ص: 2

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

لهم أکبر الفضل فی إخراج هذا السفر العظیم إلی النور لقراء العربیه ودارسیها ؛ وذلک بما لهم من فضل السبق فی إخراج وتحقیق أجزائه الأولی ، وبما لهم من فضل فی تیسیر تصویر مخطوطات أجزائه الأخیره لنا.

أما عن هذا الکتاب ومنهاج ابن سیده فی تصنیفه ، فنقول : إن ابن سیده قد سلک فی تألیف هذا الکتاب طریقه الخلیل فی کتاب العین (1) ، تلک الطریقه التی تعتمد علی ترتیب الحروف وفقا لمخارجها بدءا من الأبعد وانتهاء بالأقرب ، فکان ترتیبه کالتالی :

(ع ح ه- خ غ ق ک ج ش ض ص س ز ط ت د ظ ذ ث ر ل ن ف ب م ء ی و ا).

ومن ثم بدأ کتابه بکتاب العین ، ویضم کتاب العین کل المواد اللّغویه التی تکون العین من حروفها ، سواء أکانت حرفها الأول أم الأوسط أم الأخیر.

ویضم کتاب الحاء جمیع المواد اللغویه التی تشتمل علی الحاء ، فی أی مکان منها ، بشرط ألا تکون قد وردت فی کتاب العین السابق ، وهکذا فی بقیه الکتب.

وصنف بعد الخلیل عدد من المعاجم اتبع أصحابها منهج الخلیل فی کتابه العین علی الجمله مع محاوله التعدیل والتغییر بعض الشیء داخل الأبواب التی ضمتها تحت کل کتاب. وقد أفاد صاحب المحکم من هذه المعاجم التی اتبعت ترتیب الخلیل وأضافت إلیه.

وأهم هؤلاء الذین أفاد منهم ابن سیده فی محکمه :

1 - أبو علی القالی صاحب کتاب البارع.

2 - أبو منصور الأزهری صاحب کتاب التهذیب.

3 - الصاحب بن عبّاد صاحب المحیط.

4 - أبو بکر محمد بن الحسن الزّبیدی ، صاحب مختصر العین.

ویهمّنا أن المحکم أفاد من جمیع هذه التغییرات والتطوّرات التی حدثت قبله ، والتزم ما رآه أحسنها وأدقها. فقسّم کلّ کتاب إلی الأبواب التالیه : الثنائی المضاعف الصحیح ، ثم الثلاثی الصحیح ، ثم الثنائی المضاعف المعتلّ ، ثم الثلاثی المعتلّ ، ثم الثلاثی اللّفیف ، ثم الرباعیّ ، ثم الخماسیّ. وأراد بالثنائیّ المضاعف ما ندعوه الیوم الثلاثی المضاعف ، مثل « شدّ ». وقد أخذ ابن سیده هذا التّقسیم کله من الزّبیدیّ ، الذی اتبعه فی مختصره للعین ، ثم زاد علیه باباً ذکره فی مواضع قلیله نادره ، ودعاه مرّه السداسیّ ، وأخری الملحق

ص: 4

بالسداسیّ. ووضع فیه ألفاظاً أعجمیه وأسماء أصوات. وذلک أمر لا یوافقه علیه الصرفیون ، إذ یذهبون إلی أنه لا توجد ألفاظ سداسیه الأصل ، وأن الألفاظ الأعجمیه لا یصحّ وزنها ، لأن الوزن خاصّ بالعربیه.

ثم رتّب المؤلّف الموادّ فی داخل الأبواب ، وفقا لما تتألّف منه من حروف ، ووفقا لما تتصرّف إلیه ، وتتقلّب فیه من وجوه أو تقالیب. فبدأ کتاب العین مثلاً بباب الثّنائیّ المضاعف ، وبدأ هذا الباب بالعین حین تتّصل بالحاء ، فوجدهما لا یأتیان فی کلمه عربیه ثنائیه مضاعفه ، فانتقل إلی العین مع الهاء ، فوجد « عه » ومقلوبها « هع » ؛ ثم انتقل إلی العین مع الخاء ، فوجد « خع » ولم یجد مقلوبها « عخ » ؛ ثم انتقل إلی العین مع القاف ، فوجد « عق » ومقلوبها « قع ». وهکذا فرض علیه منهجه أن ینتقل بالعین إلی بقیه الحروف ، علی الترتیب الذی ذکرناه ، وبحث کل حرف یترکّب معها ، وجمیع الصّور التی تقع فی هذا الترکیب.

وکذا فعل فی بقیه الأبواب. فقد بحث فی باب الثلاثی الصحیح العین ، هل تتألف مع الحرف الذی یلیها وهو الحاء ، ومعهما حرف ثالث ، فلم یجد. فانتقل بالعین إلی الحرف الذی یلی الحاء وهو الهاء ، فوجد أنهما اقترنا معا. فسار بهما معاً إلی الحرف الذی یلیهما وهو الخاء ، فوجد أنهما لا یأتیان معه. فانتقل إلی الحرف الذی یلیه وهو الغین ، فوجد أنهما لا یأتیان معه. فانتقل بهما إلی القاف ، فوجد أن اللغه تشتمل علی ألفاظ من هذا الثلاثیّ ، هی « عهق » ، ومقلوبه « هقع » ، فعالجهما ، ولم یجد بقیه التقالیب الممکنه ، وهی « عَقَهَ ، هَعَقَ ، قَعَهَ ، قَهَعَ » فأهملها. ثم انتقل بالعین والهاء إلی الحرف الذی یلی القاف ، وهو الکاف ، فوجد اللغه تحتوی علی ألفاظ مؤلّفه منها ، وهی « هکع » ، ولکنه لم یجد لها أیّ مقلوب. وهکذا انتقل بالعین والهاء حتی أتی علی جمیع الحروف الصحیحه ، ثم أهمل الحروف المعتله ، لأن موضعها فی باب الثلاثیّ المعتلّ. وانتقل إلی العین مع الحرف الذی یلی الهاء ، وهو الخاء ، وبحث عنهما مرکَبین مع القاف ، فالکاف ، فالجیم ... إلخ. ثم بحث عن العین مع الغین مقترِنَین بالقاف فالکاف فالجیم ... إلخ. وهلمّ جَرّا فی بقیه الحروف ، وبقیه الأبواب. وهذا الترتیب کله موجود بجمیع تفاصیله فی مختصر العین للزّبیدیّ.

ویجدُر بنا أن نُوجِّهَ النظر إلی أن أبواب الثنائیّ المضاعف : الصحیح منها والمعتلّ ، تختلف عن بقیه الأبواب قلیلاً ، إذ لم یملأها المؤلِّف بالمقلوبات وحدها ، بل جعل فیها أقساما خاصَّه بالثنائی المخفّف ، مثل مِن وصَه ، وبالمضاعف الفاء واللام ، مثل کَعک وهِیه ،

ص: 5

وبالمضاعف الفاء والعین مثل هَوْهاء ، إلی جانب نثره للمضاعف الرباعیّ فیها. وهذا التقسیم متَّبع أیضاً فی مختصر العین للزبیدیّ.

وإذن فابن سِیدَه ، التقط منهجه المحکم ، الذی یعتبر أدق منهج التزمته المعاجم التی سارت وفق کتاب العین للخلیل من مختصر العین للزبیدی وأحسن تطبیقه فی معجمه الکبیر بعد أن کان مطبَّقاً علی معجم مختصر وتطلَّع ابن سیده إلی جانب الترتیب والتقسیم اللذین سبق توضیحهما ، إلی منهج آخر جدیر بالإعجاب کله ، أراد تطبیقه علی المواد التی أدخلها فی معجمه. وفصَّل القول فی مقدمته عن هذا المنهج وتفاصیله. وبالرّغم أن ابن سِیده لم یف بجمیع تفاصیل هذا المنهج وفاء تامّا ، نحبّ أن نبین هذا المنهج هنا ، لأنه یمثِّل الصوره التی کان یستشرف إلیها المؤلف ، لتکون صوره معجمه.

یقوم هذا المنهج علی ثلاث شُعَب : حذف أمور ، وتنبیه علی أمور ، وتمییز بین أمور متشابهه.

أما الحذف فللمشتقَّات القیاسیه ، لاطرادها ، والأمور التی تُفهم من سیاق العباره ، قال المؤلف عن کتابه : « ومن طریف اختصاره ، ورائق بدیع نظم تِقصاره : أنی إذا ذکرت مِفْعَلا لم أذکر « مِفْعالا » ، لعلمی أن کل مِفْعل مقصور عن مِفْعال ، علی ما ذهب إلیه الخلیل. ولذلک صحَّت العین من مِفْعل إذا کانت واواً أو یاء ، نحو مِجْوب ومِخْیَط ، لأنهما فی نیه مِجْواب ومخیاط.

ومنه أی لا أذکر ( افعالّ ) إذا ذکرت ( افعلّ ) من الألوان ، لأن کل ( افعلّ ) عند سیبویه من الألوان محذوفه من ( افعالّ ) إیثار التخفیف.

ومنه أی إذا ذکرت فُعَلِلاً أو فَعَلِلاً لم أذکر « فُعالِلا » ولا « فَعالِل » ، نحو عُلَبِط وجَنَدل ، وذلک لأن کل « فُعَلِل » مقصور من « فُعالِل » ، وکل « فَعَلِل » مقصور عن « فَعالِل » ، لأنه لیس من کلامهم التقاء أربع متحرّکات وضعا ، إلا بعد توسُّط الحذف ... (1).

وأما التنبیه علی أمور فمن أمثلته :

قوله فی المقدّمه : « ومن أغرب ما تضمنه هذا الکتاب ، أن یکون الاسم یُکسَّر علی بناء من أبنیه أدنی العدد أو أکثره ، لا یتجاوزه إلی غیره. فإذا جاء مثل هذا ، قلنا : إنه لا یکسَّر علی غیر ذلک ، وذلک نحو الأفئده ، والأذرع ، والأکُفّ ، والأقدام ، والأرجُل ، فإنه لا یکسر واحد من هذه عند سیبویه ، علی غیر هذه الأبنیه الداله علی أدنی العدد وإن عُنِی به الکثیر.

ص: 6

ومنه التنبیه علی شاذّ النسب ، والجمع ، والتصغیر ، والمصادر ، والأفعال ، والإماله ، والأبنیه ، والتصاریف ، والإدغام ...

ومنه أنی إذا رأیت صیغه مفعول لا فعل له ، أشعرت بذلک ، نحو مُدَرْهَم ، ومَفْئُود ، أعنی الجبان ، لا المصاب الفؤاد ، وماء مَعِین فی قول بعضهم. فإن کان له فعل غیر متعدّ أعلمت به ، وقلت : إنه لم یُصَغ لفظ مفعول منه ، نحو ما حکاه الفارسیّ من قول العرب : دَرْهَمَتِ الخُبَّازَی ، أی صارت علی شکل الدرهم ...

ومنه أنی إذا رأیت فعلاً لا مصدر له ، أشعرت بمکانه ، وذلک نحو یَذَرُ ویَدَع ، فإنی أقول فی مثل هذا : ولیس لهذا مصدر. وکذلک إن لم یکن للفعل ماض أعلمت به أیضا ، وذلک کهذین الفعلین اللذین لا مصدر لهما ، فإنه لا ماضیَ لهما. فإن کان للفعل مصدر قد عُوّض إیاه من غیر لفظه. قلت : لا مصدر له إلا هذا ، نحو ما حکاه سیبویه من قولهم : هو یَدَعُه ترکا ».

وقال المؤلف عن تمییز المشتبهات : « ومن غریب ما تضمنَّه هذا الکتاب ، تمییز أسماء الجموع من الجموع ، والتنبیه علی الجمع المرکَّب ، وهو الذی یسمِّیه النحویون جمع الجمع ، فإن اللُّغویین جمّا لا یمیزون الجمع من اسم الجمع ، ولا ینبهون علی جمع الجمع.

ومن طریف ما اشتمل علیه هذا الکتاب ، الفرق بین التخفیف البَدَلیّ ، والتخفیف القیاسیّ ، وهو نوعا تخفیف الهمز ، کقولی : إن قول العرب أخْطَیْت لیس بتخفیف قیاسیّ ، وإنما هو تخفیف بَدَلیّ محض ، لأن همزه أخطأت همزه ساکنه قبلها فتحه ، وصوره تخفیف الهمزه التی هَذِی نِصْبَتُها ، أن تُخلَص ألفاً محضه ، فیقال : أخْطَات ، کقولهم فی تخفیف کأس : کاس ... وهذا الذی أبَنْتُ لک ، فی أخطیت ونحوه ، باب لطیف قد نبا عنه طبع أبی عبید وابن السّکِّیت وغیرهما من متأخِّری اللغویین. فأما قدماؤهم فأضیق باعا ، وأنْبَی طباعا ...

ومما انفرَد به کتابنا ، الفرق بین القلب والبدل ، وعَقْد اسم الفاعل بالفعل إذا کان جاریاً علیه ، بالفاء ؛ وعقده إذا لم یک جاریاً علیه ، بالواو ، وذلک لسبب دقیق فلسفیّ ، لطیف خفیّ نحویّ ...

ومن ذلک أن أفرّق بین الفعل المنقلب عن الفعل ، وبین الفعل الذی هو لغه فی الفعل ، ولیس بمنقلب عنه ، بوجود المصدر وعدمه ، کجَذَب وجَبَذ ، فإنهما لغتان ، لأن لکلّ واحد منهما مصدرا ، وأما یَئِس وأیِس ، فالأخیره مقلوبه عن الأولی ، لأنه لا مصدر لأیس ؛ ولا

ص: 7

یُحتجّ بإیاس : اسم رجل ، فإنه فِعال من الأَوْس ، وهو العطاء ، کما یسمَّی الرجل عطیَّه ، وهبه الله ، والفضل ... ».

وقد أخذ المصنف علی نفسه فی مقدمه کتابه أن یلتزم الاختصار وتنظیم الماده ، وتقریب التألیف ، وتهذیب التصنیف حیث یقول :

« إن کتابنا هذا مشفوع المِثْل بالمثل ، مقترن الشکل بالشکل ، لا یفصل بینهما غریب ، ولا أجنبیّ بعید ولا قریب ، مهذَّب الفصول ، مرتَّب الفروع بعد الأصول ... هذا إلی ما تحلی به من التهذیب والتقریب ، والإشباع والاتساع ، والإیجاز والاختصار ، مع السَّلامه من التَّکرار ، والمحافظه علی جمع المعانی الکثیره ، فی الألفاظ الیسیره ...

ومن بدیع تلخیصه ، وغریب تخلیصه ، أنی أذکر صیغه المذکر ، ثم أقول : والأنثی بالهاء ، فلا أُعید الصیغه ، وإن خالفت الصیغه ، أعلمت بخلافها إن لم یکن قیاسیّا ، نحو بِنْت أو أخت ..

وفی کتابی هذا أشیاء من الاختصار وتقریب التألیف وتهذیب التصنیف ، ما لو ذکرته لکان فیه سِفْر جامع ، ولکنی بهذا الذی أرَیْت منه قانع ».

ولکن بمطابقه هذا المذکور بکتاب المصنف نجد أنه لم یستطع التزام ما ألزم به نفسه فی مقدمته.

وکان أعظم سبب عاقه عن تحقیق ذلک ، هو : « اعتماده علی المراجع اللغویه السابقه علیه ، واغترافه موادّه منها ، وهی لا تلتزم نظاماً شبیهاً بالنظام الذی کان یضعه نصب عینه » (1).

ولکننا نستطیع أن نقرر أنه قد التزم ذلک - فیما تفرد به ولم ینقله عن غیره - إلی حدٍّ کبیر.

وقد سرد المؤلف فی مقدمته أسماء المعاجم والکتب التی استعان بها فی تألیف محکمه وقد نقل منها بالنص فی أکثر الأحیان ، مما یدل علی ما سبق.

بقی أن نقول : إن محکم ابن سیده یعد أحسن المعاجم التی التزمت منهج الخلیل فی العین ، من حیث ترتیب مواده ، ووجازه تعبیراته وألفاظه ، ومن حیث ما اشتمل علیه من علوم النحو والصرف والعروض وغیر ذلک ؛ حیث ظهرت براعه المؤلف واضحه فی تلک العلوم حتی لیخیل إلیک فی بعض الأحیان أنک لست فی معجم لغوی بل فی کتاب من

ص: 8

کتب الصرف أو النحو أو العروض وذلک حینما یستطرد المؤلف فی عرض المسائل النحویه والصرفیه خاصه لأدنی ملابسه تعرض له لیفیض علینا من علمه الذی کان یعتز به ، والذی یری أن علم اللغه والمعجم الذی برع فیه وذاع صیته بسببه أنه إذا ما قورن بعلومه الأخری فی النحو والصرف والعروض والقافیه والمنطق وغیرها لظهر أنه أقل بضائعه ، وأیسر صنائعه ، وذلک حیث یقول فی مقدمته : « إنی أجد علم اللغه أقلّ بضائعی ، وأیسر صنائعی ، إذا أضفته إلی ما أنا به من علم حقیقِ النحو ، وحُوشِیّ العروض ، وخفیّ القافیه ، وتصویر الأشکال المنطقیه ، والنَّظر فی سائر العلوم الجَدَلیه ».

سبب تألیفه لکتاب المحکم :

الذی یظهر من مقدمه ابن سیده للمحکم أن « الموفق » أراد تصنیف کتاب فی اللغه لکن لاشتغاله بأمور السیاسه والإداره أمر ابن سیده بتصنیفه.

صعوبته :

قال ابن سیده فی مقدمه المحکم : « ولیست الإحاطه بعلم کتابنا هذا إلا لمن مهر بصناعه الإعراب وتقدم فی علم العروض والقوافی ».

ولصعوبه طریقته ذکر صاحب کشف الظنون (1) أنه رتبه علی نسق حروف أوائل کلمات هذه الأبیات :

علقت حبیبا هنت خیفه غدره

قلیل کری جفن شکا ضر صده

سبا زهوه طفلا دیانه تائب

ظلامته ذنب توی ربع لحده

نواظره فتاکه بعمیده

ملاحته أجرت ینابیع وجده

ونظم ناصر الدین محمد بن قرناص أیضا فی ترتیب حروفه هذه الأبیات :

علیک حروفاً هن خیر غوامض

قیود کتاب جل شأنا ضوابطه

صراط سوی زل طالب دحضه

تزید ظهوراً إذ تناءت روابطه

لذلکم نلتذ فوزا بمحکم

مصنفه أیضاً یفوز وضابطه

تهذیبه :

هذبه صفی الدین محمود بن محمد الأرموی العراقی المتوفی سنه 723.

ص: 9

أیهما کان أولاً؟

مما أثار انتباه بعض الباحثین أن ابن سیده ذکر کتابه المحکم فی کتابه المخصص (1) وذکر کتابه المخصص فی کتابه المحکم فأیهما کان أولاً؟

إذا نظرنا إلی کلامه فی مقدمه المحکم نستشعر أن المخصص کان أولاً إذ یقول : « وألفت کتابی الملخص ، الذی سمیته « المخصص » وهو علی التبویب فی نهایه التهذیب ... ثم أمرنی بالتألیف علی حروف المعجم فصنفت کتابی الموسوم ب- « المحکم ». وقال فی موضع آخر : « وقد ذکرت فساد بنائه فی کتابی الموسوم بالمخصص ».

أما ذکره للمحکم فی المخصص فهو قوله (2) : « لما وضعت کتابی الموسوم ب- « المحکم » مجنساً ».

فذهب صاحب کشف الظنون (3) إلی أن ابن سیده صنف المخصص قبل المحکم وقد ذکر فی أوله أنه علی ترتیبه.

لکن لعل الذی یترجح ما ذهب إلیه الأستاذ محمد الطالبی حیث قال : « نعتقد أن ابن سیده قد شرع فی المصنفین فی آن واحد. والذی یحملنا علی هذا الاعتقاد ، هو أن الماده واحده ، وأن ما أعده الکاتب من جذاذات ومراجع ، فإنه کان یستثمره فی کلا الکتابین علی السواء ؛ فإن مصادر الکتابین لا تکاد تختلف ... علی أنه إن شرع الکاتب فی الکتابین فی وقت واحد ، واستغل مراجع واحده بطرق مختلفه ، فلا شک أنه قد انتهی من المخصص وأتمه قبل الانتهاء من معجمه الموسع (4).

ص: 10

قال أبو عُمر الطَّلَمَنْکی : « دخلت مرسیه فتشبث بی أهلها لیسمعوا علی « غریب المصنَّف » فقلت : انظروا من یقرأ لکم ، وأمسک أنا کتابی ، فأتونی بإنسان أعمی یعرف بابن سیده ... » قال الحمیدی : کان أعمی بن أعمی.

وقال عنه الحافظ ابن حجر : کان من أعلم أهل عصره باللغه ، حافظاً لها. ومدحه السیوطی فقال : کان حافظاً لم یکن فی زمانه أعلم منه بالنحو واللغه والأشعار وأیام العرب وما یتعلق بها ، متوفراً علی علوم الحکمه. وأثنی علیه صاحب المغرب قائلاً : لا یعلم بالأندلس أشد اعتناء من هذا الرجل باللغه ، ولا أعظم توالیف ، تفخر مرسیه به أعظم فخر ، طرّزت به برد الدهر ، وهو عندی فوق أن یوصف بحافظ أو عالم.

ذلک هو من نفسه فقال فی مقدمته للمحکم : « أنا الجواد الخوار العنان ، المخترق للمیدان ، فی غیر فن من الفنون ، والیقین قاتل لخوالج الظنون ، وذلک أنی أجد علم اللغه أقل بضائعی ، وأیسر صنائعی ، إذا أضفته إلی ما أنا به من علم حقیق النحو ، وحوشی العروض ، وخفی القافیه ، وتصویر الأشکال المنطقیه ، والنظر فی سائر العلوم الجدلیه ».

ولقد کان سیبویه مهتمّا بأن یورد کتبه الجدید ، وأن یصقل معلوماته - المعجمیه - ویرتبها - حتی کان أسلوبه ذا طابع جدید فی کتبه (1).

وکان ابن سیده فی موسوعیته فی جمع الماده المعجمیه یقف علی أخطاء وزلات من سبقه من اللغویین والنحاه فنبه علی شیء من ذلک فی کتبه (2).

انتقادات موجهه إلی ابن سیده :

مع شهره ابن سیده وفضله وثناء الناس علیه إلا أنه لم یسلم من الطعون والانتقادات.

قال الیسع بن حزم : کان شعوبیّا یفضل العجم علی العرب. وحط علیه أبو زید السهیلی فی « الروض » عند الکلام علی نقض الصحیفه فقال : « تعثر فی « المحکم » وغیره عثرات یَدْمی منها الأظل ، ویدحض دحضات تخرجه إلی سبیل من ضل ، حتی إنه قال فی الجمار : هی التی ترمی بعرفه ».

وقال أبو عمرو بن الصلاح : أضرت به ضرارته.

قال الصفدی : کان ابن سیده ثقه فی اللغه حجه ، لکنه عثر فی المحکم عثرات ...

وکذلک یهم فی النسب.

وألف أبو الحکم عبد السلام بن عبد الرحمن ( أو عبد الرحمن بن عبد السلام ) المعروف بابن برْجان ردّا علیه ، بین فیه أغلاطه فی المحکم ولم یصل إلینا نقد ابن برجان ) (3).

قلت : وقد یخفی علی الذکی الأمور الیسیره ، وینسی اللبیب الأشیاء القلیله ، ولیس هذا مدعاه باتهام الذکی بالغباء ولا الحافظ اللبیب بالنسیان والوهم.

لکن یبقی أن هذا فیه رد علی کلام السهیلی وغیره. ولم أر أحداً تعرض لکلام الیسع ابن حزم بالرفض والدفاع عن ابن سیده ، غیر أن الحافظ ابن حجر ترجم للیسع فی لسان المیزان فقال : « الیسع بن عیسی بن حزم الغافقی أبو یحیی : قد تکلم فی نقله ، ویظهر علی عبارته مجازفه ، وله تآلیف وأدب وفنون ... وله تصنیف سماه : المغرب فی محاسن المغرب » (1).

ویحسن بنا ویجمل أن نورد کلام ابن سیده نفسه ، حیث قال بعد ثنائه علی کتابه المحکم : .. ولا أنکر فی کل ذلک أن تختل قضیه بین خمسه آلاف ، أو حرف بین حروف عدیده أضعاف ».

مجاهد (1) وکان قد حذا حذو أبیه فی الإقبال علی العلماء إلا أنه کان ذلک تطبعاً لا طبعا ، وکانت همته فی التجاره وجمع الأموال.

وکانت بین ابن سیده وبین موفق الدوله نبوه ؛ ولهذا بعث إلیه بقصیده یعتذر فیها.

ولقد أثرت علاقه ابن سیده بهذین الأمیرین فی مصنفاته فنراه یثنی علیهما فی کتبه :

فیقول فی أول مقدمه المحکم : « وکل بیمن « الموفق » محیی المکارم » ویقول فی آخرها :

« وفاظت عن أبدانها له فیظاً من صحبه الأمیر الجلیل « إقبال الدوله » مولای نثرته ... ونسأله فی أجل « الموفق » الملک الأجل ».

وقال فی مقدمه المخصص (2) : « وتولی دوله إعمال اللفظ والقلم فی طاعه الله وسبیل المجد ، والنفع بالمال والجاه لاقتناء المجد ، واجتلاب الحمد ، حتی نفذ ما لوی من عنانی إلیه ، وعوی من لسانی وجنانی علیه ، وهو المتقبل المطاع ، والمتقیّل غیر المضاع ، أمر « الموفق » الأعظم ، والهمام الأکرم ... ».

7 - کتاب شواذ اللغه فی خمسه أسفار کما قال الذهبی (1).

8 - کتاب العالم فی اللغه نحو مائه سفر کما قال الذهبی. بدأ بالفلک وختم بالذره ، ورتبه علی الأجناس.

9 - کتاب العالم والمتعلم علی المسأله والجواب.

10 - الوافی فی علم القوافی.

11 - وذکر فی مقدمه کتابه المحکم أنه أفرد بالتذکیر والتأنیث کتابا.

والذی وصلنا من هذه المصنفات الثلاثه الأولی منها کما فی دائره المعارف ومقدمه محققی المحکم.

الصوره

ص: 20

الصوره

ص: 21

الصوره

ص: 22

الصوره

ص: 23

الصوره

ص: 24

الصوره

ص: 25

الصوره

ص: 26

ص: 27

ص: 28

بسم الله الرحمن الرحیم

أما بعد : أیُّها المُسْهِرُ طلبُ العلم لجفونه ، الکاتبُ لحُور عُیونه ، الراتعُ منه فی أزاهیر فُنونه ، فإنی أقول لک هَنیئاً ، فقد أوتِیتَ بَغیَّتک ؛ وشُکرا ، فقد مُلِّکتَ أُمنیَّتک ؛ إنَّ النِّعمه قلوصٌ یُنِدُّها عن صاحبها الکفر (1) ، ویُذَلِّلها لراکبها الشُّکْر ، لَشَدَّ ما وَرَدْتَ مَنهل إرادَتِک صافیا ، وأُلبِستَ ما أعجز رَیعانَ أُمْنیَّتک ضَافیا (2) ، وکلٌّ بیمن « الموفق » مُحیی المکارم ، ومُروِی الأسنَّه والصوارم ، زینِ الزّمان وتاجِه ، وعینِ الأوان وسِراجه ، سیِّدِ جمیع الأملاک ، ومُعیدِ زمن العدْل إلیه بعد الهلاک ، مُطْلعِ العلوم لنا نجوما وأهِلَّه ، ومُرْسِلِ المکارم علینا غُیوماً مُسْتَهِلَّه ، قد ملأ البلادَ عدلُه مَقادِم (3) صَباح ، ومَدَّ علی العباد من فضله قَوَادِمَ (4) جَناح ، حتی بَشَّرتْ لِقاحُ طُعَمِهِم (5) ، وتَمَشَّرَتْ (6) خِصبا أدواحُ نِعَمهم ، فلا فقیر إلا مجبور ، ولا غنیّ إلا موفور مَحْبورٌ ، ولا شاکرَ إلا مُسْهِب ، ولا ذاکرَ إلا مُجِدٌّ مُطْنِب ، من بین ذی کَفٍّ إلی الله فیه ممدوده ، ولسانٍ بحُسن الثناء علیه مَرْدوده ، تخدُمه أنفسهم بالصفاء ، وألسنتهم بحُسن الثناء له والدعاء ، إن نام باتُوا له هاجدین ، أو قام وَقَعُوا له ساجدین ، أدام الله لهم وارِف ظلِّه ، ولا سَلَبهم عَوارفَ فضله ، وأخذ الجمیعَ منهم فِداءَه ، وقدَّم فی ذلک قبلَ أولیائه أعداءَه ، وحفظ مُلکه بصِوان (7) السَّعاده ، وقَرنَ کلَّ عَزْمه له بمختار الإراده ، وکَبَتَ عنه بالنُّصره مُسْتَهْدِفی عُداه (8) ، وحَکَّم فیهم نوافذ أسنَّته ، ومواضِیَ مُداه ، وجعله وارثاً لجَلْهات (9) بلادهم ، ومتکفِّلا بعد الصَّیْلم المُوتِمه لترائِک أولادهم (10) ؛ شکرا له أیُّها النَّهِیمُ علی محاسن العلوم ، الباحث عن نتائج مقدّمات الحُلوم (11) ، فما أسلمَک للواحق الزّمان ، ولا خَلَّی بینک وبین طوارق الحَدَثان (12) ، بل کَفاکَ ما کان یُنازعُک

ص: 30

هواک ، ویُمِرّ علیک مستعذَبَ نَواک ، من تصوّر التعب بشدّ الرِّحال ، ومئونه التِّرْحال ، ولفْح السموم ، وعقد الطَّرْف لیلاً بسُموت (1) النجوم ، وتأمُّلِ السَّراب ، شَوْقاً إلی بَرْد الشَّرَاب ، والتمتع بأباطیل الخیال ، بدلاً من لذیذ محصول الوِصال ، وسائر ما یَلْحَقُ جُوَّابَ المَتالِف ، من أنواع التکالِف (2) ، وربما اقترن بذلک ما أحمدُ الله علی کفایتک إیاه ، من تَلف المُهْجه التی لا یَعْدلها ثمن ، وعابرُ المفازه بذلک قَمَن (3) ، فقد قیل : « إن المسافر ومَتاعَه لعَلی قَلَتٍ (4) إلّا ما وَقی الله (5) ؛ وقد قیل : إن تعب السفر ، لا یفی به شیء من الظَّفَر ، فیا لها نِعمهً عمیمَهً أوردَک صَفْوتَها ، وطُعْمهً جَسیمه مَلَّکک عَفْوتها (6) ، هکذا تَنْمِی الجُدود ، وتُسْفِر عن مطالعها السُّعود ، عِشْ بجَدٍّ صاعد ، فربَّ ساعٍ لقاعد ، ولله درّ أبی الطَّیِّب رَبِ (7) الأمثال السَّیَّارَه ، والأقوال المُسْتعاره ، قائلا :

ولَیْسَ الَّذِی یَتَّبَّع الوَبْلَ رَائِداً

کمَنْ جاءَهُ فی دارِهِ رَائدُ الوَبْلِ (8)

وشَرْح ما أجملتُ لک من ذلک : أن بارئنا جلّ وعزّ ، لمّا أراد الإحسان إلیک (9) ، والامتنان بفضله علیک (10) ، ألهمه ، فأنشأ له هِمّه لیست ببدْع من هِممه ، وحکمه لیست ببِکْرٍ من حِکمه ، فإنه - وفَّقه الله - مَناطُ کلّ عجیبه ، ورِباط کلّ فائده غریبه ، وما أولاه أن یُنْشَد فی ذاتِه ، ما قاله أبو الطَّیِّب ذاکرا لصفاته ، وهو :

إلیَّ لَعمرِی قَصْدُ کُلِّ غَرِیبَهٍ

کأنی عَجیبٌ فی عُیُونِ العَجائبِ (11)

وذلک أنه - أدام الله مُدّته ، وحفظ علی مُلکه طُلاوته وجِدّته - لما جَمَع (12) العلوم

ص: 31

النافعه ، من الدیانیَّات واللِّسانیَّات ، فسَلک مناهِجَها ، وشَهَر (1) بمُقدّماتها نتائجَها ، وذلَّل من صِعابها ، وأخضع بفهمه من صِیدِ رِقابها ، وعلم مُنتَهَی سِبارها (2) ، ومَیَّز بالتأمُّل اللطیف طبقاتِ أقدارِها ، وَضَح له فضلُ هذا الکلام العربیِّ ، الذی هو ماده لکتاب الله جَلَّ وعزّ ، وحدیثِ النبیّ صلی الله علیه وسلم [ وشَرَّفَ وکرَّم ](3) ، فلما وضَحَ له مکانُ الحاجه إلی هذه اللسان الفصیحه ، الزائده الحُسْن ، علی ما أُوتِیَه سائر الأمم من اللُّسْن ، أراد جمع ألفاظها ، فتأمَّلَ لذلک کتب رُوَاتها وحُفَّاظها ، فلم یجد منها کتاباً مستقلاً بنفسه ، مُسْتَغْنِیاً (4) عن مثله ، مما أُلِّف فی جنسه ، بل وَجَد کلّ کتاب منها یشتمل علی ما لا یشتمل علیه صاحبه ، وشَلٌ [ لا ](5) تعانَدُ علیه وُرَّادُه ، وکَلأٌ لا تَحَاقَدُ (6) فی مثلِه رُوَّادُه (7) ، لا تشبَع فیه نابٌ ولا فَطیمه (8) ، ولا تُغْنِی منه خضراءُ ولا هَشیمه.

ثم إنه لَحَظَ مناظر تعبیرهم ، ومَسافِر تحبیرهم (9) ، فما اطَّبِی (10) شیءٌ من ذلک له ناظرا ، ولا سَلک منه جَناناً ولا خاطرا ، وذلک لما أُوتِیَهُ وحُرِموه ، وأُوجِدَه وأُعْدِمُوه ، من ثَقابه النَّظَر ، وإصابه الفِکَر ، وکان أکثرَ ما نَقَمَه - سدّده اللهُ - علیهم ، عُدُولُهم عن الصواب ، فی جمیع ما یُحتاج إلیه من الإعراب ، وما أحوجهم من ذلک إلی ما مُنِعُوه ، وإن جَلَّ ما أُوتوه ، من علم اللغه ومُنِحوه ، فإن الکَحَل لا یغنی من الشَّنَب ، وإنّ فی الخمر معنیً لیس فی العِنب.

وأیُّ مُوَاقَفه أخْزَی لواقفها ، من مَقامَه أبی یوسفَ یعقوبَ بن إسحاقَ [ بن ](11) السِّکِّیت ، مع أبی عثمانَ المازنیّ ، بین یدی أمیر المؤمنین جعفرٍ المتوکل؟ وذلک أن أمیر المومنین قال : یا مازنیُّ سَلْ یَعْقوبَ عن مسأله من النحو ، فتَلَکَّأ المازنیّ ، عِلْما بتأخر یعقوب فی صناعه الإعراب ، فعزم المتوکلُ علیه ، وقال : لابدّ لک من سُؤاله ، فأقبل المازنیّ یُجْهِد نفسه فی

ص: 32

التلخیص ، وتنکُّب السؤال الحُوشیِّ العَویص ، ثم قال : یا أبا یوسف ، ما وزن « نَکْتَلْ » من قوله تعالی : ( فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَکْتَلْ )؟ قال له : نَفْعَل ، وکان هنالک قوم قد علموا هذا المقدار ، ولم یُؤْتَوْا من حظّ یعقوبَ فی اللغه المِعشار ، ففاضُوا ضَحِکا ، وأداروا من الهُزْء فَلَکا ، وارتفع المتوکِّل (1) ، فخرج السِّکِّیتیُّ والمازنیّ ، فقال ابن السکِّیت : یا أبا عثمان ، أَسأْتَ عشرتی ، وأذْوَیْتَ مَشْرتیْ (2). فقال له المازنیّ : والله ما سألتک عن هذه ، حتی تحقَّقتُ أنی لم أجد (3) أدنی مُحاوَلا ، ولا أقربَ منه مُتناوَلا.

وأیُّ شیء أذهبُ لِزَیْن ، وأجلب لعَبَرِ عَیْن ، من معادلته فی کتابه الموسوم « بالإصلاح » ، الرَّیْم الذی هو القَبر ، والفضل ، بالرِّیم الذی هو الظَّبی؟ ظَنَّ التخفیف فیه وَضعا.

ومن اعتقاده فی هذا الباب أن الغِین ، وهو جمع شجره غَیناء ، وأن الشِّیْم : جمع أشیم وشَیْماء ، وزنه : « فِعْل » ، وذهب علیه أنه « فُعْل » غُوْن ، وشُوْم ، ثم کُسرت الفاء ، لتسلَم الیاء ، کما فُعل ذلک فی بِیض. وهذا باب من التصریف مَورودٌ مَنْهَل ، ومعلومٌ غیرُ مَجْهَل ، إلی غیر ذلک من الخطأ الذی لا أحصِی عَدَدَه ، ولا أحْصُر مَدَده ، وقد أفردت فی ذلک کتابًا.

وأیّ شیء أدلُّ علی ضعف المُنَّه (4) ، وسخافه الجُنَّه (5) ، من قول أبی عُبیدٍ القاسِم بن سَلَّام ، فی کتابه الموسوم « بالمصنَّف » : العِفْرِیه : مِثال فِعْلِلَه ، فجعل الیاء أصلا ، والیاء لا تکون أصلا فی بنات الأربعه.

ومن قضایاه التی نَصَّها فی هذا الکتاب ، فی « باب عیوب الشعر وطوائف قوافیه » فإنه ما کاد یُوَفَّق منها فی قضیه ، ولا یُسَدَّد فیها إلی طریقه سَوِیَّه ، وقد أبَنْتُ ذلک علیه ، فی کتابی الموسوم « بالوافی ، فی علم القوافی ». ومِن استشهاده بقولی الهُذَلیّ :

لَحَقُّ بنی شُغارَهَ أنْ یقولُوا

لصخرِ الغَیّ ماذا تَسْتَبِیثُ (6)

ص: 33

علی النَّبیثه التی هی کُناسه البئر ، وهیهاتَ الأَرْوِیُّ من النعامِ الأرْبد (1) ، وأینَ سُهَیلٌ من الفَرْقَد (2)؟ النَّبیثه من « ن ب ث » ، وتستبیث من « ب وث » أو « ب ی ث » یقال : بُثْت الشیء بَوْثا ، وَبِثْتُه بَیْثا : إذا استخرجته.

ومن قوله : صدَرْت عن البلاد صَدَرًا : هو الاسم ، فإن أردت المصدر جزمْت الدال ؛ فهل أوحشُ من هذه العباره ، أو أفحش من هذه الإشاره؟

وهل أدلّ علی قلَّه التفصیل ، والبُعد عن التحصیل ، والجهل بالتنتیج والتلقیح ، وجوده الانتقاد والتنقیح ، من قول أبی عبد الله بن الأعرابیِّ ، فی کتابه الموسوم بالنوادر : العدوّ : یکون للذکر والأنثی بغیر هاء. والجمع أعداء ، وأعادٍ ، وعُداه ، وعِدًی ، وعُدًی ، فأوهم أن هذا کله جمع لشیء واحد.

