الفقه، القواعد الفقهية

اشارة

سرشناسه : حسینی شیرازی، محمد

عنوان و نام پديدآور : الفقه، القواعد الفقهية/ تالیف محمد الحسینی الشیرازی

مشخصات نشر : قم: بیت آیت الله شیرازی، - 1378.

يادداشت : کتاب حاضر در سالهای مختلف توسط ناشرین مختلف منتشر گردیده است

يادداشت : عربی

يادداشت : فهرستنویسی براساس اطلاعات فیپا.

یادداشت : کتابنامه

مندرجات : ج. 1.کتاب البیع .--

موضوع : فقه جعفری -- قرن 14

رده بندی کنگره : BP183/5 /ح 5ف 76 1378ب

رده بندی دیویی : 297/34

شماره کتابشناسی ملی : م 78-8254

المقدمة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد لله ربّ العالمين، و الصلاة و السلام على محمّد و آله الطاهرين هذا هو كتاب (القواعد الفقهية) «1» ألّفته بإيجاز ليكون مرشداً لمن أراد الاطلاع على هذا الجانب الفقهي، و هو من الأهمية بمكان، لأن أُلوف المسائل تتفرّع منها.

و قد ذكرها الفقهاء في كتبهم الفقهية بمختلف المناسبات إجمالًا أو تفصيلًا.

قال الإمام الرضا (ع): (علينا إلقاء الأصول و عليكم التفريع) «2».

و قال الإمام الصادق (ع): (إنَّما علينا أن نلقي عليكم الأصول و عليكم أن تفرّعوا) «3».

______________________________

(1) يمكن أن يُعدّ هذا الكتاب مدخلًا و مقدمةً للفقه بلحاظٍ، و من (الفقه) بلحاظ و اعتبار آخر كما لا يخفى.

(2) وسائل الشيعة: ج 18، ص 41، ح 52.

(3) وسائل الشيعة: ج 18، ص 40، ح 51.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 6

و قد ذكرنا في الكتاب بعض ما يتفرّع على تلك القواعد من المسائل الشرعية.

و هذه القواعد على قسمين: الأول: ما ورد التصريح بها في الشريعة، فيمكن استخراج الفروع منها ابتداء.

الثاني: ما استنبطها الفقهاء من الأدلة، و جعلوها قاعدة لاستخراج الأحكام منها.

و هذه إنما يفرع عليها إذا كان الفرع من مصاديق تلك الأدلة أو قام الإجماع على ذلك الفرع و إلّا فهي بما هي هي لا شأن لها كما

هو واضح.

و أسأل الله سبحانه التسديد و النفع و القبول و هو المستعان.

محمد الشيرازي 15 صفر 1413 ه قم المقدسة 1

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 7

قاعدة اليد

أدلة القاعدة (قاعدة اليد):

و قد استدل بها الفقهاء في مختلف أبواب المعاملات و غيرها.

و الدليل عليها قبل الإجماع المقطوع به في كلامهم، و إن كان يستشكل بأنه محتمل الاستناد، و السيرة المستمرّة، و بناء العقلاء، و قد وردا على لسان الشرع حيث قال سبحانه (يَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) «1».

و السيرة معناها: سبيل المؤمنين.

و في الروايات: (لو لم يجز هذا لما قام للمسلمين سوق) «2» كما في رواية حفص.

(و من استولى على شي ء منه فهو له «3» كما في رواية يونس، إلى غيرها:

جملة من الروايات:

كرواية حفص المروية في الكتب الثلاثة عن الصادق (ع): (أ رأيت إذا رأيتُ

______________________________

(1) النساء: 115.

(2) وسائل الشيعة: ج 18، ص 215، ح 2.

(3) وسائل الشيعة: ج 17، ص 525، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 8

شيئاً في يد رجل أ يجوز لي أن أشهد أنه له؟ قال (ع): نعم، فقال الرجل: أشهد أنه في يده و لا أشهد أنه له فلعله لغيره؟ فقال أبو عبد الله (ع): أ فيحلّ الشراء منه؟ قال: نعم، فقال أبو عبد الله (ع): فلعلّه لغيره فمن أين جاز لك أن تشتريه و يصير ملكاً لك، ثم تقول بعد الملك: هو لي و تحلف عليه، و لا يجوز أن تنسبه إلى من صار ملكه من قبله إليك؟ ثم قال أبو عبد الله (ع): لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق) «1».

أقول: المسألة لها صور متعدّدة: 1 قد يكون في يده و يقول: أنه ملكه، و لا إشكال فيه.

2- و قد يقول أنه ليس ملكه، و لا

إشكال.

3- و قد لا يعلم ذلك و هو لا يصرّح بالملكية أو عدمها مع صلاحيته للقول، و هذا لا دليل على أن نتصرف فيه تصرف من يحق له ذلك بالنسبة إلى أملاك الناس، مثل التصرف في بيت من تضمنته الآية «2».

و الرواية المذكورة لا تشمله، لأن الإمام (ع) ذكر مثال (تشتريه) و هو في ادعائه الملكية، إذ لا يحتاج الأمر إلى اللفظ، بل يكفي قرائن الملك و لو بالبيع و الهبة و نحوهما، فلا إطلاق للرواية ليشمل المورد المذكور، خصوصاً و لا سيرة و لا بناء للعقلاء في مثل ذلك.

4- و قد يكون بلا صلاحية للقول، و ذلك لمن صار مجنوناً أو مات أو ما أشبه، و لا يبعد أن يشمل الدليل ذلك.

فإذا وجدنا في صندوقه أموالًا، أو في بيته، أو كان جالساً في البيت و لم نقطع بأنها ليست له، قسَّمناه بين ورثته، كما نجعل ما تحت يد المجنون له في تصرف

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 18، ص 215، ح 2.

(2) النور: 61.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 9

الولي فيه تصرف ما ملكه المجنون.

و بذلك تبيّن حال ما تحت يد الصغير كما ذكره الفقهاء في كتاب اللقطة «1».

و رواية مسعدة عن الصادق (ع) قال: سمعته يقول: (كل شي ء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك، و ذلك مثل الثوب يكون عليك و قد اشتريته و لعلّه سرقة، و المملوك عندك لعله حرّ قد باع نفسه، أو خدع فبيع قهراً، و امرأة تحتك و هي أختك أو رضيعتك، و الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة) «2».

و قد ذكرنا في (الفقه) إن الاستبانة عرفية، و هي تحصل

بالثقة، كما هي عادة العرف في كافة شؤونهم، فإنّ ركّاب الطائرة يسلّمون أنفسهم و أموالهم إلى الطيّار، و كذا الملّاح و السائق، مع أنه واحد، و يضع المريض جسمه تحت تصرّف الطبيب لإجراء العملية الجراحية و هكذا.

أمّا قيام البيّنة] التي هي عبارة عن شاهدين كما ادعى القطع عليه جماعة اصطلاحاً و إن كان خلاف اللغة و المستعمل في القرآن الحكيم (حَتّٰى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ) «3» و غيره [فإن الحاجة إليها في مقام الشهادة فقط، إذ لا دليل على أكثر من ذلك.

و الإشكال في الرواية بأنها لا تدل على قاعدة اليد غير سديد، فإن من أظهر ما تدل عليه بالملاك القطعي أو الإطلاق هو ذلك، فإن الإنسان إنما يعتمد على بائع الثوب و المملوك و على قول المرأة و نحوها.

و المروي عن الصادق (ع) في قصة فدك: أنّ مولانا أمير المؤمنين (ع) قال

______________________________

(1) راجع موسوعة (الفقه) ج 81 كتاب اللقطة.

(2) وسائل الشيعة: ج 12، ص 60، ح 4.

(3) البينة: 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 10

لأبي بكر: (أ تحكم فينا بخلاف حكم الله تعالى في المسلمين؟ قال: لا، قال: فإن كان في يد المسلمين شي ء يملكونه ادعيت أنا فيه من تسأل البيّنة؟ قال: إياك كنت أسأل البيّنة على ما تدعيه على المسلمين، قال (ع): فإذا كان في يدي شي ء فادعى فيه المسلمون تسألني البينة على ما في يدي و قد ملكته في حياة رسول الله (ص) و بعده، و لم تسأل المؤمنين البينة على ما ادعوا عليّ كما سألتني البينة على ما ادعيت عليهم؟ إلى أن قال: و قد قال رسول الله (ص): البينة على من ادعى و اليمين على من أنكر) «1».

فإن الرواية صريحة في حجية اليد و

هي تدل على الملك، و أن المدَّعي، عليه إقامة الدليل.

قضية فدك

و لا يخفى أن قضية (فدك) كانت واضحة و إنما السلطة هي التي أرادت أن تمنح الشرعية للخليفة كما هو دأب الحكومات دائماً، و لذا نرى في التاريخ أن خلفاء الجور ردوا فدك تارة و غصبوها أخرى، إلى أربع عشرة مرة أو أكثر.

و أما أن الإمام (ع) لم يسترد فدكاً عند تسلّمه السلطة، فلما أشار إليه في نهج البلاغة، و لعلّ السرّ الواقعي هو أن الإمام (ع) أراد شيئين: الأول: إبقاء الظلامة حتى تكون دليلًا على اغتصاب الخلافة.

الثاني: انه قضية مهمّة، إلّا أن الأهم هو قضية الخلافة، فإن العقلاء دائماً يتركون المهم لصالح الأهم، حتى لا ينشغلوا عن الأمر الأهم، لقاعدة (الأهم و المهم).

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 18، ص 215، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 11

و رواية حمزة بن حمران: (أدخل السوق فأريد أن أشتري جارية تقول: إني حرّة؟ فقال (ع): اشترها إلّا أن يكون لها بيّنة) «1».

فإن (اليد) لو لم تكن حجّة كان اللازم على البائع أن يأتي بالبيّنة، و المراد بالبينة في الرواية: إما العلم من القرائن، إذ ربما تدل القرائن على ذلك، مثلًا يحقق الحاكم من البائع عن وقت تملّكها و بأي سبب و ما أشبه، ثم يسأله ثانياً، ليرى التطابق بين الجواب الأول و الثاني، و ما أشبه ذلك، ليظهر زيف ادعائه.

أو خصوص الشاهدين، و لكنه من باب المثال الغالب.

و قد كشف أمير المؤمنين (ع) صدق مدّعي السيادة في قصة مشهورة ادعى كل منهما انه السيد و الآخر العبد.

و مثل الرواية السابقة: صحيحة العيص (عن مملوك ادعى أنه حرّ و لم يأت ببيّنة على ذلك، أشتريه؟ قال (ع): نعم) «2».

و لا

يخفى أنه لو علم حريته و أنه غصب أو ما أشبه، كان له أن يعمل حسب الواقع من الهروب و نحوه.

و موثقة يونس في المرأة تموت قبل الرجل أو رجل يموت قبل المرأة، قال (ع): (ما كان من متاع النساء فهو للمرأة، و ما كان من متاع الرجال و النساء فهو بينهما، و من استولى على شي ء منه فهو له «3».

و لا يخفى أنه لو كان من متاعهما أو لم يكن من متاعهما أو متاع الطفل كان اللازم إعمال قاعدة (العدل) إذا لم يكن بيّنة و نحوها.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 13، ص 31، ح 2.

(2) وسائل الشيعة: ج 13، ص 30، ح 23606.

(3) وسائل الشيعة: ج 17، ص 525، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 12

و قد ذكرنا تفصيل هذه المسألة في (الفقه)، و المراد هنا أن الاستيلاء دليل الملك، فيأتي في شريكين في محلّ تجاري أو في غرفة المدرسة، مثلًا كان أحدهما يدرس شرح اللمعة و الآخر يدرس الكفاية فلكل منهما ما يدرس فيه، أما إذا كان مثل كتاب اللغة حيث تعمّ الحاجة إليه، أو لم تكن لأحدهما إليه حاجة، فهو لهما، إلى غير ذلك.

و رواية العباس بن هلال عن الرضا (ع): (ذكر أنه لو أفضى إليه الحكم لأقر الناس على ما في أيديهم و لم ينظر في شي ء إلّا بما حديث في سلطانه، و ذكر أن النبي (ص) لم ينظر في حدث أحدثوه و هم مشركون و أن من أسلم أقرّ على ما في يده «1».

و الظاهر أنها أعم ممّا في اليد، بل المراد انطباق حديث (الجب) «2» عليهم كما ذكرناه في كتاب (الفقه: الدولة) «3» و غيره.

المراد من (اليد)

ثم المراد من (اليد) في الروايات

و كلام الفقهاء: ما كان تحت السلطة، سواء سلطة نفسه أو وكيله كالودعي و المستأجر و المستعير و المضارب و نحوهم بعد اعترافهم بأنه لأولئك، و إن كان الشي ء في يد آخر لا يعلم بأنه لمن، كما إذا كان بستان أو دار تحت سلطة زيد، و كان الساكن فيهما جاهلًا بالمالك.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 18، ص 214، ح 1.

(2) المستدرك: ج 7، ص 448، ح 8625، ب 15.

(3) موسوعة (الفقه) ج 101 و 102 كتاب الدولة.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 13

و قد ذكرنا في (الفقه) في مسألة (على اليد ما أخذت) «1» أنه يشمل السيطرة كما إذا غصب الظالم أملاك الناس و سجّلها باسمه بحيث صارت تحت سلطته و إن كان أربابها الواقعيّون ساكنين فيها فإن يدهم ضعيفة و يشمل (على اليد) يد الغاصب كما هي العادة لدى الحكومات الظالمة.

و إذا كان هناك استيلاءان أي يدان على شي ء فهو لهما بصورة متساوية، أو مختلفة، كما إذا كانت الدار ذات طوابق و اثنتان في يد أحدهما و واحدة في يد ثان.

و كذلك إذا كان الاستيلاء على البستان على نحو التثليث أو التربيع أو ما أشبه.

و إذا لم نعلم أن حصة الاثنين متساوية أو مختلفة فالأصل الأول.

و إذا ادعى أحدهما الأكثر فعليه البيّنة.

و إذا كانت هناك يدان أو أكثر إلّا أن الملكية ظاهرة لأحدهما كان له، كما إذا جلس في السيارة السائق و الركاب فالظاهر أنها له دونهم، و كذلك حال السائق و معاونه، و قد ذكر الفقهاء مسألة الراكب و آخذ الزمام و السائق للدابة.

و إذا تبادل اثنان قيادة السيارة مثلًا كان بينهما أيضاً، إلّا أن يقيم أحدهما الدليل على أنها أو أكثرها له على موازين الدعوى.

و

كذلك لو أخذا طرفي الحبل يتنازعان فهو بينهما كذلك.

و لو ترتّبت الأيدي كان للّاحق، إلّا أن يقيم السابق البينة على الكل أو البعض.

و لا فرق في ما ذكر بين مسلمَيْن و كافرَيْن، رجلَيْن أو امرأتيْن، أو

______________________________

(1) عوالي اللئالي: ج 1، ص 224، ح 106.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 14

بالاختلاف، و كذلك حال غير البالغَيْن المميّزَيْن فيما لو قلنا بكراهة معاملتهما كما ذكره في الشرائع حيث إن يد الطفل تكون حجة حينئذ بخلاف المجنونَيْن.

و الحاصل: أن حال الفردَيْن هو كالفرد الواحد، و بعض الكلام مذكور في كتاب (اللقطة).

إطلاق أدلة اليد

و لا فرق في حجية اليد بين من غلب عليه الغصب كالسارق و الظالم أو لا، لإطلاق الأدلة، و ليس الاعتبار بالظن حتّى يقال: لا ظن في الأولين.

ثم لو كانت يده عادية و بعد ذلك شك في أنها هل صارت شرعية أو أمانة مالكية كان الاستصحاب محكّماً، لأنه يوسع دائرة الموضوع.

فلا يقال: أن اليد أمارة و الاستصحاب أصل و هي مقدمة عليه كما نبه على مثل ذلك الشيخ (قدس سره) في بعض مباحث الرسائل.

و سيرة العقلاء أيضاً على ذلك فمن عرفوه بأنه غصب دار زيد ثم احتملوا شراءها منه أو ما أشبه يحكمون بالغصبية حتى يقيم الدليل.

و كذلك الحكم بالنسبة إلى حال سائر المحرمات، مثلًا: لو علمنا أن الدار وقف ثم رأيناه يبيعها، فإننا لا نقول أن موجب بيع الوقف قد حصل له.

أو علمنا أنه صحيح الجسم حاضر ثم رأيناه يفطر مما احتملنا مرضه أو سفره، أو رأيناه يشرب الخمر، و كما إذا علمناها متزوّجة ثم رأيناها مع إنسان آخر يباشرها و احتملنا أن الأول لم يدخل بها و طلّقها قبل ساعة و تزوّجها الثاني حتى تكون المباشرة شرعية،

إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 15

لا يقال: فلما ذا لا تحكمون بالاستصحاب فيما إذا رأيتم امرأة مع رجل، أو شخصاً يبيع فاكهة و لا بستان له، أو رأيتم ميتاً دفن و لم تعلموا بغسله، فالاستصحاب يقتضي عدم الحلية في الأولين و عدم جواز الثالث؟ لأنه يقال: في كل مورد جرت (السيرة) و نحوها فنقول بخلاف الاستصحاب، و إلّا كان الاستصحاب محكّماً، و قد ألمعوا إلى مثل ذلك في الأراضي المفتوحة عنوة حيث رأينا المسلم يعاملها معاملة الملك.

و يؤيّد المستثنى سؤال علي (ع) عمّن أفطروا في شهر رمضان.

و الظاهر الفرق بين العلم الوجداني بأن الدار كانت لغيره و لا مدعي، حيث يحكم باليد بلا يمين و لا بيّنة، و ذلك للسيرة القطعية و بناء العقلاء و الروايات، لأن أكثر الدور و الدكاكين و الحمامات بل و المنقولات يُعلم أنها لم تكن لذي اليد سابقاً و مع ذلك إذا رأيناها عند إنسان يُحكم بصحة يده كما أشارت إلى ذلك الرواية السابقة.

و بين ما إذا كان مدع فإن من بيده يلزم عليه أن يحلف إذا لم يأت المدعي بالبينة و ذلك لقوله (ص): (البيّنة على من ادّعى و اليمين على من أنكر) «1».

أمّا طلب أبي بكر من فاطمة عليها السلام البيّنة إضافة إلى أنه خلاف مقتضى قاعدة اليد فقد عرفت أنه كان ذريعة و عُذراً، كان الهدف هو الغصب بالقوّة، لا بالمنطق و البرهان، فإن فدك كانت ملكاً للرسول (ص).

و حينئذ فهي للزهراء عليها السلام، سواء أعطاها إياها هبةً كما هو كذلك أو تصرّفاً فقط لأنها حينئذٍ تصبح إرثاً على تفصيل ذكرناه في (الفقه) «2».

و لو فرضنا أنّ يده (ص) كانت يد ولاية فقط

فبالإضافة إلى النقض بسائر

______________________________

(1) مستدرك الوسائل: ج 17، ص 368، ح 21601.

(2) راجع كتاب الفقه أحكام مستفادة من سيدة النساء (سلام الله عليها).

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 16

أموال الرسول (ص) و أنهم أقرّوا سائر الزوجات على مالكيتهنّ لحجرة الرسول إلى سائر أثاثه (ص) التي خلفها أن الأصل عدم التصرّف الولائي و إلّا لم يكن (ص) أُسوة كما ذكرناه في بعض مباحث (الفقه).

و مما تقدّم يعلم أنه لو أقرّ أن الدار كانت لغيره أو قامت بذلك البيّنة أو حكم بذلك الحاكم و لم يكن مدع، فعند ذلك يُقَرُّ على أصالة صحة عمله في معاملته لها، و إن كان مدَّع فالكل سواء في احتياج ذي اليد إلى البيّنة.

نعم، إذا ادّعى مدع أن الدار التي ورثها زيد كانت قبل مائة سنة لجدّه و أنها كانت عارية بيد جد الوارث و لم يكن للوارث بينة الانتقال، لم يسمع دعوى المدعي كي يقال للوارث: أقم البيّنة، بل المدعي يحتاج إليها، و ذلك لعدم اعتبار مثل هذه الدعوى عند العقلاء فلا تشملها الأدلّة.

و مما تقدم ظهر أنه لا فرق في ادعاء المدعي على صاحب اليد أن يدعي كلاهما الملك أو الإجارة أو نحوها أو بالاختلاف بأن يقول الأول: أنها ملكه و صاحب اليد غاصب أو مستأجر أو وديعة أو عارية عنده أو ما أشبه، أو يكون العكس بأن يدعي الأول أن الدار لزيد و أنها في إجارته، و أن صاحب اليد غاصب أو نحوه، و ذلك لوحدة الدليل و الملاك في الجميع.

و كذا لا فرق فيما ذكر بين الأعيان و المنافع و الحقوق مثل حق الرهانة و حق التولية و حق الاختصاص في مثل الميتة المحرمة إذا قلنا بأنها لا تباع و

إنما له حق الاختصاص بحيث لا يحق لأحد مزاحمته.

و كذلك سائر النجاسات التي تتخذ للأسمدة في المزارع و نحوها، لكنا ذكرنا في (الفقه) عدم استبعادنا صحة بيعها، حتى الخمر تُتَّخذ لهدف قتل الديدان في البالوعة مثلًا و إن كان في الأخير تأمّل من جهة قوّة أدلّة المنع.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 17

اللّهمّ إلّا أن يقال: بانصرافها إلى مثل الشرب و الدواء لا مطلقاً.

شمولية قاعدة اليد

و كما تجري قاعدة اليد في الموارد المتقدمة تجري في النسب و الأعراض كما إذا قال ذو اليد: أن المجنون أو الصبي ولده، و أن المرأة التي في بيته زوجته، فالمدعي يحتاج إلى البينة، و ذلك للملاك و بناء العقلاء و السيرة من غير ردع.

و لا يبعد جريان قاعدة اليد بالنسبة إلى يد الإنسان نفسه فيما إذا لم يزاحمه مزاحم، كما إذا وجد في داره أو صندوقه أو دكانه مجهولًا يحتمل أن يكون له، احتمالًا عقلائياً، لا فيما إذا كان الناس يتراودون إلى ذلك المكان، أو كان مشتركاً، مما يضعف احتمال كونه له.

و يدلُّ على المستثنى بالإضافة إلى السيرة و بناء العقلاء بعض الروايات المعمول بها عند المشهور: كصحيحة جميل بن صالح عن الصادق (ع): رجل وجد في منزله ديناراً؟ قال (ع): يدخل منزله غيره؟ قلت: نعم كثير، قال (ع): هذا لقطة، قلت: فرجل وجد في صندوقه ديناراً، قال (ع): يدخل أحد يده في صندوقه غيره أو يضع فيه شيئاً؟ قلت: لا، قال: فهو له «1».

و المراد ب (غيره) في الحديث الشريف: من يحتمل أن يكون له، لا إذا دخل داره من يقطع بأنه لا يرتبط بالمال الذي وجد فيها و كذلك حال الصندوق و غيرهما، فاليد في المستثنى قد سقطت عن الحجية

باحتمال أنه لغيره، للداخلين و الواضعين.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 17، ص 353، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 18

أما موثّقة إسحاق (عن رجل نزل في بعض بيوت مكّة فوجد فيها نحواً من سبعين درهماً مدفونة، فلم يزل معه و لم يذكرها حتى قدم الكوفة كيف يصنع؟ قال (ع): يسأل عنها أهل المنزل لعلّهم يعرفونها، قلت: فإن لم يعرفوها؟ قال (ع): يتصدّق بها) «1».

فإنها لا تعارض الصحيحة لأن ظاهرها علمه بأنها ليست له.

و ما ذكرناه لا فرق فيه بين المسلم و الكافر، إلّا إذا كان لهم قانون غير ذلك، حيث يشمله قانون (الإلزام) حينئذ.

و قد ذكرنا في بعض مباحث (الفقه) أن هذا القانون ينطبق لهم و عليهم، و لهذا يزوّج المجوسي بأُخته.

نعم، إذا تعارض مع مسلم قدِّم قانون الإسلام لأنه يعلو «2».

سوق المسلمين و أرضهم

ثم إنه لا إشكال في أن يد المسلم حجّة على الحليّة و التذكية، و كذلك سوق المسلمين و أرضهم و قد ذكرنا روايات الأرض في كتاب (الفقه: اللقطة) «3» لكن السوق أقوى في الحجة من الأرض، مثلًا: لو كان في بلد الكفر سوق للمسلمين، فإن السوق حاكم، و إذا كان سوق من الكفار في أرض الإسلام كان السوق أيضاً حاكماً. نعم، إذا كان سوق في أرض الإسلام و لا نعلم هل هو للمسلم أو للكافر؟

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 17، ص 355، ح 3.

(2) مستدرك الوسائل: ج 17، ص 142، ح 20985، ب 1: قال رسول الله (ص): (الإسلام يعلو و لا يُعلى عليه).

(3) موسوعة (الفقه) ج 81 كتاب اللقطة.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 19

حكم أنه للمسلم تبعاً للأرض، و في عكسه: لو كان سوق في أرض الكفار و لا نعلم انه للكافر أو للمسلم؟ حُكِم أنه

للكافر.

و لا يبعد القول بكفاية أحد ثلاثة أشياء بالإضافة إلى (اليد): 1 الأرض.

(2) و السوق، إذا كانا للمسلمين.

(3) و كذا إذا كان الحاكم مسلماً، و إن كانت الأكثرية كفاراً، فإنه أيضاً بلد الإسلام.

و يدلّ عليه، أن البلاد التي فتحت على أيدي المسلمين كانت الأكثرية فيها كفاراً، لأنهم ما كانوا يجبرون الناس على الإسلام، كما دلّ على ذلك تاريخ رسول الله (ص) حيث لم يجبر أهل مكة و أهل المدينة و أهل البحرين و أهل اليمن و غيرها على الإسلام.

بل أن ظاهر التواريخ يدل على أن أكثر أهل المدينة في بداية هجرة رسول الله (ص) إليها كانوا كفاراً، حيث ذكروا أنه لم يكن بيت إلّا فيه مسلم أو مسلمة، و مع ذلك لا شك أنها كانت بلد الإسلام و لعلّ قانون (الإسلام يعلو و لا يُعلى عليه) «1» يشمله.

و منه يعلم حال الأرض و البلد و السوق الذي يتساوى فيها وجود المسلمين و الكافرين حيث يحكم بأنه للإسلام، و إن كان الاحتياط اللزومي خلافه، لأن ظاهر الروايات أن يكون الأكثر مسلماً.

ففي رواية إسحاق بن عمار عن العبد الصالح (ع): (لا بأس في الصلاة في الفراء اليماني و فيما صنع في أرض الإسلام، قلت: فإن كان فيها غير أهل

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 3، ص 332، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 20

الإسلام؟ قال: إذا كان الغالب عليها المسلمون فلا بأس) «1».

اللّهمّ إلّا أن يقال: أن المراد بالغالب غلبة الحكومة لا غلبة الأفراد فيكون دليلًا على كفاية كون الحاكم مسلماً و إن كان الغالب على الناس الكفر.

أمّا رواية إسماعيل بن موسى عن أبيه (قال: سألت أبا الحسن (ع) عن جلود الفراء يشتريها الرجل في سوق من أسواق الجبل أ

يسأل عن ذكائه إذا كان البائع مسلماً غير عارف؟ قال (ع): عليكم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك، و إذا رأيتم يصلّون فيه فلا تسألوا عنه) «2».

فالظاهر أن المراد كفاية يد غير الشيعي، لأن (العارف) اصطلاح على الشيعي في لسانهم، كما يعرف من بعض الروايات الأُخر مثل: (لا توضع العارفة إلّا عند العارف) «3».

و ذكر (يصلّون) لأن ما باعه المسلم يصلّى فيه، فيد المسلم مطلقاً حجة، لا يد الكافر أيّ قسم كان، و ذكر الشرك من باب المثال أو من جهة أن كل كافر مشرك، و لذا قال سبحانه (فَتَعٰالَى اللّٰهُ عَمّٰا يُشْرِكُونَ) «4» فلا يحكم عليها بالصحّة إلّا بعد الفحص، مثل أن يكون الكافر قد اشتراه من مسلم أو من سوقهم أو أرضهم أو أن ذابحه كان مسلماً.

و إذا سبقت يد الكافر على المسلم، فالظاهر عدم الاعتبار بيد المسلم لاستصحاب عدم التذكية، و في عكسه الاعتبار لأصالة التذكية مما لا تضرها يد الكافر الحالية.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 3، ص 232، ح 3.

(2) وسائل الشيعة: ج 2، ص 1072، ح 7.

(3) وسائل الشيعة: ج 2، ص 1072، ح 5.

(4) سورة الأعراف: 190.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 21

و إذا تواردت يدان لمسلم و كافر و لم نعلم أن أيتهما السابقة من اللاحقة، كان الأصل أيضاً عدم التذكية لعدم تحقق الموضوع، كما ذكر في توارد الوضوء و الحدث، و لم يعلم السابق منهما.

و إذا كان الحيوان مثلًا في يدهما معاً فالأصل: الكفاية، لأنه في يد المسلم، و يد الكافر كالحجر إلى جانب الإنسان.

و من ذلك يعرف حال ما لو كان هناك مسلم و تلاميذه كفّار، و بالعكس.

و لا فرق في ما ذكر بين أن تكون

ذبيحة متكاملة بعضها في يد المسلم و بعضها في يد الكافر، أو ذبيحة شقّت نصفين نصف في يد هذا و نصف في يد ذاك مثلًا.

إذا عرفت هذا.

فهل أن يد الكافر أمارة عدم التذكية، كما أن يد المسلم أمارة التذكية؟ اختلف الفقهاء في ذلك، فعلى الأول يتعارض الاستصحابان، و على الثاني تكون يد المسلم أقوى لأن الاستصحاب الأصل محكوم بأمارة اليد.

و المسألة طويلة البحث، و قد ذكرها صاحب الجواهر و الشيخ، و قد أشرنا إلى بعض المبحث في (الأصول).

و إن كان لا يبعد أن يد الكافر لا أمارية لها لا أنها أمارة العدم.

و لا فرق في الكافر بين أن يكون يذكر اسم الله عليه أو لا يذكر، و لا بين أن يكون موحداً أو مشركاً، إذ لا دلالة في قوله تعالى (لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ) «1» و (ذُكِرَ اسْمُ اللّٰهِ عَلَيْهِ)* «2» على ما نحن فيه.

كما لا فرق في المسلم بين المبالي و غير المبالي، و لا بين ما إذا علمنا انه لم

______________________________

(1) الأنعام: 121.

(2) الأنعام: 119.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 22

يعمل بالشرائط أم لا، إذ الأمارة حجّة في باب الشك لا مطلقاً.

و لو كان مسلم و كافر شريكين في الأغنام، فإن كان البائع مسلماً كفى، و إن كان كافراً لم يكف شراكة المسلم في الملك.

و لا فرق في المسلم بين المؤمن و المخالف و المنافق لأنهم مسلمون ظاهراً أي في المعاملات الإسلامية كما عاملهم الرسول (ص) و علي (ع) على ذلك.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 23

قول ذي اليد

ثم الظاهر قبول قول ذي اليد في الطهارة و النجاسة، و الحليّة و الحرمة، و القبلة، و الكريّة و عدمها، و الملكية و الغصبية، و الرضاع و القرابة و غيرها.

و

قد استدل لجملة منها بالإجماع، و في الأوّلين قال صاحب الحدائق (قدس سره): ظاهر الأصحاب الاتفاق عليه.

و يدلُّ على الجميع: سيرة المتديّنين، و بناء العقلاء في كل الأمور المربوطة بإنسان لا ينازعه فيه منازع، و ما نحن فيه منه، و لم نجد ردعاً من الشارع، بل الظاهر أنه من الاستبانة في رواية مسعدة «1»، و إن ذا اليد أهل خبرة و قولهم حجة كما تقدم، و لذا ترى الإنسان يسلم نفسه و عرضه و ماله إليهم.

و في المقام بعض الروايات كصحيح معاوية بن عمار (عن الرجل أهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج و يقول: قد طبخ على الثلث، و أنا أعرفه أنه يشربه على النصف، فاشربه بقوله، و هو يشربه على النصف؟ فقال (ع): لا تشربه، قلت: رجل من غير أهل المعرفة ممن لا نعرفه أنه يشربه على الثلث و لا يستحله

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 12، ص 60، ح 22050.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 24

على النصف يخبر أن عنده بختجاً على الثلث قد ذهب ثلثاه و بقي ثلثه يشرب منه؟ قال (ع): نعم) «1».

فإن تتمّة الخبر يدل على حجية قول ذي اليد، و إن لم يكن من أهل المعرفة.

و بذلك تبيّن أن الكافر كذلك أيضاً، لوحدة الملاك.

أما صدر الرواية فإن المسقط لحجية قول ذي اليد هو الاطمئنان بكذبه، و العقلاء لا يعتمدون في مثل هذا، فمثلًا: إذا علمنا أن سائق السيّارة جاهل بالطريق، لامتنعنا من الركوب فيها معه، و هكذا في سائر الموارد.

و مثل الصحيح السابق صحيحة معاوية بن وهب (عن البختج إذا كان هو يخضب الإناء و قال صاحبه: قد ذهب ثلثاه و بقي ثلثه فاشربه) «2».

و خضب الإناء لأنه بدونه أمارة كذبه، و الكلام فيما

لا أمارة على خلاف قول ذي اليد.

و بذلك يظهر أن ما اشترط فيه شيئاً زائداً محمول على الأفضلية لصراحة الصحيحين السابقين، و عمل المشهور بهما، و جريان السيرة العملية على ذلك.

فعن عمار فيمن يأتي بالشراب و يقول: هو مطبوخ على الثلث؟ فقال (ع): (إن كان مسلماً ورعاً مؤمناً فلا بأس أن يشرب) «3».

و في خبر ابن جعفر: (لا يصدَّق إلّا أن يكون مسلماً عارفاً).

و لذا نجدهم لا يشكّون إذا قال صاحب الدار أو صاحب الأثاث: إنه ملكي أو انتفاعه لي بإجارة و نحوها، في أنهم ينتفعون به، و إذا قال: انه غصب أو وقف و لست متولياً و لا مأذوناً، لا يمسّونه.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 17، ص 234، ح 31924.

(2) وسائل الشيعة: ج 17، ح 31923 باختلاف يسير.

(3) وسائل الشيعة: ج 17، ص 235، ح 6.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 25

و كذا إذا قال: انه لحم ميتة، و في عكسه بأن قال: انه مذكى.

و لا فرق بين القول و الفعل بأن قدَّمه لضيوفه.

و هكذا حال الأم إذا قالت: أنا أرضعتك العدد المحرّم بشرائطه، أو قالت: إن الرضاع لم يكن بالشرائط.

أو قال صاحب المطعم: انه لحم غنم أو لحم أرنب، إلى غيرها من الموارد، بل و يأتي في كل ذلك قوله (ع): (لَما قام للمسلمين سوق) «1».

بل نراهم يعتمدون على الأوزان و الموزونات و الموادّ الغذائية المركّبة و ما أشبه، كمن قال: انه رطل أو صاع أو وسق أو كر، أو من قال: إن المعدودات بقدر كذا، فيما يتعارف إعدادها مسبقاً للمشتري، و كذلك الحكم بالنسبة إلى الأدوية المركّبة مع أنها قد تكون خطراً على الجسم أو العضو، فيما إذا كانت خلاف الواقع أو مركبات الأغذية مما

للإنسان عناية بصحّتها.

و قد تقدم أن معنى (اليد) الاستيلاء لا أكثر من ذلك.

و لا فرق بين قول ذي اليد و فعله و تقريره لوحدة الملاك و إطلاق الأدلة في الجميع.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 18، ص 215، ح 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 26

فروع في إقرار ذي اليد

و لو أقرّ ذو اليد لأحد المتنازعين حتى يكون الآخر مدّعياً و يكون المقر له كنفس ذي اليد منكراً، فالظاهر قبوله.

و قد تسالم الفقهاء على ذلك و لا محذور فيه، إلّا أنه إقرار على الغير، و الإقرار إنما يقبل على النفس.

و فيه: أولًا: إن بناء العقلاء على ذلك حيث لم يزد المقر على بقاء المدعي على كونه مدعياً، و أيّ فرق بين أن يدعى عليه أو على المقر له.

و ثانياً: إن الإقرار غالباً إلّا فيما إذا خرج بالدليل إقرار على الغير، و انه و إن كان مصبه عليه إلّا أنه له أيضاً، و (إقرار العقلاء على أنفسهم جائز) «1» يشمل الثلاثة.

فلو أقرّ أنه ولده قُبِلَ فإذا كبر الولد و أثرى و افتقر الوالد كُلّف الولد بنفقته،

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 16، ص 133، ح 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 27

و كان إقراراً على سائر ورثته حتى يشترك معهم أو يتقدّم عليهم و يختصّ بالحبوَة إن كانت.

كما انه إقرار على الولد بأنه لا يتمكّن أن يتزوّج بزوجة أبيه أو بنته أو ما أشبه ذلك.

و لو أقر أنها زوجته كان إقراراً على أمها بحرمة تزويجها له، و إقراراً على أختها و بنتها الربيبة و الخامسة و ما أشبه.

و لو أقر أنه قَتل فلاناً، كان إقراراً على الحاكم انه يجب عليه قتله إذا كان الوارث يريد ذلك، أو لم يكن له وارث و كان الحاكم يرى الصلاح في

قتله.

نعم، فيما لو أقرّ انه قتله خطأً كان إقراراً على العاقلة بوجوب دفع الدية عليهم فهل يقولون بذلك؟ أم يوجبون الدية على نفسه لأنه القاتل كما إذا لم تكن له قرابة و لا بيت مال.

أم على بيت المال، لأنه المعد لمصالح المسلمين، و هذا منه، و إلّا لذهب دم امرء مسلم هدراً.

و لو أقرّ بأنه مديون لزيد أو انه ابن سبيل كان إقراراً على بيت المال لنفع نفسه في الثاني و انه يستحق الأخذ منه إن كان فقيراً بدون هذا المال الذي يعطيه لدائنه.

و لو أقر أنه مستطيع كان إقراراً على وارثه أن يدافعوا من تركته بعد موته بقدر الحج.

و لو أقرّ بأنه مدين، صلاة و صياماً، كان إقراراً على ولده الأكبر بالقضاء.

و لو أقر بأنه وقف عام كان إقراراً على الحاكم بلزوم إدارته، إلى غير ذلك من الأمثلة الكثيرة.

و إن شئت قلت: إن الإقرار ينفذ بلوازمه إلّا فيما إذا عُلِم بالخروج عنه.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 28

و لو شك في الخروج فاللازم العمل بالإقرار لبناء العقلاء على ذلك، و لذا لم أجد من خالفه إطلاقاً.

تطبيقات على القاعدة

و لو اعترف بأن ما في يده لزيد و لعمرو، كلا بالاستقلال فالمشهور بينهم انه يخسر العين للأول و القيمة أو المثل للثاني لأنه بإقراره الأول فوَّت المال على الثاني فعليه تداركه، لكنا ذكرنا في (الفقه) أنه خلاف العلم الإجمالي إذ كيف يحكم الحاكم عليه و هو يعلم أنه ليس مطلوباً إلّا شيئاً واحداً أن يعطي شيئين أو ثلاثة؟! بل ما ذكروه خلاف بناء العقلاء فاللازم التنصيف حسب قاعدة (العدل)، و التثليث إذا أقرّ لثلاثة.

و لو قال: هذا كله للأول و نصفه للثاني كان للأول ثلثان و للثاني ثلث، و

هكذا و لو قال: هذا لهما معاً، و لم يوضّح كيفية الاشتراك، و أنه بالتناصف أو التفاوت، كان مقتضى القاعدة الأول، من غير فرق فيما لو قال: هذا لزيد، ثم قال: لعمرو بأن يكون ذكر الثاني على نحو الإضراب أو العطف الدال على عدم الاشتراك.

نعم، إذا أمكن التداعي و نحوه كان منه كما ذكره في الدروس فقول صاحب الجواهر (قدس سره): (مقتضى قوله (ع): (إقرار العقلاء) «1» نفوذ كلا الإقرارين فتعطى العين للأول و المثل أو القيمة للثاني) محل نظر.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 16، ص 133، ح 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 29

و لو قال: زوّجت بنتي لزيد ثم قال: لعمرو، و لم يمكن الفحص عن الحقيقة، فاللازم إجبار الحاكم الشرعي إياهما بالطلاق إن لم تصبر البنت على كونها معلقة ثم تتزوّج بمن شاءت، و هذا من الإجبار الشرعي كما ذكر صاحب الجواهر (قدس سره) مثله في باب الصلح في شبه هذه المسألة.

و لو قال: قتل ولدي زيد ثم قال: قتله عمرو و لم تُعرف حقيقة الحال، إلّا أنّ المؤكّد أن القاتل أحدهما، لا يكون قصاص، ل (درء الحدود بالشبهات) «1» و حيث تبيّن انحصار الأمر فيهما جرت قاعدة العدل في تقسيم الدية بينهما.

هذا كلّه إن لم نقل في الموارد المذكورة بالقرعة، و إلّا كان المجال لها.

و مثله لو قال: هذا ابني، لا بل هذا و أشار إلى غيره و تيقّن الحاكم أن أحدهما ابنه، فاللازم إجراء القاعدة في مثل إرثه و إرثهما، كما أن اللازم الاحتياط في مثل الفروج فلا يتزوّج أحدهما بنته لاحتمال كونها أخته.

و لو قيل بجريان البراءة في كل واحد منهما و البنت، أشكل بأن الحاكم كيف يفتي و هو عالم بأن

أحد حكمية باطل؟ فإذا أفتى بتزويج زيد الأول لها، و بعد الطلاق أفتى بتزويج عمرو الثاني لها، قَطَع بأن فتواه أدّى إلى زواج الأخ بأخته.

و مثله في المنع: ما إذا جاءه رجلان و امرأتان و كل يريد الزواج بأحدهما، و الحاكم يعلم بأن رجلًا و امرأة من هؤلاء أخ و أخت فهل يتمكن من زواجهما؟ أو زوَّجهما و هو يعلم انه زوَّج أخاً بأخته؟ و مثله لو كانت خنثيان و علمنا بأن أحدهما ذكر و الآخر أنثى، أو أن الرجل الذي يريد الزواج لا يعلم إلّا أن أحدهما ذكر و الآخر أنثى فهل يتمكن من الزواج بهذه تارة و بذلك أُخرى؟

______________________________

(1) راجع مستدرك الوسائل: ج 18، ص 26، ح 21911، ب 21.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 30

جواز الشهادة و الحلف

و الشهادة و الحلف يجوزان مستنداً إلى اليد، لما تقدم من رواية حفص، فإن من المعلوم أن الإنسان إذا ورث من أبيه شيئاً ثم ادعاه مدّع حلف على عدم صحّة كلامه، مع أن ذلك لا يستند إلّا إلى يد الأب، إلى غيره من الأمثلة، فإن أصل الملك و إن كان ابتداؤه بحيازة المباحات أما بعد ذلك يكون بالمعاملات و نحوها، و حيث أن الأب لم يكن الحائز الأول فرضاً و لم يجد الوارث الشي ءَ إلّا في يده أو في يد من باعه، يكون مستنده في حلفه ذلك.

و كذلك لو شهد لصديقه أن الشي ء له و هو لا يعلم بذلك إلّا يده، أو اشترى شيئاً ممّن يقطع بأنه ليس الحائز فرضاً.

و قد ذكرنا في (الأصول) في باب حجّية القطع أن الأمارات و الأصول التنزيلية يقومان مقام القطع الطريقي.

هذا و ربما يقال: إن (اليد) عند العقلاء كاشفة عن الملكية إذا لم

يقم دليل على العدم، و لذا يرى الناس ما في يد الغير أنه ملكه إلّا إذا قامت الحجّة على أنه غصب أو وقف أو إجارة أو ما أشبه، و الشارع لم يغيّر هذه الطريقة بل أمضاها،

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 31

و لذا فإن ما يوجد تحت يد الميّت يكون إرثاً للوارث حتى إذا كان الميت كثير المعاملة مع الناس، إلّا إذا أقام المدعي دليلًا على العدم، أو علمنا به وجداناً و تنزيلًا.

و يؤيّده الأكل من بيوت من تضمنته الآية «1»، و إن احتمل أن الشي ء لغيره و إنما كان في داره وديعة و نحوها، و هكذا الحكم بالنسبة إلى الأمتعة التي كانت تحت تصرفه.

و بذلك تبيَّن جواز الشهادة و الحلف و ترتيب سائر الآثار كالإرث و التقاص و ما أشبه على ما تحت اليد بالمعنى الذي ذكرناه سابقاً لليد.

تعاقب الأيدي

و إذا تعدّدت الأيدي على شي ء واحد بدون تفاوت في الاستيلاء و لا تقسيم بينهما كأن تكون هناك دار و تفرّد أحدهما بغرفة و ذاك بأخرى كان بينهما على نحو الشركة مما يحتمل أن تكون قهرية أو اختيارية أو بالاختلاف.

و بذلك أفتى الفقهاء، كما يجده المتتبّع في كتبهم، و ذلك: لبناء العقلاء و إطلاق بعض الأدلة المتقدّمة و لو بالملاك.

و احتمال أن تكون الدار لأحدهما و الآخر ضيف أو نحوه، أو هي بينهما بغير التساوي كاحتمال أن يكونا ضيفين مما لا يعبأ به العقلاء.

أما إذا كان الأمر بالتفاوت كما إذا انهدم السقف عليه فمات، و لم نعلم ملكيته، إلّا أن أحدهما كان في صورة المالك، فهو لورثته دون من كان في صورة المشتري، و نحوهم.

______________________________

(1) النور: 61.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 32

و كذلك الحكم فيما لو مات الركاب

بحادث سيارة حكمنا بالسيارة للسائق و هكذا.

و كذلك حال ما كان مقسماً بأن كان أحدهما جالساً في غرفة و آخر جالساً في غرفة أخرى حيث يختصّ كل مكان بجالسه.

و لذا لو كانا في دكان و باع أحدهما ثلثيه، فإن العرف يطالبه بالدليل على ملكية السدس الزائد على النصف و احتاج طرفه إلى الحلف.

و كما يُنفى التفاوت يُنفى الكلي في المعيّن بأن احتمل أن لأحدهما النصف على نحوه كما ذكروه في أطنان القصب.

و هل من التفاوت ما لو كانت حصة أحدهما في الرعاية أكثر؟ كما إذا كان أحدهما يجلس في الدكان في الأسبوع يومين و الآخر بقية أيام الأسبوع، أو يرعى الأغنام كذلك؟ احتمالان: من أن كل واحد مستولي فلا فرق، و من أن تفاوت الحصص في نظر العرف لتفاوت المحصص.

ضمان اليد

ثم إن (اليد) غير المأذونة من قبل الله سواء مباشرة أو بواسطة من ملكه الله سبحانه ملك عين أو ملك اعتبار كمتولّي الوقف ضامنة سُنةً حيث قال (ص): (على اليد ما أخذت حتى تؤدّي) «1» و اشتهارها كاف عن البحث عن سندها.

و إجماعاً و عقلًا و سيرة.

و ليس معنى (على) الاستعلاء حتى يقال: ماذا يعلو اليد، بل معناه

______________________________

(1) عوالي اللئالي: ج 1، ص 224، ح 106.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 33

الضرر، فإن الغالب انه بعكس اللام الذي للنفع، و قد يتعاكسان، مثل: (سلام عليك) و (فللعوام) «1» و ليس المراد بالضرر إلّا التكليف كما لا يخفى.

