سلسلة القبائل العربیة فی العراق المجلد 7

اشارة

سرشناسه : کورانی، علی، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان و نام پدیدآور : العراق عرین القبایل العربیه/ علی الکورانی العاملی، ساعدفیه عبدالهادی الربیعی ، الشیخ کمال العنزی.

مشخصات نشر : قم: دارالهدی، 1389.

مشخصات ظاهری : 96ص.

فروست : سلسله القبایل العربیه فی العراق؛ 1

شابک : 978-964-497-299-7

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

یادداشت : عربی.

موضوع : قبایل و نظام قبیله ای -- عراق

شناسه افزوده : عنزی، کمال

شناسه افزوده : ربیعی، عبدالهادی

شناسه افزوده : سلسله القبایل العربیه فی العراق؛ 1

رده بندی کنگره : DS70/8 /آ2 س8 1.ج 1389

رده بندی دیویی : 956/7

شماره کتابشناسی ملی : 2109483

ص: 1

اشارة

ص: 2

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین وأفضل الصلاة وأتم السلام علی سیدنا ونبینا محمد وآله الطیبین الطاهرین .

بنو شیبان أحد أشهر بطون قبیلة بکر بن وائل من قبائل ربیعة ، ویرجع نسبهم الی شیبان بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر بن وائل . وهم من أقدم القبائل التی استوطنت العراق ، وعاشت فی ربوعه .

وکانت أصولهم من الحجاز ومساکنهم فی العراق ، من البصرة الی ذی قار ، وکانو مع قبیلة عجل بن لجیم کالحلیفین .

وقد زارهم النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فی موسم الحج فی مکة ، وعرض علیهم أن یحموه من قریش حتی یبلغ رسالة ربه ،فقال له رؤساؤهم ومنهم المثنی بن حارثة: « إنما أنزلنا بین ضرتین! فقال رسول

ص: 3

الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) : ما هاتان الضرتان ؟ قال: أنهار کسری ومیاه العرب ، وإنما نزلنا علی عهد أخذه علینا کسری لا نحدث حدثاً ولا نؤی محدثاً ، وإنی أری هذا الأمر الذی تدعو إلیه مما تکرهه الملوک ، فإن أحببت أن نؤویک وننصرک مما یلی میاه العرب ، فعلنا.

فقال رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) : ما أسأتم فی الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإن دین الله لن ینصره إلا من أحاطه الله من جمیع جوانبه ، أرأیتم إن لم تلبثوا إلا قلیلاً حتی یورثکم الله أرضهم ودیارهم وأموالهم ویفرشکم نساءهم ، أتسبحون الله وتقدسونه ؟ فقال النعمان بن شریک: اللهم لک ذلک ». (شرح الأخبار للقاضی النعمان المغربی: 2/387).

وسرعان ما حقق الله عز وجل وعد رسوله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) للشیبانیین ، فانتصروا علی کسری ، ووفوا بوعدهم للنبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) !

فبعد أن انهزم کسری علی ید هرقل ، ساءت أخلاقه مع رجال دولته ، وقام بقتل النعمان بن المنذر ملک الحیرة ، وکان کسری أودع عنده دروعاً ووسائل حرب ، قیل إنها

ألف درع أو نحوها ، فلما أحس المنذر بالخطر من کسری ، أودعها مع عائلته عند بنی شیبان، ولما قتله کسری طلب منهم تسلیم الدروع وعائلة المنذر فأبوا ، وأرسل الیهم جیشاً قویاً فقاتلوه، وکان شعارهم یا محمد !

ص: 4

فنصرهم الله تعالی وهزموا جیش کسری ، وأرسلوا وفداً الی النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) یحمل خمس غنائمهم ، ودخل بعضهم فی الإسلام ، وکان ذلک بعد معرکة بدر بأربعة أشهر أو خمسة. (تاریخ الیعقوبی :2/46).

ومن ذلک الیوم تمهد تحریر العراق أمام بنی شیبان وحلفائهم ، واستفادوا من اضطراب نظام کسری بعد أن قتله ابنه شیرویه ، فقاموا بفتح أکثر العراق ، ولم یحتاجوا من المسلمین مدداً ، إلا فی معارکهم الأخیرة علی أطراف العراق وداخل إیران .

وبذلک تعرف أن البطولات التی سطرها رواة السلطة القرشیة لخالد بن الولید وسعد بن أبی وقاص فی فتح العراق ، مبالغ فیها ، وأن الفعل المیدانی کان لبنی شیبان وحلفائهم ، ولکن السلطة أعطت بطولاتهم لمن تحبهم !

ولئن بالغ شاعرهم ابن نصلة الشیبانی وهو قائد فی الفتوحات ، فی مدح قومه، فإنهم أحق به من غیرهم فی فتح العراق ، قال:

شیبان قومی ولیس الناس مثلهم

لو ألقموا ما تضئ الشمس لالتقموا

لو یقسم المجد أرباعا لکان

لنا ثلاثة وبربع تجتزی الأمم

ص: 5

ثلاثة صافیات قد جمعن لنا

ونحن فی الربع بین الناس نستهم

(الوافی للصفدی: 5/114)

فی الختام لابد أن أشکر الأخ الباحث الشیخ عبد الهادی الطهمازی الذهلی الشیبانی ، الذی جهده فی خدمة تاریخ الإسلام وبنی شیبان ، وفقه الله وتقبل منه ومنا .

کتبه: علی الکورانی العاملی

16 / ربیع الأول / 1430

ص: 6

الفصل الأول: ملامح عامة عن بنی شیبان

1- شیبان وجدُّه بکر بن وائل

بکر بن وائل من أشهر قبائل ربیعة ، المنسوبة الی القبائل العدنانیة من نزار بن معد بن عدنان قالوا إن أم وائل ثقفیة ، وإنه تزوج هنداً بنت تمیم بن مُرّ فأولد منها بکر بن وائل ، وتغلب بن وائل ، وعنز بن وائل (المعارف لابن قتیبة/91) وصارت ذراریهم قبائل کثیرة العدد .

وأولد بکر بن وائل کلاً من: علی بن بکر ، وبَدَن بن بکر ، ویَشْکر بن بکر (المعارف/97 ) وأولد علی صعباً ، وأولد صعب: عکابة بن صعب ، ولجیم بن صعب ، ومالک بن صعب. ثم أولد عکابة ثعلبة ، وأولد ثعلبة شیبان .

ص: 7

2- منازل بکر بن وائل

کانت دیار بکر بن وائل فی الیمامة غرباً الی البحرین شرقاً ، ومن البحرین وأسیاف البحر جنوباً الی الأبلَّة فی البصرة ، ثم امتدَّت الی هیت شمالاً ، ثم توغلت داخل العراق فی أعالی دجلة شمالاً الی ما یعرف الیوم بدیار بکر فی ترکیا (معجم قبائل العرب : 1/93)

وزادت أعداد بطون هذه القبیلة بعد الإسلام وإنشاء مدینتی البصرة والکوفة ، وضمت خطة قبائل بکر بن وائل فی البصرة بطوناً کثیرة مثل: بنی عجل بن لجیم ، وبنی قیس بن ثعلبة ، وبنی تیم الله بن ثعلبة ، وسدوس ، ویشکر ، وذهل ، وحنیفة کما کانت مع تغلب فی الکوفة سُبْعاً وعلیهم وعلة بن مخدوج.

3- أشهر بطون بکر بن وائل

1 - بنو شیبان: وهم بنو شیبان بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر بن وائل ، وهم موضوع بحثنا.

2 - بنو تیم الله بن ثعلبة: وهم أولاد تیم بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر بن وائل.

ص: 8

3 - بنو ذهل بن ثعلبة: وهم بنو ذهل بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر بن وائل ، ویعبر عنهم بذهل الأصغر قبالة ذهل بن شیبان ، حیث یعبرون عنهم بذهل الأعظم لکثرتهم.

4 - بنو قیس بن ثعلبة: وهم بنو قیس بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر.

5- بنو عجل بن لجیم: وهم بنو عجل بن لجیم بن صعب بن علی بن بکر بن وائل ، ولجیم أخٌ لعکابة بن صعب.

6- بنو حنیفة بن لجیم: وهم بنو حنیفة بن لجیم بن صعب بن علی بن بکر بن وائل ، وحنیفة أخ لعجل بن لجیم.

7 - بنو یشکر بن علی بن بکر بن وائل ، کانوا یسکنون الیمامة .

8 - سدوس بن ثعلبه:أخ شیبان، وثعلبة بن صعب بن عکابة.

4- أشهر بطون بنی شیبان

لشیبان أربعة أولاد: ذهل وتیم وثعلبة وعوف ، ولا عقب لعوف (المعارف/99 ).وفی أولاد ذهل وثعلبة الکثرة والعدد ، قال أبو عمرو بن العلاء: جاء الإسلام وأربعة أحیاء قد غلبوا الناس کثرة

ص: 9

، شیبان بن ثعلبة ، وجشم بن بکر بن تغلب ، وحنظلة بن صعصعة وحنظلة بن مالک. (الإنباه علی قبائل الرواة ابن عبدالبر : 87)

وأشهر بطون بنی شیبان هم :

1 - بنو أسعد بن همام: والنسب إلیه أسعدی ، وهم بنو أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شیبان ، قال ابن ماکولا: وهم جماعة کثیرة ، ولهم الآن بقیة صالحة.(إکمال الکمال : 1/155)

2 - اُمامة : وهم بنو قیس وحارثة إبنی عمرو المزدلف بن أبی ربیعة بن ذهل بن شیبان (معجم قبائل العرب:1 /40) ، واُمامة أمهم فنسبوا إلیها (الأعلام:5 /205) وکان حارثة یلقب بذی التاج ، وکان علی بکر بن وائل یوم أوارة حیث قتلوا المنذر بن ماء السماء ملک الحیرة، وعدُّوا بنی قیس بطنا برأسه .

3 – بجاد : قالوا: هم قبیلة من شیبان. (معجم قبائل العرب: 1 : 61)

4 - بنو بجیر بن مرة: بن ذهل بن شیبان (المصدر السابق:1 :62)

5 - بنو تیم بن شیبان: والنسب إلیه تیمی ، وفیهم السؤدد والسخاء (المعارف:99) ، ومن دیارهم القحقح کانوا یشارکون بنی ریاح بن یربوع من تمیم سکناها (معجم ما استعجم:3/1049) ، منهم

ص: 10

جعفر بن ورقاء أمیر بنی شیبان بالعراق ، ومنهم جبلة بن سحیم التیمی التابعی .

6 - بنو ثعلبة بن شیبان: بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر بن وائل ، وهم بطن کبیر (معجم قبائل العرب:1 :145)

7 - بنو جساس بن مرة: بن ذهل بن شیبان (المصدر السابق:1 :186)

8 - بنو جندب بن مرة: بن ذهل بن شیبان ، وهو أخو جساس (المصدر السابق:1 :210)

9 - بنو حوشب: بن یزید بن الحارث بن یزید بن رویم بن عبدالله بن سعد بن مرة بن ذهل بن شیبان ، والنسب إلیه حوشبی ، منهم شهاب بن خراش أبو الصلت الشیبانی.(سیر أعلام النبلاء :8/284)

10 – الخِدرة: بکسر الخاء، لقب عمرو بن ذهل بن شیبان ، وهو غیر الخدری من الأنصار الذی ینسب الیه أبو سعید الخدری.(تاج العروس:6/332)

11 - بنو دب بن مرة بن ذهل بن شیبان ومنهم غیاث بن عمران بن مرة قتله معاویة مع حجر بن عدی (معجم قبائل العرب: 1 : 373)

ص: 11

12- بنو ذهل بن شیبان بن ثعلبة بن عکابة ، والنسب إلیه ذهلی وهم کثرة منهم: مرة بن ذهل، ومحلم والحارث وربیعة، وأمهم رقاش . وعبد غنم بن ذهل، وعوف وصبیح وشیبان ، وأمهم الوارثة من بنی یشکر.. وعمرو ، وأمه جذرة . (المعارف : 100)

13 - بنو ربیعة أو أبی ربیعة بن ذهل بن شیبان، ومنهم: عبدالله بن خارجة بن حبیب أحد الشعراء زمن الدولة الأمویة (معجم قبائل العرب:3 :1183) وهانئ بن قبیصة بن هانئ الشیبانی.

14 - بنو سعد بن مرة بن ذهل بن شیبان (المصدر السابق:2 :519) ومنهم طلاب بن حوشب أحد أصحاب الإمام الباقر (علیه السّلام) .

15 - بنو سیار بن مرة بن ذهل بن شیبان (المصدر السابق:2 :569)

16 - بنو عمرو بن مرثد بطن من بنی شیبان بن ثعلبة بن عکابة (المصدر السابق:2 :836)

17 - بنو کثیر بن مرة بن ذهل بن شیبان (المصدر السابق:3 :978)

18 - بنو محلم بن ذهل بن شیبان بن ثعلبة والنسب إلیه محلمی (الأنساب: السمعانی:5 :216) ومنهم عوف بن محلم من أشراف العرب فی الجاهلیة ، الذی قال عنه ملک الحیرة عمرو بن هند: لا حر بوادی عوف. (الأعلام:5 :96)

ص: 12

19 - بنو مرة بن الحارث بن همام بن مرة بن ذهل بن شیبان ، استوطنوا خراسان بعد الفتح الإسلامی. (الأعلام:8 :94)

20 - بنو مرة بن ذهل،وهو أبو جساس قاتل کلیب، وقد قتلوا منهم کثیراً بکلیب لکن زاد عددهم.(شرح نهج البلاغة:4 :19)

21 - مرة بن همام بن مرة بن ذهل بن شیبان شاعر جاهلی ،قال:

یا صاحبی ترحلا وتقربا

فلقد أنَی لمسافر أن یطربا

طال الثواء فقربا لی بازلاً

وَجْناء تقطع بالرداف السبسبا

(معجم البلدان : 5/197)

22 – المزدلف ، وهو عمرو بن أبی ربیعة بن ذهل بن شیبان (معجم قبائل العرب:3 :1082) ، وسمی المزدلف لأنه قال فی الحرب: یا بنی بکر بن وائل إزدلفوا بمقدار رمیتی برمحی هذا ، وکان فارساً صاحب وقائع ، أسره بنوتمیم فی وقعة یوم جوف الدار فی هجر (الأعلام : 5 : 222)

23 - بنو مصقلة بن هبیرة بن شبل ، ومنهم علی بن شجاع المصقلی الصوفی وابنه أحمد (الأنساب:5 :314)

24 - نضلة بن مرة ، بطن من شیبان (معجم قبائل العرب:3 :1183)

ص: 13

25 - همام بن مرة ، بطن من مرة بن ذهل (المصدر السابق:3/1224) ، وهو أخ جساس

قتل فی حرب البسوس، ومنهم معن بن زائدة .

26- بنو مازن بن شیبان ، شرقی دجلة فی جهة الموصل ، وأکثر أئمة الخوارج فی ربیعة منهم (المصدر السابق:2 :622)

5- منازل بنی شیبان ومیاههم

بَتَّا: من قری النهروان من نواحی بغداد (معجم البلدان:1 :334)

جدِّیة: أرض بنجد کانت لبنی شیبان (المصدر السابق:2 :115)

قشاوة: جرت لهم فیها وقعة مع بنی سلیط(المصدر السابق:4 :351)

المسناة: ماء لبنی شیبان . ( معجم ما استعجم : 4 : 1229)

سلامان: ماء لهم علی طریق مکة. (المصدر السابق:3 :745)

ثیتل: ماء لبنی شیبان (المصدر السابق:1 :351)

کاظمة: من میاه بنی شیبان (المصدر السابق:4 :1110)

ذی قار: وفیه جرت وقعتهم مع الفرس.

نهی: ماء لبنی شیبان کانت لهم فیه وقعة مع تغلب .

ص: 14

الفصل الثانی: حروب بنی شیبان

حاربت شیبان قبائل ودولاً

وقد اشتهرت حرب البسوس بینهم وبین بنی عمهم بنی تغلب بن وائل . ولهم حروب مع تمیم ، وأیاد ، وکعب...کما حاربوا ملک الحیرة ، وملک الشام ، ثم حاربوا إمبراطوریة الفرس .

حرب البسوس

وقد استمرت نحو أربعین سنة وانتهت فی سنة 534 میلادیة ، وسببها قتل جساس بن مرَّة البکری لکلیب بن ربیعة الجشمی التغلبی ، فقد کانت قبائل معد ملکت علیها کلیباً لبطولته فی حربهم مع قبائل الیمن یوم خزاز (الکامل: 1/520) فکان یأمرهم فیطیعونه ، ثم بغی علیهم فکان یحمی مواقع السحاب فلا یرعی أحد فیها ، وإذا رعت إبله فی مکان یمنع أن یرعی معها غیرها، ویمنع مرور أحد بین بیوته ! وکان یقول: وحش أرض کذا جواری ، فلا یصید منها أحد !