وإنما أعدَاء : جمع عدوٌ ، أجروه مُجْری فعیل صفه ، کشریف وأشراف ، ونصیر وأنصار ، لأن فَعولاً وفَعیلا متساویتان فی العِدَّه ، والحَرَکه والسُّکون ، وکون حرف اللین ثالثا فیهما ، إلا بحسب اختلاف حَرْفَی اللِّین ، وذلک لا یوجب اختلافًا فی الحکم هنا ، ألا تراهم سَوَّوْا بین نَوَارٍ وصَبور فی الجمع ، فقالوا : نُوُرٌ وصُبُر؟ وقد کان یجب أن یکَسَّر عَدُوّ علی ما کُسِّر علیه صَبور ، لکنهم لو فعلوا ذلک لأجحفوا ، إذ لو کسَّروه علی « فُعُل » ، للزمَ عُدُوٌ. ثم لزم إسکان الواو ، کراهیه الحرکه علیها ، فإذا سکنت وبعدها التنوین ، التقی ساکنان ، فحذفت الواو ، فقیل عُدٌ ، ولیس فی الکلام اسم آخره واو قبلها ضمه ، فإن أدّی إلی ذلک قیاسٌ رُفِض ، فقلبت الضمه کسره ، ولزم لذلک انقلاب الواو یاء ، فقیل « عُدٍ » ، فتنکَّبتِ العرب ذلک فی کلّ (3) معتلّ اللام ، علی فَعُول ، أو فَعِیل ، أو فِعال ، أو فَعال ، علی ما قد أحکمتْه صناعهُ الإعراب.

وأما أعادٍ فجمع الجمع ، کَسَّروا عَدُوّا علی أعداء ، ثم کَسَّروا أعداءً علی أعادٍ ، وأصله أعادیُّ ، کأنعام وأناعیم ، لأن حرف اللین إذا ثبت رابعًا فی الواحد ، ثبت فی الجمیع ، وکان یاء ، إلا أن یُضْطَرّ إلیه شاعر ، کقوله ، أنشده سیبویه :

*والبَکَرَاتِ الفُسَّجَ الْعَطامِسا* (4)

ولکنهم قالوا : أعادٍ کراهِیه الیاءین مع الکسره ، کما حَکی سیبویه فی جمع مِعطاءٍ

ص: 34

مَعاطٍ ، قال : ولا یمتنع أن یجیء علی الأصل معاطِیّ ، کأثافیّ ، فکذلک لا یمتنع أن یقال أعادیُّ.

وأما عُداه فجمع عادٍ ، حکَی أبو زیْد عن العرب : أشمت الله عادِیَک ، أی عَدُوّک ، وهذا مُطَّرِد فی باب فاعِل ، مما لامه حَرْفُ عله ، أعنی أن یکَسَّر علی فُعَلَه ، کقاضٍ وقُضاه ، ورامٍ ورُماه ، وهو قول سیبویه فی باب تکسیر ما کان من الصفه عِدَّتُه أربعهُ أحرف ، وهذا شبیه بلفظ أکثر الناس ، فی توهُّمهم أن کماهً جمع کَمِیّ ، وفَعیل لیس مما یکسر علی فُعَله ، وإنما جَمْع کمیّ أکْماء ، حکاه أبو زید. فأما کُماه فجمع کامٍ ، من قولهم : کمَی شجاعته وشَهادته : کتمها.

وأما عِدًی وعُدًی فاسمان للجمع ، لأنّ فِعَلاً وفُعَلاً لیسا بصیغتی جمع ، إلا لفِعْله أو فُعْله ، وربما کانت لفَعْله ، وهی قلیله ، وذلک کهَضْبه وهِضَب ، وبَدْره وبِدَر.

فأینَ عِلْمُ أبی عبد الله بن الأعرابیّ بأسرار هذه الصّیغ من علمی ، أو فَهْمُه لغوامض تأوّلها من فهمی؟ إلی غیر ذلک ، مما لو تقصَّیته لأتعبت الخاطر ، وملأت القَماطر (1) ، لکنی آثرت طریق التقلیل ، إذ أقلّ من ذلک کافٍ فی التمثیل.

فلما رأی أیَّده الله تلک الکتب المصنَّفه فی هذه اللغه الرئیسه ، الرائقه النفیسه ، لم یرضَها أسلاکا لِتُومِها (2) ، ولا أفلاکا لطوالع نجومها ، فأزْمَعَ التألیف ، وأجمع بذاته فیها التصنیف ، لیُودِعها صِوَانا یشاکل قدرها ، وإیْوَانا عادیًا یماثل خَطَرَها ، وهذه عاده همته فیما یبتنیه من عَلیِّ المفاخر ، ویقتنیه من سَنِیِّ المآثر ، إنما له من کلّ مجد عُیونُه ، ومن کل فخر عَذَارُاه لا عُونُه (3) ، وإنما هو کما قال أبو الطَّیِّب :

تَرَفَّعَ عَن عُون المکارمِ قدْرُه

فما یفعَل الفَعْلات إلا عَذَارِیا (4)

فرُبَّ عَوَانٍ قد أسفَرَتْ إلیه منها ، فغَضَّ طَرْفه دُونها تنزّها عنها ، وکم بِکْرٍ منها أتته عَفْوا ، فشرِب بها صَفْوا ؛ وقد لجَّ بغیره فی إثْرها الجِدّ ، وخیرٌ من الجِدّ عندی الجَدّ ، وإن

ص: 35

کانت المطالب الجسیمه ، والمناقب الحُرّه الکریمه ، لا بدّ لها من اغتراق الجَلَد ، واعتراق قُوی المُهْجه والجسد ، ومَنْ طَلَب الروضه الأُنُف (1) ، رَکَضَ إلیها الجیادَ الخُنُف (2) ، ومِن حُکْم الرائد صِدْقُ الأهل.

*صَعْبُ العُلَی فی الصّعب والسَّهلُ فی السَّهل* (3)

ثم إنه عاقه عن التصنیف فیها ما نِیط به من علائق السِّیاسه ، وأعباء الریاسه ، وشغله عن ذلک ما حُبِیَ به من إدارته الممالک ، وتأمینه المسالک ، وخوضه بقَدَامیس (4) الجیوش المهالک ، أرْوَی الله سِنانَه ، وأطال بَنانَه ، وزاد حَیاهً جنانَه ، وأمْهَی (5) فی مده البقاء عِنانَه ، فالتمس من یُؤَهِّل لذلک من لُباب عبیده ، وصُیَّاب عَدیده (6) ، فوجد منهم فُضَلاءَ خِیارا ، ونُبَلاءَ أحْبارا ، لکن رآنی أطوَلهم یدا ، وأبعدَهم فی مِضمار العِتاق مَدَی ، فأمرنی بالتجرّد لهذه الإراده ، وکسانی بذلک ثوب التنویه والإشاده ، وأرانی کیف أملک عِنان الحقیقه ، ومن أیّ المآتی أسلک مِتان الطَّریقه ، فأطعتُ وما أضعت ، وأجَدْتُ کلَّما أردت ، فأعْلَقْتُ وأفْلَقْت (7) ، وألَّفت کتابی الملخَّص ، الذی سمیته « المُخَصَّص » ، وهو علی التبویب ، فی نهایه التهذیب ، وقد أرَیْتُ فی صدره : لمَ أردت وضعه علی ذلک ، وَهَیْئَتُهُ بکیفیَّته ورتْبَتِه مُودَعَهٌ فی سِرّ خُطْبَتهِ.

ثم أمرنی بالتألیف علی حروف المعجَم ، فصنَّفت کتابی « الموسوم بالمحکَم » ، وهو الذی اخْتطابِی نداءٌ علیه ، وخِطابی لک حُداء بک إلیه. فَرُدْ (8) بدائعَ زَهرَه ، ورِدْ (9) مَشارِعَ نَهَرِه ، وتمشّ فی بساتینه ، وقلِّب طرفَک فی تهاویل (10) ریاحینه ، ومِلْ إلیه عَیْنا وأُذْنا ، تَأْنَقْ به نَعْمَهً

ص: 36

وحُسْنا ، ولا یرمینَّک الحسد بما یَکْمَدُ منه الروح والجسد ، فإنه لا راحه لحسود ، ولا نِعمهَ دائمهً لکَنُود (1).

وفی تَعَبٍ مَن یَحسُدُ الشَّمسَ نورَها

ویَجْهَدُ أن یأْتِی لها بضریبِ (2)

فإن کتابنا هذا مَدْعاه للنفوس الشارده ، مَذکاه للقلوب الهامده ، مَعْلَقه بفؤاد المتفهِّم ، مَأْنَقَه لعین الناظر المتوسِّم ، رَوْضٌ ما أزهی أزاهیرَه ، وأبهَی فی عیون الأفاهیم أشاهیره (3)! وإن کنتُ إنما أطفْت الأنوارَ بالعُمْیان ، وزَفَفْت الأبکار إلی الخِصیان ، غیر أنه إذا سَعِد برضا الأمیر ، أطال الله بقاءه - وأدام عِزّته وعَلاءه - فقد أغنی عن الوَشَل (4) البحر ، وإذا الشمس لم تغرُب فلا طلَع البدْر ، ولو کان لکتابی هذا نَفْسٌ مُنْطَقه ، ولِسانٌ مُطْلقَه ، لأنشدَ قول أبی الطَّیِّب :

غَضَبُ الحسودِ إذا لَقیتُکَ رَاضِیا

رُزْءٌ أخَفُّ علیَّ مِنْ أنْ یُوزَنا (5)

وهذا أوَانُ أُجَلِّی علیک جَمْهَرَه أوصافه ، إن لم یغُرَّک حسدٌ مالکٌ لک عن إنصافه ، وإن أبیت إلا الحَساده فذلک إلیک ؛ لأن الخُسران إنما یثبت فی یدیک ، وقد قال الحکیم الذی لا یُدفع فضله : لا یَحْزُنْک دمٌ هَراقه أهلُه.

إن کتابنا هذا مشفوعُ المِثْل بالمثل ، مُقترِنُ الشَّکْل بالشَّکل ، لا یفصِل بینهما غریب ، ولا أجنبیّ بعید ولا قریب ، مُهذَّب الفصول ، مرتَّب الفروع بعد الأصول ، ومَنْ شافَه (6) عِلْما من عِلمْ الضروره ، لم یألُ فی التحفُّظ بتقدیم الماده علی الصُّوره. هذا إلی ما تحلَّی به من التهذیب والتقریب ، والإشباع والاتساع ، والإیجاز والاختصار ، مع السلامه من التکرار ، والمحافظه علی جمع المعانی الکثیره ، فی الألفاظ الیسیره ، فکم باب فی کتب أهْل اللغه أطالوه ، بأن أخذوا محموله علی أنواع جَمَّه ، وأخذته أنا علی الجِنس ، فغَنِیت عن ذکر الفروع بذکر القِنْس (7) ، فإنه إذا کان المحمول مأخوذًا علی الحیوان ، فلا مَحاله أنه مأخوذ علی السَّبعُ والفَرَس والإنسان ، وغیر ذلک من الأنواع التی نجد الحیوان لها جنْسا ، فربّ

ص: 37

سَطْر من کتابی یغترف من کتب اللغه فی الخطّ سُطورا ، فإذا حُصِّل جوهر الکلام ، عادت أبوابهم لأبوابی شُطورا ، کقول أبی عُبید : سمعت الشَّیبانی یقول : الأُنوف : یقال لها المَخاطِم ، واحدها : مَخْطِم. وقلت أنا فی تعبیره : المَخْطِمُ : الأنف. وغَنِیت عما سِوَی ذلک ، لأنه إذا کانت الکلمه مَفْعِلا ، فجمعها مَفاعِل ، ولا یَلْزم إذا کان لفظ الجمع مَفاعل ، أن یکون الواحد مَفْعِلا ، بل قد یکون مَفْعِلا ، ومَفْعَلا ، ومُفْعِلا فی بعض المواضع ، ومَفْعِله ، ومَفْعَله ، ومَفْعُله.

وکقوله : الذآنینُ : نبت ، والطَّراثیث : نبت ، الواحد : ذُؤْنون ، وطُرْثُوث ؛ ویقال : خرج الناس یَتَذَأْنَنُون ویَتَطَرْثَثُون : إذا خرجوا یطلبون ذلک. فغَنِیت أنا عن هذه العباره الکثیره العناء ، الیسیره الغَناء ، بأن قلت فی الذال : الذُّؤْنون : نبْت ، وفی الطاء : الطُّرثوث : نبت ؛ لأن الشیء إذا کان فُعْلولا ، فجمعه لا محاله فَعالیل ، وإذا کان الجمع فعالیل ، لم یلزم أن یکون الواحد فُعْلولا وحْدَه ، بل قد یکون فِعْلالا ، وفِعْلیلا ، وفِعْلاله ، وفِعْلِیله. وکذلک اکتفیت من قوله : خرج الناس یتذأْنَنون ویتطَرْثَثون : إذا خرجوا یطلبون ذلک ، بأن قلت : تذأْنَنُوا وتطَرثَثُوا : طلبوا ذلک. وأقبح ما فی هذه العباره تقدیمه الجمیع علی الواحد ، وهذا فی کتابه وکُتب غیره من أهل اللغه کثیر شائع ، مستطیر ذائع. وهل أغربُ من تقدیم المرکَّبات علی البسائط؟

وناظرٌ إلی هذا تقدیمُهم أبنیه أکثر العدد ، علی أبنیه أقله ، إذا کان الواحد یَعْتقِب علیه بناء أقلّ العَدَد ، وهو ما بین الثلاثه إلی العشره ، وهو الذی یدعوه القدماء الآحاد ؛ وبناءُ أکثرِ العدد ، وهو ما زاد علی ذلک ، حتی إذا کان للواحد بناءٌ واحد من أدنی العدد ، أو بناء واحد من أکثره ، لم ینبِّهوا علی أنه لا بناءَ جمع له إلا ذلک ؛ ولله درّ حُذَّاق النحویِّین ، سیبویهِ فمن دُونه ، فی التحرّز من ذلک ، وأینَ أجسمُ فائده فی هذه الجموع من قول سیبویه فی الشیء الذی ینفرد ببناء واحد من الجمع ، إنه لا یکسَّر علی غیر ذلک ، کالأفئده ، والأکُفّ ، والأقدام ، والأرجل ، وغیر ذلک ، مما لا أستطیع وَقْفَک علی جمیعه ، إلا بقراءه کتاب سیبویه ، الذی هو نُور الآداب ، وماده أنواع الإعراب.

فإن رأیت قضیه من کتابی قد ساوت قضیه من کتب أهل اللغه فی اللفظ ، أو قاربتها ، فاقُرن القضیه بالقضیَّه ، یلُح لک ما بینهما من المَزِیَّه ، إما بفائده یَجِلُّ موضِعُها ، وإما بصوره عباره یَلَذّ موقِعُها ، کقول أبی عُبید : تَمَأَّی الجلدُ تمَئِّیا ، مثال : تَمَعَّی تمَعِّیا ، تفَعَّل تفعُّلا : إذا اتسع. وصلی الله علی نبینا محمد القائل : إن من البیان لسحرا (1). وأین هذا من قولی بَدَل

ص: 38

هذه العباره : مأَوْتُ الجِلْدَ ومَأَیْتُه ومأَّیْتهُ ، فتَمَأَّی ، ولو لم یک فی ذلک إلا ذکری البسیط ، والذی هو مَأَوْتُ ومَأَیْتُ ، وحملی علیه الانفعال المترکِّب بالزیاده ، الذی هو تمأَّی ، وإنما أعنی بالانفعال هنا : التفَعُّل ، وآثرته ، لأنها عباره المنطقیین. وکقوله التَّناوُش : التناوُل ، والنَّوْش منه ، نُشْت أنوش. وقلت أنا مکان ذلک : نُشْتُ الشیءَ نَوْشا تناولته ، والتَّناوُش من النَّوْش : کالتناوُل من النَّوْل ؛ أوَلا تری إلی اختصار هذه العباره وإجادتها ، وحملی مُرَکَّبَها علی بسیطها؟ إلی غیر ذلک ، مما لو تقصیّته لطالت به خطبه کتابی ، وأکثَرَ المتدَرّسون علیه عِتابی ، ولکنی أقتصر من ذلک علی التمثیل ، مُغْنِیا به عن التفصیل.

وأما ما فی کِتاب « الإصلاح » و « الألفاظ » ، وکتب ابن الأعرابیّ ، وأبی زید ، وأبی عُبیده ، والأصمعیّ وغیرهم ، من أمثال هذا الذی وَصَفت ، فأکثرُ من أن یحصی مَدَدُه ، أو یُحْصَر عَدَده ، وهل یقوم بانتقاد هذا النوع إلا مثلی ، من ذوی الحِفْظ الجلیل ، والاضطلاع بعلم النحو وصناعه التحلیل ، وإن کنت بین حُثالهٍ جَهِلت فضلی ، وأساء الدهر فی جمعهم بمثلی ، وهل ینفع الیائسَ من الحیاه بُکاه ، أحمد الله علی کلّ حال ولا أتَشَکَّاه.

ومن غریب ما تَضَمَّنَهُ هَذَا الکتابُ ، تمییز أسماءِ الجموع من الجموع ، والتنبیهُ علی الجمع المرکَّب ، وهو الذی یسمیه النحویُّون جمعَ الجمع ، فإن اللغویِّین جَمّا لا یمیزون الجمع من اسم الجمع ، ولا یُنَبِّهون علی جمع الجمع. ومن الأبنیه ما یجوز أن یکون جمعا ، وأن یکون جمع جمع ، وذلک أدقّ ما فی هذا الجنس المُقتضِی للجمع ، فإذا مَرَرْنا فی کتابنا بمثل هذا النوع من الجمع ، أعْلَمْنا أیُّهما أوْلی به : الجمعُ أم جمع الجمع ، کقوله تعالی : فَرُهُنٌ مَقْبُوضَهٌ. فهذا إما أن یکون رَهْن ، کسَحْل وسُحُل ، وسَقْف وسُقُف ؛ وإما أن یکون رَهْن کُسِّر علی رِهان ، ثم کسِّر رِهان علی رُهُن ، فیکون علی هذا رُهُن جمع جمع ، لأن الجمع إذا کان علی شکل الواحد ، ثم کُسِّر ، فحکمه أن یکسَّر علی ما کُسِّر علیه الواحدُ المُشاکِلُ له فِی البناء ؛ ألا تری أن أَفعُلاً نحو أَوْطُب ، لما کُسِّر قیل أَوَاطِب (1) ، کما قیل فی جمع أَبْلُمٍ (2) ، وهی لغه فی أبْلَمٍ أبالم ؛ لأن أوْطُبا بزنه أَبْلُمٍ ؛ وإذا اتفقت العِدَّتان فی الجمع والواحد ، وإن اختلفت الحرکات ، أو اختلف بعضُها - فحکمها فی الجمع سواء ، وذلک نحو : أسْقِیهٍ وأساقٍ ، وأَسْوِرَهٍ وأساوِر ، شَبَّهه سیبَوَیه بأَنْمُلَه وأنامِل ، حین لم یجد فی الواحد أَفْعِله ، فلم یجد شیئًا أقرب إلیه من أَفْعُلَه ، فإذَا کان ذلک فیما یختلف بعض حرکاته ، کان فیما یتفق نحو أَوْطُبٍ وأَبْلُمٍ أجدرَ أن یتفق فی الجمع ؛ فکذلک رِهان أعنی

ص: 39

جمعَ رَهْن ، لما تَصَوَّر علی شکل کِتاب ومِثال ونحوهما ، وکان هذا الضرب من الأشکال یکَسَّر علی فُعُل ، نحو کُتُب ومُثُل ، کُسِّر علی مثل ما کُسِّر علیه ذلک الواحد ، فقیل رُهُن ؛ فإذا کان مثل هذا کذا ، جعلناه جمعا وإن کان نادرا ، ولم نحمله علی أنه جمع جمع ، لأنّ جمع الجمع قلیل فی الکلام الْبته ، إذ لیس بأصل ؛ ألا تری أنه إن وَسِعَنا جمعُ الجمع قیاسا ، وَسِعَنا جمع جمع الجمع؟ وإنما یحمِل سیبَوَیه صیغه الجمع ، علی جمع الجمع ، إذا لم یجد عن ذلک مَوْئِلا مُحْرِزا ، ولا معْقِلا مُحْتَجِزا.

ومن طَریف ما اشتمل علیه هذا الکتاب : الفرق بین التَّخفیف البَدَلیّ ، والتخفیف القیاسیّ ، وهما نوعا تخفیف الهمز ، کقولی : إن قول العرب أَخْطَیْت لیس بتخفیف قیاسیّ ، وإنما هو تخفیف بَدَلیّ مَحْض ، لأن همزه أخطأت همزه ساکنه قبلها فتحه ، وصوره تخفیف الهمزه التی هذِی نِصْبَتُها : أن تُخْلَص ألفا مَحْضه ، فیقال : أخْطات ، کقولهم فی تخفیف کأس : کاس ، لأن « طَأْت » من أخطأت ، بمنزله کأس ، کما أن « طَلِقْ » مِنِ انْطَلِقْ ، علی زنه فَخِذ ، فلذلک قیل : انْطَلْقْ ، فی انْطَلِقْ ، کما قیل : فَخْذ ؛ وإذا انقطع مِن المرکَّب شیء علی شکل البسیط ، فهذا حکمه ، أعنی أن یُعامل معاملَته ، وعلی نحو هذا وجَّهَ الفارسیّ قولَ امرئ القَیس :

فالیَوْمَ أشْرَبْ غَیرَ مُسْتَحْقِبٍ

إثما مِنَ اللهِ وَلا وَاغِلِ (1)

قال : إنما أراد : أَشرَبُ غَیْر ، متصوّرا فی أثناء ذلک من الکلمتین « رَبُغَیْ » علی شکل عَضُدٍ ، فخفَّف الثانیَ من هذا الشکل ، وهی باء « رَبُغَیْ » ، کتخفیف ثانی عَضُدٍ ، فقال : رَبْغَیْ ، کَعَضْدٍ ، ومثله کثیر. فکذلک مَثَّلتُ ما تَصَوَّر من أخَطأْت ، علی صوره کأس ، بلفظ کاس ، فلما لم أجد أخْطَیْت مقتضیه للتخفیف القیاسیّ ، قلت : إنه بَدَلیّ.

وقد أبَنْتُ أشباه هذا فی کتابی الموسوم « بالوافی ، فی أحکام علم القوافی ».

وهذا الذی أبنت لک فی أخْطَیْت ونحوِه ، باب لطیف قد نبا عنه طبع أبی عُبید وابن السکِّیت وغیرهما من متأخری اللغویِّین ؛ فأما قدماؤهم فأضیق باعا ، وأنْبَی طباعا ؛ ألا تری ابن الأعرابیّ یقول فی کتابه الموسوم بالنوادر : ومما یُهمز ویخفف قولُهم : هاوَأْتُهُ (2) وهاوَیتُه ، وذِئب وذِیب ، فخلط البَدَلیّ وهو هاوَیتُه ، بالقیاسیّ وهو ذِیب. وقد نحا أبو عُبید فی کتابه الموسوم « بالمصَنِّف » هذه المَنحاه التی نحاها ابنُ الأعرابیِّ ؛ وأین أغربُ من اعتداد أبی عُبید

ص: 40

المیزابَ لغه فی المِئْزاب ، مع أن العرب لم تجمعه إلا علی مآزیب ، ولو کان المیزاب لغه وَضْعیه ، أو تخفیفًا بَدلِیًا ، لقیل فی جمعه : مَیازیب ، أو مَوَازِیب ، فأَنْ لم یقولوا میازیب ، دلیل علی أن یاء میزاب همزه.

ومن أغرب ما تضمنه هذا الکتاب ، أن یکون الاسم یُکَسَّر علی بناء من أبنیه أدنی العَدد أو أکثره ، لا یتَجاوز إلی غیره ، فإذا جاء مثل هذا ، قلنا : إنه لا یُکسَّر علی غیر ذلک ، وذلک نحو الأفئده ، والأذرُع ، والأکُفّ ، والأقدام ، والأرجُل ، فإنه لا یکسَّر واحد من هذه عند سیبَوَیه علی غیر هذه الأبنیه الداله علی أدنی العدد ، وإن عُنِی به الکثیر.

ومما انفرد به کتابنا : الفرق بین القَلْب والبَدل ، وعقدُ اسم الفاعل بالفعل إذا کان جاریا علیه ، بالفاء ، وعَقدُه إذا لم یکُ جاریا علیه ، بالواو ، وذلک لسبب دَقیق فلسفیّ ، لطیف خفیّ نحویّ.

ومنه التنبیه علی شاذّ النَّسَب ، والجمع ، والتَّصغیر ، والمصادر ، والأفعال ، والإماله ، والأبنیه ، والتصاریف ، والإدغام ، وتخلیص القضیه من الحَشو ، حتی لا سبیلَ إلی الزیاده فیها ، ولا النُّقصان منها الْبته.

ومن طَرِیف اختصاره ، ورائق بدیع نظم تِقْصاره (1) أنی إذا ذکرت « مِفْعَلا » ، لم أذکر « مفْعالا » ، لعلمی أن کل « مِفْعل » مقصورٌ عن « مِفْعال » ، علی ما ذهب إلیه الخلیل (2) ، ولذلک صَحَّت العین من « مِفْعل » إذا کانت واوا أو یاء ، نحو : مِجْوَب ومِخْیَط ، لأنهما فی نِیه مِجْواب ومِخْیاط.

ومنه : أنی لا أذکر « افْعالَّ » إذا ذکرتُ « افْعَلَّ » من الألوان ، لأن کل « افْعلَّ » عند سیبویه من الألوان ، محذوفه من « افْعالّ » إیثارَ التخفیف.

ومنه : أنی إذا ذکرت « فُعَلِلاً » أو « فَعَلِلاً » لم أذکر « فُعالِلاً » ولا « فَعالِلَ » نحو : عُلَبِطٍ (3) وجَنَدِلٍ وذلک لأن کلّ « فُعَلِل » مقصور من « فُعالِل » ، وکل « فَعَلِل » مقصور عن « فَعالل » ، لأنه لیس من کلامهم التقاءُ أربعِ متحرّکات وضْعا ، إلا بعد توسط الحذف ، وقد أبَنْت ذلک فی کتابی : « الملخَّص فی العَرُوض ».

ومنه : أنی لا أذکر الجمع المسَلَّم إلا أن یکون تشبیهًا بالمُکَسَّر فی کونه سماعیا ، نحو :

ص: 41

أرَضِین وإحَرِّینَ (1) ، وغیر ذلک مما جمع بالواو والنون ، وقد کان حکمه ألا یُسَلَّم إلا بالألف والتاء ، نحو : باب فِرْسِنات (2) وِسجِلّات وسُرَادِقات ، ونحو ذلک من الجموع التی یُستغنی فیها بالتسلیم عن التکسیر.

ومنه : أنی لا أذکر تکسیر المَزید من الثلاثیّ ، ولا تکسیرَ بنات الأربعه ، ولا یُعْتَلُّ علیَّ بذکری مَتَائیم فی جمع مُتْئِمٍ ونحوه ، فإنما أذکر ذلک لأُشعِر أن « مُفْعِلا » فی نیه « مِفْعال ». وکذلک لا یُعْتَلُّ علیّ بذکری قرادید فی جمع قَرْدد (3) ، لأنه نادر ، لما ستقف علیه فی هذا الکتاب.

ومنه : أنی لا أذکر ما جاء من جمع فاعل المعتلّ العین علی « فَعَلَه » إلا أن یصحّ موضع العین منه ، نحو حَوَکَه وحَوَلَه ، فأما ما جاء منه معتلاً کباعه وساده ، فلا أذکره لاطراده. وکذلک لا أذکر ما جاء من جمع فاعل المعتلّ اللام علی « فُعَلَه » نحو : قُضاه ورُماه ، لأن هذا مُطَّرِد أیضا. وکذلک أَدَعُ ما جاء من جمع « فاعله » علی « فوَاعل » لاطِّراده أیضا.

ومنه : أنی لا أذکر اسم المصدر الذی یجِیء من « فَعَل یفعِل » علی « مَفْعَل » ، لاطِّراده ، فأمَّا ما جاء منه علی « مَفْعِل » کالمرجِع والمَقِیل والمَحیِض ، فلازم ذکره ، لکونه سمَاعیّا. وکذلک لا أذکر ما جاء من أسماء الزمان من « یفعِل » علی « مَفْعِل » لاطِّراده. ولا أذکر ما جاء منهما علی « مَفْعَل » من « فَعَل یفْعَل » ، أو « فَعَلَ یَفْعُل ». وکذلک أسماء المکان ، إلا أن یشِذّ شیء کمَشْرِق ومَغْرِب ومَسْجِد ومَنْبِت ومَطْلِع.

ومنه : أنی لا أذکر اسم المصدر والزمان والمکان من الأفعال الثلاثیه المعتله العین أو اللام ، لأن بناء ذلک فی جمیع هذه الأنواع مُطَّرد ، فإن شذَّ من ذلک شیء ذکرته ، نحو مأوِی الإبل ، وقد ذکرت فساد بنائه فی کتابی الموسوم بالمخصَّص.

ومنه : أنی لا أذکر أفعال التعجب فیه الْبته ، لاطِّراد صِیَغها ، وأنه إذا کانت صیغهَ فِعْل ، أمکن التعجُّب منه إما بوسیط ، وإما بغیر وسیط ، علی ما أحْکَمتْه صناعه الإعراب ؛ فأما إن کان فعل التعجب مأخوذا من غیر فِعْل ، فإنی أذکر ذلک الفعل الذی للتعجب ، نحو ما حکاه سیبَوَیه من قولهم : هو أحْنَکُ الشاتین ، وآبَل الناس ، فإنهما لا فعل لهما عنده قبل التعجب ؛ فأما إذا کان فعلٌ لا تعجبَ منه ، فإنی أذکر أن ذلک الفعل لا تُبْنی منه صیغه

ص: 42

تعجب ، نحو ما حکاه سیبویه من أنهم لم یقولوا ما أجْوَبَه! استغنوا عنه بقولهم : ما أحْسَن جوابه! قال : وکذلک لم یقولوا ما أَقْیَلَه من القائله ، استغناء عنه بقولهم : ما أنْوَمَه فی وقت کذا. وکذلک أذکر صیغه التعجب إذا کانت للفعل الموضوع للمفعول ، دون الفاعل ، فإنّ هذا سماعیّ غیر مُطَّرِد ، نحو ما حکاه سیبویه من قولهم : ما أَمْقَتَها وما أشهاها وما أبغَضها! فکلُّ هذا أحافظ علی ذکره ، لکونه سماعیًا غیر قیاسیّ.

ومنه : أنی إذا رأیت صیغه مفعول لا فعل له ، أَشْعرتُ بذلک ، نحو : مُدَرْهَم ، ومَفئود ، أعنی الجَبان ، لا المصاب الفؤاد ، وماء مَعِین فی قول بعضهم. فإن کان له فعل غیرُ متعدّ أعلمت به ، وقلت إنه لم یُصَغ لفظ مفعول منه ، نحو ما حکاه الفارسیّ من قول العرب : دَرْهَمَتِ الخُبَّازَی (1) ، أی صارت علی شکل الدرهم.

ومن بدیع تلخیصه ، وغریب تخلیصه ، أنی أذکر صیغه المذکَّر ، ثم أقول : والأنثی بالهاء ، فلا أعید الصیغه ، وإن خالفت الصیغهُ أعلَمتُ بخلافها ، إن لم یکن قیاسیَّا ، نحو : بِنْت أو أخت.

ومنه : أنی إذا رأیت فعلا لا مصدَر له ، أشعرت بمکانه ، وذلک نحو : یَذَرُ ویَدَع ، فإنی أقول فی مثل هذا : ولیس لهذا مصدر. وکذلک إن لم یکن للفِعل ماض أعلمت به أیضا ، وذلک کهذین الفعلین اللذین لا مصدر لهما ، فإنه لا ماضیَ لهما ، فإن کان للفعل مصدر قد عُوّض إیاه من غیر لفظه ، قلت : لا مصدر له إلا هذا ، نحو ما حکاه سیبَوَیه من قولهم : هو یَدَعه تَرْکا.

ومنه : أنه إذا جاء البناء یدل علی المعنی : إما باللزوم ، وإما بالغَلَبه ، قلت : إن هذا لازم ، إن کان لازمًا ، أو غالب إن کان غالبًا ، نحو ما یحکیه سیبویه فی صِیَغ الأفعال کأَفْعَلْتُ بمعانیها ، واسْتَفْعلتُ ، وافْتَعلْتُ ، وفَعَّلْت ، وافْعَوْعَلت ، وأشباه ذلک. وکذلک إذا جاء المصدر قد کثر فی بعض المعانی أعلمت بکثرته ، نحو القوانین التی حکاها سیبویه فی أوّل باب من المصادر.

ومن ذلک أن أفرِّق بین الفِعل المنقلب عن الفِعْل ، وبین الفعل الذی هو لُغَه فی الفِعْل ، ولیس بمنقلب عنه ، بوجود المصدر وعَدَمه ، کجَذَب وجَبَذ ، فإنهما لغتان ، لأن لکل واحد منهما مصدرًا ، وأما یَئِس وأَیِس فالأخیره مقلوبه عن الأولی ، لأنه لا مصدر لأَیِس ؛ ولا یُحتجّ بإیاسٍ : اسم رجل ، فإنه فِعال من الأَوْس ، وهو العَطاء ، کما یُسَمَّی الرجل عَطِیه ،

ص: 43

وهِبه الله ، والفضل.

ومنه : أنه إذا تغَیَّر شکل المقلوب عما انقلب عنه ، أعلَمت أن تحَوُّل شکله لا یبرّئه مِنَ الانقلاب عَمَّا انقلب عنه کما حکاه الفارسیّ من قول العرب : له جاهٌ عند السلطان ، فإن هذا مُنقلب عن وَجْه ، وإن تغَیَّر البناء.

ومن ذلک تنبیهی علی کلّ ما یُهْمَز ، مما لیس أصلُه الهمز ، من جهه الاشتقاق ، کقولهم : الذئب یستنشئ الریح ، وإنما هو من النَّشوه ، وکذلک ما زیدت فیه الهمزه ، مما لا أصل له فیها ، ولا هو مُبْدَل من بعض حروفها ، کقولهم : استَلأَمْت الحجر ، وإنما هو من السِّلام. وکذلک نبَّهْت علی ما جاء من المهموز نادرا ، مما المستعملُ فیه غیرُ ذلک ، نحو ما حُکِی عن أبی زید ، من أنه وُجِد فی کتابه بخطه : الشِّئْمه : الطبیعه. وکذلک أُنَبِّه علی ما جاء فیه الهمزُ ، والأعرف ترکه ، إلا أنه یتجه علی طریق الإعراب ، نحو ما حُکِی عن عبد الرحمن بن أخی الأصمعیّ : أنه وَجَد بخط عمه : قَطًا جُؤْنِیّ ، وإنما هی من الجُوْنَه ، التی هی السواد ، إلا أن هذا أمثل حالاً من جمیع ما تقدّم من هذا النوع ، لأن أبا حَیَّه النُّمَیْریّ کان یَهْمز کل واو ساکنه قبلها ضمه ، وعلی هذا قراءه ابن کثیر : « فاسْتَغْلَظَ فاسْتَوَی علی سُؤْقِهِ » ، وقراءه أبی عمرو « عادًا الأُوْلَی ». وتعلیل ذلک : أن الواو إذا انضمت ، فهمزها مطرد عند سیبویه ، کوُجوه وأُجُوه ، فلما سَکَنَت الواوُ قبلها ضمه ، تُوُهِّمَتِ الضمه علیها ، فهمزت لذلک. قال الفارسیّ : ولیست بتلک اللغه الفاشیه.

ومنه : تنبیهی علی البدل اللازم فی حروف العله ، کعِید وأعْیاد ، وزِیرِ نساء وأزْیار.

ومنه : إشعاری بالکلمه التی تقال بالیاء والواو ، عَیْنا کانت أو لاما ، کباب قَنَیْتُ وقَنَوْت ، وإشعاری بالمعاقبه الحجازیه فی الیاء والواو ، لغیر علَّه إلا طلب الخفَّه ، کصُوَّام وصُیَّام.

ومنه : التنبیه علی الجموع التی لم تُکَسَّر علی واحدها ، کمَلامِح ومَشابه ولیالٍ. وإعلامی فی باب النسب إلی المضاف ، إلی أیّ المضافین یکون النسب؟ وإشعاری بالصّیَغ المأخوذه من حروف الأوَّل والثَّانی ، کعبدَرِیّ وعَبْشَمیّ ، وتعریفی بما أُضیف إلیه علی لفظ الجمع ، وبالعلَّه التی من أجلها کان ذلک ، کأعْرابیّ وأنصاریّ. وبالأسماء التی فیها معنی النسب ، ولیست علی صیغته ، کلابنٍ ونابلن وطَعِم وکاسٍ : من الکُسْوه ، وبالصیغه التی لا تلحَق المؤنثَ الْبته ، کمِفْعَل ، وما شذَّ من ذلک مع الهاء ، نحو ما حکاه سیبویه من قولهم : مِصَکّ ومِصَکَّه.

ص: 44

ومنه : تنبیهی علی ما تنقلب عنه الألف العَینیه واللامیه ، وعلی ما جاء من المثَنَّی علی غیر واحده ، فأحدث ذلک فیه حُکْما من أحکام العربیه ، نحو ما حکاه سیبویه من مِذْرَوَیْن وثِنایَیْن (1) ، وعلی ما بقی فیه حرف العلَّه علی حاله فی المؤنث ، ولم یُبْنَ علی المذکر ، نحو ما حکاه سیبویه من مثل نُقایه ونُقاوه. وتذکیری بما لا یصغَّر من الأسماء ، نحو ما حکاه سیبویه من البارحَه والثلاثاء والأربعاء.

ومن ذلک : التنبیه علی ما لا یُسْتعمل إلا ظرفا ، نحو ذاتَ مَرَّه ، وبُعَیْداتِ بَیْن ، وجمیع ما حکاه سیبویه من ذلک.

ومنه : إشعاری باللفظه التی تکون للواحد والجمیع ، نحو : ( بادِیَ الرَّأْیِ ) ، ثم یأتی حکم بعد التعقُّب ، فیشعِر أن اللفظه للجمیع ، علی غیر صیغتها فی الواحد ، نحو ما حکاه سیبویه من باب دِلاص وهِجان (2) ؛ وإعلامِی أنه لیس من باب جُنُب ورِضًی ، بدلیل دِلاصَیْن وهِجانین. وتذکیری بجمع الأسماء الأعلام کزید وعمرو وهند ودَعْد ، وأن ذلک جارٍ علی ما تجْرِی علیه الأنواع والأجناس ، علی ما أحکمه سیبویه.