و حيث إن اليد هي الغالبة في الأخذ نسبت إليها، و إلّا فعلى غير المأذون العهدة مثل (لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ) «2» حيث إنها الغالبة في الضرب و الرمي و ما أشبه.

و (ما): أعم من الحق.

و (الأخذ): هو الاستيلاء فالسلطة إذا لم

تمنع المالك من التصرّف في ملكه، و لكنها استخدمت معه أسلوب التهديد و الإرعاب، عُدّت غاصبة و شملها الحديث، بل و حتّى إذا تركته يتصرّف لكنها كانت المستولية و جعلت المالك كالعبد الذي يتصرّف في ملك المولى.

و (الأداء): أعم من العين إن كانت سالمة، و المثل إذا كان لها بعد عدمها، و القيمة إذا لم يكن، و بالقيمة، إذا لم تكن القيمة أيضاً مثلًا لو غصب ماء و لا ماء له و لا له قيمته، و إنما له اللّبن فإنه يجب عليه أن يدفع ما يساوي قيمته منه.

و كل هذا أداء بنظر العقلاء مع الترتّب، نعم في المثل يكون الاختيار بيد المعطي إذا كان متعدداً، و كذلك القيمة، أما إذا لم يكونا، لم يستبعد أن يكون الاختيار بيد المغصوب منه إذا كان متعدداً، مثلًا كان للغاصب اللبن و الفحم و أراد الأول فإنه لم يكن للغاصب اختيار الفحم.

و على هذا فالمال أو الحق كالأرض المحجّرة على قول المشهور و إلّا فقد رأينا أنها تُملك بسبب الحجر الذي وقع تحت سلطة غير المأذون، عليه أن يؤديه، و الفقهاء و إن ذكر أكثرهم (العادية) إلّا أنه لا خصوصية لها بل كل غير مأذون

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 18، ص 94، ح 33385.

(2) البقرة: 195.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 34

كذلك، أو نقول: ان مرادهم العادية واقعاً أي التي تعدّت الواقع و إن كان قاصراً كمن زعم انه ملكه أوله حق الانتفاع به.

و (العهدة) و إن كانت اعتباراً إلّا أنّ العقلاء و تبعهم الشرع إذ كان العقلاء يرون ذلك قبله يرون تبدّل الخارج إليه ثم تبدله إلى الخارج من غير فرق بين العين و الاعتبار في مثل الحق المستولي عليه.

ثم ان

المشهور بين الفقهاء في مسألة تعاقب الأيدي: ضمان الجميع و إن كان استقرار الضمان على الأخير، و معنى استقراره أنّ كل واحد إذا رُجع إليه رجع إلى الأخير المتلف و لا عكس، نعم هو أيضاً يرجع إلى الغارّ لو كان هناك غارّ، فإذا أهدى الغاصب زيداً شاة فذبحها و أكلها فرجع المغصوب منه إليه، حقَّ له أن يرجع إلى الغار لقاعدة (المغرور يرجع إلى من غرّه) «1».

فالمالك له أن يرجع إلى أيّ واحد منهم شاء، بالكل أو بالبعض، حسب اختياره، فله أن يرجع بالدينار المغصوب منه إلى زيد أو إلى زيد و عمرو، بالتساوي أو بالاختلاف، أيّ صور الاختلاف شاء و له أن يقول: ليعطه أحدكم على نحو الواجب الكفائي.

نعم إذا أعطاه أحدهم لم يكن له الحقّ في الرفض و لا أن يقول: أني أريده من الآخر، لأصالة العدم، كما أن الاختيار مع المدين لا الدائن.

و في أخذ القيمة: الظاهر له قيمة اليوم لا قيمة وقت الأخذ، على تفصيل ذكرناه.

فلو غصب منه ألف دينار يوم كانت قوّته الشرائية عالية ثم يوم الرد قيمتها ألفان كان على الغاصب إعطاء الألفين، أو كانت قيمته يوم الردّ خمسمائة

______________________________

(1) راجع المستدرك: ج 15، ص 46، ح 17492، ب 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 35

كان عليه إعطاء الخمسمائة، إذ النقد دلال يراد للقوّة الشرائية.

و كذلك يأتي الكلام في القرض و المهر و الضمان و غيرها، لكن المشهور لا يقولون بذلك إطلاقاً، و إنما ذكروا مثيلًا له في الوصية و النذر و الثلث، كما أشرنا إليه في بعض مباحث (الفقه).

و إذا تردّدنا في الأمر بين قولهم و قول علماء الاقتصاد الذي يؤيّده العرف فيشمله الدليل كان اللازم التصالح، و حيث أن المسألة

معنونة في بابي (الغصب) و (المقبوض بالعقد الفاسد) نكتفي هنا بهذا القدر.

نعم، قد لا تشمل قاعدة اليد مورداً و إن شمله (لا ضرر) أو الملاك فيها، كما إذا منعه عن حيازة المباحات مما سبّب ضرره عرفاً فإن (لا ضرر) يشمله، على ما ذكرناه في رسالتها.

فروع

و لو كان أحياناً يصيد ما قيمته مائة، و أحياناً ما قيمته خمسون، كان على المانع أن يعطيه النصف منهما لقاعدة العدل.

و لو كان أحياناً يصيد ما قيمته عشرة و أحياناً لا يصيد، فهل ينتفي الضمان لأصالة العدم أو يضمن المانع النصفَ لأنه مقتضى قاعدة العدل؟ لا يبعد الثاني كما هو العقلائي و إن كانت المسألة بحاجة إلى تتبّع أكثر.

و لو استولى إنسان على مباح بدون قصد الملكية بل بقصد النظر أو اللعب أو ما أشبه لم يملكه، و لا يشمله قوله (ص): (من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد فهو أحق به) لأن المنصرف منه قصد التملّك.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 36

و قد قال (ع): في موثقة يونس: (و من استولى على شي ء فهو له) «1» و هذا ليس استيلاءً، و لذا لا يرى العرف الاستيلاء فيمن نزل في أرض يريد الذهاب منها بعد ساعة فهل يصدق أنها له؟ نعم إذا أخرجه إنسان من تلك الأرض مما سبَّب تفويت المنفعة عليه عرفاً كان على المخرج الضمان، بل قلنا في (الفقه): أن الضمان آت فيمن أخرج إنساناً من محله من المسجد أو المدرسة أو الحسينية أو ما أشبه ذلك من الأوقاف العامة و الخاصة و المباحات التي أذن أصحابها لمن سكنها.

و روايات المسألة مذكورة في بابي (الإحياء) و (أمتعة البيت) حيث يستولي عليها الزوجان.

و لو كان لأحدهما يد و لم

نعرف أنها لأيّهما؟ فالمحكّم قاعدة العدل.

و لا فرق في ضمان اليد بين أن يكونا كافرين أو مسلمين أو بالاختلاف، نعم إذا استولى المسلم على ما لا يرى الكافر ضمانه فلا ضمان، لقاعدة الإلزام.

و لو تخاصم مسلم و كافر فهو للمسلم، لقاعدة علوّ الإسلام.

و لو تخاصم إلينا كافران متحدان في الأحكام من مسلك واحد في فقههم و إن كانا مختلفين في دينهم حكمنا لهما وفق فقههم، أو فقهنا، أو نعرض عنهما كما ذُكر في كتاب القضاء، و لو كانا مختلفَيْن في الأحكام و إن كانا من دين واحد تخيَّرنا إذا أردنا أن نحكم بحكمهم بين هذا أو ذاك إذ لا أولويّة في المقام.

و لو تخاصم إلينا مسلمان من مذهبَيْن فإن كانا متّحدي الأحكام فالحكم وفق ذلك، و إن كانا مختلفي الإحكام سواء كانا من مذهبين أو مذهب واحد حكمنا وفق أيهما شئنا، إذ لا دليل على الترجيح و لا دليل على الأخذ برأي

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 17، ص 525، ح 3

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 37

ثالث، كما ان القرعة في الموضوعات لا الأحكام.

و لو جاءنا مقلّدان مع وحدة المسلك حكمنا وفق مسلكهما إن لم نر الحكم على مسلك القاضي، و مع تعدّد المسلك حكمنا على رأينا و إن كان مخالفاً لكلا المسلكَيْن، و التفصيل في باب القضاء.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 39

قاعدة جب الإسلام

أدلة القاعدة

ذكر جمع من العلماء الاستدلال له بقوله سبحانه (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مٰا قَدْ سَلَفَ) «1» الآية.

أما (الإسلام يجبّ ما قبله) «2» فهو حديث مشهور عن رسول الله (ص) ذكره الخاصة و العامة، و قد ظفرت بزهاء ثلاثين حديثاً يشمل ما ذكرناه، و الغالب بهذا اللّفظ و في بعضها: (هَدَم الإسلام ما كان

قبله) «3» فالحديث متواتر عند العامة و الخاصة و قد عملا به في مختلف الأبواب.

و قد كانت سيرة الرسول (ص) و المسلمين على ذلك، بالنسبة إلى الذين يدخلون في الإسلام و إلى اليوم، فلا كلام في السند، و إنما في الدلالة، و هي مطلقة تشمل كلّ شي ء إلّا ما علم خروجه كالعقود و الإيقاعات حيث إن الحديث منصرف عنها، لا لأنها ثابتة في الإسلام و في الكفر و الحديث يدل على هدم ما هو في الإسلام فقط، و إلّا نوقض بأن كثيراً من الأشياء أيضاً ثابتة فيهما و مع ذلك

______________________________

(1) الأنفال: 38.

(2) عوالي اللئالي: ج 2، ص 54، ح 145.

(3) بحار الأنوار: ج 40، ص 230، ح 9، ط بيروت.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 40

هدمها الإسلام كالصلاة و الصيام و الحج و الزكاة و الديات، و غيرها كثير.

بل لما عرف من الانصراف، فكل أثر للفعل لا يبقى بعد الإسلام و كذلك كل أثر للترك، فإذا كان قد حجّ و صاد أو أتى بسائر المحرّمات حتى في دينه ثم أسلم فلا كفّارة عليه و لا حج عليه في القابل كمن جامع في الحج حيث عليه الحج في القابل، و كذلك إذا صام في دينه و أفطر بما يوجب القضاء و الكفّارة.

و هكذا لو ترك الصيام أو الصلاة أو الحج الواجب عليه في دينه، ثم أسلم فليس عليه شي ء بسبب تلك التروك، مع أن المسلم لو تركها كان عليه القضاء و الكفّارة.

و لا فرق في ذلك بين أن يكون الفعل المذكور أو الترك موجباً للأثر في الإسلام وحده أو في الكفر وحده أو فيهما معاً على ما عرفت لإطلاق الدليل.

أمّا المعاملات أي العقود و الإيقاعات فلا يشملها الدليل

و منها: الديون و القروض و ما أشبه، فإذا اشترى شيئاً أو باع شيئاً أو تزوّج امرأة أو طلّقها أو أعتق عبده أو استملكه أو غصب داراً أو نحوها فالحكم باق كما كان، فالمعاملة ثابتة و القروض صحيحة و المرأة زوجته و المطلّقة بائنة و العبد حرّ، و ملكه للعبد باق كما كان إلّا إذا استثنى كما إذا قال حاكم المسلمين: أن عبيدهم أحرارٌ إذا التحقوا بالمسلمين فالتحق العبد ثم أسلم سيّده فإنه لا يرجع إليه كما فعله الرسول (ص) في فتح الطائف، و كذلك حال داره و عقاره و أثاثه فهي له بعد الإسلام كما كانت له من قبل.

و لا طهارة عليه بعد الإسلام و إن كان أجنب أو حاضت حال الكفر، إذ النبي (ص) لم يأمرهم بالغسل، و لذا لم يرد في نص الأمر به إطلاقاً مع كثرة الابتلاء

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 41

بها (فلو كان لبان).

و كذلك المسلمون عند ما كانوا يفتحون البلاد و يسلم الكفّار على أيديهم لم يكونوا يأمرونهم بذلك.

نعم في قصة إسلام بعض أهل المدينة قبل هجرة رسول الله (ص) إليها ذُكر أنه أسلم ثم قفز في بئر ليغتسل، لكن في سنده و دلالته إشكال.

و كذلك حال الطهارة الخبثية فلم يرد نص بوجوب تطهير داره و أثاثه و ما يتعلّق به مع أنهم كانوا يستعملون النجاسات و لا يتورَّعون عن البول و نحوه، و لو كان لبان.

و للاستيناس نقول: الإسلام في قوّة تطهيره ليس أقل من تطهير البئر بالنزح و نحوه.

نعم إذا كانت عين النجاسة باقية كالعذرة و نحوها على بدنه أو لباسه احتاج إلى التطهير لأنه ليس من مصاديق (عمّا قبله).

و كذلك الحكم بالنسبة إلى أمواله، من المعاملات الباطلة

قبل الإسلام، كثمن ما باع من الخمر و الخنزير أو اجرة الزانية أو الرشوة و القمار و بيع الصليب و آلة اللّهو، إلى غير ذلك، كلّ ذلك للإطلاق و السيرة.

النكاح السابق

أمّا نكاحه السابق فهو صحيح و لا يحتاج إلى الإعادة و إن كانت الصيغة ليست كما في الإسلام، و الخارج من هذا ما لو كانت زوجاته أكثر من أربع، فهذا مقطوع به كما هو مورد النص أيضاً حيث أمر النبي (ص) بإمساك أربع و إطلاق

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 42

الزائد.

و الزائد الذي أُطلق إن كانت غير مدخولة، لها حق الزواج فوراً، و إن كانت مدخولة و هي مسلمة احتاج الأمر إلى انقضاء العدّة، و إن كانت غير مسلمة التزمت بدينها أو قانونها، و لو اختلف دينها مع قانونها عملت بما اعتادوا عليه من اتباع الدين أو القانون كما هو الحال في الغرب الآن حيث يعملون بالقانون لأن المستظهر من دليل الإلزام ذلك.

نعم إذا أرادت أن تتزوّج بالمسلم و قانونها أو دينها أصعب من حكم الإسلام كان للمسلم الزواج بها لأنّ قانون الإلزام لا يقيّد المسلم كما أنه قانونها الواقعي أيضاً حيث إن الكفار مكلّفون بالفروع.

كما أنه يخرج من ذلك: المحرّمات القطعية من البنات و الأمّهات و العمّات و الخالات و غيرهنّ من المحرّمات بالنسب، فإذا أسلم المجوسي أو المجوسية حصلت الفرقة بين الأب و بنته الّتي زوجته أو الولد و أُخته، إلى غير ذلك، و كذلك الجمع بين الأم و البنت، و الأُختين.

أمّا محرّمات الرضاع، و أخت الموطوء و أُمّه فالّذي نستظهره أنه لا يجب مفارقتهنّ، لإطلاق دليل (الجبّ)، و لا نصّ و لا إجماع و لا قطع بالاستثناء، بل لم ينه النبي (ص) عن ذلك

مع وقوع هذه المحرّمات بين الكفّار كثيراً.

كما أنه لم تدل السيرة على النهي بل لعلّ السيرة بالعكس حيث لم يُعهد من المتشرّعة أن يأمروا الزوجين بالمفارقة بعد إسلامهما بسبب رضاع سابق أو وطي للأخ و نحوه.

و إذا طلَّق الكافر و تزوّجت المرأة بغيره فلا إشكال في أنها لا ترجع، فلا يقال: إنّ الإسلام يهدم الطلاق السابق حتى ينهدم النكاح المبني عليه و ترجع إلى

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 43

الزوج الأول، بل اللازم أن يكون كذلك ما إذا لم تتزوّج.

و إذا طلّق المجوسي الأم أو البنت و تزوّج بالأخرى ثم أسلم لم يؤمر بالمفارقة، للإطلاق.

نعم يجب مفارقة الخليل الذي يلوطه و كان بالعقد الرسمي، كما كان متعارفاً قديماً و جديداً في الغرب من تزويج الرجلين أحدهما للآخر.

و إذا طلّق الكافر ثلاث طلقات مثلًا ثم أسلم لم يحتج إلى المحلّل في رجوعه إليها بعقد جديد، بل و كذا لو طلق تسع مرّات.

و يدلّ عليه بالإضافة إلى إطلاق دليل الجبّ: ما رواه في البحار عن علي (ع): (أنه جاء رجل إلى عمر بن الخطّاب فقال: إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقة و في الإسلام تطليقتين فما ترى؟ فسكت عمر فقال الرجل: ما تقول؟ قال: كما أنت حتى يجي ء علي بن أبي طالب، فجاء علي (ع) فقال: قصّ عليه قصّتك، فقصّ عليه القصّة، فقال علي (ع): هدم الإسلام ما كان قبله، هي عندك على واحدة) «1».

و التوارث يكون كالسابق من الإعطاء أو عدم الإعطاء أو الزيادة أو النقيصة، فإذا أعطوا من لا يستحق أو أعطوا من يستحق زائداً أو ناقصاً عن حقّه إلى غير ذلك لم يؤخذوا بحكم الإسلام، و إنما يكون الحكم فقط في المستقبل.

و كذلك إذا خالفوا دينهم

في أخذ الزائد ضريبة فلا عليهم الإرجاع كما في قصّة عدي بن حاتم مع النبي (ص) حيث لم يأمره بإرجاع ما أخذ زائداً.

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 40، ص 230، ح 9

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 44

إذا أسلم ولد الزنا

و الظاهر أن ولد الزنا إذا أسلم و إن كان من الزنا في دينهم و ديننا لم يكن له حكم ولد الزنا في الإمامة و القضاء و غيرهما، و لذا أعطى علي (ع) الولاية لابن زياد فإن ابن عبّاس و إن كان ولّاه إلّا أنّ علياً (ع) قرّره كما يفهم من كتابه إليه في نهج البلاغة، و قد ذكرنا تفصيل الكلام في ذلك في كتاب (التقليد) «1» و العمدة إطلاق دليل الجبّ فتأمّل.

و الكافرة إذا أسلمت و هي في عدة زوجها، هدم الإسلام العدة فيحق لها الزواج فوراً، اللّهمّ إلّا أن يقال في مورد اختلاط المياه قطعاً أو احتمالًا إنه لا يحق للزوج الجديد الدخول بها إلى أن ترى الدم و إن كان في المسألة إشكال من جهة استرقاقهن، و من جهة جب الإسلام، و من جهة أن الإسلام لا يحترم نطفة الكافر كما لا يحترم نطفة الزاني فيحق للرجل التزوّج بالزانية على كراهة و يدخل بها و لو بعد ساعة من زناها.

كما أن الكافر إذا أسلم و قد أحبل أختين، أو أمّاً و بنتاً، أو بنته و أمه في المجوسي، أو فوق الأربع، كان أولاده أولاد حلال، لأن لكل قوم نكاح، اللّهم إلّا إذا كان زنا في دينه و في الإسلام، اللّهمّ إلّا أن يقال: ان حديث الجب «2» يشمله أيضاً فالولد حلال.

أما إذا كان في دين الإسلام حلالًا فلا إشكال لأن الإسلام حكم لكل الناس و إن كان

في دينه ولد زنا.

______________________________

(1) موسوعة (الفقه) ج 1 كتاب الاجتهاد و التقليد.

(2) المستدرك: ج 7، ص 448، ح 8625، ب 15.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 45

فالظاهر أن الجب يشمل نذوره و أيمانه و إن كانت موافقة للإسلام و دينه، فلا يلزم عليه الوفاء، أمّا إذا كان الإسلام لا يقر مثل ذلك النذر كنذر قتل ولده فلا إشكال لا من جهة الجب فقط بل من جهة أن المسلم لا يحق له أن يفعل المحرم.

أمّا قتلى الحرب بين المسلمين و الكافرين إذا أسلموا فلا إشكال في الجبّ و كان ذلك سيرة النبي (ص) أيضاً، و كذلك الجرح و هدر الأموال و هتك الأعراض.

نعم، إذا كانت الأموال موجودة لم يشمله الجب لأنه ليس (مما سبق) بل حاضر الآن و هو مال فلان فرضاً لا مال المسلم الجديد، و لذا ورد في باب الجهاد أن الإمام يرد أموال الناس (لأن الغصب كله مردود) «1».

و لو أسلم فراراً عن الحدّ فالمشهور حدّ لرواية خاصة، لكنه محل تأمّل أيضاً إذا لم يكن إجماع و نحوه إذ لا شك أن جماعة من الكفار أسلموا خوفاً و قد وجب عليهم الحدّ بسبب ارتكابهم للمحرّمات، و مع ذلك لم يُقم الرسول (ص) عليهم الحدّ، بل قال لهم: (الإسلام يجب عمّا قبله) «2» كما في أهل مكة، و هذا هو العمدة إلّا إذا قيل أن الرسول (ص) فعل ذلك لقانون (الأهم و المهمّ) كما لم يعاقب الفارّين من الزحف و نحوهم.

و لعلّ من المؤيدات ما رواه العامة: ان المغيرة وفد مع جماعة من بني مالك على المقوقس ملك مصر فلما رجعوا قتلهم المغيرة في الطريق و فرّ إلى المدينة مسلماً و عرض خمس أموالهم على النبي

(ص) فلم يقبله و قال (ص): (لا خير في غدر) فخاف المغيرة على نفسه، و هجمت عليه الهواجس و الأفكار فقال (ص): (الإسلام يجبّ ما قبله).

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 6، ص 365، ح 4.

(2) عوالي اللئالي: ج 2، ص 54، ح 145.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 46

و على هذا فلا حدّ و لا تعزير و لا قصاص و لا سجن على ما سبق الإسلام.

المرتد إذا رجع

و المشهور بين الفقهاء أن المرتدّ إذا رجع لا ينطبق عليه حكم الكافر فلا يشمله حديث الجب، و استدلالهم بالانصراف في حديث الجب، لكنّا نرى الإطلاق خصوصاً بعد مثل قوله سبحانه (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا) «1» الآية مضافاً إلى الملاك لوضوح أن الجب تشويق و امتنان، و مثله آت في الراجع عن الارتداد.

ثمّ لا فرق بين أقسام الكفر إذا أسلم، كما لا فرق بين أقسام الإسلام من التشيّع و الخلاف و النفاق، لأن الرسول (ص) كان يقبل إسلام المنافقين و يعاملهم في الظاهر معاملة المؤمنين.

و لو شكّ في أنه فعل ما فعل أو ترك ما ترك في حال إسلامه حتى يجب عليه التدارك أو حال كفره حتى يجبّ فالظاهر الجب، دون الأعمال و التروك ذات الآثار المشروطة بالإسلام، و مع الشك في الشرط يشك في المشروط، كما إذا لم يعلم أنه ترك الصلاة في حال جنونه أو صباوته أو عقله أو بلوغه.

و إذا كان مسلماً و ترك الصلاة مثلًا ثم ارتدّ ثم أسلم فهل يقضي صلاته حال إسلامه؟ لا يبعد العدم لإطلاق الجب، اللّهمّ إلّا أن يقال بانصرافه إلى التروك حال الكفر، و هكذا بالنسبة إلى سائر الأعمال و التروك، لكن الأول غير بعيد و إن كان

الأحوط القضاء.

______________________________

(1) سورة النساء: 137.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 47

الجبّ عزيمة أو رخصة؟

و هل الجب عزيمة فلا تشريع في القضاء و الكفّارة و ما أشبه حاله حال الطفل و المجنون حيث لا تشريع لقضائهما الصلاة و الصيام و ما أشبه أو رخصة؟ الظاهر: الأول، لأن المستفاد من أحاديثه عرفاً الامتنان، فلا تشريع كعدم التشريع للصيام و إتمام الصلاة حال السفر.

فقد روى علي بن إبراهيم القمي في تفسير قوله تعالى (وَ قٰالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتّٰى تَفْجُرَ لَنٰا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) «1» الآية: أنها نزلت في عبد الله بن أبي أُميّة أخي أم سلمة (رضي الله عنها)، و ذلك أنه قال هذا لرسول الله (ص) بمكّة قبل الهجرة، فلمّا خرج رسول الله (ص) إلى فتح مكة استقبله عبد الله بن أبي أمية فسلّم على رسول الله (ص) فلم يرد عليه السلام و أعرض عنه و لم يجبه بشي ء، و كانت أخته أم سلمة مع رسول الله (ص) فدخل عليها و قال: يا أختي إن رسول الله (ص) قبل إسلام الجميع و ردَّ عليَّ إسلامي.

______________________________

(1) سورة الإسراء: 90.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 48

فلمّا دخل رسول الله (ص) على أم سلمة قالت: بأبي أنت و أمي يا رسول الله سعد بك جميع الناس إلّا أخي من بين قريش و العرب، رددتَ إسلامه و قبلت الناس كلّهم؟ فقال: يا أم سلمة إن أخاك كذّبني تكذيباً لم يكذّبني أحد من الناس، هو الذي قال لي: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض الآيات.

قالت أم سلمة: بأبي أنت و أمي يا رسول الله أ لم تقل إن الإسلام يجب ما كان قبله؟ قال (ص): نعم، فقبل رسول الله إسلامه «1».

و لا يخفى: أن الردّ

و أمثاله في هذه القضية و نحوها يراد به بيان عظم الذنب لا الرد حقيقة فقد يصب الكلام أو العمل لأجل المعنى المطابقي و قد يصبان لأجل المعنى الالتزامي، مثل: (طويل النجاد) و (كثير الرماد).

و ورد في حديث هبار الذي سبّب قتل زينب و بنتها عند هجرتهم من مكة إلى المدينة، أن النبي (ص) قبل إسلامه بعد أن أهدر دمه و لو كان متعلقاً بأستار الكعبة و قال (ص): (الإسلام يجب ما قبله).

و في حديث الطبراني: (الإسلام يجب ما قبله، و الهجرة تجب ما قبلها) و المراد: آن الباقي الذي بقاؤه معصية إذا هاجر مُحِيَتْ خطيئته.

و في مجمع البحرين: (الإسلام يجب ما قبله و التوبة تجب ما قبلها من الكفر و المعاصي و الذنوب) «2».

و قد تقدم في حديث ابن هلال عن الرضا (ع) الإشارة إليه.

و في حديث إسلام المغيرة أن النبي (ص) لم يأخذ الأموال لكنه قبل إسلامه و قال: (الإسلام يجب ما قبله).

______________________________

(1) المستدرك: ج 7، ص 448، ح 8626، ب 15.

(2) المستدرك: ج 12، ص 129، ح 13706، ب 86، و فيه: (التوبة تجبّ ما قبلها).

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 49

ثم إن ما ذكرناه من احتمالي الرخصة أو العزيمة إنما هو بالنسبة إلى مثل الصلاة و الصيام، و إلّا فمثل حدّ الزنا و اللّواط لا شك أنه عزيمة، كما أن مثل أكل أموال الناس بالباطل كما فعله عدي حال مسيحيته فلا شك أنه رخصة، إذ من الواضح أنه يجوز له إعطاء الناس أموالهم التي أكلها أما الأموال الموجودة فقد عرفت وجوب الردّ.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 51

قاعدة القرعة

أدلة القاعدة

و هذه القاعدة متواترة سنداً كما لا يخفى على من راجع الوسائل و المستدرك باب الحكم بالقرعة

في القضايا المشكلة في كتاب القضاء و باب تحريم البهيمة الموطوءة، و في غيرهما، و في البحار و غيره متفرّقاً.

كما أن عليها الإجماع القطعي قولًا و عملًا.

و قبلها يدل عليها الكتاب في قوله سبحانه (فَسٰاهَمَ فَكٰانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ) «1» حيث إن الله سبحانه لم يرده فإنه كان عمل أهل السفينة لا عمل النبي (ع)، و يحتمل أن يكون عمل النبي (ع) حيث قال (فَسٰاهَمَ).

و على أيّ حال ففيه دليل على كلا الاحتمالين.

و قال تعالى (إِذْ يُلْقُونَ أَقْلٰامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ) «2» و كان من جملتهم زكريّا النبيّ، و قد ذكرنا في (الأصول) أنّ قول الأنبياء (ع) و فعلهم و تقريرهم حجّة إلّا إذا عُلم النسخ، و هذا ليس من الاستثناء، بالإضافة إلى تقرير الأئمة (ع) للقصّتين.

______________________________

(1) سورة الصافات: 141.

(2) سورة آل عمران: 44.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 52

كما ورد أن موسى (ع) أيضاً أقرع في كشف ذلك النمّام.

و يدلُّ عليه من العقل: أنه طريق العقلاء في كشف الموضوع إذا لم يكن بدّ منها، في غير مثل الأمور المالية التي تقسم، لقاعدة العدل، أو قاعدة المهاياة، كما إذا كان هناك محلّ تجاري صغير و لا نعلم أنه لأيهما و لا يمكن البيع و لا الإيجار و لا التراضي على أن ينفرد كل واحد منهما به شهراً مثلًا.

مورد القرعة

و حيث إن موارد قاعدة القرعة هي الموضوعات لا الأحكام، فهي قرينة على انصراف الإطلاقات إليها فلا تجري في الأحكام، بالإضافة إلى إمكان استفادة ذلك من بعض القرائن الواردة في بعض الروايات حيث إنها تدلّ على عدم المشكل في الكتاب و السنّة، بضميمة أنه ليس شي ء إلّا في أحدهما بنحو الكلية أو الجزئية.

فعن عبد الرحمن القصير عن أبي جعفر (ع):

(كان علي (ع) إذا ورد أمر ما نزل به كتاب و لا سنّة قال: رجم (أي: أقرع) فأصاب، قال أبو جعفر (ع): و هي المعضلات).

و في رواية أخرى مثلها، إلّا أنّ في آخرها: و تلك (المعضلات) «1».

و بذلك يظهر أنها ليست في الشبهة البدوية أيضاً حيث إن الأدلة الشرعية تشمل الشبهة البدوية فليست بمعضلة.

و بهذه القرينة و ما ذكرناه بالإضافة إلى الإجماع القولي و العملي من

______________________________

(1) المستدرك: ج 17، ص 378، ح 21630، ب 11.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 53

الفقهاء تخصّ القرعة بما ذكرناه، من غير فرق بين أن يكون المورد من المخاصمات أو غيرها، للإطلاق و لروايات خاصة.

فمن الأول: ما عن رسول الله (ص) أنه قال: (ليس من قوم تنازعوا ثمّ فوَّضوا أمرهم إلى الله إلّا خرج سهم المحق) «1».

و في رواية أبي بصير عن الباقر (ع) نحوه، إلّا أنّه قال: (تقارعوا) «2» بدل تنازعوا.

و من الثاني: ما رواه محمد بن عيسى عن الرجل (ع) أنه سئل عن رجل نظر إلى راع نزا على شاة قال: (إن عرفها ذبحها و أحرقها و إن لم يعرفها قسّمها نصفين أبداً حتى يقع السهم بها فتذبح و تحرق و قد نجت سائرها) «3».

أقول: و لا يبعد جريان الإحراق إن علم بذلك بعد ذبحها و كذلك إذا ذبح البعض و بقي البعض حيث يقرع بينها.

و الظاهر أنّ فائدة الحرق هي شدّة التنفير و الترهيب و إلّا فالظاهر أن الحيوان لم يتلوّث بالجراثيم التي توجب الأمراض كما في ميّت الفارة حيث توجد في ميتها جرثومة الطاعون بكثرة على ما ذكروا.

و لا يبعد جريان ذلك في غير الشاة من الحيوانات المحلّلة حتى الطيور، لفهم المناط.

نعم لا يجري في غير المأكول كالكلب،

و لا في الدابّة الواطية كما تفعله بعض النساء المنحرفات في الغرب حيث تنزو الدابّة عليها.

أما إذا كان البعض خارج محل الابتلاء فلا يشمله الدليل بل تجري البراءة،

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 14، ص 567، ح 4.

(2) وسائل الشيعة: ج 18، ص 188، ح 6.

(3) وسائل الشيعة: ج 16، ص 436، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 54

كما ذكروا في باب العلم الإجمالي.

كما أن الشارع إذا جعل طريقاً فلا مجال للقرعة، كما في زوج و زان، حيث إن (الولد للفراش و للعاهر الحجر) «1»، و إنما تجري فيما إذا كان كلّهم زناة، أو كلهم وطئوا شبهة، أو الزوج و المشتبه.

و يدلُّ عليه، بالإضافة إلى القاعدة الكلية: ما رواه الشيخ بإسناده إلى الباقر (ع) قال: (بعث رسول الله (ص) عليّاً (ع) إلى اليمن فقال له حين قَدِم: حدّثني بأعجب ما ورد عليك! فقال: يا رسول الله أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطئوها جميعاً في طهر واحد فولدت غلاماً و احتجّوا كلّهم يدعيه، فأسهمت بينهم فجعلته للّذي خرج سهمه و ضمّنته نصيبهم، فقال رسول الله (ص): ليس من قوم تنازعوا ثمّ فوّضوا أمرهم إلى الله عزّ و جلّ إلّا خرج سهم المحق) «2».

أقول: و الظاهر أنّ خروج سهم المحق من باب أن الله جعل القرعة سبباً لأن يكون الحق لمن خرجت باسمه لا أنها تطابق الواقع أبداً، فكما أن قاعدة الطهارة و الحلية و ما أشبه حكم ثانوي لا أنها تطابق دائماً الحكم الأولي كذلك حال القرعة لكنها ليست توجب الموضوع، و لذا لو انكشف الخلاف عمل بالواقع كما في القاعدتين أيضاً.

و لا يخفى أن الواطي إنما يضمن الواحد فقط الذي خرجت القرعة باسمه، لأنّ الشارع عيّن ذلك بها

كما إذا عيّن بالشاهد.

نعم لو لم ترد القرعة كان اللازم ضمان الكلّ كما إذا نجّس ماء الناس حيث علم إجمالًا بأنه أحدهما، فإن المنجّس يضمن كليهما بعد أمر الشارع

______________________________

(1) المستدرك: ج 15، ص 33، ح 17452، ب 38.

(2) وسائل الشيعة: ج 14، ص 567، ح 4.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 55

بالاجتناب، و قد قال (ع): (يهريقهما و يتيمّم) «1» فإن الممنوع شرعاً كالممنوع عقلًا فيشمله دليل (لا ضرر) «2» و نحوه.

نعم إذا أمكنت الاستفادة بما هو أقل من القيمة الواقعية كان الضمان بقدر الإتلاف لا بقدر الكلّ.

لكنا ذكرنا في بعض مباحث (الفقه): ان للمالك أن يضمن المتلف كلّ الشي ء و يسلمه الباقي، كما إذا عمد إلى الرزّ الذي أعدّ لضيوفه فألقى فيه نجاسة بعد طبخه، بما يفيد في أكل الدوابّ بنصف القيمة، فللمالك أن يقول أعطني قيمة الكل و استعمله أنت حيث شئت.

ثمّ إنّ موارد القرعة في الروايات و كلمات الفقهاء متعدّدة، و قد ذكر القمي (قدس سره) في سفينة البحار جملة من مواردها الواردة في الروايات، و لا يهمّنا التعرض لها.

______________________________

(1) تهذيب الأحكام، ج 1، ص 249، ح 44.

(2) الوسائل: ج 12، ص 364، ح 23071.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 56

كيفيّة القرعة

اشارة

و كيفيّة القرعة ليست خاصة بل هي كلّما صدقت عليه: من العبارة و الكتابة في الأوراق و غير ذلك، لأن الموضوع موكول إلى العرف، و قد كان بعض الفقهاء يراها حتى بمرتفعات الأضرحة المقدّسة.

و إذا كان في أحد الجانبين استصحاب لم يكن موردها، لأنه ليس من عناوين الروايات حينئذ التي هي: المشكل و المعضل و الملتبس و المجهول و المشتبه.

و لو كان إنسان عالماً بحقيقة أمر، و الحاكم يجهلها، فالتجأ إلى القرعة، فخرجت على خلاف

علم ذلك الإنسان كان العالم في سعة من الالتزام بذلك الحكم، لأن الحكم المستند إلى القرعة لا يغيّر الواقع و ليس له موضوعية كما هو الحال في سائر موارد الحكم إلّا فيما إذا غيّر الحكم الواقعي كما ورد في أن (اليمين تذهب بالحقّ).

و كذلك الحال إذا كانت مورد الشبهة عند الحاكم أعمّ من موردها لدى بعض فأقرع في الواسع لم يكن ملزماً بالنسبة إلى غير الضيق عنده، مثلًا: الموطوء عنده منحصر بين خمسة البيض و عند الحاكم في ستّة لأن السادس من مصاديق

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 57

الكبرى التي ذكرناها.

و القرعة و إن كانت في الموضوعات في مورد العلم الإجمالي، إلّا أنه يستبعد كونها في مثل ما إذا تردّد الزوج بين زيد و عمرو أو الزوجة بين أحد الأختين و ذلك لأن الأمثلة الواردة في الروايات تختلف عن هذه الموارد، فالاحتمال قويّ بالانصراف عنها إلى غيرها.

و لو خرج بعض الأطراف عن محل الابتلاء لم يستبعد بقاء القرعة، كما إذا ضاعت إحدى الشاتين المشتبه بهما أو نحوه، و ذلك لإطلاق الأدلة.

و القرعة حاسمة حتى بالنسبة إلى اللوازم، فلو أقرع و خرجت الشاة الموطوءة، كانت نجسة أيضاً لأنّه الظاهر من الأدلة، إلّا إذا كان نصّ أو إجماع على الخلاف كما في مورد الواطئين في الرواية المتقدمة حيث قال (ع): (و ضمنته نصيبهم) «1».

المشكل

و لا فرق في (المشكل) بين كونه عندنا أو في الواقع أو لا يكون له واقع، كمن تزوّج إحداهنّ أو طلّقها إذا قلنا بصحّة ذلك فرضاً، حيث لا واقع فإنه يقرع لإخراج إحداهما.

و في رواية عن الصادق (ع) (في رجل قال: أول مملوك أملكه فهو حُرٌّ فورث ثلاثة؟ قال: يقرع بينهم فمن أصابته القرعة أعتق

«2».

و لا يخفى أن اقتراع عبد المطلب (ع) لإخراج أيّهما من الولد أو الإبل لم

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 14، ص 567، ح 4.

(2) وسائل الشيعة: ج 18، ص 187، ح 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 58

يكن إلّا أمراً ظاهرياً، فليس من المشتبه في شي ء، و ذلك لأن قصته كقصّة إبراهيم و إسماعيل (ع) حيث كانت من أجل إلغاء عادة جاهلية بذبح الأولاد، لكن إلغاء الأمر أخرج بهذه الصورة المقبولة عند مجتمعهم، فالنذر من عبد المطلب أيضاً كان مقدمة لذلك، فإنه (ع) كان من أوصياء عيسى (ع) كما في الأحاديث، و لم يكن من الجاهلية في شي ء، و هذا ما نستظهره و إن أمكن أن يكون له مخرج آخر.

و الالتزام باللوازم أيضاً هو مقتضى الأصل، إلّا إذا ورد نصّ أو إجماع على الخلاف كما تقدّم في حديث علي (ع) في اليمن فيمن وطئوا جارية.

و كما ورد في مورد الحرّ و العبد فعن المختار قال: (دخل أبو حنيفة على أبي عبد الله (ع) فقال له أبو عبد الله (ع): ما تقول في بيت سقط على قوم و بقي منهم صبيان أحدهما حرّ و الآخر مملوك لصاحبه فلم يعرف الحرّ من العبد؟ فقال أبو حنيفة: يعتق نصف هذا و يعتق نصف هذا.

فقال أبو عبد الله (ع): ليس كذلك و لكنه يقرع بينهما فمن أصابته القرعة فهو الحرّ و يعتق هذا فيجعل مولى لهذا «1».

و في رواية أخرى عنه (ع) قال: قضى أمير المؤمنين (ع) باليمن في قوم انهدمت عليهم دار لهم فبقي صبيان أحدهما مملوك و الآخر حرّ فأسهم أمير المؤمنين (ع) بينهما فخرج السهم على أحدهما فجعل المال له و أعتق الآخر «2».

نعم إذا ظهر بغير القرعة لم

يحتج إلى العتق كما استكشف الإمام (ع) الحرّ من العبد بإحداث ثقبين في حائط المسجد، في قصّة مذكورة.

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 17، ص 592، ح 2.

(2) وسائل الشيعة: ج 17، ص 592، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 59

هل تحتاج القرعة إلى عمل الفقهاء؟

و المشهور بين الفقهاء أن القرعة تحتاج إلى عمل الفقهاء، إما لضعف رواياتها، أو لأنه لو عُمل بها مطلقاً لزم تأسيس فقه جديد.

و كلاهما محلّ تأمّل، إذ قد عرفت تواتر الروايات بها و لو إجمالًا، و لا يُعرف لماذا يلزم تأسيس فقه جديد، فإنه إذا عمل بها في غير الموارد التي فيها نص أو إجماع على غيرها لا يلزم المحذور.

و لذا نرى الفقهاء يعملون بها حتى في الموارد التي لم يعمل بها من قبلهم كما لا يخفى على من راجع كتبهم.

قال المحقّق (قدس سره) في (الشرائع) في كتاب القضاء: (و لو كانت أي العين المتنازع عليها في يد ثالث، قضي بأرجح البيّنتين عدالة، فإن تساويا قضي لأكثرهما شهوداً، و مع التساوي عدداً و عدالة يقرع بينهما، إلخ).

و في خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع): (قال: كان علي (ع) إذا أتاه رجلان يختصمان بشهود عدلهم سواء و عددهم، أقرع بينهم.

) «1» إلخ.

و في خبر عبد الله بن سنان قال: (سمعت أبا عبد الله (ع) يقول: ان رجلين اختصما في دابة إلى علي (ع) فزعم كل واحد منهما أنها نتجت عنده على مذوده، و أقام كل واحد منهما البيّنة سواء في العدد فأقرع بينهما)، إلخ «2».

و في موثقة سماعة قال: (إن رجلين اختصما إلى علي (ع) في دابة إلى أن

______________________________

(1) الوسائل: كتاب القضاء، أبواب كيفية الحكم، الباب 12، ح 5.

(2) الوسائل: كتاب القضاء،

أبواب كيفية الحكم، الباب 12، ح 12.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 60

قال: و أقام كل واحد منهما بيّنة سواء في العدد فأقرع بينهما، إلخ) «1».

قال في الجواهر: و أصرح من ذلك المرسل عن أمير المؤمنين (ع) أيضاً في البينتين يختلفان في الشي ء الواحد يدعيه الرجلان: إنه يقرع بينهما فيه إذا اعتدلت بيّنة كلّ واحد منهما.

الاستخارة

و لا يخفى أن من أقسام القرعة الاستخارة المتعارفة سواء بالقرآن الحكيم كما ورد أن الحسين (ع) تفأّل بالقرآن لمجيئه إلى العراق فخرجت سورة التوحيد، و لذا قال ابن عبّاس: إن هذه السورة علامة على قتله.

أو بالرقاع كما في ذات الرقاع.

أو بالسبحة كما دلّ على ذلك ما ذكره الجواهر من نسبتها إلى الإمام الحجّة (عجل الله تعالى فرجه)، إلى غير ذلك.

و لا يخفى أن هذه الاستخارة يختلف معناها عن طلب الخير من الله في ما يريد الإنسان العمل به، و التي فيها روايات متواترة لأن الثانية طلب الخير فقط و الأولى الاستشارة للعمل فعلًا أو تركاً، و هي بالإضافة إلى الشرعية عقلية حيث إن المردّد في الأمر لا يُقدم في فعله أو تركه بجدّ لحالة التردّد، أما إذا ظهرت الخيرة على أحدهما كان جاداً في مفاده، و الجدّية في الأمر من أسباب النجاح.

و بهذا تبيَّن أنها ليست من (الاستقسام بالأزلام) التي كانت في الجاهلية و هي نوع قمار، و محرّمة، و تفصيله في التفاسير.

______________________________

(1) الوسائل: كتاب القضاء، أبواب كيفية الحكم، الباب 12، ح 12.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 61

قاعدة نفي السبيل

أدلة القاعدة

و هي قاعدة دلّ عليها الكتاب بقوله سبحانه (لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) «1».

و السنَّة: حيث رأينا أن الكافر لا يرث المسلم و لا يحجبه إلى غير ذلك.

فقد روى الصدوق في الفقيه عن النبي (ص): (الإسلام يعلو و لا يُعلى عليه و الكفّار بمنزلة الموتى لا يحجبون و لا يورثون) «2».

و قالت الصديقة الطاهرة عليها السلام: (أهل ملّتين لا يتوارثان) و المراد: أن الكافر لا يرث المسلم و إلّا ففي الإرث يؤخذ بما التزموا به، و لذا ترث زوجة المجوسي و هي بنته أو أمّه

أو أخته أو ما أشبه ميراثين، و كذلك الزوج عن زوجته إلى غير ذلك.

و من المعلوم أن الآية و الرواية في مقام التشريع لا التكوين، لوضوح أن الكفار أحياناً يغلبون المسلمين و يعلون عليهم علوّاً مادّياً كما (علا فرعون في

______________________________

(1) سورة النساء: 141.

(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4، ص 243، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 62

الأرض) «1» و كما قال تعالى (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَ تِلْكَ الْأَيّٰامُ نُدٰاوِلُهٰا بَيْنَ النّٰاسِ) «2» و قال تعالى (وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) «3» إلى غير ذلك.

أما رواية الطبري: قال لعلي (ع) رجل: يا أمير المؤمنين أ رأيت قول الله (وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) «4» و هم يقاتلوننا فيظهرون و يقتلون؟ قال له علي (ع): (فالله يحكم بينهم يوم القيامة، وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا يوم القيامة) فهو: أولًا: ضعيف السند.

و ثانياً: على فرض صحّة الحديث فهو بيان مصداق، لأنه إما تشريع أو تكوين في الدنيا، أو حجّة في الآخرة أو حجّة في الدنيا، و حيث خرج التكوين قطعاً بقي الثلاثة الأُخر، فالإمام (ع) بعد الغض عن ضعف السند كان في مقام ردّ المتصوّر أنه بالتكوين و كفى ذكره مصداقاً من المصاديق.

فالمراد: أمّا أن الإسلام يعلو تشريعاً و حجة و آخرة، و أما تكويناً في الدنيا فلا، إلّا أن يراد بالآية و الرواية تكويناً أيضاً في زمان المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حيث قال سبحانه (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)* «5».

و الإجماع القطعي قولًا و عملًا: فإن الفقهاء بالإضافة إلى دعواهم القاعدة مستدلّين بالإجماع عملوا بها في موارد كثيرة من الفقه من غير خلاف، بل بعضهم تعدّى إلى

التكوين فقالوا: بأنّه لا يسمح للكافر بأن يعلو بيته على بيت

______________________________

(1) إشارة إلى قوله تعالى (إِنَّ فِرْعَوْنَ لَعٰالٍ فِي الْأَرْضِ)، يونس: 83.

(2) سورة آل عمران: 140.

(3) سورة آل عمران: 123.

(4) سورة النساء: 141.

(5) سورة الصف: 9.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 63

المسلم، إلى غير ذلك فتأمّل.

و العقل: فإن رفعة الإسلام و عزّه و شرفه تمنع من تشريع حكم يجعل المسلم أذلّ من الكافر أو مساوياً له، فلا يبقى إلّا كونه أرفع، قال سبحانه (وَ لِلّٰهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لٰكِنَّ الْمُنٰافِقِينَ لٰا يَعْلَمُونَ) «1» و بذلك ظهر أن آية (وَ أَنْتُمْ أَذِلَّةٌ) «2» لا تنافي هذه الآية بل قال سبحانه (حَتّٰى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَ هُمْ صٰاغِرُونَ) «3».

لا يقال: فكيف جعل الله سبحانه الكفّار إخوة للأنبياء كما قال (وَ إِلىٰ عٰادٍ أَخٰاهُمْ هُوداً)* «4» و (إِخْوٰانُ لُوطٍ) «5» إلى غيرهما.

