندي أنت غير مؤمن بها .

أقول: ألا تؤمن بأحاديث الصحيحين، والأحاديث الصحيحة من الكتب الأخرى إذا أوردناها لك ؟ وهل تقبل بالنقاش حول ما قلته أنت في ردك الأخير في صفحة مستقلة ؟ جواب فقط .

ص: 305

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب خالد 78 بتاريخ 7-4-2000، التاسعة مساءً:

أعتذر . لن أبدأ شيئاً أراه كل يوم بدون نهاية. تفسيرات بأسلوب وتأويلات عجيبة . قال التاريخ ما عنده ونحن جميعاً شهود، كل على مايرى وكل حسب تفكير عقله الذى وهبه إياه الله . وأنا أحترم وجهة نظرك وإيمانك القوي ودفاعك عن وجهة نظرك، لكن لن أدخل في جدل عقيم . لقد أوفى العلماء هذه المواضيع حقها من النقاش .

أنا قلت فقط وجهة نظر باختصار وبساطة بعدما قرأت وشاهدت وسمعت مئات النقاشات، وشكراً على لطفك . والسلام .

- وكتب جاكون بتاريخ 7-4-2000، الحادية عشرة ليلاً:

الحق أن الشيعة يثيرون قضية فدك من أجل الإثارة فقط،فهم طوال التاريخ يريدون أن يثبتوا رأيهم بأكثر كمّ من الأدلة وإن كانت متعارضة وغير منطقية . ولقد ذكر الحلي في منهاج الكرامة أدلة الهبة والإرث معاً فقد ذكر (ومنع أبوبكر فاطمة علیها السلام إرثها، فقالت: يا ابن أبي قحافة أترث أباك ولا أرث أبي .. (منهاج السنة 2/223) ثم ذكر (أن أباها رسول الله وهبها فدك!!) فرد ابن تيمية (إن ما ذكر من إدعاء فاطمة علیها السلام فدك فإن هذا يناقض كونه ميراثاً لها، فإن كان طلبها بطريق الإرث امتنع أن يكون بطريق الهبة، وإن كان بطريق الهبة امتنع أن يكون بطريق الإرث. (منهاج السنة 2/236) . ومثل هذا الكلام يعيده الشيعة الى عصرنا هذا، وفي هذا المنتدى مما يحير العقول فعلاً ؟؟ فأين الرابط بين الاثنين ؟ فأدلة الإرث النقلية والعقلية لم تذكر ولم تنقل شيئاً عن الهبة . وأدلة

ص: 306

الهبة العقلية والنقلية إن صحت لم تذكر الإرث ! وأنا أعيد السؤال ذاته .. هل فدك إرث أم هبة ؟ هل من مجيب ؟

- وكتب أبو سمية بتاريخ 8-4-2000، الواحدة ظهراً:

السلام عليكم .. يا أخ خالد (قل من حرم زينة الله . . .) هذا فيما يخص قولك بأن هذا من عرض الدنيا. فهل سكوتها عن حقها يجعلها عابدة و . . . وإذا طالبت به يكون عرض الحياة الدنياً . .

ثم قولك: أنها رأت حقها فذلك يكون تكذيباً لحديث الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله حول رضاه من رضاها وبالتالي من رضا الله تعالى . راجع ذلك في مصادركم .. فتكون القضية تابعة الى الهوى العياذ بالله .

أما القول بأنها مجرد إثارة .. فهذا غير صحيح لأننا بصدد بحث صلاحية أناس لتولي أمر المسلمين أم لا.. ثم الارهاب الذي عومل به الآل عليهم صلوات الله تعالى .. على كل حال الدليل على أنها هبة ..

الآيات التي أوردت أعلاه (وآت ذا القربى ..) ولو لم تصادر لم تأت لتطالب بها فهذا لايعقل.. ولو كانت المسألة مسألة أموال فهي فداك وفدى أبي بكر وغيره! ولكن المسألة مسألة حق صغيراً أو كبيراً .. فاطمة سلام الله تعالى عليها أم غيرها . ولو كان ذلك لعائشة، أي حقها لدافعنا عنه .. والله تعالى من وراء القصد .

- وكتب المدعو جاكون في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 7-2-2000، الخامسة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (فدك بين رأيين)، قال فيه:

اختلف الشيعة في طلب فاطمة علیها السلام ميراثها من النبي صلی الله علیه و آله الى أبي بكر .

ص: 307

الرأي الأول: فدك هي إرث من النبي صلی الله علیه و آله لفاطمة علیها السلام، وهنا فالخبر متواتر عن الرسول وواضح في عدم توريث الأنبياء. 1 - أنا لا نورث ما تركنا صدقه 2 - ما تركنا صدقة . 3- ما تركنا فهو صدقة . 4- إنا معاشر الأنبياء لا نورث . فوجَدَت فاطمة علیها السلام لأنها استدلت بالعموم في قوله تعالى (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين) وغير ذلك، إلا أن الصديق رضي الله عنه استدل بخصوص حالتها رضي الله عنها وأرضاها.

وأهل السنة في هذه المسألة لايبحثون عن عذر لأبي بكر، وإنما يبحثون عن عذر لفاطمة علیها السلام، لأن الحديث صحيح متواتر رواه كل من: 1- أبوبكر . 2- عمر . 3- عثمان . 4- علي علیه السلام . 5- العباس . 6- عبد الرحمن بن عوف . 7- سعد بن ابي وقاص . 8- الزبير بن العوام . (البخاري -كتاب الخمس -باب فرض الخمس وأيضاً مسلم - كتاب الجهاد والسير) .

وقالوا غضبت على أبي بكر .. قلنا ما يضر أبا بكر إن غضبت عليه فاطمة علیها السلام إن كان الله رضي عنه، فقد قال الله تعالى (لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) فمن رضي الله عنه ورضي عنه الرسول لا يضره غضب من غضب !

الرأي الثاني: هبة من الرسول صلى الله عليه وسلم لفاطمة علیها السلام . وهو القول أنها هبه وهديه من النبي صلی الله علیه و آله وهبها وأهداها لفاطمه يوم خيبر . فهذا غير صحيح بل الصحيح أن فاطمة علیها السلام طلبت فدك من باب الإرث لا من باب الهبة . إن بشير بن سعد لما جاء الى النبي صلی الله علیه و آله فقال: يارسول الله إني قد وهبت ابني حديقة وأريد أن أشهدك . فقال النبي صلی الله علیه و آله: أكل أبنائك أعطيت ؟ قال: لا . فقال: اذهب فإني لا أشهد على جور . (رواه مسلم – كتاب الهبات رقم 14) . فسماه جوراً ذلك أن يفضل بعض الأولاد على بعض . فهذا النبي الكريم الذي

ص: 308

لايشهد على جور هل يفعل الجور أبداً، صلوات الله وسلامه عليه بل نحن ننزه الرسول صلى الله عليه وسلم وفاطمة علیها السلام كما يدعون وهبها فدك في أول السنه السابعة وزينب بنت الرسول صلی الله علیه و آله توفيت في السنه الثامنة وأم كلثوم بنت النبي صلی الله علیه و آله في التاسعة (سير أعلام النبلاء) وعلى الأمرين فالقول ساقط.. لا إرث ولا هبة . فلو فرضنا أن فدك لفاطمة علیها السلام على أي من القولين فإلى من تذهب فدك بعد موتها ؟! فعلى مذهب الشيعة لا ترث، فلو كانت فدك إرثاً فما كان لفاطمة علیها السلام منها شئ لأنها عقار (فروع الكافي 7/129) .

أما عندنا .. فتذهب الى الورثة لعلي علیه السلام الربع وللحسن والحسين وزينب وأم كلثوم الباقي (للذكر مثل حظ الانثيين) ولما استخلف علي علیه السلام لم يعط فدك لأولاده. فهل كان الخلفاء الأربعه ظالمين ؟ لا .. فنحن ننزههم جميعاً .

ويروون أنها لما منعت فدك ذهبت الى قبر أبيها تشتكيه، وهذا غير صحيح ولا يليق بها … ونحن نجل فاطمة علیها السلام ونقول أنها لا تشكو بثها وحزنها إلا الى الله، كما قال النبي يعقوب عليه الصلاه والسلام (إنما أشكو بثي وحزني الى الله) . والسلام عليكم ورحمة الله . اللهم صل على محمد وآل محمد .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 9-2-2000، الخامسة صباحاً:

الناصبي جاكون: قلت: ففاطمة علیها السلام لما قبلت منه هذا العذر حاول أهل السنة أن يبحثوا عذراً لفاطمة علیها السلام .

أقول: من أين أتيت بقولك هذا (لما قبلت منه هذا العذر)؟! هل لديك مصدر صحيح ولو من كتبكم ؟وهل استمرأت الكذب على سيدة نساء أهل الجنة ياناصبي ؟! وهل قبولها عذره بغضبها عليه ومهاجرتها له حتى وفاتها ؟! وهل من مصاديق قبولها عذره أن تطلب سلام الله عليها أن تدفن ليلاً وأن لا

ص: 309

يصلي عليها ؟! وهل تحاولون أن تجدوا العذر لسيدة نساء أهل الجنة سلام الله عليها ؟!

باب 61: قال رسول الله صلی الله علیه و آله (فاطمة سيدة نساء أهل الجنة) رواه البخاري الجزء الخامس ص96 كتاب فضائل أصحاب النبي طبعة دار القلم .

قلت: وقالوا غضبت على أبي بكر قلنا ما يضر أبا بكر إن غضبت عليه فاطمة إن كان الله رضي عنه .

أقول: وهل يضره إذا غضب عليه رسول الله صلی الله علیه و آله، أم لألألأ ؟ ممكن جواب؟!

قلت: وهو القول أنها هبة وهدية من النبي صلى الله عليه وسلم وهبها وأهداها لفاطمة علیها السلام يوم خيبر . فهذا غير صحيح . بل الصحيح أن فاطمة علیها السلام طلبت فدك من باب الإرث لا من باب الهبة .

أقول: وروى البخاري عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: أن فاطمة علیها السلام والعباس علیهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم . (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه صدقة، ج 8، ص 551 . فهل تستطيع أن تقرأ (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) . فكيف يطلبان ما ليس لهما ؟ فمصداقاً لهذه الرواية من البخاري، ومن قول أم المؤمنين عائشة إن الرسول صلی الله علیه و آله أعطاها فدك أي ملَّكها فدك . فهل تريد يا جاكون أن تكذب هذه الرواية ؟

قلت يا جاكون: فعلى مذهب الشيعة لا ترث، فلو كانت فدك إرثاً فما كان لفاطمة علیها السلام منها شئ لأنها عقار (فروع الكافي 7/129) .

ص: 310

أقول: يالفاروق وبعدين تزعل إذا قلنا جاكون الكذاب، ومن قال من الشيعة إن فاطمة الزهراء سلام الله عليها لاترث ؟! وهل تقصد روايات الكليني عن المرأة ؟ إذن إقرأ ما معنى المرأة بالميراث، وهل تعني (المرأة) غير الزوجة ؟

قال المجلسي في مرآة العقول (شرح الكافي)، باب أن النساء لا يرثن من العقار شيئاً . كتاب المواريث ج 23، ص 187. وقال في المسالك: اتفق علماؤنا إلا ابن جنيد على حرمان (الزوجة) في الجملة من أعيان التركة . وقال المجلسي في ص 188: وأما من يحرم من (الزوجات) فاختلف فيه أيضاً) . فهل عرفت معنى والمقصد من كلمة المرأة في المواريث ؟! ففاطمة الزهراء علیها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وليست إمرأته، فلا ينطبق عليها هذا الحكم لأنه مخصص للمرأة، والتي هي الزوجة يا ناصبي . ولكي تفهم المقصود من كلمة (المرأة) في المواريث راجع صحيح البخاري، كتاب الفرائض، فقد أفرد البخاري باب أسماه (ميراث المرأة والزوج مع الولد وغيره) ج 8، ص 556، ط / دار القلم. وأفرد باباً آخر أسماه (ميراث البنات) ج 8، ص 554، ط / دار القلم . وإذا كان المقصود من كلمة المرأة هو البنت … فلماذا أفرد البخاري باب أسماه ميراث البنات ؟!

وراجع فتح الباري.كتاب الفرائض / باب11 ح6740 ص30 ج 12 طبع دار السلام، الرياض ولنا عودة يا جاكون …

وإلى الفقيه: الرد جاهز وتنقصني إحدى المصادر، وإن شاء الله سوف ترى الرد الليلة بحول منه. السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 10-2-2000، التاسعة مساءً:

ص: 311

أين أنت يا ناصبي ؟؟ ولماذا تنشر افتراءاتك بخصوص الزهراء سلام الله عليها ثم تتهرب من النقاش ؟ لولا أنك تريد فقط الطعن بها سلام الله عليها ! ولنرى يوم الحشر عندما ينادي المنادي (يا أهل المحشر غضوا أبصاركم) وتكون الزهراء علیها السلام وأبوها صلوات الله وسلامه عليهما خصميك . وعندها سوف تعرف هل نفعتك افتراءاتك على الزهراء

سلام الله عليها !

ويوم يعض الظالم على يديه .

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب فراتفي شبكة الموسوعة الشيعية في5-2-2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (فدك هل هي ميراث أم نحلة ؟)، قال فيه:

عندما نقرأ التأريخ نجد أن الخليفة الأول منع فاطمة علیها السلام من فدك وضمها الى أموال المسلمين وادعى أن رسول الله قال: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة . ولكن الذي نسوه أن فدك لم تكن حقاً للزهراء علیها السلام بعد وفاة أبيها حتى يقال ذلك، بل أعطاها إياها في حياته كما هو معلوم عند الشيعة، وكما أخرجه: السيوطي في الدر المنثور في تفسير قوله تعالى (وآت ذا القربى حقه) في سورة الإسراء. قال: وأخرج البزار وأبو يعلى وأبن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله فاطمة علیها السلام فأعطاها فدكاً . وقال: أخرج أبن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت: وآت ذا القربى، أقطع رسول فاطمة سلام الله عليها فدكاً . كما أخرجه الهيثمي في مجمعه (ج 7 ص 49) قال عن أبي سعيد: قال: لما نزلت (وآت ذي القربى حقه) دعا رسول الله فاطمة علیها السلام فأعطاها فدكاً . والذهبي في ميزان الإعتدال ج

ص: 312

2 ص 228 وصححه . وكذلك أخرجه المتقي الهندي في كنز العمال ج 2 ص 158 عن أبي سعيد . والطبري في تاريخه، والحاكم في تاريخه وابن النجار . فالصحيح هذا بعد أن بينّا أنه أصبح حقاً لها أثناء حياته صلی الله علیه و آله .

- وكتب المعتز بالله بتاريخ 6-2-2000، الخامسة مساءً:

الأخ الفاضل فرات، السلام عليكم ..

عجباً لكم أيها الشيعة . فقط سمعنا الكثير من كتابكم يؤكدون على أنها ميراث ويستدلون لذلك بروايات شيعية من عندكم تؤكد أن الزهراء علیها السلام ادعت ميراثها من رسول الله صلی الله علیه و آله واستشهدت بقوله تعالى: (وورث سليمان داود) وهذا هو الذي حدا بالصديق أن يقول لها: نحن معاشر الأنبياء لا نورث . ثم تأتي وتقول أنها نحلة . فما الذي عدا مما بدا ؟!

- فكتب عمار بتاريخ 6-2-2000، الثامنة مساءً:

بل عجباً منك تطعن بالقرآن وبالصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين وعلي سلام الله عليه والعباس، وتتمسك بمقولة أبي بكر الذي قال إن له شيطاناً يعتريه ! أم تنكر أنهم طلبوا حقهم ومنعوا منه ؟!

- وكتب الموسوي بتاريخ 6-2-2000، الحادية عشرة ليلاً:

الزميل المعتز بالله .. هذا مقطع من ردي على الزميلين محمد إبراهيم وعبدالله الحوت فيه إجابة على كلامكم:

إن مطالبة الزهراء علیها السلام لحقها في فدك كانت على ثلاثة مراحل، وعندما كان الخليفة أبو بكر يرفض دعواها في المرحلة الأولى فإنها كانت تنتقل إلى المرحلة التي بعدها، وهذا أسلوب شائع في المطالبة بالحق .

ص: 313

يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة ج 16 ص 230: (واعلم أن الناس يظنون أن نزاع فاطمة علیها السلام أبابكر كان في أمرين: الميراث والنحلة، وقد وجدت في الحديث أنها نازعت في أمر ثالث، ومنعها أبو بكر إياه، وهو سهم ذوي القربى) . انتهى .

وتقريباً للفكرة، لو أن الأب خص أحد ابنيه بأحد أملاكه قبل الوفاة، ثم بعد وفاته استولى أخوه علىهذا الملك وتصرف فيه تصرف الملاك، فإن الابن الموهوب إليه سيسعى إلى إثبات أحقيته في الملك، وإذا رفض القاضي دعواه فإنه سينتقل إلى المطالبة بحقه كشريك في الإرث، ومطالبته بالإرث لا تعني منه إقراراً بأن الملك ليس له، ولكنه محاولة لاستنقاذ أي حق له في هذا المال . والغرض من إثارة هذه النقطة هو دفع توهم قد يعلق ببعض الأذهان من أن الزهراء علیها السلام إذا كانت تعتقد أن فدك قد نحلها النبي صلی الله علیه و آله في حياته فلم طالبت به من باب الإرث بعدوفاته. وللمزيد يمكنك الرجوع إلى الوصلة التالية:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001532.html

- وكتب فرات بتاريخ 7-2-2000

، الرابعة عصراً:

الأخ الفاضل المعتز بالله .. السلام عليكم ..

إن قراءة النصوص قراءة مبتورة توجب الوقوع في كثير من الأرباك . فلو كنت قد تتبعت لوجدت إن الزهراء علیها السلام كانت تقول: (وزعمتم أن لاحظوة لي ولا إرث من أبي ولارحم بيننا) . وهذه العبارة تدل على أن من غصب فدكاً أدعى أنها ميراث وأخرجها من يد الوارث بدعوى أن الأنبياء لايورثون وماتركوه صدقة.. فالزهراء علیها السلام إذ تحتج بآيات الميراث، إنما ترد إدعاءاتهم بنفي التوارث بينها وبين أبيها صلی الله علیه و آله الرد إذن على ادعائهم لا استشهاداً لما تدعيه صلوات الله عليها .

ص: 314

ثم إن قولها علیها السلام: (زعمتم أن لاحظوة لي) هو الذي تريد أن تستدل به على مدعاها صلوات الله عليها من النحلة. ومن ثم باستدلالها على ثبوت الميراث بينها وبين الرسول تكون قد أسقطت حجة أبي بكر وأثبتت استحقاقها فدكاً، سواء كانت نحلة أو ميراثا ً. وقد اضطر أبوبكر مع حجةالزهراء علیها السلام الى التلميح بالقوة إذ قال: (هؤلاء المسلمون بيني وبينك، قلدوني ماتقلدت وباتفاق منهم أخذت ما أخذت) . الاحتجاج:1 /278 .

وشكراً للأخ الموسوي على تعليقه، وسوف أبعث لك أخي الكريم رسالة جوابية إنشاء الله . وشكري الى الأخ عمار .

- وكتب علي القاضي بتاريخ 9-2-2000، الخامسة مساءً:

الأخ المعتز بالله السلام عليكم .. إن فدكاً كانت نحلة وهكذا طالبت بها فاطمة علیها السلام ولم يصدقها أبو بكر في ذلك، كما يذكر الفخر الرازي في تفسيره . فلما مات رسول الله صلی الله علیه و آله ادعت فاطمة أنه كان ينحلها فدكاً، فقال لها أبو بكر: أنت أعز الناس علي فقراً وأحبهم إلي غنى لكني لا أعرف صحة قولك فلا يجوز أن أحكم لك) ج8 / 125 مفاتيح الغيب . لايصدق الزهراء سلام الله عليها ؟! عجباً لذلك !! وقد قال رسول الله لعلي علیه السلام (وأوتيت زوجة صديقة مثل ابنتي) الرياض النظرة:2 /202 . وأن عائشة كلما ذكرتها فاطمة علیها السلام قالت: (ما رأيت أحداً كان أصدق لهجة منها، إلا أن يكون الذي والدها) المستدرك:3 /16والاستيعاب:2 /751 وحلية الأولياء:2 /41هل أن سيدة نساء العالمين وأفضلهن بنص النبي صلی الله علیه و آله كما يذكر البخاري . . تكذب في أمور دنيوية لاقيمة لها ؟!!

ص: 315

- وكتب عنتر في شبكة منتدى الإصلاح بتاريخ 6-5-2001، الثالثة صباحاً، موضوعاً بعنوان (لماذا ورثت الحميراء، ولم ترث سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء علیها السلام ؟!! سؤال غير محرج !!)، قال فيه:

هذه الفقرة من أحد المواضيع في شبكة هجر للأخ المحمدي: (يروى أنه بينماكان أبو حنيفة بين جمع غفير يملي عليهم من فقهه وحديثه إذ مر عليه (فضال بن الحسن الكوفي) مع صاحب له فقال فضال لصاحبه: والله لا أبرح هذا المكان حتى أُخجل أبا حنيفة . فقال له صاحبه: إن أباحنيفة ممن قد علت حاله وظهرت حجته، فقال له فضال: هل رأيت حجة علت على حجة مؤمن ؟؟ ثم دنا من أبي حنيفه فسلم عليه فرد علیه السلام ورد القوم، فقال: يا أبا حنيفة إن أخاً لي يقول إن خير الناس بعد رسول الله صلی الله علیه و آله علي بن أبي طالب، وأنا أقول أبوبكر خير الناس وبعده عمر، فما تقول أنت ؟ فأطرق ملياً ثم رفع رأسه فقال:كفى بمكانهما من رسول الله صلی الله علیه و آله كرماً وفخراً، أما علمت أنهما ضجيعاه في قبره فأي حجة تريد أن أوضح من هذا ؟ فقال له: إني قد قلت ذلك لأخي فقال: والله لئن كان المكان لرسول الله صلی الله علیه و آله فقد ظلما بدفنهما في موضع ليس لهما بحق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله صلی الله علیه و آله فقد أساءا وما أحسنا إذ رجعا في هبتهما ونسيا عهدهما .

فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال له:لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما .

فقال فضال: قد قلت له ذلك فقال: أنت تعلم أن النبي صلی الله علیه و آله مات عن تسع نساء ونظرنا فكان لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو

ص: 316

شبر في شبر، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك؟ . . . فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله صلی الله علیه و آله وفاطمة علیها السلام ابنته تمنع الميراث ؟!

فقال أبو حنيفة: يا قوم نحوه عني فإنه رافضي خبيث !

- وكتب عدو المشركين بتاريخ 6-5-2001، الرابعة صباحاً:

ذهبنا الى موقع هجر فوجدنا هذا السؤال (هل بيوت أزواج النبي صلی الله علیه و آله هي بيوت الرسول نفسه من ممتلكاته بعد وفاته؟

- فكتب عنتر بتاريخ 6-5-2001، الرابعة والربع صباحاً:

ماذا تعتقد أنت ؟!

- وكتب عدو المشركين بتاريخ 6-5-2001، السابعة صباحاً:

اعتقد أن " عبلة " لن تقبل بجبان لا يعرف الجواب مثلك .

- فكتب عنتر بتاريخ 7-5-2001، الثالثة والنصف صباحاً:

أن عبلة ليس لها دخل هنا، بل هي الحميراء هي لب الموضوع!! وأتمنى يا محب الحسين علیه السلام أن تواصل الموضوع هنا مع الأخ سيد علي وحالم وغيرهم هنا: http://forum.hajr.org/showthread.php3?threadid=19015

- وكتب عدو المشركين بتاريخ 7-5-2001، الرابعة والنصف صباحاً:

تقول الحميراء ولا تقول أم المؤمنين أتدري لماذا ؟! لأنك لست مؤمناً !

سماها الله وسمى أزواج رسول الله بأمهات المؤمنين، وأنت تقول حميراء يعني حميراء، ولا تستحق أن تكون أم المؤمنين حتى لو سماها الله بذلك !

- وكتب عنتر بتاريخ 8-5-2001، الثالثة والنصف صباحاًَ:

ص: 317

يا عدو الله وعدو المؤمنين، إن لقب الحميراء ليس أنا أوأنت الذي لقبها بذلك، فالله عز وجل هو أيضاً لقبها بذلك، لأن الرسول صلی الله علیه و آله لا ينطق عن الهوى، فإن ذلك من عند الله !!

أفهمت يا أنت، فنحن الذين يلتزمون بالكتاب الحكيم والسنة النبوية المطهرة التي لا يشوبها أفكار الأحبار مثل كعب الأحبار وغيرهم، وأما أنتم فدعكم في جهلكم وتغاضيكم عن الحقيقة المرة التي لا تستطيعون أن تنقضوها .

- قال العاملي: هذا نموذج من تهربهم من الأجوبة في هذا الموضوع !

العالم الوهابي جاكون يحاول التزوير !

- كتب المدعو جاكون في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 29-1-2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (أكذوبة الخلاف بين السيدة فاطمة علیها السلام والخليفة الاول أبي بكر)، قال فيه:

وقع في كتب الصحيحين والسنن، ما روي عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري: أن فاطمة علیها السلام وجدت على أبي بكر رضي الله عنه، لما أبى أن يقسم ما تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم، مستدلاً عليها بقوله صلوات الله وسلامه عليه: " نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة " . وذكرت بعض الروايات أن فاطمة علیها السلام غضبت ولم تزل مهاجرته، حتى توفيت بعد ستة أشهر . ولقد تعرضت ألفاظ هذه الرواية التي انفرد بروايتها محمد بن مسلم، وهو ثقه من صغار التابعين الى تفسيرات وتأويلات ينزه عنها الرعيل الأول من هذه الأمة،

ص: 318

وزاد الأمر سوء أن الرواية وردت بالمعنى: وهنا قد يقصر التعبير بالمعنى عن المراد حقيقة . وما أكثر الأمثلة على لذلك حتى في كلام البلغاء من الرجال !!

وفي هذه المقالة محاولة نقد وتفنيد لذلك الخبر، لعل من خلالها أن تتضح الرؤية ويزول اشكال طالما أفاد من وجوده أعداء الاسلام لبسوا لبوسه حيناً، وأسفروا عن ضغائن نفوسهم أحياناً ؟؟

أولاً: اختلاف الروايات: ورد هذا الخبر في كل من البخاري في كتاب الخمس والمغازي وفضائل الصحابة والاعتصام والفرائض . وفي مسلم في كتاب الخراج . والترمذي والنسائي في قسم الفئ . وأحمد في الجزء الأول والثاني في مسنده . وابن سعدفي الجزء الثاني من طبقاته . والمروزي في مسند أبي بكر . واستقصى الامام ابن كثير في البداية والنهاية في الجزء الخامس منه ص285 و291 طرق هذا الخبر وألفاظه، وأجاب بما يزيل اللبس ويقضي على الاشكال .

والملاحظ أن مدار الاسناد في هذا الخبر هو محمد بن مسلم . وهو من هو

ثقة وفقيه، غير أنه من صغار التابعين وقوله في الخبر " فغضبت فاطمة علیها السلام أو وجدت فاطمة علیها السلام على أبي بكر " . إنما هو مجرد ظن منه حيث استنبط من عدم تكلمها أنها غضبت أو وجدت على الصديق . والاختلاف في الألفاظ لعله من تلاميذ الزهري الذي روى كل منهم ما سمعه من شيخه بمعناه، فوقع الاختلاف فيه ما يشبه الاضطراب . أما روايه أبي الطفيل في مسند أحمد وسنن أبي داوود فليس في طرقها ابن شهاب .

ثانياً: مسأله الغضب والوجد: قبل كل شئ: إن وقوع الغضب والهجران ليس منقصة ما دام لم يتعدّ حدوده وزمنه وأسبابه . فهذه أخلاق في طبيعة الانسان، لا يمكن أن ينعزل عنها أحد بأي حال حتى الرسل عليهم الصلاه

ص: 319

والسلام . فقد غضب الرسول صلی الله علیه و آله على أسامه حِبّه، حينما تشفع في حد من حدود الله .كذلك هجر إحدى أمهات المؤمنين شهوراً حينما عيرت أخرى باليهوديه . وقد قال لعلي علیه السلام وقد تغير لونه مرة: يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة . فإنّ الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها . بل إن من شمائل المصطفى صلی الله علیه و آله: أن يغضب لله تعالى ويرضى لرضاه . والنبي ذو العزم موسى علیه السلام، قال الله حكايه عنه (فرجع موسى الى قومه غضبان أسفاً) وغضبه كذلك على الرجل الصالح واضح في سورة الكهف . وصحابة رسول الله صلی الله علیه و آله ليسوا معصومين من هذه الخلال الانسانية، وهم مدرسه للانسانية بكل كمالاتها وظروفها .

ثالثاً: على من غضبت فاطمة علیها السلام: على أن فاطمة علیها السلام غضبت وهذا كما ذكر ليس منقصة بحقها ولا بحق من غضبت عليه . فلا يحق أن نسأل على من غضبت فاطمة علیها السلام ؟: الحق أن الروايات كلها لم تذكر أنها غضبت عليه، أي أبي بكر . ولم تحدد على من كان الغضب غير أبي بكر ولكن جاء في بعض الروايت لفظ " وجدت على أبي بكر " فالغضب على أغلب الظن ليس هو الوجد بعينه، فلقد ذكر صاحب تاج العروس للوجد معاني خمس: العلم، الاصابة، الغضب، الايسار وهو الاستغناء، والاهتمام وهو الحزن . إذن هل غضبت على نفسها ؟ الأرجح أن يكون الأمر كذلك . ويؤكد هذا الرأي المحدث الكنكوهي في تعليقه على الجامع الصحيح:2 /500: يقول: قوله: " فغضبت فاطمة علیها السلام .. وهذا ظن من الراوي " . حيث استنبط من عدم تكليمها إياه أنها غضبت عليه مع أنها كانت نادمة فيما بدرت إليه . وكان عدم التكلم لأجل الندامة، أو المعنى: التكلم في هذا الباب . أو المعنى: أنها غضبت على

ص: 320

نفسها . حيث ذهبت الى الخليفه تطلب شيئاً من الدنيا مع أنه رضي الله عنه، كان باراً راشداً غير مظلوم .

رابعاً: الهجران: أول ما ينبغي أن يقرر هنا: أن الهجر من فاطمة علیها السلام لشخص الصديق رضي الله عنه لم يقع أصلاً . ولكن الذي حدث، أن ورود لفظ الهجر في قول الزهري ألبس الأمر مالبس، فظن الظانون أن الهجران إنما كان لشخص الصديق . فذهبوا يبررون ويتأولون . ورغم ما علموا أنه لم تنقل روايه تفيد أنهما تلاقيا فأعرض أحدهما عن الآخر، فقد فسروا لفظ الهجران بالانقباض، وهو ما لايليق بسيده نساء العالمين . وابنه سيد الاولين والاخرين . ويبقى السؤال: لأي شئ إذن كان الهجر ؟ ويأتي الجواب من نفس تلك الروايات التي رددت لفظ الهجر، وأنه انما كان لطلب الميراث، وليس لشخص أبي بكر رضي الله عنه . أي أنها هجرت الكلام من مسأله الميراث . حتى لحقت أبيها صلی الله علیه و آله . قال الحافظ ابن حجر (قوله: فلم تزل مهاجرته) . وفي روايه معمر: " فهجرته فاطمة علیها السلام فلم تكلمه حتى ماتت " . ووقع عند عمر بن شبه من وجه آخر عن معمر "فلم تكلمه في ذلك المال " وكذا نقل الترمذي عن بعض مشايخه: أن معنى قول فاطمة علیها السلام لابي بكر وعمر " لا أكلمكما " . أي في هذا الميراث . ثم كم بقيت الزهراء علیها السلام على قيد الحياة بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله، لم تكلم خلاله الصديق حتى يسمى ذلك هجرًا ؟ ذكرت الروايات: أن الزهراء علیها السلام، توفيت في الثالث من رمضان . أي أنها لم تعش ستة أشهر بعد أبيها .. وهذ الفترة لا يمكن تسميه عدم التلاقي فيها بين شخصين هجراناً وبخاصه بحق من كان في مثل وضع الزهراء علیها السلام فهي:

ص: 321

أولاً: ملتزم بشرع الاسلام الذي جاء به أبوها . وفيه أمرهن - أهل البيت - بالقرار في بيوتهن .

ثانياً: أن أبا بكر رضي الله عنه ليس محرماً لها، حتى يجتمع بها وتجتمع به في كل حال ..

ثالثاً: شغلت عن كل شئ بحزنها لفقدها أكرم الخلق، وهي مصيبة تزري بكل المصائب .

رابعاً: شغلت بمرضها الذي ألزمها الفراش عن أي مشاركة في أي شأن من الشؤون، فضلاً عن لقاء خليفة المسلمين، المشغول لكل لحظه من لحظاته بشؤون الأمة وحروب الرده وغيرها .

خامساً: لقد كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها، ومن كان في مثل علمها، لا يخطر بباله أمور الدنيا . وقد قال قوم إنما كان هجرها انقباضاً عن لقائه، وليس من الهجران المحرم، وإنما المحرم من ذلك أن يلتقيا فلا يسلم أحدهما على صاحبه . لكن هذا لايستساغ منها وهي من هي في حرصها على تعاليم الاسلام وسنة أبيها ووصيته ورضاه . ثم هل يتصور من فاطمة علیها السلام أن تهجر حتى ذلك الهجر المباح في تقديرهم أحب خلق الله الى رسول الله وأقربهم إليه، وهي تعلم يقيناً أن من وصاياه أن يحسن المرء الى صحابه أبيه؟ وحمل ما ورد في الحديث من لفظ الهجر بالانقباض إنما هو مجرد تكلف لا مبرر له . وأما ما أورده صاحب العمدة نقلاً عن كتاب الخمس لأبي حفص بن شاهين عن الشعبي: أن أبا بكر قال لفاطمة علیها السلام: " يابنت رسول الله صلی الله علیه و آله ما خير عيش حياة أعيشها وأنت علي ساخطة ؟ فإن كان عندك من رسول الله في ذلك عهد فأنت الصادقة المصدقة المأمونة على ما قلت .قال: فما قام أبو بكر إلا رضيت ورضي" . فهذا

ص: 322

الخبر على فرض صحته وهو ليس كذلك فيمكن حمله على أن الصديق بسبب مزيد حرصه على رضا فاطمة علیها السلام ومودتها وملاحظته حزنها، أراد أن يزيل من نفسها ما علق بها حول تركه رسول الله صلی الله علیه و آله فيكون قوله: أنت علي ساخطة من باب المعاتبة والود اد لا من باب تقرير الواقع . ويؤيد هذا التوجيه ما جاء في آخر الخبر المذكور من قوله: " فرضيت ورضي " . والمعلوم أن أبا بكر لم يغضب عليها ولم يقل ذلك أحد الرواة . ثبت كذلك أن أبا بكر زارها في بيتها فأذنت له، وتكلمت معه حتى رضيت، ولم يقل أحد أن هذا الرضى أعقب عدم رضا منها نحو الصديق . . . . الى آخر ماسيأتي في ردود السيد الفاطمي .

- فكتب الأشتر بتاريخ 29-1-2000، السابعة صباحاً:

ولأي الأمور تدفن ليلاً . . . . بضعة المصطفى ويعفى ثراها ؟!

والسلام على من اتبع الهدى .

- وكتب أبو حسين بتاريخ 29-1-2000، التاسعة صباحاً:

يقول المثل: حدَّث العاقل بما لا يُعقَل، فإن صدَّق فلا عقل له . ويقول أمير المؤمنين علي علیه السلام: حاججني العالم فغلبته، وحاججني الجاهل فغلبني. فماذا عساني أن أقول لك وأنت ببحثك الواهي هذا أخجلت الجهل والسذاجة . لماذا لم يؤول تأويلاتك هذه البخاري نفسه، أم تراك أنت أحرص على الدين منه، وقد دان بدينه ثلاثة أرباع هذه الأمة! على كل حال لاأريد أن أطبل الكلام معك فقد عرَّفتني وزنك وأنت أجبت عن نفسك من حيث لا تدري عندما قلت العبارة التالية: (لقد كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها.. ومن كان في مثل علمها .. لا يخطر بباله أمور الدنيا) وأنا أقول لك نعم، لقد كان غضبها لأمور الدين . انتهى كلامي معك فهذا كافٍ عليك جواباً لما أوردت.

ص: 323

والآن أريد أن أطرح سؤالاً عليك وعلى أهل ملَّتك:

1- لقد ذكرت بأن الزهراء علیها السلام كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها . وهذا ماتشنعون به علينا من قولنا بأن أهل البيت يعلمون بوقت لحوقهم بربهم.

2 - لقد ذكرت بأن النبي صلی الله علیه و آله قد قال لعلي علیه السلام وقد تغير لونه مرة: يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة علیها السلام فإنّ الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها . وهذا ماتشنعون به علينا من قولنا بأن آل محمد لهم من الشأن ما لايعلم به إلا الله سبحانه وتعالى، فهل قرأت قوله تعالى (وذا النون إذ ذهب مغاضباً) فهل غضبت الملائكة لغضب نبي الله يونس على نبينا وآله وعليه السلام . وهل تغضب الملائكة لغضب شخص خطَّاء، وهذه إحدى أدلتنا على العصمة التي تشنعون بها علينا .

3- ماذا أبقيتم لآل محمد؟ حتى عندما يغضبون لمالاقوا من أسلافكم لا تقبلون، وتؤولون لأعداء الله سوء أفعالهم، بالله عليك لماذا يبايع علي علیه السلام أبا بكر مرتين ؟ وهل حدث هذا لأحد غيره وقد تخلف عن البيعة جمعٌ من الصحابة الأبرار رضوان الله تعالى عليهم ؟! ألا تستحون من قولكم هذا. ولكن مع من أتكلم ... صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لايعقلون . والأعجب من هذا كله قولك هذه العبارة: (فلا يحق أن نسأل على من غضبت فاطمه ؟) . مسكينٌ أنت يا . . .

- وكتب فرزدق بتاريخ 29-1-2000، الثانية ظهراً:

وهل سألت نفسك يوماً يا جاكون:

- لماذا توفيت الزهراء علیها السلام عن ستة أشهر من رحيل أبيها وهي بعمر الورود ؟

- ولماذا لم يحضر القوم تشييعها وجنازتها ودفنها ؟!

- ولماذا لم يُصَلِّ عليها الخليفة .. وهي فاطمة الزهراء علیها السلام ؟!

ص: 324

- ولماذا دفنت ليلاً، وكل ذلك كان بطلب منها ؟!

بل ألم تسأل عقلك يوماً .. لماذا لم يصدّقها أبو بكر بما قالت في نحلة فدك ويرضيها ليرضي أباها وبعلها وآل البيت من وراء ذلك ؟!

- وهل الحديث المكذوب على رسول الله أولى بالاتباع، أم تصديق بضعة المصطفى ؟!

- وعلى فرض صحة الحديث جدلاً فهو في حالة الارث، وليس فيما إذا كان الشئ ملكاً للزهراء في حياة الرسول، لأن فدكاً كانت نحلة لها !.

- وهل عمل أبو بكر وتالياه بهذا الحديث مع نساء النبي صلی الله علیه و آله .. أم أن تطبيقه كان من قبيل (الأحكام العرفية !!!) .

- وهل وهل وهل وهل وهل .... وجزى الله الأخ أبو حسين فلقد أحسن وأجاد .. وخير الكلام ما قل ودلّ ..

- وكتب الفاطمي بتاريخ 29-1-2000

، الثانية والربع ظهراً:

إلى الزميل: جاكون … السلام عليكم .

قلت: والملاحظ أن مدار الاسناد في هذا الخبر هو محمد بن مسلم . وهو من هو ثقه وفقهاً غير أنه من صغار التابعين وقوله في الخبر: " فغضبت فاطمة علیها السلام أو وجدت فاطمة علیها السلام على أبي بكر ". إنما هو مجرد ظن منه حيث استنبط من عدم تكلمها أنها غضبت أو وجدت على الصديق .

أقول: أما قولك من صغار التابعين فلا يضره، فقد قال ابن حجر العسقلاني فيه: أحد الأئمة الأعلام وعالم الحجاز والشام . وقال ابن حجر: كان ابن شهاب يقول: ما استودعت قلبي شيئاً قط فنسيته (تهذيب التهذيب، ترجمة محمد بن مسلم الزهري) . وقال ابن عيينة عن عمرو بن دينار: ما رأيت (أنص للحديث) من الزهري . وهذا القول من معاصره وأيضاً ثقة (نفس المصدر) فكيف تقول " إنما

ص: 325

هو مجرد ظن منه حيث استنبط من عدم تكلمها أنها غضبت أو وجدت على الصديق . وهل يوافق ما قلته عن الزهري ما قاله ابن حجر ؟؟ وهل قولك لتصغير الزهري هو لتضعيف الحديث ؟؟!

وأيضاً: 2862 حَدَّثَنَا

عَبْدُالْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِالله حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ (ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي) عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِي اللهم عَنْهَا أَخْبَرَتْهُ أَنَّ فاطمة علیها السلام ابْنَةَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى آخر الحديث سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا مِمَّا تَرَكَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا أَفَاءَ الله عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ فَغَضِبَتْ فاطمة علیها السلام بِنْتُ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَجَرَتْ أَبَا بَكْرٍ فَلَمْ تَزَلْ مُهَاجِرَتَهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ وَعَاشَتْ بَعْدَ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ .

أقول: لاحظ السند يا جاكون . فإن ابن شهاب يقول: أخبرني . وانظر الأقوال في مدح ابن شهاب وإنه أنص للحديث . فلماذا قلت: إنما هو (مجرد ظن منه حيث استنبط من عدم تكلمها أنها غضبت أو وجدت على الصديق) . أو لم يقل ابن شهاب أخبرني عروة فهل هو كاذب ؟ ؟

وأما الإختلاف في الألفاظ فلو كان يضر بالحديث لكانت روايات أم المؤمنين عن عقدها باطلةللإختلاف الشاسع فيها وفي كيفية ضياع العقد. لكان أهل الحديث طعنوا في تلك الروايات وما فعلوه . فهل طعنك هذا تصغيرا لشأن الزهراء سلام الله عليها ؟! وهل هو للدفاع عن أبي بكر ؟؟! ولنا عودة وللحديث بقية فترقب . . .

نعود لتكملة الرد على ما قلته يا جاكون ..

ص: 326

قلت: ثانياً: مسأله الغضب والوجد .. وقلت: وقد قال لعلي علیه السلام وقد تغير لونه مرة: يا أبا الحسن إياك وغضب فاطمة علیها السلام، فإنّ الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها .

أقول: أحسنت على هذا القول ! فهل غضبت الملائكة لغضب فاطمة علیها السلام على أبي بكر أم لألألأ ؟؟ ولا أدري لماذا أوردت هذا القول مع علمك بأنه ضد أبا بكر ؟ وهل لأنك تريد أن تثبت غضب الزهراء على علي سلام الله عليهما ؟ وأين الدليل ؟؟!

قلت: بل إن من شمائل المصطفى: أن يغضب لله تعالى ويرضى لرضاه .

أقول: فلماذا تتقولون على خير خلق الله صلی الله علیه و آله بقولكم إنه كان يسب ويلعن ويجلد من ليس بأهل لذلك ؟؟ يا أخي حيرتونا بتناقضاتكم ولا ندري نأخذ بأقوال مَن مِن علمائكم ؟!

قلت: ثالثاً: على من غضبت فاطمة علیها السلام ؟... الحق أن الروايات كلهالم تذكر أنها غضبت عليه أي أبي بكر ولم تحدد على من كان الغضب غير أبي بكر .

أقول: هل تريد أن تلعب علينا، وهل تريد أن تستخف بعقول القراء، ياجاكون ؟ وهل قرأت البخاري قبل أن تكتب ردك البارد هنا ؟ ففي البخاري: ح 1574 – كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه صدقة، ج 8، ص 551، ط / دار القلم . (فهجرته فاطمة علیها السلام فلم تكلمه حتى ماتت) .

وأيضاً في البخاري: ح 1265 – كتاب الخمس، باب فرض الخمس، ج 4، ص 504: (فغضبت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبابكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت) .

ص: 327

وأيضاً في البخاري: ح 704، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ج 5 ص 252، (فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة علیها السلام شيئاً فوجدت فاطمة علیها السلام على أبي بكر في ذلك فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي علیه السلام ليلاً ولم يؤذن بها أبو بكر وصلى عليها) . أنظر يا جاكون إلى (فوجدت فاطمة علیها السلام على أبي بكر فلم تكلمه). وانظر إلى " فغضبت فاطمة علیها السلام ": فغضبت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبابكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت .

وانظر لعلك تقتنع ولا أظن (فهجرته فاطمة علیها السلام فلم تكلمه حتى ماتت) ! وهل غضبت إلا على من منعها أرضها وسهمها من خيبر ؟! هل غضبت على نفسها ؟ الأرجح أن يكون الأمر كذلك !!

ويؤكد هذاالرأي المحدث اللكنوهي في تعليقه على الجامع الصحيح: 2/ 500: قال: (قوله " فغضبت فاطمة علیها السلام .. وهذا ظن من الراوي" حيث استنبط من عدم تكليمها إياه أنها غضبت عليه، مع أنها كانت نادمة فيما بدرت إليه وكان عدم التكلم لأجل الندامة، أو المعنى: التكلم في هذا الباب أو المعنى: أنها غضبت على نفسها حيث ذهبت الى الخليفة تطلب شيئاً من الدنيا مع أنه رضي الله عنه، كان باراً راشداً غير ظلوم) . انتهى .

لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ماكنت أظن أن حب أبو بكر هكذا يصم ويعمي ! ما كنت أظن أن هناك من يطعن في سيدة نساء أهل الجنة . قال رسول الله صلی الله علیه و آله: فاطمة علیها السلام سيدة نساء أهل الجنة . رواه البخاري الجزء الخامس ص 96 – كتاب فضائل أصحاب النبي_ طبعة دار القلم) .

ص: 328

معذرة مولاتي، وحتى وفي مثواك يطعنون بك ! حتى وبعد 1400 سنة يطل علينا من يصر أن يطعن بك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام !!

هل تدري ما تقول يا جاكون؟! وهل أنك جاد أو تستهزئ بقولك (إنها غضبت على نفسها) ؟ هل أمرها سلام الله عليها بأن تدفن ليلاً كان من غضبها على نفسها ؟! وهل إصرارها سلام الله عليها على مهاجرتها لأبي بكر حتى توفيت، كان لغضبها على نفسها ؟! فلماذا لم تأذن لأبي بكر بالصلاة عليها إذا كانت راضية عنه، كما تدعون كذباً وزوراً ؟!

قلت: مع أنها كانت نادمة فيما بدرت إليه وكان عدم التكلم لأجل الندامة .

أقول: وهل ندمت سلام الله عليها لطلبها أرضها الذي وهبها أبوها صلی الله علیه و آله إياها وسهمها من خيبر ؟ ما لكم كيف تحكمون ؟! ساء ما تحكمون !

قلت: حيث ذهبت الى الخليفة تطلب شيئاً من الدنيا، مع أنه رضي الله عنه كان باراً راشداً غير مظلوم .

أقول: كيف كان باراً راشداً وقد منعها فدك مع أن الرسول صلی الله علیه و آله أعطاها إياه في حياته ؟! روى البخاري عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: أن فاطمة علیها السلام والعباس علیهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لانورث ما تركناه صدقة . ج 8، ص 551. فهل تقرأ يا جاكون: (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر). وهل تعرف معنى ما بين القوسين ؟ وهل حرمانها من أرضها يعتبر من البر ؟! وهل طلبها أرضها والذي أعطاها أبوها صلی الله علیه و آله يعتبر منقصة لها، لكي تقول إنها غضبت على نفسها لطلبها شيئاً من الدنيا ؟؟

ص: 329

قلت: رابعاً الهجران: أول ما ينبغي أن يقرر هنا: أن الهجر من فاطمة علیها السلام لشخص الصديق رضي الله عنه لم يقع أصلاً .

أقول: إقرأ البخاري جيداً. وراجع الروايات التي أوردنها أعلاه في هذا الرد ونذكرها باختصار: في البخاري ح1574 - كتاب الفرائض: (فهجرته فاطمة علیها السلام فلم تكلمه حتى ماتت) وأيضا في البخاري: ح 1265 - كتاب الخمس: (فغضبت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فهجرت أبابكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت) !!

فكيف تقول: إن الهجر من فاطمة علیها السلام لشخص الصديق رضي الله عنه لم يقع أصلاً . وعلى ماذا بنيت قولك هذا، وما هو المصدر، ومن أي كتاب ؟! أم إنك تتقول على الزهراء

سلام الله عليها ؟! ولنا عودة يا جاكون بعد حوالي ساعة . السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب فاتح في30-1-2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

الواضح الذي لا يمكن الفرار منه هو موقف الزهراء علیها السلام الشهيدة .

هل قتلت أم لا ؟ ومن الذي قتلها ؟ أليس عمر ؟!

ومن أحرق بيتها ؟ أليس عمر وأبو بكر ؟!

من غصب الخلافة والإرث ؟؟

وتبقى الزهراء علیها السلام هي الزهراء علیها السلام الكاشفة عن الحقيقة .

نعم لأي الأمور تدفن ليلاً . أليس لعدم رضاها بهما ؟!

- وكتب الفاطمي في 30-1-2000، الواحدة والنصف صباحاً:

تكملة الرد:

ص: 330

قلت: ويبقى السؤال: لأي شئ إذن كان الهجر ؟ ويأتي الجواب من نفس تلك الروايات التي رددت لفظ الهجر، وأنه إنما كان لطلب الميراث، وليس لشخص أبي بكر رضي الله عنه .

أقول: ومن الذي منعها سلام الله عليها من الميراث ؟ ومن الذي منعها سهمها وأرضها في فدك ؟! أليس هو أبو بكر والذي هجرته الزهراء سلام الله عليها لإحساسها بالظلم والحيف ؟؟!

قلت: قال الحافظ ابن حجر (قوله: فلم تزل مهاجرته) وفي روايه معمر: " فهجرته فاطمة علیها السلام فلم تكلمه حتى ماتت " . ووقع عند عمر بن شبه من وجه آخر عن معمر: " فلم تكلمه في ذلك المال " . وكذا نقل الترمذي عن بعض مشايخه: أن معنى قول فاطمة علیها السلام لأبي بكر وعمر: " لا أكلمكما " . أي في هذا الميراث .

أقول: لماذا لم تكمل ماقاله ابن حجر العسقلاني !وهل رأيت ما لا تحب؟ وهل في بتر الأقوال تريدون الدفاع عن أبي بكر ؟ وعموماً قال ابن حجر بعد أن قال: أي في الميراث، وتعقبه الشاشي بأن قرينة قوله (غضبت) تدل على أنها امتنعت من الكلام جملة وهذا صريح الهجر، لاحظ عبارة (صريح الهجر) فهل اقتنعت الآن، لا أعتقد !

قلت: فهي أولاً: ملتزمة بشرع الاسلام الذي جاء به أبوها. وفيه أمرهن أهل البيت بالقرار في بيوتهن .

أقول: لا يمنع الشرع مطالبة المرأة بحقها وإرثها، وانظر خروج عائشة أم المؤمنين من بيتها إلى البصرة !!!

ص: 331

قلت: ثانياً: إن أبا بكر رضي الله عنه ليس محرماً لها حتى يجتمع بها وتجتمع به في كل حال .

أقول: وهل كانت سلام الله عليها تجتمع في خلوة والعياذ بالله أم بالمسجد ؟! وهل كانت أم المؤمنين عائشة محرم على جيشها ؟!

قلت: ثالثاً: شغلت عن كل شئ بحزنها لفقدها أكرم الخلق، وهي مصيبه تزري بكل المصائب .

أقول: صح لسانك . ولكن هل رفقوا بها سلام الله عليها .

أيها القوم راقبوا الله فينا *** نحن من روضة الجليل جناها

أيها الناس أي بنت نبي *** عن مواريثها أبوها زواها

قلت: رابعاً: شغلت بمرضها الذي ألزمها الفراش عن أي مشاركة في أي شأن من الشؤون فضلاً عن لقاء خليفه المسلمين، المشغول لكل لحظه من لحظاته بشؤون الأمة وحروب الردة وغيرها .

أقول: وما كان مرضها سلام الله عليها ؟ وهل كانت مريضة طول فترة بقائها بعد أبيها صلی الله علیه و آله ؟! وهل كانت تلاقي أبابكر إلا في المسجد ؟! فهل كانت مشاغله تمنعه من الصلاة في المسجد ؟!

قلت: خامساً: لقد كانت تعلم بقرب لحوقها بأبيها.. ومن كان في مثل علمها .. لا يخطر بباله أمور الدنيا . وقد قال قوم إنما كان هجرها انقباضاً عن لقائه، وليس من الهجران المحرم وإنما المحرم من ذلك أن يلتقيا فلا يسلم أحدهما على صاحبه .

أقول: لم نسلكم لحاجة واضطرار *** بل ندل الورى على تقواها

كم لنا فيكمُ رشحةُ جود *** يعجز السبعة البحار غناها

ص: 332

وهل تعد من الهجران المحرم وصيتها علیها السلام بدفنها ليلاً، أم لألأ ؟! وهل تعد عدم صلاة أبي بكر عليها من الهجران المحرم، أم لألألأ ؟

ولأي الأمور تدفن ليلاً بضعة المصطفى ويعفى ثراها ؟

قلت: لكن هذا لا يستساغ منها وهي من هي في حرصها على تعاليم الاسلام وسنة أبيها ووصيته ورضاه .

أقول: وهل يستساغ من أبي بكر إغضابها ومنعها حقها ؟! وماذا تريد من الزهراء علیها السلام أن تفعل وقد غصب أبو بكر حقها ؟هل تريد منها أن ترضى عنهم وتتقبل إغصابها حقها وهي بضعة المصطفى ويغضبه ما يغضبها ولم يراعوا لهما أي حرمة . وما هذه العقلية يا جاكون ؟!

قلت: ثم هل يتصور من فاطمة علیها السلام أن تهجر حتى ذلك الهجر المباح في تقديرهم أحب خلق الله الى رسول الله وأقربهم إليه، وهي تعلم يقيناً أن من وصاياه أن يحسن المرء الى صحابه أبيه ؟

أقول: ولم لألأ ؟ وقد غصبوا حقها (أرضها في فدك وسهمها من خيبر) ومن قال لك بأن أبا بكر أحب الخلق إلى أبيها صلی الله علیه و آله ؟ وهل أحب الخلق إلى أبيها يغتصب حقها ويمنعها من أرضها وسهمها ؟

وهل أحب الخلق كما تزعمون لم تؤذنه بالصلاة عليها وبعد مماتها؟؟

وهل أحب الخلق كما تزعمون قد هجرته الزهراء سلام الله عليها وهي التي يغضب لها أبوها صلی الله علیه و آله والملائكة كما قلت أنت ؟؟

قلت: وحمل ما ورد في الحديث من لفظ الهجر بالانقباض إنما هو مجرد تكلف لا مبرر له .

ص: 333

أقول: أين الدليل ؟ أم أن حبك لأبي بكر وبغضك للزهراء سلام الله عليها، يدفعانكم إلى القول بذلك ؟؟

قلت: فهذا الخبر على فرض صحته وهو ليس كذلك .

أقول: فلماذا أوردته وأنت تعلم عدم صحته ؟ أم أن الغريق يتشبث بكل طحلب .

قلت: روى البيهقي عن طريق الشعبي أن أبابكر عاد فاطمة علیها السلام فقال لها علي علیه السلام هذا أبو بكر يستأذن عليك فقالت: أتحب أن آذن له ؟ قال نعم . فأذنت له فدخل عليها فترضاها حتى رضيت . وهذا الحديث وإن كان مرسلاً فإسناده الى الشعبي صحيح . وفيه أيضاً قول أبي بكر رضي الله عنه: والله ما تركت الدار والمال والأهل والعشيره إلا ابتغاء مرضاة الله ومرضاة رسوله ومرضاتكم أهل البيت . قال ابن كثير: هذا إسناد جيد قوي . (ج 5 ص 289)

أقول: يا سبحان الله كيف يكون إسناداً قوياً وأنت تقول إنه مرسل ؟! أم أن الإسناد يكون قوياً على المشتهى والهوى ؟ وإذا كان الحديث صحيحاً فلماذا قال ابن حجر: فإن ثبت حديث الشعبي أزال الإشكال ! فتح الباري، كتاب فرض الخمس،/ باب 1 / ح 3091 - 3094، ص 243، طبع دار السلام، الرياض . وإذا كان هذا الحديث صحيحاً فلماذا لم يروه أصحاب الصحاح الستة مع شديد الإحتياج إليه لأن هذا الحديث وكما قال ابن حجر: فإن ثبت حديث الشعبي أزال الإشكال . وإذا كان هذا الحديث صحيحاً . فلماذا قالت أم المؤمنين عائشة في البخاري: ح 704، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ج 5، ص 252: (فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة علیها السلام شيئاً فوجدت فاطمة علیها السلام على أبي بكر في ذلك فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر،

ص: 334

فلما توفيت دفنها زوجها علي علیه السلام ليلاً ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي علیه السلام) ؟!!

وراجع بقية الأحاديث التي أوردتها في الرد الثاني لتعلم ضعف هذا الحديث يا جاكون ! وأما قول ابن كثير في إسناد الحديث فهو قول يضاد الأحاديث الصحيحة في البخاري (أصح كتاب عندكم) ودافعه لهذا القول حبه لأبي بكر .. ولا أحب أن أزيد على هذا ؟!

وأما قولك يا جاكون: فهذا من كمال خلقها وسمو أدبها والتزامها آداب الشرع الحنيف .

فأقول: ليست الزهراء سلام الله عليها بحاجة لهذا الإستدلال الخاطئ من حديث مرسل، لكي تثبت كمال خلقها وسمو آدابها فيكفيها سلام الله عليها قول أبيها صلی الله علیه و آله فيها: فاطمة علیها السلام سيدة نساء أهل الجنة .

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الأشتر بتاريخ 30-1-2000، السادسة صباحاً:

اللهم صل على محمد وآل محمد .. وعجل فرجهم الشريف.

- وكتب الفاطمي بتاريخ 31-1-2000، الحادية عشرة ليلاً:

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- ثم كتب الفاطمي بتاريخ 17-2-2000، الرابعة عصراً:

لماذا لا ترد يالناصبي .. ؟! صم بكم عمي في ظلمات !

ص: 335

يالناصبي ألا تستحي ؟ ألا تخجل من افتراءاتك على سيدة نساء العالمين وعلى أبيها ؟! قليل من الحياء إن لم تخف من أبيها صلی الله علیه و آله، الذي يغضب له رب العالمين يوم القيامة .

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

قال العاملي: وهرب جاكون ولم يجب !! وصلوات الله على الزهراء علیها السلام التي أقامت الحجة بقولها وفعلها، ولم تبق للجوج منفذاً !!

محاولتهم الاحتجاج على الشيعة بأن المرأة لا ترث من العقار !

- قال العاملي: جرت في هذا الموضوع مناقشات مهمة بين المدعو عبد الله الحوت ومحمد ابراهيم من جهة، وبين الأشتر والسيد الموسوي والسيد الفاطمي من جهة، قد تزيد على مئة صفحة، لذا اكتفينا بنبذة منها:

- كتب عبد الله الحوت في الموسوعة الشيعية في 8-1-2000 العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (أيها الشيعة: هذه حقيقة مظلومية فدك)، قال فيه:

كثر الحديث والقيل والقال حول ما يسميه البعض بمظلومية فدك، حيث أخذ كل متعصب في التشكيك بصحابة رسول الله، فراحوا يتناولون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطعن والتجريح، ويصورونهم أنهم ما هم سوى عصابة تتكالب على حطام الدنيا، فطاشت السهام والأقلام كل حسب ميله وهواه، لدرجة أن يقول بعض المترددين على هذا المنتدى: من يستطيع أن يأتيني بدليل على فضل الصحابة .. سبحانك هذا بهتان عظيم وكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً ..

ص: 336

ومن تلك الاشاعات والتقاويل ما يسمى ب- (مظلومية فدك) .. لذلك فإني أضع هذه الحادثة في موضعها الصحيح ومن مصادر الشيعة، والمسألة لم تكن ذات أهمية كبيرة، ولكن أصحاب المطامع السيئة والنوايا الخبيثة يحاولون اجترار القضية بين الفينة والأخرى والنفخ فيها، وهي لا تستحق كل هذا التهويل، ولكن دعنا بداية نوجزها بشكل صحيح وهي . . . . الخ .

هنا نقل الحوت ماكتبه إحسان ظهير ومحب أهل البيت، ونسبه الى نفسه.. ومما نقله قوله: والأمر الأهم: ألا يعتقد الشيعة أن مذهبهم لا يورث المرأة من العقار والأرض شيئاً ؟ ولذلك فإن الكليني محدث الشيعة الذي يقول عنه الشيعة (أنه كاف للشيعة) قد عقد باباً مستقلاً في كتابه أسماه: باب أن النساء لا يرثن من العقار شيئاً . . .

- فكتب مالك الأشتر بتاريخ 8-1-2000

، الحادية عشرة صباحأ:

الى الحوت . . . إن صحيحك البخاري يقول إن فاطمة علیها السلام ماتت وهي واجدة (غاضبة) على أبي بكر، وكذلك أوصت أن لا يصلي عليها وماتت وهي غير مبايعة له، بل إن علياً علیه السلام لم يبايع أبا بكر مازالت فاطمة علیها السلام في الحياة، يعني بقي لمدة ستة أشهر لم يبايع .

إن فاطمة علیها السلام كانت البنت الوحيدة الباقية لرسول الله صلی الله علیه و آله، فهل من المعقول أن النبي صلی الله علیه و آله خبر الناس بأنه لا يورث وترك فاطمة علیها السلام لم يخبرها ؟ فإذا كان لم يخبرها فقد قصر في حق ابنته، وحاشاه من ذلك، لأنها ستطالب بإرثها وهي لا تعلم بأنها لا ترث !! . . .

بقي احتمالان: أن تكون فاطمة علیها السلام علمت بأنها لا ترث من أبيها وذهبت تطالب بشئ هو ليس لها، وبذلك تكون كاذبة في دعواها وسارقة من مال

ص: 337

المسلمين، حاشاها ذلك ! أو يكون أبو بكر قد افترى على رسول الله صلی الله علیه و آله بهذا الحديث، وبهذا يكون قد سرق أموال فاطمة علیها السلام بنت النبي صلی الله علیه و آله، ورماها بعدم الفهم وعدم المعرفة بشريعة أبيها .

هذه للعجالة، وسنوافيك بالباقي إن شاء الله .

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 8-1-2000، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ الكريم عبد الله الحوت ... لله درك، فقد كفيت ووفيت .

ورسالتك هذه سوف تكون أحد المراجع التي أحتفظ بها في تبيان الحق . فإلى الأمام والمزيد من هذه الرسائل التي تضع الحق في نصابه...

الزميل مالك الأشتر: ما رأيك، هل يمكن أن ترث المرأة الأرض والعقار حسب عقيدة الشيعة ؟

- فكتب الأشتر بتاريخ 8-1-2000، الثالثة إلا الثلث ظهراً:

كالعادة لم أجد جواباً لسؤالي الذي طرحته وهو: إذا كان الرسول لا يورث حسب زعم أهل السنة، فكيف ترث عائشة أم المؤمنين بيت النبي، لابل وتأذن لأبي بكر وعمر أن يدفنا فيه ؟!! وهل هناك تشريع في الاسلام يمنع البنت من إرثها، بينما ترث الزوجة ؟!

وإليكم هذه الرواية من صحيح البخاري يستأذن فيها عبد الله بن عمر عائشة لكي يدفن عمر في بيت النبي صلی الله علیه و آله: من وصية عمر بن الخطاب إلى ابنه عبد الله: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين . فقل: يقرأ عليك عمر السلام، ولا تقل أمير المؤمنين فإني لست اليوم أمير المؤمنين، وقل يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفع مع صاحبيه، فإن أذنت لي فأدخلوني وأن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين . فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال: يقرأ عليك عمر بن

ص: 338

الخطاب السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه . فقالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرنه به اليوم على نفسي. فلما أقبل قيل هذا عبدالله بن عمر قد جاء. قال: إرفعوني فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك ؟ قال: الذي تحب يا أمير المؤمنين، أذنَت . قال: الحمد لله ما كان من شئ أهم إلي من ذلك فإذا أنا قضيت فاحملوني . رواه البخاري ص 78 و79 الجزء 5 باب 38 حديث 219 طبعة دار القلم . فهل من مجيب من أهل السنة ؟؟!

- وكتب عبد الله الحوت في 8-1-2000، الثالثة إلا ربعاً ظهراً:

الأخ العزيز محمد ابراهيم .. أشكرك على هذا الاطراء وأقول لك: ولا يهمك وربك لأنخلن كتبهم نخلاً، وأرد على كل تهمة من كتبهم. فلدي الكثير الذي لم أقله .. ولكن أنتظر قادم الأيام لأنها ستكون حاسمة فأنا شعاري من فمهم أدينهم مهما حاولوا تزوير الوقائع وتكذيب الحقائق .

(فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)

وأنا حتى الآن لم أذكر إلا اليسير .

- وكتب مالك الأشتر في 8-1-2000، الثالثة والنصف ظهراً:

يا محمد ابراهيم … إن صاحبك دلس الكلام في المرأة فالموضوع الزوجة وليس البنت . أما البنت فإنها ترث وهي الحاجب عن كل قريب غير الزوجة التي ترث الثمن، فلا تفرح .. وسيأتيك تفصيل وتفصيل، ستندم به على مدحك لصاحبك !

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 8-1-2000

، السابعة مساءً:

قول أن المرأة لا ترث العقار والأرض ليس من عندنا، بل هناك العديد من الروايات في كتب الشيعة في هذا الشأن نورد هنا القليل منها ويمكن لمن أراد

ص: 339

البحث أن رجع لكتب الشيعة ويتحقق من ذلك . جاء في الكافي ج 7 ص 127 باب أن النساء لا يرثن شيئاً من العقار: علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى عن يونس عن محمد بن حمران عن زرارة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر علیه السلام قال: النساء لا يرثن من الأرض والعقار شيئاً .. الخ .

هل من مجيب من الشيعة الكرام على هذا السؤال المهم جداً .

(مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون) العنكبوت 41 .

- وكتب الموسوي بتاريخ 8-1-2000

، الحادية عشرة ليلاً:

عندي رد سيأتي على النقاط التي طرحها الزملاء عبد الله الحوت ومحمد إبراهيم . ولكن أقول: أين أمانتكم ؟ هل تتبعون خطى إحسان إلهي ظهير في التقطيع والتحريف ؟! أبشروا فهناك موضوع سأطرحه بعد عودتي من السفر حول تحريف إحسان إلهي ظهير ؟ والسؤال هو: إذا كنتم قد رأيتم روايات عدم إرث النساء للعقار فلم اخترتم تلك الأحاديث فقط ؟ إنكم تريدون الايهام بأن النساء أي الإناث لايرثن العقار، وفي هذا يقول الحوت (والأمر الأهم ألا يعتقد الشيعة أن مذهبهم لا يورث المرأة من العقار والأرض شيئاً ؟) ثم يقف محمد إبراهيم في نفس الخانة من التحريف .. هل يكون من يعمد إلى هذه الأساليب الرخيصة موضوعياً ؟!

لقد بينتما يا محمد إبراهيم والحوت عن حقيقة أمركما، وتبعتما الكاذب ابن تيمية والمحرف إحسان إلهي ظهير في أساليبهما ؟ فهل تستحقان بعد هذا النظر في كلامكما ؟ وحتى لا تظنا أننا عاجزون عن الجواب سأقوم بإعداد رد آخر على باقي كلامكما .

ص: 340

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 9-1-2000، الواحدة صباحاً:

الزميل الموسوي . . . يؤسفني أن تلقي أنت التهم جزافاً هكذا، لقد وضحت الأحاديث والمصدر وانتقيت الأحاديث القصيرة لاختصار الوقت في الكتابة ولأنها شاملة، والأحاديث التي أنت تقول أنني لم أنقلها فإنني نقلت مضمونها من الحديث الذي ذكرته من كتاب الاستبصار للطوسي ... فهات أنت والزميل مالك الأشتر ماعندكما وعندما نتأكد مما نقلتماه يكون هناك رأي آخر . . . .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 10-1-2000، الواحدة ظهراً:

إلى أخي محمد إبراهيم، السلام عليكم .. لو سمحت وتكرمت ممكن ترد على هذا السؤال قبل أن أنشر الرد بخصوص هذا الموضوع: ما حكم من يذكر الروايات ويبترها ويأخذ منها ما يلائمه ويوافق هواه، ويحذف بقية الرواية التي تناقض هواه ومراده ؟ هل تعتبره مدلساً أم كذاباً ؟ وهل تقر بهذا البتر والتلاعب بالروايات ؟!

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 10-1-2000

، السابعة مساءً:

الزميل الفاطمي: لقد وضحت أن ما يدعيه الزميل الموسوي من عدم أمانة النقل هو من استنتاجه، وأتحدى من يدعي ذلك علي أن يثبت أنني بترت أو حورت أو تلاعبت بالروايات .

أما قولك عن أن من يأخذ من الروايات ما يوافق هواه فهذا كلام ممطوط يمكن أن تتهم أي أحد به، بمعنى أنه كل من لا يأتي بجميع الروايات فإنه يُمكن اتهامه بأنه يأخذ من الروايات حسب هواه . المهم الروايات التي أتيت بها فيها بيت القصيد حسب جهدي في البحث وحسب ماسمح به الوقت لي فإن

ص: 341

كان هناك غيرها في صلب الموضوع وترون أنه جدير بالنقل فهاتوه واستدلوا به . هذه مسؤوليتكم أنتم . فلماذا تضيعون الرسائل في بحث ما أتيت به أنا من كتبكم بالرغم من أنها حسب رأيي قد وفت بما أردت أن أبينه، فإذا ترون أنها ليست كذلك فهاتوا ما عندكم . . . .

- وكتب الموسوي بتاريخ 4-2-2000، الخامسة إلا ربعاً مساءً:

الزملاء الكرام: عبدالله الحوت ومحمد إبراهيم ... سأبدأ ردي بمقدمة، ثم سأقسم ردي إلى ثلاثة أقسام، فقسم منه يعم أسئلتكما والنقاط المشتركة بين كلامكما، والقسمان الآخران سيكون خاصاً بما أثاره كل واحد منكما على انفراد، مع اعتذاري مسبقاً عن التأخر في الرد الذي أضحى من سماتي السلبية ! وحسب عادتي في تقسيم الردود الطويلة فإنني سأنزله من خلال عدة ردود، فأقول وبالله التوفيق:

أما المقدمة التوطئة فهي عبارة عن نقطتين: الأولى: إن مطالبة الزهراء علیها السلام لحقها في فدك كانت على ثلاثة مراحل، وعندما كان الخليفة أبو بكر يرفض دعواها في المرحلة الأولى فإنها كانت تنتقل إلى المرحلة التي بعدها، وهذا أسلوب شائع في المطالبة بالحق . يقول ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه لنهج البلاغة: 16/230: " واعلم أن الناس يظنون أن نزاع فاطمة علیها السلام أبابكر كان في أمرين: الميراث والنحلة، وقد وجدت في الحديث أنها نازعت في أمر ثالث ومنعها أبو بكر إياه، وهو سهم ذوي القربى ".

وتقريباً للفكرة، لو أن الأب خص أحد ابنيه بأحد أملاكه قبل الوفاة، ثم بعدوفاته استولى أخوه على هذا الملك وتصرف فيه تصرف الملاك، فإن الابن الموهوب إليه سيسعى إلى إثبات أحقيته في الملك، وإذا رفض القاضي دعواه

ص: 342

فإنه سينتقل إلى المطالبة بحقه كشريك في الإرث، ومطالبته بالإرث لا تعني منه إقراراً بأن الملك ليس له، ولكنه محاولة لاستنقاذ أي حق له في هذا المال . والغرض من إثارة هذه النقطة هو دفع توهم قد يعلق ببعض الأذهان من أن الزهراء علیها السلام إذا كانت تعتقد أن فدك قد نحلها النبي صلی الله علیه و آله في حياته، فلم طالبت به من باب الإرث بعد وفاته .

الثانية: إن فدكاً لم تكن فيئاً للمسلمين عامة، بل كانت خاصة لرسول الله يفعل بها مايشاء . ففي سيرة ابن هشام: 3/801: "وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم، أهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم، حتى إذا أيقنوا بالهلكة، سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم، ففعل . وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها: الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم، إلا ما كان من ذينك الحصنين . فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا، بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم، وأن يحقن دماءهم، ويخلوا له الأموال، ففعل . وكان فيمن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود، أخو بنى حارثة . فما نزل أهل خيبر على ذلك، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف، وقالوا: نحن أعلم بها منكم، وأعمر لها، فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم، فصالحه أهل فدك على مثل ذلك، فكانت خيبر فيئاً بين المسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب".

وفي نفس المصدر ص 814: قال ابن إسحاق: " فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، قذف الله الرعب في قلوب أهل فدك حين بلغهم ما أوقع

ص: 343

الله بأهل خيبر، فبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحونه على النصف من فدك، فقدمت عليه رسلهم بخيبر أو بالطائف، أو بعد ما قدم المدينة، فقبل ذلك منهم، فكانت فدك لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة، لأنه لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب". انتهى .

إذن فدك كانت شيئاً خاصاً لرسول الله يتصرف فيها ما يشاء. وبما أنها كانت خالصة لرسول الله فقد أنحلها رسول الله صلی الله علیه و آله ووهبها لفاطمة علیها السلام . فقد روى السيوطي في الدر المنثور:4/178: " وأخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه، قال: " لما نزلت هذه الآية: (وآت ذا القربى حقه) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة علیها السلام فأعطاها فدكاً ". انتهى .

وليس في سند الحديث من يتكلم فيه سوى عطية العوفي، ويكفي بالنسبة لنا (تأييداً لرأينا في أن رسول الله صلی الله علیه و آله أنحلها ابنته، أن يحيى بن معين قال عنه: صالح . فهذه الرواية تؤكد أن هناك أمراً إلهياً في حياة النبي صلی الله علیه و آله بأن توهب الزهراء علیها السلام فدكاً، أو على أقل تقدير هو مورد تطبيق ذلك الأمر .

والكل يعلم أن الهبة من أسباب الملك، فهي إذن ملك لفاطمة علیها السلام، ولهذا جاء في رواياتنا أن أبا بكر أخرج وكيل فاطمة علیها السلام عن فدك، وهذا يعني أن فاطمة

الزهراء علیها السلام بصفتها صاحبة الملك كان لها وكيل في فدك يقوم بأمورها، وأخذ الأموال من أهلها .

القسم الأول (المشترك بين الزميلين محمد إبراهيم وعبدالله الحوت)....الخ.

- وتابع الموسوي بتاريخ 6-2-2000، الخامسة مساءً فقال:

القسم الثاني (المخصص للزميل عبد الله الحوت) ....

ص: 344

وقد ابتدأ به الزميل الحوت بما نقله عن ابن ميثم البحراني في شرحه لنهج البلاغة . ولقد كفاني الأخ العزيز السيد الفاطمي المؤونة في الإجابة عنها بأدلة واضحة، ولكنني سأضيف إلى ما قاله لإكمال الجواب، وأحمد الله على صفة التناصر فيما بين كتاب المنتدى لنصرة حق أهل بيت النبي صلی الله علیه و آله . نحن نعلم أن ابن ميثم من علماء الشيعة في القرن السابع الهجري وقد توفي سنة 679 هجرية، وهو لم يورد الحديث بإسناده، بل إنه لم يتعرض لسند (فلا يمكن الاحتجاج بها) ولكنه نقل نفس ما ذكره ابن أبي الحديد في شرحه لنهج البلاغة، فراجع شرحه على نهج البلاغة:16/216 .

وابن أبي الحديد المتوفى سنة 656هجرية، صرح بأنه ينقل روايات فدك عن كتاب السقيفة لأحمد بن عبدالعزيز الجوهري، فراجع شرح نهج البلاغة: 16/210. وقد قام الدكتور محمد هادي الأميني بجمع ما نقله ابن أبي الحديد عن كتاب السقيفة وفدك للجوهري في كتاب سماه بنفس اسمه الأصلي، والكتاب من إصدارات مكتبة نينوى الحديثة في طهران، أما أصل الكتاب فلا يزال مفقوداً . والجوهري يعد من أعلام القرن الثالث والرابع الهجريين، وقد توفي سنة 323 ه- كما نقله الأميني عن الكاتب المعروف الشطرنجي الطولي المتوفى سنة 335 ه-. وهذا يعني أن ابن ميثم إما نقل ماجاء في شرحه من كتاب السقيفة للجوهري مباشرة، أو نقله ولعله الأرجح من شرح ابن أبي الحديد . والنقل عما ينقله الغير لايعني تبنياً له، بل لو أن الشخص روى بنفسه حديثاً فلا يعني هذا الالتزام بمضمونه من دون النظر في سنده ومتنه، وابن ميثم لو افترضنا أنه لم يصرح برفض مضمون بعض مارواه فإنه لم يلتزم بصحة كل ما نقله لكي يصح الاحتجاج به علينا .

ص: 345

ثم إن هناك فرقاً بين ما نقله ابن ميثم البحراني ورواية ابن أبي الحديد المعتزلي، فابن أبي الحديد نقل نص الرواية في شرحه بالشكل التالي: قال أبو بكر (الجوهري): حدثني محمد بن زكريا، قال: حدثني ابن عائشة قال: حدثني أبي، عن عمه، قال: " لما كلمت فاطمة علیها السلام أبا بكر بكى، ثم قال: يا ابنة رسول الله، والله ما ورث أبوك ديناراً ولادرهماً، وإنه قال: إن الأنبياء لايورثون . فقالت: إن فدك وهبها لي رسول الله صلی الله علیه و آله . قال: فمن يشهد بذلك ؟ فجاء علي بن أبي طالب علیه السلام فشهد، وجاءت أم أيمن فشهدت أيضاً، فجاء عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف فشهداأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسمها. قال أبو بكر: صدقت يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصدق علي علیه السلام وصدقت أم أيمن، وصدق عمر وصدق عبدالرحمن بن عوف، وذلك أن مالك لأبيك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ من فدك قوتكم ويقسم الباقي، ويحمل منه في سبيل الله، فما تصنعين بها ؟ قالت: أصنع بها كما يصنع بها أبي . قال: فلك علي لله أن أصنع فيها كما يصنع فيها أبوك . قالت: الله لتفعلن ! قال: الله لأفعلن . قالت: اللهم اشهد . وكان أبو بكر يأخذ غلتها فيدفع إليهم منها ما يكفيهم، ويقسم الباقي، وكان عمركذلك، ثم كان عثمان كذلك، ثم كان علي علیه السلام كذلك، فلما ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحكم ثلثها، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها، وأقطع يزيد بن معاوية ثلثها، وذلك بعد موت الحسن علیه السلام . . . الخ . (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص216) . . . . . . . . الخ .

أما قول الزميل عبدالله الحوت: (فتراجعت فاطمة

رضي الله عنها ولم تتكلم في هذا الأمر حتى ماتت ".

ص: 346

فالتعليق: في هذا الكلام إشعار بأن سكوت الزهراء علیها السلام كان قبولاً ورضاً بما قاله أبوبكر، ولكن الحوت تجاوز الاشعار إلى التصريح حيث قال: (حتى أن بعض المصادر الشيعية تذكر أن فاطمة علیها السلام رضيت بذلك). وقال: (لذلك رجعت عن عن القول بوراثة فدك، ولم تتكلم في فدك حتى آخر حياتها رضاً وتسليماً) .

ولكن أهم المصادر الصحيحة عند أهل السنة تؤكد على أن الصديقة الطاهرة علیها السلام لم تكن راضية بهذا، ولهذا هجرت أبا بكر حتى وفاتها وأوصت أمير المؤمنين أن يدفنها ليلاً كي لايصلي عليها الشيخان ومن ظلمها وتسجل أكبر مظاهر الاحتجاج عليهما !!

روى البخاري في صحيحه كتاب الفرائض: (6230 حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا هشام، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: أن فاطمة علیها السلام والعباس علیهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما حينئذ يطلبان أرضيهما من فدك وسهمهما من خيبر، فقال لهما أبو بكر: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد من هذا المال . قال أبو بكر: والله لا أدع أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته قال: فهجرته فاطمة علیها السلام فلم تكلمه حتى ماتت) ! ! انتهى .

فالويل ثم الويل لمن أغضبها وآذاها . اللهم العن ظالمي فاطمة

الزهراء علیها السلام ومؤذيها وأنزل بهم أشد العذاب .

وبالإضافة إلى ماذكره أخونا الفاطمي العزيز من تصريح ابن ميثم برأيه، فإن لدي كلاماً على فرض عدم تصريح ابن ميثم أيضاً، وهو أن رواية ابن ميثم التي

ص: 347

نقلها عن ابن أبي الحديد عن الجوهري هي من باب الاستشهاد لأخذ بعض مضمونها لا الالتزام بكل ما جاء فيها، والرواية على فرض قصد الإلزام ضعيفة السند، فلايصح إلزام الشيعة بها، كما أنه لم يظهر من قول ابن ميثم أنه قبل بكل مضمونها حتى يقال أن بعض المصادر الشيعية ذكرت أن فاطمة علیها السلام رضيت بذلك !! ألا ترى أننا نستشهد من البخاري بحديث طويل للاحتجاج بمقطع صغير فيه، مع أننا لا نقبل باقي مضمونه غير المقبول !

كما أنه لايصح قياس رواية ابن ميثم الضعيفة بما كان صحيحاً عندكم ودل على أن الزهراء علیها السلام كانت غاضبة على أبي بكر حتى وفاتها ... الخ.

- وكتب الموسوي بتاريخ 6-2-2000، الخامسة وتسع دقائق مساءً:

أما قول الزميل الحوت: (ها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكما تذكره كتبكم أيضاً يوم تولى الخلافة كما ذكره السيد المرتضى الملقب بعلم الهدى إمام الشيعة: إن الأمر لما وصل إلى علي بن أبي طالب كُلَّم في رد فدك، فقال: إني لأستحي من الله أن أرد شيئاً منعه أبوبكر وأمضاه عمر) . . الشافي للمرتضى ص231 .

فأقول: كتاب الشافي مطبوع في أربعة أجزاء ولم أجد المقطع الذي تشير إليه من خلال رقم الصفحة 231، في أي واحدة من الأجزاء الأربعة فالرجاء أن تتأكد من مصدرك أكثر ! وسأطلب منك في المرة القادمة أن ترشدنا إلى المصدر بشكل صحيح حتى لاتضيع وقتنا في البحث عن عبارة ضمن أربعة أجزاء . فقد وجدت المقطع المذكور في الجزء الرابع ص 76، ولكن سند الرواية ينتهي إلى عائشة كما أورده الشريف المرتضى فراجع ج4 ص 69، 70، 73-74 . وقد صرح المرتضى أنه يورد الرواية من باب الاحتجاج، فقد قال

ص: 348

احتجاجاً على كلام القاضي عبدالجبار المعتزلي: فأما قوله أي القاضي عبدالجبار: (إن فاطمة علیها السلام لما سمعت ذلك (أي حديث نحن معاشر الأنبياء لانورث) كفت عن الطلب فأصابت أولاً وأصابت آخراً) فلعمري أنها كفت عن الطلب الذي هو المنازعة والمشاحة لكنها انصرفت مغضبة متظلمة متألمة، والأمر في غضبها وسخطها أظهر من أن يخفى على منصف، فقدروى أكثر الرواة الذين لايتهمون بتشيع ولاعصبية فيه من كلامها علیها السلام في تلك الحال، وبعد انصرافها عن مقام المنازعة والمطالبة ما يدل على ماذكرناه من سخطها وغضبها، ونحن نذكر ذلك ما يستدل به على صحة قولنا .

ثم أورد الشريف المرتضي بإسناده عن المرزباني عن عائشة قصة الحوار الدائر بين فاطمة الزهراء علیها السلام وأبي بكر .. ألا يعد بتر هذا المقطع من الرواية من مجمل كلام ورواية الشريف المرتضى، لتجعله اعترافاً من أهل البيت علیه السلام برضاهم عن فعل أبي بكر .. نوعاً من التدليس والتحريف ؟!!

ولكن هذا التعجب من الزميل الحوت بعد أن قام الأخ العزيز العلوي بفضح طريقة اقتطاع العبارات من موقع "اسلام ويب" الناصبية ثم إنزالها هنا، وأنها من بحث وتحقيق كاتبها! وذلك الموقع دأبه الكذب والتدليس والتحريف، ومن الطبيعي أن يتصف موضوع الزميل الحوت بنفس السمة لأن الوباء قد أعداه، وأمراض ذلك الموقع سارية ومعدية ! . . . .

- وكتب الموسوي بتاريخ 6-2-2000، الخامسة وعشر دقائق مساءً: القسم الثالث: وهو المخصص لكلام الزميل الفاضل محمد إبراهيم ...

ص: 349

أما قول الزميل محمد إبراهيم: والسؤال الكبير الذي يتبادر إلى الذهن ويجب على كل من يدّعي مظلومية فدك أن يجيب عليه بالأدلة والمسانيد، هو السؤال التالي: إذا كان سيدنا أبو بكر قد اغتصب فدك كما تدعي الشيعة وكذلك سيدنا عمر وسيدنا عثمان، فهل أعاد سيدنا علي حينما وُلي الخلافة فدك إلى ولد فاطمة علیها السلام ؟ ".

التعليق: أورد الشيخ الصدوق في كتابه علل الشرائع ص 154 باب 124 (العلة التي من أجلها ترك أمير المؤمنين فدك لما ولي الناس) .. الأحاديث التالية . . . حدثنا أحمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم رحمة الله، قال: حدثنا أبي، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن إبراهيم الكرخي قال: سألت أباعبدالله علیه السلام فقلت له: لأي علة ترك علي بن أبي طالب علیه السلام فدك لما ولي الناس ؟ فقال علیه السلام: للاقتداء برسول الله صلی الله علیه و آله لما فتح مكة، وقد باع عقيل بن أبي طالب داره، فقيل له: يا رسول الله صلی الله علیه و آله ألا ترجع إلى دارك ؟ فقال صلی الله علیه و آله: وهل ترك عقيل لنا داراً !! إنا أهل بيت لانسترجع شيئاً يؤخذ منا ظلماً، فلذلك لم يسترجع فدك لما ولي .

والآن ينتقل دورنا لتوجيه الأسئلة ونحن في انتظار من يجيب عنها:

- كيف ورثت عائشة بيت النبي صلی الله علیه و آله ومنعت الإمام الحسن علیه السلام من الدفن بجوار جده ؟

- لماذا لم يطبق أبو بكر الحديث الذي ادعى سماعه بشخصه عن النبي صلی الله علیه و آله: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة، على عائشة وبقية زوجات النبي صلی الله علیه و آله، وطبقه على الزهراء علیها السلام فقط ؟!!

ص: 350

- كيف طالب أبو بكر الزهراء علیها السلام البينة على النحلة، ولم يطالب أحداً من الصحابة البينة على الدين أو العدة ؟!!

أورد البخاري في صحيحه ما يلي: (2132 - حدثنا علي بن عبدالله، حدثنا سفيان، حدثنا عمرو، سمع محمد بن علي، عن جابر ابن عبدالله رضي الله عنهم، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قد جاء مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، فلم يجئ مال البحرين حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم , فلما جاء مال البحرين أمر أبو بكر فنادى: من كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم عدة أو دين فليأتنا، فأتيته فقلت: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال لي كذا وكذا، فحثى لي حثية فعددتها فإذا هي خمس مائة وقال خذ مثليها). انتهى. فلماذا لم يطالبه البينة على هذه العدة ؟! والأسئلة في هذا المجال كثيرة.. وهناك المزيد وأنا في انتظار المجيب !!

- وكتب ذو الشهادتين في 9-2-2000، الثانية عشرة صباحاً:

أحسنت أخي العزيز الموسوي على هذا الجهد الطيب. جعله الله لك في ميزان أعمالك إن شاء الله . . . .

لي مداخلة بسيطة بشأن عدم إرجاع الإمام علي علیه السلام فدكاً عندما تولى الخلافة: يقول أمير المؤمنين في رسالته إلتي كتبها إلى عثمان بن حنيف (عامله على البصرة): (بلى ! كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحًت عليها نفوس قوم، وسخت عنها نفوس قوم آخرين، ونعم الحكم الله . . . .) .

سؤال بسيط: ألم يرجع الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز فدكاً إلى أحفاد الزهراء علیها السلام ؟؟ أليس في إرجاعه فدكاً دلالة على اغتصابها من أصحابها الشرعيين (أهل بيت النبي علیهم السلام) من قبل أبي بكر وأعوانه ؟؟! انتهى .

ص: 351

- قال العاملي: وغاب الحوت في بحره، وأخذ معه محمد ابراهيم!

- وكتب الفاطمي في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14-1-

1999، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلى عبدالله الحوت، رداً على موضوعه: هذه حقيقة مظلومية فدك)، قال فيه:

الزميل عبدالله الحوت حياك الله... قلت: ولكن دعنا بداية نوجزها بشكل صحيح وهي: أنه لماتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبويع الخليفة الراشد الصديق بالخلافة جاءته فاطمة رضي الله عنها تسأل ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه من فدك (هي قرية بخيبر وقيل بناحية الحجاز فيها عين ونخل وهي مما أفاء الله على نبيه صلى الله عليه وسلم .. لسان العرب:10/473) فأجابها أبوبكر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لانورث، ما تركنا فهو صدقة إنما يأكل آل محمد من هذا المال يعني مال الله وإني والله لا أغير شيئاً من صدقات النبي صلى الله عليه وسلم .. التي كانت عليها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الي من أصل قرابتي . فتراجعت فاطمة رضي الله عنها ولم تتكلم في هذا الأمر حتى ماتت) .

أقول: أولاً: قال البخاري: مناقب فاطمة علیها السلام . لاحظ جيداً يالزميل قال البخاري بينما تقول أنت: فاطمة رضي الله عنها . فلماذا لا تقول: فاطمة علیها السلام ؟ ولماذا تصر على تصغير شأنها علیها السلام ؟! صحيح البخاري، ج 5، كتاب فضائل

ص: 352

أصحاب النبي، باب 61 مناقب فاطمة علیها السلام: وقال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم فاطمة علیها السلام سيدة نساء أهل الجنة، ص 96 .

ثانياً: لِم لم تذكر من الراوي لهذه الرواية، وفي أي صحيح، أو أي كتاب ؟! ومن أين أتيت بقولك: (فتراجعت فاطمة رضي الله عنها ولم تتكلم في هذا الأمر حتى ماتت) . ففي البخاري: ح 1574 - كتاب الفرائض - باب: قول النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: لا نورث ما تركناه صدقة، ج 8، ص 551، ط / دار القلم: (فهجرته فاطمة علیها السلام فلم تكلمه حتى ماتت) . وأيضاً في البخاري: ح 1265 - كتاب الخمس، باب فرض الخمس: 4/504: (فغضبت فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت) . وأيضاً في البخاري: ح 704، كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، ج 5، ص 252: (فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة علیها السلام شيئاً فوجدت فاطمة علیها السلام على أبي بكر في ذلك فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت دفنها زوجها علي علیه السلام ليلاً ولم يؤذن بها أبو بكر وصلى عليها) . فمن أين أيها الزميل أتيت بقولك: (فتراجعت فاطمة

رضي الله عنها ولم تتكلم في هذا الأمر حتى ماتت) ؟ وهل هذا إيجازك بالشكل الصحيح؟؟ وهل ترى التدليس والكذب هو الصحيح؟؟

قلت أيها الزميل: حتى أن بعض المصادر الشيعية تذكر أن فاطمة علیها السلام رضيت بذلك كما يذكر ابن الميثم الشيعي في شرح نهج البلاغة (أن أبا بكر قال لها إن لك مالأبيك، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ من فدك قوتكم ويقسم الباقي ويحمل منه جزء في سبيل الله . ولك على الله أن أصنع كما كان

ص: 353

يصنع، فرضيت بذلك، أخذت العهد عليه به . . . شرح نهج البلاغة لابن الميثم البحراني ج 5 ص 107 ط . طهران . انتهى .

أقول: كان عليك أن تذكر ما قال البحراني قبل قوله الذي أوردته، ولا تذكر الذي يوافق هواك وتترك الباقي، عموماً سوف أورده لك .. قال البحراني: واعلم أن فدك كانت خاصة لرسول الله صلی الله علیه و آله وذلك لأنه لما فرغ من أمر خيبر قذف الله في قلوب أهل فدك الرعب فبعثوا إليه صلی الله علیه و آله يصالحونه على النصف فقبل ذلك منهم فكانت له خاصة إذ لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب (ثم المشهور بين الشيعة والمتفق عليه عندهم) أن رسول الله صلی الله علیه و آله أعطاها فاطمة علیها السلام، ورووا ذلك من طرق مختلفة: منها عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت: (وآت ذي القربى حقه) أعطى رسول الله صلی الله علیه و آله فاطمة علیها السلام فدكاً . فلما تولى أبو بكر الخلافة عزم على أخذها منها، فأرسلت إليه تطلبه بميراثها من رسول الله صلی الله علیه و آله وتقول: إنه أعطاني فدك في حياته واستشهدت على ذلك علياً علیه السلام، واستشهدت في ذلك علياً وأم أيمن فشهدا لها بها، فأجابها عن الميراث بخبر رواه هو: نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه من صدقة . (شرح نهج البلاغة لإبن ميثم البحراني ج 5، ص 104 و105) . ثم ذكر إبن ميثم البحراني خطبة الزهراء سلام الله عليها وفي ختام الخطبة قال: (ثم رجعت إلى بيتها وأقسمت أن لا تكلم أبابكر ولتدعون الله عليه، ولم تزل كذلك حتى حضرتها الوفاة فأوصت أن لا يصلي عليها فصلى عليها عباس ودفنت ليلاً). وبعدها قال ابن ميثم البحراني مباشرة: (وروي) . ثم ذكر ما قلته أيها الزميل بعد عدة أسطر !! فأقول أيها الزميل: بالبداية ذكر البحراني أن المشهور بين الشيعة والمتفق عليه بينهم أن رسول الله أعطاها (فدك) . ثم ذكر البحراني في ختام الخطبة أن فاطمة علیها السلام

ص: 354

أقسمت أن لا تكلم أبا بكر ولتدعون الله عليه وأوصت أن لا يصلي عليه أبا بكر ودفنت ليلاً !! فلماذا لم تذكر أيها الزميل أقوال البحراني مما يلغي ما ترنو إليه وتضاد رأيك ؟ وهل تريد أن توهم القراء بأن ما ذكرته هو الحق ؟ وإن الشيعة كذابين ؟ وأما بالنسبة لإيراد البحراني ما ذكرته أنت فهو لإثبات أمانة نقل الأقوال وليس إلا، ولبيان إن هذا القول مما لا تعتقد به الشيعة ولذلك قال: (وروى).

قلت يالحوت: ولكن أصحاب الأهواء لم يرضوا بذلك فراحو يؤلفون الروايات التي تظهر أن أبا بكر قد ظلم فاطمة علیها السلام، ومنهم المجلسي الذي كان لا يذكر أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وأعقبه بلعن أو فسق . (حق اليقين للمجلسي ص 193) .

أقول: لقد أثبتنا ومن صحيح البخاري أن فاطمة الزهراء

سلام الله عليها هجرت أبا بكر ولم تكلمه حتى توفيت، وأمرت أن تدفن ليلاً وأن لا يصلي عليها أبو بكر، وكل هذا لأنها كانت تشعر بالظلم الواقع من قبل أبي بكر ! فلماذا يالحوت تكذب على المجلسي وعلماء الشيعة بقولك: فراحوا يؤلفون الروايات التي تظهر أن أبا بكر قد ظلم فاطمة علیها السلام ؟!

وإذا كان ما تقول حقاً فإن علماء السنة كذابون أيضاً ومنهم البخاري لأنهم أثبتوا ظلم أبي بكر لفاطمة الزهراء سلام الله عليها .

قلت: لذلك يذكرون أن أبا بكر استولى على فدك ليفقر فاطمة علیها السلام ولا يبقى لهم شئ، ولا يطمع فيهم الناس وتبطل خلافتهم، ووضعوا من أجل ذلك الروايات . أنظر: الأصول من الكافي: باب فضل العلم وفضل العلماء ج1 ص32، الاصول من الكافي: باب ثواب العالم والمتعلم ج1 ص 34 .

ص: 355

أقول: أيها الحوت من أين أخذت قولك هذا؟ ومن الذي أخبرك بأنه في باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء (ج 1 / 32) وفي باب (ثواب العالم والمتعلم) توجد روايات أن أبا بكر استولى على فدك ليفقر فاطمة علیها السلام ؟! ففي (باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء): توجد 9 روايات ليس فيها ما قلت . وكلها عن العلم وفضله . وفي باب (ثواب العالم والمتعلم) توجد 6 روايات وكلها عن ثواب العالم الذي يعلم الناس ويفقههم !! وهل نعتبر ما قلته تدليساً أو كذباً منك أيها الزميل ؟؟ وهل تريد إقناع القراء بقولك وآرائك عن طريق الكذب أو التدليس ؟؟

قلت يالحوت: ثم أمر آخر يذكره الذين كتبوا حول هذه القضية وتناولوها بالدراسة والتمحيص وهي: أن كانت فدك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تكن فاطمة علیها السلام هي الوريثة الوحيدة بل كانت نساء الرسول (عائشة وحفصة مثلاً) أيضاً لهن حق الوراثة، ولم يورث الصديق ولا الفاروق ابنتيهما . كذلك العباس عم النبي الله صلى الله عليه وسلم كان حياً وهو من ورثته بلا شك . ومع ذلك لم يرث .

أقول: نسيت أو تناسيت أو أنك لاتدري بأن فاطمة الزهراء علیها السلام كانت تطلب هي والعباس أرضيهما وسهميهما من خيبر ؟! روى البخاري عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: أن فاطمة علیها السلام والعباس علیهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم . (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) . كتاب الفرائض - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه صدقة، ج 8، ص 551. فهل تقرأ يالحوت (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) وهل تعرف معنى ما بين القوسين ؟؟!

ص: 356

قلت يالحوت: والأمر الأهم: ألا يعتقد الشيعة أن مذهبهم لا يورث المرأة من العقار والأرض شيئاً ؟ ولذلك فإن الكليني أي محدث الشيعة الذي يقول عنه الشيعة (أنه كاف للشيعة) قد عقد باباً مستقلاً في كتابه أسماه باب أن النساء لايرثن من العقار شيئاً) . ثم ذكر الروايات عن المؤيدة في ذلك .. الفروع من الكافي كتاب المواريث:7 /137. انتهى .

أقول: أيها الحوت وما زلت تريد أن تلبس على القراء وتدلس في أقوالك ولكن خاب ظنك يالحوت، ولن أتكلم بما قاله المجلسي عن بعض الروايات التي تقصدها بأنها مجهولة، ولكن أقول: ما معنى المرأة بالميراث ؟ وهل تعني (المرأة) غير الزوجة ؟ قال المجلسي في مرآة العقول شرح الكافي - باب أن النساء لا يرثن من العقار شيئاً- كتاب المواريث ج 23، ص 187 . وقال في المسالك: اتفق علماؤنا إلا ابن جنيد على حرمان (الزوجة) في الجملة من أعيان التركة. وقال المجلسي في ص 188: وأما من يحرم من (الزوجات) فاختلف فيه أيضاً .

فهل عرفت يالحوت معنى والمقصد من كلمة المرأة في المواريث ؟! ففاطمة

الزهراء علیها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وليست إمرأته . فلا ينطبق عليها هذا الحكم لأنه مخصص للمرأة والتي هي الزوجة يالحوت . . .

قلت يالحوت: ثم ها هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكما تذكره كتبكم أيضاً يوم تولى الخلافة كما ذكره السيد المرتضى الملقب بعلم الهدى إمام الشيعة: أن الأمر لما وصل إلى علي بن أبي طالب كُلَّم في رد فدك فقال: إني لأستحي من الله أن أرد شيئاً منعه أبوبكر وأمضاه عمر . الشافي للمرتضى ص 231 . أيضاً: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 .

ص: 357

أقول: حدد رقم الصفحة لنرد عليك، ونرجو أن لا تكون قد بترت الرواية، وأن تكون معتمدة من قبل علمائنا ومتفقين عليها !! هذا ما قاله ابن ابي الحديد عن جميع الروايات التي أوردها في هذا الفصل، وهي من روايات أهل الحديث (السنة) وبالذات أبي بكر الجوهري، ومن جملتها الروايتان التي أوردتهما أنت لتستدل وتدلس وتلبس على القراء، فهل هذه أمانتك في النقل يالحوت ؟ فكيف تحتج بكتبكم علينا ؟ ولماذا لم تذكر عن الروايتين بأنهما من كتاب السقيفة لأبي بكر الجوهري ؟! وهل ابن أبي الحديد شيعي وعلى مذهب أهل البيت لكي تحجنا بقوله ؟! … إذا أردت أن تكتب وتناقش فيجب أن تكون أميناً في نقلك للأقوال والروايات .…

السلام عليك يا بنت رسول الله السلام عليك يا بنت نبي الله .

السلام عليك يا بنت حبيب الله السلام عليك يا بنت خليل الله .

السلام عليك يا سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين .

السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة .

- فكتب الأشتر بتاريخ 14-1-2000،

الثامنة صباحاً:

أحسنت سيدنا الفاطمي (متخصص في قضايا الدفاع عن الزهراء علیها السلام) ...

- وكتب مالك الأشتر بتاريخ 14-1-2000، السادسة مساءً:

حياك الله وبياك، وحيا هذا القلم العلوي الشريف . وفقك الله وحشرك مع أجدادك الطاهرين . أما بخصوص الحوت فإنك لم تجب على ماأثبته لك الشريف الفاطمي من الكذب والتدليس لا بعذر ولا بغير عذر .

- ثم كتب الفاطمي بتاريخ 14-2-2000، السادسة مساءً:

اللهم صل على محمد وآل محمد .

ص: 358

وما زلنا لم نر الرد، فهل سنراه ؟!

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام . انتهى .

- قال العاملي: وغاب الحوت في ظلمات البحر، ولم يظهر !!

الخطبة النارية للصديقة الزهراء علیها السلام في المسجد النبوي ..

- كتب السيد محمد العلي بتاريخ 28–8–1999، موضوعاً بعنوان

(خطبتان لسيدة نساء العالمين):

خطبتان للسيّدة فاطمة الزهراء علیها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله

تحقيق الدكتور الفاضل محمود محمد الطناحي، ضمن كتاب منال الطالب في شرح طوال الغرائب، لابن الأثيرمجدالدين المبارك بن محمد – 544 - 606 ه- (طبع في الصفحات) 501 - 534، وهو الكتاب الثامن من سلسلة (من التراث الإسلامي) منشورات مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية، بجامعة أمّ القرى بمكّة المكرّمة، بالمملكة العربية السعودية .

قال ابن الأثير بعد إيراده الخطبة: هذا الحديث أكثر ما يروى عن طريق أهل البيت , وإن كان قد روي عن طرق أخرى أطول من هذا وأكثر . والمحقق الفاضل عزاه إلى غريب الحديث لابن قتيبة:1/590، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد:16/211 و249

و: 6/ 43 وقال: أنظر الفائق للزمخشري:4/ 116، وبلاغات النساء لابن أبي طيفور ص16، ولهذه الخطبة الغرّاء مصادر وفيرة , إليك منها: كتاب فقيه من لا يحضره الفقيه للمحدث الشيخ محمد بن علي المعروف بالصدوق - ت381ه-، وانظر شرحه المسمى روضة المتقين للمجلسي الأول - ت 1070ه-، وعلل الشرائع للصدوق أيضاً. والشافي في

ص: 359

الإمامة للسيد الشريف المرتضى علي بن الحسين - ت 436ه-، ودلائل الإمامة للطبري محمد بن جرير بن رستم - ت310ه-، وكشف الغمة للأربلي -القرن السادس، والطرائف من مذاهب الطوائف لابن طاوس الحلي علي بن موسى بن جعفر - ت664ه-، والاحتجاج على أهل اللجاج للطبرسي - القرن الثامن . ونثر الدر للآبي . وتنتهي أسانيد الرواية إلى عدد من الرواة , منهم زينب الكبرى بنت علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام، والحسين الشهيد، والباقر علیهم السلام، وابن عباس، وعبد الله بن الحسن المثنى، وعائشة بنت أبي بكر . وقد انتخبنا النص من طبعة الدكتور الطحان في أصل ما نقدمه هنا , إلا أنا أكملناه بما يلزم من المصادر الأخرى , واضعين المضافات بين الأقواس تمييزاً لها , ونسأل الله أن يتقبل من الجميع ما يقدمه إلى الحق والعلم من خدمات إنه قريب مجيب .

الخطبة الأولى: في مسجد الرسول صلی الله علیه و آله

قالت زينب بنت علي بن أبي طالب: لَمّا بلغ فاطمة علیها السلام إجْماَع أَبي بَكْرٍ عَلى مَنْعها حقَّها من فَدَكٍ , لاثَتْ خِمارَها وَاشْتَمَلَتْ بِجِلْبابِها، وَأَقْبَلَتْ في لُمَّةٍ مِنْ حَفَدَتِها وَنِساءِ قَوْمِها تجُرُّ أدْراعَها، وتَطَأُ ذُيُولَها، لا تَخْرِمُ مِشْيَتُها مِشْيَةَ رَسُولِ اللهِ صلی الله علیه و آله , حَتَّى دَخَلَتْ عَلى أبِي بَكْرٍ، وَهُوَ فِي حَشَدٍ مِنَ المُهاجِرِينَ وَالأَنْصارِ وَغَيْرِهِمْ . فَنِيطَتْ دُونَها مُلاءَةٌ، فَجَلَستْ ثُمّ أنَّتْ أنَّةً أجْهَشَ لَها القَوْمُ بِالْبُكاءِ والنحيب، فَارْتَجَّ الَمجْلِسُ، ثُمَّ أمْهَلَتْ هُنَيَّةً حَتّى إِذا سَكَنَ نَشِيجُ القَوْمِ وهَدَأتْ فَوْرَتُهُمْ وسكنت روعتهم، افْتَتَحَتِ الكَلامَ بالِحَمْدِ للهِ وَالثَّناءِ عَلَيْهِ، وَالصَلاةِ عَلى رَسُولِهِ في كلام طويل من الثناء والتحميد، فَعادَ الَقْومُ فِي بُكائِهِمْ، فَلمَّا أمْسَكُوا عَادَتْ فِي كَلامِها فَقَالَتْ علیها السلام:

أبْتدئُ بحمدِ مَنْ هو أوْلى بالحمدِ والطولِ والمجدِ . الحَمْدُ للهِ عَلى ما أنْعَمَ، وَلَهُ الشُكْرُ عَلى ما ألْهَمَ، والثَناءُ بِما قَدَّمَ، مِنْ عُمُومِ نِعَمٍ ابْتَدَأها، وَسُبُوغُ آلاءٍ أسْداها، وَتَمامٍ مِنَنٍ والاها، جَمَّ عَنِ الإِحْصاءِ عَدَدُها، وَنَأى عَنِ الجَزاءِ

ص: 360

أمَدُها،وَتَفاوَتَ عَنِ الإِدْراكِ أبَدُها، وَنَدَبَهُمْ لاِسْتِزادَتِها بِالشكْرِ لاتّصالِها، وَاسْتَحْمَدَ إلى الخَلائِقِ بِإِجْزالِها، وَثنّى بِالنَّدْبِ إلى أمْثالِها .

وَأشْهَدُ أنْ لا إلهَ إلاّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، كَلِمَةٌ جَعَلَ الإخْلاصَ تَأويلَها، وَضَمّنَ القُلُوبَ مَوْصُولَها، أنارَ فِي الَفِكَرِ مَعْقُولَها . المُمْتَنِعُ مِنَ الأَبْصارِ رُؤْيَتُهُ، وَمِنَ الأَلْسُنِ صِفَتُهُ، وَمِنْ الأَوْهامِ صِفَتُهُ . ابْتَدَعَ الأَشْياءَ لامِنْ شَئ كانَ قَبْلَها، وَأنْشَأها بِلا احْتِذاءِ أمْثِلَةٍ امْتَثَلَها , كَوَّنَها بِقُدْرَتِهِ، وذَرَأها بِمَشِيَّتِهِ مِنْ غَيْرِ حاجَةٍ مِنْهُ إِلى تَكْوِينِها، وَلا فَائِدَةٍ لَهُ فِي تَصْوِيرِها إلاّ تَبْيِيناً لِحِكْمَتِهِ، وَتَنْبِيهَاً عَلى طَاعَتِهِ، وَإظْهارَاً لِقُدْرَتِهِ، وَتَعَبُّدَاً لِبَرِيَّتِهِ، وَإعْزازَاً لِدَعْوَتِهِ . ثُمَّ جَعَلَ الثَّوابَ عَلى طَاعَتِهِ، وَوَضَعَ العِقابَ عَلى مَعْصِيَتِهِ ذِيادَةً لِعِبادِهِ عَنْ نِقْمَتِهِ، وحِياشَةً لَهُمْ إلى جَنَّتِهِ .

وَأشْهَدُ أنَّ أَبي مُحَمّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، اخْتَارَهُ وَانْتَجَبَهُ قَبْلَ أنْ أرْسَلَهُ، وَسَمَّاهُ قَبْلَ أنْ اجْتَبَلَهُ، وَاصْطَفَاهُ قَبْلَ أنْ ابْتَعَثَهُ إِذِ الخَلائِقُ بِالْغَيْبِ مَكْنُونَةٌ، وَبِسَتْرِ الأهاوِيلِ مَصُونَةٌ، وَبِنهايَةِ الْعَدَمِ مَقْرُونَةٌ، عِلْماً مِنَ اللهِ تَعالَى بِمآئِلِ الأُمُورِ، وَإِحاطَةً بِحَوادِثِ الدهُورِ، وَمَعْرِفَةً بِمَواقِعِ المقدُورِ .

ابْتَعَثَهُ اللهُ إتْماماً لأَمْرِهِ، وَعَزِيمَةً عَلى إِمْضاءِ حُكْمِهِ، وَإنفاذَاً لِمَقَادِيرِ حَتْمِهِ، فَرَأى الأُمَمَ فِرَقاً فِي أدْيانِها، عُكَّفاً عَلى نِيرانِها، عَابِدَةً لأِوْثانِها، مُنْكِرَةً للهِ مَعَ عِرْفانِها، فَأنارَ اللهُ بِأَبي مُحَمَّدٍ صلی الله علیه و آله ظُلَمَها، وَكَشَفَ عَنِ القُلُوبِ بُهَمَها، وَجَلا عَنِ الأَبْصارِ عَمَهَها، وعن الأنْفُس غُمَمَها، وَقامَ فِي النَاسِ بِالهِدايَةِ، فَأنْقَذَهُمْ مِنَ الغَوايَةِ، وَبَصَّرَهُمْ مِنَ العَمايَةِ، وَهَداهُمْ إلى الدينِ القَويِمِ، وَدَعَاهُمْ إِلى الصراطِ المُسْتَقِيمِ .

ثُمَّ قَبَضَهُ اللهُ إلَيْهِ قَبْضَ رَأفَةٍ وَاخْتِيارٍ، وَرَغْبَةٍ وَإيثارٍ، فَمُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله فِي راحَةٍ مِنْ تَعَبِ هذِهِ الدّارِ، مَوضُوعَاً عَنْهُ أعْباءُ الأَوْزارِ، وَمَحْفُوفَاً بِالْملاَئِكَةِ الأَبْرارِ،

ص: 361

وَرِضْوانِ الربِّ الغَفَّارِ، وَمُجاوَرَةِ المَلِكِ الجَبَّارِ، صَلَّى الله على أبي نَبِيِّهِ وَأمِينِهِ عَلى الَوحْي وَصَفِيهِ، وَخِيَرَتِهِ مِنَ الخَلْقِ وَرَضِيّهِ، وَالسَّلامُ عَلَيْهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ.

ثمّ التفتت علیها السلام إلى أهل المجلس وقالت: وأنْتُم عِبادَ اللهِ نَصْبُ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَحَمَلَةُ دِينِهِ وَوَحْيِهِ، وَاُمَناءُ اللهِ عَلى أنْفُسِكُمْ، وَبُلَغاؤُهُ إلى الأُمَمِ حولكم، زَعِيمُ حَقّ لهُ فيكُمْ، وَعَهْدٌ قَدَّمَهُ إلَيْكُمْ ..وَنحن بَقِيَّةٌ اسْتَخْلَفَها عَلَيْكُمْ، ومعنا كِتابُ اللهِ النَّاطِقُ، وَالقُرآنُ الصَّادِقُ، وَالضياءُ اللاَّمِعُ، بَيّنَةٌ بَصائِرُهُ، مُنْكَشِفَةٌ سَرائِرُهُ، مَتَجَليَّةٌ ظَواهِرُهُ، مُغْتَبِطَةٌ بِهِ أشْياعُهُ، قَائِدٌ إلى الرضْوانِ أتْباعُهُ، مُؤَدٍّ إلى النَجاةِ اسْتِماعُهُ , بِهِ تُنالُ حُجَجُ اللهِ المُنَوَّرَةُ، وعَزَائِمُهُ المُفَسَّرَةُ، وَمَحارِمُهُ الُمحَذَّرَةُ، وَبَيناتُهُ الجَالِيَةُ، وَبَراهِينُهُ الكَافِيَةُ، وَفَضَائِلُهُ المَنْدُوبَةُ، وَرُخَصُهُ المَوْهُوبَةُ، وَشَرائِعُهُ المَكْتُوبَةُ . فَجَعَلَ اللهُ الإيمانَ تَطْهِيراً لَكُمْ مِنَ الشركِ، وَالصَلاةَ تَنْزِيَهاً لَكُمْ عَنِ الكِبْرِ، وَالزَّكاةَ تَزْكِيَةً لِلنَّفْسِ وَنَماءً فِي الرزْقِ، وَالصيامَ تَثْبِيتا لِلإِخْلاصِ، وَالحَجَّ تَشْيِيداً لِلدينِ، وَالعَدْلَ تَنْسِيقاً لِلْقُلُوبِ، وَطَاعَتَنا نِظامَاً لِلْمِلَّةِ، وَإمامَتَنا أمانَاً مِنَ الفُرْقَةِ، وَالجِهادَ عِزَّاً لِلإِسْلامِ، وَالصَّبْرَ مَعُونَةً عَلى اسْتِيجابِ الأَجْر , وَالأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ مَصْلَحَةً لِلْعامَّةِ، وَبِرَّ الوَالِدَيْنِ وِقايَةً مِنَ السَّخَطِ، وَصِلَةَ الأَرْحامِ منْسأةً في العمر ومَنْماةً لِلْعَدَدِ، وَالقِصاصَ حَقْنَاً لِلدماءِ، وَالوَفَاءَ بِالنَّذْرِ تَعْريضَاً لِلْمَغْفِرَةِ، وَتَوْفِيَةَ المَكائِيلِ وَالمَوَازِينِ تَغْييراً لِلْبَخْسِ، وَالنَّهْيَ عَنْ شُرْبِ الخَمْرِ تَنْزِيهَاً عَنِ الرجْسِ، وَاجْتِنابَ القَذْفِ حِجابَاً عَنِ اللَّعْنَةِ، وَتَرْكَ السرْقَةِ إيجابَاً لِلْعِفَّةِ، وَحَرَّمَ الشرْكَ إخْلاصَاً له بِالربُوبِيَّةِ .. فَاتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إلاّ وَأنْتُمْ مُسْلِمُونَ . وَأطِيعُوا اللهَ فِي ما أمَرَكُمْ بِهِ وَنَهاكُمْ عَنْهُ، فَإنَّهُ قال إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ العُلَماءُ . فاحْمَدُوا اللهَ الذي بِعَظمَتِهِ ونُوْرِهِ ابْتَغَى مَنْ في السَمَواتِ

ص: 362

والأرْضِ إليه الوسيلةَ , فنَحْنُ وَسيلَتُهُ في خَلْقِهِ ونَحْنُ آلُ رسُولِهِ، ونَحْنُ خاصَّتُهُ، ومَحَلُّ قُدْسِهِ، ونَحْنُ حُجَّةُ غَيْبِهِ، ووَرَثَةُ أنْبِيائِهِ .

أيها النّاسُ: أنَا فاطمة علیها السلام وَأبِي مُحَمَّدٌ صلی الله علیه و آله، أقُولُها حَقَّاً عَوْدَاً وَبَدْءاً، ما أقُولُ إذ أقُولُ غَلَطَاً، وَلاَ أفْعَلُ مَا أفْعَلُ سرفاً ولا شَطَطَاً . لَقَدْ جَاءَ كُمْ رَسُولٌ مِنَ أنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتمْ حَريصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنينَ رَؤُوفٌ رَحيمٌ . فَإِنْ تَعْزُوهُ تَجِدُوهُ أبِي دُونَ نِسائِكُمْ، وَأخا ابْنِ عَمي دُونَ رِجالِكُمْ، وَلَنِعْمَ المَعْزِي إلَيْهِ صلّى الله عليه، فَبَلَّغَ النذارَةَ صَادِعَاً بِالرسَالَةِ، ناكباً عَنْ سنن المُشْرِكِينَ، ضَارِباً لأثْباَجِهِمْ، آخِذَاً بِأكْظامِهِمْ، دَاعِيَاً إلى سَبِيلِ رَبّهِ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ، يَفُضُّ الهام ويجُذُّ الأَصْنامَ، حَتّى انْهَزَمَ الجَمْعُ وَوَلَّوُا الدبُرَ، وحَتَّى تَفَرَّى اللَّيْلَ عَنْ صُبْحِهِ، وَأسْفَرَ الحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ، وَنَطَقَ زَعِيمُ الدينِ، وهدأتْ فَوْرةُ الكفْر، وَخَرسَتْ شَقَاشِقُ الشَّياطِينِ، وَطَاحَ وَشِيظُ النفاقِ، وَانْحَلَّتْ عُقَدُ الكُفْرِ وَالشقَاقِ، وَفُهْتُمْ بِكلِمَةِ الإِخْلاصِ، فِي نَفَرٍ مِنَ البِيضِ الخِماصِ، وَكُنْتُمْ عَلى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فأنْقَذَكُم منها بنبيّهِ , تعْبُدُونَ الأصْنامَ وتَسْتَقْسِمُونَ بالأزْلام مَذْقَةَ الشَّارِبِ، وَنُهْزَةَ الطَّامِعِ، وَقُبْسَةَ العَجْلانِ، وَمَوْطِئَ الأَقْدامِ، تَشْرَبُونَ الطَّرْقَ، وَتَقْتَاتُونَ القدَّ والوَرَقَ، أذِلَّةً خَاسِئِيَن، تَخَافُونَ أنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِكُمْ، فَأنْقَذَكُمُ اللهُ بِنبيّه صلی الله علیه و آله بَعْدَ اللَّتِيَّا وَالَّتيِ، وَبَعْدَ ما مُنِيَ بِبُهَمِ الرجالِ، وَذُؤْبانِ الَعَربِ، وَمَرَدَةِ أهَلِ الكِتَابِ، كُلَّما أوْقَدُوا نَاراً لِلْحَربِ أطْفَأها اللهُ، أوْ نَجَمَ قَرْنٌ للضلالة، أوَ فَغَرَتْ فَاغِرَةٌ المُشْرِكِينَ، قَذَفَ أخَاهُ عليّاً فِي لَهَواتِها , فَلا يَنْكَفِئُ حَتّى يَطَأ ضِماخَها بِأخْمَصِهِ، وَيُخْمِدَ لَهَبَها بِحدِّهِ , مَكْدُودَاً فِي طاعة اللهِ ورسوله، مُجْتَهِدَاً فِي أمْرِ اللهِ، قَرِيبَاً مِنْ رَسُولِ الله، سَيّدَاً فِي أوْلِياءِ اللهِ، مُشَمرَاً نَاصِحَاً مُجِدَّاً كَادِحَاً .. وَأنْتُمْ فِي بُلَهْنِيَةٍ وَادِعُونَ آمِنُونَ فرِحون، وفي رَفَاهِيَة مِنَ العَيْشِ فَكِهُونَ ,

ص: 363

تأْكُلُون العَفْوَ وتشربُوْنَ الصَفْوَ، تَتَوَكَّفُونَ الأخْبارَ، وَتَنْكُصُونَ عِنْدَ النزالِ وَتَفِرونَ مِنَ القِتَالِ !!

فَلَمّا اخْتارَ اللهُ لِنَبِيهِ دَارَ أنْبِيائِهِ، وَمحلَّ أصْفِيائِهِ، ظَهَرَتْ فِيكُمْ حَسِيْكَةُ النقاقِ، وَانْسَمَلَ جِلْبابُ الدينِ، وأخْلقَ عهده، وانتقضَ عقده , وَنَطَقَ كَاظِمُ، وَنَبَغَ خَامِلُ , وَهَدَرَ فَنِيقُ الباطِلِ يخَطُرُ فِي عَرَصَاتِكُمْ، وَأطْلَعَ الشّيطانُ رَأسَهُ مِنْ مَغْرِزِهِ ضارخاً بِكُمْ، فَألْفاكُمْ لِدَعْوَتِهِ مُصيخينَ، وَلِلْغِرَّةِ مُلاحِظِينَ،واسْتَنْهَضَكُمْ فَوَجَدَكُمْ خِفافَاً، وَأحْمَشَكُمْ فَألْفاكُمْ غِضابَاً، فَوَسَمْتُمْ غَيْرَ إِبِلِكُمْ، وأَورَدْتُموها غَيْرَ شِرْبِكُمْ .

هَذا وَالعَهْدُ قَرِيبٌ، وَالكَلْمُ رَحِيبٌ، وَالجُرْحُ لَمّا يَنْدَمِلْ، وَالرَّسُولُ لَمّا يُقْبَر، بِدارَاً زَعَمْتُمْ خَوْفَ الفِتْنَةِ ! ألا فِي الفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالكافِرِين .

هَيْهَاتَ مِنْكُمْ ؟ وَأينَ بِكُمْ ؟ وَأنَّى تُؤْفَكُونَ ؟! وَكِتَابُ اللهِ بَيْنَ أظْهُرِكُمْ، أُمُورُهُ ظَاهِرَةٌ، وَأحْكامُهُ زَاهِرَةٌ، وزَوَاجِرُهُ قاهرة، وَأوَامِرُهُ لاَئِحَةٌ، وأدلته وَاضِحَةٌ، وَأعْلامُهُ بَيّنةٌ، قَدْ خَلَّفْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ !! أرَغْبَةً ويْحَكُمْ عَنْهُ تُدْبِرُونَ ؟ أمْ بِغَيْرِهِ تَحْكُمُونَ ؟! بِئْسَ لِلظّالِمِينَ بَدَلاً.. وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينَاً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآَخِرَةِ مِنَ الخاسِرِينَ .

ثُمَّ لَمْ تَلْبَثُوا بعد اجتهاد إِلاّ رَيْثَما سكنتَ نِفْرَتُها، وَأسْلَسَ قِيادُها، ثُمَّ أخَذْتُمْ تُورُونَ وَقْدَتَها، وَتُهَيّجُونَ جَمْرَتَها، وَتَسْتَجِيبُونَ لِهِتافِ الشَّيْطَانِ الغَوِيّ، وَإطْفاءِ أنْوارِ الدّينِ الجَلِي، وَإهْمادِ سُنَنِ النَبيّ الصَفِيّ، تُسرِّونَ حَسْوَاً فِي ارْتِغَاءٍ، وَتَمْشُونَ لأَهْلِهِ وَوُلْدِهِ فِي الخَمَر وَالضَّرآءِ، وَنحن نَصْبِرُ مِنْكُمْ عَلى مِثْلِ حزّ المُدَى،

وَوَخْزِ السنانِ فِي الحَشَا ! وَأنْتُمْ الآنَ تَزْعَمُونَ أنْ لا إِرْثَ لَنَا ولاحظّ ! أفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ تَبْغُونَ وَمَنْ أحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمَاً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ !! بَلى قَدْ تَجَلَّى لَكُمْ كَالشَّمْسِ الضَّاحِيَةِ أَني ابْنَتُهُ!

ص: 364

إيْهاً معاشر المُسْلِمينَ , أأبْتزُّ إِرْثِيَهْ ؟ يَا ابْنَ أبِي قُحافَةَ أفِي كِتابِ اللهِ أنْ تَرِثَ أباكَ وَلاَ أرِثُ أبِيَهْ ؟ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئَا فَرِيَّاً ! جرْأةً منكم على قطيعة الرحِم ونكْث العهْد , أفَعَلى عَمْدٍ تَرَكْتُمْ كِتابَ اللهِ وَنَبَذْتُمُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ إِذْ يَقُولُ: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُد . وَقَالَ فِي ما اقْتَصَّ مِنْ خَبَرِ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيّا علیهما السلام إِذْ قَالَ: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ. وَقَالَ: وأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ .وَقَالَ: يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظ الأُنْثَيَيْنِ . وَقَال: إِنْ تَرَكَ خَيْراً الوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقَّاً عَلى المُتَّقِينَ .

وَزَعَمْتُمْ أنْ لاحظْوَةَ لِي وَلا إِرْثَ مِنْ أبي، وَلاَ رَحِمَ بَيْنَنَا ! أفَخَصَّكُمُ اللهُ بِآيَةٍ أخْرَجَ أبِي صلی الله علیه و آله مِنْها ؟ أمْ هَلْ تَقُولُونَ: إِنَّا أهْلُ مِلَّتَيْنِ لا يَتَوارَثانِ ؟ أوَلَسْتُ أنَا وَأبِي مِنْ أهْلِ مِلَّةٍ واحِدَةٍ ؟! أمْ أنْتُمْ أعْلَمُ بِخُصُوصِ القُرآنِ وَعُمُومِهِ مِنْ أبِي وَابْنِ عَمي ؟!

فَدُونَكَهَا مَخْطُوْمَةً مَرْحُولَةً مزْمومةً , تكون معك في قبرك، وتَلْقاكَ يَوْمَ حَشْرِكَ، فَنِعْمَ الحَكَمُ اللهُ، وَنعم الزَّعِيمُ مُحَمَّدٌ , وَالمَوْعِدُ القِيامَةُ، وَعِنْدَ السَّاعَةِ يَخْسَرُ المُبْطِلُونَ . وَلِكُل نَبَأٍ مُسْتَقَر، وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيِه وَيَحِل عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ !

ثُمَّ رَنَتْ علیها السلام بِطَرْفِها نَحْوَ الأَنْصارِ وَقَالَتْ:

يَا مَعْشَرَ النَّقِيبَة ِ، وَأعْضادَ المِلَّةِ، وَحَضَنَةَ الإسْلاَمِ: مَا هَذِهِ الغَمِيزَةُ فِي حَقّي، وَالسِنَةُ عَنْ ظُلاَمَتِي ؟! أمَا قال رَسُولُ اللهِ أبِي: الْمَرْءُ يُحْفَظُ فِي وُلْدِهِ ؟ لَسَرْعانَ مَا أحْدَثْتُمْ، وَعَجْلاَنَ ذَا إِهالَة، وَلَكُمْ طَاقَةٌ بِما اُحاوِلُ، وَقُوَّةٌ عَلَى مَا أطْلُبُ وَاُزاوِلُ ؟! أتَقُولُونَ مَاتَ مُحَمَّدٌ ؟ لعمري خَطْبٌ جَلِيلٌ اسْتَوْسَعَ وَهْيُهُ، وَاسْتَنْهَرَ فَتْقُهُ، وَفُقِد رَاتِقُهُ، وَأظْلَمَتِ الأرْضُ لِغَيْبَتِهِ واكتأبت خِيَرةُ الله لِمُصِيبَتِهِ , وَخَشَعَتِ

ص: 365

الجِبالُ، وَأكْدَتِ الآَمالُ، وَأُضِيعَ الحَرِيمُ، وَاُزِيلَتِ الحُرْمَةُ، فَتِلْكَ وَاللهِ النَّازِلَةُ الكُبْرى، وَالمُصِيبَةُ العُظْمى، لا مِثْلُها نَازِلَةٌ، وَلا بائِقَةٌ عاجِلَةٌ، أعْلَنَ بِها كِتابُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ في مَمْساكُمْ وَمُصْبَحِكُمْ، يَهْتِفُ بِهِ فِي أفْنِيَتِكُمْ هِتَافاً وَصُراخَا، وَتِلاوَةً، وَإلحاناً، وَلَقَبْلَهُ ما حَلَّ بِأنْبِياءِ اللهِ وَرُسُلِهِ، حُكْمٌ فَصْلٌ وَقَضَاءٌ حَتْمٌ: وَما مُحَمَّدٌ إلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرسُلْ أفَإِنْ مَاتَ أوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرّ اللهَ شَيْئَاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرينَ .

إيْهاً بَنِي قَيْلَةَ ! أاُهْضَمُ تُراثَ أبِيَهْ، وَأنْتُمْ بِمَرْأىً مِنّي وَمَسْمَعٍ وَمُنْتَدى وَمَجْمَعَ؟ تَشْمَلُكُمُ الدَّعْوَةُ، وتَلْبَسُكُمُ الحَيْرَةُ، وفيكم العَدَدِ وَالعُدَّةِ وَلكم الدارُ وعندكم الجُنَنُ والأَداةُ وَالقُوَّةُ، وَعِنْدَكُمُ السلاحُ , تُوافِيكُمُ الدَّعْوَةُ فَلا تُجِيبُونَ، وَتَأتِيكُمُ الصَّرْخَةُ فَلا تُغِيثُونَ وَأنْتُمْ مَوْصُوفُونَ بِالْكِفاح ِ، مَعْرُوفُونَ بِالْخَيْرِ وَالصَّلاحِ، والنخْبَةُ الَّتي انتُخِبَتْ لنا أهل البيت، وَالخِيَرَةُ الَّتي اخْتِيرَتْ فنابذتُمُ فينا صميم العَرَبَ،وَتَحَمَّلْتُمُ الكَدَّ وَالتَّعَبَ، وَنَاهضْتُمُ الاُمَمَ، وَكَافَحْتُمُ البُهَمَ، لاَنَبْرَحُ ولا تَبْرَحُونَ نَأمُرُكُمْ فَتْأتَمِرُونَ , حَتَّى إِذا دارَتْ بِنا رَحى الإسْلامِ، وَدَّرَ حَلَبُ الأَيَّامِ، وَخَضَعَتْ نخوة الشركِ، وَسَكَنَتْ فَوْرَةُ الإِفْكِ، وَهَمَدَتْ نِيرانُ الكُفْر وَهَدَأتْ روْعةُ الهَرْجِ، وَاسْتَوْسَقَ نِظامُ الدينِ . فَأنّى حِرتُمْ بَعْدَ البَيَانِ، وَأسْرَرْتُمْ بَعْدَ الإِعْلان، وَنَكَصْتُمْ بَعْدَ الإقْدامِ وجَبُنْتُمْ بعدَ الشَجاعَةِ، عن قوْمٍ نَكَثُوا أيْمانَهُمْ، من بعد عَهْدِهِمْ وطَعَنُوا في دينكم . فقاتلُوا أئمّةَ الكُفْرِ إنّهُمْ لا أيْمانَ لَهُمْ لَعَلّهُمْ يَنْتَهُوْنَ . ألا تُقاتِلُونَ قَوْمَا نَكَثُوا أيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُوكُمْ أوَّلَ مَرَّةٍ أتَخْشَوْنَهُمْ فَاللهُ أحَق أنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.

ألا , قَدْ أرى والله أنْ قَدْ أخْلَدْتُمْ إلى الخَفْضِ، وَأبْعَدْتُمْ مَنْ هُوَ أحَق بِالْبَسْطِ وَالقَبْضِ، وَخُلِبتُمْ بِالدَّعَة، َنجَوْتُمْ مِنَ الضيقِ بِالسعَةِ، فَمَجَجْتُمْ الذي عرفتُمْ،

ص: 366

وَدَسَعْتُمُ الَّذِي تَسَوَّغْتُمْ، فَإِنْ تَكْفُرُوا أنْتُمْ وَمَنْ فِي الأرْضِ جَمِيعاً فَإِنَّ اللهَ لَغَنِي حَمِيدٌ .

ألا وَقَدْ قُلْتُ الذي قُلْتُ عَلى مَعْرِفَةٍ مِنّي بِالخِذْلَةِ الَّتِي خامَرَتْكُمْ، وَالغَدْرَةِ الَّتِي اسْتَشْعَرَتْها قُلُوبُكُمْ، وَلَكِنَّها فَيْضَةُ النَّفْسِ، ومنية الغَيْظِ، ونفْثَّةُ الصدْرِ، ومعذرَةُ الحُجَّة !! فَدُونَكُمُوها فَاحْتَقِبُوها دَبْرَةَ الظَّهْرِ، مَهِيْضَةَ العَظْمِ خَوْراءَ القناةِ , نَاقِبَةَ الخُفّ، باقِيَةَ العارِ، مَوْسُومَةً بِغَضَبِ اللهِ موصولةً بشَنارِ الأَبَدِ، متصُلَةً بِنارِ اللهِ المُوقَدَةِ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلى الأَفْئِدَةِ .

فَبِعَيْنِ اللهِ ما تَفْعَلُونَ، واعملوا إنّا عاملون، وَانْتَظِرُوا إنّا مُنْتَظِرُونَ، وَأنا ابْنَةُ نَذِيرٍ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ . فكِيْدُوني جَمِيْعاً ثُمّ لا تُنْظِرُون . وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ .

فَأجابَها أبو بكر (عَبْدُ الله بن عثمان) وَقَال:

يابِنْتَ رَسُولِ اللهِ لَقْدَ كَانَ أبُوكِ بِالمْؤُمِنيِنَ عَطُوفاً كَرِيمَاً رَؤُوفَاً رَحِيمَاً، وَعَلى الكافِرِينَ عَذابَاً ألِيمَاً وَعِقابَاً عَظِيمَاً، إِنْ عَزَوْناهُ وَجَدْناهُ أباكِ دُونَ النساءِ، وَأخا إِلْفِكِ دُونَ الأَخِلاَّءِ، آثَرَهُ عَلى كُل حَمِيمٍ، وَسَاعَدَهُ عَلى كُل أمْرٍ جَسِيمٍ، لا يُحِبكُم إلاّ كُل سَعِيدٍ، وَلا يُبْغِضُكُمْ إلاّ كُل شَقي، فَأنْتُمْ عِتْرَةُ رَسُولِ اللهِ الطَّيِبونَ، وَالخِيَرَةُ المُنْتَجِبُونَ، عَلى الخَيْرِ أدِلَّتُنا، وَإلى الجَنَّةِ مَسالِكُنا، وَأنْتِ يا خَيْرَةَ النساءِ، وَابْنَةَ خَيْرِ الأَنْبِياءِ، صادِقَةٌ فِي قَوْلِكِ، سابِقَةٌ فِي وُفُورِ عَقْلِكِ، غَيْرُ مَرْدُودَةٍ عَنْ حَقكِ، وَلا مَصْدُودَةٍ عَنْ صِدْقِكِ . وَاللهِ ما عَدَوْتُ رَأيَ رَسُولِ اللهِ، وَلا عَمِلْتُ إلاّ بِاِذْنِهِ، وَإنَّ الرَّائِدَ لا يَكْذِبُ أهْلَهُ، وَإني اُشْهِدُ اللهَ وَكَفى بِهِ شَهِيدَاً أنّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: نَحْنُ مَعاشِرُ الأَنْبِياءِ لا نُوَرثُ ذَهَباً وَلا فِضَّةً وَلا داراً وَلا عِقاراً، وَإنَّما نُوَرثُ الكِتابَ وَالحِكْمَةَ وَالعِلْمَ وَالنبُوَّةَ، وَما كانَ لَنا مِنْ طُعْمَةٍ

ص: 367

فَلِوالي الأَمْرِ بَعْدَنا أنْ يَحْكُمَ فِيهِ بِحُكْمِهِ، وَقَدْ جَعَلْنا ماحَاوَلْتِه فِي الكُراعِ وَالسلاحِ يُقاتِلُ بِها المُسْلِمُونَ، وَيُجاهِدُونَ الكُفَّارَ، وَيُجادِلُونَ المَرَدَةَ الفُجَّارَ، وَذَلِكَ بإِجْماعٍ مِنَ المُسْلِمِينَ لَمْ أنْفَرِدْ بِهِ وَحْدِي، وَلَمْ اَسْتَبِدَّ بِما كانَ الرَّأيُ فِيهِ عِنْدِي، وَهذِهِ حالِي وَمالِي هِيَ لَكِ وَبَيْنَ يَدَيْكِ، وَلا تُزْوى عَنْكِ، وَلا تُدَّخَرُ دُونَكِ، وَأنْتِ سَيدَةُ أُمَّةِ أبِيكِ، وَالشَّجَرَةُ الطَّيِبَّةُ لِبَنِيكِ، لا يُدْفَعُ مالَكِ مِنْ فَضْلِكِ، وَلا يُوضَعُ مِنْ فَرْعِكِ وَأصْلِكِ، حُكْمُكِ نافِذٌ فِيما مَلَكَتْ يَدايَ، فَهَلْ تَرَيْنَ أنْ أُخالِفَ فِي ذَلِكَ أباكِ .

قالت علیها السلام: سُبْحانَ اللهِ ما كانَ رَسُولُ اللهِ صلی الله علیه و آله عَنْ كِتابِ اللهِ صادِفَاً، وَلا لأحْكامِهِ مُخالِفا، بَلْ كانَ يَتْبَعُ اَثَرَهُ، وَيَقْتَفِي سُوَرَهُ، أفَتَجْمَعُونَ إلى الغَدْرِ اعْتِلالاً عَلَيْهِ بِالزورِ، وَهَذا بَعْدَ وَفاتِهِ شَبِيهٌ بِما بُغِيَ لَهُ مِنَ الغَوائِلِ فِي حَياتِه ِ، هَذا كِتابُ اللهِ حَكَمَاً عَدْلاً وَناطِقَا فَصْلاً يَقُولُ: يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبِ. وَيَقُولُ: وَوَرِثَ سُلَيْمانُ داوُد، فبيّنَ عَزَّ وَجَلَّ فِي ما وَزَّعَ مِنَ الأَقْساطِ، وَشَرَعَ مِنَ الفَرائِضِ وَالمِيراثِ، وَأباحَ مِنْ حَظ الذكْرانِ وَالإناثِ ما أزاحَ عِلَّةَ المُبْطِلِينَ، وَأزالَ التَظَني وَالشبُهاتِ فِي الغابِرينَ. كَلاَّ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أنْفُسُكُمْ أمْراً، فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ المُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ .

فَقالَ أبو بكر: صَدَقَ اللهُ وَصَدَقَ رَسُولُهُ وَصَدَقَتْ ابْنَتَهُ، أنْتُمْ مَعْدِنُ الحِكْمَةِ، وَمَوْطِنُ الهُدى وَالرَّحْمَةِ، وَرُكْنُ الدينِ، وَعَيْنُ الحُجَّةِ، لا أُبْعِدُ صَوابَكِ، وَلا أُنْكِرُ خِطَابَكِ، هؤلاءِ المُسْلِمُونَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ قَلَّدُونِي مَا تَقَلَّدْتُ، وَباتفاقٍ مِنْهُمْ أخَذْتُ ما أخَذْتُ، غَيْرَ مُكابِرٍ وَلا مُسْتَبِدّ وَلا مُسْتَأثِرٍ وَهُمْ بِذلِكَ شُهُودٌ .

فَالْتَفَتَتْ فاطمة علیها السلام إلى النَّاسِ وَقَالَتْ: مَعاشِرَ النَّاسِ المُسْرِعَةَ إلى قِيلِ الباطِلِ، المُغْضِيَةَ إلى الفِعْلِ الخاسِرِ، أفَلا تَتَدَبَّرُونَ القُرآنَ أمْ عَلى قُلُوبٍ أقْفالُها .كَلاَّ بَلْ

ص: 368

رَانَ عَلى قُلُوبِكُمْ ما أسَأتُمْ مِنْ أعْمالِكُمْ، فَأخَذَ بِسَمْعِكُمْ وَأبْصارِكُمْ، وَلَبِئْسَ ما تَأوّلْتُمْ، وَسَاءَ ما بِهِ أشَرْتُمْ، وَشَرٌَ ما مِنْهُ اغْتَصَبْتُمْ، لَتَجِدُنَّ وَاللهِ مَحْمِلَهُ ثَقِيلاً، وَغِبَّهُ وَبِيلاً، إِذا كُشِفَ لَكُمُ الغِطاءُ، وَبانَ ما وَرَاءَه الضَّراءِ، وَبَدا لَكُمْ مِنَ رَبكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَحْتَسِبُونَ . وَخَسِرَ هُنالِكَ المُبْطِلُونَ . ثُمَّ انكفأت إلي قبر أبيها صلی الله علیه و آله متمثّلة بقول صفيّة بنت عبد المطلب وقيل أمامة:

قَدْ كانَ بَعْدَكَ أنْباءٌ وَهَنْبَثَةٌ لَوْ *** كُنْتَ شاهِدَها لَمْ تَكْثُرِ الخُطَبُ

إِنّا فَقَدْناكَ فَقْدَ الأَرْضِ وَاِبلَها *** وغاب مذْغِبْتَ عنّاالوحيُ والكُتُبُ

تَهَضَّمَتْنا رِجالٌ وَاسْتُخِفَّ بِنا *** إذْ بِنْتَ عنّا فنحن اليوم نُغْتَصَبُ

أبْدَتْ رِجالٌ لَنا نَجوْى صُدُورِهِمُ *** لَمَّا فُقِدْتَ وَحالَتْ دُونَكَ الكُثُبُ

قال: فما رأينا يوماً أكثر باكياً وباكيةً من ذلك اليوم. ثُمَّ انكَفَأتْ وَأمِيرُ المُؤمِنِينَ (علیهما السلام) يَتَوَقَّعُ رُجُوعَها إلَيهِ وَيَتَطَلَّعُ طُلُوعَها عَلَيْهِ، فَلمَّا اسْتَقَرَّتْ بِها الدَّارُ قَالَتْ لأَمِيرِ المُؤمِنينَ علیه السلام:

يا ابْنَ أبِي طالِبٍ اشْتَمَلْتَ شِمْلَةَ الجَنِينِ، وَقَعَدْتَ حُجْرَةَ الظَنِينِ، نَقَضْتَ قادِمَةَ الأَجْدَلِ، فَخانَكَ رِيشُ الأَعْزَلِ، هَذا ابْنُ أبِي قُحافَةَ يَبْتَزنِي نِحْلَةَ أبِي وَبُلْغَةَ ابْنَيَّ، لَقَدْ أجْهَدَ فِي خِصامِي، وَألْفَيْتُهُ ألَدَّ فِي كَلاَمِي، حَتَّى حَبَسَتْنِي قَيْلَةُ نَصْرَها، وَالمُهاجِرَةُ وَصْلَهَا، وَغَضَّتِ الجَماعَةُ دُونِي طَرْفَها، فَلا دافِعَ وَلا مانِعَ ! خَرَجْتُ كاظِمَةً، وَعُدْتُ راغِمَةً .. أضْرَعْتَ خَدَّكَ يَوْمَ أضَعْتَ حَدَّكَ، افْتَرَسْتَ الذئابَ وَافْتَرَشْتَ الترابَ، مَا كَفَفْتَ قائِلاً، وَلا أغْنَيْتَ طائِلاً. وَلا خِيارَ لِي، لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هُنيَّتي وَدُونَ ذِلَّتِي !

ص: 369

عَذِيريَ اللهُ مِنْهُ عادِياً، وَمِنْكَ حامِياً، وَيْلايَ فِي كُلّ شارِقٍ وَغارِبٍ، ماتَ العَمَدُ، وَوَهَتِ العَضُدُ، شَكْوايَ إلى أبِي، وَعَدْوايَ إلى رَبي، اللهمَ إنَّكَ أشَد قُوَّةً وَحَوْلاً، وأحَد بَأسَاً وَتَنكِيلاً .

فَقَالَ لَهَا أمِيرُ المُؤمِنِينَ علیه السلام: لا وَيْلَ لَكِ بَلِ الوَيْلُ لِشانِئِكِ، ثُمَّ نَهْنِهِي عَنْ وَجْدِكِ يابْنَةَ الصَّفْوَةِ، وَبَقِيَّةَ النبُوَّةِ، فَما وَنَيْتُ عَنْ دِيِني، وَلا أخْطَأتُ مَقْدُورِي، فَاِنْ كُنْتِ تُريِدِينَ البُلْغَةَ فَرِزْقُكِ مَضْمُونٌ، وَكَفِيلُكِ مَأمُونٌ، وَما اُعِدَّ لَكِ أفْضَلُ مِمّا قُطِعَ عَنْكِ، فَاحْتَسِبِي اللهَ .

فَقَالَتْ: حَسْبِيَ اللهُ، وَأمْسَكَتْ .

ص: 370

كلامها علیها السلام في توبيخ الصحابة ..

وقال ابن الأثير حديث آخر لفاطمة رضي الله عنها: روي أنّها مرِضتْ قبل وفاتها فدخلَ إليها نساءُ المهاجرين والأنصار يعُدْنَها فقلن لها: كيف أصبحتِ من علتك يا ابنة رسول الله ؟ فقالت:

أصبحتُ والله عائفةً لدنياكنّ، قاليةً لرجالكنّ , لفظتهم بعد أنْ عجمتهم, وشنئتهم بعد أنْ سبرتهم , فقبحاً لفلول الحدّ، وخطل الرأي، وخور القناة! لبئس ما قدّمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم! لقد قلّدهم ربقتها , وشنّت عليهم غارتها , فجدعاً وعقراً وبعداً للقوم الظالمين .

ويحهم أنَّى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الروح الأمين؟! ما الذي نقموا من أبي الحسن ؟! نقموا والله شدّة وطأته , ونكال وقعته، ونكير سيفه، وتنمّره في ذات الله . وأيم الله لو تكافؤوا على زمام نبذه إليه رسول الله، لسار بهم سيراً سُجُحاً ن لايكلم خشاشه، ولا يتعتع راكبه, ولأوردهم منهلاً نميراً فضفاضاً تطفح ضفّتاه، ولأصدرهم بطاناً قد يحير بهم الريُّ، غير متحل منه بطائل، ولفتحت عليهم بركات من السماء والأرض .

ألا هلمّ فاعجب , وما عشت أراك الدهر عجباً ! فرغماً لمعاطس قومٍ يحسبون أنهم يحسنون صنعاً ؟! ولعمر الله لقد لقحت فنظرة ريثما تنتج ! ثم احتلبوا طلاع القعب دماً عبيطاً، وذعاقاً ممقراً ! فهنالك يخسر المبطلون، ويعرف التالون غبَّ ماأسّس الأولون !! فطيبوا عن أنفسكم نفساً، وطامنوا للفتنة جأشاً، وأبشروا بسيفٍ صارم، وهرج شامل، يدع فيئكم زهيداً، وجمعكم حصيداً . فياحسرة عليكم وأنى بكم وقد عميت عليكم ؟! أنلزمكموها وأنتم لها كارهون .

ص: 371

قال ابن الأثير: هذا طرف من حديث أطول منه يروى من طريق أهل البيت. انتهى . (أنظره في شرح نهج البلاغة:16/ 233 وبلاغات النساء ص23) .

- قال العاملي: توجد هنا مداخلات مقتضبة لايتسع لها المجال، من: علي القاضي، والسردال، وأبي زهراء، والدكتور جايكل، وعربي، والإماراتي، ورنا، ونيدهال، وذي الفقار .

كما لا يتسع المجال لشرح هذه الخطبة الفاطمية والنفحة الننبوية .. التي تصرح بعقيدة الصديقة الزهراء علیها السلام في أن الأمة انحرفت عن خط نبيها، وتآمرت على علي علیه السلام والعترة الطاهرة في بيعة السقيفة !!

ص: 372

الفصل العاشر: مقام الصديقة الزهراء علیها السلام (علیه السلام) عند الله تعالى وعند رسوله (صلی الله علیه و آله)

اشارة

ص: 373

ص: 374

عائشة تشهد بأن فاطمة علیها السلام أصدق الناس لهجة بعد النبي صلی الله علیه و آله

- كتب علي القاضي في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 6-2-2000، الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان (الزهراء علیها السلام .. أصدق الناس لهجة)، قال فيه:

لقد منّ الله تعالى على نبيه صلی الله علیه و آله بفاطمة، التي تكونت نطفتها وانعقدت من غذاء النبي من ثمر الجنة كما أخرجه كل من السيوطي في ذيل تفسير قوله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده . . والتي كان صلی الله علیه و آله يشمها كلما اشتاق الى ريح الجنة. (الحاكم في مستدركه:3 /156. والمحب الطبري في ذخائر العقبى ص36 و44 . والخطيب البغدادي في تأريخه: 5 /87 و12 /331). وأنها علیها السلام صدّيقة. كما أخرجه المحب الطبري في الرياض النضرة:2 /202 . وأنها خيرة الله . الخطيب البغدادي في تاريخه ج1 ص 259

فقد كانت سلام الله عليها بالإضافة الى ذلك كله أصدق الناس لهجة، فقد روي عن عائشة أنها كانت إذا ذكرت فاطمة علیها السلام بنت النبي صلی الله علیه و آله قالت: مارأيت أحداً كان أصدق لهجة منها، إلا أن يكون الذي ولدها . (الحاكم: 3 /160) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم . وابن عبد البر في إستيعابه: 2/751. والحافظ الأصبهاني في حلية الأولياء:2 /41) .

ص: 375

ولكن رغم ذلك كله فلم يقبل الخليفة الأول قولها بملكية فدك، وأنها حقها ! فهل يشك في مثل فاطمة علیها السلام ولايقبل قولها ؟!!

- وكتب ذو الفقار بتاريخ 6-2-2000، السادسة مساءً:

أحسنت ورحم الله والديك يا أبا حسن .

- قال العاملي: يناسب هنا أن نورد كلمات للمرجع الديني الوحيد الخراساني مد ظله، في مقام الصديقة الزهراء

سلام الله عليها:

(1)

قال علیه السلام: فمن عرفها، يعني حق المعرفة، فقد أدرك ليلة القدر.. فليلة القدر التي لاينالها أحد.. موجودةٌ هنا . .

بعد هذه الفقرة .. قال علیه السلام: (إنما سميت فاطمة علیها السلام، لأن الخلق فطموا عن معرفتها) فأي شخصية هذه التي عز مقامها عن أن ينال الخلق معرفتها؟! لا بد لنا أن نتأمل في هذا الأمر.. بل هو مطلب ينبغي أن يتأمل فيه كبار مفكري الانسانية، من أصحاب الأفكار الراقية، التي بلغت مستوى عالياً من النضج والرشد .. ويتساءلوا عن حقيقة هذه المسألة ؟!

ليلة القدر.. ليلة تنزل القرآن .. التي يقول الله تعالى عنها أيضاً (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين).. وها نحن نسمع في تفسير هذه الليلة المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم.. أنها فاطمة علیها السلام ! وتلاحظون أن تعليل هذا المطلب جاء بتعليل تسميتها (إنما سميت فاطمة علیها السلام لأن الخلق فطموا عن معرفتها) ! وكلمة الخلق أوسع نطاقاً من كلمة الناس، فهي تشمل الإنس والجن .. الى أن تصل الى الملائكة (الذين أسكنتهم سماواتك ورفعتهم عن أرضك) .. فحتى هؤلاء فطموا عن معرفتها !!

ص: 376

إذن ما الخبر ؟! ومن هي هذه الامرأة .. وما ذا فيها من حقيقة غيب هي أرفع من أن ينال معرفتها أصحاب العقول الراقية ..؟!!

من أجل فهم هذه المسألة لابد من عقل قوي تربى بالقرآن، واستدلال معتمد على أكثر الأدلة قطعية يعني القرآن .. بمساعدة السنة القطعية .. فلعله يستطيع أن يفتح نافذة صغيرة على هذا المطلب العظيم .

لأن الخلق فطموا عن معرفتها ..

لماذا ؟ وأي سر في شخصية فاطمة علیها السلام .. فطم الخلق عن معرفته ..؟!!

(2)

خرج رسول الله صلی الله علیه و آله وقد أخذ بيد فاطمة علیها السلام ....

وردت هذه الرواية بمضامين مختلفة .. في مصادر الخاصة والعامة .. وهذا نص كلامه صلی الله علیه و آله: (من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة علیها السلام بنت محمد، وهي بضعة مني، وهي قلبي الذي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله) !

أنظروا الى التعبير .. فمجلسنا والحمد لله يكفيه إلفات النظر فقط .. ما معنى أن يخرج النبي صلی الله علیه و آله آخذاً بيد فاطمة علیها السلام .. ؟

إن عمل النبي صلی الله علیه و آله هذا في حق فاطمة علیها السلام كعمله في حق علي علیه السلام يوم الغدير .. صلوات الله عليهم . في يوم الغدير أصعد النبي علياً معه على المنبر، وأخذ بيد ذلك الرجل الفريد في العالم ورفعها ..

وفي هذا اليوم عندما خرج آخذاً بيد فاطمة علیها السلام الامرأة الفريدة في العالم.. قال: من عرفها فقد عرفها . . . ومن لم يعرفها فليعرفها .. لاحظوا كيف قدمها النبي صلی الله علیه و آله للأمة . . وعرفهم مقامها درجةً درجة . .

ص: 377

إن لكلام النبي صلی الله علیه و آله في أنفس مستمعيه وقارئيه جاذبيات خاصة متنوعة .. في المرتبة الأولى قال: بضعةٌ مني.. لاحظوا كلمة بضعة.. ثم انتقل من التنزل الى الترفع الى المرتبة الثانية فقال (وهي قلبي الذي بين جنبي) . .

وعندما يقول النبي صلی الله علیه و آله (أنا) فالأنا هنا غير كلمة بدني .. البدن مضاف وضمير المتكلم مضاف اليه .. فهنا تعابير خاصة .. بضعةٌ مني .. وهي أبلغ من بضعة من بدني .. وقلبي الذي بين جنبي غير قلبي .. إنها قلب بين جنبي الشخص الذي (إنيته) مبدأ ومنشأ كل الفضائل البشرية .. (كنت نبياً وآدم بين الماء والطين) .. قلب إنسان بهذه الصفة .. معناه أنه لو أخذت مني فاطمة علیها السلام .. فسأبقى بدنا بلا روح !

هذه الإمرأة .. الى أين وصلت حتى بلغت مقاماً كهذا .. صارت قلباً بين جنبي علم وعمل .. فجنب النبي صلی الله علیه و آله الأيمن علم.. وجنبه الأيسر عمل .. علمٌ .. عنده تتلاشى كل علوم الأنبياء ! وعملٌ.. عنده تتلاشى كل أعمال الأولياء .. والقلب الذي بين هذين الجنبين .. هي الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء علیها السلام !! هنا يتضح سر النص الحديث القدسي في النبي والعترة: (هم فاطمة وأبوها .. وبعلها وبنوها)!

سيدتي ما ذا فعلت حتى صرت المحور والقطب ؟!

سيدتي ما ذا فعلت حتى صرت قلب عالم الوجود ؟!

سيدتي ماذا فعلت حتىصرت في مقام قال عنك خاتم النبيين صلوات الله عليه: (من صلى على فاطمة فهو معي أينما كنت في الجنة) !

إن العمل الذي عملته .. لايعرف كنهه وقيمته إلا الله تعالى .. وإلا الذين هم خزائن أسرار الله تعالى .. أنت تلك العظيمة التي يقول فيك الامام الصادق علیه السلام ..

ص: 378

لو أن الناس حاولوا جادين أن يعرفوا كنه فاطمة لما عرفوها .. (لأن الناس فطموا عن معرفتها) !

إن ماذكرناه هو ألف باء المطلب.. ونصل من كلام الامام الصادق علیه السلام الى مرحلة (اللهم إني أسألك بفاطمة وأبيها وبعلها وبنيها)!

تأملوا .. فكروا.. وتفهموا سر هذه الكلمات: (اللهم إني أسألك بفاطمة

وأبيها وبعلها وبنيها) .. فالسؤال بفاطمة علیها السلام .. وأب فاطمة صلی الله علیه و آله .. وبعل فاطمة علیه السلام .. وأبناء فاطمة علیها السلام .. ونختم هذا الدعاء بكلمة .. هي ختم الكلام ..

في معراج النبي صلی الله علیه و آله .. أخذوه الى شجرة طوبى .. وقطفوا له من ثمرها .. وأطعموه منها .. ومن هذا الثمر انعقدت نطفة فاطمة علیها السلام .. وفي هذه النطفة وضعوا جوهر روح .. اختارها الله تعالى أشرف ما في خزائنه من جواهر !! المسألة هنا .. (والسر المستودع فيها) .. فأي سر هذا السر .. الذي كان لابد له من مقدمات .. معراج النبي .. وأن يتناول من شجرة طوبى وثمار الجنة.. ليتكون البدن الذي يكون محلاً لهذا السر !!!

هذا السر .. يحتاج الى فرصة أخرى لبيانه .

(3)

يا بنت رسول الله .. أيتها الصديقة الطاهرة ..

من أنت.. والى أي مقام وصلت.. بحيث أن الذي يموت على ولايتك .. يصير قبره مزاراً لملائكة الرحمة ؟! فكيف يكون قبرك أنت ..؟!!

الذي يتشرف بموالاتك .. بعد أن يموت ويدفن وينام في قبره .. يطوف حوله ملائكة الرحمة كما تطوف الفراشات حول السراج ..!

ترى .. من الذين يطوفون حول قبرك أنت.. حيث حل جثمانك الطاهر...

ص: 379

أيها الفخر الرازي .. أيها الزمخشري .. هل فهمتما ماذا قلتما عندما قلتما وكتبتما عن فاطمة علیها السلام .. هل فهمتما أن رحمة الله التي وسعت كل شئ .. لاتشمل من آذى فاطمة علیها السلام ؟ وأن الذي يغضب فاطمة علیها السلام ولا يرتبط بولايتها بخيط ولاء، يخرج عن مفهوم الشيئية .. ويستحق أن يكتب على جبينه: منقطع عن الله، آيس من رحمة الله ..

أيها الفخر الرازي .. هل فهمت ماكتبت .. ؟ كتبت أن الايمان وجوداً وعدماً .. هذه واحدة .. وقلت .. الايمان كمالاً ونقصاً .. يرتبط بمحبة فاطمة

الزهراء علیها السلام ..هل فهمت لوازم ما قلت وكتبت ..؟

أنت قلت . . وصححت .. وأمضيت .. أن النبي صلی الله علیه و آله قال: (من آذى فاطمة علیها السلام فقد آذاني .. غضب فاطمة علیها السلام عضبي ...) .

هنا .. أمام هذه الكلمات .. أتكلم دقائق فقط في بعض أبعاد هذا الحديث الشريف الذي أورده الفخر الرازي في تفسيره، ونسبه الى النبي على نحو القطع بدون ترديد فقال (قال رسول الله صلی الله علیه و آله . . .) ..

قصة هذا الحديث أنه ورد أو صدر بعدة صيغ .. فبعض صيغه بلفظ (رضا فاطمة علیها السلام رضاي .. وغضب فاطمة علیها السلام غضبي) وفي صيغة أخرى (إن الرب يغضب لغضب فاطمة علیها السلام ويرضى لرضاها) وفي صيغة أخرى (إن الله يغضب لغضب فاطمة علیها السلام ويرضى لرضاها) . والحديث من ناحية السند مفروغ عنه.. فلايوجد أحد من أهل الجرح والتعديل تردد في تصحيحه.. حتى رأس النقاد السنيين وإمام المدققين عندهم شمس الدين الذهبي، صححه بلفظ (إن الرب يغضب لغضب فاطمة علیها السلام ويرضى لرضاها) !!

ص: 380

ترى هل فهموا ماذا رووا وما كتبوا ... وأن معنى هذا الحديث أن فاطمة علیها السلام لها مقام العصمة .. نعم مقام العصمة .. لكنها ليست كعصمة يعقوب وعصمة ويوسف، ولا كعصمة موسى وعيسى .. بل ولا كعصمة ابراهيم.. علیهم السلام .. عصمة .. وصلت اليها فاطمة علیها السلام وحدها، هي العصمة التي هي من شأن النبي الخاتم صلی الله علیه و آله ..!

إن الرب ليغضب لغضب فاطمة علیها السلام ويرى لرضاها.. وسؤالنا للفخر الرازي هو: إذا لم تكن فاطمة علیها السلام معصومة من الخطأ، ومعصومة من الهوى.. فإن أقل انحراف في رضاها وغضبها عن نقطة الحق المستقيمة.. يوجب قهراً أن يتعلق رضا الله تعالى وغضبه بالباطل ..!! وعليه .. فإنه بحكم البرهان تكون الصديقة فاطمة علیها السلام وصلت الى ذلك الأفق المبين، واتخذت منزلاً في ذلك المقام المكين .. هناك حيث كل العقول تتعطل عن العمل ..

ليس الوقت الآن وقت بيان ماهي العصمة .. المسألة هنا فوق العصمة.

أرجو أن تنتبهوا .. ماهي العصمة ؟ العصمة أن يصل الانسان الى مستوى يرتفع غضبه ورضاه عن حد الحيوانية ويصل الى حد العقلانية .. ثم لابد أن يعبر عن حد العقلانية الى حد الربانية .. فيكون رضاه رضا الله وغضبه غضب الله.. هناك يصل الانسان الى مستوى أنه يغضب حيث يغضب الله تعالى، وحيث يرضى الله تعالى يرضى هو !!

لكن المسألة هنا فوق هذا .. فتارة نقول إن فاطمة علیها السلام وصلت الى مستوى صارت بحيث تغضب حيث يغضب الله تعالى وترضى حيث يرضى الله تعالى . .

لكن الذي قاله النبي صلی الله علیه و آله موضوع آخر .. قال إن الله يغضب عندما تغضب فاطمة علیها السلام، ويرضى عندما ترضى فاطمة علیها السلام !!

ص: 381

هنا يقف جواد العقل البشري .. ولو كان جواده كميتاً ..

(4)

اتفقت كلمة أئمة التفسير والحديث على ما أقوله اليوم، وخلاصته: عندما خرج النبي صلی الله علیه و آله للمباهلة مع نصارى نجران .. خرج وعليه مرط أسود .. في ذلك اليوم الموعود .. وبعد أن أقام عليهم الحجة بالبرهان العلمي القاطع بالوحي وقوله تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) بعد هذه البرهان وصل الأمر الى المحاجة والمباهلة !

المطلب عندكم واضح، لكن المهم هو أن نعرف رواية السنيين للحديث، وما نذكره هو من أتقن الروايات التفسيرية والحديثية، ولا يختص باعتقادنا نحن الشيعة ومصادرنا . .

وما ينبغي توضيحه من الموضوع هو: لقد وصلت القضية الى المباهلة .. فما هي حقيقة المباهلة ؟ حقيقتها تتضح من قول رأس النصارى الذي سيأتي.. خرج رسول الله وعليه مرط أسود.. وقد حمل الحسين علیه السلام على صدره واحتضنه !

الامام الحسين في ذلك الوقت كان في سن يستطيع أن يمشي .. لكن لأمر ما خرج النبي صلی الله علیه و آله بهذه الصفة .. محتضناً الحسين .. آخذاً بيد الحسن يجره الى جانبه ..لاحظوا تعبير النص بدقة ..

النبي في الأمام محتضناً الحسين، آخذاً بيد الحسن.. وخلفه فاطمة الزهراء علیها السلام . . وخلفها علي بن أبي طالب علیه السلام ..

إنه نفس النبي الذي قال فيه الله تعالى (وما ينطق عن الهوى).. وهي آية ليست عادية .. فالذي لاينطق عن الهوى .. لايفعل عن الهوى .. إنه نفس النبي الذي يقول فيه الله تعالى (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) .. إنه نفسه الذي سنته ليست فقط قوله .. بل سنته فعله .. سنته تقريره .. وكل

ص: 382

حركاته وسكناته سنة ..كل أطواره وأحواله سنة ..وكل ما يرتبط بمقام (فدنا فتدلى فكان قاب قوسين أوأدنى) !! إنه خلاصة العالم .. وإنه النبي الخاتم .. وجوهر الوجود، والشخص الاول في عالم الكون ..

إن شخصاً من هذا النوع .. النظرة الواحدة منه عالم من الحكمة .. وكل عمل منه ربيع ملئ بالمعرفة .. وعندما يكون هو في المقدمة وفاطمة علیها السلام خلفه وعلي علیه السلام خلفهما .. فهذا عمل له معنى .. ومعناه: أن فاطمة علیها السلام هي البرزخ بين النوة الكبرى والولاية العظمى .. معناه أن فاطمة علیها السلام فيها جنبة القطب والمحور ..

ولها موقع المركزية بين مقام الوحي الأعظم وتبليغ الوحي . . وبين مقام تفسير الوحي . . فأمام فاطمة علیها السلام النبي وتبليغ الوحي . . ووراءها تفسير الوحي ..

هذه فاطمة الزهراء علیها السلام ..هذه مجهولة القدر عند جميع العوالم ..هكذا خرج رسول الله صلی الله علیه و آله الى المباهلة.. فماذا كان التأثير، وماذا حدث ؟

عندماجاء رئيس أساقفة نجران في وفد علماء النصارى وشخصياتهم، ورأى هذا المنظر، لم يملك نفسه أن قال: والله إني لأرى وجوهاً لو أقسمت على الله أن يزيل الجبال لأزالها من مواضعها ..

وجوهٌ إذا حركت شفاهها بالدعاء.. أو مدت أيديها الى السماء.. لامتلأ الوادي على وفد النصارى ناراً .. ولما بقي نصراني على وجه الأرض !!

ياليت أن فهم هذا الأسقف النصراني كان توأماً مع نقل الفخر الرازي!

لكن مع الأسف فإنا نرى نقل الحديث من الفخر الرازي .. بينما درايته من الأسقف النصراني . . ! ! وهذا بذاته مصيبة كبرى !

قال الأسقف النصراني لقومه يجب أن نعمل بكل وسيلة لكي لا يرفع هؤلاء أيديهم بالدعاء !!

ص: 383

وكان النبي صلی الله علیه و آله قال لفاطمة وعلي والحسن والحسين علیهم السلام: (إذا دعوت فأمنوا) !! التفتوا الى هذه الكلمة .. ما معنى هذه الجملة أيها الفخر الرازي ؟ أيها الزمخشري ؟ أيها البيضاوي ..؟

معناها أنه: أن النبي صلی الله علیه و آله يقول عملي تطبيق لأمر الوحي بقوله تعالى (فمن حاجك فيه من بعد ماجاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) فأوجب أن يجتمع هؤلاء .. ولذا قال لهم النبي صلی الله علیه و آله: إذا دعوت فأمنوا .. ومعنى هذا أن دعائي بصفتي خاتم النبيين مقتض .. لكن شرط فعلية اقتضاء المقتضيي أنفاس فاطمة الزهراء علیها السلام .. فلا بد أن ينضم آمينها الى دعائي .

هكذا قرر الوحي .. وهكذا قررت السنة .. أن دعاء الزهراء علیها السلام شرط لدعاء النبي صلی الله علیه و آله .. والمقتضي محال أن يؤثر بدون شرطه .. ففي هذا المقام مقام مباهلة النبي صلی الله علیه و آله مع النصارى.. لا بد مع رفع النبي يديه نحو السماء أن ترتفع معه أيدي أربعة آخرين.. حتى يستجاب الدعاء ويتحقق المطلوب .. !! وما دام الأمر هكذا .. فياترى ماهو علي علیه السلام ؟ وماهي فاطمة علیها السلام ؟ وماهو الحسن بن علي علیه السلام ؟ وما هو الحسين بن علي علیه السلام ؟!!

(5)

من ابن قتيبة . . الى محمد فريد وجدي ..كتبوا ..

كتب وجدي في دائرة معارفه أن عمر جاء الى باب بيت علي علیه السلام فقال: ياعلي أخرج فبايع وإلا أحرقت عليكم هذا البيت بمن فيه !

من الذين كانوا في ذلك البيت ؟! أيها الفخر الرازي .. أيها القاضي البيضاوي.. أيها الزمخشري .. يا جلال الدين السيوطي .. أنتم رجال فهم.. فلماذا

ص: 384

هنا لم تفهموا .. هذا الشخص الذي جاء الى هذا البيت .. وقال يا علي أخرج، وإلا حرقت عليكم الدار بأهلها ..؟!

فلله الحجة البالغة .. قيل لعمر: إن في البيت فاطمة علیها السلام ! ففي ذلك معنى كبير . . يعني داخل هذا البيت تلك التي قال فيها النبي صلی الله علیه و آله (من آذاها فقد آذاني .. ومن آذاني فقد آذى الله) !

كتب ابن قتيبة .. وكتبوا كلهم أن عمر قال: وإن .. وإن !!

وإذا كان الأمر كذلك فعندي سؤال: انتبهوا فوالله مهما بكى البشر لهذه المصيبة فهو قليل .. سؤالي: أي بيعة هذه التي هاجم البييت من أجلها وقال لعلي علیه السلام أخرج وبايع ..؟! إنها تلك البيعة التي قال عنها نفس هذا الذي أراد إحراق البيت من أجلها . . قال عنها (بيعة أبي بكر فلتة وقى الله المسلمين شرها) .

لقد تمت الحجة على كل العالم .. فنفس ذلك الشخص الذي جاء ليحرق بيتا فيه فاطمة علیها السلام وعلي علیه السلام والحسن والحسين .. نفسه قال كما في البخاري .. إن بيعة أبي بكر كانت فلتةً وغلطاً وخطيئةً وقى الله الأمة شرها !!

أيها الرجل.. إذا كانت البيعة هذه البيعة .. باعترافك أنت ..!! فلماذا ؟!!

أيها العلماء السنيون .. هذا الرجل الذي قال تلك الكلمة هل هو عاقل أم مجنون ..؟ إن كان مجنوناًً فهو بحث .. وإن كان عاقلاً .. فإن إقرار العلاء على أنفسهم جائز !!

الله أكبر.. تلك البيعة التي اعترف ذلك الشخص بأنهاكانت غلطاً.. جاء ليحرق فاطمة الزهراء علیها السلام من أجل حفظها! ترى..هل يوجد مظلوم في العالم أكثر من هذه الحرة .. ؟ والله كلما فكرنا لانرى أعظم من هذه المصيبة !!

(6)

ص: 385

سر .. هي سر .. سر الله الأعظم ..

كان قلبها سراً .. وما في ذلك القلب كان سراً ..

ألمها كان سراً .. لونها كان سراً ..

ما تحملته كان سراً ..

قدرها كان سراً .. مقامها سراً ..

سرٌّ في سر .. وحتى القبر الذي حوى جثمانها كان سراً ..

ماذا فعلت يابنت رسول الله حتى صرت سر الله .. والى أي مقام وصلت؟!

الذي أستطيع أن أقوله إن العمل الذي قامت به فاطمة علیها السلام أحيت به من آدم الى النبي الخاتم . . العمل الذي عملته . . به أحيت اسم الله تعالى . .

عملت عملاً .. به أحيت كل حرمات الله تعالى ..

عندما يموت المؤمن .. أول تحفة يقدمونها له في الجنة أنهم يقولون له: كل من شارك في تشييع جنازتك مغفور له ..

فاطمة علیها السلام تعرف ذلك .. لكنها قالت: ياعلي علیه السلام لاتُعلم بموتي أحداً منهم !

هذا العمل وماأحدثه.. جدير بأن نفكر فيه كثيراً .. لنعرف ماذا حدث..؟

عندما غادر النبي الدنيا صلی الله علیه و آله .. كانت فاطمة علیها السلام في كامل النشاط وغاية السلامة .. وبعد مضي خمس وسبعين يوماً لحقت به الصديقة فاطمة الزهراء علیها السلام .. وفي الليلة التي غسلوا جثمانها قالوا إنها كانت من ضعفها كالخيال! يعني أن جسدها الذي وضعوه على المغتسل كان كالشبح !! لم يبق إلا نفَسٌ خافتُ ... أومقلةٌ إنسانها باهتُ !!

(7)

ص: 386

هذه فاطمة علیها السلام الزهرا .. هذه الإنسية الحورا .. هذه الصديقة الكبرى ..

هذه الانسانة التي هي قطب دائرة النبوة العظمى والولاية الكبرى ..

والله إن قدر فاطمة الزهراء علیها السلام مجهول في كل العالم ..

أن يكون قدرها مجهولاً في مراكز السنيين وبلادهم .. ليس فيه حسرة .. لكن في دولة فاطمة علیها السلام .. هنا دولة الزهراء علیها السلام .. هنا بلد فاطمة علیها السلام ..

في دولة فاطمة الزهراء علیها السلام .. من أجل ذكرى جم .. من أجل نوروز العجم.. عطلةٌ رسمية طويلة .. لكن من أجل يوم شهادة فاطمة الزهراء علیها السلام لايوجد تعطيل رسمي ليوم واحد ! المجهولة قدراً .. المجهولة قدراً ..

أما متى يعلم مقام فاطمة علیها السلام ويعرف قدرها . . ؟ يعرف قدرها في ذلك اليوم الذي تبعث من تربتها.. يقول حجة الله.. فيبعث الله تعالى لاستقبالها سبعين ألف ملك بلواء التكبير، وسبعين ألف ملك بلواء التسبيح يرافقونها حتى تستقر في مقرها .. هذا النوع من التكريم والتقدير الالهي لم يصدر أمر الله بمثله لابراهيم أب الأنبياء .. ولا لموسى بن عمران .. ولا لعيسى بن مريم .. مع أن خزائن الله لا تتناهى ..

إنه يفتح لفاطمة علیها السلام اعتبارا غير محدود .. يأتيها جبرئيل فيقول لها: سلي حاحتك تعطين . . . ولا حد لهذه الحاجة . . مهما شئت فاطلبي . . فماذا تطلب فاطمة علیها السلام من الله تعالى ؟

أرجو الدقة في هذا الموضوع أيها العلماء .. أنتم أهل دقة ففكروا .. وانظروا الى رقي هذه المسألة . . ؟ الطلب من الله تعالى في ذلك اليوم هو الجزاء .. والجزاء غير العمل .. ولكن فاطمة علیها السلام .. عندما يقال لها أطلبي حاجتك من الله تعالى .. تقول: اللهم أرني الحسن والحسين ! إنها تريد أن ترى العمل قبل الجزاء

ص: 387

.. يعني إلهي أرني الذي عملته كما هو، ليكون الجزاء متناسباً معه . . فيأتونها بالحسن والحسين وأوداج الحسين تشخب دماً !!!

(8)

دخل النبي صلی الله علیه و آله الى بيت فاطمة علیها السلام .. فرآها وعليها كساء من وبر الابل !! نظر اليها فرأى حالتها . . رأى ابنته التي امضت ليلها في محراب عبادتها ولم تكد تنم . . وفي الصباح بدأت بعملها .. وهذا لباسها، فانكسر قلبه لها ودمعت عيناه . .

انكسار قلب النبي صلی الله علیه و آله ليس أمراً عاديا ساذجاً .. وعندما يجري دمع النبي صلی الله علیه و آله .. فإن دمع باطن الوجود يجري .. فبكى رسول الله وقال لها: إصبري على مرارة الدنيا ..

ما نقله السيوطي وابن الدلال وابن النجار والبقية.. لانفهم منه ماذا كانت القضية وماذا جرى.. القدر الذي نفهمه أن النبي صلی الله علیه و آله خرج من عندها فنزل عليه جبرئيل بقوله تعالى (ولسوف يعطيك ربك فترضى) !!

(9)

الرجل الفريد في العالم .. الذي لم تستطع خيبر أن تخضعه .. ولا استطاع الخندق أن يحني ظهره .. الذي أمضى ليلة المبيت على فراش النبي على هولها، فلم يخف . . نراه في ليلة موت فاطمة علیها السلام . . منكسرا لا حيلة له !!

قلَّ يارسول الله عن صفيتك صبري ..إنها شكوى لم يشكها الى أحد.. فلم يكن عنده من يبث اليه ما لاقاه .. إلا الذي خاطبه بهذه الآهات .. قل يا رسول الله عن صفيتك صبري ..

ماذا جرى حتى دفنت فاطمة الزهراء علیها السلام ليلاً ؟

ماذا حدث.. حتى صار الأمر هكذا .. ؟! إنها حادثة من نوع لا يستطيع الانسان أن يكون مسلماً ويغمض عينه عنها، إلا أن يكون في إسلامه خلل !

ص: 388

وهل يمكن لإنسان أن يؤمن بنبوة النبي صلی الله علیه و آله .. ثم يتساهل في مظلومية فاطمة الزهراء علیها السلام والصديقة الكبرى، محور آل العبا، وحرمة الرسول والله في أرضه .. ويغمض عينيه عن قصة دفنها ليلاً، وعن الجناية التي ارتكبوها في حقها ..؟! إنها هذه الجناية يجب أن تكون محور البحث بين جميع عوامنا وجميع خواصنا .. ترى ماذا كان .. وماذا جرى، حتى وصل الأمر الى شهادتها .. ؟!

اللهم اغفر لنا .. ولا تجعلنا شركاء في ظلم فاطمة الزهراء علیها السلام .. اللهم اغفر لنا حتى لانكون مسؤولين في مقابل ذلك الأنين، وتلك الدموع، وتلك الآهات التي عاشت بها فاطمة علیها السلام .

- كتب المفيد في شبكة هجر، بتاريخ 13-7-2001، موضوعاً بعنوان (الشيخ العاملي.. ومن يحب أن يشارك .. في رحاب المصاب)، قال فيه:

السلام على الجميع ورحمة الله وبركاته .. أشعر بأن الشبكات قد فقدت رونقها العلمي السابق، فلم نعد ندخل ونستفيد كما كنا في السابق وقد اشتعلت الشبكات بالمهاترات والكلام فيما لا ينفع والغيرة على الشخصيات من دون التفكير في الطائفة، وشخصنة الحوارات، على قولة العاملي ..

المهم . . آثرت أن نستفيد من الأخوة في هذا الموضوع . . قولهم صلوات الله عليهم: نحن حجج الله عليكم وفاطمة علیها السلام حجة علينا ..

ماذا تفهمون من هذا الكلام يا مولانا ؟ نرجوا الإفادة ..

- وكتب محمد المفيد في 14-07-2001

م، الحادية عشرة ليلاً:

في انتظار الجواب .

ص: 389

- وكتب العاملي في 15-07-2001

م، الثامنة والنصف صباحاً:

جزاك الله خيراً أيها الأخ المفيد، فقد عشت ببركة سؤالك .. بعض الوقت مع أحاديث نور النبي وأهل بيته الأطهار صلوات الله عليهم .. وتأملت في عدد منها..

في خلق العالم من هذا النور . . وهي حقيقة تنص عليها الأحاديث النبوية الشريفة، وأعتقد شخصيا بها، وهي قضية يصعب استيعابها على الانسان العادي .

وفي مسيرة هذا النور في عوالم الوجود .. حتى افترق في أبناء عبد المطلب.. فكان في عبد الله وأبي طالب .. رضوان الله عليهم، ثم اجتمع في فاطمة علیها السلام وعلي علیهما السلام ، ثم اتسق في منظومة الامامة التي قدرها الله تعالى منذ الأزل بعد آخر نبوة .. وشاءها شعلة وهاجة الى يوم الدين ..

أعتقد أننا لم نكتشف إلا القليل من عظمة هذه المنظومة الربانية، وأن الله تعالى جعل ثقل حقيقتها من غيبه المنكنون .. وجعل أكثر مايسمح بمعرفته للناس، مؤجلاً الى ظهور ختام المنظومة المحمدية .. الذي يملأ العالم بنور الاسلام .. ويملأ الله العالم بنوره مشكاته الرباني .

أيها الأخ المؤمن، إن موقع الصديقة الزهراء سلام الله عليها من هذه المنظومة .. أنها حلقة الوصل لعودة وحدة النور في مساره وخطط الله فيه .. وهي بهذا المعنى حجة ربانية تكوينية على الأئمة المعصومين من ذريتها .. الذين تختلف الحجج عليهم عن الحجج علينا .

هذا معنى من معاني أنها حجة الله على المعصومين .. ومعنى آخر.. يعتقد به الوحيد الخراساني مد ظله الشريف ..أن الأئمة علیهم السلام .. قلوبهم متعلقة عملياً بالصديقة الزهراء علیها السلام .. وهو معنى من عالم الحياة الروحية، والفيض الرباني على عباده المعصومين ..

ص: 390

ختاماً .. أرانا بحاجة الى عدم الاسترسال .. فالتقية مستحبة أيضا أمام بعض الشيعة .. والله يرعاك .

صلوات الله عليك أيتها الحوراء الانسية.. والصديقة المرضية .. والشهيدة المضطهدة .

- وكتب الموسوي في 15-7-2001

م، التاسعة إلا ثلث صباحاً:

الأستاذ العاملي حفظه الله .. جزاكم الله ألف خير .. وبحق إجاباتكم رغم اختصارها فإنها تفتح آفاقا واسعة للتفكير لاستكشاف نقطة صغيرة في العالم الكبير لأسرار آل محمد صلوات الله عليهم .

والتقية أمام الشيعة وردت أكثر ما وردت في أحاديث الفضائل، حيث كان الأئمة علیهم السلام يخصون بعض أصحابهم بأسرارهم، كسلمان الفارسي، وجابر الجعفي، ويونس بن عبد الرحمن، رضوان الله تعالى عليهم .

- وكتب محمد المفيد في 15-7-2001

م، التاسعة صباحاً:

شكراً جزيلاً شيخي ومولاي علىهذه السطور الذهبية، التي تشع بنور الولاية العظمى .. نعم هذا الشيخ العاملي الذي عرفته منذ القدم .. أتذكر هذا الأسلوب تماماً وأنا إلى جانبكم في أول مرة تقع عيني على الكعبة المشرفة بمعيتكم، ولا تزال كلماتكم يرن صداها في مسمعي، وأنت متوجه بعينيك الى الكعبة المشرفة وقد توقفت قليلاً عند بداية الصحن المكي الشريف.. بهذا الأسلوب الذي لا يزال يفتح لنا الآفاق الروحية والعلمية، جئت اليوم تدلق علينا من معينك الصافي، تعرب عن بعض ما من الله عليك من معرفتها بالإشارة الخفية والجلية.. فشكراً جزيلاً لك ..

ص: 391

وفعلاً سأستفيد وأبني على ما تفضلت به في ليالي الفاطمية القادمة .. فأنت هبة الأئمة في عالم الإنترنت، في عهد ضاعت فيه صرخات الصديقة الطاهرة، وغاب من يشدو بحقيقتها، بل ظهر وغلب صوت شانئها . . روحي فداها ولا زلنا نطمع منكم المزيد، ومن باقي الأخوة، فهو حق أمَنا علينا، في أيام مصابها .

- وكتب العاملي في 15-7-2001، الحادية عشرة وعشرة دقائق صباحاً:

أشكركما أيها الفاضلان العزيزان .. المفيد والموسوي، وقد استخرت الله على أن أبثكما شكوى من عالمي الداخلي ..

أفكر أحياناً، فأقول في نفسي: لا وفق الله الذين أجبرونا على أن ننشغل في الدفاع عن إثبات أصل مقام أهل البيت علیهم السلام .. وشغلونا عن العيش في أبعاد مقامهم .. وعوالم عظمتهم .. إن مثلنا كمثل الذي يدافع عن الجواهر الغالية .. فينشغل بذلك عن معايشتها والاستضاءة بنورها، والالتذاذ برؤيتها ..

ترى .. هل سأفرغ مدة قبل موتي .. لألقي أحجاري .. وأشتغل بدل الدفاع عنهم .. بنظم قصائدي فيهم ..؟! وهل يمكن لي أن أجمع بين الدفاع عن أحب الخلق الي .. وبين نظم المواويل فيهم .. أرجو دعاءكم.

زرت الشيخ اسماعيل نمازي .. وهو صادق موثق من مرجع .. وحدثني عن ملاقاته لسيدي ومولاي صاحب الزمان روحي فداه.. فانشغل ذهني وما زال في أن أفهم وأستوعب .. مجرد فهم .. كيف يصل الانسان الكامل من هؤلاء العظماء صلوات الله عليهم .. الى أن يكون موضعاً لأسر ار الله تعالى ومظهراً لإرادته .. ينوي الشئ فيكون .. وينتقل في أرض الله ببدنه..كما ينتقل أحدنا بذهنه !!

كم هو الفرق بين متخصص في النبات .. ينظر الى نبتة أو شجرة .. وبين أبله يقف الى جانبه وينظر معه اليها ..؟ إنه نموذج مصغر للفرق بين من فهم شيئاً من مقام النبي والأئمة علیهم السلام .. وبين مسطحي الأذهان .. من السنة .. بل من الشيعة .

ص: 392

إن مثلنا عندما نبحث عن مقام الصديقة الزهراء سلام الله عليها والأئمة المعصومين علیهم السلام في دنيانا فقط .. كمثل الذي يبحث عن تأثير أشعة الشمس في غرفته فقط .. وكأن غرفته كل العالم .. وكل الكون الذي تشرق عليه الشمس .. الكون أوسع من هذا يا صاحبي .. والدنيا .. أصغر من مقام محمد وآل محمد .. صلوات الله عليهم .

تعود الناس في كل الشعوب أن ينظروا الى المرأة أنها أنثى .. فهذه حضارة الغرب .. لايمكنها أن تنظر اليها كإنسانة ! فهي عندهم إما أنثى .. أو قراضة

خارجة عن الاستعمال .

كما تعودوا أن ينظروا الى المرأة أنها شر .. وهذه أمامك ثقافة اليهود وثقافة توراتهم الوثنية . . وقد عمت العالم المسيحي وغيره .. وهي تتحدث عن خطيئة حواء والحية وشر المرأة الذاتي !!

أما الصديقة الزهراء علیها السلام .. الانسانة الكاملة ..

والصديقة الزهراء علیها السلام .. الطاهرة المطهرة ..

والصديقة الزهراء علیها السلام .. أم الأئمة الاطهار ..

فهي مشروع الجواب الرباني . . الذي وأدوا إشراقته بدخان نيرانهم وطغيانهم!!

- وكتب صوت الحكمة في15-7-2001 الحادية عشرة والثلث صباحاًَ:

شكراً يا شيخنا الجليل.. شكراً على هذه الكلمات النورانية في مولاتنا الزهراء علیها السلام .

شيخنا الجليل: هناك سؤال عن حديث للامام على علیه السلام عن النورانية لا أحفظ الحديث بالضبط، ولكن مضمونها عن معرفة الامام على علیه السلام بالنورانية هل المقصود بها نور الله تعالى أو أهل البيت علیهم السلام . مع التفصيل إن أمكن .

ص: 393

- وكتب أبو مهدي في 15-7-2001، الثانية عشرة ودقائق ظهراً:

آآآه ما أبعد الطريق إلى قدسها ...!

أيها الشيخ الفاضل أيها الأب الحاني .. لم نكأت الجرح ! ولماذا هذا الغور في المعرفة ؟ وكيف استطعت الدخول من بوابة النور إلى النور ؟ وأنت تعيش بين ظهرانينا.. إنه والله العجب ! إنتظر قليلا يا مولانا لعل البعض يرى من كوّة الباب ما يدله علي الحلقة ! إنتظر قليلا فلعل وعسى، أقول لعل وعسى نصيب خيطاً من الضوء ينير لنا حالك الطريق .. أو نستزيد فنتوضأ وضوء أهل الجنة !

رويدك يا أبتاه لا تزج بنا في هذا العالم البرزخي فليس معنا إلا بطاقات .. صفراء . . باهتة . . يابسة . . تكاد أن تقع من فرط الجفاف . . فانتظر حتى حلول الربيع ! من ينتظر معي .. فإني من المنتظرين . . ؟

والصلاة والسلام عليك يا مولاتي يا سيدة نساء العالمين .

- وكتب هادم اللذات في 17-07-2001

م، الحادية عشرة صباحاً:

الشيخ الفاضل العاملي حفظه الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أولاً: أشكرك على هذه الكلمات الولائية الرائعة.

ثانياً: عندي استفسار حول ما ذكرتم، أتمنى لو أحصل على إجابة له فإن لم يكن في المنتدى فعن طريق البريد .

شيخنا الفاضل قلتم: " إن موقع الصديقة الزهراء سلام الله عليها من هذه المنظومة .. أنها حلقة الوصل لعودة وحدة النور في مساره وخطط الله فيه ..

وهي بهذا المعنى حجة ربانية تكوينية على الأئمة المعصومين من ذريتها .. الذين تختلف الحجج عليهم عن الحجج علينا."

ص: 394

أقول: أرغب أن تتفضلوا علي بتوضيح ما يلي: ما المقصود بحجة ربانية تكوينيةعلى الأئمة علیهم السلام ؟ صحيح أن الزهراء علیها السلام، كانت حلقة الوصل لعودة وحدة النور، ولكن كيف يجعلها ذلك حجة على الأئمة علیهم السلام ؟؟

- ماهو وجه الإختلاف بين الحجج على الخلق والحجج على الأئمة؟! ولماذا لم يكن عبدالله وأبو طالب علیهما السلام ، حجة على الأئمة، لحملهما لذلك النور ؟

- وكتب العاملي في 20-7-2001

م، التاسعة إلا ثلث صباحاً:

الأخ العزيز هاذم اللذات .. بالنسبة الى قولك: ما هو وجه الإختلاف بين الحجج على الخلق، والحجج على الأئمة علیهم السلام ؟ فإن حجة الله تعالى التي يحتج بها على عباده .. منها عام لكل الخلق، ومنها خاص على كل عبد أو مجموعة بما يخصهم. ففي الكافي: 8/84: عن الامام الصادق علیه السلام: إن الرجل منكم ليكون في المحلة فيحتج الله عز وجل يوم القيامة على جيرانه به فيقال لهم: ألم يكن فلاناً بينكم، ألم تسمعوا كلامه، ألم تسمعوا بكاءه في الليل، فيكون حجة الله عليهم) . انتهى .

مثلاً .. من حجج الله تعالى على رسوله محمد صلی الله علیه و آله أنه جعله خاتم الرسل وفضله على النبيين علیهم السلام، وعرج به الى سماواته فأراه عالم ملكوته .. وأنزل عليه خاتم كتبه .. وأنعم عليه بذرية طيبة مباركة جعلهم من صديقة حوراء إنسية وجعلهم أئمة للأمة من بعده علیهم السلام .. وضمن له أن لايفترقا حتى يردا عليه الحوض .. الخ .

وحجته على الصديقة الزهراء علیها السلام الخصائص الفريدة التي وهبها والمقام العظيم الذي أعطاها إياه ..

ص: 395

وحجته على الأئمة علیهم السلام أنه جعلهم أئمة وحججاً له على خلقه وخصهم بما خصهم به .. ومن حججه عليهم أنه جعلهم من ذرية الصديقة المباركة فاطمة علیها السلام، وأورثهم من نورها وخصائصها.. وجعل سيرتها قدوة لهم في التحمل والزهد والعبادة . . الخ .

أما معنى أنها حجة ربانية تكوينية على الأئمة علیهم السلام ؟ فلأن تكوينهم بخصائصهم العالية مديونٌ لها.. ولو أنهم كانوا أولاداً لعلي علیه السلام من غيرها لما كانت النعمة عليهم تامة كما هي .. بالرغم من أن لعلي علیه السلام خصائصه التي لا تقل عنها .

على أن في العالم التكويني للمعصومين علیهم السلام ما يتسع لارتباط نورهم بنورها، وتوجه قلوبهم تكوينياً الى مراكز النور الالهي .. وللزهراء مركزية خاصة فيه . ولعل المرجع الوحيد الخراساني يقصد هذا المعنى بقوله إن قلوب الأئمة علیهم السلام تتجه الى قلب الصديقة الزهراء علیها السلام .

والبحث عن عالم النور الالهي، الذي فتحت بابه سورة النور، وموقع الصديقة الزهراء علیها السلام منه .. بحث طويل . أما لماذا لم يكن عبد الله وأبو طالب علیهما السلام حجة على الأئمة لحملهما لذلك النور ؟ فإن فرق الصديقة الزهراء علیها السلام عن عبدالله وأبي طالب رضوان الله عليهما.. أنها ليست مجرد حامل لذلك النور، بل هي مركز لتطويره وتموينه بخصوصياتها الربانية، وحورائيتها الانسية. وما اتصل لها من أبيها، صلوات الله عليها وعلى أبيها، وبعلها وبنيها .. سيما خاتمهم الموعود رحمة للعالمين .

- وكتب ناصر العترة في20-7-2001، الحادية عشرة والثلث صباحاً:

اللهم صل على محمد وآل محمد .

ص: 396

بارك الله فيكم مولاي وسيدي وشيخي الغالي العاملي، أدام الله ظلكم العالي وأمد في عمركم الكريم، وأبعد عنكم كل شر ومكروه، على هذه الكلمات المباركة الطيبة . أسال الله ان يحشركم وإيانا مع الصديقة الطاهرة المظلومة الشهيدة، في يوم القيامة، اللهم آمين، ورحم الله الشاعر والخطيب الوائلي حينما قال فيها سلام الله عليها:

كيف يدنو الى حشاي الداء *** وبقلبي الصديقة الزهراء علیها السلام

من أبوها وبعلها وبنوها *** صفوة ما لمثلهم قرناء

لعن الله الظالمين لك ياسيدتي ومولاتي وأمي، من الأولين والآخرين الى قيام يوم الدين . . . .

- وكتب هادم اللذات في 20-07-2001

م، التاسعة مساءً:

شكراً جزيلاً لكم مولانا العزيز على هذا الجواب وعلى هذه الكلمات الولائية الجميلة والرائعة جداً. وأسأل الله أن يرزقكم وإيانا شفاعة السيدة الصديقة الشهيدة الزهراء سلام الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها، وأن يطيل في عمركم الشريف ويحفظكم من كل سوء وينفع بكم المؤمنين.

- وكتب 9 بدر في 20-07-2001، التاسعة والنصف مساءً:

السلام عليكم يا شيعة (أم أبيها) ورحمة الله وبركاته .

مع العاملي 100% ولست مع المفيد فاقبلوني معكما أو معكم . . . ولإزالة استغراب مولاي المفيد أقول إني لست معه في قوله (بل ظهر وغلب صوت شانئها) موافق على أنه (ظهَرَ) أما (غلبَ) فلا ولا ولا ولا . . .

مع العاملي المدافع عن أهل البيت علیهم السلام وهو يخرج مكنون صدره الملئ حباً لهم صلوات الله وسلامه عليهم (أفكر أحياناً قائلاً في نفسي: لا وفق الله الذين

ص: 397

أجبرونا على أن ننشغل في الدفاع عن إثبات أصل مقام أهل البيت علیهم السلام .. عن العيش في أبعاد مقامهم .. وعوالم عظمتهم .. إن مثلنا كمثل الذي يدافع عن الجواهر الغالية فينشغل بذلك عن معايشتها والاستضاءة بنورها، والالتذاذ برؤيتها .. ترى .. هل سأفرغ مدة قبل موتي لألقي أحجاري .. وأشتغل بدل الدفاع عنهم .. بنظم قصائدي فيهم ..؟! وهل يمكن لي أن أجمع بين الدفاع عن أحب الخلق اليَّ .. وبين نظم المواويل فيهم .. أرجو دعاءكم) .

مولاي العاملي .. ليس لنا إلا أن ندعو لكم بحق فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها وبالسر المستودع فيها أن يوفقكم لما تأملون، فلا تطل التفكير وتوكل على الله .. تفقَّدْ واحات الأدب لعلها تترصع با"لأحجار الكريمة " التي تلقيها دفاعاً عن التي " بدت فأبدت عاليات الأحرف " صلوات الله وسلامه عليها .

وهل سمعت أن الحجةالأصفهاني تخلى عن جواهره أعني (أحجاره) الكريمة ؟

اعذروا تطفلي، ففي صدري شقشقة لو هدرت لأقرت بأني مع العاملي ومع المفيد 100%، ومع كل محبي فاطمة علیها السلام، ونسألكم الدعاء .

- وكتب العاملي في 20-7-2001، الحادية عشرة والربع مساءً:

الصديقة الزكية .. الحوراء الإنسية

الأخ صوت الحكمة .. سؤالك عن معرفة الامام على علیه السلام بالنورانية: كان أصل المادة عند فلاسفة اليونان والفيزيائيين القدماء .. من ذرات صلبة .. وجزء لايتجزأ .. ثم وصل العلم الى الجدلية بين المادة والطاقة .. والى الكتلة السديمية الكهرمغناطيسية، التي تصوروا أن تفصيل الكون .. بدأ منها.. ثم وصلوا في عصرنا الى الغاز السائل.. قبل السديم والدخان الكهرمغناطيسي .. ووصل

ص: 398

آينشتاين الى بعض قوانين النور .. وفتح باب العلم المادي بالجدلية بين النور والمادة . . إنها خطوات ابتدائية في الطريق . . ليكتشفوا عالم الأنوار التي تدخل في بناء الكون وحياته وفعالياته . .

أما نحن المؤمنون بأن محمداً صلی الله علیه و آله .. مفتوح له الباب الى خالق الكون .. وأنه سبحانه حدثه عن قصة الكون .. وعن مستقبله ..فلا نحتاج الى انتظار أن يصلوا الى عالم النورانية.. نحن نعتقد أن موقع محمد وآله.. علي وفاطمة والحسن والحسين وتسعة من ذرية الحسين، صلوات الله عليهم . . في قصة خلق الكون .. عريقة وحيوية .. فأول ماخلق الله من نوره نورهم .. ثم بدأ تفصيل الكون منه .. فكان للكون مساره .. ولنورهم مساره في نسيج الكون .. وفي خلق آدم ومسيرة الانسان .. ولنقف فعلاً هنا .

الأخ أبا مهدي .. عن النور .. الجفاف .. البرزخ ..

نحن بشر .. فينا نوازع تشدنا الى الملأ الأعلى .. وفينا ثقل الطين ..

كذلك هو الانسان . . هبَّةٌ ملائكية أو أرقى منها . . وهباتُ توحّل في الطين . .

وإن أردنا أن نعيش متوازنين .. فلا بد لنا من العيش مع القدوات المتوازنين صلوات الله عليهم .. يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين .

فادع لي .. وأدعو لك .

الأخ ناصر العترة .. هنيئاً لك ولاؤك .. فالقلب الذي يضم حب محمد وآل محمد .. ينطوي على أعظم جوهرة في الكون ..فمن أغنى منك .. وأسعد ..

ثبتك الله وإيانا .. لنحافظ على جوهرتنا ..ونحملها معنا في سفرنا .

ص: 399

الأخ هاذم اللذات .. وبالأحرى .. ذاكر هاذم اللذات ..وقد فضلت لك الهاذم على الهادم .. لأنه وصف أمير البلغاء والفصحاء علیه السلام , لمجئ وقت سفرنا .. الذي يقطع لذات دنيانا التي نراها مهمة .. وينقلنا الى عالم أرقى . . حيث الخلود . .

بارك الله لك لنا ..وعوضنا عن لذات الدنيا الفانية، بلذات الجنة الباقية .

الأخ 9بدر.. يظهر أنك معي في التفاؤل..وأنه أحب اليك من الشكوى..

ومن حق محب النبي وآله الأطهار .. أن يتفاءل ..

ومن حقه عندما يرى المستعتمين عنهم أن يشكو، كما شكى الأخ المفيد .

الحوراء الإنسية ..

هل سمعت عن الملونين المتولدين من عروق متباعدة ؟ هل رأيت شخصاً منهم .. أبوه أفريقي وأمه ألمانية، مثلاً .. ؟ وهل توجد للملونين فروق وميزات عن المتولدين من عرق واحد أو عروق متقاربة ؟

الجواب: نعم توجد، فالجينات المورثة في ولادتنا الأولى ترجع الى الأبوين وبيئتهما وغذائهما، وعوامل الوراثة الضاربة فيهما الى أبوينا آدم وحواء .

أما في ولادتنا الثانية من أجسادنا فإن جينات أرواحنا تخضع لعامل واحد ومورث واحد فقط هو: سلوكنا وعملنا !

فهو المصنع الوحيد المؤهل لأن يرسل بجيناته المورثة الى تلك الذرة المستديرة في أبداننا التي لا تفنى على حد تعبير الامام الصادق علیه السلام !

ففي الكافي: 3 / 251: (عن عمار بن موسى، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: سئل عن الميت يبلى جسده ؟ قال: نعم حتى لا يبقى له لحم ولا عظم إلا طينته التي خلق منها، فإنها لا تبلى، تبقي في القبر مستديرة حتى يخلق منها كما خلق أول مرة) . فتلك الطينة أو الذرة، هي الصندوق الأسود الذي يختزن مواصفات

ص: 400

ولادة روحنا من جسدنا، ثم ولادةجسدنا الجديد الذي يتولد منها عندما تزرع في تربة مناسبة للبعث، ثم نخرج روحاً وجسداً للمحشر .

الملونون .. بشكل عام، أغنى من غيرهم بالمورثات في كثرتها وحيويتها .. والمتولدون من عرق واحد .. مورثاتهم أقل وأضعف .. وهي إحدى الحكم من استحباب الاتجاه في الزواج الى غير الأقارب .

غذاء الوالدين ..

قد تكون رأيت أبوين لادين لهما ولا يقين .. يعيشان على المال السحت أو المغصوب .. ويأكلان النجس والمحرم .. ولا يعرفان طاهراً ولا نجساً .. ولا صلاة .. ولا شيئاً اسمه القيم ! ثم تأملت تأثير غذائهما وسلوكهما في أطفالهما!

ولعلك رأيت أبوين طاهرين .. يعيشان بالأدب والتقوى .. ويفيضان بالخير لكل الناس .. ولا يأكلان إلا حلالاً طاهراً.. وتأملت تأثير غذائهما وسلوكهما في أطفالهما !! إنها قوانين الله تعالى في معادن الناس وما يورثونه الى أولادهم من جينات تنسجها نطفهم !!

ترى كيف سيكون الطفل لو تغذى والداه على ثمار الجنة، فتكونت منها نطفته ؟ يجيبك الفكر البشري: أنه لم يكتشفت الى الآن من قوانين الوراثة في الأرض إلا القليل القليل .. ناهيك عن فيزياء الجنة وغذائها.. وعن هذا الذي تسأل عنه المركب من فيزياء الأرض والجنة !

الفكر البشري لايعرف شيئاً عن ذلك ليقوله .. !

لكن خالق فيزياء الأرض والجنة أخبرنا على لسان الصادق الأمين أن هذا هو الذي حدث .. وأن النبي وخديجة نالا شرف هذا الغذاء السماوي.. وكان المتولد منه.. فاطمة

الزهراء علیها السلام ! ففي عيون أخبار الرضا: 2/ 107: (قال النبي صلی الله علیه و آله:

ص: 401

لما عرج بي الى السماء أخذ بيدي جبرائيل فأدخلني الجنة فناولني من رطبها فأكلته، فتحول ذلك نطفة في صلبي، فلما هبطت الأرض واقعت خديجه فحملت بفاطمة

، ففاطمه حوراء إنسية، فكلما اشتقت الى رائحه الجنة شممت رائحة ابنتي فاطمة علیها السلام) ! انتهى .

ذلك الرطب .. من ثمار شجرة طوبى، فهي شجرة تثمر بأكثر من نوع من الثمر ؟ أمَّا في الدنيا فيمكن أن تثمر بالتطعيم بعشرين نوعاً ! لكن لابد أن تكون من فصيلة واحدة أو متقاربة .. وأما في الجنة فيوجد أشجار تثمر بأنواع الثمر، بدون حاجة الى تطعيم .. وأهمها وأعظمها شجرة طوبى .. وما أدراك ما طوبى !! في تفسير نور الثقلين: 2 / 502: (عن النبي صلی الله علیه و آله حديث طويل وفيه يقول: دخلت الجنة وإذا شجرة لو أرسل طائر في أصلها ما دارها سبعمأة عام، وليس في الجنة منزل إلا وفيها شجر منها، فقلت: ما هذه يا جبرئيل؟ فقال هذه شجرة طوبى، قال الله تعالى: طوبى لهم وحسن مآب) . وفي تفسير نور الثقلين: 2 / 502: (عن أبي عبيدة، عن أبي عبد الله علیه السلام قال: طوبى شجرة في الجنة في دار أميرالمؤمنين علیه السلام وليس أحد من شيعته إلا وفي داره غصن من أغصانها، وورقة من أوراقها تستظل تحتها أمة من الأمم). وفي مناقب آل أبي طالب:3 / 32: (وعن ابن عباس . وفي دار كل مؤمن منها غصن) .

وفي مستدرك سفينة البحار: 6 /611: (ليس من مؤمن إلا وفي داره غصن منها لاتخطر على قلبه شهوة شئ إلا أتاه به ذلك الغصن ..الخ .) .

وفي فتح الباري: 11 / 366: (وأخرج أحمد وصححه بن حبان من حديث أبي سعيد رفعه: شجرة طوبى مائة سنة) .

ص: 402

وفي صحيح ابن حبان: 61 / 429: (عن عتبة بن عبد السلمي يقول: قال أعرابي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما فاكهة الجنة ؟ قال: فيها شجرة تدعى طوبى . فقال: أي شجرنا تشبه ؟ قال: ليس تشبه شجراً من شجر أرضك، ولكن أتيت الشام ؟ قال: لا يا رسول الله . قال: وإنها شجرة بالشام تدعى الجميزة تشتد على ساق ثم ينشر أعلاها . قال: ما عظم أصلها ؟ قال لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتاها هرماً !!) .

من أحاديث مقام الصديقة الزهراء علیها السلام في مصادر السنيين

- كتب العاملي في شبكة هجر الإسلامية، بتاريخ 20-8-1999، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (مقام الصديقة الزهراء علیها السلام عند الله تعالى وعند رسوله صلی الله علیه و آله)، قال فيه:

بمناسبة أيام وفاة الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء علیها السلام، أقدم باقة من الأحاديث العطرة التي تكشف عن مقامها العظيم عند الله تعالى وعند رسوله صلی الله علیه و آله:

ملاكٌ خاصٌ يبشر النبي صلی الله علیه و آله بمقام

فاطمة والحسنين علیهم السلام

في مسند أحمد: 5 / 391: عن زر بن حبيش، عن حذيفة قال: سألتني أمي: منذ متى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم ؟ قال فقلت لها: منذ كذا وكذا . قال فنالت مني وسبتني ! قال فقلت لها: دعيني فإني آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأصلي معه المغرب ثم لا أدعه حتى يستغفر لي ولك . قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فصليت معه المغرب، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم انفتل فتبعته، فعرض له عارض فناجاه، ثم ذهب فاتبعته فسمع صوتي،

ص: 403

فقال من هذا؟ فقلت حذيفة . قال مالك ؟ فحدثته بالأمر. فقال غفر الله لك ولأمك . ثم قال: أما رأيت العارض الذي عرض لي قبيل ؟ قال قلت: بلى . قال: فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة، فاستأذن ربه أن يسلم علي ويبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأن فاطمة علیها السلام سيدة نساء أهل الجنة) .

عائشة تتحدث عن الزهراء علیها السلام بإجلال وإكبار

في مسند أحمد: 6/ 282: عن عائشة قالت: أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال مرحباً بابنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله، ثم إنه أسرّ إليها حديثاً فبكت !

فقلت لها: استخصك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، ثم تبكين ؟ ثم إنه أسرّ إليها حديثا فضحكت ! فقلت: ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن، فسألتها عما قال ؟ فقالت: ما كنت لأفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ! حتى إذا قبض النبي صلى الله عليه وسلم سألتها فقالت: إنه أسرّ إليّ فقال: إن جبريل علیه السلام كان يعارضني بالقرآن فى كل عام مرة، وإنه عارضني به العام مرتين، ولا أراه الا قد حضر أجلي، وإنك أول أهل بيتي لحوقاً بي، ونعم السلف أنا لك، فبكيت لذلك ! ثم قال: ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة، أو نساء المؤمنين ؟ قالت: فضحكت لذلك) .

ص: 404

آخر من يودعه النبي صلی الله علیه و آله فاطمة علیها السلام، وأول من يزوره بعد عودته .. فاطمة علیها السلام

في مسند أحمد: 5 / 275: عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة ! وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة ! فقدم من غزاة له فأتاها فإذا هو بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضة، فرجع ولم يدخل عليها ! فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل عليها من أجل مارأى، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما. فانطلقا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يبكيان، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما . فقال: يا ثوبان، إذهب بهذا الى بني فلان أهل بيت بالمدينة، واشترِ لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج، فإن هؤلاء أهل بيتى، ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم فى حياتهم الدنيا !) .

قصة تسبيح الزهراء علیها السلام الذي التزم به الشيعة ونسيه غيرهم

في مسند أحمد: 1 / 106: عن علي رضى الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجّه فاطمة بعث معه بخميلة، ووسادة من أدم حشوها ليف، ورحيين وسقاء وجرتين، فقال علي لفاطمة رضي الله عنهما ذات يوم: والله لقد سنوت حتى لقد اشتكيت صدري، قال: وقد جاء الله أباك بسبي، فاذهبي فاستخدميه . فقالت: وأنا والله قد طحنت حتى مجلت يداي، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم . فقال: ما جاء بك أي بنية ؟ قالت: جئت لأسلم عليك، استحيت

ص: 405

أن تسأله ورجعت . فقال: ما فعلت ؟ قالت: استحييت أن أسأله، فأتيناه جميعاً . فقال على رضي الله عنه: يا رسول الله والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري . وقالت فاطمة رضي الله عنها: قد طحنت قد طحنت حتى مجلت يداي وقد جاءك الله بسبي وسعة، فأخدمنا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم، لا أجد ما أنفق عليهم ! ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم، فرجعا . فأتاهما النبي صلى الله عليه وسلم وقد دخلا فى قطيفقتهما إذا غطت رؤسهما تكشفت أقدامهما وإذا غطيا أقدامهما تكشفت رؤسهما فثارا، فقال: مكانكما . (يظهر أن الوقت كان شتاء) ثم قال: ألا أخبركما بخير مما سألتماني ؟ . قالا: بلى . فقال: كلمات علمنيهن جبريل علیه السلام، فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشراً وتحمدان عشراً وتكبران عشراً، وإذا أويتما الى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمدا ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعاً وثلاثين . قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم .قال فقال له ابن الكواء: ولا ليلة صفين ؟! فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق، نعم ولا ليلة صفين !) .

ص: 406

الرسول يباهل النصارى بأمر ربه .. بأفضل أهل الأرض

في مسند أحمد: 1 / 185: عن عامر بن سعد عن أبيه قال .... ولما نزلت هذه الآية: ندعُ أبناءنا وأبناءكم . دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً رضوان الله عليهم أجمعين. فقال: اللهم هؤلاء أهلي).

تحديد النبي صلی الله علیه و آله لأهل بيته تحديداً حسياً !

في مسند أحمد: 6/ 323: عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيك . فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكياً، قال ثم وضع يده عليهم ثم قال: اللهم إن هؤلاء آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد، إنك حميد مجيد . قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال: إنك على خير . انتهى . وفي ذلك بلاغ لمن كان له قلب ! فقد نصت الصحاح على أن هذه الآية نزلت مستقلة، ولا ربط لها بآيات زوجات النبي !!

ص: 407

وعلم النبي صلی الله علیه و آله أنه يوجد من يظلم أهل بيته ويحاربهم .. فأعلن موقفه معهم

في مسند أحمد: 2/ 442: عن أبي هريرة قال نظر النبي صلى الله عليه وسلم الى على والحسن والحسين وفاطمة فقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم !) .

- فكتب طالب العلم بتاريخ 20-8-1999، السابعة والثلث مساءً:

السلام عليك يابنت رسول الله، السلام عليك أيتها الشهيدة الصابرة..

قُلْ لِلْمُغَيَّبِ تَحْتَ أَطْباقِ الثَرى *** إِنْ كُنْت َ تَسْمَعُ صَرْخَتي وَنِدائِيا

صُبَّتْ علي مَصائِبٌ لَوْ أَنَّها *** صُبَّتْ عَلى الأَيَّامِ صِرْنَ لَيالِيا

قَدْ كُنْتُ ذاتَ حِمىً بِظِلِّ مُحَمَّدٍ *** لا أَخْشَ مِنْ ضَيْمٍ وَكانَ حِماً لِيا

فَاليَوْمَ أَخْضَعُ لِلْذَلِيلِ وأتقي *** ضَيْميِ وأَدْفَعُ ظَالِمي بِرِدائِيا

فَإِذا بَكَتْ قُمْرِيَّةٌ في لِيْلِها *** شَجَناً على غُصْنٍ بَكِيتُ صَباحِيا

ئفَلأَجْعَلَنَّ الحُزْنَ بَعْدَكَ مُونِسي *** وَلأَجْعَلَنَّ الدَّمْعَ فيكَ وِشاحِيا

عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب الزهراء سلام الله عليها وصلواته .

- وكتب مالك الأشتر بتاريخ 22 –8-1999، الثامنة صباحاً:

اللهم صلِّ على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها، بعدد ما أحصاه كتابك وأحاط به علمك . لقضاء الحوائج يقرأ 135 مرة .

- وكتب عبر البحار بتاريخ 23 –8-1999، الرابعة صباحاً:

ص: 408

السلام على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها، والسر المستودع فيها . اللهم العن أول ظالم ظلم محمد وآل محمد وآخر ظالم ظلم محمد وآل محمد . اللهم العن الجبت والطاغوت . اللهم أحينا وأمتنا على ولايتهم بحق محمد وآل محمد .

- فكتب العاملي بتاريخ 24-8-1999، التاسعة مساءً:

من عيون الشعر العربي في ظلامة الصديقة الزهراء علیها السلام،

للسيد الحميري رحمة الله، من شعراء صدر الاسلام:

فمضى واتبعتْهُ ولها *** بعد غيض جرعته ووجعْ

ضربت واهتضمت من حقها *** وأذيقت بعده طعم السلع

قطع الله يدي ضاربها *** ويد الراضي بذاك المتبع

لا عفى الله له ولا *** كفَّ عنه هول يوم المطَّلع

وللشاعر الأزري البغدادي رحمة الله:

تركوا عَهد أحمد في أخيه *** وأذاقوا البتول ما أشجاها

وهي العروة الّتي ليس ينجو *** غير مستعصم بحبل ولاها

لم ير الله للرسالة أجراً *** غير حفظ الزهراء في قرباها

يوم جاءت ياللمصاب إليهم *** ومن الوجد ما أطال بكاها

فدعت واشتكت إلى الله شكوى *** والرواسي تهتزُّ من شكواها

فاطمأنّت لها القلوب وكادت *** أن تزول الأحقاد ممّن حواها

تعظ القوم في أتمّ خطاب *** حكت المصطفى به وحكاها

أيُّها القوم راقبوا الله فينا *** نحن من روضة الجليل جناها

نحن من بارئ السماوات سرٌّ *** لو كرهنا وجودها مابراها

ص: 409

فاطمة علیها السلام أفضل نساء العالمين .. وبعدها أمها خديجة ومريم بنت عمران

قال العاملي: في شرح أصول الكافي للمازندراني: 7: 221: (عن الامام الصادق علیه السلام قال: لولا أن الله تبارك وتعالى خلق أمير المؤمنين لفاطمة علیها السلام، ماكان لها كفؤ على ظهر الأرض من آدم ومن دونه) .

وقال المباركفوري في تحفة الأحوذي: 10 / 265: (قال الحافظ في الفتح قال السبكي الكبير الذي ندين الله به أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة والخلاف شهير ولكن الحق أحق أن يتبع به . وقال ابن تيمية جهات الفضل بين خديجة وعائشة متقاربة، وكأنه رأى التوقف، وقال ابن القيم أن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله، فذاك أمر لا يطلع عليه، فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح، وإن أريد كثرة العلم فعائشة لا محالة، وإن أريد شرف الأصل ففاطمة لا محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها، وإن أريد شرع السيادة فقد ثبت النص لفاطمة علیها السلام وحدها !

قال الحافظ: امتازت فاطمة عن أخواتها بأنهن متن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وأما ما امتازت به عائشة من فضل العلم فإن لخديجة ما يقابله وهي أنها أول من أجاب إلى الإسلام ودعا إليه وأعان على ثبوته بالنفس والمال والتوجه التام، فلها مثل أجر من جاء بعدها ولا يقدر قدر ذلك إلا الله، وقيل انعقد الإجماع على أفضلية فاطمة وبقي الخلاف بين عائشة وخديجة) . انتهى .

وفي فيض القدير للمناوي:3 /574: (خديجة بنت خويلد القرشية الأزدية ذات الشرف الظاهر والحسب الفاخر أفضل أمهات المؤمنين قال الحافظ العراقي

ص: 410

: على الصحيح المختار وذكر نحوه ابن العماد وسبقهما السبكي كيف وهي (سابقة نساء العالمين إلى الإيمان بالله وبمحمد) أي وبما جاء به محمد عن الله سبحانه فهي أول من آمن به من النساء مطلقا وأرسل الله إليها السلام مع جبريل .قال ابن القيم: وهذه خصوصية لا تعرف لامرأة غيرها . وقد استدل بهذا الحديث على أن خديجة أفضل من عائشة) .

وفي جواهر المطالب لابن الدمشقي ج 1 ص 153: (روى أحمد والحاكم والطبراني عن أبي سعيد الخدري بإسناد صحيح مرفوعاً: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم . وفي رواية صحيحة: إلا ما كان من مريم بنت عمران . فعلم أنها أفضل من أمها خديجة، وما وقع في الأخبار مما يوهم أفضليتها، فإنما هو من حيث الأمومة فقط .

وأيضاً هي أفضل عن عائشة على الصحيح بل الصواب، قال السبكي: الذي نختاره وندين الله به: أن فاطمة أفضل نساء هذه الأمة ثم خديجة ثم عائشة. قال: ولم يخف عنا الخلاف في ذلك، ولك إذا جاء نهر الله بطل نهر العقل! قال الشيخ شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: ولوضوح ما قاله السبكي تبعه عليه المحققون... وممن تبعه عليه: الحافظ أبو الفضل بن حجر، فقال في موضع: هي مقدمة على غيرها من نساء عصرها، ومن بعدهن مطلقاً) .

وقال البهوتي في كشاف القناع: 5 / 31: (وأفضلهن خديجة وعائشة، وما ثبت أنه صلی الله علیه و آله قال لعائشة حين قالت له: قد رزقك الله خيراً منها: لا والله ما رزقني الله خيراً منها، آمنت بي حين كذبني الناس، وأعطتني مالها حين حرمني الناس ... وخبر: فاطمة بضعة مني، وقوله لها: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم، يدل على أن فاطمة أفضل) .

ص: 411

وفي فتح الباري لابن حجر ج 7 ص 84: (قال السبكي الكبير الذي أدين الله به أن قاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة والخلاف شهير، ولكن الحق أحق ان يتبع . وقال بن تيمية جهات الفضل بين خديجة وعائشة متقاربة وكأنه رأى التوقف !) .

وفي فتح الباري: 7 / 101: (وجاء ما يفسر المراد صريحاً فروى البزار والطبراني من حديث عمار بن ياسر رفعه لقد فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين، وهو من حديث حسن الاسناد . واستدل بهذا الحديث على ان خديجة أفضل من عائشة، قال بن التين ويحتمل أن لا تكون عائشة دخلت في ذلك لأنها كان لها عند موت خديجة ثلاث سنين، فلعل المراد النساء البوالغ !! كذا قال وهو ضعيف ! فإن المراد بلفظ النساء أعم من البوالغ ومن لم تبلغ أعم ممن كانت موجودة وممن ستوجد، وقد أخرج النسائي بإسناد صحيح وأخرجه الحاكم من حديث بن عباس مرفوعاً: أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية . وهذا نص صريح لا يحتمل التأويل . . . .).

وفي فيض القدير للمناوي ج 2 ص 68: (تنبيه: سئل السبكي هل قال أحد إن أحداً من نساء النبي صلى الله عليه وسلم غير خديجة وعائشة أفضل من فاطمة علیها السلام ؟ فقال: قال به من لا يعتد بقوله وهو ابن حزم فضل نساءه على جميع الصحابة لأنهن في درجته في الجنة، قال وهو قول ساقط مردود . قال: ونساؤه بعد خديجة وعائشة متساويات في الفضل .. وفي مسند أحمد والطبراني عن ابن عباس قال: خط رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأرض أربع خطوط فقال أتدرون ما هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، فقال أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة ومريم وآسية . قال الهيثمي: رجالهما رجال الصحيح (ك) في أخبار

ص: 412

الأنبياء (عن ابن عباس) قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي .... قال ابن حجر في الفتح بإسناد صحيح) .

وفي فيض القدير: 4 / 556: (وفي الفتاوى الظهيرية للحنفية أن فاطمةلم تحض قط ولما ولدت طهرت من نفاسها بعد ساعة لئلا تفوتها صلاة قال: ولذلك سميت بالزهراء، وقد ذكره من صحبنا المحب الطبري في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى وأورد فيه حديثين أنها حوراء آدمية طاهرة مطهرة لا تحيض ولا يرى لها دم في طمث ولا ولادة . وفي الدلائل للبيهقي أن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وضع يده على صدرها ورفع عنها الجوع فما جاعت بعد . وفي مسند أحمد وغيره أنها لما احتضرت غسلت نفسها وأوصت أن لا يكشفها أحد فدفنها علي بغسلها ذلك، وذكر العلم العراقي أن فاطمة وأخاها إبراهيم أفضل من الخلفاء الأربعة بالاتفاق... (تتمة) قال ابن حجر في الفتح: أقوى ما استدل به على تقديم فاطمة على غيرها من نساء عصرها ومن بعدهن، خبر أن فاطمة سيدة نساء العالمين إلا مريم، وأنها رزئت بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من بناته فإنهن متن في حياته فكن في صحيفته ومات في حياتها، فكان في صحيفتها قال: وكنت أقول ذلك استنباطاً إلى أن وجدته منصوصاً في تفسيره الطبري عن فاطمة علیها السلام أنه ناجاها فبكت ثم ناجاها فضحكت، فذكر الحديث في معارضة جبريل له القرآن مرتين وأنه قال: أحسب أني ميت في عامي هذا وأنه لم ترزأ امرأة من نساء العالمين مثل مارزئت، فلا تكوني دون امرأة منهن صبراً، فبكت فقال: أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم فضحكت) .

ص: 413

وفي سبل الهدى والرشاد للصالحي: 10/ 326: (قال البلقيني في (فتاويه): الذي نختاره أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، للحديث الصحيح، وأنه قال لفاطمة علیها السلام: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء المؤمنين، وفي النسائي مرفوعاً: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة علیها السلام بنت محمد . سنده صحيح، فالحديث صريح في أنها وأمها أفضل نساء أهل الجنة، والحديث الأول يقتضي فضل فاطمة علیها السلام على أمها، وفي حديث آخر: فاطمة علیها السلام بضعة مني، وهو يقتضي تفضيل فاطمة علیها السلام على جميع نساء العالم ومنهن خديجة وعائشة رضي الله عنهما وبقية بنات النبي صلى الله عليه وسلم . .) .

وفي سبل الهدى والرشاد: 11/161: (قال شيخنا: الصواب القطع بتفضيل فاطمة وصححه السبكي، قال في الحلبيات: قال بعض من يعتد به

بأن عائشة أفضل من فاطمة، وهذا قول من يرى أن أفضل الصحابة زوجاته لأنهن معه في درجته في الجنة التي هي أعلى الدرجات، وهو قول ساقط مردود وضعيف لاسند له من نظر ولا نقل، والذي نختاره وندين الله تعالى به أن فاطمة علیها السلام أفضل، ثم خديجة، ثم عائشة، وبه جزم ابن المغربي في روضته. ثم قال السبكي: والحجة في ذلك ماثبت في الصحيح أن النبي قال لفاطمة علیها السلام: أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة، وما رواه النسائي بسند صحيح من أن رسول الله قال: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة علیها السلام بنت محمد، واستدل شيخنا في شرحه بما ثبت أنه قال لعائشة حين قالت له: قد رزقك الله خيراً منها، قال: لا والله ما رزقني الله خيراً منها .. الحديث) .

ص: 414

الفصل الحادي عشر: لماذا قبر فاطمة الزهراء علیها السلام .. مجهول ؟!

اشارة

ص: 415

ص: 416

وصية فاطمة علیها السلام أن تدفن ليلاً ولا يحضروا جنازتها

- كتب المدعو عمر الفاروق في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 18-2-2000، الواحدة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (إخوتي الأعزاء أهل السنة: أين دفنت فاطمة الزهراء رضي الله عنها)، قال فيه:

بعض الأخوة الشيعة لهم دعوى تدور حول دفن سيدتنا فاطمة علیها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وقد بحثت فلم أجد نصوصاً تدل على مكان دفنها . أرجو إرشادي ممن رأى مصدراً سواء كان من الأخوة أهل السنة أم إخوننا الشيعة مع ذكر المصدر . والله يوفقكم جميعاً .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 18-2-2000، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

وثوت لا يرى لها الناس مثوىً *** أي قدس يضمه مثواها

السلام عليك يا بضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الفتى الإمامي بتاريخ 19-2-2000، العاشرة صباحاً:

ص: 417

لقد أخفي قبر فاطمة الزهراء علیها السلام عن الأنظار... ليبقى علامة استفهام على مر العصور عن سبب اختفاء قبرها، وليتفكر المنصفون عن السبب ويفهموا ماعانته الأمة بعد انحرافها عن أمير المؤمنين .

- وكتب المدعو صبي الشيعة في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16-2-2000، الثانية ظهراً،موضوعاً بعنوان (الى م. ابراهيم .... أين قبر الزهراء علیها السلام ؟)، قال فيه:

الى الزميل الغالي: م . ابراهيم . لا أدري ما الذي أشعل هذا السؤال في ذهني، وحاولت أن أحصل على الاجابة من الشباب السنة الذين حولي.. ولكني أرى أنك الأجدر به سؤال بسيط ... ما السبب في رأيك (رأي مذهبك) الذي أدى الى عدم إخبار الزهراء علیها السلام بمكان قبرها .. لماذا طلبت من بعلها أن يوارى جسدها الشريف في الظلام !!

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 16-2-2000، الخامسة مساءً:

عزيزي: ص . الشيعة: أشكرك على حسن الظن . أرجو أن تزودني بروايات هذا الخبر، حتى يمكنني أن أبحث فيها، مع جزيل الشكر .

- وكتب فرزدق بتاريخ 18-2-2000، الخامسة مساءً:

صحيح البخاري كتاب بدء الخلق باب غزوة خيبر، روى بسنده عن عروة عن عائشة، أن فاطمة بنت النبي صلی الله علیه و آله، أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلی الله علیه و آله مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدَك وما بقي من خمس خيبر . فقال أبو بكر: إن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: لا نورّث ما تركناه صدقة .. إلى أن قال: فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة علیها السلام منها شيئاً .. فوجدت فاطمة علیها السلام على أبي بكر

ص: 418

في ذلك فهجرته فلم تكلّمه حتى توفيت !! وعاشت بعد النبي ستة أشهر، فلما توفيت دفنها زوجها علي علیه السلام ليلاً !! ولم يؤذن بها أبا بكر !! وصلى عليها علي علیه السلام . . . ! ! الحديث . .

وتجد ذلك أيضاً في: صحيح مسلم كتاب الجهاد والسير، ج 2 ص72، سنن البيهقي ج4 ص29 وج6 ص300 طبع حيدر آباد، مشكل الآثار للطحاوي ج1 ص47، مرآة الجنان لليافعي ص91، المستدرك للحاكم النيسابوري ج3 ص162 وفيه (ولم يشعر بها أبو بكر !!) .. وغير ذلك من المصادر .. بل إن في بعضها تصريحاً بأن ذلك أي الدفن ليلاً ومنع الشيخين من حضور جنازتها، كان بوصيةٍ من الزهراء علیها السلام ..

فسلام الله عليك أيتها البضعة الطاهرة، الشهيدة المظلومة المقهورة .

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 18-2-2000، الثامنة مساءً:

لماذا لم يؤذن سيدنا علي بأن يصلي أبو بكر على الزهراء ؟

الإجابة هي: سؤال آخر: لماذا يصلى عليها أبو بكر أصلاً ؟ إذا كانت مثلاً رغبة سيدنا علي بأن يصلى هو بنفسه على سيدة نساء العالمين، هو زوجها وأحق بهذا من غيره، فلماذا نعتبر هذا مأخذاً على سيدنا أبي بكر رضي الله عنه ؟

لماذا دفنت الزهراء علیها السلام ليلاً ؟ الإجابة هي ولماذا لا تدفن ليلاً ؟ هل الدفن ليلاً مثلاً مكروه ؟ من المعلوم أن إكرام الميت هو تعجيل دفنه: أليس كذلك ؟

لماذا هجرته السيدة فاطمة الزهراء ولم تكلمه ؟

كيف هجرته ؟ هل لم تزره مثلاً وهي كانت معتادة زيارته ؟ أم هجرته بمعنى أنه تركته ولم تعد إليه في موضوع الميراث، ولم تكلمه بعد أن سمعت منه ما لم تكن تعلمه من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ؟

لماذا وجدت عليه فاطمة ؟ لا أدري حقيقة . وخصوصاً بأن الزهراء هي أعظم شأناً من أن تتكالب وتأسى على حطام الدنيا، وخصوصاً أنها تعرف بدنوّ

ص: 419

أجلها من أبيها عليه الصلاة والسلام، وهي أيضاً بنت خير البشر الذي كان معروفاً بزهده في الدنيا وبتربيته ابنته الطاهرة على الزهد في الدنيا . إجابتي هذه هي عن الحديث الأول الذي أوردته، ولا أريد أن أبحث في الأحاديث الأخرى، لأن هذا ليس في موضوع السؤال الرئيس في الصفحة، ولكن إن أوردت أنت شيئاً فربما أنني سوف أبحث فيه بما يمكنني الله عز وجل .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 19-2-2000، الثالثة صباحاً:

أخي محمد إبراهيم .. لا أود أن تسلك هذا المسلك الوعر، وأربأ بك مما قلته، فما قلته يعد من القول الغير المنطقي. ولا أود أن أقول بأنه طعناً بالزهراء علیها السلام واستخفافاً لمشاعرها. ولاحترامي الشخصي لك أقول لك: لا تدخل في هذا الموضع الشائك . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء .

- وكتب فرزدق بتاريخ 19-2-2000، الرابعة عصراً:

الأخ صبي الشيعة . . قد وضع العنوان ليُثير الإنتباه إلى ما في نفس الصفحة لاحظ قوله: (سؤال بسيط ... ما السبب في رأيك (رأي مذهبك) الذي أدى الى عدم إخبار الزهراء بمكان قبرها .. لماذا طلبت من بعلها، أن يوارى جسدها الشريف في الظلام ؟!!) .فهل أنت دفّان موتى حتى يسألك عن قبر الزهراء

؟! وإنما حقيقة السؤال عن سرّ عدم معرفة مكان قبر الزهراء، ولماذا ؟! وهي وحيدة المصطفى وأم الحسنين وأوّل أهل بيته لحوقاً به . . . ثم لو كان السؤال عن مجرّد مكان قبر الزهراء فأيُّ معنى لكلامك السابق: (أرجو أن تزودني بروايات هذا الخبر حتى يمكنني أن أبحث فيها) !! فهل السُؤال إخبار ؟؟!! هذا أولا ..

ص: 420

وثانياً . . تقول: (لماذا لم يؤذن سيدنا علي بأن يصلي أبو بكر على الزهراء ؟) .

وأقول لك: لماذا تحرّف معنى الحديث .. الحديث يقول: (فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً، ولم يؤذن بها أبا بكر، وصلى عليها علي..) . فهو يخبر عن ثلاثة أمور: الدفن ليلاً . عدم إخبار أبي بكر، وهو معنى: لم يؤذن . كون المصلي عليها عليّاً ولكنك غيرتَ العبارة لأجل الإيهام!! فهلاّ أرجعت الضمير في (بها) على ما سبقه ليصح الإرجاع وليس على ما يلحقه فلا يصح ! وهلاّ ربطت الجملة الثانية بالأولى وقلت: دفنها زوجها علي ليلاً من دون أن يُخبر بها أبا بكر، وصلّى عليها علي .. فتكون الجملة الأخيرة تأكيداً على عدم حضوره أيّ مراسمَ لها ..

وهلاّ تأمّلت في رواية المسُتدرك التي فيها بدل (ولم يؤذن بها أبا بكر) قوله (ولم يشعر بها أبو بكر) وهي أصرح في كون مراسم الصلاة والدفن تمّت خِلسة، وبعيداً عن عيون الخليفة خليفة أبيها !! لكيلا تقع المخالفة لوصيّة الزهراء

بكتمان الأمر عليهم، وإخفاء قبرها، خصوصاً مع الإلتفات إلى أن الصلاة على أموات المسلمين كانت تقام من قبل الخليفة، وهذه هي سيرتهم في ذلك لاسيما على كبار الصحابة، وهذا كلّه لأجل التأكيد منها علیها السلام على ظلمهم لها وغصبهم لحقوقها .. فدقق .

ثالثاً.. تقول: (ولماذا لا تدفن ليلاً،هل الدفن ليلاً مثلاً مكروه ؟.. الخ) . وأقول: الصحيح أن يُسأل .. لماذا دفنت ليلاً ؟! مع أن القوم كانوا ينتظرون المشاركة مع الامام علي علیه السلام في مراسم التشييع والصلاة والدفن صباحاً، ولكنه علیه السلام عجّل دفنها ليلاً بل سراً، مع نفرٍ قليل من أصحابه .. وما ذاك إلاّ لما

ص: 421

تقدّم ذكرُه من وصيّتها، وإمعاناً في تأكيد بغضها لهم بل بغضهم لها وغصبهم لحقوقها.. وإلاّ فبالله عليك.. لو لم يكن الدفن سرّاً فأين قبرها ؟! وهل هي نكرة مجهولة حتى يخفى قبرها عن المسلمين ؟! وتلك قبور نساء النبي صلی الله علیه و آله وأصحابه في البقيع ظاهرة للجميع، بل حتى قبور بعض أحفادها من الأئمة الطاهرين، والذين توفوا بعدها بعشرات السنين ظاهرة للعيان، وهي شهادة حيّة على عمق ظلامة الزهراء علیها السلام واهتضامها لو تدبّر المنصفون! رابعاً .. تقول: (لماذا هجرته السيدة فاطمة علیها السلام ولم تكلمه ؟ كيف هجرته: هل لم تزره مثلاً وهي كانت معتادة زيارته ؟ أم هجرته بمعنى أنه تركته ولم تعد إليه في موضوع الميراث ولم تكلمه بعد أن سمعت منه ما لم تكن تعلمه من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ؟).

وأقول: سبحان الله .. وهل الهجر هو بهذا المعنى يا سيبوبه !! الهجر هو الإعراض والإبتعاد؛ ومع ضمّ قرينة الغضب والوَجد الحاصلين تجاه القوم من قبل الزهراء علیها السلام، وكذلك وصيّتها المتقدمة الذِكْر عند دفنها والصلاة عليها، وجمعاً مع حديث النبي المتواتر لفاطمة علیها السلام (إن الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك)، فسوف يتجلّى موقف التحدّي بل التبرّي الذي أرادت فاطمة علیها السلام أن تُظهره وتكشف عنه تجاه مغتصبي حقوقها وحقوق بعلها !! بل وإعلان غضب الله عليهم .. والذي أرادت سلام الله عليها أن يبقى إلى يومنا هذا حيّاً طريّاً؛ يكمنُ في سرّ دفنها وخفاء قبرها !!

ثم لو كان هجرُها لأبي بكرٍ بعد أن سمعت منه مالم تكن تعلمه كما تزعم أنت فلِمَ الهجر ؟! أليس ينبغي عليها أن تشكر أبا بكر وتُثني عليه لأنه أخبرها لو

ص: 422

كان صادقاً بحديثٍ عن أبيها، يتضمن حُكماً شرعيّاً يعنيها بالدرجة الأولى .. ومن أولى بالزهراء علیها السلام من ذلك ؟!

وهل كانت فاطمة علیها السلام بنت محمد صلی الله علیه و آله تجهل حكم ميراث النبي، أو لم يكن هو صلی الله علیه و آله قد أخبرها به ولا أخبر نساءه به، ولا عمّه العباس ولا ابن عمه علي علیه السلام وهم أمسّ الناس حاجة لمثل هذا الأمر، لأنهم ورثة النبي لو كان يورّث أو لم يكن.. حتى يأتي الأبعدون ليشهدوا بذلك !

خامساً .. وتقول: (لماذا وجدت عليه فاطمة علیها السلام ؟ لا أدري حقيقة وخصوصاً بأن الزهراء علیها السلام هي أعظم شأناً من أن تتكالب وتأسى على حطام الدنيا وخصوصاً أنها تعرف دنو أجلها من أبيها عليه الصلاة والسلام). وأقول: لا يخفى بأن بعض الروايات عبّرت هكذا (فغضبت فاطمة علیها السلام على أبي بكر في ذلك) أو (فبقيت غاضبة ..) أو نحو ذلك .. هذا من جهة .

ومن جهة أخرى فإن ما تقوله أنت هو الذي يبين لنا حقيقة الأمر .. فإنّ الزهراء علیها السلام الطاهرة المطهرة بنصّ آية التطهير والتي هي مثال الزُهد، كيف تهتمّ بأمرٍ دنيوي مادّي وقتيّ مالم يكن وراءَه أمراً آخرَ، أكثر أهميّةً وأشدّ خطورة منه .. وليس هو إلاّ تثبيتُ عدم رضا الله عن القوم وغضبه عليهم، بعدم رضاها بل بغضبها عليهم وعلى خلافتهم، بسبب ما قاموا به تجاهها .. كما هو مفاد الحديث المتقدم بأن الله يرضى لرضى فاطمة علیها السلام ويغضب لغضبها .. وإلاّ فبالله عليك .. ألم تروِ صحاحُكم بأن: (من مات وليس في عنقه بيعة، مات ميته جاهليّة) .. فهل الزهراء سلام الله عليها ماتت وهي لم تبايع أبا بكر ميتة جاهلية ؟! كيف، وهي سيدّة نساء العالمين بل سيدة نساء أهل الجنة وأحبّ الخلق مع

ص: 423

زوجها إلى رسول الله ! وهذا البرهان كافٍ لوحده في بطلان إمامة أبي بكرٍ وفساد خلافته .. لو أنصف العقل والوجدان !

وأخيراً .. فإني أدعوك أن تبحث في هذا الحديث وغيره من الأحاديث التي أشرتُ إليها وغيرها من عشرات الأحاديث المرتبطة بهذا الأمر .. وغيره من الأمور الحساسة الخطيرة، فإنها وربّ البيت من صلب موضوعنا بل هي عين الموضوع وحقيقته.. وهل لنا غيرُ الوصول إلى الحق والنجاة من النار والفوز بالجنة، موضوع .. فلاحظ . والسلام على من اتبع الهدى .

- وكتب صبي الشيعة بتاريخ 19-2-2000، الرابعة والنصف عصراً:

الزميل الكريم محمدابراهيم .. لقد أجاب الأخ فرزدق عن كل استفساراتك .. شكراً لك عزيزي وأخي الحبيب فرزدق .

- وكتب محمد ابراهيم بتاريخ 19-2-2000، التاسعة مساءً:

الأخ العزيز الفاطمي .. أشكرك كثيراً أخي على هذه المعزّة الخاصة، ويشهد الله أن لك في نفسي مثلها . ولا شك أن ما يجمعنا على هذه المعزّة هو حب سيدتنا الزهراء علیها السلام فداها أبي وأمي. وأنا أعرف كم هو مقدار حبك لسيدة نساء العالمين حتى أنك اخترت اسم الفاطمي .

في الحقيقة أنني لا أحب أن أترك النقاش في الحقائق، ولكن نزولاً عند رغبتك الشخصية وكلامك الذي أجعله فوق رأسي، فإنني أتشرف بأن أنفذ طلبك الكريم حتى تبقى هذه المحبة بيننا، وأسأل الله العلي القدير أن يبقينا جميعاً في محبة الزهراء علیها السلام عليها وعلى أبيها الصلاة والسلام .

أرجو أن تعذرني أخي الحبيب أنني أحياناً أكون مضطراً للدخول في المناقشات لإبراز الحقائق أو استجابة لطلب أحد المشتركين، ولكنني أعدك

ص: 424

أنني (والله يشهد على ما في قلبي) لا أحب ولا أرضى يوماً أن يكون كلامي يُفهم منه أنه انتقاص من سيدتي الزهراء علیها السلام أو قلة محبة لها . يهمني كثيراً أن تعرف أنت بالذات هذا الأمر لما أعلمه من غيرتك الشديدة على الغالية علیها السلام .

أعتذر من الزميل صبي الشيعة عن إكمال الحوار نزولاً على رغبة أخي العزيز الفاطمي، وأرجو أن تكون متفهماً للأمر وخصوصاً أنني ألمس فيك إنصافاً (مع أنه يبدو واضحاً أنك عصبي المزاج أحياناً) .

يمكنك عزيزي أن توجه نفس السؤال إلى أحد المشتركين الآخرين من السنة . (شو رأيك أخوي الفاطمي نرشح له الأخ العزيز مشارك، فأنا أعرف أنكما الاثنان جني وعطبة) . انتهى .

- قال العاملي: وهكذا تخلص الشيخ محمد ابراهيم من حجج الزهراء علیها السلام، على لسان ولدها الفرزدق !

- وكتب المسلم المسالم بتاريخ 20-2-2000، السادسة صباحاً:

معذرة على هذا التدخل، لكن أحببت أن أسأل: من الذي دفنها رضي الله عنها ؟ ولماذا أخفى قبرها ؟كيف تطلبون منامعرفة قبرها ونحن لم ندفنها رضي الله عنها ؟ وإنما نحن نسألك أنت أين قبرها ؟؟

- وكتب صبي الشيعة بتاريخ 2-2-2000، الواحدة ظهراً:

الى المدعو المسلم المسالم . السلام عليكم، لماذا لا تبحث !!

- وكتب فرزدق بتاريخ 20-2-2000، الثالثة والثلث ظهراً:

إلى المسلم المسالم: الجواب موجود في الأعلى، فراجع هداك الله ..

ولا تستغفل حالك والآخرين، وتسأل ساذجاً .

ص: 425

- وكتب المسلم المسالم بتاريخ 20-2-2000، الرابعة والنصف عصراً:

إذا كنتم تعرفون الجواب . لماذا تسألون !!!

- فأجابه فرزدق بتاريخ 20-2-2000، الخامسة والنصف عصراً:

حتى تُدركون وتفهمون، ما أنتم عليه عاكفون، وعن غيره غافلون، ولعظيمِ خطرِه جاهلوون !

- وكتب صبي الشيعة بتاريخ 20-2-2000، السابعة مساءً:

الى المسلم الجاهل .. حبيبي كثير من الأمور تعرفون أجوبتها أحسن منا.. ولكن ماتقول في عمي البصيرة !! هل راجعت قرأت البخاري ومسلم من قبل.. هل بحثت عن حديث الغدير وحديث غضب فاطمة وحديث وحديث وحديث وحديث وحديث . . . إقرأ . . .

- وكتب المسلم المسالم بتاريخ 21-2-2000، السادسة صباحاً:

إذا كان الأمير رضي الله عنه أخفى قبرها عنكم يا رافضة، فلماذا تطلبون منا أهل السنة أن نخبركم به ؟ نحن نقتدي بأبي الحسن رضي الله عنه فلا نريد أن نخبركم به ؟ إذا كان الأمير لا يثق بكم فنحن كذلك.

- وكتب صبي الشيعة بتاريخ 21-2-2000، الحادية عشرة صباحاً:

للأسف كنت أعتقد أن فيك لمحة من تفكر وتعقل.. لكن الواضح أنك مثل ربعك عمي البصيرة.. الله يهدي الجميع والسلام على من اتبع الهدى.

- وكتب أبوحسين بتاريخ 23-2-2000، السابعة والنصف صباحاً:

سيضل قبرها صلوات الله عليها غير معروف حتى يتساءل المسلمون: لماذا المرأة الأولى في الكون فضلاً وتقوى وهدىً،لم تحظ بما حظيت به نساء

ص: 426

عصرها من أن يكون لها قبر . إذن لابد للمسلم أن يدرك بأن هنالك سراً وراء هذا ! فإذا سأل وبحث سيكتشف أن هنالك حق مضيَّع وأمر عظيم مغتصب، ومحاولة دثر الخط الرسالي الصحيح، حتى يكون المسلمون على بينة من أمرهم، وهذا ما أرادت الزهراء صلوات الله وسلامه عليها أن تخدم به أمة الإسلام بموقفها السياسي هذا .

- وكتب المسلم المسالم بتاريخ 23-02-2000 الخامسة مساءً:

أليس الذي أخفى قبرها شريك في نظركم في المؤامرة على جحدها حقها؟ لماذا لم يحف قبر الحسين رضي الله عنه حتى يعلم مقدار المؤامرة ضده؟

- وكتب أبو حسين بتاريخ 24-2-2000، السابعة مساءً:

أولاً: عندما تتكلم عن آل محمد كن مؤدباً، وأعرف حجمك يامسالم . فتساؤلك الذي وصفت به الإمام علیه السلام بأنه شريك في مؤامرة إخفاء قبرها وجحده حقها، لهو غاية الخروج عن الأدب اللازم لأسيادك . ولكن مثلك أحرى بأن يكون هكذا .

ثانياً: الزهراء صلوات الله وسلامه عليها هي التي أوصت الإمام علي علیه السلام، وقد نفذ وصيتها .

ثالثاً: الزهراء صلوات الله وسلامه عليها أفضل من الحسين علیه السلام وهي أول الناس لحوقاً بالنبي الأكرم صلی الله علیه و آله، وهي الفترة التي انحرفت بها الأمة .

رابعاً: الحسين علیه السلام لم يوص بهذا بل ليس من الحاجة أن يوصي لأن أمره معروف وأمر عدوه مكشوف (يزيد الفاسق المتجاهر بفسقه) الذي جاء الى الحكم بإيعاز من الطليق ابن الطليق معاوية بن آكلة الأكباد، فلا شورى ولا

ص: 427

إسلام . أما موضوع الزهراء علیها السلام فالأمر مختلف، إذ أن هنالك من اشتبه بأن الخليفة الشرعي بعد النبي الأكرم صلی الله علیه و آله هو أبو بكر، فأرادت الزهراء صلوات الله وسلامه عليها أن تبين بأن هذا الأول هو أول ظالم لمحمد وآل محمد بظلمه للزهراء في حياتها وإغضابها (كما جاء في صحاحكم) وأن غضبها من غضب الله ورسوله ! فهذه واحدة. وإخفاء قبرها بوصية منها هو تعبير عن عظيم غضبها وسخطها على من حرف الخط الرسالي وجعل من المسلمين ثلاث وسبعون فرقة كلهم في النار... كلهم في النار إلآ واحدة . فبجهود هؤلاء سيدخل المسلمون النار وهم أحق أن يدخلوها قبلهم، وعليهم وزرهم ووزر من اتبعهم على إنحرافهم الى يوم القيامة .

- وكتب المسلم المسالم بتاريخ 24-2-2000، الثامنة إلا ربعاً صباحاً:

أولاً: عندما تتحدث عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم كن مؤدباً معهم ..

ثانياً: كلامي ليس فيه قلة أدب مع علي رضي الله عنه، وإنما بيان مقدار كذبكم وافترائكم عليه رضي الله عنه .

ثالثاً: من قال لك أن الزهراء رضي الله عنها أوصت بذلك .. وأن الحسين رضي الله عنه لم يوص بذلك ؟

- وكتب أبو حسين بتاريخ 24-2-2000، التاسعة صباحاً:

ومن قال لك أنها صلوات الله وسلامه عليها لم توصِ . وأن الحسين علیه السلام أوصى . أنا أذكر لك ما (هو) موجود في كتب التأريخ عن حوادث لم يشهدها لا أنا ولا أنت . ولم آتك بكلام من عندي !

ص: 428

الفصل الثاني عشر: السيد الفاطمي .. الفاطمي ..

اشارة

ص: 429

ص: 430

السيد الفاطمي ظاهرةٌ مميزة في مناقشات الشيعة ودفاعاتهم عن أهل البيت الطاهرين علیهم السلام .. فهو سيدٌ من ذرية علي وفاطم ة علیهم السلام .. وهو في غيرته هاشمي أصيل، ومع أنه موظف متوسط الثقافة، لكنه عصامي التخصص، حيث أتقن بالبحث الشخصي ما تحتاج اليه مواضيع المناقشات حتى صار يناقش المتخصصيين في مواضيع الحديث والجرح والتعديل !

أما في سيرة جدته الصديقة الزهراء سلام الله عليها، وظلامتها، وما يتعلق بها من آيات وأحاديث ونصوص، فهو متخصص من الدرجة الأولى .. وقد أوردنا بعض مناقشاته في الفصول المتقدمة، وله مناظرات متعددة وبعضها مطول، لم يتسع لها المجال، فعقدنا هذا الفصل لاختيار بعضها .

مناقشة بين الفاطمي والفقيه في حديث: لانورث ما تركناه صدقة ...

- كتب المدعو (الفقيه) وهو نفسه محب أهل البيت، في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 27-1-2000 السادسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (يا الفاطمي –

ص: 431

دعنا نتناقش في موضوع السيدة فاطمة علیها السلام هنا)، قال فيه: الزميل الفاطمي: فتحت صفحة جديدة للحوار لأن تلك الصفحة امتلأت نقاشات جانبية خارج البحث .

عموماً قبل استئناف الحوار من جديد هنا بعض الملاحظات:

1 - النقاش علمي، ولا نريد أسلوبك المعتاد في النقاش، راجع حوارك معي وانظر الى أسلوب: (هي هي هي والكلام الفاضي).

2 - أن لا ترد علي نقاشي بأسئلة مقابلة، بل بإجابة على كلامي . راجع كلامك عن مفهوم حديث التوريث، بدلاً من الاجابة قمت بكتابة أسئلة كثيرة لي !!

3 - النقاش من أجل الحقيقة لا التحدي الشخصي .

إذا وافقت على هذه الشروط، فبمجرد الموافقة إن شاء الله، سأكتب طرحي مرة أخرى .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 27-1-2000، الثانية والنصف ظهراً:

الزميل: الفقيه .. هل شروطك التي كتبتها لتحملني مسؤولية عدم ردك وإنسحابك ؟ ولماذا تريد أن تتهرب مما قلته في الموضوع السابق ؟ والأولى أن نبدأ من المكان الذي توقفت فيه عن الرد .

قلت: (1- فتحت صفحة جديدة للحوار لأن تلك الصفحة امتلأت نقاشات جانبية خارج البحث) .

ولماذا كتبت شروطك وأنت تعلم عدم صحتها كما سترى ؟ وهل تريد أن تمتلئ بالنقاشات الجانبية أيضاً ؟ ومالقصد من ذلك ؟

ص: 432

وبالنسبة لملاحظاتك: قلت (النقاش علمي ولا نريد أسلوبك المعتاد في النقاش راجع حوارك معي وانظر الى أسلوب هي هي هي والكلام الفاضي)

أقول: ومن بدأ أولاً ؟ ومن حاول الإستهزاء بأسلوب الآخر ؟

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum1/HTML/001031.html

وهل استهزأت بك من قبل أن تبدأ أنت بالطعن في أسلوبي ؟! أم أنك تريد بقولك هذا أن تمهد لتهربك المقبل ؟!

قلت: (2- ان لا ترد علي نقاشي بأسئلة مقابلة بل بإجابة على كلامي راجع كلامك عن مفهوم حديث التوريث، بدلاً من الاجابة قمت بكتابة أسئلة كثيرة لي !) .

أقول: ومن قال إني لم أقم بالإجابة على ماقلت؟ومن أين أتيت بهذا القول وما دليلك عليه؟ والموضوع موجود إلى الآن ولم يمسح وتستطيع أن تراجعه:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001918.html

وأما بخصوص الأسئلة المقابلة فهي تتعلق بالموضوع مباشرة (حديث التوريث على ما قلت) وليست خارج الموضوع .

قلت: (3- النقاش من أجل الحقيقة لا التحدي الشخصي) .

أقول: ومتى كان النقاش للتحدي الشخصي أو للتجريح وما شابه ؟ وأيضاً لي شرط مقابل ما شرطته وهو: أن لا تورد أقوال وتبترها على وزن: ولا تقربوا الصلاة، وتسكت مثلما فعلت بشرح الإمام الخميني للرواية وأوردت منه ما يناسبك وبترت ما يناقضه .

وأما بخصوص فتح هذه الصفحة فسوف أنزل ردك وردي الأخير هنا، ولك أن ترد أو تبدأ مرة أخرى . وأيضاً أستطيع أن أمسح ردودي في صفحتي وتمسح

ص: 433

ردك وتبدأ مرة أخرى ولك حرية الإختيار ..وحاضرين بشرط أن تثبت للجميع إنك لا تفر !

- وكتب الفاطمي بتاريخ 31-1-2000، الثانية عشرة ظهراً:

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام

- وكتب الفقيه بتاريخ 4-2-2000، التاسعة صباحاً:

الزميل الفاطمي .. أعتذر عن التأخير في الرد وذاك لانشغالي . لقد فتحت صفحة جديدة لنقاش جديد لا أن تنقل لي النقاش السابق الذي أقسم بالله العظيم أني لم أره في هجر .

قلت لي: (على العموم لأجيب على ما ذكرته لي بالنسبة لإيرادك كلام الإمام الخميني كان عليك أن تكمل قوله) .

عموماً سوف أكمله أنا، قال الإمام الخميني: إذ لو كان المراد أن النبي الأكرم صلی الله علیه و آله لم يترك شيئاً يورث سوى أحاديثه، فهذا خلاف ضرورة مذهبنا. إذ أن الرسول الأكرم صلی الله علیه و آله قد ترك أشياء تورث . الحكومة الإسلامية، ص 149، الطبعة 2 . وفي صفحة 150، قال الإمام الخميني: وأما كون ذيل الرواية يتضمن: (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً) فلا يعني أن الأنبياء لا يورثون شيئاً غير العلم والحديث، وإنما هذه الجملة كناية عن أنهم مع كونهم أولياء للأمور وحكاماً على الناس، فهم رجال إلهيون وليسوا بماديين لكي يسعوا وراء جمع زخارف الدنيا . قلت: هذا رأي الخميني وإن كان لا يهمني كيف يفسر الخميني الحديث النبوي، لكن الخميني ذاته الذي يستشهد بالحديث ويفسره بما لا يناقض مذهبه، هو نفسه الذي اتهم أبا بكر باختلاق الحديث !

ص: 434

أقل شئ نقوله إذا كنا منصفين أن أبا بكر استشهد بحديث صحيح وتأوله خاطئاً، فهل تعترف بهذه الحقيقة ؟ طبعاً لا لأنها تناقض المذهب .

أما بالنسبة لقولك: وإذا كان إحتجاج أبو بكر صحيحاً بقوله: (لا نورث ماتركناه صدقة) . فلماذا دفن في حجرة أم المؤمنين عائشة ؟ وبإذن من ؟ ولماذا وصى عمر بن الخطاب بدفنه في حجرة أم المؤمنين عائشة ؟ وأرسل إبنه عبد الله يستأذنها في دفنه بالقرب من أبيها ؟ ولماذا أذنت أم المؤمنين عائشة بدفنه ودفن أبيها ؟

أقول مجيباً على أسئلتك: أن بيت أم المؤمنين عائشة هو بيتها هي، ولها أن تأذن من تشاء في دخوله . أما كيف أخذته وهل هو وراثة . وإذا كان وراثة، لماذا ورثت بينما حرمت السيدة فاطمة من ميراثها ؟ فأقول يستدل الشيعة الامامية على أم المؤمنين عائشة بحديث قرن الشيطان الصحيح عند أهل السنة وعند الشيعة فيما يظهر .

أقول: إن رسول الله صلی الله علیه و آله أشار نحو بيت عائشة كما تقول الرواية، طبعاً سأتغاضى كسُني عن لفظ (نحو) الذي يصرف معنى الحديث عن المعنى الذي يريده الشيعة طعناً في عائشة لأقول: هذه الحقيقة . إما أن تقول رسول الله أشار الى بيته وقال بأنه قرن الشيطان، وحينئذ يكون صاحب هذا القول قد أشهر كفره بطعنه في رسول الله صلی الله علیه و آله، وإدعاءه أنه قرن الشيطان عياذاً بالله من ذلك ! أو أن تقول أنه أشار إلى بيت عائشة لا بيته هو عليه الصلاة والسلام وأن بيتها ملك لها قبل وفاته عليه الصلاة والسلام، وبهذا ينتقض الأصل الذي يُطرح عليه الأسئلة .

بعد هذا كله أريد أن أسألك: ماذا فعل علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بفدك حينما استلم الخلافة ؟ ولماذا لم ينفقها كما تذكر ؟ لماذا يمكِّن أن يمنع

ص: 435

أبو بكر فاطمة من أخذ فدك ؟ أليس ادعاء أن أبا بكر غصب فاطمة حقها محض ادعاء ؟! بانتظار ردك .

ملاحظة: النقاش بيني وبين الزميل الفاطمي , أرجو عدم تدخل أحد لا من أهل السنة ولا الشيعة .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 5-2-2000، الثانية عشرة صباحاً:

الزميل الفقيه، حياك الله ولا داعي للإعتذار .

قلت يالزميل: لقد فتحت صفحة جديدة لنقاش جديد لا أن تنقل لي النقاش السابق الذي أقسم بالله العظيم اني لم أره في هجر .

أقول: قلت لك يا زميلي (الأفضل أن نبدأ من هنا لكي لا يتغير الموضوع، وآمل أن لا تمانع) .

وقلت لك: وأما بخصوص فتح هذه الصفحة فسوف أنزل ردك وردي الأخير هنا ولك أن ترد أو تبدأ مرة أخرى، وأيضاً أستطيع أن أمسح ردودي في صفحتي وتمسح ردك وتبدأ مرة أخرى ولك حرية الإختيار وحاضرين بشرط أن تثبت للجميع إنك لا تفر وإذا تريد أن نقفل هذا الموضوع، ونبدأ من جديد فليس لدي أي مانع بخصوص هذا . والأمر لك يا زميلي وبانتظار ردك ؟

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الفقيه بتاريخ 5-2-2000، السادسة صباحاً:

الزميل الفاطمي .. شكراً على الاجابة .

وقد أجبت على تساؤلاتك بدءاً بمستندي على عدم غصب أبي بكر لحق فاطمة في فدك، وكون الدليل الذي استدل به صحيح عند الفريقين، وبينت أن مرادي من الاستشهاد بكلام الخميني أو غيره انما هو لإثبات صحة الحديث

ص: 436

وأخذ علماء الشيعة به، ولايهمني كيف يفسرونه لأن النقطة المطروحة على الساحة هي أن أبا بكر اختلق الحديث فأثبتُّ العكس . ثم أعقبت هذا ببيان سبب بقاء بيت عائشة رضي الله عنها عندها، ورضاها بدفن أبيها أو عمر .

وهكذا .. وطرحت عليك بالمقابل أسئلة وأنا بانتظار الرد عليها ؟

- فكتب الفاطمي بتاريخ 6-2-2000، الخامسة صباحاً:

الزميل الفقيه، حياك الله .

قلت: (هذا رأي الخميني وأنا لايهمني كيف يفسر الخميني الحديث النبوي لكن الخميني ذاته الذي يستشهد بالحديث ويفسره بما لا يناقض مذهبه هو نفسه الذي اتهم أبا بكر باختلاق الحديث) .

أقول يالفقيه: إذا كان لا يهمك رأي الإمام الخميني فلماذا استشهدت بقوله ؟ وأيضاً لماذا بترت بقية أقواله ؟ وكان عليك أن تثبت خطأ قول الإمام الخميني بالأدلة، ثم بعدها تتهمه بتفسير الرواية بما لا يناقض مذهبه وإلا كان لنا أن نقول بنفس ما قلته أنت، ونتهم علماءكم بتفسير الروايات المتعلقة بهذه القضية بما لا يناقض مذهبكم، فهل ترضى يالفقيه أن نتهم علماءكم بمثل قولك هذا بدون دليل ؟؟

وهل لنا أن نقول بأنكم تفسرون الروايات والأحاديث بما لا يناقض مذهبكم بدون دليل أو إثبات ؟ واستشهادك بما قاله الإمام الخميني لإثبات صحة أصل الصدور مغالطة، لأن الكلام ليس في أصل الحديث بل في الحديث مع الزيادة التي هي (ما تركناه صدقة) وهذه الإضافة هي التي تغير معنى الحديث تماماً، وتجعل المراد منه نفي الإرث المادي . بينما الحديث الذي أورده الإمام الخميني هو لإثبات الإرث المعنوي لا نفي الإرث المادي !

ص: 437

قلت يا زميلي: (أنا بيت أم المؤمنين عائشة هو بيتها هي ولها أن تأذن من تشاء في دخوله . أما كيف أخذته وهل هو وراثة ؟ واذا كان وراثة لماذا ورثت بينما حرمت السيدة فاطمة من ميراثها ؟!) .

أقول: نعم البيت بيتها تسكن فيها حال حياة رسول الله صلی الله علیه و آله . ولكن وحسب رواية أبو بكر (لانورث ما تركناه صدقة) فإن البيت أو الحجرة (كما في بعض الروايات في البخاري ومسلم) تكون صدقة بعد وفاته مصداقاً لرواية أبي بكر !

والدليل على أن البيت أو الحجرة ليس ملكها، أو ملك أي من أمهات المؤمنين، قول أم المؤمنين عائشة في البخاري: (2452 عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ عَائِشَةَ رَضِي اللهم عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهَا أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ عِنْدَهَا وَأَنَّهَا سَمِعَتْ صَوْتَ رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِ حَفْصَةَ . قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ يَا رَسُولَ الله هَذَا رَجُلٌ يَسْتَأْذِنُ فِي بَيْتِكَ) . ولو كان لفظ البيت يدل على ملكية أم المؤمنين حفصة لهذا البيت لما قالت أم المؤمنين عائشة: (هذا رجل يستأذن في بيتك)، بالرغم إن الرجل كان يستأذن في بيت حفصة ؟!

وأيضاً أن عبارة (بيتها) لايدل على الملكية كما تريد انتزاع هذا المعنى، بل يحتمل فيه الاختصاص، فلابد لك يالفقيه من الاتيان بالدليل على ملكية عائشة لحجرتها، والمراد من (البيت) في اللغة والروايات هو الحجرة، لا المنزل، فهل ملكية عائشة للبيت أو الحجرة أمر خاص بها ؟ أم أن بقية زوجات النبي كذلك ؟!

قلت يالزميل: (إن رسول الله صلی الله علیه و آله أشار (نحو بيت عائشة) كما تقول الرواية، أما أن تقول: رسول الله أشار الى بيته وقال بأنه قرن الشيطان ....الخ.) .

ص: 438

أقول يا زميلي: الثابت في البخاري إن الرسول صلی الله علیه و آله أشار نحو (مسكن عائشة) والبخاري أصح من أي كتاب عندكم ! روى البخاري في الخمس الجزء الثالث، ص 508 طبعة دار القلم باب ما جاء في بيوت أزواج النبي صلی الله علیه و آله قال: عن نافع عن عبد الله، قال قال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ها هنا الفتنة ثلاثاً من حيث يطلع قرن الشيطان) .

ولاحظ قول عبد الله بن عمر (مسكن عائشة) ولم يقل بيت عائشة، فهذا ما وجدته في البخاري . وفي كتاب الفتن توجد هذه الرواية ولكن بدون ذكر مسكن عائشة أو بيتها ! وإذا لديك مصدر في البخاري وفيه (بيت عائشة) فالرجاء إعلامنا بذلك ولك الشكر . وحتى ولو أنه قال: (بيت عائشة) فهذا القول ليس من قول الرسول صلی الله علیه و آله، بل قول ابن عمر راوي هذه الرواية، وقوله ليس بحجة بل قول الرسول صلی الله علیه و آله حجة على الجميع . فالرسول صلی الله علیه و آله لم يقل هذا بيت عائشة، ومن ها هنا يطلع قرن الشيطان لكي تقول: (أو أن تقول أنه أشار إلى بيت عائشة لا بيته هو عليه الصلاة والسلام، وأن بيتها ملك لها قبل وفاته عليه الصلاة والسلام وبهذا ينتقض الأصل الذي يُطرح عليه الأسئلة) فأصل استدلالك باطل، لأنك استندت على قول الراوي (بيت عائشة) بينما الثابت عندكم (مسكن عائشة) !

وأيضاً إن قول مسكن أو بيت هو قول الراوي، وليس قول رسول الله صلی الله علیه و آله ! فاستدلالك بهذا القول والرواية على ملكية عائشة لبيتها أو حجرتها باطل لهذا الوجه، وبقية الوجوه أعلاه .

أقول: إلى الآن لم تورد ما يثبت ملكية عائشة لحجرتها أو بيتها (رواية صحيحة) !!

ص: 439

قلت يا زميلي: (أقل شئ نقوله إذا كنا منصفين: أن أبا بكر استشهد بحديث صحيح وتأوله خاطئاً، فهل تعترف بهذه الحقيقة ؟ طبعاً لا لأنها تناقض المذهب) .

أقول: القضية ليست قضية مزاج , لكي تقول (أقل شئ نقوله إذا كنا منصفين أن أبا بكر استشهد بحديث صحيح وتأوله خاطئاً) فقولك هذا قول عاطفي بدون أي دليل أو إثبات سوى أن أبا بكر قال !! وحبك لأبي بكر يدفعك لأن تكون منصفاً معه حتى وبدون دليل ! وحتى لو تطلّب الأمر أن تطعن في فاطمة الزهراء سلام الله عليها وهي بضعة المصطفى ؟!

فالقضية قضية أدلة وإثباتات توردها من الكتاب والسنة، ونحن نثبت آراءنا ونستدل عليها من كتبكم ومن رواياتكم، بينما أنتم تحتجون علينا بكتبكم وأيضاً نقبل بهذا، فالرجاء نريد أدلة وإثباتات . وإذا كان قولك هذا صحيحاً (استدلال أبي بكر بحديث صحيح) فلماذا لم يخبر رسول الله صلی الله علیه و آله ابنته الزهراء سلام الله عليها بأن ما يتركه صدقة، لكي لا تطالب بإرثها ؟ ولماذا لم يوصها سلام الله عليهما ولم يحدثها بهذا الحديث، وهي الوريثة منه، بينما يحدث أبو بكر ليس وريثاً له ؟!

أيها الناس أي بنت نب *** عن مواريثها أبوها زواها

كيف لم يوصنا بذلك مولانا *** وتيماً من دوننا أوصاها

هل رآنَا لا نستحق اهتداء *** واستحقت منه تيم الهدى فهداها

أم تراه أضلنا في البرايا *** بعد علم لكي نصيب

خطاها

وكيف يعطيها فدكاً ولا يخبرها بهذا الحديث (ما تركناه صدقة) ؟؟

ص: 440

وروى البخاري عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: إن فاطمة والعباس علیهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم (وهما يطلبان ارضهما من فدك وسهمهما من خيبر) كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه صدقة، ج 8، ص 551 . فاقرأ يا زميلي (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) فكيف يطلبان ما ليس لهما ؟ فمصداقاً لهذه الرواية من البخاري ومن قول أم المؤمنين عائشة إن الرسول صلی الله علیه و آله أعطاها فدك أي (ملكها فدك) فلماذا منعها أبو بكر من أرضها بينما أعطى ابنته حجرتها (على فرض أن الحجرة ملكها) ؟!!

وهل كان أبو بكر يجهل أن رسول الله أعطى الزهراء صلوات الله عليهما

أرضها في فدك، بينما علمت عائشة أم المؤمنين بذلك وروت الحديث ؟ وإذا كان قولك هذا صحيحاً (إن أبا بكر استدل بحديث صحيح) . فلماذا غضبت الزهراء سلام الله عليها وهجرته حتى وفاتها سلام الله عليها ؟!

ولأي الأمور تدفن ليلاً ...بضعة المصطفى ويعفى ثراها!!

وإذا كان ما قاله أبو بكر حقاً فلماذا لم يصلِّ عليها أبو بكر وهو الخليفة يومئذ ؟! ولماذا لم يشيعها ويحضر دفنها سلام الله عليها ؟!

وكيف يكون الحديث صحيحاً وأهل بيت رسول الله صلی الله علیه و آله لا يعرفونه وهم المختصين به ؟!

فلماذا إذ جهزت للقاء الله *** عند الممات لم يحضراها

شيّعت نعشها ملائكة الرحمن *** رفقا بها وما شيعاها

كان زهداً في أجرها أم عناداً *** لأبيها النبي لم يتبعاها

أم لأن البتول أوصت بأن لا *** يشهدا دفنها فما شهداها

ص: 441

أم أبوها أسر ذاك إليها *** فأطاعت بنت النبي أباها

كيف ما شئت قل كفاك فهذي *** فرية قد بلغت أقصى مداها

أغضباها وأغضبا عند ذاك *** الله رب السماء إذ أغضباها

وكذا أخبر النبي بأن الله *** يرضى سبحانه لرضاها

و بعد أن نقضنا ما قلت يالفقيه وأثبتنا أن حديث (لا نورث ما تركناه صدقة) غير صحيح .. فهل تعترف بهذه الحقيقة ؟

طبعاً لا لأنها تناقض مذهبك . وسوف أكمل الرد غداً إن شاء الله، فلا تستعجل . السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الفقيه بتاريخ 8-2-2000، الثالثة صباحاً:

شكراً على التجاوب .. قلت لي: (إذا كان لا يهمك رأي الإمام الخميني فلماذا استشهدت بقوله ؟ وأيضاً لماذا بترت بقية أقواله . . . الخ .)

أقول: لعلي أذكرك بكلامي الذي لا أدري هل أنك نسيته أو لم تقرأه أو تناسيته . قلت لك: إني لا أتناقش معك الآن في تفسير الحديث بل في إثبات الحديث أولاً، صحة الحديث عند الفريقين، وأنا حينما استشهد بصحته عند المجلسي وعند الخميني فإنه لا يعنيني كيف يفسرونه بل يعنيني أولاً إثباتهم لصحته . بينما الشيعة يتهمون أبا بكر باختلاقه ! هل عرفت المقصد ؟ وإذا كانت المسألة أن كل واحد إذا استششهد بحديث، فلا بد أن يفسره بتفسير المخالفين له، فمعنى ذلك ألا تستشهد علي بحديث إلا بتفسير أهل السنة له ولا تفسره بأي تفسير شيعي ! وهذا ما لا يفعله الشيعة، بل ولا يفعله فريق يستدل على آخر !

ص: 442

قلت أيضاً: (القضية ليست قضية مزاج لكي تقول أقل شئ

نقوله إذا كنا منصفين أن أبا بكر استشهد بحديث صحيح وتأوله خاطئاً . فقولك هذا قول عاطفي بدون أي دليل او إثبات سوى إن أبوبكر قال ...الخ.) .

أقول: أين القول العاطفي؟ أنا استدل عليك بحديث صحيح عند الفريقين؟ وحبي لأبوبكر هو حبي لفاطمة أيضاً، ني أتناقش وفق أدلة وبراهين، واسمح لي أن أول إ قولك هذا يدينك أثر مني، فأا أحب الإثنين وما عندي مشكلة في أيهما كان أصح قولاً . لكنك تحب فاطمة فقط ولا ترى الحق إلا في جانبها، فمن ذا الذي يحكم من خلال العاطفة لا الدليل ؟! خصوصاً وأني استدل بكلامي بحديث صحيح عند الفريقين، وأنت تقول لي كيف جهلت السيدة فاطمة الحديث وهي بضعة المصطفى؟ ومن هذا الكلام العاطفي !

أما من ناحية البيت، فهذا أحد الأحاديث التي تذكر البيت صراحة:5170 عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ، فَقَالَ: رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَاهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ يَعْنِي الْمَشْرِقَ . رواه مسلم .

أما من ناحية قولك أن ذكر (بيت عائشة) هو رأي ابن عمر . فأقول هل الصحابي الذي عاش مع الرسول وعرف بيت من هذا وبيت من ذاك يجهل حقيقة تعرفها أنت ؟! ثم لنفرض أنه أخطأ فحينئذ أريد منك تطبيقاً عملياً على الحديث، بناء على خطئه وكون الرسول هو صاحب البيت .

أقول: إن رسول الله صلی الله علیه و آله أشار (نحو بيت عائشة) كما تقول الرواية، طبعاً سأتغاضى كسُني عن لفظ (نحو) الذي يصرف معنى الحديث عن المعنى الذي يريده الشيعة طعناً في عائشة لأقول . . .

ص: 443

. . . ثم كرر الفقيه كلامه المتقدم الذي أجاب عليه الفاطمي الى قوله (أليس ادعاء أن أبا بكر غصب فاطمة علیها السلام حقها محض ادعاء ؟!) !!

- وكتب الفاطمي بتاريخ 11-2-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

الزميل الفقيه، حياك الله .. أعتذر عن التأخير في الرد لنقص في بعض المصادر وكنت آمل أن تتريث قليلاً حتى أكمل الرد . عموماً كنت أود ان ترد على جميع أسئلتي كما أرد أنا على أسئلتك كلها، لا أن ترد على ما تختاره من الأسئلة وتترك الباقي ! ولكي لايحيد النقاش عن مساره والذي وصفته أنت (بالنقاش العلمي) وعدم ردك على بعض الأسئلة يخل بما حددته أنت بالنقاش العلمي .

قلت يالفقيه: (قلت لك أني لا أتناقش معك الآن في تفسير الحديث بل في إثبات الحديث أولاً .. صحة الحديث عند الفريقين .. وأنا حينما استشهد بصحته عند المجلسي وعند الخميني فإنه لا يعنيني كيف يفسرونه بل يعنيني أولاً اثباتهم لصحته . بينما الشيعة يتهمون أبا بكر باختلاقه ! هل عرفت المقصد ؟) .

أقول: أولاً: الحديث الذي صححه الإمام الخميني والعلامة المجلسي هو (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً) . والحديث المروي من قبل أبو بكر والذي تريد أن تلزمنا بصحته عندنا هو (لا نورث، ما تركناه صدقة) والفرق بينهما واضح . فالحديث الثاني واضح بأن جميع ما يتركه النبي إنما هو صدقة وغير قابل للتفسير أو التاويل . بينما في الحديث الأول لا توجد عبارة: (لا نورث ما تركناه صدقة) وفسره الإمام الخميني بما أوردناه في الرد السابق، فاستدلالك بصحة رواية أبي بكر عندكم بصحة الرواية في الكافي باطلة من هذا الوجه (للإختلاف في ألفاظهما ومعناهما)، فكيف تقول بصحة الحديث عند

ص: 444

الفريقين رغم الإختلاف الواضح بينهما ؟؟ علماً بأن الإمام الخميني طعن في لفظ (ماتركناه صدقة) في نفس الحديث وقال: في بعض الموارد ذُيّل هذا الحديث بجملة: (ما تركناه صدقة) وهي ليست من الحديث . الحكومة الإسلامية ص 150 .

وأيضاً قال العلامة المجلسي: قوله علیه السلام: العلماء ورثة الأنبياء، أي يرثون منهم العلوم والمعارف والحكمة، إن هذا عمدة ما يتمتعون به في دنياهم ولذا علله بقوله: إن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً . . . (ولا ينافي أن يرث وارثهم الجسماني منهم ما يبقى بعدهم من الأموال الدنيوية) أو يقال وارثهم من الجهة النبوة المختصة بهم العلماء فلا ينافي ذلك كون وارثهم من جهة الأنساب الجسمانية يرث أموالهم الظاهرة، فأهل البيت علیهم السلام ورثوا الجهتين معاً … وأيضا ففي الكلام تقدير: أي لم يورثوا لهم، فيشعر بأن لهم ورثة يرثون أموالهم ولكن العلماء من حيث العلم لا يرثون إلا أحاديثهم . مرآة العقول، ج 1، ص 103، 104 .

فهذا تفسير العلامة المجلسي والإمام الخميني وهما يصححان حديث (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا ذهباً) ولم يصححا: (لا نورث ما تركناه صدقة) . وهناك فرق كبير بين القولين كما أوضحنا أعلاه،ولا أدري لماذا قلت: (فإنه لا يعنيني كيف يفسرونه) مع أن تفسير وشرح الحديث هو الذي يبين معناه،وإذا كان لا يعني لك تفسير هذا الحديث شيئاً . فلماذا قلت: (واذا كانت المسألة أن كل واحد إذا استششهد بحديث فلا بد أن يفسره بتفسير المخالفين له . فمعنى ذلك ألا تستشهد علي علیه السلام بحديث إلا بتفسير أهل السنة له ولا تفسره بأي تفسير شيعي! وهذا ما لا يفعله الشيعة بل ولا يفعله فريق يستدل على آخر) .

ص: 445

فكيف تستشهد علينا بما لا نقول به (لانورث ما تركناه صدقة) وتلزمنا بقولك هذا: (صحيح عند الفريقين) ؟! ولا تقبل تفسير أئمتنا للحديث . وأنت تقول (وهذا مالا يفعله الشيعة بل ولا يفعله فريق يستدل على آخر)!

قلت: (أقول أين القول العاطفي، وأنا استدل عليك بحديث صحيح عند الفريقين ؟) .

أقول: قد أثبتنا عدم صحة قول (لانورث ماتركناه صدقة) عندنا فكيف تقول (حديث صحيح عند الفريقين) ؟!

قلت يالفقيه: (وحبي لأبو بكر هو حبي لفاطمة أيضاً، لكني أتناقش وفق أدلة وبراهين) .

أقول: أين الأدلة والبراهين وأنت إلى الآن لم ترد على كثير من الأسئلة التي طرحتها عليك في الرد السابق، وسوف أعيدها إليك في نهاية الرد .

قلت يالزميل: (فأنا أحب الأثنين وما عندي مشكلة في أيهما كان أصح قولاً لكنك تحب فاطمة علیها السلام فقط ولا ترى الحق إلا في جانبها فمن ذا الذي يحكم من خلال العاطفة لا الدليل ؟!).

أقول: نعم أنا أحب فاطمة سلام الله عليها فقط لأنها سيدة نساء أهل الجنة، وأبو بكر غصب حقها كما أثبت لك من حديث أم المؤمنين عائشة (وروى البخاري عن أم المؤمنين عائشة أنها قالت: إن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) كتاب الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه صدقة، ج 8، ص 551، فاقرأ يا زميلي (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) . فكيف يطلبان ما ليس لهما ؟!

ص: 446

فمصداقاً لهذه الرواية من البخاري، ومن قول أم المؤمنين عائشة إن الرسول صلی الله علیه و آله أعطاها فدك أي (ملكها فدك) فلماذا منعها أبوبكر من أرضها بينما أعطى ابنته حجرتها (على فرض أن الحجرة ملكها) ؟! ولماذا لم ترد على هذا السؤال وتجاهلته، وهو أحد الأسئلة التي تجاهلتها يالفقيه ؟! والرجاء أن لا تتجاهل الرد على أسئلتي ؟! فكما أرد على جميع أسئلتك، فالرجاء أن ترد على أسئلتي لك، لكي يبقى النقاش في مساره الطبيعي . وكما قلت أنت نقاش علمي، فعدم ردك على أسئلتي يخل بطلبك (النقاش العلمي) .

وهل تريد بقولك: (وما عندي مشكلة في أيهما كان أصح قولاً) أن تقول لنا إن قول أبوبكر وقول الزهراء سلام الله عليها كلاهما صحيحان ؟! أفكل هذا النزاع والتخاصم لتأتي أنت وتقول: أيهما أصح ؟!!

قلت: (ولا ترى الحق إلا في جانبها، فمن ذا الذي يحكم من خلال العاطفة لا الدليل ؟!) .

أقول: نعم أرى الحق في جانبها سلام الله عليها من خلال الأدلة والبراهين وأيضاً من كتبكم ! وعدم ردك على أسئلتي وردي على جميع أسئلتك يثبت ذلك !

قلت: (وإني استدل بكلامي بحديث صحيح عند الفريقين) .

أقول: أولاً: أثبتنا عدم صحة حديث (لا نورث ما تركناه صدقة) عندنا، ولم يصحح أحد من علماء الشيعة حديثاً بهذا اللفظ والحديث عندكم تناقضه كثير من الأمور، والتي تتضح في هذا النقاش ومنها:

ص: 447

1) إذا كانت رواية أبوبكر صحيحة (لانورث ما تركناه صدقة) فلماذا غضبت الزهراء سلام الله عليها وهجرته حتى وفاتها سلام الله عليها؟ ولماذا دفنت سراً بالليل ولم يصل عليها أبوبكر مع كونه خليفة ؟!

2) ولماذا لم يخبر رسول الله صلی الله علیه و آله ابنته (وريثته) وابن عمه سلام الله عليهما ؟ وأيضاً عمه العباس، بهذا الحديث وأخبر أبوبكر وهو ليس من ضمن ورثته ؟؟

3) ولماذا لم يمنع أبو بكر ابنته أم المؤمنين عائشة من حجرتها، ومنع الزهراء سلام الله عليها من أرضها في فدك، كما أثبتنا ملكيتها (أعلاه) من حديث أم المؤمنين عائشة، ومن رواية البخاري ؟!

وهل يا ترى يالفقيه أن الزهراء علیها السلام والعباس جاءا يطلبان ما ليس لهما أو أنهما يكذبان في دعواهما ؟ ممكن جواب ؟!

قلت يالقفيه: (وأنت تقول لي كيف جهلت السيدة فاطمة علیها السلام الحديث وهي بضعة المصطفي ومن هذا الكلام العاطفي) .

أقول: نعم يالفقيه كيف جهلت الزهراء سلام الله عليها الحديث وهي وريثة الرسول صلی الله علیه و آله وسيدة نساء أهل الجنة، بينما علمه أبو بكر ؟؟ ولماذا لم يخبرها أبوها صلی الله علیه و آله بهذا القول (لا نورث ماتركناه صدقة) وهي وريثته ؟! وهل تظن أن سيدة نساء أهل الجنة تجهل مثل هذا الأمر لو كان صحيحاً ؟!

هنا السؤال يالفقيه فهل تستطيع الرد ؟! وأكرر مرة أخرى: أريد الجواب على كل هذه الأسئلة لا أن تتجاهلها يالفقيه !!

قلت يالفقيه: (أما من ناحية البيت فهذا أحد الأحاديث التي تذكر البيت صراحة: 5170 ٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَ رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَاهُنَا . . . الخ .) .

ص: 448

أقول: أولاً: أوردت لك الحديث من البخاري. (وفيه أشار نحو (مسكن عائشة) . والبخاري أصح من مسلم .

ثانياً: هذا ما قلته أنت يالفقيه في ردك (أقول: أن رسول الله صلی الله علیه و آله أشار (نحو بيت عائشة) كما تقول الرواية . وهنا الرواية في صحيح مسلم لا يوجد بها (وأشار نحو بيت عائشة) . والموجود بهذه الرواية (خَرَجَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِ عَائِشَةَ فَقَالَ رَأْسُ الْكُفْرِ مِنْ هَاهُنَا مِنْ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ يَعْنِي الْمَشْرِقَ) يعني أن الرسول صلی الله علیه و آله خرج من بيت عائشه وأشار نحو المشرق بقرينة (يعني المشرق) بينما في صحيح البخاري: أن الرسول صلی الله علیه و آله أشار نحو مسكن عائشة. وكما قلت البخاري أصح من مسلم . وكما تقولون أنتم فمن أين أتيت بقولك: (أما من ناحية البيت فهذا أحد الأحاديث التي تذكر البيت صراحة) . مع إن الإشارة كانت نحو المشرق ؟! ومن أين أتيت بقولك هذا (أقول: أن رسول الله صلی الله علیه و آله أشار (نحو بيت عائشة) كما تقول الرواية)، وبنيت على هذا القول إستدلالك بملكية أم المؤمنين عائشة لحجرتها أو بيتها !؟ وأين هي الرواية التي قلت أنت (وأشار إلى بيت عائشة) والرجاء أن ترد على هذا السؤال .

وهل عرفت بأن قولك (وأن بيتها ملك لها قبل وفاته) والذي بنيته على هذا الحديث (أشار إلى بيت عائشة) إنما هو قول خاطئ وغير صحيح لأنه مبني على خطأ منك يالفقيه (ولا أريد أن أقول تدليس منك أو تلبيس) ولا يوجد هذا الحديث (أشار إلى بيت عائشة) بل الموجود هو (أشار إلى مسكن عائشة).

ثالثاً: قوله: صلى الله عليه وسلم " من حيث يطلع قرن الشيطان " يدل على مستقبل الفعل وليس ماضيه أي أن الفعل يكون مستقبلياً ولم يكن قبل قوله هذا

ص: 449

أي أن الفتنة وطلوع قرن الشيطان يكون بعد مماته وليست في حياته الشريفة . ونريد منك يالفقيه أن تثبت ملكية أم المؤمنين عائشة لحجرتها فإلى الآن لم تثبت ذلك، فهل ستثبت لنا ذلك ؟ وعدم إثباتك ملكية الحجرة لها يبين إن قول أبو بكر غير صحيح و . . . .

قلت: (أما من ناحية قولك أن ذكر (بيت عائشة) هو رأي ابن عمر.

فأقول هل الصحابي الذي عاش مع الرسول وعرف بيت من هذا وبيت من ذاك يجهل حقيقة تعرفها أنت ؟!

أقول: نعم هو رأي إبن عمر وقد ورد في قول أنس بن مالك حجرة عائشة . فهل أنس الذي عاش مع الرسول صلی الله علیه و آله وكان يخدمه يجهل حقيقة تعرفها أنت ؟! راجع كتاب الآذان، صحيح البخاري .

وأما بخصوص ما الذي فعله أمير المؤمنين علیه السلام في فدك عندما استلم الخلافة . فإنني أحيلك إلى قوله في نهج البلاغة: بلى كانت بأيدينا فدك من كل ما اظلته السماء فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين ونعم الحكم الله . وما أصنع بفدك وغير فدك، والنفس مظانها في غد جدث، تنقطع في ظلمته آثارها، وتغيب أخبارها، وحفرة لو زيد في فسحتها... إلى آخر الخطبة شرح النهج لابن أبي الحديد: 16/ 77 فتمعن يالفقيه في هذه الخطبة لترى زهد الإمام علیه السلام في فدك وغير فدك . والإمام آثر عدم رد فدك لأنها كانت خاصة للزهراء علیها السلام وكانت قد توفيت هي والذي اغتصب حقها فدك ورحلا إلى أحكم الحاكمين ليحكم بينهما. وللإختصار راجع رد الأخ الكريم الموسوي، وأخي العزيز ذوالشهادتين: http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001532.html

ص: 450

وأما قولك (لماذا يمكن أن يمنع أبو بكر فاطمة من أخذ فدك ؟) فالأولى أن تطرح هذا السؤال على نفسك: لماذا منعها سلام الله عليها من إرثها وحقها (فدك) وسهمها من خيبر (الخمس). فهل فدك وسهمها من الخمس يعتبران من الميراث ؟

ولنفترض إن أبابكر أعطاها أرضها وسهمها بعد أن طالبته سلام الله عليها، ثم جاءت فيما بعد تطالبه بالخلافة لزوجها علیه السلام . فهل يستطيع أبو بكر الإعتراض عليها بعدما أعطاها فدك بشهادتها ؟!!

قلت: (أليس ادعاء أن أبا بكر غصب فاطمة علیها السلام حقها محض ادعاء ؟) .

أقول: عندما ترد على جميع الأسئلة هنا سوف تعرف هل أنت صادق في قولك هذا، أم لأ، لأ . وأكرر مرة أخرى: أريد الرد على جميع أسئلتي بدون استثناء، كما رددت على جميع أسئلتك بدون إستثناء، فهل أنت فاعل ؟! وهذه هي أسئلتي بالرد السابق والتي تجاهلتها يالفقيه:

وإذا كان قولك هذا صحيحاً (استدلال أبو بكر بحديث صحيح) فلماذا لم يخبر رسول الله صلی الله علیه و آله ابنته الزهراء سلام الله عليها بأن ما يتركه صدقة لكي لا تطالب بإرثها ؟ ولماذا لم يوصِّها سلام الله عليها، ولم يحدثها بهذا الحديث ن وهي الوريثة منه، بينما يحدث أبو بكر وليس هو بوريث له ؟!

أيها الناس أي بنت نبي *** عن مواريثها أبوها زواها

كيف لم يوصنا بذلك مولانا *** وتيما من دوننا أوصاها

هل وأنَا لا نستحق إهتداء *** وأستحقت منه تيم الهدى فهداها

أم تراه أضلنا في البرايا *** بعد علم لكي نصيب خطاها

وكيف يعطيها فدكاً ولا يخبرها بهذا الحديث (ما تركناه صدقة) ؟!

ص: 451

وروى البخاري عن عائشة أنها قالت: أن فاطمة والعباس علیهما السلام أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) كتاب الفرائض - باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: لا نورث ما تركناه صدقة . ج 8، ص 551 . فاقرأ يا زميلي (وهما يطلبان أرضهما من فدك وسهمهما من خيبر) . فكيف يطلبان ما ليس لهما ؟!.... وإذا كان قولك هذا صحيحاً (إن أبا بكر استدل بحديث صحيح) فلماذا غضبت الزهراء علیها السلام وهجرته حتى وفاتها سلام الله عليها ؟!!

ولأي الأمور تدفن ليلاً *** بضعة المصطفى ويعفى ثراها

وإذا كان ما قاله أبو بكر حقاً، فلماذا لم يصل عليها أبوبكر وهو الخليفة يومئذ ؟؟ ولماذا لم يشيعها ويحضر دفنها سلام الله عليها ؟!

ولو سمحت وتكرمت نريد الرد على جميع أسئلتي هذه، وأسئلتي في هذا الرد . ولا تتجاهل أي منها كما جاوبتك على أسئلتك .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 14-2-2000، الثانية عشرة ظهراً:

إلى الفقيه حياك الله .. نسيت أن أورد هذا الرد الذي ذكرتني فيه في هجر

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum1/HTML/001346.html

قلت يالفقيه: وأنت تقول لي كيف جهلت السيدة فاطمة علیها السلام الحديث وهي بضعة المصطفى ومن هذا الكلام العاطفي !)

هل تعتبر قولي هذا من الكلام العاطفي ؟ وهل تعتقد فعلاً أن الزهراء سلام الله عليها تجهل حديث أبيها صلی الله علیه و آله لو كان صحيحاً، وهي سيدة نساء أهل الجنة ؟ علماً بأن الحديث يخصها لكونها أنها إبنة قائل هذا الحديث ووريثته، والحديث يتعلق بها . ولأي أي شئ اختصت باسم سيدة نساء أهل الجنة، إذا كانت تجهل

ص: 452

حديث والدها المتعلق بها صلوات الله وسلامه عليهما ؟! أليس نسبة الزهراء

سلام الله عليها الى الجهل بهذا الحديث (إن صح) طعناً بأبيها صلی الله علیه و آله لكونه قال عنها (فاطمة علیها السلام بضعة مني) و (سيدة نساء أهل الجنة) و(يغضبني ما يغضبها) فكيف يغضب لابنته والتي تجهل قوله الذي يتعلق بها ؟! حاشا رسول الله ؟! وهل قال أبوها عنها ما قال كونها ابنته أم أنها استحقت تلكم الفضائل؟

السلام عليك يا بضعة المصطفى، يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 12-4-2000، الرابعة عصراً:

! ؟ ! ؟

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- ثم كتب الفاطمي بتاريخ 16-3-2000، الحادية عشرة ليلاً:

في سحاب نت = محب أهل البيت

في هجر = محب أهل البيت

في شيعة لينك = الفقيه

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- قال العاملي: ولم أجد بقية المناقشة، وأظن أن الفقيه هرب !

- وكتب المدعو محب أهل البيت في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 26-12-1999، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (يا فاطمي - هل تريد الاجابة على قولك: ولأي الأمور تدفن فاطمة علیها السلام ليلاً ؟)، قال فيه:

رغم أني لا أرضى أسلوبك في النقاش والذي لا يحمل أي نوع من احترام الآخرين كما يشاهد الأخوة . فاسلوبك كله استهزاء وابتسامات، ولا أريد التعليق

ص: 453

أكثر . أقول لك أنا مستعد لمناقشتك لكن بشرط واحد: أن تناقش باحترام وبلا طريقة استهزاء، وأن لا ينقلب النقاش الى نقاش أطفال . لأني بصراحة ما أحب أنزل لهذه المستويات في النقاش، فإذا أردت النقاش الموضوعي فأنا مستعد، فهل أنت مستعد ؟

أرجو أن لا يتدخل أحد لا معك ولا معي ولنتناقش .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 26-12-1999، الرابعة عصراً:

السلام عليكم ..

قلت: (رغم أني لا أرضى أسلوبك في النقاش، والذي لا يحمل أي نوع من احترام الآخرين كما يشاهد الأخوة، فأسلوبك كله استهزاء وابتسامات

ولا أريد التعليق أكثر) .

أولاً: أين سلامك ؟ ومن يأمر أهل البيت علیهم السلام بعدم السلام.

ثانياً: هل كان نقاشي معك (إذا كنت نفس الشخص) أو مع الأخ: أجدل، قبل تخريب هجر .. مثلما تقول ؟ وهل نقاشي مع الأخ محمد إبراهيم في شيعة لينك كما تدعي ؟ وهل استهزأت بك والأخ أجدل والأخ الناصر لدين الله والأخ العزيز محمد إبراهيم في شيعة لينك، وهل احترمني الذي فقد صراحته أو مشارك لكي أحترمهم، وهل رأيت ما قال عني مشارك ؟ فهل عرفت مقدار صحة كلامك هذا (فأسلوبك كله استهزاء وابتسامات، ولا أريد التعليق أكثر)؟!

قلت: (أن تناقش باحترام وبلا طريقة استهزاء) .

أقول: من يحترمني أحترمه وبزيادة، أما من يحاول أن يستهزئ بي فليس له إلا ما حاول .

ص: 454

قلت: (وأن لا ينقلب النقاش الى نقاش أطفال، لأني بصراحة ما أحب أنزل لهذه المستويات في النقاش) .

أقول: إذا تريد أن تقلبه إلى نقاش أطفال فهذا يرجع لك أنت . وأما أنا فلا أحب أن أنزل إلى هذا المستوى وأسلوبك هذا ينم عن ماذا ؟ وهل هذه طريقة لطلب النقاش ؟ هل تريد أن تقول إن نقاشي لمشارك والذي فقد صراحته كان نقاش أطفال من جانبي، ولذلك تركوا النقاش معي ؟ وهل موضوعك هذا وما قلت فيه هو للدفاع عن الذي فقد صراحته وهرب ومشارك، وذلك بالطعن في أسلوبي ؟ أو لم تر أسلوب المشارك الذي يقطر (؟؟؟) ؟؟ وهل تؤيده على سبه وفحشه ؟ وهل لنا أن نسمع ردك ؟

ويعلم الله إنني لا أريد أن أعلق أكثر من هذا ورمضان كريم، وآمل أن لا يكون ما كتبته هو بمثابة هروب قبل البدأ بالنقاش، آمل ذلك يا محب . نسيت أن أسألك: لماذا فتحت صفحة جديدة غير الصفحة المعنية بذلك؟

السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب المدعو محب أهل البيت بتاريخ 27-12-1999 الثالثة صباحاً:

قضية السلام ما عندي مشكلة فيها . السلام عليكم .

في الحقيقة لا أقصد نفسي بالشخص الذي لم يكن أسلوبك جيداً في النقاش معه حتى الآن، لكني أقرأ كلامك وأسلوب نقاشك مع الآخرين من عمر الى مشارك إلى جبهان الكاتب والفاروق والفقيه وآخرين . وبصراحة قلت في نفسي كيف يرضى المراقبون بهذا الأسلوب في النقاش ؟! حتى عمر والبقية أسلوبهم ليس مثل أسلوبك الذي كله استهزاء واستعلاء على الآخرين في النقاش ! قلت

ص: 455

بأن النقاش فقط مع مشارك بهذا الأسلوب، وليس مع البقية، ولا أقول لك إلا راجع ردودك في شيعة لنك، وهنا لتعرف الحقيقة !

أما لماذا فتحت صفحة جديدة، فذلك لأنك طلبت مني أيام غلق هجر، في أن تناقش معاً . أما لماذا أطرح هذا الموضوع رغم بعدي عن هجر فذلك لأني رأيتك كالعادة تستهزئ بأهل السنة وتفتخر في طرح هذا الموضوع وكأنك صدت شيئاً على أهل السنة لا يستطيعون نقاشه . ولا أناقشك هنا إلا اظهاراً للحق وزهقاً للباطل .

ملاحظة: أرجو أن لا يتدخل أحد بيني وبينك في النقاش . أما الآن فاعطني النقاط التي تريد الحوار معي فيها، هل المسألة هي لماذا دفنت سيدتي فاطمة علیها السلام ليلاً ؟

- وكتب الفاطمي بتاريخ 27-12-1999، الخامسة صباحاً:

الأخ المحب، السلام عليكم . .

قلت: (قضية السلام ما عندي مشكلة فيها) .

أقول: وهل تحتاج إلى من ينبهك إلى السنة لكي تسلم ؟

قلت: (لكني أقرأ كلامك وأسلوب نقاشك مع الآخرين من عمر إلى مشارك إلى جبهان الكاتب والفاروق والفقيه وآخرين) .

أقول: وهل عرفت من بدأ بالإستهزاء ؟ وهل تريد أن أنقل أقوالهم لك لتعرف ذلك ؟!

قلت: (وبصراحة قلت في نفسي كيف يرضى المراقبون بهذا الأسلوب)؟

ص: 456

أقول: وهل أسلوب المشارك وعمر أفضل من أسلوبي يامحب ؟؟ ألم تقرأ سبابهم لي ؟وهل قرأت لي أنني سببتهم ؟ أدخل هنا لتعرف أسلوب المشارك الملئ بالسب والفحش وبعدها قل ما تقول:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000610.html

وأدخل هنا لتعرف أسلوب عمر لتعرف صحة قولك:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000885.html

ولماذا لم تقل في نفسك كيف يرضى المراقبون بأسلوب المشارك وعمر في النقاش ؟ أم عين الرضا .. .. وعين السخط .. ونعذرك يالمحب .

قلت يالمحب: (قلت بأن النقاش فقط مع مشارك بهذا الأسلوب وليس مع البقية، ولا أقول لك الى راجع ردودك في شيعة لنك...) .

أقول: من أين أتيت بهذا القول عني ؟ وهل تستطيع أن تورده بالنص ؟ وإنما قلت: وهل استهزأت بك والأخ أجدل والأخ الناصر لدين الله والأخ العزيز محمد إبراهيم في شيعة لينك . فهل استشفيت من قولي هذا بأنني قلت بأن النقاش فقط مع مشارك بهذا الأسلوب وليس مع البقية . والأفضل أن تحتاط بالإتهام والتقول على الآخرين ولا تنسب لهم ما لم يقولوه !!

قلت: (أما لماذا فتحت صفحة جديدة، فذلك لأنك طلبت مني أيام غلق هجر في أن تناقش معاً) .

أقول: طلبت منك أن نتناقش، ولم أطلب منك فتح صفحة جديدة، فالإختلاف بينهما واضح .