ص: 15

وتزوج کلیب جلیلة بنت مرة أخت جساس ، وحمی أرضاً بالعالیة ، وهی هضبة فی نجد ، وکان جساس یرعی إبله فیها برضی کلیب ، فنزل سعد بن شمیس بن طوق الجرمی ضیفاً علی البسوس بنت منقذ التمیمیة خالة جساس ، فطلبت من جساس أن یرعی ناقة سعد بن شمیس مع إبله ، وخرج کلیب ذات یوم یتفقد الإبل ومراعیها ، فرأی ناقة سعد بن شمیس وکانت تسمی سراب ، ترعی مع إبل جساس فأنکرها فقال لجساس: لا تعد هذه الناقة الی هذا الحمی ، فقال جساس: لا ترعی إبلی مرعی إلا وهذه معها، فقال کلیب:لئن عادت لأضعن سهمی فی ضرعها ! فقال جساس: لئن وضعت سهمک فی ضرعها لأضعنَّ سنان رمحی فی لبتک (عنقک) ثم تفرقا !

وخرج کلیب مرة أخری یتصفح الإبل فوجد تلک الناقة فرمی ضرعها بسهم فولت ولها عجیج عظیم حتی انتهت الی خباء صاحبها ، فلما رآها صاح: واذلاه ، وخرجت البسوس علی صوت صراخ ضیفها ، فوضعت یدها علی رأسها ثم صاحت واذلاه ! وجساس یراها ، فقال لها: سأقتل جملاً أعظم من هذه الناقة ، فظنوا أنه یرید قتل غلال فحل إبل کلیب ! وخرج کلیب

ص: 16

یوماً آمناً فتبعه جساس فقتله ووضع علیه أحجاراً وعاد الی منزله.وعلم المهلهل بن ربیعة أخو کلیب بالأمر ، فأنشد:

قتیل ما قتیل المرء عمرو

وجساس بن مرة ذی صریم

أصاب فؤاده بأصم لَدْنٍ

فلم یعطف هناک علی حمیم

فإن غدا وبعد غد لرهن

لأمر ما یقام له عظیم

جسیماً ما بکیت به کلیباً

إذا ذکر الفعال من الجسیم

وبلغ جساس منزله وأخبر أباه مرة بالخبر ، فأرسل أبوه الی قومه یدعوهم الی نصرته ، فشحذوا السیوف وقوَّموا الرماح وتهیؤوا للرحلة والحرب . وأرسل المهلهل رجالاً الی مرة بن ثعلبة أبو جساس فعرضوا علیه أربعة خلال: إما أن یحیی کلیباً ، أو یدفع إلیهم أحد ولدیه جساس أو همام لیقتل به ، أو یمکِّنهم من نفسه فقال: أما إحیائی کلیباً فلست بقادر علیه ، أما جساس فإنه غلام ظعن علی عجل ولا یدری أیِّ بلاد قصد ، وأما همام فهو أبو عشرة وأخو عشرة

وعم عشرة ، ولن یسلمه قومه بجریرة غیره ، أما أنا فما هی إلا أن تجول الخیول فأکون أول قتیل ، ولن أتعجل الموت . ثم عرض علیهم أن یقتلوا أحد أولاده غیر جساس ومرة بکلیب ، أو یدفع دیة لهم ألف ناقة ، فأبوا ، واستعرت الحرب واستمرت أربعین عاماً وکان فیها أیام مشهورة کیوم عنیزة: وهو

ص: 17

أول یوم التقوا فیه وتناصف الفریقان ، فلم تکن فیه الغلبة لأحد من الفریقین ، ثم تفرقوا !

ویوم نهی: وهو ماء کانت بنی شیبان نازلة علیه ، وکان مهلهل یقود تغلب ، والحارث بن مرة یقود شیبان ، فقتلت بین الطرفین قتلی کثیرة ، وکانت الدائرة فیه لتغلب .

ویوم الذنائب: وهی وقعة عظیمة کانت بینهم ، قتل فیها شرحبیل بن مرة ، والحارث بن مرة .

ویوم واردات: حیث ظفرت تغلب واستحرَّ القتل فی بنی شیبان وقتل فیه همام بن مرة . فبعث مرة ابنه جساساً الی الشام ، وبعثت تغلب رجالاً لتعقبهم فظفروا بهم وقتل جساس واثنان معه .

ویوم تحلاق اللمم: حیث حلقت بکر بن وائل رؤوسها لیعرفوا فسمی بذلک (الکامل:1/532) .

ویوم الحنو: بذی قار انتصرت فیه بکر علی تغلب (المعارف/605).

ویوم فطیمة: موضع بالبحرین ، اشترکت فیه بنو شیبان وبنو ضبیعة من ربیعة علی تغلب (معجم البلدان:4/268).

ویوم صعاب: رمال بین البصرة والیمامة ، قتل فیه الحارث بن مرة أخو جساس (الأعلام:8/94) . ولهم مع تغلب أیام أخری !

ص: 18

حروبهم مع بنی تمیم

وهی کثیرة ، منها: یوم نقف قشاوة: وفیه أغار بسطام بن قیس الشیبانی ، وهو من أشهر فرسان العرب ، علی بنی یربوع فأتاهم ضحی فی یوم ریح ومطر وقد عادت إبلهم من الرعی فأخذها ، فتبعه بنو یربوع لإستنقاذها فقتل منهم وأسر .

ویوم الغبیط: فیه أغار بسطام بن قیس علی بعض بطون تمیم ، وکانوا متجاورین فی صحراء فلج ، وهی واد فی البصرة لبنی العنبر من تمیم (معجم البلدان:4/271) فانهزم التمیمیون وقتل منهم مقتلة عظیمة ، وساق إبلهم وأموالهم ، فتبعتهم بنو مالک وبنو الیربوع من تمیم ، فادرکوا بسطاماً بغبیط المدرة ، فقاتلوهم وصبر الفریقان ثم انهزم أصحاب بسطام ووقع هو فی الأسر ، ثم فدی نفسه بألف بعیر ، واستعادت تمیم أموالها . (الکامل:1ا/600).

ویوم زبالة: وفیه أغار الأقرع بن حابس المجاشعی التمیمی علی بنی شیبان ، فلقیه بسطام وعمران بن مرة فی زبالة ، موضع بین مکة والکوفة ، فاقتتلوا قتالاً شدیداً ظفرت فیه بنو شیبان ، ووقع الأقرع بن حابس وأخوه أسیرین فی أیدیهم ، ثم فدی نفسه فأطلق بسطام سراحه. (المصدر السابق:1/602).

ص: 19

ویوم مبائض: وهو ماء قریب من میاه بنی تمیم ، جاء هانئ بن مسعود الشیبانی وأنزل قومه فیه ، فبلغ خبره تمیماً فأرادوا استأصالهم لبعد بنی شیبان عن قومهم ، وعلم هانئ بأمر الغارة فأوصی أصحابه بالثبات قلیلا ثم الفرار من المعرکة ، فإذا انشغلت تمیم بجمع الغنائم یکرون علیهم مرة أخری ، فجاءت تمیم فأوقعت فیها فقاتلوا یسیرا ثم تفرقوا کما أمرهم هانئ ، فلما انشغل التمیمیون بالغنیمة والسبی ، کرَّ الشیبانیون علیهم فقتلوا منهم مقتلة عظیمة لم تلق تمیم مثلها. (الکامل:1/603).

ویوم زویرین: وسببه أن أراضی بکر بن وائل أجدبت ، فانتجعوا أرض تمیم بین الیمامة وهجر ، فکان لا یلقی بکری تمیمیاً إلا قتله ولا یلقی تمیمی بکریاً إلا قتله ، وتطایر الشر

بینهم ، فتجمعت بکر بن وائل عند الحوفزان الحارث بن شریک ، من سادات بنی شیبان ، والوادک بن الحارث الشیبانیان ، وحنظلة بن سیار العجلی وعزموا علی غزو بنی دارم من تمیم ، واجتمع بنو حنظلة وسعد والرباب من تمیم ، وعزموا علی غزو بکر بن وائل ، فالتقی الفریقان فی الطریق فجعلت بنو تمیم بعیرین بینهما سموهما زویرین ، یعنی إلهین وأقسموا علی أن لا یفرُّوا حتی یفرَّ الجملان ،

ص: 20

ووصلت شیبان للبعیرین فأخذوهما وذبحوهما ، واشتدَّ القتال فانهزمت تمیم وقتل زعیمهم ، وغنمت بکر أموالهم ونساءهم .

وأیامهم مع تمیم کثیرة منها: یوم جدود ، ویوم ذی طلوح .

حربهم مع ملک الشام

فقد أغار زیاد بن الهبولة ملک الشام علی حجر بن عمرو الکندی ، الملقب بآکل المرار ملک نجد وأطراف العراق ، واستغل زیاد فرصة إغارة حجر علی البحرین وکانت دیارهم خالیة فسبی نساءهم ، وکانت زوجة حجر آکل المرار من السبایا ، فقفل حجر راجعاً وجدَّ السیر ومعه أشراف شیبان ، وبعثوا سدوس بن شیبان لیتحسس أمر زیاد وعسکره ، فجمع حجر کندة وربیعة وسار الی زیاد فوقعت بینهم وقعة کبیرة عرفت بیوم البردان ، انهزم فیها أهل الشام ، وأخذ سدوس بن شیبان زیاداً أسیراً ، لکن ابن أخیه عمرو بن أبی ربیعة بن ذهل عدا علی زیاد فقتله ، ثم دفع دیته الی آسره . (الکامل:1/506).

ص: 21

حربهم مع ملک الحیرة

وهو المنذر بن امرئ القیس اللخمی ، المعروف بابن ماء السماء ، وکانت بینه وبین بکر بن وائل وعلی الأخص شیبان منهم ، لقرب مواطنهم من الحیرة .

وسببها أن تغلباً أخرجوا ملکهم سلمة بن الحارث بن عمرو الکندی ، فالتجأ الی بکر بن وائل فملکوه علیهم ، فبعث إلیه ملک الحیرة یدعوه الی طاعته فأبی البکریون ، فسار المنذر بجموعه إلیهم فالتقوا عند جبل أوارة ، فانهزمت بکر بن وائل وقتل المنذر منهم کثیراً وأسر جماعة ، وقام بذبحهم علی الجبل وأرسل الماء علی دمائهم لتبلغ الوادی ! وتشفَّع رجل من قیس بن ثعلبة فی النساء فأطلق المنذر سراحهن. (الکامل:1/553).

حربهم مع بنی ضبة

فی یوم شقیقة: وبنو ضبة بطن من مضر، فقد غزا بسطام الشیبانی بنی ضبة بن أد ، وهم فی غرَّة فاستاق إبلهم ، لکنهم أدرکوه فی بعض الطریق ، وحمل خلیفة بن عاصم علی بسطام فقتله ومعه جماعة من بنی شیبان . (الکامل:1/616).

ص: 22

هذا ، ولهم حروب أخری ، منها:

یوم مسلحان : قاتلوا فیه بنی کلب بن وبرة ، من قضاعة ، حیث غزا ربیعة بن زیاد الکلبی بنی أبی ربیعة من شیبان فظفرت بنو شیبان وقتلوا ربیعة بن زیاد وأسروا آخرین (الکامل:1/607)

ویوم غارة بنی سلیم علی شیبان: وقد قادها النصیب السلمی ، فلقیه صلیع بن عبد غنم من شیبان ، فسأله عن وجهه فأخبره بغزوه لبنی شیبان ، فاستعدت له وکان الظفر لها وقتلوا النصیب.

ص: 23

ص: 24

الفصل الثالث: طلب النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) من بنی شیبان حمایته

1- القبائل التی عرض علیهاالنبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) نفسه

کان العرب یحجون الی مکة فی ذی الحجة ویعتمرون فی رجب ، ویقیمون سوق عُکاظ بعد موسم الحج . وقد أمر الله نبیه (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) أن یلتقی بهم ویطلب منهم أن یحموه لیبلغ رسالة ربه لأن قریشاً منعته من تبلیغها.

ففی تفسیر العیاشی:2/253، عن الإمام الصادق (علیه السّلام) قال: « اکتتم رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بمکة سنین لیس یظهر ، وعلی معه وخدیجة (علیه السّلام) .

ثم أمره الله أن یصدع بما یؤمر ، فظهر رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فجعل یعرض نفسه علی قبائل العرب». وقد عدَّ منها المقریزی فی إمتاع الأسماع:1/49 ، خمس عشرة قبیلة ، قال: « عرض نفسه علی القبائل

ص: 25

أیام الموسم ودعاهم إلی الإسلام وهم: بنو عامر ، وغسان ، وبنو فزارة ، وبنو مرة ، وبنو حنیفة ، وبنو سلیم ، وبنو عبس ، وبنو نصر ، وثعلبة بن عکابة ، وکندة ، وکلب ، وبنو الحارث بن کعب وبنو عذرة ، وقیس بن الخطیم ».

ونضیف الیهم قبیلة ثقیف حیث قصدهم فی الطائف ، والأوس والخزرج الذین قبلوا عرضه وبایعوه ، فهاجر الیهم .

وفی الطبقات: 1/216: « مکث رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ثلاث سنین من أول نبوته مستخفیاً ، ثم أعلن فی الرابعة ، فدعا الناس إلی الإسلام عشر سنین ، یوافی الموسم کل عام ، یتتبع الحاج فی منازلهم بعکاظ ومجنة وذی المجاز ، یدعوهم إلی أن یمنعوه حتی یبلغ رسالات ربه ولهم الجنة فلا یجد أحداً ینصره ولا یجیبه ، حتی إنه لیسأل عن القبائل ومنازلها قبیلة قبیلة ویقول: یا أیها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا وتملکوا بها العرب وتذل لکم العجم ، وإذا آمنتم کنتم ملوکاً فی الجنة.. جاءنا ثلاثة أعوام بعکاظ ومجنة وبذی المجاز ، یدعونا إلی الله عز وجل ، وأن نمنع له ظهره حتی یبلغ رسالة ربه». وسبل الهدی:2/451 ، والحلبیة:2/153، والطبری:2/84 .

ص: 26

2- زار النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بنی شیبان فی موسم الحج

روی ابن حبان فی الثقات:1/80، وغیره عن علی (علیه السّلام) قال: « لما أمر الله رسوله أن یعرض نفسه علی قبائل العرب خرج وأنا معه وأبو بکر حتی دفعنا إلی مجلس من مجالس العرب فتقدم أبو بکر فسلم وقال: ممن القوم؟ قالوا: من ربیعة. قال: وأی ربیعة أنتم أمن هامتها أم من لهازمها؟ فقالوا: لا ، بل من هامتها العظمی قال أبو بکر: وأی هامتها العظمی أنتم؟ قالوا: من ذهل الأکبر. قال أبو بکر: فمنکم عوف الذی یقال له لاحر بوادی عوف؟ قالوا: لا. قال: فمنکم بسطام بن قیس صاحب اللواء ومنتهی الأحیاء؟ قالوا:لا. قال: فمنکم جساس بن مرة حامی الذمار ومانع الجار؟قالوا: لا. قال: فمنکم الحوفزان قاتل الملوک وسالبها أنفسها؟ قالوا: لا. قال: فمنکم أصهار الملوک من لخم؟ قالوا: لا.قال أبو بکر:فلستم إذا ذهلاً الأکبر، أنتم ذهل الأصغر!

فقام إلیه غلام من بنی شیبان یقال له دغفل حین بَقَل وجهه فقال: علی سائلنا أن نسأله! یا هذا إنک سألتنا فأخبرناک ولم نکتمک شیئاً فممن الرجل؟ فقال أبو بکر: أنا من قریش. فقال الفتی: بخ بخ أهل الشرف والرئاسة، فمن أی القرشیین أنت ؟ قال: من ولد تیم بن مرة. قال: أمکنت والله الرامی من صفاء الثغرة ، فمنکم قصی الذی جمع القبائل من فهر ، فکان یدعی فی قریش مجمعاً ؟ قال: لا. قال: فمنکم هاشم الذی هشم الثرید لقومه ورجال مکة مسنتون عجاف ؟ قال: لا. قال: فمن أهل الحجابة أنت؟

ص: 27

قال: لا. قال: فمن أهل الندوة أنت؟ قال: لا. قال: فمنکم شیبة الحمد عبد المطلب مطعم طیر السماء الذی کأن وجهه القمر یضئ فی اللیلة الظلماء الداجیة ؟ قال: لا. قال: فمن أهل السقایة؟ قال: لا !

واجتذب أبو بکر زمام الناقة فرجع إلی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فقال الغلام:

صادف درأ السیل درأً یدفعه

یُهیضه حیناً وحیناً یصدعه !