و كيف قال (ع): (إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) «6»؟ لأنه يقال: (صاغر) بمعنى أصغر، لأنه من مادته، فإن المحكوم صاغر أمام الحاكم، و إلّا لم يقصد بذلك إهانة الكفّار، و لذا قال (ع): (لكلّ كبد حرّى أجر) «7»، و أعطى علي (ع) و الحسين (ع) الماء لمن جاء لقتله، إلى غير ذلك.

و على هذا فهذه القاعدة مقدمة على العمومات و المطلقات مثل (يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) «8»،) وَ لٰا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً) «9» إلى غير ذلك.

______________________________

(1) سورة المنافقون: 8.

(2) سورة آل عمران: 123.

(3) سورة التوبة: 29.

(4) سورة الأعراف: 65، و هود: 50.

(5) سورة ق: 13.

(6) نهج البلاغة: الكتاب، 53.

(7) بحار الأنوار: ج 71، ص 370، ح 63 ب 23، ط بيروت.

(8) سورة النساء: 11.

(9) سورة

الحجرات: 12.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 64

موارد القاعدة

ثم إن موارد هذه القاعدة حسب ما ذكرها الفقهاء كثيرة، و نحن نكتفي ببعضها بإيجاز إلماعاً: فإن الكافر إذا التقط طفل المسلم أو مجنونة لا يقرّ يده عليهما، لأنه من السبيل و العلوّ.

كما أنه لا حقّ في القصاص له على المسلم، فلو قتل المسلم مسلماً عمداً و كان للمقتول ولد كافر أو نحوه لم يحقّ له القصاص، و إنما هو حق وارثه المسلم إن كان و إلّا فالحاكم الشرعي الذي هو وليّ القاصر، و مثل القتل الجروح.

و كذلك لا يحقّ له أن يكون جلّاد الحاكم على المسلمين، و إن جاز كونه جلّاده على الكافرين.

كما لا يحق للرجل الكافر أن يبقى زوجاً للمسلمة فإذا كانا كافرَيْن و أسلمت و لم يسلم الزوج في العدّة انفسخ النكاح، على التفصيل الذي ذكر في كتاب (النكاح).

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 65

و لا يصح له أن يكون مصدقاً، لأنه نوع تسلط على أرباب الزكاة، و يصح كونه آخذ الجزية من الكفّار.

و عدم ثبوت حقّ الشفعة إذا كان المشتري مسلماً و لو كان البائع كافراً، لأنه يستلزم حقّه في انتزاع ملك المشتري المسلم من يده قهراً عليه.

و هذا لازمه أن لا يكون له حقّ التقاص من المسلم، نعم للحاكم أن يقتصّ من المسلم و يعطيه للكافر.

و لا يصح أن يكون متولّياً على أوقاف المسلمين: كالمدارس على أقسامها و المساجد و الحسينيّات و المكتبات و المستوصفات و المستشفيات و ما أشبه ذلك، لأنه سبيل على المسلمين.

نعم يصحّ كونه متولّياً على هذه المؤسّسات من الكافرين و عليهم، و هكذا حال مدارس الأطفال و نحوها.

و إذا كان جميعهم كفاراً فأسلموا و بقي على كفره خرج عن يده، لظهور إطلاق

الآية «1» في الوضع و التكليف معاً، من غير فرق بين أن يكون الواقف مسلماً أو كافراً بل و إن كان هو بنفسه الواقف.

و كذلك حال جعله ناظراً على أمثال هذه المؤسّسات و إن لم تكن موقوفة.

أما كونه متاجراً أو نحوه على البنوك و طبيباً و محامياً للكافر على الكافر أو للمسلم على الكافر فلا بأس به لأنه ليس سيطرة و سبيلًا.

و لا يبعد أن يكون من الممنوع كونه شرطياً و لو شُرطي المرور أو نحوه أو ما أشبه لأنه سبيل عرفاً، أما أن يكون محاسب القاضي و نحوه فلا بأس لأنه ليس بسبيل عرفاً و ليس علوّاً على المسلم.

و لا يتوقّف صحّة نذر الولد على إذن أبيه الكافر بناءً على توقّف صحة نذر الولد المسلم على إذن أبيه، أما إذا قلنا: بأن النذر لا يتوقف و إنما له فكّه فلا يبعد أن يكون للأب الكافر ذلك لأنه ليس بسبيل بل هو مثل حق الكافر في الخيار إذا اشترى من المسلم.

أما إذا كان الأب مسلماً و الولد كافراً فهل يتمكّن من فكّ نذره؟ الإطلاق يقتضي ذلك إلّا إذا كان من دين الكافر العدم، لقاعدة الإلزام.

______________________________

(1) سورة النساء: 141.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 66

و لا يصح جعله قيّماً على الأولاد الصغار و المجانين المسلمين لأنه سبيل، و إذا مات المسلم و له ولد كافر أو قريب آخر ممّا كان له ولاية تجهيزه فلا ولاية هنا لأنه من السبيل.

كما لا يصح أن يكون إمام الحاج.

ثم قد ذكر الفقهاء: مسألة العبد المسلم تحت سلطة الكافر بتفصيل، لكن حيث لا يكون في الحال الحاضر محل الابتلاء نكتفي من البحث بما ذكرناه.

المراد بالمسلم

و المراد بالمسلم الأعم حتّى من المنافق على ما

تقدّم و ذلك لأن الإيمان كما يعرف من إطلاقاته في الآيات و الأخبار يقال: على وجه العموم الشامل لهم، و لذا قرأ النبي (ص) آية المؤمنات على هند، و كان يعاشر بعض نسائه المنافقات، إلى غير ذلك.

و على وجه الخصوص في قبال النفاق الشامل للخلاف أيضاً، و لذا تصح ذبائحهم و يجوز نكاح نسائهم، إلى غير ذلك.

و على وجه الأخص في قبال الخلاف في مثل أدلة الشهادة و القضاء و مرجع التقليد و الإمامة و نحوها.

روي في الكافي عن حمران عن الباقر (ع) قال: سمعته يقول: (الإيمان ما استقرّ في القلب و أفضى به إلى الله عزّ و جلّ و صدقه العمل بالطاعة لله و التسليم لأمره، و الإسلام ما ظهر من قول أو فعل و هو الذي عليه جماعة المسلمين من الفرق كلها، و به حُقنت الدماء و عليه جرت المواريث، و جاز النكاح، و اجتمعوا

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 67

على الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج، فخرجوا بذلك من الكفر و أضيفوا إلى الإيمان إلى أن قال: فهل للمؤمن فضل على المسلم في شي ء من الفضائل و الأحكام و غير ذلك؟ فقال: لا هما يجريان في ذلك مجرى واحد) «1» الحديث.

نعم الإسلام الكيدي أو المصلحي و الانتهازي أي أسلم ليتزوّج بنتاً أو يدخل حرم الأئمة (ع) أو ما أشبه ذلك ممّا لا يستعد بالعمل بشي ء من الإسلام فليس بإسلام، إذ المنافق أيضاً كان مستعداً لتطبيق الإسلام على نفسه كما أشار إليه الإمام (ع).

فروع

و لا يخفى أن السائق و الطيّار و الملاح ليس من السلطة حتى يكون ممنوعاً في الكافر على المسلم.

كما لا يمنع الأجير للكافر و لذا امتحى علي (ع) الماء لليهودي.

و

كذلك ليس منه ما لو استأجر الكافر المسلم لتعليمه لغةً أو صنعة، حيث إن المسلم الأعلى لا الكافر.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الفقه، القواعد الفقهية، در يك جلد، ه ق

الفقه، القواعد الفقهية؛ ص: 67

و لكن فيه للفقهاء أقوال، كما لا يخفى على من راجع المفصّلات.

و كذلك حال رهن المسلم داره مثلًا للكافر، إذ ليس هو من العلوّ و السبيل عرفاً.

و هكذا لو اشترى المسلم من الكافر في ذمّته فلا يقال: إنه سبيل على ذمّة

______________________________

(1) الكافي: ج 2، ص 26، ح 5.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 68

المسلم، و لذا اقترض الرسول (ص) من اليهودي و رهن عنده درعه «1» بناءً على صحّة الحديث.

و كون الكافر مضيفاً للمسلم ليس من السبيل و العلوّ، و لذا ذهبت الزهراء عليها السلام إلى عرس اليهود «2».

و كذلك حال استئجار المسلم لهم لبناء دار أو ما أشبه.

نعم استئجارهم لبناء المسجد و حرم الأئمة (ع) لا يصحّ، لأن نجاستهم على المشهور تمنع من ذلك.

و هكذا يمنع تولّيهم رئاسة بيت المال لأنه يستلزم الأمر و النهي و التقريب و التبعيد و هو سلطة.

و لا دليل على عدم حقهم في اللباس الحسن أو المركوب كذلك، أو بناء دارهم أرفع من دار المسلمين و ما أشبه ذلك، لأنه ليس من السبيل عرفاً، فما كان يفعله بعض العثمانيين من أشباه ذلك خال عن الدليل.

لا يقال: أن عدم السبيل يستلزم التفرقة بين الناس، أ ليس من الأفضل عدم التفرقة كما فعله الغرب؟ لأنه يقال: إن التفرقة عند الغرب أسوء، فتراهم يفرّقون بين الأسود و الأبيض، مع العلم أنهما من بلد واحد، و لغة واحدة، و دين واحد، و إنما كان أسوء لأن التفرقة المذكورة عندنا بحجّة و دليل

و هي الأدلة العقلية القائمة على أصول الدين، بالإضافة إلى أنها توجب جلب المنحرف عقيدة إلى الاستقامة بينما التفرقة الغربية توجب المزيد من البغضاء و الشحناء و الحقد، فلا دليل لهم إطلاقاً.

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 43، ص 30، ح 37، ب 3.

(2) بحار الأنوار: ج 17، ص 297، ح 7، ب 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 69

قاعدة الإلزام

اشارة

أدلة القاعدة و هي قاعدة مشهورة، دلّ عليها النصّ و الإجماع، بل ربما العقل أيضاً: حيث إن مقتضى عدم إلزام الناس بالإسلام يلازم تقريرهم على أحكامهم.

و قد ذكرنا في (الفقه) إن الإسلام يخيّر الكافر و لو غير الكتابي بين الجزية و الإسلام و القتال، و انه ليس خاصاً بالكتابي كما دلّت عليه سيرة النبي (ص) و الوصي (ع) بل و سيرة المسلمين إلى اليوم.

بل يدلّ عليه أيضاً قوله سبحانه (لَكُمْ دِينُكُمْ) «1».

و قوله (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) «2».

و قوله (وَ مٰا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبّٰارٍ) «3».

و قوله (لٰا إِكْرٰاهَ فِي الدِّينِ) «4».

أما قوله تعالى (وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلٰامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) «5» فعدم القبول

______________________________

(1) الكافرون: 6.

(2) الغاشية: 22.

(3) ق: 45.

(4) البقرة: 256.

(5) آل عمران: 85.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 70

عند الله ليس معناه أنه يجبر على تركه حتى يقع التدافع بينه و بين هذه الآيات.

و ربما استدل له بالكتاب أيضاً: ما دل على حكم أهل الكتاب بكتابهم (وَ لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ) «1»، و (إِنّٰا أَنْزَلْنَا التَّوْرٰاةَ) «2».

لكن الظاهر أن المراد ما كان عندهم من الكتابَيْن الصحيحَيْن، و الحكم بالنسبة إلى النبي و أحكامه غير المنسوخة.

و الروايات في ذلك بحدّ التواتر: فعن ابن محرز عن أبي عبد الله (ع) قال: (قلت له: رجل ترك ابنته و أخته لأبيه و أمه؟ قال:

المال كلّه لابنته و ليس للأخت من الأب و الأم شي ء، فقلت: أنّا قد احتجنا إلى هذا و الرجل الميّت من هؤلاء الناس و أخته مؤمنة عارفة؟ قال: فخذ لها النصف، خذوا منهم ما يأخذون منكم في سنتهم و قضائهم و أحكامهم، قال: فذكرت ذلك لزرارة فقال: ان على ما جاء به ابن محرز لنوراً خذهم بحقّك في أحكامهم و سنّتهم كما يأخذون منكم فيه) «3».

و رواية عبد الرحمن البصري عن أبي عبد الله (ع) قال: (قلت له: امرأة طلقت على غير السنّة؟ فقال: يتزوّج هذه المرأة لا تترك بغير الزوج) «4».

و رواية علي بن حمزة: (إنه سأل عن أبي الحسن (ع) عن المطلّقة على غير السنّة أ يتزوّجها الرجل؟ فقال: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم و تزوّجوهنّ فلا بأس بذلك) «5».

______________________________

(1) المائدة: 27.

(2) المائدة: 44.

(3) التهذيب: ج 9، ص 321، ح 9.

(4) وسائل الشيعة: ج 15، ص 320، ح 3.

(5) الاستبصار: ج 3، ص 292، ح 5.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 71

و رواية ابن سماعة: (انه سئل عن المرأة طلّقت على غير السنّة إلى أن أتزوّجها؟ فقال: نعم، فقلت له: أ ليس تعلم أن علي بن حنظلة روى إياكم و المطلّقات ثلاثاً على غير السنّة فإنّهن ذوات أزواج؟ فقال: يا بني رواية علي بن أبي حمزة أوسع على الناس، روى عن أبي الحسن (ع) انه قال: ألزموهم من ذلك ما ألزموه أنفسهم و تزوّجوهن فلا بأس بذلك) «1».

و رواية ابن طاوس: (قال: قلت لأبي الحسن الرضا (ع): أنّ لي ابن أخ زوّجته ابنتي و هو يشرب الشراب و يكثر ذكر الطلاق؟ فقال (ع): إن كان من إخوانك فلا شي ء عليه، و إن كان من

هؤلاء فأبنها منه فإنه عنى الفراق، قال: قلت: أ ليس قد روي عن أبي عبد الله (ع) انه قال: إيّاكم و المطلّقات ثلاثاً في مجلس فإنّهن ذوات الأزواج؟ فقال: ذلك من إخوانكم لا من هؤلاء انه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم) «2».

و رواية العلوي عن أبيه قال: (سألت أبا الحسن الرضا (ع) عن تزويج المطلّقات ثلاثاً؟ فقال لي: ان طلاقكم الثلاث لا يحلّ لغيركم و طلاقهم يحلّ لكم لأنكم لا ترون الثلاث شيئاً و هم يوجبوها) «3».

رواية ابن بزيع قال: (سألت الرضا (ع) عن ميّت ترك أمه و إخوة و أخوات فقسّم هؤلاء ميراثه فأعطوا الأم السدس و أعطوا الإخوة و الأخوات ما بقي فمات الأخوات فأصابني من ميراثه فأحببتُ أن أسألك هل يجوز لي أن آخذ ما أصابني من ميراثها على هذه القسمة أم لا؟ فقال (ع): بلى، فقلت: ان أم الميّت فيما بلغني قد دخلت في هذا الأمر أعني الدين، فسكت قليلًا، ثم قال: خذه) «4».

______________________________

(1) تهذيب الأحكام: ج 8، ص 58، ح 109.

(2) معاني الأخبار: ص 263، ح 1.

(3) تهذيب الأحكام: ج 8، ص 59، ح 112.

(4) تهذيب الأحكام: ج 9، ص 323، ح 17.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 72

و رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: (سألته عن الأحكام؟ قال: تجوز على كل ذوي دين ما يستحلّون) «1».

و رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله قلت: (سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة طلّقت على غير السنّة ما تقول في تزويجها؟ قال: تزوّج و لا تترك) «2».

و رواية ابن سنان قال: (سألته عن رجل طلّق امرأته لغير عدّة ثم أمسك عنها حتى انقضت عدّتها هل يصلح لي أن أتزوّجها؟

قال: نعم لا تترك المرأة بغير زوج) «3».

و رواية البصري، عن أبي عبد الله (ع) قال: (قلت له: امرأة طلّقت على غير السنّة؟ فقال: تتزوّج هذه المرأة لا تترك بغير الزوج) «4».

و رواية الغوالي: (روي أنّ رجلًا سبّ مجوسياً بحضرة الصادق (ع) فزبره و نهاه فقال له (ع): انه تزوّج بأمّه، فقال: أما علمتَ أنّ ذلك عندهم النكاح؟ «5».

و رواية الدعائم عن الصادق (ع): (انه قال: لا ينبغي و لا يصلح للمسلم أن يقذف يهودياً و لا نصرانياً و لا مجوسياً بما لم يطلع عليه منه و قال: إن أيسر ما في هذا أن يكون كاذباً) «6».

و عنه (ع): (أنه قال لبعض أصحابه: ما فعل غريمك؟ قال: ذاك ابن الفاعلة، فنظر إليه أبو عبد الله (ع) نظراً شديداً، فقال: جعلتُ فداك انه

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 17، ص 484، ح 4

(2) وسائل الشيعة: ج 15، ص 324، ح 3.

(3) تهذيب الأحكام: ج 8، ص 58، ح 108.

(4) وسائل الشيعة: ج 15، ص 320، ح 3.

(5) وسائل الشيعة: ج 17، ص 596، ح 2

(6) دعائم الإسلام: ج 2، ص 460، ح 1622.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 73

مجوسي أمه أخته!، قال (ع): أو ليس ذلك من دينهم نكاحاً) «1».

و رواية الغوالي: (ان الصادق (ع) قال: كل قوم دانوا بشي ء يلزمهم حكمه) «2».

هذه هي التي وجدناها في الكتب الأربعة و الوسائل و المستدرك، و كفى بها تواتراً.

شمولية القاعدة

و هذه القاعدة شاملة للمخالفين سواء منهم المنافق و غيره، و للكفّار كتابيّاً أو غير كتابيّ، لما ذُكِر فيها من التعاليل، مثل قوله (ع): (تجوز على كل ذوي دين ما يستحلّون) «3».

و قوله (ع): (انه من دان بدين قوم لزمته أحكامهم) «4».

و قوله

(ع): (لأنكم لا ترون الثلاث شيئاً و هم يوجبونها) «5».

و قوله (ع): (تتزوّج هذه المرأة لا تترك بغير الزوج) «6» إلى غير ذلك.

و لا فرق في الكافر بين من له قانون و من له دين سماويّ بزعمه، إذ القانون أيضاً دين، أ ترى ان قوله سبحانه (لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ) «7» لا يشمل عبّاد البقر

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 18، ص 430، ح 3.

(2) تهذيب الأحكام: ج 9، ص 365، ح 3.

(3) وسائل الشيعة: ج 17، ص 484، ح 4.

(4) من لا يحضره الفقيه: ج 3، ص 407، ح 4421، الباب 2.

(5) تهذيب الأحكام: ج 8، ص 59، ح 112.

(6) وسائل الشيعة: ج 15، ص 320، ح 3.

(7) الكافرون: 6.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 74

و النار و أمثالهما؟! حيث في أول السورة (لٰا أَعْبُدُ) «1» الآية.

كما أنه لو كان لجماعة دين و قانون فإنه يؤخذ بالأغلب عندهم، مثلًا: في الغرب حاليّا القانون هو الأغلب، بل هو أيضاً دينهم السماوي لما رووه من قول المسيح (ع): (دع ما لقيصر لقيصر و ما لله لله) و لذا نلزمهم بقانونهم.

و لا فرق في الإلزام بين نفعهم و ضررهم، للإطلاق، و لذا حكم الفقهاء للمجوسي بإرثين، مع أنه في نفعه لا في ضرره.

و ممّا تقدّم يعلم عدم الفرق بين أقسام الكفّار و المخالفين معنا، أو مع بعضهم المتّفق، أو مع بعضهم المختلف، مثلًا: الحنفي و الحنبلي أو اليهودي و النصراني، فإذا تحاكموا إلينا اخترنا ما نرى من هذا المذهب أو ذلك المذهب، أو هذا الدين و ذلك الدين.

نعم بين المسلم مطلقاً و الكافر مطلقاً يُقدّم المسلم، كما أن بين المؤالف و المخالف يقدّم المؤالف، الأول لعلوّ الإسلام، و الثاني لأن

الحق معنا.

نعم في مورد الخلاف بين المجتهدين أو المقلّدين يكون الفيصل رأي المرجوع إليه من القاضي المجتهد، سواء وافق أحدهما أو خالفهما، لإطلاق دليل القضاء.

و لذا قال في الجواهر: (لو ترافع مقلّدة مجتهد يرى الصحّة عند مجتهد يرى البطلان، حَكم عليهم بمقتضى مذهبه، و ليس له إلزامهم بما وقع منهم من التقليد قبل المرافعة).

أقول: لكن لا يبعد اختيار المجتهد المترافع إليه، فيما إذا لم يعلم بخطإ المجتهدين أن يحكم حسب رأيه أو حسب رأي أيّهما شاء، و كذلك له الحكم حسب رأي المترافعين إذا كانا من تقليد واحد أو تقليد مشابه في الحكم، و ذلك لأنه قامت

______________________________

(1) الكافرون: 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 75

الحجّة على كل الآراء الثلاثة منه و منهما أو منهما و منه، عند القاضي لأن المفروض أنهم وكلاء الإمام (ع) الذي أمر بالرجوع إليهم.

و على ما عرفت من الإطلاق في التعاليل و نحوه فليس الإلزام خاصاً بالأبواب الثلاثة: النكاح و الطلاق و الإرث، بل يشمل سائر أبواب العبادات و المعاملات الأعم من الإيقاعات و نحوها.

و يؤيده: ما ذكره الإمام (ع): إنه إن جاءه من يرى رأيهم أتاه بما يرون، و قد قال علي (ع): (لحكمتُ بين أهل التوراة) «1» الحديث.

و منه قوله (ع): (صار ثُمنها تسْعاً) «2» و إلّا فهو لا يستقيم على مذهب الإمامية.

و ليس هذا من التقيّة، و إن صحّت في موردها أيضاً، عموماً و خصوصاً، كما رواه علي بن محمد على ما في التهذيب قال: (سألته هل نأخذ في أحكام المخالفين ما يأخذون منّا في أحكامهم أم لا؟ فكتب (ع): يجوز لكم ذلك إن شاء الله إن كان مذهبكم فيه التقيّة منهم و المداراة لهم) «3».

و على هذا يصح الإلزام

في البيع و الشراء و الشركة و الشفعة إذا كان يرى الشفعة و لا نراها فنأخذه بالشفعة و المضاربة و المزارعة و المساقاة و الوصيّة و الرهن و الوقف و الهبة و إحياء الموات و الحيازة و غيرها.

______________________________

(1) تفسير العياشي: 1، ص 15، ح 3.

(2) بحار الأنوار: ج 40، ص 159، ح 54.

(3) تهذيب الأحكام: ج 9، ص 322، ح 10.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 76

الإلزام رخصة لا عزيمة

نعم ليس الإلزام عزيمة علينا مطلقاً بل رخصة فإذا رأى أنّ الحيازة لا تكون إلّا برخصة الدولة لا يلزمنا ذلك، بل لنا الحيازة.

كما أنه يلزم أن لا يفوت محلّه،

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 77

مثلًا: طلّقها ثلاثاً باطلًا فإنّ لنا أن نزوّجها لكن إذا تزوّجت فات المحلّ، فلا مجال لنا بزواجها، كما هو واضح.

و منه يعلم انه لنا إلزامها بديننا أو مذهبنا مع بقاء المحل و ذلك لأنّ الواقع للكل و إلّا فلا، مثلًا: طلّقها ثلاثاً، فإنّ لنا إرجاعها إلى الزوج حسب مذهبنا الذي يقول بالصحّة فيما إذا لم تتزوّج، و إلّا فقد فات موضع الإرجاع.

و لذا ارجع العلّامة الحلي (قدس سره) زوجة الملك في قصّة مشهورة.

و لو كان مسلماً فكفر لم يُلزم بالسابق، بل بدينه الفعلي، فإذا طلّقها الشيعي ثلاثاً بالشروط، ثمّ كفرت الكتابيّة حقّ له أن يزوّجها بغير محلّل، لقاعدة الإلزام حيث ترى الصحّة في دينها و لا يستصحب، لتبدّل الموضوع بل يشملها قاعدة الإلزام، لإطلاق دليله الشامل للكافر الأصلي و المرتد، و قد تقدّم الإشكال في الانصراف في بعض المباحث السابقة.

و لو كانت كافرة لا ترى صحّة زواجها بنا ثمّ أسلمت، فلا إشكال في صحّة تزويجنا لها، لإطلاق الأدلّة، و لذا نرى صحّة زواج المتعة بالسنّية، و صحّة زواج

السنّي متعةً بالشيعيّة، و إن لم يعتقدا الصحّة في مذهبهما.

ثمّ إنّ هناك بعض ما يقطع بأنه من قانون الإلزام، و بعض ما يقطع بأنه ليس منه، و بعض ما يشك فيه، فاللازم الرجوع إلى القواعد المرتبطة بموضع الشكّ.

مثلًا: لا شك في جريان القاعدة في النكاح و الطلاق و الإرث و ما أشبه ممّا تقدّم ذكره، لكن من المقطوع به و لو لضرورة أو إجماع أو ارتكاز أو سيرة أنه لا يجوز لنا شرب الحرام و أكله، و كذا النجس ممّا يعتقدون طهارته و حلّيته، و لا يجوز لنا الزنا بنسائهم و اللّواط بغلمانهم، و إن أباحوا ذلك، حسب ما في كتبهم المقدّسة، من زنا لوط (ع) ببنتيه، و سليمان (ع) بزوجة أوريا و العياذ بالله.

و الأخير جائز في قانونهم، و حيث لم يصرّح بالحرمة في دينهم يرونه حلالًا يتعاطونه.

و كذلك لا يجوز للمسلم نكاح أخته المجوسية و سائر محارمه و بالعكس في المسلمة و إن رأوه حلالًا.

و أما بالنسبة إلى الرضاع و أخت الملوط و نحوها فهل يحرم علينا للأدلة الأولية أم لا لأنه مثل نكاح المطلّقة؟ احتمالان.

و هكذا لا يجوز سُحق المسلمة بالكافرة حيث يجوز عندها.

أما الشفعة بدون شروطنا فالظاهر جواز أخذنا منهم، لإطلاق الأدلة، فيما إذا لم نقطع على خلافه، كما تقدّم.

و هل تجوز نكاح امرأة دواماً أو متعة بعد مدّة، مثلًا: يجري صيغة العقد في شهر شعبان على أن تحلّ له من شهر رمضان، لجوازه عندهم؟ احتمالان.

و قد قال العلّامة (قدس سره) بشبه ذلك تبعاً لرواية في المتعة، خصوصاً و انها اجارة، كما في الآية، لكن القول به من أشكل المشكلات، بل المشهور المنع، و لا محيص عنه.

و من المقطوع به في

قانون الإلزام لو لم يأت بطواف النساء، رجلًا كان أو امرأة فإنه لا يحرم على الزوج الآخر.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 78

كما أن موضع الشك أخذ المرأة في حال عدّتها، طلاقاً أو وفاةً أو فسخاً فيما لا يرون محذوراً.

نعم هناك دليل خاص في عدّة الوفاة كما ذكرناه، فيستثنى من القاعدة، إلّا أن الكلام في إطلاقه.

من موارد الشبهة

كما أنّ من موارد الشبهة: وطي الحائض منهنّ في الحيض و النفاس حيث يرون الحلية، أما إذا لم تر القسم في المتعدّد فلا قَسم لها.

و كذلك من موارد الشبهة: جواز إحراق أمواتهم أي من يرون ذلك إذا كان الميّت قد أوصانا بذلك.

و إن كان المستأنس في وطي الحيض العدم رجلًا كان الموالي أو امرأة في قبال الكافر، و في حرق الميّت الجواز.

و هل يجوز أن يتزوّج الكافرة المزوّجة حيث يرون الجواز؟ احتمالان، و الأحوط الترك.

و كذلك ان تكون زوجة لمن اتّخذ أختها الكافرة، أو أمها كانت زوجة له، أو كانت المؤمنة الخامسة فيما يرى الزوج المسلم أنهما قطعاً ليستا أختين أو أمّاً و بنتاً، أو ان المسلم يعلم بأنّها الرابعة حيث طلّق الرابعة، لكنها تعلم بطلان الطلاق.

و من المعلوم أن بعض الفروع المذكورة ليس من موارد قاعدة الإلزام، و إنما ذكرناه استطراداً.

كما أن بعض ما ذكرناه يرتبط بكتاب (القضاء) و إنما ذكرناه لأن بين المسألتين

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 79

عموماً من وجه.

و لا يجوز تقبيل المسلم الأجنبية الكافرة، أو الغلامَ الكافر، أو لمسهما بشهوة، أو بدون شهوة في الأجنبية كالمصافحة.

كما يحرم على المسلم أن يسمح لزوجته الكافرة باتّخاذ الخليل المتعارف و الجائز عندهم، و كذلك لا يجوز له أن يكون خليلًا لكافرة متزوّجة أو غير متزوّجة بالخلّة المتعارفة عندهم، من الخلوة و

القبلة و اللّمس و ما أشبه.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 80

فروع

و ممّا تقدّم اتّضح حكم الفروع الآتية: مثل أنّ صحّة النكاح عند العامة تتوقّف على الإشهاد فإذا تزوّج رجل منهم بامرأة منهم بدون إشهاد، و راجعونا صحّحنا نكاحهم، لأن الإلزام ليس معناه إبطال الواقع، إذ الواقع للكلّ، و لذا لا يحقّ لنا الزواج منها حتى إذا لم تكن موطوءة بشبهة.

و كذلك يصحّ نكاح أحدهم للموافقة، أو أحدنا للمخالفة بدون الاشهاد، و قد تقدّم صحّة المتعة سواء كانا مخالفين أو أحدهما مخالفاً.

و مثل ما إذا جَمَعَ أحد العامة بين العمة و الخالة و بنت الأخ و الأخت برضاهما كما نرى فإن البطلان عندهم ليس معناه بطلان الواقع حتى يصحّ لنا إبطال الزواج و التزويج على كلّ منهما بقاعدة الإلزام.

و مثل وجوب العدّة عندهم على اليائسة و الصغيرة إذا طلّقها الزوج فإنه يجوز لنا الزواج بهما بدون العدّة حيث لا عدّة لهما عندنا، من غير فرق بين أن تتشيّع حال العدّة أو لا.

و كذلك الحال لو تشيّع زوجها فله أن يتزوّج بأختها إذ لا عدّة لها عند

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 81

الشيعة، و إن شئت قلت: لا عدّة في الصور الأربع من السنّييْن و الشيعيَيْن و المختلفَيْن.

نعم لو راجعنا أحد أهل السنّة حق لنا أن نحكم بحكمهم أو بحكمنا، كما هو كذلك في الكفّار، و مثل ما إذا طلق السني زوجته بدون الشهود، أو طلّق إصبعها مثلًا، حيث يقع الطلاق على جميعها، فإن راجعَنَا اخترنا إقرار الطلاق كما هو مذهبه أو الفتوى له حسب مذهبنا حتى إذا بقيا على مذهبهما.

و إذا طلق الزوج زوجته بإكراه كما هو صحيح عند الحنفيّة جاز لنا أن ننكحها، لقاعدة الإلزام، و جاز

لنا الفتوى له بعدم وقوع الطلاق، لأنه الواقع الثابت على الجميع.

و لو طلّق أحد العامّة زوجته من دون حضور شاهدين صحّ الطلاق على مذهبه، فإن أراد الزواج بأختها فيما لا عدّة للمطلّقة جاز لنا تزويجها به، لأنه لا يكون جمعاً بين الأختين، كما يجوز لنا نكاح تلك المطلّقة.

و حيث يصح الحلف بالطلاق عندهم، فلو حلف و طلقت زوجته عندهم جاز للشيعي نكاحها، أو تزويجه بأختها.

و كذلك حال طلاق المرأة بالكتابة، فيجوز للشيعي زواجها، لأن الكتابة طلاق صحيح عندهم.

و لو تغيّر القانون عندهم، بأن اشترطوا الشاهدين في الطلاق كما هو الحال في بعض محاكمهم و طلّق بدون الشاهدين فإن كان قد اعترف بذلك القانون لم يصح طلاقه و لا يصحّ لنا زواجها، لأنه صار طريقه و دان بذلك، و الدينيّة عبارة عن الطريقة، لأنها تسبب الجزاء بعلاقة السبب و المسبّب، و إن لم يدن بالقانون كان على طريقته السابقة في صحّة الطلاق.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 82

و لو كانت المرأة الشيعية زوجة لرجل سني، فمات جاز لها أخذ الإرث من الأرض، لأنهم يرون ذلك، و كذلك بالنسبة إلى أخذ العصبة مما ليس في مذهبنا و هو جار في مذهبهم، على فروعها المتعدّدة.

و حيث لا يثبت خيار الغبن للمغبون في مذهب الشافعي، فلو كان المغبون من الشافعية حق للغابن الشيعي أن لا يقبل فسخه، على قاعدة الإلزام.

نعم لا يصح فرض مذهب على أهل مذهب آخر، كما أنه إذا تغيّر دينه من الكفر إلى الإسلام، أو بالعكس، أو من مذهب إلى مذهب، فمقتضى القاعدة أن يكون محكوماً بأحكام دينه أو مذهبه الجديد إلّا إذا قام دليل على الاستثناء.

و فروع المسألة كثيرة جدّاً، اكتفينا منها بهذا القدر، و الله سبحانه

العالم العاصم.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 83

قاعدة نفي العسر و الحرج

أدلة القاعدة

و هي قاعدة مشهورة ذكرها الفقهاء في (الأصول) و (الفقه).

و تدلّ عليه الأدلة الأربعة: فمن الكتاب: قوله سبحانه (مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) «1».

و قوله تعالى (مٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ) «2».

و قوله سبحانه (يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) «3».

أما قوله سبحانه (لٰا يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْساً إِلّٰا وُسْعَهٰا) «4» و قوله تعالى (لٰا يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْساً إِلّٰا مٰا آتٰاهٰا) «5» فدلالاتهما مبنية على أن المراد ب (الوسع) و (ما آتى) العرفية لا الدقّية، إذ لو كان المراد الدقّية لكان مثل قولك: لا يكلف الله إلّا الممكن، و هو خارج عن نطاق كلام البلغاء، فاللازم أن يراد بهما أيضاً ما ذكر في الآيات السابقة.

______________________________

(1) الحج: 78.

(2) المائدة: 6.

(3) البقرة: 185.

(4) البقرة: 286.

(5) الطلاق: 7.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 84

و من الإجماع: تواتره في كلماتهم، حيث الإجماع العملي و القولي، إلّا أنه ظاهر الاستناد لا محتملة فقط.

و من العقل: قبح أن يوقع الحكيم عبيده في الحرج إلّا لأمر أهمّ، و الاستثناء قليل، و إنما الكلام في جعل التكليف مطلقاً كذلك، و لذا إذا رأينا سيداً أوقع عبده في المشقّة سألناه عن السبب، و لا نكتفي بجوابه إلّا إذا ذكر الأمر الأهمّ.

و الجهاد و الصوم في الصيف و ما أشبه من الاستثناء العقلي أيضاً، بالإضافة إلى الشرع، و الأول للاستقلال و السيادة، و الثاني للتذكير نفساً و التصحيح بدناً، فإذا لم يأمر المولى عبده بهما، لكان محلا للتساؤل، و لذا يفعلهما العقلاء.

و من السنة: متواتر الروايات مثل ما عن عبد الأعلى مولى آل سالم قال: قلت لأبي عبد الله (ع): عثرت فانقطع ظفري فجعلت على

إصبعي مرارة فكيف أصنع بالوضوء؟ قال (ع): يعرف هذا و أشباهه من كتاب الله عزّ و جل، قال الله عزّ و جل (مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) «1».

إلى غيرها من الروايات المذكورة في (الوسائل) و (المستدرك) و غيرهما.

معنى العسر و الحرج

و العسر و الحرج إذا ذكرا معاً، كان الأول بَدنَياً و الثاني نفسياً، و إن أفرد أحدهما عن الآخر شمل كل الآخر.

فالفتاة في بيت أبيها إذا احتملت و كان غسلها حرجاً شديداً عليها تبدّل

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 1، ص 152، ح 537، باختلاف يسير.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 85

حكمها إلى التيمّم.

و كذلك إذا تزوّجت متعة حيث لا أب لها أو قلنا بكفاية رضاها، كما هو قول جمع من الفقهاء.

أما الحرج الجسدي فهو الشدّة البدنية، كما ذكر الإمام (ع) مثالًا له في الرواية، و عطف عليه أشباهه، و ذلك لا يلازم الضرر كالحرج، إذ بينهما عموم من وجه، فقد تصاب الفتاة المذكورة بالمرض أو العمى مثلًا إذا اغتسلت، و قد لا يكون إلّا الشدّة النفسية، كما أن العسر قد يؤدي إلى الضرر، كما إذا مرض بسبب المسح على البشرة، و قد لا يؤدي إلى ذلك.

و على هذا فهي عناوين ثلاثة ثانوية حاكمة على الأدلة الأولية، فالقول بالفرق بين الحرج و الضرر في الحكومة غير ظاهر الوجه.

و مما تقدّم ظهر أنّ قوله سبحانه (مٰا لٰا طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ) «1» لا يُراد به المحال، إذ ما ليس فيه قدرة على الطرفين لا يعقل التكليف به فهو مثل أن يقال: لا تكلّفني التناقض، فالمراد به ما هو غاية طاقتنا الممكنة، و منه قوله تعالى: (وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ) «2».

و لا ينافي ما ذكرناه قوله سبحانه (لٰا تَحْمِلْ عَلَيْنٰا إِصْراً كَمٰا

حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنٰا) «3» حتى يقال: إنه إذا كان خلاف العقل كيف كلّف سبحانه بذلك بعض الأمم، إذ هو مما ذكرناه من الاستثناء، حيث إن التحميل عليهم كان كالجهاد علينا لطفاً عقلًا، فإن الصبي إذا لم يؤدّب فهو خلاف الحكمة، و تلك الأمم كانت في بداية المسيرة الحضارية كما يظهر من إشكالاتهم لموسى (ع) و غيره.

______________________________

(1) البقرة: 286.

(2) البقرة: 184.

(3) البقرة: 286.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 86

أما ما ورد في بعض الأحاديث من أنّ بني إسرائيل كانوا يقرضون لحومهم إذا أصابها البول، فالمراد به القرص لأنهم كانوا في مصر و ابتلوا بمرض (البلهارزيا) مما لا يدفع جرثومته إلّا بالقرص الشديد، و في العرف يطلق القرض على القرص.

و حيث إن الأدلة مطلقة فلا فرق في الحكم المرفوع أن يكون وضعياً أو تكليفياً إذا لم نَقُل بأن الوضع ليس أكثر من التكليف انتزاعاً كما ذكره الشيخ (قدس سره) و غيره.

الأحكام ميسورة

و يظهر من الآيات و الروايات ان الأحكام ليست معسورة فقط، و إنما ميسورة أيضاً كما قال سبحانه (يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) «1» أي أن المنفي ليس العسر فقط، بل فوقه: إرادة اليسر لوضوح أن بينهما واسطة، و لذا ورد عنه (ص): (بُعِثْتُ بالحنيفية السمحة السهلة) «2».

و على هذا فالأحكام المجعولة من الشارع كلها سهلة يسيرة.

و في رواية عن الإمام (ع): ان شيعتنا في أوسع مما بين ذه و ذه و أشار إلى السماء و الأرض) «3».

و المراد: إما في مقابل الخوارج، حيث ورد عن الباقر (ع) في صحيحة البزنطي:

______________________________

(1) البقرة: 185.

(2) الوسائل: ج 5، ص 246، ح 1.

(3) بحار الأنوار: ج 57، ص 46، ح 27 و ج 62، ص

125 باختلاف يسير.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 87

(إن الخوارج ضيّقوا على أنفسهم بجهالتهم، و انّ الدين أوسع من ذلك) «1» حيث إنهم كانوا يكفّرون كلّ عاص، و هذا أشدّ أنحاء الضيق.

و إما أنه من مفهوم اللّقب، حيث إن المسلمين كلهم كذلك.

و إما أنه في قبال سائر المذاهب، حيث تكثر فيها الأحكام المشدّدة فيها مثل: استياك المقعد بالحجر و نحوه.

لا يقال: ما ذكرتم من رفع الوضع غير تام، لأن الحرج لا يوجب رفع النجاسة أو ما أشبه.

لأنه يقال: الوضع الموجب للحرج جعل الشارع له المخرج ما دام الحرج، مثلًا: يحق للمرأة التي هي في حرج من زوجها مراجعة الحاكم الشرعي، و يطلقها الحاكم إن لم يرضخ الزوج ل (فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ) «2».

و اجتناب النجاسة ما دام حرجاً يجوز استعمالها، فإذا ارتفع الحرج يلزم ترتيب آثارها.

و إذا كان عدم نظر الطبيب إليها لعلاجها يوجب الحرج الشديد مثلًا، جاز النظر و اللّمس، إلى غيرها من الأمثلة.

ثم الحرج كما هو مخصّص للأحكام الأولية كذلك مخصّص بما هو أهم لقاعدته، كما ان الضرر كذلك، فإذا بلغت الغريزة الجنسية في إنسان حدّ الحرج، و لا يزول الحرج إلّا بالجماع مع امرأة ذات بعل لم يكن حرجه مبيحاً له، ذلك لأن حرمة ذات البعل أهمّ من الحرج.

و المشهور بين الفقهاء: انه علة و ليست بحكمة، فلو كان كل الناس من الحكم الفلاني في حرج دون زيد لم يرفعه حكمه.

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 2، ص 281، ح 54، ب 33.

(2) البقرة: 229.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 88

نعم قد يرفع الشارع الحكم حكمة، فيرتفع حتى عمن لا حرج عليه كما أشار إليه (ص) بقوله: (لو لا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك) «1».

و الحرج

كالضرر في أن خوفه المستقبلي شخصاً أو أحد الأشخاص يوجب رفع الحكم، فكما إذا خاف الضرر في المستقبل ارتفع الحكم.

و كما إذا علم بضرر أحد شخصين، علماً أو خوفاً، يرتفع الحكم عنهما، كذلك حال خوف الحرج المستقبلي، كما إذا خاف إن فعل كذا أن يقع في حرج رافع للحكم في المستقبل، أو خيف وقوع أحدهما في مثل ذلك.

نعم لا معنى لاحتمال الحرج الحالي، لأنه نفسي يوجد أولا يوجد، بينما الضرر الحالي محتمل فهو رافع دون الحرج كذلك، لأنه من السالبة بانتفاء الموضوع.

الحرج البعضي

و الحرج البعضي كالضرر كذلك لا يرفع كلي الحكم بل يقدّر بقدره إلّا إذا علم الارتباط و لم يمكن التدارك، مثلًا إذا كان غسل الرأس للمرأة المتمتّع بها موجباً للحرج الشديد، دون بقيّة الجسد، لأنّ أهلها يكتشفون ذلك من الغسل الكامل، دون غسل بعض الجسد، فإنه و إن كان بعضياً إلّا أنه يرتفع الغسل و يبدل بالتيمّم إذ لم يشرّع الشارع مثل هذا الغسل.

و كذلك الحكم لو كان ترك الجماع في نهار شهر رمضان موجباً للحرج الشديد، فإنه لا صوم عليه، لا أن له صوماً بعضياً، لما عُلِم من الشارع من عدم

______________________________

(1) عوالي اللئالي: ج 2، ص 21، ح 43.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 89

تشريع صوم كذلك.

و هكذا حال الضرر.

و أما إذا أمكن التدارك، كالحرج في الطواف فقط أو الضرر فيه، فإنه يحج و يستنيب، فالقاعدة إنهما يقدران بقدرهما كمّاً و كيفاً، إلّا إذا علم من الشارع انه لا يريد الفاقد.

مثلًا: لو اضطرّت المرأة إلى الزنا كما في قصّة المرأة في عصر الإمام علي (ع) و اكتفى الزاني بالدخول قليلًا زماناً أو موضعاً، لم يرفع الضرر الحرمة بالنسبة إلى الزمان الأطول و كلّ الموضع،

لوضوح انه لا حرج و لا ضرر بالنسبة إلى الزائد.

و كما يرفع الضرر بين الاثنين شخصاً أو شيئاً أو زماناً كذلك حال الحرج، مثلًا: لو علم انه إذا ذهب أحد الشخصين إلى الحج أخذه الجائر، لا حج على أيّ منهما.

أو إذا علم في الصلاة الجهرية ان الظالم يسمع، إما جهرة في المغرب أو العشاء، فيلقي عليه القبض، فإنه لا جهر عليه في كليهما.

و كذلك إذا علم بأنّ صومه في أحد اليومين يوجب ضرره، فإنه لا صوم عليه في كِلَيهما.

نعم يلزم عليه القضاء هنا دون مثل الصلاة لدليل (لا تُعاد) «1».

______________________________

(1) المستدرك: ج 4، ص 196، ح 4474، ب 24.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 90

الحرج لا يرفع اللوازم

و الحرج كالضرر لا يرفع اللوازم، إلّا إذا كان الدليل دالّا على الرفع، مثلًا: لو اضطر الإنسان إلى شرب الخمر أو الزنا كان عليه غَسل الفم و الغُسل، أما إذا اضطرّ إلى إخراج الدم في الحج كالحجامة مثلًا و فرضنا أن الدليل دلّ على الكفارة في العمد، لا تجب عليه الكفّارة لا لأجل الاضطرار إلى الاحتجام بل لأجل اقتصار دليل الكفّارة على العمد.

و مما تقدم ظهر أنه لو كان بعض الأفراد الطولية أو العرضية ضرراً أو حرجاً ارتفع ذلك الضرر لا سائر الأفراد، مثلًا: كانت الصلاة أول الوقت عليه ضرراً أو حرجاً، أو كانت الصلاة في البيت عليه ضرراً أو حرجاً، فإنه تثبت الصلاة في سائر الأزمنة و الأمكنة.

و الضرر و الحرج قد يوجب التبديل الكلي، و قد يوجب البعضي.

فمن الأول: كالحرج و الاضطرار إلى الإفطار فإنه يبدل إلى القضاء.

و من الثاني: كمن لا يتمكّن إلّا من إتيان ثلاث ركعات فقط من صلاة الظهر فإنه يصلّيها و يجعل مكان الرابعة التسبيحات الأربع.

و

الحرج كالضرر في التقدير بقَدَره إلّا إذا قال الشارع أنه بعد رفعه الحكم الأولي يرتفع الحكم مطلقاً، مثلًا: إذا كان الضرر يوجب الصلاة بنجاسة البدن لا يرفع لزوم طهارة اللباس.

أما إذا كان الضرر يوجب أكل لقمة في شهر رمضان لم يكن عليه صوم بعد ذلك.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 91

التعارض بين الحرج و الضرر

و لو تعارض حرج و ضرر تخيّر، إذ لا دليل على تقديم أحدهما على الآخر، إلّا إذا كان أحدهما أهمّ إلى حد المنع عن النقيض.

و كذلك حال العسر مع أيّ منهما مثلًا: لو كان في اغتسال الفتاة المحتلمة أمام أهلها بالماء الحار حرج، و كان في اغتسالها بالماء البارد في غرفتها ضرر، إلّا أن الحرج كان خفيفاً و الضرر شديداً، اختارت الأول، لأنه ليس بقدر يرفع الحكم، و لو انعكس اختارت الثاني، و لو كان كل منهما يرفع الحكم، تيمّمت.

و لو كان في جانب حرج و في ضدّه أو نقيضه ضرر اختار الأهم، و إلّا تخيّر.

