سلسلة القبائل العربیة فی العراق المجلد 4

اشارة

سرشناسه : کورانی، علی، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان و نام پدیدآور : العراق عرین القبایل العربیه/ علی الکورانی العاملی، ساعدفیه عبدالهادی الربیعی ، الشیخ کمال العنزی.

مشخصات نشر : قم: دارالهدی، 1389.

مشخصات ظاهری : 96ص.

فروست : سلسله القبایل العربیه فی العراق؛ 1

شابک : 978-964-497-299-7

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

یادداشت : عربی.

موضوع : قبایل و نظام قبیله ای -- عراق

شناسه افزوده : عنزی، کمال

شناسه افزوده : ربیعی، عبدالهادی

شناسه افزوده : سلسله القبایل العربیه فی العراق؛ 1

رده بندی کنگره : DS70/8 /آ2 س8 1.ج 1389

رده بندی دیویی : 956/7

شماره کتابشناسی ملی : 2109483

ص: 1

اشارة

ص: 2

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحیم

قبیلة بنی تمیم أکبر قبائل العرب ، أو من اکبرها ، من قبل الإسلام الی عصرنا الحاضر . وتاریخها حافل بالأحداث ، وقد نبغ منها شخصیات عدیدة فی الفروسیة والحرب والعلم والدین وکانت منتشرة فی العراق والجزیرة ، ثم انتشرت بعد الإسلام فی مناطق الفتح من بلاد الشام ومصر والمغرب وإیران ، وما زالت فی العراق ، وخاصة جذورها ، ومنهم بطن المصالحة الذی منه مشیختها فی العالم من آل سهیل ، وهم یقیمون فی بغداد وحولها .

وقد صدر حول بنی تمیم کتب عدیدة، لکن هذا الکتاب تعریف عام بهم ، خاصة الذین استوطنوا فی العراق ، وشارکوا فی الفتوحات ، وساهموا فی صناعة تاریخ الإسلام .

وقد تناولنا فی الفصل الأول نسب تمیم وبطونها القدیمة والحالیة ، وأماکن سکناها ، ودورها مع أئمة أهل البیت(علیهم السّلام) .

ص: 3

وخصصنا الفصل الثانی لإسلامهم ، فقد کان رئیسهم فی زمن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أکثم بن صیفی صدیقاً حمیماً لأبی طالب(علیه السّلام)، وکانت لهم مع بنی هاشم قرابة رحم .

والفصل الثالث، لموقفهم بعد النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ورفضهم لخلافة السقیفة ، وما ترتب علیه من قتل رئیسهم مالک بن نویرة(رحمه الله).

والفصل الرابع ، لموقفهم ضد حرکة الردة والمتنبئین حتی لو کانوا منهم أو کانت لهم معهم صلات تحالف .

والخامس، لنصرتهم لأهل بیت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعد وفاته ومشارکتهم مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی حرب الجمل وصفین.

والسادس، لذکر عدد قلیل من شخصیاتهم یتسع لها هذا الموجز.

ولا یسعنی فی الختام إلا أن أتقدم بالشکر لسماحة الشیخ علی الکورانی العاملی علی رعایته لهذا الجهد وتوجیهاته السدیدة ، ثم لإکماله الکتاب وصیاغته بقلمه ، أدامه الله ذخراً للمؤمنین .

عبد الهادی الربیعی

19 / رجب الأصب / 1429

ص: 4

الفصل الأول: بنو تمیم.. ملامح عامة

1- نسب بنی تمیم

قبیلة تمیم من القبائل العدنانیة، وتنتسب الی تمیم بن مر بن أدّ بن طابخة بن إیاس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وطابخة لقب واسمه عمرو . ولتمیم إخوة أربعة: ثعلبة وبنوه یدعون بنی ظاعنة نسبة الی أمهم ، وبکر بن مر وبنوه یدعون بالشعراء ، وأراشة بن مر ، والغوث بن مر وقد التحق أبناؤهما بالیمن . وتمیم خامس إخوته ، لکن نباهته جعلته یبرز علیهم ، وتعلو سمعته وسمعة أبنائه بین القبائل . (موسوعة تمیم بین الماضی والحاضر- المقدمة . تألیف رئیس بنی تمیم فی العالم: الشیخ خمیس آل سهیل ).

2- منازل بنی تمیم

کانت تمیم تسکن فی الجاهلیة وصدر الإسلام ، فی نجد ، وانتشرت منها الی البصرة والیمامة والبحرین ، والعذیب من

ص: 5

أرض الکوفة، ثم تفرقت فی الحواضر. (معجم قبائل العرب:1/126) فهم فی بادیة البصرة وکاظمة ، الکویت حالیاً ، الی نهایة نجد المتاخمة للحجاز غرباً . ومن عذیب الهجانات والرقة شمالاً الی البحرین وما یوازیها فی الصحراء جنوباً .

وما زالت هذه الأمکنة موطن بعضهم ، کبنی دارم وبنی یربوع الذین کانوا فی البادیة الغربیة للعراق المتاخمة للبصرة والناصریة والسماوة والدیوانیة وکربلاء والنجف حالیاً .

وعندما دخلوا الإسلام انتشروا فی الحواضر الإسلامیة القریبة کالبصرة والکوفة والحیرة وخارج جزیرة العرب کإیران ومصر وفلسطین. ونزل بنو العم منهم فی الأهواز ، قال جریرالخطفی:

سیروا بنی العم فالأهواز منزلکم

ونهر تیری فلم تعرفکم العرب

(الأنساب للسمعانی : 4/234)

ونهر تیری ، یعرف الآن بالجراحی . وسکنت الهجیم فی محلة بالبصرة سمیت باسمهم ، وینسب هذا البطن الی الهجیم بن عمرو بن تمیم (معجم قبائل العرب : 3 : 121) وکذلک بنو سعد .

وسکنت بعض بطونهم الکوفة والحیرة فی الرابیة . (معجم البلدان : 2/277) وهی قرب

الحیرة ، وکان النعمان بن المنذر یذهب إلیها بعض أیامه . (شرح نهج البلاغة:7/92) .

ص: 6

وقد عدهم العزاوی: «من قبائل العراق قدیماً والمترددة إلیه بکثرة . (عشائر العراق: 1/88 ).

وذکر المؤرخون أن منازلهم کانت بعد تمصیر الکوفة شرق مسجد الکوفة (تاریخ الکوفة للبراقی/ 163) ولعل هذا الحی مشترک بینهم وبین همدان . (تاریخ الطبری: 5/499 ).

وقال الشیخ خمیس السهیل رئیس بنی تمیم فی العالم:

«ومن أقدم الشعوب عهداً بالمجئ الی العراق تمیم ، فقد کانت تتجول وراء المراعی فی الصحراء المتاخمة للعراق ، حتی منتصف القرن الثامن عشر المیلادی ، حینما شاطرت شمَّرجبلی أجأ وسلمی ، ثم حلت شمال بغداد وفی منطقة عقرقوف ، وبعضها توغل فی مناطق الفرات الأوسط ». (موسوعة بنی تمیم : المقدمة).

وجاؤوا من الکوفة لنصرة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی حرب الجمل ، وعلی رأسهم معقل بن قیس الریاحی التمیمی . (الجمل/173).

کما خرج رئیسهم فی البصرة الأحنف بن قیس الی وادی السباع أثناء معرکة الجمل ، وکتب الی أمیر المؤمنین(علیه السّلام): إنی مقیم فی قومی علی طاعتک ، فإن شئت حبست عنک أربعة آلاف سیف من بنی سعد ، وإن شئت أتیتک فی مئتین من أهل بیتی! فأرسل إلیه أمیر المؤمنین: أن أحبس واکفف . (الجمل/158 ).

ص: 7

3- بطون بنی تمیم

تمتاز تمیم بکثرة عددها ، فهی أکبر القبائل العربیة عدداً ، وبطونها کثیرة قدیماً وحدیثاً ، ومن أشهر بطونها:

1: بنو سعد بن زید بن مناة بن تمیم بن مر ، ومنهم: الأحنف بن قیس ، وجاریة بن قدامة السعدی ، وأضرابهم من الرجال .

2: بنو مجاشع بن دارم بن مالک بن حنظلة بن مالک بن زید مناة بن تمیم ، ومن رجالات هذه القبیلة: الأصبغ بن نباتة ، وعیاض بن حماد قاضی أهل عکاظ فی الجاهلیة ، وأعین بن ضبیعة والفرزدق والأقرع بن حابس وأمثالهم .

3: بنو مازن بن عمرو بن تمیم ، ومن أشهرهم: أبو عمرو بن العلاء المازنی النحوی البصری ، وعبد الله بن الأعور المازنی نزیل البصرة والملقب بالأعشی ، الحجاج بن عمرو بن غزیة المازنی .

4: بنو ریاح بن یربوع بن حنظلة بن مالک بن زید مناة بن تمیم ، ومنهم: معقل بن قیس الریاحی ، والحر بن یزید الریاحی .

5: بنو عطارد بن عوف بن کعب بن سعد بن زید مناة بن تمیم

ص: 8

6: بنو یربوع بن مالک بن حنظلة بن زید مناة بن تمیم ، ومنهم: مالک بن نویرة ، والفضیل بن عیاض .

7: بنو أسید بن عمر بن تمیم بن مر ، ومن الوجوه البارزة فی هذه القبیلة أکثم بن صیفی حکیم العرب .

8: بنو الهجیم بن عمرو بن تمیم ، ومنهم: جابر بن سلیم أحد صحابة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، وأبو تمیمة طریف بن مجالد ، وهذه القبیلة کانت تسکن البصرة .

9: بنو العم بن مالک بن حنظلة بن زید مناة بن تمیم واسمه مرة ، ومنهم: المعلی بن أسد ، وأحمد بن ابراهیم بن المعلی ، ومحمد بن عبدالله البصری وغیرهم .

10: بنو الأعرج ( الحارث أو الحرث ) بن کعب بن سعد بن زید مناة بن تمیم ، ومنهم: الأسلع بن شریک خادم رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، ونائل بن جشعم وهوأحد شجعان بنی تمیم .

11: بنو طهیة بن مالک بن حنظلة بن زید مناة ، ومنهم: عائذ بن حملة الطهوی ، والقعقاع بن عمرو التمیمی حضر مع أمیر

ص: 9

المؤمنین(علیه السّلام)الجمل وصفین ، والأبرد بن طهرة الطهوی أحد شهداء صفین ، وشاعر آل محمد(علیهم السّلام) أبو الغوث أسلم بن مهوز .

12: بنو إمرئ القیس بن زید مناة بن تمیم: وکان منهم زید بن عدی الشاعر صاحب النعمان بن المنذر ، ومنهم: مقاتل بن حسان بن ثعلبة صاحب قصر مقاتل الواقع فی الطریق بین مکة والکوفة ، وهذه القبیلة کانت تسکن الحیرة من قبل الإسلام .

13: بنو العنبر بن عمرو بن تمیم ، وهم أفخاذ کثیرة: بنو جندب وبنو مالک ، وبنو کعب ، وبنو بشه ....

14: بنو دارم بن مالک بن حنظلة ، ومن دارم محمد بن عمیر بن عطارد کان سید أهل الکوفة ، وأجود المصر ،

وصاحب ربع تمیم وهمدان ، واستعمله الإمام(علیه السّلام)علی تمیم الکوفة فی صفین

15: بنو منقر بن عبید بن مقاعس ،ومنهم قیس بن عاصم المنقری .

16: بنو کلیب بن یربوع ، ومنهم جریر بن عطیة الشاعر .

17: بنو غرس بن زید بن عبدالله بن دارم ، ومنهم زرارة وابنه عطارد .