قلت: (أما لماذا أطرح هذا الموضوع رغم بعدي عن هجر فذلك لأني رأيتك كالعادة تستهزأ بأهل السنة وتفتخر في طرح هذا الموضوع....). أقول: ومتى سألتك لماذا تطرح هذا الموضوع رغم بعدك عن هجر ؟ وهل اختفى

ص: 457

الإخوة من أهل السنة لكي تأتي أنت وتدافع عنهم ؟ وهل لا يوجد من يستطيع الرد سواك ؟ ولماذا لا تقول إنك أجرأهم على الزهراء سلام الله عليها ؟ ولماذا لم تطرح للنقاش موضوع:

إلى جميع الأخوة، دافعوا عن خير خلق الله صلی الله علیه و آله:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000660.html

بالرغم إنني طرحته أكثرمن مرة في شيعة لينك؟في صفحة خاصة وردودي على السيف المشهور ؟ وأيضاً طرحته هنا في موضوع (إلى مشارك والمجاهد لصريح وغيرهم . هل تستطيعون أن تقولوا هذه الجملة الصغيرة ؟

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum1/HTML/000716.html

وهل هذا الموضوع أهم من موضوع (دافعوا عن خير خلق الله . ومن موضوع: إلى مشارك والمجاهد والصريح وغيرهم، هل تستطيعون أن تقولوا هذه الجملة الصغيرة ؟ وكان الأفضل أن تبدأ بالدفاع عن خير خلق الله محمد بن عبد الله صلی الله علیه و آله، أم وراء الأكمة ما ورائها ؟!

قلت: (ولا أناقشك هنا إلا إظهاراً للحق وزهقاً للباطل) .

أقول: كان بودي أن تقول هذا القول في الدفاع عن النبي صلی الله علیه و آله، وأن تظهر الحق له وتدفع الباطل عنه .

عموماً: سوف أفتح صفحة خاصة بالسؤال، وأستأذنك بذلك لكي يكون أسهل للقراءة . السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام

- وكتب محب أهل البيت بتاريخ 27-12-1999، الثانية ظهراً:

يالفاطمي هون عليك . . دعنا من حسين وعبيد، لندخل في صلب الموضوع، أما لماذا أناقشك وهل أنا نائب عن أهل السنة، فلم أدع ذلك أبداً ! لكن أحب أن

ص: 458

أذكرك أنك تحديتني بصيغة غير لطيفة في سحاب وقلت لي: لما ترجع هجر راح نتناقش، هذا أمر .

الأمر الثاني، رأيت أن أخوتي من أهل السنة متخاذلين في الرد عليك وهذا ما أحززني . أما قولك بأني أجرأ الناس على الزهراء، فالحمد لله أني أحبها وأكن لها كل احترام وتقدير، وحينما أناقش نقاش علمي فلا يعني ذلك اني لا أحترمها، وحينما أقول أنها غير معصومة لأن العصمة للأنبياء، فهذا ثابت عندي في أنه لا عصمة لأحد مع محمد عليه الصلاة والسلام .

أما قولك: لماذا لا أدافع عن رسول الله صلی الله علیه و آله، فلا أدري ما دخل هذا بذاك ! أنت تطرح موضوع غضب السيدة فاطمة، وتكرره مراراً ولابد أن أريك الحق في القضية، هذا على افتراض أنك تريد الحق، ولا تريد فقط التعريض بأهل السنة بين حين وآخر !

حتى لا يطول كلامنا في القضية، أجبني عن سؤالي السابق .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 27-12-1999، السابعة مساءً:

الزمبل المحب، حياك الله . من الذي بدأ بالإبتسامة وآمل أن لا تقول ما لاتفعل، وسوف أرد عليك لاحقاً لأني بالدوام حالياً، فقط استئذنت للإفطار بالبيت، وأراني مضطراً للخروج الآن . والسلام .

السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 28-12-1999، الواحدة والنصف ليلاً: الزميل المحب، حياك الله .

ص: 459

أولاً: وهل نسيت أن تسلم أيضاً ؟ قلت: (فأسلوبك كله استهزاء وابتسامات، وقلت: يالفاطمي هون عليك) . أقول: وهل تأمر بالبر وتنسى نفسك؟ ولم تقول ما لا تفعل؟ وهل تعلم إن ذلك من المقت ؟ ولم هذه الإبتسامة وأنت تنهى عنها؟.

قلت: (دعنا من حسين وعبيد لندخل في صلب الموضوع) .

أقول: ولماذا بدأت بذكرهم ؟ أم ضاقت عليك الإجابة فتهربت منها؟

قلت: (أما قولك بأني أجرأ الناس على الزهراء، فالحمد لله أني أحبها وأكن لها كل احترام وتقدير) .

أقول: سوف يبان للجميع مدى احترامك لها أيها الزميل، و(اللي بالقدر يطلعه الملاس) أي ما يكون في القدر تخرجه المغرفة .

قلت: (لأن العصمة للأنبياء فهذا ثابت عندي في أنه لا عصمة لأحد مع محمد عليه الصلاة والسلام) .

أقول: ها قد بدأت تتناقض مع مذهبك ونفسك، وإذا كان رسول الله صلی الله علیه و آله معصوماً عندك فهل لك أن تقول هذه الجملة الصغيرة قل يا محب: (لعن الله من قال أو يقول بأن الرسول صلی الله علیه و آله كان يسب أو يلعن أو يجلد من لم يكن أهلاً لذلك من المسلمين) . فهل تستطيع أن تقول هذه الجملة الخفيفة على اللسان ؟ وهل تعتقد فعلاً بأن نبي الرحمة صلی الله علیه و آله كان يسب ويلعن من لم يكن أهلاً للسب واللعن ؟! نريد جواباً ولا نريد تهرباً منك يا محب أهل البيت، مثلما فعل الذي فقد صراحته وهرب، ممكن جواب ؟!

قلت: (أنت تطرح موضوع غضب السيدة فاطمة، وتكرره مراراً، ولابد أن أريك الحق في القضية) .

ص: 460

أقول: وأيضاً طرحت موضوع الطعن بالرسول صلی الله علیه و آله . والقول بأنه كان يسب ويلعن ويجلد من لم يستحق من المسلمين، وكررته مراراً وتكراراً في شيعة لينك وهنا في هجر، فلماذ لا ترى بداً من أن تريني الحق في هذه القضية ؟ فهلا تكرمت بالدفاع عن خير خلق الله صلی الله علیه و آله ؟! والأولى أن تدافع عن من تعتقد فيه العصمة، لا أن تحاول أن تدافع عن صحابته فهل عرفت ؟! نأمل بالرد لا بالتهرب، ممكن ؟

السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب محب أهل البيت في 28-12-1999 الثالثة والنصف صباحاً:

أولاً: بدأنا بأسلوب النقاش الطفولي، طفل في المدرسة يتناقش بأسلوب لا تقول لي كذا، إنته اللي كذا ! وأنا قلت لك إطرح نقطتك ودعني أناقشك، ولكن تأبى إلا أن تستمر في هذا الأسلوب في النقاش !

ثانياً: من غير المعقول أن أطالبك في موضوع غضب سيدتنا فاطمة الذي تكرره مراراً وتكراراً، ولما نريد مناقشتك تطرح موضوع آخر ! عجباً !

والعجيب فيك أن لا تريد النقاش من أجل الحق بل من أجل الجدال، وهاك دليل على هذا: لما تتناقش مع الأخوة في أي موضوع كأن تطرح قضية غضب السيدة فاطمة، مع أن الموضوع مختلف ! وحينما آتي لمناقشتك تحيلني الى موضوع آخر ! ناقشني في موضوع الغضب ثم إذا التزمت بأسلوب النقاش العلمي، ممكن أناقشك في أمر آخر .

بخصوص طلبك أن يكون الرد في صفحة أخرى لا أرى لذلك داعي، أريد رد خاص بيني وبينك لأنك أنت من طلب هذا في سحاب .

ص: 461

- وكتب المشرف العام بتاريخ 28-12-1999، الرابعة والربع صباحاً:

الزميل / الفاطمي، الزميل / محب أهل البيت . بعد التحية والاحترام .

نرجو منكما التوقف من النقاش المذهبي أو الانتقال الى موقع أخر تتفقان عليه وشكراً:http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum1/HTML/001048.html

مع تحيات / المشرف العام

- فكتب الفاطمي بتاريخ 28-12-1999، الرابعة والنصف صباحاً: وهل عجزت عن الرد لتقول نقاش طفولي ؟ وهل الأسئلة كانت صعبة لتقول نقاش طفولي ؟ السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 29-12-1999، الواحدة صباحاً:

هل قلت نقاش طفولي لكي تتهرب من هذا السؤال،كما تهرب منه الذي فقد صراحنه وهرب ؟ ولماذا تناقض نفسك ومذهبك ؟ إليك ماقلت يا محب الذي فقد محبته للرسول صلی الله علیه و آله كرامة لغيره ؟؟ !!

قلت: (لأن العصمة للأنبياء فهذا ثابت عندي في أنه لا عصمة لأحد مع محمد عليه الصلاة والسلام) .

أقول: ها قد بدأت تتناقض مع مذهبك ونفسك، وإذا كان رسول الله صلی الله علیه و آله معصوماً عندك فهل لك أن تقول هذه الجملة الصغيرة، قل يامحب: (لعن الله من قال أو يقول بأن الرسول صلی الله علیه و آله كان يسب أو يلعن أو يجلد من لم يكن أهلاً لذلك من المسلمين) ... فهل عرفت طعنكم بأخلاقيات الرسول صلی الله علیه و آله ؟!

وإذا كنت كما تقول من أن اعتقادك بأن الرسول معصوم . فقل هذه الجملة لتثبت قولك، وإلا فهذا إدعاء منك ولا تقول به حقيقة .

ص: 462

وما كلامك هذا إلا للطعن في الزهراء سلام الله عليها لنفي العصمة عنها ولكي تتمكن من الطعن بها وتقول بأنها غضبت لأنها تريد زوجها أن يكون خليفة للمسلمين !!

قلها يا محب: (لعن الله من قال أو يقول بأن الرسول كان يسب أو يلعن أو يجلد من لم يكن أهلاً لذلك من المسلمين) فهل تستطيع أن تقول هذه الجملة الخفيفة على اللسان ؟! يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون .

السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب محب أهل البيت بتاريخ 29-12-1999، السادسة صباحاً:

ما أدري أنت تعرف عربي، أم لأ !! هل نقاشي عن العصمة أم عن موضوع غضب السيدة فاطمة ؟! من الذي يتهرب الآن ؟!!

موضوع العصمة لم أقرأ نقاشك أو نقاش التلميذ لمشارك، وهذا أمر بينكم، لننه الأمر الذي بيننا والذي سويت نفسك شاطر وتتحدى به، وكل شوي تحط لنا بيت الشعر وفي الأخير تتهرب !

- فكتب الفاطمي بتاريخ 29-12-1999، الثانية ظهراً:

الزميل المحب، حياك الله .

سوف أترك لك هذه الصفحة، لترى تهربك من الإجابة على الأسئلة التي تتحاشاها وتتجاهلها، وسوف أفتح صفحة خاصة بك لنرى إجابتك .

ص: 463

وعموماً إذا تريد أن ترى من لا يعرف العربية، فانظر إلى من لا يجيب على الأسئلة، لتعرف أنه لايجيد العربية ! وانظر إلى من تهرب من هذا السؤال لتعرف أنه لا يجيد العربية !

عموماً سوف أترك هذه الصفحةلكي تعرف تناقضك مع نفسك ومذهبك وأفتح لك صفحة ثنائية، لكي ترد هناك .

- وكتب موسى العليبتاريخ 29-12-1999، الثانية والنصف ظهراً:

الأخ الفاطمي، بعد التحية والاحترام .. قلنا لك وما زلت أقول لك: إن نقاشك مع محب أهل البيت عقيم ! والدليل على ذلك عدم اتفاقكم على شئ حتى الآن ! أنت ترى عصمة سيدتنا الزهراء علیها السلام وهو لايراها ! هم يرون عصمة النبي في التبليغ فقط وأنت تراها في كل شئ !! تريد أن تبرهن له وللجميع أنه يتهرب منك كما تهرب الذي فقد صراحته أو مشارك كما تدعي ! وهذا هو عين النقاش المذهبي العقيم مع السلفيين !

مع تحيات / المشرف العام

- فكتب الفاطمي بتاريخ 29-12-1999، السادسة مساءً:

الموقر موسى العلي .. السلام عليك . أوافقك في جل ما قلت، ولكنك قلت: تريد أن تبرهن له وللجميع أنه يتهرب منك كما تهرب الذي فقد صراحته أو مشارك كما تدعي !!

أقول: أخطأت في قولك هذا فالمسألة ليست بطولات أدعيها أنا أم غيري بقدر ما هي دفاع عن معتقداتي وإثبات إنها هي العقيدة الصحيحة، فتهرب المشارك أو الذي فقد صراحته يعني شيئاً واحداً ويثبته وهو: أن عقيدتي في الرسول صلی الله علیه و آله صحيحة وراسخة بعكسهم هم !!

ص: 464

وأيضاً في المسائل الأخرى التي ناقشتها، فالمسألة ليست كما قلت ولا أقول (تدعي) فالإدعاء شئ والقول شئ آخر .

عفا الله عنك، فهل أصبحت أنا ممن (يدعي) ؟! عموماً نشكرك ! وتقول ولد عمي !! السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب عبد الوهاب بتاريخ 29-12-1999، التاسعة مساءً:

مازلتم تكيلون بمكيالين يا أخي موسى العلي. أم نسيتم عندما كان المشارك ينشر في كل يوم نقاشه مع التلميذ في أكثر من موضوع، في يوم واحد ؟ يا أخي لماذا مع الشيعة نكون أكثر حزماً، ومع المخالفين نكون متسامحين ؟ أذكر أن الأخ محمد ابراهيم في المنتدى قد ذكر في أحد مقالاته أن الشيعة تحترم وتقدر السنة أكثر من أهل السنة ! ووالله لم أوافقه عليها واعترض عليه الكثيرين، ولكني الآن ألاحظ ماكان يقصد !

أقول هذا من باب الساكت عن الحق شيطانٌ أخرس .

تقبل الله أعمالكم في هذا الشهر الكريم .

- وكتب المشرف العام بتاريخ 29-12-1999، التاسعة والربع مساءً:

الأخ عبد الوهاب، سامحك الله . هذا القرار جديد ونريد أن نتخذه مع الجميع ! وأنتم تذكروننا بتجاوزات بعض الأخوة في الماضي وتحاسبوننا عليها وتعتبروننا نكيل بمكيالين ! والتجاوزات كانت سابقاً من كلا الطرفين وليس من طرف واحد ! ونحن نريد أن نضع حداً لهذه الأمور وقد شخصت لنا! وكلهاتصب في النقاشات العقيمة! ولكن للأسف تريدونها نقاشات عقيمة!

مع تحيات/ المشرف العام .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 29-12-1999، العاشرة ليلاً:

ص: 465

الموقر موسى العلي، السلام عليكم . . قلت: ولكن للأسف تريدونها نقاشات عقيمة !! لا يا أخي، من قال نريدها نقاشات عقيمة، نريد أن نثبت صحة عقائدنا، نريد أن نتكلم بحرية هنا بعد أن حرمنا من حرية النقاش في سحاب نت وغيرها، لا نستطيع الدفاع عن عقائدنا، فنحن ندافع عن معتقداتنا بالنقاش وبتهربهم يتضح من هو على العقيدة الصحيحة .

والرجاء كل الرجاء لا تجعل من موقعك خاتماً بيد المشارك وغيره، ولا تجعلهم يدقون إسفين الخلاف بينك وبين من يحبونك، ولا تجعلهم يضحكون علينا بالخفاء فنحن نقدر مواقفك وحساسيتها ولكن، السكوت أحياناً أفضل . ولهذا لا نحب أن نتناقش معك أكثر من هذا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته . السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب عبد الوهاب بتاريخ 30-12-1999، الخامسة صباحاً:

الأخ العزيز الفاطمي ..

أعتقد أن هناك حرية كافية في هذه القناة، ولله الحمد .

الأخ موسى العلي.. سامحنا الله وإياكم . هذا رأي يا أخي قد أكون مصيباً وقد أكون مخطئاً، وأنا أحترم رأيكم والذي تقومون به من أجل الأخوة المشاركين، ومن أجل إظهار الحقيقة فجزاكم الله ألف خير، وتقبل أعمالنا وأعمالكم في هذا الشهر .

تقول: والتجاوزات كانت سابقاً من كلا الطرفين وليس من طرف واحد!! وأنا أؤيدك في هذا 100%ولكن للأسف فإنكم طردتم وأعطيتم تحذيراً نهائياً لطرف واحد فقط، وتركتم الطرف الثاني يصول ويجول في هذه الساحة . صدقني يا أخ موسى أنكم لو أوقفتم الذين يناقشون بهذه الأساليب الغير مرغوب

ص: 466

بها، لكان أصلح وأوفر علينا وعلى بقية القراء من منع النقاشات المذهبية بالمرّة، والتي ساهمت كثيراً في توضيح ورفع بعض الشبهات. هناك الكثير من الأخوة الشيعة والسنة من الذين يناقشون بأساليب علمية هادئة بعيدة كل البعد عن التشنج والعصبية، فلماذا نحرق الأخضر واليابس يا أخي ونمنع الكل من النقاش؟

كما علمتنا أخي، أن هجر هي ملك للمشاركين، وهذا من طيب خلقكم وكرمكم، لهذا من رأي أن نصوت على هذا القرار . كما وأنه لا بد لنا من قنوات نوصل من خلالها أفكارنا ومعتقداتنا الى العالم موضحين الشبهات والافتراءات التي أثيرت طوال القرون الماضية منذ أيام الأمويين والى يومنا هذا .

نشكر لكم مرة أخرى إتاحة الفرصة لنا في المشاركة، واعطاؤنا مالم توفره شبكات أخرى، وهذا ما لا ينكره أحد .

- وكتب منتظر بتاريخ 31-12-1999، الثالثة صباحاً:

السلام عليكم ورحمته وبركاته وبعد.. أما بشأن أن يقول الأخ أن يلعن من يقول أن الرسول صلی الله علیه و آله كان يلعن فهذا القول يناقضه القرآن .

أولاً: أن الرسول كلامه لا غلط ولا إشكال فيه لأنه معصوم، وهذا الكلام تقبله ويقبله الجميع (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) والرسول يقول بأن الله قد لعن الكافرين والظالمين . فهل يؤيد الرسول لعن الله للكافرين ؟! أم يرفض ؟! وإن رفض يعني أن الله قد خرج عن عدالته بلعن الظالمين والكفار !! وإذا قبل الرسول ما قاله الله في القوم الظالمين وهذا هو الصحيح وما يقبله العقل والمنطق، فإذاً ما الاشكال في لعن الرسول الكفار . وأستدل بهذه الآيات الكريمة (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة) (ألا لعنة

ص: 467

الله على الظالمين) (أولئك عليهم لعنة الله والملئكة والناس أجمعين) (يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) إذن فمن يلعن؟! إن الرسول عندما يبلغ ما يقوله الله فهو موافق لأحكامه كلها، فكيف تقول أن الرسول لا يلعن .

وأما بأن الرسول لا يكون معه معصوم، ما رأيك بالآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً) فإن قلت أزواج الرسول مخاطبون، فأنت توافق بوجود عصمة بعض الأشخاص مع الرسول وإن لم توافق فمن هم المخاطبون، ولماذا بالجمع (عنكم) ؟

فإذن يوجد أفراد خصهم الله بالعصمة هم ليسوا أزواج الرسول (أين نون النسوة) لو كانوا أزواج الرسول.. فكيف أخطأت عائشة أم المؤمنين بالخروج عن الخليفة الرابع علي بن أبي طالب . هذا رد مبسط فما رأي الاخوة الكرام . والسلام عليكم .

- فكتب الفاطمي بتاريخ 31-12-1999، الثالثة وخمس دقائق صباحاً:

الأخ منتظر، حياك الله . ما رأيك أفتح لك صفحة (حوار ثنائي) ؟ موافق أم لألأ ؟ صفحة مستقلة أفضل لكي تقول بحرية وبدون تدخل وبدون ردود أخرى .. ننتظر ردك يا منتظر . والسلام عليكم .

السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب منتظر بتاريخ 31-12-1999، الثالثة والربع صباحاً:

السلام عليكم .. نحن في خدمة الاخوان، وأنا في الانتظار أفتح صفحات وحياكم الله بتحية الايمان . والسلام عليكم ورحمته وبركاته .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 31-12-1999، الثالثة والثلث صباحاً:

ص: 468

الأخ المنتظر حياك الله . سوف أفتح لك صفحة جديدة باسمك والسلام. السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- وكتب الفاطمي في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 4-3-2000، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (لماذا حذف هذا الموضوع في هجر ؟؟ هل الدفاع عن الزهراء " علیها السلام ممنوع في هجر)، قال فيه:

ما كان بودي أن أكتب هنا بخصوص هذا الموضوع لولا أنه قد بلغ السيل الزبى في هجر العزيزة على الجميع . لولا أن المراقبين الجدد بدأوا مخالفة القوانين على (كيفهم) حتى مسح موضوعي هذا: (الرد على كاتب الموضوع أطروحة الشيعة لمسألة إغضاب سيدتنا فاطمة علیها السلام - وافتراءاته)

- وكتب الفاطمي بتاريخ 4-3-2000، الرابعة صباحاً:

اللهم صل على محمد وآل محمد . رداً منا على إفتراءات الكتاب في (إفتراء ويب ودحض أكاذيبهم سوف نقوم بنشر كتاباتهم والرد عليها ونبدأ بحول منه . الرد على هذا الموضوع الذي شحنه كاتبه بكل ما يستطيع من إفتراءات وأكاذيب وبتر للروايات في كتب الشيعة ليحاول أن يثبت فقط أن أمير المؤمنين هوالذي أغضب الزهراء سلام الله عليها، لكي يبطل قول رسول الله صلی الله علیه و آله: (فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها) ويبرئ من يريد من تبعات غضب الزهراء سلام الله عليها !!

قال هذا الكاتب: أما قصة فدك فقد طرحناها من قبل وبينا أن أبو بكر استشهد بحديث صحيح عند السنة والشيعة (صححه المجلسي في مرآة العقول وصححه الخميني واستشهد به على ولاية الفقيه):

http://arabic.islamicweb.com/shia/Fatimah.htm

ص: 469

وهذا ما قاله الكاتب بخصوص رواية الكافي في الوصلة أدناه: روى الكليني في الكافي عن أبي عبد الله علیه السلام قوله: قال رسول الله صلی الله علیه و آله: (وإنّ العلماء ورثة الأنبياء، إنّ الأنبياء لم يورّثوا ديناراً ولا درهماً ولكن ورّثوا العلم فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر) . قال عنه المجلسي في مرآة العقول1/111: " الحديث الأول: (أي الذي بين يدينا) له سندان الأول مجهول . والثاني حسن أو موثق لا يقصران عن الصحيح". فالحديث إذاً موثق في أحد أسانيده ويُحتج به، فلماذا يتغاضى عنه علماء الشيعة رغم شهرته عندهم .

http://arabic.islamicweb.com/shia/abubakrfatima.htm

أقول: الروايتان مختلفتان في الألفاظ فرواية أبوبكر هي (لانورث ما تركناه صدقة) وهي صريحة بأن ما يتركه الأنبياء تعتبر صدقة ولا يورثون ولا مجال لتفسيرها، بينما رواية الكافي: إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً . وهي قابلة للتفسير والتأويل .

ثانياً: أورد هذا الكاتب ما يريد من أقوال العلامة المجلسي والإمام الخميني قدس سره ، ولم يكمل بقية أقوالهما وشرحهما لهذه الرواية إمعاناً في تضليل القراء والتلبيس عليهم . فقد قال العلامة المجلسي في مرآة العقول: قوله علیه السلام: العلماء ورثة الأنبياء: أي يرثون منهم العلوم والمعارف والحكمة، إن هذا عمدة ما يتمتعون به في دنياهم ولذا علله بقوله: إن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً ... (ولا ينافي أن يرث وارثهم الجسماني منهم ما يبقى بعدهم من الأموال الدنيوية ...) أو يقال وارثهم من الجهة النبوة المختصة بهم العلماء فلا ينافي ذلك كون وارثهم من جهة الأنساب الجسمانية يرث أموالهم الظاهرة، فأهل البيت علیهم السلام ورثوا الجهتين معاً ... وأيضاً ففي الكلام تقدير: أي لم يورثوا لهم، فيشعر بأن

ص: 470

لهم ورثة يرثون أموالهم ولكن العلماء من حيث العلم لا يرثون إلا أحاديثهم . مرآة العقول، ج 1 ص 103، 104 .

وقال الإمام الخميني قدس سره : إذ لو كان المراد أن النبي الأكرم صلی الله علیه و آله لم يترك شيئاً يورث سوى أحاديثه، فهذا خلاف ضرورة مذهبنا . إذ أن الرسول الأكرم قد ترك أشياء تورث . الحكومة الإسلامية، ص 149، الطبعة 2 . وفي صفحة 150 قال الإمام الخميني: وأما كون ذيل الرواية يتضمن: (إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً) فلا يعني أن الأنبياء لا يورثون شيئاً غير العلم والحديث، وإنما هذه الجملة كناية عن أنهم - مع كونهم أولياء للأمور وحكاما على الناس، فهم رجال إلهيون وليسوا بماديين لكي يسعوا وراء جمع زخارف الدنيا . انتهى.

علماً بأن الإمام الخميني طعن في لفظ (ماتركناه صدقة) في نفس الحديث وقال (في بعض الموارد ذيل هذا الحديث بجملة (ما تركناه صدقة) وهي ليست من الحديث) . الحكومة الإسلامية ص 150 فكيف يقول الكاتب: وبينا أن أبوبكر استشهد بحديث صحيح عند السنة والشيعة (صححه المجلسي في مرآة العقول وصححه الخميني) ؟!

قال الكاتب: (وبقي أن نقول إن كتب الشيعة تبين أن الإمام علي نفسه أغضب فاطمة . فهل يرضى الشيعة أن يطبقو المبدأ على الإمام علي، أم إن المسألة عندهم مزاجية ؟! ثم أورد هذه الرواية في البحار: دخل الحسن بن علي على جده رسول الله صلی الله علیه و آله وهو يتعثر بذيله فأسرّ إلى النبي عليه الصلاة والسلام سراً فرأيته وقد تغير لونه ثم قام النبي عليه الصلاة والسلام حتى أتى منزل فاطمة … ثم جاء علي فأخذ النبي صلی الله علیه و آله بيده ثم هزها إليه هزاً خفيفاً ثم قال: يا أبا

ص: 471

الحسن إياك وغضب فاطمة فإنّ الملائكة تغضب لغضبها وترضى لرضاها) . بحار الأنوار 43/42 . انتهى .

أولاً: نقول: لماذا لم يذكر الكاتب راوي هذه الرواية ؟ وهل كان يعلم أن ذكر الراوي (معاوية بن أبي سفيان) الذي كان يأمر بسب الإمام علي علیه السلام (صحيح مسلم كتاب الإيمان) يكفي في بطلان الرواية عندنا وبطلان احتجاجه علينا بها ؟! ولماذا لم يذكر قول العلامة المجلسي: قال ابن بابويه: هذا غير معتمد لأنهما منزهان أن يحتاجا أن يصلح بينهما رسول الله صلی الله علیه و آله ؟! وهل إخفاؤه إسم الراوي (معاوية) وعدم ذكر قول ابن بابويه إلا للتلبيس على القراء ؟؟

قال الكاتب: (وعن أبي عبد الله (جعفر) علیه السلام أنه سُئل: هل تشيع الجنازة بنار ويُمشى معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يُضاد به ؟ قال: فتغير لون أبي عبد الله علیه السلام من ذلك واستوى جالساً ثم قال: إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله فقال لها: أما علمت أنّ علياً قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقاً ما تقول ؟ فقال: حقاً ما أقول ثلاث مرات . فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها، وذلك أنّ الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهاداً وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله، قال: فاشتد غم فاطمة علیها السلام من ذلك وبقيت متفكرة هي حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الأيسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى، ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي علیه السلام فدخل حجرته فلم ير فاطمة علیها السلام فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة ما هي . فاستحيا أن يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ما شاء الله، ثم جمع شيئاً من كثيب المسجد واتكأ عليه، فلما رأى

ص: 472

النبي صلی الله علیه و آله ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع وساجد، وكلما صلى ركعتين دعا الله أن يُذهب ما بفاطمة من الحزن والغم، وذلك أن لا يهنيها النوم وليس لها قرار، قال لها: قومي يا بنية فقامت، فحمل النبي عليه الصلاة والسلام الحسن وحملت فاطمة علیها السلام الحسين وأخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي علیه السلام وهو نائم فوضع النبي صلی الله علیه و آله رجله على رجل علي علیه السلام فغمزه وقال: قم يا أبا تراب ! فكم ساكن أزعجته، ادع لي أبا بكر من داره، وعمر من مجلسه، وطلحة، فخرج علي علیه السلام فاستخرجهما من منزلهما واجتمعوا عند رسول الله صلی الله علیه و آله فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: يا علي ! أما علمت أنّ فاطمة علیها السلام بضعة مني وأنا منها، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي . علل الشرائع للقمي ص 185-186 انتهى .

نقول للكاتب: الموجود في علل الشرائع (باب 149): العلة التي دفنت فيها فاطمة علیها السلام في الليل ولم تدفن بالنهار، ج 1، ص 219 عن أبي عبدالله (علیه السلام): إنه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة علیها السلام بنت رسول الله صلی الله علیه و آله فقال لها: أما علمت أن علياً قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقاً ما تقول، فقال: حقاً ما أقول ثلاث مرات .. إلى أن قال: فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: يا علي أما علمت أن فاطمة علیها السلام بضعة مني وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي . فقال علي علیه السلام: بلى يا رسول الله . قال: فما دعاك إلى ما صنعت ؟ فقال علي علیه السلام: والذي بعثك بالحق نبياً ما كان مني ولا حدثت به نفسي . فقال النبي

ص: 473

صلی الله علیه و آله: صدقت وصدقت . ففرحت فاطمة علیها السلام بذلك وتبسمت حتى رئي ثغرها .. إلى آخر الرواية .. ولماذا لم تذكر أيها المفتري نفي الإمام علي علیه السلام أنه خطب بنت أبي جهل، بل وإنه لم يحدث نفسه بها؟! ولماذا لم تذكر قول الرسول صلی الله علیه و آله لعلي: صدقت وصدقت؟ وهل أردت أيها الكاتب أن تقنع القراء ببترك نفي الإمام علي علیه السلام لتلك الخطبة المزعومة وتصديق رسول الله صلی الله علیه و آله لعلي علیه السلام ؟!

وقد أراد هذا الكاتب أن يطعن بالشيعة وبأميرهم أمير المؤمنين علیه السلام فقال: (والغريب هنا أنّ هذه المقولة قيلت بناء على إغضاب علي لفاطمة علیهم السلام) ولنا عدة تساؤلات بخصوص تقولات هذا الناصبي: ألست بقولك هذا تكذب على علي علیه السلام، ألم ترى أيها الكاذب قول أمير المؤمنين علیه السلام: ما كان مني ولا حدثت به نفسي ؟! ألم ترى أيها الكاتب قول رسول الله صلی الله علیه و آله لعلي علیه السلام: صدقت وصدقت ؟! فكيف ترمي أمير المؤمنين بأنه أغضب فاطمة علیها السلام ؟!

ولكن إذا عرف السبب بطل العجب ! فالكاتب أراد أن يبطل قول رسول الله (فاطمة علیها السلام بضعة مني يغضبها ما يغضبني) وذلك برمي علي علیه السلام بإغضاب فاطمة علیها السلام، ويبطل إشكال الشيعة في مسألة غضب الزهراء سلام الله عليها . ولذلك قال: ولو كان إغضاب فاطمة

رضوان الله عليها أو رضاها سبباً في إيمان أو كفر لَلَحِقَ الوعيد علي بن أبي طالب قبل أبي بكر !! وأخيرا أيها الكاتب الكاذب المفتري على الزهراء علیها السلام وأمير المؤمنين علیهما السلام ، وعلى رسول الله صلی الله علیه و آله: لماذا ترفض أن تقول فاطمة علیها السلام ؟ وتصر على القول رضوان الله عليها، بينما قال البخاري: مناقب فاطمة علیها السلام ؟! راجع صحيح البخاري، ج 5، كتاب فضائل أصحاب النبي، باب 61 مناقب فاطمة علیها السلام . وقال النبي صلى الله عليه (وآله)

ص: 474

وسلم: فاطمة سيدة نساء أهل الجنة، ص 96 . ولو أضفنا تصغيرك لشأن الزهراء علیها السلام وافتراءاتك على أمير المؤمنين علیهما السلام ، لعلمنا بأن أفضل كلمة تنطبق عليك هي (ناصبي)

يا ناصبي وهدية لك أيها الكاتب الكا؟ب: 1265 - عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة ابنة رسول الله صلی الله علیه و آله سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله صلی الله علیه و آله مما أفاء الله . فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: لا نورث ما تركنا صدقة . فغضبت فاطمة

بنت رسول الله فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلی الله علیه و آله ستة أشهر. رواه البخاري ص 504 الجزء الثالث - كتاب الخمس - طبعة دار القلم .

السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

فهل ترون أيها الأخوة في هذا الموضوع أي إساءة أو مخالفة لقوانين هجر العزيزة حتى يحذف بالكامل ؟ وادخلوا في هذه المواضيع لتروا حالة التخبط لدى مشرفي هجر والمحرر العام:

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum7/HTML/000175.html

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum7/HTML/000173.html

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum7/HTML/000174.html

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum7/HTML/000166.html

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum7/HTML/000172.html

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum3/HTML/002336.html

وهل من حق المحرر العام أن لا يرد على استفساراتنا وتساؤلاتنا، بينما يريد أن يغير المراقبين على هواه ؟ وهذا يقودنا إلى تساؤل آخر هل باعوا شبكة هجر الثقافية الحبيبة، أم أعاروها؟ أم إن المحرر العام (تسمية جديدة) يستغل عدم وجود الأخ العزيز: موسى العليلكي يلعب على هواه ويدمر هجر العزيزة ؟ أم إنه

ص: 475

يستغل قلة عدد المراقبين ليفرض قراراته على أصحاب هجر العزيزة ؟ ومن يرضى بذلك أيها الأخوة الكرام يا أتباع أهل البيت ؟؟

وهل ترضون بما يحدث في شبكة هجر الثقافية ؟

ونعتذر للأخوة الكرام أصحاب المنتدى والمراقبين لكتابة هذا الموضوع، ولكن اعذرونا فهجر عزيزة علينا ولن نسمح للبعض بالتلاعب بها على هواهم ؟ وهل وصل عنادهم وتلاعبهم لدرجة أن يحذفوا موضوع تشرفنا بالدفاع به عن مولاتنا سيدة نساء العالمين وعن ابن عمها أمير المؤمنين علیهما السلام ؟ فهل كتبت الموضوع في سحاب نت أم ساحة المسلول أم في هجر الشيعية؟

- وكتب الموسوي بتاريخ 4-3-2000، العاشرة ليلاً:

الأخ العزيز الغالي سيدنا الفاطمي .. أين كنت هذه الفترة ؟؟ سأقول لك كلاماً والله شاهد على ذلك: لقد ظننت أنك مسافر لأن كثيراً من الأسماء غابت خلال الفترة السابقة، وأنا قرنت ذلك الغياب بموسم الحج، ولكنني فوجئت قبل يومين حينما فتحت شبكة هجر (وأنا لا أفتحها إلا كل أسبوعين أو ثلاثة مرة) حيث رأيت أن اسمك موجوداً هناك ؟ فقلت في نفسي: إن الموقع الطبيعي لسيدنا الفاطمي هو شيعة لنك، فلماذا تركنا إلى هجر ؟ وعندما أقول الطبيعي لأنك أعلم مني بما آلت إليه الأمور في هجر . إنه لأمر محزن ما يجري فيها، لم يكن يعجبني شروطها الكثيرة حينما كانت تسمح بالحوار المذهبي فكيف بعد أن منعته ؟! لقد تحولت إلى هيكل من دون محتوى، والكتابات تكشف عن ذلك !!

المهم رأيت أن موضوعين من مواضيعك مغلقة، وأنت تحاول الضغط عليهم للسماح بالنقاش، ولكن الجماعة كما عبرتم في "شخير هادئ"!!

ص: 476

ثم قرأت تعليقك على استقالة أحد المشرفين ومحاولتك إيقاف هذه الاستقالة دون جدوى، فقد أسرعوا بالاستجابة لاستقالته !

لايهمني ذلك فهو أمر داخلي ولكن ماحيرني هو تجميد نشاطك في هجر وتركك ساحتنا التي تسمح لمثل قلمك الذي يغيظ المعاندين والمكابرين !

وكنت - ويشهد الله على ما أقول - قد نويت أن أكتب موضوعاً إليكم تحت عنوان (إلى الأخ العزيز الفاطمي: لماذا هجرتنا إلى هجر المهجورة) عصر هذا اليوم لولا أن حالت بعض الأمور، وكم أسعدني أن رأيت أنك سبقتني برجوعك ثانية، وبقدر سروري كان ألمي بالموضوع الذي رجعت به إلينا فهو يحكي آهات وآهات .

سامح الله المسؤولين في هجر وأعاد الله هجر إلى سابق عهدها .

نورت المنتدى أخي العزيز، وأنا أعتبرها بشارة لي ولباقي الأخوة .

- وكتب ناصر بتاريخ 5-3-2000، الثامنة صباحاً:

الأخ العزيز الفاطمي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أنا من القراء المدمنين لمقالاتك الهادفة والرائعة والرادعة في نفس الوقت للمعتدين على حرمة أهل بيت النبوة والعترة الطاهرة علیهم السلام، ولاسيما سيدتي ومولاتي سيدة نساء أهل الجنه عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها أفضل الصلاة والسلام . وقد أحزنني ماحصل لك وما آلت اليه الأوضاع في هجر التي لم تكن على المستوى الذي عهدته بها، فقد كنت وأعتقد تذكر أني أحد الكتاب بها وقد سافرت وعدت بعد أشهر لأرى وأقرأ من بعيد أن الأوضاع قد تغيرت والنوايا اختلفت، وأصبحت الموالاة لأهل البيت والكتابة عن ظلامتهم عليها علامة استفهام، فقررت الكتابة هنا وأنا لا أزور هجر إلا قليلاً جداً . . . .

ص: 477

أخي العزيز: أشعر بغصة وألم مثلما تشعر به أنت، فأنا قد هجرت هجر ولكن يبقى هذا في قلبي، لأني اشعر أن البوح به أشد إيلاماً .. أعتقد أنك تعرف لماذا وأتمنى أن تعود هجر لمسيرتها السابقة نصيرة للحق وسيفاً مسلطاً على الباطل وأهله . . . تمنياتي لك بالتوفيق والسعادة .

- وكتب عمار بتاريخ 5-3-2000، العاشرة صباحاً:

السلام عليكم .. أنا معك أخي الموسوي وقد أساءنا فعلاً ما يحدث لهجر، وخاصة أسلوب المراقب العام مع الزميل الفاطمي سائلاً إياه عدم التدخل في سياسة هجر، وكأن الأخوة هناك نسوا أن القوانين نوقشت من قبل جميع الأعضاء، وأنه من حقهم إبداء الرأي والانتقاد .

كما وأن الذي أحزنني هو حسن معاملتهم للأخوة السنة الضيوف والذين نخليهم على راسنا، ولكن هذا لا يعني أن تكون معاملتهم للشيعة مختلفة على حساب أنه من عندنا ويتفهم وضعنا .

أنت غالي وعزيز علينا يالفاطمي، وما نقدر على زعلكم والله حبيب قلبي .. وأرجو أن يكون ما قمنا به مؤشر يراه الأخوة هناك، ويستيقظوا قبل فوات الأوان . والسلام عليكم .

- وكتب صعصعة بن صوحان بتاريخ 5-3-2000، الثالثة ظهراً:

هجر مع الأسف أصبحت متقلبة الأطوار . في أيام هجر السابقة كنت إذا دخلت الموقع يصيبني شعور بالإطمئنان والراحة النفسية، ولكن المدة التي مرت كنت أحس بإحساس الغريب !!

والحمد لله قبل فترة وجيزة اكتشفت أني عندما أدخل إلى شيعة لنك أرتاح نفسياً وأحس بالإطمئنان . فقلت هذا هو السر المكمون في الجلوس مع الإخوة

ص: 478

وأي إخوة .. أحب إخوة . يبدو أني راح أشيل قشي . ولا أنسى أن أقول: ربما تكون هناك ضغوط ..... والله أعلم .

- وكتب الفاطمي في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 25-11-1999 العاشرة ليلاً، موضوعاً بعنوان (

ولأي الأمور تدفن ليلاً .. .. بضعة المصطفى ويعفى ثراها ؟

)، قال فيه:

الأخوة الكرام السلام عليكم:

ولأي الأمور تدفن ليلاً بضعة المصطفى ويعفى ثراها ؟!

فمضت وهي أعظم الناس شجواً في فم الدهر غصة من جواها !!

و ثوت لا يرى لها الناس مثوى أي قدس يضمه مثواها ؟!

قال البخاري في كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم، باب رقم 61 مناقب فاطمة علیها السلام: قال: فاطمة علیها السلام، وقال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم: فاطمة سيدة نساء العالمين . وذكر قول الرسول صلی الله علیه و آله: فاطمة بضعة مني، فمن أغضبها أغضبني . ح رقم 278 ص 96 ج 5 ط / دارالقلم . عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة ابنة رسول الله صلی الله علیه و آله سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله صلی الله علیه و آله مما أفاء الله .فقال لها أبو بكر: إن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: لا نورث ما تركنا صدقة .فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت وعاشت بعد رسول الله صلی الله علیه و آله ستة أشهر . رواه البخاري ص 504 الجزء الثالث، كتاب الخمس، طبعة دار القلم .

- ثم كتب الفاطمي بتاريخ 28-11-1999، الحادية عشرة ليلاً:

ص: 479

هل من مجيب، فيجاوب .. هل من مجيب ؟

- ثم كتب الفاطمي بتاريخ 29-11-1999، الثانية عشرة ظهراً:

هل من مجيب، فيجاوب . . . هل من مجيب فيجاوب . . .

آآآه يا رسول الله .. أما حزني فسرمد، وأما ليلي فمسهد، وستنبئك ابنتك بتظافر أمتك على هضمها، فأحفها بالسؤال واستخبرها الحال .

السلام عليك يا فاطمة الزهراء علیها السلام السلام عليك يا بنت رسول الله .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 1-12-1999، الثامنة صباحاً:

الظاهر ما في رجال ترد ؟ ؟

- وكتب المدعو الشجن بتاريخ 1-12-1999، الثانية ظهراً:

إلى الأخ العزيز الفاطمي . . هذا ليس اكتشافاً، فنحن نعرف منذ زمان أنه ليس فيهم رجل ولا رشيد ولا ولا ولا... ولكن ماقولك فيمن يدعي التشيع والولاء لأهل البيت، بل يدعي السيادة والانتساب اليهم صلوات الله عليهم، ويقول بأن الزهراء علیها السلام رضيت عن الشيخين قبل موتها، ويقول بأنها لم تدفن ليلاً، وأن قبرها صار معلوماً . ثم ماذا تقول فيمن يؤيد الضال المضل صاحب هذه المقولة ؟ الحق لا يتجزأ، كما ندين الوهابيين لإنكارهم ظلامة الزهراء علیها السلام ودفاعهم عن ظالميها، كذلك علينا أن ندين فضل الله، وندين أي شخص يتخذ هذا الموقف، مهما كان إذا أنكر حق الزهراء علیها السلام روحي فداها ودافع بذلك عن غاصبيها وظالميها . . . فهو مشمول بحكمهم .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 1-12-1999 الثالثة ظهراً:

الأخ العزيز الشجن . . السلام عليكم .

ص: 480

الأفضل أخي العزيز تفتح صفحة لقولك هذا، وأنا أريد الإجابة من الغير والحق ما يتجزأ كما قلت . فيا أخي العزيز: إفتح صفحة علشان نشوف الردود لعل في خطأ أو ماشابه . وليست هذه الصفحة المكان المناسب لطرح موضوعك ويعلم الله إنني لا أدري عماقلته ولا أتابع ما يجري هناك . . البيت . . الدوام . . البيت . من بعد وفاة الوالد الله يرحمه، حتى الدواوين . . قمت أخفف من الروحة لها . والسلام عليكم .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 3-12-1999، الخامسة صباحاً:

ما في بشر ترد .. ويقولون إحنا نحب أهل البيت .. كذب وإفتراء !!

- وكتب المدعو محب الحكمة بتاريخ 4-12-1999، الواحدة ظهراً:

ولماذا تصرّ أيها الأخ الفاطمي على الجواب ؟ وهل تظن أن الجواب ممكن، قبل أن يأتي الآخذ بثارها؟! وهل تعتقد أن عالمنا المعاصر يحتمل الاجابة على سؤالك هذا ؟ ألا تعتقد أن كل الحقائق دفنت معها في جنح الظلام حينما دفنت علیها السلام ليلاً ؟ ألا ترى كم نحن وهم وكل الناس تتخبط في الظلمات من بعد ما غيبب نورها وضياؤها ؟

ألا ترى أن اختلافنا وتشتتنا وضعف عقولنا هو دليل آخر على أن الحقيقة ما زالت تدفن وتخفى في عالمنا الاسلامي منذ اليوم الذي دفنت فيه البضعة الطاهرة ليلاً ؟!

أخي الفاطمي أجبني على واحد من هذه الأسئلة ففي كل واحد منها تجد الاجابة على سؤالك المطروح ؟ وأخيراً إعلم أخي الفاطمي أن مثل هذه الأسئلة أسئلة غير مشروعة في عالمنا الاسلامي !!

ص: 481

- وكتب الفاروق بتاريخ 4-12-1999، الواحدة ظهراً:

يا ثارات الحسين رضي الله عنه وأرضاه .

لم أجد شعاراً للغائب أغرب من هذا الشعار، ولم أجد شعار للغائب يقول: يا ثارات فاطمة رضي الله عنها .

الفاطمي: راجع ابن كثير في ترجمه فاطمة الزهراء علیها السلام بضعه المصطفى صلى الله عليه وسلم، وأنت ستجد الإجابة، أم تحسب أن هذا السؤال هو الفيصل في قضية الشيعة ؟ والسلام على أهله .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 4-12-1999، الثانية ظهراً:

حياك الله يابو راشد . . وأنا أعرف إنه لا يوجد أحد يتجاسر ويرد غيرك أو وجهك الآخر عمر . قلت: (راجع ابن كثير تقصد التاريخ أو التفسير الظاهر طايح على ديسكه.. وإنت وعمر طايحين له نقل، وليش ما نقلته إنت؟ أو أنك غير مقتنع بالذي قاله ابن كثير ؟؟ ولو كنت ناقله لوجدت الرد عليه ؟

ولأي الأمور تدفن ليلاً .... بضعة المصطفى ويعفى ثراها ؟!

- وكتب الفاطمي أيضاً بتاريخ 10-12-1999، العاشرة صباحاً:

أممممم . لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

- وكتب الفاطمي بتاريخ 12-12-1999، الثانية صباحاً:

أممممم . لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

السلام عليك يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- ثم كتب الفاطمي بتاريخ 23-12-1999، الحادية عشرة ليلاً:

السلام عليك يا بنت رسول الله .. السلام عليك يا بنت نبي الله .

ص: 482

السلام عليك يا بنت حبيب الله .. السلام عليك يا بنت خليل الله .

السلام عليك يا بنت صفي الله . السلام عليك يا بنت أمين الله .

السلام عليك يا بنت خير خلق الله ..

السلام عليك يابنت أفضل أنبياء الله ورسله .

السلام عليك يا بنت خير البرية .

السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، من الأولين والآخرين .

السلام عليك يا أم الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة.

السلام عليك أيتها الصديقة الشهيدة .

السلام عليك أيتها الرضية المرضية .. السلام عليك أيتها الفاضلة الزكية .

السلام عليك أيتها الحوراء الإنسية .. السلام عليك أيتها التقية النقية .

السلام عليك أيتها المحدثة العليمة .

السلام عليك أيتها المظلومة المغصوبة .

السلام عليك أيتها المضطهدة المقهورة .

السلام عليك يا فاطمة علیها السلام بنت رسول الله ورحمة الله وبركاته .

صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك أشهد الله أن من سرك فقد سر رسول الله . ومن جفاك فقد جفى رسول الله، ومن آذاك فقد آذى رسول الله . ومن وصلك فقد وصل رسول الله، ومن قطعك فقد قطع رسول الله . لأنك بضعة منه وروحه التي بين جنبيه، أشهد الله ورسله وملائكته أني راض عمن رضيت عنه، ساخط عمن سخطت عليه . ومبغض لمن أبغضت وموال لمن واليت . يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

ص: 483

- كتب الفاطمي في شبكة هجر بتاريخ 29-12-1999، الثانية والثلث ليلاً، موضوعاً بعنوان: (ولأي الأمور تدفن ليلاً ... بضعة المصطفى ويعفى ثراها ؟ وتفضل هنا يا محب لنرى جوابك ؟)

الزميل المحب حياك الله .. وللأخوة الكرام: هذه صفحة ثنائية الحوار فالرجاء الإلتزام . السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء علیها السلام .

- فكتب محب أهل البيت بتاريخ 31-12-1999، الواحدة وأربعين دقيقة عصراً:

إذا أردت الاجابة فهي أن أبا بكر الصديق استدل بحديث صحيح عند الفريقين السنة والشيعة، وكلام رسول الله صلی الله علیه و آله فوق كل كلام، فوق كلام أبي بكر وكلام فاطمة .

النقطة الثانية، فاطمة لم تغضب من أجل رؤيتها أن أبا بكر غصبها فدك دون وجه حق، ولكنها غصبت منه حينما قالت له بعد استدلاله بالحديث بأنها تريد أن تعطى لها ولزوجها فدك، لا كحق لها لكن لتسير هي وزوجها على ماسار عليه رسول الله من تقسيم فدك في مصارفها، أبو بكر رفض ذلك باعتباره خليفة المسلمين وأمينا على بيت المال، فغضبت من ذلك فاطمة ! هذه هي الاجابة على سؤالك باختصار ما هي النقاط التي تريد إثارتها في المسألة ؟

- وكتب الفاطمي بتاريخ 1-1-2000، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

الزميل المحب، حياك الله .

ص: 484

أولاً: أنا وأنت لا نقبل ردود بدون إثباتات من القرآن الكريم ومن الصحاح وما صح من الكتب الأخرى، وردك كان بدون دليل أو إثبات يسنده، كان مجرد جواب بدون أدلة !

عموماً أيها الزميل قلت: (إذا أردت الاجابة فهي أن أبا بكر الصديق استدل بحديث صحيح عند الفريقين السنة والشيعة . .) .

أقول: 1): نريد إثبات من كتبنا أن الحديث صحيح لدينا، وقبل تخريب هجرأوردت أنت روايةمن الكافي وأوردت استدلال الإمام الخميني وأعطيتك الرد على ذلك، فإذا تريد إيرادها مرة أخرى فحياك الله، وإذا عندك روايات أخرى، فأيضاً حياك الله. ولنبدأ من جديد يا زميلي .. والرجاء أن تورد الأدلة أخي: 1265- عن عروة بن الزبير عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أخبرته أن فاطمة ابنة رسول الله صلی الله علیه و آله سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلی الله علیه و آله أن يقسم لها ميراثها ما ترك رسول الله صلی الله علیه و آله مما أفاء الله فقال لها أبو بكر إن رسول الله صلی الله علیه و آله قال لا نورث ما تركنا صدقة فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله فهجرت أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، وعاشت بعد رسول الله صلی الله علیه و آله ستة أشهر. رواه البخاري ص 504 الجزء الثالث - كتاب الخمس - طبعة دار القلم . السؤال الأول: لماذا غضبت فاطمة الزهراء؟ وهل كانت على حق أم على خطأ ؟

السؤال الثاني: هل النبي صلی الله علیه و آله يورث، أم لا ؟ نريد أدلة وإثباتات على كل ما تقوله وأقوله يا محب ؟ فالنقاش كما قلت يا زميلي هو نقاش علمي وليس مجرد جدال .

السلام عليك يابضعة المصطفى يافاطمة الزهراء علیها السلام .

ص: 485

قال العاملي: وغاب المسمي نفسه محب أهل البيت، ولم يجب !

الرد على شبهات فضل الله

. .

جرت في شبكات الانترنت مناقشات عديدة لمقولات فضل الله المخالفة لمذهب أهل البيت علیهم السلام حول ظلامة الزهراء علیها السلام ..

وقد حاول النواصب والمخالفون الاحتجاج بها، وناقشهم فيها عدد من الفضلاء الشيعة .. ونظراً لكثرتها لم يتسع لها المجال في هذا المجلد، لكن رأينا من الضروري الإشارة اليها، وننصح بقراءة كتاب مأساة الزهراء علیها السلام وكتاب خلفيات مأساة الزهراء علیها السلام . . للباحث القدير السيد جعفر مرتضى، فقد استقصى الشبهات التي طرحها فضل الله، وأجاب عنها بالتفصيل .

تم المجلد السابع من كتاب:

الإنتصار - أهم مناظرات الشيعة في شبكات الانترنت

ويليه المجلد الثامن إن شاء الله وموضوعه:

(دفاعاً عن الامامين الحسن والحسين علیهما السلام )

ص: 486

فهرس المجلد السابع من كتاب الإنتصار

مقدمة 3

الفصل الأول خلافة النبي (صلی الله علیه و آله كانت مطروحة في حياته 5

شهود بالجملة على كذب لاءات قريش ! 8

الفصل الثاني المؤامرات القرشية اليهودية على النبي صلی الله علیه و آله 23

أكثر من عشرين محاولة لاغتيال النبي.. وأضعافها مؤامرات ! 25

المحاولة الأولى: محاولة قريش اغتيال النبي (صلی الله علیه و آله في طريق عودته من تبوك 26

الثانية: محاولات قريش اغتيال النبي صلی الله علیه و آله في معركة حنين . 28

الثالثة: مؤامرة سورة التحريم 32

الرابعة: حادثة هجر النبي صلی الله علیه و آله نسائه شهراً 33

الخامسة: تصعيد عمل قريش ضد علي بن أبي طالب 34

السادسة: منع تدوين سنة النبي صلی الله علیه و آله في حياته 35

السابعة: محاولة اغتيال النبي صلی الله علیه و آله في طريق عودته من حجة الوداع 36

الثامنة: تصعيد قريش انتقادها لأعمال النبي صلی الله علیه و آله 36

التاسعة: إصرار قريش على مخالفة النبي صلی الله علیه و آله ومنع مسير جيش أسامة 37

العاشرة: قرار قريش المواجهة المباشرة مع النبي صلی الله علیه و آله ! 38

الحادية عشرة: توفي النبي صلی الله علیه و آله .. مسموماً 39

ص: 487

الفصل الثالث النبي صلی الله علیه و آله يعلن قرب موته .. ويدعو الناس الىحجة الوداع 43

1- الإعداد والإستعداد من النبي صلی الله علیه و آله .. ومن قريش 45

2- تخليد النبي صلی الله علیه و آله لمحصب الخيف مكان مؤتمر قريش ضد بني هاشم ! 47

3- تحذير النبي صلی الله علیه و آله لقبائل قريش من الطغيان بعده ! 50

4- إعلان النبي صلی الله علیه و آله أن صحابته سيتقتتلون على السلطة بعده ! 51

5- إعلان النبي صلی الله علیه و آله أن صحابته في النار إلا مثل همل النعم ! 53

6- تحذير النبي صلی الله علیه و آله أمته من بدايات الانحراف الصغيرة 57

7- إعلان النبي صلی الله علیه و آله تمييز بني هاشم بمالية خاصة 1 61

8- إعلان النبي صلی الله علیه و آله اللعنة الالهية على من تولى غير أهل البيت ! 65

9- تأكيد النبي صلی الله علیه و آله على أداء الفرائض وإطاعة ولاة الأمر من عترته 72

10- تحذير النبي صلی الله علیه و آله من الكذابين عليه في حياته وبعد وفاته ! 73

11- إعلان النبي صلی الله علیه و آله مبادئ احترام الإنسان المسلم وحرياته الشخصية 74

12- إعلان النبي صلی الله علیه و آله فريضة التمسك بالثقلين القرآن والعترة 77

13- بشارة النبي صلی الله علیه و آله أمته بالأئمة الإثني عشر من بعده 80

14- إعلان النبي صلی الله علیه و آله علياً ولياً للأمة بعده والإمام الأول من الإثني عشر 85

الفصل الرابع فاطمة علیها السلام وعلي علیهما السلام في حجة الوداع 91

1 - العظماء الخمسة 93

2- علي علیه السلام فاتح اليمن 94

3- من تحريكات الحزب القرشي ضد علي علیه السلام 99

4- أضحية النبي صلی الله علیه و آله مئة من الإبل .. وعلي علیه السلام شريكه فيها ؟ 102

5- عدد المئة من الإبل .. أيضاً يغيض قريشاً ! 106

6- يا فاطمة علیها السلام .. قومي الى أضحيتك فاشهديها 109

ص: 488

7- خواطر الصديقة الطاهرة بعد حجة الوداع 110

الفصل الخامس النبي صلی الله علیه و آله يحاول إبعاد عاصفة الحزب القرشي عن الاسلام 117

سعي النبي صلی الله علیه و آله قبل وفاته لترتيب الحكم بعده 119

2- حساسية قريش من البشارة النبوية بالأئمة الاثني عشر ! 120

3- مبعوث قريش الوقح من بني عبد الدار .. ! 122

4- زعماء الأنصار يعرضون خدماتهم على النبي صلی الله علیه و آله 123

5- أعظم عرض في تاريخ الأنبياء .. وأسوأ رد من صحابته ! 128

6- جيش أسامة.. قرار نبوي بإبعاد المخالفين لعلي علیه السلام من المدينة ! 131

جيش أسامة أمر رباني نزل فيه الوحي ! 134

أول ما برز المنشقون على النبي صلی الله علیه و آله في كتابة الكتاب وجيش أسامة ! 135

أمرالنبي صلی الله علیه و آله المنشقين بالسفر في جيش أسامة .. عندما رفضوا كتابة الكتاب.. 135

خطة التثاقل والتخلف القرشية عن جيش أسامة ! 136

أبو بكر وعمر والمتسللون لواذاً من معسكر أسامة ! 139

العلاقة بين لدِّهم للنبي .. وبين عملهم لإفشال جيش أسامة ! 141

إفشال قريش جيش أسامة .. مقدمات العاصفة على آل الرسول ! 143

طرق المدينة هذه الليلة شر عظيم !! 144

سعد بن عبادة وعدو الحزب القرشي كان أيضاً في جيش أسامة ! 148

الفصل السادس فاطمة علیها السلام في مرض النبي صلی الله علیه و آله 149

1- فاطمة علیها السلام الطفلة الصديقة .. المجاهدة !! 151

2- فاطمةوعلي علیهم السلام والحسنان .. مخصوصون بأسرار النبوة!! 155

ماكنت لأفشي على رسول الله سره ! 156

3- فاطمة علیها السلام لأبيها: أخشى على نفسي وولدي الضيعة من بعدك 159

ص: 489

4- الله .. يا يوم الاثنين 164

5- الساعات الأخيرة من عمر خير البشر 167

6- غابت عائشة وحفصة وأبو بكر وعمر.. عن جنازة النبي صلی الله علیه و آله ! 169

7- بات آل محمد بأطول ليلة ..! 173

8- علي علیه السلام وفاطمة علیها السلام ينفذان وصية النبي صلی الله علیه و آله 175

9- منع أبي بكر وعمر فاطمة الزهراء علیها السلام من إقامة مجالس البكاء على أبيها ! 179

فاطمة علیها السلام .. وبيت الأحزان 181

لماذا تنتحبين يازهراء ..؟! 184

الفصل السابع عاصفة السقيفة القرشية على آل الرسول 197

1- فهرس بالأحداث أيام مرض النبي صلی الله علیه و آله ووفاته ! 199

فهرس بأهم الأحداث لأيام وفاة النبي صلی الله علیه و آله 200

2- هجومان على بيت فاطمة علیها السلام وعلي علیه السلام ! 205

الفصل الثامن غضب فاطمة علیها السلام على السلطة.. وأن غضبها غضب الله تعالى 237

زعمهم أن علياً أغضب فاطمة علیها السلام، وأراد أن يتزوج عليها ! 239

الفصل التاسع سياسة الخلافة القرشية في عزل أهل البيت وإفقارهم! 271

حديث استثناء الأنبياء من قانون التوريث .. لم يروه إلا أبو بكر !! 273

محاولتهم تصويرهم قضية فدك بأنها خلاف فقهي محض ! 286

محاولاتهم تبرير ظلم أبي بكر بتضييع فدك بين النحلة والارث ! 299

العالم الوهابي جاكون يحاول التزوير ! 318

محاولتهم الاحتجاج على الشيعة بأن المرأة لا ترث من العقار ! 336

الخطبة النارية للصديقة الزهراء علیها السلام في المسجد النبوي 359

ص: 490

كلامها صلی الله علیه و آله في توبيخ الصحابة 371

الفصل العاشر مقام الصديقة الزهراء علیها السلام (علیه السلام) عندالله تعالى وعند رسوله صلی الله علیه و آله 373

عائشة تشهد بأن فاطمة علیها السلام أصدق الناس لهجة بعد النبي صلی الله علیه و آله 375

من أحاديث مقام الصديقة الزهراء علیها السلام في مصادر السنيين 403

عائشة تتحدث عن الزهراء علیها السلام بإجلال وإكبار 404

آخر من يودعه النبي صلی الله علیه و آله فاطمة علیها السلام، وأول من يزوره بعد عودته .. فاطمة علیها السلام 405

قصة تسبيح الزهراء علیها السلام الذي التزم به الشيعة ونسيه غيرهم 405

الرسول يباهل النصارى بأمر ربه .. بأفضل أهل الأرض 407

تحديد النبي صلی الله علیه و آله لأهل بيته تحديداً حسياً ! 407

وعلم النبي صلی الله علیه و آله أنه يوجد من يظلم أهل بيته ويحاربهم .. فأعلن موقفه معهم. 408

فاطمة علیها السلام أفضل نساء العالمين .. وبعدها أمها خديجة ومريم بنت عمران 410

الفصل الحادي عشر لماذا قبر فاطمة الزهراء علیها السلام .. مجهول ؟! 415

وصية فاطمة علیها السلام أن تدفن ليلاً ولا يحضروا جنازتها 417

الفصل الثاني عشر السيد الفاطمي .. الفاطمي 429

مناقشة بين الفاطمي والفقيه في حديث: لانورث ما تركناه صدقة 431

ولأي الأمور تدفن ليلاً . . . بضعة المصطفى ويعفى ثراها ؟! 479

الرد على شبهات فضل الله 486

ص: 491

المجلد8

هوية الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

بقلم : العاملي

المجلد الثامن

دفاعاً عن الإمامين السبطين الحسن والحسين علیهما السلام

ص: 2

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام على سيدنا

ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين

هذا المجلد خاص بما دونته أقلام الكتاب الفضلاء في شبكات الإنترنت ، في الدفاع عن الإمامين السبطين الشهيدين الحسن والحسين صلوات الله على جدهما وعليهما .. وقد كانت المناقشات التي تتعلق بهما كثيرة ، لكنا على عادتنا اكتفينا بأهمها .

وقد خصصنا المجلد التاسع للمناقشات المتعلقة بمراسم العزاء على الإمام الحسين علیه السلام وقداسة كربلاء ، لكثرتها وكثرة المهم منها .

ص: 3

نسأله تعالى أن يتقبل عمل جميع المساهمين ، ويكتبنا في المحبين لأهل بيت نبيه الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم ، وأن يرزقنا في الدنيا زيارتهم ، وفي الآخرة شفاعهم .. إنه سميع مجيب .

كتبه : العاملي

ص: 4

القسم الأول: دفاعاً عن الإمام الحسن علیه السلام

اشارة

ص: 5

ص: 6

الفصل الأول: تبريكات وتهانٍ في مولد الإمام الحسن علیه السلام

ص: 7

ص: 8

تبريكات وتهانٍ في مولد الإمام الحسن علیه السلام

- كتب ( السيد ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 19-12-1999 التاسعة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( تهنئة بمولد الإمام الحسن علیه السلام ) ، قال فيه :

نبارك للأمة الإسلامية بمناسبة مولد الإمام الحسن الزكي علیه السلام ، الذي يصادف ليلة الخميس ، ( 15 ) من الشهر الشريف ، راجين من الله تعالى أن يعيد علينا مثل هذه المناسبات العظيمة ، ونحن في حال أحسن من هذا الحال .. إن شاء الله .

- فكتب ( ذو الفقار ) بتاريخ 19-12-1999 ، الثالثة ظهراً :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . أهلاً سيدنا .. كل عام وأنتم بخير ..

أولاً : بمناسبة حلول هذا الشهر الكريم ونحن لم نرك حينها لنبارك لك ولكل المسلمين في البحرين .

وثانياً : بحلول ذكرى ميلاد سيد شاب أهل الجنة الحسن بن علي علیهم السلام ، وللأمة الاسلامة قاطبة . وشكراً لكم وأنتم المعروفين السباقين للخير وفعله، وكل الأخوة هم كذلك. وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين .

ص: 9

- وكتب الموسوي بتاريخ 19-12-1999 ، الرابعة عصراً :

الأخ العزيز السيد . . أثابك الله على هذه التهنئة ، وعلى سبقك ومبادرتك . جعلك الله من السابقين إلى كل خير . . وأهنئ جميع المؤمنين بهذه الذكرى المباركة .

ولا تنساني من الدعاء في الليالي البيض من هذا الشهر الكريم .

- كتب ( شمس لن تغيب ) في شبكة الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 22-12-1999 السادسة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( مبارك عليكم ميلاد الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب علیهم السلام ) ، قال فيه :

أخواني الأعزاء ... أرفع أسمى آيات التبريكات إلى مقام النبي الأكرم محمد صلی الله علیه و آله ، وإلى أهل بيته الكرام الأماجد .. وإلى مقام سيدي ومولاي الإمام الحجة المنتظر أرواحنا لتراب مقدمه الفداء .. وذلك بمناسبة ذكرى ميلاد رابع العترة النبوية الإمام الحسن الزكي المجتبى علیه السلام .

كما يسعدني أخواني الأعزاء تهنئتكم بهذه الليلة المباركة ، أعادها الله علينا وعليكم وعلى جميع المسلمين والمسلمات باليمن والخيرات ، بجاه محمد وآله الهداة . هذا ونسألكم الدعاء .

- وكتب البصري بتاريخ 22-12-1999 ، السادسة والنصف مساءً :

ونحن كذلك نرفع أسمى آيات التبريك إلى مقام نبينا الأكرم محمد صلی الله علیه و آله ، وإلى أئمة أهل البيت علیهم السلام ، وبالخصوص صاحب العصر والزمان سيدي ومولاي المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف . ولجميع المؤمنين والمؤمنات

ص: 10

بمناسبة ذكرى ميلاد سيدي ومولاي الإمام الحسن بن علي الزكي المجتبى ، سلام الله عليه .

ولك منا جزيل الشكر أيها المراقب العزيز ، ومن الله الأجر والثواب .

- وكتب ( ذوالفقار ) بتاريخ 22-12-1999، السابعة إلا ثلث مساءً :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نبارك للإمام صاحب العصر والزمان .. ميلاد كريم أهل البيت علیهم السلام ، وللأمة الإسلامية قاطبة .

وشكراً لك أخي العزيز ( مراقب الحوار الثقافي ) .

- وكتب الموسوي بتاريخ 22-12-1999 ، السابعة مساءً :

الأخ العزيز (شمس لن تغيب ) .. أبارك لك ولجميع المؤمنين هذا المولد المبارك . وأسأل الله أن يجعل هذا في صحيفة أعمالك .

ورحم الله من أحيا أمرنا .

- وكتب (ميثم التمار) بتاريخ 22-12-1999 ، السابعة والربع مساءً :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

نبارك لكم إخواني هذه المناسبة المباركة . وبالخصوص سيدنا ومولانا صاحب العصر والزمان المهدي المنتظر علیهم السلام . (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ ، وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) .

- وكتب الفاني بتاريخ 22-12-1999 ، السابعة والثلث مساءً :

ص: 11

أبارك لكم ذكرى ولادة الإمام الحسن علیه السلام ، سائلاً المولى العلي القدير أن يعيد علينا يوم ولادته بحضور حفيده منقذ البشرية صاحب العصر والزمان ( روحي لتراب مقدمه الفداء ) .

وباقة ورد خاصة في مضمونها ، أرسلها للأخ ( شمس لن تغيب ) بهذه المناسبة ، تعبيراً تقديري وشكري الخاص على جهوده الطيبة .

دام موفقاً مسدداً متمحوراً في ظل دائرة الإسلام المحمدي الأصيل .

- وكتب ( علي بن يقطين ) بتاريخ 22-12-1999 ، التاسعة مساءً :

نرفع أسمىآيات التبريكات والتهاني إلىمقام النبي الأمي القرشي الهاشمي محمد ، وإلى أهل بيته الكرام البررة ، وأخص بالذكر مولانا ومقتدانا من يملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملأت ظلماً وجوراً ، حجة الله في أرضه وسماواته الحجة القائم المؤمل ، المهدي بن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف .

كما وأخص المشرف العام ، والمراقب (شمس لن تغيب)، والمراقب (عبد الحسين البصري ) ولكم إخواني المؤمنين وأخواتي المؤمنات بمناسبة ميلاد الإمام الحسن الزكي سيد شباب أهل الجنة . وكل عام وأنتم بخير وصحة وعافية. ***

أميَر المؤمنينَ أراكَ إمّا *** ذكَرْتُك عند ذي حسبٍ صَغا لي

وإن كَرّرتُ ذكَركَ عِند نغلٍ *** تكَدّرَ سَِرُهُ ، وبغَى قِتالي

فصِرتُ إذا شكَكتُ بأصلِ مرءٍٍ *** ذكرتُكَ بالجميَل من المقالِ

فليَسَ يُطيقُ سَمَع ثنَاكَ إلا ّ *** كرَيمُ الأصلِ محَمودُ الخِلالِ

فها أنا قد خَبَرتُ بكَ البرَايا فأنتَ *** مَحَكُّ أولادِ الحَلالِ

ص: 12

- وكتب ( جابر الأنصاري) بتاريخ 22-12-1999، الحادية عشرة ليلاً:

نبارك لكم هذه المناسبة الجليلة ، وكل عام وأنتم بخير .

- وكتب ( حسين بركات ) بتاريخ 22-12-1999 ، الحادية عشر والنصف ليلاً :

ألف مبروك بالمناسبة العظيمة . . وكل عام والأمة الإسلامية بخير ..

- وكتبت ( طبيعي ) بتاريخ 23-12-1999 ، الثانية عشرة والنصف صباحاً :

أبارك لمولاي صاحب الزمان علیه السلام ، وأبارك لكم جميعاً .

وأسالكم الدعاء بهذه المناسبة ، التي يستجاب بكرامتها الدعاء .

اللهم صل على محمد وآل محمد .

- كتب علي القاضي في الموسوعة الشيعية ، في 25-12-1999، الثامنة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( الإمام السبط الحسن بن علي علیه السلام ) ، قال فيه :

بما أننا نعيش على أعتاب ذكرى ولادة السبط الإمام الحسن علیه السلام المعروف بكريم أهل البيت علیهم السلام ، حيث ولد علیه السلام في الخامس عشر من شهر رمضان المبارك في السنة الثالثة للهجرة ، وإن إمامته علیه السلام من الأمور الثابتة .

فقد ورد عن النبي صلی الله علیه و آله : ( والحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) ( وهما ريحانتاي من الدنيا ) ( وهما إمامان قاما أو قعدا ) ، وقد أوصى له الإمام أمير المؤمنين علیه السلام من بعده .

وكان الإمام على خلق رفيع مع الله سبحانه ومع الناس .

ص: 13

فعن الإمام الصادق علیه السلام : إن الحسن بن علي حج خمساً وعشرين حجة ماشياً ، وقاسم الله تعالى ماله مرتين . وكان علیه السلام إذا قرأ القرآن ومرَّ بآية فيها ( يا أيها الذين آمنوا ) قال علیه السلام : ( لبيك اللهم لبيك ) .

ومن الجانب الخلقي ، كان علیه السلام معروفاً بالتواضع . فقد روت كتب السيرة أنه علیه السلام مرّ على جماعة من الفقراء قد وضعوا على وجه الأرض كسيرات من الخبز ، كانوا قد التقطوها من الطريق وهم يأكلون منها، فدعوه لمشاركتهم فأجاب دعوتهم قائلاً : ( إن الله لا يحب المتكبرين ) ، ولما فرغ من مشاركتهم دعاهم لضيافته فأغدق عليهم المال وأطعمهم وكساهم .

ومما يروى في كرمه وسخائه الذي اشتهر به ، أن أعرابياً جاءه برقعة لحاجة قد كتب عليها :

لم يبق عندي مايباع بدرهم *** تكفيك رؤية منظري عن مخبري

إلا بقايا ماء وجه صنته *** أفلا أبيع وقد وجدتك مشتري

فأعطاه مالاً جزيلاً وأجابه :

عاجلتنا فأتاك وابل برنا *** طلاً ولو أمهلتنا لم نقصر

فخذ القليل وكن كأنك لم *** تبع ماصنته وكأننا لم نشترِ

وقد تسلم الخلافة من أبيه علي علیه السلام حيث أوصى له كما قلنا واستمرت فترة خلافته ستة أشهر ، ذاق بها الإمام المرارة والعذاب النفسي ، حيث أن معاوية بث في أصحابه الجواسيس والعيون والمرجفون ، وأغرى قادة الجيش بالأموال حتى تفرق الجموع ، مما اضطر للصلح اضطراراً ، لا كما يقال أنه رأى معاوية أصلح!!

وقد صرح الإمام علیه السلام في أقواله عندما سألوه أصحابه عن الصلح حيث قال : ( ما أردت بمصالحتي إلا أن أدفع عنكم القتل ) .

ص: 14

وقد كان الصلح مشروطاً بشروط، وعندما تسلط معاوية على الموقف بعد توقيع الصلح قدم إلى الكوفة للإجتماع بالإمام الحسن علیه السلام حيث ارتقى معاوية المنبر وهزئ بكل القيم والأخلاق ، وقال :

( والله إني ما قاتلتكم لتصلوا ولا لتصوموا ولا لتحجوا ولا لتزكوا ، إنكم لتفعلون ذلك ، وإنما قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم له كارهون ! ألا وإن كل دم أصيب في هذه الفتنة فهو مطلول ، وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين ) .

ونفهم من ذلك أن معاوية لم يلتزم بالشروط حتى يقال إنه خليفة مشروع.

وكلمات الإمام الحسن علیه السلام تصرح بعدم صلاحية معاوية للخلافة حيث يقول : ( وإن معاوية زعم أني رأيته للخلافة أهلاً ، ولم أرَ نفسي لها أهلاً ، فكذب معاوية ، نحن أولى الناس بالناس في كتاب الله عز وجل وعلم لسان نبيه) . حياة الحيوان للدميري : 1/ 58 . وهذا تصريح خطير بأن الولاية له من الله على الناس لا زالت قائمة حتى بعد تسليم الأمر لمعاوية ، وأن التسليم ليس إلا ترك الملك ( لا الولاية الشرعية ) .

والناظر في التاريخ يرى أن الفارق بين الإمام الحسن علیه السلام ومعاوية جلي .. فأين الثرى من الثريا ! وقد قال في الأعيان نقلاً عن أبي الفرج في المقاتل : ( لما بويع معاوية خطب فذكر علياً ( علیه السلام ) فنال منه ونال من الحسن ( علیه السلام ) ، فقام الحسين ( علیه السلام ) ليرد عليه ، فأخذ الحسن ( علیه السلام ) بيده ، فاجلسه ثم قام فقال : ( أيها الذاكر علياً .. أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند، وجدتي خديجة وجدتك قتيلة . فلعن الله أخملنا ذكراً ، وألأمنا حسباً ، وشرنا قديماً ، وأقدمنا كفراً ونفاقاً .

ص: 15

فقال طوائف من أهل المسجد : آمين .

قال يحيى ابن معين : ونحن نقول : آمين .

قال أبو عبيدة : ونحن أيضاً نقول : آمين .

قال أبو الفرج ، وأنا أقول : آمين ) .

وأنا أقول : آمين . بل الأجيال كلها تقول : آمين .

فالسلام عليك يا مولاي يا أبا محمد الحسن بن علي ..

يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حياً .

ص: 16

الفصل الثاني: جريمة سم الإمام الحسن علیه السلام

ص: 17

ص: 18

جريمة سم الإمام الحسن علیه السلام

- كتب ( هاشم ) في شبكة أنا العربي ، بتاريخ 16-6-1999 ، الواحدة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( معاوية في الميزان ) ، قال فيه :

سم معاوية للإمام الحسن ريحانة رسول الله محمد صلی الله علیه و آله !

قال ابن تيمية شيخ السلفية : ( إن بني أمية ليسوا بأعظم جرماً من بني إسرائيل ، فمعاوية حين أمر بسم الحسن فهو من باب قتال بعضهم بعضاً ) . منهاج السنة 2 /225 . يظهر من كلام ابن تيمية اعترافه بقيام معاوية بقتل الحسن بن علي علیهما السلام !! وقد ذكر هذه الحادثة الأليمة الكثير من الأعلام من أهل السنة مثل ابن سعد، والواقدي، وابن عبد البر، والشعبي ، وابن عساكر ، وابن الجوزي ، والزمخشري ، وغيرهم ..

فيا أهل السنة : ألا يعتبر قتل معاوية لسبط رسول الله صلی الله علیه و آله .. نصباً وعداءً لأهل البيت ، وبغضاً لعلي أمير المؤمنين علیه السلام الذي لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه

ص: 19

إلا منافق ؟! أبعد ذلك يمكن إثبات عدالة معاوية وتلقيبه ( أمير المؤمنين ) ؟!! أرجو منكم المشاركة .. والسلام .

نحن أبناء الدليل ... حيثما مال نميل

- وكتب ( جميل 50 ) ، الواحدة والربع صباحاً :

بارك الله في يراعك يا هاشم . وقد كنت لي فخراً وأيم الله .

لقد شكوت من فقدك هذه المدة . أين كنت يا عزيزي ؟

- وكتب ( الدبوس ) ، الثانية والثلث صباحاً :

يعني ما تدري أين كان عزيزك ؟!!

- وكتب أبو زهراء ، السادسة صباحاً :

وأما أفعاله المجانبة للعدالة الظاهرة : من لبسه الحرير، وشربه في آنية الذهب والفضة حتى أنكر عليه ذلك أبو الدرداء ، فقال له : إني سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله يقول : إن الشرب فيهما ليجرجر في جوفه نار جهنم ! قال معاوية : أما أنا فلا أرى بذلك بأساً .

فقال أبو الدرداء : من عذيري من معاوية ! أنا أخبره عن رسول الله ، وهو يخبرني عن رأيه ! لا أساكنك بأرضٍ أبداً !

- فكتب ( هاشم ) ، الثانية عشرة ظهراً :

أخي العزيز جميل . . أشكرك كثيراً على إطرائك الذي أعتبره وسام فخر لي . وأخبرك بأني كنت موجوداً ومطلعاً على المواضيع ، ولكن من دون مشاركة . . وأنا مشتاق جداً لكتاباتك . .

ص: 20

الأخ أبا زهراء . . أشكرك على المشاركة في الموضوع . . وأنا بانتظار المزيد من المشاركات . . والسلام عليكم .

- وكتب أبو زهراء ، الحادية عشرة ليلاً :

أخي العزيز السيد هاشم سلمه الله ورعاه . .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد ، فإنه من العجب جداً أن نرى إخواننا أهل السنة يقدسون شخصية مثل معاوية ، ولكن يزول عجبي حينما أعلم أن تسمية السنة جاءت من سنة لعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وسلامه ، وعندما منع اللعن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ، ثم أرجعها المتوكل العباسي فقيل له : محي السنة ! !

أما تسميتهم للجماعة ، فإنها جاءت من عام الجماعة عندما صالح الإمام الحسن علیه السلام معاوية عليه ما عليه، لحقن دماء المسلمين . فهم أهل السنة والجماعة ، أي أهل معاوية . هل رأيت ؟!

وإليك ما جاء عن الرسول صلی الله علیه و آله بحق معاوية الطليق بن الطليق ، في صحيح مسلم الحديث رقم 4713 ( من برنامج الحديث الشريف لشركة صخر ) : حدثنا محمد بن المثنى العنزي ، ح وحدثنا ابن بشار واللفظ لابن المثنى قالا : حدثنا أمية بن خالد ، حدثنا شعبة عن أبي حمزة القصاب ، عن ابن عباس قال : كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب . قال : فجاء فحطأني حطْأة وقال : اذهب وادعُ لي معاوية . قال : فجئت فقلت : هو يأكل . قال : ثم قال لي : اذهب فادعُ لي معاوية . قال : فجئت فقلت : هو يأكل . فقال : لا أشبع الله بطنه . قال ابن المثنى قلت لأمية : ما حطأني . قال : قفدني قفدة .

ص: 21

حدثني إسحاق بن منصور ، أخبرنا النضر بن شميل ، حدثنا شعبة ، أخبرنا أبو حمزة سمعت ابن عباس يقول : كنت ألعب مع الصبيان ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختبأت منه . فذكر بمثله .

وانظر إلى هذين الحديثين من المصدر نفسه :

3841 - . . . عن جابر وابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المؤمن يأكل في معْي واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء .

3842 - . . . عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : المؤمن يأكل في معيٍ واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء .

أيها القارئ : فاجمع بين هذه الأحاديث الشريفة ، واستنتج بنفسك ماذا أراد النبي بقوله : لا أشبع الله بطنه ؟!

- قال العاملي : النبي صلی الله علیه و آله لا ينطق عن الهوى والغضب بل عن الوحي .. ولا يستعجل في ذم أحد والدعاء عليه . ولم يرد هذا الدعاء النبوي الذي هو كاللعنة ، على أحد إلا على معاوية !

بل ورد بصيغة اللعن ، كما في الدرجات الرفيعة ص 243 ، نقلاً عن الجاحظ في كتابه السفيانية : ( اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب ) !

وستأتي أحاديث لعن النبي صلی الله علیه و آله ، لمعاوية وأبيه وأخيه !

- وكتب ( عبدالله الشيعي ) ، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً :

معاوية هذا النكرة المخادع ... فما نحن فيه من تخلف واختلاف وتشاحن ومجادلات كلها منه ، جزاه الله بما يستحق من عذابه .. فإنه لو استطاع هو وأبوه قتل رسول الله صلی الله علیه و آله لفعلوا ، ولكن الله لهم بالمرصاد . فما قامت راية حرب ضد

ص: 22

رسول الله صلی الله علیه و آله ، إلا وأبو سفيان قائدها حتى هلك ، فقام ابنه معاوية ينتقم من الاسلام والمسلمين !

ويكفي سمه الحسن السبط علیه السلام .

ويكفي معاوية بن حرب إجراماً قتله حجر بن عدي وأصحابه صبراً .

- وكتب ( القطيف ) ، بتاريخ 18 -6-1999 ، الواحدة صباحاً :

أليس هو الذي كان يسمي الرسول الأعظم محمد صلی الله علیه و آله ابن أبي كبشة ؟!

هذا وحده كفيل بطرده من رحمة الله .

- وكتبت ( شجرة الدر ) ، الثانية صباحاً :

رحم الله معاويه بن أبي سفيان . ويبدو أنه سيدخل الجنة بسببكم لكثرة افترائكم عليه .. وعلى فكرة .. الواقدي يقال أنه واضع للأحاديث .

اقتراح : الاستماع لأشرطة المبدع د.طارق السويدان ، أحداث من التاريخ الاسلامي .

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .

- وكتب ( الغريب ) ، الثانية والثلث صباحاً :

قال عبد الله بن أحمد بن حنبل , سألت أبي عن علي ومعاوية , فقال : إعلم أن علياً كان كثير الأعداء , ففتش له أعداؤه عيباً فلم يجدوا , فجاؤا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيداً منهم لعلي . ( راجع : تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 133 . فتح الباري 7 / 83 . صواعق ابن حجر ص 76 ) .

من أقوال الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام : ( من صارع الحق صرعه) . كما قال : ( الناس أعداء ما جهلوا ) .

ص: 23

قالت عائشة مخاطبةً معاوية : قتلت حجراً وأصحابه , أما والله لقد بلغني أنه سيقتل بعذراء سبعة رجال ( وفي لفظ آخر أناس ) يغضب الله وأهل السماء لهم . ( راجع تاريخ ابن عساكر 4/86 . تاريخ ابن كثير 8 /55 . الإصابة 1/315 ) .

أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ، عن طريق عبد الله ابن بريده , قال : دخلت أنا وأبي على معاوية , فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا , ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي ثم قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله صلی الله علیه و آله . ( مسند أحمد 5/ 347 ) .

فما حكم شارب الخمر , خصوصاً إذا كان صحابياً يقتدى به , فمن منكم يقتدي بشارب الخمر ؟!

- وكتب ( الكويتي ) ، الثالثة إلا عشرة دقائق صباحاً :

لعن الله أعداءك يا مولاي يا بن أبي طالب .

- وكتب ( الغريب ) ، الثالثة والثلث صباحاً :

قال الحسن البصري : أربع خصال كُنّ في معاوية , لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة :

انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة .

واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً ، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير .

وادعاؤه زياداً ، وقد قال رسول الله صلی الله علیه و آله : الولد للفراش وللعاهر الحجر .

وقتله حجراً, ويلاً له من حجر وأصحاب حجر , قالها مرتين . ( تاريخ ابن عساكر 2/381. تاريخ الطبري 6/157.الكامل لابن الأثير 4/209 . ابن كثير 8/130) .

- وكتب ( العروة الوثقى ) ، الثالثة والنصف صباحاً :

ص: 24

طارق السويدان وغيره من ( المرقعجية ) ليسوا بأفضل ولا أفهم ولا أقرب عهداً من أئمة التاريخ والسير ، كالطبري ، وابن سعد ، وابن الأثير ، والواقدي ، وابن هشام ، وغيرهم من العلماء .

كم من الحوادث الثابتة والمهمة يسلقها سلقاً كالبيض ابن سويدان هذا !

اللهم إلعن آل أمية وآل مروان .

- وكتب ( هاشم ) ، الواحدة ظهراً :

شجرة الدر .. كيف تدّعين بأننا نفتري على معاوية .. ونحن نسند أقوالنا للمصادر ( السنية ) ؟!

أشكر الأخوة المشاركين جميعاً .. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

- كتب ( جاكون ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 31-1-2000 ، الواحدة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( هل سمّ معاوية الحسن ؟ ) ، قال فيه :

من التهم الخطيرة الموجهة إلى الصحابي معاوية أنه عمل على التخلص من الحسن بن علي بن أبي طالب ، فدس السم له فمات مسموماً . وموضوع السم واستعماله سلاحاً للتخلص من الخصوم وإن كان شائعاً بين الناس ، إلا أنه حقل خصب للشائعات ترتع وتسمن فيه , لأنه أمر خفي وسر مغيب , كان الإعتماد في نشره وإشاعته على مجرد وجود خصومة بين متنافسين على أمر ، فإذا مات أحدهما أخلي الميدان لصاحبه ، قيل إن يداً خفية من خصمه قد وضعت له السم في الطعام فمات .

ص: 25

وموضوع موت الحسن بن علي قبل معاوية , ودعوى الشيعة بأن معاوية قد قتله بالسم .. هذا الموضوع يعالجه القاضي أبوبكر بن العربي ، فيقول : هذا محال من وجهين :

أحدهما : أنه ما كان ليتقي من الحسن بأساً , وقد سلم الأمر له .

والثاني : أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله .. فكيف تحملونه بغير بينة على أحد من خلقه في زمان متباعد . ( منهاج السنة 2 / 225) .

ومن هذا النص يمكن أن ندرك ما يرمي إليه القاضي ابن العربي : وهو أن الخلاف الدائم بين العلويين والأمويين أتاح لأصحاب الهوى أن يخترعوا ما يثيرون به شعور الجماهير ضد بني أمية ، وقد أعانهم على ذلك نشاط حركة تدوين التاريخ في ظل العباسيين , الذين كان لهم حظ في إظهار بني أمية بمظهر المعتدين على العلويين في صورة ظالمة .

ونحن نجد أن الإمام ابن تيمية قد قال فيما يتعلق بذلك : لم يثبت ذلك ببينة شرعية ولا إقرار معتبر ولا نقل يجزم به ... وهكذا لا يمكن العلم به ، فالقول به قول بلا علم . ( العواصم من القواصم - ص 214 ) .

ولعل مما يدحض هذه التهمة , أن الحسن كان قد أسلم لمعاوية هذا الأمر بإخلاص , حين أدرك أن الفتنة تطل برأسها ، وأنه سيخوض بحار من الدماء في سبيل غاية قد لا تتحقق .. ولعله قد تذكر قول جده صلی الله علیه و آله : ( إنه ستكون هنات وهنات ، فمن أراد أن يفرق هذه الأمة وهي جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان ) . صحيح مسلم 6/22 . ومن أولى الناس بالمبادرة بحديث رسول الله من أحفاده : الحسن والحسين ؟؟ هذا احتمال .

ص: 26

وهناك احتمال آخر , يبرئ معاوية من هذه التهمة , وهو أن الحسن كان بالمدينة , ومعاوية كان بدمشق ، ولم تبدُ من الحسن أي حركة أو أي تفكير في تمرد حتى يدبر أمر التخلص من الحسن ، بل إن الحسن كان متحمساً أشد الحماس لتصرف معاوية . وهذا يتضح من الموقف الآتي كما يرويه الطبري ، حيث قال : ( كتب الحسن إلى معاوية في الصلح وطلب الأمان . وقال الحسن للحسين ولعبد الله بن جعفر إني قد كتبت إلى معاوية في الصلح وطلب الأمان فقال له الحسين : نشدتك الله أن تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة علي ، فقال له الحسن : أسكت فأنا أعلم بالأمر منك ) . الطبري 5 / 160 .

وكذلك نجد أن الحسين عندما أعلن الحرب على يزيد , لم يذكر للعالم الإسلامي هذه الجريمة -جريمة سم الحسن - وعدم ذكر الحسين لها دليل على أنها لم تكن في ذهنه ، ولم يكن هناك ما يدل على صدق هذه الروايات ، مع أنها كانت تصلح أن تكون سلاحاً فتاكاً ضد بني أمية ... والسلام .

اللهم صل على محمد وآل محمد .

- وكتب ( فاتح ) ، بتاريخ 31-1-2000 ، الواحدة والثلث ظهراً :

إذاً معاوية لم يسم الحسن ، وتستبعد ذلك ؟! فلماذا رشق بنوا أمية السهام على جنازته وهو ميت ، وانتهكوا حرمة رسول الله فيه ؟!!

- وكتب ( عزام ) ، بتاريخ 31-1-2000 ، الثالثة ظهراً :

الأخ جاكون ، بعد التحية .. المشكلة التي نواجهها هنا في ساحة الحوار هي مشكلة كبيرة جداً ، يصعب التعامل معها أحياناً كثيرة . وهي أننا نواجه عقولاً ذات جهل مركب فهي جاهلة أولاً ، وجاهلة ثانياً بهذا الجهل ، أو أنها عقول

ص: 27

ساذجة تألف شبهة أمام البديهة وهنا مكمن الصعوبة ، فكيف تستطيع أن تفهم صاحب الجهل المركب أو صاحب الشبهة مقابل البديهات والحقائق المتفق عليها ، ولايحتاج فهمها والإقتناع بها إلى مؤونة كبيرة ..

ومشكلتنا معك هي من هذا النوع الصعب المستصعب . فسم معاوية للحسن علیه السلام لا يخفى على ذي لب . ولايخفى على كل محقق ومدقق في ثنايا التاريخ الإسلامي . والآن أنظر إلى أعذارك وتأمل جيداً في كلامك ، وخاطب وجدانك.. هل ما قلته هنا يصدر من عاقل مستوي التفكير أم لا ؟!

تقول : كان الحسن في المدينة ومعاوية في الشام . تقول : لماذا يسم معاوية الحسن . وتستدل بكلام ابن تيمية ، والقاضي ابن العربي !

أما عذر بعد المسافة فهو عذر أقبح من فعل ، فكان الملوك والسلاطين في بلدان ويقدمون على سم أعدائهم في بلدان أخرى بواسطة الخدع والقتلة ورشوتهم .

والثانية عليك لالك ، فمعاوية أراد الملك بعده ليزيد ابنه ، فكان على استعداد لقتل ألف مثل الإمام الحسن علیه السلام لينال ابنه يزيد الملك ، علماً أن نص المعاهده بينه علیه السلام وبين معاوية تقول : ( إذا هلك معاوية ترجع السلطة إلى الإمام الحسن علیه السلام ) .

أما الاستدلال بكلام ابن تيمية والقاضي ابن العربي فلا حجة فيه ، لثبوت بغضهما لآل البيت علیهم السلام أولاً ، وسبق بعض كتب التاريخ المثبتة للقضية عليهما ثانياً . وإليك بعض المصادر لكي تقنع ، ولن ...

1 - الإستيعاب 1 / 141 . 2 - تاريخ ابن عساكر: 4 / 229 . 3 - مقاتل الطالبيين ص 29 4 - تاريخ ابن كثير 8 / 43 . 5 - طبقات ابن سعد . 6 - مروج الذهب للمسعودي : 2 /

ص: 28

50 7 - التذكرة لسبط ابن الجوزي ص121. 8- تهذيب الكمال للمزي . 9 - مرآة العجائب وأحاسن أخبار الغرائب .10 - حسن السيرة للطبري . 11 - المستدرك على الصحيحين: 3 / 176. 12 - سير أعلام النبلاء : 3 / 245 . 13 - أسد الغابة 2 : / 9 . 14 - تهذيب التهذيب : 2 / 260 .

والآن يا جاكون هل اقتنعت أنك من أصحاب الجهل المركب.. أم لا؟

- وكتب رائد جواد ، الثالثة والنصف ظهراً :

الزميل جاكون هداك الله .. عجباً والله دفاعك هذا عن الشجرة الملعونة في كتاب الله تعالى . ثم إنك أتيت لنا بآراء من لا تُحمد مذاهبهم تجاه أمير المؤمنين وآل بيته علیهم السلام ، أمثال ابن تيمية الذي أسميته أنت إماماً !

أما ابن حجر فيقول فيه ( ابن تيمية عبدٌ خذله الله وأضلّهُ وأعماه وأصمّهُ وأذلّهُ . . . . ) ! وابن حجر إمام من أئمتكم ، وأنت هداك الله من أنت ؟؟ أنصدقك أم نصدق أئمتك ؟!!

ثم أليس ابن تيمية من يقول ( علي بن أبي طالب أسلمَ صبياً ، والصبي لا يصح إسلامه ) ! فعلي بن أبي طالب عنده لا يصح إسلامه !! أما ابن تيمية فإسلامه صحيح لأنه يبغض أميرالمؤمنين علیه السلام ، والرسول صلی الله علیه و آله يقول : بغض علي نفاق !!!

فدَعْ - زميلي العزيز - الاحتجاج بابن تيمية وأضرابه .. فأنتم نفسكم كفرتموه وهو عندكم زنديق ، فكيف نقبل نحن شهادته ؟!!!

أما عن دس السم للإمام الحسن علیه السلام من قبل معاوية ، فهو من الأمور التي لم يُعارضها إلا ( من كان ) محباً لبني أمية مبغضاً لآل الرسول . وإليك عدداً ممن صرح بذلك :

ص: 29

ابن عبدالبر في الإستيعاب ، عند ترجمته لمعاوية . ( عدالة الصحابة - 108 )

وذكر ذلك ابن حجر وابن أبي الحديد .. وإليك نص ذلك من كتاب شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد فهو يقول : ( قال أبو الحسن المدائني : ( وكانت وفاته في سنة تسع وأربعين ، وكان مرضه أربعين يوماً . وكانت سنّه سبعاً وأربعين سنة ، دس إليه معاوية سماً ، على يد جعدة بنت الأشعث بن قيس زوجة الحسن وقال لها : إن قتلته بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد ابني ، فلما مات ، وفّى لها بالمال ولم يزوجها من يزيد ، قال : أخشى أن تصنع بابني كما صنعت بابن رسول الله ) . شرح النهج 16 /10 .

أقول : لعل مقولته ومقولة صاحبه عمرو بن العاص : إن لله جنوداً من عسل !! مما لا يخفى على المتتبع ، فقد كانت هذه مقولتهم المعروفة .. فكانوا يدسون السم في العسل لمن يريدون قتله ، ثم يقولون إن لله جنوداً من عسل !! كما فعلوا ذلك مع مالك الأشتر وغيره . ( راجع مثلاً الطبري 4 / 553 و5 / 96 ) .

يقول المحامي أحمد حسين يعقوب في كتابه عدالة الصحابة والمرجعية السياسية في الإسلام ص 108 ما هذا نصه : ( فقد سم معاوية الحسن ، وسم عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، كما ورد في ترجمته في الاستيعاب لابن عبد البر ! وسم عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، كما ورد في الإستيعاب أيضاً ! وسم مالك بن الأشتر ! ولذلك قال عمرو بن العاص في ذلك : إن لله جنوداً من عسل !! وفرق معاوية الناس وجعلهم شيعاً.. فلو حاولت أمة محمد أن تتفق لما استطاعت - كما يقول العقاد - وشوه الحكم الإسلامي ) .

وذكر ذلك أبو الفرج الأصفهاني في مقاتل آل أبي طالب ص 48 .

ص: 30

وذكر ذلك الحاكم في المستدرك وإن لم يُصرح باسم معاوية إذ قال: (سمت ابنة الأشعث بن قيس الحسن بن علي وكانت تحتهُ ورُشيت على ذلك مالاً ) المستدرك : 3/176. فمن له مصلحة بقتل الحسن علیه السلام غيرمعاوية ؟ !

قال ابن الجوزي : ( قال الشعبي : إنما دس إليها معاوية فقال : سُمِّي الحسن وأزوجك يزيداً وأعطيكِ مائة ألف درهم ، فلما مات الحسن بعثت إلى معاوية تطلب إنجاز الوعد ، فبعث إليها بالمال وقال : إني أحب يزيد وأرجو حياته ، لولا ذلك لزوجتك إياه ! قال الشعبي : مصداق هذا القول أن الحسن كان يقول عند موته وقد بلغه ما صنع معاوية : لقد عملت شربته وبلغ أمنيته، والله لا يفي بما وعد ولا يصدق فيما يقول !!

وقال أيضاً : وقال ابن سعد في الطبقات : سمه معاوية مراراً لأنه كان يقدم عليه الشام هو وأخوه الحسين علیهما السلام !!

وقال أيضاً : قال الواقدي : ولما بلغ معاوية موته وكان بالخضراء ، كبَّرَ تكبيرةً سمعها أهل المسجد ) . ( تذكرة الخواص ص 211 – 213 ) .

قال ابن عبد البر : ( قال قتادة ، وأبو بكر بن حفص : سُم الحسن بن علي ، سمته امرأته جعدة بنت الأشعث ابن قيس الكندي ، وقالت طائفة : كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها ، وما بذل لها في ذلك . وقال : فلما مات ورد البريد بموته على معاوية فقال : يا عجباً من الحسن شرب شربةً من عسل بماء رومة ، فقضى نحبه ! ) الإستيعاب 1/389 ، وما بعدها . وراجع مسند الإمام المجتبى ، للشيخ عزيز الله العطاردي ص 416 ، وما بعدها .

فدعك من التهريج يا زميلنا ( جاكون ) ، فهذه أقوال علمائكم في هذه المسألة ! فعلامَ تتحدث برأيك ورأي من لا وزن لحديثه عند أهل السنة ؟!!

ص: 31

اللهم صلِ على محمد وآل محمد .

إن قيل حوا قُلتُ آدم فخرُها *** أو قيل مريمُ قلتُ فاطِمُ أفضلُ

أفهل لمريمَ والدٌ كمحمدٍ *** أم هل لحوا ما لِفاطمِ أشبُلُ

- وكتب ( السبطين ) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 24-12- 1999 ، السادسة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( الحسن السبط علیه السلام استغاث من النواصب ) ، قال فيه :

لقدكان الإمام الحسن علیه السلام قدوة لكل مؤمن ، حيث تولى أعباء الإمامة ومهمات الحكم . ولكن ماهو السبب الذي يجعله يصالح عدو الله معاوية ؟؟ وما الذي جعله يعتزل الحياة السياسية ؟؟ وما الذي جعله يموت مسموماً في منزله في المدينة المنورة ؟؟ وما الذي منعه من الدفن ، في منزل جده الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله ؟؟

كل هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابة من المؤمنين والنواصب ، على حد سواء . كل من منطلقه ومنظوره . . فهل من مناقش ، وهل من مجيب ؟

حب آل البيت قربة وهو أسمى الحب رتبة

ذنب من والاهمُ *** تغسله مزن المحبة

والذي يبغضْهُمُ *** لا يسكن الإيمان قلبه

علمه والنسك رجس *** عسل في ضرع كلبه

لعن الله عدو ال- *** آل إبليس وحزبه

- قال العاملي : وغابت ( شجرة الدر ) المدافعة عن معاوية وغاب بقية المخالفين ، ولم يجب منهم أحد !! وقد تقدم اعتراف ابن تيمية بأن معاوية أمر

ص: 32

جعدة بسم الامام الحسن علیه السلام ، حيث قال ( فمعاوية حين أمر بسم الحسن فهو من باب قتال بعضهم بعضاً ) . منهاج السنة 2 /225 . وبذلك يكون أتباع ابن تيمية ناقضوا إمامهم ، بل يكون هو ناقض نفسه في كلامه الآخر الذي نقلوه عنه ! وكم في منهجه ومنهاجه من تناقض !!

وهذه توثيقات نضيفها إلى ما أورده الأخوة ، تثبت جريمة معاوية في قتل الإمام الحسن علیه السلام :

قال الأميني رحمة الله ، في الغدير 11/8 : ( وآخر ما نفض به كنانة غدر الرجل أن دس إليه علیه السلام السم النقيع فلقي ربه شهيداً مكموداً ، وقد قطع السم أحشاؤه ) .

قال ابن سعد ، في الطبقات : ( سمه معاوية مراراً ، لأنه كان يقدم عليه الشام هو وأخوه الحسين ) .

وقال الواقدي : ( أنه سقي سماً ثم أفلت ، ثم سقي فأفلت ، ثم كانت الآخرة توفي فيها فلما حضرته الوفاة قال الطبيب وهو يختلف إليه : هذا رجل قطع السم أمعاءه ! فقال الحسين : يا أبا محمد أخبرني من سقاك ؟! قال : ولم يا أخي ؟ قال : أقتله والله قبل أن أدفنك ، وإن لا أقدر عليه أو يكون بأرض أتكلف الشخوص إليه . فقال : يا أخي إنما هذه الدنيا ليالٍ فانية ، دعه حتى ألتقي أنا وهو عند الله ، وأبى أن يسمِّيه . وقد سمعت بعض من يقول : كان معاوية قد تلطف لبعض خدمه أن يسقيه سماً ) . تاريخ ابن كثير 8 : 43 .

وقال المسعودي : (لما سقي السم فقام لحاجة الإنسان ثم رجع . فقال : لقد سقيت السم عدة مرار فما سقيت مثل هذه، لقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبه بعود في يدي ! فقال له الحسين : يا أخي من سقاك ؟ قال : وما

ص: 33

تريد بذلك ؟ فإن كان الذي أظنه فالله حسيبه ، وإن كان غيره فما أحب أن يؤخذ بي برئ .

فلم يلبث بعد ذلك إلا ثلاثاً حتى توفي رضي الله عنه . وذكر أن امرأته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي سقته السم ، وقد كان معاوية دس إليها أنك إن احتلت في قتل الحسن وجهت إليك بمائة ألف درهم وزوجتك يزيد . فكان ذلك الذي بعثها على سمه ، فلما مات الحسن وفى لها معاوية بالمال وأرسل إليها : إنا نحب حياة يزيد ، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه . وذكر أن الحسن قال عند موته : لقد حاقت شربته وبلغ أمنيته ، والله ما وفى بما وعد ، ولا صدق فيما قال . وفي فعل جعدة يقول النجاشي الشاعر وكان من شيعة علي في شعر طويل :

جعدة بكيه ولا تسأمي *** بعد بكاء المعول الثاكل

( في تاريخ ابن كثير : بكاء حق ليس بالباطل )

لم يسبل الستر على مثله *** في الأرض من حاف ومن ناعل

كان إذا شبت له ناره *** يرفعها بالسند الغاتل

( في تاريخ ابن كثير : يرفعها بالنسب الماثل )

كيما يراها بائس مرمل *** وفردُ قوم ليس بالآهل

يغلي بنئ اللحم حتى إذا *** أنضج لم يغل على آكل

أعني الذي أسلمنا هلكه *** للزمن المستخرج الماحل

( مروج الذهب 2 : 50 ) .

وقال أبو الفرج الأصبهاني : (كان الحسن شرط على معاوية في شروط الصلح : أن لا يعهد إلى أحد بالخلافة بعده ، وأن تكون الخلافة له من بعده ، وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد ، فلم يكن شئ أثقل عليه من أمر الحسن بن علي، وسعد بن أبي وقاص فدس إليهما سماً فماتا منه ، أرسل إلى ابنة الأشعث أني

ص: 34

مزوجك بيزيد ابني على أن تسم الحسن . وبعث إليها بمائة ألف درهم ، فسوغها المال ولم يزوجها منه ) . ( مقاتل الطالبيين ص 29 ، وحكاه عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج 4 : 11 ، 17 من طرق مغيرة وأبي بكر بن حفص ) .

وقال أبو الحسن المدائني : ( كانت وفاته في سنة 49 ه- وكان مريضاً أربعين يوماً ، وكان سنه سبعاً وأربعين سنة ، دس إليه معاوية سماً على يد جعدة بنت الأشعث زوجة الحسن ، وقال لها : إن قتلتيه بالسم فلك مائة ألف وأزوجك يزيد إبني . فلما مات وفى لها بالمال ولم يزوجها من يزيد ، وقال : أخشى أن تصنعي بابني ما صنعت بابن رسول الله ) ( شرح ابن أبي الحديد 4/4 ) . وقال : (كان الحصين بن المنذر الرقاشي يقول : والله ما وفى معاوية للحسن بشئ مما أعطاه ، قتل حجراً وأصحاب حجر وبايع لابنه يزيد وسم الحسن ) . (

شرح ابن أبي الحديد 4/7 ) .

وقال أبو عمرو في الإستيعاب : 1/141 : ( قال قتادة، وأبو بكر بن حفص: سم الحسن بن علي ، سمته امرأته بنت الأشعث بن قيس الكندي . وقالت طائفة : كان ذلك منها بتدسيس معاوية إليها وما بذل لها في ذلك وكان لها ضرائر . فالله أعلم ) .

وقال سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 121 : ( قال علماء السير منهم ابن عبد البر : سمته زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي ) .

وقال السدي : ( دس إليها يزيد بن معاوية أن سمي الحسن وأتزوجك . فسمته فلما مات أرسلت إلى يزيد تسأله الوفاء بالوعد . فقال : أنا والله ما أرضاك للحسن ، أفنرضاك لأنفسنا) ؟

ص: 35

وقال الشعبي : ( إنما دس إليها معاوية فقال: سمي الحسن وأزوجك يزيد وأعطيك مائة ألف درهم ، فلما مات الحسن بعثت إلى معاوية تطلب إنجاز الوعد ، فبعث إليها بالمال وقال : إني أحب يزيد ، وأرجو حياته ، ولولا ذلك لزوجتك إياه . وقال الشعبي : ومصداق هذا القول : أن الحسن كان يقول عند موته وقد بلغه ما صنع معاوية : لقد عملت شربته وبلغت أمنيته ، والله لا يفي بما وعد ، ولا يصدق فيما يقول ) . ثم حكى عن طبقات ابن سعد أن معاوية سمه مراراًَ ، كما مر .

وقال ابن عساكر في تاريخه : 4/229 : ( يقال : إنه سقي السم مراراً كثيراً فأفلت منه ثم سقي المرة الأخيرة فلم يفلت منها . ويقال : إن معاوية قد تلطف لبعض خدمه أن يسقيه سما فسقاه فأثر فيه حتى كان يوضع تحته طست ويرفع نحواً من أربعين مرة ) .

وروى محمد بن المرزبان : ( أن جعدة بنت الأشعث بن القيس كانت متزوجة بالحسن فدس إليها يزيد أن سمي الحسن وأنا أتزوجك ففعلت ، فلما مات الحسن بعثت إلى يزيد تسأله الوفاء بالوعد فقال لها : إنا والله لم نرضك للحسن فكيف نرضاك لأنفسنا ؟ فقال كثير ، ويروى أنه للنجاشي :

يا جعدة إبكي ولا تسأمي *** بكاء حق ليس بالباطل

لن تستري البيت على مثله *** في الناس من حاف ولا ناعل

أعني الذي أسلمه أهله *** للزمن المستخرج الماحل

كان إذا شبت له ناره *** يرفعها بالنسب الماثل

كيما يراها بائس مرمل *** أو وفد قوم ليس بالآهل

يغلي بنئ اللحم حتى إذا *** أنضج لم يغل على آكل )

ص: 36

وروى المزي في تهذيب الكمال في أسماء الرجال : ( عن أم بكر بنت المسور قالت : سقي الحسن مراراً ، وفي الآخرة مات فإنه كان يختلف كبده ، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهراً ) .

وفيه عن عبد الله بن الحسن قد سمعت من يقول : ( كان معاوية قد تلطف لبعض خدمه أن يسقيه سماً . وقال أبو عوانة عن مغيرة عن أم موسى : إن جعدة بنت الأشعث سقت الحسن السم ، فاشتكى منه أربعين يوماً ) .

وفي مرآة العجائب وأحاسن الأخبار الغرائب تأليف الشيخ أبي عبد الله محمد بن عمر زين الدين : ( قيل كان سبب موت الحسن بن علي من سمٍّ سُم به . يقال : إن زوجته جعدة بنت الأسود بن قيس الكندي سقته إياه ، ويذكر والله أعلم بحقيقة أمورهم أن معاوية دس إليها بذلك على أن يوجه لها مائة ألف درهم ويزوجها من ابنه يزيد ، فلما مات الحسن وفّى لها معاوية بالمال وقال: إني أحب حياة يزيد . وذكروا : أن الحسن قال عند موته : لقد حاقت شربته والله لا وفاء لها بما وعد ولا صدق فيما قال .

وفي سمِّه يقول رجل من الشيعة :

تعرَّ فكمْ لك من سلوة *** تفرِّج عنك قليل الحزَنْ

بموت النبي وقتل الوصي *** وقتل الحسين وسم الحسن )

وقال الزمخشري في ربيع الأبرار في الباب الحادي والثمانين : (جعل معاوية لجعدة بنت الأشعث امرأة الحسن مائة ألف درهم حتى سمته ، ومكث شهرين وأنه يرفع من تحته طستاً من دم وكان يقول : سقيت السم مراراً ما أصابني فيها ما أصابني في هذه المرة ، لقد لفظت كبدي ).

ص: 37

وفي حسن السريرة ، ألفه الشيخ عبد القادر بن محمد بن الطبري ابن بنت محب الدين الطبري المشهور مؤلف الرياض النضرة : ( لما كان سنة سبع وأربعين من الهجرة دس معاوية إلى جعدة بنت الأشعث بن قيس الكندي زوجة الحسن بن علي أن تسقي الحسن السم ، ويوجه لها مائة ألف ويزوجها من ابنه يزيد . ففعلت ذلك ) ! انتهى .

كان معاوية يرى أمر الإمام السبط علیه السلام حجر عثرة في سبيل أمنيته الخبيثة بيعة يزيد ، ويجد نفسه في خطر من ناحيتين : عهده إليه علیه السلام في الصلح معه بأن لا يعهد إلى أحد من جانب ، وجدارة أبي محمد الزكي ونداء الناس به من ناحية أخرى . فنجى نفسه عن هذه الورطة بسم الإمام علیه السلام ، ولما بلغه نعيه غدا مستبشراً ، وأظهر الفرح والسرور وسجد وسجد من كان معه ) .

قال ابن قتيبة : ( لما مرض الحسن بن علي مرضه الذي مات فيه ، كتب عامل المدينة إلى معاوية يخبره بشكاية الحسن فكتب إليه معاوية : إن استطعت أن لا يمضي يوم بي يمر إلا يأتيني فيه خبره فافعل ! فلم يزل يكتب إليه بحاله حتى توفي فكتب إليه بذلك ، فلما أتاه الخبر أظهر فرحاً وسروراً حتى سجد وسجد من كان معه ، فبلغ ذلك عبد الله بن عباس وكان بالشام يومئذ فدخل على معاوية فلما جلس . قال معاوية : يا ابن عباس هلك الحسن بن علي ؟ فقال ابن عباس : نعم هلك ، إنا لله وإنا إليه راجعون . ترجيعاً مكرراً ، وقد بلغني الذي أظهرت من الفرح والسرور لوفاته ، أما والله ما سد جسده حفرتك ، ولا زاد نقصان أجله في عمرك ، ولقد مات وهو خير منك ، ولئن أصبنا به لقد أصبنا بمن كان خيراً منه جده رسول الله فجبر الله مصيبته ، وخلف علينا من بعده أحسن الخلافة . ثم شهق ابن عباس وبكى.. الحديث) . الإمامة والسياسة 1 / 144 .

ص: 38

وفي العقد الفريد 2 / 298 : ( لما بلغ معاوية موت الحسن بن علي خر ساجداً لله ، ثم أرسل إلى ابن عباس وكان معه في الشام . فعزاه ، وهو مستبشر . وقال له : ابن كم سنة مات أبو محمد ؟ فقال له : سنه كان يسمع في قريش فالعجب من أن يجهله مثلك . قال : بلغني أنه ترك أطفالاً صغاراً . قال : كل ما كان صغيراً يكبر وإن طفلنا لكهل وإن صغيرنا لكبير ، ثم قال : مالي أراك يا معاوية ! مستبشراً بموت الحسن بن علي ؟ فوالله لا ينسأ في أجلك ، ولا يسد حفرتك ، وما أقل بقائك وبقائنا بعده ؟ ) . وذكره الراغب في المحاضرات 2/ 224 . وفي حياة الحيوان 1/ 58. وتاريخ الخميس 2 / 294 ، وفي ط : 328

قال ابن خلكان : ( لما مرض الحسن كتب مروان بن الحكم إلى معاوية بذلك وكتب إليه معاوية : أن أقبل المطي إلي بخبر الحسن ، فلما بلغ معاوية موته سمع تكبيرة من الخضراء فكبر أهل الشام لذلك التكبير . فقالت فاختة بنت قريظة لمعاوية : أقر الله عينك ، ما الذي كبرت لأجله ؟ فقال : مات الحسن. فقالت : أعَلَى موت ابن فاطمة تكبر ؟! فقال : ما كبرت شماتة بموته، ولكن استراح قلبي ) . إلى ها هنا ذكره الزمخشري أيضاً في ربيع الأبرار في الباب الحادي والثمانين . والبدخشي في نزل الأبرار .

ودخل عليه ابن عباس . فقال : يا ابن عباس ! هل تدري ما حدث في أهل بيتك ؟ قال : لا أدري ما حدث إلا أني أراك مستبشراً وقد بلغني تكبيرك . فقال مات الحسن . فقال ابن عباس : رحم الله أبا محمد . ثلاثاً ، والله يا معاوية ! لا تسد حفرته حفرتك ، ولا يزيد عمره في عمرك ، ولئن كنا أصبنا بالحسن فلقد أصبنا بإمام المتقين وخاتم النبيين ، فجبر الله تلك الصدعة ، وسكن تلك العبرة ، وكان الخلف علينا من بعده . انتهى .

ص: 39

وكان ابن هند جذلاناً مستبشراً بموت الإمام أمير المؤمنين علیه السلام قبل ولده الطاهر السبط ، فبلغ الحسن علیه السلام وكتب إليه فيما كتب :

قد بلغني أنك شمتَّ بما لا يشمت به ذووا الحجى ، وإنما مثلك في ذلك كما قال الأول :

وقل للذي يبقى خلاف الذي مضى *** تجهز لأخرى مثلها فكأن قدِ

وإنا ومن قد مات منا لكالذي *** يروح فيمسي في المبيت ليقتدي

ولإرضاء معاوية مُنع ذلك الإمام الزكي عن أن يقوم أخوه الحسين السبط بإنجاز وصيته ويدفنه في حجرة أبيه الشريفة التي هي له ، وهو أولى إنسان بالدفن فيها ! قال ابن كثير في تاريخه : 8/44 : فأبى مروان أن يدعه ، ومروان يومئذ معزول يريد أن يرضي معاوية) .

وقال ابن عساكر : 4/226 : ( قال مروان : ما كنت لأدع ابن أبي تراب يدفن مع رسول الله ، قد دفن عثمان بالبقيع ، ومروان يومئذ معزول يريد أن يرضي معاوية بذلك ، فلم يزل عدواً لبني هاشم حتى مات . انتهى .

هذه نماذج من جنايات معاوية على ريحانة الرسول صلی الله علیه و آله ولعل فيما أنساه التاريخ أضعافها !! وهل هناك مُسائل ابن حرب عما اقترفه السبط المجتبى سلام الله عليه من ذنب استحق من جرائه هذه النكبات والعظائم ؟! وهل يسع ابن آكلة الأكباد أن يعد منه شيئاً في الجواب غير أنه علیه السلام كان سبط محمد صلی الله علیه و آله ، وقد عطل دين آبائه الذي فارقه كرهاً ولم يعتنقه إلا فرقاً ، وأنه شبل علي خليفة الله في أرضه بعد نبيه صلی الله علیه و آله ، وهو الذي مسح أسلافه الوثنيين بالسيف وأثكلت أمهات البيت الأموي بأجريتهم ، ولما ينقضي حزن معاوية على أولئك الطغمة حتى تشفى بأنواع الأذى التي صبها على الإمام المجتبى علیه السلام إلى أن اغتاله بالسم

ص: 40

النقيع ، ولم يملك نفسه حتى استبشر بموته ، وسجد شكراً . وأنا لا أدري ألِلاًّته سجد أم لله سبحانه ؟ وإن لسان حاله كان ينشد ما تظاهر به مقول نغله يزيد :

قد قتلنا القرم من ساداتهم *** وعدلنا ميل بدر فاعتدلْ

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل

لعبت هاشم بالملك فلا *** خبرٌ جاء ولا وحي نزل

وأنه بضعة الزهراء فاطمة الصديقة حبيبة رسول الله صلی الله علیه و آله ومنها نسله الذين ملأوا الدنيا أوضاحاً وغرراً من الحسب الوضاء ، والشرف الباذخ ، والدين الحنيف ، كل ذلك ورغبات معاوية على الضد منها ، وما تغنيه الآيات والنذر .

وفي الذكر الحكيم : ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ، وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ، وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً ، وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً ، ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) . سورة الأعراف – 146 . انتهى .

ص: 41

ص: 42

الفصل الثالث: صلح الإمام الحسن علیه السلام لا يعطي الشرعية لمعاوية

ص: 43

ص: 44

صلح الإمام الحسن علیه السلام لا يعطي الشرعية لمعاوية

- كتب ( مشارك ) في شبكة أنا العربي بتاريخ 15-6-1999 ، التاسعة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( سؤال لا يستطيع أي رافضي الإجابة عليه ) ، قال فيه : كيف يجوز للإمام المعصوم الحسن بن علي أن يتنازل لمعاوية بالخلافة ويبايعه في ذلك هو والحسين ؟؟

الحق أبلج والباطل لجلج . قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

- فكتب ( هاشم بني هاشم ) ، التاسعة والربع مساءً :

وإن أجبناك ، ماذا تقول بعد ذلك !!؟

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 15-6-1999 ، التاسعة والثلث مساءً :

سأثبت لكم أنكم متناقضون .

- وكتب ( جميل 50 ) ، التاسعة والنصف مساءً :

ص: 45

مشارك ! كيف صالح الرسول صلی الله علیه و آله ، في الحديبية ؟!

- وكتب ( هاشم بني هاشم ) ، العاشرة مساءً :

أجب يا مشارك ، وهو نبي ، ورسول ، ومعصوم ، وما ينطق عن الهوى ، وصالح الكفار من قريش !!؟

وننتظر منك أن تثبت لنا أننا متناقضون ولا تنسى ، ونحن بالإنتظار !!

- وكتب ( عرباوي ) ، بتاريخ 16-6-1999 ، الواحدة صباحاً :

مشارك .. كما قال لك الأخوة .. الرسول عليه وآله الصلاة والسلام حارب المشركين في عدة حروب ..كما صالحهم تحت ظروف محددة ..

أليس كذلك يا مشارك ؟؟؟ وينك ( أين أنت ) يا مشارك ؟

- وكتب ( القطيف ) ، بتاريخ 16-6-1999 ، الثانية صباحاً :

هناك شئ اسمه المصلحة العامة ، وللمعصوم أو المجتهد ، تحديد المصلحة العامة . أكبر مثال في عصرنا هو التالي : الشيخ بن باز يحرم استخدام الشغالة النصرانية في المنزل . ولكن نفس الشيخ يجيز الإستعانة ودخول أكثر من نصف مليون جندي نصراني إلى الجزيرة العربية ! لعلي أجبتك ! ياكثير التساؤل !

- وكتب ( زائر ) ، بتاريخ 16-6-1999 ، الثامنة صباحاً :

أين أنت يا مشارك ؟!

- وكتب ( مشارك ) ، التاسعة صباحاً :

هل أنا من يقفز من موضوع لموضوع يا جميل ؟ ما دخل الشغالات في تنازل الحسن رضي الله عنه ؟ أَبَلغَ من سعة علمكم ألا تفرقوا بين الصلح وبين التنازل عن الخلافة ؟ أهذا مبلغكم من العلم ؟ كان الرسول صلى الله عليه وسلم في

ص: 46

المدينة وأبو سفيان في مكة فعقدوا صلحاً مدته عشر سنين ، وبقي كل واحد في مدينته ( هذا هو الصلح ) .

وأما التنازل عن الخلافة فقد كان الحسن بالعراق ومعاوية بالشام فتنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية ، وأصبح معاوية حاكماً لكل بلاد المسلمين بما فيها العراق ، وبايعه على ذلك المعصومان عندكم ، الحسن والحسين رضي الله عنهما ؟ هذا هو الفرق بين الصلح والتنازل !! فكيف يبايعان من تحكمان بردته ولعنه ؟ وكيف يرضيان أن يكون معاوية أميراً للمؤمنين ؟ ألم أقل لكم لا يستطيع أي رافضي الإجابة عليه ! ربما أنكم لو سكتم واعترفتم بتناقضكم لكان أولى من أن تفضحوا أنفسكم بهذا الشكل !!

الحق أبلج والباطل لجلج . قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

- قال العاملي : يلاحظ أن الذي ذكر الشغالات هو الأخ القطيف ، وليس الأخ جميل ، لكن (مشارك ) له حساسية من جميل فتصور أنه هو !

- وكتب أبو زهراء ، بتاريخ 16-6-1999 ، العاشرة صباحاً :

يبدو أنك قليل الدراية بالتاريخ يا مشارك .. فقضية مثل قتل الزبير لا تعرفها ، وتسألنا أن نأتيك بها ! أفلم تعلم كيف أراد الخونة من أهل الكوفة تسليم الحسن علیه السلام وأهل بيته إلى معاوية ، لقمة سائغة ؟!!

- وكتب ( عبدالله الشيعي ) ، العاشرة وعشرة دقائق صباحاً :

ماذا عرّف الناس الشئ الذي حصل بين الحسن علیه السلام ومعاوية ؟؟

ص: 47

صلح الإمام الحسن علیه السلام ؟ أم تنازل الإمام الحسن علیه السلام عن الخلافة .. قل بأمانة .. هل هو الصلح الذي أدى إلى التنازل .. أم التنازل الذي أدى إلى الصلح ؟ وكما قلت : كلف نفسك ولو للحظة ، ثم إقرأ صلح الإمام الحسن علیه السلام .

- وكتب (مشارك) بتاريخ 16-6-1999 ، العاشرة والنصف صباحاً :

بل أعرفها يا أبو زهراء ولست أجهلها ولله الحمد ، ولكني أعجب من أسلوبكم في رواية الأحاديث والآثار ( روى التاريخ !!! ) ولكني لن أجيبك حتى تذكر لي الرواية من مصدرها وتترك عنك ( روى التاريخ !! ) ، ولكن لنجعل هذا في ذلك الموضوع وليس هنا ، فإلى الآن لم أجد جواباً ؟!

أين منهاج الكرامة عنكم ، وأين شرحه ؟؟

وأما أنت ياعبدالله الشيعي فحين تعجزون عن الجواب وتظهرون ضعف حجتكم ووهن مذهبكم ، نظهر لكم قول أهل السنة والجماعة في ذلك إن شاء الله ، وسؤالي واضح ومحدد : أنتم تقولون إن الحسن معصوم، وتعظمون أمر الإمامة والخلافة ، فكيف يسلمها لمعاوية ويبايعه على أنه أمير المؤمنين ، أيرضى الحسن أن يجعل معاوية خليفة للمسلمين ؟ إن قلت نعم رضي ، فلماذا لا ترضون أنتم ؟!!

وإن قلت لا ، فنقول : فكيف يرضى للمسلمين ما لا يرضى لنفسه ؟!!!

- وكتب ( إسلام ) ، الحادية عشرة إلا ثلث صباحاً:

لا تعجل عليهم يا أخي المشارك..فهولاء القوم لايعجزهم اللف والدوران، لكن حسبك أن تلقي عليهم بالحجة والهداية بيد الله سبحانه وتعالى القائل : ( سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق وإن يروا كل آية لا

ص: 48

يؤمنوا بها ، وإن يروا سبيل الغي يتخذوه سبيلاً وإن يروا سبيل الرشد لا يتخذوه سبيلاً ، ذلك بأنهم كذبوا بآياتنا وكانوا عنها غافلين ) .

- وكتب أبو زهراء ، الحادية عشرة إلاربعاً صباحاً :

قد أجبناك على سؤالك سابقاً ، وإليك أحد الردود :

لا يخفى أن الإمام الحسن علیه السلام قد صالح معاوية على أن يتولى أمور المسلمين حتى موته ، فإن مات رجع الأمر إلى الإمام الحسن علیه السلام ، فإن لم يكن الحسن فالحسين علیهما السلام . وإليك هذه الرواية : قال في شرح النهج - شرح الخطبة رقم 274 : ( قال أبو الفرج : وحدثني أبو عبيد محمد بن أحمد قال : حدثني الفضل بن الحسن البصري قال : حدثني يحيى بن معين قال : حدثني أبو حفص اللبان عن عبد الرحمن بن شريك ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن حبيب بن أبي ثابت قال : خطب معاوية بالكوفة حين دخلها والحسن والحسين جالسان تحت المنبر ، فذكر علياً فنال منه ثم نال من الحسن فقام الحسين ليرد عليه ، فأخذ الحسن بيده فأجلسه ، ثم قام فقال : أيها الذاكر علياً ، أنا الحسن وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر، وأمي فاطمة وأمك هند ، وجدي رسول الله وجدك عتبة بن ربيعة ، وجدتي خديجة وجدتك قتيلة .. فلعن الله أخملنا ذكراً ، وألأمنا حسباً ، وشرنا قديماً وحديثاً، وأقدمنا كفراً ونفاقاً !

فقال طوائف من أهل المسجد : آمين .

قال الفضل : قال يحيى بن معين : وأنا أقول آمين .

قال أبو الفرج : قال أبو عبيد: قال الفضل : وأنا أقول آمين .

ويقول علي بن الحسين الأصفهاني : آمين .

قلت : ويقول عبد الحميد بن أبي الحديد مصنف هذا الكتاب : آمين.

ص: 49

وأقول أنا أبو زهراء : آمين .

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 16-6-1999، الحادية عشرة صباحاً :

تقول يا أبو زهراء ( لا يخفى أن الإمام الحسن قد صالح معاوية على أن يتولى أمور المسلمين حتى موته ، فإن مات رجع الأمر إلى الحسن فإن لم يكن الحسن فالحسين ) . وأقول لك : أنتم تقولون أن الحسن معصوم، وتعظمون أمر الإمامة والخلافة ، فكيف يسلمها لمعاوية ويبايعه على أنه أمير المؤمنين ، أيرضى الحسن أن يجعل معاوية خليفة للمسلمين حتى موت معاوية !!!

إن قلت نعم رضي ، فلماذا لاترضون أنتم ؟! وإن قلت لا ، فنقول : فكيف يرضى للمسلمين ما لا يرضى لنفسه ؟! وإذا كان هذا حكم الحسن ، فهل ترضون أنتم بذلك ؟

الحق أبلج والباطل لجلج . قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

- وكتب أبو زهراء ، الثانية عشرة إلا ثلث ظهراً :

قد فعلها قبله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام حيث يقول علیه السلام : ولقد تقمصها ابن أبي قحافة وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى .... وقد فعلها قبلهم رسول الله صلی الله علیه و آله في صلح الحديبيبة إذ مسح جملة ( رسول الله ) . فراجع يا من تدعي العلم .

- وكتب ( عبدالله الشيعي ) في 16-6-1999، الثانية عشرة إلا ربعاً صباحاً:

والله إنك لمعاند صريح العناد ... فقد كلمتك عن الصلح وقلت لك : إذهب واقرأ الصلح ومعنى الصلح .. فقد قلت في رد سابق لك هذه العبارة : كان

ص: 50

الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة وأبو سفيان في مكة فعقدوا صلحاً مدته عشر سنين ، وبقي كل واحد في مدينته ( هذا هو الصلح ) .

تعني الصلح بين النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام في المدينة وأبي سفيان في مكة .. وأظنك تقصد صلح المدة الزمنية ؟؟

وأنا أقول لك إذهب واقرأ بنود الصلح ... وما هي المدة الزمنية للصلح بين الحسن ومعاوية ؟ وما هو المكان ؟ .. ولماذا صالح الإمام الحسن علیه السلام ؟ وعلى ماذا صالح ؟... ثم تذكر حديث رسول الله عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأزكى التسليم : ( الحسن والحسين إمامان إن قاما أو قعدا ) فهل الأمة عملت بحديث الرسول الكريم صلی الله علیه و آله ، أم لا ..

- وكتب ( جميل 50 ) بتاريخ 16-6-1999، الواحدة والثلث ظهراً :

مشارك . . . لقد أحطتُ بألاعيبك خبري ، وعلى أيٍ فجميع استعراضك للحدث الحسني الأموي فوق الخطأ والخطل .

والآن .. إذا كنت عالماً ، فالعالم لا يخشى أن يَسأل أو يُسأل !!

فأجب سؤالي يأتيك النبأ العظيم : هل النبي صلی الله علیه و آله معصوم ؟!

- قال العاملي : ولم يجب مشارك، ثُم عاد وفتح الموضوع كأنه منتصر !

- كتب ( مشارك ) في شبكة أنا العربي بتاريخ 10-7-1999 ، الواحدة إلا الثلث صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( هل تجوز البيعة لكافر ؟ خاصة من المعصوم ! ! ) ، قال فيه :

هل تجوز البيعة لكافر ؟ خاصة من المعصوم !!

ص: 51

تحكمون على معاوية بالكفر ، وأنه الشجرة الملعونة في القرآن ، فهل يجوز أن يبايعه معصومان ؟!

الحق أبلج والباطل لجلج . قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

- وكتب ( الغالب ) ، بتاريخ 10-7-1999 ، الواحدة صباحاً :

يا أخي يجوز لمصلحة الاسلام! ليس هناك أكثر من هذا الجواب عندهم !

وأحسنت على هذا السؤال الذي لا يحسدون عليه ، هل من مزيد لهم .. لعلهم يرجعون .

- وكتب ( مشارك ) في 10-7-1999 ، الواحدة وخمس دقائق صباحاً :

أين أنت يا عاملي ؟ يا صاحب التفريعات الفقهية في هذه المسألة ؟

هل تحكم بأن معاوية مسلم؟!! أم أن الحسن والحسين غير معصومين ؟!!

أيهما أحب إلى قلبك ؟!!

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 10-7-1999 ، التاسعة صباحاً :

هل السؤال صعب إلى هذا الحد ؟ أيعقل أن أبناء الدليل لا يجدون أي إجابة ؟؟ أيعقل أن أصحاب النظر والاستنباط خفي عليهم إجابة مثل هذا السؤال البسيط ؟؟ أين أنت يا سلمان ويا عمار ؟

الحق أبلج والباطل لجلج . قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

- وكتب ( العاشرمن رمضان ) بتاريخ 10-7-1999 العاشرة صباحاً :

الإجابة على هذا السؤال صعبة كالإجابة على سؤال :

ص: 52

لماذا سمى علي والحسين رضي الله عنهما بعض أولادهما بأبي بكر وعمر وعثمان ؟ أسأل الله أن يهدينا جميعاً إلى الرجوع إلى الحق ؟

لا أدري لماذا يجد الشيعة صعوبة بالغة في الإعتراف بالحق ولو في مرة واحدة ؟! يبدو أن الأمر صعب على النفس ، والله لو تراجع أحدهم عن خطأ ما ، لما وجد منا غير كل تقدير واحترام . فالرجوع إلى الحق فضيلة .

نصر من الله وفتح قريب .

- وكتب ( عقيل ) ، بتاريخ 10-7-1999 ، الثانية عشرة ظهراً :

يا أخ مشارك .. سؤالك .. كأنك تسأل شخصاً ما السؤال التالي : هل أنت حمار أم غبي ؟ فهو سؤال مركب ، سيخسر مهما كانت إجابته !

أو كسؤال ذكره أحد الإخوان في الملتقى : هل يستطيع الله سبحانه وتعالى أن يخرج إبليس من ملكه ؟ فإن أجاب بنعم فقد كفر . وإن أجاب بلا فقد كفر . والشاطر هو اللي يفهم . فإن أردت البحث العلمي فأهلاً وسهلاً ، وإلا فنحن لسنا هنا للمهاترات . والسلام .

- وكتب ( مشارك ) ، الواحدة ظهراً :

ما المشكلة في السؤال يا عقيل ؟ أنتم تتناقضون ! تقولون إن معاوية كافر وملعون ، وتقولون إن الحسن والحسين المعصومين سلموا له الأمر ، وهذا ما لا يمكن الجمع به، فعلى الأقل أثبتوا لمعاوية الإسلام حتى تخرجوا من تناقضكم هذا !

الحق أبلج والباطل لجلج . قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

ص: 53

- وكتب ( أبو عمار ) ، بتاريخ 10-7-1999 ، الثانية ظهراً :

السلام على من اتبع الهدى . إقرأ التاريخ لكي تعرف لماذا تنازل الإمام الحسن معاوية بالخلافة ، وإليك ما نقله اليعقوبي : 2 / 215 :

( وحمل الحسن إلى المدائن وقد نزف نزفاً شديداً ، واشتدت به العلة، فافترق عنه الناس . وقدم معاوية العراق فغلب على الأمر والحسن عليل شديد العلة ، فلما رأى الحسن أن لاقوة به وأن أصحابة قد افترقوا عنه فلم يقوموا له، صالح معاوية وصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال : أيها الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دماءكم بآخرنا ، وقد سالمت معاوية ، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) . والسلام .

- وكتب العاملي ، بتاريخ 10-7-1999 الثانية وخمس دقائق ظهراً :

ليس في ذلك أي تناقض يامشارك .. فقد أفتى عدد من العلماء السنيين بفسق معاوية أو كفره ، واستدلوا على جواز لعنه أو وجوبه .. إقرأ كتاب (النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ) للحافظ محمد بن عقيل .. ولا تتحيل بهذه الحيل لإثبات إسلام إمامك !

ثم ليس فيه تناقض .. لأن سنة الله تعالى في أنبيائه وأوصيائه من آدم إلى الإمام المهدي علیهم السلام : أن أكثرهم كانوا مستضعفين مضطهدين ، مجبورين على الخضوع لطغاة زمانهم من الكفار والفجار .. وعندما أجبروهم على بيعتهم أو أجبرتهم الظروف ، أجاز الله لهم أن يبايعوهم . والتقية في مقابل الكفار تعترفون بها بإجماع فقهائكم ، وبالمعنى الشامل للمسلمين يعترف بها أكثرهم . وتستعملونها أنتم في حياتكم ! !

ص: 54

ومن أمثلتها اسم (مشارك) ونحوه ، فإنك استعملت التقية التي تعيرنا بها !! مع أنه لاخطر عليك وعلى شيعتك من إعلان اسمك بقدر عُشْرَ معشار ماكان على الإمام الحسن أو الحسين علیهما السلام ، وشيعتهم !

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 10-7-1999 ، السادسة مساءً :

يعني هذا أنكم تقولون أن الحسن والحسين رضيا بكافر حاكماً على رقاب جميع المسلمين ! ! هل تسلمون بهذا ؟ !

- وكتب ( عقيل ) ، بتاريخ 10–7-1999 ، الثامنة مساءً :

كلا نحن لانقول ذلك . ولكننا نقول أن معاوية انتصر عسكرياً ( فقط ) على الإمام الحسن علیه السلام . وبما أنك لم تقتنع بأن سؤالك هو من باب ( هل أنت حمار أم غبي ؟ ) فهل لك أن تجاوب عن السؤال التالي : لماذا سكتت عائشةعن حرب الإمام علي علیه السلام بعد الهزيمة في معركة الجمل؟ إما أنها كانت على حق والإمام على باطل ، وقد تراجع الإمام عن باطله وأعطاها حقها ؟ أو أنها كانت على باطل ، والإمام على حق ، وقد تبين لها ذلك بعد أن مات من مات في المعركة؟

فأيهما أحب إليك ؟ الحق مع علي ، أم سكوت عائشة عن حقها بعد الهزيمة ؟ والسلام .

- وكتب العاملي ، بتاريخ 10-7-1999 ، التاسعة مساءً :

أعاذنا الله من اللجاجة وعدم الاستيعاب . أما قرأت التاريخ ؟ أما قرأت صحاحك في سيرة الأنبياء من آدم إلى نبينا صلى الله عليه وعليهم ؟!

ص: 55

أما رأيت أن الله تعالى أجاز لأنبيائه وأوصيائه أن يتعايشوا مع الجبابرة ، إما مضطرين مثل أبناء آدم المؤمنين مع قابيل ، وإبراهيم مع نمرود وفرعون وعماله وغيرهم .. وغيرهم . ومن هذا النوع اضطرار أئمتنا علیهم السلام .

وإما مختارين بدون إجبار ، لكن لحكمة أخرى مثل نبي الله يوسف ، الذي رضي بحكم فرعون ؟! وهل تتصور أن فرعوناً يجعله رئيس وزراء بدون بيعة له ، أو ماهو بقوة البيعة ؟! فهل تكفِّر نبي الله يوسف ، أو تخطؤه في عمله ، وهل تصل تخطئتك إلى الله تعالى ؟!!

كأنك لاتستطيع التفريق بين: الإختيار، والإجبار، والإكراه ، والإضطرار .. والعمل بما يبقي على الدين ولو نظرياً .. وهذا هو علم التقية يامشارك ، الذي تستعمله أنت وإمامك في صفات معبودكم ، وتستعملونه في ادعائكم حب أهل بيت النبي صلی الله علیه و آله ! وفي تكفيركم كل المسلمين الذين لا يتعبدون بآراء ابن تيمية النبي الجديد !!

وتستنكرونه حتى على المعصومين صلوات الله عليهم في الأهون من ذلك !

أعوذ بالله من الخذلان .

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 10-7-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

وهل قالت عائشة رضي الله عنها أن علياً رضي الله عنه ، كافر ؟! السؤال كيف يكون رأس الدولة الإسلامية كافر ؟؟ وهل تلزمون الناس أن يبايعوا أئمتكم المضطرين الذين يسلمون حكم البلاد الإسلامية للكافر ؟ نعوذ بالله من الهوى ، نعوذ بالله من التناقض ؟

ص: 56

إذا جاز للمعصوم أن يبايع الكافر ، أفلا يجوز لنا أن نبايع المسلم الذي لم تثبت ردته ؟؟ وهل بايع علي رضي الله عنه عثمان مضطراً ؟؟ أتحدى أن يكون هناك منكم من هو مقتنع بعقيدته هذه ؟ ولكنه الهوى والعياذ بالله .

- وكتب ( راشد الإماراتي ) في 11-7-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً :

الرد على أبو عمار : أنت يا أبو عمار تقول ( فافترق عنه الناس وقدم معاوية العراق فغلب على الأمر ) .

سبحان الله ! وهل تزعم وتقصد أنه لم يبق مع الحسن أحد أبداً ؟! إن قلت نعم ، فأقول : إن الشيعة أنفسهم لا يقولون هذا !

وسبحان الله أنت تقول ( وحمل الحسن إلى المدائن وقد نزف نزفاً شديداً ) وحمل تعني أنه على الأقل بقي معه وإن قل من يطيعه ويدافع عنه ، وهم من المخلصين الذين لم يتفرقوا عنه .

وإن قلت : لا، إنه كان معه بقية ممن بقي من المخلصين . فأقول : سبحان الله لماذا لم يحارب بهم كما فعل جده صلوة الله وسلامه عليه في غزوتي أحد وحنين ؟! فقد جرح جرحاً بالغاً ونزف صلوات الله وسلامه عليه ، فهل قال صلى الله عليه وسلم : إني أستسلم وسأبايع الكفار لمصلحة المسلمين ؟! وهل تراجع واستسلم عندما افترق عنه الناس في غزوة حنين وبايع الكفار لمصلحة المسلمين أم أنه ثبت ؟! مع العلم أنه صلى الله عليه وسلم ثبت بعد أن بدأت الحرب وبعد أن تفرق أصحابه ، والحسن رضي الله عنه سلم الخلافة لمن تعتقدون كفره دون حرب أصلاً ، ودون أن يواجهه بالقلة القليلة .

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 11-7-1999 ، الواحدة صباحاً :

ص: 57

أهذا هو حبكم لآل البيت ، تتهموهم بأنهم سلموا أمر الخلافة لكافر ؟! وأما نحن أهل السنة ولله الحمد لا نتهم الحسن سيد شباب أهل الجنة بذلك، لأننا نحبه ونحب أباه وأخاه، ومعاوية وعائشة وطلحة والزبير وجميع الصحابة .

- وكتب إسماعيل الحكاك بتاريخ 11-7-1999 ، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

أجل يامشارك ، وأضيفك بأنك نسيت آخرين من الذين تحبهم . فلماذا لا تذكرهم وهم إبليس وشياطينه من الإنس والجن . فلماذا لا تذكرهم .

أما الإمرة التي تقول إنها إمرة على رقاب المسلمين والتي ينازع عليها معاوية وأشباهه ، إنما هي عند أئمتنا لا تعادل عفطة عنز !

وأما الإمامة فهي التي لايمكن أن ينالها من كان ظالماً لنفسه ، فكيف وهو ظالم للناس ، إذن فدائرة حكومة الإمامة واسعة ولا يملؤها إلا من هو موكل من قبل الرسول أو الإمام ، وهي من الله تعالى لخاصة عباده .

والإمرة الدنيوية ، هي كما قال الله تعالى ( يهلك ملوكاً ويستخلف آخرين ) ، قد تتم بالإستيلاء والحرب أو القتال والمؤامرة والأئمة لاتخسرها لأنها مسائل دنيوية ، ولكن الناس هم الذين يخسرونها إن حكَمهم ظالم وشيطان كمعاوية أو يزيد .

والإمام الحسن علیه السلام حارب معاوية على التأويل كما حارب النبي صلی الله علیه و آله الكفار على التنزيل ، وإنما بايع وهو مجبور . إقرا ما كتبته عن صلح الإمام الحسن علیه السلام لترى الحق بعينيك ، وأنا اعتقد أن ماكتبته كاف لمن أراد الحق فارجع إلى هناك ولا تكرر الأسئلة . ليفتخر بك ( الغالب ) وأشباهه !!

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 11-7-1999، الثانية صباحاً :

ص: 58

لماذا لم تكمل هناك يا حكاك ؟

- وكتب ( راشد الإماراتي ) في 11-7-1999، الثانية وعشرة دقائق صباحاً :

الرد على العاملي :

أنت يا عاملي قلت ( أما رأيت أن الله تعالى أجاز لأنبيائه وأوصيائه أن يتعايشوا مع الجبابرة ، إما مضطرين مثل أبناء آدم المؤمنين مع قابيل ، وإبراهيم مع نمرود وفرعون وعماله ، وغيرهم وغيرهم .. وإما مختارين بدون ضرورة مثل نبي الله يوسف ، الذي رضي بحكم فرعون ؟! وهل تتصور أن فرعوناً يجعله رئيس وزرائه بدون بيعة له أو ماهو بقوة البيعة ؟ ! ) .

فأقول : ومن قال لك أن نبي الله يوسف ، رضي بحكم فرعون وبالكفر الذي كان موجوداً في ملكه ؟! قال تعالى : ( وقال الملك ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين . قال اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم ) . فيوسف علیه السلام بعد أن أصبح محموداً في عين عزيز مصر ، طلب ما يستطيع ان ينفع به العباد من خلاله ويدعوهم للتوحيد وهو طلب الوزارة . فهو كان يدعو للتوحيد حتى في السجن فما بالك وهو وزير ؟ أليس سيكون بمنصبه في الوزارة أقدر على الدعوة ؟

ثم هل تزعم أن عزيز مصر طلب من يوسف أن يبايع أولاً ويرضى بالكفر الذي في مصر ، ويكون على ملتهم ثم يعطيه عزيز مصر الوزارة ؟!!

ثم يوسف علیه السلام لم يكن حاله كحال الحسن ، فهو لم يكن حاكماً للمسلمين ، ولم يكن يملك جيشاً وأرضاً ثم تنازل لعزيز مصر مقابل الوزارة , ولم يكن أصلاً في حرب مع عزيز مصر . فهنا لا نرى وجهاً للمقارنة . وكذلك إبراهيم علیه السلام مع نمرود , ولا أيضاً كان خليل الرحمن عاملا لنمرود . ثم مادخلنا في

ص: 59

عمال فرعون ؟! فهم أيضاً كفرة مثله ولا كان موسى علیه السلام من عماله .. يا عاملي .. يجب أن تتعلم وجوه الشبه في المقارنة ، قبل أن تخوض في المناقشات .

- وكتب ( مشارك ) بتاريخ11-7-1999 ، الحادية عشرة والثلث ليلاً :

هل تحبون الحسن ؟

- وكتب ( حقيقة التشيع ) في 11-7-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً :

ربنا لا تجعلنا مع القوم الظالمين .

- قال العاملي : لم أتابع النقاش في هذا الموضوع في وقته ، لانشغالي بمناقشة مواضيع أخرى، لكن المخالفين أعادوا طرحه مرات في أكثر من شبكة وأجابهم عنه الأخوة الشيعة ومن جملتهم أنا وأفحمناهم بالحديث الذي يروونه هم ويصححونه ، وينص على أن خلافة النبوة في هذه الأمة ثلاثون سنة فقط، وبعدها ملك عضوض !! وهو حسب مذاهبهم نص على عدم شرعية حكم معاوية ، وأنه حكم جائر يعض المسلمين كالكلب .. فلا يجوز وصفه بالحكم الإسلامي ، فضلاً عن جعله خلافة للنبوة !!

فالإمام الحسن علیه السلام بالنص الثابت عندهم ( أول سيديْ شباب أهل الجنة ) ، وقد عده جملة من علمائهم من الخلفاء الراشدين ، لأن مدة حكمه داخلة في الثلاثين سنة .

ومدة حكم معاوية بإجماعهم ليس خلافة للنبوة لا راشدة ولا مجنونة !

بل ثبت عندهم أن الخلافة محرمة على الطلقاء ، ومعاوية منهم!! ومع ذلك سموا معاوية ويزيداً وملوك بني أمية خلفاء ! مخالفين بذلك نص رسول الله صلی الله علیه و آله في صحاحهم !

ص: 60

ولم يكتفوا بذلك حتى جاؤوا يحاولون إثبات الشرعية لمعاوية باضطرار الإمام الحسن علیه السلام لأن يصالحه ويبايعه بسبب خيانة الأمة للإمام حاكمها الشرعي وسبط نبيها الذي نص عليه بأنه سيد شباب أهل الجنة ! فاضطر أن يبقي على نفسه وعترة النبي من القتل والفناء ! !

فهم بذلك يريدون أن يحولوا جريمة معاوية في إضلال الأمة وشق عصا المسلمين وخروجه على أمير المؤمنين علیه السلام ... إلى فضيلة له ، ويجعلوا هذا الطليق زعيم الفئة الباغية والملعون على لسان النبي الصادق الأمين .. خليفة شرعياً للنبي صلی الله علیه و آله !!

- كتب ( الشيباني ) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 13-9-1999 ، الحادية عشرة ليلاً ، موضوعاً بعنوان : ( مبايعة الحسن لمعاوية رضي الله عنهما غصة في حلوق المفترين !!! ) ، قال فيه :

ما زال مسلسل الشيعة الإمامية عليهم من الله ما يستحقون ، في النيل من الصحابة الكرام وأعراضهم مستمراً ، ومن ضمن هؤلاء الصحابة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ، الذي قاتل علياً رضي الله عنه ، وهذا القتال جرى بقدر الله تعالى ليبتلي المؤمنين به هل يمسكون ألسنتهم ويسلمون ، أم يخوضون فيه ويأثمون ؟؟!! لكن الشيعة اختاروا الخوض فيما جرى بين الصحابة ، وتبعاً لذلك وصفوا معاوية رضي الله عنه بالكفر والضلال !!!

وقد أوردنا لهم من القرآن الكريم الذي يعتقدون عدم تحريفه وتغييره أن المؤمنين إذا تقاتلوا لايخرجهم ذلك عن مسمى الإيمان كما في قوله تعالى (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ... ) سورة الحجرات . فسماهم الله (

ص: 61

مؤمنين ) رغم تقاتلهم . وأوردنا لهم من ما ثبت عندنا في فضل الحسن بن علي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : ( إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) . وإذا بالتاريخ يكشف لنا هاتين الفئتين العظيمتين أنها فئة علي وفئة معاوية رضي الله عنهما، ومع ذلك فقد سماهم الرسول صلى الله عليه وسلم (مسلمين) . فمعاوية رضي الله عنه مسلم مؤمن بنص الآية والحديث …

لكن الشيعة هداهم الله أصروا على موقفهم من معاوية رضي الله عنه أنه ضال كافر ! فأوردنا عليهم دليلاً قاصماً لا يمكن رده وهو مبايعة الحسن لمعاوية رضي الله عنهما بعد مقتل أبيه علي رضي الله عنه ، وهذه المبايعة قد رواها كبيرهم في الرجال الكشي : ( عن أبي عبد الله جعفر أنه قال : إن معاوية كتب إلى الحسن بن علي صلوات الله عليهما أن أقدم أنت والحسين وأصحاب علي ، فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري وقدموا الشام ، فأذن لهم معاوية وأعد لهم الخطباء فقال : يا حسن ، قم فبايع ، فقام فبايع . ثم قال للحسين : قم فبايع ، ثم قال : يا قيس قم فبايع ، فالتفت إلى الحسين علیه السلام ينظر ما يأمره فقال : يا قيس إنه إمامي، يعني الحسن علیه السلام . وفي رواية : فقام إليه الحسن ، فقال : بايع يا قيس ! فبايع . ( أنظر رجال الكشي – 102) .

فنحن نقول : ها هو الحسن رضي الله عنه إمامكم المعصوم قد بايع معاوية رضي الله عنه، ورضي بمبايعته بل وأمر بها قيس بن عبادة بقوله ( قم فبايع ) ! فكيف يبايعه ويأمر بمبايعته إذا كان يعتقد أنه ضال كافر ؟!

ص: 62

ثم إن فعل الإنسان أي إنسان لا يخلو أن يكون : إما صحيحاً محضاً ، أو خطأ محضاً ، أو صحيحاً يحتمل الخطأ ، أو خطأ يحتمل الصحة . فمن أي هذه الأنواع كان فعل الحسن رضي الله عنه ؟

إذا جاء موسى وألقى العصا *** فقد بطل السحر والساحر

- وكتب ( برير ) ، بتاريخ 14-9-1999 ، الخامسة صباحاً :

عجيب أمرك ! تقول إن معاوية رضي الله عنه تقاتل مع علي رضي الله عنه .. بهذه البساطة .. أين دماء المسلمين الذين قتلوا في هذه المعارك ... أين حديث رسول الله صلی الله علیه و آله لعمار بن ياسر . . . هل تعرف الحديث ؟ ! نعم ، كان ذلك امتحاناً للمسلمين كي يعرفوا الفرق بين الحق والباطل . . ولايوجد حقان ، إنه حق واحد فقط . والسلام على أمير المؤمنين الذي يقول عنه رسول الله صلی الله علیه و آله : علي مع الحق ، يدور معه أينما دار . واللعنة على الفئة الباغية وقائدها ، إلى يوم الدين .

- وكتب ( شعاع ) ، بتاريخ 14-9-1999 ، السادسة صباحاً :

علي كان يعترف ويقول إنهم إخواننا المسلمين ( يعني معاوية ومن معه ) .

أخي الشيباني : ياليت نقلت نص الكتاب الذي بايع فيه الحسن معاوية رضي الله عنهما ... ولو كان من كتبهم كان أحسن ... جزاك الله خيراً .

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 14-9-1999 ، الثامنة صباحاً :

إذاً أنت يا برير تتألى على الله تعالى الذي سمى الطائفتين مؤمنين ، والرسول صلى الله عليه وسلم الذي سمى الفئتين مسلمين ، أليس كذلك ؟! أهذا هو منهج المسلم ؟!

ص: 63

أخي الحبيب شعاع : قد ذكرت الكتاب الذي ذكر خبر المبايعة ، وهو كتاب ( رجال الكشي ) ص 102 . وهو من كتبهم !

- وكتب ( عمار ) ، بتاريخ 14-9-1999 ، التاسعة صباحاً :

وهل يأمر الله تعالى ، بقتال المسلمين ؟!

- وكتب ( رقيعي ) بتاريخ 14-9-1999 ، الثانية والنصف ظهراً :

لو اتفقنا معك جدلاً بأن الإمام الحسن بن علي علیهما السلام قد بايع أو صالح معاوية بن أبي سفيان ، هل بإمكانك أن تعطينا بنود هذا الصلح ، وهل تم تنفيذها من قبل معاوية ... هذا أولاً .

ثم ، من الذي عين يزيداً خليفة للمسلمين وارتكب باسم الإسلام ما ارتكب... قال رسول الله صلی الله علیه و آله ( من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي فليتول من بعدي علياً ) . ( مسند أحمد 5 / 94 . مستدرك الصحيحين 3 / 128 . كنزالعمال 6 / 217 ) .

- وكتب ( الصارم المسلول ) ، في 14-9-1999 ، الثالثة إلاربعاً ظهراً :

انتظروا تعقيبي ، وجزاك الله خير أيها الشيباني ، ولا تتعجب من مماطلات الشيعة . فرغم وجود الدليل ، لديهم غل فهم يردونه .

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 14-9-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

عمار ! إذاً كيف تفسر قول الله تعالى ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) أليس معنى الآية أن يقع قتال بين المؤمنين ؟ ومن لازم القتال وجود القتل !!

الحجازي : أنت قد اعترفت أني قد نقلت الحديث بصورة صحيحة والحمد لله . فأقول : أمن التدليس يا حجازي أني أضع ما أريد قوله بين قوسين ، أم هو من الأمانة العلمية ؟!

ص: 64

الأخ الصارم المسلول : شكراً على ثنائك ، ولا عليك يا أخي فنحن لا نملك هداية البشر ، ولكن كل ما نملكه هو بيان الحق والدعوة إليه ، والله يهدي من يشاء :

إذا جاء موسى وألقى العصا . . . . فقد بطل السحر والساحر

- وكتب ( المقدام ) بتاريخ 15-9-1999 ، الثانية عشرة وثلاث دقائق صباحاً :

جزاكم الله خيراً أهل السنة ... عجبت لصبركم ورغبتكم فى هداية هؤلاء وهم يأبون هذا ويردونه... ولو عقلوا لاهتدوا ، ولو اهتدوا لسلموا ، ولو سلموا لرحموا ، ولو رحموا لنجوا .

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار . سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .

- وكتب ( صوت الإسلام ) بتاريخ 15-9-1999 ، الواحدة صباحاً :

المبايعة ليست دليلاً على صحة موقف الآخر ، ولا تطعن في عصمة الإمام سلام الله عليه ، فالمتتبع لسيرة الرسول صلی الله علیه و آله يجد الكثير من التنازلات المؤقتة ، أو من النوع التي تدفع ضرراً أكبر من الضرر الذي سيلحقه التمسك بالموقف الأولي .. مثال ذلك : تخلي النبي صلی الله علیه و آله عن لقب الرسالة في نص معاهدة الحديبية .

- وكتب ( شعاع ) بتاريخ 15-9-1999 ، الواحدة والنصف صباحاً:

ص: 65

صوت الإسلام .. رسول الله قام بالمصالحة ، ولكن لم يتنازل بالرسالة إلى شخص آخر . هذا مانريد أن نقوله . فأنتم تزعمون أن الإمامة منصب إلهي . فلا أدري كيف تنازل بها الحسن إلى معاوية... ولاأدري لماذا لم يخرج الحسين على معاوية خلال 20 عاماً من حكمه ... ولم يخرج عليه صحابي واحد ؟!

ورسول الله حارب بالقلة القليلة آلاف المشركين ، ولماذا لم يحارب الحسن معاوية إن كان يدافع عن منصب إلهي ... فإن كان منصب إلهياً فإن أول من خان ( !! ) هو الحسن ، لأنه دفع الأمر إلى عدو للإسلام حسب زعمكم !! ومن يقرأ الصلح الذي جرى بينهما وبه بايع الحسن معاوية ، يعلم أن القول بالنص من وضع ابن سبأ واتباعه من المجوس واليهود . . . إلا إن كان الحسن مخطئاً في مبايعته لمعاوية . . . فهذا شئ آخر .

- وكتب ( شعاع ) أيضاًَ بتاريخ 15-9-1999 ، الخامسة صباحاً :

من شروط الصلح الرئيسية : ( على أن يعمل معاوية بين الناس بكتاب الله وسنة رسوله وسيرة الخلفاء الراشدين ) . جلاء العيون - 393 . الفصول المهمة في معرفة أحوال الأئمة - 163 . منتهى الآمال للعباس القمي - 314 . فيا ترى من هم الخلفاء الراشدون ؟ لعله يقصد القائم الذي في السرداب !!

- فكتب ( عقيل ) ، بتاريخ 15-9-1999 ، الرابعة عصراً :

هل بايع الحسن علیه السلام برضاه ، أم كان مجبوراً على البيعة ؟! أوامر الحسن علیه السلام لأتباعه بالبيعة كانت برضاه أم كان مجبوراً عليها ؟ هل كان يستطيع الحسن علیه السلام ، ألا يبايع ؟! أفيدونا يرحمكم الله .

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 15-9-1999 ، العاشرة ليلاً :

ص: 66

حسناً يا عقيل سأجيبك لكن افتح لي عقلك !!!

ما الذي يجعل الحسن يُجبر على المبايعة ؟ أليس عنده من الأتباع والأنصار ما يستطيع أن يُجابه به جيش معاوية رضي الله عنه ؟ أتدري كم كان تحت إمرةقيس بن عبادة فقط من المقاتلين أكثرمن أربعين ألف مقاتل كلهم ينتظرون الإشارة من الحسن رضي الله عنه ليقاتلوا جيش معاوية رضي الله عنه !!

ثم لو قلنا إنه مجبر وهو على هذه الحال من القوة ، فلماذا لا يكون الحسين رضي الله عنه مجبراً على بيعة يزيد بن معاوية ، وهو أقل أتباعاً وأنصاراً من الحسن رضي الله عنه ؟ فأي الموقفين صحيحاً وأيهم خاطئ؟ أنتظر إجابتك !

- وكتب ( البيان ) ، بتاريخ 16-9-1999 ، الخامسة صباحاً :

ونِعْمَ الإيمان ؟؟! قال معاوية لأهل الكوفة : والله ما قاتلتكم لتصلوا أو تصوموا ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم . إفهموا ووعوا . وقال قائلهم : إن الملك عقيم ، ولو نازعني عليه محمد لقتلته .

- وكتب ( عمار ) ، بتاريخ 16-9-1999 ، الثامنة صباحاً :

السلام عليكم .. أولاً : إن اقتتلت طائفتان من المؤمنين فيجب الصلح بينهما ، وإن بغت طائفة فيجب قتالها .

سؤالي هو : هل تعتبر الفئة الباغية مؤمنة بعد أن بغت ورفضت الصلح ؟

وإن كانت مؤمنة .. فكيف يجوز قتل المؤمنين ؟؟! . والسلام عليكم .

عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال : خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم ، وإنْ عشتم حنوا لكم .

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 16-9-1999 ، الواحدة ظهراً :

ص: 67

أيها البيان !! دعك من هذا الحقد الدفين وحكّم عقلك إن كان سليماً وناقش بموضوعية !! ألا ترى إلى ما قاله كفار قريش في الرسول صلى الله عليه وسلم : ( وقال الكافرون هذا ساحر كذّاب ) سورة ص آية 4 . فهل كان هذا الاتهام قادحاً بالنبي صل الله عليه وسلم أو هو مجرد افتراء ؟!

طيّب يا عمار ! ألا تفهم النص القرآني المذكور في قوله تعالى ( وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ) ، أليس من لازم القتال وجود القتل ؟ ثم أليس من لازم القتال وجود فئة باغية وفئة على الحق ؟ ونحن نقول : إن الفئة الباغية هي فئة معاوية رضي الله عنه ، والفئة التي على الحق هي فئة عليّ رضي الله عنه ، وهذا القدر مشترك بيننا وبينكم ، لكننا نختلف عنكم بأننا نلتزم بالأدب القرآني فنسمي معاوية رضي الله عنه مؤمناً كما ورد في الآية .

ثم يا ليت أن تتفكر في الآية التي بعدها مباشرة وهي قوله تعالى ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم .. ) . أنتظر إجابتك .

- وأجاب ( عمار ) بتاريخ 16-9-1999 ، الواحدة والنصف ظهراً :

الأخ الشيباني : إعلم أني لا أكتب لأثبت خطأك أو أثبت صوابي .. إنه مجرد استفسار أخي . أشكرك للإجابة ، ولكن الإشكال لا يزال قائماً عندي آملاً أن أحصل على الجواب المقنع سواء منكم أو من أي أخ يتفضل بالجواب أقول : أن القتال بين المؤمنين قد يحصل ، وهذا لا يدل على مشروعية القتال بدليل الأمر الإلهي بوقفه حالاً وإجراء الصلح بينهم ، أما في حالة عدم موافقة أحد الأطراف بالصلح ، فعندها يجب قتال الفئة الباغية التي تعصي أمر الله وتريد قتال المؤمنين .

ص: 68

أما قولكم في أن الفئة الباغية أيضاً مؤمنة ، فهذا ما لا أفهمه أخي .كيف يأمر الله تعالى من المسلم أن يقتل أخاه المسلم ؟! في البداية القتال لم يكن بأمر من الله تعالى ، وقد يكون سباب أو رمي بالحجارة ، أو حتى قتال بالسيوف لشبهة ما ، كما تحتجون أنتم بما دار بين عائشة وعلي سلام الله عليه . أما بعد عرض الصلح فأعتقد أن المسألة تختلف هنا .

مرّة أُخرى أقول : أنه يصعب علي فهم أن الله تعالى يأمر المسلمين بقتال إخوتهم المسلمين بل ( المؤمنين ) . فهل ممكن توضيح هذه المسألة ؟

أشكركم إخواني ، وتقبلوا مني فائق الشكر والتقدير . والسلام عليكم.

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 16-9-1999 ، الخامسة مساءً :

حسناً يا عمار . . . أرى أنك تطمح في الوصول إلى الحق وهذا أمر يُثلج الصدر . . .

1 - استنتاجك يا عمار صحيح في أن القتال بين المؤمنين ابتداء أمر غير مشروع ، وقد نهى الله ورسوله عنه .

2 - قد يقع بين المؤمنين قتال لسبب من الأسباب ، كأن ينقل الأخبار فاسق دون تبيّن أو بسبب وشية واشي . . . إلخ . وكل من الطائفتين يعتبر نفسه على الحق ، فهنا تأتي هذه القاعدة التشريعية العملية لصيانة المجتمع المؤمن من الخصام والتفكك .

3 - بعد ذلك قد ترفض إحدى الطائفتين المؤمنتين الرضوخ للإصلاح لأمر تراه فحينئذ تقاتل حتى ترجع إلى الحق . وهنا أُجيب على استفهامك الذي قلت فيه : أما قولكم في أن الفئة الباغية أيضاً مؤمنة فهذا ما لا أفهمه أخي ، فأقول : انظر إلى قول الله تعالى ( فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله ) أي إلى

ص: 69

حكمه ، فلو كانت الفئة الباغية غير مؤمنة لقال الله تعالى (حتى تؤمن ) أو ( حتى تسلم ) ولما قال الله بعدها مباشرة ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) . وهذا نظير قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، فقالوا : ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ؟؟ فقال : تمنعه عن الظلم فإن ذلك نصره ) .

أما قولك : كيف يأمر الله تعالى من المسلم أن يقتل أخاه المسلم ؟

فأقول : ليس القتال بين المؤمنين ومنع الفئة الباغية كالقتال مع الكفار ، كلا !! فالقتال له طابع خاص ، ومن ذلك ألا يجهز على جريح ، وألا يقتل أسير ، وألا يتعقب مدبر ترك المعركة وألقى السلاح ولا تؤخذ أموال البغاة ، لأن الغرض من قتالهم ليس هو القضاء عليهم وإنما ردهم إلى الحق . فأرجو أن تكون قد فهمت المقصود ووضح لك الحق في هذا التشريع الرباني .

- فكتب ( عمار ) ، بتاريخ 16-9-1999 ، الثامنة مساءً :

أشكركم أخي الشيباني على التوضيح .. خلاصة الكلام : أن الله تعالى في بعض الحالات يجوز على المؤمنين أن يقتتلوا !

أما قولكم إن القتال بين المؤمنين يختلف عن القتال بين فئة مؤمنة وفئة كافرة .. فسؤالي أخي العزيز لم يكن عن كيفية القتال . بل كان عن تجويز ( قتل ) المؤمن لأخيه المؤمن . وقد فهمت من كلامكم أنه يجوز في بعض الحالات ، خاصة بعد أن تزال الشبهة وتقام الحجة على الفئة الباغية . كما وأن كيفية القتال والقوانين التي أعطيتها للقتال بين المسلمين لا يغير ماهية الفعل ، وهو حصول قتال بين المؤمنين بأمرٍ من الله تعالى . فهل من الممكن أن نعتبر الفئة الباغية فئة

ص: 70

مرتدة وفي حال رجوعها إلى أمر الله تعالى تعامل كمعاملة من تاب إلى الله تعالى ؟

مرّة أُخرى أشكركم أخي ، داعياً إلى الله تعالى أن يهدينا إلى الطريق المستقيم . والسلام عليكم .

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 17-9-1999 ، السادسة صباحاً :

يهمني يا عمار أن أقف مع قولك : وهل من الممكن أن نعتبر الفئة الباغية فئة مرتدة ، وفي حال رجوعها إلى أمر الله تعالى تعامل كمعاملة من تاب إلى الله تعالى ؟ أقول : يا عمار وعلى أي أساس نقول إنهم مرتدون ؟ ألأنهم أرادوا الحق فأخطؤوه ؟! ثم إننا لو اعتبرناهم مرتدين فلا يصدق عليهم اسم الإيمان الذي وصفهم الله به ، وحينئذٍ نخالف النص القرآني !!!

إننا يا عمار لو حكمنا بالكفر والردة على كل من قاتل أخاه المسلم ، بل وحتى لو قتله . لو حكمنا بذلك لأخرجنا كل قاتل عن الإسلام ، وهذا ما لم يقل به أحد !! إنما نطبق عليه حكم الله بالأخذ على يده إن كان قاتله ، أو بالقصاص إن كان قتله ، وكل هذا لا يُخرجه عن كونه مسلماً مؤمناً .

فنواقض الإسلام والإيمان معروفة ليس منها التقاتل بين المؤمنين عن اجتهاد أو اختلاف وجهات النظر مالم يستحل دم المسلم ، فهنا يكفر لاستحلاله أمراً حرمه الله لا لمجرد التقاتل . فآمل أن تفهم هذا الأمر .

وهذا ما نريد أن ننفيه عن الصحابة رضي الله عنهم ، فقتالهم كان عن اجتهاد وتتبع للحق وليس كل طالب للحق مدركاً له .

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 17-9-1999 ، الثامنة مساءً :

ص: 71

أينك يا عمار ؟؟!!

- وكتب ( الشيباني ) أيضاً بتاريخ 18-9-1999 ، السابعة صباحاً :

كل القوم تهربوا !! لا أرى أحداً !! ماذا تقولون يا إخواننا أهل السنة ؟

- وكتب ( ذو الفقار ) ، بتاريخ 18-9-1999 ، الثالثة ظهراً :

ما هذا يا أيها الشيباني ؟!! بيتزا ( عديد ) من الموضوعات ؟ ! بل أفرد لكل موضوع صفحة مستقلة ، لتكون خطواتك التي تسير عليها ( محددة ) لنصل بحول الله وقوته إلى الحق ، إن كنت طالباً له ..

أو إلى ثقب الإبرة ، إن كنت تحب الجدال والجدال فقط .

- وكتب ( عمار ) ، بتاريخ 18-9-1999 ، الثالثة ظهراً :

حضرة الأخ الشيباني : السلام عليكم .

أنا آسف لتأخري وذلك بسبب عطل حصل في جهازي ، ووالله صدمتني لعدم صبرك واتهامي بالهروب ! ما هكذا كان ظني فيك لأني من بادئ الأمر أخبرتكم أني لا أريد إثبات صوابي أو إثبات أنكم على خطأ ، بل كانت مجرد استفسارات كانت تدور في خلدي . وأنا آسف إن أعطيتكم أي إشارة إلى أني كنت أريد الجدال والعناد معكم ، ليدفعكم تصرفي إلى اتهامي بالهروب .

أخي : إن كانت هذه طريقتك في النقاش مع إخوانك ، فأرجو أن تخبرني من الآن حتى لا نستمر ونقف هنا ، قبل أن تتهمني غداً بأشياء أُخرى أنا برئ منها . كما أني لاحظت أنه ليست هذه المرة الأولى التي تصدر فيها الحكم على أشخاص بسبب تسرعك ، وأذكر أني طلبت منكم أن تعتذروا من الأخ ( مالك الأشتر ) لما كتبتموه ، ظناً منكم أنه كان الأخ الأشتر .

ص: 72

أرجو منكم عدم التسرع أخي ، والصبر . أما إن كانت عندكم تجارب سيئة مع الغير من الأخوة فأرجو منكم عدم التعميم ، لأن أصابعك ليست سواءً . هدانا الله تعالى وإياكم أخي . والسلام عليكم .

عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال : خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم وإنْ عشتم حنوا لكم .

- وكتب ( عمار ) ، بتاريخ 18-9-1999 ، الثالثة والنصف ظهراً :

إن شاء الله تعالى تكون عند حسن الظن .

أقول : ولماذا حكمتم على الذين لم يدفعوا الزكاة لأبي بكر بالردة ؟! حتى أن عمر قد احتج على أبي بكر في بادئ الأمر ، ومن ثم قال إن الله شرح له صدره ! لماذا تكيلون بمكيالين يا أخي الشيباني ؟! يعني الذي أخر الزكاة ليتحققوا من حقيقة خبر خلافة أبي بكر يعتبر مرتداً ، ولكن الذين يخرجون على إمام زمانهم ويعلنون الحرب ويبغون ويشتمون علياً سلام الله عليه ، نعتبرهم مجتهدين بل و( مؤمنين ) ؟ كيف يكون هناك اجتهاد مقابل النص ؟! ألا تذكر فضائل في أمير المؤمنين سلام الله عليه ؟ ألم يقل الرسول صلی الله علیه و آله : إني تارك فيكم كتاب الله وأهل بيتي ؟ كيف تستطيع أن تعتبر محاربة أهل البيت وشتمهم من الإجتهاد ؟

أما ما ذكرتموه من أن الفئة الباغية مؤمنة ، فأنا أعتقد أنها كانت مؤمنة في بادئ الأمر عند حصول الإشتباه والقتال ، أما بعد عرض الصلح وأمر الله على الفئتين وإزالة الشبهة وإقامة الحجة عليهم ، فعندها الذي يصر على الحرب يعتبر خارجاً عن الإسلام . وهذا هو التفسير الوحيد الذي لا يعارض الآيات الأخرى من القرآن ، لأننا نقرأ أن الذي يقتل نفساً متعمداً سيكون خالداً في النار . فكيف

ص: 73

بالباغي الذي يقتل أكثر من مؤمن ؟ وكيف يجوز تسميتهم بالمؤمنين عندما سيخلدون في النار ؟

كما أنكم أخي لم تجيبوا على ردودي كاملة ، ومازلت أنتظر البقية منها فيما يخص أخذ دينكم من أشخاص مثل عمر بن سعد وغيره من النواصب ، لعنة الله عليهم . .

كيف تقول إنكم تحبون أهل البيت أخي ، في حين أنكم في نفس الوقت تسمعون وتنقلون ، بل وتشهدون بصدق قاتليهم وألد أعدائهم ؟

والله لو كان عمر بن سعد قاتلاً لأبي بكر أو عمر لما كنتم ستقولون ذلك، بل لو كان شخصاً قاتلاً لأحد أصدقائك أو أقربائك ( لا سمح الله ) لما كنت ستقول ذلك ! لكنها السياسة وما أدراك ما السياسة ! والسلام عليكم .

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 18-9-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

وأنت ياذا الفقار ما عندك إلا هذه الاسطوانة ( إفرد صفحة إفرد صفحة ) ؟ يا ليت أن الصفحات بفلوس ، لكي نستريح من أسطواناتك ، يا من تبحث عن الحق !!

أنا لم أتهمك يا عمار أنت بل اتهمت القوم ، وأعني بهم من أراد فتح الصفحة : ذو الفقار والحجازي والعاملي ، والدليل الموضوع الذي كتبته فيهم ثم إني لا أتهم الطرف الآخر بالتهرب إلا إذا ترك النقاش ليومين أو أكثر . لكني أعدك بالصبر وعدم التسرع في حدود ما يرضي الله تعالى . ولنبدأ الآن في مناقشة ما ذكرت :

1 - بالنسبة لمانعي الزكاة واعتبارهم مرتدين فهؤلاء أناس أنكروا وجوب الزكاة ، وهذا إنكار لأمر معلوم من الدين بالضرورة فلا شك في ردتهم ، فمن

ص: 74

أنكر شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة فهو كافر ، ولو فعل باقي الأوامر ولذلك قال الصديق رضي الله عنه: والله لأقاتلنّ من فرّق بين الصلاة والزكاة.

ثم يا عمار هل عندك دليل أنهم منعوها للتحقق من خلافة أبي بكر رضي الله عنه ؟

2 - قولك : الذين يخرجون على إمام زمانهم . هذا أمر نختلف معك ، فيه لأننا لا نعتبر علياً هو إمام زمانهم ومقدماً على الشيخين وذي النورين رضي الله عنهم ، بل هو رابعهم رضي الله عنه ، وعندنا من الأدلة على ذلك ما يُقنع طالب الحق ، لكن لا نتوسع في المناقشة . ولذلك فأنا آمل منك ألا تورد في المناقشة إلا ما هو متفق عليه عند الطرفين لكي لا نتشعب في الموضوع وننسى الموضوع الأصلي ، فهذه بلا شك طريقة عقيمة في النقاش .

3 - أما قولك في الفئة الباغية : أعتقد أنها كانت مؤمنة في بادئ الأمر عند حصول الإشتباه والقتال ، أما بعد عرض الصلح وأمر الله على الفئتين وإزالة الشبهة وإقامة الحجة عليهم ، فعندها الذي يصر على الحرب يعتبر خارج عن الإسلام . وهذا هو التفسير الوحيد الذي لا يعارض الآيات الأخرى من القرآن .

بل أقول : قد خالفت القرآن وخصوصاً الآية التي نحن بصددها ، وربما أنك لم تتمعن في كلامي السابق الذي ذكرته لك وأعيده لك الآن : أنظر إلى قول الله تعالى (فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله) أي إلى حكمه . فلو كانت الفئة الباغية غير مؤمنة لقال الله تعالى (حتى تؤمن ) أو ( حتى تسلم ) ولما قال الله بعدها مباشرة ( إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم ) وهذا نظير قول الرسول صلى الله عليه وسلم ( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً فقالوا : ننصره مظلوماً فكيف ننصره ظالماً ؟ فقال : تمنعه عن الظلم فإن ذلك نصره ).

ص: 75

تأمل في ( المؤمنون ) ( إخوة ) ( أخويكم ) ( أنصر أخاك ) أهذا يجعلك تستنتج أن الباغي يكون خارجاً عن الإسلام ؟.

أما إيرادك لخلود القاتل في النار فهذا لأهل العلم كلام فيه ، والصحيح أنه مقيد بقوله تعالى ( إن الله لا يغفر أن يُشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ثم إني أسألك لو أن شيعياً يحب آل البيت قتل شيعياً آخر مثله في الوصف ، هل تعتبر القاتل كافراً خارجاً عن الإسلام ؟؟؟

4 - أما قولك أنكم أخي لم تجيبوا على ردودي كاملة .

فأقول : إني ذكرت ذلك في موضوع النصيحة ، وقد كتبت لك هناك أني أصبت بخيبة أمل ولا أجد كثير فائدة من النقاش في هذا الموضوع ، لأنه موضوع عاطفي وفيه لعن وسب .

لكني أعتب عليك يا عمار في قولك : لكنها السياسة وما أدراك ما السياسة ! فأقول : ماذا تقصد بهذا الكلام آمل أن توضح المقصود أو تعتذر!!

- وكتب ( عمار ) ، بتاريخ 19-9-1999 ، الثانية صباحاً :

الأخ الشيباني : السلام عليكم .

إن شاء الله تعالى سيأتيكم الرد بعد يومين أخي بسبب بعض الأمور . أما قولي إنها السياسة فكان القصد هم بنو أمية الذين رفعوا من شأن عمر بن سعد الناصبي ، لعنة الله عليه . والسلام عليكم .

عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال : خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم ، وإنْ عشتم حنوا لكم .

- وكتب ( شعاع ) ، بتاريخ 19-9-1999 ، الثامنة صباحاً :

ص: 76

ما أدري في أي سورة من القرآن وردت إمامة الحسن والحسين وغيرهما وأنها منصب إلاهي ؟ إنما هي من تلفيقات الذين وضعوا آلاف الروايات في تحريف كتاب الله ، والطعن في الإسلام من كل ناحية .

النقطة الثانية ... من هم الخلفاء الراشدون الذين ذكروا في شرط الحسن ؟

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 19-9-1999 ، التاسعة صباحاً :

حسناً يا عمار . . .

- وكتب ( كميل ) ، بتاريخ 19-9-1999 ، الثالثة ظهراً :

روى الطبري في الجزء الرابع ص 124 من تاريخه : (كان عمرو بن العاص حين اجتمعوا بالكوفة قد كلم معاوية وأمره أن يأمر الحسن أن يقوم ويخطب الناس ، فكره ذلك معاوية , ثم أمر رجلاً فنادى الحسن بن علي علیه السلام ، فقال : قم ياحسن فكلم الناس ، فتشهد في بديهة أمر لم يروّ فيه ، ثم قال : أما بعد أيها الناس فإن الله قد هداكم بأولنا ، وحقن دماءكم بآخرنا ، وإن لهذا الأمر مدة ، والدنيا دول ، وإن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه ( وآله ) وسلم ( وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) . فلما قالها قال معاوية : إجلس . فلم يزل ضرماً على عمرو ، وقال هذا من رأيك ) !!

هنا يتضح لنا واحد من عدة أسباب أدت إلى صلح الإمام الحسن علیه السلام ، وهو حقن الدماء . ويتضح أيضاً أن الأمر جرى في الكوفة لا في الشام . والحمد لله رب العالمين .

- وكتب ( شعاع ) ، بتاريخ 19-9-1999 ، العاشرة مساءً :

ص: 77

نحن نقول ( من هم الخلفاء الراشدون الذين يعنيهم الحسن . . . هل هم الذين اغتصبوا الأمر منهم حسب زعمكم ... ولماذا هذه الشرط ؟؟؟

- وكتب ( رقيعي ) بتاريخ 19-9-1999 الحادية عشرة والنصف مساءً :

يا شعاع : موضوع الخلفاء الراشدين غير موضوع صلح الإمام الحسن بن علي علیهما السلام ومعاوية بن أبي سفيان .. فإذا (كنتِ) تودين بحث موضوع الخلفاء راجعي المناقشات المطروحة حالياً أو السابق منها . أو افتحي موضوع مستقل حتى ندخل معك في نقاش .

ملاحظة : إقرئي معي الموضوع .. إلى شيعة أبي سفيان ..قال رسول الله صلی الله علیه و آله (من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي فليتول من بعدي علي ) . ( مسند أحمد 5/94 . مستدرك الصحيحين 3/128 . كنزالعمال 6/217 ).

- وكتب ( صوت الإسلام ) بتاريخ 20-9-1999 ، الرابعة عصراً :

شعاع يقول : هو صلح ، والشيباني يقول هي مبايعة ! وأنا أقول : حتى لو فرضنا أنها مبايعة فهذا ليس دليلاً أبداً على عدالة معاوية .. رضوخ القادة لبعض الضغوط من الخصم يحدث أحياناً ، بل هو من الوعي السياسي للساحة بل ربما يدل على أن الطرف الآخر هو المكابر ولا يسلم للحق . ألم يذعن أمير المؤمنين علیه السلام لمطلب الخوارج في صفين ؟!

شعاع: إذا اشترط الحسن علیه السلام على معاوية العمل بسيرة الخلفاء الراشدين ( وإن كانوا من تعني ) فإن معاوية أبعد ما يكون عن الإقتراب من سيرتهم ، بل هو عاجز حتى عن التظاهر بها فضلاً عن العمل بها . وبهذا فهو لا بد سينكشف للأمة وتسقط أقنعته - الساقطة أصلاً في أعين أهل البصيرة - أمام من ضغطوا على الإمام للصلح معه وخذلوه من المحيطين به ، وملوا الجهاد والحرب ، بل وللأمة

ص: 78

كلها . وفعلاً كان للإمام علیه السلام ما أراد ، ووقفت الأمة على بشاعة الحكم الأموي ورأت وذاقت الهوان على يديه .

هنا جاء دور الحسين علیه السلام ، فأعلن الثورة على نظام يزيد الجائر بعد مرور فترة كانت كافية لتقتنع الأمة بوجوب الخروج عليه ، بعد أن شنعت على أخيه علیه السلام مواصلة الحرب مع ( طائفة مؤمنة ! ) ووقفت ضده ! وليس ببعيد أنها كانت ستفعل ذات الشئ مع الحسين علیه السلام .

وهذا أحد الأسباب التي دعته إلى تأخير الخروج .

- وكتب ( الشيباني ) ، بتاريخ 20-9-1999 ، الثامنة مساءً :

يا رقيعي أنا لا أستطيع مواجهتك ، لأنك عالم نحرير لا يُشق لك غبار! والدليل على ذلك : أنك نفيت مبايعة الحسن رضي الله عنه الثابتة عندكم نفياً مجرداً من عند عقلك الضخم ، وأتيتنا بعشرة كيلو من السب والشتم الذي لا أستطيع رده !!

المدعو صوت الإسلام ! تقول : وأنا أقول حتى لو فرضنا أنها مبايعة فهذا ليس دليلاً أبداً على عدالة معاوية .

فأقول : ومن أنت حتى تقول هذا الكلام ! إذهب إلى قواميس اللغة واقرأ معنى المبايعة جيداً ، فأنا متأكد أنك ستتراجع عن قولك . كيف يرضى الحسن رضي الله عنه أن يولي أمره إنساناً ضالاً كافراً ؟ ! ثم لماذا لا ينسحب هذا التبرير الذي ذكرته على الحسين رضي الله عنه فيبايع مجبراً مع أن ظروفه أقسى من ظروف الحسن رضي الله عنه ؟ لا تحتج علينا بكلامك الإنشائي المنمّق ، وأعطنا أدلة من كلام أئمتكم إن استطعت !!

ص: 79

وأما قولك : إذا اشترط الحسن علیه السلام على معاوية العمل بسيرة الخلفاء الراشدين ( وإن كانوا من تعني ) فإن معاوية أبعد ما يكون عن الإقتراب من سيرتهم .

فأقول : فأنت الآن تُقر أن أبا بكر وعمر وعثمان وعليّ هم الخلفاء الراشدون ، وهذه كلمة حق تشكر عليها . فهل تثبت ذلك لنا الآن بصريح العبارة كما قالها الحسن رضي الله عنه ودعك من معاوية الآن ؟

نحن بانتظار صدعك بالحق يا صوت الإسلام .

- وكتب ( الصارم المسلول ) ، بتاريخ 20-9-1999 ، العاشرة ليلاً :

يا شيباني : لن يصدع والله ، فإن الغلو أصبح في دمه ، والإدمان وصل عنده إلى مرحلة الجنون . فإنه يواجه مشكله في نفي كلام أئمته .

يا أخي قول تقية وريّح نفسك .

- قال العاملي : لاحظ أن تاريخ هذه المناقشة بعد أن أجبناهم على الموضوع في نفس الشبكة ونذكر هنا من الأدلة على عدم شرعية حكم معاويتهم ويزيدهم : أنه بعد ثبوت مقام الإمامين الحسن والحسين علیهما السلام وأنهما سيدا شباب أهل الجنة بنص النبي صلی الله علیه و آله ، فلا بد من القول بصحة أفعالهما شرعاً ، ولا ينتقدها إلا مكابر .. ولا يمكن تصحيح أفعالهما بالصلح والثورة إلا بالقول بعدم شرعية حكم معاوية وابنه .

ومنها ، أن الله تعالى رخص لأنبيائه وأوصيائهم أن يعملوا بالتقية فيُداروا طغاة عصورهم ، ومن تغلب بالجبر والقوة على أمور الناس .. فلا عجب أن يهادن الإمام الحسن علیه السلام طاغية زمانه ويبايعه .

ص: 80

ومنها ، أن حكم معاوية فاقد الشرعية بالإجماع المركب منا ومنهم ، لأن الخلافة النبوية عندهم ثلاثون سنة ، وبعدها الملك العضوض !! والملك العضوض الذي يعض الناس بنص النبي .. لا يمكن أن يكون شرعياً ! !

ومنها ، الأحاديث الصحيحة التي وردت في ذم معاوية وحكمه ، وبني أمية وبني العاص، خاصةً ما نص منها على أنهم أول من يغير سنة النبي صلی الله علیه و آله ، وقد صححها محدثوهم المتأخرون ، ومنهم الألباني .

- وكتبت ( أم عابد ) في شبكة أنا العربي بتاريخ 26-7-1999 الواحدة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( هل قياس صلح الحسن بصلح الحديبية صحيح ؟ ) ، قالت فيه :

يخطئ البعض عن قصد أو غير قصد في المقارنة بين صلح الحديبية وصلح الحسن ، فلا يوجد بينهما تشابه ولا قياس إلا في كلمة ( صلح ) فقط . . وهذا قياس باطل يعرفه الإنسان من النظرة الأولى . وهناك عشرات الأسباب التي تبطل هذا القياس المغلوط ، ولكننا نكتفي بأمرين كفيلين بإسقاط التشابه والقياس . وهما :

الأول : أن صلح الحديبية كان الرسول صلی الله علیه و آله يعلم نتائجة التي هي في صالح الإسلام ، ولهذا لما اعترض بعض الصحابة على ظاهر الصلح هدأهم الرسول وأخبرهم أن في هذا الصلح خيراً للمسلمين ، وذلك بعلم الغيب الذي أوحاه الله له .. وفعلاً كان الصلح خيراً للمسلمين وعدَّ فتحاً .. أما صلح الحسن ، ومع علمه الغيب كما تزعم الشيعة ، فلم يكن إلا خذلاناً للشيعة وتسلطاً لمعاوية . وكانت نتيجة الصلح طامة كبرى على أهل البيت ، فقد قتل الحسن مسموماً كما تزعم

ص: 81

الشيعة ، وعززت إقدام معاوية في الحكم ، وكانت السبب الحقيقي وراء مقتل الحسين في النهاية .. فأين القياس هنا بين الصلحين ؟ !

صلح الحديبية صلح نصر وفتح ، وقد علم الرسول بنتائجه من خلال الوحي . وصلح الحسن خزي وخذلان ، وأكبر خسارة تمت بتنازله للولاية الشرعية . ونحن نقول الحسن لايعلم الغيب وليس بمعصوم . ولكنه عمل الأفضل بمبايعته للأقوى الذي يستطيع أن يقر الأمن .

ثانياً : صلح الحديبية تمّ بين كيانين مستقلين .. أي بين دولتين لا تتدخل أي دولة في شؤون الأخرى .. فلا الرسول دخل تحت حكم قريش ، ولا قريش دخلت تحت حكم الرسول .. أما صلح الحسن فتم بين متنازل عن الحكم وبين حاكم ، فصار الحسن من رعايا معاوية ، وتمت له صرف الأعطيات كواحد من الشعب يخضع للدولة . فأين القياس ؟!

ونقول نحن أهل السنة : إن صلح الرسول تم بين مسلمين وكافرين .. وصلح الحسن تم بين مسلمين وإخوانهم .. وكما لم يدخل الرسول في شريعة الجاهلية . . فقد دخل الحسن في ذمة الدولة وقبل أعطياتهم . والله أعلم .

- وكتب العاملي ، بتاريخ 26-7-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

الأخت أم عابد . . إن وجوه الإفتراق بين صلح الحديبية وصلح الإمام الحسن كثيرة ، وهي أبرز من وجوه الشبه كما قلت ، ولكن وجوه الشبه أيضاً موجودة ، وهدف الذين يشبهونه به إثبات جواز التنازل لمصلحة إسلامية عليا ، وأن النبي صلی الله علیه و آله قد تنازل للكفار ، فمن باب أولى أنه يجوز التنازل بسبب مصلحة إسلامية عليا لمن يعلن الشهادتين .. فالتشبيه من بعض النواحي صحيح ولكنه على النحو المطلق ، غير بليغ .

ص: 82

أما ما ذكرت من أن الإمام الحسن علیه السلام غير معصوم ، وأنك تميلين إلى تخطئته ، ووصف النتائج التي نتجت عن صلحه بالسلبية فقط .. ففي ذلك اشتباه كبير .

أولاً : لا أريد أن ألزمك بما نعتقد به نحن ، ولكن أشير إليه ، فنحن نعتقد أن كل أمة بعد نبيها اختار لها الله تعالى من ذريته أوصياء هم ورثة النبوة والكتاب ، ونص عليهم نبيهم، وهم معصومون وحجج الله على عباده ، وعندهم مواريث النبي وعلومه ، والبرنامج الذي بلغهم إياه نبيهم ، فعلمهم بالمستقبل مما علمهم إياه ، وما يلهمهم ربهم تعالى .. الخ .

ثانياً : ثبت عندنا وعندكم أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ، وهذا مقام عظيم ، أين منه مقام الرؤساء الكبار في الدنيا ! فمعناه أن رب العزة سبحانه أخبر رسوله بذلك ، وأمره أن يخبر أمته !!

ومعناه : أن درجة عبودية الحسنين علیهما السلام ، لله تعالى جعلتهما في هذا المقام العظيم ، وأن من مصلحة الأمة الإسلامية أن تعرف ذلك .

ومعناه : أن تعريف النبي صلی الله علیه و آله ، لهما وللأمة بذلك لن ينقص من طاعتهما لله تعالى وعبوديتهما له ذرة واحدة ! وهذا المقام بذاته يدل على عصمتهما عن الذنوب والأخطاء والتصرفات المشينة ، سواء في شخصيتهما أو في مسيرة الأمة. . فالكلام الإلهي والفعل الإلهي له دلالاتٌ ، لايصح أن نعْبُر عنها عبوراً .

ثالثاً : هل تصدقين أن النبي صلی الله علیه و آله الذي أخبر كثيراً من الأشخاص عن مستقبلهم وما يجري عليهم ووجههم في ذلك ، لم يحدث علياً وفاطمة والحسن والحسين علیهم السلام بما يجري عليهم ، ولم يعلمهم ماذا يفعلون ؟!! بلى والله لقد ثبت

ص: 83

أنه أخبرهم بما يكون عليهم ، وقد حفلت مصادر الطرفين بكثير من ذلك الإنذاز والتحذير النبوي !

هذا غيضٌ من فيض من الموضوع ، وأرجو أن تتأملي أكثر في خطة بني أمية بشكل عام ، ومواجهة النبي وأهل البيت علیهم السلام ، لها .. لقد كانت خير مواجهة منهم جميعاً ، وقد مهد الإمام الحسن علیه السلام بصلحه في وقته المناسب ، لثورة الحسين علیه السلام في وقتها المناسب ، فانفضح بنو أمية وانفتحت عليهم الثورات من الأمة ، حتى خلَّص الله الاسلام والمسلمين من خططهم الجاهلية الخطيرة !

- وكتب (كلمة الحق) بتاريخ 26–7-1999 ، الحادية عشرة والنصف ليلاً :

أخي الكريم العاملي .. أشكرك على أسلوبك الهادئ والرزين . كما أشكرك على اعترافك بالحق ، ولكن لي تعليق على ماعلقت به على موضوع أستاذتنا وأمنا أم عابد . إن الصلحين لايتشابهان إلا في الإسم فقط ، وكما أكدت أنت .

ثم قولك إنهم جعلوا الشبه في جواز التنازل ، أيضاً باطل .. لأن عمر رضي الله عنه لما قال : أنعطي الدنية في ديننا ؟! وهو سؤال استنكاري منه على بنود الصلح ، هدأه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : أنا عبد الله ورسوله لا أعصي أمره ولن يضيعني . فالقضية أمر سماوي ووحي يوحى على صاحب الرسالة وكان يعلم أن هذا الصلح لن يدوم ولن يكون فيه تنازل للمشركين . ومهما كان فهل تنازل الحديبية يقاس عليه تنازل الحكم والكيان والإستقلال والدخول تحت حكم كافر ملعون ... أدى إلى مقتل الحسن وتشتيت الشيعة ومقتل حجر بن عدي .. والكثير الكثير ..

ثم قولك إن هذا الصلح كشف حقيقة بني أمية ! أي حقيقة بقيت ؟ وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم إنهم الشجرة الملعونة في القرآن ، وإن معاوية

ص: 84

ملعون على منبر الرسول . . . وإنه ابن زنا كما يقول الشيخ الشيرازي غفر الله لنا ، وإن كل آية فيها لعن ونفاق فهم المقصودون ! ومن شك في القرآن فلا أظن أنه سيؤمن بغيره !

وأما قولك إنها سبب الثورة ، أي ثورة تقصد .. هل تقصد خروج الحسين فداه نفسي . . وقد غرر به شيعتة وخدعه أهل العراق . . فلما وصل إلى قبيل الكوفة لم ير من ينصره . حتى قال الفرزدق : الناس قلوبهم معك وسيوفهم مع ابن زياد ! فلم يجد إلا كربلاء أرض كرب وبلاء .. فلاحقه شيعته يريدون قتله وإرضاء الطاغية ابن زياد الفاسق ، فيطلب من ابن زياد ثلاثة أمور : أن يتركه يرجع للمدينة . أو يرجع أهله ويلحق بالثغور أو يتفاهم مع يزيد فقط . فرفض ابن مرجانة كل ذلك ويطالب بخضوعه للأسر فيرفض الشجاع ابن الصمصام .. فيقتله الشيعة .. ويتقدم صديق أبيه الحميم شمر بن ذي الجوشن لعنه الله واحتز رأسه . . وأسر أهله . . قلي بالله عليك أي ثورة هذه ؟!

أما مقدمات العصمة فهي باطلة ونتائجها كذلك . وكما ثبت للحسين فضائل فقد ثبت لغيره ، والخطأ لا ينافي فضل الإنسان ، وباب الفضائل يختلف عن باب العصمة .

أما قولك إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد اخبرهم بالمستقبل وما سيحدث لهم !! أنا أسألك هنا بعض الأسئلة :

- ماذا يسمى فعل الحسن رضي الله عنه عندما قال لأصحابه إن في طعامي هذا سم يقتل البعير ، قد وضعته زوجتي الخثعمية .. ثم أكل منه فمات .. ماذا يسمى هذا ؟!

ص: 85

- ماذا يسمى خروج الحسين وقد أخبره الرسول صلی الله علیه و آله أنه سوف يخذل ويترك ويقتل ويشرد أبناء وبنات الرسول صلی الله علیه و آله ويساقون كالرهائن وتكشف عورة زين العابدين .. وتكاد أن توهب زينب إلى أحد الأعراب . . ماذا يسمى هذا الذي فعله الحسين وهو يعلم مسبقاً ذلك ؟! أرجوك يا أخي العاملي أن تتأمل فيما قلته لك ، فأنت والله عاقل متعلم ، ولا يغرك المنشأ والوراثة، فوالله الله أحب إلينا من كل شئ من أهلنا وعشيرتنا وكل من سواه. والله إنها كلمات من قلبي لك . . هل تقبلها . . ؟

- قال العاملي : لم أجد جوابي وأجوبة البقية في موضوع أم عابد ، فأقول الآن : ما ذكره المدعو ( كلمة الحق ) قراءة سطحية مادية للتاريخ ! فإن الناظر في دولة بني أمية وبطشها وجبروتها وسيطرتها الشديدة على المسلمين، وخططها في التضليل والتحريف .. يعرف أنه لولا أن يتصدى أهل البيت النبوي علیهم السلام لفتنة هذه الدولة لامتدت قروناً ، ولحكمت المسلمين منهم سلالات عديدة ،كسلالات الفراعنة . .

فهل نسي الكاتب أن ثورة الحسين علیه السلام هي التي فتحت باب الثورات على جور بني أمية في الأمة ، وأن ثورة العباسيين والحسنيين التي أطاحت بأمبراطوريتهم إنما حركت المسلمين بشعار ( يالثارات الحسين ) !

أما قوله ( ثم قولك إن هذا الصلح كشف حقيقة بني أمية ! أي حقيقة بقيت ؟ وقد قال الرسول …الخ .) .

فأقول : الأحاديث النبوية في تحذير الأمة من بني أمية ، والحقائق التاريخية التي سجلها الرواة والمؤرخون عنهم .. إنما وصلت إلينا بفضل ثورات أهل البيت النبوي علیهم السلام التي حطمت جدار التحريف والتعتيم الأموي .. فلولاها لم تعرف

ص: 86

الأمة هذه الحقائق !! والدليل عليه أنه على رغم وصول عدد من هذه الحقائق إلى أجيال الأمة .. فقد بقي مغررون بدعاية بني أمية وتحريفهم في الأمة ، وما زال منهم في عصرنا بقية أشربوا حب بني أمية !!

وأخيراً : فإن محاولة محبي بني أمية أن يفرقوا بين الحسنين علیهما السلام ، في تصحيح عمل الإمام الحسن وتخطئة الإمام الحسين .. مردود عليهم بشهادات النبي المتواترة لهما صلوات الله عليه وعليهما ، فهي شهادة تعطي لجميع أعمالهما درجة واحدة من الصحة . . ومعها لا بد من القول بصحة صلح الإمام الحسن علیه السلام ، وصحة ثورة الإمام الحسين علیه السلام ، معاً .. وهذا لا يتم إلا بالقول بأن الحكم الأموي حكم جائر غير شرعي .. وأن تعامل أمير المؤمنين معه بالقتال ، والامام الحسن بالهدنة ، والإمام الحسين بالثورة .. كله خط واحد مبناه أنه يجب مقاومة فتنة بني أمية بكل وسيلة ممكنة ، حسب الظروف الموضوعية الموجودة في الأمة .

- كتب ( المعتز بالله ) في الموسوعة الشيعية في 19-12-1999 ، التاسعة مساءً ، موضوعاًَ بعنوان ( إلى الشيعة : صلح الحسن رضي الله عنه، اعتراف بخلافة معاوية ) قال فيه :

يعتقد الشيعة الإمامية بإمامة وعصمة الحسن بن علي بن أبي طالب ، فهو إمام معصوم عندهم ومقدس بلا ريب ولاشك . وقد قام بمنصب الخلافة لمدة ستة أشهر ثم تنازل عن الخلافة وأعطاها للخليفة معاوية . وإني أتساءل إذا كان الإمام المعصوم والخليفة قد تنازل وأعطى الخلافة لمعاوية ، أليس هذا اعترافاً بخلافة معاوية ، وينبغي أن يعدَّ خليفة للمسلمين بما فيهم الشيعة ؟! وذلك لأن الإمام بايع

ص: 87

له بمعنى نصبه على المسلمين ، ومع ذلك نرى الشيعة تسب خليفة المسلمين معاوية ! ألا يعد هذا مخالفة للإمام المعصوم بزعمهم ؟! وماذا تريدون أكثر من ذلك فقد اتفق الخليفتان ! فما هذا إلا زيغ عن الحق ! وماذا بعد الحق إلا الضلال ؟! إلا أن تتنازلوا عن عصمة الحسن وتقولون بأنه أخطأ بإعطاء الخلافة لمعاوية !!

أريد أحد الشيعة يجيبني عن هذا السؤال وبأسرع وقت ، وإلا ...

- وكتب الموسوي ، بتاريخ 19-12-1999 ، العاشرة ليلاً :

وإلا .. ماذا ؟؟

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 19-12-1999 ، العاشرة والنصف ليلاً :

والأكثر من هذا .. تمت البيعة إلى وفاته (رضی الله عنه) وكانت الفترة تسع سنوات بل كان يزوره في كل سنة مع أخيه وابن عباس !

الشيعة تختار ما يناسبها من التاريخ ولا تذكر الباقي . إرجع لمعركة الجمل لترى القصة فقط من النهاية ، ولا تعرف من بدأ القتال أو ماذا حصل قبل القتال ، أو لماذا انسحب ابن الزبير (الزبير) (رضی الله عنه) من المعركة وهو قائدها، وأين كانت عائشة ( رض ) في بداية القتال ؟ ولماذا حضرت إلى المعركة ؟

وكثير من الأسئلة التي لا يستطيع الشيعي فهمها . ولو سألت أحد الشيعة ما هي أسباب معركة الجمل ؟ لما استطاع أحد الإجابة بجواب مقنع .

- وكتب ( المعتز بالله ) ، بتاريخ 20-12-1999 ، الثامنة مساءً :

الأخ الموسوي ، السلام عليكم .. قد يكون في تعبيري بعض الفجاجة فأستميحك عذراً ، ولكن مقصودي هو أنه إذا لم تستطيعوا الإجابة فمعنى ذلك : أنكم تقبلون بخلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه .

ص: 88

وإن كان لكم جواب فما هو ؟!

- وكتب علي القاضي ، بتاريخ 20-12-1999 ، التاسعة مساءً :

الأخ العزيز معتز .. الشيعة الإمامية تفرق بين منصب الإمامة الإلهي ومنصب الخلافة الدنيوي ، فالإمام الإلهي وهو الإمام الحسن علیه السلام لم يتنازل عن الإمامة الإلهية ( لأنها من حق مشرع الإسلام ) بل تنازل لمعاوية وصالحه على أساس الرئاسة الدنيوية .. فالإمام الحسن علیه السلام إمام معصوم بشهادة النبي صلی الله علیه و آله ، حيث يقول ( الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ) بمعنى حاربا أم لم يحاربا . وقد أعطاه الخلافة الدنيوية وفق شروط وبنود أملاها على معاوية ، ولكن الأخيرلم يلتزم بهذه الشروط مع أنه وافق في البدء. ثم قال كلمته المشهورة بعدما صعد المنبر ومما قال ( وإن الحسن بن علي قد أملى علي شروطاً، وها هي تحت قدمي لا أفي بواحد منها ) ! وهذا يدل على بطلان خلافته ، لأنه نقض العهود والشروط ! وما تنازل الإمام الحسن علیه السلام إلا لحقن دماء المسلمين ، ورأى من المصلحة أن يصالح معاوية ، ولم يكن يشك في عدم أهلية معاوية ، وبذلك أظهر نفاق معاوية للذين ينخدعون به ، وكان آخر سيئاته أن نصب ابنه يزيداً الذي لا يشك أحد في أنه غير أهل لخلافة المسلمين المؤمنين الصالحين .

وبالنتيجة أيها الأخ السائل : إن معاوية لم يلتزم بالشروط التي أملاها عليه الإمام الحسن علیه السلام حتى نجلّه ونحترمه ونرضى به إماماً ، ناهيك عن الأفعال التي ارتكبها في حق الصالحين .. وكيف نقبل إنساناً أن يكون لنا إماماً وقد قاتل أمير المؤمنين علیه السلام ، وقتل عماراً الذي قال عنه النبي صلی الله علیه و آله ( تقتلك الفئة الباغية ) . وقتل حجراً وغيره من الصالحين . وهذا كافٍ دليلاً على عدم صلاحيته لقيادة الأمة الإسلامية .

ص: 89

ولم تكن مصالحة الإمام الحسن علیه السلام إلا اضطراراً . وكان سبب وفاة الإمام الحسن علیه السلام بدسيسة من معاوية ، حيث أغرى زوجته جعده بنت الأشعث بأن تدس له السم ، فمات شهيداً مظلوماً .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 20-12-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

من أين استنتجت بأن معاوية قتله بالسم ؟! التاريخ يذكر بأنه لم يصرح للحسين ( رض ) باسم من سمّه . وإذا كان الحسين ( رض ) يعرف بحكم عصمته ، لماذا لم يطالب بالقصاص واستمر بالمبايعة ولم ينقضها ؟ هذه الأسئلة تفند روايات الشيعة المكذوبة . وأخيراً لماذا ينتظر تسع سنين لسمه ؟م

عاوية قاد الأمة الاسلامية بجميع طوائفها ، ولم يخرج على حكمه أحد حتى وفاته . وأقوال الشيعة بالهواء ، وتصلح للحسينيات فقط .

- وكتب الفاني ، بتاريخ 21-12-1999 ، السابعة مساءً :

أولاً : لابد من التفريق بين التنازل الإختياري والتنازل الإضطراري ، حتى يمكن القول بأن التنازل إعتراف .. هذا إذا سلمنا بأن الإمام الحسن علیه السلام قد تنازل تنازلاً اضطرارياً . والأرجح أن نقول أنه علیه السلام سالم من أجل مصلحة أكبر تعود على المسلمين كما سالم علي علیه السلام عندما أرادوا اغتصاب الخلافة من يده فقال ( لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين ولم يكن من جور إلا عليَّ خاصة) فحبذا تتراجع عن ألفاظ تنازل وأعطى المطلقة.

ثانياً : الأولى بالمسلمين أن ينهوا عهد ( الخلافة ) بنهاية عهد الإمام الحسن علیه السلام ليشرعوا بعده عهد ( الملك ) بظواهره وسياسته وارتجالاته . ولو فعلوا لصانوا الإسلام عن كثير مما وصمه به هؤلاء الملوك الذين فرضوا على

ص: 90

المسلمين فرضاً ، ثم جاء التاريخ فرضي أن يسميهم ( الخلفاء ) من دون استحقاق لهذا الإسم .

ثالثاً : عجباً أيّ بيعة هذه التي تمت لمعاوية بن أبي سفيان ؟! فما هو وضع البيعة بالخلافة الشرعية التي تمت للإمام الحسن علیهما السلام بعد وفاة أبيه في القاموس التاريخي ؟ إن البيعة الاختيارية له قد تمت على (ظاهرتها العامة) للمرة الثانية في تاريخ آل محمد صلی الله علیه و آله ، إذ انثال الناس طواعية إلى البيعة في مختلف البلاد الإسلامية كما انثالت على أبيه من قبل .

أليس معاوية ( الخليفة المزعوم ) خارجاً على الخليفة الشرعي ؟ وما حكم الخارج على إمام زمانه ؟ ينبغي أن لا نغفل عن موقف الحسن علیه السلام من معاوية ، فقد دعاه مرشداً ، وتوعده مهدداً ، ثمّ أنذره الحرب صريحاً ، واتبع معه خطة أبيه انطلاقاً من قوله تعالى (فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله).

رابعاً : إن عمر قد سلم بأن الإمام الحسن علیه السلام قد سُمّ . وبغض النظر عن ذكر المصادر التاريخية لإسم من سمه ، أم لا .. نقول : من له المصلحة في قتل ابن بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وريحانته .. سيد شباب أهل الجنة ؟ ألا ينبغي الوقوف وقفة تأمل في القاتل ودوافعه ؟ لعلنا نصل إلى حقيقة غائبة . ليس القتل إلاّ للوجود الذي يمثله الحسن علیه السلام في قلوب المسلمين وكان في حجمه يربك السلطة الأموية ويهدد وجودها .. هذا هو الفهم المنطقي للظرف الذي عاشه الحسن . هذا إذا غضضنا النظر عن كثير من الحقائق التاريخية التي أشارت لدور الحزب الأموي في اغتيال الحسن علیه السلام .

هذه بعض النقاط التي خطرت في البال . وإلاّ فهناك الكثير مما يمكن أن يقال موثقاً من التاريخ ، ولكن كثرة الأشغال مانعة عن التتبع . والله الموفق .

ص: 91

- وكتب ( جبهان الكاتب ) في 22-12-1999، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

الأخوة الكرام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد .. كل عام وأنتم بخير ، وتقبل الله منا ومنك الأعمال والأقوال .. يشرفني أن أنضم إلى طلاب علم أمثالكم ، كي أستفيد منهم الشئ الكثير .

الموضوع الذي تتناقشون فيه موضوع مهم جداً ومفيد ، ولي وجهة نظر أخرى في هذا النقاش ، أرجو أن تقبلوا تطفلي عليكم ..

يا إخوتي الكرام : نحن الآن أمام أمر واقع ، وهو يتمثل فيما يلي : وجود خليفة شرعي يتميز بما يلي : - إمام معصوم .- إمام بالنص الإلهي .- إمام يعلم الغيب بما ورثه من النبي صلی الله علیه و آله من علم وبما ورثه من والديه.- قد بايعه أصحابه بالخلافة .

ولنقيم الحوار نقول : كيف جوز الخليفة الشرعي التنازل عن حقه بالخلافة (سواءاً قيل دنيوية أو دينية لأن النص الإلهي يشملهما) لرجل ليس عليه نص بل لرجل يقول فيه الشيعة الكرام إنه كافر ومنافق ، من الشجرة الملعونة في القرآن ؟؟ هل كان يريد أن يمنع سفك دماء المسلمين ؟! هو كان يعلم ما سيحدث ، من غدر معاوية له وقتله ، وتنصيب شارب الخمر وصاحب القرود يزيد وقتله لحجر بن عدي ، وتوليته للطغاة والظلمة ! فلماذا بايعه وهو يعلم أن مراده لن يحصل ؟!

إذاً نحن نستبعد أنه بايع من أجل ذلك ، وعليه فلماذا هو بايع ؟ وخصوصاً أن جيشه قد غضب منه لأنه قبل التنازل وكان معه أربعين ألف مقاتل من أصحاب أبيه . فلماذا هو بايع ؟! وتشرفني معرفتكم جميعاً والله يرعاكم .

- وكتب ( الفارسي) بتاريخ 22-12-1999، الواحدة والثلث صباحاً:

ص: 92

زيدوا في عنادكم .. وهذه أدلة ... ثم انتهى الأمر به إلى أنْ دس السّم إلى الحسن علیه السلام فقتله . ( مقاتل الطالبيين - 73 شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي 16/ 49 الإستيعاب بهامش الإصابة 1 / 375 مروج الذهب 3/ 182 ، 1760 ) . بعد أنْ نقض كل عهد وشرط عاهد الله عليه له ، ثم أخذ البيعة لولده يزيد قهراً ، وحاله معلوم عند الأُمَّة يومئذ أكثر ممَّا هو معلوم عندنا .

بلى ، فقد عاهد الإمام الحسن علیه السلام بأن تكون الخلافة له بعد موته ، وإذا توفي الإمام الحسن علیه السلام قبله فإنَ الخلافة تكون للإمام الحسين علیه السلام بعد هلاك معاوية . بيد أن معاوية جهد على استحصال البيعة لولده يزيد الفاجر بشتى الوسائل والذرائع حين كان قد تحايل في التمهيد لإذاعة هذا الأمر في حياة الإمام الحسن علیه السلام ، على ما تذكره المراجع المختلفة .

ثم إن معاوية تعهد للإمام الحسن علیه السلام بالكف عن مطاردة شيعته وحقن دمائهم ، لكنه لم يترك وجهاً من أصحاب الإمام علیه السلام وشيعته إلا ونكل به أو قتله . . بل ونقض ما تعهَد به من رفع السنة السيئة التي ابتدعها بسب الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام على المنابر ، ولكنًه هلك وهلك الذين بعده ، وهم على هذه الفعلة النكرة دائمون ، حتى نهى عنها عمر بن عبد العزيز من بعد !

وما أصدق ما قال عن نفسه فيما حدَّثنا الزمخشري في ربيعه قال : قال معاوية : أمَّا أبو بكر فقد سلم من الدنيا وسلمتْ منه ، وأمَّا عمر فقد عالجها وعالجته ، وأمَّا عثمان فقد نال منها ونالت منه ، وأمَّا أنا فقد تضجعتُها ظهراً لبطن ، وانقطعتُ إليها وانقطعتْ إليَّ . ( ربيع الأبرار 1 / 90 ).

ومن ذلك اليوم ، أعني يوم خلافة معاوية ويزيد ، انفصلت السُّلطة المدنية عن الدينية ، وكانت مجتمعة في الخلفاء الأولين ، فكان الخليفة يقبض على أحداهما

ص: 93

باليمين وعلى الأخرى بالشمال ، ولكن من عهد معاوية عرفوا أنه ليس من الدِّين على شئ ، وأنَ الدِّين له أئمة ومراجع هم أهله وأحق به ، ولم يجدوا مَنْ توفَّرت فيه شروط الإمامة من العلم والزهد والشجاعة وشرف الحسب والنسب ، غير علي علیه السلام ووُلْدِهِ .

ضمَّ إلى ذلك ما يرويه الصحابة للناس من كلمات النبي في حقِّهم، والإيعاز إلى أحقيتهم ، فلم يزل التشيُّع لعلي علیه السلام وأولاده بهذا وأمثاله ينمو ويسري في جميع الأمَة الإسلامية ، سريان البُرء في جسد العليل ، خفياً وظاهراً ومستوراً وبارزاً . . .

وكلّما شددوا بالضغط على شيعتهم ومواليهم ، وأعلنوا على منابرهم سب علي علیه السلام وكتمان فضائله وتحويرها إلى مثالب ، انعكس الأمر وصار عليهم ! أما سمعتَ ما يقول الشّعبي لِوَلَدِهِ : يا بُني ، ما بني الدِّين شيئاً فهدمته الدنيا ، وما بنت الدنيا شيئاً إلا وهدمه الدِّين ، أُنظر إلى علي وأولاده ، فإن بني أميَّة لم يزالوا يجهدون في كتم فضائلهم وإخفاء أمرهم ، وكأنَما يأخذون بضبعهم إلى السماء ! وما زالوا يبذلون مساعيهم في نشر فضائل أسلافهم ، وكأنما ينشرون منهم جيفة ! هذا مع أنَّ الشعبي كان ممن يُتهم ببغض علياً علیه السلام . ( راجع كتاب البيان في تفسير القرآن للسيد ابي القاسم الخوئي رحمة الله ص500 ، فقد أورد فيه مبحثاً شافياً حول هذا الموضوع ، موثقاً بالأدلة الواضحة والصريحة ) .

- وكتب (جبهان الكاتب) في 22-12-1999، الواحدة والنصف صباحاً :

أخي الحبيب الفارسي كل عام وأنت بخير . أخي الحبيب .. ما تذكره من فظائع معاوية ومصائبه هو في الحقيقة ضدك لا لك ؟! إذ كيف يبايع الإمام الحسن علیه السلام رجل مثله فيه ما قلته أنت عليه وأكثر .. لماذا يبايعه ؟!

ص: 94

- وكتبت ( سعاد ) ، بتاريخ 22-12-1999 ، الرابعة صباحاً :

اشتهر معاوية بالخبث والدهاء ، واستخدام الأساليب المختلفة والملتوية من أجل السلطة والملك ! ولم يكن يجاهر بذلك ، فقصة استخدامه لقميص عثمان مشهورة ، حتى أصبحت مثلاً يضرب به لمن يدعي أمراً ما سبيلاً الوصول لأمر آخر يبيته !

ألا تضعون في عقولكم ولو للحظة بأن صلح الإمام الحسن علیه السلام من نتائجه فضح معاوية وبيان مايخبؤه من نفاق ، وكشفه للمسلمين في ذلك الوقت وحتى يومنا هذا ؟ فمن آية المنافق أنه إذا عاهد غدر !! وها هو معاوية ما أن استقر الحكم بيده حتى رمى بشروط الحسن علیه السلام تحت قدميه ! فهل سألتم أنفسكم ماهي دلالة هذه الشروط ونقضها من قبل معاوية ؟!

- وكتب ( فاتح ) ، الرابعة والنصف صباحاً :

هل بايع الحسن علیه السلام بمحض إرادته ، أم كان مضطراً لذلك ، لحفظ دماء المسلمين ؟ ثم إن الحسن علیه السلام صالح ، أم بايع ؟

وهل فرق بين الأمرين ، أم لا ؟

- وكتب ( عمر ) ، الخامسة إلا ربعاً صباحاً :

أهل البيت بايعوا معاوية لمدة عشر سنين ، ولم يخرج عليه أحد مطلقاً وهذا ما يفند قتله للحسن ( رض ) . أما يزيد فلم يخرج عليه من آل البيت سوى الحسين (رضی الله عنه) بعد إغرائه من أهل الكوفة بالزعامة ، ولم يؤيده أحد في خروجه على الحاكم الشرعي الذي قبلت الأمة به ( !!!! ) .

ص: 95

أما الوراثة فلقد أنشأها حسب ادعاء الشيعة علي (رض ) عندما عين الحسن ( رض ) بعده ، فاقتبسها معاوية منه ، ولم تكن له أسبقية .

- قال العاملي: نسي عمر هذا كأسلافه نصوص النبي صلی الله علیه و آله على إمامة علي وسبطيه الحسن والحسين علیهم السلام ، وكشف عمر نصبه .. فبدل أن يقول إن علياً نفذ وصية النبي صلی الله علیه و آله في الحسن والحسين علیهم السلام ، فأمر الأمة بإطاعتهما من بعده .. اتهم علياً بأنه أسس الحكم الوراثي !! وزعم عمر أن معاوية اقتدى بعلي علیه السلام عندما أجبر المسلمين على بيعة ولده الفاسق يزيد !!!

ولعمري لوكان عندهم في يزيد وأبيه نصف حديث مما قاله النبي في علي والحسنين .. لرفعوه راية وحكموا باستحقاقهما الإمامة والخلافة بدون بيعة !! فهل قول عمر هذا إلا قلب للحقائق ، ونصب البغض لأهل بيت النبوة صلوات الله عليهم ؟!!

- وكتب الفاني ، بتاريخ 22-12-1999 ، السابعة مساءً :

أولاً : صحيح أن الإمام علیه السلام صالح معاوية ، ولو كنّا في زمانه لوجبت طاعة الإمام علیه السلام ، ولم نكن نخالف ما كان يريده الإمام منا من مواقف وأفعال وأقوال .. لكن هل التزم معاوية بشروط الصلح حتى نقول باستمرار البيعة المزعومة من الإمام علیه السلام لمعاوية ؟ !

ولو كنا في زمن الإمام الحسن علیه السلام لكان الموقف من معاوية هو نفس الموقف الآن من التبري منه ولعنه . نعم نحن لا نسب ، وهذا ما أدبنا به مولى الموحدين أمير المؤمنين علیه السلام إذ روي أنه قال عندما سمع أصحابه يسبون أهل

ص: 96

الشام أيام حربهم بصفين : ( إني أكره أن تكونوا سبابين ، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم ، وذكرتم حالهم ، كان أصوب في القول وأبلغ في العذر . . . ) .

ثانياً : لا بد من التأمل في إطلاق لفظ مبايعة الإمام الحسن علیه السلام لمعاوية بن أبي سفيان . وإطلاق هذا اللفظ يحتاج إلى أدلة تدعمه .

ثالثاً : إني معك في كونه عالماً بما سيؤول عليه الوضع ، ولكن دوره التعامل مع الأمور بحسب مجرياتها وظروفها وإقامة الحجة على البشرية ، وهو جزء لا يتجزأ من عملية امتحان الأمة ( ليبلوكم أيكم أحسن عملاً ) فكان من الممكن أن يكون علمه مبرراً له لرفض الخلافة من أساسها ، لكن لكونه إماماً ولقيام الحجة بوجود الناصر وانهيال الناس عليه لمبايعته ، وجبت عليه البيعة .

رابعاً : استندت في إشكالك على فرضية التسليم بكونه معصوماً ، ومتى افترضت عصمته سلَّمت بأفعاله ومواقفه ، لأنه لاينطق ولا يفعل عن الهوى .

نعم، لنبحث عن سر ذلك الموقف ليكون درساً عملياً في مواقفنا كمسلمين استناناً بسيرة ذلك المعصوم ، فأقول مُختصراً : لم تنفِ أنه صالح حقناً للدماء بعد حتمية الهزيمة أمام جيش معاوية . ولم لا تقول أنها مخرج ذكي لتحويل النصر إلى هزيمة والسيطرة على أكبر قدر من المصالح ، في الوقت المبكر بعد أن أقام الحجة على من غدر به لاحقاً ، وتعامل مع الأمور بظواهرها الطبيعية . وخلاصة الوضع كله تكفيك مقولته علیه السلام : ( قد غررتموني كما غررتم من كان قبلي ..) .

وإن أبيْت فهذه عناويين أعقبت مبايعة الإمام علیه السلام من المهم للباحث أن يتناولها بدقة ليصل إلى النتيجة التي سيصل إليها الإمام علیه السلام :

1 - التركيبة الإجتماعية المتمثلة في الحزب الأموي ، والخوارج ، والمذبذبين الشكاكين ، وشرطة زياد المسمون ب-(الحمراء) ، يقدر الطبري

ص: 97

عددهم بعشرين ألف مسلح ممن يسيل لعابهم أمام بريق الدينار والدرهم ، وأصحاب المصالح ! وهذه التركيبة بحاجة إلى عقلية قادرة على التعامل معها بوعي وحنكة فائقين . وقد كانت عقلية الحسن علیه السلام قادرة على إدارة كفة هذا الموج المتلاطم من الوضع الإجتماعي . ولكن هل هناك طاعة من قبل الأمة على الحرب والسلم ؟!

2 - موقف الحسن علیه السلام في التروي لدخول الحرب لأسباب موضوعية تجدر دراستها ، وامتثالاً لوصية أبيه علیه السلام : ( لا تدعون إلى مبارزة ، فإن دعيت لها فأجب ، فإن الداعي لها باغ . . ) .

3 - الجيش حماس كبير وتلكأ خطير ، وفتنة أكلت مأكلها في واقعه ، وعناصر كثيرة من أصحاب التفسخ الخلقي ممن لا يؤمن عواقبه من الخذلان .

4 - عملية اغتيال الإمام علیه السلام .

5 - خيانة قيادات الجيش وتأثيراتها على واقع الجيش الحسني ... وغيرها من العناوين التي تعطيك نتيجة حتمية في ظل التسلسل الطبيعي الذي سار عليه الحسن علیه السلام .

وفي تصوري أن الظروف الحرجة التي وضع فيها الإمام علیه السلام هي التي لم تعطه خياراً آخر غير التنازل الإضطراري عن الخلافة .. بالشكل الذي يعود به بعض النفع على الدين وأهله . ومن دون هذا الأسلوب سوف تؤول الأمور إلى سيطرة معاوية قهراً بعد أبحر من الدماء ، وبلا فائدة تعود على الدين وأهله . وبهذا الأسلوب تحققت بشرى الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله : ( إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به فئتين من المسلمين ) .

( قال العاملي : الحديث عندهم صحيح ، وعندنا موضوع ) .

ص: 98

أما قولك أن للإمام علیه السلام جيشاً يبلغ أربعين ألفاً ، على فرض التسليم ، فكم هي نسبة الجيش الحسني مقابل جيش معاوية ؟ فإذا اعتبرنا القاعدة العسكرية الحديثة التي تنسب القوة المعنوية إلى الكثرة العددية ، بنسبة ثلاثة إلى واحد رجعنا إلى نتيجة مؤسفة جداً هي نسبة واحد إلى خمسة عشر ! فقد ذكر بعض المؤرخين أن جيش الحسن علیه السلام بقي ينازل عدواً يعده خمسة وأربعين ضعفاً بالضبط ! فأين الكفاية لقمع فتنة الشام بالقوة ؟!

ولو كان هنا وهناك من احتج على موقف الإمام علیه السلام ، فبعد التسليم بإخلاصه ولم يكن ممن يتصيدون في الماء العكر ، فهل هو ممن صدق في بيعته للإمام علیه السلام على الطاعة ، هذا إذا لم يعتبره إماماً معصوماً ؟ وكم كان عددهم ؟ وإذا قلت أنهم كثير ولا أعتقد ذلك ، فهل جيش كذلك ممن لم يع واقعه مؤهل لخوض معركة حاسمة .

خامساً : تُسلّم معي أن الإمام علیه السلام خليفة لدى الفريقين . . خليفة بالنص عند الشيعة ، وخليفة عند غيرهم باختيار فئة من المسلمين بادئ ذي بدء كخلافة أبي بكر ، وبالمصطلح اليومي ( بالإنتخاب ) . والحسن إنما وقف موقفه من معاوية وتنازل له ، ليس إلا عن تلك السلطة التي كان مصدرها إنتخاب الناس له دون المنصب الذي كان مصدره اختيار الله له ونص الرسول صلی الله علیه و آله عليه ، لأن هذا المنصب لا تناله يدٌ في تغيير أو تبديل ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي ؟ قال لا ينال عهدي الظالمين ) . وما قيمة الملك المحدود إذا قيس بالملك الروحي الذي لا تبلغه الحدود .

وفي تصفحي السطحي العابر هذا اليوم رأيت أن الحسن علیه السلام يجيب على سؤالك بعدة لغات كأمثلة :

ص: 99

اللغة الأولى : لواحد من شيعته وهو سليمان بن صرد ، الرجل الذي وصفه ابن قتيبة بسيد العراق ورئيسهم ، الذي سأل الإمام الحسن معاتباً ؟ فأجابه علیه السلام : ( ولو كنت بالحزم في أمر الدنيا وللدنيا أعمل وأنصب ، ما كان معاوية بأبأس مني وأشد شكيمة ، ولكان رأيي غير ما رأيتم ..) .

اللغة الثانية : مما أجاب عبد الله بن الزبير الذي كان يعلن مناوأته لآل محمد صلی الله علیه و آله : ( وتزعم أني سلمت الأمر ، وكيف يكون ذلك -ويحك- كذلك ، وأنا ابن أشجع العرب ، وقد ولدتني فاطمة سيدة نساء العالمين . لم أفعل ذلك ويحك جبناً ولا ضعفاً ولكنه بايعني مثلك وهو يطلبني بترةٍ ، ويداجيني المودة ، ولم أثق بنصرته . . ) .

اللغة الثالثة : مما أجابه لشقيقه الحسين علیه السلام الذي كان يعي ما فعله أخوه جيداً حينما سأله : ما الذي دعاك إلى تسليم الأمر ؟ . فقال : الذي دعا أباك فيما تقدم .

هذا ما سنحت به الفرصة ، وخطر على بال هذا الضعيف القاصر .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 22-12-1999 ، السابعة والثلث مساءً :

الشيعة لا تعرف عبد الله ابن الزبير (رضی الله عنه) وهذه المعلومات لهم :

أبوه الزبير ابن العوام ، وجدته صفية عمة الرسول صلی الله علیه و آله ، وأمه أسماء بنت أبي بكر (رضی الله عنه) أول مولود بالهجرة ، النبي صلی الله علیه و آله حنكه وكان ريق النبي صلی الله علیه و آله أول ما دخل ريقه ، كان من المؤيدين الحسين ( رض ) في عدم مبايعة يزيد ، وفضل مكة على الخروج للكوفة كما فعل الحسين ( رض ) . حكم الجزيرة العربية لمدة عشر سنين بعد وفاة يزيد . قتله الحجاج في الكعبة وصلبه على النخل . تربى في بيت النبي صلی الله علیه و آله منذ صغره في حجر عائشة ( رض ) .

ص: 100

وأخيراً للشيعة : ماذا تركتم من المسلمين ؟!. انتهى .

- قال العاملي : يقصد عمر أفندي أنكم لم ترضوا عن ابن الزبير وهذه فضائله ، فمن تركتم من المسلمين ولم تنتقدوه ؟ وكأن ابن الزبير الذي ننتقده والبضعة رجال ورجلات من الصحابة ، هم كل الصحابة وكل المسلمين !

- وكتب ( عزام ) ، بتاريخ 22-12-1999 ، الثامنة مساءً :

مادام الأمر كذلك يا عمر ، فما هو رأيك في : الحجاج بن يوسف الثقفي وقتله لعبد الله بن الزبير ؟؟

فنحن نعتقد أنه كان مذنباً في ذلك ، فهل توافقني الرأي ؟؟

- وكتب ( فرات ) ، بتاريخ 22-12-1999 ، العاشرة ليلاً :

الأخ الكريم عمر ، السلام عليكم . .

ذكرت في إحدى محاوراتك عدم علمك بسم معاوية للإمام الحسن علیه السلام . فإليك بعض مصادركم المثبتة لهذه القضية :

1 - الإستيعاب 1 / 141 . 2 - تاريخ ابن عساكر 4 / 229 . 3 - طبقات ابن سعد . 4 - تاريخ ابن كثير 8 / 43 . 5 - مقاتل الطالبيين - 29 لأبي الفرج الأصفهاني . 6 - مروج الذهب للمسعودي 2 / 50 . 7 - التذكرة لسبط ابن الجوزي - 121 . 8 - تهذيب التهذيب للمزي . 9 - مرآة العجائب للشيخ أبي عبد الله محمد بن عمر زين الدين . 10 - حسن السيرة للطبري .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 22-12-1999 ، العاشرة والثلث ليلاً :

أما من ذكر الحجاج : فإن الرسول صلی الله علیه و آله بشر بأن من ثقيف يخرج اثنان أحدهم مبير ويعني الحجاج ، والآخر كذاب ويعني المختار . نحن نرى بأنه طغى.

ص: 101

والسؤال الثاني عن سم الحسن (ض) : فهناك روايات معتمدة تشير إلى عدم تصريحه بالذي سمه ، وكما قلت لو كان الحسين (ض) يعلم بأمر سمه من معاوية لخرج عن بيعته ولتبعه الكثير من المسلمين ، ولكن الحسين (ض) استمر بالمبايعة حتى تولى يزيد الحكم ، ولم يخرج أحد على معاوية .

ومصادركم غير منطقية كما شرحت .

- وكتب الغريفي بتاريخ 23-12-1999 ، الثانية عشرة صباحاً :

أخي العزيز عمر .. لقد قرأت المصادر التي ذكرها الأخ فرات ، والتي تتضمن الروايات الصحيحة ، ومن قبل كلا الطرفين السنة والشيعة !! ولا أملك أوضح وأجلى من هذه الأدلة .. ولكن كما يقال إذا حضر الماء بطل التيمم . وأرجو أن تفرق بين المناقشة والمجادلة . والسلام .

- وكتب ( الفارسي ) في الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 10-1-2000 ، الرابعة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( البخاري يتهم الإمام الحسن علیه السلام ! ) ، قال فيه :

وعن الحسن : استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال ، فقال عمرو بن العاص : إني لأَرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها . فقال له معاوية : وكان والله خير الرجلين : أي عمرو ، وإن قتل هؤلاء هؤلاء ، وهؤلاء هؤلاء ، من لي بأمور الناس ، من لي بنسائهم ، من لي بضيعتهم ؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس : عبد الرحمن بن سمرة ، وعبد الله بن عامر بن كريز . فقال : إذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه . فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له فطلبا إليه ، فقال لهما الحسن بن علي : إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال ، إن هذه الأمة قد عاثت في دمائها . قالا : فإنه يعرض عليك

ص: 102

كذا وكذا ، ويطلب إليك ويسألك . قال : فمن لي بهذا ؟ قالا : نحن لك به . فما سألهما شيئاً إلا قالا : نحن لك به ، فصالحه . فقال الحسن : ولقد سمعت أبا بكرة يقول : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه ، وهو يقبل على الناس مرة وعليه أُخرى ويقول : إن ابني هذا سيد ، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين ) . انتهى .

أقول : يدل الحديث على أن الحسن بن علي إنما أراد قتال معاوية لأَجل المال ، فحيث أنهما ضمناه له ، صالح معاوية ! والحسن لايهمه قتل المسلمين ! وإنما معاوية يحزنه أمر المسلمين ونسائهم وضيعتهم ! وكأن المصالحة ( تمت ) بهذه السهولة !! وهل الواقع كذلك يا شيخنا البخاري ويا حسن البصري ؟! من هو سيد شباب أهل الجنة ، ومن هو رأس الفئة الباغية الداعية إلى النار ؟!

- وكتب ( مالك الأشتر ) ، بتاريخ 10-1-2000 ، الرابعة عصراً :

الطيب الفارسي ، السلام عليكم . أحسنتم رحم الله والديكم . . روى في كنز العمال : 7 / 142، قال : عن ابن مسعود قال : ( لكل دين آفة وآفة هذا الدين بنو أمية . أخرجه نعيم بن حماد - الفتن ) .

- قال العاملي : يلاحظ الباحث بوضوح (مرض اللمز في عترة النبي صلی الله علیه و آله ) في أتباع الخلافة القرشية من رواة الحديث والتاريخ . ويظهر ذلك جلياً في رواياتهم وتاريخهم المتعلقة بالإمام الحسن علیه السلام ، واضطراره لعقد الهدنة والصلح مع معاوية ! فأحاديثهم تكاد تحصر مدحه في أنه (تنازل) عن الخلافة لمعاوية ، وتقول إن جده الرسول مدحه بسبب ذلك !! وتجهر بغمزها ولمزها لأبيه وأخيه

ص: 103

الحسين ، لأنهما لم يفعلا مثله ، بل حاربا أئمة الضلال ! وكأنهما كانا على ضلال والإمام الحسن على حق في تنازله !!

وحتى هذه الفضيلة عند النواصب للإمام الحسن علیه السلام ، أي الصلح ، لم يستطيعوا أن يبقوها طبيعية سالمة لسبط نبيهم وسيد شباب أهل الجنة .. حتى صوروه فيها بأنه شخص همه المال ، وأن الذي كان يشغل باله من الصلح كيف يحصل ( لنفسه ) على مبالغ طائلة من بيت مال المسلمين ؟! وتراهم يغمضون أعينهم عن اشتراط الإمام علیه السلام على معاوية أن يعوض على ذوي الذين قتلوا في صفين من جيش علي علیه السلام !!

وأن معاوية وضع هذا الشرط كغيره تحت قدميه ، بل طارد شيعة علي خاصة أبناء من استشهد معه في صفين ، واضطهدهم وقتل الكثير منهم !

- وكتب (عمر) في الشيعية في 28-11-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان ( الحسن ( رض ) ومبايعته لمعاوية ( رض ) ) ، قال فيه :

بايع أهل العراق بعد علي بن أبي طالب الحسن بن علي ، ثم قالوا له : سر إلى هؤلاء القوم الذين عصوا الله ورسوله وارتكبوا العظيم وابتزوا الناس أمورهم ، فإنا نرجو أن يمكن الله منهم . فسار الحسن إلى أهل الشام ، وجعل على مقدمته قيس بن سعد بن عبادة في اثني عشر ألفاً ، وكانوا يسمون شرطة الخميس . . .

وأرسل معاوية عبدالله بن عامر بن كريز ، وعبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس فقدما المدائن إلى الحسن فأعطياه ما أراد ، ووثقا له ، فكتب إليه الحسن أن أقبل ، فأقبل من جسر منبج إلى مسكن في خمسة أيام ، وقد دخل في

ص: 104

اليوم السادس فسلم إليه الحسن الأمر وبايعه ، ثم سارا جميعاً حتى قدما الكوفة فنزل الحسن القصر ونزل معاوية النخيلة ، فأتاه الحسن في عسكره غيره مرة ، ووفى معاوية للحسن ببيت المال وكان فيه يومئذ ستة آلاف ألف درهم واحتملها الحسن وتجهز بها هو وأهل بيته إلى المدينة ، وكف معاوية عن سب علي والحسن يسمع.

ودس معاوية إلى أهل البصرة فطردوا وكيل الحسن ، وقالوا لا يحمل فيئنا إلى غيرنا ، يعنون خراج فسا وداراب جرد ، فأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم ، وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين .

134 - قال : أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي ، قال : حدثنا أبو عوانة، عن حصين ، عن أبي جميلة : أن الحسن بن علي لما استخلف حين قتل علي فبينما هو يصلي إذ وثب عليه رجل فطعنه بخنجر . وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد وحسن ساجد ، قال حصين وعمي أدرك ذاك . قال : فيزعمون أن الطعنة وقعت في وركه فمرض منها أشهراً ثم برأ ، فقعد على المنبر فقال : يا أهل العراق ، اتقوا الله فينا ، فإنا أمراؤكم وضيفانكم ، أهل البيت الذين قال الله : ( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) قال : فما زال يقول ذاك حتى ما رئي أحد من أهل المسجد إلا وهو يخن بكاءً !

135 - قال : أخبرنا موسى بن إسماعيل ، قال : حدثنا عون بن موسى ، قال : سمعت هلال بن خباب يقول : جمع الحسن بن علي رؤوس أصحابه في قصر المدائن فقال : يا أهل العراق لولم تذهل نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لذهلت : مقتلكم أبي ، ومطعنكم بغلتي ، وانتهابكم ثقلي . أو قال : ردائي عن عاتقي ،

ص: 105

وإنكم قد بايعتموني أن تسالموا من سالمت وتحاربوا من حاربت ، وإني قد بايعت معاوية فاسمعوا له وأطيعوا .

- وكتب رحمة العاملي بتاريخ 29-11-1999 ، الواحدة صباحاً:

يا عمر . . ما وقع بين الحسن علیه السلام ومعاوية ليس مبايعة بل صلح . أذكر بنود الصلح ، واذكر من الذي نقض الصلح ، ومن القائل : إني منيت الحسن بن علي بشروط وها هي تحت قدمي !! يا أهل العراق ما حاربتكم لتصوموا أو تصلوا ، بل حاربتكم لأتأمر عليكم ؟!!

- وكتب ( سعود ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 24-3-2000 الحادية عشرة صباحاً ، موضوعاً بعنوان : ( تنازل الحسن لمعاوية أوجد شرخاً في صفوف الرافضة ) ، قال فيه :

فجماعة الشيعة التي اعتقدت بإمامة علي لزمت القول بإمامة الحسن ، إلا شرذمة منهم طعنوا فيه وخالفوه ورجعوا عن إمامته فيها ، وممن استنكر الصلح سليمان بن صرد وحجر بن عدي . غير أن الشيعة الذين يرون العصمة لأئمتهم سلموا بصواب رأي الحسن ، وأخذوا بالبحث عن مبررات هذا التنازل .

- فكتب العاملي بتاريخ 24-3-2000 ، الثانية عشرة والثلث ظهراً :

هذا أمر طبيعي في أتباع الأوصياء علیهم السلام .. من أوصياء آدم علیه السلام . . إلى أوصياء نبينا صلی الله علیه و آله . . فقد نجح بعض أتباعهم في الإمتحان ، وسقط البعض ممن لم يستوعب عمل المعصوم ، ولا بد أنه لم يكن استوعب مفهوم العصمة فاعترض على إمامه ولم يقنع بجوابه . . فانحرف .

ص: 106

والمثل الذي ضربته بسليمان وحجر رضي الله عنهما ، لا نقبله . فقد اعترضا كغيرهما ، ولما عرفا وجه الحكمة رجعا إلى الحق .

فما هو الجديد عندك يا سعود ، وبماذا تريد أن تذم ؟!

- وكتب ( خالد 78 ) ، بتاريخ 24-3-2000 ، الثانية ظهراً :

معذرة لكني كنت أعتقد أن العصمة تعصمه من السقوط في الإمتحان ؟

هذا ما فهمته من الكتب والخطب ، وما يدور هنا من مشاحنات .

- وكتب أبو غدير ، بتاريخ 24-3-2000 ، الثالثة ظهراً :

هل قرأتم شروط الهدنة التي تمت بين الإمام الحسن علیه السلام ،

وبين معاوية ، ومن الذي خالف شروط الهدنة ؟!

- وكتب ( أبو فراس ) ، بتاريخ 24-3-2000 ، الثالثة والثلث ظهراً :

إذا كان إمامكم الحسن بن علي معصوماً على حد زعمكم ، فلقد أعطى الخلافة لرجل أنتم تقدحون به . ولا شك أنه أعطى الخلافة لأصلحهم على القيام بشؤون الدولة وسلامة الرعية ، فكان موفقاً في ذلك .

- وكتب أبو غدير بتاريخ 24-3-2000 ، الثالثة والنصف ظهراً :

الرسول صلی الله علیه و آله معصوم ، وقد وضع شروطاً في صلح الحديبية ، إلا أن الكفار نقضوا الشروط . وهذا ما حصل مع الإمام الحسن المعصوم ، فقد وضع شروطاً للهدنة لكن معاوية لم يلتزم ، فأين التنازل ؟!

ص: 107

- وكتب رحمة العاملي في الموسوعة الشيعية بتاريخ 4-2-2000 ، الثانية والنصف صباحاً ، موضوعاً بعنوان: ( صلح الإمام الحسن علیه السلام ، بيعة أم هدنة ؟ ) ، قال فيه :

هذه الرسالة محاورة مع أحد العلماء الأعلام ، ولأهمية مستنداتها التاريخية وتعميماً للفائدة , أنشرها بلا تصرف , وهي رد على سؤال كنت قد وجهته شخصياً حول حيثيات صلح الإمام الحسن علیه السلام مع معاوية , هل يعتبر بيعة أم هدنة ؟ وإليكم الجواب :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

تحياتٌ عطرة وأشواق حارة أبعثها إلى شخصكم الكريم .

أخي الكريم، تعذرني كثيراً عن الإختصار في الكلمات والإختزال في التعبير لأن الرسالة ليست لبيان الأشواق ، بل لمعرفة الحقائق وكشف الحجب والأستار عن مظلومية الآل علیهم السلام ..

للإجابة على سؤالكم الكريم ، لابد من الأخذ بعين الإعتبار أربعة أمور يتوقف عليها القول بشرعيّة خلافة معاوية :

1 - إن الإمام الحسن علیه السلام بايع معاوية بيعة حقيقية !

2 - إن الإمام الحسن علیه السلام تنازل عن الخلافة لمعاوية !

3 - إن الإمام الحسن علیه السلام بايع مختاراً وبدون ظروف قاهرة !

4 - إن معاوية عمل بشروط البيعة أو الصلح !

وإثبات كل واحدة من هذه المقدمات دونه خرط القتاد ..

وسوف نحاول مناقشتها لبيان عدم إمكانية ثبوتها .

ص: 108

النقطة الأولى : إنّ المصادر التاريخية التي بمتناول أيدينا تثبت عدم حدوث بيعة من الإمام الحسن علیه السلام لمعاوية ، بل لم يكن في الأمر غير المعاهدة والصلح . وهذا غير البيعة كما يشهد له كل من عنده بعض الإلمام بالعربية .

1 - قال يوسف [ بن مازن الراسبي ] : فسمعت القاسم بن محيمة يقول : ما وفى معاوية للحسن بن علي صلوات الله عليه بشئ عاهده عليه . علل الشرائع : 1 / 200.

2 - في كلام له علیه السلام مع زيد بن وهب الجهني قال ( والله لأن آخذ من معاوية عهداً أحقن به دمي وآمن به في أهلي خير من أن يقتلوني…) . الإحتجاج : 2 / 69 / 158 .

3 - ( فوالله لأن أسالمه ) في كلام له علیه السلام مع زيد بن وهب . الإحتجاج : 2 / 69 / 158 .

4 - فلما استتمت ( الهدنة ) على ذلك سار معاوية حتى نزل بالنخيلة . الإرشاد للمفيد : 2 /14.

5 - في رواية له علیه السلام ( إنما هادنت حقناً للدماء … ) . المناقب لابن شهر آشوب .

6 - ( لما وادع الحسن بن علي معاوية ) . الأمالي الشيخ الطوسي أو الصدوق . ومما يؤيد لك أن جميع المصادر التاريخية القديمة حين تذكر أحداث ( عام 41 ) تقول : ( صلح الحسن ) وليست ( بيعة الحسن ) .

النقطة الثانية : هناك فرق واضح بين القيادة الدنيوية وحكومة الناس مهما كانت الوسائل والسبل ، وبين الخلافة الإلهية . فحتى لو سلمنا ببيعة الحسن علیه السلام فهي لا تثبت أكثر من القيادة الدنيوية لمعاوية على الناس ، وهذا لا يعني على

ص: 109

الإطلاق التنازل عن الخلافة والمنصب الإلهي ، بل وليس من صلاحية الإمام ذلك . فتعيينه إماماً للناس وخليفة كان من قبل الله تعالى ، فلا يمكن التنازل عنه وهو كما يعبر عنه الفقهاء من الحقوق التي لا يصح إسقاطها ولا نقلها ، ومما يدل على ذلك الروايات الكثيرة الدالة على ثبوت الخلافة للحسن علیه السلام ( إمامان قاما أو قعدا ) .

ومما يؤيد ذلك ما جاء عن رسول الله صلی الله علیه و آله ( لا يلِينّ مُفاءٌ على مفيء ) أي لا يكون الطليق أميراً على المسلمين أبداً ، ولو تأمر عليهم لكان غاصباً لحق الإمارة ، ظالماً لهم بحكم الشرع والعقل . فحيث كان معاوية طليقاً لم يكن له أن يتأمر على المسلمين . علل الشرايع : 1 /200.

النقطة الثالثة : وهي نقطة مهمة جداً لو أمكن إثباتها لشكلت منعطفاً حاداً في تحليلنا ، ولأمكن أن يقال بوجه ما شرعية قيادة معاوية وحكومته ، وذلك لأن الانسان يحاسب ويؤاخذ على أعماله الإختيارية وليس على ما أكره عليه أو اضطر إليه ، فهو منفي عنه وغير منظور عقلاً ونقلاً ، إذ يستحيل عقلاً أن يكلف العبد ما لا يطيق . مضافاً إلى الآيات والروايات المشيرة إلى هذا المعنى . قال تعالى ( لا يكلّف الله نفساً إلا وسعها ) . و ( ماجعل عليكم في الدين من حرج ) . وقول رسول الله صلی الله علیه و آله : ( رفع عن أمتي تسعة . . وما أُكرهوا عليه . . وما اضطروا إليه ) . وبعد هذه المقدمة نقول :

إن دراسة الظرف الذي عاشه الإمام الحسن علیه السلام يجعلنا نقطع بعدم إمكانية الإحتمال الأول وهو ( الإختيارية ) في حقه وتعيين الثاني . ومعه لا مجال للقول بشرعية خلافة معاوية لأجل تنازل الحسن علیه السلام له ، فهو يؤخذ به لو كان تنازله

ص: 110

طواعية ، وليس كرهاً واضطراراً . ولابد لتعيين الإحتمال الثاني ، من النظر في ثلاثة أمور :

1 - حالة قواد جيش الإمام علیه السلام .

2 - أهل الكوفة .

3 - رؤساء القبائل .

الأول : فإن الإمام أرسل في البدء قائداً من كندة في أربعة آلاف مقاتل ، توجه إلى الأنبار ، فأرسل إليه معاوية بخمسمائة ألف درهم فأخذها وتوجه إليه مع مائتي رجل من خاصته وأهل بيته . ثم أرسل الإمام علیه السلام قائداً من مراد في أربعة الآف ، فكتب لهم معاوية وأرسل له خمسمائة ألف درهم ومنّاه أي ولاية أحب من كور الشام فتوجه إليه الخرائج . ثم أرسل الإمام علیه السلام ابن عمه عبيدالله بن عباس قائداًعلى الجيش فضمن له معاوية ألف ألف درهم ، يعجل له النصف ويعطيه النصف الآخر عند دخوله إلى الكوفة فانسل في الليل إلى معسكر معاوية ! ( رجال الكشي إلا أن فيه مائة ألف درهم ) .

الثاني : إن أكثر أهل الكوفة قد كتبوا إلى معاوية : إنا معك ، وإن شئت أخذنا الحسن وبعثناه إليك . البحار 44 / باب 3 .

الثالث : كتب جماعة من رؤساء القبائل إلى معاوية بالسمع والطاعة له في السّر واستحثّوه على المسير نحوهم ، وضمنوا له تسليم الحسن علیه السلام إليه عند دنوهم من عسكره . الإرشاد للمفيد : 2/12 .

ومن ذلك ما ينقله التاريخ عن قول المختار الثقفي لعمه : هل لك في الغنى والشرف ؟ قال وما ذاك ؟ قال : تستوثق من الحسن وتستأمن به إلى معاوية . الكامل في التاريخ : 3 / سنة 41 .

ص: 111

وإذا رأينا الروايات التي يذكر فيها الإمام سلام الله عليه سبب مصالحته مع معاوية ، لوجدنا أن الطريقة التي استعملها الإمام وهو الصلح ، كانت هي المتعينة لكل لبيب ، ولكل خبير بالأمور العسكرية . فمضافاً إلى ما ذكرناه من النقاط الثلاث نذكر بعض الروايات زيادةً في التوضيح :

1 - هنالك صنف من الروايات يصرّح الإمام علیه السلام بقوله : لولا ما أصنع لكان أمرٌ عظيم . وبالتأكيد إن هذا الأمر العظيم من الخطورة والأهمية بمكان ، بحيث يفضل الإمام علیه السلام الصلح عليه ، ولعلّه يدخل في باب التزاحم كما يعبّر عنه الفقهاء. وتجد هذا المعنى من الروايات في المصدر التالي : علل الشرائع : 1 / 200.

2 - الصنف الآخر من الروايات يتحدث عن السبب بما حاصله ( لولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحدٌ إلا قُتل ) ! وهذا القسم يعطينا صورة أوضح وأدق من الأول ، ويمكن أن يكون شرحاً للأمر العظيم الذي عبّرت به الروايات في الصنف الأول . تجد ذلك في علل الشرائع : 1/ 200 .

3 - الصنف الثالث يصرّح بالقول ( والله الذي عملت خير لشيعتي مما طلعت عليه الشمس أو غربت ) . تجد ذلك في روضة الكافي ص 330 . والإحتجاج 2 / 68 رقم 157. وكمال الدين 1/ باب 29 / رقم 2 وفرائد السمطين 2 / رقم 424.

4 - الصنف الرابع من الروايات يقول ( والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلماً ) . وهذا الصنف من الروايات يشير إشارة واضحة إلى ما أثبتناه في بداية النقطة الثالثة من الوضعية الحسّاسة والحرجة في جيش الإمام ، والقلوب المريضة والضعيفة التي كانت تحكم الوضع آنذاك . تجد ذلك في : الإحتجاج 2 / 69 ، رقم 158 .

ص: 112

5 - الصنف الخامس ، يقول (فوالله لأن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسيره أو يمنّ عليّ فتكون سبّة على بني هاشم إلى آخر الدهر ، ومعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحيّ منّا والميت ) . الاحتجاج 2 / 69 ، رقم 158 .

6 - خطب الإمام الحسن علیه السلام بعد وفاة أبيه : (وكنتم تتوجهون معنا ودينكم أمام دنياكم ، وقد أصبحتم الآن ودنياكم أمام دينكم ، وكنا لكم وكنتم لنا ، وقد صرتم اليوم علينا…) ( أعلام الدين للديلمي . أسد الغابة 2/13 . الكامل في التاريخ 3 / سنة 41 . تاريخ الإسلام للذهبي/ عهد معاوية سنة 41 . سير أعلام النبلاء 3/269 . تذكرة خواص الأمة – 114) .

7 - قال الإمام الحسن علیه السلام لخارجي عاتبه على صلحه : (إن الذي أحوجني إلى ما فعلت : قتلكم أبي ، وطعنكم إياي وانتهابكم متاعي ) . الكامل :3/ سنة 41 تاريخ للذهبي / سنة 41 وقريب منه : الطبري في تاريخه 5 / 165.

8 - قول الإمام الحسن لحجر بن عدي : ( وإنما فعلت ما فعلت ، إبقاء عليكم ) . تنزيه الأنبياء للشريف المرتضى ص 223 .

9 - قول الإمام سلام الله عليه حينما عذلوه على الصلح : ( لا تعذلوني فإن فيها مصلحة ) . المناقب لابن شهر آشوب .

ولو لاحظنا التشبيه الذي يستعمله الإمام في بيان الهدف من صلحه لحصلنا على المزيد من القناعة بأن صلحه لم يكن إلا لمصلحة كبرى يقتضيها الإسلام ولا تعني على الإطلاق أهلية معاوية للخلافة .

1 - في كلام يخاطب به علیه السلام أبا سعيد فيقول له : ( علة مصالحتي لمعاوية علة مصالحة رسول الله صلی الله علیه و آله لبني ضمرة وبني أشجع ، ولأهل مكة حين انصرف من الحديبية ) . علل الشرائع 1 / 200.

ص: 113

2 - شبه جهلنا بالحكمة الداعية للصلح بقضية الخضر وموسى على نبينا وآله وعليهما الصلاة والسلام ، فقال علیه السلام : ( ألا ترى الخضر علیه السلام لما خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى علیه السلام فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي ) . علل الشرائع 1:/200

3 - ( وقد جعل الله هارون في سعة حين استضعفوه وكادوا يقتلونه … وكذلك أنا ) . الإحتجاج : 2 / 67 ، رقم 156.

النقطة الرابعة والأخيرة : قبل بيان وفاء معاوية للحسن علیه السلام بالشروط لابد من ذكر البنود التي اشترطها الإمام على معاوية ، وإن كان من المؤسف جداً أن التاريخ أجحف مرّة أخرى بعدم ذكره التفصيلي لجميع البنود ، وإنما حصلنا على شذرات من هنا وهناك ، ومن هذه البنود :

1 - أن لا يسمّيه أمير المؤمنين . علل الشرايع : 1 /200 .

2 - لا يقيم عنده شهادة . علل الشرايع : 1 /200 .

3 – لا يتعقب على شيعة علي علیه السلام شيئاً . علل الشرايع : 1/200

4 - أن يفرق في أولاد من قتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد من قتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم ، وأن يجعل ذلك من خراج دارا بجرد . علل الشرايع: 1 / 200 . الكامل في التاريخ : 3 / سنة 41 .

5- وأن لا يشتم علياً . الكامل في التاريخ : 3 / سنة 41 . وقريب منه سير أعلام النبلاء : 3/ 264 . تهذيب ابن عساكر : 4/222.

ولو تأمّلنا في هذه البنود لوجدناها بنفسها تنفي الخلافة عن معاوية ، وهذا من تدبير الإمام علیه السلام . فمن المسلم به أن الإمام من المؤمنين بل على رأسهم فإذا كان معاوية ليس أميراً للمؤمنين عملاً بالبند الأول ، فهذا يعني أنه ليس أميراً على

ص: 114

الحسن علیه السلام ، بل على سائر المؤمنين ، وكذلك البند الثاني ! فكيف يكون الإنسان خليفة ولا تجاز عنده الشهادات .

مضافاً إلى هذا ، وذاك فإن التاريخ يصرح بإن معاوية لم يفِ للحسن بن علي علیه السلام بشئ عاهده عليه . ( لاحظ : في الكامل : 3 / سنة 41 : قوله فطلب أن لا يُشتَم أي علي وهو يسمع فأجابه إلى ذلك ثم لم يفِ به أيضاً ) .

وأخيراً .. فقد بات من الواضح عند الجميع أن الصلح لا يمثل إعطاء خلافة لمعاوية ولا تنازلاً عنها ، ولا أي شئ من هذا القبيل .

وعذراً للتطويل فإن الأمر يستحق ذلك . والسلام عليكم ورحمة الله .

- وكتب ( حر ) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 27-12-1999 ، الثانية والنصف صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( جواب إلى محمد إبراهيم حول سؤاله حول صلح الإمام الحسن علیه السلام ) ، قال فيه :

كتب محمد إبراهيم : الزميل ناصر .. ليس الحديث عن إمامة سيدنا الحسن بل هو عن الإشكالية التي تضعون فيها أنتم سيدنا الحسن عندما تتهمون معاوية بهذه التهم ، ومع ذلك يتنازل سيدنا الحسن له بالخلافة ، ويسلمه رقاب المسلمين ؟ إذا كان سيدنا الحسن معصوماً فكيف يرضى بتسليم ولاية أمر المسلمين لفاسق مراب شارب خمر ، وغير ذلك مما تزعمون ؟

وإذا كان سيدنا الحسن يعلم الغيب ، ألم يكن يعلم أن معاوية سوف يغدر به بعد الصلح ولا ينفذ بنود الصلح ( حسب زعمكم ) ومن ثم يسمم سيدنا الحسن ( بحسب زعمكم ) ؟

المخرج الوحيد لهذه الإشكالية التي وضعتم بها سيدنا الحسن هو :

ص: 115

أولاً : عدم الإيمان بعصمته أو بعلمه الغيب ، فهو ليس بنبي ولا إله .

وثانياً : تنزيه معاوية من هذه الإفتراءات ، لأن الافتراء على معاوية بهذه الطريقة . هو افتراء على سيدنا الحسن .

- ثم كتب ( حر ) ، بتاريخ 27-12-1999 ، الثانية والثلث صباحاً :

محمد إبراهيم المحترم .. أرد الجواب لأنك في الحوار لا تستعمل ألفاظاً لاتناسب مقام الإنسانية ، وتحمل إسماً جميلاً في ساحة الحوار وهو محمد إبراهيم . أطرح لك سؤالاً : إذا دار الأمر بين حسن أو حسين ، وبين يزيد أو معاوية .. ترجح من ؟ سيدا شباب أهل الجنة ؟ أو الأشخاص الذين لعنهم الرسول عند مشاهدتهم . أي : اللهم العن الراكب والراجل .. ( رواية معروفة عندكم ) . وكان الراكب والراجل... معاوية ويزيد و... هل التاريخ ينقل أن معاوية أمر الناس أن يلعنوا علياً على المنابر ؟ هذا متواتر ! هل اللعن في حق من قال الرسول في حقه : من سب علياً فقد سب الله سبحانه ، ومن آذى علياً فقد آذاني ، ومن فارق علياً فقد فارقني .. حب علي إيمان وبغضه نفاق .. إن علياً أحب الرجال إلى النبي .. إن علياً أحب الخلق إلى الله ورسوله أمر النبي بحب علي .. أقضاكم علي .. من كنت مولاه فهذا علي مولاه .. علي مع الحق والحق مع علي .. علي سيد العرب والعجم .. علي قسيم الجنة والنار .. علي سيد في الدنيا وسيد في الآخرة .. علي مع القرآن والقرآن مع علي .. إن علياً أحلم الناس وأعلمهم وأفضلهم .. إن علياً أسد الله وسيفه في أرضه .. مبيت علي في فراش النبي .. وكثير من الأحاديث التي ذكرت في كتبكم المعتبرة ( وأي حديث من أحاديث التي ذكرتها أنا حاضر أن أرد عليك مع ذكر الكتاب والصفحه والحديث ) . هذا كان مقدمة للجواب .

ص: 116

أولاً : من هم آل محمد ؟ راجع تاريخكم ! لكن للإختصار أذكر بعض الإسناد .. موجود أمامي ما يقارب 10 كتب تنقل : أن آل محمد هم علي وحسن حسين وفاطمة علیهم السلام : ( مسند أحمد 6 / 296و323 .. والدر المنثور في ذيل تفسير آية التطهير .. مستدرك الصحيحين 3 / 108 و148 و847 .. مشكل الآثار - 334 . وكنز العمال 7 / 92 و103 و217 . 6 / 405 , و. . . .

وفي المرحلة التالية : نرى أن آية التطهير باعتراف كثير من المؤرخين والمفسرين نزلت في حق هولاء الأربعه والرسول . ( المدرك : ما يقارب 50 كتاب . ومن جملتها : صحيح مسلم في فضائل الصحابة - باب فضل علي . مسند أحمد 1/ 330 . و4 /107 . و6 / 292 و306 . الدرالمنثور في تفسير آية التطهير ، و. . .

وفي أن النبي باهل بعلي وفاطمة والحسن والحسين . ( المدارك ما يقارب 20 من جملتها : صحيح مسلم في فضائل علي . ومسند أحمد . ومستدرك الصحيحين 3 /150 ،و...

وعلى هذا نرى الروايات الواردة في حق هولاء لا تحصى بسهولة من أنهم أمان الأمة ، وأن كل نسب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي ، وأن آل محمد لا يعذبهم الله .

وفي الآيات النازلة في حقهم ، وأنه لا تقبل الصلاة حتى يصلى فيها على محمد وآل محمد، وفي كيفية الصلاة عليهم ، وأنهم أمان الأمة ، وسفن النجاة، ونزول آية المباهلة في حقهم ، وأخذهم الرسول للمباهلة ، والمقصود من ذوي القربى في الآية علي وفاطمة والحسن والحسين ، فاسألوا أهل الذكر ، هم آل محمد ، وأولو الأمر في الآية هم آل محمد وعلي … لا أريد أن أطوّل عليك . هذه الروايات والتفاسير نزلت في آل محمد وبينوا لنا من هم آل محمد من جملتهم الحسن علیه السلام .

ولنر ما قال الرسول والمفسرون في معاوية :

ص: 117

معاوية يترك السنة ! سنن النسائي 5/253، البيهقي 5/113 مسند أحمد 1/ 217

كان معاوية ينهي عن التلبية ! المحلى : 7/136 .

كان يحكم بجمع الأختين ! الدر المنثور: 2 /137 .

معاوية يلبس الذهب والحرير ! سنن النسائي : 2/186 .

لما استشهد علي . قال معاوية: الحمد لله الذي أمات علياً ! البداية والنهاية.

دس السم معاوية للحسن ! الإستيعاب 1/141 ، ابن عساكر 4/ 229 ، و ....

لما بلغ معاوية موت الحسن خر ساجداً لله ! العقد الفريد : 2/298 .

معاوية قتل عمرو بن الحمق الخزاعي وحجر بن عدي ومالك الأشتر !

عيون الأخبار : 1/201 . تاريخ الطبري : 6/54 ، و.....

لما قتل محمد بن أبي بكر ألقاه في جيقه حمار ثم أحرقه النار !

تاريخ الطبري 6/58 و61 ، الكامل 4/351 ، ابن كثير 7/313 .

ومعاوية يلعن علياً ! صحيح مسلم : 7 / 120 .

وأمر معاوية بلعن علي على المنابر ! ( تاريخ الخلفاء - 190 ، وابن عساكر 2/47 والمستدرك 1/ 358 و385 ، والطبري 5/167و68، والكامل 3/413 ، و. . . ! !

قال النسائي : لا أعلم لمعاوية فضيلة ! سير أعلام النبلاء :14/132 .

قال الشوكاني : لا يصح في فضائل معاوية حديث ! ( الأحاديث الموضوعة تاريخ الطبري : سنة 51. ابن الأثير : حديث 2023 و209 . وابن عساكر 2 / 379 ) !

كان معاوية يتم الصلاة في السفر ! أعمال معاوية، موجود قريب 60 سندا لمخالفتها للسنة . مسند أحمد 1/188 و5/319 و347 . صحيح مسلم 5/43 و7 /120 و..

ولحفظ الإسلام صالح الحسن علیه السلام ، وهناك مسألة أهم ومهم ، ما جوابك يا محمد إبراهيم ؟ دار الأمر بين تدمير الإسلام أو فناء نفس لحفظ الدين ، أفنى الحسن علیه السلام نفسه حتى يبقى الإسلام . أسألك .. هل كان للرسول صلح ؟ نفس

ص: 118

السوال الذي طرحته أسأله منك : هل الرسول خاف أو رأى مصلحة المسلمين . وشكراً .

- فكتب ( تقي ) ، بتاريخ 27-12-1999 ، العاشرة ليلاً :

جزاك الله خيراً ، يا حر .

- وكتب ( محمد إبراهيم ) بتاريخ 28-12-1999 ، الحادية عشرة ليلاً:

الزميل ( حر ) : أشكرك على الإطراء الذي لا أستحقه .

لاخلاف عند أهل السنة والجماعة بأن سيدينا علياً والحسن هما أفضل وأكرم من معاوية ويزيد. ولانحتاج إلى أحاديث ضعيفةوموضوعة لنثبت ذلك ، وذلك لأن معظم الأحاديث التي رويتها أنت في فضل سيدنا علي هي ضعيفة وموضوعة. أنت تقول أن رواية ( اللهم العن الراكب والراجل ) هي رواية معروفة عندنا . وأنا أقول لك أنها ليست كذلك أبداً ، فأرجو أن تذكر لنا مصدر هذه الرواية . . ؟

من الثابت في القرآن الكريم أن آية التطهير نزلت في أمهات المؤمنين رضي الله عنهن ، ومن الثابت في السنة أن آل البيت هم أولاً أمهات المؤمنين (بنص القرآن الكريم ) ومن ثم آل علي وآل العباس وآل جعفر وآل عقيل ، وهؤلاء هم من حرَّمَ الرسول صلى الله عليه وسلم عليهم الميراث والصدقة ، هذا على وجه الخصوص . أما على وجه العموم فإن آل البيت يشمل أتباع النبي صلى الله عليه وسلم ، قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لسلمان الفارسي ( سلمان منا أهل البيت ) . وتوجد روايات شيعية بأن الزبير كان من أهل البيت قبل خلافه مع سيدنا علي ولا تحضرني الآن ، ولكن يمكنك أنت أن تعثر عليها بسهولة .

ص: 119

والأحاديث التي أنت رويتها أيضاً في فضل أهل البيت لا تخلو من الضعيفة والموضوعة ، ولا داع لها لأن أهل السنة والجماعة يقرون بفضل آل علي رضي الله عنهم أجمعين وأرضاهم ، ومكانتهم محفوظة وموقرة عندهم ، وحبهم لدينا كبير بدون تقصير أو مغالاة .

في قولك إن معاوية حارب علياً وآل البيت نقص ، من حيث عدم شرح الدوافع الحقيقية لحرب صفين ، حيث أنها امتداد لتداعيات قتل الشهيد سيدنا عثمان ، وما حصل بعده من موقعة الجمل ، ومن ثم موقعة صفين حتى استشهاد سيدنا علي بيد الخارجي عبد الرحمن بن ملجم لعنه الله .وما قلته عن إرادة معاوية تدمير الإسلام وأكل الربا وشرب الخمر وسب سيدنا علي ، يفنده جميعاً تنازل سيدنا الحسن بالخلافة له ، وهو المعصوم حسب عقيدتكم .

سيدنا الحسن لم يفن نفسه لبقاء الإسلام بل مات غدراً بالسم ، ولوكان ما تقوله صحيحاً أن سيدنا الحسن كان ينوي أن يفني نفسه بالإسلام لقاتل حتى يستشهد بالرغم من عدم وجود النصرة ، ولكان لم يعط الشرعية لحكم معاوية بتنازله بالخلافة له .

ولكن ما فعله سيدنا الحسن بإعطاء الخلافة لمعاوية وهو أحد الصحابة الذين نزكيهم مما تذكرونه عنه ، فيه خير كثير حيث حقن دماء المسلمين ، مع اعترافنا أنه ببداية عهد خلافة معاوية فإنه قد انتهت الخلافة الراشدة .

لقد قلنا من قبل أن صلح الحديبية يختلف عن صلح سيدنا الحسن ومعاوية . والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتصرف بوحي إلهي ، لأنه نبي مرسل ومعصوم من ناحية تبليغ رسالة ربه . بينما ينتفي كل هذا مع سيدنا الحسن . فلو قلتم أن سيدنا الحسين يتصرف بوحي إلهي لجعلتم خلافة معاوية شرعية بوحي

ص: 120

إلهي . ولو قلتم أن سيدنا الحسن معصوم لجعلتم تنازله بالخلافة لمعاوية صواباً ، واختياره لمعاوية خليفة للمسلين صواباً ، وحكم معاوية شرعياً .

كما أن صلح الحديبية كان بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمسلمين من ناحية وبين المشركين من ناحية أخرى . أما صلح الحسن ومعاوية فهو بين طائفتين من المسلمين ، وهو صلح على الخلافة الإسلامية ، حيث أنكم تقولون أن سيدنا الحسن قد سلم حكم المسلمين إلى من ينهى متعمداً عن التلبية ، ويحكم بجمع الأختين ، ويلبس الذهب والحرير ، ويحمد الله على موت سيدنا علي ، ويقتل الناس بدون وجه حق ، ويلعن سيدنا علياً ، ويتم الصلاة في السفر ، ويشرب الخمر ، ويأكل الربا ، وغير ذلك ، فإننا نرى أن في هذا طعناً في سيدنا الحسن قبل معاوية ، ولذلك سأورد هنا ما وجدت فيما اتهمتم به معاوية .

بالنسبة لما ذكرته من نهي معاوية عن التلبية في كتاب المحلى : 7 / 136 : ( وعن ابن عيينة، عن عبيد الله بن أبي يزيد ، يقول : تلبي حتى ينقضي حرمك إذا رميت الجمرة . وعن سفيان الثوري ، عن عبد الله بن الحسن ، عن عكرمة قال : كنت مع الحسين بن علي فلبى حتى رمى جمرة العقبة ، قال أبو محمد وكان معاوية نهى عن ذلك ) . وهذه مسألة خلافية تكلم عنها بن حزم في نفس الكتاب المحلى : 7 /135 : ( وأما قولنا لا يقطع التلبية إلا مع آخر حصاة من جمرة العقبة ، فإن مالكاً قال : يقطع التلبية إذا نهض إلى عرفة ) . .

بالنسبة لما رويته عن حكم معاوية بالجمع بين الأختين في الدر المنثور : 2/ 137 … ( لم يذكر محمد إبراهيم هنا شيئاً ) ! ثم قال : بالنسبة لما أوردته عن معاوية يلبس الذهب والحرير. جاء في سنن النسائي باب تحريم الذهب على الرجال : حدثني بن حمان قال : حج معاوية فدعا نفراً من الأنصار في الكعبة فقال : ألم

ص: 121

تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الذهب ؟ قالوا : نعم . قال : وأنا أشهد . . . ( يقصد محمد إبراهيم أن معاوية روى تحريم لبس الذهب ) .

ثم قال محمد ابراهيم : بالنسبة لما ذكرت أن معاوية قال : الحمد لله الذي مات علياً ! في كتاب البداية والنهاية . فإنني لم أعثر عليه ( عجباً ) بل عثرت على التالي في : 8 / 17 : ( وقال جرير عن مغيرة قال : لما جاء نعي علي بن أبي طالب إلى معاوية وهو نائم مع امرأته فاختة بنت قرطة فى يوم صائف جلس وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون وجعل يبكي ، فقالت له فاختة : أنت بالأمس تطعن عليه واليوم تبكى عليه . فقال : ويحك إنما أبكي لما فقد الناس من حلمه وعلمه وفضله وسوابقه وخيره ) .

أما روايات سم معاوية لسيدنا الحسن فلا يقبلها العقل ، لأنه لايوجد سبب لذلك ( ! ) فسيدنا الحسن قد تنازل بالحكم لمعاوية منذ سنين ، وبذلك فهو قد قدم لمعاوية خدمة . وموته خسارة لمعاوية أكثر من حياته .

وقد جاء في البداية والنهاية لابن كثير : 8 / 43 عن روايات سم معاوية لسيدنا الحسن . ( وعندى أن هذا ليس بصحيح ، وعدم صحته عن أبيه معاوية بطريق الأولى والأخرى ) .

فما عثرت عليه من المعلومات التي أوردتها هي ليست على ما صورت لنا . فمثلاً قولك أن معاوية كان يلبس الذهب والحرير اتضح أن معاوية كان يروي أحاديث تنهى عن لبس الذهب والحرير !

بالنسبة لما ذكرته عن لعن معاوية لسيدنا علي ، في صحيح مسلم والمستدرك ، فأرجو أن تورد النص ، لأنني لم أعثر على ما يدل على ما أشرت عليه في تلك المواضع . وكذلك ما ذكرته في إتمامه للصلاة في السفر ولعنه سيدنا علياً في

ص: 122

قنوته وغير ذلك في مسند أحمد وصحيح مسلم . أرجو أن تورد النص لأنني لم أعثر عليها في تلك المواضع .

في النهاية : أكرر أنه لا خلاف في أن سيدينا علياً والحسن هما أكرم من معاوية وذريته . ولكن هذا ليس مبرراً للتهجم على الرجل ، الذي رأى سيدنا الحسن أن كفؤ لحكم المسلمين ، وأن نأتي بأخبار غير صحيحة أو على الأقل غير ثابتة في حق الرجل ، لا لشئ إلا لأنه خالف سيدنا علياً في قضية كانت نتيجة لفتنة بدأت في عهد ذي النورين عثمان . والتاريخ يخبرنا من بدأ هذه الفتنة وماذا كانت نتائجها ! ولا ننسى أن طعننا في ذمة معاوية وفي حكمه هو طعن في سيدنا الحسن ، وهذا ما لا نقبله !

- وكتب ( حر ) ، بتاريخ 29-12-1999 ، الواحدة صباحاً :

الأخ محمد إبراهم . أرغب أن أرد على جوابك بالترتيب :

أولاً : باعتراف مفسريكم قاطبة ، هذه الآية نزلت في حق محمد وعلي وفاطمة الحسن والحسين . أما ما هو الدليل فراجع : صحيح مسلم 2/368 . وصحيح الترمذي 5/330 . والمستدرك على الصحيحين 3/113و146و158. و2/ 416 . وتلخيص المستدرك . والمعجم الصغير 1/ 65و135 . وشواهد التنزيل 2 /11و92 . وخصائص النسائي 4 . . . إلى آخر سلسلة المصادر التي كتبها ( الحر ) وختمها بقوله : محمد إبراهيم .. أرجو أن تكون منصفاً في الحوار ، راجع هذه الكتب وانظر كيف يفسرون آية التطهير ؟ أنا قرأت رسالتك وأرى أن أرد على كل جملاتك بعد الإنتهاء من إشكالك الأول .

أما ادعائك بأن آية التطهير نزلت في حق نساء الرسول حسب ادعاء المفسرين في هذه الكتب ، فهو ادعاء باطل ، ولذا أقول أولاً : الآية نزلت في

ص: 123

العترة الطاهرة الخمسة ، وهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين . وهذا ما استفدناه من كتبكم . ماذا تقول يا محمد ؟ والسلام .

( وقد أجابه محمد ابراهيم عن آية التطهير ، ولا نستطرد في ذلك لأن محله في بحث آية التطهير ومصطلح ( أهل البيت النبوي في الإسلام ) .

- وكتب ( السيد الأكبر ) ، بتاريخ 29-12-1999 ، السابعة مساءً :

إلى الزميل محمد إبراهيم .. لقد رددت على رسالتك في موضوع ( إلى الشيعة ، صلح الحسن رضي الله عنه اعتراف بخلافة معاوية ) ، وقد ادعيت بأن رسالتي السابقة كانت مليئة بالمغالطات والتضارب ، وقد رددت على ما قلت ، لكنك لم ترد عليَّ !!

قلت : بأنه لايصح تشبيه صلح الحديبية بصلح الإمام الحسن مع معاوية ..

أقول : دعني أسألك سؤالاً بسيطاً : ما هو حكم الخارج على إمام زمانه ؟ وما هو الفرق بين المشركين ومن يخرج على إمام زمانه ؟!! إذن فهذه ليست مغالطة ، والمثال هنا في محله .

أما بالنسبة للصلح فأقول : دعني أن أكتب لك بنود الصلح حتى تكون على بينة من المواد المدرجة تحت هذا الصلح ، ومن ثم سوف أعلق عليه وأرد على باقي إشكالاتك.. ( من كتاب صلح الحسن للشيخ راضي آل ياسين ) :

المادة الأولى : تسليم الأمر إلى معاوية ، على أن يعمل بكتاب الله وبسنة رسوله صلی الله علیه و آله وبسيرة الخلفاء الصالحين .

المادة الثانية : أن يكون الأمر للحسن علیه السلام من بعده ، فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين ، وليس لمعاوية أن يعهد به إلى أحد .

ص: 124

المادة الثالثة : أن يترك سب أمير المؤمنين علیه السلام ، والقنوت عليه بالصلاة ، وأن لا يذكر علياً إلا بخير .

المادة الرابعة : استثناء ما في بيت مال الكوفة ، وهو خمسة آلاف ألف فلا يشمله تسليم الأمر . وعلى معاوية أن يحمل إلى الحسن علیه السلام كل عام ألفي ألف درهم ، وأن يفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس ، وأن يفرق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل ، وأولاد من قتل معه في صفين ألف ألف درهم ، وأن يجعل له خراج دار أبجرد ولاية بفارس على حدود الأهواز .

المادة الخامسة : على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله ، في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم ، وأن يؤمن الأسود والأحمر ، وأن يحتمل معاوية ما يكون من هفواتهم ، وأن لا يتبع أحداً بما مضى ، وأن لا يأخذ أهل العراق بإحنة . وعلى أمان أصحاب علي حيث كانوا ، وأن لاينال أحداً من شيعة علي بمكروه ، وأن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم ، وأن لايتعقب عليهم شيئاً ، ولايتعرض لأحد منهم بسوء ويوصل إلى كل ذي حق حقه ، وعلى ما أصاب أصحاب علي حيث كانوا .

وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ، ولا لأخيه الحسين علیهما السلام ، ولا لأحد من أهل بيت رسول الله غائلة ، سراً ولا جهراً ، ولا يخيف أحداً منهم ، في أفق من الآفاق .

عند التمعن في المادتين الأولى والثانية يتضح أمر تسليم الخلافة إلى معاوية ضمن شروط في غاية الأهمية. وهو أن يعمل بكتاب الله وبسنة رسوله صلی الله علیه و آله وبسيرة الخلفاء الصالحين، أي أن الحسن علیه السلام لم يصالح معاوية بلا شروط ، بل

ص: 125

ألزمه بأشياء هو علیه السلام يعلم بأن معاوية لن يلتزم بها ( ليس عن طريق علم الغيب كما ادعيت بأن الشيعة تعتقد بذلك ) وإنما لمعرفة الإمام الحسن علیه السلام بجاهلية معاوية وخبث ما يضمره من حقد وفساد في قلبه ، فلزمه بما يضمن ولو بشكل ضئيل مسيرة الأمة الإسلامية .

والمادة الثانية تعتبر قاطعة بلاشك لخلافة بني أمية ، حيث أنه طبقاً لها فإنه ليس لمعاوية أن ينصب أي خليفة من بعده ، بل الخلافة بعده إلى الحسن علیه السلام ، وإذا حدث حادث له ، فتصير إلى الحسين علیه السلام ، أي في النهاية ، فإن الخلافة راجعة لأهل بيت العصمة والطهارة علیهم السلام . ولو تلاحظ بقية البنود فهي تعتبر مكاسب للإمام الحسن علیه السلام ..

قد تقول : كيف ؟! فأقول : لما كان معاوية يسب علياً علیه السلام وأمر بسبه على المنابر في الشام وفي الصلاة ، بالإضافة إلى سلب حقوق الناس ومحاربة أهل البيت وصحابة علي علیه السلام .. فإن المواد الثلاثة الباقية تكفل امتناع معاوية من السب وحقوق الناس وحفظ حقوق أهل البيت وأصحاب علي علیه السلام بغض النظر عما إذا كان معاوية سيلتزم بالصلح ، أم لا . وهذه الأمور على بعضها تعتبر مكاسب للأمة الإسلامية حيث سواد نوع من الأمن وحفظ للحقوق بالإضافة إلى رجوع الخلافة لأهل البيت علیهم السلام .

أما بالنسبة للإشكالات التي طرحتها ( المغالطات كما تزعم ) فأقول :

1 - من قال بأن أهل البيت علیهم السلام يعلمون الغيب ؟! قال تعالى : (وعنده مفاتح الغيب لايعلمها إلا هو ) الأنعام- 59 ، فالأئمة علیهم السلام لايعلمون الغيب ولكن بتعليم من الله سبحانه . وفي هذا فإنه ليس من المعلوم بالدليل القطعي بأن الإمام الحسن علیه السلام يعلم ماسيحدث بعد الصلح عن طريق علم الغيب ، بل كما بينا فإنه يعلم

ص: 126

بأن معاوية سيغدر بسبب معرفته لمعاوية حق المعرفة ، كما أوضحت ذلك أعلاه . فلا احتياج لعلم الغيب حتى يعرف الإمام علیه السلام ما سيفعل معاوية .

2 - أنت تقول : ولو كان معصوماً كما تزعمون هل يتنازل عن الأمر إلى من سوف يستبد به ، ولا يتبع ما اصطلحا عليه ؟

أقول : وما هي العلاقة بين عصمة الإمام الحسن علیه السلام وهي ثابتة لاغبار عليها وبين التنازل كما تزعم ؟! لقد بينت لك أسباب الصلح ونتائجه وأهداف الإمام الحسن علیه السلام من وراء هذا الصلح ، في مشاركتي السابقة في هذا الموضوع ، ويمكتك الرجوع إليها .

3 – قلت : أنتم تزعمون أن سيدنا الحسن يخلو من الحكمة والفطنة ، بحيث أنه يتنازل عن الخلافة ويسلم الأمر كله إلى معاوية ، لكي يثبت أن معاوية على خطأ ؟!

أقول : يجب عليك قراءة رسالتي الأخيرة بشكل واضح .. من الذي قال بأن الإمام الحسن علیه السلام يخلو من الحكمة والفطنة ؟! فإذا أنت استنتجت من كلامي هذا ، فقد ذهبت بعيداً أشد البعد عن مقصودي . والغريب من كل هذا أنك استنتجت هذه الفكرة من كلامي على الرغم من أنني بينت مدى عبقرية الإمام الحسن علیه السلام وذكاءه في كشف مخططات معاوية وإظهاره للناس بشكله الجاهلي ، وقلب هذه المخططات بحنكته السياسية ، والتمهيد لقيام ثورة عارمة ضد معاوية .. هل كل هذه الثمار والنتائج كفيلة بإيقاظ الناس من غفلتهم ، وإعادة النظر في نصرتهم لأهل البيت علیهم السلام .

وباختصار : حفظ الإسلام الصحيح من الإنقراض ، لايستدعي قبول الإمام الحسن علیه السلام بالصلح ! أذكرك بصلح الحديبية حين كان الإمام علي علیه السلام يكتب

ص: 127

بنود الصلح والنبي صلی الله علیه و آله يملي عليه ، حين اعترض سفير المشركين على النبي صلی الله علیه و آله إذ أملى إلى علي علیه السلام بأن يكتب ( رسول الله ) فأمر النبي صلی الله علیه و آله علياً بأن يمسحها. هل ننعت النبي بالتنازل عن النبوة والرسالة ؟! وهل نقول بأنه (يخلو من الحكمة والفطنة) لأنه تنازل عن لقب هو يستحقه ؟ طبعاًَ لا… فإن نبوة ورسالة محمد بن عبدالله صلی الله علیه و آله قائمة سواء كتب في أعلى الصلح (رسول الله) أم لم يكتب . وإنما فعل ذلك صلی الله علیه و آله لأن لديه هدفاً أسمى وأعلى ، وهو زيارة مكة للإعتمار . وهو رسول الله رغم أنف المشركين بأجمعهم .

وكذلك الحسن علیه السلام رأى من وراء الصلح مايوصله لأهدافه ( راجع رسالتي السابقة ) ، ولكن ذلك لايعني بأنه ليس إماماً ، فهو إمام رغم أنف معاوية وأتباع معاوية . ولا تنسَ حديث النبي صلی الله علیه و آله حين قال عنه وعن أخيه الحسين علیهما السلام : ( الحسن والحسين إمامان ، قاما أو قعدا ) . فإمامته موجودة وإن قام بالصلح مع معاوية ، لأننا نعتقد بأن الإمامة منصب من قبل الله تعالى وليس بالإختيار والشورى ، وليس للناس حق في تعيين الخليفة ، فلا يعتبر معاوية خليفة وإن صالحه الحسن علیه السلام .

4 – قلت : لماذا كان جيش سيدنا الحسن ( وهم الشيعة بزعمكم ) متذبذباً وشكاكاً في إمامته ، بينما جيش معاوية راسخ ؟؟

أقول : هناك عدة عوامل كانت محصلتها تذبذب جيش الإمام الحسن علیه السلام ، وهي الظروف المعقدة القاسية التي عاشها منذ بداية عهد إمامته :

1 - بدأ الإمام الحسن حكمه مع جماهير لاتؤمن إيماناً واضحاً كاملاً برسالية معركته وبأهدافها ، فكانت الخوارج في الكوفة وهي متعاونة مع الحزب الأموي على حياكة المؤامرات الخطيرة ضد الإمام الحسن علیه السلام .

ص: 128

2 - وجود الشكاك ، وهم المتأثرون بدعوة الخوارج من دون أن يكونوا معهم فهم المذبذبون لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فغلب عليهم طابع الإنهزام .

3 - كما نعلم بأن معاوية إذا أراد الوصول إلى غاية ، فإنه يستخدم أي وسيلة للوصول إلى غايته مهما كانت . وكان عمرو بن العاص ساعده الأيمن في المكر والخداع . ولذا اشتهرت في تلك الفترة (فترة تسلم الإمام الحسن علیه السلام لزمام الخلافةحتى مرحلة الصلح ) الخيانات وشراء معاوية لزعامات القبائل وبث الشك بين جيوش الإمام ، وما إلى ذلك . وفي المقابل كان جيش معاوية متماسكاً لأن معاوية قد اشترى القادة بأمواله (أموال بيت المال طبعاً ) وأعطاهم الأراضي ، وأوعدهم بالكثير من المال .

هذا من جهة ، ومن جهة أخرى لم يستخدم الإمام الحسن علیه السلام نفس أساليب معاوية ، فقد كان له أن يغري أصحاب الزعامات وأصحاب النفوذ ، لاستمالتهم إلى جانبه ، وقد اقترح عليه البعض هذا الخيار لكنه رفضه وقال : ( أتريدوني أن أطلب النصر بالجور ، فوالله ما كان ذلك أبداً ) .

وباختصار : فإن جيش معاوية قائم على الإغراءات والأموال ، بينما جيش الحسن علیه السلام كان قائماً على مدى اعتقاد الجيش برسالية المعركة ، وليس بوعود سنها الإمام علیه السلام لإكمال جيشه .

4 - قلت : هل يخاف سيدنا الحسن من الإستشهاد في سبيل الحق كما استشهد أبوه من قبل رضي الله عنهما ؟

أقول : ومن قال بأنه يخاف من الإستشهاد؟! دعني ألفت نظرك إلى الشهادة من وجهة نظر أئمة أهل البيت علیهم السلام . يقول الإمام علي بن الحسين زين العابدين علیه السلام : ( الموت لنا عادة ، وكرامتنا من الله هي الشهادة ) . والدليل على ذلك هو

ص: 129

أن الإمام الحسن علیه السلام تجهز للحرب وأعد العدة لها ، إلا أن الخيانات التي حدثت بين صفوفه ، وخوفه من أن يذهب دمه هباءً منثوراً دون نتائج تخدم الإسلام ، رأى أن يصالح .

دعني أذكر لك إحدى الأحداث الدالة على الخيانات :

بعد وصول الأمر في جمهور الإمام علیه السلام إلى حد الخيانة والإنحياز إلى جانب معاوية طمعاً ، بما يغدقه عليهم من المال والجاه وبما يهيؤه لهم من الإستقرار، ذهب زعماء الكوفة إلى الإمام ، يظهرون له الولاء ويقولون له : (أنت خليفة أبيك ووصيه ، ونحن السامعون المطيعون لك فمرنا بأمرك) . فقال لهم الإمام علیه السلام : (كذبتم والله ما وفيتم لمن كان خيراً مني فكيف تفون لي ، وكيف أطمئن إليكم أو أثق بكم ، إن كنتم صادقين فموعد ما بيني وبينكم معسكر المدائن فوافوا هناك ) . ولما خرج الإمام علیه السلام إلى المدائن تخلف عنه أكثر الجيش . ( راجع كتاب الأئمة الإثنا عشر لعادل الأديب ).

5 - قلت : لماذا ينتظر معاوية سنين كثيرة ويسمم سيدنا الحسن حسب زعمكم بالرغم من أنه أخذ كل شئ من الحسن دون قتال وبشكل شرعي ؟

أقول : إن معاوية كان يريد النيل من الإمام الحسن علیه السلام منذ البداية وقد أشرت إلى ذلك ، راجع رسالتي السابقة ، ولكنه كان يتخفى بلباس الدين حتى لا يفسُد أمره ، وإن كان قد اغتال الحسن علیه السلام بعد فترة وجيزة من الصلح ، لبدا واضحاً أنه هو الذي قتله . ولأن معاوية كان يبحث عن وسيلة خفية لاغتيال الإمام وليس بشكل علني ، حتى وصل إلى ما يريد ، فأغرى زوجة الإمام الحسن علیه السلام وهي جعدة بنت الأشعث بالمال وتزويجها من ولده يزيد ، على أن تسم

ص: 130

الحسن ، وكان له ذلك ، وبدى الأمر كأن الإمام علیه السلام مات حتف أنفه أو أن زوجته قتلته ، ولا دخل لمعاوية بأمر قتله .

6 - قلت : لماذا يسمم الحسن ويترك الحسين المعارض ؟ هذا بناء على رواياتكم ؟

أقول : لقد بينت السبب في النقطة (5) وهي أن معاوية لايريد أن تنكشف فعلته من قلت سبط رسول الله صلی الله علیه و آله وريحانته وسيد شباب أهل الجنة ، فإذا كان قد اغتال الإمامين الحسنين علیهما السلام لانفضح أمره للجميع . وهذا على عكس ابنه يزيد حين قاتل الحسين علیه السلام وبشكل علني ، ثم تبرأ من قاتلي الإمام الحسين علیه السلام خوفاً من الإنقلاب عليه . ولكنه فعل ذلك متأخراً ، فكانت الإنقلابات على الحكم الأموي حتى سقط . . .

فأين التفسيرات المتضاربة ؟!! وأين المغالطات ؟!!

7 - قلت : الخروج من هذا المأزق لا يكون إلا بالإعتراف بأن سيدنا الحسن قد رأى أن معاوية جدير بالخلافة ، وبأن أتباعه وأتباع أبيه هم الذين خذلوهما وغير جديرين بالنصرة . بل هم مخادعون يخذلون عند الشدة .

أقول : هذا لا يعتبر مأزقاً بالنسبة لنا وتفسيرك ما هو إلا مغالطة وتضارب دعني أوضح لك كيف :

- كيف يرى الحسن علیه السلام أن معاوية جدير بالخلافة ، في حين أنه علیه السلام خرج لمحاربته لأنه رأس الفتنة وخارج على إمام زمانه ؟! ألا يعتبر تفسيرك متضارباً ؟!

- إن أتباع الحسن وأتباع أبيه أمير المؤمنين علي علیهما السلام هم الشيعة المخلصون الذين وقفوا معهما في السراء والضراء ، وليسوا الذين خذلوهما . لأن الذين خذلوهما منافقون ، والشيعة هم الذين يمتثلون لأوامر الأئمة الأطهار علیهم السلام ، وهذا

ص: 131

يسري على أصحاب الحسين علیه السلام . (حتى تستبعد شبهة أن الشيعة هم الذين خذلوا الحسين لأنه إذا قلنا بأن الشيعة هم الذين خذلوه إذن فمن هم الذين نصروه ؟! وما تسميهم ؟!)

وباختصار : فإن الشيعة هم أنصار الأئمة علیهم السلام المخلصون .

8 - قلت : إن قولنا أن معاوية غير جدير بالخلافة فيه طعن في سيدنا الحسن فيجب الإنتباه لذلك . مع الأخذ بعين الإعتبار بأفضلية سيدنا علي وسيدنا الحسن على معاوية .

أقول : بعدما بينت لك موضوع صلح الإمام الحسن علیه السلام ، فإنه ليس هناك أي طعن به ، بل هو تبيين عبقرية الإمام علیه السلام وحنكته السياسية ، وحفاظه على الإسلام الصحيح ، وإليك يا زميلي : ألا ترى تناقضاً بين الجملتين الأخيرتين اللتين تفضلت بهما ؟ ففي الأولى : تفسر الصلح بأن الإمام الحسن علیه السلام رأى في معاوية الجدارة والكفاءة .

وفي الثانية : قلت بأن الحسن أفضل من معاوية .. فكيف تعتقد بأنه الأفضل وفي نفس الوقت تفسر الصلح بأن الحسن رأى معاوية جديراً بالخلافة ؟!!

وعلى العموم ، هذا بيان واستيضاح لمقالتي (المليئة بالمغالطات والتضارب على حد زعمك) !! وللمنصف أن يرى من الذي تفسيره يحمل المغالطات .

كثر الشك والاختلاف وكلُُّ *** يدعي أنه على الصراط السوي

فتمسكت بلا إله إلا *** الله وحبي لأحمدٍ وعلي

فاز كلب بحب أصحاب كهف *** فكيف أشقى بحب آل النبي ؟!!

ص: 132

- قال العاملي : تواصلت هنا المداخلات من تقي ، والأشتر ، وعمر ، ومحمد إبراهيم في بحث آية التطهير . . حتى كتب ( السيد الأكبر ) بتاريخ 30-12-1999 ، الخامسة صباحاً :

الإخوة الأعزاء . . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . لقد بدا واضحاً أن النقاش في موضوع صلح الإمام الحسن علیه السلام قد انتهى وتحول إلى النقاش في آية التطهير! فإذا كان كذلك ، أقترح بأن يُفتح موضوع آخر تحت عنوان آية التطهير وتتم المناقشة هناك . والحمد لله رب العالمين .

- وكتب ( بو بدر ) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 17-2-2000، الثامنة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( ماذا نعرف عن الكوفة .. ؟ ) ، وهو بحث طويل جاء فيه مما يتعلق بوضوعنا منه :

إخوتي الأفاضل .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. لقد بين صاحب موسوعة المصطفى والعترة في الحلقة الخامسة ، التركيبة المعقدة لمجتمع الكوفة حيث يقول :

تختلف الكوفة عن بقية الأمصار ذات الشعوب المتجانسة نسبياً في الجوانب الدينية والمذهبية والقومية، إذ انفردت بخليط اجتماعي غير متجانس، وتركيب شعبي معقد ، شديد التعقيد ، أفرز مزاجاً خاصاً وأعطاها طابعها المتمييز في التحرك والنكوص وفي التقدم والتراجع . فإذا أريد فهم مجتمع الكوفة يتحتم علينا مراعاة مسألة التركيب الغريب الذي عكس تصرفات معينة طوال تاريخه . إن مراعاة هذا الجانب يعين كل باحث أو متحدث في تكوين الآراء الأقرب إلى الصواب ، وفيما يلي إشارات لهذا الجانب الهام ، كالتركيب الديني ، والتباين

ص: 133

المذهبي ، والإختلاف القومي والتنوع القبلي ، والتفاوت الطبقي ، ولنتذكر أنها أي الكوفة حديثة الإنشاء جديدة البناء الإجتماعي .

بعد أن دخل الإمام علي علیه السلام وأقام حكومته فيها سنة 36 ه- غير نظام الأسباع في الكوفة ، وعبّئها على الترتيب التالي :

1- همدان ، وحمير .

2- مذحج وأشعر ، ومعهم طي ، ولكن رايتهم خاصة بهم .

3- قيس وعبس ، وذبيان ومعهم عبد القيس ، وأحلافهم .

4- كندة ، وحضرموت ، وقضاعة ، ومهرة .

5- الأزد ، وبجيلة ، وخثعم ، والأنصار .

6- بكر وتغلب ، وبقية بطون ربيعة عدا عبد القيس .

7- قريش ، وكنانة ، وأسد ، وتميم وظنّة .

وبهذا التقسيم يبدو لنا ظهور بعض القبائل ، وهي إما كانت مندمجة مع غيرها أو أنها نزحت بعد عهد التقسيم الأول ، وقد راعى الإمام علي علیه السلام في هذا التقسيم بعض التقارب وامتزج هذه القبائل من عدة وجوه . وفي سنة ( 50 ) هجرية أي في إمارة زياد بن أبيه جعل الأقسام العسكرية في الكوفة على غرار ما كان في البصرة حيث أصبحت الأسباع أربعة : الربع الأول : أهل العالية . الربع الثاني : تميم وهمدان . الربع الثالث : ربيعة وبكر وكندة . الربع الرابع : مذحج وأسد .

وفي هذا النظام العسكري الجديد حاول بن زياد تحقيق أهداف سياسية كدمج همدان ، وهي القبيلة الشيعية مع تميم التي تبغض همدان ، وعلى هذا استقر التقسيم العسكري في الكوفة ، وله رؤساء مشهورون يعرفون برؤساء

ص: 134

الأرباع وهم على استعداد دائم للإستجابة عند دعوتها ، وسوقها لميادين القتال، خوضاً لمعركة جديدة أو إمداد لجيش يطلب الإغاثة ، وكان للمقاتلين عطاؤهم الخاص ، ورواتبهم من بيت المال …

الشيعة كانوا نسبة قليلة وسط الغالبية المتعاطفة مع الإمام علي علیه السلام ولم تكن الكوفة شيعية بأسرها أو نصفها يوم جاءها الإمام الحسن علیه السلام ، أو يوم غادرها . . . ومن الجدير ذكره أن أوقف هنا وقفة متأمل وباحث عن طبيعة الصراع الدائر والظروف التي أولدتها المحنة إليك ملخصها :

1- المجتمع الكوفي المعقد المتكون من : أ - التركيبة القبلية والإنقياد الأعمى إلى زعمائها . ب - التباين المذهبي والعقائدي . ت - أصحاب الأطماع السياسية . ث - التفاوت الطبقي والإختلاف القومي . ج - بقايا حرب القادسية وأولادهم جيش الحمر . ح - بقايا الخوارج وأولادهم والمنتمين إليهم .

2- طغيان معاوية واستبداده : أ - دسائسه ومؤامراته . ب - دهائه وعدم تورعه . ت - وعود معاوية رؤساء القبائل وزعمائهم بالأموال والمنصب إن هم قتلوا الإمام الحسن علیه السلام .

3- تخاذل جيش الإمام ، وتفكك قياداته : أ - الأشعث بن قيس ، رأي التمرد في صفين ، والقبائل المنقادة له . ب - شبث بن ربعي ، وحجار بن أبجر ، وعمر بن حريث . ت - خيانة ابن عمه عبيد الله بن العباس والتحاقه بمعاوية .