ومنه : تحریزی للمتدرّس من الأسماء الأعلام التی هی صفه فی أوضاعها ، کالحسن والعباس ، وأن اللام فی ذلک أشعار بالصفه ، وحذفَ اللام إشعار بالعَلَمیه ، نحو ما أنشده سیبویه من قولهم :

ونابِغَهُ الجَعْدِیُّ بالرَّمْل بَیْتُهُ

علَیهِ تُرابٌ مِن صَفیحٍ مُوَضَّعِ (3)

وإنما احتجتُ إلی ذلک لما یَنْتُج من الأحکام فی الجموع ، فصار هذا مما یُؤْثَر لغیره لا لنفسه.

ومنه : تذکیری بالآحاد التی جاءت علی « مَفاعِل ومَفاعیل » وما شاکلها ، کحَضَاجِر (4) ، وناقه مَفاتیح (5) ؛ وإشعاری بما تدخله الهاء لا لعُجمه ، ولا نسب ، ولا عِوض ، ولا جِنس ، کصیاقِلَه (6) وملائکه. إلی ذکری ما لا أکاد أُحصیه إلا بعد شَغَب ، وإطاله تعَب ، نحو ما

ص: 45

استُغْنِی عن تصغیره بلفظ غیره ، وهو دال علی التصغیر ، وتحقیر الأحایین ، وتوجیه ذلک علی أیه وجه هو ، من أنه مفارق لطریق التصغیر فی المعنی.

وأما ما أترکه من الإشعار بالتذکیر والتأنیث ، فإنما ذلک لأنی قد أفرَدْت له کتابًا لم یوضع فی معناه ما یوازیه ، فضلاً عما یساویه. وکذلک الممدود والمقصور.

وفی کتابی هذا أشیاءُ من الاختصار ، وتقریب التألیف ، وتهذیب التصنیف ، ما لو ذکرته لکان فیه سِفْر جامع ، ولکنی بهذا الذی أرَیْتُ منه قانع.

وأنت أیُّها النَّدْب الفَهِم ، والشَّهمُ النَّهِم ، إذا توغَّلْت فی کتابنا هذا ، بدا لک من أنواع الإجاده ، مثلُ ما ذکرت لک من التمثیل أو ضِعْفُه ، وأیٌّ أقلُّ شِفاءً ، وأکثر عَناءً ، من إتیان أهل اللغه بالفعل الماضی ، ثم إتباعهم له بآتیه ومصدره ، وهما مُطَّردان ، کقولهم : « أفعلَ یُفْعِل إفْعالا » ، و « افتعَلَ یَفْتعِل افْتِعالا » ، و « انفَعَل ینْفَعِل انْفعالا » ، و « افعلَّ یَفْعَلُّ افْعِلالا » ، و « افعالَّ یَفعالُّ افعیلالا » ، و « افعوَّلَ یفْعَوَّل افْعِوَّالا » ، و « استفْعَل یستفعِلُ استِفْعالا » ، و « افعَنْلَی یَفعَنْلِی افعنلاءً » ، ونحو ذلک من الشغَب الذی لا أُحْصی عَدَّه ، ولا أحْصُرُ حَدَّه. وکذلک یفعلون فی أسماء الفاعلین منها والمفعولین. وهل أحد قرأ أدنی باب من أبواب الإعراب ، الذی یَلحق ذاتَ الکلمه أو خارجها ، إلا وقد عَلم أنّ آتِیَ أفعلَ إنما هو یُفْعِل ، وأن مصدره الإفعال ، وأن فاعله مُفْعِل ، ومفعولَه مُفْعَل ، وکذلک أخوات أفعلَ التی ذکرنا ، قد عُلم أَوَاتِیها ومصادرُها ، وأسماء فاعلیها ومفعولیها.

ومن أعجب ما اخْتُصَّ به هذا الکتاب : تخلیص الیاء من الواو ، وتعیین ما انقلبت عنه الألف المنقلبه ، من یاء أو واو ؛ وتحییز (1) الزائد من الأصل ، بتخلیص الثلاثیّ والرباعیّ والخُماسیّ ؛ وهذا فصل لا یصل إلیه إلا من قَتَل التَّصاریف عِلْما ، وأحاط بعلل ما یجعله زائدًا من حروف الزوائد حُکْما ، فإن المتأمِّل إذا تأمَّل فی کتابی مَأْجَجا ویأَجَجا ، وَیأْجُوجَ وَمأْجُوجَ ، ورأی موضع کل واحد من هذه ، لم یفرِق بین أحکامها إلا أن یکون مُقِیتا علی علم التصاریف.

ولیست الإحاطه بعلم کتابنا هذا ، إلا لمن مَهَر بصناعه الإعراب ، وتقدّم فی علم العَروض والقوافی ، فإنه إذا رأی یَبْرِینَ فی باب « ب ر ی » لم یعلم لأیّ معنی جُعِل بسیط الکلمه هذه الحروف الثلاثه ، إلا بعدَ علم بالعربیه أصیلٍ ، وباعٍ فی أثنائها عَریض طویلٍ.

وکذلک إذا رأی قولی : نُبایِعُ : موضع ، وهو نُفاعِل من المُبایعه ، سُمِّیت به البُقْعه بعد

ص: 46

التجرید من الضمیر ، فأما قول أبی ذُؤَیْب :

فکأنها بالجِزْعِ جِزْعِ نُبایِعٍ

وأُلاتِ ذِی العَرْجاءِ نَهْبٌ مُجْمَعُ (1)

فإنه صَرَف للضروره ، ولم یمکنه نُبایعَ ، لأن قوله : « یِعِنْ » من نُبایِعٍ : « عِلِنْ » وهو وَتِد ، والأوتاد لا تُزاحَف إلَّا بالقطع ، لم یفهم قولی هذا إلا أن یکون نحویّا عَرُوضِیّا. وکذلک إذا قلت له فی بیت عبد الرحمن بن حسَّان :

وکنتَ أذلَّ مِنْ وَتِدٍ بقاعٍ

یُشَجِّجُ رأسَهُ بالفِهْرِ وَاجِ (2)

إن تخفیف « واجِی » بَدَلیّ هنا ؛ لأن الهمزه المخفَّفه تخفیفا قیاسیَّا فی حکم المحققه ، والمحققه لا یُوصل بها ، فکذلک المخففه إذا کانت فی نیه المحققه ، لم یُوصَل بها ، لم یَلْقَن هذا عنی إلی أن یکون عالما بالنحو والقوافی ، ومَدَارُ کلّ ذلک قراءه النصف الأخیر من کتاب سیبویه ، لأن کل ذلک مردود إلیه ، ومعوَّل فیه علیه.

وأمَّا ما ضَمَّناه کتابنا هذا من کتب اللغه : فمصنفُ أبی عُبَید ، والإصلاحُ ، والألفاظ ، والجَمهره ، وتفاسیرُ القرآن ، وشروحُ الحدیث ، والکتابُ الموسوم بالعین ، ما صحّ لدینا منه ، وأخذناه بالوَثیقه عنه ، وکُتُبُ الأصمعیّ ، والفراء ، وأبی زید ، وابن الأعرابیّ ، وأبی عُبَیده ، والشَّیبانیّ ، واللِّحیانیّ ، ما سَقَط إلینا من جمیع ذلک ، وکُتُبُ أبی العبَّاس أحمد بن یحیی : المجالِسُ ، والفصیحُ ، والنوادرُ ؛ وکتابا أبی حنیفه ، وکُتبُ کُراعٍ ، إلی غیر ذلک من المختصرات ، کالزّبرج ، والمُکَنَّی ، والمُبَنَّی ، والمُثَنَّی ، والأضداد والمُبدَل ، والمقلوب ، وجمیع ما اشتمل علیه کتاب سیبویه من اللغه المعلَّله العجیبه ، الملخَّصه الغریبه ، المُؤْثَرَه لفضلها ، والمُسْتَرادِ لمثلها ، وهو حَلْی کتابی هذا وزَینُه ، وجمالُه وعَیْنُه ، مع ما أضفته إلیه من الأبنیه التی فاتت کتاب سیبویه مُعَلَّله ، عربیه کانت أو دخیله.

وأما ما نثرت علیه من کتب النحویین المتأخِّرین ، المتضمنه لتعلیل اللغه ، فکتب أبی علیّ الفارسیّ : الحَلَبیَّات ، والبَغْدادیات ، والأَهْوَازِیَّات ، والتَّذْکِرَه ، والحُجَّه ، والأغفال ، والإیضاح ، وکتاب الشعر. وکُتُب أبی الحسن بن الرُّمَّانیّ ، کالجامع ، والأغراض ، وکُتُب أبی الفتح عثمانَ بن جنی ، کالمغرِب ، والتمَّام ، وشرحه لشعر المتنبی ، والخصائص ، وسرّ

ص: 47

الصناعه ، والتعاقب ، والمحتَسَب ، إلی أشیاء اقتضبتها من الأشعار الفصیحه ، والخطب الغریبه الصحیحه.

هذا جمیع ما اشتمل علیه کتابنا « المُحْکَم » ، وهو فی هذه الصناعه « المحیطُ الأعظم » قد دَبَّجْتُ فِتانه (1) ، وأدْمَجْت مِتانَه ، وشَکَّلت آسانَه (2) ، ووکَّلْت بالإعراب عنه لِسانه ، وأبرزتُه للدَّهر مفتخرا ، وبذلت فیه من مکنون علمی ما کُنْتُ له مُدّخِرا ، حِذارا أن یَطْوِینی ضَرِیحی ، وتَتَلَمَّأ (3) علیَّ تُرْبتی وصَفیحی ، فرأیتُ ترکه شِیاعا ، خیرا من أن یذهب فی صدْرِی ضَیاعا ، ثم أهدیته إلی ذوی الألباب ، مُونِقا لمُقَلِهم ، ومُطْلِقا لعُقَلِهم ، مُنْشِرا لما دَثَر مِن أفهامهم ، وباعثا لما همدَ من نار أوهامهم ، یَرِدُون مُتون أصْواحِه (4) عَذْبهَ الجِمام (5) ، ویستظلون غُصون أدْواحه مُطْرِبه الحَمام ، یتعلَّلون منه بخمر وریق ، ویَسْرَحون من مُلَحه فی بُسْتان زاهر وَرِیق ، فإن کافئوا بالحمد ، ولم یُجَلِّلوا النِّعمه بُرودَ الجَحْد ، فقد أنصفوا من نفوسهم ، ولم یَکْسِفوا بذلک من أقمارهم ، ولا شموسهم ؛ وإن تکن الأخری ، فربّ غامط لنعمه الله التی هی أسبغُ أذیالا ، وأسوغُ أَغْیالا (6) ، وأمدُّ ظِلّا ، وأذکی من سماء کل نعمه وابلا وطَلَّا (7) :

ومِنِّی استَفادَ النَّاسُ کلَّ غَریبهٍ

فجازُوا بترکِ الذَّمّ إنْ لم یکنْ حمدُ (8)

ولینظروا نحوی ، فمن أبصر فقلَّما تخفی ذُکاء ، ومن عَشِیَ فعاذر ألا ترانی مُقْله عَمْیاء ؛ ولله قولُ أبی الطَّیِّب :

ولقَدْ عَلوْتَ فمَا تُبالی بَعْدَ ما

عَرَفُوا أَیحْمَدُ أمْ یَذُمُّ القائِلُ (9)

وإنْ أَلْوَی بهمُ الأشَر ، وقد سبقت مِنِّی إلیهمُ الفِقَر ، فما علیّ أن تفهم البَقَر ؛ وإن تعسَّف منهم جاهل علینا ، أو تَترَّع (10) منهم هَدِمُ الجَفْر (11) إلینا قبل أن یَرُوز (12) الخِبرَه ،

ص: 48

ویعلم العِذْرَه (1) ، نُبِّه بالبُرْهان من نَشْوَه سِناتِه ، حتی تستقیم قَهْرًا کُعوبُ قَناتِه ، فإنی کما قال زیاد الأعجم :

وکنتُ إذا غَمَزْتُ قَناهَ قَوْمٍ

کَسَرْتُ کُعوبَها أوْ تَسْتَقِیما (2)

ولا أُنکر فی کلّ ذلک أن تختلَّ قضیه بین خمسه آلاف ، أو حرف بین حروف عَدیده أضعاف ، لأنی أنا الجَوَاد الخَوَّار العِنان ، المخترق للمَیْدان ، فی غیر فنّ من الفنون ، والیقینُ قاتل لخوالج الظُّنون ، وذلک أنی أجدُ علم اللُّغه أقلَّ بضائعی ، وأیسرَ صنائعی ، إذا أضفته إلی ما أنا به من علم حَقیقِ النحو ، وحُوشِیّ العَروض ، وخفیّ القافیه ، وتصویر الأشکال المنطقیه ، والنظر فی سائر العلوم الجَدَلیَّه ، التی یمنعنی من الإخبار بها نُبُوّ طباع أهل الوقت ، وما هم علیه من رَداءه الأوضاع والمَقْت ؛ وإذا کان المنفردون لکتاب اللغه وتَکْمیشها ، واحْتطابها وتَقْمیشها ، کأبی عُبَیده والأصمعیّ ، قد غَلِطوا فی بعض ما دَوَّنوا ، فأنا أحْرَی بذلک ، لأن هَؤلاء جاوروُا أهل البادیه ، وأطالوا احتلاب الإبِل النادِیه ، مع ما کانوا یُتْحفون به فصحاءَ الأعاریب ، من ضروب الأعاجیب ، ویستعملونه معهم من الخِداع ، جَرْیا إلی استدامه الإمتاع ، فکیف بی ولم آلَفْ إلا شُطُوط الأنهار ، ولا أصَخْتُ إلا إلی ناحیه التَّیَّار ، بین أُناس لو لا الشکلُ لم تَقْضِ لهم بالإنسانیه ، ولو لا الحِسُّ ما حکمتَ علیهم بالحَیَوانیه.

ثم إن الأیام عاضَتْنِی من الرَّمْضاء بالنار ، وبدَّلتنی من الصَّدَی شِدهَ الأُوار (3) ، فأزعجتْنی عن ذلک الوطن الخبیث ، والسَّکن الغَثّ الرَّثیث ، إلی سِباخٍ ذَفِرَه (4) ، وشُطْآن بحار دَفِره (5) ، أوحشِ بلاد الله غُربه ، وأخبثها عنصرین : هواءً وتُرْبه ، ضدّ ما وصفه ذو الرُّمَّه بقوله :

بأرْضٍ هِجان اللَّوْنِ وَسْمِیَّه الثَّرَی

عَذاهٍ نَأَتْ عنها المُئُوجَهُ والبَحْرُ

أرْض خَلَعْتُ اللهْوَ خَلْعِیَ خاتَمِی

فیها ، وطَلَّقتُ السرورَ ثلاثا (6)

ص: 49

سهلُها : نَقل (1) ، وحَزْنُها : جَبَل ، وحُرُّها : وَکَل (2) ، وعبدُها : أُکَل ، حَشَمُها : سِباع قاطِعه ، وأتباعُها : ضِراء طامعهٌ ، وأحْبارُها : رِباعٌ (3) ضائعه ، دَرُّهُمْ لَعُوق (4) ، ورَائمهم عَلُوق (5) ، لا یُشاهَدُ منهم إلَّا الخُصومهُ والشَّذَیْ (6) ، ولا یُسْمَع منهم إلا تسعیر کذا بکذا ؛ وأشدّ من ذلک ما یَبُسُّونه بینهم من العقارب ، وسِیَّان فی ذلک حال الأباعد وحالُ الأقارب ، یتطارَحون علی الدّرهم والدینار ، ولا یَتَوَقَّون قُبح الأُحْدوثه ولا انتشار العار ، مع ما تأثَّفنی (7) فیها من نَکَد المَعاش ، وقلَّهِ الانِتِعاش ، وعدم المُواسِی ، والصَّبرِ من أحوالها علی مثل حُدُود المَواسِی.

وجُدَّ بها قَوْمٌ سِوَایَ فصادَفُوا

بها الصُّنْعَ أعْشَی والزَّمان مُغَفَّلا

من ذی قَینه (8) شادِیَه ، وطِرْفه عادِیَه (9) ، وجَنَّه مُغِلَّه ، وأنجم بالسُّعود علیه مُطِلَّه ، یأوِی القَصْرَ المنیع ، ویتألَّم العَصْبَ (10) الصَّنیع ، وأُلاحظ من ذلک الخَطْبَ الشنیع ، فأُنْشِد قول الأوَّلِ :

بکی الخَزُّ مِنْ رَوْحٍ وأنکَرَ جِلْدَهُ

وعَجَّتْ عَجیجا مِن جُذامَ المَطارِفُ (11)

ولست أقول شیئا من ذلک بَرَما بالمقدُور ، إنما هی أنَّه علیل ، ونفثهُ مَصْدور ، أوَ لیس من کانت هذه حاله ، جدیرا أن تلحق ذهنَه الکَهامه (12) ، وتُکَلل نفسَهُ السآمَه ؛ ولو تأمَّلتَ ما کان علیه القدماء ، من أهل اللغه والنحو أصحابی ، من الثروه والعِزّه ، وأنواع الجِدَه ، لرأیت أخابیرَ (13) ، وإن ظنَّه أهل بلدنا لِنَکادتهم کذبا وأساطیر.

ص: 50

غیرَ أن الذی یقطع اعتذاری ، وإن جَدَّ فی الجدل تَحرُّزی وحِذاری ، ما سَقانی به الموفق مولای ، من رَوِیّ (1) شمائله ، وأوردنیه من وِرْد مناهله ، وبَوَّأَنیه من عَرْش إکرامه ، وأوطَأنیه من فَرْش إنعامِه ، أدام الله سُلْطانه وعِزّته ، ولا سَلَب مُلْکَه رَیعانَه وهِزَّتَه ، ذلک إلی ما مَجَّدَتْنِی به عُقَب الأیام ، وحَسَدنی علیه جمیعُ الأنام ، حتی جاشت النُّفوس غیظا ، وفاظت عن أبدانها له فَیْظا (2) ، من صُحْبه الأمیر الجلیل ، « إقبال الدوله » مولای نَثْرتِه (3) ، نجیب النجباء ، وخیر البَنین لأکرم الآباء ، مُحیی الأدب ومُقیم دوله لسان العرب ، فرعٍ من أصل ، ونوع تشکَّل من جنس وفصْل ، « لا تُنْبتُ البَقْلَهَ إلَّا الحَقْلَه » (4) ، ذی الخِیْم (5) الوَساع ، والقلب الشُّجاع ، والکرم المُشاع ، والذهْن الصَناع ، والرأی القَطاع ، المتَّشحِ بالمجد ، وهو فی المهد ، والمُتَّزر بالحمد ، قبل فِراق النَّهد ، فما قارب فِطاما ، حتی وضع علی کلّ أنف خِطاما ، ولا شد إزارا ، حتی أغْرَقَ فی جوده الیمنَ ونزارا ، بدر طَلَع ، فذلَّت له الکواکب ؛ ووَطِئَ الأرض ، فاهتزّت له منها المناکب ؛ یقول فیُسْمِع ، ویَمْضِی فیُسْرِع ، ویضرب فی ذات الإله فیُوجِع ، فَلْیرْغَمْ أنفُ من رَغَمْ ، فمن أشبه أباه فما ظَلَم (6). زاد الله عزّه عُلُوّا ، ومُلکه نُمُوّا ، ولا أسأَرَتْ (7) له الأیامُ عَدُوّا ، ونَسَألَهُ فی أجَل « الموفق » المَلِک الأجَلّ ، قِوامِ الدُّنیا ، ونظام السُّؤْدُد والعَلْیا.

وصلی الله علی « محْمَّد » خَاتم النَّبِیِّین ، وأهله الطَّاهِرین ، وأصحابه المُنْتَخَبین ، وأزواجه أُمَّهات المؤمنین ، وسَلَّم تسلیما.

تمت الخطبه

ص: 51

ص: 52

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

ولهذا ثَبَتَ فیه التعریف فی حال تثنیته ، ولم یُجْعَل کزیدَین ، فقالُوا : هذان أبانانِ بَیِّنَیْنِ. ونظیر هذا إفرادُهم لفظ عَرَفات.

فأما ثَبات الألف واللام فی العقیقین ، فعلی حَدّ ثباتهما فی العقیق.

* والعَقُ : حَفَرٌ فی الأرض مُستطیل ، سُمّی بالمصدر. والعَقَّه : حُفْره عمیقه فی الأرض.

* وانْعَقَ الوادی : عَمُق.

* والعقائق : النِّهاء والغُدْران فی الأخادید المُنْعَقَّه ؛ حکاه أبو حنیفه ، وأنشد لکُثِّیر :

إذا خرجَتْ من بَیتها راقَ عینَها

مُعَوَّذُهُ وأعجَبتها العَقائِقُ (1)

* وسحابه عَقَّاقه : منشقَّه بالماء ؛ ومنه قول المُعَقِّر بن حمار لبنته وهی تقوده ، وقد کُفَّ ، وسَمِع صوت رَعد : أی بُنَیَّهُ ، ما تَرَیْنَ؟ قالت : أرَی سحابه عَقَّاقه ، کأنَّها حُولاء ناقه ، ذات هَیْدَبٍ دَانٍ ، وسَیْرٍ وَان ، قال : أیْ بُنَیَّه ، وَائِلی إلی قَفَلَه ، فإنَّها لا تنْبُت إلا بمَنْجاه من السَّیل. شَبَّهَتِ السحابه بحُولاء الناقه ، فی تشقُّقها بالماء ، کتشقُّق الحُولاء ، وهو الذی یخرج منهُ الولد. والقَفَلَه : الشجره الیابسه ؛ کذلک حکاه ابن الأعرابیّ ، بفتح الفاء ، وأسکنها سائر أهل اللغه.

* وعَقَ والدَه یَعُقُّه عَقّا وعُقوقا : شقَّ عصا طاعته ، وقد یُعَمُّ بلفظ العُقوق جمیعُ الرَّحِم ، فالفعل کالفعل ، والمصدر کالمصدر.

* ورجل عُقَق ، وعُقُق ، وعَقّ : عاقّ ؛ أنشد ابن الأعرابیّ :

أنا أبو المِقْدامِ عَقّا فَظَّا

لِمَنْ أُعادی مِلْطَسا مِلَظَّا

أکُظُّهُ حتی یَمُوتَ کَظَّا

ثُمَّتَ أُعْلِی رأسَهُ المِلْوَظَّا

صَاعِقَهً مِنْ لَهَبٍ تَلَظَّی (2)

المِلْوَظُّ : سَوْطٌ أو عصًا یُلْزِمُها رأسَه ؛ کذا حکاه ابن الأعرابیّ. والصحیح : المِلْوَظُ ، وإنما شُدّد ضَروره.

ص: 54

* والمَعَقَّه : العقوق ، قال النابغه :

أحْلامُ عادٍ وأجْسامٌ مُطَهّرَهُ

مِنَ المَعَقَّهِ والآفاتِ والإِثِمِ (1)

* وفی المَثَل : « أعَقُ مِنْ ضَبّ ». قال ابن الأعْرابیّ : إنما یرید به الأنثی. وعقوقها أنها تأکل أولادَها. عن غیر ابن الأعرابیّ.

* وَعَقَ البرقُ وانْعَقَ : انشقَّ. وعَقِیقتهُ : شُعاعه ، ومنه قیل للسَّیف : کالعَقِیقه. وقیل : العَقیقَه والعُقَقُ : البَرْق ، إذا رأیتَه فی وسط السَّحاب کأنه سیف مسلول.

* وانْعَقَ الغُبار : انشقَّ وسَطَع ، قال :

*إذا العَجاجُ المُسْتَطارُ انْعَقَّا* (2)

وانْعَقَ الثَّوبُ : انشقَّ عن ثعلب.

* والعَقیقه : الشَّعْر الذی یُولَد به الطفل ، لأنه یَشُقُّ الجلد ، قال امرؤ القیس :

یا هِنْدُ لا تَنْکِحی بُوْهَهً

علَیْهِ عَقِیقَتُه أحْسَبا (3)

* والعِقَّه : کالعَقیقه ، وقیل : العِقَّه فی الناس والحُمُر خاصَّه ، وجمعها عِقَق ، قال رُؤْبه :

*طَیَّرَ عَنها النَّسْءُ حَوْلِیَ العِقَق* (4)

* وأعَقَّت الحاملُ : نبتتْ عَقیقهُ ولدها فی بطنها.

* وعَقَ عن ابنه یَعِقُ ویَعُقُ : حلق عَقِیقته ، أو ذبح عنه شاه ، واسم تلک الشاه : العقیقه.

ص: 55

* وتِلاعٌ عُقُقٌ : مُنْبتات ، یشبه نباتها العَقیقه من الشَّعَر ، قال کُثَیِّر عَزَّه :

فَآکُمُ النَّعْفِ وَحْشٌ لا أنیسَ بِها

إلَّا القَطا فتِلاعُ النَّبْعَه العُقُقُ

* والعَقوق من البهائم : الحاملُ. وقیل : هی من الحافر خاصَّه ، والجمع : عُقُقٌ وعِقاق ، وقد أعَقَّتْ ، وهی مُعِقّ وعَقُوق ، فمُعِقّ علی القیاس ، وعَقُوق علی غیر القیاس. وقیل : الإعقاق بَعْد الإقصاص ، فالإقصاص فی الخیل والحُمُر : أوّلُ الحمل ، ثم الإعقاق بعد ذلک.

* ونَوَی العَقوق : نَوًی رِخْو المَمْضَغه ، تأکله العَجوز أو تلُوکه ، وتُعْلَفُه الناقه العَقوق ، إلطافا لها ، فلذلک أُضیف إلیها.

* وإذا طلب الإنسانُ فوق ما یَستحقّ ، قالوا : « طَلَبَ الأبْلَقَ العَقُوق » ، فکأنه طلب أمْرًا لا یکون أبدا ، لأنه لا یکون الأبلق عَقُوقا ؛ ویقال إن رجلاً سأل مُعاویه أن یُزوّجه أُمَّه ، فقال : أمرُها إلیها ، وقد أبتْ أن تتزوَّج ، قال : فَوَلِّنی مکان کذا ، فقال معاویه مُتمثِّلا :

طَلَبَ الأَبْلَقَ العَقُوقَ فَلَمَّا

لَمْ یَنَلْهُ أرَادَ بَیْضَ الأَنُوقِ (1)

والأَنُوق : طائر یبِیض فی قُنَنِ الجبال ، فبیضه فی حِرْز ، إلا أنه یُطْمَع فیها ؛ فمعناه : أنه طلب ما لا یکون ، فلمَّا لم یجد ذلک ، طلب ما یُطْمَع فی الوصول إلیه ، وهو مع ذلک بعید. وقوله ، أنشد ابن الأعرابیّ :

فلَوْ قَبِلونی بالعَقُوقِ أتَیْتُهُمْ

بأَلْفٍ أُؤَدّیهِ منَ المَالِ أقْرَعا (2)

یقول : لو أتیتهم بالأبلق العَقُوق ما قبلونی. وقال ثعلب : لو قبلونی بالأبلَق العَقوق ، لأتیتهم بألف.

* وماءٌ عُقّ وعُقاق : شدید المَراره ، الواحد والجمیع فیه سواء ، وأعَقَّتِ الأرض الماءَ : أمَرَّتهُ. وقولُه :

بَحْرُکَ بَحْرُ الجودِ ما أعَقَّهْ

رَبُّک والمحْرومُ مَنْ لمْ یُسْقَهْ (3)

ص: 56

معناه : ما أمَرَّه. وأما ابن الأعرابیّ فقال : أراد : ما أقَعَّه ، من الماء القُعّ ، وهو المُرّ أو المِلْح ، فقلب. وأراه لم یعرِف ماءً عُقَّا ؛ لأنه لو عَرَفه لحمل الفعل علیه ، ولم یَحْتج إلی القلب.

* والعقیق : خَرَز أحمر ، تُتَّخذ منه الفُصوص ، الواحده عَقیقه.

* والعُقَّه : التی یلعب بها الصّبْیان.

* وعَقَّهُ : قبیله من النمِر بن قاسط ، قال الأخطل :

وَمُوَقَّعٍ أثَرُ السِّفارَ بِخَطْمِهِ

مِنْ سودِ عَقَّهَ أوْ بَنی الجَوَّالِ (1)

* وعَقْعَقَ الطائرُ بصوته : جاء وذهب.

* والعَقْعَقُ : طائر معروف ، من ذلک.

لو قُلْتَ ما فی قوْمها لَمْ تِیَثمِ

یفْضُلُها فی حَسَبٍ ومِیسَمِ (1)

أراد : مَنْ یَفْضُلُها ، فحذف الموصول ، وأبقی الصِّله.

* وتقَعْقَع الشیءُ : صَوَّت عند التَّحریک ، وقَعْقَعْتُه قَعْقَعَهً وَقِعْقاعا : حرَّکْته ، والاسم القَعْقاع.

* ورجل قَعْقاع وقُعْقُعانِیّ : تسمع لمفاصل رجلیه [ إذا مَشَی ] تقَعْقُعا. وحمار قُعْقُعانِیّ : إذا حَمَلَ علی العانه صَکّ لَحْیَیْه. والأسد ذو قَعاقِع : أی إذا مَشَی سمِعت لمفاصله قَعْقَعَه.

* ورجل قُعاقع : کثیر الصَّوت. حکاه ابن الأعرابیّ ، وأنشد :

وقمْتُ أدْعو خالدًا ورَافِعا

جَلْدَ القُوَی ذا مِرَّه قُعاقِعا (2)

* والقُعْقُع : طائر فیه سواد وبیاض ، ضخم طویل المِنقار ، وهو من طیر البرّ. والقَعْقَعَه : صوته.

* وقُعَیْقِعانُ : جَبل بمکه ، کانت فیه حَرْبٌ ، سُمّی بذلک لقَعْقَعَه السلاح الذی کان به ، وقُعَیْقِعان : جَبَل أیضا بالأهواز ، فی حجارته رَخاوه ، تُنحَت منه الأساطین.

* وقَرَب قَعْقاعٌ : شدید ، لا اضطرابَ فیه ، ولا فُتور ، وکذلک خِمْس قَعْقاع ، وسَیْر قَعْقاع.

* والقَعْقاع : طریق من الیَمامه إلی الکُوفه. وقَعْقاعٌ : اسم ، قال :

وکنت جلیسَ قَعْقاعِ بن شَوْرٍ

ولا یَشْقَی بقَعْقاعٍ جَلیسُ (3)

أم ذهب به إلی أنه الشَّدید الحرّ ، وأنه یُفْصَل من عَکّ ، کما حکاه أبو عُبَید. ولیله عَکَّه أکَّه کذلک.

* وقد عَکَ یومُنا یعُکُ عَکّا. ویوم عَکیک ، وذو عَکِیک : حارّ ، وحَرّ عَکیک : شدید ؛ قال طَرَفه یصف جاریه :

تطرُدُ القُرَّ بحَرٍّ صَادِقٍ

وعَکیکَ القَیْظِ إن جاء بقُرّ (1)

* والعَکَّه : الرمْله الحارّه. والجمع : عِکاک.

* والعَکَّه : عُرَوَاءُ الحُمَّی وقد عُکّ.

* والعَکَّه للسَّمن : کالشَّکوه للَّبن. وقیل : العُکَّه من السمنِ : أصغر من القِرْبه ، وجمعها : عُکَک ، وعِکاک.

* وعَکَّه بشَرٍّ : کرَّره علیه ، هذه عن اللِّحیانیّ. وعَکَ الرجلَ یعُکُّه عَکًا : حدَّثه بحدیث ، فاستعاده مرّتین أو ثلاثا.

وعَکَّه یَعُکُّه عَکّا : حبَسه. وعکَّه عن حاجته یَعُکُّه عَکّا : عقَلَه وصَرَفه. وعَکَّهُ بالحُجَّه یعُکُّه عَکّا : قَهَرَه.

* وعَکَّنِی بالأمر عَکّا : إذا ردَّده علیک حتی یُتْعِبَک.

* وعَکَ علیه : عطَف ، کَعَاکَ.

* وفرسٌ مِعَکّ : یجری قلیلا ، ثم یحتاج إلی الضَّرب.

* وعَکٌ : قبیله ، وقد غَلَب علی الحیّ.

* والعَکَوَّک : القصیر المُلَزَّز. وقیل : السَّمین. ومکان عَکَوَّک : صُلْب ، وقیل : سَهل ؛ قال :

إذا هَبَطْنَ مَبرَکا عَکَوَّکا

کأنما یَطْحَنَّ فیهِ الدَّرْمَکا (2)

والهاء : لغه.

* وعَکَوَّک : اسم رجل.

ص: 59

ومما جاء مضاعفا من فائه ولامه :

* العَکَنْکَع : الخبیث من السَّعالِی. وقیل : الذکر. وقال کُراع : هو العَکَیْکَع.

وبعیر عَجَّاج : کثیر العَجیج شدیده ، قال :

وقَرَّبُوا للْبَیْن والتَّقَضِّی

مِنْ کُلّ عَجَّاجٍ تَرَی للغَرْضِ

خلفَ رَحَی حَیْزُومِه کالغَمْضِ (1)

الغَمْضُ : المُطمئن من الأرض.

* وعَجَ الماءُ یعِجُ عَجِیجا. وعَجْعَج : کلاهما صوّت ؛ قال أبو ذُؤَیْب :

لکل مَسیلٍ من تِهامهَ بعدَما

تَقَطَّع أقرانُ السَّحابِ عَجِیجُ (2)

وقولُه ، أنشده ابنُ الأعرابیّ :

بأوسَعَ من کَفّ المهاجرِ دَفْقَهً

ولا جَعْفَرٌ عَجَّت إلیه الجعافِرُ (3)

عَجَّت إلیه : أمدَتَّه ، فللسیل صوت من الماء ، وعَدّی عَجَّتْ بإلی ، لأنها إذا مدّته ، فقد جاءته ، وانضمَّت إلیه ، فکأنه قال : جاءت إلیه أو انضمَّتْ إلیه. والجعفر هنا : النهر.

* ونهر عَجَّاج : تسمع لمائه عَجیجا ، ومنه قول بعض الفَخَره : « نحن أکثرُ منکم ساجا ، ودیباجا ، وخراجا ، ونَهْرا عَجَّاجا » وقال ابن دُرَید : نهر عَجَّاج : کثیر الماء ، وعَجَّت القوسُ تعِجّ عَجِیجا : صوّتت. وکذلک الزَّنْد عند الوَرْی.

* والعَجَاج : الغُبار ، وقیل : هو من الغُبار ما ثَوَّرته الریح ، واحدته عَجاجَه ، وعَجَّجته الریح : ثَوَّرته. وأعَجَّت الرّیحُ وعَجَّت : ساقت العَجَاج. والعَجَّاج : مُثیر العَجاج ، وعَجَّجَ البیتَ دُخانا فتعَجَّج : ملأه.

* والعَجَاجه : الکثیر من الإبل.

* والعُجَّه : دقیق یُعْجن بسمن ثم یُشْوی ؛ قال ابن دُرَید : العُجَّه : ضرب من الطعام ، لا أدری ما حدُّها؟

* وجئتهم فلم أجد إلا العَجاجَ والهَجاجَ ؛ العَجاج : الأحمق ، والهَجاجُ : من لا خیر فیه.

* والعَجَّاج : اسم هذا الراجز ، قال ابن دُرَید : سُمّی بذلک لقوله :

ص: 61

حتی یَعِجَ ثَخَنا مَنْ عَجْعَجا

ویُودِیَ المُودِی ویَنْجو من نَجا (1)

* وعَجْعَج بالنَّاقه : إذا عَطَفَها إلی شیء ، فقال : عاجِ عاجِ.

* والجَعْجَعه : صوت الرَّحَی ونحوِها ؛ وفی المثَل : « أسمَعُ جَعْجَعهً ولا أَرَی طِحْنا ». یُضرَب للرجل الذی یُکْثر الکلام ولا یَعمل ، وللَّذی یُوعِدُ ولا یفْعَل.

النِّساء ، فقال : هی القلیله اللحم.

* ورجل عَشّ : مهزول ، أنشد ابن الأعرابیّ :

تَضْحَکُ مِنِّی أنْ رأتْنی عَشَّا

وَقَدْ أرَاها وشَوَاها الحَمْشَا

ومِشْفَرًا إنْ نَطَقَتْ أرَشَّا

کمِشْفَرِ النَّابِ تَلُوکُ الفَرْشَا (1)

الفَرْش : الغَمْض من الأرض ، فیه العُرْفُطُ والسَّلَم ، وإذا أکلَتْه الإبِل أرْخَتْ أفواهَها.

* وعَشّ المعروفَ یَعُشُّه عَشّا : قلَّله.

* وسَقَی سَجْلا عَشّا : أی قلیلا نَزْرا.

* وعَشَّش الخُبزُ : یَبِس.

* وأعَشَّه عن حاجته : أعجَلَه. وأعَشّ القومَ ، وأعَشَ بهم : أعجلَهم عن أمرهم ، وکذلک إذا نزل بهم علی کُرْه ، حتی یتحوّلوا من أجله. قال یصف القَطاه :

وصَادقهٍ ما خَبَّرَتْ قد بَعَثْتُها

طَرُوقًا وباقی اللَّیل فی الأرْض مُسْدِفُ

ولو تُرِکتْ نامتْ ولکن أعَشَّها

أذیً من قِلاصٍ کالحَنِیِّ المُعَطَّفِ (2)

ویُروَی : کالحِنِی ، بکسر الحاء.

* وجاءوا مُعاشِّین الصُّبحَ : أی مُبادِرین.

* وأعْشاش : موضع بالبادیه ، قال الفرزدق :

عَزَفْتَ بأعْشَاشٍ وما کنتَ تَعْزِفُ

وأنکرْتَ مِن حَدْرَاءَ ما کنتَ تعْرِفُ (3)

ویُروی : وما کدتَ تعزِف. أراد : عزفت عن أعشاش ، فأبدل الباء مکان « عن ».

ص: 64

ویُروَی : بإعْشاش ، أی بِکُرْهٍ ؛ یقول : عزفتَ بکُرهِک عن من کنت تُحبّ ، أی صَرَفتَ نفسَک.

* والإعْشاش : الکِبَر. وقد فَسَّرْتُ هذه الروایه فی الکتاب المخصِّص.

المشعشَعه لرِقَّتِها ؛ یاء النسب فیه لغیر عِله ، إنما هو من باب أحمر وأحمریّ ، ودَوّار ودَوّارِیّ ، ووصف به العجَّاجُ المِشْفَر لطوله ورقَّته ، فقال :

تُبادِرُ الحَوْضَ إذا الْحَوْضُ شُغِلْ

بشَعْشَعانِیٍ صُهابِیٍّ هَدِلْ

ومَنْکِباها خَلْفَ أوْرَاکِ الإبِلْ (1)

وقیل : الشَّعْشاع ، والشَّعْشَعانُ ، والشَّعْشَعانیّ : الطویل العُنق من کلّ شیء.

وعُنق شَعْشاع : طویل.

* والشَّعْشَعانه من الإبل : الجسیمه.

* وتشَعْشَع الشهرُ : تَقَضَّی إلا أقلَّه. حکاه أبو عُبید فی حدیث عمر رضی الله عنه : « إن الشهرَ قد تشَعْشَع ، فلو صُمْنا بقیَّته ». والأعْرَفُ فیه تَسَعْسَع. ویروی تَشَعْسَعَ ، من الشُّسوع الذی هو البُعد ؛ بذلک فسره أبو عُبید. وهذا لا یوجبه التصریف.