ص: 10

18: بنو صریم بن مقاعس ، ومنهم البرک بن عبدالله الذی حاول قتل معاویة .

ولبنی تمیم بطون أخری کثیرة منها: بنو مالک بن تمیم ، وبنو عمرو بن العلاء بن عمار ، وبنو یربوع ، وبنو ثعلبة بن یربوع ، وبنو الحارث بن یربوع ، وبنو العنبر بن یربوع ، وبنو ربیعة بن مالک بن زید مناة ، وبنو عبدالله بن دارم ، وبنو عوف بن کعب بن سعد بن زید مناة ، والحبطات بنو الحرث ، وغیرهم. وهذه البطون کلها من أولاد تمیم الأربعة: عمرو والحارث وزید مناة .

ص: 11

4- بطون تمیم ومساکنهم الحالیة فی العراق

أما بطون بنی تمیم فی عصرنا الحالی ، فقد ذکرها الشیخ خمیس السهیل فی موسوعته عن تمیم ، وهم:

1: المصالحة: وهم من أکبر بطون تمیم وأکثرها إنتشارا ، هاجروا من نجد واتجهوا شرقاً حتی دخلوا العراق من منطقة ذی قار. (موسوعة بنی تمیم/214)

ومن عشائر هذا البطن ، ممن یسکنون فی مختلف مناطق العراق :

البو سهیل ، والعراجلة ویسکنون قضاء المدائن ، والبو عاشور ولهم فروع کثیرة ، والبو حسن وهو فروع کثیرة أیضاً ، والبو ظاهر ، والبو سعید ، والبو شذر ، ولهؤلاء أیضاً فروع (المصدر السابق:) والمصالحة فی دیالی ، آلبو شاهر ، آل طعمة ، البو محیمید ، الحویضات ، الحمیدان ، البو خلف فی المحمودیة ، البو فدعوس الطرشان ، الحاجی ، البو حمد ویسکنون بغداد ، الدبیسات والعوینات ، ویسکنون واسط وذی قار والدیوانیة والبصرة والنجف وکربلاء .

ص: 12

ومن المصالحة فی میسان: المرزویة ، الرماحة ، بیت ملف ، بیت أیتیم ، الدهاربة ، بیت نصیف ، بیت مهنا ، المراعبة ، الصوالح ، حنظلة ، الشریفات ، الدبیسات ، والعوینات .

ومنهم آل بو بالی ویسکنون بغداد والکوت ، البو فرة ، البو سعودی فی الکوت ، البو حمرة ، ویسکنون بغداد - البیاع .

ومن المصالحة فی الحلة: البو موسی ، البو عبد الحسین ، البو عبود ، البو سلطان ، البو خلیل ، البو سلمان ، البو مالک .

ومنهم فی المسیب: البو رمضان ، البو حمد ، ومنهم فی کنعان .

ومنهم: آل علی فی المشخاب ، نهر شلال ، وغماس ، والحمزة الغربی ، والحیرة ، والدسم ، والدیوانیة - سومر ، وبغداد ، الکاظمیة ، والشعلة ، وکربلاء والنجف ، حی الأنصار . وقد ذکر لآل علی إثنان وعشرون فرعاً. (المصدر السابق:231)

ومن المصالحة: عشیرة الفلاح ، وتسکن الکوت والعزیزیة وبغداد ، ویسکن بعضهم البصرة ، وتضم المصالحة

مجموعة من العشائر ، وهم: البو عریف ، الطعمة ، البو طلیب ، الدرویش ، البو صریم ، ویسکنون الصویرة .

ص: 13

ومن هذه العشائر: الماجد ، وهم فروع کثیرة ، والسیاف ومسکنهم البصرة ومیسان ، والشناجیل ویسکنون قضاء القاسم فی الحلة ، ومنهم فی المشخاب والمناذرة ، عشیرة آلبو خشان ، وعشیرة آلبو هله ، ویسکن هؤلاء العزیزیة والصویرة والمحاویل وسدة الهندیة . (موسوعة بنی تمیم /233).

2: عشائر بنی سعد ، بنو خیقان (خیکان) وذکر أنهم یرجعون الی قبیلة سعد ، ومن فروعهم: آل شمیس ، آل جویر ، النواشی ، العساکرة ، البوشعیرة ، العمایرة ، آل الأحول ، البوشامة ، المطیرات والفراغنة . ولکل فرع من هذه الفروع فروع أخری صغیرة . (المصدر السابق:254).

ومن عشائر سعد التی ذکروها: العناقر ، ویسکنون البصرة والکویت ، وتتفرع هذه العشیرة الی ثمانیة وخمسین فرعاً . (المصدر السابق:243).

ومن بنی سعد: البو سلیمان ، وموطنهم البصرة ، ومیسان ، وذی قار ، والکوت ، وبغدا د ، وبعضهم یسکنون الأهواز ، وهم أکثر من إثنی عشر فرعاً . (المصدر السابق:255).

ص: 14

ومن بنی سعد عشائر الحمران ، وقبیلة عجرش ، ویسکنون البصرة ، وعضدُّوا لهم بطوناً کثیرة .

ومنهم بنو ظالم ، ویتفرعون الی: البو خضر ، آل أسمیح ، الحویجمة ، آل بو حسین ولهم فروع أخری .(موسوعة بنی تمیم/260).

3: ومن عشائر تمیم فی العراق: بنو الأغلب ، الشدیدة وتسکن البصرة وذی قار ، والأهواز ، وهم فروع عدیدة أیضاً ، والسواکیت ، والطاهر وتسکن ذی قار ، والبو مشعل فی الحلة ، وسعید ، وأخشیِّم فی ذی قار ، وعشیرة بهیدل .

4: ومن عشائر بنی حنظلة فی دیالی: البو فرج وهم فروع: البو هلیل ، البونصیری ، البو ثنوان ، البو دیوان ، البو شولی ، البو داود ، البو شنان ، البوسعید ، الخلیفات ، البو خالد .

5: عشائر بنی دارم ، ومنهم آل حصموت ویسکنون الدیوانیة ، والنجف ، وکربلاء ، والسماوة ، والحلة ، وبغداد .

ومن فروعها: البو عبدالله ، البو موسی ، البو جویلی ، البو سعد البو شتات ، البو صیاح. ومنهم الخضیرات وجدهم عبدالله بن محمد بن محمود أحد الشعراء الشیعة المعروفین.(المصدر:278). ولهذه العشیرة فروع منهم: البو بلال ، البو عبدالعال ، العویسات

ص: 15

الکواید ، والطجاج ، البو ابراهیم ، البو فیاض ، البو حشمة ، وذکر لکل من هذه الفروع فروعا أخری . (المصدر/279).

6: عشائر بنی یربوع ، ومنها العتاتبة ، والسلایط ، ویسکنون البصرة ، والزبیر ، وذی قار ، وهم فروع عدة.(المصدر /290).

ومن یربوع البو عوسج ، والبو حسان ، وقد عدُّوا لهذه العشیرة أربعاً وعشرین فرعاً .

7: عشائر أخری: مثل النوفل ، ویسکنون البصرة ومیسان وبغداد وذکر لهم خمسة عشر فرعاً. (المصدر/228) ، القطارنة والمصیلح والعیدان ویسکنون البصرة ، وعشیرة حنظلة وتسکن النجف ، والحمران ویسکنون النجف وبعضهم فی الحلة ، والعطاطفة وهم فروع خمسة ، وعشیرة العراعرة وتسکن الناصریة والبصرة وبغداد ، وعدَّ لها عشر فروع ، وآل مذکور فی البصرة والأهواز ، والبو دلی کذلک ، والشریفات وهی عشیرة مشهورة فی العراق ، ویتوزع أبناؤها علی جل محافظاته ، والرُّفیع ومنهم السعد ، والرمیزان فی البصرة ، وآل کنعان ، ویسکنون ضفتی شط العرب .

ص: 16

وقد ذکر الشیخ خمیس السهیل فی موسوعته بطوناً أخری ، وبعضها اختلف فی نسبتها إلیهم . (المصدر/324).

5- نسبوا محمد بن عبد الوهاب الی تمیم

ادَّعی بعضهم نسباً للشیخ محمد بن عبد الوهاب الی بنی تمیم فقالوا: « محمد بن عبد الوهاب ، بن سلیمان ، بن علی ، بن محمد ، بن أحمد ، بن راشد ، بن برید ، بن محمد ، بن برید ، بن مشرف ، بن عمر ، بن معضاد بن ریس ، بن زاخر ، بن محمد ، بن علوی ، بن وهیب ، بن قاسم بن موسی ، بن مسعود ن بن عقبة ، بن سنیع ، بن نهشل ، بن شداد ، بن زهیر ، بن شهاب ، بن ربیعه ، بن أبی سود ، بن مالک بن حنظلة، بن مالک، بن زید التمیمی. من المشارفة من المعاضید من آل ریس، من قبیلة الوهبة ».

(http://ar.wikipedia.org/wiki/%D(

وخالفهم آخرون فقالوا من آل فیروز : «هو الشیخ محمد بن عبدالوهاب بن محمد بن عبدالله بن محمد بن عبدالوهاب آل فیروز من الوهبة من بنی تمیم ». ( http://www.ansab-online.com/phpBB)

وخالفهم آخرون فقالوا من آل عکل بنی عم بنی تمیم ، قال: «آل الشیخ محمد بن عبد الوهاب ، هناک من نسبهم الی بنی عکل

ص: 17

إخوة بنی تمیم ، بنی عمهم. وعکل تنسب أحیاناً إلی بنی تمیم علی طریقة نسبة القوم الی بنی عمهم المشهورین والأکثر . ففی کلا الحالین یصح نسبة محمد بن عبدالوهاب الی بنی تمیم .

وبنو عکل هؤلاء ینسب إلیهم العکالا من الدیاحین . وکذلک عوائل فی الرس . والله أعلم . ویوجد بنو عکل من بکر بن وائل ویوجد عائلة العکلی فی نجد ، تنتسب الی وائل ».

(http://www.ansab-online.com/phpBB)

لکن نسبه بعضهم الی بنی حنیفة (صدیق حسن خان) . ولهم أقوال أخری فی نسب شیخهم محمد بن عبد الوهاب ،والنتیجة أنه نسبته الیهم محل اختلاف وظنون ، ولیس فیها قطع ویقین .

کما قالوا إن آل ثانی حکام قطر ، ینسبون الی الوهبة من تمیم وهو المشهور ، وقیل ینسبون الی العتوب ». (http://www.banyzaid.com/vb/t)

ص: 18

6- حروب بنی تمیم وأیامها

کان لبنی تمیم حروب کثیرة ووقائع کغیرهم من القبائل ، منها:

1- یوم الصفقة: حیث أغارت بنو تمیم علی قافلة أموال جاءت لکسری من عامله علی الیمن، حتی لا تقع بید بکر بن وائل فیستعینوا بها علیهم ، فأمر کسری عامله علی البحرین وهو فارسی تلقبه العرب بالمکعبر: بأن لا یدع لبنی تمیم عیناً تطرف .

وکان بنو تمیم یأتون الی هجر للتزود بالطعام والمیرة ، فأرسل المکعبر بعض شرطته ینادون فی الناس ، من کان من بنی تمیم فلیحضر، فإن الملک قد أمر لهم بمیرة وطعام ، وبهذه الحیلة جمعهم فی حصن یسمی المشقر ، وأغلق أبوابه علیهم وقتل منهم رجالاً کثیرة ! ( الطبری : 1/583 ). واستغلت مذحج هذا الظرف فأغارت علی بنی تمیم فزادت المصیبة علیهم .