كل هذه وغيرها مجتمعه أدّت إلى قبول الإمام الحسن علیه السلام الهدنة على أن يعمل معاوية بالشروط التي أمليت عليه . ويضيف صاحب موسوعة المصطفى والعترة فيقول :

ص: 135

يقول الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره) تصاب المجتمعات بعدة أمراض كما يصاب الأفراد ، ومن الأمراض التي أصيب بها المجتمع الإسلامي أبان إمامة الحسن علیه السلام هو مرض ( الشك في القيادة ) وهذا الداء ظهر في أواخر حياة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب علیه السلام . حيث واجه أيام خلافته عدة حروب ذهب ضحيتها عشرات الآلاف من أبناء الأمة ، فأخذ الناس يشكّون هل أن المعارك التي تخاض معارك رسالية أم أنها معارك قبلية أو شخصية ؟ وقد عبر أمير المؤمنين علیه السلام عن ظهور هذا الداء الإجتماعي في عدة مرات منها في خطبته المعروفة بخطبة الجهاد التي ألقاها على جنوده المنهزمين في مدينة الأنبار حيث قال لهم والألم يعصر قلبه : ( ألا وأني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلاًَ ونهاراً ، وسراً وعلاناً ، وقلت لكم أغزوهم قبل أن يغزوكم ، فوالله ماغزي قوم في عقر دارهم إلا ذلوا ، فتواكلتم وتخاذلتم حتى شنت الغارات عليكم ، وملكت عليكم الأوطان ) .

إن هذا الداء داء التواكل والتخاذل والتقاعس عن نصرة الحق وإيثار العافية والسلامة أو داء ( الشك في القيادة ) الذي ظهر في أواخر حياة الإمام علي علیه السلام استفحل واشتد في حياة الإمام الحسن علیه السلام ، فلم يكن باستطاعته في مثل هذه الظروف والمجتمع المصاب بهذا الداء أن يخوض معركة مصيرية تنتهي بالنصر على خصمه المتربص به ، فإذا أضفنا إلى هذا شخصية الخصم معاوية الذي كان بإمكانه أن يبدو أمام الناس بمظهر الحاكم الملتزم بالدين وكذلك تعدد انتماءات المقاتلين مع الإمام الحسن علیه السلام حتى أبدى بعضهم استعداده لمعاوية أن يسلم له الإمام علیه السلام حياً ، وطعنه بعضهم طعنة غادرة ، إذا جمعنا هذا وغيره من الظروف عرفنا لماذا صالح الإمام الحسن علیه السلام معاوية ؟

ص: 136

السبب باختصار هو الشك في قيادته ، وعدم وجود الأنصار المخلصين .. عند ذلك رأى الإمام الحسن علیه السلام بثاقب رأيه وتسديد السماء له أن الوقوف بوجه جيش الشام لم يكن من صالح الإسلام ولا من صالحه أو صالح أهل بيته وشيعته ، وإن الخوض في معارك خاسرة واضحة المعالم مسبقاً ضرب من عدم حنكة القيادة وعدم التدبير ولئن انتصر معاوية في حربه هذه رسمياً لاستطاع أن يزيل الإسلام من أساسه ويقضي على الدين وعلى جميع المؤمنين الحقيقيين من شيعة علي علیه السلام تماماً ، واستأصلهم من الوجود ، ولم يبق من الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه .

خلاصة الأحداث :

ومجمل ما تقدم من الفتن السوداء ، والخيانة المفضوحة التي منيت بها المقدمة التي تعتبر أقوى فصائل الجيش أمور :

1 - تسلل ذوي الوجاهة والنفوذ من ذوي البيوتات الشريفة والأسر البارزة إلى معاوية .

2 - غدر القائد العام عبيد الله بن العباس وخيانته لسبط النبي وريحانته ولابن عمه .

3 - خيانة ثمانية آلاف من الجيش ، والتحاقهم بمعسكر معاوية ، وناهيك بالضعف والاحتلال الذي منيت به المقدمة بعد انسحاب هذا العدد الخطير من الجيش .

4 - اضطراب الجيش على الإطلاق ، سواء كان في مسكن أو في المدائن ، بسبب الإشاعات الكاذبة التي أذاعتها أتباع معاوية من أن الحسن علیه السلام قد صالح معاوية ، وأن قيساً قد قتل .

ص: 137

هذه خلاصة الأخطار الفظيعة التي أصيبت بها (المقدمة) فأوجبت انهيارها وأماتت نشاطها وأصبحت لا قدرة لها على مواجهة الأحداث ، ولا قابلية لها على الدفاع ورد العدو الغادر الذي يتمتع بأتم القابليات العسكرية وأضخم الطاقات الهجومية ، وبعد هذه الكوارث التي فتكت بالمقدمة .

هل يصح أن يقال : أنها جبهة قوية لها القدرة على مناجزة العدو معاوية ؟ وهل يمكن للإمام الحسن علیه السلام المجازفة بالبقية الباقية من أهل بيته والعناصر الخيرة من أصحابه وأصحاب أبيه المخلصين الثابتين ، وتقديمهم طعماً لنار الحرب والسيوف والأسنة ، ما اعتقد أي إنسان له ذرة من العقل والتدبير يقدم على ذلك ، فكيف بإمام معصوم مسدد من السماء .

ولم تذكر لنا المصادر التاريخية نصاً صريحاً ومتناسقاً لكتاب الصلح ، الذي يعتبر الوثيقة التاريخية لنهاية مرحلة من أهم مراحل التاريخ الإسلامي في عصوره الأولى ، ولا نعرف سبباً وجيهاً لهذا الإهمال .

وقد اشتملت المصادر المختلفة على ذكر بعض النصوص ، مع إهمال البعض الآخر ، ويمكن أن يؤلف من مجموعها صورة الشروط التي أخذها الإمام الحسن علیه السلام على معاوية في الهدنة ، وقد نسقها بعض الباحثين وأوردها على صورة مواد خمس ، ونحن نوردها هنا كما ذكرها هي :

1 - تسليم الأمر إلى معاوية علي أن يعمل بكتاب الله وسنة رسوله صلی الله علیه و آله .

2 - أن يكون الأمر للحسن علیه السلام من بعده ، فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين علیه السلام ، وليس لمعاوية أن يعهد إلى أحد .

3 - أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة ، وأن لا يذكر علياً إلا بخير .

4 - استثناء ما في بيت مال الكوفة ، وهو خمسة آلاف ألف ، فلا يشمله تسليم الأمر ، وعلى معاوية أن يحمل إلى الحسن ألفي ألف درهم ، وأن يفضل بني هاشم في العطاء

ص: 138

والصلات على بني عبد شمس ، وأن يفرق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل وأولاد من قتل معم بصفين ألف ألف درهم ، وأن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد . ( دار أبجرد ، تقع بالقرب من الأهواز بولاية فارس ) .

5 - على أن الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله ، في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم، وأن يؤمن الأسود والأحمر ، وأن يحتمل معاوية ما يكون من هفواتهم ، وأن لا يتبع أحداً بما مضى ، ولا يأخذ أهل العراق بإحنة ، وعلى أمان أصحاب علي حيث كانوا ، وأن لا ينال أحداً من شيعة علي بمكروه ، وأن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم ، وأن لا يتعقب عليهم شيئاً ولا يتعرض لأحد منهم بسوء ، ويوصل إلى كل ذي حق حقه ، وعلى ما أصاب أصحاب علي حيث كانوا ، وعلى أن لا يبغي للحسن بن علي ولا لأخيه الحسين ولا لأحد من أهل بيت رسول الله ( صلی الله علیه و آله ) غائلة ، سراً ولا جهراً ، ولا يخيف أحداً منهم في أفق من الآفاق .

( يراجع صلح الحسن لآل ياسين - 259 . وقد اعتمد في نقله على أمهات الكتب والمصادر التاريخية كالطبري ، وابن الأثير ، وابن قتيبة ، والمقاتل وغيرهما ) .

وقد ذكر صاحب الموسوعة في موسوعته شروطاً للصلح تقارب هذه الشروط المذكورة بلفظ آخرمن مصادر أخرى: كالطبري 6/92. ابن الأثير 3/16. المدائني، فيما رواه عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج 4/8. فتح الباري. تاريخ الخلفاء للسيوطي. وابن كثير . والإصابة . وابن قتيبة . دائرة المعارف الإسلامية لفريد وجدي . عمدة الطالب .

هذه هي المواد الخمس التي يمكن الظن قوياً أن تكون من أهم بنود هذه الهدنة التي تم الاتفاق بين الطرفين . ولا أقل من أنها تمثل لنا طبيعة الشروط التي أملاها الإمام الحسن علیه السلام علي معاوية .

ومن أهم شروط الهدنة التي اشترطها الإمام الحسن علیه السلام على خصمه ، الأمن العام لشيعته وشيعة أبيه ، وعدم التعرض لهم بسوء أو مكروه .

ولكن ابن أبي سفيان قد نقض عهده فلم يف للإمام بذلك ، وجعل أهم أهدافه تصفية شيعة علي والقضاء على هذه الفئة المؤمنة التي آمنت بأحقية أهل

ص: 139

البيت علیهم السلام .. لقد أسرف معاوية في إرهاب الناس وإرهاقهم ، فأذاق بعضهم كأس الحمام ، وأودع البعض الآخر منهم في ظلمات السجون ، وقد ذاقت شيعة الإمام علي علیه السلام العناء والمحن والخطوب ما تنوء بحمله الجبال ، وما نحسب أن أمة من الأمم لاقت من الأذى والاضطهاد كما لاقته شيعة أهل البيت علیه السلام . وكان أشدهم بلاءاً وأعظمهم عناءاً ومحنة وشقاءاً أهل الكوفة، وقد استعمل عليهم معاوية زياد ابن أبيه بعد هلاك المغيرة بن شعبة ، وكان بهم خبيراً ، فأشاع فيهم الفتك والإعدام ، وقتلهم تحت كل حجر ومدر ، وقطع أيدهم وأرجلهم وسمل عيونهم ، وصلبهم على جذوع النخل وشردهم وطاردهم ، ( ابن أبي الحديد في شرحه 3/15 ) ونفاهم من أرضهم وديارهم . ورفع معاوية مذكرة إلى جميع عماله وولاته جاء فيها : انظروا إلى من قامت عليه البينة أنه يحب علياً وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه ، ثم شفع ذلك بنسخة أخرى جاء فيها : ومن اتهمتوه بمولاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره . . .

ويقول المؤرخون : دخل معاوية الكوفة ودخل معه الحسن بعد أن اتفق الطرفان على أن يكون الإجتماع هناك ، وأن معاوية حين بلغ النخيلة خطب خطبة مطولة قال فيها مخاطباً أهل الكوفة : ( والله إني ما قاتلتكم لتصلوا ولتصوموا ولتحجوا ولا لتزكوا ، إنكم لتفعلون ذلك ولكني قاتلتكم لأتأمر عليكم ، وقد أعطاني الله ذلك وأنتم كارهون ألا وإني كنت منيت الحسن وأعطيته أشياء وجميعها تحت قدمي لا أفي بشيء منها) . ابن أبي الحديد .

وفي رواية المدائني خطب معاوية أهل الكوفة فقال : ( أتراني قاتلتكم على الصلاة والزكاة والحج ، وقد علمت أنكم تصلون وتزكون وتحجون ، ولكني

ص: 140

قاتلتكم لأتأمر عليكم وعلى رقابكم وقد آتاني الله وأنتم كارهون.إن كل مال أو دم أصيب في هذه الفتنة لمطلول وكل شرط شرطته فتحت قدمي هاتين ) .

وجاء في شرح النهج عن أبي الجراح : أن معاوية نزل بالنخيلة فخطب خطبة طويلة لم ينقلها أحد من الرواة تامة على حد تعبيره .

وعندما أخل معاوية بشروط الصلح المتفق عليها ، أخذ كثير من المسلمين يطالبون الإمام بفسخ الهدنة ومواجهة معاوية من جديد ، ولكن الإمام كان يجيبهم (إن لكل شئ أجلاً ولكل شئ حساباً ولعله فتنة ومتاع إلى حين ) .

- وكتب العسكري ، بتاريخ 19-2-2000 ، الثالثة صباحاً :

أحسنت يا أبا بدر ، وجزيت عن الحق وأهله خير الجزاء .

ص: 141

ص: 142

الفصل الرابع: موضوعات متفرقة حول الإمام الحسن علیه السلام

اشارة

ص: 143

ص: 144

لماذا تحبون الحسين أكثر من الحسن ؟!

- كتب ( الجبهان ) في شبكة هجر بتاريخ 10-9-1999، الثامنة مساءً موضوعاً بعنوان ( سؤال للشيعة ؟ ) ، قال فيه :

لماذا تحبون وتذكرون الحسين أكثر من الحسن ؟

لا أحد يمكنه التخلص من موروثاته العقدية مهما حاول خاصة الباطنية !!

- وأجاب ( جميل 50 ) بتاريخ 10-9-1999 ، الثامنة والربع مساءً :

لماذا الإفتاء ، والقضاء ، والمواقف ، والفتوحات و . . . و . . . أكثر في عمر من أبي بكر حتى في حياته . هذا مع التسليم بالخلط في سؤالك ؟ !

- وكتب ( عقيل ) ، بتاريخ 10-9-1999 ، التاسعة والنصف مساءً

من الأولى أن تسأل : لماذا تحبون الحسين أكثر من الإمام علي ؟

لماذا تعقدون مجالس ( حسينيات ) ولا تعقدون مجالس ( علويات ) على الرغم من أنكم تسمون أنفسكم ( شيعة علي ) ؟

ص: 145

يا الجبهان : نحن نحب الأئمة كلهم بدون فرق ، ولا نفرق بين أحدهم . فنحن نعقد مجالس العزاء لكل واحد منهم بلا إستثناء ، ونذكر مواقف كل واحد منهم . ولكن في أعين إخواننا السنة ، فالحسين علیه السلام هو أكثر ظهوراًَ ، وذلك لبشاعة مقتله .

- وكتب ( أبو زهراء ) ، بتاريخ 11-9-1999 ، الثالثة صباحاً :

هذا يعني أنكم تحبون الحكام أكثر من الرسول ! هذا طبعاً حسب منطقك!

محاولة أحد النواصب أن يسخر بالإمام الحسن علیه السلام !

- كتب ( الفاروق ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 30-12-1999 ، الخامسة والثلث صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( بدون عنوان "1" ) ، قال فيه :

(1) الرزق الحلال : ( روي أن الحسن علیه السلام نظر إلى ذي زي حسن فسأل عنه فقيل : هو خرَّاء ، يكسب بذلك المال . فقال الحسن علیه السلام : ما طلب الدنيا أحد بما تستحقه سواه ) الكشكول 3 /70 ، للعلامة المحدث يوسف البحراني .

خوش عقيدة !!

- وكتب ( عمار ) ، بتاريخ 30-12-1999 ، السادسة صباحاً :

وما هو سند الرواية ؟

- وكتب العلوي في 30-12-1999 ، السادسة والنصف صباحاً :

إن تطعن يا فأروق في الحسن علیه السلام ، فقد طعنت في رسول الله صلی الله علیه و آله ! فهذا الفرع من ذاك الأصل . ومن سوء عاقبتك أن الناس تطلب الرحمة في هذا الشهر

ص: 146

الفضيل والمغفرة ، وأنت تطارد الذنوب بحماس ليس له نظير . . ( ومن يضلل الله فما له من هاد ) . . .

فمت بغيظك واهنأ بغضب الله ورسوله يا فأرووووق .

إن كان رفضاً حب آل محمد *** فليشهد الثقلان أني رافضي

- وكتب ( مؤمن قريش ) ، بتاريخ 30-12-1999 ، التاسعة صباحاً :

فاروق . لايدفعك الشيطان إلى النيل والإساءة إلى نبيك وأهل بيته علیهم السلام . فقد نص القرآن على وجوب مودتهم والنيل منهم كفر صراح . وإن كان عند شئ للعلم والمعرفة تفوه به ، وإن كان غرضك المؤلف فما أصبت بالنقل فقط ، إذ قال ( روي ) بصيغة المبني للمجهول ، وذكرها في كتاب الكشكول . فما عندك شئ فقل .. وعلى كل حال أنت الذي تؤاخذ بمنطقك وقلمك فإن كان خيراً أو شراً . فإنما تملي على شاهديك .

وهذه نصيحة لله ، فذكر إن نفعت الذكرى . سيذّكّر من يخشى .

- وكتب ( الفاروق ) بتاريخ 31-12-1999 ، الثالثة والربع صباحاً :

مهلاً مهلاً لا تتعجلوا أيها الزملاء الأكارم . إنما قصدت أن أريكم ما هو عليه دينكم إن أخذتم بمثل هذه الروايات المكذوبة على الأئمة علیهم السلام . وحاشا لله أن أنطق بما هو غير لائق أو مشين ، بحق الأئمة أهل البيت علیهم السلام جميعاً .

إلى العربي بن العربي وهو علاوي ، لا تستحق أن يرد عليك فأنت ( هنا كانت كلمة سب حذفها المراقب ) . والسلام على أهله .

- وكتب ( الفارسي) بتاريخ 31-12-1999 ، الثالثة والنصف صباحاً:

ص: 147

لا أعلم متى تفهم الفرق بين ما تعتقده أنت بشأن كتبكم ، وبين ما نعتقده نحن بكتبنا . ولاتفهم بأن هذا تهرب من ما هو مكتوب بالكشكول . والفرق واضح : بالرغم أنكم تعتقدون بالصحاح وغيرها ، ولكن عندما يوجد حديث يناصر عقيدة أهل البيت ، تؤولوا الكلم عن موضعه .

والكشكول ليس بحجة إن فهمت ! حبذا عدم العناد .

- وكتب العلوي ، بتاريخ 31-12-1999 ، الرابعة صباحاً :

وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين . صدق الله العلي العظيم .

والله يا فأروووق إنك لكاذب. ولكنك وجدت أن ماكتبته يفضح نصبكم العداوة فحاولت أن تهرب من الفضيحة ! أنصحك بالإستعانة بصاحبك عمير أغبى الأولين والآخرين ، فإن له خبرة في الهروب والتملص من الفضائح والإحراجات لا تتوفر لديك يافأرووق . مع تحيات علاوي للفأروووق .

- وكتب ( الفاروق ) ، بتاريخ 31-12-1999 ، الخامسة صباحاً :

إلى الأستاذ الفارسي . تمسك الشيعة بأقاويل كهذه هي بعينها الإنشقاق والتفسخ عن الإسلام والمسلمين . الشيعه جعلت الإنحسار المذهبي ونفور المسلمين منهم لعقائدهم الغير سليمة ، بطولات وجهاداً وهمياً ، لانسمع به إلا من خلال كتبكم ومنطقياتكم الغير منطقية . كما لانعلم على مر العصور والأزمنة بأن شيعياً واحداً قد فعل شيئاً لرفع الإسلام ، كالفتوحات والجهاد . بل إن باب الجهاد عطل حتى يخرج صاحب الزمان الإمام المزعوم محمد بن الحسن العسكري .كما لا يخفى عليك أن جميع أوجاع العالم الإسلامي ووهنه وضعفه ترى من وراءه الإمامية والغلاة .

ص: 148

ومن خصوصيات مذهبكم التباكي والتطبير ، والتشكيك بنزاهة الصحابة بتأويلات من عند أنفسكم ووساوس الشيطان الرجيم . هذا هو فهمي لتاريخ الشيعة المعاصر وتاريخها الإجمالي . وما نقل من كتبنا وكتبكم يدل على تراثكم وتراثنا ، فأينا أصح ؟؟ والسلام على أهله .

- وكتب ( الفارسي ) ، بتاريخ 31-12-1999 ، الثانية عشرة ظهراً :

محاولة للوصول بك إلى سفينة النجاة :

(1) نحن لاندعي البطولات والجهاد ، إنما نذكر الحقائق التي يذكرها أيضاً كثير من أهل السنة والجماعة المعتدلين المنصفين .

(2) بالرغم من ذلك أيضاً ، تذكر كتبكم كثيراً من الأحاديث التي تتفق مع عقيدتنا في كثير من الجوانب . بعضكم يقف موقف المتحير منها وآخرون يضعفون سندها ، وغيرهم يؤولون تفسيرها !

(3) وقولك بأنك لم تقرأ ولم تسمع في الكتب بما نعتقد به ، فهذا مخالف لقولك. فلعلك بحاجة إلى الإطلاع أكثر ، وهذا شئ وارد وطبيعي .

وبالرغم من أن الظالمين على مر العصوريحاولون طمس هوية الشيعة إلا أنهم صمدوا أمام كل ظواهر القمع ، ولذلك من الطبيعي أن لا ترى الحقيقة كاملة لأن السلطات ضد الحق .

ولاحظ قولك ( هذا فهمي ) ! يا أخي هل المسألة مزاجية وهوائية ؟ فقد يكون فهمك ناقصاً ، لأن الإنسان في نفس مذهبه يعاني من عدم الإلمام الكامل بمذهبه ، وطوال حياته يبحث ويتفقه . فكيف به في الإطلاع على مذهب آخر بصور شاملة .

ص: 149

(4) ومن قال لك بأننا نرضى ونوافق على كل الروايات . فالمجتهدون هم أعرف بما هو صحيح منها وعلماء الحديث .

والسلام على من اتبع الهدى ودين الحق .

- وكتب الموسوي بتاريخ 1-1-2000 ، الرابعة والنصف صباحاً :

إلى الزميل الفاروق .

أولاً : البحراني نقلها بصيغة حكي (مبني للمجهول) وليس روي ، وروي فيها إشعار بأنها رواية ، وعادة ما تكون في كتب الروايات بخلاف حُكي التي قد تنقل في كتب متأخرة ، ولم يعلم مستندها .

يكفي في عدم اعتبار الرواية أنها نقلت بصيغة المبني للمجهول حتى لو كان النقل بعبارة روي . فما لم تأت بالمصدر الأصلي مع كون الرواية معتبرة ، فلا يمكن أن تحمّل أهل البيت ما تريده بقولك ( خوش عقيدة ) ، فهل تثبت العقائد بحكي وروي ؟!

ثم إنه على فرض صدور الرواية فليس لها علاقة بالرزق الحلال . فالإمام عليه في صدد بيان أن هذا هو قيمة الدنيا ، فهي لاتساوي أكثر مما يخرجه الإنسان من بطنه ، وهذا نظير ما روي عن أمير المؤمنين علیه السلام من تشبيه الدنيا بعظم خنزير في يد مجذوم . أي أن المقصود بيان قيمة الدنيا ، لا بيان كون هذا من الرزق الحلال . على أقل تقدير : لو تنزلنا لك أكثر فالمقصود مبهم ، فلا يمكنكم حمله على إرادة الرزق الحلال .

- وكتب ( الفاروق ) بتاريخ 1-1-2000 ، السادسة والنصف صباحاً:

ص: 150

الأستاذ الموسوي تحيه طيبه وبعد .. العلامة المحدث يوسف البحراني ليس بشخص جالس في رأس عاير (سكة) ويطلق الكلام على عواهنه ، بل متيقن منها ، وإلا لما كانت هذه الرواية من دعائم النهج الذي سار عليه في جميع ما كتبه في كشكوله الضخم . كما أن سيدنا الحسن علیه السلام ليس شخصية عادية حتى يتقول عليه بمثل هذه المزحات ، إن لم تكن بالأصل رواية معتبرة عند يوسف البحراني .

خوش عقيدة .. هي لمن يكتب تلك المزحات ، وهو عالم محدث ..

وبعد هذا ماتقول ؟؟ شكراً للموسوي على المداخلة .

- وأجاب الموسوي بتاريخ 1-1-2000 ، الحادية عشرة صباحاً :

الزميل الفاروق .. إذا عرفت معنى الكشكول والكتب المؤلفة فيه ، تعرف وجه التساهل في نقل القصص والحكايات .. فليس المحدث الشيخ يوسف البحراني بصدد إثبات حكم فقهي أو تأسيس أصل عقائدي بل في مقام (فرأيت أن أصنع كتاباً متضمناً لطرائف الحكم والأشعار مشتملاً على نوادر القصص والآثار ، قد حاز جملة من الأحاديث المعصومية والمسائل العلمية والنكات الغريبة والطرائف العجيبة ، يروح الخاطر عند الملال ويشحذ الذهن عند الكلال) .

إذا أردت أن تعرف الدقة العلمية للشيخ يوسف البحراني فاقرأ كتابه الحدائق الناضرة ، ليتبين الفرق بين المحدث عندما يستدل ، وبينه عندما يهدف إلى ترويح النفوس بنقل الطرائف والحكم والقصص ، التي لا تتطلب التوثيق الإسنادي . فمن أين جئت بأنها "رواية معتبرة عنده" وهو "متيقن منها" ؟!

ص: 151

- وكتب ( الفاروق ) ، بتاريخ 2-1-2000 ، الخامسة صباحاً :

الأستاذ الموسوي . . بعد التحية والإحترام .

ما هكذا كان الظن بك أيها الراشد العاقل ! وهل العلامة يوسف البحراني اتخذ من الرسول الأعظم صلوات الله عليه وعلى آله وسلم وسلم تسليماً ، واتخذ أهل بيته سلام الله عليهم المعصومين المنتجبين ، واتخذ وهذا الأهم القرآن المجيد كلام الله كمادة للإستهلاك الترويحي والترفيه عن خاطر الملاّن ( المالّ ) بإيراد عبارات لا تفيد غير الضحك والإستهتار ؟! أهكذا يكون حال علمائكم جميعاً ؟؟ وشكراً على التواصل ، وأدام الله الإحترام بيننا .

- فكتب الموسوي ، بتاريخ 2-1-2000 ، الثانية عشرة إلاربعاً ليلاً:

الزميل الفاروق تحية طيبة وبعد ..

أولاً : لم تجب على سؤالي وكان يدور حول محور البحث وخرجت عنه إلى موضوع آخر . سؤالي ثانية هو : فمن أين جئت بأنها "رواية معتبرة عنده" وهو ( متيقن منها ) ؟ ثم أنك أخطأت حينما قلت : " كما أن سيدنا الحسن علیه السلام ليس شخصية عادية حتى يتقول عليه بمثل هذه المزحات " . فإن العبارة التي تشير إليها بوضع النقط مكانها لم تصدر من الإمام الحسن علیه السلام بل كانت جواباً من البعض على سؤال من الإمام الحسن علیه السلام ؟ فلا يصح أن نحمل الشيخ البحراني وزر هذه الحكاية ؟

على العموم قد بينت أن لا محذور في مفهوم جواب الإمام الحسن علیه السلام ، فهو في مقام ذم الدنيا وهوانها .

ص: 152

أما اعتراضك على جعل الأحاديث مادة للترويح ( مع أنه خارج عن موضوع البحث الذي عنونته باسم الرزق الحلال ) . فقد بيّن الشيخ يوسف البحراني في مقدمة كتابه بعض الروايات الدالة على حسن ذلك . ومما أورده ما روي عن الإمام الصادق علیه السلام : " إن الأرواح تكل كما تكل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكم ". أي أن نقل طرائف الحكمة يعد ترويحاً للنفس . إذن الترويح ليس مقتصراً بذكر القصص المضحكة ، بل يحصل أيضاً بنقل الحكم ، ومنها القصص الدالة على حسن العاقبة ومكر الله ، وغير ذلك من المعاني المؤثرة في تهذيب النفس . وليس في الترويح بالحديث تنقيص لشأن الحديث ، فإن هناك البعض ممن يروح عن نفسه بقراءة القرآن ، وهناك البعض الآخر ممن يروح عن نفسه بسماع الغناء .

إن سكون النفس يتفاوت عند الأفراد ، فالعاشق والمفتتن بالمرأة الجميلة يكون ترويحه بالحديث معها ، بينما المحب لله يكون ترويحه بصلاة الليل . فلا منافاة بين الترويح وبين نقل الأحاديث. كما أن هناك أحاديث تدل على مدح المزاح بين المؤمنين ، ومثل الكتب المؤلفة في نقل الطرائف والقصص هي من هذا القبيل .

وعلى فرض عدم قبولك واقتناعك بالفكرة ، فلا ينبغي التعميم لكل علمائنا ! ولو أردت الإنصاف فانظر إلى العديد من المطالب العلمية والأدبية والفقهية في كتابه الكشكول ، فالكتاب يتضمن مادة علمية أيضاً .

أما بخصوص الإحترام المتبادل ، فهذا ما يفترض أن يكون بين الكل في المنتدى . أنا ضد استعمال لغة السباب والشتائم . طبعاً أنا عندي موقف واضح من بعض النواصب ، وأظن أنك تدرك أسبابه .

ص: 153

- قال العاملي : لم أرَ هذه المناقشة في وقتها ، وأسجل حولها ما يلي :

أولاً : لم تثبت نسبة كتاب الكشكول إلى المحقق البحراني رحمة الله ، فلم توجد حتى نسخة واحدة له بخط مؤلفه مروية عنه بسند صحيح . كما هو الحال في بقية مؤلفاته أعلى الله مقامه . ولو ثبتت نسبة كتاب بإسم الكشكول إليه دون تشخيص نسخته وروايتها ، لأمكن القول باحتمال الزيادة فيه ، كما وقع ذلك في كتاب الكشكول للبهائي قدس سره، وكتابه الآخر ( المخلاة ) الذي وجدوا نسخته في مصر وطبعوه مراراً .. وبين طبعاته في مصر وغيرها فروق كبيرة جداً !

وثانياً : الظاهر أن الحسن في الرواية هو الحسن البصري ، وليس الإمام الحسن علیه السلام ، وقد التبس ذلك في غير رواية.. ومما يقوي أنه البصري : أن التاريخ ذكر أنه كان يوجد في البصرة وأصفهان خرائين يتغوطون في بساتين النخل لتسميدها ، ويأخذون من أصحابها أجرة !! وقد أورد ياقوت الحموي في معجم البلدان قصصاً عنهم ، ولم أجد شبيه ذلك عن أهل الكوفة أو المدينة اللتين سكنهما الإمام الحسن علیه السلام .

قال الحموي في معجم البلدان :1/436 : ( ودخل فتى من أهل المدينة البصرة فلما انصرف قال له أصحابه : كيف رأيت البصرة ؟ قال : خير بلاد الله للجائع والغريب والمفلس ، أما الجائع فيأكل خبز الأرز والصحناءة فلا ينفق في شهر إلا درهمين ! وأما الغريب فيتزوج بشق درهم ! وأما المحتاج فلا عليه غائلة ما بقيت له استه ، يخرأ ويبيع … وللحشوش بالبصرة أثمان وافرة ، ولها فيما زعموا تجار يجمعونها ، فإذا كثرت جمع عليها أصحاب البساتين وأوقفهم تحت الريح لتحمل إليهم نتنها ، فإنه كلما كانت أنتن كان ثمنها أكثر ، ثم ينادى عليها فيتزايد الناس فيها ) !! انتهى .

ص: 154

ومما يقوي أنه الحسن البصري أيضاً : أن فقه أهل البيت علیهم السلام لايجيز بيع النجاسات ، بينما فقه الحسن البصري يجيزه ، فلا بد أن يكون عمل أولئك الخرائين على غير مذهب أهل البيت علیهم السلام !

أصل تسمية أهل السنة والجماعة

- كتب ( المفيد ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 1-2-2000 ، الثانية ليلاً ، موضوعاً بعنوان ( هل تعرف أيها القارئ المؤمن، أصل لقب أهل السنة والجماعة ؟ ) قال فيه :

إعلم أخي أن أصل هذا اللقب قد وُضِعَ في زمن معاوية بن أبي سفيان ! وأرادوا بالسنة سنة معاوية في سب علي علیه السلام على المنابر ، ونحوه من الكفر والبدعة ! وبالجماعة ما روي في باب خلافة الحسن علیه السلام من قولهم : وكان نزول الحسن عن الخلافة في ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ، فسمى هذا العام عام الجماعة ، لاجتماع الأمة على خليفة واحد !

ثم لما ظهرت دولة بني العباس ومعاداتهم لبني أُمية وأتباعهم خافوا عن الحمل على ذلك ، وقالوا : مرادنا بالسنة سنة النبي ، وبالجماعة جماعة أصحابه ! فقد ظهر في الحقيقة أن أهل السنة والجماعة ليسوا أهل سنة النبي وجماعته !

ولنعم ما قال صاحب الكشاف فيهم :

لجماعة سموا هواهم سنةً *** وجماعة حمر لعمري موكفه

قد شبهوه بخلقه فتخوفوا *** شنع الورى فتستروا بالبلكفه

ص: 155

النواصب يمدحون من الإمام الحسن علیه السلام صلحه مع معاوية فقط !!

- كتب ( فرات ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 10-4-2000 ، السادسة والنصف مساء موضوعاً بعنوان ( الوهابية يتبعون شيخهم في مصادرة فضائل أهل البيت ) قال فيه :

قال ابن تيمية في منهاج السنة : 2/121 : وأما قوله - يقصد ابن المطهر الحلي رحمة الله - وكان ولداه سبطا رسول الله سيدا شباب أهل الجنة إمامين بنص النبي ( صلی الله علیه و آله ) . فيقال : الذي ثبت بلا شك عن النبي في الصحيح أنه قال عن الحسن : إن ابني هذا سيد ، وإن الله سيصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين . وثبت عنه أنه كان يقعده وأسامة بن زيد على فخذه ويقول : اللهم إني أحبهما وأحب من يحبهما ، وهذا يدل على أن ما فعله الحسن من ترك القتال على الإمامة وقصد الإصلاح بين الناس كان محبوباً عند الله ورسوله ، ولم يكن ذلك مصيبة ... ولم يكن الحسن أعجز عن القتال من الحسين.. وأن الذي فعله الحسن هو الأحب إلى الله ورسوله ممافعله غيره، والله يرفع درجات المتقين المؤمنين بعضهم على بعض ، وكلهم في الجنة ، رضي الله تعالى عنهم أجمعين . وقد ثبت أنه أدخلهما مع أبويهما تحت الكساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، وأنه دعاهما إلى المباهلة، وفضائلهما كثيرة وهما من أجلاء سادات المؤمنين ) . انتهى .

أقول : أولاً : لم يتعرض لفضيلة كونهما سبطي هذه الأمة ، فإن ذلك معدود من جلائل فضائلهما في الأحاديث الكثيرة الواردة عن رسول الله صلی الله علیه و آله . كما

ص: 156

في ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى -130 . وغيره من كتب الحديث والفضائل .

وثانياً : لم يتعرض لحديث ( إن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) أصلاً ، مع أنه من أثبت وأصح فضائلهما الكثيرة كما اعترف . فقد رواه أحمد في المسند 3 / 3 . والترمذي 2 / 306 و307 . وابن ماجة في باب الفاضل . والنسائي في الخصائص - 36 . والحاكم 3 / 167 . وابن حجر في الإصابة . وابن الأثير في أسد الغابة . والخطيب في تاريخه 6 / 327 . وأبو نعيم في الحلية 3 / 139 . والمتقي في كنز العمال عن عدة من كبار الحفاظ . بل في فيض القدير عن السيوطي أنه حديث متواتر . ( فيض القدير - شرح الجامع الصغير 3 / 415 ) .

وثالثاً : قوله : ( ثبت عنه أنه كان يقعده وأسامة بن زيد على فخذه ) . أقول : إن الحسن علیه السلام ولد سنة ثلاث من الهجرة على ما في الإستيعاب ، وأسامة ولد قبلها بعشر سنوات تقريباً ، فلو كان الحسن علیه السلام حين كان يقعده النبي على فخذه ابن سنتين أو ثلاث ، كان أسامة ابن ثلاث عشرة سنة ، ومثله لا يقعد على الفخذ !! بل الثابت أنه كان يجلس الحسنين علیهما السلام على فخذيه ويقول ذلك ، بل إن أسامة من رواة الخبر فيمن رواه من الصحابة ،كما في الصواعق 82 عن الترمذي . وفي كنز العمال . وفيض القدير عن الطبراني . (كنز العمال 6 /221 ، فيض القدير 3 / 415 ) .

فكأن الحديث الذي أورده محرف ، وإن كان كذلك في الكتب الموصوفة بالصحة ، ويشهد لما ذكرنا وروده في مواضع بلفظ : ( عن أسامة كان النبي يأخذني والحسن فيقول اللهم إني أحبهما فأحبها ) رواه جماعة منهم بترجمة أسامة أو الحسن. وكأن راويه التفت إلى الإشكال فأبدل اللفظ إلى ( يأخذني ) !

ص: 157

والذي يؤكد الإشكال ويوضح الحال ما أخرجه الترمذي في باب مناقبها علیهما السلام عن أسامة قال : (طرقت رسول الله ذات ليلة لبعض الحاجة ، فخرج النبي وهو مشتمل على شئ لا أدري ما هو ، فلما فرغت من حاجتي قلت : ما هذا الذي أنت مشتمل عليه ؟ فكشف عنه فإذا حسن وحسين على وركيه . فقال : هذان ابناي وابنا بنتي ، اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما، اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما وأحب من يحبهما) . الترمذي 5 / 614 . فكان أسامة حينما كان الرسول يحتضن السبطين بالغاً مبلغ الرجال … فالسؤال هو : كيف قد خفي كل هذا على هذا المدعي والمعترض المغرض ؟

وعلى كل حال ، فنحن لا ننكر أنه صلی الله علیه و آله كان يحب أسامة ، لكن الدعاء المذكور فضيلة تختص بالحسنين علیهما السلام ، ولا ريب في أن دعاءه مستجاب ، وما ذكره ( ابن تيمية ) كذب !

ورابعاً : إن من الأحاديث المتفق عليها قوله صلی الله علیه و آله : ( الحسن والحسين إمامان إن قاما وإن قعدا ) . ( وممن رواه من أهل السنة : الصفوري في نزهة المجالس 2 / 184 . والصديق القنوجي في السراج الوهاج ، في شرح صحيح مسلم بن الحجاج في باب المناقب . وفي الإتحاف بحب الأشراف ص129: أنه صلی الله علیه و آله قال لهما: أنتما الإمامان ولأمكما الشفاعة ) .

- وهنا كتب ( المسالم ) بتاريخ 10-4-2000 ، السابعة مساء ، مداخلةً فيها سخرية وإساءة لفرات ، فحذفها المراقب ، وكتب له :

الزميل المسلم ، تم حذف المداخلة لخروجها على شروط التسجيل في المنتدى . وهذا تنبيه لك . المراقب عبد الحسين البصري .

- فكتب ( المسالم ) ، في الثامنة النصف من ذلك المساء :

ص: 158

ما وجه المخالفة .. حتى لا نعود إليها ؟!

- فكتب له المراقب البصري :

الإستهزاء بالمحاور من قبيل ما ذكرت آية الله فرات … والخروج عن الموضوعية واتهام الآخرين بالكذب دون إعطاء دليل . وأشير إلى ما في توقيعك من عدم احترام للمضيف ( الشبكة ) . كما أشير إلى أني لست ملزماً بالرد على من يسأل عن سبب حذف أو تعديل موضوع أي شخص . وللجميع التقيد بشروط التسجيل وآداب الحوار .

ص: 159

ص: 160

الفصل الخامس: شخصية معاوية وشجرته الملعونة

اشارة

ص: 161

ص: 162

شخصية معاوية وشجرته الملعونة

- كتب العلوي في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 18-1-2000 ، الحادية عشرة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( إلى أهل الحق : هل حقاً أن هنداً ومعاوية ويزيد من خير البرية ؟! ) ، قال فيه :

في ساحة النواصب التالية : www.islamicweb.com/arabic/shia

الموسوعة الشاملة عن الرافضة والشيعة .. وفي باب الدفاع عن خير البرية :

قصة الغار .

فضل الصحابة في القرآن والسنة .

اعتقاد أهل السنة في الصحابة .

الحكم الاسلامي على ساب أمهات المؤمنين .

فضل معاوية بن أبي سفيان خال المؤمنين .

أمير المؤمنين يزيد بن معاوية .

دفاع عن ابن تيمية في اتهامه بالطعن في خلافة علي .

تبرئة هند بنت عتبة من دم أسد الله حمزة .

ص: 163

فهل يصدق مسلم أن مسلماً يقول بأن هند ومعاوية ويزيد من خير البرية ، ويدعي النواصب بعد هذا أن الشيعة يغالون في حب أهل البيت ؟!!!

إن كان رفضاً حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي

- قال العاملي : سيأتي جواب السقاف على إعطائهم معاوية لقب خال المؤمنين ! وأنه يلزمهم أن يقولوا : إن اليهودي حيي بن أخطب جد المؤمنين !

- وكتب ( أبو الصراحة ) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 21-3-2000 ، الرابعة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( أهل السنة يجندون أنفسهم للدفاع عن آل أبي سفيان ) ، قال فيه :

أستغرب من أقلام بعض أهل السنة ، ممن يجندون أنفسهم للدفاع عن آل أمية، ولو كان على حساب أهل البيت علیهم السلام . . .

مثال : روايات في مدح معاوية : 1- اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به .

2- اللهم علِّم معاوية الكتاب وقِهِ العذاب .

ويتناسون الأحاديث التالية : 1- قال صلی الله علیه و آله : ( إن معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادي : ياحنان يامنان الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين ) . تاريخ الطبري 11 / 357 ، كتاب صفين - 243 .

2- خرج رسول الله من فج فنظر الى أبي سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه ، أحدهما قائد والآخر سائق فلما نظر إليهم رسول الله قال : ( اللهم إلعن القائد والسائق والراكب ) .كتاب صفين ص 247 ، وتاريخ الطبري 11 / 357 . حتى وصل الحال بهم إلى أن يدافعون عن هند بنت عتبة آكلة الأكباد ! التي من المسلمات

ص: 164

أنها لاكت كبد الحمزة علیه السلام ، فنراهم يكتبون في الإنترنت صفحة بعنوان : تبرئة هند بنت عتبة من دم أسد الله حمزة ! وهذا هو عنوانها :

http://islamicweb.com/arabic/shia/hind.htm

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . اللهم العن ظالمي آل محمد .

- وكتب ( الشمري ) في شبكة أنا العربي، بتاريخ 1-7-1999 ، العاشرة صباحاً موضوعاً بعنوان: ( الّلهم أركسهما ركساً ، ودُعَّهُمَا إلى النار دعَّاً ) قال فيه:

من المقصود ؟ ومن القائل ؟ وما هي المناسبة ؟ واذكر المصادر؟

الرجاء من المشاركين الإجابة على هذه الأسئلة ؟ وهذا نص الحديث :

( 19339 - حدّثنا عبدالله، حدّثني أبي ، ثنا بد الله بن محمد، وسمعته أنا من عبدالله بن محمد بن أبي شيبة ، حدثنا محمد بن فضيل ، عن يزيد ، عن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، قال : أخبرني رب هذه الدار أبو هلال قال : سمعت أبا برزة قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر, فسمع رجلين يتغنيان وأحدهما يجيب الاَخر وهو يقول :

لا زال حواري تلوح عظامه … زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا

فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : أنظروا من هما ؟ قال : فقالوا : فلان وفلان . قال : فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم : الّلهم اركسهما ركساً ودعهما إلى النار دعاً) . من هما فلان وفلان ؟!!!

- وكتب ( الشمري ) ، بتاريخ 1-7-1999 ، الثالثة ظهراً :

يا جماعة ويش السالفة ؟ ما أحد يعرف الحقيقة ؟

يا فلان . . . ويا فلان . . . من هما فلان وفلان ؟!

ص: 165

- فكتب أبو زهراء ، الرابعة عصراً :

شكراً لك يا أخينا الشمري على هذا الموضوع .

أنا أعتقد أنهما معاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص .

- وكتب ( الشمري ) ، الخامسة إلا ثلث مساءً :

هل هناك من يفصل لنا الإجابة أكثر وأكثر .

- وكتب ( مشارك ) ، الخامسة إلا ربعاً مساءً :

هذه حجتكم يا روافض ! تأتون بأحاديث لم تثبت، لتبنوا عليها ما تشاوون من أحكام .

من أخرج هذا الحديث ؟ من من العلماء صحح هذا الحديث ؟!

الحق أبلج والباطل لجلج . قال تعالى : ( بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

- وكتب أبو زهراء بتاريخ 2-7-1999،الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ الشمري حفظه الله ورعاه ..

بحثنا عن كلمة أركسهما في برنامج المحدث . وقد وجدنا الآتي :

مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي ، المجلد الثامن ،كتاب الأدب . باب ما جاء في الشعر والشعراء : 12813 : وعن أبي برزة قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر ، فسمع رجلين وهما يتغنيان وأحدهما يجيب الآخر وهو يقول… الحديث .. ( يقال : ركست الشيء وأركسته، إذا رددته ورجعته) ودعهما إلى النار دعاً ( الدع : الدفع ) . رواه أحمد والبزار . وقال: نظر إلى رجلين يوم أحد يتمثلان بهذا الشعر في حجرة . وأبو يعلى بنحوه وفيه يزيد بن أبي زياد والأكثر

ص: 166

على تضعيفه … ثم رواه بسند آخر وقال : رواه الطبراني في الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم . وبسند آخر وقال : رواه الطبراني وفيه عيسى بن سوادة النخعي كذاب . مسند الإمام أحمد، المجلد الرابع، أول مسند البصريين: حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله تعالى عنه … وذكره في تذكرة الموضوعات للإمام الفَتّنِي . رواه وقال : فيه يزيد بن أبي زياد كان يلقن فيتلقن . قلت هذا لا يقتضي الوضع . وقد أخرجه أحمد وله شاهد عن ابن عباس .

لسان العرب : يقال رَكَسْتُ الشئ وأَرْكَسْتُه إِذا رَدَدْتَه ورَجَعْتَه . وفي رواية : إِنه رَكِيس ، فعيل بمعنى مفعول . ومنه الحديث : اللهم أَركِسْهما في الفتنة رَكْساً . والرَّكْسُ : قلبُ الشئ على رأْسه أَو ردُّ أَوله على آخره . رَكَسَه يَرْكُسُه رَكْساً ، فهو مَرْكوس ورَكِيسٌ ، وأَرْكَسَه فارْتَكَس فيهما . وفي التنزيل : واللَّه أَرْكَسهم بما كسَبوا . قال الفراء : يقول رَدَّهم إِلى الكفر.

- وكتب ( مشارك ) ، الواحدة إلا ربعاً صباحاً :

هل تفقه شيئاً في علم الحديث يا شمري ؟ لماذا لاتأخذ دورة في علم الأحاديث قبل أن تفتري علينا ؟ هل تعلم ما معنى ( حدثنا عبد الله حدثني أبي ) ؟ ! معنى هذا أن هذا من زيادات القطيعي على المسند وليس من المسند نفسه . وعليك أن تعلم ما هو رأي العلماء في زيادات القطيعي .

ثم إن من الضوابط أن تثبت صحة ما تستدل به ، وأنت لم تنقل لنا قولاً لأهل العلم ممن صحح هذا الحديث . إذا أردت أن أدلك على كتب في علم الحديث فأنا على استعداد .

- فكتب العاملي ، بتاريخ 2-7-1999 ، الثانية صباحاً :

إلى من يفهم في الحديث : هذا الحديث الشريف أقوى بمرات من حديث العماء الذي بنى عليه ابن تيمية عقيدته بالله تعالى !! وقد كنت جمعت مصادره ووجدت الآن عندي منها ما يلي :

ص: 167

رواه أبو يعلى في مسنده : 13 / 429 : ( 7436 ) حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا جرير ومحمد بن فضيل ، عن يزيد بن أبي زياد …

والطبراني في الكبير : 11 / 38 : حدثنا أحمد بن علي الجارودي الأصبهاني ، ثنا عبد الله بن سعيد الكندي ، ثنا عيسى بن سوادة النخعي ، عن ليث ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال. . .

ورواه في الأوسط : 7/133: حدثنا محمد بن حفص بن بهمرد ، ثنا إسحاق بن بالحارث الرازي، ثنا عمرو بن عبد الغفار الفقيمي، ثنانصير بن أبي الأشعث وشريك وأبوبكر بن عياش …

ورواه ابن شيبة في المصنف : 7 / 508 : حدثنا محمد بن فضيل ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص . . . انتهى .

وقد كان معاوية وعمرو يتغنيان بذلك تشفياً بمقتل أسد الإسلام حمزة رضي الله عنه ، ويسخران بالنبي صلی الله علیه و آله !!!

وهو معلوم من بيت الشعر ، وقد نص عليه : عبد الغني المقدسي في جزء أحاديث الشعر - 95 : عن أبي برزة الأسلمي أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجلين يوم أحد يتمثلان بهذا الشعر في حمزة :

تركت حوارياً تلوح عظامه . . . زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم اركسهما في الفتنة ركساً ودعهما إلى النار دعاً !!. انتهى .

وقال في مجمع الزوائد : 8 / 121 : وعن أبي برزة قال … رواه أحمد والبزار ، وقال : نظر إلى رجلين يوم أحد يتمثلان بهذا الشعر في حجرة ....

وقد مال ابن حبان الى تضعيفه فقال في المجروحين : 3 / 101 : وقد روى عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أبى برزة قال : كنا مع النبي عليه الصلاة والسلام فسمع صوت غناء … أخبرناه محمد بن زهير أبو يعلى ، قال : حدثتا علي بن المنذر قال … قال :

ص: 168

سمعت على بن سعيد النسائي يقول : سئل أحمد بن حنبل عن يزيد بن أبي زياد فضعفه وحرك رأسه . سمعت محمد بن محمود يقول سمعت الدارمي يقول: سألت يحيى بن معين عن يزيد ابن أبى زياد فقال : ليس بالقوي.

- وضعفه الحنبلي في المنار المنيف ص 118 فقال : وحديث نظر رسول الله إلى معاوية وعمرو بن العاص . فقال : اللهم اركسهمافي الفتنة ركساً ودعهما إلى النار دعاً ، كذب مختلق . وقال نفس عبارته ابن قيم الجوزية في نقد المنقول – 109 !

- ولكن الفتني في تذكرة الموضوعات دافع عن راويه فقال في ص 168 : وفي الوجيز : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع رجلين يغنيان . فقال : اللهم أركسهما في الفتنة ركساً أو دعهما إلى النار . فيه يزيد بن أبي زياد كان يلقن فيتلقن . قلت : هذا لا يقتضي الوضع وقد أخرجه أحمد ، وله شاهد عن ابن عباس . وقد دافع عنه ابن حجر العسقلاني في كتابه : القول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد ص 60 ، فقال : السابع : قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن شيبة ، ثنا محمد بن فضيل ، عن يزيد بن أبي زياد، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، قال : أخبرني رب هذا الدار أبو هلال، قال : سمعت أبا برزة رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع رجلين يتغنيان وأحدهما يجيب الآخر وهو يقول :

لا يزال حواري تلوح عظامه …. روى الحرب عنه أن يحن فيقبرا .

فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من هما ؟ قال : فقالوا : فلان وفلان . قال : فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم أركسهما ركساً ودعهما إلى النار دعاً ! ! !

أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أبي يعلى ثنا علي بن المنذر ، ثنا ابن فضيل ، ثنا يزيد بن أبي زياد ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن ابن أبي برزة رضي الله عنه …. قال ابن الجوزي : لا يصح . يزيد بن أبي زياد كان يلقن بآخره فيتلقن .

قلت : يزيد بن أبي زياد احتج به الأربعة وروى له مسلم مقروناً . وقد مر عن الحافظ العسقلاني أنه قال : يزيد وإن ضعفه بعضهم من قبل حفظه فلايلزم أن كل ما يحدث به موضوعاً .

ص: 169

قال الجلال السيوطي : ما قاله ابن الجوزي لا يقتضي الوضع . قال : وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما..الخ . انتهى .

فأنت ترى تصحيح عدد من الأئمة له ، والبحث في هذا طويل .. وقد حاول بعضهم بعد أن عجز عن تضعيفه أن يلبسه لرجلين آخرين وافترض شخصين صديقين من غير القرشيين ، أو من منافقي الأنصار اسمهما معاوية وعمرو !! ولكن هذه الحيلة لا تنجح !

- وكتب ( الشمري ) ، الرابعة عصراً :

شكراً يا عاملي على عملك العظيم . وشكراً يا أبا زهراء .

الحق أبلج ومن خالفه تلجلج !! أليس كذلك يا شباب ؟!

- وكتب ( جميل 50 ) ، الرابعة والربع عصراً :

أحسنت كثيراً يا عاملي . وبارك الله في الأخ الشمري على هذه الإثارات المباركات . وأسأل المولى العزيز المقتدر أن يمن بالهداية على عبيده .

- وكتب ( الشمري ) ، بتاريخ 3-7-1999 ، الثالثة صباحاً :

شكراً على المداخلات يا شباب .

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 4-7-1999 ، الثالثة ظهراً :

زدتناقناعة بضعف الحديث ، ولا أدري لماذا فرح من يريد الاستدلال بهذا الحديث بعد أن تأكد ضعفه . هل يأخذ فقط الأحاديث الضعيفة ؟؟

الحق أبلج والباطل لجلج . قال تعالى : (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون ) .

- فكتب العاملي ، بتاريخ 4-7-1999 ، الثالثة والنصف ظهراً :

ص: 170

قلت لك إنه أقوى من حديث العماء ، الذي استخرجته لك ، حسب طلبك . فإن شئت فارفضهما معاً أو فاقبلهما معاً .. هذا هو الإنصاف . ولكن حديث العماء حبيب إلى قلبك لأنه حبيب إلى قلب ابن تيمية الذي بنى عليه ( توحيده ) . . . ماشاء الله على هذا التوحيد المبني على العماء !!

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 7-7-1999 ، السادسة مساءً :

وهل تحسبني آخذ منك تصحيح الأحاديث وتضعيفها ياعاملي . وخاصة بعد ما بلوتك في شأن النقولات ، وخاصة أنك من الإثنى عشرية ، ونحن لا نأخذ منهم .

- وكتب ( الشمري ) ، الثامنة إلا خمس دقائق مساءً :

الحمد الله يا عاملي على أنك من المتمسكين بكتاب الله وعترة الرسول الذين لن يفترقا حتى يردا الحوض . أما غيرك فقد تمسك بأشياء من غير عترة الرسول ( كحديث العماء ) ومعلوم أن العترة الطاهرة لن تفترق عن كتاب الله أما غيرها فلم يرد نص صحيح بذلك : ( 3718 - عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ الْقَصْوَاءِ يَخْطُبُ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ أَخَذْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا كِتَابَ اللَّهِ وَعِتْرَتِي أَهْلَ بَيْتِي. قَالَ وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي سَعِيدٍ وَزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَحُذَيْفَةَ ابْنِ أَسِيدٍ ) .

- وكتب ( العاشر من رمضان ) ، الثامنة مساءً :

يا أخ عاملي .. ألا ترى أن انتقالك إلى مناقشة حديث العماء يعتبر نوعاً من الحيدة عن الموضوع الأصلي .. وأعتقد أن مراقب الساحة نص على عدم

ص: 171

الخروج عن المحور المعني في الموضوع. لكن يمكنك طرح هذا الأمر في موضوع مستقل .. ألا يعد هذا أفضل حتى نحافظ جميعاً على الضوابط التي ارتضيناها من مراقب الصفحة ؟

- وكتب ( غصبن عن الرقابة ) ، بتاريخ 7-7-1999 ، الثامنة مساءً :

يا جماعة : خلاص الحديث واضح . كل الروايات إما فيها كذاب ، أو لا يحفظ ، أو غير معروفين ( مجاهيل ) . يعني الحديث ضعيف وباطل .

وبعدين الحديث ( أي حديث ) أحياناً بيكون ضعيف بسبب متنه لأنه مخالف للدين ! يعني معقول الرسول يلعن إتنين من أصحابه عشان الغناء ؟! إي والله كبيره . شوفوا كم عندكم غناء ، وإلعنوا أنفسكم .

قال لو : مما عرفت الكذبة ؟ قال : من كبرها .

- قال العاملي : لم يفهم هذا المصري العامي المتمسلف الذي سمى نفسه (غصبن عن الرقابة ) أن معاوية وعمراً كانا يغنيان بالتشفي بمقتل الحمزة عم الرسول صلی الله علیه و آله ! ولعنه لهما وإن كانا في زمن كفرهما ، ولكنه لا ينطق عن الهوى . وقد نشرتُ هذا الموضوع في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 23-3-2000 ، الثالثة ظهراً ، بعنوان ( صحابيان إماما ضلال .. دعا عليهما النبي فاستجاب له الله) ، كتبت فيه :

صحابيان إماما ضلال دعا عليهما النبي : اللهم أركسهما في النار !! من موضوعات شبكة ( أنا العربي ) للأخ الشمري …. ثم كتبت :

ص: 172

والباحث يأخذ العبرة من تلاعب رواة الخلافة ، ومحاولاتهم التغطية على عدويْ الله ورسوله ، اللذين كانا ينشدان الشعر ويشربان الخمر تشفياً ببطل الإسلام حمزة رضوان الله عليه !! فدعا عليهما النبي بأمر ربه أو بإلهامه !

ولا شك أن الله تعالى استجاب دعاءه ، فوصل معاوية وعمرو إلى جهنم مركوسين ركساً ، مدعوعين دعاً .. وبقي أن يصل المدافعون عنهما إلى جوارهما !! اللهم أطعنا رسولك في أهل بيته فأعذنا من جهنم النواصب !

- فكتب ( محب السنة ) بتاريخ 23-3-2000، الثالثة والنصف ظهراً:

ما نسب إليهما من قول وما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم عليهما ، هل كان بعد إسلامهما أم قبله ؟! قال تعالى : بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون .

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 23-3-2000 ، الثامنة مساءً :

بل الصحيح أن الحديثين ضعيفان يا عاملي . وحديث العماء ضعيف الإسناد وعلى فرض صحته فالمقصود ب- ( ما ) هناك النفي .

- فأجاب العاملي ، بتاريخ 23-3-2000 ، التاسعة مساءً :

الأخ محب السنة ، ما ذكرته باب مهم : فنحن نقول إن دعاء النبي صلی الله علیه و آله بدخول النار لشخص ، مشمول للوحي والتسديد الإلهي وقاعدة ( لا ينطق عن الهوى ) ، فهو يكشف عن أن المدعو عليه لا يمكن أن يتوفق لحسن العاقبة . ويوجد من يقول إن دعاء النبي على شخص ولعنه إياه غضب بشري ، فقد يكون صلی الله علیه و آله مصيباً ولا يختم لصاحبه بخير ، وقد يكون مخطئاً ويختم لصاحبه بخير !!

ص: 173

وهو رأي مردود لأنه ينتقص من مقام النبوة ، ويناقض قوله تعالى ( ولا ينطق عن الهوى ) .

والأهم من عمرو ومعاوية في هذا الباب ، الآيات التي نزلت في عموم أئمة المشركين وقادة الأحزاب وجنودهم ، التي حكمت عليهم بالنار والعذاب .. فهل يصح أن نقول إن الله تعالى كان يعلم أنه سيختم لهم بخير !! وكانت أحكامه عليهم بغضب بشري ؟!!

وفي موضوعنا هذا يامحب السنة .. ماذا تصنع بحكم الله تعالى على العاص بن وائل بأنه أبتر لا ذرية له ، هل تقول إن عمرواً ذرية للعاص ؟ وما معنى نفي رب العالمين الذرية للعاص ، إذن ؟!!

الأخ مشارك .. لأول مرة أراك ضعفت حديثاً استند إليه ابن تيمية في أكثر من ثلاثين موضعاً من مؤلفاته !!

أشكرك على هذه الرجولة والإستقلال الفكري .

وبالنسبة الى حديث ( أركسهما ) فالشواهد التي ذكروها ، واستبعاد أن يكون الحديث والقصة نشأت من عدم ، مع تعدد رواتها .. ترفعه إلى درجة الحسن على الأقل . ثم لا تنس أن هذا الحديث حجة لمن ثبتت عنده على وجوب ترك الاقتداء بهذين الشخصين ، ورفض اعتبارهما إمامي هدى !!!

- قال العاملي : فغاب مشارك ومحب السنة ، ولم يجيبا !!

- كتب عبدالحسين البصري في الموسوعة الشيعية بتاريخ 29-9-1999، الرابعة عصراً ، موضوعاً بعنوان ( اللهم العن التابع والمتبوع ، اللهم عليك بالأقيعس ) قال فيه :

ص: 174

قال السيوطي : وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله يوم أحد : ( اللهم العن أبا سفيان . اللهم العن الحارث بن هشام . اللهم العن سهيل بن عمرو . اللهم العن صفوان بن أمية ) .

وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : كان النبي يدعو على أربعة نفر ، وكان يقول في صلاة الفجر : اللهم العن فلاناً وفلاناً . ( الدر المنثور : 2 / 71 . والسيرة الحلبية 2 / 234 ) .

وأخرج نصر بن مزاحم المنقري ، عن عبد الغفار بن القاسم ، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب قال : أقبل أبو سفيان ومعه معاوية فقال رسول الله : اللهم العن التابع والمتبوع ، اللهم عليك بالأقيعس . فقال ابن البراء لابيه : من الأقيعس ؟ قال : معاوية . ( وقعة صفين - 217 تحقيق عبد السلام محمد هارون ) .

وأخرج نصر عن علي بن الأقمر في آخر حديثه قال : فنظر رسول الله الى أبي سفيان وهو راكب ومعاوية وأخوه أحدهما قائد والآخر سائق ، فلما نظر إليهم رسول الله صلی الله علیه و آله قال : اللهم العن القائد والسائق والراكب . قلنا : أنت سمعت رسول الله ؟ قال : نعم ، وإلا فصمت أذناي. ( وقعة صفين – 220 )

وجاء في رسالة محمد بن أبي بكر لمعاوية : وقد رأيتك تساميه وأنت أنت ، وهو هو أصدق الناس نية وأفضل الناس ذرية ، وخير الناس زوجة ، وأفضل الناس ابن عم ، أخوه الشاري بنفسه يوم مؤته وعمه سيد الشهداء يوم أحد ، وأبوه الذاب عن رسول الله صلی الله علیه و آله ونحن حوزته . وأنت اللعين ابن اللعين لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله صلی الله علیه و آله الغوائل وتجهدان في إطفاء نور الله ، تجمعان

ص: 175

على ذلك الجموع وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل وعلى ذلك مات أبوك وعليه خلفته . ( مروج الذهب للمسعودي 3 /14 ) .

وأخرج ابن عبد البر عن الحسن : أن أبا سفيان دخل على عثمان حين صارت الخلافة إليه فقال : قد صارت إليك بعد تيم وعدي فأدرها كالكرة واجعل أوتادها بني أمية فإنما هو الملك ولا أدري ما جنة ولا نار . فصاح به عثمان : قم عني فعل الله بك وفعل . ( الإستيعاب لابن عبد البر 4 / 1679 ) .

قال سيدي ومولاي أمير المؤمنين علیه السلام : ( إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع ) . ( من الخطبة الشقشقية من نهج البلاغة ) .

اللهم ثبتنا على ولاية محمد وآل محمد . آمين يا رب العالمين .

وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 25-1-2000، الثانية والنصف صباحاً:

الأخ عبد الحسين .. السلام عليكم ورحمة الله .

لماذا لا نرى لك مشاركات كما كنت ؟ وأحسنت على ما سطرت يداك.

قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

- وكتب (خادم أهل البيت) بتاريخ 25-1-2000 ، نحوالثالثة صباحاً:

أستاذنا عبد الحسين البصري . . . لا حرمنا من قلمكم الكريم . سلام من الله عليكم ورحمة وبركات .. أحسنت سيدي الكريم بما ذكرته من أحاديث تضعف حججهم ، وتوهن تعنتهم ، وتكشف مكرهم .

ص: 176

سيدي الكريم ما ظنك بأسرة كان جدهم معانداً لجد رسول الله هاشم .. وأبوهم محارباً رسول الله صلی الله علیه و آله ، وابنهم رافضاً لبيعة أمير المؤمنين علیه السلام وحاشداً جيوشه ضده ، وحفيدهم قاتلاً لسبط رسول الله صلی الله علیه و آله وذريته الأطهار . . . .

سيدي الكريم.. هذه الأحداث كفيلة بأن تكشف نوايا هذه الأسرة النكراء الملعونة ... فما ردهم الآن بعد الأحاديث التي ذكرت ؟ ؟ والسلام .

- وكتب ( السبطين ) بتاريخ 25-1-2000 ، الثالثة والثلث صباحاً :

يتعين عليك يا أستاذنا الجليل عبدالحسين البصري أن لاتحرمنا من فوائدك فلا يشغلك منصب الإدارة عن الإفادة .

- وكتب (خادم أهل البيت) بتاريخ 25-1-2000 الحادية عشرة مساءً :

اللهم صل على محمد وآل محمد . لأهمية الموضوع قمت برفعه .

الملعونون على لسان النبي صلی الله علیه و آله

- وكتب العاملي في الموسوعة الشيعية بتاريخ 3-2-2000، الواحدة صباحاً ، موضوعاً بعنوان (كم عدد الملعونين على لسان رسول الله ؟) ، قال فيه :

لعنة الأنبياء علیهم السلام لأشخاص وفئات أمر عظيم !

ومعناها إبلاغ الأنبياء علیهم السلام وتنفيذهم لقرار إلهي بطرد الملعون من رحمة الله تعالى !! وقد تسري اللعنة منه إلى ذريته إلى يوم القيامة ! !

وهذه مجموعة أحاديث شريفة التي صدر فيها حكم اللعن على أشخاص معينين ، أو فئات وأصناف من الناس .. أردت جمعها لأن هؤلاء المطرودين من

ص: 177

رحمة الله تعالى على لسان نبيه صلی الله علیه و آله ، هم أصل كل مصائب الأمة الاسلامية ، بل والبشرية .. الخ .

قال الله تعالى: ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ) .

وفي مفردات الراغب ص 451 : لعن : اللعن الطرد والإبعاد على سبيل السخط وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة ، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه ، ومن الإنسان دعاء على غيره ، قال : ألا لعنة الله على الظالمين . والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . لعن الذين كفروا من بنى إسرائيل . ويلعنهم اللاعنون . واللعنة الذي يلتعن كثيراً . واللعنة الذى يلعن كثيراً ، والتعن فلان : لعن نفسه ، والتلاعن والملاعنة أن يلعن كل واحد منهما نفسه أو صاحبه . انتهى .

ص: 178

من قائمة الملعونين في الكتاب والسنة

- رؤساء قبائل قريش ، ليلة الهجرة .

- أبو جهل .

- بنو أمية ، الشجرة الملعونة فى القرآن .

- أبو سفيان ، وابناه يزيد ومعاوية.

- أبو العاص ، وابنه الحكم وابنه مروان .

- العاص ، وابنه عمرو .

- المغيرة بن شعبة .

- عقبة بن أبي معيط وابنه الوليد .

- سهيل بن عمرو .

- صفوان بن أمية .

- المغيرة بن أبى وقاص .

- أبو لهب ، وعتبة بن أبى لهب .

- أمية بن خلف .

- خالد بن الوليد وأبوه .

- الأسود بن المطلب ، وابنه هبار .

- قتلى بدر ، من المشركين .

- سراقة بن مالك .

- عتبة بن أبى وقاص .

- أبو القين الأسلمى .

ص: 179

- النضر بن الحارث .

- الحارث بن هشام بن المغيرة .

- ابن قميئة .

- ابن خطل .

- ابن النعيمان .

- ماعز بن مالك .

- مسطح بن أثاثة .

- المغيرة بن أبي العاص .

- أربد بن قيس .

- عامر بن الطفيل .

- عشائر قريش ، وعشائر رعل وذكوان وعصية ولحيان .

- أم حكمة .

- سفيان بن خالد بن نبيح .

- عبد الله بن سعد بن أبى سرح .

- الأحزاب .

- الغادرون بأصحابه ، من عكل وعرينة وقيس ، وغيرها .

- أصحاب مؤامرة العقبة لقتل النبي صلی الله علیه و آله .

- المتخلفون عن القتال والفارون من الزحف .

- المتخلفون عن جيش أسامة .

- بعض النساء .

- من أفشت سر النبى صلی الله علیه و آله .

ص: 180

- الذين يؤذون النبي صلی الله علیه و آله في حياته وبعد وفاته .

- من أغضب فاطمة علیها السلام أو آذاها .

- من آذى علياً علیه السلام أو غصب حقه .

- الناكثون والقاسطون والمارقون ، الذين أمر علياً علیه السلام بحربهم .

- قتلة الحسين علیه السلام ، وقتلة العترة الطاهرة .

- من ظلم أهل بيته علیهم السلام أو آذاهم ، أو تخلف عن نصرتهم .

- من ظلم أهل المدينة ، أو أخافهم .

- من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً .

- الحاكم الجائر .

- من ولى على المسلمين رجلاً ، وفيهم أعلم منه .

- أبو رافع اليهودي .

- كعب بن الأشرف .

- امرأة من يهود .

- عبد الله بن سلول .

- ذو الثدية .

- الراشى والمرتشي .

- شارب الخمر .

- السارق .

- آكل الربا .

- المخنثون والمترجلات .

- من سب والديه ، أو ادعى لغير أبيه ..

ص: 181

- أشخاص وأصناف أخرى .

الشجرة الملعونة في القرآن ، وابن العاص ؟!!

الشجرة الملعونة أو العائلة الملعونة في القرآن ، هم بنو أمية ، المحبوبون جداً عند النواصب ! فقد لعنهم الله تعالى على لسان من لا ينطق عن الهوى صلی الله علیه و آله .. ثم تأكدت لعنتهم على لسان أخيه ووصيه ، الصديق الأكبر الفاروق بين الحق والباطل ، أمير المؤمنين علي علیه السلام .

قال أبو الفداء ، في تاريخه :1/2/ 57 : ( في سنة 283 أمر المعتضد بكتابة الطعن في معاوية وابنه وابيه وإباحة لعنهم ، وورد في كتابه أن قوله تعالى ( الشجرة الملعونة ) اتفق المفسرون أنه أراد بني أمية .

ورأى النبي صلی الله علیه و آله أبا سفيان مقبلاً ومعاوية ويزيد أخو معاوية يسوق به ، فقال : لعن الله القائد والراكب والسائق .

فقيل له (للمعتضد) إن في ذلك استطالة للعلويين ! فأمسك عن ذلك !!

وقال الحافظ ابن عقيل في النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص 142 : ( قال فخر الدين الرازي في تفسيره : وهذا هو قول ابن عباس عن عطاء ، ثم قال أيضاً : قال ابن عباس : الشجرة الملعونة في القرآن بنو أمية ، يعني الحكم بن أبي العاص ، قال : ورأى رسول الله صلی الله علیه و آله في المنام أن ولد مروان يتداولون منبره ، فقص رؤياه على أبي بكر وعمر ، وقد خلا في بيته معهما ، فلما تفرقوا سمع رسول الله صلی الله علیه و آله الحكَم يخبر برؤيا رسول الله صلی الله علیه و آله ! فاشتد ذلك عليه واتهم عمر في إفشاء سره ، ثم ظهر أن الحكم كان يتسمع إليهم ، فنفاه رسول الله صلی الله علیه و آله . وقد ذكر الشيخ بن حجر الهيثمي جملة أحاديث في هذا المعنى في كتابه تطهير الجنان منها ما قال: ( جاء بسند رجاله رجال الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي

ص: 182

الله عنه أنه صلی الله علیه و آله قال : ليدخلن الساعة عليكم رجل لعين فو الله ما زلت أتشوف داخلاً وخارجاً حتى دخل فلان ، يعني الحكم ! كما صرحت به رواية أحمد .

وبسند قال الحافظ الهيثمي فيه من لم أعرفه : أن الحكم مر على النبي صلی الله علیه و آله بالحجر فقال : ويلٌ لأمتي مما في صلب هذا !!

وبسند فيه رجل قال الحافظ الهيثمي لا أعرفه ، أنه صلی الله علیه و آله قال : يكون خليفة هو ، وذريته من أهل النار !! . . .

وبسند فيه مستور وبقية رجاله ثقات : أن الحكم استأذن على النبي صلی الله علیه و آله فعرفه فقال : ائذنوا له فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، وما يخرج من صلبه ، يشرفون في الدنيا ، ويترذلون في الآخرة !! ) .

وقال سعيد أيوب في معالم الفتن - 214 : ( قال تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً … قالوا : إنها شجرة الزقوم التي جاء ذكرها في قوله تعالى : أم شجرة الزقوم. إنا جعلناها فتنة للظالمين . والشجرة في الآية وصفت بأنها فتنة، أي عقاب للظالمين ، فكيف يقال أن العقاب ملعون والله تعالى يلعن الشجرة ! فلو كانت الشجرة ملعونة لكونها تخرج في أصل الجحيم ، وسبباً من أسباب عذاب الظالمين ، لكانت النار وكل ماأعد الله فيها للعذاب ملعونة ، وهذا لايصح لأن الله أعد لها ملائكة للعذاب فقال تعالى : وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة . وقد أثنى الله تعالى على ملائكة النار فقال تعالى: عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) .

وقال السيد شرف الدين في كتابه أبو هريرة : 1/ 95 : ( وقد كان صلی الله علیه و آله رأى في منامه كأن بني الحكم ابن أبي العاص ينزون على منبره كما تنزو القردة

ص: 183

، فيردون الناس على أعقابهم القهقرى ، فما رؤي بعدها مستجمعاً ضاحكاً حتى توفي . ( أخرجه الحاكم في ص 480 من الجزء الرابع من مستدركه في كتاب الفتن والملاحم وصححه على شرط الشيخين واعترف الذهبي بصحته في تلخيص المستدرك على تعنته). وقد أنزل الله تعالى في ذلك عليه قرآناً يتلوه المسلمون آناء الليل وأطراف النهار : ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلاطغياناً وكفراً ) . الإسراء - 6 .

والشجرة الملعونة في القرآن هي الأسرة الأموية ، أخبره الله تعالى بتغلبهم على مقامه وقتلهم ذريته ، وعبثهم في أمته فلم ير بعدها ضاحكاً حتى لحق بالرفيق الأعلى . وهذا من أعلام النبوة وآيات الإسلام ، والصحاح فيه متواترة ، ولا سيما من طريق العترة الطاهرة .

أعلن رسول الله صلی الله علیه و آله أمر هؤلاء المتغلبين ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ، وما على الرسول إلا البلاغ المبين .

وحسبك من إعلانه أن الحكم بن أبي العاص استأذن عليه مرة فعرف صلی الله علیه و آله صوته وكلامه فقال : ( إئذنوا له عليه لعنة الله ، وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنون منهم وقليل ما هم ، يشرفون في الدنيا ويضعون في الآخرة ، ذووا مكر وخديعة يعطون في الدنيا ، وما لهم في الآخرة من خلاق ) . ( أخرجه الحاكم وصححه في ص481 من الجزء الرابع في كتاب الفتن والملاحم ) .

وقال صلی الله علیه و آله : ( إذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً ، وعباد الله خَوَلاً، ودين الله دَغَلاً ). ( الحاكم بالإسناد إلى كل من أبي ذر وأمير المؤمنين علي وأبي سعيد الخدري، وصححه في ص480 من الجزء الرابع وصححه الذهبي أيضاً ).

ص: 184

وقال صلی الله علیه و آله مرة أخرى : ( إذا بلغ بنو أمية أربعين اتخذوا عباد الله خَوَلاً ، ومال الله دَخَلاً ، وكتاب الله دَغَلاً ) . ( أخرجه الحاكم في ص 479 من الجزء الرابع من صحيحه المستدرك بإسناده إلى أبي ذر من طريقين ) .

وكان لايولد لاحد مولود إلا أتى به النبي صلی الله علیه و آله ، فدعا له فدخل عليه مروان بن الحكم ، فقال صلی الله علیه و آله : هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون . ( الحاكم وصححه ص 479 من الجزء الرابع من مستدركه ) .

وعن عائشة من حديث قالت فيه : ( ولكن رسول الله صلی الله علیه و آله لعن أبا مروان ومروان في صلبه ، قالت : فمروان فضضٌ من لعنة الله ) . ( أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين ص 481 من الجزء الرابع من مستدركه ) .

وعن الشعبي عن عبدالله بن الزبير قال : ( أن رسول الله صلی الله علیه و آله لعن الحكم وولده ) . ( أخرجه الحاكم وصححه في آخر ص481 الجزء الرابع من المستدرك ) .

والصحاح في هذا ونحوه متواترة ، وحسبك منها ما أخرجه الحاكم في كتاب الفتن والملاحم من صحيحه المستدرك ، إذ أخرج منها ما فيه بلاغ لأولي الألباب ، وختم الباب بقوله ( في أول ص 480 من الجزء الرابع من مستدركه ) : ( ليعلم طالب العلم أن هذا باب لم أذكر فيه ثلث ما روي ! وأن أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم ! قال : ولم يسعى فيما بيني وبين الله أن أخلى الكتاب من ذكرهم ) . انتهى .

ولايخفى ما في كلامه من الدلالة على تخوفه من العامة وجمهور المسلمين أن ينكروا عليه إخراج هذه الصحاح ، فاعتذر إليهم بأنه لم يسعه أن يخلى كتابه منها ، وجعل الله شهيداً فيما بينه وبينهم على ذلك ! وهنا عرفت معنى قول القائل : ما المسلمون بأمةٍ لمحمد . . . كلا ولكن أمةٌ لعدوهِ !!

ص: 185

قلت : وهذا القدر كاف لإثبات ما قلناه من أنهم إنما اختلقوا هذا الحديث وأمثاله تداركاً لتلك اللعنات ! ومما يوجب الأسف أن العامة آثرت أولئك اللعناء المنافقين على نبيها صلی الله علیه و آله من حيث لاتشعر ، إذ صححوا هذه الخرافة ( أن لعنة النبي رحمة ! ) صوناً للملعونين ، ولم يأبهوا بما يلزم ذلك من اللوازم التي لا تليق برسول الله صلی الله علیه و آله .. وما كان للأمة أن تحتفظ بكرامة من لعنهم نبيها لنفاقهم ، ونفاهم لإفسادهم ، فتضيع على أنفسها المصلحة التي توخاها صلی الله علیه و آله لها في لعنهم وإقصائهم .

أخرج مسلم في آخر باب من لعنة النبي وليس أهلاً لذلك ص 393 من الجزء الثاني من صحيحه ، بالإسناد إلى ابن عباس ( أن النبي صلی الله علیه و آله أمره أن يدعو له معاوية ، قال فجئت فقلت هو يأكل ، ثم قال لي : إذهب فادع لي معاوية ، قال فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال صلی الله علیه و آله : لا أشبع الله بطنه ) .

قلت : وجاء في بعض طرقنا إلى ابن عباس في هذا الحديث أن رسول الله صلی الله علیه و آله لعن معاوية يومئذ . ويدلك على لعنه يومئذ أن مسلماً أورد هذا الحديث في باب من لعنه النبي في صحيحه كما سمعت ! لكنهم يحرفون الكلم عن مواضعه احتفاظاً منهم بكرامة هؤلاء المنافقين !!) . انتهى .

وقال ابن عبد البر في الاستيعاب 1/341 : ( إن الذين كانوا يهجون رسول الله صلی الله علیه و آله من مشركي قريش : عبد الله بن الزبعرى ، وأبو سفيان ، وعمرو بن العاص ، وضرار بن الخطاب ) .

وقال السخاوي في التحفة اللطيفة 1 / 282 : ( أقبل عليه معاوية يعينهما ( عمرو بن العاص وأبو الأعور ) فقال له الحسن : أما علمت أن رسول الله لعن قائد الأحزاب وسائقهم ! وكان أحدهما أبو سفيان والآخر أبو عمرو ؟ ! ) .

ص: 186

وفي طبقات ابن سعد 7 /ق 1/ 55 : ( عن نصر بن عاصم عن أبيه قال : دخلت مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وأصحاب النبي صلی الله علیه و آله يقولون : تعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله . قلت ما هذا ؟! قالوا : معاوية مر قبيل آخذ بيد أبيه ورسول الله صلی الله علیه و آله على المنبر يخرجان من المسجد ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله فيهما قولاً . ) . انتهى .

لكن الطبراني رواه بأوضح من رواية ابن سعد هذه ! ففي معجمه الكبير: 17 /176 : ( عن نصر بن عاصم الليثي ، عن أبيه قال : دخلت مسجد المدينة فإذا الناس يقولون : نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ، قال قلت : ماذا ؟ قالوا : كان رسول الله صلی الله علیه و آله يخطب على منبره فقام رجل فأخذ بيد ابنه فخرجا ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : لعن الله القائد والمقود ، ويلٌ لهذه الأمة من فلان ذي الإستاه ) . ونحوه في أسد الغابة 3 / 76 .

وفي تاريخ الطبري 6 / 4 : ( أن رسول الله صلی الله علیه و آله لعنه وابنيه معاوية ويزيد لما رآه راكباً وأحد الولدين يقود والآخر يسوق ، فقال : اللهم اللعن الراكب والقائد والسائق ) .

وفي الفردوس للديلمي 1 /560 : ح 1883 أبوذر الغفاري : ( اللهم العن بني لحيان ورعلاً وذكيان وعصية عصوا الله ورسوله . اللهم العن أبا سفيان . اللهم العن الحارث بن هشام . اللهم العن صفوان بن أمية ) .

وفي المجروحين لابن حبان 3 / 101 : ( عن أبي برزة قال : كنا مع النبي صلی الله علیه و آله فسمع صوت غناء ، فقال : انظروا ما هذا ؟ قالوا : هذا معاوية وعمرو يغنيان. فقال : اللهم اركسهما في الفتنة ركسا اللهم دعهما إلى النار دعا . ).

ص: 187

وفي مبسوط السرخسي10 / 124 : ( باب الخوارج ) . . . ( قال صلى الله عليه وسلم : الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها . فمن كان ملعوناً على لسان صاحب الشرع صلوات الله عليه يقاتَل . والذي روي أن ابن عمر رضي الله عنهما وغيره لزم بيته، تأويله أنه لم يكن له طاقة على القتال ، وهو فرض على من يطيقه . والإمام فيه علي رضي الله عنه فقد قام بالقتال وأخبر أنه مأمور بذلك بقوله رضي الله عنه: أمرت بقتال المارقين ، والناكثين ، والقاسطين ) .

وفي الايضاح لابن شاذان - 63 : ( ورويتم عن حماد بن العوام ، عن خضير بن عبد الرحمن ، عن أبى المفضل قال : سمعت علياً قنت في المغرب ، فقال : اللهم العن معاوية بادئاً ، وعمرو بن العاص ثانياً ، وأبا الأعور السلمي ثالثاً ، وأبا موسى الأشعرى رابعاً ) .

وفي إحكام ابن حزم 1 / 109 : ( وكان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقنت بهذا فيلعن رجالاً يسميهم بأسمائهم ، منهم معاوية بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وأبو الأعور السلمي ، وأبو موسى الأشعري ) .

وفي النصائح الكافية ، للحافظ محمد بن عقيل ص 174 : ( وقد أهمل كثير من أهل الحديث واجب التثبت في الرواية كما أمر الله … فتراهم يصححون ويقبلون بلا أدنى توقف رواية من أخبر الله عنه في كتابه أنه فاسق كالوليد بن عقبة ، ومن أخبر النبي أنه وزغ ملعون كالحكم ، ومن أخبر عنه أنه في النار كسمرة ، ومن أخبر النبي أنه داع إلى النار كمعاوية وعمرو ، وأمثالهم!!).

وفي النصائح الكافية ص 60 : ( أخرج أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله : من ولي من أمر

ص: 188

المسلمين شيئاً فأمَّر عليه أحداً محاباةً ، فعليه لعنة الله ، لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم !!

وأخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس عن النبي صلی الله علیه و آله : من استعمل رجلاً من عصابة ، وفيهم من هو أرضى لله منه ، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين!!

وأخرج البخاري في صحيحه ، عن معقل ، عن رسول الله صلی الله علیه و آله قال : ما من والٍ يلي رعية من المسلمين فيموت وهو غاش لهم ، إلا حرم الله عليه الجنة !! فهل يبقى بعد سماع هذا لذي إيمان أن يصدق بما جاء به من لا ينطق عن الهوى ، شكٌ في استحقاقه لعنة الله ، وأن الله لا يقبل منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم ! وأنه خان الله ورسوله والمؤمنين وأنه مات غاشاً للأمة بيزيد؟! أم هناك تأويل يحاول به أنصاره رد الحديث الصحيح أو تضعيفه ؟!! اللهم غفرانك . . .

نقل أبو جعفر الطبري في تاريخه ، وابن الأثير في الكامل ، والبيهقي في المحاسن والمساوي ، وغيرهم أن معاوية قال ليزيد : إن لك من أهل المدينة ليوماً ، فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة ( هو الذي سمي مسرفاً ومجرماً ) فإنه رجل قد عرفت نصيحته . انتهى .

عرف معاوية أن مسلماً لا دين له فأمر يزيد أن يرمي به أهل المدينة ! وقد فعل يزيد ما أمره به أبوه ، وفعل مسلم بأهل المدينة ما أريد منه ، حيث قال له يزيد : يا مسلم لاتردن أهل الشام عن شئ يريدون بعدوهم ! فسار بجيوشه من أهل الشام فأخاف المدينة واستباحها ثلاثة أيام بكل قبيح ، وافتضت فيها نحو ثلثمائة بكر ، وولدت فيها أكثر من ألف إمرأة من غير زوج ، وسماها (نتنة) وقد سماها رسول الله صلی الله علیه و آله طيبة !! وقتل فيها من قريش والأنصار والصحابة وأبنائهم نحو من ألف وسبعمائة !! وقتل أكثر من أربعة آلاف من سائر الناس !! وبايع

ص: 189

المسلمين على أنهم عبيد ليزيد !! ومن أبى ذلك أمره مسلم على السيف ! إلى غبر ذلك من المنكرات !

قال المحدث الفقيه ابن قتيبة رحمة الله في كتاب الإمامة والسياسة ، والبيهقي في المحاسن والمساوي ، واللفظ للأول قال : دخل رجل من أهل الشام على امرأة نفساء من نساء الأنصار ومعها صبي لها فقال لها : هل من مال ؟ قالت : لا والله ما تركوا لي شيئاً ! فقال : والله لتخرجن لي شيئاً أو لأقتلنك وصبيك هذا !! فقالت له : ويحك إنه ولد أبي كبشة الأنصاري صاحب رسول الله ، ولقد بايعت رسول الله صلی الله علیه و آله معه يوم بيعة الشجرة على أن لا أسرق ولا أزني ولا أقتل ولدي ولا آتي ببهتان افتريه .. فما أتيت شيئاً ، فاتق الله . ثم قالت : لا يابني والله لو كان عندي شئ لافتديتك به !

قال فأخذ برجل الصبي والثدي في فمه ! فجذبه من حجرها ، فضرب به الحائط فانتشر دماغه في الأرض !! قال : فلم يخرج من البيت حتى اسود نصف وجهه ، وصار مثلاً !! وأمثال هذه من أهل الشام ومن مسلم نفسه كثيرة !! فمسلم في هذا كله منفذ لأمر يزيد ، ويزيد منفذ لأمر معاوية !!!

فكل هذه الدماء وكل هذه المنكرات الموبقات ودم الحسين علیه السلام ومن معه ، في عنق معاوية أولاً ، ثم في عنق يزيد ثانياً ، ثم في عنق مسلم وابن زياد ثالثاً !! أفبعد هذا يتصور أن يقال لعله تاب ورجع ؟!! كلا والله !!

ولقد صدق من قال : أبقى لنا معاوية في كل عصر فئة باغية فها هم أشياعه وأنصاره إلى يومنا هذا ، يقلبون الحقائق ويلبسون الحق بالباطل ! ( من يرد الله فتنته فلن تمك له من الله شيئاً ) !

ص: 190

أخرج مسلم في صحيحه : من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) .

وفي الإمامة والسياسة : 1 / 236 : قال ابن كثير : (وقد استدل بهذا الحديث وأمثاله من ذهب إلى الترخيص في لعنة يزيد بن معاوية . . وقد انتصر لذلك أبو الفرج ابن الجوزي في مصنف مفرد وجوز لعنته ) .

وفي الإمتاع والمؤانسة لأبي حيان 1 / 3 / 178 : (قال المدائني : جرى بين وكيع بن الجراح وبين رجل من أصحابه كلام في معاوية . . . فقال الرجل لوكيع : ألم يبلغك أن رسول الله لعن أبا سفيان ومعاوية وعتبة . . . فقال وكيع : إن رسول الله قال : أيما عبد دعوت عليه فاجعل ذلك له أو عليه رحمة ! فقال الرجل : أفيسرك أن رسول الله لعن والديك فكان ذلك لهما رحمة ؟! فلم يحر إليه جواباً ) !!

وفي الدرجات الرفيعة ص 243 : ( وروى أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانية ، عن جلام بن جندب الغفاري قال : كنت عاملاً لمعاوية على قنسرين والعواصم في خلافة عثمان فجئت يوماً أسأله عن حال عملي ، إذ سمعت صارخاً على باب داره يقول : أتتكم القطار تحمل النار ، اللهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له ، اللهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له !! فارتاب معاوية وتغير لونه وقال ياجلام أتعرف الصارخ ؟! فقلت : اللهم لا . قال : من عذيري من جندب بن جنادة يأتينا كل يوم ، فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ! ثم قال أدخلوه علي ، فجئ بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه فقال له معاوية : يا عدو الله وعدو رسوله ، تأتينا في كل يوم فتصنع ما تصنع ! أما أني

ص: 191

لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ! ولكني استأذنه فيك !

قال جلام : وكنت أحب أن أرى أبا ذر ، لأنه رجل من قومي ، فالتفت إليه فإذا رجل أسمر ضرب من الرجال خفيف العارضين ، في ظهره حناء ، فأقبل على معاوية وقال : ما أنا بعدو الله ولا رسوله ، بل أنت وأبوك عدوان لله ولرسوله ، أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله صلی الله علیه و آله ، ودعا عليك مرات أن لا تشبع . سمعت رسول الله صلی الله علیه و آله يقول : إذا ولي الأمة الأعين الواسع البلعوم ، الذى يأكل ولايشبع فلتأخذ الأمة حذرها منه . فقال معاوية : ما أنا ذلك الرجل !! قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل ، أخبرني بذلك رسول الله صلی الله علیه و آله سمعته يقول وقد مررت به : اللهم العنه ولا تشبعه إلا بالتراب ! وسمعته صلی الله علیه و آله يقول : إست معاوية في النار ! فضحك معاوية وأمر بحبسه ، وكتب إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية أن احمل جندباً إليَّ على أغلظ مركب وأوعره ، فوجه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها قتب ! حتى قدم به إلى المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد ! فلما قدم بعث اليه عثمان أن الحق بأي أرض شئت ! قال : بمكة . قال : لا . قال : بيت المقدس . قال : لا . قال : بأحد المصرين . قال : لا ، ولكني مسيّرك إلى الربذة . فسيره اليها فلم يزل بها حتى مات !! ) . انتهى .

في ترجمة الإمام الحسن والحسين من تاريخ ابن عساكر 1 / 193 : ( حدثنا زكريا بن يحيى الساجي ، حدثنا محمد بن بشار بندار ، حدثنا عبدالملك بن الصباح المسمعي ، حدثنا عمران ابن حدير ، أظنه عن أبي مجلز ، قال قال

ص: 192

عمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة لمعاوية : إن الحسن بن علي رجل عيٌّ وإن له كلاما ورأياً ، وإنا قد علمنا كلامه فيتكلم كلاماً فلا يجد كلاماً [ فمره فليصعد المنبر وليتكلم ] فقال لا تفعلوا ، فأبوا عليه ، فصعد عمرو المنبر فذكر علياً ووقع فيه ، ثم صعد المغيرة بن شعبة فحمد الله وأثنى عليه ، ثم وقع في علي رضي الله عنه ! ثم قيل للحسن بن علي : إصعد . فقال : لا أصعد ولا أتكلم حتى تعطوني إن قلت حقاً أن تصدقوني ، وإن قلت باطلاً أن تكذبوني ، فأعطوه ، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فقال : بالله يا عمرو وأنت يا مغيرة تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لعن الله السائق والراكب أحدهما فلان [ يعني أبا سفيان والآخر معاوية ] قالا : اللهم نعم ! قال : أنشدك الله يا معاوية ويا مغيرة أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن عمْراً بكل قافية قالها لعنة ؟ قالا : اللهم نعم .

قال : أنشدك الله يا عمرو ، وأنت يا معاوية بن أبي سفيان أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن قوم هذا ؟ قالا : اللهم بلى .

قال الحسن : فإني أحمد الله الذي وقعتم فيمن تبرأ من هذا . وذكر الحديث .

قال الطبراني في الحديث الأخير من الترجمة: حدثنا محمد بن عوف السيرافي حدثنا الحسن بن علي الواسطي ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا حريز بن عثمان ، عن عبد الرحمن بن أبي عوف قال : قال عمرو بن العاص وأبو الاعور السلمي لمعاوية : إن الحسن بن علي رضي الله عنه رجل عي ! فقال معاوية : لا تقولا ذلك ، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تفل في فيه ومن تفل رسول الله في فيه فليس بعي ، فقال الحسن بن علي : أما أنت يا عمرو فإنه تنازع فيك رجلان ، فانظر أيهما أباك ؟! وأما أنت يا أبا الأعور فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن رعلاً وذكواناً ، وعمرو بن سفيان .

ص: 193

أقول : ورواه ابن عساكر بهذا السند ، وبأسانيد أخر في ترجمة أبي الأعور السلمي من تاريخ دمشق : 42 / 45 ورواه أيضاً في مجمع الزوائد : 9 / 17 وقال : رواه الطبراني عن شيخه محمد بن عون السيرافي ، ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات .

وقال الأميني في الغدير:10/ 163 : (من كلام لعمار بن ياسر يوم صفين: يا أهل الإسلام .. أتريدون أن تنظروا إلى من عادى الله ورسوله وجاهدهما ، وبغى على المسلمين ، وظاهر المشركين ، فلما أراد الله أن يظهر دينه وينصر رسوله أتى النبي صلى الله عليه فأسلم ، وهو والله فيما يرى راهب غير راغب وقبض الله رسول صلى الله عليه وإنا والله لنعرفه بعداوة المسلم ومودة المجرم ؟ ألا وإنه معاوية ، فالعنوه لعنه الله ، وقاتلوه فانه ممن يطفئ نور الله ، ويظاهر أعداء الله . ( تاريخ الطبري 6 : 7 ، كتاب صفين - 240 ، الكامل لابن الأثير 3 / 136) .

وفي الخصال للصدوق ص 397 : ( لعن رسول الله صلی الله علیه و آله أبا سفيان في سبعة مواطن : حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال : حدثنا محمد بن موسى الدقاق قال : حدثنا أحمد بن محمد بن داود الحنظلي قال : حدثنا الحسين بن عبد الله الجعفي ، عن حكم بن مسكين قال : حدثنا أبو الجارود ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : إن رسول الله صلی الله علیه و آله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن ، في كلهن لايستطيع إلا أن يلعنه :

أولهن : يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجراً وأبو سفيان جائي من الشام فوقع فيه أبوسفيان يسبه ويوعده ، وهم أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله !

والثانية : يوم العير إذا طردها ليحرزها عن رسول الله صلی الله علیه و آله ، فلعنه الله ورسوله.

ص: 194

والثالثة : يوم أحد قال أبو سفيان : أعلُ هبل ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : الله أعلى وأجل ، فقال أبو سفيان : لنا عزى ولا عزى لكم ، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : الله مولانا ولا مولى لكم .

والرابعة : يوم الخندق يوم جاء أبوسفيان في جميع قريش فرد هم الله بغيظهم لم ينالوا خيراً ، وأنزل الله عز وجل في القرآن آيتين في سورة الأحزاب فسمى أبا سفيان وأصحابه كفاراً ، ومعاوية مشرك عدو لله ولرسوله .

والخامسة : يوم الحديبية والهدي معكوفاً أن يبلغ محله وصد مشركوا قريش رسول الله صلی الله علیه و آله عن المسجد الحرام وصدوا بدنه أن تبلغ المنحر فرجع رسول الله لم يطف بالكعبة ولم يقض نسكه ، فلعنه الله ورسوله .

والسادسة : يوم الأحزاب يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وعامر بن الطفيل بجمع هوازن وعيينة بن حصن بغطفان ، وواعد لهم قريظة والنضير أن يأتوهم ، فلعن رسول الله صلی الله علیه و آله القادة والأتباع وقال: أما الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمناً، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج !

والسابعة : يوم حملوا على رسول الله صلی الله علیه و آله في العقبة وهم اثنا عشر رجلاً من بني أمية ، وخمسة من سائر الناس ، فلعن رسول الله صلی الله علیه و آله من على العقبة غير النبي صلی الله علیه و آله وناقته وسائقه وقائده ).

وفي إرشاد الساري للقسطلاني : 7/63 : ( سمع ( عبد الله بن عمر ) رسول الله إذا رفع رأسه من الركوع في الركعة الأخيرة من الفجر ... بعد أن كسرت رباعيته يوم أحد يقول : اللهم العن فلاناً وفلاناً وفلاناً ... وسمى الترمذي في روايته أبا سفيان ابن حرب .. فيهم عمرو بن العاص.

ص: 195

وفي وقعة صفين لنصر بن مزاحم ص 217 : ( عن جعفر الأجمر ، عن ليث عن محارب بن زياد ، عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يموت معاوية على غير ملتي ) .

نصر عن عبد الغفار بن القاسم ، عن عدى بن ثابت عن البراء بن عازب قال : أقبل أبو سفيان ومعه معاوية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اللهم العن التابع والمتبوع . اللهم عليك بالأقيعس ) . فقال ابن البراء لأبيه : من الأقيعس ؟ قال : معاوية ) .

وفي تاريخ الإسلام للذهبي 4 / 39 : ( وقال الحسن لأبي الأعور السلمي: ألم يلعنك رسول الله ؟ ثم قال لمعاوية : أما علمت أن النبي لعن قائد الأحزاب وسائقها . وكان أحدهما أبو سفيان والآخر أبو الأعور السلمي ) .

وفي تاريخ الطبري 11 / 357 : ( قد رأى صلی الله علیه و آله أبا سفيان مقبلاً على حمار ومعاوية يقود به ، ويزيد ابنه يسوق به قال : لعن الله القائد والراكب والسائق ) .

وإلى هذا الحديث أشار الإمام السبط فيما يخاطب به معاوية بقوله : أنشدك الله يا معاوية ! أتذكر يوم جاء أبوك على جمل أحمر وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده ، فرآكم رسول الله صلی الله علیه و آله فقال : أللهم العن الراكب والقائد والسائق ؟ . وإليه أشار محمد بن أبي بكر في كتاب كتبه إلى معاوية بقوله : وأنت اللعين ابن اللعين…

وفي مختصر تاريخ دمشق 6 / 11 / 223 : ( قال أبو الأسود الدؤلي لمعاوية: إن هذا يعني عمرو بن العاص قد هجا رسول الله صلی الله علیه و آله بأبيات من الشعر

ص: 196

، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : اللهم إني لا أحسن الشعر، فالعن عمرواً بكل بيت لعنه .) . انتهى .

وقد تقدم أنه شريك معاوية في حديث ( اللهم اركسهما في الفتنة .. اللهم دعهما إلى النار دعاً ) . كما في المجروحين لابن حبان 3 / 101 ، وغيره .

وفي المعجم الكبير للطبراني 25 / 261 : ( عن ابن عباس في قوله : إنا كفيناك المستهزئين : الوليد بن المغيرة ، والأسود بن عبد يغوث ، والأسود بن المطلب .. والحارث بن عطيل السهمي ، والعاص بن وائل السهمي ) .

وفي الذريعة إلى تصانيف الشيعة للطهراني : 18/ 178 : ( 1189 : الطلع النضيد في إبطال المنع عن لعن يزيد . رداً على ابن حجر، للحاج الشيخ محمد باقر بن محمد جعفر بن محمد المدعو بكافي البهاري الهمداني المتوفى (شعبان 1333 ) ، وفرغ منه ( 19 محرم 1310 ) يوجد بخطه في مكتبة مدرسة ( السيد اليزدى في النجف ) ومر تذييله له أيضاً . ولأبي الفرج ابن الجوزي عبد الرحمن بن علي البغدادي الحنبلي المتوفى 597 كتاب ( الرد على المتعصب العنيد المانع من ذم يزيد ) قال فيه : سألني سائل عن لعن يزيد فقلت : قد أجازه العلماء الورعون ، منهم أحمد بن حنبل ، فبلغ كلامي إلى شيخ قد قرأ أحاديث مروية ولم يخرج عن المعصية العامية ، فأنكر ذلك ، إلى آخر كلامه . ونسخة من ( الطلع ) عند الآقا نجفى ( السيد شهاب الدين التبريزى ) وهو مرتب على مقدمة في نقل كلمات العامة ، وسبعة فصول : 1 - في معنى اللعن . 2 - في أنه دعاء وعبادة . 3 - في مورد النهى عنه . 4 - في ذكر الملعونين وسبب استحقاقهم. 5- في كون يزيد من المستحقين. 6- في مفاسد الكف عن لعن المستحق ، وفى أن معيار الجواز اعتقاد الفاعل في التعرض للعنيد الذي رده ابن الجوزي ) .

ص: 197

نص الكتاب الذي كتبه المعتضد بالله الخليفة العباسي الذي أمر فيه بلعن معاوية والبراءة منه ، من تاريخ الطبري : 10 / 56 :

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله العلي العظيم الحليم ، الحكيم العزيز ، الرحيم المنفرد بالوحدانية الباهرة بقدرته ، الخالق بمشيته وحكمته ، الذي يعلم سوابق الصدور ، وضمائر القلوب لايخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات العلى ، ولا في الأرضين السفلى ، قد أحاط بكل شئ علماً ، وأحصى كل شئ عدداً ، وضرب لكل شئ أمداً ، وهو العليم الخبير .

والحمد لله الذي برأ خلقه لعبادته وخلق عباده لمعرفته على سابق علمه في طاعة مطيعهم ، وماضي أمره في عصيان عاصيهم ، فبين لهم ما يأتون وما يتقون ، ونهج لهم سبل النجاة وحذرهم مسالك الهلكة ، وظاهر عليهم الحجة وقدم إليهم المعذرة ، واختار لهم دينه الذي ارتضى لهم وأكرمهم به ، وجعل المعتصمين بحبله والمتمسكين بعروته أولياءه وأهل طاعته ، والعادلين عنه والمخالفين له أعداءه وأهل معصيته ، ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة، وأن الله لسميع عليم.

والحمد لله الذي اصطفى محمداً رسوله من جميع بريته ، واختاره لرسالته وابتعثه بالهدى والدين المرتضى إلى عباده أجمعين ، وأنزل عليه الكتاب المبين المستبين ، وتأذن له بالنصر والتمكين ، وأيده بالعز وبالبرهان المبين ، فاهتدى به من اهتدى ، واستنقذ به من استجاب له من العمى ، وأضل من أدبر وتولى حتى أظهر الله أمره ، وأعز نصره وقهر من خالفه ، أنجز له وعده وختم به رسله، وقبضه مؤدياً لأمره مبلغاً لرسالته، ناصحاً لأمته مرضياً مهتدياً إلى أكرم مآب

ص: 198

المنقلب ، وأعلى منازل أنبيائه المرسلين وعباده ، الفائزين فصلى الله عليه أفضل صلاة وأتمها وأجلها وأعظمها وأزكاها وأطهرها ، وعلى آله الطيبين .

والحمد لله الذي جعل أمير المؤمنين وسلفه الراشدين المهتدين ، ورثة خاتم النبيين وسيد المرسلين ، والقائمين بالدين ، والمقومين لعباده المؤمنين ، والمستحفظين ودائع الحكمة ومواريث النبوة ، والمستخلفين في الأمة والمنصورين بالعز والمنعة والتأييد والغلبة ، حتى يظهر الله دينه على الدين كله ولوكره المشركون .

وقد انتهى إلى أمير المؤمنين ما عليه جماعة من العامة من شبهة قد دخلتهم في أديانهم ، وفساد قد لحقهم في معتقدهم ، وعصبية قد غلبت عليها أهواؤهم ونطقت بها ألسنتهم على غير معرفة ولا روية ، وقلدوا فيها قادة الضلالة بلا بينة ولابصيرة ، وخالفوا السنن المتبعة إلى الأهواء المبتدعة .

قال الله عز وجل : ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين ، خروجاً عن الجماعة ومسارعةً إلى الفتنة ، وإيثاراً للفرقة ، وتشتيتاً للكلمة ، وإظهاراً لموالاة من قطع الله عنه الموالاة ، وبتر منه العصمة وأخرجه من الملة ، وأوجب عليه اللعنة ، وتعظيماً لمن صغر الله حقه ، وأوهن أمره وأضعف ركنه من بني أمية ، الشجرة الملعونة ، ومخالفة لمن استنقدهم الله الهلكة وأسبغ عليهم به النعمة من أهل بيت البركة والرحمة . قال الله عز وجل : يختص برحمته من يشاء ، والله ذو الفضل العظيم .

فأعظم أمير المؤمنين ما انتهى إليه من ذلك ، ورأى ترك إنكاره حرجاً عليه في الدين ، وفساداً لمن قلده الله أمره من المسلمين ، وإهمالاً لما أوجبه الله عليه من تقويم المخالفين أوتبصير الجاهلين ، وإقامة الحجة على الشاكين ، وبسط

ص: 199

اليد على العاندين . وأمير المؤمنين يرجع إليكم معشر الناس بأن الله عز وجل لما ابتعث محمداً بدينه وأمره أن يصدع بأمره ، بدأ بأهله وعشيرته فدعاهم إلى ربه وأنذرهم وبشرهم ونصح لهم وأرشدهم ، فكان من استجاب له وصدق قوله واتبع أمره نفر يسير من بني أبيه ، من بين مؤمن بما أتى به من ربه ، وبين ناصر له وإن لم يتبع دينه ، إعزازاً له وإشفاقاً عليه لماضي علم الله فيمن اختار منهم ، ونفذت مشيته فيما استودعه إياه من خلافته ، وإرث نبيه فمؤمنهم مجاهد بنصرته وحميته ، يدفعون من نابذه وينهرون من عارضه وعانده ويتوثقون له ممن كاتفه وعاضده ويبايعون له من سمح بنصرته ويتجسون له أخبار أعدائه ، ويكيدون له بظهر الغيب كما يكيدون له برأي العين ، حتى بلغ المدى وحان وقت الإهتداء فدخلوا في دين الله وطاعته ، وتصديق رسوله والإيمان به بأثبت بصيرة وأحسن هدى ورغبة ، فجعلهم الله أهل بيت الرحمة وأهل البيت الذين أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، ومعدن الحكمة وورثة النبوة وموضع الخلافة ، وأوجب لهم الفضيلة وألزم العباد لهم الطاعة .

وكان ممن عانده ونابذه وكذبه وحاربه من عشيرته العدد الأكثر والسوادالأعظم يتلقونه بالتكذيب والتثريب ويقصدونه بالأذية والتخويف ويبادونه بالعداوة ، وينصبون له المحاربة ويصدون عنه من قصده وينالون بالتعذيب من اتبعه . وأشدهم في ذلك عداوة وأعظمهم له مخالفة وأولهم في كل حرب ومناصبة لايرفع على الإسلام راية إلا كان صاحبها وقائدها ورئيسها في كل مواطن الحرب من بدر وأحد والخندق والفتح ، أبو سفيان بن حرب وأشياعه من بني أمية ، الملعونين في كتاب الله ، ثم الملعونين على لسان رسول الله في عدة مواطن وعدة مواضع ، لماضي علم الله فيهم وفي أمرهم ، ونفاقهم

ص: 200

وكفر أحلامهم ، فحارب مجاهداً ودافع مكابداً وأقام منابذاً ، حتى قهره السيف وعلا أمر الله وهم كارهون ، فتقوّل بالإسلام غير منطوٍ عليه ، وأسر الكفر غير مقلع عنه ، فعرفه بذلك رسول الله صلی الله علیه و آله والمسلمون ، وميز له المؤلفة قلوبهم فقبله وولده على علم منه .

فمما لعنهم الله به على لسان نبيه صلی الله علیه و آله وأنزل به كتاباً قوله : والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً . ولا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بني أمية .

ومنه: قول الرسول علیه السلام وقد رآه مقبلاً على حمار ومعاوية يقود به ويزيد ابنه يسوق به : لعن الله القائد والراكب والسائق .

ومنه : ما يرويه الرواة من قوله : يا بني عبد مناف تلقفوها تلقف الكرة فما هناك جنة ولانار ! وهذا كفر صراح ، يلحقه به اللعنة من الله كما لحقت الذين كفروا من بني اسرائيل ، على لسان داود وعيسى بن مريم ، ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون .

ومنه : ما يروون من وقوفه على ثنية أحد بعد ذهاب بصره وقوله لقائده : هاهنا نبينا محمداً وأصحابه .

ومنه : الرؤيا التي رآها النبي صلی الله علیه و آله فوجم لها ، فما رؤى ضاحكاً بعدها ، فأنزل الله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس ، فذكروا أنه رأى نفراً من بني أمية ينزون على منبره .

ومنه : طرد رسول الله صلی الله علیه و آله الحكم بن ابى العاص لحكايته إياه ، والحقه الله بدعوة رسوله آية باقية حين رآه يتخلج ، فقال له : كن كما أنت! فبقي على ذلك

ص: 201

سائر عمره ، إلى ما كان من مروان في افتتاحه أول فتنة كانت في الإسلام واحتقابه لكل دم حرام سفك فيها ، أو أريق بعدها .

ومنه : ما أنزل الله على نبيه في سورة القدر : ليلة القدر خير من ألف شهر من ملك بني أمية .

ومنه : أن رسول الله صلی الله علیه و آله دعا بمعاوية ليكتب بأمره بين يديه فدافع بأمره واعتل بطعامه ، فقال النبي : لا أشبع الله بطنه ، فبقى لايشبع ويقول : والله ما أترك الطعام شبعاً ، ولكن أعيا .

ومنه : أن رسول الله صلی الله علیه و آله قال : يطلع من هذا الفج رجل من أمتي يحشر على غير ملتي ، فطلع معاوية . . . الخ ) .

- وكتب ( فاتح ) ، بتاريخ 8-2-2000 ، الثانية عشرة إلا ثلث ليلاًَ :

الأستاذ العاملي .. ما زلت تتحفنا بكل جديد ، ولعمري هذا ليس بغريب على من هو مثلك أيها العاملي ، فجزاك الله خيراً وجزى بلاد جبل عامل ، بلد الشهيدين الأول والثاني رضوان الله تعالى عليهما وعلى جميع شهدائكم. ونحن مع كثير من الأخوة نتابع بلهفة لهذا الموضوع الشيق ، ونسأل الله التوفيق لكم بإتمامه والله يرعاك ويحرسك .

- قال العاملي : وقد اعترض عدد من المخالفين على موضوع اللعن ، وناقشته أنا والأخوة الشيعة معهم .. وسيأتي في المجلد التاسع إن شاء الله .

- وكتب ( ذوالفقار ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ23-1-2000، العاشرة ليلاً موضوعاً بعنوان ( رحب البلعوم مندحق البطن ، من هو هذا اللعين ؟ ) قال فيه:

ص: 202

قال سيدي ومولاي أمير المؤمنين في نهج البلاغة لأصحابه : ( أما إنه سيظهر عليكم بعدي رجل رحب البلعوم مندحق البطن ، يأكل مايجد ويطلب مالا يجد ، فاقتلوه ولن تقتلوه .ألا وإنه سيأمركم بسبي والبراءة مني ! أما السب فسبوني ، فإنه لي زكاة ولكم نجاة . وأما البراءة فلا تبرؤا مني تفاني ولدت على الفطرة وسبقت الى الإيمان والهجرة . ) .

لعنة الله على أبي سفيان وآل أبى سفيان .

لعنة الله على معاوية وأمه هند . لعنة الله على ابن يزيد وآل زياد .

- كتب ( ذو الشهادتين ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 26-1-2000 ، السابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان ( من هو الصحابي الجليل ابن النابغة ؟ ) قال فيه :

السلام عليكم.. ابن النابغة هو من الصحابة الذين إذا اقتديت بهم اهتديت! حسب الأحاديث المروية في كتب أهل السنة (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم !! ) . ومن المعروف عن ابن النابغة أنه باع دينه وآخرته بدنيا غيره ، أي بدنيا معاوية … فمن هو ابن النابغة ؟ وهل يجوز لأهل السنة الإقتداء بهكذا صحابي ، وبيع آخرتهم بدنيا غيرهم ؟!

- وكتب ( صعصة بن صوحان ) في شبكة هجر بتاريخ 5-2-2000، الحادية عشرة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( كتاب يمثل عقيدة المذاهب الأربعة في معاوية : النصائح الكافية لمن يتولى معاوية !! ) ، قال فيه :

الموضوع : كتاب يمثل عقيدة المذاهب الأربعة في معاوية : النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ! !

ص: 203

كتاب النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ، تأليف الحافظ الشريف السيد محمد بن عقيل بن عبد الله بن عمر بن يحيى العلوي الحضرمي ، المتوفى سنة 1350 هجرية رحمة الله .. مقدمة الكتاب : بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين ، وأصحابه الراشدين ، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد فإني قد اطلعت على سؤال صورته :

سيدي ، قال لي أحد العلماء : إن من يلعن معاوية أقل خطراً ممن يترضى عنه ، فهل هو مصيب في ذلك أم مخطئ ، أفيدونا ؟

وقد أجابه أحد العلماء بأنه مخطئ بلاشبهة، وأطال في جوابه من الإستدلال والنقل بما لاتقوم به الحجة .

( وحيث ) أني أرى الحق مع العالم الأول، وأرى أن هذا المجيب قد استعجل في أمر كان له فيه أناة ، لم يسعني إلا أن أكتب هنا ما علمته وتحققته في هذه المسألة ، هرباً من الوعيد الوارد في قول الله تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد مابيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون . إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا ، فأولئك أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم . وفي قوله عز وجل : إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمناً قليلاً ، أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار ، ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم . وفي قوله جل وعلا : وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه . وفي قول النبي عليه أفضل الصلاة والسلام : من كتم علماً عن أهله ألجم يوم القيمة لجاماً من نار . . إلى غير ذلك .

ص: 204

وأرجو أن يعيد ذلك المجيب الفاضل النظر فيما قاله ، إذ لاريب في أن الحق ضالته وضالتي ، وقد استحسنت أن آتي على المسألة بحذافيرها ، وأبين أدلتها وما يتفرع عنها في هذه العجالة ، وسيأتي في مطاوي فصولها ما هو كالجواب على أدلة ذلك العالم الفاضل .

وها أنا شارع بعون الله في تحليل المسألة المسؤول عنها ، وتقرير حكمها تقريراً واضحاً ، يهتدي به إن شاء الله من أطرح التعصب الذميم جانباً ، ويستبصر به من كان في معرفة الحق راغباً ، ويجد به المنصف ضالته المنشودة ويظفر منه الطالب بطلبته المفقودة ، فأقول :

إعلم وفقني الله وإياك أن الخطر هو الإشراف على الهلاك ، وهو هنا الإثم الموجب للعقاب ، واللعن هو الطرد والإبعاد ، ولعنه الله : طرده وأبعده ، والدعاء به على المسلم ممنوع ، إلا من اتصف بصفة استحق بها ذلك ، وسنورد فيما بعد كثيراً منها جاء به الكتاب والسنة .

فينبغي لنا الآن أن نعرف أن لعن معاوية هل هو من الإثم الذي يحصل بارتكابه الخطر على اللاعن كما ذكر في السؤال أم لا ؟ وأن الترضي عن معاوية وتسويده المستعملين شعاراً للتعظيم ، كما يترضى عن الشيخين وغيرهما من الأكابر عند ذكره ، موجبٌ للإثم المحصل للخطر ، أم لا ؟

وليس لنا أن نحكم في شئ منهما إلا بدليل ، لأن الحكم بغير دليل تحكم في دين الله والعياذ بالله تعالى . قال الله تعالى : ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب . ولا دليل إلا فيما جاء عن الله على لسان رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، من كتاب أو سنة أو إجماع صحيح ، مستند إلى الكتاب أو السنة ، أو قياس صحيح مستنبط من أحدهما .

ص: 205

وكل دليل لايرجع إلى ما تقدم فمردود لايعتد به مضروب به في وجه صاحبه كائناً من كان .

وإذا استقرينا أدلة جواز لعن معاوية الآتية من الكتاب والسنة مع ما يتعلق بها ويفسرها من فعل أكابر الصحابة وأهل البيت الطاهر ، وجدناها أقوى بكثير من أدلة جواز تعظيمه بالترضي عنه وتسويده ، كما تسود الأكابر ويترضى عنهم ! بل لا أدلة على جواز تعظيمه والترضي عنه في الحقيقة ، وإنما هي تمحلات وتأويلات ستعرفها مما يأتي ، ومنها يعلم أن الإشراف على الهلاك بلعن معاوية أقل منه بالترضي عنه وتسويده بل لاخطر في لعنه أصلاً. وإليك التفصيل : المسلمون في معاوية ثلاث فرق ، فنقول :

المسلمون في كبير الفئة الباغية ورئيس النواصب معاوية ، ثلاث فرق :

( فرقة ) حكموا بفسقه وأوجبوا بغضه في الله وأجازوا لعنه ومنعوا من تسويده والترضي عنه تعظيماً له وإجلالاً ، وهم أهل الحق والهدى ورئيسهم الأكبر يعسوب الدين وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده .

( وفرقة ) ثانية آنست من الحق جانباً وأدركت من شعاع الحقيقة وميضاً وعرفت معاوية وفظاعة شأنه وعظيم طغيانه وفاحش عصيانه ، ولكن قامت لديهم شبه زخرفها متقدموهم ونمقها سابقوهم فأحجموا بسببها عن تفسيقه وإعلان بغضه ولم يجيزوا لأنفسهم ما أجازته الفرقة الأولى ، زاعمين أن السلامة في المسألة والنجاة في الإحتياط ، وجمدوا على ذلك وقعدوا عن الإجتهاد والبحث في إحقاق الحق وإبطال الباطل.

ص: 206

وهذه الفرقة المرجو لها إن شاء الله الرجوع إلى الصواب والتنكب عن مسالك الخطأ ، إذا انقشع بالبحث غبار الشبه التي قامت لديهم وأزيح ستار التمويه الملتبس عليهم ، لاسيما إذا استحضروا قول الله تبارك وتعالى : فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ، ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً .

( وفرقة ) ثالثة أطروه بما ليس فيه ، وألبسوه غير لباسه ، ووضعوا الأحاديث في فضله ، وانتحلوا له المناقب ، وبدلوا سيئاته حسنات ، يريدون أن يرفعوا له في الدين علماً وضعه الله ، ويحاولون أن ينصبوا له من الحق لواء نكسه الله ، عناداً للحق ومغالاة في التعصب ، لايلتفتون إلى دليل ولا يقبلون حجة ! يدفعون المتواتر في شأنه بالتأويل ويقابلون الآحاد بالتضعيف ، ليزهقوا روح الحق وينعشوا روح الباطل !! ولهم أتباع وأذناب منتشرون في نواحي الأرض ملؤوا البقاع نعيقاً ، وأفعموا اليفاع نهيقاً ، لا تجد لديهم عند البحث إلا الصخب والسباب والنفور عن سماع الحق والتعصب الصرف لمقلديهم !!

وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون . وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين , أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا ، أم يخافون أن يحيف الله عليهم ورسوله . بل أولئك هم الظالمون .

( وهؤلاء ) لاكلام لنا معهم ولا التفات إلى هذرهم وهذيانهم ، ولا اعتبار بخلافهم ، ولا نظر إلى تمحلهم وانتحالهم ، ولاطمع في هدايتهم ، في آذانهم وقر عن سماع الحق ، وعلى أبصارهم غشاوة ، عن نور الهدى ، أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً , أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون ، إن هم إلا كالأنعام بل أضل سبيلاً !!

ص: 207

وليس جوابهم إلا إهانتهم بالإعراض عنهم والسكوت عند كلامهم ، فإنما هم فئة الشقاق والعناد ، وعبيد العصبية والهوى ، إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى . يحسبون أنهم على شئ ألا إنهم هم الكاذبون . وهؤلاء هم الذين قال فيهم الإمام أحمد رحمة الله ، لما سئل عن معاوية : إن قوماً أبغضوا علياً فتطلبوا له عيباً فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد ناصبه العداوة ، فأطروه كيداً لعلي !! ومن حيث أنه لا غرض لنا في الكلام مع هذه الفرقة ، فلنجعل الكلام هنا في مقامين :

( المقام الأول ) في إيراد نبذة من أدلة الفرقة الأولى على جواز لعنه ووجوب بغضه ، وذكر ما يناسب ذلك من فعل أكابر الصحابة وأفاضل أهل البيت الطاهر وأجلة التابعين .

( المقام الثاني ) في بيان فساد الشبه التي توقفت بها الفرقة الثانية عن استباحة لعنه وإعلان بغضه ، كما سترى ذلك موضحاً إن شاء الله … انتهى .

- كتب ( جعفري ) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 12-3-2000 ، الخامسة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( مناقب معاوية !!) ، قال فيه :

يقول الشيخ أبو رية في كتابه أضواء على السنة المحمدية ص 118 مانصه: ( وقد أجمع الباحثون والعلماء والمحققون على أن نشأة الإختراع في الرواية ووضع الحديث على رسول الله ، إنما كان في أواخر عهد عثمان وبعد الفتنة التي أودت بحياته ، ثم اشتد الإختراع واستفاض بعد مبايعة علي رضي الله عنه، فإنه ما كاد المسلمون يبايعونه بيعة صحيحة حتى ذر قرن الشيطان الأموي ليغتصب الخلافة من صاحبها ، ويجعلها حكماً أموياً ! ) .

ص: 208

ويقول في صفحة 128 ما نصه : ( ومعاوية كما هو معروف أسلم وأبوه يوم فتح مكة فهو بذلك من الطلقاء ، وكان كذلك من المؤلفة قلوبهم الذين كانوا يأخذون ثمناً لإسلامهم !!! وهو الذي هدم مبدأ الخلافة الرشيدة في الإسلام فلم تقم لها من بعده إلى اليوم قائمة . . .

وإليك بعض ما وضعوه من الأحاديث في فضله : أخرج الترمذي أن النبي قال لمعاوية : اللهم اجعله هادياً مهدياً . وفي حديث آخر أن النبي قال : اللهم علمه الكتاب والحساب وقه العذاب . وهناك زيادة في الحديث تقول : وأدخله الجنة. وعلى كثرة ما جاء في فضائل معاوية من أحاديث لا أصل لها فإن إسحاق بن راهويه وهو الإمام الأكبر وشيخ البخاري ، قد قال : إنه لم يصح في فضائل معاوية شئ !!

وقد ذكر البخاري في باب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : باب ذكر معاوية رضي الله عنه ، ولم يأت في هذا الباب بأحاديث إلى النبي ، وإنما أورد قولين عن ابن عباس في وصف معاوية، قال في الأول : إنه صحب رسول الله . وقال في الثاني : إنه فقيه ! ) . انتهى .

ثم نذكر تعليق ابن حجر وهو يناسب المقام في هامش ص 128 ونصه :

قال الحافظ ابن حجر في شرح هذا الباب : ( تنبيه : عبر البخاري في هذه الترجمة بقوله " ذكر " ولم يقل فضيلة ولا منقبة ، لكون الفضيلة لا تأخذ من حديث الباب ، لأن ظاهر شهادة ابن عباس له بالفقه والصحبة دالة على الفضل الكثير . وقد صنف ابن أبي عاصم جزءاً من في مناقبه ، وكذلك أبو عمر غلام ثعلب ، وأبو بكر النقاش ، وأورد ابن الجوزي في الموضوعات بعض الأحاديث التي ذكروها ، ثم ساق عن إسحاق بن راهويه أنه قال : ( لم يصح في فضائل

ص: 209

معاوية شئ ) . فهذه النكتة في عدول البخاري عن التصريح بلفظ " منقبة " اعتماداً على قول شيخه ابن راهويه .

وقصة النسائي في ذلك مشهورة وكأنه اعتمد أيضاً على قول شيخه إسحاق، وكذلك في قصة الحاكم .

وأخرج ابن الجوزي أيضاً من طريق ابن عبد الله بن أحمد بن حنبل سألت أبي : ما تقول في علي ومعاوية ؟ فأطرق ثم قال : إن علياً كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه له عيباً فلم يجدوا فعمدوا إلى رجل قد حاربه فأطروه كيداً منهم لعلي !! فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له !

وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة لكن ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد ، وبذلك جزم إسحاق بن راهويه ، والنسائي وغيرهما ، والله أعلم . انتهىكلام ابن حجر من فتح الباري : 7/83 .

أما قصة النسائي التي أشار إليها ابن حجر ، فقد رواها الذهبي ، فقال : (سئل النسائي وهو بدمشق عن فضائل معاوية ، فقال : ألا يرضى رأساً برأس حتى يفضل ؟ قال الذهبي : فما زالوا يدفعونه حتى أخرج من المجلس وحمل إلى الكوفة فتوفي بها رحمة الله ) . انتهى . ويضيف الذهبي أيضاً -130 : ( روى الواقدي أن معاوية لماعاد من العراق إلى الشام بعد بيعة الحسن (سنة 41 ﻫ) خطب فقال : أيها الناس إن رسول الله قال : إنك ستلي الخلافة من بعدي ! فاختر الأرض المقدسة فإن فيها الأبدال وقد أخبرتكم فالعنوا أبا تراب ! أي علي بن أبي طالب !! فلما كان من الغد كتب كتاباً ثم جمعهم فقرأه عليهم وفيه : هذا كتاب كتبه أمير المؤمنين معاوية صاحب وحي الله الذي بعث محمداً نبياً ، وكان أمياً لا يقرأ ، فاصطفى له من أهله وزيراً كاتباً أميناً فكان الوحي ينزل على محمد وأنا أكتبه ،

ص: 210

وهو لايعلم ما أكتب ، فلم يكن بيني وبين الله أحد من خلقه ! فقال الحاضرون : صدقت !! ) .

وانظر إلى رسالة محمد بن أبي بكر رضي الله عنه لمعاوية في مروج الذهب للمسعودي 3 /14: وأنت اللعين ابن اللعين ، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله …الخ .

وأيضاً راجع ترجمة عبد الرحمن بن خالد بن الوليد في الإستيعاب ، وشيخ المضيرة للشيخ أبو رية ص175 ، ترى أن الصحابي المجتهد معاوية قد سمّ عبد الرحمن المذكور .

وأيضاً راجع الطبري من حوادث سنة 51ه- ، وابن الأثير ص 202 - 209 ، وابن عساكر :2/379 ، والشيخ أبو رية ص184 ينقلون نص كلمة الحسن البصري في معاوية .

لم يكتفي ( كذا ) هذا الصحابي العادل بما فعل ، إنما لعن علي بن أبي طالب لتقتدي به الأمة وتلعن الإمام كما لعنه . راجع العقد الفريد لابن عبد ربه 4/336 .

بل وأصدر أوامره لرعيته بأن يسبوا علي بن أبي طالب !!

راجع صحيح مسلم 2/360 ، وصحيح الترمذي 5/301-38 . وراجع ترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق لابن عساكر 1/206 – 271 . وراجع الإصابة لابن حجر 2 /509 وغيرها كثير .

وابتغاء لمرضاة معاوية كان عماله يسبون علياً !!

راجع تاريخ الطبري 5 /167 ، وراجع الكامل في التاريخ لابن الأثير 3 / 413 ، وراجع تاريخ الخلفاء للسيوطي -190 والكثير الكثير غيرهم . وراجع مروج الذهب للمسعودي 3 /39 وما فوقها ترى نماذج من صحابة الخليفة العادل وأحواله معهم .

وأشار الإمام محمد عبده في مقدمته على رسالة التوحيد ص 7-8 ، إلى ما صنعه معاوية لنفسه ، بأن وضع قوماً من الصحابة والتابعين على رواية أخبار قبيحة على علي تقضي بالطعن فيه والبراءة منه ، وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله ، فاختلقوا على ما أرضاه !! منهم أبو هريرة !!

ص: 211

وروى أبو الفداء عن الشافعي أنه أسر إلى الربيع أن لا تقبل شهادة أربعة من الصحابة وهم : معاوية وعمرو بن العاص والمغيرة وزياد .

راجع تاريخ الطبري حوادث سنة 51، وابن الأثير 3 /202-209، وابن عساكر 2/379

وقال ابن عساكر : 3/407 : ( وقد كان أول عمل لمعاوية بعد أن استولى على الحكم أن كتب إلى عماله في جميع الآفاق بأن يلعنوا علياً في صلواتهم وعلى منابرهم ! ولم يقف الأمر عند ذلك بل كانت مجالس الوعاظ في الشام تختم بشتم علي علیه السلام ، وأن لا يجيزوا لأحد من شيعته وأهل بيته شهادة، وأن يمحوا من الديوان كل من يظهر حبه لعلي وأولاده، وأن يسقطوا عطاءهم ورزقهم ) . انتهى .

يقول العقاد في كتابه معاوية بن أبي سفيان في الميزان ص 64-66 : ( إذا لم يرجح من أخبار هذه الفترة إلا الخبر الراجح عن لعن علي على المنابر بأمر من معاوية لكان فيه الكفاية لإثبات ما عداه ما يتم به الترجيح بين كفتي الميزان ! ) .

قال النبي : من سب علياً فقد سبني .

راجع خصائص أمير المؤمنين للنسائي - 24 ، والمناقب للخوارزمي - 82 ، ومجمع الزوائد 9/130وتاريخ الخلفاء للسيوطي - 73 ، والفتح الكبير للنبهاني 2 /196 ، ومنتخب الكبير بهامش مسند الإمام أحمد 5 /30 .

وقال صلی الله علیه و آله لأصحابه : من سب علياً فقد سبني ومن سبني فقد سب الله ومن سب الله أكبه الله على منخريه في النار .

راجع ذخائر العقبى للطبري - 66 ، والفصول المهمة لابن صباغ المالكي - 111 ، والمناقب للخوارزمي - 81-82 ، ومناقب علي لابن المغازلي - 83 ، وغيرها كثير كثير …

والسلام على من اتبع الهدى وخشي عواقب الردى وأطاع الملك الأعلى .

- وكتب ( علي ) ، بتاريخ 19-3-2000 ، الخامسة والربع مساءً :

ص: 212

للرفع .

- وكتب (ذو الفقار) ، بتاريخ 19-03-2000 ، الخامسة والثلث مساءً :

أحسنت يا جعفري . نريد أخلاق هند أيضاً وأخلاق الطليق ابن الطليق .

- قال العاملي : ولم يناقش أحد من المخالفين هذا الموضوع .

- كتب ( فرات ) في الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 26-3-2000 الخامسة والنصف مساءً ، موضوعاً بعنوان ( هل حقاً أن معاوية كاتب الوحي؟!) قال فيه :

قال ابن حجر المكي في تطهير الجنان بهامش الصواعق ، في فضائل معاوية : ( ومنها أنه أحد الكتاب لرسول الله كما في صحيح مسلم : وهذا الحديث لو صح لا يثبت كونه كاتباً للوحي ، ولكنه حديث باطلٌ موضوع كما صرح به كبار الأئمة . أخرج مسلم : كان المسلمون لاينظرون إلى أبي سفيان … قال : ومعاوية تجعله كاتباً بين يديك ، قال النبي : نعم .

صحيح مسلم بشرح النووي 16/63 ، قال :

( وأعلم أن هذا الحديث من الأحاديث المشهورة بالإشكال )

المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج 16 / 63 : وقال ابن القيم: ( غلط ظاهر لا خفاء فيه ) . وقال أبو محمد أبن حزم : هو موضوع بلا شك، كذبه عكرمة بن عمار ) .

قال ابن الجوزي : ( هذا الحديث وهم من بعض الرواة ) . زاد المعاد في هدى خير العباد : 1/27 .

وقال الذهبي : ( في صحيح مسلم قد ساق له أصلاً منكراً ، عن سماك الحنفي ) . ميزان الإعتدال 3/93 .

ص: 213

فأصل كون معاوية كاتباً حديث مكذوب وموضوع ! ولم يكتف الوضاعون بذلك ، بل أضافوا إليه (كان يكتب بين يدي رسول الله ) !!

قال ابن حجر المكي : وقال المدائني : وكان معاوية يكتب للنبي فيما بينه وبين العرب ، أي من وحي وغيره ) . هامش الصواعق 19 . وجملة ( من وحي وغيره ) إضافة من ابن حجر لكلام المدائني كذباً وتدليساً ! وقد ذكر المقولة ابن حجر العسقلاني خالية منها في الإصابة : 3/434

هذا عمدة مايستدلون به على أنه كان كاتباً للوحي ، وقد اتضح الحال فيه ويظهر حال غيره من خلاله أيضاً .

- قال العاملي : قال السقاف في شرح دفع شبه التشبيه لابن الجوزي ص 237 :

( قلت : وقد قتل معاوية أناساً من الصالحين من الصحابة والفضلاء من أجل السلطة ، ومن أولئك أيضاً عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، قال ابن جرير في تاريخه . . . قلت : ولما كانت سيرة معاوية هكذا ! لم ترد له فضائل عن النبي صلى الله عليه وسلم . نقل الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3/ 132 ، عن اسحق بن راهويه أنه قال : لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل معاوية شئ. اه- . وقد ثبت في صحيح مسلم : 1/ 2014 برقم 2604 ، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : إذهب وادعُ لي معاوية . قال فجئت فقلت : هو يأكل ، فقال صلى الله عليه وسلم : لا أشبع الله بطنه. وثبت في صحيح مسلم : 2 / 1114 برقم 1480 ، أن النبي قال عنه لما شاورته في الزواج منه فاطمة بنت قيس : صعلوك لا مال له .

ص: 214

قلت : وفي مسند الإمام أحمد : 5 / 347 ، بسند رجاله رجال مسلم عن عبد الله بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ، ثم ناول أبي ثم قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم !!!

قلت : وأما حديث الترمذي ( 3842 ) من طريق سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد ، عن عبد الرحمن بن أبي عميرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمعاوية : اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به .. فحديث ضعيف ومضطرب لا تقوم به حجة ، لا سيما وإسحاق بن راهويه يقول : لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل معاوية شئ .

قلت : سعيد بن عبد العزيز اختلط كما قال أبو مسهر الراوي عنه في هذا الحديث ، وكذا قال أبو داود ويحيى بن معين كذا في التهذيب : 4/54 للحافظ ابن حجر . وكذا عبد الرحمن ابن أبي عميرة ، لم يسمع هذا الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم كما في علل الحديث ، حافظ ابن أبي حاتم : 2/ 362 ) نقلاً عن أبيه الحافظ أبي حاتم الرازي . فهذا حديث معلول بنص الحافظ السلفي أبي حاتم .

قلت : ولو ثبت لابن أبي عميرة صحبة فهذا الحديث بالذات نص أهل الشأن على أنه لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ، كما في علل الحديث لابن أبي حاتم . وقد نص ابن عبد البر أن عبد الرحمن هذا : لا تصح صحبته ، ولا يثبت إسناد حديثه ، كما في تهذيب التهذيب 6 / 220 . دار الفكر .

وأما قول الترمذي فيه حسن غريب ، فقد قدمنا أن الحافظ ابن حجر قال في النكت على ابن الصلاح : إن الترمذي يعني بالحسن الغريب : الضعيف . قلت :

ص: 215

ومن الغريب العجيب أن محدث الصحف والأوراق ! المتناقض ( يقصد الألباني ) ادعى في صحيحته : 4/ 615 - 618 ، أن هذا الحديث صحيح ، لأن سعيد بن عبد العزيز متابع فيه ! ولم يصدق ، فقد أورده من أربعة طرق كلها فيها سعيد بن عبد العزيز ، فهي لا تغني ولا تسمن من جوع ، لأنها عادت طريقاً واحداً لا غير ، تنصب فيها العلل التي قدمناها !

ثم زاد في نغمة طنبوره فقال ذاك المتناقض ! بعد أن ذكر طريقاً أخرى يرويها عمرو بن واقد ! قال : أبو مسهر كان يكذب . . . وقال البخاري وأبو حاتم ودحيم ويعقوب بن سفيان : ليس بشئ . . . وكان مروان يقول : عمرو بن واقد : كذاب . . . وقال النسائي والدارقطني والبرقاني : متروك الحديث . . . وقال ابن حبان : يقلب الأسانيد ، ويروي المناكير عن المشاهير واستحق الترك . . . اه- .

فهل طرق مثل هذا الكذاب مما تقوي الحديث عندك أيها المتناقض ؟! فعليك أن تنقل هذا الحديث إن كنت تعي إلى الموضوعة ! ولذلك أورد الحديث الحافظ ابن الجوزي رحمة الله في العلل المتناهية ( 1/275 ) ، وأزيد بأنه موضوع .

وأما حديث : اللهم علم معاوية الكتاب وقه العذاب . فلا يصح حتى يلج الجمل في سم الخياط . وهذا الدعاء : اللهم علمه الكتاب هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس كما في البخاري ، في مواضع منها : ( الفتح 1 / 169 ) فقلبه النواصب لمعاوية ، ومعاوية لا يؤثر أنه كان عالماً بالكتاب البتة ، وإنما العالم بالكتاب هو ابن عباس ، كما امتلات كتب التفسير من أقواله في فهم الكتاب . وهذا الحديث المقلوب الموضوع : اللهم علم معاوية الكتاب ، وقه

ص: 216

العذاب ، رواه أحمد في المسند : 4/ 127 . والطبراني: 18/ 252 . وابن عدي في الكامل في الضعفاء : 6 / 2402 .

قلت : وفي سنده : الحارث بن زياد وهو شامي ناصبي لا تقبل روايته لمثل هذا الحديث الذي يؤيد بدعته ، ولم يروِ عنه إلا يونس بن سيف الكلاعي ، قال الحافظ في ترجمته في التهذيب : 2 / 123 : قال الذهبي في الميزان :1 / 433 : مجهول ، وشرطه أن لا يطلق هذه اللفظة إلا إذا كان أبو حاتم الرازي قالها . ثم قال : نعم قال أبو عمرو بن عبد البر فيه مجهول : وحديثه منكر .

قلت : وفي سنده : يونس بن سيف : حمصي ومعاوية بن صالح : حمصي ناصبي : قال عنه الحافظ في التقريب صدوق له أوهام . قلت : وفي ترجمته في التهذيب : 10 / 189 ما ملخصه في أقوال من جرحه : كان يحيى بن سعيد القطان لا يرضاه ، وفي رواية عن ابن معين ليس بمرضي ، وقال أبو إسحق الفزاري : ما كان بأهل أن يروى عنه ، وقال ابن أبي خيثمه : يغرب بحديث أهل الشام جداً .

وحكم الذهبي على المتن من بعض طرقه في الميزان: 1/ 388 بأنه : منكر بمرة ، وفي الطريق مجهول ورجل لا يعرف .

وفي طريق أخرى ذكرها الذهبي في الميزان : 3 / 47 : من طريق اسحاق بن كعب ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن ، عن عطاء ، عن ابن عباس به . وعثمان بن عبد الرحمن هو الوقاصي كما قال الذهبي في الميزان : 3 / 47 ، في ترجمة الجمحي ، وهو متروك كما قال البخاري ، وكذبه ابن معين كما في الميزان : 3 / 43 . وضعفه المبتدع المتناقض في تعليقه على صحيح ابن خزيمة :3 / 214 . فأنى تقوم لهذا الحديث قائمة ؟! ولذلك أورده ابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية : 1/272 .

ص: 217

قلت : فكيف يقول بعض النواصب الذين يظهرون الإعتدال : لعلي أجران ولمعاوية أجر لأنه مجتهد ؟! فهل يصح الاجتهاد في قتل المسلمين الموحدين؟!!

وهل هناك اجتهاد في مورد النص ؟! وقد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في سيدنا عمار الذي قاتل مع أمير المؤمنين سيدنا علي : تقتله الفئة الباغية ، كما ثبت في البخاري ومسلم ؟ ! !

وهل يصح الإجتهاد مع ورود نصوص كثيرة متواترة وصحيحة منها قوله صلى الله عليه وسلم في حق سيدنا علي رضي الله عنه : من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ؟! قال الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : 8 / 335 عن هذا الحديث : متواتر .

وفي صحيح مسلم ( برقم 78 في الايمان ) عن سيدنا علي رضي الله عنه قال : إنه لعهد النبي الأمي صلى الله عليه وسلم إليّ : إنه لا يحبك إلا مؤمن ، ولا يبغضك إلا منافق .

قلت : فما حكم هذا الذي يأمر بسب ولعن مولى المؤمنين بشهادة رسول رب العالمين على المنابر ؟!!

وما حكم من يمتحن رعيته بلعن سيدنا علي رضي الله عنه والتبري منه وقتل من لم يسبه ويلعنه ؟!!

ومن الغريب المضحك حقاً بعد هذا أن تجد ابن كثير يقول في باب عقده في تاريخه : 8 / 20 ، في فضل معاوية ما نصه : ( هو معاوية بن أبي سفيان . خال المؤمنين ، وكاتب وحي رب العالمين أسلم هو وأبوه وأمه هند . . . يوم الفتح " انتهى . ثم قال بعد ذلك : والمقصود أن معاوية كان يكتب الوحي لرسول صلى الله عليه وسلم مع غيره من كتاب الوحي . . . انتهى .

ص: 218

قلت : كلا والله الذي لا إله إلا هو ، لم يصح كلامك يا ابن كثير ولا ما اعتمدته وزعمته !! فأما قولك : (خال المؤمنين) فليس بصحيح البتة ، وذلك لأنه لم يرد ذلك في سنة صحيحة أو أثر ، وعلى قولك هذا في الخؤولة يكون حيي بن أخطب اليهودي جد المؤمنين ! لأنه والد السيدة صفية زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ، وليس كذلك .

ولم أرك تقول عن سيدنا أبي بكر أو عن سيدنا عمر أنه جد المؤمنين ، لأن بنتيهما زوجتا رسول الله صلى الله عليه وسلم ! ولا أريد الإسهاب في إبطال هذه الخؤولة المزعومة إنما أذكرها في موضع آخر تختص به إن شاء الله تعالى .

وأما قولك ( وكاتب وحي رب العالمين ) فليس بصحيح أيضاً ، وذلك لأن معاوية أسلم عام الفتح ، وهو وأبوه من الطلقاء وقد أسلم في أوقات قد فرغ فيها نزول الوحي ووصل عند قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام ديناً ) فماذا سيكتب معاوية بعد هذا ؟! وقد ذكر الحافظ الذهبي في السير : 3 / 123 ، عن أبي الحسن الكوفي قال: كان زيد بن ثابت كاتب الوحي ، وكان معاوية كاتباً فيما بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين العرب . وكذا قال الحافظ ابن حجر في ترجمته في الإصابة . وليكن معلوماً أنه أيضاً ما كتب للنبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاث رسائل . ثم ليعلم علماً أكيداً أن كتابة معاوية للوحي على فرض أنها صحيحة كما يزعم ابن كثير ، ليست عاصمة له مما وقع فيه مما قدمنا بعضه ، وسنذكر تمامه في بحث علمي مستقل إن شاء الله تعالى ، بدليل أن عبد الله بن أبي سرح الذي كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي في مكة أول ما نزل الوحي ، ارتد وخرج من الإسلام بعد

ص: 219

ذلك كما في ترجمته في كتب الحفاظ والمحدثين ومنها كتاب سير أعلام النبلاء : 3 / 33 . والإصابة لابن حجر وغير ذلك.

وروى أبو داود في سننه 4 / 128 برقم 4358 ، بسند حسن عن ابن عباس قال : كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأزله الشيطان فلحق بالكفار ، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل يوم الفتح . . . انتهى . فهذه ثلاثة براهين تبطل قول ابن كثير في تفضيل معاوية بكتابة الوحي وتجتث هذه الفضيلة من جذورها .

قلت : وأما من احتج بحديث : الله الله في أصحابي ، لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ، فنقول له : جاءت في صحيح مسلم وغيره من طرق مناسبة هذا الحديث حتى يعرف معناه ، وهو ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال : كان بين خالد وعبد الرحمن بن عوف خصومة فسب خالد عبد الرحمن ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه ذلك : دعوا لي أصحابي أو أصيحابي ، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً لم يدرك. مد أحدهم ولا نصيفه . قال عنه الهيثمي في المجمع : 10/ 15 : رجاله رجال الصحيح غير عاصم بن أبي النجود وقد وثق . انتهى .

قلت : وأخرجه مسلم برقم (2540) ، فاصطلاح الصحابي عند الصحابة والسلف كان لمن له سابقة في الإسلام . ولنا رسالة طويلة الذيل في هذه المسألة استقصينا فيها البحوث المتعلقة بها بأدلتها . انتهى .

ص: 220

- وكتب رائد جواد في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 4-3-2000 الثانية عشرة والنصف صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( أصحيحٌ ما يرويه الإمام أحمد في مُسنده عن معاوية ؟ ! ! ) ، قال فيه :

أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفراش ، ثم أُتينا بالطعام فأكلنا ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ! ثم ناول أبي ثم قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله صلی الله علیه و آله ( مسند أحمد: 5/347 ) !! ومع هذا تجد من يُدافع عن معاوية ويسميه كاتب الوحي وخال المؤمنين !!!

- وكتب العلوي ، بتاريخ 4-3-2000 ، الثالثة صباحاً :

الأخ الكريم الرائد من آل الجواد .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا ، ليس صحيحاً ما أوردته عن الرافضي أحمد بن حنبل ، وقد سبق للأخ الهاشمي أن أورد هذه الرواية في موضوع ( إقتدِ بمعاوية واشرب الخمر ، وانتعش ! ) من ضمن روايات أخرى لأئمة ( الروافض ) من طراز أحمد بن حنبل . فأجابه عمر بأن هذه من أكاذيب الشيعة !! ألم أقل لك إن ابن حنبل رافضي ! وروايته غير صحيحة ؟!!

- وكتب رحمة العاملي ، بتاريخ 4-3-2000 ، الحادية عشرة صباحاً:

إحملوه على المحمل الحسن ، ففي زمانه لم يكن في الشام ( سبرايت أو كوكا كولا ) للهضم . وبدون هذه الخمرة الهاضمة لا يمكن تقطيع كمية اللحم التي كان يأكلها ( أبو يزيد ) . . .

ص: 221

وفي أحسن الأحوال : الرجل كان يحب العصير العنبي ! فما ذنب ابن أبي سفيان إذا لم يتوصل العلم آنذاك لفصل الكحول عن العصير ؟!

وما ذنب معاوية إذا وصل السكر إلى رأسه وصلى الصبح بالناس ثمان ركعات ! ففي الزيادة الإفادة !!… والمسؤولية يتحملها عمر بن العاص الذي لم يجد حلاً لهذه المشكلة عند ( الخليفة ) ! فلا تظلموا الرجل واحملوه على المحمل الحسن ، لأن قاعدة عدالة الصحابة تأبى أن نتهمه . والمسامح كريم .

- وكتب ( عمر ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 21-4-2000 ، الثامنة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( إنجازات معاوية بن أبي سفيان (ض) من كتب الشيعة ) ، قال فيه :

وكان لمعاوية حلم ودهاء ، وجود بالمال على المداراة من رجل يبخل على طعامه . وقال سعيد بن العاص : سمعت معاوية يوماً يقول : لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي ، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني ، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت . قيل : وكيف ، يا أمير المؤمنين ؟ قال : كانوا إذا مدوها خليتها ، وإذا خلوها مددتها .

وكان إذا بلغه عن رجل ما يكره قطع لسانه بالإعطاء ، وربما احتال عليه فبعث به في الحروب ، وقدمه ، وكان أكثر فعله المكر والحيلة .

وحج بالناس ، في جميع سني ولايته حجتين سنة 44 وسنة 50 ، وأراد أن يحمل منبر رسول الله ، فنال المنبر زلزلة حتى ظن أنه آخر الدنيا ، فتركه ثم زاد فيه خمس مراق من أسفله ، واعتمر عمرة رجب في سنة 56 . وكان أول من كسا الكعبة الديباج ، واشترى لها العبيد .

ص: 222

وكان يغلب عليه عمرو بن العاص ، ويزيد بن الحر العبسي ، والضحاك بن قيس الفهري وكان الضحاك على شرطته ، وعلى حرسه أبومخارق مولى حمير وحاجبه رباح مولاه .

وكان معاوية جهم الوجه ، جاحظ العين ، وافر اللحية ، عريض الصدر ، عظيم الإليتين ، قصير الساقين والفخذين ، وكانت ولايته تسع عشرة سنة وثمانية أشهر ، وتوفي مستهل رجب ، ويقال للنصف من رجب سنة 60 ، وهو ابن سبع وسبعين سنة ويقال ثمانين سنة ، وقد كان ضعف ونحل ، وسقطت ثنيتاه . قال صالح بن عمرو : ورأيت معاوية على المنبر معتماً بعمامة سوداء قد سدلها على فيه وهو يقول : معشر الناس ! كبرت سني ، وضعفت قوتي وأصبت في أحسني فرحم الله من دعا لي ! ثم بكى ، فبكى معه الناس . وخرج الضحاك بن قيس لما مات معاوية ، فوضع أكفانه على المنبر ، ثم قال : إن معاوية كان ناب العرب وحبلها وقد مات ، وهذه أكفانه ، ونحن مدرجوه فيها ، وموردوه قبره ، ثم هو آخر اللقاء .وصلى عليه الضحاك بن قيس الفهري لغيبة يزيد في ذلك الوقت، ودفن بدمشق . وخلف من الذكور أربعة: يزيداً وعبد الله ومحمداً وعبد الرحمن . . . .

وغزا بالناس في ولايته سنة 41 ، وجه حبيب بن مسلمة ، فصالح صاحب الروم ، وكره أن يشغله . وسنة 43 غزا بسر بن أبي أرطاة أرض الروم ، ومشتاه بها . وسنة 44 غزا عبد الرحمن بن خالد بن الوليد حتى بلغ قلونية . وسنة 45 عبدالرحمن بن خالد بن الوليد ، وشتا بأرض الروم وبلغ أنطاكية سة 46 مالك بن عبدالله الخثعمي ، وقيل مالك بن هبيرة السكوني ، وشتا بأرض الروم .وسنة 47 مالك بن هبيرة السكوني ، وشتا بأرض الروم . وسنة 48 عبدالرحمن العتبي ، وبلغ

ص: 223

أنطاكية السوداء . وسنة 49 فضالة بن عبيد ، ففتح الله على يده ، وسبى سبياً كثيراً . وسنة 50 غزا بسر بن أبي أرطاة ، وشتا سفيان بن عوف . وسنة 51 غزا محمد بن عبد الرحمن ، وشتا فضالة بن عبيد الأنصاري . وسنة 52 سفيان بن عوف فتوفي فاستخلف عبدالله بن مسعودة الفزاري . وسنة 53 محمد بن مالك ، وقيل فتحت طرسوس في هذه السنة ، فتحها جنادة بن أبي أمية الأزدي . وسنة 55 مالك بن عبدالله الخثعمي ، وشتا بأرض الروم . وسنة 56 يزيد بن معاوية فبلغ القسطنطينية ، وشتا مسعود بن أبي مسعود وكان علي البر يزيد بن شجرة وعلى البحر عياض بن الحارث ، كل هذا يقال . . . الخ .

- وكتب ( نصير المهدي ) ، بتاريخ 21-4-2000 ، التاسعة مساءً :

http://www.shialink.net/muntada/Forum2/HTML/003514.html

اللهم صل على ولي أمرك ، القائم المؤمل ، والعدل المنتظر .

- وكتب ( المستجار ) بتاريخ22-4-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً :

لدي سؤال : لدينا شخص مسيحي معنا في العمل ، وهو كثيراً ما يتصدق على الفقراء ويعين المحتاجين فهل هذا العمل يقبل منه ويؤجر عليه ؟ وشكراً .

- وكتب ( الفقيه) بتاريخ 22-4-2000 ، الثانية عشرة والثلث صباحاً :

المستجار : حسب كلام المهاجر ، نعم يؤجر عليه ! سمعت له مجلساً يقول أنه من غير العدل أن الكافر يعمل خير والله ما يجازيه بالخير !

إسأل المهاجر وشوف رأيه لو سمحت ، وإلا أنت ضد ربع الشيرازي.

- فكتب (المستجار) بتاريخ 22-4-2000، الثانية عشرة والنصف ظهراًَ :

الأخ العزيز الفقيه .. شكراً على الإيضاح ، وياليت تكمل الإجابة فأنا أقصد أن الأجر هنا في الدنيا ، أم يدخله الله الجنة بسبب فعله .

ص: 224

- وكتب ( غريب ) بتاريخ 22-4-2000 ، الواحدة إلا ثلث صباحاً :

الأخ الفقيه .. بالنسبة لما ذكرته عن كلام المهاجر, فلي ملاحظات :

1 ) كلامك غير موثق البتة . فمع الإحترام لسماعك فإنه من غير مصادر كلامك ، لا يغني ولا يسمن من جوع .

2 ) مع افتراض أن ما نقلته صحيح بنفس العبارة واللفظ , فإن الجزاء من الله لايعني بالضرورة أنه سيكون في الآخرة ، بل الله عز وجل قد يجازي الإنسان على بعض ، أو كل أعماله في هذه الدنيا .

- وكتب ( الفقيه ) بتاريخ 22-4-2000 ، الواحدة إلا ربعاً صباحاً :

الزميل المستجار .. إذا عمل المسلم عملاً لله تعالى ، جزاه رب العزة في الدنيا والآخرة .

- وكتب أبو سمية بتاريخ 22-4-2000 ، الثانية والنصف ظهراً :

ومن قال إن معاوية مسلم ؟ ! راجعوا الروايات التي تتحدث عن معرفة المؤمن من المنافق من حبه أو بغضه لعلي .. وهذا الرجل مملوء بالحقد على أبي الحسن صلوات الله تعالى عليه وهو الذي قتل المسلمين والصحابة وقتل عماراً! ويقولون : مسلم ! !

- وكتب ( فرات ) بتاريخ 22-4-2000 ، الخامسة والنصف مساءً :

كون تاريخ اليعقوبي من كتب الشيعة فهذا أول الكلام .

ثم . . ما هي الإنجازات التي ذكرتها ، وما هي أهميتها بالنسبة للإسلام والمسلمين ؟! وكيف كان .. إليك أهم إنجازاته من كتب أهل السنة المعتبرة :

ص: 225

1- فهو أول من ترك التلبية في الحج .. أخرج النسائي والبيهقي من طريق سعيد بن جبير قال : ( كان ابن عباس بعرفة فقال : يا سعيد ما لي لا أسمع الناس يلبون ؟ فقلت : يخافون معاوية ! فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال : لبيك اللهم لبيك ، وإن رغم أنف معاوية ، اللهم العنهم فقد تركوا السنة من بغض علي ( النسائي 5/253 ، البيهقي 5 / 113 ، مسند أحمد 1 / 217 ) . قال السندي في تعليقه على سنن النسائي : من بغض علي ، أي لأجل بغضه أي هو كان يتقيد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضاً له . . . روى الحاكم والطبراني وابن حبان عن عائشة أن رسول الله صلی الله علیه و آله قال : ستة لعنتهم ولعنهم الله .. والتارك لسنتي .

2 - ومعاوية أول من أحدث الأذان في العيدين ! قال ابن حجر : اختلف في أول من أحدث الأذان فيهما ، فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب أنه معاوية ، وروى الشافعي عن الثقة عن الزهري مثله . ( فتح الباري – 362 ) .

قال مالك في الموطأ ( حدثني يحيى عن مالك أنه سمع غير واحد من علمائهم يقول : لم يكن في عيد الفطر ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمان رسول الله صلی الله علیه و آله ) إلى اليوم . قال مالك : وتلك السنة لا اختلاف فيها عندنا ( الموطأ 1/146 ).

وقال الشوكاني : أحاديث الباب تدل على عدم شرعية الأذان والإقامة في صلاة العيدين ، قال العراقي : وعليه عمل العلماء كافة ، وقال ابن قدامة في المغني : ولا نعلم في هذا خلافاً ممن يعتمد بخلافه ( نيل الأوطار 3 / 364 ) .

3 - وأقام معاوية صلاة الجمعة وقت الضحى !

( فتح الباري 2 / 309 ، وقد أقامها يوم الأربعاء في طريقه لصفين ) ووقتها في شريعة الله عند الزوال . ( انظر صحيح مسلم 3 / 9 وصحيح البخاري ) .

4 - وكان يحكم بجواز الجمع بين الأختين المملوكتين !

ويعترض عليه الناس فلا يبالي . ( الدر المنثور 2 / 137 ) .

ص: 226

5 - وكان يحلل الربا !

(عن عطاء بن يسار : أن معاوية باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء : سمعت رسول الله ينهى عن مثل هذا الأمر إلا مثلاً بمثل ، فقال له معاوية: ما أرى بمثل هذا بأساً ) .

6 - ويشرب الخمر !

( أخرج أحمد من طريق عبد الله بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية ، فأجلسنا على الفرش ،ثم أتينا بالطعام فأكلنا ، ثم أتينا بالشراب ، فشرب معاوية ، ثم ناول أبي ، ثم قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله . ( مسند أحمد 6 / 476 ح 22432 ) .

7 - وسنّ سب الإمام علي علیه السلام على المنابر !

وكان يقنت في صلاته بلعنه ، وأمر الناس بلعنه ( أخرج مسلم ، عن طريق عامر بن سعد بن أبي وقاص قال : أمر معاوية سعداً فقال : ما منعك أن تسب أبا تراب . فقال : أما ما ذكرت ثلاثاً قالهن رسول الله فلن أسبه ، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم... ( صحيح مسلم 7 / 120 ، كتاب فضائل الصحابة ، باب من فضائل علي بن أبي طالب . الترمذي 12 / 171 ، مستدرك الحاكم ، تاريخ ابن كثير 8 / 77 ) .

وقال الحجوري في ترجمة معاوية : ( ومن أقبح ما يذكر في تاريخه سبه لعلي كرم الله وجهه ولولا أنه في ( صحيح مسلم ) ما صدقت بوقوعه منه ، ماأدري ما وجه اجتهاده فيه حتى كان سنة من بعده ، والله يغفر له ، وليس العصمة إلا للأنبياء ) . ( الفكر الاسلامي: 1/ 276 نقلناه عن تاريخ التشريع للفضلي : 85 ) .

وقال ابن عساكر : كان أول عمل عمله معاوية - بعد ان استولى على الحكم - أن كتب لعماله في جميع الآفاق بأن يلعنوا علياً على المنابر .

( تاريخ ابن عساكر 2/47 ، وراجع المستدرك للحاكم 1/385و1/358 . تاريخ الطبري 5/167- 168. الكامل في التاريخ لابن الأثير 3/413 . تاريخ الخلفاء ، السيوطي 190 . شرح النهج لابن أبي الحديد 1/356و361 . العقد الفريد 4/365 ، ونقله عن الغدير 26410 عن

ص: 227

إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري للقسطلاني 4/368 . تحفة الباري في شرح صحيح البخاري ، الأنصاري ، مطبوع بذيل إرشاد الساري ) .

ولما مات الحسن بن علي حج معاوية فدخل المدينة وأراد أن يلعن علياً على منبر رسول الله فقيل له : إن ههنا سعد بن أبي وقاص ، ولا نراه يرضى بهذا فابعث إليه وخذ رأيه ، فأرسل إليه وذكر ذلك فقال : إن فعلت لأخرجن من المسجد ثم لا أعود إليه ، فأمسك معاوية عن لعنه حتى مات سعد ، فلما مات لعنه على المنبر ، وكتب إلى عماله أن يلعنوه على المنابر ، ففعلوا !!

( العقد الفريد 2/301 و2 / 144 . المستطرف 1/54 ) . انتهى .

والعجب من أهل القرون الأولى يوافقون معاوية في لعنه علياً ؟!!

هلا نهوه عن ذلك ؟ وأين هم من قول الله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) - آل عمران 110 .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 22-4-2000 ، التاسعة مساءً :

من عادة الشيعة التحريف والتدليس ، فلقد تعودنا بأن روايات الشيعة تمتاز باللعن ، وهذا ما لا نراه في كتبنا . وعندما عدنا للحديث المراد نتبين بأن اللعن نسب زوراً للنسائي .

أما الإختلاف بالتلبية فهي اختلاف مشروع بين الفقهاء ، ولا علاقة لنا في اتباع معاوية في هذا الأمر ، بل هناك العقل وصحة الأحاديث بين الطرفين ، ويكفي أن نذكر الفتوحات التي جاءت بعدم تسلم معاوية الحكم ، علماً بأن الفتوحات توقفت بعد الفتنة ، كمالم تكن فتنة وقتال في خلال حكمه بعد تسلمه الخلافة من الحسن ( رض ) .

وإليك حديث النسائي الصحيح الذي ادعيتم بأنه لعن معاوية :

ص: 228

التلبية بعرفة مناسك الحج سنن النسائي : عن سعيد بن جبير كنت مع ابن عباس بعرفات ، فقال : ما لي لا أسمع الناس يلبون ، يخافون من معاوية ، فخرج ابن عباس من فسطاطه فقال : لبيك لبيك ، فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي . شرح سنن النسائي للسندي : قوله ( فسطاطه ) هو بالضم والكسر : ضرب من الأبنية في السفر دون السرادق.

وبهذا ظهر منشأ الخلاف بين العلماء في التلبية في عرفات ، وظهر أن الحق مع أي الفريقين (من بغض علي) أي لأجل بغضه أي وهو كان يتقيد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضاً له .

التزوير مرة ثانية نجده في نقل الأحاديث ، فهذا الحديث الثاني نثبت تزويره فلقد نقل الفرات ما يلي : ( ويشرب الخمر : أخرج أحمد من طريق عبد الله بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية ، فأجلسنا على الفرش ،ثم أتينا بالطعام فأكلنا ، ثم أتينا بالشراب ، فشرب معاوية ثم ناول أبي ، ثم قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله ) . مسند أحمد 6 / 476 . انتهى .

وبالرجوع لمسند أحمد نكتشف التزوير والقص . فلكُم الحديث الأصلي من مسند أحمد : حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه... حدثنا عبد الله قال: دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكل ، ثم أتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبي ، ثم قال : منذ حرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال معاوية : كنت أجم قريش وأجوده ثغراً ، وما شئ كنت أجد له لذة كما كنت أجده غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدثني. انتهى .

ونكتشف بأن الشراب ليس إلا لبناً ، والشيعة قصت الحقيقة كما فعلت في آية التطهير . ولا أعتقد بأن باقي الأحاديث أقل شأناً من هذه الأحاديث !

ص: 229

- وكتب ( سجاد ) ، بتاريخ 22-4-2000 ، الحادية عشرة ليلاًَ :

حبيبي عمر .. لاتحاول عبثاً أن تنقذ حبيبك الملعون معاوية ، فإن عدت إلى الرواية الجديدة التي تعبت إلى أن وجدتها ، لرأيت أن معاوية بعدما قدم له الشراب قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله صلی الله علیه و آله . وهل الرسول صلی الله علیه و آله حرم اللبن يا ذكي !

سأنشر بحثي عن الملعون معاوية ، وهو هدية متواضعة مني لك يا عمر !

- وكتب ( عمر ) بتاريخ 22-4-2000 ، الحادية عشرة والثلث ليلاً :

عزيزي السجاد .. لقد راجعت الأحاديث ضد معاوية ، واكتشفت التزوير في أول حديثين واكتفيت بالنتيجة ، إذا كنت لا تفهم مقصد معاوية من باقي الحديث فلا أظنك تفهم ما تنقل من البخاري .

لقد أجاب معاوية برد فصيح وبليغ وخلاصته بأنه لم يشرب الخمر وأن المشروب المفضل هو اللبن ، ومجالسة أهل المعرفة والعلم ، فهل تعتقد بأنه من الغباء حتى يقدم الخمر لجلسائه ؟! أم هل تعتقد بأن علماء أهل السنة يقبلوا أن بشرب معاوية الخمر ؟؟ إرجع لإنجازات معاوية وفتوحاته ، وقارنها بالعهد الذي سبقه وبعده لترى عصر معاوية مميزاً .

- وكتب ( سجاد ) بتاريخ22-4-2000 الحادية عشرة والنصف ليلاً:

والله ياعمر أنا أشفق على مخك الصغير من البحث الطويل ، الذي يقبله أناس مثل شاكلتكم ! إذا كان بالفعل كما تدعي أن المقصود هو اللبن ، فلماذا الرجل قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله صلی الله علیه و آله ؟!! ما مناسبة قوله هذا على شئ محلل من الله ورسوله صلی الله علیه و آله ؟ فتأمل يا عمري !!

ص: 230

- وكتب (عمر) بتاريخ 23-4-2000 ، الثانية عشرة والربع صباحاً :

عزيزي السجاد . . عقلي الصغير هداني لحقيقة التزوير الذي ابتدعه الشيعة في أغلب الأمور ، فلو قارنت العصمة والولاية والتطهير لوجدتها في عقول الشيعة ولا أساس لها ، واحترف الشيعة القص والتأويل كما حدث مع صاحبك الذي جعل معاوية يشرب الخمر .

أما ما نقلته أنا عن إنجازات معاوية فهو من كتاب شيعي موجود في صفحة شيعية متخصصة ، فبإمكانك البحث عن اسم الكتاب لتجده عندكم ، وأتمنى من عقلك الكبير أن يفك الأغلال عنه !

- وكتب أبو زهراء ، بتاريخ 23-4-2000 ، الثانية صباحاًَ :

لعن الله ابن آكلة الأكباد .. كنز العمال ، المجلد الخامس - حد الخمر:

( 13716- عن محمد بن كعب القرظي قال : غزا عبد الرحمن بن سهل الأنصاري في زمن عثمان ، ومعاوية أمير على الشام ، فمرت به روايا خمر تحمل ، فقام إليها عبد الرحمن برمحه ، فبقر كل رواية منها فناوشه غلمانه حتى بلغ شأنه معاوية ، فقال : دعوه فإنه شيخ قد ذهب عقله . فقال : كذب والله ما ذهب عقلي ، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخله بطوننا وأسقيتنا ، وأحلف بالله لئن أنا بقيت حتى أرى في معاوية ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأبقرن بطنه أو لأموتن دونه . ( الحسن بن سفيان وابن منده ، وابن عساكر ) . انتهى .

- وكتب ( سجاد ) ، بتاريخ 23-4-2000 ، الثانية ظهراً :

ص: 231

عزيزي عمر .. أولاً هداك الله الى طريق الحق . لقد قلت لك في موضوعك وأعيده مرة أخرى في موضوعي ... الكنز المفقود عفواً الجزء المفقود من الحديث في مسند أحمد لا يزيد ولاينقص فيه ، بل يدل على غباء ناقلي الحديث ، وأنهم يحاولون بشتى الطرق المدافعة عن الزنديق معاوية .

فأقول لك وأتمنى أن تجيبني وأن لا تتهرب : لماذا قال الرجل بعدما قدم له معاوية اللبن كما تدعي : ما شربته منذ حرمه رسول الله ..؟ أجبني .. هل الرسول صلی الله علیه و آله حرم اللبن ؟ فما هو استنتاجك الشخصي من قول الرجل ، سيساورك الشك أن هنالك حلقة مفقودة ، فعليك أن تجدها يا عمر ، لأنها كالشمس ، فاللبن ليس محرماً كما تعلم .. إذاً ما الذي يقصده الرجل ؟!!!

كما أن الأخ العزيز ( أبو زهراء ) قد جاء مشكوراً بحديث آخر من كتبكم ، فأنت تحاول أن ترقع ثوب بالياً ياعمر ، ولا تحكم على أي موضوع بحديث واحد ، ربما أخطات أنا أو الأخ العزيز الفرات ، ولكن هذا ليس معناه أن تتخذ الحكم علينا بكل هذه السرعة ، فراجع الحديث بتمعن ، وأرجو أن أجد جواباً يا عمر .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 23-4-2000 ، الثالثة ظهراً :

عزيزي السجاد .. أعتقد المدعو بأنه خمر ولذلك قال له ذلك ، والأسباب كثيرة ، إما لجمال الكأس ، أو لاعتقاده بأن الملوك يشربون الخمر ، أو لتشابه لون اللبن مع بعض الخمور . والرد كاف لبيان الحق ، فلو كان الرد ضده وتدعي بأن البعض زوره ، فلماذا نقل الحديث من أساسه ، وهل تعتقد بأن معاوية غبي حتى يقدم الخمر وهو خليفة المسلمين ؟!

ص: 232

إذا كان عندك ما يسئ معاوية فلا بأس من ذكره ، ولكن أن تزور الحقيقة فهذا غير منطقي ، ولو سألت نفسك من أين أتى غلو الشيعة بآل البيت ؟!

الجواب : من تزوير التاريخ والحقائق ، وتصديق المعجزات لبشر لا طاقة له بدفع الأذى عن نفسه ، فكيف بخلق الله ؟؟؟

- وكتب العلوي بتاريخ 23-4-2000 ، الثالثة والنصف ظهراً :

نكتة الموسم عمر يتحدث عن التزوير! وأكثر من هذا خبير بألوان الخمور!

عبدُ شمس قد أضرمت لبني ها شم حرباً يشيب فيها الوليدُ

فأبن حرب للمصطفى وابن هن- -د لعلي ، وللحسين يزيدُ

- وكتب ( أسعد ) ، بتاريخ 25-4-2000 ، الثانية عشرة والربع صباحاً:

من هذا معاوية الذي يدافع عنه هنا ؟! أهو معاوية بن أبي سفيان الطليق ابن الطليق المارق من الدين ؟! فقط استعلام ، نريد المزيد عن حياة ابن آكلة الأكباد ، الطليق بن الطليق !!

يا أخ سجاد ، وجزاك الله الف خير . نعم ، كفيت ووفيت .

- وكتب ( سجاد ) ، بتاريخ 25-4-2000 ، الواحدة صباحاً :

السلام عليكم أخي العزيز أسعد ، أسعد الله أوقاتك . أشكرك على كلماتك الطيبة وأعدك قريباً جداً سأنشر الجزء الثاني إن شاء الله . والسلام .

عزيزي عمر.. إليك أحاديث أخرى عن معاوية شارب الخمر من كتبكم مرت على عبد الرحمن بن سهل الأنصاري روايا خمر فقام إليها برمحه ، فبقر كل راوية منها ، فبلغ ذلك معاوية فقال : إنه شيخ قد ذهب عقله ! فقال عبد

ص: 233

الرحمن : كلا والله ما ذهب عقلي ولكن رسول الله صلی الله علیه و آله نهانا أن تدخل بطوننا وأسقيتنا خمراً ... الإصابة 2/401 ، أسد الغابة 3/299 .

- وكتب ( جنوبي ) ، بتاريخ 25-4-2000 ، الواحدة صباحاً :

يا عمر ، لقد قلت ( أو لتشابه لون اللبن مع بعض الخمور ) !

وماهونوع هذا الخمر الذي يخدع الناظر إليه ويبان لناظره كاللبن؟ ألم يكن العرب والمسلمين في تلك الأيام على معرفة ألوان ورائحة الخمور واللبن ؟!!

- قال العاملي :

أولاً : رواية النسائي في سننه المعروفة ليس فيها عبارة لعن ابن عباس لمعاوية كما قال عمر . لكنها موجودة في سنن البيهقي 5/ 112 ، وسندهما واحد ، وقد قال عنه الحاكم في المستدرك: 1/ 465 : ( صحيح على شرط الشيخين) فلا تزوير فيه من الأخ فرات ولا من أحد ، بل فيه اشتباه سنن البيهقي بالنسائي . على أن الراجح في مثل هذه الحالة أنهم أسقطوا من نسخة النسائي ( لعنهم الله ) . وقد نقلها السيد علي الشهرستاني في كتابه وضوء النبي : 2/192 ، عن النسائي في سننه ( المجتبى ) لأن سنن النسائي اثنان كبير ومجتبى .

ثانياً : مسألة نهي معاوية عن التلبية في عرفة ، ليست من المطاعن القوية عليه ، فيصح ما ذكره عمر ، ويمكن القول فيها إنها مسألة فقهية .

ثالثاً : أما مسألة شرب معاوية الخمر وتجارته فيها ، فلا ينفع فيها دفاع عمر ولو انضم إليه أبو بكر وعثمان ! لأنها طعن ثابت على معاوية في مصادر السنيين ، وقد عقد الأميني رحمة الله في كتابه الغدير 10/179 ، فصلاً بعنوان معاوية والخمر ، وأورد نصوصه ذلك من مصادرهم.

ص: 234

ومما أوجب فضيحة معاوية واشتهار قصته مع الخمر شرباً وتجارة ، ما وقع له مع الصحابي الجليل عبادة بن الصامت الذي اعترض على معاوية في الشام في خلافة عثمان ، وأراق روايا من قافلة خمر لمعاوية كما تقدم ، وتطورت المسألة بينهما ووصلت إلى عثمان ، وأصر ابن الصامت على عدم صمته ، فاستدعاه عثمان إلى المدينة ، فخطب عبادة في المسلمين.. الخ . وقد روى ابن عساكر في تاريخ دمشق 7 / 127 ، أخبار شرب معاوية الخمر ، ورواه في تهذيب الكمال 10 / 37 ، وسير أعلام النبلاء 5 / 51 ، وتاريخ الاسلام - حوادث سنة 101 - 102 / 395 .

- وكتب ( منذر علي ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 20-11-1999 ، الواحدة والنصف صباحاً ، موضوعاً بعنوان (رسالة محمد بن أبي بكر إلى معاوية) قال فيه :

لما صرف علي علیه السلام قيس بن سعد بن عبادة عن مصر ، وجه مكانه محمد بن أبي بكر ، فلما وصل إليها كتب إلى معاوية كتاباً فيه من محمد بن أبي بكر ، إلى الغاوي معاوية بن صخر ، أما بعد ، فإن الله بعظمته وسلطانه خلق خلقه بلا عبث منه ، ولا ضعف في قوته ، ولا حاجة به إلى خلقهم ، ولكنه خلقهم عبيداً ، وجعل منهم غوياً ورشيداً ، وشقياً وسعيداً ، ثم اختار على علم واصطفى وانتخب منهم محمداً صلی الله علیه و آله فانتخبه بعلمه ، واصطفاه برسالته ، وائتمنه على وحيه ، وبعثه رسولاً ومبشراً ونذيراً ووكيلاً فكان أول من أجاب وأناب وآمن وصدق وأسلم وسلم أخوه وابن عمه علي بن أبي طالب علیه السلام صدقه بالغيب المكتوم ، وآثره على كل حميم ، ووقاه بنفسه كل هول ، وحارب حربه ، وسالم سلمه ، فلم يبرح

ص: 235

مبتذلاً لنفسه في ساعات الليل والنهار والخوف والجوع والخضوع ، حتى برز سابقاً لا نظير له فيمن اتبعه ، ولا مقارب له في فعله ، وقد رأيتك تساميه وأنت أنت ، وهو هو ، أصدق الناس نية ، وأفضل الناس ذرية ، وخير الناس زوجة، وأفضل الناس ابن عم ، أخوه الشاري بنفسه يوم مؤتة ، وعمه سيد الشهداء يوم أحد ، و ( أبوه ) الذاب عن رسول الله صلی الله علیه و آله وعن حوزته ، وأنت اللعين ابن اللعين ، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله صلی الله علیه و آله الغوائل ، وتجهدان في إطفاء نور الله ، تجمعان على ذلك الجموع ، وتبذلان فيه المال ، وتؤلبان عليه القبائل ، وعلى ذلك مات أبوك ، وعليه خلفته ، والشهيد عليك من تدني ويلجأ إليك من بقية الأحزاب ورؤساء النفاق ، والشاهد لعلي مع فضله المبين القديم أنصاره الذين معه وهم الذين ذكرهم الله بفضلهم ، وأثنى عليهم من المهاجرين والأنصار ، وهم معه كتائب وعصائب ، يرون الحق في اتباعه ، والشقاء في خلافه ، فكيف يا لك الويل تعدل نفسك بعلي وهو وارث رسول الله صلی الله علیه و آله ووصيه وأبو ولده ، أول الناس له اتباعاً ، وأقربهم به عهداً ، يخبره بسرّه ، ويطلعه على أمره ، وأنت عدوه وابن عدوه ، فتمتع في دنياك ما استطعت بباطلك ، وليمددك ابن العاص في غوايتك ، فكان أجلك قد انقضى ، وكيدك قد وهى، ثم يتبين لك لمن تكون العاقبة العليا ، واعلم أنك إنما تكايد ربك الذي أمنت كيده ، ويئست من روحه ، فهو لك بالمرصاد ، وأنت منه في غرور ، والسلام على من اتبع الهدى .

فكتب إليه معاوية : ( من معاوية بن صخر ، إلى الزاري على أبيه محمد ابن أبي بكر ، أما بعد فقد أتاني كتابك تذكر فيه ما الله أهله في عظمته وقدرته وسلطانه ، وما اصطفى به رسول الله صلی الله علیه و آله مع كلام كثير لك فيه تضعيف ،

ص: 236

ولأبيك فيه تعنيف ، ذكرت فيه فضل ابن أبي طالب ، وقديم سوابقه ، وقرابته إلى رسول الله صلی الله علیه و آله ومؤاساته إياه في كل هول وخوف ، فكان احتجاجك عليّ وعيبك لي بفضل غيرك ، لا بفضلك، فأحمد رباً صرف هذا الفضل عنك ، وجعله لغيرك ، فقد كنا وأبوك فينا نعرف فضل ابن أبي طالب وحقه لازماً لنا مبروراً علينا ، فلما اختار الله لنبيه ما عنده ، وأتم له ما وعده ، وأظهر دعوته ، وأبلج حجته ، وقبضه الله إليه فكان أبواك وفاروقه أول من ابتزه حقه ، وخالفه على أمره ، على ذلك اتفقا واتسقا . ثم إنهما دعواه إلى بيعتهما فأبطأ عنهما ، وتلكأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأرادا به العظيم ، ثم إنه بايع لهما وسلم لهما ، وأقاما لا يشركانه في أمرهما ، ولا يطلعانه على سرهما ، حتى قبضهما الله . ثم قال ثالثهما عثمان فهدي بهديهما وسار بسيرهما ، فعبته أنت وصاحبك حتى طمع فيه الأقاصي من أهل المعاصي ، فطلبتما له الغوائل ، وأظهرتما عداوتكما فيه حتى بلغتما فيه مناكما ، فخذ حذرك يا ابن أبي بكر ، وقس شبرك بفترك ، يقصر عن أن توازي أو تساوي من يزن الجبال بحلمه ، لا يلين عن قسر قناته ، ولا يدرك ذو مقال أناته ، أبوك مهد مهاده ، وبنى لملكه وساده ، فإن يكُ ما نحن فيه صواباً فأبوك استبد به ونحن شركاؤه ، ولولا ما فعل أبوك من قبل ما خالفنا ابن أبي طالب ، ولسلمنا إليه ، ولكنا رأينا أباك فعل ذلك به من قبلنا فأخذنا بمثله ، فعب أباك بعد بدا لك ، أو دعْ ذلك ، والسلام على من أناب ) .

- وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 1-12-1999، الواحدة إلا ثلث صباحاً:

وفقكم الله لمرضاته . قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

- وكتب ( عمار بن ياسر ) بتاريخ 1-12-1999 ، العاشرة صباحاً :

ص: 237

أخي العزيز منذر .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

وفقك الله لحرصك على نشر الحقائق ، ولست أدري واقعاً لماذا تحذف بعض المواضيع ، مع أنها غير مخالفة للشروط ، وتبقى بعض المواضيع المليئة بالنصب والإفتراء والتعدي على المقدسات .

- وكتب أبو زهراء في الموسوعة الشيعية بتاريخ 1-2-2000 ، الثالثة ظهراً ، موضوعاً بعنوان ( كيف توصل معاوية إلى سدة الحكم !! ) ، قال فيه :

هناك عدة عوامل ساعدت الأموي معاوية على الوصول إلى سدة الحكم نعرض لها في هذه العجالة :

العامل الأول : إبعاد قيادة أهل البيت علیهم السلام عن الأمور السياسية وتولية المناصب . فقد أبعد عمر الهاشميين ( العباسيين ، أبناء العباس بن عبد المطلب ، والطالبيين ، أبناء أبي طالب بن عبد المطلب ) عن جميع المناصب ، فلم يُؤثَر عن أبي بكر أو عمر أو عثمان بأنه ولى أحد أقرباء رسول الله شيئاً من الأمور .

العامل الثاني : تولية المبتعدين عن نهج أهل البيت وأعداء علي علیه السلام المناصب الإدارية والمناصب الدينية . فقد ولى عمر على مصر عمرو بن العاص وعلى العراق المغيرة بن شعبة ، وعلى الشام معاوية .

العامل الثالث : منع كتابة أحاديث النبي في العهد الأول من الإسلام على يد أبي بكر وعمر ، ومتابعة ذلك على يد عثمان ، ثم من بعد ذلك أمر معاوية بكتابة أحاديث مزورة عن الرسول في فضل عثمان وآل أمية ، ثم لما بلغ الإرب أمر سمرة وأبا هريرة في التحدث عن فضل أبي بكر وعمر ، وأمر أن يمنع التحدث

ص: 238

عن فضل أهل البيت علیهم السلام فقال : " أن قد برئت الذمة من حدث بفضل أبي تراب" .

العامل الرابع : قيام عائشة وطلحة والزبير بمحاربة علي علیه السلام . فقد كان لهذا العامل أثر خطير في قيام إمام البغاة معاوية بمحاربة الإمام علي علیه السلام بحجة مطالبته بقتلة عثمان ، في حين أن معاوية نفسه لم يطالب بذلك من قبل بل وكّل الأمر إلى عائشة التي لا تطيق صبراً على ذكر علي علیه السلام ، فكيف أن يكون الإمام على الأمة الإسلامية .. فكان لهذا العامل أن جعل معاوية يطالب بقتلة عثمان وهو يعلم أن الإقتصاص بدم عثمان أمر مستحيل ، ويدل على ذلك أنه بعد أن نال منصب الملك لم يطالب بذلك بل قال في أول خطبة له على أهل الكوفة : " والله لم أقاتلكم لتصلوا أو لتصوموا ولكن قاتلتكم لأتأمر عليكم وقد أعطاني الله ذلك" .

العامل الخامس : تولية معاوية الشام . فقد ولّى عمر معاوية الشام وقال عنه إنه كسرى العرب ولم يحاسبه في قليل أو كثير كما حاسب الآخرين أمثال أبي هريرة ، بل سلطه مدة حكمه ثم أبقاه عثمان والياً ، فاكتسب محبة أهل الشام له بما يغدق عليهم من أموال وسماحه لهم بشرب الخمور ومجالسة أهل الطرب، فقد كانوا أبعد أهل الإسلام عن الإسلام وذلك بفضل السياسة الأموية التي اتبعها معاوية ومن جاء بعده من أرجاس بني أمية .

- وكتب ( ميثم التمار ) ، بتاريخ 19-2-2000 ، الخامسة مساءً :

أخي العزيز أبا زهراء .. سلمت يداك . والله موضوع يجب الإلتفات له ولكن من أين أصحاب الأقلام … أين العقول .. أين المفكرون … أين المسلمون … من هذا ؟ وتحية محمدية محفوفة بصلاة على محمد وآل محمد .

ص: 239

يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ .

- وكتب ( رؤوف ) ، بتاريخ 19-2-2000 ، العاشرة ليلاً :

استغفل معاوية المغفلين والسذج فصدقوه !

وهذا التاريخ وكلام الصحابة في هذا الشأن خير دليل .

- وكتب أبو زهراء ، بتاريخ 21-2-2000 ، الحادية عشرة ليلاً :

الأخ ذا الفقار .. السلام عليكم .. شكراً لك لهذا الإطراء الذي لا أستحقه ، وثبتنا الله وإياكم على محبة أهل البيت صلوات الله عليهم .

أعتذر للأخوة الكرام عن عدم المتابعة في هذا الموضوع ، وذلك لأني سوف أسافر إلى مكة المكرمة اليوم إن شاء الله ، وأسألكم الدعاء .

- وكتب (ذو الفقار) ، بتاريخ 22-2-2000 ، الرابعة والنصف مساءً :

قلدناكم الدعاء والزيارة . وبالتوفيق إن شاء الله تعالى ..

تروح وتجي بالسلامة حبيبنا أبا زهراء .

- وكتب ( السبطين )، بتاريخ 22-2-2000 ، الخامسة إلا ربعاً مساءًَ:

صدقت يا سيدي ومولاي يا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : ( ليس بمعاوية بأدهى مني ، ولكنه يغدر ويفجر ) . وقس على ذلك كل من تابع معاوية من أئمة بغيه وضلاله ، ومن تابعوهم من ولاة ظلم وجور ، فاجعل اللهم لعناتك الدائمة المتصلة المؤبدة ، عليهم أجمعين .

ص: 240

- وكتب العاملي في شبكة أنا العربي بتاريخ 14-9-1999 الحادية عشرة والنصف ليلاً ، موضوعاً بعنوان ( هل كان عمر على علاقة بهند قبل الإسلام ؟ ! ) قال فيه :

قال الطبري في تاريخه : 2/ 337 : ( حدثنا ابن حميد ، قال حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن عمر بن موسى بن الوجيه ، عن قتادة السدوسي ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام قائماً حين وقف على باب الكعبة ثم قال : لا إله الا إلله وحده لا شريك له صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده . ألا كل مأثرة أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين ، إلا سدانة البيت وسقاية الحاج . ألا وقتيل الخطأ مثل العمد السوط والعصا فيهما الدية مغلظة ، منها أربعون في بطونها أولادها .

يا معشر قريش : إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء . الناس من آدم وآدم خلق من تراب ، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .. الآية .

يا معشر قريش : ويا أهل مكة ما ترون أني فاعلٌ بكم ؟

قالوا : خيراً ، أخٌ كريم وابن أخٍ كريم !!

ثم قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء . فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال العاملي : بل أطلقهم ولم يعتقهم ) وقد كان الله أمكنه من رقابهم عنوة وكانوا له فيئاً ، فبذلك يسمى أهل مكة الطلقاء !!

ثم اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، فجلس لهم فيما بلغني على الصفا ، وعمر بن الخطاب تحت رسول الله أسفل من

ص: 241

مجلسه يأخذ على الناس ، فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا ، وكذلك كانت بيعته لمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس على الإسلام .

فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيعة الرجال ، بايع النساء ، واجتمع إليه نساء من نساء قريش ، فيهن هند بنت عتبة متنقبة متنكرة لحدثها وما كان من صنيعها بحمزة ، فهي تخاف أن يأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحدثها ذلك ! فلما دنوْن منه ليبايعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني : تبايعنني على ألا تشركن بالله شيئاً .

فقالت هند: والله إنك لتأخذ علينا أمراً ما تأخذه على الرجال وسنؤتيكه .

قال : ولا تسرقن . قالت : والله إن كنت لأصيب من مال أبي سفيان الهنة والهنة ، وما أدري أكان ذلك حلالي ، أم لا ؟ فقال أبو سفيان وكان شاهداً لما تقول : أما ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وإنك لهند بنت عتبة ؟فقالت : أنا هند بنت عتبة ، فاعف عما سلف عفا الله عنك .

قال : ولا تزنين . قالت يا رسول الله : هل تزني الحرة ؟! فضحك عمر بن الخطاب من قولها حتى استغرق ؟!!

قال : ولا تقتلن أولادكن . قالت : قد ربيناهم صغاراً وقتلتهم يوم بدرٍ كباراً فأنت وهم أعلم! ورواه ابن كثير في سيرته : 3/ 603، والبداية والنهاية : 4/ 365. وفي رواية أن عمر ضحك حتى استلقى على قفاه .. وفي رواية أن النبي صلی الله علیه و آله نظر إلى عمر وتبسم ، فضحك عمر ! ! ! !

- فكتب ( طالب الحقيقة ) بتاريخ 14-9-1999، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ص: 242

أحسنت أيها الأخ العاملي . . . ووفقك الله . . . لكنهم أين ؟! هذا إمامهم الذي نصبه الله ورسوله في حديث ( الأئمة من بعدي اثنا عشر ) ؟!!

عجيب هذا التفكير !!!

- وكتب رحمة العاملي في الموسوعة الشيعية في 12-1-2000، الثانية صباحاً موضوعاً بعنوان ( معاوية بن أبي سفيان ، أم ابن الأربعة فرسان ؟!) ، قال فيه:

تحتار وأنت تبحث عن نسب هذا الطاغية في بطون كتب التاريخ ! والعجيب أنهم نسبوه لأبي سفيان على الرواية ، أما على التحقيق فلا تعرف ابن من هو ؟! وقد دفعني إلى البحث إيماني بأنه ابن زنا ، كيف لا وحب علي علیه السلام لطاهر الأب والأم .

أم معاوية : المؤكد أنها هند آكلة الاكباد بنت عتبة على الرواية . تزوجت هند الفاكه بن المغيرة المخزومي فقتل عنها بالغميصاء ، ثم حفص بن المغيرة ، فمات عنها ، ثم أبا سفيان . وذكر في المحبر ص 437 أن الفاكه بن المغيرة اتهمها بالزنى فبانت منه . ( العقد الفريد 6/68-68 . والأغاني 9/53 ) .

وكانت هند تذكر في مكة بفجور وعهر . ( ابن أبي الحديد شرح النهج 1/336 ) وكان المسافر بن عمرو بن أمية عشيق هند ، فاتهم بها لما حملت منه ، وتزوجها أبو سفيان مع حملها الميمون عندما سافر ابن عمرو إلى النعمان بن المنذر . ( جمهرة الأنساب -397 ، الأغاني 9 /50-53 ) .

وقال الأصمعي وهشام بن محمد الكلبي في كتاب المثالب على ما روى عنهما سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 116 : إن معاوية كان يقال إنه ابن أربعة من قريش : عمارة ابن الوليد المخزومي ، ومسافر بن عمرو ، وأبو سفيان ، وأبو الصياح ، وهو مغن ( مطرب ) لعمارة ابن الوليد وكانوا ندماء في جهلهم

ص: 243

يرتادون الحانات معا ويسكرون معاً ، وكل واحد منهم اتهم في هند . ( نفس المصدر : 9 /49-55 ) .

وذكر أبو الفرج أن أبا سفيان كان دميماً قصيراً ، بينما الصياح عسيفاً شاباً ! كان المفضل لدى هند في دعوته إليها فيغشاها وهي على ذمة أبو سفيان ! وقالوا إن عتبة أخ معاوية هو ولد الصياح . ( كتاب المثالب للأصمعي كما نقله ابن الجوزي).

وسافرت هند الى أجياد حين وضعت عتبة ، لأنها كرهت وضعه في بيت أبي سفيان ( الشهم ) حتى هجاها حسان بن ثابت قبل الفتح بما يلي :

لمن الصبي بجانب البطحاء *** في الترب ملقى غير ذي مهدِ

نجلت به بيضاء آنسةٌ *** من عبد شمس صلْتَةُ الخدِ

تسعى الى الصياح معولةً *** يا هند إنك صلبة الحرد

وذكر في كتاب المثالب على مانقله صاحب التذكرة ص 116 ، أن هند كانت من المغيلمات , وكانت تميل الى السودان من الرجال ، وكانت إذا ولدت ولداً أسود قتلته ! وكان يزيد بن اسحاق ينسب معاوية إلى العباس . والعجب أنه يوم الفتح لما جاءت تبايع الرسول فقالت : على ما أبايعك ؟ قال صلی الله علیه و آله : على أن لا تزنين ، فقالت : وهل تزني الحرة ؟ فنظر إلى عمر فتبسم رسول الله صلی الله علیه و آله ! ! ( نفس المصدر ص 116 ) .

والنبيه الفقيه يعرف لماذا نظر الرسول إلى عمر وتبسم في تلك اللحظة !! وذكر الكلبي أن عامة الناس آنذاك ينسبون معاوية إلى مسافر بن أبي عمرو وما سفر وغياب مسافر حين بان حملها بمعاوية إلا الخوف ، وكان شديد العشق لهند ، وعندما أخبره أبو سفيان أنه تزوج هنداً بعده مرض المسافر ، ومات من عشقه . وقال ابن سيرين : ما سمعت أن أحداً مات من العشق غير هذا .

ص: 244

( الأغاني 9/ 55 )

وهناك قصة تذكر في كتب العامة لتبرئة هند من الزنا تشبه قصص ألف ليلة وليلة وتعرف بقصة الكاهن والقمحة التي وضعت في إحليل البغل ، لتبرئة هند من تهمة الزنى (رأيت أن لا أذكرها لأنها ساقطة أدبياً !) . وإليك عزيزي القاريء بعض ما قيل في هند شعراً قبل فتح مكة :

بكر ثفال لا حراك به *** لا عين معاتبة ولا زجر

وعصاك استك تتقين به *** دقي العجاية هند بالفهر

ونسيت فاحشة أتيت بها *** يا هند ويحك سبة الدهر

زعم الولائد أنها ولدت *** ولداً صغيراً كان من عهر

وذكر ابن هشام (130) قصيدة قيلت في هند في الجاهلية والإسلام تصف هند وبطولاتها الغرامية مع الرجال !!! ( السيرة 3 /211-222 وتاريخ اليعقوبي 2/53 ) .

ص: 245

ص: 246

القسم الثاني: دفاعاً عن الإمام الحسين علیه السلام

اشارة

ص: 247

ص: 248

الفصل الأول: شعاع من سيرة الإمام الحسين علیه السلام

اشارة

ص: 249

ص: 250

شعاع من سيرة الإمام الحسين علیه السلام

كتب المشاركون الشيعة في شبكة الساحة العربية عدة موضوعات عن الإمام الحسين علیه السلام ، خاصةً في أيام عاشوراء ..

لكن مراقبي الشبكة حذفوا أكثرها ، مع أن أحاديثها من مصادرهم !! وهذه نماذج مما لم يحذفوه !!

سيد شباب أهل الجنة

- كتب ( شهاب ) في الساحة العربية ، بتاريخ 2 -4-1999، العاشرة ليلاً ، موضوعاً بعنوان ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) ، قال فيه:

قال الإمام أحمد : حدثنا أسود بن عامر ، وعفان ، عن حمادة بن سلمة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، عن أنس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر فيقول : ( الصلاة يا أهل البيت ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) . وقد رواه الترمذي عن عبد بن حميد عن عفان به .

ص: 251

عن بريده عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه ثم قال : صدق الله إنما اموالكم وأولادكم فتنة . نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران حتى قطعت حديثي ورفعتهما . وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) .

- وكتب ( موسى العلي ) بتاريخ 22-4-1999، السادسة والنصف صباحاً:

بعد التحية والإحترام . بارك الله فيك ، وأحسنت .

- وكتب قاسم جبر الله في شبكة الساحة العربية بتاريخ 18-4-1999 ، الواحدة ظهراً ، موضوعاً بعنوان ( غلق المواضيع التي عن الحسين بن علي علیه السلام فقط .. لماذا ؟؟؟ ) قال فيه :

من الملاحظ أن المواضيع التي تغلق هذه الأيام هي المواضيع التي تكتب عن الحسين علیه السلام ، فهل هذه المواضيع تخافون منها ؟؟

أم أنكم ضد الحسين ريحانة الرسول صلی الله علیه و آله ؟؟

- وكتب ( جمال حسين ) ، بتاريخ 18-4-1999 ، الثالثة صباحاً :

يا قاسم .. الله لا يجبرك . الكل يعرف عن الحسين رضي الله عنه ، وعن مكانته ، فلماذا الشكوى الدائمة ، والبكاء الكاذب ؟!

- وكتب ( شامس 22 ) ، بتاريخ 18-4-1999 ، الرابعة صباحاً :

بكاء التماسيح !

ص: 252

- وكتب ( هاوي كمبيوتر ) ، بتاريخ 18-4-1999 ، الثالثة ظهراً :

ما عليه ( لا بأس ) يا أخ قاسم جبر الله . أكيد المشرف منهم وفيهم !!

استهزاؤهم بحديث النبي صلی الله علیه و آله في فضل الحسين علیه السلام

- قال العاملي : سمع بعض النواصب سمع مجلس عزاء للخطيب الشيخ عبد الحميد المهاجر، وقد ذكر فيه من فضائل الإمام الحسين علیه السلام ، حديث القارورة عن أم سلمة رضي الله عنها . . فرفعه النواصب قميص عثمان في شبكاتهم ، وسخروا منه بأنواع السخرية ، وشبهوا القارورة بقوارير الخمر التي تستعمل في مجتمعاتهم ! وقد رد عليهم الشيعة ..

ولم أجد كل المناقشات في حديث القارورة ، وقد بقي بعضها في شبكة الساحة العربية ! ومما يلاحظ فيه أن عالمهم المحدث الرجالي ( أبوعبد الله ) ضعف الحديث من بعض الطرق التي أوردها الأخ علي القاضي ، وعندما أورد له طريقاً صحيحاً من مستدرك الحاكم . . غاب ولم يعد !!! في حين ظل سفيههم ( الشامس ) يسخر بحديث النبي صلی الله علیه و آله ، ويفتخر بعلم صاحبه الهارب ! وأعانه المدعو ( القارئ ) وأضاف افتراءاتهم على الشيعة بتشبيههم باليهود ، وسيأتي الرد على ذلك في فصله ، وسيظهر أن دولة الخلافة هي التي تبنت الثقافة اليهودية ، وأن عقائد اليهود وخرافاتهم ما زالت تعشش في صحاح دولة الخلافة القرشية وفقه أتباعها .

وأصل حديث القارورة كما رواه الطبراني في المعجم الكبير : 3/108 :

ص: 253

عن أم سلمة قالت : كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي صلی الله علیه و آله في بيتي فنزل جبريل علیه السلام فقال : يامحمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك ! فأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله صلی الله علیه و آله وضمه الى صدره ، ثم قال رسول الله صلی الله علیه و آله : وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله صلی الله علیه و آله وقال : ويح كرب وبلاء . قالت : وقال رسول الله صلی الله علیه و آله يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قتل ، قال : فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول : إن يوماً تتحولين فيه دماً ليوم عظيم ! ) .

وروى هذا الحديث أحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه وقال إنه صحيح على شرط الشيخين .. وروته مصادرهم الأخرى .

وهو حديث عجيب ، من معجزات النبي صلی الله علیه و آله والكرامات العظيمة لولده الحسين علیه السلام ! ولكنه لم يرق للنواصب فأخذوا يسخرون في شبكاتهم من ( قارورة الشيعة ) ويعنون بذلك قارورة الخمر ، لأن القارورة تستعمل بهذا المعنى بين شاربي الخمر في السعودية !!

وقد كتبت موضوعاً وناقشت بعض علمائهم في ذلك فسكت ، وطالبتهم أن يطبقوا حكم الله عندهم على من يهزأ بأحاديث النبي صلی الله علیه و آله ، أو على الأقل أن ينهوا سفهاءهم عن السخرية بأحاديث القارورة ، فلم يفعلوا !!

- كتب ( الصارم المسلول ) في شبكة سحاب السلفية بتاريخ 8-3-1999 الساعة الثانية عشرة ظهراً موضوعاً بعنوان ( ماهي قصة القارورة ؟ ) قال فيه :

أبحث عن موضوع يتعلق بالقارورة الموجودة في قبر إمام الرافضه الغائب ..

من يعرف ، رجاء إتحافنا بهذا الموضوع ؟

يقال إن القارورة موجودة في كربلاء ؟!

ص: 254

- فكتب ( سليل المجد ) بتاريخ : 30-8-1999، الواحدة بعد الظهر :

الأخ العزيز الحبيب الأريب الصارم المسلول .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . آمل أن تكون بصحة وعافية .

أعكف الآن على تحقيق مخطوطة عن مهدي الرافضة وسردابه ، وكنت سأجعلها مفاجأة المنبر ، وقد بهرني سؤالك ، لأن القلوب عند بعضها . ولعلي أجد القارورة في ثنايا تلك المخطوطة (صورة وجه يضحك) وجزاك الله خيراً على ما تقدم . أرجو أن يكون سر المخطوطة بيني وبين كل من يقرأ هذا الموضوع . والله يحفظكم . سليل المجد . اتحدوا تسودوا .

- وكتب ( عبدالله المسكين ) بتاريخ 8-3-1999الواحدة والنصف بعد الظهر:

سركم في سرداب ... أقصد في قارورة أقصد في بير .. !!

- وكتب ( سليل المجد ) بتاريخ 8-3-1999 ، الثانية والربع عصراً :

أضحك الله سنك يا عبد الله ، وجزاك الله خيراً . إتحدوا تسودوا .

- قال العاملي : ومن أبرز المناقشات في هذا الموضوع وأقدمها ، مناقشة السيد علي القاضي والمدعو شامس ، في شبكة الساحة العربية ، حيث كتب شامس وغيره مواضيع عديدة في شكة الساحة وغيرها ، سخروا فيها من القارورة والشيعة.. بأنواع السخرية العامية ..

- فكتب علي القاضي بتاريخ 11-5-1999 ، التاسعة إلا عشر دقائق صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( هذه هي القارورة ياشامس ) ، قال فيه :

ص: 255

إن التزامنا بأدب الحديث يجعلنا نتحدث معك بهذا الأسلوب اللين .. نعم يا شامس إنك تنكر حديثاً يرويه أهل السنة قبل الشيعة ، إليك الحديث الذي أقضَّ مضجعك وجعلك تسخر بالأحاديث الشريفة فقد جاء في الحديث: ( عن شقيق بن سلمة : في معجم الطبراني وتاريخ أبن عساكر ومجمع الزوائد وغيرها ، واللفظ للأول : عن أبي وايل الشقيق بن سلمة عن أم سلمة قالت : كان الحسن والحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي النبي صلی الله علیه و آله في بيتي فنزل جبريل علیه السلام فقال : يامحمد ! إن أمتك تقتل أبنك هذا من بعدك فأومأ بيده إلى الحسين فبكى رسول الله صلی الله علیه و آله وضمه الى صدره ثم قال رسول الله صلی الله علیه و آله : وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله صلی الله علیه و آله وقال : ويح كرب وبلاء قالت : وقال رسول الله صلی الله علیه و آله يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة

دما ً فأعلمي أن أبني قد قتل ، قال : فجعلتها أم سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر أليها كل يوم وتقول : إن يوماً تتحولين فيه دماً ليوم عظيم).

المصادر : 1 - معجم الطبراني ح 51 / ص 124 . 2 - تاريخ ابن عساكر ح 622. 3 - تهذيبه 4 / 328 . 4 - بايجاز في ذخائر العقبى ص 147 . 5 - مجمع الزوائد 9 / 189. 6 - طرح التثريب للحافظ العراقي 1/ 42 . 7 - المواهب اللدنية 2/ 195 . 8 - الخصائص الكبرى للسيوطي 2 / 152 . 9 - السراط السوي للشيخاني المدني 93 . 10 - جوهرة الكلام ص 120 . 11 - الروض النضير 1 / 92 - 93 .

يا شامس هذه أحد عشر مصدراً من مصادر أخواننا أهل السنة وليست من المصادر الشيعية تذكر حديث القارورة ، فهل نكون قد رفعنا بعض الجهل عنك الذي لا تحيا بدونه ؟! وختاماً إن الشامس من الشموس وهو الفرس الذي لايمتطى ظهره وبحمد الله توفقنا لامتطائه .

ص: 256

وبعد ذلك نقول من أي المسلمين أنت حتى تنكر حديثا رواه الفريقان ، وأنت تعلم إن من ينكر حديثا للنبي صلی الله علیه و آله رواه الفريقان ما هو حكمه ؟!!

- فكتب ( shames22 ) بتاريخ 11-5-1999 ، الثانية والثلث عصراً :

أنا لست عالماً بالقارورات وأين تصنع ، ومع هذا أسمع لوكان . . أقول لوكان هذا صحيحاً فأين زمن آدم الذي ذكره صاحبكم المهاجر . هذا أولاً .

وثانياً : لم يقل هذا تراب الحسين الذي بداخل القارورة ( إذن من الذي كان يحارب ) ؟ ولم يقل نقله جبرائيل من زمن آدم علیه السلام الى زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ؟ ( هل أعتبر هذا تدليساً منك وتلبيساً وربط لامعنى له بأحاديث السنة ) ؟ كأنك جايب الذيب من ذيله .

وثالثاً :كيف تستند على إثبات حب آل البيت وتوقيرهم اليوم من أجل قارورة لاراحت ولاجت ، على أسانيد السنة وتصدقهم بهذا ، وبكره تشتم السنة بحجة أنهم نواصب ولا تصلي خلفهم إلا تقية ، لأن صلاتهم باعتقادكم وحسب فتوى الخوئي غير صالحة ! ولكم التقية لها ثواب عظيم ؟!

وهذا ما أكرره دائماً أن لنا الفخر بأن أسانيدنا أثبت من أسانيدكم ، وأنت لكي تعزز من مقام آل البيت تستشهد بمراجع السنة ، وهذا يكفيني من هذه الناحية في الوقت الحاضر .. فدقق بين القارورة المذكورة والقارورة التي من زمن آدم أنتم تدعون أن بالقارورة تراب الحسين . صح نحن لا ندعي ذلك تراب فقط ، وتذكرون أن التراب تراب الحسين بقارورتكم رآه آدم علیه السلام ، فهل هذا مذكور بما أتيت به كدليل ، أصبح عليك دليل إدانه بما به من فروق !! وتذكرون أن بعدما رآه آدم نقله جبرائيل الى الرسول صلى الله عليه وسلم . . .

ص: 257

صح لم يذكر ما أتيت به من دليل أن التراب منذ زمن آدم ولم يذكر أن جبرائيل أحضره منذ ذلك الزمن .

والسؤال الآن بعد هذا اللبس الذي وضعت الآخرين به ممن يعتقدون أنك قاضي بمعناها العامي الذي وضح الآن..

يا قاضي أسألك سؤال يليق بمستواك : هل لديك ديناصور ؟؟

لنرىإجابتك الدقيقه والجواب الوافي لنعقب عليه من ناحيتنا والله المستعان.

قاروره تايوان ليست أصلية طلعت اللي عندك يا قاضي .

مع تحياتي لك بالتواصل ثقافياً من أجل الانسانيه جمعاء .

- فكتب ( أبو عبدالله ) بتاريخ 11-5-1999، الرابعة والنصف عصراً:

ليسمح لي الأخ شامس الحديث الذي ذكره ( علي القاضي ) وسنده ( حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني عباد بن زياد الأسدي ن ثنا عمرو بن ثابت ، عن الأعمش ، عن أبي وائل شقيق بن سلمة ، عن أم سلمة قالت : كان الحسن والحسين رضي الله تعالى عنهما يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي ، فنزل جبريل علیه السلام فقال : يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك ! فأومأ بيده الى الحسين فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وضمه إلى صدره ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وديعة عندك هذه التربة ، فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ويح كرب وبلاء .

قالت : وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قتل !! قال فجعلتها أم سلمة في قارورة ، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول إن يوما تحولين دماً ليوم عظيم ) .

ص: 258

بالاضافه الى ما ذكره ( على القاضي ) روي الحديث أيضاً عند الطبراني في المعجم الكبير : 3 / 108 وورد أيضاً في مجمع الزوائد : 9/189، وقال رواه الطبراني وفيه عمرو بن ثابت وهو متروك .

وورد في تهذيب التهذيب لابن حجر :2/300 ، وورد أيضاً في تهذيب الكمال للمزي :6 / 408 ، لكن مما يؤسف له أن الحديث باطل لايصح من أي وجه ، ففي جميع أسانيده عمرو بن ثابت لايصح حديثه .

واليك أقوال أهل الجرج والتعديل فيه الجرح والتعديل :

أبو حاتم الرازي ( الجزء 6 الصفحة 233 ) هو عمرو بن ثابت بن هرمز ، وهو بن أبى المقدام وأبو المقدام اسمه ثابت بن هرمز ، سمعت أبي يقول ذلك . قال أبو محمد روى عن عبد الرحمن بن عابس ، وسماك بن حرب ، وأبى إسحاق السبيعي ، والحكم بن عتيبة ، ومحمد بن علي وأبيه ، روى عنه أبو داود الطيالسي ، وعبد الله بن صالح العجلاني ، نا عبد الرحمن أنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب الي ، نا الحسن بن عيسى قال : ترك بن المبارك عمرو بن ثابت ، نا عبد الرحمن ، نا محمد بن إبراهيم قال : سمعت عمرو بن علي قال : سألت عبد الرحمن يعني بن مهدي عن حديث عمرو بن ثابت فأبى أن يحدث عنه وقال : لو كنت محدثاً عنه لحدثت بحديث أبيه ، عن سعيد بن جبير في التفسير . نا عبد الرحمن قال قرئ على العباس بن محمد الدوري قال قال يحيى بن معين : عمرو بن ثابت بن أبي المقدام ليس بثقة ولا مأمون .

نا عبد الرحمن قال سألت أبي عن عمرو بن ثابت بن أبي المقدام فقال : ضعيف الحديث ، يكتب حديثه ، كان ردى الرأي شديد التشيع . نا عبد الرحمن قال : سألت أبا زرعة عن عمرو بن أبى المقدام فقال : ضعيف الحديث .

تهذيب التهذيب (الجزء8 الصفحة9) : قال أبو داود وابن ماجة في التفسير عمرو بن ثابت بن هرمز البكري ، أبو محمد ، ويقال أبو ثابت الكوفي ، وهو عمرو بن أبي المقدام الحداد ، مولى بكر بن وائل ، روى عن أبيه وأبي إسحاق السبيعي و(الأعمش) وعبد الله بن محمد بن عقيل، والمنهال بن عمرو ، وسماك بن حرب ، والحكم بن عتيبة وجماعة ، وذكر

ص: 259

أنه رأى راعياً رأى النبي صلى الله عليه وسلم . روى عنه أبو داود الطيالسي ، وعمرو بن محمد العنقزي وسهل بن حماد أبو عتاب الدلال وعيسى بن موسى غنجار وموسى بن داود الضبي ويحيى بن بكير ويحيى بن آدم وعبد الله بن صالح العجلي وسعيد بن منصور والحسن بن الربيع والبوراني وعباد بن يعقوب الرواجني وآخرون . قال علي بن الحسن بن شقيق : سمعت بن المبارك يقول لا تحدثوا عن عمرو بن ثابت فإنه كان يسب السلف . وقال الحسن بن عيسى : ترك بن المبارك حديثه . وقال هناد بن السري: لم يصل عليه بن المبارك . وقال عمرو بن علي ومحمد بن المثنى لم يحدث عنه بن مهدي .

وقال الدوري عن بن معين: هو غير ثقة . وقال معاوية بن صالح عن يحيى : ضعيف . وقال أبو زرعة : ضعيف الحديث وكذا قال أبو حاتم ، وزاد يكتب حديثه كان ردئ الرأي شديد التشيع .

وقال البخاري : ليس بالقوي عندهم . وقال الآجري عن أبي داود : رافضي خبيث . وقال في موضع آخر : رجل سوء ، قال لما مات النبي صلى الله عليه وسلم كفر الناس إلا خمسة ، وجعل أبو داود يذمه ويقول : قد روى عنه سفيان وهو المشوم ليس يشبه حديثه أحاديث الشيعة ، وجعل يقول ويعني أن أحاديثه مستقيمة ، وقال في موضع آخر : كان من شرار الناس. وقال في موضع آخر: ليس في حديثه نكارة. وقال النسائي متروك الحديث وقال مرة ليس بثقة ولا مأمون. وقال بن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات . وقال بن عدي : الضعف على رواياته بين .

قلت وقال أبو داود في السنن أثر حديث في الاستحاضة: ورواه عمرو بن ثابت عن بن عقيل، وهو رافضي خبيث ، وكان رجل سوء ، زاد في رواية بن الأعرابي : ولكنه كان صدوقا في الحديث ، ومن عادة المؤلف أن من علق له أبو داود رقم له رقمه ، وهذا منه فأغفله . وقال بن سعد كان متشيعاً مفرطاً ليس هو بشئ في الحديث . ومنهم من لا يكتب حديثه لضعفه ورأيه ، وتوفي في خلافة هارون ، وقال بن قانع مات سنة اثنتين وسبعين ومائة ، وكذا قال البخاري عن عباد بن يعقوب. وقال أبو أحمد الحاكم حديثه ليس بالمستقيم ، وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه كان يشتم عثمان ، ترك بن المبارك حديثه،

ص: 260

وقال الساجي : مذموم ، وكان ينال من عثمان ويقدم عليا على الشيخين ، وقال العجلي : شديد التشيع غال فيه واهي الحديث . وقال البزار : كان يتشيع ولم يترك .

تهذيب الكمال ( الجزء 21 / الصفحة 554 - 558 )

فلم يوثقه أحد بل الكل متفق على عدم صحة مروياته ، وهذا أحدها وان شئت ارجع الى تهذيب الكمال ، ولم أذكر ماقيل فيه خشية الاطاله ، وذكره العقيلي في الضعفاء ( الجزء 6 / الصفحه 261- 263) ، وذكره البخاري في الضعفاء الصغير الجزء ا/ الصفحة 83 وذكره النسائي في الضعفاء والمتروكين الجزء 1/ الصفحة 223وذكره بن عدي في الكامل للضعفاء الجزء 5/ الصفحة 120-121 وذكره بن حبان في المجروحين : 2 الصفحة 76 وقال ( عمرو بن ثابت بن هرمز الكوفي كنيته أبو ثابت وهو الذي يقال له بن أبي المقدام يروي عن أبيه روى عنه العراقيون مات سنة ثنتين وسبعين وقد قيل سنة سبعين ومائة كان ممن يروي الموضوعات لا يحل ذكره إلا على سبيل الاعتبار ) .

والخلاصه أن الحديث غير صحيح ومن الأولى الاقتصار في الاستدلال على الصحيح من الأحاديث . لكن على فرض صحة الحديث ! أين آدم وأين العرش وأين بقية الخرافة ؟

- فكتب: ( عابر ) بتاريخ 11-5-1999 ، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً :

الأخ القاضي.. السلام عليكم . أخي الكريم ، ليس وجود حديثا ما في عدة كتب متنوعة دلالة على صحته وقبوله عند المسلمين ، فلربما هؤلاء العلماء ليسوا من أهل التحقيق في علم تصحيح الأحاديث وتضعيفها . وهذا الأمر مشاهد بكثرة من البعض ، فيظن أن من وسائل معرفة أن الرواية صحيحة ويمكن الإحتجاج بها ، وجودها في كثير من الكتب . فتاريخ ابن عساكر ليس من الكتب المعتمدة في تصحيح الأحاديث على الإطلاق . وتهذيب تاريخ ابن عساكر هو تلخيص للكتاب الأصلي ، فلا يعتمد على المختصر مع وجود الأصل . وكتاب

ص: 261

طرح التثريب للعراقي ، كتاب في الفقه ، وأيضاً ليس بمصدر أصلي في جمع الأحاديث ونقدها. وكتاب الخصائص الكبرى جمع فيه المؤلف كل شئ ولم يتثبت من الروايات ، فهو كحاطب ليل في علم الحديث . والمسلم ينظر الى ما قاله أهل التحقيق وليس الى كم الكتب الذي سردت الرواية التي يهواها وتنصر حجته . . . والله الموفق .

- فكتب علي القاضي بتاريخ 12-5-1999، الثانية عشرة والنصف ظهراً :

بعد التحية والسلام . إليك هذا الحديث الذي يثبت ما نقول وإن كان الأمر ليس من العقائد الضرورية عندنا ، ولكن بما أنك أطلت الحديث في ذلك حباً ليزيد بن معاوية قاتل الحسين علیه السلام سبط رسول الله !!

فإليك هذا الحديث الصحيح على شرط الشيخيين وإن لم يخرجاه: عن عبد الله بن وهب بن زمعة في مستدرك الصحيحين وطبقات ابن سعد وتاريخ ابن عساكر وغيرها ، واللفظ للأول قال : ( أخبرتني أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلی الله علیه و آله اضطجع ذا ت ليلة من نوم ، فاستيقظ وهو حائر ! ثم اضطجع فرقد ، ثم استيقظ وهو حائر دونما رأيت به المرة الأولى ! ثم اضطجع فاستيقظ ، وفي يده تربة حمراء يقبلها ، فقلت : ما هذه التربة يارسول الله ؟ قال : أخبرني جبريل عليه الصلاة والسلام أن هذا يقتل بأرض العراق للحسين ! فقلت لجبريل: أرني تربة الأرض التي يقتل بها فهذه تربتها)

قال هذا حديث صحيح على شرط الشيخيين ولم يخرجاه. مستدرك الصحيحين ج 4 ، والمعجم الكبير للطبراني ، تاريخ ابن عساكر ، وترجمة الحسين لطبقات ابن سعد ، والذهبي في تاريخ الإسلام ج 3 ، وسير النبلاء ج 3 ، والخوارزمي في المقتل ، والمحب الطبري في ذخائر العقبى ، وتاريخ ابن كثير ج 6 ، وكنز العمال للمتقي 16 - 266.

ص: 262

والأحاديث حول هذا الموضوع متظافرة تورث الاطمأنان بصحة ما نقول وإن كان بعضها ضعيف من حيث السند .

أما قول الأخ شامس بأن نقلك الأحاديث من كتب السنة الى آخره... فهو من باب من فمك أدينك، وإما قول الأخ أبو عبد الله بأن أسانيد الحديث عندنا هي أفضل مما لديكم فلعمري هذا أمر دونه خرط القتاد ،وإن شئت الخوض فيه لوجدتنا أرجح كفاً وأعلى كعبا ً لأننا لم نمنع من تدوين الحديث في زمن من الأزمان ، بخلاف مدرسة الخلافة فإنهم منعوا تدوين الحديث الى زمن عمر بن عبد العزيز وهو الذي أعاد ذلك ، وهذه الفترة فترة انقطاع في أسانيدكم !! بينما مدرسة أهل البيت لم يحصل لدينا هذا الأنقطاع ، والحمد لله رب العالمين ، والله ولي التوفيق.

- فكتب ( shames22 ) بتاريخ 12-5-1999الخامسة وعشر دقائق عصراً :

يا قاضي علي .خرط القتاد دونه ، أو أمامه ، أم تحته ن أم فوقه .. طلعت قارورتك فاضية ومنتهية صلاحيتها علمياً وأدبياً . لذا عليك مراجعه أقرب مركز بلدية بعد هذا الانذار ، حيث أن بعد التفتيش والتمحيص وجدت لديكم قارورة بلا غطاء ، وهذا قد يسبب التسمم والعقم لدى الشيعة ، الذين يتعاملون بالقارورات . وكذلك اكتشفت البلدية أن الذي بها تراب عادي ، وليس تراب من كربلاء ، ومع هذا وذاك فأنتم تستغلون الزبائن الكرام ، وحبهم لآل البيت وتبيعونهم الأوهام على اعتبار أن هذا التراب مغشوش ، ولا يتحول الى دم ولا من هم يحزنون .

بالأضافه الى أنكم تبيعونه لهم بسعر غال هو محبة آل البيت وتستغلونهم بهذا لهذا تقرر إرجاع القارورة لزمن آدم علیه السلام ، أو حفظها بالمتحف وإلقاء التراب

ص: 263

في نهر الكنج بالهند ، لأنهم يلقون التراب هناك والرماد . وتعتبر من الناحيه المنطقية أن القارورة لاغية ماعدا شيعتنا آسف خطأ مطبعي ماعدا مصانع القارورات الغازيه التي يوجد عليها غطاء محكم الغلق، تستمر في عملها وخصوصاً التي بها دعايات في غطاء القارورة .

تم غلق محل قارورة التراب بالشمع الأحمر ، الذي تحول من تراب الى شمع أحمر ، وتم ختمه بختم الديناصور ، شعار دولة التراب ، ومازال سؤالي قائماً كالقائم صاحب الزمان والعصر والأوان القائم الشمال والعارضة اليمين التي أدت لهدف جوهري في تنقية ثقافات الناس الأنسانيه من الذي بالقارورة ... الآن ؟!

- ثم كتب المدعو ( shames22 ) :

جزاك الله خير يابوعبد الله . ومع هذا لم أصدق ما أحضره لي من دلائل وكان هذا كلامي له ( أنا لست عالماً بالقارورات وأين تصنع ومع هذا أسمع لو كان ... أقول لوكان هذا صحيحا فأين زمن آدم الذي ذكره صاحبكم المهاجر ) ولكن لأنه يستخدم طريقه الأيحاء ويغلفها بالتلبيس على الناس ، ويضخم من هنا ويقلل من هناك لتتوائم الأمور، حتى يستطيع تمريرها بسلاسة وكأن المسأله منطقية ولكن على من !!

وهكذا هم يكتبون بكتبهم سورة أو آية ، ثم يكتب وراءها أشياء لها علاقه قريبة منها ، ثم يتعد قليلاً ويدخل بموضوعه موضوعاً آخر ويربط بينهما بدلالة الآية التي ابتعد استدلالها عما كان أدرجه بأول الأمر، ثم تطوف عليهم . والآن ارتحت واطمأن قلبي .. بلا قارورات بلا بطيخ !!

- فكتب علي القاضي بتاريخ 12-5-1999 ، التاسعة والنصف مساء:

ص: 264

لو كنت طالب حق وعلم فقد وافيناك بالدليل الذي لا محيص عنه ، وإن كنت ليس كذلك بل تريد اللجاج والعناد والتعصب اتباعاً للهوى ، فذاك شأنك قال الله تعالى: ( ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله ). والسلام على من أتبع الهدى .

- فكتب ( shames22 ) بتاريخ 12-5-1999 ، الواحدة مساء :

لا، ليست هذه هي القارورة ياعلي فلا تبالغ ولا تضخم ولا تخلط الأمور.

أبو عبد الله جزاه الله خير أحضر دليلاً أدل ومعاني أثقل ، تنفي ما قلت كله ، على الأقل بالنسبة للسنة ، فليس للسنة قارورة وتتحول الى دم أي التراب الذي بها يتحول الى دم . فلا تنتقي وتدس بالقارورة من تراب أغبر من عهد آدم ، وتدعي أنه يتحول الى دم في كربلاء في عاشوراء ، وصدقني حين تفتح القارورة من عهد آدم علیه السلام ما راح يطلع منها إلا غبار في غبار ، ولا تتحول الى دم ولا الى شربت فيمتو يوزع مجاناً ، حيث أن الفيمتو أيضاً في قارورات ، وليس في براميل .

وأعتقد أن الذي رأيته يتحول الى دم في عاشوراء ليس إلا زجاجة فيمتو قديمة من عهد آدم علیه السلام ، حين ذهب بعض الشيعة الى ذلك الزمن السحيق ، وأحضروا قارورة تحجر ما بداخلها وحين فتحوها تحول الحجر الى تراب ، وثم تحول لونه الى الأحمر . ولصغر عقول من استخرجها من ذلك الزمن السحيق اعتبروها معجزة وظنوا أنها تحولت الى دم !

- فكتب ( القارئ ) بتاريخ 12-5-1999 ، الثانية ليلاً :

ص: 265

أخي المكرم أبا عبد الله .. أخي المكرم عابر , شكر الله لكما نصرتكم للحق بالحجج البينة والبراهين الساطعة . وواعجباً يتكلمون عن كتبنا وعلمائنا وكأنهم يعرفون بما يهرفون بل ويزيدون ( أنهم أعلى كعباً وأسبق قدماً في هذا المجال ) أواه سبحانك هذا بهتان عظيم .

وأخي شامس يا غصة الروافض وسيف الحق على رؤسهم ، سِر لازلت مسدداً من الله ومؤيداً ، ووالله ماقارورتهم بأكبر خرافاتهم ، وليست هي وحدها المضحكة منهم ، ولكن سلّ سيفك أخي فما أنهر الدم ، وذكر اسم الله كفى وشفى بإذن الله. وأخيراً أخي سددك الله ، سددك الله ، سددك الله .

- كتب ( مشارك ) في شبكة أنا العربي ، بتاريخ 6-8– 1999، الثانية عشرة ظهراً ، موضوعاً بعنوان : ( من الذي أرضع الحسين ؟ ) ، قال فيه :

ذكروا : ( لم يرضع الحسين من فاطمة علیها السلام ولا من أنثى كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيه اليومين والثلاث ) الكافي 1/465 .

- فأجابه العاملي بتاريخ 6-8-1999 ، الواحدة ظهراً :

أهلاً وسهلاً بك يا مشارك ، أيها الصاحب القديم الجديد .

أولاً : ماذا يهمك من الإمام الحسين علیه السلام ؟ فأنت تحب أعداءه وقاتليه ومن سنوا للمسلمين على المنابر لعن أبيه ، وتراهم أئمتك الربانيين !!

وها أنت هنا تقتدي بهم ، وتريد التشكيك في فضائل الحسين علیه السلام وما رواه شيعته ومحبوه منها ، فأهلاً بك على هذه النصرة ليزيد ومعاوية وأعداء آل الرسول .. وكتب الله عملك في صحيفة ابن زياد ، ويزيد ، وهند آكلة كبد عم الحسين علیه السلام :

ص: 266

روى الكليني ، الحافظ ، ثقة الاسلام والمسلمين ، الأوفياء لرسول الله في أهل بيته الطاهرين ، في كتابه الجليل الدقيق ، الكافي 1- 464 ، فقال:

( 4 - محمد بن يحيى ، عن على بن إسماعيل ، عن محمد بن عمر والزيات، عن رجل من أصحابنا ، عن أبى عبد الله علیه السلام قال : إن جبرئيل علیه السلام نزل على محمد صلی الله علیه و آله فقال له : يا محمد إن الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة ، تقتله أمتك من بعدك . فقال : يا جبرئيل وعلى ربي السلام لاحاجة لي في مولود يولد من فاطمة ، تقتله أمتي من بعدي . فعرج ثم هبط علیه السلام فقال له مثل ذلك . فقال : يا جبرئيل وعلي ربي السلام لاحاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي . فعرج جبرئيل علیه السلام إلى السماء ثم هبط .

فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل فى ذريته الإمامة والولاية والوصية . فقال : قد رضيت .

ثم أرسل إلى فاطمة أن الله يبشرني بمولود يولد لك ، تقتله أمتي من بعدي .

فأرسلت إليه لا حاجة لي في مولود تقتله أمتك من بعدك . فأرسل إليها أن الله قد جعل فى ذريته الإمامة والولاية والوصية . فأرسلت إليه إن قد رضيت . فحملته كرهاً ووضعته كرهاً وحمله وفصاله ثلاثون شهراً حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التى أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه وأصلح لي في ذريتي .

فلولا أنه قال : أصلح لي في ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة .

ولم يرضع الحسين من فاطمة علیها السلام ولا من أنثى، كان يؤتى به النبى فيضع إبهامه فى فيه فيمص منها ما يكفيها اليومين والثلاث ، فنبت لحم الحسين علیه السلام

ص: 267

من لحم رسول الله ودمه . ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى ابن مريم علیه السلام والحسين بن على علیهما السلام .

وفي رواية أخرى ، عن أبى الحسن الرضا علیه السلام أن النبي صلی الله علیه و آله كان يؤتى به الحسين علیه السلام فيلقمه لسانه فيمصه فيجزئ به ، ولم يرتضع من أنثى ) . انتهى .

ورواه عنه في بحار الأنوار 44 - 198 ، وفي العوالم قسم الإمام الحسين علیه السلام ص 24 ، ولم أجد روايته في غير هذه المواضع . فروايته يامشارك مقطوعة ، لأنه قال ( عن رجل من أصحابنا ) . فيكون في السند راوٍ مجهول، فيتوقف في الحديث . لكن عندي في مقام الحسين علیه السلام كلاماً أعظم من هذه الرواية . فقل ماذا تريد .

- وكتب ( الإماراتي ) ، بتاريخ 6-8-1999 ، السادسة مساءً :

بل يا أخي مشارك ، قل من الذي رضع الرسول صلى الله عليه وسلم يروي الشيعة عن جعفر أنه قال : ( لما ولد النبي صلى الله عليه وسلم وآله مكث أياماً ليس له لبن ، فألقاه أبو طالب على ثدي نفسه ، فأنزل الله فيه لبناً، فرضع منه أياماً حتى وقع أبو طالب على حليمة السعدية فدفعه إليها ) . الأصول من الكافي كتاب الحجة: 1 / 458 . ط طهران .

أما تضعيفك لهذه الروايات يا عاملي فأقول لك : أولاً : والله أنت تحتجون بما عندنا بما لايثبت أكثر من احتجاجنا عليكم ! فإن أردتمونا أن نقبل بباطل استشهادكم فاقبلوا أنتم أيضاً كلامنا فيكم .

ثانياً : أحببت أن أنصحك لكي تقرأ مقدمة الكتاب لترى وتعلم أن الإمام المهدي هو الذي عرض عليه الكافي فقال هو كاف لشيعتنا . وهل من المعقول

ص: 268

أن لا يعرف إمامكم المهدي أن بالكافي أحاديث لا يحتج بها .كيف تخطئ كلامه أنت وهو المعصوم عندكم ؟!

- فكتب العاملي ، بتاريخ 6 – 8 –1999، السادسة والنصف مساءً :

أنا لم أحكم بكذب رواية الكافي عن رضاع الإمام الحسين من إبهام جده صلی الله علیه و آله .. ولم أحقق في سند روايتك التي نقلتها عن معجزة رضاع النبي صلی الله علیه و آله ، من أبي طالب ، ولعلها مرسلة بلا سند !! وكأنك لا تعرف الفرق بين التضعيف والتوقف عن الحكم بالصحة .. زادك الله علماً ..

وما زال سؤالي لمشارك ولك : ماذا تريدان أن أن تثبتا من هذه الرواية ؟!

- وكتب ( جميل50 ) بتاريخ 6-8-1999 ، السابعة والنصف مساءً:

مشارك .. لماذا تضيع الوقت بطرح أمور تالية لأمور أخرى لو سلمت بها مع الشيعي لرأيتك قابلاً بهذه المفردات عن طيب خاطر . لأنك ترى في من يقابلك السخافة لو جاء بأمر غير منكرة أشباهه في القرآن والسنة ، إذ أن موضع إستغرابك (كما يبدو هنا) هو القدرة التي أناطتها روايات الشيعة بيد النبي صلی الله علیه و آله .. على أن يدي نبي الله موسى علیه السلام أحدثت المعجز بغير سوء ... فكل ما يتحدد من وظيفتك أن تأتي على النقاط التي تشكل مفترق الطرق لو كانت لديك جرأة حقاً وحقيقةً . .

فمن هو الخليفة المرضي لله ورسوله بعد النبي صلی الله علیه و آله وما عساك تقول في نص الغدير وما أدراك ما الغدير ؟!!

وهنا إذا تبدد ما في ارتكازاتك فسوف تتبدد جميع أحلامك عن الحال الذي كانت تعيشه الأمة أنذاك !!

ص: 269

وهنا بالذات إذا سامك الشيعة بسوط التحقيق سوط رشاد ، فسوف لن تحول نظرك إلى باب ، فصل ، أو رواية مما جمعه أ ئمة السنة . هل تعلم لماذا ؟ لأن موضعاً من المواضع لم يهول فيه كما هول في هذا الموضع !!

وأن تحريفاً لغوياً ومفهومياً غير منصرفاً عقلاً لم يجر بين العلماء كما جرى في هذا الشاهد !! وأن زيغاً عن الإيمان والورع لم يحصل كما حصل في هذا المقام ، الذي تجاذبت فيه صلابة العرب وروح القبلية ونعرة الجاهلية ، والإيمان بالله تعالى والتصديق لنبيه الكريم . .

وهذه نصيحتي لا أجد أغلى ولا أنفس منها أقدمها لمتسائل وحائر مثلك يغطي على مابه من نار الحيرة أو الحقد والظغينة اللاموضوعية بحركة الإلتقاط للموارد المتشعبة .

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 7-8-1999 ، الثانية صباحاً :

جميلة ( عن رجل من أصحابه ) المذكورة في سند الرواية ! !

يا عاملي ، فأصحاب جعفر معروفون ورأيه فيهم معروف ، وما أكثر ما أضلكم أصحاب جعفر ، يا عاملي .

- وأجاب العاملي ، بتاريخ 7-8-1999 ، الثامنة صباحاً :

هذا هروب من الموضوع الذي طرحته يا مشارك . . . فأجب !

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 7-8-1999 ، الثانية عشرة ظهراً :

الموضوع عن رضاعة الحسين يا عاملي ، وأنت الذي تتهرب كعادتك ، وهل تملك غير هذا يا مسكين ؟

- وكتب عبد النبي ، بتاريخ 7-8-1999 ، الثانية ظهراً :

ص: 270

ألم أقل لك يا عاملي إنه جاهل ولا يفهم اللغة العلمية ، ها هو يتهرب ، وإلا .. فجوابك وجواب الأخ جميل كافٍ لمن يفهم في العلم ...

إلى مشارك : من الذي أرضع عمر ؟ ماذا كان مرضه ؟ من أين وكيف كانوا يأتونه بالدواء ؟ أجبني عن هذا ، ودع عنك ما لايناسب شأنك ولا مستواك . انتهى .

- قال العاملي : وغاب مشارك ورفقاؤه عند السؤال عن نشأة عمر !

ولا عجب فهم يخافون من البحث في عمر ، ويخافون من عبد النبي ، وهو بحراني شيعي أصلي .

- كتب العاملي في الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 8-4-2000 ، الثانية عشرة والنصف صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( خطبة للإمام الحسين علیه السلام في منى ، في زمن معاوية ) ، قال فيه :

من كتاب : كلمات الإمام الحسين علیه السلام : ( 42 - روى سليم بن قيس أنه لما كان قبل موت معاوية بسنة ، حج الحسين بن علي صلوات الله عليهما وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر معه ، فجمع الحسين علیه السلام بني هاشم رجالهم ونساءهم ومواليهم ، ومن الأنصار ممن يعرفه الحسين علیه السلام وأهل بيته ، ثم أرسل رسلاً لا تدعوا أحداً ممن حج العام من أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله المعروفين بالصلاح والنسك إلاّ اجمعهم لي ، فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمائة رجل وهم في سرادقه ، عامتهم من التابعين ، ونحو من مائتي رجل من أصحاب النبي صلی الله علیه و آله ، فقام فيهم خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال علیه السلام :

ص: 271

اِسْمَعُوا مَقالَتي وَاكْتُبُوا قَوْلي ، ثُمَ ارْجِعوا إِلى أَمْصارِكُمْ وَقَبائِلِكُمْ فَمَنْ آمَنْتُمْ مِنَ النّاسِ وَوَثَقْتُم بِهِ فَادْعُوهُمْ إِلى ما تَعْلَمُونَ مِنْ حَقِّنا ، فإِني أَتَخَوَّفُ أَنْ يَدْرُسَ هذَا الاَْمْرُ ، وَيَذْهَبَ الْحَقُ وَيَغْلِبَ ، وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ » ولم يترك شيئاً مما أنزل الله فيهم من القرآن إلا تلاه وفسره ، ولا شيئاً مما قاله رسول الله صلی الله علیه و آله في أبيه وأخيه وأمه وفي نفسه وأهل بيته إلا رواه ، وكل ذلك يقول أصحابه : اللهم نعم ، وقد سمعنا وشهدنا ، ويقول التابعي : اللهم قد حدثني به من أصدقه وأأتمنه من الصحابة ، فقال : أنْشِدُكُمْ الله ألاحَدَّثْتُمْ بِهِ مَنْ تَثِقُونَ بِهِ وَبِدينِه.

قال سليم : فكان فيما ناشدهم الحسين علیه السلام ، وذكرهم أن قال : أنْشِدُكُمُ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ عَليَ بْنَ اَبي طالِب كانَ أَخا رَسُولِ اللهِ حينَ آخى بَيْنَ أَصْحابِهِ فَآخى بَيْنَهُ وبَيْنَ نَفْسِهِ ، وَقالَ : أنت أخي وأنا أخوك في الدنيا والآخرة ؟ . قالوا : اللهم نعم .

قال : أُنْشِدُكُمُ اللهَ هَلْ تَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله اِشْتَرى مَوضِعَ مَسْجِدِهِ وَمَنازِلِهِ فَابْتَناهُ ثُمَ ابْتَنى فيهِ عَشْرَةَ مَنازِلَ تِسْعَةٌ لَهُ وَجَعَلَ عاشِرَها في وَسَطِها لأِبي ، ثَمَّ سَدَّ كُلَ باب شارِع اِلى الْمَسْجِدِ غَيْرَ بابِهِ فَتَكَلَّمَ فى ذلِكَ مَنْ تَكَلَّمَ فَقالَ : ما أنا سددت أبوابكم وفتحت بابه ، ولكن الله أمرني بسد أبوابكم وفتح بابه ، ثُم نَهَى النّاسَ أَنْ يَنامُوا فِي الْمَسْجِدِ غَيْرَهُ ، وَكانَ يُجْنُبُ فِي الْمَسْجِدِ وَمَنْزِلِه في مَنْزِلِ رَسُولِ الله ، فَوُلِدَ لِرَسُولِ اللهِ وَلَهُ فيهِ أَوْلادٌ ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أنْشِدُكُمُ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله نَصَبَهُ يَوْمَ غَديرِ خُمّ فَنادى لَهُ بِالْوِلايَةِ ، وَقالَ : لِيَبْلُغَ الشّاهِدُ اَلْغائِبَ ؟ قالوا : اللهم نعم .

ص: 272

قال : أنْشِدُكُمْ اللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله قالَ لَهُ في غَزْوَةِ تَبُوك : أنت مني بمنزلة هارون من موسى ، وأنت ولي كل مؤمن بعدي ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أنْشِدُكُم ُاللهَ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله حينَ دَعَا النَّصارى مِنْ أَهْلِ نَجْرانَ إِلَى الْمُباهَلَةِ لَمْ يَأْتِ إلاّ بِهِ وَبِصاحِبَتِهِ وَابْنَيْهِ ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أنشدكم الله أتعلمون أنه دفع إليه اللواء يوم خيبر ثم قال لأدفعنه إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله ، كرار غير فرار يفتحها الله على يديه ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ بَعَثَهُ بِبَراءَة وَقالَ : لا يبلّغ عني إلاّ أنا أو رجلٌ مني ؟ قالوا : اللهم نعم . . . .

قال : أتَعْلَمُونَ أَنَّهُ كانَتْ لَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ كُلَّ يَوْم خَلْوَةٌ ، وَكُلَّ لَيْلَة دَخْلَةٌ ، اِذا سَأَلَهُ أعْطاهُ ، وَاِذا سَكَتَ أَبْدَاَهُ ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ فَضَّلَهُ عَلى جَعْفَر وَحَمْزَةَ حينَ قالَ لِفاطِمَةَ علیها السلام : زوّجتك خير أهل بيتي ، أقدمهم سلماً ، وأعظمهم حلماً ، وأكثرهم علماً ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ قالَ : أنا سيد ولد بني آدم ، وأخي علي سيد العرب ، وفاطمة سيدة نساء أهل الجنة والحسن والحسين ابناي سيدا شباب أهل الجنة ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ أَمَرَهُ بِغُسْلِهِ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ جَبْرَئيلَ يُعينُهُ عَلَيْه ؟ قالوا : اللهم نعم .

قال : أتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله قالَ في آخِرِ خُطْبَة خَطَبَها : إني تركت فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي ، فتمسكوا بها لن تضلوا ؟ قالوا : اللهم نعم ..

ص: 273

فلم يدع شيئاً أنزله الله في علي بن أبي طالب خاصة وفي أهل بيته ، من القرآن ، ولا على لسان نبيه صلی الله علیه و آله ، إلاّ ناشدهم فيه ، فيقول الصحابة : اللهم نعم قد سمعنا ، ويقول التابع : اللهم قد حدثنيه مَن أثق به فلان وفلان ، ثُمَ ناشَدَهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ سَمِعُوهُ يَقُولُ : من زعم أنه يحبني ويبغض علياً فقد كذب ليس يحبني ويبغض علياً ، فَقالَ لَهُ قائِلٌ : يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال : لأنه مني وأنا منه من أحبه فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله، ومن أبغضه فقد أبغضني ، ومن أبغضني فقد أبغض الله .

فقالوا : اللهم نعم ، قد سمعنا . . . انتهى .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 8-4-2000 ، الواحدة صباحاً :

عزيزي العاملي : لم تذكر اسم الكاتب بل ذكرت لنا اسم كتاب مجهول . الرجاء تزويدنا بالمصدر مع مذهب الكاتب . ولكم جزيل الشكر .

- وكتب العاملي بتاريخ 8-4-2000 ، العاشرة صباحاً :

من مصادر هذه الخطبة : موسوعة كلمات الإمام الحسين علیه السلام للشيخ محمود شريفي وزملائه ، طبعة دار المعروف بقم . وقد نقلها عن الاحتجاج للطبرسي ص 296 ، وعن بحار الأنوار 44/127 ، وهي أطول مما نقلت منها ، ولها روايات أخرى .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 8-4-2000 ، الثانية عشرة ظهراً :

شكراً عزيزي العاملي للرد . ولا تعليق .

- وكتب ( كلمة حق ) ، بتاريخ 8-4-2000 ، الثانية ظهراً :

ص: 274

لماذا لم يخطب الإمام الحسن هذه الخطبة؟! أم أن غيرته على الإمامة ضاعت عندما سلم الحكم لمعاوية ! لماذا الحسين ، لا الحسن ؟!

- فكتب العاملي بتاريخ 8-4-2000 ، الثالثة ظهراً :

هذه الخطبة كما في روايتها سنة 59 للهجرة ، وقبل هلاك معاوية بسنة والإمام الحسن علیه السلام استشهد بسم معاوية سنة خمسين للهجرة .. وله خطب ومواقف حاسمة ضد معاوية ، وبعضها في وجهه .. وقد روتها مصادركم ومصادرنا . واحتجاجكم بصلح الإمام الحسن مع معاوية كما بينا لاينفعكم لأنه صلح عن اضطرار ، ولأنه مشروط بشروط لم يفِ بها معاوية ، وقد شهدت بذلك مصادركم أيضاً !

وعبثاً تحاولون إثبات شرعية خلافة معاوية بصلح الإمام الحسن علیه السلام فأنتم تروون أن الخلافة ثلاثون سنة وبعدها الملك العضوض ، وتصححون حديثه .. وهذا يعني أن ملك معاوية يعض الأمة كالكلب المسعور !! فأي خلافة هذه التي تعض أمة رسول الله عض الكلاب المسعورة ؟!!

ص: 275

ص: 276

الفصل الثاني: النواصب يفرحون يوم عاشوراء !!!

ص: 277

ص: 278

النواصب يفرحون يوم عاشوراء !!!

- كتب ( ناصر ) في الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 14-4-2000 ، الثامنة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( النبي الأعظم يبكي ويحزن لقتل الحسين علیه السلام ، وبعض المسلمين يفرحون ويضحكون ! ) قال فيه :

دخلت أم الفضل بنت الحارث على رسول الله صلی الله علیه و آله فقالت : يا رسول الله إني رأيت حلماً منكراً الليلة . قال : وما هو ؟ قالت : إنه شديد . قال : وما هو ؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري . فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : رأيت خيراً , تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك , فولدت فاطمة الحسين علیهما السلام فكان في حجري كما قال رسول الله ، فدخلت يوماً إلى رسول الله صلی الله علیه و آله فوضعته في حجره, ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلی الله علیه و آله تهريقان من الدموع , قالت فقلت : يا نبي الله ! بأبي أنت وأمي ما لك ؟ قال : أتاني جبرئيل عليه الصلاة والسلام فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا . فقلت : هذا ؟ قال : نعم , وأتاني بتربة من تربته حمراء . ( مستدرك الصحيحين 3 / 176 ، تاريخ ابن

ص: 279

عساكر ح 631 ، مجمع الزوائد 9 / 179 . مقتل الحسين للخوارزمي 1 / 159 ، تاريخ ابن كثير :6 / 230 ، أمالي الشجري ص 188 . راجع الفصول المهمة ص 145 ، الروض النضير 1 / 89 ، الصواعق 115 وفي طبعة 190 ، كنز العمال ط القديمة 6 / 223 ، الخصائص الكبرى 2 / 125) .

- وكتب أبو سمية بتاريخ 14-4-2000 ، العاشرة مساءً :

عظم الله أجوركم بمصابنا بإمامنا علیه السلام .

السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى آل بيت الحسين وعلى أصحاب الحسين وعلى محبي الحسين .

دعهم يضحكون وسوف يأتي يوم ( يعض الظالم على يديه ...) !!

- فكتب ( ناصر ) ، بتاريخ 16-4-2000 ، الثالثة صباحاً :

الأخ العزيز أبوسمية .. عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب سيدنا وإمامنا أبي عبدالله الحسين سيد شباب أهل الجنة ، وريحانة النبي الأعظم صلی الله علیه و آله .

أخي .. ليتهم ضحكوا فقط وتركوا أحباب النبي والحسين علیهم السلام يبكون عليه مثلما بكى عليه ملائكة السماء ، وبكى عليه آدم وموسى والأنبياء علیهم السلام قبل مولده .. بل يحاربون حتى البكاء عليه !! فتصور هذه القلوب التي قست فأصبحت كالحجارة أو أشد قسوة .

- وكتب ( موالي أمير المؤمنين ) بتاريخ 19-4-2000 ، الواحدة ظهراً :

ياليتهم ضحكوا فقط.. لكنهم ظلموا أنفسم قبل أن يظلمونا، لأنهم أظهروا حب الحسين علیه السلام ولكنهم يكرهونه ! لماذا أيها الحاقدون ؟! ماذا فعل الحسين ؟! السلام على من غسلُه دمه . اللهم ثبتنا على ولاية أمير المؤمنين .

ص: 280

- وكتب أبوغدير في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 14-4-2000 ، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان ( النواصب يحتفلون بموت الحسين علیه السلام ! ) قال فيه:

http://saha.arabicnet.com/messages.asp?topicid=114

ألا هل من يدافع عن أهل البيت أمام حقد النواصب ؟!

زورونا في موقعنا أيها الوهابية : http://www.alwahabiya.org

- وكتب ( أبو فراس ) ، بتاريخ 14-4-2000 ، العاشرة صباحاً :

نعم هذا اليوم العاشر من محرم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه شكراً لله تعالى على أنه نجى أخاهُ موسى نبي الله عليه الصلاة والسلام من فرعون وزبانيته . وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك بصيام اليوم التاسع والعاشر من محرم ، مخالفة لليهود لأنهم يعظمون هذا اليوم .

ويجوز للمرء صيام يوم الجمعة الذي يصادف التاسع من محرم ويوم السبت وهو العاشر من محرم شكراً لله تعالى ، واقتفاء سنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه ، فصيام يوم عاشوراء سنة مؤكدة . والحمدلله رب العالمين .

- فكتب العاملي بتاريخ 14-4-2000 ، الحادية عشرة صباحاً :

لاشك أن صيام يوم عاشوراء كان مشرعاً بصفته صوم عبادة فقط ، وذلك قبل فرض شهر رمضان ، ثم نسخ به..

لكن عنوان الفرح والشكر ، إلى صوم عاشوراء ، إضافة أموية زعموه شكراً لله .. على قتل الإمام الحسين علیه السلام !

ثم استعمل أتباعهم التقية من المسلمين ، فقالوا : بل هو شكر على نجاة بني إسرائيل ؟!! فهل رأيت يا أبا فراس في نص عندكم استحباب صيامه بعنوان

ص: 281

الشكر على نجاة المحترمين بني إسرائيل ؟! أخبرنا من فضلك عن المصدر لهذا التشابه ( المشروع ) بينكم وبين اليهود !!

- وكتب أبوزهراء بتاريخ 1 -4-2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً :

لا ينقضي العجب من هؤلاء النواصب الذين اتبعوا سنة معاوية ويزيد عليهما لعائن الله ، في جعل يوم العاشر من المحرم يوم فرح وسرور ، وهم بذلك يدخلون الحزن على قلب الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله !!

فقد رووا كذباً وزوراً أحاديث عن النبي تأمر بصيام هذا اليوم الذي بكت فيه ملائكة السماء حزناً على أبي عبد الله الحسين ، وسوف نبين هنا كذب هذه الأحاديث ، وسوف نعرض لها فقط من كتابي البخاري ومسلم .

روى البخاري في صحيحه : ( 1515 - حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها وحدثني محمد بن مقاتل قال : أخبرني عبد الله ، هو ابن المبارك ، قال : أخبرنا محمد بن أبي حفصة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يوماً تستر فيه الكعبة، فلما فرض الله رمضان ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شاء أن يصومه فليصمه ، ومن شاء أن يتركه فليتركه ) .

وقال شارحه : ش ( كانوا ) أي المسلمون . ( عاشوراء ) اليوم العاشر من محرم . ( تستر فيه ) يوضع عليها الستار والكسوة في كل سنة في هذا اليوم .

وروى أيضاً : ( 1794 - حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن أبي حبيب أن عراك ابن مالك حدثه ، أن عروة أخبره ، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية ، ثم أمر رسول الله صلى الله

ص: 282

عليه وسلم بصيامه حتى فرض رمضان وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من شاء فليصمه ، ومن شاء أفطر ) . والمستفاد من الحديثين السابقين أن النبي كان يصومه من قبل أن يهاجر إلى المدينة المنورة .

وروى أيضاً : ( 1824 - حدثنا أبو عاصم ، عن يزيد بن أبي عبيد ، عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء : إن من أكل فليتم أو فليصم ، ومن لم يأكل فلا يأكل .

وروى أيضاً : ( 1859 - حدثنا مسدد ، حدثنا بشر بن المفضل ، حدثنا خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت : أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار : من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه ، ومن أصبح صائماً فليصم . قالت : فكنا نصومه بعد ، ونصوم صبياننا ، ونجعل لهم اللعبة من العهن ، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار ) . انتهى .

ونلاحظ هنا أن النبي صلی الله علیه و آله كان يأمر بصيامه في المدينة ، بل يبعث موفديه إلى قرى الأنصار البعيدة عن مركز المدينة ليحثوهم على صيامه.

ثم روى بعده : ( 1900 - حدثنا أبو معمر ، حدثنا عبد الوارث ، حدثنا أيوب ، حدثنا عبد الله بن سعيد بن جبير ، عن أبيه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال : ما هذا . قالوا : هذا يوم صالح ، هذا يوم نجى الله نبي إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى . قال : فأنا أحق بموسى منكم . فصامه ، وأمر بصيامه ) .

قال شارحه : ش (يوم صالح) وقع فيه خير وصلاح . ( أحق بموسى ) أولى بالفرح والابتهاج بنجاته .

ص: 283

وروى : ( 1901 - حدثنا علي بن عبد الله ، حدثنا أبو أسامة ، عن أبي عميس ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن أبي موسى رضي الله عنه ، قال : كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : فصوموه أنتم ) .

قال شارحه : ( فصوموه أنتم ) معلنين أنكم تخالفونهم في اعتباره عيداً ، لأنكم لا تصومون يوم العيد . انتهى .

ويتبين لنا أن النبي هنا لم يكن قد صام يوم عاشوراء باعتباره من أيام الجاهلية ، بل صامه بناء على قول اليهود من أنه يوم صالح ، وهو أحق بصيامه منهم ابتهاجاً وسروراً ! ولكن في الرواية الثانية يخالفهم بأنه ليس من الأعياد ! بل يتبين لنا أن النبي لم يكن يصومه في الجاهلية ، كما هو حديث عائشة المتقدم ، بل صامه لأن يهود المدينة صاموه ! قال البخاري : ( 3727 - حدثنا زياد بن أيوب ، حدثنا هشيم ، حدثنا أبو بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، وجد اليهود يصومون عاشوراء ، فسئلوا عن ذلك فقالوا : هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصومه تعظيماً له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : نحن أولى بموسى منكم ثم أمر بصومه .

فأيها نصدق ؟ !

وقد جاء في صحيح مسلم : ( 130 - وحدثناه أحمد بن المنذر، حدثنا حماد بن أسامة ، حدثنا أبو العميس ، أخبرني قيس ، فذكر ، بهذا الإسناد ، مثله وزاد : قال أبو أسامة : فحدثني صدقة بن أبي عمران ، عن قيس بن مسلم ، عن طارق بن شهاب ، عن أبي موسى رضي الله عنه ، قال : كان أهل خيبر يصومون يوم

ص: 284

عاشوراء . يتخذونه عيداً ، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فصوموه أنتم ) .

وهنا يتبين لنا أن يهود خيبر ، هم الذين كانوا يصومونه ، وليس يهود المدينة!!!

( 133- وحدثنا الحسن بن علي الحلواني ، حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا يحيى بن أيوب ، حدثني إسماعيل بن أمية ، أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري يقول : سمعت عبدالله بن عباس رضي الله عنهما يقول : حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه ، قالوا : يا رسول الله ! إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فإذا كان العام المقبل إن شاء الله ، صمنا اليوم التاسع ، قال : فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ) . انتهى .

وهنا أراد النبي صلی الله علیه و آله مخالفة اليهود والنصارى من صيامه ، فقال : فإذا كان العام المقبل إن شاء الله ، صمنا اليوم التاسع . ولكن النبي توفي قبل ذلك أي أن هذا الحديث قد وقعت أحداثه في السنة الحادية عشر من الهجرة المباركة أي بعد رجوعه صلی الله علیه و آله من حجة الوداع ؟؟ أي أن هناك نسخاً لكل ما جاء في صيام هذا اليوم إذا كان هناك ثمة صيام . . .

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك ، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين علیه السلام ، وشايعت وتابعت على قتله ، اللهم العنهم جميعاً .

- وكتب ( أبو فراس ) بتاريخ 14-4-2000 ، الواحدة ظهراً :

ص: 285

سبحان الله ، وهل ذكرنا أننا نصومه فرحاً لمقتل الحسين رضي الله عنه . هل رأيت أحداً من أهل السنة ، يقول بذلك ؟

فعلاً صادف يوم مقتله في العاشر من محرم ، ولكن نحن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أنه صامه كما صامه موسى شكراً لله ، وأمرنا به رسول الله وحثنا على صيامه فمن شاء صامه ومن شاء لم يصمه ، ولكن لماذا نترك الأجر يفوتنا بل نصومه ، ونكسب الأجر من عند الواحد الوهاب .

ولكن ما إن علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهود تصوم يوم عاشوراء أمرنا بصيام يوم تاسوعاء وعاشوراء معاً مخالفة لليهود ، فكان صلى الله عليه وسلم شديد الحرص لمخالفة اليهود في كل شئ ، ليس كما تفعلون أنتم مشابهة لهم .

نحن نصومه لصيام رسول الله فيه ، لأن الله نجى عبده وورسوله موسى عليه الصلاة والسلام من فرعون ، هذا هو السبب فقط .

وهذا صاحبك أبو الزهراء كفاني مؤونة البحث في الأحاديث وقد أوردها لك فيه إثبات لما قلته آنفاً ، وفيه إثبات مخالفته لليهود ، وقد أحسن وأخطأ في آنٍ واحد . نحن لا نقتدي بسنة معاوية أو يزيد بن معاوية ... نحن نقتدي برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ، وكذلك نقتدي بالخلفاء الراشدين الأئمة المهديين الأربعة . والحمدلله رب العالمين .

- ثم كتب ( أبوفراس ) أيضاً بتاريخ 14-4-2000 ، الواحدة والنصف ظهراً :

هذا الجواب الكافي لمن سأل عن البلسم الشافي في شأن صيام عاشوراء والمشابهة لليهود .واحد من الإخوة تكلم بهذا الأمر وبين وجزاه الله خير حيث

ص: 286

أنه وضح ما كنت أريد إيضاحه ، ولكنه تكلم في مو ضوع خيرٌ مني بكثير . وإليكم العنوان إقرأوا .. http://www.sahab.net/sahab_html/Forum1/HTML/013593.html

والحمد لله رب العالمين .

- وكتب أبو زهراء ، بتاريخ 14-4-2000 ، الخامسة مساءً :

إليك هذا الحديث من البخاري والذي يدل على أنكم تتبعون سنة معاوية لعنه الله ، ولعل معاوية قاله في أواخر سني حياته حيث لا صحابة ولا علماء : ( 1899 - حدثنا عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن : أنه سمع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما يوم عاشوراء عام الحج على المنبر يقول : يا أهل المدينة أين علماؤكم ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب عليكم صيامه ، وأنا صائم ، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر ) .

قال شارح البخاري : ( أين علماؤكم ) سؤاله هذا يحتمل أنه سمع من يقول عن صوم يوم عاشوراء خلاف ما علمه .

- وكتب أبو سمية ، بتاريخ 14-4-2000 ، العاشرة مساءً :

عظم الله أجوركم بمصابنا بإمامنا علیه السلام .

السلام على الحسين ، وعلى علي بن الحسين ، وعلى آل بيت الحسين ، وعلى أصحاب الحسين ، وعلى محبي الحسين .

- وكتب ( أبو فراس ) ، بتاريخ 14-4-2000 ، الحادية عشرة ليلاً :

هذا كلام جيد لكم عسى أن تنتفعوا به .. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه وأنار قبره في كتابه منهاج السنة 4/553 - 334 :

ص: 287

( وصار الناس في مقتل الحسين رضي الله عنه ، ثلاثة أصناف : طرفين ووسط . أحد الطرفين يقول : أنه قتل بحق فإنه أراد أن يشق عصا المسلمين ويفرق الجماعة وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من جاءكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه ) . قالوا والحسين جاء وأمر المسلمين على رجل واحد فأراد أن يفرق جماعتهم . وقال بعضهم : هو أول خارج خرج في الإسلام على ولاة الأمر - يقصد بقوله النواصب لأن هذا قولهم - . والطرف الآخر يقول : بل كان هو الإمام الواجب طاعته ، الذي لا ينفذ أمر من أمور الإيمان إلا به ، ولا تصلّى جماعة ولا جمعة إلا خلف من يوليه ولا يجاهد إلا بإذنه ونحو ذلك - يقصد بقوله عن الرافضة لأن هذا قولهم - .

وأما الوسط فهم أهل السنة الذين لا يقولون لا هذا ولا هذا بل يقولون : قُتل مظلوما شهيدًا ، ولم يكن متولياً لأمر الأمة ، والحديث المذكور لا يتناوله فإنه لما بلغه ما فُعل بابن عمه مسلم بن عقيل ترك طلب الأمر ، وطلب أن يذهب إلى يزيد أو إلى الثغر أو إلى بلده فلم يمكنوه ، وطلبوا منه أن يستأسر لهم ، ولهذا لم يكن واجباً عليه .وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يحدث للناس بدعتين ، بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء ، من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثي وما يفضي ذلك من سب السلف ولعنهم وإدخال من لا ذنب له مع ذوي الذنوب ، حتى يسب السابقون الأولون ، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها الكذب ، وكان قصد من سنَّ ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة، وهذا ليس واجباً أو مستحباً باتفاق المسلمين . بل إحداث الجزع والنياحة

ص: 288

للمصائب القديمة من أعظم ما حرمة الله ورسوله . وكذلك بدعة الفرح والسرور) .

جزا الله خيراً شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحة وأنار قبرة ، لقد قال وأحسن ، وكلما أطال في الكلام أحسن ، وجاءك بالحديث الحسن ، والأمر البين الواضح ، وقول الحق المبين .

- وكتب (anans55 ) بتاريخ 14-4-2000 ،الحادية عشرة والنصف ليلاً:

السلام عليكم .. أوافقك الرأي يا أبو فراس وأوضحت تماماً بأنه لا يوجد مسلم يفرح لموت مسلم ، ولكنهم يبدؤون الحزن في احتفالات السنة الهجرية المباركة . إتقوا الله . . إتقوا الله .

- وكتب ( سليل المجد ) ، بتاريخ 15-4-2000 ، التاسعة مساءً :

هراء في هراء .. وكذب تقسيم كذب .. فكروا في الطريق قبل أن تصلوا للنهاية . . . ( يقصد الشيعة في إحيائهم ذكرى عاشوراء ! )

- وكتب ( السبطين ) بتاريخ 16-4-2000 ، السادسة مساءً :

لقد دأب النواصب قديماًٍ وحديثاً على إظهار مراسم الفرح والسرور بمقتل الإمام الحسين الشهيد سلام الله عليه ، مقتدين بأفعال إمامهم اللعين ابن اللعين يزيد بن معاوية ، حيث يستحبون الاكتحال والتوسيع على الأهل والصدقة ، وادخار الأقوات ، ويروون في ذلك أحاديث موضوعة ! كأن من اكتحل في يوم عاشوراء لم يرمد .. وإلى غير ذلك من الضلال البين !

حب آل البيت قربة *** وهو أسمى الحب رتبة

ذنب من والاهمُ *** تغسله مزن المحبة

ص: 289

والذي يبغضْهُمُ *** لا يسكن الإيمان قلبه

علمه والنسك رجس *** عسل في ضرع كلبه

لعن الله عدو ال- *** آل إبليس وحزبه

- وكتب ( المنصف ) ، بتاريخ 17-4-2000 ، الحادية عشرة والربع:

اللهم صل على محمد وآل محمد .

يا أبا فراس .. لماذا تتهرب من الجواب على إشكال العاملي وأبي زهراء .

لقد أوضحا أن صيام العاشر من شهر محرم قد نسخ بعد فرض صيام رمضان. فلماذا تؤدون شيئاً منسوخاً ؟

والأمر الآخر .. أن البكاء على سيد شباب أهل الجنة ليس من مبتدعات الشيعة كما زعم شيخك ابن تيمية ، فقد بكى لمصابه رسول الله صلی الله علیه و آله قبل استشهاده بأكثر من خمسين سنة .

وإذا كنتم تعتقدون بأن الإمام الحسين علیه السلام قتل مظلوماً شهيداً .. فلماذا تترضون على قاتله يزيد ابن معاوية؟عليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . بل تعتبرون يزيد الفاسق شارب الخمور والممارس لأنواع الفجور وقاتل ذرية الرسول وسابي بناته .. أميراً للمؤمنين ؟!!!

- وكتب ( أبو فراس ) بتاريخ 17-4-2000، الحادية عشرة والنصف مساءً:

الأمر واضح .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرهم بصيام العاشر من محرم . ومن المعلوم أن العرب في أيام الجاهلية تصومه ولكن بعد أن فرض شهر رمضان ما عاد رسول الله يأمرهم كعادته على صيام يوم عاشوراء .

ص: 290

ولكن علم أن اليهود تصومه فسألهم عن السبب فقالوا : إن هذا اليوم هو اليوم الذي نجى الله به عبده موسى عليه الصلاة والسلام . فقال لهم : أنا أحق بموسى منكم فصامه ، ومن أجل أن يخالف اليهود قال : إن عاش في القابل ليصومن التاسع كذلك ، فكان صلى الله عليه وسلم حريصاً أن يخالف اليهود. إذن أصبح صيام يوم العاشر من محرم سنة والتاسع كذلك والسبب المخالفة لليهود . هذا الكلام وضحناه ووضحه الإخوة الأفاضل وإليك هذا لتستفيد .

http://www.sahab.net/sahab_html/Forum1/HTML/013593.html

والحمدلله رب العالمين .

- قال العاملي : من الواضح أن عنصر الفرح في صيام عاشوراء وعنصر العيد ، وما رافقهما من مظاهر الفرح كلبس الجديد والاكتحال والحناء وتوزيع الحلوى والطعام والتسوق للبيت . . لم تظهر في تاريخ الأمة إلا في زمن بني أمية بعد مقتل الامام الحسين علیه السلام .. فهو دليل على أن بني أمية أضافوه إلى صوم يوم عاشوراء .. وتنص عليه أحاديث أهل البيت الطاهرين علیهم السلام . أما المصادر السنية الحديثية فقد حكم علماء الجرح والتعديل منهم بأن أحاديثها التي تتضمن العيد والفرح من موضوعات بني أمية . أما رواية البخاري فتعارضها رواياته أخرى لأصحاب الصحاح ! الأمر الذي يشير بإصبع الإتهام الى رواتها الأمويين !!

ص: 291

ص: 292

الفصل الثالث: موقع غريب ضد الشيعة

ص: 293

ص: 294

موقع غريب ضد الشيعة

اسم هذا الموقع ( أنصار الحسين ) واسم صاحبه ( محب أهل البيت ) ، وعمله : التشنيع على أهل البيت وشيعتهم ! والافتراءات والاتهامات والشبهات على مذهبهم وعقائدهم وشخصياتهم !!

ومحب أهل البيت هذا ، من أقدم علماء الوهابيين الذين طرحوا مواضيع ضد الشيعة ، وناقشناه في شبكة الساحة العربية ، ثم في شبكة الجارح ، ثم في الشبكات الشيعية : أنا العربي ، وهجر ، والموسوعة الشيعية !!

وتجد موضوعاته وردها في محالها من هذا الكتاب، خاصة عن الزهراء علیها السلام ومراسم عاشوراء ، ودفاعه عن الأربعة رجال الذين يقدسهم !!

- كتب ( محب أهل البيت ) في شبكة هجر الثقافية، بتاريخ 25-10-1999 ، الثالثة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( طلب من الشيعة والسنة - حول مقتل الحسين ) ، قال فيه :

ص: 295

أريد شعراً حزيناً على مقتل سيدي ومولاي الحسين بن علي رضوان الله عليه شهيد الطف ، يا ريت تكون ( القصيدة ) شجية وقصيرة في نفس الوقت وأن لا تكون تتحدث عن الإمامة والوصية ولكن منصبة على المقتل ومآسيه .

- فكتب العاملي ، بتاريخ 25-10-1999 ، العاشرة صباحاً :

إن كنت أهلاً، فأدعو الله لك أن يجعلك ، محباً لرسوله وأهل بيته الطاهرين لأن حبهم جوهرة ربانية لا يضعها الله إلا في قلوب صادقة ، طاهرة ، نظيفة من دنس حب أعدائهم .

وهذه مقطوعة من شعر الشريف الرضي رحمة الله :

راحل

أنت ، والليالي نزولُ *** ومضر بك البقاء الطويلُ

لا شجاع يبقى فيعتنق البيض *** ولا آمل ولا مأمول

غاية الناس في الزمان فناء *** وكذا غاية الغصون الذبول

إلى أن يقول :

كل باك يبكى عليه وإن ط- *** -ال بقاء ، والثاكل المثكول

والأماني حسرة وعناء *** للذي ظن أنها تعليل

ما يبالى الحمام أين ترقى *** بعدما غالت ابن فاطم غول

أي يوم أدمى المدامع فيه *** حادث رائع وخطب جليل

يوم عاشوراء الذي لاأعان الص- *** -حب فيه ولا أجار القبيل

يا ابن بنت الرسول ضيعت العه- *** -د رجال والحافظون قليل

ما أطاعوا النبي فيك وقد *** مالت بأرقاصهم إليك الذحول

وأحالوا على المقادير في حرب- *** -ك لو أن عذرهم مقبول

الى أن يقول :

ص: 296

يا حساماً فلت مضاربه الها *** م وقد فله الحسام الصقيل

يا جوادا أدمى الجواد من الطع- *** -ن وولى نحره مبلول

حجل الخيل من دماء الأعادي *** يوم يبدو طعن ، وتخفى حجول

يوم طاحت أيديالسوابق في النق- *** -ع وفاض الونى وغاض صهيل

أتراني أعير وجهي صوناً *** وعلى وجهه تجول الخيول

أترانى ألذ ماء ، ولما *** يرو من مهجة الإمام الغليل

قبلته الرماح وانتضلت تستا *** ف وقد نالت الجيوب الذبول

من قلوب يدمى بها ناظر الوج- *** -د ومن أدمع مراها الهمول

قد سلبن القناع عن كل وجه *** فيه للصون من قناع بديل

وتنقبن بالأنامل ، والدم- *** -ع على كل ذي نقاب دليل

وتشاكين والشكاة بكاء *** وتنادين والنداء عويل

يا غريب الديار صبري غريب *** وقتيل الأعداء ، نومى قتيل

بي نزاع يطغى إليك وشوق وعزام *** وزفرة وعويل

ليت أني ضجيع قبرك أو *** أن ثراه بأدمعي مطلول

لا أغب الطفوف في كل يوم *** من طراق الأنواء غيث هطول

مطر ناعم ، وريح شمال *** ونسيم غض ، وظل ظليل

( تاريخ قبر الحسين علیه السلام للسيد تحسين آل شبيب ، عن ديوان الشريف الرضي 2- 187)

- وكتب (التلميذ)، بتاريخ 25-10-1999، العاشرة والنصف صباحاً:

أتراني ألذّ ماءً ولمّا *** يرو من مهجة الإمام الغليل

أتراني أعير وجهي صوناً *** وعلى وجهه تجول الخيول

ص: 297

- وكتب (محب أهل البيت) بتاريخ25-10-1999، الثانية والنصف ظهراً:

العاملي والتلميذ . . شكراً على التجاوب .

بالنسبة للعاملي ماكان ينبغي أن تتحفني بكلماتك هذه ، ويبدو أن في القلب ما فيه عليَّ أنا بالذات . وأظن أني لم أضربك على إيدك لتدعو لي لتقول ( إن كنت أهلاً ) ، لكن الله المستعان .

عموماً شكراً على التجاوب ، وأريد من البقية المزيد .يا ليت هناك قصيدة صغيرة ، وتجسد الأحداث والآلام .

- وكتب ( كميل ) بتاريخ 25-10-1999 ، الخامسة والنصف مساءً:

لست أنسى من بعدهم طود *** عز وأعاديه مثل سيل البطاح

و هو يحمي دين النبي بعضب *** بسناه لظلمة الشرك ماحي

ثم لما نال الظما منه والشم *** س ونزف الدما وثقل السلاح

وقف الطرف يستريح قليلاً *** فرماه القضى بسهم متاح

فهوى الثرى للعرش وادلهمت *** برماد المصاب منها النواحي

حر قلبي لزينب إذ رأته *** تَرِبَ الجسم مُثخناً بالجراح

أخرس الخطب نُطقها فدعته *** بدموع بما تحِنُّ فِصَاح

يا منار الضلال والليل داج *** وظلال الرميض واليوم ضاح

كنت لي يوم كنت كهفاً رفيعاً *** سجسج الظل خافق الأرواح

أترى القوم مذ عليك مررنا *** منعونا من البكا والنياح

إن يكن هينا عليك هواني *** واغترابي مع العدى وانتزاحي

و مسيري أسيرة للأعادي *** وركوبي على النياق الطلاح

ص: 298

فبرغمي أني أراك مُقيماً *** بين سمر القنا وبيض الصفاح

لك جسم على الرمال ورأس *** رفعوه على رؤس الرماح

- وكتب ( جميل 50 ) ، بتاريخ 25-10-1999 ، السابعة مساءً :

الأخ محب . . . أنا محب لمعرفة الدافع الذي حدا بك إلى هذا الطلب بالذات! وبصراحة تعقب الراحة معك ، فهذا طلب من طالب غريب . . . !

- وكتب العاملي ، بتاريخ 25-10-1999 ، الثامنة مساءً :

الأخ محب أهل البيت إن شاء الله ... ليس في قلبي عليك شخصياً أي غل أو شعور سلبي ، ولكني أتوقع منكم أنتم الحجازيين ومن جاورهم أن تكونوا أعرف منا بظلامة أهل البيت علیهم السلام التي صبتها عليهم بطون قبائل قريش !! فلو أن الله ورسوله أمروهما بظلمهم واضطهادهم وتقتيلهم وتشريدهم .. لما فعلوا أكثر مما فعلوا !!!

ولكنا نراكم مثل علماء البلاط في عصرنا تضعون حكام البطون في مقام لم يجعله الله لهم ولا رسوله ولا عملهم !!

والأسوأ منه أنكم تبررون ظلمهم لأهل بيت نبيهم علیهم السلام ، وأنتم تعرفون ماذا قال النبي صلی الله علیه و آله ، فيهم ! !

وهذه هدية أخرى إليك.. وهي صورة لرئيس عشيرة أفاق ضميره ، فلم يشارك في قتال الإمام الحسين علیه السلام فلاحقته حكومة البطون !!

أرسل عبيد الله بن زياد في طلب عبيدالله بن الحر الجعفي يسأله عن سبب تغيبه عن كربلاء ، فلما حضرت شرطة ابن زياد طلبوا منه إجابة الأمير ، فرفض

ص: 299

مغلظاً كلامه لهم ، ثم اجرى فرسه حتى وصل كربلاء ، ثم وقف على مصارع القوم فأنشأ يقول :

يقول أمير غادر وابن غادر *** ألا كنت قاتلت الحسين بن فاطمه

ونفسي على خذلانه واعتزاله *** وبيعة هذا الناكث العهد لائمه

فيا ندمي أن لا أكون نصرته *** ألا كل نفس لا تسدد نادمه

وإني لأني لم أكن من حماته *** لذو حسرة أن لا تفارق لازمه

سقى ا لله أرواح الذين تبادروا *** الى نصره سقيا من الغيث دائمه

وقفت على أجداثهم ومحالهم *** فكاد الحشى ينقض والعين ساجمه

لعمري لقدكانوامصاليت في الوغى *** سراعاً إلى الهيجا حماة خضارمه

تأسوا على نصر ابن بنت نبيهم *** فأسيافهم آساد غيل ضراغمه

فإن يقتلوا في كل نفس بقية *** على الأرض قدأضحت لذلك واجمه

وماإن رأى الراؤون أفضل منهم *** لدى الموت سادات زهر قماقمه

يقتلهم ظلماً ، ويرجو ودادنا *** فدع خطة ليست لنا بملائمه

لعمري لقد راغمونا بقتلهم فكم *** ناقمٍ منا عليكم وناقمه

- وكتب ( البيان ) بتاريخ 26-10-1999، الواحدة والنصف صباحاً:

إلى محب أهل البيت ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

إن فاجعة أبي عبدالله الحسين علیه السلام أكبر من أن تحويها قصيدة ، ولكن هذه قصيدة ربما تشرح بعض ماجرى وقد اخترت لك منا أبياتاً :

يا تريب الخد في أرض الطفوف *** ليتني دونك نهباً للسيوف

يا نصير الدين إن عز النصير *** وحمى الجار إذا عز المجير

وشديد البأس واليوم عسير ودما *** للرفد في العام العسوف

ص: 300

يا صريعاً ثاوياً فوق الصعيد *** وخضيب الشيب من فيض الوريد

كيف تقضي بين أجناب يزيد *** ظامئاً تسقى بكاسات الحتوف

كيف تقضي ظامئاً حول الفرات *** دامياً تنهل منك الماضيات

وعلى جسمك تجري الصافنات *** عافر الجسم لقا بين الصفوف

سيدي أبكيك للشيب الخظيب *** سيدي أبكيك للوجه التريب

سيدي أبكيك للجسم السليب من *** حشا حرى بالدمع الذروف

سيدي أبكيك منهوب الرحال *** سيدي أبكيك مسبي العيال

بين أعداك على عجف الجمال *** في الفيافي بعد هاتيك السجوف

لهف نفسي لنساك المعولات *** واليتامى إذ غدت بين الطغاة

باكيات شاكيات صارخات *** ولها حولك تسعى وتطوف

يا حمانا من للأيتام صغار *** ومذاعير تداعي بالفرار

راعها المزعج من سلب ونار *** حيث ملجأ ولا حامي رؤوف

لست أنساها وقد مالت إلى *** صفوة الأنصار صرعى بالفلا

أشرقت منها محاني كربلا *** كشموس غالها ريب الكسوف

- وكتب ( محب أهل البيت ) بتاريخ 26-10-1999 ، الثالثة صباحاً :

شكراً للعاملي والبيان وكميل . . الحمد لله يا عاملي أني لست من الذين يوالون أعداء الله ، وليس هذا موضوعي ، يكفي أن الله يعلم ما أنا عليه وهو الذين سيحاسبنا جميعاً .

جميل 50 : بالنسبة لسؤالك : أنا بصدد كتابة وريقات ليست للإنترنت عن مآساة الحسين شهيد الطف ، وأحببت أن ألحق بها كلمات دافئة وشجية تجسد

ص: 301

الأحداث ، وليس عندي مصادر شعرية يمكن الإعتماد عليها ، لذا طلبت منكم المساعدة .

ولك مني جزيل الشكر على الإهتمام ، وما زلت أنتظر المزيد .

- وكتب ( محب أهل البيت ) في 26-10-1999 ، الثالثة والنصف ظهراً :

ما زلت بانتظار المزيد ..

- وكتب ( جميل 50 ) بتاريخ 26-10-1999 ، الرابعة عصراً :

للشاعر الكبير دعبل الخزاعي :

أفاطم لوخلت الحسين مجدلاً *** وقد مات عطشاناً بشط فراتِ

إذاً للطمت الخد فاطم عنده *** وأجريت دمع العين في الوجنات

أفاطم قومي يا بنت الخير واندبي *** نجوم سماواتٍ بأرض فلات

- وكتب (جميل 50) أيضاً بتاريخ 26-10-1999، الرابعة والثلث عصراً :

وهذا أيضا من أروع ما قيل:

أروحك أم روح النبوة تصعد *** من الأرض للفردوس والحور سجد

ورأسك أم رأس النبي على القنا *** بآية أهل الكهف راح يردد

وصدرك أم مستودع العلم والحجى *** لتحطيمه جيش من الجهل يعمد

وأمك أم أم الكتاب تنهدت *** فذاب نشيجا قلبها المتنهد

إلى أن يقول :

فأي شهيد أصلت الشمس جسمه *** وأصلها من نوره متولد

وأي ذبيح داست الخيل صدره *** وفرسانها من ذكره تتجمد

ألم تك تدري بأن روح محمد *** كقرآنه في سبطه متجسد

ص: 302

فلو علمت تلك الخيول كأهلها *** بأن الذي تحت السنابك أحمد

لثارت على فرسانها وتمردت *** عليهم كما ثاروا بها وتمردوا

فرا البغي نحر يغبط البدر نوره *** وفي كل عرق منه للحق فرقد

وقطع أنفاسا بها اللطف مودع *** وهشمأ أضلاعا بها الخير موجد

وأعظم ما يشجي الغيور حرائر تضام *** وحاميها الكفيل مقيد

فمن موثق يشكو التشدد في يد *** وموثقة تبكي وتلطمها اليد

- وكتب (جميل 50) بتاريخ 26-10-1999، الرابعة والنصف عصراً:

ولا زال هناك احتمال آخر يخامرني حول مرادك الجدي من التحصل على هذه الأبيات وغيرها ، ولكننا لا يضرنا شئ يا محب . . .

- وكتب العاملي بتاريخ 26-10-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

قال الشريف الرضي رحمة الله :

كربلا لا زلت كربا وبلا *** مالقي عندك آل المصطفى

كم على تربك لما صرعوا *** من دم سال ومن دمع جرى

وضيوف لفلاة قفرة *** نزلوا فيها على غير قرى

لم يذوقوا الماء حتى اجتمعوا *** بحدا السيف على ورد الردى

تكسف الشمس شموس منهم *** لا تدانيها علوا وضيا

وتنوش الوحش من أجسادهم *** أرجل السبق وأيمان الندا

ووجوها كالمصابيح فمن *** قمر غاب ومن نجم هوى

غيرتهن الليالى وغدا *** جائر الحكم عليهم البلى

ص: 303

يا رسول الله لو عاينتهم *** وهم ما بين قتل وسبى

من رميض يمنع الظل ومن *** عاطش يسقى أنابيب القنا

ومسوق عاثر يسعى به *** خلف محمول على غير وطا

جزروا جزر الأضاحي نسله *** ثم ساقوا أهله سوق الإما

قتلوه بعد علم منهم *** أنه خامس أصحاب الكسا

ميت تبكي له فاطمة *** وأبوها وعلي ذو العلى

( مناقب آل ابى طالب 3 / 267 ) .

- وكتب (عمار) بتاريخ 26-10-1999 الحادية عشرة والنصف مساءً:

الأخ المحب .. السلام عليكم . حبذا لو وضعتم ولو القليل من سيرة الإمام الحسين سلام الله عليه في صفحاتكم أنصار الحسين . وشكراً لكم .

عن أمير المؤمنين سلام الله عليه قال : خالطوا الناس مخالطة إن متم بكوا عليكم وإنْ عشتم حنوا لكم .

- وكتب أبو زهراء بتاريخ 27-10-1999، الواحدة والنصف صباحاً:

وهذه مشاركة مني في رثاء مولانا وسيدنا وإمامنا أبي الأحرار للسيد جعفر الحلي رحمة الله :

الله ، أي دم في كربلا سفكا *** لم يجر في الأرض حتى أوقف الفلكا

وأي خيل ضلال بالطفوف غدت *** علي حريم رسول الله فانتهكا

يوم بحامية الإسلام قد نهضت *** له حمية دين الله إذ تركا

رأب بأن سبيل الغي متبعٌ *** والرشد لم يدر قومٌ أية سلكا

والناس عادت إليهم جاهليتهم *** كأن من شرع الإسلام قد أفكا

وقد تحكم بالإسلام طاغية يمسي *** ويصبح بالفحشاء منهمكا

ص: 304

لم أدرِ أين رجال المسلمين مضوا *** وكيف صار يزيد بينهم ملكا

العاصر الخمر من لؤم بعنصره *** ومن خساسة طبع يعصر الودكا

لئن جرت لفظة التوحيد في فمه *** فسيفه بسوى التوحيد ما فتكا

قد أصبح الدين منه يشتكي سقماً *** وما إلى أحد غير الحسين شكا

فمارأى السبط للدين الحنيف شفاً *** إلا إذا دمه في كربلا سفكا

وما سمعت عليلاً لا علاج له *** إلا بنفس مداويه إذا هلكا

بقتله فاح للإسلام نشر هوى *** فكلما ذكرته المسلون زكا

نفسي الفداء لفادٍ شرع والده *** بنفسه وبأهليه وما ملكا

في كل عام لنا بالعشر واعية *** تطبق لا دور والأرجاء والسككا

يا ميتاً ترك الألباب حائرة وبالعراء *** ثلاثاً جسمه تركا

ويل لهم ما اهتدوا منه بموعظة *** كالدر منتظماً والتبر منسبكا

- وكتب ( محب أهل البيت ) بتاريخ 27-10-1999 ، الثالثة صباحاً :

شكراً للجميع .. الزميل جميل 50 .. إذا كنت متضايق من طلبي ما في أحد ضربك على يديك ، وقال لك اكتب لي شي !

عجباً والله ! حتى النية تشككون فيها ، وهل غريب أني أطلب شئ عن الإمام الحسين ؟ وهل الإمام الحسين لك أنت ؟!

عجباً والله ، لأقف هنا حتى لا يصدر مني كلام لا أحبه ، والله المستعان في التعامل مع عقول بهذه الطريقة .

- وكتب ( الطالب ) ، بتاريخ 27-10-1999 ، السابعة صباحاً :

ص: 305

عجيب من المحب ، الذي ظل طيلة هذه السنين ناسياً لآل البيت ، ويريد أن يبكي على ظلامتهم ، ولا يريد أن يعرف مقاماتهم وإمامتهم !!

هداك الله يا أخي .

ص: 306

الفصل الرابع: النواصب يتشبثون بالطحالب !

ص: 307

ص: 308

النواصب يتشبثون بالطحالب !

- كتب أحمد الكاتب في الموسوعة الشيعية بتاريخ19-11-1999العاشرة صباحاً موضوعاً بعنوان ( أبو بكر وعمر . . . شهداء مع الحسين في كربلاء!!! ) ، قال فيه :

قد يشعر الكثير بالصدمة عندما يطلعون على حقيقة ظلت مخفية عن البعض وهي : وجود ابن لعلي ( رض ) وابن للحسين ( رض ) اسم كل منهما أبو بكر وعمر ! فقد ذكرت المصادر الشيعية أن ممن ماتوا مع الحسين ( رض ) أبو بكر بن علي أخو الحسين وكذلك أبو بكر بن الحسين ( رض ) (1)

يقول المجلسي : كان عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب ممن استشهد مع الحسين في كربلاء (2) وخالفه في ذلك الأصفهاني ، فقال : بأن عمر بن الحسين لم يقتل وإنما كان أسيراً (3) أما أسماء بعض أهل البيت فهي :

( أ ) الخليفة علي رضي الله عنه : فقد سمى بعض أولاده بأبي بكر وعمر وعثمان (4).

ص: 309


1- جلاء العيون : المجلسي ص 582 . كشف الغمة : الأربلي 2/64 مقاتل الطالبيين : الأصفهاني ص 87و142 . التنبيه والإشراف : المسعودي ص 263 .
2- جلاء العيون ص 582 .
3- مقاتل الطالبيين ص 119 .
4- إعلام الورى : الطبرسي ص 203 ، الإرشاد : للمفيد ص 186 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 213 ، جلاء العيون ص182 ، كشف الغمة 2 / 64 ، مقاتل الطالبيين ص 142 .

( ب ) الحسنان رضي الله عنهما : فقد سمى كل واحد منهم أولاده بأبي بكر وعمر (1).

(ج) موسى بن جعفر رحمة الله : سمى ولده بأبي بكر وابنته بعائشة . (2)

(د) زين العابدين رضي الله عنه : قد سمى ابنته بعائشة . (3)

(ه) علي بن محمد الهادي : سمى ابنته بعائشة . (4)

وهذا إن دل فإنما يدل على محبة أهل البيت علیه السلام لأصحاب الرسول صلی الله علیه و آله .

يقول جعفر الصادق لإمرأة سألته عن أبي بكر وعمر: أأتولاهما ؟ فقال : تولاهما. فقالت :فأقول لربي إذا لقيته إنك أمرتني بولايتهما؟ فقالها : نعم (5) وتعجب رجل من أصحاب الباقر حين وصف الباقر أبا بكر بالصديق ! فقال الرجل : أتصفه بذلك ؟! فقال الباقر : نعم الصديق فمن لم يقل له الصديق فلا صدق الله له قولاً في الآخرة . (6)

اللهم صل وسلم على رسولك وأهله وصحبه .

وقد يقال ويعترض على ماذكرت بما يلي : وماذا في ذلك أن يكون اسم أبي بكر وعمر من أسماء الشيعة ، فهي فقط أسماء وليست شخصيات !!

ص: 310


1- إعلام الورى ص 213 ، جلاء العيون 582، مقاتل الطالبيين 78 و119 ، تاريخ اليعقوبي ص 228 ، التنبيه ص 263 .
2- كشف الغمة 2 / 90 و217 ، مقاتل الطالبيين ص 561 .
3- كشف الغمة 2 / 334 ، الفصول المهمة ص 283 .
4- كشف الغمة 2 / 334 ، الفصول المهمة ص 283 .
5- روضة الكافي 8 / 101 .
6- كشف الغمة 2 / 174 .

يجاب عن هذا الإعتراض بما يلي : الحمد لله بدأنا نخطو خطوة للأمام قولك هي مجرد أسماء فقط! هذا غير صحيح... وإلا لماذا لم يسموا أولادهم فرعون هامان .. قارون .. إبليس! هذه مجرد أسماء لا تدل على الشخصيات ؟!!

كلا ، أهل البيت أدق الناس في أختار الأسماء ومدلولاتها . وهل تظن أهل البيت بهذا الغباء الذي يجعلهم يسمون أولادهم على كفار ضلال مغتصبين للخلافة !! هذا أمر بديهي يأخي ، وهل تظن الامام علي (ض) يجازي أبا بكر وعمر وعثمان (بالترتيب) على ظلمهم له بأن يسمي أولاده عليهم ؟! ياأخي نحن لاشئ نحاول أن نختار لأبنائنا الأساء الجميلة.. وأنتم تسمون حسين وعلي و . . . و تفألاً بالمسمى .. وهل نحن وأنتم أعلم وأفهم من أهل البيت ؟!!!

وقد ويعترض علينا بما يلي : هل تعلم أن العرب كانوا يسمون أبناءهم بأسماء يكرهها الأعداء ويسمون عبيدهم بأسماء تفرحهم ، والأسماء لا تثبت عدالة الخلفاء والآخرين ، بل لعله تكون الأسماء لتذكرهم بحادث ما ليلعنوا من قد ظلمهم . أما الأئمة علیه السلام فيحتمل أن يكون مايسمون بهم هو لجمع الكلمة بين المسلمين كما كان النبي صلی الله علیه و آله يتزوج من القبائل ليجمع بين القبائل ليس إلا !! فاقرأ التاريخ وتدبر!ولاتستدل بأمثال هذه الأمور على عدالة خلفائك .

يجاب عن هذا الإعتراض بما يلي : أهل البيت يتبعون سنة محمد صلی الله علیه و آله أم سنة أبو جهل وسخافات الجاهلية الرعناء .. لقد أسأتم لأهل البيت أيما إساءة ... ولماذا لا يسمون أولادهم أبو جهل وأبو سفيان ووحشي وعبد الرحمن بن ملجم ويزيد والحجاج وزياد وفرعون وعقبة بن معيط وهامان.. أم هؤلاء ليسوا أكثر كفراً من الشيخين ؟!...

ص: 311

لماذا لايسعكم ما وسع الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله في جمع كلمة المسلمين !!! الأخلاق والأدب هما مرتكز رقي وحضارة الأمم .

- قال العاملي : أحمد الكاتب هذا ، ليس عبد الرسول اللاري المعروف باسم أحمد الكاتب ، والذي كان شيعياً فضاع وصار متحيراً بلا مذهب ! لكن أفكارهما متقاربة ! ومن عادة الوهابيين أن يحتجوا علينا بأفكار أحمد الكاتب ! وقد نشروا هذا الموضوع مرات عديدة ، وناقشتهم فيه أنا وغيري ، ولم أجد مناقشاتي .. فأختصر الجواب عليه بوجهين :

الأول : أن تسمية أمير المؤمنين والأئمة علیهم السلام وخواص شيعتهم بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية وحفصة وعائشة .. قد يوهم بالنظرة الأولى أنهم مرضيون عندهم.. لكن هذا الإيهام وأمثاله لا يمكن أن تنهض أمام النصوص القطعية الكثيرة المتواترة بالمعنى ، التي نصت على رأي علي وبقية الأئمة علیهم السلام في هؤلاء ، وتصريحهم بأنهم عصوا النبي صلی الله علیه و آله في أوامره ووصاياه المؤكدة على إمامة علي والعترة من بعده ، وغصبوا خلافة النبي وتسلطوا على الأمة بدون حق ! ولو لم يكن إلا الخطبة الشقشقية لأمير المؤمنين علیه السلام ، لكفى . فلا بد من القول بوجود سبب آخر لهذه التسميات .. غير القبول والمحبة .

وقد ورد أن عمر طلب من علي علیه السلام أن يجعل له تسمية ولده ، فجعل له ذلك فسماه على اسمه ( عمر ) !

الثاني : من المعروف أن سياسة السقيفة القرشية قامت على الجبر والإرهاب والتهديد بالقتل لمن لم يبايع ، خاصة لأهل بيت النبي صلی الله علیه و آله ، وقد اتخذ علي علیه السلام منها موقف المحتج المسالم ، فسجل موقفه قولاً وعملاً ثم بايع تحت التهديد ، وساعد الحكومة القرشية في حروب الردة والفتوحات .. وهذه السياسة

ص: 312

تفسر ليونته مع أبي بكر وعمر وعثمان ، ولذا لامانع أن يسمي بعض أولاده بأسمائهم ، خاصة إذا طلب عمر منه أن يترك له تسمية ولده ، ويسميه باسمه ! كما روى ابن عساكر في تاريخ دمشق : 45 / 304 : ( قلت لعيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب : كيف سمى جدك علي عمر ؟ فقال : سألت أبي عن ذلك ، فأخبرني عن أبيه عن عمر بن علي بن أبي طالب قال : ولدت لأبي بعدما استخلف عمر بن الخطاب ، فقال له ولد لي الليلة غلام . فقال هبه لي . فقلت هو لك . قال قد سميته عمر ونحلته غلامي مورق . قال فله الآن ولد كبير . قال الزبير فلقيت عيسى بن عبد الله فسألته فخبرني بمثل ما قال محمد بن سلام ) . انتهى .

ومثل هذا الأمر كثير في التاريخ والحاضر ، فترى المخالفين لحاكم أو أمير أو ملك يسمون أولادهم بأسمائهم لأغراض متعددة .. منها دفع شرهم . ويظهرأن حالة التعصب لأبي بكر وعمر وعثمان، واضطهاد الشيعة والحساسية منهم بسبب تسمياتهم بأسماء علي وأهل البيت علیهم السلام .. استمرت طوال الحكم الأموي وحتى في الحكم العباسي .. ففي الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي ص 214 : ( 187 / 16 - عن أحمد بن عمر ، قال : خرجت إلى الرضا صلوات الله عليه وامرأتي بها حبل فقلت له : إني خلفت أهلي وهي حامل، فادع الله أن يجعله ذكراً . فقال لي : وهو ذكر ، فسمه عمر . فقلت: نويت أن أسميه علياً وأمرت الأهل به ، قال : سمه عمر . فوردت الكوفة وقد ولد لي ابن وسمي علياً ، فسميته عمر ، فقال لي جيراني : لا نصدق بعدها بشئ مما كان يحكى عنك ! فعلمت أنه كان أنظر لي من نفسي ) !!

- وكتب ( مالك الأشتر ) ، بتاريخ 20-11-1999 ، الثانية ظهراً :

ص: 313

هذه أسماء وكنى العرب يا فهيم وليست أسماء هؤلاء الناس فقط ، ثم لقد بينا سابقاً أن عثمان بن علي علیهما السلام كما يقول الإمام علیه السلام هذا سمي أخي عثمان بن مظعون ، وأما عمر فهل تجهل أن ذلك اسم جدهم هاشم علیه السلام وهو عمرو العلا .. أبو بكر كنية وليست اسماً كما أن محمد أبو جاسم .. وعباس أبو فاضل ووو.. فهذا كذلك .

تظن أنك قد وجدت شيئاً.. هيهات! والصحاح تنادي : إن فاطمة علیها السلام ماتت وهي غاضبة على أبي بكر وعمر وهي سيدة نساء العالمين ؟!

قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

- وكتب ( طبيعي ) ، بتاريخ 20-11-1999 ، السادسة مساءً :

لابد أن علياً ذكر أن ابنه سمي على اسم أبي بكر كما ذكر بأن اسم ابنه عثمان على الصحابي ابن مظعون ، فالكاتب يبدو متأكداً وأنا أعيذه من الكذب ، فأين هذا الحديث الذي يؤكد ما ذهب إليه ؟!

علماً بأنه تفضل أن أئمتنا أرادوا جمع كلمة المسلمين فلا بد أن تكون الإشارة واضحة لذلك ، لا أن يخطب مولانا أمير المؤمنين علیه السلام خطبة ليقول بأنهم مغتصبون و( تستشهد ) الزهراء ناقمة وتدفن سراً ، ولا يعرف لها قبر .. إننا نقبل بشهادتك ياكاتب بأن آل البيت ليسوا بهذا الغباء ... الذي يجعلهم يسمون أولادهم ...على كفار ضلال ..مغتصبي للخلافة !! وإنني لأستغرب كيف يجتمع الحق والباطل في قلب واحد .

مصيبة أنك تريد أن تثبت أن أئمتنا يحبون صاحبيك لمجرد أسماء لا تغني ولا تسمن من جوع . ووالله إن كلمة صاحبك عن رسول الله أنه ( يهجر ) لا تقوم

ص: 314

لها السماوات والأرض . ووالله إن ظليمة الزهراء علیها السلام عار عليهم ما بقي في قلوب المحبين نور . اللهم صل على محمد وآل محمد .

- وكتب ( السبطين ) ، السادسة والثلث مساءً :

نشكر المدعو أحمد الكاتب على هذا التقصي الجيد ، الذي جمع فيه من تسمى بأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة من آل البيت علیهم السلام ، ونسي أيضاً أن للصادق علیه السلام بنتاً اسمها عائشة ، وعبدالله بن جعفر بن أبي طالب سمى ولده معاوية ، كما أن من بني مروان من اسمه علي والحسين فنقول له هذه أسماء عربية لاعلاقة لها بالمحبة والبغض .

حب آل البيت قربة *** وهو أسمى الحب رتبة

ذنب من والاهمُ *** تغسله مزن المحبة

والذي يبغضْهُمُ *** لا يسكن الإيمان قلبه

علمه والنسك رجس *** عسل في ضرع كلبه

لعن الله عدو ال- *** آل إبليس وحزبه .

- وكتب ( محمد ابراهيم ) ، الحادية عشرة ليلاً :

أنا أعترض على ما يقوله الزملاء أن التسمية ليس لها علاقة بالحب أو البغض . لماذا لا يسمى الشيعة الآن أبناءهم بإسم أبو بكر وعمر وعثمان وعائشة ؟ أليست هذه أسماء عربية وكنى ؟! هل عدم آل علي عليهم رضوان الله الأسماء ، فلم يجدوا إلا أسماء أعدائهم الذين اغتصبوا حقوقهم واعتدوا عليهم بالضرب والإجهاض والمهانة (حسب زعم الشيعة ) ثم يسمون أولادهم بأسمائهم ؟

ص: 315

على الشيعة مراجعة موقفهم بالنسبة لتسمية آل علي رضوان الله عليهم أبناءهم بإسم هؤلاء ، وأن يكونوا متجردين وموضوعيين في ذلك .

- وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 21-11-1999 ، الثانية عشرة ظهراًً :

يا محمد ابراهيم . . إن الأسماء في البداية لم تكن كما تتصور ، وإلا لكان يجب على المسلمين أن يسموا كل أولادهم محمد .

ثم لو كانت كما تقول لما سمى أحد ابنه هشاما أو الحكم ، لأن هذا اسم لأبي جهل أو شيبة ، أو كل من قاتل رسول الله صلی الله علیه و آله .. ألا تعلم يامحمد إبراهيم أنه كان من أصحاب الأئمة الخلص واسمه يزيد ( يزيد يا محمد ابراهيم ) .. كفوا عن هذه المهازل ، ويكفي قول صحاحكم ماتت فاطمة وهي واجدة أو غاضبة على أبي بكر ، ولم ترض بأن يصلي عليها أبو بكر أو عائشة ، أو حتى أن تدخل لترى جنازتها !

ولماذا بقي علي علیه السلام ستة أشهر بدون أن يبايع ، وماتت فاطمة ولم تبايع .. ألم تسمع قول النبي صلی الله علیه و آله : من مات وليس في عنقه بيعة لإمام زمانه مات ميتة جاهلية ؟ ! هل ماتت فاطمة ميتة جاهلية ؟!

- وكتب الموسوي بتاريخ 21-11-1999 ، الحادية عشرة صباحاً :

أضيف إلى ما ذكره الأخوة الأعزاء :

تسمية أي إنسان ولده باسم يكون لأحد أمرين :

الأول : حبه لشخص معين فيحب أن يبقي ذكره بتسمية ابنه به ، كما في تسمية الإنسان ابنه باسم أبيه أو أي عزيز آخر عليه . ومن هذا القبيل تسمية كثير من الشيعة أولادهم باسم محمد أوعلي أو مرتضى أو حسين ... الخ .

ص: 316

الثاني : علاقته بذلك الإسم بغض النظر عمن تسمى به ولو كان عدواً ، فمثلاً يسمي ابنه بأنور لاحباً في السادات ويسمي ابنته جيهان لاحباً في زوجة السادات ، بل لميله إلى هذا الإسم . ومن هذا القبيل تسمية كثير من الشيعة أولادهم باسم خالد أو سعد ، مع أن موقفهم من خالد بن الوليد وسعد بن أبي وقاص معروف .