و لو كان واجبان طوليان: أحدهما حرجي أو ضرري، و لم يكن أحدهما أهم إلى حد المنع من النقيض، فالمشهور الأحوط تقديم الأول.

و قد مُثّل له في (الأصول) بما لو اضطر إلى الإفطار في اليوم الأول من شهر رمضان أو اليوم الثاني، و للأهم بما لو اضطرّ إلى الإفطار في اليوم الأول أو الإفطار بقية الشهر كلّه.

و ربما يقال: بالتخيير في اضطرار إفطار أحد اليومين، لأنّ كلا منهما مفوّت لمصلحة ملزمة، فلا فرق بينهما عند المولى.

ثم الضرر يتعدّى إذا لم يُرفع إلّا به، كالمريضة تضطر إلى أن يلمسها الطبيب الأجنبي، فإنه يجوز للطبيب حينئذ.

و هل الحرج كذلك؟ مقتضى القاعدة: التساوي، لوحدة الدليل، فلو

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 92

كانت في حرج نفسي شديد

من عدم لمسه جاز له اللّمس أيضاً.

و لو تصوّر الضرر و لم يكن كذلك، لم يكن عليه شي ء إلّا إذا كان لازم كالقضاء و الإعادة.

و لو زعم عدمه و كان، و قد تجرّأ في ترك الواجب أو فعل الحرام لم يكن أكثر من التجرّي.

و لو زعم الضرر و كان حرج أو بالعكس فرضاً أو كذلك بالنسبة إلى أحدهما و العسر، لم يكن عليه إلّا التجرّي.

و على ذلك فلو تصوّر الضرر مثلًا و أفطر، ثم ظهر في النهار عدمه لزم الإمساك.

و لو تصوّر الضرر في القيام فجلس في الصلاة و ظهر في الأثناء عدمه، أتم الصلاة قائماً، و لا إعادة لدليل (لا تُعاد) «1».

و لو تصوّره في الطهارة المائية فتيمّم، و في الأثناء ظهر الخلاف فالصلاة باطلة، و عليه الوضوء و الاستيناف، لأنه صلاة بلا طهور و الزعم لا يجعل الإنسان متطهّراً فحديث (لا تُعاد) لا يشمله.

هل يجب التدارك

و كما يجب على الضار تدارك الضرر فهل يجب على المحرج و المعسر التدارك خصوصاً بعد قول الصادق (ع) بأنه حتى في غمز اليد الأرش؟ الجواب: ان الملاك في (من أتلف) و (من أضرّ)، فإذا كان منقّص المال

______________________________

(1) المستدرك: ج 5، ص 13، ح 5250، ب 5.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 93

فعليه الغرامة و إن لم يتلف، لفهم الملاك منه، و لدليل (اليد)، و المضر عليه التدارك، و المحرج و المعسر كذلك.

و يؤيده بل يدل عليه (لا يتوى حق امرء مسلم).

لا يقال: فما هو قدر المعطى لمن تحرّج أو تعسّر عليه؟ لأنه يقال: الحكومة حسب قوله سبحانه (يَحْكُمُ بِهِ ذَوٰا عَدْلٍ مِنْكُمْ) «1» و قد أعطى الرسول (ص) الدية لأجل إخافة خالد بن الوليد عشيرة بني جذيمة، كما في الرواية.

لكني

لم أجد من الفقهاء من عنون هذه المسألة، و هي بحاجة إلى تتبّع أكثر و تعمّق أدقّ، و البحث و الفحص عن الأشباه و النظائر في الروايات و كلمات الفقهاء.

و عليه: فإذا كان الحرج و الضرر في جسم كان على الفاعل تدارك كليهما.

كما لم نستبعد كون ذلك أيضاً في الديات إذا أورثت إضراراً، مثلًا: قطع يد إنسان و احتاج العلاج إلى ألفي دينار فعليه الخمسمائة، لدليل الدية، و بقيّة الألفين لدليل (لا ضرر) «2».

لا يقال: إن الشارع لم يحدّد إلّا الأول.

لأنه يقال: كان العلاج في السابق بسيطاً لا يكلف شيئاً يذكر، بخلاف الوقت الحاضر.

هذا.

مضافاً إلى الجمع بين الدليلين حسب القاعدة، لكني لم أجد تعرّضهم لمثل هذه المسألة إثباتاً أو نفياً، كما لم أجد تعرضهم لضمان الفاعل فيما لو فعل بالولد قهراً بالإضافة إلى حدّه، فهو حسب الملاك ليس أقل من إزالة

______________________________

(1) المائدة: 95.

(2) المستدرك: ج 13، ص 307، ح 15443، ب 13.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 94

البكارة قهراً، حيث الحد و الأرش فتأمّل لكنها كالسابقتين لم أجد تعرّضهم له.

عدم جواز احراج الكافر و إعساره

و كما لا يجوز ضرر الكافر كذلك لا يجوز إحراجه أو إعساره إلّا في مباح الدم و المال، لكن بقدر ما عُلم من الشرع لا أكثر، مثلًا: لا يجوز التمثيل بالكافر الحربي و لا تعذيبه النفسي أو الجسدي، كتسليط الكلب عليه، أو نشر يده أو رجله بالمنشار، أو سائر أقسام التعذيب المتعارف عليها لدى المجرمين من الحكومات الباطلة.

لأن الإنسان بما هو إنسان (أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) «1» و قد كرّمه الله سبحانه «2» فالمباح منه هو القدر المصرّح به في الشرع أو ما يفهم منه بالأولى فيما إذا كان الملاك قطعياً، و

ما عدا ذلك يعمل به حسب الأصل.

ثم إن أدلة الضرر و الحرج و العسر حاكمة على الأدلة الأولية بل الثانوية في الجملة كالتيمم إذا صار عسراً أو ضاراً، كما هو كذلك بالنسبة إلى بعض الأمراض الجلدية حكومة واقعية في جانب المحمول، و لذا هي حاكمة عليها و إن كان بينهما عموم من وجه، فليس النفي في (لا ضرر) و (لا حرج) بمعنى النهي و إن استلزمه مؤيداً بالأدلة الأُخر.

و هذا ما ذكره الشيخ المرتضى (قدس سره)، لا أنه بمعنى النهي كما ذكره شيخ الشريعة رحمه الله، و لا أنه من قبيل رفع الحكم بلسان رفع الموضوع كما

______________________________

(1) نهج البلاغة: الكتاب: 53.

(2) إشارة إلى قوله تعالى (وَ لَقَدْ كَرَّمْنٰا بَنِي آدَمَ)، الإسراء: 70.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 95

ذهب إليه الكفاية، و قد فصّلنا الكلام في ذلك في (الأصول).

فلا فرق بين أن يكون نفس الحكم ضرريّاً أو حرجياً أو أن ينشأ منه الضرر و الحرج، كما إذا علم على نحو الإجمال أن استعماله الماء ضرر إما في هذا اليوم أو في غد، فإنه رافع لوجوب الوضوء إلى التيمم.

فإنه بناءً على قول الآخوند (قدس سره) لا حكومة لأدلة الحرج و نحوه على الاحتياط العقلي في أطراف العلم الإجمالي فيما كان موجباً للضرر و العسر و الحرج.

أما بناءً على ما ارتضيناه فحيث أن الثلاثة تنتهي في النهاية إلى الحكم الشرعي فهي مرفوعة و إن كان الاحتياط في الجمع بين المحتملات بحكم العقل.

بل يقال: انه بحكم الشرع أيضاً، فإن أدلة الاحتياط شاملة للشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي، كما تشمل الشبهة البدوية قبل الفحص.

ثم إن الثلاثة على قسمين: 1- ما منع الشارع عنه، كما إذا كان الصوم يوجب فقدان البصر للصائم، أو ما

أشبه، و هذا إذا فعله عالماً كان باطلًا، لأن الشارع منع عنه، و النهي يوجب الفساد.

(2)- و ما رفعه الشارع امتناناً مما ظاهره الرخصة، فهو مخيّر بين الفعل و الترك، سواء كان ضرراً في الفعل فله الترك، أو ضرراً في الترك فله الفعل، و قد أفتى بذلك جمع من الفقهاء كما لا يخفى على من راجع شرح العروة و غيره.

و حيث إن السياق في الضرر و الحرج واحدٌ فلا فرق بينهما من هذه الجهة، فقول بعض الفقهاء بالفرق بينهما غير ظاهر الوجه، و كذلك حال العسر.

و في الكلام تفصيل أشرنا إلى بعضه في (الأصول) و (الفقه) و بعضه يطلب من مظانه في المفصّلات.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 97

قاعدة الغُرور

أدلة القاعدة

و هي من القواعد المسلّمة بين الفقهاء، و عليها إجماعهم القولي و العملي، و إن كانت هناك مناقشة ففي الصغريات.

و يدلُّ عليها: ما رواه صاحب جامع المقاصد (قدس سره) عن النبي (ص): (المغرور يرجع إلى من غره).

و استدلّ به الجواهر و غيره، فعدم كونها في كتب الحديث غير ضارٍّ، إذ كثير من الروايات وجدت في كتب الفتاوى دونها، و ذلك يكفي في الوثاقة التي هي المعيار في قبول الخبر، فإن كون الراوي ثقة لا خصوصية له.

و من المحتمل ان المحقق الثاني (قدس سره) وجد الحديث في كتاب (مدينة العلم) للصدوق (قدس سره) مما لم نظفر به.

و جملة من الروايات المتفرقة الظاهرة فيها بعد إلغاء الخصوصية: مثل ما رواه ابن محبوب، عن بعض أصحابه، عن الصادق (ع) (في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا، ثم رجع أحدهم بعد ما قتل الرجل؟ قال (ع)

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 98

إن قال الرابع: أوهمت، ضُرب الحد و أغرم الدية، و إن قال: تعمّدتُ

قُتِل) «1».

و حيث إن القاصر لا شي ء عليه، فالمراد بالجملة الأولى: أنه لم يبال بالشهادة كما هي حقها، و بالجملة الثانية: التعمّد، كما أن القتل له إنما يكون مع طلب الورثة حسب موازين القصاص.

و رواية أبي عبيدة عن أبي جعفر (ع) قال: في رجل تزوّج امرأة من وليّها فوجد بها عيباً بعد ما دخل بها؟ قال: فقال (ع): (إذا دلّس العفلاء و البرصاء و المجنونة و المفضاة و من كان بها زمانة ظاهرة فإنها تُردّ على أهلها من غير طلاق، و يأخذ الزوج المهر من وليّها الذي كان دلّسها.

) «2». و في رواية: (و يرجع بالمهر على من غرّه بها) «3».

و في رواية أخرى: (لأنه دلّسها) «4».

و في رواية بالنسبة إلى المهر: (و يكون الذي ساق الرجل إليها على الذي زوّجها لم يبيّن) «5».

و في رواية: (يرجع به على الذي غرّه).

و في رواية: يرجع بالمهر على من غرّه.

لكنّهما عن طريق العامّة مرويتان عن علي (ع).

و في رواية: (و على الذي زوّجه قيمة ثمن الولد يؤتيه إلى مَوالي الوليدة

______________________________

(1) الوسائل: ج 18، ص 240، ح 1.

(2) الكافي: ج 5، ص 408، ح 14.

(3) المستدرك: ج 15، ص 46، ح 17492، ب 1.

(4) المستدرك: ج 15، ص 45، ح 17490، ب 1.

(5) الوسائل: ج 14، ص 597، ح 7.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 99

كما غرّ الرجل و خدعه) «1».

إلى غيرها من الروايات المتعدّدة في بابي النكاح و الشهادة بالباطل و غيرهما، كما يجدها المتتبّع في الوسائل و المستدرك و البحار.

هذا بالإضافة إلى بناء العقلاء الذي لم يردعه الشارع في المتلفات، و أدلّة الضمان مثل (من أتلف) و غيره.

و الإشكال في ذلك: بأن المفاد ليس الجزء الأخير من العلة

فلا صغرى، و كون السبب أقوى من المباشر الذي هو الميزان في الضمان غير حاصل هنا، فلا كبرى غير وارد، لأن المعيار هو النسبة و هي حاصلة في المقام، و لذا يضمن الطبيب إلّا إذا استبرأ، نصاً و إجماعاً، و يضمن حافر البئر فيما لو سقط فيه إنسان أو نحوه، بالإضافة إلى الصغريات السابقة في الروايات.

و لذا اختار الشيخ المرتضى (قدس سره) رجوع المغرور إلى الغار فيما إذا كان المشتري عن الفضولي جاهلًا بأن البائع فضولي و ليس بمالك، فتضرّر، و قد جعل التلف مدركاً لهذه القاعدة.

و كيف كان.

ففي المذكورات كفاية، و إن كان بعضها محلّ تأمّل، إطلاقاً أو في الجملة.

المعيار رؤية العرف

و قد ذكرنا في بعض المباحث: أن المعيار رؤية العرف في النسبة لا اقوائية السبب و المباشر فقط، و لذا لم نستبعد أنه لو أعطى سيّارته لمن لا يُحسن القيادة،

______________________________

(1) الوسائل: ج 14، ص 602، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 100

و هو يعرف ذلك، فاصطدمت بإنسان أو حيوان أو مال كان الضمان على كليهما، لأن العرف ينسبه إليهما معاً، و قد جرت بذلك بعض القوانين العالمية.

و لذا ينسب قتل الأئمّة المعصومين الحسن و الحسين و موسى و الكاظم و الرضا و الجواد (ع) إلى كل من المباشر و السبب.

و في الحديث: (إن يزيد قاتل الحسين (ع) ( «1».

ثم إذا كان الطرفان السبب و المباشر، المحرّض و الفاعل عالمين بالضرر، فليس هناك غارّ و مغرور، و إن كان قد يطلق عليهما توسّعاً، بل الضمان و نحوه على الفاعل، و إن كان التعزير على السبب في بعض الأحيان لأمره بالمنكر.

و هكذا فيما إذا كان الفاعل عالماً و المحرّض جاهلًا، لعدم صدق التغرير مع علمه، أما إذا

كان الغار عالماً و المغرور جاهلًا فهو مصداق القاعدة.

نعم اختلفوا في الصورة الرابعة، و هي جهلهما معاً.

و الظاهر: صدق التغرير، لأن العلم ليس له مدخلية في الصدق، إذ التغرير عبارة عن ترغيب شخص إلى فعل يترتّب عليه الضرر أو فوت المنفعة، و إن كان المرغّب جاهلًا بالغرر بل كان قاطعاً بالنفع، أو لم يكن له علم بأحدهما.

و إن كان ربما يقال: بعدم صدق عنوان الغار على مثله خصوصاً في الصورة الثانية، لكنه غير تام عرفاً.

و على هذا فكل ما يغرمه الشخص الجاهل كلا أو بعضاً بسبب الغارّ، يكون عليه، سواء كان الغار عالماً أو جاهلًا، قاطعاً بالعدم أو شاكاً.

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 44، ص 244، ح 43.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 101

مصاديق القاعدة

و قد أكثر الفقهاء من أول الفقه إلى آخره من ذكر المصاديق، و نحن نذكر بعضها و بعض الأمثلة الأخر مما يمكن جريان القاعدة فيها.

مثل أنه لو غرّه بأن الماء لا يضرّه، فتوضأ أو اغتسل فمات أو عطب له عضو أو قوّة، فإن الغار ضامن، سواء كان طبيباً أو غيره، و لذا قال الرسول (ص) (قتلوه قتلهم الله) «1» فنسب القتل إليهم، لكن في كون الرواية ممّا نحن فيه تأمّل.

و مثل ما ذكره الشيخ المرتضى (قدس سره) و غيره في باب بيع الفضولي: ان المشتري إذا لم يخبره الفضول ان هذا مال الغير موهماً أنه ماله ثم تبيّن الخلاف بعد ذلك، فأخذ المالك المال و غرمه أجرة السكَن و نحوه، كان له الرجوع فيهما إلى الغار.

و مثل ما إذا أعطاه مال الغير بعنوان الهدية فاستعمله بما أوجب عليه خسارة الأصل فيما صرفه كالماء شربه، أو الأجرة و نحوها كسكنى الدار و ركوب الدابّة، كان

على المُهدي التدارك.

بل و مثل ما إذا أعطاه دجاجة هدية بما لو علم المهدى إليه أنها ليست له لما أكلها، فإنه يكون ضامناً، لقاعدة الغرور، كما أفتى به بعض الفقهاء.

و مثل رجوع الزوج إلى الزوجة المدلّسة أو وليها المدلّس، و إن لم يكن ولياً شرعياً، كما دل عليه النص و الفتوى، و قد أشرنا إلى بعض النصوص في أول البحث.

______________________________

(1) المستدرك: ج 2، ص 528، ح 2631، ب 4.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 102

و مثل رجوع المتضرّر جسماً أو مالًا إلى شاهد الزور، و قد تضرّر بسبب شهادته، سواء كان الشاهد عامداً أو لا، كما دلّ عليه النص و الفتوى، و قد تقدّم الإلماع إليه.

و مثل ما إذا غُرّ الزوج بأن فلانة زوجته فدخل بها و هي ظانة ذلك حيث إن المهر لها، و يكون المتحمل الغار.

و مثل ما إذا قدّم الغاصب طعاماً إلى شخص لضيافته، أو أسكنه في دار باعتبار أنها داره أو هو متوليها، أو أركبه دابة الغير كذلك، فإذا رجع المالك الأصيل أو الجهة المرتبطة بالوقف على المتصرّف، رجع إلى الغار.

و مثل ما إذا أشار إلى الصيّاد بأنه صيد مباح فأراده و تبيّن أنه مال الغير، فإنه يضمن الغار.

و مثله ما لو غره بأنه صيد فرماه و تبيّن أنه إنسان فإنّ دية القتل أو الجرح على الغار.

لا يقال: فماذا بمسألة السبب و المباشر؟ و ما ذا بمسألة ان الخطأ على العاقلة؟ لأنه يقال: السبب هنا أقوى لأنه الغار المشمول لقاعدته، و ليس ذلك من الخطأ الذي على العاقلة.

و مثل ما إذا قال للخيّاط: إن كان يكفي هذا القماش فاقطعه، فقال: يكفي، و قطعه فلم يكف و سقط عن القيمة أو قلّت قيمته، فيرجع

صاحب الثوب إلى الخيّاط بما غرّه.

و مثل رجوع المستعير و المستأجر إلى المعير و المؤجر فيما إذا تبيّن له أنّه مال الغير فغرم له، أو كانت الإجارة بالأقل و كانت تساوي الأكثر، فإن التفاوت على الغار.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 103

و مثل ما إذا ذكر له، ان الطريق آمن، فذهب و أصيب في نفسه أو ماله، حيث تشمله القاعدة.

و مثل ما إذا ذكر له: ان فلانة لا زوج لها فتزوّجها و هي لا تعلم حتى لا تكون زانية فإن المهر على الغار، و كذا لو غرّه بأنها ليست أخت زوجته أو ما أشبه و هي لا تعلم أنه متزوّج بأختها، إلى غير ذلك.

و مثل ما إذا غرّه بأن ترك الطعام الفلاني أو الدواء الفلاني لا يضره، أو بأن ترك الذهاب لا يضرّه، فضرّه الترك أو البقاء من جهة أسد و نحوه.

بل يحتمل أن تشمل القاعدة فيما لو قال له: ان الطريق غير آمن فلم يذهب، مما سبب ضرره حتى خسر في تجارته بالبقاء، و ما أشبه ذلك، لأن العرف يرى انه الضار و انه الغار.

و مثل أن يصف البنت بالجمال، فأمهرها بما يمهر البنت الجميلة بينما كانت قبيحة تستحق دون ذلك المهر.

و مثل أن قال له: ان البضاعة تساوي كذا، و بعد الشراء و التلف، تبيّن أنّ قيمتها دون ذلك.

و مثل أن شهدوا ان الجراح ديته أكثر، فتبيّن أقل، حيث على الشاهد التفاوت، إلى غيرها من الأمثلة الكثيرة.

فروع

و لو غرّه اثنان فالخسارة عليهما بالسويّة، أما لو كان التغرير بالتفاوت بأن كان أحدهما أكثر من الآخر، فهل يلزم بالتفاوت أو بالتساوي كما ذكروا في

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 104

الجنايات و الجنات؟ لا يبعد الثاني، و إن كان

مقتضى السببية الأول، و المثال خرج بالدليل، و إلّا فإذا رماه أحدهما بسهمين و الآخر بسهم مما اشترك الثلاثة في قتله بأن كان لكل ثلث، كان مقتضى العرف و العقلاء التثليث، كما لو أحرق داره اثنان كان لأحدهما نصيب الثلث و للآخر نصيب الثلثين و هكذا.

ثم اللازم استناد الغرور إليه و بدونه لا خسارة عليه، كما إذا مدح بنتاً بالصحة الجيّدة، فتزوّجها بعد مدة حيث انقلبت الصحة إلى المرض، و كذلك البكارة إلى الثيبوبة، فأخذها استناداً إليه باستصحاب السابق، لم يكن عليه شي ء لعدم الاستناد عرفاً.

و مثله ما لو أسكنه المالك، ثم انتقل الملك إلى غيره و استمرّ هو في السكنى، فإنه ليس بغار حتى يلزم عليه التدارك، إلى غير ذلك.

و لو شكّ في مورد انه من مصاديق القاعدة، فاللازم العمل حسب الموازين الأولية، إذ الحكم إنما يترتّب بعد تحقّق الموضوع و الفرض انه مشكوك.

و لو غرّه أحد اثنين، أو في أحد شيئين، أو غرّ أحدهما إنساناً، فاللازم إعمال قاعدة (العدل) كما ذكرنا مثله في بعض المسائل السابقة.

و لو غرّه في شي ء فاشتبه و عمل بآخر لم يكن على الغار، كما إذا دلّس فتاةً اسمها هند بنت زيد، فاشتبه و تزوّج بهند بنت عمرو، مما لو دلّسه فيها كان على الغار، لم يكن عليه شي ء، لأنه ليس غاراً بالنسبة إليه، إذ ما غُرّ فيه لم يكن، و ما كان، لم يغر فيه.

و لو علم بأنه غرّ أحداً بما فيه المال و لم يعرفه كان عليه المظالم و لو لم يعلم هل كان فيه المال أم لا؟ فالأصل البراءة.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 105

و مثله ما لو غرّه في أحد اثنين و الآخر ليس غروراً و لم

يعلم هل أنه فعل ما فيه الغرور أو الثاني؟ كان كذلك، لأصالة البراءة.

و هل الحكم تكليفي حتى لا يكون على الصبي الغار، أو وضعيّ حتى يكون عليه؟ الظاهر الثاني، لأنه من قبيل (من أتلف) و نحوه، خصوصاً إذا كان الغرور بالتلف، لأنه حينئذ يكون من مصاديقه.

و لو غرّه في زمان فعمل في زمان آخر لا غرور فيه، كان الحكم بالثاني، لأنه ليس حينئذ بمغرور.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 107

قاعدة (الزعيم غارم)

أدلة القاعدة

و هي من القواعد الفقهية المذكورة في كلامهم كثيراً، و قد استدلّوا بها في موارد متعدّدة.

و يدلُّ عليه: من الكتاب قوله سبحانه (وَ لِمَنْ جٰاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَ أَنَا بِهِ زَعِيمٌ) «1» بمعنى المتعهّد بإعطاء ذلك الحمل، و هو أمر مالي.

لا يقال: أولًا: من قال هذا كلام يوسف (ع)؟ و ثانيا: فهل هو حجّة في ديننا؟

و ثالثاً: فهل هو على العموم و هو مورد خاص؟ و الجواب: أولًا: انه كلام يوسف (ع) كما يظهر من الآيات كقوله سبحانه (مٰا كٰانَ لِيَأْخُذَ أَخٰاهُ) «2» إلى غيره.

و ثانياً: ما ذكرناه في (الأصول) من استصحاب الشرائع السابقة.

______________________________

(1) يوسف: 72.

(2) يوسف: 76.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 108

و ثالثاً: المستفاد منه قاعدة كلية، كسائر الموارد الجزئية في الآيات و الروايات المفيدة للعموم عرفاً.

أما قوله سبحانه (سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذٰلِكَ زَعِيمٌ) «1» فالظاهر عدم الدلالة، لأن معناه: كفيل بإثبات صحّة ذلك، فاستدلال بعضهم به غير ظاهر الوجه.

و من السنّة: قول النبي (ص) فيما رواه الخاصة و العامة في خطبته يوم فتح مكة: (الزعيم غارم) «2» و هو إخبار بقصد الإنشاء كما في أمثاله، و معناه: أنه يغرم ما ضمنه.

أما قول موسى بن جعفر (ع) حين سأله حسين بن خالد: جُعلتُ فداك قول الناس: (الضامن

غارم)؟ فقال (ع): (ليس على الضامن غرم، الغرم على من أكل المال) «3» فيراد به قرار الضمان.

و ما رواه فضيل و عبيد، عن أبي عبد الله (ع) قال: (لما حضر محمد بن أسامة الموت دخل عليه بنو هاشم، فقال لهم: قد عرفتم قرابتي و منزلتي منكم و عليّ دَيْن فأحبّ أن تضمنوه عنّي، فقال علي بن الحسين (ع): ثلث دَيْنك عليّ، ثم سكت و سكتوا، فقال علي بن الحسين (ع): عليّ دَينك كله، ثم قال علي بن الحسين (ع): أما انه لم يمنعني أن أضمنه أولًا إلّا كراهية أن يقولوا سبقنا) «4».

و في رواية أخرى: (ان رسول الله (ص) لم يصلّ على ميّت لأنه كان مديوناً درهمين و قال: صلّوا على صاحبكم، فقال علي (ع): هما عليّ يا رسول الله أنا لهما ضامن، فقام رسول الله (ص) فصلّى عليه، ثم أقبل (ص) على علي (ع)

______________________________

(1) القلم: 40.

(2) جامع أحاديث الشيعة: ج 18، ص 389، ح 3.

(3) جامع أحاديث الشيعة: ج 18، ص 389، ح 1.

(4) جامع أحاديث الشيعة: ج 18، ص 327، ح 8.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 109

فقال: جزاك الله عن الإسلام خيراً و فكّ رهانك كما فككت رهان أخيك) «1».

فإنه دليل على أن الضمان يوجب براءة ذمّة المضمون، و الميّت و إن كان انتقل دَيْنه إلى تركته إذا كانت له تركة، إلّا أن ذمّته تبقى مشغولة أيضاً، و لذا يؤخذ به يوم القيامة إن لم يؤدّ عنه و كان مقصّراً في ذلك.

و قريب منه رواية أبي قتادة حيث ضمن دينارَيْن لميّت، فصلّى عليه رسول الله (ص) «2».

الضمان

و لا يخفى ان المشهور بين فقهائنا ان الضمان ينتقل من ذمّة المضمون عنه إلى ذمّة الضامن،

خلافاً للعامّة الذين جعلوه مِن ضمّ ذمّة إلى ذمّة، لكنا لم نستبعد في (الفقه) صحّة ذلك أيضاً، إذا جعل الضمان بهذه الكيفية، حيث إن العقود حتى المخترعة منها لازمة، فيكون له الحق في الرجوع إلى أيّهما شاء، كجماعة وضعوا أيديهم عرضاً على مال إنسان فهو من قبيل الواجب التخييري و الكفائي و ما أشبه.

إلى غيرها من الأخبار التي يجدها المتتبّع في الوسائل و المستدرك و غيرهما.

و من الإجماع: ما تواتر في كلماتهم قولًا و عملًا.

و من العقل: أنه عقلائي بلا إشكال، و لم يردع عنه الشارع.

و لا فرق فيه بين أن يتعهّد بمال حوالة أو ضماناً أو بنفس مما يسمّى كفالة أو

______________________________

(1) جامع أحاديث الشيعة: ج 18، ص 326، ح 4.

(2) جامع أحاديث الشيعة: ج 18، ص 327، ح 6.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 110

بشي ء آخر كعلاج المريض و إيصال المسافر و تحصيل دار للسكنى أو ما أشبه، إلى غير ذلك.

لا يقال: المشهور عندهم ان الوعد غير لازم الوفاء.

فإنه يقال: الوعد كذلك لكن الكلام في العهد، و هما اعتباران عقلائيان و شرعيان، و عدم لزوم أحدهما لا يلازم عدم لزوم الآخر، و قد ألمعنا إلى ذلك في بعض مباحث (الفقه).

و بذلك ظهر انه لا يلزم وجود الدّيْن في ذمة المضمون عنه، بل يصح التعهّد لما سيكون فيما بعد قطعاً أو احتمالًا، فيجوز ضمان مال الجعالة المسمّى بالجُعل قبل فعل ما جعل عليه.

و كذا ضمان مال السبق و الرماية المسمّى بالسبَق على وزن فرس.

و كذا ضمان المهر الغائب للمرأة قبل العقد، و ضمان الثمن في البيع و نحوه قبله، و ضمان أجرة الحمّال و الطبيب و المهندس و السائق و الطيّار و السفان و نحوهم قبل الفعل،

و لا حاجة إلى بعض التوجيهات التي ذكرها بعض الفقهاء في الموردين الأولين الذين قال بهما المشهور.

بين العهد و الوعد

نعم فرق بين أن يعهد أو يَعِد، فالثاني لا يجب الوفاء به على المشهور بخلاف الأول، حيث تقدّم انه واجب الوفاء لأنه نوع عقد، بل قال جمع بأن معنى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) «1» في الآية الكريمة: أوفوا بالعهود، و قد قال سبحانه:

______________________________

(1) المائدة: 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 111

(بَلىٰ مَنْ أَوْفىٰ بِعَهْدِهِ وَ اتَّقىٰ فَإِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) «1».

و قال تعالى (وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كٰانَ مَسْؤُلًا) «2» إلى غيرها من الآيات و الروايات.

كما ظهر أنه يصح ضمان نفقة الزوجة في المستقبل قبل العقد فيما إذا كانت ترفض الزواج منه لعدم إنفاقه مثلًا فيقول ضامن: أنا أضمنه، فتتزوّج به.

و من الواضح: أنّ معنى الضمان حينئذ مشروط بتوفّر الشرائط، كأن لا تصير ناشزة أو ما أشبه.

و هكذا حال من يضمن وفاء موجّه الحملة بتعهّده، و المقاول بما يريد المقاولة عليه، و الطبيب الذي يريد التطبيب بعلاجه، إلى غيرهم.

و القول بأن الضمان في هذه الموارد من قبيل (ضمان ما لم يجب) و هو باطل بل غير معقول، لم يعرف وجهه، لأنه من قبيل المعاهدة لا الضمان، و فيه تعامل و تبادل من هذا النوع، و وجه كونه غير معقول غير ظاهر بعد كونه من الأمور العقلائية، و لا يستلزم محالًا من التناقض أو ما يتفرّع عليه كاجتماع الضدّين حيث حُقّق في الحكمة: أن كل المحالات ترجع إلى التناقض.

و منه ظهر أن نفقة الزوجة الحاضرة كنفقة اليوم الذي يقع فيه الضمان لا إشكال فيه سواء كان واجباً حالًا أو مستقبلًا.

و مما تقدم ظهر صحّة ضمان الأعيان الخارجية كما قال به الأساطين لأنّ

معنى ذلك تعهّد ردّها مع وجودها كلا، أو بعضاً مع البدل، و تعهّد رد المثل أو القيمة، أو ما له قيمته إذ كان مثلياً أو قيمياً لكن لا مثل و لا قيمة له حالًا فرضاً.

______________________________

(1) آل عمران: 76.

(2) الإسراء: 34.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 112

و لو فرض أن أدلة الضمان لا تشمل مثل ذلك، نقول: انه معاملة عقلائية فيشملها (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) «1» و نحوه، و لذا قال في التذكرة: إنّ معنى الضمان هنا الالتزام برد نفس أعيانها إذا كانت موجودة و ضمان قيمتها على تقدير التلف.

و لا يرد الإشكال عليه بأنه من (ضمان ما لم يجب) أو انه خارج عن الضمان المصطلح، و لذا التجئ المستشكل مع رؤيته صحّة مثل هذا الضمان إلى أن الوجود الاعتباري مضمون لا الوجود الحقيقي الخارجي.

و فيه: ان المضمون هو الوجود الحقيقي بالمعنى الذي ذكرناه، فلا يبقى داع لتصوّر الوجود الاعتباري.

و بذلك يظهر انه لا وجه للإشكال في ضمان الأعيان الخارجية بأنها قبل أداء من في يده من الغاصب و نحوه لا معنى له إذ لا ضمانين لشي ء واحد، و بعد أدائه لا موضوع للضمان.

إذ فيه: ان معناه ان الضامن يلزم الغاصب مثلًا بالأداء، فإذا لم يؤدّ أدّى بدله مما تقدّم و يكون بدله المؤدّى حينئذ من قبيل بدل الحيلولة مع بقاء العين في يد الغاصب، و مع تلفها يكون قرار الضمان على الغاصب و نحوه، و إن كان كل منهما ضامناً، بل لا يلزم أن يكون هناك إنسان فلو أُلقي متاعه في البحر أو هرب حيوانه و نحو ذلك صح ضمانه، للعقلائية التي عرفت.

لا يقال: لا مقابل لضمانه.

لأنه يقال: يمكن فرض ذلك فيما أراد المضمون عنه التشبث بالوسائل غير اللائقة

لإنقاذ ماله فاطمأنه الضامن بذلك.

______________________________

(1) المائدة: 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 113

الضمانات الطولية و العرضية

ثم إنه كما يجوز ترامي الضمان في الضمانات المتعارفة يجوز هنا، كأن يضمن زيد لعمرو عينه، و بكر يضمن عن زيد فتكون ضمانات طولية، إلى آخر ما ذكروه هناك من الفروع و الخصوصيات.

هذا في الضمانات الطولية، و يمكن في العرضية أيضاً بأن يضمنه اثنان سواء في العين أو غيرها فإذا أطلقا كانا شريكين في التناصف، و إذا قيّد كلّ باختلاف النسبة كان كذلك.

كما أن في الصورة الأولى إذا لم يقصد الضامن الشراكة أو لم يعرفها أصلًا فتخلّف أحدهما كان كله على الآخر، و على الغريمين المذكورين فيصح ثلاث ضمانات مثلًا اثنان عرضيا و الآخر طولياً قبلهما أو بعدهما و هكذا.

و كما يصح الضمانان على نحو الكليّة يصح على نحو الشخصية بأن يضمن الدار الخارجية، أحدهما: طرفها الأيمن، و الآخر: طرفها الأيسر، و كذلك يضمن اثنان أحدهما مطلقاً و الآخر على تقدير عدم وفاء الضامن الأول، إلى غير ذلك من الصور.

ثم إن حكم الرهن في باب ضمان الغارم عيناً أو غيرها حكم الرهن على الديون الخارجية، و حيث إن الأمور المذكورة اعتبارية منضمّة إلى صحّة كل عقد عقلائي على ما ألمعنا إليهما لا يبقى مجال في الكبرى كما لا إشكال في تصوّر الصغرى، و الرهن حينئذ لا ينفك بالضمان بل انفكاكه يكون بالأداء أو نحوه كالهبة و الإرث و غيرهما مما يوجب فقد الموضوع.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 114

و لو ادعى أحد على آخر مالًا و أنكره صح أن يقول الغارم: هو على تقدير الثبوت، أو مطلقاً، أو إن لم يؤدّ إليك إلى وقت كذا فأنا أعطيك لما عرفت من العقلائية.

و لو أراد الجائر غصب ماله

أو سجنه أو قتله، فقال الغارم: أترك ذلك، على كذا، فهل يلزم لأنه عهد و العهد يلزم الوفاء به حتى مع الكافر الذي ليس على الحق، و إلّا فمن الواضح أن صلح الرسول (ص) في الحديبية و صلح الإمام الحسن (ع) مع معاوية كانا صلحاً مع غير المحق، و مع ذلك كان واجب الوفاء، كما دل عليه بعض الروايات في باب معاهدة الكفّار أم لا، لأن المبطل لا يستحق شيئاً و في باب الصلح مع الكفار و نحوهم دل الدليل عليه، ففي ما سواه يعمل حسب الأدلة الأولية؟ و هذا لعله أقرب، و يترتّب عليه عدم إعطائه إن تمكن، و التقاص إن لم يتمكن.

الحوالة

و يأتي في باب الغارم الحوالة أيضاً كما إذا امتنعت البنت عن قبول الزواج لأن من تريد الزواج به لا يُؤدي المهر أو النفقة أو لا يعمل بالقسم أو ما أشبه، فقال أب الولد مثلًا: أنا زعيم بإعطائك أو أنا أعطيك كذا إن لم يقسم لك، فقالت البنت: أنت لا تملك المال، فقال الأب: أحوّلك على فلان الثري، و وافق ذلك الثري، وجب عليه الوفاء لما تقدم من أنه من (العهد) و يشمله (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) «1».

و بقية الفروع تظهر من باب الحوالة فلا حاجة إلى الإطالة.

______________________________

(1) المائدة: 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 115

و كما ذكروا في باب الحوالة يصح ترامي الزكاة بأن قال زيد: أنا زعيم عن عمرو فيقول خالد: أنا زعيم عن زيد و هكذا.

و كذلك يصح تعدّدهما بالتساوي أو بالاختلاف على ما تقدم مثله.

و الزعيم يصح أن يطلق أو يقيّد بأن يقول: أنا أضمن مهر المرأة التي يراد زواجها إن لم يعط الزوج، كله أو بعضه بكله أو بعضه مطلقاً،

أو إذا لم يعط إلى سنة، أو إذا لم يعط مع مطالبة الزوجة أو ما أشبه ذلك، لإطلاق الأدلة.

أو أن يقول: أنا أضمن نفقات الزوجة إن لم ينفق الزوج أو أنا أضمن نفقتها في حال كون الزوج في السفر إلى غير ذلك.

و كما يجوز الزعامة في المال يجوز في النفس كأن يقول المكفول له: أنا غير واثق بالكفيل فيقول: إن لم يف الكفيل فأنا أضمن، مطلقاً أو مقيّداً.

نعم لا تصح الزعامة التي لم يأذن بها الشارع، كأن يقول: أنا كفيل بإحضار القاتل عمداً فإن لم أحضره فاقتلني، أو في الجارح: إن لم أحضره فاقطع يدي.

نعم في الضرر الذي أجازه الشارع مثل إدماء الجسم و ما أشبه يصح أن يقول الكفيل إن لم أحضر الجارح فاجرحني لأن جوازه يوجب شمول الإطلاقات له.

و من الجائز أن يقول: احبسني إن لم أحضر المكفول.

و يدلُّ عليه بالإضافة إلى القاعدة روايات خاصة نقلها صاحب الوسائل و غيره في كتاب الضمان.

فمنها: عن عمّار، عن أبي عبد الله (ع) (قال: أُتي أمير المؤمنين (ع) برجل قد تكفّل بنفس رجل فحبسه، قال: اطلب صاحبك) «1» إلى غيرها من الروايات.

______________________________

(1) الوسائل: ج 13، ص 156، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 116

و هذا يجري في الحقوق لا في الأحكام فلو قالت الزوجة للزوج: إن لم أحضر فلاناً أو ما أشبه ذلك فلا حقّ لي عليك في الملامسة أو البيتوتة فيما لها الحق في نفسه، صحّت الكفالة.

و لو تكفلت بأنه إن لم تحضر المكفول حق للمكفول له الزواج بها جبراً فهل يصح للحاكم الشرعي إجبارها لأنه حق عليها؟ احتمالان: مقتضى القاعدة الحق، لكني لم أجد من صرّح به.

لو مات الزعيم

و لو مات الزعيم و كان حق مالي

أو يمكن تبديله بالمال و كان له مال، انتقلت الزعامة إلى ماله و يكون من أصل التركة، فإن لم يقبلوه بأن أنكروا الزعامة و قامت البيّنة فهو، و إلّا لم يثبت إلّا بموازين الدعوى.

و لو كانوا ورثة و أثبت بعض و أنكر بعض و لم يكن المثبت مشتملًا على العدد و العدالة ثبت في حصّة المقرّ، لكن الظاهر بنسبة حصته لا الكل.

و هذه المسألة شبيهة بما لو كان للميّت ولدان و كان أحدهما يقرّ بولد ثالث و الآخر ينكره حيث يأخذ من حصة المقر، لكن هل ينصّف معه نصيبه أو يعطيه الزائد، فإذا كان للميت ستة و أقر زيد بعمرو و أنكره خالد فهل يعطى المقر للثالث ديناراً أو ديناراً و نصفاً؟ و لا فرق في أخذ المال من الورثة بالنسبة، بين الرجل و الزوجة و الولد الأكبر في باب الحبوة.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 117

و لو صار زعمياً ثم تبدّل مذهبه أو تقليده أو دينه إلى ما يرى عدم الزعامة، فالظاهر البقاء على ما كان للاستصحاب و لأنه العقلائي، فلا يقال: قد تبدل الموضوع، فإن مثل ذلك ليس من تبدل الموضوع عرفاً.

و لو انعكس بأن تبدل إلى ما يرى الزعامة و وقت الزعامة لم يكن يراها فالظاهر عدم اللزوم عليه لأنه فَعَل باطلًا عند الزعامة و لا دليل على التبدل.

و الفروع في ذلك كثيرة و بعض ما ذكرناه يحتاج إلى تتبّع أكثر و تعمّق أدق، و الله المستعان.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 119

قاعدة الإتلاف

أدلة القاعدة

لا إشكال في هذه القاعدة، و الآيات و الروايات بها متواترة.

قال سبحانه (فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ..) «1».

و قال تعالى (وَ إِنْ عٰاقَبْتُمْ.) «2».

و قال عزّ شأنه (وَ جَزٰاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ) «3».

و من الروايات:

(من أتلف مال الغير فهو له ضامن) حيث ذكر بعضهم أنه رواية.

و رواية: (على اليد ما أخذت حتّى تؤدي) «4».

و في رواية أخرى: (تؤديه) إلى غيرهما من متواتر الروايات المذكورة في أبواب الضمان و الحدود و الديات و القصاص و ضمان الأجير و شاهد الزور و العارية و الرهن و الزكاة و غيرها، مما يقرب من مائة رواية مذكورة في الوسائل

______________________________

(1) البقرة: 194.

(2) النحل: 126.

(3) الشورى: 40.

(4) عوالي اللئالي: ج 1، ص 224، ح 106.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 120

و المستدرك و البحار و غيرها.

و عليه الإجماع القولي و الفتوائي، و بناء العقلاء كافة، و السيرة، و المركوز في أذهان المتشرّعة.

و المعيار صدق العناوين الواردة في الكتاب و السنّة، مثل (الاعتداء) و (السيئة) و (الإتلاف)، و لا يهم بعد ذلك صدق المباشرة و التسبيب و إيجاد الشرط و المعدّ و رفع المانع.

مثلًا: كان هناك أسد يريد أن يفترس إنساناً، يمنعه عن ذلك باب، فإذا فتح الباب فافترسه، كان من السبب عرفاً، و إن كان من رفع المانع اصطلاحاً.

و لا فرق في المباشرة بين عدم وجود الآلة كإتلافه بيده أو رجله أو نفخة في الهواء أو نحوها، أو وجودها كالقتل بالرصاص أو السم أو النار أو ما أشبه، للصدق على ما عرفت.

كما لا فرق بين العلم و الجهل و الاختيار و الإلجاء و الإكراه مما لم يكن دليل آخر على العدم، و لذا ورد ضمان الضّئر لو انقلبت على الطفل في حال نومها فمات.

و كذلك أفتوا بالضمان إذا كان التلف بيده أو رجله في حال النوم فكسر الإناء مثلًا.

و مثله لو اضطرّ إلى السير على لَبِن الغير إلى النهر لإنقاذ ولده فإنه ضامن لخرابها، أو أكره، لكن

يلاحظ هنا أنّ أيهما أقوى السبب أم المباشر؟ لأنه المسند إليه القتل و الكسر و نحوهما، لا لدليل خاص يفرق بينهما.

و ما ذكره بعض المعاصرين من عدم ضمان النائم إذا انقلب و أتلف نفساً أو طرفاً لا في ماله و لا على عاقلته لم يظهر له مدرك.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 121

و إن قيل: ان ظاهر الفعل الاختيار.

قلنا: مناسبة الحكم و الموضوع ينفي هذا الظاهر فأيّ فرق بين النائم و الغافل و السكران و عدم القاصد و أشباههم؟ و لذا ذكروا: أنه لو ارتضع من النائمة نشر الحرمة.

و قد ذكرنا في بعض المباحث: انه إذا لم ير العرف اقوائية أحدهما كان عليهما، كمن يسلم سيارته إلى من لا يحسن القيادة فيصيب بها إنساناً فيقضي عليه، فإن العرف يرى تقصيرهما، و انه لا اقوائية لأحدهما على الآخر.

نعم ذكر الشارع في أبواب الحدود و الديات و القصاص: ما يفرّق بين العمد و غيره، فمن جرح إنساناً من غير عمد لا حدّ عليه و لا قصاص، و إنما الدية على عاقلته على تفصيل مذكور هناك.

كما لا فرق بين الإسلام و الكفر إلّا إذا استثنى بدليل الإلزام و نحوه، كما إذا كانت عقيدة الكفّار أنّ من أتلف شيئاً منهم لا شي ء على المتلف، أو ان التلف على شركة التأمين، فيما كان مؤمّناً فليس كإتلاف المسلم المؤمّن حيث إنه أولًا و بالذات على المتلف و إنما تدفعه الشركة حسب الشرط، و لذا لو لم تدفع حق للمتلَف عليه الرجوع إلى المتلف.

المال و المالية

ثم إن التلف أعم من المال أو المالية، و إن كان الأصل موجوداً بشرط أن لا يكون الشارع حرّمه، فتلف المال إحراق الخشب مثلًا، و المالية جعل الثلج ماء فيما

لا مالية له أو له مالية ناقصة حيث يضمن التفاوت، كما أن منه حفظ الثلج إلى

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 122

الشتاء حيث لا مالية له إطلاقاً، أو الذهاب بالماء إلى النهر كذلك.

أما لو تبدّلت المالية للشي ء الفلاني إلى شي ء آخر كالتمر يصبح خلا، و فُرض أنهما يتساويان في المالية فإنّ صاحبه له الحقّ في مطالبة التمر، فإن الأدلة تشمله.

بل ذكرنا في (الفقه): أنه لو حفظ التمر حتى صار بالياً أو حامضاً، فله الحق في مطالبة مثله و إن كان له قيمة، إذ هو لا يريده، و لا وجه لإعطائه مع التفاوت و إلزامه بأن يبيعه.

و كذلك الحال لو جعل الماء ثلجاً في الشتاء حيث لا يمكن الاستفادة منه و تبديله إلى الماء، و لو بدل ثلجه ماء ثم بدل الماء ثلجاً و سلّمه، فالظاهر عدم الضمان لصدق (تؤديه).

و لو احتفظ بالجارية حتى صارت كبيرة مما قلّ مهرها، ضمن التفاوت، و كذلك لو شوّه وجهها ببعض المساحين و ما أشبه.

و كذلك لو فعل بالحيوان ما نقصت قيمته، و لو قطع ذَنَب الفرس أو إذنه بما لم تختلف القيمة لكن القاضي مثلًا ليس من شأنه ركوبه، حقّ له مطالبة البَدَل.