2- یوم القصیبة: وهی أرض لتمیم فی الیمامة ، أغار علیهم فیها عمرو بن هند ملک الحیرة ، لأن سوید بن ربیعة التمیمی قتل أخاه وسمی یوم أواره الثانی ، لأنه أحرق منهم مئة ، انتقاماً لأخیه ! (معجم البلدان : 1 : 366 )

ص: 19

وأغار النعمان بن منذر علی بنی تمیم ، ومعه بکر بن وائل والصنائع من العرب ، لکن تمیماً هزمتهم .

3- وأما أیامهم مع بکر بن وائل فکثیرة ، لأن العداوة کانت بینهم علی أشدها، منها: یوم ذی أحثال ، ویوم هزبر ، ویوم الستار، ویوم الجفار ، ویوم خوی ، ویوم سفار ، ویوم الغطالی وهو آخر وقعة کانت بین القبیلتین قبل مبعث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).

وکانت بینهم معارک أخری بعد الإسلام ، منها : یوم الوقیط ، ویوم الوتدة ، ویوم نجب ، ویوم رحرحان الثانی ، ویوم ملزق ، وکان لتمیم علی بنی عبس وبنی عامر ، حیث قتلت تمیم جمیع من أتاها غازیاً .

4- ومن وقعاتهم الحربیة مع شیبان: یوم نباح ، انتصرت فیه و تمیم، ویوم الزویرین ویوم غبیط المدرة انتصرت فیهما بنو شیبان.

5- ومن معارکهم مع بنی حنیفة: یوم ملهم ، ویوم کلاب انتصروا فیه علی مذحج . ویوم مسلحة ، غزا فیه قیس بن عاصم بنی عجل ، وجرت بین تمیم وبین بنی قشیر فی وادی مروت ، ولهم یوم نجران علی أهل الیمن . (معجم قبائل العرب: 1/127).

ص: 20

الفصل الثانی: إسلام بنی تمیم

1- أحادیث فی فضل بنی تمیم

کتب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)الی عبد الله بن عباس وهو عامله علی البصرة (نهج البلاغة:3/18): « وقد بلغنی تنمرک لبنی تمیم وغلظتک علیهم ، وإن بنی تمیم لم یغب لهم نجم إلا طلع لهم آخر وإنهم لم یسبقوا بوِغم (ثأر) فی جاهلیة ولا إسلام .

وإن لهم بنا رحماً ماسة وقرابة خاصة ، نحن مأجورون علی صلتها ومأزورون علی قطیعتها. فاربع(انتبه) أبا العباس رحمک الله فیما جری علی لسانک ویدک من خیر وشر ، فإنا شریکان فی ذلک وکن عند صالح ظنی بک ، ولا یفیلن رأیی فیک . والسلام » .

وفی الخصال/227، عن الإمام الرضا(علیه السّلام)قال: « إن رسول الله کان یحب أربع قبائل: کان یحب الأنصار ، وعبد القیس، وأسلم ، وبنی تمیم. وکان یبغض: بنی أمیة ، وبنی حنیف ،وبنی ثقیف ،

ص: 21

وبنی هذیل. وکان(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یقول: لم تلدنی أم بکریة ولا ثقفیة . وکان یقول: فی کل حی نجیب ، إلا فی بنی أمیة » .

وعندما وفَدَ علیه قیس بن عاصم المنقری فی نفر من بنی تمیم قال عنه النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): هذا سید أهل الوبر». (أمالی المرتضی/172).

وروی عنه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أن قائد قوات الإمام المهدی المنتظر(علیه السّلام)هو شعیب بن صالح من بنی تمیم ، وأنه قال: «تخرج رایة من خراسان ، ثم تخرج أخری ثیابهم بیض ، علی مقدمتهم رجل من تمیم یوطئ للمهدی سلطانه».(معجم الإمام المهدی: 1/137، و351) .

وروی أنه یقاتل السفیانی حتی یخرجه من الکوفة ، ثم یکون قائد جیش المهدی الی دمشق والقدس. (المصدر السابق:1/355).

ورووا أن عمر بن الخطاب ومعاویة کانا یذمان بنی تمیم ، فقد ذکر الذهبی فی سیر أعلام النبلاء (4 : 91): أن عمر ذمهم فقام الأحنف فقال: یا أمیر المؤمنین أئذن لی. قال: تکلم ، فقال الأحنف: إنک ذکرت تمیماً فعممتهم بالذم ، وإنما هم من الناس فیهم الصالح والطالح . فقال عمر: صدقت » .

وروی ابن أبی الحدید: أن معاویة قال للأحنف بن قیس وجاریة بن قدامة ورجال من سعد معهما ، کلاماً أحفظهم (أغضبهم) فردوا علیه بجواب مقذع (مؤلم) وکانت إمرأة معاویة فی دار قریبة

ص: 22

فسمعت کلامهم ، فلما خرجوا جاءت الی معاویة فقالت له: لقد سمعت من هؤلاء الأجلاف کلاماً تلقوک به فلم تنکر ، فکدت أن أخرج إلیهم فأسطو بهم ! (شرح نهج البلاغة: 15/133).

وأهم هذه الأحادیث فی مدح بنی تمیم: حدیث أمیر المؤمنین(علیه السّلام) وقصده بالرحم خؤولتهم لبنی هاشم .

2- أکثم بن صیفی صدیق أبی طالب(علیه السّلام)

وهو أکثم بن صیفی بن رباح بن الحارث بن مخاشن بن معاویة بن شریف بن جروة بن أسید بن عمرو بن تمیم. (الإصابة: 1/350).

وهو سید بنی تمیم وحکیم العرب وأحد شخصیاتها البارزة . وروی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعث الیه برسالة یدعوه الی الإسلام ، کما بعث الی الملوک ، ونص الرسالة: « بسم الله الرحمن الرحیم. من رسول الله محمد الی أکثم بن صیفی ، أحمد الله إلیک ، إن الله أمرنی أن أقول لا إله إلا الله ، أقولها وآمر الناس بها ، والخلق خلق الله ، والأمر کله لله ، خلقهم وأماتهم وهو ینشرهم وإلیه المصیر ، أدبتکم بآداب المرسلین ، ولتسألن عن النبأ العظیم ، ولتعلمنَّ نبأه بعد حین».فبعث أکثم رجلین من قومه لیطَّلعا علی دعوة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقصدا یثرب فلما وصلا قالا للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): نحن رسولا

ص: 23

أکثم بن صیفی، وهو یسألک من أنت وما أنت وبما جئت؟ فقال(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):أنا محمد بن عبد الله وأنا عبد الله ورسوله ، ثم تلا علیهم: إِنَّ اللهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالآحْسَانِ وَإِیتَاءِ ذِی الْقُرْبَی وَیَنْهَی عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْکَرِ وَالْبَغْیِ یَعِظُکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ. فرجعا الی أکثم وأخبراه بما قاله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقال: یا قوم أراه یأمر بمکارم الأخلاق وینهی عن ملائمها (ما فیه لوم) فکونوا فی هذا الأمر رؤساء ، ولا تکونوا فیه أذناباً ، وکونوا فیه أولاً ، ولاتکونوا فیه آخراً» (الإستیعاب:1/146).

فحزم أمره الی المسیر الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی مئة من قومه ، فأدرکه الموت قبل أن یصل الی یثرب، لذا ذکر المفسرون (المیزان:: 5/ 57) أنه المعنی بقوله تعالی: وَمَنْ یَخْرُجْ مِنْ بَیْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَی اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ یُدْرِکْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَی اللهِ .

وقد عرف بالحکمة وسمی بحکیم العرب ، ورویت عنه حکم کثیرة ، وسئل ممن تعلمت الحکمة والحلم والسیادة؟ فقال: من حلیف الحلم والأدب ، وسید العجم والعرب ، أبی طالب بن عبد المطلب» ( البحار : 35/134) وکان معجباً بأبی طالب وأولاد عبد المطلب(علیه السّلام).

ص: 24

ففی المنمق/34، لابن حبیب: «ذکروا أن أکثم بن صیفی قال: دخلت البطحاء بطحاء مکة فإذا أنا ببنی عبد المطلب یخترقونها کأنهم أبرجة الفضة ، وکأن عمائمهم نوق الرجال ألویة ، یلحفون الأرض بالحبرات (ثیابهم طویلة ) فقال أکثم: یا بنی تمیم، إذا أراد الله أن ینشئ دولة أنبت لها مثل هؤلاء، هذا غرس الله لا غرس الرجال! قال هشام: لم یکن فی العرب عدة بنی عبد المطلب أشرف منهم ولا أجسم ، لیس منهم رجل إلا أشم العرنین یشرب أنفه قبل شفتیه ، ویأکل الجذع ویشرب الفرق».

یقصد أنهم ضخام یأکل أحدهم خروفاً ویشرب سطل لبن .

وقال الصدوق فی کمال الدین/570: «وعاش أکثم بن صیفی أحد بنی أسد بن عمرو بن تمیم ، ثلاث مائة وستین سنة ، وقال بعضهم مائة وتسعین سنة... فقال فی ذلک:

وإن امرءًقد عاش تسعین حجةً

إلی مائة لم یسأم العیش جاهلُ

خلت مائتان غیر ست وأربعٍ

وذلک من عد اللیالی قلائلُ

وقال محمد بن سلمة: أقبل أکثم بن صیفی یرید الإسلام فقتله ابنه عطشاً فسمعت أن هذه الآیة نزلت فیه: وَمَنْ یَخْرُجْ مِنْ بَیْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَی اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ یُدْرِکْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَی اللهِ. ولم تکن

ص: 25

العرب تقدم علیه أحداً فی الحکمة ، وإنه لما سمع برسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بعث ابنه حلیساً فقال: یا بنی إنی أعظک بکلمات فخذ بهن من حین تخرج من عندی إلی أن ترجع إلی: إئت نصیبک فی شهر رجب فلا تستحله فیستحل منک ، فإن الحرام لیس یحرم نفسه وإنما یحرمه أهله ، ولا تمرن بقوم إلا نزلت عند أعزهم وأحدث عقداً مع شریفهم ، وإیاک والذلیل فإنه أذل نفسه ولو أعزها لأعزه قومه ، فإذا قدمت علی هذا الرجل فإنی قد عرفته وعرفت نسبه ، وهو فی (خیر) بیت من قریش وهی أعز العرب ، وهو أحد رجلین إما ذو نفس أراد ملکاً ، فخرج للملک بعزه فوقره وشرفه وقم بین یدیه ، ولا تجلس إلا بإذنه حیث یأمرک ویشیر إلیک، فإنه إن کان ذلک کان أدفع لشره عنک وأقرب لخیره منک. فإن کان نبیاً فإن الله لایحس فیتوهم ولاینظر فیتجسم ، وإنما یأخذ الخیرة حیث یعلم ، لا یخطئ فیستعتب إنما أمره علی ما یحب .

وإن کان نبیاً فستجد أمره کله صالحاً وخبره کله صادقاً وستجده متواضعاً فی نفسه متذللاً لربه ، فذل له فلا تحدثن أمراً دونی ، فإن الرسول إذا أحدث الأمر من عنده خرج من یدی الذی أرسله ، واحفظ ما یقول لک إذا ردک إلی ، فإنک لو توهمت أو نسیت جشمتنی رسولا غیرک . وکتب معه: باسمک اللهم.

ص: 26

من العبد إلی العبد، أما بعد : فأبلغنا ما بلغک ، فقد أتانا عنک خبر لا ندری ما أصله ، فإن کنت أریت فأرنا ، وإن کنت علمت فعلمنا ، وأشرکنا فی کنزک . والسلام .