وبالتالي فلا تعني التسمية باسم معين حب ذلك الشخص بالضرورة ، لأن الأمر دائر بين احتمالين ، وهما أن التسمية كانت من أجل حب الشخص المتسمى به أو أنها كانت لحب الإسم ، ولايوجد دليل على أي من الأمرين حتى نلزم بالقول أن التسمية كانت للحب ، والترجيح بلا مرجح قبيح كما يقولون في علم الكلام .. فمن أين للمدعي أن يثبت أن أمير المؤمنين علیه السلام سمى ولده أبا بكر حباً لأبي بكر ، وسمى ابنه عمر حباً لعمر ، وسمى ابنه عثمان حباً لعثمان ؟ وأتحدى أن يأتي هذا الناصبي بنص واحد على هذا ؟

ثم إن هذا الناصبي أراد أن يستنتج أن أمير المؤمنين سمى أولاده بأبي بكر وعمر وعثمان تيمناً بأسماء الخلفاء الثلاثة ، ولبيان محبته لهم وإمضاء لشرعية خلافتهم ، ولكنه لم يثبت أولاً أن تسمية أولاده كانت بهذا الترتيب كما زعمه ، فالمعروف أن عثمان بن علي الشهيد بكربلاء هو من ولد فاطمة بنت حزام الكلابية المعروفة بأم البنين ، وهو أخ قمر بني هاشم أبي الفضل العباس علیه السلام ، وأبو بكر الشهيد بكربلاء هو من ولد ليلى بنت مسعود الدارمية ، وقد أكد الشيخ المفيد في الإرشاد أن أبا بكر هي كنيته لا اسمه ، أما اسمه فهو محمد الأصغر .

أما عمر بن علي فأمه أم حبيبة بنت ربيعة. ( الإرشاد ص 186 ) فلايوجد أي دليل على أن التسمية كانت بالترتيب ليوافق ترتيب الخلفاء ، لو قبلنا أن اسم محمد الأصغر بن أمير المؤمنين علیه السلام هو أبو بكر ، لا أن هذا كنيته .

ص: 317

ثم أن أبا الفرج الإصفهاني ص 55 نقل في مقاتل الطالبيين: أن أمير المؤمنين علیه السلام قال في ابنه عثمان : ( إنما سميته باسم أخي عثمان بن مظعون ) . فهنا تصريح أن التسمية لم تكن لأجل عثمان بن عفان .

فهل يوجد دليل على أن تسمية أمير المؤمنين علیه السلام أبناءه باسم أبي بكر وعمر كان لتعظيم شأن أبي بكر وعمر ، مع أن التاريخ ينقل وجود أفراد كانوا بنفس أسمائهما ؟ فقد نقل ابن الأثير في أسد الغابة أن هناك ثلاثة وعشرين صحابياً باسم عمر سوى عمر بن الخطاب ، ومنهم عمر بن أبي سلمة القرشي ، وقد ذكر ابن الأثير في ترجمته : ربيب رسول الله لأن أمه أم سلمة زوج النبي .. وشهد مع علي علیه السلام الجمل ، واستعمله على البحرين ، وعلى فارس . فلماذا لايكون هو المقصود مثلاً إذا كنتم مصرين على ضرورة الأخذ بالأمر الأول في التسمية ( أي ضرورة وجود علاقة ومحبة لصاحب الإسم ) ؟ هل هناك دليل على أن عمر بن الخطاب ، هو المقصود ؟

أما التسمية بأبي بكر فأولاً : لم يعلم أن أبا بكر هو اسمه ، قال ابن الأثير بعد أن عنونه باسم عبد الله بن عثمان أبو بكر الصديق : وقد اختلف في اسمه فقيل : كان عبد الكعبة ، فسماه رسول الله صلی الله علیه و آله عبد الله . وقيل : إن أهله سموه عبد الله . ويقال له عتيق أيضاً . وهذا ما اعترف به الناصبي .

كما أن ابن الأثير نقل في باب الكنى عن الحافظ أبي مسعود أن هناك صحابياً آخر اسمه أبو بكر . وذكر الشيخ المفيد في الإرشاد ص 194 : أن أحد أولاد الإمام الحسن علیه السلام كان اسمه عمرو ، فهل سماه تيمناً باسم عمرو بن ود ، أم عمرو بن هشام أبي جهل لعنهما الله ؟

ص: 318

أما لماذا لا تسمي الشيعة بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان ، فالجواب هو أن كثيراً من الشيعة سموا بهذه الأسماء اقتداء بأمير المؤمنين ، لا بعمر بن الخطاب وأبي بكر وعثمان بن عفان .. ومن جملة أصحاب الأئمة الثقات : أبو بكر الحضرمي ، وعمر بن أذينة ، وعمر بن أبي شعبة الحلبي ، وعمر بن أبي زياد ، وعمر بن أبان الكلبي ، وعمر بن يزيد بياع السابري ، وعثمان بن سعيد العمري . بل إن في الثقات من أصحاب الأئمة من كان اسمه معاوية ويزيد مثل : معاوية بن عمار ، ومعاوية بن وهب ، ويزيد بن سليط ! ولم نسمع أن الأئمة نهوا عن التسمية بتلك الأسماء . نعم ورد النهي على نحو الكراهة عن التسمية بخالد وحارث ومالك وحكيم والحكم وضريس وحرب وظالم وضرار ومرة ، واستحباب التسمية بما فيه عبودية الله مثل : عبد الله وعبد الرحمن ، والتسمية بأسماء الأنبياء وبالخصوص اسم نبينا محمد صلی الله علیه و آله وأسماء الأئمة ، وخصوصاً اسم علي علیه السلام ، والتسمية باسم أحمد وطالب وحمزة وفاطمة .

وقد يقال : إذن لماذا لا تسمون الآن أبناءكم باسم أبي بكر وعمر ؟

فالجواب : هو أن بعض الشيعة يسمون أولادهم بذلك ، كما أن النص الوارد هو استحباب التسمية باسم النبي والأئمة والأنبياء ، والاسم الذي فيه العبودية لله ، وهذا ما نراه بوضوح في أسماء أغلب الشيعة اليوم .

ومن لايسمي بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان فهو بالخيار ، وقد يتعمد في عدم الذكر لأن حقائق الأمور في أزمنة الأئمة الأوائل كأمير المؤمنين علیه السلام والسبطين علیه السلام كانت أكثر وضوحاً ، فمن السهولة أن يعرف الإنسان موقفهما من الشيخين وعثمان ، وبالتالي يعرف أن وجه التسمية لا تعود إلى حبهم للشيخين وعثمان ،

ص: 319

بل لأنهم كانوا يحبون هذه الأسماء أو يحبون بعض الصالحين المنطبقة عليهم من غير الخلفاء الثلاثة كعثمان بن مظعون .

أما في هذا الزمان فقد يختلط الأمر على البعض كما اختلط مثلاً على بعض المحاورين هنا ويظنون أن اسم أبي بكر يراد منه أبو بكر فقط ، وكذلك البقية! لهذا السبب لا تسمي أكثر الشيعة أولادهم بأسماء الخلفاء الثلاثة حتى لا يحصل توهم في هذا الأمر ، وخصوصاً أن القضية ليست محصورة بأنك إما أن تختار أسماء هؤلاء وإلا فأنت لست من أتباع أهل البيت علیهم السلام !!

ثم إن بعض من أسماهم الناصبي من أولاد الأئمة علیه السلام غير معلوم أصل وجودهم أو تسميتهم ، ولكن لا داعي للنقاش في ذلك وتضييع الوقت ، بعد أن ثبت في الجملة أصل تسمية الأئمة أولادهم بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان .

أما الروايتان اللتان نقلهما من الكافي وكشف الغمة فهما ضعيفتان سنداً ، فرواية كشف الغمة مرسلة من ناحية السند ، ورواية الكافي ضعيفة أيضاً ففيها المعلى بن محمد وهو ضعيف عند مشهور علماء الإمامية ، ولكن ذهب السيد الخوئي إلى وثاقته . ولو تنزلنا وقلنا بصحة الرواية ، فإن الناصبي بطريقته المعهودة بتقطيع الأحاديث حاول أن يغير معنى الحديث ، ولعله كان يهدف عمداً أن يبتره على طريقة أستاذه إحسان إلهي ظهير في تقطيع الأحاديث ، حتى يأتي من يرد فيذكر النص كاملاً ، فيؤدي ذلك إلى زرع بغض أهل البيت علیهم السلام عند أهل السنة لطعن الأئمة في الشيخين ، ولكن خابت محاولتك يا ناصبي ، فإنه لن يقدم أحد غير أهل البيت عليهم إلا وخسر وذلك هو الخسران المبين . ونص رواية الكافي هي : حديث أبي بصير مع المرأة :

ص: 320

( 71 - الحسين بن محمد الأشعري ، عن معلى بن محمد ، عن الوشاء ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير قال : كنت جالساً عند أبي عبدالله علیه السلام إذ دخلت علينا أم خالد التي كان قطعها يوسف بن عمر ، تستأذن عليه . فقال أبوعبد الله علیه السلام : أيسرك أن تسمع كلامها ؟ قال : فقلت : نعم . قال : فأذن لها . قال : وأجلسني معه على الطنفسة . قال : ثم دخلت فتكلمت فإذا امرأة بليغة فسألته عنهما . فقال لها : توليهما ؟ قالت : فأقول لربي إذا لقيته : إنك أمرتني بولايتهما . قال : نعم . قالت: فإن هذا الذي معك على الطنفسة يأمرني بالبراءة منهما، وكثير النوا يأمرني بولايتهما ، فأيهما خير وأحب إليك؟ قال : هذا والله أحب إلي من كثير النوا وأصحابه ) . انتهى .

إن الرواية في صدد إظهار التولي للشيخين تقية لا اعتقاد توليهما ، وهذه من المصائب التي جرت على الشيعة في تلك الأزمنة ! فهل تعرف أيها الناصبي من هي أم خالد؟ جاء في كتاب اختيار معرفة الرجال المعروف برجال الكشي بسند صحيح حدثني محمد بن مسعود ، عن علي بن الحسن ( بن فضال ) قال : يوسف بن عمر هو الذي قتل زيداً وكان على العراق ، وقطع يد أم خالد ، وهي امرأة صالحة على التشيع ، وكانت مايلة إلى زيد بن علي . ( رجال الكشي ص 242 الحديث 442 ) . والذي يؤكد أن الكلام هو في إظهار التبري لا في أصله أن الإمام الصادق علیه السلام أيد أبا بصير الذي كان يعتقد بلزوم البراءة من الشيخين ، وقدم معتقد أبي بصير على معتقد كثير النواء .

يقول العلامة المجلسي في مرآة العقول 25 /244 : ( قوله علیه السلام : هذا والله أحب إلي : أمرها أولاً بولاية أبي بكر وعمر تقية ، ثم لما بلغت في السؤال أثبت

ص: 321

علیه السلام لعنهما كناية بأن لم يتعرض لقول الرجلين الذين سألت عنهما ، بل قال : هذا أي أبو بصير أحب إلي من كثير النواء ) . انتهى .

كما أن هذا الناصبي كان يؤكد دوماً أن الشيعة (والشيخ الكليني على رأسهم ) هم الذين نسبوا إلى علي علیه السلام أموراً لم تصح عنه ، كموقفه السلبي من الشيخين . ألم يسأل نفسه : لماذا يذكر الكليني مثل هذه الرواية مع نقله عشرات الروايات في ذمهما ؟!

وإذا كان هذا الناصبي بحث في الكتب وكتب هذه المقالة ، فهذا يعني أنه قرأ عشرات الروايات في طعن أئمتنا بالشيخين ، وإن كانت تأتيه جاهزة ويقوم فقط بنشرها باسمه فهذه هديتي إليه ، وأنا لا أهدي النواصب إلا مثل هذه الروايات: ( روى الكليني في الكافي بسند صجيح 8 / 212 / ح340 : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان بن سدير ، ومحمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه قال : سألت أبا جعفر علیه السلام عنهما ، فقال : يا أبا الفضل ما تسألني عنهما فوالله ما مات منا ميت قط إلا ساخطاً عليهما ، وما منا اليوم إلا ساخطاً عليهما ، يوصي بذلك الكبير منا الصغير ، إنهما ظلمانا حقنا ، ومنعانا فيئنا ، وكانا أول من ركب أعناقنا ، وبثقا علينا بثقا في الاسلام لا يسكر أبداً ، حتى يقوم قائمنا ، أو يتكلم متكلمنا . ثم قال : أما والله لو قد قام قائمنا وتكلم متكلمنا ، لأبدى من أمورهما ما كان يكتم ، ولكتم من أمورهما ما كان يظهر ! والله ما أسست من بلية ولا قضية تجري علينا أهل البيت إلا هما أسسا أولها ، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) .

وروى الكليني بسند صحيح أيضاً في نفس الجزء ص 215 الحديث 343 ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن حنان ، عن أبيه ، عن أبي جعفر علیه السلام ، قال :

ص: 322

قلت له : ما كان ولد يعقوب أنبياء ؟ قال : لا ، ولكنهم كانوا أسباط أولاد الأنبياء ، ولم يكن يفارقوا الدنيا إلا سعداء ، تابوا وتذكروا ما صنعوا ، وإن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ، ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين علیه السلام فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ) .

إذن لقد انتقض هذا البنيان الواهي ، وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت .

- وكتب ( محمد ابراهيم ) ، الحادية عشرة ليلاً :

الزميل الموسوي : الإمامية يعتقدون أن أبا بكر اغتصب حق فاطمة ، وأن عمر ضربها وأجهض مولودها ، وضرب زوجها علي .. معنى ذلك بحسب زعمكم أن آل علي كانوا يبغضون أبا بكر وعمر بغضاً شديداً . ومع ذلك فعلي وأبناءه سمو أولادهم بإسم أبو بكر وعمر ، أي ينفس إسم من فعلوا بهم ما فعلوا ، ومن يبغضونهم بغضاً شديداً ؟!

اسمح لي مع كل محاولاتك التبريرية للأمر ، فإنك لم توفق أبداً .

وكتب الموسوي بتاريخ 21-11-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً :

الزميل محمد إبراهيم .. ما هكذا الظن بك ؟؟ أهذا هو جوابك على كل ما قلت ؟ إنك تعود بالموضوع إلى نقطة الصفر !

هل ترى فرقاً بين ماقلته وقاله الناصبي الكاتب ؟

ولكن من جهة حق الزمالة كما تقول ، أطلب منك أن تعلق على القسم الأول من كلامي .

وتصحيحاً لمعلوماتك فالشيعة لا تقول أن عمر ضرب علياً علیه السلام .

ص: 323

- كتب الهاشمي في الموسوعة الشيعية ، بتاريخ 12-4-2000 ، الثانية عشرة ظهراً موضوعاًَ بعنوان ( هل كان للحسين علیه السلام أبو بكر وعمر ؟ ) ، قال فيه :

في موقعين على الإنترنت هما فيصل نور ، واسلامك وِبْ، تحت عنوان محبة أهل البيت للخلفاء الراشدين ، أورد الكاتب ما يأتي :

( قد يشعر الكثير بالصدمة عندما يطلعون على حقيقة ظلت مخفية وهي وجود ابن لعلي وابن للحسين اسم كل منهما أبو بكر وعمر !! فقد ذكرت المصادر الشيعية أن ممن ماتوا مع الحسين أبو بكر بن علي أخو الحسين ، وكذلك أبو بكر بن الحسين . ( جلاء العيون للمجلسي - 582 ، كشف الغمة للأربيلي 2 / 64 ، مقاتل الطالبيين للأصفهاني - 87 و142، التنبيه والإشراف للمسعودي - 263 ) . يقول المجلسي : (كان عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب ممن استشهد مع الحسين في كربلاء ، ( جلاء العيون - 582 ) وخالفه في ذلك الأصفهاني فقال بأن عمر بن الحسين لم يقتل وإنما كان أسيراً ( مقاتل الطالبيين - 119 ) .

ثم يمضي الكاتب فيقول : أما أسماء بعض أهل البيت فهي :

( ب ) : الحسنان رضي الله عنهما فقد سمى كل منهما أولاده بأبي بكر وعمر . ( إعلام الورى - 213 ، جلاء العيون - 582 ، مقاتل الطالبيين - 78 و119 ، تاريخ اليعقوبي – 228 ، التنبيه - 263 ) . وفي من قتل مع الحسين ، نجد ما يلي:

( من أولاد الحسين : أبوبكر ، عمر ، عثمان ، علي الأكبر ، عبد الله ) .

وقد قام أحدهم بطرح هذا الموضوع تحت عنوان مثير ( هل استشهد أبو بكر وعمر مع الحسين في كربلاء ) في عدد من المواقع ، بينما كتب آخر تحت عنوان ( أبو بكر بن الحسين بن علي ) مقتطفات من صفحة فيصل نور وأسلامك وب ليقول أن للحسين علیه السلام أبوبكر ، فهل كان للحسين علیه السلام إبنان اسمهما

ص: 324

أبوبكر وعمر؟ كما يزعم كتبة فيصل نور وإسلامك وب موردين ،كما لاحظنا أعلاه عدداً من المصادر بأرقام صفحات ومجلدات فلنتتبع المصادر المذكورة لنرى ماذا فيها .

والغرض هنا ليس نفي أن الأئمة الأطهار علیهم السلام قد سموا أبنائهم بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان ، فكتب العلماء الأعلام كالشيخ المفيد والشيخ الطبرسي والشيخ المجلسي طيب الله ثراهم يوردون أن الإمام علي علیه السلام قد سمى أبناءه بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان، الذي قال عنه الإمام علیه السلام : سميته بإسم أخي عثمان بن مظعون كما في مقاتل الطالبيين - 84 ، وسمى الإمام الحسن علیه السلام إثنين من أبنائه بإسم أبي بكر وعمر ، وأطلق الإمام علي زين العابدين علیه السلام اسم عمر على أحد أبنائه ..

إنما الغاية هي إثبات أنه لم يكن للحسين علیه السلام إبنان سماهما باسم أبي بكر وعمر كما يزعم كتبة فيصل نور واسلامك في تزوير واضح ومكشوف لم يستره إيراد هذا الكم الكبير من أسماء المراجع والمصادر .

ليس هناك كتاب للشيخ المجلسي باللغة العربية بإسم ( جلاء العيون ) والكتاب إذا إما أن يكون بالفارسية ، أو هو من مختلقات كتبة فيصل نور واسلامك وب، إلا أن الشيخ المجلسي طيب الله ثراه قد أفرد المجلدين 44 و45 من موسوعته ( بحار الأنوار ) لحياة الإمام الحسين علیه السلام ، وفي الصفحات 329 - 332 من المجلد 45 من بحار الأنوار - مؤسسة الوفاء -بيروت عام 1983 ، يتناول الشيخ المجلسي أبناء الحسين فيذكر أربع ذكور هم : علي الأكبر أبو محمد وأمه شهربانو بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس ، وعلي بن الحسين الأصغر شهيد الطف وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفية ، وجعفر بن الحسين وأمه

ص: 325

قضاعية ، وعبد الله بن الحسين قتل مع أبيه صغيراً وأمه الرباب بنت أمرئ القيس بن عدي وهي كلبية معدية ، ومن الإناث اثنتين هما سكينة بنت الحسين وأمها الرباب بنت إمرئ القيس ، وفاطمة بنت الحسين وأمها أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية .

ويورد الشيخ المجلسي في الصفحات التالية مختلف الروايات حول الزيادة في عدد أبناء الحسين الذكور وهي محمد وعلي الأوسط ، ويشير إلى أنها روايات غير موثقة .

أما كشف الغمة لأبي الحسن علي بن عيسى بن أبي الفتح الإربلي ( وليس الأربيلي) مطبعة النجف 1385 ﻫ. فيتناول حياة الإمام الحسين علیه السلام في الصفحات 212 - 285 من الجزء الثاني ، ولا ذكر للحسين علیه السلام أو أبنائه ص 62 ، كما يزعم النص موضع الدحض هنا ، بل يذكر الإربلي أبناء الحسين علیه السلام ص 248 من الجزء الثاني ويحصرهم بالعليين الأكبر والأصغر وعبد الله وجعفر ، والبنات بسكينة وفاطمة ، ويورد روايات بزيادة عدد الذكور بعلي الأوسط ومحمد ، والإناث بزينب ، ولا ذكر لديه لأبي بكر أو عمر إبني الحسين المزعومين .

ويتطابق أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي في التنبيه والإشراف منشورات مكتبة الهلال - بيروت 1981 ، حين ذكر شهداء الطف من الطالبيين ص 279 ، مع ماذهبت إليه المصادر الأخرى خلافاً لما يذكر النص المذكور أعلاه .

وينسب النص الذي وضعه كتبة فيصل نور وإسلامك وب إلى أبي الفرج الأصفهاني معارضته في مقاتل الطالبيين لمقولة مزعومة للشيخ المجلسي بأن عمر

ص: 326

بن الحسين المزعوم لم يقتل وإنما أُسر ، بينما نجد في مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني - دار المعرفة - بيروت وفي نفس الصفحة 119 التي يزعم كتبة الموضوع النقل منها مايلي : ( وحمل أهله أسرى وفيهم عمر وزيد والحسن بنوا الحسن بن علي بن أبي طالب علیهم السلام ، وكان الحسن بن الحسن قد أُرتث جريحاً فحمل معهم وعلي بن الحسين وزينب العقيلية وأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب وسكينة بنت الحسين ) .

وهكذا فإن ما ادعاه المدعون من ذكر المزعوم عمر بن الحسين في الصفحة 119 من مقاتل الطالبيين لا أثر ولا وجود له إطلاقاً ، وسنجد بعد قليل أن لا ذكر ولا أثر في أي صفحة من مقاتل الطالبيين لأبي بكر وعمر الإبنين المزعومين للحسين بن علي علیهما السلام .

ويفرد الشيخ الطبرسي أعلى الله مقامه في كتابه إعلام الورى - دار المعرفة - بيروت 1979 باباً عن حياة الحسين بن علي علیهما السلام ص 213 - 251 وليس فيه في ص 213 أي ذكر لتسمية الحسين ولدين له بإسم أبي بكر وعمر ، ويذكر للإمام الحسين علیه السلام في ص 250 ستة أولاد أربعة من الذكور : علي بن الحسين الأكبر زين العابدين علیهما السلام وأمه شاه زنان بنت كسرى يزدجرد بن شهريار ، وعلي الأصغر قتل مع أبيه ، أمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفية والناس يغلطون ويقولون إنه علي الأكبر ، وجعفر بن الحسين وأُمه قضاعية ومات في حياة أبيه ولا بقية له ، وعبد الله قتل مع أبيه صغيراً وهو في حجر أبيه ، وسكينة وأمها الرباب بنت أمرء القيس بن عدي بن أوس وهي أُم عبد الله بن الحسين علیهما السلام أيضاً ، وفاطمة بنت الحسين وأمها أُم أسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمية .

ص: 327

وكان الشيخ المفيد قدس الله سره قد سبق الشيخ الطبرسي في كتابه الإرشاد ص 284 ، المطبعة الحيدرية - النجف 1972 في ذكر أبناء الحسين علیه السلام وبنتيه على نفس الكيفية والترتيب دون زيادة أو نقصان . وفي عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب لابن عنبة ، المطبعة الحيدرية - النجف 1961 ، ويعد هذا الكتاب أقدم مرجع موجود في أنساب الطالبيين يذكر ص 192 أن الحسين بن علي علیه السلام ولد أربعة بنين وبنتين هم علي الأكبر وعلي الأصغر وجعفر وعبد الله وفاطمة وسكينة ، قتل علي الأكبر بكربلاء وعبد الله المذبوح بالسهم.

وفي تاريخ اليعقوبي الوارد كأحد المصادر في إثبات الإبنين المزعومين للحسين بن علي علیهما السلام ، ففي ص 228 ، طبعة دار صادر – بيروت (كان للحسن من الولد ثمانية وهم : الحسن بن الحسن ، وأمه خولة بنت منظور الفزارية ، وزيد بن الحسن ، وأمه أم بشير بنت أبي مسعود الأنصاري الخزرجي ، وعمر والقاسم وأبو بكر وعبد الرحمن لأمهات شتى وطلحة وعبيد الله ) . وليس هناك في الصفحة 228 أي ذكر لأبناء الحسين علیه السلام الذين نجدهم ص 246 : وكان للحسين من الولد : علي الأكبر ، وأمه ليلى بنت أبي مرة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وعلي الأصغر ، وأمه حرار بنت يزدجرد ، وكان الحسين سماها غزالة . وقيل لعلي بن الحسين : ما أقل ولد أبيك ! قال : العجب كيف ولدت له ، كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يفرغ للنساء . انتهى .

ولم يزد اليعقوبي على ذلك ، ولا أثر لما نُقل عن اليعقوبي أنه قال إن الحسنين علیهما السلام سميا أولادهما باسم أبي بكر وعمر ، ويدل على ذلك خلو فهرس الأعلام في الكتاب من اسم أبي بكر بن الحسين ( فهرس الاعلام ص 279 أبو بكر . . . ) أو من اسم عمر بن الحسين ( فهرس الأعلام ص 317 عمر . . . ) .

ص: 328

على أن كتاب مقاتل الطالبيين لأبي الفرج الأصفهاني، شرح وتحقيق السيد أحمد صقر ، دار المعرفة - بيروت ، يحتاج إلى توضيح خاص ، فطبعة بيروت تضم ص 87 ما يلي : ( وأبو بكر بن الحسين بن علي بن أبي طالب ) . ومن الواضح ان هناك خطأ مطبعياً وأن المقصود هو أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب علیه السلام ، فبالإضافة الى أن الطبعات الأُخرى كطبعة القاهرة 1356 ه- ليس فيها مثل هذا الخطأ ، فإن مايورده الأصفهاني يشير إلى أن المقصود هو أبو بكر بن الحسن وليس الحسين ، فلنقرأ ص 87 : ( وأبو بكر بن الحسين بن علي بن أبي طالب وأُمه أُم ولد ولا نعرف أمه ، ذكر المدائني في إسنادنا عنه ، عن أبي مخنف ، عن سليمان بن أبي راشد أن عبد الله الغنوي قتله . وفي حديث عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر : أن عقبة الغنوي قتله ، وإياه عني سليمان بن قتة بقوله :

وعند غنى قطرة من دمائنا *** وفي أسد أُخرى تُعد وتُذكر

والقاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، وهو أخو أبي بكر المقتول قبله لأمه وأبيه . . . ) إلى آخر كلام الأصفهاني . وفي الفهارس ص 838 نجد : (أبو بكر بن علي بن أبي طالب 86 أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب 87 القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب 88 ) .

وفي فهرس الأعلام ص 756 نجد : (أبو بكر بن الحسن بن علي بن أبي طالب ) 87 ، 88 ولا ذكر في حرف الألف من فهرس الأعلام لأبي بكر بن الحسين بن علي وكذلك في فهرس الأعلام ص 787 نجد: ( عمر بن الحسن ) 119 ، ولا ذكر لعمر بن الحسين في حرف العين من فهرس الأعلام .

ص: 329

وبهذا نستخلص أن أبا بكر وعمر ابني الحسين بن علي بن أبي طالب ، شخصيتان مزعومتان من اختلاق كتبة فيصل نور وإسلامك وب ، ولا وجود لهما ، ولا ذكر في أي من المصادر التي ذكرت كمراجع لتوثيق وجودهما !!

يا علي لا يحبك الا مؤمن ، ولا يبغضك الا منافق .

- وكتب ( عمر ) بتاريخ 13-4-2000 الثانية عشرة والنصف صباحاً:

إلى الهاشمي .. هذا ما نقلته من كتاب مقاتل الطالبين ويكذبك يا الهاشمي وعنوان الصفحة موجود ، وللعلم فالكتاب منشور على الصفحات الشيعية وليس فيصل نور .. أبو بكر بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام وأمه أم ولد ولا نعرف أمه . ذكر المدائني في إسنادنا عنه ، عن أبي مخنف عن سليمان بن أبي راشد : أن عبدالله بن عقبة الغنوي قتله .

وفي حديث عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر : أن عقبة الغنوي قتله .

وإياه عنى سليمان بن قتة بقوله : وعند غني قطرة من دمائنا.. وفي أسد أخرى تعد وتذكر .. المصدر : مقاتل الطالبيين :

http://209.15.64.9/makteba/mainlib/oloomes/mainolom.htm

- وكتب الهاشمي ، بتاريخ 13-4-2000 ، الخامسة صباحاً :

ما الذي تريد أن تكذبه ياعمر ؟ هل تريد أن تقول إن التزوير غير موجود في صفحة فيصل نور وإسلامك وب.. أقول لك أنظر الى الموضوعين التاليين :

محبة اهل البيت للخلفاء الراشدين .. قصة مقتل الحسين. وستجد أني نقلت منهما ما أوردته، وإن شئت فحاول أن تعود إلى المصادر المذكورة وستجد أن لارواية من الروايات المذكورة لها أي أصل ، وقد يكون مستساغاً التزوير في مصدر واحد أو مصدرين، ولكن أن يزور في كل المصادر فتلك تحتاج عقل

ص: 330

خاص لإدراكها، وعلى أية حال ليست هذه المرة الأولى وبالتاكيد لن تكون الأخيرة ففي حرب التشنيع لاشئ غير المزور والمحرف ينجد الجماعة... انتهى.

- قال العاملي :

هذه المناقشة طويلة ، اكتفينا منها بما أوردنا ، وقد شارك فيها الهاشمي وساعده العلوي وعمار وأبو غدير وأبو سمية والأشتر من الشيعة. ومن السنيين عمر وساعده خالد والمسالم .

كما توجد مناقشات مطولة للسيد الهاشمي والعلوي والأشتر ، مع عمر هذا وغيره ، حول رواية مقتل الإمام الحسين علیه السلام ، وقد كشف الاخوة الشيعة لهم ما ارتكبوه من تزوير وكذب على المصادر ، ليصححوا كلام إمامهم ابن تيمية ، ويبرروا دفاعه عن بني أمية !!

ص: 331

ص: 332

الفصل الخامس: حب النواصب ليزيد وبني أمية !!

اشارة

ص: 333

ص: 334

حب النواصب ليزيد وبني أمية !!

- كتب ( محمد العيسى ) في شبكة أنا العربي ، بتاريخ 7-7-1999 ، السادسة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( الحسين أفضل من يزيد ، ولكن يزيد مغفور له ) ! قال فيه :

التشنيعات والأمور التي يذكرها بعض المغرضين ممن لايرى حرمة لأئمة المسلمين والخلفاء بصورة خاصة !! فقد ذكر العلماء من السلف الصالح تخريجات معقوله ومنطقية ، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية من أن يزيد تألم لمقتل الحسين ، ولم يأمر بقتله ابتداءاً . على أن يزيد كان قائداً للجيش الذي غزا القسطنطينية ، وهذا الجيش مغفور له بقول النبي صلى الله عليه وسلم .

وأما واقعة الحرة فقد أرسل إليهم يزيد عدة مرات للدخول في الطاعة وألقى عليهم الحجج ، فأبوا إلا القتال والتمرد .

ص: 335

وأما أنه بلغ عدد القتلى في واقعة الحرة عشرة آلاف فهو غير صحيح ، ولا شك أن يزيد رضوان الله عليه كان يرى أن الأمر لا يستتب ولا يتحد المسلمون بدون أن يفعل ما فعل .

وعلى كل التقادير فلا ينبغي الخوض في هذه الأمور ، لأن يزيد هو خليفة المسلمين ، وقد بايعه الصلحاء من السلف الصالح بشهادة التاريخ ، ولابد أن نحترم الخليفة ، فهو أفضل منك ياشطري ( سيأتي مقال الشطري عن يزيد ) لأنك تسب الصحابة ويزيد كان يحترمهم ويجلهم . ( تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولاتسألون عما كانوا يعملون ) .

-وكتب ( الملاك الطائر ) بتاريخ 7-7–1999، السادسة والنصف مساءً:

يا العيسى.. أنت لست من أهل السنة ! أهل السنة لايترضون على يزيد ؟!

وراجع كلام الإمام أحمد فيه ، وكذلك كلام ابن تيمية .

- وكتب ( محمد العيسى ) بتاريخ 7-7-1999 السابعة إلا ربعاً مساءً :

الأخ المحترم الملاك الطائر . . لم أطلع على مواضيعك من قبل ، ولكن لا أرد عليك ، ويزيد مغفور له بلسان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم . فمن أنت حتى تترضى أو لاتترضى. على أي حال هذا فهمي أنا ، وإذا كان لديك ما تقنعني به فأنا أرحب بك إذا لم تكن رافضياً .

- وكتب ( أبو عمار ) ، بتاريخ 7- 7-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

حشرك الله مع يزيد وأبيه وجده .

- وكتب العاملي بتاريخ 7-7-1999 ، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً :

ص: 336

جرائم يزيد كبيرة .. وقطعية قطعية بشهادة جميع المسلمين.. ومن قبلهم بشهادة الصادق الأمين رسول الله صلی الله علیه و آله ، حيث أخبر أن الفجار سيقتلون ولده الحسين علیه السلام !!

والمغفرة ليزيد دعوى من أحد اليزيديين في القرن العشرين !! فهل تمحى جرائمه العظمى القطعية بزعم محب له ، أو عبد ، أو عابد له ؟!

ومتى كان هذا اليزيدي المدعي المغفرة لسيده ، نبياً يوحى إليه ، حتى يجزم بأن الله تعالى غفر ليزيد ؟!!

وحاشا الله تعالى أن يكون المحسن عنده كالمسئ ! والمجرم بحق أهل بيت نبيه كالبرئ !!

ولكن صاحب الجرأة اليزيدية يتكلم بجزم عن أفعال الله تعالى ومغفرته ، كأنه ( سكرتير ) مقرب من الله تعالى !!

- وكتب اسماعيل الحكاك بتاريخ 8-7-1999 الثانية عشرة والربع صباحاً :

إلى محمد العيسى . .

1 - من قال لك إن يزيد من أئمة المسلمين ؟ بل الصحيح هو من أئمة الكفر الذين لا إيمان لهم ، يزيد شارب الخمر المنكر للوحي والرسالة بقولته :

لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل !

إذا كان يزيد من التائبين فلماذ اضرب شفتي أبي عبدالله الحسين بالقضيب، وكان ذلك بعد استشهاد الإمام الحسين علیه السلام ؟

2- أما قولك ( فقد ذكر العلماء من السلف الصالح تخريجات معقولة ومنطقية ومنهم شيخ الإسلام أبن تيمية ) فهذا مما يحتاج إلى دليل لأن ابن تيمية

ص: 337

لم يكن من السلف الصالح بل من الطالحين لأنه بإجماع العلماء حكم عليه بالسجن ، واعتقل ! فاذا كان من السلف الصالح ، فلماذا سجن ؟!!

3- أما قولك بأن يزيد قد حضر فتح القسطنطينية فهذا خلاف التاريخ لأنه في ذلك الوقت كان في الصيد ولم يذهب إلى الحرب وأشعاره في ذلك تشهد عليه!

4- أما قولك فإن يزيد كان يحترم الصحابة ، فهذا خلاف مارأينا عندما غزا المدينة وقتله الإمام الحسين علیه السلام وأصحابه الذين كانوا من خيرة أصحاب النبي صلی الله علیه و آله !

فلماذا هذا الدجل والهراء على التاريخ يا أيها اليزيدي !!

أسال الله أن يحشرك مع من تتولاه .

- وكتب ( الغالب ) بتاريخ 8-7-1999 ، الثانية عشرة والثلث ظهراً :

الله يحشركم مع زرارة بن أعين الديصاني ، وهشام ابن الحكم المشبه المجوسي . أما قولك يارافضي هذه مسرحية .... فكل يرى الناس بعين طبعه .

يا عاملي .. أتحداك للمناظرة .. فقط قل للمراقب الرافضي الجبان أن لا يمنعني .. وصدقني ستترك الشيعة على يدي .

- وكتب (FullMoon ) بتاريخ 8-7-1999 ، الرابعة والنصف صباحاً :

أمر مضحك يا قالب تقول . . . فقط قل للمراقب الرافضي الجبان أن لا يمنعني ! وصدقني ( ستترك الشيعة على يدي ) ! ومتى كان . . . . . . . ؟؟ لا داعي . . حقاً أمرُ مضحك جداً جداً جداً . . . لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

ص: 338

- وكتب حسين الشطري في شبكة أنا العربي، بتاريخ 7-7-1999 ، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان ( إنجازات الخليفة .. يزيد بن معاوية ! ) قال فيه:

اختلف المسلمون في يزيد بن معاوية هل هو خليفة مفترض الطاعة ، أو هو فاسق فاجر لاينبغي طاعته ، فمنهم من يقول : ( إلعن يزيد ولاتزيد ) ! وإليك عزيزي المتتبع .. نتفاً من أخبار يزيد من كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير ، فقد ذكر في أحداث خلافته وهي ثلاث سنين .

أ . السنة الأولى من حكمه قتل بها الحسين بن علي سبط النبي صلی الله علیه و آله ، ابن فاطمة علیها السلام ، راجع أحداث سنة إحدى وستين .

ب . السنة الثانية وهي سنة ثلاث وستين وقعة الحرة ، وقد أباح يزيد لجيشه مدينة رسول الله ثلاثة أيام يفعلون فيها ما يشاءون ، ثم طلب منهم أن يبايعوه على أنهم ( خَوَلٌ ) ليزيد . أي عبيدٌ صرف !! ومن أبى فيقتل !!

ويروي في أحداث نفس السنة ص 460 يقول : ( وأتي بيزيد بن وهب فقال له بايع . قال : أبايعك على الكتاب والسنة . قال : أقتلوه ! ) .

ت . ذكر في السنة الثالثة من حكمه سنة أربع وستين ، يصف جيش يزيد في مكة المكرمة : ثم أقاموا عليه يقاتلونه بقية المحرم وصفر كله حتى إذا مضت ثلاثة أيام من ربيع الأول سنة أربع وستين رموا البيت بالمنجنيق ، وحرقوه بالنار ، وأخذوا يرتجزون ويقولون :

خطارة مثل الفنيق المزبد *** نرمي بها أعواد هذا المسجد

هذا غيض من فيض من أفعال هذا الطاغية اللعين من كتاب واحد من كتب السنة ، مع أنه لم يورد جيمع الأحداث ، وقد روى غيره من الجرائم مايشيب منها

ص: 339

الصغير .. وأنت أيها المسلم الغيور حكم عقلك وادل بدلوك ، هل ينبغي أن يلعن مثل هذا ، أم يقال عنه خليفة رسول الله رضوان الله عليه . أو عفا الله عنه ؟!!

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 7-7-1999 ، السابعة مساءً :

نحن لا نحب يزيد يا شطري .

لكن نعتبره أفضل من 10000000000000000000 خميني .

- وكتب أبو زهراء بتاريخ 7-7-1999 ، الثامنة إلا ربعاً مساءً :

حشرك الله يا مشارك مع يزيد ، ومليار يزيد ، ومن ولى يزيد ، ومن ولى من ولى من ولى يزيد . . هل فهمت ؟

- وكتب ( مشارك ) بتاريخ 7-7-1999 ، الثامنة مساءً :

أنا أريد أن أحشر مع النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنت حشرك الله مع من تريد ( من هو بالمناسبة ؟ )

- وكتب ( أبو عمار ) بتاريخ 7-7-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

السلام على من اتبع الهدى .. هذه مقتطفات من شبكة سحاب تدل على حبكم ليزيد لعنه الله :

حتى نغيظ الروافض شوية !! فهم عادة يصابون بحالة هستيرية إذا سمعوا باسم يزيد ! قال شيخ الإسلام ابن تيمية : افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان إلى ثلاث فرق . . طرفان ووسط :

فأحد الطرفين قالوا : إنه كان كافراً منافقاً ، وإنه سعى في قتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم تشفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتقاما منه !

ص: 340

والطرف الثاني : يظنون أنه كان رجلاً صالحاً وإمام عدل وأنه كان من الصحابة الذين ولدوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

والقول الثالث: أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين، له حسنات وله سيئات، ولم يولد إلا في خلافة عثمان ولم يكن كافراً ، ولكن جرى بسببه ماجرى من مصرع الحسين وفعل مافعل بأهل الحرة ، ولم يكن صاحباً ، ولا من أولياء الله الصالحين ، وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة .

ثم افترقوا ثلاث فرق : فرقة لعنته . وفرقة أحبته . وفرقة لا تسبه ولا تحبه ، وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد ، وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين . أه- . ( يلاحظ فرقه عن كلام ابن تيمية الذي نقله أبو فراس في موضوع أبي غدير ) .

ثم قال الكاتب : إلى الزهزون (الرافضي) ذكرت ( وافتضت بكارة ألف بنت من بنات المدينة المنورة حيث يقول الرواة إنه ولد في ذلك العام ألف طفل لا يعرف أبوه ! ) هل يصدق أحد المسلمين ( العقلاء ) أن تُفض بكارة 1000 فتاة ويلدن 1000 طفل !؟ ما هذه الإحصائية الدقيقة ، وهل يعقل أن تكون جميع تلك الفتيات مستعدات للحمل في تلك الليلة !؟ ألم تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد كُذب عليه وهو سيد المرسلين ، وقد توعد أن من كذب عليه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار . فكيف لا يُكذب على يزيد بن معاوية رضي الله عنه وعن والده وعن جده وعن صحابة رسوله أجمعين .

- وكتب اسماعيل الحكاك بتاريخ 7-7-1999، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

السلام على من اتيع الهدى .. الى مشارك ! هل تعتقد أنك صادق بقولتك بأنك لاتحب يزيد ؟ إذا كنت كذلك فإنك خالفت كل أقوالك في حق الصحابة

ص: 341

لأن يزيد - الملعون على لسان القرآن ولسان النبي صلی الله علیه و آله والناس أجمعين – كان من الصحابة لأنه شهد النبي صلی الله علیه و آله ، فلماذا لا تجعله من النجوم التي تهتدي بها إلى ابن تيمية وأتباعه ؟ إذن أنك تنافق بأقوالك ؟

- وكتب ( أبو عمار ) بتاريخ 7-7–1999 الحادية عشرة والنصف ليلاً :

رأي عبد الله بن عباس في يزيد عندما رفض عبد الله بن عباس مبايعة ابن الزبير : كتب يزيد كتاب إلى ابن عباس كتاب يستميله إليه ، فكتب إليه عبد الله بن عباس :

من عبد الله بن عباس إلى يزيد بن معاوية ، أما بعد : فقد بلغني كتابك بذكر دعاء ابن الزبير إياي إلى نفسه وامتناعي عليه في الذي دعاني إليه من بيعته ، فإن يك ذلك كما بلغك فلست حمدك أردت ، ولا ودك ، ولكن الله بالذي أنوي عليم . وزعمت أنك لست بناسٍ ودي ، فلعمري ما تؤتينا مما في يديك من حقنا إلا القليل ، وإنك لتحبس عنا منه العريض الطويل .

وسألتني أن أحث الناس عليك ، وأخذ لهم عن ابن الزبير ، فلا ولا سروراً ولا حبوراً ، وأنت قتلت الحسين بن علي بفيك الكثكث ولك الإثلب ، إنك إن تمنك نفسك ذلك لعازب الرأي وإنك لأنت المفند المهور .

لاتحسبني لا أباً لك نسيت قتلك حسيناً وفتيان بني عبد المطلب مصابيح الدجى ونجوم الأعلام ، غادرهم جنودك مصرعين في صعيد ، مرملين بالتراب مسلوبين بالعراء لا مكفنين ، تسفي عليهم الرياح وتعاورهم الذئاب وتنشى بهم عرج الضباع ، حتى أتاح الله لهم أقواماً لم يشتركوا في دمائهم فأجنوهم في أكفانهم ! وبي والله وبهم عززت وجلست مجلسك الذي جلست يا يزيد .

ص: 342

وما أنسَ من الأشياء ، فلست بناسٍ تسليطك عليهم الدعي العاهر ابن العاهر البعيد رحماً ، اللئيم أباً وأماً ، الذي في ادعاء أبيك إياه ما اكتسب أبوك به إلا العار والخزي والمذلة في الآخرة والأولى وفي الممات والمحيا ، إن نبي الله قال : الولد للفراش وللعاهر الحجر . فألحقه بأبيه كما يلحق بالعفيف النقي ولده الرشيد ، وقد أمات أبوك السنة جهلاً ، وأحيا البدع والأحداث المضلة عمداً .

وما أنسَ من الأشياء فلست بناسٍ إطرادك الحسين بن علي من حرم رسول الله إلى حرم الله ، ودسك إليه الرجال تغتاله ، فأشخصته من حرم الله إلى الكوفة ، فخرج منها خائفاً يترقب ، وقد كان أعز أهل البطحاء بالبطحاء قديماً وأعز أهلها بها حديثاً ، وأطوع أهل الحرمين بالحرمين لو تبوأ بها مقاماً واستحل بها قتالاً ، ولكن كره أن يكون هو الذي يستحل حرمة البيت وحرمة رسول الله ، فأكبر من ذلك ما لم تكبر ، حيث دسست إليه الرجال فيها ليقاتل في الحرم ، وما لم يكبر ابن الزبير حيث الحد بالبيت الحرام وعرضه للعائر ، وأراقل العالم وأنت لأنت المستحل فيما أظن ، بل لاشك فيه إنك للمحرف العريف ، فإنك حلف نسوه صاحب ملاه ، فلما رأى سوء رأيك شخص إلى العراق ولم يبتغك ضراباً ، وكان أمر الله قدراً مقدوراً .

ثم إنك الكاتب إلى ابن مرجانه أن يستقبل حسيناً بالرجال ، وأمرته بمعاجلته وترك مطاولته ، والإلحاح عليه حتى يقتله ومن معه من بني عبد المطلب أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، فنحن أولئك لسنا كآبائك الأجلاف قاه الأكباد الحمير . ثم طلب الحسين بن علي إليه الموادعة وسالهم الرجعة فاغتنمتم قلة أنصاره ، واستئصال أهل بيته فعدوتم عليهم فقتلوهم ، كأنما قتلوا أهل بيت من الترك والكفر ، فلا شئ عندي أعجب من طلبك ودي ونصري

ص: 343

، وقد قتلت بني أبي وسيفك يقطر من دمي وأنت آخذ ثأري ، فإن يشا الله لا يطل لديك دمي ولا تسبقني بثاري ، وإن سبقتني به في الدنيا فقبلنا ما قتل النبيون وآل النبيين ، وكان الله الموعد وكفى به للمظلومين ناصراً ومن الظالمين منتقماً . فلا يعجبنك أن ظفرت بنا اليوم فو الله لنظفرن بك يوماً .

فأما ما ذكرت من وفائي وما زعمت من حقي ، فإن يك ذلك كذلك فقد والله بايعت أباك ، وإني لأعلم أن ابني عمي وجميع بني أبي أحق بهذا الأمر من أبيك ، ولكنكم معاشر قريش كاثرتمونا فاستأثرتم علينا سلطاننا ، ودفعتمونا عن حقنا ، فبعداً على من يجترئ على ظلمنا واستغوى السفهاء علينا وتولى الأمر دوننا . فبعداً لهم كما بعدت ثمود وقوم لوط وأصحاب مدين ومكذبو المرسلين .

ألا ومن أعجب الأعاجيب وما عشت أراك الدهر العجيب ، حملك بنات عبد المطلب وغلمه صغاراً من ولده إليك بالشام ، كالسبي المجلوب ترى الناس أنك قهرتنا وأنك تأمر علينا ، ولعمري لئن كنت تصبح وتمسي آمناً لجرح يدي ، إني لأرجو أن يعظم جراحك بلساني ونقضي وإبرامي ، فلا يستقر بك الجدل ولا يمهلك الله بعد قتلك عترة رسول الله إلا قليلاً ، حتى يأخذك أخذاً أليماً فيخرجك الله من الدنيا ذميماً أثيماً ، فعش - لا أبا لك - فقد والله أرداك عند الله ما اقترفت . والسلام على من أطاع الله . من تاريخ اليعقوبي .

- وكتب ( FullMoon ) ، بتاريخ 8-7-1999 ، الرابعة صباحاً :

يا مشارك . . . إنا لله وإنا إليه راجعون .

تقول : نحن لا نحب يزيد ياشطري ، لكن ( نعتبره أفضل ) من 10000000000000000000 خميني . إذاً أنت استهونت ما قام به أمير الفاسقين

ص: 344

لعنه الله !! مهما قلت في الخميني رحمة الله وكذبت عليه ... فهل يصل إلى ذرة مما فعله ابن الطليق ؟!! حشرك الله معه .

- وكتب أبو زهراء ، بتاريخ 8-7-1999 ، الخامسة صباحاً :

وهل تظن يا مشارك أنك ستحشر مع النبي ؟! هذا بعيد عن عينك ، فمن أحب حجراً حشر معه! وأنت ستحشر مع من تحب مثل معاوية وابنه وأبيه ! اللهم اهدني في من هديت .

- وكتب ( aetu ) ، بتاريخ 8-7–1999 ، الثانية عشرة ظهراً :

إنك أعمى لا ترى .. ولو طارت عنزة. الخميني كان أمة بالتقوى والورع، ويزيد لعنة الله عليه وعلى من يتشدد له ، لا يساوي ظفر السيد الخميني . اللهم شفع الخميني في يوم القيامة . اللهم احشرني معه . اللهم احشر هذا الملقب نفسه مشارك مع يزيد حبيبه وقرة عينه . آمين .

مشارك باب التوبة مفتوح ، ورحمة الله واسعة فلا تضيقها عليك .

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 8-7-1999 ، الثانية ظهراً :

القول الراجح أنه ليس من الصحابة بل من التابعين . ومع ذلك ففي نظري هو أفضل من: 10000000000000000000000000000000000000خميني . والله أعلم .

- وكتب حسين الشطري بتاريخ 8-7-1999، السادسة والنصف مساءً:

الأخ مشارك المحترم ، بعد التحية والسلام : لماذا لا تكون شجاعاً وصريحاً في إبراز عقيدتك في يزيد فلو أبديت عقيدتك به من أول الأمر لكان خير لك من هذا اللف والدوران ، ألا تعلم أن هذه الشبكة يطالعها الملايين من الناس فكيف ترضى لنفسك أن تكون مفضوحاً أمام هذا الملأ .

ص: 345

إن كل المسلمين الغيورين على دينهم لا يترضون على يزيد وينكرون عليه أفعاله المنكرة .. إلا أنت وابن تيمية ومن تابعكما من النواصب .

- وكتب ( مشارك ) بتاريخ 8-7-1999 ، السابعة مساءً :

الحسين أفضل من 1000 يزيد . يزيد أفضل من :

1000000000000000000000000000000000000000000000 خميني

- وكتب ( عرباوي ) بتاريخ 8-7-1999، السابعة والنصف مساءً :

تقول : الحسين أفضل من 1000 يزيد.. لهذه الدرجة وصل احتياطك في يزيد .. فلم تضع إلا 3 أصفار ؟! دير بالك من النصب يا مشارك ! !

والله أنا أخشى أن أحاسب إن وضعت 20 صفراً فأكون مقصراً في حق .. سيد شباب أهل الجنة !!

اللهم ارحم السيد الخميني حفيد الإمام الحسين علیه السلام ، واحشره مع محمد وآل محمد . والسلام على من اتبع الهدى .

مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى .

- وكتب ( مشارك ) بتاريخ 8-7-1999 ، الثامنة مساءً :

المسألة نسبة وتناسب يا عرباوي . لو وضعت عشرين صفراً بين الحسين ويزيد ، فكم صفراً سأضع بين يزيد والخميني ( ألف صفر أم ألفين ) ، هل فهمت ؟

- وكتب حسين الشطري بتاريخ 9-7-1999 ، الرابعة والنصف عصراً :

الأخ مشارك .. لقد تجاوزت حدود الأدب والحوار ..

ص: 346

هل أن السيد الخميني قتل ذرية رسول الله ؟! هل أن السيد الخميني رمى بيت الله بالمنجنيق .. هل أن السيد الخميني أباح حرم رسول الله .. هل أن السيد الخميني كان يشرب الخمر ويلعب بالقرود ويمشي على الدفوف ؟!

أم أنه الحقد والحسد والبغض الذي تملك قلبك ؟!

الإنسان المؤمن لابد أن ينظر بميزان إسلامي قرآني ، ولكنه اتباع الهوى أضلك كما أضل من قبل شيخك ابن تيمية !

- وكتب ( عزام الربيعي ) بتاريخ 9-7-1999 ، الخامسة مساءً :

أعلم يا مشارك أنت وشيخك ابن تيمية ، وملايين الناصبيين أمثالك لا تساوون ذرة تراب يسحقها الإمام الخميني بقدمه الطاهرة .

وإذا أتتك مذمتي من ناقص فتلك الشهادة لي بأني كامل

- وكتب (العاشرمن رمضان) بتاريخ9-7-1999،الخامسة والنصف عصراً:

ماذا يريد الشيعة أكثر من أهل السنة ، يثبتون الفرق الشاسع بين الحسين رضي الله عنه ويزيد في الفضل ، فالحسين مع الحسن سيدا شباب أهل الجنة ولا ريب، هذا أمر من صلب عقيدتنا ، وقتل الحسين ذنب عظيم وقد جوزي قاتل الحسين بسوء عاقبة في الدنيا حين سرت الحية في رأسه عدة مرات إيذاناً بسوء خاتمته ، قاتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

هذا أمر منتهٍ عندنا ، فإذا كان أهل السنة جميعاً متفقون على الفارق الشاسع في الفضل بين الحسين ويزيد ، فلماذا تنشئون عليه موضوعاً يوضع في ساحة لمناقشة الأمور المختلف عليها ؟ ألا ترون أنه تعلق بما لا يتعلق به ؟ أليس كذلك!!

ص: 347

- وكتب ( عرباوي ) ، بتاريخ 9-7-1999 ، السادسة مساءً :

لعن الله يزيد وأنصاره وأعوانه وخصمهم رسول الله صلی الله علیه و آله يوم القيامة .

- وكتب ( مشارك ) بتاريخ 9-7-1999 ، السابعة مساءً :

قد تجاوزتم حدود النقاش ، ولكن المسألة باختصار أن أكثر مانقل عن يزيد هو من الكذب المحض الذي أتحداكم أن تستطيعوا أن تثبتوه . وأما الباقي مما ذكر عنه فلا يصل به إلى درجة الكفر .

وبالنسبة للخميني فكفرياته شهد بها القاصي والداني من انتقاص بمقام النبوات والرسالات ، إلى تحليل التمتع بالزانية مخالفة لنص القرآن ، إلى الأخذ من أهل الحلول والاتحاد ، إلى تجويز الشرك ، وغير ذلك .. وهذا ما لا تستطيعون أن تثبتوا مثله ليزيد ، وأتحداكم أن تثبتوا أنه أمر بقتل الحسين ، أو أنه قال تلك الأبيات ، التي لو قالها لقلنا أنه قد كفر ، وكما نعرف : البينة على من ادعى .

- وكتب حسين الشطري بتاريخ 17-7-1999 ، السادسة مساءً :

أين الكذب .. يا مشارك ؟! هلاّ وضعت النقاط على الحروف وذكرت لنا الكذب وذكرت لنا ما هو الذي لايستحق الكفر والتفسيق عليه ، لكي نناقشك به؟!

أم تطلق الكلام هكذا بدون دليل كما هي عادتك ، نحن في انتظارك .

- ثم كتب الشطري بتاريخ 19-7-1999 ، الخامسة والنصف عصراً :

لماذا الهروب يا مشارك ؟!

- وكتب ( مشارك ) بتاريخ 19-7-1999 ، السادسة والنصف مساءً :

ص: 348

أتحداك أن تستطيع إثبات صحة رواياتك التي تكفر بها ، ولنبدأ برواية واحدة فقط على أن تثبت صحتها ، كما تقول بذلك ضوابط النقاش .

- وكتب ( aetu ) بتاريخ 19-7-1999 ، السابعة مساءً :

مشارك . . . سلاماً .

- وكتب الشطري بتاريخ 20-7-1999 ، الخامسة والنصف عصراً :

الأخ مشارك .. بعد التحيه والسلام .. أرجو أن تجيبني عن هذا مشكوراً : في أي زمن حدث قتل الحسين , وفي أي زمن حدث رمي الكعبة بالمنجنيق , وفي أي زمن حدثت إباحة المدينة ؟

- وكتب ( فيلمون ) بتاريخ 20-7-1999 ، السابعة مساءً :

أجب يا حبيب يزيد ! حشرك الله مع الطليق وابنه !

مجرد سؤال !! ما قرابتك من شامس ؟!

- وكتب ( مشارك ) بتاريخ 20-7-1999 ، السابعة والنصف مساءً :

قتل الحسين رضي الله عنه واستباحة المدينة حدثت في عهد يزيد ، وأما قتل الحسين فلم يأمر به ولكنه لم يعاقب قاتليه ، وأما استباحة المدينة فقد سلط عليهم مسلم بن عقبة المري ذلك الأعرابي الخبيث الذي يعتبر ما قام به هناك أفضل عمل في حياته ، ولاشك أن يزيد مسؤول عن هذا عند الله يوم القيامة. وقد قلت لكم سابقاً أنه ليس من الصحابة ، بل إن كثيراً من العلماء لا يرون الرواية عنه كأحمد بن حنبل ، ولكن في المقابل هناك من يفتري على يزيد بما هو فوق ذلك ، كتمثله بأبيات ابن الزبعري التي هي كفر واضح . وأنا هذا هو جوهر خلافي معكم هل تستطيعون إثبات كفر يزيد ؟

ص: 349

وقد قتل قبل الحسين رضي الله عنه الخلفاء الراشدون الثلاثة عمر وعثمان وعلي ، فهل تكفرون من قتل عثمان الذين أصبحوا جنوداً في جيش علي رضي الله عنه .

ضرب الكعبة بالمنجنيق كان على يد الحجاج عليه من الله ما يستحق في عهد عبد الملك بن مروان ، ولا تنسى في المقابل ما قام به أجدادكم القرامطة عندما قتلوا الحجاج في يوم التروية وأخذوا الحجر الأسود معهم إلى هجر 22 سنة ، وكان زعيمهم يقول :

أنا بالله وبالله أنا *** يخلق الخلق وأفنيهم أنا

- وكتب الشطري بتاريخ 21-7-1999 ، الثامنة مساءً :

لا تحاول التقليل من شأن جرائم يزيد الشنيعة في قتل الحسين علیه السلام واستباحة المدينة ، بقولك إنها لم تكن بأوامره فكيف تثبت ذلك ، ثم هل يعقل أن يفعل الولاة في الأمصار مثل هذا الأمور الخطيرة بدون أوامر من الطاغية الأكبر ، أو على الأقل استشارته في ذلك ، مع أنهم كانوا يستشيرونه في قتل شخص عادي أو اتخاذ موقف بسيط ؟!

ثم لماذا لم يعاقبهم بالقصاص أو على الأقل يعزلهم ، وهل هذا هين عندك ؟

( ومع ذلك إقرأ هذا النص من أوامر يزيد على واليه في الكوفة عبيد الله بن زياد وما رأيك فيه ؟

ولما بلغ يزيد نبأ مسير الإمام كتب الى أبن زياد : إنه قد بلغني أن حسيناً قد سار إلى الكوفة وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان ، وبلدك من بين البلدان ، وبتليت به أنت من بين العمال وعندها تعتق أو تعود عبداً كما تعتبد العبيد ) . تاريخ ابن عساكر ح 657 . وفي ح 656 أمر بمحاربته . وفي تهذيبه ج 4 . ومعجم الطبراني

ص: 350

ح 80 . وأنساب الأشراف للبلاذري بترجمة الحسين ح 180 . وتاريخ الإسلام للذهبي ج 2 . تاريخ ابن كثير ج 8 .

وقد صرح بذلك عبيد الله بن زياد عندما سئل : ( أما قتل الحسين فإنه أشار إلى يزيد بقتله أو قتلي فاخترت قتله ) الكامل في التاريخ - ج 4 .

وقد ذكر ابن عماد الحنبلي : قال التفتازاني في شرح العقائد النفيسة : إتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين أو أمر به أو أجازه أو رضي به، والحق أن رضى يزيد في قتل الحسين واستبشاره بذلك وإهانته أهل بيت رسول الله مما تواتر معناه . وإن كان تفصيله أحاداً فنحن لا نتوقف في شأنه بل في كفره وإيمانه لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه . (شجرة الذهب ج 1 ) .

ونقل هذا الكلام الشبراوي وذكر أعمال يزيد ثم قال : ( ولا يشك عاقل أن يزيد بن معاوية هو القاتل للحسين رضي الله عنه لأنه هو الذي ندب عبيد الله بن زياد لقتل الحسين . ( الإتحاف في حب الأشراف ) .

وقد لعنه أحمد بن حنبل عندما سئل عن لعنه ، قال : وكيف لا يلعن من لعنه الله في كتابه . قال له ابنه صالح : وكيف لعن الله يزيداً في كتابه . فقال في قوله تعالى : فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. وهل يكون فساد أعظم من قتل الحسين . وقد قال تعالى : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة. وأي أذى أشد على محمد صلى الله عليه وسلم من قتل الحسين الذي هو له ولابنته قرة عين) ( نقله الشبراوي عن ابن الجوزي في الإتحاف ) . وقد ذكر ابن الجوزي أن الإمام أحمد بن حنبل ذكر في حق يزيد ما يزيد على اللعنة ... ( الرد على المتعصب العنيد ). فإذا كنت حنبلياً حقاً فهذا الإمام ابن حنبل يلعن يزيداً ،

ص: 351

فهل تلعنه أنت ؟ أجبني عن ذلك ؟ وأجبني عن سؤالي السابق أيضاً ، هل أن يزيد في نظرك عادل أم فاسق ؟؟ أنا في انتظار جوابك !

- وكتب ( مشارك ) ، بتاريخ 21-7-1999 ، الثامنة والثلث مساءً :

لم يثبت أن أحمد بن حنبل رضي الله عنه لعن يزيداً ، وأنت لم تستطع أن تذكر في ذلك أي مصدر، ولم تستطع أن تثبت صحة أي رواية استدللت بها .

- وكتب الشطري بتاريخ 23-7-1999 ، الرابعة والنصف عصراً :

مصادر لعن ابن حنبل ليزيد . . . وإني لأعجب من هذا اللجاجة التي تكررت مرات وكلما أذكر لك مصادر على أمر معين تعود وتقول ، أين المصادر ؟ تحاول بذلك إيهام القراء على إننا لا نعزز كلامنا بالمصادر ، ولكن مع ذلك أذكر لك هذين المصدرين ، فراجع .

1 – مانقله الشبراوي عن ابن الجوزي في كتاب الإتحاف بحب الأشراف .

2 - ذكر ابن الجوزي عن أحمد بن حنبل أنه ذكر في حق يزيد ما يزيد على اللعن في كتابه الرد على المتعصب العنيد .

- قال العاملي : وغاب مشارك ولم يجب .. على عادته عندما يفحم !

- كتب ( مالك الأشتر ) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 6-10-1999 ، العاشرة صباحاً ، موضوعاً بعنوان ( يزيد وعلماء السنة ) ، قال فيه :

هذه بعض آراء علماء السنة في يزيد بن معاوية :

ص: 352

يقول الآلوسي في تفسيره : 26 / 73 عند تفسير قوله تعالى : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ . من يقول إن يزيد لم يعص بذلك ، ولا يجوز لعنه فينبغي أن ينظم في سلسلة أنصار يزيد . وأنا أقول إن الخبيث لم يكن مصدقاً بالرسالة للنبي صلی الله علیه و آله وإن مجموع ما فعله مع أهل حرم الله وأهل حرم نبيه صلی الله علیه و آله وعترته الطيبين الطاهرين في الحياة وبعد الممات ، وما صدر منه من المخازي ليس بأضعف دلالة على عدم تصديقه من إلقاء ورقة من المصحف الشريف في قذر .

ولا أظن أن أمره كان خافياً على أجلة المسلمين إذ ذاك ، ولكن كانوا مغلوبين مقهورين ولم يسعهم إلا الصبر … إلى أن يقول : وأنا أذهب إلى جواز لعن مثله على اليقين ، ولو لم يتصور أن يكون له مثل . ثم قال : نقل البرزنجي في الإشاعة والهيثمي في الصواعق أن الإمام أحمد لما سأله ابنه عبد الله عن لعن يزيد . قال : كيف لايلعن من لعنه الله في كتابه ؟! فقال عبد الله : قرأت كتاب الله عز وجل فلم أجد فيه لعن يزيد فقال الإمام : إن الله يقول : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ . وأي فساد وقطيعة أشد مما فعله يزيد .ثم ذكر جزم وتصريح جماعة من العلماء بكفره ولعنه ، منهم القاضي أبو يعلىوالحافظ ابن الجوزي .

ثم نقل قول التفتازاني : لانتوقف في شأنه لعنة الله عليه وعلى أعوانه وأنصاره. ثم نقل ( من تأريخ ابن الوردي وكتاب الوافي بالوفيات لابن خلكان ) قول يزيد عند ورود نساء الحسين وأطفاله والرؤوس على الرماح وقد أشرف على ثنية جيرون ونعب الغراب :

لما بدت تلك الحمول وأشرقت *** تلك الشموس على ربى جيرون

ص: 353

نعب الغراب فقلت قل أو لا تقل *** فلقد قضيت من النبي ديوني

وعلق بقوله : يعني أنه قتله بمن قتل رسول الله يوم بدر ، كجده عتبة وخاله ولد عتبة وغيرهما ، وهذا كفر صريح … ومثله تمثله بقول عبد الله بن الزبعري قبل إسلامه : ليت أشياخي .. إلى آخره .

وذكر ابن خلدون في مقدمته ص ( 254 ) الإجماع على فسقه . وعلق على قعود الصحابة والتابعيين عن نصرة الحسين بقوله : ( لا لعدم تصويب فعله ، بل لأنهم يرون عدم جواز إراقة الدماء ، فلا يجوز نصرة يزيد بقتال الحسين ، بل قتله من فعلات يزيد المؤكدة لفسقه ، والحسين فيها شهيد ) .

ويرى ابن حزم في المحلى : 11/98 ، أن يزيد بغي مجرد ، حسب تعبيره . ويقول الشوكاني في نيل الأوطار : 7/147 : لقد أفرط بعض أهل العلم فحكموا بأن الحسين رضي الله عنه باغ على الخمِّير السكير الهاتك لحرمة الشريعة المطهرة ، يزيد بن معاوية لعنهم الله ! فيا للعجب من مقالات تقشعر منها الجلود ، ويتصدع من سماعها كل جلمود !

وقال الجاحظ في الرسالة الحادية عشر في بني أمية من رسائله ص 398 : المنكرات التي اقترفها يزيد من قتل الحسين وحمله بنات رسول الله صلی الله علیه و آله سبايا، وقرعه ثنايا الحصين بالعود ، وإخافته أهل المدينة ، وهدم الكعبة ، تدل على القسوة والغلظة، والنصب، وسوء الرأي، والحقد والبغضاء، والنفاق والخروج عن الايمان ، فالفاسق ملعون ، ومن نهى عن شتم الملعون فملعون . ويقول برهان الدين الحلبي في السيرة الحلبية : إن الشيخ محمد البكري تبعاً لوالده كان يلعن يزيد ويقول : زاده الله خزياً ووضعه ، وفي أسفل سجين وضعةً .

ص: 354

وقال ابن العماد في شذرات الذهب: 3/179 : إنه سأل عن يزيد بن معاوية فقال : لأحمد فيه قولان تلويح وتصريح ، ولمالك فيه قولان تلويح وتصريح ، ولأبي حنيفة قولان تلويح وتصريح ، ولنا قول واحد تصريح دون تلويح . وكيف لا يكون كذلك وهو اللاعب بالنرد ومدمن الخمر وشعره في الخمر معلوم .

ويقول الذهبي في سير أعلام النبلاء : كان يزيد بن معاوية ناصبياً ، فظاً غليظاً جلفاً ، يتناول المسكر ويفعل المنكر، افتتح دولته بقتل الشهيد الحسين ، وختمها بوقعة الحرة، فمقته الناس ولم يبارك في عمره. ( الروض الباسم 2 / 36 ) .

وللإطلاع على فسقه ومجونه راجع كتب التراجم : مثل وفيات الأعيان ، ومرآة الجنان لليافعي ، وكتب التأريخ وغيرها .. وآخرها تاريخ الإسلام العام للدكتور علي إبراهيم حسن ص 270 .

السلام عليك يا أبا عبد الله ، وعلى المستشهدين بين يديك جميعاً ، ورحمة الله وبركاته .

قل لا أسألكم عليه أجراً ، إلا المودة في القربى .

- وكتب العاملي بتاريخ 6-10-1999 ، الثانية عشرة ظهراً :

أحسنت يا أخ مالك الأشتر ، نصر الله بك آل بيت نبيه الطاهرين صلى الله عليه وعليهم . وعندي ملف ليزيد ، لعلي أتوفق لتأييد موضوعك بشئ منه . ونرجو أن يعرف مشارك من هو يزيده الذي عده من الأئمة الربانيين الهداة المهديين ، الذين بشر بهم رسول الله أمته ، وأمرها باتباعهم !!!

ويعرف أن موقف إمامه ابن تيمية من بني أمية وأهل البيت علیهم السلام ، لا يمثل موقف علماء الاسلام أبداً ، لأنه على النقيض منه !!

وإنما يمثل موقف النواصب الشاذين عن الأمة !!

ص: 355

- وكتب ( محب أهل البيت ) بتاريخ 6-10-1999 ، الواحدة ظهراً :

العاملي :

يعلم الله أننا لا نحب المدعو يزيد ، وأننا عندما ننفي بعض الأمور عنه ليس ذلك حباً فيه، بل إحقاقاً للحق ، رغبة في أن لا نظلم الرجل ، وإن كنا نبغضه لمواقفه ، فإنكارنا منصب على حادثة السبي وغيرها من أمور ، لكننا نثبت الحرة وغيرها ، كما نثبت أن الإمام الحسين قتل مظلوماً شهيداً في كربلاء .

وإذا عندك أمور على يزيد فأتحفني بها . بالعكس هذا الرجل لا يزن عندي جناح بعوضة ، فإذا عندك كلام لعلماء ، أو حقائق فإنا بانتظارها .

- فكتب العاملي بتاريخ 6-10-1999 ، الثالثة ظهراً :

شكراً لك يا أخ محب السنة . وأفهم من هذا أنك لاتعده أحد الأئمة الاثني عشر الموعودين من الله تعالى ، كما فعل مشارك !!

وأرجو من الأخوة التابعين لعقيدة ابن تيمية أن يأخذوا بعقيدتك في يزيد ، ولا يتعصبوا له ضد أهل بيت نبيهم وشيعتهم .

وسأوافيك إن شاء الله بنصوص من مصادر السنيين في يزيد .

- وكتب ( عمار ) ، بتاريخ 6-10-1999 ، الرابعة عصراً :

السلام عليكم . ممكن أن تخبرنا أخي المحب ماذا فعل يزيد بابن زياد ، وبقية الذين حاربوا الحسين سلام الله عليه وسبوا نساؤه ؟!

وهل تعتبر رغبة يزيد في إرسال ابن زياد لغزو المدينة ومكة ، بعد واقعة الطف رضاً منه عن الأداء الذي أبداه في معركة الطف ؟!

أم أنه فعل ذلك لقلة قوّاده الأوفياء ، الذين يطبقون كلامه بحذافيره ؟!

ص: 356

كما وأني أفهم من خلال موضوع نشرته قبل فترة ، أنك تعتبر عمر بن سعد شخصاً صدوقاً تأخذون بحديثه .

فإن كنتم لا تريدون ظلم الرجّال كما تدّعون ، لماذا تعتبرون من يقول أحرقوا بيوت الظالمين (بيوت الحسين ونساؤه ) صدوقاً ؟ ألا يعتبر هذا ظلماً لأهل البيت .. أخي ؟ وما هو رأيكم بمن يقول يزيد رضي الله وأرضاه بل وينشر فضائله ويحبه ؟ أعتقد أنكم رأيتم ذلك في مواضيع كثير في هذه الساحات . والسلام عليكم .

- وكتب ( محب أهل البيت ) بتاريخ 6-10-1999 ، الخامسة مساءً :

العاملي .. أنا محب أهل البيت ولست الأخ محب السنة ، فلا تخلط بيننا ، هذا للعلم . لا أظن سنياً واحداً يترضى على يزيد كأنه صحابي !!

قول الذهبي ، وهو من علماء السنة الكبار ، معروفٌ وهو : ( لا نحبه ولا نسبه ) نحن لا نحبه ولا نسبه ، لأنه ليس من أخلاقنا السب كما يفعل الشيعة لمخالفيهم ولو كانوا مستحقين للسب .

أما عمار فأقول لك أولاً : متى تكلمت عن عمر بن سعد !! راجع مقالاتي كلها ولن تجد فيها كلاماً عن هذا الرجل ، لعلك تخلط بيني وبين أحد آخر . بخصوص عدم فعل يزيد شيئاً لابن زياد ، أو واقعة الحرة ، فهذه من الأمور المأخوذة على يزيد ، والطامات الكبيرة التي فعلها ، وهل نحن نقول بأنه معصوم ، أو أنه لم يفعل طامات في حياته !! لم أقل في مقال لي أي شي من هذا ، لذا كن منصفاً في تقييمك لكلامي ، وفي تقييم كلام أهل السنة ، فأهل السنة قد شنعوا على يزيد ، ولم يجعلونه معصوماً !!

ص: 357

بخصوص عمر بن سعد، وقع خلاف عند العلماء في توثيقه ، فقد وثقه ابن حجر في التهذيب ، ووقع فيه ابن معين ، لأنه ممن قتل الحسين .

عموماً .. مسألة توثيقه في القول لايدخل فيها فعله للكبائر . فقد ترى نصرانياً يعبد المسيح صادقاً في قوله ، ولو كتب الله لك أن تعيش في دولة أجنبية أو تتعامل مع بعض الأجانب ، لرأيت أن منهم من هو صادق أكثر من المسلم رغم كفر وعناده ، وهذا هو التفريق ، فمن وثقه نظر إليه بهذه النظرة .

- وكتب ( الصارم المسلول ) بتاريخ 6-10-1999 ، السادسة مساءً :

إلى الشيعة .. من قال لكم أننا نجعل يزيداً من أئمتنا ؟؟ فيزيد ليس صحابياً حتى ندافع عنه ، بل هو من التابعين وقد كان عهده عهداً أسود باستشهاد الحسين سبط الرسول وسيدنا بالجنة إن شاء الله . وقد استحل دماء الصحابة في المدينة وقتلهم فإني لا أحبه ولن أحبه إلى يوم الدين .

وأما قول البعض إنه برئ من سبي نساء الحسين ، فإن ثبت براءته فلا سبيل أمامنا إلا سبيل الحق ، ولكن حتى لو كان بريئاً من ذلك . فهل ستمحو البراءه مافعله بآل النبي وأصحابه ؟؟ وإن أراد أن يبرئ نفسه كان الأجدر به أن يقتل ابن زياد ، ليثبت للجميع أن ابن زياد قد فعل ذلك خروجاً عن أمره، ولو أن ذلك أيضاً لن يغفر له قتل الحسين .

في النهاية ، أرجو أن تكون الرساله قد وصلت للجميع ، والله المستعان .

- وكتب ( عمار ) ، بتاريخ 6-10-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

ص: 358

أخي محب .. هل تنكر أخي أنكم كتبتم في موضوع يتكلم بخصوص عمر بن سعد ؟ آسف إذا خانتني الذاكرة وأسحب كلامي ، ولا أريد أن أظلمكم، لكني أذكر والله تعالى يشهد أنكم فعلتم ذلك .

سأحاول أن أبحث عن الموضوع بإذن الله .

على العموم أخي ، من خلال كلامكم وقياسكم للذين في الخارج من الكفار الذين لا يكذبون كما تقولون .. أفهم أنه يجوز الأخذ بكلام شخص مثل ابن سعد ، وإن لم تعتقدون بذلك . فعلى الأقل أنكم تتعذرون للذين يأخذون بكلامه من أمثال ابن حجر .

مرّة أخرى أريد أن سألكم وأريد جواباً صريحاً : عامة الأخوة من أهل السنّة أي رأي يرجحون ؟ أنت أي رأي ترجح أخي ؟

أسألك يا محب: الذي يقول أحرقوا بيوت الظالمين يكون صادقاً ؟ هل قوله بأن الحسين وأهل بيته ظالمين يعتبر صدقاً ؟ ألا يعتبر هذا الكلام بل وقتله للحسين كما يقول ابن معين كافياً للطعن برواية إنسان كهذا ؟

أما بخصوص يزيد فأراكم ( السلفية ) كثيراً ما ترددون أنه بكى عندما شاهد رأس الحسين! وأنه لم يوافق ما فعله ابن زياد !! وصراحة فاني أتسائل .. هل حقاً كان هذا هو شعوره وموقفه ؟!

سيرته وأفعاله تؤشر عكس ذلك ، بل وترجح أنه كان راضياً على أداء ابن زياد ، بدليل رغبته في إرساله إلى غزوات أخر . والسلام عليكم .

- وكتب ( الصارم المسلول)، بتاريخ 7-10-1999 ، الواحدة صباحاً:

إلى عمار . . حتى لو ثبت ذلك فيزيد لايعنينا أبداً ، وإن كان هناك الكثير من الروايات المكذوبة في حق يزيد فنتركها لله سبحانه يحكم فيه بعدله . فقد

ص: 359

تضاربت الروايات وتعاكست ، وليس أمامنا إلا أن لا نخوض إلا بالصحيح منها . من لديه روايات صحيحة فيرويها أو فليسكت .

- وكتب العاملي ، بتاريخ 7-10-1999 ، الرابعة عصراً :

الأخ محب أهل البيت ، عفواً للاشتباه بين اسمك واسم الأخ محب السنة .. وهذه بعض النصوص عن يزيد :

قال ابن عبد البر في الاستيعاب : 2 /296 :

أن معاوية لما أراد البيعة ليزيد خطب أهل الشام وقال لهم : قد كبر سني ، وقرب أجلي ، وقد أردت أن أعقد لرجل يكون نظاماً لكم . فأصفقوا وقالوا رضينا عبد الرحمن بن خالد ، فشق ذلك على معاوية ! ثم إن عبد الرحمن مرض ، فأمر معاوية طبيباًً عنده يهودياً. أن يأتيه فيسقيه سقيه يقتله بها فانخرق بطنه فمات .

وقال في الاستيعاب : 1 - 142 :

كان معاوية قد أشار بالبيعة ليزيد في حياة الحسن وعرض بها ، ولكنه لم يكشفها ولا عزم عليها إلا بعد موت الحسن !

وقال ابن كثير في تاريخه : 8 - 79 :

وفي سنة ست وخمسين دعا معاوية الناس إلى البيعة ليزيد ولده أن يكون ولي عهده من بعده ، وكان قد عزم قبل ذلك على هذا في حياة المغيرة بن شعبة، فروى ابن جرير من طريق الشعبي : أن المغيرة كان قد قدم على معاوية وأعفاه من إمرة الكوفة فأعفاه لكبره وضعفه ، وعزم على توليتها سعيد بن العاص ، فلما بلغ ذلك المغيرة كأنه ندم ، فجاء إلى يزيد بن معاوية فأشار عليه بأن يسأل من أبيه أن يكون ولي العهد فسأل ذلك من أبيه فقال : من أمرك بهذا ؟ قال : المغيرة

ص: 360

. فأعجب ذلك معاوية من المغيرة ، ورده إلى عمل الكوفة ، وأمره أن يسعى في ذلك ، فعند ذلك سعى المغيرة في توطيد ذلك ، وكتب معاوية إلى زياد يستشيره في ذلك ، فكره زياد ذلك لما يعلم من لعب يزيد وإقباله على اللعب والصيد ، فبعث إليه من يثني رأيه عن ذلك وهو عبيد بن كعب النميري ، وكان صاحباً أكيداً لزياد ، فسار إلى دمشق فاجتمع بيزيد أولا فكلمه عن زياد وأشار عليه بأن لا يطلب ذلك ، فإن تركه خير له من السعي فيه ، فانزجر يزيد عما يريد من ذلك ، واجتمع بأبيه واتفقا على ترك ذلك في هذا الوقت ، فلما مات زياد شرع معاوية في نظم ذلك والدعاء إليه ، وعقد البيعة لولده يزيد ، وكتب إلى الآفاق بذلك .

وقال الطبري في تاريخه : 6 – 169:

وكان ابتداء بيعة يزيد وأوله من المغيرة بن شعبة ، فإن معاوية أراد أن يعزله عن الكوفة ، ويستعمل عوضه سعيد بن العاص ، فبلغه ذلك فسار إلى معاوية وقال لأصحابه : إن لم أكسكم ولاية وإمارة لا أفعل ذلك أبداً !

وقال السمهودي في وفاء الوفاء : 1 - 91 :

وأخرج ابن أبي خيثمة بسند صحيح إلى جويرية بنت أسماء : سمعت أشياخ المدينة يتحدثون أن معاوية رضي الله عنه لما احتضر دعا يزيد فقال له : إن لك من أهل المدينة يوما فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإني عرفت نصيحته .

فلما ولي يزيد وفد عليه عبد الله بن حنظلة وجماعة فأكرمهم وأجازهم فرجع فحرض الناس على يزيد وعابه ودعاهم إلى خلع يزيد فأجابوه فبلغ ذلك يزيد فجهز اليهم مسلم بن عقبة .. الخ .

وقال المسعودي في مروج الذهب : 6 - 55 :

ص: 361

إن جعدة بنت الأشعث بن القيس الكندي قد سقته السم ، وقد كان معاوية دس إليها : إنك إن احتلت في قتل الحسن ، وجهت إليك بمائة ألف درهم ، وزوجتك يزيد . فلما مات وفى لها معاوية بالمال وأرسل إليها : إنا نحب حياة يزيد ، ولولا ذلك لوفينا لك بتزويجه .

وفي تاريخ اليعقوبي : 2 - 228 :

وبايع معاوية لابنه يزيد بولاية العهد . . . قال عبدالله بن عمر : نبايع من يلعب بالقرود والكلاب ، ويشرب الخمر ، ويظهر الفسوق ! ما حجتنا عند الله ؟! وقال عبد الله بن الزبير : لا طاعة لمخلوق في معصية خالق ، وقد أفسد علينا ديننا .

وقال ابن قتيبة في الامامة والسياسة : 1 - 144 :

كتب إلى سعيد بن العاص وهو على المدينة يأمره أن يدعو أهل المدينة إلى البيعة ، ويكتب إليه بمن سارع ممن لم يسارع ، فلما أتى سعيد بن العاص الكتاب دعا الناس إلى البيعة ليزيد وأظهر الغلظة ، وأخذهم بالعزم والشدة ، وسطا بكل من أبطأ عن ذلك ، فأبطأ الناس عنها إلا اليسير لاسيما بني هاشم فإنه لم يجبه منهم أحد ، وكان ابن الزبير من أشد الناس إنكاراً لذلك ، ورداً له ، فكتب سعيد بن العاص إلى معاوية : أما بعد : فإنك أمرتني أن أدعو الناس لبيعة يزيد ابن أمير المؤمنين ، وأن أكتب إليك بمن سارع ممن أبطأ ، وإني أخبرك أن الناس عن ذلك بطاء ، لاسيما أهل البيت من بني هاشم ، فإنه لم يجبني منهم أحد ، وبلغني عنهم ما أكره . وأما الذي جاهر بعداوته وإبائه لهذا الأمر فعبد الله بن الزبير ، ولست أقوى عليهم إلا بالخيل والرجال ، أو تقدم بنفسك فترى رأيك في ذلك ، والسلام .

ص: 362

فكتب معاوية إلى عبد الله بن العباس ، وإلى عبدالله بن الزبير ، وإلى عبد الله بن جعفر ، والحسين بن علي رضي الله عنهم كتباً ، وأمر سعيد بن العاص أن يوصلها إليهم ، ويبعث بجواباتها ، وكتب إلى سعيد بن العاص :

أما بعد : فقد أتاني كتابك وفهمت ما ذكرت فيه من إبطاء الناس عن البيعة ، ولا سيما بني هاشم وما ذكر ابن الزبير ، وقد كتبت إلى رؤسائهم كتباً فسلمها إليهم وتنجز جواباتها ، وابعث بها حتى أرى في ذلك رأيي ، ولتشد عزيمتك ، ولتصلب شكيمتك ، وتحسن نيتك ، وعليك بالرفق ، وإياك والخرق ، فإن الرفق رشد ، والخرق نكد ، وانظر حسيناً خاصة فلا يناله منك مكروه ، فإن له قرابة وحقاً عظيماً لاينكره مسلم ولا مسلمة ، وهو ليث عرين ، ولست آمنك إن تساوره أن لا تقوى عليه .

فأما من يرد مع السباع إذا وردت ، ويكنس إذا كنست ، فذلك عبد الله بن الزبير ، فاحذره أشد الحذر ، ولا قوة إلا بالله ، وأنا قادم عليك إن شاء الله . والسلام .

وجاء في منشور المعتضد العباسي في البراءة من معاوية ، كما في تاريخ الطبري: 1/ 358 :

ودعاؤه عباد الله إلى ابنه يزيد المتكبر الخمير صاحب الديوك والفهود والقرود ، وأخذه البيعة له على خيار المسلمين بالقهر والسطوة والتوعيد والإخافة والتهدد والرهبة ، وهو يعلم سفهه ، ويطلع على خبثه ورهقه ، ويعاين سكراته وفجوره وكفره ، فلما تمكن منه ما مكنه منه ووطأه له وعصى الله ورسوله فيه ، طلب بثارات المشركين وطوائلهم عند المسلمين ، فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم يكن في الإسلام أشنع منها ولا أفحش مما ارتكب من الصالحين فيها ، وشفى

ص: 363

بذلك عبد نفسه وغليله ، وظن أن قد انتقم من أولياء الله ، وبلغ النوى لأعداء الله ، فقال مجاهراً بكفره ، ومظهراً لشركه :

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل

قد قتلنا القرم من ساداتهم *** وعدلنا ميل بدر فاعتدل

فأهلوا واستهلوا فرحاً *** ثم قالوا : يا يزيد لا تشل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل

وفي تفسير الميزان للطباطبائي : 18/ 208 :

وفي الدر المنثور أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله قال: إني لفي المسجد حين خطب مروان فقال : إن الله قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأياً حسناً ، وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر ، فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : أهرقلية ؟ إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته ، ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة لولده ! فقال مروان : ألست الذي قال لوالديه : أف لكما ؟ فقال عبد الرحمن : ألست ابن اللعين الذي لعن أباك رسول الله ؟! قال وسمعتها عائشة فقالت : يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا ؟ كذبت والله مافيه نزلت ، نزلت في فلان بن فلان .

وفي تاريخ اليعقوبي : 2 / 229 :

وحج معاوية تلك السنة فتألف القوم ، ولم يكرههم على البيعة ، وأغزى معاوية يزيد ابنه الصائفة ، ومعه سفيان بن عوف العامري ، فسبقه سفيان بالدخول إلى بلاد الروم ، فنال المسلمين في بلاد الروم حمى وجدري ، وكانت أم كلثوم

ص: 364

بنت عبد الله بن عامر تحت يزيد بن معاوية ، وكان لها محباً فلما بلغه ما نال الناس من الحمى والجدري ، قال :

ما إن أبالي بما لاقت جموعهم *** بالغذقذونة من حمى ومن موم

إذا اتكأت على الأنماط في غرف *** بدير مران عندي أم كلثوم

فبلغ ذلك معاوية فقال : أقسم بالله لتدخلن أرض الروم فليصيبنك ما أصابهم ، فأردف به ذلك الجيش ، فغزا به حتى بلغ القسطنطينية .

وفي الخطط السياسية ليعقوب ص 58 :

الحقائق الثابتة .. الحقيقة الأولى : أن رسول الله لعن الحكم بن العاص ، ولعن ما في صلبه ، ولعن أبا سفيان ، ولعن ابنيه .

والحقيقة الثانية : أن عداء أبي سفيان ومن والاه للنبي لم يتوقف طوال 21 عاماً ، وأن إيذاء الحكم بن العاص للنبي لم يتوقف أيضاً طوال هذه المدة .

والحقيقة الثالثة : أن ابنا أبي سفيان سادوا المسلمين بالقوة ، كذلك فإن ابنا الحكم بن العاص سادوا المسلمين بالقوة .

والثابت أن تدوين الحديث النبوي تم رسمياً في العهد الأموي . هنا يثور التساول المرير : كيف يحكم أمة محمد أولئك الذين لعنهم محمد ؟!!

الحديث يحل الإشكال لعنة النبي لهاتين الأسرتين ، وأمثالهما كان في لحظة غضب ، فقد لعنهم الرسول وسبهم وهم لايستحقون اللعنة والمسبة ، وأدرك الرسول ذلك فدعا أن تتحول لعنة هاتين الأسرتين وأمثالهما إلى زكاة وطهور لهم . وتلك قفزة بالتفضيل لم يشهد العقل البشرى لها مثيلاً !! فأهل البيت الذين انحدروا من صلب النبي وأذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ، والذين عادوا النبى طوال سني البعثة طهرهم الله أيضا تطهيراً !

ص: 365

إن هذا لأمر عجاب !!

- وكتب ( مالك الأشتر ) بتاريخ 9-10-1999،الثانيةعشرة والنصف صباحاً:

وفقك الله ياعاملي لما يحب ويرضى ..

قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

- وكتب ( محب أهل البيت ) بتاريخ -10-1999، السادسة والنصف مساءً:

العاملي.. مع جزيل الشكر . . لكن ألا ترى أن معظم النقولات من كتب غير سنية ؟ مروج الذهب للمسعودي الشيعي . الإمامة والسياسة لابن قتيبة ( غير صحيح النسبة له، ويحتمل أن يكون لابن قتيبة الشيعي ) . تفسير الميزان الشيعي ؟! بقي فقط بعض الكتب كالطبري وابن كثير والبقية ، وهذه تحتاج إلى توثيق إسنادي أولاً ، فالطبري يروي الغث والسمين ، وقد ذكر إسناده في الروايات لمن يكون ، فعلينا دراسة الأسانيد قبل الحكم .

وأنا بانتظار نقولات عن يزيد وأفعاله ، لاعن معاوية بن أبي سفيان ، والفرق واضح . قال تعالى ( ولا يجر منكم شنئان قوم على أن لا تعدلوا ) .

- وكتب ( مالك الأشتر ) بتاريخ 9-10-1999، السابعة إلا ربعاً مساءً :

اللهم صل على محمد وآل محمد .

السلام عليكم . وماذا عن العلماء في بداية الصفحة ؟ !

قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

- قال العاملي : وغاب الذي سمى نفسه ( محب أهل البيت ) ولم يتابع البحث في يزيد ، لأنه يحب أباه معاوية وقد يحب يزيداً أيضاً !

ص: 366

ومن المؤكد أن حبه الذي يزعمه لأهل البيت علیهم السلام ، لم يبلغ درجة تجعله مستعداً لأن يتبرأ من قاتليهم ، فضلاً عن ظالميهم !

- كتب الشطري في شبكة أنا العربي ، بتاريخ 2-6–1999 السابعة مساءً ، موضوعاً بعنوان : ( قتل الحسين ليس ذنباً عند ابن تيمية.. فهل هذا يرضي المسلمين ؟؟ ) ، قال فيه :

إلى هنا وابن تيمية لا يرى أن قتل الحسين علیه السلام مما يعد في ذنوب يزيد ، ولا هو من الأمور المنكرة التي ارتكبها !!

يقول ابن تيمية : ( إن يزيد لم يظهر الرضا بقتله ، وإنه أظهر الألم لقتله ، والله أعلم بسريرته ! وقد علم أنه لم يأمر بقتله ابتداء ، ولكنه مع ذلك ما انتقم من قاتليه ، ولا عاقبهم على ما فعلوه إذ كانوا قتلوه لحفظ ملكه ! ولا قام بالواجب في الحسين وأهل بيته ، ولم يظهر له من العدل وحسن السيرة ما يوجب حمل أمره على أحسن المحامل ، ولا نقل أحد أنه كان على أسوأ الطرائق التي توجب الحد ! ولكن ظهر من أمره في أهل الحرة ، ما لانستريب أنه عدوان محرم ) ! ( رأس الحسين 207 ) .

هكذا إذن لم يكن في قتل الحسين علیه السلام وما جرى له ولأهل بيته عدوان ولاعمل محرم! وحتى في تعطيل حدود الله بحق قاتليه، لأنه هنا متأول ! فهؤلاء إنما قتلوا الحسين لحفظ ملكه !! قال تعالى : ( إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم . أولئك الذين حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة ومالهم من ناصرين ) . آل عمران - 3 : 21 - 22 .

ص: 367

وإن نصرهم ابن تيمية وأصحاب التأويل وجادلوا عنهم في الحياة الدنيا (فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة ) . النساء 4 – 109 ؟!

روى الطبري بإسناده : كان الوحي يأتي أنبياء بني إسرائيل فيذكرون فيقتلون ، فيقوم رجال ممن اتبعهم وصدقهم فيذكرون قومهم فيقتلون ، فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس .

وروى أيضاً عن النبي أنه سئل : من أشد الناس عذاباً يوم القيامة ؟ فقرأ النبي هاتين الآيتين ، ثم قال : قتلت بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبياً من أول النهار في ساعة واحدة ، فقام مئة رجل واثنا عشر رجلاً من عباد بني إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعاً من آخر النهار في ذلك اليوم ، وهم الذين ذكر الله عز وجل ) . ( تفسير الطبري 3 - 216 ) .

هذا قول الله ورسوله ، وصدق الله ورسوله . لكن ابن تيمية يقول : إن خروج هؤلاء على سلطان زمانهم فساد كبير وشر عظيم وسبب للفتن !

أما قوله إن يزيد لم يظهر الرضا .. وإنه أظهر الألم ، وإنه لم يأمر بقتله ابتداء ! فهي دعوى بوسع كل امرئ أن يطلقها حين لا تكون هناك مسؤولية عن الكلمة ، ولا أظنك نسيت قوله في حديث الإمام أحمد ) . انتهى .

فقوله هنا ( قد عُلِم ) أشبه شئ بقوله هناك باتفاق العلماء ونحوه ، فالذي قد علم حقاً هو العكس تماماً ! فهل غير رأيه بيزيد لصلاح حاله وتقواه ؟!

الشخص الذي ارتكب في مدينة الرسول ما لم يفعله حتى المغول ! ما الذي يحجزه عن قتل الحسين ؟! ألم يرث من أسرته ذاك العداء التاريخي لأسرة الحسين ؟! ألم ينشأ وملء أذنيه لعن علي والحسن على منابر أبيه ، ثم كان ذلك ملء فيه منذ تعلم الكلام ، فأمضاه على منبره سنة يتعبد بها كل يوم مرات ؟!

ص: 368

وبالأمس كان أبوه قد اغتال الحسن أخ الحسين بالسم ، وحارب علياً أبا الحسين بسيفه ولسانه حتى هلك ، وجده أبو سفيان كان شيخ المحاربين لجد الحسين صلی الله علیه و آله ، وجدته هند حالها لا يخفى !

فالجد أبو سفيان ، والجدة هند ، والأب معاوية ، والابن يزيد ، والابن شر الأربعة بلا خلاف ، فلم ينسب إليه أحد شعرة من دين كانت تنسب لأبيه أو جده وحتى جدته ، بصدق أو بمين . فمن يستنكر إقدام يزيد على قتل الحسين علیه السلام ؟!

ولقد كان مروان بن الحكم الذي هو فَضَضٌ من لعنه نبي الله ،كما وصفته أم المؤمنين عائشة ( الكامل في التاريخ 4 - 507 ) هو الآخر خيراً من يزيد ، ولقد قال لوالي المدينة حين دعا الحسين ليأخذ منه البيعة ليزيد : أشدد يدك بالحسين فلا يخرج حتى يبايع ، فإن أبى فاضرب عنقه ! ( الإمامة والسياسة - 175 ، الكامل في التاريخ 4 - 15 ، تاريخ اليعقوبي 2 - 241 ) . وفوق هذا المعلوم من أمره شهادة عبيد الله بن زياد واليه على قتل الحسين : عاش عبيد الله بن زياد بعد موت يزيد ، فاضطربت عليه الأحوال في العراق فخرج إلى الشام ومعه مئة رجل من الأزد يحفظونه، وفي بعض الطريق رأوه قد سكت طويلاً ، فخاطبه أحدهم ويدعى مسافر بن شريح اليشكري فقال له : أنائم أنت ؟ قال : لا ، كنت أحدث نفسي ! قال له مسافر : أفلا أحدثك بما كنت تحدث به نفسك ؟ قال: هات قال مسافر : كنت تقول : ليتني لم أقتل حسيناً . فقال عبيد الله بن زياد : أما قتلي الحسين فإنه أشار إلي يزيد بقتله أو قتلي ، فاخترت قتله! (الكامل في التاريخ 4 - 140 ) . تذكر الآن قول ابن تيمية ( قد عُلِم ) ثم انظر القول الآتي: قال ابن العماد الحنبلي : قال التفتازاني في شرح العقائد النسفية :

ص: 369

اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين ، أو أمر به ، أو أجازه ، أو رضي به ، والحق أن رضا يزيد بقتل الحسين واستبشاره بذلك وإهانته أهل بيت رسول الله مما تواتر معناه وإن كان تفصيله آحاداً ، فنحن لا نتوقف في شأنه ، بل في كفره وإيمانه ، لعنة الله عليه وعلى أنصاره وأعوانه . ( شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي : 1/68 ) .

ونقل هذا الكلام الشبراوي أيضاً ، وذكر أعمال يزيد ثم قال : ولا يشك عاقل أن يزيد بن معاوية هو القاتل للحسين ، لأنه هو الذي ندب عبيد الله بن زياد لقتل الحسين . ( الإتحاف بحب الأشراف 62 ، 66 ) .

ثم لعنه الإمام أحمد بن حنبل بسبب قتل الحسين علیه السلام ، ونقل الشبراوي حديثه كاملاً عن ابن الجوزي ، وفي آخره : قال أحمد : وكيف لا يُلعن من لعنه الله تعالى في كتابه ؟ قال له ابنه صالح : وأين لعن الله يزيد في كتابه ؟ فقال : في قوله تعالى ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتُقطّعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) وهل يكون فساد أعظم من قتل الحسين ؟ ! وقد قال تعالى ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ) وأي أذى أشد على محمد صلى الله عليه ( وآله ) وسلم من قتل الحسين الذي هو له ولابنته البتول قُرّة عين ؟! ( الإتحاف بحب الأشراف ص 63- 64 ورواه من طريق آخر في ص 64 ) .

قال ابن الجوزي الحنبلي في رده على المتعصب العنيد: ( إن إنكاره على من استجاز ذم المذموم ولعن الملعون من جهل صراح، فقد استجازه كبار العلماء، منهم الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه ، وقد ذكر أحمد في حق يزيد ما يزيد على اللعنة ) . (الرد على المتعصب العنيد - 13) . ثم قال ابن الجوزي: وما يكاد أحد

ص: 370

ينصح عن أحد إلا وهو محب له ، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه ( وآله ) وسلم: المرء مع من أحب . ( الرد على المتعصب العنيد ص30 ).

ومن هنا نفهم أن ابن تيمية يكون مع من يحب ، أعني يزيد ، وبذلك يشمله قول أحمد بن حنبل المتقدم .

فليتأمل المسلم الواعي ،كيف يدافع ابن تيمية عن يزيد بن معاوية ، ويبخس الحسين بن علي سبط النبي الأكرم حقه ، ويعتبر يزيد مجتهداً متأولاً كما أعتبروا ابن ملجم مجتهداً متأولاً أيضاً في قتله الإمام علي علیه السلام ، بينما نراه لم يعلق على شماعته هذه فعل الذين هاجموا الخليفة عثمان وقتلوه ، فلماذا قاتل علي وقاتل الحسين مجتهد ، وقاتل عثمان وعمر كافر ؟!!

حكم عقلك أيها المسلم الواعي وكن منصفاً .. أليس هذا عداءً صريحاً لآل محمد صلی الله علیه و آله ، وتزويراً وتلاعباً في الدين وتضليلاً للمسلمين . فما لكم كيف تحكمون .. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ..

والحمد لله رب العالمين .

- وكتب ( دانيال ) ، بتاريخ 28-6-1999 ، السادسة صباحاً :

إذا كان القاتل ( يزيد ) فلا شئ في ذلك عند ابن تيميه أو غيره من الذين يكتبون الكتب التي تبرر فعل يزيد ، ويطبعونها ويوزعونها قربة لله تعالى ! لأن يزيداً لم يشرب الخمر ولم يصلِّ وهو ثمل ، ولم يزنِ ولم يكن يلاعب القردة ، ويسمع الدفوف ، فهو إذن صحابي جليل له ما لصحابة رسول الله ،لا يجوز أن نتكلم عليه بشئ ، بل من الواجب أن ندافع عنه ما استطعنا .

هذا هو المنطق إذاً .. من يقتل ابن رسول الله ذبحاً من الوريد إلى الوريد ويقتل أصحابه ويسبي ذراريه ونسائه وأطفاله ويضرب شفتيه بالخيزران ويشتمه

ص: 371

ويشتم رسول الله .. مؤمن عند ابن تيمية !! إذن فعلى الاسلام السلام إذا كان علماء المسلمين هكذا . لعنة الله على الظالمين .

- فكتب ( مشارك ) بتاريخ 28-6-1999 ، السابعة صباحاً :

ما أقبح كذب الرافضة !!! هذا رأي أهل السنة ياروافض :

يزيد ليس بصحابي . الحسين أفضل من ألف يزيد . أهل السنة لا يروون الحديث عن يزيد ، وعندما سئل الإمام أحمد عنه رفض أن يأخذ عنه الحديث وعندما سأله ابنه صالح ولماذا لا تلعنه ؟ قال لابنه : ومتى رأيت أباك يلعن أحداً ( هذا ما ثبت عندنا عن أحمد ياشطري ) .

يزيد كان قائد أول جيش لغزو القسطنطينية ، وهو الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم ( أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له ) . لم يكفر الحسين يزيداً بل إنه لم رأى تخاذل الناس عنه طلب من جيش يزيد أحد ثلاثة أمور :

1 - أن يعود من حيث أتى . 2 - أن يذهب إلى أحد الثغور .3 - أن يذهب إلى يزيد بنفسه . ولكن أولئك الرعاع أرادوا أن يأخذوه أسيراً إلى يزيد ، فرفض وقاتل حتى قتل رضي الله عنه وأرضاه . لم تثبت كثير من الأمور التي نسبت ليزيد . كان في الخلفاء الأمويين والعباسيين من هو أسوأ بكثير من يزيد ولكن لارتباط عهده بقتل الحسين ووقعة الحرة ، ولقربه من عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان الخطب عليه كبيراً .

نحن لا نحب يزيد ، بل نحب الحسين ومعاوية وعلياً وسائر الصحابة .

- وكتب الشطري ، بتاريخ 28-6-1999 ، السادسة مساءً :

ص: 372

الأخ مشارك المحترم ، بعد التحية والسلام .. ليس من أدب الحوار أن تتهم ثلث المسلمين وأكبر مذهب إسلامي من المذاهب الخمسة بالكذب بدون حجة وبدون دليل !! بل اتباعاً للهوى وما تمليه النفس الأمارة !!

ثم إن المكان ليس مكاناً للاتهامات والشتائم ، بل للحوار العلمي الهادف المبني على الدليل من أجل الوصول إلى الحقائق ، التي ينبغي أن نسلكها في سلوكنا لله تبارك وتعالى . وأما ما ذكرته فيلاحظ عليه :

أولاً: ليس البحث في الأفضلية فإنه لاوجه لقياس يزيد بالحسين علیه السلام ، بل إن يزيد فاسق شارب للخمر ، صديق للقردة ، فلا وجه للقياس إذن .

وثانياً : ما هذا التهافت الذي لا ينبغي أن يصدر عن مثلكم ، فكيف يكون مغفوراً له حسب ادعائك ويرفض الإمام أحمد الأخذ عنه ، ويراه يستحق اللعن ، ولكنه لا يلعن أحداً حسب نقلك ونقل ابن تيمية للحديث ! !

على أنه في غزوة القسطنطينية أشركه أبوه ليرفع فيها من شأنه ، ومع ذلك تثاقل وأعتل ! قال ابن الأثير في أحداث سنة 49 ه- في هذه السنة وقيل سنة خمسين سير معاوية جيشاً كثيفاً إلى بلاد الروم للغزاة ، وجعل عليهم سفيان بن عوف وأمر أبنه يزيد بالغزاة فتثاقل واعتل! فأمسك عنه أبوه. قال: فأصاب الناس في غزاتهم جوع ومرض شديد فأنشأ يزيد يقول :

ما أن أبالي بما لاقت جموعهم *** بالفرقدونة من حمى ومن موم

إذا اتكأت على الأنماط مرتفعاً *** بدير مران عندي أم كلثوم

وأم كلثوم امرأته بنت عبد الله بن عامر . راجع الكامل في التاريخ ج 3 . ومعجم البلدان عند تعريف ( ديرمران ) . فهذا حال يزيد في غزوة القسطنطينية!

ص: 373

أما الحديث الذي ذكرته عن الإمام أحمد فإنك قطعته ولم تكمله لأنه لا يوافق هواك ، أما تكمل الحديث .. واصل الإمام أحمد قائلاً : ولم لا يلعن من لعنه الله تعالى في كتابه ؟! فقيل له : وأين لعن الله يزيد في كتابه ؟ فقرأ أحمد قوله تعالى (فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ، أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) ثم قال : فهل يكون فساداً أعظم من القتل ؟! ولكن ابن تيمية لم ينقل الرواية بكاملها ! بل قطعها وفقاً لهواه ورعاية للأمانة في نقل عقائد السلف وأحاديثهم !!!

أليس كذلك يا أخ مشارك ؟! راجع كتاب ابن الجوزي الفقيه الحنبلي ( الرد على المتعصب العنيد ) فإنه يذكر الرواية كاملةً .

وصنف القاضي أبو الحسين محمد بن القاضي أبي يعلى بن الفراء كتاباً في بيان من يستحق اللعن وذكر فيهم يزيد ، وقال : الممتنع من ذلك إما أن يكون غير عالم يجواز ذلك ، أو منافقاً يريد أن يوهم بذلك ، وربما استفز الجهال بقوله ( المؤمن لا يكون لعاناً ) ! وهذا محمول على من لا يستحق اللعن . فهذا رأي أهل السنة يا مشارك فلماذا تحملهم ما لا يقولون . وكتب تواريخهم وأحاديثهم تضج بفضائح يزيد وأقوال العلماء فيه ، بل حتى ابنه معاوية قال فيه : إن أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه وقبح منقلبه ، وقد قتل عترة الرسول وأباح الحرمة وحرق الكعبة . ( تاريخ اليعقوبي )

وقد جاء في الصحيح عن علي عن النبي قال : ( المدينة حرم مابين عائر إلى كذا ، فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ، ولا يقبل الله منهم صرفاً ولا عدلاً ) . رواه أحمد والبيهقي وأبو داود والترمذي عن علي . ورواه مسلم عن أبي هريرة كنز العمال ج 12 .

ص: 374

ومع هذا كله يحاول ابن تيمية أن يبرر له ، بل ومن تبع ابن تيمية في البلد الذي استحل فيه يزيد حرمة الكعبة المشرفة وحرمة المدينة المنورة التي أباحها ثلاثة أيام بجنده ، فيطبع في هذا البلد كتاباً يثني على يزيد ويروي الحديث في مدحه وينشره في الحرمين الشريفين للدفاع عن يزيد !! والكتاب بعنوان (حقائق عن أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ) وزارة المعارف والمكتبات المدرسية في المملكة العربية السعودية !! فكيف تقول نحن لا نحب يزيد وتطبعون الكتب في مدحه ، فمن هو الذي يكذب إذاً ؟!!

أما قولك الحسين ( علیه السلام ) لم يكفر يزيد ! فهذا مما تضحك منه الثكلى ، هلاّ قرأت ما في كتب التاريخ من الطبري وغيره قول الحسين للوليد بن عتبة بن أبي سفيان ومروان ، عندما أرادا البيعة منهم ليزيد فأنه قال :

( يا ابن الزرقاء أأنت تأمر بضرب عنقي ،كذبت ولؤمت نحن أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ، ويزيد فاسق شارب الخمر وقاتل النفس ، ومثلي لا يبايع مثله!! ) . انتهى . فما هذه الغيرة على يزيد ؟ !

ولماذا لاتكون هذه الغيرة على دين الله وعلى أولياء الله ؟!

اللهم اجعلنا ممن تنتصر به لدينك . والحمد لله رب العالمين .

- وكتب ( عرباوي ) بتاريخ 28-6-1999 ، الثامنة مساءً :

يقول مشارك : يزيد كان قائد أول جيش لغزو القسطنطينية ، وهو الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم ( أول جيش يغزو القسطنطينية مغفور له ) !! أقول : لعنة الله على النواصب الذين خدعوكم بهذه الأحاديث !!

أشكر الأخ حسين الشطري .

مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها هوى .

ص: 375

- قال العاملي : وغاب مشارك حزيناً لعجزه في الدفاع عن يزيد !!

- كتب الشطري في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 10-9-1999 ، الخامسة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( الحسين بن علي علیه السلام مفسد بنظر ابن تيمية !!!! ) ، قال فيه :

ما زال ابن تيمية مصراً على أن خروج الحسين علیه السلام هو من الفساد الذي نهى عنه الله ورسوله !! فيؤيد عقيدته هذه بتأويل جديد ربما طرب له عمي القلوب ، ولكن سيسخر منه بسطاء الناس ، ناهيك عن عقلائهم ! قال: ( والدليل على أن ما قام به الحسين كان خلافاً لما أمر به النبي ما ثبت في الصحيح عن النبي أنه كان يأخذ الحسن وأسامة بن زيد ويقول : اللهم إني أحبهما فأحبهما . ففي هذا الحديث جمعُهُ بين الحسن وأسامة رضي الله عنهما وإخباره بأنه يحبهما ودعاؤه الله أن يحبهما ، وحبه لهذين مستفيض عنه في أحاديث صحيحة ، كما في الصحيحين عن البراء بن عازب قال : رأيت النبي والحسن على عاتقه وهو يقول : اللهم إني أحبه فأحبه . وهذان اللذان جمع بينهما بالمحبة ، وكان يعرف لكل واحد منهما منفرداً ، لم يكن رأيهما القتال في تلك الحروب ) . انتهى . ( منهاج السنة 2 / 243 ) .

فكر ثاقب !! واستنتاج رائع ، له بريقٌ أعشى عيونَ أقوامٍ لايفقهون أن يقولوا له كلمة واحدة ! لا يفقهون أن يقولوا له : ترى كيف كان قول النبي صلی الله علیه و آله في الحسين ؟! أكان جافياً له ساخطاً عليه ؟!

جمع النبي صلی الله علیه و آله مرة بين الحسن وأسامة فحفظها ابن تيمية ، وجمع صلی الله علیه و آله بين الحسن والحسين علیهما السلام سبع سنين ، فلم يحفظ منها ابن تيمية مرة واحدة !! وهل

ص: 376

فرق النبي بين الحسن والحسين في حب وحباء وتكريم ومنزلة؟!! فكم مرة يلقاه أصحابه وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى إذا اجتمع الصحابة عنده قال : ( هما ريحانتاي من الدنيا ) . صحيح البخاري -كتاب فضائل الصحابة - باب رحمة الوالدين -سنن الترمذي : 5-3770 ) .

وقال : ( هذان ابناي ، وابنا بنتي ، اللهم إني أحبهما ، فأحبهما ، وأحب من يحبهما). وهذا الحديث أخرجه الترمذي عن أسامة بن زيد نفسه : 5 - 3769 . وقال: ( اللهم إني أحبهما فأحبهما ) . سنن الترمذي : 5 - 3782 . وقال : ( من أحبهما فقد أحبني ، ومن أبغضهما فقد أبغضني ) . ( مسند أحمد 2 . سنن البيهقي 4 - 28 ، المستدرك 3 - 171 ) .

وهذا وكثير غيره كله في الصحاح ، وما أشهر قوله صلی الله علیه و آله فيهما : ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) . فلم لم تدل هذه الأحاديث الصحيحة على رضا النبي صلی الله علیه و آله بما صنع الحسين علیه السلام ؟!! وهل يشك أحد في منزلة الحسين عن النبي صلی الله علیه و آله ؟! ألم يكن الحسين من الأربعة الذين جمعهم النبي تحت الكساء وقال : ( اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً ) ؟!!

ألم يكن واحداً ممن أمر النبي بالتمسك بهم حين قال : ( إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ) ؟!!

وفوق كل ذلك جاء في الحسين حديثاً لم يأت حتى في أخيه الحسن علیه السلام ، لاتفضيلاً للحسين على الحسن علیهما السلام ، ولكن لما كان يعلمه النبي صلی الله علیه و آله من موقف الحسين علیه السلام ، الذي ستقف بوجهه دولة كاملة بكل ما فيها ، ومما فيها محدثوها ومؤرخوها ومفتوها ، فقال فيه قولا يهدي من آمن بالله ورسوله إلى أن صنع الحسين هو من هدي رسول الله ومن جنس صنعه ، فقال : ( حسين مني وأنا من

ص: 377

حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ) . أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 8 : 415 / 3536، والترمذي 5:658 / 3775 ، وابن ماجة 1 : 51 / 144 ، وأحمد في المسند 4 : 4 /172 ، والبغوي في مصابيح السنة 4 : 195 / 4833 ، والحاكم في المستدرك 3 : 177 ) .

فزيادة على الحب ينص النبي صلی الله علیه و آله على مزيد من الاختصاص إلى حد الاتحاد في الرضا والغضب والحب والبغض والموالاة والبراءة ، مع الاتفاق في المواقف كلها : ( حسين مني وأنا من حسين ) ( حسين سبط من الأسباط ) ! فأين غاب هذا وغيره عمن يريد أن يرسم منهاج السنة النبوية بعيداً عن الهوى والعصبية ؟!!

أليس ابنتيمية هو القائل : ( لكن أهل الأهواء لا يقبلون إلا ما يظنون أنه يوافق أهواءهم ) .

ولماذا غاب عن ابن تيمية حديث الصحابي أنس بن الحارث الذي استشهد مع الحسين علیه السلام ، وقد رواه كل من ترجم لهذا الصحابي ! كما رواه البغوي الذي قال فيه ابن يتيمة ، إنه من أعلم وأصدق من كتب مقتل الحسين لأنه يسند ما ينقله عن الثقات !! رأس الحسين 206 قال الصحابي أنس بن الحارث : سمعت رسول الله يقول : ( إن أبني هذا يعني الحسين يقتل بأرض يقال لها كربلاء ، فمن شهد منكم ذلك فلينصره ) . البداية والنهاية 8 : 201 ، عن البغوي ، وانظر أسد الغابة والإصابة في ترجمة أنس بن الحارث، وتهذيب تاريخ دمشق 4 / 328 ، 341 ) . إن مستشرقاً ألمانياً لايشده إلى يزيد هوى ، ولم تحركه لنصرة الدين عقيدة ، كان أقدر من ابن تيمية على تفسير نهضة الحسين، كان ذاك ( ماربين الألماني ) حيث يقول : إن حركة الحسين في خروجه على يزيد كانت عزمة قلب كبير عز عليه الإذعان

ص: 378

وعز عليه النصر العاجل ، فخرج بأهله وذويه ذلك الخروج الذي يبلغ به النصر الآجل بعد موته ، ويحيي به قضية مخذولة ليس لها بغير ذلك حياة ) . أبو الشهداء للعقاد 118 ، عن ماربين في كتابه السياسة الإسلامية . لكن هذا النصر الآجل سماه ابن تيمية فِتَناً !!

هذا كل ما أبداه ابن تيمية من تفاعل مع مصرع الحسين علیه السلام وأهل بيته ، ذلك المصرع الذي أبكى رسول الله صلی الله علیه و آله في حياته! وحزن له جبريل علیه السلام !

روى أحمد في مسنده أن علياً مر بكربلاء في طريقه إلى صفين ، فنادى : إصبر أبا عبد الله بشط الفرات ! ( وأبو عبد الله هو الحسين علیه السلام )

قيل له : ما ذاك ؟ فقال : دخلت على رسول الله صلی الله علیه و آله ذات يوم وعيناه تفيضان فقلت : ما أبكاك يارسول الله ؟ فقال : بلى ، قام من عندي جبريل قبل قليل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات ، وقال لي : هل لك أن أشمك من تربته ؟ قال : فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم أملك عيني أن فاضتا ) . مسند أحمد 1 / 85 ، سير أعلام النبلاء 3 / 288 ، البداية والنهاية 8 / 201 ، مجمع الزوائد 9 / 187 ، وقال : أخرجه البزاز ورجاله ثقات .

وعن ابن عباس قال يوم مصرع الحسين : رأيت رسول الله في المنام نصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم . فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا؟ قال: هذادم الحسين وأصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم، قال: فأحصينا ذلك اليوم فودناه يوم مقتله . مسند أحمد 1/283 ، تهذيب تاريخ دمشق 4/343 ، سير أعلام النبلاء 3 / 315 ، البداية والنهاية 8 / 202 . وقال : رواه أحمد وإسناد قوي .

ص: 379

لكن هذا المصرع لم يهز لابن تيمية شعرة ، ولا خفق له قلبه خفقة ، ولا أحدث في ضميره نقمة على من قتلوا آل النبي ذلك القتل الشنيع ، ثم تبعوه بانتقاض بعد انتقاض ، واشتفاء بعد استشفاء بمحمد وآله !

يا لشقاء أمة لا ترتوي من دموع الأنبياء !! بل من دماء الأنبياء .. وأبناء الأنبياء ! ! لا ترتوي .. لا ترعوي .. يا للندامة والشقاء !!

ويتابع الجريمة إلى آخر فصولها ، ويدافع عن يزيد ، ويكذِّب لأجله حتى نفسه ، ومن يشهد له بالصدق من أصحاب التاريخ !!

- وكتب ( الصارم ) ، بتاريخ 10-9-1999 ، الخامسة مساءً :

باختصار : أين هذا الاستنتاج الذي جئت به يا شطري ، من أن الحسين مفسد في نظر ابن تيمية ! هذا استنتاجك ! أرجو أن تنقل كلام ابن تيمية بتمامه وتوجه اعتراضك له مع التأمل في كلامه رحمة الله . لأني قرأت مقالك وأحسست أن الحقد لابن تيمية يجعلك تكتب دون تركيز ، ولا ألومك لأن الحاقد يأتي بالأعاجيب . شكراً . قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه :

( إذا سألت كريماً حاجة فدعه يفكر ، فإنه لا يفكر إلا في خير ) .

- وكتب ( مشارك ) بتاريخ 10-9-1999 ، السابعة مساءً :

ومن قال لك أنه ينقل عن ابن تيمية ؟ لقد أثبتنا مغالطاته في النقل عن ابن تيمية ، وذكرنا له كلام ابن تيمية بنصه في كذب الروافض في دعوى أن ابن تيمية يقول أن معاوية قتل الحسن ، وتحديناهم أن يأتوا بكلام ابن تيمية الذي يثبت ذلك فلم يستطيعوا ! المشكلة حين يوهمك من يناقشك أنه ينقل من مصادرك ، ثم تجهد نفسك لتعلم : أن القوم إما مدلسون أو . . .

ص: 380

ثم يقولون لماذا لا تناقشون !! ( عجباً ) !!

- وكتب ( شعاع ) بتاريخ 11-9-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً :

الرافضة لا يملكون منهاج السنة.. إنهم يخافون من هذا الكتاب كما يخافون من الموت . رد في كتابه على افترائاتهم ، ومن ثم أخذوا يفترون مرة أخرى ولكن هذه المرة على شيخ الإسلام . ويبدو أنهم ينقلون من أحد كتبهم ولا أدري أين ذلك الكتاب حتى يرد عليه بالتفصيل ونبين كذبه وتنتهي الكذبة .

- فكتب الشطري بتاريخ 11-9-1999 ، الحادية عشرة صباحاً :

الأخوة الأفاضل (مشارك وصارم وشعاع ) بعد التحية والسلام :

أولاً : لم يكن ردكم رداً علمياً على ماذكرناه ، بل كان مجرد تهكمات تحمل في طياتها شتائم مبطنة .

ثانياً : أنقل لكم نص كلام ابن تيمية في كتابه منهاج السنة ، الذي يعتبر الحسين علیه السلام مخالفاً لما أمر به النبي صلی الله علیه و آله ، ويبرر ليزيد اللعين أفعاله الشنيعة ! وإليكم نص كلامه ليعرف الأخ شعاع بأن لدينا من المصادر وكتب أهل السنة موجودة في أيدينا ومكتباتنا تضج بها ، بخلاف كتب الشيعة في بعض البلدان فإنها ممنوعة ، خوفاً من أن تنكشف الحقائق ، فإذا كان بيتك من زجاج لا ترمي الناس بالحجارة . إنه يقول :

( والدليل على أن ما قام به الحسين كان خلافاً لما أمر به النبي ما ثبت في الصحيح عن النبي أنه كان يأخذ الحسن وأسامة بن زيد ويقول : اللهم إني أحبهما فأحبهما . ففي هذا الحديث جمعُهُ بين الحسن وأسامة رضي الله عنهما وإخباره بأنه يحبهما ودعاؤه الله أن يحبهما ، وحبه لهذين مستفيض عنه في

ص: 381

أحاديث صحيحة ، كما في الصحيحين عن البراء بن عازب، قال: رأيت النبي والحسن على عاتقه وهو يقول : اللهم إني أحبه فأحبه . وهذان اللذان جمع بينهما بالمحبة ، وكان يعرف لكل واحد منهما منفرداً ، لم يكن رأيهما القتال في تلك الحروب ) . ( منهاج السنة 2 / 243 ) .

نعتذر للأخوة إذا كان في كلامنا شدة , أو تجاوز على أحد ، غاية الأمر أحببنا أن نوضح هذه الحقيقة ، مع فائق شكرنا وتقديرنا لكم .

- وكتب ( الصارم ) بتاريخ 11-9-1999، الثانية عشرة والنصف ظهراً:

الشطري : مازلت أقول : أين هذا الاستنتاج الذي جئت به يا شطري من أن الحسين مفسد في نظر ابن تيمية !!! هل قوله رحمة الله : والدليل على أن ما قام به الحسين كان خلافاً لما أمر به النبي ؟ هل في قوله : خلاف ما أمر به النبي ، يقتضي أنه مفسد ؟! أي عقل يقول بهذا ويقبله ؟ !

إذا قلت عنك إنك تخالفني يا شطري ، هل معنى هذا أنك مفسد ؟! سبحان ربي ! تأمل هدانا الله وإياك .

قال الإمام العلامة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله ورضي عنه وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة : (من كان قصده الحق هداه الله ومن كان قصده الباطل قامت عليه حجة الله ) فاعتبروا يا أولي الأبصار .

- فكتب الشطري بتاريخ 12-9-1999 ، العاشرة والنصف صباحاً:

الأخ صارم بعد التحية والسلام :

أولاً : أنا لا أريد أن أتهجم على الشيخ ابن تيمية ، بل أناقش أفكاره ، ولا يهمني التعرض لشخصه ، فأرجو أن تكون مرناً معي .

ص: 382

ثانياً : لقد قال ابن تيمية في منهاج السنة : 2/241 مانصه :

( ولم يكن في خروجه مصلحة لا في دينٍ ولا في دنياً ، وكان في خروجه وقتله من ( الفساد ) مالم يكن يحصل لو قعد في بلده !! ) .

ثالثاً : صحيح إذا خالفتك لم أكن مفسداً ، ولكن إذا خالفت أوامر النبي فأكون مفسداً ، ففرق بين مخالفتك وبين مخالفة النبي صلی الله علیه و آله .

- وكتب ( عرفج ) ، بتاريخ 12-9-1999 ، الحادية عشرة مساءً :

الأخ الشطري .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

حتى نستفيد ويستفيد الأخ شعاع ... هل توجد في مكتبتكم نسخة من منهاج السنة لشيخ الإسلام ابن تيمية ؟ وهل هذه النسخة هي نفسها الموجودة في بعض المكتبات العامة ؟ وهل الشيعة يقتنون نسخ " محرفة " من هذا الكتاب ؟ نرجو منكم الرد وتعقيب من شعاع . لا يكذب الرائد أهله .

- قال العاملي : وغاب المناقشون مشارك والصارم وشعاع !!

على عادتهم عندما يفحمون !

- وكتب ( ذو الفقار ) في هجر الثقافية ، بتاريخ 2-10-1999 ، التاسعة ليلاً ، موضوعاً بعنوان ( ابن كثير يخبر الشيباني من هو يزيد بن معاوية ! ) قال فيه :

البداية والنهاية : 8 /218 : ( وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات وإماتتها في غالب الأوقات ) .

( إلا ما ذكروه عنه من شرب الخمر وإتيانه بعض القاذورات . . . بل قد كان فاسقاً . . . وقد كان في قتل أهل الحرة كفاية ، ولكن تجاوز الحد بإباحة المدينة ثلاثة أيام ، فوقع بسبب ذلك شر عظيم كما قدمنا ) .

ص: 383

- وكتب ( الألمعي ) ، بتاريخ 3-10-1999 ، السابعة صباحاً :

( فيه إقبال على الشهوات وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات ) وأمانتها : في غالب الأوقات !! لابأس فلم يكن إلا ( بعض ) وليس الكل !!

أيشرب الخمر ويأتي ببعض القاذورات !! لا إشكال في ذلك ما دام صحابياً وخليفة !!

بل قد كان فاسقاً !! وما المشكلة من فسقه ما دام صحابياً ؟!

قتل أهل الحرة !! ربما هم الذين حرضوه على ذلك !!

أباح المدينة ثلاثة أيام !!! ليس هنالك من حرج , لأنها فقط ثلاثة أيام ! لو زادت على ذلك لكان بها كلام آخر !!

ثم إنه لم يستبح نجداً !! فما هي مشكلتنا ؟

ولكن ربما كذب ابن كثير !! كيف له أن يتكلم على صحابي بهكذا كلام لابد وأن يكون رافضياً , وإلا كيف يسمح لنفسه أن يفعل ذلك ؟؟

إطمئن يا هذا , سوف يأتيك القوم بحجج دامغة لرد كيدك على الصحابي المقدس معاوية بن أبي سفيان ! كاتب الوحي وخليفة المسلمين !!!

ماذا أقول بعد ؟!!!

- وكتب ( محب السنة ) ، بتاريخ 3-10-1999 ، الثامنة صباحاً :

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى : 3/408 :

(كان قتله رضي الله عنه من المصائب العظيمة فإن قتل الحسين وقتل عثمان قبله كانا من أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة ، وقتلتهما من شرار الخلق عند الله . ولما قدم أهلهم رضي الله عنهم على يزيد بن معاوية أكرمهم وسيرهم إلى

ص: 384

المدينة ، وروى عنه أنه لعن ابن زياد على قتله وقال : كنت أرضى من طاعة أهل العراق بدون قتل الحسين . لكنه مع هذا لم يظهر منه إنكار قتله! والانتصار له والأخذ بثأره كان هو الواجب عليه ، فصار أهل الحق يلومونه على تركه للواجب ، مضافاً إلى أمور أخرى . وأما خصومه فيزيدون عليه من الفرية أشياء ولهذا كان الذي عليه معتقد أهل السنة وأئمة الأمة أنه لا يسب ولا يحب . قال صالح ابن أحمد بن حنبل قلت لأبي : إن قوماً يقولون إنهم يحبون يزيد . قال : يا بني وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر . فقلت : يا أبت فلماذا لا تلعنه . قال : يا بني ومتى رأيت أباك يلعن أحداً . وروى عنه قيل له : أتكتب الحديث عن يزيد بن معاوية . فقال: لا ولا كرامة أو ليس هو الذي فعل بأهل المدينة ما فعل ! فيزيد عند علماء أئمة المسلمين ملك من الملوك لا يحبونه محبة الصالحين وأولياء الله ، ولا يسبونه ، فإنهم لا يحبون لعنة المسلم المعين ) . انتهى .

فأهل السنة لا يحبون يزيد ولا من اشترك في قتل الحسين ، ولا من خذل الحسين وهم الشيعة ، ولا يقارنون الحسين بيزيد فشتان بينهم ، ويرون قتل الحسين من أعظم أخطاء يزيد إن لم يكن أعظمها على الإطلاق . فأهل السنة هم أهل العدل والإنصاف واتباع الحق وإن رغم المناوؤن لهم .

وللمعلومية فإن يزيد لم يكن صحابياً .

- وكتب ( الشيباني ) بتاريخ 3-10-1999 ، العاشرة صباحاً :

يزيد ابن معاوية ليس صحابياً يا ألمعي، فقد ولد في خلافة عثمان رضي الله عنه ، فهو ملكٌ من الملوك .

حجج تهافتُ كالزجاج تخالها *** حقاً وكل كاسرٌ مكسورُ

ص: 385

- وكتب ( ذوالفقار ) بتاريخ 3-10-1999 ، العاشرة والربع صباحاً :

من هو الملك الذي نصب هذا الفاسق على رؤوس المسلمين .. المقبل على الشهوات ، والتارك بعض الصلوات في بعض الأوقات ، ومميتها في غالب الأوقات ، شارب الخمر والآتي بعض القاذورات . . . ! !

خلت الديار من الصحابة الأجلاء ؟!

- كتب ( عزام ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 9-4-2000 ، الثامنة مساءً ، موضوعاً بعنوان ( ويزيد لم يَسْبِ للحسين حريماً … ابن تيمية ) قال فيه :

أجمع المؤرخون على أن رجال يزيد بعد قتل الحسين علیه السلام ورجاله ، حملوا رؤوسهم إلى ابن زياد وحملوا معهانساء أهل البيت علیهم السلام اللاتي كن مع الحسين كما تحمل السبايا ، وانتهبوا ما راق لهم مما رأوه على النساء أيضاً بعد سلبهم الشهداء وتركهم مجردين على الرمضاء !

ثم إن عبيد الله بن زياد بعث بهذه السبايا مع رؤوس رجالها ، بأقبح هيئة إلى يزيد في الشام ، ماذا قال ابن تيمية في هذا الإجماع ؟!

إنه إجماع يهدر كرامة يزيد بلاريب، فكيف سيتعامل معه رجل تبنى تزكية يزيد أولاً وآخراً ؟! إنه سينفيه بكل بساطة نفياً قاطعاً لا ريب فيه ولارجعة عنه وهو في مثل هذه المواقف لا ينسب قوله إلى مصدر معين لا من أصحاب العلم والفقه والصدق في النقل ، ولا من غيرهم ، بل يطلق أحكامه النهائية جزافاً وكأنها من المسلمات التي لانقاش فيها ، في حين لم يعرف التاريخ منها شيئاً ، بل كله شاهد على نقيضها ، ولا عرف الناس من أهل العلم وغيرهم حرفاً منها ، ولا رآها هو نفسه في كتاب ، ولا سمعها من شيخ ذي معرفة ! إنه هنا يقول : (

ص: 386

ويزيد لم يَسبِ للحسين حريماً بل أكرم أهل بيته ) منهاج السنة 2 / 226 ! . ويقول : ( لاسبى أهل البيت أحد ، ولا سبي منهن أحد ) رأس الحسين - 208 ! ثم يبرهن لك على صحة قوله بطريقة ساخرة ودهاء جديد ، فيقول: ( أما مايرويه من لاعقل له يميز به مايقول ، ولا له إلمام بمعرفة المنقول، من أن أهل البيت سبوا ، وأنهم حملوا على البخاتي ، و(أن البخاتي نبت لها من ذلك الوقت سنامان ) ! فهذا من الكذب الواضح الفاضح لمن يقول له ) . رأس الحسين – 208 .

ترى أليس هذا الكلام فاضحاً لمن زوره ؟! فمن أين جاء بهذه الفقرة المضحكة وحشرها مع الخبر المتفق عليه عند أصحاب التاريخ ، ليحكم على الموضوع كله بالبطلان ، مع ما يضفيه عليه من سخرية ؟!!

ولماذا صد بوجهه عما نقله ابن أبي الدنيا ومحمد بن سعد صاحب ( الطبقات ) ونحوهما من أهل العلم والصدق في النقل ؟!

لا شك أن من يقول : ( إن البخاتي نبت لها من ذلك الوقت سنامان ) هو جاهل صاحب هوى , ولكنه ليس بأسوأ حالاً ممن يأخذ هذا الكلام فيدسه في الأخبار الموثقة ليضفي عليها لوناً من السخرية ، فيخدع بذلك أعداداً من البسطاء المقلدين .

( يعمل ) هذا وهو يعلم بالحقيقة التي اتفق المؤرخون على نقلها !!

قال محمد بن سعد صاحب ( الطبقات ) وابن أبي الدنيا بعد ذكر مقتل الحسين علیه السلام وانتهابهم ثيابه وسيفه وعمامته ، قالا مانصه :

( وأخذ آخر ملحفة فاطمة بنت الحسين ، وأخذ آخر حليها ! وبعث عمر بن سعد برأس الحسين إلى عبيد الله بن زياد ، وحمل النساء والصبيان ، فلما مروا بالقتلى صاحت زينب بنت علي : يا محمداه ! هذا حسين بالعراء ، مرمل بالدماء ،

ص: 387

مقطع الأعضاء … يامحمداه ! وبناتك سبايا ، وذريتك قتلى تسفي عليها الصبا !! قال : فما بقي صديق ولا عدو إلا بكى ) . اللهم إلا ابن تيمية !! ( الرد على المتعصب العنيد -40 ) .

ثم واصل ابن الجوزي نقله عن محمد بن سعد ، قال : ( ثم دعا ابن زياد زجر بن قيس فبعث معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد . وجاء رسول من قبل يزيد فأمر عبيد الله بن زياد أن يرسل إليه بثقل الحسين ومن بقي من أهله . قال : ثم دعا يزيد بعلي بن الحسين والصبيان والنساء وقد أوثقوا بالحبال !! فأدخلوا عليه ، فقال علي بن الحسين : يايزيد ، ماظنك برسول الله صلی الله علیه و آله لو رآنا مقرنين بالحبال ، أماكان يرق لنا ؟! فقال يزيد : ياعلي ، أبوك الذي قطع رحمي ونازعني سلطاني ، فصنع الله به مارأيت ! ودعا بالنساء والصبيان فأجلسوا بين يديه ، فقام رجل من أهل الشام فقال : يا أمير المؤمنين هب لي هذه ، يعني فاطمة بنت الحسين ( في المصدر بنت علي والصواب ما أثبتناه ) وكانت وضيئة ، فأرعدت وظنت أنهم يفعلون فأخذت بثياب عمتها زينب ، فقالت زينب : كذبت والله ! ما ذلك لك ولا له! فغضب يزيد لذلك وقال : كذبت إن ذلك لي لو شئت لفعلته ! قالت : كلا والله ما جعل الله عز وجل ذلك لك إلا أن تخرج من ملتنا أو تدين بغير ديننا . ثم بعث بهم إلى المدينة ) .

ثم قال ابن الجوزي: هكذا قال محمد بن سعد . ( الرد على المتعصب العنيد 49 - 50 )، وهو في ترجمة الإمام الحسين علیه السلام من الطبقات لابن سعد (مجلة تراثنا ع 10-19 ) .

ص: 388

هذا هو قول محمد بن سعد ، وهو قول ابن أبي الدنيا وغيره ، وقول سائر المؤرخين ، لم يكتمه منهم أحد ، ولا جادل فيه أحد !! فأين رأيت الكذب الذي يفضح صاحبه ؟ !

قال ابن حبان في كتاب ( الثقات ) : أنفذ عبيد الله بن زياد رأس الحسين بن علي إلى الشام مع أسارى النساء والصبيان من أهل بيت رسول الله على أقتاب مكشفات الوجوه والشعور ، وأدخلوا دمشق كذلك ، فلما وضع الرأس بين يدي يزيد بن معاوية جعل ينقر ثنيته بقضيب كان في يده ، ويقول: ما أحسن ثناياه ! ( الثقات لابن حبان 2 /312 - 313 ) .

وذكر خلاله قصة راهب رأى ذلك الموكب فسأل الجند عن الرأس فلما أجابوه بأنه رأس الحسين قال : ( بئس القوم أنتم ! والله لو كان لعيسى ولد لأدخلناه أحداقنا ! ) .

وإليك هذه الفقرة الواحدة من كتاب عبد الله بن عباس الذي أجاب فيه يزيداً ، فقال : ( ألا ومن أعجب العجائب ، وماعشت أراك الدهر العجب ، حملك بنات عبد المطلب وغلمة صغار من ولده إليك بالشام كالسبي المجلوب تري الناس أنك قهرتنا ) . ( تاريخ اليعقوبي 2 /250) ! .

فماذا سيقول ابن عباس لو سمع كلام ابن تيمية وهو يبرئ يزيد من كل إثم حتى أنه ليقول : ويزيد لم يسب نساء أهل البيت ولكن أكرمهن ؟!!

وأعجب من هذا قوله في أثناء دفاعه عن يزيد مانصه : ( وأن يزيد ظهر في داره الندب لقتل الحسين ، وأنه لما قدم عليه أهله وتلاقى النساء تباكين ، وأنه خير ابنه علياً بين المقام عنده والسفر إلى المدينة ، فاختار السفر إلى المدينة فجهزه إلى المدينة جهازاً حسناً ) !! ( رأس الحسين - 207 ) .

ص: 389

فدليله على براءة يزيد أنه ظهر في داره الندب لقتل الحسين ، فكيف ظهر هذا الندب ؟! يقول : ( لما قدم عليه أهله وتلاقى النساء تباكين ، فبكاء النساء دليل على براءة يزيد !!

وبعد ، لاحظ قوله : ( لما قدم عليه أهله ) يعني لما قدم أهل الحسين على يزيد ، فهل سأل نفسه كيف قدموا على يزيد إن لم يكن هو الذي جلبهم كسبايا حرب ؟! هل قدموا عليه رغبة منهم وشوقاً لرؤية يزيد ؟! أم قدموا مصطافين فأحبوا زيارته ؟! أرأيت استخفافاً بالإسلام وأهله وتاريخه كهذا ؟!

كل هذا في حفظ كرامة ( السلطان القائم ) على سنة بني إسرائيل !

إنه منطق لا يشبه في شئ منطق الأحرار الذين يعرفون معنى الكرامة ويفهمون ماذا يعني انتصار القيم . ولايشبه حتى منطق المستشرقين من النصارى الذين أدركوا شيئاً من قيم الإسلام وأخلاق النبي الكريم ، وإن لم يتحلو بها ! فنهضة الحسين علیه السلام ليست للمؤمنين وحدهم ، بل هي لبني الإنسان حيث كان ، وما من إنسان تحلى بطرق من مكارم الأخلاق ، إلا وهو يجد في تلك النهضة مثلاً أعلى في تاريخ بني الإنسان .

( فكل صفة من تلك الصفات العلوية التي بها الإنسان إنسان ، وبغيرها لا يحسب غير ضرب من الحيوان السائم ، فهي مقرونة في الذاكرة بأيام الحسين علیه السلام … وليست في نوع الإنسان صفات علويات أنبل ولا ألزم من الإيمان والفداء والإيثار ويقظة الضمير وتعظيم الحق ورعاية الواحب والجلد في المحنة والأنفة من الضيم والشجاعة في وجه الموت المحتوم .. وهي ومثيلات لها من طرازها هي التي تجلت في حوادث كربلاء يوم نزل بها ركب الحسين ، ولم تجتمع كلها ولا تجلت قط في موطن من المواطن تجليها في تلك الحوادث ..

ص: 390

وقد شاء القدر أن تكون في جانب منها أشرف مايشرف به أبناء آدم .. لأنها في الجانب الآخر منها أخزى مايخزى به مخلوق من المخلوقات .

إنهم آثروا جمال الأخلاق على متاع الحياة .. فهم اليوم مزار يطيف به المسلمون متفقين ومختلفين, ومن حقه أن يطيف به كل إنسان لأنه عنوان قائم لأقدس مايشرف به هذا الحي الآدمي ). ( عباس محمود العقاد : أبو الشهداء الحسين).

إنها نهضة اليقين الذي لايحده حد , ولا يدنو من سمائه شك .. نهضة بلغت فيها مبادئ السماء وسنن الأنبياء ومعالي الأخلاق قمة ازدهارها ، فمجَّدها كل من عاشت تلك المعاني بين جنبيه ، أو أحبها .

نهضة أزرت على مبادئ تنتهي عند البطون وراحة الأبدان ، فأثارت من هذا همه فنقموا منها !

فليقرأ هذا كل مسلم ويتمعن به ، ويحكم على هذا الرجل الذي شمر عن ساعديه لتبرير أعمال الجناة والفسقة من أمثال يزيد ومروان ، بغضاً لعلي وآل علي علیهم السلام .

جمعية الدفاع عن يزيد !!

- كتب ( كلمة حق ) في أنا العربي بتاريخ 21-7-1999 ، الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان ( قبسات من كلمات أمير المؤمنين يزيد علیه السلام ! )، قال فيه:

ص: 391

قام يزيد خطيباً مفوهاً وقال : الحمد لله الذي ما شاء صنع وما شاء أعطى وما شاء منع ، وما شاء خفض وما شاء رفع . . . إن معاوية كان حبلاً من حبال الله ، مده ما شاء أن يمده ثم قطعه ما شاء أن يقطعه . . وكان من دون من قبله ، وخيراً ممن يأتي بعده ، ولا أزكيه ، وقد صار إلى ربه . . فإن يعف عنه ، يعف عنه برحمته ..وإن يعذبه فبذنبه . . .

وسئل ما الجود فقال : إعطاء المال من لاتعرف فإنه يصير إليه حتى يتخطى من تعرف . وقال : قليل العتاب يحكم مرائر الأسباب ، وكثيره يقطع أواخي الإنتساب . وقال : احكموا للناس بآمالهم الى منتهى آجالهم .

وقال : أيها الناس سافروا بأبصاركم في كر الجديدين ، ثم ارجعوها كليلة عن بلوغ الأمل .. وإن الماضي عظة للباقي .. ولا تجعلوا الغرور سبيل العجز عن المجد .. فتنقطع حجتكم في موقف الله سائلكم فيه .. ومحاسبكم على ما أسلفتم.

أيها الناس : أعمالكم آجالكم والصراط ميدان يكثر فيه العثار ، والسالم ناج والعاثر في النار . ( الكامل للمبرد :1 / 338 ، الوثائق السياسية : محمد ماهر 214 ، نثر الدر : محمد علي قرنة : 3 / 34 ) .

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين يزيد علیه السلام .

ناضل عن يزيد ولا تزيد . المؤمن الشجاع والفتى الباسل : أبا خالد

- وكتب ( صادق ) بتاريخ 21-7-1999 ، الرابعة والربع عصراً :

عزيزي . . أكرر لك السؤال : هل أنت من أبناء السنة ، أو ممن يطلق عليهم باليزيديين ؟ (حتى نعرف كيف نتحاور معك) ؟ وبالنسبة للكلام الذي جئت به عن يزيد فإنه مدعاة للضحك ..

ما هذا الكلام ؟! هل تريد أن تسخر منا ، ومن عقولنا ؟!

ص: 392

- وكتب ( كلمة حق ) بتاريخ 21-7-1999 ، الرابعة والثلث عصراً :

أنا مسلم .. أما اذا أضحكتك فادع لي ، لأنني أضحكتك في زمن الآلام .

ثم هناك سؤال : هل أنتم تختلفون عن عقولكم ؟؟

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين يزيد علیه السلام .

ناضل عن يزيد ولا تزيد . المؤمن الشجاع والفتى الباسل : أبا خالد

- وكتب ( الرقيب ) بتاريخ 21-7-1999 ، الرابعة والنصف مساءً :

من كلمات يزيد :

الخمر فيها الشفاء ، ومن عاقرها فهو نديمي .

لأعملن على إطفاء ذكر محمد ، وقد عجز أبي عنه .

أنا نبي الخمر ، والسقاية رسالتي .

- وكتب ( الإحسائي 12 ) ، بتاريخ 21-7-1999 ، الخامسة مساءً :

لو لم يفعل يزيد إلا واحدة لكفى :

1 - قتل الحسين بن علي بن أبي طالب علیهم السلام .

2 - إباحه المدينة المنورة ثلاثة أيام .

3 - هدم الكعبة بالمنجنيق .

إجماع الأمة على هذا ! كفى تمزيق الأمة .. وتدعي الإسلام ؟!!

- وكتب ( كلمة حق ) بتاريخ 21-7-1999 ، الخامسة والثلث عصراً:

كف الخرافات عنك .. أما قتله للحسين فلم يثبت .. أما قتاله لأهل المدينة فقد قيل فيه من المبالاغات الكاذبة ... ومهما يكن فله الحق في تأديب من خرج

ص: 393

على بيعته .. أما رميه للكعبة بالمنجنيق فلم يثبت .... بل طارت كما يقول أنصار ابن الزبير لفلفة من قماش محترق فعلق بأستار الكعبة المشرفة .. فاحترقت ..

وعموماً لماذا تسألون عن الكعبة ؟ يزيد لم يقترب من قم ولا من مشهد!!

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين يزيد علیه السلام .

ناضل عن يزيد ولا تزيد . المؤمن الشجاع والفتى الباسل : أبا خالد

- وكتب ( أوتو ) بتاريخ 21-7-1999 ، الثامنة مساءً :

كلمة الباطل .. أشتهي لعنك .. الحمد لله على نعمة العقل ، وللصبر على الجهال من شاكلتك يا كلمة إبليس . سلاماً . أما خطبة أبوك يزيد العصماء ، هذا المفوه العظيم ، فلا ترقى إلى خطبة طفل في الإبتدائي .

أما قولك فله الحق في تأديب من خرج على بيعته .. في أي جامعة ديكتاتورية قرأت هذا حتى سادتك وأوليائك اليهود أيها الصهيوني لم يتجرؤوا على قول هذا النهيق .

أيها السنة هذا ليس سني ، بل من ملة أجمعت الأمة على خروجها من الملة الإسلامية ، فلا تغتروا بكلامه كما يغرر بكم دائماً .

- وكتب ( عرباوي ) ، بتاريخ 21-7-1999 ، الثامنة والثلث مساءً :

هل تعلم أن قبر يزيد بن معاوية لعنه الله وأباه ، قد أصبح دورة مياه يقضي به المسافرون حاجاتهم ، وتبدل به الرضع حفاظاتهم …فهل كانت غيرتك على إنقاذ قبره من النجاسة ، ومنع الناس من البول عليه أفضل من الكتابه على الإنترنيت ، إن كنت صادقاً في الدفاع عن هذا ، ابن الحرام !!

- وكتب ( عرباوي ) ، بتاريخ 21-7-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

ص: 394

معلومة .. أفتى جميع علماء الشيعة ، بنجاسة الناصبي ..

نقلاً عن كتاب معالم المدرستين ج 2 - للسيد العسكري : روى ابن أعثم والخوارزمي وابن كثير وغيرهم ، أن خليفة المسلمين يزيد جعل يتمثل بأبيات ابن الزبعري :

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا واستهلوا فرحاً *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

قد قتلنا القرم من ساداتهم *** وعدلنا ميل بدر فاعتدل

قال ابن أعثم : ثم زاد فيها هذا البيت من نفسه :

لست من عتبة إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

وفي تذكرة خواص الأمة : المشهور عن يزيد في جميع الروايات أنه لما حضر الرأس بين يديه جمع أهل الشام وجعل ينكت عليه بالخيزران ويقول أبيات ابن الزبعري :

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** وقعة الخزرج من وقع الأسل

قد قتلنا القرن من ساداتهم *** وعدلنا ميل بدر فاعتدل

وقال : قال الشعبي : وزاد عليها يزيد فقال :

لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل

لست من خندف إن لم أنتقم *** من بني أحمد ما كان فعل

وفي هامش الصفحة : إن أبيات الزبعرى جاءت في : سيرة ابن هشام : 3/ 97 . وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 2/ 382 . وجاء في ما تمثل به يزيد في فتوح ابن أعثم : 5/ 241 بعد البيت الثاني : حين ألقت بقباء بركها …واستحر القتل في عبد الأشل . وهذا من أبيات ابن الزبعري . وكذلك في تاريخ ابن كثير : 8/ 192 . وجاء في مقتل الخوارزمي : 2 / 58 قبل البيت الأول :

ص: 395

يا غراب البين ما شئت فقل *** إنما تندب أمراً قد فعل

كل ملك ونعيم زائل *** وبنات الدهر يلعبن بكل

وجاء فيه أيضاً وفي اللهوف – 96 ، بعد البيت الرابع : لعبت هاشم بالملك فلا خبر جاء ولا وحي نزل . وفي نسختنا من مثير الأحزان - 80 ، سقط البيت الرابع . وفي تاريخ ابن كثير: 8/ 204، رواها عن تاريخ ابن عساكر عن رياحاضنة يزيد، واكتفى بذكر البيت الأول. واكتفى أبو الفرج في مقاتل الطالبيين-120، بذكر البيت الأول والثالث. وذكرنا في المتن لفظ تذكرة خواص الأمة -148 . راجع أيضاً طبقات فحول الشعراء -200 . وسمط النجوم العوالي 3/ 199 ، فقد روى عنهما بهامش فتوح ابن أعثم . وراجع أيضاً الأمالي لأبي علي القالي 1/ 142 . انتهى .

- وكتب ( عرباوي ) بتاريخ 22-7-1999 السادسة والنصف صباحاً:

لعن الله يزيد بن معاوية … ومن شايعه .

- وكتب ( كلمة حق ) في أنا العربي ، بتاريخ 21-7-1999 الخامسة عصراً ، موضوعاً بعنوان ( أمير المؤمنين يزيد علیه السلام . . . في مرآة العلماء ) ، قال فيه :

أولاً : أنا مسلم ومعاذ الله أن أكون من نحلة اليزيدية الشيطانية اللعينة ...

أقوال العلماء : يقول حجة الإسلام الغزالي : وقد صح إسلام يزيد ، وما صح قتله الحسين ، ولا أمر به ، ولا رضيه ، ولا كان حاضراً حين قتل . ولا يجوز أن يظن ذلك به ، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام . ومن زعم أن يزيداً أمر بقتل الحسين فينبغي أن يعلم أن به غاية الحمق ) ( قيد الشريد: ابن طولون 57 )

وقال ابن الصلاح:لم يصح عندنا أن يزيد أمر بقتل الحسين. ( قيد الشريد 59)

وقال بن سرور المقدسي : خلافة يزيد صحيحة . ( قيد الشريد – 70 ) .

ص: 396

قال ابن تيمية : أنه ملك من ملوك الاسلام له حسنات وسيئات ، ولم يكن كافراً ، ولم يكن صاحباً ، ولا من أولياء الله وهذا قول هل السنة والجماعة . ( سؤال في يزيد للشيخ ابن تيمية - 26 ) .

يقول الدكتور أحمد شلبي : كان معاوية مصيباً في تعيين ابنه يزيد . ( التاريخ الإسلامي لأحمد شلبي 2/54 ) .

يقول ابن خلدون : ولا يظن بمعاوية أن يعهد ليزيد وهو يعتقد ما كان عليه من الفسق حاشا لمعاوية من ذلك . ( مقدمة ابن خلدون – 184 ) .

قال الصحابي أبو سعيد الخدري للحسين : اتق الله في نفسك ، والزم بيتك ولا تخرج على إمامك . ( علي وبنوه لطه حسين –110 ) .

قال الإمام القزويني : يزيد ذاك إمام مجتهد . ( تراجم رجال القرنين السادس والسابع - 6) .

هذا ما أختصره من قول بعض العلماء . . .

ومن يريد المزيد فليبحث في التراجم عن يزيد .

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين يزيد علیه السلام .

ناضل عن يزيد ولا تزيد . المؤمن الشجاع والفتى الباسل : أبا خالد

- وكتب ( إسلام ) بتاريخ 21-7-1999 ، الخامسة والنصف مساءً :

جزاك الله خيراً يا أخي كلمه الحق . ووالله إن الحسين رضي الله عنه خير من ألف يزيد ، كما أن يزيد خير من ملء الأرض من أمثال الخميني وحزبه . رحمك الله يا يزيد ، وعفا عنك . . . اللهم آمين .

- وكتب (كلمة حق) ، بتاريخ 21-7-1999 ، السادسة إلا ربعاً مساءً:

ص: 397

جزاك الله خير يا أخي إسلام .. لقد أثرت كلاماتك وماكنت أريد أن أقولها .. والله الذي فلق الحبة وبرأ النسمة إن يزيداً غفر الله له لايسوى التراب الذي مشى عليه الحسين رضي الله عنه. ولكن قالوا الخميني !!!!!

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين يزيد علیه السلام .

ناضل عن يزيد ولا تزيد . المؤمن الشجاع والفتى الباسل : أبا خالد

- وكتب ( بىبىتو ) بتاريخ 22-7-1999 ، الواحدة والنصف ظهراً :

قال رسول الله صلی الله علیه و آله عن الإمام الحسين علیه السلام :

( تقتله الفئة الباقية من بعدي .. لا أنالهم الله شفاعتي ) .. يعني لا يعقل أن من يقتل الحسين علیه السلام الذي جده محمد صلی الله علیه و آله .. يكون أمير ال . . أستغفر الله . . . هل تعلم أنه أجمع العلماء السنة بأن يزيد فاسق وفاجر ويدخل النار بسبب قتله لابن الرسول . . .

أنت لست سنياً ! لقد سمعت بأنك صاحب فتن والله يبعدنا عنها وعنك .

- وكتب ( كلمة حق ) بتاريخ 22-7-1999 ، الثانية إلا ربعاً ظهراً :

الحمد لله الذي فتنك بالحق ... أما الإجماع الذي تقول فباطل ، وما يقوله العلماء الذي ذكرتهم سابقاً يرد عليك .. أما الحديث الذي ذكرت فهو في أبي اليقظان رضي الله عنه .ثم ألا تعلم أن شمر بن أبي الجوشن الذي احتز رأس الحسين ، هو من أقرب وأعز أصحاب علي ! وألا تعلم أن زياداً وابنه ، هم من خاصة علي ! يعني سيفكم صابكم ! وألا تعلم أن الشيعة هم الذين خذلوا الحسين ! وألا تعلم أنه لم يحضر معركة قتل الحسين ولا رجل شامي !! كلهم عراقيين رافضة خونة !!

ص: 398

لجنة الدفاع عن حقوق أمير المؤمنين يزيد علیه السلام .

ناضل عن يزيد ولا تزيد . المؤمن الشجاع والفتى الباسل : أبا خالد .

- وكتب ( بىبىتو ) ، بتاريخ 23-7-1999 ، الواحدة والنصف ظهراً :

إلى كلمة . . . إذن من كان صاحب وزعيم الحرب ! أليس يزيد ابن معاوية . . ؟! لا تتهرب من السؤال أريد منك الجواب . كيف تقول أمير ... وهو قاتل ابن فاطمة الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام ... وماهي أسباب الغدرة التي غدر بها أهل الكوفه للإمام بأمير المؤمنين علیه السلام . . . الظاهر نسيت معاوية ويزيد ومالهم من تاريخ أسود . . . والنفوذ الواسع من الأموال ودفعها لشتم أمير المؤمنين على المنابر والمساجد . . .

بالنسبة للشمر . . . ماهى أسباب غدره ... ألم يؤثر يزيد عليه من الأموال والذهب كما أثر على قلبك أنت . .

يا أخى أنا لا أطلب منك أن تكون شيعي ... ولكن أطلب منك أن تقول الحق ... لأني ما أعرفه عن إخواننا السنة .. أنهم لا يحبون يزيد بن معاوية ، ومصيره فى نار جهنم .

- كتب ( حيدر ) في شبكة أنا العربي ، بتاريخ 1-8-1999 ، الواحدة والنصف ظهراً ، موضوعاً بعنوان ( إلى جمعية الدفاع عن يزيد ) ، قال فيه :

قال المتقي الهندي ( من مسند عمر ) عن عمر بن الخطاب ( رض ) في قوله تعالى : ( ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفراً ) قال : هما الأفجران من قريش: بنو المغيرة ، وبنو أمية . المصدركنز العمال 2/444 رقم الحديث 4452 . كما يظهر من الحديث يطعن في بني أمية !

ص: 399

- قال العاملي : كتب حيدر كلاماً شديدا على المدعو (كلمة الحق) فحذف المراقب بقية كلامه .

النواصب يزعمون أن يزيداً من أهل الجنة !!

- وكتب ( عمر ) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23-12-1999 التاسعة مساءً ، موضوعاً بعنوان : ( هل يزيد في الجنة ؟؟ ) ، قال فيه :

إذا كان هذا الحديث صحيحاً فهو من المغفور لهم حسب كلام رسول الله صلی الله علیه و آله حيث كان من الذين شاركوا في هذه المعركة وإليكم الحديث من البخاري: 3/232 : عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت وهو نازل في ساحل حمص، وهو في بناء له ومعه أم حرام ، قال عمير فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا . قالت أم حرام : قلت يا رسول الله أنا فيهم؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم . فقلت أنا فيهم يارسول الله ؟ قال : لا . ومن هذا الحديث والآية التالية لا نحتج على رحمة الله ، سورة آل عمران - 129 : ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم . صدق الله العظيم .

- وكتب ( فاتح ) ، بتاريخ 24-12-1999 ، السابعة صباحاً :

عمر في الجنة ، والآن يزيد في الجنة ! فلو سمحت تبحث لنا عن دليل يدخل إبليس في الجنة أيضاً .. على شان يروح الدفاع المدني يطفي جهنم !!

ص: 400

لكن ما أدري .. شو هذه المهزلات في دينكم ؟!

- وكتب (السبطين) بتاريخ 24-12-1999 التاسعة إلا ثلث صباحاً :

يظهر أن عمر متأثر بإمامه هزاع بن عيد الشمري ، الذي ألف كتاب ( أمير المؤمنين يزيد المفترى عليه ) !! كما أن عمر تقرب نبرته من نبرة هزاع الشمري ، فيمكن أن يكون هو هزاع ! أما دخول اللعين ابن اللعين يزيد الجنة فهذا أمر مستحيل عقلاً ونقلاً حتى ولو صح الحديث ، وذلك لعدة وجوه ، هي : 1 - صدور النص في شأن الغزاة إلى القسطنطينية معروف ، وكان الغزو في زمن والد يزيد اللعين ، أي قبل تولي يزيد الملك .

2- عندما تولى اللعين الملك قام بأعمال لم يفعلها حتى عباد الأوثان وطواغيت الأرض ممن سبقه من أكاسرة وقياصرة ! كأمره بقتل الحسين ، وهدم الكعبة ، ومجالسة القرود ، وشرب الخمر ، ولعب الميسر .

3- صدور الكفر منه عندما أحضر له رأس سيد الشهداء الحسين علیه السلام ، وقول مقالته التي تمثل بها بقول عبد الله بن الزبعرى :

ليت أشياخي ببدر شهدوا *** موقع الخزرجي من موقع الأسل

لأهلوا واستهلوا فرحا *** ثم قالوا يا يزيد لا تشل

إلى أن قال لعنة الله عليه وعلى من أحبه :

لعبت هاشم بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحي نزل

مما يتبين فيها كفره البواح الظاهر ، ويأبى الله أن يدخل كافراً الجنة إنفاذاً لوعده ووعيده .. إلا إذا كان عمر يجيز على الله العبث ، والعياذ بالله .

4- لقد أجاز لعنه كبار علماء الإسلام ، ومنهم أحمد بن حنبل . وقد قال الشاعر :

ص: 401

إلبس جديداً وعش حميداً *** والعن يزيداً في كل محفل

حب آل البيت قربة *** وهو أسمى الحب رتبة

ذنب من والاهمُ *** تغسله مزن المحبة

والذي يبغضْهُمُ *** لا يسكن الإيمان قلبه

علمه والنسك رجس *** عسل في ضرع كلبه

لعن الله عدو ال- *** آل إبليس وحزبه

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 24-12-1999 ، الحادية عشرة ليلاً :

نحترم الرأي المعارض . والقرآن يبين عكس ذلك : ( يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ) . ومن هذا المنطلق يحق للبعض التخوف من اللعن والطعن حيث اللعن لا يؤدي لنتيجة . وكما قلنا ليس الأمر دفاعاً عن يزيد . والسبب بأن أهل السنة يعترفون بما فعله في المدينة وهو أعظم الذنوب فليس الأمر كما يعتقد الشيعة بأنه حب لأعدائهم . ولكن لمعرفة التاريخ والدين والربط بين ما يحق لنا وما لا يحق لنا، وهي رحمة الله وسعت كل شئ، فلا ينبغي أن نشرك بالله أو نعترض على حكمه .

- وكتب ( جابر الأنصاري ) في24-12-1999 الحادية عشرة والنصف ليلاً:

لا نامت أعين الجبناء . نعم إبليس في الجنة … وفرعون في الجنة ...

اللهم إنا نستغفرك ونتوب إليك ، مما يفعله الجاهلون .

- وكتب ( بالدليل ) بتاريخ 25-12-1999، الثانية عشرة والثلث صباحاً :

بعض أعمال يزيد المجرم : من كتاب التذكرة في أحوال الموتى وأمور الآخرة ، وهو من تأليف شمس الدين ابي عبدالله محمد بن أحمد بن أبي بكر

ص: 402

بن فرح الأنصاري القرطبي ، 671 هجري ، وهو من علماء أهل السنة والكتاب من دار الكتب العلمية ، بيروت لبنان ، الطبعة الأولى 1985 م ، في الصفحة 642 باب قول النبي صلی الله علیه و آله : هلاك أمتي على يد أغيلمة من سفهاء قريش :

البخاري عن عمرو بن يحي بن سعيد قال : أخبرني جدي قال : كنت جالساً مع أبي هريرة في مسجد النبي صلی الله علیه و آله بالمدينة ومعنا مروان ، فقال أبو هريرة : سمعت الصادق المصدوق يقول : (هلكة أمتي على يد أغيلمة من قريش ) . قال مروان لعنة الله عليهم : من أغيلمة . قال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان وبني فلان لفعلت ، فكنت أخرج مع جدي إلى بني مروان حتى تملكوا بالشام ، فإذا رآهم أحداثاً وغلماناً قال لنا : عسى هؤلاء أن يكونوا منهم ، قلنا : أنت أعلم.

فصل : قال علماؤنا رحمة الله عليهم : هذا حديث يدل على أن أبا هريرة كان عنده من علم الفتن العلم الكثير ، والتعيين على من يحدث عنه الشر الغزير ، ألا تراه يقول : لو شئت قلت لكم هم بنو فلان وبنو فلان ، لكنه سكت عن تعيينهم مخافة ما يطرأ من ذلك من المفاسد ، وكأنهم والله أعلم يزيد بن معاوية ، وعبيد الله بن زياد ، ومن تنزل منزلتهم من أحداث ملوك بني أمية ، فقد صدر عنهم من قتل أهل بيت رسول الله صلی الله علیه و آله وسبيهم ، وقتل خيار المهاجرين والأنصار بالمدينة وبمكة وغيرها . وغير خافٍ ما صدر عن الحجاج ، وسليمان بن عبد الملك ، وولده من سفك الدماء ، وإتلاف الأموال ، وإهلاك الناس بالحجاز والعراق وغير ذلك .

وبالجملة فبنو أمية قابلوا وصية النبي صلی الله علیه و آله في أهل بيته وأمته بالمخالفة والعقوق فسفكوا دماءهم ، وسبوا نساءهم ، وأسروا صغارهم ، وخربوا ديارهم ،

ص: 403

وجحدوا فضلهم وشرفهم ، واستباحوا لعنهم وشتمهم ، فخالفوا رسول الله صلی الله علیه و آله في وصيته وقابلوه بنقيض مقصوده وأمنيته .

في الصفحة 643 : باب ما جاء في بيان مقتل الحسين رضي الله عنه ولا رضي عن قاتله : ذكر أبو علي بن عثمان بن السكن الحافظ قال . . . عن أنس بن الحارث قال : قال رسول الله صلی الله علیه و آله : إن ابني هذا يقتل بأرض من أرض العراق ، فمن أدركه منكم ، فلينصره ، فقتل أنس معه ، يعني مع الحسين بن علي علیهما السلام . ..

وخرّج الإمام أحمد في مسنده قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا عمارة بن زاذان ، حدثنا ثابت ، عن أنس ، أن ملك المطر استأذن أن يأتي النبي صلی الله علیه و آله فأذن له ، فقال لأم سلمة : إملكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد قال : وجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب فدخل ، فجعل يقعد على ظهر النبي صلی الله علیه و آله وعلى منكبيه وعلى عاتقه قال : فقال الملك للنبي صلی الله علیه و آله : أتحبه ؟ قال : نعم. قال : أما إن أمتك ستقتله ، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه ، فضرب بيده فجاء بطينة حمراء ، فأخذتها أم سلمة فصرتها في خمارها . قال ثابت : بلغنا أنها من كربلاء .

وقال مصعب بن الزبير : حج الحسين خمسة وعشرين حجة ماشياً ، وقد قال النبي صلی الله علیه و آله فيه وفي الحسن : إنهما سيدا شباب أهل الجنة . وقال : هما ريحانتاي من الدنيا. وكان النبي صلی الله علیه و آله إذا رآهما همش لهما وربما أخذهما . كما روي أبو داود أنهما دخلا المسجد وهو يخطب ، فقطع خطبته ونزل فأخذهما وصعد بهما . قال : رأيت هذين فلم أصبر ، وكان يقول فيهما : اللهم إني أحبهما وأحب من يحبهما .

وقتل رحمة الله ولارحم قاتله ، يوم الجمعة لعشر خلون من المحرم سنة إحدى وستين بكربلاء بقرب موقع يقال له ( الطف ) بقرب الكوفة .

ص: 404

في الصفحة 646 : وقال الإمام أحمد بن حنبل : حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال : رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله نصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه ويتتبعه فيها ، قال قلت يا رسول الله صلی الله علیه و آله ما هذا ؟ قال : دم الحسين وأصحابه لم أزل أتبعه منذ اليوم . قال عمار : فحفظنا ذلك اليوم فوجدناه قتل ذلك اليوم . وهذا سند صحيح لا مطعن في ، وساق القوم حرم رسول الله صلی الله علیه و آله كما تساق الأسرى حتى إذا بلغوا بهم الكوفة خرج الناس فجعلوا ينظرون إليهم ، وفي الأسارى علي بن الحسين وكان شديد المرض قد جمعت يداه إلى عنقه ، وزينب بنت علي وبنت فاطمة الزهراء ، وأختها أم كلثوم ، وفاطمة ، وسكينة بنت الحسين ، وساق الظلمة والفسقة معهم رؤوس القتلة .

روى قطر ، عن منذر الثوري ، عن محمد بن الحنفية قال : قتل مع الحسين سبعة عشر رجلاً ، كلهم من ولد فاطمة عليها الصلاة والسلام .

وذكر أبو عمر بن عبد البر عن الحسن البصري قال: أصيب مع الحسين بن علي ستة عشر رجلاً من أهل بيته ما على وجه الأرض لهم يومئذ شبيه . وقيل إنه قتل مع الحسين من ولده وأخوته وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلاً .

وفي صحيح البخاري في المناقب عن أنس بن مالك : أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين ، فجعل في طست فجعل ينكت ، وقال في حسنه شيئاً فقال أنس : كان أشبههم برسول الله صلی الله علیه و آله وكان مخضوباً بالوسمة . وكان الفاسق يؤثِّر في رأسه المكرم بالقضيب ، وأمد عبيد الله بن زياد من قور الرأس حتى ينصب في الرمح ، فتحاماه أكثر الناس ، فقام رجل يقال له طارق بن المبارك بل هو ابن المشؤوم الملعون المذموم ، فقوره ونصبه بباب دار عبيد الله ، ونادى في الناس

ص: 405

وجمعهم في المسجد الجامع وخطب خطبة لا يحل ذكرها ، ثم دعا بزياد ابن حر بن قيس الجعفي فسلم إليه رأس الحسين ورؤوس أخوته وبنيه وأهل بيته وأصحابه ، ودعي بعلي بن الحسين فحمله وحمل عمامته وأخواته إلى يزيد على محامل بغير وطاء ، والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلد ومنزل حتى قدموا دمشق ودخلوا من باب توما ، وأقيموا على درج باب مسجد الجامع حيث يقام السبي ، ثم وضع الرأس المكرم بين يدي يزيد ، فأمر أن يجعل في طست من ذهب وجعل ينظر إليه ويقول هذه الأبيات :

صبرنا وكان الصبر منا عزيمة *** وأسيافنا يقطعن كفاً ومعصما

نعلق هاماً من رجال أعزة *** علينا وهم كانوا أعق وأظلما

ثم تكلم بكلام قبيح و( أمر بالرأس أن تصلب بالشام ) ! ولما صلبت أخفى خالد بن عفران شخصه من أصحابه ، وهو من أفاضل التابعين فطلبوه شهراً حتى وجدوه فسألوه عن عزلته ، فقال : ألا ترون ما نزل بنا :

جاءوا برأسك يا ابن بنت محمد *** متزملاً بدمائه تزميلاً

وكأنما بك يا ابن بنت محمد *** قتلوا جهاراً عامدين رسولا

قتلوك عطشانا ولم يترقبوا *** في قتلك التنزيل والتأويل

ويكبرون بأن قُتلت وإنما *** قتلوا بك التكبير والتهليلا . انتهى .

واقرأ قوله تعالى : ومن يقتل مؤمنا متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً .

( فجزاؤه جهنم خالداً ) !!

- وكتب ( حر )، بتاريخ 25-12-1999 ، الواحدة والنصف صباحاًَ:

ص: 406

يزيد في جهنم في أسفل السافلين، قتل سيد شباب أهل الجنة الإمام الحسين علیه السلام ، ولعن الرسول في ذلك الرواية المعروفة عند السنة ، قال الرسول صلی الله علیه و آله : اللهم العن الراكب والراجل ... وكان أبو سفيان وأبو بكر ويزيد … التاريخ أسود من هولاء الثلاث .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 25-12-1999 ، الثانية والثلث صباحاً :

لا يحق لنا أن ندخل أحداً النار . الله بين لنا من يدخلها دون مغفرة وهو الشرك : ولله ما في السماوات وما في الأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله غفور رحيم . . . إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً .

الجنة من صنع الله وهو خالقنا وهو من يدخل جنته ما يشاء ويغفر لمن يشاء ، ومن هذا المنطلق لا يحق لأحد أن يتدخل برحمة الله ومغفرته .

- وكتب ( السبطين ) بتاريخ 25-12-1999 ، الثالثة صباحاً :

ربما أنك يا عمر تصف الله بالعبث ! وحاشا لله أن يدخل كافراً الجنة وهذا أمر متعلق بعدل الله تعالى وميعاده ، وإنفاذ وعده ووعيده .وقد قال شيخ مذهبك محمد بن عبد الوهاب ( من لم يكفر الكافرين أو يشك في كفرهم فقد كفر ) ، فمن شك في كفر يزيد الذي أقمنا أدلة كفره وتواتر النقل لها فهو يشك في عدل الله تعالى !! ويلزم من نفي العدل إثبات الظلم لله ، وتعالى الله عن الظلم وهو أعدل العادلين وأحكم الحاكمين .

ص: 407

فلقد وقعت في مزلق خطير يا عمر ! من الأولى أن تتوب إلى الله منه ، فإذا اعتقدت بالرحمة الواسعة لله ، فهو رأي الزنادقة حيث قالوا بأن الله رحيم وليس بشديد البطش ! وهو قول ينافي القرآن !!

- وكتب ( الأشتر ) ، بتاريخ 25-12-1999 ، الرابعة صباحاً :

قال الحسن البصري : أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه منهن إلا واحدة لكانت موبقة :

انتزاؤه على هذه الأمة بالسفهاء حتى ابتزها أمرها بغير مشورة منهم ، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة .

واستخلافه ابنه بعده سكيراً خميراً يلبس الحرير ويضرب بالطنابير .

وادعائه زياداً ، وقد قال رسول الله صلی الله علیه و آله : الولد للفراش وللعاهر الحجر. وقتله حجراً . ويلاً له من حجر وأصحاب حجر . قالها مرتين .

المصادر : تاريخ ابن عساكر 2 /381 . تاريخ الطبري 6 / 157 . الكامل لابن الأثير 4 / 209 . تاريخ ابن كثير 8 /130 . محاضرات الراغب 2 / 214 . النجوم الزاهرة 1 / 141 عن فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي 1 / 204 ..

وذلك مجمل قول العلامة التفتازاني : لا أشك في إسلامه بل أشك في إيمانه فلعنة الله عليه وعلى أنصاره وعلى أعوانه !

عن فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي: 1/204 ، قال ابن الكمال وحكي عن الإمام قوام الدين الصفاري ( ولا بأس بلعن يزيد ) . وقال ابن الجوزي نحوه . . .

قال تعالى ( وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً ) .

ص: 408

ذكر أعلام مفسري السنة مثل العلامة الثعلبي ، والحافظ العلامة جلال الدين السيوطي في الدر المنثور ، والفخر الرازي في تفسيره الكبير ، نقلوا في ذيل الآية الكريمة روايات بطرق شتى والمعنى واحد ، وهو أن رسول الله صلی الله علیه و آله رأى في عالم الرؤيا بني أمية ينزون على منبره نزو القرود ، فساءه ذلك ، فنزلت الآية ، فبنوا أمية هم الشجرة الملعونة في القرآن .

وأما الآية الثانية الدالة على لعن بني أمية فهي : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئكم الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) . ومن أكثر فساداً من معاوية ويزيد حين تولى ومن أقطع منه رحماً من رسول الله ، أولم يقاتل علياً ؟ أولم تكن له يد في قتل سبط الرسول الحسن علیه السلام ، ألم يقتل صحابة الرسول مثل عمار بن ياسر، وعمرو بن الحمق الخزاعي ، وحجر بن عدي ، ومحمد بن أبي بكر ، وغيرهم .

ويزيد .. فأنتم تعرفون ما فعل ؟!!

ولما رأيت الناس قد ذهبت بهم *** مذاهبهم في أبحر الغي والجهل

ركبت على اسم الله في سفن النجا *** وهم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل

وأمسكت حبل الله وهو ولاؤهم *** كما قد أمرنا بالتمسك بالحبل

- وكتب ( نصير المهدي ) بتاريخ 25-12-1999 ، الخامسة صباحاً :

لا يجوز لنا أن ندخل أحداً النار ، لأن هذه لله وحده أيها المشرك الضال ! فكيف أدخلت سميك ومعاوية وغيرهما الجنة ؟!! وهل هذه لك أم أنها لله سبحانه وتعالى ؟! ثم من أين لك أن تفهم القرآن حتى تستشهد به على هواك وأنت لا تحكم ولا تفهم من كتاب الله آية واحدة ؟!

ص: 409

بدلاً من هذا الهروب إلى مثل هذه المواضيع التافهة ، عُد إلى التحدي ، وهات لنا تفسيراً لفضيحتك المدوية المسطورة في ( فضيحتان مدويتان للناصبي عو . . عو . . مر ) فأنت قد كذبت على الله ورسوله بتفسيرك الجاهل للآية الكريمة المذكورة هناك .

وإلى كافة الأخوة : لايستفزنكم هذا الناصبي الضال ، بمثل هذه المواضيع التافهة ، فقد بان كذبه وأباطيله ، وظهر على حقيقته جاهلاً يحاول الإدعاء بأنه يستشهد بكتاب الله ! وهو لايفعل سوى أن ينقل !!

- وكتب ( عمر ) بتاريخ 25-12-1999 ، السابعة والنصف مساءً :

لا أدري لماذا العصبية عند ذكر يزيد ؟ كما بينت نحن ليس لنا من الأمر شئ ، لقد أوردنا حديث صحيح بأن من أول جيش يغزو قيصر مغفور له ، وبينا بأن يزيد كان معهم ، والآن هل المغفرة من حق البشر أو من حق الله فقط ، هذا ما نريد أن نعرفه .

- وكتب ( الحكم ) ، بتاريخ 25-12-1999 ، الثامنة مساءً :

قال تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآنُ قوم على ألا تعدلوا ، أعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ) . المائدة - 8 .

عزيزي عمر .. لماذا هذا اللف والدوران ، ألأنك تبغض الشيعة ، فهل بغضك لهم يبرر لك التمجيد بيزيد ؟! ألم يخرّج الحافظ الحاكم في مستدركه بسنده عن عثمان بن زياد الأشجعي قال في حديث : ذكر معقل بن سنان الأشجعي

ص: 410

يزيد بن معاوية فقال : ( هو رجل يشرب الخمر ويزني بالحرم . ثم نال منه وذكر خصالاً كانت فيه ) !! ( المستدرك 3 / 222 ) .

ألم يذكر الحافظ الكبير ابن حجر في الصواعق المحرقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أول من يبدل سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد . انتهى . وهنالك روايات كثيرة تذكر إن الشجرة الملعونة في القرآن هم يزيد وأشباهه من بني أمية .

وأذكرك بما قال الأخ المعتز بالله : ( لا تجعل نفسك ناطقاً رسمياً عنا حتى نكون مضغة في ألسن الشيعة ) .

وإذا كان استشهادك بالآيات صحيحاً فيمكن أن يدخل الشيعة أيضاً الجنة لأن الله يدخل الجنة من يشاء ، ويدخل النار من يشاء ، وإن كفروا الصحابة وإن فعلوا ما فعلوا !!! والسلام عليك .

- وكتب ( عمر ) بتاريخ 26-12-1999 الثانية عشرة والربع صباحاً:

ما أعرفه عن يزيد هو ما قاله محمد ابن الحنفية وهو ابن علي ابن أبي طالب (رضی الله عنه) ولقد بين هذه الحجة حيث قال : لقد زرته ولم أر ما تقولون بل كان محافظاً على الصلاة والسنة ، وإذا قلتم بأنه كان يفعل ذلك خوفاً مني فلا أعتقد بأنه يخافني ، ومن قال بأنه شارب للخمر لم يره يشرب ولو كان رآه لكان مذنباً معه ، ولو قالها بدون أن يراه يصبح كاذباً ! فهذه شهادة له من أهل البيت . والغريب بأن يزيد عاقب أهل المدينة وترك أهل البيت ، والسبب لأنهم لم يشاركوا في نقض البيعة له . هذا ما نعرفه .

أما ما يقال عنه فهو طعن بالأمة الاسلامية جميعاً ، حيث تصر الشيعة بأن الجميع ساكتين عن الحق والساكت عن الحق شيطان أخرس .

ص: 411

كما لم يبين لنا الحسين (ض) هذه الأشياء ، بل كان يعتقد بأن الخلافة لا تكون بالوراثة ، لتعرف الشيعة بأننا لا ندافع عن يزيد أو معاوية أو الخلفاء لسبب ما . بل دفاعنا لكشف التاريخ والحقيقة الغائبة عند الشيعة .

- وكتب ( السبطين ) ، بتاريخ 26-12-1999 ، الثانية صباحاً :

لقد أبعدت النجعة على عادتك ياعمر !! فهذا أمر غير ثابت أصلاً !

أظهر نقولك ، وعزو مراجعك .. حتى نجادلك على هدى وبينة .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 26-12-1999 ، الثالثة إلا ربعاً صباحاً :

اذا أردت المرجع ، فارجع لكتاب البداية والنهاية لابن كثير . هذا للعلم .

- وكتب ( فاتح ) ، بتاريخ 26-12-1999 ، الخامسة صباحاً :

ما أوردته عن محمد ابن الحنفية لم تذكر مصدره ؟ وكنت أعتقد بأنك من أهل السنة ، ولكن مايصدر عنك من خبث ودلالة على عدم طهارة المولد تجعلني اعتقد جزماً أنك خارج عن الاسلام ! فحاشا لأهل السنة بما تعتقد !

- وكتب ( مؤمن قريش ) بتاريخ26-12-1999 الحاديةعشرة والنصف صباحاً:

اللهم احشر اللعين مع اللعين بن اللعين بن اللعين , عاجلاً يا الله يا الله يا الله . ومن يقتل مؤمنا متعمداً . . . . الآية .

هل يكتفي فقيه العالم الاسلامي الكبير بهذه الآية في دفاعه عن الشيطان اللعين بن اللعين بن اللعين . فكيف بمن يقتل الحسين بن علي علیهما السلام الذي قال فيه الرسول صلی الله علیه و آله أنه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة ، وأنهما إمامان قاما أو قعدا ،

ص: 412

وحسين مني وأنا من حسين ، و و و . . . إلى آخر كوكبة محمدية وصلت للعقلاء فقط .

تعادي أهل بيت نبيك في سبيل لعين بن لعين بن لعين ؟! أما تستحي ؟!

وبأي وجه تقابل رسول الله غداً وأنت تدافع عما ؟! عن من أفسد الدين وقتل سادات المسلمين !! إن كنت مسلماً أتعرف من هو يزيد ؟

- وكتب ( الأشتر ) بتاريخ 26-12-1999، الثانية عشرة إلا ثلث ظهراً:

دلائل كفر يزيد العنيد :

من الدلائل الواضحة على كفر يزيد بن معاوية مخالفته لحكم الله في حرمة شرب الخمر ، فإنه كان يشرب ويتفاخر بذلك وذلك في ديوانه المطبوع :

ومن أقواله :

شميسة كرم برجها قعر دنها *** فمشرقها الساقي ومغربها دمي

فإن حرمت اليوم على دين أحمد *** فخذها على دين المسيح ان مريم

وقال أيضاً في ديوانه :

أقول لصحب ضمت الكاس شملهم *** واداي صبابات الهوى يترنم

خذوا من نصيب من نعيم ولذة *** فكل وإن طال المدى يتصرم

فهو في هذين البيتين يدعو إلى لذة الدنيا ونعيمها وينكر الآخرة ، ومن شعره ما نقله أبو فرج ابن الجوزي في كتابه ( الرد على المتعصب العنيد المانع عن يزيد لعنه الله) وهو :

علية

هاتي وناولي وترنمي *** حديثك إني لا أحب التناجيا

فإن الذي حدثت عن يوم بعثنا *** أحاديث زور تترك القلب ساهيا

ومن كفرياته :

ص: 413

يا معشر الندمان قوموا *** وأسممعوا صوت الأغاني

و اشربوا كأس مدام *** وأتركوا ذكر المثاني

شغلتني نغمة العيدان *** عن صوت الأذان

و تعوضت عن الحور *** عجوزاً في الدنان

و من الدلائل على كفر يزيد وارتداده : أشعاره الإلحادية وكفرياته التي أنشدها بعد مقتل السبط الشهيد سيد شباب أهل الجنة الحسين علیه السلام . فقد ذكر سبط ابن الجوزي في كتابه التذكرة - 148 قال : لما جاوؤا أهل البيت إلى الشام سبايا ، كان يزيد جالساً في قصره ، مشرفاً على محلة جيرون فأنشد قائلاً :

لما بدت الرؤوس وأشرقت *** تلك الشموس على ربى جيرون

نعب الغراب فقلت نح أو لا تنح *** فلقد قضيت من النبي ديوني

هذا هو يزيدك يا عمر الذي تدافع عنه ، حشرك الله معه ومع معاوية وآل سفيان ، الشجرة الملعونة في القرآن .

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 26-12-1999 ، الثامنة مساءً :

لمن سأل عن المراجع في إثبات رأي محمد ابن الحنفية في يزيد ، فليعود لكتاب البداية والنهاية لابن كثير . أما الأبيات الشعرية فهي حجة واهية للإثبات ، كما بيناها في شرك أبو طالب .

يزيد حكم الأمة لمدة تقارب حكم علي (رضی الله عنه) ، ولا أعتقد بأن خليفة المسلمين يتغنى بهذه الأشعار ، وهناك من الصحابة ما زالوا يعيشون في وقته. والموضوع الرئسي هو هل رحمة الله ومغفرته لعباده واسعة أو ضيقة .

- وكتب ( الأشتر ) بتاريخ 26-12-1999 الثانية عشرة ليلاً :

ص: 414

والله لم أر منطقاً واهياً وسخيفاً مثل منطقك !! هل تعلم أن الشعر يعبر عن صاحبه من أفكاره ، وتكون قوة التعبير أقوى من الكلام العادي ؟؟!!

يا ليتك ترجع لمقاعد الثانوية وتأخذ بعض الدروس في ذلك ، وإذا لم يعجبك الشعر وتعتبره حجة واهية فإليك هذه- مسند أحمد- مسند المدنيين:

( عن السائب بن خلاد ، أن رسول الله صلى اللهم عليه وسلم قال : من أخاف أهل المدينة ظلماً أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفاً ولا عدلاً ) .

وأنت تعلم ما فعله يزيد في أهل المدينة! هذا ناهيك عن الجرائم الأخرى .

- وكتب ( عمر ) بتاريخ 27-12-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

أما حربه لأهل المدينة فهو جائز، كما حارب علي ( رض ) أصحاب الجمل ومعاوية ، ولكن استحلال المدينة لمدة ثلاثة أيام هو ما عارضه العلماء .

- وكتب ( ذو الشهادتين ) بتاريخ 27-12-1999 ، الواحدة صباحاً :

يا عمر . . إتق الله في نفسك وفي شرفك .. فهاهم إخوانك من أهل السنة يشككون في طهارة مولدك ويتبرؤن منك .

سبحان الله : الدنيا تدور وكما تدين تدان ! فبالأمس القريب كنت تطعن في السيد الفاطمي . واليوم قد سلط الله عليك ألسنة غلاظ تشكك في طهارة مولدك ! فاتعظ واعتبر . هل ما حصل لعمر هو من حوبة السيد الفاطمي ؟!

- وكتب ( الشيخ ) بتاريخ 27-12-1999 ، الواحدة والنصف صباحاً:

ص: 415

أولاً : إن الله سبحانه وتعالى أخبربعلامات لأهل الجنة وعلامات أهل النار، فمن إتصف بعلامات أهل الجنة فيصح وصفه بذلك ، والذي اتصف بصفات أهل النار يصح وصفه بأنه منهم . ويزيد من النوع الثاني بلا شك .

ثانياً : يقول الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام في معنى الشورى ما معناه : متى اعترض فَّي الريب مع الأول منهم ، حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ؟!! فالامام علیه السلام يتعجب من مقارنتة مع كبار الصحابة ، فقول القائل بأن يزيد قاتل أهل المدينة ، كما قاتل علي علیه السلام أهل الجمل والنهروان .. من العجب العجاب . فلعن الله العصبية والحسد والنصب ، والعياذ بالله .

اللهم أشدد وطأتك على الظالمين ، بحق هذا الشهر الكريم .

- وكتب ( عمر ) بتاريخ 27-12-1999 ، الثانية إلا ثلث صباحاً :

لماذا قاتل علي (ض) معاوية ؟ لأنهم خرجوا عن طاعته .

ولماذا قاتل يزيد أهل المدينة ؟ لأنهم خرجوا على طاعته . نحن لانتكلم بتفسير للقرآن حتى نؤول ، وهذا تاريخ ومن له توضيح فلنسمعه .

- وكتب علي القاضي ، بتاريخ 27-12-1999 ، الثامنة مساءً :

ذكر صاحب مروج الذهب : 3 / 67 من تاريخه ما يلي تحت عنوان : ( فسوق يزيد وعماله ) قال : ( وكان يزيد صاحب طرب وجوارح وكلاب وقرود وفهود ومنادمة على الشراب ، وجلس ذات يوم على شرابه وعن يمينه ابن زياد وذلك بعد قتل الحسين فأقبل على ساقيه فقال :

إسقني شربة تروي مشاشي *** ثم مل فاسق مثلها ابن زياد

صاحب السر والأمانة عندي *** ولتسديد مغنمي وجهادي

ص: 416

ثم أمر المغنين فغنوا به ! وغلب على أصحاب يزيد وعماله ماكان يفعله من الفسوق ! وفي أيامه ظهر الغناء بمكة والمدينة واستعملت الملاهي وأظهر الناس شرب الشراب ! وكان له قرد يكنى بأبي قيس ، يحضر مجلس منادمته ويطرح له متكأ ، وكان قرداً خنيثاً ، وكان يحمله على أتان وحشية وقد ربضت وذللت لذلك بسرج ولجام ، ويسابق بها الخيل يوم الحلبة . . . إلى أن يقول في الصفحة 68 من نفس الجزء والمصدر : ( وشمل الناس جور يزيد وعماله وعمهم ظلمه ، وما ظهر من فسقه من قتله ابن بنت رسول الله وأنصاره ، وما أظهر من شرب الخمور ، وسيره سيرة فرعون بل كان فرعون أعدل منه في رعيته وأنصف لخاصته ) . انتهى .

أقول : إن أصحاب السير ذكروا أن يزيد ملك ثلاث سنوات كلها ظلم وجور ، حتى انتهت جرأته بقتل الحسين بن علي علیه السلام .

أفمثل هذا يا مسلمون يقال له : خليفة رسول الله ؟!

أفمثل هذا ، ولا يرضى الغزالي في الإحياء ، بلعنه ؟!

وقد جاء في القرآن الكريم الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله ..الآية وكيف لم يؤذ رسول الله ، وقد ذكر أبو هيثم في الحلية أن رسول الله قال : ( اللهم أني أحبه فأحبه ) .

- وكتب ( عمر ) بتاريخ 27-12-1999 ، الثامنة والنصف مساءً :

كما قلنا هذا الكلام يصلح للحسينيات , ولا يوجد له بالتاريخ المعتمد أي صلة . وما حصل في عهدة لا يقل عن ما حصل في خلافة علي ( رض ) علي (رضی الله عنه) استحل قتال المسلمين الخارجين عن ولايته ، ويزيد أحلها أيضاً ، والفرق بأن علياً (رضی الله عنه) عندما انتصر في الجمل ، لم يصنع كما صنع يزيد بالمدينة . أما

ص: 417

ما يقال عن الخمر والقرود ، فيزيد أرسله أبوه الى البادية ليتعلم الفروسية والرجولة ، ولم يكن مدللاً كما يعتقد الشيعة ، كما جاهد في سبيل الله كما بينا في أول الحديث . وإذا كانت له أخطاء ، فهو بشر يخطئ ويصيب ، وننقل ما صنعه ولا نزيد كما يفعل الشيعة .

السؤال : لو خرج أحد السنة في إيران وأراد الإنقلاب على الحكم الشيعي ماذا يصنع الولي الفقيه ؟؟ إذا جاوبت هذا السؤال ستعرف !

- وكتب ( عزام ) بتاريخ 29-12-1999 ، العاشرة والنصف مساء ً:

الظاهر أن الأخ عمر يعيش عقلية الطواغيت تماماً ، حيث يبررون لأنفسهم القمع والإجرام وقتل الأحرار ، بحجة أنهم ثاروا على النظام العام ، وخربوا الأمن وهددوا مصالح البلاد والعباد !! وحيث يصير الثوار المجاهدون في موازينهم خونة وعملاء مذنبون يستحقون القتل والقمع ، بل سبي النساء والأطفال ونهب الأموال !!! ويصبح الطواغيت السارقون شاربوا الدماء مخلصين صلحاء يجب حفظ دمائهم وأموالهم وماء وجوههم مهما كان !! وليس من حق أحد أياً كان أن يمسهم بسوء !!

فهنيئاً لك ياعمر تبريرك لأعمال صدام المجرم وأمثاله بهذه الطريقة !!

ثم لا أدري ، هل يستطيع عمر بعد ذلك أن يدعى حب أهل البيت علیهم السلام وما هو تعريف الحب عنده ؟ بعد دفاعه المستميت عن يزيد الملعون قاتل الذرية الطاهرة ؟؟؟

لا أستطيع أن أستوعب أن رجلاً يؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر ، ثم يدافع عن قرد قتل ذرية الرسول شر قتلة وفعل فيهم ما فعل !! وقتل ذلك الصحابي الجليل الحسين بن علي علیه السلام بتلك البشاعة !! وهدم الكعبة المشرفة وحرقها !!

ص: 418

ودمر المدينة المنورة وقتل الصحابة فيها وزنى بنسائها !!! فهل يستطيع المسلم أن يذكر له حسنة واحدة (لو كانت) بعد كل هذا ؟! لا أدري هل أن جميع إخواننا أهل السنة لهم نفس رأي عمر هذا ؟؟!! هيهات.. هيهات .. فقد صادقنا كثير من إخواننا السنة وهم يدينون يزيد ويذمونه ، لكنه رأي شاذ مستهجن أعماه الحقد على أهل البيت علیهم السلام عن كل الموازين والقيم … وقد عرف بهذا الرأي قوم معروفون منبوذون من الجميع . أعاذنا الله وجميع المسلمين منهم ومن آرائهم وأعمالهم .

- وكتبت ( زهراء ) ، بتاريخ 31-12-1999 ، التاسعة مساء :

أنت تسألنا عن قاتل الحسين في الجنة ، أم لا ؟؟

مع احترامي لكل الأخوة أقول لك.. ولا في الحلم يزيد هناك !!

- وكتب ( عمر ) ، بتاريخ 1-1-2000 ، الواحدة والربع ليلاً :

أي جنة تقصد؟ هل جنة الخميني التي وزع مفاتيحها ؟ أم هناك من الأولياء والسادات يملك حق التصريح بدخولها ؟؟ ما يملكوه هو مفاتيح جهنم بالتأكيد … والسبب هو مصير المشرك نار جهنم. ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالاً بعيداً ) .

هذه جنتكم الموعودة ، أما جنة الله فهو الوحيد الذي يغفر ويدخل من يشاء . ولقد بينّا في بداية الموضوع بأن الحديث الصحيح بين من هم المغفور لهم ، وما دام الله فتح جنته فنحن نقف عند هذا الحديث ونترك السب واللعن: تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون . البقرة - 134 . صدق الله العظيم .

ص: 419

- وكتب ( ميثم التمار ) بتاريخ 1-1-2000 ، الواحدة والنصف ليلاً :

واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا . . . ولو شئنا لرفعناه بها لكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل .. . إن تحمل عليه يلهث وإن تتركه يلهث !!

( يُرِيدُونَ أَن يُطْفِؤُواْ نُورَ اللّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ ) .

- كتب ( مدمر النواصب ) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 5-3-2000 ، الثامنة صباحاً ، موضوعاًَ بعنوان ( يزيد بن معاوية في جهنم . ماقاله الشيخ محمد العوضي ) ، قال فيه :

لقد ذكر الشيخ محمد العوضي ، هذا الشيخ المعروف في الكويت والوطن العربى ... فى إحدى خطبة قبل الفطور عام 1998 ، في أيام شهر رمضان الكريم ، قال : إن الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة ... وإن من أمر بقتل الحسين هو يزيد بن معاوية ، وذلك لرفض الإمام الحسين البيعة ليزيد ... فإن يزيد لن يدخل الجنة ، لأنه دنس يده بقتل الحسين علیه السلام ، وما فعله بأهل البيت ، أفجع ملحمة عرفها التاريخ ... قال رسول الله صلی الله علیه و آله : ( أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمة , وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي ). ( الحاكم المستدرك 3/150 ، وصححه ووافقه الذهبى ) .

ولقد اتصل العديد من خارج الكويت من الإرهاب الوهابي المعترض لما قاله ... حيث قال أحدهم في فاكس : أن إسم يزيد بالجنة !! حلوه والله .

- وكتب ( أبو فراس ) بتاريخ 5-3-2000 ، الثامنة والربع صباحاً :

هل بلغك أن سني ينتقص من آل البيت الأطهار ؟

ص: 420

وأما أمر يزيد إن كان في النار أو في الجنة .. إذا كان في الجنة فهذا الأمر لا يفرحنا .. وإن كان في النار فهذا لا يبعث لنا بالحزن . وإن تلعن يزيدًا ، فإن من أهل السنة من يجيز لعن يزيد ، ويستشهد بفسوقه كما أنت بينته للشيخ محمد العوضي . فكيف تقول أن أهل السنة نواصبٌ إذن ؟!

- فكتب العاملي ، بتاريخ 5-3-2000 ، العاشرة مساءً :

ينبغي أن نشكر الأخ أبا فراس ، حيث لم يتعصب لبني أمية أعداء أهل البيت علیهم السلام وظالميهم ، وشهد بأنهم مذمومون على لسان النبي صلی الله علیه و آله .. وعلماؤنا يفرقون بين السني والناصبي كما تفضلت .

- كتب علي القاضي في منتدى الحوار بتاريخ28-12-1999، موضوعاً بعنوان ( إلى عمر ... أحمد بن حنبل يلعن يزيد ... ) ، قال فيه :

عندما سئل أحمد بن حنبل عن لعن يزيد ، قال : وكيف لا يلعن من لعنه الله في كتابه . قال له ابنه صالح : وكيف لعن الله يزيد في كتابه ؟ . فقال : في قوله تعالى ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمي أبصارهم ) ، وهل يكون فساداً أعظم من قتل الحسين ( علیه السلام ) . وقد قال تعالى ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة ) ، وأي أذى أشد على محمد من قتل الحسين الذي هو له ولابنته قرة عين . . . نقله الشبراوي ، عن ابن الجوزي في الإتحاف في حب الأشراف .

وقد ذكر ابن الجوزي أن الإمام أحمد بن حنبل ذكر في حق يزيد ما يزيد على اللعن ) ( الرد على المتعصب العنيد ) .

ص: 421

وقال التفتازاني في شرح العقائد النفيسة : اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين أو أمر به أو أجازه أو رضي به . والحق أن رضا يزيد في قتل الحسين واستبشاره بذلك وإهانته أهل بيت رسول الله مما تواتر معناه .

ونقل هذا الكلام الشبرواي ، وذكر أعمال يزيد ثم قال : ( ولا يشك عاقل أن يزيد بن معاوية هو القاتل للحسين لأن هو الذي ندب عبيد الله بن زياد لقتل الحسين . ( الإتحاف في حب الأشراف ) .

- كتب ( عمر ) ، بتاريخ 28-12-1999 ، العاشرة صباحاً :

إذا أخذنا كلامك على محمل الجد . فهذا أحد العلماء .. وهناك من خالفه .. ولكل اجتهاده . ولو رجعنا لابن حنبل والوقت الذي عاش به .. في الدولة العباسية.. لوجدنا به بعض التشيع.. أو بمعنى آخر لدى الشيعة التقية .. فهو لايستطيع أن يكتب ما يريد ، والخلفاء العباسيين يكرهون الأمويين .. ولو كنت مخطئاً .. فرأيه غير ملزم ، لوجود من خالفه !

- وكتب ( السبطين ) ، بتاريخ 28-12-1999 ، الثانية ظهراً :

لاتوجد تقية لدى أهل السنة ، وأحمد بن حنبل هو إمام من أئمة أهل السنة والجماعة ، فهل نفهم أن تقية رأي معتبر عند أهل السنة من خلال قول إمامهم أحمد بن حنبل . وكيف يقول بالتقية من جلد وعذب وصبر وتعزم على حسب قولكم ، في محنة خلق القرآن .

- قال العاملي : يكاد الإنسان لايصدق وجود أمثال عمر الناصبي بين المسلين .. لكنه الواقع ، فهم نماذج موجودة في أتباع ابن تيمية المتعصبين .. تلمس منهم أنهم معرضون عن العترة النبوية الطاهرة كلياً الى حد أن عندهم

ص: 422

حساسية نحوهم ، وأنهم يبررون أعمال مخالفيهم وظالمهم وقاتليهم .. فهل النصب إلا هذا ؟ ! فالحمد لله الذي عافانا من مرضهم الخبيث هذا !!

ص: 423

ص: 424

الفصل السادس: الشبكات الوهابية المتعصبة في أيام عاشوراء !

اشارة

ص: 425

ص: 426

الشبكات الوهابية المتعصبة في أيام عاشوراء !

مما يلاحظ أن الشبكات الدينية الوهابية في عاشوراء يقل فيها العقلاء ، ويكثر السفهاء الذين يتفننون في السخرية من الشيعة ، بسبب إحيائهم ذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين علیه السلام !!

ويبلغ بهم الأمر أن يدافعوا عن جرائم يزيد بن معاوية بحجة أنه خليفة شرعي ! ويتعمدوا مدح بني أمية الشجرة الملعونة في القرآن !!

بل يغالي بعضهم فيظهر نصبه لأهل البيت علیهم السلام ، ويُخَطِّئ الإمام الحسين علیه السلام لأنه لم يبايع يزيداً وخرج عليه !!

وأكثر الشبكات غلواً هي : شبكة سحاب ، وشبكة الخيمة ، والساحة العربية ، وشبكة أنصار الحسين للوهابي المدعو محب أهل البيت ! وقد أدى غلوهم في بني أمية إلى انتفاض بعض علمائهم عليهم ، كما سيأتي !

ص: 427

- كتب ( ياسين داوود ) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 27-9-1999 ، الثانية ظهراً ، موضوعاً بعنوان ( وجهة نظر سلفية من شبكة سحاب حول أسباب خروج الإمام الحسين علیه السلام ، على يزيد !؟ ) ، قال فيه :

وجدته في شبكة سحاب ، ويحتاج إلى رد من الأفاضل في شبكة هجر . ويقصد الأخ ياسين أن يكون الرد عليهم في شبكة هجر الشيعية ، لأنهم لا يسمحون بمشاركة الكتاب الشيعة في شبكاتهم ! وإذا أحسوا أن الشخص شيعي حذفوا موضوعه وألغوا اشتراكه ! !

والموضوع الذي قصده ياسين كان بعنوان : ( سؤال عن أسباب خروج الحسين وابن الزبير رضي الله عنهم على أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ) . وهو مقال طويل للمدعو الذهبي نشره ( أسد الإسلام ) بتاريخ 27-9-1999، السادسة والنصف صباحاً ، في شبكة سحاب :

http://www.sahab.net/sahab_html/Forum1/HTML/002593.html

قال فيه : من المعروف عند علمائنا أن الخروج على الحاكم لايكون إلا أن يكفر الحاكم ويظهر كفره البواح أو يغير شريعة الرحمان ، أو أنه لا يقيم الصلاة . والسؤال هو عن أسباب خروج الحسين وابن الزبير رضي الله عنهما على أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ؟!

بل والأغرب هو خروج أنصار المدينة على أمير المؤمنين رغم أن في أعناقهم بيعة مغلظة أدوها طائعين !! ولا شك أن هذين الصحابيين الجليلين أعلم منا بأمور الحرب ، لكن يحق لنا التساؤل عن الأدلة الشرعية التي استمدوها ليخرجو على أمير المؤمنين .

ص: 428

روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه : ( دَعَانَا النَّبِيُّ فَبَايَعْنَاهُ ، فَقَالَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا ومَكْرَهِنَا وعُسْرِنَا ويُسْرِنَا وأَثَرَةً عَلَيْنَا وأَنْ لا نُنَازِعَ الأَمْرَ أَهْلَهُ ، إِلاَّ أَنْ تَرَوْا كُفْراً بَوَاحاً عِنْدَكُمْ مِنَ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ ) أخرجه البخاري ومسلم . وهذا الشرط لم يتحقق بإجماع العلماء والمؤرخين ، إذ أن يزيد لم يكفر فضلاً عن إظهار الكفر البواح .

وقَالَ رَسُولُ الله : مَنْ خَرَجَ مِنَ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ ثُمَّ مَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً . أخرجه مسلم .

أما عن فسوق يزيد ، فلم يثبت من هذا شئ ، وليس ذلك أيضاً مبرراً للخروج عليه . وتكفينا شهادة محمد بن علي في تقاه وورعه ، فيروي البلاذري : أن محمد بن علي بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت ، فقال له يزيد ، وكان له مكرماً : يا أبا القاسم ، إن كنت رأيت مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه وأتيت الذي تُشير به علي ؟ فقال : والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه ، وأخبرك بالحق لله فيه لما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه وما رأيت منك إلاّ خيراً !! أنساب الأشراف : 5/17 .

ويروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع (كان داعية لابن الزبير) مشى من المدينة هو وأصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم ، فقال ابن مطيع : إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب، فقال محمد : ما رأيت منه ماتذكرون ، قد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير ، يسأل عن الفقه ملازماً للسنة !! قالوا : ذلك كان منه تصنعاً لك ، قال : وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع ؟ ثم

ص: 429

أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه ، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا . قالوا : إنه عندنا لحق ، وإن لم نكن رأيناه . فقال لهم : أبى الله ذلك على أهل الشهادة ، ولست من أمركم في شئ . ( البداية والنهاية : 8 / 233 ، وتاريخ الإسلام – حوادث سنة 61-80ه- ص 274) وقد حسّن الأخ محمد الشيباني إسناده . (أنظر : مواقف المعارضة من خلافة يزيد بن معاوية ص 384 ) .

كما أن مجرد موافقة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية ، من أمثال عبد الله بن الزبير ، وعبد الله ابن عباس ، وابن عمر ، وأبو أيوب الأنصاري ، على مصاحبة جيش يزيد في سيره نحو القسطنطينية ، فيها خير دليل على أن يزيد كان يتميز بالاستقامة ، وتتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة ، ويتمتع بالكفاءة والمقدرة لتأدية مايوكل إليه من مهمات ، وإلا لما وافق أمثال هؤلاء الأفاضل من الصحابة أن يتولى قيادتهم شخص مثل يزيد .ولا ننس شهادة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في أن يزيد لم يخالف أمر الله بشئ ، ونهيه لبنيه أن يخرجوا على يزيد كما فعل باقي أهل المدينة خاصة أن في أعناقهم بيعة له .

سبحانك ربي لا إله إلا أنت ، أستغفرك اللهم وأتوب إليك .

- فأجابه العاملي ، بتاريخ 27-9-1999 ، الخامسة مساءً :

الأخ ياسين: لقد وعدوا في سحاب ، صاحب السؤال أن يجيبوه .. فلننتظر جوابهم .

- وكتب ( ياسين داود ) ، بتاريخ 28-9-1999، الثانية ظهراً :

ص: 430

أخي العاملي : لقد جاء الجواب بعدما جاءت المداخلات ، ونريد منكم ومن الأفاضل في هجر أن يفندوا هذا التزوير والباطل ، الذي يطرحه أسد الإسلام والذهبي ، في سحاب .

- فكتب العاملي ، بتاريخ 29-9-1999 ، الواحدة صباحاً :

الأخ ياسين داود المحترم .. أشكرك على اهتمامك بفضح نصب النواصب السحابيين .. وقد قرأت ما كتبوه ، وأعلق على بحثهم بهذه الملاحظات ، حيث يلاحظ القارئ أن الكتَّاب المدافعين عن يزيد ، والمخطئين للحسين علیه السلام ، قد غيبوا عمداً عن بحثهم ، عدة عناصر حاسمة ، وأضافوا عناصر مدلسة . نكتفي بالإشارة الى أهمها :

1 - لقد غيبوا عمداً ! كل شهادات الرسول صلی الله علیه و آله في حق سبطه الإمام الحسين ومدائحه له ، وما تعنيه أقواله من صحة مواقفه ، وشرعيتها ، وانحراف مخالفيه ونفاقهم !! وتكلموا عن الحسين علیه السلام كأنه شخصية عادية مثل جهيمان !! وهذا عمل لا يصدر إلا من ناصبي يعرض عن أقوال نبيه في عترته عمداً !

2 - غيبوا الأحاديث الصحيحة التي أخبر بها النبي صلی الله علیه و آله بقتل ولده الإمام الحسين علیهم السلام ، وإدانته لجريمة قتله وقاتليه ولعنهم !! وقد روى إمامهم أحمد بن حنبل في مسنده العديد منها ! وهذا يعني أنهم لا يهتمون بأحاديث النبي صلی الله علیه و آله في الموضوع ، بل ويفضلون عليها تقييمهم هم ، وفق هواهم !!

وهذا هو أسلوب المستشرقين الكفار بالنبي صلی الله علیه و آله !!

3 - غيبوا كل كلام الإمام الحسين علیه السلام الموجود في مصادرهم بأسانيد صحيحة ، وفيه بيان سبب خروجه وهدفه !! وهذا عمل لا يقدم عليه باحث صاحب دين ، ولا باحث يحترم نفسه !

ص: 431

4- تركوا شهادات كبار الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب بالإمام الحسين علیه السلام !! وتشبثوا بشهادات وروايات شاذة ، لنواصب أو مغمورين !!

5 - عاملوا بيعة يزيد على أنها خلافة شرعية وأمر تام ، والإمام الحسين علیه السلام لم يبايعه ، ومع أن الامام الحسن علیه السلام اشترط في صلحه مع معاوية أن لا يعهد بعده إلى أحد من بني أمية ، ويكون الأمر بعده للإمام الحسن ، وبعده للامام الحسين علیهما السلام .. فالامام الحسين بنص الصلح الذي يثبتون به شرعية خلافة معاوية.. هو الخليفة الشرعي ويزيد خارج عليه!

ومن جهة أخرى فقد صح عندهم أن الخلافة ثلاثون سنة ، وبعدها الملك العضوض !! العضوض !! فالحكم الذي يصفه نبيهم بأنه كلبٌ أو ذئبً يعضُّ المسلمين !! صار هو الميزان الشرعي لتدين من يبايعه ويطيعه ، والميزان لبغي من يخرج عليه !!

وأقل ما يقال إنهم بذلك يساعدون العضَّاضين على أولاد النبيين !! .

- فكتب ( ياسين داود ) ، بتاريخ 29-9-1999 ، الثالثة ظهراً :

أخي العاملي .. أشكرك ،

وياليت أن يشارك الآخرين في الرد على هؤلاء .

- وكتب ( الأشتر ) بتاريخ 29-9-1999 ، الثالثة والنصف ظهراً :

العاملي المحترم .. السلام عليكم . ياسين ، لك خالص حبي .

والسؤال الآن هو : إذا كان يزيد كما يقال : مؤمن ولم يثبت فسوقه ، فبم تفسر أنت وجماعتك هذه الأبيات التي أنشدها اللعين حين جئ بالرأس الشريف إليه .. ؟

ص: 432

ليت أشياخى ببدر شهدوا *** جزع الخزرج فى وقع الأسل

فأهلوا واستهلوا فرحا *** ثم قالوا لي هنياً لا تسل

حين حكت بفناء بركها *** واستحر القتل فى عبد الأسل

قد قتلنا الضعف من أشرافكم *** وعدلنا ميل بدر فاعتدل

والكل يعلم أن الفاجر تولى الحكم لثلاث سنوات ، ففي السنة الأولى قتل أولاد رسول الله ، وفي السنة الثانية استباح المدينة يوم الحرة ، وبآخر حكمه هدم الكعبة وحرقها !! وبعد كل هذه القرون يأتي شخص يفتى بعدم ثبوت فسوق يزيد ، لمجرد أنه يحقد على الشيعة !؟ يا للعار ...

- وكتب ( محب السنة ) ، بتاريخ 29-9-1999 ، الثانية عشرة ظهراً :

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي : 3/408 : كان قتله رضي الله عنه من المصائب العظيمة ، فإن قتل الحسين وقتل عثمان قبله كانا من أعظم أسباب الفتن في هذه الأمة وقتلتهما من شرار الخلق عند الله ....الى ما نقله سابقاً عن ابن تيمية .. ثم قال محب السنة :

فأهل السنة لا يحبون يزيد ، ولا من اشترك في قتل الحسين ، ولا من خذل الحسين وهم الشيعة ، ولا يقارنون الحسين بيزيد فشتان بينهم ، ويرون قتل الحسين من أعظم أخطاء يزيد ، إن لم يكن أعظمها على الإطلاق .

حب الصحابة كلهم لي مذهب *** ومودة القربى بها أتوسلُ

- فكتب العاملي بتاريخ 30-9-1999 ، الثانية عشرة ودقائق ظهراً :

أشكر الأخ محب السنة على رأيه في جريمة يزيد بقتل الإمام الحسين علیه السلام .. فهو أحسن موقف أراه من أتباع ابن تيمية إلى الآن ، وهو خطوة في طريق

ص: 433

إنصاف أهل البيت المظلومين علیهم السلام .. حبذا لو أخذ به النواصب في شبكة سحاب !!

- وكتب ( الصارم المسلول ) بتاريخ 30-9-1999، الواحدة صباحاً :

والله هذا هو موقف أهل السنة وأتباع شيخ الاسلام ابن تيميه .

فهل رأيت غير هذا ياعاملي من أهل السنة ؟

- فكتب العاملي بتاريخ 30-9-1999 ، الثامنة والنصف صباحاً :

إن كنت تقصد بأهل السنة أتباع ابن تيمية .. فإنه يكثر فيهم الجفاء لأهل بيت النبي صلی الله علیه و آله ، والميل إلى أعدائهم وظالميهم وقاتليهم ، والدفاع عنهم بغير حق . وكذلك أهل السنة من المذاهب الأربعة ، ولكن المنصفين فيهم أكثر ، والنواصب أقل .

بقية الموضوع من شبكة سحاب

- أجاب ( الواضح ) بتاريخ 27-9-1999، العاشرة صباحاً :

الذي أتذكره أن الحسين وابن الزبير رضي الله عنهما لم يبايعا .. وأن أهل المدينة لم يبايعوا طائعين ، فإن كنت أخطأت فنبهني ..! والمسألة تحتاج إلى بحث منصف مدعم بالأدلة ..!! كن واضحاً صادقاً .

- وكتب ( عز الدين ) بتاريخ 27-9-1999 ، العاشرة والنصف صباحاً :

بويع لابن الزبير قبل أن يبايع ليزيد .. يزيد كان فاسقاً بكل معنى الكلمة ، والتاريخ يثبت هذا .

- وكتب ( ثريد ) ، بتاريخ 27-9-1999 ، الثانية والنصف ظهراً :

ص: 434

الأخ أسد الإسلام حفظه الله تعالى .. هذا الموقع سيفيدك في هذا الباب بإذن الله تعالى خصوصاً أشرطة الشيخ عثمان الخميس حول مقتل الحسين رضي الله عنه : http://shias.hypermart.net

- وكتب (أسد الإسلام) بتاريخ 27-9-1999 الرابعة والنصف عصراً :

أخي عز الدين .. كيف يبايع لابن الزبير ، قبل يزيد ؟! بويع ليزيد في حياة أبيه معاوية وبايعه الناس كلهم طائعين إلا أربعة صحابة وهم : ابن عمر وابن العباس والحسين وابن الزبير . وعندما استلم مقاليد الحكم بايعه أول اثنين وبقي آخر اثنين بدون بيعة له .

أما عن فسقه فالذي أعلمه أن شيئاً من هذا لم يثبت .. والمقالة التالية للأخ ذهبي تؤكد ذلك : http://arabic.islamicweb.com/shia/yazid.htm

سبحانك ربي لا إله إلا أنت ، أستغفرك اللهم وأتوب إليك .

- وكتب ( عاشق الحوراء ) بتاريخ 27-9-1999 ، السادسة مساءً :

أخي أسد الإسلام . اطلعت على كتابة ذهبي في موقعكم ، ولكن يا أخي لابد أن تنسب المقالة لصاحبها في الموقع ، فهذا أمر مهم جداً وتقضيه الأمانة العلمية ، وقد لاحظت أن موقعك مفيد جداً لولا عدم نسبة العلم لصاحبه ! وأرجو أن تتقبل نصيحتي بصدر رحب ، فإني أحب لك الخير ، وأوجه هذه النصيحة لنفسي وللجميع .

- وكتب ( الذهبي ) ، بتاريخ 27-9-1999 ، العاشرة ليلاً :

الأخ : عز الدين ، يا أخي اتق الله في نفسك ولا تلقي التهم جزافاً هكذا دون دليل ، فقولك عن يزيد رحمة الله إنه فاسق ، هذا يحتاج إلى دليل ، وإن كان عندك

ص: 435

هذا الدليل فأتحفنا به ، وأرجو التوثيق في النقل حتى يكون الموضوع والنقاش علمياً ، وأنا في انتظار ردك .

أما الأخ أسد الإسلام ، فموضوعك الذي طرحته شائك جداً ، وسأجيبك إن شاء الله على ما تفضلت بطرحه ، لكن سيكون على حلقتين لإعطاء كل شخصية حقها من الحدث والحديث ، فانتظره إن شاء الله قريباً .

اقرأوا التاريخ إذ فيه العبر *** ضل قوم ليس يدرون الخبر

- وكتب ( أسد الإسلام ) بتاريخ 27-9-1999 العاشرة والثلث مساءً :

الأخ عاشق الحوراء .. أشكرك على نصيحتك ، وكنت قد سألت الأخ ذهبي عن هذا فلم يرغب بذكر اسمه . على أية حال ليس لدي مانع في ذلك .

الأخ ذهبي .. جزاك الله خيراً ، وخذ وقتك في كتابة الجواب فالموضوع معقد كما تفضلت . كما أود أن تخبرني إذا كنت تريدني أن أذكر اسمك أو أي لقب لك في صفحتي . أخوكم أسد الإسلام .

سبحانك ربي لا إله إلا أنت ، أستغفرك اللهم وأتوب إليك .

- وكتبت ( شجرة الدر) وهي من جدة سنية حنبلية متعصبة ، بتاريخ28-9-1999 ، الثانية عشرة وعشر دقائق ظهراً :

المفروض أن لا أرد . . . ولكن لم أستطع أن أرى أن يجرَّم عبد الله بن الزبير والحسين بن علي ، ويبرأ يزيد .!! من قال أنهم بايعوا طائعين ؟!! لقد كانت بيعة ظالمة تحت حكم السيف !! والرعب والإرهاب ( استمع لأشرطة طارق السويدان فهي رائعة ) واطلع على الكتب أيضاً !!

ص: 436

يزيد ليس صحابياً (على ما أعرف) لكي ندافع عنه . وبنو أمية باستثناء معاوية وعمر بن عبد العزيز ، عرفوا بالظلم والبذخ والإرهاب ، وهم من تجرأ عبر التاريخ وضربوا الكعبة بالمنجنيق ، ومن أفزعوا أهل المدينة والرسول نهى عن ذلك . كما أنهم من حول الخلافة الراشدة إلى ملكية ، ومثلوا بعبد الله بن الزبير وبشاعة قتلهم للحسين ، وقطعهم لرأسه ولعبهم بها ، وسبيهم لنساء آل البيت وهم مسؤلون بدرجة كبيرة عن الفتن التي تعصف بنا إلى اليوم ، وسبهم لعلي على المنابر .. وليس ضرورياً أن تردوا على ما قلته ، فأنا لن أشاهد ، فأنا دخلت هنا صدفة ولم أستطع أن أكتم ما في قلبي ، وإلا أنا قاطعت سحاب ، وإلى الأبد . حاول أولاً أن تفهم الآخرين .

- وكتب ( عز الدين ) وهو سوري حموي يسكن في أمريكا ، تاريخ 28-9-1999 الثانية عشرة والنصف ظهراً :

لقد قرأتها بنفسي في عدة كتب عن فسق يزيد ، وعن شربه الخمر فوق الكعبة ، لقد أخطأت ، لقد كان قصدي أنه قد بويع لابن الزبير قبل مروان ابن الحكم .

وصدقت ، لقد بايع الناس يزيداً عدا أربعة صحابة ، ولكن لعل خروج ابن الزبير والحسين بسبب رفضهم أن تكون الخلافة حكماً ملكياً ، وأظن أن هذا هو السبب القوي ، وأيضاً رفضهم أن تكون البيعة بالترهيب ، وشتان بين بيعة الخلفاء الراشدين وبين بيع يزيد .. ورضي الله عن الصحابة أجمعين من الخلفاء الراشدين إلى معاوية بن أبي سفيان...

لكثير من التابعين وأتباع التابعين موقف من هذه الفتنة حبذا لو تقرأوه ...

ص: 437

هذا ما استطعت عن أنقل من البداية والنهاية : ( ولما خرج أهل المدينة عن طاعته وخلعوه وولوا عليهم ابن مطيع وابن حنظلة لم يذكروا عنه ، وهم أشد الناس عداوة له إلا ما ذكروه عنه من شرب الخمر وإتيانه بعض القاذورات ، ولم يتهموه بزندقة كما يقذفه بذلك بعض الروافض ، بل قد كان فاسقاً والفاسق لا يجوز خلعه ، لأجل ما يثور بسبب ذلك من الفتنة ووقوع الهرج ، كما وقع زمن الحرة ، فإنه بعث إليهم من يردهم إلى الطاعة وأنظرهم ثلاثة أيام ، فلما رجعوا قاتلهم .. وغير ذلك .

وقد كان فى قتال أهل الحرة كفاية ، ولكن تجاوز الحد بإباحة المدينة ثلاثة أيام فوقع بسبب ذلك شر عظيم كما قدمنا ، وقد كان عبد الله بن عمر بن الخطاب وجماعات أهل بيت النبوة ممن لم ينقض العهد ولا بايع أحداً بعد بيعته ليزيد ، كما قال الإمام أحمد ، حدثنا إسماعيل بن علية ، حدثني صخر بن جويرية عن نافع قال : لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال : أما بعد فإنا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله وإنى سمعت رسول الله يقول : إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان ، وإنه من أعظم الغدر إلا أن يكون الإشراك بالله أن يبايع رجل رجلاً على بيع الله ورسوله ثم ينكث بيعته ، فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يسرفن أحد منكم فى هذا الأمر ، فيكون الفيصل بيني وبينه .

وقد رواه مسلم والترمذى من حديث صخر بن جويرية ، وقال الترمذى حسن صحيح . وقد رواه أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن أبى سيف المدائني عن صخر بن جويرية ، عن نافع عن ابن عمر ، فذكره مثله .

ص: 438

وقد روى أن يزيد كان قد اشتهر بالمعازف ، وشرب الخمر ، والغناء ، والصيد ، واتخاذ الغلمان ، والقيان ، والكلاب ، والنطاح بين الكباش والدباب ، والقرود ، وما من يوم إلا يصبح فيه مخموراً . وكان يشد القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به . ويلبس القرد قلانس الذهب ، وكذلك الغلمان !! وكان يسابق بين الخيل ، وكان إذا مات القرد حزن عليه . وقيل إن سبب موته أنه حمل قردة وجعل ينقزها فعضته ، وذكروا عنه غير ذلك . والله أعلم بصحة ذلك .

وقال عبد الرحمن بن أبى مدعور : حدثني بعض أهل العلم قال : آخر ما تكلم به يزيد بن معاوية : اللهم لا تؤاخذني بما لم أحبه ولم أرده ، واحكم بيني وبين عبيد الله بن زياد . . .

وقال ابن عساكر : حدثنا أبو الفضل محمد بن محمد بن الفضل بن المظفر العبدي قاضي البحرين من لفظه ، وكتبه لي بخطه ، قال : رأيت يزيد بن معاوية فى النوم فقلت له : أنت قتلت الحسين ؟ . فقال : لا . فقلت له : هل غفر الله لك ؟ قال : نعم ، وأدخلني الجنة .

قلت : فالحديث الذي يروي أن رسول الله رأى معاوية يحمل يزيد ، فقال رجل من أهل الجنة يحمل رجلاً من أهل النار ؟ فقال : ليس بصحيح . قال ابن عساكر وهو كما قال ، فإن يزيد بن معاوية لم يولد في حياة النبي وإنما ولد بعد العشرين من الهجرة .

وأخيراً ، كرهنا للشيعة لا يمنع أن نكون منصفين من بعض الوقائع التاريخية قال تعالى على لسان نبيه شعيب علیه السلام : إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت .

- وكتب ( عز الدين ) ، بتاريخ 28-9-1999، الواحدة صباحاً :

ص: 439

على العموم ، أستغفر الله على هذه الكلمة ، ولكن هذا ما قرأت في كثير من الكتب التاريخية ، ولكن يبدو حسب ما قرأت في مقال الذهبي أن هناك الكثير من الأشياء المكذوبة عليه ، برغم أني لا أتفق مع الأخ في بعض النقاط التي أوردها في مقاله جزاه الله خيراً ، ولكنها ليست بموضوعنا .

لقد تأكدت مما قرأت ، ففعلاً لم يثبت شئ على فسق يزيد ، ولكن هناك أقوال في هذا ، ويمكننا الرجوع إلى مقال الأخ الذهبي لبيان ضعف هذه الروايات ، ولكن الثابت أن أحد الخلفاء الأمويين المتأخرين ولعل اسمه الوليد بن اليزيد أو ما شابه هذا ثبتت عليه تهم كثيرة ، من شرب الخمر وغيرها من الأمور المشيبة . . .

كلمة الأخت شجرة الدر فيها شئ من الصحة ، وكما قلت سابقاً ، كرهنا للشيعة لا يمنعنا أن نكون منصفين من بعض المواقف التاريخية ، وليس ببعيد عنا كيف مات النسائي رحمة الله .. سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت ، نستغفرك ونتوب إليك .

قال تعالى على لسان نبيه شعيب : إن أريد إلا اًلإصلاح ما استطعت .

- وكتب ( أسد الإسلام ) بتاريخ 28-9-1999 الخامسة والنصف صباحاً:

أخي عز الدين جزاك الله خيراً على هذا النقل من كتاب البداية والنهاية ، وأظن أن ما نقلته كافٍ لتأكيد ما ذكرته في رسالتي الأولى من نهي ابن عمر رضي الله عنه لأولاده ان ينقضو البيعة ليزيد . ولوكان مكرهاً على البيعة لأجاز نقضها لكنه قال ( فإنا بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله ) .

أما وليد بن يزيد فقد كان أول من فسق من الخلفاء . ولو تأملنا إخبار المصطفى لنا أن خير هذه الأمة جيله (الصحابة ) ، ثم الذين من بعدهم ، ثم

ص: 440

الذين من بعدهم ، ثم يأتي قوم يشيع الكذب فيهم ، وهذه حال الناس في عهد وليد بن يزيد (أتى بعد هشام) وكما نكون يولى علينا .

وأعود إلى مسألة البيعة فأقول : إن الذي نعلمه أن معاوية رضي الله عنه لم يكره أحداً على بيعة ابنه بل حضهم عليها ليجمع أمر الأمة ، كما أكد ذلك العلامة ابن خلدون في مقدمته . ويؤيد ذلك أن أربعة من الصحابة لم يبايعوه، فلو أكره معاوية أحداً لأكرههم أيضاً على ذلك .

الأخت شجرة الدر : إذا أساء أحدهم فيك الظن لقال أنك شيعية ! لكننا نحسن الظن فيك ونقول أن الأمر اختلط عليك ، وإنك لم تقرئي غير عنوان رسالتي . فأنالم أجرم عبدالله بن الزبير والحسين بن علي رضي الله عنهما ، لكنني استفسرت عن الأدلة الشرعية التي استعملوها في خروجهم ، ورغم ظننا أن السبب هو رغبتهم في أن لا يصبح الحكم وراثياً فيقال إن أحداً من الصحابة لم يعترض ، لكن هذا ليس ما أسأل عنه .

قلت : ( من قال أنهم بايعوا طائعين ؟) وأظنك تقصدين ( من قال أنهم بايعا طائعين ) وأنا أقول أنهما لم يبايعا أصلاً .

وقلت : (لقد كانت بيعة ظالمة تحت حكم السيف !! والرعب والإرهاب استمع لأشرطة طارق السويدان فهي رائعة ) ، وأنا استمعت لأشرطة د. طارق السويدان فلم أجد شيئاً من هذا ! وعلى أية حال فأشرطة الشيخ عثمان خميس هي أكثر توثيقاً واعتناءً بالسند من أشرطة د. طارق السويدان .

وقلت : ( يزيد ليس صحابياً ( على ما أعرف ) لندافع عنه) .

ص: 441

وأقول : لا يلزم بالضرورة أن يكون صحابياً حتى نبرءه من افتراءات الرافضة فإن إساءة الظن بالمسلم حرام ، وقد قال الله تعالى ( اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ) . الحجرات - 12 .

وقلت : ( وبنو أمية باستثناء معاوية وعمر بن عبد العزيز عرفوا بالظلم والبذخ والإرهاب ) .

وأقول : نعم ، لكن كل هذا من افتراءات أعداءهم الرافضة والخوارج والعباسيين وغيرهم . بل كانو من أعدل الناس . مروان بن الحكم رضي الله عنه كان كاتب عثمان بن عفان رضي الله عنه وأمينه . وعبد الملك بن مروان كان من أعدل حكام المسلمين وأحسنهم سيرة وأقدرهم على إدارة الحكم بعد الخلفاء الراشدين . وهو من الطبقة الأولى من التابعين ، بايعه ابن عمر وابن عباس دون ابن الزبير . واحتج بفعله الإمام مالك في الموطأ .

وإبنه الوليد قام بالفتوح العظيمة الكثيرة كما لم سيبقه فيها أحد . وكذلك أخوته يزيد وسليمان وهشام ، كلهم عرف عنهم عدلهم وحسن رأيهم بالمسلمين . وأستشهد بما ورد في الكتاب الذهبي : ربما نحتج على مبدأ بني أمية ( الحكم للأقوى ) ما بذلوا من دماء في سبيل تحقيق هدفهم بالحكم . على أننا نجد أن الدولة الأموية كانت عربية القلب واليد واللسان . لم يكن فيها مكان للموالي أو للعجم . فحقق الأمويون فتوحات عظيمة ، وامتدت دولتهم من وسط فرنسا حتى غرب الصين دون أن تضعف سيطرة الخلافة في دمشق على الأطراف .

وظل الإسلام نقياً من الحركات الراغبة في تحريفه ، على أنه ما إن انهارت الدولة الأموية وبدأت الدولة العباسية حتى عادت العصبية الشعوبية واشتدت ،

ص: 442

وكثرت الحركات الهدامة كالزنادقة والبرامكة والمعتزلة …إلخ ، وضعفت الدولة وأخذت تتفتت حتى في زمن الخلفاء الأقوياء كالرشيد ، وزادت سيطرة الفرس على الدولة ، فلجأ المعتصم إلى الأتراك فاستبدوا بالحكم وتفتت الدولة العباسية ، وذلك أن العرب لا تفلح إلا بحاكم عربي :

وإنما الناس بالملوك وما *** تفلح عرب ملوكها عجم . أ.ﻫ.

بني أمية للأنباء ما صنعوا *** وللأحاديث ما شادوا وما دانوا

كانوا ملوك سرير الشرق تحتهم *** فهلا سألت سرير الغرب ما كانوا ؟

عالين كالشمس في أطراف دولتهم *** في كل ناحية ملك وسلطانُ

لولا دمشق ما كانت طليطلة ولا *** زهت ببني العباس بغدانُ

مررت على المسجد المحزون أسأله *** هل في المصلى أو المحراب مروان

تغير المسجد المحزون واختلفت *** على المنابر أصوات وأحزان

( لست متأكداً من صحة أبيات الشعر ، فأنا لم أقرأها منذ عدة سنوات )

أما من يقال عن قتلهم للحسين وسبيهم لنساء آل البيت فهذه كلها من افتراءات وأكاذيب الرافضة لا تصح أبداً ، وقد أجاد الأخ ذهبي في الرد على هذه التهم في مقالته التي سأسردها بإذن الله .

وبشكل عام كان الأمويون أفضل بكثير من العباسيين الذين تلوهم ، لكن الفرق أن كتب التاريخ كتبها العباسيون ! والتاريخ هو مرآة لكنها قلّ ما تكون مسطحة! سبحانك ربي لا إله إلا أنت . أستغفرك اللهم وأتوب إليك .

ص: 443

- قال العاملي : ثم واصل المدعو أسد الإسلام ! ينشر مدائحه في شبكة سحاب في يزيد وبني أمية ودفاعه عنهم في عدة حلقات…

وكلامه في عمدته نقل عن المدعو الذهبي ، والذهبي هذا هو نفسه الذي يكتب باسم أبي عبدالله ، واسم أبي عبد الرحمن ، والذي رد عليه أستاذهم (سيف التوحيد) ووقعت بينهم معركة النقاش كما ستعرف .

وهذه مقتطفات من كلامهما في الدفاع عن يزيد وبني أمية :

من مقال الذهبي في سحاب بتاريخ 28-9-1999 ، الخامسة والنصف صباحاً : وهو بعنوان ( أمير المؤمنين يزيد بن معاوية ) :

يزيد بن معاوية رحمة الله لم يكن بذلك الشاب اللاهي ، كما تصوره لنا الروايات التاريخية الركيكة ، بل هو على خلاف ذلك . لكن العجب في المؤلفين من الكتاب الذين لا يبحثون عن الخبر الصحيح ، أو حتى عمن يأخذوه ، فيجمعون في هذه المؤلفات الغث والسمين من الروايات والكلام الفارغ الملفق ، فتراهم يطعنون فيه فيظهرون صورته ويشوهونها ، بأبشع تصوير . وللأسف فإن بعض المؤرخين من أهل السنة أخذوا من هذه الروايات الباطلة وأدرجوها في كتبهم ، أمثال ابن كثير في البداية والنهاية ، وابن الأثير في الكامل ، وابن خلدون في العبر ، والإمام الذهبي في تاريخ الإسلام وفي غيرها من الكتب .

والمصيبة في هؤلاء الكتاب المعاصرين أنهم يروون هذا الطعن عن بعض الشيعة المتعصبين أمثال : أبي مخنف ، والواقدي ، وابن الكلبي وغيرهم ، وغير هذا أن معظم هذه الكتب ألفت على عهد العباسيين ، وكما هو معروف مدى العداء بين الأمويين والعباسيين ، فكانوا يبحثون عمّن يطعن في هؤلاء فيملؤون هذه الكتب بالأكاذيب . وهناك أمور وأشياء أخرى وطامات كبرى في غيرها

ص: 444

من الكتب ، رويت لتشويه صورة وسيرة يزيد رحمة الله ، ووالده معاوية رضي الله عنه ، وكان على رأس هؤلاء الطاعنين بنو العباس ، وأنصار ابن الزبير حين خرج على يزيد ، والشيعة الروافض عليهم غضب الله ، والخوارج قاتلهم الله وأخزاهم …

توليه منصب ولاية العهد بعد أبيه :

بدأ معاوية رضي الله عنه يفكر فيمن يكون الخليفة من بعده ، ففكر معاوية في هذا الأمر ورأى أنه إن لم يستخلف ومات ترجع الفتنة مرة أخرى . فقام معاوية رضي الله عنه باستشارة أهل الشام في الأمر ، فاقترحوا أن يكون الخليفة من بعده من بني أمية ، فرشح ابنه يزيد ، فجاءت الموافقة من مصر وباقي البلاد وأرسل إلى المدينة يستشيرها وإذ به يجد المعارضة من الحسين ، وابن الزبير ، وابن عمر وعبد الرحمن بن أبي بكر ، وابن عباس . أنظر : تاريخ الإسلام للذهبي - عهد الخلفاء الراشدين ( ص147-152 ) ، وسير أعلام النبلاء (3/186) ، والطبري (5/303) ، وتاريخ خليفة (ص213) .

وكان اعتراضهم حول تطبيق الفكرة نفسها ، لا على يزيد بعينه .

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المؤرخين والمفكرين المسلمين قد وقفوا حيال هذه الفكرة مواقف شتى ، ففيهم المعارض ، ومنهم المؤيد ، وكانت حجة الفريق المعارض تعتمد على ما وردته بعض الروايات التاريخية ، التي تشير أن يزيد بن معاوية كان شاباً لاهياً عابثاً ، مغرماً بالصيد وشرب الخمر ، وتربية الفهود والقرود ، والكلاب ... الخ . ( نسب قريش لمصعب الزبيري (ص127) ، وكتاب الإمامة والسياسة المنحول لابن قتيبة (1/163) ، وتاريخ اليعقوبي (2/220) ، وكتاب الفتوح لابن أعثم الكوفي (5/17) ، ومروج الذهب للمسعودي (3/77) . وانظر حول هذه الافتراءات كتاب : صورة يزيد بن معاوية في الروايات للأدبية فريال بنت عبد الله ص 86- 122 ) .

ص: 445

ولكننا نرى أن مثل هذه الأوصاف لا تمثل الواقع الحقيقي لما كانت عليه حياة يزيد بن معاوية … وبالرغم من كل ما سبق أن أوردناه من روايات ، فإن أحد المؤرخين المحدثين قد أعطى حكماً قاطعاً بعدم أهلية يزيد للخلافة ، دون أن يناقش الآراء التي قيلت حول هذا الموضوع ، أو أن يقدم أي دليل تاريخي يعضد رأيه ، ويمضي ذلك المؤرخ المحدث في استنتاجاته ، فيرى أن معاوية لم يبايع لولده يزيد بولاية العهد ، إلاّ مدفوعاً بعاطفة الأبوة . أنظر كتاب موسوعة التاريخ الإسلامي لأحمد شلبي ( 2/46- 47،51 ) .

لكننا نجد وجهة النظر التي أبداها الأستاذ محب الدين الخطيب حول هذه المسألة جديرة بالأخذ بها للرد على ما سبق ، فهو يقول : إن كان مقياس الأهلية لذلك أن يبلغ مبلغ أبي بكر وعمر في مجموع سجاياهما ، فهذا ما لم يبلغه في تاريخ الإسلام ، ولا عمر بن عبد العزيز ، وإن طمعنا بالمستحيل وقدرنا إمكان ظهور أبي بكر آخر وعمر آخر ، فلن تتاح له بيئة كالبيئة التي أتاحها الله لأبي بكر وعمر ، وإن كان مقياس الأهلية الإستقامة في السيرة ، والقيام بحرمة الشريعة والعمل بأحكامها ، والعدل في الناس ، والنظر في مصالحهم ، والجهاد في عدوهم ، وتوسيع الآفاق لدعوتهم ، والرفق بأفرادهم وجماعاتهم ، فإن يزيد يوم تُمحّص أخباره ، ويقف الناس على حقيقة حاله كما كان في حياته ، يتبين من ذلك أنه (يزيد) لم يكن دون كثيرين ممن تغنى التاريخ بمحامدهم ، وأجزل الثناء عليهم . حاشية العواصم لابن العربي (ص221) .

ويتبين من خلال دراسة هذه الفكرة ، أي فكرة تولية يزيد ولاية العهد من بعد أبيه ، أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما كان محقاً فيما ذهب إليه، إذ أنه باختياره لابنه يزيد لولاية العهد من بعده ، قد ضمن للأمة الإسلامية وحدتها

ص: 446

وحفظ لها استقرارها ، وجنبها حدوث أية صراعات على مثل هذا المنصب . وقد اعترف بمزايا خطوة معاوية هذه كل من ابن العربي ، ( أنظر : العواصم من القواصم 228-229 ) .

وابن خلدون الذي كان أقواهما حجة إذ يقول : والذي دعا معاوية لإيثار ابنه يزيد بالعهد دون سواه ، إنما هو مراعاة المصلحة في اجتماع الناس ، واتفاق أهوائهم باتفاق أهل الحل والعقد عليه ، وحينئذ من بني أمية ، ثم يضيف قائلاً : وإن كان لا يظن بمعاوية غير هذا ، فعدالته وصحبته مانعة من سوى ذلك ، وحضور أكابر الصحابة لذلك ، وسكوتهم عنه ، دليل على انتفاء الريب منه ، فليسوا ممن تأخذهم في الحق هوادة ، وليس معاوية ممن تأخذه العزة في قبول الحق ، فإنهم كلهم أجلّ من ذلك وعدالتهم مانعة منه . (المقدمة لابن خلدون ص210-211) .

ويقول في موضع آخر : عهد معاوية إلى يزيد ، خوفاً من افتراق الكلمة بما كانت بنو أمية لم يرضوا تسليم الأمر إلى من سواهم ، فلو قد عهد إلى غيره اختلفوا عليه ، مع أن ظنهم كان به صالحاً ، ولا يرتاب أحد في ذلك ، ولا يظن بمعاوية غيره ، فلم يكن ليعهد إليه ، وهو يعتقد ما كان عليه من الفسق ، حاشا لله لمعاوية من ذلك . ( المقدمة ص206) .

قلت : وقد رأى معاوية رضي الله عنه في ابنه صلاحاً لولاية خلافة الإسلام بعده وهو أعلم الناس بخفاياه ولولم يكن عنده مرضياً لما اختاره . وأما ما يظنه بعض الناس بأن معاوية كان أول من ابتدع الوراثة في الإسلام ، فقد أخطأ الظن ، فدافِعُ معاوية في عهده لابنه يزيد بالخلافة من بعده كان محمولاً على البيعة من

ص: 447

الناس وليس كونه محمولاً على الوراثة ، ولوكان ما رآه هو الأخير لما احتاج إلى بيعتهم ، بل لاكتفى ببيعته منه وحده .

فإن قيل : لو ترك الأمر شورى يختار الناس ما يرونه خليفة من بينهم ؟

قلنا : قد سبقه بذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه من بيعته لأبي بكر يوم السقيفة ، وسبقه أبو بكر أيضاً في وصيته لعمر بولاية العهد من بعده ، وما فعله عمر حين حصر الخلافة في الستة .

والغريب في الأمر أن أكثر من رمى معاوية وعابه في تولية يزيد ، وأنه ورثّه توريثاً هم الشيعة ، مع أنهم يرون هذا الأمر في علي بن أبي طالب وسلالته إلى اثني عشر خليفة منهم . . .

بعض من الأحاديث المكذوبة في حق يزيد : وقد زورت أحاديث في ذم يزيد كلها موضوعة لا يصح منها شئ فهذه بعضها ، وإلا فهناك الكثير . منها قول الحافظ أبو يعلى: عن أبي عبيدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لايزال أمر أمتي قائماً بالقسط حتى يثلمه رجل من بني أمية يقال له يزيد هذا الحديث والذي بعده منقطعة بل معضولة ، ( راجع البداية والنهاية (8/231 ) .

وحديث آخر أورده ابن عساكر في تاريخه ، بلفظ : أول من يغير سنتي رجل من بني أمية يقال له يزيد . تاريخ دمشق 18/160 . وقد حسن الشيخ الألباني سنده ، وقال معلقاً عليه : ولعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة ، وجعله وراثة ، والله أعلم . الصحيحة ( 4/329-330 ) .

قلت : الحديث الذي حسنه الشيخ الألباني دون زيادة لفظة : (يقال له يزيد) ، أما قوله بأن المراد تغيير نظام اختيار الخليفة وجعله وراثياً ، فإن معاوية رضي الله

ص: 448

عنه هو أول من أخذ بهذا النظام وجعله وراثياً ، إذاً فالحديث لا يتعلق بيزيد بن معاوية بعينه ، والله أعلم . . .

موقف العلماء من يزيد بن معاوية : وقد سئل حجة الإسلام أبو حامد الغزالي عمن يصرح بلعن يزيد بن معاوية ، هل يحكم بفسقه ، أم لا ؟ وهل كان راضياً بقتل الحسين بن علي ، أم لا ؟ وهل يسوغ الترحم عليه ، أم لا ؟ فلينعم بالجواب مثاباً . فأجاب : لا يجوز لعن المسلم أصلاً ، ومن لعن مسلماً فهو الملعون . وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المسلم ليس بلعان . ( المسند :1/405 ، والصحيحة :1/634، وصحيح سنن الترمذي :2/189 ) .

وكيف يجوز لعن المسلم ولا يجوز لعن البهائم ! وقد ورد النهي عن ذلك لحديث عمران بن الحصين قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وامرأة من الأنصار على ناقة ، فضجرت فلعنتها ، فسمع ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة ، قال عمران فكأني أراها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد . ( جمع الفوائد : 3/353 ) وحرمة المسلم أعظم من حرمة الكعبة بنص النبي صلى الله عليه وسلم ، هو أثر موقوف على ابن عمر بلفظ : نظر عبد الله بن عمر رضي الله عنه يوماً إلى الكعبة فقال : ما أعظمك وأعظم حرمتك ، والمؤمن أعظم حرمة منك ، وهو حديث حسن . أنظر : غاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للشيخ الألباني ( ص197 ) .

وقد صح إسلام يزيد بن معاوية وما صح قتله الحسين ، ولا أمر به ولا رضيه ولا كان حاضراً حين قتل ، ولا يصح ذلك منه ولا يجوز أن يُظن ذلك به، فإن إساءة الظن بالمسلم حرام، وقد قال الله تعالى ( اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ) . الحجرات - 12 .

ص: 449

ومن زعم أن يزيد أمر بقتل الحسين أو رضي به ، فينبغي أن يعلم أن به غاية الحمق ، فإن من كان من الأكابر والوزراء ، والسلاطين في عصره لو أراد أن يعلم حقيقة من الذي أمر بقتله ومن الذي رضي به ومن الذي كرهه لم يقدر على ذلك ، وإن كان الذي قد قُتل في جواره وزمانه وهو يشاهده ، فكيف لو كان في بلد بعيد ، وزمن قديم قد انقضى ، فكيف نعلم ذلك فيما انقضى عليه قريب من أربعمائة سنة في مكان بعيد ، وقد تطرق التعصب في الواقعة فكثرت فيها الأحاديث من الجوانب فهذا الأمر لا تُعلم حقيقته أصلاً ، وإذا لم يُعرف وجب إحسان الظن بكل مسلم يمكن إحسان الظن به .

ومع هذا فلو ثبت على مسلم أنه قتل مسلماً فمذهب أهل الحق أنه ليس بكافر ، والقتل ليس بكفر ، بل هو معصية ، وإذا مات القاتل فربما مات بعد التوبة والكافر لو تاب من كفره لم تجز لعنته ، فكيف بمؤمن تاب عن قتل .. ولم يُعرف أن قاتل الحسين مات قبل التوبة وقد قال الله تعالى (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ، ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون) . الشورى-25 .

فإذن لا يجوز لعن أحد ممن مات من المسلمين بعينه لم يروه النص ، ومن لعنه كان فاسقاً عاصياً لله تعالى . ولو جاز لعنه فسكت لم يكن عاصياً بالإجماع ، بل لو لم يلعن إبليس طول عمره مع جواز اللعن عليه لا يُقال له يوم القيامة : لِمَ لَمْ تلعن إبليس ؟ ويقال للاعن : لم لعنت ، ومِنْ أين عرفت أنه مطرود ملعون ، والملعون هو المبعد من الله تعالى وذلك علوم الغيب ، وأما الترحم عليه فجائز بل مستحب، بل هو داخل في قولنا: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، فإنه كان مؤمناً والله أعلم بالصواب. ( قيد الشريد من أخبار يزيد ص57 )

ص: 450

وقد سئل ابن الصلاح، عن يزيد فقال: لم يصح عندنا أنه أمر بقتل الحسين رضي الله عنه ، والمحفوظ أن الآمر بقتاله المفضي إلى قتله إنما هو عبيد الله بن زياد والي العراق إذ ذاك ، وأما سب يزيد ولعنه فليس ذلك من شأن المؤمنين، وإن صح أنه قتله أو أمر بقتله ، وقد ورد في الحديث المحفوظ : إن لعن المؤمن كقتاله . ( البخاري مع الفتح :10/479 ) . وقاتل الحسين لا يكفر بذلك وإنما ارتكب إثماً، وإنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ...

ثم قال : أما ما لفقوه بيزيد من أن له يداً في قتل الحسين ، وأنهم فسروا كلامه لعبيد الله بن زياد بأن يمنع الحسين من دخول الكوفة وأن يأتيه به ، يعني اقتله وائتني برأسه ، فهذا لم يقل به أحد وإنما هو من تلبيس الشيطان على الناس وإتباعهم للهوى ، والتصديق بكل ما يرويه الرافضة من روايات باطلة تقدح في يزيد ومعاوية ، وأن أهل العراق والأعراب هم الذين خذلوا الحسين وقتلوه رضي الله عنه كما قال بذلك العلماء .

ويشهد لذلك ما رواه البخاري ، عن شعبة ، عن محمد بن أبي يعقوب سمعت عبد الرحمن بن أبي نعيم : أن رجلاً من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب ؟ فقال ابن عمر : انظر إلى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إن الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا . الفتح (10/440) وصحيح سنن الترمذي (3/224) .

أما قول الإمام الذهبي في سيره عن يزيد بأنه ممن لا نسبه ولانحبه، وأنه كان ناصبياً فظاً غليظاً جلفاً متناول المسكر ويفعل المنكر. ( سير أعلام النبلاء 4/36) .

ص: 451

قلت : إن الإنصاف العظيم الذي يتمتع به الذهبي رحمة الله جعله لايكتفي بسرد تاريخ المترجم له دون التعليق - غالباً - على ما يراه ضرورياً لإنصافه ، وذلك نحو الحكم على حكاية ألصقت به وهي غاضّة من شأنه ، أو ذكر مبرر لعمل ظنه الناس شيئاً وهو يحتمل أوجهاً أخرى ، أو نقد لتصرفاته نقداً شرعياً ثم يحاول أن يخرج بحكم عام على المترجم له مقروناً بالإنصاف .

وهذا العمل أي الإنصاف في الحكم على الأشخاص يعطي ضوءاً كاشفاً تستطيع أن تستفيد منه الصحوة المباركة ، فهي صحوة توشك أن تعطي ثمارها لولا ما يكدرها من تصرفات بعض ذوي النظرات القاتمة الذين يرمون العلماء والدعاة بالفسق والابتداع والميل عن مذهب السلف لأي زلة ، لا يعذرون أحداً ، ولا يتقون الله في ظنٍّ مرجوح . وهناك بعض آخر لا يستطيع العيش إلا بالطعن على المخالف ، ونسيان محاسنه وكتمانها ، فهؤلاء وأمثالهم تكفل الإمام الذهبي بالرد عليهم في سفره العظيم سير أعلام النبلاء .

وقلت أيضاً : هذا قول وكلٌ يؤخذ من كلامه ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم… وهذا الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله على تقشفه وعظم منزلته في الدين وورعه قد أدخل عن يزيد بن معاوية في كتابه الزهد أنه كان يقول في خطبته : ( إذا مرض أحدكم مرضاً فأشقى ،ثم تماثل فلينظر إلى أفضل عمل عنده فليلزمه ولينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه ). ( العواصم من القواصم ص245 ) وهذا لا يتعارض مع ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية نقلاً عن الإمام أحمد عندما سُئل أتكتب الحديث عن يزيد ؟ قال : لا ولا كرامة ، أوَ ليس هو الذي فعل بأهل المدينة ما فعل . ( سؤال في يزيد ص27 ) . وكأن رفض الإمام أحمد رواية حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ليس دليلاً على فسقه، وليس كل

ص: 452

مجروح في رواية الحديث لا تقبل أقواله ، فهناك عشرات من القضاة والفقهاء ردت أحاديثهم وهم حجة في باب الفقه . ( في أصول تاريخ العرب الإسلامي ، محمد محمد حسن شرّاب – 152 ) . وهذا يدل على عظم منزلته أي يزيد بن معاوية عنده حتى يدخله في جملة الزهاد من الصحابة والتابعين الذين يقتدى بقولهم ويرعوى من وعظهم ، وما أدخله إلا في جملة الصحابة قبل أن يخرج إلى ذكر التابعين ، فأين هذا من ذكر المؤرخين له في الخمر وأنواع الفجور ، ألا يستحيون ؟! وإذا سلبهم الله المروءة والحياء ، ألا ترعوون أنتم وتزدجرون وتقتدون بفضلاء الأمة ، وترفضون الملحدة والمجان من المنتمين إلى الملة . العواصم ص 246 …

وأخيراً ، فالعبد التقي الخفي لاينشغل بذنوب العباد وينسى نفسه ، كما قال صلى الله عليه وسلم : يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه وينسى الجذع أو الجدل في عينه معترضاً . ( أنظر : السلسلة الصحيحة 1/74 ) .

- وكتب ( إحسان العتيبي ) ، بتاريخ 28-9-1999 ، الثامنة صباحاً :

صدق علماؤنا رحمهم الله : لو سكت من لا يعلم سقط الإختلاف !!

أهل السنَّة إذا قعدت بهم أعمالهم قامت بهم عقائدهم ، وأهل البدعة إذا قامت بهم أعمالهم قعدت بهم عقائدهم .

- وكتب ( ياسين داود ) بتاريخ 28-9-1999 ، الثانية والثلث ظهراً :

؟؟

- وكتب ( vhawk )، بتاريخ 28-9-1999 ، الحادية عشرة صباحاً:

ص: 453

إذن .. ما هي الأسباب الحقيقية لخروج الحسين بن علي ، وعبدالله بن الزبير رضى الله عنهما..؟؟! ، صلوا على الهادي .

- وكتب ( الذهبي ) ، بتاريخ 28-9-1999 ، الواحدة ظهراً :

أخي العزيز أسد الإسلام ، جزاك الله خيراً على نقلك لمقالتي بخصوص يزيد بن معاوية ، وقد وفرت علي وقتاً للرد على من طعن فيه ، أما بخصوص طلبك حول ذكر اسمي في المقالات التي تنشرها في موقعك ، فإن كان ولا بد من ذلك ، فليكن باسم : أبو عبد الله الذهبي .

أما بخصوص موضوع النقاش فالإجابة عنه إن شاء الله كالآتي :

تمثل معارضة الحسين بن علي ليزيد بن معاوية نقطة تحول خطيرة في تاريخ المسلمين ، وقد جرت هذه الحادثة من التبعات والإنقسامات الشئ الكثير ، وكان خطر هذه الحادثة لايقتصر على تأثيرها المباشر على المجتمع المسلم في ذلك الوقت فقط ، بل يتعداه إلى أبعد من ذلك حتى يومنا هذا ، حيث يمثل نقطة خطيرة لانحراف طائفة ترى محبته وموالاته فقط ، وتكفير الأمة بسببه ، ومن ثم تتخذ من هذه الحادثة مادة لتأجيج المشاعر ضد أهل السنة بأجمعهم ، وكأنهم هم السبب الحقيقي لمأساته رضوان الله عليه .

لقد كان موقف الحسين من بيعة يزيد بن معاوية هو موقف المعارض ، وقد شاركه في هذه المعارضة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما ، غير أنهما لم يبديا أسباباً واضحة لممانعتهما بالبيعة ، أقصد بذلك : أنهما لم يتهما يزيد في سلوكه ، ولم يأتيا بأمور واضحة تطعن في تأهله للخلافة ، فيبقى السبب الرئيسي ، وهو إرادة الشورى ، في حين أن ابن عمر وضح السبب ، وهو أن هذه الطريقة في

ص: 454

أخذ البيعة لا تشابه طريقة بيعة الخلفاء الراشدين . ( تاريخ أبي زرعة 1/229 ، وتاريخ خليفة - 214) ، بإسناد صحيح .

وبالفعل أرسل ابن عمر البيعة مباشرة عندما توفي معاوية رضي الله عنه . وإن تلك الممانعة الشديدة من قبل الحسين بن علي ، هي أنه أحق بالخلافة من غيره ، وكان يرى أن الخلافة صائرة إليه بعد وفاة معاوية ، وكان مؤدى هذا الشعور تلك المكانة التي يتبوأها الحسين في قلوب المسلمين ، ثم اطمئنانه بالقاعدة العريضة من المؤيدين له في الكوفة وغيرها ، فليس من الغريب أن يقف الحسين في وجه بيعة يزيد ويرفضها رفضاً شديداً وبكل قوة ، ولهذا قال الذهبي في السير : 3/291 : ولما بايع معاوية ليزيد تألم الحسين :

بعد أن توفي معاوية رضي الله عنه وبويع ليزيد بالخلافة في الشام ، كتب يزيد إلى والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أن يدعو الناس للبيعة وأن يبدأ بوجوه قريش . انظر : ابن سعد في الطبقات: 5/359 بإسناد جمعي ، وتاريخ خليفة ص 232 بإسناد فيه محمد بن الزبير الحنظلي ، وهو متروك .

استشار الوليد بن عتبة مروان بن الحكم فأشار عليه بأن يبعث في طلب الحسين وابن الزبير للبيعة ، فيروي خليفة في تاريخه ص 233 :

أن ابن الزبير حضر عند الوليد ورفض البيعة واعتذر بأن وضعه الإجتماعي يحتم عليه مبايعته علانية أمام الناس ، وطلب منه أن يكون ذلك من الغد في المسجد إن شاء الله . واستدعى الحسين بعد ذلك ويبدوا أن الوليد تحاشى أن يناقش معه موضوع البيعة ليزيد ، فغادر الحسين مجلس الوليد من ساعته ، فلما جنّ الليل خرج ابن الزبير والحسين متجهين إلى مكة كل منها على حدة .

ص: 455

ورواية خليفة هي الأقرب في نظري إلى الحقيقة ، فإضافة إلى تسلسل الحدث فيها ، فإن الرواية نفسها عن جويرية بن أسماء ، وهو مدني .

في طريق مكة التقى الحسين وابن الزبير بابن عمر وبعد الله بن عياش ، وهما منصرفين من العمرة قادمين إلى المدينة ، فقال لهما ابن عمر : أذكركما الله إلا رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس وتنظران فإن اجتمع الناس عليه لم تشذا ، وإن افترق عليه كان الذي تريدان . ابن سعد في الطبقات (5/360) ، والمزي في تهذيب الكمال (6/416) من طريق ابن سعد ، والطبري (5/343) لكنه ذكر أن الذي لقيهما ابن عمر وابن عباس ، ولعله تحريف في اسم عياش ، والصحيح أن ابن عباس كان موجوداً بمكة حينذاك .

فلما علمت شيعة الكوفة بموت معاوية وخروج الحسين إلى مكة ورفض البيعة ليزيد ، فاجتمع أمرهم على نصرته ثم كتبوا إليه ، وبعد توافد الكتب على الحسين وهو بمكة وجميعها تؤكد الرغبة في حضوره ومبايعته ، نستطيع أن نقول : إن الحسين لم يفكر بالخروج إلى الكوفة إلا عندما جاءته الرسل من الكوفيين يدعونه بالخروج إليهم ، وأنهم يدعونه مرحبين به طائعين ، فأراد الحسين أن يتأكد من صحة هذه الأقوال ، فأرسل مسلم بن عقيل بن أبي طالب - ابن عمه لينظر في أمر أهل الكوفة ويقف على الحقائق بنفسه . ( تاريخ الطبري 5/354 ، والبلاذري في أنساب الأشراف 3/159 . ذهب مسلم بن عقيل إلى الكوفة ، ووقف على ما يحدث هناك وكتب إلى الحسين يدعوه إلى الخروج إلى الكوفة وأن الأمر مهيأ لقدومه .

وقد تتابعت النصائح من الصحابة والتابعين تنهى الحسين عن الخروج إلى الكوفة، ومن الذين نصحوا : محمد بن الحنفية أخوه ، وابن عباس ، وابن عمر وابن الزبير وأبو سعيد الخدري وجابر بن عبد الله ، وغيرهم الكثير ، ينهونه عن القدوم إلى الكوفة ، غير أن هذه النصائح الغالية الثمينة لم تؤثر في موقف

ص: 456

الحسين حيال خروجه إلى الكوفة ، بل عقد العزم على الخروج ، فأرسل إلى المدينة وقدم عليه من خفّ من بني عبد المطلب ، وهم تسعة عشر رجلاً ونساء وصبياناً من إخوته وبناته ونسائه ، فتبعهم محمد بن الحنفية وأدرك الحسين قبل الخروج من مكة فحاول مرة أخرى أن يثني الحسين عن خروجه لكنه لم يستطع . ( انظر : ابن سعد في الطبقات 5/266-267) .

وجاء ابن عباس ونصحه فأبى إلا الخروج إلى الكوفة ، فقال له ابن عباس : لولا أن يزري بي وبك ، لنشبت يدي في رأسك ، فقال أي الحسين : لئن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أستحل حرمتها ، يعني الكعبة ، فقال ابن عباس فيما بعد : وكان ذلك الذي سلى نفسي عنه . وكان ابن عباس من أشد الناس تعظيماً للحرم . ( انظر:مصنف ابن أبي شيبة 5/96-97 بإسناد صحيح ، والطبراني في المعجم الكبير 9/193، وقال الهيثمي في المجمع 9/192، ورجاله رجال الصحيح ، والذهبي في السير 2/292 ، وغيرهم الكثير .

ولما علم ابن عمر بخروج الحسين أدركه على بعد ثلاث مراحل من المدينة فقال للحسين أين وجهتك ؟ فقال : أريد العراق ، ثم أخرج إليه كتب القوم ثم قال : هذه بيعتهم وكتبهم ، فناشده الله أن يرجع ، فأبى الحسين ، ثم قال ابن عمر : أحدثك بحديث ما حدثت به أحداً قبلك : إن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم يخيره بين الدنيا والآخرة ، فاختار الآخرة ، وإنكم بضعة منه، فوالله لا يليها أحد من أهل بيته، ما صرفها الله عنكم إلا لماهو خير لكم، فارجع أنت تعرف غدر أهل العراق وما كان يلقى أبوك منهم ، فأبى ، فاعتنقه وقال : استودعتك من قتيل . ابن سعد في الطبقات 5/360 ، وابن حبان 9/58 ، وكشف الأستار 3/232-233 بسند رجاله ثقات . وعند غيرهم .

ص: 457

لكن هذه النصائح والتحذيرات لم تثن الحسين عن إرادته وعزمه على الخروج نحو الكوفة . وهنا يبرز سؤال ملح : وهو كيف يجمع عدد من الصحابة وكبراؤهم وكبار التابعين وأصحاب العقل منهم ، ومن له قرابة بالحسين على رأي واحد وهو الخوف على الحسين من الخروج وأن النتيجة معروفة سلفاً ، وفي المقابل كيف يصر الحسين على رأيه وترك نصائح الصحابة وكبار التابعين ؟ والإجابة على هذا السؤال تكمن في سببين اثنين :

الأول : وهو إرادة الله جل وعلا ، وأن ما قدره سيكون وإن أجمع الناس كلهم على رده فسينفذه الله لا راد لحكمه ولا لقضائه سبحانه وتعالى .

الثاني : وهو السبب الواقعي الذي تسبب في وجود الأمر الأول ، وهو أن الحسين رضي الله عنه أدرك أن يزيد بن معاوية لن يرضى بأن تكون له حرية التصرف والبقاء بدون حمله بالقوة على البيعة ، ولن يسمح يزيد بأكثر مما حدث ، فرسل تأتي ورسل تذهب ودعوة عريضة له بالكوفة ، كل هذا جعل الحسين بأن موقفه في مكة يزداد حرجاً ، وهو يمانع البيعة للخليفة دون أن يكون هناك ما يبرر موقفه بشكل واضح ، ثم إن خشية الحسين من وقوع أي مجابهة بينه وبين الأمويين في مكة هو الذي جعله يفكر بالخروج من مكة سريعاً ، وهو ما أكده لابن عباس ، ولعل الأمر الذي جعله يسارع في الخروج إلى الكوفة هي الصورة المشرقة والمشجعة التي نقله له ابن عمه لحال الكوفة وأنها كلها مبايعة له .

وفي نظري أن مسلم بن عقيل والحسين رضي الله عنهما لم يكونا يحيطون بكثير من أمور السياسة ، فمسلم بن عقيل وثق في تلك الآلاف المبايعة للحسين ، وظن أن هؤلاء سيكونون مخلصين أوفياء ولم يجعل في حسبانه أن العاطفة هي المسيّر لتلك الأعداد ، فكان على مسلم بن عقيل أن يستثمر الوضع لصالحه وأن

ص: 458

يعايش الواقع الفعلي حتى يخرج بتصور صحيح ، وأما أن يرسل للحسين منذ الوهلة الأولى ويوهمه بأن الوضع يسير لصالحه ، فهذا خطأ كبير وقع فيه مسلم بن عقيل ، ثم إن الحسين رضي الله عنه وثق بكلام مسلم بن عقيل وصدق أن الكوفة ستقف معه بمجرد مجيئه إليها ، ونسي أن الكوفة هي التي عانى أبوه منها أشد المعاناة من التخاذل والتقاعس وعدم الامتثال لأوامره ثم كانت النهاية باغتياله رضي الله عنه ، ثم إن أخاه الحسن واجه الغدر والمكيدة من أهل الكوفة ، وكان يحذره منهم حتى على فراش الموت ، ثم إن الذين نصحوه يحملون حساً سياسياً واضحاً فالكل حذره وبين خطأه الذي سيقدم عليه ، ومن المستحيل أن يكون كل الناصحون على خطأ وأن فرداً واحداً هو على الحق وبالأخص إذا عرفنا من هم الناصحون ، لكنه قدر الله ، وحدث ما حدث وقتل الحسين في معركة كربلاء ، لكن لنقف مع تقويم لهذه المعارضة من قبل الحسين رضي الله عنه .

كانت معارضة الحسين ليزيد بن معاوية وخروجه إلى العراق طلباً للخلافة ثم مقتله رضي الله عنه بعد ذلك ، قد ولد إشكالات كثيرة ، ليس في الكيفية والنتيجة التي حدثت بمقتله رضي الله عنه ، بل في الحكم الشرعي الذي يمكن أن يحكم به على معارضته ، وذلك من خلال النصوص النبوية .

وإن عدم التمعن في معارضة الحسين ليزيد والتأمل في دراسة الروايات التاريخية الخاصة بهذه الحادثة ، قد جعلت البعض يجنح إلى اعتبار الحسين خارجاً على الإمام ، وأن ما أصابه كان جزاءاً عادلاً وذلك وفق ما ثبت من نصوص نبوية تدين الخروج على الولاة . فقد قال صلى الله عليه وسلم : من أراد أن يفرق بين المسلمين وهم جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان . ( صحيح

ص: 459

مسلم 12/241 ، قال السيوطي : أي فاضربوه شريفاً أو وضيعاً ، على إفادة معنى العموم . عقد الزبرجد 1/264 ) .

وقال النووي معلقاً على هذا الحديث : الأمر بقتال من خرج على الإمام أو أراد تفريق كلمة المسلمين ونحو ذلك ، وينهى عن ذلك فإن لم ينته قوتل وإن لم يندفع شره إلا بالقتل قتل وكان دمه هدراً .

وفي هذا الحديث وغيره من الأحاديث المشابهة له جاء تأكيد النبي صلى الله عليه وسلم على أن الخارج على سلطان المسلمين يكون جزاءه القتل ، وذلك لأنه جاء ليفرق كلمة المسلمين .

وإن الجمود على هذه الأحاديث جعلت الكرامية فرقة من الفرق مثلاً يقولون : إن الحسين رضي الله عنه باغٍ على يزيد ، فيصدق بحقه من جزاء القتل . ( نيل الأوطار للشوكاني 7/362 ) .

وأما البعض فقد ذهبوا إلى تجويز خروج الحسين رضي الله عنه واعتبر عمله هذا مشروعاً ، وجعلوا المستند في ذلك إلى أفضلية الحسين والى عدم التكافؤ مع يزيد . ( نيل الأوطار 7/362 ) .

وأما البعض فقدجعل خروج الحسين خروجاً شرعياً بسبب ظهور المنكرات من يزيد. ( انظر: الدرة فيما يجب اعتقاده لابن حزم -376، وابن خلدون في المقدمة.271) .

ولكن إذا أتينا لتحليل مخرج الحسين رضي الله عنه ومقتله ، نجد أن الأمر ليس كما ذهب إليه هذان الفريقان ، فالحسين لم يبايع يزيد أصلاً ، وظل معتزلاً في مكة حتى جاءت إليه رسل أهل الكوفة تطلب منه القدوم ، فلما رأى كثرة المبايعين ظن رضي الله عنه أن أهل الكوفة لا يريدون يزيد فخرج إليهم ، وإلى الآن فإن الحسين لم يقم بخطأ شرعي مخالف للنصوص ، وخاصة إذا عرفنا أن

ص: 460

جزءً من الأحاديث جاءت مبينة لنوع الخروج . فعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من نزع يداً من طاعة فلا حجة له يوم القيامة، ومن مات مفارقاً للجماعة فقد مات ميتة جاهلية. ( مسلم بشرح النووي 12/233-234 ) .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة المكتوبة إلى الصلاة التي بعدها كفارة لما بينهما ، والجمعة إلى الجمعة والشهر إلى الشهر يعني رمضان كفارة لما بينهما ، قال : ثم قال بعد ذلك : إلا من ثلاث ، قال : فعرفت إن ذلك الأمر حدث إلا من الإشراك بالله ، ونكث الصفقة ، وترك السنة .

قال : أما نكث الصفقة أن تبايع رجلاً ثم تخالف إليه ، تقاتله بسيفك ، وأما ترك السنة فالخروج من الجماعة . ( المسند 12/98 بسند صحيح ) .

وبالرغم من أن الحسين رضي الله عنه حذره كبار الصحابة ونصحوه ألا أنه خالفهم، وخلافه لهم إنما هو لأمر دنيوي ، فقد عرفوا أنه سيقتل وسيعرض نفسه للخطر ، وذلك لمعرفتهم بكذب أهل العراق ، والحسين رضي الله عنه ما خرج يريد القتال ، ولكن ظن أن الناس يطيعونه ، فلما رأى انصرافهم عنه طلب الرجوع إلى وطنه أوالذهاب إلى الثغر أو إتيان يزيد. ( منهاج السنة 4/42 ) .

ولقد تعنت ابن زياد أمام تنازلات الحسين ، وكان من الواجب عليه أن يجيبه لأحد مطالبه ، ولكن ابن زياد طلب أمراً عظيماً من الحسين وهو أن ينزل على حكمه ، وكان من الطبيعي أن يرفض الحسين هذا الطلب ، وحُق للحسين أن يرفض ذلك ، لأن النزول على حكم ابن زياد لا يعلم نهايته إلا الله ، ثم إن فيه إذلالاً للحسين وإهانته الشئ الكبير ، ثم إن هذا العرض كان يعرضه الرسول

ص: 461

صلى الله عليه وسلم على الكفار المحاربين ، والحسين رضي الله عنه ليس من هذا الصنف ، ولهذا قال شيخ الإسلام في المنهاج : 4/550 : وطلبه أن يستأسر لهم ، وهذا لم يكن واجباً عليه . والحقيقة أن ابن زياد هو الذي خالف الوجهة الشرعية والسياسية حين أقدم على قتل الحسين ، فقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر : فإن جاء آخر ينازع فاضربوا عنق الآخر . (مسلم 12/233) . فإن هذا الحديث لا يتناول الحسين ، لأنه عرض عليهم الصلح فلم يقبلوا ، ثم كان مجيئه بناء على طلب أهل البلد وليس ابتداعاً منه ، يقول النووي معلقاً على الحديث : قوله فاضربوا عنق الآخر معناه : فادفعوا الثاني ، فإنه خارج على الإمام فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فاقتلوه . ( شرح مسلم 12/234 ) .

وبذلك يكون الظالم هو ابن زياد وجيشه الذين أقدموا على قتل الحسين رضي الله عنه ، بعد أن رفضوا ما عرض الحسين من الصلح .

ثم إن نصح الصحابة للحسين يجب أن لا يفهم على أنهم يرونه خارجاً على الإمام ، وأن دمه حينئذ يكون هدراً ، بل إن الصحابة رضوان الله عليهم أدركوا خطورة أهل الكوفة على الحسين وعرفوا أن أهل الكوفة كذابين ، وقد حملت تعابير نصائحهم هذه المفاهيم .

يقول ابن خلدون في المقدمة ص 271 : فتبين بذلك غلط الحسين ، إلا أنه في أمر دنيوي لايضره الغلط فيه ، وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه ، لأنه منوط بظنه ، وكان ظنه القدرة على ذلك ، وأما الصحابة رضوان الله عليهم الذين كانوا بالحجاز ومصر والعراق والشام والذين لم يتابعوا الحسين رضوان الله عليه ، فلم ينكروا عليه ولا أثمّوه ، لأنه مجتهد وهو أسوة للمجتهدين به .

ص: 462

ويقول شيخ الإسلام في منهاج السنة : 4/556 : وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي يأمر فيها بقتل المفارق للجماعة لم تتناوله ، فإنه رضي الله عنه لم يفارق الجماعة ، ولم يقتل إلا وهو طالب للرجوع إلى بلده أو إلى الثغر أو إلى يزيد ، وداخلاً في الجماعة معرضاً عن تفريق الأمة ، ولو كان طالب ذلك أقل الناس لوجب إجابته إلى ذلك ، فكيف لا تجب إجابة الحسين .

ويقول في موضع آخر: 6/340 : ولم يقاتل وهو طالب الولاية ، بل قتل بعد أن عرض الانصراف بإحدى ثلاث.. بل قتل وهو يدفع الأسر عن نفسه ، فقتل مظلوماً. هذا بالنسبة لموضوع خروج الحسين رضي الله عنه . وللحديث بقية حول خروج أهل المدينة والحكم الشرعي في ذلك. والله أعلم بالصواب . وتقبلوا تحيات أخوكم : الذهبي

- ثم نشرت شبكة سحاب بتاريخ 6-4-2000 ، موضوع ( الذهبي ) أيضاً ، بعنوان : ( أمير المؤمنين يزيد بن معاوية .. رحمة الله ) ، وقدم له المدعو ( الواضح ) فقال : هذه مقالة نافعة مفيدة لأخينا ( الذهبي ) .. وفقه الله تعالى.. رأيت عرضها هنا .. تذكيراً لمن لعن يزيد ولم يلعن ( الرافضة ) !!

الأخ العزيز : كلامك حول إباحة المدينة وقضية شرب يزيد للخمر غير ثابتة ، وقد تناولت هذه القضية منذ فترة ، ولا مانع من إعادته للفائدة .

أما عن قصة الحرة وحادثة الاستباحة ، فلي عليها بعض التعليقات :

أشار النبي صلى الله عليه وسلم في حديث رواه أبو داود وابن ماجة عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كيف أنت يا أبا ذر وموتاً يصيب

ص: 463

الناس حتى يقوم البيت بالوصيف ؟ ( يعني القبر ) . قلت : ما خار الله لي ورسوله ، أو قال : الله ورسوله أعلم ، قال : تصبر .

قال : كيف أنت وجوعاً يصيب الناس حتى تأتي مسجدك فلا تستطيع أن ترجع إلى فراشك ولا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك ؟ . قال : الله أعلم ، أو : ما خار الله لي ورسوله . قال : عليك بالعفة .

ثم قال : كيف أنت وقتلاً يصيب الناس حتى تُعْرَقَ حجارة الزيت بالدم ؟ قلت : ما خار الله لي ورسوله ، قال : الحق بمن أنت منه . قال : قلت يا رسول الله أفلا آخذ بسيفي فأضرب به من فعل ذلك ؟ قال : شاركت القوم إذاً ، ولكن ادخل بيتك . قلت : يا رسول الله ، فإن دُخل بيتي ؟ . قال : إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق رداءك على وجهك، فيبوء بإثمه وإثمك ، فيكون من أصحاب النار. ( صحيح سنن ابن ماجة 2/355، وأبو داود 4/458-459 ، وسنن ابن ماجة 2/1308 ).

لما وصلت أخبار مقتل الحسين ثارت مكة مع ابن الزبير .

ولما وصلت الأخبار إلى أهل المدينة بثورة أهل مكة ثارت هي الأخرى واستطاعوا السيطرة عليها وعزل واليها من قبل يزيد ، وولوا بدلاً عنه عبد الله بن غسيل الملائكة حنظلة رضي الله عنه . ( طبقات ابن سعد 5/66) .

أخرج البخاري عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال : لما كان زمن الحرة أتاه آت فقال له : إن ابن حنظلة يبايع الناس على الموت ، فقال : لا أبايع على هذا أحداً بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ( صحيح البخاري مع الفتح 6/136) .

وأخرج مسلم عن نافع قال : حين كان من أمر خلع يزيد ما كان ، جاء ابن عمر ودخل على ابن مطيع فقال ابن مطيع : اطرحوا لأبي عبد الرحمن وسادة ،

ص: 464

فقال : إني لم آتك لأجلس ، أتيتك لأحدثك حديثاً سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ، قال صلى الله عليه وسلم : من خلع يداً من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية . ( صحيح مسلم برقم 4770 ) .

وروى البخاري عن نافع قال : لما خلع أهل المدينة يزيد بن معاوية جمع ابن عمر حشمه وولده فقال : إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة ، وإنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله ، وإني لاأعلم غدراً أعظم من أن يبايع رجل على بيع الله ورسوله ثم ينصب له القتال ، وإني لا أعلم أحداً منكم خلعه ولا بايع في هذا الأمر إلا كانت الفيصل بيني وبينه . ( البخاري مع الفتح 13/74 ) .

ويروي ابن كثير أن عبدالله بن مطيع - كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هو وأصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم ، فقال ابن مطيع : إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدى حكم الكتاب، فقال محمد : ما رأيت منه ما تذكرون ، قد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير يسأل عن الفقه ملازماً للسنة ، قالوا : ذلك كان منه تصنعاً لك ، قال : وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع ؟ ثم أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ، فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه ، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا ، قالوا : إنه عندنا لحق وإن لم نكن رأيناه ، فقال لهم : أبى الله ذلك على أهل الشهادة ، ولست من أمركم في شئ ، فقالوا : لعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك ، فنحن نوليك أمرنا قال : ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً . قالوا :

ص: 465

فقد قاتلت مع أبيك ، قال : جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه . فقالوا : فمر ابنيك القاسم وأبا القاسم بالقتال معنا ، قال : لو أمرتهما لقاتلت ، قالوا : فقم معنا مقاماً تحض الناس فيه على القتال ، قال : سبحان الله آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه ، إذاً ما نصحت لله في عباده . قالوا : إذاً نكرهك قال : إذاً آمر الناس بتقوى الله وألاّ يرضوا المخلوق بسخط الخالق ، وخرج إلى مكة . ( البداية والنهاية 8/233 ، وتاريخ الإسلام – حوادث سنة 61-80هجرية – 274 بسند حسن ) .

أخرج ابن عساكر في تاريخه بسند إلى جويرية بن أسماء ، قال : سمعت أشياخ أهل المدينة يتحدثون أن معاوية لما احتضر دعا يزيد ، فقال له : إن لك من أهل المدينة يوماً فإن فعلوا فارمهم بمسلم بن عقبة فإني عرفت نصيحته . فلما ولي يزيد وفد عليه عبد الله بن حنظلة وجماعة فأكرمهم وأجازهم ، فرجع فحرض الناس على يزيد وعابه ودعاهم إلى خلع يزيد ، فأجابوه فبلغ يزيد فجهز إليهم مسلم بن عقبة فاستقبلهم أهل المدينة بجموع كثيرة ، فهابهم أهل الشام وكرهوا قتالهم ، فلما نشب القتال سمعوا في جوف المدينة التكبير ، وذلك أن بني حارثة أدخلوا قوماً من الشاميين من جانب الخندق ، فترك أهل المدينة القتال ودخلوا المدينة خوفاً على أهلهم ، فكانت الهزيمة وقتل من قتل ، وبايع مسلم الناس على أنهم خول ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهلهم بما شاء . ( تاريخ دمشق 58/104-105 ) .

وأخرج يعقوب بن سفيان في تاريخه بسند صحيح عن ابن عباس قال : جاء تأويل هذه الآية على رأس ستين سنة ( ولو دُخِلَت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها ) . الأحزاب - 14 ، يعني إدخال بني حارثة أهل الشام على أهل

ص: 466

المدينة في وقعة الحرة . قال يعقوب : وكانت وقعة الحرة في ذي القعدة سنة ثلاث وستين . ( المعرفة والتاريخ 3/426 ) . . . الخ.

وهو مقال طويل في تبرير استباحة يزيد للمدينة المنورة ، وقتله بقية الصحابة !! وستعرف مضمونه من رد العالم السلفي المدعو (سيف التوحيد)!

- ثم نشر ( الذهبي ) موضوعه عن يزيد في شبكة سحاب أيضاً ، بتاريخ 14-4-2000 ، تحت عنوان ( استشهاد الحسين رضي الله عنه .. دراسة نقدية تحليلية ) ، قال فيه :

إن يوم عاشوراء يمثل للرافضة يوم ليس كسائر الأيام .. إنه يوم مقتل الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه .. لذا يتخذونه مأتماً يفعلون فيه كل أصناف البدع والمنكرات .. وكل أمور الجاهلية .. وبما أن الصورة الحقيقة لمقتل الحسين رضي الله عنه لم تتضح بعد لدى كثير ممن يسمع عنها ..كما وأن الدكتور طارق سويدان حفظه الله تناول هذه الحادثة في سلسلته قصص من التاريخ ، لكنه تناولها بصورة مشوهة وكان جل اعتماده على روايات أبي مخنف الكذاب ..

لذا فإني أحببت أن أعيد هذه المقالة التي كتبتها منذ فترة طويلة ، لكن مع إضافات كثيرة وتفصيل أكثر وتحليل للحقائق ، لعل الله يشرح بها الصدور لقبول الحق .. وأعتذر مقدماً على طول المقالة .

تمثل معارضة الحسين بن علي ليزيد بن معاوية نقطة تحول خطيرة في تاريخ المسلمين ، وقد جرت هذه الحادثة من التبعات والإنقسامات الشئ الكثير … إلى آخر ما تقدم منه في موضوع يزيد .

ص: 467

- قال العاملي : أنت ترى كيف حلل هذا الكاتب المغرض نهضة الإمام الحسين علیه السلام بهذه الروحية المريضة التي تتعامى عن أحاديث النبي الصحيحة في الامام الحسين عليه اسلام ! وبهذا التزوير لنصوص التاريخ حتى من مصادرهم ، ليثبت أن خروجه علیه السلام إنما هو طمعٌ في الخلافة ، واغترارٌ بتأييد أهل الكوفة !! ويبرئ يزيد من قتله ، بزعمه أنه لم يأمر بذلك ، وأنه أكرم أسرى البيت النبوي ، فلم يقتلهم وأعادهم الى المدينة !!

- وقد عقب على مقالته عدد من النواصب بالتأييد والشكر ، وكتب له المدعو ( أبو فراس ) :

ليتك ترسل هذا الكلام لمنتديات الرافضة لكان خيراً . وبارك الله فيك .

لكل قوم نجيبة .. ونجيبة علماء الوهابيين سيف التوحيد

- قال العاملي : الاسم الحقيقي لهذا الشيخ يوسف، وهو عالم وهابي ، وأستاذ جامعي ، ومدرس في الحرم المكي ، وقد شارك في شبكات الحوار السنية والشيعية من أوائل نشأتها.. وهو يتميز عمن ناقشنا منهم بالتعقل والمتانة، ويشارك في موضوعات تاريخية وأدبية، وقلما يشارك في الحوار المذهبي ، وإن شارك فهو مدارٍ متحفظ .. كما يتميز بأن له احتراماً عميقاً في أوساط السلفيين المشاركين في شبكات الحوار خاصة من المدعو (مشارك) .. وقد ذكروا أنه أستاذهم . ولكنه بمجرد أن كتب رداً على الذهبي في شبكة سحاب، وطعن في يزيد وبني أمية ، انقلبوا عليه وصرخوا في وجهه وسبوه !! وحذفوا موضوعه وألغوا اشتراكه !!

ص: 468

وقد واجه ذلك بعقل ، وتحمل الأذى منهم ، وأصر على موقفه ، وواصل نشر بحوثه في شبكة هجر ، ثم بدأ نشرها باسمه بدباسمه الصريح في مجلة البلاد السعودية ، ثم فتح موقعاً في الانترنت !! http://nahdah.cjb.net

نسأل الله أن يقويه ويحميه من تعصب النواصب وكيدهم .

- نشر ( سيف التوحيد ) رده على مقال ( الذهبي ) و ( واضح ) ، أولاً في شبكة سحاب ، في أوائل شهر 4-2000 ، بعنوان ( الرسالة الأخيرة : إلى الذهبي والواضح ... فبأي حديث بعده يؤمنون ؟!)

http://www.sahab.net/sahab_html/Forum1/HTML/013049.html

وسرعان ما حذفو موضوعه !! وكتبوا مكانه :

................ ( حذف ) ...............

كما حذفوا المداخلات المؤيدة له ، مثل مداخلة المدعو الدكتور أحمد ، ومداخلة المدعو مستفيد .

- وكتب له المراقب المدعو ( متأمل ) الرسالة الهمجية التالية :

( إلى سيف الباطل ولوثة الرافضة الخبيثة . . . لا مكان لكَ هنا ، فهذه ساحة ومنتدى لأهل السنة والجماعة . . . منتدى السلفيين . . . ولا نسمح بمجرد التفكير في الدخول هنا لطرح العفن الذي جئتَ به . . . وأنصحكَ أن تذهب إلى أمكَ الهاوية (هجر الغجر) والتي تحتضنكَ وانشر غسيلك القذر هناك، فهناك يمكنكَ أن تسب وتلعن من شئتَ من الصحابة كمعاوية رضي الله عنه وأرضاه ، وابنه يزيد بن معاوية رحمة الله . . . وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . . . .

الأخ د. أحمد . . . نرجو المعذرة على حذف تعليقك . . . لأن هذا من قوانين شبكة سحاب . . . . ونرجو الالتزام بها . . . وشكراً . . .

ص: 469

( المراقب : متأمل ) !!

- وقد وقف الى جانب ( سيف التوحيد ) عدد من كتاب شبكتة سحاب أمثال المدعو ( الغريب ) ، وكتبوا في وقته عدة مواضيع اعتراضاً على حذف موضوع (سيف التوحيد) ، وقد حذفت كلها ! وهذا نموذج أخذناه قبل حذفه يعطي أضواء عليها :

- كتب ( طالب الحق ) ، ويبدو أنه من جماعة ( سيف التوحيد ) ، موضوعاً في شبكة سحاب بتاريخ 6-4-2000 ، السادسة صباحاً ، دفاعاً عن (سيف التوحيد) وقد حذفه المراقب المدعو ( متأمل ) وكتب :

تعديل : متأمل ( مراقب ) في 6-4-2000

- وكتب الوسطي بتاريخ 6-4-2000 ، السابعة صباحاً مداخلة عليه فحذفها المراقب وكتب :

................( حذف ) .................

لا مكان عندنا للرافضة الزنادقة . . . تعديل : متأمل في 6-4-2000

- وكتب ( عبد الجبار ) ، بتاريخ 6-4-2000 ، العاشرة صباحاً :

روافض!!! أخزاهم الله !

- وكتب ( الدكتور أحمد ) ، بتاريخ 6-4-2000 ، الثالثة ظهراً :

أنا معك في قولك ( روافض أخزاهم الله ) , ولكن أعتقد أن ترك ردودهم أفضل لعموم الفائدة .

- وكتب ( طالب الحق ) 6-04-2000 ، الرابعة عصراً :

ص: 470

الأخ المتأمل : السلام عليكم ورحمة الله. لماذا حذفت كلامي ؟ وأي شرط من شروط التسجيل قد خالفت ؟؟ وهل الأخ الواضح معصوم من الخطأ ؟؟؟؟ إن في كلامه الكثير من المغالطات ، هذا ما أعتقده وأتحداه .

أما أن يفترى على مذهب أهل السنة بدون علم ، فهذا والله ما لايرضاه سني غيور على السنة !

ثم بالله عليك أيها الواضح ، كيف تحذف رد سيف التوحيد ؟ لولا أنك وجدته كلاماً علمياً مؤصلاً يثبت فيه تعالمك وادعاءاتك الفارغة ؟! لماذا تخاف منه ، إن الجهل والتعالم مما لايمكن ستره لمدة طويلة ! !

وأقول لك … خلا لك الجو ...

الأخ متأمل: أرجو ألا أكون ممن قصدته بقولك ، لا مكان للرافضة هنا .. فإن كنت قصدتني فإني والله حجيجك يوم القيامة .. كيف تقذفني بالكفر هكذا بدون أي تحرج ؟؟

- ورد عليه ( الواضح ) بتاريخ 6-4-2000 ، السادسة مساءًَ ، فقال :

قال ( طالب الحق ) بتاريخ 6-4-2000 ، الرابعة عصراً : ( الأخ المتأمل : السلام عليكم ورحمة الله . لماذا حذفت كلامي ؟؟ وأي شرط من شروط التسجيل قد خالفت ؟؟ )

أقول : هذا ليس موجهاً لي ..!!

قال : ( وهل الأخ الواضح معصوم من الخطأ ؟؟؟؟ إن في كلامه الكثير من المغالطات ، هذا ماأعتقده وأتحداه . أما أن يفتري على مذهب أهل السنة بدون علم فهذا والله مالايرضاه سني غيور على السنة ) .

ص: 471

أقول : 1 - ( الواضح ) ليس معصوماً .. و ( سيف التوحيد ) ليس معصوماً . . وكذلك أنت . . ! !

2 - يبدوا أنك لم تقرأ شيئاً من المقالة .. ففي أولها .. وآخرها .. ذكر لاسم صاحبها ..!!

3 - كاتبها وفقه الله .. لم يفتر على مذهب أهل السنة .. بل أنت الذي تتكلم بلا علم ..!!

4 - يبدوا أن هذا هو أول مقال لك .. ولذلك دلالة معينة ..!!

قال : ( ثم بالله عليك أيها الواضح ، كيف تحذف رد سيف التوحيد ؟؟؟

لولا أنك وجدته كلاماً علمياً مؤصلاً يثبت فيه تعالمك وادعاءاتك الفارغة

لماذا تخاف منه ، إن الجهل والتعالم مما لايمكن ستره لمدة طويلة ).

أقول : 1 - لم أحذف رده .. وهذا كذب علي .. ولك أن تذهب إلى ( أنا المسلم ) . . لترى ردود ( سيف التوحيد ) موجودة لم تحذف .. والواضح مسئول عام هناك ..!!

2 - نعم رده .. رد علمي كردود الرافضة العلمية .. بتر للنصوص .. واستدلال بالباطل والضعيف .. وتأصيل منحرف عن الجادة .. وعن طريق أهل السنة ..!!

3 - أخاف ممن.. لا أدري.. ما رأيك في الطعن في معاوية رضي الله عنه.. أريد جواباً واضحاً عن هذه النقطة بالذات ..!!

4 - هذا يقال . . لصاحبك . . القابع في أحضان أعداء الله ..!!

5 - لم أذكر اسم صاحبك في مقالي هذا ..!!

قال : ( وأقول لك : خلا لك الجو ... )

أقول : 1 - الحمد لله على نعمة الفهم والعقل ..!!

ص: 472

2 - إذهب لمنتدى ( أنا المسلم ) .. فالنقاش هناك .. لا هنا ..!!

3 - خلا لك الجو .. يوجه لصاحبك في هجر الرافضة ..!!

قال : ( الأخ متأمل : أرجو ألا أكون ممن قصدته بقولك ، لامكان للرافضة هنا .. فإن كنت قصدتني ، فإني والله حجيجك يوم القيامة . كيف تقذفني بالكفر هكذا بدون أي تحرج ؟؟؟ )

أقول : 1 - هذا ليس موجهاً لي ..!!

2 - هل أنت ( الوسطي ) ..!!

3 - ركز قليلاً قبل أن تكتب ..!!

أسأل الله لك الهداية للحق والصواب . . !! قال ابن تيمية رحمة الله : كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد ، كان إلى الشرك والابتداع والافتراء أقرب .

- وكتب ( متأمل ) بتاريخ 6-4-2000 ، السابعة مساءً :

إلى المدعو طالب . . يبدو لي أنكَ طالبٌ بالباطل ، ولستَ تريد الحق ... وسبب حذف المقال هو : أنه يوجد في أعلى الصفحة باب اسمه ( شكاوى واستفسار ) ومنه يمكنك توجيه نقد أو لوم أو نصيحة لأحد المراقبين ، وليس هذا لأنهم معصومين ، لا ... إنما لأن هذا من قوانين شبكة سحاب العامرة ، لذا فلن نسمح لكَ مرة أخرى بنشر تهافتاتك مرة أخرى هنا في المنبر وبهذه الطريقة ( الحضارية ! ! ! ) . . . وأظنكَ عاقل وتفهم معنى الخطاب العربي ، فكلامي موجهه للرافضي المدعو الواسطي ، وليس إليكَ ، فما شأنكَ أنتَ وهو . . . .

وأخيراً . . . فدفاعك عن المجرم سيف الباطل ، صاحب اللوثة الرافضية البغيضة ، والذي بدا خبثه يظهر للناس ، يدل على أن الطيور على أشكالها تقع... ونحن من قديم نعرف من هو الواضح ونرى كتاباته الرائعة في الرافضة أما

ص: 473

المجرم سيف الخبث ، فهذا له ملف أسود في حبه الأعمى للرافضة الزنادقة واحترامه لهم والتقرب إليهم ، وشدته الخبيثة على إخواننا من أهل السنة ، وعندي ملف يحوى فيه فظائعه السيئة ... قبح الله أقواله وأعماله التي ترضي أسياده من الرافضة المارقين ... والله تعالى أعلم .

- وكتب ( طالب الحق ) ، بتاريخ 7-4-2000 ، الثالثة صباحاً :

الأخوان الكريمان ، الواضح والمتأمل :

أولاً : النقاش في هذه المسألة سيطول بلاشك ، وأنتما هنا مراقبان ، وأنا عضو عادي فبإمكانكما تعديل الكلام ، أوحذفه حسب ماتريدان .. وهذا ليس عدلاً ، فلكما أن تعداني ألا يحذف لي كلام من قبلكما ، ولكن تردان على الحجة بمثلها والحق أبلج ، والشبهة لاتحق الحق ولاتبطل الباطل ، فمم الخوف .. ؟؟ .. أما أنا فأعدكما أن ألتزم بما يلي :

1 - أن أنقل عن علماءنا الكرام , أمثال ابن تيمية وأحمد ، وغيرهما .

2 - أن ألتزم بأصول الحوار وآدابه ، وألا أرد على أحد إلا بمثل كلامه أو أحسن .

3 - ألا أدخل في ماطواه الله عني من أمر النية والإخلاص .

4 - أن التزم بأدب الاسلام في الرد على المخالف .

5 - حجتي هي كتاب الله وما صح من سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

6 - أن يكون مقصدي الحق في كل ما أكتب وأقرأ .

إذا وافقتما على هذه الشروط بدأنا النقاش , وإن لم توافقا على شئ منها فدلاني على السبب حتى يطمن قلبي .. اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم .

ص: 474

الأخ الواضح : هذه ليست أول مشاركة لي ، والعجيب أنك نسيت حذفك لكلامي عدة مرات ( علامة التعجب عندي لا تعمل ) .

الأخ المتأمل : أخطأت أخي الكريم فأنا والله أريد الحق ، ولا أدعي أنه معي مئة بالمئة ، ولكنني أعتقد أنني على صواب ، ويحتمل أن أكون مخطئاً ، لذلك طلبت النقاش . فدع أمر النية لصاحبها وربه .

اللهم علمني ماينفعني وانفعني بما علمتني .

- وكتب ( طالب الحق ) ، بتاريخ 7-4-2000 ، الرابعة عصراً :

الأخوان الكريمان ، الواضح والمتأمل :

السلام عليكم ورحمة الله . لازلت أنتظر الجواب حتى نبدأ النقاش .

اللهم علمني ماينفعني وانفعني بما علمتني .

- وكتب ( دكتور أحمد ) بتاريخ 7-4-2000 ، الحادية عشرة مساءًََ :

( السكوت علامة الرضا ) .. إبدأ النقاش .

- وكتب ( متأمل ) بتاريخ 8-4-2000 ، الثانية عشرة والربع صباحاً:

الأخ د. أحمد ... أرجوكَ وللمرة الثانية . . . لاتتدخل فيما لايعنيكَ . . . وكن مثل باقي إخوانك الرواد ، والموضوع موجه لاثنين من المراقبين . . . فلماذا تعطي أنتَ الإذن . . .

أما أنتَ يا طالب ال- . . . يبدو أنكَ تجيد فن المغالطة . . . ونحن لسنا مغفلين لدرجة كافية حتى تصرف أصل لب الموضوع إلى النقاش الفاسد . لقد قلتَ : ( . . . لماذا حذفت كلامي ؟وأي شرط من شروط التسجيل قد خالفت ؟ ) أه- . وقد أخبرتكَ عن سبب الحذف فلم تكترث . . . ولم تغير من منهج السابق . . .

ص: 475

ثم قلتَ : ( أما أن يفتري على مذهب أهل السنة بدون علم فهذا والله ما لايرضاه سني غيور على السنة . ثم بالله عليك أيها الواضح ، كيف تحذف رد سيف التوحيد ؟ ) . . . وقد بين لكَ الحق . . . ودعوى أنه يفتري على مذهب أهل السنة والجماعة ، فهذا هو الباطل بعينه الذي تحاول نشره أنتَ بطريقتك . . .

وقولكَ : ( لولا أنك وجدته كلاماً علمياً مؤصلاً يثبت فيه تعالمك وادعاءتك الفارغة لماذا تخاف منه ) . هذا هو الكذب بعينه . . . إقرأ رد الأخ أبو عبدالله الذهبي في موقع أنا المسلم . . .

وقلتَ : إن الجهل والتعالم مما لا يمكن ستره لمدة طويلة .

وأقولُ : إن هذا هو أحسن صفة لكَ ولأمثالكَ . . .

وقولكَ : وأقولُ لك ..خلا لك الجو . . .

أقولُ : هذا هو الأدب بعينه . . . . نسأل الله العافية . . . .

ثم قلتَ : الأخ متأمل : أرجو ألا أكون ممن قصدته بقولك ، لامكان للرافضة هنا ، فإن كنت قصدتني ، فإني والله حجيجك يوم القيامة . كيف تقذفني بالكفر هكذا بدون أي تحرج ؟؟

وقد بينتُ لكَ أنا حقيقة الأمر ، والقارئ يقرأ ويعرف أسلوبكَ السخيف في استثارة الرأي العام .. ثم تدعي أنكَ تريد النقاش بضوابط ووو .. إلخ ..

وأقولُ لكَ : إننا هنا في منبر أهل السنة والجماعة لا نسمح للرافضة ولا لأذنابهم من المرتزقة والعلمانين بأن يتكلموا ولو بحرف واحد ، وهمنا إيصال العلم لعوام أهل السنة والجماعة ، وتعريفهم بالتوحيد والهدى والعلم ... ثم أنا لم أطلب مناقشتكَ العقيمة وأتنزه عنها . . . . أما إذا أردتَ مناقشة الواضح فيمكنكَ

ص: 476

فعل ذلك في ( هجر الغجر ) ، أو في ( الساحة ) ، أو (أنا المسلم) ، أو غيرها من المنتديات التي تسمح بذلك . . . . .

فافهم هذا واعرفه ، وأخبر قومكَ الذين أرسلوكَ بهذا . . . .

المراقب //// متأمل //// . انتهى .

موضوع سيف التوحيد الذي حذفوه !

- نشر ( سيف التوحيد ) في شبكة هجر الشيعية ، بحثه هذا الذي حذفوه من سحاب ، وهذا نصه :

http://www.hajr.org/hajrhtml/Forum13/HTML/000042.html

الأخ الذهبي : السلام عليكم ورحمة الله ، تحية طيبة ملؤها التقدير .

للأسف .. ماذا أقول .. تعليقاً على هذه الأوهام التي تذكرها هنا حول حادثة السقيفة .. وكأنك تحسب أن من يقرأ كلامك كلهم من ذوي التأمين والتبريك عليه .

ما تذكره ، هو أباطيل بني أمية الذي أشربته كردة فعل لغلو الروافض . وكنت أحسبك أخي الكريم ممن جال في مصادر التاريخ .. فها أنت الآن تبين عن ضحالة متعمقة في قراءة التاريخ . فليتك حين أخذت على عاتقك الدفاع أن تحرص على تحقيق ما تذكر لا الجمع والتكثير لما أنت مقتنع به أصالة .

المسألة خطيرة جداً .. تحتاج إلى طول بحث وعناية ، وسعة اطلاع مع حرص على العدل ، وليس البحث عن مواد جاهزة لتأييد رأي دون آخر . وقد قرأت ما ذكرته تعليقاً على موضوع يزيد ، وهكذا ما أجبت به على حدث السقيفة ، فرأيته على صغر حجمه ملئياً بالتزوير والزيف ، وسيأتيك البيان ، فلا تستعجل ..

ص: 477

وهكذا ما أوردته في الدفاع عن يزيد من المغالطات العجيبة ، والتي ستوضح أنك مقلد بطريقة انتقائية حتى تاريخ ابن كثير الذي أكثرت من النقل عنه .. وأهملت فيه مواضع كثيرة فيها ما يدفع وهمك.. وأنا أعذرك لأنك رجعت للمصادر الحديثة وبعض القديمة ، والتي كان فيها ميل ظاهر لبني أمية بحكم السياسة السائدة في ذلك العصر .. وما ملئت به الكتب في ظل دولتهم الذي عاصر الكثير من التواليف ، وقد أكثرت من الأخبار التي هي من روايات سيف بن عمر المزور.. ولم يخف علي منها شئ والحمد لله.