و ممّا تقدّم يظهر حال ما إذا حفظ ورقة النقد حتى سقطت القيمة، كلا أو بعضاً، و لا فرق بين سقوط القيمة بصورة كاملة، أو تتبدل القيمة النقدية إلى القيمة الأثرية.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 123

المنافع

و كما يشمل المال: النقود و سائر الأموال، فإنه يشمل المنافع أيضاً كسكنى الدار و ركوب الدابة، فلو أتلفهما كان ضامناً لهما و لعوارضهما، و العوارض مثل انه لو أتلف سكنى الدار شهراً و كانت الدار تؤجر سنة بمائة، و أحد عشر شهراً بخمسين

لأن السنة الكاملة لها ثمن أعلى كان ضامناً للخمسين المتلفة لا بقدر التقسيم على الأشهر بالتساوي.

و حيث قد عرفت الأدلة فلا يشترط أن يصدق الغصب، أو لا، أو الإتلاف، أو لا، و إن كان اللفظان واردَيْن في النص و الفتوى، قال (ع): (فإن الغصب كلّه مردود) «1» إلى غير ذلك.

عمل الحر

و ممّا تقدّم عُرف عدم الفرق بين أن يكون المتلف مملوكاً كعمل العبد، أو لا كعمل الحُر، بل الظاهر الضمان فيما لو حبس الفتاة المطلوبة للخاطب مدّة بحيث قلّ مهرها، فإنه يضمن التفاوت.

و حيث إن الأمر ضمان و هو حكم وضعي فلا فرق فيه بين العاقل و المجنون و الكبير و الصغير إلّا إذا لم يشمله الدليل عرفاً كالمجنون الفاقد للشعور إطلاقاً أو الصغير غير المميّز إذا لم يكن بتسبيب من العاقل الكبير حيث يضمن هو، لكن ربما

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 6، ص 365، ح 4.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 124

يشكل ذلك بتقلّب النائم و نحوه.

و لو أتلف أحد شخصين لم يعرف أيهما، لم يستبعد التنصيف لقاعدة العدل، كما لو أتلف مال أحدهما لم يعرف كذلك نُصّف بينهما.

و لو اشترك اثنان ففي القتل و الجراحات لا فرق بين التساوي و غيره لأنه حسب الجُناة لا الجنايات كما قرر في موضعه أما في الأموال فهو حسب الجنايات لا الجنات لأنه الأصل الذي خرج منه الدماء فيبقى الباقي تحت الأصل.

و حيث فصلنا كثيراً من المسائل في كتاب (الفقه) نكتفي بهذا القدر.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 125

قاعدة الميسور

أدلة القاعدة

و هي من القواعد المشهورة، و يدلُّ عليها: من الكتاب قوله سبحانه (يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) «1» و إطلاقه يشمل الأصل بعدم جعل الله أحكاماً عسرة، و الفرع بعدم إرادته ما يعسر من الأجزاء و الشرائط و نحوها، فيبقى الإطلاق بالنسبة إلى العبادة و نحوها شاملًا للبقية.

و يؤيّده استدلال الإمام ب (مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) «2» للمسح على المرارة حيث لم يرد الله الحرج و بقي دليل الوضوء بإتيان البقية و تبديل المسح بالإمرار على البشرة «3» إلى غيرها من

الآيات و الروايات الدالة على إرادة الله اليسر و (ان الدين رفيق) و ما أشبه.

و من السنّة: (ما أمرتكم بشي ء) و (ما لا يُدرك) و (الميسور) «4» و سندها كدلالتها غني عن الكلام، و قد ألمعنا إليه في (الأصول).

______________________________

(1) البقرة: 185.

(2) الحج: 78.

(3) المستدرك: ج 1، ص 338، ح 778، ب 34.

(4) وسائل الشيعة: ج 13، ص 368، ح 13.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 126

و قطع النظر عن ذلك، الأصل العملي يقتضي البقاء إذا رأى العرف بقاء الموضوع الذي هو من أركان الاستصحاب كفى و نوبته بعد الأدلة الاجتهادية، و فيه مناقشات ذكرت في المفصّلات.

و الإشكال الذي ذكره جماعة من الأصوليّين من أنه لا يمكن أن يراد من (الشي ء) في النبوي الأعم من الكل و الكلي، لأنه من استعمال اللفظ في أكثر من معنى، المحال عند الآخوند (قدس سره)، و غير الظاهر عند غيره غير ظاهر بعد وجود الجامع، بالإضافة إلى الملاك حسب المتفاهم عرفاً.

و منه يُعلم عدم تمامية إشكال ان (من) لا يستعمل في الأعم من الأفراد و الأجزاء، إذ هو مستعمل في النسبة التبعيضية، فلا يهم بعد ذلك أن يكون الربط بالجزء أو الجزئي.

و من الإجماع: ما لا يخفى على المتتبّع قولياً و عملياً، و إن اختلفوا في بعض المواضع، فاختلافهم إنما هو في المصداق هل أنه ميسوره أم لا؟ و هل انه منه أم لا؟ و من العقل: ان بناءهم على ذلك إذا أحرز الموضوع أي أنه ميسوره و انه المستطاع منه.

و إليك بعض الموارد التي قيل أو يمكن أن يقال بالأخذ بها فيها، و هي و إن كانت محل مناقشات لكنّا نذكرها إلماعاً لا استيعاباً: مثل ما إذا تعذّر تعدّد الغسل في

النجاسات المحتاجة إليه فإنه يغسل الممكن حتى في المحتاج إلى التعفير، خصوصاً بعد قول العلّامة (قدس سره) و جماعة: أن النجاسات الشرعية كالقذارات العرفية فحالها حالها، و هذا هو ما يفهمه العرف.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 127

بل لو أمكن تخفيف النجاسة بأن كانت على الثوب أو البدن قذارة فأمكن إزالة بعضها كمّاً أو كيفاً كان من (الميسور).

و لعلّ منه صب علي (ع) الماء من الترس على جبهة رسول الله (ص) المجروحة مع وضوح ان الماء لا يزيل كل الدم من الجبهة التي فيها نتوآت فتأمل.

استطراد

و من نافلة الكلام غير المرتبط بالمقام، و إنما نذكره استطراداً ان انكسار رباعية رسول الله (ص) إن أريد به سقوط بعضه، فالظاهر عدم تماميته لأنه يوجب التشويه الخَلقي، و قد ثبت في محله انه لا يكون في الرسول (ص).

و يؤيّده: عدم ذكر أحد أنه رأى الرسول (ص) مكسور الرباعية، و لو كان لَبان.

و مثل ما إذا تعذّر كلّ الدلاء في نزح البئر، فيأتي بالبعض الممكن.

و مثل ما إذا تعذّر السدر، أو الكافور، أو كل الأغسال الثلاثة، أو قِطع الأكفان، أو الحنوط، أو كل الصلاة، أو كل الدفن بأن أمكن دفن نصف جسمه دون الباقي، فَعل الميسور منها.

بل يمكن أن يقال: إنه إذا لم يكن هناك ماء و أمكن مسح السدر أو الكافور فهو المتعيّن، لأنهما عرفاً من باب التطبيب و التنظيف و كلاهما ممكن.

بل لا يبعد أن يقال: بالوجوب فيما إذا كان هناك محلول منظّف دون الماء.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الفقه، القواعد الفقهية، در يك جلد، ه ق

الفقه، القواعد الفقهية؛ ص: 127

و يؤيده: ما ورد من انه إنما أُمر بذلك حتى يتلقّاه الملائكة بنظافة.

و مثل باب الصلاة حيث يأتي

بالميسور منها كما ذكر في كتب الفقه، حتى أنه

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 128

يتبدّل إلى التسبيحات الأربع، لكن تبدله إلى ركعة فقط من الثنائية أو غيرها محل تأمّل و لم أرَ من ذكره.

نعم ذكروا في باب الطهارة مسألة السلس، و لعلّ باب الستر و القبلة و ما أشبه كذلك، فيأتي بالستر و بالقبلة في بعض الصلاة إن لم يتيسّر غير ذلك.

و في الجهر و الإخفات تجري القاعدة أيضاً، و في باب الجلّال إن لم يتمكن من تكميل الكم أو الكيف يأتي بما يتيسّر، فتأمّل.

و ظاهرهم انه لا تبعيض في الصوم إلّا في ذي العطاش حيث ورد به النص.

نعم في التقية يأتي بالصوم إلى الغروب الحسّي، و يكفي فلا قضاء، كما ذكر وجهه في بابه.

و في باب الحج يأتي ببعض الطواف أو السعي أو الوقوفين أو الجمار و يؤتى بالبقية نيابة، كما انه إذا لم يتمكن من بعض أعمال منى يأتي بالبعض الميسور و يستنيب في الذبح و الرمي، و إذا لم يتمكن من بعضها إطلاقاً كفى الممكن.

و هل فاقد الطهورين يأتي بصورة التيمّم مثلًا حيث يضرّه الماء و التراب و يأتي بالحج، كما نرى ذلك في باب الصلاة لأنها لا تترك بحال غير بعيد خصوصاً و يأتي لملاك ما ذكره (ص) من (لا حرج، لا حرج) «1» هنا أيضاً.

و في الهدي إن أمكن الاشتراك فعل كما ورد به الدليل أيضاً، أما إذا لم يمكن إلّا حيوان آخر غير الأنعام الثلاثة فهل يأتي به، لبعض العلل في النصوص و الملاك، أم لا، لأنه لم يقل به أحد؟ الظاهر الثاني فيبدل إلى الصوم إلّا إذا لم يتمكّن من الصوم.

و في باب الكفارات يأتي بالممكن من الصيام و الإطعام

و العتق، أما إذا لم

______________________________

(1) راجع الوسائل: ج 7، ص 150، ح 1 وص 153، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 129

يتمكّن من العتق فلا ينتقل الوجوب إلى ثمنه لأنه ليس عرفاً ميسوراً منه.

و في باب الحدود و القصاص و الديات يأتي ببعضها الممكن، نعم إذا قَتَل فلم يمكن القصاص و أمكنه قطع يده أو رجله أو ما أشبه فهو ليس ميسوراً من القتل، و قد ذكرنا في كتاب (الدولة) «1» و غيره: ان التأديب يقوم مقام الحد في بعض الموارد.

و في باب نفقات الزوجة و نحوها يأتي بالميسور، كما أن الزوج في القسم و المباضعة يأتي به أيضاً سواء في الكمّ أو في الكيف.

و في باب الوصية و ولاية الوقف و نحوهما يأتي بالميسور منهما كمّاً و كيفاً.

و في باب الإرث كذلك.

و كذا باب القضاء، مثلًا: ثبت عند الحاكم ان الدار لزيد لكن لا يمكنه الحكم إلّا بأن بعض الدار له أو أنها في إجارته حتى يتمكّن من الانتفاع بمنافعها فإنه يأتي بالميسور، إلى غيرها من الموارد المتعدّدة.

المحرمات

كما أن في المحرمات يأتي بترك الميسور تركه كمّاً أو كيفاً، مثلًا: في باب الحج يترك بعض محرماته دون بعض المضطرّ إليه.

كما يترك الشديد إن اضطرّ إلى الخفيف، كما إذا دار الأمر بين قلع شجر الحرم أو حشيشه فإنه يترك الشجر و يقلع الحشيش حيث إن العرف يرى أنه أهون.

و هكذا لو دار الأمر بين شرب انائين

______________________________

(1) موسوعة (الفقه) ج 101 و 102 كتاب الدولة.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 130

من الخمر أو إناءٍ، فإنه يترك الإناءين من الخمر إلى إناء، أو يشرب الإناء الخفيف السكر كساعة مثلًا بدل شربة شديدة كساعتين، لكن هذا ليس من باب الميسور إلّا

بالملاك بل من باب (ان الضرورات تقدّر بقدرها).

و نفس هذا الكلام يأتي في باب المستحبّات و المكروهات فيما إذا لم يعلم الارتباط بحيث كان ميسوراً عرفاً كما حدّد بعض الأشياء بعشرة أو أربعين أو سبعين، أو الدخول في الحرم بآداب كذا، أو كراهة شرب الماء قائماً في الليل حيث إذا تيسّر عدم الشرب ليلًا دون ليل أو بعض الماء دون بعض أتى بالميسور أو ترك الميسور.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 131

قاعدة الاشتراك في التكليف

أدلة القاعدة

و هي قاعدة مشهورة، و يدلُّ عليها: من الكتاب خطابات (يٰا أَيُّهَا النّٰاسُ)* و (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا)* و ما أشبه، ممّا لا إشكال في اتحاد مفادها مع مفاد سائر الأحكام التي لم تصدر بهذه الجمل مثل (كُتِبَ عليكم الصيام) «1»،) وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ)* «2»،) وَ اعْلَمُوا أَنَّمٰا غَنِمْتُمْ) «3»،) وَ لِلّٰهِ عَلَى النّٰاسِ حِجُّ الْبَيْتِ) «4» و ما أشبه من غير فرق بين أن يكون للتكليف أو للوضع مثل (يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي أَوْلٰادِكُمْ) «5» إلى غيرها.

و اختصاص الخطاب بالمشافهين، أو الحاضرين دون الغائبين و القادمين، لقبح خطاب غير الحاضر أو المعدوم إنما يتم إذا لم يكن تشريع للجميع كما يفهم كل أصحاب الأديان و القوانين، فإنها على نحو القضايا الحقيقية.

______________________________

(1) البقرة: 183.

(2) البقرة: 43.

(3) الأنفال: 41.

(4) آل عمران: 97.

(5) النساء: 11.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 132

نعم إذا كان على نحو الخارجية مثل (جهّزوا جيش أسامة) «1» لم يشمل حتى غير المعنيين فكيف بغيرهم.

و من السنّة: متواتر الروايات: كالنبوي (ص): (حكمي على الواحد حكمي على الجماعة) «2».

و الخبر المشهور (حلال محمد (ص)) الحديث «3» بعد ثبوت ان المراد من الحرام: الحكمان الاقتضائيان، و من الحلال غير الاقتضائية، كما ذكرناه في (الفقه) أو يشمل

الثلاثة الأُخر بالملاك.

و قوله (ص) مكرّراً: (فليبلغ الشاهد الغائب) «4».

و من الواضح أن المراد بالجملة الثانية أعم من المعدوم، و قبح خطابه أو ما أشبه قد عرفت جوابه.

إلى غيرها من الروايات أمثال: (فلان ثقة يؤخذ منه معالم الدين) كما ورد مكرّراً.

و من قبيله آية النفر «5» و آية سؤال أهل الذكر «6»، و الأخبار الدالة على ذلك المضمون.

و من الإجماع: إنه لا إشكال فيه، فهو متواتر في كلماتهم قولًا و عملًا بدون نكير.

و من العقل: انه بناء كافة العقلاء في جميع الأمصار و الأدوار، هذا

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 22، ص 468، ح 19.

(2) عوالي اللئالي: ج 2، ص 98، ح 270.

(3) الكافي: ج 1، ص 58، ح 19.

(4) المستدرك: ج 12، ص 88، ح 13596، ب 75.

(5) التوبة: 122.

(6) النحل: 43.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 133

بالإضافة إلى الارتكاز و السيرة.

و عليه فلا خصوصية للرجل أو المرأة، و الصبي أو الصبية، سواء كان الخطاب و نحوه للأول أم للثاني، مع حفظ القيود و الشروط في الموضوع، و بالعكس، و لذا لو سأل زرارة أو أم فلان من الصادق (ع) ان ثوبه أو ثوبها أصابه بول، فقال: اغسله في الماء الجاري مرة، لم يشك في أنه لا خصوصية للسائل، كما لا يشك في أنه لا خصوصية لأهل المدينة محل السؤال أو للنهر الذي أشار إليه الإمام (ع) مثلًا بقوله: اغسله فيه.

و لذا لم يشك الفقهاء قديماً و حديثاً باستثناء المستند في أنّ قوله (ع): (انظروا إلى من معكم من الصبيان) «1»، إنه يشمل البنات أيضاً.

المستثنيات

و كما أنّ كثيراً من القواعد لها استثناء فهذه القاعدة كذلك فلا يستشكل باختصاصات رسول الله (ص) أو اختصاص الزهراء عليها السلام بعدم

زواج علي (ع) لغيرها ما دامت في الحياة.

أو الأحكام الخاصة بالرجل كالجهر دون المرأة أو بالعكس ككون إرثها نصف إرث الرجل في كثير من الأحيان.

و الحاصل: ان الأصل: الاشتراك، و الخارج يحتاج إلى الدليل.

ثم إنا ذكرنا في (الفقه): أن لا خنثى مشكل بل إما رجل أو امرأة، فإن أمكن التمييز بالعلائم فهو و إلّا فله الخيار في جعل نفسه في أحدهما، أو المعيار القرعة،

______________________________

(1) الوسائل: ج 8، ص 207، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 134

أو قاعدة العدل في الإرث كما في رواية فلا حاجة إلى الكلام في ذلك من جهة قاعدة الاشتراك.

نعم الاشتراك في التكليف لا ينافي وجوب تقليد كلّ مقلّد لمجتهده و إن كان رأي المجتهدين مختلفاً في الأحكام.

كما لا ينافي ذلك دليل الإلزام حيث إن الحكم الواقعي و إن كان واحداً بالنسبة إلى الجميع إلّا أن الشارع سهّل لنا إلزام الكفّار بما التزموا به، كالأحكام الثانويّة بالنسبة إلى الأحكام الأولية.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 135

قاعدة التسلّط

أدلة القاعدة

و تسمّى بقاعدة (الناس مسلّطون على أموالهم و أنفسهم).

و في موضع من الجواهر زيادة: (و حقوقهم).

و القطعة الأولى رواية «1» مشهورة في ألسنة الفقهاء قديماً و حديثاً، بحيث لا يحتاج إلى البحث عن السند.

و (أنفسهم) مستفاد من قوله تعالى (النَّبِيُّ أَوْلىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ) «2».

و (حقوقهم) مستفاد من (لا يبطل حق امرء مسلم) «3» بعد أخذ الموضوع من العرف، إن لم يتصرّف فيه الشرع بزيادة أو نقيصة.

و يدلُّ على القاعدة: الأدلة الأربعة: فمن الكتاب: قوله سبحانه (لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ)* «4».

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 2، ص 272، ح 7، ب 33.

(2) الأحزاب: 6.

(3) وسائل الشيعة: ج 19، ص 65، ح 1.

(4) البقرة: 188.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 136

و قوله

تعالى (وَ آتُوا الْيَتٰامىٰ أَمْوٰالَهُمْ وَ لٰا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَ لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَهُمْ إِلىٰ أَمْوٰالِكُمْ إِنَّهُ كٰانَ حُوباً كَبِيراً) «1».

و قوله عزّ من قائل (وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) «2».

و قوله تعالى (وَ لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ وَ تُدْلُوا بِهٰا إِلَى الْحُكّٰامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوٰالِ النّٰاسِ بِالْإِثْمِ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) «3».

و قال سبحانه (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوٰالِكُمْ) «4».

و من السنة: الروايات الخارجة عن الإحصاء مثل ما تقدم من قوله (ص): (الناس مسلّطون على أموالهم) «5».

و ما رواه أبو بصير عن الصادق (ع): (إن لصاحب المال أن يعمل بماله ما شاء) «6» إلى غيرهما، بل باب المعاملات كله مبنى على الروايات الدالة على ذلك.

و من الإجماع: ما لم يختلف فيه أحد، فهو من أقوى الإجماعات القولية و العملية.

و من العقل: ان العقلاء يرون ذلك من غير نكير.

و لا يقال: ان الشيوعيّين ينكرونه.

لأنه يقال: كل بديهي ينكره جماعة، حتى أصل الكون و الوجود، حيث

______________________________

(1) النساء: 2.

(2) النساء: 4.

(3) البقرة: 188.

(4) البقرة: 279.

(5) بحار الأنوار: ج 2، ص 272، ح 7، ب 33.

(6) الوسائل: ج 13، ص 381، ح 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 137

يقول السوفسطائيون بأنه ليس إلّا الخيال.

كما يدل عليه أيضاً: المركوز في أذهان المتشرّعة و السيرة القطعية.

و قد جعل في الإسلام المال كالنفس، و وعد لمن أكله من غيره النار، و اعتبر من قُتِل دون ماله شهيداً.

فعنه (ص): (من قُتِل دون ماله فهو بمنزلة الشهيد) «1».

و في حديث آخر عنه (ص): (من أكل مال أخيه ظلماً و لم يردّ عليه أكَلَ جذوة من النار يوم القيامة) «2».

و في ثالث عنه (ص): (حرمة ماله كحرمة

دمه) «3» إلى غيرها ممّا يجده الطالب في (الوسائل) و (المستدرك) و (البحار) و غيرها.

الملكية الفردية و الاجتماعية

ثم إن الملكية قد تكون فردية كمال زيد و عمرو، و قد تكون اجتماعية، و الثاني قد تكون لطائفة كالخمس و الزكاة، و قد تكون لكلّ المسلمين كالمفتوحة عنوة.

كما أنها تقسّم بتقسيم آخر إلى ما يكون محجوراً كالوقف الخاص، بل الوقف العام أيضاً على ما يظهر من بعض الأدلة و الأقوال و الشواهد، و قد لا يكون كذلك كسائر الأملاك.

و من ناحية المتعلّق فقد حرّم الشرع ما ليس فيه جهة صلاح عرفي و إن أمكن

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 11، ص 93، ح 10.

(2) بحار الأنوار: ج 7، ص 219، ح 131.

(3) وسائل الشيعة: ج 8، ص 599، ح 12.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 138

الاستفادة منه في بعض الوجوه المحلّلة سواء نصّ عليه الشرع كالخمر، أو أطلق: ان كل ضار كذا.

لكن إذا اشترى الخمر لصبّه في بالوعته لقتل الديدان، و الصليب لجعله حطباً للتنور فهل يحرم؟ احتمالان، لانصراف الأدلة إلى غير ذلك خصوصاً بعض فقرأت رواية (تحف العقول) «1» و للإطلاق، لكن الأول أقرب إلى الصناعة.

و كذلك لو اشترى آلة اللهو لأجل استعمالها فيما يعكس أصوات العصافير و ما أشبه، كما يتعارف الآن.

و قد يحرم الشي ء من جهة المصرف مثل الإسراف و التبذير، و الإضرار بالنفس أو الغير ممّا يحرم، أو من جهة أنه إعانة على الظلم مثل إعطاء السوط للظالم.

و الحاصل: ان كون الشي ء مال الإنسان يتقلّب فيه كيف يشاء مقيّد بما لا مالية شرعية، و بما لا يجوز بعض التقلّبات لما تقدّم، أو لأنه حقّ الفقراء و المساكين و ما أشبه.

شمولية القاعدة

و القاعدة المذكورة تشمل الحقوق من جهة (حقوق المسلمين لا تبطل) «2» و لا يتوى حق امرء مسلم «3» إلى غيرها من الروايات الواردة

بهذه المضامين.

______________________________

(1) تحف العقول ص 331: عن الصادق (ع) في وجوه معايش العباد.

(2) الوسائل: ج 14، ص 209، ح 9.

(3) المستدرك: ج 17، ص 446، ح 21826 ب 46.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 139

ثم إن صرح الشارع بالموضوع أو لم يصرح لكن رآه العرف كان كذلك، و إلّا فلا يكون مشمولًا لها، فالموضوع الشرعي لا إشكال فيه، و الموضوع العرفي تابع لهم، فإذا رأى حقاً في زمان دون زمان أو مكان دون مكان، أو جماعة دون جماعة تبعه الحكم.

و يستثنى منه قاعدة الإلزام، كما إذا رآه الشارع حقاً لكن الكافر أو المخالف لا يراه كذلك، فإنه لا احترام لحقه، و لو انعكس كان له الاحترام، و قد ذكرنا في كتاب (الحقوق) «1» جملة منها، فلا داعي إلى تكراره.

و لو شك في أنه حق شرعي أم لا؟ أو حق عرفي أم لا؟ فالأصل العدم.

و التسليط على النفس محدود بحدّ عينه الشارع فلا حقّ له في أن يتصرّف في نفسه محرماً كالأعمال الجنسية المحرّمة، أو كقتل نفسه أو قطع عضوه أو إتلاف قوّة من قواه، و لذا نرى جواز منع الحمل لمدّة لا إذا فعل ما يعقم رحمها أبداً، فالأول كغمض العين، و الثاني كقلعها أو عميها.

نعم قد يسلط الإنسان على نفسه بمحرم طبيعي لإكراه أو اضطرار أو قاعدة أهمّ و مهمّ.

كما أنه لا تسلّط على نفسه أو ماله في الواجبات كالجهاد و القصاص و الخمس و الزكاة و ما أشبه، لكنا ذكرنا في بعض أبواب (الفقه) احتمال انه يجوز له الفرار عن القصاص فينتقل إلى الدية.

و يؤيده: قصة الزهري الذي قتل محقون الدم و أرشده السجاد (ع) إلى إعطاء الدية.

ثم إن قاعدة التسلّط مخصّصة بكل ما ورد

في أبواب الواجبات و المحرّمات

______________________________

(1) موسوعة (الفقه) ج 100 كتاب الحقوق.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 140

و المعاملات و نحوها من القيود و الشروط، فإن الإنسان مسلّط على نفسه و ماله في غير المذكورات.

و مثل المال: الحق، و لذا فهو مخصّص بقانون (لا ضرر) أيضاً، لأنه ثانوي، و القاعدة أولية، و هي واردة أو حاكمة عليه، و لذا لا حق له فيما يزعج الجيران، كأن يقيم في داره مصنعاً أو مَدْبَغاً أو يسقي الحديقة ماء غزيراً ممّا يؤثّر على حائط جاره أو ينصب ما لَه صوت مزعج، أو ينشر الرائحة المؤذية لهم، أو يسبّب جريان الماء من داره إلى سردابهم، أو يزعج إسماعهم بأصواته المنكرة أو ما أشبه ذلك.

و كذلك الحال أن يرفع بناء حائطه بحيث يسدّ الهواء أو الضياء عن جاره ممّا يعدّ ضرراً عرفاً.

و لم يُعلم وجه قول بعضهم بالتعارض بينهما أو نحو ذلك، و حيث تكلّمنا في ذلك في (الفقه) و في قاعدة (لا ضرر) فلا داعي إلى تكراره.

و إذا اختلف المالك و الجار في أنه ضرر أو لا؟ كان المرجع أهل الخبرة.

و لو كان ضرر ثمّ شكّ فيه من جهة بعض التغييرات بما لا يكون من تبدّل الموضوع كان مجرى الاستصحاب، و كذلك العكس.

كما أن قاعدة الأهم و المهمّ تتقدّم على قاعدة التسلّط، فلو كان هناك غريق و احتاج إنقاذه إلى التصرّف بحبل الغير جاز، للقاعدة، و إن لم يرض المالك.

نعم لا يبعد أن يكون له أجرته من بيت المال أو غيره جمعاً بين الحقّين.

و كذلك يقدم قانون الإلزام على قاعدة التسلّط، فإذا لم يره الكافر أو المخالف حقاً أو مالًا لم يشمله (الناس مسلّطون) تخصيصاً على ما تقدّم الإلماع إليه.

الفقه، القواعد الفقهية،

ص: 141

قاعدة الأهمّ و المهمّ

أدلة القاعدة

و هي من القواعد الفقهية، و يدلُّ عليها الأدلة الأربعة: فمن الكتاب: قوله سبحانه (وَ لَوْ لٰا أَنْ يَكُونَ النّٰاسُ) «1» و قصّة خرق السفينة «2».

و من السنّة: قوله (ص) لعائشة: (لو لا أن قومك حديثوا عهد بالإسلام ..).

و قوله (ص): (لو لا أن يقول الناس أنّ محمداً استظهر بجماعة) في قصة العقبة.

و عدم إقامة الحدّ أو التعزير على الذين فرّوا من الزحف، و على من قال: انه (ص) ليهجر و ما أشبه.

و ترك علي (ع) من كانوا يصلّون التراويح بعد إتمام الحجّة عليهم.

و قوله (ع): (أمّا حقّي فقد تركته مخافة أن يرتدّ الناس) «3» إلى غير ذلك

______________________________

(1) الزخرف: 33.

(2) الكهف: 71 و 79.

(3) بحار الأنوار: ج 43، ص 171، ح 11، ب 7.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 142

و هو كثير.

و من الإجماع: العملي منهم في مختلف مسائل الفقه ما لا يخفى.

و من العقل: انه بناء كافة العقلاء فلا يشك أحد منهم و لا من المتشرّعة في أنه لو خيّر بين محرّمين أحدهما أهم كالزنا أو القُبلة أو واجبين كذلك كإنقاذ غريق أو سفينة فيها مائة و إذا اشتغل بإنقاذ دونها هلكوا جميعاً أو واجب و حرام كالصلاة ليوم أو قتل نفس محترمة في أنه يلزم تقديم الأهمّ.

و هذا هو المركوز في أذهان المتشرّعة، و السيرة القطعية، بل لعل جملة من الأحكام الثانوية كالتقية و أحكام الاضطرار و الإكراه و ما أشبه من صغريات هذه القاعدة و إن كانت هي قواعد مستقلة بل بين بعضها عموم من وجه.

لكن إنما يقدم الأهم على المهمّ إذا كان إلى حد المنع عن النقيض كالزنا و الموت عطشاً كما في قصة المرأة في زمان علي (ع) و إلّا

كان مخيّراً و إن كان تقديم الأهم الأفضل أفضل، كما إذا دار الأمر بين إنقاذ غريقين أحدهما عالم أو عادل دون الآخر.

و لو علم بالأهمية اللازمة إجمالًا، لكنه لم يستطع معرفتها بالضبط، مثل انه لم يعلم أيّ الغريقين رئيس الجيش بما يلحق غرقه الهزيمة بجيش المسلمين، دون الآخر الجندي، تخيّر، و كذلك في الاشتباه في الحكم.

لو ترك الأهم

و لو لم يفعل الأهم و فعل المهم فلو عرف من الدليل ان لا ملاك فيه بطل، حاله حال ما ذكروا من الحكم الاضطراري الذي يتركه للفعل الاختياري، كما إذا

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 143

ترك التيمّم و اغتسل مما سبب موته أو ما أشبه، فإن عمله باطل و يجب عليه القضاء و الإعادة إن أمكن، و إلّا فعلى ورثته، و إلّا صحّ مع العقاب على ترك الأهم، كما ذكروا في مسألة (الترتّب).

و لو لم يعلم انه على أيّ النحوين كان مقتضى إطلاق دليل المهم وجود الملاك إلّا إذا كانت هناك قرائن تدلّ على الخلاف.

ثم إن تقديم الأهم يكون بقدره، كما مثّلنا في دفع الأجرة للحبل، إذ الأهم إنما يسقط حرمة الغصب، أما ما عداه فلا يكون من الأهم و المهمّ حتى يسقطه.

و كذا لو أُجبر الطبيب على المعالجة، لدليل حفظ النفس الأهم فاللازم دفع الأجرة إليه، و لو أراد أكثر فلا حق له، إذ عمله ليس أكثر من المثل.

نعم له أن يشترط الأكثر قبل المعالجة ل (تسلّط الناس على أنفسهم).

و كذا في البيوع و نحوها ل (تسلّطهم على أموالهم) مثل بيع الحنطة في حالة توفّرها فله حق الزيادة، و في حالة القحط فلا حقّ له فيها لأنه من الإجحاف المحرّم، إلى غير ذلك مما ذكر في موضعه.

و مما تقدم علم

أنه لو كان من الأهم ترك الزوجة وطياً أو قسماً أو نفقة لزم عليه التدارك بعد ذلك.

و لا تسقط الأحكام الوضعية بهذا القانون لو قلنا بها بل يرفع اليد عنها بقدر، مثلًا: لو كان الأهمّ أن لا تكون زوجته أو أن تكون زوجته فالأهم لا يوجب أحدهما بالنسبة إلى الزوجة و الأجنبية.

و كذلك في باب الطهارة و النجاسة و الملكية و الرقية و ما أشبه ذلك.

و لو كان من الأهمّ ترك الصلاة و الصيام و الحج أو بعض خصوصياته، فلا يسقط الإعادة إن كانت أو القضاء أو الكفّارة في ما فيه الكفارة مطلقاً، كبعض

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 144

محرّمات الإحرام كالاستظلال، لما عرف من تقدير الأهم بقدره.

ثم القضاء و الإعادة و الكفّارة و الضمان إن أمكن و إلّا فلا شي ء على فاعل الأهم، و لذا لم يرد ضمان الخضر (ع) للسفينة التي خرقها، و لو كان لبان.

و لو كان أحد الشيئين أهمّ بالقدر المتساوي، ترك المهمّ مخيّراً بينهما.

و قاعدة الأهم تقدّم على (لا ضرر) فلو كان غريقان إنقاذ أحدهما أهم كما مثلنا في إنقاذ القائد أو الجندي، و كان في الأهم ضرر دون المهم قدّم الأهم.

و إن تضرّر، كأن يصيبه مرض يحتاج لعلاجه إلى بذل مال كثير، فإن كان هناك بيت مال يتكفّل ذلك فهو، و إلّا فهل يؤخذ من المنقَذ؟ احتمالان: من الجمع بين الحقّين و من أنه لا دليل، بل ضرّره الشارع بأمره بإنقاذه، كما إذا استلزم الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ضرراً، مثل أن يدفع أجرة السيّارة للذهاب إلى محل المنكر، و شرطُهُم أن لا يستلزم ضرراً يراد به الضرر المعتد به، فتأمّل.

و لو تعارضت الأهمية في الكمّ و الكيف، كما إذا

كان هناك غريقان من العاديين و غريق ثالث برتبة قائد جيش، لم يتقدّم أحدهما على الآخر، إلّا إذا علمت الأهمية المانعة من النقيض في جانب، بل يتخيّر بينهما لعدم تحقّق الموضوع.

و لو كان في جانب استصحاب الأهمية كفى، و لو كان استصحاب المهمية لكن لم يعلم ان الآخر أهم أم لا، فلا قاعدة لما ذكرنا في (الأصول): (ان الأصل في التعيين و التخيير: التخيير) و ما نحن فيه من مصاديقه.

و حيث تجري القاعدة فلا مجال لقاعدة القرعة، لأنها للمشكل، و القاعدة لا تدع مشكلة، كما أن الاستصحاب كذلك.

نعم يمكن إتيانها فيما إذا علم بأهميّة أحدهما لكنه غير معيّن لعدم المعارض

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 145

للقرعة حينئذ.

و لا فرق بين أن يكونا من جنس واحد أو جنسين كالقتل و شرب الخمر.

معرفة الأهم

و تعرف الأهمية من الدليل و من الارتكاز، كما إذا دار الأمر بين الزنا و أكل درهم من الربا فإنه يقدم الثاني، لارتكاز المتشرّعة ان الأول أهم حرمة و إن ورد في الحديث: أن درهماً من الربا أعظم من سبعين زنية «1» أو ما أشبه، إذ المتشرعة يحملون ذلك على التخويف، على أنّ كلا من العقاب و الثواب ليسا ميزان الأمر.

و لذا نرى أن بعض المستحبات أكثر ثواباً من الواجبات، مثلًا للمبتدإ بالسلام من الحسنات أكثر مما للمجيب مع أنّ ردّ السلام واجب، و زيارة الحسين (ع) لها من الثواب شي ء عظيم بينما هي مستحبة، و الإنفاق على الأرحام شي ء واجب إلى غير ذلك.

و لو قال: اقطع يد زيد و إلّا قتلت نفسي، لم يجب القطع بتوهّم أن قتله نفسه الذي يمتنع بسببه أهم، لتوسّط الفاعل المختار.

بل الأمر كذلك لو أمره بمستحب و إلّا ترك واجباً

أو فعل محرماً، كما إذا قال: صلّ صلاة اللّيل و إلّا لا أصلي الصبح أو أجرح نفسي جرحاً محرماً.

و مثله: لو قال الطبيب لثري: أعطني ألف دينار و إلّا تركت معالجة الأرمد حتى يعمى.

______________________________

(1) راجع بحار الأنوار: ج 100، ص 117، ح 13 وص 119، ح 22، ب 5.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 146

و لو اشتبه الميّت المسلم بالكافر وجب تجهيز كليهما لأن وجوب تجهيز المسلم أهم عرفاً من حرمة تجهيز الكافر.

و المسائل في ذلك كثيرة نكتفي منها بهذا القدر، و الله المستعان.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 147

قاعدة العسر

أدلة القاعدة

العسر البدني الذي ليس فيه حرج نفسي و لا ضرر في المال و البدن، مثل كثرة التعب الذي ليس بعده ضرر منفي في الآية الكريمة في قوله (وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) «1».

و الظاهر المستفاد عرفاً بالقرائن إرادة عدم العسر لا عدم الإرادة، و إنما ذكر الجملتين لأنّ بينهما واسطة: عسر و يسر و ما لا يكون أحدهما، فكأنه قال: لا يريد بكم العسر، فسُئل: هل يريد الأعمّ من اليسر و الواسطة؟ فقال: كلّا لا يريد الواسطة أيضاً، و إنما يريد اليُسر.

و إنما ذكر عكس الكلام و لم يقل: لا يريد بكم العسر و يريد بكم اليسر لأهمّية اليسر، و الموضوع الأهم يقدّم في الكلام، مثل (زيد شاعر) أو (الشاعر زيد)، على ما ذكروه في البلاغة.

فإذا كان أحد الثلاثة: من الضرر و العسر و الحرج فالحكم مرفوع.

نعم ذلك فيما إذا لم يسبّبه المكلف هو و إلّا أمكن عدم الرفع مثلًا ترك

______________________________

(1) البقرة: 185.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 148

الصلاة و الصوم خمسين سنة مما قضاؤهما عسر عليه، فإنه لم يسقط عنه لأنه السبب في ذلك.

كما ذكروا في مسألة إقدامه على الضرر

المالي حيث لا يبطل العقد، و ليس له حق الفسخ لأنه السبب في ذلك.

نعم فيما إذا كان جاهلًا بالحكم قصوراً لا تقصيراً يحتمل عدم الوجوب بقدر العسر، لإطلاق دليل العسر الحاكم على الأدلة الأولية، و التي منها (ما فاتتك من فريضة فاقضها كما فاتتك) «1».

و هل يجب القضاء عنه بعد موته؟ مقتضى الدليل العدم، لانتفاء التكليف في حال القصور، و في حال الذكر لا يشمله الأدلة.

و يحتمل وجوب القضاء عن تركته و هو أقرب إلى الذوق الفقهي و إن كان أبعد عن الصناعة، لكن ربما يقال: حتى في صورة الجهل تقصيراً لا قضاء، كما إذا ألحق الضرر بنفسه عن تقصير فصلّى بتيمّم، أو عن قعود أو ما أشبه، حيث إنه عاص بترك التعلّم و إن لم يكن قضاء لما فاته لشمول الأدلة المذكورة له.

و مثله ما لو صلّى و صام لمدّة خمسين سنة بطهارة باطلة قصوراً، أو حجّ باطلًا كذلك، و كان الإتيان به ثانياً عسراً عليه.

و لم أرَ من أشار إلى أصل المسألة إلّا تلميذ شريف العلماء قدس سرهما في حقائقه.

و يؤيده: انه (ص) بعث بالشريعة السمحة كما قال هو (ص) «2».

لا يقال: إن الصلاة و الصوم و الحج أيضاً عسرات و كذلك القصاص و الحدود و التعزيرات.

______________________________

(1) راجع المستدرك: ج 6، ص 435، ح 7167، ب 6.

(2) المستدرك: ج 1، ص 419، ح 1051، ب 59 و فيه: (بُعِثتُ بالحنفية السهلة).

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 149

لأنه يقال: لا إشكال في أنّ هذه الواجبات ثابتة في الشريعة، و الظاهر أنها من باب التخصّص لأدلة العسر لا التخصيص، إذ أدلة العسر و الحرج و الضرر لا تشمل ما وضع شرعاً في موردها كالخمس و الجهاد و

نحوهما.

نعم إذا صارت عسرة فوق القدر المتعارف يكون المحكّم فيها دليل العسر، لأن أدلّتها منصرفة إلى المتعارف.

و أما الثلاثة الأخر فهو السبب في ذلك، فيكون كما ذكرناه في ضرر مالي سببه هو، و دفع العسر منصرف عنه فليس من باب التخصيص، بل من باب التخصّص.

و كذلك حال الديات و إن لم يكن على المرتكب كالعاقلة فإنه من الحرج أو الضرر لا من العسر و حالها حال الخمس و الزكاة و الكفّارات و ما أشبه.

و كما أنّ دليل العسر رافع للأصل فهو رافع للجزء أيضاً، فإذا كان لهما بدل فهو، و إلّا بقي الأصل بلا جزء أو شرط أو مع مانع أو ما أشبه، فالوضوء العسري مرفوع كما أنّ المسح على البشرة في الشتاء القارص الذي يسبب عسراً مرفوع أيضاً إلى البدل و هو المسح على العمامة، كما ورد بذلك النصّ و الفتوى.

و كذلك يرفع القضاء إذا كان عسراً كما يرفع الأصل، كما عرفت في قضاء الجاهل صلاته و صيامه.

و هل يرفع الوضع كما يرفع التكليف عند من يراه؟ الإطلاق يقتضي ذلك، كما إذا صارت على جلده جلبة في أثر الجرح مما رفعه حرج عليه، فإذا قلنا: برفع العسر النجاسة، غَسله أو مسح عليه، و إذا قلنا: بالعدم وضع فوقه الجبيرة.

و بذلك يظهر حال ما إذا كان الماء يضرّ بعض جسمه في الوضوء أو الغسل

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 150

فهل يتركه و يغسل سائر الجسد وضوءاً أو غسلًا أم يضع عليه الجبيرة؟ مقتضى الأصل الذي في رفع العسر هو الأول.

و يصلي بالنجاسة إذا كانت الإزالة عسراً عليه، لكنه من رفع التكليف أما إذا قيل برفع الوضع فلا نجاسة.

و كما يأتي رفع العسر في ترك الفعل العسري يأتي

في الإتيان بالمحرّم المعسور، بل و يسري ذلك إلى من لا بدّ منه، كما إذا كانت المرأة في عسر من كثرة العرق و احتاجت إلى رؤية الطبيب أو لمسه فإنه يجوز لها و له.

و إذا تعارض عسر و ضرر، أو أحدهما مع الحرج، قدّم أهمّهما لو كان إلى حد المنع عن النقيض، و إلّا تخيّر مع الترجيح أو بدونه في المتساويين.

في المستحبّات

و هل يجري رفع العسر في المستحبّات؟ قال بعضهم: لا، لأنه لا إلزام، و ظاهر (وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) «1» الإرادة الإلزامية.

و قال بعضهم: نعم للإطلاق و لقوله (يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) «2» و قوله (ص): (بُعِثْتُ بالشريعة السمحة) «3» إلّا أن الأوّل في نفسه أقرب لو لا الذي ثبت من سيرتهم (ع) و سيرة المتشرعة من تحمّل العسر و المشقّة في باب المستحبّات، كألف

______________________________

(1) البقرة: 185.

(2) البقرة: 185.

(3) الوسائل: ج 5، ص 246، ح 1 و فيه: (بالحنفية السمحة).

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 151

ركعة في الليل «1» أو قراءة أربعين ختمة في شهر رمضان «2»، كما كان يفعله بعض المعصومين (ع)، إلى غير ذلك مما يقرب إرادة الإلزام.

و كذلك حال الضرر و لذا كان بعض الأئمة (ع) يحجّ ماشياً مما يُلحق الأذى برجله، و تورّمت قدما رسول الله (ص) «3» و فاطمة عليها السلام «4» من كثرة العبادة، إلى غير ذلك.

و من الواضح ان (لا) يسقط في الثلاثة في مثل الجهاد، و ذلك لأمر أهم بحد المنع عن النقيض.

و في الباب مسائل كثيرة تُعرف مما ذكرناه في بابي الضرر و الحرج، فلا حاجة إلى ذكرها.

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 79، ص 310، ح 16، ب 4.

(2) بحار الأنوار: ج 95، ص 5، ح 2،

ب 5.

(3) بحار الأنوار: ج 16، ص 85، ح 2، ب 6.

(4) بحار الأنوار: ج 43، ص 84، ح 7، ب 4.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 153

أصالة الصحّة

أدلة القاعدة

من الكتاب

و هي قاعدة مشهورة، و يدلّ عليها: الكتاب و السنّة و الإجماع و العقل و السيرة و المركوز.

فمن الكتاب: 1- قوله سبحانه (قُولُوا لِلنّٰاسِ حُسْناً) «1» بعد أن كان المراد من القول أعمّ من اللفظ، فإنّ القول في اللغة يستعمل فيهما، يقول: (قال كذا)، و يريد الإشارة بيده، بالإضافة إلى أنه بالملاك إن لم نقل بالأعميّة، فإذا أشار إنسان إلى إنسان بالسوء أي بأنّه يعمل سوءاً قيل له: أ لم يقل الله (قُولُوا لِلنّٰاسِ حُسْناً)؟ و (الناس): يشمل المؤمن و الكافر، و العادل و الفاسق، و ما خرج إنّما يكون بالدليل.

و (الحُسن): أي كلاماً حسناً، و ما يقوم مقام الكلام من الإشارة و نحوها و لذا لو كتب إنسان: انّ زيداً فاسق، قيل له هذا خلاف الآية.

و لا فرق بين أن يقول السيئ أو يقول ما ليس بحسن، أي المتوسط بينهما،

______________________________

(1) البقرة: 83.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 154

فإن الحسن خلاف كليهما، فإذا دخل إنسان في مجلس، فاستهزأ به هذا، أو سكت و لم يعر له اهتماماً و احتراماً، كان من القول بغير الحسن فيما كان هناك واسطة، أمّا إذا لم يكن كما لو كانت المعاملة صحيحة أو باطلة، فإذا قال: معاملة فلان باطلة كان من القول بغير الحسن، و كذا إذا قال: لا أعلم أنّها باطلة أو صحيحة، لم يكن من القول بالحسن.

و من الواضح أنّ المراد أعمّ من القول من كونه (للناس) أو (عن الناس) للإطلاق حسب فهم العرف، أو بالمناط فأيّ فرق بين أن يقول لزيد: إنّ عبادتك

باطلة أو يقول عند غيابه: إنّ عبادته باطلة؟ و هل المراد الصحّة الواقعيّة حيث إنّ الألفاظ موضوعة للمعاني الواقعية أو الأعمّ منه و من الصحّة عنده و إن كانت باطلة عند القائل؟ لا يبعد الثاني و لو لقرينة المقام، فإذا قال له: إنّ فتواي على كفاية تسبيحة واحدة في الركعة الثالثة و الرابعة و فتواك على وجوب ثلاث تسبيحات، لم يصدق أنّه قال للناس سوءاً، الذي هو مقابل القول الحسن.

(2)- و قوله سبحانه (اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) «1» فإنه من العلم الإجمالي بالحرام في البين إذ لو لم يكن منجزاً لم يحرم كثيراً من الظنّ لأجل البعض الذي هو إثم.

و المراد: اجتناب آثار الظنّ، و إلّا فإنّ الظنّ لا اختياري فإنه كالشكّ و اليقين يقع في القلب.

و لا يمكن أن يقال: المراد مقدّمات الظنّ، لأنّه خلاف الظاهر.

إن قيل: إنّ الآثار أيضاً خلاف الظاهر.

______________________________

(1) الحجرات: 12.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 155

قلنا: هو أقرب المجازين إلى اللفظ عرفاً.

و إن قيل: لماذا قال: (كثيراً) دون الجميع؟ قلنا: لأنّ بعض الظنّ ليس طرف العلم الإجمالي حتى يكون محرّماً من جهته.

فالظن بأنّ هذا الإنسان يصلي باطلًا ثم قوله أو إشارته بذلك، أو أنه زان، أو شارب أو ما أشبه مشمول للآية الكريمة، أما إذا ظنّ من دون إظهار فلم يقل أحد أنه من المحرّم.