* والشَّعْشَع : الظِّلُّ الذی لم یُظِلَّکَ کلُّه ، ففیه فُرَج.

* ورجل شَعْشَع : خفیف فی السفر ، کلاهما عن کُراع. وقال ثعلب : غُلام شَعْشَع : خفیف فی السفر ؛ فقصره علی الغلام.

أخْدَرَ : أقام خَمْسا فِی خِدْره.

* وعَضّ الرجلُ بصاحبه عَضّا : لزِمه ولَزِق به. وعَضّ الثِّقافُ بأنابیب الرمح عَضّا ، وعَضَ علیها : لزمها ؛ قال النابغه :

تَدْعُو قُعَیْنا وقدْ عَضّ الحدیدُ بها

عَضَ الثِّقافِ علی صُمِّ الأَنابِیبِ (1)

وهو مثل ما تقدّم ، لأن حقیقه هذا الباب اللزوم واللزوق.

* وأعضَ الرمحَ الثِّقافَ : ألزمَه إیاه. وأعَضّ المِحْجَمَه قَفاه : ألزمها إیاه ، عن اللِّحیانیّ.

* ورجل عِضّ : مُصْلِحٌ لمعیشته وماله ، لازم له ، حَسَن القیام علیه.

* وعَضِضْتُ بمالی عُضُوضا ، وعَضَاضه : لزمته.

* والعِضّ : الشدید من الرجال ، وقیل : الداهیه قال القُطامیّ :

أحادیثُ مِن عادٍ وجُرْهُمَ جَمَّهٌ

یُثَوِّرُها العِضّانِ : زَیْدٌ ودَغْفَلُ (2)

یرید : زید بن الکَیِّس النَّمَریّ ، ودَغْفَلاً النَّسابه. والعِضُ أیضا : السَّیِّئ الخُلُق ، قال :

*ولم أکُ عِضّا فی النَّدَامَی مُلَوَّمًا* (3)

والجمع : أعْضَاض.

* والعِضّ : العِضَاه. وأرض مُعِضّهٌ : کثیره العِضَاه. وقومٌ مُعِضُّون : تَرْعَی إبلُهم العِضّ.

* والعُضّ : النَّوَی المَرْضُوخ ، تُعْلَفُه الإبل.

وهو عَلَف أهل الأمصار ، قال الأعشی :

مِنْ سَرَاهِ الهِجانِ صَلَّبَها العُضْ

ضُ ورَعْیُ الحِمَی وطُولُ الحِیالِ (4)

ص: 67

* وقال أبو حنیفه : العُضّ : العَجین الذی تُعْلَفه الإبل ، وهو أیضًا الشجر الغلیظ الذی یبقی فی الأرض.

* والعَضَاض کالعُضّ. والعَضَاض أیضا : ما غلُظ من النَّبْت وعَسَا.

* وأعَضّ القومُ : أکلتْ إبلُهمُ العُضّ أو العَضاض ، وأنشد :

أقولُ وأهْلِی مُؤْرِکُونَ وأهلُها

مُعِضُّونَ إن سارَتْ فکیف أسیرُ؟ (1)

وقال مرّه فی تفسیر هذا البیت ، عند ذکر بعض أوصاف العِضاه : إبل مُعِضَّه : ترْعَی العِضاه ، فجعلها ، إذ کان من الشجر لا من العشب ، بمنزله المَعْلُوفه فی أهلها النَّوَی وشِبْهِه ، وذلک أن العُضّ هو عَلَف الرّیف ، من النوی ، والقَتّ ، وما أشبه ذلک ، ولا یجوز أن یُقال من العِضَاه : مُعِضّ ، إلا علی هذا التأویل. والمُعِضّ : الذی تأکل إبله العُضّ. والمُؤْرِک : الذی تأکل إبله الأرَاک والحَمْض. والأراک : من الحَمْض.

قال المُتَعَقِّب : غَلِط أبو حنیفه فی الذی قاله ، وأساء تخریج وجه کلام الشاعر ، لأنه قال : إذا رَعَی القوم العِضاهَ ، قیل : القوم مُعِضُّون ؛ فما لذکره العُضَ وهو عَلَف الأمصار مع قول الرجل العِضَاه ، وأین سُهَیلٌ من الفَرْقد؟ وقولُه : « لا یجوز أن یُقال من العضاه مُعِضّ إلا علی هذا التأویل » : شَرْط غیر مقبول منه ، لأن ثَمَّ شیئًا غَیَّرَه علیه قبلُ. ونحن نذکره إن شاء الله تعالی.

قال أبو زید فی أوّل کتاب « الکَلأ والشجر » : العِضَاهُ : اسم یقع علی شجر من شجر الشوک ، له أسماء مختلفه ، تجمعها العِضَاهُ ، واحدتها عِضَاهَه ؛ وإنما العِضَاهُ الخالصُ منه : ما عظم منه واشتدّ شوکه ؛ وما صغُر من شجر الشوک فإنه یقال له : العِضّ والشِّرْسُ.

قال ابن السِّکِّیت فی « المَنْطِق » : بعیر عاضّ : إذا کان یأکل العِضّ ، وهو فی معنی عَضِهٍ ، والعِضُ : من العِضاه. یُقال : بنو فلان مُعِضّون أی ترعی إبلُهمُ العِضّ. وعلی هذا التفصیل قول من قال : مُعِضُّون ، یکون من العِضّ الذی هو نفس العِضاه ، وتصحّ روایته.

* والعَضُوض من الآبار : الشَّاقَّه علی الساقی فی العمل. وقیل : هی البعیده القعر ؛ أنشد :

أوْرَدَها سَعْدٌ عَلیّ مُخْمِسَا

بِئْرًا عَضُوضًا وَشِنانا یُبَّسَا (2)

ص: 68

* والعُضَاض : ما بین رَوْثَه الأنف إلی أصله ، قال :

*أعْدَمتُه عُضَاضَهُ والکَفَّا* (1)

* والتَّعْضُوض : ضَرْب من التَّمر ، واحدته : تَعْضُوضَه ؛ قال أبو حنیفه : التَّعْضُوضه : تمره طَحْلاء کبیره رَطْبه صَقِره لذیذه ، من جید التمر وشَهِیِّه.

* وصَعْصَعه : اسم رجل.

یعنی : سحابا فیه بَرْق ، وقد دنا من الأرض.

* والمَعَسُ : المَطْلب. والمعنیان متقاربان.

وکلب عَسُوس : طلوب لما یأکل ، والفعل کالفعل ؛ وفی المَثَل : « کلبٌ اعْتَسَ خَیرٌ من کلب رَبَض » ، یعنی أن من تصرّف خیر ممن عَجَز.

* وجاء بالمال من عَسِّه وبَسِّه. وقیل : من حَسِّه وعَسِّه ، وکلاهما إتباع ، ولا ینفصلان ، وحقیقتهما الطلب. وجِئنی به من عَسِّک وبَسِّک : أی من حیث ما کان ، وقال اللِّحیانیّ : معناه ، من حیث کان ولم یکن.

* وعَسَ علیَ یَعُسّ عَسّا : أبطأ ، وکذلک عَسَ علیهَ خبرُه.

* وإنه لعُسُوس بَیِّنُ العُسُس : أی بطیء ، وفیه عُسُس : أی بطء.

* والعَسُوس من الإبل : التی ترعَی وحدَها ، وقیل : هی التی لا تَدُرُّ حتی تباعَدَ عن الناس. وقیل : هی التی یسوء خُلُقها ، وتتنحی عن الإبل عند الحلْب ، أو فی المَبْرَک. وقیل : هی التی تضرب برجلها وتَصُبّ اللَّبن. وقیل : هی التی إذا أُثیرت للحلْب ، مشت ساعه ، ثم طَوَّفت ، ثم دَرَّت. ووصف أعرابیّ ناقه فقال : إنها لعَسُوسٌ ضَرُوس ، شَموس نَهُوس ؛ فالعَسُوس ما قد تقدم. والضَّروس والنَّهوس : التی تَعَضّ. وقیل : العَسوس : الناقه التی لا تَدُرُّ وإن کانت مُفِیقا ، أی قد اجتمع فُواقُها فی ضَرْعها ، وهو ما بین الحَلْبتین ؛ وقد عَسَّت تَعُسّ فی کل ذلک. والعَسُوس من النساء : التی لا تبالی أن تَدنُوَ من الرجال.

* والعُسُ : القَدَح الضخم ، وقیل : هو أکبر من الغُمَر ، وهو إلی الطول ، یُرْوِی الثلاثه والأربعه ، والجمع : عِساس ، وعِسَسه.

* والعَسْعَسُ والعَسْعاسُ : الخفیف من کلّ شیء ، قال رُؤْبه یصف السَّراب :

وبلدٍ یجری علیه العَسْعاسْ

منَ السَّراب والقَتامِ المَسْماسْ (1)

أراد السَّمسام ، وهو الخفیف ، فقلبه.

* وعَسْعَسُ غیرَ مصروف : بلده. وعَسْعَسٌ اسم رجل.

ص: 71

* وعُساعِس : جبل ، أنشد ابن الأعرابیّ :

قد صَبَّحَتْ من لیلِها عُساعِسا

عُساعِسًا ذاک العُلَیمَ الطَّامِسَا

تَتْرکُ یرْبوعَ الفَلاهِ فاطِسَا (1)

أی مَیِّتا.

مقلوبه :

* السَّعِیع : الزُّؤَان أو نحوه ، مما یُخْرَج من الطعام ، فُیرْمَی به ، واحدته : سَعیعه.

والسَّعیع : أیضًا : أردأ الطعام. وقیل : هو الردیء من الطعام وغیره.

* وسَعْسَعَ الشیخُ وتسَعْسَع : قارب الخَطو ، واضطرب من الکِبَر ، قال العجَّاج :

قالتْ ولم تَأْلُ به أن یَسْمَعا

یا هِندُ ما أسْرَعَ ما تسَعْسَعَا

مِن بعدِ ما کان فَتیً سَرَعْرَعَا (2)

أخبرت صاحبتَها عنه أنه قد أدبر وفَنِی إلا أقلَّه. واستعمل عمر رضی الله عنه السَّعْسَعه فی الزمان ، وذلک أنه سافر فی عَقِب شهر رمضان ، فقال : إن الشهرَ قد تسَعْسَع ، فلو صُمْنا بقیته؟

وقد تقدم فی الشین.

* والسَّعْسَع : الذئب. حکاه یعقوب ، وأنشد :

والسَّعْسَعُ الأطلسُ فی حَلْقِهِ

عِکْرِشَهٌ تَنْئِقُ فِی اللِّهْزِمِ (3)

أراد : تَنْعِق ، فأبْدل.

* والسَّعسعه : زجْرٌ للمِعزَی : إذا قال لها سَعْ سَعْ ؛ وقد سَعْسَعْتُ بها.

* ومن خفیف هذا الباب : سَعْ : زجْر للمعْز.

الْعِزَّهَ فَلِلَّهِ الْعِزَّهُ ) [ فاطر : 10 ] : أی من کان یرید بعبادته غیرَ الله ، فإنما له العِزّه فی الدنیا ، ولله ( الْعِزَّهُ جَمِیعاً ) : أی یجمعهما فی الدنیا والآخره ، بأن یَنْصُرَ فی الدنیا ویُغَلِّب.

* عَزَّ یَعِزُّ عِزّا ، وعِزَّه ، وعَزازه.

* ورجل عزیز ، من قوم أعِزّه ، وأعزّاء ، وعِزاز ؛ قال الله تعالی : ( أَذِلَّهٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّهٍ عَلَی الْکافِرِینَ ) [ المائده : 54 ] : أی جانبهم غلیظ علی الکافرین ، لَیِّنٌ علی المؤمنین. وقال الشاعر :

بِیضُ الوجوهِ کَرِیمَهٌ أحْسابُهُمْ

فی کلّ نائبَهٍ عِزازُ الآنُفِ (1)

ولا یقال عُزَزَاء ، کَراهیه التضعیف ؛ وامتناع هذا مطَّرد فی هذا النحو المضاعَف.

وأعزّ الرجلَ : جعلَه عَزیزا ؛ وقوله تعالی : ( وَإِنَّهُ لَکِتابٌ عَزِیزٌ لا یَأْتِیهِ الْباطِلُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) [ فصلت : 41 ، 42 ] : أی أن الکتب التی تقدمت لا تُبْطله ، ولا یأتی بعده کتاب یُبْطله. وقیل : هو محفوظ من أن یُنْقَصَ منه ، فیأتیه الباطل من خَلْفه. وکلا الوجهین حسن ، أی حُفِظ وعَزّ عن أن یَلْحقَه شیءٌ من هذا.

* ومَلِک أعزُّ : عَزیز ؛ قال الفَرَزْدق :

إنَّ الذی سمَک السَّماءَ بنی لَنا

بیْتا دَعائمهُ أعَزُّ وأطْوَلُ (2)

أی عزیزه طویله ، وهو مثل قوله تعالی : ( وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَیْهِ ) [ الروم : 27 ] أی هَیِّن. وإنما وجّهتُ هذا علی غیر المفاضله ، لأن اللام ومِنْ مُتعاقبتان ، ولیس قولهم « اللهُ أکبرُ » بحجه ، لأنه مسموع ، وقد کثر استعماله. علی أن هذا قد وُجِّه علی کبیر أیضا. وفی التنزیل : ( لَیُخْرِجَنَ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ ) ، وقُرئ لیَخْرجنّ الأعزّ منها الأذلّ [ المنافقون : 8 ] أی لیَخْرُجَنَ العزیزُ منها ذَلیلا. وهذا لیس بقویّ ، لأن الحال وما وضع موضعَها من المصادر ، لا تکون معرفه. وقول أبی کبیر :

حتی انتهیتُ إلی فِراش عَزِیزَهٍ

شَغْوَاءَ رَوْثه أنفها کالمِخْصَفِ (3)

ص: 73

عَنی عُقابا ، وجعلها عَزیزه لامتناعها وسکناها أعالیَ الجبال.

* ورجل عزیز : ممتنع لا یُغْلَب ولا یُقهر. وقوله عزوجل : ( ذُقْ إِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْکَرِیمُ ) [ الدخان : 49 ] معناه : ذق بما کنت تُعَدُّ فی أهل العزّ والکرَم ، کما قال تعالی فی نقیضه : ( کُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِیئاً بِما کُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) [ الطور : 9 ، المرسلات : 43 ]. ومن الأوّل قول الأعشی :

عَلی أنها إذْ رأتنی أُقا

دُ قالتْ بما قد أراهُ بَصیرَا (1)

وقال الزَّجَّاج : نَزلتْ فی أبی جهل ، وکان یقول : « أنا أعَزّ أهل الوادی وأمنعُهُم » ، فقال الله : ( ذُقْ ) هذا العذاب ، ( إِنَّکَ أَنْتَ الْعَزِیزُ الْکَرِیمُ ).

* وعِزُّ عَزیز : إما أن یکون علی المبالغه ، وإما أن یکون بمعنی مُعِزّ ، قال طَرَفه :

ولوْ حَضَرَتْهُ تَغْلِبُ بْنهُ وائِلٍ

لکانوا له عِزا عَزیزًا وناصِرَا (2)

* واعتزَّ به ، وتعزَّز : تشرّف.

* وعزَّ علیّ یعِزّ عِزّا ، وعِزّه ، وعَزازه : کَرُم.

* وأعززته : أکرمتهُ وأحببته. وأُعْزِزْتُ بما أصابک : عظُمَ علیّ. وأعْزِزْ علیَّ بذاک : أی أعْظِمْ. وکلمه شَنعاء لأهل الشِّحْر ، یقولون : بعِزِّی لقد کان کذا وکذا ، وبعِزّک ، کقولک : لعَمْری ولعَمْرُک.

* والعِزّه : الشده.

* وعَزَزْت القومَ ، وأعززتهم ، وعَزَّزتهم : قوّیتهم ؛ وفی التنزیل : ( فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ ) [ یس : 14 ] : أیْ قَوَّینا وشَدَدْنا. وقد قُرِئت : « فعَزَزْنا » بالتخفیف. ویقال فی هذا المعنی أیضا : رجل عَزیز ، علی لفظ ما تقدم ، والجمع کالجمع. وفی التنزیل : ( أَذِلَّهٍ عَلَی الْمُؤْمِنِینَ أَعِزَّهٍ عَلَی الْکافِرِینَ ) [ المائده : 54 ] : أی أشدَّاء علیهم ؛ ولیس هو من عِزّه النفس.

وقال ثعلب فی الکتاب الفصیح : « إذا عَزَّ أخوکَ فَهُنْ » : معناه : إذا تعظَّم أخوک شامخا علیک ، فالتزمْ له الهَوانَ. قال أبو إسحاق : وهذا خَطأ من ثعلب. وإنما الکلام : إذا عزَّ أخوک فهِنْ بکسر الهاء ، معناه : إذا اشتدّ علیک ، فلِن له وداره. وهذا من مکارم الأخلاق ، کما رُوی عن معاویه رحمه الله ، أنه قال : لو أنّ بینی وبین الناس شعرهً یمُدُّونها وأمُدُّها ، ما انقطعت ؛ قیل : وکیف ذلک؟ قال : کنت إذا أرْخَوْها مددتُ ، وإذا مدُّوها أرْخَیتُ.

ص: 74

فالصحیح فی هذا المثل : فهِن ، بالکسر ، من قولهم هان یَهِین : إذا صار هَیْنا لَیْنا ، کقوله :

هَیْنُونَ لَیْنُونَ أیْسارٌ ذَوو کَرَمٍ

سُوَّاس مَکْرُمَهٍ أَبْناءُ أطْهارِ (1)البیت للمتلمس فی دیوانه ص 180 ؛ ولسان العرب ( عزز ) ؛ وتاج العروس ( عزز ) ؛ وبلا نسبه فی جمهره اللغه ص 341.(2)

وإذا قال : هُنْ ، بضم الهاء ، کما قاله ثعلب ، فهو من الهَوان ، والعرب لا تأمر بذلک ، لأنهم أعِزّه أبَّاءُون للضَّیم.

وعندی أن الذی قاله ثعلب صحیح ، لقول ابن أحمر :

وقارعهٍ من الأیامِ لَوْلا

سَبیلُهُم لزاحَتْ عنک حِینا

دَبَیْتُ لها الضَّراءَ وقلت أبْقی

إذا عزَّ ابن عمکَ أنْ تَهُونا (3)

* قال سیبویه : وقالوا : عَزَّ ما أنَّک ذاهِب. کقولک : حَقّا أنک ذاهب.

* وعَزَّ الشیءُ یَعِزُّ عِزّا ، وعِزَّه ، وعَزَازَه ، وهو عزیز : قلّ ، فاشتدّ وجوده ، وقول الناس یَعِزّ علیّ أن تفعل ، معناه یشتدّ.

* والعَزَز والعَزاز : المکان الصُّلْب الشدید ، السریع السیل ، وأرض عَزَازٌ وعَزازه :کذلک. أنشد ابن الأعرابیّ :

عَزازهُ کلّ سائلِ نَقْعِ سَوْءٍ

لکلّ عَزَازهٍ سالَتْ قَرَارُ (4)

وأنشد ثعلب :

قراره کلّ سائلِ نَقْعِ سَوْءٍ

لکلّ قراره ......... (5)

وقال : هو أجود.

وأعْزَزْنا : سرنا هُنالک.

* وعَزَّزَ المطرُ الأرض : لَبَّدها وشدّدها.

* وتعزَّز الشیءُ ، واسْتَعَزّ : اشتدّ. قال المتلمِّس :

أُجُدٌ إذا ضَمَرَتْ تعزَّزَ لحمُها

وإذا تُشَدُّ بنِسْعها لا تَنْبِسُ (5)

ص: 75

وفی الحدیث : استَعَزّ برسول الله صلی الله علیه وسلم مَرضُه (1).

* واسْتَعَزَّ علی المریض : اشتدّ وجَعُه.

* وفرس مُعْتَزَّه : غلیظه اللحم شدیدته.

وقولهم : تَعَزَّیْتُ عنه ، أی تصَبَّرْت : أصلها من تعزَّزْت ، أی تشدَّدت ، مثل تظَنَّیْتُ من تظنَّنت ، ولها نظائر سیأتی ذکرها إن شاء الله. والاسم منه العَزَاء. وقول النبیّ صلی الله علیه وسلم : « من لم یتَعَزَّ بعَزَاءِ الله ، فلیسَ منَّا » فسره ثعلب فقال : معناه : مَنْ لم یُسْنِد أمرَه إلی الله.

* والعَزَّاء : السنه الشدیده ، قال :

*ویَعْبِطُ الکُومَ فی العَزَّاءِ إنْ طُرِقا* (2)

وقیل : هی الشدَّه.

* وشاه عَزُوز : ضیِّقه الأحالیل ، وکذلک الناقه ، والجمع : عُزُز ، وقد عَزَّت تَعُزُّ عُزُوزا ، وعَزُزَتْ عُزُزاً بضمتین ، عن ابن الأعرابیّ. وتعزَّزت. والاسم : العَزَز ، والعَزاز.

ویقال : فلان عَنْز عزوز ، لها دَرٌّ جَمّ ؛ وذلک إذا کان کثیر المال شحیحا. وأعزَّت الشاه : استبان حملُها ، وعظُم ضَرْعها.

* وعازَّ الرجلُ إبلَه وغنمه مُعازَّه : إذا کانت مِراضا ، لا تقدر أن ترعَی ، فاحتشَّ لها ولقَّمها ، ولا تکون المُعازَّه إلا فی المال ، ولم یُسْمَع فی مصدره عِزاز.

* وعَزَّه یَعُزُّه عَزّا ؛ قَهَرهُ وغلَبَه ؛ وفی التنزیل : ( وَعَزَّنِی فِی الْخِطابِ ) [ ص : 23 ] ؛ وفی المَثَل : « مَنْ عَزَّ بَزّ » ، أی مَن غلَب سَلَب. وقوله :

*عَزَّ علی الرّیح الشَّبوبَ الأعْفَرا* (3)

أی غلبه ، وحال بینه وبین الریح ، فردَّ وجوهَها. ویعنی بالشَّبوب : الظبی ، لا الثَّور ، لأن الأعفر لیس من صفات البقره.

* وعازَّنی فعزَزْته : أی غالبنی فغَلَبته. وضمُّ العین فی مثل هذا مُطَّرد ، ولیس فی کلّ شیء یقال : فاعلنی ففعَلْتُه.

ص: 76

* والعِزّ : المطر الغَزیرُ. وقیل : مطر عِزّ : شدید کثیر ، لا یمتنع منه سَهل ولا جبَل إلا أساله. وقال أبو حنیفه : العِزّ : المطر الکثیر ، وأرض مَعزوزه : أصابها عِزّ من المطَر.

* والعُزَیزاء من الفَرَس : ما بین عُکْوته وجاعِرته. والعُزَیْزَاوان : عَصَبتان فی أصول الصَّلَوَیْن ، فُصلتا من العَجْب وأطراف الوَرکین.

* وعَزْعَز بالغنم : زَجَرَها ، فقال لها : عَزْعَزْ.

* والعُزَّی : شجره سَمُر کانت لغَطَفان ، تعبدُها من دون الله ، أراه تأنیث الأعَزّ.

* وعبد العُزَّی : اسم أبی لَهَب ، وإنما کَنَّاه الله عزّ وجلّ ، فقال : ( تَبَّتْ یَدا أَبِی لَهَبٍ ) [ المسد : 1 ] ، ولم یسمِّه ، لأن اسمه مُحال.

وریح زَعْزَع ، وزَعْزَاع ، وزُعْزُوع : شدیده. الأخیره عن ابن جنی. والزعازع : الشدائد.

فلم یَحْتَج أن یُعَدّ ، وإذا کَثُر احتاج إلی العدّ ، فالعدد فی قولک أقمت أیاما عَدَدًا : ترید به الکثره ، وجائز أن تؤکِّد بعَدَدٍ معنی الجماعه ، فی أنها خرجت من معنی الواحد. هذا قول الزجَّاج.

* والعِدَّه : کالعَدَد. وقیل : العِدَّه مصدر کالعَدّ. والعِدَّه أیضاً : الجماعه ، قلَّت أو کَثرت.

* والعَدید : الکثره ، وهذه الدراهمُ عَدیدُ هذه : أی مثلها فی العِدَّه ؛ جاءُوا به علی هذا المثال ، لأنه مُنصرفٌ إلی جنس العَدیل ، فهو من باب الکَمیع والنَّزیع.

وبنو فلان عَدیدُ الحَصَی والثَّرَی : أی بعَدَد هذین الکثیرین.

* وهمْ یَتَعادُّون ویتعدَّدون علی عَدَد کذا : أی یَزیدون علیه.

* والأیام المعْدودات أیام التشریق ، وهی ثلاثه أیام ، بعد یوم النحر. وأما الأیام المعْلومات : فعشر ذی الحِجَّه ، عُرّفت تلک بالتقلیل ، لأنها ثلاثه ، وعُرّفت هذه بالشُّهْره ، لأنها عَشْره. وإنما قُلِّل بمعدوده ، لأنها نقیض قولک : لا تُحْصَی کثره. ومنه ( وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَهٍ ) [ یوسف : 20 ] : أی قلیله.

* وعَدَدْت : من الأفعال المتعدّیه إلی مفعولین ، بعد اعتقاد حذف الوسیط ؛ یقولون : عَدَدتک المالَ ، وعدَدْت لک المالَ. قال الفارسیّ : عَدَدْتکَ وعَدَدْت لک ، ولم یذکر المال.

* وعادَّهُم الشیءُ : تَساهَموه بینهم ، فساواهُم وهم یَتعادُّون : إذا اشترکوا فیما یُعادُّ منه بعضُهم بعضا ، من مکارم أو غیر ذلک من الأشیاء کلِّها.

* والعَدائد : المال المقتسَم ، والمِیراث. وقول لَبید :

تَطِیرُ عَدائدُ الأَشْرَاکِ شَفعا

ووِتْرا والزَّعامهُ للْغُلامِ (1)

فسَّره ابن الأعرابیّ فقال : العَدائدُ : المال والمِیراث. والأشراک : الشِّرْکَه ، یعنی ابن الأعرابیّ بالشِّرْکه : جمعَ شریک : أی یقسِّمونها شَفْعا ووِتْرا ، سَهْمین سَهْمین ، وسَهْماً سَهما فیقول : تذهب هذه الأنصباء علی الدهر ، وتبقی الرّیاسَه للولد. وقول أبی عُبَید : العَدائد : من یُعادُّه فی المِیراث : خَطأ. وقوله ، أنشده ثعلب :

ص: 80

وطِمِرَّهٍ کَهِرَاوَهِ الْ

أعْزَابِ لَیْسَ لَهَا عَدَائِدْ (1)

فسَّره فقال : شَبَّهها بعصا المسافر ، لأنها مَلْساء ، فکأنّ العَدائد هنا : العُقَد ، وإن کان هو لم یُفسِّرها.

* وعِدَادُ فُلان فی بنی فلان : أی أنه یُعَد معهم فی دیوانهم.

* والعَدید : الذی یُعَدّ من أهلک ولیس منهم.

* وما ألْقاهُ إلا عِدَّهَ الثُّرَیَّا القَمَر ، وإلا عِداد الثریَّا القمرَ ، وإلا عِداد الثریا من القمر : أی إلا مرّه فی السنه. وقیل : هی لیله فی کل شهر ، تلتقی فیها الثریَّا والقمر.

* وبه مرض عِداد ، وهو أن یدَعَه زمانا ، ثم یعاودَه ، وقد عادَّه مُعادَّه وعِدَادًا ، وکذلک السلیم والمجنون ؛ کأن اشتقاقه من الحساب ، من قِبَل عَدد الشهور والأیام ، أی أن الوجَع کأنه یَعُدُّ ما یمضی من السنه ، فإذا تمت عاود الملدوغ. وفی الحدیث : « ما زالتْ أکْله خَیْبَر تُعادُّنِی ، فهذا أوانُ قَطَعَتْ أبْهَری ». قال :

یُلاقِی مِنْ تَذَکُّر آل سَلْمَی

کما یَلْقَی السَّلیمُ مِن العِدادِ (2)

وقیل : عِداد السَّلیم : أن یُعَدَّ له سبعهُ أیام ، فإن مضت رَجَوا له البُرْء ، وما لم تمضِ قیل : هو فی عِداده. وعِدادُ الحُمَّی : وقتُها المعروف ، الذی لا یکاد یخطئه ، وعَمَّ بعضهم بالعِداد ، فقال : هو الشیء یأتیک لوقت ، وأصله من العَدَد ، کما تقدم.

* وعِدّه المرأه : أیام قُرْئِها. وعِدّتُها أیضا : أیام إحْدادها علی بَعْلها ، وإمساکها عن الزینه ، وقد اعتدّت ؛ وفی التنزیل : « فَما لَکُمْ عَلَیْهِنَّ مِنْ عِدَّهٍ تَعْتَدُّونَها » ، وهذا فی التی لم یُدْخَل بها ، وأسقط الله تعالی عنها العِدّه ، لأن العِدّه فی الأصل استبراء للولد ، فإذا لم یُدْخَل بها ، فهی بمنزله الأمَه التی لم یَقْرَبْها مالکها.

فأما قراءه من قرأ « تَعْتَدُونها » فمن باب تظَنَّیْتُ ، وحُذِف الوسیط ، أی تعتدون بها.

* وإعداد الشیء ، واعتداده ، واستعداده ، وتعدُّدُه : إحضاره ؛ قال ثعلب : یقال استعدَدْت للمسائل ، وتعَدَّدْت ، واسم ذلک : العُدَّه ، فأما قراءه من قرأ : ولو أرادوا الخروج لأعدُّوا له عُدَّه فعلی حذف علامه التأنیث ، وإقامه هاء الضمیر مُقامَها ، لأنهما مُشترکتان فی أنهما جُزئیتان.

ص: 81

وأما قوله تعالی : ( وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّکَأً ) [ یوسف : 31 ] فإنه إن کان کما ذهب إلیه قوم ، من أنه غُیِّر بالإبدال ، کراهیه المثلین ، کما یُفَرُّ منهما إلی الإدغام ، فهو من هذا الباب ؛ وإن کان من العَتاد ، فظاهر أنه لیس منه. ومذهب الفارسیّ : أنه علی الإبدال.

قال ابن دُرَید : والعُدَّه من السّلاح : ما اعْتَدَدْته ، خَصَّ به السِّلاح لفظاً ، فلا أدری أخصّه فی المعنی أم لا؟ وقد قال الزَّجاج فی قوله تعالی : ( فَإِنِّی نَسِیتُ الْحُوتَ ) [ الکهف : 63 ] قال : وکانت السَّمکه من عُدَّه غدائهما ، أی مما أعدُّوه للتغدّی.

* والعِدُّ : الماء الذی له مادّه. وقیل : البئر التی تحفر لماء السماء ، من غیر أن تکون لها مادّه ، ضد البئر تُحْفَر. وجمعه : أعْداد. قال :

دَعَتْ مَیَّهَ الأعْدادُ واسْتَبْدَلَتْ بِهَا

خَناطیلَ آجالٍ مِنَ العِینِ خُذَّلِ (1)

وهذا استعاره ، کما قال :

ولقدْ هَبَطْتُ الوادیَینِ ووادِیا

یدعُو الأنیسَ بها الغَضیضُ الأبْکمُ (2)

وقیل : العِدُّ : ماء الأرض الغزیر. وقیل : العِدُّ ما نبع من الأرض ، والکَرَع : ما نزل من السماء. وقیل : العِدُّ : ماء القدیم الذی لا یَنْتَزِح. وحَسَبٌ عِدّ : قدیم. قال ابن دُرید : هو مشتقّ مِن العِدّ الذی هو الماء القدیم ، الذی لا یَنْتَزِح. هذا الذی جَرَت العاده به فی العباره عنه. وقال بعض المتحذّقین حَسَبٌ عِدّ : کثیر ، تشبیها بالماء الکثیر ، وهذا غیر قویّ ، وأن یکون العِدُّ القدیمَ أشْبَهُ. قال الحُطَیئه :

أتَتْ آلَ شَمَّاسِ بنَ لأْیٍ وإنما

أَتَتْهُمْ بها الأحلامُ والحَسَبُ العِدُّ (3)

* وعِدَّان الشباب والمُلک : أولهُما وأفضلهما ، قال العَجَّاج :

*وَلا علی عِدَّانِ مُلْکٍ مُحْتَضِرْ* (4)

ص: 82

والعِدَّانُ : الزمانُ والعَهْد ؛ قال الفرزدق :

مَدَحْتَ امْرأ مِن آل مَیْسان کافراً

ککِسْرَی علی عِدَّانِهِ أو کَقَیْصَرَا (1)

وهو من العُدّه ، کأنه أُعِدَّ له وهُیِّئ. وأتانا علی عِدَّان ذلک : أی حینه ورُبَّانه ، عن ابن الأعرابیّ : وجئْتک علی عِدَّانِ تَفْعل ذلک ، وعِدَّانَ تفعلَ ذلک ، أی حینه.

* وعِداد القوس : صوتها ، قال صخر الغیّ :

وَسمْحَهٌ من قِسِیّ زارَهَ حَمْرا

ءُ هَتوفٌ عِدادُها غَرِدُ (2)

* والعُدُّ : بَثْر تکون فی الوجه ، عن ابن جنی.

* وعَدْعَدَ فی المشی وغیره عَدْعَدَه.

وقیل : دَعدَعها : ملأها ، ودَعدعَ الکأس : مَلأها ، وکذلک دَعدع السیلُ الوادی ، قال لبید :

فدَعْدَعا سُرَّهَ الرِّکاءِ کما

دعْدَعَ ساقی الأعاجِم الغَرَبا (1)

الرِّکاء : واد معروف. وفی بعض النسخ الموثوق بها فی الجمهره : سِرَّه الرّکاء بالکسر. ودَعْدَعَتِ الشاهُ الإناء : مَلأته. وکذلک الناقه.

* ودَع دَعْ : کلمه یُدْعَی بها للعاثر فی معنی : اسلَمْ ؛ قال :

لحَا اللهُ قوْما لم یقولُوا لعاثِرٍ

ولا لابن عَمٍّ نالَه الدهرُ دَعْدَعا (2)

جعله اسماً للکلمه ، وأعربه. ودَعْدَع بالعاثر : قالها له. ودَعْدَعَ بالمعْز دَعْدَعَهً : زجرَها وقیل : الدَّعْدَعه : بالغَنم الصغار خاصه ، وهو أن یقول لها : داعْ داعْ. وإن شئت کسرْتَ ونوَّنْت.

* والدَّعْدعه : قِصَر الخطو فی المشی مع عَجَل.

والدَّعْدَعه : عَدْو بطیء مُلْتو ، وسعیٌ دَعْداع : مثلُه. والدَّعْداع : القصیر من الرجال.

ومما ضوعف من فائه ولامه :

دَعْد : اسم امرأه ، والجمع : دَعْدات ، وأدْعُد ، ودُعُود.

* وعَثَّت الصوفَ والثوبَ تَعُثُّه عَثّا : أکَلَتْه.

* والعُث : دُوَیْبَّه (1) تأکل الجلُود ، وقیل : هی دُویْبَّه تَعْلَق الإهابَ ، فتأکلُه. هذا قول ابن الأعرابیّ ، وأنشد :

تَصَیَّد شُبَّانَ الرجالِ بفاحِمٍ

غُدافٍ وتصْطادینَ عُثّا وجُدْجُدا (2)

والجُدْجُد أیضاً : دوَیْبَّه تعلَق الإهاب فتأکله.

وقال ابن دُرید : العُثّ بغیر هاء : دَوَابُّ تقع فی الصوف. فدلّ علی أن العُثَ جمع. وقد یجوز أن یعْنِی بالعُثّ : الواحد ، وعبر عنه بالدوابّ ، لأنه جنس معناه الجمع وإن کان لفظه واحدًا. وسئل أعْرابیّ عن ابنه ، فقال : أُعطیه کلّ یوم من مالی دَانِقا ، وإنه فیه لأسرع من العُثّ فی الصّوف فی الصَّیْف.

* والعَثْعَث : ظهر الکَثِیب ، الذی لا نبات فیه. وقیل : هو الکثیب السهل ، أنبت أو لم یُنْبت. وقیل : هو الذی لا ینبت خاصّه. والصحیح الأوّل ، لقول القُطامیّ :

کأنها بَیْضَهٌ غَرَّاءُ خُدَّ لَهَا

فی عَثْعَثٍ یُنْبتُ الْحَوذانَ والغَذَما (3)

وروایه أبی حنیفه : خُطَّ لها. وقیل : هو رمل صعْب ، تَوْحَل فیه الرَّجل ، فإن کان حارّا أحرق الخُفّ ، یعنی خُفّ البعیر ؛ قال أبو حنیفه : العَثْعَث من مَکارم المنابت.

والعَثعث أیضاً : التراب. وعَثْعَثَهُ : ألقاه فی العَثْعَثِ. وعَثْعَث الرجلُ بالمکان : أقام.

* وعَثْعَث : اسم. وبنو عَثْعَث : بطن من خثعم.

* وانثَعَ القیْء من فیه : اندفع ؛ وانثعّ مَنْخِراه : هُرِیقا دَما.

* والثعثعه : حکایه صوت القالِس ، وقد تَثعْثع بقیئه ، وثَعْثَعَه.

* والثَّعْثعه : کلام رجل تغلب علیه الثاء والعین. وقیل : هو الکلام الذی لا نظام له.

* وعَرّ الظلیمُ یَعُرُّ عِرارا ، وعارَّ مَعارّه وعِرارًا : صاح. قال لَبید :

تحملَ أهْلَها إلا عِرارًا

وعَزْفا بَعدَ أحْیاءٍ حِلالِ (1)

* والتَّعارُّ : السهر والتقلُّب علی الفراش لیلا ، مع کلام ، وهو من ذلک.

* والعَرُّ : الغلام ، والعَرَّه : الجاریه. والعَرَار والعَرَاره : المُعْجَلانِ عن وقت الفِطام. والمُعْتَرُّ : الفقیر. وقیلک المُتَعرّض للمعروف من غیر أن یسأل. عَرَّهُ یَعُرُّهُ عَرّا ، واعْتَرَّه ، واعْتَرَّ به ؛ قال ابن أحمر :

تَرْعَی القَطاهُ البَقْلَ قَفُّورَها

ثم تَعُرُّ الماءَ فیمنْ یَعُرّ (2)

القَفُّور : ما یوجد فی القَفْر ، ولم یُسْمع القَفُّور فی کلام العرب إلا فی شعر ابن أحمر.

وفی التنزیل : ( وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) [ الحج : 36 ]. وقوله : « عُرَّ فَقْرَهُ بفیه ، لعلَّه یُلْهیه » یقول : دعه ونفسه ، لا تُعِنْه ، لعلّ ذلک یَشْغَلُه عما یصنع. وقال ابن الأعرابیّ : معناه : خَلِّه وغَیَّه ، إذا لم یُطِعْک فی الإرشاد ، فلعلَّه یقع فی هَلَکَهٍ تلهیه عنک وتشْغَلُه.