وفوق هذا وذاك ولم تزد على ما ذكره ابن تيمية في المنهاج ، والذي يظهر بشكل واضح أنك ما قرأته كله .. وسيأتي الجواب عنه :

إليك هذه الملاحظات أولاً ... ( وسرد له سيف التوحيد ملاحظات مهمة على بحثه في السقيفة لايتسع لها المجال ) . . ثم قال :

نأتي للمسألة الثانية والتي جئت فيها أنت والواضح بمغالطات فظيعة! بسبب التعصب وإرادة الرد للرد ، والإيغال في الخصومة بدعوى الحط على الشيعة :

1 - أولاً ينبغي للموفق أن يكون الحق رائده .. ولا يصدر عن ردود أفعال الطوائف الأخرى .. فيقع في غمط الحق .. بل وتزويره لجاجاً ، فحسب .

2 - تأملت كل ما جئتما به في مسألة يزيد ونقد كلامي في معاوية رضي الله عنه ، فلم يأت أحد منكم بجديد .. وحتى أقطع عليكم الخط .. كل ما جئتم به فمما أورده الإمام ابن تيمية في منهاج السنة فحسب ، وبعض المغالطات الأخرى التي هي من المزايدات على ابن تيمية في هذه المسألة .

3 - لا ينبغي رمي الكلام على عواهنه .. والاتهام بالباطل للمخالف دون أن يكون الحق الغاية التي ينطلق منها المرء .. فلمزي بالباطل كما يزعم الذهبي بأن

ص: 478

كلامي فيه الرفض والتشيع كذب سخيف .. وهو أحد أمرين : إما لا يدرك من هم الرافضة ، أو رماني بالباطل ! وأحلاهما .. مر . وهل كل من يطعن في يزيد ويذمه رافضي؟ إن الالتزام بهذا يعني رمي جمع من الصحابة وخيار آل بيت النبوة ، ومن بعدهم من العلماء بهذه التهمة .

4 - لم يدفع أحد منكم أياً من التهم في حق يزيد ! لا بإبطال الأخبار ، ولا بالطعن في مثبتيها كابن كثير ، الذي قال : وكان فيه أيضاً إقبال على الشهوات ، وترك بعض الصلوات في بعض الأوقات ، وإماتتها فى غالب الأوقات . ( ابن كثير : البداية : 8/ 230 ) .

قلت : يزيد بن معاوية أكثر ما نقم عليه فى عمله شرب الخمر ، وإتيان بعض الفواحش . وهكذا كلام الذهبي وابن حجر ، بل وعامة المؤرخين ومن بعدهم من العلماء .

وحتى أنقض هشاشة الاتفاق الذي تذكرون ، أنقل لكم فتوى للكياهراسي وهو من كبار الفقهاء ، حيث نقل عنه ابن العماد في شذرات الذهب : وسئل الكياهراسي أيضاً عن يزيد بن معاوية فقال : إنه لم يكن من الصحابة لأنه ولد في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه . وأما قول السلف ، ففيه لأحمد قولان تلويح وتصريح ، ولمالك فيه قولان تلويح وتصريح ، ولأبي حنيفة قولان تلويح وتصريح، ولنا قول واحد تصريح دون التلويح! وكيف لايكون كذلك وهو اللاعب بالنرد ، والمتصيد بالفهود ، ومدمن الخمر ، وشعره في الخمر معلوم ، ومنه قوله:

أقول لصحب ضمت الكأس شملهم *** وداعي صبابات الهوى يترنم

خذوا بنصيب من نعيم ولدة *** وكل وإن طال المدى يتصرم

ص: 479

وكتب فصلاً طويلاً ، ثم قلب الورقة ، وكتب : لو مددت ببياض لمددت العنان في مخازي هذا الرجل !!

وقد أفتى الإمام أبو حامد الغزالي في مثل هذه المسألة بخلاف ذلك ، قال ابن الأهدل : أفتى الغزالي بخلاف جواب الكياهرسي ، وتضمن جوابه أنه وإن غلب الظن بقرائن حاله أنه رضي قتل الحسين أو أمر به ، فلا يجوز لعنه ويجعل كمن فعل كبيرة ، وأفتى ابن الصلاح بنحوه ، وأقرهما اليافعي .

قلت : الحاصل من ذلك أن يزيداً إن صح عنه ما جرى منه على الحسين وآله من المثلة ، وتقليب الرأس الكريم بين يديه ، وإنشاده الشعر في ذلك مفتخراً ، فذلك دليل الزندقة والانحلال من الدين ، فإن مثل هذا لا يصدر من قلب سليم . وقد كفره بعض المحدثين ، وذلك موقوف على استحلاله لذلك ، والله أعلم .

وقال الإمام التفتازاني : أما رضا يزيد بقتل الحسين وإهانته أهل بيت رسول الله ، فمما يقطع به ، وإن كان تفصيله آحاداً ، فلا يتوقف في كفره لعنة الله عليه ، وعلى أنصاره وأعوانه . ( شذرات الذهب 2/ 9 ) .

وأما الاحتجاج بحديث الغزو ، فلا أدري .. هل خفي عليك كلام شراح الحديث ، ومنهم المناوي في فيض القدير ، حيث قال : لا يلزم منه كون يزيد بن معاوية مغفوراً له لكونه منهم ، لأن الغفران مشروط بكون الانسان من أهل المغفرة ، ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص . ويلزم من الحمل على العموم أن من ارتد ممن غزاها مغفور له . وقد أطلق جمع محققون حل لعن يزيد . وهذا لازم خطير لك .. فهل من ارتد بعد هذه الغزوة ، أو ارتكب ما يضاد المغفرة .. سيكون مغفوراً له ؟ !

ص: 480

5 - يا ليتكم وقفتم عند مبحث اللعن وآدابه وشروطه لكان الأمر أهون ، فهي لاتخرج عن كونها مسألة علمية فقهية .. تفتقر إلى عرض النصوص والأدلة والحجج ، ولا يضلل فيها المخالف .. بل تعدى الأمر إلى التزامات منكم خطيرة ، تقتضي إبطال نهضة الحسين ، وكل أولئك الصالحين الذين خرجوا عليه، واعتبارهم مخطئين فيما قاموا به .. ولعمر الله إنه للازم خطير .

6 - تخطئة مواقف الشخص لا يعني التعدي عليه أو ذمه .. فمعاوية رضي الله عنه صحابي ، وهو من الطلقاء ، ولم يثبت من فضائله شئ ، كما قال الامام اسحاق بن راهويه ، ومن يشك في كونه قد بغى على الإمام علي حين خرج عليه ، فهو أضل من حمار أهله !

وهل أمره بقتل الصحابي الجليل حجر بن عدي ، الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم ب- ( حجر الخير ) اجتهاداً ؟! وما كان ذلك إلا أنهم لم يلعنوا علياً ، حين كتب فيهم زياد بن أبيه والي معاوية على الكوفة كتاباً إلى معاوية قال فيه: إنهم خالفوا الجماعة في لعن أبي تراب ، فخرجوا بذلك عن الطاعة، فأمر معاوية بقتلهم ، فحملوا إلى مرج عذراء في الشام فقتلوا هناك صبراً !! وقد أنكرت عائشة رضي الله عنها ذلك على معاوية رضي الله عنه ، ذلك .

( انظر : دلائل النبوة للبيهقي 6/457 ، والبداية والنهاية لابن كثير 6/231 ، والإصابة لابن حجر2/329 ، وتاريخ اليعقوبي 2/230 ).

وقد انتقدت عائشة وطلحة فعلهما وندما ، والقضية لم تكن مطالبة بدم عثمان كما يشيع بني أمية ، ومن مال إليهم ! وحتى لو كان كذلك ، فهل يجوز الخروج على الإمام الشرعي بدعوى مطالبة الدم ؟ وهل هو من أولياء عثمان رضي الله عنه ، وهو لا يلتقي معه إلا في أمية ؟

ص: 481

وماذا سيقول هؤلاء في قول الحسن البصري : أربع خصال كن في معاوية لو لم يكن فيه إلا واحدة لكانت موبقة :

الأولى : انتزاؤه على هذه الأمة بالسيف ، حتى أخذ الأمر من غير مشورة ، وفيهم بقايا الصحابة وذووا الفضيلة .

الثانية : استخدامه بعده ابنه سكيراً خميراً ، يلبس الحرير ويضرب الطنابير. والثالثة : ادعاؤه زياداً ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الولد للفراش وللعاهر الحجر .

والرابعة : قتله حجراً وأصحاب حجر ، فيا ويلاً له من حجر .

( انظر : الكامل لابن الأثير 3 / 487، وتاريخ دمشق .. المختصر 2 / 348 ) .

وهل النسائي كان رافضياً حين سأله أهل دمشق أن يصنف لهم عن فضل معاوية فقال : لا أعلم له فضيلة إلا : لا أشبع الله بطنك . فداسوا في حضنه أو خصييه ، حتى قتلوه . ( أنظر : وفيات الأعيان 1/77 ، 14/132) .

ولتعلم أن ثمة فوارق واضحة بين تيار العثمانية والذي يمثله طلحة والزبير وعائشة رضي الله عنهم ، وبين تيار بني أمية ، فهم لا يتهمون علياً بالمشاركة في قتل عثمان ، ولا يحملونه ذلك ، وقد كانوا جادين في المطالبة بدم عثمان رضي الله عنه ، وهم قد ندموا على ما بدر منهم .

7 - كل ما أوردتموه في هذا الباب ، فهو من كلام ابن تيمية في منهاج السنة ، وقد وهم فيه رحمة الله بسبب الحط على الرافضة ، وسأبين ذلك في آخر المقال .

8 - كثير من المؤرخين المعاصرين ينطلقون من خلفية دفاعية ، وليس من بابة التجرد للحق ، ولذا تجدهم يأخذون بالكثير من الروايات الضعيفة المبرئة ، والتي تحمل في طياتها تهمة لطرف آخر .

ص: 482

9 - يجب أن لا نحمل الإسلام أخطاء البشر ، فمن أحسن يقال له أحسنت ، ومن خطأ يبين خطأه ، ويعتذر له .

10 - إن منهج أهل الحديث خاصة الجرح والتعديل ، من أفضل مقاييس نقد هذه الروايات التاريخية ، وجمع المادة من كتب السنة له دور هام في إبراز جوانب كثيرة .

11 - للأسف وقع البعض بسبب ردود الأفعال ضد الشيعة، بالتشكيك في خلافة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والهدف الدفاع عمن خرج عليه من أهل الجمل وصفين، وبيعته رضي الله عنه كانت محل إجماع كبار الصحابة والتابعين الموجودين في سائر الأقطار ، إلا بلاد الشام وبعض أهل مصر ، فالبدريون كانوا مع علي وحارب معه في صفين نحو سبعين بدرياً ، بينما تخلف عدد لا يتجاوزن الخمسة لأعذار رأوها ، وشهد مع علي من أصحاب الشجرة الذين رضي الله عنهم ثمانمائة ، كما دلت عليه الروايات الصحيحة .

12 - الحكم على صحابي معين بأنه أخطأ لا يعني انتقاصاً له ، فما زال العلماء يذكرون خطأ حاطب ، وماعز الأسلمي ، والمخزومية ، ولا شك أن الخروج على الإمام الشرعي بلا موجب خطأ ، وهذا لا يجعلنا نجحد فضائلهم من جهة أخرى .

13 - العدل : الدفاع عن الخلفاء الراشدين الأربعة كلهم وعن سيرهم ، وليس من العدل الدفاع عن الثلاثة ، وترك علي رضي الله عنه ليدافع عنه الروافض والشيعة ، فنحن كأهل السنة أولى به ، وهذا أصل عظيم غفل عنه الكثير ممن يتكلم في هذا الجانب بسبب ردة الفعل ، فانتشر الدفاع للأسف عن يزيد أكثر

ص: 483

من الدفاع عن علي والحسين رضي الله عنهما ، والبعض يدرك هذا ، ولكن يخاف من التهمة بالتشيع !!

ومن ذلك اللبس الكثير الحاصل في بيعة علي بن أبي طالب بسبب ردود الأفعال ضد الشيعة... فخلافته رضي الله عنه صحيحة ، ومن خرج عليه كان مخطئاً باغياً ، كشأن الخارجين على الإمام الشرعي ، والدليل على ذلك :

1 - عن العرباض بن سارية : عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ . ( رواه الترمذي ، وابن ماجه ، وانظر الصحيحة 5/410).

2 - ما ثبت من حديث سفينة رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتي الله الملك من يشاء . ( رواه أحمد ، وأبو داود ، والترمذي والحاكم ( الصحيحة 1/742 ) .

وهذا من دلائل صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإن أبا بكر رضي الله عنه تولى عام 11 ه- ، وتنازل عنها الحسن بن علي رضي الله عنه عام 41 ه- . وهي ثلاثون عاماً كاملة .

3 - ومنها قوله صلى الله عليه وسلم : القائم بعدي في الجنة والذي يقوم بعده في الجنة والثالث والرابع في الجنة . ( انظر الصحيحة (5/410 ) .

4- قول النبي صلى الله عليه وسلم : تمرق مارقة عند فرقة من المسلمين ، يقتلها أولى الطائفتين بالحق . ( رواه مسلم 2/745 . قال الإمام أحمد : ليس شئ عندي (أقوى) في تثبيت خلافة علي من حديث أبي سلمة والضحاك المشرقي . السنة للخلال 3/414 ) .

ص: 484

5 - حديث عمار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ويح عمار تقتله الفئة الباغية ، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار. ( رواه البخاري : 1/122 ) . قال الحافظ ابن حجر : روى حديث ( تقتل عماراً الفئة الباغية ) جماعة من الصحابة ، منهم قتادة بن النعمان ، وأم سلمة عند مسلم ، وأبو هريرة عند الترمذي ، وعبد الله بن عمر بن العاص عند النسائي ، وعثمان بن عفان وحذيفة ، وأبو أيوب ، وأبو رافع ، وخزيمة بن ثابت ، ومعاوية ، وعمر بن العاص وأبو اليسر ، وعمار نفسه ، وكلها عند الطبراني وغيره ، وغالب طرقها صحيحة أو حسنة ، وفيه عن جماعة آخرين يطول عددهم. (1/543) .

قال ابن عبد البر: تواترت الأخبار بذلك وهو من أصح الحديث . ( نقله ابن حجر في التلخيص الحبير 4 / 50. وقال الذهبي: وهو متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم: 1 /421 ) .

قال ابن تيمية : وهذا يدل على صحة إمامة علي ، ووجوب طاعته وأن الداعي إلى طاعته داع إلى الجنة والداعي إلى مقاتلته داع إلى النار ، وإن كان متأولاً ، أو باغ بلا تأويل ، وهو أصح القولين لأصحابنا . ( الفتاوى 4/437 )

وقال ابن حجر : وفي قوله : تقتل عماراً الفئة الباغية دلالة واضحة على أن علياً ومن معه كانوا على الحق ، وأن من قاتلهم كانوا مخطئين في تأويلهم . ( فتح الباري 6/619 ) . وأما الآثار فهي أكثر من أن تحصر ومنها :

1 - ما رواه البزار بسند جيد كما في الفتح: 13/88 ، عن حذيفة قال : كيف أنتم وقدخرج أهل دينكم يضرب بعضهم وجوه بعض بالسيف! قالوا : فماذا تأمرنا ؟ قال : انظروا إلى الفرقة التي تدعو إلى أمر علي فالزموها فإنها على الحق.

ص: 485

2 - قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين طعن : إن ولوها الأجلح يعني علياً، سلك بهم الطريق المستقيم. ( رواه ابن سعد: 3/342 ، وهكذا عبد الرزاق وابن عساكر ) .

3 - قال الحسن البصري : والله ما كانت بيعة علي إلا كبيعة أبي بكر وعمر رضي الله عنهم .

4- قال الإمام أبو حنيفة : ما قاتل أحد علياً ليرده إلى الحق إلا كان علي أولى بالحق منه ، ولولاه ما علم أحد كيف السيرة في قتال المسلمين .

وقال عن وقعة الجمل : سار علي بالعدل وهو الذي علم المسلمين قتال أهل البغي . ( مناقب أبي حنيفة 2/344 ) .

5- قال الإمام أحمد في من طعن في خلافته : أنه أضل من حمار أهله ، ونهى عن مناكحته .

6- قال ابن قتيبة : وقد رأيت هؤلاء ( أي النواصب ) حين رأو غلو الرافضة في حب علي وتقديمه ، قابلوا ذلك أيضاً بالغلو في تأخير علي كرم الله وجهه وبخسه حقه ، ولحنوا في القول ، وإن لم يصرحوا بظلمه واعتدوا عليه بسفك الدماء بغير حق ، ونسبوه إلى الممالأة على قتل عثمان رضي الله عنه ، وأخرجوه بجهلهم من أئمة الهدى إلى جملة أئمة الفتن ، ولم يوجبوا له اسم الخلافة لاختلاف الناس عليه ، واتهموا من ذكره بغير خير . ( الاختلاف في اللفظ والرد علي الجهمية والمشبهة – 41 ) .

7- وقال الامام ابن دحية : الإجماع منعقد على أن طائفة الإمام طائفة عدل ، والطائفة الأخرى طائفة بغي ، ومعلوم أن علياً كان الإمام .

ص: 486

8- قال النووي : وكان علي رضي الله عنه هو المحق المصيب في تلك الحروب ، وهذا مذهب أهل السنة . ( شرح النووي :6/18 ).

9- قال الذهبي : هم طائفة من المؤمنين بغت على الإمام علي ، وذلك بنص قول المصطفى صلوات الله عليه لعمار: تقتلك الفئة الباغية . ( السير 8/209 )

10 - قال ابن كثير : وهذا مقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قتله أهل الشام ، وبان وظهر سر ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم من أنه تقتله الفئة الباغية ، وبان بذلك أن علياً حق وأن معاوية باغ . ( البداية والنهاية 7/267 ) .

11- قال ابن الوزير في حديث عمار : وذكر القرطبي في تذكرته والحاكم في علوم الحديث أن القول بمقتضاه إجماع أهل السنة ، يعني أن من حارب علياً علیه السلام فهو باغ عليه ، وأنه علیه السلام صاحب الحق في جميع تلك الحروب . ( إيثار الحق - 457 ) .

12- قال ابن حجر : وفي هذا الحديث علم من أعلام النبوة ، وفضيلة ظاهرة لعلي وعمار ، ورد على النواصب الزاعمين أن علياً لم يكن مصيباً في حروبه . ( فتح الباري :2/113 ) .

13- قال الشوكاني : قوله ( أولاهما بالحق ) فيه دليل على أن علياً ومن معه هم المحقون ، ومعاوية ومن معه هم المبطلون ، وهذا أمر لا يمتري فيه منصف ، ولا يأباه إلا مكابر متعسف ، وكفى دليلاً على ذلك هذا الحديث ، وحديث : عماراً تقتله الفئة الباغية . ( نيل الأوطار : 4/348 ).

14- قال حافظ حكمي : فكان أهل الشام بغاة اجتهدوا فأخطئوا ، وعلى رضي الله عنه يقاتلهم ليرجعوا إلى الحق ويفيئوا إلى أمر الله ، ولهذا كان أهل

ص: 487

بدر الموجودون على وجه الأرض كلهم في جيشه ، وعمار قتل معه رضي الله عنه ، كما في الصحيحين . ( معارج القبول 2/475 ).

فهل هؤلاء كلهم روافض وشيعة ؟؟!! أم أنه هوى بني أمية ؟!

وأعود فأقول .. إن كثيراً ممن يبحث في هذا الموضوع ينطلق مما كتبه الإمام ابن تيمية في رده على ابن المطهر الحلي في منهاج السنة .. وهذا خطأ كبير ، لأن مقام الرد قد يوجب الوهم بسبب الحط على المخالف ، لاسيما والمشهور من حدة ابن تيمية مع مخالفيه ، ولذا وقعت له أوهام لا تحط من إمامته ، كما أنها في الوقت ذاته لا توجب تقليده ومتابعته عليها ، وذلك يتبين من خلال النقاط التالية :

1 - قال ابن حجر : طالعت الرد المذكور فوجدته كما قال ابن السبكي في الاستيفاء ، لكن وجدته كثير التحامل إلى الغاية في رد الأحاديث التي يوردها ابن المطهر ، وإن كان معظم ذلك من الموضوعات الواهيات ، لكنه رد من الأحاديث الجياد مالم يستحضرحالة التصنيف مظانها لأنه كان لاتساعه في الحفظ يتكل على مافي صدره والإنسان عامد للنسيان . لسان الميزان 6/319 .

2- جعله ابن سبأ مؤسس المذهب الشيعي ، وقد ذكر هذا في غير ما موضع .. وهو غير صحيح ، وشخصية ابن سبأ عليها من الهالة والتضخيم حتى غدت كالأسطورة ، وقد ناقض هذا بقوله : أما الفتنة فإنما ظهرت في الإسلام من الشيعة ، فأول فتنة كانت في الإسلام قتل عثمان . ج 3/241 .

ومن المعلوم .. أن دعوة ابن سبأ ظهرت في أيام أمير المؤمنين علي رضي الله عنه . ولِمَ لم يتعجل الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه بقتله وإقامة الحد عليه إذن ؟! وابن سبأ اليهودي أحقر بكثير من أن يستدرج الصحابة إلى ما هو أدنى

ص: 488

من ذلك ، فهل هو الذي حرض عائشة وطلحة والزبير ، وأبا ذر ، وعمار ، وابن مسعود ، الذين نقموا على عثمان رضي الله عنه بعض أعماله إبان توليه ؟ وللأسف فإن أكثر المصادر التي أتى بها المدافعون عن بني أمية .. وهذا ما تجلى في كلام الذهبي ، أعني الموجود هاهنا وليس المؤرخ ، ترجع إلى سيف بن عمر التميمي ، ولا تخفى علي .. وقد اتفق أهل الجرح والتعديل على أنه من أكذب الناس .

3 - يورد البعض هنا كلام الشعبي في ذم الخشبية ، والذي فيه التشبيه بالبهائم وأنهم لم يدخلوا في الإسلام ، في حق الإمامية ، وهذه مزايدة على ابن تيمية ، حيث قال : لكن قد لا يكون هذا كله في الإمامية الإثني عشرية ، ولا في الزيدية ، ولكن يكون كثير منه في الغالية وفي كثير من عوامهم .ج 1/13

وهذا بسبب تشعب المذاهب الغالية في آل البيت .. وعدم تفريق الكثير من طلاب العلم بسبب التعصب والجهل والتقليد ..

ومع ذلك فأثر الشعبي باطل لأنه من طريق عبد الحر بن مالك بن مغول وهو ضعيف. ولذا فإن كل الأحاديث التي جاءت في ذم الرافضة كذب كما صرح ابن تيمية نفسه. ج1/8 .

والشعبي، عامر بن شراحيل كان نديم عبد الملك بن مروان وسميره ، وقد اعتمده لخلع عبد العزيز عن ولاية العهد وتولية الوليد بقصة عجيبة أوردها اليعقوبي: 2/280 . وهو القائل عن الحارث الأعوركان كذاباً .. وهذا غلط . قال ابن عبد البر : أظن أن الشعبي عوقب على تكذيبه الحارث ، لأنه لم تبن منه كذبة أبداً ، وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي . (تهذيب التهذيب 2/127 ) . وقال القرطبي : رماه الشعبي بالكذب ، وليس بشئ ، ولم يبن من الحارث كذب ،

ص: 489

وإنما نقم عليه إفراطه في حب علي وتفضيله له على غيره. التفسير 1/5 ويكفيك أن تقرأ قول ابن سيرين : أدركت الكوفة وهم يقدمون خمسة : من بدأ بالحارث ثنى بعبيدة السلماني، ومن بدأ بعبيدة ثنى بالحارث. السير : 4/56 .

فماذا عسى أن يقول الشعبي ، وهذا حاله من الولاء المرواني ؟!!!

4- قال ابن تيمية رحمة الله : لما أخبر أن أمته ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وهي الجماعة . وهذا الزيادة ليست بشئ ، وكم أعجب ممن يتكالب في نقلها دون أدنى تثبت، وقد قال العلامة الألباني عنها: لم ترد في شئ من المصادر . ( الصحيحة : 1/356 ) . وقال ابن الوزير في العواصم : زيادة فاسدة ولا يبعد أن تكون من دسيس الملاحدة !

وكم يتشب كثير من المنتسبين للسلف بهذه الزيادة في اتهام المخالف لهم ، ولو كانت المسألة اجتهادية ، وما هي إلا دعوى !

5 - دافع ابن تيمية عن خطأ معاوية رضي الله عنه في تبنيه واستلحاق زياد بن أبيه المولود على فراش الحارث بن كلدة ، لكون أبي سفيان يقول إنه من نطفته ، بأنه لم يبلغهم قضاء النبي صلى الله عليه وسلم بأن الولد للفراش ، واعتقدوا أن الولد لمن أحبل أمه ، واعتقدوا أن أبا سفيان هو المحبل لسمية أم زياد ( رفع الملام - 48 ) وهذا ليس بصواب، لأن التاريخ لم يعرف قضية أخذت بعداً كبيراً ، وضجة في عهد معاوية كهذه ، وقد واجهه فضلاء عصره بذلك ومنهم يونس بن عبيد الثقفي ، قام إليه حين أعلن استلحاقه لزياد وقال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الولد للفراش ، فعكست ذلك وخالفت السنة. فقال معاوية رضي الله عنه : أعد . فأعاد يونس مقاله. فقال له: لتنتهين أو لأطيرن بك طيرة بطيئاً وقوعها. وهذا مشهور جداً !!

ص: 490

( أنظر : مروج الذهب 3/17 ، الإتحاف بحب الأشراف - 67 ).

6 - قال ابن تيمية : لم يكن لمروان ذنب يطرد عليه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم . ويقول بعدها : وغاية النفي المقدر سنة ، وهو نفي الزاني والمخنث ، وإذا كان كذلك فالنفي كان في آخر الهجرة ، فلم تطل مدته في زمن أبي بكر وعمر ، فلما كان عثمان طالت مدته : 3/195 . وهذا جد عجيب منه رحمة الله ! كيف ومدة خلافة أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ثلاث عشرة سنة ، مع المدة التي كانت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، يكون المجموع قرابة أربعة عشر سنة .. ؟ وهذا فقط كردة فعل للدفاع عن فعل عثمان رضي الله عنه في رده !!

7 - قال في الحكم والد مروان : هو من الطلقاء ، والطلقاء حسن إسلام أكثرهم ، وبعضهم فيه نظر ، ومجرد ذنب يعزر عليه لا يوجب أن يكون منافقاً في الباطن. ( منهاج السنة : 3/197 ) .

كيف وقد آذى النبي صلى الله عليه وسلم حتى دعا عليه وتحققت دعوته ، وقالت عائشة رضي الله عنها لمروان ابن الحكم : أما أنت يا مروان فأشهد أن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه . انظر الاستيعاب لابن عبد البر 1/318 ، أسد الغابة 2/34 . وقد هجاه حسان بقوله :

إن اللعين أبوك فارم عظامه *** إن ترم ترم مخلجاً مجنوناً

يمسي خميص البطن من عمل التقى *** ويظل من عمل الخبيث بطينا

8- ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بعد حجة الوداع لما بلغ غدير خم أنه قام خطيباً وقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ . قالوا : بلى . قال : من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه . قال ابن تيمية : حديث المولاة ، قد رواه الترمذي ، وأحمد في مسنده عن النبي صلى الله عليه

ص: 491

وسلم أنه قال : من كنت مولاه فعلي مولاه . وأما الزيادة وهي قوله : اللهم وال من والاه وعاد من عاداه . فلا ريب أنها كذب . (منهاج السنة 4/87 ) . وهذا ليس بصواب أيضاً ، فقد جمع بعض أهل العلم طرقه في جزء خاص بل حكم عليه غير واحد بالتواتر ، ومنهم الذهبي .

وقد روى الزيادة : أحمد من سبعة طرق ، وابن ماجة ، وأورد لها النسائي في الخصائص عشرة طرق، ورواها الحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين وقال الذهبي عنها : قوية الإسناد . ( أنظر : المسند 1/119 ، والخصائص للنسائي - 21 ، البداية والنهاية 5/183) .

9 - أورد حديث الثقلين على سبيل الشك مع ذكر أنه في مسلم ، ولم يسبق للطعن فيه . ( أنظر : 4/85 ) . ونص كلامه : ( الحديث الذي في مسلم إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله فليس فيه إلا الوصية باتباع الكتاب وهو لم يأمر باتباع العترة ، ولكن قال : أذكركم الله في أهل بيتي ) !!

10 - قال ابن تيمية : ( وعلي رضي الله عنه لم يكن قتاله يوم الجمل وصفين بأمر من النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما كان رأياً رآه ، وهو الذي ابتدأ أهل صفين في القتال ، وعلي إنما قاتل الناس على طاعته ، لا على طاعة الله ) . ويقول : ( فمن قدح في معاوية بأنه كان باغياً ، قال له النواصب : وعلي أيضاً كان باغياً ظالماً قاتل المسلمين على إمارته وصال عليهم ) !!

وقال : فمن قتل النفوس على طاعته كان مريداً للعلو في الأرض والفساد ، وهذا حال فرعون والله تعالى يقول : تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين. فمن أراد العلو في الأرض والفساد لم يكن من أهل السعادة في الآخرة ، وليس هذا كقتال الصديق للمرتدين

ص: 492

ومانعي الزكاة ، فإن الصديق إنما قاتلهم على طاعة الله ورسوله ، لا على طاعته ، فإن الزكاة فرض ، فقاتلهم على الإقرار بها ، بخلاف من قاتل ليطاع هو ) !! ( أنظر منهاج السنة : 2/202 ، 205 ، 232، 233 ).

ويقول: ( من قال إن حرب علي كحرب الرسول ، فإن الحديث : حربك حربي وسلمك سلمي ، كذب ، ولو كان حربه كحرب الرسول ، والله تعالى قد تكفل بنصر رسوله كما في قوله : إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، وكما في قوله : ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ، لوجب أن يغلب محارب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن الأمر كذلك ، بل الخوارج لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم وكانوا من جنس المحاربين لله ورسوله انتصر عليهم ، فلوكانت محاربته كمحاربة الرسول لكان المنتصر في آخر الأمر هو ، ولم يكن الأمر كذلك ، بل كان آخر الأمر يطلب مسالمة معاوية ) . ( منهاج السنة 2/233 ).

لا أدري ما أقول تعليقاً على هذا الكلام ؟! وإني لأعلم أنه سيصدم به هؤلاء المقلدون بحق وبباطل ، وأنا على يقين أنهم لم يقرأوا مثله ، أو قرأوه بعين التسليم والرضى ، لا الناقد طالب الحق .. وهو كلام لا يليق بعلي رضي الله عنه ، وكل من قرأ التاريخ يعلم أن انتصاره على أصحاب الجمل مثل انتصاره على الخوارج ، وهكذا في صفين ، حتى أشرف معاوية رضي الله عنه ومن معه على الهلاك ، ثم قاموا برفع المصاحف ، بل إن ابن تيمية نفسه نقل وغيره ما تواتر من أن مناديه نادى : لاتتبعوا مدبراً ولا تجهزوا على جريح !!

ص: 493

10 - قال ابن تيمية رحمة الله : ( لا نسلم أن علياً كان أحفظ للكتاب والسنة وأعلم بهما من أبي بكر وعمر ، بل هما كانا أعلم بالكتاب والسنة ، منه ) . ( منهاج السنة : 3/270 ) .

وقال : ( ليس في الأئمة الأربعة ولا غيرهم من أئمة الفقهاء من يرجع إلى علي في فقهه ، أما مالك فإن علمه عن أهل المدينة ، وأهل المدينة لا يكادون يأخذون عن علي . . ويقول : وابن عباس كان مجتهداً مستقلاً وكان إذا أفتى بقول الصحابة أفتى بقول أبي بكر وعمر ، لا بقول علي ) . ( منهاج السنة : 4/142 ).

لن أعلق على هذه الفقرة بشئ أكثر مما يعرفه كل أحد أن قراءة عاصم المتداولة الآن في أغلب البقاع تنتهي إلى علي رضي الله عنه .

وقال ابن عطية في مقدمة تفسيره : فأما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ، ويتلوه عبد الله بن عباس ، وهو تجرد للأمر وكمله . بل روي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب .

قال القرطبي : ويتلوه عبد الله بن مسعود ، وأبي بن كعب ، وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص . ( أنظر التفسير 1/27 ) .

وأما فقهه ، فيكفي أن ترجع إلى مثل موسوعة الدكتور رواس (معجم فقه السلف) وتنظر فيها ، أو إلى فهارس مصنف عبد الرزاق ، وابن أبي شيبة ، ولذا عد رضي الله عنه من كبار أئمة الفتوى !

وأعظم من هذا وذاك ما اشتهر من قول عمر بن الخطاب : لولا علي لهلك عمر ، ومعضلة ولا أبا حسن لها .

وقال ابن عباس : إذا ثبت لنا عن علي قول ، لم نعده إلى غيره .

ص: 494

بل سئل عطاء : أكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، أحد أعلم من علي ، قال : لا والله ، ما أعلمه .

وفي مصنف عبد الرزاق أن رجلاً سأل عمر عن بعض النعام يصيبه المحرم ، فقال له عمر : أرأيت علياً إسأله ، فإنا أمرنا أن نشاوره !

وحتى لا أطيل يكفي أن تراجع الموسوعات الفقهية ، وانظر : طبقات الفقهاء : 42 ، وغالب الكتب التي ترجمت له .

11- قال ابن تيمية : ( لم ينازع قط أحد من المسلمين في إمامة عثمان وخلافته ، ولا تخاصم اثنان في أن غيره أحق بالإمامة منه ، وكذلك أبو بكر وعمر ) . ( منهاج السنة 3/217 ) .

وقال : ( ما اختلف أحد من الصحابة والتابعين في تفضيل أبي بكر وعمر وتقدمها على جميع الصحابة ) . ( منهاج السنة : 4/98 ) .

وهذه دعوى عجيبة منه رحمة الله !! كيف وبنو هاشم وجمع من الصحابة لم يبايعوا لأبي بكر أشهراً ؟!!

وهذا في البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت : إن فاطمة علیها السلام بنت النبي صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله الحديث .. وهو طويل وفيه : فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت ، وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها علي ليلاً ولم يؤذن بها أبو بكر ، وصلى عليها ، وكان لعلي من الناس وجه حياة فاطمة ، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس ، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع تلك الأشهر ! وهذا محل الشاهد .

( أنظر البخاري مع الفتح 7/493 ، ومسلم 1380 ، وتاريخ الطبري : 3/202 ).

ص: 495

وأين ابن تيمية رحمة الله من كلام أبي ذر الذي نقله، وقال عنه إنه موقوف عليه حيث خطب في المسجد النبوي أيام عثمان رضي الله عنه ، وأنب المسلمين على تركهم علياً وأهل البيت، وتكلم في تفضيلهم. ( أنظر نقله له 3/17 ، 4/107).

وأين هذا من كلام ابن عباس في الصحيحين وقوله : يوم الخميس وما يوم الخميس ؟! ثم بكى حتى بل دمعه الحصى ، وذلك ضمن حديث النبي صلى الله عليه وسلم وقوله : ائتوني أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي . ( البخاري - كتاب المرضى 7/219 ، ومسلم 1275 ) .

ومما يجهز على هذه الدعوى قول الإمام ابن حزم : ذهب بعض أهل السنة وبعض المعتزلة وبعض المرجئة وجميع الشيعة ، إلى أن أفضل الأمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب . وقال : روينا هذا القول نصاً عن بعض الصحابة ، وعن جماعة من التابعين والفقهاء . وقال : وروينا عن نحو عشرين من الصحابة أن أكرم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضي الله عنه .

مع أن ابن حزم من أشد العلماء على الرافضة والشيعة . ( أنظر كلامه : الفصل في الملل والنحل 4/111) .

ولكن أن تعجب أشد العجب .. حين يناقض ابن تيمية رحمة الله نفس الكلام السابق فيقول رداً على كلام ابن المطهر: علي بن أبي طالب كان أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول رداً عليه : إنها دعوى مجردة تنازع فيها جمهور المسلمين من الأولين والآخرين. ( منهاج السنة 2/119 ).

ماذا سيقول هؤلاء المتعصبون تجاه هذا كله .. لا شئ سوى الرمي بالتهم ، وإلحاقي بأقرب طائفة ضالة !! فهو حل مريح وسهل .. وقوي !! لا سيما مع كثرة

ص: 496

المباركين والداعين بالتأمين ... وهناك ملاحظات أخرى .. لم أشأ أن أطيل المقام بذكرها جميعاً ، وقد طال المقال جداً ..

وختاماً : حتى ... لا يستغل بعض البسطاء كلامي فيهفمونه على غير وجهه ، لا بد أن أنبه على الآتي :

1- أني لا أحب الخوض في هذه المواضيع ، ولا أدلّ على ذلك من تركي لها فترة طويلة مع تواجدي هنا من سنوات .. وحتى الآن كنت متردداً في طرحها حتى ألح علي بعض الأخوة ممن أعرف .. وقال إن لم تبين الحق الذي تعتقد انتشر الباطل وفرح هؤلاء الجهال الذين يظنون أنهم على شئ .

وسبب ترددي ليس من باب كتم الحق ، ولكن لأنه ليس كل ما يعلم يقال ، ولأن الاشتغال بالعلم والعمل والدعوة إلى الله ، وإصلاح الناس ، وتوحيد صف المسلمين أولى من الإغراق في مثل هذا .. وهذه المباحث ليست إلا للمتخصصين ، حيث ينبني على معرفة الحق فيها الكثير من المسائل لا سيما في أبواب الإمامة ، وهكذا الاعتقاد ، والحكم على الطوائف .

2- إني تألمت جداً لما وصفني به الواضح والذهبي وغيرهما من المتابعين لهما خاصة لمز الذهبي لي بالرفض .. وإني خصمه يوم يقوم الناس لرب العالمين.

3- إنه يوجد الكثير من طلاب العلم المنصفين والذين ولا شك يريدون الحق ، والحق أحب إليهم من قول كل فلان .. بخلاف أولئك المتعصبين من الطرفين السنة والشيعة ، الذين دأبهم التكفير والتفسيق والتبديع دون اتزان أو ترو ، وقد خالف هؤلاء حتى الإمام ابن تيمية الذي يقول : وليس كل من ترك كلامه لخطئه يكفر أو يفسق ، بل ولا يؤثم .

ص: 497

ولكن هذا شأن العامة أتباع كل ناعق !!

وكم أتذكر في هذا المقام ما فعله عوام الحنابلة بابن جرير ورميهم إياه بالحجارة ، بل منعهم دفنه ، واتهامه بالإلحاد ، وكان الوزير علي بن عيسى يقول : والله لو سئل هؤلاء عن معنى الإلحاد ما عرفوه . وهذا شأن جميع الطوائف . ولنا في ما فعل بالإمام ابن تيمية رحمه من سجن واتهامات لم تكن كلها حقاً ، ولكنه التعصب والاعتداد بالرأي فحسب .

4- أني والحمد لله ، لست كما يزعم هؤلاء بل أعرف للصحابة قدرهم ، وأثبت خلافة الصديق والفاروق وذي النورين وأبي الحسنين ، وهم من أجلاء الصحابة رضي الله عنهم والسابقين ، وممن بشرهم النبي صلى الله وسلم بالجنة.. وأرى ضرورة معرفة قدرهم وفضلهم .. وهكذا جميع الصحابة .. ولكنهم بشر ليسوا معصومين والحجة في الكتاب والسنة ، ولاشك أن قرنهم من خير القرون بنص النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنكر على الشيعة الإمامية ضلالهم في هذه المسائل.. وليس أدل على ذلك من المقال الذي كتبته في (هجر) والذي لم يشر إليه أحد منكم بخير أبداً .. وهذا الجحد بعينه للأسف .

وإني ختاماً .. وأقولها ثانية .. لن ألج غمار هذه المسألة هاهنا ثانية في ساحات الحوار ، للبلبلة التي حدثت وللسب والشتم الذي تعرضت له ، للأسف .. ومن أراد النقاش أو الحوار فبيني وبينه البريد .. ولن ألتفت إلى الشتم والسب والاتهام مهما كان ، لأن الأمر آل إلى الخصومة ومضيعة الوقت والانتصار للنفس . . وإني أكل نفسي والجميع إلى الله تعالى ، والله الموعد وهو حسبي ونعم الوكيل .

وكم من عائب قولاً صحيحاً وآفته من الفهم السقيم

- وقد عقب ( الغريب ) في شبكة هجر على بحث (سيف التوحيد) بقوله:

ص: 498

الشيخ الكريم سيف التوحيد ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

أسأل العظيم أن يدلني وإياك وجميع المسلمين طريق الرشاد .

ماذا أقول ، وهل تركت لمريد الحق مقالاً . أوافقك على ماذكرت مئة بالمئة ، وأنا ولله الحمد من أهل السنة ، بل ممن ثنى الركب في حلق العلم سنوات طوالاً ، ولست أقول هذا رياءً ولا سمعةً ، ولكنني أفعله حتى يعلم من لم يكن يعلم أننا لا نتحدث بجهل ، ولا نسكت على مثله ، ولكننا نتحدث بعلم ، ونسكت بحلم ، ونذكر هذا اقتداء بسعد بن أبي وقاص عندما رماه سلف هؤلاء بالجهل .

إن بعض جهالنا للأسف يأبى إلا أن تقشر له العصا ، وإلا فما معنى أن يحذف كلامك من تلك الشبكة ، أو ذلك المنخل ؟! نعم شبكة لا تصيد ومنخل لا يمسك شيئاً !!

عندي رد طويل على ما افتراه كل من الواضح المقلِد والذهبي المقلَد ، وكلاهما قد زل وأتى بالخطل والهجر من القول ، ومالهما في العلم من نصيب إلا كنصيب يزيد من الفضل .

والعجب لا ينقضي ممن يترضى عن يزيد !! فمن سلف هذا ؟؟ أتحداه أن يذكر لي أحد الصحابة ترضّى عن يزيد ، بل أحد التابعين ، أم أن هذا الأمر لا يشترط فيه السلف ؟؟

اللهم إني أعوذ بك ، وأبرأ إليك من الجهل والهوى . فو الله لو كان هؤلاء يريدون حقاً لما حذفوا موضوعك في سحاب ، ولما حذفوا أي موضوع يدافع عنك !! فو الله لو كان ما هم عليه حق ، ولو كان عندهم أثارة من علم ، لما

ص: 499

حذفوا موضوعك ، بل لتركوه وردوا عليه . ولكنها والله لجلجة الباطل وليس انبلاج الحق . أيدك الله يا سيفنا الغالي ، ولكن . . لماذا آخر رد ؟؟

إن كان على مثل هؤلاء الذين لا يحسنون سوى : لعنك الله ، أو آمين ، فإنهم والجهل يعمي، ولكي يدافعون عن معاوية رضي الله عنه بل وابنه الملعون يزيد ، حتى يدافعون عنهما يقعون في ذم علي رضي الله عنه ، ويقعون في ابنه السبط ريحانة أهل الجنة الحسين رضي الله عنه .

فأي حق في هذا؟؟ ألا قاتل الله التعصب والهوى . إن الجهل ظلام والحق نور ، فلا غرو أن يخاف الظلام من النور ، لأن النور يفضحه ويبين عواره .

لقد حاولت أن أكون مهذباً قدر المستطاع ، فليعذرني من قرأ كلمة رأى أنها كانت شديدة ، فإنما كتبتها لأنني رأيت الظلم والجهل والهوى . ولمثل من رأى ذلك العذر .

اللهم اهدنا لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم . انتهى .

ص: 500

السلفيون النواصب يعيدون اشتراك سيف التوحيد في شبكة سحاب !

يظهر أنهم واجهوا انتقادات من داخلهم ..فأعادوا لسيف التوحيد اشتراكه في شبكة سحاب .. لكن لم أرَ له مشاركة فيها إلا في موضوع للمدعو (القيم السلفي ) وهو مسؤول منبر الحوار والمناقشات في الشبكة ، وقد كتب انتقاداً لأفكار الشيخ حسن بن فرحان المالكي ، الذي هو باحث من الرياض ، معتدل جرئ ، انتقد فكر ابن تيمية وتعصبه للأمويين ، وله كتاب ( نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي ) وهو نقد لعشر رسائل جامعية في جامعات السعودية انتقص مؤلفوها من مقام علي وأهل البيت علیهم السلام ، وتحيزوا لبني أمية تعصباً بالهوى والباطل !! وله كتاب ( النصب والنواصب في القرن الثاني والثالث ) وقد منعوا طباعته في السعودية .

فقد انتقده ( القيم السلفي ) فكتب ( سيف التوحيد ) مداخلةً في موضوعه يرد عليه ويدافع عن الدكتور حسن الفرحان ، وطلب منه أن يناقشه مناقشةً موضوعية هادئة في بني أمية ، وقال له : إني لا أريد أن أدافع عن حسن المالكي ، ولكني رأيتكم تؤصلون للنصب ، فوجب عليَّ أن أناقشكم ...

ولكن القيم السلفي وغيره من مشايخ شبكة سحاب ، خافوا من مناقشة (سيف التوحيد) .. ولم يستجيبوا لطلبه المناقشة !!!

ص: 501

- على أثر ذلك كتب العاملي في الموسوعة الشيعية بتاريخ11-7-2000 الرابعة عصراً، موضوعاً بعنوان ( علماء النواصب . . إذا جدَّ الجد يفرون كالثعالب ! ! ) قال فيه :

المدعو ( الذهبي ) هو عند النواصب عالم في الحديث و ( آية الله العظمى ) في التاريخ والحديث ! ! وله في سحاب مواضيع عديدة ضد الشيعة وأهل البيت علیهم السلام ، ومدح فيها إمام الكفر أبا سفيان وزوجته آكلة الأكباد، وأولادهم النواصب معاوية ويزيد وبقية بني أمية ، ودافع عنهم دفاع الموالي المستميت ! وقد رد عليه أحد أبرز علمائهم (سيف التوحيد) ، ويظهر أن سيف التوحيد أستاذه وأستاذ الكثير من كتاب شبكة سحاب .. ومع ذلك حذفوا مقاله ومنعوا اشتراكه .. ثم أعادوا اشتراكه بعد مدة .

والآن طلب سيف التوحيد من الذهبي المناظرة العلمية الهادئة ، لإثبات مظلومية أهل البيت علیهم السلام ، فلم يجبه الذهبي الى الآن.. إقرؤوا الموضوع التالي في سحاب : http://www.sahab.net:81/manaber/showflat

الحمد لله .. ما زال المدافع عن النبي وآله الطاهرين مؤيداً بالروح القدس .

- وكتب رحمة العاملي ، بتاريخ 12-7-2000 ، الثانية صباحاً :

سبحان الله .. على علمي أن الأسد الذهبي كان يزمجر , مع الدعاء له بعدم شل اليمين . فما الذي حصل ليمينه ولسانه ؟!

- وكتب (عدو الزنادقة) بتاريخ 13-7-2000 ، الثانية عشرة والثلث صباحاًَ:

سألناك عن النواصب من قبل يا عاملي ففررت وميعت الإجابة .

ص: 502

بدأنا وإياك هذا الموضوع في شبكة هجر ففررت عندما ضاقت بك السبل بل وصل الأمر أن حذف الموضوع ثم أرجع :

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/002254.html

ولا زلتم تتهربون هنا وهناك وفي سبلة العرب ، من الإجابة على سؤالي الرابع عن العبادات التي يقدمها المشركون لأصنامهم .

http://www.shialink.net/muntada/Forum2/HTML/004491.html

فمن هو الذي يفر يا عاملي ؟ ولا أظن الأستاذ الذهبي بعاجز عن إقناع الأستاذ سيف التوحيد بهذا الموضوع ، إن شاء الله .

- وكتب الفاطمي ، بتاريخ 13-7-2000 ، الواحدة صباحاً : ... ولا تنسى يا أستاذ عبد الجبار :

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/002232.html

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/002256.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000610.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000370.html

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/001915.html

http://shialink.net/muntada/Forum2/HTML/002026.html

ولا تنسى هذا العرض المغري ... رد واحد منك ، و3 ردود مني .. فهل أنت فاعل ؟! http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/002283.html

أم تراوغ كعادتك ؟؟ ومساك الله بالخير .

الرابط الأول : لموضوع الرد على أستاذك في دفاعه عن حبيبك معاوية والذي تتهرب من الرد عليه والى الآن لم نر ردك ...

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/002232.html

وهذا الرابط يكشف افتراءات أستاذك العظيم ( الذهبي ) على بضعة المصطفى . . فاطمة الزهراء سلام الله عليها وعلى أبيها ، وكفئها علي علیه السلام :

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/002256.html

وإلى الآن لم ترد أنت أو غيرك أو أستاذك في الإفتراء على آل محمد على هذا الموضوع! فكيف يستطيع إقناع الأخ سيف التوحيد وهو يفتري في قوله؟

ص: 503

وهل تستطيع حل هذه المشكلة بالحقائق . . . أم تقتدي بأستاذك وتحلها بافتراءات جديدة تنقلها منه . ومساك الله بالخير .

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء .

- وكتب العاملي بتاريخ 13-7-2000 ، الثانية والنصف صباحاً :

شكراً للأخ العزيز الفاطمي .

الأخ مشارك : يوجد ثلاثة أشخاص ، تراهم دائماً لهم الحق ! ودائماً يطالبون الناس بحقهم المزعوم : النواصب ، وأمريكا ، وأنت !! فكأنهم لا يسألون عن شئ ، وهم يَسألون !! ولا يلتزمون بشئ وهم يُلزِمون غيرهم !! وعلى الجميع أن يطيعوهم ، ويخدموهم ، ويجيبوا على أسئلتهم !! ويجب أن يكون جوابهم بالشكل الذي يعجب حضراتهم غير المقدسة !!!

لكن مع كل هذا الحق لحضرتك علينا ، نرجو أن تجيبنا عن هذا السؤال :

عرف لنا الناصبي الذي حكم عليه الاسلام بالنفاق . والموالي الذي حكم عليه بالإيمان . أما عن ذهبيّك الحطاب المزور ، فشجعه على مناظرة أستاذه العالم سيف التوحيد . لكي يظهر مدى علمه وصدقه وإيمانه !!

- فكتب الفاطمي ، بتاريخ 13-7-2000 ، الثامنة مساءً :

الأخ الفاضل والعزيز العاملي .. السلام عليكم .

قلت : فشجعه على مناظرة أستاذه العالم سيف التوحيد ، لكي يظهر مدى علمه وصدقه وإيمانه !!

ص: 504

أقول : الله يعزك ويخليك أخي الفاضل .. تقول ( صدقه ) و( إيمانه ) !! وهل صدقه.. بافترائه على أمير المؤمنين علي علیه السلام بأنه أغضب الزهراء علیها السلام ؟ ألم تركيف أورد نصف الرواية ولم يذكر البقية منها لكي يثبت أكذوبته تلك؟

http://www.hajr.com/hajrhtml/Forum1/HTML/002256.html

وأي إيمان يا عزيزي .. وهل الكاذب إلا منافق بنص من خير خلق الله صلی الله علیه و آله ؟ وهل المنافق إلا في الدرك السفل من النار ؟ !

و الله يعزك يا شيخنا العزيز.. هذا المنافق عنده إيمان ؟ إيمان بماذا ؟ أهاااا تذكرت ... عنده إيمان قوي.. بالإفتراء على سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء سلام الله عليها وعلى أبيها ، وعلى مولانا أمير المؤمنين علیه السلام .

و الأدهى افتراؤه على خير خلق الله صلی الله علیه و آله وتحويره لأحاديثه الشريفة المباركة ! ومن أين تخجل وجوه أموية ؟! والسلام عليكم .

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء .

-وكتب (عدو الزنادقة) في 15-7-2000 الثانية عشرة والثلث صباحاً:

كالعادة افتراءات واتهامات بالجملة من الرافضي الفاطمي !

ماذا نقول ؟ ( رافضي وبس ) !!

- فأجاب الفاطمي ، بتاريخ 15-7-2000 ، الواحدة صباحاً :

هذه حيلة عاجز يا أستاد عبد الجبار . الله يشافيك من كل شر . . . وخصوصاً شر الإفتراء على آل محمد صلی الله علیه و آله ، وعيب الإفتراء على الزهراء والصحابي علي علیهما السلام ، إلا أن تكونوا قد استثنيتموهم من الصحبة لكي تفتروا عليهم .. ولا تعدون الإفتراء عليهما عيباً وذنباً . وسلم على أستاذك بالإفتراء والخبير في التدليس والتلبيس .

ص: 505

وهل لك أن ترد على الروابط أعلاه لكي تثبت أنها إفتراءات ؟!

يمكن ترد لكن . . . عندما " تحج البقر على قرونها " .

ومساك الله بالخير . السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء .

- وكتب العاملي ، بتاريخ 22-7-2000 ، الرابعة عصراً :

مازال الذهبي هارباً .. ولم يقبل دعوة أستاذه سيف التوحيد !!!

- وكتب الفاطمي بتاريخ 23-7-2000 الواحدة إلا ربعاً صباحاً :

لا تستغرب يا عزيزي العاملي .

فالهرب لهم عادة .. وكرامتهم من الله النحاشة !! والسلام عليكم .

تم المجلد الثامن من كتاب

الإنتصار - أهم مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

ويليه المجلد التاسع وموضوعه :

دفاعاً عن مراسم عاشوراء وقداسة كربلاء وتربتها

ص: 506

فهرس الجزء الثامن من كتاب الانتصار

مقدمة....................................................................................................3

القسم الأول

دفاعاً عن الإمام الحسن علیه السلام

الفصل الأول : تبريكات وتهانٍ في مولد الإمام الحسن علیه السلام .......................... 7

الفصل الثاني : جريمة سم الإمام الحسن علیه السلام ............................................. 17

الفصل الثالث : صلح الإمام الحسن علیه السلام لا يعطي الشرعية لمعاوية .............. 43

الفصل الرابع : موضوعات متفرقة حول الإمام الحسن علیه السلام ..................... 143

لماذا تحبون الحسين أكثر من الحسن ؟!...................................................... 145

محاولة أحد النواصب أن يسخر بالإمام الحسن علیه السلام ! ............................. 146

أصل تسمية أهل السنة والجماعة................................................................ 155

النواصب يمدحون من الإمام الحسن علیه السلام صلحه مع معاوية فقط !!.......... 156

الفصل الخامس : شخصية معاوية وشجرته الملعونة...................................... 161

الملعونون على لسان النبي صلی الله علیه و آله ............................................................... 177

ص: 507

من قائمة الملعونين في الكتاب والسنة........................................................ 179

الشجرة الملعونة في القرآن ، وابن العاص ؟!!................................................. 182

القسم الثاني

دفاعاً عن الإمام الحسين علیه السلام

الفصل الأول : شعاع من سيرة الإمام الحسين علیه السلام ................................ 249

سيد شباب أهل الجنة................................................................................ 251

استهزاؤهم بحديث النبي صلی الله علیه و آله في فضل الحسين علیه السلام ................................. 253

الفصل الثاني : النواصب يفرحون يوم عاشوراء !!! ........................................ 277

الفصل الثالث : موقع غريب ضد الشيعة....................................................... 293

الفصل الرابع : النواصب يتشبثون بالطحالب ! ............................................... 307

الفصل الخامس : حب النواصب ليزيد وبني أمية !! ....................................... 333

جمعية الدفاع عن يزيد !! .......................................................................... 391

النواصب يزعمون أن يزيداً من أهل الجنة !! ...........................................400

الفصل السادس : الشبكات الوهابية المتعصبة في أيام عاشوراء ! .................... 425

بقية الموضوع من شبكة سحاب.................................................................. 434

لكل قوم نجيبة .. ونجيبة علماء الوهابيين سيف التوحيد............................... .468

موضوع سيف التوحيد الذي حذفوه !.......................................................... 477

السلفيون النواصب يعيدون اشتراك سيف التوحيد في شبكة سحاب !............ 501

ص: 508

المجلد 9

هویة الکتاب

بطاقة تعريف:الكوراني العاملي، علي، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان واسم المؤلف:الانتصار : اهم مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت/ بقلم علي الكوراني العاملي.

تفاصيل المنشور:بيروت: دارالسيرة، 2000م- = 1421ق- = [1379]-

مظهر:ج.

حالة الاستماع:الفهرسة الوصفية

لسان:العربية.

ملحوظة:ج.3، ج6 (چاپ اول: 2000م= 1421ق= 1379).

ملحوظة:ج.2(چاپ اول:2000م.=1379).

ملحوظة:المجلد الثاني ، نشرته دار القرآن الكريم.

ملحوظة:لقب روي المجلد: الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

ملحوظة:فهرس.

مندرجات:ج.1. بحوث تمهيدية: قصة الشيعة في شبكات الحوار- بحوث في المنهج.-ج.2.مناظرات في التوحيد و مسائل صفات الله عز و جل ج.3. رد اتهامهم للشيعة بأنهم يقولون بتحريف القرآن.- ج.6. دفاعا عن امير المومنين علي عليه السلام.-

العنوان على الغلاف:الانتصار: مناظرات الشيعه في شبكات الانترنت.

رقم الببليوغرافيا الوطنية:1916453

ص: 1

اشارة

الإنتصار

أهم مناظرات الشيعة في شبكات الإنترنت

بقلم: العاملي

المجلد التاسع

دفاعاً عن مراسم عاشوراء وقداسة كربلاء والتربة الحسينية

ص: 2

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأتم السلام

على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين،

وبعد،

فهذه بعض انعكاسات عاشوراء في شبكة الإنترنت لشهر محرم الحرام من سنة 1421 هجرية، وبعضها لسنة 1422 ه-، وهي صورة لحب الشيعة في العالم وولائهم لأهل بيت النبوة الطاهرين خاصة الإمام الحسين علیه السلام ، ومعهم أتباع المذاهب السنية الأخرى غير النواصب .

وهي صورة أيضاً لتفكير النواصب وتعصبهم لأئمتهم بني أمية، وحساسيتهم المفرطة من أهل البيت علیهم السلام ، وكرههم لمن أحبهم وتشيع لهم وأحيا ذكرهم !

ص: 3

وقد تضمنت أهم المناقشات التي جرت حول مراسم عاشوراء، مع وهابيين وسنيين، ومع شيعة ينتقدون بعض هذه المراسم، ويعملون لمنعها !

ص: 4

الفصل الأول: منصفون ومحبون للإمام الحسين علیه السلام من السنة

اشارة

ص: 5

ص: 6

رثاء مثقف نجدي . . للإمام الحسين علیه السلام

- كتب (صلاح الصالح) وهو وهابي من القصيم لكنه مثقف، في شبكة هجر، بتاريخ 5-4-2001، التاسعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (رحم الله أبا عبد الله الحسين ..)، قال فيه:

قبل أكثر من عقد . . قرأت في كتاب البداية والنهاية لابن كثير رحمة الله مأساة سبط رسول الله "صلى الله وعلى آله وسلم . . ذلك الذي رسم بدمه الطاهر لوحةً من العزة والكرامة . . لوحةً رمزية رائعة خلدت تعلم الأمة أن طريق العدل والكرامة الذي بدأه جده عليه الصلاة والسلام ليس مفروشاً بالورود .. لوحةً أثبتت كم انحطت الأمة في أقل من خمسين عاماً إلى درك الطغيان والظلم .. !!

لا زلت أذكر تلك الليلة الحزينة وأنا أتصور حفيد الرسول الأكرم يمنع من الماء ! ويقتل أبناءه في حجره وأمام ناظريه !! وأستغرب كيف حوت هذه الأمة أمثال هؤلاء المتوحشين ؟! وكيف سكتت على هذا الظلم الصارخ، وكيف جاملت الطغاة على حساب المظلومين البررة الأحرار ؟ !

ص: 7

أصدقكم القول بَكَيْتُ .. كأنما المأساة حدثت ذلك اليوم فقط، وعدتُ لنفسي أسائلها .. إذا كان قلبي يحترق أسى ولوعة بعد 1400 سنة، فكيف بمن قتل وظلم وتجبر وسكت ؟! هل قدت قلوبهم من الصخر ! (وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار) . .

وتتوالى المآسي لتستباح مدينة الرسول صلی الله علیه و آله ! وتغتصب بنات المهاجرين والأنصار في بربرية متوحشة، ترفعت عنها أخلاق عرب الجاهلية عباد الأوثان !! وتستمر تلك السنوات العجاف.. لنرى ابن عمة رسول الله صلى الله وعليه وسلم تهدم الكعبة المشرفة فوق رأسه، ويصلب في همجية صارخة، وطغيان عجيب وصمت مطبق ..!

لكن عجبي يطول .. ممن يبرر ويلوي عنق التاريخ ! ويحاول الإلتفاف على الحقائق ليكرس الظلم والطغيان، الذي خط خطه الأسود البهيم مذ تلك المآسي إلى يومنا هذا !!

ورحم الله الإمام أحمد بن حنبل حين يقول: وهل يحب يزيد مؤمن ؟!!

وللجميع أحر التعازي على أمة نحتت بيديها أصنام ورموز الطغيان .

(إنه لا قدست أمة لا يأخذ الضعيف فيها حقه غير متعتع) .

(إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب) .

(ياعبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا).

-وكتبت (الهاشمية) بتاريخ 5- 4-2001، الثانية عشرة ظهراً:

ما أروع ماخطت يمينك أخي الكريم .. فعلاً القلوب تحترق حزناً وكمداً . . وإنها لفجيعة تاريخية لابد من إحيائها لتكون رمزاً للرفض . . رفض الظلم . .

ص: 8

رفض الإستبداد .. رفض الخنوع للظلمة مهما زاد بطشهم .. لتكون رمزاً للحرية .. الحرية التي تستحق التضحية .. بالأبناء .. وأهل البيت .. والنفس .

إنها دماء الحسين التي تضخ القيم والمفاهيم في شرايين الأمة . . فتحيلها إلى مشاعل للحق . ولا غرو أن تتجدد الذكرى عاماً بعد عام.. فعلى قدر التضحية يأتي الخلود .. وعلى قدر الهمم تبقى الأمجاد.. فلا يوم كيومك أبا عبد الله .. ولا فاجعة كفاجعتك سيدي ومولاي .. ولا واعية كواعيتك يا قرة عين الرسول وريحانة المصطفى.. واعية تطن أحرفها في جنبات التاريخ.. عبر الأزمنة .. لتقض مضجع الظالمين والمتجبرين في كل بقعة من بقاع العالم: ألا من ناصر ينصرنا؟!

فإن لم يكن لكم دين ولا تخافون المعاد، فكونوا أحراراً في دنياكم !

صيحة حرية عالمية لا تختص بأحد دون أحد . . إنها لنا جميعاً . . فلنجب ابن الزهراء في كل حين .. ولنكن أحراراً في دنيانا . .

ألف شكر لك أخي صلاح . . ودمت لنا ولهجر .

من لم يشكر الناس لم يشكر الله .

- وكتب (موسى العلي) في 5-4-2001، الثانية عشرة والثلث ظهراً:

إطلالة حسينية في ذكرى استشهاد الحسين . .

الأخ العزيز صلاح الصالح، وعليك السلام .

افتقدناك سابقاً وانتظرناك كثيراً، وهاهي طلتك الحسينية في ذكرى استشهاد أبي عبدالله الحسين علیه السلام، لتسطر لنا قراءتك المنصفة والوجدانية للتاريخ الإسلامي عندما تحكي لنا هذه الكتب عن قصة قتل الحسين بن علي علیه السلام ، ومافعله يزيد في واقعة الحرة وقيامه بهدم الكعبة !! وكلها تمت في عهده !! والبعض يبرر فعلته ويدافع عن خلافته !!

ص: 9

وأما كتابتك هنا . . فالوجدان الإنساني والانصاف الإسلامي هو الذي تحدث عن مظلومية أبي عبد الله الحسين علیه السلام .

مع تحيات: المشرف العام .

- وكتب (رهف) بتاريخ 5-4–2001، الواحدة ظهراً:

اللهم ارحمنا . . السلام عليكم . . مأجورين . . عظم الله أجر الزهراء .

عزيزي صلاح الصالح.. أعترض بشدة على: رحم أبا عبد الله الحسين . . فنحن نقول إرحمنا وارحم أبوينا وارحم المؤمنين والمؤمنات . . لأننا بحاجة إلى رحمة الله رب العالمين .. أما أبا عبدالله الحسين . . فيشفع لنا عند الله كي يرحمنا، ويجعل خواتيمنا خيراً . .

لله درك أبا عبدالله الحسين .. من مظلوميته انتصر.. من استشهاده بقي ذكره أبد الدهر . . بكاءنا عليه يزيدنا شرفاً .. في كل عام تتجد المصيبة.. كأنها وقعت اليوم . تحياتي .

- وكتب (ملك الظلام) بتاريخ 5-4-2001، الرابعة والنصف مساءً:

أتعلم . . . يا عبد الله . . . ما هو أعظم من هذا وذاك ؟

الأعظم . . . يا صاحب الدمعة . . . هو تعظيم بعض المساليل من الحمقى والمغفلين لشمر وحرملة ... والترحم عليهما وعلى أضرابهما !!

نعم . . . المهزلة تتمثل أمام أعيننا ولا نمتلك سوى ما تجود به العين من دموع علها تغسل ما في القلوب من حسرة ... ثم ما تسطره أقلام المخلصين .

السلام على الحسين . . . وعلى أولاد الحسين . . . وعلى أصحاب الحسين . . .

حُفر اسمك على صفحة الفؤاد، من دون اختيار .

ص: 10

- وكتب (أبومهدي) بتاريخ 5-4-2001، الخامسة مساءً:

أحسن الله عزاء المسلمين جميعاً وأخي الفاضل صلاح بسيد شباب أهل الجنة الذي قتل دون الدين والعزة والشرف .

ولقد افتقدتك أخي الكريم فعسى المانع خيراً.. مع تحيتي .

- قال العاملي: يقصد الكاتب ب- (المساليل) جماعة السلفي المتعصب المسمى الصارم المسلول، صاحب شبكة (أنا المسلم)، التي تتبنى التنقيص من مقام أهل البيته علیهم السلام ! والدفاع عن بني أمية حتى يزيد !

سيد أهل مصر . . سيدنا الحسين

- كتب (الدكتور مالك الحزين) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 3-4-2001، الثالثة صباحاً موضوعاً بعنوان (سيدنا)، قال فيه:

إنه لمركز صميم البؤرة، والمنطلق الى الجهات الأربع، أصلية وفرعية في القاهرة أو غيرها من مدن مصرية .. تلك منزلة مسجد وضريح سيدنا الحسين رضي الله عنه عند المصريين قاطبة .

إذا ما قيل على مسمع من القوم: سيدنا.. فهذا يعني الحسين . وإذا ما قيل مولانا . . فهذا يعني الحسين . وإذا ما قيل: الحسين . . فهذا يعني كثيراً . . يعني الإستشهاد من أجل الحق، وإقرار العدل، وافتداء الجمع بحياة الفرد، لكي يتحول الوجود المادي إلى معنوي ممتد، فلا زمن يحده، ولا مكان يقيده . .

وقد شاء لي حظي أن أقيم سنوات على مقربة من مسجده، الذي يحوي ضريحاً يضم رأسه الشريف، فارتبطت حواسي كلها به، بمعالمه ونقوشه ومعماره، وما ينبعث من أرجائه .. ذلك العطر الخفي، والظلال الهادئة، وطوابير

ص: 11

الساعين إلى الصلاة في رحابه وزيارة مرقد الرأس الشريف، لا ينقطعون ليلاً أو نهاراً، يسعون إليه من القرى النائية، والواحات المعزولة في الصحراء، والمدن القريبة والبعيدة، تنتظم حوله الحياة في أجمل مشاهدها، يفيض المكان بالطمأنينة، بالسكينة، بالرضا.

منذ صدر شبابي كنت أتطلع إلى الآية الكريمة: قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .. مكتوبة بخط جميل، حروف خضراء على خلفية من اللون البني، ومحفورة في الجدران، أقرأها فأرق، وأرددها فأستكين، وقد صاحبتني طوال مراحل عمري، ومع بلوغ العمر نقطة متقدمة أستعيدها .. فأحن وأفهم، وأسترجع مغزى ودلالات استشهاد: سيدنا .. و .. مولانا .

إذا ما قيل: الحسين.. فهذا يعني مكاناً أيضاً ..

تُعرف مناطق القاهرة القديمة بمراقد آل البيت .. السيدة زينب، السيدة نفيسة، السيد عائشة، سيدي زين العابدين . المركز هو: الحسين . إنه المركز الروحي لمصر كلها وليس القاهرة فقط .. بل في العالم الإسلامي كله . وانظر لما يقوله المقريزي في موسوعة المواعظ والإعتبار بذكر الخطط والآثار، ما نصه: (قال الفاضل محمد بن علي بن يوسف بن ميسر: وفي شعبان سنة إحدى وتسعين وأربعمائة خرج الأفضل ابن أمير الجيوش بعساكر جمة إلى بيت المقدس وبه (سكان)، والغازي (أرفق) في جماعة من أقاربهما ورجالهما وعساكر كثيرة من الأتراك، فراسلهماالأفضل يلتمس منهما تسليم القدس إليه بغير حرب فلم يجيباه لذلك، فقاتل البلد ونصب عليها المنجنيق، وهدم منها جانباً، فلم يجدا بداً من الإذعان له وسلماها إليه، فخلع عليهما وأطلقهما، وعاد في عساكره، وقد ملك القدس فدخل عسقلان وكان بها مكان دارس فيه رأس الحسين بن علي بن أبي

ص: 12

طالب رضي الله عنهما فأخرجه .. وعطره وحمله في سفط إلى أجلِّ دارٍ بها، وعمر المشهد، فلما تكامل حمل الأفضل الرأس الشريف على صدره وسعى به ماشياً إلى أن أحله في مقره . وقيل إن المشهد بعسقلان بناه أمير الجيوش بدر الجمالي وكمله ابنه الأفضل . . وكان حمل الرأس إلى القاهرة من عسقلان ووصوله إليها في يوم الأحد ثامن جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وكان الذي وصل بالرأس من عسقلان الأمير سيف المملكة تميم واليها، والقاضي المؤتمن.. ويذكر أن هذا الرأس الشريف لما أخرج من المشهد بعسقلان، وجد دمه لم يجف، وله كريح المسك، فقدم به الأستاذ مكنون في عشاري من عشاريات الخدمة وأنزل به إلى الكافوري، ثم حمل في السرداب إلى قصر الزمرد، ثم دفنه عند قبة باب الديلم بباب دهليز الخدمة، فكان كل من يدخل الخدمة يقبل الأرض أمام القبر، وكانوا ينحرون في يوم عاشوراء عند القبر الإبل والبقر والغنم .

هذا ما ذكره المقريزي في خططه الشهيرة . . وللحديث بقية . .

- وكتب (موسى العلي) بتاريخ 3-4-2001، الثالثة والربع صباحاً:

شكراً دكتورنا العزيز . .

كتابة أدبية مميزة كالعادة عن الإمام الحسين علیه السلام ، وقد انتظرناها بفارغ الصبر، وحقه عليك أنت بالخصوص كبير يادكتور .. فأنت كما تقول عشت أجواء مسجده في القاهرة، لذا ينبغي عليك أن تعكس أجواء العبق الحسيني .. عموماً، اختيار موفق، ونرجو مواصلة حديثك عن سيدنا الحسين علیه السلام مع تحيات: المشرف العام

- وكتب (أخوكم) بتاريخ 3-4-2001، الرابعة مساءً:

ص: 13

بارك الله فيك يا بوخالد ..

هنيئاً لك وللمصريين بحب الحسين وأهل البيت علیهم السلام ، والذي بلا شك هو جزء من حب الحبيب المصطفى صلی الله علیه و آله . كيف لا وهو الذي قال عليه وآله الصلاة والسلام: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً. رواه الترمذي . اللهم اجعلنا وإياكم ممن يحبهم الله ويرضى عنهم . تحياتي .

- فكتب (مالك الحزين) بتاريخ 3-4-2001، التاسعة مساءً:

وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطانا نصيراً .

مسيرة الركب الحسيني . . هاجسٌ مبهم ظل يساورني كلما استرجعت مسيرة الركب الحسيني، أول مقدمه الكوفة ولقاء عسكر أميرها ابن زياد، إلى الأمسية الأخيرة قبل فاجعة كربلاء . . ذلك أنه ما من رجل شارك في إثم كربلاء إلا مكرهاً، أو أعان عليه إلا تمنى أن لو أعفي منه وجهر بذلك إلى أمير الكوفة ملحاً في أن يعفيه من الخروج إلى الحسين، وأن يستبدل به سواه، وقد ارتشى الأشراف منهم ومضى الآخرون قلوبهم مع الحسين وسيوفهم عليه .. تطّرد هذه الظاهرة من مدخل الحسين إلى الكوفة حتى الليلة الأخيرة لمأساة كربلاء .

في مدخل الكوفة . . وقد شارف الركب أطراف الكوفة في منتصف النهار من سنة إحدى وستين، كبَّر رجلٌ من أصحاب الإمام، إذ لاح له ما وهمه نخلاً، وما كان سوى هوادي الخيل وأسنة الرماح لكبير شرطة ابن زياد، وإذا هم ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي، اصطفوا لاستقبال الحسين وأصحابه في حر الظهيرة، فأمر الحسين مؤذنه لإقامة الصلاة واجتمع إليه أصحابه حتى صلى بهم العصر، ثم واجه جند الكوفة فذكرهم بما جاءه من كتب الكوفة . . .

ص: 14

- قال العاملي: اختصرنا ماكتبه الدكتور مالك الحزين مما جرى للإمام الحسين علیه السلام مع الحر بن يزيد الرياحي .

- ثم كتب (مالك الحزين) بتاريخ 3-4-2001، العاشرة والربع مساءً:

لقد جئتم شيئاً إداً .

تكاد السموات يتفطرن منه، وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً. مريم 89 - 90

جاز الركب ساحة المعركة في الطف حيث الأشلاء مبعثرة في الدماء. فيروي الطبري بإسناده عن قرة بن قيس التميمي قال: فما نسيت من الأشياء لا أنسى قول زينب ابنة فاطمة حين مرت بأخيها الحسين صريعاً:

يا محمداه يا محمداه، صلتْ عليك ملائكة السماء .. هذا الحسين بالعراء مزملٌ بالدماء، مقطع الأعضاء ! يا محمداه ! هذه بناتك سبايا وذريتك مقتلة تسفي عليها الصبا . قال قرة: فأبكت كل عدو وصديق .

ودخل الموكب الكوفة.. ووقفت الجموع محتشدة تشهد نساء البيت النبوي في طريقهن إلى عبيد الله بن زياد بن سمية، وقد لبست العقيلة أرذل ثيابها وتنكرت، ثم أرسلت بصرها بعيداً حيث جثث الشهداء من أهلها ممزقة مبعثرة بالعراء .. حتى استقرت عيناها أخيراً على أولئك الباكين فأشارت إليهم أن اسكتوا فطأطأوا رؤوسهم خزياً وندماً، على حين مضت تقول:

أما بعد يا أهل الكوفة.. أتبكون ؟! فلا سكنت العبرة ولا هدأت الرنة !

إنما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً، تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم، ألا ساء ما تزرون . . . (الطبري 265/6) .

ص: 15

- قال العاملي: أورد الكاتب المصري خطبة الحوراء زينب في أهل الكوفة، وكلامها مع ابن زياد عندما أدخلوا عليه السبايا ورؤوس الشهداء ..

- وكتب (مكي) بتاريخ 3-4-2001، العاشرة والثلث مساءً:

أشكرك أستاذ مالك الحزين .. بصراحة كما ذكر الأخ موسى العلي، موضوع جميل جداً .. وخاصة أنه عن الإمام الحسين علیه السلام .

أشكرك كثيراً على هذه المشاركة المميزة . لك مني خالص التحيات.

- وكتب (مالك الحزين) في 3-4-2001، الحادية عشرة إلا ثلث مساءً:

الحسن والحسين مني .. من أحبهما أحببته، ومن أبغضهما أبغضته

صدقت ياسيدي يا رسول الله صلىعليك الله وسلم .. والإمام الحسين .. سيد الشهداء . . الشهيد ابن الشهيد أبو الشهداء . . هو رمزٌ إنساني رفيع لمظلمة لازلنا نتجرع مرارتها كل يوم .. مظلمةٌ استئساد الباطل والشر والقبح والكراهية والتجبر والكبر، وكل المعاني الخبيثة والسيئة ..

وسيرة الإمام عطر الأحباب، ونزهة الألباب، ومراد الأصحاب . . وريح الجنة . . وحلم الإنسانية الجميل . . المنتظر دائماً . .

الإمام لم يعد رمزاً للشيعة ولا حتى للمسلمين وحدهم، بل هو رمز إنساني رفيع .. للأسف لم يجد من يستلهمه فيكتب أدباً يخلد كاتبه قبل أن يخلد السبط الخالد ... اللهم إلا الأستاذ عبد الرحمن الشرقاوي الذي كتب مسرحيتين شعريتين اسمهما: الحسين ثائراً، والحسين شهيداً .. وتدور الآن في مصر معركة حول رغبة المخرج المسرحي جلال الشرقاوي في إخراج المسرحية الأخيرة، بطولة الممثل نور الشريف، وعرض الأمر على الأزهر فاعترض على تمثيل دور

ص: 16

الإمام من أي ممثل مهما كان .. ومع احترامي لهذا الرأي غير أن مسرحية كهذه لو قدر لها أن ترى النور لكان لها أثر أفضل آلاف المرات من التفاهات الشائعة..

الحسين رضوان الله عليه وسلامه.. كان وسيظل أجمل وأطيب وأنبل جملة اعتراضية في تاريخ الإنسانية.. وليس الإسلام فقط، ولم يكتسب الإمام ابن الإمام أبو الأئمة قدره من النسب الشريف فحسب، بل من ذاته الرفيعة التي رفضت الخنوع لسلاطين السوء .. الذين شوهوا الدين ومازال أحفادهم يفعلون.. وجعلوه قبلية وعصبية وبداوة وجلافة ووراثة ما أنزل الله بها من سلطان . . وإلا لكان الإمام علي أولى بها، أو لفعلها الصديق وورث ابنه، أو فعلها الفاروق وورث ابنه . . لكن الداهية اللعين وحده هو الذي فعلها .

- وكتب (بدر الكويت) بتاريخ 4-4-2001، الثانية صباحاً:

أحب سيد شهداء الجنة . . وأعشق فعله . . وتأسرني بطولته . . وأقبل جبينه الناصع لنسبه . . ولوقوفه على مبدئه . . وأقف احتراماً لجرأته وشجاعته . . هو حبيبي وحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم . . لكني . . . لا أقبل بضرب صدري بالسلاسل حتى الإدماء . . . أو باللطم أو بالبكاء على حدث مضى عليه 1400 عام . .

أستمع إليه كل عام . . حبيبي أنت يا ابن بنت رسول الله وابن من كرّم الله وجهه . . . هل كنت سترضى باللطم على مقتلك ؟!

والسلام عليك يا أبا عبد الله .

- وكتب (رضا) بتاريخ 4-4-2001، الثامنة صباحاً:

ص: 17

إلى مالك الحزين . . اختيار ممتاز لموضوع رائع .. بارك الله في هذه الأيادي الطاهرة التي تكتب بجرأة وذلك لنصرة لمظلومين والمستضعفين في الأرض بغض النظر عن الإنتماء، وإنما هو نصرة الحق .

جعلك من أنصار الإمام الحسين الذي لم يقم بثورته إلا لنصرة الحق، ورفع الظلم عن المظلومين .

- وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 4-4-2001، الثالثة إلا ربعاً ظهراً:

أتفق مع الأخ بدر الكويت فيما ذهب إليه تماماً، وقد شاهدت صوراً مريعة لما يسمى بالتطبير . . ولا أقر هذا التصرف مهما كانت مبرراته، وقد أعلن أمس السيد حسن نصر الله اعتراضه على هذه الممارسات التي تسئ للمسلمين والشيعة . .

وأشكر الأخ رضا على مجاملته الرقيقة، ونواصل بإذن الله تعالى سيرة سيد شباب أهل الجنة وشهيد الإنسانية الإمام الحسين رضوان الله عليه .

- وكتب (العروة الوثقى) بتاريخ 4-4-2001، الحادية عشرة مساءً:

آه.. آه.. آه.. من طول السفر ووحشة الطريق وقلة الزاد .

- وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 5-4-2001، الرابعة صباحاً:

رغم أنني لا أحب المودودي، لأنه أحد أئمة الإرهاب المتلفع بالسلفية .. لكنها شهادة حق . .

http://www.annaharonline.com/htd/MALAYANT.HTM

- قال العاملي: وفي هذا الرابط موضوع كتبه أبو الأعلى المودودي عن ثورة الإمام الحسين علیه السلام ، ونشرته جريدة النهار بتاريخ 5-4–2001، بعنوان (ما لا ينتبه إليه كثيرون في استشهاد الامام الحسين)، قال فيه:

ص: 18

هدف الشهادة

يتظاهرعشرات الملايين من المسلمين شيعة وسنة في المحرم من كل عام ليظهروا غمهم وحزنهم على استشهاد الإمام الحسين رضي الله عنه. لكن لم ينتبه منهم إلا أقل القليل ويا للأسف إلى الهدف الذي لم يبذل الإمام في سبيله روحه الغالية فحسب، بل ضحى حتى بأطفاله وعائلته .

إن إظهار أهل البيت الحزن والأسى على استشهاد أحدهم ظلماً وعدواناً، وكذلك حزن المتعاطفين والمؤيدين والمحبين لأهل هذا البيت أمرٌ فطري، فمثل هذا الحزن والأسى يظهر من جانب كل أسرة في العالم ومن جانب المنتسبين إليها، ولا قيمة أخلاقية له أكثر من كونه نتيجة فطرية لحب هذا البيت، وحب المتعاطين معهم شخص هذا الشهيد وذاته .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: أي شئ تميز به الإمام الحسين فجعل الحزن عليه يتجدد كل عام رغم مرور كل هذه القرون الطويلة ؟ فإن لم تكن شهادته لهدف عظيم وقصد جليل فلا معنى إذن لاستمرار الحزن عليه قروناً طويلة بدافع الحب لشخصه والإنتساب له . بل وأي وزن يمكن أن يكون لهذا الحب الشخصي - مجرد الحب - في عين الإمام نفسه ؟

فإن كانت نفسه أعز عليه من هذا الهدف، فلماذا ضحى بها ؟

إن تضحيته بنفسه دليل في ذاتها على أن هذا الهدف كان أعز عليه من روحه . ولهذا فنحن إن لم نسعَ في سبيل تحقيق هذا الهدف وظللنا نعمل خلافه، فمهما بكينا على ذاته ولعنّا قاتليه، فلا أمل في أن يثني الإمام الحسين علينا، ويستحسن فعلنا هذا يوم القيامة، كما أنه لا أمل في أن يقيم ربه لبكائنا وحزننا هذا وزناً،

ص: 19

فعلينا الآن أن نرى أي هدف استشهد في سبيله الإمام الحسين؟ هل كان يرى نفسه أحق بالحكم فضحى بنفسه لأجله ؟

إن من يعرف سيرة بيت الإمام الحسين وسمو أخلاقهم لا يمكن أن يظن حتى مجرد ظن أن هؤلاء كانوا يريقون دماء المسلمين من أجل الحصول على السلطة والحكم لأنفسهم. ولو سلمنا جدلاً - ولو لقليل - برأي من يرون أن هذا البيت كان يدعي أحقيته بالحكم، فإن تاريخ خمسين عاماً منذ عهد أبي بكر إلى عهد معاوية شاهد على أن القتال وإراقة الدماء للحصول على السلطة لم يكن أبداً سبيل أهل هذا البيت ولا خصلتهم .

ومن ثم فلا محالة من التسليم بأن الإمام كان يرى آثار تغيّر كبير في المجتمع المسلم آنذاك، وفي روح الدولة الإسلامية ومزاجها ونظامها، وأنه كان يعتبر ضرورة منع هذا التغير وإيقافه ولو اقتضى الأمر القتال ليست جائزة فحسب بل فرضاً مفروضاً... إلى آخر بحث المودودي.. وقد تضمن العناوين التالية:

تغير مزاج دستور الدولة وهدفه . نقطة الإنحراف . بداية ملوكية البشر . تعطل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . المبادئ الأساس للدستور الإسلامي . الإنتخاب الحر . نظام الشورى . حرية التعبير عن الرأي . المسؤولية أمام الله والناس . بيت المال... أمانة . سيادة القانون وحكومته . المساواة التامة في الحقوق والمراتب .

وختم المودودي مقالته بعنوان: (الإمام الحسين وسلوكه الإيماني)، فقال:

(كانت هذه هي التغيرات التي ظهرت بانقلاب الخلافة الإسلامية ملكاً عضوضاً . ولا يستطيع أحد أن ينكر أن ولاية عهد يزيد كانت بداية هذه التغيرات . ومع أن هذه المفاسد لم تكن قد ظهرت بتمامها وكمالها حين اتخذت

ص: 20

هذه الخطوة: ولاية عهد يزيد، إلا أن كل صاحب بصيرة كان بوسعه أن يعرف أن هذه المفاسد كلها نتائج حتمية لهذه الخطوة، وأنها ستقضي على جميع الإصلاحات التي أوجدها الإسلام وجاء بها في نظام السياسة والدولة .

لهذا لم يستطع الإمام الحسين على ذلك صبراً، وقرر أن يتحمل أسوأ النتائج التي قد تنتج من جراء الثورة على حكومة راسخة مستتبة، ويخاطر بمحاولة وقف هذا التبديل . .

أما مصير هذه المحاولة، فالجميع يعرفونه، لكن الإمام بنزوله إلى هذا الخطر العظيم وتحمل نتائج هذه السلوك الرجولي المؤمن، أثبت أن الخصائص الأساس للدولة الإسلامية هي رأس مال الأمة الإسلامية، الذي إن ضحّى المؤمن برقبته وأسرته وأهله وعياله في سبيل الحفاظ عليه، لا يكون قد عقد صفقة خاسرة. وأن المؤمن إذا ضحّى بكل ما يملك في سبيل وقف التغيّرات التي ذكرناها آنفاً، وهي الآفة العظمى للدين والملّة، فلا ينبغي له أن يأسف على ذلك قط ! وليستحقر هذا من شاء، وليسمّه عملاً سياسياً، لكنه كان في عين الحسين بن علي عملاً دينياً خالصاً، ولهذا اعتبر التضحية بالروح من أجله شهادة، فاسترخص روحه وضحى بها في سبيله) . انتهى .

- وكتب (حسن حسان) بتاريخ 5-4-2001، السابعة صباحاً:

المودودي إمام للإرهاب . . عجبي ..

لم أتوقع منك ذلك يا أستاذ مالك، وماذا تعرف عنه ؟!

- وكتب (مرتاح) بتاريخ 5-4-2001، العاشرة والنصف صباحاً:

ص: 21

السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين .. كلنا نتوق إلى مشاهدة عمل فني يجسد ملحمة كربلاء الخالدة، ولكن من سيمثل دور الإمام الحسين ؟؟ وهل سيستطيع أن يجسد ذلك الدور مهما أوتي من قوة فنية ؟ بالتأكيد: لا، وألف لا . فمهما أجاد ذلك الفنان دور الإمام في تلك الملحمة لن يوصل الرسالة كما أرادها أبو عبد الله علیه السلام ، بل سيُؤطرها في إطار محدود، يُخشى أن يحدد هذا الإطار رسالة الإمام في حدود هذا العمل الفني، مما سيعطي تصور سطحي وبسيط لأهداف الملحمة .

عموماً كانت هناك محاولات لتجسيد تلك الملحمة فنياً، وآخر ما شاهدته هو فيلم سينمائي إيراني مدبلج، يروي قصة شاب أراد اللحوق بالركب الحسيني لماّ سمع عنه، عرض هذا الفيلم مساء أمس الأربعاء على قناة المنار، وهو بحق فلم يستحق المشاهدة، ومن المأمول أن تعيد القناة عرض الفيلم . وتحية للدكتور مالك على هذا الطرح الموفق .

رزقنا الله وإياه وإياكم شفاعة الحسين علیه السلام .

- وكتب (ابن الشاطئ) في 5-4-2001، الحادية عشرة إلا ثلثاً صباحاً:

شكراً للأخ مالك .. موضوع جميل وقراءة متأنية من كاتب متأن، ولكن الأخ بدر ! ألا ترى أن إقحام موضوع التطبير قد أفسد متعة هذا السرد الجميل ؟ لك خالص التحية .

- وكتب (مرتاح) بتاريخ 5-4-2001، الحادية عشرة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ بدر. بالنسبه إلى التطبير إليك هذه الوصلة:

http://209.16.107.68/vbhajr/showthread.php3?threadid=17625

- وكتب (مال الله) بتاريخ 5-4-2001، الحادية عشرة والربع صباحاً:

ص: 22

بعد تقديم الشكر للأخوة الذين شاركوا في هذا الموضوع الهام، إلا أن أغلبها تصب في الجانب المأساوي لحادثة استشهاد الإمام علیه السلام ، ومع اعتقادي بدور هذا الجانب في إبراز عظم الجريمة التي أصابت بيت الرسول صلی الله علیه و آله ، إلا أنه يجب أخذ الدروس والعبر من هذه الحادثة، وما هي الأمراض التي أصابت المجتمع الإسلامي بحيث يقدم على اقتراف تلك الجريمة الشنعاء بحق أحب الخلق إلى قلب رسول الله !!

وإلى الأخوة أقدم هذا البحث للقائد الخامنائي حفظه الله تعالى حول النهضة الحسينية، ومن أراد الإستزادة فعليه بهذه الوصلة:

http://www.alwelayah.com/khamnee/lessens/almearef1/f2.htm

- وكتب (بدر الكويت) بتاريخ 5-4-2001، الواحدة ظهراً:

شكراً أخي مرتاح على الوصلة .. رغم أني لم أقتنع .. المهم.. أتفق مع أخي ابن الشاطئ بأن هذا الموضوع ليس مجاله هنا..

لذا أعتذر للجميع لإقحامي قضية التطبير في موضوع الأخ مالك الجميل، والجميل هنا عائدة على الموضوع وعلى .. مالك، وأرجو أن لا يكون فعلي هذا قد أفسد المتابعة .. رحم الله أبا عبد الله الحسين سيد شباب أهل الجنة ...

ورحم الله جميع أموات المسلمين .

ناجي العلي .. وكربلاء

- كتب (الفاطمي) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 3-4-2001، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (لا تساوم .. إرسم وقاوم .. ناجي العلي)، قال فيه:

ص: 23

إرسم شجرة . . إرسم عشرة

إرسم بستان . . لوِّن ثمرة

إرسم خوخاً.. إرسم عنباً

إرسم نخلاً يحضن رطباً

إرسم أزهاراً وسنابل

إرسم أغصاناً وبلابل

خفف من جوعك وتسلى

لوِّنْ بستاناً يتجلى

لا تتخلَّى.. بالصبر تحلَّى

بالعزم تشكلْ وتوكلْ

بالدمع لا تتوسلْ

لا تتشائمْ . . لا تتشائلْ

لوِّنْ وتفائل..

لونْ بستانك بالأخضر

لونْ رمانة بالأحمر

لونْ بالأصفر ليمونة

لونْ بالزعتر زيتون

لونْ بالعنبر والحنة

لونهُ بألوان الجنة

لاتساومْ . .

إرسم وقاومْ ..

ص: 24

فإن منعوا عنك الغذاء ..

أرسم بستاناً . .

وإن منعوا عنك الدواء . .

إرسم وطناً . .

وإن منعوا عنك الماء . .

إرسم فلسطين . .

وإن منعوا عنك الهواء . .

إرسم . . كربلاء ! !

ناجي العلي

- وكتب (ملك الظلام) بتاريخ 4-4-2001، الواحدة والنصف صباحاً:

(وإن منعوا عنك الهواء .. إرسم كربلاء !!) ..

تقليل الكلام سيدي الفاطمي أفضل ما يقال بحق ما نقلته ..

حُفر اسمك على صفحة الفؤاد من دون اختيار .

- وكتب (ابن الشاطئ) بتاريخ 4-4-2001، الثانية عشرة ظهراً:

السيد الفاطمي .. جميل أن يرسم كربلاء . .

ولكن أجمل الكتابة هي ما تكتب بالدموع .

مسجد الحسين ومنزلته في نفوس المصريين السنيين

ص: 25

- كتب مالك الحزين في شبكة هجر في19-12-1999 الحادية عشرة صباحاً موضوعاً بعنوان (مسجد الحسين ومنزلته في نفوس المصريين السنة) قال فيه:

يعدجامع سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب من أهم معالم القاهرة الذي يحرص أي مسلم زائر لمصر على زيارته، وبلغ تقديس المصريين له أقصى المدى مما دفع الكثير من المؤرخين إلى إطلاق اسم مسجد الحرم المصري عليه، نظراً لإيمان المصريين المطلق بأن رأس الحسين مدفون في هذا المسجد، الذي يقع في قلب القاهرة، رغم اختلاف الروايات حول هذه الحقيقة . .

ففي مظفر التذكرة للشعراني: أنه قد ثبت أن الصالح طلائع، الذي بنى المشهد الحسيني بالقاهرة، نقل الرأس الى هذا المشهد، ودفع في ذلك نحو أربعين ألف دينار، وخرج هو وعسكره فنقلوه من خارج مصر .

كما يذكر الرحالة العربي ابن جبير أن من مشاهد القاهرة المشهد العظيم الشأن، حيث رأس الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، وهو في تابوت فضة مدفون تحت الأرض، وقد بني عليه بنيان مجلل بأنواع الديباج، فيه من أنواع الرخام المجزع غريب الصنع، بديع الترصيع مالا يتخيله المتخيلون .

ويقع جامع الحسين قرب الجامع الأزهر الشريف وسوق خان الخليلي الشهير، وأنشأه الفاطميون سنة 549 هجرية، تحت إشراف الوزير الصالح طلائع .. بني الجامع بالحجر المنحوت، ويضم 3 أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وباباً آخر بجوار القبة، ويعرف بالباب الأخضر .

ص: 26

ويضم الجامع منبراً خشبياً دقيق الصنع مطلياً بالذهب، نقل إليه من جامع أزبك بك بالعتبة الخضراء أربعة وأربعين عموداً، عليها بوائك تحمل السقف المصنوع من الخشب، متقن الصنع والمنقوش باللازورد، والمطعَّم بالذهب .

وفي السقف ثلاث مناور مرتفعة مسقوفة، بها ثلاثون شباكاً من النحاس المطلي بالذهب، يعلوها في الجهة البحرية شبابيك صغيرة دوائرها من الرخام .

وعلى المشهد الشريف نقش من الأبنوس المكسو بالإستبرق الأحمر المزركش، في أعلاه كمامة من الحرير الأخضر، وبجوانبه أربعة عساكر من الفضة، وبدائرة مقصورة الجامع وقبته ألواح مزخرفة بخطوط مذهبة مكتوبة بالخط الثلث والكوفي . وبأعلى الباب الذي يلي المنبر نقشت العبارات البليغة الشفاء في تربته، والإجابة تحت قبته، والأئمة في ذريته

وقد اهتم أمراء وأكابر مصر في كل عصر بهذا الجامع الكبير، فنمَت عمارته وزخرفته، وأضيئت قاعاته وطرقاته وممراته، وفرشت أرضياته بالسجاجيد النفيسة .

وقد عمره الأمير عبد الرحمن كتخدا في سنة 1175 ميلادية . كما عزم والي مصر عباس باشا على توسعته وزيادة مساحته، فقام بشراء الأملاك المجاورة له وهدمها، وشرع في بناء الأساس ثم توقفت الإنشاءات بعد أن وافته المنية، وبقي الحال على ماهو عليه حتى تقدم مصطفى بك العناني لشراء الأرض التي كان اشتراها عباس باشا، وعمرها لنفسه وأقام عليها فنادق وخانات وبنايات لحسابه. ويقال أنه اكتشف كنزاً خلف قبه المشهد الحسيني .

وفي سنة 1199 ميلادية أمر الخديوي إسماعيل باشا بتجديد الجامع وتوسعته، وكلف على مبارك باشا برسم التصور المعماري لتجديد الجامع بحيث يتسع

ص: 27

لاستقبال أحباء ومريدي الإمام الحسين رضى الله عنه، وكلف الأمير راتب باشا ناظر ديوان الأوقاف المصرية أن يشرف بنفسه علىتنفيذ إنشاءات الجامع الجديدة التي صممها على باشا مبارك، وفي إطار هذا التجديد هدم كل الجامع ما عدا القبة والضريح الشريف . وبدأت الإنشاءات في سنة 1282 هجرية وانتهت في 1290 هجرية بالشكل الذي سبق وصفه ومن العناصر التي تخلفت من المشهد القديم حتى الآن:

الباب المعروف باسم الباب الأخضر، و مبني من الحجر وعلى يساره دائرة مفرغة بزخارف، وتعلوه بقايا شرفة جميلة . كما تخلف من المنارة الأيوبية التي انشأها فوق هذا الباب أبو القاسم السكري، القسم الأسفل منها وهو المربع الذي يحتوى على زخارف جصية نادرة وعلى تاريخ الإنشاء .

أما التابوت الخشبي فهو أيوبي الطراز ويعتبر تحفة نادرة تمثل طراز الحفر على الخشب في عصر الأيوبيين في مصر وهو محفوظ حالياً بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة . وهناك الحجرة التي شيدت عام 1893 ميلادية لتحتوي على الآثار النبوية، وهي مجاورة للقبة من الجهة القبلية وتشمل من الآثار النبوية الشريفة على قطعة من قميصة الشريف، ومكحلة، وقطعة من العصا الشريفة وشعرتين من اللحية الشريفة، وبها أيضاً مصحفان بالخط الكوفي . وإلى الآن يعتبر مسجد سيدنا الحسين من أهم المزارات الدينية التي يحرص المصريون والمسلمون عموماً على زيارتها والتبرك بها، فكثيراً ما نرى داخل المسجد أو المشهد أشخاصاً يقومون بإيقاد الشموع لسيدنا الحسين بعد شفاء مريض لهم أو خروجه من أزمة ما،كما يلجأ العامة للدعاء بداخله .

ص: 28

أما مولد سيدنا الحسين فيعد من المناسبات التي ينتظرها الكثيرون، حيث تتحول ساحة المسجد والميدان الذي يطل عليه إلى مهرجان عظيم، يكتظ بحلقات الذكر والإنشاد الديني وقراءة القرآن.. وهو يجتذب الزائرين والمريدين من جميع أنحاء مصر والعالم العربي .

فاتني أن أذكر اللوحة الرخامية الكبيرة المعلقة على باب المسجد المؤدي للمشهد الحسيني، وقد كتب عليها بالذهب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين مني، من أحبهما أحببته، ومن أبغضهما أبغضته .

- وكتب (الألمعي) بتاريخ 19-12-1999، الثانية عشرة والربع ظهراً:

بارك الله فيك يا مالك الحزين على هذا الإيجاز الوافي عن ضريح الإمام الحسين علیه السلام في القاهرة، وكيف لا يكون حبه في قلوب المصريين وهو سبط رسول الله صلی الله علیه و آله :

يا آل بيت رسول الله حبكمو .... فرض من الله في القرآن أنزله

يكفيكمو من عظيم الشان أنكمو .... من لم يصل عليكم لاصلاة له

الإمام الشافعي رحمة الله

اللهم صل على محمد وآل محمد . شكراً لك مرة أخرى أستاذنا .

- وكتب (موسى العلي) في 19-12-1999الثانية عشرة والنصف ظهراً:

بوركت أيها الحزين . ورزقنا الله وأياك شفاعة الحسين علیه السلام يوم المحشر .. أشكرك على هذه النبذة الرائعة لضريح الإمام الحسين في القاهرة . ونسأل الله التوفيق لزيارة مصر وأهلها الطيبين في القريب العاجل .

وجعل الله هذه الأسطر في ميزان حسناتك يا صديقنا العزيز .

ص: 29

- وكتب (عربي 1) بتاريخ 22-12-1999، الحادية عشرة ليلاً:

بارك الله فيك يا أستاذ مالك، فلا أزال أذكر موضوعك عن الأزهر وتسميته و . . و . . هذا إذا كنت أحتفظ به . .

لقد شوقتني أكثر من ما أنا مشتاق، أسأل الله أن يرزقنا الزيارة قريباً جداً جداً . اللهم صل على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين المعصومين .

- وكتب (أبو هاجر) بتاريخ 23-12-1999، الثالثة صباحاً:

لماذا نسينا أن الحسين استشهد في سبيل أن يرينا أهمية منصب القيادة في الأمة..كان الأولى بأهل مصر أن يدركوا هذا المعنى، ويزيحوا عنهم حكم اللصوص ومصاصي الدماء .. بدلاً من التمسح بالقبور .

لماذا نتمسك بالعواطف وتركنا المعاني والأفكار ؟! يتغنى أحدهم بفاطمة بنت محمد، ولم يكلف نفسه السير على دربها !! ولكن هي عادة كل من اخترع لنفسه أسهل التكاليف .

وكم ذا بمصر من المضحكات ... لكنها والله من المبكيات

- وكتب (مالك الحزين) 23-12-1999، الثالثة والنصف صباحاً:

شكراً إخوتي الكرام على هذا الإطراء، وللعلم هناك أضرحة لاحصر لها لآل البيت في القاهرة، ومنهم: السيدة زينب، والسيدة نفيسة، والسيد أحمد البدوي في طنطا، ولهذه الأضرحة منزلة عالية في نفوس المصريين . . السنة .

وقد حاول بعض المتطرفين من عينة (مشمش بيه) الذي ابتلينا به هنا أن يتعرض لها (يقصد أبا هاجر فهو مصري سلفي) فلم تفعل الحكومة شيئاً، بل تصدى لهم الناس، ولما كادت تحدث فوضى، تدخلت الشرطة لوقف هذه

ص: 30

المشاكل، حدث ذلك في السبعينات إبان ظهور هؤلاء الهمج . والمصريون البسطاء يذهبون لأضرحة الحسين والسيدة نفيسة العلم، وغيرهما للتبرك بهما ولم نسمع أن ذلك شركٌ وحرامٌ إلا مع ظهور هؤلاء الهمج !

وهناك قدر هائل من العادات الشيعية في مصر، كالإحتفال بيوم عاشوراء والأذكار، والتبرك بآل البيت، وغير ذلك مما يتطلب جهداً بحثياً كبيراً لرصده وتحليله ودراسة ما إذا كانت تلك من بقايا تراث العصر الفاطمي، أول دولة شيعية في التاريخ .. ولذلك تجد المصريين السنة، بما فيهم علماء الأزهر، لا يكفرون الشيعة، ولا يحملون كل هذا العداء الذي صدمت حينما رأيته في مواقع الحوار عبر الشبكة !

فإذا سألت مصرياً عن الشيعة فسيرد عليك ببساطة، هذا مذهب الذين تشيعوا لعلي وآل البيت . أما مسألة التكفير والتبديع وهذه الكلمات فأراهن أنك لن تسمعها من أحد هنا إلا على الغلاة فقط، ولعلكم تعرفون شيئاً عن أنشطة البهرة في مصر (هي طائفة شيعية من الهند) ولهم مساجد كبيرة مثل: الأقمر، ومسجد الحاكم بأمر الله، وغيره .

كل ما أريد أن أقوله أن هناك بالفعل تجارب عملية وإنسانية على التقارب بين السنيين والشيعة وتعالوا مصر لتروها، ولعل البعض لا يعرف أن الأزهر الشريف نفسه كان أول جامعة شيعية في العالم، قبل مدينة قم وغيرها، وأدعو المهتمين بدراسة التاريخ أو علم الإجتماع، أو التأصيل أن يولوا هذه الفكرة اهتمامهم باعتبارها تجربة هامة، ربما لا يلتفت إليها الكثيرون .

- وكتب (الألمعي) بتاريخ 24-12-1999، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

ص: 31

أخي مالك، الأخوة الأعزاء .. احتفظ لنا التاريخ بأسماء لجامعتين شيعيتين أولهما جامعة الإمام الصادق علیه السلام في المدينة المنورة، والتي كانت محوراً لطلبة شتى العلوم والمعارف، والتف حولها حوالي خمسة آلاف طالب , وقد تخرج منها بعض أصحاب المذاهب السنية ومنهم الإمام مالك الذي يقول: لولا السنتان لهلك النعمان، ويعني بذلك دراسته العلم في حلقات التدريس بين يدي الإمام الصادق لمدة سنتين حفظ فيهما ما حفظ من العلوم والمعارف. وهي بذلك أول جامعة إسلامية في التاريخ، وليست أول جامعة شيعية فقط .

وهناك أسماء لبعض علماء الكيمياء والطب الذين تخرجوا من تحت يد الإمام جعفر علیه السلام فقد كان موسوعة علمية شاملة، ولا تحضرني أسماؤهم، لعل الأخوة يذكرون فيوافوننا بهم .

والجامعة الثانية هي الأزهر الشريف، الغني عن التعريف، إذ جاءت سيرته في مقدمة الأستاذ مالك الحزين .. غير أن الفرق بين الجامعتين أن الأزهر يأتي كأول جامعة شيعية في دولة شيعية، وجامعة الإمام الصادق كانت في العهد الأموي، وقد أسسها الإمام الصادق عليه وآبائه أفضل الصلاة والتسليم .

- وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 25-12-1999 الثامنةوالثلث صباحاً:

شكراً للأخ الألمعي على هذه المعلومات التي كنت أجهلها من قبل، خاصة تلك المتعلقة بجامعة الإمام الصادق بالمدينة المنورة، وللحق فلأخينا الألمعي تَرَفُّعُ العلماء، وزهد الصادقين .. بوركت يا أخي الفاضل .

- وكتب (قنبر) بتاريخ 25-3-2001، الرابعة صباحاً:

توافقاً مع قرب ذكرى عاشوراء . أرفع هذا الموضوع الجميل .

ص: 32

وللدكتور مالك أقول: شكراً وآجرك الله، وجعلك مصداقاً لحديث عالم آل محمد الصادق علیه السلام : أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا.

وتصحيحاً للأخ ألمعي: أبو حنيفة هو القائل: لولا السنتان لهلك النعمان. وعالم الكيمياء بل واضع علم الكيمياء الذي كان تلميذ الإمام الصادق علیه السلام هو جابر بن حيان، الذي بقيت نظرياته تدرس في جامعات أوروبا لحد القرن التاسع عشر .

حسين مني وأنا من حسين.. أحب الله من أحب حسيناً

- وكتب (هادي) بتاريخ 25- 3-2001، الثانية ظهراً:

العزيز الحزين .. لك ألف تحية على هذا الإيضاح عن مقام سيد الشهداء علیه السلام . وفي الحقيقة لم أكن أتوقع أن يكون بهذه الروعة التي وصفته بها، وأدام الله عليكم نعمة بقاء الأزهر الشريف قلعة شامخه في وجه الهمجية التي وصفتها .

عزيزي مالك: لقد زدتني شوقاً لزيارة مصر .

- وكتب العاملي بتاريخ 25- 3-2001، الخامسة إلا ربعاً مساءً:

شكراً للأخ الدكتور مالك، وللاخوة الأعزاء على هذا الموضوع.. ورأيت أن أضم إليه لوحة مكملة، كان الدكتور نشرها في السنة الماضية في الواحة الإسلامية بتاريخ 4-5-2000، بعنوان (المشهد الحسيني في القاهرة)، قال:

على باب ضريح الإمام الحسين في القاهرة لوحة رخامية كبيرة كتب عليها بالذهب الحديث النبوي الشريف: الحسن والحسين مني .. من أحبهما أحببته، ومن أبغضهما أبغضته ..

ص: 33

وداخل المسجد أكبر ثريا (نجفة) في العالم العربي كما يؤكد إمام المسجد، وهي للحق آية في الجمال والبهاء، ووزنها كما هو مثبت في دليل تاريخ الضريح وصاحبه يصل إلى خمسة أطنان من الكريستال المحلى بالذهب الخالص وقوائمه من الفضة الخالصة ..

أما السجاد فحدث ولاحرج، فقد تبرع العام الماضي أحد كبار التجار من طائفة البهرة (يقيمون حول الضريح) بسجادة فارسية تعود إلى القرن العاشر الميلادي، وحجمها يبلغ 16 متراً مربعاً، وهي من الحرير الخالص، وقد فرشت في المقام (الضريح) الذي يقع في الجانب الشرقي داخل المسجد . .

ويعقد داخل المسجد يومياً أكثر من خمسمائة عقد قران تصل أيام الخميس والجمعة إلى الألف، حيث يحرص آلاف المصريين على عقد قرانهم داخل المسجد الحسيني، وبعضهم يأتي من مدن مصرية بعيدة قد تبتعد عن القاهرة أكثر من سبعمائة كيلومتراً .

للحسين، ومسجده، وضريحه، ومشهده، منزلة خاصة في نفوس المصريين (السنة) .. وفي شهر رمضان يستحيل على المرء أن يجد موضعاً لقدم في هذا الميدان المعروف بالمشهد الحسيني .. واسألوا الدكتور جمال الصباغ كيف كان يسير هناك حينما تقابلنا في رمضان أنا وهو والأخ حازم محرز . .

باعة لكل شئ .. من المصوغات الذهبية للتحف والفنون اليدوية .. مكتبات ضخمة.. مقاهي شديدة الجمال.. مطاعم شهيرة... حلقات ذكر .. ندوات دينية وأخرى ثقافية.. مواكب زواج.. سياح أجانب يقفون مذهولين لروعة المكان وتلك الأعداد الغفيرة من الزوار ..

ص: 34

كل هذا في كفة . . و . . مجاذيب الحسين .. في كفة أخرى، فهناك حول الضريح تجد عشرات ممن ارتدوا الخرقة الصوفية.. وتركوا بيوتهم وأعمالهم واستأنسوا بالحسين.. أقاموا حول الضريح يلتحفون السماء ويفترشون الأرض . . يأكلون مايجود عليهم به أهل الخير.. وما أكثرهم هناك.. ويصلون الصلوات الخمس في المسجد ..

في رمضان لست مضطراً لأن تدفع نقوداً لكي تفطر إذا ما كنت في ميدان الحسين، فأهل الخير يحملون آلاف الوجبات ويقدمونها مجاناً للصائمين وعابري السبيل .. وفي كل شهور السنة يحرص الكثير من الأغنياء على توزيع زكواتهم وصدقاتهم على الناس حول الضريح..

أما في صلاة العيدين فحدث ولاحرج.. تغسل الأرض والله العظيم غسلاً.. لا تكاد تميز بين عامل النظافة الموظف رسمياً لهذا الغرض، وبين مئات الشباب والشيب الذين يشمرون عن سواعدهم ويحملون المقشات ليكنسوا الميدان.. بعضهم أطباء ومهندسون وضباط وأساتذة جامعات وتجار أثرياء ..

وكلهم يعتقدون أن الله تعالى سيبارك لهم عندما يتواضعون ويكنسون الميدان ويرشون الماء ..

في الفجر يحضر الركب الرسمي لرئيس الجمهورية ومعه كل الوزراء وشيخ الأزهر .. ويحظر سير السيارات في هذا الميدان وكافة الشوارع المؤدية إليه.. لكن يتجاوز عدد المصلين المليون شخص كل عيد... طيلة الوقت تستمع لابتهالات الشيخ سيد النقشبندي.. وإنشاد الشيخ ياسين التهامي.. حتى يرفع المؤذن الآذان .. الله أكبر الله أكبر .. فيتحول الكون كله لمستمعين لهذا النداء السماوي الجليل... عجائز أتين من أقصى الصعيد حملن بضع قروش يوزعنها

ص: 35

وفاء لنذر تحقق .. سيدات يتعلقن بأستار الضريح راجيات تحقيق أملهن في إنجاب طفل حرمن منه، أو عودة ابن غريب اضطرته الحياة الصعبة للرحيل في بلاد الله.. وثمة رجل طاعن في السن يذرف دمعة حرى وهو يناجي صاحب الضريح قضاء حاجة يعلمها الله وحده..

يتعامل الناس هنا في مصر مع الحسين كأنه مازال حياً داخل الضريح.. يتحاكمون إليه في منازعاتهم .. يتحدثون إليه في كروبهم.. بعضهم يرسل إليه خطابات عبر البريد .. وصلت خلال العام الماضي إلى أكثر من مليون رسالة كما أكدت هيئة البريد المصرية التي تسلمها لخادم الضريح ..

المرسل: . . . . . . . .

المرسل إليه: حضرة الإمام سيد شهداء الجنة الحسين بن علي رضوان الله عليهما وسلامه .. العنوان: القاهرة . . . مسجد الإمام الحسين .

رائحة العطور تغمر أنوف زوار الضريح .. وأنوار لا تنطفئ.. ولم تنطفئ منذ قرون.. وجلال لايضاهيه حتى ضريح السيدة زينب التي يحلو للمصريين إطلاق عدة ألقاب عليها.. منها أم العواجز .. ورئيسة الديوان.. و.. الطاهرة .

في المسافة الممتدة بين الضريحين تقع أجمل وأبهى أحياء القاهرة .. الدرب الأحمر .. القلعة .. الحسينية .. باب الخلق .. باب النصر .. باب الفتوح.. الباطنية .. الجمالية .. الكحكيين .. المغربلين .. الخ .

لأهل البيت في مصر منزلة لايشعر بها إلا من يعرف المصريين جيداً.. فحينما حاول بعض المتطرفين ذات يوم تفجير قنبلة في منطقة الحسين.. خان الخليلي.. لم يسلمهم الناس للشرطة، بل فتكوا بهم.. فحينما وصلت قوات الأمن لم تجد

ص: 36

سوى جثث هامدة . . ولم يزل الفاعل مجهولاً حتى اليوم، فقد تفرقت دماؤهم بين القبائل..

- فعلق عليه (العاملي) في وقته بقوله:

الأخ العزيز الدكتور نبيل .. قبل ظهر اليوم قرأت لوحتك الثمينة، التي رسمتها مشهداً من مشهد الإمام الحسين في القاهرة، فأخذت بمجامع قلبي، وأفكاري.. ومازلت أعيش من عطائها، وأنا في آخر الليل .. وستبقى معي أياماً على الأقل .. فشكراً لك على هديتك..

صليت بين يدي ربي، وأنا مفعم بجوها الروحي الشفاف.. وتعاملت مع أناس متعددين، فأطللت عليهم من نافذة المصلين في مسجد الحسين . .

وفكرت في المادي والمعنوي، وذهني مفعم بغنى المشاهد المعنوية والمادية المتآلفة حول الإمام الحسين .. وفكرت في طاقات الحب والعشق ومخزونه في الإنسان، فرأيت أن عشق الله تعالى وهو أعظم أنواعه، لا بد أن يمر بعشق الكاملين من عباده، صلوات الله على رسوله وآله..

مساكين أولئك الذين لامعشوق لهم.. وأسوأ حالاً منهم أولئك الذين أماتوا عشقهم وخنقوه .. إن مجتمعاتنا العاشقة أقوى أنواع المجتمعات وأغناها.. وهنيئاً لمصر بحبها لنبيها وللحسين . .

روحي فداك يا أبا الزهراء .. وروحي فداك يابن الزهراء .

- وعلق (على الأول) أيضاً قائلاً:

يالها من روعة تأخذ بمجامع القلوب... هنيئاً لك يا مالك... وهنيئاً لكم يا أهل مصر جوار سيد الشهداء علیه السلام .. الناس أعداء ما جهلوا ..

ص: 37

- واطلع على الموضوع المرجع الديني الشيخ لطف الله الصافي، فكتب مايلي:

بسم الله الرحمن الرحيم

بعد الحمد والصلاة، فإني لا أقدر على وصف ما حصل لي من الوجد والشوق، والإحساس بالقرب والحضور، والجلوس على بساط المحبة والأنس والخشوع لله تعالى.. عندما طالعت ما كتبه بعض الأدباء العارفين عن الحالات العطرة والروحانية القدسية، التي تحصل لزوار مشهد مولانا سيد أهل الإباء، وواحد أهل المباهلة والعباء، أبي عبد الله الحسين علیه السلام ، في مصر، القطعة الشريفة من وطننا الإسلامي الكبير، التي حازت شرف ولاء أهل البيت علیهم السلام من أول ما أشرق عليها نور شمس الدعوة المحمدية والرسالة الإلهية .

لقد كررت مطالعة هذا التصوير الجميل لمظاهر الولاء ومحبة النبى والآل صلوات الله عليهم، والإجتماعات والإحتفالات والحلقات في مشاهدهم النورانية، العامرة بذكر الله تعالى وعبوديته .

إن مشهد الإمام الحسين علیه السلام ، من البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، بل هو من أفاضلها كما رواه السيوطي، ولو لم يكن بيت علي وفاطمة الزهراء وسيدي شباب أهل الجنة، بعد بيت النبى صلی الله علیه و آله ، أفضل تلك البيوت، فبيت من يكون ؟

وجدت نفسي بعد قراءة هذا المقال مفعمةً شوقاً وحضوراً وأنساً بالله تعالى، ورغبةً في زيارة هذا الضريح الشريف والمشهد الجليل، الذي تسطع منه أنوار الجمال المحمدي والجلال العلوي، المشعة من جلال الله تعالى وجماله الأزلي السرمدي.. وهي معان يدركها ويشعر بها من يدرك بحقيقه إيمانه بالله ورسوله ما

ص: 38

لهذه المشاهد المرفوعة التي تخدمها ملائكة الله تعالى، من قدر عند الله تعالى ورسوله .

وجدت نفسى كأني في مصر، في جوار الضريح الشريف والحضرة الحسينية بين إخواني الزائرين المصريين الوالهين، الموالين لأهل البيت علیهم السلام ، وهم يتبركون بالمقام ويغتنمون الفوز فيه بالصلاة والإبتهال ومناجاة الله تعالى، يطلبون حاجاتهم من ربهم عنده، ويصلون على النبي، وعلى شهيد الإخلاص والإباء، شهيد معالم الإنسانية الكبرى، شهيد كل المكارم، أبى عبد الله الحسين .. حسين التضحية والجهاد والإيثار، حسين الصبر والشجاعة حسين الاسلام والإنسانية . اللهم كحّل بصري بمشاهدة تراب ضريحه في مصر وكربلاء .

نعم، وجدت نفسي في هذه البقعة المباركة التى شرفها الله تعالى بكرامة الإنتساب إلى سبط النبي صلی الله علیه و آله ، فرأيت بعين قلبي ملائكة الله تعالى محدقين بها .. فهنيئاً لزوار تلك البقعه المباركة، مركز تقرب أولياء الله، ومهبط ملائكة الله .. وهنيئاً لإخواننا أهل مصر ما هم فيه من جوار ضريح سيد شباب أهل الجنة .. هنيئاً لهم هذا الفوز العظيم، ثم هنيئاً لهم ما هم فيه من ولاء أهل البيت علیهم السلام .

هنيئاً لشيوخهم وشبانهم، رجالهم ونسائهم، علمائهم وتلاميذهم، أساتيذهم وطلاب جامعاتهم . فياليتنا معهم فنفوز بما يفوزون به عند هذا الضريح المبارك .

ويا مولاي يا حسين، يا أبا عبد الله، يا بن رسول الله، يا من استنقذت عباد الله بتضحيتك الكبرى من جهالة الضلالة.. أشهد أنك رفعت أعلام الدين، وكسرت صولة المستكبرين والمستعبدين، ونصرت الله ورسوله، مجاهداً صابراً . وأشهد أن الله يحب من أحبك، ويبغض من أبغضك، وأن الله طهركم يا أهل

ص: 39

البيت من الرجس تطهيراً . والسلام عليك ورحمة الله وبركاته. 12 صفر المظفر – 1421 ﻫ. لطف الله الصافي

- وكتب (السيد مهدي) بتاريخ 25- 3-2001، الخامسة مساءً:

شكر الله سعيك يا دكتور .. وكما قال أئمتنا: رحم الله من أحيا أمرنا، فيرحمك الله على ما ذكرت . للعلم يا دكتور: دولة الفاطميين في مصر ليست أول دولة شيعية في التاريخ، بل دولة الموحدين في المغرب والتي أسسها المدعو عبد الله الشيعي هي أول دولة شيعية . ذكر ذلك المرحوم محمد جواد مغنية في كتابه الشيعة والتشيع .

- وكتب (قنبر) بتاريخ 25- 3-2001، التاسعة مساءً:

الأخ العزيز الفاضل السيد مهدي . . أظنك تقصد دولة الأدارسة، أما عبد الله الشيعي فقد كان داعية للفاطميين أول أمرهم .

ومرة أخرى شكراً للدكتور مالك، العلوي، على هذا الموضوع الذي من عبره أشعرنا بتفاعل المصريين مع أهل البيت علیهم السلام ، وجدد تفاعلنا مع مقاماتهم في مصر، وتفاعلنا مع هذا الشعب الطيب . رحمك الله بحق الحسين وجده وأباه وأخيه وأمه .. صلوات الله عليهم أجمعين .

- وكتب (مالك الحزين) بتاريخ 25- 3-2001 العاشرة إلا ثلث مساءً:

جميل هذا اللقب . . مالك العلوي . . وشرف لي أن أحمله، فربما يغفر لي بعض ذنوبي الكثيرة .

- وكتب (علوي) بتاريخ 25- 3-2001، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

ص: 40

الأخ العزيز مالك . . لقد أمتعتنا وأثريتنا، بل وحلقت بنا في جنة الحسين علیه السلام . . لقد تشرفت بحضوري هناك في مولد النبي الأكرم وحضرت الإحتفالات هناك.. في الواقع لم أر مثلها حتى في المجتمعات الشيعية.. حقيقة احتفالات بهيجة، تبدأ قبل يوم المولد بعدة أيام . كما يقال أيضاً إن الإحتفال بمولد الحسين علیه السلام يكون في نفس المستوى .. في الواقع أتمنى الحضور مرة أخرى، والتشرف بزيارة حضرته المقدسة .

تحياتي وأشواقي *** ودمعي بين آماقي

وآهاتي على صدري *** وحبري فوق أوراقي

وحبري دائماً يفنى *** وشوقي دائماً باقِ

- وكتب (أبو مهدي) بتاريخ 26- 3-2001، العاشرة والثلث صباحاً:

الأخ الفاضل مالك .. من خصائص الإمام الحسين علیه السلام التي أعتقد بها: أن من يعمل له ينل أجره حتى لو لم يكن معتقداً.. فكيف بك وقلبك ينبض بكل حب لآل البيت علیهم السلام .

سوف أشاركك بموضوع آخر إن شاء الله .. ولنتفق أو نختلف لا يهمني..

سوف تبقى قلوبنا تنبض بحب الحسين . مع تحيتي .

بكائية رأس الحسين ..

- كتب (مختار) في شبكة الموسوعة الشيعية موضوعاً بتاريخ 29-3-2000، التاسعة والنصف مساءً، بعنوان (بكائية رأس الحسين - للشاعر اللبناني جوزيف حرب) الأمين العام لاتحاد الكتّاب اللبنانيين، قال فيه:

ص: 41

كربلاء

(1)

ذَرْذِرِي فتيت الرياحين، وانسجي من حبير البجع، وكنار الحمام، مكاسر الكفنِ الأبيض .. واحفري الجفنَ عميقاً عميقاً حتى مغارق الدمع، فلقد أقبل الليل وحن جسد الحسين إلى النوم جملةً سماوية بين هلالين من جناحي ملاك .

كربلاء .. يا مساحة المرارة، وموشحة الحزن، وغرف الغمام العراقية وشبابة الفرات التي بحّت ما شربت، وحارسة المصابيح التي اشتعلت بزيت مساريج الجنة، رققي من حواشي الريح، واملئي الأباريق، ومدي الوسادة الزينبية، فلقد أقبل الليل، ورجعت من كوفة الزمن القديم ..

هبيني كربلاء أُرح رأس الحسين على يديَّ .. أنا لست من أنزل الحسين في العراء من غير ماء وغير حصن . . ولست من شك سيفه بين منكَب الحسين وعنقه .. ولست يا كربلاء من قطع الكتف اليسرى .. أنا لست الأبرص بن ذي الجوشن أحز بالسيف في عنق الحسين . . ولست من أوطأ الجياد عظام صدره . . ولست عبيد الله بن زياد أضرب ثناياه بعصا الملك . . ولست جند عمر بن سعد أطوف بالرأس وهي على الرمح في مسالك الكوفة . .

ولست يزيد بن معاوية أنكتُ بقضيب العرش في شفتي الحسين اللتين قبلتهما شفتا الرسول الكريم.. حتى ارتوتا من عبير ريحانة الجنة.

هبيني كربلاء.. أُرِح رأس الحسين على يديَّ .

هبيني سراويله اليمانية التي مزقها كي لايقتسمها من بعده القتلة ..

هبيني جبة الخز والعمامة، وورق النيل الذي اختضبت به تقاسيم الحسين .

ص: 42

ويالعطش عبد الله الرضيع . . وقد مرى الهجير عرقه وهدلت رباعية أطرافه.. وتقطرت هُنانةُ خاصرتيه، ورنقت عيناه، وومح جلده، وتخّ نفَسه وبُح صوته، ودير به مغشياً عليه، فرفعه الحسين بين يديه وخاطب الواقفين دون ماء الفرات، يا أهل الفرات... يا أهل الكوفة.. خافوا الله واسقوا هذا الطفل، إذا كنت أنا في اعتباركم أستوجب الموت، فما ذنب هذا الطفل الصغير ؟! يا قوم، خافوا الله واذكروا عذاب يوم أليم .

أراك لا تنسينَ يا كربلاء كيف صاح به أحد الجند، خذ.. اسقه، وأوتر القوس ورمى الطفل بسهم اختلجت عليه أحشاؤه !

فهبيني كربلاء أرح رأس طفل الحسين على يديّ .

هبيني ذؤابتيه المرسلتين، وخلاخيل قدميه، ومِشملته، وقميصه المشقوق، والعقد والعود والبكاء الذي ما ترسّل من بين أجفانه، مخافة أن يتملح فمه إذا لا مست قطراتُ دمعه شفتيه .

(2)

عندما يحمّل الرجال رؤوسهم همّ العالم ويصفو دمهم زيتاً للحقيقة، وتتوثب في سواعدهم جياد المعارك العلوية، يمرّ في خاطري الحسين بن علي مقدساً في رسالة، جنة في جسد، سدرة في منتهى، شهيدَ عقيدة باعها بربه واشتراها بدنياه، وكانت نسبة أن تعيش هي غداً، من نسبة أن يموت هو اليوم . إنه الومض المقدس ..

أقعد الجنة عمن أقعد القلب عن الهدى، وأذلت كفه كف من أعز القبض عن العطية، وحبس ديمة الرخاء عمن أطلق في المساكين مزنة البلوى، وقاوم بقوة الحق قوة المنافق واللص والراشي، وأمّر نهايةً للمفسدين اعذوذبت بدايتها

ص: 43

، فأرسل في الظالمين ريحاً وناراً ململمتين على شتات هشيم، وأيبسَ عظمَ من للعراة عليه بردةُ الخيلاء، وألهبَ جوفَ من للجياع عنده طبق حرام، وسرّق من جاء بيت الرزق من غير بابه، ورهن النفس بثقل ما فعلت . وأرسل في أصلابه واعتدال ظهره انحناءة التوبة، وغض العين عما لا يحل لها، واشتعل في سراج الصدر فتيلة الحكمة، وأنبت في روحه الصبر على كل بث وكل أسى، واستقل في جنب ربه زينته تقواه . خادمه يداه، ولأنه ما أعار دنياه طرف آخرته . . باع نفساً تموت غداً بنفسٍ لا تموت .

(3)

هناك تداخلٌ حتى الذوبان

بين رأس المسيح بعد الصلب، ورأس الحسين بعد القطع . .

وبين رأس يوحنا على طبق، ورأس الحسين على رمح . .

وبين خل العطش على الصليب، وملح العطش في عاشوراء . .

بين زينبات الحسين، ومريمات المسيح . .

وإن الذين رغبوا إلى اقتسام ثياب المسيح على الجلجلة، هم أنفسهم الذين رغبوا إلى اقتسام ثياب الحسين في كربلاء .. وإن الشهوات التي في أعماق هيرودس، هي ذاتها الشهوات التي في أعماق يزيد.. وإن الراقصة التي طالبت بقطع رأس يوحنا، هي ذاتها الدولة التي طالبت بقطع رأس الحسين..

الدولة والراقصة، والراقصة الدولة، الدولة الراقصة .

إنها رمز قاطع المنارات وقاطعِ الرؤوس: رأس الأنبياء .. رأس الرائين.. رأس الثوار.. رأس المفكرين.. رأس الفلاسفة.. رأس الحرية.. رأس السنبلة.. ورأس الحمام الأبيض، والزيتون المبارك..

ص: 44

(4)

لو دخلت عاشوراء يد القضاء لما اختل ميزان قاضٍ، ولو هبت على خفق راية لما أُذِلّ وطن.. ولو لامست وسادة حاكم، لمنعته من صلف النعاس .. ولو استوت على سرير خلافة، لما عرف التاريخ قراصنة الأرض، ولصوص الأمم، وشذاذ آفاق الممالك، والمشعبذة والطغاة والسحرة .

ثلاث وسبعون رأساً، ورأس الحسين طليعتها، منارةٌ خلفها منائر، دخلت البلاط اليزيدي على سن ثلاثة وسبعين رمحاً.. فهل لشمس بعد أن تشرق ؟! ولفرات بعدُ أن ينساب ! ولريح بعدُ أن تهب ! ولطائر بعد أن يسحب جناحيه ! ولنبت بعد أن يُمرع ! ولقضاء بعد أن يعدل ! ولحكم بعد أن يستوي ! ولدين بعد أن يشيع ! ولسلام بعد أن يسود . .

إلا ومعه قضية ثلاث وسبعين رأساً قضت في سبيل ألاّ يُلاحم من صدوع الباطل ! ويُصدع من ثبات الحق !

إن مسيحيتي أيها السادة.. لن تكتمل ناقصاً منها الحسين، وإن أي دين سماوياً كان أو غير سماوي.. لايتضمن مرتبة حسينية إنما هو دينٌ كثير الأرض قليل الجنة... وإن أي حق لابد من أن يضيع إن لم تكن وسيلته حسينية.. فإما الحق . . . وإما الشهادة . ! ؟

ولندع صفين . . ولندع التحكيم . . ولندع الفتنة . . ولندع من بعد . . حصار القسطنطينية . . ولندع . . حرب الأيقونات في بلاد الروم . . ولندع خوف يزيد من العراق في يد الحسين . . فإن في عمق ذهاب الحسين إلى العراق ليس ما دار في رأس يزيد . . فقط . . وإن في عمق أن الحسين ما رجع عن العراق . . ليس سيفاً للحسين سل وما غُمد . . فقط . .

ص: 45

هناك صوت ما، صوت من أعماق السماء نادى الحسين، فسار إليه.

كل ما هو ومضٌ قدسي، سيرته في الأرض، أن المكان الذي تركه، إنما تركه اقتراباً من الجنة، فإذا رجع إليه لا لحكمة ابتعد بدلا من أن يقترب .

من هنا كانت عاشوراء فصلاً من فصول ذهاب الحسين إلى الجنة لا العراق.. وهو لو رجع لسلمت رأسه، ولكنه لكان عاش بيدين لا في تلك الحق ولا في هذه الجنة .

وإن النبي الكريم إذا روّت شفتيه وهو على الأرض، شفتا الحسين من ريحانة الجنة، فإن شفتي الحسين وهو في الجنة تُرويان شفتي النبي من رائحة الشهادة والحق، ولعل توزنُ رائحة الريحان في الجنة برائحة الحق والشهادة .

وأما الإمام المكرم وجهه، فلم يكن فرحه والحسين الطفل في حضنه بأعظم من فرحه وليس في حضنه من الحسين إلا رأس الحسين ! إذ انتقل الحسين من الطفولة البريئة في المشهد الأول إلى الومض في المشهد الثاني .

الحق .. والشهادة . .

من كربلاء حتى الجنوب، الجنوب المشبع بهما، لأنه مشبع بالحسين، ويا لوطن يلتقي فيه حقا السماء والأرض .. وشهادتا الدين والدنيا، فلا يضيع الجنوب أصحابه، لأنهم عندئذ يكونون قد رجعوا إلى حيث لم يرجع الحسين، ويكونون قد سلمت رؤوسهم وعاشوا بيدين، ولكن لا في تلك الحق ولا في هذه الجنة .

ص: 46

(5)

كربلاء . . يا مساحة المرارة وموشحة الحزن وغرف الغمام العراقية، وشبّابة الفرات التي بحّت وما شربت، وحارسة المصابيح التي اشتعلت بزيت مسارج الجنة، خذي الدفء من وجه رباب .. والحنان من فؤاد سكينة.. ومن فاطمة الذراع العفّ.. ومن زينب رقّة الأخت، ورققي حواشي الريح، واملأي الأباريق، ولكن . . لا تمدي الوسادة الزينبية، وإنما هبيني .. لمرة أُرح رأس الحسين على يدي .

الإمام الحسين في الكتاب المقدس

- كتب (فرات) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 18-4-2000، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (الحسين علیه السلام في الكتاب المقدس)، قال فيه:

لم تعد قضية الإمام الحسين علیه السلام خاصة بطائفة أواتجاه مذهبي معين، بل إنها أصبحت تياراً يجذب جميع الطبقات الفكرية والإجتماعية في العالم .

فعلى سبيل المثال: عندما أخذ يزيد بعد مجزرة الطف ينكت ثغر الحسين الطاهر بالقضيب على مرأى من الحاضرين في مجلسه، كان من جملة الحاضرين مبعوث قيصر الروم، فما كان منه إلا أن قال ليزيد مستعظماً فعلته: إن عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عيسى ونحن نحج إليه في كل علم من الأقطار ونهدي إليه النذور ونعظمه كما تعظمون كتبكم، فأشهد أنكم على باطل . (الصواعق المحرقة – 119) .

1- يوحنا النبي يخبر عن الإمام الحسين علیه السلام: في سفر يوحنا (بالعبرية):

ص: 47

(كي أتّا نشحطتا في بدمخا قانيتا لإيلوهيم من كل مشبحا ولا شون وعم وكوي في إيريه في إشمع كول ملا خيم ربيم كورئيم عوشر في حاخما في كبورها في هدار كافود في براخا) .

ويعني هذا النص: أنك الذي ذبحت وقدمت دمك الطاهر قرباناً للرب ومن أجل إنقاذ الشعوب والأمم، وسينال هذا الذبيح المجد والعزة والكرامة والى الأبد، لأنه جسّد البطولة والتضحية بأعلى مراتبها .

فيشير النص العبري إلى الإمام الحسين علیه السلام من خلال ما جاء على لسان النبي يوحنا بأنه المذبوح الذي ضحى بنفسه من أجل الله، وأنه سينال المجد والعزة على مر العصور والأجيال، وهذا ما يتضح من خلال التحليل اللغوي للنص العبري حيث نجد الإشارة إلى أنه ذبح وقتل، من خلال صيغة اسم الفاعل (نشحطتا) وهي مشتقة من الفعل (شاحط) أي ذبح أو قتل .

(المعجم الحديث - 240 و369 و84)

ثم نجد في النص العبري تأكيداً آخر على أن المذبوح يشري دمه الطاهر قربة إلى الله وابتغاء مرضاته من خلال عبارة (بدمخا قانيتا) فالفعل: قانيتا. هو بالأصل: قانا: أي اشترى وباع والتاء في قانيتا، هي تاء المخاطب .

(المعجم الحديث - 104 و 425)

ثم يؤكد النص على أن الله سيعل لسيد الشهداء المجد والكرامة والعزة، وهذا ما ينطبق على سيد الشهداء المذبوح بكربلاء، والذي انفرد بهذه الخصوصية التي ميزته عن بقية الشهداء على مر التاريخ .

2- أرميا النبي يخبر عن مذبحة كربلاء:

ص: 48

جاء في سفر أرميا: (في هيّوم ههو كاشلوا في نافلوا تسافونا عل يد نهر فرات في آكلا حيرب في سابعا في راوتا من دمام كي زيبح لأدوناي يهفا تسفاؤوت با إيرتس تسافون إل نهر فرات) (سفر أرميا 46: 6، 10 ص782) .

يعني هذا النص: في ذلك اليوم يسقط القتلى في المعركة قرب نهر الفرات وتشبع الحراب والسيوف وترتوي من الدماء التي تسيل في ساحة المعركة بسبب مذبحة رب الجنود في أرض تقع شمال نهر الفرات .

فالنص الذي أخبر عنه النبي أرميا يكشف بكل وضوح عن ملحمة الطف في كربلاء الحسين علیه السلام . فإخبار إرميا النبي بسقوط الشهداء وارتواء السيوف من دمائهم على أرض تقع على نهر الفرات يدل دلالة واضحة على أن هذه الأرض هي كربلاء. لأن عبيد الله بن زياد عندما بعث عمر بن سعد على رأس الجيش فلقي الحسين علیه السلام بموضع على الفرات يقال له كربلاء، فمنعوا عنه الماء وحالوا بينه وبين ماء الفرات .

ويتضح من خلال هذين النصيين المتقدمين وما تضمناه من تنبؤات بما سيحدث على أرض كربلاء وما سيلاقيه سيد الشهداء، ويتطابق مع ما ورد عن الرسول صلی الله علیه و آله والأئمة علیهم السلام بشأن مظلومية الحسين علیه السلام والإشارة إلى مكان استشهاده، والحسين علیه السلام كان طفلاً صغيراً !!

ص: 49

ص: 50

الفصل الثاني: ما الذي يغيظ النواصب والمخالفين في مراسم عاشوراء؟!

اشارة

ص: 51

ص: 52

نشرت شبكات المتمسلفين، وما زالت، مواضيع عديدة هاجموا فيها إقامة الشيعة لمراسم عزاء الإمام الحسين علیه السلام ، وافتروا على الشيعة أنواع الإفتراءات، وعملوا بكل وسيلة وحيلة لكي يزوِّروا التاريخ، ويكذِّبوا الأحاديث النبوية ! كل ذلك دفاعاً عن أحبائهم يزيد بن معاوية وبني أمية !! وهذه نماذج من مواضيعهم:

عدنا إلى عاشوراء والروافض..!!

- كتب (خباب) في شبكة سحاب، بتاريخ 7-4-2000، موضوعاً بعنوان (لاحول ولا قوة إلا بالله ! عدنا إلى عاشوراء والروافض !!)، قال فيه:

في كل عام هجري جديد يطل علينا يوم عاشوراء، والذي يفترض على كل مسلم موحد عاقل أن يصومه إبتهاجاً بنجاة كليم الله موسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وقومه من فرعون (!!) إلا أن الروافض قبحهم الله يتخذون هذا اليوم مطية للتعبير عن الفجور والعهر المذهبي الذي يتمتعون به ! بل إن المسلمين الموحدين في الولايات المتحدة الأمريكية، كلما تقدموا خطوة للأمام في دعوة غير المسلمين خصوصاً من الطلاب والطالبات من الأمريكيين أعادهم هؤلاء

ص: 53

الروافض بطقوسهم الوثنية في عاشوراء إلى الوراء عشر خطوات !! والله المستعان!!

لقد حدثني أخٌ كريم ممن نثق به ممن يعيش في لندن بأن الرافضة وفي يوم عاشوراء يوزعون على الإنجليز منشورات عن مقتل الحسين رضي الله عنه !! تصوروا ؟! في شوارع وباصات لندن يفعلون هذا ! فبالله عليكم أهؤلاء عقلاء، أم أن أقل ما يقال عنهم أنهم مجاذيب ومجانين ؟!

وهؤلاء تجدهم يخرجون نساء ورجالاً في مسيرات الغباء والعهر المذهبي في شوارع لندن !! وبعدها يختلط الرجال بالنساء ويأتي السئ .. عفواً: السيد.. ويختار له من بين النساء اللاتي خرجن في هذه المسيرة الوثنية ليتمتع بها، طبعاً باسم الحسين !! وحتى لو كانت متزوجة وزوجها موجود، بيسترجي (يجرؤ) يقول: لأ، للسيد ؟!! هذا إن لم نقل بأن هذا الديوث فرح بزنا امرأته مع السيد والعياذ بالله لأجل بركة السيد ! !

وطبعاً يصبح هذا المشهد من الطقوس الوثنية فرجة (بكسر الفاء والجيم كما في اللهجة الشامية) للإنجليز وغيرهم، وكذلك كاميرات الفيديو التي يأتي بها القساوسة، لكي يعرضوها على الأطفال الإنجليز يوم الأحد في الكنائس وينفرونهم من دين المسلمين .

أهؤلاء من دين محمد يا مسلمين ؟؟ والله المستعان !!!

- وكتب (مرزوق) مؤيداً له فقال: جزاك الله خيراً . الرعد الذي لاماء معه لاينبت العشب، كذلك العمل الذي لا إخلاص فيه لا يثمر الخير .

ص: 54

- ثم كتب (خباب): وعندي نصيحة لكل من يستغفله الشيطان فيصافح رافضياً أن يغسل يده سبع مرات، إحداها في التراب، ولاينسى أن يعد أصابعه بعد ذلك، واللبيب بالإشارة يفهم ! .

- قال العاملي: أما افتراؤه على علماء الشيعة وأعراضهم، فهو فجورٌ قديمٌ نعرفه من أمثاله !! وقد تضمن باقي كلامه شهادةً مهمةً بأن مجالس عاشوراء المتواضعة التي يقيمها الشيعة في ديار الغرب والغربة .. تجذب غير المسلمين، وتهدم مابناه النواصب في أذهانهم من تشويه للإسلام ومذهب التشيع لأهل بيت النبوة الطاهرين صلوات الله عليهم .

وما ذلك إلا لما في هذه المجالس من منطق وعواطف إنسانية، وكشف لظلامة أهل بيت النبوة الطاهرين .. فهي مجالس مباركة منيرة، تثمر الهداية وتبخر ما عمله النواصب طول السنة .. فالحمد لله رب العالمين .

- وكتب (أبو طراد) في شبكة الساحة العربية، بتاريخ 4-14-2000، موضوعاً بعنوان (فلنحتفل بعيد عاشوراء نكاية بالرافضة) !! قال فيه:

فلنحتفل بعيد عاشوراء: 1 - نكاية بالرافضة. 2 - من السنة صيامه .

3 - هذا اليوم نجى فيه قوم موسى من فرعون . لاننسى أن نتسلى بمشاهدة صور الرافضة يضربون أنفسهم بالسلاسل .

- وكتب (المعتصم) في شبكة هجر، بتاريخ 14-4-2000، موضوعاً بعنوان (الحمد لله على نعمة العقل والإسلام)، ونشر في موضوعه صوراً للشيعة

ص: 55

وهم في مجلس تعزية يلطمون على صدورهم حزناً على الحسين علیه السلام ، وعلق عليها بتعليقات عامية ساخرة !

- فأجابه العاملي:

توجد مشاهد للحجاج أشد من هذه غرابة.. وأنت ترى الكفار غير المؤدبين يسخرون منها، كما سخرت أنت من مراسم الإمام الحسين ! !

وقد عدتُ الآن من مجلس حسيني مبارك، وبكيتُ فيه مع أهله على سيد الشهداء علیه السلام .. ومن المؤكد أنك تحتاج حتى تملك المخزون العاطفي الموجود عند الواحد من هؤلاء . إلى دورات تدريب إنسانية مدة عشرين سنة، إن كان فيك خير !!

- وأجابه الفاطمي:

أعوذ بالله من الحقد ! نعم، الحمد لله على نعمة العقل والإسلام، صح لسانك، ولكن أي عقل يالطيب ؟ العقل الذي يقول إن الرسول صلی الله علیه و آله كان يسب ويلعن ويجلد من لم يكن أهلاً لذلك من المسلمين، والعياذ بالله ! أم العقل الذي يقول: يزيد علیه السلام !!

السلام عليك يا بضعة المصطفى، يافاطمة الزهراء .

- وكتب (أبو بكر) في شبكة سحاب، بتاريخ 13-4-2000، موضوعاً بعنوان (احتفالات النواصب بيوم عاشوراء)، قال فيه:

هل تكون مواساة الإمام الحسين بإعادة نبش الفتن وإثارة النعرات، وشق صف الأمة، وتتبع الزلات، وطمس كل تاريخهم ومواقفهم في الدفاع والذود عن الإسلام ؟ ثم أليس الأجدى أن نمتثل لأمر الله فنستغفر لهم، وننبذ الغل من

ص: 56

صدورنا، كما أمرنا المولى في كتابه ؟ والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم . سورة الحشر - 10.

هل يرضى الحسين علیه السلام أن يسب ويلعن أتباعُه أصحابَ جده وأبيه؟ وبعد هذا كله يوصف أهل السنة والجماعة ظلماً بالنواصب، بزعم أنهم ينصبون العداء لأهل البيت، ويكرهون الحسين ؟! وهذا افتراء وكذب، فأهل السنة يحبون أهل البيت ويحبون الإمام الحسين ويؤمنون أنه سيد شباب أهل الجنة، ويكنون المحبة والمودة لجميع أهل بيت النبي، ولا يسبون ولا يلعنون أحداً منهم، وأتحدى أصحاب هذا القول أن يأتوا بكتاب واحد لعلماء أهل السنة والجماعة الثقات، يلعنون أويسبون فيه الحسين أو أهل بيت النبي . فلفظ النواصب هذا مردود على من ينصبون العداء ويلعنون أصحاب النبي رضوان الله عليهم ويحدثون في هذا الدين ما ليس فيه، ويفترون على الناس ثم لا يأتون بالدليل .

وهناك شئ آخر لا يمكن فهمه، فهل ضرب القامات ولطم الصدور وشج الرؤوس، واستخدام السلاسل الحديدية وغيرها من الأدوات لإيذاء النفس، قربةٌ يتقرب بها العبد إلى ربه ؟ ألم ينهنا المولى عن إيذاء أنفسنا ؟!

- وكتب (سليل المجد) في شبكة سحاب، بتاريخ 14-4-2000، موضوعاً بعنوان (من الطقوس الكفرية للرافضة)، وقد اعتبر فيه كل مراسم عاشوراء كفرية، حتى لبس السواد، وإطعام الطعام، وعقد المجالس، وسقي الماء عن روح الإمام الحسين علیه السلام !!!

ص: 57

الإمام الحسين مخطئ ويزيد معذور !!

- كتب (الذهبي) في شبكة سحاب، بتاريخ 14-4-2000، موضوعاً بعنوان (استشهاد الحسين رضي الله عنه .. دراسة نقدية تحليلة)، جاء فيه:

إن يوم عاشوراء يمثل للرافضة يوم ليس كسائر الأيام .. إنه يوم مقتل الإمام الحسين بن علي رضي الله عنه .. لذا يتخذونه مأتماً يفعلون فيه كل أصناف البدع والمنكرات، وكل أمور الجاهلية ..

وبما أن الصورة الحقيقة لمقتل الحسين رضي الله عنه لم تتضح بعد لدى كثير ممن يسمع عنها ..كما وأن الدكتور طارق سويدان حفظه الله تناول هذه الحادثة في سلسلته قصص من التاريخ، لكنه تناولها بصورة مشوهة، وكان جل اعتماده على روايات أبي مخنف الكذاب .. لذا فإني أحببت أن أعيد هذه المقالة التي كتبتها منذ فترة طويلة، لكن مع إضافات كثيرة وتفصيل أكثر وتحليل للحقائق، لعل الله يشرح بها الصدور لقبول الحق .. وأعتذر مقدماً على طول المقالة .

تمثل معارضة الحسين بن علي ليزيد بن معاوية نقطة تحول خطيرة في تاريخ المسلمين، وقد جرت هذه الحادثة من التبعات والإنقسامات الشئ الكثير، وكان خطر هذه الحادثة لا يقتصر على تأثيرها المباشر على المجتمع المسلم في ذلك الوقت فقط، بل يتعداه إلى أبعد من ذلك حتى يومنا هذا، حيث يمثل نقطة خطيرة لانحراف طائفة ترى محبته وموالاته فقط، وتكفير الأمة بسببه، ومن ثم تتخذ من هذه الحادثة مادةً لتأجيج المشاعر ضد أهل السنة بأجمعهم، وكأنهم هم السبب الحقيقي لمأساته رضوان الله عليه .

ص: 58

لقد كان موقف الحسين من بيعة يزيد بن معاوية هو موقف المعارض، وقد شاركه في هذه المعارضة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، غير أنهمالم يبديا أسباباً واضحة لممانعتهما بالبيعة (!!) أقصد بذلك أنهما لم يتهما يزيد في سلوكه، ولم يأتيا بأمور واضحة تطعن في تأهله للخلافة، فيبقى السبب الرئيسي، وهو إرادة الشورى، في حين أن ابن عمر وضح السبب، وهو أن هذه الطريقة في أخذ البيعة لاتشابه طريقة بيعة الخلفاء الراشدين . (تاريخ أبي زرعة 1/229 وتاريخ خليفة ص 214، بإسناد صحيح) . وبالفعل أرسل ابن عمر البيعة مباشرة عندما توفي معاوية (رضی الله عنه) .

وإن تلك الممانعة الشديدة من قبل الحسين بن علي، هي أنه أحق بالخلافة من غيره، وكان يرى أن الخلافة صائرة إليه بعد وفاة معاوية، وكان مؤدى هذا الشعور تلك المكانة التي يتبوأها الحسين في قلوب المسلمين، ثم اطمئنانه بالقاعدة العريضة من المؤيدين له في الكوفة وغيرها، فليس من الغريب أن يقف الحسين في وجه بيعة يزيد ويرفضها رفضاً شديداً وبكل قوة، ولهذا قال الذهبي في السير 3/291: ولما بايع معاوية ليزيد تألَّمَ الحسين . . !!

إلى آخر مقالته التي عقب عليها عدد من النواصب بالتأييد والشكر !!

- وكتب له المدعو (أبو فراس) مؤيداً له:

ليتك ترسل هذا الكلام لمنتديات الرافضة لكان خيراً . وبارك الله فيك !!

- قال العاملي:

1 - صوَّر هؤلاء النواصب الإمام الحسين علیه السلام بأنه طالب دنياً، وطامعٌ في الخلافة، وحكموا بأنه أخطأ في خروجه على يزيد الخليفة الشرعي ! وبذلك زوروا تاريخ نهضته الموعودة من جده المصطفى صلی الله علیه و آله .

ص: 59

2 - أنكروا الأحاديث النبوية الصحيحة الموجودة في مصادرهم، التي تشيد بالإمام الحسين علیه السلام وتبين إمامته وعلو مقامه عند الله تعالى وتخبر بقتله وشهادته، وتعتبره جريمة على مستوى الأمة، وتذم قاتليه وتلعنهم !!

3 - برؤوا يزيد بن معاوية من قتله، بحجة أنه لم يأمر بذلك، وأنه عفى عن أسارى أهل البيت النبوي فلم يقتلهم وأعادهم الى المدينة !!

4 - كذب المدعو (الذهبي) كذباً صريحاً في أمور كثيرة، منها زعمه أن الإمام الحسين وابن الزبير لم يطعنا في أهلية يزيد للخلافة ! مع أن مصادر الطرفين روت طعنهما الشديد له بالفسق والفجور وشرب الخمور.. الخ.

وقد تقدم هذا الموضوع في المجلد الثامن في فصل (الشبكات الوهابية المتعصبة في أيام عاشوراء) .

لا يعرفون ماذا في مجالس عاشوراء .. فيتخرصون !

- كتبت المدعوة (المدمرة) في الساحة العربية، بتاريخ 23-4-1999، السادسة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (الرافضة يوم عاشوراء) قالت فيه:

إن الرافضة يقيمون المحافل والمآتم والنياحة، ويعملون المظاهرات في الشوارع والميادين العامة، ويقومون بلبس الملابس السوداء حزناً في ذكرى شهادة الحسين رضي الله عنه، باهتمام في العشر الأوائل من شهر الله المحرم من كل عام، معتقدين أنها من القربات فيضربون خدودهم بأيديهم، ويضربون صدورهم وظهورهم، ويشقون الجيوب ويبكون ويصيحون بهتافات: يا حسين يا حسين . . وخاصة في اليوم العاشر، بل إنهم يقومون بضرب أنفسهم بالسلاسل

ص: 60

والسيوف، كما هو الحال في بعض البلاد التي يقطنها الرافضة كإيران مثلاً، وشيوخهم يحرضونهم على هذه الأفعال والمهازل التي صاروا بها أضحوكة الأمم، فقد سئل أحد مراجعهم وهو الرافضي محمد حسن آل كاشف الغطاء عما يفعله أبناء طائفته من ضرب ولطم.. إلخ. فقال: إن هذا من تعظيم شعائر الله . (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) سبحان الله !!!

- وكتب (أويس) بتاريخ 23-4-1999، السابعة صباحاً:

والله إنك أضحكتني بفهم هذا الذي سئل عن لطم الخدود والصدور فقال هذا من تعظيم شعائر الله !! ولكن العتب ليس عليه، بل على هؤلاء الذين يفتحون أفواههم ويصغون أسماعهم لمثل هذه الخرافات . . وتجدهم يكبرون عند سماع مثل هذا !

الذي نعلمه من دين الله عز وجل في هذا الباب أن النياحة على الميت حرام قال النبي صلى الله عليه وسلم: أربع في أمتي من أمر الجاهلية لايتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والإستسقاء بالنجوم، والنياحة. وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب! رواه مسلم . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت. رواه مسلم . عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النياحة من أمر الجاهلية وإن النائحة إذا ماتت ولم تتب قطع الله لها ثياباً من قطران ودرعاً من لهب النار . رواه ابن ماجة، وغيرها من الأحاديث . .

ص: 61

ولكن هل يعقلون مثل هذه الأحاديث، التي تعكس صفاء الدين وبعده عن مظاهر التخلف وأعمال الجاهلية .

- وكتب (أبو عبد الله) بتاريخ 23-4-1999، السابعة والربع صباحاً:

السلام على من اتبع الهدى: إن الرافضه بفعلهم هذا أشبهوا من قال الله فيهم: يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار. وقال أيضاً: قل هل أنبؤكم بالأخسرين أعمالاً، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً . فاحمدو الله أيها المسلمون على أن جعلكم على الهدى، ولم يجعلكم مثلهم على الضلال.. ثم أليس الرافضة يدعون أنهم على الحق ؟ إذاً فليأتو لنا بحديث واحد صحيح ثابت، أو آية واحدة تذكر مشروعية فعلهم، وأن الله أو نبيه قد أمرهم به !!

- وكتب (يوسف ناصر) بتاريخ 23-4-1999، الثامنة صباحاً:

نرى كثيراً ممن أغاظهم إقامة المجالس الحسينية والذين لايعرفون بأن عاشوراء مدرسة المكارم.. إن إصلاح المجتمع لايتم الا بانتفاضة داخلية للنفس حتى تتجلى الروح بأقدس صورها وتصبح محل التأثير والإرشاد، وهذا ما نقتبسه من رؤية جهاد سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين علية السلام في مقارعة الظلم، وتأتي هذه الروحية والنفسية الجبارة انطلاقاً من تعلقة بالله ونقاوة إيمانه وصفاء الروح التي تتجلى في قوة المقاومة والصبر، فحين رمى حرملة بن كاهل الأسدي عبد الله الرضيع بسهم وقع في نحره فذبحة يوم عاشوراء، وضع الحسين علیه السلام يده تحت منحر الرضيع حتى إذا امتلأت دماً رمى بها نحو السماء وهو يقول: هوَّنَ ما نزلَ بي أنه بعين الله .

ص: 62

إن إحياء عاشوراء حجة علينا، فكل مساهمة في إحياء ذكرى الحسين سواء بالحضور في المجالس، أو التبرع، أو الكتابة، أو إحياء الشعائر بجميع صنوفها، هي إحياءٌ لمواقف ورسالة الحسين، وبالنتيجة إدانةٌ لضعف أنفسنا بأن وظيفتنا في إحياء رسالة الإمام الحسين تتجسد في مقاومة عوامل الضعف والفتور والإنحراف في أنفسنا ...

وإنما إقامة المجالس وذكر الله وتذكير الناس بالمواعظ، فهي شئ مشروع ويحضرة الشيعة والسنة على حد سواء .. مجلسٌ يذكر فيه مناقب أهل البيت إضافة إلى محاضرة دينية هي جيدةٌ لتقوية الإيمان وتذكير الناس بالآخرة والأعمال الحسنة، ونحن في الكويت الحبيبة المليئة بالحسينيات التي يحضرها مئات الألوف من البشر ويشارك فيها الجميع .. هي نعمة نحمد الله عليها في بلد الخير الكويت الغالية، جعلها الله دار أمن وخير وسلامة .

- وكتب (الشهم) بتاريخ 23-4-1999، الثالثة ظهراً:

دمرك الله إبليسك أيتها المدمرة . خالطي الشيعة واحضري مجالس الحسين لتجدي ضالتك . إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لاتبرد أبداً ! ويكفيكم أن النبي قال عنه: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، والحسن والحسين ريحانتاي . ***

ثم يأتي اللعين ابن الطلقاء يزيد شارب الخمر وقاتل النفس المحترمة، الذي تترضون عنه، بعد قتل الحسين ينكث ثنايا الحسين قائلاً:

ليت أشياخي ببدرٍ شهدوا *** جزعَ الخزرج من وقع الأسَلْ

لأهلُّوا واستهلوا فرحاً *** وقالوا يد زيد لا تُشلْ

لعبت هاشمُ بالملك فلا *** خبر جاء ولا وحيٌ نزلْ

ص: 63

ومع هذا تدافعون عن يزيد دفاعاً مستميتاً وكأنه لم يرتكب أي خطأ ! وأنتم في واقعكم المعاصر تحتقرون شارب الخمر وفاعل المنكرات، وتمجدون يزيد ومعاوية وأبي سفيان !!

- كتب (أبوبكر) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 13-4-2000، الواحدة ظهراً، موضوعاً بعنوان (احتفالات النواصب بيوم عاشوراء)، قال فيه:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن اهتدى بهداه، أما بعد، فهذا كتاب يخاطب العقل والقلب في آن، أوجهه لكل من يحب آل بيت النبي صلی الله علیه و آله وصحبه وسلم . وسبب كتابتي لهذا الموضوع هو قرب يوم العاشر من محرم، عاشوراء، ووجوب الوقوف على بعض الأشياء التي تحدث في هذا اليوم من كل عام . حيث أن معظم اللذين يقومون بطقوس هذا اليوم، يقولون أن عملهم هذا قربة لله تعالى، ومشاركة في مواساة الإمام الحسين علیه السلام ، وأريد أن أتوقف عند هذا القول .

أولاً: كل عمل يتقرب به العبد إلى ربه أمرٌ مشكور ويجب الحث عليه . وحتى يكون العمل مقبولاً يجب أن يكون عملاً طيباً خالياً من أي مخالفات شرعية . والسؤال هنا يطرح نفسه: هل سبُّ ولعنُ الصحابة الأخيار الذين التفوا حول رسول الله صلی الله علیه و آله وصحبه وسلم، قربةٌ يتقربُ بها العبد إلى ربه ؟ وهم الذين رضي الله عنهم بقوله: لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً . سورة الفتح – 18 . وقوله تعالى: والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار

ص: 64

والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم . سورة التوبة – 100 .

وهل قذف أم المؤمنين السيدة عائشة الصديقة بنت الصديق، وإيذاء رسول الله في زوجه قربةٌ إلى الله تعالى ؟ الجواب المنطقي العقلي يقول لا، وسب ولعن أصحاب رسول الله صلی الله علیه و آله وصحبه وسلم، هو جريمة يحاسب عليها فاعلها يوم القيامة . فلماذا الإصرار إذن ؟

وهناك شئ آخر لا يمكن فهمه، فهل ضرب القامات ولطم الصدور وشج الرؤوس واستخدام السلاسل الحديدية وغيرها من الأدوات لإيذاء النفس، قربة يتقرب بها العبد إلى ربه ؟ ألم ينهنا المولى عن إيذاء أنفسنا وإلحاق الضرر بها ؟ ثم أليس الأفضل أن توفر هذه الدماء كلها وتراق في ساحات الوغى وقتال أعداء الله ؟ والحقيقة أني لم أجد في هذا العمل أي فائدة يتقبلها العقل، كما لم أجد أي دليل شرعي يحث عليها، بل على العكس .

فلماذا الإصرار إذن ؟

ثانياً: هل تكون مواساة الإمام الحسين . . . الخ . ما تقدم من كلام أبي بكر .

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 14-4-2000، الثانية والنصف ظهراً:

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه، وأنار قبره، في كتابه منهاج السنة 4 /553: (وصار الناس في مقتل الحسين ثلاثة أصناف، طرفين ووسط . أحد الطرفين يقول: أنه قتل بحق فإنه أراد أن يشق عصا المسلمين ويفرق الجماعة وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من جاءكم وأمركم على رجل واحد يريد أن يفرق جماعتكم فاقتلوه. قالوا والحسين جاء وأمر المسلمين على رجل واحد فأراد أن يفرق جماعتهم . وقال

ص: 65

بعضهم هو أول خارج خرج في الإسلام على ولاة الأمر . (يقصد بقوله النواصب لأن هذا قولهم) . والطرف الآخر يقول: بل كان هو الإمام الواجب طاعته، الذي لا ينفذ أمر من أمور الإيمان إلا به، ولا تصلَّي جماعة ولا جمعة إلا خلف من يوليه ولا يجاهد إلا بإذنه ونحو ذلك . (يقصد بقوله الرافضة لأن هذا قولهم) . وأما الوسط فهم أهل السنة الذين لا يقولون لا هذا ولا هذا، بل يقولون: قُتل مظلوماً شهيدًا، ولم يكن متولياً لأمر الأمة، والحديث المذكور لا يتناوله فإنه لما بلغه ما فُعل بابن عمه مسلم بن عقيل ترك طلب الأمر، وطلب أن يذهب إلى يزيد أو إلى الثغر أو إلى بلده فلم يمكنوه، وطلبوا منه أن يستأسر لهم، ولهذا لم يكن واجباً عليه . وصار الشيطان بسبب قتل الحسين رضي الله عنه يحدث للناس بدعتين، بدعة الحزن والنوح يوم عاشوراء، من اللطم والصراخ والبكاء والعطش وإنشاد المراثي وما يفضي ذلك من سب السلف ولعنهم وإدخال من لاذنب له مع ذوي الذنوب، حتى يسب السابقون الأولون، وتقرأ أخبار مصرعه التي كثير منها الكذب، وكأن قصد من سنِّ ذلك فتح باب الفتنة والفرقة بين الأمة، وهذا ليس واجباً أو مستحباً باتفاق المسلمين. بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أعظم ما حرمة الله ورسوله . وكذلك بدعة الفرح والسرور .

- وكتب (أبو الفضل) بتاريخ 14-4-2000، الرابعة والنصف عصراً:

شيخ الإسلام ابن تيمية .... وأنار قبره ؟!!! وأنت يا سيد أبا بكر، فأين تعليقك على من كان يسب ويلعن الإمام علي علیه السلام لأكثر من أربعين سنة ؟ ! أو طنشت عن هذا الموضوع ؟ ما لكم كيف تحكمون ؟!

- وكتب (مدمر النواصب) في 14-4-2000، الخامسة إلا ثلث عصراً:

ص: 66

يا أبا فراس .. لماذا أعراسكم تزداد في أيام شهر محرم ؟ وهم جميعاً من أهل السنة الذين يدعون بحب أهل البيت وهم نواصب .. أتمنى أن تتكلم بلغة العقل وليست عقولنا كعقول الأطفال .. واعلم أنه لن يدوم فرح في عاشوراء إلا وأدام الله عليهم البلاء فيما فعلوه .

الأخ أبا فاضل .. يعني أن المسألة انحصرت في ابن تيمية.. المسكين هذا.. هناك الكثير من يخفي الحقائق ويزورها ضد أهل البيت علیهم السلام .. ولكن أين الفرار من عذاب الله سبحانه وتعالى !

الأخ أبا بكر .. وهل ترضون أن يزيد بن معاوية يقال عنه أمير المؤمنين ؟! وهل ترضون بمن يخالف خليفة زمانه وإمام زمانه يسمى بأمير المؤمنين ؟! وهل ترضون بإقامة الأفراح في أيام محرم، كما يفعله أجدادك وأهلك ضاربين عزاء أهل البيت عرض الحائط ؟! حسبي الله ونعم الوكيل .

- فكتب العاملي بتاريخ 14-4-2000، الخامسة عصراً:

خلاصة ما تقولونه لنا:

أولاً: إقبلوا بالصحابة الذين عصوا نبيهم وخالفوه في حياته، وبعد وفاته، ولم يطيعوه في أهل بيته، وظلموهم وقتلوهم ! !

والجواب: أنا لا يجوز لنا أن نترضى عليهم ونسامحهم بظلم أهل البيت النبوي وقتلهم، إلا إذا صرنا مثلكم نقلد بابا النصارى الذي سامح اليهود بدم المسيح علیه السلام !!

ثانياً: تقولون لاتصفوا أحداً من أعداء أهل البيت كالأمويين وأتباعهم بأنهم نواصب، لأن الناصبي منافق وكافر، بحكم المصطفى صلی الله علیه و آله .

ص: 67

والجواب: أنه إن لم يكن الذين غصبوا أهل البيت النبوي حقهم وآذوهم نواصب .. فلا يوجد ناصبي !! فيجب أن نرد أحاديث النبي صلی الله علیه و آله ونكذبها عملياً مثلكم !!

ثالثاً: تقولون قلدوا ابن تيمية في إقامة مراسم شهادة الإمام الحسين علیه السلام ، ولا بأس أن تذكروها في مجالسكم، بشرط أن تبرئوا يزيداً من دمه، وتقولوا لاحول ولا قوة إلا بالله، ولا تزيدوا على ذلك !!

والجواب: أن ابن تيمية شريك ليزيد وابن زياد في دم الحسين علیه السلام . . وهل رأيت أولياء قتيل يقلدون شريك القاتل في إقامة مراسمهم عليه ؟!!

فالحل أن تتركوا المكابرة، وتعترفوا بظلم أئمتكم الظالمين لآل رسول الله الذين تصلون عليهم في صلاتكم، صلى الله عليه وعليهم. وتتبرؤوا معنا من ظالميهم، حتى لا تحشروا معهم يوم القيامة، يوم يدعو الله كل أناس بإمامهم!!

- وكتب (أبو بكر) بتاريخ 14-4-2000، السابعة والنصف مساءً:

حاولت أن أطرح استفسارات محددة، ولم يأت جواب عليها، وجاءت الردود في واد آخر، ما يبعدنا عن الحوار العلمي . فالرجاء مراجعة الموضوع الأصلي والرد على الأسئلة المطروحة فقط، التزاماً بالموضوعية .

الأستاذ أبا الفضل . . قلت: وأنت يا سيد أبابكر فأين تعليقك على من كان يسب ويلعن الإمام علي علیه السلام لأكثر من أربعين سنة..

الجواب وبالله تعالى التوفيق: أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين، ونحن لا نسبه ولا نلعنه، بل نحبه ونقدره، ونترضى عليه .

ص: 68

الأستاذ مدمر النواصب .. إسمك جميل ومعبر وأنا بدوري أنضم معك لتدمير النواصب الحقيقين لا المفترى عليهم .

قلت: أتمنى أن تتكلم بلغة العقل.. وأقول: أؤيدك مئة بالمئة في هذه المقولة وأتمنى أن تطبقها . وفي ردك على الأستاذ أبي فراس تقول: يا أبا فراس.. لماذا أعراسكم تزداد في أيام شهر محرم . . وهنا أريد أن أستوقفك للحظة: أنت تعتبر من يقيم عرساً في العشر الأوائل من محرم ناصبياً لأن هذه الفترة تعتبرها فترة حزن على الإمام الحسي ن، بعد استشهاده في كربلاء . . يعني حسب قولك إذا صادف أحد الأيام يوم إستشهاد أحد الأئمة لا يجب أن نفرح في هذا اليوم حتى ولو بعد مرور القرون .

وهنا أسألك ألم يقتل أمير المؤمنيين الإمام علي رضي الله عنه ؟ لماذا لا تقيم عزاء في يوم استشهاده وتمنع كل من يريد أن يتزوج في هذا اليوم من إقامة عرس لأنه يصادف ذكرى الإمام علي رضي الله عنه ؟ ألم يقتل الإمام الحسن رضي الله عنه مسموماً، لماذا لا تقيم العزاء ؟ لماذا لا تمنع الناس من الزواج في ذكراه ؟ وهناك من الأئمة والصالحين والصحابة شهداء تصادف ذكراهم في كل يوم من أيام السنة، فلماذا لا تجعل السنة كلها عزاء وتمنع الناس من الزواج في كل هذه لأيام ؟ ما هكذا تورد الإبل .

واستدلالك بأن أهل السنة نواصب لأهل البيت لأن بعضهم يقيمون أفراحهم في أيام عاشوراء مردود عليك، ولو قسنا بمقياسك لأصبحت أنت من نواصب الإمام الحسن رضي الله عنه، أو أمير المؤمنيين الإمام علي رضوان الله عليه، أو... أو... ولا أحسبك ممن يكرهونهم أو ينصبون لهم العداء، أليس كذلك ؟؟

ص: 69

الأستاذ العاملي .. نحن نحب رسول الله ونحب آل بيت رسول الله، ونحب أصحاب رسول الله ونحب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، ونحب ريحانتي رسول الله سيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين، ونسأل الله أن يحشرنا معهم يوم القيامة، وأذكرك بقول النبي محمد صلی الله علیه و آله وصحبه وسلم، المرء مع من أحب يوم القيامة . ويا أستاذ نحن لانفتري على أحد ولا نتهم أحداً، بل نكف على ما شجر بين صحابة رسول الله حرصاً على وحدة هذه الأمة، ونبذاً للخلافات التي يزعها الأعداء والمنافقون .

أما بخصوص اتهامك: إلا إذا صرنا مثلكم نقلد بابا النصارى الذي سامح اليهود بدم المسيح ! فهذا الإتهام مردود عليك، ويبدو أنك أنت من تقلد النصارى . وأبشرك أننا لا نتبع أحداً ولا نقلد أحداً، نحن نتبع رسولنا ونقتفي أثره ونستنير بكتاب الله ...

ومعذرة من الأستاذ العاملي والأستاذ أبي الفضل، فلن أرد عليهما لما كتبوه في حق شيخ الإسلام وغيرها من الإتهامات المردودة، لكثرة ما تضيعه هذه لنقاشات العقيمة من وقت، وتشبث البعض بالضلال .

ملاحظة هامة: ما أكتب هو آرائي الشخصية، فما كان فيها من صواب فبتوفيق الله وفضله، وما كان فيها من خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء . سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك .

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 14-4-2000، العاشرة والنصف مساءً:

جزاك الله خيراً يا أبا بكر .. بالنسبة لشهر محرم وقيام الأعراس والحفلات بسبب أنه صادف في هذا الشهر مقتل الحسين رضي الله عنه، لو أننا نذكر تاريخ

ص: 70

وأيام التي قتل فيها الصالحون من أولياء الله وعبادة الصالحون، لنجد أننا نحزن طوال أيام السنة فلا زواج ولا احتفال حتى ولا نحتفل بأيام العيدين الفطر والأضحى . وهذا العمل بدعة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام ولا آل بيته الأطهار . ومن المعلوم أنه صلى الله عليه وسلم عندما رأى عمه حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه في غزوة أحد سقط شهيداً حزن حزناً شديداً عليه ومع ذلك لم ينح عليه أو يلطم أو يضرب صدره حزناً وأسفاً، وما قال وا عماه واحبيباه وا أخاه . بل صبر واحتسب، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، وهذا دليل قول الله تعالى في أواخر سورة النحل. فرحم الله الحسين فقد قتل مظلوماً شهيداً، وليس وحده فقد هناك من قتلوا مظلومين من الأنبياء والصالحين، منهم نبي الله يحيى عليه الصلاة والسلام. نسأل الله العافية .

ثم بالنسبة لقول بأن أهل السنة بأنهم نواصب، هذا قول الرافضة لنا، الإتهام بالباطل والنواصب هم من يعادي أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن أي أهل السنة نتبرأ منهم كما نتبرأ من الرافضة، ومعاداتهم لصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

منهجنا واضح كوضوح الشمس في كبد السماء . والحمد لله رب العالمين.

- وكتب (أبو القاسم) بتاريخ 16-4-2000، الواحدة ظهراً:

أخي أبا بكر .. ياسبحان الله، هذه الأسئلة والأجوبة كالتالي:

س 1: أين تعليقك على من كان يسب ويلعن الامام علي علیه السلام لأكثر من أربعين سنة؟ أو طنشت عن هذا الموضوع، ما لكم كيف تحكمون ؟!

ج 1: أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين، ونحن لا نسبه ولا نلعنه، بله نحبه ونقدره، ونترضى عليه . وهل كان

ص: 71

الأخ أبا الفضل يعرض بك أنت أوغيرك، بل كان يقصد معاوية بن أبي سفيان الذي سب علياً علیه السلام 40 عاماً فأين تعليقك منه ؟؟

س 2: لماذا أعراسكم تزداد في أيام شهر محرم . . . وهم جميعاً من أهل السنة الذين يدعون بحب أهل البيت وهم نواصب عليهم ؟

ج 2: أنت تعتبر من يقيم عرساً في العشر الأوائل من محرم ناصبيا لأن هذه الفترة تعتبرها فترة حزن على الإمام الحسين بعد استشهاده في كربلاء . يعني حسب قولك إذا صادف أحد الأيام يوم إستشهاد أحد الأئمة لا يجب أن نفرح في هذا اليوم حتى ولو بعد مرور القرون ؟ لا، هو ليس كذلك، ومن قال إن أبا الفضل أو أنا وغيرنا من الشيعة نؤيد الزواج في مقتل الحسن علیه السلام ، أو حتى في وفاة أي من المعصوين علیهم السلام .

س 3: تعليق الأخ العاملي: (إلا إذا صرنا مثلكم نقلد بابا النصارى الذي سامح اليهود بدم المسيح) .

ج 3: فأغلب الظن أن قصد الأخ العاملي هو أن مثَلكم عندما أقررتم بعدالة من ظلم آل بيت النبوة وسامحتموه على مافعله بهم، كمثل بابا المسيح عندما سامح اليهود بدم عيسى كما يعتقد البابا، وهذا ما لا نرضاه .

- وكتب (أبو بكر) بتاريخ 16-4-2000، السابعة مساءً:

أذكر جميع الأساتذة محبي الحوار العلمي، أنهم حتى اللحظة لم يردوا على الموضوع الأصلي الذي كتبته، وأن كل الردود هي ردود على الردود...

الأستاذ أبا القاسم، تقول: وهل كان الأخ أبا الفضل يعرض بك ..

ص: 72

الجواب: الحمد لله، يعني برأتني أنا وغيري من تهمة النواصب الملفقة . وبالنسبة لسب أمير المؤمنين الإمام علي رضي الله عنه، أنا شخصياً لا أعلم صحة هذا القول، ولم أسمع به من قبل .

وتقول: لا هو ليس كذلك ومن قال أن أبا الفضل أو أنا وغيرنا من الشيعة نؤيد الزواج في مقتل الحسن علیه السلام ..

وأرد: تأمل ما كتبت جيداً، وهناك من الأئمة والصالحين والصحابة شهداء تصادف ذكراهم في كل يوم من أيام السنة، فلماذا لا تجعل السنة كلها عزاء ؟ وتمنع الناس من الزواج في كل هذه الأيام ؟

تقول: فأغلب الظن أن قصد الأخ العاملي هو أن مثلكم . . .

الجواب: من قال لك نحن نقر أو نسامح، نحن نكف عما شجر بين صحابة الرسول الأخيار وأداً للفتنة، وحرصاً على وحدة الصف .

- وكتب المدعو (خالد 78) في 16-4-2000، السابعة والنصف مساءً:

دائماً أستغرب لماذا كل هذا الحزن على شهادة السبط الحسين علیه السلام !

أنحزن على أنه نال الشهادة ونال من الدرجات العلى ما نال، وانتقل إلى الأحبة الى عليين في مقعد صدق عند مليك مقتدر بالفردوس العلى، مع النبيين والصديقين، مع حبيبه جده محمد خير الأنام صلی الله علیه و آله ؟!

لما الحزن ؟! وما ضر سيد الشهداء كيف قتل ؟! لو توفي لأحدكم ولد أو أخ، تحزن لفراقه وتخاف عليه من العاقبة، لكن لو قتل شهيداً لوجه الله من منا يحزن ؟! نعم لاشك أنه يصعب علينا فراقه ولكن نحزن، نحزن على ماذا ؟ فقد فاز ! ورب الكعبة يجب أن تفرح ونحتفل لاستشهاد أحد الأقرباء، أو أحد المسلمين . نعم لقد كانت شهادة الحسين لمن أهول القتلات، وكان فراق

ص: 73

الأحبة صعباً ومريراً، ولكنه ذهب للقاء الأحب، فهنيئاً له الشهادة، وهنيئاً له الدرجات العلا . أما من قتله وتسبب في قتله فعلى الله حسابهم يفعل بهم مايشاء، ولم يجعلنا الله جلادين وقضاة عليهم، فقد عفا الرسوال عن من قتل حمزة، فما لنا نحن وقلوب البشر، وعلى ما توفي الناس عليه، لا يعلم ذلك إلا الله، وله الحكم فعال لما يريد . أما من غدروا به فلهم أن يحزنوا ويلطموا ويولولوا أبد الدهر، فقد نالتهم دعوة الطاهرة زينب .

- وكتب العاملي بتاريخ 16-4-2000، الثامنة مساءً:

يظهر أنك يا أخ أبا بكر أفضل المناقشين في هذا الموضوع . وقد قلت: نحن لا نفتري على أحد، ولا نتهم أحد (الصواب: أحداً)، بل نكف على ما (الصواب: عما كف عنه وليس عليه) شجر بين صحابة رسول الله، حرصاً على وحدة هذه الأمة ونبذاً للخلافات التي يزرعها الأعداء والمنافقون.

فأرجو أن تبين لي هذه القاعدة، وهل تعني أنكم لا تخطِّئُون عمل أي صحابي أبداً، ولا تردون كلامه وتؤمنون به ؟! أم أنكم تطبقونها فقط عندما تحرجون في ظلم الصحابة لأهل البيت النبوي علیهم السلام ؟!

وهل تعني قاعدتكم هذه أنكم تترحمون على الصحابة الذين قتلوا عثمان أيضاً !؟! وما رأيكم لو أن شخصاً غير صحابي أخذ سيفه وقتل ألفاً من الصحابة .. هل يجوز السكوت على فعله ؟!

- وكتب (أبو بكر) بتاريخ 16-4-2000، العاشرة ليلاً:

الأستاذ العاملي .. بالنسبة للأخطاء اللغوية فاعذر قلة علمي، فأنا واحد من أقل أهل السنة علماً ومعرفة، وأكثرهم جهلاً وأخطاء وزلات .

ص: 74

أما بالنسبة لأسئلتك الكثيرة، فسأختصر الرد بجواب واحد: لا يحق لأحد أن ينصب نفسه قاضياً يحكم على هذا ويجرم الآخر، وخاصة أن هؤلاء هم خير البرية، والفتنة التي حدثت يومها لا يحق لأحد أن ينبشها بين الفترة والأخرى بزعم إنصاف أحد الأطراف . والقاعدة هذه خاصة بحوادث الفتنة تلك وبالصحابة الذين أمرنا الرسول أن نمسك عن هفواتهم .

- وكتب (أبو فراس) في 16-4-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

لفت انتباهي حول القول الآتي وهو: بأننا نوالي ظالمي آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ليتك تذكر لي من هم ؟ من هؤلاء الذي أنت تعتقد بأنه ظالمٌ آل بيت النبي ونحن نواليه ؟ سمهم بأسمائهم بلا تقية أو انحراف من مسار الجواب .

- وكتب العاملي في 16-4-2000، الحادية عشرة والنصف مساءً:

أفرض أن المسألة تتعلق ببلدك، وحضرت رئيسه الوفاة، فقال أطيعوا مجلس النواب من بعدي وكلهم عدول ولا تتكلموا عليهم .. فاختلف الأعضاء بعده وأشعلوا بينهم حرباً أهلية .. جرَّت ويلاتٍ على البلد !! لا بد أننا نقول إن وصيته كانت خطأ وأنه غير معصوم.. وأن علينا أن نعرف الرجال بالحق، وليس بالعكس .

إن أمر الأمة يا أخي أعظم من أمر البلد، وصاحب الأمة هو الله تعالى، ورسوله المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، صلی الله علیه و آله . .

فهل يقبل عقلك أن يأمرنا باتباع الصحابة الذين هم أكثر من مئة ألف، وهم قبائل واتجاهات مختلفة متناقضة متناحرة، لم يتم صهرها في الإسلام.. وبالأمس

ص: 75

نجا النبي من محاولة اغتيالهم في العقبة، ولم يستطع إعلان أسماء المتآمرين خوفاً من الردة ؟!!

أخبرني ماذا يقول الناس عنك إذا كنت صاحب معمل وغبت عنه وأوكلت أمره إلى عشرين عامل مختلفين فيما بينهم ؟!!

اتقوا الله ولا تبتدعوا في الدين، فتجعلوا إطاعة الصحابة جزءً من الدين الذي أنزله الله على رسوله !!

إتقوا الله ولا تحملوا الدين تصرفات أناس لو صليتم عليهم في صلاتكم لبطلت صلاتكم، وضرب بها في وجوهكم !!

ولا تظلموا أهل بيت نبيكم المطهرين، الذين لو تركتم الصلاة عليهم لبطلت صلاتكم وضرب بها في وجوهكم !!

- فكتب (أبو فراس) بتاريخ 16-4-2000، الثانية عشرة إلا ربعاً:

سبحان الله . لقد كان الناس في أيام الجاهلية قبائل متناحرة القوي منهم يأكل الضعيف، ويأكلون الميته ويشربون الخمرة ويعبدون الأوثان، فبعث الله عبده ورسوله محمد صلىالله عليه وسلم يدعوهم إلى التوحيد ونبذ الأوثان، فصفت قلوب الناس وأصبحوا إخوة متحابين في الله، رفعوا علم الجهاد ووقفوا مع رسول الله في الشدة والرخاء، فذلل الله لهم الصعاب، ورضي عنهم وأثبت عدالتهم في آيات متفرقة في كتابه الكريم، فأصبحوا بنعمته إخواناً، فتحوا البلاد وأمنوا العباد ونشروا الإسلام . فقد تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لايزيغ عنها إلا هالك.

ثم أمر الوصاية، فقد تكلمنا فيها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر ثلاثاً، فاجتمعت الأمة عليه وأسموه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ص: 76

لو أن علياً هو الوصي فعلاً لما ترك هذا الحق أبداً، لطالب به حتى لو كان في ذلك ذهاب روحه، فكان لا تأخذه في الله لومة لائم كرم الله وجهه .

ولو أنه هو الوصي لمادخل مع الستة في الشورى بعد مقتل الفاروق رضي الله عنه، ولو أنه الوصي لما رفض الخلافة بعد مقتل عثمان أكثر من مرة .

ولو أن علياً كرم الله وجهه يعلم أنه الوصي على حد زعمكم، وترك أمر الخلافة وفعل كل هذا، لكان ذلك عصياناً منه لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحاشا لله أن يعصيه . وهناك دلالة أخرى وقوية تدل على عدم وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي ما جاء في صحيح البخاري أن عبد الله بن عباس أخبرَه أن عليَّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه خَرَج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعهِ الذي تُوفِّي فيه، فقال الناس يا أبا الحسن، كيف أصبحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أصبحَ بحمدِ الله بارئاً، فأخذ بيده عباسُ بن عبد المطلب فقال له: أنتَ والله بعدَ ثلاث عبدُ العصا، وإني واللهِ لأرى رسولَ الله صلى الله عليه وسلم سوفَ يُتوَفَّى من وجعِهِ هذا، إني لأعرف وجوهَ بني عبدِ المطلب عندَ الموت، إذهَبْ بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلْنسألْهُ فيمن هذا الأمر إن كان فينا علمنا ذلك. وإن كان في غيرنا علمناه فأوصى بنا . فقال علي: إنا واللهِ لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنَعنَاها لا يعطيناها الناسُ بعدَه، وإني والله لا أسألها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم . (صحيح البخاري كتاب المغازي 5-450) .

ولقد ذكَّر رسول الله أمته في أهل بيته عليه الصلاة والسلام .

ألا يكفي هذا النص على الرد على مزاعمكم .

- وكتب العاملي بتاريخ 17-4-2000، الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

ص: 77

ياأبا فراس أرجو أن تجيبني، هل عمَلُ الصحابة مع أهل بيت النبي كان بوصية من النبي، أم باجتهاد منهم ؟

وهل لهم فيه أجر، أم أجران ؟ !

أما البخاري .. فماذا تنتظر منه أن يروي في حق علي علیه السلام ، وقد ألف كتابه بدنانير المتوكل العباسي المعروف بأنه ناصبي كان يلعن علياً ويسخر منه، حتى قتله ولده المنتصر في قصته المشهورة عندما جاء بشخص (كوميدي) يمثل شخصية علي علیه السلام في مجلسه ويسخر منه، فاعترض ولده، فقال له المتوكل: غار الفتى لابن عمِّهْ ... رأس الفتى في حَرِ أمِّهْ !!

فاقرأ أيها العالم حياة هذا المتوكل المنافق، وابحث كم قبض منه البخاري !!

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 17-4-2000، السادسة صباحاً:

حسب معلوماتي عن المتوكل بالله العباسي كان رجل شيعياً معتدلاً . وأما قصة البخاري رحمة الله فليس هناك أي دليل ضده في جمع الأحاديث الشريفة الصحيح منها، ولا شأن لحكام وملوك بني العباس في إنشاء هذا الكتاب .

- وكتب (أبوالقاسم) بتاريخ 17-4-2000، الرابعة والنصف عصراً:

أبا بكر .. ياسبحان الله، وما الفرق في كونك ناصبياً، أن تسب علياً، أو أن توالي من سبه ..؟!!

أبو فراس .. ألست توالي معاوية بن أبي سفيان وهو الذي سب علياً علیه السلام 40 عاماً ؟!! ألا تؤيد معاوية عندما أغرى زوجة الحسن علیه السلام بالمال والزواج من ابنه يزيد مقابل وضعها السم للحسن ..

ص: 78

ثم من قال لك إن المتوكل بالله العباسي كان شيعياً، وعلى أي المصادر بنيت هذا الكلام ؟! وما ذا تقصد بقولك شيعياً معتدلاً؟! وقد لفت انتباهي من كلامك لفظ تقية وانحراف ... هل تقصد أن التقية هي انحراف ..؟

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 17-4-2000، الثامنة والنصف مساءً:

التقية حسب شروطكم وقوانينكم ماهي إلا نفاق، أن تظهر عكس ما تبطن، يظهر أمور هو بالحقيقة يخالفها ويكون ضدها بدون أي سبب سوى النفاق . وشرطها عندنا مختلف وهو أن تكتم إذا خشيت أن تظهر أمراً تخشاه على نفسك من الضرر، ولكن لا أظهر عكس ما أبطنه، تقول إن هناك من الصحابة من استعملوه، فعلاً فعلوا ذلك، منهم من أبطن إيمانه ولم يظهر الكفر . تجد من قصص بعض من الصحابة كأمثال أبي جندل بن سهيل رضي الله عنه، كان يكتم إيمانه خوفاً من أبيه، ولكن لم يتظاهر أمام أبيه أنه يسجد للأصنام ويقدسها، بل كان يبتعد عن هذه المجالس ويتحاشاها .

أما ما جرى بين معاوية وعلي، فقد تكلمت في هذا أكثر من عشر مرات في كذا موضوع، وخلاصة القول أن نكف ألسنتها عنهما ولا نذكرهما إلا بخير، وأسأل الله أن لا يوفق كل من يذكرهما بشر، أي رجل كان .

كفوا عن علي ومعاوية فهما من خيار أمةمحمد صلى الله عليه وسلم.

أما قصة أنه دس سماً ليقتل الحسن رضي الله عنه، فهذا قول لاحقيقة ولا صحة له، وهذا قولكم ونحن لا نعترف به . والحمد لله رب العالمين.

هذا وصلوا وسلموا رحمكم الله على الهادي البشير والسراج المنير وشفيعنا يوم الدين محمد الهادي البشير... وارض اللهم على الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين، الذين قضوا بالحق وكانوا به يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي،

ص: 79

وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم يا أرحم الراحمين .. اللهم آمين .

- وكتب (رائد جواد) بتاريخ 18-4-2000، الواحدة صباحاً:

وماذا سيكون ردك يا أبا فراس لو ذكرنا لك مصادركم، التي تُصرح بأن معاوية قد دس السم إلى الامام الحسن علیه السلام ؟! فهل ستوجه إلي إهانة أخرى، وتتجاوز أدب الحوار مُجدداً، أم ماذا ؟!!

- قال العاملي: وطال النقاش بين المدعو أبي بكر وأبي فراس من جهة، وبين أبي الفضل وأبي القاسم وجنوبي من جهة أخرى، حول موقف السنيين المتناقض من معاوية وأهل البيت علیهم السلام .. ولا يتسع المجال لإيراده . وتقدم في المجلد الثامن توثيق جريمة معاوية في سم الإمام الحسن علیه السلام .

ويفترون على الشيعة بافتراء لايخطر على بال

- كتب (المشمر) في شبكة سحاب، بتاريخ 28- 3-2000، موضوعاً بعنوان (الرافضة وعاشوراء والليلة الظلماء !!!)، قال فيه:

بدأ الروافض في الإستعداد للإحتفالات بيوم عاشورا، وهو يوم الحزن عندهم لأن الحسين رضي الله عنه قتل في ذلك اليوم، ومنذ أول يوم من محرم يتوقف الطلاب عن الدراسة، بل يقوم كثير من مدراء المدارس بطرد الطلاب ومنعهم من دخول المدرسة، بحجة أن عندهم تحاريم، فيجب عليهم التوقف عن الدراسة، وقد ذكر لي أحد الأخوة ممن يُدرسون في مناطق الرافضة أن المدارس في هذه الأيام تخلو من الطلاب، وتنتشر في أسواقهم هذه الأيام الملابس السوداء، والشعارات السوداء، وقد كتب عليها واحسيناه، آه يا حسين

ص: 80

، حسين. الخ. وبدأت الحسينيات في وضع السرج والألوان السوداء، واللوحات القماشية، وبدأت في فتح أبوابها، ويقوم الضلال الرافضة في الغناء والبكاء عليهم، ومن أقوالهم في ذلك: من بكى أو تباكى على الحسين وجبت عليه الجنة . ويقومون بضرب الروؤس والقامات بالسكاكين والسيوف والسلاسل، حتى تسيل دماؤهم النجسة .

هذا جزء مما يحدثه الروافض في هذه الأيام، وتقوم وسائل الإعلام العربية والعالمية ببثه على أنه يمثل الإسلام !

هذا ما يراه العامة، أما ما يقع بين الروافض أنفسهم في هذه الأيام، وخاصة في ليلة عاشوراء، فحدث عن المنكر والزنا واللواط، الحنان كما يسمونه ولاحرج.. ولعل عند الأخوة المزيد عن ما يدور هذه الأيام لدى الروافض، فأرجو إفادتنا عن ذلك والله أعلم !!

- فكتب (الحماد) بتاريخ 8-4-2000:

أخي الفاضل .. أما اللطم وشق الجيوب والدعاء بدعوى الجاهلية، فهذا موجود ومعروف . أما الليلة الظلماء وما فيها من لواط وزنا، فهذا غير صحيح على حسب علمي، ومن كان لديه غير هذا الكلام فليفدنا به . وكلامي عن الروافض الإمامية .

- فكتب المدعو (الواضح):

لعن الله الرافضة . . قتلوه . . ثم عبدوه ! ووالله الذي لا إله غيره إن الحسين بن علي رضي الله عنه وعن أبيه .. بريئان من الرافضة الكفار الفجار، ومن مفترياتهم وأكاذيبهم . . سود الله وجوه الرافضة وأخزاها !!

ص: 81

- قال العاملي: ومن المعلوم أن شبكة سحاب تفتري على الشيعة وتتشتمهم وتسبهم، ولا تسمح لأحد بأن يرد على افتراءاتها !!

- كتب (الحبيب) في الساحة الإسلامية، بتاريخ 25-6-1999، موضوعاً بعنوان: (قصة ليلة عاشوراء وسيد ؟)، قال فيه:

إنهم في ليلة عاشوراء يجتمعون في مكان عام نساءً ورجالاً، ومن ثم تطفأ الأنوار، ثم أكرمكم الله يزني كل رجل بأي مرأة يختارها، والأطفال الناتجين من عملية هذه الليلة يطلق عليهم لقب سيد، فيقال السيد فلان بن فلان !

(إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شئ) .

- فكتب (فرزدق) بتاريخ 25 -6-1999 أيضاً:

والله ما أظنك إلا ابن زنا، تريد التخفيف عما في نفسك من عُقَد وفي عقلك من لوثة .. ولما لم تجد في من تبغضه أعني الإمام علي بن أبي طالب علیه السلام أي منقصة .. عَدَوْتَ على ذُرّيته السادة لتقول فيهم ما لم يقله أنجس النواصب . . . اللهم إلا أن تكون أنجس من ذلك وألعَن . . .

ألا لعنةَ الله على كل ناصبيّ كافر خبيث . . .

- وكتب (إسماعيل الحكاك) في نفس اليوم:

أنا لا أجيبك بمثل كلامك البذئ الذي ينبئ عن قلة أدب، ولكن أسألك:

لماذا السنة يسمون أبناءهم بالسادة، هل سمعت عن القراء المصريين فإن فيهم من يسمى بالسيد سعيد، والآخر بالسيد متولي عبد العال، و.. هل تعتقد أنهم ولدوا في ليلة عاشوراء ؟ ولماذا تحتفلون أنتم في يوم عاشوراء وتعرسون فيه، هل تريدون أن تصبحوا سادة، وتقضون ليلة عاشوراء.. ؟

ص: 82

إن الشيعة إنما يحييون ليالي عاشوراء لأنهم على سيرة النبي صلی الله علیه و آله لأن النبي صلی الله علیه و آله قال: حسين مني وأنا من حسين .

ونحن نحيي ليلة عاشوراء لأنها سهم يقع في قلوبكم ! لأنها ليلة قضى فيها الامام الحسين وأصحابه علیه السلام حتى الصباح بالعبادة ! إننا نحي تلك الليلة، ولكن ليس فيما تتصور يا أيها السيد من تلك الليالي السنية !

- وكتب (عبد الله الشيعي) بتاريخ 26 -6-1999:

هل حقاً يؤمن السنة بما قاله البغيض .. فأبشر بكلامك الذي سوف تسأل عنه يوم القيامة .. فحسبك بالله حاكماً وبمحمد خصيماً وبجبرائيل ظهيراً .. والسلام من الله خير تحية . سبحان الذي أذل عباده بالموت .

- وكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 26 -6-1999:

أنا سنية ولكن أقر بوجود الساده والأشراف، وهم عندنا في الحجاز من نسل الحسن والحسين وبقية آل بيت النبوة، وهم عوائل محترمة ومعروفة، وقد نزح بعضهم لبلدان كثيرة كجاوه وحضرموت . وأشهر هذه العائلات عموماً عندنا السنه هي: المحضار - الجفري- الحريري - المرزوقي- العطاس- العيدروس، وغيرها من العوائل المحترمة . هؤلاء هم السادة .

وهناك الأشراف وأشهرهم عائلة البركاتي والعبدلي، وكذلك آل عون وهم من الأشراف الذين حكموا مكة، ويقربون لحسين ملك الأردن الراحل .

هذا هو الحال عندنا كسنة، وأنا شخصياً أمي من السادة، وخالي لايناديه الناس إلا بسيد كنوع من الحب والتقدير للرسول وأهله، ولكن دون غلو .

ص: 83

والكثير منهم لهم شجرات نسب تثبت ذلك، بل إن بعضها رغم كونهم سنة، إلا أن شجرتهم العائليه موجودة عند الشيعة في العراق . وأظن أن الشيعة كذلك يطلقون سيد على من ارتبط بصلة الدم بالحسن والحسين .

ولا ينبغي أن تستخدم أخي كاتب المقال هكذا أسلوب، وتطلق تهماً دون أدلة، فهل شاهدت ذلك بأم عينك حتى تحكم ؟! لاتقل قال فلان وعلان ! فأنا أيضاً سمعت ولكن لا أصدق !

إذا كان الأسلوب المنحط الذي كتب به أحدهم عن الفاروق رضي الله عنه هو الذي دفعك لهذا، أقول هو يكتب ويمثل نفسه ومستواه، وعلينا أن لانعيره اهتماماً لا أن نجاريه !!

إذا جاريت في خلق دنيئاً *** فأنت ومن تجاريه سواء

كما أرجو من الأخوة الشيعة أن يحسموا هذا الموضوع، ويعطوا للمتسائل جواباً مفصلاً من هو السيد عندهم. وأتمنى من الجميع التحلي بأدب الحوار .

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .

- وكتبت (شجرة الدر) أيضاً بتاريخ 26 -6-1999:

الزميل إسماعيل الحكاك .. لم أنتبه لكلامك إلا الآن، وصحيح أن كاتب المقال تجاوز حدوده كثيراً، ولكنك فعلت ما فعله، وأخذت السنة بجريرته، ورميتهم بأشنع التهم البطالة، فنحن يا سيدي لانفعل في عاشوراء شيئاً، سوى الصيام وقبله يوم أو بعده يوم، اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، لا أكثر ولا أقل. فرجاء انتبه لكلماتك، ولا تأخذنا بذنب شخص أساء الأدب، كما أني لم آخذكم بذنب (عاشق عمر) الذي أساء إلى الفاروق كثيراً . ثم والكلام للجميع

ص: 84

وأولهم من فتح الموضوع، أن هذا حوار . . لا منابر ألفاظ نابية وقذف، فاتقوا الله في أنفسكم، وعودوا إلى ربكم .

المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده .

- فأجابها (فرزدق) بتاريخ 26 -6-1999:

الأخت الكريمة شجرة الدر .. شكراً لك على كلامك الموضوعي.. وأزيدك عليه بأن من أشهر الشرفاء في الحجاز هو الشريف إدريس بن قتادة بن مطاعن وأظنه كان يعيش في القرن الرابع الهجري، ومطاعن هذا هو الذي قال في حقة الشاعر:

من كان طعناً في أبيه وأمه *** فليعتقد طعناً بآل مطاعنِ

والحمد لله فإنني ممن ينتسب إليه .. وأما السادة فهم عُرفاً المنتسبون إلى رسول الله صلی الله علیه و آله عن طريق الأب .. وأما شرعاً فهم في الحقيقة كل من انتسب إلى هاشم جد النبي صلی الله علیه و آله بطريق الأب، وهناك آثار شرعية تترتب على هذا الإنتساب كاستحقاق الخمس لو كان المنتسب فقيراً، وحرمة الزكاة عليه ومنها الصدقة، إلا إذا كانت من سيد مثله ..

وأما قولك أخيراً بأن كلام هذا الناصبي كان ردة فعل عمن كتب عن عمر - ولا أعرف من تقصدين - فأقول لك هذا قياس مع الفارق، فإن من يكتب من مصادركم كلاماً فيه خدشة لعمر أو غير عمر لا يمكن مقارنته بمن يكذب مثل هذه الكذبة الشنيعة الفظيعة دون أدنى دليل أو أبسط برهان، اللهم سوى حقد دفين على أبناء علي وفاطمة سلام الله عليهما .. وإني أتحداه وأتحدى غيره أن يذكر لي مكاناً في العالم يجتمع فيه الشيعة نساءاً ورجالاً ليلة عاشوراء، من دون أن يكون هناك أدنى حاجز بينهما !

ص: 85

وفي الختام: لعلّي أنشر قريباً قصيدة الشريف قتادة الحسني في رثاء فاطمة الزهراء علیها السلام .

- فكتبت (شجرة الدر) بتاريخ 26-6-1999:

أخي الفرزدق . . تحيه طيبه وبعد . . .

أولاً: إقرأ مقال عاشق عمر، وبعدها نكمل هذا الحوار .

ثانياً: ما رأيك في قول إسماعيل الحكاك .... والسنة أمثالك ؟!

بكل صراحة وموضوعية وبعدها أيضاً نكمل الحوار .

ثالثاً: هل قرأت ردي عليك في موضوع الى المراقب . وشكراً .

- فكتب (فرزدق) بتاريخ 26 -6-1999:

الأخت الكريمة شجرة الدر ..

1 - الحمد لله لقد حُذف مقال عاشق عمر قبل أن أقرأه ..

2 - أنا ضد من يتهم الطرف الآخر خاصة من يعمم الإتهام من دون دليل ولا برهان، ولكني مع من يناقش أو يرد أو حتى يتّهم، ولكن بالدليل والبرهان البيّنين، وعليه فلا أقبل عبارة (السنة أمثالك) من الأخ إسماعيل، وأقول له إن أمثال حبيب ليسوا بسنة بل هم نواصب، وأما السنة كالأخت شجرة الدر، فلم ولن يقبلوا بهذا الهُراء أبداً . .

3 - لقد قرأتُ الرد وشكراً لك مرة أخرى، ولعلّي أوافيك برد عليه، بإذنه تعالى.. ولقد كنت أرجو أن تتأملي طويلاً فيما ذكرته لك بالنسبة لمعاوية أو ما ذُكر في مقال: معاوية في الميزان، وهل هو قابل للتوجيه الذي تذكرين . . وعلى كل حال، أدعو الله من صميم قلبي أن يمنحنا جميعاً قوة البصيرة كما

ص: 86

أعطانا نور البصر لكي نميّز الحق من الباطل والهدى من الضلالة.. ولعمري فالحق واضح وضوح الشمس في رابعة النهار لا يخفى إلاّ على من أغمض عينيه عنه أو كان أعمى . والحمد لله رب العالمين على الهداية .

- وكتب (منتظر) في نفس اليوم:

سجل عندك يا الحبيب: عدد نساء الشيعة في العالم = العدد مضروب في 80 جلدة، حد قدف المحصنات الغافلات !! فهل سوف تتحمل ذلك ؟!

سر غيظهم من مراسم عاشوراء.. هو زيارة عاشوراء

- كتب (صريح) في شبكة هجر بتاريخ 3-9-1999، الثانية ظهراً، موضوعاً كشف فيه عن سر غيظهم من عاشوراء، بعنوان (تربية سنوية على اللعنة المئوية . . ؟ ؟ ! !)، قال فيه:

دعاء في زيارة عاشوراء

ثم تقول مئة مرة: اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك) كتاب مفاتيح الجنان ... عباس القمي... ص 555 . . .

هؤلاء هل هم يطلبون الوحدة الإسلامية ... أم هي تنشئة الجيل على الحقد والكراهية وشحن النفوس وتهيئتها عند حصول فرصة للتنفيس عن كوامنها ؟!

- فكتب (الشطري) بتاريخ 3-9-1999، الرابعة والنصف عصراً:

قال الله تبارك وتعالى في كتابه المجيد:

إن الذين يؤذن الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخره وأعد لهم عذاباً مهينا .

ص: 87

- فأجابه المدعو (صريح) بتاريخ 3-9-1999، الخامسة عصراً:

الشطري . . ليت كل قومك مثلك .. بدون تقية ونفاق ولف ودوران ... لأجل أن نستريح من كثرة الكلام !! أنت تصرح بأنك تلعن الصحابة بتعليقك هذا ! وأنا ما لاأريد منكم إلا مثل هذا الإعتراف فقط ! والصراحة راحة! وطبيعي الذي تقوله لأن دينك غير دين الرسول صلى الله عليه وسلم وغير دين الصحابة، ومنهم آل البيت رضي الله عنهم أجمعين ! وإنما دينك تأخذه من دهاليز وسراديب وتواقيع ونواب ومؤلفات كلها ظلمات بعضها فوق بعض ! أجل فيه دين تتطور أصوله !! هذا دين الشيعة ! دينكم !

أما الإسلام فأصوله ثابتة لا تتغير والإجتهاد في الفروع لا في الأصول . واللعن الذي تعلق عليه أصبح من أصول دينكم ومن أفضل عباداتكم !! ولو بحثت بحث المنصف لوجدت الكثير من اللعن واللعن واللعن... مما يدل على أنه ليس مأخوذاً عن آل البيت ولا عن ذوي المرؤة... ممكن تجد بعض اللعن على معاصي . . لكن بالشكل الموجود عندكم مستحيل مستحيل مستحيل ! عافيه عليك . . عسى فهمت !

اللهم ارض عن الصحابة أجمعين، ومنهم آل البيت، والعن من لعنهم، وأخزه وأذله، يا قوي يا عزيز .

- وكتب (كميل) بتاريخ 4 -9-1999 الواحدة صباحاً:

إلى صريح .. هل يحرم لعن ظالمي آل محمد ؟ هل في ذلك النص لعن لفلان أو فلان ؟! وكيف تعترض على القرآن في لعن من يؤذي النبي ؟!

ومَنْ هم (الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) أليسوا من الصحابة ؟!

ص: 88

ومَنْ هم الذين (ابتغوا الفتنة من قبل)(ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أُعطوا منها رضوا وإن لم يُعطوا منها إذا هم يسخطون) فهل تمنع عن قراءة القرآن ؟

- وكتب (شعاع) بتاريخ 4 -9-1999، السابعة صباحاً:

عفواً ياشطار.. الآيات التي ذكرتها ليست في المهاجرين والأنصار، فهؤلاء فدوا أنفسهم وأهليهم وأموالهم من أجل الاسلام ورسول الله ... فكيف نتوقع أنهم يبحثون عن المال أو أنهم يؤذون النبي وهم من نصروه في وقت عصيب، وهم الذين أثنى عليهم القرآن مراراً وتكراراً.. فكيف يكونون هم المقصودين؟ إلا اذا كان القرآن يعارض بعضه بعضاً .. عموماً الآيات نزلت في أناس من الأعراب والمنافقين ولم تكن في المهاجرين والأنصار.

- كتب (الفاطمي) في شبكة هجر بتاريخ 3-12-1999، الثالثة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هذه هي الأسئلة التي تتهرب منها أيها المشارك، تفضل وجاوب إذا تقدر .. وأتحداك)، قال فيه:

إلى الزميل المشارك .. صبحك الله بالخير. هذه الأسئلة التي تتهرب منها:

1 - قلت أيها الزميل قبل تخريب هجر: نحن متفقون على طرد النصارى الأمريكان مع أن بن باز مفتي الجزيرة أفتى بجواز الإستعانة بالنصارى، وإلى الآن لم تصدر لجنة الإفتاء بالمملكة فتوى تناقض ذلك.

فالسؤال هو: لماذا تطعن في مفتي الجزيرة وأعضاء لجنة الإفتاء ؟ وهل أنت أفضل منهم ؟؟

2 - لماذا تفحش بالقول ! مع أن النبي صلی الله علیه و آله نهى عن ذلك ؟

ص: 89

3 - لماذا لم تذكر أقوال علماء الشيعة في جرح هذه الرواية: رواية الحمار يعفور، وطعنهم فيها أليس هذا من القول بالزور ؟ ولماذا لم تذكر رواياتكم عن هذا الحمار يعفور من كتبكم ؟ إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّناهُ لِلنَّاسِ في الْكِتَابِ أُوْلئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ

4 - قلت: وما زلت تفتري على معاوية رضي الله عنه.

أقول: قل أيها المشارك: لعن الله من لعن علياً أو سبه أو أمر بسبه. تقدر؟!

5 – قلت: وطالما أن السب ممنوعٌ هنا فسأتقيد بهذا المنع مع اقتناعي بجوازه فيمن يلعن الصحابة ويكفرهم .

والسؤال هو: هل السب ممنوع هنا فقط،، ألم ينهي (كذا) عنه رسول الله صلی الله علیه و آله ؟ نريد جواب مباشر (كذا) .

6 - لماذا لا تطعن فيمن يطعن في رسول الله صلی الله علیه و آله ويقول إنه كان يسب ويشتم ويلعن المسلمين، في حين أنك نزلت مقالة في البغدادي.. ونحن نؤيدك على ذلك بل وأشكرك .. ننتظر الجواب إذا سمحت وتكرمت، ولكن بدون تفحش ولف ودوران، ممكن ؟

- وكتب (مشارك) بتاريخ 3-12-1999، الثامنة صباحاً:

لا نستطيع الإكمال هنا يا فاطمي، إلا إذا كنت تستطيع الجواب هنا على هذا . . . زيارة الإمام الحسين علیه السلام يوم عاشوراء:

السلام عليك يا أبا عبد الله السلام، عليك يابن رسول الله، السلام عليك يابن أمير المؤمنين وابن سيد الوصيين، السلام عليك يابن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين . السلام عليك يا ثار الله وابن ثاره والوتر الموتور .

ص: 90

السلام عليك وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، عليكم مني جميعاً سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار .

يا أبا عبد الله، لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل الإسلام، وجلَّتْ وعظمتْ مصيبتك في السماوات على جميع أهل السماوات، فلعن الله أمةً أسست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت ولعن الله أمة دفعتكم عن مقامكم، وأزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها، ولعن الله أمة قتلتكم، ولعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم . برئت إلى الله وإليكم منهم، ومن أشياعهم وأتباعهم وأوليائهم .

يا أبا عبد الله إني سِلْمٌ لمن سالمكم، وحربٌ لمن حاربكم إلى يوم القيامة . ولعن الله آل زياد وآل مروان، ولعن الله بني أمية قاطبة، ولعن الله ابن مرجانة، ولعن الله عمر بن سعد، ولعن الله شمراً، ولعن الله أمة أسرجت وألجمت وتنقبت لقتالك .

بأبي أنت وأمي، لقد عظم مصابي بك، فأسأل الله الذي أكرم مقامك وأكرمني أن يرزقني طلب ثأرك مع إمام منصور من أهل بيت محمد صلی الله علیه و آله . اللهم اجعلني عندك وجيهاً بالحسين في الدنيا والآخرة .

يا أبا عبدالله، إني أتقرب إلى الله وإلى رسوله وإلى أمير المؤمنين وإلى فاطمة الزهراء وإلى الحسن وإليك، بموالاتك وبالبراءة ممن أسس أساس ذلك وبنى عليه بنيانه، وجرى في ظلمه وجوره عليكم، وعلى أشياعكم . .

برئت إلى الله وإليكم منهم، وأتقرب إلى الله ثم إليكم بموالاتكم وموالاة وليكم وبالبراءة من أعدائكم والناصبين لكم الحرب، وبالبراءة من أشياعهم وأتباعهم . إني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم، ووليٌّ لمن والاكم

ص: 91

وعدوٌّ لمن عاداكم . . فأسأل الله الذي أكرمني بمعرفتكم ومعرفة أوليائكم، ورزقني البراءة من أعدائكم، أن يجعلني معكم في الدنيا والآخرة، وأن يثبت لي عندكم قدم صدق في الدنيا والآخرة .

وأسأله أن يبلغني المقام المحمود لكم عند الله، وأن يرزقني طلب ثأركم مع إمام هدى ظاهر ناطق بالحق منكم، وأسأل الله بحقكم وبالشأن الذي لكم عنده، أن يعطيني بمصابي بكم أفضل ما يعطي مصابا بمصيبته.. مصيبةٌ ما أعظمها وأعظم رزيتها في الإسلام وفي جميع السماوات والأرض .

اللهم اجعلني في مقامي هذا ممن تناله منك صلوات ورحمة ومغفرة . اللهم اجعل محياي محيا محمد وآل محمد، ومماتي مماتَ محمد وآل محمد .

اللهم إن هذا يوم تبركت به بنو أمية، وابن آكلة الأكباد، اللعين ابن اللعين على لسانك ولسان نبيك صلی الله علیه و آله !

اللهم العن أبا سفيان ومعاوية ويزيد بن معاوية، عليهم منك اللعنة أبد الآبدين . وهذا يوم فرحت به آل زياد وآل مروان بقتلهم الحسين صلوات الله عليه . اللهم فضاعف عليهم اللعن منك والعذاب .

اللهم إني أتقرب إليك في هذا اليوم وفي موقفي هذا وأيام حياتي بالبراءة منهم واللعنة عليهم، وبالموالاة لنبيك وآل نبيك عليه وعليهم السلام .

ثم تقول العبارة الآتية مائة مرة، وفي حالة الإختصار تقولها مرة ثم تعيدها مرة ثانية

وتقول في آخرها تسعاً وتسعين مرة: اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك . اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت وتابعت على قتله. اللهم العنهم جميعاً.

ص: 92

ثم تقول العبارة الآتية مائة مرة، وفي حالة الإختصار تقولها مرة ثم تعيدها مرة ثانية، وتقول في آخرها تسعاً وتسعين مرة:

السلام عليك يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك، عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار، ولا جعله آخر العهد مني لزيارتكم، السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين .

ثم تقول: اللهم خص أنت أول ظالم باللعن مني، وابدأ به أولاً ثم الثاني والثالث والرابع، اللهم العن يزيد خامساً، والعن عبيد الله بن زياد، وابن مرجانة، وعمر بن سعد، وشمراً، وآل أبي سفيان، وآل زياد، وآل مروان إلى يوم القيامة .

ثم تسجد وتقول: اللهم لك الحمد حمد الشاكرين لك على مصابهم . الحمد لله على عظيم رزيتي، اللهم ارزقني شفاعة الحسين يوم الورود، وثبت لي قدم صدق عندك مع الحسين وأصحاب الحسين، الذين بذلوا مهجهم دون الحسين علیه السلام .

http://shialink.org/duaa/ashora.html

من المقصود بالأول والثاني والثالث ؟

إذا كنت لاتستطيع الإجابة، فلنتحول إلى شبكة شيعة لنك، وبشرط أن تبقى مداخلاتنا هناك، ولا تنقل المواضيع إلى هنا .

بالنسبة لسب أعداء الدين فهو جائز، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لحسان: أهجهم وروح القدس معك، ونحن نسب من يلعن أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية . (ولم يقل وعلياً، فمن سب علياً لا يسبونه !!)

- فكتب العاملي بتاريخ 3-12-1999، التاسعة صباحاً:

ص: 93

أما النواصب يامشارك فهم يسكتون عن الذين سبوا علياً علیه السلام ، ولعنوه ! فهل أنت كذلك ؟!

- وكتب (كميل) بتاريخ 3-12-1999، الواحدة إلا الثلث ظهراً:

هذا يعني أنكم تسبون رسول الله صلی الله علیه و آله ، نعوذ بالله من غضب الله، وذلك لأنه ثبت في كتبكم أن الرسول صلی الله علیه و آله قد لعن معاوية !!

سؤال: لماذا لم تضف علياً علیه السلام مع من ذكرتهم ؟!

أم أن علياً علیه السلام ليس صحابياً ؟! ولاحول ولا قوة إلا بالله .

- وكتب (مشارك) بتاريخ 3-12-1999، الواحدة ظهراً:

نحن نتبرأ من الروافض والنواصب، ونسب ونشتم من يلعن علياً رضي الله عنه من النواصب. قلنا لكم مراراً لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لعن معاوية، ونتحداكم أن تأتوا بحديث واحد صحيح في هذا .

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 3-12-1999، السابعة إلا ربعاً مساءً:

مساك الله بالخير، إشلونك واشلون التمزق معاك ؟! حصلت لك أخصائي علاج طبيعي أم لأ ؟ عموماً الله يعينك على هالنحشة (الفرار).

قلت لك: ننتظر الجواب، إذا سمحت وتكرمت، ولكن بدون تفحش ولف ودوران، ممكن رديت . وقلت: لن نستطيع الإكمال هنا يا فاطمي إلا إذا كنت تستطيع الجواب هنا على هذا .

أقول: هذه حيدة على ما أظن؟ فهذه أسئلتي لك من قبل، فالمفروض أن ترد على أسئلتي لا أن ترد بسؤال! ولماذا لا تستطيع الإكمال هنا إلا إذا جاوبت سؤالك ؟ وما الربط بين إجابتك هنا، والجواب على سؤالك وشيعة لينك ؟! وهل

ص: 94

تريد أن تشتم وتفحش بالقول في شيعة لينك؟ مثلما فعلت من قبل؟! ولماذا تصر على ترك سنة النبي صلی الله علیه و آله ؟ فهل كان رسول الله صلی الله علیه و آله متفحشاً وسباباً؟ وقولك هذا يدل على تهربك وعدم مقدرتك على الجواب، ولذلك تريد أن تشعب الموضوع إلى مواضيع أخرى وتضيع الأسئلة التي تتهرب من الجواب عليها ؟!

ولماذا أجبت على السؤال رقم (5) ولم تجب على بقية الأسئلة ؟!

ولماذا تناقض نفسك يالمسكين ؟ وبعدين تزعل وتمد بوزك (تغضب) إذا قلنا لك يا أبو تاج ونجمة في التهرب والتنحش والتفحش؟

خلك قدها (إبق بمستواها) وجاوب على الأسئلة ولا تتهرب، وأثبت أنك لا تفر .. ولا أعتقد أنك تفعلها !

قلت يا ...: بالنسبة لسب أعداء الدين فهو جائز، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم لحسان اهجهم وروح القدس معك، ونحن نسب من يلعن أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية .

أقول: من أين أخذت بقولك هذا: بالنسبة لسب أعداء الدين... الخ. وفي البخاري عن أنس قال: لم يكن النبي سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً. وعن إمامك الذي تدافع عنه: قيل لرسول الله أدع على المشركين قال: إني لم أبعث لعاناً إنما بعثت رحمة . وقال صلی الله علیه و آله لأم المؤمنين عائشة: وإياك والعنف والفحش، مع أنها كانت تردُّ على اليهود بزعمكم عندما قالوا للرسول صلی الله علیه و آله : السام عليكم .

ولقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر.

وهلاَّ تأسَّيْتَ بالرسول صلی الله علیه و آله ؟ فالنبي لم يكن سباباً ولا فحاشاً ولا لعاناً، فمن أين أتيت بقولك ؟!

قلت يا أبا تاج ونجمة:ونحن نسب من يلعن أبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية .

ص: 95

أقول: ولماذا لا تسب من يطعن في نبي الرحمة صلی الله علیه و آله ويقول إنه كان يسب ويلعن المسلمين، والعياذ بالله؟! أتسب من يسب أبا بكر والذين ذكرتهم، ولاتسب من يطعن بخير خلق الله محمد بن عبد الله صلی الله علیه و آله ؟؟!! عجيب أمرك يا رجل ؟!! ولماذا نسيت علياً علیه السلام ولم تنس معاوية ؟ والظاهر أن معاوية عندك أفضل من النبي صلی الله علیه و آله ، ومن علي علیه السلام ؟!

قلت: نحن نتبرأ من الروافض والنواصب ونسب ونشتم من يلعن علي رضي الله عنه من النواصب . ولماذا تناقض نفسك وتقول: نحن نسب ونلعن من يشتم علي من النواصب؟!

ولماذا رفضت أن تقول: لعن الله من لعن علياً أو سبه أو أمر بسبه، ما دام إنك تسب وتلعن من يلعن علياً علیه السلام ؟

ولماذا هذا التناقض ؟ ولماذا الكذب؟ فهل تعرف إن الكذب علامة النفاق ؟ قلها يا رجل ولا تكذب ؟ لا أعتقد إنك تقولها وأنت تعلم لماذا ؟!

وبعدين تزعل (تتأذى) إذا قلنا لك أبو وجهين ! عجيب أمرك يا رجل!! (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) !! (فهل من مدكر) ؟!!

- وكتب (مشارك) بتاريخ 3-12-1999، العاشرة ليلاً:

انتظرني إلى الغد يا فاطمي .

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 4-12-1999، الرابعة والنصف عصراً:

سوف أنتظرك إلى ... ما شاء الله .

ولأي الأمور تدفن ليلاً *** بضعة المصطفى ويعفى ثراها ؟

ص: 96

- وكتب (مشارك) بتاريخ 4-12-1999، الخامسة والثلث عصراً:

كلامك ملئ بالكذب والطعن والإفتراء والجهل، وأسلوبك عامي، وأنت تحب الجدل والسفسطة، سأخصص لك موضوعاً واحداً فقط .. من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم يلعن المسلمين يا كذاب ؟ لقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن بعض قبائل المشركين عموماً . نكمل هنا يا فاطمي:

http://www.shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000600.html

- وكتب (ملاحظ هجر) بتاريخ 4-12-1999 السادسة إلاربعاً مساءً:

الرجاء إكمال حواركما خارج شبكة هجر الثقافية، في الموضوع الذي خصصه مشارك وشكراً .

- وكتب العاملي بتاريخ 11-12-1999، السادسة صباحاً:

إلى مشارك . . مالك إذا دخل شهر رمضان صرت أكثر تشنجاً وعصبية ؟

تريد أن تفصل كل الناس بمقاسك ! وتريد من شيعة علي بن أبي طالب أن يسكتوا عن لاعنيه، وأن يترضوا على معاوية ! !

وتريد أن يجيبوك على كل سؤال، ولا يطالبوك بالإجابة على نصف سؤال!

وتريد من كل المسلمين أن يقروا لك بكفرهم ويحكموك في رقابهم !

وتريد من هذا . . وذاك . . وذلك !

كأنك ولي أمرهم، لا تسأل عما تفعل وتسألهم جميعاً ! !

إن السؤال الذي هو أهم من جميع أسئلتك، والذي هو متقدم رتبة على كل الأسئلة هو: هل تعتبر المسلمين كلهم كفاراً إلا من وافقك الرأي ؟!

فإذا كنت تعتبرهم كفاراً، فكيف يمكن لأحد مواصلة النقاش معك؟! فيجب أن ينحصر النقاش في خطئك في تكفير المسلمين:

http://www.hajr.org/hajr-html/Forum3/HTML/000294.html

ص: 97

- وكتب (مشارك) بتاريخ 11-12-1999، السابعة صباحاً:

لا، يا عاملي .. لا أعتبر كل المسلمين كفاراً إذا خالفوني في الرأي، فأجبني على سؤالي في موضوع العروة .

ويا رافضي .. هل حكمك هذا علينا بأننا نواصب، ينطبق على غشمرة وبدر الكويت وحكيم العرب أم لا ينطبق ؟ وأين التفريق ؟

- وكتب (مشرف الواحة) في 11-12-1999، الثامنة إلا ربعاً صباحاً:

نبهتكم أكثر من مرّة ياإخوان لإكمال المناقشة هذه خارج هجر، في الموضوع الذي خصصه المشارك، وأبيتم ذلك !

(تمّ حذف المواضيع المخالفة وتمّ غلق الموضوع. مشرف الواحة) .

- قال العاملي:

كانت شبكة هجر في ذلك الوقت اتخذت قراراً بمنع النقاش المذهبي، وحصره في نقاش القضايا المعاصرة . . ثم عادت بعد مدة وسمحت به، ولكن مركزية النقاش انتقلت في هذه المدة إلى غيرها من الشبكات، مثل شبكة الموسوعة الشيعية، وشبكة الحق، وشبكة أنصار الحسين، وشبكة واحة الحوار الاسلامي، وشبكة منتديات القطيف.. وغيرها.

- كتب (مشارك) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 11-12-1999، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (هدية قبل الوداع المؤقت . كل الروافض يسبون ويلعنون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما)، قال فيه:

إلى المدافعين عن الرافضة .. هل يوجد رافضي واحد ينكر أنه يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في السر .. ويتبرأ من لعنهما ؟

ص: 98

بعض السنة يظن أن هناك من الروافض من ينكر أنه يسب أبا بكر وعمر في السر ويتبرأ من لعنهما.. ونقول لهؤلاء: بل الروافض مجمعون على سب أبي بكر وعمر من نعومة أظفارهم، هذا هو أساس دينهم، وهذه هي عقيدتهم التي كبر عليها الصغير وشاب عليها الكبير، لم نأت بهذا من عند أنفسنا، ولم نتكلم في النيات . وهؤلاء الروافض موجودون في ساحاتهم فاسألوهم هذا السؤال: هل يوجد منكم من ينكر أنه يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في السر ويتبرأ من لعنهما ؟

إسألوا موسى آل علي، والعاملي، والتلميذ، وقاسم جبر الله، والموسوي، وعمار، وبقية الروافض، ولن تجدوا من يقول أنا لا أسب أبا بكر وعمر أبداً في السر .. وسبب تيقني من هذه الإجابة يعود لأمور كثيرة هذا بعضها:

1 - هذه هي أقوال علماءهم في القديم والحديث في أهل السنة بعامة، تشهد باستحقاقنا للنار خالدين فيها أبداً، ويدخل فيها أبا بكر وعمر بطريق الأولى. يقول العاملي الملقب عندهم بالشهيد الثاني المتوفى سنة 966 ه-: (إن القائلين بإسلام أهل الخلاف - يعني أهل السنة وسائر المسلمين من غير طائفتهم - يريدون صحة جريان أكثر أحكام المسلمين عليهم في الظاهر، لا أنهم مسلمون في نفس الأمر، ولذا نقلوا الإجماع على دخولهم النار) .

بحار الأنوار: 8/368

ويقول المجلسي: (ويظهر من بعض الأخبار بل كثير منها أنهم في الدنيا أيضاً في حكم الكفار، لكن لما علم الله أن أئمة الجور وأتباعهم يستولون على الشيعة وهم يبتلون بمعاشرتهم. أجرى الله عليهم حكم الإسلام توسعة، فإذا ظهر القائم يجري عليهم حكم سائر الكفار في جميع الأمور، وفي الآخرة يدخلون النار

ص: 99

ماكثين فيها أبداً. وبه يجمع بين الأخبار، كما أشار إليه المفيد والشهيد الثاني) . بحار الأنوار: 8/369

ومن المعاصرين يقول آيتهم العظمى الحسيني المرعشي النجفي:

(أصول دين الإسلام على قسمين: قسم يترتب عليه جريان حكم المسلم وهو الشهادة بالوحدانية، والشهادة بالرسالة . وقسم: يتوقف عليه النجاة في الآخرة، والتخلص من عذاب الله والفوز برضوانه، والدخول في الجنة، فيحرم دخولها على من لم يعترف به ويساق إلى النار في زمرة الكافرين، ويسمى هذا القسم بأصول الإيمان) . النجفي من تعليقاته على كتاب إحقاق الحق للتستري:2/58 . . وهذا يفسر بالطبع سبب تلطف بعض الروافض في معاملة أهل السنة . وذلك أنهم أمروا بمعاملتنا معاملة المسلمين، لا أننا مسلمين حقيقة . وإلا فقد نقلوا الإجماع على دخولنا النار في الآخرة . ولذلك لا تتعجب من الرافضة عندما يستفزون أن يكفروك ويلعنونك ويحكمون بخلودك في النار . وهذا بعض ما عند الروافض:

قاسم جبر الله: أخلاق النصارى أفضل من أخلاق الوهابية بشكل عام.. وفي رأيي الخاص أن يبقى النصراني على نصرانيته أفضل من أن يتحول إلى وهابي .. وأنا مقتنع بهذا الكلام كل الاقتناع لتخف الجريمة .. لأن حركة الوهابية في طريقها الى مافيا الخليج، حيث أن المخالف في نظرها كافر ويستحق القتل، ولو كانت لها السلطة على العباد !! فسلام على العباد . ونراك على خير، وهداك الله .

الألمعي: إذا لم تدافع أنت عنهما ياوقود نار جهنم، فمن الذي يدافع عنهما ؟ كأني بكم في قعر نار جهنم تتدلى فيها ألسنتكم على بطونكم وتشتعل فيها النيران .. جزاء حقدكم ونصبكم العداء لمحمد وآل محمد، يقودكم فيها من

ص: 100

اتبعتم من الأولين والآخرين . ولا يتسع المقام لذكر أسماء، يا سوسة قد دست وأخذت تنخر في جسم الأمة ! قاتلكم الله أنى تؤفكون .

2 - كتبهم مليئة بسب الشيخين ولعنهما، بل بلعن أمهات المؤمنين عائشة وحفصة رضي الله عنهما، وهذه بعض الأمثلة:

يقول كبير الرافضة المجلسي في كتابه حق اليقين: (ومن المعلوم أن حضرة فاطمة وحضرة الأمير علیهما السلام، كانا يعدان أبا بكر وعمر منافقين.. بل كل من اعتقد بإمامة أبي بكر وقال بها فإنه أيضاً مات ميتة جاهلية وكفر وضلالة . . وعمر كذلك) . ص 204 – 205 . ويقول المجلسي: (إن العياشي روى بسند معتبر عن الصادق أن عائشة وحفصة لعنة الله عليهما وعلى أبويهما قتلتا رسول الله بالسم) . حياة القلوب: 2 / 700

3 - هذا ما قرأناه من كلام الروافض في ساحات الحوار، في شيعة لينك وهجر، وأنا العربي، وإليكم بعضه... لاحظوا إجابة الروافض:

عدو الزنادقة: هل سبق لك أن دعوت بهذا الدعاء ؟ وكم مرة تقريباً ؟ اللهم صل على محمد وآل محمد والعن صنمي قريش وجبتيهما وطاغوتيهما وإفكيهما وابنتيهما، الذين خالفا أمرك، وأنكرا وحيك، وجحدا إنعامك، وعصيا رسولك، وقلّبا دينك، وحرَّفا كتابك، وأحبَّا أعداءك، وجحد آلائك، وعطلا أحكامك، وأبطلا فرائضك، وألحدا في آياتك، وعاديا أوليائك، وواليا أعداءك، وخربا بلادك، وأفسدا عبادك . اللهم العنهما وأتباعهما وأولياءهما وأشياعهما ومحبيهما .

نموذج لإجابة من إجابات الروافض:

ص: 101

عبد النبي: أشكرك شكراً جزيلاً، لأنني كنت أبحث عن هذا الدعاء منذ مدة طويلة، وكلما سألت عنه أحد المؤمنين كان يجيبني إما بأنه لم يسمع به، أو أنه سمع به ولا يوجد عنده، أما سؤالك فأنا أتعهد لك بالتزام هذا الدعاء من الآن فصاعداً، وأنصح الأخوان المؤمنين بالتزامه وتعهده، خصوصاً عند الشدة والكرب، لأنه مجرب، وسمعت أنه سريع الإجابة، والكيفية: أن تقرأه ثم تسأل حاجتك، فإنها تقضى إنشاء الله .

نموذج آخر .. الموسوي: الدعاء الذي ذكرته إسمه دعاء صنمي قريش، أي أبو بكر وعمر، وقد جاء في كتاب المصباح للكفعمي، والدعاء كما جاء في نفس المصدر مما كان يدعو به أمير المؤمنين علیه السلام في أدعيته، وقد توفقت بعض المرات في قراءته وأسأل الله أن يوفقني مرة أخرى، والدعاء لايعرفه جميع الشيعة لأنه من غير المعهود لديهم قراءته، لعدم وجوده في كتب الأدعية المعروفة كمفاتيح الجنان، ولذا لاتستغرب أن لم يتعرف عليه بعضهم، وتعرفت عليه أنت . والدعاء وإن كان وارداً بسند ضعيف، ولكن مضمونه يعد من ضروريات مذهبنا، بحيث لا نعد الشخص شيعياً إذا آمن بأنهما مرضيين عند الله، فهل تتوقع أن نجاملك لنقول لك إننا نعتقد أن جميع الصحابة عدول، أو نقول لك أن أبا بكر وعمر في الجنة، فكتبنا مشحونة بأحاديث المطاعن، وقد كتب كثير من علمائنا مطاعنهم في كتبهم، ونحن لا نتنصل من ذلك، نعم نحن لا نلعنهم أمام من يعتقد بمنزلتهم، لأن أئمتنا أمروا بذلك . ولاحظ قوله: نعم نحن لا نلعنهم أمام من يعتقد بمنزلتهم لأن أئمتنا أمروا بذلك .

عدو الزنادقة: إذن فالدعاء ثابت عندكم أيها الموسوي، وهل يوجد من علماءكم من ينكر الدعاء بهذا الدعاء أم أنهم جميعاً متفقون عليه، أرجو

ص: 102

المواصلة معك أيها الموسوي، فأنا أكره الكاذبين . بالطبع أنا لا أرضى أن تلعن، ولكن أريد أن أعرف عقيدتكم منكم، أجبني عن سؤالي السابق حتى نستطيع المواصلة .

الموسوي: لقد أخبرتك أن الدعاء مذكور في بعض كتبنا، فإن كنت تقصد من كلمة (ثابت) أنه وارد بسند صحيح، فقد أخبرتك بأن ذلك غير ثابت، وإن كنت تقصد أن معاني الدعاء بشكل عام بما تتضمنه من اللعن مقبولة عند علمائنا، فالجواب هو نعم، ولايكون العالم عندنا موالياً لأهل البيت إلا إذا اعتقد البراءة ممن غصبهم حقهم كالخليفتين .

ولاحظ قوله: وإن كنت تقصد أن معاني الدعاء بشكل عام بما تتضمنه من اللعن مقبولة عند علمائنا، فالجواب هو نعم، ولايكون العالم عندنا موالياً لأهل البيت إلا إذا اعتقد البراءة ممن غصبهم حقهم كالخليفتين . .

4- يكثر الكثير من الروافض من ذكر هذه المقدمة في بداية حديثهم: بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد وآله الطاهرين، واللعن الدائم على أعدائهم أبد الآبدين. فاسألوا أي رافضي هل يدخل أبا بكر وعمر في هذا اللعن الدائم أم لا ؟

5 - عندما سئل الكثير من الروافض هذا السؤال لم يتبرأ أي واحد منهم من هذا اللعن في أي ساحة من ساحاتهم .. وإليك هذا الدليل القاطع الذي لايستطيع أن ينكره الروافض أعداء الاسلام والمسلمين: زيارة الإمام الحسين علیه السلام يوم عاشوراء: http://shialink.org/duaa/ashora.html

من المقصود بالأول والثاني والثالث ؟ بالطبع هم أبو بكر وعمر وعثمان .

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 11-12-1999، الثالثة صباحاً:

ص: 103

مساك الله بالخير . الظاهر صدق حدسي بأنك تجهز ليوم الهروب الكبير ؟ وين ردك ؟ وين أجوبتك ؟ ما توقعت إنك إلى هالحد من التهرب والتنحش ؟

قل يا المشارك: لعن الله من قال أو يقول بأن رسول الله صلی الله علیه و آله شتم أو لعن أي من المسلمين من غير استحقاق أو بدون وجه حق.. وأيضاً هذه الجملة الخفيفة على اللسان: لعن الله من لعن علياً أو سبه أو أمر بسبه .. تقدر ؟ ما أعتقد ! فأنتم تدافعون عن الصحابة، وتطعنون في خير خلق الله صلی الله علیه و آله ؟ وأنتم تدافعون عن جميع الصحابة ما عدا علي بن أبي طالب !!

أسال الله أن يحشرك مع معاوية وأن يحشرني مع علي علیه السلام .

- وكتب (عمر) بتاريخ 11-12-1999، الثالثة صباحاً:

أفضل رد على الشيعة هذه الآية، سورة الأحزاب - 6: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفاً، كان ذلك في الكتاب مسطوراً . صدق الله العظيم. ويكفي بأنهم يخالفون الله في هذه الآيات .

- وكتب (مشارك) بتاريخ 23-3-2000، الثانية عشرة ظهراً:

والآن ياروافض هل يستطيع أي واحد منكم أن ينكر أن هذه هي عقيدة الروافض أجمعين ؟

- وكتب (الخزاعي) بتاريخ 23-3-2000، الواحدة إلا ثلث ظهراً:

نعم يا مشارك .. اللعن بما هو لعن ليس من عقائد الشيعة .. يا مشارك أنت تصف الشيعة بالمجوس فما تنتظر منهم ؟!!

ص: 104

يا مشارك اللعن منهج ذكره القرآن للتبرئ من أعداء الدين . ونحن نعتقد أن أعداء أهل البيت هم أعداء الدين. وعندما تجدني أقول... واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين، إنما ألعن أعداء الدين الذين لعنهم القرآن في أكثر من مناسبة. نعم بعض الشيعة كما قلت يقصدون أناساً محددين، وغيرهم من الشيعة لا يقصد فلان أو علان بعينه. أطلق العبارة على أعداء أهل البيت فإن كان فلان من أعدائهم سيشمله اللعن، وإلا فلا .

وأوضح مصداق لأعداء أهل البيت الذين يشملهم اللعن هم يزيد، وعبيد الله بن زياد، وشمر، والكثير ممن مارس القتل والتشريد لأهل البيت بصورة مباشرة وغير مباشرة .

أم أنك تعتبر هؤلاء من الصحابة الذين لا يجوز لعنهم يا مشارك !!؟

يا مشارك لم أر موضوعاً واحداً لك يخلو من هذه المضامين .. لماذا ؟!!

- وكتب (مشارك) بتاريخ 23- 3-2000، الرابعة إلا ربعاً عصراً:

ألست ممن يكثر من هذا اللعن: اللهم العن أول ظالم لآل محمد، ألا تقصدون بذلك أبا بكر الصديق رضي الله عنه؟ في انتظار الإجابة يا خزاعي ؟

- وكتب (أبو غدير) بتاريخ 23- 3-2000، الرابعة عصراً:

إلى مشارك .. قبل مغادرتك إقرأ هذه الآيات الكريمة، ثم أجبني لو سمحت.

1- وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلاً ما يؤمنون . ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدقاً لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فلعنة الله على الكاذبين .

ص: 105

2- إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .

3- فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين .

4- أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين .

5- من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا لياًّ بألسنتهم وطعنا في الدين، ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا وانظرنا لكان خيراً لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلاً .

6- أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيراً .

7- وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لايحب المفسدين .

8- لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون .

9- ونادى أصحاب الجنة أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقاً فهل وجدتم ما وعد ربكم حقاً قالوا نعم، فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين .

10- وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم .

ص: 106

11- ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً أولئك يعرضون على ربهم ويقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم، ألا لعنة الله على الظالمين.

12- وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة، ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعداً لعاد قوم هود .

13- وأتبعوا في هذه لعنة ويوم القيامة يئس الرفد المرفود .

14- إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم .

15- وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين.

16- إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والأخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً .

17- إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً .

18- وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين .

19- أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم .

20- ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيراً .

هل تعتقد أن الله سبحانه وتعالى معاذ الله، يسب ويشتم في الآيات المذكورة ؟! هل لعن الشيعة سبٌ وشتم ؟ هل نتبع سنة الله في اللعن، أم نتبع سنة ابن تيمية وبن باز ؟!!

يناديهم يوم الغدير نبيهم *** بخمٍّ وأسمع بالنبي مناديا

فمن كنت مولاه فهذا ولّيه *** فكونوا له أنصار صدق مواليا

ص: 107

هناك دعا اللهم وال وليه *** وكن للذي عادى عليّا معاديا

فيارب أنصر ناصريه لنصرهم *** إمام هدى كالبدر يجلو الدياجيا

- وكتب (الخزاعي) بتاريخ 23-3-2000، السابعة إلا ربعاً مساءً:

أنا شخصياً، وأعرف الكثير غيري ممن لا يقصد أبا بكر وعمر في هذا اللعن.. إنما نقوله على عمومه، فإن كانوا ظالمين شملهم، وإن لم يكونوا لم يشملهم . فلِمَ أنتَ ممتعض ؟ إذا كنت متيقناً بعدالتهم فسوف لن يشملهم اللعن، بل ستعود آثاره على اللاعن للعدول . وأنا صريح جداً يا مشارك، فهناك البعض من يعلن وبالأسماء، وواجبك أولاً أن تثبت للناس أن الصحابة عدول لايجوز لعنهم، وأن اللاعن لهم كافر .

لكن كيف ؟ هنا تسكب العبرات يا مشارك . إذا تمكنت من إثبات ذلك سيكون لك كل الحق فيما تقول . ومع هذا فأنا ممن لا يحبذ اللعن، وثق أنني إن لعنت فأنويها على عمومها . وأعلم أنك تعتبرها تقية !

- وكتب (مشارك) بتاريخ 23-3-2000، الثامنة إلا ربعاً مساءً:

يا الخزاعي.. هذا من الكتمان وليس من التقية ! ألا تعتقد أن أبا بكر وعمر من الظالمين لآل محمد صلوات الله وسلامه عليه وعليهم ؟ وبالتالي فهم يدخلون في هذا اللعن.. أجبنا بصراحة وبدون تقية ولا كتمان !

- وكتب (مشارك) بتاريخ 24-3-2000، الخامسة مساءً:

أين أنت يا الخزاعي ؟!

- وكتب العاملي بتاريخ 24-3-2000، الخامسة والنصف مساءً:

البراءة ممن ظلم آل محمد صلوات الله عليهم، جزءٌ من الإسلام يامشارك !

ص: 108

فهل جننت حتى تريدنا أن نترك هذا الجزء ؟! نحن نلعن ظالميهم، وأنت يجب عليك أن تقولها معنا .. ثم برِّئ من شئت من ظلمهم وطبقها على من شئت.. ولا تفتش عن قلوب المسلمين، ولا تكن شرطياً على.. قناعاتهم !!

منذ سنة وأنت تحمل عقدة اللعن، وتجادل الشيعة وتستَحْفِهِم، لتجد سقطة من أحدهم، فتذهب وتشتكي عليهم عند البروكسي السعودي والحكومة السعودية . . التي تعتقد بكفرها وتلعنها ! سبحان من يذل عباده .. كيف يكفر دولة ويلعنها، ثم يلجأ إليها ! هل أنت مجبور شرعاً أن تكون شرطياً لمعاوية ويزيد وعبيد الله بن زياد والحجاج ؟!

- قال العاملي: وغاب مشارك، الذي أخذ يعمل بعد انكسار علماء الوهابية وهو منهم، على إثارة الشيعة بأسلوب التحدي تارة والنعومة تارة أخرى، ويتسقط منهم كلمة ضد أبي بكر وعمر وعائشة ومعاوية، وغرضه من ذلك أن يشتكي على شبكاتهم لرقابة الشبكات (البروكسي السعودي) بأنهم يسبون الصحابة في شبكاتهم . . لكي يحجبوها عن المشاهدين داخل السعودية.. وبالفعل فقد اشتكوا على شبكة هجر وتم حجبها، ثم اعترضت الشبكة على القرار، وأثبتت كذب المشتكين، ورفع عنها الحجب .

ص: 109

ص: 110

الفصل الثالث: لعن من لعنهم الله ورسوله.. فريضة

اشارة

ص: 111

ص: 112

- كتب العاملي في الموسوعة الشيعية بتاريخ 22-3-2000، الثانية عشرة والربع مساء، موضوعاً بعنوان (لعن من لعنهم الله ورسوله.. فريضةٌ لا تتم الولاية إلا بها)، قال فيه:

من أحسن ما رأيته في إثبات أن البراءة عقيدة وفريضة، وأنها جزء من الدين، وأنها الوجه الآخر للولاية، فلا تتم الولاية لله تعالى ورسوله إلا بها . . ما رواه الأرموي في هامش الإيضاح لابن جبريل ص 507، قال:

(قال أبو جعفر رحمة الله : قد كنت منذ أيام، علقت بخطي كلاماً وجدته لبعض الزيدية في هذا المعنى، نقضاً ورداً على أبي المعالي الجويني، فيما اختاره لنفسه من هذا الرأي . وأنا أخرجه إليكم لأستغني بتأمله عن الحديث على ما قاله هذا الفقيه، فإني أجد ألماً يمنعني من الإطالة في الحديث لا سيما إذا خرج مخرج الجدل ومقاومة الخصوم . ثم أخرج من بين كتبه كراساً قرأناه في ذلك المجلس واستحسنه الحاضرون، وأنا أذكر هاهنا خلاصته:

قال: لولا أن الله تعالى أوجب معاداة أعدائه كما أوجب موالاة أوليائه وضيق على المسلمين تركها إذا دل العقل عليها، أو صح الخبر عنها، بقوله سبحانه: (

ص: 113

لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم) .

وبقوله تعالى: (ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء) .

وبقوله سبحانه: (لا تتولوا قوماً غضب الله عليهم) .

ولإجماع المسلمين على أن الله تعالى فرض عداوة أعدائه وولاية أوليائه، وعلى أن البغض في الله واجب، والحب في الله واجب ..

لما تعرضنا لمعاداة أحد من الناس في الدين، ولا للبراءة منه، ولكانت عداوتنا للقوم تكلفاً !

ولو ظننا أن الله عز وجل يعذرنا إذا قلنا: يا رب غاب أمرهم عنا فلم يكن لخوضنا في أمر قد غاب عنا معنى، لاعتمدنا على هذا القدر وواليناهم . . ولكنا نخاف أن يقول سبحانه لنا: إن كان أمرهم قد غاب عن أبصاركم، فلم يغب عن قلوبكم وأسماعكم، قد أتتكم به الأخبار الصحيحة التي بمثلها ألزمتم أنفسكم الإقرار بالنبي وموالاة من صدقه ومعاداة من عصاه وجحده، وأمرتم بتدبر القرآن وما جاء به الرسول .. فهلاَّ حذرتم من أن تكونوا من أهل هذه الآية غداً: ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا .

فأما لفظة اللعن فقد أمرنا الله تعالى بها وأوجبها، ألا ترى إلى قوله: أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون . فهو إخبار معناه الأمر، كقوله: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء . وقد لعن الله تعالى العاصين بقوله: لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود . وقوله: (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً) . وقوله: (ملعونين أينما

ص: 114

ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً) . وقال الله تعالى لإبليس: (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين) . وقال: (إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً) .

فأما قول من يقول: أي ثواب في اللعن ؟ وإن الله تعالى لايقول للمكلف: لِمَ لَمْ تلعن ؟ بل قد يقول له: لم لعنت، وأنه لو جعل مكان: لعن الله فلاناً، اللهم اغفر له لكان خيراً له، ولو أن إنساناً عاش عمره كله لم يلعن إبليس لم يؤاخذ بذلك .. فكلام جاهل لا يدري ما يقول !

اللعن طاعة ويستحق عليه الثواب إذا فعلت على وجهها، وهو أن يلعن مستحق اللعن لله وفي الله، لا في العصبية والهوى . ألا ترى أن الشرع قد ورد بها في نفى الولد، ونطق بها القرآن وهو أن يقول الزوج في الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين . فلو لم يكن الله تعالى يريد أن يتلفظ عباده بهذه اللفظة، وأنه قد تعبدهم بها، لما جعلها من معالم الشرع، ولما كررها في كثير من كتابه العزيز، ولما قال في حق القائل: وغضب الله عليه ولعنه . وليس المراد من قوله: ولعنه، إلا الأمر لنا بأن نلعنه، ولو لم يكن المراد بها ذلك لكان لنا أن نلعنه، لأن الله تعالى قد لعنه، أفيلعن الله تعالى إنساناً ولا يكون لنا أن نلعنه ؟! هذا ما لايسوغ في العقل ! كما لايجوز أن يمدح الله إنساناً إلا ولنا أن نمدحه، ولا يذمه إلا ولنا أن نذمه . وقال تعالى: (هل أنبئكم بشرٍَ من ذلك مثوبةً عند الله من لعنه الله) . وقال: (ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيراً) . وقال عز وجل: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا) .

وكيف يقول القائل: إن الله تعالى لا يقول للمكلف: لِمَ لَمْ تلعن ؟! ألا يعلم هذا القائل أن الله تعالى أمر بولاية أوليائه، وأمر بعداوة أعدائه، فكما يسأل عن التولي يسأل عن التبري! ألا ترى أن اليهودي إذا أسلم يطالب بأن يقال له تلفظ

ص: 115

بكلمة الشهادتين، ثم قل: برئت من كل دين يخالف دين الإسلام، فلا بد من البراءة، لأنه بها يتم العمل . ألم يسمع هذا القائل قول الشاعر: تود عدوي ثم تزعم أنني *** صديقك إن الرأي عنك لعازبُ

فمودة العدو خروج عن ولاية الولي، وإذا بطلت المودة لم يبق إلا البراءة، لأنه لا يجوز أن يكون الإنسان في درجة متوسطة مع أعداء الله تعالى وعصاته بأن لايودهم ولا يبرأ منهم، بإجماع المسلمين على نفي هذه الواسطة .

وأما قوله: لو جعل عوض اللعنة أستغفر الله لكان خيراً له .. فإنه لو استغفر من غير أن يلعن أو يعتقد وجوب اللعن لما نفعه استغفاره ولا قبل منه، لأنه يكون عاصياً لله تعالى مخالفاً أمره في إمساكه عمن أوجب الله تعالى عليه البراءة منه وإظهار البراءة . . والمصرُّ على بعض المعاصي لا تقبل توبته واستغفاره عن البعض الآخر .

وأما من يعيش عمره ولا يلعن إبليس، فإن كان لايعتقد وجوب لعنه فهو كافر، وإن كان يعتقد وجوب لعنه ولا يلعنه فهو مخطئ .

على أن الفرق بينه وبين ترك لعنه رؤوس الضلال في هذه الأمة كمعاوية والمغيرة وأمثالهما: أن أحداً من المسلمين لايورث عنده الإمساك عن لعن إبليس شبهةً في أمر إبليس، والإمساك عن لعن هؤلاء وأضرابهم يثير شبهة عند كثير من المسلمين في أمرهم، وتجنب ما يورث الشبهة في الدين واجب . فلهذا لم يكن الإمساك عن لعن إبليس نظيراً للإمساك عن أمر هؤلاء !

قال: ثم يقال للمخالفين: أرأيتم لو قال قائل قد غاب عنا أمر يزيد بن معاوية والحجاج بن يوسف، فليس ينبغي أن نخوض في قصتهما، ولا أن

ص: 116

نلعنهما ونعاديهما ونبرأ منهما .. هل كان هذا إلا كقولكم: قد غاب عنا أمر معاوية والمغيرة بن شعبة وأضرابهما فليس لخوضنا في قصتهم معنى ؟ !

وبعد، كيف أدخلتم أيها العامة والحشوية وأهل الديث أنفسكم في أمر عثمان وخضتم فيه، وقد غاب عنكم، وبرئتم من قتلته ولعنتموهم ؟ !

وكيف لم تحفظوا أبا بكر في محمد ابنه ؟ فإنكم لعنتموه وفسقتموه !

ولاحفظتم عائشة أم المؤمنين في أخيها محمد المذكور، ومنعتمونا أن نخوض وندخل أنفسنا في أمر علي والحسن والحسين ومعاوية الظالم له ولهما، المتغلب على حقه وحقوقهما ؟ !

وكيف صار لعن ظالم عثمان من السنة عندكم، ولعن ظالم علي والحسن والحسين تكلفاً ؟! وكيف أدخلت العامة أنفسها في أمر عائشة، وبرئت ممن نظر إليها والقائل لها يا حميراء، أو إنما هي حميراء، ولعنته لها بكشفه سترها . ومنعتمونا نحن عن الحديث في أمر فاطمة، وما جرى لها بعد وفاة أبيها ؟!!

فإن قلتم: إن بيت فاطمة إنما دُخِل، وسترها إنما كُشِف حفظاً لنظام الإسلام، وكي لا ينتشر الأمر، ويخرج قوم من المسلمين أعناقهم من ربقة الطاعة ولزوم الجماعة .

قيل لكم: وكذلك ستر عائشة إنماكشف، وهودجها إنما هتك، لأنها نشرت حبل الطاعة، وشقت عصا المسلمين، وأراقت دماء المسلمين من قبل وصول علي بن أبى طالب علیه السلام إلى البصرة، وجرى لها مع عثمان بن حنيف وحكيم بن جبلة ومن كان معهما من المسلمين الصالحين، من القتل وسفك الدماء ما تنطق به كتب التواريخ السير ! !

ص: 117

فإذا جاز دخول بيت فاطمة لأمر لم يقع بعد .. جاز كشف ستر عائشة على ما قد وقع وتحقق !! فكيف صار هتك ستر عائشة من الكبائر التي يجب معها التخليد في النار، والبراءة من فاعله من أوكد عرى الإيمان .. وصار كشف بيت فاطمة والدخول عليها منزلها وجمع حطب ببابها وتهديدها بالتحريق من أوكد عرى الدين، وأثبت دعائم الإسلام، ومما أعز الله به الدين وأطفأ به نائرة الفتنة !! والحرمتان واحدة، والستران واحد ؟!!!

وما نحب أن نقول لكم إن حرمة فاطمة أعظم ومكانها أرفع، وصيانتها لأجل رسول الله صلی الله علیه و آله أولى، فإنها بضعة منه وجزء من لحمه ودمه، وليست كالزوجة الأجنبية التي لا نسب بينها وبين الزوج.. وإنما هي وصلة مستعارة وعقد يجري مجرى إجارة المنفعة، وكما يملك رق الأمة بالبيع والشراء، ولهذا قال الفرضيون: أسباب التوارث ثلاثة، سبب ونسب وولاء، والنسب القرابة، والسبب النكاح، والولاء ولاء العتق، فجعلوا النكاح خارجاً عن النسب، ولو كانت الزوجة ذات نسب لجعلوا الأقسام الثلاثة قسمين !! وكيف تكون عائشة أو غيرها في منزلة فاطمة، وقد أجمع المسلمون كلهم من يحبها ومن لا يحبها منهم على أنها سيدة نساء العالمين ؟!

قال: وكيف يلزمنا اليوم حفظ رسول الله صلی الله علیه و آله في زوجته وحفظ أم حبيبة في أخيها، ولم تلزم الصحابة أنفسها حفظ رسول الله في أهل بيته، ولا ألزمت الصحابة أنفسها حفظ رسول الله في صهره وابن عمه عثمان بن عفان، وقد قتلوهم ولعنوهم، وقد كان كثير من الصحابة يلعن عثمان وهو خليفة، منهم عائشة كانت تقول: أقتلوا نعثلاً لعن الله نعثلاً، ومنهم عبد الله بن مسعود !!

ص: 118

وقد لعن معاوية علي بن أبي طالب وابنيه حسناً وحسيناً وهم أحياء يرزقون بالعراق، وهو يلعنهم بالشام على المنابر، ويقنت عليهم في الصلوات!

وقد لعن أبو بكر وعمر سعد بن عبادة وهو حي وبرئا منه، وأخرجاه من المدينة إلى الشام ! ولعن عمر خالد بن الوليد لما قتل مالك بن نويرة ! وما زال اللعن فاشياً في المسلمين إذا عرفوا من الانسان معصية تقتضي اللعن والبراءة.

قال: ولو كان هذا معتبراً وهو أن يحفظ زيد لأجل عمرو فلا يلعن، لوجب أن تحفظ الصحابة في أولادهم فلا يلعنوا لأجل آبائهم، فكان يجب أن يحفظ سعد بن أبى وقاص فلا يلعن عمر بن سعد قاتل الحسين، وأن يحفظ معاوية فلا يلعن يزيد صاحب وقعة الحرة وقاتل الحسين ومخيف المسجد الحرام بمكة، وأن يحفظ عمر بن الخطاب في عبيد الله ابنه قاتل الهرمزان، والمحارب علياً في صفين . انتهى . ورحم الله هذا العالم الزيدي .

- وكتب (حبيب الشعب) بتاريخ 22-3-2000، الواحدة صباحاً:

الأخ الفاضل العاملي . . أليس هناك مواضيع أولى بالطرح من هذه ؟!

وهل قصرت أساليب التعبير عن شرح وجهة نظرنا في ما فعله بعض الصحابة لغير هذا الأسلوب الفظّ ؟ ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك . وماذا نصنع باللعن وهو دعاء بالطرد من رحمة الله ؟ ألا يكفي رفض الظلم والظالمين ومقاومتهم إن كانوا بيننا ؟! أني أعيذك بالله أن تكون ممن يفرقون ولا يجمعون، ويفسدون ذات البين ولا يصلحون .

لقد شهدنا في الآونة الأخيرة إستجابات كثيرة من قبل علماء إخواننا السنة لتوحيد صفوف المسلمين والتأليف بين قلوبهم، فأرجو منك أن تقفل هذا

ص: 119

الموضوع، فالله يوصينا فيقول: وقولوا للناس حسناً، وكل ما خالف كتاب الله يضرب به عرض الجدار .

اللهم لا ترفعني في الناس درجة إلا حططتني عند نفسي مثلها، ولا تحدث لي عزاً ظاهراً، إلا أحدثت لي ذلة باطنة عند نفسي بقدرها .

- فأجابه العاملي بتاريخ 22-3-2000، الثانية صباحاً:

هل تقصد أن الإسلام يتكون من ولاية بدون براءة..؟ فيمكنك أن تقول: إلا الله، بدون (لا إلهَ) ؟! أم تقول إن آيات البراءة في القرآن واللعن.. لا يجب العمل بها ؟ فالأفضل أن نسامح ظالمي أهل البيت علیهم السلام ولا نلعنهم ؟ والأحسن أن لا نلعن أحداً حتى إبليس ؟!

اللعن أيها الأخ ليس سباً كما يتصور البعض.. بل هو حكم يصدر من الله ورسوله بحرمان الشخص من الرحمة.. فنحن نبحث عمن صدر هذا المرسوم بحقهم، لأن واجبنا البراءة منهم !

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 22-3-2000، الثانية والنصف ظهراً:

بالنسبة للَّعنة . . فما أراها إلا على الكافرين، والدين الإسلامي لم يقم على تلعين الظالمين، وكرس جهوده ضد الظالمين، بل جاء بالتوحيد لله ونبذ الأصنام والأوثان وكل دين ما خلا الإسلام . وطبعاً الظلم ظلمات يوم القيامة، والله تعالى لعن الظالمين والكافرين، وكذلك رسوله الكريم لعن من يفعل أفعالاً منكرة، والملعون هو المطرود من رحمة الله .

ولكن الملاحظ في الرافضة ما يأتيهم أحد من أهل السنة يحاورهم إلا أظهروا اللعن، ويكثرون من اللعن، وهذه ليست من أخلاق المؤمن الصالح

ص: 120

الورع . نعلم أن هناك من لعنهم الله تعالى في كتابة وفي سنة نبيه، ولكن كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعَّان ولا اللعَّان ولا الفاحش ولا البذئ، فالرجل يتورع أن يكون من اللعانين ويكثرون من اللعن .

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 22-3-2000، الثالثة ظهراً:

وملاحظة: قول العاملي بأن يجوز لعن ظالمي آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ليته يصرح بهم من هم ؟ مع الأسف أن أهل السنة بالنسبة للرافضة بأنهم نواصب، يوالون ويحبون الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ويفضلون ثلاثة على علي بن أبي طالب رضي الله عنه . ويقول الرافض بأن الثلاثة الذين ولوا أمر المسملين قبل علي مغتصبون للخلافة، فهم ظالمون حق علي، إذن هم ظالمون حق آل البيت. إذن فمن يوالي أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم يكون ناصبياً . فهذه المعادلة محلولة .

فهل العاملي يقصدهم من خلال طرحه للموضوع، أو هو رأي جميع الروافض ؟

- فكتب العاملي بتاريخ 22-3-2000، الثالثة والنصف ظهراً:

يفتي فقهاؤنا يا أبا فراس بكفر الناصبي لآل محمد صلى الله عليه وعليهم، وهو من نصب العداوة وأعلنها..

أما غيره من أتباع المذاهب فلا يعتبرونه ناصبياً .

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 22-3-2000، الثامنة إلا ربعاً مساءً:

ص: 121

لا بأس أيها العاملي .. بالنسبة لي وكذلك جميع أهل السنة يفضلون ثلاثة قبل علي، ويرون بأنهم أحق بالخلافة منه، كرم الله وجهه، فهل هذا يعني بأننا نواصب ؟ نحن نقولها أمام الملأ والكل يعرف ذلك، فما قول علمائكم تجاهنا ؟

- وكتب (حبيب الشعب) بتاريخ 22-3-2000، الثامنة مساءً:

مع كل الإحترام لك ولما تقول، فإن الآيات التي ذكرتها تنهى عن موالاة الظالمين والكافرين فقط . وآية: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون . فلا تدل بظاهرها على وجوب اللعن، وهي ليست كآية المطلقات: والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء . لأن الآية الثانية إخبار لا يمكن أن يكون معناه إلا الأمر بأن تعتد المطلقات بثلاثة قروء، والآية الأولى ليست كذلك إذ من القريب أن يكون معناه الإخبار بأنهم ملعونون،لاسيما أن اللاعنين قد يكونوا الملائكة الذين يسجلون خيانتهم للأمانة التي تحملوها بالعلم الديني الذي درسوه .

لو فرضنا جدلاً أني كنت أقصد تجميد العمل بالآيات التي تنهى عن ولاء الكافرين والظالمين من أجل عدم إيجاد فتنة بين المسلمين، معاذ الله أن أقول هذا، فلماذا أسامح الذين قالت عنهم جدتي الصديقة فاطمة الزهراء علیه السلام : وسيعلم التالون غِبَّ ما أسس الأولون . فإذا رأينا أحداً لايستطيع القصاص من شخص اعتدى عليه فسكت عنه ولم يرد أن يثير عشيرته عليه، فهل يسبق إلى ذهننا أنه عفا عنه ؟! إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم. وهذه الآية لا لبس في معناها، إذ يمكننا أن نطرح ظلامة أهل البيت علیه السلام للناس بأساليب راقية، حتى تدخل في القلوب ولاندع لأحد علينا عذرًا كما قال علي علیه السلام : ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العذر،

ص: 122

وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، وأهدهم من ضلالتهم حتى يعرف الحق من جهله ويرعوي عن الغي والعدوان من لهج به . والكلام هنا لا يخص السب فهو عام كما ترى، وكما ورد في التعليل بأن ذلك حتى يرعوي عن الغي والعدوان من لهج به، فاللعن والسب تثير في المرء الغي والعدوان . وقد ورد في شروط الإشتراك في هذا المنتدى مراعاة آداب الحوار الإسلامي والإصلاح بالتي هي أحسن، وعدم استخدام العنف في الكلام . وعذراً للإطالة .

- وكتبت (طبيعي) بتاريخ 22-3-2000، الثامنة والنصف مساءً:

أخي أبا فراس .. أنت لست بناصبي، وليس كل من قال بأفضلية الثلاثة ناصبي . الناصبي هو من نصب العداوة لآل البيت بعد أن عرف حقهم وأفضليتهم، وأنت لست كذلك . الناصبي من هو يجاهد لإبعاد أي فضيلة عن آل البيت، ويجاهد في دفعها لغيرهم، وأنت لست كذلك .

الناصبي هو من حرف لك بهذا الدين، فإن ثبت لك حق ما لعلي علیه السلام وأنت صرفته عن وجهه الذي ثبت لك عقلياً، لمجرد أن الأولين لم يأخذوا به، ولمجرد أنك تؤمن بعدالة من سبقك على حساب عقلك.. فنعم أنت ناصبي، ولا أظنك كذلك ..

أُذَكِّرُ نفسي وأذكرك أخي بأننا يجب أن نفرق بين التقصير والقصور، فلا تكن مقصراً، فكلنا أمام الله مؤاخذون .. نعم يتردد في المنتدى كثيراً لفظ الناصبي ولكنه من باب التذكير فقط ومن باب النقاش . كما يتردد لفظ الرافضي وهي صفات لاتعني الشيعة،كما لاتعني أهل السنة فلا يرفض الشيعة (كل)

ص: 123

صحابة رسول الله صلی الله علیه و آله ، كما لايناصب جميع أهل السنة العداوة لأهل البيت علیهم السلام .

يا أخي إن الناصبي لدينا نجس، ولوكنا نعتقد أهل السنة كذلك لما كنا نتعايش معهم ! أليس كذلك ؟ . . اللهم صل على محمد وآل محمد .

- وكتب (مشارك) بتاريخ 22-3-2000، العاشرة ليلاً:

أليس هذا هو دينكم ياروافض ؟ وفيما يلي نقول من كلام أئمتهم في بيان حقيقة نظرتهم للمسلمين، وحكمهم عليهم وإن أظهروا بعد ذلك خلاف ذلك، تحت ستار التقية .

كفر من لا يقول بإمامة الاثني عشر عند الشيعة: قال يوسف البحراني (في الحدائق الناضرة: 18/153 ط . بيروت): وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله سبحانه ورسوله، وبين من كفر بالأئمة علیهم السلام مع ثبوت كون الإمامة من أصول الدين ؟!) .

وقال الفيض الكاشاني في منهاج النجاة- 48 ط. الدار الإسلامية بيروت: (ومن جحدإمامة أحدهم الأئمة الاثني عشر فهو بمنزلة من جحد نبوة جميع الأنبياء).

وقال المجلسي في بحار الأنوار: 23/390 ط. بيروت: (إعلم أن إطلاق لفظ الشرك والكفر على من لم يعتقد بإمامة أمير المؤمنين والأئمة من ولده علیهم السلام وفضل عليهم غيرهم، يدل على أنهم كفار مخلدون في النار) .

وقال يوسف البحراني في الحدائق الناضرة: 18/53: (إنك قد عرفت أن المخالف كافر لاحظ له في الإسلام بوجه من الوجوه، كما حققنا في كتابنا الشهاب الثاقب) .

ص: 124

وقال عبد الله شبر في حق اليقين في معرفة أصول الدين: 2/188 ط. بيروت: (وأما سائر المخالفين ممن لم ينصب ولم يعاند ولم يتعصب، فالذي عليه جملة من الإمامية كالسيد المرتضى أنهم كفار في الدنيا والآخرة، والذي عليه الأشهر أنهم كفار مخلدون في النار) .

وقال محمد بن حسن النجفي في جواهر الكلام: 6/62: (والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا، كالمحكي عن الفاضل محمد صالح في شرح أصول الكافي، بل والشريف القاضي نور الله في إحقاق الحق، من الحكم بكفر منكري الولاية، لأنها أصل من أصول الدين) .

ويقول أيضاً في نفس المصدر السابق: (ومعلوم أن الله عقد الأخوة بين المؤمنين بقوله تعالى: إنما المؤمنون أخوة، دون غيرهم، فكيف تتصور الأخوة بين المؤمن والمخالف بعد تواتر الروايات وتظافر الآيات في وجوب معاداتهم والبراءة منهم ؟ !) .

وقال عبد الله المامقاني في تنقيح المقال: 1/208 ط. نجف، باب الفوائد: (وغاية ما يستفاد من الأخبار جريان حكم الكافر والمشرك في الآخرة على كل من لم يكن اثني عشرياً) .

وقال الصدوق في علل الشرائع - 601) ط. نجف، والحر العاملي في وسائل الشيعة: 18/463، والجزائري في الأنوار النعمانية: 2/308:

(عن داود بن فرقد قال قلتُ لأبى عبد الله علیه السلام : ما تقول في قتل الناصب ؟ قال: حلال الدم، ولكن أتقي عليك، فإن قدرت أن تقلب عليه حائطاً أو تغرقه في ماء لكيلا يشهد عليك، فافعل) .

ص: 125

وقال الجزائري في الأنوار النعمانية: 2/308: (وفي الروايات أن علي بن يقطين وهو وزير الرشيد قد اجتمع في حبسه جماعة من المخالفين وكان من خواص الشيعة، فأمر غلمانه وهدوا سقف الحبس على المحبوسين فماتوا كلهم وكانوا خمسمائة رجل تقريباً، فأراد الخلاص من تبعات دمائهم فأرسل إلى مولانا الكاظم فكتب علیه السلام إليه جواب كتابه، بأنك لو كنت تقدمت إليَّ قبل قتلهم لما كان عليك شئ من دمائهم، وحيث إنك لم تتقدم إليَّ فكَفِّرْ عن كل رجل قتلته منهم بتيس، والتيس خير منه).

فانظر إلى هذه الدية الجزيلة التي لاتعادل دية أخيهم الأصغر، وهو كلب الصيد، فإن ديته خمس وعشرون درهماً، ولا دية أخيهم الأكبر، وهو اليهودي أو المجوسي، فإنها ثمانمائة درهم، وحالهم في الدنيا أخس وأبخس !

- وكتب (مظاهر) بتاريخ 22-3-2000، الحادية عشرة ليلاً:

إلى مشارك وكل من شاركه هنا:

ونحن رجوع من حج بيت الله الحرام .. توقفنا عند مسجد في الطريق.. وما إن دخلنا حتى هجم علينا رجل طالت لحيته فغطت على (لبه) .. وبدأ يزمجر ويدفعنا بكلتا يديه . . إخرجوا من بيت الله يا (أنجاس) !! فهل عقيدة النجاسة إلا التكفير لنا؟! فبأي وجه تحاكم من يقول بكفرك (على فرض الصحة) .. وأنت تقول بكفره ؟!!

- وكتب (مشارك) بتاريخ 22-3-2000، الحادية عشرة ليلاً:

وهل تريدنا أن ندخل في مساجدنا من يلعن كبار الصحابة وأمهات المؤمنين، الذين سمحوا لليهود والنصارى والمجوس بإقامة الكنائس والمعابد في طهران

ص: 126

، ومنعوا السنة من ذلك ؟ في الوقت الذي يوجد لهم مساجدهم في القطيف وتاروت وغيرها !

- فكتب العاملي بتاريخ 22-3-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

الأخ أبا فراس: جواب الأخت (طبيعي) صحيح .

ويا مشارك: ألم أبحث معك فتاوى فقهائنا في المخالفين لمذهب أهل البيت عليهم من أتباع المذاهب الأخرى . وأن جمهورهم بل أكثريتهم الساحقة يفتون بأن المخالف ليس ناصبياً .. بل هو من ينصب لهم العداوة ؟!! وما نقلته عن الشهيد الثاني والمحق البحراني رحمهما الله صحيح، فهما يريان أن كل من لم يطع النبي في أهل بيته فهو ناصبي .. لكن القائلين بذلك قلة قليلة من مئات فقهاء الشيعة ومراجعهم عبر التاريخ !! وقد أوردت لك نصوصاً كثيرة لهم !

سبحان الله، إذا قال لي وهابي إن أكثر علمائنا لا يكفرونك، أقنع منه بذلك .. وأنت تغمض عن كل ما نقلته سابقاً لك وتتمسك برأي واحد أو اثنين من فقهائنا ؟!!

ثم أراك يا مشارك تحكم بكل وقاحة بحرمة دخول الشيعي الحرمين الشريفين ! فالحمد لله أنهم يدخلونها رغماً عنكم ! والله تعالى أرحم بالمسلمين المخالفين لكم من كل المذاهب، من أن يسلطكم عليهم ويحكمكم بالحرمين الشريفين، فتمنعونهم من الحج والزيارة، لأنهم بزعمكم كفار ! أسأل الله أن يبقيكم أذلاء، تستعملون التقية مع الدولة السعودية ومع كل الدول .

واعلم يا مشارك أن سنة إيران من النوع الذين تحكمون بكفرهم.. لأنهم إما شافعية أشعرية، أوحنفية صوفية .. فلا تتذرع بالغيرة عليهم وأنت تفتي بكفرهم واستحلال دمائهم ونسائهم !!

ص: 127

- وكتب (مشارك) بتاريخ 23-3-2000، الرابعة عصراً:

يا العاملي: 1 - لا زلت في أكاذيبك

وافتراءتك عليَّ كعادتك .. فمتى

تتوب من ذلك ؟ أم أنك تعترف أن الكذب هو دينكم ؟! متى رأيتني كفرت الأشاعرة والصوفية وعوام أهل السنة ؟ !

2 - لقد قلت يا عاملي في هذا الموضوع:

http://209.75.209.117/muntada/Forum2/HTML/002026.html

(أجبني عن سؤالي في الموضوع الذي طرحته أنت هنا، ثم أجبك عن سؤالك الخارج عنه فأين جوابك على سؤالي بعد أن أجبتك على سؤالك ؟

3 - قضية تكفيركم لنا لم ينته النقاش بيني وبينك بشأنها، بسبب حدوث التخريب لهجر، وإن كان حمار الشيخ قد وقف بالعقبة كما تعلم .

- وكتب (حبيب الشعب) بتاريخ 24-3-2000 الثانية عشرة والربع صباحاً:

هل يمكن يا مشارك أن تكتب لي ما سألك عنه الأخ العاملي.. وما سألته عنه فالصفحة المذكورة لا تظهر لدي .

- قال العاملي: جرى نقاش مطول بيني وبين المدعو مشارك في تكفيرهم لنا وتكفير بعض فقهائنا لهم، وقد أثبتت له من فتاوى علمائنا القدماء والمتأخرين، أن جمهرة فقهائنا يفرقون بين السني فيحكمون بإسلامه وطهارته، وبين الناصبي وهو الذي يظهر العداء لأهل البيت علیهم السلام فيحكمون بكفره ونجاسته . وأن الذين نقل آراءهم في نجاسة مطلق المخالف لأهل البيت علیهم السلام ، قلةٌ قليلةٌ من فقهائنا رضوان الله عليهم أجميعن .

بينما نرى كافة أتباع ابن تيمية يحكمون بكفر الشيعة خاصة، وكفر كل المسلمين الذين يخالفون آراء ابن السيدة تيمية !!

ص: 128

وينبغي أن نشير إلى أساليبهم التي تعلموها من إمامهم ابن تيمية في التورية والتقية والتهرب، ونلاحظ قول مشارك: متى رأيتني كفرت الأشاعرة والصوفية وعوام أهل السنة ؟! فهو ينفي أن يكون أفتى بكفر عوام أهل السنة لأنه يفتي بكفر علمائهم ابتداءً، وبكفر عوامهم الموافقين لهم تبعاً !!

الملعونون على لسان خاتم النبيين !

- كتب العاملي في الموسوعة الشيعية في 3-2-2000، الواحدة صباحاً موضوعاً بعنوان (كم عدد الملعونين على لسان النبي صلی الله علیه و آله ؟) قال فيه:

لعنة الأنبياء علیهم السلام أمر عظيم.. معناها أن الشخص الذي تصدر عليه اللعنة مطرود من رحمة الله تعالى !! وقد تشمل اللعنة ذرية الملعون الى يوم القيامة ..... الخ . وهو بحث طويل على حلقات . . ننقل منه نموذجاً:

في التبيان في تفسير القرآن:1/ 343: (واللعن هو الإقصاء والإبعاد. يقال: لعن الله فلاناً يلعنه لعناً، فهو ملعون . ثم يصرف مفعول إلى فعيل، فيقال: هو لعين . كما قال الشماخ بن ضرار:

ذَعرتُ به القطا ونفيتُ عنه *** مقامَ الذئب كالرجل اللعين) .

وفي مفردات الراغب ص 451: (لعن: اللعن الطرد والإبعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الإنسان دعاء على غيره، قال: ألا لعنة الله على الظالمين . والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. لعن الذين كفروا من بني إسرائيل. ويلعنهم اللاعنون. واللعنة الذي يلتعن كثيراً . واللعنة الذي يلعن كثيراً .

ص: 129

والتعن فلان لعن نفسه. والتلاعن والملاعنة، أن يلعن كل واحد منهما نفسه، أو صاحبه) .

- وكتب العاملي بتاريخ 8-2-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

نبدأ بالملعونين من الشجرة الملعونة والعائلة الملعونة.. المحبوبة جداً عند النواصب !! التي حكم الله عليها بلعنته على لسان نبيه، الذي لاينطق عن الهوى صلی الله علیه و آله .. ثم تأكدت لعنتهم على لسان أخيه ووصيه الصديق الأكبر والفاروق بين الحق والباطل، أمير المؤمنين علي علیه السلام :

ففي الإستيعاب لابن عبد البر: 1/341: (إن الذين كانوا يهجون رسول الله صلی الله علیه و آله من مشركي قريش عبد الله بن الزبعري، وأبو سفيان، وعمرو بن العاص، وضرار بن الخطاب .

وفي التحفه اللطيفة للسخاوي:1/282: (أقبل عليه معاويه يعينهما (يقصد عمرو بن العاص وأبا الأعور) فقال له الحسن: أما علمت أن رسول الله لعن قائد الأحزاب وسائقهم، وكان أحدهما أبو سفيان والآخر أبوعمرو!)

وفي طبقات ابن سعد 7 / قسم أول / 55: (عن نصر بن عاصم عن أبيه قال دخلت مسجد رسول الله صلی الله علیه و آله وأصحاب النبي صلی الله علیه و آله يقولون نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله ! قلت ما هذا ؟ قالوا: معاوية مر قبيل آخذٌ بيد أبيه، ورسول الله صلی الله علیه و آله على المنبر يخرجان من المسجد، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله فيهما قولاً . انتهى .

ولكي تعرف هذا القول الذي أخفاه ابن سعد في طبقاته، أنظر إلى ما رواه الطبراني في المعجم الكبير: 17/176: (عن نصر بن عاصم الليثي عن أبيه قال: دخلت مسجد المدينة فإذا الناس يقولون نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله

ص: 130

، قال قلت ماذا ؟ قالوا: كان رسول الله صلی الله علیه و آله يخطب على منبره فقام رجل فأخذ بيد ابنه.. فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : لعن الله القائد والمقود، ويلٌ لهذه الأمة من فلان ذي الإستاه) .

وفي الغدير للأميني: 8 / 278: (وأخرج ابن عساكر في تاريخه: 6 / 407، عن أنس: أن أبا سفيان دخل على عثمان بعد ما عمي فقال: هل هنا أحد؟ فقالوا: لا. فقال: اللهم اجعل الأمر أمر جاهلية، والملك ملك غاصبية واجعل أوتاد الأرض لبني أمية) !!

وقال ابن سعد في إسلامه: (لما رأى الناس يطؤون عقب رسول الله حسده فقال في نفسه: لو عاودت الجمع لهذا الرجل ! فضرب رسول الله في صدره ثم قال: إذاً يخزيك الله ! وفي رواية: قال في نفسه: ما أدري بِمَ يغلبنا محمد! فضرب في ظهره وقال: بالله يغلبك) . الإصابة: 2/179 .

وفي تاريخ الطبري: 6/4: (أن رسول الله صلی الله علیه و آله لعنه وابنيه معاوية ويزيد لما رآه راكبا وأحد الولدين يقود والآخر يسوق، فقال: اللهم اللعن الراكب والقائد والسائق) .

وفي فردوس الديلمي: 1/560 ح 1883: (أبوذر الغفاري: اللهم العن بني لحيان، ورعلاً، وذكيان، وعصية عصوا الله ورسوله . اللهم العن أبا سفيان . اللهم العن الحارث بن هشام . اللهم العن صفوان بن أمية .

وفي النصائح الكافية للحافظ محمد بن عقيل ص 174: (وقد أهمل كثير من أهل الحديث واجب التثبت في الرواية كما أمر الله من جانب، وتجاوزوا القدر المطلوب من التثبت من جانب آخر ! فتراهم يصححون ويقبلون بلا أدنى توقف رواية من أخبر الله عنه في كتابه أنه فاسق كالوليد بن عقبة، ومن أخبر

ص: 131

النبي أنه وزغٌ ملعون كالحكم، ومن أخبر عنه أنه في النار كسمرة، ومن أخبر النبي أنه داع إلى النار كمعاوية وعمرو، وأمثالهم !!

وفي النصائح الكافية ص 60: (أخرج أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلی الله علیه و آله : من ولي من أمر المسلمين شيئاً فأمر عليه أحداً محاباةً، فعليه لعنة الله، لايقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم . وأخرج الحاكم في المستدرك عن ابن عباس عن النبي صلی الله علیه و آله: من أستعمل رجلاً من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه، فقد خان الله ورسوله والمؤمنين !! وأخرج البخاري في صحيحه عن معقل عن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: ما من وال يلي رعيةً من المسلمين فيموت وهو غاش لهم، إلاحرم الله عليه الجنة !

فهل يبقى بعد سماع هذا لذي إيمان أن يصدق بما جاء به من لاينطق عن الهوى شك في استحقاقه لعنة الله، وأنه لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم ! وأنه خان الله ورسوله والمؤمنين، وأنه مات غاشاً للأمة بيزيد؟! أم هناك تأويل يحاول به أنصاره رد الحديث الصحيح أو تضعيفه ؟!!

اللهم غفرانك .

وفي الخصال للصدوق ص 191: (حدثنا أحمد بن محمد بن الصقر الصايغ قال: حدثني أبوحصين محمد بن جعفر بن محمد بن زياد الزعفراني، عن أبي الأحوص قال: حدثنا أبوبكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو غسان قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن قال: حدثنا الاعمش، عن عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن عبد الله بن مالك الزبيدي، عن عبد الله بن عمر [و] أن أبا

ص: 132

سفيان ركب بعيراً له ومعاوية يقوده ويزيد يسوق به، فلعن رسول الله صلی الله علیه و آله الراكب والقائد والسائق).

وفي تاريخ الطبري:11/357: (قد رأى صلى الله عليه (وآله) وسلم أبا سفيان مقبلاً على حمار ومعاوية يقود به، ويزيد ابنه يسوق به، قال: لعن الله القائد والراكب والسائق) .

وإلى هذا الحديث أشار الإمام السبط فيما يخاطب به معاوية بقوله: أنشدك الله يامعاوية، أتذكر يوم جاء أبوك على جمل أحمر وأنت تسوقه وأخوك عتبة هذا يقوده، فرآكم رسول الله صلی الله علیه و آله فقال: اللهم العن الراكب والقائد والسائق ؟!) .

وفي الخصال للصدوق ص 397: (لعن رسول الله صلی الله علیه و آله أباسفيان في سبعة مواطن: حدثنا علي بن أحمد بن موسى رضي الله عنه قال: حدثنا محمد بن موسى الدقاق قال: حدثنا أحمد بن محمد بن داود الحنظلي قال: حدثنا الحسين بن عبد الله الجعفي، عن حكم بن مسكين قال: حدثنا أبو الجارود، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال: إن رسول الله صلی الله علیه و آله لعن أبا سفيان في سبعة مواطن، في كلهن لايستطيع إلا أن يلعنه .

أولهن: يوم لعنه الله ورسوله وهو خارج من مكة إلى المدينة مهاجراً وأبو سفيان جاءٍ من الشام، فوقع فيه أبوسفيان يسبه ويوعده، وهم أن يبطش به فصرفه الله عن رسوله .

والثانية: يوم العير، إذا طردها ليحرزها عن رسول الله صلی الله علیه و آله فلعنه الله ورسوله .

ص: 133

والثالثة: يوم أحد قال أبو سفيان: أُعلُ هُبل، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله: الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: لنا عزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله: الله مولانا ولامولى لكم .

والرابعة: يوم الخندق، يوم جاء أبو سفيان في جميع قريش فرد هم الله بغيظهم لم ينالوا خيراً، وأنزل الله عز وجل في القرآن آيتين في سورة الأحزاب

فسمى أبا سفيان وأصحابه كفاراً، ومعاوية مشرك عدو لله ولرسوله .

والخامسة: يوم الحديبية والهدي معكوفاً أن يبلغ محله، وصدَّ مشركوا قريش رسول الله صلی الله علیه و آله عن المسجد الحرام، وصدوا بُدْنه أن تبلغ المنحر، فرجع رسول الله صلی الله علیه و آله لم يطف بالكعبة، ولم يقض نسكه، فلعنه الله ورسوله .

والسادسة: يوم الأحزاب، يوم جاء أبو سفيان بجمع قريش وعامر بن الطفيل بجمع هوازن وعيينة بن حصن بغطفان، وواعد لهم قريظه والنضير أن يأتوهم، فلعن رسول الله صلی الله علیه و آله القادة والأتباع وقال: أما الأتباع فلا تصيب اللعنة مؤمناً، وأما القادة فليس فيهم مؤمن ولا نجيب ولا ناج !

والسابعة: يوم حملوا على رسول الله صلی الله علیه و آله في العقبة، وهم اثنا عشر رجلاً من بني أمية، وخمسة من سائر الناس، فلعن رسول الله صلی الله علیه و آله من على العقبة غير النبي صلی الله علیه و آله ، وناقته، وسائقه، وقائده) .

قال السيد شرف الدين في كتابه أبو هريرة: 1/95: (وقد كان صلی الله علیه و آله رأى في منامه كأن بني الحكم بن أبي العاص ينزون على منبره كما تنزو القردة، فيردون الناس على أعقابهم القهقرى، فما رؤي بعدها مستجمعاً ضاحكاً حتى توفي) . أخرجه الحاكم في ص 480 من الجزء الرابع من مستدركه في كتاب الفتن والملاحم وصححه على شرط الشيخين. واعترف الذهبي بصحته في

ص: 134

تلخيص المستدرك على تعنته. وقد أنزل الله تعالى في ذلك عليه قرآناً يتلوه المسلمون آناء الليل وأطراف النهار: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن، ونخوفهم فما يزيدهم إلاطغياناً وكفراً. (هي الآية 6 من الإسراء).

والشجرة الملعونة في القرآن هي الأسرة الأموية، أخبره الله تعالى بتغلبهم على مقامه وقتلهم ذريته، وعبثهم في أمته، فلم ير بعدها ضاحكاً حتى لحق بالرفيق الأعلى، وهذا من أعلام النبوة وآيات الإسلام، والصحاح فيه متواترة، ولاسيما من طريق العترة الطاهرة ! أعلن رسول الله صلی الله علیه و آله أمر هؤلاء المتغلبين، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيَّ عن بينة، وما على الرسول إلا البلاغ المبين .

وحسبك من إعلانه أن الحكم بن أبي العاص استأذن عليه مرة، فعرف صلی الله علیه و آله صوته وكلامه فقال: فيما أخرجه الحاكم وصححه في صفحة 481 من الجزء الرابع من مستدركه في كتاب الفتن والملاحم: إئذنوا له عليه لعنة الله وعلى من يخرج من صلبه إلا المؤمنون منهم وقليل ما هم، يشرفون في الدنيا ويضعون في الآخرة، ذوو مكر وخديعة، يعطون في الدنيا وما لهم في الآخرة من خلاق .

وقال صلی الله علیه و آله : إذا بلغ بنو العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا مال الله دولاً وعباد الله خَولاً، ودين الله دَغَلاً. أخرجه الحاكم بالإسناد إلى كل من أبي ذر، وأمير المؤمنين علي، وأبي سعيد الخدري وصححه في ص 480 من الجزء الرابع من المستدرك وصححه الذهبي في تلخيصه أيضاً .

ص: 135

وقال صلی الله علیه و آله مرة أخرى: إذا بلغ بنو أمية أربعين اتخذوا عباد الله خولاً ومال الله دولاً، وكتاب الله دغلاً . أخرجه الحاكم في ص 479 من الجزء الرابع من صحيحه المستدرك، بإسناده إلى أبي ذر من طريقين .

وكان لايولد لأحد مولود إلا أتى به النبي صلی الله علیه و آله فدعا له، فدخل عليه مروان بن الحكم فقال صلی الله علیه و آله : هو الوزغ ابن الوزغ الملعون ابن الملعون . فيما أخرجه الحاكم وصححه في صفحة 479 من الجزء الرابع من مستدركه .

وعن عائشة من حديث قالت فيه: ولكن رسول الله صلی الله علیه و آله لعن أبا مروان ومروان في صلبه، قالت: فمروان فَضَضٌ من لعنة الله . أخرجه الحاكم وصححه على شرط الشيخين في ص 481 من الجزء الرابع من مستدركه .

وعن الشعبي عن عبد الله بن الزبير قال: إن رسول الله صلی الله علیه و آله لعن الحكم وولده. أخرجه الحاكم وصححه في آخر صفحة 481 من الجزء الرابع من المستدرك .. والصحاح في هذا ونحوه متواترة، وحسبك منها ما أخرجه الحاكم في كتاب الفتن والملاحم من صحيحه المستدرك، إذ أخرج منها ما فيه بلاغ لأولي الألباب، وختم الباب بقوله:

ليعلم طالب العلم أن هذا باب لم أذكر فيه ثلث ما روي، وإن أول الفتن في هذه الأمة فتنتهم ! قال: ولم يسع فيما بيني وبين الله أن أخلي الكتاب من ذكرهم. اﻫ. في أول صفحة 480 من الجزء الرابع من مستدركه) .

ثم قال السيد شرف الدين في هامشه: ولا يخفى ما في كلامه من الدلالة على تخوفه من العامة وجمهور المسلمين أن ينكروا عليه إخراج هذه الصحاح، فاعتذر إليهم بأنه لم يسعه أن يخلي كتابه منها، وجعل الله شهيداً فيما بينه وبينهم على ذلك ! وهنا عرفت معنى قول القائل:

ص: 136

ما المسلمون بأمةٍ لمحمدٍ كلا ولكن أمةٌ لعدوه !

والعجب من المسلم ينتصر لهم وقد جرعوا النبي صلی الله علیه و آله كل غصة، وقعدوا له في كل مرصد، ووثبوا عليه وعلى أهل بيته من بعده كل وثبة، وما لعنه إلا ليطردهم الله من رحمته، ويجتنبهم المؤمنون من أمته جزاءً وفاقاً، لا ليقربهم إلى الله زلفىكما يخرفون .

قلت: وهذا القدر كاف لإثبات ما قلناه من أنهم إنما اختلقوا هذا الحديث وأمثاله تداركاً لتلك اللعنات . ومما يوجب الأسف أن العامة آثرت أولئك اللعناء المنافقين على نبيها صلی الله علیه و آله من حيث لا تشعر، إذ صححوا هذه الخرافة صوناً للملعونين، ولم يأبهوا بما يلزم ذلك من اللوازم التي لا تليق برسول الله صلی الله علیه و آله .

وما كان للأمة أن تحتفظ بكرامة من لعنهم نبيها لنفاقهم، ونفاهم لإفسادهم، فتضيع على أنفسها المصلحة التي توخاها صلی الله علیه و آله لها في لعنهم وإقصائهم) .

وقال محمد بن عقيل في النصائح الكافية لمن يتولى معاوية ص 142: (قال فخر الدين الرازي في تفسيره: وهذا هو قول ابن عباس عن عطاء، ثم قال أيضاً: قال ابن عباس: الشجرة الملعونة في القرآن بنو أمية، يعني الحكم بن أبي العاص . قال: ورأى رسول الله صلی الله علیه و آله في المنام أن ولد مروان يتداولون منبره، فقص رؤياه على أبي بكر وعمر، وقد خلا في بيته معهما، فلما تفرقوا سمع رسول الله صلی الله علیه و آله الحكم يخبر برؤيا رسول الله صلی الله علیه و آله !! فاشتد ذلك عليه واتهم عمر في إفشاء سره، ثم ظهر أن الحكم كان يتسمع اليهم، فنفاه رسول الله صلی الله علیه و آله . وقد ذكر الشيخ بن حجر الهيثمي جملة أحاديث في هذا المعنى في كتابه تطهير الجنان، منها ما قال: جاء بسند رجاله رجال الصحيح، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه صلی الله علیه و آله قال: ليدخلن الساعة عليكم رجل لعين، فو الله ما

ص: 137

زلت أتشوف داخلاً وخارجاً حتى دخل فلان يعني الحكم ! كما صرحت به رواية أحمد .

وقال سعيد أيوب في معالم الفتن ص 214): (قال تعالى: وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً .. ولا ندري ما هذه الشجرة الملعونة في القرآن التي جعلها فتنة للناس . ولايوجد في القرآن شجرة يذكرها الله ثم يلعنها ؟!

قالوا: إنها شجرة الزقوم التي جاء ذكرها في قوله تعالى: أم الشجرة الزقوم إنا جعلناها فتنة للظالمين . فالشجرة في الآية وصفت بأنها فتنة، أي عقاب للظالمين، فكيف يقال أن العقاب ملعوناً، والله تعالى لم يلعن الشجرة ! فلو كانت الشجرة ملعونة لكونها تخرج في أصل الجحيم، وسبباً من أسباب عذاب الظالمين، لكانت النار وكل ما أعد الله فيها للعذاب ملعونة، وهذا لايصح، لأن الله أعد لها ملائكة للعذاب فقال تعالى: وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة، وقد أثنى الله تعالى على ملائكة النار، فقال تعالى: عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون . . .) .

- وكتب (فاتح) بتاريخ 8-2-2000، الثانية عشرة إلا ثلث ليلاً:

الأستاذ العاملي . . ما زلت تتحفنا بكل جديد .. ولعمري هذا ليس بغريب على من هو مثلك أيها العاملي.. فجزاك الله خيراً، وجزى بلاد جبل عامل بلد الشهيدين الأول والثاني رضوان الله تعالى عليهما، وعلى جميع شهدائكم.. ونحن مع كثير من الأخوة نتابع بلهفة لهذا الموضوع الشيق..ونسأل الله التوفيق لكم بإتمامه.. والله يرعاك ويحرسك.

ص: 138

- كتب (حساوي) في الموسوعة الشيعية في22-3-2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (ما حكم سب الصحابة، للسنة فقط) قال فيه:

سؤال للإخوان أهل السنة: ماهو حكم من سب الصحابة، وما حكم من سمع بذلك فرضي به أو سكت عنه ؟؟

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 22-3-2000، الثالثة ظهراً:

من يسب الصحابة فقد خالف ما أمر الله من إكرامهم، ومن اعتقد السوء فيهم كلهم أو جمهورهم، فقد كذّب الله تعالى فيما أخبر عنهم من كمالهم وفضلهم، ومكذّب الله كافر . هذه فتوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب. ويقول الإمام أحمد بن حنبل: ما أراه على الإسلام. أي الذي يسب الصحابة. وفتوة شيوخ وتلاميذ الإمام الشافعي يقولون: يستتاب، فإن تاب وإلا هدر دمه . سب الصحابة يستلزم تضليل أمة محمد صلى الله عليه وسلم . اللهم ارزقنا حبك وحب دينك وكتابك ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وأهل بيته وصحابته الكرام .

- فكتب العاملي بتاريخ 22-3-2000، الرابعة عصراً:

هل يشمل هذا الحكم من سب أمير المؤمنين علياً علیه السلام ، أم أن باءه لا تجر؟!!

- وكتب (الفتى الإمامي) بتاريخ 22-3-2000، الرابعة والنصف مساءً:

لا أدري يا أخي الأستاذ العاملي، يبدو أن إخواننا السنة وقعوا في معضلة كبرى ! فمعاوية سنَّ سبَّ الإمام علي علیه السلام فوق المنابر، في الصلوات وفي الجُمَع وفي كل الخطب، وظل هذا الأمر جارياً لدى حكام بني أمية حتى منعه عمر بن عبد العزيز عام 99 للهجرة.. فلا أدري ياعزيزي هل يختارون أن يطبقوا

ص: 139

فتاوى علمائهم على معاوية ومن جرى على شاكلته، أم يختارون أن أمير المؤمنين ووصي سيد المرسلين ليس من الصحابة.. والعياذ بالله.. ولكم الإختيار يا أصحاب العقول النيرة !!

- وكتب (حساوي) بتاريخ 22-3-2000، الخامسة مساءً:

اللهم صل على محمد وآل محمد . . أحسنتم جميعاً . ماحكم الخليفه معاوية (رضی الله عنه) عندما سب وسن السباب لأمير المؤمنين علي علیه السلام ؟ وماحكم الصحابة والتابعين ممن سمع بذلك فرضي به أو سكت عنه ؟! إذا افترضنا أن شيعة أمير المؤمنين علیه السلام سكتوا تقية خوفاً على أنفسهم من بطش الخليفة لجواز ذلك في معتقدهم، فهل كان سكوت السنة في ذلك الوقت تقيه أم نفاق ؟؟ لاحظ كل السنة من عهد معاوية إلى بداية عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ! أنتظر الجواب ..

- وكتب (سيف الله المسلول) في 22-3-2000، الخامسة والنصف مساءً:

معاوية بن أبي سفيان: المهدي كاتب الوحي:

إن من المسلَّم به أن معاوية بن أبي سفيان كان من كبار الصحابة، وكان كاتب الوحي الذي قال عنه النبي: اللهم اجعله هادياً مهدياً واهد به . وأخرج مسلم في صحيحه عن ابن عباس أن أبا سفيان طلب من النبي ثلاثة مطالب، فقال للنبي: يا نبي الله ثلاثٌ أعطيتهن ؟ قال: نعم . منها، قال: معاوية، تجعله كاتباً بين يديك، قال: نعم.. وعندما ولي معاوية الشام كانت سياسته مع رعيته من أفضل السياسات، وكانت رعيته تحبه ويحبُّهم . قال قبيصة بن جابر: ما رأيت أحداً

ص: 140

أعظم حلماً، ولا أكثر سؤدداً، ولا أبعد أناة، ولا ألين مخرجاً، ولا أرحب باعاً بالمعروف، من معاوية .

وقال بعضهم: أسمع رجل معاوية كلاماً سيئاً شديداً، فقيل له لو سطوت عليه ؟ فقال: إني لأستحي من الله أن يضيقَ حلمي عن ذنب أحد رعيتي . وفي رواية قال له رجل: يا أمير المؤمنين ما أحلمك ؟ فقال: إني لأستحي أن يكون جرم أحد أعظم من حلمي ! لذلك استجابوا له عندما أراد المطالبة بدم عثمان وبايعوه على ذلك، ووثقوا له أن يبذلوا في ذلك أنفسهم وأموالهم، أو يدركوا بثأره، أو ينفي الله أرواحهم قبل ذلك .

ومعاوية ما أراد الحكم ولا اعترض على إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بل طالب بتسليمه قتلة عثمان ثم يدخل في طاعته بعد ذلك . فقد أورد الذهبي في السير عن يعلى بن عبيد عن أبيه قال: جاء أبو مسلم الخولاني وناس معه إلى معاوية فقالوا له: أنت تنازع علياً أم أنت مثله ؟

فقال معاوية: لا والله إني لأعلم أن علياً أفضل مني، وإنه لأحق بالأمر مني ولكن ألستم تعلمون أنّ عثمان قتل مظلوماً، وأنا ابن عمه، وإنما أطلب بدم عثمان، فأتوه فقولوا له فليدفع إليّ قتلة عثمان وأسلّم لهُ، فأتوْا علياً فكلّموه بذلك فلم يدفعهم إليه !

طالما أكّد معاوية ذلك بقوله: ما قاتلت علياً إلا في أمر عثمان، وهذا هو ما يؤكده عليّ ومن مصادر الشيعة الإثني عشرية أنفسهم . فقد أورد الشريف الرضي في كتاب نهج البلاغة في خطبة لعليّ قوله: وبِدْء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد ونبينا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة،

ص: 141

ولا نستزيدهم في الإيمان بالله والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء .

فهذا عليّ يؤكد أن الخلاف بينه وبين معاوية هو مقتل عثمان وليس من أجل الخلافة أو التحكم في رقاب المسلمين، كما يدعي غلاة الرافضة، ويقرر أن عثمان وشيعته هم أهل إسلام وإيمان، ولكن القضية اجتهادية، كل يرى نفسه على الحق في مسألة عثمان .

وأما قولهم بأن معاوية أرغم المسلمين بالقوة والقهر على بيعة ابنه الفاسق شارب الخمر يزيد، فهذا من الكذب الظاهر، فإن معاوية لم يرغم الناس على بيعة ابنه يزيد، ولكنه عزم على الأخذ بعقد ولاية عهده ليزيد وتم له ذلك، فقد بايع الناس ليزيد بولاية العهد ولم يتخلّف إلا الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير، وتوفيّ معاوية ولم يرغمهم على البيعة .

أما أن يزيد فاسق شارب للخمر فهذا كذب أيضاً، ونَدَعُ محمد بن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه يجيب على هذا الإدعاء لأنه أقام عند يزيد وهو أدرى به . قال ابن كثير في البداية: لما رجع أهل المدينة من عند يزيد مشى عبد الله بن مطيع وأصحابه إلى محمد بن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم، فقال ابن مطيع: إن يزيد يشرب الخمر ويترك الصلاة ويتعدّى حكم الكتاب. فقال لهم: ما رأيت منه ماتذكرون، وقد حضرته وأقمت عنده فرأيته مواظباً على الصلاة متحرياً للخير، يسأل عن الفقه ملازماً للسنة، قالوا: فإن ذلك كان منه تصنّعاً لك . فقال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يظهر إليّ الخشوع ؟ أفأطلعكم على ما تذكرون من شرب الخمر ؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك إنكم لشركاؤه، وإن لم يكن أطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا . قالوا:

ص: 142

إنه عندنا لحق وإن لم يكن رأيناه . فقال لهم أبى الله ذلك على أهل الشهادة، فقال: إلا من شهد بالحق وهم يعلمون، ولست من أمركم في شئ، قالوا: فلعلك تكره أن يتولى الأمر غيرك فنحن نولّيك أمرنا . قال: ما أستحل القتال على ما تريدونني عليه تابعاً ولا متبوعاً، فقالوا: فقد قاتلت مع أبيك، قال: جيئوني بمثل أبي أقاتل على مثل ما قاتل عليه، فقالوا: فمر ابنيك أبا القاسم والقاسم بالقتال معنا، قال: لو أمرتهما قاتلت . قالوا: فقم معنا مقاماً نحض الناس فيه على القتال، قال: سبحان الله ! آمر الناس بما لا أفعله ولا أرضاه إذاً ما نصحت لله في عباده . قالوا: إذاً نكرهك. قال إذاً آمر الناس بتقوى الله ولا يرضون المخلوق بسخط الخالق، وخرج إلى مكة .