إن قلت: (لا تظنّ السوء) لا يلازم الظنّ بالصحة.

قلت: يلازمه غالباً، فإذا كانت هناك معاملة لم يعلم أنّها ربويّة أم لا، أو وطي لا يعلم أنّه زنا أم نكاح، أو شرب خمر لا يعلم أنّه لمرض أم معصية، إلى نحوها، كان معنى النهي عن الفساد القول بالصحة، و هذا معناه العرفي لا الدقّي حتى

يقال: بأن الأمر بالشي ء لا ينهى عن الضدّ.

نعم، إذا كان ظاهر الشي ء منكراً كشرب الخمر و الجماع بمن يعلم أنّها ليست زوجته، و الوضوء منكوساً للصلاة و الإفطار في شهر رمضان، لزم الفحص حتى يعلم أنّه يرتكبه لقاعدة ثانوية، أو محرّماً حتى يلزم الإنكار عليه.

و لذا سأل علي (ع) عن الذين كانوا يفطرون في شهر رمضان هل أنّهم مسافرون؟ و جرت السيرة بالسؤال و الفحص في أمثال تلك الموارد، كمن يبيع الوقف حيث لم يعلم أنّه بمجوز أو حرام إلى غير ذلك.

أدلة القاعدة من السنّة

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 156

و من السنة:

قول علي (ع): (ضع أمر أخيك على أحسنه) «1» فإن الأمر أعمّ من القول و الفعل.

و المراد بالأحسن: الحسن مثل (إِلّٰا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)* «2» و ما أشبه من صيغ التفضيل الذي قالوا إنّه مجرّد عن الفضل و إنّما يراد به الأصل مثل (أَوْلىٰ لَكَ فَأَوْلىٰ)* «3» و (أَ فَمَنْ يُلْقىٰ فِي النّٰارِ خَيْرٌ) «4» و الأحوط، و الأقوى، و ما أشبه.

و المراد بالأخ: أما المسلم حيث قال علي (ع): (إمّا أخٌ لك في دين أو نظيرٌ لك في الخلق) «5»، أو الأعمّ من قبيل (وَ إِلىٰ عٰادٍ أَخٰاهُمْ هُوداً)* «6»،) و إلى ثمودَ أخاهم صالِحاً) «7»،) و إخوان لوطٍ) «8»، إلى غير ذلك، و هذا أقرب إلى الذوق الإسلامي، و إن كان الأشهر الأول.

و معنى الوضع: ترتيب الأثر، فإذا شكّ في أنّه هل اشتراه صحيحاً أو فاسداً صحّ الشراء منه، و ما أشبه الشراء.

و إذا شكّ في أنّه هل يزني بها أو بنكاح لم يصحّ له خطبتها و الزواج بها.

و إذا شكّ في أنّه هل استولى عليه غصباً أو مباحاً بالحيازة، صحّ له ترتيب

______________________________

(1) المستدرك:

ج 9، ص 144، ح 10502، ب 141.

(2) العنكبوت: 46.

(3) القيامة: 34.

(4) فصلت: 40.

(5) نهج البلاغة: الكتاب 53.

(6) الأعراف: 65.

(7) الأعراف: 73.

(8) ق: 13.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 157

آثار الملك، إلى غير ذلك.

و الروايات المتواترة التي هي بمضمون الآيتين السابقتين.

من الإجماع: متواتر دعاويهم الإجماع، و الإجماع العملي.

كما أنّ السيرة القطعيّة و المركوز في أذهان المتشرّعة و بناء العقلاء على ذلك.

و يؤيده: (لما قام للمسلمين سوق) «1» و ما أشبه ذلك.

من غير فرق في كلّ ذلك بين أن يرجع الشك إلى السبب أو المسبب أو كليهما.

و إذا شكّ الإنسان بأنّ هذا الذي مرّ من عنده هل سلّم عليه أم سبّه؟ وجب عليه ردّ السلام لأنّه الحسن، فتأمّل.

أما لو شكّ بأنّه هل فعل أحدهما أو قرأ القرآن أو الذكر لم يكن من الأحسن أنه سلّم و لذا لا يجب ردّ السلام لعدم تحقق الموضوع، فتأمّل.

و حيث أنّ الأدلة من الآية و الرواية و غيرهما تشمل الاعتقاد تجري أصالة الصحّة فيه أيضاً، فإذا شكّ في أنه صحيح الاعتقاد أو فاسدة حتى لا يتمكن من زواج بنته له أو تزوجها به جاز العمل على أصالة الصحّة.

و لعلّ من هذا القبيل تزوج الإمام (ع) بمن ظهرت بعد ذلك أنّها خارجيّة مع وضوح أنّ الخارجي كافر، و من المعلوم أن الأئمّة (ع) ما كانوا يعملون بعلمهم الغيبي بل قال (ص): (إنّما أقضي بينكم بالبيّنات و الإيمان) «2» كما أنّهم (ع) ما كانوا يعملون بقدرتهم الغيبيّة و إلّا لما ذهب علي (ع) إلى المسجد وحده و كان بإمكانه أن لا يذهب ذلك اليوم و يستخلف الحسن (ع) أو غيره، أو يذهب مع مسلّحين

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 18، ص 215، ح 2.

(2) وسائل الشيعة:

ج 18، ص 169، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 158

يحفظونه عن الشرّ، و قد ذكرنا ذلك في بحث آخر.

و عليه ففي البلاد الإسلامية أو المحلة المسلمة و لو في بلد كافر لا يحتاج من يريد الزواج إلى السؤال، كما لا يحتاج من يريد ذبح الذبيحة و شراء اللحم إلى السؤال عن عقيدة الذابح.

و لذا جرت العادة عند الحُجّاج على كفاية رؤية الذابح هناك مما ظاهره الإسلام و إن كان يحتمل فساد عقيدته بما يوجب له الكفر.

و هذا ليس خاصّاً بالمسلم بل كذلك من ظاهره أنّه من أهل الكتاب مع احتمال كونه ملحداً، كما قد كثرت الشيوعيّة فيهم حيث يجوز للإنسان التزويج بهنّ من غير فحص عن أنّها شيوعيّة اعتقاداً أم لا، أمّا الشيوعية اقتصاداً فلا مانع من الزواج بها، كما ذكرناه في بعض المباحث.

جريان أصل الصحة في الكافر

بل ذكرنا في بعض المباحث أنّ أصل الصحّة جار في الكفّار، إلّا فيما خرج بالدليل، و لذا لا يزال المسلمون يشترون من الكفّار مع احتمال أن يكون المبيع سرقة أو ما أشبه.

و ممّا تقدّم ظهر جريانها في الاعتقادات كالأقوال و الأفعال.

نعم، ليس موردها الأعيان، فإن أصالة الصحّة فيها فيما إذا شكّ في أنّها صحيح أو معيب من الأصول العقلائية لا من القواعد الفقهية.

كما أنّه يخرج عن محلّ الكلام استصحاب العدالة أو الوثاقة مثلًا فيما إذا شكّ في أنّ العادل الفلاني ارتكب معصية حتى يسقط عن العدالة أم لا؟

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 159

و كذلك في الثقة.

و كذلك يخرج عن محلّ الكلام احتمال الخطأ و الغفلة و السهو و تعمّد الكذب في المخبر، فإذا احتمل الخطأ و الصواب تمسّك بالأصل العقلائي في كلّ ذلك، و ليس من أصل الصحّة الذي هو محلّ الكلام.

من

غير فرق في جريان أصل الصحّة و القاعدة بين الأحكام الوضعيّة و التكليفيّة لإطلاق أدلّته فالعقود و الإيقاعات و نحوها من هذا الباب موضوعاً.

و قد عرفت أنّ المراد بالصحّة الفاعليّة الأعمّ من الواقعية حكماً إذا أريد حصر الأمر في الفاعل، و أمّا إذا كان محلّ الابتلاء فالأصل الصحّة الواقعيّة كما في طرفي العقد حيث لا يعلم المشتري مثلًا هل أنّه عقد صحيح واقعاً أم لا.

ثمّ إنّ البحث هنا فيما كان قابلًا للصحة و الفساد لا أن يكون أمره دائراً بين الوجود و العدم، من غير فرق في الشكّ بين الشرط أو الجزء أو المانع أو القاطع خلافاً لبعض ما يظهر من المحقق الثاني (قدس سره) ممّا ذكره الشيخ (رحمه الله) في المكاسب ممّا لا داعي إلى تكراره.

بل لربّما يجري الأصل المذكور في الأوسع من ذلك، كما إذا وجدنا جزءاً من ميّت في مقبرة المسلمين حيث لا نعلم أنّه غُسل أم لا؟ فإن الأصل أنه غُسل.

تفصيل الشيخ الطوسي و ما يرد عليه

و حيث قد عرفت إطلاق الأدلة فلا فرق في الشكّ بين الأجزاء و الشرائط و ما أشبه و بين احتمال عدم قابلية مجري العقد لطفولة أو جنون أو سفه أو عدم قابلية المال لوقف أو حجر على المالك كما إذا باع الدار من عمرو بشرط أن

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 160

لا يبيعها و قلنا: ان الشرط يقتضي الوضع، فما ذكره الشيخ (قدس سره) من الفرق بين الأول بجريانه فيه و الأخيرين بعدم الجريان خلاف ما نستظهره من الأدلة و السيرة.

و ممّا تقدّم ظهر أنّه لو استناب أحداً للصلاة أو الصوم أو الحجّ عن ميّتة، أو استنابه للحجّ عن نفسه أو دفع إليه كفّارة أو ما أشبه، ثمّ شكّ في أنه هل

فعله أم لا؟ أو علم بأنه فعله لكن شكّ في أنه هل أتى به صحيحاً أم لا؟ جرت أصالة الصحّة، لبناء المتشرّعة و سائر الأدلّة المتقدّمة.

و لذا لا يسأل أحد من الفقهاء الذين تُدفع إليهم أموال النيابة عن الميّت و شبهها عن الأجير هل فعل؟ أو هل فعل صحيحاً؟ و كذلك الحكم إذا رأينا من ظاهره يدلّ على أنّه يصلي على الميّت و لكنّنا لا نعلم أنه صلى أم لا؟ أو صلّى صحيحاً أم لا؟ فتجري الأصالة المذكورة.

و المستفاد من الأدلة أنّ هذا الأصل أمارة، فمثبتاتها حجّة كسائر الأمارات لا أصل، فتفرّع عليه المثبتات العقليّة أيضاً، فإذا اشترى شيئاً لم يعلم أنه اشتراه بالخمر أو بما يملكه؟ جرت أصالة الصحّة، فيكون للمشتري و يرثه الوارث.

و مقتضى الأمارية تقدّمها على الاستصحاب الموضوعي، كما هي القاعدة.

و كما تجري أصالة الصحّة في عمل الغير كذلك تجري في فعل النفس كما إذا عقد عقداً ثمّ شكّ بعد مدّة هل كان جامعاً للشرائط فاعلًا و قابلًا و شرطاً بالمعنى الأعمّ كان الأصل الجريان، كما هي السيرة و كذلك في عباداته السابقة، و سائر أموره.

و هذا إمّا من باب السيرة و بناء العقلاء و الإجماع، و إمّا من باب الملاك كما

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 161

ذكروا في التعاون على الإثم انّه يشمل فعل الإنسان نفسه إذا فعل مقدّمات الإثم الواصلة إليه.

و لا يخفى أنّ الكلام في هذه المباحث طويل، و قد ذكرنا بعضه في (الفقه) و بعضه في (الأصول) و لذا لا نطيل البحث هنا و إنّما أردنا الإلماع فقط، و الله سبحانه العالم.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 163

قاعدة الحيازة

أدلة القاعدة

(من حاز ملك) قاعدة فقهيّة، و يظهر من الجواهر أنها رواية، و سواء كانت

رواية أم لا، فتدل عليها الأدلة الأربعة.

فمن الآيات: قوله تعالى (خَلَقَ لَكُمْ)* «1» و اللام للملك إذا لم تكن قرينة، و حيث لا ملك بدون الحيازة بالنظر الأولي إجماعاً، فلا بدّ أن يكون بالحيازة، فهي تسبب إثبات الملك كما أنّ الإعراض يسبب إسقاط الملك.

أما الروايات: فهي متواترة، ذكروها في كتاب الإحياء و الصيد و اللقطة و غيرها، و قد ذكرنا جملة منها في (الفقه) «2» ممّا لا حاجة إلى الإعادة.

فعن الباقرين (ع): قال رسول الله (ص): (من أحيى أرضاً مواتاً فهي له) «3».

و عن الصادق (ع) في البعير الملقوطة (حتى أحياها من الكلال و من الموت

______________________________

(1) البقرة: 29.

(2) راجع موسوعة (الفقه) ج 80 كتاب إحياء الموات، و ج 75 كتاب الصيد و الذباحة و ج 81 كتاب اللقطة.

(3) تهذيب الأحكام: 7، ص 152، ح 22.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 164

فهي له و لا سبيل لأحد عليها و إنما هي مثل الشي ء المباح) «1».

و في رواية الصادق عن آبائه عن علي (ع): (للعين ما رأت و لليد ما أخذت) «2».

و المراد بالجملة الأولى: أنّ حظّ العين الرؤية فقط، إلى غيرها من الروايات الكثيرة.

و الإجماع: القطعي الذي لا مخالف له إطلاقاً قولًا و عملًا.

و من العقل: دلالته على أن الخالق غنيّ عن الكون و ما فيه فبقاؤه عبثاً خلاف الحكمة المنافي لإتقان الخلق، فلا بدّ من أن يفوّض إلى المخلوق، و أحسن صور التفويض هو التمليك، لكن بشرط أن لا يضرّ بعضهم بعضاً، لأنّه أيضاً خلاف الحكمة، و هو ما حدده الشارع بإطار (لكم)، فكلّ إنسان له الحقّ في أن يتمتّع من الكون و الأرض من جملته بما شاء، بشرط عدم الإضرار بنفسه أو بالآخرين.

و الحيازة بحاجة إلى

القصد، فمن أخذ عشباً ليلعب به ساعة، أو صيداً كذلك أو ما أشبه، لم يكن من الحيازة في شي ء.

و تدلّ عليه بالإضافة إلى بناء العقلاء: جملة من الروايات الواردة في مشتري السمكة و الدابّة يجد في جوفها شيئاً ثميناً حيث حكم الإمام (ع) بأنّه له.

مع وضوح أنّ البائع لم يقصد بيع الشي ء الثمين، و قد وضع يده عليه بوضعها على الحيوان، لكن حيث لا قصد فلا ملكيّة له.

كروايات أبي حمزة و حفص و الزهري و المروي في تفسير الإمام، و الحميري كما ذكره الوسائل و المستدرك في كتاب اللقطة.

______________________________

(1) الوسائل: ج 17، ص 364، ح 2 باختلاف يسير.

(2) الوسائل: ج 16، ص 297، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 165

من غير فرق بين المباحات الأصلية و المعرض عنها إعراضاً أو انعراضاً.

و هذا هو المركوز في أذهان المتشرّعة و قد جرت عليه السيرة، و لذا لا يشكّ أحد في ملك الإنسان للصيد و لفواكه الغابات و أشجارها المقطوعة و للماء الذي يمتحه و لما يجده في الخرائب السابقة أو يأخذه منها من الجواهر أو الأواني أو الأحجار، كخرائب الكوفة و سامراء و بابل و غيرها.

حيازة كل شي ء بحسبه

و حيازة كلّ شي ء بحسبه، فحيازة الأرض بالاستيلاء الانتفاعي عليها، بقصد الملك لا بقصد البقاء مدّة ثم الذهاب، كما في الزوار و السواح.

و كذلك حال حيازة الحيوان بوضع اليد أو الإلقاء في الشبكة أو في أرض موحلة، فَعَله بهذا القصد، أو ما أشبه.

فإذا لم يكن يد أو قصد لم يملك، كما إذا جرى الماء أو السمك أو الطير من أرضه إلى مكان آخر، أو وضع اليد بقصد العبث، أو النظر إليه بدون قصد الملك.

و لذا كان إزهاق روح الحيوان بالآلة أو إثبات

اليد عليه، من الحيازة، و على هذا فإذا شذب أشجار غابة أو أجمة بقصده كان له.

و يؤيّده: روايات جعل القصب في الماء و نصب الشبك كما يجدها الباحث في الوسائل و المستدرك في بابي الصيد و الذباحة.

ثم إن بناء العقلاء الذي لم يرد من الشرع خلافه ممّا يدلّ على إمضائه عدم الفرق في الحيازة بين التسبيب و المباشرة، سواء كان التسبيب بالإجارة أو

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 166

الوكالة أو غيرها.

و لذا كان ذلك هو المركوز في أذهان المتشرعة، و الذي جرت عليه السيرة منذ زمانهم (ع) فإن استخراج اللؤلؤ من عمق البحار و الإتيان بالمعادن إلى السادة و اصطياد الأسماك و غيرها بواسطة العمّال و الأُجراء كان متعارفاً في ذلك العصر، و لم يكن عليه إنكار.

و ربّما يؤيّده حديث أبي سيار «1» حيث ولى الغوص بالبحرين فأصاب أربعمائة ألف درهم و أتى بخمسه للإمام (ع) و لم يسأله الإمام (ع) عن أنّه حصل عليه بمباشرته أو تسبيبه، مع أنّ من الواضح عدم المباشرة غالباً.

و لو قصد الأجير أو الوكيل الحيازة لنفسه أو لثالث لم يستبعد أن يكون لهما لا للموكل و المستأجر فقط، لعدم توفّر شرط القصد، فهو كأن يحج أو ما أشبه عن نفسه، أو ثالث، و تبطلان بانتهاء مدّتهما، و في الضمان ما ذكروا في تخلف الأجير.

و لو لم يعلم هل قصد الحائز الملك أم لا؟ فالأصل العدم إذا لم تكن هناك قرائن تدلّ على القصد أو عدمه، حيث لا حاجة حينئذ إلى الأصل.

و لو علم بأنّه قصد لكن لا يعلم أنّه قصده لنفسه أو لغيره؟ كان بينهما، حسب قاعدة العدل، و إذا لم يعلم شخص الغير لا محصوراً و لا معيّناً كان النصف

مجهول المالك فتأمل.

و لو علم بأنّه قصد نفسه و غيره لكن لا يعلم نسبة قصده: هل لكل النصف أو بالتفاوت؟ فالأصل التساوي.

______________________________

(1) الوسائل: ج 6، ص 382، ح 12.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 167

تفريع على القاعدة

ثم إنّه لا حقّ للدولة أو لجهة أخرى في المنع عن حيازة المباحات بحجج واهية و التي منها احتياج الدولة إلى المال، فإنّ المال المقرر للدولة الإسلامية هو الخمس و الزكاة و الجزية و الخراج، و إذا اقتضت الضرورة للمزيد من ذلك كحالة حرب أو ما أشبه و لم تتمكّن الدولة من حيازة المباحات غير المانعة عن حرية الناس في الحيازة و لا من تحصيل التبرعات و ما أشبه، جاز الأخذ من الناس، أو المنع عن حيازتهم للمباحات بقدر الاضطرار، بشرط تعيين مراجع التقليد حسب الشورى إن كانوا متعددين، و ليس حينئذٍ إلّا كصيغة الاستثناء كما ذكرناه في بعض كتب (الفقه) بتفصيل.

أما ما نراه اليوم في الدول المعاصرة من كثرة الضرائب و منع الناس عن حيازة المباحات و ما أشبه فهو خلاف الشريعة المقدّسة، جاء بدافع الجهل بالموازين و إرادة التجمل بالسرف و الترف، و تكثير الموظفين اعتباطاً مما يعود بالإضرار الكثيرة، و شراء الأسلحة بالأموال الباهظة، بغية التخزين و الادخار، فإن دعت الضرورة إلى هذا الأخير فهو ممّا ذكرناه من الاستثناء بموازينه، و إلّا كان ضرراً مضاعفاً و حرمة مغلّظة.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 169

قاعدة الإعراض

أدلة القاعدة

الملك عند العقلاء يبدأ بالحيازة في الجملة، بمعنى أنّه لا يملك الإنسان كلّ ما حاز، بل بالقدر الذي يراه العقلاء.

مثلًا: لا يسمح العقلاء لشخص واحد أن يحوز كلّ أسماك البحر بواسطة جعل حاجز حول البحر أو اصطياد السمك بواسطة الوسائل الحديثة، و هكذا في الغابة و المعدن و غير ذلك.

و ينتهي بسبب فاعل اختياري كالبيع أو غير اختياري كالإرث أو بالإعراض، و هذا أحد أدلة إسقاط الإعراض للملك.

و يدلّ عليه بالإضافة إلى ذلك: السيرة، حيث يرون أنّ من ألقى متاعه

في الطريق بقصد الإعراض، لا يملكه بعد ذلك، فإذا التقطه آخر دخل في ملكه، كسائر المباحات.

و متواتر الروايات: كرواية السكوني عن الصادق عن أمير المؤمنين (ع) (في السفينة التي غرقت و ما فيها .. و ما غاص عليه الناس و تركه صاحبه فهو

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 170

لهم) «1».

و في رواية أخرى عن الصادق (ع): (و أمّا ما اخرج بالغوص فهو لهم و هم أحقّ به) «2».

و رواية ابن سنان في الحيوان الضائع عن الصادق (ع): (و إنما هي مثل الشي ء المباح) «3».

و في رواية مسمع عن الصادق عن علي (ع) في الدابّة إذا سرحها أهلها فهي للذي أحياها «4».

و في رواية أخرى عن أمير المؤمنين (ع) (فهي للذي أحياها) «5».

و في رواية السكوني: (فهي لمن أصابها) «6».

و في رواية حريز عن الصادق (ع): (لا بأس بلقطة العصي و الشطاط و الوتد و الحبل و السقال و أشباهه، قال: و قال أبو جعفر (ع): ليس لهذا طالب «7».

إلى غيرها من الروايات في هذه الأبواب المذكورة في (الوسائل) و (المستدرك) و (البحار).

مضافاً إلى روايات الكنز حيث أنّ الكنوز لا تكون إلّا للناس فيعرضون عنها، أو يحصل الانعراض.

______________________________

(1) الوسائل: ج 17، ص 361، ح 32326.

(2) الوسائل: ج 17، ص 362، ح 32327.

(3) الوسائل: ج 17، ص 364، ح 32332.

(4) الوسائل: ج 17، ص 364، ح 32333.

(5) الوسائل: ج 17، ص 364، ح 3.

(6) الوسائل: ج 17، ص 364، ح 32334.

(7) الوسائل: ج 17، ص 362، ح 32328.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 171

و روايات الطير الذي يأتي و قد ملك جناحيه «1».

و روايات القرية التي خربت، ممّا يجدها الطالب في أبوابها في الكتب المذكورة و غيرها.

بل و يدلّ على الحكم

أيضاً: المركوز في أذهان المتشرّعة.

و عليه فلا فرق بين الإعراض و الانعراض القهري و لا ينفع عدم الإعراض إذا رآه عرف المتشرّعة التابع لعرف العقلاء أنّه ليس له، لأنّ المال عرفي فيشمله قبل الإعراض لا بعده (لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ)* «2» و (الناس مسلّطون) «3» و (لا يحل مال امرء) و ما أشبه ذلك.

و عليه فلا مجال للاستصحاب، لا لعدم تحقق الموضوع فقط، بل لما عرفت من الأدلة.

موارد القاعدة و منه يعلم أنّه إذا أعرض فسبقه غيره إليه لم يكن له أخذه منه، و لو تجاذب المالك و غيره كان من التجاذب على المباح.

[فرع]

ثمّ إنّه لا يبعد أن يكون الإعراض عن بعض منافع الملك كسكنى الدار لا الزراعة فيها، أو لبعض دون بعض كأن يقول: أعرضت عن سكنى الدار لكلّ أحد إلّا لزيد، أو في بعض الأزمان كأن يقول: أعرضتُ عنها في أيّام الجمعة، حتى يحقّ لكل أحد بيعها في ذلك اليوم دون سواه، يكون حاله حال الإعراض المطلق للأولويّة و للعقلائيّة.

و على هذا فلا فرق بين الاختياري كإلقاء ماله في البحر، أو القهري كهروب غزاله إلى الغابة بما يراه العرف انفقدتا عن الملك.

______________________________

(1) راجع الوسائل: ج 16، ص 290 وص 295.

(2) البقرة: 188.

(3) بحار الأنوار: ج 2، ص 272، ح 7، ب 33.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 172

و قد تبيّن بذلك أن الأقسام أربعة: النقل و الانتقال الاختياري أو القهري كالبيع و الإرث فيما جنس الملك باق عرفاً، و هما فيما لا يبقى جنس الملك كالإلقاء في البحر اختياراً أو قهراً.

ثم الإعراض كما يكون بالأصيل يكون بالوكيل كما إذا وكله أن يلقي ماله في البحر.

و حيث قد عرفت أنّ الانعراض كذلك فلا فرق بين أن

يكون مالكه بالغاً عاقلًا أو لا، كما إذا ألقي مالهما بسبب الريح أو نحوه في البحر.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 173

قاعدة التيسير أدلة القاعدة

لم يذكرها الفقهاء، اكتفاءً منهم بقاعدة الميسور.

و لعلّ الأولى من مصاديق الثانية، و إن كانت بحاجة إلى شي ء من التوضيح.

فإن قوله سبحانه (يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ) «1» يستفاد منه التيسير أيضاً، بالنسبة إلى النفس و إلى الغير.

كما يشمله أيضاً قوله (ص): (جئتُكم بالحنفية السمحة) «2» و ما أشبه ذلك، فإنه يشمل الموضوع و الحكم.

كما يشملها قوله (ص) لذلك الشاب الذي أنهكته العبادة: (إنّ هذا الدين رفيق فأوغل فيه برفق فإنّ المنبت لا أرضاً قطع و لا ظهراً أبقى) «3».

و يؤيّده أو يدلّ عليه في الجملة: أن (التعسير) الذي هو خلاف (التيسير) وليد جملة من الصفات الذميمة محرّمة أو مكروهة مثل:

______________________________

(1) البقرة: 185.

(2) شبهه في الوسائل: ج 5، ص 246، ح 1 و ج 14، ص 74، ح 1.

(3) الوسائل: ج 1، ص 83، ح 7، و فيه: قوله (ص) لعلي (ع): (إن هذا الدين متين فأوغل ..).

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 174

سوء الظنّ، و التهمة، و الوسوسة، و التدقيق في الموضوع أو الحكم و لواحقهما «1» و ما أشبه.

و قد ورد: أنّ التدقيق في الشي ء زندقة.

أقول: لأنه ينتهي إلى الزندقة في الجملة أو يكشف عنها كذلك، و القضية اقتضائية أو بنحو الموجبة الجزئية.

و الإفراط و التفريط، و تصعيب الأمور ذهنيا و خارجياً، حيث إنّ للتعصيب تأثيراً نفسياً، بالإضافة إلى التأثير الخارجي.

و إرادة تطبيق الحياة و الإحياء على نفسه «2» لا كما أرادها الله سبحانه حيث خلق الأحياء و الحياة بصورة خاصّة، فإن مثل هذه الإرادة بالإضافة إلى أنها لا تنتهي إلى نتيجة توجب الهمّ و الحزن

و الغضب و سوء الأخلاق و توتّر الأعصاب في الإنسان دائماً، و التأثير، و القنوط، و الإحباط، ممّا أشير إليه في النصوص لفظا أو معنىً.

بين التعسير و التيسير و للتعسير مظاهر في كل أبواب الحياة أو ضدّ التيسير، و لعلّ ما ورد عن النبي (ص) أنه قال: (يسّروا و لا تعسّروا) إشارة إلى ذلك، فإنه من فصل الخطاب الشامل لكل شي ء و نذكر هنا أُموراً: (أ) التدقيق في الوضوء و الغسل و التيمّم، و الصلاة مثل إخراج الحروف عن المخارج بدقّة غير عرفية.

و كذلك في قراءة القرآن و الأدعية و التلبيات و الذكر و ما أشبه.

______________________________

(1) كالشرط و المانع و ..

(2) أي: السعي لتأطير الحياة و المعيشة و وضع برامج أو مناهج لها على حسب ما يريده و يتصوّره في شتّى أبعادها الاجتماعية و العائلية و غيرها، لا حسب المنهج العام الذي بيّنه الشرع في مباحث (العِشرة) و (الأخلاق) و غيرها.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 175

و في أغسال الميت و تجهيزه، و الاعتكاف بأن لا يخرج عن المسجد حتى في أشد الحاجات الدينية أو الدنيوية، و ما أشبه ذلك.

(ب) و هكذا التدقيق و التعقيد في إخراج حروف العقود و الإيقاعات عن مخارجها الدقيقة، و في تقييم الأشياء في المعاملات، و في عدالة الشهود و الإمام و نحوهم، إلى حدّ الإفراط.

(ج) و في المحافظة على النساء إلى حدّ الوسوسة و الاتهام، و كذلك الحال في المحافظة على الأولاد و الأقرباء.

(د) و التدقيق في النظافة جسداً أو أثاثاً أو غير ذلك، بما يكون من الوسوسة الشرعية أو العرفية، و في الأكل و في الشرب و في اللباس و في المركب و في المسكن و في المتجر و البستان

و ما إلى ذلك، فإنّه قد يدقق الإنسان في كلّ هذه الأمور و قد يتساهل.

(ه) و هكذا التعقيد في اتخاذ الزوجة أو الزوج، في الأخلاق و السلوك و ما إلى ذلك، و في خصوصيات المباشرة و المعاشرة و في تربية الأولاد، و إدارة أمور البيت و حفظ نفسه و عائلته عن الحرّ و البرد، و نحوهما، و في المحافظة على الصحّة إلى حدّ الإفراط.

(و) و في الأمور السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و التربوية و غيرها، و قد ورد في الحديث: (إنّ المؤمن سهل البيع، سهل الشراء، سهل القضاء، سهل الاقتضاء) «1» و هذا من باب المثال و إلّا فالمؤمن سهل النفاذ، سهل الإمضاء، سهل الرضى، سهل الإرضاء، سهل البقاء، سهل الإبقاء، سهل المعاملات الفردية و الاجتماعية، إلى غيرها.

______________________________

(1) الوسائل: ج 12، ص 332، ح 22966 و 22967.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 176

(ز) و في التصعيب على النفس، فإن اللازم التسهيل عليها، فإن من يصعب على نفسه يصيبه الحرج و العنت بدون فائدة بل يوجب ذلك تنفيره عن الأمور، و لذا قال علي (ع): (إنّ هذه القلوب تملّ كما تملّ الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة) «1».

(ح) و في التدقيق على أخطاء الناس و عدم نسيان سيّئاتهم السابقة في قبال (خذ العفو) «2» حيث قد يدقق النظر في أمر الجار و الصديق و التلميذ و الأستاذ و الشريك و غيرهم، و قد يتساهل معهم، فإنّه أفضل حتى من الوسط.

(ط) و في التدقيق في أمور المستقبل و الاهتمام الزائد به بدون مبرر.

(ي) و في التدقيق فيما بيده من الأعلى و الأوفى مثل الأخذ بالحدّ الأعلى من التعزيرات و ما أشبه ذلك.

نعم، في الواجبات و المحرمات المحددة شرعاً لا

تسهيل إلّا في موارد الضرر الأكبر و الاضطرار و ما أشبه، على ما ذكر في حديث الرفع «3» و غيره.

لا يقال: إنّا رأينا النبي (ص) و الوصي (ع) أيضاً يسهّلان في تلك الأمور؟ و احتمال أنّها من باب الولاية خلاف الأصل الذي يقول: كلّما شكّ في أنه من باب الحكم أو الولاية، لا بدّ و أن يحمل على الحكم لأنّ الولاية بحاجة إلى أمر زائد.

لأنه يقال: لا بدّ و أن يحمل مثل تلك الأمور على قاعدة الأهمّ و المهمّ و الاضطرار و الضرورة و ما أشبه ذلك بالإضافة إلى ما ذكرناه في (الفقه) من أنّ لهم (ع) حقّ العفو، و ربما يقال بذلك بالنسبة إلى الفقيه.

______________________________

(1) بحار الأنوار: ج 1، ص 182، ح 78، ب 1.

(2) الأعراف: 199.

(3) المستدرك: ج 6، ص 423، ح 7136، ب 26.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 177

مثلًا: الرسول (ص) عفى عمّن فرّ من الزحف، و لم يعاقب من لم يقبل حكمه في متعة الحج، و من قال: إنه (ص) ليهجر، و عفى عمّن كان مهدور الدم، بعد أن هدر دمه ثمّ جعله محقون الدم.

و علي (ع) عفى عن أهل البصرة اقتداءً بالنبي (ص) في عفوه عن أهل مكّة، و قال لمن اشتكى زوجة في معصيته: أنّه ينظر في الأمر فإن ثبت، حدّ الزوج، و إن لم يثبت أدّب الزوجة، ثمّ قام و صلى مما سبب هرب الشاكية، بعد أن رأت أنّ كلا الطرفين في ضررها، إلى غير ذلك.

و متى اقتضت هذه الاستثناءات لفقيه أو غيره حسب الموازين المذكورة في الفقه كان في يسر، و إلّا فعليه التطبيق في الأحكام الاقتضائية.

و قد ذكرنا في بعض المباحث كيفية الجمع بين (يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ

الْيُسْرَ) «1» و بين (أفضل الأعمال أحمزها) و كذلك بين ما كان المعصومون يلاقونه من المشقّة في العبادة و ما إلى ذلك و بين (أوغل فيه برفق) و (مٰا أَنْزَلْنٰا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقىٰ) «2» و أنّ المراد بالأحمز: الأصعب ذاتاً، لا الأصعب فرداً، و انّهم (ع) حيث كانوا بيدهم الحكم و الأسوة، كان اللازم أن يسلكوا ذلك المسلك كما قاله علي (ع) بالنسبة إلى (أخ علاء) في البصرة.

و هذا آخر ما أردنا إيراده في هذا الكتاب من القواعد الفقهية و نسأله سبحانه أن يقرنه بقبوله و ينفع به و هو الموفّق المستعان.

قم المقدسة محمد الشيرازي 5/ ربيع الأول/ 1413

______________________________

(1) البقرة: 185.

(2) طه: 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 181

الخاتمة [في الإشارة إلى عناوين مجموعة أخرى من القواعد]

اشارة

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطاهرين و بعد: حيث ذكرنا العديد من (القواعد) و بعض ما يتفرّع عليها من المسائل الفقهية، رأينا أن نُلحِق بذلك الإشارة إلى عناوين مجموعة أخرى من القواعد التي تضمّنتها الآيات أو الروايات أو كتب الأصول أو الفقه، من الأحكام التكليفية أو الوضعية، دون استظهار أو تفريع أو بيانٍ للإطلاق أو الإهمال أو ما شابه ذلك.

عسى أن يوفّقنا الله تعالى للبحث عنها، أنه سميع الدعاء.

قم المقدسة محمد الشيرازي

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 183

القواعد

[الحكم المنوط بالأعذار العقلية كالعجز و النسيان لا يجوز استصحابه بعد رفع العذر]

منها: الحكم المنوط بالأعذار العقلية كالعجز و النسيان لا يجوز استصحابه بعد رفع العذر.

[كل ما يعتبر في عبادة و ماهيتها من حيث هي لا لخصوصية الفاعل فهو معتبر في النائب]

و منها: كل ما يعتبر في عبادة و ماهيتها من حيث هي لا لخصوصية الفاعل فهو معتبر في النائب كالقصر و الإتمام.

و أما ما يعرض باعتبار خصوص مباشرة الفاعل فالمناط هو تكليف النائب كالجهر و الإخفات، و العجز عن القيام مثلًا، و القدرة عليه.

[الحرمة التشريعية لا تمنع عن الاحتياط]

و منها: الحرمة التشريعية لا تمنع عن الاحتياط بالجمع بين الواجب و غير المحرم تشريعاً، بخلاف الحرمة الذاتية.

[إذا ورد أمر بمطلق ثمّ ورد نهي عن فرد منه فالمراد به رفع الرخصة]

و منها: إذا ورد أمر بمطلق ثمّ ورد نهي عن فرد منه فالمراد به رفع الرخصة، دون التحريم إلّا من جهة التشريع.

[كل عمل مباح مقصود للعقلاء لا يرجع نفعه إلى خصوص العامل و لم يجب عليه يجوز استيجاره]

و منها: كل عمل مباح مقصود للعقلاء لا يرجع نفعه إلى خصوص العامل و لم يجب عليه يجوز استيجاره عليه.

[لا يجب الفعل الواحد عيناً على مكلّفين]

و منها: لا يجب الفعل الواحد عيناً على مكلّفين.

[كل ما يعتبر في الأداء يعتبر في القضاء]

و منها: كل ما يعتبر في الأداء يعتبر في القضاء.

[من وجد شيئاً لا مالك له فهو له]

و منها: من وجد شيئاً لا مالك له فهو له.

[من ادعى شيئاً و لا منازع له دُفع إليه]

و منها: من ادعى شيئاً و لا منازع له دُفع إليه.

[كل صداق ظهر استحقاقه للغير فعلى المصدق مثله أو قيمته]

و منها: كل صداق ظهر استحقاقه للغير فعلى المصدق مثله أو قيمته.

[الرضاع يوجب التحريم إذا اتحد فيه عنوان النسب مع الجهة الموجبة للتحريم]

و منها: الرضاع يوجب التحريم إذا اتحد فيه عنوان النسب مع الجهة الموجبة

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 184

للتحريم.

و من هنا لا تحرم عليك من ارتضعت مع أخيك، فإن أخت الأخ في النسب إنّما تحرم لكونها بنتك أو بنت زوجتك و هاتان الجهتان منتفيتان في المرضعة.

[يحرم على الإنسان بالنسب أصوله و فصوله و فصول أوّل أصوله و أول فصل من كل أصل بعده]

و منها: يحرم على الإنسان بالنسب أصوله و فصوله و فصول أوّل أصوله، و أول فصل من كل أصل بعده، أي: بعد أول الأصول.

قاله بعض الفقهاء، و أراد بالأصول: الأمهات، و بالفصول: البنات، و بفصول أول الأصول: الأخوات، و بأول فصل: العمات و الخالات.

[لا يجوز الإضرار بالغير لدفع الضرر عن النفس كما لا يجب تحمل الضرر لدفع الضرر عن الغير]

و منها: لا يجوز الإضرار بالغير لدفع الضرر عن النفس، كما لا يجب تحمل الضرر لدفع الضرر عن الغير إلّا إذا كان هناك أهم في البين.

[كل ما أمكن الجواب به أمكن الحلف عليه]

و منها: كل ما أمكن الجواب به أمكن الحلف عليه.

[تعذّر البراءة لا يوجب سقوط الحق]

و منها: تعذّر البراءة لا يوجب سقوط الحق.

[كل شرط علم وجوده لا يفسد العقد المعلّق عليه]

و منها: كل شرط علم وجوده لا يفسد العقد المعلّق عليه، كقوله في يوم الجمعة: إن كان هذا اليوم يوم الجمعة فقد بعتك.

[الحج عرفة]

و منها: (الحج عرفة) «1» روي ذلك عن النبي (ص)، و فيه دلالة على الاجتزاء بإدراك الوقوف بعرفة خاصة.

[إذا انحصر أفراد العام في فرد لم يخرج عن كونه عاما في باب التعارض]

و منها: إذا انحصر أفراد العام في فرد لم يخرج عن كونه عاما في باب التعارض.

[الأرش يجري في فوات الوصف الخلقي]

و منها: الأرش يجري في فوات الوصف الخلقي.

[إذا استلزم كل من المجاز و التخصيص مجازاً فالمجاز المجامع للعموم أولى من التخصيص]

و منها: إذا استلزم كل من المجاز و التخصيص مجازاً، فالمجاز المجامع للعموم أولى من التخصيص.

______________________________

(1) عوالي اللئالي: ج 2، ص 236، ح 5.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 185

[إذا كانت الجملة الشرطية مسوقة لتحقيق الموضوع فلا مفهوم لها]

و منها: إذا كانت الجملة الشرطية مسوقة لتحقيق الموضوع، فلا مفهوم لها، و المعيار في ذلك: ان كل ما يتوقف وجود المشروط على وجود الشرط بحيث لا يمكن تصوره بدونه فالشرط لتحقيق الموضوع، كقولك: إن رزقت ولداً فاختنه، بخلاف: إن جاء زيد فأكرمه، لا مكان تصور إكرامه بدون المجي ء.

[إذا اعتمد الوصف على موصوفه فتعليق الحكم عليه مشعر بالعلية]

و منها: إذا اعتمد الوصف على موصوفه فتعليق الحكم عليه مشعر بالعلية، و إلّا فيكون من باب التعليق على اللّقب.

[تخصيص العام بمفهوم المخالفة لا يجري في الكلام الواحد لا سيّما في العلّة و المعلول]

و منها: تخصيص العام بمفهوم المخالفة لا يجري في الكلام الواحد لا سيّما في العلّة، و المعلول، كما في أية النبإ «1».

[المفهوم تابع للمنطوق في العموم و الخصوص]

و منها: المفهوم تابع للمنطوق في العموم و الخصوص.

[لا يجوز إخراج مورد العام عن العموم]

و منها: لا يجوز إخراج مورد العام عن العموم.

[السكوت في معرض البيان يفيد الحصر]

و منها: السكوت في معرض البيان يفيد الحصر لعدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

[الحرّ يملك فوائده كما يملك منافعه]

و منها: الحرّ يملك فوائده كما يملك منافعه.

[من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أحقّ به]

و منها: من سبق إلى ما لم يسبق إليه أحد من المسلمين فهو أحقّ به.

[الفساد لا يتبعض]

و منها: الفساد لا يتبعض، بمعنى: ان المعاملة إذا فسدت من جانب فسدت من الجانبين.

[إذا توقف وجود واجب على فعل جماعة فلم يقم به بعضهم سقط الوجوب عن الباقين]

و منها: إذا توقف وجود واجب على فعل جماعة فلم يقم به بعضهم سقط الوجوب عن الباقين، فإنّ فعل الجميع سبب واحد و فعل البعض خاصة يقع لغواً، كما لو أمروا بحمل شي ء ثقيل متوقف على اجتماعهم.

و من هنا قالوا: لو توقف انزجار العاصي على نهي اثنين فترك أحدهما

______________________________

(1) الحجرات: 6.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 186

النهي سقط وجوب النهي عن المنكر عن الآخر.

[ان الثمن لا يوزع على الشروط]

و منها: ان الثمن لا يوزع على الشروط.

[لا يجوز تعليق الواجب المطلق بالجائز بخلاف المشروط]

و منها: لا يجوز تعليق الواجب المطلق بالجائز بخلاف المشروط.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الفقه، القواعد الفقهية، در يك جلد، ه ق

الفقه، القواعد الفقهية؛ ص: 186

[كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه]

و منها: كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه «1»، روي عن الصادق (ع).

[تعذر الشرط لا يكفي في سقوطه]

و منها: تعذر الشرط لا يكفي في سقوطه.

[إذا كان الأمر مضيقاً اقتضى عدم اجتماعه مع أمر آخر موسع يضاده]

و منها: إذا كان الأمر مضيقاً اقتضى عدم اجتماعه مع أمر آخر موسع يضاده.

[لا تقضي صلاة حتى يدخل وقت أخرى]

و منها: لا تقضي صلاة حتى يدخل وقت أخرى.

[تحريم العين مستلزم لتحريم سائر وجوه الانتفاعات]

و منها: تحريم العين مستلزم لتحريم سائر وجوه الانتفاعات.

[كل محرم الانتفاع به بقول مطلق لا يجوز الاكتساب به]

و منها: كل محرم الانتفاع به بقول مطلق لا يجوز الاكتساب به.

[كل ما يحدث من العين فهو للمغصوب منه]

و منها: كل ما يحدث من العين فهو للمغصوب منه.

[كل ما جاز الشهادة عليه جاز الحلف عليه]

و منها: كل ما جاز الشهادة عليه جاز الحلف عليه.

[الجملة الخبرية ظاهرة في إثبات أصل المحمول للموضوع لا إثبات استمراره له بعد ثبوته له]

و منها: الجملة الخبرية ظاهرة في إثبات أصل المحمول للموضوع، لا إثبات استمراره له بعد ثبوته له، و لذا لا دلالة في قوله (ع): (كل شي ء طاهر حتى تعلم أنه قذر) «2» على قاعدة الاستصحاب، بل هو من أدلة قاعدة الطهارة، و شمولها لقاعدة الاستصحاب لا يقتضي دلالة الرواية عليها، كما في قاعدة الحل و البراءة، و لذا لا يصح الاستدلال بأخبارها للاستصحاب.

[أن الحكم على كلي لا ينافي الحكم على بعض أفراده إلا مع الحصر]

و منها: أن الحكم على كلي لا ينافي الحكم على بعض أفراده إلا مع الحصر، كما في قوله: (في الذهب و الفضة ضمان) «3»، و قوله: (ليس في العارية

______________________________

(1) وسائل الشيعة: ج 2، ص 1011، ح 12.

(2) وسائل الشيعة: ج 2، ص 1054، ح 4 و فيه: (كل شي ء نظيف).

(3) راجع المستدرك: ج 14، ص 25، ح 16005، ب 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 187

ضمان إلّا في الدينار و الدرهم)، فإنهما متعارضان بالعموم من وجه، لأنّ الحصر إثبات و نفي، لا إثبات فقط.

[المظلوم من ظُلِم و الغرامة على الظالم]

و منها: المظلوم من ظُلِم، و الغرامة على الظالم، خرجوا عن هذه القاعدة في باب المزارعة لنصوص معتبرة.

[ما يُعطي لله فلا رجوع فيه]

و منها: ما يُعطي لله فلا رجوع فيه.

[الاحتياط في الشرط لا يزيد على الاحتياط في المشروط]

و منها: الاحتياط في الشرط لا يزيد على الاحتياط في المشروط.

[التلف على من لا خيار له]

و منها: التلف على من لا خيار له.

[الحكم المعلّق بالمشتق معلل بما منه الاشتقاق]

و منها: الحكم المعلّق بالمشتق معلل بما منه الاشتقاق، كالقطع المعلّق باسم السارق، و الحدّ المعلّق باسم الزاني.

[لا يجوز تخصيص المورد كتخصيص منطوق آية النبإ بالرواية]

و منها: لا يجوز تخصيص المورد، كتخصيص منطوق آية النبإ «1» بالرواية، مع أن مورده الشهادة، و هذا غير لازم في المفهوم لو خُصّ بالرواية.

[الاستثناء في سياق النفي مفيد للحصر]

و منها: الاستثناء في سياق النفي مفيد للحصر.

[لا كفارة في ترك الكفارة]

و منها: لا كفارة في ترك الكفارة، كما لو أفطر في صوم وجب بسبب النوم عن صلاة العشاء، على القول به.

[إذا حرم شي ء بقول مطلق حرم ثمنه مطلقاً]

و منها: إذا حرم شي ء بقول مطلق حرم ثمنه مطلقاً، و إذا حرم منفعة خاصة منه لم يحرم ثمنه مطلقاً كما في الطين.

[الفعل الخاص مخصص لمتعلقه العام]

و منها: الفعل الخاص مخصص لمتعلقه العام، كما في قولك: لا تضرب أحداً، فإن الضرب قرينة على اختصاص العام بالأحياء.

[المجاز لا يدخل في النصوص و إنما يدخل في الظواهر]

و منها: المجاز لا يدخل في النصوص، و إنما يدخل في الظواهر.

[القواعد الكلية لا تقدح فيها العوارض الجزئية]

و منها: القواعد الكلية لا تقدح فيها العوارض الجزئية.