أما والله لو ثبت ! قال فتبسم رسول الله فقال علی: فقلت یا أبا بکر لقد وقعت من الأعرابی علی باقعة (داهیة)! فقال لی: أجل یا أبا الحسن ما من طامة إلا وفوقها طامة ، والبلاء موکل بالمنطق ! قال علی: ثم دفعنا إلی مجلس آخر علیهم السکینة والوقار فتقدم أبو بکر فسلَّم وقال: ممن القوم؟ فقالوا: من شیبان بن ثعلبة ، فالتفت أبو بکر إلی رسول الله فقال: بأبی أنت وأمی یا رسول الله ما وراء هؤلاء القوم عز ، هؤلاء غرر قومهم وفیهم مفروق بن عمرو، وهانئ بن قبیصة ، والمثنی بن حارثة ، والنعمان بن شریک

ص: 28

وکان مفروق بن عمرو قد غلبهم جمالاً ولساناً ، وکأن غدیرتاه تسقطان علی تربیته، وکان أدنی القوم مجلساً من أبی بکر فقال أبو بکر: کیف العدد فیکم؟ فقال مفروق: إنا لنزید علی ألف ، ولن یغلب ألف من قلة! فقال أبو بکر: وکیف المنعة فیکم؟ قال مفروق: علینا الجهد ولکل قوم جد . قال أبو بکر: کیف الحرب بینکم وبین عدوکم؟ قال مفروق: إنا لأشد ما نکون غضباً حین نلقی ، وإنا لأشد ما نکونن لقاء حین نغضب ، وإنا لنؤثر الجیاد علی الأولاد ، والسلاح علی اللقاح ، والنصر من عند الله ، یدیلنا مرة ویدیل علینا أخری، لعلک أخو قریش؟

قال أبو بکر: وقد بلغکم أنه رسول الله ها هو ذا. قال مفروق: قد بلغنا أنه یذکر ذلک . قال: فإلی مَ تدعو یا أخا قریش؟

قال: أدعوکم إلی شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له وأنی رسول الله ، وأن تؤوونی وتنصرونی ، فإن قریشاً قد

تظاهرت علی أمر الله فکذبت رسله واستغنت بالباطل عن الحق ، والله هو الغنی الحمید!

فقال مفروق بن عمرو: إلی ما تدعونا یا أخا قریش؟ فتلا رسول الله: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّکُمْ عَلَیْکُمْ أَلا تُشْرِکُوا بِهِ شَیْئًا وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَانًا وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَکُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُکُمْ وَإِیَّاهُمْ وَلا

ص: 29

تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِی حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالْحَقِّ ذَلِکُمْ وَصَّاکُمْ بِهِ لَعَلَّکُمْ تَعْقِلُونَ. (الأنعام: 151).

قال مفروق: وإلی مَ تدعو یا أخا قریش؟ فتلا رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): إِنَّ اللهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالآحْسَانِ وَإِیتَاءِ ذِی الْقُرْبَی وَیَنْهَی عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْکَرِ وَالْبَغْیِ یَعِظُکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ. (النحل:90)

فقال مفروق: دعوت والله یا أخا قریش إلی مکارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ، وکأنه أحب أن یشرکه فی الکلام هانئ بن قبیصة ، فقال: وهذا هانئ بن قبیصة شیخنا وصاحب دیننا.

فقال هانئ: قد سمعت مقالتک یا أخا قریش ، وإنی أری إن ترکنا دیننا واتبعناک علی دینک لمجلس جلسته إلینا، زلةٌ فی الرأی وقلة فکر فی العواقب ، وإنما تکون الزلة مع العجلة ، ومن ورائنا قوم نکره أن نعقد علیهم عقداً ، ولکن ترجع ونرجع وتنظر وننظر! وکأنه أحب أن یشرکه فی الکلام المثنی بن حارثة ، فقال: وهذا المثنی بن حارثة شیخنا وصاحب حربنا .

فقال المثنی: قد سمعت مقالتک یا أخا قریش والجواب هو جواب هانئ بن قبیصة فی ترکنا دیننا واتباعنا إیاک علی دینک ، وإنما أنزلنا بین ضرتین ! فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): ما هاتان الضرتان؟

ص: 30

قال: أنهار کسری ومیاه العرب ، وإنما نزلنا علی عهد أخذه علینا کسری لا نحدث حدثاً ولا نؤی محدثاً ، وإنی أری هذا الأمر الذی تدعو إلیه مما تکرهه الملوک ، فإن أحببت أن نؤویک وننصرک مما یلی میاه العرب ، فعلنا .

فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): ما أسأتم فی الرد إذ أفصحتم بالصدق ، وإن دین الله لن ینصره إلا من أحاطه الله من جمیع جوانبه ، أرأیتم إن لم تلبثوا إلا قلیلاً حتی یورثکم الله أرضهم ودیارهم وأموالهم ویفرشکم نساءهم أتسبحون الله وتقدسونه ؟فقال النعمان بن شریک: اللهم لک ذلک ». (شرح الأخبار للقاضی النعمان: 2/387)

ص: 31

ص: 32

الفصل الرابع: معرکة ذی قار

بطولة بنی شیبان وبنی عجل بن لجیم

وقعة ذی قار من الوقائع المشهورة فی التاریخ، وننقلها باختصار من تاریخ الطبری(1/608) وغیره من المصادر التی أدرجناها، فقد قتل النعمان بن المنذر اللخمی ملک الحیرة ، عدی بن زید العبادی الشاعر ، وکان عدی یعمل مترجماً لکسری ، فاستدعی کسری النعمان فخاف منه ، فمضی سراً الی ذی قار ونزل علی هانئ بن مسعود سید شیبان وبکر بن وائل، وأودع عنده أمواله ونساءه ثم ذهب الی کسری فحبسه فی خانقین حتی مات فی سجنه بل قتله! ونصب إیاس بن قبیصة الطائی ملکاً علی الحیرة ، وأمره أن یبعث الیه بترکة النعمان وعائلته والدروع التی کانت لکسری عنده، وکانت أربعة آلاف درع بروایة الیعقوبی

(1/225)

ص: 33

فأرسل إیاس الی هانئ بن مسعود الشیبانی أن یبعث بالأموال والنساء إلیه، فأبی هانئ أن یسلم خفرته وأمانته:

«فلما منعها هانئ غضب کسری وأظهر أنه یستأصل بکر بن وائل وعنده یومئذ النعمان بن زرعة التغلبی، وهو یحب هلاک بکر بن وائل فقال لکسری: یا خیر الملوک أدلک علی غرة بکر، قال: نعم. قال: أمهلها حتی تقیظ فإنهم لو قد قاظوا تساقطوا علی ماء لهم یقال له ذو قار تساقط الفراش فی النار ، فأخذتهم کیف شئت وأنا أکفیکهم! فترجموا له قوله تساقطوا تساقط الفراش فی النار ، فأقرهم حتی قاظوا وجاءت بکر بن وائل فنزلت الحنو حنوذی قار ، وهی من ذی قار لیلة ، فأرسل إلیهم کسری النعمان بن زرعة ، أن اختاروا واحدة من ثلاث خصال ، فنزل النعمان علی هانئ ثم قال له: أنا رسول الملک إلیکم أخیرکم ثلاث خصال: إما أن تعطوا بأیدیکم فیحکم فیکم الملک بما شاء ، وإما أن تعروا الدیار ، وإما أن تأذنوا بحرب !

فتآمروا وتشاوروا ، فولوا أمرهم حنظلة بن ثعلبة بن سیار العجلی ، وکانوا یتیمنون به فقال لهم: لا أری إلا القتال ،

لأنکم إن أعطیتم بأیدیکم قتلتم وسبیت ذراریکم ، وإن هربتم قتلکم العطش وتلقاکم تمیم فتهلککم . فآذِنوا الملک بحرب .

ص: 34

فبعث الملک إلی إیاس ، وإلی الهامرز التستری ، وکان مسلحه بالقطقطانة ، وإلی جلا بزین وکان مسلحه ببارق ، وکتب کسری إلی قیس بن مسعود بن قیس بن خالد بن ذی الجدین ، وکان کسری استعمله علی طف سفوان ، أن یوافوا أیاساً ، فإذا اجتمعوا فأیاس علی الناس .

وجاءت الفرس معها الجنود والفیول علیها الأساورة ، ویومها قال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): الیوم انتصفت العرب من العجم ، فحفظ ذلک الیوم ، فإذا هو یوم الوقعة !

فلما دنا جیش الفرس بمن معهم انسلَّ قیس بن مسعود لیلاً فأتی هانئاً فقال له:أعط قومک سلاح النعمان فیقووا ، فإن هلکوا کان تبعاً لأنفسهم وکنت قد أخذت بالحزم ، وإن ظفروا ردوه علیک ، ففرق الدروع والسلاح فی ذی القوی والجلد من قومه ، فلما دنا الجمع من بکر قال لهم هانئ: یا معشر بکر إنه لا طاقة لکم بجنود کسری ومن معهم من العرب ، فارکبوا الفلاة فتسارع الناس إلی ذلک ، فوثب حنظلة بن ثعلبة بن سیار فقال له: إنما أردت نجاتنا فلم تزد

علی أن ألقیتنا فی الهلکة ! فرد الناس وقطع وُضَن الهوادج لئلا تستطیع بکر أن تسوق نساءهم إن هربوا ، فسمی مُقَطِّع الوُضُن وهی حزم الرحال ویقال مقطع

ص: 35

البطن والبطن حزم الأقتاب وضرب حنظلة علی نفسه قبة ببطحاء ذی قار وآلی أن لا یفر حتی تفر القبة ، فمضی من مضی من الناس ورجع أکثرهم .

واستقوا ماء لنصف شهر فأتتهم العجم فقاتلتهم بالحنو فجزعت العجم من العطش فهربت ولم تقم لمحاصرتهم ، فهربت إلی الجبابات فتبعتهم بکر وعجل أوائل بکر ، فتقدمت عجل وأبلت یومئذ بلاء حسناً واضطمت علیهم جنود العجم فقال الناس: هلکت عجل ، ثم حملت بکر فوجدوا عجلاً ثابتة تقاتل وامرأة منهم تقول:

إن یظفروا یحرزوا فینا الغَرِل

إیها فداء لکم بنی عجل

(والغرل: العیش الرغد ) وتقول أیضاً تحضض الناس :

إن تهزموا نعانق

ونفرش النمارق

أو تهربوا نفارق

فراق غیر وامق

فقاتلوهم بالجبابات یوماً ، ثم عطش الأعاجم فمالوا إلی بطحاء ذی قار ، فأرسلت إیاد إلی بکر سراً وکانوا أعواناً علی بکر مع إیاس بن قبیصة: أیُّ الأمرین أعجب إلیکم: أن نطیر تحت لیلتنا فنذهب ، أو نقیم ونفر حین تُلاقوا القوم؟ قالوا: بل تقیمون ،

ص: 36

فإذا التقی القوم انهزمتم بهم ! قال:فصبحتهم بکر بن وائل والظعن واقفة یذمرن الرجال علی القتال .

وقال یزید بن حمار السکونی وکان حلیفاً لبنی شیبان: یا بنی شیبان أطیعونی وأکمنونی لهم کمیناً، ففعلوا وجعلوا یزید بن حمار رأسهم ، فکمنوا فی مکان من ذی قار یسمی إلی الیوم الجب ، فاجتلدوا وعلی میمنة أیاس بن قبیصة الهامرز ، وعلی میسرته الجلا بزین ، وعلی میمنة هانئ بن قبیصة رئیس بکر یزید بن مسهر الشیبانی ، وعلی میسرته حنظلة بن ثعلبة بن سیار العجلی ، وجعل الناس یتحاضون ویرجزون فقال حنظلة بن ثعلبة:

قد شاع أشیاعکم فجدوا

ما علتی وأنا مُؤْدٍ جَلْدُ

والقوسُ فیها وتر عَرَدُّ

مثل ذراع البکر أو أشد

جعلت أخبار قومی تبدو

إن المنایا لیس منها بد

هذا عمیر حیه ألد

یقدمه لیس له مرد

حتی یعود کالکمیت الورد

خلوا بنی شیبان واستبدوا

نفسی فداکم وأبی والجد

وقال حنظلة أیضاً:

یا قوم طیبوا بالقتال نفسا

أجدر یوم أن تفلوا الفرسا

ص: 37

ثم صیروا الأمر بعد هانئ إلی حنظلة ، فمال إلی ماریة ابنته وهی أم عشرة نفر أحدهم جابر بن أبجر ، فقطع وضینها ، فوقعت إلی الأرض ، وقطع وُضُن النساء فوقعن إلی الأرض ، ونادت ابنة القرین الشیبانیة حین وقعت النساء إلی الأرض:

ویهاً بنی شیبان صفاً بعد صف

إن تهزموا یصبغوا فینا القلف

فقطع سبع مائة من بنی شیبان أیدی أقبیتهم من قبل مناکبهم ، لأن تخف أیدیهم بضرب السیوف ، فجالدوهم.

قال: ونادی الهامر زمرد ومرد ! فقال برد بن حارثه الیشکری: ما یقول؟ قالوا: یدعو إلی البراز رجل ورجل . قال: وأبیکم لقد أنصف ! فبرز له فقتله برد ، فقال سوید بن أبی کاهل:

ومنا برید إذ تخدی جموعکم

فلم تقربوه المرزبان المسورا

أی لم تجعلوه . ونادی حنظلة بن ثعلبة بن سیار: یا قوم لا تقفوا لهم فیستغرقکم النشاب ، فحملت میسرة بکر وعلیها حنظلة علی میمنة الجیش وقد قتل برد منهم رئیسهم الهامرز ، وحملت میمنة بکر وعلیها یزید بن مسهر علی میسرة الجیش وعلیهم جلا بزین، وخرج الکمین من جب ذی قار من ورائهم ، وعلیهم یزید بن

ص: 38

حمار ، فشدوا علی قلب الجیش وفیهم إیاس بن قبیصة ، وولت ایاد منهزمة کما وعدتهم ، وانهزمت الفرس .

قال سلیط:فحدثنا أسراؤنا الذین کانوا فیهم یومئذ ، قالوا: فلما التقی الناس ولت بکر منهزمة فقلنا یریدون الماء ، فلما

قطعوا الوادی فصاروا من ورائه وجاوزوا الماء قلنا: هی الهزیمة ، وذاک فی حر الظهیرة وفی یوم قائظ ، فأقبلت کتیبة عجل کأنهم طن قصب لا یفوت بعضهم بعضاً ، لا یمعنون هرباً ، ولا یخالطون القوم ، ثم تذامروا فزحفوا فرموهم بجباههم ، فلم تکن إلا إیاها فأمالوا بأیدیهم فولوا ، فقتلوا الفرس ومن معهم ، ما بین بطحاء ذی قار حتی بلغوا الراحضة !

قال فراس: فخبرت أنهم أتبعوا فارس یسعون ، لم ینظروا إلی سلب ولا إلی شئ ، حتی تعارفوا بأدم موضع قریب من ذی قار فوجد ثلاثون فارساً من بنی عجل ، ومن سائر بکر ستون فارساً وقتلوا جلا بزین ، قتله حنظلة بن ثعلبة... وقال أعشی بن ربیعة:

ونحن غداة ذی قار أقمنا

وقد شهد القبائل محلبینا

وقد جاؤوا بها جأواء فلقاً

ململمة کتائبها طحونا

لیوم کریهة حتی تجلت

ظلال دجاه عنا مصلتینا

ص: 39

فولونا الدوابر واتقونا

بنعمان بن زرعة أکتعینا

وذدنا عارض الأحرار وردا

کما ورد القطا الثمد المعینا

وفی الإصابة لابن حجر:2/117: « حنظلة بن سیار.. کان رئیساً فی الجاهلیة وهو صاحب قبة حنظلة ، ضربها یوم ذی قارفتقطعت علیها بکر بن وائل ، فقاتلوا الفرس حتی هزموهم فبلغ ذلک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فسرَّه وقال: هذا أول یوم انتصفت فیه العرب من العجم، وبی نصروا قال:وبعث حنظلة یومئذ بخمس الغنائم إلی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وبشره بالفتح ، وکانت العرب قبل ذلک تُرَبِّع (أی ترسل ربع الغنیمة للملک)، فلما بلغ حنظلة قول الله تعالی: واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول.. الآیة ، سره ذلک . وفی ذلک یقول حنظلة:

ونحن بعثنا الوفد بالخیل ترتمی

بهم قلصٌ نحو النبی محمد

بما لقی الهرموز والقوم إذ غزوا

وما لقی النعمان عند التورد».

وقال الیعقوبی فی تاریخه:2/225: «لما قَتَلَ کسری أبرویز النعمان بن المنذر بعث إلی هانئ بن مسعود الشیبانی: ابن ابعث إلیَّ ما کان عبدی النعمان استودعک من أهله وماله وسلاحه ! وکان النعمان أودعه ابنته وأربعة آلاف درع ، فأبی هانئ وقومه أن یفعلوا ، فوجه کسری بالجیوش من العرب والعجم ، فالتقوا بذی قار ، فأتاهم حنظلة بن ثعلبة العجلی فقلدوه أمرهم ، فقالوا لهانئ:

ص:40

ذمتک ذمتنا ولا نخفر ذمتنا ، فحاربوا الفرس فهزموهم ومن معهم من العرب ».