فکتب إلیه رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فیما ذکروا: من محمد رسول الله إلی أکثم بن صیفی: أحمد الله إلیک. إن الله تعالی أمرنی أن أقول : لا إله إلا الله وآمر الناس بقولها ، والخلق خلق الله عز وجل والأمر کله لله ، خلقهم وأماتهم وهو ینشرهم وإلیه المصیر، أدبتکم بآداب المرسلین ، ولتسألن عن النبأ العظیم ، ولتعلمن نبأه بعد حین . فلما جاءه کتاب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )قال لابنه: یا بنی ماذا رأیت؟ قال: رأیته یأمر بمکارم الأخلاق ، وینهی عن ملائمها . فجمع أکثم بن صیفی إلیه بنی تمیم ثم قال: یا بنی تمیم لا تحضرونی سفیهاً فإن من یسمع یَخَلْ ، ولکل إنسان رأی فی نفسه ، وإن السفیه واهن الرأی وإن کان قوی البدن ، ولا خیر فیمن لا عقل له . یا بنی تمیم ، کبرت سنی ودخلتنی ذلة الکبر ، فإذا رأیتم منی حسناً فأتوه وإذا أنکرتم منی شیئاً فقومونی بالحق أستقم له ، إن ابنی قد جاءنی وقد شافه هذا الرجل فرآه یأمر بالمعروف وینهی عن المنکر ، ویأخذ بمحاسن الأخلاق ، وینهی عن ملائمها ، ویدعوا إلی أن یعبد الله وحده ، وتخلع الأوثان ویترک

ص: 27

الحلف بالنیران . ویذکر أنه رسول الله وأن قبله رسلاً لهم کتب ، وقد علمت رسولاً قبله کان یأمر بعبادة الله عز وجل وحده . إن أحق الناس بمعاونة محمد ومساعدته علی أمره أنتم ، فإن یکن الذی یدعو إلیه حقاً فهو لکم ، وإن یک باطلاً کنتم أحق من کف عنه وستر علیه . وقد کان أسقف نجران یحدث بصفته ، ولقد کان سفیان بن مجاشع قبله یحدث به وسمی ابنه محمداً ، وقد علم ذوو الرأی منکم أن الفضل فیما یدعو إلیه ویأمر به ، فکونوا فی أمره أولاً ولا تکونوا أخیراً ، اتبعوه تشرفوا ، وتکونوا سنام العرب ، و أتوه طائعین من قبل أن تأتوه کارهین ، فإنی أری أمراً ما هو بالهوینی ، لایترک مصعداً إلا صعده ، ولا منصوباً إلا بلغه إن هذا الذی یدعوا إلیه لو لم یکن دیناً ، لکان فی الأخلاق حسناً . أطیعونی واتبعوا أمری ، أسأل لکم ما لا ینزع منکم أبداً ، إنکم أصبحتم أکثر العرب عدداً ، وأوسعهم بلداً ، وإنی لأری أمراً لا یتبعه ذلیل إلا عز ، ولا یترکه عزیز إلا ذل ، إتبعوه مع عزکم تزدادوا عزاً ، ولا یکن أحد مثلکم . إن الأول لم یدع للآخر شیئاً وإن هذا أمر لما هو بعده من سبق إلیه فهو الباقی ، واقتدی به الثانی ، فأصرموا أمرکم فإن الصریمة قوة ، والإحتیاط عجز...

ص: 28

وکتبت طئ إلی أکثم فکانوا أخواله ، وقال آخرون: کتبت بنو مرة وهم أخواله ، أن أحدث إلینا ما نعیش به فکتب:

أما بعد: فإنی أوصیکم بتقوی الله وصلة الرحم ، فإنها تثبت أصلها ، وتنبت فرعها ، وأنهاکم عن معصیة الله وقطیعة الرحم ، فإنها لا یثبت لها أصل ولا ینبت لها فرع ، وإیاکم ونکاح الحمقاء فإن مباضعتها قذر وولدها ضیاع ، وعلیکم بالإبل فأکرموها فإنها حصون العرب ، ولا تضعوا رقابها إلا فی حقها ، فإن فیها مهر الکریمة ورقوء الدم ، وبألبانها یتحف الکبیر ویغذی الصغیر، ولو کلفت الإبل الطحن لطحنت ، ولن یهلک امرء عرف قدره ، والعدم عدم العقل ، والمرء الصالح لایعدم المال ، ورب رجل خیر من مائة ، ورب فئة أحب إلی من قبیلتین ، ومن عتب علی الزمان طالت معتبته ومن رضی طابت معیشته...

وفی السنة التاسعة دخلت تمیم فی الإسلام ، وجاء وفدها الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وهم سبعون أو ثمانون رجلاً ، وعلی رأسهم عطارد بن حاجب بن زرارة ، والأقرع بن حابس ، والزبرقان بن بدر ، وعمرو بن الأهتم ، وقیس بن عاصم .

وزعم بعضهم کما فی روایة أحمد مسنده (3/488) والطبری فی تفسیره (1/320) أن قوله تعالی: إِنَّ الَّذِینَ یُنَادُونَکَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَکْثَرُهُمْ

ص: 29

لا یَعْقِلُونَ . نزلت فیهم ، لأنهم أخذوا ینادون رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بصوت عال من وراء الحجرات ! لکن المفید(رحمه الله)قال فی المسائل العکبریة/51: «نزلت فی واحد بعینه نادی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )» !

وقال السید الحمیری إنه جد القاضی سوار ، عندما شکاه الی المنصور العباسی فقال ، کما فی الفصول المختارة للشریف المرتضی/92:

یا أمین الله یا منصور یا خیره الولاة

إن سوار بن عبد الله من شر القضاة

نعثلی جملی لکم غیر موات

جده سارق عنز فجرة من فجرات

والذی کان ینادی من وراء الحجرات

یا هنات اخرج إلینا إننا أهل هنات

فاکفنیه لا کفاه الله شر الطارقات

سن فینا سنناً کانت مواریث الطغاة

ص: 30

الفصل الثالث: موقف بنی تمیم بعد وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )

مالک بن نویرة یرفض بیعة أبی بکر

کان مالک بن نویرة بن جمرة بن شداد بن عبد بن ثعلبة بن یربوع التمیمی الیربوعی ، هامة الشرف فی بنی تمیم ، وعرنین المجد فی بنی یربوع ، من علیة العرب ، وممن تضرب الأمثال بفتوته نجدة وکرماً وحفیظة وشجاعة وبطولة ، أسلم وأسلم معه بنو یربوع بإسلامه ، وولاه النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )صدقات قومه. (النص والإجتهاد/ 116).

وفی الفضائل لشاذان بن جبرئیل القمی/75: « قال البراء بن عازب بینا رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )جالس فی أصحابه إذا أتاه وافد من بنی تمیم مالک بن نویرة، فقال: یا رسول الله علمنی الإیمان . فقال رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم ): تشهد أن لا إله الا الله وحده لا شریک له وأنی رسول الله ، وتصلی الخمس ، وتصوم رمضان ، وتؤدی الزکاة وتحج البیت ،

ص: 31

وتوالی وصیی هذا من بعدی ، وأشار إلی علی(علیه السّلام)بیده ، ولا تسفک دماً ، ولا تسرق ، ولا تخون ، ولا تأکل مال الیتیم ، ولا تشرب الخمر ، وتوفی بشرائعی ، وتحلل حلالی ، وتحرم حرامی ، وتعطی الحق من نفسک للضعیف والقوی ، والکبیر والصغیر ، حتی عد علیه شرائع الإسلام .

فقال یا رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أعد علیَّ فإنی رجل نَسَّاء ، فأعاد علیه ، فعقدها بیده ، وقام وهو یجر إزاره وهو یقول: تعلمت الإیمان ورب الکعبة ، فلما بعد من رسول الله قال(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): من أحب أن ینظر إلی رجل من أهل الجنة فلینظر إلی هذا الرجل !

فقال أبو بکر وعمر: إلی من تشیر یا رسول الله ؟ فأطرق إلی الأرض ، فجدَّا فی السیر فلحقاه فقالا: لک البشارة من الله ورسوله بالجنة . فقال: أحسن الله تعالی بشارتکما إن کنتما ممن یشهد بما شهدت به فقد علمتما ما علمنی النبی محمد (صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، وإن لم تکونا کذلک ، فلا أحسن الله بشارتکما .

فقال أبو بکر: لا تقل ، فأنا أبو عائشة زوجة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ! قال: قلت ذلک ، فما حاجتکما ؟ قالا: إنک من أصحاب الجنة فاستغفر لنا ، فقال: لا غفر الله لکما ، تترکان رسول الله صاحب الشفاعة ،

ص: 32

وتسألانی أستغفر لکما ، فرجعا والکآبة لائحة فی وجهیهما ، فلما رآهما رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )تبسم ، وقال: أفی الحق مغضبة؟!

فلما توفی رسول الله ورجع بنو تمیم إلی المدینة ومعهم مالک بن نویرة ، فخرج لینظر من قام مقام رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فدخل یوم الجمعة وأبو بکر علی المنبر یخطب بالناس ، فنظر إلیه وقال: أخو تیم ؟! قالوا: نعم. قال: فما فعل وصی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الذی أمرنی بموالاته ؟ قالوا: یا أعرابی الأمر یحدث بعده الأمر !

قال: بالله ما حدث شئ ، وإنکم قد خنتم الله ورسوله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )! ثم تقدم إلی أبی بکر وقال: من أرقاک هذ المنبر ووصی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )جالس؟ فقال أبو بکر: أخرجوا الأعرابی البوال علی عقبیه من مسجد رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )!

فقام إلیه قنفذ بن عمیر وخالد بن الولید ، فلم یزالا یلکزان عنقه حتی أخرجاه ، فرکب راحلته وأنشأ یقول:

أطعنا رسول الله ما کان بیننا

فیا قوم ما شأنی وشأن أبی بکر

إذا مات بکر قام عمرٌو ومقامه

فتلک وبیت الله قاصمة الظهر

یدب ویغشاه العشار کأنما

یجاهد جماً أو یقوم علی قبر

فلو قام فینا من قریش عصابة

أقمنا ولکن القیام علی جمر

ص: 33

قال: فلما استتم الأمر لأبی بکر وجه خالد بن الولید وقال له: قد علمت ما قاله مالک علی رؤس الأشهاد ، ولست آمن أن یفتق علینا فتقاً لا یلتئم ، فاقتله ! فحین أتاه خالد ، رکب جواده وکان فارساً یعد بألف ، فخاف خالد منه فآمنه وأعطاه المواثیق ، ثم غدر به بعد أن ألقی سلاحه ، فقتله وأعرس بامرأته فی لیلته ، وجعل رأسه فی قدر فیها لحم جزور لولیمة عرسه ، وبات ینزو علیها نزو الحمار »!

کان مالک بن نویرة(رحمه الله)مطمئناً الی أن کتیبة خالد بن الولید التی تحرکت من المدینة لا تقصده ، ولو أراد المواجهة لأمر أتباعه بالتجمع لا بالتفرق ! فباغته خالد الی البطاح: «فلم یجد بها أحداً وکان مالک قد فرقهم ونهاهم عن الإجتماع ، وقال: یا بنی یربوع إنا دعینا الی هذا الأمر ، فأبطأنا عنه فلم نفلح ، وقد نظرت فیه فرأیت أن الأمر لا یتأتی بغیر سیاسة، وإذا الأمر لایسوسه الناس فإیاکم ومناوأة القوم ، فتفرقوا وادخلوا فی هذا الأمر ، فتفرقوا علی ذلک ، فلما قدم خالد البطاح بث السرایا... فجاءته الخیل بمالک بن نویرة ونفر من بنی ثعلبة بن یربوع ، فاختلفت السریة فیهم ، وکان فیهم أبو قتادة الأنصاری وکان ممن شهد أنهم أذَّنوا وأقاموا وصلُّوا ، فأمر خالد بحبسهم وکانت لیلة باردة فقال

ص: 34

خالد: أدفئوا أسراکم ، وهی تعنی القتل فی لغة کنانة ، فقتل ضرار بن الأزور مالکاً »! (الکامل لابن الأثیر:2/364).