* والعَریر : الدخیل فی القوم ، والغریب فیهم. وفی حدیث حاطب بن أبی بَلْتعه : « کنت عَرِیرًا فیهم ، ولم أکن من صمیمهم » (3) حکاه الهَرویّ فی الغَریبین.

* والمَعْرور : المقرور. وهو أیضاً الذی لا یستقرّ. وأُرَی المعرورَ اسم رجل منه. وهو المَعْرور الکَلْبیّ ، من أصحاب الحدیث. وعُرَّا الوادی : شاطئاه.

* والعُرُّ والعُرَّه : ذرق الطیر. والعُرَّه أیضاً : عَذِره الناس ، وعُرَه السَّنام : الشحمه العُلْیا.

* وعَرَّه بمکروه یَعُرُّه عَرّا : أصابه به. والاسم : العُرَّه. وعَرَّهم یَعُرُّهم : شانَهُمْ. وفلان عُرَّه أهله : أی یشینهم. والعُرَّه : الجُرْم ؛ قال عمرو بن قَمِیئه :

علی أنَّ قومی أسْلَمونی وعُرَّتِی

وقوْمُ الفَتی أظفارُه ودَعائمُهْ

أری ذلک ، لأن الجُرْم یشین جارمَه.

* وکلّ شیء باء بشیء ، فهو له عَرَار. وقیل العَرَار : القَوَد.

* والعَرَر : صِغر السَّنام ، وقیل : قِصَره ، وقیل : ذهابه ، جمل أعَرُّ وناقه عَرَّاء ، قال :

ص: 89

*تمَعُّکَ الأَعَرِّ لَاقَی العُرَّا* (1)

أی تتَمعک کما یتمعَّک الأعَرُّ ، والأعَرُّ یحبّ التمعُّک ، لذهاب سنامه ، یلتذّ بذلک. وقال أبو ذُؤَیب :

وکانوا السَّنامَ اجْتُثَّ أمْسِ فقوْمُهُمْ

کَعَرَّاءَ بعدَ الِّنیّ راثَ رَبیعُها (2)

* وقد عَرَّ یَعَرُّ.

* وتزوّج فی عَرَاره نِساء ، أی فی نساء یلدْن الذکور.

* والعَراره : الشدّه ، قال الأخطل :

إنَ العرارهَ والنُّبُوحَ لِدارِمٍ

والمستخفّ أخوهُم الأثْقالا (3)

* والعَراره : الرّفعه والسُّودُد.

* ورجل عُراعِر : شریف ؛ قال مُهَلهِل :

خَلَعَ المُلوکَ وسارَ تحت لوائِهِ

شَجَرُ العُرَا وعُراعِرُ الأقوَامِ (4)

شجر العُرَا : الذی یبقی علی الجَدْب. وقیل : هم سُوقه الناس. والعُراعِر هاهنا : اسم للجمع. وقیل : هو للجنس ، ورُوِی عَراعِر جمع عُراعِر.

* وعُرْعُره الجبل : غِلَظُه ومعظمه. وفی الحدیث : إن فلاناً کتب : إن العَدُوّ بعُرْعره الجبل ونحن بحضیضه (5). وقال ثعلب : عُرْعُره الجبل : رأسه. وفی حدیث عمر بن عبد العزیز أنه قال : أجْمِلوا فی الطَّلَب ، فلو أنّ رِزق أحدکم فی عُرْعُره جبل ، أو حضیض أرض ، لأتاه قبل أن یموت. وعُرْعره السَّنام : رأسه وأعلاه. وعُرْعُره الثَّور : کذلک. وقیل : عُرْعُره کلّ شیء : أعلاه.

ص: 90

* وعَرْعَر عینَه : فَقأها. وقیل : اقتلعها عن اللِّحیانیّ. وعَرْعَرَ صِمام القاروره عَرْعَرَه : استخرجه. والعَرْعَر : شجر عظیم جبلیّ ، لا یزال أخضر ، تسمیه الفُرس السَّرْو ، قال أبو حنیفه : للعَرعَر ثمر أمثالُ النَّبِق ، یبدأ أخضر ، ثم یبیضّ ، ثم یسودّ ، حتی یکون کالحُمَم ، ویحلو فیؤکل ، واحدته : عَرْعَره ، وبه سُمّی الرجل.

* والعَرار : بَهارُ البرّ ، واحدته : عَراره. قال الأعشی :

بیضاء غُدْوَتَها وصَفْ

رَاءُ العَشِیَّه کالعَرَارَهْ (1)

معناه : أن المرأه الناصعه البیاض ، الرقیقه البشره ، تَبْیضّ بالغَداه ، ببیاض الشمس ، وتصفرّ بالعشیّ باصفرارها.

* وعُراعِر ، وعَرْعَر ، والعَرَاره : کلها مواضع.

* وعَرار : اسم رجل ، والعَرَاره : فَرَس الکَلْحبه بن هُبَیْره.

* ومَعْرُور : فرس علقمه بن شهاب.

* وعَرْعارِ : لُعْبه لصبیان الأعراب. وهذا النحو عند سیبویه من بنات الأربعه ، وهو عنده نادر ، لأن فَعالِ إنما عُدِلَت عن أفْعَلَ فی الثلاثیّ ، ومَکَّن غیرُه عَرْعارِ فی الاسمیَّه ، قالوا : سمعت عَرْعارَ الصبیان : أی اختلاط أصواتهم. وأدخل أبو عُبید علیه الألف واللام ، فقال العَرْعار : لُعبه للصبیان. وقال کُراع : عَرعارُ : لُعبه للصبیان ، فأعربه ، أجراه مجری زینب وسُعاد.

ثم انْثَنی من بعد ذا فصَلَّی

علی النبیّ نَهَلاً وعَلَّا (1)

و علَّت الإبل ، والآتی کالآتی ، والمصدر کالمصدر ؛ وإبل عَلَّی : عَوالُ ، حکاه ابن الأعرابیّ ، وأنشد لعاهان بن کعب :

تَبُکُّ الحَوْضَ عَلَّاها ونَهْلاً

وخَلْف ذِیادِها عَطَنٌ مُنِیمُ (2)

مُنیم : تسکنُ إلیه فینیمُها. ورواه ابن جنی : « عَلَّاها ونَهْلَی » أراد : نهلاها ، فحذف ، واکتفی بإضافه عَلَّاها ، عن إضافه نَهْلاها. وعَلَّها یَعُلُّها ویَعِلُّها عَلّا وعَلَلاً ، وأعَلَّها. وقوله :

قفی تُخبِّرینا أوْ تَعُلِّی تَحِیَّهً

لَنا أو تُثیبی قبل إحدی الصَّوافِقِ (3)

إنما عنی : أو تَرُدّی تحیهً ، کأن التحیَّه لما کانت مَردوده ، أو مرادا بها أن تُرَدّ ، صارت بمنزله المَعْلُوله من الإبل.

* واعتلَّه بالشیء کعَلَّه ، قال طُفَیل :

وَرْدٌ أُمِرَّ علی عُوجٍ مُلَمْلَمَهٍ

کأنَّ خَیْشومَهُ یُعتلُ بالذَّهَبِ

أی یُطْلَی به مرّه بعد مرّه ، تشبیها بالعَلَل من الشراب. وعَرَض علیّ سَوْمَ عالَّه : بمعنی قول العامَّه : عَرْضِ سابِریّ.

* وأعلَ القومُ : عَلَّت إبلُهم. واستعمل بعض الشعراء العَلَ فی الإطعام ، وعدَّاه إلی مفعولین ، أنشد ابن الأعرابیّ :

فباتُوا ناعِمِینَ بعَیْشِ صِدْقٍ

یَعُلُّهُمُ السَّدیِفُ مع المَحالِ (4)

وأری أنه إنما سَوَّغه تعدیتَه إلی مفعولین ، أن عَلَلْت هنا فی معنی أطعمت ، فکما أنّ أطعمت متعدیه إلی مفعولین ، کذلک عَلَلْت هنا متعدیه إلی مفعولین. وقوله :

*وأنْ أُعَلَ الرَّغْمَ عَلّا عَلَّا* (5)

جعل الرغم بمنزله الشراب ، وإن کان الرَّغْم عَرَضا کما قالوا : جَرَّعته الذلّ ، عدّاه إلی مفعولین ، وقد یکون هذا بحذف الوسیط ، کأنه قال یَعُلُّهم بالسَّدیف ، وأُعَلّ بالرّغْم ، فلما

ص: 92

حذف الباء أوصلَ الفعل.

* والعَلَل من الطعام : ما أُکل منه ، عن کراع. وطعام قد عُلَ منه : أی أُکل. وقوله ، أنشده أبو حنیفه :

خلیلَلیّ هُبَّا عَلِّلانِیَ وانْظُرَا

إلی البرْق ما یَفْرِی السَّنا کیفَ یصْنعُ (1)

فسَّره فقال : عَلِّلانی : حَدِّثانی ، وأراد : انظرا إلی البرق ، وانظرا إلی ما یَفْرِی السَّنا ، وفَرْیُه : عملُه. وکذلک قوله :

خَلیلیّ هُبَّا عَلِّلانِیَ وانْظُرَا

إلی البرْقِ ما یَفْرِی سَناً وتَبَسُّما (2)

* وتعَلَّل بالأمر ، واعتلّ : تشاغل ، قال :

فاسْتَقْبَلتْ لیْلَه خِمْسٍ حَنَّانْ

تعتلّ فیه برَجیعِ العِیدَانْ (3)

أی أنها تشاغَل بالرجیع ، الذی هو الجِرَّه ، تُخْرجها وتمضَغها.

* وعلَّله بطعام وحدیث ونحوِهما : شغلَه بهما ، وعَلَّلتِ المرأه صَبِیَّها بشیء من المَرَق ونحوه ، لیَجْزأ به عن اللَّبن ، قال جریر :

تُعَلِّلُ وهْیَ ساغبهٌ بَنِیها

بأنفاسٍ من الشَّبِمِ القَرَاحِ (4)

ویُروی أن جریراً لما أنشد عبد الملک بن مَروان هذا البیت ، قال له : لا أرْوَی الله عَیْمَتها.

* والتَّعِلَّه ، والعُلاله : ما یُتعَلَّل به.

* والعُلاله : ما حلَبْتَ قبل الفِیقه الأولی ، وقبل أن تجتمع الفِیقهُ الثانیه ، عن ابن الأعرابیّ.

* والعُلاله : بقیَّه اللبن وغیره ، حتی إنهم لیقولُون لبقیه جَرْیِ الفرس عُلاله ، ولبقیه السیر عُلاله. وقیل : العُلاله : اللبن بعد حَلْب الدِّرّه ، تُنزله الناقه ، قال :

أَحْمِلُ أُمِّی وهیَ الحَمَّالَهْ

ص: 93

تُرْضِعُنِی الدِّرَّهَ والعُلالهْ

ولا یُجازَی والدٌ فِعالَهْ (1)

* وقیل : العُلاله : أن تُحْلبَ الناقه أوْل النهار وآخره ووسَطه ، فتلک الوُسْطَی هی العُلاله ، وقد تدعَی کلُّهن عُلاله ، وقد عالَّتِ النَّاقهُ ، والاسم العِلالُ.

* وتعَلَّلْتُ بالمرأه : لهَوتُ بها.

* والعَلُ : الذی یزور النِّساء ، والعَلُ : التیس الضخم العظیم ، قال :

*وعَلْهَباً مِنَ التُّیُوسِ عَلَّا* (2)

والعَلّ : القُراد الضخم. وقیل : هو الصغیر الجسم. ورجل عَلّ : مُسِنّ نحیف ، شُبِّه بالقُراد ، قال المُتنخِّل الهُذَلیّ :

لیسَ بعَلٍ کبیرٍ لا شَبابَ به

لکن أُثَیْلهُ صافی الوجه مُقْتَبَلُ (3)

أی مستأنَف الشباب. وقیل : العَلُ : المُسِنُّ الدقیق الجِرْم من کلّ شیء. والعَلَّه : الضَّرَّه ، وبنو العَلَّات : بنو الأُمَّهات الشَّتَّی ، قال :

علَیها ابنُ عَلَّاتٍ إذا اجتَسَّ منزلاً

طوَتْهُ نجومُ اللَّیل وهْیَ بلاقِعُ (4)

إنما عَنَی بابن عَلَّات : أن أُمَّهاتهِ لَسْنَ بقرائب. وجمع العَلَّه : علائل ، قال رُؤبه :

*دَوَّی بها لا یَغْدِرُ العَلائِلا* (5)

* والعِلَّه : المرض. عَلَ یَعِلُ واعْتَلّ ، وأعلَّه الله ، ورجل علیل.

* وحُروف العِلَّه والاعتلال : الألف ، والیاء ، والواو ، سُمِّیت بذلک للینها ومَوتها. واستعمل أبو إسحاق لفظه المَعْلُول فی المُتَقَارِب من العَروض ، فقال : وإذا کان بناء المتقارِب علی « فَعُولُنْ » فلا بدّ من أن یبقی فیه سبب غیر مَعْلُول. وکذلک استعمله فی المضارع ، فقال : أخِّر المضارع فی الدائره الرابعه ، لأنه وإن کان فی أوّله وَتِدٌ ، فهو مَعْلول الأوّل ،

ص: 94

ولیس فی أوّل الدائره بیت مَعْلول الأوّل. وأری هذا إنما هو علی طَرْح الزائد ، کأنه جاء علی عُلَ ، وإن لم یُلْفظ به ، وإلا فلا وجه له. والمتکلمون یستعملون لفظه المَعْلول فی هذا کثیرا.

وبالجمله فلسْتُ منها علی ثِقه ولا ثَلَج ، لأن المعروف إنما هو أعَله الله ، فهو مُعَلّ ، اللهمّ إلا أن یکون علی ما ذهب إلیه سیبویه ، من قولهم مَجْنون ومَسلول ، من أنه جاء علی جَنَنتُه وسَللْته ، وإن لم یُستعملا فی الکلام ، استُغْنِی عنهما بأفْعلْت ، قال : « وإذا قالوا : جُنَّ وسُلَّ ، فإنما یقولون : جُعِل فیه الجنون والسِّلّ ، کما قالوا : حُزِنَ وفُسِل ».

* والعِلَّه أیضا : الحَدَث یَشغلُ صاحبه عن وجْهه ؛ وفی المثَل : « لا تَعْدَمُ خَرْقاء عِلَّه » ، یُقال هذا لکلّ متعذّر وهو یَقدِر ، وقد اعتلَ الرجل ، وهذا عِلَّه لهذا ، أی سبب. ومُعَلِّل : یوم من أیَّام العجوز السبْعه ، التی تکون فی آخر الشتاء ؛ وهی : صِنٌّ ، وصِنَّبْرٌ ، ووبْرٌ ، ومُعَلِّلٌ ، ومُطْفِئُ الجمرِ ، وآمرٌ ، ومُؤْتَمِرٌ. وقیل : إنما هو مُحَلِّل. وقد قال فیه بعض الشعراء ، فقدَّم وأخَّر لإقامه الوزن :

کُسِع الشِّتاءُ بسَبْعهٍ غُبْرِ

أیَّامِ شَهْلَتِنا مِنَ الشَّهْرِ

فإذا مَضَتْ أیامُ شَهْلَتنا

صِنّ وصِنَّبْرٌ مَعَ الوَبْرِ

وبآمِرٍ وأخیه مُؤْتَمرٍ

ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئ الجَمْرِ

ذَهَبَ الشِّتاءُ مُوَلِّیا هَرَبا

وأتتکَ واقدهٌ مِنَ النَّجْرِ (1)

النَّجْر : الحرُّ.

* وعَلَ : کلمه معناها الطمعُ والإشفاق ، قال الشاعر :

*یا أبتا عَلَّک أو عَساکا* (2)

* ولَعَلَ : کعَلَ ، لامها زائده عند بعض النحویین.

ص: 95

* والیَعْلُول : الغَدیر الأبیض المطَّرِد. والیَعْلُول : الحَبابه من الماء. وهو أیضاً السحاب المطَّرد. وقیل : القطعه البیضاء من السحاب. والیعلول : المَطرُ بعد المطر. وصبغ یَعْلُول : عُلّ مرّه بعد أخری. وتعَلَّلَت المرأه من نفاسِها ، وتعالَّت : خرجت منه وطَهُرت ، وحلَّ وطْؤُها.

* والعُلْعُل ، والْعَلْعَل ، الفتح عن کراع : اسم الذکَر جمیعا ، وهو الذی إذا أنْعَظ لم یشتدّ.

والعُلْعُل : رأس الرَّهابه من الفَرَس ، وهو العظم الدقیق الذی کأنه طَرَف لسان الکلب. والعُلْعُل ، والعَلْعَال : الذَّکر من القَنابر. والعُلْعُول : الشَّرُّ.

* وتَعلَّه : اسم رجل. قال :

ألبانُ إبْلِ تَعِلهَ بنِ مُسافِرٍ

ما دام یملکُها علیَّ حَرَامُ (1)

ومن خفیف هذا الباب :

عَلْ عَلْ : زجْر للغنم. عن یعقوب.

وفی الحدیث : « إنما الدنیا لُعاعَه ». واللُّعاعه أیضاً : بقله من ثمر الحشیش تُؤکل. وألَعَّتِ الأرض : أنبتت اللُّعاعَ. وتَلَعَّی اللُّعاع : أکله ، وهو من مُحَوّل التضعیف. وفی الأرض لُعاعه من کلأ : للشیء الرقیق منه. واللُّعاعه : ما بقی فی السِّقاء. ولُعاعه الإناء : صِفْوته. وقال اللِّحیانی : بقی فی الإناء لُعاعَه : أی قلیل. ولُعاع الشمس : السَّراب. والأکثر : لُعاب الشمس.

* واللَّعْلَع : السراب. واللَّعْلَعَه : بَصیصُه. والتَّلعْلُع : التلأْلُؤ.

* ولَعْلَعَ عظمَه لَعْلَعَه : کسره. وتَلَعْلَع هو : تکسَّر ، قال رُؤْبه :

*ومَنْ هَمَزْنا رأسَهُ تَلْعَلْعَا* (1)

وتلَعْلَع من الجوع والعَطَشِ : تَضَوَّر. وتَلَعْلَع الکلبُ : دَلَع لسانَه عطَشا. وتلَعْلَع الرجل : ضعف.

* واللَّعْلَع : الذئب. عن ابن الأعرابیّ ، وأنشد :

*واللَّعْلَعُ الْمهُتَبِلُ العَسوسُ* (2)

ولَعْلَع : موضع. قال :

فَصَدَّهُمْ عَنْ لَعْلَعٍ وبَارِقِ

ضَرْبٌ یُشَظِّیهِمْ علی الخَنادِق (3)

ومن خفیفه :

* لَعْ لَعْ : زجْر للغنم. حکاه یعقوب فی المقلوب.

ومما ضوعف من فائه ولامه :

لَعَلَّ ولَعَلِ : طمع وإشفاق ، کعَلَّ. وقال بعض النحویین : اللام زائده مُؤکِّده. وإنما هو عَلَّ ، وقد تقدم. وأما سیبویه فجعلها حَرْفا واحدا غیر مَزید ؛ وحَکی أبو زید أن لغه عُقَیل لَعَلِ زیدٍ مُنطلقٌ ، بکسر اللام الأخیره من لعلّ ، وجَرِّ زید ، قال کعبُ بن سَعْدٍ الغَنَوِیّ :

ص: 97

فقلتُ ادْعُ أُخرَی وارْفَعِ الصَّوْتَ ثانیا

لَعَلِ أبی المِغْوَارِ مِنْکَ قَرِیبُ (1)

وقال أبو الحسن الأخفش : ذکر أبو عُبیده أنه سمع لام لَعَلَ مفتوحه ، فی لغه من یَجُرُّ بها ، فی قول الشاعر :

لَعَلَ الله یُمْکِنُنِی عَلَیها

جِهاراً مِنْ زُهَیْرٍ أوْ أَسِیدِ (2)

وقوله تعالی : ( لَعَلَّهُ یَتَذَکَّرُ أَوْ یَخْشی ). قال سیبویه : والعِلْم قد أتی من وراء ما یکون ، ولکن اذهبا أنتما علی رَجائکما وطَمعکما ومَبْلغِکما من العلم ، ولیس لهما أکثر من ذا ، ما لم یعْلَما.

وقال ثعلب : معناه : کی یتذکَّر ؛ وقالوا : لَعَلَّتْ ، فأنَّثُوا لعَلَ بالتاء ، ولم یُبدلوها هاء فی الوقف ، کما لم یبدلوها فی رُبَّتْ وثُمَّتْ ، لأنه لیس للحرف قوّه الاسم وتصرُّفه ، وقالوا : لعَنَّک ولَغَنَّک ، ورَعَنَّک ورَغنَّک ؛ کلّ ذلک علی البدل. قال یعقوب : قال عیسی بن عمر : سمعت أبا النجم یقول :

*اغْدُ لعَنَّا فی الرِّهانِ نُرْسِلُهْ* (3)

أراد : لعَلَّنا ، وکذلک لأَننا ، قال یعقوب : وسمعت أبا الصقر ینشد :

أرینی جوَاداً مات هَزْلاً لأنَّنِی

أرَی ما تَرَیْنَ أو بخیلا مُخَلَّدَا (4)

* ولَعَلّ : کلمه تقال للعاثر کَلَعاً ، قال العَبْدِیّ :

وإذَا یَعْثُر فی تُجْمارِهِ

أقبلتْ تَسعَی وفَدَّتْهُ لَعَلّ (5)

* وعَنَ یَعِنّ ویَعُنّ عَنّا وعُنُونا واعْتَنّ : اعترض. والاسم : العَنَنُ والعِنان ، أنشد ثعلب :

وما بَدَلٌ مِنْ أُمّ عُثمانَ سَلْفَعٌ

مِن السُّودِ وَرْهاءُ العِنان عَرُوبُ (1)

معنی قوله : « وَرْهاءُ العِنانِ » : أنها تَعْتَنُ فی کل کلام ، أی تعترض فیه. ولا أفعله ما عَنَ فی السماء نجْم : من ذلک.

* ورجل مِعَنّ : یَعْرِض فی کلّ شیء ، ویدخل فیما لا یعنیه. والأنثی : بالهاء. قال :

مِعَنَّهً مِفَنَّهْ

کالرّیحِ حَوْلَ القُنَّهْ (2)

مِفَنَّه : تَفْتَنُ عن الشیء. ولقِیَهُ عینَ عُنَّه : أی اعتراضا. وأعطاه ذلک عَینَ عُنَّه : أی خاصَّه من بین أصحابه ، وهو منه.

* والمُعَانَّه : المُعارضه.

* وعُناناک أن تفعل ذاک : من المُعانَّه ، وذلک أن ترید أمرا ، فیعرِض دونه عارض یمنعک منه ، ویحبِسُک عنه.

* والعانُ من السحاب : الذی یعترض فی الأُفق.

* والتَّعنین : الحبْس.

* والعِنِّین : الذی لا یأتی النساء ، بَیِّنُ العُنانه ، والعِنِّینه ، والعِنِّینیَّه. وقد عُنِّن عنها. وهو مما تقدم ، کأنه اعترضه ما یحبسُه عن النساء. وامرأه عِنِّینه : کذلک.

* وعِنان اللِّجام : السَّیرُ الَّذی تُمْسَک به الدابَّه. والجمع : أعِنَّه ؛ وعُنُن : نادر. فأما سیبویه فقال : لم تکسَّر علی غیر أعِنَّه ، لأنهم إن کَسَّرُوه علی بناء الأکثر ، لزمهم التضعیف ، وکانوا فی هذا أحْرَی. یرید : إذ کانوا قد یقتصرون علی أبنیه أدنی العدد فی

ص: 99

غیر المعتلّ ، یعنی بالمعتلّ : المدغم ، ولو کَسَّروه علی فُعُل ، فلزمهم التضعیف ، لأدغموا کما حَکَی هو ، من أن من العرب من یقول فی جمع ذُباب : ذُبّ.

* وأَعَنَ اللِّجامَ : جعل له عِنانا. وعَنَ الفرَس ، وأعنَّه : حبسه بعِنانه. والعِنان : الحبل ، قال رُؤبه :

*إلی عِنانَیْ ضَامِرٍ لطِیفِ* (1)

عَنَی بالعِنانین هنا : المَتْنَین. والضامر هنا : المَتْن.

* وعَنَّنَتِ المرأه شعرها : شَکَلَت بعضه ببعض.

* وشِرْکه عِنان ، وشِرْک عِنان : شِرْکه فی شیء خاصّ ، کأنه عَنّ لهما ، فاشتریاه واشترکا فیه. وقیل : هو أن یُعارِض الرجل الرجلَ عند الشِّراء ، فیقول له : أشرِکنی معک ، وذلک قبل أن یَستوجب العِلْق. وقیل : شِرْکه عِنان : أن یکونا سواءً فی العِلْق ، لأن عِنان الدابَّه : طاقتان.

قال الجَعْدیّ یمدح قومَه ویفتخر :

وشارَکْنا قُرَیْشا فی تُقاها

وفی أنْسابِها شِرْکَ العِنانِ

بما وَلَدَتْ نِساءُ بنی هِلالٍ

وما وَلَدَتْ نِساءُ بنی أبانِ (2)

أی ساویناهم. ولو کان من الاعتراض لکان هِجاء.

* وفلان قصیر العِنان : قلیل الخیر ، علی المَثَل.

* والْعُنَّه : الحَظیره من الخشب ، تُجْعَل للإبل والغنم ، تُحْبَس فیها. قال ثعلب : العُنَّه : الحظیره تکون علی باب الرجل ، فیکون فیها إبلُه وغنمه. ومن کلامهم : « لا یجتمع اثنان فی عُنَّه » ، وجمعها : عُنَن ، قال الأعشی :

تَرَی اللَّحمَ من ذابلٍ قد ذَوَی

ورَطْبٍ یُرَفَّعُ فوقَ العُنَنْ (3)

وعُنَّهُ القدر : الدِّقْدان ، قال :

ص: 100

عَفَتْ غیرَ أنآءٍ وَمَنْصِبِ عُنَّهٍ

وأوْرق من تحتِ الخَصَاصهِ هامِدِ (1)

* والعَنان : السحابُ. وقیل : هی السحاب التی تُمْسِک الماء ، واحدته : عَنانه.

* وأعنان السماء : نواحیها. وعِنانها : ما بدا لک منها إذا نظرت إلیها. وأعْنان الشَّجر : أطرافُه ونواحیه. وعِنان الدار : جانبها الذی یَعِنُ لک ، أی یَعرِض.

وأما ما جاء فی الحدیث من قوله علیه الصلاه والسلام فی وصف الإبل : « أعنانُ الشَّیاطین » (2) ، فإنه أراد أنها علی أخلاق الشیاطین. وحقیقه الأعْنان : النواحی.

* وعَنّ الکتابَ یَعُنُّهُ عَنّا ، وعَنَّنه : کعَنْوَنه.

* واعْتَنَ ما عند القوم : أی اعْلَمْ خبرهم.

* وعَنْعَنَه تمیم : إبدالهم العین من الهمزه ، کقولهم : ( عَنْ ) یریدون : « أنْ » ، وأنشد یعقوب :

فلا تُلْهِکَ الدُّنْیا عنِ الدینِ واعْتَمِلْ

لآخِرَهٍ لا بُدَّ « عْنَ » سَتَصِیرُها (3)

ومن خفیف هذا الباب :

* قولهم : ( عَنْ ) ومعناها : ما عدا الشیء. وهی تکون حَرْفاً واسماً ، بدلیل قولهم مِن عنه ، قال القُطامیّ :

فقلتُ للرَّکْبِ لَمَّا أنْ عَلا بهِمِ

مِنْ عَنْ یَمِینِ الحُبَیَّا نظرَهٌ قَبَلُ (4)

قال أبو إسحاق : یجوز حذف النون من عَنْ للشاعر ، کما یجوز له حذف نون مِنْ ؛ وکأنّ حذفه إنما هو لالتقاء الساکنین ، إلا أن حذف نون مِنْ فی الشعر ، أکثر من حذف نون عَنْ ، لأن دخول مِنْ فی الکلام أکثر من دخول عَنْ.

مَشْرَبُها الجیَّهُ أوْ نُعاعَهْ (1)

وحَکی یعقوب أنّ نونها بدل من لام لُعاعه ، وهذا قویّ ، لأنهم قالوا : ألَعَّتِ الأرض ، ولم یقولوا أنَعَّتْ. وقال أبو حنیفه : النُّعاعُ : النبات الغضّ الناعم فی أوّل نباته ، قبل أن یَکتهِل ، وواحدته : بالهاء.

* والنُّعْنُع : الذکَر المسترخی ؛ والنُّعنع : الرجل الطویل المُضطرب الرَّخْو. والتَّنَعْنُعُ : الاضطراب والتمایُل ، قال طُفَیل :

من النِّیّ حتی اسْتَحْقَبَتْ کلَّ مِرْفق

رَوادِفَ أمثالَ الدِّلاءِ تَنَعْنَعُ (2)

* والنُّعْنُع والنَّعْنَع : بقله طیبه الریح. قال أبو حنیفه : النُّعْنع : هکذا ذکره بعض الرُّواه بالضم : بقلَه طیِّبه الریح والطَّعْم ، فیها حراره علی اللسان. قال : والعامه تقول : نَعْنَع بالفتح.

* والنَّعْنعه : حکایه صوت یرجع إلی العین والنون.

* والعُفَّه والعُفافه : بقیه اللَّبن فی الضَّرْع. وقیل : العُفافه : الرَّمَث یرْضَعُه الفصیلُ.

وقیل : العُفافه أن تُتْرَکَ الناقه علی الفصیل ، بعد أن یُنْفَض ما فی ضرعها ، فیجتمع له اللَّبن فُوَاقا خفیفا.

* والعَفْعَف : ثمر الطَّلْح. وقیل : ثمر العِضاهِ کلِّها.

یعنی : لم تتهیأ لطلبه ، ولا لشربه ، من قولک : أبَّ للأمر ، وأبَّب له : تَهَیَّأَ.

* وعُباب کلّ شیء : أوّلُه. والعُباب : الخُوصه. قال :

رَوافِعَ للحِمَی مُتَصَفِّفاتٍ

إذا أمْسَی لصَیِّفِه عُبابُ (1)

وعُباب السیل : معظمه وارتفاعه وکثرته.

وقیل : عُبابه : موجه.

* والعُنْبَبُ : کثره الماء ، عن ابن الأعرابیّ. وأنشد :

فصبَّحتْ والشمسُ لم تُقَضَّب

عَیْنا بغُضْیانَ ثَجوجَ العُنْبَبِ (2)

ویُرْوَی : نَجوج.

* والعَنْبَب وعُنْبَب : کلاهما واد ؛ سُمِّی بذلک لأنه یَعُبُ الماء ، وهو ثلاثیّ عند سیبویه ، وسیأتی ذکره.

* والعُبَبُ : ضَرْب من النبات ، زعم أبو حنیفه أنه من الأغْلاث.

* وبنو العَبَّاب : قَوم من العرب سُموا بذلک لأنهم خالطوا فارس ، حتی عَبَّتْ خیلُهم فی الفرات.

* والیَعْبوب : الفرس السریع الطویل. وقیل : الجواد السّهل فی عَدْوه ، وهو أیضاً : البعید القَدْر فی الجَرْی. والیَعبوب : الجدول الکثیر الماء ، الشدید الجِرْیه. والیعبوب : السحاب.

* والعَبیبه : ضرب من الطَّعام. والعَبیبه أیضاً : شراب یتخذ من العُرْفُط. وعبیبه اللَّثا :

ص: 104

غُسالته ، وهو شیء ینضَحُه الثمُّام ، حُلْو کالناطف ، فإذا سال منه شیء فی الأرض أُخذ ، ثم جُعل فی إناء ، وربما صُبَّ علیه ماء ، فشُرِب حُلْوا. وقیل : هو عَرَق الصَّمغ ، وهو حُلْو ، یُضْرَب بمحِدَج حتی ینضج ، ثم یُشرب. والعَبیبه : الرِّمْث إذا کان فی وِطاء من الأرض.

* والعُبَّی علی مثال فُعْلَی ، عن کراع : المرأه التی لا تکاد یموت لها ولد.

* والعُبِّیَّه والعِبِّیَّه : الکبر والفخر. حکی اللِّحیانی : هذه عُبِّیَّه قریش وعِبِّیَّه.

* والعَبْعَب : نَعْمه الشباب. وشباب عَبْعَب : تام. وشابّ عَبْعَب : ممتلئ الشَّباب. والعَبْعب : ثوب واسع. والعَبْعَب : کساء غلیظ کثیر الغَزْل ناعم ، یُعمل من وَبَر الإبل. والعَبْعَب : صَنم. وقد یقال بالغَین. وربما سُمِّی موضع الصنم : عَبْعَبا.

* والعَبْعابُ : الطویل من الناس.

* وعُباعِب : موضع. قال الأعشی :

صَدَدْتَ عن الأعداءِ یوْمَ عُباعِبٍ

صُدُودَ المَذاکی أقْرَعَتها المَساحِلُ (1)

وعَبْعبَه : اسم رجل.

إذا کَشَفَ الیوْمُ العَماسُ عنِ اسْتِهِ

فلا یَرْتَدِی مِثلِی ولا یَتَعَمَّمُ (1)

قیل معناه : ألبسُ ثیاب الحرب ، ولا أتجمل. وقیل : معناه : لیس یرتدی أحد بالسیف کارتدائی ، ولا یَعْتَمّ بالبیضه کاعتمامی. وهو حسن العِمَّه : أی التعمُّم. وأرْخی عِمامته : أمِن وتَرَفَّه ، لأن الرجل إنما یرخِی عمامتَهُ عند الرخاء ، أنشدَ ثعلب :

ألْقَی عصاه وأرْخَی من عِمامَتِه

وقال ضیْفٌ فقلتُ الشیبُ؟ قال أجَلْ (2)

أراد : وقلت آلشیبُ هذا الذی حَلّ؟

* وعُمِّم الرجل : سُوِّد ، لأن تیجان العرب العَمائم ، فکلُّ ما قیل فی العَجم تُوِّج من التاج : قیل فی العرب : عُمِّم. قال العَجَّاج :

*وفِیهمُ إذا عُمِّمَ المُعَمَّمُ* (3)

* وشاه مُعَمَّمه : بیضاء الرأس. وفَرَس مُعَمَّم : أبیض الهامه دون العُنق. وقیل : هو من الخیل الذی ابیضَّت ناصیته کلُّها ، ثم انحدَر البیاضُ إلی مَنْبِت الناصیه وما حولهَا من القَوْنَس.

* والعِمامه : عیدان مَشْدوده تُرْکَب فی البحر.

* والعمیم : الطویل من الرجال والنبات. وکلُّ ما اجتمع وکَثُر عَمیم. والجمع : عُمُم ، قال الجَعدِیّ یصف سفینه نوح صلی الله علیه وسلم :

یَرْفَع بالنارِ والحدید من ال

جَوْزِ طِوالا جُذُوعُها عُمُما (4)

والاسم من کلّ ذلک : العَمَم. وجاریه عَمیمه وعَمَّاء : طویله ، والذکَر : أعَمّ. ونخله عَمیمه : طویله. والجمع : عُمّ ، قال سیبویه : ألْزَموه التخفیف ، إذ کانوا یخفِّفون غیرَ المُعْتَلّ ، ونظیره : بُوْن ، وکان یجب : عُمُم ، کَسُرُب ، لأنه لا یشبه الفِعل. ونخله عُمّ ، عن اللِّحیانیّ ، إما أن تکون فُعْلاً ، وهی أقلّ ، وإما أن تکون فُعُلا ، أصْلُها عُمُم ، فسکنت المیم ، وأدغمت. ونظریها علی هذا : ناقهٌ عُلُط وقوس فُرُج ، وهو باب إلی السَّعه.

* ونَبْت یَعْموم : طویل ، قال :

ص: 107

ولقد رَعَیْتُ رِیاضَهنَّ یُوَیْفِعا

وعُصیر طُرَّ شُویْرِبی یَعْمُومُ (1)

* والعَمَم : عِظَم الخلق ، فی الناس وغیرهم. وجسم عَمَم : تامّ. وأمر عَمَم : تامّ عامّ. وهو من ذلک. قال عَمْرٌو ذو الکلب الهُذَلیّ :

یا لَیْتَ شِعْری عنکَ والأمْرُ عَمَمْ

ما فَعَلَ الیوْمَ أُوَیْسٌ فی الغَنَمْ؟ (2)

ومنکِب عَمَم : طویل. واستوی الشاب علی عُمُمه : أی تمامه. ومنه

الحدیث : « کنَّا أهلَ ثُمِّهِ ورُمِّهِ ، حتی إذا استوَی علی عُمُمِه » (3).

* وَعمَّهمُ الأمرُ یَعُمُّهم : شَمَلَهم.

* والعامَّه : خلاف الخاصه ؛ قال ثعلب : سُمِّیت بذلک ، لأنها تَعُمُ بالشَّرّ.

* والعَمَم : العامَّه ، اسم للجمع. قال رؤبَه :

*وأنتَ رَبیعُ الأقْرَبِینَ والعَمَمْ* (4)

* ورجل مِعَمّ : یَعُمّ القوم بخیره. وقال کُراع : رجل مُعِمّ : یُعَمّ الناس بمعروفه ، أی یجمعهم. وکذلک : مُلِمّ : یَلُمُّهُم ، أی یجمعهم ، قال : لا یکاد یُوجد فَعَل فهو مُفْعِل غیرهما.

* والعَمّ : الجماعه ، قال مُرَقِّش :

والعَدْوَ بین المجلِسَینِ إذا

آدَ العشیُّ وتَنادَی العَمّ (5)

تنادَوْا : تجالسوا فی النَّادِی ، وهو المجلس ، أنشد ابن الأعرابیّ :

یُرِیغُ إلیه العَمُ حاجَهَ وَاحِدٍ

فأُبْنا بحاجاتٍ ولیسَ بذی مالِ (6)

قال : العَمُ هنا : الخلْق الکثیر ، أراد الحَجَر الأسود فی رُکن البیت. یقول : الخَلْق إنما

ص: 108

حاجتهم أن یَحُجُّوا ، ثم إنهم آبُوا مع ذلک بحاجات ، وذلک معنی قوله : « فأُبنا بحاجاتٍ » ، أی بالحجّ. هذا قول ابن الأعرابیّ. والجمع : العَماعِم. قال الفارسیّ : لیس بجمع له ، ولکنه من باب سِبَطْرٍ وَلأآلٍ.