وقال الیعقوبی:2/46:«وحاربت ربیعة کسری ، وکانت وقعتهم بذی قار ، فقالوا: علیکم بشعار التهامی، فنادوا: یا محمد یا محمد فهزموا جیوش کسری وقتلوهم ، فقال رسول الله: الیوم أول یوم انتصفت فیه العرب من العجم وبی نصروا ، وکان یوم ذی قار بعد وقعة بدر بأشهر أربعة أو خمسة ». والإستیعاب:1/73 .

فکان ذلک النصر ببرکة إسم النبی

(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، لأنهم جعلوا إسمه الشریف شعاراً لهم ، رغم أنهم لم یکونوا دخلوا الإسلام !

راجع فی معرکة ذی قار: أمالی السید المرتضی:3/33، ومناقب آل أبی طالب:1/94، وتاریخ الیعقوبی:1/214 و225، ومعجم البلدان:4/293، والمحبر/360، والإصابة:1/447و466و:2/117، و:6/222، وتاریخ الطبری:1/606و608 و611 و613، ومجمع الزوائد:6/211، وفتح الباری:6/187، وکبیر الطبرانی:2/46، و:6/62، ومعارف ابن قتیبة/603، ومعجم ما استعجم:3/1042) .

ص: 41

وفد بنی شیبان الی النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )

ذکرت المصادر أن بنی شیبان أرسلوا وفداً الی النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، وروی الیعقوبی ذلک وسقط إسم رئیس وفد شیبان فمکان اسمه بیاض فی أصل الکتاب ، ورووا عن قیلة بنت مخرمة التمیمیة أن النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) کتب لحریث بن حسان الشیبانی أول من بایع رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) علی الإسلام له ولقومه . (الطبقات:1 :317)

ومن الطبیعی أن یکون النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) أجابهم بالشکر علی إرسالهم خمس غنائمهم ، وقد یکون أرسل إلیهم من أصحابه من یدعوهم الی الإسلام ، فأرسلوا إلیه وفداً بإسلامهم .

ص: 42

الفصل الخامس: بنو شیبان فتحوا العراق

1- نهض بنو شیبان بثقل معارک فتح العراق

توفی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وبنو شیبان وبکر بن وائل فی حالة حرب مع نظام کسری ، وقد اغتنموا موت کسری واضطراب نظامه وواصلوا توسیع نفوذهم فی مناطق العراق .

قال البلاذری فی فتوح البلدان:2 /295، مختصراً: «کان المثنی بن حارثة الشیبانی وسوید الذهلی ، یغیران علی القری الواقعة تحت حکم الساسانیین ، وذلک فی خلافة أبی بکر ، وکتب لأبی بکر أن یمدَّه بالجیش لحرب الفرس، فأرسل إلیه خالد بن الولید فوجَّه المثنی بن حارثة الی أُلّیس ، منطقة قرب السماوة ، فخرج إلیه صاحبها جابان بجیشه فالتقوا قرب النهر فهزمهم المثنی ثم صالحهم ، ثم دنا المثنی بمن معه الی الحیرة ، فخرجت إلیه خیول صاحب کسری التی کانت فی المخافر فهزمهم ، ثم جاء خالد فصالحهم بعد أن وطد المثنی بن حارثة له الأمور ».

ص: 43

أقول: هذا هو نوع عمل خالد بن الولید فی العراق ، فقد کان دوراً إدریاً ، وقصیراً ، لأن أبا بکر بعث الیه أن یذهب الی الشام .

أما قائد الفتوحات الحقیقی قبله وبعده ، فهو الصحابی البطل المثنی بن الحارث الشیبانی ، وهو من أهل البلد وجنوده من عشیرته وغیرهم ، أکثر من جنود خالد ، فقد کان مع خالد ست مئة أو ثمان مئة فقط ! وکان خالد یبعث المثنی أو غیره من القادة فیقاتلون ویغنمون ، أو یتفقون علی صلح فأتی خالد ویوقعه ویأخذ المبلغ المتفق علیه !

ولذا قلنا فی المقدمة إن البطولات التی سطرها رواة السلطة القرشیة لخالد بن الولید وسعد بن أبی وقاص فی فتح العراق ، مبالغ فیها ، فقد کان الفعل المیدانی لبنی شیبان وحلفائهم ، ولکن السلطة أعطت بطولاتهم لمن تحبهم !

2- تأثیر انهیار نظام کسری علی فتح العراق

یتجاهل رواة السلطة فی فتح العراق حقیقتین کبیرتین ، هما: انهیار نظام کسری فی العراق بعد هزیمته علی ید هرقل ، ثم هزیمة جیشه فی معرکة ذی قار ، علی ید بنی شیبان وبنی عجل .

ص: 44

ویتجاهلون فی المقابل صعود نجم هاتین القبیلتین ، ونفوذهما المعنوی علی کافة قبائل العراق ، وخوف الفرس منهما .

قال الدینوری فی الأخبار الطوال/111: « فلما أفضی الملک إلی بوران بنت کسری بن هرمز ، شاع فی أطراف الأرضین أنه لا مَلِکَ لأرض فارس وإنما یلوذون بباب امرأة ، فخرج رجلان من بکر بن وائل ، یقال لأحدهما المثنی بن حارثة الشیبانی ، والآخر سوید بن قطبة العجلی ، فأقبلا حتی نزلا فیمن جمعا بتخوم أرض العجم ، فکانا یغیران علی الدهاقین ، فیأخذان ما قدرا علیه ، فإذا طلبا أمعنا فی البر فلا یتبعهما أحد ، وکان المثنی یغیر من ناحیة الحیرة ، وسوید من ناحیة الأبلة ، وذلک فی خلافة أبی بکر ، فکتب المثنی بن حارثة إلی أبی بکر یعلمه ضراوته بفارس ویعرفه وهنهم ، ویسأله أن یمده بجیش . فلما انتهی کتابه إلی أبی بکر کتب أبو بکر إلی خالد بن الولید ، وقد کان فرغ من أهل الردة ، أن یسیر إلی الحیرة فیحارب فارس ، ویضم إلیه المثنی ومن معه ، وکره المثنی ورود خالد علیه، وکان ظن أن أبا بکر سیولیه الأمر ، فسار خالد والمثنی بأصحابهما ، حتی أناخا علی الحیرة ، وتحصن أهلها فی القصور الثلاثة... ثم صالحوه من القصور الثلاثة علی مائة ألف درهم یؤدونها فی کل عام إلی المسلمین ، ثم ورد کتاب

ص: 45

أبی بکر علی خالد مع عبد الرحمن جمیل الجمحی، یأمره بالشخوص إلی الشام لیمد أبا عبیدة بن الجراح بمن معه من المسلمین ، فمضی ، وخلف بالحیرة عمرو بن حزم الأنصاری مع المثنی . ولم یزل عمرو بن حزم والمثنی بن حارثة یتطرفان أرض السواد ویغیران فیها ، حتی توفی أبو بکر » .

وقال خلیفة بن خیاط/91: «فلبث المثنی یسیراً ثم ذهب الی المدینة ، وطلب من الخلیفة أن یمدَّه بالجیش ، لکن أبا بکر مات قبل أن یهیئ جنوداً للمثنی ، فندب عمر المسلمین ثلاثة أیام فی الصلاة ودعاهم أن یجیبوا نداء المثنی، فلم یستجب أحد لخوف الناس من قوَّة الفرس ، وفی الیوم الرابع خطب المثنی بن حارثة الناس فی مسجد النبی فقال: أیها الناس لا یعظم علیکم ریف فارس ، فإنا قد غلبناهم علی خیر شِقّیْ السواد وشاطرناهم ونلنا منهم ، واجترأ من قبلنا علیهم ولها إن شاء الله ما بعدها . فقام أبو عبید بن مسعود الثقفی فلبی النداء وتبعه جماعة من الأنصار ، فأمَّره عمر بن الخطاب علی ذلک الجیش ، وذهبوا مع المثنی الی العراق !

وأخذ أبو عبید الثقفی یوزع الجیش کتائب تغیر علی القری والمسالح التابعة لملک الفرس ، فأناط بمهمة الإغارة علی زندرود للمثنی، فأغار علیهم المثنی فقاتلهم وأخذ منهم أسری ثم عاد..

ص: 46

ولما بلغ ملک الفرس خبر غارات المسلین ، بعث ذا الحاجب بهمن بن الهرمزان أحد قواده ، وضمَّ إلیه اثنی عشر ألف مقاتل لمواجهة جیش المسلمین ، فجاء ذا الحاجب ونزل قسَّ الناطف علی شاطئ الفرات ثم أرسل لأبی عبیدة: تعبر إلینا أو نعبر إلیک؟ فنصحه المثنی وسلیط بن قیس بعدم العبور والإنتظار فی مکانه حتی یأتیه المدد من المدینة ، لکن أبا عبید الثقفی أصرَّ علی العبور فعقدوا له جسراً وعبر الجیش الی الضفة الشرقیة من نهر الفرات ، وأوصی الی خمسة لقیادة الجیش إن هو قتل ، أحدهم المثنی، وبدأت المعرکة واقتتلوا أعظم قتال فقتل أبو عبید ،

وقتل عدد کبیر من المسلمین قیل إنه بلغ أربعة آلاف ، وبعضهم مات غرقاً ، فاضطرَّ المثنی وحذیفة الی الإنسحاب بالباقین !

ثم کتب المثنی الی عمر بما جری یوم الجسر ، فأرسل عمر الی قبائل العرب یدعوهم لنصرة المثنی ، فجاءه جریر بن عبدالله البجلی بجمع من أهل الیمن ، فبعث بهم عمر الی المثنی..

وعاد جیش المسلمین الی ما کان علیه قبل یوم الجسر من الإغارة علی القری الواقعة تحت سلطان الفرس ، وکان کسری قد مات وملکتهم إبنته آرزمی دخت ، فبعثت أحد قادتها مهران بن مهرویه ومعه اثنا عشر ألف فارس لصد هجمات المثنی ، فجاء

ص: 47

مهران بجموعه حتی وصل الحیرة ، ونشب القتال بین الفریقین وتوسط المثنی الصفین یقاتلهم بسیفه ، لکنه فوجئ ببعض المسلمین یَفِرُّون فأخذ المثنی ینتف لحیته غضباً ، ثم قصد قائد الفرس مهران فحمل علیه فطعنه المثنی فقتله ، لکن المثنی أصیب بجرح عمیق ، فاضطر للإنسحاب بمن تبقَّی معه ، وأوغل بقومه بکر بن وائل وبنی شیبان الی أعماق الصحراء ، خشیة أن یفتک بهم الفرس ، فأدرکته المنیة فمات فی بعض الطریق ! ثم جمع المسلمون جیشهم لمعرکة القادسیة ، وقدَّر عدد جیش المسلمین فیها بین سبعة الی تسعة آلاف مقاتل ».

أقول: هذا واقع فتح العراق ، ولا تجد فیه البطولات المخترعة لخالد بن الولید وسعد بن أبی وقاص! فقد کان العامل الرئیسی فی فتحه انهیار نظام کسری وخوف الفرس من قبیلة بنی شیبان وبنی عجل، وتراجع حامیاتهم أمام غاراتهم وعملیاتهم ، ولم یکن فی تلک العملیات معرکة حقیقیة سوی معرکة الجسر والقادسیة ، وکانت مقدمة لمعرکة نهاوند التی خطط لها أمیر المؤمنین (علیه السّلام) ، واختار لها القائدین البطلین النعمان بن مقرن وحذیفة بن الیمان. وقد فصلنا ذلک فی بحثنا: دور علی (علیه السّلام) وتلامیذه فی الفتوحات:

62part=1http://alameli.net/books/index.php?book=

ص: 48

الفصل السادس: بنو شیبان مع أهل البیت (علیهم السّلام)

1- قبائل ربیعة عمدة جیش أمیر المؤمنین (علیه السّلام)

کانت قبائل ربیعة (عبد القیس وشیبان وبنو عجل وبنو قیس وسدوس...) قاعدة جیش أمیر المؤمنین (علیه السّلام) ، وقدَّر المؤرخون عدد ربیعة معه (علیه السّلام) فی معرکة الجمل بأکثر من أربعة آلاف مقاتل أما فی صفین فجعل (علیه السّلام) میسرته کلها من ربیعة .

کما شارک الشیبانیون فی معرکة الجمل الأصغر والأکبر واستشهد فیها ثمامة بن المثنی بن حارثة کما نص علیه البلاذری فی أنساب الأشراف/244 ، قال: « وقتل یومئذ ثمامة بن المثنی بن حازمة الشیبانی فقال الأعور الشنی :

یا قاتل الله أقواماً هم قتلوا

یوم الخریبة علباءً وحسانا

وابن المثنی أصاب السیف مقتله

وخیر قرائهم زید بن صوحانا

ص: 49

وکان موقف بنی شیبان فی معرکة صفین ممیزاً ، ورووا أنه (علیه السّلام) سئل: أیُّ القبائل وجدت أشدُّ حرباً بصفین؟ فقال (علیه السّلام) : الشعر الأذرع من همدان ، والزرق العیون من شیبان.(أنساب الأشراف:167).

وذکر المؤرخون منهم حریث بن حسان بن کلدة الذهلی ذهل بنی شیبان (أسد الغابة:1/323 ) ، وأنه وفد علی النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وأسلم وبایع لنفسه وقومه ، وشهد حرب الجمل مع أمیر المؤمنین (علیه السّلام) ، واستشهد فیها هو وابنه خوط . (إکمال الکمال: 3/198).

2- الصحابی سعد بن أیاس الشیبانی

سعد بن إیاس الشیبانی: أبو عمرو ، أدرک النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وآمن به ولم یره ، قال: بُعث النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وأنا أرعی إبلاً لأهلی بکاظمة (الإستیعاب:4/1720) شهد القادسیة (الطبقات:6 /104)وعدوه من رجال الشیعة فی صحاح السنة ، روی عنه مسلم ، وابن ماجة ، وأبی داود ، والنسائی ، والترمذی. (رجال الشیعة فی أسانید السنة ، للطبسی/166).

ص: 50

3- الشهید صیفی بن فسیل الشیبانی

صیفی بن فسیل الشییبانی أحد الشجعان المذکورین ، حضر مع أمیر المؤمنین (علیه السّلام) مشاهده ، وعندما استشار أصحابه الی أیِّ الوجهین یسیر: الی معاویة أم الی الخوارج ؟ فقال صیفی: یا أمیر المؤمنین ، نحن حزبک وأنصارک ، نعادی من عادیت ، ونشایع من ثاب الی طاعتک، فسر بنا

الی أعدائک من کانوا وأین کانوا ، فإنک إن شاء الله لن تؤتی من قلَّة عدد ، ولا ضعف نیة أتباع. (تاریخ الطبری : 4/59).

وبعد سیطرة معاویة ، اعتقل والی الکوفة صیفی بن فسیل وقال له: یا عدو الله ما تقول فی أبی تراب ؟ فقال: ما أعرف أبا تراب! قال: ما أعرفک به؟ أما تعرف علی بن أبی طالب فذاک أبو تراب! فقال صیفی: کلا ، ذاک أبو الحسن والحسین .

فقال صاحب شرطة ابن زیاد: یقول لک الأمیر هو أبو تراب ، وتقول أنت لا ! فقال: إن کذب الأمیر أترید أن أکذب وأشهد له علی الباطل کما شهد ؟! فقال زیاد: وهذا أیضاً علی ذنبک ، ثم نادی: علیَّ بالعصا ، فاُتی بها فقال زیاد لصیفی: ما قولک؟ وظن أن عصاه ستخیفه . فقال: أحسن قول أنا قائله فی عبد من عباد

ص: 51

الله المؤمنین ! قال: إضربوا عاتقه بالعصا حتی یلصق بالأرض ، فضرب حتی سقط علی الأرض . ثم قال زیاد: أقلعوا عنه ، ثم التفت الی صیفی وقال له: إیه ما قولک فی علیٍّ ؟ فقال: والله لو شرَّحتنی بالمواسی والمُدی ما قلت إلا ما سمعت منی! قال: لتلعننَّه أو لأضربَّن عنقک. قال إذن والله تضربها قبل ذلک فإن أبیت إلا أن تضربها رضیت بالله وشقیت أنت!

(الطبری:4/198). فأمر به أن یصفَّد فی الحدید ویلقی فی السجن ، وبقی صیفی فی السجن حتی أرسله ابن زیاد مع حجر بن عدی الکندی ونفر من أخیار الکوفة الی معاویة فی الشام ، فطلب منهم أن یبرؤوا من أمیر المؤمنین (علیه السّلام) فأبوا ، فضرب معاویة أعناقهم فی مرج عذراء !

والحارث بن یزید بن رویم: صحب أمیر المؤمنین (علیه السّلام) شهد معه صفین أمیراً علی ذهل الکوفة ، وحضر معه النهروان ، وروی أحد أحفاده عنه خبر مقتل ذی الثدیة ، حرقوص بن زهیر رأس الخوارج یوم النهروان .