______________________________

(1) الحجرات: 6.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 188

[لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره إلّا بإذنه]

و منها: لا يجوز لأحد أن يتصرف في مال غيره إلّا بإذنه.

[حمل المطلق على المقيد إنما هو في الكلي لا في الكل]

و منها: حمل المطلق على المقيد إنما هو في الكلي لا في الكل.

[الأمارات على الموضوعات بمنزلة الأدلة على الأحكام]

و منها: الأمارات على الموضوعات بمنزلة الأدلة على الأحكام، مزيلة للشبهة.

[لا يحل مال إلّا من حيث أحلّه الله]

و منها: لا يحل مال إلّا من حيث أحلّه الله.

[الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات]

و منها: (الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات) «1»، كما في جملة من الروايات.

[فعل المكرَه بالفتح مستند إلى مكرهه]

و منها: فعل المكرَه بالفتح مستند إلى مكرهه.

[المعتبر في الإقرار الدلالة العرفية لا اللغوية]

و منها: المعتبر في الإقرار الدلالة العرفية لا اللغوية.

[كل ما جاز للشاهد أن يشهد به جاز للحاكم أن يحكم به]

و منها: كل ما جاز للشاهد أن يشهد به جاز للحاكم أن يحكم به.

[يمين الدفع لا يوجب الجلب]

و منها: يمين الدفع لا يوجب الجلب.

[تحقق العام متوقف على تحقق الخاص]

و منها: تحقق العام متوقف على تحقق الخاص، و إرادته لا تتوقف عليه.

[طلب ترك الممتنع محال كتحصيل الحاصل]

و منها: طلب ترك الممتنع محال كتحصيل الحاصل، نعم لو كان ممتنعاً بهذا المنع لم يمتنع.

[التكليف بالممتنع بالاختيار قبل الامتناع لا بعده]

و منها: التكليف بالممتنع بالاختيار قبل الامتناع لا بعده.

[العبرة في العموم من وجه بالمفهوم لا بالفرد الخارجي]

و منها: العبرة في العموم من وجه بالمفهوم لا بالفرد الخارجي، فلو انحصر العام في فرد لم يعدّ خاصاً عند التعارض.

[التمثيل لا يوجب تخصيص العام]

و منها: التمثيل لا يوجب تخصيص العام.

[القصد إلى غاية صحيحة كاف في صحة العقد]

و منها: القصد إلى غاية صحيحة كاف في صحة العقد.

[نِعم الشي ء الفرار من الحرام]

و منها: نِعم الشي ء: الفرار من الحرام «2».

______________________________

(1) المستدرك: ج 17، ص 22، ب 12.

(2) الوسائل: ج 12، ص 644، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 189

[يصان العقد عن الفساد مهما أمكن]

و منها: يصان العقد عن الفساد مهما أمكن.

[لا يبقى ملك بلا مالك]

و منها: لا يبقى ملك بلا مالك.

[لا عتق إلّا بعد ملك]

و منها: لا عتق إلّا بعد ملك.

[العبد و ما في يده لمولاه]

و منها: العبد و ما في يده لمولاه.

[لا قطع على السارق إلّا بمرافعة الغريم]

و منها: لا قطع على السارق إلّا بمرافعة الغريم.

[لا يُقطع إلّا من نقب نقباً أو كسر قفلًا]

و منها: لا يُقطع إلّا من نقب نقباً أو كسر قفلًا.

[كل فرع له حكم أصله]

و منها: كل فرع له حكم أصله، أي: في مسألة الربا بشرط كونه مكيلًا أو موزوناً، كما في الحنطة و دقيقها و القطن و غزله، بخلاف ما لو نسج ثوباً، إذ يجوز بيع ثوب بثوبين.

[كل ما كان مالًا أو كان المقصود منه المال فهو يثبت بشاهد و امرأتين]

و منها: كل ما كان مالًا أو كان المقصود منه المال فهو يثبت بشاهد و امرأتين.

[كل ما يثبت بشاهد و امرأتين يثبت بشاهد و يمين]

و منها: كل ما يثبت بشاهد و امرأتين يثبت بشاهد و يمين.

[كل قوم دانوا بشي ء يلزمهم حكمه]

و منها: كل قوم دانوا بشي ء يلزمهم حكمه «1».

[كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب]

و منها: كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب.

[بطلان الخاص لا يستلزم بطلان العام]

و منها: بطلان الخاص لا يستلزم بطلان العام.

[الشروط لا يوزّع عليها الأثمان]

و منها: الشروط لا يوزّع عليها الأثمان.

[كل موضع حكمنا فيه بصحة الدعوى لزم المدعى عليه الجواب]

و منها: كل موضع حكمنا فيه بصحة الدعوى لزم المدعى عليه الجواب.

[كل من امتنع عن حق ثبت عليه الحبس حتى يؤديه]

و منها: كل من امتنع عن حق ثبت عليه الحبس حتى يؤديه.

[كل حق واجب امتنع مستحقه من قبضه فتلف فهو منه]

و منها: كل حق واجب امتنع مستحقه من قبضه فتلف فهو منه إذا لم يمكن الرجوع إلى الحاكم و نحوه.

[التخيير في الوقت تخيير في لوازمه]

و منها: التخيير في الوقت تخيير في لوازمه.

______________________________

(1) الوسائل: ج 17، ص 597، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 190

[تلف المبيع بعد القبض من المشتري و تلف الثمن من البائع]

و منها: تلف المبيع بعد القبض من المشتري و تلف الثمن من البائع.

[للأجل قسط من الثمن]

و منها: للأجل قسط من الثمن.

[التلف مدة الخيار ممن لا خيار له]

و منها: التلف مدة الخيار ممن لا خيار له.

[يملك المبيع بالعقد]

و منها: يملك المبيع بالعقد.

[ينفسخ العقد من حينه أي حين الفسخ]

و منها: ينفسخ العقد من حينه، أي: حين الفسخ.

[مقتضى العقد الانتقال من حينه]

و منها: مقتضى العقد الانتقال من حينه.

[إذا حرّم الله شيئاً حرّم ثمنه]

و منها: إذا حرّم الله شيئاً حرّم ثمنه، كما في النبوي (ص).

[إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة]

و منها: إذا جاهر الفاسق بفسقه فلا حرمة له و لا غيبة، كذا قاله الصادق (ع) «1».

[ما ألهاك عن ذكر الله فهو حرام]

و منها: ما ألهاك عن ذكر الله فهو حرام.

[المريض مؤتمن عليه فإن وجد ضعفاً فليفطر و إن وجد قوة فليصم]

و منها: المريض مؤتمن عليه، فإن وجد ضعفاً فليفطر، و إن وجد قوة فليصم.

[الإنسان أعلم بما يطيقه]

و منها: الإنسان أعلم بما يطيقه، و قد ورد هذا في بعض الأخبار «2» تفسيراً لبعض الآيات.

[الإنسان على نفسه بصيرة]

و منها: (الإنسان على نفسه بصيرة) «3».

[لا عرار في صلاة و لا تسليم]

و منها: لا عرار في صلاة و لا تسليم «4»، و العرار في الصلاة، نقصان ركوعها و سجودها، و التسليم يراد به: ان لا يسلّم المصلّي ابتداء.

[كل ذنب يكفّره القتل في سبيل الله إلّا الدَّين فلا كفارة له إلّا الأداء أو يعفو الّذي له الحق]

و منها: كل ذنب يكفّره القتل في سبيل الله، إلّا الدَّين فلا كفارة له إلّا

______________________________

(1) الوسائل: ج 8، ص 604، ح 4.

(2) راجع الوسائل: ج 1، ص 698، ح 2.

(3) القيامة: 14.

(4) الوسائل: ج 8، ص 448، ح 6.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 191

الأداء أو يعفو الّذي له الحق «1».

[المبذر سفيه]

و منها: المبذر سفيه.

[الخبيث لا يطهّر خبيثاً مثله، إنما يطهره طاهر]

و منها: الخبيث لا يطهّر خبيثاً مثله، إنما يطهره طاهر.

[اقبضوا على أيدي سفهائكم]

و منها: اقبضوا على أيدي سفهائكم.

[من الكبائر تحليل ما حرّم الله و تحريم ما أحل الله]

و منها: من الكبائر: تحليل ما حرّم الله و تحريم ما أحل الله، لأنه حكم بغير ما أنزل الله.

[إعانة الظالم من أعظم المآثم]

و منها: إعانة الظالم من أعظم المآثم، و في بعض الأخبار (من مشى مع ظالم ليعينه فقد خرج من الإسلام) «2».

و قيل: المراد بالركون المنهي عنه في الآية «3» هو الميل اليسير، فكيف بالكثير؟ و قد قيل: ان من دعا لظالم بالبقاء فقد أحبّ أن يعصي الله «4».

و أمّا ما ورد من قوله (ص): (أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً)، فالمراد: كفّه عن الظلم كما قال (ص).

[خير العمل أدومه و إن قلّ]

و منها: خير العمل أدومه و إن قلّ.

[المؤمن يُعظّم و يحرم تحقيره]

و منها: المؤمن يُعظّم، و يحرم تحقيره.

و في بعض الأخبار: أنه أعظم حرمة من الكعبة «5».

و في بعضها: حسب ابن آدم من الشر أن يحقر أخاه.

[لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة]

و منها (لَقَدْ كٰانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللّٰهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) «6» و يعرف هذا بقاعدة

______________________________

(1) الوسائل: ج 13، ص 83، ح 1 باختلاف يسير.

(2) المستدرك: ج 13، ص 125، ح 14966، ب 35، و فيه: (عن الإيمان).

(3) إشارة إلى قوله تعالى (وَ لٰا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) هود: 113.

(4) شبهه في الوسائل: ج 12، ص 134، ح 5.

(5) المستدرك: ج 9، ص 343، ح 11039، ب 12.

(6) الأحزاب: 21.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 192

(التأسي) المستفادة أيضاً من قوله (ص): (صلوا كما رأيتموني أُصلّي) و قوله (ص): (خذوا عني مناسككم).

[الطرق يجوز لكل أحد التصرف فيها بما لا يتضرر به المارة]

و منها: الطرق يجوز لكل أحد التصرف فيها بما لا يتضرر به المارة.

[كل ما شك في كونه حكماً أو حقاً فهو حكم]

و منها: كل ما شك في كونه حكماً أو حقاً فهو حكم، لأغلبيته في أخبار الشارع و لأنه الأصل.

[كل ما تعارض فيه الأصل و الظاهر فمقتضى الأصل متبع]

و منها: كل ما تعارض فيه: الأصل و الظاهر فمقتضى الأصل متبع.

[سيرة المسلمين حجة إذا كانت قطعية]

و منها: سيرة المسلمين حجة إذا كانت قطعية.

[كما لا يجوز تغيير هيئة الواجب لا يجوز تغيير هيئة المستحب]

و منها: كما لا يجوز تغيير هيئة الواجب لا يجوز تغيير هيئة المستحب.

[لا يعزل الحاكم و لا ينقض حكمه غالباً]

و منها: لا يعزل الحاكم و لا ينقض حكمه غالباً.

[ليس لأحد إجبار غيره على شي ء]

و منها: ليس لأحد إجبار غيره على شي ء، إلّا ما استثنى.

[الخيار في العقد يزلزله]

و منها: الخيار في العقد يزلزله.

[كل عبارة لا يتم مضمونها إلّا بالإيجاب و القبول فهي عقد]

و منها: كل عبارة لا يتم مضمونها إلّا بالإيجاب و القبول فهي عقد؛ و ما لا يحتاج إلى القبول فهو إيقاع.

[كل ما كان الغرض الأهم منه الآخرة فهو عبادة]

و منها: كل ما كان الغرض الأهم منه الآخرة فهو عبادة، و كل ما كان الغرض الأهم منه الدنيا فهو معاملة.

[يجوز تغيير الأحكام بتغيير العادات]

و منها: يجوز تغيير الأحكام بتغيير العادات، كما في نفقات الزوجات و الأقارب.

[كل حكم علّق على سبب متوقع و كان الحكم مختلفاً بحسب وقت التعليق و وقت الوقوع فالمعتبر فيه هو وقت الوقوع]

و منها: كل حكم علّق على سبب متوقع و كان الحكم مختلفاً بحسب وقت التعليق و وقت الوقوع فالمعتبر فيه هو وقت الوقوع، و لذا يعتبر الثلث عند و فات الموصي.

[الشرط إذا دخل على السبب منع تنجيز حكمه لا سببيّته]

و منها: الشرط إذا دخل على السبب منع تنجيز حكمه لا سببيّته، كما في

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 193

البيع بشرط الخيار، فإنه سبب لنقل الملك في الحال، و إنما أثر الشرط في تأخير حكم السبب و هو اللزوم.

[كل ما علم زيادة اهتمام الشارع بتركه من المعاصي فهو كبيرة]

و منها: كل ما علم زيادة اهتمام الشارع بتركه من المعاصي فهو كبيرة.

[كلما كان وسيلة لشي ء فبعدم ذلك الشي ء تنعدم الوسيلة]

و منها: كلما كان وسيلة لشي ء فبعدم ذلك الشي ء تنعدم الوسيلة.

[كثيراً ما يعطي الموجود حكم المعدوم كما في فسخ العقد عند التحالف]

و منها: كثيراً ما يعطي الموجود حكم المعدوم كما في فسخ العقد عند التحالف.

[الواقع يمتنع ارتفاعه و لكن يمكن ارتفاع حكمه]

و منها: الواقع يمتنع ارتفاعه و لكن يمكن ارتفاع حكمه.

[الإذن العام لا ينافي المنع الخاص و عكسه]

و منها: الإذن العام لا ينافي المنع الخاص، و عكسه.

[لا يدخل في ملك إنسان شي ء قهراً إلّا الإرث و الوصية]

و منها: لا يدخل في ملك إنسان شي ء قهراً إلّا الإرث و الوصية، و الوقف على قوم معينين و نسلهم و على الجهات العامة، و الغنيمة و نصف الصداق إذا انتصف و نحوها.

[كل دَيْن حالّ لا يتأجل]

و منها: كل دَيْن حالّ لا يتأجل.

[كل فعل تعلق غرض الشارع بإيقاعه لا من مباشر بعينه يصح التوكيل فيه]

و منها: كل فعل تعلق غرض الشارع بإيقاعه، لا من مباشر بعينه، يصح التوكيل فيه.

[لا يصح بيع ما لا يتموّل و ما لا يقدر عليه و كذا كل ما يعد معاملته سفهاً]

و منها: لا يصح بيع ما لا يتموّل، و ما لا يقدر عليه، و كذا كل ما يعد معاملته سفهاً.

[لا يجوز أن يكون للبائع الثمن و المثمن]

و منها: لا يجوز أن يكون للبائع الثمن و المثمن، و لا للأجير المنفعة و الأجرة، و لا للزوج البضع و المهر، و هذا من فروع عدم جواز الجمع بين العوض و المعوض.

[لا يزاد الوصف على الأصل]

و منها: لا يزاد الوصف على الأصل، و لذا قالوا: ان المستحب لا يكون هيئته إلّا مستحبة، نعم حكمهم بوجوب بعض الهيئات كالترتيب في الأذان

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 194

و الطهارة في النافلة إنما هو بمعنى: الاشتراط لا الوجوب الشرعي.

[كلما حكم الشارع باتحاد شيئين لا يمكن فيهما الاتحاد وجب الحمل على المماثلة و المساواة في الحكم]

و منها: كلما حكم الشارع باتحاد شيئين لا يمكن فيهما الاتحاد وجب الحمل على المماثلة و المساواة في الحكم، كما في قوله (ع): (الطواف بالبيت صلاة) «1»، و في قوله (ع) في خطبتي الجمعة: (هي صلاة حتى ينزل الإمام) «2».

[كل إيجاب فقبوله بعد موت الموجب باطل إلّا الوصية]

و منها: كل إيجاب فقبوله بعد موت الموجب باطل إلّا الوصية، و كذا موت القابل قبل القبول.

[كل من أنكر حقاً لغيره ثمّ رجع إلى الإقرار قُبِل منه]

و منها: كل من أنكر حقاً لغيره ثمّ رجع إلى الإقرار قُبِل منه.

[كل من قدر على إنشاء شي ء قدر على الإقرار به]

و منها: كل من قدر على إنشاء شي ء قدر على الإقرار به، إلّا في مواضع أشار إليها الشهيد (قدس سره) في قواعده.

ثم قال: و كذا كل من لا يقدر على إنشاء لا يقبل إقراره إلّا في من أقرّ على نفسه بالرّق فإنه يقبل مع جهالة نسبه، و لا يقدر على أن ينشأ في نفسه الرّق.

[لا أثر لوجود المقتضي مع وجود المانع]

و منها: لا أثر لوجود المقتضي مع وجود المانع، و يترتب عليه أنه إذا دلّ دليل على حكم، لا يكفي إلّا بعدم المعارض.

[كل عقد أو إيقاع صدر عن مسلم ثمّ شك في أنه هل وقع على وجه صحيح أو فاسد فهو محكوم عليه بالصحة]

و منها: كل عقد أو إيقاع صدر عن مسلم ثمّ شك في أنه هل وقع على وجه صحيح أو فاسد، فهو محكوم عليه بالصحة، لما تقدم من أن أفعال المسلمين و أقوالهم محمولة على الصحة.

[كل عقد أو إيقاع شك في شرعيته فهو فاسد]

و منها: كل عقد أو إيقاع شك في شرعيته فهو فاسد، إذ الأصل، عدم ترتب الأثر عليه، و قد قالوا: إنّ الأصل الأولي في المعاملات هو الفساد.

و إن كان الأصل الثانوي الصحة كما ذكره الشيخ (قدس سره) في المكاسب.

[إجراء الاستصحاب في السبب مغن عن إجرائه في المسبب]

و منها: إجراء الاستصحاب في السبب مغن عن إجرائه في المسبب.

______________________________

(1) المستدرك: ج 9، ص 410، ح 11203، ب 38.

(2) الوسائل: ج 5، ص 15، ح 4 و ص 18، ح 4.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 195

[كل من أسند إليه فعل فظاهره صدوره عنه بالإرادة و التعمد]

و منها: كل من أسند إليه فعل فظاهره صدوره عنه بالإرادة و التعمد.

[كل واجب مؤقت يسقط بانقضاء وقته إلّا مع الأمر بقضائه]

و منها: كل واجب مؤقت يسقط بانقضاء وقته إلّا مع الأمر بقضائه، بخلاف الفوري فإنه لا يسقط بالإخلال بفوريته إلّا مع فوات الغرض كرد السلام و إنقاذ الغريق.

[لا يجوز النيّة المرددة في شي ء من العبادات إلّا إذا تردد الواجب الواقعي بين أمرين]

و منها: لا يجوز النيّة المرددة في شي ء من العبادات إلّا إذا تردد الواجب الواقعي بين أمرين، فيقصد التقرب بكل منهما مع الآخر.

[يدخل في المبيع كل تابع عقلي كالأجزاء]

و منها: يدخل في المبيع كل تابع عقلي كالأجزاء، و عرفي كالشعر في الغنم، و عادي كالنعل في الفرس.

[العادة في كل معاملة بمنزلة الشرط الضمني]

و منها: العادة في كل معاملة بمنزلة الشرط الضمني، و لذا حكموا في بيع الفرس المنعل بدخول النعل في المبيع.

[كل حكم أثبتناه بالاستصحاب فهو من باب الإبقاء و البناء لا من باب الإحداث]

و منها: كل حكم أثبتناه بالاستصحاب فهو من باب الإبقاء و البناء لا من باب الإحداث، فيترتب عليه كل ما يترتب على الكشف لا النقل.

[الشك في الوصف يوجب الشك في الموصوف بعنوان اتصافه بذلك الوصف]

و منها: الشك في الوصف يوجب الشك في الموصوف بعنوان اتصافه بذلك الوصف، لا بعنوان كونه موضوعاً، فالشك في زوجية امرأة شك في اتصافها بهذه الصفة لا في كونها امرأة.

[الأحكام الشرعية إراديّات ناشئة عن المصالح و المفاسد]

و منها: الأحكام الشرعية إراديّات ناشئة عن المصالح و المفاسد فتختلف باختلاف الموارد و المواضع نظراً إلى اختلاف المقتضي و تعدّده.

[كل ما كان القيد فيه للحكم تعدد الحالة للموضوع]

و منها: كل ما كان القيد فيه للحكم تعدد الحالة للموضوع، فيثبت الحكم مع وجود القيد و ينتفي مع عدمه، بخلاف ما لو كان القيد للموضوع، مثال الأول: لا يجوز الطلاق في حالة الحيض، و مثال الثاني: المحرم لا يجوز له التزويج.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 196

[الدليل العقلي لا يخصص و لكنه يتخصص]

و منها: الدليل العقلي لا يخصص و لكنه يتخصص.

[كل متعارضين بالعموم من وجه يرجع في مادة اجتماعهما]

و منها: كل متعارضين بالعموم من وجه يرجع في مادة اجتماعهما التي هي محل التعارض إلى المرجع الخارجي، إلّا إذا كان أحدهما حاكماً وارداً فيقدم على الآخر بالحكومة، كما في (أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ) «1» و (نهى (ص) عن الغرر) «2»، و أَوْفُوا بِالْعُقُودِ «3» و (لا ضرر و لا ضرار) «4» فيرجّح قاعدتا الغرر و الضرر.

[كل حكم واقعي ظاهري و لا عكس]

و منها: كل حكم واقعي ظاهري، و لا عكس، فإن الواقعي هو الحكم الموضوع للواقعة من حيث هي هي، فلا تتفاوت بالنسبة إلى الجاهل و العالم.

[كل ما ليس للموكل التصرف فيه بالفعل لم يجز له التوكيل]

و منها: كل ما ليس للموكل التصرف فيه بالفعل لم يجز له التوكيل، و لذا لم يصح للمحرم التوكيل في التزويج و لو بعد الإحرام.

و كذا توكيل المعتدّة بعد انقضاء العدة، و يشكل بجواز توكيل الزوج في طلاق زوجته الحائض بعد زوال عذرها مع فقد القدرة الحالية، و ذبّ عنه بأن القيد في الأول: للموضوع فالحالة واحدة، و في الثاني: للحكم فتتعدد.

[يجب تنبيه الغافل و إرشاد الجاهل و هداية الضال]

و منها: يجب تنبيه الغافل و إرشاد الجاهل و هداية الضال.

[كل ما ثبت وجوبه بالدليل اللفظي ثمّ شك في إطلاقه و مشروطيته فالأصل فيه الإطلاق]

و منها: كل ما ثبت وجوبه بالدليل اللفظي ثمّ شك في إطلاقه و مشروطيته، فالأصل فيه الإطلاق، بخلاف ما لو ثبت بالدليل اللّبي فالأصل فيه المشروطية، اقتصاراً على المتيقن.

[لا ملازمة بين الأداء و القضاء]

و منها: لا ملازمة بين الأداء و القضاء، و كثيراً ما يعبر عن هذا بأن: القضاء

______________________________

(1) البقرة: 275.

(2) المستدرك: ج 13، ص 283، ح 15363، ب 33 و فيه: (عن بيع الغرر).

(3) المائدة: 1.

(4) المستدرك: ج 17، ص 118، ح 20928، ب 9.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 197

بأمر جديد.

[صم للرؤية و أفطر للرؤية]

و منها: (صم للرؤية و أفطر للرؤية) «1».

[لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة]

و منها (لٰا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) «2».

[ظواهر الألفاظ كنصوصها حجة]

و منها: ظواهر الألفاظ كنصوصها حجة.

[إذا نص على العلّة فهي مطردة]

و منها: إذا نص على العلّة فهي مطردة.

[ربما يتم المطلوب باتحاد طريق المسألتين]

و منها: ربما يتم المطلوب باتحاد طريق المسألتين.

[كثيراً ما يتم المدعى بعدم القول بالفصل]

و منها: كثيراً ما يتم المدعى بعدم القول بالفصل.

[كل دليل يحتمل المعارض يجب الفحص عن معارضه]

و منها: كل دليل يحتمل المعارض يجب الفحص عن معارضه.

[ترك الاستفصال في مقام السؤال يفيد العموم في المقال]

و منها: ترك الاستفصال في مقام السؤال يفيد العموم في المقال، و كذلك ترك التفصيل فيما يقبله.

[لا يجوز الإغراء بالجهل]

و منها: لا يجوز الإغراء بالجهل.

[لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة]

و منها: لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة.

[كل إسراف و تبذير حرام]

و منها: كل إسراف و تبذير حرام.

[المشتبه الحرمة المحصور يُجتنب و المشتبه الوجوب المحصور يُرتكب]

و منها: المشتبه الحرمة المحصور يُجتنب، و المشتبه الوجوب المحصور يُرتكب.

[المضطر إلى ارتكاب أحد محذورين [محظورين يرتكب أقلهما بأساً]

و منها: المضطر إلى ارتكاب أحد محذورين [محظورين يرتكب أقلهما بأساً.

[الكرامة لا تُرد]

و منها: الكرامة لا تُرد «3».

[غلبة البيان في كلام الشارع أوجبت حمل الكلام على المبيّن دون المجمل]

و منها: غلبة البيان في كلام الشارع أوجبت حمل الكلام على المبيّن دون المجمل، و ذلك فيما إذا كان لخطاب اعتباران يكون بالنسبة إلى أحدهما مجملًا،

______________________________

(1) المستدرك: ج 7، ص 405، ح 8538، ب 3.

(2) البقرة: 195.

(3) المستدرك: ج 8، ص 398، ح 9788، ب 58 و فيه: (لا تردّ الكرامة).

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 198

و إلى الآخر مبيّناً، كما في قوله تعالى (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسٰافِحِينَ)* «1» فإنّ تفسيره بالتزويج توجب البيان، بخلاف التعفف.

[العام و المطلق و المجمل يحمل على الخاص و المقيّد و المبيّن]

و منها: العام و المطلق و المجمل يحمل على الخاص و المقيّد و المبيّن.

[لا يحمل المطلق على المقيد في باب المستحبات بل التقييد تأكيد]

و منها: لا يحمل المطلق على المقيد في باب المستحبات بل التقييد تأكيد.

[إذا كان حكم سبباً لتقييد المطلق بالنادر فذلك موهن له]

و منها: إذا كان حكم سبباً لتقييد المطلق بالنادر فذلك موهن له.

[لا يثبت عوض على من لا يستحق المعوض، فلا يكون الثمن على غير المشتري]

و منها: لا يثبت عوض على من لا يستحق المعوض، فلا يكون الثمن على غير المشتري، و الصداق على غير الزوج.

[يحرم على الإنسان كل قريب عدا أولاد العمومة و الخؤولة]

و منها: يحرم على الإنسان كل قريب عدا أولاد العمومة و الخؤولة.

[لا ضمان في فوات البضع]

و منها: لا ضمان في فوات البضع.

[لا ينتصف المهر إلّا بطلاق غير المدخول بها و نحوه]

و منها: لا ينتصف المهر إلّا بطلاق غير المدخول بها و نحوه.

[كل ما بطل فيه المسمّى فالمرجع هو المثل]

و منها: كل ما بطل فيه المسمّى فالمرجع هو المثل.

[كل ما قرن في البيع بالباء فهو الثمن]

و منها: كل ما قرن في البيع بالباء فهو الثمن.

[لا يجمع بين العوض و المعوض]

و منها: لا يجمع بين العوض و المعوض.

[حكم الله على الواحد حكمه على الجماعة]

و منها: حكم الله على الواحد حكمه على الجماعة، و يعرف هذا بقاعدة (الاشتراك).

[كل دم نجس إلّا دم غير ذي النفس]

و منها: كل دم نجس إلّا دم غير ذي النفس، و ربما يعبّر عنه ب (أصالة النجاسة في الدماء).

[لا تجزي النية عن اللفظ]

و منها: لا تجزي النية عن اللفظ.

[إشارة الأخرس تقوم مقام لفظه]

و منها: إشارة الأخرس تقوم مقام لفظه.

[التفصيل قاطع للشركة]

و منها: التفصيل قاطع للشركة.

______________________________

(1) النساء: 24، و المائدة: 5.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 199

[الأمر الوارد عقيب الحظر و لو موهوماً ليس بظاهر في الوجوب]

و منها: الأمر الوارد عقيب الحظر و لو موهوماً ليس بظاهر في الوجوب.

[بُعثت على الملّة السهلة السمحة]

و منها: (بُعثت على الملّة السهلة السمحة) «1».

[يقوم العدول مقام الحكام مع تعذرهم]

و منها: يقوم العدول مقام الحكام مع تعذرهم، و يعرف هذا بقاعدة (الحسبة).

[لا يُسجد إلّا لله]

و منها: لا يُسجد إلّا لله.

[لا يغيّر خلق الله و قد قال و لآمرنهم فليغيرن خلق الله]

و منها: لا يغيّر خلق الله، و قد قال (وَ لَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّٰهِ).

[كل مولود يولد على الفطرة و لكن أبويه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه]

و منها: (كل مولود يولد على الفطرة، و لكن أبويه يهوّدانه و ينصّرانه و يمجّسانه) «2».

[لا يستدل بالحديث الشاذ النادر و إن كان صحيح السند]

و منها: لا يستدل بالحديث الشاذ النادر، و إن كان صحيح السند.

[الشهرة جابرة لضعف الحديث و كاسرة]

و منها: الشهرة جابرة لضعف الحديث و كاسرة.

[يراعى الاحتياط في الفروج و الدماء و الأموال الكثيرة]

و منها: يراعى الاحتياط في الفروج و الدماء و الأموال الكثيرة.

[كل أمين يُقبل قوله على من ائتمنه خاصة]

و منها: كل أمين يُقبل قوله على من ائتمنه خاصة، بمعنى: انه لو ادعى الرد على مالكه الذي ائتمنه، قُبل قوله بخلاف ما لو ادعى الرد على وارثه، مثلًا فإنه لم يأتمنه.

[كل من قبض شيئاً لمصلحته لا يقبل قوله في رده المقبوض لمصلحة المالك]

و منها: كل من قبض شيئاً لمصلحته لا يقبل قوله في رده المقبوض لمصلحة المالك.

[يجب المبادرة إلى رد الأمانات الشرعية و إن لم يطلبها المالك]

و منها: يجب المبادرة إلى رد الأمانات الشرعية و إن لم يطلبها المالك، بخلاف المالكية، فإنه لا يجب، ردها إلّا بعد الطلب.

[كل ما بطل من الأمانة المالكية فهو من الأمانة الشرعية]

و منها: كل ما بطل من الأمانة المالكية فهو من الأمانة الشرعية.

[كل ما أذن في الاستيلاء عليه شرعاً و لم يأذن فيه المالك فهو أمانة شرعية]

و منها: كل ما أذن في الاستيلاء عليه شرعاً و لم يأذن فيه المالك فهو أمانة

______________________________

(1) شبهه في الوسائل: ج 5، ص 246، ح 1.

(2) الوسائل: ج 11، ص 96، ح 4.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 200

شرعية.

[الشك في الشرط موجب للشك في المشروط بخلاف الشك في المانع]

و منها: الشك في الشرط موجب للشك في المشروط بخلاف الشك في المانع.

[المشروط لا يجب إلّا بعد العلم بتحقق شرطه]

و منها: المشروط لا يجب إلّا بعد العلم بتحقق شرطه.

[الأمر المطلق يكفي في الامتثال به المرة]

و منها: الأمر المطلق يكفي في الامتثال به المرة.

[كل ما أمر به فضده حرام]

و منها: كل ما أمر به فضده حرام.

[كل ما استلزم الحرام فهو حرام]

و منها: كل ما استلزم الحرام فهو حرام.

[كل ما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب و لو بالوجوب التبعي]

و منها: كل ما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب و لو بالوجوب التبعي.

[كل حكم علّق على كلي فالمكلّف مخيّر في أفراده تخييراً عقلياً]

و منها: كل حكم علّق على كلي، فالمكلّف مخيّر في أفراده تخييراً عقلياً.

[الدراهم و الدنانير متعينان بالتعيين]

و منها: الدراهم و الدنانير متعينان بالتعيين.

[الأثمان مصروفة إلى نقد البلد مع الاتحاد]

و منها: الأثمان مصروفة إلى نقد البلد مع الاتحاد، و إلى الغالب مع الاختلاف، و يتخيّر مع التساوي، و كذا الكيل و الوزن.

[كل المعاملات إذا أطلقت فهو مصروف إلى الحال]

و منها: كل المعاملات إذا أطلقت فهو مصروف إلى الحال.

[إذا تعذر الحمل على الحقيقة فأقرب المجازات متعين]

و منها: إذا تعذر الحمل على الحقيقة فأقرب المجازات متعين.

[الحكمة قد تقتضي العموم في اللفظ فيجري العموم الحكمي مجرى العموم الوضعي]

و منها: الحكمة قد تقتضي العموم في اللفظ فيجري العموم الحكمي مجرى العموم الوضعي.

[كل ما تساوت قيمة أجزاء النوع الواحد منه فهو مثلي]

و منها: كل ما تساوت قيمة أجزاء النوع الواحد منه فهو مثلي.

[الأيادي المتعاقبة على المغصوب أياد عادية فتوجب الضمان]

و منها: الأيادي المتعاقبة على المغصوب أياد عادية فتوجب الضمان.

[على اليد ما أخذته حتى تؤديه]

و منها: (على اليد ما أخذته حتى تؤديه).

[كل قبض لم يأذن فيه المالك فهو كلا قبض]

و منها: كل قبض لم يأذن فيه المالك فهو كلا قبض.

[كل ما أخذ بإذن الشارع فلا ضمان فيه]

و منها: كل ما أخذ بإذن الشارع فلا ضمان فيه.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 201

[يد الوكيل و الولي بمنزلة يد المالك]

و منها: يد الوكيل و الولي بمنزلة يد المالك.

[لا عبرة باليد اللاغية]

و منها: لا عبرة باليد اللاغية.

[لا يُحمل المطلق إلّا على الأفراد الغالبة الشائعة]

و منها: لا يُحمل المطلق إلّا على الأفراد الغالبة الشائعة.

[إذا ورد المطلق لبيان حكم آخر، فلا حجية في إطلاقه]

و منها: إذا ورد المطلق لبيان حكم آخر، فلا حجية في إطلاقه.

[كل ما حكم به الشرع حكم به العقل و بالعكس]

و منها: كل ما حكم به الشرع حكم به العقل، و بالعكس.

[لا يجوز تخصيص المورد]

و منها: لا يجوز تخصيص المورد.

[يقتصر فيما خالف الأصل أو النص على موضع اليقين]

و منها: يقتصر فيما خالف الأصل أو النص على موضع اليقين.

[التخصيص بالمجمل يوجب الإجمال في العام]

و منها: التخصيص بالمجمل يوجب الإجمال في العام.

[إذا اجتمعت الحقوق و تساوت الأصناف فالمقدم هو الأهم فالأهم]

و منها: إذا اجتمعت الحقوق و تساوت الأصناف فالمقدم هو الأهم فالأهم.

[يقدّم حق الناس على حق الله]

و منها: يقدّم حق الناس على حق الله.

[يتعين الجمع بين الحقين مهما أمكن]

و منها: يتعين الجمع بين الحقين مهما أمكن.

[المانع الشرعي كالعقلي]

و منها: المانع الشرعي كالعقلي.

[كل موضع يتعذر رد العين و هي باقية يجب دفع بدلها إلى المالك]

و منها: كل موضع يتعذر رد العين و هي باقية، يجب دفع بدلها إلى المالك.

[كما تُضمن العين بالإتلاف تضمن بالحيلولة]

و منها: كما تُضمن العين بالإتلاف تضمن بالحيلولة، كما لو دفنها في موضع بعيد لا يصل إليه يد المالك أو في موضع نسيه، و يعبر عن هذا ب (ضمان الحيلولة).

[كما يضمن العين يضمن أوصافها و منافعها]

و منها: كما يضمن العين يضمن أوصافها و منافعها.

[الصحة لا تستلزم القبول و الثواب]

و منها: الصحة لا تستلزم القبول و الثواب.

[كل مكلّف بحسبه]

و منها: كل مكلّف بحسبه.

[الظن يلحق الشي ء بالأعم الأغلب]

و منها: الظن يلحق الشي ء بالأعم الأغلب.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 202

[الحديث المشتمل على ما لا قائل به بمنزلة العام المخصص]

و منها: الحديث المشتمل على ما لا قائل به بمنزلة العام المخصص، فيكون حجة في الباقي.

[العبرة بعموم اللفظ دون خصوص المحل]

و منها: العبرة بعموم اللفظ دون خصوص المحل.

[الحديث الواحد ينحل إلى أحاديث متعددة]

و منها: الحديث الواحد ينحل إلى أحاديث متعددة، أي: المصاديق.

[التكليف بقدر الوسع]

و منها: التكليف بقدر الوسع.

[جهالة الشرط تبطل الشرط]

و منها: جهالة الشرط تبطل الشرط.

[مخالفة الشرط لمقتضى العقد توجب البطلان]

و منها: مخالفة الشرط لمقتضى العقد توجب البطلان.

[كل شرط خالف إطلاق العقد لا بأس به]

و منها: كل شرط خالف إطلاق العقد لا بأس به.

[ليس الإسلام شرطاً في التكاليف]

و منها: ليس الإسلام شرطاً في التكاليف.

[من حاز شيئاً من المباحات ملكه]

و منها: من حاز شيئاً من المباحات ملكه.

[لا يشترط العقل و البلوغ في الوضعيات]

و منها: لا يشترط العقل و البلوغ في الوضعيات.

[إذا بلغ الغلام أشدّه جاز له كل شي ء، إلّا أن يكون ضعيفاً أو سفيهاً]

و منها: إذا بلغ الغلام أشدّه جاز له كل شي ء، إلّا أن يكون ضعيفاً أو سفيهاً.

[عبادة المجنون ملغاة]

و منها: عبادة المجنون ملغاة.

[كل عوض تلف قبل القبض فهو من مال صاحب اليد لا من المالك]

و منها: كل عوض تلف قبل القبض فهو من مال صاحب اليد لا من المالك.

[النماء تابع للملك]

و منها: النماء تابع للملك.

[يجوز إسقاط الحق دون الحكم إلّا ما خرج منهما]

و منها: يجوز إسقاط الحق دون الحكم إلّا ما خرج منهما.

[لا يجوز الاجتهاد في مقابل النص]

و منها: لا يجوز الاجتهاد في مقابل النص.

[لا تجتمع علتان مستقلتان على معلول واحد]

و منها: لا تجتمع علتان مستقلتان على معلول واحد.

[ترجيح المرجوح قبيح، و كذا ترجيح أحد المتساويين]

و منها: ترجيح المرجوح قبيح، و كذا ترجيح أحد المتساويين.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 203

[اشتغال الذمة يقيناً لا يرتفع إلّا بالبراءة اليقينية]

و منها: اشتغال الذمة يقيناً لا يرتفع إلّا بالبراءة اليقينية.

[لا امتثال عقيب الامتثال]

و منها: لا امتثال عقيب الامتثال.

[إيّاك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم]

و منها: إيّاك أن تفتي الناس برأيك أو تدين بما لا تعلم «1».

[لا يجوز إدخال ما ليس من الدين في الدين بقصد انه من الدين و يسمى هذا بالتشريع المحرم]

و منها: لا يجوز إدخال ما ليس من الدين في الدين بقصد انه من الدين و يسمى هذا بالتشريع المحرم.

[كلّ بدعة حرام]

و منها: كلّ بدعة حرام.

[دع القول فيما لا تعرف و الخطاب فيما لا تكلف]

و منها: دع القول فيما لا تعرف، و الخطاب فيما لا تكلف «2».

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الفقه، القواعد الفقهية، در يك جلد، ه ق

الفقه، القواعد الفقهية؛ ص: 203

[خذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا]

و منها: خذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا «3».

[لا ترو ما أنت منه في شك]

و منها: لا ترو ما أنت منه في شك.

[دع ما يريبك إلى ما لا يريبك]

و منها: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) «4».

[الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في المحرمات]

و منها: الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في المحرمات.

[أيما امرء ركب أمراً بجهالة فليس عليه شي ء]

و منها: (أيما امرء ركب أمراً بجهالة فليس عليه شي ء) «5».

[التكليف لطف]

و منها: التكليف لطف.

[لا حرمة لفاسق]

و منها: لا حرمة لفاسق.

[لا غيبة لفاسق]

و منها: لا غيبة لفاسق «6».

[ما جعل الله في الحرام شفاءً]

و منها: ما جعل الله في الحرام شفاءً.

______________________________

(1) المستدرك: ج 17، ص 245، ح 21241، ب 4، و الوسائل: ج 18، ص 10، ح 3.

(2) الوسائل: ج 18، ص 117، ح 20.

(3) الوسائل: ج 18، ص 127، ح 54.

(4) الوسائل: ج 18، ص 122، ح 38.

(5) شبهه في الوسائل: ج 9، ص 289، ح 3.

(6) أي: يجوز غيبة المجاهر بالفسق.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 204

[خذ الحائط لدينك]

و منها: (خذ الحائط لدينك).

[لا صلب بعد ثلاثة أيّام]

و منها: لا صلب بعد ثلاثة أيّام «1».

[لا يخلد في السجن إلّا ثلاثة الذي يمسك على الموت، و المرتدة عن الإسلام و السارق بعد قطع اليد و الرجل]

و منها: لا يخلد في السجن إلّا ثلاثة: الذي يمسك على الموت، و المرتدة عن الإسلام، و السارق بعد قطع اليد و الرجل «2».

[كان علي ع لا يرى الحبس إلّا في ثلاث رجل أكل مال اليتيم أو غصبه أو رجل أؤتمن على أمانة فذهب بها]

و منها: كان علي (ع) لا يرى الحبس إلّا في ثلاث: رجل أكل مال اليتيم، أو غصبه، أو رجل أؤتمن على أمانة فذهب بها «3».

[المملوك نصف الحرّ في الحدود]

و منها: المملوك نصف الحرّ في الحدود.

[لا يجني الجاني على أكثر من نفسه]

و منها: لا يجني الجاني على أكثر من نفسه «4».

[البئر جبار و العجماء جبار و المعدن جبار]

و منها: (البئر جبار و العجماء جبار و المعدن جبار) «5» أي: لا دية فيه.

[جراحات الرجل و المرأة سواء في الدية إلى أن تبلغ ثلث دية النفس فتتضاعف جراحات الرجل]

و منها: جراحات الرجل و المرأة سواء في الدية إلى أن تبلغ ثلث دية النفس فتتضاعف جراحات الرجل «6».

[من مات في زحام الناس و لا يعلمون من قتله فديته من بيت المال]

و منها: من مات في زحام الناس و لا يعلمون من قتله فديته من بيت المال «7».

[من شهر سيفاً فدمه هدر]

و منها: من شهر سيفاً فدمه هدر «8».

[من قتله القصاص بأمر الإمام ع فلا دية له في قتل و لا جراحة]

و منها: من قتله القصاص بأمر الإمام (ع) فلا دية له في قتل و لا جراحة «9».

______________________________

(1) راجع الوسائل: ج 18، ص 541، ح 1.

(2) راجع الوسائل: ج 18، ص 550، ح 3.

(3) الوسائل: ج 18، ص 579، ح 1.

(4) الوسائل: ج 19، ص 61، ح 10.

(5) الوسائل: ج 19، ص 202، ح 2.

(6) شبهه في الوسائل: ج 19، ص 295، ح 1.

(7) شبهه في الوسائل: ج 19، ص 194، ح 1.

(8) الوسائل: ج 19، ص 44، ح 7.

(9) الوسائل: ج 19، ص 47، ح 8.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 205

[إنما جعلت القسامة لعلة الحوط]

و منها: إنما جعلت القسامة لعلة الحوط «1».

[فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ]

و منها (فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ) «2».

[من قتله الحد فلا دية له]

و منها: من قتله الحد فلا دية له «3».

[كل ما لم يرد فيه دية من الشرع ففيه الحكومة]

و منها: كل ما لم يرد فيه دية من الشرع ففيه الحكومة.

[كل ما لم يرد فيه حد من الشرع في المعاصي ففيه التعزير]

و منها: كل ما لم يرد فيه حد من الشرع في المعاصي ففيه التعزير.

[التعزير دون الحد]

و منها: التعزير دون الحد «4».

[من شك في الله أو في رسوله ص فهو كافر]

و منها: من شك في الله أو في رسوله (ص) فهو كافر «5».

[من لا يرى للحرم حرمة فلا حرمة له]

و منها: من لا يرى للحرم حرمة فلا حرمة له «6».

[هدم الإسلام ما كان قبله]

و منها: (هدم الإسلام ما كان قبله).

[لا يقيم الحد من لله عليه حد]

و منها: لا يقيم الحد من لله عليه حد «7».

[إقامة الحدود إلى من إليه الحكم]

و منها: إقامة الحدود إلى من إليه الحكم «8».

[ليس في الحدود نظرة، أي: لا يجوز تعطيل الحدود]

و منها: ليس في الحدود نظرة، أي: لا يجوز تعطيل الحدود.

[تُدرأ الحدود بالشبهات]

و منها: (تُدرأ الحدود بالشبهات) «9».

[لا يمين في حد]

و منها: لا يمين في حد «10».

______________________________

(1) راجع الوسائل: ج 19، ص 117، ح 3.

(2) البقرة: 194.

(3) الوسائل: ج 19، ص 46، ح 1.

(4) راجع الوسائل: ج 18، ص 472، ح 6.

(5) الوسائل: ج 18، ص 568، ح 52.

(6) راجع الوسائل: ج 9، ص 337، ح 4.

(7) الوسائل: ج 18، ص 341، ح 1.

(8) الوسائل: ج 18، ص 220، ح 1.

(9) الوسائل: ج 18، ص 399، ح 1.

(10) الوسائل: ج 18، ص 399، ح 11.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 206

[الحدّ لا يورث]

و منها: الحدّ لا يورث «1».

[لا كفالة في حد]

و منها: لا كفالة في حد «2».

[لا يشفع في حد]

و منها: لا يشفع في حد «3».

[لا يقام على أحد حدّ بأرض العدو]

و منها: لا يقام على أحد حدّ بأرض العدو «4».

[لا حدّ على المجنون حتى يفيق، و لا على صبي حتى يدرك، و لا على نائم حتى يستيقظ]

و منها: لا حدّ على المجنون حتى يفيق، و لا على صبي حتى يدرك، و لا على نائم حتى يستيقظ.

[كل من خالف الشرع فعليه حدّ أو تعزير]

و منها: كل من خالف الشرع فعليه حدّ أو تعزير «5».

و قد روي عن النبي (ص) أنه قال: (إنّ الله قد جعل لكل شي ء حداً، و جعل لمن تعدى ذلك الحدّ حداً) «6».

[الحمل يرث و يورث إذا كان حيّاً]

و منها: الحمل يرث و يورث إذا كان حيّاً «7».

[المستلاط لا يرث و لا يورث]

و منها: (المستلاط لا يرث و لا يورث) «8» و المراد به: هو الذي يدعى ولداً و ليس به.

[لا يرث ولد الزنا و لا يورث]

و منها: لا يرث ولد الزنا و لا يورث.

[أيّ ما رجل أقرّ بولده ثمّ انتفى منه فليس له ذلك قاله الصادق ع]

و منها: أيّ ما رجل أقرّ بولده، ثمّ انتفى منه فليس له ذلك قاله الصادق (ع) «9».

______________________________

(1) الوسائل: ج 18، ص 334، ح 1.

(2) الوسائل: ج 13، ص 161، ح 1.

(3) راجع الوسائل: ج 18، ص 399، ح 11.