* والأعَمُ : الجماعه أیضا. حکاه الفارسیّ عن أبی زید. قال : ولیس فی الکلام أفْعَلُ یدله علی الجمع غیرُ هذا ، إلا أن یکون اسمَ جنس ، کالأَرْوَی والأمَرّ ، الذی هو الأمعاء ، وأنشد :

ثمَّ رمانِی لا أکوننْ ذَبیحهً

وقد کَثُرَتْ بین الأعَمّ المَضائضُ (1)

والعَمّ : العُشب کلُّه ؛ عن ثعلب. وأنشد :

*یَرُوحُ فی العَمّ ویَجْنِی الأبْلُما* (2)

والعَمّ : موضع ؛ عن ابن الأعرابیّ ، وأنشد :

أقسمتُ أُشْکِیکِ مِن أیْنٍ ومِنْ وَصَب

حتی تَرَیْ مَعْشَرًا بالعَم أزوالا (3)

وکذلک : عَمَّان. قال مُلَیح :

ومِن دُون ذکراها التی خَطرَت لَنا

بشَرْقِیّ عَمَّانَ الشَّرَی فالمُعَرَّفُ (4)

والعَمّ : مُرَّه بن مالک بن حَنْظله ، وهم العَمِّیُّون ؛ عنه أیضاً.

*إذا الفَلاهُ أوْحَشَتْ فی المَعْمَعَه* (1)

والمَعْمَعانُ : کالمَعْمَعه. وقیل : هو أشدّ الحرّ. ولیلَه مَعْمَعانه ، ومَعْمَعانیَّه : شدیده الحرّ.

وکذلک : الیوم.

* ویوم مَعْماع : کمعمانیّ ، قال :

*یَوْمٌ منَ الجَوْزاءِ مَعْماعٌ شَمِس* (2)

وامرأه مَعْمَع : ذکیَّه متوقِّده ، وکذلک الرجل.

ومن خفیف هذا الباب :

* مَعَ ، وهو اسم معناه الصُّحْبه. وکذلک مَعْ ، بسکون العین ، غیر أن مَعَ المحرّکه العین تکون اسْما وحَرْفا ، ومَعْ المسَکَّنه : حرف لا غیر. وأنشد سیبوَیْه :

ورِیشِی منکمُ وهوایَ مَعْکُمْ

وإن کانتْ زِیارَتُکُمْ لِمَاما (3)

وقال اللِّحیانیّ : وحَکی الکسائیّ ، عن ربیعه وغَنْم ، أنهم یُسَکِّنون العین من مَعَ ، فیقولون مَعْکُم ومَعْنا. قال : فإذا جاءت الألف واللام وألف الوصل ، اختلفوا فیها ، فبعضهم یفتح العین ، وبعضهم یکسِرُها ، فیقولون : مَعَ القَوْم ، ومَعَ ابْنک. وبعضهم یقول : مَعِ القوم ، ومَعِ ابنک. أمَّا من فتح العین مع الألف ، فإنه بناه علی قولک : کنا مَعاً ونحن معاً ، فلما جعلها حَرْفا ، وأخْرجا من الاسم ، حذف الألف ، وترک العَین علی فتحها ، فقال مَعَ القوم ، ومَعَ ابنک. قال : وهو کلام عامَّه العرب ، یعنی فتح العین مع اللام ، ومع ألف الوصل. قال : وأما من سَکَّن فقال : مَعْکم ، ثم کَسَر عند ألف الوصل ، فإنه أخرجه مُخْرَج الأدوات ، مثل هَلْ وبَلْ وقَدْ وکَمْ ، فقال : مَعِ القوم ، کقولک : کَمِ القَوْم ، وبَلِ القوْم. وقوله :

تغَلْغَلَ حُبُّ عَثْمهَ فی فُؤَادی

فَبادِیه مَعَ الخافِی یَسیرُ (4)

أراد : فبادیه مضموما إلی خافیه یسیرٌ ، وذلک أنه لما وصف الحبّ بالتغلغل ، فقد اتَّسع

ص: 110

به ؛ ألا تری أنه یجوز علی هذا أن تقول :

شَکَوْتُ إلیها حُبَّها المتغَلْغِلا

فمَا زَادنی شَکْوَایَ إلا تَذَلُّلا

فتصِف بالمتغلغل ما لیس فی أصْل اللغه أن یوصف بالتَّغلغُل ، إنما ذلک وصف یخُصّ الجواهر لا الأحداث ، ألا تری أن المتغلغل فی الشیء ، لا بد أن یتجاوزَ مکانا إلی آخر ، وذلک تفریغ مکان ، وشَغل مکان ، وهذه أوصاف تخصُّ فی الحقیقه الأعیان لا الأحداث. وأما التشبیه ، فلأنه شَبَّه ما لا یَنْتقِل ولا یزول ، بما یزول ویَنتقل. وأما المبالغه والتوکید ، فإنه أخرجه عن ضَعْف العرَضیه ، إلی قوّه الجَوْهریَّه.

وجئتُ من مَعِهِمْ : أی من عندهم.

* * *

قَوْدَاء فاتَتْ فَضَلَه المُعَلِّقِ (1)

یجوز أن یَعْنِی بالقوس هاهنا : قوس قُزَح ، فیکون العَوْهَق علی هذا لونَ السماء ، لأن لونها کلَون اللَّازَوَرْد ؛ واستجاز أن یُضیف القوس إلی اللون ، لتشبُّثه بالمتلَوِّن ، الذی هو السماء ؛ ویجوز أن یَعْنِیَ هذا الشجر ، أنْ کانت تعملُ منه القِسِیّ ؛ وأری أنه « مثل لون العَوْهَق » ، لأنه قد تقدم أن العَوْهق : الخُطَّاف الأسود الجبلیّ ، وأنه الغراب الأسود ، وأنه الثور الذی لونُه واحد إلی السواد. وقوله :

*قَوْداءَ فاتَتْ فَضْلَهَ المُعَلِّقِ*

أی فاتتْ أن تُنالَ ، فیُعَلَّقَ علیها فَضْلٌ مما یُحتاج إلیه ، نحو الْقَعب والقَدح. وأنشده مرّه أخری :

*یَتْبَعْنَ وَرْقاءَ کَلَوْنِ العَوْهَقِ* (2)

وفسَّره فقال : یعنی الطائر الذی یُقال له الأخْیَل ، ولونه أخضر أوْرَق.

* والعَوْهَقان : نجمان إلی جنب الفَرْقَدَین ، علی نسَق طریقتهما ، مما یلی القُطْب. قال :

*بحیثُ بارَی الفَرْقَدانِ العَوْهَقَا* (3)

* وناقه عَوْهَق : طویله العُنُق. والعَوْهَق من النعام : الطویل. والعَوْهَق : فحلٌ کان فی الزمان الأوّل ، تُنْسَب إلیه کرامُ النجائب. قال رُؤبه :

*فِیهِنَّ حَرْفٌ مِنْ بناتِ العَوْهَقِ* (4)

إذا عَرِق المَهْقُوع بالمرْء أنْعَظَتْ

حَلِیلَتُهُ وازْدادَ حَرّا عِجانُها (1)

فأجابه مجیب :

قد یرکب المَهْقوعَ مَنْ لسْتَ مِثْلَه

وقد یرکبُ المَهْقُوعَ زَوْجُ حَصَانِ (2)

والهَقْعَه : ثلاثه کواکِبَ فی مَنْکِب الجَوْزاء ، کأنها أثافِیّ ، وهی من منازل القمر.

* والهُقَعَه : الکثیر الاتکاء والاضْطجاع بین القَوم.

* والاهْتقاع مُسانَّه الفحل الناقه التی لم تَضْبَع.

* واهْتَقَع الفحلُ الناقه : أبرکَها. وَتهَقَّعَتْ هی : برَکَت. وناقه هَقِعه : إذا رمَتْ بنفسها بین یَدَی الفَحْل مِنَ الضَّبَعَه ، کهَکِعَه. وتَهَقَّعَتِ الضأنُ : اسْتَحْرمَت کلُّها. وتَهَقَّعُوا وِرْداً : جاءوا کلُّهم.

والهَیْقَعَه : ضربُ الشیءِ الیابس علی مثله ، نحوِ الحدید. وهی أیضاً : حکایه لصوت الضرب والوقع. وقیل : صوت السُّیوف ؛ قال عبد مناف بن رِبْع الهُذَلیّ :

فالطَّعْنُ شَغْشَغَهٌ والضَّرْبُ هَیْقَعَهٌ

ضَرْب المُعَوِّل تحتَ الدّیمه العَضَدَا (3)

الشَّغْشَغه : حکایه صوت الطَّعن. والمعَوِّل : الذی یَبنی العالَه ، وهی شجر یقطعه الراعی علی شجرتین ، فیستظلّ تحته من المطر. والعَضَد : ما عُضِد من الشجر ، أی قُطِع.

* واهْتُقِع لونه : تغَیَّر من خوف أو فَزَع ؛ لا یجیء إلا علی صیغه فِعْلِ ما لم یُسَمَّ فاعله. والهُقاع : غفله تصیب الإنسان من همّ أو مَرض.

ص: 113

الشجر ذو الشوک ، مما جَلَّ أو دقّ. والأقاویلُ الأُوَل أشبه. والواحده عِضاهه ، وعِضَهَه ، وعِضَهٌ ، وأصلها عِضْهَه. وقالوا فی القلیل عِضُون ، وعِضَوات ، فأبدلوا مکان الهاء الواو. وقالوا فی الجمیع : عِضاه.

هذا تعلیل أبی حنیفه ، ولیس بذلک القول. فأما الذی ذهب إلیه الفارسیّ ، فإنّ عِضَهً المحذوفه ، یصلح أن تکون من الهاء ، وأن تکون من الواو. أما استدلاله علی أنها تکون من الهاء ، فبما نراه من تصاریف هذه الکلمه ، کقولهم عِضاهٌ ، وإبل عاضهه. وأما استدلاله علی کونها من الواو ، فبقولهم عِضَوات ، قال : وأنشد :

هَذا طریق یأْزِم المآزِما

وعِضَوات تَقْطَعُ اللهازِما (1)

قال : ونظیره سنَه ، تکون مرَّهً من الهاء ، لقولهم سانهت ، ومرّه من الواو ، لقولهم سنوات وأسنتوا ، لأن التاء فی أسنتوا ، وإن کانت بدلاً من الیاء ، فأصلها الواو ، وإنما انقلبت یاء للمجاوزه.

وأما عِضاه فتحتمل أن یکون من الجمع الذی یفارِق واحدَه بالهاء ، کقتاده وقتاد ، ویَحتمل أن یکون مکَسَّرا ، کأن واحدته عِضَهَه.

* والنسب إلی عِضَه : عِضَوِیّ وعِضَهِیّ. فأمَّا قولهم عِضاهیّ فإن کان منسوباً إلی عِضَهٍ ، فهو من شاذّ النسب ، وإن کان منسوباً إلی العِضاه ، فهو مردود إلی واحدها ، وواحدها عِضاهه ، ولا یکون منسوباً إلی العِضاه الذی هو الجمع ، لأن هذا الجمع ، وإن أشبه الواحد ، فهو فی معناه جمع ، ألا تری أن من أضاف إلی تَمْر فقال تَمْرِیّ ، لم ینسب إلی تَمْر ، إنما نَسب إلی تَمْره ، وحذف الهاء ، لأن یاء النسب وهاء التأنیث یتعاقبان.

* وبعیر عاضِه : یَرْعَی العضاه ، وناقه عاضهه ، وعاضِه ، کذلک. وبعیر عَضِه : یکون الراعی للعِضاه ، والشَّاکی من أکلها ، قال :

وقَرَّبُوا کلَّ جُمالیٍّ عَضِهْ

قَرِیبهٍ نُدْوَته من مَحْمَضِه (2)

ص: 116

قوله : « ... کلّ جمالی عَضِه » : أراد کلّ جُمالیه ، ولا یعنی به الجمل ، لأن الجمل لا یضاف إلی نفسه ، وإنما یقال فی الناقه جُمالیه ، تشبیها لها بالجمل ، کما قال ذو الرُّمَّه :

*جُمالِیه حَرْفٌ سِنادٌ یَشُلُّها* (1)

ولکنه ذکره علی لفظ « کُلّ » فقال : کلّ جُمالیّ عَضِهْ.

قال الفارسیّ : هذا من معکوس التشبیه ، إنما یقال فی الناقه جُمالِیَّه ، تشبیهاً لها بالجمل ، لشدّته وصلابته وفضله فی ذلک علی الناقه ، ولکنهم ربما عکسوا فجعلوا المشبَّهَ به مُشَبَّها ، والمشبَّهَ مُشَبَّها به ، وذلک لما یریدون من استحکام الأمر فی الشَّبَه ، فهم یقولون للناقه جُمالیه ، ثم یُشْعِرُون باستحکام الشبه ، فیقولون للذکر جُمالیّ ، ینسبونه إلی الناقه الجُمالِیَّه ، وله نظائر فی کلام العرب ، وکلام سیبویه. أمَّا کلام العرب ، فکقول ذی الرُّمَّه :

ورَمْلٍ کأوْرَاکِ النِّساءِ اعْتَسَفْتُهُ

إذا لَبَّدَتْهُ السَّارِیاتُ الرَّکائِکُ (2)

فشبَّه الرمل بأوراک النساء ، والمعتاد عکسُ ذلک. وأما کلام سیبویه ، فکقوله فی باب اسم الفاعل : « وقالوا : هو الضاربُ الرَّجلَ ، کما قالوا : الحَسَنُ الوجهَ ؛ قال : ثم دار فقال : وقالوا : هو الحسن الوجْهَ ، کما قالوا : الضاربُ الرّجُلَ ».

وقال أبو حنیفه : ناقه عَضِهه تکسِر عِیدان العِضاه ، وقد عَضِهت عَضَها. وأرض عضیهه : کثیره العِضاه. ومُعْضِهَهٌ : ذات عضاه ، کمُعِضَّه ، وقد تقدمت المُعِضَّه. والتَّعْضیهُ : قطع العِضاه واحتطابه.

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

إذا مَشَتْ سالَتْ ولم تَقَرْصَعِ

هَزَّ القَناهِ لَدْنهِ التَّهَزُّعِ (1)

ومَرَّ یَهْزَع ویَهْتزِع : أی ینتفض ، قال :

*من کُلّ عَرَّاصٍ إذا هُزَّ اهْتَزَعْ* (2)

* وهَزَع الفرسُ یَهْزَع : أسرع. وکذلک الناقه.

وهَزَعَ الظَّبیُ یَهْزَع هَزْعا : عَدا عَدْواً شدیداً. والأهْزَع من السهام : الذی یبقی فی الکنانه وحدَه ، وهو أردؤها ، ویقال له سهم هِزَاعٌ. وقیل : الأهزع : خیر السهام وأفضلها ، یدَّخره لشدیده. وقیل : إنما یُتَکلَّم به فی النفی ، فیقال : ما فی جَفیره أهزع. وقد یأتی به الشاعر فی غیر النفی للضروره ، وربما قیل : رُمِیتَ بأهْزَع ؛ قال العَجَّاج :

*لا تکُ کالرَّامی بغیر أهْزَعا* (3)

یعنی : کمن لیس فی کنانته أهزَعُ ولا غیره ، وهو یتکلَّف الرّمی. وما بقیَ فی سَنام بعیرک أهْزع : أی بقیه شحم. وظلّ یَهْزَع فی الحشیش : أی یرعی.

* وهُزَیع ومِهْزع : اسمان.

* وهَطَعَی وهَوْطَع : اسمان.

ویُضیع الذی قدَ أوْجَبه اللهُ علَیه ولیس یَعْتَهِدُهْ (1)

* والعَهْد : أوّلُ مطر الوَسْمِیّ ، عن ابن الأعرابیّ. والعَهْد والعَهْده والعِهْده : مطر بعد مطر ، یدرک آخرُه بللَ أوّلِه. وقیل : هو کلّ مطر بعد مطر. وقیل : هی المَطْره تکون أوّلا لما یأتی بعدها ، وجمعها عِهاد ، وعُهود. قال :

أراقتْ نجومُ الصَّیف فیها سِجالهَا

عِهاداً لنجم المَرْبَع المتقدّمِ (2)

قال أبو حنیفه : إذا أصاب الأرض مطَر بعد مطر ، وندی الأوّل باق ، فذلک العَهْد ؛ لأن الأوّل عُهِد بالثانی. قال : وقال بعضهم : العِهاد : الحدیثه من الأمطار. قال : وأحسبه ذهب فیه إلی قول السَّاجع فی وصف الغیث : أصابتنا دیمه بعد دیمتْ ، علی عِهاد غیر قدیمتْ - وقال ثعلب : علی عِهاد قدیمتْ - تشبع منها الناب قبل الفَطیمتْ. وقوله : « تشْبَع منها الناب قبل الفَطیَمتْ » : فَسَّره ثعلب فقال : معناه : هذا النبت قد علا وطال ، فلا تدرکه الصغیره لطوله ، وبقی منه أسافله ، فنالته الصغیره. وقال ابن الأعرابیّ مرّه : العِهاد : ضعیف مطر الوَسْمیّ ورِکاکه.

* وعُهِدتِ الروضه سقتها العَهْده.

* والعهد : الزمان. وفیه عُهْده لم تُحکم : أی عیب.

* وبنو عُهاده : بُطین من العرب.

* واستهرعت الإبل : أسرعت إلی الحوض.

* وأُهْرِع : خفّ وأُرْعِدَ من سرعه ، أو حِرْص ، أو خوف ، أو غضب ، أو حمی. وفی التنزیل : ( وَجاءَهُ قَوْمُهُ یُهْرَعُونَ إِلَیْهِ وَمِنْ قَبْلُ ) [ هود : 78 ].

* وتَهَرَّع إلیه : عَجِل.

* ورجل هَرِع : سریع المشی والبکاء.

* وهَرِع الشیء هَرَعا فهو هَرِع : سال. وقیل : تتابع فی سَیَلانه ؛ قال الشَّماخ :

عُذَافِرَهٍ کأنّ بذِفْرَیَیْها

کُحَیلا بَضَّ من هَرِعٍ هَمُوعِ (1)

* والهَیْرَع : الذی لا یتماسَک. وهو أیضاً الجبانُ الجَزُوع.

* والهَیْرَعَه : الغُول ، کالعَیْهره. والهَیْرَعَه : القَصَبه التی یَزْمُر فیها الراعی. وریح هَیْرَعَه : قَصِفه تأتی بالتراب.

* وهَرَّع القومُ الرّماح ، وأهْرَعُوها : أشرعوها ومضَوْا بها. وتَهَرَّعت هی : أقبلت شوارِع.

* والهَرْعَه : القمله الصغیره ، وقیل : الضخمه. والهُرْنوع أکثر. والهِرْیاع : وَرَق سَفیر الشجر. والهَرِیعَه : شجیره دقیقه الأغصان.

* وَیهْرَع : موضع.

قَدْ تَبَطَّنْتُ بِهِلْوَاعَهٍ

غُبْرِ أسْفارٍ کَتُومِ البُغامِ (1)

* ونعامه هالِع وهالِعه : نافره.

* وهَلْوَعْتُ : مضیت نافرا. وقیل : مضیت فأسْرعت.

* والهُلائع : اللئیم.

* وما له هِلَّع ولا هِلَّعه : أی ما له شیء. وقیل : ما له هِلَّع ولا هِلَّعه : أی ما له جَدْی ولا عَناق.

وقال اللِّحیانی : الهِلَّع : الجدی. والهِلَّعه : العَناق ، ففصَلَها.

یکون الحاضر والثابت. وعَهَن بالمکان : أقام. وأعطاه من عاهِن ماله وآهنِه : مُبْدَل ، أی من تِلاده.

* والعَوَاهِن : جرائد النخل إذا یَبست. وقد عَهَنَتْ تَعْهُنُ بالضم ، عُهُونا ، عن أبی حنیفه. وقیل : العَواهن : السَّعَفات اللواتی یَلین القِلَبَه ، فی لغه أهل الحجاز ، وهی التی تسمیها أهل نجد الخوافی. وقال اللِّحیانی : العواهن : السَّعفات اللواتی دون القِلَبه ، مَدَنیه. والواحده من کلّ ذلک عاهِنه.

* والعواهن : عُروق فی رحم الناقه. قال ابن الرِّقاع :

أوْکَتْ علیهِ مَضِیقا من عَواهِنها

کما تضَمَّن کشحُ الحُرّه الحَبَلا (1)

علیه : یعنی الجَنین.

* وألقی الکلام علی عَوَاهنه : لم یتدبره. وقیل : هو إذا لم یُبَلْ أصابَ أم أخطأ. وقیل : هو إذا تهاون به. وقیل : هو إذا قاله من قبیحه وحَسنه.

* وعَهَن منه خیرٌ یَعْهنُ عُهونا : خرج. وقیل : کلّ خارج عاهن.

* والعِهْنه : بَقْله.

* وعُهَینه : قبیله دَرَجت.

وعاهِن : واد معروف.

* وعاهان بن کعب من شعرائهم ، فیمن أخذه من العهْن ؛ ومن أخذه من العاهه ، فبابه غیر هذا.

النخل بالحجاز.

قال : سألت جَبر بن حبیب عن الهُبَع ، فقال : تُنْتَج الرباع فی الرِّبْعیَّه ، والهُبَع فی الصّیْفیه ، فتقوَی الرِّباع قبله ، فإذا ما شآها أبطرَته ذَرْعا ، أی حملتْه علی ما لا یُطیق ، فهَبَع. وجمع الهُبع هِباع. وقیل : لا جمع له.

* وهَبَع الحمارُ یَهْبَع هَبْعا وهُبُوعا : مَشی مشیًا بلیدًا. قال :

فأقْبَلَتْ حُمْرُهُمُ هَوَابِعا

فی السِّکَّتَین تحملُ الأَلاکِعا (1)

وکلّ مشی یکون کذلک فهو هَبْع.

* والهُبُوع : أن یُفاجئک القوم من کلّ جانب.

وعُموها ، وعُموهه ، وعَمَهانا. وفی التنزیل : ( وَنَذَرُهُمْ فِی طُغْیانِهِمْ یَعْمَهُونَ ) [ الأنعام : 110 ]. ورجل عَمِه ، وعامِه ، والجمع عَمِهُونَ وعُمَّه.

* والخُشْعَه : قُفٌّ غلبت علیه السُّهوله. وفی الحدیث : کانت الکعبه خُشْعه علی الماء ، فدُحِیَتْ من تحتها الأرض.

* وأکمَه خاشعه : ملتزقه لاطِئه بالأرض.

* والخاشع من الأرض : الذی تُثیره الریاح لسهولته ، فتمحو آثاره.

وقال الزَّجَّاج فی قوله تعالی : ( وَمِنْ آیاتِهِ أَنَّکَ تَرَی الْأَرْضَ خاشِعَهً ) [ فصلت : 39 ] قال : الخاشعه : المتغیره المتهشِّمه. وأراد المتهشِّمهَ النَّبات.

* وخَشَعَ خَراشِیَّ صدره : رَمی بُزاقا لَزِجا.

* والخِشْعه : الذی یُنقَر عنه بطنُ أُمِّه.

مَضِع ، صافٍ رَتِع ». کذا حکاه ابنُ جنیّ بالعین ، قال : أراد مَضِغ ، فأبدل العین مکان الغین للسجع ، ألا تری أن قبله خضِع ، وبعده رَتِع.

* والخَضَعَه : السِّیاط ، لانصبابها علی من تقع به. وقیل : الخَضَعه والخَضْعه : السُّیوف.

* والخَیْضَعه : المَعرکه. وقیل : غُبارها. وقیل : اختلاط الأصوات فیها. الأولی : عن کُراع. قال : لأن الکُماه یخْضَع بعضُها لبعض. والخَیْضَعه : البیضه. فأما قوله :

*الضَّاربونَ الهامَ تحتَ الخَیْضَعَهْ* (1)

فقیل : أراد البیضه ، وقیل : أراد التفاف الأصوات ، وقیل : أراد الخَضَعه من السیوف ، فزاد الیاء ، هربًا من الطیّ.

* والخَضِیعه : الصوت یُسمَع من بطن الدَّابه ، ولا فعل لها. وقیل : هو صوت قُنْبه. وقال ثعلب : هو صوت قُنْبِ الفَرَس الجواد. قال :

کأنَ خَضِیعهَ بَطْن الجوا

د وَعْوَعَهُ الذّئْب فی الفَدْفَدِ (2)

وقیل : هو صوت الأجوف منها.

* والاختضاع : سُرعه سَیر الفَرَس. عن ابن الأعرابیّ ، وأنشد :

إذا اخْتَلَطَ المَسیحُ بها تَوَلَّتْ

بِسَوْمٍ بینَ جَرْیٍ واخْتِضَاعِ (3)

* ومَخْضَع وَمخْضَعَه : اسمان.

* ورجل مُخَزَّع : کثیر الاختلاف فی أخلاقه.

ألا لا یَجْهَلَنْ أحَدٌ عَلَیْنا

فنَجْهَلَ فوْقَ جَهْلِ الجاهِلینا (1)

وفی التنزیل : ( فَمَنِ اعْتَدی عَلَیْکُمْ فَاعْتَدُوا عَلَیْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدی عَلَیْکُمْ ) [ البقره : 194 ]. والثانی قِصاص ، لیس بعُدْوان.

* وقالوا : الحرب خَدْعَه وخُدْعه وخُدْعه. قال ثعلب : ورویت عن النبیّ صلی الله علیه وسلم : خَدْعه. فمن قال : خَدْعَه ، فمعناه : مَنْ خُدِع فیها خَدْعَه ، فزلَّتْ قَدَمه وعَطِب ، فلیس لها إقالَه. ومن قال : خُدْعه ، أراد : وهی تُخْدَع ، کما یقال : رجُل لُعْنَه : یُلْعَن کثیرا ، وإذا خَدَع أحد الفریقین صاحبه فی الحرب ، فکأنما خُدِعت هی. ومن قال : خُدَعه ، أراد أنها تَخدَع أهلَها ، کما قال عمرو بن معدی کَرِبَ :

الحَرْبُ أوَّلُ ما تکونُ فَتِیَّهً

تَسْعَی بِبزَّتِها لکُلِّ جَهُولِ (2)

* ورجل مُخَدَّع : خُدِع فی الحرب مَرّه بعد مرّه.

* والخَیْدَع : الذی لا یوثق بمودّته. والخَیدع : السَّراب ، لذلک. وغول خَیْدع منه. وطریق خَیدَع ، وخادع : جائر ، مخالف للقصد ، لا یُفْطَن به ، قال الطِّرِمَّاح :

خادِعهُ المَسْلَکِ أرْصادُها

تُمْسِی وُکُونا فَوْق آرَامِها (3)

* وخَدَعْت الشیء ، واختدعته : کتمته وأخفیته.

* والمُخْدَع : الخِزانه. والمُخْدَع : ما تحت الجائز الذی یوضع علی العَرْش ، والعَرْش : الحائط یُبْنی فوق حائطَیِ البیت ، لا یُبْلَغ به أقصاه ، ثم یُوضَع الجائز من طرف العَرْش الداخل إلی أقصی البَیت ، ویُسْقف به. قال سیبویه : لم یأت مُفْعَل اسما إلا المُخْدَع ، وما سواه صفه.

* والمَخدع والمِخدع : لغه فی المُخْدع. حَکی الفتح أبو سلیمان الغَنَویّ ، واختَلَف فی الکسر والفتح القَنانیّ وأبو شَنْبل أخوه ، ففَتح أحدُهما ، وکسَر الآخَر. وبیت الأخطل :

صَهْباء قد کَلفَتْ من طول ما حُبِسَتْ

فی مُخْدَعٍ بینَ جَنَّاتٍ وأنهَارِ (4)

یُرْوَی بالوجوه الثلاثه.

ص: 133

* وخَدَع الضَّب یَخْدَع خَدْعا ، وانخَدَع : استرْوَحَ رِیح الإنسان ، فدخل فی جُحْره لئلا یُحْتَرَش. وکذلک الظَّبْی فی کِناسِه ، والضَّبُع فی وِجارها ، وهو فی الضّبّ أکثر. قال الفارسیّ : قال أبو زید : وقالوا إنک لأَخْدَع من ضَبّ حَرَشْتَه. ومعنی الحَرْش : أن یَمْسَح الرجل علی فم جُحْر الضَّبّ ، یَتَسَمَّعُ الصَّوت ، فربما أقبل وهو یرَی أنَّ ذاک حَیَّه ، وربما أروَحَ ریح الإنسان ، فخَدَع فی جُحْره ولم یخرُج. وأنشَد الفارسیّ :

ومُحتَرِشٍ ضَبَّ العداوهِ مِنْهُمُ

بحُلو الخَلی حَرعشَ الضِّبابِ الخوادعِ (1)

حُلْو الخَلی : حُلْو الکلام.

وخَدَع الشیءُ خَدْعا : فَسَدَ. وخَدَع الرِّیقُ خَدْعا : نَقَص ، وإذا نَقَص خَثُر ، وإذا خَثُر أنْتَنَ. قال سُوَیْد :

أبیضُ اللَّوْن لذیذٌ طَعْمُه

طَیِّب الرِّیق إذا الرِّیقُ خَدَعْ (2)

وخَدَع الرجلُ : أعطی ، ثم أمسَک. وخَدَع الزمان خَدْعا : قلَّ مطره.

قال الفارسیّ : وأما قوله فی الحدیث : « إنَّ قبل الدَّجال سنینَ خَداعهً » (3) فَیرَوْن أن معناها : ناقصهُ الزَّکاه. وقیل : قلیله المطر ، من قولهم : خَدَع الزمان : قلّ مطره. وأنشد الفارسیّ :

*وأصبح الدَّهرُ ذو العِلَّات قد خَدَعا* (4)

وهذا التفسیر أقرب إلی قول النبیّ صلی الله علیه وسلم فی قوله : « سِنین خَدَّاعه » یرید : التی یقِلّ فیها الغَیث ، ویَعُمّ بها المَحْل.

* وخَدَع خیرُ الرجل : قلّ. وخَدَع الرجلُ : قلّ ماله. وخَدَع الرجلُ خَدْعا : تخلَّق بغیر خلُقه.

وخُلُق فلان خادع : إذا تخلَّق بغیر خُلُقه.

وخَدَعت العینُ خَدْعا : لم تَنمْ. وما خَدَعَتْ بعینه نَعْسَهٌ تَخْدَع : أی ما مرَّت بها. قال

ص: 134

المُمَزَّق العَبْدیّ :

أرِقْتُ فلم تَخْدعْ بعَیْنِیَ نَعْسَهٌ

ومَنْ یَلْقَ ما لاقَیْتُ لا بدَّ یأرَقِ (1)

أراد : ومن یَلْق ما لاقیت یأرق لا بُدَّ ، أی لا بد له من الأرق.

وخَدَعَتْ عینُ الرجل : غارت. هذه عن اللِّحیانیّ. وخَدَعتِ السّوقُ خَدْعا ، وانخدعت : کَسَدَت. الأخیره عن اللِّحیانیّ. وکلّ کاسد خادع. وخادَعتُه : کاسَدْته. وخَدَعَتِ السُّوقُ : قامتْ ، فکأنه ضِدٌّ.

* والخَدْع : حبْس الماشیه والدوابّ علی غیر مَرْعًی ولا عَلَف ؛ عن کُراع.

* ورجل مُخَدَّع : مجَرِّب للأمور ، قال أبو ذُؤَیب :

فَتَنازَلا وتَوَاقَفَتْ خَیْلاهُما

وکلاهما بَطَلُ اللِّقاءِ مُخَدَّعُ (2)

وقیل فی قول الشاعر :

سَمْحُ الیمین إذا أرَدْت یَمینَهُ

بسِفاره السُّفراء غیرُ مُخَدَّعِ (3)

إنه أراد : غیر مخدوع. وقد رُوِیَ جِدُّ مُخَدَّع : أی أنه مجَرِّب. والأکثر فی مثل هذا أن یکون بعد صفه من لفظ المضاف إلیه ، کقولهم : أنت عالم جِدُّ عالم.

* والأخدعان : عِرْقان خَفِیَّان فی موضع الحجامه من العُنق. وقال اللِّحیانیّ : هما عِرْقان فی الرقبه. وقیل : الأخدعان : الوَدَجان.

* ورجل شدید الأخدع : ممتنع أبِیّ ؛ ولَیِّن الأخدع : بخلاف ذلک.

* وخَدع یخدَعُه خَدْعا : قطع أخْدعیه.

* وخَدَع ثوبَه خَدْعا وخُدْعا : ثناه. هذه عن اللِّحیانیّ.

* والخُدَعه : قبیله من تمیم. قال ابن الأعرابیّ : الخُدَعه : رَبیعه بن کعب بن سعْد بن زید مَناه بن تمیم. وأنشد غیرُه فی هذه القبیله من تمیم :

أذُودُ عن حَوْضِه ویدْفَعُنِی

یا قوْمِ مَنْ عاذِرِی مِنَ الخُدَعَهْ (4)

ص: 135

* وخَدْعه : اسم رجل. وقیل : اسم ناقه کان یُسَبّ بها ذلک الرجل ، عنه أیضاً. وأنشد :

أسِیرُ بشَکْوَتِی وأحُلّ وحْدی

وأرْفع ذکرَ خَدْعهَ فی السَّماع (1)

قال : وإنما سُمِّی الرجل خَدْعه بها. وذلک لإکثاره من ذکرها ، وإشادته بها.

* والخَذیعه : طعام یتخذ من اللحم بالشام.

* والخَرَاعه : الدَّعاره.

* ورجل مُخَرَّع : ذاهب فی الباطل.

* وخَرَع الجِلْدَ والثوب یَخْرَعُه خَرْعا ، فانْخَرَع : شقه. وخَرَع أذُن الشاه خَرْعا : کذلک. وقیل : هو شَقُّها فی الوسط.

* واخترع الشیءَ : اقتطعَه واختزله. وهو من ذلک ، لأن الشَّقَّ قَطْع. وفی الحدیث : « یُنْفَق علی المُغِیبه من مال زوجها ، ما لم تَخْتَرع مالَه » (1).

وقال أبو سعید : الاختراع هاهنا : الخیانه ، ولیس بخارج من معنی القَطْع. حَکی ذلک الهَرَوِیّ فی الغریبین. واختَرَع الشیءَ : ارتجله ، والاسم : الخِرْعه.

* والخُراع : داء یصیب البعیر ، فیسقُط مَیِّتا ، ولم یَخُصَّ ابنُ الأعرابیّ به بعیرا ولا غیره ، إنما قال : الخُراع : أن یکون صحیحا ، فیقعَ میتاً. والخُراع : الجُنون. وقد خُرِع فیهما.

* وامرأه خِرْوَعَه : رَخْصَه ، مشتقّ من ذلک.

* والخَریع والخِرِّیع : العُصْفُر. وقیل : شجره.

* والخِرْوَع : شجر لَیِّن مُسترخٍ ، یحملُ مثلَ بَیض الطیر ، یسمی سمْسِما هِندیّا ، مشتقّ من التَّخَرُّع. وقیل : الخِرْوَع : کلّ نبات قَصِف رَیَّان ، من شجر أو عُشْب.

* وابن الخَرِع : أحد فُرْسان العرب وشعرائها.

* والمُخَلَّع : الذی کأنَّ به مَسّا. ورجل مُخَلَّع وخَیْلَع : ضعیف ، وفیه خُلْعه : أی ضعف.

* والمُخَلَّع من الشِّعر : « مَفْعُولُن » فی الضَّرب السادس من البَسیط ، مشتقّ منه ، سُمِّی بذلک ، لأنه خُلِعَت أوتادُه ، فی ضربه وعَروضه ، لأن أصله « مُسْتَفْعِلُنْ » فی العَروض والضرب ، فقد حذف منه جُزءان ، لأن أصله ثمانیه. وفی الجُزأین وَتِدان ، وقد حُذفت من « مُسْتَفْعِلُنْ » نونه ، فقُطِع هذان الوَتدان ، فذهب من البیت وَتِدان ، وکأن البیت خُلِع ، إلا أن اسم التخلیع لَحِقه ، بقطع نون « مُسْتَفْعِلُن » لأنهما للبیت کالیَدین ، فکأنهما یَدان خُلِعَتا منه.

* وتَخَلَّع فی مِشْیته : هَزَّ مَنْکِبَیه ، وأشار بیدیه.

* والخَلْع والخَلَع : زوال المَفصِل من الید أو الرّجل ، من غیر بَیْنونه.

* وخَلَّع أوصاله : أزالها.

* وثوبٌ خلیع : خَلَق.

* وبعیر به خالِع : لا یَقدر أن یَثور إذا جَلَس الرجل علی غُراب وَرِکه. وقیل : إنما ذلک لانخلاع عَصَبه عُرْقوبه.

* وخَلَعَ الزَّرعُ خَلاعه : أسْفَی. وأخْلَع : صار فیه الحبّ.

* وبُسْرهٌ خالعٌ وخالِعه : نضیجه. وقیل : الخالع بغیر هاء : البُسره إذا نَضِجت کلُّها.

وخَلع الشِّیحُ خَلْعا : أوْرَق. وکذلک العِضاهُ. وخَلَع : سقط وَرَقه.

* والخَلْعُ : القدید المشْوِیّ. وقیل : القدید یُشْوَی ، واللحمُ یُطْبَخ ، ویُجْعَل فی وعاء بإهالته.

* والخَوْلَع : الهَبیدُ حین یُهْبَد ، حتی یخرج دَسَمه ، وذلک أن یُطْبخ حتی یخرج سَمْنه ، ثم یصفَّی فیُنَحَّی ، ویُجعل علیه رَضیض التَّمر المنزوعِ النَّوَی والدقیق ، ویُساط حتی یخْتَلط ، ثم یُنزل فیوضَعُ ، فإذا بَرَد أعید علیه سَمْنه.

* وتَخَلَّع القومُ ، تسلَّلوا وذهبوا ، عن ابن الأعرابیّ ؛ وأنشد :

وَداعا بنی خَلَفٍ فباتُوا حَوْلَه

یتخَلَّعُونَ تَخَلُّع الأجْمالِ (1)

* والخالع : الجَدْی.

* والخلیعُ : والخَیْلَع : الغُولُ.

ص: 140

* والخلیع : اسم رجل من العَرَب.

* والخُلعاء : بطن من بنی عامر.

* والخَیْلَع من الثیاب والذئاب : لغه فی الخَیْعل.

* والخَیْلَع : الزیت ؛ عن کُراع. والخَیْلَع : القُبه من الأدَم. وقیل : الخَیلع : الأدم عامَّه.

قال رُؤبه :

*نَفْضاً کنَفْضِ الرِّیحِ تُلْقِی الخَیْلَعا* (1)

وقال رجل من کَلْب :

ما زِلتُ أضْرِبُهُ وأدعو مالِکاً

حتی ترکْتُ ثِیابَه کالخَیْلَعِ (2)

* والخَلَعْلَع : من أسماء الضبَّاع ، عنه أیضاً.

* ووقع فی خَنْعَه : أی فیما یُسْتَحْیا منه.

* وخَنَع به یخْنَع : غَدَر. قال عَدیّ بن زید :

غَیرَ أنَّ الأیامَ یَخْنَعْنَ بالمَرْ

ءِ وفِیها العَوْصَاء والمَیْسورُ (1)

والاسم : الخُنْعه.

* وبنو خُناعَه : بَطْن.

یمْشُون قد نَفَخَ الخَزِیرُ بُطُونَهُمْ

وغَدَوْا وضَیْفُ بنی عِقالٍ یَخْفَعُ (1)

* ورجل خَفُوع : خافِع.

* وانخَفَعَتْ کَبِدُه جوعا : تثَنَّتْ. وانخفَعَتْ رِئَتُه : انشقَّت من داء.