أما أن معاوية أمر بسبّ عليّ من على المنابر فكذب، ولا يوجد دليل صحيح ثابت بذلك، وسيرة معاوية وأخلاقه تستبعد هذه الشبهة، أما ما يذكره بعض المؤرخين من ذلك فلا يلتفت إليه، لأنهم بإيرادهم لهذا التقول لا يفرقون بين صحيحها وسقيمها، إضافة إلى أن أغلبهم من الشيعة ..

ولم يعترض معاوية ولا أحد من المسلمين على أحقية علي بالخلافة، وإنما أقصر بعضهم عن بيعته لرغبتهم في أن يثأر من قتلة عثمان أولاً كما أسلفنا من قبل. وكان طريقهم الحق والإجتهاد، ولم يكونو في محاربتهم لغرض دنيوي، أو لإيثار باطل، أو لاستشعار حقد كما قد يتوهمه متوهم وينزع إليه ملحد، وإنما اختلف اجتهادهم في الحق. وقد روى البخاري: إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ وإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ. ومن المسلَّم عند كل من اطلع على مذهب الإمامية يعلم أنهم يكفرون معاوية لقتاله علياً، ولكن الثابت أن الحسن بن علي وهو من الأئمة المعصومين عندهم قد صالح معاوية

ص: 143

وبايعه على الخلافة، فهل صالح الحسن المعصوم كافراً وسلم له بالخلافة ؟! أم أصلح بين فئتين مسلمتين كما قال النبي: ابني هذا سيد ولعل الله يصلح به بين فئتين من المسلمين .

وأخيراً إذا لم يقتنع الرافضة بذلك، فسنضطر لكي نستقي من مصادر الإثني عشرية ما يثبت أن علياً ومعاوية على حق ومأجورين على اجتهادهما ! فقد ذكر الكليني في كتابه الروضة من الكافي وهو أهم كتاب في أصول وفروع مذهب الإثني عشرية، عن محمد بن يحيى قال سمعت أبا عبد الله علیه السلام يقول: اختلاف بني العباس من المحتوم والنداء من المحتوم وخروج القائم من المحتوم، قلت وكيف النداء ؟ قال: ينادي مناد من السماء أول النهار: ألا إن علياً وشيعته هم الفائزون، وقال: وينادي مناد في آخر النهار: ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون) . روضة الكافي 8/177 . انتهى .

- قال العاملي: ثم أورد المسلول أحاديث موضوعة تحت عنوان (روايات في فضائل معاوية رضي الله عنه) متجاهلاً أن علماء الجرح والتعديل من المذاهب السنية حكموا بأنه لم يصح في فضل معاوية أي حديث إلا قول النبي صلی الله علیه و آله : لا أشبع الله بطنه ! وقد دلَّسَ المسلول فيما أورده من الكافي، وبتر آخر الرواية الذي نص على أن النداء الأول هو النداء الصادق لأنه صوت جبرئيل من السماء، والنداء الثاني هو الكاذب لأنه نداء من الأرض، وهو صوت إبليس ! وهذه الرواية من الكافي: 8/209: 253 - عن داود بن فرقد قال: سمع رجل من العجلية هذا الحديث قوله: ينادي مناد ألا إن فلان بن فلان وشيعته هم الفائزون، أول النهار. وينادي آخر النهار ألا إن عثمان وشيعته هم الفائزون. قال: وينادي أول النهار منادي آخر النهار. فقال الرجل: فما يدرينا أيما الصادق من

ص: 144

الكاذب ؟ فقال: يصدقه عليها من كان يؤمن بها قبل أن ينادي، إن الله عز وجل يقول: أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى . . الآية) . انتهى ! ! !

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 22-3-2000، السابعة والنصف مساءً:

بارك الله فيك يا سيف الله المسلول، فلقد قلت وكفيت ووفيت . إذن أي رجل يسب الصحابة أياً كانوا، فلا بد أن يتوب إلى الله تعالى ويحذر من سبهم، فإن سبهم يخرجة عن الإسلام . ويجب الكف عن الكلام مما جرى بين الصحابة وخاصة علي ومعاوية رضي الله عنهما ولا نذكرهما إلا بالخير، ومن يذكرهمابشرفعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين كما جاء في الحديث.

- وكتب (سلمان) بتاريخ 22-3-2000، الثامنة والربع مساءً:

لم أر في حياتي كلها شبيهاً لما رأيت اليوم من التدليس ونفي حقائق تاريخية موثقة ! أنا أعرف أن النقاش والجدل معكم لن يأتي بنتيجة وللأسف، أنا لست بأهل للنقاش ولكن في النفس غصة، وهذا مادعاني للكتابة، وكل ما ذكرتم هو حجة عليكم لالكم ! ويمكن تفنيده من أصغر طلاب العلم والمثقفين . واصبروا فإنهم آتون للرد عليكم .

وعلى كل الأحوال: أود أن تخبرونا ماحكم الخارج على إمام زمانه، والمستحل لدماء المسلمين لأي غرض ولو كان نبيلاً حسب رأيكم ؟! وهل الغاية تبرر الوسيلة في عرف الإسلام ؟

ألا تعلمون أن من الفضائل الموثقة لعمر بن عبد العزيز منعه سب علي بن أبي طالب وآل رسول على المنابر وفي خطب الجمعة ؟

ص: 145

ولو فرضنا جدلاً أن معاوية لم يشرع سباب الإمام علي وشرع هذا الشئ من بعده، فهل كل المسلمين الذين عاشوا في الزمن الذي شرع فيه مثل هذا السباب حتى منعه كفار، لأنهم إما قاموا بالسباب أو أنهم لم ينهوا عنه ؟!

ماذا تعرفون عن واقعة الحرة، وما جرى على أهل المدينه فيها ؟! وعن كربلاء، وماجرى للحسين ولآل بيت رسول الله عليهم الصلاة والسلام ؟؟!!

- قال العاملي: وغاب المساليل، ولم يجب أحد منهم على هذه الأسئلة !!

- كتب (عمر) في الموسوعة الشيعية في 19-3-2000، السابعة مساءً موضوعاً بعنوان (هل اللعن من أساسيات المذهب الشيعي ؟)، قال فيه:

كيف يكون اللعن من أصول الدين ؟ وهل يخالف كتاب الله ؟ وكيف نهى الرسول صلی الله علیه و آله عن سب أبي جهل ؟ لكم هذه الرواية من تفسير العسكري بخصوص اللعن: (قال الصادق علیه السلام : طوبى للذين هم كما قال رسول الله صلی الله علیه و آله: يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فقال له رجل: يابن رسول الله إني عاجز ببدني عن نصرتكم، ولست أملك إلا البراء ة من أعدائكم، واللعن عليهم، فكيف حالي ؟ فقال له الصادق علیه السلام : حدثني أبي عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى عليه وآله أنه قال: من ضعف عن نصرتنا أهل البيت، فلعن في خلواته أعداءنا، بلغ الله صوته جميع الأملاك من الثرى إلى العرش، فكلما لعن هذا الرجل أعداء نا لعناً ساعدوه فلعنوا من يلعنه، ثم ثنوا فقالوا اللهم صل على عبدك هذا الذي قد بذل ما في وسعه، ولو قدر على أكثر منه لفعل، فإذا النداء من قبل

ص: 146

الله تعالى: قد أجبت دعاء كم، وسمعت نداء كم، وصليت على روحه في الأرواح، وجعلته عندي من المصطفين الأخيار) .

- فكتبت (طبيعي) بتاريخ 19-3-2000، السابعة والنصف مساءً:

نعم من أساسيات مذهبنا لعن كل من لعنه رسول الله صلی الله علیه و آله ، والتبرؤ منه ومن فعله، فكل من ثبت لدينا أن رسول الله صلی الله علیه و آله لعنه، فنحن نلعنه امتثالاً لأمره تعالى بأن نأخذ ما أتانا عن رسول الله، وننتهي عما نهى عنه . . . ملاحظة: السب مختلف عن اللعن .

- وكتب (السبطين) بتاريخ 19-3-2000، الثامنة إلا ثلث مساءً:

إن من يعتقد عدم جواز لعن من لعنه الله ورسوله كافر، لإنكاره ما هو من الدين بالضرورة .

حب آل البيت قربه *** وهو أسمى الحب رتبه

ذنبُ من وَالاهُمُ *** يغسله مزن المحبه

والذي يبغضْهُمُ *** لا يسكن الإيمان قلبه

علمُهُ والنسكُ رجسٌ *** عسلٌ في ضرع كلبه

لعنَ الله عدوَّ الآ *** لِ إبليسَ وحزبه

- وكتب (عمر) بتاريخ 19-3-2000، الثامنة إلا ربعاً مساءً:

وكيف تقولون بأن الرسول صلی الله علیه و آله لا يلعن ؟ وهل لعن الرسول صلی الله علیه و آله الخلفاء الراشدين ؟! وهل اللعن يدخل الجنة؟ وأيهما أكبر إثماً اللعن أم السب ؟!

- وكتب (التلميذ) بتاريخ 19-3-2000، الثامنة مساءً:

ص: 147

إن رسول الله صلی الله علیه و آله لم يقل إن أبا بكر وعمر وعثمان من الخلفاء الراشدين ... فالخلفاء الراشدون عندنا الذين عناهم الرسول في أحاديثه هم الأئمة من البيت علیهم السلام ، من علي.. والى المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف . . وهات لي حديثاً قال فيه النبي صلی الله علیه و آله أبوبكر خليفة راشد، وعمر خليفة راشد، وعثمان خليفة راشد ؟!! تسمية هؤلاء بالخلفاء الراشدين أتت من قبل مريديهم، لامن رسول الله صلی الله علیه و آله .. فمصداق الخلفاء الراشدين فقط وفقط هم: الأئمة المعصومون علیهم السلام .

- وكتبت (طبيعي) بتاريخ 19-3-2000، الثامنة والربع مساءً:

نحن نقول رسول الله صلی الله علیه و آله لا (يسب) بدون سبب ومن لا يستحق، كما هو وارد في صحاحكم.. فهو منزهٌ عن كل قبيح بأبي وأمي.. ولم نقل إن رسول الله صلی الله علیه و آله (لا يلعن) أو (لم يلعن) . فقد جاء في الصحيح أنه (لعن) من تخلف عن جيش أسامة .

- هل لعن رسول الله الخلفاء الراشدين ؟! .. سؤال ذكي.. هل كان من الخلفاء الراشدين من تخلف عن جيش أسامة ؟

- هل اللعن يدخل الجنة ؟ .. نعم، إن كان تأسياً برسول الله صلی الله علیه و آله ، فالسنة هي فعل وقول وتقرير رسول الله صلی الله علیه و آله . . فإن ثبت أمر ما لرسول الله، فإنَّ عملَنا تأسٍّ به، ولكم في رسول الله أسوة حسنة، وهو مبرئ للذمة إن شاء الله، ومجزئ أيضاً . . وإن كنا أخطأنا باللعن، فإننا نجد رباً غفورا وشفيعاً مطاعاً، يعلم بأننا تقربنا إلى الله واليه بعملنا .

- أيهما أكبر إثماً، السب أو اللعن ؟ .. فإنه يعتمد، هل اللعن هنا أو السب إثمٌ أو طاعة لله ؟ اللهم صل على محمد وآل محمد.

ص: 148

- وكتب (ناصر) بتاريخ 19-3-2000، الثامنة والثلث مساءً:

قال الله تعالى: إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . البقرة – 161 . أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين . آل عمران - 87. صدق الله العلي العظيم.

فإن كنت بالشورى ملكت أمورهم *** فكيف بهذا والمشيرون غيب

وإن كنت بالقربى حججت خصيمهم *** فغيرك أولى بالنبي وأقرب

- وكتب (عمر) بتاريخ 19-3-2000، الثامنة والنصف مساءً:

الى طبيعي .. لنبدأ بإثبات اللعن عمن تخلف عن جيش أسامة كما ذكرت وحددت الأحاديث من الصحاح.. فهات ما عندك من الصحاح لنتناقش ؟ وإلا تعتذر عن خطئك .. ومن قال بأن الرسول صلی الله علیه و آله لم يذكر الخلفاء الراشدين، فالرسول صلی الله علیه و آله لم يذكر الأئمة المعصومين أيضاً . والواقع يثبت بأن هناك خلفاء أعزوا دين الله ونصروه .

- فكتبت (طبيعي) بتاريخ 19-3-2000، التاسعة إلا ثلث مساءً:

أنا لم أخطئ لأعتذر، وما ذكرته صحيح تماماً . وحديث من تخلف عن جيش أسامة أوردوه الأخوة في الحوار العام، ولا أذكر في أي موضوع بالتحديد.. وسأبحث لك عنه لعلمي بأنك تبحث عن الحق .

نأتي الآن إلى عنوان موضوعك أخي بخصوص اللعن، وكونه من أساسيات مذهبنا، فقد شرحنا لك المعنى . . فهل اللعن بالمعنى الذي شرحناه مخالفٌ لما هو عليه مذهب أهل السنة والجماعة ؟ بمعنى أنه إذا ثبت لأهل السنة فعل ما عن رسول الله صلی الله علیه و آله ، فهم لا يتقربون إلى الله بمثله ؟!

ص: 149

- وكتب (التلميذ) بتاريخ 19-3-2000، التاسعة إلا ربعاً مساءً:

إذاً يا عمر .. وصف أبي بكر وعمر وعثمان بأنهم خلفاء راشدون، لم يكن من النبي صلی الله علیه و آله ..!! أما قولك بأن النبي صلی الله علیه و آله لم يذكر الأئمة المعصومين علیهم السلام فغير صحيح، بل ذكرهم ووصفهم بألفاظ أكبر وأعظم من الراشدين . . نعم هناك من أعز دين الله عزّ وجل من الأئمة وقضى على الناكثين والقاسطين والمارقين . . ومن بدمه في كربلاء أيقظ الأمة من سباتها، وأبان لها بأن بني أمية ومن شاكلهم ليسوا من الإسلام في شئ.. لم يجتهد هؤلاء في مقابل النصوص، ولم يغيروا شرع الله ودينه، بل ساروا على نهجه ونهج رسوله صلوات الله وسلامه عليه .. ولم تذكر لهم مخالفة لله في حكم أو مسألة حتى نحتاج لأن نبرر لهم هذه المخالفات بالقول إنهم اجتهدوا وتأولوا .. إلى ما هنالك ..

- وكتب العاملي بتاريخ 19-3-2000، التاسعة مساءً:

لا إله إلا الله .. كأن عمر لايفقه ألف باء الإسلام، وأن التوحيد يبدأ بنفي كل إله آخر؟!! الإسلام كله ياعمر قائم على الولاية والبراءة .. من توحيده إلى عباداته ومعاملاته ! ألا ترى الحج يبدأ بالتلبية ويختم برمي الجمار ؟

أما قرأت آيات اللعن والبراءة في القرآن ؟ أم أنك لا تلعن إبليس والذين لعنهم الله تعالى ورسله ؟!! إن كنت لا تلعن الملعونين، فأعد النظر في إسلامك يا عمر ! ! لأن البراءة واللعن من أصول الإسلام فضلاً عن المذهب . .

أما الأحاديث التي تشهد أن النبي صلی الله علیه و آله لعن المتخلفين عن جيش أسامة، فقد سأل عنها بعضهم في شبكة أنا العربي، وأجبتهم أنا والأخ (التلميذ) وبعض الأخوة الذين لا أذكر أسماءهم، بهذه المصادر، يكفيك منها:

ص: 150

اعترف الجرجاني في المواقف: 8/376، فقال: (قال الآمدي: كان المسلمون عند وفاة النبي علیه السلام على عقيدة واحدة وطريقة واحدة، إلا من كان يبطن النفاق ويظهر الوفاق. ثم نشأ الخلاف فيما بينهم أولاً في أمور اجتهادية، لاتوجب إيماناً ولاكفراً، وكان غرضهم منها إقامة مراسم الدين، وإدامة مناهج الشرع القويم! وذلك كاختلافهم عند قول النبي في مرض موته: إئتوني بقرطاس أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعدي.. حتى قال عمر: إن النبي قد غلبه الوجع، حسبنا كتاب الله !!! وكثر اللغط في ذلك حتى قال النبي:

قوموا عني .. لا ينبغي عندي التنازع !!!

وكاختلافهم بعد ذلك في التخلف عن جيش أسامة، فقال قوم بوجوب الاتباع لقوله علیه السلام : جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه، وقال قوم بالتخلف انتظاراً لما يكون من رسول الله في مرضه !!) . انتهى. ونترك لكم ياعمر تطبيق قاعدتكم التي تعترفون بها أن الإسلام هو الإتباع، من أي كان، ومخالفة النص هي ابتداع، من أي كان !!

ورواه في (السقيفة) لأبي بكر بن عبد العزيز الجوهري، قال: حدثنا احمد بن اسحاق بن صالح عن أحمد بن سيار عن سعيد بن كثير الأنصاري عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن أن رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في مرض موته أمر أسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جلة المهاجرين والأنصار، منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير، وأمره أن يغير على مؤته حيث قتل أبوه زيد، وأن يغزو وادي فلسطين، فتثاقل أسامة وتثاقل الجيش بتثاقله، وجعل رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم في مرضه يثقل ويخف، ويؤكد القول في تنفيذ ذلك البعث، حتى

ص: 151

قال له أسامة بأبي أنت وأمي أتأذن لي أن أمكث أياماً حتى يشفيك الله تعالى، فقال: أخرج وسر على بركة الله . فقال يا رسول الله إن أنا خرجت وأنت على هذه الحال خرجت وفي قلبي قرحة، فقال: سر على النصر والعافية، فقال يا رسول الله: إني أكره إن أسائل عنك الركبان. فقال: أنفذ لما أمرتك به . ثم أغمي على رسول الله صلى الله علية وآله وسلم، وقام أسامة فتجهز للخروج فلما أفاق رسول الله صلى الله علية وآله وسلم سأل عن أسامة والبعث فأخبر أنهم يتجهزون، فجعل يقول: أنفذوا بعث أسامة لعن الله من تخلف عنه.. وكرر ذلك !!! فخرج أسامة واللواء على رأسه والصحابة بين يديه، حتى إذا كان بالجرف نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين، ومن الأنصار أسيد بن حضير، وبشير بن سعد وغيرهم من الوجوه، فجاءه رسول أم أيمن يقول له أدخل فإن رسول الله يموت، فقام من فوره فدخل المدينة واللواء معه، فجاء به حتى ركزه بباب رسول الله، ورسول الله قد مات في تلك الساعة) . انتهى .

وقال الشهرستاني في كتابه الملل والنحل ص 29: (الخلاف الثاني في مرضه أنه قال: جهّزوا جيش أسامة لعن الله من تخلّف عنه . . . الخ .) .

وأورده ابن أبي الحديد في شرح النهج 6/52 في شرح الخطبة رقم 66 .

وفي السيرة الحلبية 3 / 218: اعترف مؤلفها بذلك، وادعى بدون نص ولادليل أن تخلف أبي بكر كان بأمر النبي صلی الله علیه و آله !!

- وكتب (ذو الفقار) بتاريخ 19-3-2000، التاسعة والثلث مساءً:

السلام عليك ياسيدي ومولاي يا صادق آل محمد .

لعنة الله على كل من تعدى وهجم على دارك يا سيدتي ومولاتي يا فاطمة الزهراء . وكل ظالم لكم آل محمد .

ص: 152

- وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 19-3-2000، العاشرة مساءً:

وهل الشتم والسب بأقذع الشتائم من أساسيات الدين الوهابي؟! وما هوالفرق بين شتم مسلم عاش قبل ألف عام.. وشتم مسلم يعيش اليوم؟! دونك مواقع الإنترنت فشاهدها بنفسك، وابدأ مع سحاب والوهابي المشلول!! وإن كنت لاتدري فتلك... وهل تدري من هو أكثر الناس شتماً في شيعة لنك ؟ !

ألا لعنة الله على الظالمين من الأولين والآخرين.

اللهم وصل على ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر .

- وكتب (عمر) بتاريخ 19-3-2000، الحادية إلا ربعاً مساءً:

إعادة السؤال مرة ثانية: هل أحاديث لعن من تخلف عن جيش أسامة موجودة بالصحاح ؟؟ حتى لا نبتعد عن موضوع اللعن، يجب أن نؤكد هذه النقطة التي أشار إليها طبيعي، ولا مانع من تعليق العزيز العاملي .

- وكتب (أبو فراس) بتاريخ 19-3-2000، الحادية عشرة مساءً:

لا يوجد أي حديث ثابت، ولا يوجد كذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من تخلف عن هذا الجيش . ثم إن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق أنفذ هذا الجيش بعد الإضطراب الذي وقعت فيه الأمه من حركة الردة . وقد أستأذن أبو بكر الصديق أسامة بن زيد بأن يبقي عمر بن الخطاب في المدينة .. كي يستشيره في أمور الدولة، فأذن له .

- وكتبت (طبيعي) بتاريخ 19-3-2000، الحادية عشرة والثلث مساءً:

أخي أبا فراس . . هل استأذن أبو بكر الصديق من أسامة بن زيد ؟! وهل كان الآمر لأسامة بن زيد، بمعنى إذا رفض أسامة لما استطاع عمر البقاء ؟!

ص: 153

اللهم صل على محمد وآل محمد .

اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد

- كتب (عثمان) في شبكة سحاب السلفية بتاريخ 26-6-2000، الثانية والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان: (اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وكل تابع له على ذلك ؟)، قال فيه:

إخواني .. اللهم إلعن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وكل تابع له على ذلك .. هل يجوز هذا القول في المطلق ؟ بلغني أن الرافضة يقولونه دائماً.. فما هو ردنا عليهم، مع أنه لا يتضمن أي منكر حسب ظاهر الكلمات ؟ وشكراً . يا أيها الذين آمنوا إتقوا الله وكونوا مع الصادقين .

- وكتب (بن خلف) بتاريخ 26-6-2000، الثانية والنصف صباحاً:

الأخ عثمان .. يرمي الروافض، قبحهم الله، بتلك العبارات النيل من أهل السنة عامة، والخلفاء الثلاثة الأُول خاصة . فالتابعون هم من وافق مذهب السنة، والظالم المباشر حسب ما يدعون هو أبو بكر ثم عمر ثم عثمان، ومن وقف معهم ذلك الزمن . فلعنة الله على الكاذبين .. هذا القول باطل لا يجوز، من هرطقات دعاة الإسلام، ولاحظَّ لهم منه ! أبو بكر الغزي السلفي .

- وكتب (مال الله) بتاريخ 26-6-2000، الثامنة صباحاً:

هذا القول بارك الله فيك يقوله أبناء الليلة الظليمة للنيل من أهل السنة وخاصة الخلفاء الأربعة، كما ذكر أخي بن خلف سدد الله خطاه .

ص: 154

على الرغم أن الأئمة عندهم يقدمون أبا بكر وعمر على سائر الأئمة . فهذا جعفر الصادق رحمة الله وبرأه مما يقوله هؤلاء الأنجاس، يقول: لا قدمني الله إن لم أقدم أبا بكر . ويقول: أبو بكر جدي . وهذا الكلام صحيح فجعفر الصادق هو حفيد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، ولكن هؤلاء الحمقى لا يعلمون .

- قال العاملي: تشتم شبكة سحاب الشيعة، ولا تسمح لهم بالرد !

- كتب العاملي في الموسوعة الشيعية بتاريخ 30-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد، وآخر تابع له على ذلك)، قال فيه:

من عقائدنا وسيرتنا نحن شيعة أهل البيت علیهم السلام، أننا نؤمن بوجوب ولاية أهل البيت النبوي والتبري من ظالميهم.. ويوافقنا على ذلك بشكل عام كل المسلمين.. ولذلك كان من شعارنا وذكرنا.. اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد وآخر تابع له على ذلك، اللهم العنهم جميعاً.

وموقف من خالفنا في الرأي أن يقول: نحن معكم في كبرى المسألة، وإن كنا نخالفكم في تطبيقاتها . لا بأس، إذن لا خلاف في كبرى المسألة .

أكتب هذا الكلام بمناسبة مارأيت في شبكة هجر . . من المستوى الذي وصل إليه طمع (مشارك) التيمي الأموي . . بمرونة الأخ موسى العلي صاحب الشبكة، ومطالبته إياه أن يحذف الشيعة هذا الدعاء.. لأنهم (ينوون) به فلاناً وفلاناً !! وقد تألمت من استجابة أحدهم لمشارك اتقاء لسانه، فحذف هذا الشعار المبارك، الذي كان جعله توقيعه !!

ص: 155

قد يتصور بعضهم أن صيغة المسألة أن شخصاً يدعو على ظالمه بأن يلعنه الله ويطرده من رحمته.. فيقول له آخر إني أتأذى من دعائك، لأنك تقصد شخصاً أحبه !! ولو كانت هذه صيغة المسألة لقلنا إن لها وجهاً ..

ولكن صيغتها الحقيقية: أيها الشيعة تنازلوا عن البراءة من ظالمي آل محمد حتى بصيغة الكبرى الشرطية، لأنكم في قرارة أنفسكم قد تقصدون ظالمين، فيهم من نحبهم !! ومعنى هذا: ياشيعة يجب أن تتنازلوا عن ظلامة آل محمد صلوات الله عليه وعليهم.. لمصلحة المنافقين من تحالف قبائل قريش، وتغمضوا أعينكم معنا عن هذه الظلامة التي ملأ الدنيا صداها وعم البلاد جورها !! ويحرم عليكم أن تعلنوا أن أهل البيت مظلومون !!

هل تعرفون أي منطق هذا ؟! إنه منطق بني أمية.. وأمريكا.. وخوارج آخر الزمان، الذين يكفرون كل المسلمين، إلا من أطاعهم !!

- وكتب (مالك الأشتر) بتاريخ 30-1-2000، الثالثة إلا ثلث صباحاً:

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع له على ذلك .

اللهم العن العصابة التي سرقت حق نبيك وأهل بيت نبيك .

اللهم العن العصابة التي قتلت نبيك وآل نبيك علیهم السلام .

اللهم العن من أحب أعداء رسولك وأعداء أهل بيت رسولك، وهو يعلم أنهم أعدائهم وأنهم ظالميهم .

لا تحسبها عوجة لا أقصد السيد العلي (لاوحق علي) ولا غيره من المراقبين في هجر .. قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى .

- وكتب (السبطين) بتاريخ 30-1-2000، الخامسة إلا ربعاً صباحاً:

ص: 156

نعم نقولها بصوت مرتفع يخترق أطباق السماء: اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العنهم جميعاً نقولها بلا تردد أو خوف أو وجل، فكل من ادعى التشيع لآل بيت محمد علیهم السلام ، ولم يعلن الولاء لهم ولشيعتهم المؤمنين، والبراءة من أعدائهم الكفرة المعاندين.. فهو منافق .. فيجب أن يكون هذا هو شعارنا: اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العنهم جميعاً .

حب آل البيت قربهْ وهو *** أسمى الحب رتبهْ

ذنبُ من وَالاهُمُ *** يغسله مزن المحبه

والذي يبغضْهُمُ *** لا يسكن الإيمان قلبه

علمُهُ والنسكُ رجسٌ *** عسلٌ في ضرع كلبه

لعنَ الله عدوَّ الآ *** لِ إبليسَ وحزبه

- وكتب (خادم أهل البيت) بتاريخ 30-1-2000، الخامسة صباحاً:

اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العنهم جميعاً .

ربي ارزقني شفاعة محمد وآل محمد .

- وكتب (الضرغام) بتاريخ 30-1-2000، الرابعة عصراً:

أشكر الأستاذ المفكر الإسلامي العاملي، والأشتر العزيز، وخادم أهل البيت. اللهم العن من لا يلعن أول ظالم ظلم آل محمد، وآخر تابع له على ذلك .

- وكتب (مشارك) بتاريخ 30-1-2000، الخامسة والنصف مساءً:

من المقصود بأول ظالم لآل محمد . . يا عاملي، ويا مالك الأشتر ؟

ص: 157

- وكتب (فرات) بتاريخ 30-1-2000، السادسة مساءً:

الأستاذ العاملي . . السلام عليكم . . جزاك الله عن آل الله خير جزاء المحسنين. نعم للولاية . . نعم للبراءة . إن المسلم لا يكون مسلماً حتى يتولى الله ورسوله والصالحين من عباده. ولا يكون مسلماً حتى يتبرأ من أعداء الله ورسوله وعباده الصالحين .. فالحب والبغض هما الأساس في المفهوم الإسلامي، والنظرية الإسلامية لاتتكامل إلا بهذين الأصلين الأساسيين. وعلينا كمسلمين أن نعرف من نحب ومن نبغض . نحب من أمرنا الله بمحبته ونبغض من أمرنا الله ببغضه. قال تعالى: قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى، ولا تكون المودة للقربى صادقة إلا بالتبري من أعداهم ومبغضيهم من الأولين والآخرين.. فنعم ما قلت وما دعوت به . اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك . هذا عذب فرات سائغ شرابه .

- وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 30-1-2000، السابعة إلا ربعاً مساءً:

اللهم العن ظالمي محمد وآل محمد من الأولين والآخرين، إلى قيام يوم الدين .

اللهم إنا نبرأ اليك من أفعالهم وأقوالهم، ونبرأ اليك من ظلمهم، وممن رضي بظلمهم .

أما سؤال مشارك عمن هو المقصود بأول ظالم.. إعرف الحق تعرف أهله.. كما يقول الإمام علي عليه الصلاة والسلام، وإن شئت أن تعكسها صحت.. أي إعرف الباطل تعرف أهله.. فإن كان من ذهب ذهنك إليه ظالماً لآل محمد فهل

ص: 158

تعتقد أن ظالماً لآل محمد لايستحق اللعن . وإن كان من قصدت لم يظلم آل محمد.. فإنه ليس معنيا أو مقصوداً باللعن .

وأي ظالم يستحق اللعن بدلالة القرآن الكريم: ألا لعنة الله على الظالمين.. هذه هي القاعدة التي قال بها الله سبحانه وتعالى . . . فهل يحزنك أن يلعن ظالم وهي الصراط المستقيم . اللهم وصلي على ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر .

- فكتب العاملي بتاريخ 30-1-2000، السابعة والنصف مساءً:

المقصود يا مشارك من كان في علم الله تعالى أول ظالم لهم، كائناً من كان.. فردد هذا الدعاء معنا، وبرِّئ من شئت ولا عليك.. مادامت عندك الحجة لربك .. وليعتقد غيرك بأنه من شاء، ولا عليه.. مادامت عنده الحجة لربه تعالى. ومتى بعثك الله مفتشاً عن قلوب المسلمين، حتى تفتش عنها؟!! ومتى نزل عليك وحي يأمرك بفعل ما نهى عنه رسوله صلی الله علیه و آله ؟!!

- وكتب (مشارك) بتاريخ 30-1-2000، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

لا تستطيعون الجهر بعقيدتكم للأسباب المعروفة في أديان الباطنية.. اللهم من قصد أن يلعن أبابكر الصديق وعمر بن الخطاب.. فاجعل وجهه مسخوطاً مثل وجوه من نشاهدهم..فنعرف أن الله قد سخط عليهم ببغضهم لأوليائك. اللهم عليك بكل زنديق نجس خبيث يلعن أوليائك أو يعتقد أنهم من الملعونين.

- فكتب (الموسوي) بتاريخ 30-1-2000، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

ص: 159

جزى الله الأخ العاملي خيراً على طرح هذا الموضوع .. ولعن الله من آذى آل محمد وآذى فاطمة الزهراء وأغضبها . ولعن من لعنه رسول الله، ولعن من يستحق اللعن.. وأعتذر للأخ العاملي لتطفلي على موضوعه:

يا مشارك هل يجوز لنا أن نقتدي بأقوال الرسول وأفعاله ؟! الرجاء عدم الرد باستهزاء ولف ودوران ؟ إفترض أن السائل وهابي، أستجير بالله !!

- وكتب العاملي بتاريخ 31-1-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

لا تستطيع أن تناقش بالمنطق يا مشارك . . لأن ذهنك بتعبيرك (مسخوط) ! أسألك: هل لعن النبي صلی الله علیه و آله من قتل أهل بيته وظلمهم، أم لا ؟ فإن كنت مسلماً فاتبع ولا تبتدع ! وها نحن فنتبع ولا نتبتدع، ولذا نقول وندعوك أن تقول معنا: اللهم العن أول ظالم ظلم محمداً وآل محمد وآخر تابع له على ذلك .. اللهم العنهم جميعاً. فلا تمنع من ثبت عنده أن النبي لعن أحداً أن يلعنه؟! بل انضم إليهم، أو ناقشهم .

ثم نسألك: من المعروف أن أبا بكر مات مسموماً هو وطبيبه الحارث بن كلدة، فلماذا عندما تولى عمر لم يفتح قضية سمه أبداً ؟

فهل تسمح لنا أن نقول: اللهم العن من قتل أبا بكر ؟

ثم إن كعب الأحبار والمغيرة وبنو أمية كانوا يعلمون بقتل عمر قبل قتله . .

فهل تسمح لنا أن نقول: اللهم العن من قتل عمر ؟

وأخيراً . . نقول لك: إن اللعن قرار بالطرد الإلهي من الرحمة والجنة.. فأين دليك على قولك (لعن الله الشيعة لرفضهم) ؟ هل عندك حديث أو نصف حديث بلعن الرافضين لأبي بكر وعمر ؟!

أم هي فتاوى علماء السلطة التي لا تستند الى أثارة من علم ؟!!

ص: 160

يا مشارك . . إن لعنت من لم يلعنهم الله فهو قرارٌ منك .. وأنت لست شريكاً لله تعالى حتى تقرر طرد أحد من رحمته !! واللعنة إن لم تكن بسند من الله رجعت على صاحبها . . فاحذر !

- وكتب (مشارك) بتاريخ 31-1-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

يا عاملي .. إن النقاش يكون مع من يستطيع أن يعلن عقيدته ثم يدافع عنها .

هل تستطيع أن تنفي أنك تريد لعن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب من ضمن من تشملهم بهذا الدعاء ؟ أتحداك أن تستطيع أن تجيب على هذا السؤال: إن كنت على يقين من دينك ومعتقدك فأعلن ذلك في وضوح.

وأما إن كانت حقائق دينكم لاتستطيعون الجهر بها، فكيف تريدون أن تناقشوا غيركم ؟! عندما تعتقدون أنكم تستطيعون الجهر بعقيدتكم فعندها نستطيع أن نناقشكم فيها . وأما مع هذا التهرب فلا يمكن أن يكون هناك نقاش يا عاملي . كن جاداً وصادقاً مع نفسك ومع دينك يا عاملي .

- وكتب (الموسوي) بتاريخ 31-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

يا مشارك . . لعبتك مكشوفة .. أنت تريد من بعض الأخوة البارزين أن يلعن أبا بكر وعمر ثم تأخذ هذا الموضوع وتنشره في شبكة سحاب وغيرها! ولقد فعلتها من قبل في شبكة هجر، حيث جمعت كل ما كان لديك ومنها موضوعي مع عدو الزنادقة قبل تخريب (المنتدى)، ثم تقول هذا أنتم الشيعة كيف تريدون أن نتحد معكم، وهذه كلماتكم في حق الشيخين ؟

ص: 161

حيرتنا معك . . إن سكتنا قلتم تستخدمون التقية . . وإن أجهرنا بها .. قلتم ما هذه الجسارة على الصحابة ؟ ألم أفصح عن عقيدتي في حواري مع عدو الزنادقة الذي أنزلته في هجر ؟؟ فما تريد بعد ذلك ؟

إننا لا نكتم عقيدتنا فهي موجودة في مئات وعشرات الكتب، ولكننا نمتثل أمر أئمتنا فقط وفقط ؟ هل فهمت ؟!

- فكتب العاملي بتاريخ 31-1-2000، الواحدة إلا ثلث صباحاً:

من آداب الأمم المتمدنة يا مشارك . . أنهم إدا رأوا صاحبهم يحب شخصاً لا يحبونه.. أنهم يحترمونه من أجله.. ولا يسيؤون اليه من أجله. وأراك تصر على الشيعة لتجبرهم على الخروج عن مراعاتك.. فيسيؤوا إلى من تحب.. فهل إلحافك عليهم بالسؤال من أخلاق الإسلام ؟

يا مشارك . . تعلَّم من البدو ومن سكان الأدغال . . عندما يرون صاحبهم يحب فرساً أو بغلاً أو كلباً، أنهم يراعون خاطره . . ولا يذمونه أمامه.. فهل إذا راعينا خاطرك وخاطر أصحاب المذاهب، نكون غير صريحين؟!!

وهل تكون صريحاً بأن تتحدانا وتلح علينا.. حتى نقول لك إن أسرتك وعشيرتك وأئمتك غير جيدين!!

ثم.. هل حضرتك صريح يا مشارك ؟! أنت الذي تكفر مليار مسلم، ولا تستثني منهم إلا من وافقك على تطرفك وشذوذ إمامك ابن الست تيمية ؟!!

إن كنت رجلاً فأثبت غيره بصراحة لا بخداع وهروب ؟! أجبني بصراحة أيها الصريح، قبل أن يأتي السيد الفاطمي !!

- وكتب (مشارك) بتاريخ 31-1-2000، الواحدة صباحاً:

ص: 162

لا تستطيع أن تفرق بين ما يقوله الزنادقة الملاحدة وبين دينكم، الذي تزعمون أنه من أئمتكم فيما تروون . أمّا بالنسبة إلى الشئ الذي هو صعبٌ مستصعب فقد وردت العبارات التالية: (قال رسول الله صلی الله علیه و آله: إنَّ حديثَ آل محمد صعب مستصعب . عن الأئمَّة علیهم السلام : إنَّ أمرَنا، إنَّ حديثنا، إنَّ علم العالم، إنَّ كلامي .

الأوصاف المختلفة: وأيضاً بالنسبة إلى أوصاف ذلك الأمر فقد وردت بِصُوَرٍ مختلفة أهمُّها: عن أبي جعفر علیه السلام قال: إنَّ حديثنا صعبٌ أجردٌ ذكوانٌ وَعِرٌ شريفٌ كريمٌ . عن الأصبغ بن نباته عن أمير المؤمنين علیه السلام قال سمعته يقول: إنَّ حديثنا صعبٌ مستصعبٌ خَشِن مخشوشن . وفي حديث أبي جعفر علیه السلام يخاطب جابر بن يزيد الجعفي: يا جابر، حديثنا صعب مستصعب أمرد ذكوان وعِر أَجرد . وأيضاً في حديث أبي الجارود عن الإمام الباقر علیه السلام: سمعتُه يقول إنَّ حديثَ آل محمد صعبٌ مستصعبٌ ثقيل مقنَّع أجردٌ ذكوان . وفي حديثٍ آخر قال الراوي: قلت فسِّرْ لي جُعِلتُ فداك! قال: ذكوان ذكيٌ أبداً . قلت: أجردٌ . قال: طريٌ أبَداً . قلت: مقنَّع ؟ قال: مستور .

وفي خصوص الكلمة الأخيرة ورد حديث في الكافي: عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن الحكم عن خالد بن نجيح عن أبي عبد الله علیه السلام قال: إنَّ أمرَنا مستور مُقَنَّعٌ بالميثاق، فمن هتك علينا أذلَّه الله.

فإن الزنادقة القرامطة يقولون: لقد استغلّ القرامطة -كغيرهم من الحركات الباطنيّة الهدامة- الظروف المحيطة بهم، خاصّة وأنّ بداية دعوتهم وافقت القضاء على حركة الزنج، ولقد كانت الدولة الإسلاميّة آنذاك في بداية ضعفها وتسلّط العسكر عليها من ناحية، وانتشر الشعوبيّون في أرجائها، وعمّ الجهل في

ص: 163

تعاليم الإسلام بين أبنائها، ولقد ركّز القرامطة في دعوتهم على الأراضي الخصبة بنظرهم، كالموالي والعبيد الحاقدين على أسيادهم والأُجراء والمزارعين الناقمين على أصحاب المهن والأراضي، لاعتقادهم بأنّهم لا يعطونهم ما يستحقّونه لقاء كدّهم وتعبهم. ولكي يستقطبونهم ابتدعوا فكرة إشاعة المال وشيوعيّة الأراضي، وكذلك بثّوا بين الشعوبيّين الحاقدين على دولة الإسلام وعدهم بالقضاء على المسلمين وسلطانهم وإعادة الملك لهم سواءً كانوا مجوساً أو هنوداً أو يهوداً ونصارى . . وبقي عندهم العنصر الرئيسي ألا وهو الشباب، الوقود الأساسي لكلّ تمرّد وثورة .. ووجدوا أن خير أسلوب لجذبهم هو بثّ الفكر الإنحلالي وجذبهم بالشهوات.. فاستباحوا الزنا والخمر واللواط وسائر المحرّمات، وجعلوا النساء مشاعاً بينهم، وأباحوا نكاح الأقارب من أخوات وبنات وما شابه هذا، بالإضافة إلى التخطيط الدقيق والإرهاب والبطش .. كلّ ذلك جعل العنصر الشبابي ينجذب إليهم انجذاب الفراش للنار.. وقد اعتمدوا في نشر دعوتهم على مراحل وأقسام أسموها - كما ذكرها الإمام عبد القاهر الإسفرائيني - على النحو التالي: التفرّس، والتأنيس، والتشكيك، والتلقين، والربط، والتدليس، والتأسيس، والمواثيق بالأيمان والعهود، وآخرها الخلع والسلخ .

فالتفرّس: أن يعرف الداعي من يدعو وكيف يدعوه، مميّزاً من يطمع في إغوائه ممّن لا يطمع فيه، وقد قالوا في وصاياهم لدعاتهم: لا تضعوا بذرتكم في أرض سبخة، ولا تتكلّموا في بيت فيه سراج، يقصدون من عنده علم. ومن شروط الداعي عندهم أن يكون عالماً بأنواع الناس وأصنافهم واختلاف مذاهبهم ونقاط ضعفهم والأبواب التي يدخل على كلّ واحد منهم . . فمن كان مشتغلاً

ص: 164

بالعبادة حبّبها إليه وحضّه عليها، ثمّ سأله عن معاني العبادات وعلل الفرائض، وشكّكه فيها حتى أبدعها وأدخله مذهبه.

ومن كان رافضيّاً جاراه في تعظيم آل البيت وحبّ عليّ ويطعن في أبي بكر الصديق وعمر بن الخطّاب وخيار الصحابة، ثم يبغضه في بني تميم لكون الصدّيق منهم وبني عديّ لانتساب الفاروق إليهم، ويبغض في بني أميّة لكون عثمان ومعاوية رضي الله عنهما منهم، وكذلك الأنصار لعدم وقوفهم مع عليّ ومطالبتهم بحقّه في الخلافة.. ثمّ يدخل عليه من باب الولاية والتأويل حتّى يخرجه من الدين .

وإن رآه ممن يحب الشيخين مدحهما عنده ورفع من شأنهما وذكر له بأنّ صحبة الرسول لأبي بكر في الغار كان القصد منها تعليمه التأويل، فإذا سأله المسكين عن التأويل يكون قد وقع في المصيدة، ووصل درجة التأنيس ..

وأمّا إن كان المراد جذبه من أهل الفسق والمجون، فإنّه هو الصيد السهل، فيذكر أمامه قول الشاعر الماجن:

أَتُركَ لذَّة الصهباء صرفاً *** لما وعدوه من طم وضمر

حياةٌ ثمّ موتٌ ثم نشرٌ *** حديث خرافة يا أمَّ عمرو

ويشجّعونه على الإنغماس في المعاصي واستباحة الحرمات، وإنكار البعث والثواب والعقاب وإنكار الله والخروج من الإسلام .

ثم تأتي المرحلة الثانية، التأنيس: وهو التفرّس تقريباً، إلاّ أنه بعد أن يزيّن للصيد مذهبه ويشكّكه فيه لما يسأله عن التأويل.. فإذا سأله المدعو عن علم ذلك أجابه بأنّ علمه عند الإمام.. ويكون قد انتقل إلى مرحلة التشكيك، وهوالوصول بالضحية إلى الإعتقاد بأنّ المراد بالفرائض والظواهر شيئاً آخر غير معناها اللغوي

ص: 165

أو الشرعي .. ينهون عليه ترك الفرائض وارتكاب الموبقات ويكون قد أصبح جاهزاً لمرحلة الربط، والربط عندهم طلب المدعوّ إلى معرفة تأويل أركان الشريعة فيتأوّلونها به، فإن قبلَها على الوجه الذي دفعوها إليه، وإلا بقي على الشكّ والحيرة فيها .

أمّا التدليس فهو قولهم للضحية الجاهل إن الظواهر عذاب وباطنها فيه الرحمة، ويستدلّون بقوله تعالى: فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب . الحديد – 13، وإنّ لكلّ عبادة أو أمر ظاهراً هو كالقشر وباطنه كاللّب، واللبّ خير من القشر، فإذا سألهم عن تأويل باطن الباب.. طلبوا منه وأخذوا منه المواثيق والأيمان المغلّظة كالطلاق والعتاق وتسبيل الأموال والبراءة من الله ورسوله.. إلى آخر هذه الأيمان والنذور.. بأن لا يحدّث أحداً بما سيخبرونه إلاّ بإذنٍ من الإمام صاحب الزمان، أو المأذون له في دعوته، وأن يستر أمرهم ويحمي جماعتهم .

فإن فعل المقرّر به ذكروا له حقيقة دينهم واعتقادهم، فإن قبل الجاهل مذهبهم فقد انسلخ من الملّة وخلع الإسلام من عنقه، وإن رفض الدخول في عقيدتهم لعدم تقبّله لها واستهجانه بها لم يستطع أن يذيع سرّهم ويدلّ عليهم، بل إنّه يكتم أمرهم وقد يساعدهم، وذلك لما أخذوه منه من أيمان ومواثيق ونذر يظنّ لجهله أن لا فكاك منها ولا يمكن حلّها.. وبذلك يضمن القرامطة عدم إفشاء سرّهم حتّى وإن لم يقبل المغرّر به الدخول في مذهبهم ودينهم . .

فما الفارق بين هذا وذاك يا عاملي ؟ وهل تلوموننا عندما نقول أن الرفض مطية الزندقة ؟ إن لم تقتنع فاقرأ هذا يا عاملي ويا موسوي، قال ابن تيمية في منهاج السنة الجزء الثامن:

ص: 166

وكان عبد الله بن سبأ شيخ الرافضة لما أظهر الإسلام أراد أن يفسد الإسلام بمكره وخبثه كما فعل بولص بدين النصارى، فأظهر النسك، ثم أظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حتى سعى في فتنة عثمان وقتله، ثم لما قدم على الكوفة أظهر الغلو في علي والنص عليه، ليتمكن بذلك من أغراضه، وبلغ ذلك علياً فطلب قتله فهرب منه إلى قرقيسيا، وخبره معروف وقد ذكره غير واحد من العلماء . وإلا فمن له أدنى خبرة بدين الإسلام يعلم أن مذهب الرافضة مناقض له ولهذا كانت الزنادقة الذين قصدهم إفساد الإسلام، يأمرون باظهار التشيع والدخول إلى مقاصدهم من باب الشيعة، كما ذكر ذلك إمامهم صاحب البلاغ الأكبر والناموس الأعظم.

قال القاضي أبو بكر بن الطيب: وقد اتفق جميع الباطنية وكل مصنف لكتاب ورسالة منهم في ترتيب الدعوة المضلة، على أن من سبيل الداعي إلى دينهم ورجسهم المجانب لجميع أديان الرسل والشرائع، أن يجيب الداعي إليه الناس بما يبين وما يظهر له من أحوالهم ومذاهبهم، وقالوا لكل داع لهم إلى ضلالتهم ما أنا حاك لألفاظهم وصيغة قولهم بغير زيادة ولا نقصان ليعلم بذلك كفرهم وعنادهم لسائر الرسل والملل فقالوا للداعي: يجب عليك إذا وجدت من تدعوه مسلماً أن تجعل التشيع عنده دينك وشعارك، واجعل المدخل عليه من جهة ظلم السلف وقتلهم الحسين وسبيهم نساءه وذريته والتبري من تيم وعدي ومن بني أمية وبني العباس، وأن تكون قائلاً بالتشبيه والتجسيم والبداء والتناسخ والرجعة والغلو، وأن علياً إلهٌ يعلم الغيب مفوضٌ إليه خلق العالم، وما أشبه ذلك من أعاجيب الشيعة وجهلهم، فإنهم أسرع إلى إجابتك بهذ الناموس حتى تتمكن منهم مما تحتاج إليه أنت، ومن بعدك ممن تثق به من أصحابك فترقيهم إلى

ص: 167

حقائق الأشياء حالاً فحالاً، ولاتجعل كما جعل المسيح ناموسه في زور موسى القول بالتوراة وحفظ السبت، ثم عجل وخرج عن الحد . وكان له ما كان يعني من قتلهم له بعد تكذيبهم إياه وردهم عليه وتفرقهم عنه، فإذا آنست من بعض الشيعة عند الدعوة إجابة ورشداً أوفقته على مثالب علي وولده وعرفته حقيقة الحق لمن هو وفيمن هو، وباطل بطلان كل ما عليه أهل ملة محمد صلى الله عليه وسلم وغيره من الرسل، ومن وجدته صابئاً فأدخله مداخله بالأشانيع وتعظيم الكواكب، فإن ذلك ديننا وجل مذهبنا في أول أمرنا وأمرهم من جهة الأشانيع، يقرب عليك أمره جداً، ومن وجدته مجوسياً اتفقت معه في الأصل في الدرجة الرابعة من تعظيم النار والنور والشمس والقمر، واتل عليهم أمر السابق وأنه نهر من الذي يعرفونه، وثالثه المكنون من ظنه الجيد، والظلمة المكتوبة، فإنهم مع الصابئين أقرب الأمم إلينا وأولاهم بنا، لولا يسير صحفوه بحهلهم به .

قالوا: وإن ظفرت بيهودي فادخل عليه من جهة انتظار المسيح وأنه المهدي الذي ينتظره المسلمون بعينه، وعظم السبت عندهم، وتقرب إليهم بذلك، وأعلمهم أنه مثل يدل على ممثول، وأن ممثوله يدل على السابع المنتظر، يعنون محمد بن إسماعيل بن جعفر، وأنه دوره وأنه هو المسيح وهو المهدي، وعند معرفته تكون الراحة من الأعمال وترك التكليفات، كما أمروا بالراحة يوم السبت، وأن راحة السبت هو دلالة على الراحة من التكليف والعبادات في دور السابع المنتظر، وتقرب من قلوبهم بالطعن على النصارى والمسلمين الجهال الحيارى، الذين يزعمون أن عيسى لم يولد ولا أب له، وقو في نفوسهم أن يوسف النجار أبوه وأن مريم أمه وأن يوسف النجار كان ينال منها ماينال الرجال من النساء، وما شاكل ذلك فإنهم لن يلبثوا أن يتبعوك . قال: وإن وجدت

ص: 168

المدعي نصرانياً فادخل عليه بالطعن على اليهود والمسلمين جميعاً، وصحة قولهم في الثالوث وأن الأب والابن وروح القدس صحيح، وعظِّم الصليب عندهم وعرفهم تأويله .

وإن وجدته مثانياً فإن المثانية تحرك الذي منه يعترف، فداخلهم بالممازجة في الباب السادس في الدرجة السادسة من حدود البلاغ التي يصفها من بعد وامتزج بالنور وبالظلام فإنك تملكهم بذلك، وإذا آنست من بعضهم رشداً فاكشف له الغطاء، ومتى وقع إليك فيلسوف فقد علمت أن الفلاسفة هم العمدة لنا، وقد أجمعنا نحن وهم على إبطال نواميس الأنبياء وعلى القول بقدم العالم لولا ما يخالفنا بعضهم من أن للعالم مدبراً لا يعرفونه، فإن وقع الإتفاق منهم على أنه لا مدبر للعالم، فقد زالت الشبهة بيننا وبينهم .

وإذا وقع لك ثنوي منهم فبخ بخ، قد ظفرت يداك بمن يقل معه تعبك والمدخل عليه بإبطال التوحيد والقول بالسابق والتالي، ورتب له ذلك على ما هو مرسوم لك في أول درجة البلاغ وثانيه وثالثه، وسنصف لك عنهم من بعد، واتخذ غليظ العهود وتوكيد الأيمان وشدة المواثيق جنة لك وحصناً، ولا تهجم على مستجيبك بالأشياء الكبار التي يستبشعونها حتى ترقيهم إلى أعلى المراتب حالاً فحالاً وتدرجهم درجةً درجةً، على ما سنبينه من بعد . وقف بكل فريق حيث احتمالهم، فواحد لا تزيده على التشيع والائتمام بمحمد بن إسماعيل وأنه حي لا تجاوز به هذا الحد، لا سيما إن كان مثله ممن يكثر به وبموضع اسمه، وأظهر له العفاف عن الدرهم والدينار وخفف عليه وطأتك مرة بصلاة السبعين . . . .

ص: 169

- قال العاملي: إلى آخر ما أوده مشارك من كلام ابن تيمية !! وما نسبه الى الشيعة لامصدر ولا دليل كعادته، بل جاء بكلام ينقلونه عن حركة الزنادقة والحشاشين، ونسبه الى الشيعة !!

- ثم قال (مشارك): أنظر ما قاله ابن تيمية هنا، وقارنه بما يقوله أحمد الأحسائي، وقرة العيون، وهم من زعماء فرق الرافضة الإثني عشرية، فأحمد الأحسائي زعيم الشيخية من فرق الرافضة الاثني عشرية،كان متهماً بأنه ينادي بالحلول والإتحاد، وأن المهدي المزعوم سيولد من جديد من أب وأم !! وأما قرة العيون وما أدراك ما قرة العيون، زعيمة فرقة القرتية من فرق الرافضة الإثني عشرية، كما صرح بذلك آل طعمة في كتاب مدينة الحسين، وهي تقول في مؤتمر بدشت: إعلموا أن أحكام الشريعة المحمدية قد نسخت الآن بظهور الباب . . وإن اشتغالكم الآن بالصوم والصلاة والزكاة وسائر ما أتى به محمد كله عمل لغوٌ وفعل باطل.. ولا تحجبوا حلائلكم عن أحبابكم إذ لاردع الآن ولا حد، ولامنع ولا تكليف ولاصد، فخذوا حظكم من الدنيا فلا شئ بعد الممات . مفتاح باب الأبواب - 180

ملاحظة: إن قلتم أن قرة العيون تركت مذهب الرفض إلى البابية فنقول: هذا يثبت أن الرفض مطية الزندقة، فهي رافضية اثنا عشرية سابقاً بل وكانت تعقد الدروس في النجف! والآن هل تستطيع الإجابة على سؤالي يا عاملي.. أم أن شريعة قرمط تمنعك من ذلك ؟

- وكتب الفاطمي بتاريخ 31-1-2000، الثانية إلا ثلث صباحاً:

ص: 170

قلت يا مشارك: اللهم عليك بكل زنديق نجس خبيث يلعن أوليائك أو يعتقد أنهم من الملعونين .

أقول يا مشارك: من هم أولياء الله ؟ هل هم من قالوا بأن خير خلق الله صلی الله علیه و آله كان يسب ويلعن ويجلد من لم يستحق ولم يكن أهلا لذلك ؟ ولماذا تتهرب دائماً من نقاش طعنكم هذا في خير البشر صلی الله علیه و آله ؟ وهل أولياء الله من كذبوا الزهراء سلام الله عليها، وهي سيدة نساء أهل الجنة وغصبوا حقها وأغضبوها ؟

278 - حدثنا أبو الوليد حدثنا بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي مليكة عم المسور بن مخرمة رضي الله عنهما أن الرسول صلی الله علیه و آله قال: فاطمة بضعة مني فمن أغضبها أغضبني . (رواه البخاري ص 96، الجزء الخامس، طبعة دار القلم) .

أغضباها وأغضبا عند ذاك *** الله رب السماء إذ أغضباها

وكذا أخبر النبي بأن الله *** يرضى سبحانه لرضاها

كن جاداً وصادقاً مع نفسك ومع دينك يا مشارك، ودافع عن نبيك وسيدة نساء أهل الجنة صلوات الله وسلامه عليهما .. فهل تستطيع ؟ أم تتهرب كالعادة ؟! أم إنك تخفي عقيدتك في الطعن بهما يا مشارك ؟!

السلام عليك يا بضعة المصطفى، يا فاطمة الزهراء

- وكتب العاملي بتاريخ 31-1-2000، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

دعك من القص واللصق، والقرمطة والقرامطة يا مشارك .. أفرض أن الشيعة كلهم كفار . . فما حكم بقية المسلمين عندك ؟ هل هم كفار مهما فعلوا حتى يخضعوا لآراء ابن الست تيمية ؟! فأجب بصراحة يامن تدعي الصراحة زوراً ! وقد سألتك قبلها هل تغضب إذا لعناّ قاتل أبي بكر، وقاتلي عمر ؟! فأجب ولا تهرب من الأسئلة و . . تقرمط .

ص: 171

إنك يا صاحبي تكفر كل المسلمين إلا من وافق رأيك . . وتكفيرك هذا لا يستند إلى كتاب ولاسنة.. فهو عن بدعة وهوى . . لا يساوي جناح بعوضة !!

- قال العاملي: قرة العين امرأة من قزوين، نشطت في الدعوة إلى مؤسس البهائية علي محمد الباب، الذي ادعى أنه باب الإمام المهدي علیه السلام ، ثم ادعى الإمامة، ثم ادعى النبوة.. وقد أحضره علماء الشيعة وأثبتوا عليه حكم الإرتداد فاعترف وأعلن توبته.. ثم عاد إلى بدعته فأصدروا عليه حكم القتل وألزموا السلطة الإيرانية بإعدامه، لكن الدول الغربية واليهود تبنوا دعوته، وكانت قرة العين المذكورة واحدة من دعاته فحكم العلماء عليها بالقتل، وقاوموا الدين البابي وألزموا السلطة بمقاومته . . . فانتقلت قيادته إلى شيكاغو، وجعلوا قبلتهم عكا! ولهم مراكز في الدول الغربية . . وهم ناشطون في خدمة مصالح إسرائيل والغرب، ويلتقون مع النواصب الوهابيين في العمل ضد الشيعة وإيران، ويتعاونون في ذلك !

وقد نبزنا المخالفون مراتٍ بأن قائدتنا إمرأة وهي قرة العين هذه ! فأجبناهم بأنا نحن نتبرأ منها، لكنكم أنتم أولى بقيادة المرأة التي تتولونها وقد ركبت جملاً وفرساً وبغلاً . . وقادت الجيش والمعركة ضد الخليفة الشرعي باعترافكم !

- وكتب (عمار) بتاريخ 31-01-2000، الثالثة والنصف صباحاً:

اللهم صل على محمد وآل محمد . . يروون أن الرسول صلی الله علیه و آله يلعن من لايستحق اللعن من المسلمين، معاذ الله ! وتراهم لا يلعنون ظالمي أهل البيت علیهم السلام !!

ص: 172

ألم أقل لكم يا إخوان إنهم يلصقون بالرسول صلی الله علیه و آله صفات وأعمالاً يترفّعون هم عن عملها؟ مع أن لعن ظلمة أهل البيت ليس فيه حرج .

- وكتب (العلوي) بتاريخ 31-01-2000، الرابعة إلا ربعاً صباحاً:

اللهم العن من ظلم آل محمد صلی الله علیه و آله ، لعناً وبيلاً، هم ومن تبعهم إلى قيام يوم الدين . والعن من سمع بظلمهم ورضي به، أو دافع عن ظالميهم، وكذب ودلس ودافع عنهم .

وإلى مشارك .. تقول اللهم عليك بكل زنديق نجس خبيث يلعن أوليائك.. فهل علي بن أبي طالب علیه السلام من أولياء الله ؟ ومارأيك بمن شتمه ؟ أم أن حمية الباطل ستأخذك، وتنفي ما أثبته العلماء والمؤرخون السنيون .

إن كان رفضاً حب آل محمدٍ *** فليشهد الثقلان أني رافضي

- وكتب (معاوية الأول) بتاريخ 31-1-2000، الرابعة صباحاً:

وكل كلامه سب وشتم للشيعة، فحذفه المراقب عبد الحسين البصري وكتب له: (تم مسحه لخروجه عن آداب الحوار) .

- وكتب (مشارك) بتاريخ 31-01-2000، السادسة صباحاً:

يا عاملي.. دائماً تكرر افتراءاتك عليَّ عندما تنحشر في الزاوية وتضيق بك السبل ! أنا لا أكتب في هجر إلا باسم مشارك فقط، والأخ صريح ليس هو أنا. وافتراءك علي بتكفير المليار مسلم سبق أن رديت عليه أكثر من مرة، ولكن متى تستطيعون ترك الكذب والإفتراء .

والآن يا عاملي . . أجب على سؤالي الأول إن كنت تريدني أن أجيب على أسئلتك، وانظر إلى ما يقوله قاصد خير في شبكة هجر: (ومن دون ذكر أسماء

ص: 173

نقول لهم: إننا نمجد ونحب أصحاب المصطفى الأمين من أسيادنا أبو بكر الصديق رضوان الله عليه، والفاروق سيدي عمر بن الخطاب رضوان الله عليه، والعفيف الحبيب عثمان بن عفان رضوان الله عليه، وسيدي أمير المؤمنين سيدي ومولاي علي بن أبىطالب سلام الله عليه . فلم كل هذا التحامل علينا !

http://www.hajr.org/hajr-html/Forum3/HTML/00194.html

والآن لم تتهرب يا عاملي ؟ أم أن عقائد ابن سبأ اليهودي الذي كان أول من أظهر الطعن في الشيخين هي السبب ؟!

العجب كل العجب أنك تزعم أنك تريد النقاش وأنت باطني، لا تستطيع إعلان دينك ! فهل هذا يجوز في الإنترنت، أيها المرجع الإمامي ؟ !

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 31-01-2000، الثالثة ظهراً:

هذا ردي قبل ردك الأخير والذي تهربت من الرد عليه كعادتك يا مشارك؟

قلت يامشارك: اللهم عليك بكل زنديق نجس خبيث يلعن أوليائك أو يعتقد أنهم من الملعونين .

أقول يا مشارك .. من هم أولياء الله ؟ هل هم من قالوا بأن خير خلق الله صلی الله علیه و آله كان يسب ويلعن ويجلد من لم يستحق ولم يكن أهلاً لذلك؟ ! ولماذا تتهرب دائماً من نقاش طعنكم هذا في خير البشر صلی الله علیه و آله ؟!

قلت يا مشارك: ولكن متى تستطيعون ترك الكذب والإفتراء .

أقول: عندما تترك الكذب والإفتراء يامشارك لك أن تطالب الغير بذلك، وفاقد الشئ لا يعطيه . وعندما تتوقف ساحة الكذب والتدليس (إسلاميك ويب) عن الكذب والإفتراء على الزهراء سلام الله عليها سيدة نساء أهل الجنة .. عندها لك الحق أن تطالب الغير بذلك .

ص: 174

والمشكلة يامشارك أنك وبقية السلف تنقلون نقل عميان من شبكة الكذب والإفتراء إسلاميك ويب . فأنت وجماعتك تنقلون الأكاذيب من هناك وتريد أن تقنع الرواد بتلك الأكاذيب !!

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002026.html

ولا أدري لماذا سموها أصحابها بإسلاميك ويب ؟ هل يريدون أن يشوهوا إسم الإسلام وصورته بسردهم أكاذيب والإفتراء على سيدة نساء العالمين؟؟ وكان من الأفضل أن يسمونها: أكاذيب ويب، أو: افتراء ويب.. فهل يرعوون ويخافون الله ويكفون عن الإفتراء والكذب على الزهراء سلام الله عليها سيدة نساء أهل الجنة ؟

وهل ترعوي يا مشارك ؟! لا أعتقد . وبو طبيع ما يترك طبعه !

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء .

- وكتب العاملي بتاريخ 31-01-2000، التاسعة والثلث مساءً:

بعض الناس عيونهم من زجاج لا تنكسر !!

النتيجة يامشارك أنك: اتهمت، وافتريت، ولم تجب عن أي سؤال !!

لقد أدمنت على الهروب والتحايل على الجواب، ومع ذلك تدعي الصراحة، وتتهم غيرك بعدمها ! إنك تكفر كل المسلمين إلا من وافق رأيك! وبهذا تسقط كل حقوقك على كل مسلم يخالفك في الرأي . وإلى الآن لم تجب بصراحة من تراه مسلماً منهم، ومن تراه كافراً ؟! وقد سألتك: هل تغضب إذا لعنا قاتل أبي بكر، وقاتلي عمر، فلم تجب ؟!!

- وكتب (أبو الفضل) بتاريخ 31-1-2000، العاشرة ليلاً:

ص: 175

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع له على ذلك . اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وبايعت على قتله. اللهم العنهم جميعاً. اللهم صل على محمد وآله الأطيبين الأطهرين.

- وكتب (مشارك) بتاريخ 2-2- 2000، الثالثة إلا ثلث صباحاً:

يا عاملي .. كيف تزعم أنني قد تهربت من النقاش، وموضوعي الأساس معك قد تم حذفه في نفس اليوم من قبل المراقب، عن أنه لا يمكن التقارب مع الامامية بسبب عقائدهم .

عموماً: لماذا تتهرب من سؤالي ياعاملي رغم أني قد أجبت على سؤالك أكثر من مرة، فهل تكون جاداً معي هذه المرة وتسألني 3 أسئلة مقابل أن تجيب على سؤالي السابق ؟ إن رضيت بهذا، فاسأل أسئلتك الثلاثة، ثم أجبني على سؤالي السابق، لنرى من الذي يتهرب يا عاملي ؟

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 2-2-2000، الثانية ظهراً:

إِذَا لَمْ تَسْتَحْيِ فَافْعَلْ مَاشِئْتَ .. يا جنرال في فنون التهرب والتنحش.. قديمة جداً خطتك هذه للتهرب.. كأنك أعمى لا ترى ردودي التي أعمتك.. مسكين والمشكلة عينك قوية.. ترمي الناس بالكذب وأنت كبير الكذابين:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/002026.html

- وكتب (ذو الشهادتين) بتاريخ 2-2-2000، الخامسة مساءً:

السلام عليكم .. اللهم العن أول ظالم للزهراء علیه السلام . اللهم العن من أسس أساس الظلم والجور على أهل بيت نبيك . اللهم العن من جرَّأ الناس على أهل بيت نبيك . اللهم العن من أراد حرق بيت الزهراء علیها السلام . اللهم العن من تقمص الخلافة من أمير المؤمنين وغصب حقه وهو يعلم منزلة علي علیه السلام . اللهم العن

ص: 176

بني أمية، وآل مروان، وآل زياد . اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها.. يصف الشاعر هجوم أبي بكر وعمر لحرق بيت الزهراء علیها السلام بهذه الأبيات:

وكللا النار من بيت ومن حطب *** والمضرمان لمن فيه يسبًان

و ليس في البيت إلا كل طاهرةٍ *** من النساء وصدِّيقٌ وسبطان

فلم أقل غدرا بل قلت قد كفرا *** والكفر أيسر من تحريق ولدان

وكل ما كان من جور ومن فتن *** ففي رقابهما في النار طوْقان

اللهم العن ظالمي آل محمد .

- وكتب العاملي بتاريخ 2-2-2000، التاسعة والثلث مساءً:

كاد المريب أن يقول خذوني ..

سؤالك: من المقصود بأول ظالم لآل محمد يا عاملي ويا مالك الأشتر ؟

المقصود يا مشارك أشخاص مجهولون . . فأقم الدعوى علينا بأننا نلعن أشخاصاً مجهولين !! وإن كنت تعرف عنهم شيئاً أو تعرف منهم أحداً . . فأخبرنا عنهم حتى نأخذ حق الله ورسوله وآله منهم . وإن كنت تحبهم فسوف تحشر معهم ولا تردون على حوض النبي كما صح عنه صلی الله علیه و آله !! ولماذا لاتسألنا يامشارك عن آخر تابع لهم على ذلك ؟ فهل أنت هو ؟ !

اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد، وآخر تابع له على ذلك .

- وكتب (مشارك) بتاريخ 4 -2-2000، الثالثة صباحاً:

يا عاملي .. أنا أريد الإجابة على هذا السؤال السابق، وهو لا يحتمل إلا إحدى إجابتين: نعم أو لا .

ص: 177

يا عاملي .. إن النقاش يكون مع من يستطيع أن يعلن عقيدته ثم يدافع عنها، هل تستطيع أن تنفي أنك تريد لعن أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب من ضمن من تشملهم بهذا الدعاء؟ أتحداك أن تستطيع أن تجيب على هذا السؤال . . إن كنت على يقين من دينك ومعتقدك فأعلن ذلك في وضوح. وأما إن كانت حقائق دينكم لا تستطيعون الجهر بها، فكيف تريدون أن تناقشوا غيركم ؟ عندما تعتقدون أنكم تستطيعون الجهر بعقيدتكم فعندها نستطيع أن نناقشكم فيها . . وأما مع هذا التهرب فلا يمكن أن يكون هناك نقاش يا عاملي . كن جاداً وصادقاً مع نفسك ومع دينك يا عاملي .

- فكتب العاملي بتاريخ 4-2-2000، الحادية عشرة إلا ربعاً صباحاً:

مسكين مشارك . . أكل حسده رأسه ! ضاق علمه عن النقاش، فأخذ يبحث عن ممسك يشتكي به على الشيعة !!

هو يكفِّر كل المسلمين إلا من أطاعه! ويبحث عن أحد يلعن صحابياً حتى يتسكع في دوائر الدول التي يكفرها ويشتكي عليه !!

لقد أثرت فيه الهزائم الفكرية، فصار يعمل في التناتيف!! تراه يصيح ويستغيث: إن الشيعة غزوا شبكات الإنترنيت بثقافتهم وفكرهم وحجتهم.. يشتكي على هجر لمسؤول البروكسي السعودي.. يرسل رسائل تهديد لمن يخالفه . . يحاول تخريب المواقع الشيعية !!

مشارك من زمان صار شرطياً متشنجاً، فارحموه !

- قال العاملي: وهنا غاب مشارك.. ولم يواصل لجاجته !

ص: 178

الفصل الرابع: استحباب البكاء والنياحة على الامام الحسين علیه السلام

اشارة

ص: 179

ص: 180

- كتب العاملي في الموسوعة الشيعية في 2-4-2000، موضوعاً بعنوان: (ما الذي يغيظهم من مراسم عاشوراء . . ولماذا ينتقدها بعض الناس ويحاربها ؟ !) قال فيه:

حسب ما وصلتنا الأخبار، فإن مراسم عاشور هذه السنة أوسع، وأكثر تنوعاً من السنة الماضية في جميع بلاد الشيعة ومهاجرهم في العالم والحمد لله . ومراسم عاشوراء تشمل أنواعاً متعددة من الأعمال . .

وقبل أن يحكم عليها الأخوة المنتقدون ينبغي أن يتعرفوا عليها، ويتفهموا عمقها في الجماهير الشيعية، وتأثيرها الإيجابي فيهم . ولا نجد فيها ما يبرر غيظ المغتاظين منها، ولا وقوفهم ضدها، لأنها من ثروات الشعوب الإسلامية في الإلتفاف حول مقدساتها، بالشكل الذي تعتقد به وتتقرب فيه إلى الله تعالى . . نعم إذا أفتى مرجع يقلده كل الشيعة أو جماعة منهم، فيجب عليهم التقيد بفتواه .. وقد تبلغ هذه المراسم عشرين نوعاً، أذكر فيما يلي أهمها:

ص: 181

1 - لبس السواد حزناً .

2- رفع الأعلام السوداء على الحسينيات وأبواب المساجد والبيوت...

3 - عقد المجالس في المساجد والحسينيات والبيوت، وأحياناً في الساحات والشوارع، حيث يتلو القراء الموعظة والسيرة، ويختمونها بالشعر الفصيح والعامي المؤثر .

4 - إطعام الطعام وسقي الماء والمرطبات، بنية الثواب للإمام الحسين علیه السلام ، في أماكن إقامة المجالس، أو بإرساله الى البيوت .

5 - نذر النذور لله تعالى وثوابها للإمام الحسين علیه السلام ، من قراءة مجالس تعزية أو إطعام وما شابه .

6 - البرامج المسموعة والمرئية عن عاشوراء .

7 - التمثيليات الشعبية عن جوانب من واقعة عاشوراء .

8 - تعطيل الأعمال يوم التاسع والعاشر، أو العاشر فقط من شهر محرم .

9 - مسيرات المعزين في الشوارع من نقطة الى نقطة في البلد، في مواكب تنقسم الى مجموعات وتقرأ الشعر الفصيح والشعب ي، وتلطم على صدورها. ويرافق الموكب عادة ضرب طبول وسناجق تستعمل في الحزن، وتشبه النغم العسكري .

10 - الذهاب مشياً على الأقدام إلى زيارة الإمام الحسين علیه السلام ، وهذه عادة أوسع ماتكون في زيارة الأربعين في العراق، حيث تتجه ملايين الشيعة وبعض السنة، من محافظات العراق المختلفة مشياً على الأقدام إلى كربلاء، وتصل بعض المسافات إلى 500 كيلومتر .

ص: 182

11 - لبس الأكفان يوم عاشوراء، وضرب الرؤوس بالسيوف (جرح الجلد في أعلى الرأس) حزناً على الإمام الحسين علیه السلام، ورمزاً لاستعداد الشخص بأن يضحي بالدم في نصرة الإسلام، كما ضحى في كربلاء .

12 - مسيرة المشاعل، رمزاً للذين جاؤوا لنصرة الإمام الحسين علیه السلام وواصلوا سيرهم ليلاً ونهاراً، وهي عادة موجودة في النجف وبعض مناطق العراق .

- قال العاملي: أجاب (المسالم) وغيره..كما يأتي في الفصل الرابع، وغرضنا هنا تعداد أنواع المراسم .

ويمكن لذلك ملاحظة المطبوع .

سيد المرسلين صلی الله علیه و آله .. أول من بكى على الحسين علیه السلام

- كتب المدعو (مظاهر)، في الموسوعة الشيعية، في 11-4-2000، موضوعاً بعنوان (من أين جاءت النياحة على الحسين علیه السلام ؟)، قال فيه:

إن الجهل بحقيقة أمر هذه المسألة حداً بكثير ممن لايتفق مع الشيعة في أمره أن يرموهم بالغلو أو المزايدة الخاطئة.. ولاشك أن الواقع الذي عليه أمر إحياء الذكرى الحسينية لدى لشيعة الإمامية خصوصاً شهد تطوراً مشروعاً عبر الزمن . . وبعيداً عن كل صور البدعة - مع شرح طفيف سأوافيك به في بعض المفردات - والذي ينبغي منا الإشارة إليه هو أن لكل مفردة من هذه الأساليب والشعائر المشهودة في مقام إحياء الذكرى الحسينية: النياحة، الإنشاد الشعري والأدبي، اللطم، التطبير .. مما يتفق عليه الفريقان أن جبريل علیه السلام قد تقدم إلى النبي صلی الله علیه و آله بنبأ استشهاد الحسين علیه السلام ، وأنه بعد ذلك قام بتكرار البكاء عليه أمام نسائه وفي

ص: 183

بيتهن أحياناً كبيت أم سلمة وعائشة، وأحياناً أخرى مع أصحابه وحماته . وقد جاء ذلك متفرقاً بين كتب وصحاح الفريقين . .

وإن هذا البكاء والتأسي على ماسيصدر على ريحانة النبوة وعبق الرسالة لم ينته بموت رسول الله صلی الله علیه و آله بل إن علياً علیه السلام كان قد احتمل ذلك في حياته وبكى عليه عند مروره بنينوى في خروجه إلى صفين.. وقد روى ذلك السبط ابن الجوزي الحنفي، وابن حجر في صواعقه، ومنتخب كنز العمال بألفاظ مختلفة.. كما ناحت عليه أعداؤه، وناحت عليه أهل الكوفة، وناحت عليه أهل الشام عند وصول السبايا، وأهل الحجاز، وأصاب الأمة من بعد مقتله هياج واكتئاب عجيب ..

وحتى هذا الحد الذي ماذكرت منه إلا غيظاً من فيض .. يتضح أن البكاء على الحسين علیه السلام من المسائل التي يتأسى فيها برسول الله صلی الله علیه و آله وعلي وفاطمة، التي لم أنقل قصة بكائها لأنها من مروياتنا فقط ومعلومة عندنا، وقد قال تعالى: قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة .

كما يتضح لنا عدم مسؤولية القول بأن البكاء على سيد الشهداء طارق طرق الشيعة من بعض الأمم الكفرية الأخرى، وأن هذا نبز للرسول صلی الله علیه و آله ، قبل أن يكون نبزاً لشيعته وشيعة أوليائه الطاهرين .

- فكتب (الفاروق): نعم صدقت! وأخذت هذه العبادة النياحة بالتطور ففي القرن الثالث داخلها شق الجيوب، وإنشاء الزوايا في داخل المساجد تسمى عزاء حسيني، وفي القرن الرابع أخذت هذه العباده بالتطور أكثر قليلاً بحيث أصبح النائح يهيل التراب على نفسه ويمرغها تمريغاً، وفي هذه الأيام أصبحت

ص: 184

هذه العباده أكثر حضارة وأقوى أثراً، بحيث تم تطويرها إلى الإنترنت واستعمال السلاسل في النياحة، وتوزيع الفيمتو في الشوارع والحارات!!!

والله يعلم في المستقبل ماذا ستصبح عليه هذه العبادة العظيمة .

- وكتب (عمر):

ياحبذا لو كان الأمر بالتدريج، أي كيفية النياحة على حمزة (رضی الله عنه) وكيف صنع رسول الله صلی الله علیه و آله مع عمه، وهل جعلها عادة سنوية وما شابه ذلك .

- فأجابهما (مظاهر): الزميلين: الفاروق، عمر .. حَدِّدا إقراركما بنياحة الرسول على سبطه أولاً، ثم تأتي إجابتكما على المداخلة .

- فكتب المدعو (المسلم المسالم):

يقول الشيخ فضل الله: ضرب الرؤوس أصبح مظهر تخلف، ويشوه صورة الشيعة في العالم . ضرب السلاسل لماذا ؟ لنفكر معاً . . أليس لأن السيدة زينب علیها السلام وأخواتها وبنات الحسين ضُربن على ظهورهن بالسياط فنحن نواسيهن فنضرب ظهورنا بالسلاسل ! ولكن هل ضربت زينب علیه السلام ظهرها بالسلاسل ؟ أم أنها ضُربت وهي في خط المعركة ؟ . . الخ .

فهل تسمعون صوت العقل من شيعي وليس من سني ؟؟

الفاضل مظاهر: هل هذا العمل يقره الإسلام ؟ ويعتبر من العمل المشروع يوم عاشوراء عند الإمامية ؟

- قال العاملي: ثم وضع الفاروق رابطاً لصورة الطفل الذي جرح أبوه رأسه في النبطية، ونشرتها وكالة رويتر الإنكليزية، وتلقفها الوهابيون ووزعوها في شبكات الإنترنت !

ص: 185

- وكتب (عمر): التشديد في النياحة على الجنائز:

صحيح مسلم . . . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أربع في أمتي من أمر الجاهلية فاتركونهن: الفخر في الأحساب، والطعن في الأنساب، والإستسقاء بالنجوم، والنياحة . وقال: النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران . . الخ .

- فأجابه (مظاهر):

الزميل المسلم المسالم .. إن الشعائر الحسينية عدة عديدة، والبحث الآن في خصوص النياحة فأرجو أن تسهم معنا وتبدي نظرك فيما طرح أعلاه، وسيشتمل البحث على البقية !

الزميل عمر .. لقد طلبت منك تحديد الجواب فيما عرض . وبعبارة مكررة أقول لك: هل بكى النبي صلی الله علیه و آله على السبط الحسين، أم لا ؟ وهل بكاؤه مكرراً، أم مرة واحدة ؟ وهل البكاء على حادث لم يقع، وبشكل متكرر يعد مؤشراً إلى عقيدة خاصة في الحسين أم لا، أو لا ؟

وهل يفرق العقل بين رجحان البكاء على الحادثة قبل أن تقع ؟

ولو لم يكن كذلك لما قام بأعبائه النبي صلی الله علیه و آله .. وبين البكاء عليها بعد أن وقعت وأصبحت حقيقة ؟

أجبني أنت ومن تظاهر معك هنا، على كل شق، وبدقة .

- وكتب (الحر الرياحي) بتاريخ 12-4-2000:

يا عمر . . بخصوص النياحة . . إليك بعض الرويات بخصوص بكاء الرسول صلی الله علیه و آله على الإمام الحسين علیه السلام . .

ص: 186

1 - حديث أم الفضل في مستدرك الصحيحين، وتاريخ ابن عساكر، ومقتل الخوارزمي، وغيرها، واللفظ للأول: عن أم الفضل بنت الحارث، أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله إني رأيت حلماً منكراً الليلة، قال وما هو ؟ قالت إنه شديد، قال وما هو ؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأيت خيراً، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك . فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدخلت يوماً الى رسول فوضعته في حجره، ثم حانت مني التفاتة، فإذا عينا رسول الله تهريقان من الدموع، قالت فقلت: يا نبي الله بأبي وأمي ما لك؟ قال أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا ! فقلت: هذا ؟ ! قال: نعم وأتاني بتربة من تربته الحمراء .

فما قولك في هذا يا عمر ؟ إننا نتظر جوابك.. فهذا رسول الله صلی الله علیه و آله بكى على الحسين علیه السلام ، والرسول قدوة لنا... فما قولك ؟

- قال العاملي: لم يجب عمر ولا غيره بشئ.. على عادتهم في الفرار ؟!!

ما الذي يغيظ النواصب والأجانب من مراسم عاشوراء ؟

- كتب العاملي في الموسوعة الشيعية بتاريخ 12-4-2000، موضوعاً بعنوان (ما الذي يغيظهم من مراسم عاشوراء .. ولماذا يحاربونها ؟!) قال فيه:

حسب ماوصلتنا الأخبار، فإن مراسم عاشور هذه السنة أوسع وأكثر تنوعاً من السنة الماضية في جميع بلاد الشيعة ومهاجرهم في العالم، والحمد لله.

ص: 187

ومراسم عاشوراء تشمل أنواعاً متعددة من الأعمال.. وقبل أن يحكم عليها الأخوة المنتقدون ينبغي أن يتعرفوا عليها ويتفهموا عمقها في الجماهير الشيعية وتأثيرها الإيجابي فيهم. ولا نجد فيها ما يبرر غيظ المغتاظين منها ولا وقوفهم ضدها، لأنها من ثروات الشعوب الإسلامية في الإلتفاف حول مقدساتها، بالشكل الذي تعتقد به وتتقرب فيه إلى الله تعالى. نعم إذا أفتى مرجع يقلده كل الشيعة أو جماعة منهم، فيجب عليهم التقيد بفتواه.....

(ثم عدَّد العاملي أنواع المراسم الأحد عشر المتقدمة في الفصل الرابع).

- فأجابه المدعو (المسلم المسالم) وهو وهابي، بتاريخ 12-4-2000:

الحزن شئ والتمثيل شئ آخر . يقول الشيخ فضل الله: (ضرب الرؤوس أصبح مظهر تخلُّف ويشوّه صورة الشيعة في العالم. ضرب السلاسل لماذا؟ نفكر معاً أليس لأن السيدة زينب علیه السلام وأخواتها وبنات الحسين ضُربن على ظهورهن بالسياط ؟ فنحن نواسيهن فنضرب ظهورنا بالسلاسل ! ولكن هل ضربت زينب ظهرها بالسلاسل ؟ أم أنها ضُربت وهي في خط المعركة ؟ اللطم مشروع لأنه تعبير عن الحزن، ولكن عندما يقف الناس بشكل فني استعراضي ويلطمون حسب قواعد وحركات خاصة، فهذا ليس اللطم المعبر عن الحزن، والمعبر عنه هو اللطم الهادئ الذي يعبر عن العاطفة، بحيث عندما يراه الناس فإنهم بذلك يقفون أمام مظهر حزين، ينتقل إليهم بفعل تأثرهم به) فهل تسمعون صوت العقل من شيعي، وليس من سني ؟؟

- فأجابه العاملي بتاريخ 12-4-2000:

شباب الشيعة يسمعون صوت الفتوى الشرعية من مرجع تقليدهم الجامع للشروط.. وولي الفقيه الجامع للشروط . وبعد غدٍ ترى إن شاء الله في النبطية

ص: 188

قرب صيدا، عرضاً حسينياً من نوع فريد، متحضراً وليس متخلفاً كما يزعم بعضهم، يبيض وجه الشيعة والسنة، ولا يسودها كما يزعم بعضهم، يبعث في الإنسان أروع المعاني الروحية، ومعاني النبل والشهامة والشجاعة ..

ترى فيه مشاهد من يوم كربلاء ممثلةً على الطبيعة في ساحة المدينة، لو أردنا وصفها لطال المقام .. وترى موكباً من الشباب لابسين أكفانهم، حاملين سيوفهم .. وقد جرحوا رؤوسهم فسالت دماؤهم على وجوههم المنيرة، وأكفانهم المباركة .. يسيرون بنخوةٍ إسلامية، وحزنٍ عميق .. هاتفين واحسيناه .. واحسيناه .. معلنين أنهم أنصارٌ للإمام الحسين سبط الرسول صلی الله علیه و آله ، وحاضرون لفدائه بأرواحهم .. مرددين اسم علي بن أبي طالب بطل الإسلام علیه السلام شعاراً لهم .. هاتفين: حيدر.. حيدر... موظفين كل ذلك باتجاه العدو المتغطرس، يعلنون بين مدة وأخرى شعاراً مباركاً تتجاوب معهم عشرات الألوف من الجماهير: واحسيناه.. واحسيناه.. مذكرين اليهود بمعركة ساحة النبطية في يوم عاشوراء، يوم كانت إسرائيل تحتل لبنان، وكان شبابه عزلاً من السلاح، وحشدت إسرائيل قواتها ليوم عاشوراء في النبطية، وكثفت دباباتها.. فجاءت مسيرة أصحاب الأكفان المتطبرين . . ليس معهم إلا أكفانهم وسيوفهم.. حتى إذا وصلوا إلى قرب تجمع الدبابات الإسرائيلية، تقدم رئيسهم هاتفاً: حيدر .. حيدر.. بنبرات عسكرية متتالية، معلناًً تحدي شيعة الحسين لجنود اليهود وآلياتهم، فانذعر اليهود كما انذعروا من هجوم علي في خيبر، وفتحوا النار على الناس وفي الهواء، وهم يفرون أمام المتطبرين ! وآلياتهم تصدم بعضها والحيطان، وبعضها تركوها فوقعت في قبضة الحسينيين!! وظل ذلك اليوم الأحمر الحسيني فخراً للمسلمين، وذلاً على اليهود.. وظل اليهود مدة بعده

ص: 189

يبحثون عن رئيس المتطبرين (حيدر) يظنون أنه شخص منهم، وأخذوا بعض من اسمه حيدر، حتى عرفوا أنه كان هتافاً باسم حيدر فاتح خيبر، واسمه عند اليهود: حيدر بطل الأميين في يوم الغفران، أي يوم خيبر !!

لو كان هؤلاء الفتيان يقلدون فلاناً أيها الأخ، لما استطاعوا أن يسطروا هذه الملحمة.. ولو كانوا يقلدونه في تحريم الإنتحار ! لما استطاعوا أن يقوموا بعمليات استشهادية كالتي سمعت بها .

فاترك الناس وعقيدتهم وفتوى من يقلدون.. ولا تخف عليهم من جرح رؤوسهم.. ولا تشفق عليهم فتسبهم !! لقد تركوا هم للعرب أن يأخذوا بطولاتهم إلى مجالس المفاوضات.. وتركوا لمن يريد أن يدعي المرجعية لهم أن يدعي.. فدعوهم وشأنهم !

- قال العاملي: لتبرئة الذمة:كنت سمعت قصة ما جرى في النبطية في يوم عاشوراء 1983 ميلادية، برويات متعددة، منها النحو الذي أوردته . ثم سألت شاهد عيان أثق به، فقال إن الصحيح هو الرواية التالية:

كانت مدينة النبطية محاصرة بالدبابات الإسرائيلية كبقية مدن لبنان المحتلة، وكان اليهود يسيِّرون دوريات في جيبات عسكرية داخل المدينة وخارجها.. وفي يوم عاشوراء زادوا دورياتهم وأضافوا إلى كل سيارة جيب سيارة شاحنة جنود. لأن النبطية تحتشد في يوم عاشوراء بالوافدين من أنحاء لبنان لمشاهدة تمثيل مصرع الإمام الحسين علیه السلام ومواكب التطبير . وما أن دخلت الدورية الإسرائيلية (جيب عسكري وشاحنة) إلى داخل الساحة، حتى واجهها الناس بالهتافات المعادية.. وكان موكب (الضرِّيبة) في مفرق طريق شوكين، فاتجهوا نحو الدورية.. وكان القارئ يقرأ لهم بمكبر الصوت، فقرأ لهم عن موقف علي

ص: 190

الأكبر بن الإمام الحسين علیهما السلام ، وردد قوله لأبيه الحسين: ما دمنا على الحق فو الله لا نبالي أوقعنا على الموت أو وقع الموت علينا !! فزاد حماس موكب التطبير واتجهوا نحو الجنود الإسرائيليين هاتفين: حيدر.. حيدر.. ملوحين بسيوفهم، وأكفانهم مضرجة بالدم.. فجن جنون اليهود، وحاولوا الهروب بسياراتهم فلم يستطيعوا وصدمت إحداها جداراً.. فنزلوا منها وتركوها وهربوا مشاة نحو قاعدتهم، وهم يطلقون الرصاص في الهواء كيفما كان ! وتبعهم الناس بالأحجار، والضريبة بالسيوف.. ولم يقتل أحد منهم ! لكن أشعل الفتيان النار في السيارات! فكانت بداية المقاومة الإسلامية في لبنان.. مقاومة حسينية مرعبة في يوم عاشوراء !!

وقال محدثي: وبحث اليهود عن (حيدر) حتى عرفوا أنه اسم لعلي علیه السلام !! وقال: حدث في تلك المدة أن سيارة لبنانية انقلبت في الوادي في مدخل بلدة (أنصار) قرب نقطة الجيش الإسرائيلي، فنزل الجنود الإسرائيليون ورأوا السيارة مقلوبة على ظهرها، فقال أحد الجنود لركابها: أخرج من السيارة، أنت لاتموت ! أنت تصيح: حيدر .. وتضرب نفسك بالسيف!!

- فكتب (أبو فراس)، وهو وهابي، بتاريخ 13-4-2000:

والله.. أن تلبس الأسود كرمزٍ للحزن، مع شعارات ورايات سوداء، وتمثيل صور على اللوحات ورسومات فيها (رأس) كأنه رأس الحسين رضي الله عنه، ورجل مشتمل بسيف وندعوه بذي الفقار، بأن هذا رمز لعلي كرم الله وجهه، مكتوب عليه لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، وصور معلقة هنا وهناك فيها تعبير الحزن، وموقف الجيوش ضد الحسين رضي الله عنه في كربلاء، وغير ذلك.. فيها مشابهة لليهود بالنسبة للباس الأسود، وفيها مشابهة للمسيحيين

ص: 191

بالنسبة للرسومات وتعليق الصور، كأنك لا تدخل الحسينية كأنك تدخل كنيسة من الكنائس، فالكنائس مملوءة من صور مريم وعيسى وهو مصلوب، حتى صنعوا منه تماثيل برجل مصلوب، ويقولون هذا رمز بأنه عيسى بن مريم علیه السلام مصلوباً .

هذه ملاحظة لفتت انتباهي، وأحسن بحث لي في المشابهة لليهود، وكذلك هناك مشابهه للنصارى، كأن هناك حلقة ارتباط بين الرافضة وبينهم سبحان الله ! والحمد لله رب العالمين .

- فأجابه (أبو سمية) بتاريخ 13-4-2000:

السلام على الحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى آل بيت الحسين، وعلى أصحاب الحسين، وعلى محبي الحسين .. لا أريد التعرض إلى مناقشة في قضية التطبير.. جوازه أو عدمه، فأنا لا أفعله ولم أفكر في ذلك، والمقياس لست أنا أو غيري، بل كل له مرجع . وليكن الإخوان المؤمنين على ثقة تامة بأن الغرب وأنصاره أعداء الدين أتباع الشيخ جون فيلبي وإمامه الشيخ همفر، ومن بينهما ومن بعدهم، سيقفون صفاً واحداً لهدم الدين . ولن ترضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم . البقرة -120 فهل علينا أن نترك كل ما لا يرضون ؟! فزيارة المراقد سنتركها و..و..

ولوكان هناك أمر مخزٍ فهو الإباحية، وتجارة المخدرات، وأكل السحالي والصراصر، ومصارعة الثيران، والمخاطرات بسياقة الدراجات.. وسرقة خيرات الشعوب، واحتلال الأراضي الإسلامية .. ولو كان هناك ما يثير السخرية بالمسلمين.. فهو الدروشة ولبس العرقجين، ونصف قميص وسروال وتطويل اللحية بشكل مقزز، والجمود (التمسلف) .

ص: 192

ولو أن كل ضار بالأصل أو بالعرض يحرم تداوله، لحرمت السيجارة: ضررها بالأصل، وتناول الطعام بإفراط يصل إلى حد التخمة: ضرر بالعرض، لأن أصل تناول الطعام ليس فيه ضرر، و.. و.. وكثير من الأمثلة الأخرى... فلا نجعل في ذلك مجالاً لتفرقنا، وكل يتبع مجتهده .

وعلى رسلك أيها المشبه باليهود.. إذهب إلى كتبكم ستجد أنكم شبهتم ربكم بالمخلوقات فتجاوزتم، ونحن نزهناه.. واتبعتم مبدأ تكفير أهل لا إله إلا الله.. وانحرفتم عن تولي وصي الرسول صلوات الله تعالى عليه وآله، فانحرفتم نحو عجل الأمة وسامريها، ونحن صدقناه واتبعناه..

نحن لا نحكم بكفر كل سني بل النواصب منهم... لا لشئ إلا بالدليل، لموالاتهم ليزيد وأبيه الملعون على لسان النبي صلوات الله تعالى عليه وآله، ومن حكى الدليل بكفره.. وهذا الموضوع طرح بشكل نقد مؤدب بين أهل التشيع فإما أن تدخل فيه بشكل مؤدب فأهلاً، وإلا . . . .

- وكتب المدعو (النداء الأخير) بتاريخ 13-4-2000:

أحببت أن أسأل الشيخ العاملي:

هل مسألة التطبير تعتمد على الفتوى، أم على الحكم الشرعي، أقصد هل ما قاله السيد علي الخامنئي ولي أمري وأمر المسلمين، هو حكم شرعي، أم فتوى لمقلديه فقط ؟ فإذا كانت حكم شرعياً فهي ملزمة لكل الفقهاء حتى الفقهاء المعارضين للفتوى، باعتبارها صادره عن الحاكم الشرعي .

وإذا كانت فتوى فهي غير ملزمة، فهل من مخير ؟ والسلام عليكم.

- فأجابه العاملي بتاريخ 13-4-2000:

ص: 193

يظهر أنها كانت نصيحة أبوية فقط، لأنهم في السنة الماضية تسامحوا في مخالفتها في عدد من محافظات إيران، وسمعت أنهم أعلنوا في أردبيل وأصفهان أنه لا مانع لمن أجاز مرجع تقليده ذلك .. وعلى أثره خرجت مواكب تطبير ضخمة في هاتين المحافظتين وغيرهما.. ويتوقع بعضهم أن يكون السماح في هذا السنة أوسع، والعهدة على الناقل .

- وكتب المدعو (واهج) بتاريخ 13-4-2000:

أرجو التكرم إذا أمكن بذكر الفقهاء المجوزين للتطبير، بعيداً عن ولاية الفقيه، وبعيداً عن حكم أو فتوى .

- وكتب العاملي بتاريخ 16-4-2000، الخامسة عصراً:

جمع بعضهم فتاوى كبار المراجع في تجويزه في كتاب مستقل، أرجو أن أحصل عليه، وهذا بعضها:

فتوى السيد الخوئي قدس سره والمرجع الميرزا جواد التبريزي مد ظله

في صراط النجاة: 1 / 432:

سؤال 1183: هل ثمة إشكال في إدماء الرأس (التطبير) على ماهو المعهود المعروف في بعض مظاهر إظهار الحزن وإشادة العزاء على روح إمامنا المفدى أبي عبد الله الحسين علیه السلام ، مع فرض أمن الضرر ؟

الخوئي: لا إشكال في ذلك في مفروض السؤال في نفسه، والله العالم.

سؤال 1184: تفضلتم سيدنا بنفي الإشكال عن إدماء الرأس (التطبير) إذا لم يلزم منه ضرر، فقيل إنه لا يثبت أكثر من الإباحة، وعليه فهل إدماء الرأس (التطبير) مستحب، لو نوى بذلك تعظيم الشعائر، ومواساة أهل البيت علیهم السلام ؟

ص: 194

الخوئي: لم يرد نص بشعاريته، فلا طريق إلى الحكم باستحبابه، ولا يبعد أن يثيبه الله تعالى على نية المواساة لأهل البيت الطاهرين، إذا خلصت النية .

فتوى السيد الكلبايكاني قدس سره، في إرشاد السائل ص 184

س 672: ما هو حكم التطبير الذي يفعله بعض الناس أيام عاشوراء ؟

جواب: يجوز إذا لم يكن معرضاً لضرر لا يتحمل عرفاً، والله العالم.

فتوى أخرى للمرجع الميرزا جواد التبريزي في صراط النجاة 3 /442:

سئل عن قول بعضهم: يحرم اللطم على الإمام الحسين علیه السلام إذا كان عنيفاً يؤدي لإدماء الصدر أو الألم الشديد لأنه ليس أسلوباً حضارياً، ويسبب ضرراً للجسد وكل إضرار بالجسم حرام، ما رأيكم بذلك ؟

فأجاب: اللطم وإن كان من الشديد، حزناً على الحسين علیه السلام ، من الشعائر المستحبة، لدخوله تحت عنوان الجزع الذي دلت النصوص المعتبرة على رجحانه، ولو أدى بعض الأحيان إلى الإدماء واسوداد الصدر . ولا دليل على حرمة كل إضرار بالجسد، مالم يصل إلى حد الجناية على النفس، بحيث يعد ظلماً لها . كما أن كون طريقة العزاء حضارية أو لا، ليس مناطاً للحرمة والإباحة، ولا قيمة له في مقام الإستدلال، والله العالم .

س 1268: هل ترون أنه من الداعي إثارة مصيبة كربلاء بين الناس، بشكل عنيف وحماسي، أم لا ؟

الجواب: البكاء الشديد والإبكاء المثي ر، من الأمور المستحبة التي دلت على رجحانها النصوص الكثيرة . ففي (الوسائل) باب 66 من أبواب المزار، روايات كثيرة في استحباب ذلك . ومنها: صحيح معاوية بن وهب عن الصادق علیه السلام أنه قال لشيخ: أين أنت عن قبر جدي المظلوم الحسين ؟ قال: إني لقريب

ص: 195

منه . قال علیه السلام : كيف إتيانك له ؟ قال: إني لآتيه وأٌكثر . قال: ذاك دمٌ يطلب الله تعالى به . ثم قال: كل الجزع والبكاء مكروه، ما خلا الجزع والبكاء لقتل الحسين علیه السلام . والله العالم .

فتوى للسيد القائد الخامنئي بجواز كل أنواع اللطم والضرب بالسلاسل

في أجوبة الاستفتاءات - ص 255:

سؤال: من المتعارف في منطقتنا أن مراسم لطم الصدور أو الضرب بالسلاسل بالنحو التقليدي لا تقام إلا في عزاء الأئمة الأطهار علیهم السلام ، والشهداء وسادة الدين العظام، فهل يجوز إقامة تلك المراسم في وفاة بعض الأشخاص الذين كانوا من قوات التعبئة، أو من الأشخاص الذين كانوا يقدمون الخدمات بنحو ما لهذه الحكومة الإسلامية ولهذا الشعب المسلم ؟

الجواب: لا إشكال في ذلك في نفسه في الفرض المذكور، ولكن هذا العمل لا يعود بخير على ذلك الميت، والأفضل إقامة مجالس الفاتحة، وقراءة القرآن الكريم له .

- كتب (عمر) في الموسوعة الشيعية في 23-12-1999، الحادية عشرة والثلث ليلاً موضوعاً بعنوان:(باب تحريم النياحة على الميت ولطم الخدِّ وشق الجيب)، قال فيه:

عَنْ عُمَر بْنِ الخَطَّابِ رضي الله عَنْهُ قَالَ قَال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: الميِّتُ يُعذَّبُ في قَبرِهِ بِما نِيح علَيْهِ. وفي رواية ما نِيحَ علَيْه . متفقٌ عليه. الخ... ثم أورد عمر عشرة أحاديث أخرى بهذا المضمون، من البخاري ومسلم !

ص: 196

- فأجابه (فاتح) بتاريخ 27-12-1999، الخامسة والنصف صباحاً:

إعرف ممن تأخذ دينك .. فإن كان من غير أهل البيت فيرد، لأن أهل البيت أدرى بالذي فيه .

- قال العاملي: فلم يجب عمر بشئ .

- كتب (سليل المجد) في شبكة سحاب في 14-4-2000 الثانية صباحاً موضوعاً بعنوان: (إبكِ أو تباكَ على الحسين ولك الجنة !!)، قال فيه:

من أوامر اللعين الهالك الخائن الخميني البكاء على الحسين، أو مجرد التظاهر بالبكاء - دموع تماسيح - والجزاء الجنة ! فضلٌ لم يرد للرسول صلى الله عليه وسلم وورد للحسين رحمة الله ! !

لعنكم الله أيها الرافضة وأخزاكم دنياً وآخرة .

هذا الكلام يا أحباب ليس من كلامي بل كلام الكفرة الرافضة يكتبونه ويقرونه، يقول الهالك اللعين: (إن البكاء على الشهيد يُعدُ إبقاءً على إبقاءً على اتقاد جذوة الثورة وتأجيجها، وما ورد في الروايات من أن من بكى أو تباكى أو تظاهر بالحزن فإن أجره الجنة، إنما يفسر بكون هذا الشخص يساهم في صيانة نهضة الإمام الحسين علیه السلام . فلا يتصور أبناؤنا وشباننا أن القضية قضية بكاء شعب لا غير ! وأننا شعبٌ بكَّاء على ما يريد الآخرون أن يوحوا لكم به . إنهم يخافون من هذا البكاء بالذات، لأنه بكاء على المظلوم، وصرخة بوجه الظالم . وهذه المواكب التي تجوب الشوارع للعزاء إنما تواجه الظلم وتتحدى الظالمين، وهو ما ينبغي المحافظة عليه . إنها شعائرنا الدينية التي ينبغي أن تصان وهي شعائر سياسية يلزم التمسك بها) .

ص: 197

سبحان الله وبحمده ! سبحان الله العظيم !

- قال العاملي: شبكة سحاب وهابية متعصبة، ينتقدون الشيعة بهذا الأسلوب الفظ، ولايسمحون لهم بالدفاع.. لذا تبقي افتراءاتهم بدون جواب !

- كتب (سعود) في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 23-4-2000، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (ويقولون إنه حجة ويتباكون عليه !!)، قال فيه:

هذا الحسين رضي الله عنه يوجه كلامه إلى أبطال الشيعة فيقول: تبّاً لكم أيتها الجماعة وترحاً، حين استصرختمونا وَلِهين، فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا، وحمشتم علينا ناراً أضرمناها على عدوّكم وعدوّنا، فأصبحتم إلباً على أوليائكم، ويداً على أعدائكم من غير عدلً أفشوه فيكم، ولا أمل أصبح لكم فيهم، ولا ذنب كان منا إليكم ! فهلاَّ لكم الويلات إذ كرهتمونا والسيف مشيم، والجأش طامن) . الإحتجاج 2 /300

- وكتب (نصير المهدي) في 23-4-2000، الثانية وخمس دقائق ظهراً:

هذا الكلام لأسلافك ياسعود، الذين كاتبوا وبايعوا وغدروا . أما الإحتجاج فليس فيه أن الخطاب موجه إلى الشيعة، فتأكد من مصادرك .

اللهم صل على ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر .

- وكتب (حلمان) بتاريخ 23-4-2000، الثالثة ظهراً:

شغِّلْ الطبل الذي فوق رأسك يا سعود.. الإمام كان يكلم الذين يحاربونه مع يزيد . . يعني حبايبك . . ! !

- وكتب (الأشتر) في 23-4-2000، الرابعة والنصف عصراً:

ص: 198

مسكين الذي يسمي نفسه سعود. شباب اسمحوا لي بهذا الرد البسيط: أولاً: الرواية مرسلة وهي عن مصعب بن عمير وهو مجهول . . (رجال المامقاني: 3/216 وراجع الهامش في الإحتجاج: 2 / 300 . ثانياً: كما تفضل به الأخ أعلاه، هذا الكلام موجه لأجدادك شيعة معاوية . والله الموفق .

- وكتب (سجاد) بتاريخ 23-4-2000، الخامسة عصراً:

لا يا إخوة مالكم حق، الرجال من عائلة، إفهموه وسامحوه على قد مخه .

- وكتبت (بنت الأمير) بتاريخ 27-4-2000، الواحدة صباحاً:

يا سعود . .

إذا كنت ذا عقل ولم تك عاقلاً *** فأنت كذي نعلٍ وليس له رجلُ

وإن كنت ذا عقل ولم تكن عالماً *** فأنت كذي رجلٍ وليس له نعل

ألا إنما الانسان غمدٌ لعقله *** ولا خير في غمدٍ إذا لم يكن نصل

من رأيي أن لايرد الإخوان الكرام على مثله، لأن من لا عقل له لا ترتجيه ولا يستخف بالعلم وأهله الا أحمق جاهل .

لكل داء دواء يستطب به *** الا الحماقة أعيت من يداويها

ولايتي لأمير النحل تكفيني *** عند مماتي وتغسيلي وتكفيني

وطينتي عجنت قبل تكويني *** بحب حيدر كيف النار تكويني

- وكتب (موالي أمير المؤمنين) بتاريخ 27-4-2000، الثالثة صباحاً:

ضحكتني يا حلمان .. ترى سعود ضائع ما يدري وين الله حاشره .

اللهم ثبتنا على ولاية أمير المؤمنين .

ص: 199

-كتب (سيف الله المسلول) بتاريخ 25-3-2000، في الموسوعة الشيعية الرابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (من عقائدهم الفاسدة عقيدة الإحتساب في النياحة)، قال فيه:

عقيدة الإحتساب في النياحة وشق الجيوب وضرب الخدود على شهادة الحسين رضي الله عنه، وهي مخالفة للعقيدة الإسلامية (الصبر في المصائب) .

إن الشيعة يعقدون محافل ومجالس للمأتم والنياحة، ويعملون المظاهرات العظيمة في الشوارع والميادين في ذكرى شهادة الحسين رضي الله عنه، باهتمام بليغ في العشر الأواخر من محرم كل عام، معتقدين أنها من أجل القربات فيضربون خدودهم بأيديهم وصدورهم وظهورهم، ويشقون الجيوب يبكون ويصيحون بهتافات: ياحسين... يا حسين، وخاصة في اليوم العاشر من كل محرم، فإن ضجيجهم الملئ بالويلات يبلغ أوج الكمال، ويخرجون في ذلك اليوم مترابطين متصافين، يحملون قبة الحسين (التابوت) المصنوعة من الخشب ونحوه، ويقودون خيلاً مزيناً بسائر الزينة، يمثلون به حالة الحسين في كربلاء بفرسه وجماعته، ويستأجرون عمالاً بأجور ضخمة ليشتركوا معهم في هذا الضجيج والفوضى، ويسبون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبرؤون منهم !!

وقد تفضي هذه الأعمال - أعمال الجاهلية الأولى- إلى المنازعات مع أهل السنة، خاصة عند سبهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والطعن والتبرؤ من الخلفاء أبي بكر وعمر وعثمان، فتسبب إراقة دماء الأبرياء .

والشيعة يصرفون في مآتم الحسين هذه أموالاً طائلة، لأنهم يعتقدون أنها من أصول دينهم وأعظم شعائرهم، إن الشيعة يعودون أولادهم بالبكاء في هذا

ص: 200

المأتم، فإذا كبروا اعتادوا البكاء متى شاءوا، فبكاؤهم أمر اختياري، وحزنهم حزن مخترع، مع أن الشريعة المطهرة أكدت في النهي عن النياحة وشق الجيوب وضرب الخدود، والقرآن أوصى بني آدم بالصبر والرضا بالقضاء كما في قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين . وقوله تعالى: وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة، وأولئك هم المهتدون. وقوله تعالى: وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر . وقوله تعالى: وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة أولئك أصحاب الميمنة . وقال تعالى: والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس . ثم إن الأئمة المعصومين عندهم والذين يجب طاعتهم لديهم، قد ثبت عنهم أيضا مثل ذلك، فقد ذكر في نهج البلاغة: وقال علي رضي الله عنه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم مخاطباً إياه صلى الله عليه وسلم: لولا أنك نهيت عن الجزع وأمرت بالصبرل أنفدنا عليك ماء الشؤون .

وذكر في نهج البلاغة أيضاً: أن علياً علیه السلام قال: من ضرب يده عند مصيبة على فخذه فقد حبط عمله .

وقال الحسين لأخته زينب في كربلاء كما نقله صاحب منتهى الآمال بالفارسية وترجمته بالعربية: يا أختي أحلفك بالله وعليك أن تحافظي على هذا الحلف، إذا قتلت فلا تشقي على الجيب ولا تخمشي وجهك بأظفارك ولاتنادي بالويل والثبور على شهادتي . منتهى الآمال1/248 .

ونقل أبو جعفر القمي: إن أمير المؤمنين علیه السلام قال فيما علم به أصحابه: لا تلبسوا سواداً فإنه لباس فرعون. من لا يحضره الفقيه - 51

ص: 201

وقد ورد في تفسير الصافي في ذيل آية (أن لا يعصينك في معروف) أن النبي بايع النساء على أن لايسودن ثوباً ولايشققن جيباً وأن لا ينادين بالويل .

وفي فروع الكافي للكليني أنه صلى الله عليه وسلم وصى السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها فقال: إذا أنا مت فلا تخمشي وجهاً، ولا تنادي بالويل، ولا تقيمي على نائحة .

وهناك روايات كثيرة جداً وردت في كتب الشيعة صرح فيها بالنهي عن النياحة والنداء بالويل والثبور، وعن شق الجيوب وضرب الخدود، ونحو ذلك من مظاهر الجزع على المصائب، وعدم الصبر عليها.وقد أثبت هنا بنماذج فقط من رواياتهم، ومن يرغب التفصيل في هذا الموضوع فعليه أن يرجع إلى كتابي حقيقة المأتم، فقد بسطت فيه وذكرت الروايات من كتبهم في الرد على مآتمهم ومجالسهم هذه، التي تخالف عقيدة الصبر في الإسلام .

للعلامة: محمد عبد الستار التونسوي رئيس منظمة أهل السنة في باكستان

- وكتب (عراقي) بتاريخ 26-3-2000، السابعة صباحاً:

يامسلول .. هذا الكلام مأخوذ من صفحة الناصبي فيصل نور .. فهل أنت ناصبي مثله ؟ يامسلول: لقد ذكرت صحاحكم بأنكم سمعتم الجن تنوح على الحسين علیه السلام يوم مقتله . فهل للإنس اعتراض بعد هذا .

- وكتب (أبو غدير) بتاريخ 29-3-2000، الواحدة صباحاً:

بدون تعليق. على النواصب (النسخ واللصق) وعلى الشيعة (الرد) !

http://www3.cybercities.com. s/shia/butlan_17th.htm

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/03280.html

يناديهم يوم الغدير نبيهم *** بخمٍِ وأسمع بالنبي مناديا

فمن كنت مولاه فهذا ولّيه *** فكونوا له أنصار صدق مواليا

ص: 202

هناك دعا اللهم وال وليه *** وكن للذي عادى علياً معاديا

فيا رب أنصر ناصريه لنصرهم *** إمام هدًى كالبدر يجلو الدياجيا

- كتب (وجيه) في الساحة الإسلامية في 6-4-1999، العاشرة مساءً موضوعاً بعنوان: (حوار هادئ .. بين سني وشيعي)، قال فيه:

رأى سنّي شيعيّاً، باكياً، لاطماً، ناقماً .. وذلك بمناسبة حلول يوم عاشوراء فسأله: مابك يا أخي؟ فقال الشيعي: أبكي على ماجرى للحسين..

فقال له السّني: ألاتعلم أنّ الدار الآخرة خيرٌ للحسين رضي الله عنه من الدنيا ؟ فقال الشيعي: بلى أعلم !

قال السني: أولاً تعلم أنه رضي الله عنه ما إن استُشهد، حتى التحق من ساعته بجده صلى الله عليه وسلم، الذي قال: الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنة، وبأمه البتول الطاهرة الزهراء وبأببه، أبي تراب، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، كرّم الله وجهه ورضي عنه ؟ قال الشيعي: بلى.. أعلم !

قال السني: إذاً فلماذا تلطم وتبكي.. أحزناً على ما أكرم الله به الحسين من الشهادة، والتحاقه بجده وأمه وأبيه، في مقعد صدق عند مليك مقتدر .. ! ؟

الشيعي: لاجواب !!

- فكتب (عرفج) بتاريخ 26-4-1999، الحادية عشرة ليلاً:

رأى سنّي شيعيّاً، باكياً، لاطماً، ناقماً.. وذلك بمناسبة حلول يوم عاشوراء. فسأله: مابك يا أخي؟ فقال الشيعي: أبكي على ماجرى للحسين.

ص: 203

فقال له السّني: ألا تعلم أنّ الدار الآخرة خيرٌ للحسين رضي الله عنه من الدنيا . . إذاً فلماذا تلطم وتبكي . . أحزناً على ما أكرم الله به الحسين من الشهادة، والتحاقه بجده وأمه وأبيه في مقعد صدق عند مليك مقتدر . . ؟ !

قال الشيعي: لا ولكنني أتأسى برسول الله صلی الله علیه و آله ، وهو يبكي عمه الحمزة، وهو يعلم أنه سيد الشهداء، وأنه حي عند مليك مقتدر..

قال السني: نعم صدقت.. يجب التأسي به صلی الله علیه و آله وصحبه .

- قال العاملي: أيضاً ثبت بالأحاديث الصحيحة في مصادر السنيين أن النبي صلی الله علیه و آله أخبر بقتل الحسين علیه السلام وبكى عليه في حياته .

- وكتب (شامس 22) بتاريخ 27-4-1999، الرابعة عصراً:

وهل أسيادكم في طهران وآيات الله يكذبون ؟ ! أنظر: حسب فتاوي المراجع العظمى يمنع اللطم والتطبير أثناء احتفالات عاشوراء في إيران، وهي تمثل المرجع الأكبر لكم، وولائكم لها لوجود الأسياد بها، والرأي العام .

لبنان: نداءات مراجع الشيعة لم تجنب عاشوراء (مشهد الدم) !

لم تؤد النداءات التي أطلقها رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ محمد مهدي شمس الدين، والأمين العام لحزب الله السيد نصر الله لمنع ذلك، ومع هذا يدعي من يدعي ويزعم من يزعم بأنها من شعائر الله، وأنها من تقوى القلوب.. إذن لماذا يمنعها ربعكم وسادتكم ومراجعكم ؟ من الذي يكذب فيكم ؟! وهل تقوى القلوب عندكم في هذا إذن ؟!

لماذا خنتم الحسين أصلاً وتركتموه يذبح وأنتم من عاهدتموه وبايعتموه على الانتصار له والدعم والمؤازرة ؟ فهل هذه وعود الرجال ياحلوم الأطفال . (من

ص: 204

كلام الخليفه الرابع علي كرم الله وجهه) . ولا أريد أن أذكر القارورة حتى لايزعل أحد .

- وكتب (مستانس) بتاريخ 27-4-1999، السابعة مساءً:

عجايب ؟!!

- وكتب (القطيفي الوطني) بتاريخ 27-4-1999، الثامنة مساءً:

شامس .. تقول إنك لن تذكر القارورة حتى لايزعل منك أحد، أم لأنك عرفت الآن أن خبرها موجود عند أهل السنة أيضاً ؟! فلوكنت تخاف أن نزعل لما نشرت كلامك في كل الساحات ! هل لازلت مصراً على أن قصة القارورة غير حقيقية، أم أنك تقر بها الآن ؟!

بالنسبة للطم ودرجته، فالحزن أساساً جائز، وإن كنتم تقولون إن الشيعة يبالغون فهذا ليس كلامكم فقط، فقد أوردتم كلام علماء الشيعة في ذلك .

هناك شيعة في عدة مناطق من العالم لازالوا يبالغون في إظهار الحزن على الحسين وأهل البيت، ففي القطيف مثلاً يختلف العزاء عن الباكستان، والعزاء في إيران يختلف عن العراق ولبنان .

وكون أغلب الشيعة يبالغون في إظهار الحزن على الرسول وأهل بيتة، لايعني أنهم كفار، أو أن مذهبهم ضلال ! هل يصح أن نقول إن أهل السنة في ضلال، لأن السنة في مصر والسودان وشمال إفريقيا والعراق يمارسون التصوف وحلقات الذكر، والتي لم ترد عن النبي ؟! (حضرت واحداً منها عندما زرت مصر قبل ست سنوات) ! هل نكفر أهل السنة لأن فيهم الأحمدية في الهند، والشاذلية في المغرب، والجيلانية في العراق والهند ؟

ص: 205

أم نكفر أهل السنة لأنهم يكفرون بعضهم؟! شيخ المالكية في مكة المكرمة سماحة الشيخ محمد علوي المكي المالكي، اتهمه مدرس بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة في كتاب قرض له الشيخ عبد العزيز بن باز، بالشرك والضلالة! ترى لماذا اتهمه بالشرك ؟ لأنه يحتفل بالمولد النبوي ؟!

المذهب الشافعي كان موجوداً عندنا في المنطقة الشرقية في الأحساء بالخصوص، ولكنه انقرض تقريباً بسبب الحملة الوهابية على كل المذاهب، وليس الشيعة فقط .

أذكرك فقط بموقف نبي الله زكريا، والذي بكى على يوسف أربعين سنة وعميت عيناه من البكاء فابيضت عيناه من الحزن وهو كظيم . صدق الله العظيم .

- وكتب (أبو محمد التيمي) بتاريخ 27-4-1999، التاسعة إلا ربعاً ليلاً:

آخر بدعة رافضية: زكريا يبكي على يوسف !! لا.. ويستدل بالقرآن !

الظاهر ألهاكم حفظ نسب الأئمة الاثني عشر عن حفظ نسب نبي الله يوسف بن يعقوب !! على العموم خلونا من تلك الإستدلالات التي لا يجيدها إلا الرافضة . إبكوا .. وأضحكوا العقلاء عليكم ..

- قال العاملي: نلاحظ أن المدعو التيمي الوهابي لم يستطع الجواب على استدلال الأخ القطيفي ببكاء يعقوب على يوسف علیهما السلام ، فتحجج بأن هذا الشيعي أخطأ وجعل اسم والد يوسف زكريا بدل يعقوب، وتمسك بهذا الخطأ، ولم يجب عن بكاء يعقوب على يوسف !!

ص: 206

- كتب (سعود) في الموسوعة الشيعية بتاريخ20-4-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً، موضوعاً عنوانه علامات استفهام (؟؟؟؟؟؟؟) قال فيه:

خلوا عنكم التقية. ليش ما اطقون صدر (لماذا لا تلطمون) على محمد صلى الله عليه وسلم، الأحسن من الحسين ؟ يا الخراطين (الكذابين) بس كذب، وعليكم اليهود، وعلى رأسهم عمكم عبد الله بن سبأ مؤسس الشيعة !

وأنت يا العاملي مع الشلة اللي معاك في يوم لا ينفع فيه اللطم والصياح والسيوف والسلاسل، وسب الصحابة الكرام، والنفاق .

- وكتب (نصير المهدي) بتاريخ 20-4-2000 الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

أخي العزيز المراقب .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

هذا الوهابي الضال أعيته الحجة ونقصه الدليل، وانتهى القص واللصق من موقع الكذب والتزوير موقع فيصل ظلام ووهابيك ويب.. فلم يبق له إلا الشتائم التي لجأ لها منذ أيام، بعد أن وشلت حعبته من كل كلام ..

وعلى طريقة المجاهدين الأفغان الذين غزوا شيعة لنك يوم عيد الأضحى في عمليتهم الجهادية التاريخية، وقد يكون سعود واحداً من أولئك المجاهدين الأبطال على طريقتهم ! فإن مواضيعه بلا عناوين ! فبالله عليك ما ذنبنا نحن أن نقرأ مثل هذا الكلام التافه ؟! إن أراد الشتم فهناك ساحات مخصصة للشتم كسحاب، وأنا الوهابي المشلول، والجلاد، والفهيم أبوحمد الرس ..

فلماذا لا يذهب هناك ويشتمنا من بعيد ؟! أم أنها بطولة في أعين الجبناء أن يشتمونا هنا ؟!! خلصنا.. الله يخلصك .

اللهم صل على ولي أمرك القائم المؤمل والعدل المنتظر .

ص: 207

- وكتب (سلمان) بتاريخ 20-4-2000، الثالثة إلا ربعاً صباحاً:

أيها الوهابي يا عبد آل... نحن نعزي ونضرب صدورنا، في وفاة النبي محمد صلی الله علیه و آله ووفيات جميع الأئمة علیهم السلام ، ولكن الطريقة البشعة التي قتل بها الإمام الحسين من قبل أسلافك ومن تحب، هذه الطريقة البشعة جعلت صدى مصيبته وتأثرنا بها، أعظم وأكبر .

- كتب (عزام) في هجر الثقافية، في 22-4-2000، السابعة مساءً، موضوعاً بعنوان (البكاء على الحسين علیه السلام بين النفي والإثبات؟)، قال فيه:

استدل أحدهم على عدم جواز صدور البكاء بالصورة التي وصلت إلينا من خلال الروايات اعتماداً على القياس الآتي:

البكاء جزع (صغرى القياس)، والجزع قبيح (كبرى القياس)، وحيث أن القبيح لايمكن صدوره من المعصوم بحكم العقل، إذن لا يمكن قبول الروايات التي تتحدث عن بكاء الزهراء علیها السلام ليلاً ونهاراً، ولا يمكن قبول الروايات التي تتحدث عن بكاء زين العابدين على أبيه الحسين علیهما السلام حتى عُدَّ من البكائين الخمسة .

وفي مقام الجواب نقول: إن كون البكاء الكثير الذي يأخذ معظم وقت الإنسان من مصاديق الجزع.. هذا غير ثابت، وكيف يتم لنا إثبات ذلك وقد صدر البكاء من أحد أنبياء الله لدرجة أن عينيه قد ذهبتا من كثرة البكاء على ولده، ألا وهو يوسف علیه السلام والذي بكاه هو يعقوب علیه السلام ، فهل يمكن أن يلتزم بصدور الجزع من أحد الأنبياء علیهم السلام ؟!

ص: 208

وعليه فيمكن الإلتزام بصدور البكاء من الزهراء علیها السلام ، وصدور البكاء من الإمام زين العابدين علیه السلام وبنفس الصورة التي وصلت إلينا، ولا غرابة في ذلك حيث أن يعقوب كان يعلم بأن يوسف كان حياً، ولكن كان بكاؤه لغيابه عنه، وكان نتيجة بكاؤه أن ذهبت عيناه، فمن باب الأولوية أن يكون بكاء الزهراء علیها السلام بالصورة التي وصلت إلينا، وهي ترى أن جهود أبيها قد ذهبت أدراج الرياح، وأن الإسلام قد انحرف عن مساره الحقيقي، وما سوف يترتب على ذلك من مصائب جمة على المسلمين نطق بها تاريخ المسلمين .. وأحد نتائج ذلك الإنحراف واقعة كربلاء، والتي أدت إلى قتل ريحانة الرسول صلی الله علیه و آله وحبيبه وولده بتلكم الصورة الفجيعة التي يعرف عظمها من خلال بكاء الإمام زين العابدين علیه السلام .

- كتب (الفارسي) في شبكة الموسوعة الشيعية، بتاريخ 10-1-2000، الثالثة صباحاً، موضوعاً بعنوان (إلى عمر والحوت والفاروق: لماذا لا تبكون على الميت ؟ !)، قال فيه:

البكاء والنياح على الميت: 138- عن المغيرة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إنَّ كذباً عليَّ ليس ككذب على أحد، من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار .

سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من نيح عليه يعذب بما نيح عليه . البخاري رقم 1229، ومسلم 6 / 235 .

139 - وعن ابن عمر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الميت يعذّب في قبره ما نيح عليه . البخاري رقم 1230 .

ص: 209

140 - وعن عبد الله بن عبيد الله . . . فقال عبد الله بن عمر لعمرو بن عثمان: ألا تنهى هذا عن البكاء، فإنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنّ الميت ليعذب ببكاء أهله عليه . . . فلمّا أصيب عمر دخل صهيب يبكي . . . فقال عمر رضي الله عنه: يا صهيب أتبكي عليَّ وقد قال رسول صلى الله عليه وسلم: إنّ الميت يعذّب ببعض بكاء أهله عليه. البخاري رقم 1226 كتاب الجنائز، وهكذا قال لبنته حفصة كما في صحيح مسلم 6 / 208 .

141 - وعن أبي بردة، عن أبيه: لما اصيب عمر رضي الله عنه جعل صهيب يقول: واأخاه، فقال عمر: أما علمت أن النبي قال: إن الميت ليعذب ببكاء الحي . البخاري رقم 1228 .

142 - وعن عبد الله بن عمر قال: اشتكى سعد بن عبادة ... وأنّ الميت يعذب ببكاء أهله عليه، وكان عمر رضي الله عنه يضرب فيه بالعصا ويرمي الحجارة ويحثي بالتراب . البخاري رقم 1243 .

نقولُ للعوام ومن بحكمهم من مدعي العلم الذين يدعون أنّ كتاب البخاري أصحّ الكتب بعد كتاب الله: ما هو داعي البخاري من نقل هذه الروايات الباطلة المجعولة ؟ أليس هو نقل عن عائشة أنّ أباها أبا بكر بكى على النبي بعد ما توفاه الله . (صحيح البخاري رقم 1186 كتاب الجنائز) . أليس نقل عن عبد الله بن جابر أنه بكى على أبيه المقتول والنبي لا ينهاه، وعمته كذلك تبكي على أخيها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تبكين أو لا تبكين، ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه . (صحيح البخاري رقم 1187) .

ص: 210

أليس هو روى في إخباره صلى الله عليه وسلم عن شهادة زيد وجعفر وعبد الله بن رواحة، وأن عيني رسول الله لتذرفان. أي يسيل منهما الدمع. (صحيح البخاري رقم 1189) .

أليس هو نقل ... وإبراهيم يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله ؟ فقال: يا ابن عوف إنها رحمة، ثم أتبعها بأخرى فقال: إنّ العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلاّ ما يرضي ربنا، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون . (صحيح البخاري رقم 1241) .

أليس هو روى: شهدنا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله جالس على القبر، ورأيت عينيه تدمعان فقال . . . صحيح البخاري رقم 1277 .

فالبكاء على الميت من الرحمة ولا ينهى الله عن الرحمة، فضلاً عن أمره بضرب الباكي بالعصا والحجارة وحثيه بالتراب كما صدر من عمر !!

ومهما كان الأمر ففتوى عمر شئ ونقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ آخر، والحق أن البكاء على الميت مباح، بل حسن ولا يعذب الميت به حتّى وإن كان حراماً، لما علم بالضرورة من الدين من أن أحداً لا يعذب بفعل الآخر ! كيف وهل أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ببكائه أن يعذّب جعفر الطيار وصاحبياه وإبراهيم ابنه، وغيرهم ممّن بكى عليهم، وهل يدري أبو بكر أن بكائه على النبي صلى الله عليه وسلم يعذّبه ؟! (نعوذ بالله من أن يقال بعذاب النبي) .

ثم تعالوا معي نستمع إلى قول عائشة وهي تردّ على رواية عمر وابنه حيث قالت: رحم الله عمر، والله ما حدّث رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّ الله ليعذب المؤمن

ص: 211

ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله قال: إنّ الله ليزيد الكافر عذاباً ببكاء أهله عليه . وقالت: حسبكم القرآن: ولا تزر وازرة وزر أخرى. (البخاري رقم 1226) .

وقالت أيضاً: إنما مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكي أهلها فقال: إنهم ليبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها. (البخاري رقم 1227) .

أقول: أما استدلالها بالآية الكريمة فصحيح كما أشرنا اليه من قبل، وأما حديثها الأول فيرد عليه أنه لاوجه لزيادة عذاب الكافر ببكاء أهله عليه، فإنه مخالف للعقل، وإنما هو يعذب بكفره وعصيانه فقط، ومخالف للآية الكريمة المذكورة أيضاً . . والحق أنه ليس كل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكن قبوله والإعتماد عليه، وذلك لوجود الاختلاف والتناقض بين الصحابة في نقل الرواية الواحدة، وهذا الإختلاف بيّن لمن تأمّل في روايات البخاري، وما نقلناه عنه خير شاهد لذلك، فكيف يدّعي البعض أن من قال بصدور جميع أحاديث البخاري عن رسول الله لم يكن على خطأ ؟!!!

- كتب (موسى العلي) صاحب موقع هجر بتاريخ 11-4-2000، موضوعاً بعنوان: (ظاهرة البكاء والحزن على الإمام الحسين علیه السلام، وتجدد الذكرى السنوية لاستشهاده ؟!)، قال فيه:

الأخوة الكرام .. بعد التحية والإحترام.. ربما يتساءل الكثير من الإخوة غير الشيعة عن ظاهرة يتمسك بها الشيعة الإمامية عن عقيدة ومحبة، وهي ظاهرة الحزن والبكاء على الإمام السبط الحسين بن علي علیه السلام ، وتجدد الذكرى سنوياً. . وبهذه المناسبة أنقل للإخوة مقتطفات من كلام فضيلة العلامة الشيخ محمد

ص: 212

مهدي شمس الدين حول هذه الظاهرة والتي ربما تسلط الضوء أكثر ... (ونقل السيد موسى العلي موضوعاً طويلاً، ومما جاء فيه):

وردت عن أئمة أهل البيت منذ الإمام زين العابدين علي بن الحسين وإلى الامام المهدي المنتظر، نصوص كثيرة جداً تحث على البكاء لمصاب الإمام الحسين، فمن لم يتيسر له البكاء فعليه أن يتباكى، والتباكي هو التظاهر بالبكاء . وقد اشتمل كثير من هذه النصوص على بيان ما لمن بكى على الإمام الحسين من الثواب الجزيل عند الله تعالى، من الدرجات الرفيعة في الآخرة، وكذلك الحال فيمن أبكى على الحسين بشعر يقوله فيه، أو بغير ذلك .

ومن المعروف في الشريعة الإسلامية وأخلاقيات الاسلام أنها لا تشجع على إظهار الجزع للموت والتفجع والجزع على الميت، بل ترى أن ذلك مكروه، وبعض مظاهره محرم، ولكن ذلك لا يسري على ما يحصل من البكاء والجزع والتفجع على الإمام الحسين علیه السلام .. روى أبو حمزة الثمالي عن الامام الصادق أنه قال: إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن علي، فإنه فيه مأجور ..

ويبدو أن السر في مشروعية هذا البكاء وهذا الجزع مع كراهة ما عداه وتحريم بعض أفراده، هو أن البكاء والجزع ليس أمراً شخصياً يتعلق بعاطفة بشرية تتفجر بالأسف على ما فات، وإنما هو حزن على قضية دينية عامة تتمثل بالإمام الحسين وثورته، فالحزن ليس موقفاً عاطفياً وإنما هو موقف مبدئي يعبر المؤمن عن التحامه به واعتناقه له بهذا التعبير العاطفي.. حين نقرأ أو نسمع القصة الجيدة، أو القصيدة الجيدة، أو المسرحية الجيدة ألا تنفعل قلوبنا بما نقرأ أو نسمع ؟

ص: 213

من كل هذا يتبين لنا تفاهة كل النقد الذي يقال عن مظاهر الحزن في المأتم الحسيني، وسطحية النظرة التي تعالج بها هذه المسألة، إننا في المأتم الحسيني نسمع تصويراً تاريخياً لفاجعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، قتل فيها أشخاص مقدسون، وارتفعوا إلى أعلى المراتب الإنسانية بذلاً وتضحيةً وفداءً، في عملية عطاء محض.. وقتل فيها أطفال ونساء عطاشى غرباء متوحدين، وحملت رؤوسهم، وسبيت نساؤهم !! كل هذا ليس من أجل أشخاصهم، وإنما من أجل أمتهم وعقيدتهم، أمتهم التي نحن منها، وعقيدتهم التي نعتنقها، فمن حقنا كبشر أسوياء أن نحزن، وأن نعجب، وأن نشكو، وقد يتعاظم بنا الحزن فنبكي دموع الحزن والإعجاب وعرفان الجميل .

يبقى علينا الكشف عن المدلول التاريخي لهذه الظاهرة، وهو يتجلى لنا بوضوح إذا لاحظنا أن أئمة أهل البيت كانوا هم قادة الدعوة الإسلامية، والقيادة المعارضة للإنحراف في فهم الإسلام وتطبيقه، وكانوا بالمرصاد دائماً لكل انحراف وتجاوز يصدر عن السلطة الحاكمة وما أكثر إنحرافها وتجاوزاتها ! ومن هنا فقد كان موقفعهم يضعهم دائماً في موضع المعارض الصامد، وكان رد فعل السلطة هو العنف والملاحقة والإضطهاد على أئمة أهل البيت وعلى أتباعهم . وقد بلغ الإضطهاد من السعة والشمول في بعض الأحيان أنه كان يتعدى أشخاص الأئمة وأسرهم، ليشمل جميع العلويي ن، وذلك كالذي فعله المتوكل، فيما يحدثنا به أبو الفرج الأصبهاني في مقاتل الطالبين: (فقد كان المتوكل لا يبلغه أن أحداً برَّ أحداً من آل أبي طالب بشئ وإن قل إلا أنهكه عقوبة وأثقله غرماً ! حتى بات القميص يكون بين جماعة من العلويات يصلين فيه واحدة بعد واحدة، ثم يرفعنه ويجلسن على مغازلهن عواري حواسر) !! إذن فنحن أمام

ص: 214

عقيدة مضطهدة، تلاحق في أشخاص قادتها وأتباعها بشكل وحشي، يضطرهم إلى إخفاء عقيدتهم حفاظاً على حياتهم .

ومن الأمور الواضحة إجتماعياً ونفسياً أن القناعة الفكرية وحدها بالعقيدة لا تقدم ضمانة كافية للثبات والصمود أمام الأخطار العظيمة والإضطهاد العنيف، الذي يستمر قروناً بعد قرون، إن العنف المدروس المستمر والإضطهاد الذي لايتورع عن شئ، سرعان ما يحطم التماسك عند الجماهير حول العقيدة التي لا يتاح لهذه لجماهير أن تتصل بقادتها بحرية وأمان، ولا يتاح لها دائماً أن تظل على اتصال تام بأفكار العقيدة وموقفها، ولا يتاح لها أن تمارس حياتها علناً وفقاً لعقيدتها .

وإذا أدخلنا في حسابنا أن المسلم الشيعي العادي كان لايبدو أمامه أمل بانفراج قريب، وعلينا أن ندخل في حسابنا أن اضطهاد الشيعة في التاريخ لم يتوقف بصورة كاملة إلا في العقود الأخيرة من السنين . . .

ونلاحظ أن ثورة كربلاء المجيدة تمثل ذروة موقف المعارضة الذي قاده أهل البيت ضد الإنحراف في فهم الإسلام وتطبيقه، فهي نتيجة سلسلة من المواقف السابقة، وفاتحة سلسلة من المواقف المقبلة، وهي بشخصيتها المتميزة تشكف بوضوح مطلق عن طبيعة الصراع بين أهل البيت وبين خصومهم، وعن أهداف هذا الصراع، وهي غنية إلى درجة مطلقة بعناصر النبل الإنساني والإثارة العاطيفة ..

فمن أجل أن يبقى الشيعة على صلة حية بالأفكار والمبادئ الأساسية للصراع بين أهل البيت وبين خصومهم.. ومن أجل أن يكون لديهم باستمرار مثل أعلى خارق السمو للتضحية والفداء في سبيل الحق والعدل.. ومن أجل أن يضاف إلى

ص: 215

القناعة الفكرية بالعقيدة رباط عاطفي يضفي على القناعة الفكرية حرارة وقوة ومضاء في مواجهة الإضطهاد والصبر على الشدائد، ويحافظ على التماسك أمام ضربات العنف، ويحيط الموقف العقلي بوهج عاطفي يرتفع بالعقيدة من مرتبة الحالة العقلية إلى مرتبة الحالة الشعورية..

من أجل كل ذلك دعا أهل البيت إلى نظم الشعر في الحسين وثورته، ودعوا إلى إحياء ذكراه .

وبعد، هذا حديث عن ثورة الحسين في الوجدان الشعبي، وستبقى هذه الذكرى مثلاً يهز بروعته الطراقة ودعوته السامية، وفدائيته العالية الضمائر والقلوب، وستبقى تدوي في ضمير التاريخ كلمات السيدة زينب ليزيد بن معاوية، وهي سبية وهو خليفة، حين قالت له: (كِدْ كيدك واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا يدحض عنك عارها وهل رأيك الا فَنَد، وأيامك إلا عَدَد، وجمعك إلا بَدَد !) .

- فكتبت المدعوة (زينبية) بتاريخ 11-4-2000:

أحسنت أخي موسى العلي في نقل هذا الموضوع المهم ! إنه موضوع مهم ويتساءل عنه الكثير من الإخوة، وعلينا توضيح هذه النقطة، وكنت أعد لكتابة مثل هذا الموضوع لأهميته . وقد أزيد على ما كتبت نقلاً عن محاضرات الشيخ فاضل المالكي حفظه الله..

ولكني الآن سأنقل بعض كلمات الإمام الخميني (قده) التي يؤكد فيها أهمية البكاء وإقامة العزاء، وهي مترجمة إلى العربية ..

الإمام الخميني – 1979: فلا يتصور أبناؤنا وشباننا أن القضية قضية بكاء شعب لا غير ! وأننا شعب بكَّاء ! على ما يريد الآخرون أن يوحوا لكم به . إنهم

ص: 216

يخافون من هذا البكاء بالذات، لأنه بكاء على المظلوم، وصرخة بوجه الظالم . وهذه المواكب التي تجوب الشوارع للعزاء إنما تواجه الظلم وتتحدى الظالمين، وهو ما ينبغي المحافظة عليه .. إنها شعائرنا الدينية التي ينبغي أن تصان، وهي شعائر سياسية يلزم التمسك بها . . .

سأورد أدلة أخذتها من محاضرات الشيخ المالكي في هذا الشهر، ولقد ذكرها في خطبته لليلة الأولى من محرم، وسأتصرف بالنقل وأختصر:

أولاً: معروف لدى الجميع أن سيدنا يعقوب علیه السلام بكى على سيدنا يوسف علیه السلام حتى ابيضت عيناه من الحزن !

ثانياً: يروي الماوردي أبو الحسن الشافعي صاحب أعلام النبوة، وغيره كالمستدرك: أن الرسول صلى الله عليه وسلم خرج ذات يوم على أصحابه حزيناً كئيباً باكياً فسألوه، قال: أخبرني قبل قليل جبرئيل بقصة مقتل ولدي الحسين بكربلاء فبكيت لذلك !! وهذا حدث قبل مقتل الإمام الحسين علیه السلام بخمسين سنة أو أكثر.. ألا يستحق أن يبكى عليه بعد ذلك بخمسين سنة وأكثر ؟! (وهذا الحديث ذكره ابن حجر، ومسلم في الصحيح، وأحمد في المسند) .

ثالثاً: فعل الأئمة، وهو مصدر من المصادر الحجة لأن الرسول قال: إني تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي.. وتوجد عشرات الأحاديث التي ذكرها الأئمة عن استحباب البكاء وفضله، لا مجال لذكرها .

- وكتب العاملي بتاريخ 12-4-2000:

سواء استطعنا أن نُنَظِّر لمسألة البكاء على الإمام الحسين علیه السلام ونفلسفها، أم لا . . فإن من الثابت في مصادر المسلمين جميعاً أن النبي صلی الله علیه و آله أخبر بشهادة سبطه

ص: 217

في كربلاء على يد فجَّار أمته، وبكى لما يجري عليه .. وهذا سند شرعيٌّ كافٍ لحزننا وبكائنا على سبط الرسول في ذكرى شهادته الفجيعة .

وفي اعتقادي أن حالة البكاء والحزن المقدس خوفاً من الله تعالى، وحباً له، وعاطفةً على أنبيائه وأوليائه.. ضرورةٌ لتوازن الشخصية الإنسانية، وأن الذي لا يبكي صاحب شخصية غير سوية !!

ذلك أن من علامات وجود الانسان وفاعلية عقله وغرائزه .. أن تكون شخصيته عامرة بالحب والبغض وما ينتج عنهما، وإلا كانت خاملة جامدة !

وكلما كانت شخصية الإنسان أغنى بمخزونها من الحب والبغض والحزن.. كلما كانت أكثر فاعليةً وتفاعلاً مع الحياة، وأكثر عطاءً فيها .

ومع احترامي لكل المسلمين، فإن المسلمين الشيعة (ولا أقول كلهم) يمتازون بمخزونهم العاطفي هذا، وهو مخزونٌ مهم في تحريك الانسان، بل في تحريك الأمم ..

كما ينبغي الإلتفات الى أن مخزون الحزن المقدس، يقابله حالاتٍ من الرقة الإنسانية والإبداع الفني .. ولذا نلاحظ أن أغلبية الشعراء العرب من الشيعة، حتى قال ابن الرومي: (وهل رأيت شاعراً غير شيعي ؟!) .

- وكتب المدعو (الخزاعي)، بتاريخ 14-4-2000، الرابعة عصراً:

شكراً أيتها الأخت الزينبية . . ومشروعية البكاء على الحسين علیه السلام لا ينكرها إلا مكابر، وهي مسألة روحية وإنسانية قبل كل شئ . وأنقل هذا الدليل وفيه من الدلالة ما يكفي: (دخلت أم الفضل بنت الحارث على رسول الله صلی الله علیه و آله فقالت: يا رسول الله إني رأيت حلماً منكراً الليلة، قال: وما هو؟ قالت: إنه شديد . قال: وما هو ؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري ! فقال

ص: 218

رسول الله صلی الله علیه و آله : رأيت خيراً، تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فيكون في حجرك ! فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله فدخلت يوماً إلى رسول الله صلی الله علیه و آله فوضعته في حجره، ثم حانت مني التفاتة فإذا عينا رسول الله صلی الله علیه و آله تهريقان من الدموع ! قالت فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي ما لك ؟! قال: أتاني جبرئيل فأخبرني أن أمتي ستقتل إبني هذا! فقلت هذا ؟ قال: نعم وأتاني بتربة من تربته حمراء !!

وما يهمني من الهدية إليك هو: 1 - قطعة من رسول الله صلی الله علیه و آله .

2 - أمتي ستقتل إبني هذا . . لاحظ (إبني) . 3 - أن رسول الله بكى الحسين . (لاتنس أن الحديث صحيح قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. مستدرك الصحيحين 3 / 176. تاريخ ابن عساكر ح 631. مجمع الزوائد 9 / 179. مقتل الخوارزمي 1/159 . تاريخ ابن كثير 6/230 أمالي الشجري ص 188. الفصول المهمة ص 145 الروض النضير 1/ 89 . الصواعق 115 وفي طبعة 190. كنز العمال ط. القديمة 6 / 223 . الخصائص الكبرى 2 / 125) .

بكاه رسول الله صلی الله علیه و آله وبكاه الأئمة علیه السلام وعُدَّ السجاد علیه السلام من البكائين من شدة البكاء على أبيه الحسين علیه السلام وكان بكاؤه أجج الثورات ضد الحزب الأموي الذي قتل الحسين علیه السلام . ونحن نبكي الحسين الآن ونبكي رسول الله صلی الله علیه و آله في 28 صفر .. نحيي ذكرى عظمائنا ونحاول اقتفاء سيرتهم .

قلوبنا تحزن، وعيوننا تدمع، ولا نقول ما يغضب الرب .

- كتب (معتصم) بتاريخ 14-4-2000، التاسعة مساءً، موضوعاً هو رابط لموقع فيه صورة تطبير فقط .. فحذفه المراقب وكتب له: (لامكان لنقل

ص: 219

وصلات مواضيع المواقع الطائفية التي لاتحترم مشاعرأتباع المذاهب الإسلامية) .

- وأجابه العاملي بتاريخ 14-4-2000، العاشرة مساءً:

توجد مشاهد للحجاج أشد من هذه غرابة !

وأنت ترى غير المسلمين يسخرون منها نفس هذه السخرية ! طبعاً غير المؤدبين منهم، أما المؤدبون فيحترمون مراسم الحزن لكل الناس !!

- وكتبت (زينبية) بتاريخ 14-4-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

أخي الخزاعي .. شكراً على الإضافة مع ذكر المصادر .

أخي المعتصم .. إن كان عندك كلام محترم فقله، ولا داعي للوصلات. أنا قلت كلام، وموسى العلي قال كلام، والخزاعي أيضاً قال كلام...وجميع ما قلناه يحمل الحجج الكافية لتبرير البكاء . وأنا أدعو جميع من قالوا بأن البكاء تخلف ورجوع للماضي و.. أن يقولوا مارأيهم بعد قراءة كل هذا ؟ وإذا كان هناك داع سأنادي بالأسماء، وشكراً . قال الإمام الحسين علیه السلام :

فإن نَهزِم فهزامون قدماً *** وإن نُغلب فغير مُغَلبينا

وما إن طِبُنا جبنٌ ولكن *** منايانا ودولة آخرينا

فلو خلد الملوك إذاً خلدنا *** وإذا بقي الملوك إذاً بقينا

إذا ما الموت رفّع عن أناسٍ *** كلاكله أناخ بآخرينا

فأفنى بذلكم سرواتِ قومي *** كما أفنى القرون الأولينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا

ص: 220

- كتب (فرات) في الموسوعة الشيعية في 16-4-2000، السادسة والنصف مساءً، موضوعاً بعنوان (الشعائر الحسينية وإشكالية التحريم ؟) قال فيه:

لاشك أن إحياء ثورة كربلاء الخالدة بطرق وأساليب شتى مدرسة متنوعة الأبعاد ومتعددة الأهداف، ووسيلة من وسائل الدعوة الإسلامية، وتحتوي تلك الطرق والأساليب، أي المراسم والشعائر المتسخدمة في أحياء ثورة كربلاء الخالدة، في مضمونها على مسألتين مهمتين إلا وهي المسألة العاطفية والمسألة الفكرية لأن الفكر لا يتحرك إلا إذا كنت هناك عاطفة تحركه وتخرجه من جموده وسكونه، وكما أن العاطفة لئلا تكون مجرد هالة انفعالية نفسانية تهدأ عندما يعبر الإنسان عن نفسه بطريقة ما .

فلابد من التزاوج بين المسألتين العاطفية والفكرية، لكي يتطور ذلك الفكر إلى إعتقاد وتأصيل وتنمو تلك الفكرة .. ويعتبر الأسلوب العاطفي من الأساليب الناجحة المستخدمة في التربية الشعورية، حيث أن الجانب الشعوري لكل إنسان هو الذي يربطه بالمعاني الدينية ويدفعه بالتالي إلى حمايتها.. فقد يثير البعض الجدل ويشكك ويعترض حول طريقة تلك الأساليب، أي المراسم والشعائر المستخدمة لإحياء ثورة الإمام الحسين علیه السلام ويقول بأن هنالك من يسخر منا ممن لايعتقد بالإسلام وكذا ممن يعتقد بالإسلام، أي المسلمون والجواب على ذلك:

أولاً: إن الذين لايعتقدون بالإسلام سخروا ويسخرون بالكثير من الواجبات العبادية، فضلاً عن المستحبات.

ثانياً: للذين يعتقدون بالإسلام نقول لهم قال الله تعالى في محكم كتابه: لايسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم . الحجرات: 11.

ص: 221

هذا من جانب، ومن جانب آخر يطرح سؤال هل أن المراسم والشعائر التي تقام في عاشوراء الحسين علیه السلام من إظهار الجزع واللطم على الصدور محرمة ؟؟ للإجابة على هذا نقول:

إن المراسم والشعائر التي تقام في عاشوراء الحسين علیه السلام تنقسم إلى قسمين، الأول: المراسم الثابتة، وهي المراسم المنصوص عليها من قبل الشارع المقدس، مثل البكاء وإقامة المجالس . الثاني: المراسم المتغيرة، وهي الغير منصوص عليها .

أما الأول فلأنه منصوص عليه يرتفع الجدل فيه . والثاني، فإن العنوان الأولي يقتضي فيه الإباحة، بل يقتضي العنوان الثانوي له أن يكون مستحباً، لأن المراسم تدخل في تعظيم شعائر الله التي ندب الله الناس للقيام بها، حيث قال تعالى: ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . الحج: 32 .

- وكتب (الرباني) بتاريخ 17-4-2000، السابعة مساءً:

أخي الكريم .. إن شعائر الله موضوع الحديث هنا تكون في الحج، ولا يعقل أن نقيس عليها ما سلكناه نحن البشر بعد ذلك . شعائر الله هي التي حددها الله، فما دليلك أن هذه حددها الله ؟

- وكتب (فرات) بتاريخ 20-4-2000، الخامسة مساءً:

الأخ الكريم الرباني .. لابد من توضيح مقدمتين:

الأولى: قول بعض أصحاب اللغة في الشعيرة: قال الخليل صاحب كتاب العين: 1/251: شعائر الله: علاماته . وقال صاحب كتاب القاموس: 2/ 8: الشعيرة: معالمه التي ندب الله اليها .

الثانية: قول بعض أصحاب التفسير، فقد ذكروا للشعيرة ثلاثة أقوال:

ص: 222

كل شئ لله فيه أمر أشعر به وأعلم . أنها تتعلق بمناسك الحج . أنها إشعار بالبدنة، وهو طعن جانبها الأيمن حتى يسيل الدم .

فأصحاب اللغة والتفسير مثل الخليل لم يقيدها بالمناسك المتعارفة للحج أو البدنة، وقول الفيروزآبادي أوضح منه .

أما المفسرون فأكثرهم ذكروا هذه الآراء الثلاثة من دون أن يتبنوا قولاً منها، بل إن بعضهم اختار الأول مثل القرطبي في تفسيره حيث قال بعد قوله تعالى: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب: الشعائر جمع شعيرة وهو كل شئ لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم . وقال في موضع آخر: شعائر الله أعلام دينه، لاسيما ما يتعلق بالمناسك .

وقال ابن كثير في تفسيره بعد هذه الآية: (أي أوامره . فإنها من تقوى القلوب: ومن ذلك الهدايا والبدن).

هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل أن معرفة تقوى القلوب تختص بأفعال الحج من دون غيرها ؟؟ فإن قلت نعم تختص، فنحكم حينئذ على كثير من المسلمين الذين لايستطيعون الحج بأنهم لا تقوى لهم .

وإن قلت لا تختص، فأهلاً بناصرنا.

- وكتب (كمال) بتاريخ 22-4-2000، السادسة مساءً:

موضوع جيد، ويستحق الإهتمام، والإستمرار فيه .

- وكتب (الرباني) بتاريخ 23-4-2000، الثانية عشرة صباحاً:

أخي فرات .. 1- كلمه شعائر لم ترد في كتاب الله إلا في ما يختص بالحج، وسهل أن تتاكد من ذلك .

ص: 223

2 - ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . لم يقل الحق أن تقوى القلوب فقط تكون بتعظيم شعائر الله، حتى نخلص إلى ما ترى .

3 - المناسك تختلف عن الشعائر . لكل أمة جعلنا منسكاً هم ناسكوه. ولاحظ كلمة: هم التي تعود لهم هنا. أما الشعائر فقد نسبها إليه فقط في كتابه الكريم، وما دام نسبها إليه فإننا نطالبك بالدليل على ما قلت آنفاً بأنها شعائر منصوص عليها من قبل الشارع المقدس، ولا شك أننا نحتاج هنا إلى دليل قطعي لا ظني . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

- وكتب (بو شهاب) بتاريخ 24-4-2000، الحادية عشرة صباحاً:

إلى رباني .. هل مقصد كلامك شعائر الله توضيع أن شعائر هي الحج وصلاة الجمعة فقط ؟! يا أخي شعائر الله ليس فقط المذكورة بالقرآن الكريم، هناك أفعال فعلها الرسول صلی الله علیه و آله تعتبر من الشعائر .. الأفعال التي يقوم بها الحاج من تقبل الحجر الأسود والطواف والسعي ورمي الجمرات والمبيت في منى.. كل هذه الأفعال يجب يفعلهاكل مسلم، وإلا نقص شعيره من شعائر الحج .

معنى تلميحاتك أيضاً هي الشعائر الحسينية رمز لنا، لأن النبي بكى على الإمام الحسين، وكان يذكر كربلاء، وماذا يحدث بالحسين علیه السلام ! مادام النبي صلی الله علیه و آله بكى، فلماذا نحن لا نقتدي بالنبي ؟! وهناك أيضاً الأئمة كانوا يقيمون العزاء عند ذكرى عاشوراء، وكان يرثى الإمام الحسين بقصائد، واستمرت إلى يومنا هذا . .

- وكتب (رضا) بتاريخ 24-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

ذلك ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب .

ص: 224

شعائر: جمع شَعيرة بمعنى السمة والعلامة الخاصة، فشعائر الله تعني العلامات العبادية الخاصة بالله تعالى .

قال في الصحاح:2/698: الشعائر أعمال الحج، وكل ما جعل علماً لطاعة الله تعالى .

قال الشيخ الطوسي في تفسيره التبيان: 2/ 42: شعائر الله هي معالم الله التي جعلها مواطن لعبادته من موقف أو سعي أو منحر... وكل مَعلم لعبادة من دعاء أو صلاة أو أداء فريضة فهو مشعر لتلك العبادة، فشعائر الله: أعلام متعبداته .

قال علي بن إبراهيم القمي: 1/160: في تفسير قوله سبحانه وتعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تُحلّو شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهَدْى ولا القلائد ولا آميّن البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربّهم ورضواناً: الشعائر: الإحرام والطواف والصلاة في مقام إبراهيم علیه السلام ، والسعي بين الصفا والمروة . ثم عمّم فقال: ومناسك الحج كلها من شعائر الله .

فللشعائر معنى قرآني أخص، وهو البعير المشُعَر بعلامة خاصة لتقديمه قرباناً في حج القِرَان . وله استعمال ثانٍ أوسع من هذا في القرآن أيضاً وهو كل بهائم الأنعام الثلاثة من الإبل والبقر والغنم المقدم قرباناً في حج أو عمرة مفردة.. وله استعمال ثالث أوسع من هذا في القرآن كذلك، وهو كل شعائر الحج من المواقيت والإحرام ومحرماته والطواف بالبيت وصلاة الطواف والسعي بين الصفا والمروة والوقوف في المواقف الثلاث عرفات والمشعر الحرام المزدلفة ومنى، ورمي جمراتها الثلاث الأولى الصغرى والثانية الوسطى والعقبة الكبرى، والذبح والنحر وحلق الشعر والتقصير.. كل ذلك من شعائر الحج .

ص: 225

وإذا كان الأصل في المشعر ما جُعل علامة أو جعلت عليه علامة تخصصه لعبادة الله، فهنا معنى رابع عام شامل لكل ما هو علامة على تعظيم ما يتعلق بالله تعالى، من تعظيم محالّ عبادته، وتعظيم ما يتعلق ويرتبط بخاصة أوليائه من أنبيائه ورسله وأوصيائهم والعلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه وحملة شرائعه وأحكامه .. فكل ما يرتبط ويتعلق بهؤلاء وينتسب إليهم يدخل في المعنى العام الواسع، بل الأوسع لعنوان شعائر الله، وتعظيم ذلك يدخل في عموم قوله سبحانه: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، مشروطاً بإرادة وجه الله من ذلك، لا مطلقاً .

- وكتب (فرات) بتاريخ 26-4-2000، الخامسة مساءً:

الأخ الرباني . . أما قولك إن كلمة الشعائر لم تذكر في كتاب الله، فإننا نوافقك في ما ذكرت بأنها وردت في سورة الحج، ولكن نختلف معك في اختصاصها فيه - الحج - لما ذكرنا آنفاً، ولا بأس بالإعادة لعلها فيها إفادة، أولاً: فقد ورد عن أهل اللغة مثل صاحب كتاب العين قال: شعائر الله علاماته . وقال صاحب كتاب القاموس: الشعيرة معالمه التي ندب الله إليها . وقال صاحب مختار الصحاح: الشعائر أعمال الحج، وكل ما جعل علما لطاعة الله تعالى .

وقال صاحب النهاية في غريب الحديث: الشعائر المعالم التي ندب الله اليها وأمر القيام عليها . ونقل ابن منظور في لسانه عن الزجاج: قال الشعائر يعني بها جميع متعبدات الله .

ثانياً: وقد ذكرنا عن اصحاب التفسير سابقاً حول أقوالهم في هذه الآية، فالأحرى بك أن تراجع ما ذكرنا، فلا يدل هذا على أن الشعائر لا تختص في موضع آخر ؟

ص: 226

أما قولك: لم يقل الحق إن تقوى القلوب فقط... فهو مبني على تفسيرك للشعائر بأنها مختصة بالحج وهذا باطل لما تقدم .

وقولك: أما الشعائر فقد نسبتها إليه فقط . . . فلابد أن تعرف أننا نعني بالشارع المقدس هو كل ماورد في الكتاب والسنة الشريفة، فقد ورد عن النبي صلی الله علیه و آله بكاؤه عن الحسين علیه السلام ، وإذا أحببت أبين لك ذلك مفصلاً .

- قال العاملي: وانتهت المناقشة.. ولم يجب الرباني .

- كتب (سعود) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 16-4-2000، السادسة والنصف مساءً، موضوعاً بعنوان (حجة الرافضة في الضرب واللطم في ذكرى مقتل الحسين)، قال فيه:

حجة الرافضة في الضرب واللطم في ذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه والرد عليهم في ذلك:

يقول التيجاني: قلت على ذكر سيدنا الحسين (رضی الله عنه)، لماذا يبكي الشيعة ويلطمون ويضربون أنفسهم حتى تسيل الدماء وهذا محرم في الإسلام، فقد قال صلی الله علیه و آله : ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية؟

أجاب السيد قائلاً: الحديث صحيح لاشك فيه، ولكنه لاينطبق على مآتم أبي عبد الله، فالذي ينادي بثأر الحسين ويمشي على درب الحسين، دعوته ليست جاهلية .. ثم إن الشيعة بشر فيهم العالم وفيه الجاهل ولديهم عواطف، فإذا كانت عواطفهم تطغى عليهم في ذكرى استشهاد أبي عبد الله وما جرى عليه وعلى أهله وأصحابه من قتل وهتك وسبي، فهم مأجورون، لأن نواياهم كلها في سبيل الله، والله سبحانه وتعالى يعطي العباد على قدر نواياهم، وقد قرأت منذ

ص: 227

أسبوع التقارير الرّسمية للحكومة المصرية بمناسبة موت جمال عبد الناصر، تقول هذه التقارير الرسمية بأنه سجّل أكثر من ثماني حالات انتحارية قتل أصحابها أنفسهم عند سماع النبأ، فمنهم من رمى نفسه من أعلى العمارة، ومنهم من ألقى بنفسه تحت القطار وغير ذلك، وأما المجروحون والمصابون فكثيرون .

وهذه أمثلة أذكرها للعواطف التي تطغى على أصحابها، وإذا كان الناس وهم مسلمون بلا شك يقتلون أنفسهم من أجل موت جمل عبد الناصر وقد مات موتاً طبيعياً، فليس من حقنا بناءً على مثل هذا أن نحكم على أهل السنة بأنهم مخطئون . فأقول:

1 - أما ادعاؤه أن هذا الحديث لا ينطبق على الذي ينادي بثأر الحسين لأن دعوته ليست جاهلية.. فحجة سخيفة، فكل من يريد أن يلطم ويشق الجيوب حزناً على عزيز له فسيدّعي هذه الدعوى، ثم لماذا استثنى شيعته من ذلك، فهل في الحديث أي استثناء حتى يدعي الإستثناء لنفسه .

ثم ما فائدة النوح واللطم والضرب بالجنازير وإسالة الدماء من أجل رجل من أهل الجنة ؟! وقد توّفاه الله منذ عشرة قرون ! فهل يريدون أن يثأروا له؟! ولماذا لم يفعلوا مثل صنيعهم هذا مع أبيه عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه، فإنه قتل أيضاً وهو أيضاً أفضل من الحسين بالإتفاق !؟

2 - وأما قوله إنهم مأجورون لفعلهم هذا لأن نواياهم كلها في سبيل الله، فأسأله وما أدراك أن نواياهم كلها لله ؟ ولو فرضنا أن نواياهم لله كما تقول، فهل تكفي النية لقبول العمل وإن خالف هذا العمل أمر الرسول صلی الله علیه و آله ؟! لاشك أن أي عمل لا يوافق أمر الرسول صلی الله علیه و آله ، أنه باطل .

ص: 228

3 - ثم يحتج على فعل الشيعة بما قام به بعض الأغبياء من الإنتحار وقتل أنفسهم بالإضافة إلى المجروحين عند سماعهم نبأ وهلاك الطاغية جمال عبد الناصر !!؟ ثم يقول: إذا كان الناس وهم مسلمون بلاشك يقتلون أنفسهم من أجل موت جمال عبد الناصر وقد مات موتاً طبيعياً فليس من حقنا بناء على مثل هذا أن نحكم على أهل السنة بأنهم مخطئون، وليس لإخواننا من أهل السنة أن يحكموا على إخوانهم من الشيعة بأنهم مخطئون في بكائهم على سيد الشهداء ؟ !

سبحان الله ! أنظر إلى حجة أحد كبار علماء الشيعة الإمامية التي تضحك الثكلى من هشاشتها، فانظر إلى طرق استنباطه للحكم الشرعي ؟ أنا أعلم أن الإستنباط يكون من الكتاب والسنة، أما أن يكون استنباط حكم الحلال والحرام على فعل مامن تصرفات عامة الناس، فهذا عجب عجاب !!

وأريد أن أسأل أهل العقول هل من قام يقتل نفسه من أجل طاغوت فرعوني يعتبر حجة على أهل السنة ؟! وهل أهل السنة يجيزون مثل هذه الموبقات؟! فكيف يحمل فعل المجرمين على منهج أهل السنة ؟! فلو قام بعض من الناس بعمل أخرق، فهل يعتبر ذلك قدحاً في عقيدة ومنهج أهل السنة ؟! كتب أهل السنة تُحَرّم أن يقتل الإنسان نفسه من أجل وليّ، فكيف بطاغوت استباح دماء المسلمين وأعراضهم، ونحن نناقش العقيدة والمنهج أي الكتاب والسنة ولا نناقش فعل الأشخاص، وهذا إن دلّ فإنما يدل على أن عقيدة ومنهج الرافضة الإثني عشرية واضعه مجموعة من الأشخاص، فإذا حكموا على عمل حكموا على فعل الناس، وليس على الكتاب والسنة !

وحتى أدلل على ذلك، أنظر ماذا يقول عن الحجة التالية:

ص: 229

يقول التيجاني: قلت: ولماذا يزخرف الشيعة قبور أوليائهم بالذهب والفضة وهو محرم في الإسلام ؟

أجاب السيد الصدر: ليس ذلك منحصراً بالشيعة، ولا هو حرام، فها هي مساجد إخواننا من أهل السنة سواء في العراق أو في مصر أو في تركيا أو غيرها من البلاد الإسلامية، مزخرفة بالذهب والفضة، وكذلك مسجد رسول الله في المدينة المنورة، وبيت الله الحرام في مكة المكرمة، الذي يكسى في كل عام بحلة ذهبية جديدة يصرف فيها الملايين، فليس ذلك منحصراً بالشيعة . هل نظرت أخي القارئ من أين استقى الحكم ؟ من تصرفات عامة الناس !؟ فالناس إذا خالفوا أمر الله وفعلوا ما حرمه الله عليهم، فهذا في حد ذاته مسوغ لإباحة هذا المحرم ! لأنه ما رآه الناس حسناً فهو عند الله حسن ولو خالف آمره ؟!

سبحان الله أي أصل هذا ؟! وأي فقه يسمح بمثل هذه الخزعبلات ؟!! فرحمة الله وبركاته على الفقه وأهله ! ولم يدر الصدر أن زخرفة المساجد من علامات القيامة، فعن أنس أن النبي صلی الله علیه و آله قال: لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد . وقد جاء النص الصريح عن ذلك فعن ابن عباس قال: قال رسول صلی الله علیه و آله : ما أمرت بتشييد المساجد . قال ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى . فانظر أخي القارئ رعاك الله كيف تُغيّر أحكام الله بآراء الناس .

(المصدر: بل ضللت - كشف أباطيل التيجاني في كتابه ثم اهتديت)

- وكتب (فرات) بتاريخ 16-4-2000، السابعة مساءً:

ص: 230

الأخ سعود .. لاشك أن إحياء ثورة كربلاء الخالدة بطرق وأساليب شتى مدرسة متنوعة الأبعاد ومتعددة الأهداف، ووسيلة من وسائل الدعوة الإسلامية . . . إلى آخر مقال فرات الذي تقدم .

- فكتب العاملي بتاريخ 16-4-2000، السابعة والنصف مساءً:

أحسنت يا أخ فرات، وأرجو من الأخ سعود أن يجيبني على سؤال صغير:

هل الأصل في الأشياء في الشريعة الإسلامية المقدسة هو التحريم حتى يثبت جوازها وحليتها.. أم الأصل فيها الجواز والحلية حتى تثبت حرمتها ؟

لا أظن أنك تجيب بصراحة ! والسبب أنكم ليس عندكم مبنى علمي في أصول الفقه ! لذلك ترى نفسك محجوجاً سواء أجبت بالنفي أوبالاثبات !!

- وكتب (أبو الفضل) بتاريخ 16-4-2000، الحادية عشرة ليلاً:

إذا كنت لا تعرف ما تقرأ، فكيف تجيب ؟ والجواب أصلاً ليس جوابك، بل جواب واحد أضرب منك بالفهم ! فما تعرفون سوى القص واللصق، ليس لديك موضوع خاص بك، فقد قرأت هذه السخافة التي قصيتها من مكان آخر على الإنترنت ولصقتها هنا .. وكنت أود أن أرد على من كتبه، فقلت في نفسي على من أرد فالرد مضيعة للوقت مع الجهال أمثالكم، فأنتم كما قلت أضرب من بعضكم .

فإذا كان التيجاني يعطيك أمثال عن العاطفة عند البشر، والشهيد الصدر رحمة الله يبين لك أن التزيين ليس حرام، فترد عليه حضرتك من أحاديث موضوعة بصحاحكم لا نعترف بها أصلاً عن أنس !!

- وكتب العاملي بتاريخ 17-4-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

ص: 231

الظاهر أنه لا يوجد فيهم عالم يجيب على سؤال:

ماهو الأصل في الأشياء .. ؟ حتى ابن عثيمين وابن جبرين !

- وكتب (الأشتر) بتاريخ 17-4-2000، الخامسة صباحاً:

بعيداً عن الموضوع أخي العاملي ..

رأيي هو حلية وجواز الشئ حتى تثبت حرمته، هذا في رأي الشخصي .

هلاّ تعمقت في هذه المسألة رحم الله والديك ؟

- وكتب العاملي بتاريخ 17-4-2000، الثامنة صباحاً:

نعم أيها الأخ الأشتر .. من المجمع عليه بين فقهائنا قاعدة:كل شئ لك حلال حتى تعلم أنه حرام، وكل شئ لك طاهر حتى تعلم أنه نجس . ويوافقنا على ذلك عامة فقهاء المذاهب .وهو بحث البراءة العقلية والشرعية من مباحث علم الأصول .. ولكن القوم وقعوا في تناقض في الموضوع، ولا يستطيعون الجواب . . . الى آخر ما ذكره.. من بحث أصالة البراءة في الشريعة المقدسة .

- كتب (تصحيح عمل المراقب) في شبكة الموسوعة الشيعية، وهو نفسه الذي تسمى بالملاك الطائر وبأسماء أخرى، كتب بتاريخ 15-4-2000، العاشرة والنصف ليلاً، موضوعاً بعنوان (سؤال محير إلى الشيعة ... عن يوم عاشوراء وما يحمله من مفارقات ؟)، قال فيه:

الإخوة الشيعة الصادقون فقط .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...

وبعد، أنا لن أتحدث عن مظاهر التشيع المعاصرة من مظاهر يفعلها إخواننا الشيعة هداهم الله ! من ضرب للقامات ولطم للصدور والخدود ... إلخ .

ص: 232

لن أتناول هذه الظواهر،كلا ولكني سأتناول أمر آخر حصل في نفس هذا اليوم لشخصيتين مقدستين، هما نبي الله موسى علیه السلام والحسين رضي الله عنه .. نجد هنا مفارق عجيبة جداً، وتكمن المفارقة العجيبة في كون الشيعة يعظمون الحسين ويضعونه فوق النبي موسى علیه السلام ! هذا لا يهم كثيراً ! في مثل هذا اليوم وقبل آلاف السنين كان هناك نبي الله موسى وقومه بنو إسرائيل..كانوا مستضعفين ومخذولين يقتل أبنائهم ويبقى بناتهم... ذل واستصغار من الطاغية فرعون اللعين ! موسى يتوسل إلى الله أن ينصره وينصر دينه ويعجل فرجه ويسهل مخرجه... فيأمره الله بالخروج من مصر هو وقومه، فيطيعوا أمره ويخرجوا فيعلم فرعون فيحاول الإمساك بهم وإدراكهم، حتى إذا أوشك واعترض طريق موسى وقومه البحر، ويظن قوم موسى أنهم مدركون تتدخل المشيئة الإلهية والوعد الحق، إنا لننصر رسلنا . وكان حقاًّ علينا نصر المؤمنين . فتحدث المعجزة فيشق البحر وينجو موسى ومن معه ويغرق فرعون عدوه في البحر، ويصير آية لكل طاغية !

في هذا اليوم نصر الله وسى وأنقذه.. وفي نفس هذا اليوم وما قبله خرج الحسين لنصرة الشيعة في العراق والكوفة فيرسل ابن عمه مسلم بن عقيل فيغدر به شيعة الحسين ويخذلوه ! ويسير ركب الحسين إلى كربلاء، ويتحول شيعة الأمس إلى أعداء اليوم، وبعد مأساة حقيقية يخذل الحسين ويترك يموت في العراء، وقد مثل به وقطعت رأسه وحملت إلى الطغاة ليلعبوا بأسنانه كما يشاؤون، ولتساق بناته كالسبايا كما يقول الشيعة، ويرحلون إلى الطاغية يزيد عامله الله بعداه !

ص: 233

لماذا انقذ الله موسى وقومه بنو سرائيل من فرعون ؟ ولم ينقذ الحسين وشيعته من يزيد ؟ لماذا تحدث معجزة لليهود ويقطع رأس الحسين ؟ لأي شئ خرج الحسين ؟ هل خرج من أجل شيعته ؟ من هم شيعته ؟ هم هؤلاء . . . وتقول فاطمة الصغرى رضي الله عنها: وأما بعد يا أهل الكوفة - مركز الشيعة وعاصمة علي - يا أهل المكر والغدر والخيلاء، إنا أهل بيت ابتلانا الله بكم وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسناً. (الإحتجاج: 2 / 27) .

ويقول علي زين العابدين رضي الله عنه وعن آبائه الطاهرين النجباء: هيهات أيها الغدرة المكرة، حيل بينكم وبين شهواتكم . أتريدون أن تأتوا إلي كما أتيتم إلى آبائي من قبل؟ (الإحتجاج: 2 / 32) .

ويقول الإمام الأكبر الحسن رضوان الله عليه: أرى والله معاوية خيراً لي من هؤلاء الذين يزعمون أنهم لي شيعة ! ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي وأخذوا مالي! والله لئن أخذ مني معاوية عهداً أحقن به دمي وأومن به في أهلي... ولو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي يدفعوني إليه سلماً. (الإحتجاج: 2 / 10) .

يقول الإمام جعفر رضي الله عنه: ما أنزل الله سبحانه آية في المنافقين إلا هي فيمن ينتحل التشيع. (رجال الكشي – 254) .

يقول الإمام الباقر رضي الله عنه: لو ميزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين، ولو محصتهم لما خلص من الألف واحد. الكافي 8 / 228 . (تنبيه الخواطر ونزهة النواظر 2 / 152).

ويقول الحسين نفسه مستغرباً من شيعته الخذلان: ألم تكتبوا إلي أن قد أينعت الثمار وإنما تقدم على جند مجندة ؟! تباًّ لكم أيها الجماعة وتعساً حين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجفين، فشحذتم علينا سيفاً كان بأيدينا

ص: 234

وحششتم ناراً أضرمناها على عدوكم وعدونا فأصبحتم إلباً على أوليائكم ويداً على أعدائكم . استسرعتم إلى بيعتنا كطيرة الذباب، يقصد الشيعة، وتهافتهم إلينا كتهافت الفراش، ثم نقضتموها سفهاً بعداً وسحقاً لطواغيت هذه الأمة . (الإحتجاج – 154) .

ويقول الحر بن يزيد الرياحي: أدعوتم هذا العبد الصالح حتى إذا جاءكم أسلمتموه، ثم عدوتم عليه لتقتلوه فصار كالأسير في أيديكم ! لاسقاكم الله يوم الظمأ . (الإرشاد للمفيد – 234) .

ويقول الحسين نفسه لما ذهله الخذلان: اللهم إن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض الولاة عنهم أبداً، فإنهم دعونا لينصرونا ثم عدوا علينا فقتلونا. (الإرشاد – 241) .

ومما سبق نستنتج أن الحسين ضحى بنفسه وماله وحياة أولاد النبي وبناته من أجل هؤلاء الشرذمة من الشيعة ؟ ومن هنا نطلق صرحة مدوية إلى كربلاء ونقول: هل يستحق هؤلاء مادفعه الحسين من أجلهم ؟ هل كان الحسين يعرف أنهم سيخذلونه ؟ إذا لماذا خرج إليهم ؟ وإذا كان لا يعلم فأين العصمة وإخبار الغيب كا يزعم زمرة التشيع ؟ ألا يعتبر ذلك بكل مقاييس العقول انتحار جماعي لأناس لا يستحقون الكرامة والتضحية ؟

ولو فرضنا أن الحسين خرج عن حسن نية وطلب للجهاد مع هؤلاء الشرذمة النشاز ولكنه اكتشف الخذلان ولم يكن يعلمه . . . لماذا لم ينصره الله ؟ لماذا لم تحدث له معجزة ؟ لا تقل لي قتل يحي وزكريا ووو!! الحسين عندك أفضل منهم جميعاً ومن هؤلاء الأنبياء موسى، فلماذا لم يكن أفضل منه واجدر بالمعجزة من قومه ؟

ص: 235

قد تقول إن قوم موسى اليهود أفضل من الشيعة !! أقول: كلا فاليهود لما انجاهم الله عبدوا العجل قبل أن تجف ثيابهم ! فأيهم أولى بالمعجزة والنصر.. اللهم انصر من نصره واخذل من خذله !!!

هناك علامات استفهام كثيرة !! في نفس هذا اليوم أنجى الله موسى وقومه . . . وفي نفس هذا اليوم قتل الحسين وأهل بيته وقطع رأسه الشريف ولعب بأسنانه بالقصب !! في مثل هذا اليوم . . مفارقة عجيبة !!

- وكتب (عمر) بتاريخ 15-4-2000، العاشرة والنصف ليلاً:

للرفع .. يستحق القراءة .

- فكتب العاملي بتاريخ 15-4-2000، الحادية عشرة والثلث ليلاً:

نصر الله تعالى للإمام الحسين علیه السلام يتم بنصره للإسلام في العالم.. وقوله تعالى: وكان حقاًّ علينا نصر المؤمنين . . حقٌّ، لكن الله سبحانه لم يعين وقته . وهو مثل قوله تعالى: هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله . . ولم يعين وقته عز وجل . وقد صح عندنا وعندكم أن نصر الإسلام على الدين كله سيتم على يد المهدي الموعود من أهل البيت علیهم السلام .. فهل أنت مسلم، أم تشك في آيات الله تعالى ؟!

- وكتب (تصحيح عمل المراقب) في 15-4-2000، الثانية عشرة ليلاً:

أخي العاملي . . . أتعجب منك وأنت دارس المنطق ؟ إذاً يكون نصر النبي محمد صلی الله علیه و آله يؤجل إلى وقت المهدي ! ويكون نصر النبي موسى علیه السلام إلى وقت المهدي ! ويكون نصر نوح إلى وقت المهدي، ويكون نصر إبراهيم إلى وقت المهدي، ويكون نصر الحكومة الإيرانية إلى وقت المهدي ! ويكون نصر كل

ص: 236

مؤمن إلى وقت المهدي ! سبحان الله ما هذا المنطق ! هل النبي موسى أعز على الله من الحسين كي يعجل نصره ويؤخر نصر الحسين ؟! الله ينتقم من أعداء موسى على الفور.. والحسين لا ينتقم من أعداءه ؟! ولذلك ابتكر الشيعة عقيدة الرجعة ليسدوا الخلل !

ياعاملي، إتق الله، لماذا لم ينصر الحسين وهو أفضل من الأنبياء باستثناء الخاتم ! هل موسى أكرم على الله منه كي يحدث له معجزة ؟ هل ما قام به الحسين من تضحية تستحقه الشيعة ؟ أي إسلام نصره ثورة الحسين ؟! إسلام بنو أمية ! بنو العباس ! بنو عثمان ! بنو سعود ! بنو الصباح ! بنو حسني مبارك ! أم شيعة السواطير والسكاكين والعصي ! حق لكل من يموت قائده أن يزعم مثلكم ... البهائية تقول مثل قولكم، وكذلك البابية والنصارى يزعمون مثلما تزعمون ... ليست بالأماني يا صاحبي ! وهل يعطل نصر الله من أجل المهدي المختفي ! مالكم كيف تعقلون ! أرجوك أعد قراءة المقال .

- فأجابه العاملي في 15-4-2000، الثانية عشرة إلا خمس دقائق ليلاً:

لا داعي للكلام الكثير .. لقد أخبر تعالى أن هدفه من الإسلام أن يظهره على الدين كله، فأخبرني هل تحقق الهدف، أم لا ؟!

- وكتب (تصحيح عمل المراقب) في16-4-2000، الثانية عشرة صباحاً:

هل تقصد كل شئ ! أن يظهر على كل شئ ! هل هناك أشرف وأبرك وأطهر من زمن النبي ليظهره على الدين كله ! وماذا تفهم من (على الدين كله) ؟ هل تفهم أن تتحول الكرة الأرضية إلى مؤمنين ؟ حتى زمن المهدي لا يتم ذلك ! وإلا فكيف يقتل المهدي كما تزعمون !؟ وكما تبين رواياتكم إن قاتله امرأة لها لحية طويلة (!) عجبي !! وعليه فحتى في زمن المهدي يوجد منافقين ! وعليه

ص: 237

فليس هناك نسب صفر % ولا 100% بل الأمر كما قال تعالى: تدمر كل شئ بإذن ربها . فلماذا لم تدمر مساكنهم ؟

فالمسألة ليست كما تتوهم، والحق أبلج . . . فاتق الله .

- فكتب العاملي في 16-4-2000، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

ليظهره على الدين كله . . يعني يكون الإسلام هو الدين الحاكم المسيطر على الأرض.. حتى لو بقي فيها فساق ومنافقون، ولكنهم يكونون محكومين للإسلام . . فهل تحقق هذا ؟! وهذا واضح إن كنت عربياً، أما إن كنت عجمياً طالبانياً، فتحتاج الأمر إلى شرح أكثر !

- وكتب (تصحيح عمل المراقب) في 16-4-2000، الثانية عشرة والربع ظهراً:

ومارأيك بالدولة العباسية، وما فعله هارون ! سبحان الله .. يجرون وراء السراب... يحتقرون زمن النبي أن يكون فيه العز للإسلام، ويجرون وراء طفل السرداب ! والله إنها لإحدى الكبر نذيراً للبشر، لمن شاء منك أن يتقدم أو يتأخر .. ياعاملي ياشيعي .. الحقيقة إبحث عنها داخل قلبك، ولاتحاول خلط الأوراق وإذابة الموضوع .

- قال العاملي: مواضيع هذا الشيخ الوهابي دائماً من هذا النوع.. وهو المعروف بالملاك الطائر، وديكارت، وابن تيمية والمتمرد، وله أسماء كثيرة يكتب بها.. لكن أسلوبه معروف.. واسمه عايض وهو معيد في جامعة... وله قصة في التحايل معروفة، حيث انتحل شخصية صديق الدكتور مالك الحزين المعارض للوهابيين، واتصل به باسم صديقه، وأخذ منه كلاماً ليؤذيه به !!

ص: 238

لبس السواد في عاشوراء ومناسبات الحزن

- قال العاملي: يتساءل البعض:

هل أن لبس السواد حزناً على الإمام الحسين علیه السلام مستحب شرعاً في عاشوراء، وبقية مناسبات عزاء المعصومين علیهم السلام ؟ وهل يتنافى ذلك مع الفتوى المعروفة في فقهنا بكراهة لبس السواد في الصلاة ؟

الجواب: أنه على فرض ثبوت كراهة لبس السواد في بعض الحالات فإن لبس السواد في عزاء سيد الشهداء سلام الله عليه مستثنى من الكراهة، لأنه من مصاديق الحزن المستحب . وقدكان هذا المظهر وما زال من مظاهر الحزن على أهل البيت النبوي من صدر الإسلام إلى يومنا هذا .

فالأخبار الواردة عن الأئمة من أهل البيت علیهم السلام ، في النهي عن لبس السواد لو تمت فهي غير ناظرة إلى لبس السواد حزناً على الحسين علیه السلام .. بل ناظرة إلى التشبه بجبابرة بني العباس، الذين اتخذوا السواد لباساً رسمياً لهم، وأجبروا المسلمين عليه !! فمن الثابت تاريخياً أن العباسيين جعلوا شعارهم في حركتهم الرايات السود، لكي يطبقوا عليهم أحاديث النبي صلی الله علیه و آله في المهدي علیه السلام والرايات السود التي تمهد له من المشرق ! ثم ألبسوا أنصارهم الثياب السود، وعللوه بأنه حزن على شهداء كربلاء وغيرهم من شهداء أهل البيت علیهم السلام ولذلك عرفوا باسم (المُسَوِّدة) . وبعد سيطرتهم ألزموا أعضاء دولتهم بلبس السواد، ثم ألزموا بذلك عامة الناس وبلبس قلانس سوداء طويلة !! .. الخ.

ففي مناقب آل أبى طالب: 3/ 86: عن تاريخ الطبري: أن إبراهيم الإمام أنفذ إلى أبى مسلم لواء النصرة وظل السحاب، وكان أبيض طوله أربعة عشر

ص: 239

ذراعاً، مكتوب عليها بالحبر: أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير . فأمر أبو مسلم غلامه أرقم أن يتحول بكل لون من الثياب، فلما لبس السواد قال: معه هيبة، فاختاره خلافاً لبني أمية وهيبة للناظر. وكانوا يقولون: هذا السواد حداد آل محمد وشهداء كربلا، وزيد ويحيى .

وفي مقاتل الطالبيين ص 212: أخبرنا يحيى بن على قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا على بن الجعد قال: رأيت أهل الكوفة أيام أخذوا بلبس السواد، حتى أن البقالين إن كان أحدهم ليصبغ الثوب بالأنقاس ثم يلبسه . انتهى. والأنقاس: الحبر الأسود .

وفي صفحة 393: عن عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن إسماعيل بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب: امتنع من لبس السواد وخرقه لما طولب بلبسه، فحبس بسر من رأى حتى مات في حبسه، رضوان الله عليه .

وفي صفحة 407: عن القاسم بن عبد الله بن الحسين بن على بن الحسين بن علي بن أبي طالب علیه السلام : كان عمر بن الفرج الرخجي حمله إلى سر من رأى، فأمر بلبس السواد فامتنع، فلم يزالوا به حتى لبس شيئاً يشبه السواد فرضي منه بذلك، وكان القاسم رجلاً فاضلاً .

وفي البداية والنهاية:10/ 127: وقد اجتمع الأوزاعي بالمنصور حين دخل الشام ووعظه وأحبه المنصور وعظمه، ولما أراد الإنصراف من بين يديه استأذنه أن لا يلبس السواد فأذن له، فلما خرج قال المنصور للربيع الحاجب: إلحقه فاسأله لم كره لبس السواد، ولاتعلمه أني قلت لك . فسأله الربيع فقال: لأني لم أر محرماً أحرم فيه، ولا ميتاً كفن فيه، ولا عروساً جليت فيه، فلهذا أكرهه .

ص: 240

وقال في صفحة 269: وفيها بايع المأمون لعلي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب، أن يكون ولي العهد من بعده، وسماه الرضا من آل محمد، وطرح لبس السواد وأمر بلبس الخضرة، فلبسها هو وجنده، وكتب بذلك الى الآفاق والأقاليم، وكانت مبايعته له يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة إحدى ومائتين، وذلك أن المأمون رأى أن علياً الرضا خير أهل البيت، وليس في بني العباس مثله في علمه ودينه، فجعله ولي عهده من بعده ... فلما كان يوم السبت آخر سنة 204، دخل المأمون بغداد حين ارتفع النهار لأربع عشرة ليلة خلت من صفر، في أبهة عظيمة وجيش عظيم، وعليه وعلى جميع أصحابه وفتيانه الخضرة، فلبس أهل بغداد وجميع بني هاشم الخضرة، ونزل المأمون بالرصافة، ثم تحول إلى قصر على دجلة، وجعل الأمراء ووجوه الدولة يترددون إلى منزله على العادة، وقد تحول لباس البغاددة إلى الخضرة، وجعلوا يحرقون كل مايجدونه من السواد، فمكثوا كذلك ثمانية أيام .

ثم استعرض حوائح طاهر بن الحسين فكان أول حاجة سألها أن يرجع إلى لباس السواد، فإنه لباس آئابه من دولة ورثة الأنبياء . فلما كان السبت الآخر وهو الثامن والعشرين من صفر جلس المأمون للناس وعليه الخضرة، ثم إنه أمر بخلعة سوداء فألبسها طاهراً، ثم ألبس بعده جماعة من الأمراء السواد، فلبس الناس السواد وعادوا إلى ذلك، فعلم منهم بذلك الطاعة والموافقة ! وقيل إنه مكث يلبس الخضرة بعد قدومه بغداد سبعاً وعشرين يوماً، فالله أعلم .

(وذكر نحوه اليعقوبى في تاريخه 2 / 448 و453. والمسعودي في التنبيه والأشراف ص 302) .

ص: 241

وهذا يعطينا ضوءً على روايات لبس السواد الواردة عن أئمة أهل البيت علیهم السلام ، التي يستدل بها فقهاؤنا للفتوى بكراهة لبس السواد، فمنها:

ما رواه في وسائل الشيعة 3/355: عن صفوان الجمال قال: حملت أبا عبد الله علیه السلام الحملة الثانية إلى الكوفة وأبو جعفر المنصور بها، فلما أشرف على الهاشمية مدينة أبى جعفر أخرج رجله من غرز الرحل ثم نزل فدعا ببغلة شهباء ولبس ثياباً بيضاء وكمة بيضاء، فلما دخل عليه قال له أبو جعفر: لقد تشبهت بالأنبياء ! فقال له أبو عبد الله علیه السلام : وأنى تبعدني من أبناء الأنبياء . . . ؟ !

وفي: 3/356: عن أبي البختري عن جعفر بن محمد، عن أبيه أن علياً كان لا يلبس إلا البياض أكثر ما يلبس، ويقول: فيه تكفين الموتى .

وفي: 3/ 378: عن معاوية بن عمار، عن أبى عبد الله علیه السلام قال: سمعته وهو يقول: دخل رسول الله صلی الله علیه و آله مكة وعليه عمامة سوداء، وعليه السلاح.

عن عبد الله بن سليمان عن أبيه، أن علي بن الحسين علیه السلام دخل المسجد وعليه عمامة سوداء قد أرسل طرفيها بين كتفيه.

وفي علل الشرائع: 2/37: عن محمد بن أحمد عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور قال: كنت عند أبى عبد الله بالحيرة فأتاه رسول أبي العباس الخليفة يدعوه، فدعا بممطرة له أحد وجهيه أسود والآخر أبيض فلبسه، ثم قال أبو عبد الله: أما إني ألبسه وأنا أعلم أنه من لباس أهل النار .

ثم قال الصدوق: قال مؤلف هذا الكتاب: لبسه للتقية، وإنما أخبرحذيفة بن منصور بأنه لباس أهل النار لأنه ائتمنه . وقد دخل إليه قوم من الشيعة يسألونه عن السواد ولم يثق إليهم في كتمان السر فاتقاهم فيه .

ص: 242

وفي الكافي: 6/449: كان رسول الله صلی الله علیه و آله يكره السواد إلا في ثلاث: الخف والعمامة والكساء .

وفي الكافي: 3/ 403: عن أبي عبد الله علیه السلام قال قلت له: أصلي في القلنسوة السوداء ؟ فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار .

وقال الصدوق في المقنع ص 194: قال والدي رحمة الله في رسالته الي: واعلم أن غسل الثياب يذهب الهم والحزن وهو طهور للصلاة. وعليك بلبس ثياب القطن فإنه لباس رسول الله صلی الله علیه و آله ولباس الأئمة علیهم السلام، واتق لبس السواد فإنه لباس فرعون.

وقال المفيد في المقنعة ص 150: وتكره الصلاة في الثياب السود، وليس العمامة من الثياب في شئ، ولا بأس بالصلاة فيها وإن كانت سوداء .

وقال المحقق الحلي في المعتبر: 2/94: وتكره الصلاة في الثياب السود خلا العمامة والخف، قاله الأصحاب: روي عن النبي صلی الله علیه و آله أنه قال: إلبسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم . ورواه الببيهقي 5 / 33 .

وأمره علیه السلام بهذا اللون يدل على اختصاصه بالمصلحة الراجحة فيكون ما يضاده غير مشارك في المصلحة، وأشد الألوان مضادة للبياض السواد . ويؤيد ذلك من طريق الأصحاب، ما رواه أحمد بن محمد بن رفعه عن أبى عبد الله علیه السلام قال: يكره السواد إلا في ثلاث: العمامة، والخف، والكساء .

وقال المحقق الكركي في جامع المقاصد: 2/438: ويستحب لبس الفاخر من الثياب، وأفضلها البيض، لقوله صلی الله علیه و آله : أحب الثياب إلى الله تعالى البيض، يلبسها أحياؤكم، ويكفن فيها موتاكم .

ص: 243

وقال المحقق البحراني في الحدائق الناضرة: 7/116: ومنها: أنه يكره الصلاة في الثياب السود، عدا العمامة والخف والكساء، وهو ثوب من صوف ومنه العباء، كذا نقل عن الجوهري.. ثم أقول: لايبعد استثناء لبس السواد في مأتم الحسين علیه السلام من هذه الأخبار لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان. ويؤيده ما رواه شيخنا المجلسي قدس سره عن البرقي في كتاب المحاسن أنه روى عن عمر بن زين العابدين علیه السلام أنه قال: لما قتل جدي الحسين المظلوم الشهيد لبس نساء بني هاشم في مأتمة ثياب السواد ولم يغيرنها في حر أو برد، وكان الإمام زين العابدين يصنع لهن الطعام في المأتم . (وذكر نحوه في: 4 /160)

وقال الحر العاملي في وسائل الشيعة: 2/357: عن الحسن بن ظريف بن ناصح، عن أبيه، عن الحسين بن زيد، عن عمر بن علي بن الحسين قال:

لما قتل الحسين بن علي علیه السلام لبس نساء بني هاشم السواد والمسوح، وكن لايشتكين من حر ولا برد، وكان علي بن الحسين علیه السلام عمل لهن الطعام للمأتم.

وفي بحار الأنوار: 45/195: وفي رواية أخرى... قال: فلما أصبح استدعى حرم رسول الله صلی الله علیه و آله فقال لهن أيما أحب إليكن: المقام عندي أو الرجوع إلى المدينة ؟ ولكم الجائزة السنية، قالوا: نحب أولاً أن ننوح على الحسين، قال: إفعلوا ما بدا لكم، ثم أخليت لهن الحجر والبيوت في دمشق، ولم تبق هاشمية ولا قرشية إلا ولبست السواد على الحسين، وندبوه على ما نقل سبعة أيام، فلماكان اليوم الثامن دعاهن يزيد، وعرض عليهن المقام فأبين، وأرادوا الرجوع إلى المدينة، فأحضر لهم المحامل وزينها وأمر بالأنطاع الأبريسم .

ص: 244

وفي وفيات الأئمة علیهم السلام ص 85: ثم رجع الحسن والحسين علیهما السلام وأخوتهما من دفنه، وقعد في بيته ولم يخرج ذلك اليوم، ثم خرج عبدالله بن العباس بن عبد المطلب الى الناس فقال: إن أميرالمؤمنين قد توفى وانتقل إلى جوار الله، وقد ترك بعده خلفاً، فإن أحببتم خرج إليكم وإن كرهتم فلا أحد على أحد، فبكى الناس وضجوا بالبكاء والنحيب، فقالوا: بل يخرج إلينا، فخرج إليهم الحسن وعليه ثياب سود وهو يبكى لفقد أبيه، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، وذكر النبي فصلى عليه، ثم قال:

أيها الناس: اتقوا الله فإنا أمراؤكم وساداتكم وأهل البيت الذين قال الله فيهم: إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً .

أيها الناس: لقد قبض في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأولون، ولايلحقه الآخرون. لقد كان يجاهد مع رسول الله فيفديه بنفسه، لقد كان يوجهه برايته فيكنفه جبرائيل عن يمينه وميكائيل عن شماله، فلا يرجع حتى يفتح الله عليه .

فتوى المرجع الميرزا جواد التبريزي في لبس السواد

سؤال: يرجى من سماحتكم بيان رأيكم في هذه المسألة التي أخذت منحى خطيراً في الكويت بعد مسألة مظلومية الزهراء علیه السلام والتي لاتخفى عليكم، والمسألة هي: ما هو رأيكم المبارك في لبس السواد، واللطم على الصدور أثناء إحياء مراسيم العزاء لسيد الشهداء علیه السلام في شهر محرم الحرام، ولباقي الأئمة الأطهار علیهم السلام ؟

جواب: لا إشكال ولا ريب ولا خلاف بين الشيعة الإمامية في أن اللطم ولبس السواد من شعائر أهل البيت علیهم السلام ، ومن المصاديق الجلية للآية: ذلك ومن

ص: 245

يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . كما أنها من مظاهر الجزع الذي دلت النصوص الكثيرة على رجحانه في مصائب أهل البيت ومآتمهم . ومن يحاول تضعيف هذه الشعائر أو التقليل من أهميتها بين شباب الشيعة، فهو من الآثمين في حق أهل البيت علیهم السلام ، ومن المسؤولين يوم القيامة عمّا اقترفه في تضليل الناس عن مظالم الأئمة علیهم السلام .

ثبت الله المؤمنين على الإيمان والولاية . والله الهادي إلى سواء السبيل.

سؤال: هل ترون ما ذهب إليه صاحب الحدائق من أن لبس السواد في عزاء سيد الشهداء وبقية الأئمة علیهم السلام ، راجح شرعاً ؟

جواب: ماذهب إليه صاحب الحدائق قدس سره صحيح، فإن لبس السواد من مظاهر الحزن على ما أصاب سيد الشهداء وأهل بيته وأصحابه، وكذا سائر الأئمة علیهم السلام ، وإظهار الحزن في مصائبهم مندوب شرعاً، للنصوص الكثيرة وفيها الصحيح، والله العالم .

سؤال: ألا يكره للمصلي لبس السواد ؟ كيف نجمع بين هذا الحكم الشرعي وبين استحباب لبس السواد عزاءاً على الحسين علیه السلام ؟

جواب: لم يثبت كراهية لبس السواد لا في الصلاة ولا في غيرها، نعم ورد في بعض الروايات ما يستفاد منها كراهية لبس السواد، ولكنها ضعيفة السند، ومع الإغماض عن ضعفها، فالكراهة في الصلاة بمعنى أقل ثواباً، ولبس السواد في عزاء الحسين والأئمة علیهم السلام لأجل إظهار الحزن وإقامة شعائر المذهب مستحب نفسي، وثوابه أكثر من نقص الثواب في الصلاة، والله العالم .

سؤال: ماحكم اللباس الأسود في الصلاة أيام وفيات الأئمة علیهم السلام، هل هو مكروه ؟

ص: 246

جواب: إذا كان اللبس بداع إظهار الحزن وتعظيم الشعائر فليس بمكروه، والله العالم .

سؤال: هناك من يدعي أنه من أهل العلم أن الشعائر الحسينية كاللطم على الصدور والضرب بالسلاسل، حالة من التخلف الحضاري، فما هو رأيكم في هذا الأمر ؟

جواب: كل ما يدخل في عنوان الجزع لما أصاب سيدنا سيد الشهداء علیه السلام ، فهو مرغوب إليه، كما ورد في الروايات الصحيحة، وكذا غيره من الأئمة علیهم السلام ، والله العالم .

رسالة مختصرة في لبس السواد

من تقريرات بحث المرجع الميرزا جواد التبريزي، نقلناها مع الموضوعين التاليين عن علم الامام الحسين علیه السلام بشهادته، واستحباب التوسل الى الله تعالى به، من موقع سماحته: tabrizi.org

بسم الله الرحمن الرحيم

قال صاحب العروة قدس سره: فصل فيما يكره من اللباس حال الصلاة أمور: أحدها الثوب الأسود حتى للنساء عدا الخف والعمامة والكساء، ومنه العباء، والمشبع منه أشد كراهة .

وقبل الدخول في صلب البحث ينبغي التعرض لمقدمة تشتمل على أمور:

الأمر الأول: قد قرر في علم الأصول أن التكليف إذا تعلق بالطبيعي، ثمّ تعلق نهي تنزيهي ببعض أفراد ذلك الطبيعي، فلا يراد من هذا النهي المعنى المصطلح أعني الكراهة المصطلحة، بمعنى مايثاب على تركه ولا يعاقب على

ص: 247

فعله، بل هو إرشاد إلى وجود منقصة في هذا الفرد بخصوصه، ويعبر عنه في لسان العلماء بالإرشاد إلى كونه أقل الأفراد ثواباً . ولا فرق في التكليف المتعلق بالطبيعي بين كون إلزامياً أو استحبابياً .

إذا اتضح هذا فليس الكراهة في محل البحث هي الكراهة المصطلحة، فإن الكراهية بمعنى رجحان الترك غير معقولة في العبادات، بل هي مستحيلة فيها لعدم اجتماع المبغوضية والمقربية في شئ واحد، وذلك لأن العبادة تتقوم بأمرين: الأول: أن يوجد في نفس العمل مصلحة، ويعبر عن ذلك بقابلية العمل للتقرب . الثاني: أن يؤتى بالعمل متقرباً به إلى الله . فإذا اجتمع هذان الأمران في الفعل كان الفعل عبادياً صحيحاً واقعاً، والمكروه بالمعنى المصطلح لا يصلح للتقرب به، لعدم المصلحة فيه، وعليه فإذا قيل مثلاً: إن الصلاة في اللباس الأسود مكروهة، فليس صلاة المصلي فيه باطلة، بل هي صحيحة ومجزية، فالنهي عن لباسه في الصلاة إرشاد إلى أنها فيه أقل ثواباً وأدنى ملاكاً من الصلاة في غيره .

الأمر الثاني: أن ما ذكره صاحب العروة من الموارد التي يكره لبسها في الصلاة ليس على إطلاقه، إذا لايوجد ملاك الكراهة في بعضها، بل لادليل معتبراً على أكثرها، والموجود إنما هو دليل ضعيف سنداً وقابل للمناقشة دلالة.

وعليه ففتوى صاحب العروة وسائر من وافقه على ذلك مبتنٍ على أحد أمرين في فهم روايات أخبار (من بلغ) .

توضيح ذلك: أن هناك عدة روايات وفيها الصحاح دلت على أن من بلغه ثواب على عمل وأتى به رجاء ذلك الثواب فإنه يعطى إياه وإن لم يقله الرسول

ص: 248

صلی الله علیه و آله أو المعصوم علیه السلام ، لاشتباه الراوي، أو لاعتماده في النقل على آخر، ويعبر عن هذه الأخبار ب- (أخبار من بلغ) وعن القاعدة ب- (التسامح في أدلة السنن) .

المراد من الروايات: واختلف في المراد من هذه الروايات على وجوه منها:

الوجه الأول: إن ما يشترط تحققه في حجية الأخبار الدالة على حكم إلزامي (الوجوب والحرمة) أو المستلزمة لحكم إلزامي ك- (النجاسة والملكية والزوجية) غير مأخوذ في الأحكام غير الإلزامية، أعني الاستحباب والكراهة. وبعبارة أخرى: إن الخبر في غير الأحكام الإلزامية معتبر وإن كان ضعيف السند، ما لم يحصل العلم بكذبه، لعدم اشتراط شئ في اعتبار حجيته.

الوجه الثاني: إن أصل قيام الخبر المحتمل أنه قول الرسول صلی الله علیه و آله أو الإمام علیه السلام هو بنفسه من العناوين المرجحة، فإذا كان ذلك الخبر يتضمن ثواباً على عمل، فذلك العمل يكون مستحباً .

نتيجة الوجهين: إنه إذا قام الخبر الضعيف على وجوب العمل الفلاني فإنه لا يثبت وجوبه، نعم يثبت بذلك استحبابه، بمقتضى ما تقدم . فالفتوى بالكراهة (مع كون الخبر ضعيفاً) متوقف على الإلتزام بأحد هذين التفسيرين.

هذا، ولكننا في البحث عن قاعدة: التسامح في أدلة السنن في علم الأصول قد قلنا بعدم صحة كلا هذين المعنيين، وإنما المستفاد من الأخبار أن المكلف عندما يصله مطلوبية عمل ما إلى الله سبحانه وتعالى، فإن كان عن طريق صحيح فيأتي به جزماً، وأن كان الخبر ضعيفاً فيأتي به رجاء وانقياداً .

وهذا الإنقياد من العبد موجب لاستحقاق الثواب والتقرب إلى الله سبحانه، ومقدار ذلك الثواب لم يعرف إلاّ عن طريق التعبد الشرعي، ولا دلالة عليه من

ص: 249

جهة العقل أصلاً، وأخبار (من بلغ) هي التي بيّنت مقدار ذلك الثواب وهو نفس ما بلغه، أي المذكور في الخبر .

فمن تيقن بمطلوبية العمل يأتي به انقياداً للمولى بنحو الجزم ويعطي الثواب وإن لم يكن الواصل إليه مطابقاً للواقع . ومن لم يحصل له ذلك اليقين لكون الخبر ضعيفاً يأتي بالعمل رجاء وانقياداً، لعدم علمه بصدوره من الرسول صلی الله علیه و آله أو المعصوم علیه السلام ، وله ذلك الثواب أيضاً .

هذا هو المستفاد من أخبار (من بلغ)، وحاصله: أنه من بلغه ثواب على عمل وأتى به رجاء الحصول على ذلك الثواب يعطى الثواب المذكور وإن كان الخبر ضعيفاً وغير جامع لشرائط حجية الخبر .

وأما ما ذكره من التفسيرين السابقين فلا دلالة للأخبار عليهما .

الأمر الثالث: لو تنزلنا وقلنا بدلالة الأخبار على أحد هذين المعنيين، واستفدنا الحكم بالاستحباب أو الكراهة عن طريق أخبار (من بلغ) في الأعمال التي يرد فيها الثواب، إلا أن هنا إشكالاً آخر يمنع جريان الأخبار في المقام . وذلك لأن أخبار (من بلغ) إنما تدل على الكراهة في موارد النهي التكليفي، وليس النهي في ما نحن فيه كذلك، بل هو إرشاد إلى كون الفرد المنهي عنه أقل الأفراد ثواباً . فمن أراد أن يعمل على طبق الخبر يمتنع من الصلاة في الأسود، وليس ترك الصلاة في الثوب الأسود موجباً لإعطائه الثواب، وأن كانت الصلاة في غيره أكثر ثوابا ً، وذلك لأن أخبار (من بلغ) إنما تكون في مورد الإتيان بالعمل استناداً إلى الخبر الضعيف الحامل للثواب المعين، وترك العمل فيما نحن فيه ولو كان عملاً إلا أنه لم يرد فيه ثواب .

ص: 250

والحاصل: أنا وإن التزمنا باستفادة أحد الأمرين المتقدمين من أخبار (من بلغ) إلا أنها لا تكون دليلاً على الكراهة فيما نحن فيه، لعدم وصول ثواب على ترك العمل، وإنما النهي للإرشاد إلى أقلية ثواب هذا الفرد من الصلاة .

ثم إنه قد قال بعضهم: بأن هذا الخبر وإن كان ضعيف السند إلا أن عمل المشهور جابر لضعفه . ولكنه ليس بصحيح، بل لو عمل على طبقه الكل لما انجبر ضعفه، وذلك لاحتمال استنادهم إلى أخبار (من بلغ)، فهذا صاحب المدارك قد ناقش سند الروايات كلها بما فيها الموثقة، وضعفها جميعها، ومع ذلك أثبت الحكم غير الإلزامي .

إذا اتضح ذلك فنقول: في المسألة طائفتان من الروايات:

الطائفة الأولى: ما دلّ على كراهة اللباس الأسود في الصلاة .

الطائفة الثانية: مادلّ على كراهة لبس الأسود مطلقاً حتى في غير حال الصلاة . أما الطائفة الأولى فثلاث روايات وهي:

الرواية الأولى: قال الكليني: وروي لا تصل في ثوب أسود، فأما الخف أو الكساء أو العمامة فلا بأس.

الرواية الثانية: محمد بن يعقوب عن علي بن محمد عن سهل بن زياد عن محسن بن أحمد عن أبي عبدالله علیه السلام قال: قلت له أصلي في القلنسوة السوداء ؟ فقال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار .

الرواية الثالثة: محمد بن علي بن الحسين في (العلل) عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد ابن أحمد عن سهل بن زياد عن محمد بن سليمان عن رجل عن أبيه عن أبي عبدالله علیه السلام قال قلت له: أصلي في القلنسوة السوداء قال: لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار .

ص: 251

وإسناد هذه الطائفة من الروايات كلها ضعيفة فلا تصح للإستدلال .

وأما الطائفة الثانية التي استفيد منها كراهة لباس السواد مطلقاً فهي:

الرواية الأولى: محمد بن علي بن الحسين قال: قال أمير المؤمنين علیه السلام فيما علم أصحابه: لا تلبس السواد فإنه لباس فرعون .

ملاحظة على الرواية: هي مرسلة، وذهب بعض المتأخرين إلى اعتبار روايات الصدوق التي نسب فيها القول إلى الإمام علیه السلام نفسه كهذه الرواية، فإن نسبته القول إلى الإمام علیه السلام دليل على اعتبارها وإلا لما نسبها كذلك، بل عبر عنها ب- (روي) وما شابهه . ولا أساس لهذا القول من الصحة، ويدل على ذلك إن هذه الرواية التي نسبها في الفقيه إلى أمير المؤمنين علیه السلام قد ذكرها مسندة في كتابيه العلل والخصال، فقد رواها عن أبيه عن محمد بن يحيى عن محمد بن أحمد عن محمد بن عيسى عن القاسم بن يحيى، عن جدّه الحسن بن راشد، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله، عن آبائه، عن أمير المؤمنين علیهم السلام .. فعدم ذكر الشيخ الصدوق للسند في كتاب الفقيه إنما هو للإختصار، إذ طلب منه أن يكتب مؤلفاً مختصراً فكتب من لا يحضره الفقيه، وعليه فليس مراده من قوله: قال أمير المؤمنين علیه السلام ، أو قال أبو عبد الله علیه السلام هو الإعتبار، بل كان ذلك من أجل الإختصار .

الرواية الثانية: محمد بن يعقوب عن عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد رفعه عن أبي عبدالله علیه السلام قال: يكره السواد إلا في ثلاثة: الخف، والعمامة، والكساء .

الرواية الثالثة: وعنهم، عن أحمد بن أبي عبدالله، عن بعض أصحابه رفعه قال: كان رسول الله صلی الله علیه و آله يكره السواد إلا في ثلاث: الخف، والعمامة،

ص: 252

والكساء . وهناك روايات كثيرة دلّت على كراهة لبس السواد مطلقاً . نعم هنا رواية معتبرة للسكوني لها مفاد آخر وهي: عن إسماعيل بن مسلم عن الصادق علیه السلام قال: إنه أوحى الله إلى نبي من أنبيائه قل للمؤمنين: لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تطعموا مطاعم أعدائي ولا تسلكوا مسالك أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي . ونحن نلتزم بمضمون هذه الروايات فنقول: إن اللباس إذا اختص به أعداء الدين فلا يجوز لبسه، مثل القبعة التي يختص بلبسها اليهود . ولكن لباس السواد لم يثبت اختصاص لبسه بأعداء الدين، نعم يمكن ثبوت الإختصاص بخصوص (اللبادة السوداء) فإن لبسها من مختصات علماء اليهود والنصارى، وإذا ثبت ذلك فيها فلبسها حرام .

بقي أمر تعرض له صاحب الحدائق رحمة الله ، فإنه بعد أن نقل هذه الروايات قال: (لا يبعد استثناء لبس الأسود في مأتم الحسين علیه السلام من هذه الأخبار، لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان…) . ولم يبين الوجه في عدم شمول هذه الروايات لذلك . والوجه في عدم الشمول هو أن في لبس المؤمنين الثياب السوداء في وفيات الأئمة علیهم السلام وبالخصوص في أيام محرم الحرام وشهر صفر إظهاراً لمودتهم وحبهم لأهل البيت علیهم السلام فيحزنون لحزنهم، وإن هذا العمل من المؤمنين إحياء لأمر أهل البيت علیهم السلام ، وقد روي عنهم علیهم السلام : رحم الله من أحيا أمرنا، فإذا ارتدى عامة الناس من الرجال والشباب والأطفال الثياب السود كان ذلك ظاهرة اجتماعية تلفت نظر الغريب فيسأل ماذا حدث، بالأمس كان الأمر طبيعياً وكانت ألوان ثياب الناس مختلفة واليوم فقد لبسوا كلهم السواد ؟ فعندما يوضح له بأن اليوم يوم حزن ومصيبة على ريحانة الرسول صلی الله علیه و آله الحسين بن علي علیه السلام ، فهذا الأمر في حد نفسه إحياء لأمره علیه السلام ، ولهذا

ص: 253

اشتهر أن بقاء الإسلام بشهري محرم وصفر، وذلك لأن حقيقة الإسلام والإيمان قد أُحييا بواقعة كربلاء، وهذا دليل على أنه لابد من المحافظة عليه، لتراه الأجيال القادمة ماثلاً أمامهم، فيحصل لهم اليقين به، فإن الإمام الحسين علیه السلام نفسه قد أثبت أحقية التشيع، وأبطل ما عداه.

علم الإمام الحسين علیه السلام باستشهاده:

إن الإمام الحسين علیه السلام يعلم بأنه سوف يستشهد، ومع ذلك حمل روحه على كفيه وخرج طالباً الشهادة، وما ذلك إلا من أجل إحياء الدين وشريعة سيد المرسلين صلی الله علیه و آله . وقد أخبر علیه السلام باستشهاده، فعن أبي عبد الله عن أبيه عن جده عن الحسين بن علي علیهم السلام قال: والذي نفس حسين بيده لا ينتهي بني أمية ملكهم حتى يقتلوني وهم قاتليَّ، فلو قد قتلوني لم يصلوا جميعاً أبداً، ولم يأخذوا عطاء في سبيل الله جميعاً أبداً . . . .

وعن أبي جعفر علیه السلام قال: كتب الحسين بن علي من مكة إلى محمد بن علي: (بسم الله الرحمن الرحيم، من الحسين بن علي إلى محمد بن علي ومن قبله من بني هاشم، أما بعد فإن من لحق بي استشهد، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح والسلام) . كما أخبر باستشهاده النبي صلی الله علیه و آله من يوم ولاته، وإليك هذه الأخبار: الخبر الأول: أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الوشاء عن أحمد بن عائذ عن أبي خديجة عن أبي عبدالله قال: لما ولدت فاطمة الحسين جاء جبرئيل إلى رسول الله فقال له: إن أمتك تقتل الحسين من بعدك . ثم قال: ألا أريك من تربتها ؟ فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء فأراها إياه ثم قال:هذه التربة التي يقتل عليها.

ص: 254

الخبر الثاني: أبي عن سعد عن ابن عيسى عن الأهوازي عن النضر عن يحيى الحلبي عن هارون بن خارجة عن أبي بصير عن أبي عبد الله علیه السلام قال: إن جبرئل أتى رسول الله والحسين يلعب بين يدي رسول الله صلی الله علیه و آله فأخبره أن أمته ستقتله. قال: فجزع رسول الله صلی الله علیه و آله فقال: ألا أريك التربة التي يقتل فيها؟ قال: فخسف ما بين مجلس رسول الله إلى المكان الذي قتل فيه حتى التقت القطعتان، فأخذ منها ودحيت في أسرع من طرف العين فخرج وهو يقول: طوبى لك من تربة وطوبى لمن يقتل حولك !

قال: وكذلك صنع صاحب سليمان تكلم باسم الله الأعظم فخسف ما بين سرير سليمان وبين العرش من سهولة الأرض وحزونتها حتى التقت القطعتان، فاجتر العرش! قال سليمان: يخيل إلي أنه خرج من تحت سريري، قال: ودحيت في أسرع من طرفة العين !

الخبر الثالث: أبي، عن سعد، عن علي بن إسماعيل وابن أبي الخطاب وابن هشام جميعاً، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة عن أبي عبدالله قال:

نعى جبرئيل الحسين إلى رسول الله صلی الله علیه و آله في بيت أم سلمة، فدخل عليه الحسين وجبرئيل عنده فقال: إن هذا تقتله أمتك، فقال رسول الله: أرني من التربة التي يسفك فيها دمه، فتناول جبرئيل قبضة من تلك التربة، فإذا هي تربة حمراء فلم تزل عند أم سلمة حتى ماتت .

التوسل بالإمام الحسين وإحياء ذكره علیه السلام :

فعلى الجميع أن يتوسل بالإمام الحسين علیه السلام ، وأن يطلب منه المدد، فإن التوسل بالإمام الحسين يرفع الشبهات عن وجه الحقيقة، ويكون الدليل بذلك حياً . والتوسل بأهل البيت علیهم السلام والبكاء عليهم ما هو إلا محافظة على هذا الدليل،

ص: 255

فالإمام الحسين علیه السلام دليل محكم على أحقية الشيعة ومذهبهم، فتوسلوا بهذا العظيم، وأبكوا عليه، وأقيموا شعار الحزن في أيام مصيبته، فإن الملائكة بكت وتبكي عليه، وإن الله سبحانه وتعالى يريد إبقاء هذا النور.. ويتم ذلك ب-: 1 - إقامة مجالس العزاء . 2 - الإشتراك في مجالس العزاء . 3 – البكاء . 4 - لبس السواد في أيام استشهاده وفي وفيات الأئمة علیهم السلام وبالخصوص في شهري محرم وصفر..

فأحيوا هذا الأمر وحافظوا عليه، فإن الأرض والسماء بكت على الحسين علیه السلام ، وإن الملائكة تبكي عليه إلى يوم القيامة. انتهى.

أنواع مراسم عاشوراء

- كتب العاملي نقاطاً عدد فيها أنواع مراسم عاشوراء، وهي:

1 - لبس السواد حزناً. 2 - رفع الأعلام السوداء فوق الحسينيات وعلى أبواب المساجد والبيوت... 3- عقد المجالس في المساجد والحسينيات والبيوت وأحياناً في الساحات والشوارع، حيث يتلو القراء الموعظة والسيرة، ويختمونها بالشعر الفصيح والعامي المؤثر . 4 - إطعام الطعام وسقي الماء والمرطبات بنية الثواب للإمام الحسين علیه السلام ، في أماكن إقامة المجالس، أو بإرساله الى البيوت . 5 - نذر النذور لله تعالى وثوابها للإمام الحسين علیه السلام ، من قراءة مجالس تعزية أو إطعام وما شابه . 6 - البرامج المسموعة والمرئية عن عاشوراء. 7- التمثيليات الشعبية عن جوانب من واقعة عاشوراء. 8 - تعطيل الأعمال يوم التاسع والعاشر أو العاشر فقط من شهر محرم. 9 - مسيرات المعزين في الشوارع من نقطة إلى

ص: 256

نقطة في البلد، في مواكب تنقسم إلى مجموعات وتقرأ الشعر الفصيح والشعبي، وتلطم على صدورها. ويرافق الموكب عادة ضرب طبول وسناجق تستعمل في الحزن، وتشبه النغم العسكري. 10 - الذهاب مشياً على الأقدام إلى زيارة الإمام الحسين علیه السلام ، وهذه عادة أوسع ما تكون في زيارة الأربعين في العراق، حيث تتجه ملايين الشيعة وبعض السنة، من محافظات العراق المختلفة مشياً على الأقدام إلى كربلاء، وتصل بعض المسافات إلى 500 كيلومتر .

11 - لبس الأكفان يوم عاشوراء، وضرب الرؤوس بالسيوف (جرح الجلد في أعلى الرأس) حزناً على الإمام الحسين علیه السلام ورمزاً لاستعداد الشخص بأن يضحي بالدم في نصرة الاسلام، كما ضحى في كربلاء.

12 - مسيرة المشاعل، رمزاً للذين جاؤوا لنصرة الإمام الحسين علیه السلام وواصلوا سيرهم ليلاً ونهاراً، وهي عادة موجودة في النجف .

- فكتب المدعو (نقد ونظر) تعليقاً عليها بتاريخ 12-4-2000، قال فيه:

إسمح لي أخي العاملي على مخالفتك في النقطة العاشرة !!!

أتصور أن خلط الأمور التي تعبر عن الحزن بأمور يعملها بعض عوام الشيعة في بعض المناطق من العالم، كالتطبير من ضرب الرؤوس بالسيوف، هو تشويهٌ للشعائر الحسينية وإفقادها روح الحماسة الحسينية. لا أتصور أن الإنجرار إلى ما يفعله البعض من هذه الممارسات، أن نجعله بديهياً في شعائرنا الحسينية، ونتغاضى عن تشويهه وهتكه للمذهب الجعفري .

- فكتب العاملي بتاريخ 12-4-2000:

من ناحية فقهية أيها الأخ، يجب أن نبقي للشيعة حريتهم الشرعية في شعائرهم ومراسمهم حسب فتوى المرجع الذي يقلدونه.. وهذا هو الموجود

ص: 257

فعلاً، والحمد لله .. وطبيعي أن الذين يجوز عندهم التطبير يوم عاشوراء يتقيدون بقانون الدولة التي يعيشون فيها إن منعت ذلك . هذا هو فقه الموضوع.. لكنك تعرف أن المخالفين لهذه المراسم قد ضخموها وصوروها بصور وحشية، وقالوا إنها همجية، ونشروا صورة طفل جرح أبوه رأسه وكان يبكي.. فهل الصحافة الغربية واليهودية يهمها أن يجرح أب طفله في بلادنا؟! كما أن بعض الشيعة تصور أنها تضر بسمعة المذهب . .

وبعيداً عن المزايدة والتضخيم الغربي واليهودي، تعال نبحث حالة الهيجان العاطفي عند الشيعة، التي تدعو بعضهم إلى أن يلبسوا الأكفان يوم عاشوراء ويجرحوا رؤوسهم حزناً وتعبيراً عن مشاعر الولاء، دون أن يتضرروا من ذلك، بل يكون نوعاً من الحجامة، التي يؤكد الطب فائدتها للبدن . .

وتعال نتساءل: لماذا ينظر الغربي، الإنكليزي مثلاً، إلى تاريخه وتقاليده ورسومه باحترام، ويعمل لفلسفتها وتوجيهها، ويكتب الرسائل في الجامعات في تحليلها ؟! وفي المقابل ينظر الشاب من بلادنا الإسلامية الأصيلة أكثر من لندن، العريقة أكثر من لندن، المنطقية في عاداتها ومراسمها وشعائرها أكثر من لندن.. إلى تقاليده ورسومه بانتقاد،فتراه يريد أن يغيرها، و(يشحِّلها) ويفصلها من جديد، أو.. يلغيها ؟!

أما أنا فاسمح لي أن أقول إني وصلت بعد رحلة فكرية وفقهية وعقيدية وعملية طويلة.. إلى قناعةٍ بأن أنظر إلى كل تقاليدنا ورسومنا باحترام، وأن أقدسها وأتبرك بشم رائحتها، وأدرس بعمق معانيها ودلالاتها.. أرى فيها خصوصيات ديننا وشخصيتنا، وربطات وردية على مفارق أطفالنا وبناتنا.. وعصبات مباركة على جباه جداتنا .. كلها مراسم مقدسة حبيبة، أحرص عليها

ص: 258

وأتكمش بها.. وعندما ينتقدها الغربيون والمتغربون أحرص عليها أكثر.. إلا ما أفتى مرجعي أو مرجعك أنه حرام .

أعد النظر يا أخ (نقد ونظر) في نظرتك للشعائر، ولا تقف في وجه شعوبنا في شعائرها، دعها تعبر عن ولائها (ضمن فتوى مرجعها وقوانين البلد) بأساليب تختارها هي .. وإن شطحت نهاها مراجعها.. وعبِّر أنت باعتبارك شريحة من الشعب، بمراسم وشعائر ترتضيها، فإن شطحت أفتى لك مرجعك .. إذا أردتم التطوير والعصرنة والبديل الأفضل، فنزلوا بديلاً يقتنع به الناس ويتبنونه .

- فكتب (الخزاعي) بتاريخ 14-4-2000:

الأخ العاملي المحترم . . إسمح لي أن لا أوافقك على آخر شعيرتين (10- 11) لا أوافقك على نسبهما الى الشيعة والمذهب الشيعي ! فمن المعلوم أن الشيعة عشرات أو مئات الملايين، ولا يمارس الشعيرتين المشار إليهما الا بعض آلاف من الشيعة . وليس من حق القلة الغير معتد بها أن تفرض على مذهب برمته شعائر ليس لها أصل في المذهب، ولم يقم عليها الدليل . ومدرسة أهل البيت معروفة بأنها مدرسة الدليل والحجة، ولا تكفي فلسفة النقطة (10) دليلاً على صحتها، إذ يكفي في فلسفة الإستعداد للتضحية في سبيل الإسلام رفع الشعار المندد بالسلطات الظالمة . وها هو حزب الله يضحي في سبيل الإسلام على أرض الواقع ولا يمارسون التطبير .

أما النقطة (11) والمشاعل، فقد كانت ترافق مواكب العزاء في السابق، حيث لاوجود للتيار الكهربائي، فتستخدم المشاعل لإنارة الطريق ليلاً للمواكب . أما الآن والشوارع والأزقة مضاءة، فلا داعي لتلويث شوارع المدن بالنفط والدخان ومخلفات الإحتراق . وهي لا تمارس في العراق إلا في النجف . وهي

ص: 259

تمارس الآن في بعض مناطق المهجر من الإخوة النجفيين فقط. ولقد نهى المراجع عن بعض هذه الممارسات ولم يجدوا آذاناً صاغية، وقد ذكرت قصة إفتاء السيد البروجردي في موضوع مشابه في واحة أهل البيت، وكيف أن رؤساء الهيئات أجابوا السيد إننا نقلدك كل أيام السنة إلا هذه الأيام من محرم !

ودعوى أن اليهود يريدون منا التخلي عن شعائرنا، دعوى صحيحة في مجال الشعائر الصحيحة . أما في النقطتين المشار إليهما والطبول فلا تصح هذه الدعوى إطلاقاً، بل قد يصح أنها مما يريده اليهود والأعداء أن تسري وتتحكم لتتغلب على الشعائر الصحيحة الهادفة التي تتلائم وأهداف الثورة الحسينية. يقول الشهيد المطهري: إن التطبير والطبل عادات ومراسم جاءتنا من أرثذوكس القفقاس، وسرت في مجتمعنا كالنار في الهشيم .

أعجب كل العجب من استماتتك في الدفاع عن بعض الممارسات في الشعائر التي لا تصمد أمام العقل وأمام الدليل، وأنت المعروف بالوعي والعلم والعمل . وعلى حد علمي أنك ممن لم يمارس هذه المراسم في حياته ! وصحيح جداً أن صدام والأمريكان وغيرهم يقفون بوجه الناس في العراق أن لا تتجه في الأربعين مشياً إلى كربلاء، لأنها من المراسم الصحيحة أولاً مما ورد به النص الخاص في قبر الحسين علیه السلام ، ولخصوصيتها في العراق خاصة، حيث أنها تمثل الثورة ضد صدام أو ربما أنت ممن كان شاهداً على أحداث انتفاضة صفر عام 1977، بمناسبة الأربعين والمشي إلى كربلاء، حيث تحولت إلى ثورة ضد الطغاة . وهكذا عزاء طويريج وكيف كان جهاداً ضد البعثيين في العراق الذين يحكمون بحكم يزيد . إذن صدام واليهود يحاربون الشعائر التي تدعو إلى الثورة ضدهم تأسياً بثورة الإمام الحسين علیه السلام .

ص: 260

بقي أن أقول مع خالص تقديري واحترامي لشخصك الكريم، أننا ندافع عن شعائرنا الأصيلة ونحارب الشعائر المشوهة لأهداف ثورة أبي الأحرار الحسين علیه السلام ونحن بكامل شعورنا ونكون بهذا قد أغضبنا أعداء الدين .

- فكتبت (زينبية) بتاريخ 14-4-2000:

شكراً أخي العاملي على ذكر الشعائر الحسينية لدينا وأهميتها، وأتفق مع الأخ الخزاعي في أن ضرب الرؤوس لا يمارس عند الكثير من الشيعة .... كما وأعتقد أن ضرب الرؤوس بالسيف من شأنه أن يُستغل ضد الشيعة ويشوه صورتهم لذلك منعه العلماء، وأرجو أن يلتزم كل الشيعة بهذا . فأعتقد أن كل الإخوة يلاحظون أنه في يوم عاشوراء تمتلئ الجرائد اليومية بصور ضرب الرؤوس السيف، وهذا من شأنه أن يشوه صورتنا، ويصورنا كغريبي أطوار! ولكني أفضل أن أسمع في هذا الموضوع عن رأي الأخوة فيما أوردته من أدلة للبكاء، وما ذكره أيضاً الأخ موسى العلي ! فهذا هو الموضوع الرئيسي في الصفحة .. لقد اعترض عدة أخوة على البكاء وقالوا ما قالوا، وأريد أن أعرف رأيهم بعد كل هذه الأدلة الشرعية والمنطقية للبكاء !!

- وكتب (سامي) بتاريخ 14-4-2000:

أتصور أن ما ذكره الأستاذ العاملي في الموقف الشرعي اتجاه الشعائر الحسينية هو الصحيح، لأن الشعائر الحسينية تعبر عن مشاعر الناس اتجاه فاجعة كربلاء، فما لم يرد نهي شرعي عن هذه الشعيرة، فهي جائزة .

ومن جهة أخرى، العاملي يتكلم عن الفتوى الشرعية لمراجعنا حفظهم الله، صحيح أن السيد القائد أفتى بعدم جواز ممارستها، إلا أن هذا يبقى في دائرة الإجتهاد، مع العلم أن التطبير كان يمارس في أكثر المناطق الشيعية، فقد وعينا

ص: 261

وهي موجودة، في البحرين والعراق ولبنان وإيران وباكستان وغيرها، ولم تكن حينئذ ممارسة مرفوضة، ولكن الأعداء أرادوا أن يجعلوها علامة على الوحشية والعنف، لأنها كانت ترعبهم وتزعجهم .

- وكتب العاملي بتاريخ 14-4-2000:

الأخ الخزاعي .. من قال لك بأن الأقلية التي تمارس التطبير تريد فرض رأيها على الأكثرية ؟ ومن قال لك إني أتكلم باسمهم ؟! فموضوعي الذي أخوض النقاش من أجله هو: حرية المكلف الشيعي في نطاق فتوى مرجعه وقوانين بلده .. والتي يريدون مصادرتها من المكلف والمرجع !!

وبناء على ما ذكرته أنت من أن الغرب والحكومات التابعة لهم يحاربون الشعائر الصحيحة فقط، يكون التطبير واللطم العنيف مثل عزاء طويريج، ودق الطبول والسناجق، شعائر صحيحة، لأنها أول ما يحاربونه ! كما تلاحظ في حكومات العراق من زمن الانكليز إلى اليوم .. بل نلاحظ أن صورة الطفل الذي جرح أبوه رأسه في النبطية، والتي يضخمها النواصب وينشرونها في كل مكان، أول من نشرها وكالة رويتر الإنكليزية !!

ثم إنك جعلت الأصل في المراسم الشعبية الحرمة حتى يثبت استعمالها في السيرة مع أن الأصل عند كل الفقهاء الحلية .. حتى تثبت الحرمة .

أما قولك إن المقاومة لايتطبرون، فيرده أن المتطبرين هم الذين بدؤوا المقاومة، وقد قاوموا ويقاومون، ويتطبرون .

أما قولك عني، فالجواب نعم، لم أمارس التطبير ولا أظن أني سأقوم به، لكني ذهلت لاتجاه بعضهم للتحريف في العقائد والشعائر والسياسة، فصرت حريصاً محافظاً على بقاء تقاليد المذهب الموروثة في نطاق فتوى مراجعه،

ص: 262

والوقوف في وجه التعدي عليها، حتى لا يتحول التشيع إلى سلعة بيد التحريفيين، ويصدقهم الناشئة البسطاء .. فأنا أعتقد بضرورة العمل للحفاظ على المذهب، حتى لو كان ثمنه أن يقال فلان رجعي تقليدي جامد !

ومع احترامي للشهيد مطهري فكلامه ليس صحيحاً، وكم له من أحكام مشابهة . . ويكفي أنه لم يقرأ عن الطبول والسناجق والسواد في مراسم عاشوراء في بغداد في القرن الثالث والرابع .

أما القصة التي ذكرها عن المرجع المرحوم السيد البروجردي كان موضوعها استعمال الطبول والسناجق، لأنه رحمة الله كان يفتي بتحريمها، أما التطبير فلم يكن مطروحاً في ذلك المجلس، لأنه رحمه كان يفتي بجوازه !! والشخص الذي قال هذا الكلام للسيد البروجردي قد يكون قصده أن السيد عنده احتياط في استعمال الطبول، فهم يرجعون الى فتوى غيره في هذه المسألة.. فهي لا تصلح شاهداً لما ذكرته وذكره الشهيد مطهري قدس سره .

الأخت زينبية .. يعجبني تأكيدك على البكاء على مصاب سيد الشهداء سلام الله عليه .. ولك أن ترفضي بعض المراسم الأخرى، لكن أرجو أن تتركي هامشاً لمن يقلد مرجعاً آخر، وشكراً .

الأخ سامي . . صدر السيد القائد أوسع من صدور الذين يضيقون فتواه، ويحملون خشبتها بالعرض . . والدليل عليه أنه يحترم فتاوى المراجع أكثر منهم وذلك واضح من موقفه من التطبير في لبنان، وإيران، وغيرهما .

- وكتب (علي الأول) بتاريخ 15-4-2000، الثالثة صباحاً:

(إن الموضوع الذي أخوض النقاش من أجله هو حرية المكلف الشيعي في نطاق فتوى مرجعه وقوانين بلده.. والتي يريدون مصادرتها من المكلف

ص: 263

والمرجع) رحم الله والديك أيها الشيخ الجليل العاملي، فقد أفدت وأجدت. وبعد: دعونا نلبس الأكفان المضرجة بالدماء لتكون بذلك أعظم صرخة في وجه العالم بأن هذا اليوم هو يوم الحسين، يوم الشهادة والتضحية والفداء، وأنه فعل به أعظم مما ترون، فلم تستغربون عندما نتشبه بسيد الشهداء في يوم شهادته . أيها الأحبة: لا تقتلوا الشهيد مرة أخرى !

عظم الله أجوركم . الناس أعداء ما جهلوا .

- وكتب (الطالب) بتاريخ 18-04-2000، السادسة إلا ربعاً صباحاً:

أحسنت يا أخانا العاملي على ما أفدته في الشعائر الحسينية، والرد على هؤلاء الذين يخلطون بين الذوق الشخصي والرأي الفقهي .. والنقاش حول التطبير والمشاعل ليس وليد الساعة، بل هو نقاشٌ له تاريخ بين العلماء، وإذا كان الحق بالكثرة لرأينا أن أكثر العلماء والذين يعترف الجميع بزهدهم وورعهم وتقواهم يفتون بجوازها .

إن الشعائر هي تعبير عن الحزن والتضامن المطلق مع سيد الشهداء فيما خرج من أجله، وانفعال عاطفي نابع من أساس اعتقادي وهو أن الحسين بن علي إمام واجب الطاعة، يعلمنا درساً في وجوب الطاعة والسير وراءه .

والشعائر كلها تحمل هذه المضامين العالية وغيرها، وهي تتغير وتتطور مع مرور الزمان وتتبدل وتختلف كيفيتها، فلماذا تنعت البعض بالشعائر الدخيلة وما يعني الدخيلة هل يعني الإستعمار أم يعني مجموعة من الشيعة المخلصين مهما كانت هويتهم وجنسيتهم قامت بشعيرة معينة تلاقفها الشيعة أجمع بعد مرور الوقت ؟! فما الإشكال في ذلك مادام ذلك من المباحات، التي لم يرد فيها تحريم وكراهية .

ص: 264

فإلى الأخ الخزاعي . . لماذا التعجب من العاملي ؟ هل تتعجب من عمق موالاته؟ أم أنك الآن فهمتها وعلمت أنها ليست موالاة على الطريقة الحديثة التي تجعل المناط والضابط في الرفض والقبول الميل الشخصي والهوى النفسي والإعلام الأوروبي . بل إن كل شيعي ما أن يرجع إلى عمق فطرته وولائه لأئمة الهدى، يتيقن بصحة ما قاله العاملي.

الشعائر الحسينية. . .

- كتب (عبدالحسين البصري) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 1-4-2001 التاسعة صباحاً موضوعاً بعنوان (الشعائر الحسينية . . .)، قال فيه:

البكاء

لا شك أن فيما بين أيدينا من المرويات تُظهر أن أول من بكى الإمام الحسين علیه السلام قبل استشهاده كان رسول الله صلی الله علیه و آله .

فعن أم سلمة رضوان الله تعالى عليها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً ذات يوم في بيتي فقال: لا يدخلن علي أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج النبي صلى الله عليه وسلم يبكي، فاطلعت فإذا الحسين في حجره أو إلى جنبه يمسح رأسه وهو يبكي، فقلت: والله ما علمت به حتى دخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن جبريل كان معنا في البيت فقال: أتحبه؟ فقلت: أما من حب الدنيا فنعم، فقال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء، فتناول جبريل من ترابها فأراه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أحيط بالحسين حين قتل

ص: 265

قال: ما اسم هذه الأرض ؟ قالوا: أرض كربلاء، قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، أرض كرب وبلاء .

وعن الشعبي قال: مر علي بكربلاء عند مسيره إلى صفين وحاذى نينوى . . فوقف وسأل عن اسم الأرض فقيل كربلاء، بكى حتى بلَّ الأرض من دموعه، ثم قال: دخلت على رسول الله صلی الله علیه و آله وهو يبكي فقلت: ما يبكيك ؟ قال: كان عندي جبرائيل آنفاً، وأخبرني أن ولدي الحسين يُقتل بشاطئ الفرات بموضع يقال له كربلاء، ثم قبض قبضة من تراب أشمني إياه فلم أملك عيني أن أفاضتا . (استشهاد الحسين للطبري بتعليق السيد الجميلي) .

وذكر ابن حجر في صواعقه قال: وأخرج البغوي في معجمه من حديث أنس أن النبي صلی الله علیه و آله كان عند أم سلمة فقال: يا أم سلمة إحفظي هذا التراب فإذا صار دماً عبيطاً، فقد قتل ولدي الحسين بكربلاء .

وقال: أخرج الترمذي أن أم سلمة رأت النبي صلی الله علیه و آله في المنام باكياً وبرأسه ولحيته التراب فسألته، فقال: قتل ولدي الحسين آنفاً .

قال ابن حجر: وكذلك رآه ابن عباس نصف النهار أشعث بيده قارورة فيها دم يلتقطه فسأله فقال صلی الله علیه و آله : دم الحسين وأصحابه . فنظروا بعد ذلك فوجدوه قد قتل في ذلك اليوم .

إقامة مجالس العزاء

الظاهر مما رواه الشيخ الطوسي في أماليه عن ابن جبير عن ابن عباس قال: (بينا أنا راقد في منزلي سمعت صراخاً عالياً في بيت أم سلمة زوج النبي صلی الله علیه و آله ، فخرجت إلى منزلها وأقبل أهل المدينة إليها الرجال والنساء فقلت: مالك تصرخين وتغوثين؟ فلم تُجب، وأقبلت الهاشميات فقالت: أسعدنني وابكين

ص: 266

معي، قُتل والله سيدكن وسيد شباب أهل الجنة، قد قُتل سبط النبي صلی الله علیه و آله وريحانته الحسين . فقلت: ومن أين علمت ذلك ؟! قالت: رأيت رسول الله صلی الله علیه و آله في المنام الساعة أشعث مذعوراً فسألته عن شأنه فقال: قُتل أبني الحسين وأهل بيته ! قالت: فقمت حتى دخلت البيت وأنا لا أكاد أعقل، فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرئيل من كربلاء قد صارت دماً عبيطاً!! قال: فأخذت أم سلمة من ذلك الدم فلطخت به وجهها، وجعلت ذلك اليوم مأتماً ومناحة على الحسي ن، فجاء الركبان بخبره وأنه قُتل في ذلك اليوم) . انتهى .

الظاهر مما رواه الشيخ أن أم المؤمنين أم سلمة، هي أول من أقامت مجالس العزاء . وإن كان الظاهر مما ذكره الطبري في استشهاد الحسين أن أول من أقام مجلس العزاء هي هند بنت عبد الله بن عامر زوج يزيد بمشاركة العقيلة زينب علیها السلام وبقية النساء من السبايا . فقد ذكر الطبري: فخرجن حتى دخلن دار يزيد فلم تبق امرأة من آل معاوية إلا استقبلتهن تبكي وتنوح على الحسين، فأقاموا عليه المناحة ثلاثاً.. وفي رواية أُخرى ذكر: فلم تبق امرأة من آل يزيد إلا أتتهن وأقمن المأتم. ولا أرى ثمة خلافاً في كلا الخبرين .

وينقل الطبري عن عبد الملك بن أبي الحارث السلمي أنه لما نادى بقتل الحسين في المدينة قال: لم أسمع والله واعية قط مثل واعية نساء بني هاشم في دورهن على الحسين !!

يوم عاشوراء

روى الشيخ في المصباح عن عبد الله بن سنان قال: دخلت على سيدي أبي عبد الله علیه السلام في يوم عاشوراء فلقيته كاسف اللون ظاهر الحزن ودموعه تنحدر من عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: يا ابن رسول الله مِمَّ بكاؤك لا أبكى الله

ص: 267

عينيك . فقال لي: أوَ في غفلة أنت ؟! أما علمت أن الحسين بن علي أصيب في مثل هذا اليوم ؟! فقلت: يا سيدي فما قولك في صومه ؟ فقال لي: صمه من غير تبييت وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله يوم صوم كامل. وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، في مثل ذلك الوقت تجلت الهيجاء عن آل رسول الله صلی الله علیه و آله وانكشفت الملحمة عنهم وفي الأرض منهم ثلاثون رجلاً صريعاً ما لهم على الأرض مثيل! يعز على رسول الله صلی الله علیه و آله مصرعهم، ولو كان في الدنيا يومئذ حياً لكان صلی الله علیه و آله هو المعزى بهم. قال: ثم بكى علیه السلام حتى اخضلت لحيته بدموعه . . .

وفي هذا يقول الشريف الرضي (قده):

لو رسول الله يحيى بعده *** قعد اليوم عليه للعزا

يا رسول الله لو عاينتهم *** وهم ما بين قتل وسبا

لرأت عيناك منهم منظراً *** للحشى شجوا وللعين قذا

واستأذنه السيد الحميري، فأقعد علیه السلام حرمه خلف ستر ودخل وسلم وجلس، فاستنشده فأنشده:

أمْرُرْ على جدثٍ الحسين *** فقل لأعظُمِهِ الزكيهْ

آأعظماً لا زلتِ من *** وَطْفَاءِ ساكبةٍ رويه

وإذا مررتَ بقبرهِ *** فَأَطِلْ بهِ وقفَ المَطيَّهْ

وابْكِ المطهرَ للمطهر *** والمطهرة النقيه

كبكاء مُعْوِلةٍ أتتْ *** يوماً لواحدها المنيه

قال فرأيت دموع الصادق علیه السلام تنحدر على خديه، وارتفع الصراخ من داره، حتى أمره بالإمساك فأمسك .

ص: 268

ومثلما حدث في دار الصادق علیه السلام ، حدث في دار الرضا علیه السلام ، عندما أنشد دعبل تائيته:

إذن للطمتِ الخدَّ فاطمُ عنده وأجريتِ دمعَ العين في الوجناتِ

حتى أن الإمام علیه السلام أغمي عليه مرتين، كما رواه الصدوق .

وروى الصدوق قدس سره في أماليه عن الرضا علیه السلام أنه قال: من ترك السعي في حوائجه يوم عاشوراء قضى الله له حوائجه في الدنيا والآخرة، ومن كان يوم عاشوراء يوم مصيبته وحزنه وبكائه جعل الله عز وجل يوم القيامة يوم فرحه وسروره، وقرت بنا في الجنة عينه..

زيارة مرقده الشريف

عن مسمع قال: قال لي الصادق علیه السلام : أنت من أهل العراق؟ أما تأتي قبر الحسين علیه السلام ؟ قلت: بلى يا ابن رسول الله . قال: أفما تذكر ما صنع به ؟ قلت: بلى . قال: أفتجزع ؟ قلت: إي والله وأستعبر حتى يرى أهلي أثر ذلك عليَّ فأمتنع عن الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي . قال علیه السلام : رحم الله دمعتك، أما إنك من الذين يعدون من أهل الجزع لنا والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزنا ويخافون لخوفنا ويأمنون إذا أمنا.

اللطم وما ينحو نحوه

لعل اللطم وغيره من الممارسات التي تنحو نحوه هي من أكثر الأمور التي تعرضت للنقد من البعض، لكننا لو غضضنا الطرف عما ورد في الروايات كالتي ورد في زيارة الناحية: فبرزن من الخدور، ناشرات الشعور، لاطمات الخدود . أو ما رواه الصدوق قدس سره من أن دعبل الخزاعي لما أنشد الرضا علیه السلام قصيدته:

ص: 269

إذن للطمتِ الخد فاطمَ عنده . . . لطمتِ النساء وعلا الصراخ من وراء الستر وبكى الرضا علیه السلام حتى أغمي عليه مرتين .

إذا غضضنا الطرف عن هذا كله، فلاشك أن الأصل في هذه الممارسات هو الإباحة، ما لم يرد دليل على الحرمة.. كما هو مقرر في أصول الفقه. يقول الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء في فتاويه لأهل البصرة: (إن الأصول العملية تقتضي إباحة جميع تلك الأعمال بل هي راجحة مستحبة، وهي وسيلة من الوسائل الحسينية). إلا أن يُعلم بعروض عنوان ثانوي يقتضي حرمة شئ من تلك الأعمال الجليلة مثل كونه موجباُ للضرر بتلف النفس أو الوقوع في مرض مزمن، أما الألم الذي يزول بسرعة فلا يوجب الحرمة.

ويقول السيد السيستاني في هذا الصدد: (إنه لم تثبت حرمة الإضرار بالنفس مطلقاً، وإنما الثابت حرمته فيما يكون من قبيل هلاك النفس أو ما يلحق به) أما من يصف تلك الأعمال بالبدع، ففي الحقيقة مثل هؤلاء لايعرفون مفهوم البدعة، فكيف لهم معرفة مصاديقها؟! فإن للبدعة في اللغة أصلين أحدهما البدع من: بدع، وثانيهما: الإبداع من: أبدع. وكلاهما يُعطيان معنى واحداً وهو إنشاء الشئ بعد إن لم يكن له من قبل خلق ولا ذكر ولامعرفة .كما عرف الفراهيدي: البدع في (عينه)، وعرف الراغب الإبداع في (مفرداته) بإنشاء الصفة بلا احتذاء ولا اقتداء.

أما تعريف البدعة في الاصطلاح فهو: إدخال ما ليس من الدين فيه وهو عندنا قبيح مطلقاً . بل لا يطلق اسم البدعة عندنا إلا على ما كان محرماً كما قال رسول الله صلی الله علیه و آله : كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهي لا تقبل القسمة عندنا . وعليه وعلى ما مر يظهر لك فساد قول مَن وصفها بالبدعة . (المصادر:

ص: 270

منتخب كنز العمال. استشهاد الحسين للطبري بتعليق السيد الجميلي. أمالي الشيخ الطوسي. مصباح المتهجد للشيخ الطوسي. أمالي الصدوق. الآيات البينات للشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء. قاعدة لا ضرر ولا ضرار للسيد السيستاني. سفينة البحار للشيخ القمي. العين للفراهيدي. المفردات للراغب) .

- نشر المدعو (ابن الولاية) في شبكة الحق الثقافية، بتاريخ 11-4-2000 بياناً ذكر أنه صادر عن مكتب مرجع الشيعة السيد علي الحسيني السيستاني مد ظله، وهذا نصه:

بِسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرًّحِيمِ

ذَلِكَ وَمَن يُعَظّم شَعَائِرَ الله ِفَإِنَّهْا مِن تَقوَى القُلُوبِ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمّد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين الغّر الميامين.

أيها المسلمون: إن تعظيم الشعائر الحسينية وإظهار معالم الحق وإحياء المجالس التي تطرح العقيدة الإسلامية، وتتحلى فيها السيرة العطرة لآل بيت العصمة علیه السلام من أهم ما تقع مسئوليته عليكم , تحت أي ظرف كنتم وبأي أرض حللتم، ففيها تجسيد لمبادئ الإسلام وقيمه السامية، وفيها من الدروس والعظات والعبر ما لم يتوفر لنا في غيرها اليوم .

أيها المسلمون: إن حبّ أهل البيت الذي فرضه الله علينا بآية المودة، لا يكفينا ما لم يكن مقروناً بالعمل على هديهم والسير على نهجهم، نهج الحق ولهذا كانوا هم الوسيلة إلى حب الله ورسوله، وبغضهم هو المدخل إلى النار وقد تجلى هذا المعنى بالحديث المشهور عنه صلی الله علیه و آله : الحَسَنِ وَالحُسَينِ إبنايَ مَن

ص: 271

أحَبّهما أحَبّني وَمَن أحَبّني أحَبّه الله وَمَن أحَبّهُ الله أدخَلَه الجًنّة، وَمَن أبغَضَهما أبغَضَني، وَمَن أبغَضَني أبغَضَهُ الله، وَمَن أبغَضَهُ الله أدخَلَهُ النّار عَلى وَجهِه ِ.

إننا نتوسم بالمؤمنين والمؤمنات أن يتحلوا بسيرة أهل البيت علیه السلام ونهيب بهم أن يبثوا علومهم للملأ ويتخلقوا بأخلاقهم فينصروا المظلوم ويشيعوا العدل في مختلف جوانب حياتهم العائلية والاجتماعية , ويهتموا بأداء فرائضهم المكتوبة والمندوبة إقتداءً بالإمام الحسين علیه السلام الذي جسّدها بأروع صورها في يوم عاشوراء .

ولابدّ للمؤمنين أن يعيروا المجالس الحسينية اهتماماً خاصاً ويتخذوا من سيرة سيد الشهداء نبراساً ينير لهم طريق الحق لتتعمق على هديه علاقتهم بالقرآن الكريم والإسلام، ويعيشوا أهداف الحسين علیه السلام وقيمه ومثله التي هي أهداف وقيم ومثل الإسلام، ويضحّوا من أجلها بكل غال ونفيس, وأن ينبذوا الفرقة ويترفّعوا عن كلّ ما من شأنه التوهين بسمعة الإسلام العزيز أو تشويه صورته. فإن هذا هو المصداق الأمثل لقوله علیه السلام : أَحيوا أَمرنا. فإن إحياء أمرهم ليس بالبكاء والتباكي عليهم أو غيرها من المظاهر الحسينية التي ألفناها، بل المراد أيضا هو ما أشرنا إليه وغيره .

أيها المسلمون: لقد أصبحنا اليوم في زمن لا يَزدادُ فِيهِ الخَيرَ إِلى إِدباراً، وَالشرُ إِلا إِقبالاً، فكونوا يا عباد الله من دعاة الخير ودحضة الشر.

أيها المسلمون: إنّ أعداء الإسلام زيّنوا لنا الدنيا بالشهوات والملذّات، وشوّهوا لنا الإسلام بأقوالهم الزائفة، بغية ابتعادنا عن إسلامنا العزيز، فلا تغتروا بما قدّموا وأظهروا، وكُونُواْ قَوَّامِينَ بِالقِسطِ شُهَدَآءَ للهِ .

ص: 272

وفي الختام نوجه خطابنا إلى الاخوة الأعزاء خطباء المنبر الحسيني، وعموم المبلغين الذين هم لسان حال الإسلام وعنوانه فعليهم أن يتحلوا بكل الفضائل والكمالات، ولاسيما الورع والتقوى ليكونوا أهلاً لحمل هذه الأمانة الربانية. ومُعلم النّاس أولى بِتَعليمِ نَفسهِ وَتَهذِيبِها، لتكون بذلك موعظتهم أبلغ تأثيراً وأكثر نفعاً، حتى تتربى الأجيال الإسلامية تحت منابرهم الكريمة، ويحملوا الإسلام وهمومه قلباً وقالباً . أخذ الله بأيدينا وأيديكم لما فيه سعادة الدارين .

وَقُلِ اعمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُم وَرَسُولُهُ وَالمُؤمِنُونَ .

نوصيكم أن تكثروا من الدعاء لتعجيل ظهور إمام العصر وبقّية الله في الأرض عجل الله فرجه لينشر القسط والعدل في الأرض بعد ما ملئت ظلماً وجوراً. والسلام عليكم أيها المؤمنون ورحمة الله وبركاته.

مركز الإرتباط بسماحة آيةُ الله ِالعُظمىالسَيّد السيستاني دامَ ظِلّهُ – في لندن

غرة محرم الحرام 1421

- فكتب العاملي بتاريخ 12-4-2000:

مع الشكر للإخوة الذين كتبوا هذا البيان، لكن عليه ملاحظة أساسية، حيث وردت فيه عبارة يفهم منها التحامل على المظاهر والشعائر الحسينية التي ألفناها ! وهي تشمل كل المراسم، وتنافي فتوى السيد المرجع مد ظله، بل فتاوى كل المراجع الأجلاء الماضين والمعاصرين !! لاحظوا عبارة: (فإن إحياء أمرهم ليس بالبكاء والتباكي عليهم أو غيرها من المظاهر الحسينية التي ألفناها، بل المراد أيضاً هو ما أشرنا إليه وغيره) . ولو أنهم قالوا بدلها إن إحياء أمرهم لا يقتصر على هذه المراسم فقط... لارتفع الإشكال .

ص: 273

- فكتب المدعو (المنافس) بتاريخ 14-4-2000:

اقتراح الأخ العاملي جيد، ولكن المعنى واضح من العبارة الأولى، فكلمة أيضاً تدل على نفس المعنى الذي ذكره العاملي.... بل المراد أيضاً هو ما أشرنا إليه وغيره . فالمعنى هو: بل المراد البكاء والتباكي عليهم أو غيرها من المظاهر الحسينية التي ألفناها، وما أشرنا إليه في أول الخطاب . هذا، والله العالم .

- فكتب العاملي: إن كان مقصودهم ما ذكرت فهو جيد ويرتفع الإشكال على مقصودهم، ويبقى على العبارة، لأنها موجبة للإلتباس .

رد زعمهم أن مراسم عاشوراء من الجاهلية

- كتب (ابن تيمية) في شبكة الحق، في 22-3-2001، الثامنة والنصف مساءً، موضوعاً بعنوان (طقوس عاشوراء .. وعمل الجاهلية !!)، قال فيه:

بعد ثلاثة أيام يبدأ محرم، وتبدأ معه أعمال الجاهلية الأولى، من نحيب ولطم الخدود، وتطبير وضرب الرؤوس، وشدخ الرؤوس بالسيوف وإسالة الدماء، وخمش الوجوه، وشق الجيوب ولبس السواد.. و و و و . .

السؤال لكل العقلاء: ألم يقل الله تعالى: والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ؟ ألم يقل الله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ؟ ألم يقل الله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم ؟

ألم يقل الرسول صلی الله علیه و آله : ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ؟ ألم يقل: أنا برئ من الصالقة والحالقة والشاقة ؟ ألم ينقل القمي في: من لا يحضره الفقيه

ص: 274

عن رسول الله صلی الله علیه و آله : النياحة من عمل الجاهلية ؟ ألم ينقل المجلسي في بحار الأنوار عن رسول الله صلی الله علیه و آله : النياحة عمل الجاهلية ؟

أفتوني يا عقلاء القوم.. أفتني أيها العلامة العاملي ؟ أفتني أيها العلامة التلميذ ؟ أفتني أيها العلامة رائد الشيخ جواد ؟ أفتوني أيها الفضلاء الأعلام ؟ أفتوني أيها العقلاء ؟ فهذه حجتي عليكم يوم لا ينفع مال ولا بنون .

- وكتب (الأنيس) بتاريخ 22- 3-2001، التاسعة مساءً:

هذا هو أحد أحفاد بني أمية، لا يعجبه إحياء ذكرى سيد الشهداء أبي الأحرار الإمام أبي عبد الله الحسين عليه الصلاة والسلام .. فيأتي بأحاديث من كتبه، وينقل من كتاب البحار للعلامة المجلسي حديثاً لا يعرف مدى صحته من عدمها، خاص بالنياحة التي هي شبيه بأفعال الجاهلية، ليجعل من كل ذلك دليلاً على أن ماتفعله الشيعة من إحياء لذكرى الإمام الحسين عملاً محرماً! وهو ليس كذلك بطبيعة الحال، فلا نياحة مشابهة لعمل الجاهلية، ولا شئ من هذا القبيل... لايعجب حفيد يزيد هذا أن تحيى ذكرى الحسين، لأن فيها إدانةً لجده يزيد وأسلافه من أصحاب الشجرة الملعونة في القرآن . . .

رغماً على أنوف أحفاد بني أمية سنحيي ذكرى سيد الشهداء ... وبارك الله في الشيخ الفاضل العاملي، والأستاذ الشيخ الجليل التلميذ، والشيخ الفاضل رائد الشيخ جواد، الذين أفحموا هؤلاء في كل حوار ونقاش معهم . وليخسأ أتباع يزيد وابن تيمية .

- وكتب (أبوسمية) بتاريخ 22- 3-2001، العاشرة ليلاًً:

الجاهلية في تنزيه الأعوج، وعبادة الشخصيات التي مرغت وجوهها وعفرتها سجوداً لهبل . . وتركت الحبل المتين، المطهرين من دنس الوثنية، وأبعدتهم

ص: 275

عن الساحة . . إحياء ذكريات آل البيت فرحاً وحزناً إحياء لذكر الله لأنهم الحبل الممدود بين السماء والأرض ..

وكأني بمستر همفر وهو ينظر لمحاربة الدين بطمس معالم آل البيت ..

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وكل تابع له على ذلك .

- وكتب العاملي بتاريخ 22-3–2001، العاشرة والنصف ليلاً:

http://www.ansaralhussein.com/ansar/Forum1/HTML/001393.html

فحوله على مناقشة هذا الموضوع في شبكة أنصار الحسين علیه السلام .

- وكتب (ثابت) بتاريخ 23- 3-2001، الثانية والثلث صباحاً:

الزميل العزيز ابن تيمية .. في البدء من أين استقيت هذه الأفكار والأقوال عن الشيعة بأنهم بقومون بالأعمال التي ذكرتها في ذكرى استشهاد سبط النبي صلی الله علیه و آله الإمام الحسين علیه السلام ، وأنهم لا يقتلون أنفسهم حتى تذكرهم بقوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة، أو قوله تعالى: ولا تقتلوا أنفسكم ؟ !

إن ما يقومون به من إظهار بعض المشاعر على حزنهم على مصاب عظيم.. هو تعبيٌر بسيطٌ عن حبهم لآل البيت الكرام، واستنكارهم لجريمة كبيرة حدثت في صدر الإسلام، قتل فيها ثلة من أحباب قلب رسول الله ؟ فلماذا تتحفظ أنت أيها الأخ المسلم عليهم ؟! إذا كنت لا ترغب في تقليدهم بما يفعلون، فأبسط الأمور أن تتركهم يعبرون عما يجول في صدورهم من حزن بالطريقة التي يحبون .

عزيزي .. ألا تخلد كل أمة عظماءها كل عام، سواء بمناسبات سعيدة أو حزينه ؟ وهؤلاء أيضاً جزءٌ من أمة .. أتركوهم يمارسون أبسط حقوقهم في ممارسة عمل يعتقدون أنها من صميم العبادة ولهم أدلتهم عليها . قال تعالى: ومن

ص: 276

يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . . السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين، وعلى أبناء الحسين، وعلى أنصار الحسين .

- وكتب (أحمد حسن علي) بتاريخ 23-3-2001، الواحدة صباحاً:

أستغرب كثيراً من أسلوب أهل الجماعة الهجومي !

بدل الإنتقاء العشوائي للموضوع وبتره من النصف.. أطرح عليك يا من طرحت الشعائر الحسينية للنقاش: هل تعرف أنك مسؤول أمام الله يوم القيامة عن موقفك في قضية كربلاء ؟! وفي أي معسكر تقف ؟ في معسكر الفاجر الملعون على لسان النبي صلی الله علیه و آله .. أم في معسكر الحسين ؟ والله إنك لمسؤول عن دم الحسين وأولاده وإخوته و73 من أهل بيته وأصحابه، الذين قتلوا في كربلاء ..

أنت مع الحسين أم مع يزيد؟ هذا هو السؤال.. وقفوهم إنهم مسؤولون !

لم أدْرِ أين رجالُ المسلمين مضوا . . . وكيف صار يزيدٌ بينهم ملكا

السلام عليك يا أبا عبد الله الحسين .

- وكتب (أكبري) بتاريخ 23- 3-2001، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

الى ابن تيمية .. بدأت بالقيل والقال من غير أن تفهم معنى ثورة الحسين علیه السلام ! فعليك أولاً أن تبحث في مفاهيم ومضامين ثورة الحسين علیه السلام ومن ثم إرجع إلينا لنخبرك لماذا نبكي على هذه الشخصية العظيمة والفذة، والقائد الملهم والرجل ذي المواقف الرجولية والبطولية؟

فإنني أقسم إذا عرفت الحسين علیه السلام حق المعرفة أنك سوف تبكي بدل الدموع الدم، بل أقوى من ذلك بكثير .. علمنا الحسين علیه السلام أن الإسلام هو أن

ص: 277

تعبد الله فقط، ولا تعبد غير الله شيئاً، ولا تخاف من يزيد الذي حرف معالم دين الله القويم .

- وكتب (الجعفري) بتاريخ 23- 3-2001، الثانية صباحاً:

السلام على إخوتي وأحبائي شيعة رسول الله صلی الله علیه و آله .. تقبل الله صالح أعمالكم ووفقنا وإياكم لما فيه خير الدنيا والآخرة، ورزقنا وإياكم رحمته الواسعة شفاعة محمد وآله الطبين الطاهرين، ورحم الله والديكم على هذه التربية الطيبة المحمدية، والحمد لله على هذه الصفوة الطيبة من شيعة محمد وآل محمد صلی الله علیه و آله ، وجزاكم الله خيراً عن رسول الله وآله الطبين الطاهرين، وعن الإسلام والمسلمين .

أقول له . . بأننا نبكي على حفيد رسول الله صلی الله علیه و آله ، نبكي على ريحانة رسول الله صلی الله علیه و آله ، نبكي على سيد شباب أهل الجنة التي لن تشموا حتى رائحتها . . نبكي على ابن بنت رسول الله سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، صلى الله عليها وعلى أبيها وآلهم الطيبين الطاهرين . نبكي على ابن الإمام علي بن أبي طالب مؤمن قريش علیهما السلام . .

- وكتب (أبو محمد) بتاريخ 23- 3-2001، الثانية والربع صباحاً:

لا أعتقد بأنه بعد رد الشيخ العاملي والإخوان الكرام من رد، ولكن ليأذن لي الشيخ العاملي وبقية الإخوان بهذه الإفادة:

1 - كعادتهم ضعاف النفوس يوزعون نفس الموضوع على عدة مواقع، ليثيروا الفتن ويبثوا سمومهم، ويعلنوا عداءهم لآل بيت النبوة بكل فخر واعتزاز ! ويولوا الأدبار فارِّين من الحوار !

ص: 278

2- نحن نبكي على استشهاد الإمام الحسين علیه السلام ، لأنه مصاب عظيم أصاب الأمة الإسلامية جمعاء، وهل هناك أعظم من قتل سبط النبي محمد صلی الله علیه و آله وريحانته، وسيد شباب أهل الجنة ؟!

3- لنفترض حسب إدعائك بأننا نرتكب المحرم بالبكاء، ونحن من عامة الناس، فما رأيك في هذه الآيات الكريمة فاقرأها لعل الله يهديك: وتولى عنهم وقال يا أسفى على يوسف وابيضت عيناه من الحزين فهو كظيم . قالوا تالله تذكر يوسف حتى تكون حَرَضاً أو تكون من الهالكين . قال إنما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله مالا تعلمون . صدق الله العلي العظيم .

ونحن بدورنا نقول إنما نشكوا بثنا وحزننا إلى الله، وإنا لله وإنا إليه راجعون، وندعو بصوت واحد مرتفع: يا أبا عبد الله، لقد عظمت الرزية وجلت وعظمت المصيبة بك علينا وعلى جميع أهل الإسلام، فلعن الله أمة أسست أساس الظلم والجور عليكم أهل البيت، ولعن الله أمة دفعتكم عن مقامكم، وأزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها، ولعن الله أمة قتلتكم، ولعن الله الممهدين لهم بالتمكين من قتالكم . برئت إلى الله منهم ومن أشياعهم وأتباعهم وأوليائهم .

أرجو ألا تكون ممن يشملهم هذا الدعاء، فكل محبي آل البيت يدعون به في كل ذكرى لإستشهاد الإمام الحسين علیه السلام .

اللهم ثبتنا على حب محمد وآل محمد .

- وكتب (ابن تيمية) بتاريخ 23- 3-2001 السادسة والثلث صباحاً:

كم وكم تمنيت أن أجد جواباً عقلانياً واحداً ولكن لم أجد ..

فكل البضاعة مزجاة.. يبدو أن الجماعة يمارسون أعمالاً لايعلمون منشأها ولاشرعيتها، وهذه أم وبنت المصائب ..كانت كل الإجابات تختزل الموضوع

ص: 279

في قوقعة البكاء رغم أني لم أستشكل في ذلك .. فياليت القوم يقرؤون ما كتبت .. ثم يفهمون ما يقرؤون .. ثم يعلقون على ما يفهمون ..

ويبدو لي أن هذه معادلة فيزيائية في عالم الهمبرغر والهوت دغ .

- وكتب (القرشي) بتاريخ 23- 3-2001، قريب السابعة صباحاً:

إلى ابن تيمية .. أتدري لماذالم تقنعك إجابات القوم.. ولم تدخل عقلك ؟! لأن عقولكم في البحث مع الشيعة تسيطر عليها العصبية، وتبدأون تفكرون وللأسف من دون تعقل، فتهجمون على كل شئ .. حتى لو كان حقاً !

فالمجالس الحسينية فيها الوعظ والإرشاد، والشيعة يجلسون في عاشوراء يومياً للإستماع إلى تلك المجالس .. وفي نفس الوقت عندما تذكر قصة الشهادة يبكون على إمامهم المظلوم .

أو يغيضك ذكر الحسين إلى هذه الدرجة ؟! ولايغيضك مايجري الآن في أكثر البلدان السنية من الرقص بالسيف في مناسبات عديدة ؟! أم إقامتهم مواكب الرقص في مناسبات عديدة، وقد هيؤوا لذلك فرقاً ومجاميع ! أم أنك طربت ونسيت التعليق على ذلك ؟!!

- وكتب (ابن تيمية) بتاريخ 23- 3-2001، الخامسة والنصف مساءً:

قد ألف عبد الحسين شرف الدين الموسوي كتاباً سماه المجالس الفاخرة في مآتم العترة الطاهرة، حاول فيه كعادته في مؤلفاته الدفاع عن البدع والخرافات التي يتعبد بها الشيعة، ومنها المآتم كما يفهم من عنوان الكتاب. نعم حاول أن يثبت جواز إقامة المآتم من بكاء النبي على ابنه إبراهيم . لقد ذرفت عين النبي، ولكن هل فعل النبي ما تفعله الشيعة في المآتم ؟!

ص: 280

وهل جعل النبي من موت عمه حمزة رضي الله عنه وغيره مناسبة سنوية يجتمع فيها كل عام ويتفنن باكياً أو متباكياً لكي يبكي الحاضرون، كما يفعل علماء الشيعة وخطباؤهم في الحسينيات ؟ وهل كان النبي يوزع شراب الفيمتو والشاهي والتدخين في ذكرى مقتل أو موت من ذكرهم هذا المؤلف ؟

ويقول عبد الحسين الموسوي: وقد استمرت سيرة الأمة على الندب والعويل، وأمروا أوليائهم لإقامة مآتم الحزن على الحسين، جيلاً بعد جيل . ويقول وهو يرد على من عاب على الشيعة نياحهم وعويلهم: ولو علم اللائم الأحمق بما في حزننا على أهل البيت من النصرة لهم، والحرب الطاحنة لأعدائهم، لخشع أمام حزننا الطويل ولأكبر الحكمة المقصودة من هذا النوح والعويل، ولأذْعَنَ للأسرار في استمرارنا على ذلك في كل جيل .

قلنا: هذا النوح والعويل منهيٌّ عنه شرعاً برواياتنا ورواياتكم، وأنا أذكر الروايات التي تحضرني من كتب الشيعة:

الأولى: قال محمد بن علي بن الحسين الملقب عند الشيعة بالصدوق: من ألفاظ رسول الله التي لم يسبق إليها: النياحة من عمل الجاهلية.

(وسائل الشيعة 12/915، بحار الأنوار 82/103)

الثانية: ما رواه الإمام الصادق عن آبائه علیهم السلام في حديث المناهي قال: نهى رسول الله وآله عن الرنة عند المصيبة ونهى عن النياحة والإستماع إليها .

(وسائل الشيعة 2/915)

فالشيعي آثم لنياحة واستماعه النياح فليحذر .

الثالثة: عن رسول الله وآله قال: صوتان ملعونان يبغضهما الله: إعوال عند مصيبة، وصوت عند نعمة، يعني النوح والغناء .

ص: 281

(مستدرك الوسائل للنوري 1/144. بحار الأنوار 82/101).

الرابعة: ما جاء عن أبي عبد الله علیه السلام قال: لا يصلح الصياح على الميت ولا ينبغي، ولكن الناس لا يعرفون .

(الكافي 3/226. الوافي 12/88. وسائل الشيعة 2/916).

الخامسة: في كتاب الإمام علي علیه السلام إلى رفاعة بن شداد:

وإياك والنوح على الميت ببلد يكون صوت لك به سلطان .

(مستدرك الوسائل 1/144).

السادسة: عن الصادق علیه السلام قال: من ضرب يده عل فخذه عند المصيبة حبط أجره (وسائل الشيعة 2/914).

السابعة: عن أبي عبد الله: لا ينبغي الصياح على الميت ولاتشق الثياب .

(الكافي 3/225، وسائل الشيعة 2/916).

الثامنة: قوله لفاطمة حين قُتل (جعفر بن أبي طالب): لاتدعي بذل ولا ثُكل ولا حزن وما قلت فقد صدقت . (من لايحضره الفقيه1/112، الوافي 13/88، وسائل الشيعة 2/915)

التاسعة: عن أبي سعيد أن رسول الله وآله: لعن النائحة والمستمعة .

(مستدرك الوسائل 1/144) .

العاشرة: عن أبي جعفر قال: أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر، وجز الشعر من النواصي، ومن أقام النواحة فقد ترك الصبر، وأخذ في غير الطريقة . (الكافي 3/223، وسائل الشيعة 2/915، بحار الأنوار 82/76)

أما النهي عن اللطم ففيه أحاديث وردت من طرق الشيعة منكرة عليهم ما يفعلونه في الحسينيات والمآتم .

- وكتب (ابن أبي تراب) بتاريخ 24-3-2001، الثانية صباحاً:

ص: 282

إن كان اللطم والبكاء لمقتل الحسين علیه السلام لا يجوز، فماذا تقول فيمن لطم وبكى وحاول الإنتحار لموت عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش وطلال مداح ؟!! ولماذا لم تتوقف عائشة وأم فروة زوجة أبي بكر من اللطم والبكاء على أبي بكر حتى ضرب عمر أم فروة على رأسها بالحذاء، فتوقفت عن اللطم والبكاء ؟! موتوا بغيظكم .. تحسدونهم على علاهم . .

- وكتب (أحمد حسن علي) بتاريخ 24- 3-2001، الرابعة صباحاً:

هذا لو كان حاضراً في كربلاء لسل السيف في وجه الحسين، وأنتم تريدون إقناعه بالشعائر ؟ !

أرجو من الأخوة عدم إعطاء الفرصة لهؤلاء الحاقدين، وإضاعة الوقت، إجعلو النقاش مثمراً . . تكلموا عن الحسين أخلاق الحسين، ما جرى في كربلاء من مصائب، ما جري على السبايا من محن .. نريد أن نستفيد من محرم، فلا يدخل هذا البعيد عنا بيننا فيشوش هذه الأيام الحسينية بأفكاره المسمومة . أرجو أن أكون أنا آخر مشارك في هذا الحوار، وفتح حوار جديد يسرُّ قلبَ الحسين:

تبكيك عيني لا لأجل مثوبةٍ لكنما عيني لأجلك باكيهْ

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 26- 3-2001، العاشرة والثلث ليلاً:

نتعجب من الزميل ابن تيمية وتبجحاته بأقواله التي تنم عن جهله أولاً، قبل أن تنم عن مدى تشوقه للطعن بالشيعة، وإن اضطر الى الطعن فيمن يعتبرهم قدوةً له !! فأول أقواله التي تبجح بها هو قوله: فالشيعي آثم لنياحة واستماعه النياح، فليحذر .

كأنه مفتي الشيعة في زمانه ! ذاهلاً عما في كتبه أن عائشة أقامت النياحة على أبيها أبي بكر، فهل كانت آثمة بإقامتها النائحة على أبيها ؟! فقد قال البخاري في

ص: 283

كتاب الخصومات.. باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة: (وقد أخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت) ! قال ابن حجر في فتح الباري: قوله: باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة: أي بأحوالهم، أو بعد معرفتهم بالحكم ويكون ذلك على سبيل التأديب لهم . قوله: وقد أخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت. وصله ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب قال: لما توفي أبو بكر أقامت عائشة عليه النوح، فبلغ عمر فنهاهن فأبين، فقال لهشام بن الوليد: أخرج إليًّ بنت أبي قحافة يعني أم فروة فعلاها بالدرة ضربات، فتفرق النوائح حين سمعن بذلك !! ووصله إسحاق بن راهويه في مسنده من وجه آخر عن الزهري وفيه: فجعل يخرجهن امرأة امرأة وهو يضربهن بالدرة .

(فتح الباري - كتاب الخصومات - باب 5، 6 - ح 2420)

فلئن كنا نحن الشيعة من أهل الجاهلية على ما قال الزميل ابن تيمية لإقامتنا النياحة على السبط الشهيد علیه السلام ، المحزوز الراس من القفا.. فأم المؤمنين عائشة هي في مقدمة أهل الجاهلية لإقامتها النوح على أبيها وإصرارها على النياحة هي وأخت أبي بكر، والنسوة اللاتي كن معهن، حتى مع نهي عمر !!

وأما قوله: هذا النوح والعويل منهي عنه شرعاً برواياتنا ورواياتكم . . . فنقول له: وهل حضرتك الروايات التي تجيز النياحة ؟ أم أنك آثرت تركها ؟ أم أنك تنقل من نفس المصدر الذي ينقل منه الأخ عاشق السبطين ؟!!

ثم الظاهر أن ابن تيمية ومن نقل عنه وغيره من أهل السنة لايعلمون بما في كتبكم، ولو قرؤوا كتاب الشرح الكبير لعبد الرحمن بن قدامه (2/430) لرأوا قوله بعد أن ذكر عدم جواز الندب والنياحة: (وقال بعض أصحابنا هو مكروه،

ص: 284

ونقل حرب عن أحمد كلاماً يحتمل إباحة النوح والندب، واختاره الخلال وصاحبه، لأن واثلة بن الأسقع وأبا وائل كانا يستمعان النوح ويبكيان . وقال أحمد: إذا ذكرت المرأة مثل ماحكي عن فاطمة في مثل الدعاء لا يكون مثل النوح، يعني لا بأس به، وروي عن فاطمة أنها قالت: يا أبتاه، من ربه ما أدناه، إلى جبريل أنعاه . يا أبتاه، أجاب رباً دعاه .

وروي عن علي عن فاطمة رضي الله عنهما أنها أخذت قبضة من تراب قبر النبي صلى الله عليه وسلم فوضعتها على عينها، ثم قالت:

ماذا على مشتم تربة أحمد *** أن لا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو انها *** صبت على الأيام عدن لياليا) .

والمشكلة أننا ابتلينا بأناس لايفهمون إلا القص واللزق وينقلون أي حاجة وأي كلام ليطعنوا فقط، حتى وإن كان ماينقلونه يكشف عن جهالتهم بما في كتبهم !

وأما بالنسبة للروايات المروية في كتبنا، فنحيل المدعو ابن تيمية إلى فقهائنا وما ذكروه في كتبهم لكي تعرف كيف تخلط وتلبس في المرة القادمة !!

قال المحقق الحلي في المعتبر: 1/344: (ويجوز النياحة على الميت بتعداد فضائله من غير تخط إلى كذب، ولاتظلم ولا تسخط . وذهب كثير من أصحاب الحديث من الجمهور إلى تحريمه، واحتجوا بما روت أم عطية قالت: أخذ علينا النبي صلی الله علیه و آله عند البيعة ألا ننوح، ولأنه يشبه التظلم والإستعابة والتسخط بقضاء الله .

لنا: ما روي أن فاطمة علیها السلام كانت تنوح على النبي صلی الله علیه و آله . روي أنها أخذت قبضة من تراب قبر النبي صلی الله علیه و آله فوضعتها على عينيها وقالت:

ص: 285

ماذا على من شتم تربة أحمد *** أن لا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو انها *** صبت على الأيام عدن لياليا (1)

ورووا أن وائلة بن الأسفع وأبا وائل كانا يستمعان النوح، ويبكيان ولم ينقل إنكار أحد من الصحابة عليهم. (ذكر ذلك ابن قدامة كما بيناه أعلاه)

ومن طريق الأصحاب ماروى أبوحمزة عن أبي جعفر علیه السلام قال: مات ابن المغيرة فسألت أم سلمة النبي صلی الله علیه و آله أن يأذن لها في المضي إلى مناحته فأذن لها فندبت ابن عمها بين يدي النبي صلی الله علیه و آله وقالت:

أنعى الوليد بن الوليد *** أخا الوليد فتى العشيرهْ

حامي الحقيقة ماجداً *** يسموا إلى طلب الوتيرهة

قد كان غيثاً للسنين *** وجعفراً غدقاً وميره

فما عاب النبي صلی الله علیه و آله ذلك، ولا قال لها شيئاً .

وقال النبي صلی الله علیه و آله لفاطمة حين قتل جعفر بن أبي طالب: لا تدعين بذل ولا نكل ولا حرب وما قلت فيه فقد صدقت . (2).

وأمر النبي صلی الله علیه و آله بالندب على حمزة . (3).

وعن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله علیه السلام قال: قال لي أبو جعفر علیه السلام : أَوْقف لي من مالي كذا وكذا للنوادب يندبنني عشر سنين بمنى أيام منى . (4).

والجواب عما ذكروه من الحديث أنه يمكن أن يكون إشارة إلى النوح الذي يتضمن جزعاً وسخطاً، أو قولاً باطلاً، وأما قولهم يشبه التسخط والإستعابة فنحن نحرم ذلك، لكن ليس كل النوح كذلك، وإنما نبيح منه ما يتضمن ذكر خصائصه وفضائله وفواضله وحكاية التألم بفقده، وهذا لايتضمن ما ذكروه.

ص: 286


1- بحار الانوار ج 79 ص 106.
2- الوسائل ج 2 أبواب الدفن باب 83 ح 4.
3- بحار الانوار ج 79 ص كتاب الطهارة ح 26، إلا أن فيه: أمر النبي بالنوح على حمزة.
4- الوسائل ج 12 ابواب ما يكتسب به باب 17 ح 1.

وقد روينا عن الصادق علیه السلام أنه قال: لا بأس بأجر النائحة إذا قالت صدقاً . (1). ذكره ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه) .

وقال العلامة الحلي في منتهى المطلب: 1/466: (النياحة بالباطل محرمة إجماعاً . أما بالحق فجائز إجماعاً، روى الجمهور عن فاطمة علیها السلام قالت: يا أبتاه من ربي ما أدنى يا أبتاه إلى جبرئيل أنعاه. يا أبتاه أجاب ربا دعاه . . .) . إلى آخر ما أورده السيد الفاطمي من آراء فقهائنا في النياحة، ومناقشاتهم لمن حرمها مطلقاً من المذاهب الأخرى.. ثم قال:

ننتظر لنرى ابن تيمية، ونأمل أن لا يختفي كما فعل في هذا الرابط بعدما بتر وحور قول السيد الخوئي نور الله ضريحه:

http://www.ansaralhussein.com/ansar/Forum1/HTML/001189.html

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء .

- وكتب (أبومحمد) بتاريخ 27- 3-2001، العاشرة والربع ليلاً:

أخي العزيز الفاطمي حفظه الله .. لك مني كل التقدير والإحترام، لله درك ما تركت غشاوة على عقول القوم إلا قشعتها، فإلى الأمام يامحبي رسول الله وعترته إلى الأمام، ثبتنا الله وإياكم على الحق وإحقاقه .

أتراك يافاطمي تظن بأن القوم لازالوا في الميدان؟! لاوالله لقد ظهر الحق لهم جلياً ولكن ما من معترف، ولاحول ولاقوة إلا بالله .

ص: 287


1- الوسائل ج 2 أبواب الدفن باب 71 ح 2 (مع اختلاف يسير) .

ومانقول إلا: حسبنا الله ونعم الوكيل. ترون الحق وتغمضون أعينكم عنه.

المهم: الشكر الجزيل لكل من شارك في هذا الحوار بقصد إحقاق الحق ورفع راية الإسلام. وفي النهاية فلنقف قليلاً ولنسأل كما سأل أخي العزيز الفاطمي:

ولأي الأمور تدفن ليلاً *** بضعة المصطفى ويعفى ثراها

فمضت وهي أعظم الناس شجواً *** في فم الدهر غصة من جواها

وثوت لا يرى لها الناس مثوى *** أي قدس يضمه مثواها

آه ثم آه ثم آآآه . اللهم ثبتنا على حب محمد وآل محمد .

- وكتب (أبو محمد) بتاريخ 28- 3-2001، الخامسة والربع مساءً:

أينك يا ابن تيمية ؟!

- وكتب (ابن تيمية) بتاريخ 29- 3-2001، الثامنة مساءً:

أيها الفاطمي المحروق .. تتهمني بالتبجح وأنت لا تفقه أبجديات اللغة العربية، وتناقش في مواضيع عميقة وأنت لاتملك أبسط مفاتيح العلم .

الأمثلة التي ذكرتها لاتدل بحال على الإباحة، فكل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر .. وتصرف زينب أخت الحسين بضرب رأسها بمقدمة المحمل ليست بحجة حتى عند علمائكم، وإذا كانت حجة لمجرد أنها بنت إمام فلتأخذ دينكم من عبد الله الأبطح وجعفر الكذاب ابن الإمام الصادق .

ثم أنتم تذكرون أن الإمام الحسين قال لأخته: أختاه إذا أنا قتلت فلا تشقي علي ثوباً ولا تخدشي وجهاً، ولا تدعي بالويل والثبور وعظائم الأمور.

ثم إن الإنسان مطلوب منه أن يرد الضرر عن نفسه لا أن يجلبه لها .

ص: 288

ثم إذا كان التطبير تعبير عن الحزن والألم، فهل أنت إذا فقدت أباً أو أماً أو صديقاً عزيزاً، هل تضرب رأسك بسيف، أو تشدخ ظهرك بسلسلة، أو تخدش وجهك، أو تشق جيبك ؟! هذه أعمال مجانين!!

ثم إذا كان هذا مستحباً وفيه تقرب إلى الله، فلماذا مراجعكم يعزفون عن التطبير ولا يقومون به بأنفسهم . . لماذا يترفعون عن عمل الخير ؟!

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 29- 3-2001، التاسعة مساءً:

ما شاء الله على هذا الرد . . أتعبت نفسك يا الملاك الطائر يا بن تيمية !! اختفيت قرابة ثلاثة أيام وبعدها تأتينا بهذا الرد المتهافت !!

والظاهر أن أسئلتي كانت ثقيلة عليك حتى أنك لم تجد إلا أن تتبع أخطائي الإملائية لكي تحفظ ماء وجهك أمام المطبلين لك !

ثم قل لي: هل بان لك كذب قولك (فالشيعي آثم لنياحة واستماعه النياح فليحذر) ! وهل أثمت أم المؤمنين عائشة بإقامتها النوح على أبيها أم لا ؟! أم أنك تفقه من أمور دينك أكثر منها ؟!

مالك يا ملاك الطائر تهربت من الرد على هذا السؤال ؟!!

هل أم المؤمنين عائشة أثمت بإقامتها النوح على أبيها أبي بكر أم لا!!

نكرر .. علك ترد !! نريد جواباً .. وكفاك تهرباً ! ثم ما رأيك في استماع الصحابي الجليل واثلة بن الأسقع للنياحة !! وهل تؤثمه أم لا !!

أعلم كم تورطت في الرد على أسئلتي وكم هو صعب أن تجيب عليها !! ولذلك آثرت الهرب من الرد وقلت: ثم الأمثلة التي ذكرتها لا تدل بحال على الإباحة، فكل يؤخذ منه ويرد إلا صاحب هذا القبر .. علك تنفذ نفسك من ورطتك !!

ص: 289

ولكنك لم تعلم بأنك طعنت بأم المؤمنين وأحد صحابتك العدول وإمامك أحمد !! فهل أنت أفضل من أم المؤمنين عائشة والصحابي واثلة بن الأسقع وإمامك أحمد ؟ في الأخذ من صاحب القبر صلی الله علیه و آله ؟!!

كم أنت مسكين يالملاك الطائر.. تحاول الخروج جاهداً من ورطة لتقع في أخرى ! نراك .

نسيت هذا السؤال ياملاك الطائر.. عفواً يا ابن تيمية:

هل كانت أم المؤمنين عائشة بإقامتها النوح على أبيها من أهل الجاهلية، كما تقول عن الشيعة لإقامتهم النوح على الحسين علیه السلام !!

أترد أم تثبت أنك فعلاً الملاك الهارب، عفواً الطائر !!

- قال العاملي: اختصرنا هذه المناقشة مع المدعو ابن تيمية.. وقد غاب ولم يجب المدعو ابن تيمية على أسئلة السيد الفاطمي !

ص: 290

البكاء على الحسين بدعة ! وقتله اجتهاد !!

- كتب (هشام) في شبكة الحق بتاريخ 28-3-2001، العاشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (البكاء بدعة ! والقتل اجتهاد ! مالكم كيف تحكمون ؟) قال فيه:

من الواضح الذي لا شك فيه لدى كل إنسان ذو فطرة سليمة، جواز البكاء على الموتى ولا سيما الشهداء منهم وأصحاب المواقف المشرفة لأمتنا الإسلامية، كأهل بيت العصمة والطهارة علیهم السلام .. ولقد أقر القرآن الكريم ذلك البكاء وأجازته السنة الشريفة، ومع ذلك نجد شرذمة من الجهال ما زالوا ينعقون قائلين: إن البكاء بدعة، والبدعة في النار ! فيخالفون بذلك القرآن الكريم وسنة النبي الأمين صلی الله علیه و آله جهاراً وبكل وقاحة، ويقلبون المعروف منكراً والمنكر معروفاً !!

والقتل أعزائي، فلا شك ولا شبهة في حرمته، وأنه من كبائر الذنوب التي توجب الخسران الأبدي كما صرح بذلك القرآن نفسه.. إلا أن أولئك الجهال يقولون بأنه اجتهاد ويؤجر عليه القاتل، فيجيزون لأسلافهم قتل المسلمبن المؤمنين بحجة ذلك الإجتهاد المزعوم، كي يبرروا لأنفسهم ذلك . ويحرمون البكاء على شهداء أيديهم كي لا يفتضحوا !!

فالبكاء بدعة ! والقتل اجتهاد ! أحكموا يامنصفين.. أم صار المنكر معروفاً عندهم والمعروف منكراً ؟! أفنجعل المسلمين كالمجرمين ؟ مالكم كيف تحكمون ؟ أم لكم كتاب فيه تدرسون؟ إن لكم فيه لما تخيرون . والحمد لله رب العالمين .

- وكتب (الوهابي الجديد) بتاريخ 28- 3-2001، الحادية عشرة صباحاً:

ص: 291

الأخ هشام . . هل لك أن تدلنا على أولئك الجهال الضالين الذين يقولون إن القتل إجتهاد ؟ ! فمن المعروف حرمة النفس البشرية في الإسلام لمسلم كانت أم لكافر . فالقتل إن لم يكن بموجب شرعي فهو اعتداء بحجم قتل الناس جميعاً .

- وكتب (المحمدي) بتاريخ 28- 3-2001، الثالثة ظهراً:

ما رأيك أخي الكريم بهذا القتال معركة الجمل بين علي علیه السلام وأصحابه من جهة، وعائشة وأصحابها طلحة والزبير من جهة ؟ ماحكم من تسبب في هذه الجريمة التي أدت الى قتل عشرات الآلاف من المسلمين ؟! معركة صفين.. بين الإمام علي علیه السلام وخيرة أصحاب النبي من جهة، وبين معاوية وابن العاصي وأتباعهم من جهة ؟ قتل فيها عشرات الآلاف من المسلمين ؟! أي موجب شرعي لهؤلاء (الصحابة العدول جداً جداً) في أن يتسببوا في هذه المقتلة العظيمة بين المسلمين ؟ هل تحكم عليهم جميعاً بالكفر أو على طائفة منهم لكي تبطل المذهب السني ؟ وابحث لك عن مذهب آخر لاتوجد فيه هذه الأباطيل في الإجتهاد بقتل المسلمين .

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك.

- وكتب (الوهابي الجديد) بتاريخ 28- 3-2001، الرابعة إلا ربعاً عصراً:

الأخ المحمدي . . التسبب في معركة لايعد داخلاً في حكم القتل . فكثير من القادة يقودون أممهم إلى معارك خاسرة وخاطئة .

أنظر مثلاً كيف أن الإمام الخميني رفض وقف الحرب مع العراق حين عرض العراق ذلك سنة 1981، وأصر على استمرارها بهدف جني النصر، ثم بعد سبع سنوات إضطر إلى القبول بوقفها رغم عدم تحقيق الهدف المرجو !

ص: 292

فهل يعتبر الإمام مسئولاً عن قتل العشرات الآلاف من المسلمين فقط، بل مئات الآلآف من الذين سقطوا خلال سنوات الحرب ؟

ثانياً: أحب أن أعرفك بأن أهل السنة يعدون أن علياً بن أبي طالب هو صاحب الحق في المعركتين . ففي معركة الجمل كان الطرف الآخر هو الظالم بمنطوق حديث الرسول للزبير بن العوام حين قال له: لتقاتلنه - يعني علياً - وأنت له ظالم . كما يعد أهل السنة أن معاوية ومن معه كان هو الباغي على أمير المؤمنين علي في معركة صفين، نظراً لحديث الرسول لعمار: تقتلك الفئة الباغية . لكن هذين الحكمين ليس لهما أن يجعلا لساني يتطاول أكثر من ذلك على صحابة رسول الله . تلك دماء أمرها إلى الله .

- فكتب (هشام) بتاريخ 29- 3-2001، العاشرة صباحاً:

الأخ الوهابي الجديد .. هل صحيح أنك تعتقد أن علياً علیه السلام هو صاحب الحق في معركتي الجمل وصفين وتشهد بذلك؟! وإذا كان كذلك، فهل أنت سني، أم شيعي، أم وهابي، أم لست من هذه الثلاثة ؟ إذ أن الحوار يختلف باختلاف المعتقد، فحدد معتقدك يتحدد معك الكلام .

- وكتب (هشام) في 29- 3-2001، الثانية عشرة إلا ربعاً ظهراً:

إنا لله وإنا إليه راجعون . وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب أبي عبد الله الحسين سيد شباب أهل الجنة .

إخوتي .. سأديم معكم الحوار بعد العاشر من المحرم إن شاء الله لانشغالي بشعائر الحسين علیه السلام وأهل بيته وأنصاره . أما الدنيا فبعدك مظلمة، وإنا لفقدك يا أبا عبد الله لمفجوعون . والحمد لله على كل حال .

ص: 293

- فكتب (الوهابي الجديد) في29- 3-2001، الثانية عشرة والثلث ظهراً:

الأخ هشام . . تساؤلك دليل على عمق سوء الفهم والأفكار المغلوطة بين الفريقين، السنة والشيعة .

أخي: أنا سني وهابي لكني أصدر هنا عن فهم خاص . أما فيما يخص الإمام علي بن أبي طالب، فإن الذي أعرفه هو أن الموقف السني هو ماسجلته لك أعلاه . إني أصدر عن موقف سني تقليدي . كما أن الذي شكل وعيي الخاص بمأساة علي ومن بعده الحسين (رضی الله عنه) هو كتب التاريخ السنية التي قرأتها في صباي الباكر مثل: البداية والنهاية لابن كثير، وتاريخ الطبري، ومروج الذهب للمسعودي، وحياة الحيوان للدميري .. وخلافه .

إن رواية الإحداث المجردة في تلك الكتب تجعل القلب يعتصر ألماً لماحصل، إنْ لعليٍَ أو للحسين . كما يجب أن تعرف أن ما عليه أهل السنة هو عدم محبة يزيد، بل إن أحمد بن حنبل يرى أن الذي يؤمن بالله واليوم الآخر لايحب يزيداً، لكنهم في الغالب الأعم لايجوزون لعنه، بمعنى أنهم لايحبونه ولايلعنونه رغم أن بعض فقهاء أهل السنة يحرم اللعن إلا على يزيد .

وتجد مواقف فقهاء أهل السنة تتسم بالبرود تجاه يزيد، فهم مثلاً لاينفون عنه ولايثبتون عليه أنه تغنى بأبيات ابن الزبعري حين ورد عليه رأس الحسين، أو أنه تغنى بأبيات له يقول فيها إنه قضى من النبي ديونه.

إن ماعليه ابن كثير وابن تيمية مثلاً أن ذلك مايذكره الشيعة عنه، فإن كان صحيحاً فهو ليس مستحق للعن فقط، بل وكافر أيضاً .

- وكتب (محمد علي) بتاريخ 29- 3-2001، الثانية ظهراً:

ص: 294

من قال لك إن البكاء بدعة يا عزيزي ؟ فالإنسان من طبيعته أن يبكي على أمر محزن، فكيف إن كان المحزن استشهاد سبط رسول الله وريحانته !!

عموماً إما إن سألت عن البدعة فالبدعة هي: 1- الحداد المتكرر كل سنة ! 2- الحداد أكثر من ثلاثة أيام .

أما إن سألت عن الحرام . 3- اللطم . 4- ضرب السيوف والجنازير !

- وكتب (المحمدي) بتاريخ30- 3-2001،الحادية عشرة إلا ربعاً صباحاً:

محمد علي . . أين دليلك على ذلك ؟ ولا تأتني به من كتبكم لأني لا أرى حجيتها . بيني وبينك كتاب الله وما هو حجة عندنا .

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك.

اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين وشايعت وتابعت على قتله .

اللهم العنهم جميعاً، اللهم العنهم لعناً وبيلاً , وعذبهم عذاباً أليما .

اللهم عذبهم عذاباً يستغيث منه أهل النار، آمين رب العالمين .

قال الإمام الرضا علیه السلام :

يا ابن شبيب إن سرَّك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي وآله صلوات الله عليهم، فالعن قتلة الحسين علیه السلام .

يا ابن شبيب إن سرَّك أن يكون لك من الثواب مثل ما لمن استشهد مع الحسين، فقل متى ذكرته: ياليتني كنت معهم فأفوز فوزاً عظيماً .

يا ابن شبيب إن سرَّك أن تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان، فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا عليك بولايتنا، فلو أن رجلاً تولى حجراً لحشره الله معه يوم القيامة .

- وكتبت (ابنة زينب) بتاريخ 30- 3-2001، الحادية عشرة ليلاً:

ص: 295

إلى محمد علي .. أريد أن أسالك سؤالاً: كم سنة بقي النبي يعقوب علیه السلام يبكي على النبي يوسف علیه السلام وأخيه من بعده، مع أنه كان يعلم أنهم أحياء وأنهم سيرجعون إليه ؟!

وكيف كان يبكي عليهم، حيث أدى بكاؤه إلى عماه وفقد بصره !!! حتى عاتبه أبناؤه لكثرة ذكره على النبي يوسف علیه السلام بعد كل تلك السنين ! يعني كما تلوموننا أنت وأمثالك على البكاء وإقامة العزاء كل سنة ! هل تعرف بماذا أجابهم النبي يعقوب علیه السلام ، قال: إنه يشكو بثه وحزنه الى الله تعالى، فهل في بث الحزن الى الله تعالى بدعة ؟! فكيف إذن بالبكاء ونصب العزاء لريحانة سيد الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليه وآله، وقد قتل ونحر من القفا ظمآناً غريباً وحيداً فريداً .

واعذرني يا جداه يا رسول الله على ذكر هذه المصيبة المفجعة لقلبك الشريف، وتجري عليه الخيول اللعينة بعد قتله... وغيرها وغيرها من المصائب التي جرت عليه روحي وأرواح العالمين لتراب قدمه الشريف الفدا وأقل الفدا.

فإنك (لو) تتمعن وتتمعن جيداً لرأيت أن من إحدى كرامات ثورة الإمام الحسين صلوات الله عليه أن مصيبته ظلت حية وصداها يدوي رغم مرور أكثر ألف سنة، مازالت مصيبته محتفظة بحرارتها في قلوب المؤمنين كما في الحديث الشريف، بما معناه: إن للحسين حرقة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً ولكن: إنك لا تسمع الصم الدعاء، والله المستعان .

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة *** لكنما عيني من أجلك باكيهْ

تبتل منكم كربلاء بدمٍ ولا *** تبتل مني بالدموع الجاريه

ص: 296

والسلام عليك يا مولاي يا سيدي يا أباعبد الله، وعلى سائر المستشهدين بين يديك.. أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار .

- وكتب العاملي بتاريخ 2-4-2001، الثالثة ظهراً:

للرفع . . ليقرأه أصحاب العقيدة المتناقضة !!

ص: 297

ص: 298

الفصل الخامس: من الفقه الأموي الإسرائيلي

اشارة

ص: 299

ص: 300

صوم يوم عاشوراء شكراًواتخاذه عيداً !!

- كتب (المحسن) في شبكة الحق الثقافية بتاريخ 2-4-2001، الثانية عشرة ظهراً، موضوعاً بعنوان (فقهاء السلطه يفتون لصوم عاشوراء ويتركون الافتاء للجهاد في القدس)، قال فيه:

مفتي السعودية يوجه كلمة ترغيبية في صوم يوم عاشوراء !

الرياض وكالة الأنباء السعودية: وجه سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء، الكلمة التالية في الترغيب في صوم يوم عاشوراء:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.. أما بعد: فقد ثبت عن النبي أنه كان يصوم يوم عاشوراء، ويرغب الناس في صيامه، لأنه يومٌ نجى الله فيه موسى وقومه، وأهلك فيه فرعون وقومه،

ص: 301

فيستحب لكل مسلم ومسلمة صيام هذا اليوم شكراً لله عز وجل ! وهو اليوم العاشر من المحرم . ويستحب أن يصوم قبله يوماً أو بعده يوماً، مخالفة لليهود في ذلك، وإن صام الثلاثة جميعاً التاسع والعاشر والحادي عشر فلا بأس، لأنه روي عن النبى أنه قال: خالفوا اليهود صوموا يوماً قبله ويوماً بعده . وفي رواية أخرى: صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده .

وصح عنه أنه سئل عن صوم يوم عاشوراء فقال: يكفر الله به السنة التي قبله . والأحاديث في صوم يوم عاشوراء والترغيب في ذلك كثيرة .

ونظراً إلى أن يوم الإثنين هو اليوم الأول من محرم هذا العام 1422 ه- لأن الأصل هو كمال ذي الحجة، فإن الأفضل للمؤمن في هذا العام أن يصوم يومي الثلاثاء والأربعاء التاسع والعاشر من محرم، أو يومي الأربعاء والخميس العاشر والحادي عشر من محرم .. وأسال الله أن يوفقنا وجميع المسلمين لما يرضيه وأن يجعلنا جميعاً من المسارعين إلى كل خير . إنه جواد كريم .

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه..

مفتي عام المملكة العربية السعودية

ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

- وقال (الكاتب المحسن): كله فرح لمقتل الإمام الحسين علیه السلام !! التاريخ يذكر لنا أن المجرمين بني أمية أمروا المسلمين بصومه فرحاً لمقتل الحسين علیه السلام . وكل سنة يركزون عى صوم عاشوراء ويوزعون منشورات وأوراق وحث.. حتى في شهر رمضان لا ترى ذلك ! نحن لانقول شيئاً ولكن بينوا للناس ما جرى في اليوم العاشر من المحرم !!