وروی أن خالد بن الولید طمع بامرأة مالک لما رأی جمالها ، فقتله وتزوجها فی نفس اللیلة . (تاریخ الیعقوبی: 2/131).

وعمد الی التمثیل بجثة مالک ومن معه ، وهذا یدل علی أنه کان یضمر حقداً ، فقد قطع رؤوسهم وجعلها أثافی للقدور (جعلها تحت القدور ونصبها علیها) وترک جثثهم عاریة فی الصحراء ، حتی جاء المنهال التمیمی أبو زوجة مالک فغطاه ، وأصحابه ببعض الثیاب. (الإصابة : 6/249).

ولما قتل خالد مالکاً واستباح زوجته ، کان فی عسکره أبو قتادة الأنصاری ، فرکب فرسه والتحق بأبی بکر وحلف ألا یسیر فی جیش تحت لواء خالد أبداً ، فقصَّ علی أبی بکر القصة فقال: لقد فتنت الغنائم العرب ، وترک خالد ما أمرته ! فقال عمر: إن علیک أن تقیده بمالک ، فسکت أبو بکر ! (شرح النهج:1/179).

وفی تاریخ الطبری:2/504: « فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب تکلم فیه عند أبی بکر فأکثر وقال: عدو الله عدا علی امرئ مسلم فقتله ، ثم نزا علی امرأته ! وأقبل خالد بن الولید قافلاً حتی دخل المسجد وعلیه قباء له علیه صدأ الحدید معتجرا بعمامة له قد غرز

ص: 35

فی عمامته أسهماً ، فلما أن دخل المسجد قام إلیه عمر ، فانتزع الأسهم من رأسه فحطمها ، ثم قال: أرئاء قتلت امرءً مسلماً ، ثم نزوت علی امرأته ، والله لأرجمنک بأحجارک !

ولا یکلمه خالد بن الولید ، ولا یظن إلا أن رأی أبی بکر علی مثل رأی عمر فیه ، حتی دخل علی أبی بکر ، فلما أن دخل علیه أخبره الخبر واعتذر إلیه فعذره أبو بکر وتجاوز عنه ما کان فی حربه تلک ! قال: فخرج خالد حین رضی عنه أبو بکر وعمر جالس فی المسجد ، فقال: هلمَّ إلیَّ یا ابن أم شملة ! قال فعرف عمر أن أبا بکر قد رضی عنه فلم یکلمه ودخل بیته »!

وأم شملة هی حنتمة أم عمر ، تحقیراً لها بأنها من فقرها کانت تلبس إزاراً غیر ساتر ، وکان خالد لا یقبل أنها من بنی مخزوم !

ص: 36

الفصل الرابع: تنبؤ الأسود العنسی وطلیحة وسجاح

1- لم یؤید بنو تمیم المتنبئین

ادعی مسیلمة الحنفی النبوة فی الیمامة فی زمن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وسمَّاه رسول الله بالکذاب . وحنیفة قبیلة من قبائل بکر بن وائل (معجم قبائل العرب :1/127) وعدُّهم من تمیم اشتباه .

کما تنبأ عبهلة بن کعب العنسی المذحجی ، المعروف بالأسود العنسی فی الیمن ، وکان کاهناً مشعوذاً فوثب فی نجران وزعم أنه نبی ، فتبعته جماعة من مذحج ، ثم جاء الی صنعاء واستولی علیها بعد أن قتل والیها من قبل النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )شهر بن بادان ، ثم استولی علی عدن ومدن أخری وعظم أمره ، وعامله المسلمون بالتقیة . وبعث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی یعلی بن أمیة وفیروز الدیلمی وهو من مسلمة الفرس ، فقتلوا الأسود العنسی. (معجم البلدان : 3 : 255)

ص: 37

کما ادعی النبوة طلیحة الأسدی ، وتجمع المسلمون لقتاله ، لکن جاءهم خبر وفاة رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ). (الکامل:2/343).

ثم تنبَّأت سجاح بنت الحارث بن سوید الیربوعی التمیمیة ، وکان أبوها تنصَّر وسکن الجزیرة ، وهی بین دجلة والفرات شمال غرب العراق . وأمها من بنی تغلب تزوجها أبوها وعاش معهم فولدت له سجاحاً ، وکانت متکهنة تزعم أنها کسطیح وابن سلمة والمأمون الحارثی وغیرهم من الکهان .

ثم ادَّعت سجاح النبوة بعد وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )واستجاب لها بعض الناس من تغلب وبنی النمر وأیاد وشیبان وکلهم من ربیعة ، فترکوا النصرانیة ودخلوا معها فی أمرها ، فجاءت بهم من الجزیرة الی بلاد قومها تمیم ، لتغزو بهم المدینة المنورة ، فلما وصلت الحزن (وهی أرض خشنة لبنی یربوع قریبة من الکوفة- معجم البلدان:2/ 255)

أرسلت الی مالک بن نویرة وهو علی بنی یربوع ، والی وکیع بن مالک وهو علی بنی مالک بن حنظلة تدعوهما الی الموادعة ، فوادعوها وشرطوا علیها أن لا تعبر بجیشها من أراضیهم ، فتوجهت نحو بنی حنیفة فی

الیمامة وفیها مسیلمة الکذاب ، فأرسل لها رسولاً یخبرها عن رغبته باللقاء بها ، فأعطته الأمان

ص: 38

فزارها فی أربعین من بنی حنیفة ، ثم بادلته الزیارة ، ثم ما لبثا أن تزوجا واعترفت له بالنبوة . فقاتلهما المسلمون وقتلوهما .

وفی هذه المدة ثبت بنو تمیم علی الإسلام ، وقد مات النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وله عمال علی صدقاتهم هم: الزبرقان بن بدر علی صدقات الرباب (معجم البلدان : 2 : 275) وعوف والأبناء وهم عدة قبائل من تمیم: عبشمس ، عوافة ، عوف ، جشم ، مالک ، بنی عمرو بن سعد بن زید مناة ، وسهم بن منجاب وقیس بن عاصم علی البطون کالحبطات ، وبنی إمرئ القیس ، وبنی صریم ، وبنی الحارث ، ومقاعس .

وصفوان بن صفوان علی بهدی ، وهی قریة ذات نخل بالیمامة (معجم البلدان: 1/514) وقیل علی بنی عمرو (الإصابة: 3/350) وسبرة بن عمرو علی خضم ، وهو ماء لبنی العنبر بن عمرو بن تمیم. (معجم البلدان: 2/377).

وروی أن قیس بن عاصم قسم صدقات قومه علی فقرائهم وعندما طالبه مبعوث أبی بکر بها دفعها من ماله (الطبری : 2/522) .

وروی ابن عباس أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعث صلصال بن شرحبیل الی صفوان بن صفوان التمیمی، ووکیع بن عدس الداری ، وغیرهم یحضهم علی قتال أهل الردة (الطبری:2 /495) وهو یدل علی أنهم لم

ص: 39

یکونوا مرتدین ، بل قاوموا الارتداد ، وأن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان یثق بحسن إسلامهم .

وقد شارک بنو تمیم فی قتال مسیلمة الکذاب ، وکان قائد الجیش الذی قاتل مسیلمة سبرة بن عمرو العنبری التمیمی واستخلفه قائد الجیش علی الیمامة بعد مقتل مسیلمة (الإصابة: 3/350).

وذکر الطبری:2 /522، أن عوفاً والأبناء أطاعوا الزبرقان بن بدر فثبتوا علی إسلامهم ، وذبوا عنه .

فهؤلاء سادة بنی تمیم وزعماؤها ، ومثلهم أتباعهم إلا من شذ .

ص: 40

الفصل الخامس: نصرة بنی تمیم لأهل البیت(علیهم السّلام)

1- مشارکتهم فی حرب الجمل

عندما توجه أمیر المؤمنین(علیه السّلام)الی البصرة لإخماد فتنة أصحاب الجمل ، بعث الی الکوفة یستنهض المسلمین ، فجاءته أمداد الکوفة فی إثنی عشر ألف مقاتل ، وکان ثلاثة آلاف منهم من بنی تمیم ، وعلی رأسهم بطل الإسلام معقل بن قیس الریاحی .

أما تمیم البصرة فکانت ظروفهم مختلفة، بسبب الضغوط النفسیة والإجتماعیة التی مارسها طلحة والزبیر علی أهل البصرة عموماً ، وعلی بطون تمیم وقادتها خصوصاً .

وقد أقنع رئیسهم الأحنف بن قیس من کان قریباً منه بأن لا ینساقوا خلف الدعایات ولا ینضموا الی جیش عائشة

والناکثین ،

ص: 41

وخرج فی أربعة آلاف من بنی سعد الی وادی السباع ، وأرسل الی أمیر المؤمنین(علیه السّلام)یطلب أمره .

وخالف هلال بن وکیع أمر الأحنف فبایع أصحاب الجمل ، فقد بعث طلحة والزبیر الی هلال لیأتیهما ، فرفض ، فجاءاه الی داره لکنه تواری عنهما فعذلته أمُّه ولم تزل تقنعه وتعنِّفه حتی خرج إلیهما وبایعهما وتبعه بنوعمرو بن تمیم وبنو حنظلة ، إلا بنی یربوع فإن عامتهم کانوا شیعةً لعلی (علیه السّلام).(شرح النهج: 9/320).

فکانت تمیم الکوفة کلها مع الإمام (علیه السّلام) ، أما تمیم البصرة فانقسمت الی ثلاث فرق: فرقة معه وهم بنو یربوع ، وفرقة لازمت الحیاد مع الأحنف وهم بنو سعد وکانوا الأکثریة ، وبنو عمرو وبنو حنظلة ، صاروا الی جانب أصحاب الجمل.

وعندما صار ابن عباس(رحمه الله)والیاً علی البصرة ، أراد أن یعاقب بنی تمیم لوقوف قسم منهم مع أصحاب الجمل ، فکتب له أمیر المؤمنین(علیه السّلام)رسالة یمنعه من ذلک ، ویمدح فیها بنی تمیم ، کما سیأتی .

ص: 42

2- مشارکة بنی تمیم فی حرب صفین

فی حرب صفین کانت تمیم الی جانب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وکذا بقیة القبائل حتی ضبَّة والأزد الذین کانوا من أشد الناس دفاعاً عن عائشة وطلحة والزبیر ، وقتل منهم خلق کثیر فی معرکة الجمل .

قال الثقفی فی الغارات (1/52 ): « استنفر علی(علیه السّلام)أهل البصرة الی حرب معاویة ، وأجاب الناس الی المسیر ونشطوا وخفوا ، فاستعمل ابن عباس أبا الأسود الدؤلی علی البصرة ، وخرج حتی قدم علی علی(علیه السّلام)ومعه رؤوس الأخماس: عمرو بن مرجوم العبدی علی عبد قیس ، وصبرة بن شیمان الأزدی علی الأزد ، والأحنف بن قیس علی تمیم وضبة والرباب ».