* وخَفَع علی فِراشه ، وخُفِع ، وانخَفع : غُشِیَ علیه ، أو کاد یَطْفأ.

* والخَفْعَه : قطعهُ أدَم تُطْرَح علی مُؤَخِّرَه الرَّحل.

* والخَیْفَع : اسم.

* والقُشاع : صوت الضَّبُع. وقال أبو مِهْراس :

کأنّ نِداءَهُنَ قُشاعُ ضَبْعٍ

تفَقَّدُ من فَراعِلَهٍ أکِیلا (1)

* وأراکه قَشِعَه : مُلتفه کثیره الوَرَق.

* والمِقْشَع : الناوُوس ؛ یمانِیه.

حذف النون منه مع الخَرْم ، فیصیر الجزء مَفعولُ کقوله :

لوْ لا مَلِکٌ رَءُوفٌ رَحِیمٌ

تَدَارَکَنِی برَحْمَتِه هَلَکْتُ (1)

سُمِّی أعقَص ، لأنه بمنزله التیس الذی ذهب أحد قَرْنَیه مائلا ، کأنه عُقِص ، أی عُطِف ، وهو علی التَّشبیه بالأوّل. والعَقَص أیضاً : دخول الثنایا فی الفَم والتواؤها ، والفعل کالفعل.

* والعَقَصَه من الرَّمْل ، مثل السِّلْسله. وعَبَّر عنها أبو علیّ فقال : العَقِصَه والعَقَصَه : رمل یَلْتوی بعضُه علی بعض وینقاد ، کالعَقِده والعَقَده.

* والعَقْص : أن تَلْوِیَ الخُصله من الشعر ثم تعقدَها ، ثم تُرْسِلَها.

* والعَقیصه : الخُصْله ، والجمع : عَقائص ، وعِقاص ، وهی العِقْصه ، ولا یقال : للرجل عِقْصَه.

* وذو العَقیصَتین : رجل معروف ، خَصَّل شعره عَقیصتین ، وأرخاهما من جانبیه.

* والعُقُوص : خیوط تُفْتَل من صوف ، وتُصبغ بالسَّواد ، وتصل به المرأه شعرَها ؛ یمانیَه.

* وعَقَصَتْ شَعْرها ، تعْقِصه عَقْصا : شدته فی قفاها.

* والعَقِص ، والعِقِّیص ، والأعْقَص ، والعَیْقَص : کلُّه البخیل الکزّ الضیِّق. وقد عَقِص عَقَصا.

* والعِقاص : الدُّواره التی فی بطن الشاه.

* وشاه قَعُوص : تضرب حالبَها ، وتمنع الدِّره ، قال :

*قَعُوصُ شَوِیٍّ دَرُّها غیرُ مُنْزَلِ* (1)

وقد قَعِصت قَعَصاً.

* والقُعاص : داء یأخذ فی الصدر ، کأنه یکسِر العُنق. والقُعاص : داء یأخذ الدوابّ ، فیسیل من أُنوفها شیء ، وقد قُعِصَت.

* والقَعْص : المُفکَّک من البیوت ؛ عن کراع.

وأصعقتهم : ألْقَتْ علیهم صاعقه.

* والصَّعِق الکِلابیُّ : أحد فُرْسان العرب ، سُمِّی بذلک ، لأنه أصابتْه صاعقه. وقیل : سُمِّی بذلک ، لأن بنی تمیم ضربوه ضربه علی رأسه ، فأمَّتْه ، فکان إذا سمع الصَّوت الشدید صَعَق ، فذهب عَقلُه.

قال أبو سعید السِّیرافیّ : کان یُطْعِم الناس فی الجَدْب بِتهامه ، فهبَّت الریح ، فهالت التراب فی قِصاعه ، فسَبَّ الریح ، فأصابته صاعقه فقتلته. واسمه خُوَیْلِد ، وفیه یقول القائل :

بأنَّ خُوَیْلِداً فابْکِی علَیْه

قتیلُ الرّیح فی البَلَد التَّهامِی (1)

قال سیبویه : قالوا : فُلان ابنُ الصَّعِق. والصَّعِق : صفه تقع علی کلّ من أصابه الصَّعْق ، ولکنه غَلَب علیه ، حتی صار بمنزله زید وعمرو ، عَلَما کالنجم. والنَّسَب إلیه صَعَقِیّ علی القیاس ، وصِعِقیّ علی غیر القیاس ، لأنهم یقولون فیه قبل الإضافه صِعِق ، علی ما یطرد فی هذا النحو ، مما ثانیه حرف من حروف الحلق ، فی الاسم والفعل ، والصفه فی لغه قوم.

* وصَعِقَت الرَّکیه صَعَقا : انقاضَتْ فانهارَتْ.

* وصُواعق : موضع.

شَرِق بالدّم.

* والقُصَعه ، والقُصَعاء ، والقاصِعاء : کله جُحْر یحفِره الیربوع ، فإذا فرغ ودخل فیه ، سدَّ فمه بتراب ، لئلا تدخل علیه حَیَّه أو دابَّه. وقیل : هی باب جُحْره ، ینقبه بعد الدَّاماء فی مواضع أخر. وقیل : قاصِعاؤه : تراب یَسُدُّ به باب الجُحْر.

* وقَصَع الضبُّ : سَدَّ باب جُحْره. وقیل : کلُّ سادّ مُقَصِّع. وقَصَع الضَّبُّ أیضا : دخل فی قاصعائه. واستعاره بعضهم للشیطان ، فقال :

إذا الشَّیْطانُ قَصَّعَ فی قَفاها

تَنَفَّقْناهُ بالحبْلِ التُّؤَامِ (1)

وقوله : « تَنَفَّقْناهُ » : أی استخرجناه کاستخراج الضبّ من نافقائه.

*وأدرکه حُسام کالصَّقیع* (1)

* وصُقِعت الأرضُ ، وأُصْقِعت : أصابها الصَّقیع.

* والصَّقَع : الضلال والهلاک.

* والصَّقِع : البعید الذی لا یُدرَی أین هو؟ وقیل : الذی قد ذهب فنزل وحدَه. وقوله أنشده ابن الأعرابیّ :

*صَقِعٌ من الأعداء فی شَوَّال* (2)

صَقِعٌ : مُتَنَحٍّ بعید من الأعداء ، وذلک أن الرجل کان إذا اشتدّ علیه الشتاء تنَحَّی لئلا ینزل به ضیف. وقوله « فی شَوّال » : یعنی أن البرد کان فی شوّال ، حین تنحَّی هذا المُتنحِّی. والأعداء : الضِّیفان الغُرَباء.

* وصَوْقَعه الثرید : أُقْنَتُه. وقیل : أعلاه.

* وصَقَع الثریدَ یصقَعه صَقْعا : أکله من صَوْقَعَتِه. وصَنَع رجل لأعرابیّ ثریده یأکلها ، ثم قال : لا تَصْقَعْها ، ولا تَشْرِمْها ، ولا تَقْعَرْها. قال : فمن أین آکُل؟ لا أبا لک.

تَشْرِمُها : تخرِقها. وتَقْعَرُها : تأکل من أسفلها.

* والصَّوقَعه : ما نتأ من أعلی رأس الإنسان والجبل. والصَّوقَعه : ما یقی الرأس من العِمامه والخِمار والرداء. والصوقعه : خرقه تُعْقد فی رأس الهوْدَج تُصَفِّقُها الرّیح. والصَّوقعه ، والصِّقاع جمیعاً : خرقه تکون علی رأس المرأه ، تُوَقی بها الخِمارَ من الدّهن.

* والصِّقاع : البُرقع الذی یلی رأس الفرس ، دون البُرْقُع الأکبر. والصِّقاع : ما یُشَدُّ به أنف الناقه ، إذا أرادوا أن تَرأم ولدها أو ولد غیرها. قال القُطامیّ :

إذا رأسٌ رأیتُ به طِماحا

شَدَدتُ له العَمائمَ والصِّقاعا (3)

* والأصْقَع من الطیر : ما کان علی رأسه بیاض ؛ قال :

کأنّها حینَ فاض الماءُ واحتَفَلتْ

صَقْعاء لاحَ لها بالقَفرهِ الذِّیبُ (4)

ص: 151

یعنی العُقاب. ونعامه صَقْعاء : فی وسط رأسها بیاض ، وسائرها أسود. وناصیه صَقْعاء : فیها بیاض علی أیه حالاتها کانت.

* والأصقع : طائر کالعصفور ، فی ریشه ورأسه بیاض. وقیل : هو کالعصفور ، فی ریشه خُضره ، ورأسه أبیض ، یکون بقرب الماء ، إن شئت کسَّرته تکسیر الاسم ، لأنه صفه غالبه ، وإن شئت کسَّرته علی الصفه ، لأنها أصله. وفرس أصقع : أبیض أعلی الرأس. والأصقَع من الفرس : ناصیته.

* وصَقَع بصوته یَصْقَع صَقْعا وصُقاعاً : رفعه. وصَقْع الدیک : صوته.

* والصُّقْع : ناحیه الأرض والبیت. وصُقْع الرکِیَّه : ما حولها وتحتها من نواحیها.

والجمع : أصقاع. وقوله :

قُبِّحْتِ من سالفهٍ ومن صُدُغْ

کأنها کُشعیهُ ضَبٍّ فی صُقُعْ (1)

إنما معناه : فی ناحیه ، وجمع بین العَین والغین ، لتقارب مخرجیهما. وبعضهم یَرْویه فی صُقُغْ بالغین ، فلا أدری : أهو هَرب من الإکفاء ، أم الغین فی صقغ وَضْع؟ وزعم یونس أن أبا عمرو بن العلاء رواه کذلک ، وقال - أعنی أبا عمرو - : لو لا ذلک لم أروهما. قال ابن جنی : فإذا کان الأمر علی ما رواه أبو عمرو ، فالحال ناطقه بأن فی صُقُع لغتین : الغین والعَین جمیعا ، أو أن یکون أبدل الحرف للحرف.

* وخطیب مِصْقَع : بلیغ. قال قیس بن عاصم :

خُطَباءُ حینَ یقومُ قائِلُنا

بیضُ الوُجوه مَصَاقِعٌ لُسْنُ (2)

قیل : هو من رفع الصَّوْت. وقیل : یذهب فی کلّ صُقْع من الکلام ، أی ناحیه ، وهو اختیار الفارسیّ.

* والعرب تقول : « صَهْ صَاقِع » ؛ تقوله للرجل تسمعُه یَکذب ، أی اسکت ، فقد ضَلَلْتَ عن الحقّ.

* وصَقَع فی کلّ النواحی یَصْقَع : ذهب. وقوله ، أنشده ابن الأعرابیّ :

ص: 152

وعَلِمْتُ أنی إذ أخَذْتُ بحَبْلِه

بَهَشَتْ یَدایَ إلی وَحًی لم یَصْقَعِ (1)

هو من هذا ، أی لم یذهبْ عن طریق الکلام.

* وصَقِعَتِ الرَّکیهُ صَقَعا : انهارَتْ ، کصَعِقَت.

* وما أدری أین صَقَع؟ أی توجَّه ، قال :

وللهِ صُعْلُوکٌ تَشَدَّدَ هَمُّه

علیه وفی الأرض العریضه مَصْقَعُ (2)

أی مُتَوَجَّه.

* والصَّقَع : القَرَع فی الرأس. وقیل : هو ذهاب الشَّعر.

* وکلّ صادٍ وسینٍ تجیء قبل القاف ، فللعرب فیها لغتان : منهم من یجعله سِینا ، ومنهم من یجعله صادا ، لا یبالون ، متصله کانت بالقاف أو منفصله ، بعد أن تکون فی کلمه واحده ؛ إلا أن الصاد فی بعضٍ أحسن ، والسین فی بعض أحسن.

* والصَّقَعِیّ : الذی یُولَد فی الصَّفَرِیه :

* وفی خلقه عَسَقٌ : أی التواء وضیق.

* والعِسْق : العُرْجون الرَّدیء ، أسَدیه.

* والعَسَق ، الظلمه کالغَسَق ، عن ثعلب ، وأنشد :

إنَّا لنَسمو للعدو حَنَقا

بالخیل أکداسا تثیر عَسَقا (1)

کنی بالعَسَق عن ظلمه الغُبار.

* والعَسیقه : الشراب الردیء الکثیر الماء ؛ حکاه أبو حنیفه.

إنما أراد السِّنینَ الثابته : ومعنی ثباتها : طولها.

* وقَعِس ، وتَقاعَس ، واقْعَنْسَس : تأخر قال أبو علیّ : نون « افعنلل » بابها إذا وقعت فی ذوات الأربعه : أن تکون بین أصلین ، نحو احْرنجم واخْرَنْطَم ، واقْعَنْسس ملحق بذلک ، فیجب أن یُحْتذَی به طریق ما أُلحق بمثاله ، فلتکن السِّین الأولی أصلا ، کما أن الطاء المقابله لها مِنِ اخْرَنطم أصل ؛ وإذا کانت السین الأولی من اقْعَنْسَس أصلا ، کانت الثانیه الزائده ، فی غیر ارتیاب ولا شُبهه.

* والمُقْعَنْسِس : الشدید ، وجمل مُقْعَنْسِس : یمتنع أن یُقاد. وعِزّ مقعنسِس : عَزَّ أن یُضام. وکلّ مدخل رأسه فی عُنقه کالممتنع من الشیء : مُقْعَنْسِس.

* والقَعْس : التراب المُنْتِن.

* وقَعَس الشیءَ قَعْساً : عطفه ، کقعشه.

* والقَوْعَس : الغلیظ العُنق ، الشدید الظَّهر من کلّ شیء.

* وتَقَعْوس الشیخ : کبر ، کتقعوش. وتقعوس البیت : انهدم.

* والقَعْوَس : الخفیف.

* وقَعْسان : موضع.

* وقُعَیْسِسٌ ، وقُعَیْسٌ : اسمان.

* ومُقاعِس : قَبیله. وبنو مُقاعِسٍ : بطن من بنی سَعد ، سُمِّی مُقاعِسا ، لأنه تقاعَسَ عن حِلْف کان بین قومه ، واسمه الحارث. وقیل : إنما سُمِّی مُقاعِسا یومَ الکُلاب ، لأنهم لما التقَوا هم وبنو الحارث بن کعب ، تنادَی أولئک : یا للحارث ، وتنادَی هؤلاء : یا للحارث ، فاشتبه الشِّعاران ، فقالوا : یا لَمُقاعِس.

* وعمرو بن قِعاس : من شعرائهم.

قیل : إن العرب لمَّا قوِیَ فی أنفسها أمر المفعول ، حتی کاد یلحَق عندها برتبه الفاعل ، وحتی قال سیبوَیه فیهما ، وإن کانا جمیعا یَهُمَّانهم ویَعْنیانهم ، خَصُّوا المفعول إذا أسند الفعل إلیه ، بضربین من الصَّنعه : أحدهما تغییر صیغه المِثال مسنداً إلی المفعول ، عن صورته مُسندا إلی الفاعل ، والعِدَّه واحده ؛ وذلک نحو ضَرَب زیدٌ وضُرِبَ ، وقَتَل وقُتِل. والآخر : أنهم لم یقنعوا بهذا القدر من التغییر ، حتی تجاوزوه إلی أن غَیروا عِدّه الحروف ، مع ضمّ أوّله ، کما غَیَّروا فی الأوّل الصوره والصِّیغه وحدها ، وذلک قوله : أحببته وحُبَّ ، وأزکمه اللهُ وزُکِم ، وأضَأدَهُ وضُئِد ، وأملأه ومُلِئ.

* والزَّعِق والمزعوق : النشیط الذی یفزع من کلّ شَیء. وهول زَعِق : شدید ، قال :

*من غائلاتِ اللَّیل والهَوْلِ الزَّعِق* (1)

* وزَعَقَ دَوَابَّه : طَرَدَها مُسْرِعا ، قال :

إنَّ علیها فاعلمَنهَ سائِقَا

لا مُتْعِباً ولا عَنِیفا زَاعِقَا (2)

وقیل : الزاعق : الذی یَسُوق ویصیح بها صِیاحا شدیدا.

* وزَعْقَهُ المُؤَذِّن : صوته.

* وزَعَقَتْه العقربُ تَزْعَقُهُ زَعْقا : لدغَتْه.

* والزُّعْقُوق : فَرْخ القَبْج ، وهو الحَجَل والکَرَوَان ، والأنثی بالهاء.

وقیل : القَزَع : المتفرّق من کلّ شیء : واحدتهما قَزَعه. وما فی السماء قَزَعه وقِزاع : أی لَطیخه غیم.

* والقَزَع من الصُّوف : ما تناتَف فی الربیع ، فسقط.

* وکبش أقْزَع ، ونعجه قَزْعاء : سَقَط بعض صوفها وبقی بعض. وقد قَزِع قَزَعا.

* وقَزَعُ السَّهم : ما رَقَّ من ریشه. والقَزَع أیضاً أصغر ما یکون من الریش.

* وسهم مُقَزَّع : رِیشَ بریش صِغارٍ.

* والقُزَّعه والقُزْعَه : خُصَلٌ من الشعر ، تترک علی رأس الصَّبیّ ، کالذوائب ، متفرّقهً فی نواحی الرأس.

* والقَزَع : بقایا الشَّعْر المُنْتَتِف ، الواحده : قَزَعَه.

* ورجل مُقَزَّع ومُتَقَزِّع : لا یُری علی رأسه إلا شُعَیرات مُتفرّقه ، تَطایرُ مع الرّیح.

* والقَزَعه : موضع الشَّعْر المتقزّع من الرأس.

* والمُقَزَّع من الخیل : الذی تَنتِتف ناصیته ، حتی تَرِقّ. وقیل : هو الرقیق الناصیه خِلقهً.

* وقَزَّع الشارِبَ : قَصَّهُ.

* والقَزَع : أخذ ، بعض الشَّعْر ، وترک بعضه ؛ وفی الحدیث : « نَهَی رسولُ الله صلی الله علیه وسلم عن القَزَع » (1) ، یعنی أخذ بعض الشَّعْر وترک بعضه.

* والمُقَزَّع : السریع الخفیف من کلّ شیء.

* وقَزَعَ الفرسُ یقْزَع قَزْعا : مَرَّ مرّا شدیدا ، أو سَهْلا. وقیل : عَدا عَدْواً شدیداً ؛ وکذلک البعیرُ والظَّبی.

* وقَوْزَعَ الدِّیکُ : فَرَّ من صاحبه.

* وقَوْزَعُ : اسم الخِزْی والعار ؛ عن ثعلب. وقال ابن الأعرابیّ : قَلَّدته قلائد قَوْزَع ، یعنی الفضائح. وأنشد :

أبَتْ أمُّ دینارٍ فأصبحَ فرْجُها

حَصانا وقُلِّدْتُمْ قلائدَ قَوْزَعا (2)

* وقَزَعَه وقُزَیْع ، ومقزوع : أسماء.

ص: 158

وأری ثعلبا قد حکی فی الأسماء قَزْعه ، بسکون الزای.

* والقِطْعَه ، والقُطْعَه ، والقُطاعه : ما قطعته منه. وخَصّ اللِّحیانی بالقُطاعه : قُطاعه الأدیم والحُوَّاری ، قال : وهو ما قُطع من الحُوَّارَی من النُّخاله.

* وتقاطع الشیء : بان بعضه من بعض.

* وأقطَعه إیاه : أذِن له فی قَطْعه.

* والقَطیع : الغُصن تقطعه من الشجره ، والجمع : أقطِعَه ، وقُطُع ، وقُطُعات ، وأقاطیع ، کحدیث وأحادیث.

* والقِطْع من الشجر : کالقطیع ، والجمع : أقطاع. قال أبو ذُؤَیب :

عَفا غَیرَ نُؤْی الدَّارِ ما إن تُبِینُهُ

وأقْطاع طُفْیٍ قد عَفَتْ فی المَعاقِلِ (1)

والقِطْع أیضاً : السهم یُعمل من القَطیع أو القِطعْ ، اللذین هما المقطوعُ من الشجر. وقیل : هو السهم العریض. وقیل : النَّصل القصیر ، والجمع أقْطُع ، وقُطوع ، وقِطاع ؛ ومقاطیع ، جاء علی غیر واحده نادراً ، کأنه إنما جمع مَقاطِعا ، ولم یُسْمع ، کما قالوا : مَلامح ومَشابه ، ولم یقولوا : مَلْمحه ولا مَشْبهه ؛ قال بعض الأغفال یصفُ دِرْعا :

لهَا عُکَنٌ تَرُدّ النَّبلَ خُنْسا

وتَهْزَأُ بالمعابِلِ والقِطاعِ (2)

وقال ساعده بنُ جُؤَیَّه :

وشَقَّتْ مَقاطیعُ الرُّماهِ فُؤَادَه

إذَا یسمعُ الصوْتَ المُغَرِّدَ یَصْلِدُ (3)

* والمِقْطَع والمِقطاع : ما قطعته به.

* وسیف قاطع ، وقَطَّاعٌ ، ومِقْطع.

* وحبل أقطاع : مقطوع ، کأنهم جعلوا کلّ جزءٍ منه قِطْعا ، وإن لم یُتَکَلَّم به. وکذلک ثوب أقطاع ، وقِطْع ؛ عن اللِّحیانیّ.

* وقَطَع النُّخاله من الحُوَّارَی : فصلها منه. عن اللِّحیانی ، وهو من ذلک.

ص: 160

* وقاطَعَ الرجلان بسیفیهما : نظرا أیُّهُما أقْطَعُ.

* ورجل لَطَّاع قَطَّاع : یقطَعُ نصفَ اللُّقمه ، ویردّ الثانی ، وسیأتی ذکر اللَّطاع.

* وکلام قاطع ، علی المَثَل ، کقولهم : نافِذ.

* والأقْطعُ : المقطوع الید ، والجمعُ : قُطْع ، وقُطْعان. وید قَطْعاء : مقطوعه. وقد قَطِعَ قَطَعاً ، وقُطِع.

* والقَطَعَه والقَطْعه : موضع القطع من الید. وقیل : بقیَّه الید المقطوعه.

* وقَطَع الله عُمْرَه : علی المَثَل. وفی التنزیل : ( فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِینَ ظَلَمُوا ) [ الأنعام : 45 ]. قال ثعلب : معناه : استؤْصِلوا من آخرهم.

* والمقطوع من المدید ، والکامل ، والرَّجز : الذی حُذِف منه حرفان ، نحو : « فاعلاتُنْ » ، ذهبت منها « تُنْ » فصار محذوفا ، فبقی « فاعِلُنْ » ، ثم ذهب من « فاعِلُنْ » النون ، ثم سُکِّنت اللام ، فنقل فی التقطیع إلی « فَعْلُنْ » ، کقوله فی المدید :

إنّمَا الذَّلْفاءُ یاقُوتَهٌ

أُخْرِجَتْ من کیس دِهْقانِ (1)

فقوله « قانِ » : « فَعْلُنْ » ، وکقوله فی الکامل :

وإذَا دَعَوْنَکَ عَمَّهُن فإنَّهُ

نسبٌ یزیدُک عِندهُنَّ خَبالا (2)

فقوله « نَ خَبالا » : « فَعِلاتُنْ » ، وهو مقطوع. وکقوله فی الرجَز :

القَلْبُ منها مُسْتَرِیحٌ سالِمٌ

والقلْبُ منی جاهِدٌ مَجْهُودُ (3)

فقوله : مجهود : « مَفْعُولُنْ ».

* ومَقْطَع کلّ شیء : ومنقطعه : آخره ، کمقاطع الرمال والأودیه. وشراب لذیذ المنقَطَع : أی الآخِر والخاتمه.

* وقَطَع الماءَ قَطْعا : شقهُ وجازه.

* وقَطَع به النهرَ ، وأقطَعَه إیاه ، وأقطعه به : جاوزه ، وهو من الفصل بین الأجزاء.

* ومُقَطَّعات الشیء : طوائفُه التی یتَحَلَّل إلیها ، ویترکَّب عنها. کمُقَطَّعات الکلام.

* ومُقَطَّعات الشیء : طوائفُه التی یتَحَلَّل إلیها ، ویترکَّب عنها. کمُقَطَّعات الکلام. ومُقَطَّعات الشِّعْر ، ومقاطیعُه : ما تحلَّل إلیه ، وترکَّب عنه ، من أجزائه التی یسمیها عروضیو

ص: 161

العرب الأسباب والأوتاد.

* والقَطاع والقِطَاع : صِرامُ النخل.

* وقَطَع النخلَ یَقطَعُه قَطْعا ، وقِطاعا ، وقَطاعا عن اللِّحیانیّ : صَرَمه ؛ قال سیبویه : قَطَعْتُه : أوصلت إلیه القَطْع ، واستعملته فیه.

* وأقْطَع النخلُ : حان صِرامُه. وأقْطَعته : أذنِت له فی قِطاعه.

* وانقطع الشیء : ذهب وقته ، ومنه قولهم : انقطع البردُ والحرُّ. وانقطع کلامُه : وقف فلم یَمضِ.

* وقَطَع لسانَه : أسکته بإحسانه إلیه.

* وانقطع لسانُه : ذهبت سَلاطته.

* وقطعَه قَطْعًا ، وأقْطَعه : بَکَّته. وهو قطیع القول ، وأقْطَعُه. وقد قَطِع ، وقَطُعَ قَطاعه.

* وأقْطَع الشاعرُ : انقطعَ شِعره. وأقْطَعَتِ الدَّجاجه : انقطع بیضُها ؛ قال الفارسیّ : وهذا کما عادَلوا بینهما بأصفی.

* وقُطِع به ، وانْقُطِع ، وأُقْطِع ، وأقْطَع : ضعُفَ عن النکاح.

* وانقُطِع بالرجل والبعیر : کَلَّا.

* والقَطْع ، والقَطیعه : ضِدّ الوصل ، والفعل کالفعل ، والمصدر کالمصدر ، وهو علی المَثَل.

* وتَقاطَع القومُ : تَصارَموا. وتقاطَعَتْ أرْحامُهم : تَحاصَّتْ.

* وقَطَعَ رَحِمَه قَطْعا ، وقَطَّعها : عَقَّها. وقوله تعالی : ( أَنْ تُفْسِدُوا فِی الْأَرْضِ ، وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَکُمْ ) [ محمد : 22 ] : أی تَعُودوا إلی أمر الجاهلیه ؛ فتفسدوا فی الأرض ، وتَئِدوا البنات. وقیل : « ( تُقَطِّعُوا أَرْحامَکُمْ ) : تُقُتِّل قُرَیشٌ بنی هاشم ، وبنو هاشم قُرَیْشا ».

* ورجل قُطَعٌ ، ومِقْطَع ، وقَطَّاع : یقْطَعُ رَحِمَه.

* والأُقطوعه : ما تبعثه المرأه إلی صاحبتها ، علامه للمُصارمه.

* والقَطْع : البُهْر ، لقطعه الأنفاس.

* ورجل قَطیع : مَبْهُورٌ ، بَیِّن القَطاعَه. وکذلک الأنثی بغیر هاء.

* وامرأه قَطیِع وقَطوع : فاتره القِیام.

* والقُطْع والقُطُع فی الفَرَس وغیره : البُهْر ، وانقطاع بعض عروقه.

ص: 162

* واقْتَطع طائفهً من الشیء : أخذه.

* والقَطِیعه : ما اقتطعه منه.

* وأقْطَعنی إیاها : أذِن لی فی اقتطاعها.

* واستقطعه إیاها : سأله أن یُقْطِعه إیاها.

* وأقطَعَه نهرا : أباحَه له.

* وقَطَعَ الرجلُ بحبْل یَقْطَع قَطْعا : اختنق به. وفی التنزیل : ( ثُمَ لْیَقْطَعْ فَلْیَنْظُرْ ) [ الحج : 15 ].

* وثوب یَقْطَعُک ، ویُقْطِعُک ، ویُقَطِّع لک : یصلح علیک قمیصا ونحوه.

* والقُطْع : وجَع فی البَطْن.

* والتَّقطیع : مَغْسٌ فی الأمعاء.

* والقَطیع : الطائفه من الغنم والنَّعَم ونحوه ، والغالب علیه أنه من عَشْرٍ إلی أربعین. وقیل : ما بین خَمس عَشْرَه إلی خَمس وعشرین. والجمع : أقْطاع ، وأَقْطِعه ، وقُطْعان ، وقِطاع ، وأقاطیع ؛ قال سیبویه. وهو مما جُمع علی غیر بناء واحده. ونظیره عندک حدیث وأحادیث. والقِطْعه کالقطیع. والقَطیع : السوط یُقْطع من جلد سَیْر ، ویُعمل منه. وقیل : هو مشتقّ من القطیع الذی هو المقطوع من الشجر. وقیل : هو المنقطِع الطَّرَف. وعمَّ أبو عُبید بالقَطیع. وحَکی الفارسیّ : قطعتُه بالقَطیع : أی ضربته به. کما قالوا : سُطْته بالسَّوْط.

* والقُطَّع والقُطَّاع : اللُّصوص یقطعون الأرض.

* ورجل مُقطَّع : مُجَرَّب.

* وإنه لحسن التقطیع : أی القَدّ.

* ومَقْطَع الحق : ما یُقْطَع به الباطل ، وهو أیضاً مَوضِع الْتِقاءِ الحُکْم. قال زُهَیر :

وإنّ الحقّ مَقْطَعُه ثَلاثٌ

یمینٌ ، أو نِفارٌ ، أو جَلاءُ (1)

* والقِطْع ، والقِطْعه ، والقَطیع ، والقَطِع : طائفه من اللیل ، تکون من أوّل اللیل إلی ثُلُثِه. وقیل للفَزاریّ : ما القِطعُ من اللَّیل؟ فقال جِرْمَه تَهورُها : أی قطعه تَحزُرُها : ولا تدری کم هی؟

ص: 163

* والمُقَطَّعات من الثیاب : القِصار ، ومن الشِّعْر : الأبیات القِصار.

* وکلّ قصیر مُقَطَّع ، ومُتقطِّع ؛ ومنه حدیث ابن عباس فی صلاه الضحی : إذا تقَطَّعت الظِّلال ، یعنی قَصُرت ، لأنها تکون ممدوده فی أوّل النهار ، فکلَّما ارتفعت الشمس قَصُرَت الظِّلال. ویُرْوَی أن جریر بن الخَطَفی کان بینه وبین رؤبه اختلاف فی شیء ، فقال : أما والله لئن سَهِرتُ له لیله ، لأدَعَنَّه وقلَّما تُغْنِی عنه مُقَطَّعاته. یعنی أبیاتَ الرَّجَز.

* والمِقْطع : مثالٌ یُقْطَع علیه الأدیم وغیره.

* والقاطِع کالمِقْطع : اسم کالکاهل والغارِب.

* والقِطْع : ضرب من الثیاب المُوَشَّاه ، والجمع قطوع. والقِطْع : النُّمْرُقَه أیضاً. والقِطْع : الطِّنْفِسه تکون تحت الرَّحْل ، علی کَتِفَی البعیر ، والجمع کالجمع. قال :

أتَتْکَ العیسُ تَنْفُخ فی بُراها

تَکَشَّفُ عن مناکبها القُطُوع (1)

* وقاطعه علی کذا وکذا : من الأجر والعمل ونحوه.

* ویقال للأرنب السریعه مُقَطِّعه النِّیاط ، کأنها تَقْطَعُ عِرقا فی بَطْن طالبها ، من شدّه العَدْو ، وهذا کقولهم فیها : مُحَشِّئَهُ الکلاب ، ومن قال النِّیاط : بُعد المفازه ، فهی تقطِّعُه أیضاً : أی تجاوزه. قال یصف الأرنب :

کأنی إذْ مَنَنْت علیک خیری

مَنَنْتُ علی مُقَطَّعَه النَّیاطِ (2)

ویقال لها أیضاً : مُقطِّعه القلوب ، أنشد ابن الأعرابیّ :

کأنی إذْ مَنَنْتُ علیک فَضْلِی

مَنَنْتُ علی مُقَطِّعَه القُلوبِ

أُرَیِنبِ خُلَّهٍ باتتْ تَغَشَّی

أبارِقَ کُلُّها وَخِمٌ جَدِیبُ (3)

* وقَطَّع الجوادُ الخیلَ : خَلَّفها ومضَی ؛ قال أبو الخَشْناء :

یُقَطِّعُهُن بتقریبه

ویأوِی إلی حُضُرٍ مُلْهِبِ (4)

* وفلان مُنْقَطِع القرین : فی الکرم والسخاء ، وکذلک فی الشَّر والخُبث ؛ قال الشَّماخ :

ص: 164

رأیْتُ عَرابهَ الأَوْسِیّ یَسْمُو

إلی الخیراتِ مُنْقَطِعَ القَرِینِ (1)

* والمُقَطَّع من الذهب : الیسیرُ ، کالحَلْقه والشذْرَه. ومنه الحدیث : « أنه نَهَی عن لُبْس الذهب إلا مُقَطَّعاً » (2).

* وقَطَّع علیه العذابَ : لَوَّنه وجَزَّأه.

* والمُقَطَّعات : الدیار.

* والقَطِیع : شَبیه بالنظیر.

* وأرض قَطِعه : لا تدرِی أخُضْرتها أکثر ، أم بیاضها الذی لا نبات به؟ وقیل : هی التی بها نِقاط من الکَلأ.

* وقَطَعَ الماء قُطوعًا ، وأقعطَع ، عن ابن الأعرابیّ : قلّ وذهب ، فانقطع. والاسم : القُطْعَه. وفی الحدیث : « کانت الیهود قوماً لهم ثمارٌ لا تُصیبها قُطْعَه » (3) : أی لا یَنقطع الماء عنها.

* وقطَعَت الطیرُ قِطاعاً ، وقَطاعاً ، وقُطُوعاً ، واقْطَوْطَعَتْ : انحدَرت من بلاد البرد إلی بلاد الحرّ.

* والقُطَیْعاءُ : الشِّهریزُ. وقال کراع : هو صِنف من التمر ، فلم یُحَلِّه ؛ قال :

باتوا یُعَشُّونَ القُطَیْعاءَ جارَهُمْ

وعندهُمُ البَرْنِیّ فی جُلَلٍ دُسْمِ (4)

* وبنو قُطَیْعه : قبیله. والنسبه إلیهم : قُطَعِیّ. وبنو قُطْعَه : بطْن أیضاً.

أسِیلَه مَعْقِدِ السِّمْطَین منها

ورَیَّا حیث تعْتَقِدُ الحْقِابا (1)

وقدِ انعقد وتعقد.

قال سیبویه : وقالوا : هو منی مَعْقِدَ الإزار : أی بتلک المنزله فی القُرب ، فحذفَ وأوصل ، وهو من الظروف المختصه ، التی أُجریت مُجْری غیر المختصه ، لأنه کالمکان وإن لم یکن مَکاناً ، وإنما هو کالمَثَل.

وقالُوا للرجل إذا لم یکن عنده غَناء : فلان لا یعقد الحبل : أی أنه یعجز عن هذا ، علی هَوانه وخِفّته ؛ قال :

فَإنْ تقُلْ یا ظَبْیُ حَلا حَلَّا

تَعْلَقْ وتَعْقِدْ حَبْلَها المُنْحَلَّا (2)

أیْ تَجِدُّ وتشمِّرُ لإغضابه وإرغامه ، حتی کأنها تعقِد علی نفسها الحبل.

* والعُقْده : حجم العَقد ، والجمع : عُقَد.

* وجَبَر عَظْمُه علی عُقْده : إذا لم یَسْتَوِ.

* والعِقْد : الخیط یُنظَم فیه الخَرز ، والجمع عُقود. وقد اعْتَقَد الدُّرَّ والخرزَ وغیره : إذا اتخذ منه عِقْدا. قال عَدِیُّ بنُ الرِّقاع :

وما حُسَیْنه إذْ قامت تُوَدِّعنا

للبَیْن واعْتقَدت شَذَراً ومَرْجانا (3)

* والمعْقاد : خیط یُنظم فیه خَرَزَات ، ویُعلَّق فی عُنُق الصَّبِیّ.

وعَقَد التاجَ فوق رأسه ، واعتقده : عصبَّه به. أنشد ثعلب لابن قیس الرُّقَیَّات :

یَعْتَقِدُ التَّاجَ فَوْقَ مَفْرِقِهِ

علی جَبین کأنه الذَّهَبُ (4)

* وعَقَد العهدَ والیمینَ : یَعْقِدُهما عَقْداً ، وعَقَّدهما : أکَّدهما. والعَقْد : العهد ، والجمع : عُقود.

* وعاقده : عاهده. وتعاقد القوم تعاهَدوا.

* والعَقید : الحلیفُ ، قال أبو خِراش الهُذَلیّ :

ص: 166

کمْ من عَقیدٍ وجارٍ حَلَّ عندهُمُ

ومِنْ مُجارٍ بعَهْد اللهِ قد قَتَلُوا (1)

* وعَقَد البناءَ بالجصّ یَعْقِدُ عَقْدا : ألْزَقه.

* والعَقْد : ما عَقَدت من البناء ، والجمع : أعقاد ، وعُقُود. وعَقَدْتَنِی عَقْدا.

* وعَقَّد السَّحابُ : صار کالْعَقْد المَبْنِی.

* وأعقاده : ما تعقد منه. واحدها : عَقْد.

* والمَعْقِد : المَفْصِل.

* والأعقد من التیوس : الذی فی قرنه عُقْده. والاسم : العَقَدُ.

وظَبْیه عاقد : انعقَد طَرَف ذَنبها. وقیل : هی العاطف. وقیل : هی التی رفعت رأسها ، حَذَراً علی نفسها ، وعلی وَلَدها.

* والعَقَدُ : التواء فی ذَنَب الشاه ، یکون فیه کالعُقده ، شاه أعقد ، وکذلک ذِئب أعقد ، وکلب أعقدُ. قال جریر :

تَبولُ علی القتادِ بناتُ تیْمٍ

مع العُقْد النَّوابحِ فی الدّیَارِ (2)

ولیس شیءٌ أحبَّ إلی الکلب ، من أن یبولَ علی قتاده أو علی شُجیره صغیره غیرها.

* وکلّ ملتوی الذنب : أعقد.

* وعُقْدهُ الکلْب : قَضیبه. وسمَّی جریر الفرزدق عُقْدان : إما علی التشبیه له بالکلب الأعقد الذنب ، وإما علی التشبیه له بالکلْب المنعقِدِ مع الکلبه إذا عاظلَها ، فقال :

وما زِلتَ یا عُقْدانُ صاحبَ سَوْءَهٍ

تناجی بها نَفْسا لئیماً ضَمیرُها (3)

* وناقه عاقد : تعقِد بذنبها عند اللِّقاح ؛ أنشد ابن الأعرابیّ :

جِمالٌ ذات مَعْجَمهٍ وبُزْلٌ

عَواقدُ أمسکَتْ لَقَحا وحُولُ (4)

وظبیٌ عاقد : واضع عنقَه علی عجُزه ، قد عطفها للنوم. قال ساعده بن جُؤَیَّه :

وکأنما وافاکَ یوْمَ لقِیتَها

من وحْشِ مَکَّهَ عاقدٌ مُترَبِّبُ (5)

ص: 167

وجاء عاقدا عُنُقه : أی لاویا لها من الکبر.