ص: 302

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 2-4-2001، الواحدة والنصف ظهراً:

صحيح مسلم - كتاب الصوم - صوم يوم عاشوراء:

عن علقمة قال: دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود وهو يأكل يوم عاشوراء فقال: يا أبا عبد الرحمن إن اليوم يوم عاشوراء ! فقال: قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان، فلما نزل رمضان ترك . فإن كنت مفطراً فأطعم) .

لا أعلم ماذا يفعلون بهذه الرواية عن ابن مسعود ؟! الظاهر أن علمهم فاق علم ابن مسعود ! أم ؟! الظاهر الجماعة يحبون الزيادة نكالاً في الشيعة، أو بشهيد كربلاء علیه السلام !! أو.. بجده خير خلق الله صلی الله علیه و آله !!

سل كربلا كم من حشىً لمحمد *** فيها وكم استُجزَّت من يدِ

أقمار تَمٍّ غالها خسفُ الردى *** واغتالها بصروفها الزمن الردي

- وكتب (محمد علي) بتاريخ 2-4-2001، الثانية والنصف ظهراً:

يا حرام !! يعتقدون نفسهم أتباع الحسين، أهل الكوفة !!

هل رأيتمونا نفعل احتفالات في ذكرى استشهاد عمر أو باقي الصحابة !! ما هذه الخرافات ؟! قلنا لكم إنه لا البخاري ولا مسلم كانوا يفكرون بأن هنالك يوجد شئ سيخترعه الشيعة اسمه حداد سنوي ! فلا الرسول صلی الله علیه و آله فعلها ول االصحابة ولا التابعون ! أما رواية الفاطمي، فالمقصود بها أنه كان فرضاً ! لكن بعد رمضان أصبح اختيارياً أي سنة ومستحباً !

والآن من أهل السنة من يصومه، ومن لايصومه حسب ما يعجبه .

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 2-4-2001، الثالثة والثلث ظهراً:

ص: 303

محمد علي !! وهل أصبحتم أفضل من رسول الله صلی الله علیه و آله ، حينما ترك صيام عاشوراء كما قال ابن مسعود ؟!! وهل تسبقون النبي صلی الله علیه و آله بفعل المستحبات !! أم ما زلتم تستنون بسنة اليهود بصيام عاشوراء، حتى وإن ترك رسول الله صلی الله علیه و آله صيام ذلك اليوم ؟!!

- قال العاملي:

يلاحظ أن مفتي السعودية وجَّهَ هذه الفتوى النداء لأجل صيام يوم عاشوراء شكراً لله تعالى، لأنه يوم نجاة بني إسرائيل من فرعون مصر قبل الإسلام بآلاف السنين . . ولم يذكر فيها كلمة عن مقتل الإمام الحسين فيه الذي أخبر به النبي صلی الله علیه و آله وبكى لقتله، كما روته صحاحهم !

ولم يوجه نداء وفتوى بتأييد انتفاضة الشعب الفلسطيني في وجه أعداء الله اليهود، وهو يسمع الأخبار ويرى مشاهد القتل والتدمير اليومي طيلة أشهر الإنتفاضة.. بل على العكس فقد أصدر فتوى حرم فيها العمليات الفلسطينية الإستشهادية، واعتبرها عملاً انتحارياً محرماً يخلد صاحبه في النار !!

ولم يبق على المفتي إلا أن يصدر فتوى للفلسطينين بأن عليهم أن يتخذوا يوم عاشوراء عيداً ويصوموه شكراً لله لنجاة بني اسرائيل، ويهنؤوا شارون واليهود بذلك، ويهدموا قبة المسجد الأقصى في القدس الشريف .. لأنها بدعة وهدمها أوجب من جهاد اليهود، كما نشر الوهابيون في شبكاتهم !!

- كتب العاملي في شبكة أنصار الحسين علیه السلام بتاريخ 24-3-2001، الحادية عشرة ليلاً موضوعاً بعنوان (إلى الذين يصومون يوم عاشوراء من أجل . . اليهود)، قال فيه:

ص: 304

جعل بنو أمية يوم عاشوراء عيداً، واحتفلوا فيه هم وشيعتهم بالفرح والسرور، وأفتوا فيه باستحباب الفرح، وتوزيع الحلوى، والتوسعة على العيال.. وأفتوا فيه للمتدينين بالدين الأموي، أن يصوموه شكراً لله على انتصار ابن آكلة الأكباد، على ابن فاطمة الزهراء، علیهما السلام .

ولما رأى أتباعهم مثل ابن تيمية وغيره أن بدعة العيد مفضوحة .. حولوه إلى رسم يهودي ! فقالوا إنه شكرٌ لله على نجاة بني إسرائيل ! وما زلت ترى شيعتهم معصبي الأعين والعقول . . يرددون كالببغاء تبرير علماء البلاط الأموي ويقولون إن الصوم فيه مستحب شكراً لله على نجاة بني إسرائيل !! ولا يفكرون لماذا لم يشرع الإسلام الصوم والفرح إلا لنجاة اليهود فقط ؟!!

ولماذا لم يخصص يوماً لقبول توبة آدم علیه السلام .. ويوماً لنجاة نوح علیه السلام ومن معه في السفينة .. ويوماً لنجاة إبراهيم من النار، ويوماً لنجاة عيسى من القتل، علیهما السلام ؟! يبدو أن الذين يحبون الشجرة الملعونة في القرآن، لايستطيعون أن يشغلوا أذهانهم بحرية !!

حسناً تصومونه شكراً لله على نجاة اليهود !

فهل ترسلون برقية تهنئة لشارون بهذه الذكرى ؟!

وهل تريدون أن تصوموا يوم شكر على نجاة النصارى ؟!

- وكتب (المحمدي) بتاريخ 24- 3-2001، الثانية عشرة إلا ربعاً ليلاً:

مولانا العاملي .. ابن تيمية الحراني في الشام معقل بني أمية والنواصب سابقاً، سئل في فتاويه الكبرى: (وسئل شيخ الإسلام , عما يفعله الناس في يوم عاشوراء من الكحل والإغتسال والحناء والمصافحة , وطبخ الحبوب، وإظهار السرور وغير ذلك . . فهل ورد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح،

ص: 305

أم لا ؟ وإذا لم يرد حديث صحيح في شئ من ذلك فيكون فعل ذلك بدعة، أم لا ؟ وما تفعله الطائفة الأخرى من المأتم والحزن والعطش , وغير ذلك من الندب والنياحة , وقراءة المصرع , وشق الجيوب . هل لذلك أصل، أم لا ؟

فأجاب: لم يرد في شئ من ذلك حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه , ولا استحب ذلك أحد من أئمة المسلمين، لا الأئمة الأربعة ولا غيرهم . . . الخ .

اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد وآخر تابع له على ذلك .

- فكتب العاملي في 24- 3-2001، الثانية عشرة إلا عشر دقائق ليلاً:

الأخ العزيز المحمدي .. مهما اختلفت رواياتهم وفتاويهم .. فإن عنصر الصوم شكراً على نجاة اليهود ثابت عندهم ! وعنصر التوسعة على العيال والفرحة موروث في عوامهم ! وقد حاول ابن تيمية وغيره أن يتخلصوا من فضيحة الفقه الأموي، فأبقوا على عنصر الشكر والفرحة في صوم عاشوراء، وجعلوها من أجل اليهود !!

- وكتب (العنيد) بتاريخ 24- 3-2001، الثانية عشرة ليلاً:

يا يزيد كِدْ كَيْدَك.. واسْعَ سعيَك.. فلن تمحو ذكرنا !

عليك السلام ياحفيدة رسول الله صلی الله علیه و آله يا بنت ولي الله علیه السلام ، وسيدتي وسيدة نساء العالمين علیهما السلام .. وأخت سيدي شباب أهل الجنة.

-كتب (الأستاذ) في شبكة الحق الثقافية بتاريخ 2-4-2001، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (صيام عاشوراء سنة نبي الإسلام وأهل بيته لاسنة اليهود يا عاملي !)، قال فيه:

ص: 306

يقول الله عز وجل: ويل للمطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ..

يتهم أهل السنة في مقالاته بأنهم يصومون عاشوراء تأسياً بسنة اليهود ! ويتغاضى عن الأحاديث الكثيرة في هذا الباب والتي تبين فضل صيام عاشوراء! ما أجمل إنصافك يا عاملي ؟! ليقرأ الناس تلك الفضائل التي تخفونها في كتبكم وتتهمون أهل السنة بالمقابل بافتراءها نكاية بأهل البيت! فهنيئاً لنا سنة أهل البيت وهنيئاً لك سنة الجاهلية (النياحة) والتي سنقف عندها في مقالة أخرى.

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 2-4-2001، الحادية عشرة صباحاً:

حياك الله أيها الزميل الأستاذ .. لست في مقام الدفاع عن شيخنا الأغر العاملي، فهو أقدر منا على الدفاع عن أقواله ! ولكن قولك هذا: وهنيئاً لك سنة الجاهلية (النياحة): يشمل الشيعة . . فنرد بناء على قولك !!

ولعلمك يا أستاذ، وأظنك قرأت مقال (ابن تيمية)، أن سنة الجاهلية التي تقول عنها (النياحة) عملت بها أم المؤمنين عائشة عندما توفي أبوها هي وعمتها أم فروة !! وأيضاً كان الصحابي واثلة بن الأسقع يستمع لسنة الجاهلية كما تزعم ! فهل تعتبرهما من أهل الجاهلية، أم لا ؟!!

قال البخاري في كتاب الخصومات: باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة: وقد أخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت !!

قال ابن حجر في فتح الباري: قوله: باب إخراج أهل المعاصي والخصوم من البيوت بعد المعرفة: أي بأحوالهم، أو بعد معرفتهم بالحكم، ويكون ذلك على سبيل التأديب لهم .

ص: 307

قوله: وقد أخرج عمر أخت أبي بكر حين ناحت . وصله ابن سعد في الطبقات بإسناد صحيح من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب قال: لما توفي أبو بكر أقامت عائشة عليه النوح، فبلغ عمر فنهاهن فأبين فقال لهشام بن الوليد: اخرج إلى بيت أبي قحافة يعني أم فروة فعلاها بالدرة ضربات فتفرق النوائح حين سمعن بذلك . ووصله إسحاق بن راهويه في مسنده من وجه آخر عن الزهري وفيه: فجعل يخرجهن امرأة امرأة وهو يضربهن بالدرة .

(فتح الباري - كتاب الخصومات - باب 5، 6 - ح 2420)

وقال عبد الرحمن بن قدامه في الشرح الكبير:2/430، بعد أن ذكر عدم جواز الندب والنياحة: وقال بعض أصحابنا هو مكروه، ونقل حرب عن أحمد كلاماً يحتمل إباحة النوح والندب، واختاره الخلال وصاحبه، لأن واثلة بن الأسقع وأبا وائل كانا يستمعان النوح ويبكيان .

ثم كتب الفاطمي: أي الروايتين تختار.. وهل تستطيع الجمع بينهما ؟!!

1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال ما هذا ؟ قالوا: هذا يوم صالح هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى .

قال: فأنا أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه .

2 - أن عائشة رضي الله عنها قالت كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية وكان رسول لله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه ومن شاء تركه . الروايتان في البخاري كتاب الصيام . صيام يوم عاشوراء .

- ثم كتب (الفاطمي) بتاريخ 2-4-2001، الثانية إلا ثلث ظهراً:

ص: 308

ما رأيك بهذه الرواية يا زميلي الأستاذ ؟ (عن إبراهيم عن علقمة قال: دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود وهو يأكل يوم عاشوراء فقال: يا أبا عبد الرحمن إن اليوم يوم عاشوراء فقال: قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك . فإن كنت مفطراًَ فأطعم) صحيح مسلم- كتاب الصوم - صوم يوم عاشوراء .

- وكتب العاملي بتاريخ 2-4-2001، الثانية والثلث ظهراً:

يتضح لمن تتبع صوم يوم عاشوراء في مصادر الطرفين، أن صومه كان مفروضاً حتى نسخ بصوم شهر رمضان .. فلما وقع قتل الحسين علیه السلام في يوم عاشوراء، اتخذه الأمويون النواصب عيداً رسمياً كل عام، وأمروا فقهاء البلاط فروجوا فضائله، ومنها لبس الجديد والحلي للنساء والأولاد . . ومنها التوسعة على العيال، والإكتحال . . . الخ .

كما ابتدعوا صومه شكراً لمعبودهم على قتل الإمام الحسين علیه السلام ، وانتصار بني أمية على بني هاشم !! ووضعوا له الأحاديث عن لسان النبي صلی الله علیه و آله ! كالذي رواه الحاكم.. وانتقده وحكم بوضعه.. وعندما افتضح تزييفهم جاء أتباعهم وقالوا كلا، إن صومه شكر لله على نجاة بني إسرائيل ! ! لكنك ما زلت ترى في فقههم وعملهم عنصر العيد، والتوسعة على العيال، ومقولة الشكر على نجاة اليهود، إلى يومنا !!

ولذا قلنا لهم .. بقي عليكم أن ترسلوا برقية تهنئة لشارون !!

أما في فقهنا.. فيوم عاشوراء يوم حزن ومصيبة على النبي وآله صلى الله عليهم، فهو يوم حزن للإسلام والمسلمين .. ويستحب فيه عندنا الإمساك عن الطعام حزناً . . وليس في فقهنا أي عنصر للعيد ولا لليهود !

وهذه هي الأصالة الإسلامية في مقابل التزييف والتحريف الأموي .

ص: 309

- وكتب (محمد علي) بتاريخ 2-4-2001، الثانية والنصف ظهراً:

يبدو أن العاملي لا يريد أن يعلم أن في عهد بني أمية لم يفكر أحد باختراع خرافة الذكريات السنوية !!

بالمناسبة لماذا لم يأمر بنو أمية البخاري أن يدخل في أحاديثه أحاديث في فضائلهم الخاصة بمستوي اختراعات فضائل عمر الفاروق !! هل عندك إجابة لماذا لم يأمر بنو أمية البخاري أن يحذف حديث هارون موسى والغدير .. هل عندك جواب ؟! فكان باستطاعة البخاري أن لا يكتب هذا الحديث في كتابه ويتجاهله ! كما أن هنالك أحاديث كثيرة أخرى لم يكتبها ؟!

اللهم ارض عن ساداتنا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي .

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 2-4-2001، الرابعة عصراً:

وهل أصبحتم أفضل من رسول الله صلی الله علیه و آله ، حينما ترك صيام عاشوراء، كما قال ابن مسعود ؟! وهل تسبقون النبي صلی الله علیه و آله بفعل المستحبات !! أم ما زلتم تستنون بسنة اليهود بصيام عاشوراء حتى وإن ترك رسول الله صلی الله علیه و آله صيام ذلك اليوم ؟!!

قال ابن مسعود: قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك!

وأين الأستاذ صاحب الموضوع ؟!!

- وكتب (الأستاذ) بتاريخ 2-4-2001، الخامسة مساءً:

أيها الفاطمي ... لاتخف .. قد صفقوا لك . . فلا داعي لكتابة أربعة ردود في يوم واحد، وتقول لي: أين الأستاذ صاحب المقال ؟ ! أستطيع الرد عليك.. لكن

ص: 310

مشكلتي هي أنه لايروقني الرد علىكل من هب ودب، هناك مستويات معينة أناقشها، أما حوار المدارس فلا أحبه .

نعم كان صيام عاشوراء مفروضاً قبل صيام شهر رمضان ثم نُسخ وبات صيامه سنة، بعد أن كان فرضاً، والسؤال هنا وأنا الذي أسأل وليس أنت أيها الفاطمي، لأني صاحب المقالة .

أترك الإجابة للعاملي، ولا تحشر نفسك فيما لا يخصك، هناك نقاشات بينك وبين الملاك الطائر لا أتطفل وأدخل عليها، فلا تتطفل .

أقول: هل ذهب الإمام الحسين إلى العراق وهو صائم، أم لا ؟

أجبني يا عاملي: ولماذا تتهم أهل السنة باختراع صيام عاشوراء ؟

- وكتب (شيعي من عرجه) في 2-4-2001، الخامسة والنصف مساءً:

ذهب الإمام الحسين إلى العراق وهو صائم ؟!!

يعني مسافر وصايم ؟! هل . . كيف . . !! فهِّمونا ?!

- وكتب العاملي بتاريخ 2-4-2001، السادسة إلا ثلث مساءً:

أشكر الأخ الفاطمي لمشاركته في الجواب بنقاط جيدة، جزاه الله خيراً .

ثبت عندنا وعندكم نهي النبي صلی الله علیه و آله عن الصيام في السفر، وأنه سمى من خالفه وصام في شهر رمضان (العصاة) !!

وثبت قوله صلی الله علیه و آله لذلك الحميري .. بلغة حمير الذين يقلبون لام التعريف ميماً .. (ليس من امبرَِ امصيامُ في امسفر) . فكيف تريد أن تثبت أن الإمام الحسين كان من العصاة ؟!

كما رأيت أن فقهاءنا لم يتفقوا على بقاء استحباب صوم عاشوراء بعد نسخ وجوبه، فمنهم من قال بنسخ وجوبه وعدم تشريع استحبابه، ومنهم من قال

ص: 311

بتشريع استحبابه . وهذان القولان موجودان في مصادر الحديث، وفتاوى الفقهاء عندكم أيضاً .

وكل هذا في صومه بعنوان أنه صوم مستحب، وليس فيه عنصر عيد، ولا فرح، ولا يهود، ولا لبس حلي، ولا توسعة على العيال، ولا اكتحال وتزين.. أما عندكم فما زلت ترى عنصر العيد، والتوسعة على العيال، والشكر على نجاة اليهود في فقهكم وعملكم إلى يومنا !!

فحتى لو قلنا بثبوت تشريع صومه صوماً مستحباً بعد نسخ وجوبه .. فمن أين جاءت عناصر البدعة والفرح والشكر ودخلت في صومه؟! إنها ورادات أموية يهودية.. لاغير !

ولذا قلنا .. بقي عليكم أن ترسلوا برقية تهنئة لشارون !

- كتب العاملي في شبكة الحق الثقافية، بتاريخ 26- 3-2001، الثانية عشرة والربع ظهراً، موضوعاً بعنوان (سؤال لمن سمى نفسه أستاذاً .. عن النساء المكحلات في يوم عاشوراء ؟!)، قال فيه:

هل تأخذ بالفتوى الأموية التي تقول: من اكتحل يوم عاشوراء سلمت عيناه طول عمره . وهل تكتحل أنت وعائلتك يوم عاشوراء ؟!

وهل النساء اللواتي يتكحلن يوم عاشوراء .. أستاذات تيميات مثلك ؟!!

أنظروا كيف وضعوا الأحاديث في الفرح بيوم عاشوراء:

قال العجلوني في كشف الخفاء: 2 / 234:

(2410 - من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم ترمد عينه . ويروى عيناه أبداً، رواه الحاكم والبيهقي في شعبه، والديلمي، عن ابن عباس، رفعه.

ص: 312

وقال الحاكم: منكر، وقال في المقاصد: بل موضوع . وقال في اللآلئ بعد أن رواه عن ابن عباس من طريق الحاكم: حديث منكر والإكتحال لا يصح فيه أثر فهو بدعة، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات .

وقال الحاكم أيضاً: الإكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه أثر، وهو بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه وقبحهم .

نعم رواه في الجامع الصغير بلفظ: من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبداً ! قال المناوي نقلاً عن البيهقي: وهو ضعيف بالمرة. وقال ابن رجب في لطائف المعارف: كل ما روى في فضل الإكتحال والإختضاب والإغتسال فيه موضوع لم يصح) .

وأصل الإكتحال وكل الفرح بعاشوراء وصومه شكراً .. بدعةٌ من يزيد وابن زياد !! قال البكري الدمياطي في إعانة الطالبين: 2/301:

(وأما أحاديث الإكتحال إلخ.. في النفحات النبوية في الفضائل العاشورية للشيخ العدوي ما نصه: قال العلامة الأجهوري: أما حديث الكحل، فقال الحاكم: إنه منكر، وقال ابن حجر إنه موضوع، بل قال بعض الحنفية: إن الإكتحال يوم عاشوراء، لما صار علامةً لبغض آل البيت وجب تركه . قال: وقال العلامة صاحب جمع التعاليق: يكره الكحل يوم عاشوراء، لأن يزيد وابن زياد اكتحلا بدم الحسين هذا اليوم، وقيل بالإثمد، لتقر عينهما بفعله)!

- وكتب بشير بتاريخ 27- 3-2001، الحادية عشرة والنصف صباحاًَ:

أحسنت يا عاملي .

- وكتب (الأستاذ) بتاريخ 27-3-2001، الحادية عشرة مساءًَ:

ص: 313

الله أكبر ... الله أكبر .. صدق الله القائل: يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا يا أولي الأبصار .. العاملي العالم الفهامة، لايعرف أن كتاب كشف الخفاء للعجلوني، صنفه هذا العالم ليبين الأحاديث المكذوبة الموضوعة على رسول الله وعلىأهل السنة، ويبين بهذا السفر (بكسر السين) الجليل أن هذه الأحاديث لا تمتُّ بصلة لأهل السنة وأنها موضوعة مختلقة، ثم يأتي العاملي ليستدل به على أهل السنة ! هل ترضى أن أستدل بالروايات التي تنصون في كتبكم على أن من أحاديث الغلاة، وأنكم لا تدينون الله بها ؟ بالطبع لا... ولكن الميزان الأعوج الذي يوزن به صحابة الرسول هو نفسه الذي تزنون به أهل السنة !

أما الإكتحال في عاشوراء فهو بدعة لا تمت للإسلام بصلة... فإذا كان النواصب يكتحلون في عاشوراء، فماذا يفعل.. الملالي ؟ هل ينوح الرجال ؟!

- فكتب العاملي بتاريخ 28- 3-2001، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

فات الأستاذ النابه، وتلميذه التابع.. أن الغرض من استشهادي بالإكتحال أن أبين كيف كشف العجلوني وأمثاله ما وضعه أئمتمهم ورواتهم ! ورحم الله الدمياطي الذي كشف فعل يزيد الذميم بالإكتحال من دم الحسين علیه السلام !! وفاتهما أن العديد من فقهائهم عمل بالإكتحال وما زالت فتاواهم في مصادركم الفقهية ! والإكتحال ما هو إلا مفردة من مفردات العيد الأموي الذي بقي منه في فقهكم استحباب صوم عاشوراء، مع عنصر العيد، ولبس الحلي، والتوسعة على العيال، والشكر على نجاة اليهود . .

ولا تنسوا إرسال برقية تهنئة لشارون !!

- وكتب أبو زهراء بتاريخ 3-4-2001، الواحدة ظهراً:

ص: 314

لا ينقضي العجب من هؤلاء النواصب الذين اتبعوا سنة معاوية ويزيد ابنه، قاتل ريحانة رسول الله أبي عبد الله الحسين، في جعل يوم العاشر من المحرم يوم فرح وسرور، وهم بذلك يدخلون الحزن على قلب الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله !! فقد رووا كذباً وزوراً أحاديث عن النبي تأمر بصيام هذا اليوم، الذي بكت فيه ملائكة السماء حزناً على أبي عبد الله الحسين، وسوف نبين هنا كذب هذه الأحاديث ونعرض لها فقط من صحيحي البخاري ومسلم:

روى البخاري في صحيحه: 1515 - عن عائشة قالت: كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يوماً تستر فيه الكعبة، فلما فرض الله رمضان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شاء أن يصومه فليصمه، ومن شاء أن يتركه فليتركه .

وروى أيضاً: 1794 - عن عائشة رضي الله عنها: أن قريشاً كانت تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه حتى فرض رمضان، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من شاء فليصمه، ومن شاء أفطر .

والمستفاد من الحديثين السابقين أن النبي كان يصومه من قبل أن يهاجر إلى المدينة المنورة .

وروى أيضاً: عن سلمة بن الأكوع: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء: إن من أكل فليتم، أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل .

وروى أيضاً: عن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار: من أصبح مفطراً فليتم بقية يومه، ومن أصبح

ص: 315

صائماً فليصم . قالت: فكنا نصومه بعد ونصوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك حتى يكون عند الإفطار .

ونلاحظ هنا أن النبي صلی الله علیه و آله كان يأمر بصيامه في المدينة، بل يبعث موفديه إلى قرى الأنصار البعيدة عن مركز المدينة ليحثهم على صيامه ؟

ثم روى بعد: عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال ما هذا ؟ قالوا هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله نبي إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى . قال: فأنا أحق بموسى منكم . فصامه وأمر بصيامه . قال شارحه: (يوم صالح: وقع فيه خير وصلاح . أحق بموسى: أولى بالفرح والإبتهاج بنجاته) .!!

وروى: عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيداً، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فصوموه أنتم .

قال شارحه: فصوموه أنتم: معلنين أنكم تخالفونهم في اعتباره عيداً، لأنكم لا تصومون يوم العيد . ويتبين لنا أن النبي هنا لم يكن قد صام يوم عاشوراء باعتباره من أيام الجاهلية، بل صامه بناء على قول اليهود من أنه يوم صالح، وهو أحق بصيامه منهم ابتهاجاً وسروراً ! ولكن في الرواية الثانية يخالفهم بأنه ليس من الأعياد !بل يتبين لنا أن النبي لم يكن يصومه في الجاهلية كما هو حديث عائشة المتقدم، بل صامه لأن يهود المدينة صاموه .

قال البخاري: عن ابن عباس قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وجد اليهود يصومون عاشوراء، فسئلوا عن ذلك فقالوا هذا اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون، ونحن نصومه تعظيماً له، فقال

ص: 316

رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن أولى بموسى منكم . ثم أمر بصومه) . فأيها نصدق ؟؟!!

وقد جاء في صحيح مسلم: 130 - مثله وزاد: (قال أبو أسامة: فحدثني صدقة بن أبي عمران عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداً ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فصوموه أنتم) . انتهى.

وهنا يتبين لنا أن يهود خيبر هم الذين كانوا يصومونه وليس يهود المدينة ! 133 - عن ابن عباس يقول: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله، صمنا اليوم التاسع . قال فلم يأت العام المقبل، حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم !!

وهنا أراد النبي صلی الله علیه و آله مخالفة اليهود والنصارى في صيامه فقال: فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع . ولكن النبي توفي قبل ذلك، أي أن هذا الحديث قد وقعت أحداثه في السنة الحادية عشر من الهجرة المباركة بعد رجوعه صلی الله علیه و آله من حجة الوداع ! أي أن هناك نسخاً لكل ما جاء في صيام هذا اليوم إذا كان هنالك ثمة صيام !

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 3-4-2001، الثالثة والثلث ظهراً:

عزيز يا أخي أبا زهراء .. أين أنت ؟! أضف هذه الرواية:

ص: 317

عن علقمة قال دخل الأشعث بن قيس على ابن مسعود وهو يأكل يوم عاشوراء، فقال يا أبا عبد الرحمن إن اليوم يوم عاشوراء ! فقال: قد كان يصام قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان ترك فإن كنت مفطراً فاطعم .

(صحيح مسلم - كتاب الصوم - صوم يوم عاشوراء) . وجزيل الشكر لشخصكم الكريم .

- كتب (فجر) في شبكة الحق الثقافية بتاريخ 29-3-2001، الخامسة مساءً، موضوعاً بعنوان (صيام يوم عاشوراء)، قال فيه:

إن يوم عاشوراء هو اليوم الذي استشهد فيه الحسين علیه السلام ، وهو يوم المصيبة والحزن للأئمة علیهم السلام وشيعتهم .

وإن بني أمية كانوا يتبركون بهذا اليوم بصور عديدة..

منها: أنهم كانوا يسنّون ادخار القوت فيه ويعتبرون ذلك القوت مجلبة للسعادة وسعة الرزق ورغد العيش إلى العام القادم ! وقد وردت أحاديث كثيرة عن أهل البيت علیهم السلام في النهي عن ذلك تعرضاً لهم .

ومنها: عدّهم هذا اليوم عيداً والتأدب فيه بآداب العيد من التوسعة على العيال وتجديد الملابس وقص الشارب وتقليم الأظفار والمصافحة، وغير ذلك مما جرت عليه طريقة بني أمية وأتباعهم !

ومنها: الإلتزام بصيامه، وقد وضعوا في ذلك أخباراً كثيرة وهم ملتزمون بالصوم فيه .

ص: 318

ومن وجوه التبرك بيوم عاشوراء ذهابهم إلى استحباب الدعاء والمسألة فيه، ولأجل ذلك فقد افتروا مناقب وفضائل لهذا اليوم ضمن أدعية لفّقوها فعلموها العصاة من الأمة، ليلتبس الأمر ويشتبه على الناس .

وهم يذكرون فيما يخطبون به في هذا اليوم في بلادهم شرفاً ووسيلة لكل نبي من الأنبياء في هذا اليوم، كإخماد نار نمرود، وإقرار سفينة نوح على الجودي، وإغراق فرعون، وإنجاء عيسى علیه السلام من صليب اليهود .

كما روي الشيخ الصدوق عن جبلة المكية قولها: سمعت ميثماً التمار قدس الله روحه يقول: والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشرة تمضي منه، وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم بركة وإن ذلك لكائن، قد سبق في علم الله تعالى، أعلم ذلك بعهد عهده إليّ مولاي أمير المؤمنين علیه السلام .. إلى أن قالت جبلة: فقلت: يا ميثم وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين يوم بركة ؟ فبكى ميثم رضي الله عنه ثم قال: سيزعمون لحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم وإنما تاب الله على آدم علیه السلام في ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من جوف الحوت وإنما كان ذلك في ذي القعدة، ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي وإنما استوت في العاشر من ذي الحجة، ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله فيه البحر لموسى علیه السلام وإنما كان ذلك في ربيع الأول .

وحديث ميثم هذا كما رأيت قد صرح فيه تصريحاً وأكد تأكيداً أن هذه الأحاديث مجعولة مفتراة على المعصومين علیهم السلام .

ص: 319

وهذا الحديث هو أمارة من أمارات النبوة والإمامة، ودليل من الأدلة على صدق مذهب الشيعة وطريقتهم، فالإمام علیه السلام قد نبّأ فيه جزماً وقطعاً بما شاهدنا حدوثه حقاً فيما بعد من الفرية والكذب رأي العين .

فالعجب أن يلفق مع ذلك دعاء يضمن هذه الأكاذيب فيورده في كتابه بعض من ليس من ذوي الخبرة والإطلاع من الغافلين، فينشر الكتاب بين العوام من الناس وقراءة ذلك الدعاء لا شك أنها بدعة محرمة . والدعاء هو: بسم الله الرحمن الرحيم . سبحان الله ملء الميزان، ومنتهى العلم، ومبلغ الرضا، وزنة العرش . . . وفيه بعد عدة سطور ثم صل على محمد وآله عشر مرات وقل: يا قابل توبة آدم يوم عاشوراء، يا رافع إدريس إلى السماء يوم عاشوراء، يا مسكن سفينة نوح على الجودي يوم عاشوراء، يا غياث إبراهيم من النار يوم عاشوراء . إلخ . . .

يا سبحان الله القائل يتهم الشيعة أنهم أخذوا معتقداتهم من اليهود !!!

نقدم لكل مسلم غيور على الإسلام نصيحة لوجه الله تعالى أن لا يسير مع الذين يكفرون المسلمين، وأن يتحرر من التحذيرات الدارجة بعدم قراءة كتب الشيعة ! حاول أن تقرأ ما جاء في كتب الشيعة الإمامية بنفسك، ثم ضع أقوالهم في كفة، ومعتقدك كمسلم تشهد بأن لاإله إلا الله محمد رسول الله في كفة، ثم احكم وفقاً للعقل والمنطق السليمين، دون تأثير من أحد .

أخي المسلم في لبنان وفلسطين ؟ هل أن أصل الشيعة من اليهود ؟ أم أن الشيعة هم ألد أعداء اليهود ؟ ولو كان أصلهم من اليهود لما جرى ما جرى في لبنان وفي فلسطين ! !

فأفيقوا من سباتكم العميق، واعرفوا من مع اليهود، ومن ضد اليهود !!

ص: 320

الفصل السادس: دفاعاً عن قداسة كربلاء.. وتربة كربلاء

اشارة

ص: 321

ص: 322

استهزاؤهم بالإستشفاء بتربة الامام الحسين علیه السلام

- قال العاملي:

من الأمور الثابتة في مذهبنا أن الله تعالىخص الإمام الحسين علیه السلام بأن جعل الشفاء في تربته، فيجوز للإنسان أن يستشفي بها فيأخذ قدر حمصة من ترابها الطاهر، ويضعه في ماء ويشربه مثلاً.. وعلى هذا سيرة الشيعة فتراهم يستشفون بها ويصفونها لغيرهم.. وقد شفى الله تعالى بها كثيرين، وبعضهم كانت أمراضهم مستعصية . أما مذاهب المسلمين الأخرى فهي لاتحرم أكل الطين، لكنها لا تفتي بالإستشفاء بتربة الإمام الحسين علیه السلام . وأما أتباع ابن تيمية فقد هرجوا في هذا الموضوع وجعلوه على حد الشرك بالله تعالى.

- كتب المدعو (الشيباني) موضوعاً في شبكة الساحة العربية بتاريخ20-9-1998 التاسعة والنصف صباحاً، عنوان (حقائق شيعية ... 2)، قال فيه:

أما بعد: فمن اعتقادات الشيعة أن تربة الحسين هي الكفيلة لشفاء الأدواء والأسقام بشتى أنواعها وأشكالها.. مخالفين بذلك قول الله: وإن يمسسكَ اللهُ بضرٍ فلا كاشفَ لهُ إلا هو . يونس – 107، وقوله: أمّن يجيب المضطرَ إذا دعاهُ

ص: 323

ويكشفُ السوء . النمل – 62، وقوله: وإذا مرضتُ فهو يشفين. الشعراء – 80 . فهم باعتقادهم بهذا التراب الدواء والشفاء، قد شابهوا المشركين في اعتقادهم بأحجارهم النفع والضر .

ومن رواياتهم في التربة: ينسبون إلى جعفر الصادق أنه قال: طينة قبر الحسين شفاء من كل داء، وإذا أكلته تقول: بسم الله وبالله اللهم اجعله زرقاً واسعاً وعلماً نافعاً وشفاء من كل داء . أنظر بحار الأنوار: 98 / 129.

وكذلك ينسبون إلى محمد الباقر أنه قال: طينة قبر الحسين شفاء من كل داء وأمان من كل خوف وهو لما أخذ له . أنظر بحار الأنوار: 98/ 131 - مؤسسة الوفاء - بيروت وهناك روايات أخرى كثيرة بوّب لها المجلسي باباً كاملاً في كتابه بحار الأنوار: 98 / 118 .

ونحن ننكر على الشيعة تعظيمهم لهذه التربة حتى رووا فيها الأحاديث المكذوبة على أئمة أهل البيت . ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي والحسن أفضل من الحسين عند السنة والشيعة ومع هذا لا يُعظم ترابهم عند الشيعة، كما يعظم تراب الحسين . قال موسى الموسوي:

كثير من الذين يسجدون على التربة، يقبلونها ويتبركون بها، وفي بعض الأحيان يأكلون قليلاً من تربة كربلاء للشفاء ! ولست أدري متى دخلت هذه البدعة في صفوف الشيعة، فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ما سجد قط على تربة كربلاء، ولا الإمام علي، ولا الأئمة من بعده سجدوا على شئ اسمه تربة كربلاء . أنظر الشيعة والتصحيح - 115 .

فهذه شهادة من عالم شيعي على واقع الشيعة .

- وكتب (شامس) بتاريخ 19-4-1999، الثانية والنصف ظهراً:

ص: 324

يأكلون التراب ؟؟!

- وكتب (القطيفي الوطني) في 20-4-1999 الثانية عشرة والربع صباحاً:

يأكلون التراب، نعم، وإنهم ليفعلون ذلك . . أفضل من أكل الضب والجرابيع ..!! إنتو فاضيين !

- كتب (من هناك) في شبكة الحوار الإسلامي في 16-11- 2000، السادسة مساءً، موضوعاً بعنوان (ما عقيدة الطينة التي يؤمن بها الشيعة ؟) قال:

المقصود بالطينة عند الشيعة هي طينة قبر الحسين رضي الله عنه . نقل محمد النعمان الحارثي الملقب بالشيخ المفيد في كتابه المزار عن أبي عبد الله أنه قال: في طين قبر الحسين الشفاء من كل داء، وهو الدواء الأكبر . وقال: بعث إلى أبي الحسن الرضا من خراسان رُزم ثياب وكان بين ذلك طين، فقيل للرسول: ماهذا ؟ قال: طين من قبر الحسين، ما كان يوجه شيئاً من الثياب ولا غيره إلا ويجعل فيه الطين ويقول هو أمان بإذن الله تعالى .

وقيل إن الرجل سأل الصادق عن تناوله تربة الحسين، فقال له الصادق: فإذا تناولت فقل: اللهم إني أسألك بحق الملك الذي قبضها، وأسألك بحق النبي الذي خزنها، وبحق الوصي الذي حل فيها أن تصلي على محمد، وعل آل محمد وأن تجعله شفاء من كل داء، وأماناً من كل خوف، وحفظاً من كل سوء . وسئل أبو عبدالله عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة وقبر الحسين والتفاضل بينهما فقال: المسبحة التي من طين قبر الحسين تسبح بيد من غير أن يسبح . كتاب المزار، لشيخهم المسمى المفيد، ص 125. كما أن الشيعة تزعم أن

ص: 325

الشيعي خلق من طينة خاصة والسني خلق من طينة أخرى، وجرى المزج بين الطينتين بوجه معين، فما في الشيعي من معاص وجرائم هو من تأثره بطينة السني وما في السني من صلاح وأمانة هو بسبب تأثره بطينة الشيعي، فإذا كان يوم القيامة فإن سيئات وموبقات الشيعة توضع على أهل السنة وحسنات أهل السنة تعطى للشيعة . علل الشرائع ص 490 – 491 . بحار الأنوار 5 / 247- 248 .

- وكتب (786) بتاريخ 16-11-2000، السادسة والنصف مساءً:

في البداية يا (من هناك) أود أن أشكرك على هذه المعلومات التي تقدمها لنا بالمجان، وخصوصاً أن المصادر التي تنقل منها هذه المعلومات بالكاد نحصل عليها نحن ! فلذلك أود أن أشكرك على هذا .

ثانياً: أود أن أقول لك بأن جميع ماورد فيها صحيح رغم أنفك وأنف كل من يعارض هذه الكلمات النورانية التي طرحتها، والحمد لله أن الأخوة المصريين إلى الآن وإلى يوم القيامة سيظلون يتبركون بمزار رأس الإمام الحسين الذي عندهم، لما وجدوا فيه من كرامات ومعاجز ....

أردت أن أبين لك بأن ليس الشيعة فقط من يعتقد بالإمام الحسين عليه أفضل الصلاة والسلام، بل السنة والشيعة، إلا من هو على شاكلتك الوهابيين الذين ناصبوا العداء لأهل البيت علیهم السلام .

وأزيدك بأننا نقرأ في زيارة الحسين علیه السلام يوم عاشوراء: اللهم العن أول ظالم ظلم حق محمد وآل محمد، وآخر تابع له على ذلك، اللهم العن العصابة التي جاهدت الحسين علیه السلام وشايعت وبايعت وتابعت على قتله، اللهم العنهم جميعاً، مئة مرة . وأشكرك على إبراز هذا الموضوع حتى أفيد إخواني من السنة والشيعة، الذين فطموا على محبة النبي وأهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام.

ص: 326

إخواني هذه الدعوة من المجربات: من داوم على اللعن كما ذكرت أعلاه كل يوم مئة مرة، فإني أقسم بالإمام الحسين أنه سيرى العجب من فوائدها، ومن تيسير الأمور وقضاء الحوائج . ومن لم يستطع منكم ذكرها كل يوم وكانت له حاجة، فليصل ركعتين لله تعالى ويهدي ثوابها إلى الإمام علیه السلام ، ويذكرها مئة مرة، وهو على طهارة قبل أن يتوجه لقضاء حاجته، فإنها تقضى لا محالة، بإذن الله العلي القدير .

وأخيراً: أريد أن أقول لك يا من هناك أجب على سؤالي لماذا تتهرب ياجاهل ؟ قل لي لماذا؟ أجب ولا تتهرب. أجب يا من ادعيت بأنك مستفسر أجب عن سؤالي أولاً.. لماذا هاجم عمر بيت فاطمة ؟

قل.. أخائف أنت من الحقيقة ؟ أم ماذا ؟

والسلام على محبي الحسين، وأخ الحسين، وأم الحسين، وأب الحسين، وجد الحسين، وأبناء الحسين.. عليهم أفضل الصلاة والسلام.

- وكتب (من هناك) بتاريخ 17-11-2000، الثانية ظهراً:

ألف مبروك عليكم الطين أخي الكريم . وأنا كما قلت مجرد مستفسر عن مذهبكم فقط لزيادة الوحدة الإسلامية، والتى لا تكون إلا بمعرفة الآخر بكل شئ، حتى وإن كان يأكل الطين .

- وكتب (ميثم) بتاريخ 17-11-2000، الثانية والنصف ظهراً:

يا (من هناك) هل تريد الوحدة الإسلامية حقاً بصدق ؟ عليك أن تتّبع سنّة النبي صلی الله علیه و آله الذي قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وعترتي أهل بيتي .

فإذا اتّبع المسلمون هذه الوصية فلا يوجد خلاف .

ص: 327

ثم إنك تفتش هنا وهناك عن مواضيع عن الشيعة الإمامية للتشنيع عليهم ! فهل تظن أنك تنجح بذلك ؟ فأنت بمجرد طرحك لهذه المسائل تثبت أنك لا تريد الوصول إلى الحقيقة، لأن قلبك قد رينَ وطُبعَ عليه، ولو أردت الحقيقة فارجع إلى المسألة الخلافية الأساسية بين الشيعة والسنة وهي مسألة الخلافة، وعندها تكون إنساناً باحثاً عن الحق .

ومن الملاحظ أنك دائماً تطرح أسئلة كالمستهجن لها، فلو أردنا أن نطرح أسئلة فلن تجد لها أجوبة وستكون محرجاً، لأنه ليس لديك جواب عليها ! ولكن هدفنا ليس المراء، بل هدفنا التوضيح .

- وكتب (علي الرضوي) بتاريخ 17-11-2000، الثامنة مساءً:

نحن لا نتازل عن مبادئنا، فالوحدة قائمة على التمسك بالعروة الوثقى وهي أمير المؤمنين علیه السلام . فإن تمسكتم بها فنحن متحدون وإلا فلا. ونحن نفتخر بتربة الامام الحسين علیه السلام . . ولا أعرف المانع من ذاك ؟ !

- وكتب (حسن) بتاريخ 17-11-2000، العاشرة ليلاً:

ما الإشكال في أن يأكل أحدنا طيناً طاب وطهر بضم سيد شباب أهل الجنة وريحانة الرسول أبي عبد الله الحسين علیه السلام ؟

- قال العاملي: الغريب أن هؤلاء ينتقدوننا لأننا نستشفي بتناول مقدار حمصة من تراب كربلاء، أو نذوبه بالماء ونشربه، بينما فتاوى علمائهم تجوز للانسان أن يأكل ماشاء من التراب ! فهل كل تراب الدنيا حلال أكله .. إلا تراب كربلاء ؟!! قال ابن قدامة الحنبلي في الشرح الكبير: 11 / 114:

ص: 328

فصل: قال أحمد: أكره أكل الطين، ولا يصح فيه حديث، إلا أنه يضر بالبدن، يقال إنه ردئ وتركه خير من أكله . وإنما كرهه أحمد من أجل مضرته، فإن كان منه ما يتداوى به كالطين الأرمني فلا يكره . وإن كان مما لا مضرة فيه ولانفع كالشئ اليسير جاز أكله، لأن الأصل الإباحة، والمعنى الذي لأجله كره منتفٍ هاهنا فلم يكره .

وقال النووي في المجموع 9 / 37: قال إبراهيم المروذي: وردت أخبار في النهي عن أكل الطين، ولم يثبت شئ منها . قال: وينبغى أن نحكم بالتحريم إن ظهرت المضرة فيه، وقد جزم المصنف وآخرون بتحريم أكل التراب، وجزم به القاضي حسين .

أما الكاشاني في بدائع الصنائع 2 /90، فقد أفتى بأن أكل الطين لا يفطر الصائم، مهما كثر !!

سبحة كربلاء

- كتب العاملي في شبكة أنا العربي بتاريخ 11-6-1999، الواحدة إلا ربعاً ظهراً، موضوعاً بعنوان (إلى من يفهمون حديث الرسول عن كربلاء)، قال فيه:

قال لي صديقي ووجهه يتهلل فرحاً: سأهدي لك هدية تحبها . .

وأخرج من جيبه سبحة ترابية، ما أن لحظتها عيناي حتى فاضتا بالدمع، فتناولتها بكلتا يدي، وشممتها ومسحت بحباتها عينيَّ وقلت له:

ص: 329

ألف شكر .. إنها حقاً كربلائية، إنها الرائحة الأصلية لتربة الحسين علیه السلام . أشكرك أنك لم تضع عليها عطراً فيصعب على مثلى تمييزها .

قال: وهل تميز تربة كربلاء بالشم ؟

قلت: نعم إذا كانت جديدة، ولم تضف إليها رائحة.

قال: هل تستطيع أن تصف لي رائحتها ؟

قلت: فيها نفاذ خاص، وعطر ليس من نوع عطور الدنيا، ومعان غيبية تفهمها من رائحتها، يصعب التعبير عنها ؟

قال: إن الشم علمٌ !

قلت: الشم عالمٌ يا صديقى قبل أن يكون علماً.. عالمٌ ينفتح عليه الإنسان بالعشق فيعرف الروائح المرتبطة بمعشوقه، وينفتح عليه بدرجة الإيمان فيعرف روائح الأخيار والأشرار، وقد قرأت أن الملائكة الذين يكتبون الحسنات والسيئات يعرفون النوايا الطيبة والخبيثة من روائحها !

ياصديقى لو كان أكبر علماء الحواس والمشمومات مع يعقوب علیه السلام لما وجدوا ريح يوسف، إن لم يكن عندهم عشق ولا إيمان .

هل سمعت بالرواية التى تقول إن إبراهيم علیه السلام مرَّ على كربلاء فشم تربتها وصلى فيها، واشترى أرضها من أهلها، وسماها (كربلاء) ! وهل سمعت أن قاموس اللغة الآشورية القديمة الذي وضعه علماء الآثار الغربيون، يذكر أن معنى (كربو - لو) هو: الرجل القربان، ومعنى (كربو - ئيل) قربان الله ! فاعجب إذا أردت أن تعجب !

وهل سمعت حديث القبضة من تراب كربلاء التي أتى بها جبرئيل أو ميكائيل الى النبي صلی الله علیه و آله وأخبره أنها من تربة الأرض التي تقتل فيها أمته (!!)

ص: 330

ولده الحسين ! فأودعها النبي عند أم سلمة فوضعتها في قارورة، حتى إذا كان يوم عاشوراء وقتل الحسين علیه السلام ، صار التراب في القارورة دماً عبيطاً، أي صافياً قانياً !!

وهل سمعت أن علياً علیه السلام مر على كربلاء في رجوعه من صفين، وشم تربتها، وأخبر بما يكون فيها . . !

إن هؤلاء العظماء يفهمون بالشم أموراً وأحداثاً حسب درجاتهم.. وهذا علم الشم بعد عالمه يا صديقي !

قال صديقي: وهل يوجد اليوم أحد يعرف الشخص الطيب والشرير من رائحته ؟

قلت له: أما إذا أردت المعرفة القطعية فإنما هي عند الامام المهدي علیه السلام .. وإن أردت المعرفة التي قد تحصل وقد لا تحصل، وقد تخطئ وقد تصيب، فهي عند كل مؤمن حسب درجة إيمانه وصفاء روحه وإرهافها .. أمَا ترى أنك تشم أحياناً من أشخاص رائحة روحهم الخبيثة ونواياهم الشريرة فلا تطيق الكلام معهم ولا الجلوس إليهم..!

وأنك تشم من أشخاص رائحة روحهم النورانية ونياتهم الصافية، فكأنما يهب عليك من أحدهم نسيم من الجنة !

قال صديقي: فماذا عن تحول التراب في قارورة أم سلمة الى دم عند قتل الإمام الحسين ؟

قلت له: لقد تعجبت عندما رأيت حديث تربة كربلاء والقارورة في مصادر السنيين، وأذكر منها المجلد الثالث من مسند أحمد بن حنبل !! ولكن قبل الكلام فيه أروي لك حديثاً أدهشني ومازال يسكن في عقلي.. يقول: اعتل

ص: 331

الحسين فاشتد وجعه، فاحتملته فاطمة فأتت به النبي صلی الله علیه و آله مستغيثةً مستجيرةً فقالت: يا رسول الله، أدع الله لابنك أن يشفيه، ووضعته بين يديه، فقام صلی الله علیه و آله حتى جلس عند رأسه ثم قال:

يافاطمة يابنية، إن الله هو الذي وهبه لك هو قادر على أن يشفيه .

فهبط على جبرئيل فقال: يا محمد، إن الله لم ينزل عليك سورة من القرآن إلافيها فاء، ولاتكون الفاء إلا من آفة، ما خلا (الحمد لله) فإنه ليس فيها فاء، فادع بقدح من ماء فاقرأ فيه الحمد أربعين مرة، ثم صبه عليه فإن الله يشفيه، ففعل ذلك، فكأنما أنشط من عقال !!

فاعجب يا صديقى إذا أردت العجب، وفكر في قدرة معمار القرآن الذي حسب حساباً لكل حرف أين يوضع وأين لايوضع ! ثم في دلالات الحروف فوق دلالات الكلمات، فهذا الحرف يدل على ما مضى، وهذا يدل على نوع من الأحداث، وذاك على نوع آخر !!

ثم فكر في تأثير تلاوة سورة الحمد في الماء لأنها بلا فاء !

وتأثير الماء في بدن المريض، وتأثير التكرار سبع مرات أوعشراً أو أربعين !

ثم في طريقة تفكير الزهراء وتصرفها، وطريقة تفكير النبي وتصرفه ..

ثم لماذا كان الحسين هبة مبتدأة من الله تعالى بدون أن تقترح الزهراء على ربها شيئاً ؟ كما كان تزويجها بعلى أمراً مبتدءاً من الله تعالى منذ أن تقبلها من أبيها وأمها .. ولم يكن لهما حق شرعاً في تزويجها !

وإذا انفتح لك هذا الباب وعرفت أن المسألة أوسع من محيطنا وقوانينه، فلماذا لا تكون أرض كربلاء من نوع خاص، ولماذا لا يكون لاختلاط دم

ص: 332

الحسين بها تأثيراً فيزيائياً خاصاً ! لماذا لا نفترض قوانين فيزيائية عليا، فوق مانعرفه من قوانينها الدنيا ؟

إن أمر عدد من بقاع الأرض مثل الكعبة ومكة وحرمها، وبيت المقدس، والطور، ومسجد النب ي، وغيرها.. لايمكن أن نفسر أحاديثها وأحداثها إلا بافتراض قوانين فيزيائيه من نوع آخر !

لماذا نتحير في أحاديث النور والإشعاع الذي يصدر من البقاع والأشخاص والأعمال، ولا نفترض مثلاً أنه واحد من قوانين الفيزياء العالية التي لم يكتشفها العلم إلى اليوم، وقد يكتشفها بعد اليوم ؟!

سمعت أنهم اكتشفوا أشعة تصدر من إنسان بعد وضوئه وفى حال صلاته.. كشفوا ذلك بواسطة أجهزة . . وهي قابلة للتطوير وكشف الجديد .

وتتحدث الأحاديث عن نور الطائفين حول الكعبة، وعن فضل السجود في الصلاة على التراب، وعن النور المنبعث عند السجود على تربة كربلاء، ولكن الأشعة الى الآن لم تصور أشعة الكعبة والطائفين، ولا أشعة كربلاء وتربتها.

قد يكتشف علماء الطبيعة أشياء وأشياء ويريهم من آيات الله تعالى .. ولكنها ستبقى كشوفاً ناقصة إلى أن يظهر الله تعالى معجرة نبيه الكبرى صلی الله علیه و آله على يد ولده المهدي الموعود، وستكون هذه المرة معجزة (العلم) بعد أن كانت في أولها معجزة (الكلمة) ! يومها سيرى الناس قوانين الفيزياء والكيمياء وآياتها، ويرون حقائق القرآن وتأويله، وتظل أعناقهم لها خاضعين .

لكن يا صديقى لاتنتظر بإيمانك كشوف العلم، فإنما يحتاج إلى ذلك من لا إيمان له، أو من كان إيمانه ضعيفاً .. أما الذين عندهم مصدر للايمان من كتاب

ص: 333

الله عز وجل وأحاديث رسوله وأهل بيته الطاهرين، فلايحتاجون في إيمانهم إلى كشوف المكتشفين ولا إلى تصوير المصورين .

هذا يا صديقي عن الفيزياء الدنيا والعليا . .

أما عن مقام الحسين علیه السلام فلا تستكثر أن يجعل الله آية قتله في كربلاء أن تتحول تربته المودعة في بيت رسول الله صلى الله صلى عليه وآله الى دم، وهذا في الحقيقة من آيات رسول الله ومعجزاته .

قال صديقي: تقصد أن المعجزة شئ آخر فوق هذه القوانين الفيزيائية العالية التي ذكرتها ؟

قلت: نعم إن المعجزة مقولة أخرى، وإن تخيل بعض المثفقين أنهما مقولة واحدة، وسأضرب لك مثلاً: إذا استطاع العلم أن يكشف أن الصادق في كلامه ينبعث منه إشعاع من لون معين، والكاذب ينبعث منه إشعاع من لون آخر.. أو استطاع أن يكتشف الرائحة الكريهة عند حدوث النية السيئة، والرائحة الطيبة عند حدوث النية الطيبة.. فهذه قوانين جديدة، وهي التى عبرت عنها بقوانين الفيزياء العليا، تقريباً للذهن، أما التعبير الأصح فهو أنها إحدى آيات الله تعالى المبثوثة في هذا الكون، والتي لانعرف منها إلا القليل .

أماالمعجزة بالمعنى الأخص فلها منطق آخر ومعادلات فوق قوانين الفيزياء العليا والدنيا.. يصف أمير المؤمنين على علیه السلام معجزة مجئ الشجرة الى رسول الله صلی الله علیه و آله فيقول:

ولقد كنت معه صلی الله علیه و آله لما أتاه الملأ من قريش فقالوا له: يا محمد إنك قد ادعيت عظيماً لم يدعه آباؤك ولاأحد من بيتك، ونحن نسألك أمراً إن أجبتنا إليه

ص: 334

وأريتناه علمنا أنك نبي ورسول، وإن لم تفعل علمنا أنك ساحر كذاب . فقال صلی الله علیه و آله : وما تسألون ؟

قالوا تدعو لنا هذه الشجرة حتى تنقلع بعروقها وتقف بين يديك .

فقال صلی الله علیه و آله: إن الله على كل شىء قدير، فإن فعل الله لكم ذلك أتؤمنون وتشهدون بالحق ؟ قالوا نعم . قال فإني سأريكم ما تطلبون، وإني لأعلم أنكم لاتفيئون إلى خير، وأن فيكم من يطرح في القليب، ومن يحزِّب الأحزاب !

ثم قال صلی الله علیه و آله: يا أيتها الشجرة إن كنت تؤمنين بالله واليوم الآخر وتعلمين أني رسول الله، فانقلعي بعروقك حتى تقفي بين يدي بإذن الله.. فوالذي بعثه بالحق لانقلعت بعروقها وجاءت ولها دويٌّ شديدٌ وقصفٌ كقصف أجنحة الطير، حتى وقفت بين يدي رسول الله صلی الله علیه و آله مرفرفة، وألقت بغصنها الأعلى على رسول الله صلی الله علیه و آله ، وببعض أغصانها على منكبي، وكنت عن يمينه صلی الله علیه و آله !

فلما نظر القوم إلى ذلك قالوا - علواً واستكباراً -: فمرها فليأتك نصفها ويبقى نصفها ! فأمرها بذلك، فأقبل إليه نصفها كأعجب إقبال وأشده دوياً، فكادت تلتف برسول الله صلی الله علیه و آله ! فقالوا - كفراً وعتواً - فمر هذا النصف فليرجع إلى نصفه كما كان .. فأمره صلی الله علیه و آله فرجع. فقلت أنا: لا إله إلاالله، فإني أول مؤمن بك يا رسول الله، وأول من أقر بأن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تعالى تصديقاً بنبوتك وإجلالاً لكلمتك .

فقال القوم كلهم: بل ساحر كذاب، عجيب السحر خفيف فيه، وهل يصدقك في أمرك إلامثل هذا الغلام يعنوني ! . انتهى .

ص: 335

أما مثل هذه المعجزة فهي فعل إلهيٌّ حيٌّ في الطبيعة، بقدرة أعلى من قوانين الفيزياء الدنيا والعليا وقوانين المادة وإمكاناتها جمعاء .. ولذلك يخر لإعجازها علماء الطبيعة أجمعون .

قال صديقي: هل نفهم من قوله تعالى: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق، أن العلم سيكشف قوانين الفيزياء العليا التي ذكرتها ؟

قلت: هذه الآية وعدٌ قطعيٌ بآيات معجزة يظهرها الله تعالى، ولكنها مجملة من حيث الزمان ونوع الآيات، والظاهر أنها آيات أعظم مما ذكرت، وقد وردت الأحاديث عن أهل البيت علیهم السلام أنها آيات تظهر في أعداء الحق عند ظهور الإمام المهدي علیه السلام ، وقد نص بعضها على أنها آيات انتقامية من المسخ، والقذف بالصواعق، وفقدان سيطرة الحكام الطغاة على آفاق دولهم !

قال صديقي: شكراً لك، لقد سمعت جديداً عن الشم والنور.. لكن ماذا تكلم السبحة من تراب كربلاء، وتسبيحها في يد حاملها ؟

قلت له: هل ترى أن التسبيح في قوله تعالى: وإن من شئ إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم، هل تراه تسبيحاً مجازياً ؟! إن الآية تنادي بأنه تسبيح حقيقى بدليل (لاتفقهون تسبيحهم) ثم بدليل الأحاديث المفسرة لهذه الآية، ودليل أن هذا التسبيح لو كان حقيقياً لصح أن نعبر عنه بتعبير الآية بدون إضافة حرف إليها ..

إن لحمل الكلام على المجاز حدوداً، فمن أفرط فيها فقد تمَحَّل .

نعم ياصديقي، إنه تسبيح حقيقي، والمفهوم من الآيات والأحاديث أن جميع ما في هذا الكون كائنات حية حتى النبات والجماد، وأنه لايوجد كائن

ص: 336

ميت بالموت الكامل، ولكنها درجات الحياة يتفاوت الناس فيها .. مِنْ أعظمهم حيوية ويقظة في عقله وروحه وبدنه صلی الله علیه و آله ، الى أقلهم حيوية وحياة، الذي لايكاد يفقة شيئاً، ولا يحرك حساً !

ثم يتفاوت أحدنا في درجة حياته .. من أرقى حالاته في الإزدهار العقلي والروحي والبدني، إلى أضعف حالته من الخمول والركود والمرض .

وإذا حسبنا الإنسان في أول سُلَّم الأحياء، فإن أقل إنسان نصيباً من الحياة يقترب من أرقى حيوانٍ صامت .. وأقل حيوانٍ نصيباً منها يقترب من أرقى نباتٍ أو يشتبه به .. وأقل نبات نصيباً منها يشتبه بأرقى جماد .. وكل فرد من سلسلات هذه الكائنات له روحٌ بحسبه، وعقلٌ بحسبه، وتكليفٌ بحسبه، ولغةٌ وتسبيحٌ، ولكنا لا نفقه تسبيحهم ! أما رأيتَ لكل نوع من النبات والأشجار شخصيةً وأخلاقاً غير النوع الآخر.. وما يدريك أن تكون الصخور والجبال كذلك ؟ أما التراب يا صديقي فله قصةٌ أخرى، لأنه نحنُ !! فأحدنا ما هو إلا نصف متر مكعب من التراب مخلوط بنفخة إلهية .. بلى، نفخة الروح هي الأساس وأصل السر، والإنسان إنسان بروحه قبل بدنه . . ولكن السر أيضاً في قبضة التراب التي تقبل حلول النفخة فيها، وتتآخى معها، وتكون مقرها .

السر أيضاً في السبع قبضات التي أخذها جبرئيل من الأرض فكانت بيتاً للروح، والسر بعدها في غذاء الأبوين من نتيجة تراب الأرض الذي يصير علقةً تقبل الإنشاء الآخر !

هل سمعت أن كل العناصر الستة عشر التي يتكون منها التراب .. يتكون منها بدن الإنسان بلا زيادة ولا نقصان ! وهل سمعت أن في الارض تراباً ليس منها، وأنه قد نقل اليها من الجنة لأمرٍ لا أفهمه أنا ولا أنت !

ص: 337

الأشياء ياصديقي أكبر مما نرى وأعمق، فلا تنظر إليها بسذاجة !

إن مثل من المؤمن وغير المؤمن ياأخي كمثل شخصين يملكان جهازي (راديو) فيفتح أحدهما جهازه ويدير مفتاحه، فلا يسمع صوتاً إلا الخشيش والصفير، فيقول إنه جهاز جيد، ولكن لا توجد محطات الآن . ويفتح الآخر مذياعه فإذا به ممتلئ بالإذاعات صافية واضحة، ولا خشيش ولا صفير !

المشكلة يا صديقي ليست في الإذاعات ولكن في جهاز الإلتقاط !

ومشكلة هؤلاء الجامدين على الماديات ومن تبلد مثلهم من المسلمين.. أنهم عند ما لا يلتقط جهازهم ينفون وجود الإرسال والمرسلات !

فالموجود أكثر مما يلتقطه جهازك وجهازي، ومحطات الإرسال موجودة في كل شئ من حولك !

فحواسنا الخمس آيات كبرى من آيات الله تعالى ولكنها (كاميرات) محدودة تستطيع فقط أن تلتقط أجزاء من المسموع والمنظور والمحسوس والمشموم والمطعوم، وتبقى الأجزاء الأخرى خارج عملها ! وجهاز عقلنا آيةٌ عظمى، ولكنه يلتقط جزءً من الحقائق فقط ! وجهاز روحنا يصل إلى جزء من العوالم، والباقي خارج عمله !

فالمسألة يا صديقي أعمق مما نتصور، فاعجب لمن ينظرون إليها بأذهان مسطحة ! هذه النبتة الصغيرة التى تدوسها الأقدام لها خطةٌ وهدف، ولها قصةٌ قد توازي أو تفوق قصة أكبر شجرة في غابات الأمازون ! وكل نبتة لها خطةٌ وهدفٌ وقصة .. وكل حيوان، وكل إنسان، وكل ذرة من جماد أو تراب.. أليس الجميع آجراً في بناء هذه الأرض والحياة، ومن هندسة ذلك المعمار، وأي معمار .. سبحانه وتعالى !

ص: 338

آه لو استطعت أن أنادي في هؤلاء الذين لا يرون إلا الأشكال والسطوح؟ لو استطعت أن أهز بصيحتي عقولهم ووجدانهم ! يا هؤلاء إن البعد المادي إنما هو واحد من أبعاد الموجودات، وهو أهونها وأصغرها ..

روحي فداء لرسول الله حيث أراد أن يهز عقول قريش ووجدانهم فصعد على الصفا ذات يوم ونادى: يا صباحاه، فاجتمعت إليه قريش فقالوا: مالك ؟ قال: أرأيتكم إن أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم ماكنتم تصدقونني ؟ قالوا: بلى .

قال: أيها الناس إن الرائد لايكذب أهله، ولو كنت كاذباً لما كذبتكم، والله الذي لاإله إلاهو إني رسول الله إليكم حقاً خاصة، وإلى الناس عامة . والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ولتحاسبن كما تعملون، ولتجزون بالإحسان إحساناً وبالسوء سوء، وإنها الجنة أبداً والنار أبداً ..

إننا اليوم يارسول الله بحاجة الى صيحة (ياصباحاه) في قريش العالم، وفي قريش المسلمين:

في قريش العالم ليعرفوا أن وراء الماديات عوالم أعظم منها، فيخرجوا من عبادة المادة الى نور التوحيد ..

وفي قريش المسلمين ليتوقفوا عن ظلمهم لأهل بيتك الطاهرين، ويرجعوا إلى قيادتهم وتلقي الاسلام منهم .. ولابد لبوادر الصيحتين أن تتنامى في العالم وفي الامة، حتى يظهر ولدك المهدي الموعود فيقوم بها خير قيام.

قال صديقي: لقد استفدت من حديثك وأحببت تربة الحسين علیه السلام أكثر . . وقررت أن أسبح بها لا بغيرها ما استطعت، وأسجد لله على ترابها ما استطعت .. وسوف أهدي لك منها تربة سجود وسبحة .

ص: 339

قلت له: خير هدية، أشكرك عليها، وأرجو أن لاتفارقني سبحة كربلاء في حياتي وأن يدفنوها معي في قبري . . لقد أعجبني ذوق سيف الدولة الحمداني رحمة الله حيث كان يجمع غبار ثيابه إذا رجع من جهاد الروم حتى صنع منها لبنة، وأوصى أن يوضع عليها رأسه في قبره، وأن يوضع شئ من تربة الحسين على صدره . . وهكذا كلما ازداد هم الإنسان بأمته ونصرتها وجهاد أعدائها . . كلما ازداد حبه لنبيه وعترته صلی الله علیه و آله ، وصار أرهف حساً، وأكثر فهماً .

- فكتب (أبو زهراء) بتاريخ 11- 6 – 1999، الرابعة عصراً:

أحسنت ولك جزيل الشكر، ولي سؤال فإني أعرف كاتب هذه المقالة، فهل هو أنت أدام الله أفضالك، وكثر من أمثالك .

- وكتب (الدبوس) بتاريخ 11- 6- 1999، الرابعة والنصف عصراً:

نعوذ بالله من الشم . الظاهر الأخوة مدمنون هيروين .

- فكتب العاملي بتاريخ 14- 6- 1999، الثانية عشرة والثلث مساء:

نتحدث عن الشم المعنوي عند الأنبياء والأولياء صلوات الله عليهم، وعن قوله تعالى عن نبيه يعقوب: إني لأجد ريح يوسف، وعن أحاديث رسول الله صلی الله علیه و آله من مسند إمامهم أحمد بن حنبل وغيره . .

فيتحدثون عن شم الهيرويين ويتهموننا به !!

وحسبكم هذا التفاوت بيننا.... وكل إناء بالذي فيه ينضح

ص: 340

الفصل السابع: المعرضون عن أهل بيت نبيهم. . يتهموننا بالغلو فيهم !!

اشارة

ص: 341

ص: 342

- كتب المدعو (أويس) في الساحة العربية بتاريخ 16-4-1999، السابعة صباحاً، موضوعاً بعنوان (حب الحسين دين عندنا ولكن دون غلو)، قال فيه:

رحم الله الحسين بن علي ورضي عنه، وعن آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، فحبهم دينٌ نتقرب به إلى الله عز وجل، ولكننا نضعه ونضع حبه في المكان الذي يليق به، دون غلو ولا إسفاف، وهذا هو الذي يرتضيه هو منا كما يعلمه ونعلمه من دين الله .

أما الرافضة فقد غالت في حبه حتى أصبح حبه في قلوبهم أكبر بكثير من حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولسان حالهم ومقالهم يشهد بهذا وإن أنكروه، وهذه من الطوامّ التي لا يرتضيها الحسين ولا أحد من آل بيته صلى الله عليه وسلم ....

- قال العاملي: الى آخر ماكتبه المدعو أويس في شبكة الساحة العربية، التي منعوا الكتاب الشيعة من الكتابة فيها والإجابة على شبهاتهم!

ص: 343

يزعمون حب أهل البيت الطاهرين .. لكنهم معرضون عنهم !!

- قال العاملي: وشهد شاهد من أهلها ! فقد نشرت شبكة القلعة الناصبية موضوعاً كتبه المدعو (عبد رب الرسول) بتاريخ 3-2-2001، الثانية صباحاً، موضوعاً بعنوان (السبب الرئيسي لتشيع بعض أهل السنة.. يجب تداركه) قال:

لا شك أن لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فضائل وردت في كثير من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك في كتاب الله .

النقطة التي أريد أن أقولها هي أنه يوجد تجاهل نوعاً ما لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أدري لماذا ؟! فأنا طوال عمري في دراستي سواء في المدرسة، أو في الجامعة، أو في المحاضرات، أو الخطب، أو الدروس، أو غير ذلك.. نادراً ما سمعت ذكر لفضائل آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم !! لقد كان هذا التجاهل أعظم سلاح استخدمه الرافضة في الدعوة لمذهبهم، فهم يأتون أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل آل البيت، مثل حديث الثقلين، وحديث الغدير، وأحاديث أخرى كثيرة، كلها صحيحة، وكل استدلالاتهم بهذه الأحاديث مردودة عليهم، وهي لا تخفى على أهل العلم وطلبته، ولكن عوام الناس تخدعهم استدلالات الرافضة بهذه الأحاديث، ويقذفون بها الشبه في قلوبهم .

وخلاصة كل ما قلت هو: لماذا لا يسمع عوام الناس أحاديث فضائل آل البيت مع شروحها من أهل السنة، قبل أن يسمعوها من الرافضة مع استدلالاتهم، فيلقون بها الشبه في قلوبهم وهو ما أدى فعلاً الى سلوك بعض أهل السنة طريق الرفض ؟!

ص: 344

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

- فكتب (أبو سيف) بتاريخ 3-2-2001، الخامسة إلا ربعاً صباحاً:

الأخ عبد رب الرسول هداه الله .. لاندري من أين أتيت بمثل هذا الإدعاء من أن المسلمين يتجاهلون آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وفضائلهم ! أين هو هذا التجاهل الذي ادعيته؟ والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها يقرؤون في صلواتهم المفروضة وفي نوافلهم التشهد ومن ضمنه: اللهم صل على محمد وآل محمد ؟ فهل في نظرك بأن هناك تكريم لآل البيت الكرام على المسلمين أن يفعلوه أكبر من هذا التكريم ؟ فأين هو هذا التجاهل المزعوم ؟!

وقلت أنت: لقد كان هذا التجاهل أعظم سلاح استخدمه الرافضة في الدعوة لمذهبهم، فهم يأتون بأحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضائل آل البيت . . .

وتناسيت بأن المسلمين يعرفون بأن الرافضة هم أعدى أعداء آل البيت، بسبب كفرهم وسبهم للصحابة وأمهات المؤمنين، وطعنهم بالقرآن الكريم .

ولعل كل مسلم يعرف بأن المسلمين هم أحباب آل البيت وهم شيعتهم الحقيقيون، أما الرافضة فقد لعنهم الله بكفرهم، وتوعدهم بأشد العذاب يوم القيامة . وما استشهادهم بأحاديت صحيحة من كتب المسلمين إلا من باب الجدال الشيطاني، وليس من باب تحري الحق والإستدلال عليه، إقرأ إن شئت قوله تعالى: وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم لمشركون .

ص: 345

أما قولك: لماذا لايسمع عوام الناس أحاديث فضائل آل البيت مع شروحها من أهل السنة قبل أن يسمعوها من الرافضة مع استدلالاتهم، فيلقون بها الشبه في قلوبهم وهو ما أدى فعلاً إلى سلوك بعض أهل السنة طريق الرفض .

فإن من يسلك من المسلمين طريق الرفض فهو من كان في نفسه هوى وزيغ واتبع خطوات الشيطان، وبسلوكه لطريق الرفض يكون كافراً مرتداً بإجماع الأئمة، ويستتاب وإن أصر على رافضيته يقتل حداً .

- فأجابه (عبدرب الرسول) بتاريخ 4-2-2001 السابعة والنصف مساءً:

الأخ أبو سيف .. أوافقك في غالب ما قلت، ولكن ما قلته هو أني طوال حياتي سواء في دراستي في المدرسة أو في الجامعة مع أني خريج كلية شرعية لم أسمع أبداً أياًّ من الأحاديث في فضائل آل البيت، حتى في المساجد أو خطب الجمعة . لم أكن لآتي بهذا الأمر من رأسي، ولكن بحكم عملي أضطر لمخالطة الرافضة، فرأيت أن هذه الطريقة التي يدعون بها لمذهبهم، وهم بهذه الطريقة لا يتوقعون من أهل السنة التشيع، ولكن ليقنعوا أهل السنة أنهم لهم أدلتهم القوية ولذلك لا تثريب عليهم .

وهم أيضاً ينكرون تحريف القرآن وأمور أخرى أيضاً، ويوهمون عوام الناس أن الإختلاف هو فقط في النص على الخلافة وعصمة أئمتهم، ويثنون على الصحابة أمام أهل السنة . وكل هذه الأمور ليست أوهاماً، فقد وجدت بعض أهل السنة انخدع بذلك ويقول: صحيح أنهم على باطل ولكن لهم أدلة قوية، وهم لا يقولون بتحريف القرآن ... الخ . والأدلة هذه هي: حديث الثقلين، وحديث الإثني عشر خليفة، وهؤلاء إلى الآن لا يعلمون معاني هذه الأحاديث

ص: 346

، واستدلالاتها الصحيحة . وعندما أكلمهم أجد في كلامهم اضطراباً، وأنا موقن أن هذه الشبه قد وجدت طريقها إلى قلوبهم .

- فكتب (عدو المشركين) بتاريخ 4-2-2001، العاشرة إلا ثلثاً مساء:

الأخ عبد رب الرسول .. قال تعالى: وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً .

وعليه فإنه لاسلطان لنا على من يتشيع من أهل السنة . ولا أعرف أحد تشيع لدينا هنا، بل أعرف كثيراً من الشيعة دخلوا في الدين الحق، وتركوا ماكان عليه آباؤهم، عن قناعة وبصيرة بالحق .

أما فضائل أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم وذكر مالهم من عظيم المكانة، فلا يخفى عليك أنه لا صلاة لنا بدون الصلاة عليهم، وعلى أتباع الرسول من المؤمنين .

(آل محمد) لا تعني قرابته وأزواجه فقط، بل تعني الأتباع المؤمنين، والكثير من الكتب تتحدث عن فضائلهم وسيرتهم، فأين التجاهل ؟

نعم نحن لا نطريهم كما يفعل الرافضة المغالون فيهم . . . . .

اللهم صل على محمد وآله وأصحابه وسلم.

- فكتب (عبد رب الرسول) بتاريخ 5-2-2001، السابعة صباحاً:

الإخوة الكرام .. كل ما قلتوه صحيح، ولكن تتكلمون في غير ما أتكلم ! صحيح أنه توجد مؤلفات وغير ذلك، ولكني أتكلم عن عوام الناس وليس عن طلبة العلم، عن الخطب والمحاضرات والمناهج .

- فكتب (عدو المشركين) بتاريخ 5-2-2001، الحادية عشرة صباحاً:

ص: 347

ماذا تريد من عوام الناس ؟ هل ترغب بالإحتفال بالموالد مثلاً ؟ أو نلطم في عاشوراء ؟ ممكن تحدد لي بالضبط الطريقة التي تتخيلها، والتي تريد بها أن نذكر أهل البيت ؟! أنظر هذه الوصلة والسلام:

http://www.alhag.org/hag-html/Forum1/HTML/001027.html

- فكتب (عبد رب الرسول) بتاريخ 7-2-2001 الثانية عشرة والثلث ظهراً:

أخي في الله عدو المشركين .. يبدو أنك تسئ الظن فيّ !

خلاصة ما أريد أن أقوله هو: أن نثقف العامة في الأحاديث الصحيحة التي وردت عن آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم، بشروحها عند أهل السنة والجماعة، حتى نغلق باب قذف الشبه بهذه الأحاديث من قبل الرافضة .

- كتب (الفاروق) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 30-12-1999، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (بدون عنوان - 2)، قال فيه:

هل الحسين سلام الله عليه من البشر ؟

يثني الشيخ محمد جواد مغنية على كتاب سيرة الحسين السبط للعلايلي ويقول: قرأته فكأني أقرأ عن شخصية لا عهد لي بها ولا علم، رغم تتبعي لأكثر السير المؤلفة، ورغم ملازمتي لمجالس التعزية، فقد كشف العلايلي عن أسرار ما زالت مجهولة حتى على الأعلام من العلماء والأساتذة المختصين بدرس تاريخ الحسين وحياته . وقد أثبت أموراً أنكرها بعض المعاندين . .

وإذا قرأت ما كتبه عن حياة الحسين علیه السلام اعتقدت أن الحسين روح إلهي في طبيعة بشرية، ومعنى غيبي في حروف من أشباح الوجود)

مقالات محمد جواد مغنية - من هنا وهناك - ص 205

نقول: ماذا بقي بعد هذا القول للنصارى ؟! لله الأمر من قبل ومن بعد !

ص: 348

- وكتب (الفارسي) بتاريخ 31-12-1999، الرابعة والثلث صباحاً:

وقف أتباع مذهب أهل البيت علیهم السلام من أعلام الفرقة المحقة موقفاً واضحاً وصريحاً من حركة الغلو والغلاة، يستند إلى الأخبار الواردة عن أئمة أهل البيت علیهم السلام ، فأجمعوا على البراءة من مقولاتهم الفاسدة، ولعنوهم وبينوا كذبهم وافتراءاتهم في العديد من كتب العقائد والكلام، وإليك نماذج من أقوالهم.. قال الشيخ الصدوق رضي الله عنه: اعتقادنا في الغلاة والمفوضة أنهم كفار بالله تعالى، وأنهم شرّ من اليهود والنصارى والمجوس والقدرية والحرورية، ومن جميع أهل البدع والأَهواء المضلّة.

إعتقادات الصدوق 97/37، المؤتمر العالمي لاَلفية الشيخ المفيد - قم ط1.

وقال الشيخ المفيد رضي الله عنه: والغلاة من المتظاهرين بالإِسلام، هم الذين نسبوا أمير المؤمنين والأَئمة من ذريته علیهم السلام إلى الاَُلوهية والنبوة... وهم ضُلاّل كفّار، حكم فيهم أمير المؤمنين علیه السلام بالقتل والتحريق بالنار، وقضت الأَئمة علیهم السلام عليهم بالإكفار والخروج عن الإِسلام . تصحيح الإعتقاد - 131 فصل في الغلو والتفويض.

وقال الشيخ المظفر رضي الله عنه: لا نعتقد في أئمتنا علیهم السلام ما يعتقده الغلاة والحلوليين، كَبُرت كَلِمةً تَخرُجُ مِن أفوَاهِهِم، بل عقيدتنا الخاصة أنّهم بشر مثلنا، لهم ما لنا وعليهم ما علينا، وإنّما هم عباد مكرمون، اختصّهم الله تعالى بكرامته، وحباهم بولايته، إذ كانوا في أعلى درجات الكمال اللائقة في البشر من العلم والتقوى والشجاعة والكرم والعفّة وجميع الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة، لا يدانيهم أحدٌ من البشر فيما اختصوا به . قال إمامنا الصادق علیه السلام : ما جاءكم عنّا ممّا يجوز أن يكون في المخلوقين ولم تعلموه ولم تفهموه فلا

ص: 349

تجحدوه وردوه إلينا، وما جاءكم عنا مما لا يجوز أن يكون في المخلوقين فاجحدوه ولا تردوه إلينا . عقائد الاِمامية - الشيخ المظفر 326 عقيدتنا في الأئمة علیهم السلام ، مؤسسة الاِمام علي علیه السلام - قم ط 1.

وقال الشيخ كاشف الغطاء في معرض حديثه عن الغلاة ومقالاتهم:

أما الشيعة الإِمامية وأئمتهم علیهم السلام فيبرأون من تلك الفرق براءة التحريم .. ويبرأون من تلك المقالات ويعدونها من أشنع الكفر والضلالات، وليس دينهم إلاّ التوحيد المحض، وتنزيه الخالق عن كل مشابهة للمخلوق ..

أصل الشيعة وأصولها - الشيخ كاشف الغطاء: 173 - 177.

بغض أهل البيت علیهم السلام :

إلى جانب الغلو في النبي والأَئمة علیهم السلام .. فإن البعض يقصّر في حقهم وينتقص من قدرهم، ويحط من مكانتهم الحقّة عند الله تعالى ومنزلتهم ودورهم في تبليغ الرسالة والحفاظ عليها وتنفيذ أحكامها، منكرين ما ينسب إليهم من معاجز وكرامات ذهبت بها الركبان، وشهد لها المؤالف والمخالف، فجعلوهم كسائر الناس ! والأَنكى من ذلك أن البعض من الناصبة قد يصل إلى حد البغض المقيت والحقد الدفين لكلِّ ما يمت إلى أهل البيت علیهم السلام من عقائد ومكارم وفضائل ! ولكلِّ من يدين بحبهم ويقتدي بهم كقادة رساليين انتجبهم الله تعالى لتبليغ دينه وإتمام رسالته .

وبغضهم علیهم السلام عصيان لأَمر الله تعالى ولأَمر رسوله صلی الله علیه و آله القاضي بمحبتهم والتمسك بحبلهم والإقتداء بهديهم، وهو بغض لله تعالى ولرسوله ! قال الرسول الأَكرم صلی الله علیه و آله مشيراً إلى أهل البيت علیهم السلام : من أبغضهم فقد أبغضني !

ترجمة الإِمام الحسين علیه السلام من تاريخ مدينة دمشق 91 / 126 .

ص: 350

وقال صلی الله علیه و آله : من سبّ علياً فقد سبّني ومن سبني فقد سبّ الله . المستدرك 3 / 121. وكنز العمال 6 / 401. ومسند أحمد 6 / 323. وخصائص النسائي - 24.

وبغضهم علیهم السلام من علامات النفاق والشقاء ورداءة الولادة، قال رسول الله صلی الله علیه و آله : من أبغضنا أهل البيت فهو منافق .

فضائل الصحابة 2 /661 - 1126. و الدر المنثور 6 / 7. وكشف الغمة 1 / 47. وذخائر العقبى – 18 .

وقال صلی الله علیه و آله : لايبغضنا إلاّ منافق شقي.

ذخائر العقبى - 18. وينابيع المودة 2 / 134، 381. والصواعق المحرقة – 230 .

وقال صلی الله علیه و آله: لايبغضهم إلاّ شقي الجَدّ ردئ الولادة .

الرياض النضرة 2/189. وأرجح المطالب - 309. ومناقب العشرة – 18 .

آثار بغضهم علیهم السلام :

إذا كانت مودة أهل البيت علیهم السلام تضمن للمرء سعادة الدارين، فإن بغضهم ونصب العداء لهم يوجب الخروج عن الملّة ودخول النار وغضب الجبّار والشقاء الأَبدي كما هو مدلول الأَحاديث الصحيحة الآتية:

1 - قال رسول الله صلی الله علیه و آله : والذي نفسي بيده، لا يبغضنا أهل البيت أحدٌ إلاّ أدخله الله النار .

المستدرك، الحاكم 3 / 162، 4717 وصححه. والدر المنثور 6 / 7 . والصواعق المحرقة – 143 . والخصائص الكبرى 2 / 266 . وسير أعلام النبلاء 2 / 123 وغيرها .

2 - وقال صلی الله علیه و آله : صنفان من أُمتي لا نصيب لهما في الإِسلام: الناصب لاَهل بيتي حرباً، وغالٍ في الدين مارقٌ منه .

من لا يحضره الفقيه 3 - 258 - 10 كتاب النكاح، باب ما أحلَّ الله عزّ وجلَّ من النكاح وماحرّم منه.

ص: 351

3 - وقال صلی الله علیه و آله مشيراً إلى الحسن والحسين علیهما السلام: من أبغضهما فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، ومن أبغض الله أدخله النار . مسند أحمد 2 / 288. و الحاكم 3 / 166. وسنن الترمذي 2 / 24 و307. والمعجم الكبير - 133. وكنز العمال 13 / 105. ومجمع الزوائد 9 / 181. وذخائر العقبى - 123. وتاريخ بغداد 1 / 141.

4 - وقال صلی الله علیه و آله : من أبغضهم أبغضه الله .

كنز العمال 12/ 98/ 34168. وبشارة المصطفى - 40.

5 - وقال صلی الله علیه و آله : من أبغضنا أهل البيت حشره الله يوم القيامة يهودياً . قال جابر بن عبد الله الأنصاري: فقلت يارسول الله وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم ؟ قال صلی الله علیه و آله : وإن صام وصلّى وزعم أنه مسلم . المعجم الأوسط الطبراني 4 / 389 / 4002. وأمالي الصدوق 273/2.

6 - وقال أمير المؤمنين علیه السلام : لمبغضينا أفواج من سخط الله .

روضة الواعظين - 297. ومجمع الزوائد 9 / 172.

7 - وقال الإِمام الباقر علیه السلام: جاء رجل إلى النبي صلی الله علیه و آله فقال: يا رسول الله، أكلّ من قال لا إله إلاّ الله مؤمن؟ قال صلی الله علیه و آله: إن عداوتنا تلحق باليهود والنصارى ! تحف العقول - 116. والخصال 627 /10. وغرر الحكم – 7342 . . . . . . الى آخر ما كتب الفارسي ..

- وكتب (بدون اسم) بتاريخ 5-1-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

هل الحسين سلام الله عليه من البشر؟ ماالمانع أن يكون الحسين روح الله ؟!

هل المانع هو بغض النواصب لرفعة للحسين علیه السلام ورفعة شأنه ؟!

ولعن الله من قتلك ولعن الله من ظلمك بالأيدي والألسن . ولعن الله من رضي بظلم الحسين علیه السلام .

مظلوم كجدك يا أبا عبد الله . مظلوم كأبيك يا أبا عبد الله .

ص: 352

مظلوم كأمك يا أبا عبد الله . مظلوم كأخيك يا أبا عبد الله .

صلوات الله وسلامه عليكم أجمعين .

اللهم ارزقنا شفاعة أهل البيت يوم الورود . إلهي آمين .

- وكتب (عمر) بتاريخ 5-1-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

كيف يكون بشر، وله هذه الصفات ؟! 1- شفيع للشيعة فقط . 2- يشفي المرضى وهو في القبر . 3- يسمع الدعاء ويجيبه. 4- يزور الموتى الشيعة الذين يدفنون في كربلاء . 5- تربته تشفي من الأمراض . 6- يعود للحياة لأنه لم يكمل الدورة . 7 - الحج لقبره أفضل من الحج المفروض ...

والكثير من الأشياء الخرافية التي لم تنزل على الرسل، ومن يقرأ هذه الآية بعقل يعرف بأن الأمر ليس بدليل، والله يتحداهم بذكر الدليل . (قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك في السماوات ؟ ائتوني بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين) . صدق الله العظيم . سورة الأحقاف - 4.

- وكتب (بدون اسم) بتاريخ 5-1-2000، الواحدة والثلث صباحاً:

عمر ! إذا اقنعتك أن عبد الله بن سبأ ليس من نأخذ رواياته، هل تقتنع أم تريد اللجاج والعناد ؟!

- وكتب (عمر) بتاريخ 5-1-2000، العاشرة ليلاً:

هل الصفات المذكورة لبشر ؟ ولو تصفحت تاريخ الرسل هل يوجد أحد بهذه الصفات ؟ (قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين). سورة غافر - 66 .

ص: 353

- وكتبت (إيمان) بتاريخ 5-1-2000، الحادية عشرة والربع مساءً:

الأخ الفاروق .. يقول الله تعالى: (قالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم) .

أترى يا أخي قول اليهود والنصارى في عزير والمسيح إنقاصاً لمكانتهما عند الله، أو تغييراً لعظيم منزلتهما عند المؤمنين ؟!

المسيح روح الله تعالى ولتقل النصارى عنه ما شاءت، فعزير نبيه، قالت اليهود عنه ابن لله أو لم تقل ! فما عليك أن تؤمن بما يقول الخلق جميعاً في الإمام الحسين علیه السلام أو في غيره.. فدعك من هذا الحديث الذي لا يفيد وانظر إلى قول الله تعالى ورسوله صلی الله علیه و آله .. واستغفر الله تعالى لذنبك وذنوب المؤمنين والمؤمنات والحساب عند الله تعالى، والميزان عند الصراط ..

يقول الرسول صلی الله علیه و آله : الحسين والحسين سيدي شباب أهل الجنة . الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا . الحسن والحسن ريحانتاي من الدنيا .

ويقول تعالى: إنما يريد الله أن يذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً . قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى. إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً .

ألا ترى أن ترك أقوال الخلق كلهم والنظر في قول الله تعالى ورسوله صلوات الله عليه وآله أصوب للرأي، وأهدى إلى سواء السبيل ؟ !

جعلك الله تعالى يا أخ فاروق ممن يفرق بين الحق والباطل حقاً.. والسلام.

- كتب (صدى الحق) في موقع القلعة العربي بتاريخ 1-9-2001، السادسة والنصف مساءً، موضوعاً بعنوان (بين عبد اللات وعبد الحسين)، قال فيه:

ص: 354

بسم الله الرحمن الرحيم

الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد رب كل شئ ومليكه قيوم السموات والأرض ومن فيهن، القائل لمن الملك اليوم ويكررها فلا يجيبه من أحد فيجيب نفسه سبحانه وتعالى لله الواحد القهار .

إلى كل رافضي يؤمن بالله واليوم الآخر ولا يشرك به شيئاً أطرح هذا السؤال: إن كنت مؤمناً بالله حقاً فكيف تشرك به ؟كلنا يعلم أن مشركي قريش عبدو اللات والعزى، فلماذا تنحون منحاهم وتؤلهون الحسن والحسين والرضى والنبي والرسول ؟!

عن شبيب بن شيبة، عن الحسن البصري، عن عمران بن حصين قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي: يا حصين كم تعبد اليوم إلهاً ؟ قال أبي: سبعة، ستة في الأرض وواحداً في السماء . قال: فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك ؟ قال: الذي في السماء . قال: ياحصين أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك . قال: فلما أسلم حصين قال: يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني، فقال: قل اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي .

أجيبوا هدانا الله وإياكم إلى الحق ؟

- وكتبت (قطر الندى) بتاريخ 30-12-2000، الرابعة صباحاً:

بارك الله فيك أخي . . لقد غلبوا النصارى في تأليه الأفراد . . من أمثلة أسمائهم: عبدالحسين.. عبد الرسول..عبد النبي. الحمد لله على نعمة الإسلام .

- وكتب (صدى الحق) بتاريخ 30-12-2000 السادسة والنصف صباحاً:

وبارك الله فيك أُخَيَّهْ وغفر الله لنا جميعاً، وهدى ضالنا إلى سواء السبيل.

ص: 355

- ثم كتب (صدى الحق) بتاريخ 30-12-2000، السابعة والثلث مساءً:

ما زلت في إنتظار الإجابة .

- فكتبت (أم مهدي) بتاريخ 1-1-2001، الواحدة والنصف صباحاً:

لا نعبد غير الله مخلصين له الدين حنفاء .. نحن شيعة علي علیه السلام ، نعبد إلهاً واحداً لا شريك له، الأول فلا شئ قبله، والآخر فلا شئ بعده، لا يشغله شأن، ولا يغيره زمان، ولايحويه مكان، ولا يعزب (لايخفى) عنه عدد قطر الماء، ولا نجوم السماء، ولا سوافي الريح في الهواء، ولا دبيب النمل على الصفا.. نشهد أن لا اله الا الله غير معدول به، ولا مشكوك فيه، ولا مكفور دينه، ولا مجحود تكوينه، شهادة من صدقت نياتهم، وصفت دخلتهم (باطنهم) وخلص يقينهم.. (من كلام إمامنا وسيدنا ومولانا...علي بن أبي طالب علیه السلام ) .

يا صدى الحق.. ويا أخت أهل السنة فقط !! إن كنتما قد نسيتما ! معنى الشرك والعبادة فلا مانع بالذكرى فلعلها تنفع هذه المرة !

الشرك: هو عبادة غير الله تعالى، إما وحده وإما باشراكه مع الله تعالى . والعبادة: هي الخضوع للمعبود بقصد ألوهيته وربوبيته .

أما - يا صدى الحق - هداك الله.. مجرد استعمال لفظة عبد في قبال مخلوق فلا يدل على أنه عابد له، بل ورد في القرآن والسنة ما يدل على صدقه لبعض الناس بالنسبة إلى بعض، قال الله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم . النور - 32، فهل يعني ذلك أن المملوك يعبد سيده ؟ وكذلك عبد النبي وعبد الحسين معناه أنه كالمملوك للنبي والحسين صلوات الله على نبينا وآله . . والعجيب أنكم تقذفوننا بالشرك لأننا نسمي عبد النبي . . ولا بأس أن

ص: 356

تقول أنتم لرؤسائكم: سيدي أو مولاي أو صاحب الجلالة ! وبالتالي أصبح الأمر حلال عليكم .. حرام علينا ..!!

اللهم إنا نشكو اليك فقد نبينا صلی الله علیه و آله ، وغيبة إمامنا عليه الصلاة والسلام .

- وكتب (صدى الحق) بتاريخ 1-1-2001، الثانية والنصف صباحاً:

هداك الله يا أم مهدي ..

ولماذا الإنفعال هداك الله ؟ هل هذا التأويل من بنات أفكارك أم مما تعلمتيه من علماءك، هل بإمكانك التوضيح هدانا الله وإياك ؟

والصالحين من عبادكم: عبيدكم، وإمائكم: مملوكاتكم . قرأ الحسن والصالحين من عبيدكم، وعبيد اسم للجمع . قال الفراء: ويجوز وإمائكم بالنصب، يرده على الصالحين يعني الذكور والإناث، والصلاح الإيمان . وقيل المعنى ينبغي أن تكون الرغبة في تزويج الإماء والعبيد إذا كانوا صالحين فيجوز تزويجهم، ولكن لا ترغيب فيه ولا استحباب . والمراد بالأيامى هنا الأحرار والحرائر، وأما المماليك فقد بين ذلك بقوله: والصالحين من عبادكم وإمائكم قرأ الجمهور عبادكم وقرأ الحسن عبيدكم، قال الفراء: ويجوز يالنصب برده على الصالحين، والصلاح هو الإيمان . وذكر سبحانه الصلاح في المماليك دون الأحرار لأن الغالب في الأحرار الصلاح بخلاف المماليك، وفيه دليل على أن المملوك لا يزوج نفسه، وإنما يزوجه مالكه .

وقد ذهب الجمهور إلى أنه يجوز للسيد أن يكره عبده وأمته على النكاح.

وفي الآية دليل على أن تزويج النساء الأيامى إلى الأولياء، لأن الله تعالى خاطبهم به، كما أن تزويج العبيد والإماء إلى السادات، لقوله عز وجل: والصالحين من عبادكم وإمائكم . وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة ومن

ص: 357

بعدهم، روي ذلك عن عمر، وعلي، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وعائشة .

وكيف تقارنين بين من قال يا سيدي ومولاي وصاحب الجلالة، وبين من قال عبد علي، وعبد الرضا . . الخ .

وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم، لما نهى عما عسى يفضي إلى السفاح المخل بالنسب المقتضي للألفة وحسن التربية ومزيد الشفقة المؤدية إلى بقاء النوع بعد الزجر عن مبالغة فيه عقبه بأمر النكاح الحافظ له والخطاب للأولياء والسادة، وفيه دليل على وجوب تزويج المولية والمملوك وذلك عند طلبهما، وإشعار بأن المرأة والعبد لا يستبدان به إذ لو استبدا لما وجب على الولي والمولى .

سؤال: هل أنتم عبيد لعلي رضي الله عنه وللحسن والحسين والرضى والنبي والرسول أو من إمائهم ؟

ملاحظة: إما أن تناقشي وتأتي بإجابة يقبلها عقل أو دعي المجال لمن هم أوسع علماً منك .

- وكتب العاملي بتاريخ 1-1-2001، الرابعة إلا ثلث صباحاً:

الأخ صدى الحق .. أرجو أن تنصف الأخت أم مهدي .. فقد أجابتك بجواب لا رد لك عليه ..

وتوضيحه: أن الإضافة في اللغة العربية واسعة.. فلا تضيق واسعاً !

وإضافة العبد الى سيده تكون بسبب أنه يحترمه كما يقولون في عصرنا للمحترم (يا سيدي) أو (يا مولاي)، أو بسبب أنه رئيس عمله، أو بسبب أنه عبد له وغلام .

ص: 358

ومنها إضافة العابد للمعبود كما تقول لله تعالى: ياسيدي ومولاي .

وعندما تكون الكلمة مشتركة يبطل الإشكال، خاصة أن المتبادر منها غير العبادة، لأنه أكثر استعمالاً.. فالإستعمال بمعنى الغلام هو الأصل، وبمعنى العابد يحتاج إلى قرينة لفظية أو معنوية .. ولو كانت العبادة هي الأصل المتبادر عند الإطلاق، وكان الغلام تحتاج إلى قرينة، لما استعملها الله تعالى مطلقة بلا قرينة في قوله (عبادكم) .

أما سؤالك: هل أنتم عبيد للعترة الطاهرة ؟

فجوابه: نعم، وأنت أيضاً إن كنت مسلماً !!

فاسمع مارواه إمامك أحمد في مسنده: 5 / 419: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى بن آدم، ثنا حنش بن الحرث بن لقيط النخعي الأشجعي، عن رياح بن الحرث، قال: جاء رهط إلى علي بالرحبة فقالوا: السلام عليك يا مولانا، قال: كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب ؟ قالوا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول: من كنت مولاه فإن هذا مولاه. قال رياح: فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء قالوا نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري .

فأنت صدى الحق، وفي نفس الوقت أنت (عبد علي) .. تهانينا .

رحم الله الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري.. غرس الإسلام صافياً في جبال عاملة، وعلَّمَنا أن ولاية العترة النبوية الطاهرة والبراءة من مخالفيهم جزءٌ لا يتجزأ من الاسلام . (العاملي)

- وكتبت (عائشة) بتاريخ 1-1-2001، الرابعة وعشر دقائق صباحاً:

مبروك . . على الإسم الجديد يا صدى الحق . (تاج راسي أبا تراب).

ص: 359

- وكتب (صدى الحق) بتاريخ 1-1-2001، الرابعة والنصف صباحاً:

خلك جبل ياجبل (يقصد العاملي الذي ألغوا اشتراكه فاشترك مجدداً باسم جبل عامل) . الكلام واضح إيش جاب حديث الرسول صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه إلى عبد الحسن والحسين . وإن كنتُ صدى الحق فلستُ عبداً لعلي رضي الله عنه، فإلهي واحدٌ أحد فردٌ صمد ولن أتخذ آلهةً من دونه تقربني إلى الله .

يا عاملي القوم يثقون بك كثيراً، فكن أهلاً لثقتهم ودع عنك الكلام الذي لا يقبله قلب رجلٌ يؤمن بالله ولا يشرك به شيئاً .

- وكتبت (عائشة) بتاريخ1-1-2001 الرابعة والنصف ودقيقتين صباحاً:

كبر مخك يا عبد علي .. كلام الأخ العاملي يقبله القلب والعقل معاً.

هل تعرف لماذا ؟ لأننا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .

(تاج راسي أبا تراب)

- وكتب العاملي بتاريخ 1-1-2001، الخامسة صباحاً:

الأخ صدى الحق .. الحكم الشرعي للتسمية بعبد النبي، وعبد علي، وعبد الحسين .. وأمثالها، أنه إن كان فيها ذرةٌ واحدةٌ من نية التأليه والعياذ بالله.. فهي شرك بالله تعالى، ومن ينويه كافر ! ولا فرق عندنا في كفر الناصبي والغالي، وغيرهما من أنواع الكفار . ولكن لا يصح اتهام أصحابها بالشرك، لأن اللغة العربية لا تلزمنا بمعناه، وأصحابها ينفونه ويثبتون معان جائزة .. على أن أفضل الأسماء عندنا ما حُمِّدَ وعُبِّد.. أي عُبّدَ لله تعالى وليس لمخلوق.

ص: 360

فالتسمية بها ليست حراماً، كما أن التسمية بعبد الحسين وأمثالها ليست من مستحبات الدرجة الأولى، اللهم إلا أن يقال إن التسمية بها جهادٌ بإعلان ولاية أهل البيت النبوي، والتحمل من أجلهم .. فتدخل في عنوان آخر .

رحم الله الصحابي الجليل أبا ذر الغفاري.. غرس الإسلام صافياً في جبال عاملة، وعلَّمَنا أن ولاية العترة النبوية الطاهرة والبراءة من مخالفيهم جزءٌ لا يتجزأ من الاسلام.

- وكتب (ذو الفقار) مشرف شبكة القلعة بتاريخ 1-1-2001، الخامسة ودقيقة واحدة صباحاً:

العاملي: رصيدك السابق أسبوع قدس سره أسبوع = أسبوعين. إجازة سعيدة العاملي ! السبب:

(فأنت صدى الحق، وفي نفس الوقت أنت (عبد علي).. تهانينا).

- قال العاملي: زعم مشرف شبكة القلعة أنه (عاقبني) بمنعي من الكتابة لمدة أسبوعين .. وكان معناه منعاً نهائياً ! لكني أشكر الله تعالى أني استطعت أن أسجل على النواصب من مسند إمامهم أنهم (عبيدٌ لعليٍّ علیه السلام ) حتى لو كانت قلوبهم لاتحبه بل تمتلئ منه حساسية وله بغضاً، صلوات الله عليه .

- كتبت (أم مهدي) بتاريخ 25-12-2000، التاسعة إلا ربعاً مساء موضوعاً بعنوان (ما سبب منع أخينا العاملي من المشاركة ؟؟ يا مشرف !!) قالت:

أخي المشرف ... لم نتعود منك مثل هذا التصرف.. ما الذي حصل؟ أم تراهم أمروك بذلك ! إأتني بمشاركة واحدة لأخينا الكريم العاملي خرج فيها عن المعقول، أو لاسمح الله استعمل السب والشتم مثل الآخرين من إخوانك ! بل

ص: 361

العكس تماماً !! أم أن وجوده في هذه القلعة خطر على أصحابها ؟!!!! وهذه هي الحقيقة !!

اللهم إنا نشكو اليك فقد نبينا صلی الله علیه و آله وغيبة إمامنا .

- فأجابها المشرف المسمى (ذو الفقار):

إيقاف أي عضو يعد من اختصاصات المراقب، ولكن بالنسبة لتساؤلك ياommehdi فأنتي حكمتِ وأجبتِ نفسكِ من خلال رسالتك: أم أن وجوده في هذه القلعة خطر على أصحابها ؟!! وهذه هي الحقيقة !!

- قال العاملي: وبذلك اعترف هذا المشرف الذي سمى نفسه ذا الفقار بأن من يثبت لهم فضيلة لأهل البيت علیهم السلام من مصادرهم ولا يستطيعون ردها.. يكون خطراً عليهم، وكذلك الحق خطر على خصومه !

الى الذين يتهموننا بالغلو

- كتب العاملي في شبكة أنا العربي بتاريخ 14-6-1999، الثانية عشرة والثلث ظهراً موضوعاً بعنوان (الى الذين يتهموننا بالغلو !)، قال فيه:

دأب الوهابيون على اتهامنا بالغلو في أهل بيت النبي الطاهرين صلی الله علیه و آله ، فتراهم يعرِّفون الغلو بتعريفات غير علمية، ويطبقونه علينا تطبيقاً كيفياً !! ثم لا يسألون أنفسهم هل أن إعراضهم عن أهل بيت نبيهم جائز شرعاً، وهل أدوا وصية النبي فيهم، التي اعترفوا بها في مصادرهم كحديث الثقلين وغيره، حيث جعل النبي أهل بيته كالقرآن أمانة في أعناقهم ؟!

ص: 362

والأعجب من ذلك أنهم استبدلوهم بصحابة يحبونهم حبا مفرطاً، ويعتبرونهم معصومين وإن لم يصرحوا بذلك، لأنهم لايقبلون لأحد أن يذكر لهم خطأً واحداً .. وهذه هي العصمة بعينها !! ثم تراهم يغالون في هؤلاء الصحابة ويذكرون لهم كرامات شبيهة بما لأئمتنا علیهم السلام ، بل لايرضون لهم بذلك حتى يجعلوا بعضهم موجهاً ومصححاً لأخطاء سيد المرسيلن، وأن الوحي كان يؤيده مراراً ويخطِّئ النبي صلی الله علیه و آله !!

وبما أننا في هذه الساحة نستضيف عدداً منهم، ونرحب بهم، فنرجو منهم أن لايستعجلوا باتهام الشيعة، لأن حقنا في هذه الساحة مثلهم والحمد لله، فيمكننا تقديم الجواب، وجوابنا لايحذف كما يفعلون في شبكاتهم، فيحذفون أجوبتنا ويبقون تهمهم وسبابهم لنا فقط !!

فيا أيها الإخوة: نرجو أن تعذرونا لعقيدتنا في أهل بيت النبي صلی الله علیه و آله ، لأنها مبنية على أسس قوية من القرآن والسنة، ولكنكم لا تصبرون علينا، ولا تسمعون منا، حتى لو كان دليلنا من مصادركم ..!

فشيئاً من سعة الصدر من فضلكم .

أولاً: نحن نعتقد بالدليل أن النبي وأهل بيته صلى الله عليه وعليهم كلًٌ واحدٌ لا يتجزأ، فهم الزرع الإلهي الذي أخرج شطأه فآزره.. ونعتقد أنهم كانوا قبل خلق الخلق أنواراً الهية يعبدون الله تعالى عند عرشه، ثم جعلهم الله تعالى في صلب آدم ورحم حواء علیهما السلام ، ولم يزل ينقلهم من صلب طاهر الى رحم مطهرة .. حتى منَّ على البشرية بهم .

ص: 363

ثانياً: نعتقد أنهم مشروع إلهيٌّ واحد من خاتم الرسل الى المهدي الموعود.. وأن ماحدث لهم من إبعاد عن الحكم وقتل وتشريد وتطريد، إنما هو جزء من مخطط الامتحان الإلهي لهم وللأمة، بشهادة الرسول صلی الله علیه و آله ..

ونعتقد أنهم عائدون الى ساحة الأرض لامحالة، وسينشرون نور الاسلام في العالم، ويحققون دولة العدل الإلهي على المعمورة .. وعدٌ موعودٌ من الله تعالى على لسان رسوله صلی الله علیه و آله (بنا بدأ الله وبنا يختم) .

ثالثاً: عقيدتنا فيهم علیهم السلام ، سواء أصلها أو تفاصيلها، مبنيةٌ على الدليل الشرعي من كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلی الله علیه و آله ، ثم من كلامهم حيث ثبت أن الرسول أمرنا باتباعهم بعده..

ونعتقد أن الأمة أخطأت بإعراضها عنهم، وأن كل ماحل بها من خلافات وصراعات على السلطة، وانهيار كيانها، وتداعي الأمم عليها، كان بسبب البعد عنهم، وأن الله سيفرج عنها بهم لا بغيرهم .

رابعاً: نعتقد بأننا مقصرون في حقهم ولسنا مغالين، فمقام محمد وآله صلی الله علیه و آله عند الله عظيمٌ جداً، يصعب على العقول العادية أن تدركه.. ومهما قال المسلم فيهم وفي مكانتهم عند الله تعالى، فليس مغالياً مادام يجعلهم عباداً مربوبين مطيعين لربهم، بل هم سادة العباد المكرمين .

خامساً: نرجو من إخواننا الذين لايعتقدون عقيدتنا في النبي وآله صلی الله علیه و آله ، أن يسألونا عن دليلنا في أصل عقيدتنا فيهم وتفاصيلها، سؤال من يريد أن يعرف ويفهم رأي الآخرين، وأن يستمعوا لشرحنا ودليلنا، ثم يناقشونا بهدوء واحترام، كما نخاطبهم بهدوء واحترام، ولا يقابلونا بالأحكام المسبقة والتهم والتكفير

ص: 364

والتضليل، ولايسثكثروا علينا موالاتنا وحبنا لأهل بيت نبينا الذين جعلهم الله تعالى عدل كتابه ووصية نبيه في أمته !

سادساً: نرجو أن يلتفتوا الى أنفسهم، وأنهم مغالون فيمن يحبونهم من الصحابة، فقد جعل النبي صلی الله علیه و آله لآله مقاماً الى جنبه كما أمره الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى) فصادروه وجعلوه لبعض الصحابة الذين أحبوهم، ورووا لهم من الكرامات والمعجزات أكثر مما رويناه لأهل البيت !!

وفي المقابل أعرضوا عن أهل بيت نبيهم الطاهرين مع أنهم صحابة وأهل بيت نبوة، وقد رووا أن أصحاب النبي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم، فيكفي حسب هذا أن نقتدي بصحابي واحد ! ونحن اقتدينا بأصحاب وأهل وعترة، ومع ذلك يقولون إنكم ضالون وكفار !!!

صلوات الله على رسوله وآله الطيبين الطاهرين المعصومين، ووفق الله الأمة التي لم ينفد منها الخير الى معرفتهم وأداء فريضة الله فيهم .

- وكتب (فلمون) بتاريخ 14-6-1999، الرابعة صباحاً:

يقول عمر بن الخطاب: لولا علي لهلك عمر . لا أبقاني الله في أرض ليس فيها أبو الحسن . لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن . لولاك يا أبا الحسن لافتضحنا . لعل عمر يغالي أيضاً في الإمام علي علیه السلام !!

- قال العاملي: كان في هذا الموضوع مداخلات أخرى لم أجدها .

ص: 365

- كتب العاملي في شبكة هجر الإسلامية بتاريخ 15-9-1999 العاشرة مساءً، موضوعاً بعنوان (الذي عنده عقل يستوعب، وأعصاب تتحمل.. فليفكر في مقام محمد وآل محمد عند الله !!)، قال فيه:

يذهل الإنسان عندما يتتبع في مصادر الطرفين الأحاديث الدالة على أن رب العالمين سبحانه قد اشترط في قبول أي عمل من أعمال عباده: ولاية محمد وآل محمد صلوات الله عليهم ! وأن عمل الذين لا يحبونهم مردود، حتى لو قضوا عمرهم في العبادة عند الكعبة الشريفة !!

كما اشترط سبحانه في قبول الدعاء: الصلاة عليهم ! فكل دعاء يدعوه البشر ويرتفع من أفواههم وقلوبهم، يبقى معلقاً فوق رؤوسهم، ولا يصعد إلى السماء، مالم يشفع بالصلاة على محمد وآل محمد !! كما ورد في أحاديثنا، وروته بعض مصادر السنة عن عمر بن الخطاب .

الله أكبر .. معنى ذلك أن الله تعالى أصدر (مرسوماً) بأن هذا الإنسان الممتاز وآله (الذين قرنهم به في الصلاة عليهم) هم وحدهم باب معرفته، وباب طاعته، والوسيلة إلى مرضاته ! وأنه تعالى استعمل حق (الفيتو) على كل عمل ودعاء لايصدر عن محبيهم، ولا يقرن بذكرهم !

الله أكبر . . فليُشَرِّقِ النواصب وليُغَرِّبوا.. فلا طريق لهم !!

وليشرِّق المعرضون عن آل محمد وليغربوا.. فلا طريق لهم !!

وليشرِّق الذين يحاولون أن يفرقوا بين محمد وآله، فإن الله يأبى إلا أن يصلوا عليهم معه في صلاتهم وحرم عليهم الصلاة على غيرهم، ورفض أن يقبل منهم أي دعاء ليس فيهم توسل بالصلاة عليهم !!

ص: 366

وليشرِّق أو يغرب الذين يحاولون أن يرفعوا آخرين من تحالف قبائل قريش إلى صف آل محمد، فلا يرتفعون معهم لثقلهم.. ولا يصلون الى سفوح قممهم، لسمو مكانة آل محمد صلی الله علیه و آله .

والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .

- فكتب (محب السنة) بتاريخ 16-9-1999، الواحدة والربع صباحاً:

كيف يدعي أحدٌ الإيمان وهو لا يحب آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم .

وأهل السنة هم أولى الناس بآل البيت . روى الإمام أحمد عن عبد المطلب بن ربيعة قال دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إنا لنخرج فنرى قريشاً تحدث فإذا رأونا سكتوا ! فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودر عرق بين عينيه، ثم قال: والله لا يدخل قلب امرئ إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي . إن حب آل البيت من حب النبي صلى الله عليه وسلم. (حب الصحابة كلهم لي مذهبٌ...ومودة القربى بها أتوسل)

- وكتب (شعاع) بتاريخ 16-9-1999، السابعة صباحاً:

لم نسمع أحداً سب آل البيت إلا الرافضة... فماذا قالوا في زوجات رسول الله... وماذا قالوا في العباس وابنه عبد الله... وماذا قالوا في ابنتي رسول الله رقية وأم كلثوم... فلا أدري متى صار اسم آل البيت حكراً على اثني عشر شخصاً .

- وكتب (عقيل) بتاريخ 18-9-1999، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

تم احتكارها عندما نزلت آية الكساء، ثم تبعتها آية المباهلة.

إن كنت لاتدري فتلك مصيبةٌ وإن كنت تدري فالمصيبة أعظمُ

- وكتب (كميل) بتاريخ 18-9-1999، الرابعة عصراً:

ص: 367

الى شعاع .. آل البيت هم من نزلت فيهم آية الكساء في بيت أم سلمة رضوان الله عليها. وأزواج الرسول صلی الله علیه و آله خارجها بنص حديث أم سلمة، وهذا أيضاً قول الكثير من علماء أهل السنة حيث قالوا: زوجة الرجل تُطلّق منه فتخرج عن كونها من أهله، أليس كذلك ؟!

ثم ماهو السباب الذي صدر من الشيعة بحق أمهات المؤمنين ؟ وفي أي من كتب الشيعة المعتبرة ؟ والعباس رضي الله عنه، أين وجدت سبه وشتمه ؟ وكذا رقية وأم كلثوم ؟!

ويا محب السنة، ما هو المصداق لحب آل البيت ؟ التشدق بحبهم باللسان أم اتباعهم ونبذ أعدائهم ومخالفيهم ؟ إن كنتم لهم محبين كما تفضلت فلماذا تبعتم أبي حنيفة وغيره وهو القائل (لولا السنتان لهلك النعمان) يعني بهما السنتان اللتان درسهما عند الإمام الصادق، وتركتم جعفراً الصادق علیه السلام ، وهو أستاذه وأستاذ كل أئمة مذاهبكم ! لماذا ؟ هل لنبوغهم وتفوقهم عليه ؟ أم لسمو شرفهم ورفعة مرتبتهم التي لا يدانيها الصادق ؟ أم ماذا ؟ أفيدونا. وقد قال أمير المؤمنين ويعسوب الدين: (فأين تذهبون وأنى تؤفكون والأعلام قائمة والآيات واضحة والمنار منصوبة فأين يتاه بكم ؟ بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيكم، وهم أزمة الحق وأعلام الدين وألسنة الصدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن، ورِِِِدوهم ورود الهيم العطاش .

أيها الناس: خذوها من خاتم النبيين صلی الله علیه و آله، إنه يموت من مات منا وليس بميت، ويبلى من بلى منا وليس ببال، فلا تقولوا بما لاتعرفون، فإن أكثر الحق فيما تنكرون، واعذروا من لاحجة لكم عليه وأنا هو، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر وأترك فيكم الثقل الأصغر، وركزت فيكم راية الإيمان . . . الخ ..

ص: 368

وقال علیه السلام : أنظروا أهل بيت نبيكم فالزموا سمتهم واتبعوا أثرهم، فلن يخرجوكم من هدى ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا .

وذكرهم علیه السلام مرة فقال: هم عيش العلم وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم وظاهرهم عن باطنهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه، هم دعائم الإسلام، وولائج الإعتصام . بهم عاد الحق في نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه، وانقطع لسانه عن منبته، عقلوا الدين عقل وعاية ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإن رواة العلم كثير ورعاته قليل .

وقال سلام الله عليه: أين الذين زعموا أنهم الراسخون في العلم دوننا، كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم ؟! بنا يستعطى الهدى، ويستجلى العمى . إن الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم، لا تصلح على سواهم، ولا تصلح الولاة من غيرهم .

وقال علیه السلام : نحن النجباء، وأفراطنا أفراط الأنبياء، وحزبنا حزب الله عز وجل، والفئة الباغية حزب الشيطان، ومن سوّى بيننا وبين عدونا فليس منا .

ألم تسووا بينه سلام الله عليه وبين معاوية؟!! والحمد لله رب العالمين .

بآل محمد عُرف الصواب *** وفي أبياتهم نزل الكتاب

وهم حجج الإله على البرايا *** بهم وبجدهم لا يُستراب

- قال العاملي:

وهو موضوع طويل لا يتسع له المقام، وربما يأتي في محله إن شاء الله .

ص: 369

- كتب (البصري) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 19-11-1999 العاشرة والنصف ليلا ً، موضوعاً بعنوان (الغلو في كتب السنة !)، قال فيه:

نضع بين يدي القارىء الكريم بعض ما جاء في كتب القوم من الغلو في الصحابة .

أولاً: الكبدة والدخان عند الأول والثاني !

هل هي فضيلةٌ أم غلوٌّ ؟!

روى في الرياض النضرة لمحب الدين الطبري ص 133: أن عمر بن الخطاب أتى إلى زوجة أبي بكر بعد موته فسألها عن أعمال أبي بكر في بيته فقالت: إلا أنه كان في كل ليلة جمعة يتوضأ ويصلي ثم يجلس مستقبل القبلة رأسه على ركبته، فإذا كان وقت السحر رفع رأسه وتنفس الصعداء فيشم في البيت روائح كبد مشوي !! فبكى عمر وقال: أنى لابن الخطاب بكبد مشوي ؟!!! وفي رواية العبيدي المالكي: أنه بعد أن يقيم على تلك الحالة يرفع رأسه الى السماء ويتنفس الصعداء ويقول: آخ فيطلع الدخان من فيه، فيبكي عمر ويقول: كل شئ يقدر عليه عمر إلا الدخان !!!

اللهم ثبتنا على ولابة محمد وآل محمد. اللهم آمين يا رب العالمين.

- وكتب (مالك الأشتر) في20-11-1999، الواحدة والنصف صباحاً:

هذه ليست مغالاة وإنما كرامات ! المغالاة إذا كانت هذه لعلي بن أبي طالب !! قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودة في القربى.

- وكتب (عبد الحسين البصري) بتاريخ 20-11-1999، السابعة مساءً:

ص: 370

ثانياً: الملائكة تتكلم على لسان عمر !!

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أبغض عمر فقد أبغضني، ومن أحب عمر فقد أحبني، وإن الله باهى بالناس عشية عرفة وباهى بعمر خاصة، وإنه لم يبعث الله نبياً إلا كان في أمته محدث، وإن يكن في أمتي منهم أحد فهو عمر . قالوا: يا رسول الله كيف محدث ؟ قال: تتكلم الملائكة على لسانه..!! (مجمع الزوائد:9/ 96 . حياة الصحابة: 3 /543 . كرامات الصحابة لأسعد محمد الطيب ص 20 - المكتبة المكية مكة المكرمة) .

- كتب (تصحيح عمل المراقب) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 26-3-2000، الثانية ظهراً، موضوعاً بعنوان (تطور الغلو عند الإمامية بين السلف والخلف ؟)، قال فيه:

الأخوة الكرام.. أريد منكم أن تحلوا لي هذا الإشكال: قال روح الله الخميني في حق الأئمة: لا يتصور فيهم السهو أو الغفلة. المرجع: الحكومة الإسلامية ص 91 . ويقول ابن بابويه القمي: إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي يقولون: لو جاز أن يسهو في الصلاة لجاز أن يسهو في التبليغ لأن الصلاة فريضة كما أن التبليغ فريضة. المرجع: من لا يحضره الفقيه 1 / 234 .

ويقول شيخه محمد بن الحسن: أول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلى الله عليه وسلم والإمام . المرجع: من لا يحضره الفقيه 1/234 - شرح عقائد الصدوق ص 260 .

أفتونا مأجورين، فمن الملعون الغالي، ومن المرحوم المعتدل ؟

ص: 371

- وكتبت (طبيعي) بتاريخ 26-3-2000، الرابعة والربع عصراً:

http://shialink.org/muntada/Forum2/HTML/000455.html

لاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . اللهم صل على محمد وآل محمد .

محولة إياه على موضوع يتصل بسؤاله .

- وكتب العاملي بتاريخ 26-3-2000، الرابعة والنصف عصراً:

لا تعارض بين الكلامين لمن يفهم ويتتبع كلمات العلماء، ويعرف مذهب أهل الغلو . فقد كان في زمن الصدوق رحمة الله مغالون يزعمون الألوهية لعلي والأئمة علیهم السلام ، وأنهم لا ينسون ولا يسهون ذاتاً !! ومذهبنا أن كل زعم لألوهيتهم أو لشراكتهم لله تعالى في شئ، كفرٌ وشرك .

فالسهو الذي يثبته الصدوق رحمة الله لهم هو إمكان السهو بذاتهم، لأنهم بشرٌ مخلوقون، وهو الذي عبر عنه أمير المؤمنين علیه السلام (لست بنفسي فوق أن أخطئ) أي أنا بذاتي بشرٌ، وعدم خطئي وعصمتي إنما هو بعصمة ربي لا من نفسي .

وقولنا بعصمتهم وعصمة الأنبياء علیهم السلام ، وأنهم لا يتصور في حقهم السهو والغفلة، لايعني نفيه عنهم بذاتهم، بل بما عصمهم الله تعالى . فالمنفي عند الصدوق غير المثبت عند الخميني يافاهم، ولا تعارض بينهما !!

- كتب (الفقيه) في الموسوعة الشيعية بتاريخ 13-4-2000، الرابعة والنصف صباحاً، موضوعاً بعنوان (تطور الغلو عند الشيعة الإمامية !)، قال فيه:

الأخ جبهان لا يستطيع مشاركتنا كالعادة في شيعة لنك، لكن له بعض المساهمات التي أرى أن لا تكون بعيدة عن جو نقاش شيعة لنك منها ما يلي:

ص: 372

الإخوة الكرام: منذ أن خذل الشيعة أهل البيت في عامة مواقفهم الحرجة والتشيع يغلو كردة فعل على ما قصروا فيه تجاه أهل البيت !

الشيعة خذلت الإمام علي (ض) وأرادت أن ترقع خذلانها ببعض الطقوس والتمتمات التي لا تغني ولا تسمن من جوع ! وكما أنها خانت وخذلت سيد الشهداء وهو في أمس الحاجة لشيعته، لذلك أرادت الشيعة تعويض خذلانها وخيانتها وغدرها، أرادت أن تعوض مافاتها من شجاعة ورجولة وكرم وغيرة على الدين، ببضع سواطير (بلدية الصنع) وشئ من سكاكين قليلة، وبعض العصي والسلاسل... أرادت أن تعوض بضربها لنفسها ما قد كان من خذلان منها! فاعتبروا يا أولي الأبصار !

الذي يهمنا هو درجة الغلو الذي يتطور من زمن إلى زمن دون توقف . .. فمن غلو إلى غلو . . . والله وحده يعلم أين سيستقر بالغلو المكان ! ولكي نبين هذه الحقيقة نضرب هذين المثالين: قال روح الله الخميني في حق الأئمة: لا يتصور فيهم السهو أو الغفلة . . . إلى آخر ما تقدم . . .

ومن عادتهم أن يكرروا المواضيع بأساليب متعددة !

- فكتب (الفاطمي) بتاريخ 14-4-2000، الحادية عشرة والنصف صباحاً:

صح لسانك.. ثم حوله على موضوع:

http://209.164.120.218/vip/ubb/Forum2/HTML/000929.html?4641787

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء.

- وكتب (الفارسي) بتاريخ 14-4-2000، الخامسة إلا ربعاً مساءً:

- قل لنا يا ببغاء.. إن يكن فيك ذكاء . .

لم لا تخجل من ترديد ما تسمعه صبح مساء..

ص: 373

لست إلا طائراً في قفص لا أرض من تحتي، ولا فوقي سماء..

أنا محكوم بقانون التدلي في الهواء ..

ليس لي أيُّ عزاء . .

غير أن أجعل صوتي.. معبراً لي فوق موتي . .

أمنح السجان ما شاء .. وأجني ما أشاء .

أنا أعطيه هراء .. وهو يعطيني غذاء.

وأنا أهجوه -في تقليده- أقسى الهجاء .

إذ أنا أفقه ما قال ولا يفقه من قولي أنا.. حرف هجاء !

هل يحق، الآن، أن أسألكم يا هؤلاء: إن يكن فيكم إباء

أو قليل من حياء .. أو بقايا كبرياء ..

ما لكم مثلي.. تعيدون هراء المستبدين.. وأنتم طلقاء ؟!

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 14-4-2000، السادسة مساءً:

http://209.164.120.218/vip/ubb/Forum2/HTML/000929.html?1117775

السلام عليك يا بضعة المصطفى يا فاطمة الزهراء.

- وكتب (الفقيه) بتاريخ 14-4-2000، السابعة مساءً:

الفارسي .. قال تعالى: والشعراء يتبعهم الغاوون . ولا تعليق أكثر .

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 14-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

الزميل الوهابي الجبهان المتطاير.. هوّن عليك .. فإننا نخشى عليك فرط دفاعك ومحبتك ومودتك لآل البيت علیهم السلام أن يدخلك ذلك في التشيع ثانية بعد أن دخلته أول مرة من خلال بوابة منتدى شيعة لنك التي خرجت منها إلى هنا

ص: 374

باسم آخر !! ثم يؤول أمرك إلى الجنة بسبب شدة حبك لهم وتمسكك بمنهجهم علیهم السلام ! !

وبالتالي تخرج من كونك وهابياً، وهنا تكمن المأساة !! إذ أن الزمرة الوهابية بحكم كونها ذات نكهة يزيدية تحمل على ظهرها ثقلين كلاهما أعظم من الآخر: الثقل الأول: هو أنهم الامتداد الواقعي لخذلة وقتلة آل البيت علیهم السلام ، حيث يدّعون انتحالاً مودتهم ويوالون قاتليهم ومعانديهم وشاتميهم، وفي أمثالهم قال الإمام الصادق علیه السلام بأنهم منافقون .

الثقل الثاني: هو أنهم تكفلوا بتبرير الأفعال الإجرامية لأعداء آل البيت واستماتوا في ذلك، وليس هناك أوضح من أن تخط أيديهم المغموسة بدماء الآل الكرام عليهم الصلاة والسلام كتاباً وهابياً خالصاً باسم (أمير المؤمنين يزيد) وبنظرة إلى منتدياتهم يستطيع الأعمى فضلاً عن المبصر اكتشاف ذلك!!

ولذلك نصحتك بأن تهوّن على نفسك، فالكاتب الذي كانت تتقاطر من بين أنامله دماء الحسين الذي قال في الساحات يوم العاشر من المحرم في العام الماضي: اللهم إني أشهدك أني فرح مسرور بهذا اليوم العظيم يوم عاشوراء..

كان وهابياً محترفاً، وقد اطّلع كل من قرأ ما كتبته يده الآثمة على دفاع الشلة الوهابية عنه والتصفيق له !!! ولعلنا نجد هذا العام أيضاً ما هو أفظع من ذلك إتماماً للمسيرة .. والمبادئ (الكرامية) التي أشربتموها حتى الثمالة ! والأفكار (اليزيدية) وغيرها التي استهوتكم لها أثرها الكبير في تحملكم أوزاركم وأوزار من قبلكم الخاذلين لآل البيت وقاتليهم والحارقي بيوتهم والهادميها عليهم أحياء!!

ص: 375

وبالنسبة إلى الفقاعات التي نفخت فيها من وهابيتك، فأهديك لها هذه الدبابيس: الفقاعة الأولى: مسألة (جواز السهو على النبي):

1 - فإن ما نقلته عن ابن بابويه لا يعدو كونه رأياً شخصياً لمجتهد، وعند الشيعة ولله الحمد لم يغلق باب الاجتهاد على أحد ليكون رأيه يعم الجميع، وأنت حينما تورد رأي لشخص أو شخصين أو أكثر، فإنك تثبت ضمنياً بأن آلاف المجتهدين الآخرين بخلاف رأيه، والذين من بينهم روح الله الخميني قدس الله نفسه وأعلا مقامه الشريف!! ولكل مجتهد نصيب.. فالمسألة ليست مسألة تطوّر أو عدم تطوّر !!

2 - كون الغلاة ينفون السهو عن الرسول صلی الله علیه و آله والأئمة علیهم السلام لا يعني ذلك أن المبدأ لا يناقشه غيرهم، فلو قال بأن الغلاة يوجبون دفع الزكاة فهل سيكون جميع المسلمين غلاة وكفرة لأنهم أيضاً يقولون بوجوب دفع الزكاة !!!

وابن بابويه رضي الله عنه لم يحصر هذه المسألة بالغلاة وإنما أخبر بأنهم يعتقدون بها فقط، وكالعادة فأنت تريد أن تحمله مالم يقل.. فمن أين أتيت بقولك: أن نفس هذا المعتقد كان عند الشيعة الأوائل كفر وغلو..

عجبي !! وكيف اهتديت بعقليتك الفذة النادرة إلى مدى التطور الفضيع الذي يخطوه التشيع نحو الغلو؟! إذ المقارنة بين رأي مجتهدين أحدهما متقدّم والآخر متأخر لا يعتبر طريقاً لنتيجة كهذه! وكان بإمكانك أن تجري المقارنة بينه وبين مجتهد مخالف له في الرأي من معاصريه ! أرأيت كيف أصبحت أنموذجاً جيداً للوهابية أيها الزميل ؟!

الفقاعة الثانية: أشهد أن علياً ولي الله . . .

ص: 376

ونصيحتي لك إذا أردت أن تبحث عن منطلق جيد للغلو، فابدأ من هنا فستجد الكثير مما يروي غليلك ويسد نهمتك في معرفة الحق:

32761- لو لم أبعث فيكم لَبُعِثَ عُمَر، أيد الله عز وجل بملكين يوفقانه ويسددانه، فإذا أخطأ صرفاه حتى يكون صواباً !! انتهى .

إحم.. إحم.. (المرجع: كنز العمال ج 11، فضائل عمر بن الخطاب).

- وكتب (تصحيح عمل المراقب) بتاريخ 15-4-2000، السابعة مساءً:

أخي الفاطمي . . شافاك الله من كل داء ألمَّ بك في عاشوراء.. أنا فعلاً مقدر حالتك النفسية ومستوعب قدراتك العقلية في هذا الوقت الحرج! ولكن ومهما يكن ما توقعتك ترد على موضوع في اليمين برد في اليسار. يبدو أن الملاك الطائر أثر على قدراتكم العقلية والذهنية والرياضية والفنية!

كل ماذكرته غثاء يليق بعقول المرضى الذين تأثرت عقولهم بالسواطير والسلاسل.. فقط أريد منك خدمة: أين مصدر قول الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري؟ ثم قل لي هل اكتسب هذه الصفة من مصاحبته للامام علي في حروبه أم ممن اكتسبها ؟ وشكراً .

- وكتب (الفاطمي) بتاريخ 16-4-2000، الواحدة صباحاً:

أخينا الملاك، إبن تيمية، الجبهان، أحمد الكاتب، وأخيراً تصحيح عمل المراقب.. ما شاء الله على كثرة أسمائك.. الظاهر صايرة 700.. الله يهديك ياجبهان، أبلشت أخينا الفقيه وكذَبته بقوله هذا (الأخ جبهان لا يستطيع مشاركتنا كالعادة في شيعة لنك) !!

عموماً، قلت: شافاك الله من كل داء ألم بك في عاشوراء..

ص: 377

أقول: الحمد لله لايوجد أي داء يلم بنا في هذا اليوم، بل العكس يا ملاكنا الطائر، ففي مثل هذا اليوم تصيبكم هلوسة للدفاع عن اللعين يزيد وتبرئته من دم الحسين علیه السلام . . فنراكم تنبرون للدفاع عنه بكل ما أوتيتم من قوة.. وحتى لو استدعى ذلك أن تطعنوا بسيد شباب أهل الجنة علیه السلام . http://www.sahab.net/sahab_html/Forum1/HTML/002593.html

شافاك الله يا أخي الملاك (ابن تيمية) وإخوتك في سحاب ونقدر لك ولأخوتك في سحاب مما تصابون به في مثل هذا اليوم من ضعف في قدراتكم .

قلت: يبدو أن الملاك الطائر أثر على قدراتكم العقلية والذهنية والرياضية والفنية! أقول: نعم أثر على قدراتنا بكذبه على خير خلق الله صلی الله علیه و آله وببغضه أمير المؤمنين علیه السلام :

http://209.164.120.218/vip/ubb/Forum2/HTML/000699.html?2651884

فإننا يا جبهان (ابن تيمية) الطائر، لانستطيع مجاراته في كذبه على خير خلق الله صلی الله علیه و آله ولا نستطيع أن نبغض علي علیه السلام لسبب واحد.. ألا وهو أن مبغض علي علیه السلام منافق بنص من الرسول صلی الله علیه و آله . وأيضاً لا أستطيع أن أكتب وأضع مصادر خاطئة أتقول بها لكي أثبت أن ما أقوله صحيح يالطائر:

http://209.164.120.218/vip/ubb/Forum2/HTML/000892.html?2974385

قلت: كل ما ذكرته غثاء يليق بعقول المرضى الذين تأثرت عقولهم بالسواطير والسلاسل . .

أقول: لم أذكر شيئاً إنما نقلته نقلاً، والظاهر أن عقولكم المتأثرة بحب يزيد لعنه الله لا تستطيع تحمل ما نقلت ولا تفهمه .

قلت: أين مصدر قول الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري؟ ثم قل لي هل اكتسب هذه الصفة من مصاحبته للامام علي في حروبه أم ممن اكتسبها؟

ص: 378

أقول: ولماذالم تسأل (اللامنتمي) صاحب هذا القول؟ إذهب إلى هناك (العمانية) واسأل اللامنتمي لكي يرد عليك أسئلتك هذه، واسألني عن المواضيع الذي رردت بها عليك وأنا حاضر:

http://209.164.120.218/vip/ubb/Forum2/HTML/000699.html?5364527

وما زلنا ننتظر ردك على هذا الموضوع، وخصوصاً كذبك على خير خلق الله صلی الله علیه و آله !! ونصيحة أخوية: تدارك نفسك واستغفر الله من كذبك على خير خلق الله صلی الله علیه و آله ، وطهر قلبك من البغض لعلي علیه السلام ، حتى لا توصف بأنك منافق . والسلام عليكم .

ص: 379

ص: 380

الفصل الثامن: مواكب السيوف . . لبس الأكفان وجرح الهام .. حزناً على الامام الحسين علیه السلام

اشارة

ص: 381

ص: 382

نتمسك بمقدساتنا ومراسمها في مواجهة اليهود والغربيين

- كتب (العلوي) في شبكة هجر الثقافية بتاريخ 5-4-2000، موضوعاً بعنوان (حول فقه الشعائر) أخذه من كتاب فضل الله المسمى فقه الحياة، وهو مقال طويل، نورد أهم ما فيه . . قال:

هذه مجموعة من الأسئلة التي تتناول إحياء ثورة أبي الأحرار علیه السلام من بعض الجوانب من كتاب فقه الحياة للسيد فضل الله:

سؤال: ما هو موقف الشرع بالنسبة إلى مسألة البكاء في عاشوراء على الإمام الحسين وذريته علیه السلام ؟

جواب: هل يمثل البكاء مجرد طقس من طقوس عاشوراء ؟ هل هو البكاء الذي ينطلق من خارج الذات بعيداً عن الذات !! هل أن مسألة عاشوراء هي بكائية يبكي فيها الإنسان من دون وعي !! أو أن البكاء يمثل عمقاً إنسانياً في تفاعل الإنسان مع الحدث ؟ لأن الناس يبكون أو يبكي لأنه لا بد من البكاء في

ص: 383

عاشوراء بعيداً عن أي تأثر بالفاجعة أو بالمأساة بحيث تكون المأساة مجرد مناسبة للبكاء لامسألة تعيش في عمق التأثر الإنساني من قريب أو بعيد !!

سؤال: إنكم تقولون بتحريم اللطم العنيف، فما المقصود بهذا اللون من اللطم، وهل للطم الإعتيادي مما يقع تحت طائلة الحرمة ؟

جواب: لكن اللطم تماماً كما هو البكاء يمثل هذه الحالة الإنسانية وذلك باللطم الهادئ الذي يوحي بالخشوع، لااللطم الإستعراضي الذي يوحي بالكثير من الأشكال الناشزة، التي يستعرض فيها الناس أوضاعهم، فذلك يفقد اللطم معناه التعبيري ليحوله إلى مجرد فن استعراضي . وهناك جهة أخرى وهي أنني كبعض الفقهاء الآخرين أحرم كل إضرار بالجسد حتى لو كان الإضرار لايشكل خطراً جسيماً على الجسد، فإذا بلغ اللطم درجة يمكن للإنسان أن يتأثر فيها جسدياً حتى لو كان يتعافى بعد يوم أو يومين من ذلك، فإنني أجد أن هذا عملاً محرماً .. لأن الأضرار بالنفس محرم تماماً كما هو ظلم الغير محرم .. ولذلك فإنني عندما أحرم اللطم العنيف الذي يضر فإنه من باب تحريم الضرر !!

سؤال:هل أن موائد الطعام التي تقدم في عاشوراء والتبرعات لذلك من تعظيم شعائرها ؟

جواب: إنه يمثل نوعاً من أنواع التعبير الإجتماعي عن المحبة لأهل البيت والحسين من خلال هذا النوع من الإجتماع على المائدة باسم الحسين .

سؤال: هل أن المسيرات والمواكب التي تنطلق في عاشوراء مظهر مقبول من مظاهر التعبير عن الذكرى ؟

جواب: إنني أدعو إلى تجديد أساليب المضمون العاطفي التعبيري، لأن كثيراً من المضامين التي لا يزال الناس يتداولونها في مجالس التعزية والمواكب

ص: 384

والشعارات أصبحت شيئاً من مخلفات الزمن، لأنها كانت تعبر عن المضمون الثقافي في تمثل الواقعة والإحساس بالحزن بحسب الأزمنة الماضية، أما في الحاضر فهناك وسائل جديدة للتعبير عن الحزن وتحريك المضمون العاطفي في خط تخليد المأساة .

سؤال: هل يجوز استخدام أساليب بلاغية وإيحاءات شعورية غير واقعية لاستثارة الناس واستدار عواطفهم، وهل يجوز استخدام الرواية غير الدقيقة أو المشكوك في صحتها، طالما هي مثيرة وقادرة على استدرار عواطف الناس ودموعهم ؟

جواب: وعلى ضوء هذا فلا بد للقارئ الذي يثير المأساة من أن يحرك المأساة في خط الهدف وفي خط الغاية الكبرى، حتى يبرز الإمام الحسين إماماً عاش كل المأساة في قلبه وفي شعوره وفي جسده وفي أقربائه وأصحابه، من أجل القضية الكبرى بحيث يعيش الإنسان الجو العاطفي الممتزج بأجواء الفكر والثورة والإنسانية .

- فكتب العاملي بتاريخ 6-4-2000، قائلاً:

الظاهر أنك تسمح بالنقاش، ويتسع صدرك أيها الأخ.. فأخبرني بالله عليك قبل فقه عاشوراء والشعائر: لماذا ينظر الغربي - الانكليزي مثلاً - إلى تاريخه وتقاليده ورسومه باحترام، ويحاول فلسفتها وتوجيهها، ويكتب الرسائل في الجامعات في تحليلها ؟ !

وفي المقابل ينظر الشاب من بلادنا الإسلامية، الأصيلة أكثر من لندن، العريقة أكثر من لندن، المنطقية في عاداتها ومراسمها وشعائرها أكثر من لندن.. إلى تقاليده ورسومه بانتقاد ؟! فتراه يريد أن يغيرها، ويشحِّلها، ويفصلها من

ص: 385

جديد، أو يلغيها ؟! أما أنا فاسمح لي أن أقول: إني وصلت بعد رحلة فكرية وفقهية وعقدية وعملية طويلة.. إلى أن أنظر إلى كل تقاليدنا ورسومنا باحترام، وأن أقدسها وأتبرك بشم رائحتها، وأدرس بعمق معانيها ودلالاتها.. أرى فيها خصوصيات ديننا وشخصيتنا، وربطات وردية على مفارق أطفالنا وبناتنا.. وعصبات مباركة على جباه جداتنا..كلها رسومٌ مقدسةٌ حبيبة أحرص عليها و (أتكمش) بها.. وعندما ينتقدها الغربيون والمتغربون أحرص عليها أكثر.. إلا ما أفتى مرجعي أو مرجعك بأنه حرام .

أعد النظر يا أخ علوي في نظرتك للشعائر، ولا تقف في وجه شعوبنا في شعائرها، دعها تعبر عن ولائها بأساليب تختارها هي، وإن شطحت نهاها مراجعها.. وعبِّرْ أنت باعتبارك شريحةً من المجتمع الشيعي، بمراسم وشعائر ترتضيها، فإن شطحت سددك مرجعك .

أتعرف أن اليهود البخلاء حاضرون لأن يدفعوا لنا بسخاء إن تخلينا عن مراسم عاشوراء ؟!! أتعرف أنك إن قلت أمام الجيش الإسرائيلي: حيدر، حيدر، حيدر .. ثلاث مرات، ارتعدت فرائصهم، وتذكروا النبطية وهجوم المتطبرين على الدبابات الإسرائيلية بسيوفهم ؟!!

هل تعرف كم أن صداماً واليهود والأمريكان مستعدون أن يدفعوا لمن يقنع ملايين الناس في العراق أن لا تتجه في زيارة الأربعين مشياً إلى كربلاء ؟! إنها مراسم فريدة من خصوصيات الشيعة الفريدين.. فلا تحاربوا مقدسات شعوبكم من حيث لاتشعرون؟! وإن أردتم التطوير والعصرنة والبديل الأفضل، فنزِّلوا بديلاً يقتنع به الناس ويتبنونه . . ولا تهدموا بناءً قبل أن تبنوا بديله .

- فأجاب (علي العلوي):

ص: 386

شيخنا العاملي .. ما كنت أدري أن كلام السيد فضل الله سيثير أحداً من الشيعة، وكل نيتي كانت أنني أستأذن من (حبيب الشعب) في نشر مانشره هو أصلاً في شيعة لينك . إن كان هناك أي شئ أغاظك في الكلام فهذا ليس كلامي، وهو كلام للسيد محمد حسين فضل الله .

عموماً أنا أحترم آراءك، وأحترم آراء السيد فضل الله كذلك .

أنا لا أخجل من شعائري ومن شخصيتي الإسلامية الشيعية، وأنا فخورٌ بذلك، ولا يعني انتقادي لشئ معين أنني ضد العمل كله، وإنما أتنمى حسب ما أفهمه هو الترشيد، وليس الحذف، فأنا لا أؤمن بالحذف .

- فأجابه العاملي:

الأخ علوي . . لم أغتظ منك أيها الأخ ولا من غيرك، فنحن نناقش أفكاراً بكل محبة وهدوء وتفهم.. وكن على ثقة بأن اليهود فقدوا مقدساتهم، وهم يحسدون الأديان والشعوب التي عندها مقدسات يخافون منها.. وقد استطاعوا أن يفقدوا المسيحيين والكنيسة مقدساتها إلى حد بعيد !! وهم يعملون لذلك في المسلمين ! إنهم يفكرون هكذا: ما الذي يدفع الشاب الشيعي لأن يهجم بلحمه على الدبابة الإسرائيلية ؟ ويعرفون أن الجواب هو التربية الخاصة على الولاية والعشق للإمام الحسين علیه السلام ، وأن هذه التربية تتم على يد علماء، وخطباء ومجالس ومراسم ومحاضن.. فيركزون جهدهم على التشكيك في تلك المراسم والمحاضن، ويحركون بعض الشيعة ليشككوا الناس في ذلك، ليخربوا بيوتهم بأيديهم !!

ص: 387

إن الشاب الشيعي عندما يشك في مقام الزهراء والأئمة علیهم السلام ، ويشك في شرعية المراسم، لايمكن أن يتربى على نداء ياحسين .. والهجوم على العدو ؟!.. إلى آخر هذه القضية التي نملك عليها أرقاماً ؟!! ولا نستطيع أن نعلنها !!

أيها الأخ إسمع لي: في مدرسة لأيتام الشيعة في بيروت وقفت المربية الفرنسية (المتشيعة !) التي تأخذ راتبها من الحقوق الشرعية، وقفت يوم هلاك إسحاق رابين تلقي درسها على أطفالنا بتأثر ! ومما قالته لهم: إن فرحكم بقتله غلطٌ لا يجوز، كيف نفرح بموت إنسان فقدته زوجته وأطفاله وهم متأثرون لأجله ؟!!

وهل تعلم أن المدرسة مازالت تدرس هي وغيرها ؟! وهل تعرف من يتبناها ويدافع عنها ولم يقبل عليها شكاية أولياء الطلبة .. انتهى الكلام !!

- فكتب الخزاعي:

لا يصح لطخ الآراء التي تطالب بتشذيب الشعائر الحسينية ونبذ الطالح منها وإبقاء الصالح، بأنها آراء من ورائها اليهود وأعداء التشيع، ولاتنطبق الطريقة العسكرية المعروفة: الهجوم خير وسيلة للدفاع.. بعض الممارسات في أيام عاشوراء لا تمت للشعائر بصلة، ولا تعدو كونها دخيلة على الظاهرة الحسينية والصحيح أن يقال إن وراءها جهات مغرضة . . . ولم يكن السيد فضل الله بدعاً من العلماء ولم يأت بجديد، وقد حاربها علماء كثيرون أفذاذ . . . الخ .

- فأجابه العاملي بتاريخ 6-4-2000:

الأخ الخزاعي .. الناس يعبرون عن ولائهم للإمام الحسين علیه السلام حسب مستواهم من الثقافة الدينية والثقافة العامة .. وتتفاوت وسائل التعبير من مجتمع القرية إلى المدينة.. إلى هذا البلد وذاك . والعمل لرفع مستوى تعبيرهم جيد،

ص: 388

بشرط أن يكون بتقديم البديل عن وسيلة تعبيرهم الفعلية . والفتوى بالتحريم مختصة بمرجع التقليد لمقلديه، دون مقلدي غيره .

أما عمل اليهود والغربيين والنواصب ضد مراسم عزاء الإمام الحسين علیه السلام ، فهو أمر قطعي تلمسه في موقف الصحافة العالمية والحكومات .

وأما الذين يقفون ضد هذه الشعائر ولا يقدمون بديلاً لها، وينشرون السخرية منها في الناس، فيصح القول فيهم إنهم يخدمون غرض الأجانب والنواصب، ولو عن حسن نية !!

كما ينبغي الإلتفات إلى أن الذين ينتقدون التطبير وغيره من الحالات العنيفة أو النادرة .. يسري انتقادهم في الواقع إلى أغلب المراسم الشعبية، وحتى البكاء على الإمام الحسين علیه السلام !

وأما مقولة أن ذلك ظاهرة غير حضارية أو غير مدنية، فهو اشتباهٌ ظاهر لأن نفس وسائل الإعلام التي تبالغ في ذم هذه المراسم وتصفها بالهمجية وغير الحضارية.. نفسها تقدم مراسم المسيحيين في الفيلبين وغيرها، حيث يصلب الشخص نفسه حتى الموت حزناً على المسيح علیه السلام .. وتصف ذلك بأنه من إيمان وتحضر !

وأما القول بأن ذلك يشوه صورة مذهب أهل البيت علیهم السلام أمام العالم.. فإن أحرص الناس على صورة المذهب وأعرفهم بما يشوه صورته أو يحسنها، هم المراجع الجامعون للشروط فلا تصح المزايدة عليهم، ولا ادعاء المعرفة دونهم ! وأما الذين أفتوا بحرمة بعض أنواع هذه المراسم، فإن كان لهم مقلدون ففتواهم نافذة عليهم، ولا يجوز لهم أن يجبروا غيرهم على العمل بفتواهم . . وهذا

ص: 389

ماطبقته الحكومة الإيرانية في السنة الماضية في أهم مناطق التطبير، وأظنها تطبقه في هذه السنة .

وأخيراً .. هل الذي يحرم الأنواع العنيفة حسب تعبيره من المراسم الحسينية يستثني مراسم توجه الملايين من محافظات العراق مشياً إلى زيارة الإمام الحسين علیه السلام ، وما تتضمنه من مواكب ومراسم .. فقد أفتى بحرمة المشي من لبنان إلى زيارة السيدة زينب علیها السلام مع أن المسافة أقل من100كيلو متر ؟! ولا يوجد فيها الحرارة والعنف الذي يوجد مواكب زيارة الأربعين !

- فكتب الخزاعي:

الأخ العاملي المحترم .. المشكلة هي أنك تحكم على الفكرة من خلال الأشخاص، وقد أشرت إلى ذلك في مداخلتي السابقة أن السيد فضل الله لم يأت بجديد ولم نتهم المؤمنيين العاديين بالعمالة، بل قلنا إنهم محبون عاشقون للحسين ... ولم نطرح قضية الظاهرة الحضارية أو العصرية، وإنما المسألة هي إقحام ممارسات بعيدة عن التشيع العلوي فيه . وعندما نطرح مسألة الإساءة إلى الدين، لايصح نقضنا بقضية إحراق المسيحي نفسه وثناء الغرب عليها، بل هذه المسألة ضدكم وتجرنا إلى القول أن الممارسات الدخيلة عندنا لها صلة بتلك !! وهذه الأطروحات التي تطالب بتهذيب الشعائر، قادها علماء كبار تحفظوا على هذه الممارسات، وحاولوا تطويقها، لكنهم لم يفلحوا كثيراً، أمثال السيد محسن الأمين العاملي، والعلامة مغنية، والشيخ الحائري الكبير، والسيد البروجردي، والسيد الأصفهاني أبو الحسن، والشهيد الصدر، والشهيد المطهري، والإمام الخميني الذي قال عن التطبير: إنه لا صلاح فيه، وكثيرون آخرون، ممن لمحوا بعض هذه الممارسات لا علاقة لها بالدين .

ص: 390

أما السيد محسن الأمين فرأيه صارخ وهو مطبوع في كتابه التنزيه ومثبت أيضاً في (أعيان الشيعة) وأنقل عبارة له تكفي: (جرح الرؤوس بالمدى والسيوف ولبس الأكفان وضرب الطبول والنفخ في البوقات، وغير ذلك من الأعمال، وكل هذا محرم بنص الشرع وحكم العقل... لايرضاه الله ولا رسوله ولا أهل بيته، فهو من فعل الشيطان وتسويل النفس الأمارة بالسوء، سواء سمي بالمواكب الحسينية أم بإقامة الشعائر أم بأي اسم كان). (10/ 363)

وللشهيد المطهري باعٌ في النقد المنطقي اللاذع لهذه الممارسات، يقول: (إن التطبير والطبل عادات ومراسم جاءتنا من أرثوذكس القفقاس، وسرت في مجتمعنا كالنار في الهشيم) . (الجذب والدفع في شخصية الإمام علي - هامش ص 165) .

ويقول أيضاً: (إلا أن المواضيع التي لم يلتفت إليها المجتهدون، بقي فيها الجمود الفكري الأخباري لحد الآن، وما أكثر المجتهدين الذين يجتهدون بعقلية خبارية... إن الكثير من القضايا التي نراها في السوق باسم معارف أهل البيت وتطعن أهل بيت النبوة بالخنجر من الخلف، ليست في الحقيقة سوى بقايا أفكار أمين الأسترابادي) . مبدأ الإجتهاد في الإسلام – 41 .

أما مسألة المزايدة على المراجع وحاشا أن نزايد عليهم، فهم علماؤنا نكن لهم كل التقدير.. ويرد السيد الأمين في رسالة التنزيه بقوله: ثم نقول عطفاً على قوله: أيقرح الرضا جفون عينيه ولا نتأسى به فنقرح على الأقل صدورنا ونجرح بعض رؤوسنا ! إنا لم نركم جرحتم مرة بعض رؤوسكم ولا كلها، ولا قرحتم صدوركم من اللطم، ولا فعل ذلك أحد من العلماء، وإنما يفعله العوام والجهلة

ص: 391

. أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ؟ يا أيها الذين آمنوا لمَ تقولون ما لا تفعلون، كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون .

لا أريد أن أطيل فاحتمال العودة إلى هذه الصفحة كبير، ولكني أقول في ما تفضل به الأستاذ العاملي من طرح البديل لهذه الشعائر أقول:

1 - لانريد التخلي عن الشعائر كالمجالس الحسينية ومواكب العزاء واللطم وترديد الشعارات حتى نأتي بالبديل، بل ما نريده التخلي عن ممارسات دخيلة على الشعائر ومشوهة لها ومفرغة للثورة الحسينية من محتواها .

2 - البديل هو الأصيل من الشعائر الحسينية، وهو إحياء المجالس الحسينية والتعرف على أهداف المدرسة الحسينية من خلالها وعرض المأساة أيضاً والبكاء على الحسين علیه السلام وإقامة مواكب العزاء والإستعراض بها واللطم على الصدور.. غير الدامي وترديد الشعارات التي جاء من أجلها الحسين علیه السلام في الوقوف ضد الظلم والإنحراف والطاغوتية، وإذكاء روح الثورة من خلال الشعارات للأخذ بثارات الحسين (خط الحسين) من الظالم (يزيد العصر) .. إضافة الى إحياء ليالي عاشوراء، وخاصة القريبة من ليلة العاشر بالدعاء والزيارات، واللطم والعزاء، والإطعام .

3 - وقد طرح الشيخ محمد مهدي شمس الدين بديلاً عن التطبير بالتبرع بالدم يوم العاشر للمرضى من شيعة الحسين، واقترح أن يسمى ب- (بنك الدم الحسيني) . وهذه النقاط أعلاه هي التي تعمل ضدها اليهود والغربيين والنواصب، وهو الأمر القطعي الملموس باليد .

ص: 392

أخيراً، فأنا لا أقصدك أيها الأخ العاملي، وما أعرفه عنك أنك لا ترضى بهذه الممارسات التي تشوه الشعائر . بل هو نقاش للفكرة ونقاش لما قيل لا إلى من قال . ولكم تحياتي .

- فكتب العاملي:

الأخ الكريم الخزاعي .. كما تفضلت فإن فصل الفكرة عن الأشخاص أمر مشكل، خاصة في مثل هذه الموضوعات الإجتماعية.. وقصة تحريم السيد الأمين رحمة الله للتطبير، ومن وافقه ومن خالفه معروفة ومعاشة . والهدف الأصلي الذي أرى لزوم التأكيد عليه ثلاثة أمور:

الأول: ضرورة ضمان حرية الإنسان الشيعي أن يعبر عن عاطفته وولائه للإمام الحسين علیه السلام ، بالشكل الذي يختاره، ما لم يكن محرماً بفتوى مرجعه . . وما ذكرته من رأي المرحوم السيد محسن الأمين رحمة الله ، مخالف لفتوى عامة مراجعنا الكبار، وفيه إفراطٌ ظاهر، وقد أجاب عنه المرحوم آية الله الشيخ عبد الحسين الحلي علمياً بكتابه الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي .

الثاني: ما يقال عن منافاة أي من هذه المراسم، أو ضررها على سمعة المذهب، مبالغ فيه ! والجهة الشرعية التي تقدر ذلك هم المراجع .

الثالث: ينبغي الحذر في اتخاذ موقف مضاد للمراسم والشعائر الشعبية، لأن أعداء الإسلام بتضليلهم الإعلامي وسخريتهم، يهدفون إلى تشكيك الشيعة في عقائدهم ومقدساتهم .

وأعتقد أنك والإخوة الواعين توافقون على هذه الأصول.. أليس كذلك؟

- فكتب الخزاعي:

ص: 393

الأخ الأستاذ العاملي: شكراً لك . أوافقك على الأصول التي ذكرتها ويمكن مناقشة ذيل كل من الأصلين الأولين .

على كل حال لا تتصور أننا نقف ضد أصل الشعائر، بل كما قلت بعض الممارسات التي لا نخسر شيئاً عند التنصل منها، وأقل ما نجنيه من فوائد هو سد الأفواه التي تستغلها للتشهير بنا، كما ترى وتقرأ .

أما أنا شخصياً فأقدس الحسين علیه السلام وربما تعيب عليَّ إذا عرفت نسبة حبي لعلي والحسين علیه السلام أكثر من بقية الأئمة، قد يكون خلل مني لكني لا أعرف لماذا. أما في يوم العاشر فلم أجد نفسي حزيناً باكياً في أي يوم مثله .

الحسين هو الحسين، أي أعداء .. أي يهود يمكنهم تضليل الناس عن الحسين ؟ الحسين حيٌّ .. مازال هناك طواغيت .

أخيراً، أذكرك بممارسة عجيبة غريبة، وأنا أقطع أنك لا تقبل بها مطلقاً، إن كنت شاهدتها طبعاً . تلك الممارسة تحصل ليلة القاسم بن الحسن علیه السلام وأدعوك إلى مشاهدتها هذا العام في أماكن محددة، إن لم ترها من قبل . هل هي من الشعائر يا سماحة الشيخ ؟! أنا لا أتكلم عن هذه الممارسات بوحي من الآخرين كما قد يتصور، بل شاهدتها بنفسي لمرات عديدة، ولا أعتقد أن الشيعة الذين يتجاوزون المئة مليون يمارسونها، بل لو كان هناك إحصاءاً دقيقاً لتبين أن عدد الممارسين لا يتجاوز بضعة آلاف . ولا يوجد مرجع ينص على أن التطبير من الشعائر، إنما اطلعت على الكثير من الإستفتاءات في هذا المجال، فوجدت الفتوى غير صريحة، وأكثرهم يشترط إن لم تسئ للمذهب ولم تؤد إلى إيذاء النفس . إذن فالمسألة غير مرتبطة بالمرجعية بهذا الشكل المباشر . وأود هنا أن ألفت النظر إلى نكتة لها مغزى في المقام يذكرها الشيخ المطهري، قال: (إنني

ص: 394

أتذكر تلك السنوات التي عشتها في قم وكم من هذه المسرحيات المبتذلة،كانت تعرض على الناس آنذاك في السنين الأولى لمرجعية السيد البروجردي، حيث كان في أوج نفوذه، وجاء إليه البعض وشرح له وضع هذه المسرحيات، والوضع العام الذي يرافقها فدعا سماحته في حينها جميع رؤساء الهيئات الحسينية إلى اجتماع في منزله وسألهم يومها: أي المراجع تقلدون ؟ فقالوا له جميعاً: نقلدك أنت . فقال لهم سماحته: إن فتواي بشأن هذه المسرحيات والتمثيليات التي تقيمونها بالشكل الذي سمعت حرام في حرام. فهل تعرفون ماذا كان ردهم عليه؟ قالوا له: مولانار، نحن نقلدك طوال العام ما عدا هذه الأيام الثلاثة أو الأربعة، فنحن لسنا من مقلديك.. إذن لم يعتنوا بحديثه أو فتواه، وفعلوا ما كانوا يريدون فعله .

إن هذا يبين بوضوح أن الهدف ليس للإمام الحسين علیه السلام وليس للإسلام.. الهدف هو للمسرحية التمثيل وما تجنيه هذه من الفوائد) . الملحمة الحسينية ص 162

نقلت هذه الحادثة لأقول إن القضية أبعد وأكبر من فتوى المرجع، وان المراجع العظام ماذا يفعلون مع هكذا جواب: لا نقلدك في هذه الأيام ؟! لذا من الضروري أن تتثقف الأمة الشيعية وأجيال الشيعة على الصالح من غيره، من الممارسات في الشعائر الحسينية، مع الأخذ بنظر الإعتبار الأصل الثالث الذي تفضلتم به وهو مهم جداً .. شكراً لكم مرة ثانية .

- فكتب العاملي:

مع احترامي للشهيد مطهري فكلامه ليس صحيحاً، وكم له من أحكام مشابهة.. ويكفي أنه نسب بعض المراسم إلى التأثر بمسيحيي القوقاز، ولم يقرأ

ص: 395

عن الطبول والسناجق والسواد في مراسم عاشوراء في بغداد في القرن الثالث والرابع، فقد أرخ لها حتى المؤرخون النواصب مثل ابن كثير ..

أما القصة التي ذكرها عن المرجع المرحوم السيد البروجردي قدس سره ، فكان موضوعها استعمال الطبول والسناجق، لأنه رحمة الله كان يفتي بتحريمها، أما التطبير فلم يكن مطروحاً في ذلك المجلس لأنه رحمه كان يفتي بجوازه !! وقد سمعت من ثقة قصة الشخص الذي قال هذا الكلام للسيد البروجردي، وكان قصده أن السيد عنده احتياط وجوبي في تحريم استعمال الطبول فهم يرجعون إلى فتوى غيره في هذه المسألة.. وهذا طبيعي حيث أن المكلف يجوز إلى غير مقلده الأعلم فالأعلم، فيما ليس له فيه فتوى جازمة بل فتواه احتياطية .

فتاوى المراجع في مواكب السيوف .. وضعف أدلة المعارضين

- كتب (نقد ونظر) في شبكة هجر في 12-4-2000 الخامسة عصراً، موضوعاً بعنوان (التطبير وإخراج الدم من الرأس بين الرفض والقبول !!) قال فيه:

عظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب الإمام الحسين علیه السلام هذه الظاهرة التي انتشرت بين عوام الشيعة هل هي ظاهرة مقبولة وصحية للتعبير عن الحب والحزن على استشهاد الإمام الحسين علیه السلام ! ! !

وهل هذه الظاهرة مقبولة في أدبيات شعائر الحماسة الحسينية؟ في الواقع نحتاج إلى وقفة تأمل في رفضها أو قبولها وتأصيل شرعي لها. والله ولي التوفيق.

- وكتب (حبيب الشعب) بتاريخ13-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

ص: 396

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الأخ الفاضل.. يمكن مراجعة:

http://www.shialink.net/muntada/Forum1/HTML/00063html

- وكتب العاملي بتاريخ 13-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

حجم التطبير بالنسبة إلى مجموع المراسم الشعبية صغير جداً، والذين يقومون به قلة في كل بلد.. وحكم جميع أنواع المراسم من اختصاص مرجع التقليد فقط، ولا يجوز التعدي على حرية الشيعي في نطاق فتوى مقلده .. وأرجو ملاحظة الموضوع التالي:

http://www.shialink.net/muntada/Forum2/HTML/0html66103

- وكتب (الراعي) بتاريخ 13-4-2000، العاشرة ليلاً:

تضمن كتاب الشعائر الحسينية بين الوعي والخرافة، فتاوى وآراء ومواقف كثيره بتحريم التطبير منها للسيد محسن الأمين والسيد محسن الحكيم وغيرهما.

كما أن كتاب التنزيه الذي كتبه السيد محسن الحكيم قد أكد هذه الحرمة.

- وكتب العاملي بتاريخ 13-4-2000، العاشرة والنصف ليلاً:

لا أعرف مرجعاً عاماً للشيعة في العالم أفتى بتحريمه .ومع أن الإمام الخميني رحمة الله في طليعة الذين نسميهم التقدميين والثوريين.. لكنه لم يفت بتحريمه وأفتى بأن تستمر مراسم عاشوراء بالأساليب الموجودة .

أما ما يقال من أنه ضرر يحرم إيقاعه بالنفس، فهو مسألة أخرى تتبع اعتقاد المكلف نفسه.. فمن اعتقد أنه يضر به ضرراً بالغاً فهو عليه حرام، ومن اعتقد عدم ضرره وأجازه مرجعه فيجوز له . أما قوانين البلد سواء كان يحكمه ولي فقيه أو غيره فهي موضوع آخر غير التحريم .

ص: 397

وأما ما يقال إنه تخلف وهمجية وغير ذلك.. فهو كلام لا قيمة له، لأنا نرى قائليه أنفسهم يمجدون ما يقوم به بعض المسيحيين في الفيلبين وغيرها، حيث يدق الواحد منهم المسامير في يديه ورجليه ويصلب نفسه يوماً أو يومين أو ثلاثة .. ويعتبرون ذلك إيماناً وتضحية .

ولو أن بعضهم اعترض وصام عن الطعام من أجل قضية تخص اسرائيل أو أمريكا حتى الموت، لَمَجَّدوه وقالوا عنه إنه رمز للمطالبة بالحرية !!

- وكتب (نقد ونظر) بتاريخ 13-4-2000، الحادية عشرة ليلاً:

غريب أمرك أخي الفاضل العاملي !! تقول: لا أعرف مرجعاً عاماً للشيعة في العالم أفتى بتحريمه . ويقول لك الأخ الراعي إن المرجع الراحل السيد محسن الحكيم قد أفتى بالحرمة وهو مرجع ربما أنت عايشته زمناً في النجف الأشرف ففي زمانه كانت مرجعيته الدينية تغطي المساحة الشيعية، خصوصاً بعد وفاة السيد حسين البروجردي . ألا تتصور يا أخي الفاضل أن المسألة ليست مرتبطة بفهم المرجع فقط أوعدم إفتائه بالحرمة، فقد حكم ولي الفقيه سماحة آية الله السيد علي الخامنئي بحرمة التطبير في العالم وليس بخصوص إيران، وذلك خوفاً من هتك المذهب الإمامي بسبب هذه التصرفات المحسوبة على الشعائر الحسينية . والحكم بالحرمة هنا من باب العنوان الثانوي وليس من العنوان الأولي . أرجو منك التأمل جيداً في ضرر هذه التصرفات على مذهبنا قبل أن تدافع عنها، واعذرني على التجاسر .

- وكتب (أمين) بتاريخ 13-4-2000 الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ص: 398

الأخ العاملي . . القياس في مثل هذه القضايا ينبغي أن يكون واضحاً وجلياً: هل المتبع في معرفة المجد الحاصل من مزاولة التطبير هو عدم فتوى الفقهاء بتحريمه أو عدم فتواهم برجحانه ؟!؟!

ثم إن المستوحش المتقزز من هذه المظاهر ليس لمكان ضره بالإنسان فقط فيدفع بأننا لم نجد من تضرر كما صنع ذلك العلامة الشيخ الحسين كاشف الغطاء (رضی الله عنه)، وإنما لأن التظاهرة الحسينية ليست منحصرة في هذا الأسلوب الذي يبدو بشعاً .. ولأن كثير من الشعائر الحسينية وجد لها ارتباط بأصل القضية، فاللطم مثلاً هو سابق على حادثة عاشوراء لأن جمع اليد، والضرب ناحية القلب من عادة المتفجعين .. ولبس السواد أيضاً من عادتهم، مضافاً الى ورود نصوص تأريخية تقول بأن أهل البيت لبسوا السواد كذلك .

ولكن ماربط جرح النفس والتنكيل بها بقضية عاشوراء ؟ وبالمعنى الأدق: ما فلسفة التطبير وماهي القيمة الإجتماعية والدور الثقافي والتوعوي لها ؟!؟! ثم كيف نتخذ له محاولات لكي نجعله معتقداً لايحق لأحد أن يعارضنا فيه، بل يلزمه احترامه كمعتقد .. وهل هذا مما وردت فيه آية، أو سنة .. أم هل أن العقيدة لها مشرب غير ذلك فتأتي بفعل العوام وتفرض فيما بعد ؟!؟!

وأما قياسه بالأمم الأخرى التي تعذب نفسها وتصنع ما تصنع من التنكيل بنفسها معتقدةً بذلك .. فهذا أغرب شئ أسمعه هنا ! لأن العالي لا يقاس بالداني، والحق لا ينظر بالباطل .. فما بالنا هنا نغرب ونشرق في البحث عن الوجوه والتمحلات !!

وكما قلت إن التظاهرة من أجل حادثة عاشوراء المبدئية يمكن أن تتخذ لها أساليب حضارية راقية، وسيحفظ التأريخ عقلية بعض العلماء الشباب في منطقة

ص: 399

الخليج حيث حثوا الشبيبة أن تتقدم بالتبرع بالدم في أيام عاشوراء، وقد نصبت المخيمات لذلك، ولا زالت الشباب تتكاثر على إنفاذ هذا المشروع ونقله إلى بنوك الدم المختصة .

- وكتب العاملي بتاريخ 14-4-2000، الواحدة صباحاً:

الأخ (نقد ونظر) ..

دعوة آية الله السيد القائد حفظه الله الى الإمتناع عن التطبير رأي محترم، أما القول بأن المرجع الراحل السيد الحكيم رحمة الله حرمه فهو اشتباه .

أما قولك: ألا تتصور أن المسألة ليست مرتبطة بفهم المرجع فقط أوعدم إفتائه بالحرمة .

فأقول: كل حكم شرعي مرتبط بمرجع التقليد، ولذا يراعي السيد القائد حفظه الله وجود مقلدين لغيره ويحترمهم . ولا بد أن يكون سماحته أوعز للدولة أن تتسامح في بعض المسائل التي يرجع فيها الناس إلى غيره، ويختلف رأيه هو مع رأي مرجعهم .. وهذا مثلٌ لكم في المحافظة على حرية رأي المكلف الشيعي ضمن فتوى مرجع تقليده .

الأخ أمين .. قولك: القياس في مثل هذه القضايا ينبغي أن يكون واضحاً وجلياً فهل المتبع في معرفة المجد الحاصل من مزاولة التطبير هو عدم فتوى الفقهاء بتحريمه أو عدم فتواهم برجحانه .

أقول: لم أقس ولم أفت في المسألة، وجواب سؤالك: نعم، فإن الأصل في الأشياء هو الحل حتى تثبت الحرمة . وأرجو أن تلاحظ أنك دافعت عن حلية اللطم واستسغته، وكلامك مطلق يشمل كل أنواعه إلا المستثنى بالقواعد العامة .. فشكراً لأن كلامك موافق لفتاوى المراجع .

ص: 400

أما تسميتك للتطبير بالتنكيل فهو مصادرة في الموضوع الذي تناقش فيه، وفتوى منك بالحرمة وعدم احترام لمن يعتقد أنه عبادة ويفتي له مرجعه بذلك وقد استعمل غيرك نفس هذا الأسلوب في اللطم الذي دافعت عنه وشجعته، وسماه جلداً للذات !! ولا بد أنك تجيبه على كلامه غير المنطقي، فأجب نفسك به عن التطبير !

وأما قولك: (وبالمعنى الأدق: مافلسفة التطبير وما هي القيمة الإجتماعية والدور الثقافي والتوعوي لها ؟!؟!) .

فأقول: التطبير حالة عنف في العاطفة الولائية، يستعملها بعض الشيعة في كل البلاد تقريباً.. ومصلحته تتبع فتوى مرجع التقليد لأهل ذلك البلد .. فربما يرى مرجع التقليد جوازه ويشجع عليه، في مثل منطقة لبنان الذي يعيش المسلمون فيه حالة مقاومة مع العدو، ويحتاجون إلى عاطفة عالية وعنف في التحدي والمقاومة.. وربما يرى جوازه ولكن يقول لا مصلحة فيه هذه السنة، كما فعل الإمام الخميني رحمة الله في سنة انتصار الثورة .

التطبير مخزون من الطاقة العاطفية عند أتباع مذهب أهل البيت علیهم السلام ، يحتاج إلى فكر عملي لاستثماره وتنظيمه وتهذيبه، وليس إلى فتح جبهة مع المعتقدين به، وجبهة مع فتاوى مراجعهم !!

والتطبير صرخة سنوية شيعية يهتز لها خصومهم والطامعون.. ولو كان يملكها اليهود لرأيت كيف يستثمرونها ويحولوها إلى ثقافة مقبولة عالمياً . ولكن اليهود والحمد لله أجبن الناس وأحرص الناس على حياة !

ورحم الله الشيخ الأميني عندما كان يجلس يوم عاشوراء في صحن الإمام الحسين علیه السلام مع بعض علماء السنة ويشاهدون دخول المواكب، فدخل موكب

ص: 401

طويريج بعنفه في اللطم، فقال له أحدهم: هذا صحيح يا شيخ عبد الحسين ؟ فسكت . ثم بدأت تدخل مواكب التطبير، فجن جنون المشايخ السنيين وصاح أحدهم: وهل هذا صحيح يا شيخ عبد الحسين ؟!!! فأجابه رحمة الله: نعم وهذا صحيح، فأنتم بسبب هذه المراسم لم تستطيعوا إنكار شهادة الحسين علیه السلام وأفعال يزيد .. ونحن اشتبهنا لماذا لم نجعل مراسم تطبير لعيد الغدير حتى لا تستطيعوا إنكاره !!

وقد يكون على هذا الجواب إشكال، لكن هدفي منه الإلفات إلى دور المراسم الشعبية في تثيبت العقائد الصحيحة .

أما قولك: ثم كيف نتخذ له محاولات لكي نجعله معتقداً لا يحق لأحد أن يعارضنا فيه، بل يلزمه احترامه كمعتقد ؟

فأقول: أنا لا أدعو إلى جعله معتقداً فهو من مراسم شعوبنا في الحسين علیه السلام ، ولو طلبت مني هيأة حسينسة أن أختار لهم من المراسم لاخترت لهم غيره، إلا في مقابل اليهود . لكني أدافع عن حرية المكلف الشيعي أن يختار من المراسم ما يجوزه مرجع تقليده .. لأن سلب هذه الحرية وإلزام الناس بهذه الرسم دون ذاك، وبهذه الهتافات دون تلك.. مصادرة للحرية المشروعة، وتتضمن خطراً على المذهب والحكم الشرعي في المدى الطويل.

أما قولك: أم هل أن العقيدة لها مشرب غير ذلك فتأتي بفعل العوام وتفرض فيما بعد ؟!؟!

فأقول: هذا من الإتهامات التي لا دليل لك عليها ! وهي شبيهة بتهم الوهابيين لنا! فهذه عقائد الشيعة واحدة واحدة، فأخبرني أيها أخذها علماؤنا من العوام ؟!

ص: 402

وهل يمكنك أن تتهم مثل المرحوم الإمام الخميني وكبار مراجعنا عبر التاريخ بذلك ؟!!

أما مدحك لبعض العلماء الذين (حثوا الشبيبة أن تتقدم بالتبرع بالدم في أيام عاشوراء وقد نصبت المخيمات لذلك) .

فما داموا عملوا برأي المرجع الذين يقلدونه .. فعليهم أن يحترموا حرية المكلف الذي يعتقد بجواز التطبير، ولا يصادروا حريته ويحرموا فعله، أو يسخروا به ويقولوا له إنك تنكل بنفسك وترتكب الحرام، أو أنك تجلد نفسك باللطم، أو أنك تذرف الدموع وتستغرق في شخصية الحسين ويجب أن تستغرق في الإسلام !! وأمثال ذلك من عبارات التهويل والتضليل الإعلامي، والسخرية بفتاوى المراجع، والسخرية بدموع الشيعة ومخزون عواطفهم المقدسة، ومراسمهم التي هي العامل الشعبي الأول في حفظ تدين المتدينين .. إنها كلمات قاسية مضللة ..ابتدعها وبدأ بإشاعتها في عصرنا شخصٌ أعرف أنه لم تجر من عينيه على الحسين دمعة واحدة ! ولا خامر مقامه الرفيع المقدس أبداً ! ولا تفاعل مع ظلامته الفريدة اليتيمة في تاريخ الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم !!

- وكتب (الأشتر) بتاريخ 14-4-2000، الخامسة صباحاً:

أعتقد ياعاملي أنه هنالك فرقاً شاسعاً بين فتوى أحد مراجع التقليد، وبين فتوى سماحة ولي أمر المسلمين ... أم أنك لا تؤيد فكرة ولاية الفقيه ؟

وهنالك فرق شاسع أيضاً بين الحكم والفتوى... والله الموفق .

- وكتب العاملي بتاريخ 14-4-2000، التاسعة مساءً:

ص: 403

بل نعتقد بولاية الفقيه ويعمل شبابنا في المقاومة ببركتها، من زمن المرحوم الإمام الخميني قدس سره إلى زمن السيد القائد حفظه الله، ويتقيدون بأوامر ولاية الفقيه التي يمثلها قائد المقاومة وبطلها السيد حسن نصر الله حفظه الله. ولم يعيروا بالاً لمن حرم العمليات الإستشهادية في زمن الإمام الراحل وسماها انتحاراً !! ولم يعيروا بالاً لتحريمه كثيراً من المراسم الحسينية سابقاً وفعلاً !! وقد انتقدوا آراءه ومواقفه من ظلامة الزهراء علیها السلام .. وتدارسوا كتاب مأساة الزهراء للسيد جعفر مرتضى بتوجيه السيد القائد دام ظله. ولكنكم تتصورون أن ولاية الفقيه يمثلها في لبنان فلان أو فلان.. بسبب ادعائهم قيادة المقاومة، وتبني الإعلام لهم !!

- وكتب (الفكر) بتاريخ 14-4-2000 العاشرة والنصف صباحاً:

الأخ العاملي المحترم .. أشكرك الشكر الجزيل على ما تبذله من جهد جبار فلقد كتبت الحقيقة بدون تعصب ولا زيف، وبودنا أن ترشدنا إلى مصادر معتبرة حول هذا الموضوع وندعو جميع الأخوة المختلفين بالرأي ذكر المصادر التي تثبت ما يعتقدون به وجزاكم الله خيراً .

- وكتب (الرباني) بتاريخ 14-4-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً.

- وكتب العاملي في 14-4-2000، الثانية عشرة إلا ثلاث دقائق ليلاً:

الأخ الفكر .. شكراً لك على إنصافك.. ويوجد في الموضوع نحو عشرين كتاباً وكراساً، لعلي أتوفق بعد عاشوراء لطباعتها وإيرادها .

الأخ رباني .. كل فقهاء الإسلام يفتون بحرمة قتل النفس والإضرار بها إضرارا بالغاً يخشى أن يؤدي إلى هلاكها.. ويستدلون بقوله تعالى: ولا تلقوا

ص: 404

بأيديكم إلى التهلكة . أما إذا قال شخص إني لا أتضرر من جرح رأسي حزناً على الحسين علیه السلام ، فهو مثل الحجامة والفصد المستحب عند جميع المذاهب .. فلا يمكن لفقيه أن يقول له إن عملك حرام !

وهناك بحث في علم الفقه في حدود الضرر الذي يحرم إيقاعه بالنفس . وقد رأيت بعض جماعتكم من طلبة الوهابيين وعوامهم يقولون إن كل إضرار بالنفس حرام .. لكن لم أر فقيهاً سنياً متضلعاً يقول بذلك.. فالمتفق عليه تحريم الضرر البالغ الذي يخشى أن يؤدي إلى الموت، والباقي محل بحث بين الفقهاء وعامتهم لا يحرمونه، وأمثلته كثيرة.. مثلاً: لو كان كل إضرار بالنفس حرام لحرم على الإنسان أن يأكل كثيراً كما يفعل بعضهم، أو لا يأكل قدر حاجته كما يفعل بعضهم ! ولحرم على سكان المناطق الحارة السكنى فيها لأنه إضرار بالنفس .. ولحرم على عمال معامل الطحين وأمثالها العمل فيها لأنه إضرار بالنفس مثل التدخين وأحياناً أكثر .. ولحرم على الإنسان السهر، ووجب عليه النوم مبكراً .. ولحرمت عليه كثير من الأفعال اليومية، ووجب عليه أن يطبق طوماراً من توجيهات الأطباء !!!

من ذلك نعرف أن الشريعة المقدسة وإن حرمت كل إضرار بالغير، فإنها لم تحرم كل إضرار بالنفس، بل ما كان منه بالغاً، أو ماكان مؤدياً للهلاك، أو مظنة الهلاك فقط . ويمكن أن يكون الباقي مكروهاً .

- وكتب (الرباني) بتاريخ 14-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

أخي العاملي .. الآية قسمان: ولا تقتلوا أنفسكم، وهي تحريم لقتل النفس أو ما أفضى إليه . والقسم الآخر: إن الله كان بكم رحيماً. ولا شك أن لهذا القسم من الآية معانيه أيضاً .

ص: 405

لست هنا بصدد تحريم أو تحليل هذه الممارسه أو تلك لأي من المذاهب الإسلامية، ولكنها همسة في أذن إخواني الشيعة أرجو أن تتسع لها صدورهم.

- وكتب (الراعي) بتاريخ 14-4-2000، الواحدة ظهراً:

الأخوة الأعزاء .. رداً على ما ماذكره الأخ العاملي:

كتاب التنزيه - السيد محسن الأمين قدس سره الشريف - دار الغدير – بيروت . يقول السيد محسن الأمين قدس سره الشريف ما يلي:

فإن الله سبحانه وتعالى أوجب إنكار المنكر بقدر الإمكان بالقلب أو اليد أو اللسان . ومن أعظم المنكرات اتخاذ البدعه سنة والسنة بدعة والدعاية لها وترويجها. ولما كان إبليس وأعوانه إنما يضلون الناس من قبل الأمر الذي يروج عندهم، كانوا كثيراً ما يضلون أهل الدين من طريق الدين، بل هذا من أضر طرق الضلال وقلما تكون عباده من العبادات أو سنة من السنن لم يدخل فيها إبليس وأعوانه ما يفسدها، فمن ذلك إقامة شعائر الحزن على سيد الشهداء أبي عبدالله الحسين علیه السلام التي استمرت عليها طريقة الشيعة من عصر الحسين علیه السلام إلى اليوم . ولما رأى إبليس وأعوانه ما فيها من المنافع والفوائد وأنه لا يمكنهم إبطالها بجميع ما عندهم من الحيل والمكائد توسلوا إلى إغواء الناس بحملهم على أن يدخلوا فيها البدع والمنكرات وما يشينها عند الأغيار قصداً لإفساد منافعها وإبطال ثوابها، فأدخلوا فيها أمورا أجمع المسلمون على تحريم أكثرها وأنها من المنكرات وبعضها من الكبائر التي هدد الله فاعلها وذمه في كتابه العزيز .

1- فمنها الكذب، بذكر الأمور المكذوبة المعلوم كذبها وعدم وجودها في خبر ولا نقلها في كتاب وهي تتلى على المنابر وفي المحافل بكرة وعشياً، ولا

ص: 406

من منكر ولا رادع، وسنذكر طرفاً من ذلك في كلماتنا الآتيه إن شاء الله.. وهومن الكبائر بالتفاق ولا سيما إذا كان كذباً على الله أو رسوله أو أحد الأئمة علیهم السلام .

2- ومنها إيذاء النفس وإدخال الضرر عليها، بضرب الرؤوس وجرحها بالمدي والسيوف حتى يسيل دمها، وكثيراً ما يؤدي ذلك إلى الإغماء بنزف الدم الكثير وإلى المرض أو الموت وطول برء الجرح . وبضرب الظهور بسلاسل الحديد وغير ذلك . وتحريم ذلك ثابت بالعقل والنقل وما هو معلوم من سهولة الشريعة وسماحتها الذي تمدح به رسول الله صلی الله علیه و آله بقوله: جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء، ومن رفع الحرج والمشقة في الدين بقوله تعالى: ما جعل عليكم في الدين من حرج .

3 - ومنها استعمال آلات اللهو كالطبل والزمر (الدمام) والصنوج النحاسية وغير ذلك .

4- ومنها تشبه الرجال بالنساء في وقت التمثيل . . . .

8- ومنها كل ما يوجب الهتك والشنيعة مما لا يدخل تحت الحصر، ويختلف الحال فيه بالنسبة إلى الأقطار والأصقاع.

فإدخال هذه الأشياء في إقامة شعائر الحزن على الحسين علیه السلام من تسويلات إبليس ومن المنكرات التي تغضب الله ورسوله وتغضب الحسين، فإنه إنما قتل في إحياء دين جده ورفع المنكرات، فكيف يرضى بفعلها لا سيما إذا فعلت بعنوان أنها طاعة وعباده .

وفي موقع آخر يقول سماحة السيد محسن الأمين، رداً على المنادين بما يقول به الأخ العاملي ما يلي: . . . فالحث على أمر لو فرض محالاً أنه ليس

ص: 407

محرماً فهو مما يلصق العار بالمذهب وأهله وينفر الناس عنه ويفتح باب القدح فيه ؟! أليس من الورع في الدين والإحتياط فيه التحاشي عنه ؟ أما يقتضي الإصلاح لو كان القصد الإصلاح تركه والتجافي عنه صيانة للمذهب وأهله من إلصاق العيب بهم والتنفير عنهم ؟ فلو فرض إباحته فهو ليس من واجبات الدين التي يضر تركها .

ويقول قدس سره في موقع آخر من الكتاب ما يلي:

بل إن من فجائع الدهور وفظائع الأمور وقاصمات الظهور وموغرات الصدور اتخاذ الطبول والزمور وشق الرؤوس على الوجه المشهور، وإبراز شيعة أهل البيت وأتباعهم بمظهر الوحشية والسخريه أمام الجمهور، مما لا يرضى به عاقل غيور، وعد ذلك عبادة ونسبته إلى أهل البيت الطهور . والمواكب الحسينية لا تحسن ولا تحل إلا بتنزيهها عما حرمه الله تعالى، وعما يشين ويعيب وينسب فاعله إلى الجهل والهمجية، وقد بينا أن الطبل والزمر وإيذاء النفس والبروز بالهيئة المستبشعة مما حرمه الشرع، ولم يرضه لأوليائه سواء وقع في النبطية أو القرشية، أو مكة المكرمة .

ويضيف في موقع آخر: ونقول لوكان الأمر كذلك لكان ينبغي للعلماء أن يبادروا إلى هذا الفعل ويكونوا هم المبتدئين به، فيدقوا الطبول ويضربوا بالصنوج وينفخوا في الأبواق، ويخرجوا حاسرين لابسي الأكفان، ضاربين رؤوسهم وجباههم بالسيوف أمام الناس، لتقتدي بهم كما اقتدت بهم في نصب مجالس العزاء وغيرها، فهم أحق الناس بتعظيم شعائر الدين لو كان هذا منها، وإذا لم يفعل الجميع ذلك فعلى الأقل واحد أو اثنان أو ثلاثه من العلماء مع أنهم يعدون بالألوف . . . بل لم ينقل ناقل أن أحداً فعلها من عوام الشيعة ولا أن أحداً

ص: 408

أجازها من علمائهم في الأعصار التي كانت ملوك البلاد الإسلامية فيها كلها شيعة، وذلك في العصر البويهي.. وكان في عصرهم من أجلاء علماء الشيعة وعظمائهم أمثال الشيخ المفيد والشريفين المرتضى والرضي مع ما كان عليه بنو بويه من التشدد في إقامة العزاء حتى كانت في زمانهم تعطل الأسواق في بغداد يوم عاشوراء . . . ولم ينقل أحد أنه وقع في زمانهم شئ من جرح الرؤوس بالسيوف والمدى .

ملاحظة: أرجو المعذرة في حالة اكتشاف أي خطأ.. بسبب قلة خبرتي في الطباعة، وضيق الوقت عن المراجعة .. علماً بأن هذا هو أطول موضوع أطبعه في حياتي، وقد استغرق مني ساعة ونصف .

- وكتب (الخزاعي) بتاريخ 14-4-2000، الثانية ظهراً:

تكملة لما بدأه الأخ الكريم الراعي.. ويقول أيضاً في ص 79:

قوله الحجامة مباحة بالأصل.. بل هي محرمة بالأصل لأنها ضرر وإيذاء للنفس ولا تحل إلا مع الضرورة لدفع مرض أو ألم أعظم منها وإلا كانت كفعل حجام ساباط الذي ضُرب به المثل فقيل: أفرغ من حجام ساباط . وكان إذا لم يجد من يحجمه حجم زوجته وأولاده . وحيث إن الذين يضربون رؤوسهم وليس في رؤوسهم داء ولا في أبدانهم حمى فانحصر فعلهم في الحرام . وإذا كان محرماً لم يكن مقرباً إلى الله ولا موجباً لثوابه، بل موجباً لعقابه ومغضباً لله ولرسوله صلی الله علیه و آله وللحسين علیه السلام الذي قُتِلَ لإحياء شرع جده صلی الله علیه و آله

ثم يقول أيضاً: والحرام لا يباح لإدراك المستحب، فالإستحباب لا يعارض الحرمة ولا يطاع الله من حيث يعصى، ولا يتقبل الله إلا من المتقين .

ص: 409

وقال في موضع آخر: وعرَّض بنا وببعض فضلاء السادة في البصرة بسوء القول لنهينا عن قراءة الأحاديث المكذوبة، وعن هذا الفعل الشائن للمذهب وأهله والمنفر عنه والملحق به العار عند الأغيار، والذي يفتح باب القدح فيه وفي أهله، ونسبتهم إلى الجهل والجنون وسخافة العقول، والبعد عن محاسن الشرع الإسلامي، واستحلال ما حكم الشرع والعقل بتحريمه من إيذاء النفس وإدخال الضرر عليها، حتى أدى الحال إلى أن صارت صورهم الفوتغرافية تُعرض في المسارح وعلى صفحات الجرائد . وقد قال لنا أئمتنا علیه السلام : كونوا زينا لنا ولا تكونوا شيناً علينا. وأمرونا بأن نفعل ما يُقال لأجله: رَحِمَ الله جعفر بن محمد ما أحسن ما أدب به أصحابه. ولم يُنقل عنهم أنهم رخصوا أحداً من شيعتهم في ذلك ولا أمروهم به ولا فعل شئ من ذلك في عصرهم لا سراً ولا جهراً . انتهى .

ويبقى أن نشير أن مدرسة أهل البيت هي مدرسة الحجة والدليل والمناقشة العلمية والبحث العلمي، وليس مدرسة عواطف ومشاعر بحيث تغلب العواطف على العقل، ويتعامل مع مشاعر العوام أكثر من حجج المنطق والإستدلال المنطقي، فنسوغ كل ألوان العواطف بغض النظر عن مشروعيتها وفوائدها ونتائجها .

ويبقى أيضا أن نشير إلى أن حرية المكلف باختيار طريقته في التعبير يجب أن تكون مقيدة بعدم التجاوز على حريات الآخرين . فلا حرية للذين يجوبون الأزقة بضرب الطبول وإثارة الصخب الذي يؤلم المرضى وكبار السن والأطفال الرضع في مضاجعهم في ساعات متأخرة من الليل !!

ص: 410

فليفعلوا ذلك في بيوتهم، فالشوارع والأزقة ليس ملكاً لمجموعة معدودة تفعل فيها ما تشاء بحجة حرية اختيار الشعيرة التي يريد .

ويبقى أيضاً أن أشير إلى أنني لم أر ولم أسمع أن مرجعاً مارس التطبير أو ضرب الطبول أو أوقد المشاعل أو ضرب بالسلاسل على ظهره أو قاد ركباً من الخيول والجمال وسط المدن أو حضر تمثيل عرس القاسم بن الحسن علیه السلام في عاشوراء . ولم يفت مرجع بحلية التطبير صراحة دون التقييد بعدم الأذى والإساءة للمذهب . نعم .. شاهدت بعض المراجع يبكون ويلطمون على الصدور ويقيمون مجالس العزاء هذه في بيوتهم ومكاتبهم ويرددون الشعارات (اللطميات) ويلبسون السواد، ويشاركون في مواكب العزاء في الشوارع التي لا تتجاوز ترديد الشعارات واللطم على الصدور .

- وكتب (علي البحراني) بتاريخ 14-4-2000، الثانية ظهراً:

عجبت لقولك يا أخي العاملي ! وهو حقاً لغريب على مثلك أن يأتي بمثل هذا الكلام .

أولاً: إن كلام السيد علي الخامنئي هو حكمٌ وليس فتوى، ولا يجوز مخالفة الحكم الشرعي حتى بالنسبة للمعارضين لولاية الفقيه، لأن الحكم نافذ عليهم وعلى غيرهم حتى المتأخرين قالوا بهذا . إذاً قولك عن اختلاف الفتوى هو لعب بالكلام لا أكثر، وقول السيد علي الخامنئي هو حكم شرعي ينفذ علي وعليك شئت أم أبيت، حتى لو لم تكن من مقلديه .

ثانياً: المقياس ليس الضرر النفسي الذي قد يسببه التطبير، بل هو أمر أكبر الأمر هو إضعاف المذهب الشيعي يا أخي، ويحرم إضعاف المذهب الشيعي بأي حال من الأحوال . ولا تقل لي إن اليهود أو النصارى أو لو كان ذلك من

ص: 411

شأن اليهود ! أهل البيت أدرى بالذي فيه، ونحن في عصر دحر الخرافات وليس تثبيتها، والتطبير كما تعلم أمر من مسببات إضعاف المذهب الشيعي، والذي يعتبر حراماً حراماً . فحق لي أن أعجب لقولك إذ تريد أن تحول المسألة من حكم شرعي إلى فتوى، وأن تظهر الأمر على أساس أنه حرم من باب ضرر النفس، والواقع أن الأمر هو من باب تقوية المذهب الشيعي.

أكرر المسألة حكم الحاكم الشرعي، وليس رأي فلان أو فتوى علان، بل هو الحكم الشرعي للحاكم الشرعي، الذي يعتبر أمره نافذاً علي وعلى كل الفقهاء، حتى لو عارضوا الحكم .

- فكتب العاملي بتاريخ 14-4-2000، الثانية والنصف ظهراً:

الأخوين الكريمين الراعي والخزاعي .. نشرتما رأي المرحوم السيد محسن الأمين وهذا أمر حسن .. فهو يمثل رأي أحد مجتهدي الشيعة الذي كان له عدد قليل جداً من المقلدين رحمة الله . وللموضوعية ينبغي أن نذكر في مقابله رأي كبار مراجعهم من الماضين والمعاصرين.. وأرجو أن يتسع لي الوقت لإيرادها .

الأخ علي البحراني . . لو كان رأي السيد القائد حفظه الله حكماً شرعياً واجب التنفيذ في إيران والعالم، لكلف ممثليه في مناطق الشيعة التي يجري فيها التطبير سنوياً أن يقفوا ضده، ولكن أحداً منهم لم يقم بذلك، ولا أخبر أنه كلفه به ! ولو كان كما تقول لما تسامحت الدولة في السنين الماضية بإقامة مواكب التطبير في نفس إيران ! وسننظر ماذا يكون موقفهم هذه السنة . وأرجو أن لا تحملوا السيد القائد مالم يتحمله، فإن بعضهم يريد تصويره بأنه يريد كسر فتاوى المراجع الذين يحترمهم السيد، ويريد اضطهاد مقلديهم !!

- وكتب (الفكر) بتاريخ 14-4-2000، الثالثة والنصف ظهراً:

ص: 412

الأخ العاملي حفظه الله تعالى .. الله يمنحك القوة ويسدد خطاك بجاه محمد وآله الطيبين الطاهرين، لقد وضعت النقاط على الحروف .

الأخوة الأعزاء .. الرجاء كل الرجاء البعد عن التعصب، ودراسة الموضوع دراسة عقلانية، مبنية على العلم والموضوعية .

- وكتبت (زينبية) بتاريخ 14-4-2000، الرابعة عصراً:

رغم إنني أعتقد أنه علينا جميعاً أن نتبع ولي أمر المسلمين الإمام الخامنئي في كلامه.. سواء كان فتوى أو نصيحة، إلا أنني لا أسمح لشخص أن يصف هذه المراسيم بالتخلف ! للأسف الشديد لقد ابتلينا بهكذا أشخاص وهم ليسوا أبداً مرجعاً معتبراً ! إن الإمام الخامنئي أمرنا بالإبتعاد عن ضرب الرؤوس السيوف حفاظاً على صورتنا، ولا بأس بباقي الشعائر، لذلك لنلتزم برأيه . أما من يقول هو تخلف، ويقول عن ضلع الزهراء ما يقول، فليغير مذهبه إن لم يعجبه كلام العلماء الكبار، والمراجع الموثوقين !

قال الإمام الحسين علیه السلام :

فإن نَهزِم فهزامون قدماً *** وإن نُغلب فغير مُغَلبينا

وما إن طِبُنا جبن ولكن *** منايانا ودولة آخرينا

فلو خلد الملوك إذاً خلدنا *** وإذا بقي الملوك إذاً بقينا

إذا ما الموت رفّع عن أناسٍ *** كلاكله أناخ بآخرينا

فأفنى بذلكم سرواتِ قومي كما *** أفنى القرون الأولينا

فقل للشامتين بنا أفيقوا *** سيلقى الشامتون كما لقينا

- وكتب (موسى العلي) بتاريخ 15-4-2000، الخامسة والنصف عصراً:

ص: 413

الأخوة الكرام.. عظم الله أجورنا وأجوركم جميعاً بمصاب أبي عبد الله الإمام الحسين علیه السلام . ونتمنى من بعض الأخوة والأخوات الأعزاء، عدم التعرض إلى حيثيات بعض العلماء تلميحاً أو تصريحاً، وشكراً .

- وكتب (أسعد) بتاريخ 16-4-2000، الثامنة مساءً:

نشكر جميع الأخوة على مشاركتهم في هذا البحث القيم . في اعتقادي أن يرجع كل واحد منا إلى مرجعه في هذه الفتوى ودعونا من هذه النقاشات . أنا في رأيي أن نُرجع هذه المسألة إلى العقل أولاً وأخيراً، لكي نبتعد من سخرية بعض الطوائف بمعتقداتنا .

ثم إن كلمة السيد القائد وغيره من العلماء يجب أن تكون لنا نبراساً وطريقاً نسير عليه دون تردد . نشكركم جميعاً ونريد المزيد .

- وكتب العاملي بتاريخ16-4-2000، العاشرة وخمس دقائق مساء:

أفتى السيد القائد بجواز اللطم بأنواعه.. وكذا مايتعارف من الضرب على الأكتاف بالسلاسل.. كما جاء في أجوبة الاستفتاءات ص 74 . لكن بعضهم حرم اللطم العنيف بتعبيره، وحرم الضرب بالسلاسل مطلقاً، فقال: ضرب السلاسل لماذا ؟ لنفكر معاً، أليس لأن السيدة زينب علیه السلام وأخواتها وبنات الحسين ضُربن على ظهورهن بالسياط ؟ فنحن نواسيهن فنضرب ظهورنا بالسلاسل . . . ؟ انتهى . وينبغي ملاحظة أن المشاركين في هيئات العزاء الذين يلبسون السواد ويعبرون عن حزنهم بضرب متونهم أو صدورهم بالسلاسل، لايخطر ببالهم هذا التفسير الذي ذكره ! ولا ينوون أنهم يفعلون ذلك لأن أهل البيت النبوي علیهم السلام لطموا أو ضربوا بالسلاسل !

ص: 414

بل يفعلون ذلك لأنه وسيلةٌ من التعبير عن مواساتهم وحزنهم بمصابهم بالإمام الحسين علیه السلام !!

- وكتب الموسوي بتاريخ 17-4-2000، الثالثة صباحاً:

الأخ الكريم الراعي .. أما ما نقلته عن السيد محسن الحكيم من القول بتحريم التطبير فغير ثابت، وكل ما في الأمر أنه نقل عن نجله السيد محمد باقر الحكيم من غير إرجاع إلى مصدر يعتمد عليه في كتاب الشعائر الحسينية بين الوعي والخرافة ص 137 . على أنها لو صحت نسبتها فلا يمكن أن تعارض ما هو صادر بخطه حيث قال في إمضاء فتوى الشيخ محمد حسين النائيني بجواز التطبير بتاريخ 2 محرم الحرام 1376: (ما سطره أستاذنا الأعظم قدس سره في نهاية المتانة وفي غاية الوضوح، بل هو أوضح من أن يحتاج إلى أن يعضد بتسجيل فتوى الوفاق). (فتاوى العلماء حول الشعائر الحسينية ص 26) . أما كتاب التنزيه، فهو للسيد محسن الأمين، وليس الحكيم.

الأخ الكريم (نقد ونظر) .. بخصوص فتوى المرجع الكبير السيد محسن الحكيم، فعندي نفس الملاحظة التي وجهتها للأخ الكريم الراعي .......

أما مسألة الهتك على المذهب، فهنا سؤال وهو الهتك في قبال من ؟! فإن كان من اليهود والنصارى، فهم لن يرضوا عنكم حتى تتبعوا ملتهم بصريح القرآن الكريم !! وإن كان من أهل السنة، فهل أهل السنة يعتقدون بأن اللطم الشديد أو الضرب بالسلاسل كما هو حاصل في إيران كل عام بلا منع، مظهراً غير حضاري ومتخلف، فما الفرق بين التطبير والضرب بالسلاسل؟!

الأخ الكريم أمين .. ما تراه بشعاً يراه غيرك قمة المواساة لأهل البيت، فهل تصلح رؤيتك الخاصة لكي تجعل هذا العمل يتأطر بوصف لاينفك عنه . وأنت

ص: 415

كما تعلم أن العادة بدايتها الصفر، فلبس السواد بدأ من الصفر فصار عادة في الحداد على الميت، فهل هناك مانع شرعي من جعل عادة جديدة في التعبير عن الحزن ؟

وفلسفة التطبير تكمن في المواساة لأهل البيت، ولهذا أجاب السيد الخوئي قدس سره بأن المطبر يثاب على عمله إذا نوى المواساة لأهل البيت علیهم السلام . (راجع المسائل الشرعية 2/337 السؤال 9) . ولم يقل أحد أنه يجب الإعتقاد بالتطبير، ولكن في المقابل ليس من حق الآخرين منع من يرى في التطبير وسيلة من وسائل التعبير عن الحزن، وصورة من صور الشعائر الحسينية . ولا يجب في أي شئ أن يكون قد ورد فيه كتاب أو سنة، بل يكفي انطباق عنوان عام مباح أو مستحب عليه كالمواساة لأهل البيت أو الجزع .

فهل يملك الداعون للتبرع بالدم بدلاً من التطبير نصاً من كتاب أو سنة على حسن فعلهم ؟!

الأخ الفاضل الراعي .. رسالة السيد محسن الأمين، قام المجتهد الشيخ عبد الحسين الحلي المتوفى سنة 1375 هجرية، في الإجابة تفصيلاً عنها في كتابه الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي، ولايسعني في هذه العجالة عرض مناقشاته في كتابه، وقد بلغت حدود 200 صفحة !! ولكنني أود التعليق على أمر مهم وهو أن تحريم السيد محسن الأمين طال أموراً لايقول بها فقهاؤنا !! فهو يقول بحرمة الضرب بالسلاسل، وحرمة تشبيه الرجال بالنساء، وحرمة استعمال الطبل والدمام، وحرمة إركاب النساء مكشفات الوجوه عند تشبيههن ببنات الرسالة، وحرمة صياح النساء بمسمع من الرجال (وبعض ما أوردتُه لم تذكره أنت بل وضعتَ

ص: 416

نقطاً مكانه !!) فهل يمكن أن تذكر لنا أسماء العلماء الموافقين للسيد محسن الأمين فيما قال إنها محرمات ! !

أما القول بأنه مما يوجب وصم المذهب بالعار، فهذا ما خالف فيه السيد محسن الأمين كبار الفقهاء كالشيخ محمد حسين كاشف الغطاء وغيره . وسأذكر كلماتهم إن شاء الله في وقت لاحق .

أما عدم فعل الفقهاء له، فلا يكون دليلاً على الحرمة، وخاصة إذا كانت فتواهم هي الجواز، إذ لا يجب على الإنسان أن يفعل كل مباح. على أنه لايصح أن نجعل ترك الفقيه لمستحب ملاكاً لنفي الاستحباب، فلو ترك أحد الفقهاء المشي إلى زيارة الإمام الحسين، فهل يصح جعل تركه ملاكاً للحكم بعدم الاستحباب ؟ مثلاً أفتى كثير من الفقهاء بجواز الضرب بالسلاسل، والسيد الخامنئي لم يمنع منه بل أجازه فهل يكون عدم فعله له مقياساً لحرمته.. ما لكم كيف تحكمون ؟ ومع كل ذلك فقد جاء في كتاب التطبير حقيقة لابدعة لناصر المنصور ص 59، أن بعض الفقهاء كالشيخ عبد الله المامقاني والفاضل الدربندي كانوا يتطبرون .

الأخ الكريم الخزاعي . . رأي السيد الأمين مبني على حرمة كل إضرار، وهذا مخالف لرأي المشهور بعدم حرمة أي إضرار، إلا المؤدي إلى الضرر المعتد به الذي لايتسامح بالوقوع فيه كهلاك النفس أو المرض المشابه له، فراجع المسائل الشرعية للسيد الخوئي:2/339 السؤال 16، 17 . وقال قدس سره في مصباح الأصول: 2/551: التحقيق عدم ثبوت ذلك (أي الإضرار بالنفس) على إطلاقه أي حتى في غير التهلكة، وما هو مبغوض في الشريعة المقدسة كقطع الأعضاء ونحوه، لأن المتيقن من حرمة الضرر في النفس هو ثلاثة فقط هي: 1

ص: 417

- قتل النفس فهو حرام . 2 - قطع عضو من أعضاء البدن . 3 - إسقاط قوة من قوى النفس أو البدن. انتهى. وكلام السيد محسن الأمين كله مبني على حرمة كل ضرر، ومع انتفائه فلا موجب لحرمة التطبير.

إن مدرسة أهل البيت قامت على العاطفة والفكر، ولا مانع من العاطفة بكل صورها إن لم يكن فيها تحريم، ومرجع تحديد الحرمة في مرحلة الفكر هم الفقهاء، ويكفي أن معظمهم قالوا باستحباب أو جواز التطبير .

أما قولك بأن في الطبول إيذاء للآخرين ! فلي أيضاً أن أقول: إن من قاموا بالثورة على الشاه ارتكبوا عشرات المحرمات من تعطيل أرزاق الناس والإزعاج وإغلاق الشوارع، فهل تلتزم بذلك وتقول لايطاع الله من حيث يعصى ! وإذا لم تر مرجعاً يمارس الضرب بالطبل فهل يعني ذلك أنه حرام ؟ ألا يكفي أنه يجوز ذلك أو يدعو له بغرض إحياء ذكر سيد الشهداء علیه السلام ؟ ألم تسمع ببعض المراجع يشجع ممارسة صنوف الرياضة ومنها (المصارعة الرومانية) المشهورة في إيران، فهل سمعت بمرجع يلعبها ؟

أما مسألة عدم الإضرار (لا الأذى كما ذكرت) أو عدم الهتك فهو أصل صحيح ولكن من أين لك إثباته ؟ وهو كما يصح في التطبير يجري في الضرب بالسلاسل الذي يجوزه السيد الخامنئي ! فما الفرق بين الضرب بالسلاسل والتطبير من ناحية الهتك أو الإضرار ؟

الأخ الكريم الأشتر .. لافرق بين من يقول في ولاية الفقيه وغيره، من ناحية لزوم عمل كل طرف بفتوى مقلده، ولكن الكلام يأتي في حكم الحاكم، وهي محل اختلاف بين علمائنا في سعتها، فلايصح تعميمها على كل المقلدين سواء من يقلدون السيد الخامنئي أو غيره .

ص: 418

الأخ الكريم علي البحراني .. حتى لو كان كلام السيد الخامنئي حكماً، فمن قال لك أن حكم الحاكم ينفذ على الجميع وفي كل المسائل؟! فلماذا تلقي الكلام يا أخي على عواهنه من غير تثبت فتقول إن حكم الحاكم ينفذ على كل الفقهاء حتى لو كان معارضاً له !! لن أطيل عليك البحث هنا، ولكن هل يمكن أن تنقل لنا رأي السيد الخوئي قدس سره في نفوذ حكم الحاكم ؟!!

الأخوة الأفاضل العاملي والفكر .. جزاكم الله خيراً على نصرة الحقيقة .

الأخت الفاضلة زينبيية .. حيا الله الروح الزينبية، وحشرك الله مع زينب علیها السلام .

- وكتب (الفكر) بتاريخ 22-4-2000، الثانية ظهراً:

الأخ العاملي الموقر المحترم . . شكراً جزيلاً من الأعماق، وجعلك الله من المدافعين عن مذهب الولاية والإيمان، ويوفقك الله عز وجل بالعلم الكثير . وأوجه الشكر الجزيل إلى الذين شاركوا في هذا الموضوع، وتفهموا هذه الشعائر بالعقلية المتزنة وليست العاطفة . ونحمد الله عز وجل بولايتنا لأهل البيت . في هذا العام ازداد المطبرين عن كل عام ففي سوريا وبمقام السيدة زينب علیه السلام المئات من المتطبرين هذا العام، وفي إيران الكثير، ولأول مرة بعد الفتوى الشهيرة من القائد .. وفي جميع مناطق الشيعة في بقاع المعمورة .

وهذا دليل على تفهم هذه الشعيرة الخالدة، وفق الله الجميع .

- وكتب (أمين) بتاريخ 23-4-2000، العاشرة صباحاً:

الأخ (الفكر) .. أي عقلية تسمها بالإتزان وتتكلم عليها ؟ وأي تطبير تحمد الله عليه ؟ وأي عاطفة هذه التي تلقيها على من يترك التطبير، وتنزِّه عنها من لا يقوم بهذا العمل ولا يؤيده ؟؟؟

ص: 419

أخي الكريم: إن من كان الحق رائده، لايهمه أن يكون وفق للصواب في أعماله وتقاليده أو لم يوفق أبداً، فما لهذا خلقنا.. غير أن من يستنير بنور العقل ويتحلى بجانب الفهم يعرف عدم وجود دليل على وجوب ما أسميته بالشعيرة الحسينية (التطبير) بل ولادليل على رجحانها أبداً . نعم ربما وجد دليل على تحريمها ولو بالعنوان الثانوي؟!! لكي تنصح في إجابتك لي، أنظر كلامي في أعلاه واجعل جوابك محرراً عليه.. ودمت لي سالماً.

- وكتب (الفكر) بتاريخ 23-4-2000، السابعة والنصف مساءً:

الأخ المحترم أمين .. إذا كنت تعتقد برجحان تحريم التطبير فنحن بشوق كبير لمعرفة ذلك، فهات لنا الأدلة والبراهين حول ذلك، وليس بسماع أشخاص تنقل كلاماً ليس فيه استناد . ولك تحياتي .

- وكتب الموسوي بتاريخ 25-4-2000، الثانية عشرة ظهراً:

الأخ الفاضل أمين . . أما بخصوص وجود حكم للولي الفقيه فأرجو أن تتمعن فيما كتبته في هذه الصفحة، والمسألة ليست مزاجية حتى يكون لي ميلٌ أو لا بل المسألة شرعية فإن كنت تعتقد بأن السيد الخامنئي هو الولي الفقيه فعليك الإلتزام بأمره، أما إذا لم يثبت ذلك فلا سبيل للإلتزام برأيه.

1- أما قولك أن القوم لا يجدون عليه دليلاً ناصعاً فإنني سأختصر إليك الأدلة:

أ – الجزع، فهو مستثنى في الإمام الحسين علیه السلام ، كما في الرواية الصحيحة، وهذا من مصاديق الجزع فهو مشمول بالإستحباب حتى يثبت تحريمه .

ب - عنوان المواساة لأهل البيت علیهم السلام ، كما قال به السيد الخوئي.

ص: 420

ج - عنوان إحياء أمر المذهب، والتطبير من محققات ذلك . لا على نحو الإنحصار بل على نحو أحد المصاديق، كما يظهر من كلمات بعض الفقهاء .

ومن ثم قولك إن أفضل قول في التطبير هو عدم الحرمة غير تام . على أن تخلية بعض غرف المستشفى للمتطبرين ليس عنواناً يوجب تغيير الحكم، فهذه إجراءات وقائية . وبصراحة كل من رأيته ممن يتطبر كان يقوم كأنما نشط من عقال بعد التطبير .

2 - إن ما تعتبره بشعاً يراه غيرك مواساةً وعشقاً . فما هو المقياس فيتقدم نظرتك على نظرة غيرك ؟

3 - كلامك في هذه النقطة وجيه جداً، ومن المعلوم أنه لم يرد نص من أحد الأئمة بأن أحيوا الشعائر الحسينية، أو أن البكاء واللطم من الشعائر، بل البحث في هذه المسألة يعود إلى مسألة فقهية وهي وجوب تعظيم شعائر الله، ومستند الفقهاء في هذه المسألة هو قوله تعالى: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . وقد رتبوا آثاراً عديدة على المسألة، منها حرمة بيع كتب الحديث على الكفار، وحرمة دخول الضرائح المقدسة من غير طهر .

ومن يبني على المسألة يقول أن الشعائر جمع الشعار وهو العلامة، وأن المراد من الشعائر هو المعالم التي ندب الله إليها وأمر القيام بها - ومنه سمي المشعر الحرام لأنه معلم للعبادة - وكل ما جعل علماً لطاعة الله يعتبر من شعائر الله. ويقول الطبرسي في هذا المجال: ومن يعظم شعائر الله: أي معالم دين الله، والأعلام التي نصبها لطاعته . (مجمع البيان: 7 / 133) .

إذن كل ما يصير علماً لطاعة الله فهو مندرج في الشعائر، ومن المعلوم أن الإمام الحسين علیه السلام الذي فدى نفسه لدين الله من أظهر معالم دين الله ومن ثم

ص: 421

فإن سر اختصاص الشعائر الحسينية بهذا الإسم باعتبارها أحد تلك المعالم البارزة لشعائر الله، وإلا فإنه لم يرد نص في مثل هذه التسمية كما أسلفت . وهذا يعني أن الشعائر الحسينية هي من شعائر الله لا أن شعائر الله مخصوصة بها، وأحب أن أدعم كلامي باستفتاءات موجهة للسيد الخوئي:

سؤال: تقام في ذكرى الأربعين من كل عام مواكب العزاء، وتصور مشاهد ذلك اليوم من الخيام والخنادق وما شابه، ويصادف أن تقف النساء لمشاهدة الموقف، ومن هنا قال بعض الناس لما كانت هذه الأعمال تسبب موقف النساء إلى جنب الرجال وما قد يسببه هذا من أمور لاترضي الله سبحانه، فإنه يجب ترك هذا العمل، فما تقولون ؟

الجواب: لا يجب ترك العمل المزبور ولا بأس به في نفسه بل هو من شعائر المذهب، ولكن اللازم أن يسد طريق الفساد ويمنع منه، والله العالم .

(المسائل الشرعية: 2 /335 سؤال 2 من مسائل حول العزاء الحسيني) .

سؤال: هل يجوز البناء على القبور أو رفعها عن الأرض بمقدار شبر أو أكثر، وما هي الأدلة التي تؤيد ذلك ؟

الجواب: نعم يجوز البناء على القبور ولاسيما قبور العلماء والأولياء والصالحين لأن هذا من تعظيم الشعائر المشمول في الآية الكريمة: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب . (صراط النجاة 2/439 السؤال 1378).

سؤال: في العروة الوثقى في أحكام الدفن توجد مسألة تقول: لا يجوز اللطم على الصدر عند موت الميت، ولم تعلقوا عليها، فهل رأيكم الحرمة وفاقاً لصاحب العروة ؟ وعلى هذا يحرم اللطم على الصدور لأجل العلماء وغيرهم، سواءً كان على بشرة الصدر مباشرة، أو من وراء الثوب، أم لا ترون ذلك ؟

ص: 422

الجواب: ما ذكر حرمته في مورد السؤال إنما هي عند إظهار الجزع من الحادث، أما موارد إظهار شعار ديني فليس مورداً لها . (صراط النجاة 1 / 444السؤال 1230) وراجع ما كتبه الأخوة الأعزاء فرات ورضا في الوصلة التالية:

http://www.hajr.org/hajr-html/Forum1/HTML/001650.html

4 - ومن مساوئ أن يعمل الإنسان جندياً في الجيش أو قصاباً، أنه إذا صرع فإنه سيقتل كل من حوله ؟ فهل سيكون القاتل مجاهداً والمقتول شهيداً ؟ هل يمكن أن نصدر حكماً شرعياً بالمنع لاحتمال أن أحدهم يصرع؟! لقد رأيت العديد من المطبرين فلم أشهد حتى مرة واحدة أن أحدهم صرع، فهل سنصدر حكماً عاماً على التطبير لأنك رأيت في صغرك من صرع فأخذ يهبش من حوله ؟! ثم هل سمعت من قتل حتى الساعة في مواكب التطبير ؟ وهذه النبطية بين أيدينا كل عام، ووسائل الإعلام تركز عليها، ولم نسمع بمن صرع كمالم نسمع بمن قتل ؟!

5- قلت: ثم إذا كان التطبير وجرح النفس التنكيل المحرم مواساةً في سبيل الحسين وأنصار الحسين علیه السلام ، فلماذا لا نقتل أنفسنا في جبهات الكفر والضلالة، كما قتل نفسه الحسين علیه السلام .

التعليق .. أولاً: من قال أن مطلق جرح النفس محرم ؟ هل استفيت مرجعك في هذا ؟ وثانياً: من قال إنه لايمكن أن تلتزم بالأمرين وتجمع بينهما؟ ألا تعلم أن هذه الإشكالية تأتي على اللطم أيضاً، فنقول بدلاً من أن تلطم على صدرك فلم لا تجعلها لطمة في وجه عدو الله ؟ وبدلاً من أن تذرف الدمع على الإمام الحسين، فلم لا تنهى عن المنكر وتطلب من هذه المرأة أن تصحح من وضع حجابها !! أنظر كيف تمت المقابلة بين البكاء على الإمام الحسين علیه السلام والنهي عن المنكر !!

ص: 423

وثالثاً: عدم قيام البعض بالتزام المطلوب الشرعي في مواطن أخرى، لايعني تأثر ما هو حسن وراجح بذلك الترك، فهل يصح أن تعترض على من يتبرع بدمه ولا يصلي أن تقول له: لاتتبرع بدمك لأنك لاتصلي؟ أو تقول له: لِمَ تلبس السواد على الإمام الحسين علیه السلام وأنت تنظر نظرة محرمة ؟

فهل حسن التبرع بالدم وحسن لبس السواد يتأثر بسبب الإهمال في واجبات أخرى ؟! أليس من الصحيح ان يقال بالإضافة إلى التبرع بالدم ولبس السواد عليك بالصلاة، وترك النظرة الحرام ؟! وهنا الصحيح أن نقول لمن يتطبر ولا يجاهد: كما أنك تواسي الإمام الحسين علیه السلام بدمك، فعليك أيضاً أن تنصره بالقتال في وجه الكفر والضلال . لا أن نقول له: أنصر الحسين علیه السلام بقتال الكفار، واترك مواساة الإمام الحسين علیه السلام فلا تتطبر .

6 - لم أقل أخي العزيز: إن العزاء وغيره بدأ من الصفر حتى تعترض علي بالقول: فهذا سبق لسان وثقة بالنفس ربما تكون خارجة عن حدودها... فلم أتعرض لمطلق العزاء بل مثلت لخصوص لبس السواد، فأرجو الدقة في الكلام .

وأما قولك أن أهل البيت لبسوا السواد ولم يطبروا، فلي أن أسألك: إن أهل البيت لبسوا السواد ولكنهم لم يبنوا الحسينيات ؟ فهل صار بناؤها غير محبب ؟ وإنهم لبسوا السواد ولكنهم لم يضربوا بالسلاسل على ظهورهم، علماً بأن السيد الخامنئي لايحرمه، فهل يجعله ذلك حراماً ؟ ألا يكفي أن ينطبق عنوان تعظيم الشعائر عليها ؟

- وكتب العاملي بتاريخ 26-4-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

الأخ أمين .. كل ما أردناه هنا تصحيح النظرة لموكب لبس الأكفان وجرح الرؤوس حزناً على الإمام الحسين علیه السلام يوم عاشوراء.. وهدفنا أن يكون للمكلف

ص: 424

الشيعي حرية التعبير حسب فتوى مرجعه وقوانين بلده، وهذا هو المطبق في إيران ! ولكن بعضهم يريد أن يكون (مخلصاً) لولاية الفقيه في بلده أكثر من تطبيق ولاية الفقيه لهذا الموضوع في بلدها، فتراه يشن حملة على من يعتقد بجواز ذلك أو يفعله ويكاد يكفره، فيسئ بذلك إلى السيد القائد !!

والأمر الثاني . . تفنيد التصور الغربي اليهودي للتطبير، بأنه همجية وتخلف ودموية . . الخ . وقد أثر تضليلهم على أذهان البعض فراح يردده !

وجوابنا لهم: لا تغتروا بتضليلهم، واتركوا الأمر للمرجع الذي يقلده الشيعة في كل بلد.. فقد يرى المرجع رجحان التطبير في البلد الذي يعيش مقاومة لعدو مثل لبنان، فإن موكب لابسي الأكفان المخضبة بدماء الرؤوس الحاملين للسيوف يوم عاشوراء . . قد انحفر في عمق الذاكرة اليهودية، وما زال يهز جنودهم في دباباتهم، وطياريهم في طياراتهم ..

فدعوا تحريماتكم للمراجع، وصححوا تصوراتكم للواقع .

- وكتب زهير البحراني بتاريخ 28-4-2000، الحادية عشرة صباحاً:

الأخوة الأعزاء جميعاً، السلام عليكم .. إسمحو لي بهذه المداخلة البسيطة:

أحد الأخوة المتابعين لحواركم الشيق .. أرسل إستفساراً حول هذا الموضوع قبل أيام قليلة إلى مكتب السيد السيستاني حفظه الله.. وتلقى الجواب عليه . وأنا هنا أنقله لكم لعله يفيد بحثكم.. مع خالص دعائي لكم جميعاً:

إلى سماحة الامام السيد السيستاني دام ظله . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ماحكم التطبير في الوقت الراهن؟ وما هو رأي سماحتكم حول حكم الحاكم الشرعي في المسألة؟ هل تعتبر نافذة أم يرجع كل مقلد إلى رأي وفتوى

ص: 425

مرجعه فيها. نرجو التفضل بالإجابة على أسئلتنا، ودمتم ذخراً للإسلام والمسلمين . Original Message From: To:

Sent: Subject: Question from

الجواب: بسمه تعالى .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

ج س 1: الشعائر الحسينية إقامتها من المستحبات، ما لم يكن فيها ضرر على البدن والدين .ج س 2: يرجع إلى مقلده . والسلام عليكم .

من فتاوى المراجع أيضاً في جواز شج الرأس حزناً يوم عاشوراء

- كتب (الموسوي) في شبكة هجر في 18-4-2000، الثالثة ظهراً، موضوعاً بعنوان (من الآراء المؤيدة للتطبير . .)، قال فيه:

لا أهدف في هذا العرض الإستناد الفقهي للقارئ، فمن الطبيعي أن كل شخص يتبع رأي مرجعه ومقلده، وهو غير ملزم، بل لايجوز له العدول عن رأي الأعلم إلى غيره في العمل بالمسائل الفقهية .

ولكنني أهدف أن يطلع أخي القارئ على الرأي الآخر الذي ظل محجوباً عن الأسماع وضائعاً في زوبعة الإعلام المخالف للتطبير، حتى أن البعض أخذ يسأل هل هناك رأي فقهي يقول بجواز أو رجحان التطبير ؟! وهذه قائمة بأسماء كبار الفقهاء والعلماء .. ولاحظوا مستواهم العلمي مقارنة بمن خالف التطبير ! مع احترامنا لكل الفقهاء:

1 - فتوى أستاذ الفقهاء آية الله العظمى النائيني قدس سره:

(لا إشكال في جواز اللطم بالأيدي على الخدود والصدور حد الإحمرار والإسوداد، بل يقوى جواز الضرب بالسلاسل أيضاً على الأكتاف والظهور إلى

ص: 426

الحد المذكور، بل وإن تأدى كل من اللطم والضرب إلى خروج دم يسير على الأقوى . وأما إخراج الدم من الناصية بالسيوف والقامات فالأقوى جواز ما كان ضرره مأموناً، وكان من مجرد إخراج الدم من الناصية بلا صدمة على عظمها ولا يتعقب عادة بخروج ما يضر خروجه من الدم ونحو ذلك، كما يعرفه المتدربون العارفون بكيفية الضرب) .

وهذه هي الفتوى التي جاء الإمضاء من الفقهاء التالية أسماؤهم عليها.

وللشيخ النائيني جواب مختصر عن سؤال آخر في نفس الموضوع وهو: (لم يكن لدينا دليل قوي على حرمة ما تداول من المرسوم في المواكب الحسينية حتى التطبير، مالم يؤد إلى إتلاف النفس وشبه ذلك).

وهذه هي الفتوى التي جاء الإمضاء من الفقهاء التالية أسماؤهم عليها.

ولديه جواب عن سؤال آخر، وهذا هو نص الجواب: (لم يكن لدينا دليل قوي على حرمة ما تداول من المرسوم في المواكب الحسينية حتى التطبير، ما لم يؤد إلى إتلاف النفس وشبه ذلك، مما هو عليه دأب العارفين بمسائل التطبير وعليه فالأقوى جواز كل ذلك، بل رجحانه في طريق التعزية على سيد الشهداء أرواحنا له الفداء . كيف لا يكون كذلك وقد انحصر السبيل إلى إعلاء كلمة الحق وإبقاء المذهب الشيعي في الماضي والحاضر بل وفي المستقبل أيضاً بإقامة الشعائر الحسينية، حيث لو لم تكن لذهبت دماء الشهداء أدراج الرياح، ولما بقي لثورة الإمام الحسين علیه السلام خبر يذكر عند الناس .

عروض عنوان ثانوي يقتضي حرمة شئ من تلك الأعمال الجليلة، مثل كونه موجباً للضرر بتلف النفس، أو الوقوع في مرض مزمن. أما الألم الذي يزول بسرعة فلا يوجب الحرمة . وقال: من ذا يشك ويرتاب في رجحان مواساة أهل

ص: 427

بيت الرحمة وسفن النجاة والتأسي بهم في الأفراح والأتراح والضراء، أو من ذا يشك أن أهل البيت سلام الله عليهم قد لطموا في فاجعة الطف وجوههم ولدموا صدورهم، وقرح البكاء خدودهم وعيونهم، وفي زيارة الناحية المقدسة: فبرزن من الخدور ناشرات الشعور، لاطمات الخدود، سافرات الوجوه . ولا تقل أن هذا مخصوص بيوم الطف وما قاربه، فقد روى الصدوق رضوان الله عليه أن دعبل لما أنشد الرضا علیه السلام تائيته المشهورة التي فيها: إذا للطمت الخد فاطم عنده .. لطمت النساء وعلا الصراخ من وراء الستر، وبكى الرضا في إنشاد القصيدة حتى أغمي عليه مرتين !

فإذا جاز للرضا علیه السلام أن يتعرض لسبب الإغماء الذي هو أخ الموت، فلماذا لايجوز لشيعته ضرب الرؤوس والظهور ولدم الصدور وأمثالها مما هو دون الإغماء بكثير).

7 - رأي آية الله العظمى الشيخ محمد كاظم الشيرازي قدس سره : ما أفتى به أعلى الله مقامه صحيح.

8 - رأي آية الله العظمى السيد جمال الكلبايكاني قدس سره: ما حرره شيخنا الأستاذ أعلى الله مقامه في هذه الورقة صحيح ومطابق لرأيي .

9 - رأي آية الله الشيخ محمد حسن المظفر قدس سره :

ما أفاد قدس الله سره صحيح لا إشكال فيه، والله الموفق .

10 - رأي آية الله العظمى السيد كاظم المرعشي حفظه الله:

ما أفتى به سماحة الأستاذ المحقق المرحوم آية الله العظمى النائيني قدس سره الشريف في رجحان وجواز إقامة عزاء أبي عبد الله الحسين علیه السلام بصورها المختلفة، في أعلى مراتب الصحة، ولايشوبه شك ولا ترديد، إلا من أعداء

ص: 428

الدين وإغواء الشياطين، وعلى محبي أهل البيت ومواليهم وشيعتهم أن لايقعوا عرضة لهذه التسويلات، بل عليهم أن يشتدوا في مقابل ذلك حماساً ونشاطاً في إقامة الشعائر الحسينية. بتاريخ 1 شعبان 1401 ه-

11 - رأي آية الله العظمى السيد مهدي المرعشي حفظه الله: وإن ما أفاده الأستاذ سماحة آية الله العظمى الحاج الميرزا حسين النائيني قدس سره في هذا المجال، إنما هو في الحقيقة نفحةٌ من نفحات الرحمن، فقد صدر من أهله ووقع في محله. وعلى المؤمنين أن يسعوا غاية جهدهم في متابعة ما أفتى به سماحته، وتطبيقه كاملاً بحذافيره دون أي تقصير. بتاريخ 9 شعبان 1401 ه-

12 - رأي آية الله العظمى السيد محمد الشاهرودي حفظه الله:

ما أفتى به سماحة آية الله العظمى أستاذ الفقهاء والمجتهدين المرحوم المحقق النائيني قدس سره ، في غاية المتانة والصحة .

13 – رأي آية الله الشيخ محمد باقر الآشتياني قدس سره:

إن ما أفتى به أستاذ الأساتيذ وشيخ الفقهاء المتأخرين المرحوم آية الله العظمى الميرزا النائيني رضوان الله تعالى عليه، فيما يرتبط بإقامة مجلس عزاء خامس أهل الكساء سيد الشهداء عليه وعلى أهل بيته وأنصاره أفضل الصلاة والسلام وأرواح العالمين لهم الفداء، المؤيدة من قبل كثير من العلماء والمراجع، يلزم العمل بها والجري عليها، فإن مسألة إقامة الشعائر الحسينية كسائر المسائل الشرعية يلزم على غير المجتهد أن يعمل فيها بفتوى المجتهد الجامع للشرائط.

14 - رأي آية الله العظمى الشيخ عبد الكريم الحائري قدس سره ، مؤسس الحوزة العلمية في قم المقدسة:

سؤال: شدخ الإنسان رأسه بالقامات في يوم عاشوراء جائز أم لا؟

ص: 429

الجواب: جائز إذا لم يكن مضراً بالنفس .

وجاء في جواب له آخر عن الشعائر الحسينية: (وأما التطبير فهو إن لم يكن مضراً بحال الإنسان فلا بأس فيه ولا شئ عليه، كما أنه لا ينبغي لأحد المنع منه والصد عنه، فإن جميع أنواع التعزية لأجل محبة الإمام أبي الشهداء أرواحنا له الفداء مشروعة ومستحبة، ما دامت لم تشتمل على ما هو محرم في الشريعة الإسلامية) .

15 - رأي آية الله العظمى الشيخ مرتضى الأنصاري قدس سره في رسالته العملية سرور العباد، المحشاة بحاشية الميرزا الشيرازي الكبير، والمذكور في آخر الصفحة الثانية من المسائل المتفرقة، طبعة مطبعة آقا مهدي تبريزي عام 134 هجرية: (مسألة في إقامة عزاء الإمام الحسين: إذا أورد شخص الجرح بمثل السيف ونحوه على نفسه، ولم يكن مضرا كان ذلك جائزاً).

16 – رأي آية الله العظمى الميرزا محمد حسن الشيرازي الكبير قدس سره: قال آية الله الشيخ حسن المظفر في كتابه نصرة المظلوم ص85: (وقد سألت كثيراً ممن كانوا يقطنون سامراء في أيامه فكان أقلهم مبالغة في تعظيمه لشأن المواكب والشبيه شيخنا المتقن المتفنن الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي، وعنه أنقل ما يلي: كان الشبيه يترتب يوم العاشر في دار الميرزا قدس سره ثم يخرج للملأ مرتباً، وكذلك موكب السيوف، كان أهله يضربون رؤوسهم في داره ثم يخرجون وكانت أثمان أكفانهم تؤخذ منه .

17 - رأي آية الله العظمى الشيخ محمد علي الأراكي قدس سره : إذا لم يكن في التطبير ضرر جسمي ونفسي، فلا إشكال فيه.

18 - رأي آية الله السيد محمد جواد الطباطبائي التبريزي قدس سره :

ص: 430

يظهر من تكرر هذه الأسئلة بين آونة وأخرى، أن زمرة من أعداء الإسلام يرون عظم تأثير هذه المواكب والمآتم المشتملة على إظهار الأسى بشتى الأساليب ومختلف الأشكال، في حفظ كيان الإسلام فيقعدون في المرصد ويفكرون في القضاء على هذه الدعاية الدينية، وإخماد هذه الشعائر الحسينية، بخلق إشكالات تافهة واهية، لا نصيب لها من الحقيقة، ولا حظ لها من الواقع. وقد سألوا من قبلنا مشايخنا العظام ومراجع المسلمين فأجابوهم بفتاواهم الصريحة بجواز هذه الأمور، وقد طبعت ونشرت مرات عديدة، وأنها من الشعائر التي ينبغي أن تعظم، وأنا أؤيدهم وأوافقهم .

19 - رأي آية الله العظمى السيد مرتضى الفيروزآبادي قدس سره :

وأما التطبير فإذا لم يكن بحد الضرر أو خوف الضرر فلا بأس به، وفعل زينب بنت علي علیه السلام من نطح جبينها بمقدم المحمل حتى جرى الدم معروف مشهور لاينكر، مضافاً إلى أن التطبير على الشرط المذكور لا دليل على حرمته، ولو شك فالأصل حليته، وتوهم أن ذلك من الإلقاء في التهلكة المحرم فعله فاسد جداً، بعد أن فرض كونه دون حد الضرر أو خوف الضرر بل لو اقتصر على مجرد الإدماء بمقدار يخضب به الرأس والوجه كالتدهين لا أكثر، فلا يبعد رجحانه لما فيه من نحو مواساة وعزاء، ومن ناقش في جوازه حتى بهذا المقدار فهو من أهل الغرض والمرض، فزادهم الله مرضاً .

20 - رأي آية الله العظمى السيد محمد صادق الروحاني حفظه الله:

إن الضرب بالسيوف أو القامات أو الخناجر على الرؤوس، وإخراج الدم إن لم يوجب هلاك النفس، ولا شل قوة من قواها، فجائز وراجح، وهو من الشعائر الحسينية التي أمرنا بتعظيمها .

ص: 431

21 - رأي آية الله العظمى السيد تقي الطباطبائي القمي حفظه الله:

لا يخفى على أهل الولاء والإيمان بأن إقامة العزاء على الإمام الحسين خامس أصحاب الكساء علیه السلام ، وسائر المعصومين علیهم السلام ، بكل أشكاله من تشييد المنبر الحسيني وقصائد الرثاء والنياحة والضرب على الرؤوس والصدور، وتأسيس الهيئات الحسينية وتسيير مواكب اللطم، وضرب السلاسل بل ومواكب التطبير وشدخ الرؤوس بالقامات على ما هو معروف ومتداول اليوم في الشوارع والأسواق، ليس جائزاً فحسب بل راجحاً ومن الشعائر الدينية والنبوية، بل وفي مثل هذه الظروف واجباً كفائياً في الجملة .

22 - رأي آية الله العظمى الشيخ الميرزا جواد التبريزي حفظه الله:

إذا لم يكن التطبير في عزاء سيد الشهداء علیه السلام موجباً لا حتمال الخطر على النفس أو نقص أو شلل العضو، فلا مانع منه . والله العالم.

وهناك آراء لمجموعة من المراجع والفقهاء، لا أذكر نص كلامهم اختصاراً وأشير إلى أسمائهم فقط: آية الله العظمى السيد عبد الله الشيرازي قدس سره آية الله العظمى السيد علي الفاني قدس رسه . آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري قدس سره . (المصدر: فتاوى علماء الدين حول الشعائر الحسينية ص22 25 –29، 31 –33، 35، 57، 58، 73، 79، 96، 108، 110، 118، 126، 133، 134، 140، 143، 145، 182، 187).

23 - رأي آية الله العظمى السيد الكلبايكاني قدس سره ..جاء في سؤال موجه إلى سماحته: ما هو حكم التطبير الذي يفعله بعض الناس أيام عاشوراء؟

الجواب: بسمه تعالى: يجوز إذا لم يكن معرضا لضرر لايتحمل عرفاً، والله العالم. (إرشاد السائل ص184 السؤال 672) .

ص: 432

24 - رأي آية الله العظمى السيد الخوئي قدس سره :

السؤال 8: هل في إدماء الرأس (التطبير) على ماهو المعهود المعروف في بعض مظاهر إظهار الحزن وإشادة العزاء على روح إمامنا المفدى أبي عبد الله الحسين علیه السلام ، مع فرض أمن الضرر ثمة إشكال ترونه ؟

الجواب: لا إشكال في ذلك في مفروض السؤال في نفسه، والله العالم.

السؤال 9: تفضلتم سيدنا بنفي الإشكال عن إدماء الرأس (التطبير) إذا لم يلزم منه ضرر، فقيل إنه لا يثبت أكثر من الإباحة، وعليه فهل إدماء الرأس مستحب لو نوى بذلك تعظيم الشعائر ومواساة أهل البيت علیهم السلام ؟

الجواب: لم يرد نص بشعاريته، فلا طريق الى الحكم باستحبابه، ولا يبعد أن يثيبه الله تعالى على نية المواساة مع أهل البيت الطاهرين إذا خلصت النية . (المسائل الشرعية 2/337) .

وبالإضافة إلى من ذكرناهم جاء في كتاب: هكذا عرفتهم، لجعفر الخليلي، وهو من المؤيدين لدعوة السيد محسن الأمين في تحريم التطبير، أسماء مجموعة من العلماء المؤيدين لفتوى التطبير ضمن مقاطع مختلفة من كتابه، ومنها ما ورد في الجزء الثاني ص20، قال: (واتسعت حركة الاختلاف وطافت بجميع المدن وكان المتصدي أو حامل علم الاستنكار وتحريم مثل هذه الطقوس وشجبها هو المجتهد المصلح السيد محسن الأمين، يعارضه من الجانب الآخر العالمان الشهيران السيد عبد الحسين شرف الدين والشيخ عبد الحسين الصادق اللذان كانا يشجبان الدعوة إلى تحريم هذه الطقوس . وكان آل مظفر من أبرز الواجهات التي ناهضت حركة الإصلاح، وقد غذى الشيخ محمد حسين المظفر فكرة مناهضة للإصلاح بكل ما استطاع من عمل ومن كتابة، حتى لقد صار

ص: 433

محور تلك الحركة، وحتى لقد قيل بأن آل مظفر هم الذين استخرجوا فتوى الزعيم الروحاني الكبير الميرزا حسين النائيني باستحباب هذه الطقوس والحث على إقامتها إحياء لذكرى أبي عبد الله الحسين، وكان الشيخ محمد رضا المظفر واحداً من أولئك الداعين إلى التمسك بهذه الطقوس) .

وجاء في الجزء الأول ص207: (وكان المجتهد الشيخ عبد الحسين الصادق في النبطية، والسيد عبدالحسين شرف الدين في صور ممن خالف دعوة السيد محسن الأمين) . واعترف في عدة مواضع من كتابه على أن الأكثرية المطلقة من العلماء في النجف، بل الأكثرية في جميع الأصقاع الشيعية آنذاك كانوا من المؤيدين للتطبير . فراجع 1/388، 2/21 .

وكذلك ألف شخصان من كبار العلماء كتباً في تشييد فتوى التطبير، وهما آية الله الشيخ حسن المظفر مؤلف كتاب (نصرة المظلوم) في الرد على أحد علماء البصرة، وآية الله الشيخ عبد الحسين الحلي مؤلف كتاب (الشعائر الحسينية في الميزان الفقهي)، أو النقد النزيه لرسالة التنزيه في الرد على السيد محسن الأمين .. وجاء في كتاب نصرة المظلوم للشيخ حسن المظفر اسم آية الله الشيخ محمد طه نجف، وآية الله السيد محمد آل بحر العلوم الطباطبائي، ضمن المؤيدين للتطبي ر، ففي الصفحة 86 من الكتاب: (وإن بعد عليك عهد الشيخ الأنصاري والسيد الشيرازي، فهذا بالأمس الأفقه الأورع الشيخ محمد طه نجف قدس سره ، يرى في النجف بل العراق جميع الأعمال المشار إليها، وهو أقدر على المنع فلا يمنع، إن المواكب جميعاً حتى موكب القامات تدخل إلى داره، وهي بتلك الهيئات المنكرة - أي الرهيبة - وهو لايحرك شفته بحرف من المنع، بيد أنه يلطم معهم ويبكي وهو واقف مكانه ....وكذا العلامة المتقن المتبحر السيد

ص: 434

محمد آل بحر العلوم الطباطبائي، تقع في داره أعظم وأفخم مآتم النجف، ويحضره جميع أهل العلم، ويقع فيه التمثيل الذي يقع في دار الشيخ وزيادة . هذا غير كون الدار المذكورة موئلاً لجميع المواكب، وبها تضرب أرباب السيوف رؤوسها من لدن أيام السيد علي بحر العلوم أو قبله حتى اليوم، ومنها تخرج إلى الشوارع والبيوت والجواد العمومية، وإليها تعود بلا إنكار ولا استيحاش) .

- وكتب المدعو (أرنوبة) بتاريخ 18-4-2000، الخامسة عصراً:

صار موضوع التطبير مسألة حياة أو موت بالنسبة للبعض ؟ ثم أنت ماجئت بشي جديد بالمرة.. وأكثر الآراء الفقهية التي ذكرتها ترجع إلى مراجع إنتقلوا إلى بارئهم . . وآرائهم ليست من النوع الغير قابل للنسخ من قبل المراجع المعاصرين حفظهم الله . .

شغلة ثانية .. التطوير سنة الحياة، وما يصلح لزمان معين ليس بالضرورة أن يكون صالحاً للأزمنة اللاحقة، وإلا لما وضفت التكنولوجيا الحديثة كالأقمار الصناعية والكمبيوتر والإنترنت لخدمة قضية الحسين، والبقاء على ديمومتها التي شاء الله لها أن تدوم . كل شي قابل للتطوير، اللطميات تطورت . . نوعية المجالس الحسينية تطورت . . الحسنيات نفسها تطورت . . بعض العادات والشوائب ألغيت، أو هي في طريقها للإلغاء، وهكذا . والأهم . . . عشرة محرم وانتهت . .

الأخ الموسوي . . أكتب لنا موضوع ينفعك وينفعنا ويزيد من حسناتك . .

- فكتب (الموسوي) بتاريخ 25-4-2000، العاشرة والنصف ليلاً:

ص: 435

ليست القضية حياة أو موت، بل نحن في حوار حول مسألة استخدم البعض قوته لفرض رأيه، ووصف البعض الآخر المطبرين بالنعاج والمتخلفين!! مع أنهم عشاق للحسين علیه السلام ، وقد عملوا بفتوى كبار المراجع .

إن المسألة يا أخي هي في التقيد بالحدود والأحكام الشرعية، والإنطلاق في تبني أي رأي من الأدلة والإثباتات، وهي أيضاً عنوان لمدرستين، فقد صار التطبير يمثل الإنعكاس الصادق لتوجه مدرستين، مدرسة تعتمد على المنهج التشكيكي، وتتبنى المنهج الحسي والإستحساني في التعامل مع الروايات وتعتبر التطبير واحدة من الخرافات وتصبو لحذف المزيد.. ومدرسة أخرى تنتهج التعبد بمضامين الروايات، وعدم رد ما لم يعلم بطلانه، وتوكل أمر فهم الروايات إلى كبار العلماء، وليس لأدعياء العلم وكل من هب ودب، ولا ترى في التطبير إلا ممارسة وتعبيراً لعواطف صادقة نحو أهل البيت علیهم السلام ، ولا ترى أي محذور شرعي فيه، لأنه مستند لأدلة شرعية (أصالة الإباحة على القول بالجواز، والرجحان على القول بالمواساة والجزع) وأن الخرافة هي في نسبة ما ليس من الدين إليه، لا ممارسة تنطبق عليها عناوين شرعية عامة، وإلا فإن الضرب بالسلاسل سيدرج ضمن الخرافة أيضاً !

على أن كون التطبير قد انتهى في اليوم العاشر لايعني أن الحوار حوله سينتهي يوم العاشر من المحرم أيضاً ! ففي المنتدى تتم مناقشة مسائل قد مضى عليها سنوات، بل قرون، فلماذا لايكون التطبير منها ؟ وقد سمعت من بعض الملمين في شؤون التطبير أن هناك مراسم أخرى للتطبير يقوم بها البعض يوم العشرين من صفر (الأربعين) أيضاً، فبناء على هذا لا مانع من المناقشة في موضوع التطبير بين التطبيرين !

ص: 436

أخي الكريم .. لقد كان عنوان الموضوع هو: من الآراء المؤيدة للتطبير. وليس كل الآراء المؤيدة للتطبير. ولقد ذكرت لك ضمن القائمة خمسة من المراجع الأحياء، وهم الميرزا جواد التبريزي، والسيد محمد الشاهرودي، والسيد مهدي المرعشي، والسيد تقي الطباطبائي القمي، والسيد محمد صادق الروحاني ... ولو أردت المزيد لزدناك ! ولكن بالله عليك هل سمعت عن تلك الآراء لتقول: بعدين أنت ما جبت شي جديد بالمرة ! ثم هل كنت تعرف رأي العلماء الماضين رضوان الله عليهم في هذا الموضوع ؟ فهل كنت تعرف رأي السيد عبد الحسين شرف الدين أو الشيخ الأنصاري أو الميرزا الشيرازي الكبير ؟ بل هل سمعت بأسماء جميع العلماء الذين أدرجتهم ضمن القائمة الطويلة .

ثم، لقد سمعت عن نسخ الأحكام الشرعية فيما يتداوله العلماء في بحث الناسخ والمنسوخ في علوم القرآن، ولكنني لم أسمع عن فتوى تنسخ فتوى ! فهلا تفضلت أخي الفاضل وشرحت مقصودك !

ويا أخي أنا لا أفرض رأيي عليك، بل أبين وجهة نظري، ولا أدري من أين استفدت إرادة فرض الرأي؟ وما نحن في صدد تناوله الآن هو بيان كل طرف وجهة نظره إن لم يكن ملتزماً برأي المراجع ويتكلم من جيبه!! أو يحكي وجهة نظر مقلده إن كان ملتزماً بالعمل برأيه، سواء كان قائلاً بجواز التطبير أو منعه، وهذا ما يحصل في هذه الواحة .

أما بخصوص التطوير فمن طبيعة التكنلوجيا والعلم أن تكون له اكتشافات وبعض ذلك قد يستفاد منه في العزاء كسماعات الصوت، ولكن العادات وخصوصاً الإسلامية منها تأخذ طابعاً ثابتاً، ولا يمكن مقارنتها بالآلات الجامدة، فهل تحولت عادة احترام الغير بالجلوس قباله إلى عادة إعطاء ظهرك له؟ وهل

ص: 437

إذا أردت أن تظهر محبتك لابنك تقوم بتقبيله أم أنك تصفعه على وجهه؟ ومن الجائز أن تطور المجلس فبدلاً من الاكتفاء بأبيات شعر في رثاء الحسين كما كان في عهد الأئمة علیهم السلام ، تضم إليه موعظة وخطبة، ولكن هذا لا يمكن أن يلغي جوهر المجلس الحسيني القائم على الرثاء، ولو تحول إلى مجرد محاضرة، فلن يسمى مجلساً حسينياً لفقدان عنصر الرثاء والحزن . . وهكذا في بقية أنواع الشعائر من اللطم وغيره مهما حدث فيها من تغيير كأن يكون اللطم بشكل دائري أو على طريقة الضربتين أو الضربة الواحدة (المعروف بواحد) فإن اللطم حافظ على عنوانه ولم يتغير إلى انبطاح على الظهر مثلاً !! وما يصدر من الداعين إلى تهذيب الشعائر، هو إلغاء معظم أنماط الشعائر، فقد رفضوا التطبير ثم الضرب بالسلاسل، وكذلك اللطم الشديد، وطالبوا بالضرب الهادئ، ومع أنهم لا يحبذون التشبيه، تراهم يدعون لإدخال عاشوراء إلى المسرح والسينما !! ولا تفهم أنني ضد إدخال عاشوراء في المسرح أو السينما، إذا استوفت الشروط التي حددها الفقهاء، ولكنني أستغرب من قوم يطعنون في الشبيه مثلاً، لأن من قام بدور شهداء كربلاء شخص قد عرف عنه ارتكاب بعض الذنوب، وهم لايعترضون قيام كبار الممثلين من المداومين على الذنوب والمعروفين بتمثيل أدوار مشينة!! بتمثيل دور شخصيات كربلاء !! إن الذي يربط أي قضية بالشعائر الحسينية، هو مدى تعبيرها عن مشاعر الحزن والمواساة لأهل البيت علیه السلام في عزائهم، وبالتالي لا يمكن أن تعتبر التبرع بالدم من الشعائر الحسينية مهما تطورت التكنلوحيا واستطعت أن تصل إلى المريخ في رحلة سياحية خلال ربع ساعة! لأن التبرع بالدم وإن كان عملاً مرضياً وحسناً، لكنه لايكتنز في داخله التعبير عن الحزن والتسلية للمعزى، بل يتضمن مساعدة الغير والإحسان إليه .

ص: 438

- وكتب (الفكر) بتاريخ 25-4-2000، الحادية عشرة ليلاً:

حفظك الله يا موسوي ونصرك، لقد أثلجت الفؤاد، وسررنا بكتاباتك العظيمة.. وشكراً لك من الأعماق .

مناقشة للموسوي مع الأنصاري وفادي ...

- كتب (جابر الأنصاري) في الموسوعة الشيعية عدة موضوعات ضد التطبير، وناقشه الموسوي وآخرون، وأيده فادي وآخرون، نقتصر على خلاصة هذا الموضوع، في17-4-2000، الثانية صباحاً، قال الأنصاري:

إن مسألة التطبير عند الشيعة مسألة حساسة وهي في غاية الأهمية، حيث أنها تثير تساؤلات عدة من قبل أبناء المذاهب الأخرى وحتى بعض أبناء المذهب الشيعي. من بين التساؤلات التي تطرح هي: ما السبب الذي يدفع البعض إلى التطبير؟ وكيف انتشر هذا التطبير على نطاق واسع ؟

إن الظروف السياسية هي التي دفعت الشيعة إلى مثل هذه الممارسات . فعلى سبيل المثال ما حدث إبان الطغمة الشيوعية والبعثية في العراق، عندما نشطت للعمل على تذويب العقيدة الاسلامية عن فكر الجماهير، فبدأت كخطوة أولى بمحاربة المظاهر العاطفية للشعائر الحسينية كالمواكب المهيبة المتجهة من النجف الأشرف والمناطق الأخرى إلى كربلاء، وكذلك احتفالات التطبير وضرب الصدور والهامات، فكانت كل هذه المظاهر تمثل وقوداً إضافياً لاستمرار جذوة الحماس العاطفي عند الناس، فيشتد الإرتباط بالعقيدة الإسلامية التي من أجلها ضحى الإمام الحسين علیه السلام بنفسه وأهله وصحبه، فكانت تمثل

ص: 439

خط الدفاع الأول ضد الهجمة الشرسة على أبناء الإسلام . أما لو نظرنا إلى أصل التطبير وحكمه، فانه لن نستطيع أن نأتي برواية واحدة تدل على استحباب التطبير، بل على العكس هناك روايات تثبت عدم جواز التطبير كالمروية عن الإمام الحسين علیه السلام عندما خاطب أخته الحوراء زينب علیها السلام : لاتلطمي عليَّ خداً ولا تشقي على جيباً. ولا توجد فوائد للتطبير باستثناء ما مضى ذكره، بل على العكس فإن التطبير له عدة مساوئ أهمها أنه يشوه سمعة المسلمين وهذا مبرر مباشر لحرمة التطبير . . . .

- فكتب الموسوي بتاريخ 19-4-2000، الخامسة والنصف عصراً:

الأخ الفاضل الكريم جابر الأنصاري:

1 - تضمن كلامك إقراراً بأهمية الدور الذي لعبه التطبير في مواجهة الحكومات الظالمة، وأنه كبقية الشعائر كان مستهدفاً من قبلها، ولن أزيد على قولك: فكانت كل هذه المظاهر تمثل وقوداً إضافياً لاستمرار جذوة الحماس العاطفي عند الناس فيشتد الإرتباط بالعقيدة الإسلامية التي من أجلها ضحى الإمام الحسين علیه السلام بنفسه وأهله وصحبه فكانت تمثل خط الدفاع الأول ضد الهجمة الشرسة على أبناء الاسلام. ومن ثم فإنني أرى أن قولك: ولا توجد فوائد للتطبير باستثناء ما مضى ذكره.. يعتبر نقطة إيجابية مهمة جداً للتطبير كافيةً للحرص على المحافظة عليه، وهو رد على من يزعمون أن التطبير يتنافى مع الجهاد أو الوقوف في وجه الظلم، إذ لو كان الأمر كما يدعون لما حرصت الحكومات الظالمة في العراق على محو التطبي ر، ولو لم يكن للتطبير ونظائره من الشعائر الحسينية فائدة باستثناء ما مضى ذكره لكفى .

ص: 440

2 - صحيح أنه لاتوجد رواية تثبت استحباب التطبير على نحو الخصوص، ولكن هناك عناوين عامة ينطبق عليها التطبير، والتطبير هو أحد مصاديق وتطبيقات تلك العناوين الراجحة كعنوان المواساة لأهل البيت علیهم السلام ، وعنوان إظهار الجزع الذي جاءت الرواية الصحيحة عن الإمام الصادق علیه السلام ، باستثناء كراهية الجزع عند الجزع الإمام الحسين علیه السلام ، وهذا الإنطباق كاف للحكم بالإستحباب .

كما أن الداعين للتبرع بالدم لايملكون رواية خاصة باستحبابه ورجحانه إلا انطباق عناوين عامة كمساعدة المريض... ولو أردنا لإثبات استحباب كل شئ على نحو الخصوص الإستناد لرواية لتعطلت الكثير من المستحبات كالمساهمة في بناء حسينية، فهل توجد رواية في خصوص استحباب بناء الحسينيات مثلاً ؟!

3 - بخصوص الحديث الوارد عن الإمام الحسين لزينب بنت أمير المؤمنين علیهم السلام ، فنقول إنه لا يخلو إما أن يكون خطاباً وحكماً خاصاً بزينب علیه السلام أو أنه يشمل غيرها أيضاً ؟ فعلى القول الأول فلا علاقة له بغيرها، ومع ذلك فإن هناك ملاحظات على هذا الخبر:

أ - إن أصل هذا الخبر حسب تتبعي هو ما رواه الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد ص 232، وعنه العلامة المجلسي في بحار الأنوار: 45 / 3: وجاء فيه أن الإمام الحسين علیه السلام قال لزينب علیها السلام : (لاتشقي علي جيباً، ولا تخمشي علي وجهاً، ولا تدعي علي بالويل والثبور إذا أنا هلكت) . وهذا الخبر لا تعرض فيه إلى لطم الخد، بل المنهي فيه هو خمش الوجه . ومن الجائز أن يكون النهي مخصصاً بالأمور الثلاثة دون غيرها، وبالتالي لا تنافي رواية ضرب زينب علیها السلام رأسها بمقدم المحمل .

ص: 441

ب - إن إثبات صحة صدور الخبر وبالتالي التكليف الشرعي من الإمام علیه السلام لزينب علیها السلام يحتاج إلى دليل، ولو كان يمكن إثبات صدور النهي لزينب لمجرد كونها رواية لصح لنا في المقابل أن نثبت صدور نطح زينب جبينها بمقدم المحمل بعد العاشر من المحرم لوجود الرواية، إذ لا مرجح لرواية على أخرى، والرواية التي تنهى زينب علیها السلام عن الخمش والشق مرسلة كرواية نطح زينب رأسها، ولا مرجح لأحدهما من هذه الجهة على الأخرى إلا أن رواية النطح تتوافق مع ما ثبت في السند الصحيح عن الإمام الصادق علیه السلام على ما رواه الشيخ الطوسي في الأمالي من جواز الجزع على الإمام الحسين علیه السلام .

ج - ومع كل هذا فليس كل نهي يدل على الحرمة، وكما يوجد النهي التحريمي فهناك النهي التنزيهي أيضاً، مع إمكانية أن يكون طلب عدم شق الجيب من باب الشفقة من الإمام على زينب علیها السلام، أو من باب عدم الوقوع في شماتة الأعداء، ودواعي صيغة (لاتفعل) متعددة كما تعلمون، وكما هو ثابت في اللغة والبلاغة، ومع عدم وجود الدليل على تعيين إحدى المحتملات فلا مجال لإثبات الحرمة التكليفية .

أما على القول الثاني، فهناك ملاحظات أيضا وهي:

أ - كما توجد مثل هذه الرواية فهناك روايات أخرى في مقابلها، منها ما روي في آخر الكفارات من (تهذيب الأحكام) للشيخ الطوسي عن الإمام الصادق علیه السلام : وقد شققن الجيوب ولطمن الخدود الفاطميات على الحسين بن علي علیهما السلام ، وعلى مثله تلطم الوجوه وتشق الجيوب .

ص: 442

وما روي عن الإمام الحجة عجل الله تعالى فرجه الشريف في زيارة الإمام الحسين علیه السلام يوم عاشوراء: فلما رأين النساء جوادك مخزياً … على الخدود لاطمات . (المزار الكبير للشيخ المشهدي تحقيق جواد القيومي ص 54)

ب - لو كانت هناك رواية لم أجدها حتى الآن ولكن بناء على نقلك تقول إن الإمام الحسين علیه السلام قال لزينب علیها السلام : لا تلطمي علي خداً ولا تشقي على جيباً. فإن من اللازم على هذا القول بحرمة لطم الخد، فهل يلتزم أحد من الفقهاء بهذا القول ؟

ج – إن هناك اختلافاً بين الفقهاء في أصل حرمة اللطم والخدش، وفي التنقيح في شرح العروة الوثقى للسيد الخوئي 9/231 يقول تعليقاً على عبارة: لا يجوز اللطم والخدش: وهذا كسابقه وإن ورد النهي عنه في بعض الأخبار، إلا أن الأخبار لضعف أسنادها لا يمكن الإعتماد عليها في الحكم بالحرمة .

وعلى فرض القول بالحرمة فقد استثنيت تلك المحرمات في عزاء الإمام الحسين علیه السلام عند الفقهاء .. يقول السيد الخوئي في نفس المصدر السابق ص 235: (نعم استثنى الأصحاب من حرمة تلك الأمور الاتيان بها في حق الأئمة والحسين بن علي، من لطم الخد وشق الجيب، كما ورد في رواية خالد بن سدير) .

4 - أما مسألة أن التطبير يشوه سمعة الإسلام فأنا أتساءل: هل الضرب بالسلاسل على الظهر يعطي صورةً ناصعةً عن الإسلام للغربيين وأهل السنة؟ طبعاً لا أريد تبني الدعوة إلى نبذ الضرب السلاسل، ولكنني بصدد مناقشة هذا المنظار في تقييم التطبير . . . فلماذا يكون التطبير مشوهاً للسمعة فقط دون

ص: 443

الضرب بالسلاسل؟ ألا يعتبر الغربيون وأهل السنة أن الضرب بالسلاسل نوعٌ من تعذيب النفس !! وعملٌ لا مبرر له ؟!!

5 – قلت: إذا كان التطبير محرماً، فلماذا لم يقم العلماء بتحريمه ؟ ثم أوعزت عدم نطقهم بالحرمة إلى استياء وثوران البعض، والفقهاء مداراة لهذا البعض لم يفت بالحرمة ! . . . . . . . . . أما بخصوص رأي الإمام الخميني فأود أن أحيل إلى ما كتبته إلى الأخ الفاضل أبو هاشم في الصفحة التالية:

http://www.shialink.net/muntada/Forum1/HTML/000058.html

أما بخصوص موقف علماء السلف فيمكنك أن تقرأ ما نقلته في الصفحة التالية:

http://www.shialink.net/muntada/Forum2/HTML/ 3545.html

ولوكان علماء السلف مغلولي اليد، فلماذا أفتوا بالجواز ؟ ألم يكن بإمكانهم التزام السكوت من دون إصدار فتوى بالجواز ؟ بل كيف أصدر بعضهم فتوى برجحان التطبير ؟ وهذه الشبهة - أي أن العلماء لم يكونوا راضين عن هذه الأفعال ولكنهم سكتوا مداراة - ليست بجديدة، فقد طرحت قبل أكثر من أربعين سنة، وأجاب عنها آية الله الشيخ حسن المظفر المتوفى يوم عاشوراء سنة 1388 ه- في كتابه نصرة المظلوم ص84: (أما مواكب السيوف ولطم الصدور في الطرقات فحدث عنها ولا حرج، كثرة واستدامة . والسيد الميرزا محمد حسن الشيرازي نزيل سامراء وهو الذي انتهت إليه رئاسة الإمامية في عصره في جميع العالم، وعد مجدداً للمذهب الجعفري على رأس القرن الثالث عشر، كما أن الوحيد البهبهاني محمد باقر بن محمد أكمل مجدده في القرن الثاني عشر، قد كان أنفذ كلمة (يقصد حكمه بمنع استخدام التنباك) على عموم الشيعة ملوكها وسوقتها من كل سابق ولاحق . وقد يوجد اليوم في كل بلدة كثير ممن

ص: 444

يعرف اشتهاره ونفوذه، وكان مع علمه بوقوع الشبيه وخروج المواكب وما يحدث فيها من حوادث وبضرب القامات والسيوف في بلدان الشيعة في العراق وإيران، وعدم وقوع الإنكار منه أصلاً تقام جميع الأعمال المشار إليها في سامراء محل إقامته نصب عينيه بلا إنكار .

قد يظن الظان لأول وهلة أنه قدس الله سره لا يرى رجحان ذلك بالنظر إلى حال محيطه، لأن جميع من في البلدة عدا النزلاء من غير الفرقة الجعفرية، وفيها أخلاط من غير المسلمين، وفي ذلك مجال الإستهزاء والسخرية . وقد سألت كثيراً ممن كانوا يقطنون سامراء في أيامه فكان أقلهم مبالغة في تعظيمه لشأن المواكب والشبيه شيخنا المتقن المتفنن الشيخ محمد جواد البلاغي النجفي وعنه أنقل ما يلي: كان الشبية يترتب يوم العاشر في دار الميرزا قدس سره ثم يخرج للملأ مرتباً، وكذلك موكب السيوف، كان أهله يضربون رؤوسهم في داره ثم يخرجون، وكانت أثمان أكفانهم تؤخذ منه ودام هذا كله بجميع ما فيه إلى آخر أيام خلفه الصالح الورع الميرزا محمد تقي الشيرازي قدس سره ، وكان الشبية يترتب أيضاً في داره، ومنه تخرج المواكب وإليه تعود، بيد أن موكب السيوف لم يتألف غير مرة، لأن القائمين به وهم الأتراك لا غيرهم، كانوا يومئذ قليلين ولقلتهم استحقروا موكبهم فتركوه من تلقاء أنفسهم . انتهى كلامه (أي الشيخ البلاغي)، ثم أضاف الشيخ حسن المظفر: وإن بَعُدَ عليك عهد الشيخ الأنصاري والسيد الشيرازي، فهذا بالأمس الأفقه الأورع الشيخ محمد طه نجف قدس سره يرى في النجف بل العراق جميع الأعمال المشار إليها وهو أقدر على المنع فلا يمنع !! إن المواكب جميعاً حتى موكب القامات تدخل إلى داره وهي بتلك الهيئات المنكرة - المهيبة المخوفة - وهو لايحرك شفته بحرف من المنع، بيد أنه يلطم

ص: 445

معهم ويبكي وهو واقف مكانه. وكذا العلامة المتقن المتبحر السيد محمد آل بحر العلوم الطباطبائي، تقع في داره أعظم وأفخم مآتم النجف ويحضره جميع أهل العلم، ويقع فيه التمثيل الذي يقع في دار الشيخ وزيادة .. هذا غير كون الدار المذكورة موئلاً لجميع المواكب وبها تضرب أرباب السيوف رؤوسها من لدن أيام السيد علي بحر العلوم أو قبله حتى اليوم، ومنها تخرج الى الشوارع والبيوت والجوادّ العمومية وإليها تعود بلا إنكار ولا استيحاش . . . . الخ .

- وكتب (جابر الأنصاري) بتاريخ 20-4-2000، الرابعة عصراً:

أخي العزيز الموسوي .. بالنسبة لملاحظاتك، فأنا أقدر لها فائق الإحترام والحمد لله، لأن صدري متسع لتقبل كل رأي ومن أي شخص، فكيف برأي العزيز المحترم الموسوي ؟

وبخصوص ملاحظاتك، فلا أريد الإطالة ولا أريد أن أخوض في الأحاديث وغيرها، لأني قد أخطئ بصفتي لست من أهل الخبرة والمعرفة، ولكن سأكتب ملخصاً يوضح رأيي الشخصي، وهو:

على جميع المسلمين أن يتجهوا إلى مقلديهم لتعلم الأمور الفقهية، أما الأمور السياسية فهي راجعة إلى ولي الفقيه، وأعتقد أن هذا الرأي هو رأي معظم العلماء وعلى رأسهم الإمام الخميني أرواحنا له الفداء، وبما أن التطبير موضوع متصل بالسياسة اتصالاً مباشراً، لذلك فإن أولوية الرجوع حول هذا الموضوع يكون لولي الفقيه وليس المرجع الديني، وقد أوضحت رأي ولي أمر المسلمين حول هذا الموضوع ولا حاجة للتكرار .

اللهم صل على محمد وآل محمد، والعن قاتليهم إلى قيام يوم الدين، واجعلنا من الطالبين لثارهم مع الحجة القائم المهدي عجل الله فرجه.

ص: 446

- وكتب (الفاروق) بتاريخ 21-4-2000، التاسعة والنصف صباحاً:

تناول هذا الطرح أيضاً موسى الموسوي وانهال عليه الشيعة سباً وشتماً وألحقوه بالنواصب حكماً وعملاً، ولا أرى سوى موسى آخر ولكن باسم جديد وهو خامنئي ! واسجل نقطه اعتراف للسيد الخامنئي بأنه فعلاً شجاع، وهي أول خطوة للتصحيح، وأتوسم الخير بهذا الولي الفقيه، عسى أن يمن الله على الشيعة بالهداية على يدي هذا المصلح الإمامي الجديد الشجاع .

أسأل الله أن يهدينا وإياكم الى ما يحب ويرضى .

- قال العاملي: كانت هنا مداخلات للإخوة فادي وأبي حسين وأبي ذر والأنصاري وجنوبي وغيرهم لم يتسع لها المجال ...

- وكتب العاملي بتاريخ 1-5-2000، الحادية عشرة إلا ثلث صباحاً:

الأخوة الأعزاء، لقد أفرط بعضهم في انتقاد اللطم وجرح الرؤوس حزناً على الإمام الحسين علیه السلام ، وصوروهما بصور ظالمة مع الأسف.. وكان حجتهم كلام السيد القائد حفظه الله .

وحسماً للأمر اتصلت بمكتبه فأجابني عالم أحتفظ فعلاً باسمه، بأن أصل الموضوع لم يكن تحريماً للتطبير فضلاً عن اللطم، وإنما منعاً لاستغلاله من أعداء الإسلام، الذين يهرجون بأن الشيعة قساةٌ دمويون، يجرحون أنفسهم حتى تكون عندهم روح القسوة على غيرهم ! وبما أننا لا نستطيع أن نوضح لهم أن هذا العمل رقة وحزن، وليس قسوة ودموية، فقد طلب السيد القائد الإمتناع عنه ولم يحرمه، فالمسألة إذن طلب أبوي إداري وليست فتوى بالتحريم ! ويؤيد

ص: 447

ذلك أن هذه المراسم مازالت جارية في إيران .. فأرجو من المتحمسين لمعارضتها أن يعيرونا سمعهم !!

وختاماً . . فإن مواكب السيوف وعادة جرح الهامات يوم عاشوراء حزناً، التي يسمونها في العراق (التطبير) تشمل كل العالم الشيعي.. وهي ثروة مهمة في تعبئة الشيعة للدفاع الواجب فلا تفرطوا فيها، ولا تساعدوا العدو في هجومه عليها وتصويرها بأنها عمل وحشي ! بل اتركوا أمرها لفتوى مرجع التقليد والفقيه الولي وقوانين البلد .. من فضلكم .

- وكتب (أبو حسين) بتاريخ 1-5-2000، الرابعة عصراً:

الأخ الموقر الأستاذ العاملي دام علاه .. شكر الله سعيك، وأوضح في الشبهات بيانك، قدمت خير مقدم، وقطعت دابر الكلم، طبت وطابت نفسك، وسما في الحوار شخصك، فلا أعدمنا الله منهلك . وإني لمست من أحاديث المحاويرين بأن هذا الموضوع قد مدحوه من حيث ذموه، فقد حفز بعضهم إلى ضرورة التبرع بدمائه في المستشفيات لينقذ به حياة أحد أتباع الإمام الحسين علیه السلام ، وحفز آخر على أن يسيل دماءه في ساحات الجهاد دفاعاً عن الإسلام، وحفز آخر على ضرورة إثبات ولائه للإمام الحسين علیه السلام بأعماله عند الشدة والإمتحان، وحفز آخرين إلى فضائل أخرى، فإن كان في ذمه هذا الكم من العطاء .. فكم ياترى في شأنه ؟!

- وكتب (فادي) بتاريخ 1-5-2000، الحادية عشرة مساءً:

أرسلت بهذا السؤال على عنوان ايميل سماحة آية الله العظمى السيستاني الموضوع للإستفتاءات وهو: post najaf.org عن التطبير، وجاءني جوابه وسأنقله

ص: 448

حرفياً هنا كما هو: (بسم الله الرحمن الرحيم. سماحة مرجع المسلمين آية الله العظمى السيستاني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

هل يجوز التطبير في عاشوراء حزناً على الإمام الحسين علیه السلام في هذه الأيام رغم ما يشاع من وجود مفاسد معينة لذلك؟ وهل يختلف الجواز من مكان لآخر ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الجواب: بسمه تعالى . السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الشعائر الحسينية حدودها أن لا تضر بالبدن وتشوه سمعة العقيدة والدين. والسلام عليكم) .

- وكتب (أبوحسين) بتاريخ 2-5-2000، السادسة والثلث صباحاً:

الشعائر الحسينية حدودها أن لاتضر بالبدن وتشوه سمعة العقيدة والدين .

أشكر الأخ فادي على استجابته لنداء أخيه وتحصيله على ما اختلف فيه من الفهم باستعانته بالمرجع الأعلى لبيان واقعية الموضوع . بيد أن الجواب ملتبسٌ على بعض الأخوة كما يبدو، ولبيان فحوى الجواب الذي كان مقيداً بنوع السؤال المطروح والشامل على وجود المفاسد المشاعة . فالجواب جاء بالجواز ضمناً، ولم يتطرق إلى التحريم مطلقاً، بل قيد بالقيد الذي ورد في السؤال وهو: مايشاع من وجود مفاسد معينة.. فقيد الجواب بقيد عدم تشويه سمعة العقيدة والدين، إن كان هذا هو المقصود من المفاسد أو الضرر المعتد به، وهو أن يفقد الإنسان عضواً من أعضائه، أو أن يصاب بعاهة مستديمة، فإن رفع القيد رفع الإشكال . علماً بأن الجواب جاء شاملاً لكل الشعائر الحسينية ولم يختص بالتطبير فقط. ولزيادة في البيان، فإن كل حلال يكون حراماً إذا وصل إلى حد الضرر حتى الأكل والشرب .

ص: 449

هذا ما لزم بيانه، وأكرر شكري واعتزازي بالأخ الفاضل فادي على موقفه المشرف في استقصاء الحقائق من منابعها التي ينبغي .

- وكتب زهير البحراني بتاريخ 2-5-2000، الرابعة عصراً:

وهذه بعض الإستفتاءات الموجهه الأعلام حفظهم الله تعالى: عبر البريد الإلكتروني: إستفتاء للسيد السيستاني دام ظله وحفظه الله بتاريخ19/4/ 2000 . على بريد: post najaf.org:

ماحكم التطبير في الوقت الراهن ؟ وما هو رأي سماحتكم حول حكم الحاكم الشرعي في المسألة ؟ هل تعتبر نافذة أم يرجع كل مقلد إلى رأي وفتوى مرجعه فيها، نرجو التفضل بالإجابة على أسئلتنا ودمتم ذخراً للإسلام والمسلمين .

ج س 1: الشعائر الحسينية إقامتها من المستحبات، ما لم يكن فيها ضرر على البدن والدين .

ج س 2: يرجع إلى مقلده. والسلام. (الجواب بتاريخ 26/4/2000)

إستفتاء للسيد محمد سعيد الحكيم دام ظله وحفظه الله بتاريخ24/4/2000عن طريق صفحة مجلة الجنان إلى بريد السيد alhakeem alhakeem.com

سماحة السيد حفظه الله: أرجوا إطلاعنا على رأيكم في الشعائر الحسينية وخاصة عزاء الزنجيل وعزاء التطبير، فهل هو جائز في نظر سماحتكم ؟ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الجواب: لما كان التطبير ونحوه من الشعارات إنما يؤتى بها بقصد ترويج المبدأ الحق وإظهار العاطفة نحوه، فهي من الأمور الراجحة شرعاً من الجهة المذكورة، وقد تحرم لعنوان ثانوي، كلزوم الضرر الخاص أو العام بالمرتبة

ص: 450

المحرمة أو نحو ذلك مما لا ينضبط، وهو يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة، كما يختلف باختلاف وجهات النظر، ونسأله سبحانه التسديد في ذلك لنا ولجميع المؤمنين، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

(لجنة الإفتاء في مكتب سماحة المرجع الديني الكبير السيد الحكيم دام ظله. بتاريخ 25/3/2000)

نقاش مع المغالين المعارضين لمواكب السيوف

- كتب (عبد الله) في شبكة هجر بتاريخ 17-4-2001، الثامنة والثلث صباحاً، موضوعاً بعنوان (أيها المطبرون . . . اتقوا الله)، قال فيه:

إلى إخواننا الذين جرفهم حب أهل البيت علیه السلام فأباحوا لأنفسهم اختراع عبادات جديدة، نعم جديدة، هذه (العبادات) لم تكن موجودة أيام الأئمة علیهم السلام ولم يمارسوها ولم يدعوا لها !! المشكلة أن هؤلاء المطبرون يلوذون بالإباحة إن أعجزهم الدليل أو أعياهم البيان، فنقول لهم: إخترعوا ما شئتم من (عبادات) ولكن لا تنسبوها إلى الشيعة . مارسوا لطمكم الراقص على أي نغم تشاؤون، ولكن ليس على نغمة أهل البيت علیهم السلام . أرقصوا.. هوسوا دندنوا.. أصرخوا.. طبلوا.. كل هذا مباح لكم. ولكن الغير مباح لكم أن تقولوا أن هذه عبادة، بحجة أن العالم الفلاني قال إن هذا الفعل مباح، أو لا ضرر منه أو فيه. إن ضرره هو أنكم جعلتموه فعلاً عبادياً مقرباً لله. فاتقوا الله فينا وفي مذهبنا فقد أرهقتمونا .

- وكتب (ملك الظلام) بتاريخ 17-4-2001، التاسعة صباحاً:

ص: 451

(إخترعوا ما شئتم من (عبادات) . . . . أرقصوا . . هوسوا . . دندنوا . . أصرخوا . . طبلوا . . الخ .) !!

رأيي الشخصي يا أخ عبد الله وهو غير ملزم لك ولا لمن يعزف على نغمتك...كما هو حال كلامك أعلاه أن تتوجه بهذا الكلام إلى المراجع، فقد أبرأنا الذمم بالتقليد الفقهي . أخبرهم أنهم أباحوا عبادة جديدة عليهم ذنبها قبل العوام ! إنطق بذلك ووجهه إلى كل واحد منهم بالإسم... نعم بالإسم حتى لاتكون ممن يرمي الناس بالباطل . تفضل.. المجال مفتوح.. بانتظار رسائلك.. إذا لم يعجبك الفعل لاتقم به... لم يقل أي عالم بالوجوب ! أما إذا كنت تتوهم الوجوب وتظن أن التشنيع الملئ بالزعيق والعويل سيحقق هدفك . . فهذا أمر آخر . . ودمتم !

- فكتب (عبد الله) بتاريخ 17-4-2001، العاشرة إلا ربعاً صباحاً:

أجننتم أيها المطبرون . ماهي الذمة التي برأت منها ؟ قالوا لك إنه مباح، كالرقص الشعبي، وهذا لا بأس به. والبأس هو أن تجعله عبادة، أي التطبير، تتقرب به الى الله زلفى . يا أخي روح أقتل حالك.. كسر راسك.. كسر كل أعضاءك . والله لك العتب إن احتجيت عليك.. لكن لا تقول هذه عبادة وتلوي عنق الآية ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب. أي تعظيم هذا.. بربك ؟!!! أجننتم ؟ أم أنك تريدني أن أفتح حرب استفتاءات هنا، فهذا ليس شأني بل أحاور المطبرين، عسى أن يأتوني هم بدليل .

-فكتب (أبو أديب) في 17-4-2001 العاشرة إلا عشرة دقائق صباحاً:

أرى أن إسم الموضوع يختلف تماماً عن مضمون الموضوع، فعندما تقول أيها المطبرون، أفهم من كلامك أنك تقصد: ضرب القامة.. وهو ما حرمه علمائنا

ص: 452

الأجلاء .. أما عندما تهجمت على جميع شكليات الشعائر الحسينية ووصفتها بوصف غير لا ئق فأنا بدوري أخبرك أنك مخطئ في تصورك. وعليك أن لا تنجرف وراء رغباتك ونزعاتك .. أما عن قولك على أنها عبادة فراجع كتب الفقهاء باب العبادات فإن رأيتها أخبرني .

- وكتب (ملك الظلام) بتاريخ 17-4-2001، العاشرة صباحاً:

بصراحة أخي عبد الله، ضحكت على كلامك.. أسلوبك.. وكلماتك.. إذهب واسأل المراجع .. الملام على العالم قبل العامي، ولستَ ممن يتبع مقولة حطها براس عالم واطلع سالم . وإذا كنت لاتريد حرب استفتاءات.. فلا تحاول فرض رأيك المشخصن جداً على أحد . . وإلا فلا مفر أمامك سوى المراجع . . تفضل . . شنع عليهم كما شنعت على أتباعهم.. ما زلت أنتظر. أخيراً .. مرجعي لا يجيز الرقص الشعبي .. إلا للنساء.. آسف .

يا أخ عبد الله.. لو تريني أين استشهد مخاطبك بكون التطبير عبادة بالمعنى الخاص ... وأيضاً لو تكرمت أين استشهد بالآية الكريمة ؟

- وكتب (عبدالله) 17-4-2001، العاشرة وخمس دقائق صباحاً:

أخينا أبا أديب ... رحم الله أباك . هذا ما أردت قوله: إنها ليست عبادة فلم يفرز لها العلماء باباً ولم يبينوا كيفيتها. أما (رغباتي) فهي فطرية ولله الحمد ترفض مارفضه العرب الأوائل، فإننا لم نعرف أو نقرأ بأن أبناء الإمام علي علیه السلام قد أقاموا ليلة استشهاده حلقة لطم راقصة حاشاهم، ولم يضربوا رؤسهم بسيوفهم التي كانت متوفرة بأيديهم .

لا أرفض الشعائر الحسينية كما تصورت، فأنا أقل من ذلك، ولكني أرفض التطبير والأدوات والآلات الموسيقية، وتمرير الشموع بين المؤمنين في ليلة

ص: 453

القاسم، واللطم الثقيل الراقص، وقص الأيدي بالسكاكين، وضرب الرأس بالحيطة وخاصة للأطفال .

- وكتب (وراء الواقع) في17-4-2001، العاشرة وعشر دقائق صباحاً:

قبل الكلام، ولكن عذراً يا أخي فإني أحس في كلامك نوع من الاستهزاء والسخرية ! فما هو قصدك باللطم الراقص ?!

- وكتب (عبد الله) بتاريخ 17-4-2001، العاشرة والربع صباحاً:

أخي الواقع .. ليس استهزاءاً ولكنها الغيرة على هذا المذهب الشريف. أولم تر في حياتك كشيعي، هذا اللطم الراقص ؟ ألا تعلم أن هناك اللطم النجفي واللطم الثقيل واللطم الذي يدور فيه اللاطمون بشكل دائري كما في حال الدبكة اللبنانية . أنا أشهد أن أهل البيت علیه السلام لايريدون هذا من شيعتهم .

أخي الكريم . . الصفحة هذه نموذج مثالي للوعي الشيعي الذي بدأ ينمو بين الشباب المثقف، بعد أن سيطر على روافده الفكرية المطبرون فترة طويلة . إن هذه الحركة الواعية والتي يقودها بعض علماء آل البيت علیه السلام ستعيد للمذهب رونقه وأصالته بعيداً عن الخرافات والإستدلالات الفلسفية الفارغة. ماهي إلا فترة قليلة إنشاء الله تعالى وسيسيطر مذهب أهل البيت علیه السلام على الجزيرة العربية والشام ومصر.. بشرط أن (يكشط) ما علق به من هرطقات وتعود له نقاوته المقدسة .

- وكتب (ملك الظلام) بتاريخ 17-4-2001، الواحدة إلا ربعاً ظهراً:

مثقفون . .كلهم . . ماعدا الذين يؤيدون التطبير..

واعون . . بأجمعهم . . ما عدا الذين أجازوه..

ص: 454

لم أطلع على لطم يشابه الدبكة اللبنانية..وعلى فرض وجود هذه المظاهر.. فسوء تطبيق البعض لايعني حرمة الشئ.. وهذا أمر معروف.. لكن (المثقفين) لا يرون صحة هذا الشئ.. فلا بد من اتباع آرائهم.. حتى اللطم (الثقيل) لم يسلم . . . وتحول الكلام إلى كون أدلة المجيز مجرد (استدلالات فلسفية) !

الذي أضحكني عندما تذكرت صاحبنا الذي لايميز بين علم الكلام والفلسفة والتاريخ . . القائل ب- (الفرضية الفلسفية) !! لو تكرمت يا أخ عبد الله ما دمت تصر على ربط كل شئ بما يراه.. عرف لنا: المثقف . . ربما سيسهل ذلك ردك على من يرى جواز الشعائر الحسينية المعتدلة . .

- وكتب العاملي بتاريخ 17-4-2001، الثالثة والربع عصراً:

الأخ عبد الله، مهلاً مهلاً . . نعم لك حق.. أن تناقش في موضوع (التطبير) نقاشاً هادئاً مع احترام المتطبرين.. بهدف أن تقنعهم بترك هذه العادة.. أو ترك التنظير لها والدعوة إليها.. لكنك أفتيت فيها وحولها بعدة فتاوى! فأرجو أن تترك الفتوى لمراجعنا الذين يأخذ الشيعة بفتاواهم. وهم قد حسموا الأمر في الموضوع. ولك أن تبين فتواك لمقلديك.. إن وجدوا.

وباختصار .. أرجو أن لا يأخذك تهويل الأجانب والنواصب بالموضوع . فالمسألة كلها . . حجامة . . لا أكثر . . ولماذا لا تسميها (جرح الهام في يوم عاشوراء حزنا على سيد الشهداء) ؟ وهل تعرف . . أن موكب (الضرِّيبة) هم مؤسسوا المقاومة ضد اسرائيل.. في سنة 1983 ؟

وهل تعرف أن عادة التطبير بحساب الأمم والشعوب: استعداد عفوي من مجموعات فتيان الشيعة يوم عاشوراء لعرض عسكري فريد.. يرهب الأعداء.. فاترك أمره بيد مراجعهم ..ولا تسلب طائفتك المحقة تعبيراً قوياً عن ظلامتها..

ص: 455

فلو ملك اليهود مثله لجعلوه مراسم عالمية.. ولطبَّل لها معهم الإعلام العالمي.. ومجَّد هذا الإيمان والتضحية اليهودية !!

وعند ذاك.. ربما يؤمن بفائدتها بعض المنتقدين من شباب الشيعة !!

- وكتب (روح الشرق) في17-4-2001 الرابعة إلا عشرة دقائق عصراً:

(صورة وجوه ضاحكة) !! اللهم صل على محمد وآل محمد .

- وكتب (عبد الله) بتاريخ 17-4-2001، الحادية عشرة ليلاًَ:

أخي ملك الظلام . . . جعلك الله من رعايا ملك النور.. أقول لك: نعم مثقفون...كلهم ما عدا الذين يؤيدون التطبير، واعون بأجمعهم ما عدا الذين أجازوه... من غير العلماء . أما طلبك مني تعريف (المثقف) فليس محله هنا أولاً، ولعدم اتفاق المهتمين على تعريف الثقافة نفسها ثانياً .

أما هذه الدندنة التي أعرفها ومحاولة جر الخصم إلى الوقوع في حفرة مخالفة العلماء حتى يسهل الإنقضاض عليه ومن ثم (تجويز) رجمه بأشد وأقذع التهم، هذه الحيلة (ولربما أنت لست بصددها) لن تنطلي على صاحبك، ونحن ممن يقبلون تراب مداس العلماء . أما (سوء تطبيق) اللطم في اللطم شبيه الدبكة اللبنانية، فأنا لا أعرف إن كانت هناك كيفية معينة للتطبيق .

أما ما أضحكك من أسلوبي وعدم تمييزي بين علم الكلام والفلسفة والتاريخ فأقول لك بأنني (إنسان على قد حالي) ولا أعرف في الفلسفة وغيرها فاذهب لند هو لك كفؤ، فأنا كذك البدوي الذي قال: البعرة تدل على البعير.. وأعرف بفطرتي البدوية أن أصحاب الأئمة رضوان الله عليهم لم يلطموا ولم يطبروا ولم يدقوا دفاً ولا طبلاً، بمناسبة عاشوراء أو غيرها .

أما قولك: أيها الملك، بأن مراجعنا لم يجيزوا الرقص إلا للنساء ..

ص: 456

ففيه مغالطة لأنهم لم يحرموا الهوسات العراقية، وهي رقصة شعبية عراقية يؤديها الرجال في أوقات الحروب والسلم كالأعراس مثلاً، ولم يحرموا رقصة العرضة المشهورة في الجزيرة العربية ويؤديها الرجال . ولعل الجميع يعلم بأنه حين منع السيد الخامنئي حفظه الله التطبير أصر البعض على التطبير في السراديب والأماكن (المظلمة) حيث يأخذ (ملوك) التطبير راحتهم، مع علمهم بأن سماحة السيد علي من العلماء .

- وكتب (عبد الله) بتاريخ 17-4-2001، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

شيخنا العاملي . . لو كان (المطبرون) يفهمون فعلهم هذا كما تعرفه سماحتكم بأنه استعداد عفوي للقتال، لهان الأمر . ولكننا نعرف نوعية هؤلاء والذين لايظهرون رؤوسهم إلا في أيام عاشوراء وبعض المناسبات ثم يختفون.. وليس هم ممن يملأون المساجد .

أما قول سماحتكم (ربما آمن بفائدتها بعض المنتقدين من شباب الشيعة) .. فنحن ولله الحمد لنا شخصيتنا الإسلامية المستقلة، والتي صقلتها محاضرات ودروس العلماء، ولا تستهوينا (البدع) اليهودية. أما (موكب الضريبة) الذي أشرت إليه، فإن جنوب لبنان هو استثناء من كل شئ في هذه الفترة الزمنية .

- فكتب العاملي بتاريخ 17-4-2001، الثانية عشرة ليلاً:

الأخ العزيز عبد الله . . أعجبني هدوؤك وإنصافك.. وردك الناعم على الأخ ملك الظلام (وفي رواية أحدهم ملك النور) .. وكذلك هدوؤك في ردك على داعيك.. وقد فهمت من كلامك أن مصب انتقادك على سوء تطبيق الشعائر.. فأنا معك بأن كل شعائر عاشوراء تحتاج إلى تحسين أو ترشيد أو تطوير . . ومن أولها التطبير . . دمت مثقفاً فاضلاً.. متواضعاً.. خاصة لإخوانك . . والأهم من ذلك

ص: 457

. . دمت مقبولاً عند الله ورسوله وسيد الشهداء الإمام الحسين علیه السلام ، الذي أردت الإرتقاء بشعائر نهضته .

من مناقشات العاملي والموسوي مع الخزاعي وأمين

-كتب الخزاعي في شبكة هجر في 28- 4- 2000 الخامسة مساءً موضوعاً بعنوان (التطبير وإخراج الدم من الرأس.. بين الرفض والقبول!!)، قال:

أنا ممن لبى دعوتك للمجاوبة يا أخ أمين أحسنت كثيراً، ونحن هنا لتحليل الظاهرة كما تفضلت . ومن الأخوة من يريد أن يتعامل مع الناس كل الناس ممن له صلة بالظاهرة . لكننا نريد أن نتعامل مع الإنسان السوي الذي نتحرك لتعميق وعيه لا على حساب العاطفة الكامنة في داخله، ولا على حساب انفعالاته المقدسة، ونتعامل أيضاً مع الإنسان الحسيني الثوري لتفجير عاطفته ومشاعره . فالإنسان الواعي المفكر يتعامل بطبعه الذي جُبل عليه مع الفكرة، بينما الإنسان العاطفي يتفاعل مع الإثارة العاطفية . وهذا لا يعني أن لا يمتلك الإنسان المفكر الواعي حساً عاطفياً، كما لا يعني أن لا يمتلك الإنسان العاطفي قسطاً من الفكر. لكن المشكلة تكمن في تحول الإنسان المتفكر الواعي الى خشبة جامدة لا عاطفة ولا روح فيها، وكذا يكمن الخطر عندما يتحول الإنسان العاطفي إلى حالة من حالات المراهقة النزقة وانفلات سمج .

إذن بين هذا وذاك هو الإنسان السوي الذي لا تتضخم عاطفته على حساب وعيه، فيقع في حبال مدرسة اللاوعي الجمعي إن صح التعبير، والذي يحرص المنظرون لها على إبقاء الإنسان مغفلاً سطحياً، ليتمكنوا من ترويضه وقيادته نحو

ص: 458

التخلف. فالموازنة بين الفكر والعاطفة هو المراد في الظاهرة الحسينية . وللعاطفة هنا قنواتها الكثيرة كمجالس العزاء والنعي، واللطم على الصدور، ولبس وإشاعة السواد، كتعبير عن الحزن . ومع المنابر العامرة بمجالس العزاء ومحاضرات الفكر والعقيدة والثورة الحسينية وأهدافها الإصلاحية، تصبح المدى (القامات) أداة تعبير ساذجة جداً لاحتواء الذكرى والنهوض بها .

- وكتب (أمين) بتاريخ 28-4-2000، العاشرة إلا ربعأ ليلاً:

بالله وتالله إنها (لبدعة وخطيئة) ؟!!

- وكتب زهير البحراني بتاريخ 30-4-2000 الواحدة إلا ربعاً صباحاً:

أستاذي العزيز لا أدري لماذا تتحفظ.. لكن دونك بريد السيد السيستاني.. ودونك الأسئلة.. إطرحها كما هي.. ثم اعرضها على الإخوة . لك تحياتي وخالص دعائي .

- وكتب الخزاعي بتاريخ 2-5-2000، الرابعة عصراً:

بعيداً عن الجواز وعدمه.. وبعيداً عن الفتاوى والناسخ والمنسوخ . وبعيداً عن من يقف ضد التطبير أو مع التطبير . بعيداً عن كل ذلك: التطبير مرفوض جملةً وتفصيلاً، وهو عمل يأباه الطبع والذوق السليم . وهذا هو رأيي في هذه المسألة الغير خاضعة للتقليد، كمثيلاتها من الأعمال عندما يتخلى أصحاب الهيئات عن التقليد في أيام عاشوراء . ولكل واحد منا الحرية في التعبير عن رأيه، مع احترامي لآراء الأخوة جميعاً في القبول وعدمه .

(اختصرنا هنا عدة مداخلات للعاملي وزهير البحراني .. وغيرهم) .

- وكتب (أمين) بتاريخ 26-4-2000، الرابعة عصراً:

ص: 459

الأخ الموسوي حفظه الله . . .

نعلم باستقرار الرأي على عدم جواز نقض غير باسط اليد على باسطها، بل حكم المجتهد سارٍ حتى على المجتهد الآخر الذي لم تتكيف رؤيته مع (ولاية الفقيه) ولايصح منه النقض عليها إلا مع العلم بخطأ مقدماته .

وقد نص على ذلك السيد الكلبيكاني في إحدى فتاويه وإن لم أكن مخذول الذاكرة فالكتاب هو: إرشاد السائل .. ومحل الغرض من هذا العرض أن إعادة ذكر سيرة التطبير في مثل هذا التوقيت، ثم التأييد بآراء مراجع وفتاوي مقلدين (بالفتح) قد توفوا رضي الله عنهم .

وبعد هذه الإشارة لا أراني إلا سائلاً منك: هل يجوز الإنتحار في عاشوراء وهو أحد أمثلة الجزع ومصاديقه جزعاً وتعظيماً للشعيرة ؟!! وبعدها سنعرف أن إستثناء مورد الحزن على أبي عبد الله علیه السلام من الجزع ليس كما تذهب بنا المذاهب أيها الأخ الكريم، وليس القول على إطلاقه ...

وإن لكل شئ حداً، والحد تارة يقوم برسمه الشرع وأمارته الوعد بالثواب والوعيد بالعقاب .. وثانية يرسمه العقلاء وأمارته الإستنكار أو عدم تقبل وجه وجيه لهذا العمل أو ذاك ...

وقد كان مني أن أكدت على عدم رجحان التطبير وضرب القامة شرعاً - إن لم نقل بالحرمة - وذلك بقضية أصولية بسيطة أكدوا عليها وعلى شمولها، وعدم تخصيصها إلا بطريق شرعي .. وتلك هي: (توحيد المناط) فعندما نقول يكره امتهان القصابة شرعاً.. فإن الحكمة أو العلة بارزة على ألسنة الدليل وهي الألفة مع الدم وجر آلة الذباحة ... وبتوحيد المناط لا نكاد نفرق بين عملية التطبير وبين هذه الوظيفة ذات الأولوية الإجتماعية . بل إن التطبير أشد من هذا المثال، لأن

ص: 460

الألفة في مورده ألفة مع دم الآدمي لا الحيوان الذي أعتيد ذبحه وسلخه، وألفة مع آلة القتل لا آلة هي من مقدمات الإطعام ؟!!

ومن هنا نعلم التحليل الصحيح الذي جعل بني صهيون يرتهبون من هذه المناظر والذي ظنه الأخ الفاضل العاملي حفظه الله مفخرة للمطبرين، ولم يعلم بالآثار المتبقية له والرواسب التي حدت بالشارع الأقدس أن يحقر مهنة لها ضرورتها الإجتماعية، ولذا فإن الصهاينة لم يخافوه لأنه طقس عاشوري وزمني محدد، وإنما لإدراكهم الحسي - الذي يشترك فيه معهم غيرهم - أن هذه الممارسات تتبقى أثارها سليطة على النفس، ومخزونة يكون من إفرازاتها غير الطبيعية القساوة والصلافة .. الشئ الذي دلنا عليه الشارع الأقدس في الأصغر صورة وأثراً وذلك هو: مهنة القصابين ... وبعين هذا الكلام نعرف أن هذه الظاهرة الخاصة إنما هي مشمولة للكراهة - إن لم نكن سلمنا بالحرمة - لا أنها مشمولة للإستحباب بواسطة صدق الجزع عليه لأن: لكل شئ حدوداً إذا خرج عنها لم يكن محموداً !

وقد أخبرني بعض من عاش في العراق لتحصيل العلوم الدينية أن العراقيين أحياناً إذا اشتبكوا .. هدد كل منهم الآخر بالإيواء إلى المنزل وإخراج القامة التي كان يستعملها في سبيل الحسين، وأولاد الحسين، وأصحاب الحسين ؟! ولست أريد أن أجعل من هذا دليل ولاتأييداً، إنما الدليل هو ماسمعت قبل هذا . والمحصلة من كل هذا .. من الذي يرسم الحد النهائي للجزع وتعظيم الشعائر ؟ إذ لسنا نقبلها في كل صورها والتي منها الإنتحار بقصد الأسى والحزن ؟ وهل نقطع في الفقيه إذا حدد ذلك أنه اعتمد الدليل الشرعي الذي يختص به ويجب الرجوع إليه فيه بعنوان أنه من أهل الخبرة، أو غير ذلك من المعاير التي

ص: 461

يذكرونها في أبحاثهم الفقهية المعمقة .. أو أنه من باب تشخيص الموضوع، وهذا ليس بعزيز في دائرة فتاوى الفقيه، وفيه يعمل حسه العرفي والعقلائي العام الذي لانتيقن بزيادة حصته علينا فيه .. طبعاً هذا الكلام مقرر لدى معاشر الفقهاء أنفسهم .

أرجو الإنتباه إلى أن هذا التحليل قابل للإستفادة في النقطتين 2، 3 .

المواساة لأهل البيت .. إن كنت تشير بذلك إلى فتوى بيان السيد الخوئي للقضية فلا تثريب عليكم اليوم .. إذ لا أستطيع أن أجيبك إلا بأن هناك من يراها من المحرمات، وليست من عناوين المواساة، وهم فقهاء أيضاً، ثم لا تنس أننا جئنا إلى الموضوع نطلب فهمك لهذه الممارسة، لا نقل الأقوال مجردةً وقد فعلت ذلك جزيت خيراً، في جانب من رسالتك هذه، وأنا متعقبك مضافاً على الذي سبق، إن شاء الله .

وكيف كان أو يكون فلنعتبر أن هذه النظرة، المواساة لأهل البيت، لك وأنك الذي تجشمت لها العناء .. فنسألك ما هو مفهوم المواساة أولاً، وما هي حدودها، فليس من شئ لا حدود له كما أسلفنا إلا هو تعالى ذكره، فإطلاق القول هنا كإطلاقه في سابقه، والجواب عليه هو الجواب هناك، وإلا جاز لنا أن نفعل كل شئ نحبذه فنشعل النيران بأذيال ثيابنا وندخل خياماً ملتهبة مثلاً بعنوان المواساة، وبهذا ستكون الشعائر الحسينية خاليةً من الضوابط ؟! وكذا أقول لك إن من المواساة أن تقول كما قال أصحاب الحسين في مقام المواساة له عندما أذن لهم في الرحيل واتخاذ الليل جملاً: لاخير لنا في الحياة بعدك يا ابن رسول الله . بل لايكاد يفهم أحد ممن تجرد من بعقليته معنى المواساة من خلال هذه الأمثلة، والتي تناظر ماندعو له:

ص: 462

1. حرق البدن مواساة للمحبوب الذي احترق . .

2 . قطع اليد مواساة للمحبوب الذي قطعت يده . .

3 . العيش في الفقر مواساة للفقير . .

بل إن المواساة بإعطاء الطرف المقابل والإيصال إليه مباشرة . وفي الدعاء الوارد عن الإمام السجاد علیه السلام : وارزقني مواساة من قترت عليه من رزقك بما وسعت عليّ من فضلك . فلم يدع بالعيش المقتر ؟!! فضلاً عن أن التوسعة على العيال أفضل من الصدقة كما هو جار، والتقشف في العيش ضد الشكر للنعمة إذا كانت موجودة .. بل إن الدنيا إذا أقبلت فإن المؤمن أولى بها من غيره، كل هذا من نور الكلام المحمدي، ونور الفكر الإسلامي والحس الإنساني، الذي يدلنا على أن لكل شئ حدوداً حتى المواساة مع الفقراء، فكيف تجشمت عناء الخروج عنه ؟ وكثيراً ما نخلط بين المواساة وبين الإقتداء، والتأسي اللازم وغير اللازم، والتشبه بهم قدراً مستساغاً ومألوفاً .. ليس هذا محل تفصيله ولا موضوع تبيينه، غاية الأمر أن معنى المواساة هنا وفي مورد ضرب القامة باطل لغةً وعرفاً..

وأما بعض الموارد التي يستأنس منها معنى المواساة كالإمساك عن الطعام في يوم عاشوراء، فلم يرد بلفظ المواساة فيما أعلم ولا بغيرها وإن عبر عنه بعض العلماء كذلك ... ولكنه أمر به لأنه ألمُّ للمصيبة وأجمع للحزن، ومن مقوماته لانفله الزائد عليه،لأن الحزن لا يستوي والإقبال على الطعام أو الإنكباب على قضاء الحوائج، ولذا منع عنهما في يوم عاشوراء الأليم، والمنع وارد في الثاني خصوصاً، ولم يكن بعنوان المواساة أيضاً !!