ولما هلک یزید بن معاویة نعاه عبید الله بن زیاد فی البصرة ، وطلب من الناس أن یبایعوا رجلاً یختارونه ، فبایعوه ، فأرسل رسولین الی الکوفة لأخذ بیعتها ، فدعا نائبه عمرو بن حریث

ص: 52

الناس فی مسجد الکوفة ، وخطب الرسولان ، فقام الحارث بن یزید بن رویم فقال: الحمد لله الذی أراحنا من ابن سمیة ، أنحن نبایعه ، لا ولا کرامة ! ثم أخذ کفاً من الحصا وحصبهما به وتبعه علی ذلک الناس. وقال ابن الأثیر: وشرفت تلک الفعلة یزید بن رویم فی الکوفة ورفعته . (الکامل فی التاریخ: 4/132).

4- غیاث بن عمران بن مرة

غیاث بن عمران بن مرة ، من ذهل بن شیبان ، کان زعیم قومه وقد حرضه أحد الشعراء علی الطلب بدم صیفی بن

فسیل الذی قتله معاویة مع حجر بن عدی فی مرج عذراء ، فقال:

دعی ابن فسیل یال مرة دعوةً

ولاقی ذباب السیف کفاً ومعصماً

فحرض بنی هند إذا ما لقیتهم

وقل لغیاثٍ وابنه یتکلما

لتبک بنی هند قتیلة مثلما

بکت عرس صیفی وتبعث مأتما

(تاریخ الطبری : 4/207)

ص: 53

5- نعیم بن هبیرة بن شبل

نعیم بن هبیرة بن شبل بن یثربی الشیبانی . شهد معرکة صفین وجعله الإمام (علیه السّلام) قائداً علی قبائل بکر بن وائل الکوفیة کلها (شرح نهج البلاغة:4/27).

وروی ابن الأعثم فی الفتوح:3 /138، أن عمرو بن العاص قال لمعاویة: إئذن لی أن آتی میسرة علیٍّ فإنهم قوم من ربیعة وهم أخوالی ، فلعلی أردُّ عنک بعضهم إذا أنا شککتهم فی الذی هم فیه فقال معاویة: أبا عبد الله أنا وأنت کما قال الأول: کبر عمرو عن الطوق ! أما أنا فلا أحب أن تصیر إلیهم ، فإن أحببت ذلک فأتهم وکن منهم علی حذر ! فأقبل عمرو علی بغلة شهباء حتی دنا من میسرة علی (علیه السّلام) ثم نادی بأعلی صوته: یا أهل أمی أنا عمرو بن العاص

فلیخرج إلیَّ رجل منکم . فخرج إلیه عقیل بن ثویرة من عبدالقیس فأجابه ، ثم خرج طحل بن الأسود بن ردلج فأجابه ، ثم خرج له رجل من عنزة فأجابه ، ثم خرج له رجل من هظیم فقال: یا عدو الله أتخطب إلینا عقولنا ؟ أغرب قبحک الله ، وقبح ما جئت به. فخرج نعیم بن هبیرة فقال: یا معشر ربیعة لاتغتروا بمقولة عمرو بن العاص لکم ، وقال فی ذلک شعراً .

وبقی نعیم هبیرة وفیاً لمبادئه ، حتی قتل فی ثورة المختار الثقفی الذی خرج علی بنی أمیة مطالباً بثأر الحسین (علیه السّلام) . (الطبری:4/501)

ص: 54

6- مصقلة بن هبیرة

أخو نعیم من سادات بنی شیبان ، لکن سوء تقدیر أوقعه فی مشکلة ، فقد کان والیاً لأمیر المؤمنین (علیه السّلام) علی میسان ، فمرَّ به سبی بنی ناجیة مع معقل بن قیس الریاحی عندما أخمد فتنة الخریت بن راشد الناجی، وکانوا نصاری فیهم نساء وأطفال یبکون فرقَّ لهم مصقلة فاشتراهم جمیعاً بخمس مئة درهم وأعتقهم وأعطی جزءً من المال لقائد الجیش ، وعاد الجیش الی الکوفة وتأخَّر مصقلة فی سداد الباقی ، وأخذ المقاتلون یطالبون أمیر المؤمنین (علیه السّلام) بحقهم، فکتب إلیه یأمره بسداد المبلغ ، لکن مصقلة ترک عمله وهرب الی معاویة ، فقال أمیر المؤمنین (علیه السّلام) : قبح الله مصقلة ، فعل فعل السادات وفر فرار العبید ، فما أنطق مادحه حتی أسکته ، ولا صدَّق واصفه حتی بکته ، ولو أقام لأخذنا میسوره وانتظرنا بماله وفوره ». (نهج البلاغة : 1/95).

ص: 55

7- شهیدان من بنی شیبان فی کربلاء

1- الأول: حنظلة بن عمرو الشیبانی: وقد استشهد مع الإمام الحسین (علیه السّلام) فی الحملة الأولی یوم العاشر من محرم ، واحتمل السید الخوئی فی المعجم: 7 /321 ، أن یکون متحداً مع حنظلة بن أسعد الشبامی ، لکن الشیخ شمس الدین فی کتابه أنصار الحسین: 116 ، احتمل أن یکونا شخصین ، واستدل علی ذلک بأن الشبامی قتل مبارزة ، فالتصحیف بینهما بعید .

2– والثانی: جبلَّة بن علی ، وقد شهد قبل ذلک صفین مع أمیر المؤمنین (علیه السّلام) ، واشترک فی الکوفة فی حرکة مسلم بن عقیل (علیه السّلام) فلما رأی خذلان أهل الکوفة لمسلم اختفی عن الأنظار ، ولحق بالحسین (علیه السّلام) وقاتل حتی فاز بالشهادة ، وکان معدوداً من الشجعان . وقد استشهد فی الحملة الأولی یوم عاشوراء . (مستدرکات علم رجال الحدیث :2/117) .

ص: 56

الفصل السابع: من أعلام بنی شیبان

1- القائد الثائر أبو السرایا

واسمه: السری بن منصور الشیبانی ، ثائر شجاع ، وأمیر عصامی قیل إنه من ولد هانئ بن قبیصة الشیبانی . (الأعلام :3/82)

کان فی زمن المأمون علوی الرأی (مقاتل الطالبیین:1/346) وکان قائداً عند هرثمة بن أعین ، أحد قادة المأمون ، وفارقه لتنقیصه أرزاق جنده وتبعه منهم جماعة ، فأخذ یغیر بهم البلدات ویأخذ ما اجتمع عند عاملها من أموال ، ویقسَّمه ولایأخذ لنفسه شیئاً .

وکان محمد بن إبراهیم المعروف بابن طباطبا الحسنی، یمشی یوماً فی أزقة الکوفة فرأی امرأة عجوزاً تتتبَّع أحمال الرطب ، فتلتقط ما یسقط منه ثم تجمعه فی کساء رث علیها فسألها عما تصنع ذلک؟

ص: 57

فقالت: إنی امرأة لا رجل لی یقوم بمؤنتی، ولی بنات لا یعدن علی أنفسهن بشئ فأنا أتتبُّع الطریق وأتقوته أنا وولدی! وقیل رأی امرأة تأخذ میتة من مزبلة ، فبکی محمد من ذلک ثم قال: أنت والله وأشباهک تخرجونی غداً حتی یسفک دمی ، ثم نفذت بصیرته علی الخروج (المصدر السابق:346).

فدعا أبا السرایا الشیبانی فاستجاب وبایعه علی الرضا من آل محمد والعمل بالکتاب والسنة . (أعیان الشیعة: 7/217) .

وأقبل أبو السرایا وفرسانه من الرقة ومروا علی کربلاء ، وزاروا قبر الحسین (علیه السّلام) وأطال أبو السرایا الزیارة ، ثم تمثل بأبیات منصور بن الزبرقان النمری :

نفسی فداء للحسین یوم عدا

الی المنایا عدوا ولا قافل

ذاک یوم أنحی بشفرته علی

سنام الإسلام والکاهل

کأنما أنت تعجبین ألا

ینزل بالقوم نقمة العاجل

لا یعجل الله إن عجلت وما

ربک عما ترین بالغافل

مظلومة والنبی والدها

تدیر أرجاء مقلة جافل

ألا مساعیر یغضبون لها

بسلَّة البیض والقنا الذبل

ص: 58

ثم خطب فذکرهم بفضل أهل البیت (علیهم السّلام) وما خصهم الله به ، وظلم الأمة لهم ، وقال: أیها الناس ، هبکم لم تحضروا الحسین فتنصروه ، فما یقعدکم عمن أدرکتموه ولحقتموه ، وهذا محمد إبراهیم خارج طالب بثأره وحقه وتراث آبائه وإقامة دین الله ، فما یمنعکم من نصرته ومؤازرته؟ إننی خارج من وجهی هذا الی الکوفة للقیام بأمر الله والذب عن دینه ، والنصر لأهل بیته ، فمن کان له نیة فی ذلک فلیلتحق بی .

وکان العامل علی الکوفة سلیمان بن المنصور العباسی فدخل أبو السرایا بفرسانه الکوفة سلماً دون قتال ، ووافاه محمد بن إبراهیم فدعاهم الی بیعته فبایعه الناس حتی ازدحموا علیه ، فی العاشر من جمادی الأولی سنة مئة وتسع وتسعون للهجرة .

فاستدعی الحسن بن سهل وزیر المأمون زهیر بن المسیب الضبی وأمره بالمسیر الی الکوفة لمقاتلة أبی السرایا ، فهاجم أبو السرایا مقدمته فقتل أکثرهم وفرَّ الباقون ، وغنم أبو السرایا أسلحتهم ودوابهم . وزحف عسکر زهیر حتی وافی قنطرة الکوفة وهم یصیحون: یا أهل الکوفة زینوا نساءکم وأخواتکم وبناتکم للفجور ، والله لنفعلنَّ بهن کذا وکذا! وأبو السرایا یقول لهم: أذکروا الله وتوبوا إلیه واستغفروه ، وهاجمهم أبو السرایا صباحاً

ص: 59

فانهزموا ، وغنم أهل الکوفة غنیمة کبیرة. ثم بعث وزیر المأمون جیشاً آخر ثلاثة آلاف مع عبدوس بن عبد الصمد ، فنشبت الحرب بینهم ولقی أبو السرایا عبدوس وجهاً لوجه فصاح: أنا أبو السرایا ، أنا أسد بنی شیبان ، ثم حمل علی عبدوس فقتله وانهزم أصحابه ، وانتصر أهل الکوفة ، وغنموا غنیمة عظیمة .

وکان ابن طباطبا مریضاً فمات (رحمه الله) فی أوائل رجب ، فبایع أبو السرایا محمد بن محمد بن زید بن علی بن الحسین، وکان غلاماً حدث السن ، لکن أبا السرایا رتب دولته ، وضرب السکة ، وبعث العمال علی الأمصار . (المصدر السابق:355)

ثم بعث إلیه الحسن بن سهل هرثمة بن أعین فی ثلاثین ألفاً ، الی البصرة والمدائن وواسط ، حیث امتد نفوذ أبی السرایا ، فاشتبک معه فی المدائن وفی الکوفة ، فانهزم أصحاب أبی السرایا بعد أن قتل الکثیر منهم ، وانهزم أبو السرایا الی السوس فی الأهواز ، وتعقبه جیش المأمون فقبضوا علیه وجاؤوا به الی الحسن بن السهل فضرب عنقه ، وذلک فی العاشر من ربیع الأول سنة مائتین للهجرة ، أی بعد سنة من حکومته ، ثم قطعوا جسده نصفین وصلبوه علی جسر بغداد. (تاریخ الطبری: 7/123).

ص: 60

2- الشیخ التلعکبری الشیبانی

الشیخ هارون بن موسی التلعُکبُری الشیبانی ، من أکابر علمائنا الأقدمین ، أخذ العلم عن کثیر من مشایخ الطائفة

وتتلمذ علی یدیه عدد من أساطینها ، ولعلک لا تجد کتباً من کتبنا فی الفقه والحدیث لم یرد فیه ذکر لهذا الشیخ الجلیل .

وقد أثنی علیه جمیع علماء الطائفة من الرجالیین وغیرهم ، فقال فیه الشیخ الطوسی فی رجاله/450: جلیل القدر ، عظیم المنزلة ، واسع الروایة ، عدیم النظیر ، ثقة ، روی جمیع الأصول والمصنفات . وقال النجاشی/ 439: کان وجهاً فی أصحابنا ثقة معتمداً لایطعن علیه..کنت أحضر فی داره مع إبنه أبی جعفر والناس یقرؤون علیه .

وذکر الطوسی/443 أکثر من مائة شیخ روی عنهم العکبری (رحمه الله) ، ومنهم: الصدوق وأبو القاسم جعفر بن محمد بن قولویه ، صاحب کامل الزیارات ، سمع منه سنة ثلاث مائة وأربعین للهجرة . ومحمد بن أحمد بن محمد بن سعید بن عقدة الهمدانی. وأبوه أحمد بن محمد بن سعید، ومحمد بن عمر بن سلیم القاضی أبو بکر الجعابی ، قاضی الموصل ، قرأ علیه مع المفید ، وابن

ص: 61

عبدون ، کما حضر مجلس درسه ومذاکرته جملة من مشاهیر علمائنا ، منهم: علم الهدی الشریف المرتضی ، وله منه إجازة (رسائل المرتضی/27).والشریف الرضی ، والنجاشی الأسدی الرجالی الشهیر . (أمل الآمل :2/262).

ومن شخصیات بنی شیبان: ابنه محمد بن هارون التلعکبری: توفی بعد أبیه بسنتین ، کان یحضر مع أبیه مجلس درس الشیخ الصدوق (رحمه الله) (الذریعة: 8/242).

وکذا ابنه الحسین بن هارون التلعکبری، أخذ العلم والروایة عن أبیه ، وهو أحد مشایخ شیخ الطائفة الطوسی، وهو طریقه الی أخبار أبی قتادة القمی (الذریعة:8 /242) ، وقع فی طریق روایة دعاء الإمام المهدی(عجل الله تعالی فرجه )فی مسجد السهلة. (عقیدة المسلمین فی المهدی (علیه السّلام) /37).

3- جعفر بن ورقاء الشیبانی

جعفر بن ورقاء ، أمیر بنی شیبان فی العراق ووجههم ، کان عظیماً عند السلطان ، صحیح المذهب. (رجال النجاشی/124) .ولد فی سامراء سنة 292هجریة (أعیان الشیعة: 4/192) .

ص: 62

وکان والیاً علی الکوفة زمن المقتدر بالله العباسی( تاریخ الکوفة/280) وکان بینه وبین أبی فراس الحمدانی مراسلة ، کما کان أثیراً لدی سیف الدولة . وقد ألَّف کتابا فی أفضلیة أمیر المؤمنین (علیه السّلام) سماه: حقائق التفضیل فی حقائق التأویل.(مدینة المعاجز: 1/33).

4- علی بن أبی سارة الشیبانی البصری

روی عن الصادق (علیه السّلام) : إن أبا طالب أظهر الکفر وأسرَّ الإیمان فلما حضرته الوفاة أوحی الله عز وجل الی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) : أخرج منها فلیس لک ناصر بها (کمال الدین/174). فضعفه البخاری فی تاریخه:6 /278 ، وعده ابن حبان فی المجروحین:2 /104 !

وابنه العباس ثقة ، له کتاب . (رجال النجاشی/282).

5- العوام بن حوشب

العوام بن حوشب بن یزید بن رویم ، من ذهل بن شیبان ، من أهل واسط ، ذکره ابن حبان فی الثقات (7 /298) .

روی عن الصادق (علیه السّلام) وله کتاب . (النجاشی/303) .

خرج مع إبراهیم بن عبدالله بن الحسن المثنی عندما ثار علی المنصور الدوانیقی ، وخرج معه أکثر فقهاء عصره ، ومنهم أبو

ص: 63

حنیفة وبعث إلیه بأربعة آلاف درهم (الأعلام:1/48) وأبو إسحاق السبیعی، وفطر بن خلیفة ، وسلام بن أبی واصل الحذاء، والعوام من حوشب وکان شیخاً کبیراً ، وعندما قتل إبراهیم أعطی المنصور الأمان لجمیع من کان معه إلا العوام بن حوشب وأسامة بن زید ، فاستخفی العوام سنتین ، ثم عمل معن بن زائدة الشیبانی فی أمره حتی أخرج له أماناً. (مقاتل الطالبیین/236).

وطَلاب بن حوشب الشیبانی: أخ العوام ، وثقه النجاشی ، روی عن الصادق (علیه السّلام) وله کتاب.(رجال النجاشی : 207)

وعبد الله بن خراش: ابن أخ العوام بن حوشب ، روی عنه الصدوق وغیره . (أمالی الصدوق/559).

6- معن بن زائدة أبو الولید الشیبانی

وهو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر بن شریک بن الصلب ، الشیبانی . کان من أصحاب المنصور ببغداد ، ثم ولاه الیمن وغیرها ، وکان سمحاً جواداً. (تاریخ بغداد : 13/236).