(4) الوسائل: ج 18، ص 317، ح 1.

(5) راجع الوسائل: ج 18، ص 309، ب 1.

(6) الوسائل: ج 18، ص 309، ح 1.

(7) شبهه في الوسائل: ج 17، ص 586.

(8) الوسائل: ج 17، ص 571، ح 1.

(9) الوسائل: ج 17، ص 564، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 207

و عن علي (ع) قال: (إذا أقرّ الرجل بالولد ساعة لم ينف عنه أبداً) «1».

[كلّما قصرت التركة عن ذوي الفروض فالنقص على البنت أو البنات و الأخت للأم أو الأخوات لها]

و منها: كلّما قصرت التركة عن ذوي الفروض فالنقص على البنت أو البنات و الأخت للأم أو الأخوات لها.

[كلّما أخذ ذو الفرض فرضه فالباقي لمن لا فرض له]

و منها: كلّما أخذ ذو الفرض فرضه فالباقي لمن لا فرض له.

[الإرث في النسب من الجانبين مطلقاً إلّا فيما يستثني دون السبب]

و منها: الإرث في النسب من الجانبين مطلقاً إلّا فيما يستثني، دون السبب.

[كل إرث مشروط بسبق موت المورث قطعاً]

و منها: كل إرث مشروط بسبق موت المورث قطعاً، إلّا في ما يستثني.

[كل وارث يرث من جميع ما تركه الميت إلّا الزوجة و الغريقين و المهدوم عليهما]

و منها: كل وارث يرث من جميع ما تركه الميت إلّا الزوجة و الغريقين و المهدوم عليهما.

[كل فريضة لم يهبطها الله إلّا إلى فريضة فهذا ما قدم الله في باب الإرث]

و منها: كل فريضة لم يهبطها الله إلّا إلى فريضة فهذا ما قدم الله في باب الإرث.

[لا طعمة إلّا للجد و الجدة]

و منها: لا طعمة إلّا للجد و الجدة.

[كل متقرب بالأب يقتسمون بالتفاوت للذكر مثل حظ الأنثيين]

و منها: كل متقرب بالأب يقتسمون بالتفاوت (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)* «2» و كل متقرب بالأم وحدها يقتسمون بالسوية.

[كل ما اجتمع قرابة الأبوين مع قرابة الأب سقطت قرابة الأب]

و منها: كل ما اجتمع قرابة الأبوين مع قرابة الأب سقطت قرابة الأب.

[لا يمنع كل من الزوجين عن نصيبه الأعلى إلّا مع الولد للمورث]

و منها: لا يمنع كل من الزوجين عن نصيبه الأعلى إلّا مع الولد للمورث.

[الزوج و الزوجة يرثان مع كل وارث و لا يَمنعان و لا يُمنعان]

و منها: الزوج و الزوجة يرثان مع كل وارث، و لا يَمنعان و لا يُمنعان.

[كل ذي رحم بمنزلة الرّحم الذي يجر به]

و منها: كل ذي رحم بمنزلة الرّحم الذي يجر به.

[لا يرث الكافر المسلم، و للمسلم أن يرث الكافر]

و منها: لا يرث الكافر المسلم، و للمسلم أن يرث الكافر.

______________________________

(1) الوسائل: ج 15، ص 214، ح 1.

(2) النساء: 11 و 176.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 208

[المال للأقرب لا للعصبة]

و منها: المال للأقرب لا للعصبة «1».

[الأقرب يمنع الأبعد، إلّا العم لأب مع ابن عم للأبوين]

و منها: الأقرب يمنع الأبعد، إلّا العم لأب مع ابن عم للأبوين.

[وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ*]

و منها (وَ أُولُوا الْأَرْحٰامِ بَعْضُهُمْ أَوْلىٰ بِبَعْضٍ فِي كِتٰابِ اللّٰهِ)* «2».

[ما ترك الميت فهو لوارثه]

و منها: ما ترك الميت فهو لوارثه.

[لا ميراث للقاتل]

و منها: لا ميراث للقاتل «3».

[لا عول و لا تعصيب]

و منها: لا عول و لا تعصيب.

[أوّل شي ء يبدأ به من المال الكفن ثمّ الدّين ثمّ الوصية ثم الميراث]

و منها: أوّل شي ء يبدأ به من المال: الكفن ثمّ الدّين ثمّ الوصية ثم الميراث «4».

[إن أوصى فليس له إلّا الثلث]

و منها: إن أوصى فليس له إلّا الثلث «5».

[من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية]

و منها: من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية «6».

[الوصية حق]

و منها: الوصية حق «7».

[إن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة]

و منها (إِنْ كٰانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلىٰ مَيْسَرَةٍ) «8».

[إذا مات المديون حلّت ديونه]

و منها: إذا مات المديون حلّت ديونه.

[إذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع و إلّا فليس له]

و منها: إذا كانت الهبة قائمة بعينها فله أن يرجع و إلّا فليس له «9».

[العائد في هبته كالعائد في قيئه]

و منها: (العائد في هبته كالعائد في قيئه) «10».

______________________________

(1) راجع الوسائل: ج 17، ص 415، ح 3، ص 431، ح 1.

(2) الأنفال: 75

(3) الوسائل: ج 17، ص 388، ح 1.

(4) شبهه في الوسائل: ج 13، ص 98، ح 2.

(5) شبهه في الوسائل: ج 13، ص 363، ح 6.

(6) الوسائل: ج 13، ص 352، ح 8.

(7) الوسائل: ج 2، ص 657، ح 2.

(8) البقرة: 280.

(9) الوسائل: ج 13، ص 341، ح 1.

(10) الوسائل: ج 13، ص 341، ح 5.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 209

[الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها]

و منها: (الوقوف تكون على حسب ما يوقفها أهلها) «1».

[لا تضمن العارية إلّا مع شرطه أو تكون ذهباً أو فضة]

و منها: لا تضمن العارية إلّا مع شرطه أو تكون ذهباً أو فضة.

[إن الله يبغض القيل و القال و إضاعة المال و كثرة السؤال]

و منها: (إن الله يبغض القيل و القال و إضاعة المال و كثرة السؤال) «2».

[ليس لك أن تتهم من قد ائتمنته، و لا تأتمن الخائن و قد جربته]

و منها: ليس لك أن تتهم من قد ائتمنته، و لا تأتمن الخائن و قد جربته «3».

[أي ما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه إذا وجده بعينه]

و منها: أي ما رجل مات أو أفلس فصاحب المتاع أحقّ بمتاعه إذا وجده بعينه.

[صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان]

و منها: صاحب الوديعة و البضاعة مؤتمنان «4».

[أدوا الأمانة و لو إلى قاتل الحسين بن علي ع]

و منها: (أدوا الأمانة و لو إلى قاتل الحسين بن علي (ع)) «5».

[الرهن لا يضمن]

و منها: الرهن لا يضمن.

[الكفالة خسارة غرامة ندامة]

و منها: الكفالة خسارة، غرامة، ندامة «6».

[ليس على الضامن غرم إنما الغرم على من أكل المال]

و منها: (ليس على الضامن غرم، إنما الغرم على من أكل المال) «7» و وجهه: أنّ الضامن يرجع على المضمون عنه بما اغترم.

[لا سبق إلّا في نصل أو خفّ أو حافر]

و منها: (لا سبق إلّا في نصل أو خفّ أو حافر) «8».

[إنكار الطلاق رجعة]

و منها: إنكار الطلاق رجعة.

[هنّ مصدقات]

و منها: هنّ مصدقات.

______________________________

(1) الوسائل: ج 13، ص 295، ح 1.

(2) الوسائل: ج 13، ص 234، ح 7.

(3) الوسائل: ج 13، ص 229، ح 10.

(4) الوسائل: ج 13، ص 227، ح 1.

(5) الوسائل: ج 13، ص 224، ح 12.

(6) الوسائل: ج 13، ص 154، ح 2.

(7) الوسائل: ج 13، ص 149، ح 1 باختلاف يسير.

(8) المستدرك: ج 14، ص 81، ح 16151، ب 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 210

[إنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراه و لا إضرار]

و منها: إنما الطلاق ما أريد به الطلاق من غير استكراه و لا إضرار «1».

[الأهم يقدم على المهمّ]

و منها: الأهم يقدم على المهمّ.

[ان لكل أمّة نكاحا]

و منها: ان لكل أمّة نكاحا «2».

[خمس يطلقن على كل حال الحامل و التي قد يئست من المحيض و التي لم يدخل بها و الغائب عنها زوجها و التي لم تبلغ المحيض]

و منها: خمس يطلقن على كل حال: الحامل، و التي قد يئست من المحيض، و التي لم يدخل بها، و الغائب عنها زوجها، و التي لم تبلغ المحيض «3».

[المطلقة رجعيا زوجة]

و منها: المطلقة رجعيا زوجة.

[كل مولود مرتهن بعقيقته]

و منها: (كل مولود مرتهن بعقيقته) «4».

[الطلاق بيد من أخذ بالساق]

و منها: (الطلاق بيد من أخذ بالساق) «5».

[لا طلاق إلّا بعد نكاح]

و منها: لا طلاق إلّا بعد نكاح «6».

[لا مهر لبغيّ]

و منها: لا مهر لبغيّ.

[لا يحرم من الرّضاع إلّا ما كان حولين كاملين]

و منها: لا يحرم من الرّضاع إلّا ما كان حولين كاملين «7».

[لا يحرم من الرضاع إلّا ما أنبت اللحم و شدّ العظم]

و منها: لا يحرم من الرضاع إلّا ما أنبت اللحم و شدّ العظم «8».

[يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب]

و منها: يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب «9».

[الولد للفراش و للعاهر الحجر]

و منها: (الولد للفراش و للعاهر الحجر) «10».

______________________________

(1) الوسائل: ج 15، ص 299، ح 6.

(2) الوسائل: ج 11، ص 331، ح 2.

(3) الوسائل: ج 15، ص 306، ح 5.

(4) المستدرك: ج 15، ص 140، ح 17789، ب 29.

(5) المستدرك: ج 15، ص 306، ح 18329، ب 25.

(6) الوسائل: ج 15، ص 286، ح 1.

(7) الوسائل: ج 14، ص 286، ح 16.

(8) الوسائل: ج 14، ص 286، ح 14.

(9) المستدرك: ج 14، ص 365، ح 16967، ب 1.

(10) المستدرك: ج 15، ص 33، ح 17452، ب 38.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 211

[البضع لا يتبعّض]

و منها: البضع لا يتبعّض.

[المؤمنون أكفاء]

و منها: المؤمنون أكفاء «1».

[لا يحرّم الحرام الحلال]

و منها: لا يحرّم الحرام الحلال «2».

[لا رضاع بعد فطام]

و منها: لا رضاع بعد فطام «3»

[الرضاع لحمة كلحمة النسب]

و منها: الرضاع لحمة كلحمة النسب.

[لا نكاح إلّا بوليّ]

و منها: لا نكاح إلّا بوليّ، و في بعض الأخبار: (أيّ ما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل).

و لكن في بعضها: (الأيّم أحقّ بنفسها من وليها).

[لا رهان إلّا مقبوضة]

و منها: لا رهان إلّا مقبوضة.

[الريب كفر]

و منها: الريب كفر.

[إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا]

و منها (إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا) «4».

[يد المسلم ظاهرة في الملك]

و منها: يد المسلم ظاهرة في الملك.

[لا يأخذ الضّالة إلّا الضّالون]

و منها: لا يأخذ الضّالة إلّا الضّالون «5».

[لقطة الحرم لا تمس بيد و لا رجل]

و منها: لقطة الحرم لا تمس بيد و لا رجل «6».

[لا يطل دم امرءٍ مسلم]

و منها: لا يطل دم امرءٍ مسلم.

[الفقيه بمنزلة الإمام ع]

و منها: الفقيه بمنزلة الإمام (ع).

[الإمام (ع) وليّ من لا وليّ له]

و منها: الإمام (ع) وليّ من لا وليّ له.

______________________________

(1) شبهه في الوسائل: ج 14، ص 39، ح 2.

(2) الوسائل: ج 14، ص 326، ح 2.

(3) المستدرك: ج 1، ص 87، ح 50، ب 4

(4) النساء: 58.

(5) الوسائل: ج 17، ص 348، ح 5 و فيه: (لا يأكل).

(6) الوسائل: ج 17، ص 348، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 212

[آنية الذهب و الفضة متاع الذين لا يوقنون]

و منها: آنية الذهب و الفضة متاع الذين لا يوقنون.

[الطين كلّه حرام إلّا التربة الحسينية ع]

و منها: الطين كلّه حرام إلّا التربة الحسينية (ع) و الأرمني.

[كل لحم شك في تذكيته فهو حرام]

و منها: كل لحم شك في تذكيته فهو حرام.

[كل ما أضرّ بالبدن فهو حرام]

و منها: كل ما أضرّ بالبدن فهو حرام.

[كل ما كان في البحر مما لا يؤكل في البر مثله فلا يجوز أكله]

و منها: كل ما كان في البحر مما لا يؤكل في البر مثله فلا يجوز أكله «1».

[لا يؤكل من الحيّات شي ء]

و منها: لا يؤكل من الحيّات شي ء «2».

[ذكاة الجراد و السمك أخذه]

و منها: (ذكاة الجراد و السمك أخذه) «3».

[يؤكل من الجراد ما استقل بالطيران دون ما لا يستقل به]

و منها: يؤكل من الجراد ما استقل بالطيران دون ما لا يستقل به «4».

[يؤكل من بيض الطير ما اختلف طرفاه و لا يؤكل ما استوى طرفاه]

و منها: يؤكل من بيض الطير ما اختلف طرفاه و لا يؤكل ما استوى طرفاه.

[كل سمك لا يكون له فلوس فأكله حرام]

و منها: كل سمك لا يكون له فلوس فأكله حرام «5».

[السبع كلّه حرام]

و منها: السبع كلّه حرام «6».

[كل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير حرام]

و منها: كل ذي ناب من السباع أو مخلب من الطير حرام «7».

[كل ما كان دفيفه أكثر من صفيفه حلال]

و منها: كل ما كان دفيفه أكثر من صفيفه حلال.

[ذكاة الجنين ذكاة أمّه]

و منها: ذكاة الجنين ذكاة أمّه «8».

[كل ما لحمه حرام فبيضه حرام]

و منها: كل ما لحمه حرام فبيضه حرام.

[لا ذكاة إلّا بالحديد]

و منها: لا ذكاة إلّا بالحديد.

______________________________

(1) شبهه في الوسائل: ج 16، ص 427، ح 2.

(2) الوسائل: ج 16، ص 397، ح 6.

(3) المستدرك: ج 16، ص 153، ح 19443، ب 27 و فيه: (ذكاة السمك و الجراد أخذه).

(4) شبهه في الوسائل: ج 16، ص 397، ح 6.

(5) الوسائل: ج 16، ص 389، ح 9.

(6) الوسائل: ج 16، ص 388، ح 3.

(7) الوسائل: ج 16، ص 387، ح 1.

(8) المستدرك: ج 16، ص 140، ح 19406، ب 16.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 213

[ليس الحرام إلّا ما حرمه الله في كتابه أو سنّة أوليائه]

و منها: ليس الحرام إلّا ما حرمه الله في كتابه أو سنّة أوليائه.

[لا تقية في القتل]

و منها: لا تقية في القتل.

[كل أرض فتحت عنوة و هي محياة فهي للمسلمين قاطبة]

و منها: كل أرض فتحت عنوة و هي محياة فهي للمسلمين قاطبة.

[من أحيى أرضاً ميتة فهي له]

و منها: (من أحيى أرضاً ميتة فهي له) «1».

[سوق المسلمين كمسجدهم]

و منها: سوق المسلمين كمسجدهم «2».

[لا شفعة لذمي على مسلم]

و منها: لا شفعة لذمي على مسلم.

[الشفعة في ما لا يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة]

و منها: الشفعة في ما لا يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة.

[الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالًا]

و منها: الصلح جائز بين المسلمين إلّا صلحاً أحلّ حراماً أو حرّم حلالًا «3».

[لا بيع من الإكراه]

و منها: لا بيع من الإكراه.

[يعجل الخير]

و منها: يعجل الخير.

[كل ما يصح جعله مهراً يصح جعله فدية للخلع]

و منها: كل ما يصح جعله مهراً يصح جعله فدية للخلع.

[كل شي ء يستباح بالعارية يستباح بعقد الإجارة]

و منها: كل شي ء يستباح بالعارية يستباح بعقد الإجارة.

[كل ما صح بيعه صح رهنه]

و منها: كل ما صح بيعه صح رهنه.

[كل ما صح الانتفاع به مع بقاء عينه جاز إجارته و إعارته إلّا المنحة]

و منها: كل ما صح الانتفاع به مع بقاء عينه جاز إجارته و إعارته إلّا المنحة، فلا يشترط في إعارتها بقاء اللبن.

[لا يثبت على مال مال]

و منها: لا يثبت على مال مال.

[لا حق لعرق ظالم]

و منها: لا حق لعرق ظالم «4».

[الأمين لا يضمن]

و منها: الأمين لا يضمن.

______________________________

(1) الوسائل: ج 17، ص 328، ح 1.

(2) المستدرك: ج 3، ص 425، ح 3923، ب 44.

(3) الوسائل: ج 13، ص 164، ح 2.

(4) المستدرك: ج 17، ص 111، ح 20902، ب 1، باختلاف يسير.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 214

[الإذن ممن له السلطان مسقط للضمان]

و منها: الإذن ممن له السلطان مسقط للضمان.

[و منها: من أتلف مالًا على غيره فهو ضامن]

و منها: من أتلف مالًا على غيره فهو ضامن.

و في بعض الأخبار: (من أتلف شيئاً ضمنه).

[الإقدام مسقط للضمان]

و منها: الإقدام مسقط للضمان.

[لزوم العقد من أحد الطرفين لا يستلزم لزومه من الآخر]

و منها: لزوم العقد من أحد الطرفين لا يستلزم لزومه من الآخر.

[بطلان المعاملة على أحد المتعاملين يستلزم بطلانها على الآخر]

و منها: بطلان المعاملة على أحد المتعاملين يستلزم بطلانها على الآخر.

[حرمة المعاملة لا تستلزم فسادها]

و منها: حرمة المعاملة لا تستلزم فسادها.

[إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم]

و منها: إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم.

[لا يباع الجنس بالجنس في المكيل و الموزون إلّا سواء بسواء]

و منها: لا يباع الجنس بالجنس في المكيل و الموزون إلّا سواء بسواء.

[كل شرط خالف الكتاب باطل]

و منها: كل شرط خالف الكتاب باطل «1».

[انّ المسلمين عند شروطهم إلّا شرطاً حرّم حلالًا أو أحلّ حراماً]

و منها: انّ المسلمين عند شروطهم إلّا شرطاً حرّم حلالًا أو أحلّ حراماً «2».

[كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و بالعكس]

و منها: كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده، و بالعكس.

[المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان]

و منها: المتبايعان بالخيار ثلاثة أيام في الحيوان «3».

[صاحب السلعة أحق بالسوم]

و منها: صاحب السلعة أحق بالسوم «4».

[غبن المؤمن حرام]

و منها: غبن المؤمن حرام «5».

[من له الغنم فعليه الغرم]

و منها: من له الغنم فعليه الغرم.

______________________________

(1) الوسائل: ج 13، ص 43، ح 1.

(2) الوسائل: ج 12، ص 353، ح 5.

(3) الوسائل: ج 12، ص 349، ح 3.

(4) الوسائل: ج 12، ص 295، ح 1.

(5) الوسائل: ج 12، ص 293، ح 3.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 215

[من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله، اشترى ما لا يحل له]

و منها: من اشترى شيئاً من الخمس لم يعذره الله، اشترى ما لا يحل له «1».

[المغرور يرجع على الغار بما اغترم]

و منها: المغرور يرجع على الغار بما اغترم.

[إنما يحرّم الكلام و يحلَّل الكلام]

و منها: إنما يحرّم الكلام و يحلَّل الكلام «2».

[لا تسعير في البيع]

و منها: لا تسعير في البيع.

[نهى النبي ص عن بيع ما ليس عنده]

و منها: نهى (ص) عن بيع ما ليس عنده «3».

[نهى النبي ص عن سوم المرء على سوم أخيه]

و منها: نهى (ص) عن سوم المرء على سوم أخيه.

[نهى رسول الله ص عن بيع اللبن في الضرع و الصوف على الظهر]

و منها: نهى رسول الله (ص) عن بيع اللبن في الضرع و الصوف على الظهر.

[نهى رسول الله ص عن بيع الملامسة و المنابذة و عن بيع الحصاة]

و منها: نهى رسول الله (ص) عن بيع الملامسة و المنابذة و عن بيع الحصاة «4».

[نهى رسول الله ص عن بيعتين في بيعة]

و منها: نهى رسول الله (ص) عن بيعتين: في بيعة.

قال ابن زهرة: نحو انه يقول: بعتك كذا بدينار إلى شهر و بدينارين إلى شهرين فيقول المشتري: قبلت.

[الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب و لا سنة]

و منها: الشرط جائز بين المسلمين ما لم يمنع منه كتاب و لا سنة.

[لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ]

و منها (لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ) «5».

[من اشترى شيئاً لم يره فهو بالخيار]

و منها: من اشترى شيئاً لم يره فهو بالخيار.

[لا يجوز بيع ما لا يملك]

و منها: لا يجوز بيع ما لا يملك «6».

[لا بيع إلّا في ملك]

و منها: لا بيع إلّا في ملك.

______________________________

(1) الوسائل: ج 6، ص 338، ح 5.

(2) شبهه في الوسائل: ج 12، ص 376، ح 4.

(3) راجع الوسائل: ج 12، ص 374، ح 2.

(4) راجع الوسائل: ج 12، ص 266، ح 13.

(5) النساء: 29.

(6) الوسائل: ج 12، ص 252، ح 1 و فيه: (ما ليس يملك).

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 216

[الفقه ثم المتجر]

و منها: الفقه ثم المتجر «1».

[أحل الله البيع و حرم الربا]

و منها (أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا) «2».

[نهى رسول الله ص عن بيع الغرر]

و منها: نهى رسول الله (ص) عن بيع الغرر «3».

و في رواية أخرى عن الغرر.

[الغش لا يحل]

و منها: الغش لا يحل «4»، و في بعض الأخبار: (لا يباع شي ء فيه غش) «5».

[كل شرط تقدم العقد فلا أثر له إلّا إذا بنى عليه]

و منها: كل شرط تقدم العقد فلا أثر له إلّا إذا بنى عليه.

[كل شرط سائغ يشترط في كل عقد لازم فهو لازم]

و منها: كل شرط سائغ يشترط في كل عقد لازم فهو لازم.

[غبن المسترسل سحت]

و منها: (غبن المسترسل سحت) «6».

[كل من يمكن في حقه الجهل يقبل دعواه منه]

و منها: كل من يمكن في حقه الجهل يقبل دعواه منه.

[البيّعان بالخيار حتى يفترقا]

و منها: (البيّعان بالخيار حتى يفترقا) «7».

[للأجل قسط من الثمن]

و منها: للأجل قسط من الثمن.

[لا يقع عقد و لا إيقاع إلّا منجزاً]

و منها: لا يقع عقد و لا إيقاع إلّا منجزاً سوى ما يستثني.

[كل عقد ينحلّ إلى عقود]

و منها: كل عقد ينحلّ إلى عقود.

[أفعال المسلمين و أقوالهم محمولة على الصحة إلّا ما علم فيه الفساد]

و منها: أفعال المسلمين و أقوالهم محمولة على الصحة إلّا ما علم فيه الفساد.

[العقود تابعة للقصود]

و منها: العقود تابعة للقصود.

______________________________

(1) الوسائل: ج 12، ص 282، ح 1.

(2) البقرة: 275.

(3) الوسائل: ج 12، ص 282، ح 1.

(4) الوسائل: ج 12، ص 208، ح 3.

(5) الوسائل: ج 12، ص 209، ح 5.

(6) الوسائل: ج 12، ص 293، ح 4.

(7) شبهه في الوسائل: ج 13، ص 298، ح 15410، ب 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 217

[أَوْفُوا بِالْعُقُودِ]

و منها (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) «1».

[المؤمنون عند شروطهم]

و منها: (المؤمنون عند شروطهم) «2».

[لا يُتْم بعد احتلام]

و منها: لا يُتْم بعد احتلام «3».

[خير المال ما وقي به العرض]

و منها: خير المال ما وقي به العرض «4».

[كل ما لم يقدّره الشارع بقدر فالمحكم فيه العرف]

و منها: كل ما لم يقدّره الشارع بقدر فالمحكم فيه العرف.

[ليّ الواجد يحلّ عرضه و عقوبته]

و منها: ليّ الواجد يحلّ عرضه و عقوبته «5».

[يضمن التالف بمثله إن كان مثلياً و بقيمته إن كان قيميّاً]

و منها: يضمن التالف بمثله إن كان مثلياً و بقيمته إن كان قيميّاً.

[لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله إلّا بطيبة نفس منه]

و منها: (لا يحل دم امرء مسلم و لا ماله إلّا بطيبة نفس منه) رواه في الوسائل في باب مكان المصلّي «6».

[من وجد عين ماله فهي له]

و منها: من وجد عين ماله فهي له.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الفقه، القواعد الفقهية، در يك جلد، ه ق

الفقه، القواعد الفقهية؛ ص: 217

[الناس مسلّطون على أموالهم و أنفسهم]

و منها: (الناس مسلّطون على أموالهم و أنفسهم).

[لا عدوى و لا طيرة]

و منها: لا عدوى و لا طيرة «7».

[كلّما جازت الشهادة به جاز الحلف عليه و إلّا فلا]

و منها: كلّما جازت الشهادة به جاز الحلف عليه و إلّا فلا.

[النكول ليس حجة على الناكل]

و منها: النكول ليس حجة على الناكل.

[لا حلف إلّا مع البتّ]

و منها: لا حلف إلّا مع البتّ.

[لا حلف على إثبات مال الغير]

و منها: لا حلف على إثبات مال الغير.

______________________________

(1) المائدة: 1.

(2) المستدرك: ج 13، ص 301، ح 15424، ب 5.

(3) الوسائل: ج 1، ص 32، ح 9.

(4) الوسائل: ج 15، ص 262، ح 2.

(5) الوسائل: ج 13، ص 90، ح 4 باختلاف يسير.

(6) الوسائل: ج 3، ص 424، ح 1.

(7) الوسائل: ج 8، ص 370، ح 1.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 218

[لا شهادة إلّا مع العلم]

و منها: لا شهادة إلّا مع العلم.

[لا يصدّق المدعي بدون البينة]

و منها: لا يصدّق المدعي بدون البينة إلّا في مواضع و قد أنهاها بعضهم إلى ثمانية و عشرين.

[قول العدلين حجة]

و منها: قول العدلين حجة، و قد قال الله (وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ) «1».

[القرعة لكل أمر مشكل]

و منها: (القرعة لكل أمر مشكل)، و في بعض العبارات: (لكل أمر مشتبه).

[ذهبت اليمين بحق المدعي]

و منها: ذهبت اليمين بحق المدعي «2».

[لا يمين في غضب و لا في قطيعة رحم و لا في جبر و لا في إكراه]

و منها: لا يمين في غضب و لا في قطيعة رحم و لا في جبر و لا في إكراه «3».

[لا حلف إلّا بالله]

و منها: لا حلف إلّا بالله «4».

[البيّنة على المدّعى و اليمين على من أنكر]

و منها: (البيّنة على المدّعى و اليمين على من أنكر) «5».

[ما على الأمين إلّا اليمين]

و منها: ما على الأمين إلّا اليمين.

[ما على المحسنين من سبيل]

و منها (مٰا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ) «6» و يسمّى هذا: بقاعدة (الإحسان).

[لا يجزي والد عن ولده، و لا مولود هو جاز عن والده شيئاً]

و منها: لا يجزي والد عن ولده، و لا مولود هو جاز عن والده شيئاً.

[لا تزر وازرة وزر أخرى]

و منها (لٰا تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ)* «7».

[عمل المسلم و غير المحارب محترم]

و منها: عمل المسلم و غير المحارب محترم.

______________________________

(1) الطلاق: 2.

(2) الوسائل: ج 18، ص 179، ح 1.

(3) الوسائل: ج 16، ص 172، ح 1.

(4) شبهه في الوسائل: ج 16، ص 192، ح 5.

(5) المستدرك: ج 17، ص 368، ح 21601، ب 3.

(6) التوبة: 91.

(7) الأنعام: 164.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 219

[يلزم المخالف و الكافر بما التزم]

و منها: يلزم المخالف و الكافر بما التزم، و في الحديث: (ألزموهم بما الزموا به أنفسهم) «1».

[لم يعذر من أقدم على ضرره]

و منها: لم يعذر من أقدم على ضرره.

[الإذن في الشي ء إذن في لوازمه]

و منها: الإذن في الشي ء إذن في لوازمه.

[لا يقبل إنكار بعد إقرار]

و منها: لا يقبل إنكار بعد إقرار.

[الإقرار بالشي ء إقرار بلوازمه]

و منها: الإقرار بالشي ء إقرار بلوازمه.

[من ملك شيئاً ملك الإقرار به]

و منها: من ملك شيئاً ملك الإقرار به.

[من أقر بشي ء لزمه]

و منها: من أقر بشي ء لزمه.

[المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمناً عليه]

و منها: المؤمن أصدق على نفسه من سبعين مؤمناً عليه «2».

[لا يقبل شهادة الفاسق إلّا على نفسه]

و منها: لا يقبل شهادة الفاسق إلّا على نفسه.

[إقرار العقلاء على أنفسهم جائز]

و منها: إقرار العقلاء على أنفسهم جائز «3».

[كل إنسان حرّ إلّا من أقرّ على نفسه بالعبودية]

و منها: كل إنسان حرّ إلّا من أقرّ على نفسه بالعبودية.

[لن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا]

و منها (لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) «4»، و كثيراً ما يعبر عنه بنفي السبيل.

[كل ما كان مقدوراً للناذر و إطاعة لله جاز نذره]

و منها: كل ما كان مقدوراً للناذر و إطاعة لله جاز نذره.

[لا نذر في معصية]

و منها: لا نذر في معصية «5».

[من حلف على شي ء فرأى غيره خيراً فليأت به]

و منها: من حلف على شي ء فرأى غيره خيراً فليأت به.

______________________________

(1) الوسائل: ج 17، ص 598، ح 2.

(2) المستدرك: ج 9، ص 135، ح 10474، ب 137.

(3) الوسائل: ج 16، ص 133، ح 2، عن رسول الله (ص).

(4) النساء: 141.

(5) المستدرك: ج 16، ص 92، ح 19247، ب 12.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 220

[من نذر أن يطيع الله فليطعه، و من نذر أن يعصيه فلا يعصيه]

و منها: من نذر أن يطيع الله فليطعه، و من نذر أن يعصيه فلا يعصيه.

[عورة المؤمن على المؤمن حرام]

و منها: عورة المؤمن على المؤمن حرام «1».

[حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً]

و منها: حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياً «2».

[الإسلام يعلو و لا يعلى عليه]

و منها: (الإسلام يعلو و لا يعلى عليه) «3».

[لا تطوف المرأة بالبيت و هي متنقبة]

و منها: لا تطوف المرأة بالبيت و هي متنقبة «4».

[لا بأس أن يقضي المناسك كلها على غير وضوء إلّا الطواف بالبيت و صلاته]

و منها: لا بأس أن يقضي المناسك كلها على غير وضوء إلّا الطواف بالبيت «5» و صلاته.

[الطواف بالبيت صلاة]

و منها: (الطواف بالبيت صلاة) «6».

[كل سفر يجب قصر الصلاة فيه يجب قصر الصوم و بالعكس]

و منها: كل سفر يجب قصر الصلاة فيه يجب قصر الصوم، و بالعكس.

[كل من أضر به الصوم فالإفطار له واجب]

و منها: كل من أضر به الصوم فالإفطار له واجب.

[لا اعتكاف إلّا بصوم]

و منها: لا اعتكاف إلّا بصوم «7».

[لا صمت يوماً إلى الليل]

و منها: لا صمت يوماً إلى الليل «8».

[لا وصال في صيام]

و منها: لا وصال في صيام «9».

[لا صيام لمن لا يبيّت الصيام]

و منها: لا صيام لمن لا يبيّت الصيام «10».

______________________________

(1) المستدرك: ج 1، ص 379، ح 915، ب 6.

(2) شبهه في الوسائل: ج 2، ص 759، ح 1.

(3) المستدرك: ج 17، ص 142، ح 20985، ب 1.

(4) الوسائل: ج 9، ص 130، ح 5.

(5) الوسائل: ج 9، ص 443، ح 1.

(6) المستدرك: ج 9، ص 410، ح 11203، ب 38.

(7) المستدرك: ج 7، ص 561، ح 8887، ب 2.

(8) الوسائل: ج 7، ص 388، ح 2.

(9) المستدرك: ج 1، ص 87، ح 50، ب 4.

(10) المستدرك: ج 7، ص 316، ح 8278، ب 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 221

[الخمس من جميع المال مرة واحدة]

و منها: الخمس من جميع المال مرة واحدة.

[ليس الخمس إلّا في الغنائم]

و منها: ليس الخمس إلّا في الغنائم «1».

[الخمس بعد المئونة]

و منها: الخمس بعد المئونة «2».

[كل ما نقص عن النصاب فهو عفو]

و منها: كل ما نقص عن النصاب فهو عفو.

[لا يزكى المال من وجهين في عام واحد]

و منها: لا يزكى المال من وجهين في عام واحد «3».

[الفطرة واجبة على كل من يعول]

و منها: الفطرة واجبة على كل من يعول «4».

[خير الصدقة ما أبقت غنى]

و منها: خير الصدقة ما أبقت غنى «5».

[الزكاة على تسعة أشياء]

و منها: الزكاة على تسعة أشياء، و عفي عما سوى ذلك «6».

[إنما موضع الزكاة أهل الولاية]

و منها: إنما موضع الزكاة أهل الولاية «7».

[كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو نصبه ثمّ عرف فإنه يؤجر عليه إلّا الزكاة]

و منها: كل عمل عمله الناصب في حال ضلاله أو نصبه ثمّ عرف فإنه يؤجر عليه إلّا الزكاة «8».

[كل إنسان مرتهن بالفطرة]

و منها: كل إنسان مرتهن بالفطرة «9».

[لا تحل الصدقة لغني]

و منها: لا تحل الصدقة لغني «10».

[لا صدقة إلّا ما أريد به وجه الله]

و منها: لا صدقة إلّا ما أريد به وجه الله «11».

______________________________

(1) الوسائل: ج 6، ص 338، ح 1.

(2) الوسائل: ج 6، ص 354، ح 2.

(3) الوسائل: ج 6، ص 67، ح 1.

(4) الوسائل: ج 6، ص 67، ح 1.

(5) المستدرك: ج 7، ص 177، ح 7967، ب 9.

(6) الوسائل: ج 6، ص 35، ح 6.

(7) راجع الوسائل: ج 6، ص 154، ح 12.

(8) راجع الوسائل: ج 6، ص 149، ح 3.

(9) الوسائل: ج 15، ص 144، ح 2.

(10) المستدرك: ج 7، ص 109، ح 7776، ب 6.

(11) الوسائل: ج 16، ص 173، ح 2.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 222

[لا صغيرة مع الإصرار و لا كبيرة مع الاستغفار]

و منها: لا صغيرة مع الإصرار، و لا كبيرة مع الاستغفار «1».

[متى أضرّت النافلة بالفريضة فلا نافلة]

و منها: متى أضرّت النافلة بالفريضة فلا نافلة.

[لا يقدم موقت على وقته إلّا ما استثنى]

و منها: لا يقدم موقت على وقته إلّا ما استثنى.

[كل نافلة كفريضتها في الأحكام إلّا ما استثنى]

و منها: كل نافلة كفريضتها في الأحكام إلّا ما استثنى.

[كل النوافل ركعتان إلّا ما استثنى]

و منها: كل النوافل ركعتان إلّا ما استثنى.

[لا جماعة في النافلة]

و منها: لا جماعة في النافلة.

[لا يسقط النفل الفرض]

و منها: لا يسقط النفل الفرض.

[ان النفل لا يجزي عن الفرض]

و منها: ان النفل لا يجزي عن الفرض.

[لا تبطلوا أعمالكم]

و منها (لٰا تُبْطِلُوا أَعْمٰالَكُمْ) «2».

[رفع عن أمتي تسعة]

و منها: (رفع عن أمتي تسعة)، الحديث «3».

[الجاهل معذور إلّا فيما استثني]

و منها: الجاهل معذور إلّا فيما استثني.

[الجاهل المقصّر غير معذور]

و منها: الجاهل المقصّر غير معذور.

[الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار]

و منها: الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.

[الضرورات مقدرة بقدرها]

و منها: الضرورات مقدرة بقدرها.

[الضرورات تبيح المحظورات]

و منها: الضرورات تبيح المحظورات.

[ابدءوا بما بدء الله به]

و منها: ابدءوا بما بدء الله به.

[لا ينقض اليقين إلّا بيقين مثله]

و منها: لا ينقض اليقين إلّا بيقين مثله، و يعرف هذا بقاعدة (الاستصحاب).

[لا يقتدي الكامل بالناقص]

و منها: لا يقتدي الكامل بالناقص.

______________________________

(1) الوسائل: ج 11، ص 268، ح 3.

(2) محمد (ص): 33.

(3) المستدرك: ج 6، ص 423، ح 7136، ب 62.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 223

[إنما جعل الإمام ليؤتم به]

و منها: إنما جعل الإمام ليؤتم به.

[كل ما فرض الله عليك فإعلانه أفضل من إسراره و كل ما كان تطوعاً فإسراره أفضل من إعلانه]

و منها: كل ما فرض الله عليك فإعلانه أفضل من إسراره، و كل ما كان تطوعاً فإسراره أفضل من إعلانه «1».

[الميسور لا يسقط بالمعسور]

و منها: الميسور لا يسقط بالمعسور.

[ما لا يدرك كله لا يترك كله]

و منها: ما لا يدرك كله لا يترك كله.

[لا سهو في سهو]

و منها: لا سهو في سهو «2».

[متى شككت فخذ بالأكثر]

و منها: متى شككت فخذ بالأكثر «3».

[إذا كثر عليك السهو فامض]

و منها: إذا كثر عليك السهو فامض «4».

[إذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء]

و منها: إذا شككت في شي ء من الوضوء و قد دخلت في غيره فليس شكك بشي ء «5».

[إذا خرجت من شي ء ثمّ دخلت في غيره فشككت فليس بشي ء]

و منها: إذا خرجت من شي ء ثمّ دخلت في غيره فشككت فليس بشي ء.

[من زاد في صلاته أو نقص فعليه الإعادة]

و منها: من زاد في صلاته أو نقص فعليه الإعادة.

[لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود]

و منها: (لا تعاد الصلاة إلّا من خمسة: الطهور و الوقت و القبلة و الركوع و السجود) «6».

[ما أعاد الصلاة فقيه، يحتال فيها و يدبرها حتّى لا يعيدها]

و منها: ما أعاد الصلاة فقيه، يحتال فيها و يدبرها حتّى لا يعيدها «7».

[إذا التقى الختانان وجب الغسل]

و منها: إذا التقى الختانان وجب الغسل «8».

______________________________

(1) الوسائل: ج 6، ص 215، ح 1.

(2) الوسائل: ج 5، ص 341، ح 2 و 3.

(3) الوسائل: ج 5، ص 317، ح 1 باختلاف يسير.

(4) الوسائل: ج 5، ص 329، ح 1.

(5) الوسائل: ج 1، ص 331، ح 2.

(6) المستدرك: ج 4، ص 196، ح 4474، ب 24.

(7) الوسائل: ج 5، ص 344، ح 1 باختلاف يسير.

(8) الوسائل: ج 1، ص 469، ح 2 باختلاف يسير.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 224

[في كلّ غسل وضوء إلّا الجنابة]

و منها: في كلّ غسل وضوء إلّا الجنابة «1».

[الصلاة تحريمها التكبير و تحليلها التسليم]

و منها: الصلاة تحريمها التكبير و تحليلها التسليم «2».

[الصلاة قربان كل تقي]

و منها: (الصلاة قربان كل تقي) «3».

[الصلاة خير موضوع، فمن شاء استقل و من شاء استكثر]

و منها: (الصلاة خير موضوع، فمن شاء استقل و من شاء استكثر) «4».

[لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة]

و منها: لا صلاة لمن لم يقم صلبه في الصلاة «5».

[لا صلاة إلّا بحضور القلب]

و منها: لا صلاة إلّا بحضور القلب.

[لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب]

و منها: لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب «6».

[لا صلاة إلّا بطهور]

و منها: لا صلاة إلّا بطهور «7».

[الصلاة على ما افتتحت عليه]

و منها: الصلاة على ما افتتحت عليه.

[لكل امرء ما نوى]

و منها: لكل امرء ما نوى «8».

[انّ الله لا يقبل عملًا فيه مثقال ذرّة من رياء]

و منها: انّ الله لا يقبل عملًا فيه مثقال ذرّة من رياء «9».

[لا نية إلّا بإصابة السنة]

و منها: لا نية إلّا بإصابة السنة «10».

[لا قول إلّا بعمل]

و منها: لا قول إلّا بعمل «11».

______________________________

(1) الوسائل: ج 1، ص 516، ح 2.

(2) راجع الوسائل: ج 4، ص 715، ح 10.

(3) المستدرك: ج 3، ص 47، ح 2987، ب 12.

(4) المستدرك: ج 3، ص 43، ح 2972، ب 10.

(5) شبهه في الوسائل: ج 4، ص 939، ح 1.

(6) المستدرك: ج 4، ص 158، ح 4368، ب 1.

(7) المستدرك: ج 1، ص 286، ح 624، ب 1.

(8) الوسائل: ج 7، ص 7، ح 12.

(9) المستدرك: ج 1، ص 111، ح 119، ب 12.

(10) الوسائل: ج 7، ص 7، ح 13.

(11) المستدرك: ج 1، ص 89، ح 56، ب 10.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 225

[إنما الأعمال بالنيّات]

و منها: (إنما الأعمال بالنيّات) «1».

[لا عمل إلّا بالنيّة]

و منها: لا عمل إلّا بالنيّة.

[إذا اجتمعت عليك حقوق أجزأك غسل واحد]

و منها: إذا اجتمعت عليك حقوق أجزأك غسل واحد «2».

[يريد الله بكم اليسر و لا يريد بكم العسر]

و منها (يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) «3».

[ما جعل عليكم في الدين من حرج]

و منها (مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) «4».

[لا اطراد في العلل التشريعية]

و منها: لا اطراد في العلل التشريعية.

[علل الشرع معرّفات لا علل حقيقة]

و منها: علل الشرع معرّفات لا علل حقيقة.

[يتسامح في أدلة السنن و الكراهة]

و منها: يتسامح في أدلة السنن و الكراهة.

[تُعظَّم شعائر الله]

و منها: تُعظَّم شعائر الله.

[تعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان]

و منها (تَعٰاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوىٰ وَ لٰا تَعٰاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَ الْعُدْوٰانِ) «5».

[كل ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر]

و منها: كل ما غلب الله عليه فهو أولى بالعذر «6».

[لا ضرر و لا ضرار في الدين]

و منها: (لا ضرر و لا ضرار في الدين) «7».

[لا عسر و لا حرج في الشريعة]

و منها: لا عسر و لا حرج في الشريعة.

[لا تكليف قبل البيان]

و منها: لا تكليف قبل البيان.

[ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم]

و منها: (ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم) «8».

[لا تلازم بين السكر و النجاسة]

و منها: لا تلازم بين السكر و النجاسة.

______________________________

(1) المستدرك: ج 1، ص 90، ح 58، ب 5.

(2) الوسائل: ج 2، ص 639، ح 1.

(3) البقرة: 185.

(4) الحج: 78.

(5) المائدة: 2.

(6) الوسائل: ج 5، ص 352، ح 3 باختلاف يسير.

(7) المستدرك: ج 13، ص 308، ح 15444، ب 13.

(8) الوسائل: ج 18، ص 119، ح 28.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 226

[ما أسكر كثيره فقليله حرام]

و منها: ما أسكر كثيره فقليله حرام «1».

[كل مسكر مائع بالأصالة نجس]

و منها: كل مسكر مائع بالأصالة، نجس.

[كل مسكر حرام]

و منها: كل مسكر حرام «2».

[كل مسكر خمر]

و منها: كل مسكر خمر «3».

[كل دم تراه المرأة بعد العشرة أو ناقصاً عن الثلاثة فليس بحيض]

و منها: كل دم تراه المرأة بعد العشرة أو ناقصاً عن الثلاثة فليس بحيض.

[كل ما أمكن أن يكون حيضاً فهو حيض]

و منها: كل ما أمكن أن يكون حيضاً فهو حيض، و يعرف هذا بقاعدة (الإمكان).

[كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ منه]

و منها: كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ منه «4».

[كل شي ء رآه المطر فهو طاهر]

و منها: كل شي ء رآه المطر فهو طاهر.

[كل حيوان له نفس سائلة فميتته نجس حرام]

و منها: كل حيوان له نفس سائلة فميتته نجس حرام.

[كل حيوان غير طائر حرام لحمه، فبوله نجس و رجيعه]

و منها: كل حيوان غير طائر حرام لحمه، فبوله نجس و رجيعه.

[كل ماء تغير أحد أوصافه الثلاثة بنجس فهو نجس]

و منها: كل ماء تغير أحد أوصافه الثلاثة بنجس فهو نجس.

[كل سؤر طاهر إلّا سؤرهما أو نحوهما]

و منها: كل سؤر طاهر إلّا سؤرهما أو نحوهما.

[كل ما لا تحله الحياة من الميتة طاهر إلّا الكلب و الخنزير]

و منها: كل ما لا تحله الحياة من الميتة طاهر إلّا الكلب و الخنزير.

[كل مائع ينجس بملاقاة النجاسة إلّا لبن الميتة في ضرعها]

و منها: كل مائع ينجس بملاقاة النجاسة إلّا لبن الميتة في ضرعها.

[كل شي ء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه]

و منها: (كل شي ء فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه) «5».

______________________________

(1) الوسائل: ج 17، ص 262، ح 17.

(2) الكافي: ج 6، ص 407، دار الكتب الإسلامية طهران، الطبعة الثالثة.

(3) المستدرك: ج 17، ص 59، ح 20744، ب 11.

(4) الوسائل: ج 1، ص 102، ح 1 باختلاف يسير.

(5) الوسائل: ج 12، ص 59، ح 1 باختلاف يسير.

الفقه، القواعد الفقهية، ص: 227

[كل شي ء مطلق حتّى يرد فيه أمر أو نهي]

و منها: (كل شي ء مطلق حتّى يرد فيه أمر أو نهي).

[كل ماء بلغ كراً لم ينجسه شي ء]

و منها: كل ماء بلغ كراً لم ينجسه شي ء.

[كل حلال طاهر و لا عكس]

و منها: كل حلال طاهر، و لا عكس.

[كل نجس حرام و لا عكس]

و منها: كل نجس حرام، و لا عكس.

[كل يابس زكي]

و منها: كل يابس زكي.

سُبْحٰانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّٰا يَصِفُونَ وَ سَلٰامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَ الْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ و صلى الله على محمد و آله الطاهرين قم المقدسة محمد الشيرازي.

________________________________________

شيرازى، سيد محمد حسينى، الفقه، القواعد الفقهية، در يك جلد، ه ق

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.