ص: 463

وأما المورد الأول فلم يرد فيه، وكذا التطبير فليس من مقومات الحزن فلا يلحق بها على أنه لو ألحق فلم يصح إطلاق المساواة فيها، وهي المقومات الأصلية فكيف به إذ لن يكون أحسن حالا منها .

وغرضي أن مثل مفهوم المواساة ليست معانيها تحت اليدين، بل هي ركائز ثابتة أمرها بيد أهل اللغة والعرف السليم .

إحياء أمر المذهب .. ذكرت في رسالتي السابقة أن هذا انقلب إلى إماتة المذهب للأسف البالغ الشدة ! ولازلت أعجب من هذا الكلام، والكثير من الكلام الشاعري والخطابي الذي لايستساغ في مقام الدراسات العلمية ... فإن إحياء المذهب بتبيين تعاليمه التبيين المشفوع بالحجة والبرهان لابالممارسات الخالية عن ذلك . فبالله عليّ وعليك أخي الكريم لو أن شخصاً ينكر ما جرى من المصاب على أبي عبد الله الحسين علیه السلام ، أو ينكر أن يزيداً لعنه الله هو الذي أوعز بقتله فهل سيصدق لمجرد أنك لعنته أو عرضت به في قصائد اللطم ؟! ومن ثم فإن قولي أن أفضل قول هو عدم الحرمة .. الخ. تام غاية التمام . . .

اعتبره عبثاً وتعتبره شوقاً .. مرة أخرى من يرسم حدود الشوق والهيام يا أخي ... وحتى لو قلت إنه بلاحدود، فمن الذي ألغى حدوده ... ثم اعتبرته أنا عبثاً أو شبيه به لعدم وجود الفلسفة الدينية و.. و.. كما تقدم طلبه خصوصاً بعد بطلان الوجوه التي ذكرتها في الإستدلال لهذه الممارسة ... وبهذا يقدم اعتباري إلى أن تفد إلي بالدليل، والحكيم المتألق يقول:

نحن أبناء الدليل ... حيثما ما لا نميل

الدليل على الشعائر الحسينية .. طبعاً لم أقل أن البكاء واللطم لادليل عليه، لاسيما أن مصطلح الدليل لدى الفقهاء والأصوليين مصطلح واسع، لايختص

ص: 464

بالتنصيص، فإن لم يرد تنصيص على البكاء مثلاً فقد قام مقامه فعل المعصوم علیه السلام وتقريره .. وأما الإستناد إلى آية تعظيم الشعائر، ففيها كلام من قبيل أن الإضافة في مثل قوله تعالى: شعائر الله، هل تفيد العموم أو لا ؟ وبقطع النظر عن هذه النقطة بالذات ... فما أدري لما هذا الخلط العجيب في المقام .. فإن هذه الآية تتحدث عما فرغ عن كونه شعيرة، ولم نفرغ عن كون التطبير شعيرة فعلاً، فالبحث والإختلاف بيننا جارٍ في الصغرى ؟

وأما لو رأيتك تقول أن عزاء الحسين علیه السلام هو الشعيرة وتعظيمه لازم، فسينتقل الخلاف أيضاً إلى هذه النقطة، وهل أن ممارسة التطبير تعظيم أو، لا ؟ وعلاوة على كل هذا فربما قيل - وهذا من وجوه البحث اللازمة في هذه الآية - بأن المقصود بالتعظيم هنا هو استعظامها وعدم انتهاك الحرمة والعمل به، ولذا جاء في الآية الأخرى: ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه . (الحج – 30) . وعلى أساس من هذه الوجوه الثلاثة فالتمسك بالآية المباركة غير تام ولا سديد، وإن لم يتناف مع ما ذكره العلامة الطبرسي رضوان الله عليه ؟ كما أوافق على أن قضية عاشوراء وشخصية عاشوراء ومنبع عاشوراء، من أعظم معالم الدين الحنيف، ولكنه لن يشذ عن أي شعيرة أخرى في أن تعظيمها في عدم انتهاك حرمتها، وأن نستعظمها في أنفسنا لا أكثر، وهذا أيضاً من حيث الآية ؟!

وأما الفتوى التي قمت بسرد قائمتها هنا فهي أجنبية عن محطة الكلام، كما أنها ليست على سنة الإستدلال وطريقتها، إذ لي أن أسألك ما الدليل الذي اعتمد هو عليه، وإلا فآتيك بكلام غيره من الفقهاء وهو يمنع من ذلك. ومن زاوية أخرى فإن حذاقة السيد الخوئي عليه الرحمة وعمق خبرته ظاهرة في هذا المورد

ص: 465

لأنه يدرك خطر المنع من هذه المراسم، وعليه اكتفى بطلب أن تطهر صفوفها من الفساد والمنع من وقوعه . . . تماماً كما كنا نرى ونأسف ونأسى جداً على ما كان يقوم به الشباب والشابات في موسم الزيارة إلى سوريا من المجون والمزريات بحجة التشرف بالعقيلة زينب علیها السلام ، ومع ذلك وبالرغم من اشتهار القضية، لم تحرر فتوى بالمنع من الذهاب إلى هناك.. ولكن هذا ليس يكفي في الحفاظ على سمعة مذهبنا وأئمتنا التي يتوجب أن نفديها بسمعتنا الشخصية .. وعموماً، فالتأملات التي حول الآية ترد على من يستند إليها في مثل هذه الفتاوى أيضاً . فلا ينفعك أن تذكر قائمة بالفتاوى المجردة وفي المثل السائر: العرش ثم النقش ..

وأما قولك: ومن مساوئ أن يعمل الإنسان جندياً في الجيش أو قصاباً أنه إذا صرع فإنه سيقتل كل من حوله ؟! فهل سيكون القاتل مجاهداً والمقتول شهيداً ؟ هل يمكن أن نصدر حكماً شرعياً بالمنع لاحتمال أن أحدهم يصرع؟ لقد ضاع عليك المعنى من حديثي المتقدم فنزلت عليّ بما نزلت . . .

أخي الكريم .. حينما يجوز الجزع فإن المعزين يأخذون في لطم وجوههم بكل حرقة ورفع أصواتهم كذلك حتى يسقط أحدهم في الحسينية .. فهذا هو الصرع الذي أقصده أي غياب الوعي والتشنج الخلقي، لا الصرع الفيروسي الذي يتسرب إلى القصاب من العظم أو الرقبة .

أم الحليس لعجوز شهربة … ترضى من اللحم بعظم الرقبة

وعوداً على ذكر، فإني لم أذكر ذلك كأساس لما أدعو إليه، بل هي أمور إذا نظرت إليها مجتمعة رأيت بعين اليقين وهن هذه الظاهرة ... فلا تحاول أن تناقش

ص: 466

كل مفردة بحالها، لأن الشاذ إذا ضم إلى النادر وضما كليهما إلى الشارد وهكذا . . . ستكون النتيجة أنه لا نادر ولا شارد ولا شاذ !

وأما قولك: أولاً: من قال أن مطلق جرح النفس محرم ؟ هل استفيت مرجعك في هذا ؟ فأقول لك: إن معايير الحرمة عديدة، والتنكيل إذا صدق فهو حرام، والإضرار إذا تحقق فهو حرام، وهذا ربما لايتحقق، ولذا كنت قلت إن القول بعدم الحرمة حيث لايوجد إضرار هو أتم الأقوال، وكان مقصودي أنه أتمها من حيث موازين الفتوى.. وكذا الإضعاف بالمذهب والذي أقطع به شخصياً حرام ... وفيما يرجع إلى اللطم، فيجب عليك متى ظفرت بعدو الله وكنت مستطيعاً لاتخشى ضرراً أن تسدد اللطمة في وجهه واللكمة في بطنه !! ولكن لاتنس أننا متفقون على أساس الحزن وأنه موضع استفيد من النبي وأولاده المنتجبين عليه وعليهم أفضل الصلوات والتسليم . ولذا فنقضك عليّ هنا وفي المقدار اللازم الذي نتفق على لزومه أو رجحانه المؤكد ليس نقضاً موفقاً أيها الأخ العزيز، وإلا لأمكن أن نقول لطالب العلم والدكتور و...و... أنه لا داعي للإلتزام عشرة أيام بالحضور طرفي النهار في المآتم الحسينية، وليجلس كل منكم في داره ويطلب الكاسيتات آخر الموسم .

سبحانك يا الله .. سبحانك يالله .. فلم تكن المقابلة بين ما هو من قوام الحزن المطلوب ونفله المرغوب أيها الأخ المبجل، غير أنها كانت بين ما ليس تثبت مطلوبيته ولا المرغوبية فيه، وهو أغلى ما في الإنسان: الدم .. الدم .. الدم ..وبين عملية الجهاد ...

ومرة أخرى: إن اللطم والبكاء عمل مشترك بين ممارسة الحزن وبين الممارسة الدينية وهي الوقوف في وجه المنكرات، واشتراكها يقتضي أن

ص: 467

تتواجد في كلا المقامين ... وأما التطبير وإهدار الدم فليس من شيم أهل الحزن والمصاب، وإنما هو مبتدع في القرنين الأخيرين، وكان قبل هذا لاينظر إلى في سوح الجهاد، فالمقابلة التي قمت أنا بها كانت من باب رد الشئ إلى أصله بعد أن لم يثبت حسنه وثبت ... وهكذا حينما نندب إلى التبرع بالدم بدلاً منه لأنه فعل ثابت الحسن والجمال الخلقي، بل إنه هو التعظيم الذي كنت تبحث عنه يا أخي المحترم، لأن العام والخاص سيعظمك إذا عرف أن من ينبوع عاشوراء وتعاليمها مواساة الخلق بدمها القاني .. وتعطي الشيعة فضلاً عن التشيع السمة الإنسانية، بخلاف ممارسة التطبير فإن أحداً من العامة لن يهتدي إلا إلى تحقيرك دون تعظيمك . فانظروا كيف تخدمون الحسين وهدف الحسين علیه السلام ؟!...

وأما المقارنة بين هذه الممارسة وبين غيرها من الممارسات، من قبيل الجلد بالسلاسل، فأؤكد لك يأخي أن الولي الفقيه ينظر المصلحة ويعتمد التدرج في علاج القضية، ولو نهاههم عن كل شئ لجعلهم في ضنكة قد تؤدي إلى انفجار، العالم الشيعي في غنى عنه، وإلا فالضرب بالسلاسل (الزناجير) والطبول، وألحان العزاء التي تشبه الأناشيد ..كلها من ملة واحدة .. أليس يكفي هذا في انطباق عنوان هتك الشعائر ؟!

- وكتب (نقد ونظر) بتاريخ 28-4-2000، العاشرة صباحاً:

الأخ أمين .. أشكرك كثيراً على مداخلتك القيمة، وكثر الله من أمثالك من الفضلاء الذين يدركون القيم الحقيقية للشعائر الحسينية، ويقفون أمام الإنجرار العاطفي في فعل بعض العوام .

- وكتب الموسوي بتاريخ 26-6-2000، الواحدة والثلث صباحاً:

ص: 468

الأخ الكريم أمين حفظه الله .. لست ممن يخشى إبداء رأيه، وكلامي كان واضحاً من قبل في ردي على الأخوين الفاضلين الأشتر وعلي البحراني، ثم صرحت لك بأن المسألة ليست مزاجية بل شرعية، فهل يجوز أن أقول بولاية الفقيه العامة، وأتبنى أدلتها إذا كان مرجعي ينفيها ؟!

أما كلامكم عن الذوق الشرعي ! فهل عُدمه السيد الخوئي وحظيتم به ! وإذا كان صاحب الجواهر قد قال شيئاً في هذا المجال فهو صاحب الجواهر، أما أنا وأنت فلسنا سوى مقلدين، فهل يجوز لك ولي أن نفتي بالولاية العامة إن لم نكن مجتهدين؟ وللأسف الشديد فقد ظهرت لنا في هذه الأيام بعض الشبيبة ومن المعممين أيضاً ! تقول إنه لايجب التقليد في ولاية الفقيه العامة، لأنها من البديهيات والضروريات !

وأما السلوك العملي للفقهاء .. ألا تعلم أخي الفاضل أن كثيراً من الفقهاء والمراجع كالسيد أحمد الخونساري ومنهم السيد المرعشي أيضاً، في بعض السنوات لم يشاركوا في انتخابات رئاسة الجمهورية في إيران في حياة الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه، الذي كانت تأتي الأوامر المشددة من قبله بالمشاركة فيها، فهل سلبت الفقاهة منهم لذلك ؟! لا أريد أن أصوب موقفهم أو أخطئهم، ولكنني أدعو للدقة في الكلام ...............

أما بخصوص قولك (إن الرأي السائد عدم جواز نقض حكم باسط اليد من قبل غير الباسط، فأرجو أن تستشهد بكلامك على أقوال الفقهاء .. ففي حدود علمي القاصر فإن من يتناول مسألة عدم جواز نقض حكم الحاكم لايفرق بين باسط اليد وغيره ؟! ثم إنك بنفسك ذكرت أن السيد الكلبايكاني يقول بالجواز في حال إذا علم بخطأ مقدماته، إذن هذا القول ليس على إطلاقه وله استثناء .

ص: 469

أما القول بأن حكم الحاكم سارٍ ونافذ حتى على المجتهد الآخر فهذا محل كلام عند الفقهاء، ولاحظ ما قاله السيد الخوئي في التنقيح من شرح العروة الوثقى كتاب الإجتهاد والتقليد – 394: (وهل ينفذ حكم الحاكم ويحرم نقضه في غير موارد الترافع أيضاً كثبوت الهلال ونصب القيم والمتولي ونحوها ؟ يأتي عليه الكلام في المسألة الثامنة والستين إن شاء الله، وسنبين هناك أنه لا دليل على نفوذ حكم الحاكم في غير موارد الترافع). ولاحظ أنه قدس سره شمل حرمة النقض أيضاً في مبحث المسألة .

وقال في المسألة الثامنة والستين: (إن الولاية لم تثبت للفقيه في عصر الغيبة بدليل وإنما هي مختصة بالنبي والأئمة علیهم السلام ، بل الثابت حسبما يستفاد من الروايات أمران: نفوذ قضائه وحجية فتواه) (المصدر السابق– 424) إذن إطلاق كلامك بنفوذ حكم الحاكم ليس على إطلاقه، فهناك بعض الفقهاء ممن يرى أن حكمه نافذ في باب القضاء فقط، عند الترافع عند القاضي . . . . . . . . . . . . .

أما مسألة حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لايجوز واحد، وتشبيهك إياه بالإنتحار جزعاً على الحسين علیه السلام فهو مما يدعو للإستغراب بحق !! فهل حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لايجوز واحد قاعدة فقهية أم أصولية ؟ هل يمكن أن تذكر موارد تطبيق الفقهاء لهذا الأصل، الذي يورده الفلاسفة عادة ؟

أرجو أن يكون الإرجاع للفقهاء واضحاً في هذه النقطة، فنحن لانريد أن نبحث عن آراء يختلقها أي واحد منا، فإن كان لأي واحد منا فقه جديد فلا يصح أن نجعله مقياساً في الدفاع عن آراء فقهاء لايتبنون فقهنا الخاص بوجه . ولو تجاوزنا هذا الأمر فمن أين أثبت المثلية بين التطبير موضع البحث الذي هو

ص: 470

إخراج لقدر من الدم لايوجب إضراراً بالبدن، وبين الانتحار الذي هو إزهاق للنفس، حتى يصح لك بعد هذا أن تسري حكم المثل لمماثلة ؟

ثم إن الجزع - لو قبلنا بصدق الجزع العرفي على الإنتحار - لايمكن أن يتجاوز الحد الممنوع شرعاً، كما ذكرت أنت كإزهاق النفس أو إلحاق الضرر بالبدن ضرراً معتداً به ؟ فلو أدى اللطم الشديد على سبيل الإفتراض إلى ضرر معتد به كفقدان حاسة من الحواس كالسمع مثلاً، فلا يمكن الإلتزام بذلك لأنه جزع مشمول بالنهي .

أما في مسألة تحديد الجزع والحزن، فمن الواضح أن التحديد الشرعي، كما ينص على ذلك الفقهاء، هو عدم الضرر المعتد به . أما التحديد العرفي فأود تلخيصاً للكلام هنا في الجزع وفي المواساة وإحياء أمر المذهب أن أذكر كلاماً يشملهم جميعاً لأن محور كلامك في كل ما ذكرته - حتى في صدق كون التطبير شعيرة – واحد، ألا وهو الصدق العرفي فمن الواضح أن المسألة تتبع العرف لأن هذه الأمور الحاكم فيها هو العرف، ومن جملة الاستفتاءات الشاهدة على أن المرجع في إدراج قسم كبير من العادات في العزاء هو العرف ما سئل به آية الله العظمى الشيخ الفاضل اللنكراني:

- ما حكم استعمال الرايات والعلامات في مراسم العزاء الحسيني علماً أن في بعضها نقوش ورسوم ؟

الجواب: يجوز استعمالها، بل هو مطابق لتقاليد العزاء الحسيني، حيث أن لهذه التقاليد قدسيتها واحترامها الذي يجب حفظه كما قال سيدنا الأستاذ الإمام الخميني . (استفتاءات حول الشعائر الحسينية ص 9).

ص: 471

فبالرغم من أن (الأعلام والشارات) أمر محدث وهو أمر مرسوم في إيران في الغالب دون غيرها من البلدان، ومع ذلك فقد اعتبرها الشيخ اللنكراني من تقاليد العزاء التي لها قدسية . والعرف قد يختلف في مكان دون آخر، فقد جاء في سؤال موجه إلى الشيخ اللنكراني ما يلي:

- يلاحظ في فتاوى سماحتكم، وهكذا بقية العلماء، أنكم تعلقون جواز العمل ببعض صور الشعائر الحسينية، على كونها لاتوجب وهنا وتضعيفاً للدين .. ماهو الملاك في صدق عنوان الوهن؟ ففي يومنا هذا نجد أن كثيراً من إخواننا السنيين ناهيك عن النصارى وأرباب الملل الأخرى يسخرون بجميع صور الشعائر الحسينية ويستهزئون بها، ويصل الأمر أنهم لا يرون البكاء على فقيد مضى منذ أربعة عشر قرناً، واللطم حزناً عليه عملاً عقلائياً ! وقد يقال إن هذا مما يصور في أذهانهم صورة سلبية ومشينة عن الشيعة تدخلهم في الخرافيين والرجعيين ؟ هل هذا ما تريدون من (وهن المذهب) الذي يستتبع حرمة العمل ببعض صور الشعائر الحسينية ؟ وهل تعد اعتراضات المخالفين والعلمانيين (اللادينيين) وتشوه صورتنا لديهم من مصاديق وهن المذهب ؟

الجواب: الملاك في صدق عنوان الوهن هو كون العمل بحيث لايقبل التوجيه العقلائي، مع ملاحظة ما هو المعيار في عقيدتنا ومذهبنا، ولعله يختلف باختلاف الأمكنة والأزمنة، فمثلاً الدخول في النار المتداول في بعض البلدان بعنوان نوع من الشعائر لايكون كذلك في بعض البلاد الأخرى، أي لايكون قابلاً للتوجيه المذكور، مع الملاحظة التي أشير إليها، وإن كان الأمر واحداً . (استفتاءات حول الشعائر الحسينية ص 15) .

ص: 472

وموضع الشاهد هنا أن الشيخ اللنكراني لم ينكر إمكانية أن يكون المشي على النار - مع أنه لا يقل عن التطبير - نوعاً من الشعائر .

وأود أن أنبه إلى أن إكثاري من الإستشهاد بكلام الفقهاء في بعض القضايا التي تقولون أنهم لايختلفون عنا في فهم القضايا من جهة ارتباطها بالفهم العرفي أو الموضوعات يخدم الغرض الذي أريده، لأن من غير المعقول أن يكون كلام هذا العدد الكبير من الفقهاء - وبمقارنة بين الطرفين يظهر بوضوح أن الكفة العلمية للقائلة بالجواز والاستحباب أرجح من الكفة الثانية - مناقضاً للفهم والصدق العرفي بحيث يستطيع الإنسان أن يقطع ويتيقن بأن التطبير لايكون مواساةً ولا جزعاً ........... ترى هل بلغ الحس العرفي للسيد الخوئي حداً بحيث يكون مستهجناً من قبل جميع من يحصل بهم العرفي . كلا، بل غاية الأمر أن يقال أن العرف يتفاوت من مكان إلى آخر كما في جواب الشيخ اللنكراني، أو أن الأفراد يتفاوتون في فهم القضية فيتفاوت الفهم العرفي أو يختلف الأفراد في تحديد ما يقوله العرف، فكل يدعي شيئاً حول ما يقوله العرف، وحينئذ فلاتكون هناك ضابطة عرفية وخاصة مع لحاظ أن المختلفين في الأمر (الفقهاء) إن لم يكونوا أفضل من الآخرين في الفهم العرفي فهم لايقلون عنهم .....

أرى أن الحبيب عندما يبلغه ما أصيب به المحبوب فهو من فرط حبه يحزن على ما جرى على محبوبه، ويحب أن يشاركه في مصابه، فيبكي ويلطم إلى أن يسيل الدم منه، ويصرخ ويمتنع عن الأكل، أويضرب رأسه بالجدار أو يضرب وجهه بيده، وقد يضرب رأسه بالسيف الذي قتل به محبوبه مواساةً له وإعلاناً للفداء . إنه انفعال وجداني صادق لاتكلف فيه، يحكي حرقة ولوعة، وليس أسلوباً استعراضياً .... ومن ثم فإن المواساة تعني المساهمة والمشاركة وهي قد

ص: 473

تكون بالمال، وقد تكون بالنفس، وقد تكون بتحمل الأذى في سبيل المحبوب، والمواساة في التطبير صادقة، لأنها جرح للنفس في الموضع الذي جرح فيه المحبوب، جرحاً يستثير في النفس حس الفداء وحب الإنتقام من ظالميهم .

أما قولكم: وأما بعض الموارد التي يستأنس منها معنى المواساة كالإمساك عن الطعام في يوم عاشوراء، فلم يرد بلفظ المواساة فيما أعلم ولا بغيرها، وإن عبر عنه بعض العلماء كذلك . ففيه: أن التعبير ليس هو المهم، بل المهم هو المؤدى وصدق المواساة، وهو حاصل في الإمساك عن الطعام .

ولاتنس أنك اعتبرت في أواخر ردك أن التبرع بالدم هو نوع من المواساة، مع أنه لم يرد في الروايات ! على أنه إن لم يرد بلفظ المواساة في حدود علمي فإنه قد ورد بعنوان الجزع، ولهذا فقولكم: ولا بغيرها: أي بغير المواساة، غير تام، فقد روى ابن قولويه في كامل الزيارات عن مسمع بن عبد الملك كردين البصري أنه قال: قال لي أبو عبد الله علیه السلام : يا مسمع أنت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين علیه السلام ؟ قلت: لا، أنا رجل مشهور عند أهل البصرة، وعندنا من يتبع هوى هذا الخليفة، وعدونا كثير من أهل القبائل من النصّاب وغيرهم، ولست آمنهم أن يرفعوا حالي عند ولد سليمان فيمثّلون بي . قال لي: أفما تذكر ما صُنع به ؟ قلت: نعم، قال: فتجزع ؟ قلت: إي والله وأستعبر لذلك حتى يرى أهلي أثر ذلك علي فأمتنع من الطعام حتى يستبين ذلك في وجهي . قال علیه السلام : رحم الله دمعتك، أما إنك من أهل الجزع لنا) . لاحظ أن الإمام علیه السلام مدح جزعه الذي حصل فيه امتناع عن الطعام حتى استبان الضعف في وجهه .

إحياء أمر المذهب . . وهذا كما يحصل بتبيين تعاليمه، فإنه يحصل بكل وسيلة تؤدي إلى إبقاء ذكر المذهب، وفي هذا المجال يقول الإمام الخميني:

ص: 474

إن شهري محرم وصفر قد حفظا لنا الإسلام بالمعنى الصحيح (التشيع) والحفظ يكون بالمظاهر التي فيها تبقي جذوة عاشوراء حية ملتهبة في النفوس . ويقول الإمام الخميني: وهذه البواكي والمراثي والصيحات واللطم والمواكب هي التي حفظت نهج سيد الشهداء علیه السلام وقضيته، ولو اقتصر الأمر في رجل مقدس يجلس في غرفة منزله ويقرأ لنفسه زيارة عاشوراء ويدير المسبحة لما بقي شئ . كل مدرسة تحتاج إلى الضجيج . يجب أن تلطم عندها الصدور، وكل مدرسة لايوجد فيها لاطمو صدور ولايوجد عندها بكاءون، ولايوجد عندها ضاربون على الرأس والصدر، فإنها لاتحفظ . (صحيفة النور: 8/69) .

واستشهادي بكلام الإمام الخميني (رضی الله عنه) لامن جهة أنه يرى أن التطبير يكون به إحياء المذهب بل من جهة أن القائلين بأن التطبير يتحقق به إحياء المذهب - كغيره من الشعائر الحسينية كاللطم - يتبنون جوهر وروح العبارة التي قالها الإمام الخميني، أي أن المذهب يبقى بمظاهر الحزن المقارنة للضجيج والصخب، والتطبير أبرز ما ينطبق عليه ذلك . ومن هنا تبرز الفلسفة الدينية والسياسية للتطبير كغيره من الشعائر .. وبهذا يظهر لك قيمة كلام بعضهم الخطابي، حيث استدل على عدم مشروعية اللطم المؤدي للإسوداد والإحمرار بأنه أسلوب غير حضاري !!! .... الخ .

سأسعى إلى استعراض دليل القائلين بأن الشعائر هي معالم دين الله والأعلام التي نصبها لطاعته. وقد وجدت أن أفضل عرض لها بشكل مختصر ومفيد ما كتبه العلامة الشيخ على النمازي الشاهرودي في مستدرك سفينة البحار: 5 /416 - مادة شعر:

ص: 475

المقصد الأول: في الشعائر جمع الشعيرة، وهي بمعنى العلامة، ومنه الشعار: علامة مخصوصة بجعل نداء مخصوص يتنادون به الأخوان للحرب والسفر. ومنها الإشعار والتقليد، يجعلون علامة للبدن التي جعلت هدياً للكعبة. فالشعائر مطلق العلامات، فإذا أضيفت إلى الله، تكون العلامات الراجعة إلى أمور الله، وذلك قوله تعالى: ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب، يعني علامات طاعة الله وأعلام دينه، وأعظم أعلام الدين النبي وأئمة الهدى صلوات الله عليهم، ولعله لذلك قال أمير المؤمنين علیه السلام : نحن الشعائر والأصحاب . ومن أفرادها البُدْن، كما قال تعالى: والبدن جعلناها لكم من شعائر الله . ومن أفرادها الصفا والمروة، قال تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله . ومنها: مواضع مناسك الحج ومعالمه التي تكون منافع للناس، بل نفس مناسك الحج وأعماله كلها. ومنها: المصاحف والمساجد والضرائح المقدسة والعلماء العاملين . ففي تفسير الصافي قوله تعالى: لاتحلوا شعائر الله، قال: لاتتهاونوا بحرمات الله، جمع شعيرة وهي ما جعله الله شعار الدين وعلامته من أعمال الحج وغيرها. وتقدم في حرم: حرمات الله . ونعم ما قيل: الشعيرة والعلامة والآية واحدة . ومن أفراد تعظيم الشعائر تعظيم البدن وجودتها مع أنه يمكن الاكتفاء بأصغر منها وهي شاة، كما يستفاد ذلك من كلام القمي ورواية الكافي المذكورين في تفسير الآية . انتهى كلامه رحمة الله .

وبناء على ما مر، فإن شعائر الله تفيد العموم، ولها أفراد عديدة منها البدن والصفا والمروة، والآيات ليست في صدد الحصر بل ذكر المصاديق، وهل يعقل أن تكون البدن من شعائر الله ولايكون أهل البيت من شعائره !! أما مصداق الشعائر من ناحية الصغرى فلا يخضع لنص خاص بل كل مايصح الإنطباق عليه،

ص: 476

ولافرق في الصدق بين التطبير وبين اللطم ولبس السواد في كونها شعيرة، فالإنطباق قهري كانطباق الإحسان إلى الغير على التبرع بالدم. أما لو قلنا أن الانطباق غير ممكن، ولابد من وجود نص خاص، فحينئذ لا يمكن الإستناد في حدود فهمي القاصر إلى هذا الدليل .

أما كون التطبير تعظيماً أم ليس كذلك فهو راجع للصدق العرفي، نظير جعل تقبيل قبر النبي صلی الله علیه و آله من مصاديق هذا التعظيم، و إن وقع الخلاف في الصغرى فكلٌّ ملزم بما يفهمه، نظير اختلاف الفقهاء في كثير من الفتاوى في بعض المسائل المرتبطة بتنجيس المسجد ونبش القبر، لاختلافهم في صدق الهتك من عدمه الذي هو دليلهم الوحيد في تلك المسائل .

أما احتمال كون المراد من التعظيم هو الإستعظام، فربما قيل أيضا أن التعظيم يختلف بحسب مايتعلق به، فإن تعلق بالبدن فتعظيمها باختيار الأجود وإن تعلق ببيت الله فهو في قصده وعدم توهينه، وإن تعلق بالمسجد فبالصلاة فيه وحرمة تنجيسه، وهكذا .

ولم أفهم لماذا تكون الفتوى التي أوردتها أجنبية عن محط الكلام، ألم يرتب السيد الخوئي الأثر الفقهي على مبناه فقال بجواز البناء على القبر لكون ذلك من تعظيم الشعائر ؟ ألم يقل بأن التشبيه من شعائر المذهب ؟ ألم يجوز اللطم على الصدر في موت العالم لكونه إظهاراً لشعار ديني مع أنه يقول بحرمة اللطم على الميت، على الأحوط وجوباً في حاشيته على العروة، والإستفتاء السابق يؤكده، ولكنه في التنقيح قال بعدم وجود دليل على الحرمة، ولا منافاة مع ذلك في قوله بالإحتياط ؟؟

ص: 477

أما الدليل الذي اعتمد عليه، فأنا لم أظفر به، ولكنني أعلم أنه فقيه كبير ولا يفتي من غير دليل، وهنا سأحاول أن أبحث عن الدليل، وسأجد أن الفتوى التي عرضها السيد الخوئي لاتستقيم سوى مع الفهم الذي نقلته في الآية عن بعض العلماء من أن الشعائر هي مطلق المعالم المنصوبة لطاعة الله . ولا أدري ما هو السر في توجيهك عدم المنع بخبرة السيد الخوئي، ولم تحتمل أن القضية مرتبطة بمبنى فقهي يقول بأن الحرمة المقارنة للشئ لا تسري للشئ نفسه ليكون، كالناظر إلى الأجنبية حال الصلاة، كما أجاب به الميرزا النائيني . (فتاوى علماء الدين حول الشعائر الحسينية ص 22) ..... الى آخر ماكتبه الموسوي .

- وكتب الموسوي بتاريخ 8-5-2000، الثالثة صباحأ:

الأخ العزيز فادي ..

1 - لم يكن بيني وبينكم خلاف في أن وجود الموضوع من عدمه هو وظيفة المكلف، ولكنني كنت بصدد بيان أن المراجع والمقلدين يتفقون في بعض الأحيان على تحقق الموضوع الخارجي وتشخيصه، كأن يتفقوا على أن التطبير لايتجاوز ضرره فقدان لتر من الدم، ومع هذا الإتفاق بينهم على الموضوع الخارجي تختلف فتاوى بعض المراجع عن غيرهم، فبعضهم يرى أن هذا المقدار من الضرر محرم شرعاً، والبعض الآخر لايرى ذلك، وهذا كان منشأ في الإختلاف بين السيد محسن الأمين من جهة كما هو واضح من كلامه في رسالة التنزيه، وبين من عارضه من المجتهدين، ولعلكم لاحظتم ما قاله البعض من معارضي التطبير في العدد التجريبي من نشرة: منبر السبت، التي تحولت في أعدادها اللاحقة إلى: فكر وثقافة . وهذه النقطة مهمة أيضاً حتى على القول بتحقق الهتك والسخرية خارجاً كما سأشير إليه في النقطة الرابعة، فبعض العلماء

ص: 478

ذهب إلى عدم حرمة التطبير حتى مع استلزامه السخرية والهتك والتوهين . فإن لم يكن بيني وبينكم اختلاف في هذا المقدار فلا نزاع في هذه النقطة .

2- من الواضح إننا لا نبحث عن المعنى اللغوي للبدعة - وهو إنشاء الشئ لا على مثال سابق، وإلا فإننا سنشبه ابن تيمية والوهابية في جعل كل حادث جديد بدعة، فنحرم مثلاً الإحتفال بالمولد النبوي لأن السلف السابق لم يفعل ذلك . ومن ثم فكون التطبير بدعة بالمعنى اللغوي ليس له أي أثر في القول بحرمته . أما المعنى الإصطلاحي فهو إدخال ما ليس من الدين في الدين، ويتحقق هذا بتحريم ما كان مقطوع الحلية - بما لا مجال للإختلاف فيه ولا يعد من المسائل الإجتهادية - كتحريم زواج المتعة، أو تحليل ما هو مقطوع الحرمة، ويتحقق بأن يختلق حكما لفعل ما لم يرد في الشرع لا بعنوانه الخاص ولا العام، كأن يقول تستحب صلاة التراويح، ويكون قد اختلقها بنفسه . ويتحقق أيضا بأن ينسب حكماً معيناً إلى الشريعة لفعل ما بعنوان ذلك الفعل، كما لو قال إنه يستحب صيام العاشر من شوال بعنوان كونه العاشر من شوال، وليس بعنوان مطلق الصيام المستحب الذي يكون في كل يوم بما فيه اليوم العاشر من شوال .

وهذا يعني أن البدعة تتحقق إذا أتى بفعل قد ثبت استحبابه مع نسبة الخصوصية الزائدة إلى الشرع، فمصافحة الغير عند لقائه مما ورد الندب إليه في كثير من الروايات، وكثير من الناس يطبقون هذا الإستحباب بعد الإنتهاء من صلاة الجماعة مع أنه لم يرد دليل على وروده في هذا الموضع بالخصوص، ولكن لاينوون الخصوصية بمعنى أنهم لايقصدون أن الشرع ندب إلى هذا النوع بالخصوص، ولكن هذه أحد مصاديق الندب العام .

وقد جاء في الإستفتاء الموجه إلى السيد الخوئي:

ص: 479

سؤال 205: مما اعتاد عليه المصلون المصافحة بعد الإنتهاء من الصلاة، فهل هذا الأمر يعد من تعقيبات الصلاة ؟ وهل هو وارد عن أهل البيت علیهم السلام ؟ وهل أن الأفضل تركه خصوصاً إذا ما لاحظنا أن الناس يتعاملون معه كأنه من المستحبات بعد الصلاة ؟

الخوئي: لا تعد من التعقيبات، بل بلحاظ أنها بنفسها مستحبة، وفي كل حال، والله العالم . (صراط النجاة 3/72) .

فإن نوى الشخص الخصوصية في مثل هذا السلام، فإن هذا يكون من مصاديق البدعة، ومن هذا القبيل أيضاً ما عرف من قراءة النساء لسورة الأنعام أو بعض السور الأخرى بطريقة معينة، أو صلاة أربعين شخص للميت صلاة الوحشة، فإن قصد فيها الخصوصية، فهي بدعة لأنها نسبة ما ليس من الدين إليه، أما مع عدم قصدها وعدم قصد الورود فلا مانع من ذلك . ولا أحب أن أطيل أكثر من هذا حول هذه النقطة، ويمكن مراجعة ما قاله العلامة المجلسي على سبيل المثال في البحار: 71 /22-23، 80 / 157- 158، 81 /150 .

أما فيما يرتبط بمحل الكلام وهو التطبير، فإن من قال باستحباب التطبير أو جوازه لم يدع أن الإمام الصادق علیه السلام قد ندب إلى هذا الفعل بالخصوص أو أباحه بالخصوص حتى نقول أن هذا الفعل بدعة ! كل ما في الأمر أن من قال بالجواز قال بأن الأصل في الأشياء الإباحة، وهذا أصل مسلَّمٌ عندهم، فلا تشريع ولا بدعة .

ومن قال إنه مستحب لم يقل أنه مستحب بعنوانه الخاص حتى يقال إنه بدعة، بل قال إنه من مصاديق العنوان العام الذي ثبت رجحانه سواء كان الجزع أو المواساة لأهل البيت أو إحياء أمر الدين . ولو افترضنا في أسوأ التقادير أن

ص: 480

الطرف الآخر يعتقد بأن التطبير لاينطبق عليه أي واحد من العناوين العامة، فهذا لايعني أن يوصف فعل من اعتقد بالإنطباق بأنه بدعة . مثلاً لو اختلف شخصان في أن الإحتفال بيوم العامل أو يوم المعلم هل هو من مصاديق التعاون على البر والدعوة إلى التعلم والعمل، وهذه عناوين راجحة أم لا ؟ فهل تقبل أن أصف ما يقام حالياً في الجمهورية الإسلامية من احتفال بيوم المعلم بأنه بدعة، لأنني شخصت مثلاً أن الدعوة إلى التعلم تكون بإقامة دروس تعليمية وليس الإحتفال بهذا اليوم ؟

وأرى من اللازم التنبيه على نكتة جانبية متوجهة لقولكم: (ولكن عدم وجوب الموضوع أو استحبابه بالعنوان الأولي يساعد كثيراً في الإلتزام بالحكم الثانوي، يعني الحكم الثانوي يبقى من غير مزاحم على الإطلاق) .

فإنه لافرق في تقدم العنوان الثانوي على الأولي بين الوجوب أو الاستحباب أو الجواز، فلو قلنا على سبيل الفرض أن التطبير واجب، فإن حكم الوجوب يرتفع إذا كان هناك ضرر كارتفاع وجوب الصوم مع الضرر، طبعاً هذا لا يكون في الأحكام الأولية التي أخذ الضرر المالي أو البدني في ذاتها كالزكاة والجهاد.

3 - ما دام أن العلماء السابقين كانوا مع انتباههم لهذه المسألة والإثارة لا يعيرون لها اهتماماً، فإن هذا بحد ذاته كاشف أنهم لم يكونوا على أضعف التقادير يرون في هذه الشعائر هتكاً وتوهيناً، مع معرفتهم بمحاولة الخصم الطعن في التشيع بها . ومن باب التذكير أعيد نص ما قاله آية الله الشيخ حسن المظفر المتوفى سنة 1388 هجرية في كتاب نصرة المظلوم ص 85: (قد يظن الظان لأول وهلة أنه قدس الله سره لا يرى رجحان ذلك بالنظر إلى حال محيطه، لأن جميع من في البلدة عدا النزلاء من غير الفرقة الجعفرية، وفيها أخلاط من غير

ص: 481

المسلمين، وفي ذلك مجال الإستهزاء والسخرية) . انتهى موضع الشاهد . كل ما في الأمر أن الإعلام توسع ومن ثم دائرة الطعن توسعت، وإذا لم يروا في أصل الفعل هتكاً وتوهيناً فإن تضخيم الإعلام لن يغير من واقع الأمر شيئاً . هذا فضلاً عن أن بعض العلماء يرون أن هذا العنوان لا اعتبار به من الأساس، بمعنى أنه حتى مع السخرية والإستهزاء، فلا يستوجب هذا تغير الحكم .

وبصراحة أنا لا أوافقك القول أن التطبير هو واجهة التشيع في الإعلام الغربي، ومع اعترافي أنهم يركزون على التطبير ضمن إعلامهم السنوي يوم العاشر من المحرم، فإنهم أكثر ما يركزون عليه ضمن متابعتي للإعلام هو الإرهاب والتطرف، وكذلك موقع العلماء في الوسط الشيعي، وأخيراً التركيز على الإختلافات الفكرية والسياسية بين الشيعة أنفسهم .. ولو أردنا التنزل لقلنا أن التطبير وبقية الشعائر الحسينية كاللطم والتشبيه من واجهات التشيع عند الغرب لا أبرز واجهة للتشيع .

أما بخصوص علاقة الهتك والتوهين بالمصلحة والمفسدة، فمن المعروف أن الأحكام الشرعية تتبع المصالح والمفاسد الموجودة فيها، وتحت هذا العنوان العام (المصالح والمفاسد) تندرج وجوه المصلحة والمفسدة . وعلى سبيل المثال المصلحة الموجودة في الصوم هو تذكر جوع وعطش يوم القيامة وجوع وعطش الفقراء، هذا من باب التمثيل فقط وإلا فإن الوجوه الواقعية لمصالح الأعمال ومفاسدها مجهولة لدينا .

ومن ثم فإن من قال بأن التطبير محرم ذهب إلى ذلك لوجود عدة مفاسد في رأيه، وبعضهم اقتصر على بعضها فقط، وهي الضرر البدني أولاً، والهتك والتوهين ثانياً، والبدعة ثالثاً .. وبمعنى آخر إن الحكم بالحرمة هنا كان من أجل

ص: 482

المفسدة، أما ما هي المفسدة فأمرها دائر بين الأمور الثلاثة كما يظهر من كلمات القائلين بحرمة التطبير . والسيد الخامنئي تطرق في أجوبة استفتاءاته لعنوان الهتك والتوهين (أجوبة الإستفتاءات 2 /129 السؤال 384، 385) . ولم يضف إلى ذلك تأثير التطبير على رسالة أهل البيت علیهم السلام سلباً، أو المفاسد الإجتماعية كما ذكرتم ذلك، وهذا يعني أنه لم يثبت حتى الآن أنه يرى أن عنوان الهتك هو أمر مغاير للتأثير على رسالة أهل البيت سلباً لكي يضاف إليه، أو أنه يرى أن هناك مفاسد اجتماعية،كما جاء في ردكم، مباينة للتوهين، والبينة على المدعي .

وما أريد قوله هنا أن تفريقكم بين الهتك والتوهين من جهة، والمفسدة من جهة أخرى ليس في محله، لأن الهتك والتوهين بالإضافة إلى الضرر والبدعة هي وجه المفسدة، ومندرجة تحت المفسدة كمصاديق وليست في قبال المفسدة نعم قد يختلف الفقهاء في كون الضرر غير المعتد به مفسدة تستوجب التحريم أم لا، أو أن هذا الفعل بدعة أم لا - وبالتالي هل هو مفسدة أم لا - ولكن هذا أمر لا ينفي كون المفسدة هي الأمر الشامل لوجوهها .

نعم قولكم إنه ليس كل هتك وتوهين مفسدة، هو أمر يقول به بعض العلماء، كما أشرت قبل قليل، وبعض القائلين باستحباب التطبير يقولون لايمكننا أن نترك الإستحباب لأجل السخرية والهتك والتوهين، وإلا للزم تعطيل كثير من المستحبات التي تستوجب الهتك في نظر الآخرين ! ولا فرق عندهم بين التطبير وغيره من المستحبات إلا من جهة أن تلك منصوص على استحبابها، وهذه لم يأت نص على استحبابها ولكن انطبق عنوان مستحب عليها، ومثل هذا الفارق لا يوجب أثراً عملياً عندهم مع صدق الاستحباب في الحالتين .

ص: 483

4 - كيف يكون ما نقلته عن السيد الخوئي أجنبياً عن محل الكلام، مع أنكم تقولون أن الموضوعات العامة من شأن الولي الفقيه ؟ فإذا كانت دائرة عمل الولي الفقيه هي التدخل في الموضوعات العامة - لا الفردية والشخصية باعتبار أن المكلف أعرف من الفقيه في الموضوعات الشخصية - ومع ذلك لاتكون للفقيه ولاية على المكلف الذي يقلد مرجعاً لايرى الولاية العامة - ومن ثم عدم نفوذ أوامره وعدم لزوم طاعته في تشخيصه - فهذا يعني أن القول بالولاية العامة وعدمها له تأثير كبير في هذا المجال .. وواضح من جواب السيد الخوئي على السؤال رقم 16 حيث قال:

(فإن كان رأي الأعلم ثبوت الولاية العامة للفقيه فعليه متابعته فيما يترتب عليها من الأحكام والآثار وإلا لم تجب متابعته) .

إن القول بالولاية العامة تترتب عليها آثار خاصة من وجوب المتابعة، وإذا كان نطاق عمل الولي الفقيه هو تشخيص الموضوعات العامة، فهذا الأثر سيسقط مع عدم ثبوت هذه الولاية العامة . وجواب السيد الخوئي على السؤال رقم 17 يعزز هذا الأمر، فمن الواضح أن أوامر الولي الفقيه لاتكون في الأحكام الكلية لأن مقلديه يعرفون تكليفهم من خلال رسالته العملية، بل إن أوامره تكون بناء على تشخيص صغريات الأحكام الكلية، ويلاحظ أن السائل قد جاء في كلامه بالعبارة التالية: وما موقع القضايا والمسائل الموضوعية منها ؟ مما يعزز تناول الجواب لهذه النقطة .

كما أنكم لم تتعرضوا لرأي السيد الخوئي في حكم الحاكم، فإنه صريح في عدم نفوذ حكمه في الموضوعات أساساً - بما يعني بالطبع شموله للموضوعات العامة أيضاً كالشخصية - وكما تعلم فإن الحاكم، وهو المجتهد الجامع للشرائط

ص: 484

، وليس الولي الفقيه المبسوط اليد فقط كما توهم البعض، إنما يحكم طبقاً لتحقق الموضوع عنده، فمثلاً عندما يصدر حكمه بثبوت الهلال فإنه يصدره بناء على تحقق موضوع البينة عنده، ومع هذا فالسيد الخوئي وآخرين - كالسيد السيستاني والشيخ الوحيد الخراساني - يقولون أن حكم الحاكم لاينفذ في الهلال، فمن لم يثبت عنده الهلال يحرم عليه الإفطار يوم الثلاثين من شهر رمضان استناداً لحكم الحاكم .

ولا أدري إن كنتم تعتبرون ثبوت الهلال من الموضوعات العامة أم لا، ولكن من المعروف أن مكتب السيد الخامنئي قد أصدر في السنوات الأخيرة بعض البيانات بمناسبة شهر رمضان تتضمن أن الحكم بثبوت الهلال من مختصات الولي الفقيه - أي من الموضوعات العامة وفقاً لتقسيمكم للموضوعات، ورجوع كل قسم إلى طرف خاص أي المكلف والفقيه - بما يعني أن الإشكالية ستكون أكبر.. وسواءً قلنا إن ثبوت الهلال من الموضوعات العامة أم لا، فإن من المسلم به أن عبارة السيد الخوئي في كتابه التنقيح وفي المسائل الشرعية بعدم نفوذ حكم الحاكم إلا في موارد الترافع في القضاء، تشمل ثبوت الهلال كما تشمل غيره أيضاً من الموضوعات، وإطلاق عبارته لايفرق بين موضوع عام أو خاص .

أما ما نقلتموه عن السيد الخوئي من كتاب الجهاد، فإن السيد الخوئي لايقول باستقلالية الفقيه بالتصرف، ويرى أن الفقيه له ولاية فيما يتوقف تصرفه على إذنه . ولكن لما لم يثبت عنده أن أصل الجهاد منوط بإذن الإمام . (منهاج الصالحين 1/366 –368) فمعنى ذلك أن الجهاد الإبتدائي لايسقط عن المسلمين وهو واجب في عصر الغيبة أيضاً، بخلاف الإمام الخميني رضوان الله تعالى

ص: 485

عليهما فهو يقول أن الجهاد الإبتدائي منوط بإذن الإمام علیه السلام ، وليس للفقيه القيام بذلك (تحرير الوسيلة ج1 ص435 مسألة2) مع أنه من القائلين بالولاية العامة للفقيه .

أما على القول بوجوب الجهاد الإبتدائي كما يذهب إليه السيد الخوئي، فكيف يتحقق هذا الأمر في الخارج ؟ فلو فسح المجال لأي أحد في تحقيقه لنشأت حروب في الخارج مع الكفار لا تعرف في آثارها من شارك في الحرب عمن لم يشارك، وفيها مخاطر عظيمة تتعلق بالدماء والأعراض والأموال، وهذه من الأمور التي أولى لها الإسلام عناية بالغة جداً . ومن الواضح أن أمراً هذه مخاطره لايمكن أن يوكل تنفيذه لأي شخص، ولايمكن تعميم مثل هذه المسألة للموضوعات الأخرى التي ليس فيها تلك المخاطر، مثل المشاركة في الإنتخابات البرلمانية في بلد ما .

ويلاحظ من تعبير السيد الخوئي أنه يرى أن ولاية الفقيه - التي تكون من قبيل اشتراط إذنه - تعم هذا المورد: أي الجهاد الابتدائي، بمعنى أن هذا العمل منوط بإذنه، وهذا هو مدخل كلامه حيث قال: (المقام الثاني: أنا لو قلنا بمشروعية أصل الجهاد في عصر الغيبة، فهل يعتبر فيها إذن الفقيه الجامع للشرائط أو لا ؟) . ولو كان يرى أن له ولاية مستقلة في الخارج لقال إن للفقيه الولاية العامة في البدء بالجهاد من دون أن يكون هذا العمل متوقفاً على إذنه . وبمعنى آخر هناك فرق بين تقرير الشيخ صاحب الجواهر الذي يرى استقلالية الفقيه في التصرف، وبين السيد الخوئي الذي يرى أن للفقيه ولاية في خصوص الموارد التي تجري فيها أصالة الإشتغال، إلا أن نقول أن النزاع بين السيد

ص: 486

الخوئي القائل بالولاية في الأمور الحسبية، وبين القائل بالولاية العامة للفقيه نزاع لفظي !

ومهما يكن من أمر، فليس في كلام السيد الخوئي أي تصريح في أن قوله باشتراط الإذن من الفقيه في الجهاد الإبتدائي، إنما كان من جهة أنه من الموضوعات العامة، وأنه يجب الرجوع إلى الفقيه في جميع الموضوعات العامة كما هو محل البحث، فلا بد لكم لنسبة هذا الرأي إلى السيد الخوئي إثبات الصغرى وهي أن الجهاد الابتدائي من الموضوعات العامة، والكبرى أيضاً وهي: كل ما كان من الموضوعات العامة فيجب أخذ الإذن من الفقيه فيه . وأتصور أن بحثاً بهذا الأهمية وبما له من آثار كبيرة جداً لا يمكن الإستناد فيها إلى مثل هذه العبارة، حتى لو كانت عبارة السيد الخوئي صريحة في أن الجهاد الإبتدائي داخل ضمن الولاية في الحسبة . فهل هناك عبارة صريحة وواضحة الدلالة عن السيد الخوئي يقول بلزوم الرجوع إلى الولي الفقيه في الموضوعات العامة ؟! وهناك بعض الموارد التي يصعب القول إنها ليست من الأمور العامة، أفتى السيد الخوئي فيها بأن للمكلف قدرة التشخيص فيها ولا يجب الرجوع إلى الفقيه فيها، من قبيل الاستفتاء التالي: السؤال 894: ذكرتم في منهاج الصالحين استثناءات حرمة الغيبة ومنها: ما لو خيف على الدين من الشخص المغتاب، والسؤال هو أن تشخيص ذلك يكون بيد المكلف نفسه أو أنه يلزم عليه الرجوع إلى الفقيه ؟

الخوئي: التشخيص بيد المكلف نفسه، والله العالم . (صراط النجاة 3 /293) .

وفيما يرتبط بموضع بحثنا، فالسيد الخامنئي قد شخص أن موضوع الهتك والتوهين حاصل في التطبير، ولكن بناء على رأي السيد الخوئي - مثلاً - لا

ص: 487

دليل على أنه يجب متابعة السيد الخامنئي في تشخيصه لمثل هذا الأمر . كما لا دليل على لزوم أخذ إذنه أيضاً .

أما فيما يخص ردكم على الأخت الصديقة، فأنا لم أتعرض للجهة الأولى وهي الفرق بين الحكم والفتوى والتي تعرضتم لها ضمن النقطة الثانية في الوصلةالتالية: http://www.shialink.net/muntada/Forum1/HTML/000058.html

ففي تلك النقطة كان كلامكم عن أصل التفريق بين الحكم والفتوى، ولم تتعرضوا لسعة الحكم أو ضيقه ....

7 - .... أما بخصوص مواساة أهل البيت علیهم السلام ، فأنا لم أدع أن مواساة أهل البيت لاتكون إلا بالتطبير، بل قلت أن التطبير من المواساة، وهناك عشرات من الأعمال الأخرى التي يواسي فيها الموالي أهل البيت علیهم السلام ، كالإمتناع عن الأكل والشرب يوم العاشر من المحرم حتى عصر ذلك اليوم، وغير ذلك من صور المواساة .

أما التطبير وتأثيراته السلبية في العالم فأقول: إن هناك تضخيماً للمسألة، ولا ينبغي أن نكترث بما يقولون، بل ينبغي أن نوعيهم لما نعمل إن كانت لهم آذان صاغية، أما إذا استسلمنا لإعلامهم الذي لايريد الخير لنا، بل يعمد إلى قلب الحقائق، فإننا سنقدم المزيد من التنازلات على حساب ديننا وأحكامنا الشرعية .. وبالمناسبة أتذكر أن أحد المؤمنين المخلصين.... دار نقاش بينه وبين المدافعين عن التطبير ومدى آثاره السلبية في الغرب .... وعندما قيل له أن الغرب لايستوعب اللطم أيضاً فهل نكف عن ذلك أمامهم ؟ قال: نعم، ويجب أن نسير في تظاهرة يوم العاشر من المحرم في لندن نحمل فيها الورود لكي نعطي انطباعاً جيداً عن ثورة الإمام الحسين علیه السلام !!

ص: 488

أنا لا أشك في إخلاصه، بل أنا أقطع بحسب معايشتي له أنه يفوقني كثيراً في إيمانه وإخلاصه، لكنني أشك في فهمه لعمق القضايا .

10 – أوافقك القول أن الولي الفقيه يكون إلمامه بالموضوعات في كثير من المواقع أكثر، ولكن هذا لايعني الديمومة، ومن ثم فإن عندي ملاحظة على قولكم: والقائد هو الأقدر في هذا الميدان باعتبار ما يملكه من خبرة على الأرض ومن أجهزة تساعده على ذلك بشكل دقيق جداً . فإننا لمسنا أنه لايعرف بعض المسائل والموضوعات العامة التي نعرفها نحن، وبما أن البحث في تطبيقات هذه المسألة قد لايتناسب مع الأجواء العامة في المنتدى العام بما يخلق حساسية مفرطة من قبل بعض الأخوة الأعزاء - وكفى بما أبداه الأخ العزيز جابر الأنصاري رغم إنني لم أتعرض للسيد الخامنئي بالتجريح - ومع أنه ليس من عادتي ولم يتفق حتى الآن أن أسأت إلى شخص السيد الخامنئي بكلمة سوء واحدة، فإنني سأكف عن التعرض لها فأنا بصراحة أكن للأخوة الأعزاء المشاركين في المنتدى ولرأيهم كل احترام .. فقط سأذكر لك مثالاً عايشته عن قرب وتستطيع من خلاله فهم مقصودي .....

وأستغرب كثيراً من قولكم: ومسألة ولاية الفقيه ووجوب طاعته إن لم تثبت بدليل الولاية العامة فهي ثابتة بدليل الحسبة . وقولكم: مسألة قيادة الفقيه من الأمور البديهية التي لا أظن مرجعاً يخالفها بل أظنها بديهية لاتحتاج للتقليد أصلاً لأن التقليد يكون في غير الأمور القطعية .

فإن كلام السيد الخوئي في الإستفتاء الذي ذكرته في ردي السابق يتنافى مع ما تذكرونه، ولو كانت ولاية الفقيه العامة لها نفس الآثار التي لولاية الحسبة لما كان معنى لهذا الخلاف الشديد وهذا التأكيد من قبل المؤمنين بالولاية العامة

ص: 489

للفقيه على هذا الأمر، وهذا النقض والإبرام . وهل يمكن أن نصدر أحكاماً على أساس الظنون ؟....

أما المحطات الأجنبية فلا أنكر أنها تسعى إلى عرض كل ما هو مثير، وأنا شخصياً رأيت فيلماً بريطانيا تم انتاجه عام 1987 - أي قبل خطاب السيد الخامنئي بأكثر من سبع سنوات - تحت عنوان: سيف الإسلام، حول نشأة حزب الله في لبنان، وكانت بداية الفيلم عن تشبيه لمراسم عاشوراء في النبطية ثم مشاهد التطبير فيها والمعلق يقول: كان هناك يزيد وكان الحسين، وكانت كربلاء حيث يعتقد الشيعة أن إمامهم الحسين قتل مع 72 شخصاً من أهل بيته وأصحابه، وهم يحيون هذه الذكرى لإظهار حزنهم عليه !

ويشهد الله أنني أحسست بعزة لا تتصور لمذهبنا وهيبة ترعب قلوب الأعداء . ومهما كانت غاية المعلق فإنه فهم الإرتباط بين نشأة حزب الله وكربلاء وصور التعاطف معها، فلماذا نغفل عما تفطن إليه غيرنا !

أما قولك: وهذا الموضوع ليس مختصاً بالسيد الخامنئي حتى نفتش عن الذي أثر عليه في ذلك، وإنما أنت بنفسك نقلت كلمات الكثير من العلماء الذين التفتوا إلى ذلك وذكروه أيضاً . فإن جميع من تعرض لموضوع التطبير باستثناء السيد الأمين - في حدود علمي - تحدثوا عن الهتك بعد خطاب السيد الخامنئي . علماً بأن بعضهم أيد رأي السيد الخامنئي ولم يتطرق لمسألة تحقق الهتك موضوعاً، بل أيده من جهة الولاية وحكم الحاكم، اللتين هما موضع اختلاف، كما أسلفت ... الى آخر ماكتبه الموسوي .

ص: 490

مناقشة الموسوي وعالم من البحرين مع عالم وهابي ..

- كتب (محمد إبراهيم) في شبكة الموسوعة الشيعية، في 7-4-2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (حوار قيم في ضرب القامات والصدور) . قال:

لقد ناقشنا المسألة نقاشاً قيماً منذ فترة، ولقد ارتأيت أن الوقت مناسب لإعادة التذكير بما دار من حوار في هذا الموضوع.. بما أن الموضوع طويل جداً فسوف أنقل الرسائل أجزاء متتابعة لأنني حاولت أن أنقل الصفحة كاملة، ولم أتمكن من ذلك .

- وكتب عبد النبي بتاريخ 10-10-1999، السابعة مساءً:

حاولت مراراً إرسال ردي على الأخ محمد ابراهيم في مكان الموضوع الأصلي، ولكن يبدو أن هناك خلل فني لاستقبال الرد، لذلك أكتب ردي في صفحة مستقلة متابعة للموضوع .

الى محمد إبراهيم .. ألم أجبك يا أخي ؟ ما هذا الإصرار على المغالطة ؟!

هناك أسئلة تعتبر أسئلة خاطئة، بمعنى أنه لا محل لها، ومنها سؤالك هل فعل الأئمة علیهم السلام اللطم والتطبير ؟ لأن الإباحة الشرعية لا تتوقف على ممارسة الإمام وفعله للمباح، ولا يفرق أن يكون هذا المباح له دور في العبادة أو في الشؤون العامة للحياة . وقد مثلت لك بالأسئلة التي وجهتها إليك ولم تجبني عليها حول حج أبي بكر (بالسوبربان، والكفي نت) التي يديرها عثمان! ولك الحق في عدم الجواب، لأنها أسئلة خاطئة مثل سؤالك .

ص: 491

هناك آلاف الأعمال المباحة والمستحبة التي فعلها النبي والأئمة، ولم يسجلها التاريخ ولم ينقلها الرواة، وهذا هو السر في العمل بقاعدة أصالة الإباحة، فهل تريد أن تسقط هذه القاعدة المجمع عليها ؟! وهناك من المعاملات والعبادات الشرعية الموجود في فقه السنة والشيعة، مما لا نص مباشر فيه ولا حديث، وإنما أفتى بها الفقهاء استنادا إلى قواعد وأصول عامة، فهل تريد أن تسقطها عن مشروعيتها ؟! مسألة التقليد مثلاً، لا يوجد بها حديث مباشر، ولكننا جميعا نعمل بها، ولم نسمع اعتراضاً عليها، وهناك موارد أخرى أعرض عنها خشية الإطالة.

عموماً هناك نص ينقل وقوع التطبير وصدوره عن مولاتنا زينب علیها السلام ، في محضر إمام زمانها زين العابدين علیه السلام ، والرواية لا تنقل نهياً ولا اعتراضاً صدر منه إليها روحي فداها، وهاك النص: (التفتت زينب فرأت رأس أخيها، فنطحت جبينها بمقدم المحمل حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها، وأومأت إليه بخرقة وجعلت تقول:

يا هلالاً لمّا استتم كمالاً . . . غاله خسْفُهُ فأبدى غروبا

أنظر بحار الأنوار للعلامة المجلسي جزء 45 صفحة 112 الحديث الأول .

ومن هنا أنشد شاعر أهل البيت فقال:

يا سائلاً عن شج رأس العاشقين

أصدرت فتواه زينب مذ رأت رأس الحسين

أما مصاديق الجزع فهي عرفية، لأنك إذا رأيت شخصاً مات أبوه أو ابنه مثلاً، وأخذ يلطم صدره ويخمش وجهه ويشق جيبه ويحثو التراب على رأسه ويركض حافياً، بل ويلحق بنفسه الأذى بسبب هذه الأفعال، كأن يجرح نفسه

ص: 492

ويسيل منه الدم، فأنت والعرف يقول أنه جازع، وراجع أحاديث النهي عن الجزع تجد أنها تذكر مثل هذه الأمور وتنهى عنها، والإستطراد في تعديد أنماط الجزع يراد منه بيان عدم كونها صوراً ومصاديق حصرية، فبعض الروايات تذكر اللطم، والأخرى خمش الوجه، وأخرى جز الشعر وما شابه... إذاً الأمر عرفي، وعليه لا يمكنك أن تأتي بدليل يخرج التطبير من مصاديق الجزع، وكما ذكرت لك أن إمامنا الصادق علیه السلام ندب إلى الجزع على الحسين علیه السلام ، وعلى هذا أفتى فقهاؤنا بأنه أمر مباح، وذهب بعضهم إلى الإستحباب .

ومن هنا لا يلتفت إلى انزعاج وتقزز الغرب من هذا الفعل، ولا يعتنى بأقوال جماعة فضل الله وحزب الدعوة، من أن هذا يشوه صورة الإسلام . أما الصورة، وغيرها من الأفلام والصور والحقائق، فهي أوسمة فخر واعتزاز وبراهين وآيات معجزة، أذكر لي اسم شخص واحد أو حادثة واحدة تضرر فيها طفل أو شيخ أو شاب من التطبير ؟! أليست هذه معجزة وكرامة .

ثم قال عبد النبي: ما نقلته لك هو مأخوذ من أحد العلماء، وهو موجود عندي حالياً، فإذا كان عندك جواب فأسرع به حتى يأتيك الرد فوراً ؟

سؤال أخير: لماذا هذه الحساسية الشديدة ضد التطبير، ما الذي يؤلمكم إلى هذا الحد، لماذا هذه الإستماتة للقضاء على هذه الشعيرة ؟!

أبد والله ماننسى حسيناً

لو قطعوا أرجلنا واليدين .. نأتيك زحفاً سيدي ياحسين

وموتوا بغيظكم... حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر حيدر...

- وكتب (مغيض النواصب) بتاريخ 11-10-1999، الواحدة صباحاً:

ص: 493

كل يوم عاشوراء وكل أرض كربلاء. سنبكي عليك يا أبوعبد الله بدل الدمع دم. آه آه آه.. لايوم كيومك يابو عبد الله.. نحن مدينون للحسين بكل شي في حياتنا..

فمن الواجب *** عيناً لبس سربال الأسى

واتخاذ النوح *** ورداً كل صبح ومسا

واشتعال القلب أحز *** اناً تذيب الأنفسا

- وكتب (مطوع بريده) بتاريخ 11-10-1999 الواحدة والربع صباحاً:

مظلومة يازهراء . . مظلوم يا حيدر .. علي ..

- وكتب محمد إبراهيم بتاريخ11-10-1999 الواحدة والنصف صباحاً:

الأخ عبد النبي .. أخي بدأت رسالتك جيداً، ثم بدأت باللطم والبكاء، حتى جررت الأخوة معك .. هدوا ياجماعة، فنحن في منتدى فكري، ولسنا في موقع لطم وبكاء .. أنت وافقت على أنه لم يلطم ويسفك دمه أي أحد من الأئمة الاثني عشر الذين يحددون لكم مناسك دينكم.. روايتك عن فعل السيدة زينب فيها نظر من عدة نواح:

أولاً: هي من مصدر شيعي ولكن هذا لا يهمكم .

ثانياً: فعلها هذا كان رد فعل في ساعة وقوع الحدث حسب الرواية، وليس بعد ألف سنة . وأبغي أن تنقل لي رواية بأن السيدة زينب فعلت شيئاً مثل هذا بعد سنة مثلاً .

ثالثاً: معروف نواح ولطم النساء وشقهن الجيوب وحثهن التراب على الرأس، وهو ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه من أفعال الجاهلية . قلت لك في البداية أن الرواية شيعية حتى لا تتهمني بالتهجم على السيدة زينب .

ص: 494

أما البكاء والحزن فهو مشروع في الإسلام ولا غبار عليه، على اعتبار أن لا تمر ألف سنة على الحادثة ؟؟!! المهم أن أئمتكم لم يأمروا بفعلتكم هذه ولم يفعلوها، ولذلك فهي اجتهاد منكم، من حق أي أحد أن ينتقده ويبين مساوئه، ويسأل عن عقول من يفعلون ذلك .

تفسيرك للجزع بأنه لطم وتطبير هو في غير محله . فلا علاقة بالجزع باللطم والتطبير، فلا تربط بين الأمرين من عندك ! الجزع شئ، ولطمكم وتطبيركم شئ آخر . وأنتم تقولون أن السيد جعفر الصادق قال: كل الجزع حرام إلا على جدي الحسين . إذاً الجزع حرام في عقيدة الشيعة، لأنكم تؤمنون بأن هذه الرواية صحيحة، وأنتم تأخذون دينكم من الأئمة: كيف تشددون على أنفسكم كما فعل اليهود ؟ كيف يكون الجزع حراماً ؟ الجزع شعور طبيعي لا إرادي يقع فيه الشخص عند حصول مصيبة وليس بعد ألف سنة، فهل كل من يقع في الجزع يكون قد وقع في الحرام . الأمر يحتاج لمراجعة كبيرة منكم والله يعينكم على هذه الإجتهادات .

كنا في السابق نلف هوائيات التلفزيون على تلفزيون إيران في كل موسم عاشوراء لنتسلى بنقل طقووس اللطم والهز والركض والنواح . ولكن قبل سنوات عديدة أذكر أنني رأيت أن التلفزيون قد توقف عن ذلك، لا أدري إذا كان قد عاد لذلك بعدها، وبدلاً من ذلك كان ينقل صور دماء على الأرض في الحسينيات، ومقابلات مع أناس في المستشفيات، ويبدو من المقابلات وطريقة نقل الصور، أنهم يتحدثون عن مساوئ ما يحدث في عاشوراء من الإصابات - للأسف أنني لا أعلم من الفارسية إلا بضع كلمات - ولكن الصورة الواضحة كانت أن الحكومة تحاول أن تكبح جماح ما يحدث في هذه الطقوس، وأن

ص: 495

المتسشفيات كانت تمتلئ بالمصابين. ولذلك لا أدري ما هي مصداقية كلامكم أنه لا تحدث حوادث من التطبير . كل فعل يفعله أناس يسمون أنفسهم مسلمين يهمنا، وذلك لأنهم يلصقون بالإسلام أشياء ليست منه، وليست من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم أو صحابته أو التابعين لهم، ولم ينزل الله بها من سلطان، بل هي بدع أدخلتموها وتحاولون صبغ الإسلام بها . لا أريد أن أبدو كمن يسخر ولكن قولك موتوا بغيظكم، يجعلني أقول أننا قد نموت من كثرة الضحك على منظركم وأنتم تلطمون، وهذا ليس استهزاء، ولكنه نقل للواقع الأليم الذي تعيشون فيه وأنتم لا تدركون . أنظر جيداً إلى صورة ذلك الولد المسكين الذي سفك أبوه دمه بحجة حب الحسين وفكر قليلاً: ماذا تركتم للهندوس والمشعوذين أمثالهم ؟!

- وكتب (الغر المحجلين) بتاريخ 11-10-1999، السادسة صباحاً:

الأخ العزيز محمد ابراهيم .. جزاك الله خير عن الإسلام والمسلمين، ولكن يا أخي ألا ترى معي أنه الشيعة أو الرافضة في كل عام لهم طقوس وعبادات جديدة ؟ مثلاً هذه الأيام موضة الإحتفال وليس الطق واللطم والصفع، هذه الأيام موضة الفرح لولادة الأئمة الأطهار، عندهم هذه أيضاً طقوس جديدة . برأيك هذه تجديد لمظهر الشيعة بعد ماكانوا عليه من دموية ؟ أظن ذلك، ولكن لا أرجو أن يأتي يوم يكون فيه من قتل نفسه حباً للحسين موضة والعياذ بالله . والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

- وكتب عبد النبي بتاريخ 16-10-1999، الثانية ظهراً:

إلى محمد ابراهيم .. أعتذر عن الرد لأنني نقلت جوابك إلى أحد العلماء الذي كان قد رد عليك أولاً حتى يدافع عن جوابه، وإليك جوابه:

ص: 496

ها أنت عدت إلى مغالطتك، يا أخي ذكرت لك أن عدم الفعل ليس دليل على عدم الجواز . أنتم تفعلون مئات الأفعال في دينكم مما لم يفعله أئمتكم عمر وأبو بكر وعثمان ! هل حج أحد من هؤلاء بالسيارة ؟ هل خطب الجمعة بالميكروفون ؟ هل.. وهل..؟

إذاً لاتستدل على بطلان عمل بعدم قيام الأئمة فيه .

أما رواية زينب علیها السلام ، فأنا ذكرت لك أن هذا الفعل كان على مرأى ومسمع من الإمام المعصوم، الذي يعد قوله وفعله وتقريره حجة، وهذا يدخل في التقرير .

وبعد أن حوصرت تماماً رأيتك تلجأ إلى أسلوب لايبعد عن فعل النوادب والثكالى في الجبّانات ! ما هذا الخلط، ما ذكرته لك وما أذكره هنا هو كلام علمي تجشمت العناء في كتابته مع أنني لا أملك كمبيوتر وهو ينقل لك بالواسطة، لأنني صدقت بأنك جاد وتبحث عن الدليل وإذا بك (تخربط) ! ما هو الجزع عندك الذي جاء النهي عنه الذي هو من فعل اليهود، كما تقول ؟ دع عنك الإستثناء واذكر لي: هل اللطم من الجزع الحرام ؟ أنا أقول: نعم، هو كذلك إنه من الجزع الحرام، فجاء الإستثناء في الرواية وخصص الجواز بالجزع على الحسين علیه السلام ، ما هو الإشكال في ذلك ؟!

وبالمناسبة، فإن ما تعيرنا به من فعل اليهود وقعتم فيه أنتم في هذا المورد بالخصوص! فأنتم تنسبون إلى رسول الله حديثاً حول استحباب صيام عاشوراء وفيه أن اليهود يصومونه لأنه يوم نجاة موسى من فرعون فقال النبي، والحقيقة أن أبا هريرة هو الذي قال: نحن أولى بموسى منهم .

ص: 497

أما ما ذكرته عن إيران فهو ليس حجة علينا، إيران دولة سياسية لها مصالحها ولها ظروفها مثل أي دولة أخرى، ولا تشكل أي موقع شرعي يلزم الشيعة .

أما قولك إنك فرح وتضحك من هذه الأمور فأعتقد أنك تكذب، لأنك لو كنت تقدر أن هذه المظاهر والشعائر تضر الشيعة وتشوههم، لما حرصت على إبطالها وتمنيت توقفها ! وأشبِّه موقفك بموقف المسيحيين من شعائر الحج واستهزاؤهم وضحكهم على الطقوس التي يسمونها بالوثنية، ويسخرون من الرجم ومن النحر ومن الإحرام والطواف، ويقارنونها بحج الهندوس إلى نهر الكنج . . . أنا وكل عاقل يفهم أنهم يتفجرون غيضاً من هذه الشعائر ومن تمسك المسلمين بها، ويتمنون زوالها، ولا تجد في الحقيقة والواقع فيهم من يحرص على صورة المسلمين وسمعتهم . وأنت معنا مثلهم على المسلمين .

- وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 16-10-1999، التاسعة والثلث مساءً:

الزميل الصادق ؟ عبد رب النبي .. إما أنك لم تنقل الموضوع جيداً إلى عالمكم وإما أنك اخترت عالماً ضعيفاً جداً، لا يعرف راسه من كرباسه . أنت تقول أن عدم الفعل ليس دليل على عدم الجواز: صحيح، ولكن مخالفة أصل الدين لا يجوز، بمعنى أنكم تأتون بأمر تجعلونه فضيلة في الدين وهو يخالف ما أمر به الدين من حفظ النفس، وكذلك مخالفة روح الإسلام: متى كان لطم الرأس والصدر وسفك الدماء عبادة عند المسلمين .

بالنسبة لما قلته عن مزاعمكم بشأن السيدة زينب، فإنني أقول أنه يبدو أنكما لم تستوعبا أو تجاهلتما عمداً أو عجزتما عن الرد على ما قلته لك في الرسالة السابقة: فعلها هذا كان رد فعل في ساعة وقوع الحدث حسب الرواية وليس بعد

ص: 498

ألف سنة. وأبغي أن تنقل لي رواية بأن السيدة زينب فعلت شيئا مثل هذا بعد سنة مثلاً .

وكذلك معروف نواح ولطم النساء وشقهن الجيوب وحثهن التراب على الرأس، وهو ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه من أفعال الجاهلية.

قلت لك في البداية أن الرواية شيعية حتى لا تتهمني بالتهجم على السيدة زينب . أما البكاء والحزن فهو مشروع في الإسلام ولا غبار عليه على اعتبار أن لا تمر ألف سنة على الحادثة ؟! لا أدري كيف أنك لا تستوعب المسائل البسيطة: أنا قلت لك بالحرف الواحد: كيف تشددون على أنفسكم كما يفعل اليهود . ولم أقل: الجزع من فعل اليهود ! فراجع رسالتي السابقة واقرأها جيداً، ثم لا تلمني بل ضع اللوم على نفسك أنك لا تستوعب ما يكتب وتكلف على نفسك . وقلت لك أن وجه التشديد هو قولكم المزعوم عن السيد جعفر الصادق بأنه قال: كل الجزع حرام إلا على جدي الحسين . فأنتم جعلتم كل الجزع حراماً إلا ما تفعلونه في الحسينية مما تنسبونه إلا الجزع . ومعنى ذلك أنه كل من يجزع لأي أمر غير اللطم والتطبير، فإن هذا حرام حسب كلامكم الذي رويتموه عن السيد جعفر الصادق . السيد جعفر الصادق لم يقل كل اللطم حرام بل قال كل الجزع حرام حسب روايتكم، فمن أين جئت باللطم ؟ ومن أين جئتم بالتطبير ؟

إيران دولة شيعية، حكومتها شيعية بحتة، دستورها شيعي، نظامها قائم على الشيعية، ولذلك فإنها محسوبة على كل الشيعة. وحتى إذا وافقناك وقلنا أنه ليس لكم دخل فيما يجري في إيران، ماذا يغير هذا من الأمر؟ أنت قلت أنه لا يحدث شئ من التطبير، وأنا وضحت لك بوضوح أنه حتى هذه الحكومة الشيعية تحارب المآسي التي تحدث من التطبير، فالموضوع هو عن مآسي

ص: 499

التطبير التي حاولت أن تنكرها . اعتقادك أنني أكذب هو شأنك، وكذلك ما تزعمه من موقفي من اللطم والتطبير فهو رأيك وشأنك . ولست أنا الوحيد الذي يضحك مما تفعلونه، بل إنكم بأفعالكم هذه صرتم مضحكة حتى للهنود . ولا يفعل هذه الأشياء ويجعلها من الدين غيركم، إلا ربما الشعوب والديانات البدائية . نحن نحرص على المسلمين وسمعة الإسلام، ولذلك فإذا أردتم أن تلطموا وتطبروا وتفعلوا غير ذلك مما يحلوا لكم فأنتم وشأنكم، ولكن عليكم أن تعلنوا على الملأ أن الإسلام برئ مما تفعلونه، هذا وإلا فلنا الحق في التدخل وتبرئة الإسلام من هذه المظاهر التي تحاولون أن تلصقوها به .

وأخيراً: لم يفعل أي أحد من أئمتكم المزعومين هذا الأمر ولا أمروكم بفعله، هذه حقيقة يجب أن تعيها. إذا استوعبت هذا الشئ فاجلس بينك وبين نفسك وتخيل أنك تنظر إلى من يلطمون ويطبرون من وجهة نظر محايدة وفكر كثيراً بينك وبين نفسك: هل هذا من فعل العقلاء ؟ أيعقل أن يأمر رب العالمين جل وعلا بأفعال كهذه ؟!

- وكتب الموسوي بتاريخ 7-4-2000، الواحدة صباحاً:

إلى محمد إبراهيم .. اطلعت على بعض ما كتبته في مواضيع مختلفة - زواج المتعة على سبيل المثال - وقد أذهلني أسلوبك في الرد! فتسرد مثلا العديد من النصوص ويرد عليك آخرون بنصوص قوية، فتعرض عنها في خضم كلام طويل آخر تسعى، أن تضيع فيه حجة غيرك .

حتى لايتكرر مثل هذا الأسلوب هنا في النقاش حول مشروعية ضرب القامات وغير ذلك .. لذا أريد أن أناقشك مفردة مفردة، وأبدأها بما ذكرت من أن البكاء على الميت لايكون بعد ألف سنة! السؤال: ما هو الدليل على عدم

ص: 500

جواز البكاء على الميت إلا بعد وفاته بفترة قصيرة ؟ هل تملك دليلاً يحصر هذا الأمر بفترة زمنية ؟ حتى لاتختلط المباحث فلن أنتقل إلى نقطة أخرى إلا بعد أن ننهي الكلام في هذه المسألة .

إذا لم تملك الجواب فأخبرني حتى ننقل الكلام إلى المباحث اللاحقة ؟

- وكتب محمد إبراهيم بتاريخ 17-10-1999، التاسعة مساءً:

الزميل الموسوي . . أنت تقول أن الآخرين يردون علي بنصوص قوية ؟ راجع الرسائل مرة أخرى وترى نصوصهم وحججهم الواهية في الرد علي، وراجع ردي عليهم مدعماً بالنصوص وبالحجة، وأيضاً لا حظ أنني أتابع المواضيع بنداً بنداً في ردي . لذلك فاتهامك في بأنني أسعى لضياع حجة غيري هو غير صحيح، وما ذنبي إذا كانت حجتهم أصلاً باطلة ! أنظر لرسالة أخيك عبد النبي في الأعلى التي يذكر فيها أنه استشار عالماً للرد على رسالتي وقارن بينها وبين الرسالتين اللتين كتبتهما أنا، ليتبين لك وللقراء من الذي يأتي بالنصوص القوية والحجة الصحيحة . أنت تريد أن تحول دفة الموضوع من اللطم وضرب القامات إلى البكاء على الميت، بحجة أنك تريد أن تحاج في المباحث الأخرى لاحقاً . سأرد على الموضوع الذي ذكرته في البكاء على الميت، وبالنصوص ولكن على شرط أن تظل في موضوع اللطم وضرب القامات، وترد على التساؤل الذي لم يرد عليه أي أحد من إخوتك .

كان سؤالك: ما هو الدليل على جواز البكاء على الميت إلا بعد وفاته بفترة قصيرة ؟ وطلبت دليلاً يحصر البكاء بفترة زمنية .

الجواب: جاء في سنن ابن ماجة الحديث التالي: (حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن وهب بن

ص: 501

كيسان، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في جنازة فرأى عمر امرأة فصاح بها، فقال النبي صلى اللهم عليه وسلم: دعها يا عمر فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب) .

وهذا الحديث رواته كلهم من الثقات. لاحظ أن الرسول صلى الله عليه وسلم برر لسيدنا عمر ترك المرأة في الجنازة بأن العهد قريب، أي أنه لم تمر فترة طويلة على الميت .

وروى النسائي: (أخبرنا عتبة بن عبد الله بن عتبة قال: قرأت على مالك، عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك، أن عتيك بن الحارث وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه، فصاح به فلم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: قد غلبنا عليك أبا الربيع، فصحن النساء وبكين، فجعل ابن عتيك يسكتهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية . قالوا: وما الوجوب يا رسول الله ؟ قال الموت . وروى ابن ماجة وأبو داوود مثل هذا الحديث. وليس معنى الحديث عدم الحزن والدمع على الميت، ولكنه الصياح ورفع الصوت، والدليل على هذا قول أنس: رأيت النبي صلی الله علیه و آله وعيناه تدمعان وقال: إن الله لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا، وأشار إلى لسانه أو يرحم . متفق عليه.

ومما يدل على عدم جواز البكاء والحزن على الميت فترة طويلة هو أنه لا يجوز الامتناع عن الزينة بعد مدة العزاء وهي ثلاثة أيام . لعل أقوال الفقهاء تفسر الأمر أكثر وكذلك تفسر موقف الدين من النياحة واللطم:

ص: 502

ذكر البهوتي (حنبلي) في كتاب الروض المربع، كتاب الجنائز: ويسن الصبر والرضى والاسترجاع فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها، ولا يلزم الرضى بمرضى وفقر وعاهة، ويحرم بفعل المعصية، وكره لمصاب تغيير حاله وتعطيل معاشه لاجعل علامة عليه ليعرف فيعزى، وهجره للزينة وحسن الثياب ثلاثة أيام . ويحرم الندب أي تعداد محاسن الميت كقوله واسيداه وانقطاع ظهراه، والنياحة وهي رفع الصوت بالندب، وشق الثوب ولطم الخد ونحوه، كصراخ ونتف شعر ونشره وتسويد وجه وخمشه، لما في الصحيحين أن رسول الله صلی الله علیه و آله قال: ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية . وفيهما أنه صلی الله علیه و آله برئ من الصالقة والحالقة والشاقة. والصالقة التي ترفع صوتها عند المصيبة . وفي صحيح مسلم أنه صلی الله علیه و آله لعن النائحة المستمعة . وتسن تعزية المسلم المصاب بالميت ولو صغيراً قبل الدفن وبعده، لما روى ابن ماجه وإسناده ثقات عن عمرو بن حزم مرفوعاً: ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة، ولا تعزية بعد ثلاث، فيقال لمصاب بمسلم أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك .

ذكر الشافعي في كتاب الأم، كتاب الجنائز: قال الشافعي وأكره النياحة على الميت بعد موته وأن تندبه النائحة على الإنفراد، لكن يعزى بما أمر الله عز وجل من الصبر والإسترجاع، وأكره المأتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤونة مع ما مضى فيه من الأثر . قال: وأرخص في البكاء بلا أن يتأثر ولا أن يعلن إلا خيراً، ولا يدعون بحرب قبل الموت، فإذا مات أمسكن .

ص: 503

والشافعي وغيره لم يقل بعدم جواز البكاء على الميت بعد موته من باب التحريم وإنما من باب الكراهة كما شرح الذهبي في كتاب الكبائر: قال أصحاب الشافعي: ويجوز قبل الموت وبعده، ولكن قبله أولى للحديث الصحيح، فإذا وجبت فلا تبكين باكية .

وقد نص الشافعي والأصحاب أنه يكره البكاء بعد الموت كراهة تنزيه ولا يحرم، وتأولوا حديث فلا تبكين باكية على الكراهة، والله أعلم.

ذكر الذهبي في كتاب الكبائر، الكبيرة التاسعة والأربعون اللطم والنياحة وشق الثوب: وإنما كان للنائحة هذا العذاب واللعنة لأنها تأمر بالجزع وتنهى عن الصبر والله ورسوله قد أمر بالصبر والإحتساب ونهيا عن الجزع والسخط قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين .

قال عطاء عن ابن عباس يقول: إني معكم أنصركم ولا أخذلكم. قال الله تعالى: ولنبلونكم، أي لنعاملنكم معاملة المبتلى لأن الله يعلم عاقبة الأمور فلا يحتاج إلى الإبتلاء ليعلم العاقبة، ولكنه يعاملهم معاملة من يبتلى فمن صبر أثابه على صبره ومن لم يصبر لم يستحق الثواب .

وقول الله بشئ من الخوف والجوع: قال ابن عباس يعني: خوف العدو والجوع يعني المجاعة والقحط . ونقص من الأموال يعني الخسران والنقصان في المال وهلاك المواشي والأنفس بالموت والقتل والمرض والشيب . والثمرات، يعني الحوائج، وأن لا تخرج الثمرة كما كانت تخرج، ثم ختم الآية بتبشير الصابرين ليدل على أن من صبر على هذه المصائب كان على وعد الثواب من الله تعالى فقال تعالى: وبشر الصابرين. ثم نعتهم فقال: الذين إذا أصابتهم مصيبة أي نالتهم نكبة مما ذكر ولا يقال فيما أصيب بخير مصيبة، قالوا إنا لله، عبيد الله

ص: 504

فيصنع بنا ما يشاء، وإنا إليه راجعون بالهلاك وبالفناء، ومعنى الرجوع إلى الله الرجوع إلى انفراده بالحكم إذ قد ملك في الدنيا قوماً الحكم فإذا زال حكم العباد رجع الأمر إلى الله عز وجل .

وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال: ما من مصيبة يصاب بها المؤمن إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها . رواه مسلم .

وعن علقمة بن مرثد بن سابط عن أبيه قال: قال رسول الله: من أصيب بمصيبة فليذكر مصيبته بي فإنها أعظم المصائب.

وقال رسول الله: إذا مات ولد العبد يقول الله للملائكة قبضتم ولد عبدي فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجنة وسموه بيت الحمد .

وعن رسول الله قال: يقول الله تعالى ما لعبدي عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسب، إلا الجنة. رواه البخاري.

وقال عليه الصلاة والسلام: من سعادة بني آدم رضاه بما قضى الله ومن شقاة ابن آدم سخطه بما قضى الله تعالى.

وهذه أيضاً بعض الأحاديث التي وردت في حرمة اللطم وضرب الخدود والنياحة: (حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان حدثنا زبيد اليامي عن إبراهيم عن مسروق عن عبدالله رضي اللهم عنهم قال: قال النبي صلى اللهم عليه وسلم: ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية.رواه البخاري. حدثنا محمد بن عبيد، قال حدثنا الأعمش، عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم: ثنتان هما بالناس كفر نياحة على الميت وطعن في النسب) رواه أحمد .

ص: 505

أوف …. حسناً: لقد نقلت لك حكم الإسلام في البكاء على الميت، وكذلك حرمة اللطم والنياحة في الإسلام، وكونها من الكبائر وما فيها من الاعتراض على قدر الله سبحانه وتعالى وما فيها من دعوى الجاهلية. والآن جاء دورك يا موسوي أن تبرئ ساحتك: إما أن تكون مع الحق وإما ضده. وكذلك الدعوة موجهة لباقي شيعة آل علي . لقد بينت مساوئ اللطم والتطبير في رسائلي السابقة وبينت سوء اجتهادكم في كلام السيد جعفر الصادق عن الجزع. وكذلك أئمتكم لم يلطموا أو يطبروا أو يأمروا بذلك. فلماذا تصرون على هذه الأفعال المحرمة في الإسلام ؟

- وكتب (الموسوي) بتاريخ 18-10-1999، الحادية عشرة صباحاً:

يا محمد إبراهيم .. ألم أقل لك أنك تخلط المسائل ببعض ؟

لقدكان سؤالي محدداً حول الدليل على تحديد البكاء بفترة قصيرة، فأوردت لي روايات النواح واللطم وشق الثوب . ثم نقلت أقوال بعض علمائكم في ندب الميت وتعرضت لحكم الجزع . إنه عرض مثير للشفقة !! أطلب منك أن لا تجعل ما أوردته حجة علي لتقول بعد ذلك: ولقد ذكرت الأحاديث والأدلة التي عجزت عن ردها، فأنا على استعداد لأن أناقشك فيها لاحقا مفردة مفردة، وهذا هو شرط الحوار . أما الخلط بين الأبحاث والطفرة من أول نقطة في النقاش إلى آخر نقطة فيه، فلن أسمح لك أو لغيرك أن يفعله في الحوار معي. ولا داعي للتذمر (أوف) فنحن في ساحة حوار ولابد فيها من سعة الصدر، ولسنا في مقهى . الدليل الوحيد الذي كان يناسب السؤال هو الحديث الأول الذي استنتجت فيه من قول النبي صلی الله علیه و آله: والعهد قريب.. عدم جواز البكاء لمن طال به العهد ؟ وتتوقف صحة الإستدلال فيه على حجية دليل الخطاب الذي ذكره علماء أصول

ص: 506

الفقه ؟ هل لك أن تحدد رأي علمائكم في هذه الدلالة ؟ أم أن فهمك لعدم الجواز هو اجتهاد منك إذ لم تسمع في حياتك عن دليل الخطاب ؟

في الضمن: لم تنقل نصاً صريحاً من أي واحد من علمائكم في عدم جواز البكاء على الميت مع بعد العهد ؟ وهل أن المسألة اتفاقية بين أهل السنة ؟ لأنه إن كانت محل خلاف عندكم، فما هو الوجه بلزوم التعبد برأي واحد من آراء أهل السنة ؟ هذا الأصل أي عدم وجود الخلاف بينكم لابد من مراعاته في النقاش، إلا إذا جعلت تلك الطائفة من أهل السنة متساوية مع الشيعة في الأحكام التي سترتبها من كونهم ضالين أو مبدعين أو خارجين عن الإسلام ؟ وكما يقولون: حكم الأمثال فيما يجوز وفيما لايجوز واحد .

وسؤال أخير: على فرض القبول بأن الدليل قائم على قرب العهد ما هو تحديد قرب العهد هل هوأسبوع أم شهر؟ وعلى هذا هل يجوز البكاء بعد سنة أو سنتين ؟ وأعيد ترتيب الأسئلة حتى يكون جوابك واضحا عن كل نقطة:

1. هل اتفق علماؤكم على رأي واحد حول دلالة مفهوم دليل الخطاب ؟

2. هل اتفق أهل السنة على عدم جواز البكاء على الميت مع بعد العهد ؟

3. هل هناك تحديد شرعي لقرب العهد ؟ فإن لم يكن هذا التحديد موجوداً وقد أوكل ذلك للفهم العرف ي، فهل يعد البكاء بعد ثلاث سنوات مثلا من بعد العهد ؟

أما قولك بأن من أدلة المنع هو عدم جواز الإمتناع عن الزينة بعد ثلاثة أيام فلم أفهم وجه الدليل فيه ؟ ما العلاقة بين الزينة والبكاء ؟ ومن قال بمثل هذا الإرتباط من علمائكم ؟ هل هذا الدليل محل اتفاق بينكم ؟ أجب عن هذه الأسئلة حتى أوافيك بجوابي .

ص: 507

- وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 19-10-1999 التاسعة والنصف مساءً:

الحمد لله الذي جعلنا مسلمين موحدين غير مشركين .

اللهم صل وسلم على سيدي وحبيبي محمد، والعن كل من يؤذيه في أمانته أو في أهل بيته اللاتي جعلتهن أمهات لنا نحن المؤمنين .

يا موسوي .. أبغي أن أقول لك في البداية أن لك أسلوبك في الحوار ولي أسلوبي .. أسلوبك شئت أم أبيت هو جدلي بحيث أنك تريد أن تجادل في نقطة فرعية حتى لو تبينت لك وتترك الموضوع الرئيسي: سبحان الله هذا طبعكم منذ القدم: تقتلون الحسين وتجادلون في ذباب . أنا أتحاور مع الجميع في الموضوع الذي هو بدعتكم في ضرب القامات والصدور وليس فلسفة البكاء، وأنت تريدني أن أترك كل شئ جانباً، وأدخل معك في موضوع جدلي عن لون البكاء وطوله وعمره وهويته، وهل هو متزوج أم لا. مع العلم أنني رددت على ما طلبت مني تفسيره لك ردا شاملا على كل تساؤلاتك . نقلت لك الأحاديث التي تقول عن الحزن والبكاء مع قرب العهد، ونقلت لك الأحاديث وأقوال العلماء في الصبر على قضاء الله سبحانه وتعالى، وعدم جواز الابتعاد عن الزينة وغيرها للعزاء أكثر من ثلاثة أيام .

وقولك ما العلاقة بين الزينة والبكاء أمر مضحك: تخيل واحدة تبكي على قريبها وهي تتزين …! ما رأيك ؟ كل هذا يدل على الأمر الرئيس وهو أنه يجب الصبر على قضاء الله سبحانه وتعالى واحتساب المصيبة عند الله سبحانه وتعالى: لله ما أعطى ولله ما أخذ هذه هي عقيدة المسلمين. حسبي الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون، لا حول ولا قوة إلا بالله.. وغيرها من العبارات التي تقال عند المصاب وتؤكد على هذا الأمر.

ص: 508

ماذا يا موسوي: لا تريد أن ترد على تساؤلاتي، لأنك غير مقتنع بها أم لأن ليس لديك ما ترد به ؟ على العموم إذا لم تبغ الرد فأنا أعذرك، لأننا كلنا مجتهدون ولسنا علماء، وقد يأتي غيرك ممن عنده شئ يمكن أن يرد به .

حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، حدثنا زبيد اليامي، عن إبراهيم، عن مسروق، عن عبد الله رضي اللهم عنهم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. رواه البخاري. حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى اللهم عليه وسلم: ثنتان هما بالناس كفر نياحة على الميت وطعن في النسب. رواه أحمد .. لقد بينت مساوئ اللطم والتطبير في رسائلي السابقة وبينت سوء اجتهادكم في كلام السيد جعفر الصادق عن الجزع. وكذلك أئمتكم لم يلطموا أو يطبروا أو يأمروا بذلك . فلماذا تصرون على هذه الأفعال المحرمة في الإسلام ؟

- وكتب الموسوي بتاريخ 22-10-1999، الواحدة والنصف صباحاً:

إلى محمد إبراهيم .. لقد قبلت أن أجيبك على أسئلتك التي تظن أنها قلاع وما هي إلا أوهام وسراب، بعد أن تجيبني على سؤالي حول دليل حصر البكاء على الميت بفترة قصيرة وقد قبلت أنت ذلك، ثم ذكرت ما تزعم أنه دليل فذكرت لك أن هذا الدليل يتوقف على مفهوم الخطاب، ولم تذكر في ردك شيئاً، وأراك الآن تتهرب من الإجابة على أسئلتي .

ليس من العيب أن لا يملك المرء دليلاً على ما يقول، فالإنسان في معرض الخطأ، أما أن تحاول أن تتهرب عن الإجابة متذرعاً بأن هذه أسئلة هي عن لون البكاء وطول شعره، فهذا جهد العاجز عن الجواب . لقد لاحظت في كثير من

ص: 509

مشاركاتك أنك تسعى دوماً أن يكون آخر من يتحدث بغض النظر عما تقوله ويقوله الغير ! وأنا أعتقد أن من السفاهة بمكان أن أهبط في النقاش وأصر على أن أكون آخر من يتحدث، وسأترك لك هذا الوسام !

أما المناقشة العلمية فأنت والعشرات ممن يطعنون في مذهبنا لأعجز من أن يثبتوا فيها . ما يهمني هو أن أتناول البحث من وجهة نظر علمية مفردة مفردة حتى لاتتمكن من خلط الأوراق ببعضها، لأنني أعلم أن استعمال هذا الأسلوب سيسقط كل ما لديك من أوهام وتخرصات، ومع سقوط سلاح المناورة واللف والدوران ستنكشف الحقيقة للجميع بزيف مدعياتك .

الفرق بيني وبينك أنني أريد أن أصل إلى أسس الدليل وأنت تريد أن تحجني باجتهاداتك التي لم تستند فيها حتى على أقوال علمائكم ؟ وعلى كل حال فسأمنحك فرصة تطبيق هذه العقدة النفسية - أن تكون آخر من يتحدث - معي إذا لم تكن قادراً على الجواب، فهذا شأنك . أما إذا كنت تريد مواصلة الحوار ولكي تسمع إجابتي على أسئلتك فلابد أن تجيب على ما ذكرته من الأسئلة، وسأعيد ترتيب الأسئلة بشكل مختصر حتى يكون جوابك واضحا عن كل نقطة:

1. هل اتفق علماؤكم على رأي واحد حول دلالة مفهوم دليل الخطاب ؟

2. هل اتفق أهل السنة على عدم جواز البكاء على الميت مع بعد العهد ؟ مع ذكر بعض النصوص .

3. هل هناك تحديد شرعي لقرب العهد ؟ فإن لم يكن هذا التحديد موجوداً وقد أوكل ذلك للفهم العرفي، فهل يعد البكاء بعد ثلاث سنوات مثلاً من بعد العهد ؟

ص: 510

أما بخصوص ما ذكرته من عدم جواز البكاء للمنع عن ترك الزينة بعد ثلاثة أيام، هلا ذكرت دليلك على أصل هذا الحكم، وهل المسألة اتفاقية بين أهل السنة؟ لماذا لاتذكر قول عالم واحد من علمائكم يستدل على المنع من البكاء إستناداً لحكم الزينة الذي ذكرته ؟! أم أن هذا الدليل من اختراعاتك واجتهاداتك أيها الشيخ ! وإذا كنت تفهم من الزينة هو خصوص لبس الذهب والفضة ووضع أدوات التجميل فهذا الحكم سيكون مخصوصاً بالنساء دون الرجال. هذا فضلا عن أن تقليم الأظفار وتمشيط الشعر يعد من الزينة أيضاً، ولامانع من أن يجتمع البكاء معهما على فرض القبول بأنه لا يمكن الجمع بين الزينة والبكاء .

- وكتب محمد إبراهيم بتاريخ 22-10-1999، الثانية ظهراً:

يا موسوي .. هل تريد أن تضيع (الصقلة) ؟! بالأمس البكاء، واليوم الزينة، وغداً لا أدري ماذا ؟! وموضوعنا هو ضرب الصدور والقامات . لقد أجبتك عن البكاء وربما لم يكن يجدر بي أن أسايرك في محاولتك لتمييع موضوع النقاش الأصلي والدخول في حوارات جدلية سفسطائية جانبية . الخلاصة هو أنني أتيتك بأحاديث صريحة بتحريم هذا الأمر في الإسلام: (حدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، حدثنا زبيد اليامي، عن إبراهيم عن مسروق، عن عبدالله رضي الله عنهم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. رواه البخاري. حدثنا محمد بن عبيد، قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثنتان هما بالناس كفر نياحة على الميت وطعن في النسب رواه أحمد). واللطم والتطبير لم يأمر به أي أحد من أئمتكم ولم يفعله، وكذلك مفهومكم للجزع مغلوط .

ص: 511

فلماذا تصرون على هذه الأفعال المحرمة في الإسلام ؟ والأهم من هذا: لماذا تتعمدون أن تلصقوا بالإسلام هذه الأشياء المشينة المحرمة فيه أصلاً ؟

- وكتب الموسوي بتاريخ 23-10-1999، الحادية عشرة صباحاً:

إلى محمد إبراهيم .. أحب أن أؤكد أولاً أن السؤال الذي طرحته وتهربت أنت من الإجابة عليه من صميم البحث وليس بحثاً جانبياً، فقد قلت في منع الإستدلال بضرب زينب بنت أمير المؤمنين علیها السلام رأسها بمقدم المحمل أن ذلك كان ردة فعل وقت الحادثة وليس بعد ألف سنة، وكذلك ذكرت حول البكاء حيث قلت: نعم يجوز البكاء على اعتبار أن لا يمر ألف سنة، وطلبت منك أن تذكر لي الأدلة على ذلك فلم تملك إلا عبارة: والعهد قريب من قول النبي صلی الله علیه و آله في سعيك إثبات عدم جواز البكاء مع طول العهد . وعندما وجهت لك أسئلتي الثلاثة تهربت من الجواب، وقد طلبت منك أن تذكر لي اسم عالم واحد من علمائكم قال بعدم جواز البكاء مع بعد العهد فتهربت من الجواب أيضاً، وتهربت ثالثة عندما طلبت منك أن تذكر اسم عالم واحد قال بعدم جواز البكاء بما ذكرته من دليل النهي عن الإمتناع عن الزينة ! وإصراري على جوابك حتى يتأكد القارئ من أن هذه أقوال علمائكم لا أنها من جيبك ومن اختراعاتك فهو في غنى عنها . هذا مع أنه لايصح منك أن تحتج على بقية المذاهب من غير أهل السنة إذا كانت المسائل المطروحة محل اختلاف بين أهل السنة أنفسهم . ولهذا كان من أسئلتي: هل أن هذه المسألة محل اتفاق بين أهل السنة ؟ إن من حقي أن أعرف جوابك على أسئلتي إن كنت تملك جواباً، وحتى لا تأتي في خضم النقاش وتخلط الأوراق ببعضها – وكما فعلت مع الأخ عبد النبي - فتستدل على عدم جواز ضرب القامات بأن ذلك كان في ساعة الحدث وليس بعده بألف سنة

ص: 512

. ومن هنا كان إصراري على تناول نقاط البحث نقطة نقطة، وعندما رأيت أن هذا سيفضح أمر أوهامك تهربت متذرعاً بأن هذا خروج عن محل البحث .

وقبل أن أبين للقارئ - وليس لك فقد تعودت على المكابرة - جواب ما طرحته من الأسئلة عليك أحب أن أثير نقطة مهمة، وهي أنه لا يصح لشخص أن يطلب من خصمه دليلاً وفق منهج الخصم كما هو الحال هنا حيث طلبت دليلاً يتوافق مع منهجنا في مشروعية اللطم وضرب الهامات، ثم تعمد في جوابك على مسائل هي محل اختلاف بين الشيعة الإمامية وأهل السنة وفي كثير من الأحيان لايكون محل وفاق بين أهل السنة أيضاً، فأنا أعلم أن أهل السنة لا يجيزون اللطم وضرب الهامات بالسيوف، فلكل مدرسته في الفهم والمحبة والولاء، وكل منهج يستند بطبيعة الحال على ثوابت لايقر بها المنهج الآخر، وليس من المعقول أن تطالبني بدليل وفق منهجي ثم لما أذكر لك دليلاً تقول أنه لايتوافق مع ما رواه البخاري أو النسائي !!

مشكلتك الأساسية أنك تخلط بين أمرين: أحدهما ما تعتقدون أنه من سنة الرسول صلی الله علیه و آله ، والثاني ما نعتقده نحن في ذلك، ولكل مدرسة منهجها الخاص به، فلا يصح أن تطرح سؤالاً تطالب فيه خصمك إقامة دليل صحيح وفق منهجه ومذهبه، ثم تعترض عليه بعد إيراد دليله وفق مذهبه، بأن منهجك ومذهبك غير مقبول عندي .

وتوضيحاً للأمر أكثر أقول: إذا أردت أن تحج حنفياً فمرة تبحث معه عن أصل صحة القياس، ومرة تبحث معه عن أن هذه الفتوى لاتنطبق مع أسسكم في القياس، ومن المقبول جداً وفقاً لهذا المنحى الثاني أن تقول اعتراضاً أن هذا لايتوافق مع أسس القياس، أما بعد ثبوت موافقة الفتوى لتلك الأسس فمن غير

ص: 513

الصحيح أن تنتقد تلك الفتوى لأن منهج القياس مرفوض من قبل آخرين كابن أبي شيبة صاحب المصنف، فهذا خروج عن دائرة البحث وخلط للأوراق، وما نحن بصدده كذلك فلا يصح أن تقيم دليلا ذهب إليه علماؤكم ولم يقبله علماؤنا، وإن كان مستند الدليل عندكم هو حديث النبي صلی الله علیه و آله ، فأنت تعلم أن فقهاء المسلمين اختلفوا في تلك الأحاديث لاختلافهم في فهمها، أو لاختلافهم في حجيتها من جهة السند بسبب اختلافهم في ضوابط الجرح والتعديل.. ناهيك عن عدم اعتماد السنة على كتب الشيعة الروائية وكذلك العكس .

أعيد هنا للتأكيد على أنني عندما أتناول مسألة البكاء على الميت مع بعد العهد، فهو من باب مجاراتك ومسايرتك في البحث، حتى أثبت للقارئ أن ما تقوله لا يتفق حتى مع منهجكم أيضاً، أما وفق منهجنا فقد دلت الروايات المتواترة على استحباب البكاء على الإمام الحسين علیه السلام ومنها الروايات الصحيحة .

أما بخصوص السؤال الأول الذي طرحته عليك، فقد قال أبو حامد الغزالي في المستصفى من علم الأصول: الفن الثاني فيما يقتبس من الألفاظ لا من حيث صيغتها بل من حيث فحواها وإشارتها، وهي خمسة أضرب ... ثم قال في الضرب الخامس: (هو المفهوم، ومعناه الاستدلال بتخصيص الشئ بالذكر على نفي الحكم عما عداه، ويسمى مفهوماً، لأنه مفهوم مجرد لا يستند إلى منطوق، وإلا فما دل عليه المنطوق أيضاً مفهوم، وربما سمي هذا دليل الخطاب، ولا التفات إلى الأسامي، وحقيقته أن تعليق الحكم بأحد وصفي الشئ هل يدل على نفيه عما يخالفه في الصفة كقوله تعالى: ومن قتله منكم متعمداًَ، وكقوله علیه السلام : في سائمة الغنم الزكاة، والثيب أحق بنفسها من وليها، ومن باع نخلة مؤبرة

ص: 514

فثمرتها للبائع، فتخصيص العمد والسوم والثيبوبة والتأبير بهذه الأحكام هل يدل على نفي الحكم عما عداها، فقال الشافعي ومالك والأكثرون من أصحابهما أنه يدل، وإليه ذهب الأشعري إذ احتج في إثبات خبر الواحد بقوله تعالى: إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا، قال: هذا يدل على أن العدل بخلافه، واحتج في مسألة الرؤية بقوله تعالى: كلا إنهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون، قال: وهذا يدل على أن المؤمنين بخلافهم، وقال جماعة من المتكلمين ومنهم القاضي وجماعة من حذاق الفقهاء ومنهم ابن شريح، إن ذلك لا دلالة له، وهو الأوجه عندنا . (المستصفى: 2 / 186 و191).

وقد تبنى ابن حزم الأندلسي نفس الرأي أي نفي دليل الخطاب وبشكل مسهب في كتابه الإحكام في أصول الأحكام، الباب السابع والثلاثون .

إذن لا يمكنك أن تلزم غير أهل السنة والجماعة بأمر هو محل اختلاف عند أهل السنة أنفسهم، إلا إذا ساويت بين الشيعة والفرقة التي لها رأي موافق للشيعة من أهل السنة في الحكم، سواء كان الضلال أو الخروج عن الإسلام أو غير ذلك من الأحكام، فحكم الأمثال فيما يجوز وما لايجوز واحد .

أما بخصوص السؤال الثاني، فقد أخرج مسلم في صحيحه: (حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وزهير بن حرب، قالا حدثنا محمد بن عبيد، عن يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله) . (صحيح مسلم: 3 / 65) . وقد رواه غير مسلم أيضاً، ولكنني اقتصرت على مسلم لأنك لاترد أحاديثه . فهذا الحديث يدل على أن النبي صلی الله علیه و آله بكى على والدته بعد ما يزيد عن خمسين سنة، أثناء فتح مكة ! فراوي الحديث أبو هريرة وهو ممن تأخر إسلامه وكان في المدينة . فأين هي مزاعمك من عدم

ص: 515

جواز البكاء بعد ثلاثة أيام من وفاة الميت ؟؟ ما الفرق في البكاء والحزن بين خمسين سنة، أو مائة، أو مائتين، أو ألف ؟!

وبما ذكرته يتبين لك الجواب عن سؤالي الثالث . بل يمكنني أن أزيدك من الشعر بيتاً: أن البكاء قد يكون لأمرين: الأول حزناً على الميت، والثاني على أمور تعد من المصائب على الإسلام، وكلا الأمرين ينطبقان في البكاء على الإمام الحسين علیه السلام . فقد روى البخاري في كتاب الجهاد والسير الحديث 2825: (حدثنا قبيصة، حدثنا ابن عيينة، عن سليمان الأحول، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضى الله عنهما، أنه قال: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثم بكى حتى خضب دمعه الحصباء فقال: اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الخميس، فقال: ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبداً فتنازعوا ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم) . وهذا الحديث يدل على أن ابن عباس بكى على إحدى المصائب التي حلت بالإسلام، والتي ارتكبها عمر حينما منع النبي صلی الله علیه و آله أن يكتب الكتاب الذي يحفظ المسلمين من الضلال .

بل روى أحمد في مسنده، والطبراني في المعجم الكبير، وابن عساكر في تاريخ دمشق، وأبو يعلى في مسنده، بكاء النبي صلی الله علیه و آله عندما أخبره جبرائيل بقتل ولده الحسين علیه السلام وأتى له بتربتها وإيداع النبي صلی الله علیه و آله تلك التربة عند أم سلمة، كل ذلك قبل وقوع المصيبة، فكيف إذا كان ذلك بعد المصيبة ؟! ولاتظن يامحمد إبراهيم أنني عندما أوجه لك الأسئلة فأنا غير مطلع على أجوبتها، ولكنني أطرحها حتى يتبين مدى وهن مزاعمك وتقولاتك، وينكشف للكل من

ص: 516

خلال تهربك الإجابة عن أسئلتي أنك فيما تقوله لاتستند إلا إلى اجتهاداتك، وإن خالفت فيها رأي علمائكم، أو ما ورد في أحاديثكم الصحيحة .

الفرق بيني وبينك أنك تريد أن تفرض اجتهاداتك الهشة، وأنا أريد أن استعرض أسس الأدلة بالنقد والتحليل، كما أنك لا تملك ثقافة كافية في كتبكم وفقهكم، ولهذا تطلق أحكاماً عن غير علم، ثم تتورط فيما يترتب على كلامك، وتخشى أن تعترف ببطلان ما قلت حتى لايظهر ضعفك في الحوار، فتصر على باطلك وتتهرب من الجواب .

ومن أسباب جهلك أنك لاترجع إلى المصادر بشكل مستوفى قبل الجواب، بل تختلق في ذهنك شيئاً ثم تدخل في النقاش، وما أن تواجهك الأسئلة بسبب ضعف مزاعمك لاتجد مفراً إلا أن تقول إن أسئلتي هي عن لون البكاء وهوايته وطوله. بالطبع هذ هو تقييمي، والحكم الفصل في محل النقاش سأتركه للقارئ المنصف والمتتبع النزيه، فهو المعني بالدرجة الأولى.

إن من أهم أسباب قلة مساهماتي في المنتدى، فضلاً عن انشغالاتي اليومية، أنني أفرغ نفسي للبحث في أدلة موضوع الحوار المطروح للمناقشة، أما أنت فيبدو أنك تسعى أن تكثر من عدد مشاركاتك من دون النظر فيما تطرحه من أوهام وتخرصات، تجرك إلى المكابرة دائماً ! ولهذا السبب بالذات - أي التفرغ لموضوع الحوار - فأنا لا أحب أن أشارك في أكثر من موضوعين أو ثلاثة في آن واحد، وسأتناول معك بقية المسائل التي زعمت أنك لم تحصل على جواب فيها كزواج المتعة، أو أن أمير المؤمنين قسيم الجنة والنار، وغير ذلك، ريثما أنتهي من البحث معك وعدو الزنادقة في المسائل المتنازع عليها وبنفس الطريقة، أي تناول نقاط البحث مفردة مفردة .

ص: 517

وأخيراً: إذا لم تكن تملك أجوبة على جميع أسئلتي السابقة وعلى كل ما طرحته، وإذا لم تكن تملك أدلة تنقض بها ما ذكرته مما رواه البخاري ومسلم وبقية الحفاظ، وكذلك كلام الغزالي وابن حزم من الإختلاف في مفهوم الخطاب، ومع ذلك أردت مواصلة الحوار حول موضوع ضرب الهامات فأنا على استعداد . كما أود التذكير بأنني سأستمر في النقاش معك أنت أما غيرك ممن يدخل فلا، فأنا بصراحة أشك وفي بعض الموارد أجزم بأن بعض الذين يكتبون في هذا المنتدى هم من أهل السنة وإنما يظهرون التشيع وبأسماء مستعارة حتى يظهروا أن هذا هو مستوى الشيعة، فهم لايعرفون حتى الكتابة الصحيحة للكلمات ! أو يتحدثون بكلام غير مفهوم وكأنهم جاؤا من كوكب آخر ! بالطبع لا مانع من أن تستند إلى كلماتهم إذا شئت فتورد نفس كلامهم، ولكنني كما قلت لن أخوض نقاشاً معهم .

- وكتب محمد إبراهيم بتاريخ 23-10-1999، الثامنة مساءً:

يا موسوي . . الآن بدأت بكتابة رسالة تستحق القراءة والإطلاع والرد، ولو أنك لا تبرح تركز على البكاء وتدع أمر اللطم والضرب والتطبير كالعادة .

بالنسبة لحادثة سيدتنا زينب رضي الله عنها وأرضاها: لقد أورد الزميل عبد النبي هذه الحادثة لتبرير المقولة المزعومة عن سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه: كل الجزع حرام إلا على جدي الحسين . ولقد أوردت له الرد في المغالطة في الربط بين الجزع واللطم والتطبي ر، وكذلك أوضحت له أن ما فعلته السيدة زينب - حسب رواياتكم - كان في لحظة نكبة شهيد الأمة سيدنا الحسين رضي الله عنه وأرضاه ولم يأت برواية أن سيدتنا زينب فعلت هذا بعد ذلك.

ص: 518

بالنسبة للبكاء: أقول بأن هذا ليس موضوع الرسالة، ولو أنني سأرد عليك في هذا الموضوع، طالما أنت مصر على ربط الأمر بالبكاء . لقد طلبت مني ما يثبت أن البكاء لا يكون إلا في قرب العهد بالميت وأتيتك ببعض الأحاديث وكلام الفقهاء، وأنت أتيت لي بالمثل: إذاً فالمسألة خلافية كما ذكرت أنت بنفسك بين المدارس أو المذاهب أو خلاف ما سميت، وعموماً هذا ليس مبحثنا حيث أنني أركز على موضوع الرسالة ألا وهو اللطم والتطبير. وحتى لا تظن أنني أتهرب أقول لك إن استدلالك في بكاء النبي صلی الله علیه و آله وصحبه وسلم في البكاء عند قبر أمه لا يمكن أن تقيسه بما تفعلونه أنتم من عمل طقوس للبكاء في مواقع مخصصة لذلك. والحديث الذي ذكرته عن تربة سيدنا الحسين أرجو أن تذكر مصدره ؟!

هنيئاً لك ما تقول له من دقة بحثك وتدقيقك في المواضيع وأفادنا الله بعلمك، ولو أنني لم أر شيئاً حتى الآن، ولكن الأمل قريب أن يحصل هذا في المستقبل، ولكن نصيحتي لك أن رسائل المنتدى السريعة لا تحتمل هذا الجهد الذي تبذله أنت، وأنصحك بكتابة الكتب عوضاً عن ذلك . ما قلته عن أن بعض من يكتب في المنتدى يدعي التشيع أمر غريب: لماذا تقول لي ذلك ؟ هل تشك بأمر من أموري ؟ وما دليلك على أن هؤلاء ليسوا شيعة ؟ هل كل الشيعة مثلاً لهم أسلوب راق في الكتابة ونباهة في العقل (شعب الله المختار) ؟ ثم بعض من وصفتهم بسوء الكتابة وقلة الفهم يؤذون الرسول صلی الله علیه و آله وصحبه وسلم في أهل بيته عندما يلعنون أم المؤمنين عائشة، ولا أظن أن أي مسلم يقوم بذلك حتى لو كان فاسقاً .

عموماً يا موسوي رغم كل فلسفتك في رسالتك ولفك حول الموضوع فاتك أن تتكلم عن موضوع الصفحة، ألم أقل لك أن كتابة الكتب ربما تناسبك أكثر:

ص: 519

ما هي استدلالاتكم فيما تقومون به من لطم وضرب وتطبير وطقوس معينة، جعلتم لها أوقات معينة ومواقع معينة وتخالفون بها عموم المسلمين، الذين هذه الأمور محرمة عندهم كما أوضحت لك ؟ هل فعل هذا أئمتكم أو أمروا بهذا الشئ ؟ هل لطم وطبر الحسن والحسين عند استشهاد سيدنا عل ي؟ وهل لطم الحسين عند استشهاد سيدنا الحسن ؟ وهل فعل ذلك أبناء سيدنا الحسين ؟ هل أمر أحد أئمتكم أن تلطموا وتطبروا ؟

أرجو يا موسوي أن تظل في موضوع الصفحة .

- فكتب الموسوي بتاريخ 30-10-1999، التاسعة صباحاً:

إلى محمد إبراهيم .. لست أنت الذي يقيم أن ما أكتبه يستحق القراءة من عدمه فذلك موكول لغيرك، أما أنت حيث أثبت جهلك في كثير من المسائل وحيث تقولت بغير علم فينبغي أن يبتعد عن التقييم .

لايضرني إذا كانت مشاركاتي قليلة أو تأتي متأخرة أو أن كتابتي تنفع للكتب أكثر من شئ آخر، المهم أنني فيما أتحاور فيه أثبت ما أقول بالأدلة لا بالتخرصات والإجتهادات التي تخرجها من جيبك أيها الشيخ من دون أن تستند إلى قول عالم واحد من علمائكم ! فهنيئاً لك السرعة في الإجابة مع اعتمادك على الظنون والتخرصات والتقول على علمائكم ما لم يقولوه . ولاتحاول يامحمد أن تجعلني وإياك متساويين في النتيجة حيث قلت: لقد طلبت مني ما يثبت أن البكاء لا يكون إلا في قرب العهد بالميت وأتيتك ببعض الأحاديث وكلام الفقهاء، وأنت أتيت لي بالمثل، إذاً فالمسألة خلافية كما ذكرت أنت بنفسك بين المدارس أو المذاهب.

ص: 520

فأنت لم تأت في كلامك بأي كلمة لأي فقيه من فقهائكم يصرح بعدم جواز البكاء مع بعد العهد، وهذا كان موضع نقاشنا وكلماتهم كانت أجنبية عن موضع نزاعنا. أما الأحاديث فكانت أجنبية عن موضع النزاع وما كان في موضع الخلاف الحديث الذي جاءت فيه عبارة: والعهد قريب، ودلالة الحديث على المنع ليست بالمنطوق وليست صريحة، فلم تأت أنت بحديث صريح عن النبي يقول فيه: لايجوز البكاء على الميت بعد طول العهد أو بعد ثلاثة أيام، وبناء على ذلك فدلالة الحديث الذي وردت فيه قوله صلی الله علیه و آله : والعهد قريب، تعتمد على المفهوم لا المنطوق، فلو قبلنا بمفهوم دليل الخطاب صح الإستدلال بعدم جواز البكاء مع طول العهد وإلا لم يصح . ولو كان الأمر مقتصراً على هذا الحديث لصح كلامك من أن المسألة خلافية، ولكنني أتيت إليك بحديث صريح يفيد جواز البكاء مع بعد العهد حيث بكى النبي على أمه، ولايمكن للحكم المأخوذ من المفهوم أن يقابل الحكم المأخوذ من المنطوق، لأن المنطوق صريح في ذلك وقطعي بينما المفهوم ظني، هل كلامي مفهوم يا محمد ؟ إذا لم يكن مفهوماً فيمكنك مراجعة كتبكم المدونة في أصول الفقه لتعرف ما قلته لك ؟ وبالتالي لايصح القول بتاتاً بعدم جواز البكاء مع طول العهد، ولا يصح الاحتجاج بأن المسألة خلافية، فالخلاف إنما وقع في دليل الخطاب حيث لايكون نص منطوقي صريح على الجواز ومع وجوده فلا مجال للبحث في دليل الخطاب، لأنه يأتي في مرحلة متأخرة عن النص المنطوقي الصريح . أنا لا أفر من الحوار في محور البحث بل أنت الذي تهرب من الإجابة عن أسئلتي، وقد طلبت منك أن تجيبني عما حاولت من نسبته زوراً إلى أهل السنة من عدم جواز البكاء مع بعد العهد وكذلك محاولة الربط بين عدم جواز الإمتناع عن الزينة،

ص: 521

فلما وقعت في الزاوية الحرجة أخذت تتهمني بأنني أحرف مسار البحث وأتحدث عن طول البكاء ولونه !! وأنني أتحدث في مسائل جانبية !!

وها أنت ثانية -كعادتك وبطريقتك المعهودة - تحاول أن تخفف من ورطتك لتفتح مواضيع جانبية متشعبة، فقد أخبرتك في رسالتي السابقة أن موضوع الحوار لم يكن جانبياً لأنه كما يصح جواز البكاء مع طول العهد فكذلك الجزع - على فرض التسليم به فالنقاش سيأتي فيه - إذ لا دليل على تقييده بزمان، وأنت تحاول هنا ثانية أن تكرر اعتراضك الذي أجبتك عنه فتقول: (وكذلك أوضحت له - أي الأخ عبد النبي - أن ما فعلته السيدة زينب حسب رواياتكم كان في لحظة نكبة شهيد الأمة سيدنا الحسين رضي الله عنه وأرضاه، ولم يأت برواية أن سيدتنا زينب فعلت هذا بعد ذلك) ! ما الفرق في الحكم بين طول العهد وقربه إذا ثبت أصل الحكم وهو جواز البكاء أو استحبابه، أو جواز الجزع أو استحبابه ؟! ألا ترى أنك تصر على خلط الأوراق ثانية ؟! ولم تكتف بهذا حتى جئت باعتراض آخر عن إجراء: طقوس معينة في أوقات معينة ومواقع معينة. فماذا تريد من هذا الاعتراض؟ ولولا أنني أعرف طريقتك التي تكرر فيها في النهاية نفس الأسئلة ثم تقول: (لقد أخبرتك سابقاً أن بكاء النبي بعد خمسين سنة وضرب زينب رأسها شئ وإجراء طقوس معينة في أوقات معينة ومواقع معينة شئ آخر) لما أعرت أي اهتمام لمثل هذا الإعتراض . وسأبين لك الأمر حول هذه النقطة قبل الإجابة على أسئلتك حتى لا تحسبها نقطة لصالحك .

إن نسبة شئ ما إلى الدين قد يكون على نحو أن تقول أن هذا العمل قد أمر به النبي بهذا النحو، فمثلاً لو قال شخص أن النبي أمر بأن يتزاور المؤمنون يوم العيد، ولم يكن هناك نص بذلك، فإن مثل هذا القول حرام لأنه يلزم منه الإبتداع

ص: 522

إذ لم يأت تحديد من المشرع بتخصيص يوم العيد بهذا بل التزاور مستحب غير مقيد بزمان، أما إذا لم يقل الشخص بذلك بل قامت عادة أهل بلده على الإلتزام بالزيارة يوم العيد فمثل هذا لايعد محرماً مع جريان العادة فقط لأنه لم يدع أحد نسبة الخصوصية في الزيارة، فلايوجد نسبة ما ليس من الدين إلى الدين حتى نحكم بالحرمة للبدعة. هذا من ناحية الشكل. أما من ناحية الزمان فإن ما يقوم به الشيعة في إحياء ذكرى عاشوراء في أيام محرم وذكرى مواليد ووفيات النبي والأئمة المعصومين هو من قبيل إحياء الكثير من علماء أهل السنة للإحتفال برأس السنة الهجرية أو المولد النبوي أو المبعث، فهل يحرم علينا ما يجوز لغيرنا؟ أما من ناحية المكان فلابد في أي مناسبة من أن تحيى في مكان قد يكون مسجداً أو حسينية أو منزلاً كما هي العادة الجارية عند الشيعة، أما غيرنا فقد يحتفلون في مسجد أو قاعة أو مسرح، فهل يصح القول أن من يحتفل في المسجد أو القاعة ملتزم بطقوس في أماكن معينة؟ وإذا كان لأحد أن ينفي حكم الجواز والإستحباب لعد فعل النبي له فلاينبغي أن يكون أنتم؟ لأن عمر أحدث ما لم يكن في زمن الرسول صلی الله علیه و آله في اعتقادكم من جمع الناس في صلاة التراويح على إمام واحد؟ بالطبع صلاة التراويح تختلف عن صلاة الليل، ولكن لا أريد حالياً الخوض في هذا الموضوع، وعثمان أحدث الأذان الثالث يوم الجمعة. ولقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: الجزء 2، الصفحة 36: (وقد استحدث علماء الكوفة من الحنفية من بعد عهد الصحابة تثويباً آخر، وهي زيادة الحيعلتين أي عبارة حي على الصلاة، حي على الفلاح، ومرتين بين الأذان والإقامة في الفجر، واستحسنه متقدمو الحنفية في الفجر فقط، وكره عندهم في غيره، والمتأخرون منهم استحسنوه في الصلوات كلها) .

ص: 523

وكل هذه الزيادات في أمور لاخلاف في أنها من العبادات. . أقول: هذا ولدي الكثير من الكلام حيث أن توضيح الجواب يعتمد على الفهم الصحيح لمفهوم البدعة، وحتى لا أتهم بأنني أريد تغيير مسار البحث وفي نفس الوقت كي لا يبقى اعتراضك من دون إجابة ولو مختصرة - تكفينا عناء الرد لاحقاًًًًً - أكتفي بهذا المقدار على أنني سأتناول هذه النقطة بشكل مسهب إذا رأيت أنك قد جئت به ثانية في كلامك .

والآن سأذكر إجابة على أسئلتك بشكل مختصر، ولن أتعرض للتفصيل لأن هناك الكثير من المسائل التي يعتمد الجواب عنها على البحث فيها مثل: أصالة الإباحة، هل أن كل إضرار للنفس ولو كان يسيراً محرماً، هل تتغير الأحكام الشرعية بتغير العناوين الطارئة عليها ..؟ وغير ذلك.

أما جواب أسئلتك فأورده باختصار عبر النقاط التالية ولدي المزيد، وسأتركه انتظاراً لجوابك:

1-لم يرد في أي نص أن أحداً من أئمتنا قد ضرب رأسه بالهامات، وكل ما ورد أن زينب بنت أمير المؤمنين علیه السلام نطحت رأسها بمقدم المحمل عندما رأت رأس أخيها الحسين علیه السلام فانبعث الدم من تحت قناعها. (راجع بحار الأنوار 45 / 115) . ولكن عدم ورود النص بعدم فعل الأئمة له لايمكن أن ينفي حكم الجواز أو الاستحباب . ومن ثبت لديه فعل زينب علیها السلام لذلك، فإن هذا يصلح عنده لإثبات الحكم لتقرير المعصوم لفعلها على أقل تقدير .

2 - ومن باب الأمانة في النقل فإن فقهاءنا اختلفوا في حكم ضرب القامات على ثلاثة آراء، وجمهور الفقهاء ذهبوا إلى الجواز والإستحباب، وذهب نزر يسير منهم إلى الحرمة، وبما أنني أقلد مجتهداً يذهب إلى الاستحباب فغنني

ص: 524

سألتزم برأيه، وأرجو أن أوفق لبيان رأيه بشكل صحيح، وأسأل الله المغفرة إن كان هناك خطأ غير متعمد مني في تقرير رأيه، وأطلب من كل من لديه معرفة بأدلة القائلين بالإستحباب وخصوصاً العلماء أن يرشدني إلى مواضع الخطأ في كلامي عند نقل استدلالاتهم على الإستحباب. ولكن بما أنك يا محمد تريد أن تنفي حكم الجواز أيضاً، فإن جوابي سيكون متضمناً لحكم القائلين بالجواز أيضاً.

3- لا ينبغي الغفلة أنك تريد البحث معنا من خلال أدلتنا على الجواز والإستحباب، ولذا كان سؤالك هو هل فعل أحد من أئمتكم ذلك ؟ ولايصح بعد إيراد الدليل من كتبنا وأقوال أئمتنا أن تذكر لي روايات من كتبكم فيها روايات تدل على عدم جواز اللطم أو غير ذلك . وقد ذكرت لك أنني أعلم مسبقاً أن أهل السنة يذهبون إلى عدم جواز ضرب القامات وكثير مما تقوم به الشيعة في مجالس الإمام الحسين علیه السلام . ومن هنا فلم يكن من الصحيح أن تقول للأخ عبد النبي إن البكاء لايجوز مع طول العهد في مقام النقض، لأنك رجعت ثانية تستدل من كتبكم! ولكنني من باب الإحتجاج والإلزام طلبت منك أن تأتيني بالدليل من كتبكم على ذلك ؟ ولكن قبل إثبات حكم الجواز أو الاستحباب، لابد من البحث في أمرين:

الأول: هل عدم ورود النص يصلح لإثبات الحرمة أو نفي الاستحباب ؟ هناك العديد من الأحكام التي قال بها الفقهاء ولم يرد فيها بخصوصها نص شرعي، وبالتالي لايصح قصر الحكم على ورود نص متطابق مع المورد تماماً، ولكن من باب الإحتجاج صدرت فتوى من ابن باز تحرم على المرأة قيادة السيارة، ولهذا السبب بالضبط يمنع المرأة من ذلك في السعودية، ولكن كثيراً

ص: 525

من علماء أهل السنة يخالفونه في الرأي، فهل استند أي واحد منهما على حديث نبوي خاص متطابق مع المسألة ؟ كل ما في الأمر أنها محاولة من كلا الطرفين للإستناد إلى عمومات الأدلة، من إثارة الفتنة أو أصالة الإباحة، أو غير ذلك .

الثاني: هل يمكن أن تكون هناك استثناءات لبعض المحرمات ؟ هناك العديد من المحرمات التي ثبت فيها الإستثناء كالكذب للإصلاح بين المؤمنيين، وليس من الضروري أن تتفق المذاهب وآراء المجتهدين والفقهاء على موارد الإستثناء فقد تكون موضع اختلاف بينهم كبقية المسائل الإجتهادية، ومن باب المثال جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية الجزء 22 الصفحة 74 حول الربا في دار الحرب: (ذهب جمهور الفقهاء وأبو يوسف من الحنفية إلى أنه لافرق بين تحريم الربا بين دار الحرب ودار الإسلام، فما كان حراماً في دار الإسلام كان حراماً في دار الحرب سواء جرى بين مسلمين أو مسلم وحربي سواء دخلها المسلم بأمان أم بغيره. واستدلوا بعموم القرآن والسنة في تحريم الربا من غير فرق، ولأن ما كان ربا في دار الإسلام كان رباً محرماً في دار الحرب . وقال أبوحنيفة ومحمد: لا يحرم الربا بين المسلم والحربي في دار الحرب ولابين مسلمين أسلما في دار الحرب ولم يهاجرا منه).

وبالتالي لا مانع أن يرد الاستثناء فيما هو مثل الربا أو أقل منه حرمة كالجزع واللطم وغير ذلك، ويبقى الكلام في وجود الدليل على ذلك ؟

4 - ولندخل الآن في صميم الموضوع، وهو في محورين:

الأول: وجود الدليل على الإستثناء، وقد أورد لك الأخ عبد النبي رواية عن الإمام الصادق علیه السلام حول استثناء الجزع على الإمام الحسين، وهي تستثني حكم

ص: 526

الجزع في خصوص الإمام الحسين علیه السلام . وهذه الرواية متفق على صحتها بين الفقهاء .

الثاني: دلالة هذا الحديث، ولقد قال لك الأخ عبد النبي إن اللطم وضرب القامات من مصاديق الجزع . فقلت: بأننا لانتكلم عن الجزع بل عن لطم الصدور وشج الرؤوس، وهذا خروج عن الموضوع ! فهل تملك دليلاً يمكنك من خلاله أن تنفي كون ذلك من الجزع ؟ فإن الجزع هو عدم الصبر في المصيبة، وعدم الصبر يتحقق بصور كثيرة منها اللطم والإدماء . ولو افترضنا جدلاً أنك لاتسلم في أن هذا من مصاديق الجزع، فمثل هذا الإختلاف لا يمكن أن يلغي فهمي ليجعله في دائرة الحرام، ويكون فهمك له في دائرة التشريع . ولو رأيت أن إنشاء مركز فني لتعليم الحرف المهنية من مصاديق التعاون على البر، ولم تعتقد أنت ذلك، فهل سيكون لهذا الاختلاف تأثير في عملي بحيث لايمكن حمل عملي على الصحة ولو من باب اختلاف الإجتهاد؟! إنها شبهة موضوعية، ولايحق أن يلزم أحد الطرفين الآخر برأيه .

أما عندنا فقد وردت رواية في الكافي للكليني بينت شمول مفهوم الجزع وذكرت أمثلة على ذلك، فقد روى في الجزء 3 صفحة 222 بسنده عن جابر، عن الإمام الباقر علیه السلام أنه قال: قلت له: ما الجزع ؟ قال: أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل، ولطم الوجه والصدر، وجز الشعر من النواصي . وهذا المقدار يكفينا في إثبات الحكم وهناك غير ذلك أعرضت عنه. أطلب منك في الجواب أن تتناول ما طرحته نقطة نقطة، حتى لا أضطر لإعادة نفس ما قلته ! ولكي لا نكون في سباق لإعادة ما ذكر مسبقاً !

ص: 527

أما بخصوص طلبك حول المصادر التي تحدثت عن إخبار جبرئيل علیه السلام للنبي صلی الله علیه و آله بمقتل ولده الحسين علیه السلام في كربلاء وإتيانه بشئ من تربتها له وبكاء النبي صلی الله علیه و آله وإيداع ذلك التراب عند زوجته أم سلمة رضي الله عنها، فأكتفي بذكر رواية واحدة منها، وأشير إلى المصادر اختصاراً حيث ستجد فيها من المطالب التي لم تتضمنها رواية الطبراني . روى الطبراني في المعجم الكبير الجزء الثالث صفحة 105 الحديث رقم 2811 في ترجمة الإمام الحسين علیه السلام : (حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا محمد بن عبيد، حدثني شرحبيل بن مدرك الجعفي، عن عبد الله بن نجي، عن أبيه، أنه سافر مع علي رضي الله عنه فلما حاذى نينوى، قال: صبراً يا أبا عبد الله، صبراً بشط الفرات . قلت: وما ذاك ؟ قال: دخلت على رسول الله ذات يوم وعيناه تفيضان فقلت: هل أغضبك أحد يا رسول الله، ما لي أرى عينيك مفيضتين؟! قال: قام من عندي جبريل علیه السلام فأخبرني أن أمتي تقتل الحسين ابني ! ثم قال: هل لك أن أريك من تربته؟ قلت: نعم. فمد يده فقبض، فلما رأيتها لم أملك عيني أن فاضتا !!).

(وقال محقق الكتاب حمدي عبد المجيد السلفي في الهامش:ورواه أحمد وأبو يعلى والبزاز، قال في مجمع الزوائد 9 ظ 187: ورجاله ثقات، ولم ينفرد نجي بهذا، ورواه ابن عساكر في ترجمة الحسين ص 165-167 من طرق . وروى الطبراني عدة أحاديث في نفس المصدر بهذا المضمون، واعترف محقق الكتاب أن فيها أحاديث صحيحة، فراجع الأحاديث رقم 2817،2819،2820 . ويمكنك أيضاً الرجوع إلى مسند أحمد 3/242، ومجمع الزوائد 9/189، ومسند أبي يعلى 1/ 298) .

- وكتب (محمد إبراهيم) بتاريخ 5-11-1999، السابعة مساءً:

ص: 528

يا موسوي . . عدت إلى هوايتك في تمييع الموضوع . قبل أن أستمر بتفنيد كلامك أذكرك أن موضوع النقاش هو: اللطم والتطبير.. الذي تقومون به في مآتمكم أو حسينياتكم في الثلث الأول من شهر محرم من كل عام .. أنت تحاول أن تربط بين الإحتفال بالمولد النبوي - وهو مسألة خلافية عند المسلمين - باحتفالكم باستشهاد سيدنا الحسين رضي الله عنه: كيف تربط بين هذا وبين مناقشتنا في اللطم والتطبير ؟ ولكنني يجب أن أعترف أن هذه هي المرة الأولى منذ أن دخلت أنت معي في النقاش في هذه المسألة التي تفضلت بها في الكلام عن موضوع المناقشة وهو: اللطم والتطبير - الحمد لله على السلامة - وكذلك قمت بالرد على تساؤلاتي، ولذلك سأراجع معك الأسئلة والأجوبة:

سؤالي: هل فعل أي من أئمتكم ما تقومون به من اللطم والتطبير أوأمر به ؟

جوابك 1: لم يرد في أي نص أن أحدا من أئمتنا قد ضرب رأسه بالهامات، وكل ما ورد أن زينب بنت أمير المؤمنين علیه السلام نطحت رأسها بمقدم المحمل عندما رأت رأس أخيها .....

التعليق: إذا أنت تعترف بأن أي من أئمتكم لم يلطم ولم يطبر كما تفعلون أنتم الآن، ولكنكم اجتهدتم في فهم الرواية التي أوردها المجلسي في بحار الأنوار - إن صحت - ففسرتم ذلك بجواز اللطم والتطبير في عاشوراء .

جوابك 2: ومن باب الأمانة في النقل فإن فقهاءنا اختلفوا في حكم ضرب القامات على ثلاثة آراء، وجمهور الفقهاء ذهبوا إلى الجواز والإستحباب . . . . التعليق: صراحة وحقيقة أحترم فيك أمانة النقل كما أحترم اختيارك الشخصي في الأخذ باستحباب وجواز ضرب القامات عند فقهائكم، ولكننا أمام أمر هو فعل عامة ملتكم وتحاولون لصقه بالإسلام، ولذلك فإنه مع احترامي لاختيارك

ص: 529

الشخصي، فإننا سنأخذ في الإعتبار حكم أغلبية فقهائكم الذين ذهبوا إلى الجواز والإستحباب: أي أن أغلبية فقهائكم يجيزون ويحببون لكم أن تلطموا وأن تطبروا !

جوابك 3: لا ينبغي الغفلة أنك تريد البحث معنا من خلال أدلتنا على الجواز والإستحباب ....

التعليق: طبعاً أنا لا يمكن أن ألزمكم بأدلتنا، ولكن من واجبي أن أظهر حكم الأمر عند عموم المسلمين، حيث أنكم بفعلكم هذا تخالفون عموم المسلمين وكذلك بعض الشيعة . وعموماً سأحاول أن أبقي البحث من خلال أدلتكم . كما أنك في الأمور التي بحثتها في عدم ورود نص يصلح لإثبات الحرمة أو نفي الإستحباب، وفي إمكان أن تكون هناك إستثناءات لبعض المحرمات(؟)لم تربط بين بحثك وبين الموضوع محل النقاش وهو اللطم والتطبير!

جوابك 4، وهو الأهم: ولكنني لن أكرر كلامك هنا لأنه كثير وتكرار لما جاء في رسالتك ويمكن للقراء أن يرجعوا إلى رسالتك لمعرفة جوابك بالضبط، وسأكتفي بالإشارة لبعض ما أوردته مع تعليقي عليه: خلاصة كلامك: أن مفهوم الجزع يشمل عندكم اللطم والتطبير ؟! وبما أن لديكم رواية عن سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه تقول: كل الجزع حرام إلا على جدي الحسين. فإنكم ربطتم بين الأمرين وأخذتموهما استناداً لما تقومون به من اللطم والتطبير في الثلث الأول من شهر محرم .

ص: 530

التعليق: الحديث الذي ذكرتموه عن الجزع هو الحديث التالي: عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله علیه السلام في حديث قال:كل الجزع والبكاء مكروه سوى الجزع والبكاء على الحسين . (وسائل الشيعة ج 3 باب 87 ص 282 رواية 3657) .

وفي رواية أخرى: عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبد الله قال: سمعته يقول: إن البكاء والجزع مكروه للعبد في كل ما جزع ما خلا البكاء على الحسين بن علي فإنه فيه مأجور . (وسائل الشيعة ج 14 باب 66 ص 506) .

وهناك رواية في وسائل الشيعة ج 14 باب 66 ص 509 رواية 19709، ربما هي مستندكم فيما تفعلونه في عاشوراء ولكن لو درستم الرواية جيداً وتأملمتوها لربما أعدتم النظر فيها: عن أبي جعفر في حديث زيارة الحسين يوم عاشوراء من قرب وبعد قال: ثم ليندب الحسين ويبكيه ويأمر من في داره ممن لايتقيه (؟) بالبكاء عليه ويقيم في داره المصيبة، بإظهار الجزع عليه وليعز بعضهم بعضا بمصابهم بالحسين، وأنا ضامن لهم (؟) إذا فعلوا ذلك على الله عز وجل جميع ذلك. يعني ثواب ألفي حجة وألفي عمرة وألفي غزوة (؟) . قلت: أنت الضامن لهم ذلك والزعيم؟ قال: نعم. قلت: وكيف يعزي بعضنا بعضاً؟ قال: تقول عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه والإمام المهدي من آل محمد. وإن استطعت أن لا تنشر في حاجة فافعل، فإنه يوم نحس (؟) لا تقضى فيه حاجة مؤمن وإن قضيت لم يبارك له فيها، ولا يرى فيها رشداً، ولا يدخرن أحدكم لمنزله فيه شيئاً فمن ادخر في ذلك اليوم شيئاً لم يبارك له في أهله (؟) فإذا فعلوا كتب الله لهم ثواب ألف حجة وألف

ص: 531

عمرة وألف غزوة مع رسول الله (؟) وكان له كثواب كل نبي ورسول وصديق وشهيد مات، منذ أن خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة (؟؟) .

وتفسير الجزع عندكم وردعن الصادق في كتاب مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي ج 2 باب 64 ص 427 رواية 2363: (وتفسير الجزع اضطراب القلب وتحزن الشخص، وتغير السكون وتغير الحال) .

إذاً هذا الجزع عندكم مكروه إلا عن الحسين رضي الله عنه حسب أحاديثكم ؟ ولكن هذا يتناقض مع أحاديث أخرى تنهى عن الجزع بشكل مطلق ولم تستثن سيدنا الحسين مثل: جاء في مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي: عن أمير المؤمنين (علي) أنه قال: إياك والجزع فإنه يقطع الأمل وضعف العمل ويورث الهم . (ج 2 باب 64 ص 421 رواية 2346).

جاء في كتاب الكافي: عن أبي عبد الله قال: إن الصبر والبلاء يستبقان إلى المؤمن فيأتيه البلاء وهو صبور، وإن الجزع والبلاء يستبقان الكافر فيأتيه البلاء وهو جزوع . (ج3 ص223رواية 3) لاحظ الربط بين الصبر والمؤمن وبين الكافر والجزع.

وجاء في كتاب بحار النوار للمجلسي: وترك الاعتراض على المقدر لها وعدم الشكاية والجزع وهو من أعظم الإيمان . (ج67 باب 14 ص 269 رواية 1).

وجاء في كتاب شرح نهج البلاغة ج19 باب 298 ص 195: قال علي علیه السلام على قبر رسول الله صلی الله علیه و آله ساعة دفن: إن الصبر لجميل إلا عنك وإن الجزع لقبيح إلا عليك . لاحظ أن الحديث يقول أن الإستثناء الوحيد في الجزع هو الرسول صلى الله عليه وسلم . وفي موقع آخر في نفس الصفحة: قول علي وهو يلي غسل رسول الله ص وتجهيزه: ولولا أنك أمرت بالصبر ونهيت عن الجزع

ص: 532

لأنفذنا عليك ماء الشؤون. لاحظ أن الحديث يقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الجزع بشكل مطلق ؟ ولكن هذه الأحاديث تتناقض أيضاً مع أحاديث أخرى لديكم عن الجزع، حيث أنها تعتبر أن الجزع أمر طبيعي يحصل لكل إنسان، وتتناقض مع مسألة النهي عنه وتحريمه:

في بحار الأنوار للمجلسي: وقد جزع الأنبياء ومن جرى مجراهم من المؤمنين المطهرين بعد مفارقة أولادهم وأحبائهم . (ج12 باب 9 ص 326 رواية 148) .

في وسائل الشيعة للحر العاملي: عن محمد بن عبد الله الكوفي قال: لما حضرت إسماعيل بن أبي عبد الله علیه السلام الوفاة جزع أبو عبد الله جزعاً شديداً، فلما غمضه دعا بقميص غسيل أو جديد فلبسه ثم تسرح وخرج يأمرأو ينهى، فقيل له لقد ظننا أن لا ننتفع بك زماننا لما رأينا من جزعك، فقال: إنا أهل بيت نجزع ما لم تنزل مصيبة، وإذا نزلت صبرنا .

في (مستدرك الوسائل) للنوري الطبرسي عن موت سهل بن حنيف: وقال: لما مات جزع أمير المؤمنين (علي) عليه جزعاً شديداً وصلى عليه خمس صلوات (؟؟) (ج2 باب6 ص 261 رواية 1914) .

نكتفي بهذا القدر من الحديث عن الجزع، والخلاصة فيما أوردناه أن هناك اضطراباً لديكم عن الجزع وهل يجوز أم لا يجوز، وإذا أخذتم بحديث جعفر الصادق عن النهي عن الجزع، فإنه يخالف أحاديث أخرى عن الجزع . وهناك الحديث المضطرب الذي ورد في وسائل الشيعة وورد في كتب أخرى والذي يقول أن إقامة مراسم العزاء تعادل ألفي حجة وعمرة وغزوة مع الرسول، ومن يفعل أشياء معينة في هذا اليوم يحصل على أجر كبير ويحصل على ثواب كل

ص: 533

نبي وصديق وشهيد من أن خلق الله الدنيا وحتى يوم القيامة؟ طبعاً هذا الحديث مردود قلباً وقالباً، وإذا كنتم تستندون لهذا الحديث في أمر إقامة المآتم والحسينيات فإنكم مساكين، حيث أن هذا الحديث يدعوكم لترك الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله، وتكتفون بإقامة مراسم العزاء في الحسينيات . هذا خلاصة كلامي عن الجزع أوردته حتى لا أعود أنا إليه، وسوف أعود إلى موضوع الصفحة الأصلي وهو اللطم والتطبير، حيث أنني سأكتب عنه في رسالتي التالية مستشهداً بكتبكم كما طلبت أنت مني . ثم بعدها سأعود إلى الحديث الذي ذكرته أنت عن تربة الحسين .

بالنسبة لما طلبته عن حوارك معي أنا وعدو الزنادقة، فلقد أعطيتك جوابي النهائي، ولم أجد في الصفحة ما يستحق الرد من جديد .

فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله، إن الله لا يهدي القوم الظالمين . القصص – 50 .

- وكتب (الموسوي) بتاريخ 9-11-1999، الثالثة صباحاً:

إلى محمد إبراهيم .. لاحاجة إلى تذكيري بموضوع النقاش، فهو صلب الموضوع، ولكنك عندما تتعرض لنقاط لها ارتباط بنحو وآخر بالموضوع الرئيسي فلا يمكنني إغفالها، لأنني رأيتك في موضوع ضرب القامات والصدور تتخذ أسلوب إثارة تلك النقاط في خاتمة المطاف وتربطها بأصل الموضوع في محاولة تقوية رأيك، رغم أنها ليست في صميم النقاش، ولذا كان من اللازم الإجابة عنها .

وللعلم فقط فإنه لم يثر شبهة عدم جواز البكاء مع بعد العهد (وما له من ارتباط بعدم جواز اللطم وضرب الرأس مع بعد العهد) والقيام بطقوس معينة في

ص: 534

أماكن معينة في أوقات معينة غيرك، فمن الذي غير مسار البحث ؟! ولا أريد أن أحملك على سوء الظن (فأقول أنك تتعمد التغافل عما ذكرته) ولكن يبدو أنك سريع النسيان، فأنت الذي أثرت أن ما قامت به زينب ساعة الحدث شئ، وأن ما تقومون به من طقوس معينة في أيام مخصوصة (الثلث الأول من محرم بالخصوص) في أماكن مخصوصة شئ آخر حيث قلت: (وكذلك أوضحت له أن ما فعلته السيدة زينب حسب رواياتكم كان في لحظة نكبة شهيد الأمة سيدنا الحسين رضي الله عنه وأرضاه، ولم يأت برواية أن سيدتنا زينب فعلت هذا بعد ذلك) .

وحيث قلت: (وحتى لا تظن أنني أتهرب أقول لك إن استدلالك في بكاء النبي صلی الله علیه و آله وصحبه وسلم في البكاء عند قبر أمه، لا يمكن أن تقيسه بما تفعلونه أنتم من عمل طقوس للبكاء في مواقع مخصصة لذلك) . وقلت أيضاً: (ما هي استدلالاتكم فيما تقومون به من لطم وضرب وتطبير وطقوس معينة، جعلتم لها أوقات معينة ومواقع معينة) .

كان جوابي أن هذا ما يقوم به غيرنا بعد أكثر من ألف سنة في أزمنة معينة وهي مولد النبي مثلاً في أماكن معينة وفي طقوس معينة، فصور الإحتفال بالمولد بما فيها من استعمال الزينة والخروج في الشوارع في مواكب كما في مصر وباكستان، أو إلقاء الأشعار أو الكلمات أو توزيع الحلوى وغير ذلك، ماهي إلا مظاهر للإحتفال وطقوس له، وكذلك الأمر في الاحتفال بعاشوراء مع فارق بين مظاهر الفرح ومظاهر الحزن المتمثل في اللطم وضرب القامات أو ما نسميه نحن بالتطبير .

ص: 535

هذه نقطة، والنقطة الأخرى أن هناك الكثير من المسائل التي لها ارتباط بالموضوع، مثل فهم البدعة ومثل تلك النقاط لابد من طرحها استيفاء للبحث . وأما جوابي على ما ذكرته فهو في النقاط التالية:

1- لم أجد في تعليقك الأول والثاني شيئاً جديداً، فإن كنت تريد من ذلك إثبات أمر معين فيمكنك الخوض فيه، ولكن من باب التأكيد على ما ذكرته أنا، وحتى لا أدع أي مجال للتوهم، أود التأكيد على ما ذكرته سابقاً أن مجال التشريع لا يقتصر على إثبات رواية في كل مورد مع وجود الأدلة العامة، ومحاولة تطبيق تلك الأدلة العامة على المورد المخصوص لم يقتصر أمره على الشيعة، فقط بل يمارسه العديد من المسلمين، فمثلاً قبلت في كلامك أن هناك اختلافاً بين المسلمين (وتقصد بهم طبعاً غير الشيعة !) في جواز إقامة الإحتفالات بمولد النبي صلی الله علیه و آله ، فهل اعتمد المجوزون على رواية خاصة تفيد أن النبي فعل ذلك أم أنهم استندوا إلى الأدلة العامة ؟ وهل مثل هذا الفهم المستند على الأدلة العامة يختلف عن فهم الشيعة المستند على الأدلة العامة في بعض ما يقومون به في المناسبات الدينية ؟

وتوضيحاً للأمر أكثر أكتفي هنا بذكر شاهد واحد وصغير يتعلق بمسألة من مهمات الأمور في الإسلام لأنها مرتبطة بأمر الفروج، والنص التالي منقول من كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، ففي الجزء الثامن الصفحة 174 من الموسوعة جاء ما يلي: (وإذا استؤذنت البكر في النكاح فبكت فإن للفقهاء في دلالته على الرضا وعدمه اتجاهات ثلاثة: أ- فالحنفية والشافعية يقولون: إذا كان البكاء بلا صوت فيدل على الرضا وإن كان بصوت فلايدل على الرضا. ب - المالكية يقولون إن بكاء البكر غير المجبرة وهي التي يزوجها غير الأب من

ص: 536

الأولياء يعتبر رضاً لاحتمال أن هذا البكاء إنما هو لفقد الأب مثلاً، فإن علم أنه للمنع من الزواج لم يكن رضا. ج - الحنابلة يقولون أن البكاء إذن في الزواج . . الخ .) .

فالقول بأن البكاء مع الصوت دليل على عدم الرضا كما عليه الشافعية والحنفية لم يرد فيه نص، وأنا أتحداك أن تثبت نصاً من قبلكم في ذلك، ولكنه محاولة لتطبيق مفهوم الرضا المشترط في الزواج على المورد .. ومع تحفظنا على هذا الفهم ولكننا لم نجد من طعن فيهم لمجرد هذا الفهم، فلماذا تريدون أن تفرضوا رأيكم فيما نفهمه من مفهوم الحزن والجزع؟! أليس من حقنا أن نجتهد في فهم ما يرد من النصوص ؟ أم أن هذا الحق مقصور على أصحاب المذاهب الأربعة فقط ؟!

2- أما بخصوص تعليقك الثالث، فإنني أستغرب كيف لم تحرك ذهنك لثوان فقط لمعرفة الارتباط الوثيق بين مسألة قابلية استثناء المحرمات وبين التطبير واللطم، فإنني أشرت إلى أصل القابلية وشفعتها برواية الجزع، وقبل ذلك رواية ضرب زينب رأسها بمقدم المحمل !! أي أنه يصح أن نقول أن اللطم محرم في وفاة الفقيد إلا على الحسين علیه السلام وضرب القامات لايجوز إلا على الحسين ! بالطبع لا أريد أن أحصر المورد في اللطم مثلاً على الإمام الحسين علیه السلام فنحن نلطم حتى في وفاة النبي والأئمة علیهم السلام استناداً على الأدلة العامة .

3- أما بخصوص تعليقك الرابع وهو بيت القصيد، فإنه يبدأ من قولك: (وتفسير الجزع عندكم ورد عن الصادق في كتاب مستدرك الوسائل للنوري الطبرسي . . . وانتهاء بقولك: فإنكم مساكين حيث أن هذا الحديث يدعوكم

ص: 537

لترك الحج والعمرة والجهاد في سبيل الله وتكتفون بإقامة مراسم العزاء في الحسينيات !)، وسأرد عليه عبر النقاط التالية:

أ- لم تبين مدى موقفنا من الروايات التي أوردتها من ناحية الصحة والضعف، كما أنك اعتمدت على مصادر غير شيعية مثل شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي، وللعلم فإن كثيراً إن لم يكن الأكثر من المصادر التي استند إليها المحدث النوري في المستدرك ليست محل قبول من علمائنا، وبالتالي لا يمكنك أن تحجني بأي رواية لمجرد وجودها في مصادرنا، ولكنني مجاراة لك سأرد عليك على فرض القبول بها أيضاً !! مع أنها ضعيفة الإسناد .

ب- الرواية الأولى التي أوردتها في معنى الجزع لاتتنافى مع ما نقوله، فهي في مقام بيان الحالة الباطنية والوصف الباطني للجزع، باعتبار أن الحزن والجزع والفرح والغضب والرضا كلها من الأمور القلبية، أما مظاهر تلك الأمور فتختلف، فالفرح مثلاً قد نعرفه بأنه انبساط وانشراح في النفس، أما مظاهره فتتفاوت فقد تحصل بضحك أو بكاء أحياناً أو قفز أو صيحة أو تصفيق.. كل بحسب عادته، فهل هناك تنافٍ بين قولنا إن أشد الفرح هو البكاء في مقام بيان مظاهر الفرح، وبين قولنا الفرح هو انشراح في النفس، في مقام بيان الوصف الحقيقي الباطني للفرح ؟!

والرواية التي أوردتها في رسالتي السابقة وتقول: أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر من النواصي.. هي في مقام ذكر أمثلة على أشد مظاهر الجزع، وليست في مقام بيان حقيقة الجزع حتى تكون متعارضة مع الرواية الأولى التي نقلتها ؟

ص: 538

ج - أود أن أخبرك يامحمد أنك تجبرني – وللأسف - في كثير من الأحيان على إعادة ما أذكره سابقاً لعدم التفاتك لما طرحته، فأنت تقول أن رواية كل الجزع والبكاء مكروه تتعارض مع رواية مستدرك الوسائل عن أمير المؤمنين علیه السلام التي يقول فيها: إياك والجزع، فقلت: ولكن هذا يتناقض مع أحاديث أخرى تنهى عن الجزع بشكل مطلق، ولم تستثن سيدنا الحسين . وقد غاب عنك أنني ذكرت في رسالتي السابقة أن هناك بعض الأمور التي قد تكون محرمة كالربا - وأحياناً مكروهة - ولكن حصل فيها الإستثناء، فهل ترى تعارضاً بين حكم العام وحكم الخاص، يمكنك مراجعة كتبكم في أصول الفقه لتعرف أنه لاتناقض بينهما، والرواية التي وردت عن الإمام الصادق علیه السلام صريحة في الإستثناء، وهي رواية صحيحة وفقاً للميزان السندي.

د – أما بخصوص رواية الكافي وكلام العلامة المجلسي، فهما حول أصل حكم الصبر والجزع بغض النظر عن استثناءاته، ونحن لانشك أن الصبر من أفضل دعائم الإيمان، وأن الجزع أمر مذموم، وهذا لايعني أن هذين الحكمين لا يقبلان الاستثناء . ولابد من التنبيه على أمر مهم وهو أن فقهاءنا قالوا بحرمة الجزع في صورة عدم الرضا بالقضاء كما ذكر ذلك الحر العاملي في الوسائل، وليست حرمته بشكل مطلق .

ه- - أما ما جاء في شرح نهج البلاغة، فلا يوجد أي تناف بين خصوص استثناء النبي صلی الله علیه و آله من حكم الجزع وبين استثناء الإمام الحسين أيضاً، ونظير ذلك كثير في الأحاديث . والذي يفهمه الفاحص أن دائرة الإستثناء تتسع، وأن الغرض من استثناء كل واحد على حدة هو بيان أهمية ذلك الإستثناء . ولتقريب الفكرة: جاء في صحيح مسلم كتاب الصلاة الحديث 599:

ص: 539

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الله بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لا صَلاةَ إِلا بِقِرَاءَةٍ. وفي سنن الترمذي كتاب الصلاة 287: وَرَوَى أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَمَرَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُنَادِيَ أَنْ لاصَلاةَ إِلا بِقِرَاءَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) .

فهل تفهم من الحديثين التناقض، أم أن النبي يريد أن يضم شيئاً آخر إلى استثنائه الأول، وإنما أفردهما بالذكر لبيان أهمية كل واحد منهما؟! وعلى هذا الأساس فلا مانع من أن يضم إلى جزع الإمام الحسين الجزع عن النبي صلی الله علیه و آله . أما المقطع الثاني من شرح نهج البلاغة، فهي في ظاهرها متنافية مع سابقتها إلا مع بعض التوجيهات التي لن تروق لك، وبالتالي نعرض عنها . ولاداعي لتذكيرك أن المصدر التي نقلت فيه تلك الرواية ليس من مصادر الشيعة. وبالطبع فإن التعارض هو بين استثناء النهي عن النبي وبين التصريح بعدم استثنائه . أما النهي المطلق عن النبي صلی الله علیه و آله فلا يتعارض مع استثنائه في حق الإمام الحسين علیه السلام لعدم التصرح بالمنع، فلا يكون تعارض بين العام والخاص .

و - أما قولك: ولكن هذه الأحاديث تتناقض أيضاً مع أحاديث أخرى لديكم عن الجزع، حيث أنها تعتبر أن الجزع أمر طبيعي يحصل لكل إنسان وتتناقض مع مسألة النهي عنه وتحريمه .

ففيه: أن الجزع ليس محرماً على كل حال، وبالتالي يصح أن تكون تلك الروايات تتحدث عن الجزع غير المحرم، فيكون النهي فيها تنزيهياً لاتحريمياً.

ص: 540

ز- وبما ذكرناه يتبين وجه الضعف في قولك: والخلاصة فيما أوردناه أن هناك اضطراب لديكم عن الجزع وهل يجوز أم لا يجوز، وإذا أخذتم بحديث جعفر الصادق عن النهي عن الجزع فإنه يخالف أحاديث أخرى عن الجزع.

فإنه لا اضطراب لدينا في الجزع، فمنه محرم وقد ورد فيه الإستثناء على الإمام الحسين، ومنه غير المحرم، ولاتعارض بين حديث الإمام الصادق علیه السلام وبقية الأحاديث، لأنه لاتعارض بين العام والخاص .

ح- أما اعتراضك على رواية وسائل الشيعة فقد ذكرت أن هذه الرواية تدعو إلى ترك الحج والجهاد في سبيل الله ؟! وهذه زلة كبيرة جداً منك، فإن الرواية لم تدع إلى ترك الجهاد والحج ! أي أن المسألة ليست من قبيل مانعة الجمع على حد تعبير المنطقيين، إذ يمكن للإنسان أن يشارك في البكاء ويأتي بالحج والجهاد أيضاً، والتنافي يتصور في حال دعوة الرواية إلى ترك الحج والجهاد، ولو بحثت في كتبنا فلن تجد رواية واحدة تدعو إلى ترك أصل الجهاد والحج وإن تعرضت لشروطهما. وفرق بين أن أقول لايجب الحج على غير المستطيع، وبين القول لايجب على المسلمين الحج ! وتوضيحاً للأمر أكثر جاء في مسند أحمد مسند العشرة المبشرين بالجنة بسند صحيح 928: (حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: عَادَ أَبُو مُوسَى الآشْعَرِيُّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ رَضِي اللهم عَنْهم: أَعَائِدًا جِئْتَ أَمْ زَائِرًا؟ فَقَالَ أَبُو مُوسَى: بَلْ جِئْتُ عَائِدًا. فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِي اللهم عَنْهم سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ عَادَ مَرِيضًا بَكَرًا شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ كُلُّهُمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يُمْسِيَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّةِ وَإِنْ عَادَهُ مَسَاء شَيَّعَهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ

ص: 541

كُلُّهُمْ يَسْتَغْفِرُ لَهُ حَتَّى يُصْبِحَ وَكَانَ لَهُ خَرِيفٌ فِي الْجَنَّة) . فهل أن استغفار الملائكة للإنسان يلغي استحباب أو وجوب الإستغفار ؟

وفي سنن ابن ماجة كتاب ما جاء في الجنائز الحديث 164: (حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، ح وحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ أَبِي السَّفَرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: أَخْبَرَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَطَاءٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيدًا وَوُقِيَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَغُدِيَ وَرِيحَ عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ مِنَ الْجَنَّةِ) . فهل حصول المريض على أجر الشهيد يجعله مثل الشهيد ويلغي فضل الجهاد والشهادة ؟

وفي صحيح مسلم الحديث رقم 2469: (حَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَاللَّفْظُ لِعَمْرٍو، قَالا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إِلا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ). فهل أفضلية الصلاة في مسجد النبي يلغي فضيلة الصلاة في بقية المساجد ..؟ ولو أردت أن أسرد لك الروايات الواردة في كتبكم لخرجنا عن الموضوع .

إن مسألة تحديد الأجر على الأعمال هي من المسائل الغيبية التي لا شأن لنا في مناقشتها، بل لابد من التسليم بها إذا ثبتت بدليل، فكيف يكون مقام كافل اليتيم ومقام النبي في الجنة من القرب كالفارق بين السبابة والوسطى ؟ ثم هل نسيت ما قام به أبطال المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان من عمليات جهادية في العاشر من المحرم هذا العام ؟ فهل تركوا العزاء على سيد الشهداء لأن ذلك يتنافى مع الجهاد ؟ إنها مغالطة تثير الضحك !

ص: 542

- وكتب (يعقوب) بتاريخ 9-11-1999، السادسة صباحاً:

أتقدم بخالص الشكر للمتحاورين الموسوي ومحمد إبراهيم، على النقاش الهادئ والمفيد الجاري بينهم، خير مثال يا إخوان .

- وكتب محمد إبراهيم بتاريخ 9-11-1999، السادسة مساءً:

الأخ الكريم يعقوب . . نشكرك على هذا الإطراء الذي لا نستحقه، وجزاك الله خيراً .

الموسوي .. بالرغم من تحفظاتي العديدة على ردودك بشأن ما أوردته أنا في مسألة الجزع فإنني أفضل أن أنتقل إلى الموضوع الرئيسي وهو اللطم والتطبير، وأترك موضوع الجزع للقراء لكي يحكموا عليه . سأقصر استدلالاتي على مصادر الشيعة الإمامية كما وعدتك، ولن أستعين بمصادر أهل الكتاب والسنة.. في كتاب التهذيب ج8 باب 4 ص 325 رواية 23: (عن حنان بن سديد قال: سألت أبا عن رجل شق ثوبه على أبيه أو على أمه أو على أخيه أو على قريب له؟ قال: لا بأس بشق الجيوب (؟) فقد شق موسى بن عمران على أخيه هارون (؟؟) ولا يشق الوالد على ولده (؟) ولا زوج على امرأته وتشق المرأة على زوجها (؟) وإذا شق والد على ولده فكفارته حنث يمين ولا صلاة لهما حتى (يكفرا ويتوبا) من ذلك. وإذا خدشت المرأة وجهها أو جزت شعرها أن نتفته ففي جز الشعر عتق رقبة أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكيناً، وفي الخدش إذا دميت وفي النتف كفارة حنث يمين، ولا شئ في اللطم على الخدود سوى (الإستغفار والتوبة) وقد شققن الجيوب وألطمن الخدود الفاطميات (؟) على الحسين بن علي وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب).

ص: 543

إن اللطم وشق الجيوب وخمش الوجه ونتف الشعر، كلها آثام تلتزم الكفارة والتوبة حسب هذا الحديث . ورغم ذلك فالحديث يقول أن الفاطميات شققن الجيوب وألطمن الخدود على مقتل سيدنا الحسين رغم أنه إثم ؟! كيف يكون الإثم الذي يستوجب الكفارة والتوبة حلالاً في موضع حراماً في آخر من دون اضطرار أو شئ من هذا القبيل .

في بحار الأنوار:63 باب 3/307 رواية 177، جاء حديث طويل فيه هذا المقطع: (وذكر مجاهد أن من ذرية إبليس (لاقيس) وهو صاحب الطهارة والصلاة و(الهفاف) وهو صاحب الصحاري و (مرة) وبه يكنى و(زلنبور) وهو صاحب الأسواق ويزين اللغو والحلف الكاذب ومدح السلعة و(بثر) وهو صاحب المصائب يزين خمش الوجوه ولطم الخدود وشق الجيوب....!) ولا بد أن له (بثر) رايات معقودة في كل حسينية ومأتم من مآتم الإمامية !

في بحار الأنوار: 12باب 9 /325 رواية 148: (وقد يرد على الإنسان من الحزن ما لا يملك رده ولا يقوى على دفعه، ولهذا لم يكن أحد منهياً عن مجرد الحزن والبكاء وإنما نهي عن اللطم والنوح وأن يطلق لسانه بما سخط).

لا يخرج هذا الكلام عن عقيدة أهل الكتاب والسنة في جواز الحزن والنهي عن اللطم والنوح .

في مستدرك الوسائل: 2 باب 72 /458 رواية 2458: (تقدم عن رسول الله ص أنه قال في حديث ليس عن البكاء نهيت، ولكنني نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نغمة لعب ولهو ورنة شيطان، وصوت عند مصيبة ولطم خدود وشق جيوب ورنة شيطان .. الخبر .) .

ص: 544

قارن بين ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم، وبين ما يحصل في الثلث الأول من محرم عند الإمامية .

الخلاصة: أن اللطم والنواح وما شابه ذلك منهي عنهما عند الشيعة الإمامية، وهما إثم يستوجب الكفارة والتوبة . لاأدري ما الفلسفة في فتح باب إثم خاص لمناسبة مقتل سيدنا الحسين رضي الله عنه ؟ إذا كان اللطم والنواح إثماً فما بالك بالتطبير ؟ أم أنكم لا تقوون على رد دعوات (بثر) ؟

ملاحظة: بالنسبة لمناظرتك هناك فإنك تجبرني أن أقول إنها تافهة بالرغم من أنني كنت أتجنب ذلك ولكنك أنت مصر . لقد أعطيتك الرد النهائي، ولم أجد عندك ما يستحق أن أرد عليه فلا تتصنع الإنتصار .

عموماً أنا أترك الحكم الأخير للقراء .

- وكتب الموسوي بتاريخ 14-11-1999، الثالثة ظهراً:

إلى الزميل محمد إبراهيم .. يؤسفني أن أقول لك إنك - إذا أردت أن أحسن بك الظن - لم تستوعب حتى الساعة ما قلته في أجوبتي السابقة من أن الشئ قد يكون محرماً بالأصل وتكون فيه حالات استثنائية، فالربا الذي توعد القرآن الكريم مرتكبه بالحرب ووردت الأحاديث الكثيرة التي تعظم من حرمتها، ذهب بعض الأحناف بتحقق الاستثناء فيها ؟ فهل اللطم أشد حرمة أم الربا ؟! ولهذا السبب - أي إمكانية الإستثناء وتحققه - بالضبط يكون للربا حكمان حرام وجائز ؟ ونحن لا نعلم أسرار جميع الأحكام الشرعية حتى نقول لماذا صار هذا الشئ جائزاً في هذا المورد بعد كونه حراماً في الأصل ..

وأنا لن أورد لك حالياً العديد من الموارد التي حصل فيها الإستثناء، وهي جاهزة عندي إذا شئت - ولن أوردها اجتناباً للتطويل - وسأكتفي بنقل واحدة

ص: 545

منها ترتبط بمقامنا ومأخوذة من كتبكم .. جاء في صحيح مسلم 1554: (وحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَإِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ جَمِيعًا، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، عَنْ حَفْصَةَ، عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِالله شَيْئاً . وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ، قَالَتْ: كَانَ مِنْهُ النِّيَاحَةُ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله إِلا آلَ فُلانٍ فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَسْعَدُونِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلا بُدَّ لِي مِنْ أَنْ أُسْعِدَهُمْ فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلا آلَ فُلانٍ) .

فإذا كانت النياحة وهي أمر محرم عندكم قد جاز فيها الإستثناء ولو في مورد واحد، كما في آل فلان، فلم لا يصح جوازه عندنا في الحسين علیه السلام بعد كونه مشمولاً بالجزع أولاً، ولورود الأدلة الخاصة ثانياً، وبعدكون النوح غير محرم في نفسه ثالثاً، فالمحرم هو النوح بكلام باطل ولابأس بالنوح بالحق. ومن هنا أرى من اللازم تصحيح ما قلته: (إن اللطم والنواح وما شابه ذلك منهي عنهما عند الشيعة الإمامية، وهما إثم يستوجب الكفارة والتوبة). فإنه ليس في النوح كفارة، والكفارة مخصوصة بموارد خاصة، كما أن النوح ليس أمراً محرماً في نفسه عند علمائنا، بل المحرم هو النوح بالباطل، يقول السيد اليزدي في العروة الوثقى وقد وافقه مراجعنا الذين كتبوا حاشية على كتابه ما يلي: (يجوز النوح على الميت بالنظم والنثر، ما لم يتضمن الكذب ولم يكن مشتملاً على الويل والثبور).

ثم اعلم أن هناك استثناء ذهب إليه علماؤنا تبعاً لما ثبت عندهم عن أهل البيت علیهم السلام ، وهو أن شق الثياب جائز في خصوص الأب والأخ، قال السيد اليزدي في (العروة الوثقى): (وكذا لايجوز شق الثوب على غير الأب والأخ) . والحديث الأول الذي نقلته من كتاب تهذيب الأحكام يؤيد كلامي لأمرين:

ص: 546

الأول: أن الرواية صرحت بتحقق استثناء الحرمة في موضعين وهما شق الأخ جيبه على أخيه، واللطم وشق الجيب على الإمام الحسين، وهذا ما يثبت ما ذكرته سابقاً .

الثاني: أنه يؤكد ما ذكرته سابقاً أن الرواية الصحيحة استثنت حكم الجزع على الإمام الحسين، وجاء في الرواية الأخرى أمثلة للجزع وجاء فيها: أشد الجزع الصراخ بالويل والعويل ولطم الوجه والصدر وجز الشعر من النواصي . أي أن لسان رواية تهذيب الأحكام نفس لسان رواية: كل الجزع والبكاء .. إلخ .

أما الرواية التي نقلتها عن الجزء 63 من بحار الأنوار، فإن العلامة المجلسي كثيراً ما ينقل في بحاره عن كتب أهل السنة - وكما فعل من قبل الطوسي والطبرسي في تفسيريهما حيث أكثرا من النقل عن المفسرين السنة - ولا يعني ذلك التزامه بتلك الروايات، بل أن نقله للأحاديث الواردة في كتب الشيعة لايعني قبوله لها جميعاً، فكيف بما جاء في كتب غير الشيعة ؟

ومن نقل عنه الكلام أي مجاهد، ليس من علماء الشيعة ورجالها، كما أن المصدر الذي نقل عنه المجلسي هو كتاب تاريخ ابن خلكان وهو من السنة أيضاً، فهل يصح أن تحتج علينا بكلام عالم غير شيعي من كتاب مؤلفه غير شيعي لمجرد أن الناقل من الشيعة ؟ ما لكم كيف تحكمون ؟

كما أن مجاهد كما هو صريح نقل العلامة المجلسي، لم ينسب تقسيم أولاد إبليس إلى النبي صلی الله علیه و آله حتى يؤخذ بقوله، فلايصح الأخذ بقوله هذا، لا عند أهل السنة ولا عند الشيعة .

أما ما نقلته عن الجزء 12 من البحار، فلابد أن أصحح لك معلومة أن الفقرة التي نقلتها ليست برواية بل هي عبارة للسيد المرتضى أخ الشريف الرضي جامع

ص: 547

كتاب نهج البلاغة، وكانت في معرض دفاعه عن كل ما قد يكون مطعناً في عصمة الأنبياء، والنهي الوارد في النوح هو خصوص المحرم عندنا لا كل نَوْح، وهذا هو مقصود السيد المرتضى .

ولن أتوسع في هذا الموضوع، فإن حرمة النوح ليست على كل حال، حالياً لأنك لم تفصل القول فيه وذكرته استطراداً، ولهذا فقد اكتفيت بذكر إشارة إليه فقط من كلام السيد اليزدي ومراجعنا، وستكون لي عودة إليه بإذن الله إن جئت بشئ جديد حول هذا الموضوع .

أما رواية (مستدرك الوسائل) فقد ذكرت لك سابقاً أن ليس كل ما جاء في المستدرك مقبول عند علمائنا، بل أغلب الكتب التي نقل عنها المحدث النوري مما لم يكن في وسائل الشيعة غير ثابت عند معظم علمائنا صحتها، أو نسبتها إلى أصحابها، أو صحة أحاديثها .. وبالتالي فلا يصح الإحتجاج، ومؤلف الكتاب: الشريف الحسيني مؤلف كتاب التعازي، الذي نقل النوري منه الرواية من أعلام القرن الخامس الهجري وقد نقل الرواية مرسلة عن جابر!

ولكن مجاراة لك ثانية! أقول لا منافاة بين كون تلك الأمور محرمة في الميت العادي، ومستثناة في الإمام الحسين علیه السلام ، وكما استثنته رواياتنا. وبالتالي فلا تصح المقارنة التي أشرت إليها لأنه لا مقارنة بين الحرام والجائز .

أما قولك: (إذا كان اللطم والنواح إثماً فما بالك بالتطبير ؟)

فجوابه: اتضح مما تقدم، فإن النوح ليس إثماً على كل حال، كما أن اللطم وإن كان إثماً ولكن له مستثنياته، وهو في مورد اللطم على الإمام الحسين علیه السلام مشمول بالجزع الممدوح المستثنى من المذموم فيكون مستحباً، والتطبير كأحد أفراد الجزع وأمثلته يكون له نفس الحكم .

ص: 548

ثم إن موضوع الجزع كان في صلب الموضوع، وقد استفدت منه جواز اللطم والتطبير، فكيف تقول في بداية رسالتك: بالرغم من تحفظاتي العديدة على ردودك بشأن ما أوردته أنا في مسألة الجزع فإنني أفضل أن أنتقل إلى الموضوع الرئيسي وهو اللطم والتطبير، وأترك موضوع الجزع للقراء لكي يحكموا عليه ؟ فهل كان حوارنا السابق هامشياً بحيث لم ننتقل بعد كل ما دار بيننا إلى الموضوع الرئيسي؟! وأعتذر عن التأخير في الرد .

- قال العاملي: هنا انتهى الحوار.. ولم يجب بعدها محمد إبراهيم !

من مناقشات الموضوع في شبكة القطيف الشيعية

-كتب (علي) وهو وهابي، في شبكة القطيف في12-1-2001، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (ضرب القامات وشج الرؤس والصدور لماذا ؟) قال فيه:

لا أدري لماذا يقوم الشيعة فى أنحاء العالم في يوم عاشوراء بضرب أنفسهم في السلاسل والسكاكين، وإن كانوا يختلفون فى العنف من بلد لآخر.. ولكن ما الحكمة من تعذيب أنفسهم ؟ خاصة إذا كان علي وأبناؤه فى نعيم الجنة ؟! فالحسن والحسين كما هو معروف هم سيدا شباب الجنة، فإذا كانا كذلك فلما يعذب الشيعة أنفسهم ويقوم الإعلام الغربي كل سنة بنشر صورهم ؟ وأن هذا الإسلام وما يفعله أهله ؟! فهذا تنفير لكل من يرى هذة المشاهد المؤلمة التي والله ليست من الدين فى شئ .

- وكتب (الواقعي) وهو وهابي أيضاً في12-1-2001الثانية والربع صباحاً:

ص: 549

شكراً للأخ علي لطرحه هذا الموضوع .. وبصراحة هذا الموضوع من أشنع ما يفعله الشيعة، وهو بصراحه أمر غريب جداً جداً جداً. ولا يكاد الإنسان أن يصدق ما يرى ! ووالله لو حكمنا طفل صغير لانتفض مما يرى ويشاهد فكيف بالعقلاء من الناس ؟! عموماً الموضوع يحتاج إلى تأمل ولي فيه صراحة عدة تساؤلات تنتظر إجابة: إذا كانت هذه المشاهد تدل على الحزن كما تقولون، هل فعلها محمد علیه السلام في ذكرى وفاة خديجة أو ابنه ابراهيم ؟ هل فعلها علي رضي الله عنه في ذكري وفاة محمد علیه السلام ؟ هل فعلها الحسن والحسين في ذكري قتل علي رضي الله عنهم ؟

وهذا السؤال لكم أنتم: بما أن علياً رضي الله عنه قتل وهو أفضل من الحسين بلا شك، وعلي كما تقولون هو المظلوم الأول والأكبر .. فلماذا لاتضربون أنفسكم في ذكرى يوم قتله ؟ وأنا أعلم أنكم كالعادة ستراوغون في الإجابة، لكن ربما يخرج علينا من يرد بمنطق فنطلب منه الإجابة على الأسئلة الأربعة بالتحديد .

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه .

- وكتب السيد محسن في12-1-2001، الثالثة والنصف صباحاً:

الأخ الواقعي .. أولاً: سؤلك بهل وهل.. غير صحيح، فإنه يسأل: هل ركب النبى صلی الله علیه و آله السيارة ؟ هل لعب الأصحاب فوتبال وواليبال ؟ هل تسابق أبو بكر وعمر مع غيرهما فى مسابقة التينس ؟ هل الإصحاب عرفوا ماهو المرسوم فى هذا الزمان . . ؟ وغيرها . بل الصحيح أن تذكر آية من الكتاب أو حديثاً من السنة تدل على حرمة العمل .

ص: 550

ثانياً: ليس البكاء ونحوه على الإمام الحسين علیه السلام من جهة أفضليته على جده وأبيه وأمه وأخيه، بل من جهة كثرة الظلم عليه والمصيبة العظمى الواردة عليه وعلى أعوانه من قبل أعداء الدين .

وثالثاً: كونهم في الجنة من المسلمات، ولكن البكاء واللطم يكون لحزننا على ذات المصيبة العظمى، وهذا أمر مربوط بالقلب، فالقلوب القاسية لا تدرك عمق المصيبة، ومن ليس في قلبه محبة، لايحزن على أي مصيبة .

- وكتب (علي) بتاريخ 12-1-2001، الثامنة صباحاً:

الأخ محسن .. ما دخل الأمور المباحة في الأمور المنهي عنها في الشرع بل والمحرمة، لأن من مقاصد الشرع المحافظة على النفس وليس إزهاقها أو تعذيبها .. أود أسأل بصراحة: أنا لا أعلم هل نساء الشيعة يشاركن الرجال، ويلطمن على خدودهن ؟ أم أن هذا الشئ يفعله الرجال فقط ؟

- وكتب (الشاهد) بتاريخ 12-1-2001، العاشرة والنصف صباحاً:

أيها الأعزة .. اليوم صباحاً وجدت موقع القلعة في حصنه الشرعي أمامي مغلقاً (نأسف . . . لايسمح لك في الكتابة في هذا الموقع) والمنع والإغلاق وخنق الرأي الآخر أسلوبٌ للقمع مارسه مشرف الحصن الشرعي منذ زمن تجاه الأخوة الشيعة، تهاوياً أمام الحجة البالغة ويقين الرأي وصواب المذهب . لم أوفق إلى إيصال الصوت لأحدهم (صقران) المدعوم من مشرف القلعة الوهابية والمحصنة بجدار ستاليني . . . وصقران يشتم في ذرية رسول الله صلی الله علیه و آله الإمام جعفر الصادق علیه السلام ! ويترحم على يزيد بن معاوية قاتل الحسين السبط الريحانة، وجزار الحرة، ومستبيح البيت الحرام !!

ص: 551

مشكلة التيار الوهابي وهو الوريث التاريخي للتيار الناصب للعداوة لآل بيت محمد، لا تكمن في كيف يحيي الشيعة ذكرى عاشوراء، بل في: لماذا يحيي الشيعة ذكر الحسين علیه السلام ! والبحث في تفاصيل ما يمارسه الشيعة إحياءً للذكرى بحث تمويه وتضليل ! ما دامت أدبيات القوم وتشبثاتهم تبحث عن (منهاج بابوي) للتبرئة، تبرئة النواصب والمرتدين على الرسالة وصاحبها الذين قتلوا الحسين وشتموا علياً علیهما السلام، وذبحوا شيعتهم وأنصارهم... أولئك الشيعة الأبرار الذين وجدوا في عاشوراء الشفق الأحمر لرسالات السماء، والوصية الخالدة لخاتم تلك الرسالات: إني تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله حبل ممدودٌ من السماء الى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض، فانظرو كيف تخلفوني فيهما .

ثم وجد الشيعة أن عناصر الردة قتلت هذه العترة واستباحت الحرمات، فأحيوا عاشوراء وهتفوا بحناجرهم عالياً أمانة للمصطفى:

السلام عليك يا وارث آدم صفوة الله.. السلام عليك يا وارث نوح نبي الله.. السلام عليك يا وارث ابراهيم خليل الله.. السلام عليك يا وارث موسى كليم الله.. السلام عليك يا وارث عيسى روح الله.. السلام عليك يا وارث محمد حبيب الله..

تلك هي رسالة عاشوراء .. التي تقشعر منها جلود الوهابيين، وتلين لها وتطمئن بها قلوب شيعة الإسلام، شيعة محمد وآله الاطهار .

- وكتب (مزاح) بتاريخ 12-1-2001، الثانية عشرة والربع ظهراً:

ص: 552

يا علي . . وَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ . نبي الله يعقوب علیه السلام حزن وبكى على ابنه نبي الله يوسف علیه السلام حتى ابيضت عيناه وهو يعلم بوجوده حيٌ يرزق .

أين النهي والحرمة ؟ إن بكينا فقد بكى نبيٌ من قبلنا .. وإن لطمنا فعيناه ابيضت من الحزن .. إن قلت إنكم تبكون وتحزنون وتؤذون أنفسكم ؟ نقول إن يعقوب النبي بكى وحزنَ وآذى عينيه من البكاء .

- وكتب (السيد محسن) بتاريخ 12-1-2001، الثالثة إلا ثلث ظهراً:

الأخوان علي والواقعى .. لِمَ لا تذكران دليل النهي والحرمة في كلامكما.. فاذكرا الدليل ثم تناقشا معنا. والله الهادي . اللهم صل على محمد وآل محمد .

- وكتب (الشاهد) بتاريخ 12-1-2001، الثالثة ظهراً:

الواقعي يتجاهل حقائق الأمر ! وأن النواصب يترحمون على يزيد !

http://www.qal3ah.com/vb/showthread.php3?threadid=26342

ويشتمون ذرية رسول الله صلی الله علیه و آله ، جعفر بن محمد عليه أفضل الصلاة والسلام .http://www.qal3ah.com/vb/showthread.php3?threadid=26292

و يقولون (تقيةً) إننا لانعادي آل بيت محمد صلی الله علیه و آله !!!

- وكتب (فارينكس) في 12-1-2001، الرابعة إلا ربعأ مساءً:

بخصوص موضوع ضرب القامات أقول:

أولاً: أن لكل إنسان طريقته في التعبير عن الحزن والتظاهر.. والناس تختلف باختلاف مستوياتهم، فمنهم من يعبر عن الحزن بالبكاء، ومنهم من يفضل الصمت، ومنهم من يلطم، ومنهم من يستعمل السلاسل، وما إلى ذلك، ومنهم من يستأنس بالإستماع إلى المحاضرة أو النعي.. وهذه ظاهرة طبيعية عند البشر

ص: 553

فحتى الغربيين على سبيل المثال يعبرون عن حزنهم بطرق عديدة، فمنهم من يأخذ زوجته إلى السينما في يوم موت الشخص، ومنهم من يرتدي بدلة مهندمة ويرتئي الوقوف، ومنهم من يتظاهر ويصيح .

ثانياً: الشيعة يعتقدون بأنه لا يجوز الإضرار بالنفس ضرراً معتداً به، وهذا ما لا يحصل غالباً في مواسم الحزن في عاشوراء . وأما كون شخص معين جرح نفسه جرحاً بليغاً معتداً به، فهذا مما لا يجوز، والشيعة غير مسؤولين عن تصرفات أفراد معدودين .

ثالثاً: القول بأن هذا ضرب من الجنون لايصح، فكما ترى الناس في المظاهرات العامة يصيحون ويقومون بمختلف الأعمال التي لا يقوم بها الإنسان في الوضع الطبيعي، فيلتمس لهم العذر لأن الإنسان في هذه الحالة يدافع عن مبدأ، وله طريقته الخاصة في ذلك.

رابعاً: القول بأن هذا يعطي انطباعاً سيئاً عن الإسلام أمام الغربيين .

جوابه: أن الغرب أعطى انطباعاً سيئاً عن الإسلام في كل شئ، وقد حارب الحجاب وصوره قيداً للمرأة وإنقاصاً من قيمتها ! ووصف المسلمين بالإرهاب . . وما إلى ذلك ! فمنذ متى كان المسلمون ملزمين بالتخلي عن مبادئهم وعاداتهم قبالة الغرب ؟! ثم إن العديد من النصارى في بريطانيا يقومون بضرب رؤوسهم بزجاجات الخمر في بعض مناسباتهم !

خامساً: الملاحظ أن العديد من أبناء السنة يقومون بأعمال مشابهة كما في بعض مناطق مصر والسودان من ضرب البطون بالمسامير، وإن كان الإعلام لايذكر ذلك .

ص: 554

سادساً: العديد من الناس بعيد كل البعد عن أجواء الدين وما يربطه بالدين هو الأيام الأولى من شهر محرم، فلماذا نقطع هذه (الشعرة) بينهم وبين الدين؟

سابعاً: قال السيد الصدر الأول ما معناه: إننا نشجع مثل هذه الشعائر، ولكن لا بأس باستبدالها بشعائر أحسن .

ثامناً: القول بأن النبي لم يفعل مثل هذا، أجاب عليه الأخ السيد محسن .

- وكتب (الفجر) بتاريخ 12-1-2001، العاشرة مساءً:

رداً على نقطة تشويه الدين في عيون الغرب. الكلام التالي هو ما يفكر به الغربيون: هل من العقل أن يتجمع الناس من جميع أنحاء العالم ويزدحمون ازدحاماً شديداً من أجل أن يرموا بضع (حصوات) على أعمدة حجرية، ويدورون كالمجانين حول بناء قديم، ويذبحون الخراف المسكينة، ويهرولون كمن لسعته أفعى بين جبلين وهم يلبسون ثياب سخيفة ؟!

فكر فيها . . ترى هل الغربيين محقين في تسخيف فكرة الحج ؟؟!!

- وكتب (الواقعي) بتاريخ 12-1-2001، العاشرة والنصف مساءً:

أولاً: وقبل كل شئ: الغرب كله تحت رجلي، ولا يهمني لامن قريب ولامن بعيد . ومنذ متى كان الغرب حجة علينا ؟ ما أردنا قوله هو أن مايحصل يوم عاشوراء تستنكره الفطرة، ولا يمت للإنسانية بصلة .

هذا ما أردت قوله .

- وكتب (السيد محسن) بتاريخ 13-1-2001، الثالثة والنصف صباحاً:

الأخ الواقعي . . لاتذهب يميناً وشمالاً، لأن الطريق الوسطى هي الجادة .

ص: 555

قلت في ردك السابق: يستنكر العالم كله ما يفعله الشيعة في العاشورا، وبعد ماقام الأخ فارينكس بردك بأن الغرب يستنكر رمي الجمرات أيضاً فلا بد أن لايفعل.. قلت: الغرب كله تحت رجلي مع أن الغرب نصف العالم !

أخي العزيز .. في الأحكام الدينية: الثبوت أو النفي محتاج إلى دليل مقبول، وإذا لم يوجد دليل لا على الثبوت ولا على النفي يحكم بالإباحة.. وأنت لاتذكر الدليل على حرمة ضرب القامات ونحوه، بل تستدل بأقوالك ! وهي لا تعد من الأدلة الشرعية عند الفريقين .

- وكتب (فارينكس) بتاريخ 13-1-2001، الرابعة والربع صباحاً:

الى الأخ الواقعي . . قد أوردنا ثمان نقاط حول موضوع ضرب الهامات، ولم نسمع التعليق، فأرجو الإفادة . وشكراً.

- وكتب (جمال الخط) في 13-1-2001، الخامسة والنصف صباحاً:

وجدت في كتب أحد الأعلام كلاماً يدل على جواز استمرار البكاء على الميت بعد فترة طويلة جداً بعد موته، وخصوصاً إذا كان للميت خصوصية، فأحببت أن أشارك به في هذا الموضوع ولكي لا يعترض عليّ أحد أقول إني منتبه إلى أنه لا يرتبط مباشرة بضرب القامات..

وهذا بعض مما أورده هذا العيلم: في ترجمة جعفر من (الإستيعاب) قال: لما جاء النبي صلی الله علیه و آله نعي جعفر، أتى امرأته أسماء بنت عميس فعزاها، قال: ودخلت فاطمة وهي تبكي وتقول: واعماه، فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : على مثل جعفر فلتبك البواكي .

وذكر أهل السير والأخبار كابن جرير وابن الأثير وصاحب العقد الفريد وغيرهم، ما قد أخرجه الإمام أحمد بن حنبل من حديث ابن عمر في ص 40 من

ص: 556

الجزء الثاني من مسنده: من أن رسول الله صلی الله علیه و آله لما رجع من أحد جعلت نساء الأنصار يبكين على من قتل من أزواجهن، قال: فقال رسول الله صلی الله علیه و آله : ولكن حمزة لا بواكي له . قال ثم قام فانتبه وهن يبكين، قال فهن اليوم إذا يبكين يندبن حمزة .

وفي ترجمة حمزة من (الإستيعاب) نقلاً عن الواقدي قال: لم تبك امرأة من الأنصار على ميت بعد قول رسول الله صلی الله علیه و آله لكن حمزة لا بواكي له إلى اليوم إلا بدأن بالبكاء على حمزة !

قلت: حسبك تلك السيرة المستمرة على بكاء حمزة من عهد رسول الله صلی الله علیه و آله وعهد أصحابه والتابعين لهم بإحسان، وكفى بها في رحجان البكاء على من هو كحمزة وإن بعد العهد بموته . ولا تنس ما في قوله صلی الله علیه و آله : لكن حمزة لا بواكي له، من العتب عليهن لعدم نياحتهن عليه، والبعث لهن على ندبه وبكائه . وحسبك به وبقوله صلی الله علیه و آله : على مثل جعفر فلتبك البواكي دليلاً على الإستحباب . مع الإعتذار إن كنت أبعدتكم عن جو الموضوع .

- وكتب (الواقعي) بتاريخ 13-1-2001، السادسة صباحاً:

أنتم تريدون التوسع بالموضوع ولا بأس من البحث، ولنفصل الموضوع عسى أن نصل لنتيجة .

أولاً: قد بينا أن هذا الأمر لم يفعله محمد علیه السلام ولا علي ولا الحسنان رضوان الله عليهم، وأنتم أقريتم بأن ضرب القامات ليس من فعلهم وليس من سنتهم . إذن هي سنة من ؟ ومن أول من فعلها ؟

ثانياً: ماهو المقصود من فعل هذا الضرب ؟ أهو ندم، أم تكفير ذنب، أم حزن، أم ماذا ؟

ص: 557

- وكتب (فارينكس) بتاريخ14-1-2001، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

قد تمت الإجابة على أسئلة الواقعي أعلاه، وشكراً .

- وكتب (حزام الأمان) بتاريخ 14-1-2001، الثانية إلا ربعاً صباحاً:

أخي الواقعي . . لقد رد عليك الإخوة فأحتمل أنك لم تقرأ ردهم ! ليس كل شئ في الدنيا يجب أن يفعله النبي وأهل بيته عليهم الصلاة والسلام حتى يجوز لنا فعله ! وإلا لتوقفت الدنيا بعد غياب الإمام المهدي عجّل الله فرجه الشريف. فها أنت تدخل الإنترنت.. فسنة من هذه ؟ وسنة من جمع التبرعات.. وليس الزكاة للمجاهدين ؟ والتلفزيون، والأطباق الفضائية، ولبس الشماغ، والكرفتة (الياقة)، ولبس النظارة الطبية .. وسنة من نقل الأعضاء من الميت إلى المريض والتبرع بالدم و. . . . وفي كل مجال هناك مستحدثات في الدين والدنيا . فسنن من تلك ؟ فكيف بالبكاء واللطم على مصائب النبي وآله والذين كانوا يبكون على فراق بعضهم ؟ فالنبي بكى خديجة وابنيه وأبا طالب.. وبكت الزهراء النبي صلی الله علیه و آله .. وبكى الإمام علي علیه السلام كل أولئك ؟ وهذه الزهراء علیها السلام تقول:

قل للمغيب تحت أطباق الثرى *** إن كنت تسمع صيحتي وندائيا

ماذا على من شم تربة *** أحمد ألا يشم مدى الزمان غواليا

صبت علي مصائب لو أنها *** صبت على الأيام صرن لياليا

هذه طبيعة البشر يا أخي.. ففراق الأحبة مؤلم، فما بال من فارق النبي وأهل البيت علیه السلام ؟ أما الطرق المختلفة في تعبير الناس عن عزائهم وحدادهم، فهي لاختلاف بيئاتهم وأفكارهم وتاريخهم. والدليل أنه لايوجد لدينا كتاب واحد حول: طرق العزاء والحداد ! والعلماء مارأوه يوافق الدين أقروه، وما رأوا فيه مخالفة للدين أرشدوا الناس بالحسنى، وأفتوا لبعضه بالحرمة . تحياتي .

ص: 558

- وكتب (الواقعي) بتاريخ 14-1-2001، الثانية صباحاً:

مازال الأسلوب هو هو ! يابشر يا ناس أنا سألت سؤالين محددين: هي سنة من؟ ومن أول من فعلها ؟؟ ما المقصود من ضرب الرؤوس؟ حزن أم تكفير أم ندم أم ماذا ؟

أما كلامك فهو بصراحة غريب جداً ولا أظن حتى أن الشيعة وعلماؤهم يوافقونك على ذلك ! فكيف تخلط بين الشعائر الدينية والمباحات اليومية ؟ شريعة من هذه التي لم تكتمل وانتظرتكم حتى تكملوها؟ شريعة من هذه التي تزيد باليوم والليلة ؟ قال تعالى: قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنه لمن كان يرجو الله واليوم الآخر . أليس من الأحرى أن تقتدوا برسول الله في أفراحكم وأحزانكم ؟ بدل من الإختراعات الجديدة في دين الله ؟

- وكتب (السيد محسن) بتاريخ 14-1-2001، السادسة صباحاً:

أين الدليل على الحرمة ؟ أو آية أو حديث تدل على حرمة العمل؟ فابحث علمياً وعلمائياً، لا كالعوام عامياً .

- وكتب (الفجر) بتاريخ 14-1-2001، السابعة مساءً:

ومن قال إن الفطرة ترفضه ؟ هذا رأيك الشخصي كما يوجد غيرك يرى أن ذبح الخراف جماعياً شئ يرفضه العقل والفطرة . وهناك أيضاً من يرى أن تحريم الإنتحار لمن بلغ من العمر أرذله وأصبح في مرض لا يرتجى شفاؤه أمر منكر حيث أن فطرته وعقله يقولان لماذا لا يحق له أن يقتل نفسه ويستريح ! ولعلمك فإن ضرب الرؤوس ليس تعذيباً ولا مضراً ولا مؤذياً، حتى تحوم عليه شبهة التحريم .

ص: 559

أما عن أنها غير سنة، فهذا الضرب هو تعبير عن الحزن، وليس عبادة مثل الصلاة أو الزكاة حتى تسمى التغيير فيها بدعة . فهو من عادات الناس، فهناك شيعة يعملونها وهناك آخرون لا يستسيغونها . أنا مثلاً لا أحبها ولكن هذا رأيي الشخصي، فأنا لا أعملها ولا أحد ينكر ! كما أنه لا يحق لي أن أفرض رأيي الشخصي على عادات وآراء الآخرين، فبأي حق أقول لهم لا تعملوه ؟ هل حرمه الله ورسوله ؟ أم لأنني فقط لا أستسيغه؟! وكما وضحت آنفاً.. هناك أشياء في صميم الدين لا يستسيغها الآخرون، فهل نتركها ؟!!

- وكتب (الواقعي) بتاريخ 14-1-2001، الحادية عشرة ليلاً:

الحمد لله هنا أخيراً إجابة على أحد السؤالين من الفجر: ضرب الهامات تعبير عن الحزن، فلا أدري هل هذا رأي كل الشيعة ؟ أما السؤال الثاني: فما زال ينتظر الإجابة والسؤال هو: من أول من فعل ذلك ؟

- وكتب (سلمان) بتاريخ 15-1-2001، الخامسة مساءً:

هذا ليس من اختراعنا وإنما هو من الدين، ونستند في ذلك إلى أدلة ربما لا تعتقد أنت بها فلا فائدة من بيانها، وهي موكولة الى أهل العلم .

أما قولك بأن هذا تنفير لكل من يرى هذه المشاهد المؤلمة، فهو على العكس مما تقول حيث أن ذلك يعتبر صرخة في وجه الطغيان والظلم نوصلها إلى كل العالم، وأن الحسين علیه السلام سيبقى النبراس الخالد إلى مدى الزمان.

في كل سنة من يوم عاشوراء يرى العالم الشيعة ويتساءلون منهم هؤلاء وماذا يفعلون؟ فيبدأ في البحث فإذا هداه الله ووفق للحق اعتنق المذهب الحق ونجى من النار، ففي كل عام يستشيع على يد الحسين علیه السلام الكثير الكثير من الناس . ولننظر ما قال غاندي: علمني الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر. فالأحرى بك

ص: 560

أيها الأخ أن تنظر إلى قضية الحسين علیه السلام وأسبابها وأهدافها ونتائجها ومن الظالم ومن المظلوم.. وكيف تكالبوا على ابن بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وقتلوه شر قتلة، وقتلوا أولاده وأهل بيته وأصحابه، وسَبَوْا ذريته وطافوا بها البلاد، ورأسه الشريف ورؤس أصحابه على الرماح !!

أسألك بالله لو كنت حاضراً ما أنت صانع، أتكون حسينياً أو يزيدياً ؟ إذ لا فرار لقول الرسول صلی الله علیه و آله : من بات وليس في عنقه بيعة للإمام مات ميتة جاهلية .

- قال العاملي: هنا مداخلات لايتسع لها المجال، لغيور وواقعي، كما وقعت مشادة كلامية بين واقعي وفارينكس .

- وكتب (الفجر) بتاريخ 16-1-2001، الحادية عشرة مساءً:

الملخص:

الأمر الذي لا ضرر منه مباح.

الحزن ليس عبادة توقيفية مثل الحج والصلاة، إذن لامجال لادعاء البدعية فيه . مثلاً عندما يقرر شخص أن يصلي الظهر خمس ركعات فهذه بدعة، ولكن أن يلعب أناس مباراة ودية يجعلون ريعها صدقة للمسلمين، فهذه لا تكون بدعة، ولا يحتج بأن الرسول ما كان يعمل ذلك في الصدقة . وعندما تتغير أساليب الزواج ويصبح في فندق أو في صالة أفراح، فهذه ليست بدعة لأن الرسول حدد لنا في الزواج أموراً هي السنة التي نلتزم بها، أما التعبير عن الفرح فتركه حسب عادة المجتمع . وكذلك الأمر في الحزن .

الأمر المباح إذا عمل بنية حسنة فإن الله يثيب عليه، فمثلاً الطبيب اللذي يعالج المرضى يأخذ راتب وعمله من أجل الراتب، لكن إذا جمع مع هذا النية لخدمة البشرية والإخلاص في تخفيف آلام المرضى فإن الله يثيبه ويجازيه

ص: 561

ويكون عمله عبادة ومن الدين، وهذا مغزى الرد المطول لأحد الإخوة حول أن الضرب إذا كان المقصد من مشاركة أهل البيت العزاء فهو من السنة . وللرد على سؤالك (في حالة لم تعرفها من أجوبة الأخوة) .

لماذا التعبير عن الحزن والمشاركة الوجدانية لأهل البيت علیهم السلام ؟ هو مصداق للآية التي تأمر بمودة أهل البيت وللأحاديث (شيعتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا) .

من أمر بهذا..؟ تاريخياً لا أعرف كيف ابتدأت هذه العادة أو (البدعة الحسنة على تعبير عمر بن الخطاب) ولكن هذا لا يقدح في شرعيتها كما رأينا وكما سأعيد لاحقاً . والأرجح أنها بدأت في زمن الأئمة .

بدعة... بينا معنى البدعة وأن البدعة إنما تكون في العبادات التوقيفية، أما التعبير عن الحزن أو الفرح في الزواج أوكيفية إخراج صدقة التطوع، فهي أعمال مشروعة لا بدعية فيها، وذكرنا أمثلة لذلك .

أنها مضرة والشرع نهى عن الإضرار بالنفس ... ذكرنا أنها لايوجد منها ضرر، وإذا كان لديك اطلاع فستعلم أنه لا أحد أصيب من جراء هذا العمل. والصورة تدل على ذلك حيث ترى الطفل في قمة الوعي، ولو كانت الضربة مؤذية لم يتحمل الطفل ذلك، ولشق رأسه مات، وأصيب بعاهة.. أو على الأقل لظهر أنه دايخ وتعبان في الصورة ! ولكن لا يوجد أي عرض يدل على التضرر .

أنها عادة قبيحة... بينا أن هذا رأي شخصي، فللشخص أن يعملها أو لا يعملها، لأنها من الأمور المباحة، وأعطينا أمثلة أن الرأي الشخصي ليس دليلاً على الحرمة (الحج) ولا مبرر لأفرض رأيي على الآخرين أو أنتقد ما يعملونه ما دام ليس حراماً.

ص: 562

يخالف الفطرة . . . أولاً، لا أحد وكيل عن الفطرة، إذ يجوز أن يقول أحد إن التعرض للشمس والحرارة والزحام في الحج مخالف للفطرة، بل ومؤذ للنفس .. وكم من الضحايا سقطوا في الحج . ثانياً، الفطرة دليل مع العمل، إذ أنه تعبير عن الحزن والحزن فطرة بشرية .

أنها تستخدم للتشنيع على الإسلام من الكفار.. وكذلك الذبح، واللباس والصلاة وووو.. وأنت قلت إن الغرب تحت قدمك، فإذن أبطلت هذه الحجة .

أخي الواقعي . . هل بقي في النفس شئ من استفسار أو غموض أو حجة أخرى لم أوردها، ولم أرد عليها وعلى قولة الغرب: Feel free to ask

- وكتب (الواقعي) في 17-1-2001، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

الفجر . . والله ورب الكعبه أنت أعقل شيعي شفته بحياتي ! أتعلم كلمتك: لا أعلم أول من فعله تاريخياً.... والله هذه الكلمه لا يجرؤ أحدهم أن يتفوه بها ! عقدة النقص: كاد المريب أن يقول خذوني.. ولو عندهم شئ من المنطق لسأل نفسه هذا السؤال: هل من النقص أو العيب أن أقول لا أعلم؟ نعوذ بالله من الخذلان.. عموماً لنرجع للموضوع لي ثلاثة أسئلة:

1 - مثلاً بخصوص الطفل، بالله ماذنب هذا البرئ حين يشج رأسه ويخضب وجهه بالدماء ؟ وهل هذه هي رحمة رسول الله عيه السلام ؟

2 - أنت قلت أن ضرب النفس ليس حراماً، وأنا لن أجادلك في هذا وربطت أنت الحرمه بالضرر ! السؤال مامدى الضرر الذي تقع به الحرمة ؟

3 - بما أن الضرب يدل على الحزن، فهل الحزن يؤدي إلى ضرب النفس ؟

مثلاً لو رسبت بالإختبار هل تضرب نفسك ؟ مثلاً لو فحصت عند الطبيب وطلع فيك مرض كبير هل تضرب نفسك ؟

ص: 563

- وكتب (الفجر) بتاريخ 18-1-2001، السابعة إلا ربعاً مساءً:

1 - بخصوص الطفل وقولك .. بالله ماذنب هذا البرئ حين يشج رأسه ويخضب وجهه بالدماء ؟ هذي مبالغة، ما رأيته هو طفل على وجهه بعض الدماء، وربما لم تكن دماه.. كما أن السيف فوق رأسه لم يكن بالحد وإنما بالجانب العريض . لو كان رأسه مشجوجاً لما تحمل أن يوقف رأسه عمودياً.

2- مامدى الضرر الذي تقع به الحرمة ؟ هذا السؤال للفقهاء، هم يقولون على ما أذكر الضرر الذي يعتد به مثل ضرر يهدد الحياة أنا متأكد أنه حرام، ولكن هناك أضرار تهدد الحياة إنما على المدى البعيد مثل التدخين، لم أر من يحرمه، وربما أنه لهم رأي فيه أو أنني لم أسمع بآراء جميع علمائنا.

3 - بما أن الضرب يدل على الحزن فهل الحزن يؤدي إلى ضرب النفس ؟

يعني كل شئ محزن له أسلوب في تفاعل النفس البشرية معه . أنا أرى في المسلسلات أن الذي يموت لهم ميت تضرب رأسها وتلبس الأسود .. فهذا تعبير عن الحزن .. شعوب أخرى يلبسون الأبيض للحزن .. فهذا نوع آخر من التعبير ..

في مسألة مقتل الحسين، الوحيد الذي يمارس فيه البعض ضرب النفس، فإن هذا تمثيل رمزي لأن الحسين علیه السلام قتل بالسيف .

- وكتب (الواقعي) بتاريخ 19-1-2001، الثامنة والربع مساءً:

حسناً وصلنا إلى نتيجه مفادها أن الشيعة لايعلمون من هو أول من شق رأسه وضرب نفسه في يوم عاشوراء ! والنتيجة الأخرى: هي اعتقاد الشيعة أن الحرام هو ما يتعلق بالضرر، فإن كان الفعل فيه ضرر فهو حرام وإن لم يكن فهو حلال ! إذن هذا هو السؤال: من المعلوم عندكم كما هو عندنا أن الصلاة واقفاً إذا كان فيها ضرر وجب الصلاة من قعود، أليس كذلك ؟

ص: 564

فإذا كان الدين يعتبر المريض إذا صلى واقفاً مخطئ، فهذا يعني أن الدين لا يرضي بأدنى ضرر على الإنسان، مع أن المريض إذا صلى من وقوف لن يموت بذلك، بل سيضر نفسه ضرر جزئي أليس كذلك؟

كيف ينقلب الأمر ولا يلتفت للضرر الجزئي الذي هو نتيجه ضربة سيف أو سكين في الرأس ؟ طبعاً إذا اعتبرنا أنه فعلاً ضرر جزئي !

- وكتب (المقداد) بتاريخ 20-1-2001، الخامسة صباحاً:

الدين لم يلزم الإنسان بالضرر.. لأن الدين يسر.. ولم يلزمه بصلوات كثيرة مثلاً مع قدرته عليها.. فهل عدم إلزامه معناه تحريمه لكثرة الصلاة.. لم يلزم الإنسان بالصوم إلى نصف الليل مع أن الإنسان قادر على ذلك.. فهل لو ترك إنسان الأكل من نفسه في غير الصوم إلى نصف الليل يكون فعل محرماً لأنه الله لم يلزمه في الصوم إلى أكثر من المغرب .. فذاك في الإلزام وهذا في الجواز.. وعلى رأيك تكون الرياضة بجميع أشكالها حرام.. لأنها متعبة للجسد ولم يأمر الله بهذا المقدار من الفعل في باب العبادات.. فهذه الأمور جائزة لعدم وجود ضرر محرم فيها.. الإلزام شئ والجواز شئ آخر .

- وكتب (السيد محسن) بتاريخ 20-1-2001، الخامسة مساءً:

الأخ الواقعي . . ليس من المهم العلم بأول شخص ضرب نفسه في يوم عاشوراء، وإن كنا نعلم ذلك وأنهم أهل بيت الإمام الحسين علیه السلام كأخته عقيلة بني هاشم زينب الكبرى عليها سلام الله وساير أخواته وزوجاته وبناته، وكل من كان معهم.. بل المهم هو أنه لم يكن نهي شرعي في البين عن ذلك، ومن المعلوم أن المتبع هو الشرع لا سليقتك وسليقة غيرك، فإن كنت مصراً على

ص: 565

حرمة العمل فاذكر رواية مقبولة عندنا دالة على ذلك، وإلا فاترك الجدال والمراء ومتابعة الهوى .. والله المستعان .

- وكتب (الواقعي) بتاريخ 21-1-2001، الرابعة إلا ربعأ صباحاً:

الفجر . . المسألة واضحة لاتحتاج لكل هذا التعقيد، وبما أنها ليست من فعل الرسول علیه السلام وليست من فعل (الأئمة) وليست عبادة كما تقولون.. فلماذا كل هذا الدفاع عنها، ولماذا لا نملك الجرأة لقول الحق ؟ فالحق يحبه الله ورسوله.. القضيه هي كالتالي: يقول علمائكم الأصل في الحرمة (الضرر) فإذا كانت الصلاة من وقوف (ضرر) حرم يجب الصلاة من جلوس، وهنا بالله عليك هل يتوقع للمصلي الواقف في هذه الحالة الموت ؟ لايمكن أن نتخيل أن المريض إذا صلي واقفاً سيموت.. وهذا كلام ليس منطقي أبداً، وإذا أردنا أن نكون واقعيين فعلاً فمعنى كلام العلماء هو: أي ضرر مؤذ للإنسان وفيه مشقه يعتد بها يحرم، لأن الدين جاء باليسر، وهذا ما يحتمله الكلام فقط، وهو ما يوافق المنطق فعلاً... وإذا قسنا بهذا المقياس هل ضرب الرأس بالسيف أو السكين لتتطاير نوافير الدماء، هل يعتبر ضرر بالمعنى السابق، أم لا ؟

ولا أنس أن أرد على المقداد وأقول له أنت تراوغ .. فأي قياس بين الرياضة التي هي مفيدة للجسم وبين (ست غرز في الرأس) ؟

- وكتب (المقداد) بتاريخ 21-1-2001، الرابعة صباحاً:

نعم، ست غرز لا يتضرر بها .. لأنه يدري أن الضرر المعتد به حرام .

ص: 566

أخلاقهم الخشنة أمام صورة الطفل الرضيع

- قال العاملي:

نشر أحد النواصب في شبكة القلعة العربية بتاريخ 5-4-2001، الساعة الثامنة إلا ربعاً مساءً، صورة لامرأة لبنانية محترمة تحمل طفلها الرضيع في حضنها، وقد شجت رأسه حزناً على الإمام الحسين علیه السلام .. وهي صورة معبرة يظهر فيها الإيمان والإطمئنان والرضا .. لكن هذا الناصبي الذي سمى نفسه (الكونكورد) اختار السب والإهانة عنواناً لموضوعه، على طريقتهم المنكرة في معاملة الناس، فكتب (لبنانية حقيرة تشج رأس ابنها المسكين !!)

ثم كتب: لعنكم الله يا أحفاد ابن سبأ لقد شوهتم شريعة محمد . عليكم اللعنة . والله لو أمكنني الله عليكم لدستكم بالأقدام .

- فكتب (مجدد) بتاريخ 5-4-2001، الثامنة والنصف مساء:

أخي في الله فارس . . جزاك الله خيراً على هذه الغيرة على إسلامنا الحنيف . ولكن لكونك مسلماً ومؤمناً أيضاً، أتمنى لو أنك دعيت لهذه المرأة ولجميع الشيعة الرافضة بالهداية والتوبة إلى الله لكان أفضل من اللعن والسب .

- قال العاملي: وكان هذا المجدد هو العاقل الوحيد في المجموعة الذين علقوا على هذه الصورة ! وهذه نماذج مما كتبوه:

ألا لعنة الله علي الضالين المضلين ! يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يمكن أن يتشيع الإنسان حتي يفسد عقله !!

لاشك أن للرافضه دين تخلف وبهيميه ماسبقهم أحد من العالمين . تبارك الله أحسن الحاكمين، وتبارك الله أحسن المشرعين . ولعنة الله الدائمة إلى يوم

ص: 567

الدين إلى الرافضة المجرمين . ربي لاتذر على الأرض من الروافض دياراً . اللهم من كان من الروافض مرتوياً فعطشه . ومن كان منه شبعاناً فجوعه . ومن كان منه كاسياً فعريه (كذا) . ومن كان منهم مأتوياً (كذا) فشرده . ومن كان منهم آمناً فأرعبه . ومن كان منهم غنياً ففقره (كذا) . ومن كان منهم دارساً فجهله ورسبه . ومن كان منهم متشافياً فمرضه . اللهم أرسل عليهم الزلازل والبراكين والأعاصير والفيضانات في إيران المجرمة . إنك سميع مجيب . سائلك بحبنا لأصحاب محمد، أن تستجيب يارحمن يارحيم .

أما عن الصورة فلاشك أنه تخلف ورجعية وضلال مبين . ضربت ابنها وشجت رأسه فماذا كان ؟ هل رجع الإمام الحسين رضوان الله عليه ؟!!

ضربت ابنها وشجت رأسه، هل أجابها الله وأنزل عليها ملكاً لإثبات دخولها الجنة بفعلتها هذه ؟!!! الشيعي والحيوان مخلوقان ومخ واحد، فلا عقل لهم . والحمد لله على الهدايه ونسأله الثبات .

ياصحابة ياخير البرية أنتم والله أئمة البشرية .

ولعنة ربي على من سبكم من الأولين والآخرين إلى قيام يوم الدين .

- وكتب المدعو (أبو البراء):

يبدو أنه ولد غير شرعي فما أكثرهم أولاد الزنا عندهم . هذه أم حنون فكيف بالظالمة القاسية. إنه الكفر يفعل بأصحابه ماترون . إنه الجهل والزندقه....

ص: 568

- وحول نفس الموضوع، كتب وهابي سمى نفسه (الوحش) في شبكة الإصلاح بتاريخ 5-4-2001، الخامسة صباحاً، موضوعاً بعنوان (هدية للعاملي والحسيني وبقية الرافضة، وأبيهم (أريد منهم) يعلقون على هذه الصورة) .

والصورة لمجموعة متطبرين لبسوا أكفانهم وشجوا رؤوسهم حزناً على الحسين علیه السلام . قال الوحش: يا العاملي يقولون إنك من إيران الرافضية فهل هذا صحيح ؟ وأن عمرك تجاوز الخمسين !! عموماً هذه هدية متواضعة لك، أرجو أن تتقبلها بصدر رحب يا روح أمك . بس تعليقكم .

- وكتب (ناصر حسين) بتاريخ 5-4-2001، التاسعة والنصف صباحاً:

أما بعد .. اسم على مسمى .. وماذا في الصورة من خطأ شرعي ؟!

الحمد لله على نعمة العقل .. قال الرسول الأكرم: (من كنت مولاه فعلي مولاه . اللهم وال من والاه وعاد من عاده، وانصر من نصره واخذل من خذله).

يا أهل السنة والجماعة: قسماً برب العزة لن تنتصروا ولن تفلحوا، لموالاتكم غير علي علیه السلام ، ولموالاتكم أعداءه . والحمد لله على موالاتنا أهل بيت الرسول الأكرم، الذين أمرنا الله بطاعتهم، والحمد لله على براءتنا من أعدائهم وموالي أعدائهم .

- وكتب (الوحش) بتاريخ 5-4-2001، العاشرة صباحاً:

أوهه ناصر حسين، آسف لم أورد إسمك مع بقية الروافض الحمير . سقط سهواً اسمك . بعدين يا خبل قلت: أبي تعليق ما أبي كلام طويل . تقول إن

ص: 569

الصورة ما فيها أي شئ . أقول لك: يا خبل إلا فيها ونص . ما تشوف المتخلف الرافضي، يضرب نفسه ويهلكها ! طيب وماذا استفاد ؟

في انتظار بقية الخبول، من العاملي الذي أخبل واحد فيكم .

- وكتب العاملي بتاريخ 5-4-2001، العاشرة والربع مساء:

أنا عاملي، يعني عربي من جنوب لبنان من بني عاملة . ومذهبي شيعي لأهل بيت النبي الطاهرين صلوات الله عليهم .. فأئمتي سادة العرب.. وأسألك أيها المسمي نفسك (الوحش) عن مذهبك ومؤسسيه وأئمته ومؤلفي مصادرك ؟ أليسوا كلهم عجم من الفرس ؟!

أما الصورة التي نشرتها فهي مشوهة، ولو أنك كنت أمس في النبطية لرأيت لوحات . . آية في الروعة والتعبير.. لرأيت مشهداً يبيض وجه المسلمين وليس كما تزعم، ويبعث في الانسان أروع المعاني الروحية، ومعاني النبل والشهامة والشجاعة والمواساة .. ترى فيه مشاهد من يوم كربلاء ممثلةً على الطبيعة في ساحة المدينة، لو أردنا وصفها لطال المقام .. وترى موكباً من الشبان وفيهم كهول وشيوخ لابسين أكفانهم حاملين سيوفهم، وقد جرحوا رؤوسهم فسالت دماؤهم على وجوههم المنيرة، وأكفانهم المباركة .. يسيرون بنخوةٍ إسلامية، وحزنٍ عميق .. هاتفين واحسيناه.. واحسيناه.. معلنين أنهم أنصار للإمام الحسين سبط الرسول صلی الله علیه و آله ، وأنهم حاضرون لفدائه بأرواحهم.. مرددين اسم علي بن أبي طالب بطل الإسلام علیه السلام شعاراً لهم: حيدر . . حيدر . . حيدر . .

موظفين كل ذلك باتجاه العدو المتغطرس...

ولو أنك كنت في سنة 1983 في النبطية عندما كان لبنان تحت احتلال اسرائيل.. لرأيت كيف بدأ هؤلاء الحسينيون طريق المقاومة.. جاء موكبهم ليس

ص: 570

معهم إلا أكفانهم وسيوفهم .. وواجهوا اليهود المدججين بالسلاح، فانذعر اليهود من شيعة علي علیه السلام ، كما انذعروا من هجوم علي على حصن خيبر، وهربوا بسياراتهم وهم يطلقون الرصاص في الهواء .. تاركين بعض سياراتهم للحسينيين ليشعلوا فيها النار !

وظل ذلك اليوم الحسيني الأحمر فخراً للمسلمين، وذلاً على اليهود.. وظل اليهود مدة بعده يبحثون عن رئيس المتطبرين (حيدر) يظنون أنه شخص منهم حتى عرفوا أنه كان هتافاً باسم حيدر فاتح خيبر، واسمه عند اليهود حيدر بطل الأميين في يوم الغفران، أي يوم خيبر !!

ختاماً.. اخترت اسمك وحش، وهو حيوان قوي، فلماذا تخاف من دم حجامة، وجرحٍ لجلدة الرأس ؟! وتفقد أعصابك وتشتم ؟!

- وكتب (هيت) بتاريخ 5-4-2001، العاشرة والنصف:

السلام على من اتبع الهدى .. العاملي يا رجل، هل هذا العمل قام به الحسين أو أي أحد من أئمتكم ؟! إن هذا الفعل يدل على همجية وسادية وتخلف وغباء محكم.. ما أقول إلا الله يعينكم على نفسكم. أما إن أئمتكم عرب .. بس الذي ألف مذهبكم هم أحبار اليهود وكهنة المجوس .

- فكتب العاملي بتاريخ 5-4-2001، الثانية عشرة والنصف:

أترك جوابكم للمشرف ! ليحكم أن كلامكم ومنطقكم هذا .. هل هو من صفات العرب ؟!!

- وكتب (ابن الجنوب) 5-4-2001، الواحدة إلا ثلثاً:

ص: 571

أي عرب وأي بطيخ .. بالله أشكالكم أشكال عرب، ولاحتى عاداتكم.. صراحه نكتة اليوم (بني عاملة) .

- وكتب العاملي بتاريخ 5-4-2001، الواحدة والربع:

إفهم إن استطعت .. ولا أظنك:

جبال عاملة.. أو جبال الجليل، وتسمى أيضاً بر الشامات .. سكنها أولاد عاملة بن سبأ عندما تفرقوا بعد خراب سد مأرب.. فأهل جنوب لبنان يسمون بشكل عام بنو عاملة.. وإن كان فيهم قبائل أخرى قيسية ومضرية . وعامتهم عرب، وفيهم قليل من عروق أخرى معروفة، وتشيعهم قديم من الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رحمة الله ، الذي نفاه عثمانك إلى الشام، ونفاه معاويتك إلى الجليل .. أما سبب نفيهم إياه فهو أنه اعترض على بذخ العائلة الحاكمة وفسادهم .. هل فهمت!!

والعامليون ليسوا بحاجة لأن يشتروا عروبتهم من حضرتك !

وهل تخبرني من أي قبيلة أنت .. لأخبرك عن حلك ونسبك ؟!

- وكتب (الرمال السوداء) بتاريخ 5-4-2001، الواحدة والثلث:

وما خفي كان أعظم . ألا لعنة الله على الظالمين . السوط هين وضرب القامات بسيط، ما خفي أدهى وأمر ! فأقسم بالله العظيم إن مايفعله الشيعة اليوم إن الإسلام منه برئ، فالأمور وصلت بهم الى ذبح الأبناء بالسيوف وعلى الملأ ! فاتقوا الله شوهتم سمعة الدين ونفرتم الناس منه.

- وكتب (ناصر حسين) بتاريخ6-4-2001، الثالثة إلا خمس دقائق:

ص: 572

يا وحش .. لم تجب على سؤالنا بعد: ماذا فيما يفعله الشباب في الصورة من خطأ شرعي ؟ شرِّف إشرح لنا يا وحش...

قلت: لماذا يفعل الشيعة هذا الفعل ؟

الجواب: بسبب أن قلوبكم سوداء غير نقية، فبمجرد ورود اسم شيعي، فكل ما يفعله خطأ !

قلت: هل أن شيئاً من هذا القبيل حدث في عهد الرسول، أو هل فعله الرسول ؟

أقول: هل ركب رسول الله صلی الله علیه و آله سيارة ؟ وإذا لم يركب السيارة فهل يجوز شرعاً ركوب السيارة، أم أنها بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار ؟!

- وكتب (وحش) بتاريخ 6-4-2001، الرابعة والربع عصراً:

آه ناصر حسين رد .. خبل ثاني .

عاملي .. إسمي يخوف ؟ الحمد لله منظر الدماء عندي عادي جداً جداً جداً أتمنى أن تسنح لي الفرصة في إلقاء القبض على رافضي منكم، سأذبحه وسأضع صوره هنا في هذا المنتدى !

- فكتب العاملي بتاريخ 6-4-2001، السادسة والربع عصراً:

الزميل الوحش . . وهل يكون الوحش زميلاً ؟!

قلت: (الحمد لله منظر الدماء عندي عادي جداً جداً جداً) .

أما أنا فأشهد بأنك عنيف . . لكن أشك في أنك شجاع !

وقلت: (أتمنى أن تسنح لي الفرصة في إلقاء القبض على رافضي منكم سأذبحه !) أقول: لاشك عندي أنك لو رأيت شيعياً متفقهاً في دينه، وجلست

ص: 573

معه .. فسوف تسقط من ذهنك الصورة الوحشية الشركية التي تحملها عنه.. وتلوم مشايخك ! وربما صار الشيعي أعز صديق عندك مدى الحياة.. وهذا لبنان مفتوح، تفضل إلى أي منطقة من جبل عامل، من صيدا.. إلى صور.. وبنت جبيل.. وحدود فلسطين .. وشاهد الشيعة على الطبيعة .

- فكتب (وحش) بتاريخ 6-4-2001، السابعة مساء:

عاملي .. هل تريد الإثبات على أني شجاع ؟ إثباتي انتظر مني أي زيارة للبنان سترى ما سأفلعه . وليت يكون هناك بيننا موعد من أجل أن تكون أنت الضحية. وأريد أن أقول لك شيئاً .. أعطني رأيك بالصورة الثانية ياعاملي .. الطامة أن هذه الصور من أقوى الإثباتات عليكم .

وهناك أمر مهم: أنت تقول أني لو جلست مع كبار علماء الرافضة كان أغير نظرتي عنهم .. طيب أنا شفت شريط فيدو عن احتفالات يوم عاشوراء في القطيف، رأيت العجب العجاب: قمة التخلف والإنحطاط عندكم. عموماً عطني رأيك بالصورة الثانية يا عاملي .

ملاحظة: زيارتي الله أعلم بها لأن عندي سفر قريب بإذن الله تعالى . ولكن أعدك أني اذا أتيت لبنان سأخاطبك لكن إحذر مني . فمنظر الدم عندي عادي جداً جداً جداً، ولله الحمد .

(وهو يقصد صورة الأب الذي يحمل طفله وقد جرح رأسه مواساة للحسين علیه السلام ، وهي التي نشرتها وكالة رويتر من النبطية) .

- وكتب العاملي بتاريخ 6-4-2001، السابعة وأربعين دقيقة:

الزميل الوحش .. هذه الصورة فيها عدة عناصر:

ص: 574

1. من ناحية فقهية: لا يجوز لهذا الأب أن يجرح ابنه حزناً على الإمام الحسين علیه السلام، حتى لو جاز له أن يجرح نفسه، إلا أن يكون من نوع الحجامة الطبية .

2. ومن ناحية عاطفية: فإن الصورة التي نشرتها تدل لمن يراها عن قسوة هذا الأب.. لكن من شاهد هذه المراسم وعرف الجو العاطفي المشحون فيها حزناً على الإمام الحسين وما جرى عليه وعلى أهل بيته.. ومنهم طفله الرضيع الذي حمله الإمام بين يديه ورفعه مقابل جيش يزيد، قائلاً لهم إن كنتم منعتم الماء عن الكبار فما ذنب هذا الطفل الرضيع ؟ فاسقوه شربة ماء فقد جف حليب أمه ! فرماه حرملة بن كاهلة بسهم فوقع في نحر الرضيع وهو في حضن أبيه الحسين علیه السلام !! لذا إن صورة عبد الله الرضيع تعيش في حس كل شيعي، وقد كانت مجسدة في ذهن هذا الأب، وقد أراد مواساة الإمام الحسين .. حسب فهمه بجرح طفله !

يمكن أن نقول له: حرام عليك أن تجرحه، ولو فعلت تثبتت عليك دية الجرح شرعاً.. أو نقول له إنك جاهل.. لكن علينا أن نتفهم أنه لا يعيش حالة قسوة على ولده .. بل حالة فداء ومواساة بنفسه وبولده للإمام الحسين علیه السلام وطفله عبد الله الرضيع .

3. بالنظرة القانونية التحليلية، لايمكن لإنسان أن يحكم على ذلك الأب من هذه اللقطة حتى يعرف دافعه إلى عمله إن كان هو الذي جرحه .. أو دافعه الذي جعله يطلب من ممرض حجامة رأس طفله بالموسى.. لأن الآباء والأمهات يفعلون كذلك عادة.. ثم يتصورون مع أوطفالهم وبيدهم سيف.. فيبدو كأن الأب أو الأم هو الذي جرح طفله .

ص: 575

ولو كنت أنت قاضياً واشتكى أحد على ذلك الأب لقلت له: لا بد لنا أن نفهم الموضوع من الأب والشهود، لأن المظهر الخارجي للصورة ليس كافياً للحكم.. وإلا فنحن نستطيع أن نأخذ صورة شبيهة لنفس الأب وطفله عند الطبيب، وهو يعالجه من حادث سيارة مثلاً ..

4. أخيراً، ينبغي أن ألفتك إلى هدف مراسل رويتر الإنكليزي الذي نشر هذه الصورة.. وإلى وكالات الأنباء اليهودية والغربية التي روجتها .. فإن هدفهم منها ومن أمثالها، أن يبرروا تسلطهم على المسلمين وقمعهم لهم، بأن سببه أن المسلمين إرهابيون قساة، فلا بد من القسوة معهم !! وأن ما تفعله اسرائيل وأمريكا وروسيا والغرب لهم الحق فيه ..

وفي اعتقادي أن جوابهم المفضل ينبغي أن يكون بالمزيد من مراسم جرح الهامات يوم عاشوراء.. وقد كانت مراسمها هذه السنة أكثر وأفضل تنظيماً، والحمد لله.. كان موكب الصغار والناشئة قبل الظهر.. وموكب الكبار بعد الظهر.. وأنا من الذين يؤيدون فتوى المراجع بجواز هذه المواكب.. فالضرر فيها بسيط، لأنها نوع من الحجامة.. وليست من إلقاء النفس في التهلكة كما يهولون . . والأصل في الأشياء الحلية حتى تثبت حرمتها.

والنتيجة أنها من مصاديق الحزن والجزع المستحب على أبناء الرسول صلى الله عليه وعليهم، ومن مصاديق قوله تعالى: وأعدوا لهم ماستطعتم من قوة ترهبون به عدو الله وعدوكم .

- وكتب (عدو المشركين) بتاريخ 6-4-2001، الثامنة والنصف:

ص: 576

سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم . أنظروا للعاملي، وهو يدافع عن عمل من الأعمال الهمجية التي تعطي صورة مشرقة عن الإسلام .

ليخبرني العاملي العربي القح عن الأصل الشرعي لمثل هذه الأعمال ؟ وهل فعلاً صدر عن بعض علمائكم فتوى تمنع مثل هذه الأعمال اللطيفه الخفيفة المحببه إلى النفس ؟ ويضرب لنا مثلاً بالجنوب اللبناني ؟!

يا رافضي لدينا قطة في البيت تدافع عن أولادها . وعمل أهل الجنوب نوع من الدفاع عن النفس، لاعلاقة له بدين أو ملة ! وإلا لقلنا إن الروس الشيوعيين أفضل من رافضة الجنوب، وحصار لينينغراد يجعل الإنسان يتحول عن دينه إلى الشيوعية عندما يعرف أن سكان المدينة أكلوا جثث الأموات للبقاء وعدم التسليم للألمان .

أما عن كلامك عن الجلوس إلى رافضي لديه علم وأنه سيغير نظرتنا لكم ! فنعم صحيح كلامك، سيغير نظرة من ختم الله على قلبه حتماً .

- وكتب العاملي بتاريخ 6-4-2001، الثامنة والنصف مساء:

أثبت علماء أصول الفقه أن الأصل في كل الأشياء الحلية حتى تثبت حرمتها.. والأصل فيها الطهارة حتى تثبت نجاستها ..

فأخبرني هل توافق على هذا القاعدة .. أم ترفضها ؟!

- وكتب (عدو المشركين) في 6-4-2001، التاسعة والنصف مساء:

العاملي الرافضي . . مقدمة فاسدة وقياس غير موفق، من عالم وحبر جليل مثلك . ماشأن الحلال والحرام في العبادات ؟ سؤالك يجب أن يكون هل

ص: 577

العبادات وقفية أم اجتهادية ؟ ولم تجبني بعد هل يوجد من علمائكم من منع مثل هذه الأعمال، أم لا ؟

- وكتب (محمد) بتاريخ 6-4-2001، الثانية عشرة والثلث:

إنا لله وإنا إليه راجعون . والله لقد سقطت يا عاملي من عيني بصاروخ . ألأنه لم يوجد في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم سيارات، استنتجت أن سفك دماء الناس لأنفسهم حلال . هكذا بهذه القاعدة السخيفة .

إسمعوا أيها الناس، يقول العاملي الأصل في الأمور كلها الإباحة، وسفك دماء المسلمين لأنفسهم حلال .. ما شاء الله على الإستدلال .

استخدام السيارات ياعاملي حلال كما هو الحال في أكل التفاح وفي أشياء كثيرة لم ترد بالإسم في الشرع، ولكنها وردت بنص عام في القرآن والسنة، من ذلك قوله تعالى في تبيان وظيفة من وظائف النبي عليه الصلاة والسلام: ليحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث. فكل طيب حلال وكل خبيث محرم بالله عليك هل تعتبر ياعاملي هذا العمل من الطيبات، هل سفك دماء المسلمين في نظرك من الطيبات حتى تقيسه باستخدام السيارة وأنها ما وردت في الشرع، ولم تكن في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم .

وهل تعتبر أن ذلك الأب الحقير الذي جرح ابنه قام بعمل بطولي ؟

هكذا انقلبت المفاهيم في رأسك.. إذا جرح لأحدنا طفل أو طفلة يجري جاهداً إلى الطبيب ليعالجه، وأنتم تشجون رؤوس أبنائكم بهذه الطريقة الحقيرة... لمواساة الحسين ؟! وهل طلب الحسين منكم ذلك، أم أنكم تظهرون شيئاً للناس وتبطنون أموراً أخرى ؟ ألم تلاحظ أن ذلك الطفل يمكن أن يموت من الهلع فضلاً عن الدم الذي أخذ يشر من رأسه كصنبور المياه ؟ ألم تلاحظ

ص: 578

ذلك ؟ أم أنك ضمنت أنه لن يموت ؟ هل الحسين وعدك بأنه لن يموت ؟ إذا أزهقت نفس الطفل البريئة بهذه الشجة، ماذا ستقول يا عاملي ؟ هل ستقول فداء للحسين ؟ وهل قال لك الحسين اقتل ابنك علشان تصير رافضي حقيقي ؟ أم أنكم كذابون في دعواكم يا عاملي ؟

وهذا الأب الحقير الذي شج ابنه، ألا يعتبر في نظرك قد أزهق نفساً ؟ أتعرف ما هو حكم قتل النفس البريئة في الإسلام يا رافضي؟ أتعرف ما هو حكم الشرع في التعدي على دم مسلم ؟ ألم يبلغك قول المصطفى عليه الصلاة والسلام يا عاملي ويا ناصر ؟

ألم يبلغكم قوله صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ؟ ألم يقل الله يا أجهل خلق الله ولا تقتلوا أنفسكم ؟ ألم يقل الله ياأجهل خلق الله: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ؟ ألا ما أشد جهلكم وعبطكم.

بالله يا ناصر لو جاء غربي كافر ورأى حمام الدم هذا الغبي تراه هل يسلم ؟ من يرى هذا المنظر يا عديم الإحساس هل يهتدي إلى الإسلام ؟ يا عديم العقل ياناصر من رأى هذا المنظر من الكفار لايقبل أن يفكر أنه سينظر في دين الإسلام يوماً من الأيام.. ألا ما أشد انتكاس فطرتكم .

يا ناصر ويا عاملي أرجوكما لا تقبلا كلامي هذا، ولكن إذهبا به إلى خواجة في بريطانيا أو أمريكا أو ياباني أو فلبيني في آسيا أو الهند أو البرازيل، أو أي دولة من دول العالم الكبير، بشرك أن لا يكون مسلم سني أو مسلم رافضي، ولابأس بأي دين آخر... ثم اسأله وأكد عليه في المسألة، واعرض عليه الصورة وقل له مارأيك في هذه الصورة الجميلة التي تظهر الإخلاص للحسين والشجاعة، وقد كان أبوه جباناً، فقد تنازل عن الإمامة ثلاثة مرات وأخوه كان جباناً أيضاً

ص: 579

، فقد تنازل عن الإمامة إلى الأبد.. ولم تنجح في حياة الروافض إلى ثورة الخميني العظيم ! قل له هذا الكلام، وانظر بماذا يرجع عليك ؟!! واختر شريحة عظيمة من الناس... ألف... عشرة آلاف ... مليون مليونان ... بليون ... ألف بليون من البشر... وقوما بعمل استبيان.. وستجد والله أنه الاستبيان الوحيد الذي سيخرج بنتيجة مئة بالمئة مقابل صفر بالمئة، وستكتشفان عندها أن المذهب الرافضي الحقير هو صفر بالمئة .

من أجل هذه الصورة الحقيرة مثل أصحابها .

- وكتب (عدو المشركين) بتاريخ 6-4-2001، الواحدة والنصف:

أحسنت أخي الفاضل محمد .. في الفلبين وفي يوم الجمعة الحزين الذي يعتقدون أنه اليوم الذي صلب فيه المسيح، يقوم المؤمنون من النصارى بتمثيل صلب المسيح المزعوم بصلب أنفسهم !! يتم نقل هذه الصور في التلفزيون كل عام، وهذه إحدى المشابهات بين الرافضة والنصارى فكلاهما يعتقد بعقيدة الفداء فدى المسيح البشرية بنفسه.. وفدى الحسين شيعته بدمه ! النصارى يصلبون أنفسهم اقتداء بالمسيح، والرافضة يلطمون وينوحون ويشجون رؤسهم اقتداء بالحسين !

- وكتب (وحش) بتاريخ 6-4-2001، الثانية عشرة والنصف:

ومن قال لك بأني زميل لك ياعاملي .. أنت هنا عدوي بديت تضرب أخماساً بأسداس يا عاملي . وشكلك رحت فيها وانفضحتم على حقيقتكم زيادة على ما هي مفضوحة .

- وكتب (عدو المغفلين) بتاريخ 7-4-2001، الثانية والثلث صباحاً:

ص: 580

كثير من الشيعة يعتبرون أن مايقوم به البعض خطأ فادح... فإحياء ذكري الإمام الحسين علیه السلام تتم بدون تلك المناظر المفجعة المحزنة .. والإمام الحسين لم يأمرنا بإراقة الدماء في ذكراه فضلاً عن جرح أطفالنا . فهم ربما لن يكونوا سبب هداية أحد من الكفار كما ألمح إلى ذلك محمد .

وفي المقابل مارأيك بمطاوعة السعودية الذين يطاردون الناس (بعصي) ويضربونهم للصلاة ؟!! فهل ياترى سيكونون سبب هداية إلى الإسلام؟ إن من عاش في السعودية يرى العجب من المطاوعة ! ففي الوقت الذي يأمرون الناس بالصلاة نجدهم أنفسهم لايصلون ! فهل كان رسول الله صلي الله عليه وأله وسلم يقوم بضرب الناس بالعصي للصلاة ؟ فكم هم ضحايا المطاوعة من مسلمين وغير مسلمين.. فالقصص كثيرة ومثيرة للإشمئزاز وتدل على استهتار وبعدهم تماماً عن تعاليم ديننا الحنيف . فهل تلك الفئة تمثل السنة بأعمالهم المشينه هذه ؟ قولوا الحق، ولا تكيلوا بمكيالين .

- فكتب (جلال) بتاريخ 8-4-2001، السادسة إلا ربعاً صباحاً:

يا عدو نفسك، هل تظن أن تغريدك خارج السرب لوحدك سوف يجديك نفعاً ؟ هؤلاء الرافضة قد رأيناهم في كل بقاع الأرض، فقد أذاعت نشرات الأخبار من كل مكان يوجد فيه الشيعة الرافضة، وقد رأينا العجب العجاب! فإنكارك لهذه الأشياء لن يجديك نفعاً، اللهم إلا أن تطلع كذاباً وخبيثاً ! فهذا إنترنت يا بابا وليس تقية وحسينية وخرابيط ! فحيلكم القديمة لم تعد تنطل على أحد! وبينما لم نسمع أبداً أن هناك مطاوعة في السعودية ضربوا الناس بالعصي أو ما شابه، وأنا قد زرت السعودية قبل مدة ولم أر فيها هذه الأشياء، بل ولم أرى المطاوعة وهم يمسكون العصّي ! وعلى حسب ما سمعت أن هذا كان قبل عقود

ص: 581

، حيث كان المطاوع يسير وفي يده عصاة ليضرب بها من خالف الشريعة، أما الآن فلا .

- وكتب (عدو المغفلين) بتاريخ 8-4-2001، الساعة الثامنة صباحاً:

جلول يا بذئ اللسان، يا من رضعت الأدب من أسلافك علماء الكفر وموالاة النصارى ! إن كنت قد زرت السعودية فأنا وأجدادي من مواليد الشرقية ياكاذب ياجاهل . فهل تعلم لماذا صمت البقية منكم ولم يردوا إلا أنت لجهلك ؟ لأنهم يعلمون أن ماقلته صحيح ! فاسأل كم سيارة جيب أو سوبر تسير في الشوارع أثناء الصلاة ؟ سيارة مطوع قذر لحيتة مثل المكنسة، ومعاه عسكري ! إسال كم من زوج وزوجة قد زجوا في الجيب لمجرد الإشتباه ! إسال كم من خطيب وخطيبتة قد زجوا في الجيب أو السوبر لمجرد الإشتباه! فالقاعدة لديهم أن كل اثنين ذكر وأنثى هم زناة إن لم يثبت العكس! والقصص كثيرة ولا داعي لذكرها... بالطبع هذة القوانين لا تنطبق على النصاري الأمريكان الكفار، الذين والاهم الشيخ ابن باز وابن عثيمين من دون الله، فهم أعمامهم !

أما عن العزاء وسيل الدماء .. فأنا لم أنكرها يامغفل، وأتكلم عن نفسي، ففي حياتي كلها لم أشاهد مثل هذه المظاهر في السعودية، فهي أعمال واجتهادات شخصية لاتمثل المذهب، مثل أن مطاوعة وقذارة السعودية لايمثلون السنة.. مع الفرق الشاسع بين الإثنين فلا وجه مقارنة على الإطلاق ! فالأول وإن شج رأسه فلن يصيب غيره وحسابه - إن كنت تعتبر مافعله خطأ - على الله . أما مطاوعة الخزي، فهم يرمون المحصنين والمحصنات بغير حق. فانظر أيهما أكثر بلاء على أمة لا إله إلا الله ؟

- وكتب العاملي بتاريخ 9-4-2001، السابعة والثلث مساءً:

ص: 582

وهل يمكن الكلام المنطقي في جومن السخرية والشتائم والفوضى؟! فإلى الآن لم يتكلم أحد منكم كلام علمياً.. أما محمد.. فقد تكلم بما لايعلم من الفقه وأصول الفقه.. ودعانا إلى استبيان عالمي ! ومتى كان الإستبيان حجة شرعية ؟ وهل تقبل باستبيان من المسلمين في بلدكم نفسه على أفكار الوهابية لتعرف أن الذين يؤيدونها قلة قليلة ؟!

لقد هاجمتم كلكم شج الرأس حزناً على الإمام الحسين.. بدون حجة شرعية !! فلو ناقشكم أحد وقال: هل الحجامة حرام ؟ فما هو جوابكم ؟

ولو قال لكم: هل الأصل في الأشياء الحرمة حتى ثبت حليتها، أو الأصل الحلية حتى تثبت الحرمة ؟ فما هو جوابكم ؟

والخلاصة: أنه ليس لتهريجكم أي قيمة عندنا .. فنحن ماضون في توسيع مواكب السيوف ومراسم شج الهامات في يوم عاشوراء، حزناً على سبط الرسول سيد الشهداء علیه السلام . . وهذه السنة كان في مدينتين من لبنان.. وكان للصغار والكبار.. والحمد لله .كما كان واسعاً في كل أغلب بلاد الشيعة .. فمن أراد أن يسخر منا فليسخر.. فإنا نسخر منه كما يسخر..

ختاماً.. لو كنتم تفكرون بعمق.. لتعلمتم عادة شج الرؤوس منا ! فوالله لو أن موكباً من200 شخص شجوا رؤوسهم ولبسوا أكفانهم المضرجة بدمائهم، ومشوا أمام المعسكر الأمريكي في بلدكم.. لعجلوا في رحيلهم !! أليس كذلك يا إصلاحيين ؟!!

- وكتب (عدو المغفلين) في9-4-2001، الثامنة وخمس دقائق مساءً:

العاملي حفظه الله .. هؤلاء لا يعلمون من أمور الجهاد والتضحيات إلا أسماء، فلقد رباهم أشياخهم ابن باز وابن عثيمين على الركوع والخنوع . .

ص: 583

- وكتب العاملي بتاريخ 9-4-2001، الثامنة والثلث مساءًَ:

شكراً للأخ عدو المغفلين .. أعتقد أن عليهم أن يدفعوا كفارة قتالهم إلى جانب الإنكليز لإسقاط الخلافة العثمانية.. التي يعترفون إن إسقاطها كان جريمة العصر ! وأن يتعلموا منا لبس الأكفان المضرجة بالدماء في مواجهة الكفار، بدل أن ينشغلوا بمواجهة المسلمين وتكفيرهم !

أيها المستهزئون . . كفاكم سخرية بحسينيين مرغوا أنف اليهود بالوحل.. وكفاكم خوفاً وذعراً وخوَراً من .. حجامة أب أو أم لطفلها !

- قال العاملي: وهنا سكت المنتقدون الشتامون المتوترون .. وغابوا!

ولابد من التنبيه الى أن سبب نقمتهم من مراسم التطبير ليس العاطفة الإسلامية أو الإنسانية على الشيعة وأطفالهم.. ولا غيرتهم على الاسلام وأن الشيعة بعملهم هذا يشوهون صورة الإسلام عند غير المسلمين، كما زعموا.. كلا .. فلو استطاعوا هم لطبروا الشيعة كباراً وصغاراً !!

بل السبب أنهم نواصب يغتاظون من أصل إحياء عاشوراء ومراسمها، حتى لو كانت مجرد مجالس خطابة ومحاضرات هادئة بدون بكاء .. لما فيها من فضح جرائم أئمتهم بني أمية الذين يفضلونهم على أهل البيت الطاهرين!! ولهذا السبب تراهم يجن جنونهم عندما يرون أنواعاً من الشعائر والمراسم، وأساليب الاحتفاء بعاشوراء .. وأن الأمر يصل بالشيعة إلى النفير العام في عشرة محرم، ولبس السواد ونشر أعلامه، وإقامة المجالس العظيمة والتجمعات الضخمة، والمسيرات الكبيرة في مواكب النوح واللطم والعزاء .. وأن بعض فتيان الشيعة يلبسون أكفانهم في يوم عاشوراء، ويجرحون هاماتهم حزناً على الإمام الحسين علیه السلام .

ص: 584

فحجتهم الظاهرية هي لماذا البكاء واللطم والتطبير.. ومقصودهم الحقيقي أصل إحياء عاشوراء بأي شكل من الأشكال !!

تهريجهم على (حجامة) طفل شيعي في عاشوراء !!

- قال العاملي:

بعض الأمور الصغيرة تقبل التضخيم والتهريج.. ومنها أن بعض الشيعة ينذرون أن يجرحوا رأس طفلهم في يوم عاشوراء مواساةً للإمام الحسين علیه السلام وطفله عبد الله الرضيع، الذي قتله جيش يزيد بسهم وهو في حضن أبيه ! وفي بعض المناطق مثل منطقة أردبيل بإيران يوجد أناس يعتبرون شج رأس الطفل في عاشوراء كالواجب حتى لو ولد في يوم تاسوعاء .. فتراهم يلبسون الطفل كفناً ويجرحون رأسه بالموسى .

ومع أن هذا الجرح جرح حجامة لا أكثر.. لكن إعلام الأجانب وتهريج النواصب جعل منه قضية حقوق إنسان، وقضية تعليم على الإرهاب.. وقضية تحريف للإسلام في عيون الغربيين والعالم .. الخ. !!

- كتب (سعيد المغربي) في شبكة سحاب في 11-4-2000، موضوعاً بعنوان: (طقوس عاشوراء عند الرافضة أخزاهم الله في الدنيا والآخرة) قال فيه:

حققت وكالة رويتر للأنباء خبطة صحفية لا تقدر بثمن، عندما حصل مندوبها في النبطية بلبنان على الصورة التي يشج فيها لبناني شيعي رأس ابنه

ص: 585

بالسيف، في الإحتفالات التي جرت بذكرى عاشوراء . وهكذا يقدم بعض أصحاب الفرق المنحرفة الدليل بعد الآخر على ادعاءات أعداء الإسلام .

الصورة تلقفتها وسائل الإعلام الإقليمية والدولية، وأفردت لها صفحات الجرائد والمجلات وشاشات الفضائيات، لتثبت دموية المسلمين وهمجية طقوسهم، وبُعدها عن الفطرة .

إحدى شركات الأفلام الغربية انتجت فيلماً تسجيلياً بعنوان: سيف الإسلام، ادعت فيه حب المسلمين للعنف، وولعهم لسفك الدماء، ولم تجد أفضل من احتفالات عاشوراء لدى الشيعة التي يسيلون خلالها دمائهم لإثبات صحة اتهام المسلمين بالدموية .

إن ما تراه من إجرام في حق هذا الطفل البرئ هو عبادة في دين الرافضة ! ذلك هو ما يسمونه ب- (التطبير) .. أول ما بدأت هذه العبادة كانت بصورة حزن كبير سيطر على الذين بايعوا علياً ثم هربوا عن اللقاء وتركوه وحيداً أمام الجيوش، حتى مل علي ممن معه ومن نفاقهم، فخاطبهم ووصفهم بأبشع الصفات من كذب وحقارة وقلة دين وعقل، فقال عنهم: استنفرتكم للجهاد فلم تنفروا، وأسمعتكم فلم تسمعوا، ودعوتكم سراً وجهراً فلم تستجيبوا، ونصحت لكم فلم تقبلوا.. إلى قوله: لوددت والله أن معاوية صارفني بكم صرف الدينار بالدرهم فأخذ مني عشرة منكم وأعطاني رجلاً منهم . (نهج البلاغة ص 224)

وزاد الحزن عليهم عندما كاتبوا الحسين ببيعته ونصرته، وعندما أقدم تركوه وحيداً فريداً يلاقي حتفه، كما تركوا ابن عمه من قبل مسلم وهربوا من حوله وتركوه ليقتل وحيداً، فزاد الهم عليهم وأحسوا بتأنيب الضمير، فبدأ بعقاب

ص: 586

أنفسهم بضرب صدورهم ولطم الخدود، من باب عقاب أنفسهم عما بدر منهم، وعقاب على خيانتهم للحسين ومن قبله مسلم وعلي.. وكلما زاد الإحساس بالجرم زاد الفرد منهم الضرب واللطم والنحيب وشق الصدور ورفع النواح، واستمر كل جيل يعاقب نفسه عما فعله أجداده من خيانة للعهد وخيانة للرب، ومع مرور الزمن وموت أوائل القوم الذين خانوا العهد وعاقبوا أنفسهم، جاء جيل لا يعلم السبب الرئيس لهذه العبادة، فظن كل منهم كما كان ينشر علماء الدين أن هذه العبادة حزن على الحسين وآل البيت فقط، وليست لخيانتهم للعهد والبيعة..

وعندما أراد الشيعة البحث عن عبادات يخالفون بها بني أمية، وأرادوا من خلالها إظهار اختلاف عقيدتهم عن باقي المسلمين، ولذلك سعوا إلى التهويل والتشديد من ضرورة هذه العبادة وضرورة الأخذ بها، فجعلوا لها لباساً يُميزها وهو السواد، بحجة الحداد على الحسين وآل البيت . وعندما جاء زمن البويهيين الذين حكموا إيران والعراق باسم حماية الخلافة العباسية، قاموا بتنمية الإحتفالات بهذه المناسبة وأصبحت جزءاً من الكيان الشيعي .

وزاد في الأمر الشاه إسماعيل الصفوي في تحديه للدولة العثمانية المجاورة له، فقام بإعلان الحداد الكامل في العشر الأول من محرم، والحداد يشمل كل البلاط الصفوي في كل عام، بل ويستقبل الشاه المعزين والمتباكين في عاشوراء . وكانت هناك احتفالات خاصة لهذا الغرض تجتمع بها الجماهير ويحضرها الشاه بنفسه، كما أن الشاه عباس الأول الصفوي والذي استمر حكمه خمسين عاماً، كان يلبس السواد يوم عاشوراء، ويلطخ جبينه بالوحل ويتقدم المواكب التي تسير بالشوارع، وهي تنشد أناشيد الرثاء للحسين واللعن لبني أمية:

ص: 587

كربلاء لا زلت كربا وبلا *** كربلاء بعدك سال الدما

كم على تربك لما صرعوا *** من دم سال ومن قتل جرى

- قال العاملي: الأبيات التي ذكرها هي من قصيدة معروفة للشريف الرضي رحمة الله المتوفى 406 هجرية أي قبل الصفويين بنحو ست مئة سنة!! ومطلعها: كربلا لا زلتِ كرباً وبَلا *** ماذا لقي عندك آلُ المصطفى

- ثم كتب (المغربي) تحت عنوان: (الإختلاط في ضرب المقامات)، فقال:

إن القوم في الخليج أو في بعض دول الخليج يقومون بهذه العبادة بفصل الرجال عن النساء، كما في قطر والسعودية وبعض مناطق البحرين، أما باقي الدول كما في إيران والإمارات والكويت، وإن أظهروا الفصل فالخلط بين الجنسين تام بكل صورة، في مقولة لهم أنه كما أن هناك اختلاط في مكة، والأمر جليل بحيث لا يلتفت الرجال للنساء، فهنا الموقف أجل وأعظم ولذلك لايلتفت الجنسان لبعضهما البعض، ولا ندري بأي عقل يتحدثون بهذا المنطق .

وهناك من يقول أن أي شاب تعرف على فتاة في ضرب المقامات وتزوجا كان من أفضل الزواج وباركه الله بحب الحسين !!

وهناك الكثير مما يحدث داخل هذه الأماكن، خاصة وأن القوم يبيحون المتعة واللواط وغيرها من وسائل الجنس الشيطانية، وهذه الدعوى إحدى وسائل زيادة عدد الشيعة بالتناسل، ولا يهم القوم بعدها هل هذا الإرتباط مُحرم أو لا، فالأهم زيادة العدد، ولذلك ترى الشباب يحرص على مداومة الحضور في هذه المناسبات، فهي خير وسيلة للقاء الجنس الآخر بصورة محمية من رجال الدين، فمن يفرط بهذه الفرصة !؟

ص: 588

هذه عقيدة القوم وهذه عقولهم، فهم يبكون على الحسين ولا ندري ما يُبكيهم، فهل يبكون الحسين لأنه دخل الجنة، أم هل يبكون الحسين لأنه من شباب الجنة (!!)، أم هل يبكون لأن الحسين عند ربه راض مرضي، أم أنهم يبكون لأنه لقي ربه في الفردوس الأعلى، إن شاء الله (!!).

والحقيقة أنهم لا يبكون الحسين أبداً، بل يبكون مصيرهم ومصير أجدادهم الخونة، الذين خانوا الله ورسوله والصحابة وعلياً والحسين .. إنهم يبكون مصيرهم القادم بإذن الله جهنم وبئس المصير، يبكون عقابهم في الدنيا فزادهم الله عقاباً قبل الآخرة وجهلاً فوق جهلهم . إنه القادر على ذلك . انتهى.

- قال العاملي:

نلاحظ أن هذا المتعيلم لم يوثق كلامه ولو بمصدر واحد، لأن مصدره خياله فقط ! ولو أنه قرأ على الأقل تاريخ ابن كثير الذي يحبه النواصب، لرأى أن مراسم عاشوراء كانت حدثاً سنوياً كبيراً في عاصمة الخلافة العباسية بغداد، أرخها المؤرخون في أحداث السنوات، وسجلوا معاداة نواصب الحنابلة لها.. وذلك قبل أن يوجد الصفويون رحمهم الله بقرون طويلة !!

- ونشر (أبو عمر) نفس الصورة في شبكة الحوار الإسلامي الشيعية، بتاريخ 4-1-2001، الواحدة صباحاً، وكتب موضوعاً بعنوان (هل رأيتم أحمق وأجهل من هذا الأب)، قال فيه:

كنت يوم أتصفح في أحد المنتديات فوضع أخ في الله في أحد المواضيع صورة وهي كالتالي: صورة رجل ويحمل ابن له وعمر هذا الابن من السنتين

ص: 589

إلى الثلاث تقريباً، وإذا الرجل يضرب هذا الإبن على رأسه بحديدة في يده، والدم يتطاير من رأس هذا الإبن المسكين على جسده !

منظر بشع جداً، والله لا يفعله رجل مع حيوان، ولا يفعله مجنون مع ابن غيره، فضلاً أن يفعله رجل مع ابنه ! فقلت في نفسي لعل الرجل مجبور بهذا الفعل فلعله يكون له عذراً .. فلما تحريت الموضوع الذي كتبه الأخ فإذا هذا الأب الأحمق الجاهل يفعل هذا الفعل لكي يتقرب إلى الله ويرغب من الله الأجر مثل ما يرغب المسلم في صلاته وصيامه وحجه الأجر من الله.

فعل هذا الأب الرافضي هذا الفعل لكي ينال الأجر من الله ! إن صاحب هذه الصورة الذي قتل ولده هذه القتله، إنه رافضي فعل هذا الفعل في يوم عاشورا حزناً على مقتل الحسين رضي الله عنه !

الله أكبر كم يلعب الشيطان بعقول هولاء .. مات الحسين .. وضحى هذا الأحمق بولده حزناً عليك ياحسين، ما أجهل أهل البدع .إن إذاعة يهوديه قامت مشكورة بشراء هذه الصورة بمبلغ ضخم ! هل هذه الإذاعة شرت هذه الصورة حزناً على موت الحسين، أم حزناً على موت هذا الإبن، لا والله، شرتها لكي تري العالم وتقول لهم هذا هو الإسلام: ضرب للأجسام ونزف لدماء وقتل للأولاد . فعندما يرى الكافر هذا الفعل لا يسلم !

إن من ترك طريق أهل السنة والجماعة ضاع وتاه وأصبح حايراً، فارجعوا إلى طريق الحق وتوبوا من غيكم ! وسوف إن شاء الله نذكر من قتل الحسين رضي الله عنه، ومتى قتل وكيف قتل، ومن غدر به، وكم قتل معه من آل البيت، وأين قتل، ومن نصحه من أهل العلم بعدم الخروج، وغيرها إن شاء الله، لكي يعرف الرافضة أن الحسين لا يرضى عملهم هذا .

ص: 590

- فكتب العاملي بتاريخ 4-1-2001، الواحدة والثلث ظهراً:

أولاً: لا تضخم الموضوع يا أبا عمر، كل ما في الأمر جرح جلدة الرأس كالحجامة . ثانياً: أنت لست أشفق على ابنه منه..

ثالثاً: أشكر ربك أنه لم يضرب رأسك..

رابعاً وهو المهم: لعلك تحتاج إلى دراسة سنين، حتى ينبض قلبك بالحب الجياش للنبي وسبطه الإمام الحسين صلى الله على رسول الله وآله .

- وكتب (786) بتاريخ 4-1-2001، الواحدة والنصف ظهراً:

يبدو أن أبا عمر يجهل بأمر النبوة والعترة . هل وصل بك الخوف لهذه الدرجة؟ فما بال الذين قتلوا أبناءهم وآباءهم بين يدي رسول الله ؟ أولم يقتل اللعين ابن اللعين حرملة ابن كاهل رضيع الإمام الحسين في كربلاء؟ ونراك ترتجف بمجرد قطرة دم نزلت من طفل في أحضان أبيه وهو محاط بعشرات الإسعافات ! وإذا كنت جاهلاً بالتأريخ وهزك الجبن من قطرة دم ! فراجع بدلاً من الخوف (أليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه .. ومن يضلل الله فما له من هاد) . ألا لعن الله قتلة الحسين من الأولين والآخرين .

- وكتب (أبو عمر) بتاريخ 4-1-2001، الثامنة مساءً:

هذه البدعة التي أحدثت في يوم عاشوراء جعلت هذا الأب الجاهل يتقرب إلى الله بها، فهذه بدعة محدثة في الدين، وكل بدعة ضلالة كما قال صلى الله عليه وسلم . وكما قلت إن الحسين رضي الله عنه برئ من فعلكم هذا.

- وكتب العاملي بتاريخ 4-1-2001، الحادية عشرة والثلث مساءً:

ص: 591

هل تقصد أن جرح الرأس حزناً على الحسين في يوم عاشوراء، بدعة في الدين وصاحبها كافر، لأنه لم يرد فيها حديث، مثل بدعة إضافة الصلاة على الصحابة إلى الصلاة على النبي صلی الله علیه و آله ؟!

- وكتب (بصراحة) بتاريخ 4-1-2001، الحادية عشرة والنصف مساءً:

يابو عمر .. خربت علينا الموضوع، وهم فرحوا عندما حولت الموضوع.

لله درك يامحب الخلفاء . أسأل الله لي ولك أن يحشرنا مع أبي بكر وعمر. آمين . أنت صخرة تتحطم عليها أباطيل المجوس .

- وكتب (786) بتاريخ 5-1-2001، الواحدة والنصف صباحاً:

آمين آمين . . وإلى جهنم وبئس المصير .

- وكتب (رنين) بتاريخ 5-1-2001، الخامسة صباحاً:

أيقول بدعة! الكمبيوتر بدعة. الكهرباء بدعة. الهاتف بدعة. السياره بدعة. الطائرة بدعة. جهاز التكييف بدعة. التلفاز بدعة. الراديو بدعة. الإنترنت بدعة. والبدع كثيرة . وأبو عمر وجماعته يستخدمونها، وقطرة دم في حب الحسين تستكثرها؟! إرجع وتنقل على الحمار والبغل، حتى لا تكون مبتدعاً !

تخلص من جهاز التكييف، حتى لا تكون مبتدعاً ! تخلص من جميع ماذكر لأن ماذكر لم يكن على زمن الرسول والصحابة !

- وكتب (جلجل الحق) بتاريخ 5-1-2001، الثامنة إلا ربعاً صباحاً:

وماذا تقول عن رجل أراد قتل ابنه ؟!

ونحن والحمد لله على ملة أبينا إبراهيم علیه السلام .. ما هذا التخلف ؟ ! !

يا سماء اشهدي ويا أرض قري *** واخشعي إنني قد ذكرت عليَّا

ص: 592

- وكتب (مدير شبكة الحوار) في5-1-2001، الثامنة والثلث صباحاً:

لماذا تسب الرجل يا أبا عمر ؟!

يمكنك انتقاد مافعله، فإذا رجحت حجتك لسبه من قرأ الموضوع، فاترك الخيار لمن يقرأ موضوعك، ولا تفرض عليهم رأيك، خاصة لو تضمن ذلك سباً أو شتماً. (يقفل لعدم مراعاة الأدب في الموضوع !) .

-كتب (سعود) في شبكة الموسوعة الشيعية بتاريخ 19- 3-2000، الواحدة صباحاً، موضوعاً بعنوان (صورة بمناسبة اقتراب عاشوراء !!!)

ونشر صورة الأب الذي جرح رأس طفله حزناً في يوم عاشوراء .

- فكتب (مظاهر) بتاريخ 19-3-2000، الواحدة صباحاً:

الأخ السعودي . . هل لك أن تزودنا بمصدر هذه الصورة ؟ وإذا كان هذا الطلب محرجاً لك، فأنا مسامح والمسامح كريم .

ولكن هل بإمكانك أن تذكر لي ثلاثة أحاديث من رواياتكم تدل تشهد بأن النبي صلی الله علیه و آله أول من عقد المأتم على الحسين في حياته ؟!! وإذا عجزت عن ذلك سأذكر لك عشرين !!

- وكتب العاملي بتاريخ 19-3-2000، الواحدة والنصف صباحاً:

لقد صحت الأحاديث عن النبي صلی الله علیه و آله عندنا وعندكم، أنه بكى على الحسين في حياته عندما أخبره الله تعالى بأن أمته سوف تقتله!! وصح عندنا عن النبى صلی الله علیه و آله أنه يستحب للمسلمين أن يبكوا على الحسين علیه السلام . وبما أن النبي صلی الله علیه و آله أوصى الأمة بالقرآن والعترة بحديث الثقلين المتواتر عند الجميع، وغيره. فالعترة

ص: 593

النبوية هم عدل القرآن ومفسروه، وهم مبلغوا السنة النبوية ومبينوها، وقولهم حجة شرعية علينا بنص رسول الله صلی الله علیه و آله .

وعندما قال صلی الله علیه و آله: أخبرنى اللطيف الخبير أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض . كما في صحاحكم، دل ذلك على وجود حجة لله تعالى على العباد من أهل بيت النبي صلی الله علیه و آله في كل عصر.. وعليه فقول العترة المطهرين عندنا حجة شرعية بنص النبي الصريح القطعي، وكل ما ثبت عنهم بسند صحيح فهو حجة شرعية، يضاف إلى حجية القرآن الكريم، وحجية ما ثبت من سنة النبي صلی الله علیه و آله .

واحتفاؤنا بمراسم العزاء على الإمام الحسين علیه السلام ، فيه أحاديث صحيحة السند متواترة عن أئمة العترة النبوية الطاهرة، ولا توجد مثلها في إقامة مجالس العزاء والبكاء على غيره .

فالحكم الشرعي عندنا: أن إقامة المجالس التى تتلى فيها فضائل ومناقب النبي وأهل بيته المعصومين صلى الله عليه وعليهم، وتذكر فيها مصائبهم، ويبكى فيها عليهم مستحبة، بل هي من أفضل القربات إلى الله تعالى.. وللإمام الحسين علیه السلام حكم شرعى خاص مؤكد، حيث وردت فيه أحاديث لم ترد في غيره، وعمل بها أتباع أهل البيت علیهم السلام من صدر الإسلام إلى يومنا هذا.. وبذلك ينضم إلى الأحاديث الصحيحة سيرة المتشرعين الموالين لأهل البيت النبوي عبر العصور .

وإشكالك على مجالس عاشوراء ومراسمها لامعنى له.. فإذا كنت لا تريد البكاء فلا تبك.. ولا تجرح رأسك حزناً.. ولكن اترك للناس حريتهم أن يحزنوا لحزن نبيهم وآله ..

سبحان الله .. حتى الحزن والبكاء، تريدون أن تصادروه منا !!

ص: 594

-وكتب (خادم أهل البيت) في 19-3-2000 الثانية إلا ربعاً صباحاً:

منذ سنتين وهذه الصورة تنشر في الجرائد والإنترنت، ما عندكم غيرها ؟ ملينا منها ! لو سمحت غيرها يا السعودي الوهابي .

ربِّ ارزقني شفاعة محمد وآل محمد .

- وكتب (السعودي) في 19-3-2000 الحادية عشرة والنصف صباحاً:

أما أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أول من عقد المآتم على الحسين رضي الله عنه، فأمر مضحك ومن غرائب دين الرافضة، وهات أدلتك لنراها.

يا عاملي رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من هذه الأعمال والاسلام برئ منها، فلا تحاول الصاق أي شرعية بها، وأتحدى أن تأتي بآية أو حديث أو قول عالم مسلم معتبر، يؤيد هذه المهازل .

ثم جدلاً.. هل هذا الطفل يبكي على الحسين، أم يبكي لأن والده ضرب رأسه بسكين ؟

- ثم (أبو فراس) وكتب بتاريخ 19-3-2000، الواحدة ظهراً:

البكاء أو الحزن على الميت فلا بأس به، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم، لعن من يلطم ويشق الجيوب والبكاء المصاحب بالصراخ والعويل مع مصاحبة بعض الكلمات الشركية ما أنزل الله بها من سلطان . ومن المعلوم أن هذه الأفعال المصاحبة في يوم عاشوراء بدعة مضلة، فقلد استشهد سيد الشهداء وأسد الله ورسوله حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، فلم يحزن الرسول صلى الله عليه وسلم مثل حزنه على عمه حمزة، ولكنه لم يلطم أو يصرخ أو يضرب صدره، ولم يقل بعض الكلمات من النواح مثل: أن يقول: واعماه واحبيباه... الخ. هذا

ص: 595

الشئ لايجوز، فقد بكى رسول الله ولكن ليس بهذه الطريقة، بل دمعت عينه صلى الله عليه وسلم، وهذا واضح وجلي عندما مات ابنه إبراهيم فقال: إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع، وإنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون، أو كما قال صلى الله عليه وسلم . ولم يذكر أنه وفي ذكرى أيام استشهاد عمه أنه ذهب إلى أحد ووقف عند قبره ينوح عليه ! فمن فقد له حبيباً وصبر واحتسب عند الله، فله أجر عظيم، ذلك لأنه راضٍ بقضاء الله وقدره . أما الصراخ والعويل، ولا أدري ماذا ؟ فهذا يدل على الضعف في الإيمان والعياذ بالله .

- وكتب (محب أهل البيت) بتاريخ 19-3-2000، الثانية ظهراً:

الى الأخوة الكرام .. الأحاديث التي ذكرت أن النبي صلی الله علیه و آله قد بكى على الإمام الحسين علیه السلام :

1- أن جبرئيل أخبر النبي بمقتل الحسين وأتاه بتربته فبكى النبي صلی الله علیه و آله :

مستدرك الصحيحين 3/176 و4/398، مسند أحمد بن حنبل 3/242 و6/294، ذخائر العقبى - 147، الصواعق المحرقة لابن الحجر - 115، كنز العمال 6/222و223 و7/106، الهيثمي في مجمعه 9/187و188و189 .

2- أن النبي أخبر علياً بمقتل الإمام الحسين:

مسند الإمام أحمد بن حنبل 1/85، أسد الغابة 4/169، كنز العمال 7/110، الصواعق المحرقة – 115 .

3 – أن النبي أمر المسلمين بنصرة الحسين:

راجع أسد الغابة لابن الأثير 1/123 و1/349 .

4 – أخبر النبي عترته سيلقون من بعده قتلاً وتشريداً ولعن قاتليهم:

ص: 596

أسد الغابة لابن الأثير 4/107 . كنز العمال 8/191، ميزان الإعتدال الذهبي 2/119، الصواعق المحرقة لابن حجر ص 143، مستدرك الصحيحين 4/464 وج 487 و 6/46، ذخائر العقبى – 17 .

5- أن الله قتل بيحيى سبعين ألفاً وبالحسين ضعفه:

مستدرك الصحيحين 2/290، تاريخ بغدادللخطيب البغدادي 1/141، ذخائر العقبى –150 .

6 - أن النبي وضع تربة الحسين عند أم سلمة، وأوصاها:

تهذيب التهذيب لابن الحجر 2/347، ذخائر العقبى – 147، الصواعق المحرقة لابن حجر – 115 .

7 – أن أم سلمة رأت النبي صلی الله علیه و آله في المنام عند مقتل الحسين علیه السلام :

صحيح الترمذي 2/306 .

8 - في رؤيا ابن عباس للنبي عند مقتل الحسين:

راجع مستدرك على الصحيحين 4/397 .

9 - في بكاء ونوح الجن على الحسين علیه السلام :

الاصابة لابن حجر 2/17، الهيثمي في مجمعه 9/199، ذخائر العقبى –150 .

10- في الآيات التي ظهرت عند مقتل الحسين علیه السلام :

ومنها: كسوف الشمس واسوداد الدنيا حتى ظهور النجوم في عز النهار وفي أن السماء أمطرت دماً وأن البيوت والجدران قد صبغت به وبكاء السماء عليه علیه السلام واحمرارها وأن الحمرة المشرقية لم تكن قبل مقتل الحسين علیه السلام وأنه عند مقتله ما رفع حجر إلا ووجد دم عبيط تحته وخروج اليد بقلم من حديد وكتبت على الجدار:

أترجو أمةٌ قتلت حسيناً . . . شفاعةَ جدته يوم الحساب !

ص: 597

خروج النور الساطع من رأس الحسين علیه السلام وأنه كان يقرأ القرآن:

راجع ثم راجع فكلها والله من كتبكم . . . سنن البيهقي 3/327 . تهذيب التهذيب 2/354و356 . الصواعق المحرقة لابن الحجر - 116و119، ذخائر العقبى – 145 . تفسير ابن الجرير 25/740 . السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى: وحناناً من لدنا وزكاة وكا تقياً وكذلك قوله نعالى: فمابكت عليهم السماء والأرض. حلية الأولياء لأبي نعيم 2/276، الهيثمي في مجمعه 9/19و199، فيض القدير للمناوى 1/240 .

11 - في استجابة دعاء الحسين علیه السلام على بعض قاتليه:

الهيثمي في مجمعه 9/193 . ذخائر العقبى – 144 . الصواعق المحرقة – 118 .

12- في عقاب قتلة الحسين علیه السلام ومبغضيه في الدنيا وأنهم ماتوا بشر ميتة:

الصواعق المحرقة لابن حجر– 116 و 117 و 118 .تهذيب التهذيب لابن حجر 2/355 و 382 و 354 . ذخائر العقبى – 144 .

13 - أن قاتل أهل البيت علیه السلام يحرم عليه الجنة والكوثر جميعاً:

ذخائر العقبى – 20 . كنز العمال 7/273 و 225 . السيوطي في الدر المنثور في تفسير سورة الكوثر .

14 - فيما جاء في فضل زيارة الحسين علیه السلام والبكاء على أهل البيت:

ذخائر العقبى –151 و 19 .

15 - أن الحسين علیه السلام وأصحابه سيدخلون الجنة بغير حساب:

تهذيب التهذيب لابن حجر 2/347 و 348 . كنز العمال 7/110 . الهيثمي في مجمعه 9/191 .

فيا أخي كيف تستكثر علينا البكاء على سيد شباب أهل الجنة الذي بكاه الرسول صلی الله علیه و آله قبل مصرعه في كربلاء ..؟!

وإن قمنا بالبكاء عليه والتطبيير، فنحن بشر ومشاعر الإنسان جياشة !

ص: 598

لماذا لم تكثر على أهل السنة عند موت كل من الرئيس جمال عبد الناصر والمطربة أم كلثوم، فقد شوهد الناس وهم يبكون بالعويل ويلطمون.. ورأينا حالات الإغماء التي حصلت !! وأزيدك من الشعر بيتاً، فعند موت المطرب عبد الحليم حافظ كثرت زادت حلالات الإنتحار على ثلاثين !!

لقد فقد هؤلاء أناساً عاديين، فما بالك بسبط الرسول صلی الله علیه و آله الذي قال فيه: حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط.

صحيح الترمذي 2/307 في مناقب الحسن والحسين علیه السلام ، صحيح ابن ماجة فب باب من فضائل اصحاب الرسول صلی الله علیه و آله . كنز العمال 6/221 و7/107 .

أخوكم: محب أهل البيت علیهم السلام

لو أن عبداً أتى بالصالحات غداً *** وود كل نبيٍ مرسلٍ وولي

وقام ما قام قواماً بلا ضجر *** وصام ما صام صواماً بلا ملل

وحج ما حج من فرض ومن سنن *** وطاف ما طاف حاف غير منتعل

وطار في الجو لا يأوي الى أحد *** وغاص في البحر مأموناً من البلل

يكسو اليتامى من الديباج كلهم *** ويطعم الجائعين البر بالعسل

وعاش في الناس آلافاً مؤلفة *** عار من الذنب معصوماً من الزلل

ما كان في الحشر عند الله منتفعاً *** إلا بحب أمير المؤمنين علي

ص: 599

يوم عاشوراء في محطات التلفزيون يثير المخالفين!

- كتب المدعو (سعود) موضوعاً في الموسوعة الشيعية، بتاريخ 16-4-2000، التاسعة والنصف مساءً، موضوعاً بعنوان (فشَّلتونا (أخجلتمونا) يا الروافض في التلفزيونات دم قدس سره سيوف قدس سره سلاسل قدس سره لطم ؟)، قال فيه:

فشلتونا يا الروافض في التلفزيونات: دم قدس سره سيوف قدس سره سلاسل قدس سره لطم قدس سره ليش عسى ماشر ! يا العاملي أكيد وأنت تشتغل على الكمبيوتر دمك ايسيل من رأسك، والله إنكم مساكين سواها فيكم عبد الله بن سبأ ! هو مرتاح في قبره وأنتم ضرب سيوف وأكل وذبائح ! ومن الخسران المسلمين إلى شاق رأس ولده، وإلى زانط أخوه وإلى رافس أخته ! ليش ها المسخرة ؟! المسلم مسؤول عن جسده يوم القيامة، والله يوم قالو إنكم روافض إنهم صادقين على الذي تسوونه في أنفسكم رافضين الصحة.

ماهذا دم وأشكال مرعبة تبثونها على المحطات الأجنبيه والغربية، ويظنون أن المسلمين كلهم مثلكم ماعندهم عقول؟!

- وكتب (ناصر) بتاريخ 16-4-2000، العاشرة ليلاً:

لا قيمة عندي للغرب ولا لأي شخص لا يعجبه .. ومن هو غاضب فليشرب ماء البحر . وسيبقى الحسين ملهماً لكل المسلمين في العالم، ومدرسة لكل الفدائيين والإستشهاديين الذين يرفضون الذل والإستكانة والرضوخ للظالمين .

وأهم شئ يهمنا هو إدخال السرور على قلب النبي صلی الله علیه و آله وقلوب أهل بيته الطاهرين علیهم السلام ، وتجديد العهد والولاء لهم .

ص: 600

أما الباقي فلا يهمنا أمرهم شيئاً، ولانعلم أي أرض تقلهم أو أي سماء تظلهم، يعني معطين الدنيا بو لبَّاس . (أي أدرنا ظهورنا للدنيا) .

-وكتب (خادم أهل البيت) في 16-4-2000، الحادية عشرة والنصف ليلاً:

إذا كنت تراعي شعور الغرب وتهتم لآرائهم، فإنهم ينتقدون المسلمين لنحرهم الأضاحي في العيد ! ولم ولن يعجبهم شئ من الإسلام !!

ربي ارزقني شفاعة محمد وآل محمد.

- وكتب (أبو الفضل) في17-4-2000، الثانية عشرة وخمس دقائق صباحاً:

هذا ما تخافون عليه شعور الغرب، والخوف من نعتكم غير متحضرين، يا أسفاه على هذا التفكير المنحط ! كل ما تريدونه الإستسلام لهم .. لماذا، الله أعلم ! روح حبيبي اندحش فيهم (إجعل نفسك منهم)، ولماذا لا تأخذ بدينهم أيضاً وتكون منهم ؟! على الأقل بتصير من أهل الكتاب ! مش أحسن لك ؟ طالما ليس لك كتاب !

- وكتب (الموسوي) بتاريخ 17-4-2000، الواحدة صباحاً:

عرض في أواخر الثمانينات وتقريباً حوالي العام 1987 في التلفزيزن البريطاني فيلماً سينمائياً يحمل اسم سيف الإسلام (Asord of islam) وكان يحوي مشهد تطبير النبطية، وكيفية ولادة حزب الله في لبنان، ويقول لي أحد الأخوة الدارسين في بريطانيا إنه كان يلتقي العديد من البريطانيين - أيام الحرب العراقية الإيرانية - وهم في رعب وخوف، ويقولون إذا كان الشيعة مستعدون أن يفعلوا

ص: 601

كل هذا من أجل إمامهم الذي استشهد قبل أكثر من ألف سنة .. فكيف يمكن مواجهتهم ؟!

يكفي هذه المواكب فخراً أنها تدخل الرعب في قلوب أعداء الله.. ويكفي أنها أدخلت الرعب في قلوب اليهود الصهاينة في النبطية يوم العاشر من المحرم أيام الإجتياح الاسرائيلي، بعد أن قتل المطبرون عدداً منهم ولاذ الآخرون بالفرار . أما أنتم فهل يهمكم الصورة الحضارية، وشيخكم يقول بارتداد من يعتقد بأن الأرض تدور حول الشمس !!

- وكتب (حساوي) بتاريخ 17-4-2000، الثانية والربع صباحاً:

لا تنس أخوالك طالبان يالحبيب.. أهم الذين رفعوا راية الإسلام وأظهروا الإسلام بالوجه المشرق الحضاري، وخلوا الشرق والغرب يعجبون بالإسلام؟! أظن اليوم نص (نصف) عمامك الغرب أسلموا على أيديهم ! خصوصاً اذا شافوا أشكالكم الحلوة التي تفتح النفس !

- وكتب (جنوبي) بتاريخ 17-4-2000، الرابعة صباحاً:

السلام عليك ياشهيد كربلاء ..أما أنت يا سعود: أتخشى ما يعرضه أسيادك من الكفار على شاشاتهم ؟ عجباً أمرك يا سعود ! أسيادك اغتصبوا قدسنا الشريف والحرمين. ومواكب الحسين بدؤوا بالتحرير من أرض الحسين، أرض جبل عامل . وأنت تخشى يا سعود ما يعرض على شاشاتهم ؟ كما قال ناصر يا سعود: ... في الغرب .

فشلتونا … من دعمكم المشلول لتحرير الأراضي الإسلامية والعربية، ولا يحلو لكم إلا انتقادنا نحن الشيعة !!

ص: 602

- وكتب (أبو سمية) بتاريخ 17-4-2000، الثانية ظهراً:

إذا فيكم خير حاربوا شبكات الدعارة والقمار ! أم أن هذه لم يأذن لكم فيه جون فيلبي والمستر همفر ؟!

اللهم العن أول ظالم ظلم حق آل محمد، والتابعين له على ذلك .

- وكتب (كمال) بتاريخ 18-4-2000، السابعة والنصف مساءً:

والله الذي فشَّلنا أمام الناس هو أنتم .. بس فلوس في بنوك الغرب وكروش ونوم، وصلح مع أعداء الإسلام: أمريكا وإسرائيل .

اللهم بلغ بإيماني أكمل الإيمان .

- وكتب (أبو القاسم) بتاريخ 18-4-2000، الثامنة مساءً:

يابو الشباب . . وأقول اللهم لا شماته هي قلة فتاوي ولا أيش يعني ؟ روح لخويك وقول له خل يفتي في تطويل اللحية ووجوب تقصير الثوب، تراه أزين له وأبرك بعد.. عامللي فيها مطوع ويركض في الشوارع: الصلاة ياعباد الله. وخل واحد غشيم يقول لحظه لوسمحت .. يروح فيها ملح ويتبلى عليه .. وكل هذا تحت راية الإسلام.. الله يسلمك... بس خل يمر أمريكي إذا خوينا في أمه خير خل يتكلم ... حبيبي سعود ماترد؟ ولاّ الكورة خذت تفكيرك .

- قال العاملي: (يقصد بعبارته لأخيرة هل انشغلت بمشاهدة لعب الكرة؟ وكلامه باللهجة السعودية انتقاد لفتاوي الشيوخ بتطويل اللحية وتقصير الثياب.. وكيف أنهم يدورون في الشوارع يأمرون الناس بالصلاة بطريقة خشنة.. بينما يتسامحون مع الأمريكان، ويتوددون لهم) !

- وكتب العاملي بتاريخ 18-4-2000، التاسعة إلا ربعاً مساءً:

ص: 603

إن أصل صورة الطفل الشيعي الذي جرح أبوه رأسه حزناً على الإمام الحسين علیه السلام يوم عاشوراء في النبطية.. والتي نشرها النواصب في جميع مواقعهم.. أصلها من مراسل وكالة رويتر الإنكليزية !!

والعجيب أن يفتخر المسلولون بكلام مراسل رويتر.. ويقولون نحن ضد الغرب، ولا نتأثر بكلامهم !!

- وكتب (أبوفراس) بتاريخ19-4-2000، الثانية عشرة والثلث صباحاً:

إن كان حقاً ما تقول.. فهذه دعاية ضد الإسلام والمسلمين، لأنهم يرون أن الإسلام ماهو إلا إرهاب دين مبني على القتل وإهراق الدماء والتعذيب للنفس . وكل ذلك ليس من الإسلام من شئ أبداً .

- وكتبت (بنت الأمير) في 19-4-2000، الرابعة والنصف عصراً:

يا أخ سعود . . وما يشرفني واحد مثلك ناصبي يكون أخي !

إحنا (نحن) الروافض لنا فخر بأننا نرفض خلافة عبيد الدنيا، وليشهد الثقلان، وحرّى في قلوبكم إلى يوم الدين بأننا روافض !

وإحنا لنا فخر باللطم والضرب على ابن بنت رسول الله صلی الله علیه و آله وسيد شباب أهل الجنة . لانبكي ونموت على أمثال عبد الحليم حافظ وجمال عبد الناصر وأم كلثوم . وصدق الشاعر:

واذا رأيت مناصباً ... متعلقاً حبل الجحود

فاعلم بأن طلوعه ... من أصل آباء يهود

- وكتب (سعود) في 20-4-2000، الثانية عشرة والربع صباحاً:

ص: 604

خلو عنكم التقية، ليش ما اطّقون صدر (تلطمون) على محمد صلى الله عليه وسلم، الذي هو أحسن من الحسين ؟ كذب عليكم اليهود وعلى رأسهم عمكم عبد الله بن سبأ مؤسس الشيعة !

وأنت يا العاملي مع الشلة الذين معاك، بتعرف في يوم لا ينفع فيه الطم والصياح والسيوف والسلاسل، وسب الصحابة الكرام والنفاق .

- وكتب (ناصر) بتاريخ 20-4-2000، الثانية عشرة والنصف صباحاً:

والله ما في . . . غيرك أنت يا أتباع شيعة يزيد بن معاويه لعنهما الله !!

وعبدالله بن سبأ هو أسطورة وضعها أجدادك المنافقون ! وإن كان حقيقة فهو أبوكم ووالدكم، لأن تراثكم أقرب لليهود منه إلى الاسلام !!

أما التقيه فاسأل سلمان العوده والوهابيين أيام الغزو العراقي فهم يعرفونها أكثر من الشيعة، فلم أر شيعياً يتخذ تقيه، علماً أنه يؤمن بها لأن الله أمر بها بكتابه الكريم !! والدليل أن الشيعه لم يركعوا للغرب ولم يخافوا، وأنتم ركعتم حتى بانت عورتكم ! مثلما كشف حبيبكم عمرو بن العاص عورته في أرض المعركه خوفاً، وذلك عندما شد عليه أسد الله الغاضب علي بن أبي طالب علیه السلام !! هل فهمت الآن أم تريد المزيد من الإيضاح.. حاضرين.

- وكتب (حلمان) بتاريخ 20-4-2000، العاشرة صباحاً:

صح يا سعود يا بو التقية ..

قل لي وبدون تقية... أليس هل الأرض تدور.. أم لا ؟!

- وكتب (سعود) في21-4-2000، الثانية عشرة وعشر دقائق صباحاً:

ص: 605

كل من كان عن التوحيد والسنة أبعد ..كان إلى الشرك والبدعة والإفتراء أقرب . (كلمة لابن تيمية) .

- وكتب (ناصر) بتاريخ 21-4-2000، الواحدة صباحاً:

لايوجد أحد أقرب إلى الشرك من الوهابية، ولا أحد ابتدع وغير وبدل بالدين مثلكم، فأنتم عار !

حتى الأرض التي تمشون عليها أصبحت لاتطيقكم !

- وكتب (حلمان) بتاريخ 21-4-2000، التاسعة صباحاً:

حياك الله ياسعود... بس ما جاوبتني وبدون تقية ..

الأرض تدور ولاّ، لأ . . . وهل يجوز قتال اليهود، أم لأ...؟!

- وكتب البصري بتاريخ 21-4-2000، الحادية عشرة صباحاً:

الموضوع من أوله يجانب المستوى المطلوب من الحوار، ولهذا الردود في أغلبها متشنجة، مما يستوجب غلق الموضوع.

المراقب: عبد الحسين البصري . رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا.

ص: 606

محاولة النواصب إثارة الفتنة بين الشيعة!!

- كتب (ابن تيمية) في شبكة الحق الثقافية بتاريخ 2-3-2001، الحادية عشرة صباحاً، موضوعاً بعنوان (لماذا حرم الخامنئي المراسيم الحسينية)، قال فيه:

آسف .. لماذا حرم الخامنئي التطبير، بينما كان يحلله ويحث عليه كما كان الخميني كذلك .. وما يقال للخامنئي يقال للحائري، ومحسن الأمين الذي زندقتوه، وفضل الله، والتيجاني ؟!

- فأجابه العاملي بتاريخ 25-3-2001، الثانية عشرة والربع ظهراً:

ابن الست تيمية . . يريد الدخول بين الشيعة، فأهلاً وسهلاً ..

ياأخ، نحن الشيعة عمرنا من عهد النبي صلی الله علیه و آله الى اليوم.. فاختلاف فتاوى علمائنا طبيعي ..

أما أنتم فعمركم من أمس .. من يوم انتشر التاريخ الإنكليزي .. وقد وصل الخلاف بين علمائكم الجهابذة إلى التكفير وهدر الدم .. فأخبرنا أولاً عن تكفير علمائكم بعضهم لبعض .. من حركة الإصلاح .. مروراً بكل الفرق .. إلى آخر أخبار الشيخ ربيع المدخلي ومذهبه !!

- وكتب (مريت) بتاريخ 25-3-2001، الرابعة عصراً:

الأستاذ الكريم العاملي حفظه الله تعالى . . ماذا تريد أن يقول لك ابن تيمية ؟ هل يقول لك عن النسائي وكيف قتلوه ولماذا ؟ أم تريده أن يقول لك كيف سجنوا ابن تيمية وعلى ماذا ؟ وماذا وماذا ؟ خلها على الله .

ص: 607

ملاحظة إلى ابن تيمية: أنظر إلى كتاب رحلة ابن بطوطة وافتح الفهرس.. طبعاً يكون آخر الكتاب! وافتح على موضوع (حكاية الفقيه ذي اللوثة)!! على فكرة الصفحة هي 95 طبعة دار صادر بيروت لسنة 1992م !!

وتحية إلى الأستاذ الفاضل العاملي. ونسألكم الدعاء .

- وكتب (ابن تيمية) بتاريخ 25-3-2001، الرابعة والربع عصراً:

سماحة الشيخ العاملي . . إن أسلوبك استفزازي وهجومي وانتقاصي ! وهذا خلاف ما أمرنا به الشرع المقدس، الذي حث على الكلم الطيب: أدع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، والمجادلة بالتي هي أحسن والقول اللين: إذهبا أنت وربك (كذا!!) وقولا له قولاً ليناً. والتحذير من الأسلوب الفض: ولو كنت فضاً غليض (كذا !) القلب لانفضوا من حولك . وأنت حافظ مقولة علي كرم الله وجهه: من لان عوده كثرت أغصانه .

الدعوة إلى الحق لا تغني عن الأسلوب الحق .. فالأمر بالمعروف يجب أن يكون بالمعروف . هذا وتحياتي لك .

ويبقى السؤال قائماً: ما الهدف من حرمة التطبير لدى الخامنئي والحائري والعاملي وفضل الله.. وزينب بنت علي أخت الحسين نطحت رأسها بمقدمة المحمل ونزف دمها من رأسها ؟! وهل زينب خالفت الشرع ؟!

- فكتب العاملي بتاريخ 25-3-2001، الرابعة والثلث مساءً:

هل تجوِّز أنت جرح الهامات حزناً على الحسين علیه السلام ؟ أم تحرمه ؟

- وكتب (الخزاعي) بتاريخ 25-3-2001، الخامسة مساءً:

ص: 608

ابن تيمو .. هذا مو شغلك.... تلك فتاوى في فروع وأمور مستحدثة، والمذهب الشيعي في هذه المسائل قائم على أساس الإجتهاد، الذي فقدتموه واكتفيتم بتقليد سميك !!

- وكتب (ابن تيمية) بتاريخ 26-3-2001، الواحدة والثلث صباحاً:

الأخ الاستاذ العاملي . . الجواب: التحريم .

الأخ الخزاعي .. أنت لست مجبراً على الإجابة، وهذا من باب التحاور والتفاهم والتواصل، لتقترب وجهات النظر أكثر، فأنا الآن نظرتي ليست كالسابق .. وعموماً أشكرك على الإجابة في الموضوع السابق .

- وكتب (السيد مهدي) بتاريخ 26-3-2001، الرابعة والثلث صباحاً:

يا جماعة الخير صبركم وسعة صدوركم مع الرجل:

يقول إنه يسعى للتواصل والتقارب من أجل تقريب وجهات النظر، ويجب أن نحمله على سبعين محمل .

وشهادة لله سألته في السابق وأقر بأننا موحدون مثله وليس مشركين أو كفار . نرجو له الموفقية إن كان الأخ صادقاً في مسعاه ونحن في خدمته.

- وكتب (هادي الحجازي) بتاريخ 26-3-2001، الخامسة صباحاً:

إخواني الكرام، السلام عليكم .. أود أن أشير إلى أن الأخ الفاضل ابن تيمية مخلص في بحثه، فأرجو أن تخففوا القول معة وتجادلوا كما أمر الله تبارك وتعالى، فأنا التقيت به على الماسنجر وتكلمت معه فوجدته إنساناً عاقلاً

وطالب حق، فأرجو من الأخوة المؤمنين أن لايقسوا بالجواب عليه .

- وكتب (أبومحمد) بتاريخ 26-3-2001، الخامسة وست دقائق صباحاً:

ص: 609

سماحة الشيخ العاملي وفقه الله . . الإخوة الكرام المشاركين في الحوار: إن كان كما قال فواجبنا رد التحية بأفضل منها . وأنا أوافق الأخ السيد مهدي في الرأي . بدايته في الحوار سلمية وليس فيها استفزاز، مع غرابة السؤال !

لنا عليه تعليق لاحقاً .

- وكتب (نصير المهدي) في26-3-2001، الخامسة وثمان دقائق صباحاً:

وهل تعرف يا أخانا الحجازي أي أبناء الست تيمية هذا حتى تدافع عنه.. وقد كثر أبناؤها ؟! يبدو أنك حديث تجربة أخي الكريم مع هؤلاء .. فقبله كان سميه ابن تيمية الطائر الخائر ألين عوداً.. وأعذب لساناً.. ثم إذا به كديدن من سبقوه لا يجد غير الكذب والتشهير السوقي بضاعة.. ثم إنه نال جواباً شافياً كافياً من الشيخ العاملي والأخ الخزاعي.. فليراجع ردهما وسيجد ضالته.

- وكتب (ابن تيمية) بتاريخ 26-3-2001، الخامسة مساءً:

الأخ السيد المهدي، الأخ أبو محمد، الأخ هادي . . أشكركم على هذا الأفق الواسع وهذه الروحية المحمدية .

نصير المهدي . . لايجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. إعدلوا هو أقرب إلى التقوى.. وتذكَّر ما أوصى به الإمام علي رحمة الله ابنيه الحسنين . ولا أدري لماذا تهينون الصحابة الكرام وهم عندنا مقدسين، كما أن الإمام علي مقدس عندكم . . ولا ترضون أن ينال أحد من بعض ممارساتكم وقياداتكم ؟ فهل باؤكم تجر وباؤنا لا تجر ؟!

- وكتب (سيد علي) بتاريخ 26-3-2001، السادسة إلا ربعاً مساءًَ:

ص: 610

تحذير من ابن تيمية، فلا تتحاورون معه بالماسنجر، وإنه لو كان طالب حقيقة لقام بالرد على الشيخ البصري حفظه الله في الموضوع الذي طرحه هنا وهو يعرف عز المعرفة . والله ولي التوفيق . وعظم الله أجورنا وأجوركم ...

إلى آخر ماكتبه عدد من الأخوة الشيعة .

- وكتب العاملي بتاريخ 27-3-2001، الحادية عشرة ليلاً:

الأخوة الأعزاء، السيد مهدي، هادي الحجازي، أبا محمد، الجعفري:

رأيكم عندي محترم، لكنا ناقشنا الموضوع في السنة الماضية بما فيه الكفاية.. ومن جهة ثانية، فإن ابن تيمية هذا وكل الجماعة الذين يناقشوننا فعلاً هنا .. مستواهم العلمي كما تعرفون ! وهم لِعْبِيُّون غير جادين .

تم المجلد التاسع من كتاب الإنتصار

(دفاعاً عن مراسم عاشوراء وقداسة كربلاء)

والحمد لله رب العالمين

ويليه المجلد العاشر وموضوعه: مناظرات في الخلافة والإمامة والسقيفة

ص: 611

ص: 612

الفهرس

مقدمة3

الفصل الأول: منصفون ومحبون للإمام الحسين علیه السلام من السنة5

رثاء مثقف نجدي . . للإمام الحسين 7

سيد أهل مصر.. سيدنا الحسين11

ناجي العلي .. وكربلاء24

مسجد الحسين ومنزلته في نفوس المصريين السنيين26

حسين مني وأنا من حسين.. أحب الله من أحب حسيناً33

بكائية رأس الحسين 41

الإمام الحسين في الكتاب المقدس47

الفصل الثاني:ما الذي يغيظ النواصب والمخالفين في مراسم عاشوراء؟!!51

عدنا إلى عاشوراء والروافض . . ! 53

الإمام الحسين مخطئ ويزيد معذور ! ! 58

لا يعرفون ماذا في مجالس عاشوراء .. فيتخرصون !60

ويفترون على الشيعة بافتراء لايخطر على بال80

سر غيظهم من مراسم عاشوراء.. هو زيارة عاشوراء87

ص: 613

الفصل الثالث: لعن من لعنهم الله ورسوله.. فريضة111

الملعونون على لسان خاتم النبيين ! 129

اللهم العن أول ظالم ظلم آل محمد154

الفصل الرابع: استحباب البكاء والنياحة على الامام الحسين علیه السلام 179

سيد المرسلين صلی الله علیه و آله .. أول من بكى على الحسين علیه السلام 183

ما الذي يغيظ النواصب والأجانب من مراسم عاشوراء ؟187

لبس السواد في عاشوراء ومناسبات الحزن239

فتوى المرجع الميرزا جواد التبريزي في لبس السواد245

رسالة مختصرة في لبس السواد.247

أنواع مراسم عاشوراء256

الشعائر الحسينية 265

رد زعمهم أن مراسم عاشوراء من الجاهلية.274

البكاء على الحسين بد ! وقتله اجتهاد !! 291

الفصل الخامس: من الفقه الأموي الإسرائيلي299

صوم يوم عاشوراء شكراً واتخاذه عيداً !301

الفصل السادس: دفاعاً عن قداسة كربلاء.. وتربة كربلاء.321

استهزاؤهم بالإستشفاء بتربة الامام الحسين علیه السلام 323

سبحة كربلاء329

الفصل السابع: المعرضون عن أهل بيت نبيهم..يتهموننا بالغلو فيهم !! 341

يزعمون حب أهل البيت الطاهرين .. لكنهم معرضون عنهم !! 344

الى الذين يتهموننا بالغلو362

ص: 614

الفصل الثامن: مواكب السيوف . . لبس الأكفان وجرح الهام 381

نتمسك بمقدساتنا ومراسمها في مواجهة اليهود والغربيين383

فتاوى المراجع في مواكب السيوف .. وضعف أدلة المعارضين396

من فتاوى المراجع أيضاً في جواز شج الرأس حزناً يوم عاشوراء426

مناقشة للموسوي مع الأنصاري وفادي 439

نقاش مع المغالين المعارضين لمواكب السيوف451

من مناقشات العاملي والموسوي مع الخزاعي وأمين458

مناقشة الموسوي وعالم من البحرين مع عالم وهابي 491

من مناقشات الموضوع في شبكة القطيف الشيعية549

أخلاقهم الخشنة أمام صورة الطفل الرضيع567

تهريجهم على (حجامة) طفل شيعي في عاشوراء !!.585

يوم عاشوراء في محطات التلفزيون يثير المخالفين! 600

محاولة النواصب إثارة الفتنة بين الشيعة!!607

ص: 615

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.