وقد جعل علی(علیه السّلام)مضر الکوفة والبصرة وتمیماً فی القلب ، وجعل علی المیمنة قبائل الیمن ، وجعل علی المیسرة قبیلة ربیعة ، کما قسم سادات تمیم علی الشکل الآتی:

جعل الأحنف بن قیس علی تمیم البصرة ، أی قائداً عاماً لتمیم البصرة جمیعاً . وجعل جاریة بن قدامة السعدی علی سعد ورباب البصرة . وجعل أعین بن ضبیعة علی بنی عمرو وبنی حنظلة

ص: 43

البصرة . وجعل عمیر بن عطارد علی تمیم الکوفة ، کما صنع مع الأحنف . وعلی عمرو وحنظلة الکوفة شبث بن ربعی . وعلی بنی سعد الکوفة والرباب منها الطفیل أبا صریمة . وجعل مسعود الفدکی التمیمی علی قرَّاء البصرة . (شرح النهج: 4/27).

3- التمیمیون من شهداء کربلاء

أجبر عبید الله بن زیاد ببطشه قبائل الکوفة من بنی تمیم وغیرها علی الخروج الی حرب الحسین(علیه السّلام) ، فهدد من تخلف بالقتل ، وبث الجواسیس والعیون لإخباره بمن تخلف !

قال الدینوری فی الأخبار الطوال/254: « وکان ابن زیاد إذا وجه الرجل إلی قتال الحسین فی الجمع الکثیر ، یصلون إلی کربلاء ، ولم یبق منهم إلا القلیل ، کانوا یکرهون قتال الحسین ، فیرتدعون ، ویتخلفون . فبعث ابن زیاد سوید بن عبد الرحمن المنقری فی خیل إلی الکوفة ، وأمره أن یطوف بها ، فمن وجده قد تخلف أتاه به . فبنیا هو یطوف فی أحیاء

الکوفة إذ وجد رجلاً من أهل الشام قد کان قدم الکوفة فی طلب میراث له ، فأرسل به إلی ابن زیاد ، فأمر به ، فضربت عنقه . فلما رأی الناس ذلک خرجوا ».

ویمکن تقسیم الذین خرجوا لحرب الحسین الی أربع فئات:

ص: 44

1: جند الشام الذی کان مرابطاً فی الکوفة ، فالحکومة الأمویة کان عندها قطعات من جیش الشام ترابط فی الکوفة وحولها .

قال ابن أعثم فی الفتوح ، بعد أن أورد خطبة ابن زیاد التی وعد فیها بزیادة العطاء للمقاتلین: «ثم نزل المنبر ، ووضع لأهل الشام العطاء فأعطاهم ، ونادی فیهم بالخروج الی عمر بن سعد لیکونوا عونا له علی قتال الحسین ». (الفتوح: بن أعثم الکوفی: 5 : 89).

وبعض أسماء هؤلاء الشامیین معروفة فی التاریخ ، کبکر بن حمران الأحمری ، الذی تولی قتل مسلم بن عقیل(علیه السّلام) ، والحصین بن نمیر السکونی ، أحد قادة عمر بن سعد فی کربلاء .

2: شخصیات من قریش وحلفائها کانت تسکن الکوفة ، ومن هؤلاء عمر بن سعد ورهطه ، وعمرو بن حریث المخزومی ، ومسلم بن عمرو الباهلی ، صاحب القربة التی أبی أن یسقی منها مسلم بن عقیل ، وغیرهم .

3: شیعة آل أبی سفیان ، وقد سمی الإمام الحسین(علیه السّلام)کل جیش ابن سعد فی کربلاء بهذا الإسم ، وکثیر منهم من الأصل مع معاویة وبنی أمیة ، وکانوا من قبائل مختلفة .

ص: 45

4: بعض الناس الذین کان عندهم محبة لأهل البیت(علیهم السّلام) لکن اعتراهم ضعف وخوف من بطش بنی أمیة ، فشارکوا فی جیش یزید الی قتال الحسین(علیه السّلام). لکنهم سرعان ما شعروا بالندم بعد استشهاد الحسین(علیه السّلام) ، وعادت لهم بصیرتهم ، فتوالت ثوراتهم ضدَّ بنی أمیة مع سلیمان بن صرد ، ثم مع المختار بن أبی عبیدة الثقفی، ثم مع زید بن علی(علیه السّلام) ، بل کان ثأر الحسین(علیه السّلام)هو المحرک الأساسی لثورتهم مع الخراسانیین ، فیما عرف بالثورة العباسیة ، فقد کان شعارها: یالثارات الحسین .

وقد شارک بنو تمیم بفعالیة فی ثورة التوابین ، ثم فی ثورة المختار بن أبی عبید الثقفی ، وتتبعوا معه قتلة الحسین(علیه السّلام)فی الکوفة ، کعمر بن سعد وشمر وخولی وسنان وحرملة ، فقتل منهم عددٌ کبیر ، وفرَّ آخرون الی الشام والبصرة .

ثم خرج ابراهیم بن مالک الأشتر(رحمه الله)لقتال جند الشام فی معرکة فی الموصل ، وکان علی ربع تمیم وهمدان فی هذه المعرکة قیس بن عاصم الهمدانی ، وحبیب بن منقذ الهمدانی. وهُزم الشامیون شرَّ هزیمة وقتل عبیدالله بن زیاد . (أمالی الطوسی/241).

ص: 46

والنتیجة: أنه نظراً لکثرة بنی تمیم ، فقد کان منهم کثرة فی جیش یزید ، لکن کان منهم أبرار فازوا بشرف الشهادة مع الحسین(علیه السّلام) ، وأولهم الحر بن یزید الریاحی(رحمه الله).

4- الحر بن یزید الریاحی

أحد القادة المشهورین والفرسان المبرزین من بنی ریاح بن یربوع ، ورد اسمه والسلام علیه فی الزیارتین الناحیة والرجبیة ، وذکرته کافة المصادر السنیة والشیعیة .

ولم یکن الحر من الذین راسلوا الحسین(علیه السّلام)، بل کان قائداً علی ألف فارس أرسلهم عبید الله بن زیاد ، لاعتراض الحسین(علیه السّلام) ومنعه من دخول الکوفة ، فالتقی به عند جبل ذی حسم ، وأخذ یسایره ویمنعه من التوجه حیث أراد ، حتی نزل فی کربلاء .

وکان الحر مؤدباً فی خطابه مع الإمام(علیه السّلام)رغم أنه کان قائد جیش معادٍ، وکان یصلی وأصحابه بصلاته . (الفتوح : 5/76).

وفی یوم عاشوراء عندما رأی الحر ضلال عمر بن سعد وأمیره ابن زیاد ، انحاز قبل المعرکة الی معسکر الحسین(علیه السّلام)معلناً توبته ، وقاتل قتال الأبطال ، وهو یقول:

إنی أنا الحر ومأوی الضیف

أضرب فی أعناقکم بالسیف

ص: 47

عن خیر من حلَّ بوادی الخیف

أضربکم ولا أری من حیف

(مناقب آل أبی طالب:3/250)

ثم شدَّت علیه الرجالة فصرعته فاحتمله أصحاب الحسین(علیه السّلام) حتی وضعوه بین یدیه أمام الفسطاط الذی کانوا یقاتلون دونه وبه رمق ، فجعل الحسین یمسح الدم والتراب عن وجهه ، وهو یقول: « أنت الحر کما سمتک أمک ، أنت الحر فی الدنیا ، وأنت الحر فی الآخرة». ورثاه بعضهم وقیل علی بن الحسین(علیه السّلام):

لنعم الحرُّ حُرُّ بنی ریاحِ

صبورٌ عند مُشْتَبَکِ الرِّماح

ونعم الحر إذ واسی حسیناً

فجاد بنفسه عند الصیاح

(أعیان الشیعة:4/614).

وبعد المعرکة جاء بنو تمیم وأخذوا جثمان الحر، ودفنوه فی موضع قبره الفعلی فی کربلاء ، وقبره مزار(رحمه الله).

5 - الحجاج بن یزید السعدی

ورد السلام علیه فی زیارة الناحیة المقدسة المنسوبة للإمام المهدی بإسم الحجاج بن زید، لکن الشیخ السماوی ذکره فی إبصار العین بإسم الحجاج بن بدر السعدی. (إبصار العین/113) .

ومن المتفق علیه أنه من بنی سعد البصرة ، وقد حمل کتاباً الی الحسین(علیه السّلام)من مسعود بن عمرو الأزدی ، جواباً علی کتاب

ص: 48

الحسین(علیه السّلام)إلیه والی زعماء البصرة یدعوهم لنصرته ، وبقی بعد ذلک فی کربلاء مع الحسین(علیه السّلام)واستشهد معه .

6 - سعد بن حنظلة التمیمی

فی المناقب: ثم برز سعد بن حنظلة التمیمی مرتجزاً :

صبراً علی السیوف والأسنه

صبراً علیها لدخول الجنه

وحور عین ناعمات هنه

یا نفس للراحة فاجهدنَّه

وفی طلاب الخیر فارغبنَّه

(مناقب آل أبی طالب: 3 /251)

وذکره المجلسی فی البحار(45 :18) عن مقتل الحسین(علیه السّلام)لمحمد بن أبی طالب ، وقال الشیخ شمس الدین: « إن التصحیف بینه وبین حنظلة بن أسعد الشبامی بعید جداً ». (أنصار الحسین : 89)

7- شبیب بن عبدالله النهشلی

أبو عمرو النهشلی ، ورد ذکره والسلام علیه فی الزیارتین ، وهو من تمیم البصرة (مستدرک علم رجال الحدیث : 8 : 427) .

قال السید الأمین فی أعیان الشیعة:2/398 : « وکان فارساً شجاعاً عابداً متهجداً ، قال الشیخ هبة الله بن نما الحلی: حدث مهران

ص: 49

مولی بنی کاهل قال: شهدت کربلاء مع الحسین(علیه السّلام)فرأیت رجلاً یقاتل قتالاً شدیداً، لا یحمل علی قوم إلا کشفهم ، ثم یرجع الی الحسین(علیه السّلام)وهو یرتجز ویقول:

فی جنة الفردوس تعلو صُعُدا

فقلت: من هذا ؟ فقیل أبو عمرو النهشلی ، فاعترضه عامر بن نهشل أحد بنی اللات بن ثعلبة فقتله واحتز رأسه ، وکان أبو عمرو هذا متهجداً کثیر الصلاة .

6 - عمرو بن ضبیعة التمیمی

وقد عدته بعض المصادر من بنی تمیم ، وقالوا کان فارساً شجاعاً من أهل الکوفة ، کان مع عمر بن سعد فلما رأی ردَّ الشروط علی الحسین ، ومنعهم إیاه من الرجوع ، انحاز الی الحسین(علیه السّلام). وقد ورد إسمه فی زیارة الناحیة . (مزار المشهدی/494).

7- جریر بن یزید الریاحی

عدَّه الإمام الصادق(علیه السّلام)من الشهداء کما فی الزیارة الرجبیة المنسوبة إلیه . واستقرب بعضهم أنه تصحیف للحر بن یزید (مستدرک علم رجال الحدیث: 2/129) إلا إن اسم الحر ورد فی نفس الزیارة (أنصار الحسین: 157) . والله العالم

ص: 50

الفصل السادس: من أعلام بنی تمیم

1- خبَّاب بن الأرتّ

بما أن شخصیات بنی تمیم من أصحاب النبی والأئمة(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) کثیرون یصعب إحصاؤهم ، لذا نورد فهرساً بأهمهم:

وأولهم خّبَّاب بن الأرتّ(رحمه الله). روی أنه سادس المسلمین إسلاماً کان صحابیاً فاضلاً من المهاجرین الأولین ، شهد بدراً وما بعدها من المشاهد مع النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، وکان ممن عُذِّب فی الله فصبر علی دینه ، سکن الکوفة بعد وفاة رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وشهد مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام) صفین ، وقیل أنه توفی سنة سبع وثلاثین للهجرة ، وقیل سنة تسع وثلاثین ، وصلی علیه أمیر المؤمنین(علیه السّلام). (الاستیعاب: 2/438). وقال(علیه السّلام): «رحم الله خباب بن الأرت، فلقد أسلم راغباً ، وهاجر طائعاً ، وعاش مجاهداً ، طوبی لمن ذکر المعاد وعمل للحساب ، وقنع بالکفاف ورضی عن الله ». (نهج البلاغة : الخطبة :42).