* وعَقَد العَسَلُ والرُّب ونحوهما یَعْقِدُ ، وانعقَد ، وأعْقدته ، فهو مُعْقَد وعَقِید ؛ قال المتلمس فی ناقه له :

أُجُدٌ إذا اسْتَنفرَتها مِن مَبرَکٍ

حُلِبَتْ مَغابنُها برُبٍ مُعْقَدِ (1)

* والیعقید : عَسَل یُعقد حتی یخُثر.

* وعُقده اللسان : ما غلُظ منه. وفی لسانه عُقده. وعَقَد : أی الْتواء. ورجل أعقد : فی لسانه عُقده.

* وعَقَّد کلامه : أعوصَه وعَمَّاه. وعَقَد قلبُه علی الشیء : لزِمه ، وکلاهما علی المَثَل. وعُقْده النکاح والبیع : وجوبُها. قال الفارسیّ : هو من الشدّ والرَّبْط ، ولذلک قالوا : إملاک المرأه ، لأن أصل هذه الکلمه أیضاً : العَقْد ، فقیل إملاک المرأه ، کما قیل عُقدَه النکاح. وعُقْده کل شیء : إبرامه.

* واعتقد الشیءُ : صَلُب.

* وتَعَقَّد الإخاءُ : استحکم ، مَثَلٌ بذلک. وتعَقَّد الثَّرَی : جَعُد.

* وثرًی عَقِدُ : علی النَّسب ، مُتجعد.

* وعَقَد الشحمُ یَعْقِد : انْبَنی وظهر.

* والعَقِدُ : المتراکم من الرمْل ، واحده : عَقِده. والجمع : أعقاد.

* والعَقَد : لغه فی العَقِد. وجمل عَقِد : أی قویّ.

* ولئیم أعقد : عَسِر الخُلُق.

* والعَقَد فی الأسْنان : کالقادح.

* والتَّعَقُّد فی البئر : أن یخرج أسفلُ الطَّیِّ ، ویدخل أعلاه إلی جِرابها ، أی مُتَّسَعها.

* والعُقْده : الضَّیْعه.

* واعتقد أرضاً : اشتراها. والعُقْده : الأرض الکثیر الشجر ، وهی تکون من الرِّمْث والعَرْفج ؛ وأنکرها بعضُهم ، فی العَرْفج. وقیل : العُقده من الشجر : ما یکفی المال سَنَتَه. وقیل : هی من الشجر ما اجتمع وثَبت أصله ؛ یرید الدوام. وقیل : هی البُقعه الکثیره الشجر. والعُقْده : بقیَّه المرعَی ، والجمع عُقَدٌ وعِقاد. والعَقَد والعَقَدان : ضَرب من التَّمْر.

ص: 168

* والعَقِدُ ، وقیل العَقَد : قبیله من الیمن ، ثم من بنی عبد شمس بن سعْد.

* وبنو عُقَیْده : قبیله من قُرَیْش.

* وبنو عَقِده : قبیله من العرب.

* والعُقُد : بطون من تمیم.

* والعُقَد : من بنی یَرْبوعٍ خاصّه ، حکاه ابن الأعرابیّ.

تحلُب الغَنم ، لأن حالبَ الغنم لا یکون إلا قاعدا.

* والقَعَد : الذین لا دیوان لهم. وقیل : القَعَد : الذین لا یَمْضون إلی القتال ، وهو اسم للجمع ، وبه سُمِّی قَعَدُ الحَروریَّه.

* ورجل قَعَدیّ : منسوب إلی القَعَد ، کعَربیّ وعَرَب ، وعَجَمیّ وعَجَم.

* وقالوا : ضربه ضَرْبه ابنه اقْعَدِی وقومی ، أی ضَرْبَ أَمَهٍ ، وذلک لقعودها وقیامها فی خدْمه مَوالیها ، لأنها تُؤْمَر بذلک ، وهو نَص کلام ابن الأعرابیّ.

* وأُقْعِدَ الرجل : لم یقدر علی النهوض.

* وبه قُعاد : أی داء یُقْعِد.

* والمُقْعَدات : الضَّفادع ، قال الشَّماخ :

تَوَجَّسْنَ واسْتَیْقَنَّ أنْ لیس حاضِراً

علی الماء إلا المُقْعَدَاتُ القَوافِزُ (1)

والمُقْعَدات : فراخ القَطا قبل أن تنهَض ، قال ذو الرُّمَّه :

إلی مُقْعَداتٍ تطرحُ الرّیحُ بالضحی

علیهنّ رَفْضاً من حَصَادِ القُلاقِلِ (2)

* والمُقْعَد : فَرْخ النَّسْر. وقیل : کل فرخ طائر لم یَسْتَقلَّ : مُقْعَد.

* والمُقَعْدَد : فرخ النسر ؛ عن کُراع.

* وَقَعَدتِ الرَّخَمه : جَثَمت.

* وما قَعَّدک ، واقْتَعَدَک؟ أی : حَبَسَک؟

* وقَعَدَت الفَسیله ، وهی قاعد : صار لها جِذْع تَقْعُد علیه. وفی أرض فُلانٍ من القاعِد کذا وکذا : ذهبوا به إلی الجنس.

* ورجل قُعْدِیّ وقِعْدیّ : عاجز ، کأنه یؤثِر القُعُود.

* والقُعده : السَّرْج والرحْل یُقْعَد علیهما. والقُعْده ، والقَعُودَه ، والقَعود من الإبل : ما اتخذه الراعی للرکوب ، وحمْل الزّاد. والجمع : قِعده ، وقُعَد ، وقِعْدان ، وقعائد.

واقتعدَها : اتخذها قَعُوداً. وقیل : القَعود : القَلُوص. وقیل : القَعود البَکْر إلی أن یُثْنِی ، ثم هو جَمَل. والقَعُود أیضاً : الفَصِیل.

ص: 170

* وقاعَدَ الرجلَ : قَعَد معه.

* وقَعید الرجل : مُقاعدُه. وقَعیداً کلّ امرئ : حافظاه ، عن الیمین وعن الشِّمال. وفی التنزیل : ( عَنِ الْیَمِینِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِیدٌ ) [ ق : 17 ]. قال سیبویه : أفرد کما تقول للجماعه : هم فریق. وقیل : القَعید للواحد ، والاثنین ، والجمع ، والمذکر ، والمؤنث ، بلفظ واحد.

* وقَعیدهُ الرجُل وقَعیده بیته : امرأته. قال الأسْعَر الجُعْفِیّ :

لکنْ قعیدَهُ بیِتنا مَجْفُوَّهٌ

بادٍ جَناجِنُ صَدْرِها وَلهَا غَنا (1)

* وتَقَعَّدَته : قامت بأمره ، حکاه ثعلب وابنُ الأعرابیّ.

* والقَعِید : ما أتاک من ورائک ، من ظَبْیٍ أو طائر ؛ قال عَبید :

ولقد جَرَی لهُم فَلَمْ یَتَعَیَّفُوا

تَیْسٌ قَعِیدٌ کالوَشِیجَهِ أعْضَبُ (2)

الوشیجه : عِرق الشجره ، شَبَّه التیسَ من ضُمْرهِ به.

* وثدیٌ مُقْعَد : ناتئٌ علی النحر.

* وقَعَد بنو فلانٍ لبنی فلان یَقعُدُون : أطاقوهم ، وجاءُوهم بأعدادهم. وقَعَد بقِرْنه : أطاقه. وقعد للحرب : هیَّأ لها أقرانها. قال :

لأصْبَحَنْ ظالماً حَرْباً رَباعِیَهً

فاقعُدْ لها ودَعَنْ عنک الأظانینا (3)

وقوله :

*سَتَقْعُدُ عبدُ اللهِ عَنَّا بنَهْشَلٍ* (4)

أی : ستُطیقُها وتجیئها بأقرانها ، فتکفینا نحن الحربَ.

* وقعدتِ المرأه عن الحیض والولدِ ، تَقْعُدُ قُعوداً ، وهی قاعِد : انقطع عنها. وفی التنزیل : ( وَالْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ ) [ النور : 60 ]. وقال الزجاج فی تفسیر الآیه : هُنَّ اللواتی قعَدْنَ عن الأزواج. وقَعَدَت النخله : حَمَلَتْ سنَهً ولم تحمِل أخری.

ص: 171

* والقاعدُ والقاعده أصل الأُسِّ. وفی التنزیل : ( وَإِذْ یَرْفَعُ إِبْراهِیمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَیْتِ وَإِسْماعِیلُ ) [ البقره : 127 ] وفیه : ( فَأَتَی اللهُ بُنْیانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) [ النحل : 26 ]. قال الزجاج : القواعدُ : أساطینُ البناء التی تَعْمِدُه. وقواعد الهَوْدَج : خَشَبات أربع ، مُعْترِضه فی أسفله ، قد رُکِّبت فیهنّ.

* والقُعْدُد ، والقُعْدَدُ : الجَبان اللئیم ، القاعد عن الحرب والمکارم. والقُعْدُد : الخامل. والقُعْدُد والقُعْدَد : أمْلَک القرابه فی النَّسب. والقُعْدُد : القُرْبَی. والمیراث القُعْدُد : هو أقرب القرابه إلی المیت. سیبویه : قُعْدُد : ملحقٌ بجُعْشُم ، ولذلک ظهر فیه المِثلان.

وفلان أقْعَدُ من فلان : أی أقرب منه إلی جدّه الأکبر. وعبّر عنه ابن الأعرابیّ بمثل هذا المعنی ، فقال : فلان أقعدُ من فلان : أی أقلّ آباء.

* والإقعاد : قلَّه الآباء ، وهو مذموم. والإطراف : کثرتهم ، وهو محمود. وقیل : کلاهما مدح. وقال اللِّحیانیّ : رجل ذو قُعْدُد : إذا کان قریباً من القبیله والعدد فیه قِله ، یقال : هو أقعدُهُم : أی أقربهم إلی الجدِّ الأکبر. وأطْرَفُهُمْ وأفسلهم : أی أبعدهم من الجدّ الأکبر.

* والقُعاد والإقعاد : داء یأخذ الإبل فی أوراکها ، وهو شِبه مَیْل العَجُز إلی الأرض. وقد أُقعِد البعیر.

* وجمل أقْعَد : فی وظیفی رجلیه کالاسترخاء.

* والقَعِیده : شیء تنسُجُه النساء ، یُشبه العَیبه ، یُجْلَس علیه. وقد اقتعَدَها. قال امرؤ القیس :

رَفَعْنَ حَوَایا واقتعَدْنَ قعائِداً

وحَفَّفْنَ منْ حَوْکِ العِراقِ المنمَّقِ (1)

والقعیده أیضاً : مثل الغِراره ، یکون فیها القدیدُ والکَعْک. قال أبو ذُؤَیب :

له من کَسْبِهِنَّ مُعَذْلَجاتٌ

قَعائِدُ قدْ مُلِئْنَ مِنَ الوَشِیقِ (2)

والقعیده من الرمل : التی لَیست بمستطیله. وقیل : هی الجبل اللاطئ بالأرض. وقیل : هو ما ارْتکم منه.

* والمُقْعَد من الشِّعر : ما نقصت من عَروضه قوّه ، کقوله :

ص: 172

أفَبعْدَ مقتَلِ مالکِ بن زُهَیْرٍ

ترْجو النِّساءُ عوَاقِبَ الأطْهارِ (1)

* وقَعِیدَک لا أفعل ذلک ، وقِعْدَک ؛ قال متمم :

قَعِیدَکِ ألَّا تُسمعینی مَلامَهً

ولا تَنْکَئِی قَرْحَ الفُوَاد فَیَیْجَعا (2)

وقیل : قَعْدَکَ اللهَ ، وقَعیدَکَ اللهَ : أی کأنه قاعد مَعَک ، یحفظ علیک قولَک ؛ ولیس بقویّ. وقال ثعلب : قَعْدَکَ اللهَ ، وقَعِیدَکَ الله : أی نَشَدتکَ اللهَ. وقال : إذا قلتَ قَعِیدَکما اللهَ جاء معه الاستفهام والیمین ، فالاستفهام کقولک : قعیدَکما اللهَ ألم یکن کذا؟ قال الفرَزْدَق :

قُعیدَکما اللهَ الذی أنتما لهُ

ألم تَسْمَعا بالبَیضتین المُنادِیا (3)

والقسَم : قعیدَک اللهَ لأُکْرِمَنَّک.

* وحکی ابن الأعرابیّ : حَدَّدَ شَفْرَتَه حتی قَعَدت کأنها حَرْبه : أی صارت. وقال : ثوبَک لا تَقْعُدُ تَطِیرُ به الرِّیح : أی لا تصیرُ طائرهً به. ونصبَ ثوبَک بفعل مُضْمَر ، أی احفظ ثوبَک.

وقال : قَعَد لا یسألهُ أحد حاجه إلا قضاها ، وَلمْ یفسِّره ؛ فإن کان عَنی به صارَ ، فقد قدَّم لها هذه النظائر ، واسْتغنی بتفسیر تلک النظائر عن تفسیر هذه ، وإن کان عَنیَ القُعود فَلا معنی له ، لأن القُعود لیست حال أولی به من حال ؛ ألا ترَی أنک تقول : قَعَد لا یَمُرُّ به أحدٌ إلا یَسُبُّه ، وقعد لا یسأله سائلٌ إلا حَرَمه ، وغیرُ ذلک مما یُخْبَر به من أحوال القاعد ؛ وإنما هو کقولک : قام یفعَلُ.

وعندی أن ابن الأعرابیّ إنما حکاه مُسْتغربا أو مُغْرِبا ، فهی کأختیها ، کأنه قال : صار لا یُسألُ حاجهً إلا قَضَاها.

* والمُقْعَد : رجل کان یَریشُ السِّهام بالمدینه ؛ قال الشاعر :

*أبُو سُلَیمانَ وریشُ المُقْعَدِ* (4)

ص: 173

* وقال أبو حنیفه : المُقْعَدانُ : شجر یَنبُت نبات المَقِر ، ولا مَراره له ، یخرُج فی وسَطه قضیبٌ یطول قامهً ، وفی رأسه مثلُ ثمرهِ العَرْعَره ، صُلْبَه حَمْراء ، یترامَی به الصبیان ، ولا یرعاه شیء.

إذا ما اسْتافَهُنَّ ضَرَبْنَ مِنهُ

مکانَ الرُّمْح من أنْفِ القَدُوعِ (1)

وفرس قَدُوع : یکُفُّ بعض جَرْیه.

* والمِقْدَعَه : عَصاً یُقْدَع بها.

* ورجل قَدِع علی النَّسب : یَنْقَدِع لکل شیء. قال عامر بن الطفیل :

وإنی سوْفَ أحْکُمُ غیرَ عادٍ

ولا قَدِعٍ إذا التُمس الجوابُ (2)

وامرأه قَدِعه وقَدُوع : کثیره الحَیاء ، قلیله الکلام.

* وأقدَع الرجلَ : شَتَمَه.

* والمَقادِع : عَوَارُ الکلامِ.

* والتَّقادُع : التهافُت فی الشَّرِّ.

* وتقادع الفَرَاش فی النار : تَساقط. وتَقادَع القومُ : هَلک بعضهم فی إثْر بعض ، فی شهر واحد ، أو عام واحد. وقیل : مات بعضهم فی إثْر بعض ، فلم یُخَصَّ یوم ولا شَهْر.

والتقادُع : التراجع. عن ثعلب.

* وقَدِعت عینُه قَدَعا : ضعُفَت من طول النظر إلی الشیء ، وقَدَع الخمسین : جاوزَها. بفتح الدال ، عن ابن الأعرابیّ. وقَدِعَت له الخمسون : دنت. قال :

ما یسألُ النَّاسُ عن سِنِّی وقد قَدِعت

لی أربعونَ وطال الوِرْدُ والصَّدَرُ (3)

* وقَدْعَه : اسْمُ عَنْز. عن ابن الأعرابیّ. قال :

فتَنازَعا شَطْرًا لقَدْعَهَ واحدا

فَتَدارأ فیه فَکانَ لِطامُ (4)

* والدَّقْعَمُ : الدَّقْعاء. المیم زائده. وحکی اللِّحیانی : بفیه الدِّقْعِم ، کما تقول وأنت تدعو علیه : بفیه التراب.

* والمَداقیع : الإبل التی تأکل النَّبْتَ حتی تُلْزِقَه بالدَّقْعاء.

* ودَقِع الرجلُ دَقَعا وأدقع : لصِق بالدَّقْعاء وغیره ، من أیّ شیء کان. ودَقِع وأدْقع : افتقر.

* ودَقِع دَقَعا ، وأدْقع : أسفَّ إلی مَدَاقِّ الکَسْب.

* ودَقَعَ دَقْعاً ودُقُوعاً ، ودَقِع دَقَعاً ، فهو دَقِع : اهْتَمَّ وخَضَع. قال الکُمَیتُ :

ولم یَدْقَعُوا عندَ ما نابَهُمْ

لصَرْفِ الحُرُوبِ ولم یخْجَلوا (1)

* والدَّقَع : سوءُ احتمال الفقر. والفعل کالفعل ، والمصدر کالمصدر ، وفی الحدیث : « إذا جُعْتنَ دَقِعْتُنّ ، وإذَا شَبِعتنّ خَجِلتنّ » (2).

* والدّاقع ، والمِدْقَع : الذی لا یُبالی فی أیّ شیء وَقَع ، فی طعام ، أو شراب ، أو غیره. وقیل : هو المُسِفُّ إلی الأُمور الدَّنیه.

* وجُوع دَیَقْوع : شدید.

وقَدِمَ أعرابیّ إلی الحَضَر ، فشبع ، فاتَّخَمَ ، فقال :

أقول للقوْمِ لمَّا ساءنی شِبَعی

ألا سبیلَ إلی أرْض بها الجوعُ؟

ألا سبیلَ إلی أرْضٍ یکون بها

جُوعٌ یُصَدَّع منه الرأسُ دَیْقوع؟ (3)

* ودَقِع الفصیلُ : بَشِم ، کأنه ضِدّ.

* وأدْقَع إلیه وله ، فی الشتم وغیره : بالَغ.

* والدَّوْقَعه : الداهیه.

* والدّقْعاء : الذُّرَه. یمانِیَه.

* * *

تم الجزء الثانی من کتاب المحکم ، بحمد الله وعونه

ص: 176

الجزء الثالث

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

هِجانُ المُحَیَّا عَوْهَجُ الخَلْقِ سُرْبِلَتْ

مِنَ الحُسْنِ سِرْبالا عَتیقَ البَنائِقِ (1)

یعنی : حَسَن البَنائق جمیلَها.

* والعِتْق : الشجر التی تُتَّخذ منها القِسِیُّ العربیه. عن أبی حنیفه. قال : یُراد به کَرَمُ القَوْس ، لا العِتْق الذی هو القِدَم. وقال مرّهً عن أبی زِیادٍ : العِتْق : الشجر التی تُعْمل منها القِسیّ. قال : کذا بلغنی عن أبی زیاد. والذی نعرفه العُتُق.

* والعَتیق : فَحل من النخل معروف ، لا تُنْفَض نَخْلُتُه.

* وعَتِیق الطیر : البازی ، قال لَبید :

فانتَضَلْنا وابنُ سَلْمَی قاعد

کعَتیق الطیرِ یُغْضِی ویُجَلّ (2)

ابن سَلْمی : النُّعمان. وإنما ذکر مَقامته مع الربیع ، بین یَدیِ النعمان.

والعَتیق : القدیم من کلّ شیء ، وقد عَتُقَ عِتْقا وعَتاقَه. والبیت العَتیق : مکه ، لقِدَمه ، لأنه أوّل ( بَیْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ ). وقیل : لأنه أُعْتِق من الغرقِ أیام الطُّوفان. وقیل : سُمّیَ عَتیقاً ، لأنه لم یملکْه أحدٌ. والأوّل أولی.

وقال بعض حُذَّاق اللُّغویین : العِتْق : للمَوَاتِ ، کالخمر والتَّمْر. والقِدَم : للمَوَات والحیوان جمیعاً. وخمر عَتیقه : قدیمه ، حُبِسَت زماناً فی ظَرْفها. فأما قول الأعشی :

وکأنَّ الخمرَ العَتیقَ مِن الإسْ

فِنْط ممزُوجهً بماءٍ زُلالِ (3)

فإنه قد یُوَجَّه علی تذکیر الخمر ؛ فإما أن یکون تذکیر الخمر معروفاً ، وإما أن یکون وَجَّهها علی إراده الشَّراب ، ومثلُه کثیر ، أعنی الحَمْلَ علی المعنی. قال أبو حنیفه : وإن شئت جَعَلْت « فَعیلا » هنا فی معنی « مفعول » کما تقول : عَین کَحِیل ، فتکون الخمر مؤنثه ، علی اللغه المشهوره. وقد عَتُقَتِ الخمرُ وعَتَّقَها ، قال الأعشی :

وسَبِیئَهٍ ممَّا تُعَتِّق بابِلٌ

کدمِ الذَّبیحِ سَلبْتُها جِرْیالهَا (4)

والعاتِق کالعَتیقه. وقیل : هی التی لم یُفَضَّ ختامُها ، کالجاریه العاتق ، وهی التی لم

ص: 178

تُفْتَضّ ؛ قال لَبید :

أُغْلِی السِّباءَ بکلّ أدْکَنَ عاتِقٍ

أو جَوْنَهٍ قُدِحَتْ وفُضَّ خِتامُها (1)

وقال أعرابیّ : لا نَعُدُّ البَکْرَه بَکْرهً حتی تسلَم من القَرْحَه والعُرَّه ، فإذَا بَرِئَتْ منهما فقد عَتُقَت وثَبَتَت. ویُرْوَی : نَبَتَت. وعَتُقَتْ : قَدُمَت. وکلّ ذلک عن ابن الأعرابیّ.

وقال ثعلبُ : فقد عَتَقَتْ بالفتح : أیَ نجَت فسَبَقت.

* وعَتَق السَّمْنُ وعَتُق : یعنی قَدُم. عن اللِّحیانی.

* والعتیق : الماء. وقیل : الطِّلاءُ والخمر. وقیل : اللَّبن.

وعَتَّق بفیه : عَضَّ. وعَتَق المالُ عِتْقاً : صَلحَ.

* وأعْتَقه : أصلحه. وعَتُقَ بعد اسْتعلاج ، فهو عَتیق : رَقَّ. وعَتَق التَّمر وغیرُه ، وعَتُقَ ، فهو عَتیق : رَقَّ جِلدُهُ. وقال أبو حنیفه : العَتیق : اسم للتَّمْر ، عَلَمٌ ، وأنشد قولَ عنتره :

کَذَبَ العَتیقُ وماءُ شَنٍّ بارِدٌ

إن کُنتِ سائلهً غَبوقاً فاذْهَبی (2)

أیْ علیک بالتَّمْرِ والماءِ ، ودَعی اللَّبن لفَرسی.

* والعاتِق : ما بین المَنکِب والعُنُق ، مذکر ، وقد أُنِّثَ ، ولیس بثَبْتٍ. وزعموا أن هذا البیتَ مصنوع ، وهو :

لا صُلْحَ بینی فاعْلَمُوه ولا

بینکمُ ما حَمَلَتْ عاتِقی (3)

قال اللِّحیانیّ : هو مُذکَّر لا غیر ، والجمع : عُتْقٌ ، وعُتُقٌ ، وعَوَاتق. ورجل أمیل العاتق : مُعْوَجُّ موضع الرداء. والعاتق : الزّقّ الواسع الجَیِّد ، وبه فسَّر بعضهم قول لَبید :

*أُغْلِی السِّباءَ بکلّ أدکَنَ عاتقٍ* (4)

وقد تقدّم. والعاتق أیضاً : المَزاده الواسعه.

* والمُعَتَّقه : ضَرْب من العِطْر.

ص: 179

* وأبو عَتیق : کُنیَه ، ومنه ابن أبی عَتیق ، هذا الماجن المعروف.

* والعَذَق : موضِع.

أقْعَثَنِی مِنْهُ بسَیْب مُقْعَثِ

لَیْس بمَنْزورٍ ولا مُرَیَّثِ (1)

* وقَعَثَ له من الشیءَ یَقْعَث قَعْثا : حَفَن له وأعطاه. وقَعَثَ الشیء یَقْعَثُه قَعْثا : استأصله واسْتوعَبه.

ومِن عاقرٍ یَنْفِی الألاءَ سَرَاتُها

عِذارَیْنِ عن جَرْداءَ وَعْثٍ خُصُورُها (1)

وخَصَّ الألاءِ ، لأنه من شجر الرمل.

وقیل : العاقر : رمله معروفه ، لا تنبت شیئاً. قال :

أمَّا الفُؤَادُ فَلا یَزالُ مُوَکَّلا

بهَوَی حَمامَهَ أو بَرَیَّا العاقِرِ (2)

حَمامهُ : رَمله معروفه أو أکَمه. وقیل : العاقر : العظیم من الرَّمل.

فأما قوله ، أنشده ابن الأعرابیّ :

*صَرَّافهَ القَبّ دَموکا عاقرا* (3)

فإنه فسَّره ، فقال : العاقر : التی لا مِثل لها ولا شِبْه. والدَّموک هنا : البَکْره التی یُسْتَقی بها علی السَّانیه.

* والعَقْر : شبیه بالحزّ. عَقَرَه یَعْقِرُه عَقْراً ، وعَقَّره.

* والعَقِیر : المعقور. والجمع : عَقْرَی ، الذکرُ والأنثی فیه سَواء.

* وعَقَر الفرسَ عَقْرا : قطعَ قوائمه. وفَرَس عَقیر : مَعْقور. وخیلٌ عَقْرَی. قال :

بِسِلَّی وسِلَّیْرَی مَصَارِعُ فِتْیَهٍ

کِرامٍ وعَقْرَی من کُمَیْتٍ ومِن وَرْدِ (4)

* وعَقَر الناقه یَعْقِرها ویَعْقُرُها عَقْرا ، وعَقَّرها : إذا فعل بها ذلک ، حتی تسقُط فینحرَها مستمکنا بها. وکذلک کله فعیل مصروف عن مفعوله ، فإنه بغیر هاء. قال اللِّحیانیّ : وهو الکلام المجتمَع علیه ، ومنه ما یُقال بالهاءِ ، وسیأتی ذکرها إن شاء الله. وعاقَرَ صاحبه : فاضلَه فی عَقْر الإبل ، کما یقال : کارَمه وفاخَره. وتعاقَرَ الرجلان : عَقَرَا إبلَهما ، لِیُرَی أیُّهما أعْقرُ لها. ولَّما أنشد ابنُ دُرَید قوله :

فما کان ذنبُ بنی مالکٍ

بأن سُبَّ منهم غلامٌ فَسَبّ

بأبیضَ ذی شُطَبٍ باتِرٍ

یقُطُّ العظامَ ویَبرِی العَصَبْ؟ (5)

ص: 183

فسَّره فقال : یرید مُعاقره غالبِ بن صَعْصَعه أبی الفَرَزْدق ، وسُحَیم بن وَثِیل الرّیاحیّ ، لمَّا تعاقَرا بصَوْءَرَ ، فعقرَ سُحَیم خَمْسا ، ثم بدا له. وعَقَر غالب أبو الفرَزْدق مِائه.

* والعَقیره : ما عُقِر من صیدٍ وغیره.

* وعَقیره الرجل : صَوْته إذا غَنَّی أو بَکی أو قَرأ. وقیل : أصله أن رجلاً عُقِرت رِجْلُه ، فوضع العَقِیره علی الصحیحه ، وبکی علیها بأعلی صَوته ، فقیل رَفع عَقیرته ، ثم کَثُر ذلک ، حتی صُیِّرَ الصوت بالغناء عَقیره. والعَقیره : الرجل الشریف یُقتَل. وفی بعض نُسخ « الإصلاح » : ما رأیت کالیومِ عَقیرهً وَسْط قَوْم.

* وعَقَر الرَّحْلُ والقتبُ ظهرَ الناقه ، والسَّرْج ظهرَ الدَّابه ، یَعْقِره عَقْراً : حَزَّه ، وأدْبره.

* واعْتَقرَ الظَّهْرُ وانعَقر : دَبِر.

* وسَرْج مِعْقارٌ ، ومِعْقَر ، ومُعْقِر ، وعُقَرَه ، وعُقَر ، وعاقور : یَعْقِر ظهرَ الدابه. وکذلک الرَّحْل. وقیل : لا یُقال مِعْقَر إلا لما عادته أن یَعْقِر.

* ورجُل عُقَره ، وعُقَر ، ومِعْقَر : یَعْقِر الإبل من إتعابه إیاها ، ولا یقال عَقُور.

* وکلب عَقُور ، والجمع عُقُر. وقیل : العَقور للحیوان ، والعُقَره للمَوَات. وکَلأ أرض کذا عُقارٌ وعُقَّار : یَعْقر الماشیه.

* ویُقال للمرأه : عَقْرَی حَلْقَی : معناه : عَقَرَها اللهُ وحَلَقَها ، أی حَلَق شَعْرها ، أو أصابها بوجَع فی حَلْقها ، ومنه قولُه صَلی الله علیه وسلّم لصفیَّهَ بنت حُیَیّ ، حین قیل له یوم النَّفْر : إنها حائض ، فقال : عَقْرَی حَلْقَی ، ما أراها إلَّا حابستَنَا ؛ فعَقْری هاهنا : مصدر کدَعْوی فی قول بشیر بن النِّکْث ، أنشد سیبویه :

*وَلَّتْ ودَعْوَاها شَدیدٌ صَخَبُهْ* (1)

أی ودُعاؤها. وعلی هذا قال : « صخَبُهْ » فذکَّر. وقیل : عَقْرَی حَلْقَی : تعقِر قومَها وتحلِقهم بشؤْمها. وقیل : العَقْری : الحائض. وقیل : عَقْراً حَلْقا : أی عقَرها اللهُ وحَلَقها. وحکی اللِّحیانیّ : لا تفعَل ذلک ، أمُّکَ عَقْرَی ، ولم یفَسِّره ، غیر أنه ذکرَه مع قوله : أمُّک ثاکل ، وأمُّک هابل. وحکی سیبویه فی الدعاء : جَدْعا له وعَقْرا.

وقال : جَدَّعته وعَقَّرتُه : قلتَ له ذلک.

* والعرب تقول : نعوذ بالله من العَواقِر والنَّواقر. حکاه ثعلب. قال : فالعواقِر ما یَعْقِر.

ص: 184

والنواقر : السِّهام التی تُصیب.

* وعَقَر النخلهَ عَقْراً ، وهی عَقِره : قطع رأسها فیبست.

* وطائر عَقِر وعاقِر : إذا أصاب ریشَه آفه ، فلم یَنْبُتْ.

* والعُقْر : دیه الفَرْج المغصوب. وقیل : هو صَدَاق المرأه.

* وبَیضه العُقْر : التی تُمْتَحَن بها المرأه عند الافتضاض. وقیل : هی أوّل بیضهٍ تبیضها الدجاجه ، لأنها تَعْقِرها. وقیل : هی آخر بَیْضه تبیضها إذا هَرِمت. وقیل : هی بیضه الدیک ، یبیض فی السنه مَرّه. ویقال للذی لا غَناء عنده : بیضه العُقْر ، علی التشبیه بذلک. وبیضه العُقْر : الأبتر الذی لا وَلَد له.

* والعَقیره : مُنْتهی الصوت. عن یَعقوب.

* واسْتَعقر الذئبُ : رفع صوته بالتطریب فی العُواء. عنه أیضاً. وأنشد :

فلمَّا عَوَی الذّئبُ مُسْتَعْقِراً

أنِسْنا به والدُّجَی أسْدَفُ (1)

وقیل : معناه : یطلُب شیئاً یَفْرِسُه. وهؤلاء قوم لُصوص أمِنوا الطلبَ حین عَوَی الذئب.

* وعُقْر القوم وعَقْرهم : مَحَلَّتهم بین الدار والحَوْض.

* وعُقْر الحَوْض وعُقُره : مُؤَخَّره. وقیل : مَقام الشَّاربه منه. وفی المَثل : « إنما یُهْدَم الحوْض من عُقُره » : أی إنما یُوتی الأمر من وجْهه. والجمع أعقار ؛ قال :

یَلُذْنَ بأعْقارِ الحْیِاضِ کأنها

نساءُ النَّصارَی أصبْحت وهی کُفَّلُ (2)

* وناقه عَقِره : تَشْرَب من عُقْر الحَوْض.

* وعُقْر البئر : حیث تقع أیدی الوارده إذا شَرِبت. والجمع : أعقار.

* وعُقْر النار ، وعُقرها : أصلها الذی تأجَّجُ منه. وقیل : مُعظَمها ومُجْتَمَعُها.

* وعُقْر الدار : وعَقْرها : أصلها. وقیل : وَسَطُها. وقالوا : البُهْمَی : عُقْر الکَلأ ، وعُقار الکَلأ : أی خِیار ما یُرْعَی من نبات الأرض ، ویُعْتَمد علیه ، بمنزله عُقْر الدّار. وهذا البیت عُقر القصیده : أی أحسن أبیاتها. وهذه الأبیات عُقار هذه القصیده : أی خِیارُها.

* والعَقْر : فَرْجُ ما بین کلّ شیئین. وخَصَّ بعضهم به : ما بین قوائم المائده.

* والعَقْر والعَقار : المنزِل ، والضَّیْعه. وخَصّ بعضهم بالعَقار : النَّخل.

ص: 185

* وعَقارُ البیت : مَتاعه ونَضدُه ، الذی لا یبتُذَل إلا فی الأعیاد ، والحقوق الکبار. وقیل : عَقار المتاع : خِیاره. وهو نحو ذلک ، لأنه لا یُبْسَط فی الأعیاد والحُقوق الکِبار إلا خِیارُه.

وقیل : عَقارُه : مَتاعه ونَضَده إذا کان حَسنَا کثیراً. وقال أبو حنیفه. عن ابن الأعرابیّ : عَقارُ الکَلأ البُهْمَی ، کلّ دار لا تکون فیها بُهْمَی فلا خیر فی رَعْیها ، إلا أن تکون فیها طَرِیفه ، وهی النَّصِیُّ والصِّلِّیان.

وقال مره : العَقار : جمع الیَبِیس.

* وعاقرَ الشیءَ مُعاقرهً وعِقاراً : لزِمه.

* والعُقار : الخمر ، لأنها عاقَرَت الدَّنَّ ، أی لَزِمته. وقیل : لأن أصحابها یعاقِرونها ، أی یُلازِمونها. وقیل : هی التی تَعْقِر شاربها. وقیل : هی التی لا تَلْبَث أن تُسْکِر.

* وعَقِر الرجلُ عَقَراً : فَجِئَه الرَّوْع ، فلم یقدِر أن یتقدّم أو یتأخَّر. وقیل : عَقِر : دهِش ، ومنه قول عُمَر حین سمع خُطْبه أبی بکر ، عند وَفاه النبیّ صلی الله علیه وسلم ، قال : فعَقِرتُ حتی ما أقدِرُ علی الکلام.

* وظَبْی عَقِیر : دَهِش. وروی بعضهم بیتَ المتنخل :

فَلَثِمْتُها فَتَنَفَّسَتْ

کتنفُّس الظَّبْیِ العَقِیرِ (1)

* والعَقْر والعُقْر : القَصْر. الأخیره : عن کُراع. وقیل : القصرُ المتهدّم بعضُه علی بعض. وقیل : البِناءُ المرتفع. والعَقْر غَیم فی عَرْض السَّماء والعَقْر : السَّحابُ الأبیض. وقیل : کلّ أبیضَ : عَقْر.

* والعَقیر : البَرْق. عن کُراع.

* والعَقَّار والعِقِّیر : ما یُتَداوَی به من النبات والشجر. والعُقَّارُ : عُشبٌ یرْتَفعِ قدرَ نَصْب القامه. وثمره کالبنادق ، وهو مُمِضٌّ الْبَتَّه ، لا یأکله شیء ، حتی إنک تری الکلبَ إذا لا بسَه یَعْوِی. ویُسَمَّی عُقَّارَ ناعمه ، وناعمه : امرأه طبخته ، رَجاء أن یَذْهَب الطبخ بغائلته ، فأکَلته ، فقتلها.

* والعَقْر ، وعَقاراء ، والعَقاراء : کلُّها مواضع. قال حُمَید بن ثور :

رَکُود الحُمَیَّا طَلَّهٍ شابَ ماءَها

بها من عَقاراءِ الکرُوم دَبیبُ (2)

ص: 186

أراد : من کروم عَقاراء ، فقدَّم وأخَّر.

* والعُقُور : مثل السُّدُوس. والعُقَیْر ، والعَقْر : مواضع أیضاً. قال :

ومنَّا حبیبُ العَقْر حینَ یَلُفُّهُمْ

کما لَفَّ صِرْدانَ الصَّرِیمه أخْطَبُ (1)

* والعواقر : موضع. قال کُثَیِّر عَزّه :

وسَیَّلَ أکْنافَ المَرابدِ غُدْوَهً

وسَیَّلَ منه ضاحکٌ فالمَعاقِرُ

* ومُعَقِّر ، وعَقَّار ، وعُقْران : أسماء.

* ومَعارِق الرمل : ألْعاطُهُ وآباطه ، علی التَّشبیه بمَعارق الحیوان.

* والعَرَق : اللَّبن ، سُمّی به لأنه عَرَق یَتَحلَّب فی العُروق ، حتی ینتهَی إلی الضَّرْع ؛ قال الشَّماخ :

تَغْدُو وقد ضَمِنَتْ ضَرّاتُها عَرَقا

من طَیِّب الطَّعْم صافٍ غیرِ مجْهودِ (1)

والروایه المعروفه : غُرَقا ، جمع غُرْقه ، وهی القلیل من اللَّبن والشراب. وقیل : هو القلیل من اللبن خاصّه. ورواه بعضهم : « تُصْبحُ وقد ضمنت ... » ، وذلک أن قبله :

إنْ تُمْسِ فی عُرْفُطٍ صُلْعٍ جَماجِمُهُ

مِنَ الأسالِق عارِی الشَّوْکِ مَجْرودِ (2)

« تصبحْ وقد ضَمنَت ... » فهذا شرط وجزاء. ورواه بعضهم : « تُضْحِ وقد ضَمِنَت ... » ، علی احتمال الطیّ.

* وعَرِق السِّقاءُ عَرَقاً : نَتَحَ منه اللبن.

* وما أکثر عَرَقَ إبِلک وغنمک ، أی لبَنها ونِتاجَها.

* ولَقیتُ منه عَرَق القِرْبه : أی شِدَّه ومَشَقَّه ، ومعناه : أن القِرْبه إذا عَرِقت وهی مدهونه خَبُثَ ریحُها ؛ قال عَمرو بن أحمَر الباهلیّ :

لیْسَتْ بمَشْتَمَهٍ تُعَدُّ وعَفْوُها

عَرَقُ السِّقاءِ علی القَعُودِ اللَّاغِبِ (3)

أراد : عَرَق القِرْبه ، فلم یستقم له الشعر ، کما قال رُؤْبه :

*کالکَرْمِ إذْ نادَی مِن الکافُورِ* (4)