وهو من مشاهیر العرب بالکرم ، وقد رویت له قصص کثیرة ، منها ما رواه صاحب شرطته ، قال: بینا أنا علی رأس معن إذا هو

ص: 64

براکب یوضع، فقال معن: ما أحسب الرجل یرید غیری قال: ثم قال لحاجبه لا تحجبه . قال: فجاء حتی مثل بین یدیه ، فقال:

أصلحک الله قلَّ ما بیدی

فما أطیق العیال إذ کثروا

ألح دهر رمی بکلکله

فأرسلونی إلیک وانتظروا

قال: فقال معن وأخذته أریحیة: لاجرم والله لأعجلن أوبتک . ثم قال: یا غلام ناقتی الفلانیة وألف دینار ، فدفعها إلیه وهو لا یعرفه . ووفد علیه قوم فوصلهم وأعطاهم ، إلا رجلاً جاء بعد ما خرجوا من عنده . قال: فکتب إلیه:

بأی الخلتین علیک أثنی

فإنی بعد منصرفی مسول

أبا النعمی ولیس لها ضیاء

علی فمن یصدَّق ما أقول

فقال له معن بن زائدة: لا أحد والله وأمر له بعشرة آلاف درهم (تاریخ بغداد:13/239). تولی معن عدَّة ولایات للمنصور العباسی ، فقد ولاه الیمن سنة مئة وإثنین وأربعین هجریة (تاریخ خلیفة /339) ، کما ولاه آذربیجان ثم سجستان . وقتل سنة اثنتین وخمسین ومائة.

(تاریخ بغداد:13 :241 ) .

ص: 65

7- یزید بن مزید

یزید بن مزید بن زائدة الشیبانی ، أبو خالد ، وهو ابن أخ معن بن زائدة . من القادة الشجعان. کان والیاً بأرمینیة وأذربیجان ، وانتدبه هارون لقتال الولید بن طریف الشیبانی

عظیم الخوارج فی عهده ، فقتله سنة مئة وتسع وسبعین ، وعاد إلی أرمینیة ، وولاه الیمن . وأخبار شجاعته وکرمه کثیرة . توفی سنة مئة وخمس وثمانین فی أذربیجان ، ورثاه شعراء کثیرون . (الأعلام : 8/188) .

8- أحمد بن عمرو بن أبی عاصم

وهو حافظ کبیر ، قال الذهبی فی سیر أعلام النبلاء (13/432): إمام بارع متبع للآثار کثیر التصانیف . قدم أصبهان علی قضائها ونشر بها علمه. قال أبو الشیخ:کان من الصیانة والعفة بمحل عجیب. وقال أبو بکر بن مردویه: حافظ کثیر الحدیث ، صنف المسند والکتب . وقال أبو العباس النسوی: أبو بکر بن أبی عاصم ، وهو: أحمد بن عمرو بن الضحاک بن مخلد الشیبانی ، من أهل البصرة ، من صوفیة المسجد ، من أهل السنة والحدیث والنسک والأمر بالمعروف والنهی عن المنکر ، صحب النساک ، وکان

ص: 66

مذهبه القول بالظاهر ، وکان ثقة نبیلا معمرا ، وقال الحافظ أبو نعیم: کان فقیهاً ظاهری المذهب. وفی هذا نظر ، فإنه صنف کتاباً علی داود الظاهری أربعین خبراً ثابتة مما نفی داود صحتها . قالت بنته عاتکة: ولد أبی فی شوال سنة ست ومئتین ، فسمعته یقول: ما کتبت الحدیث حتی صار لی سبع عشرة سنة ، وذلک أنی تعبدت وأنا صبی فسألنی إنسان عن حدیث فلم أحفظه فقال لی: ابن أبی عاصم لا تحفظ حدیثاً؟ فاستأذنت أبی فأذن لی فارتحلت. قلت: کان یمکنه أن یحفظ أحادیث یسیرة من جده أبی عاصم .

وأمه هی: أسماء بنت الحافظ موسی بن إسماعیل التبوذکی ، فسمع من جده التبوذکی ، ومن والده ، ومات والده بحمص علی قضائها، فی سنة اثنتین وأربعین ومئتین وله نیف وستون سنة.

وکان أخوه عثمان بن عمرو بن أبی عاصم من کبار العلماء ، قال ابن عبد کویه: سمعت عاتکة بنت أحمد تقول: سمعت أبی یقول: جاء أخی عثمان عهده بالقضاء علی سامراء ، فقال: أقعد بین یدی الله تعالی قاضیا ؟ ! فانشقت مرارته ، فمات.

وروی عن أحمد بن محمد بن محمد المدینی البزاز یقول: قدمت البصرة وأحمد بن حنبل حی ، فسألت عن أفقههم ، فقالوا: لیس بالبصرة أفقه من أحمد بن عمرو بن أبی عاصم .

ص: 67

9- عز الدین بن الأثیر

وهو علی بن محمد بن عبد الکریم بن عبد الواحد الشیبانی الجزری ، أبو الحسن عز الدین ابن الأثیر: المؤرخ ، من العلماء بالنسب والأدب . ولد ونشأ فی جزیرة ابن عمر ، وسکن الموصل وتجول فی البلدان وعاد إلی الموصل ، فکان منزله مجمع الفضلاء والأدباء وتوفی بها . من تصانیفه: الکامل فی التاریخ ویقع فی اثنی عشر مجلداً ، مرتب علی السنین ، بلغ فیه عام 629 هجریة ، وکتاب أسد الغابة فی معرفة الصحابة ، ویقع فی خمس مجلدات کبیرة ، مرتب علی الحروف ، واللباب فی تهذیب الأنساب ، اختصر به أنساب السمعانی وزاد فیه ، وتاریخ الدولة الأتابکیة ، والجامع الکبیر فی البلاغ ، وتاریخ الموصل لم یتمه ، توفی سنة ست مئة وثلاثون للهجرة . (الأعلام للزرکلی:4/332) .

10- یحیی بن هبیرة

وهو یحیی بن محمد بن هبیرة بن سعید بن الحسن بن أحمد بن الحسن الشیبانی ، الدوری ، البغدادی ، الحنبلی

(عون الدین ، أبو المظفر) أدیب ، نحوی ، لغوی ، عروضی ، مؤرخ ، فقیه ، مقرئ من الکتاب والوزراء . ولد بالدور من قری الدجیل فی ربیع

ص: 68

الآخر ، ودخل بغداد شابا ، وتفقه علی مذهب أحمد بن حنبل وسمع الحدیث ، وقرأ القراءات ، ودخل فی الکتابة ، وولی مشارفة الخزانة ، ثم ترقی ، فولی دیوان الخواص ، ثم استوزره المقتفی العباسی، توفی مسموما ببغداد فی13 جمادی الأولی من سنة خمس مئة وستون .

من آثاره: الإفصاح عن معانی الصحاح فی عشر مجلدات ، العبادات علی مذهب أحمد بن حنبل ، الإشراف علی مذاهب الأشراف ، تلخیص اصلاح المنطق لابن السکیت ، وأرجوزة فی الخط.(معجم المؤلفین:13/229).

11- رویم بن محمد

أبو الحسن ، رویم بن أحمد ، وقیل رویم بن محمد بن یزید بن رویم بن یزید ، الصوفی ، من أفاضل البغدادیین ، وهو من بنی شیبان ، أحد أئمة أهل زمانه ، کان عالماً بالقرآن ومعانیه ، وعالماً بالقراءات ، مات فی بغداد سنة ثلاث مئة وثلاثة .

رویت عنه أقوال فی الحکمة ، منها قوله: السکون إلی الأحوال اغترار ، وقوله: ریاء العارفین أفضل من إخلاص المریدین ، وقال: الفقر له حرمة ، وحرمته ستره واخفاؤه ، والغیرة علیه ،

ص: 69

والضن به ، فمن کشفه واظهره وبذله ، فلیس هو من أهله ولا کرامة . وقال: التوکل إسقاط رؤیة الوسائط ، والتعلق بأعلی العلائق . وسئل عن المحبة فقال: الموافقة فی جمیع الأحوال وأنشد:

ولو قلت لی متْ متُّ سمعاً وطاعةً

وقلت لداعی الموت أهلاً ومرحبا

وقال: الأنس أن تستوحش مما سوی محبوبک . وقال: الصبر ترک الشکوی ، والرضی استلذاذ البلوی. (تاریخ بغداد : 8/430) .

12: بکر بن محمد بن حبیب بن بقیة: أبو عثمان المازنی من مازن شیبان کان سید أهل العلم بالنحو والغریب واللغة بالبصرة ، وهو من علماء الإمامیة ، له کتاب فی التصریف ، وکتاب ما یلحن فیه العامة ، مات سنة مائتین وثمان وأربعین (رجال النجاشی/110).

13: فخر الدین أبو علی عیسی بن هندی: الإربلی الشیبانی . قال السید الأمین فی أعیان الشیعة: کان حاکماً بإربل ونواحیها أیام الصاحب محمد بن الصلایا الحسینی ، وإلیه رئاسة البلد ، مات سنة ست مائة وتسع وستین . (أعیان الشیعة: 8 /382).

ص: 70

14: الفاضل الشیبانی ماجد بن فلاح بن حسن ، عالم فقیه معاصر للمقدس الأردبیلی ، له رسالة فقهیة فی الخراج انتصر فیها للمحقق الکرکی القائل بالجواز. (الذریعة :11/179).

15: عیسی بن عمرو الشیبانی: عالم زیدی . (خلاصة الأقوال/ 378).

16: الشیخ محمد بن عبدالله البحرانی الشیبانی: أحد رواة دعاء العهد عن الإمام الصادق (علیه السّلام) . (مستدرک الوسائل: 5/393 ).

17: علی بن محمد بن محمد بن عقبة الشیبانی: سمع منه التلعکبری ، وله منه إجازة. (رجال الطوسی/432).

18: صدقة بن عبدالله السمین الشیبانی: کان زرارة بن أعین مولاه (معجم الرجال والحدیث للأنصاری:2/23) روی عنه الصدوق عن هشام

عن أنس بن مالک . (علل الشرائع :1/12).

19: حمید بن راشد الذهلی ، یروی عن المفضل ، وله کتاب . (معجم رجال الحدیث:3/35) .

20: محمد بن أحمد الشیبانی المکَتَّب، من مشایخ الصدوق ، روی وصیة السفیر الرابع السمری (رحمه الله) . (النجاشی/133).

ص: 71

21: یونس الشیبانی: من أصحاب الإمام جعفر الصادق (علیه السّلام) . (رجال الطوسی : 324)

22: بشیر بن أبی غیلان الشیبانی: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) . (رجال الطوسی/173).

23: أحمد بن عبدالله الهروی الشیبانی: من أصحاب الرضا (علیه السّلام) . (معجم الرجال والحدیث: 2/36).

24: عبدالملک بن هارون بن عنترة الشیبانی ، جدَّه صیفی بن فسیل صاحب أمیر المؤمنین

(علیه السّلام) . (خلاصة الأقوال/ 308) وثقه النجاشی/240، وله کتاب .

25: محمد بن بحر بن سهل الرهنی الشیبانی ، کان متکلماً عالماً بالأخبار فقیهاً ، له نحو خمس مائة مصنف ورسالة ( الطوسی/208) قال الشیخ فی رجاله/447: کان یتهم بالتفویض، وقال النجاشی/384: لا أدری من أین قیل ذلک ؟! ونقل عنه محمد بن جریر الطبری فی دلائل الإمامة/265 ، کلمات تدل علی علمه الواسع.

26: عبدالله بن عون الشیبانی: من أصحاب الصادق

(علیه السّلام) .(الطوسی/ 265).

27: ابراهیم بن عمران الشیبانی:روی عنه الصدوق فی الفقیه:4/480

28: عبدالله بن أحمد بن جعفر الشیبانی،روی عنه فی الإقبال:2 /251.

ص: 72

29: فلیح بن أبی بکر:من أصحاب زین العابدین (علیه السّلام) ( الطوسی:119)

30: القاسم بن عوف الشیبانی: ذکره ابن حبان فی الثقات:5/305، روی عنه الفریقان ، روی عن الإمام زین العابدین (علیه السّلام) أنه نص علی ابنه الباقر (علیه السّلام) وقال له: وإیاک أن تشد راحلة ترحلها ، فإنما هاهنا یطلب العلم حتی یمضی بعد موتی سبع حجج ، ثم یبعث الله لکم غلاماً من ولد فاطمة (علیه السّلام) ینبت الحکمة فی صدره کما ینبت الطلُّ الزرع . قال: فلما مضی علی بن الحسین (علیهم السّلام) حسبنا الأیام والجمع والشهور والسنین ، فما زادت یوماً ولا نقصت حتی تکلم محمد بن علی بن الحسین (علیه السّلام) باقر العلم. (رجال الکشی/339).

31: بشر بن عبدالله: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) .(رجال الطوسی:168)

32: الحارث بن زیاد: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) (رجال الطوسی/192)

33: سعد بن طالب: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) (الطوسی/212). روی عن زید بن أرقم: قال رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) : ألا أدلکم علی ما إن استدللتم به لن تهلکوا ولن تضلوا؟ قالوا: بلی یا رسول الله . قال: إن إمامکم وولیکم علی بن أبی طالب فوازروه وناصحوه وصدقوه ، فإن جبریل أمرنی بذلک . ( أمالی الصدوق/564).

ص: 73

34: علی بن شجرة النبال الشیبانی ، من أصحاب الصادق

(علیه السّلام) ، له کتاب، وثقوه وأخاه الحسن. (معجم رجال الحدیث:13/63).

35: محمد بن عبدالعزیز بن هانئ: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) (رجال الطوسی/288).

36: الهیثم بن عبید: أبو کهمس ، من اصحاب الصادق (علیه السّلام) ، له کتاب ذکره فی الطبقات (النجاشی/433)

، وعدَّه الصدوق من أصحاب الأصول الأربع مائة التی رویت عن الأئمة (علیهم السّلام) .

37: الولید بن عروة الهجری الشیبانی، من أصحاب الباقر (علیه السّلام) . (رجال الطوسی/148).

38:موسی بن مسلم الشیبانی الحزامی: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) (کفایة الأثر/264).

39: الشیخ محمود بن یحیی بن محمد بن سالم الشیبانی الحلی ، فقیه عالم صالح شاعر أدیب ، یروی عنه ابن معیة. (أمل الآمل:2 :317)

40:الحر بن سعد الشیبانی، من أصحاب الحسنین

(علیهما السّلام) .(معجم رجال الحدیث: 5/228).

41: عبد الرحمن بن أبی أحمد . روی عنه الصدوق. (الفقیه:3 /108).

42: القاسم الشیبانی: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) .(الطوسی/271).

ص: 74

الفصل الثامن: الشیبانیون بالولاء والمجاورة

1- معنی التحالف والمجاورة والولاء

معنی المجاورة: أن یساکن شخص قبیلة معینة ، فینسبه الناس إلیهم وهو لیس منهم ، وقد یکون من قبیلة عربیة أخری أو یکون غیر عربی ، فینسب الی تلک القبیلة لسکنه فی دیارهم .

ومعنی التحالف: أن یتفق أحد من غیر القبیلة معهم علی أن یکون حلیفهم ، فینسب إلیهم وإن لم یکن منهم ، کعمار بن یاسر وأبیه الذین کانوا من الیمن فتحالفوا مع بنی مخزوم .

ومعنی الولاء: أن یکون المعتق عبداً لشخص فیعتقه ، فیقال للعبد المعتق مولی آل فلان ، وینسب إلیهم وإن لم یکن من القبیلة بل ولو لم یکن عربیاً ، فیقال مولی بنی شیبان مثلاً .

وینسب الی الشیبانیین عدة بالمجاورة والتحالف والولاء ، وأصلهم من غیرهم ، ومنهم بعض أصحاب الأئمة (علیهم السّلام) کآل أعین الشیبانیین ، وأصلهم من الروم ، والإمام أحمد بن حنبل الشیبانی ، وأصله من خراسان من مرو ، ومنهم کبار أعلام المذاهب ، ونذکر أبرزهم:

ص: 75

2- آل أعین بن سنسن

وهم أسرة جلیلة ، لزموا أئمة أهل البیت (علیهم السّلام) وتفقهوا علیهم ، فکانوا أوعیة لعلومهم ، وأمناء علی الحلال والحرام .

قال الإمام الصادق (علیه السّلام) : رحم الله زرارة بن أعین ، لولا زرارة ونظراؤه ، لاندرست أحادیث أبی علیه السلام.(الکشی/348).

وآل أعین أسرة کبیرة ، أدرک أوائلهم الإمام علی بن الحسین (علیه السّلام) وتواصلت ذریتهم مع الأئمة (علیهم السّلام) الی عصر الغیبة .

وکان جدهم سنسن راهباً رومیاً ، وابنه أعین غلاماً أسیراً فی حلب ، فاشتراه عبد الله بن عمرو السمین بن أسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شیبان ، فرباه وتبناه وأحسن تأدیبه وحفَّظه القرآن وعرَّفه الأدب ، وأعتقه ، فنسب إلیهم . (تاریخ آل زرارة /3) .