ص: 51

3- عبدالله بن خباب

ولد فی المدینة ، وسماه رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بهذا الإسم . (الإستیعاب: 3/894) ، وکان(رحمه الله)کأبیه خباب من شیعة علی(علیه السّلام)وشهد معه الجمل وصفین . (مناقب آل أبی طالب: 2/369 ) .

وعندما انخدع الخوارج برفع معاویة للمصاحف ، وألزموا أمیر المؤمنین(علیه السّلام)أن یقبل بالتحکیم: « فقال عبدالله بن خباب ، وکان من الفرسان الأبطال وکان له فضل: یا أمیر المؤمنین ! إنک أمرتنا یوم الجمل بأمور مختلفة ، فکانت عندنا أمراً واحداً ، فقبلناها منک بالتسلیم منا لأمرک ، وهذه من تلک الأمور ، ونحن الیوم أصحابک أمس ، وأراک کارهاً لهذه القضیة ، وأیم الله ما المکثر المنکر ، بأعلم من المقتر المقل ، وقد کانت الحرب قد أخذت بأنفاس هؤلاء القوم ، فلم یبق منهم إلا رجاء ضعیف وصبر مستکره ، فاستغاثوا بالمصاحف وفزعوا إلیها من حرِّ أسنتنا وحدِّ سیوفنا ، فأجبتهم الی مادعوک إلیه ، فأنت أولنا إیماناً وآخرنا عهداً بنبینا محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) ، وإلا فهذه سیوفنا فی رقابنا ، ورماحنا فی أکفنا ، وقلوبنا فی أجوافنا ، وقد أعطیناک تبعتنا غیر مستکرهین ، والأمر إلیک والسلام ». (الفتوح : 4/ 202)

ص: 52

وکان عاملاً لأمیر المؤمنین علی المدائن ، وکان أول شهید من أصحاب أمیر المؤمنین علی(علیه السّلام)علی ید الفئة الضالة الخوارج .

روی ابن حجر فی الإصابة (4/64) «أن الصرم لقی عبد الله بن خباب بالدار (منطقة) وهو متوجه الی علی بالکوفة ، ومعه إمرأته وولده ، فقال الصرم: هذا رجل من أصحاب محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )نسأله عن حالنا وأمرنا ومخرجنا ، فانصرفوا إلیه فسألوه فقال: أما بأعیانکم فلا ، ولکن سمعت رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یقول:یکون من بعدی قوم یقرؤن القرآن لا یتجاوز تراقیهم ...الحدیث» .

وفی شرح النهج:2/281: «قال أبو العباس (المبرد): إن واصل بن عطاء أقبل فی رفقة فأحسوا بالخوارج ، فقال واصل لأهل الرفقة: إن هذا لیس من شأنکم فاعتزلوا ودعونی وإیاهم ، وکانوا قد أشرفوا علی العطب ، فقالوا: شأنک ، فخرج إلیهم فقالوا: ما أنت وأصحابک ؟ فقال: قوم مشرکون مستجیرون بکم لیسمعوا کلام الله ویفهموا حدوده . قالوا: قد أجرناکم ، قال: فعلمونا ، فجعلوا یعلمونهم أحکامهم ، ویقول واصل: قد قبلت أنا ومن معی ، قالوا : فامضوا مصاحبین فقد صرتم إخواننا ، فقال: بل تبلغوننا مأمننا لأن الله تعالی یقول: وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکِینَ اسْتَجَارَکَ فَأَجِرْهُ حَتَّی یَسْمَعَ کَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا یَعْلَمُونَ .

ص: 53

قال: فنظر بعضهم إلی بعض ثم قالوا: ذاک لکم ، فساروا معهم بجمعهم حتی أبلغوهم المأمن .

قال أبو العباس: ولقیهم عبد الله بن خباب فی عنقه مصحف ، علی حمار ، ومعه امرأته وهی حامل ، فقالوا له: إن هذا الذی فی عنقک لیأمرنا بقتلک ! فقال لهم: ما أحیاه القرآن فأحیوه وما أماته فأمیتوه ، فوثب رجل منهم علی رطبة سقطت من نخلة فوضعها فی فیه فصاحوا به فلفظها تورعاً . وعرض لرجل منهم خنزیر فضربه فقتله ، فقالوا: هذا فساد فی الأرض ، وأنکروا قتل الخنزیر ، ثم قالوا لابن خباب: حدثنا عن أبیک ، فقال: إنی سمعت أبی یقول: سمعت رسول الله (ص) یقول: ستکون بعدی فتنة یموت فیها قلب الرجل کما یموت بدنه ، یمسی مؤمناً ویصبح کافراً ، فکن عبد الله المقتول ولا تکن القاتل . قالوا: فما تقول فی أبی بکر وعمر ؟ فأثنی خیراً ، قالوا: فما تقول فی علی قبل التحکیم وفی عثمان فی السنین الست الأخیرة؟ فأثنی خیراً . قالوا فما تقول فی علی بعد التحکیم والحکومة ؟ قال : إن علیاً أعلم بالله وأشد توقیاً علی دینه ، وأنفذ بصیرة . فقالوا: إنک لست تتبع

ص: 54

الهدی ، إنما تتبع الرجال علی أسمائهم ، ثم قربوه إلی شاطئ النهر فأضجعوه فذبحوه !

قال أبو العباس: وساوموا رجلاً نصرانیاً بنخلة له فقال: هی لکم فقالوا: ما کنا لنأخذها إلا بثمن، فقال: وا عجباه ،

أتقتلون مثل عبد الله بن خباب ، ولا تقبلون جنا نخلة إلا بثمن »!

ثم قتلوا زوجة عبد الله بن خباب بصورة بشعة ، حیث بقروا بطنها ، واستخرجوا جنینها ! فغضب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وأسرع فی معالجة أمرهم ، فلم ینفع معهم إلا الحرب فقصدهم فی النهروان وقال لهم: أقیدونا بدم عبد الله بن خباب ، أخرجوا لنا قتلته ، فقالوا: کلنا قتله ! فأمر أصحابه أن یحملوا علیهم ، وکان الخوارج أربعة آلاف ، فلم ینج منهم سوی تسعة أشخاص .

ص: 55

4- غالب بن صعصعة

بن ناجیة الدارمی المجاشعی ، والد الشاعر الفرزدق ، وکان من کرام العرب ، أقری مئة ضیف ، واحتمل عشر

دیات لأناس لا یعرفهم . وفی مستدرکات علم رجال الحدیث ، أنه کان من أصحاب أمیر المؤمنین (علیه السّلام). (مستدرک علم رجال الحدیث: 6 : 181)

وفد علیه بعد فراغه من حرب الجمل ومعه ابنه الفرزدق فقال: من أنت؟ قال: غالب بن صعصعة المجاشعی. فقال(علیه السّلام): ذو الإبل الکثیرة ؟ قال: نعم ، قال ما فعلت إبلک؟ قال: أذهبتها النوائب وذعذعتها الحقوق ، فقال: وذلک أحمد سبلها ، ثم قال: یا أبا الأخطل من هذا الغلام الذی معک؟ قال إبنی الفرزدق ، وهو شاعر ، قال علمه القرآن فهو خیر له من الشعر .

وأبوه صعصعة بن ناجیة أول من أحیا الوئید قبل الإسلام ، وذلک حینما اشتری ثلاث مئة موؤدة فأعتقهن ورباهن ، وکانت العرب تئد البنات خوف الإملاق . (شرح نهج البلاغة: 10/21).

ص: 56

5- الفرزدق الشاعر

وهو همام بن غالب بن صعصعة ، أبو فراس الشهیر بالفرزدق ، من نبلاء أهل البصرة ، عظیم الأثر فی اللغة حتی قیل لولا الفرزدق لذهب ثلث لغة العرب ، ولولا أشعاره لذهبت نصف أیام العرب .(الأعلام للزرکلی : 8 : 93).

ولد الفرزدق فی خلافة عمر ، وتوفی سنة مئة وعشر للهجرة ، وذلک یعنی أنه عاصر خمساً من الأئمة(علیهم السّلام) : أمیر المؤمنین والإمام الحسن والحسین وزین العابدین علی بن الحسین وشطراً من حیاة الإمام الباقر(علیهم السّلام) إلا أن الرجالیین عدوه من صحابة الإمام زین العابدین ولعله لاشتهار قصیدته فیه.(معجم رجال الحدیث: 14/276).

وقال المرزبانی فی شعراء الشیعة/22: «الفرزدق همام بن غالب کان شیعیاً ، وکان الأصمعی یذمه بذلک ، غیر أنه لم یکن مظهراً لذلک لخوفه من بنی أمیة .

دخل الفرزدق یوماً علی سلیمان بن عبد الملک ، وکان سیلمان یشنؤه فتنکر له وأغلظ فی خطابه حتی قال له: من أنت لا أم لک؟

فقال: أولا تعرفنی؟ أنا من حی هم أوفی العرب ، وأحلم العرب وأسْوَد العرب ، وأجْوَد العرب ، وأشجع العرب ،

وأشعر

ص: 57

العرب . فقال سلیمان: لتحتجن لما ذکرت أو لأوجعنَّ ظهرک ، ولأبعدنَّ دارک . قال:

أما أوفی العرب فحاجب بن زرارة ، رهن قوسه عن العرب کلها فأوفی .

وأما أحلم العرب ، فالأحنف بن قیس یضرب به المثل حلماً .

وأما أسْود العرب ، فقیس بن عاصم

قال رسول الله: هذا سید أهل الوبر .

وأما أشجع العرب فحریش بن هلال السعدی .

وأما أجود العرب فخالد بن عتاب بن ورقاء الریاحی .

وأما أشعر العرب فها أنا ذا عندک ! (شعراء الشیعة:22)

وللفرزدق مواقف جلیلة فی الدفاع عن أهل البیت(علیهم السّلام) ، لکن أشهرها موقفه من الإمام زین العابدین(علیه السّلام)، فقد روی الجمیع أن هشام بن عبد الملک حج فی أیام خلافة أبیه ، وطاف بالبیت وأراد أن یستلم الحجر فلم یقدر من الزحام ، فنصب له منبر فجلس علیه أطاف به أهل الشام ، فبینا هو کذلک إذ أقبل علی بن الحسین (علیه السّلام)وعلیه إزار ورداء ، من أحسن الناس

وجهاً وأطیبهم رائحة فجعل یطوف حول البیت ، فإذا بلغ موضع الحجر تنحَّی الناس

ص: 58

عنه لیستلمه هیبة له وإجلالاً ، فغاض ذلک هشاماً فقال رجل من أهل الشام لهشام: من هذا الذی هابته الناس هذه الهیبة وأفرجوا له عن الحجر؟ فقال هشام: لا أعرفه ! لئلا یرغب فیه أهل الشام ، فقال الفرزدق وکان حاضراً لکنی أعرفه ، ثم أنشد میمیته العصماء ، التی طار صیتها فی الأرجاء .