ونبغ ابنه زرارة بن أعین الشیبانی: واسمه عبد ربه ، وزرارة لقب له ، وکان (رحمه الله) أثیراً عند الأئمة ، وجاء فی فضله عن الإمام الصادق (علیه السّلام) الکثیر ، وفی فترة ذمَّه الإمام (علیه السّلام) لیدفع عنه تهمة الأرتباط به وینجیه من القتل . وصح عنه (علیه السّلام) أنه قال:

«ما أجد أحداً أحیا ذکرنا وأحادیث أبی (علیه السّلام) ، إلا زرارة وأبو بصیر لیث المرادی ، ومحمد بن مسلم ، وبرید بن معاویة العجلی ، ولولا

ص: 76

هؤلاء ما کان أحد یستنبط هذا . هؤلاء حفاظ الدین وأمناء أبی (علیه السّلام) علی حلال الله وحرامه ، وهم السابقون إلینا فی الدنیا والسابقون إلینا فی الآخرة ». (الکشی:1/347) .

وعن جمیل بن دراج(رحمه الله) قال: ما کنا حول زرارة إلا بمنزلة الصبیان فی الکتَّاب حول المعلم . (الکشی:1/346).

وقال جمیل:« دخلت علی أبی عبدالله

(علیه السّلام) فاستقبلنی رجل خارج من عند أبی عبدالله من أهل الکوفة من أصحابنا فلما دخلت علی أبی عبدالله قال لی: لقیت الرجل الخارج من عندی؟ فقلت: بلی هو رجل من أصحابنا من أهل الکوفة . فقال: لا قدَّس الله روحه ولا قدَّس مثله ، إنه ذکر أقواماً کان أبی (علیه السّلام) إئتمنهم علی حلال الله وحرامه وکانوا عیبة علمه ، وکذلک هم الیوم عندی ، وهم مستودع سرِّی وأصحاب أبی (علیه السّلام) حقاً ، إذا أراد الله بأهل الأرض سوءا صرف بهم عنهم السوء ، هم نجوم شیعتی أحیاءً وأمواتاً ، یحیون ذکر أبی (علیه السّلام) ، یکشف الله بهم کل بدعة ، ینفون عن هذا الدین انتحال المبطلین وتأوُّل الغالین ، ثم بکی! فقلت: من هم؟فقال: من علیهم صلوات الله ورحمته أحیاءً وأمواتاً: برید العجلی وزرارة وأبو بصیر ومحمد بن مسلم ». (الکشی:1/348).

ص: 77

قال النجاشی/175:زرارة بن أعین شیخ أصحابنا فی زمانه ومتقدمهم ، کان قارئاً فقیهاً متکلماً شاعراً أدیباً . قد اجتمعت فیه خلال الفضل والدین، صادقاً فیما یرویه.. مات سنة مئة خمسین».

أقول: کفی بنی شیبان شرفاً وفخراً رعایتهم لهذا العلم الجلیل وأبیه وأسرته ، الذین حفظوا الکثیر من علوم آل محمد (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) .

ومن موالی بنی شیبان حمران بن أعین: أخو زرارة ، ثقة ممدوح من أصحاب الإمامین الباقر والصادق

(علیهما السّلام) .(معجم رجال الحدیث: 7/ 269) وبکیر بن أعین: روی عن الباقر والصادق (علیهما السّلام) ، وله ستة أولاد کلهم من رواة الحدیث وأصحاب الأئمة (علیهم السّلام) : عبدالله ، والجهم ، وعبد الحمید ، وعبد الأعلی ، وعمر ، وزید ، ومات فی حیاة الإمام الصادق (علیه السّلام) . (المصدر السابق:4 :265)

وعبدالرحمن بن أعین:روی عن الباقر والصادق (علیهما السّلام)(النجاشی/ 237)

وعبد الملک بن أعین: من أصحاب الباقرین (علیهما السّلام) .(الطوسی/ 139)

وعبید بن زرارة: روی عن الصادق (علیه السّلام) وله کتاب (النجاشی/233)

وعبدالله بن زرارة:روی عن الصادق (علیه السّلام) وله کتاب.(المصدر /223) ورومی بن زرارة :روی عن الکاظم

(علیه السّلام) . (المصدر /166)

ومحمد بن زرارة : من أصحاب الصادق (علیه السّلام) .(رجال الطوسی/283)

ص: 78

وحمزة بن حمران: وأخوه عقبة من أصحاب الصادق (علیه السّلام) .(النجاشی/140) ومحمد بن حمران: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) .(رجال الطوسی: 313)

وعبدالله بن بکیر: روی عن الصادق (علیه السّلام) . (رجال النجاشی/222).

والحسن بن الجهم بن بکیر: روی عن الکاظم والرضا (علیهما السّلام) وله کتاب.(رجال الطوسی/50) .

ومحمد بن سلیمان بن الحسن بن الجهم: روی عن الإمام أبی محمد العسکری ، له کتاب الآداب والمواعظ ، وکتاب الدعاء ، مات سنة ثلاث مئة وواحد . (رجال النجاشی: 347) وعلی بن سلیمان بن الجهم: کان له اتصال بصاحب الأمر(عجل الله تعالی فرجه) وخرجت له توقیعات ، وله منزلة فی علمائنا. (المصدر السابق:260)

وأحمد بن محمد بن محمد الزراری: أبو غالب ، شیخ الطائفة فی زمنه ووجههم ، له کتب منها: کتاب التاریخ ، وکتاب دعاء السفر ، ومناسک الحج الکبیر مات سنة 368. (المصدر السابق/83)

ومحمد بن عبدالله بن أحمد الزراری: کان أدیباً ، له کتاب فضل الکوفة علی البصرة ، وکتاب جمل البلاغة. (المصدر السابق:398)

ص: 79

وأولاد عبد الملک بن أعین ذکرهم الشیخ فی الرجال:ضریس ، وعلی ، ومحمد ، وکلهم روی عن الصادق (علیه السّلام) وهناک أخرون من آل أعین من الرواة والعلماء ، لا یتسع المجال لذکرهم .

ومبارک بن عبدالله: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) .(رجال الطوسی/304) .

ومحمد بن فلیح الشیبانی: من أصحاب الصادق (علیه السّلام) .(المصدر/ 292)

ومعروف بن زیاد: من أصحاب الصادق

(علیه السّلام) . (المصدر السابق:312)

وحماد بن أبی زیاد: من أصحاب الصادق

(علیه السّلام) .(المصدر/188)

وسلیمان بن صالح: من أصحاب الصادق

(علیه السّلام) . (المصدر /216)

ومحمد بن الربیع:مولاهم من أصحاب الصادق (علیه السّلام) .(المصدر 282)

3- هشام بن الحکم

قیل کان أولاً مولی کندة ثم صار مولی بنی شیبان ، وقیل کان یسکن أحیاء بنی شیبان فنسب إلیهم . (معجم رجال الحدیث:20/299).

قال ابن شهرآشوب فی معالم العلماء/163: «أبو محمد هشام بن الحکم الشیبانی..لقی الصادق والکاظم (علیهما السّلام) ، وکان ممن فتق الکلام فی الإمامة وهذب المذهب بالنظر ، ورفعه الصادق (علیه السّلام) فی الشیوخ وهو غلام وقال: هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ویده . وقال (علیه السّلام) : هشام بن

ص: 80

الحکم رائد حقنا ، وسائق قولنا ، المؤید لصدقنا ، والدامغ لباطل أعدائنا ، من تبعه وتبع أثره تبعنا ، ومن خالفه وألحد فیه فقد عادانا وألحد فینا ».

کما ورد فیه عن الأئمة (علیهم السّلام) مدائح جلیلة ، منها ما رواه سلیمان بن جعفر الجفری قال: سألت أبا الحسن الرضا (علیه السّلام) عن هشام بن الحکم ، فقال: رحمه الله ، کان عبداً صالحاً ، اُوذی من قبل أصحابه حسداً منهم له ».(رجال الکشی : 2/537).

وعن یونس بن یعقوب قال: کنت عند أبی عبدالله (علیه السّلام) فورد علیه رجل من أهل الشام فقال: إنی رجل صاحب کلام وفقه وفرائض وقد جئت لمناظرة أصحابک... وأخرج أبو عبدالله رأسه من فازته ، فإذا هو ببعیر یخب فقال: هشام وربُّ الکعبة ، فظننا أن هشام من ولد عقیل ، کان شدید المحبة له ، فورد هشام وهو أول ما اختطت لحیته ، ولیس فینا إلا من هو أکبر منه سناً ، فوسع له أبو عبدالله (علیه السّلام) وقال: ناصرنا بقلبه ویده ولسانه ! ثم قال: یا حمران کلم الرجل ، فکلمه فظهر علیه حمران ، ثم قال: یا طاقی کلمه فکلمه فظهر علیه الأحول ، ثم قال: یا هشام بن سالم کلمه فتعارفا ، ثم قال أبو عبد الله لقیس الماصر: کلمه فکلمه فأقبل أبو عبد الله یضحک من کلامهما مما قد أصاب الشامی .

ص: 81

فقال للشامی: کلم هذا الغلام، یعنی هشام بن الحکم ، فقال : نعم . فقال لهشام: یا غلام سلنی فی إمامة هذا ، فغضب هشام حتی ارتعد ثم قال للشامی: یا هذا أربُّک أنظر لخلقه أم خلقه لأنفسهم؟ فقال الشامی: بل ربی أنظر لخلقه ! قال: ففعل بنظره لهم ماذا ؟ قال ، أقام لهم حجة ودلیلاً کیلا یتشتتوا أو یختلفوا ، یتألفهم ویقیم أودهم ویخبرهم بفرض ربهم . قال: فمن هو ؟ قال : رسول الله . قال هشام: فبعد رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ؟ قال: الکتاب والسنة . قال هشام: فهل نفعنا الیوم الکتاب والسنة فی رفع الإختلاف عنا ؟ قال الشامی: نعم ، قال: فلم اختلفنا أنا وأنت وصرت إلینا من الشام فی مخالفتنا إیاک ؟ قال: فسکت الشامی. فقال أبو عبد الله للشامی: ما لک لا تتکلم؟ قال الشامی: إن قلت لم نختلف کذبت ، وإن قلت إن الکتاب والسنة یرفعان عنا الإختلاف أبطلت ، لأنهما یحتملان الوجوه ، وإن قلت: قد اختلفنا وکل واحد منا یدعی الحق فلم ینفعنا إذن الکتاب والسنة ! إلا أن لی علیه هذه الحجة ، فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : سله تجده ملیاً . فقال الشامی: یا هذا من أنظر للخلق ، أربُّهم أو أنفسهم؟ فقال هشام: ربهم أنظر لهم منهم لأنفسهم. فقال الشامی: فهل أقام من یجمع لهم کلمتهم ویقیم أودهم ویخبرهم بحقهم من باطلهم؟ قال هشام : فی وقت رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) أو الساعة ؟ قال الشامی: فی وقت

ص: 82

رسول الله والساعة ، من ؟ فقال هشام: هذا القاعد الذی تشد إلیه الرحال ، ویخبرنا بأخبار السماء والأرض وراثة عن أب عن جد ! قال الشامی: فکیف لی أن أعلم ذلک؟قال هشام: سله عما بدا لک ! قال الشامی: قطعت عذری فعلیَّ السؤال .

فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) یا شامی: أخبرک کیف کان سفرک ؟ وکیف کان طریقک؟ کان کذا وکذا ، فأقبل الشامی یقول: صدقت ، أسلمت لله الساعة ! فقال أبو عبد الله (علیه السّلام) : بل آمنت بالله الساعة ، إن الإسلام قبل الإیمان وعلیه یتوارثون ویتناکحون ،والایمان علیه یثابون . فقال الشامی: صدقت فأنا الساعة أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وأنک وصی الأوصیاء .

ثم التفت أبو عبد الله (علیه السّلام) إلی حمران فقال: تجری الکلام علی الأثر فتصیب . والتفت إلی هشام بن سالم فقال: ترید الأثر ولا تعرفه . ثم التفت إلی الأحول فقال: قیَّاسٌ رواغٌ ، تکسر باطلاً بباطل إلا أن باطلک أظهر ! ثم التفت إلی قیس بن الماصر فقال: تتکلم وأقرب ما تکون من الخبر عن رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) أبعد ما تکون منه ، تمزج الحق مع الباطل وقلیل الحق یکفی عن کثیر الباطل . أنت والأحول قفازان حاذقان ! قال یونس: فظننت والله أنه یقول لهشام قریباً مما قال لهما .

ص: 83

ثم قال: یاهشام لاتکاد تقع ، تلوی رجلیک إذا هممت بالأرض طرت مثلک فلیکلم الناس ، فاتق الزلة ، والشفاعة من ورائها إن شاء الله ». (الکافی :1/171).

ودخل هشام یوماً علی عمرو بن عبید ، شیخ المعتزلة فی البصرة ، فی حلقته فی مسجد البصرة ، فجلس مع الحاضرین ، ثم تقدم الی عمرو بن عبید فقال: أیها العالم ، أنا رجل غریب تأذن لی فأسألک مسألة؟ فقال: نعم ، فقال هشام: هل لک عین؟ قال: بنی ، أیُّ شئ هذا من السؤال؟ فقال: هکذا مسألتی . قال: یا بنیَّ سل وإن کانت مسألتک حمقاء . قال: ألک عین؟ قال: نعم. قال: فما تری بها؟ قال: الألوان والأشخاص. قال: فلک أنف؟ قال: نعم ، قال: ما تصنع به؟ قال: أتشمم بها الرائحة. قال: ألک فم؟ قال: نعم ، قال: ما تصنع به؟ قال: أتکلم به. قال: ألک اُذن؟ قال: نعم ، قال: ما تصنع بها؟ قال: أسمع بها الأصوات. قال: ألک ید؟ قال: نعم ، قلت ما تصنع بها؟ قال: أبطش بها. قال: ألک قلب؟ قال: نعم ، قال: ما تصنع به؟ قال: أمیز کل ما ورد علی هذه الجوارح. قال: أفلیس فی هذه الجوارح غنی عن القلب؟

قال: لا ، قال: وکیف ذلک وهی صحیحة سلیمة؟ قال: یا بنی ، إن الجوارح إذا شکت فی شیء شمته أو رأته أو سمعته أو لمسته ردته الی القلب فییقِّن الیقین ویبطل الشک .

ص: 84

قال: إنما أقام الله القلب لشک الجوارح؟ قال: نعم ، قال: فلا بد من القلب ، وإلا لم تستقم الجوارح؟ قال: نعم .

قال: یا أبا مروان ، إن الله لم یترک جوارحک حتی جعل لها إماماً یصحح لها الصحیح وییقن ما شک فیه ، وترک هذا الخلق کلهم فی حیرتهم وشکهم واختلافهم ، لایقیم لهم ما یردون إلیه شکهم وحیرتهم ، ویقیم لک إماماً لجوارحک تردُّ إلیه حیرتک وشکک ! فسکت عمرو ، ثم سأله: أنت هشام؟ فلما عرفه أخذه وضمه إلیه وأجلسه الی جانبه ». (الکافی:1/170).

ودعاه یحیی بن خالد البرمکی یوماً الی مناظرة ضرار بن عمرو الغطفانی فی الإمامة ، فأجاب هشام ، وبادر ضراراً بالسؤال: یا أبا عمرو ، أخبرنی علی من تجب الولایة والبراءة ، علی الظاهر أم علی الباطن؟ فقال ضرار: بل علی الظاهر ، فإن الباطن لا یدرک إلا بالوحی . فقال هشام: صدقت ، فخبرنی الآن أیُّ الرجلین کان أذبُّ عن وجه رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بالسیف ، وأقتل لأعداء الله عز وجل بین یدیه ، وأکثر آثارا فی الجهاد ، علی بن أبی طالب (علیه السّلام) أو أبو بکر؟ فقال: علی بن أبی طالب، لکن أبا بکر کان أشدَّ یقیناً. فقال هشام: هذا هو الباطن الذی ترکنا الکلام فیه ، وقد اعترفت لعلی (علیه السّلام) بظاهر عمله من الولایة ما لم یجب لأبی بکر؟ قال: هذا الظاهر نعم . فقال:

ص: 85

أفلیس إذا کان الباطن مع الظاهر فهو الفضل الذی لا یدفع؟ قال: بلی. قال: ألست تعلم أن النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) قال لعلی: أنت منی بمنزلة هارون من موسی إلا أنه لا نبی بعدی. قال: نعم. قال: أیجوز أن یقول هذا القول إلا وهو عنده فی الباطن مؤمن؟ قال: لا. فقال هشام: فقد صحَّ لعلی

(علیه السّلام) ظاهره وباطنه ، ولم یصح لصاحبک ظاهر ولا باطن ، والحمد لله». (الفصول المختارةللشریف المرتضی/28) .

وینبغی الإشارة الی أن ضراراً هذا من کبار علماء المعتزلة ، وهو الذی شهد علیه أحمد بن حنبل عند القاضی فأمر بضرب عنقه، فهرب منهم ، مات سنة190. (الأعلام للزرکلی:3/215 ).

وقد ترک هشام بن الحکم مؤلفات مهمة ، لکنها لم تصل إلینا ، بسبب غارات السلطة علی کتب الشیعة . (رجال النجاشی/433).

4- أبو یوسف القاضی مولی بنی شیبان

وهو محمد بن الحسن صاحب أبی حنیفة ، قدم أبوه واسط فولد محمد بها ونشأ بالکوفة ، وطلب الحدیث وسمع من مسعر ومالک بن مغول وعمر بن ذر والأوزاعی والثوری وأشباههم ، وجالس أبا حنیفة وسمع منه . وخرج إلی الرقة فولاه هارون قضاء الرقة ، ثم عزله ،

ص: 86

وسکن بغداد . وأخذه معه هارون إلی الری ، فمات بها سنة تسع وثمانین ومائة . (المعارف لابن قتیبة/500).

وقال ابن خلیفة فی طبقاته/613: « محمد بن الحسن القاضی ، یکنی أبا عبد الله ، مولی بنی شیبان ، مات بالری سنة تسع وثمانین ومائة». وتاریخ بغداد:2/178، وطبقات ابن سعد:7/336.

وفی تاج العروس:2/133: «وهما شیبانان ، أحدهما شیبان بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر بن وائل . والآخر شیبان بن ذهل بن ثعلبة ابن عکابة ، وهما قبیلتان عظیمتان تشتملان علی بطون وأفخاذ کما صرحنا به فی کتاب أنساب العرب . وإلی الثانیة نسب إمام المذهب أحمد بن حنبل ، والإمام محمد بن الحسن صاحب الإمام أبی حنیفة. وعبد الله بن الشیَّاب کشدَّاد ».

5- الإمام أحمد بن حنبل مولی بنی شیبان

وهو الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد.. الشیبانی ، المروزی الأصل ، هذا هو الصحیح فی نسبه ، ولد فی بغداد فی شهر ربیع الأول سنة أربع وستین ومائة ، وقیل إنه ولد بمرو وحمل إلی بغداد وهو رضیع. (وفیات الأعیان: 2/64).

ص: 87

وإلیه ینسب المذهب الحنبلی ، أخذ الفقه والحدیث من الإمام الشافعی ، وعن البزاز الدولابی، ومحمد بن عبدالله بن الزبیر مولی بنی أسد، وکان هذا یتشیع . وعن أبی النعمان السدوسی عارم ، وعن أبی عمرو الشیبانی ، وله من الکتب المسند ، وفضائل الصحابة ، وغیرها.

أقول: نسبوا أحمد بن حنبل الی بنی شیبان ، والصحیح أنه مولی لهم ، لأن المؤرخین وعلماء الرجال نصوا علی أن أصله من مرو القریبة من خراسان: ففی تاریخ بغداد:5/181، عن محمدبن حاتم قال: «أحمد بن حنبل أصله من مرو ، وحمل من مرو وأمه به حامل.. حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل وذکر أباه فقال: جئ به حملٌ من مرو ، وتوفی أبوه محمد بن حنبل وله ثلاثون سنة... أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال أبی: ولدت فی سنة أربع وستین ومائة ». وفی تاریخ دمشق:5/252: « أحد الأعلام ، من أئمة الإسلام . أصله من مرو ، ومولده ببغداد ومنشؤه بها ».

وفی الأعلام للزرکلی:1/203: «أحمد محمد بن حنبل، أبو عبد الله ، الشیبانی الوائلی: إمام المذهب الحنبلی ، وأحد الأئمة الأربعة أصله من مرو ، وکان أبوه والی سرخس » .

وبهذا یتضح عدم صحة نسبته الیهم ، فقد جعل بعضهم جده حنبل بن هلال بن أسد ، وهلال بن أسد مولی حنبل ولیس أباه !

ص: 88

وقد أورد فی تاریخ دمشق:5/252:6، هذا النسب فقال: «أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدریس بن عبد الله بن حیان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شیبان بن ذهل بن ثعلبة بن عکابة بن صعب بن علی بن بکر بن وائل». ثم قال بعده: «أبو عبد الله الشیبانی الإمام ، أصله من مرو »!

وقال ابن حجر فی تهذیب التهذیب:1/63: « قال عارم: قلت له: یوماً: یا أبا عبد الله بلغنی أنک من العرب؟فقال: با أبا النعمان نحن قوم مساکین فلم یزل یدافعنی حتی خرج ولم یقل لی شیئاً ». وروی ذلک غیره کالذهبی فی تاریخه :18/66، والمزی فی تهذیب الکمال:1/444، وتاریخ دمشق:5/258، و تاریخ بغداد:5/180، وسیر الذهبی:11/187.

وهو یدل علی وجود ادعاء أو شائعة بأنه عربی ، فی مجتمع یمیز العرب علی غیرهم ، لکن هذا النص لایثبت أن أحمد بن حنبل ادعی ذلک أو وافق علیه !

وعلی هذا یکون کل أئمة المذاهب الأربعة من غیر العرب ، فأبو حنیفة من کابل، ومالک مولی بنی أصبح الیمنیین ، وجد الشافعی شافع مولی أبی لهب ، ولیس قرشیاً . (هویة التشیع للدکتور الوائلی/94).

وحنبل جد أحمد ، مولی هلال بن أسد من بنی شیبان ولیس ابنه !

ص: 89

6- إبراهیم بن رجاء الشیبانی

المعروف بابن أبی هراسة وهراسة أمه ، روی عن الحسین بن علی بن الحسین ، وعبد الله بن محمد بن عمر بن علی، وجعفربن محمد، وله عن جعفر نسخة. (رجال النجاشی/23) وعدَّه الشیخ الطوسی فی أصحابه (علیه السّلام) . (رجال الطوسی/158)

7- الضحاک بن مخلد

أبو عاصم النبیل ، ذکره الشیخ الطوسی/227 فی جملة من روی عن الإمام الصادق (علیه السّلام) ، ووثقه العجلی فی الثقات:1 /472 قال: أبو عاصم الشیبانی ، بصری ، ثقة ، وکان له فقه ، کثیر الحدیث ، وذکره ابن حبان فی ثقاته (6 /484) قال: مولی لبنی شیبان ، مات سنة مائتین وإثنی عشر. (طبقات خلیفة/390).

8- ثعلب النحوی

أبو العباس أحمد بن یحیی بن سیار: أو أحمد بن یحیی بن زید ، وسمِّی ثعلب لأنه إذا سئل مسألة أجاب: من هاهنا وهاهنا ، فشبهوه بالثعلب إذا أغار ، وهو إمام الکوفیین فی النحو واللغة والثقة والدیانة ولد سنة مئتین ، ومات سنة مئتین وإحدی وتسعین ، وعاصر أحد

ص: 90

عشر خلیفة من خلفاء بنی العباس ، أولهم المأمون ، وآخرهم المکتفی بالله . ( الوافی بالوفیات: 8 /157).

قرأ علی ابن الأعرابی والزبیر بن بکار ، وأخذ عنه غلامه أبو عمرو الزاهد ، والأخفش الصغیر علی بن سلیمان .

وله مؤلفات عدیدة مثل: المصون فی النحو ، واختلاف النحویین ، ومعانی القرآن ، والموفقی (مختصر فی النحو) ، وکتاب القرا ءات ، ومعانی الشعر ، والتصغیر ، وما ینصرف وما لا ینصرف ، والشواذ ، والأمثال ، والأیمان والدواهی ، والوقف والإبتداء ، واستخراج الألفاظ من الأخبار ، والهجاء ، وغرائب القراءآت ، والمسائل ، وحد النحو ، وکتاب الفصیح فی اللغة (فهرست ابن الندیم/80) .

9- إسحاق بن مرار ( أبو عمرو الشیبانی )

أبو عمرو إسحاق بن مرار الشیبانی: النحوی اللغوی ، هو من رمادة الکوفة ، نزل بغداد ، وهو من الموالی ، وجاور شیبان للتأدیب فیها فنسب إلیها ، کان یؤدب صبیان بنی شیبان ، وکان من الأئمة الأعلام فی فنونه وهی اللغة والشعر ، وکان کثیر الحدیث کثیر السماع ثقة ، وهو عند الخاصة من أهل العلم والروایة مشهور معروف ، وأخذ عنه جماعة کبار منهم الإمام أحمد بن حنبل ، وأبو عبید القاسم بن سلام ،

ص: 91

ویعقوب بن السکیت صاحب إصلاح المنطق ، وقال فی حقه عاش مائة وثمانی عشرة سنة ، وکان یکتب بیده إلی أن مات ، وکان ربما استعار الکتاب منی وأنا إذ ذاک صبی آخذ عنه وأکتب من کتبه .

له من التصانیف: کتاب الخیل ، وکتاب اللغات ، وهو المعروف بالجیم ، ویعرف أیضاً بکتاب الحروف ، وکتاب النوادر الکبیر ، وکتاب غریب الحدیث ، وکتاب النخلة ، وکتاب الإبل ، وکتاب خلق الإنسان ، وکان قد قرأ دواوین الشعراء علی المفضل الضبی وکان الغالب علیه النوادر وحفظ الغریب وأراجیز العرب .

قال ولده عمرو: لما جمع أبی أشعار العرب ودوَّنها ، کانت نیفاً وثمانین قبیلة . (وفیات الأعیان: 1/201).

10-ابن الفوطی الشیبانی

عبد الرزاق بن أحمد الشیبانی ، الملقب بابن الصابونی وابن الفُوَطی ، لأن جده لاُمِّه کان یمتهن بیع الفُوَط ، وهو من ولد معن بن زائدة المشهور بالجود والکرم ، توفی سنة سبع مئة وثلاث وعشرین فی بغداد . وسرقه المغول من بغداد وهو صغیر ، وأخذه منهم نصیر الدین الطوسی(رحمه الله) ورباه وعلمه ، وأعاده الی بغداد . (أنظر کتاب: کیف رد الشیعة غزو المغول ، للمؤلف ).

ص: 92

قال الذهبی فی تذکرة الحفاظ:4 /1493: العالم البارع المتفنن ، المحدث المفید ، مؤرخ الآفاق ، مفخر أهل العراق.. ومهر فی التاریخ والشعر وأیام الناس ، وله النظم والنثر والباع الأطول فی ترصیع تراجم الناس ، وله ذکاء مفرط ، وخط منسوب رشیق ، وفضائل کثیرة. لابن الفوطی العدید من المؤلفات منها کتابه التاریخی المشهور: الحوادث الجامعة .

11- إبراهیم بن أحمد الریاضی

الشیبانی ، البغدادی ، أبو الیسر، محدث فقیه أدیب نحوی . توفی بالقیروان . لقی الجاحظ والمبرد وثعلب وابن قتیبة ، ولقی من الشعراء أبا تمام والبحتری وغیرهما .

وفد من المشرق إلی الأندلس ، وأدخل إفریقیة رسائل المحدثین وأشعارهم وطرائف أخبارهم . من تآلیفه: لقط المرجان ، سراج الهدی فی القرآن ومشکله ، والمرصعة ، والمدبجة. وله أشعار. (معجم المؤلفین :1/5)

12- شهاب بن خراش

ابن حوشب بن یزید بن الحارث بن یزید بن رویم بن عبد الله بن سعد ابن مرة بن ذهل بن شیبان بن ثعلبة ، الامام القدوة العالم ، أبو

ص: 93

الصلت الشیبانی ، ثم الحوشبی ، الواسطی ، أخو عبد الله ، وابن أخی العوام بن حوشب.

أصله کوفی تحول إلی الرملة ، وحدث عن: عمرو بن مرة ، وأبان بن أبی عیاش ، وعبد الملک بن عمیر ، وعبد الکریم الجزری ، ومنصور بن المعتمر ، ومحمد بن زیاد القرشی ، وقتادة ، وعاصم بن بهدلة ، وعمه العوام ، وحماد بن أبی سلیمان ، وشعیب بن رزیق الطائفی ، والقاسم بن غزوان ، وینزل إلی الثوری ، والربیع بن صبیح ، وروی عنه: ابن مهدی ، وعبد الله بن میمون القداح وابن أبی فدیک ، والهیثم بن خارجة ، وآدم بن أبی إیاس ، وعثمان بن سعید بن کثیر الحمصی ، وسعید بن منصور ، والحکم بن موسی ، وقتیبة ، وعلی بن حجر ، ویزید بن موهب ، وسوید بن سعید ، وخلق کثیر. (سیر أعلام النبلاء:8/284) .

هذا ، وقد ترجم المؤرخون لعدید من الشخصیات الإسلامیة ، من موالی بنی شیبان ، منهم ضرار بن مرة ، أبو سنان الشیبانی ، من أهل الکوفة یروی عن سعید بن جبیر ، وعبد الله بن أبی الهذیل ، روی عنه شعبة وأهل العراق ، وکان عابداً مات سنة اثنتین وثلاثین ومائة . (الثقات لابن حبان:6/484) . وقد ذکر ابن ماکولا فی إکمال الکمال ( 4/274) العدید من علماء السنة ومحدثیهم ، وهم من موالی بنی شیبان .

ص: 94

فهرس الموضوعات

مقدمة......................................................... 3

الفصل الأول: ملامح عامة عن بنی شیبان

1- شیبان وجدُّه بکر بن وائل 7

2- منازل بکر بن وائل..................................... 8

3- أشهر بطون بکر بن وائل 8

4- أشهر بطون بنی شیبان 9

5- منازل بنی شیبان ومیاههم 14

الفصل الثانی: حروب بنی شیبان

حاربت شیبان قبائل ودولاً 15

حرب البسوس........................................... 15

حروبهم مع بنی تمیم ..................................... 19

حربهم مع ملک الشام....................................... 21

حربهم مع ملک الحیرة....................................... 22

حربهم مع بنی ضبة................................. 22

الفصل الثالث: طلب النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) من بنی شیبان حمایته

1- القبائل التی عرض علیهاالنبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) نفسه 25

2- زار النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بنی شیبان فی موسم الحج 27

الفصل الرابع: معرکة ذی قار بطولة بنی شیبان وبنی عجل بن لجیم 33

وفد بنی شیبان الی النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) 42

الفصل الخامس: بنو شیبان فتحوا العراق

1- نهض بنو شیبان بثقل معارک فتح العراق 43

2- تأثیر انهیار نظام کسری علی فتح العراق 44

الفصل السادس:بنو شیبان مع أهل البیت

(علیه السّلام)

1- قبائل ربیعة عمدة جیش أمیر المؤمنین (علیه السّلام) 49

2- الصحابی سعد بن أیاس الشیبانی 50

3- الشهید صیفی بن فسیل الشیبانی 50

ص: 95

4- غیاث بن عمران بن مرة 53

5- نعیم بن هبیرة بن شبل.................................. 53

6- مصقلة بن هبیرة......................................... 54

7- شهیدان من بنی شیبان فی کربلاء 55

الفصل السابع: من أعلام بنی شیبان

1- القائد الثائر أبو السرایا............................... 57

2- الشیخ التلعکبری الشیبانی 61

3- جعفر بن ورقاء الشیبانی 62

4- علی بن أبی سارة الشیبانی البصری 63

5- العوام بن حوشب...................................... 63

6- معن بن زائدة أبو الولید الشیبانی 64

7- یزید بن مزید...................................... 66

8- أحمد بن عمرو بن أبی عاصم 66

9- عز الدین بن الأثیر.................................... 68

10- یحیی بن هبیرة.................................. 68

11- رویم بن محمد....................................... 69

الفصل الثامن: الشیبانیون بالولاء والمجاورة

1- معنی التحالف والمجاورة والولاء 75

2- آل أعین بن سنسن.................................. 76

3- هشام بن الحکم......................................... 80

4- أبو یوسف القاضی مولی بنی شیبان 86

5- الإمام أحمد بن حنبل مولی بنی شیبان 87

6- إبراهیم بن رجاء الشیبانی 90

7- الضحاک بن مخلد..................... 90

8- ثعلب النحوی.................................. 90

9- إسحاق بن مرار ( أبو عمرو الشیبانی ) 91

10-ابن الفوطی الشیبانی.................................. 92

11 إبراهیم بن أحمد الریاضی 93

12- شهاب بن خراش 93

ص: 96

اسم الملف: بنو شیبان نهائی اللطباعة

الدلیل:C: قبائل العرب فی العراق

القالب:C:\Documents and Settings SITE\Application

Data Microsoft Templates Normal.dot

العنوان:معتمدة

الموضوع:

الکاتب:h

کلمات أساسیة:

تعلیقات:

تاریخ الإنشاء: 27/ 04/ 2010..: 31: 06م

رقم التغییر:473

الحفظ الأخیر بتاریخ:14/ 08/ 2010..: 31: 06م

الحفظ الأخیر بقلم:Qom University

زمن التحریر الإجمالی:652، 1دقائق

الطباعة الأخیرة : 14/ 08/ 2010..: 35: 06م

منذ آخر طباعة کاملة

عدد الصفحات:96

عدد الکلمات: 414، 15(تقریبا)

عدد الأحرف:506، 63(تقریبا)

ص: 97

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.