وأتم روایاتها فی المناقب:3/306 ، قال: « الحلیة ، والأغانی ، وغیرهما: حج هشام بن عبد الملک فلم یقدر علی الإستلام من الزحام فنصب له منبر وجلس علیه وأطاف به أهل الشام ، فبینما هو کذلک إذ أقبل علی بن الحسین وعلیه إزار ورداء ، من أحسن الناس وجهاً وأطیبهم رائحة ، بین عینیه سجادة کأنها رکبة عنز ، فجعل یطوف فإذا بلغ موضع الحجر تنحی الناس حتی یستلمه هیبة له ، فقال شامی: مَن هذا یا أمیر؟ فقال: لا أعرفه ، لئلا یرغب فیه أهل الشام ، فقال الفرزدق وکان حاضراً: لکنی أنا أعرفه ، فقال الشامی: من هو یا أبا فراس؟ فأنشأ قصیدة ذکر بعضها فی الأغانی والحلیة والحماسة ، والقصیدة بتمامها:

یا سائلی أینَ حلَّ الجودُ والکرمُ

عندی بیانٌ إذا طلابُهُ قدموا

هذا الذی تعرفُ البطحاءُ وطأتَهُ

والبیتُ یعرفُهُ والحلُّ والحَرَمُ

هذا ابنُ خَیْرِ عبادِ الله کلِّهِمُ

هذا التّقیُّ النقیُّ الطاهرُ العَلَمُ

ص: 59

هذا الذی أحمدُ المختارُ والدُه

صلی علیه إلهی ما جری القلمُ

لو یعلمُ الرکنُ من قد جاء یلثِمُهُ

لَخَرَّ یَلْثِمُ منهُ ما وطی القَدَمُ

هذا علیٌّ رسولُ الله والدُه

أمست بنور هداه تهتدی الأمم

هذا الذی عمُّه الطیارُ جعفرُ والمَق-

تولُ حمزةُ لیثٌ حُبُّهُ قَسَمُ

هذا ابنُ سیدة النسوانِ فاطمةٌ

وابنُ الوصیِّ الذی فی سیفه نِقَمُ

إذا رأتهُ قریشٌ قال قائلُها

إلی مکارم هذا ینتهی الکرم

یکادُ یُمْسکُهُ عرفانُ راحتِهِ

رکنُ الحطیم إذا ما جاءُ یَستلم

ولیسَ قولُک من هذا بِضَائِرِهِ

العُرْبُ تعرفُ من أنکرتَ والعجم

یُنْمَی إلی ذِرْوَةِ العزِّ التی قَصُرَتْ

عن نیلها عربُ الإسلام والعجم

یُغْضی حَیَاءً ویُغْضی من مَهَابَتِهِ

فما یُکَلَّمُ إلا حینَ یَبْتَسٍمُ

یِنْجَابُ نُورُ الدُّجی عن نور غُرَّتِه

کالشمس یَنْجَابُ عن إشراقها الظلم

بکفِّهِ خَیْزَرَانٌ ریحُهُ عَبِقٌ

من کفِّ أورعَ فی عِرْنِینِهِ شَمَمُ

ما قال لا قطُّ إلا فی تشهدِه

لولا التشهدُ کانت لاءهُ نَعَمُ

مُشْتُقَّةٌ من رسولِ الله نَبْعَتُهُ

طابتْ عناصرُه والخِیمُ والشِّیَمُ

حَمَّالُ أثقالِ أقوامٍ إذا فُدِحُوا

حُلْوُ الشمائل تحلو عنده نعم

إن قال قالُ بما یهوی جمیعُهُمُ

وإن تکلمَ یوماً زانَهُ الکَلِمُ

هذا ابنُ فاطمةٍ إن کنتَ جاهلَهُ

بجدِّه أنبیاءُ الله قد خُتموا

اللهُ فضَّلَهُ قِدْماً وشرَّفَهُ

جری بذاک له فی لَوْحِهِ القلم

ص: 60

من جَدِّهِ دانَ فضلُ الأنبیاءِ لهُ

وفضلُ أمته دانت لهُ الأمم

عمَّ البریةَ بالإحسان وانقشعتْ

عنها العِمَایَةُ والإملاقُ والظلم

کلتا یدیْه غیاثٌ عمَّ نفعهُمَا

تَسْتَوْکِفَانٍ ولا یَعْرُوهما عَدَم

سهلُ الخلیقة لا تُخشی بوادرُهُ

یَزینُهُ خِصلتانِ الحلمُ والکرمُ

لا یُخلفُ الوعدَ میموناً نقیبتُهُ

رحبُ الفَنَاءِ أریمٌ حینَ یَعْتَرِمُ

من معشرٍ حبُّهُمْ دینٌ وبُغْضُهمُ

کفرٌ وقُرْبُهُمُ مَنْجیً ومُعْتَصَمُ

یُسْتَدْفَعُ السوءُ والبلوی بحبَّهِمُ

ویُستزادُ به الإحسانُ والنِّعَم

مُقَدَّمٌ بعدَ ذکر الله ذکرُهُمُ

فی کلِّ فرضٍ ومختومٌ به الکلِم

إن عُدَّ أهلُ التُّقَی کانوا أئمتَهُمْ

أو قیلَ من خیرُ أهلِ الأرضِ قیلَ هم

لا یَستطیعَ جوادٌ بعدَ غایتِهِمْ

ولا یدانیهمَ قومٌ وإن کَرُمُوا

همُ الغیوثُ إذا ما أزمةٌ أزمتْ

والأسْدُ أسُدُ الشَّری والبأسُ مُحْتَدم

یأبی لهم أن یحلَّ الذمُّ ساحتَهُمْ

خِیمٌ کریمٌ وأیدٍ بالنَّدی هُضُمُ

لا یُقبض العسرُ بسطاً من أکفِّهِمُ

سَیَّانَ ذلک إن أثروْا وإن عُدموا

إنَّ القبائلَ لیست فی رقابهم

لأوَّلیِّة هذا أو لهُ نعم

منْ یعرفْ اللهَ یعرفْ أوَّلِیَّةَ ذَا

فالدینُ من بیت هذا نالهُ الأمم

بیوتُهُمْ فی قریش یُستضاءُ بها

فی النائبات وعند الحِلم إن حلموا

فجدُّه من قریش فی أزمَّتِها

محمدٌ وعلیٌّ بعدَه عَلَمُ

بدرٌ له شاهدٌ والشِّعبُ من أحُدٍ

والخندقان ویومَ الفتحِ قد عَلموا

ص: 61

وخَیْبَرٌ وحُنَیْنٌ یَشهدانِ له

وفی قُریْظةَ یومٌ صَیْلَمٌ قَتَمُ

مواطنٌ قد عَلَتْ فی کلِّ نائبة

علی الصحابة لم أکْتُمْ کمَا کَتَمُوا

فغضب هشام ومنع جائزته ، وقال: ألا قلت فینا مثلها ؟ قال: هات جداً کجده وأباً کأبیه وأماً کأمه حتی أقول فیکم مثلها ! فحبسه بعسفان بین مکة والمدینة ، فبلغ ذلک علی بن الحسین(علیهماالسّلام) فبعث إلیه باثنی عشر ألف درهم وقال: أعذرنا یا أبا فراس فلو کان عندنا أکثر من هذا لوصلناک به، فردها وقال: یا ابن رسول الله ما قلت هذا الذی قلت إلا غضباً لله ولرسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )! وما کنت لأرزأ علیه شیئاً ! فردها إلیه وقال: بحقی علیک لمَّا قبلتها فقد رأی الله مکانک وعلم نیتک فقبلها ،فجعل الفرزدق یهجو هشاماً وهو فی الحبس ، فکان مما هجاه به:

أیحبسنی بین المدینة والتی

إلیها قلوب الناس تهوی منیبها

یقلب رأساً لم یکن رأسَ سیِّدٍ

وعیناً له حَوْلاءَ بادٍ عُیُوبها

وفی الخرائج:1/267: «فلما طال الحبس علیه وکان یوعده بالقتل! شکی إلی علی بن الحسین(علیهماالسّلام)فدعا له فخلصه الله فجاء إلیه وقال: یا ابن رسول الله إنه محا اسمی من الدیوان . فقال: کم کان عطاؤک؟ قال: کذا . فأعطاه لأربعین سنة وقال(علیه السّلام): لو علمت

ص: 62

أنک تحتاج إلی أکثر من هذا لأعطیتک. فمات الفرزدق بعد أن مضی أربعون سنة » ! (راجع جواهر التاریخ:4/191).

ورُویت للفرزدق مواقف أخری فی الدفاع عن أهل البیت(علیهم السّلام) منها أنه هجا زیاد بن أبیه لسبه أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، واضطر للإختفاء منه مدة طویلة ، وهجا مسکین الدارمی وهو من أقاربه لأنه رثی زیاداً لما مات . (تاریخ الطبری : 4/171و225)

6- الأحنف بن قیس السعدی

1- إسمه الضحاک ، بن قیس ، بن معاویة ، بن الحصین (مقاعس) بن عبادة ، بن النزال ، بن مرَّة بن عبید ، بن الحارث بن کعب ، بن سعد بن زید مناة بن تمیم .

أدرک النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولم یره (أسد الغابة:1 /55 )، وروی أن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بعث رجلاً یدعو بنی سعد الی الإسلام وکان الأحنف فیهم ، فجعل یعرض علیهم الإسلام فقال الأحنف: والله إنه یدعو الی خیر ویأمر بالخیر ، وما أسمع إلا حسناً ، وإنه لیدعو الی مکارم الأخلاق ، وینهی عن ملا ئمها ،فذکر الرجل ذلک للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فقال: اللهم إغفر للأحنف » .

ص: 63

2- وفد الی المدینة علی عهد عمر بن الخطاب مع أبی موسی الأشعری ، الذی کان والیاً علی البصرة آنذاک ، لیرفعوا إلیه بعض حوائج أهل البصرة ، فلم یتکلم أحد سوی الأحنف ، وکان مما قال: « وإنَّا أناس بین سبحة وبین بحر أجاج ، لا یأتینا طعامنا إلا فی مثل حلقوم النعامة ، فأعد لنا قفیزنا ودرهمنا ، فأعجب منه ذلک عمر لکنه أعرض عنه لحداثة سنه ، فقال له أجلس یا أحنف فغلب لقبه علی إسمه ». (تاریخ دمشق : 24/312).

قال الأحنف بن قیس : « قدمت علی عمر بن الخطاب ، فاحتبسنی حولاً ، فقال : یا أحنف ، إنی قد بلوتک وخبرتک وخبرت علانیتک ، فلم أر إلا خیراً ، وأنا أرجو أن تکون سریرتک مثل علانیتک ، وإنا کنا نتحدث إنما یهلک هذه الأمة کل منافق علیم ، فإذا أنت مؤمن علیم اللسان ». (تهذیب الکمال: 2/285).

أقول: لا وجه لحبس عمر للأحنف سنة إلا مزاج عمر ، وقد کان الأحنف رئیس قبیلة بنی تمیم الکبیرة ، ودل صبره رغم مکانته وارتباطاته علی عقله . وقد سماه عمر الأحنف ، وهو الذی فی مشط قدمه مَیْلٌ أو تشوه . (الصحاح:4/1374).

3- کان من شیعة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، وروی عن أبی ذر(رحمه الله)قال: «کنا ذات یوم عند رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی مسجد قبا ، ونحن نَفَرٌ من

ص: 64

أصحابه فقال: معاشر أصحابی یدخل علیکم من هذا الباب رجل هو أمیر المؤمنین وإمام المسلمین ، قال فنظروا وکنت فیمن نظر فإذا نحن بعلی بن أبی طالب(علیه السّلام)قد طلع، فقام(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فاستقبله وعانقه وقبَّل ما بین عینیه ، وجاء به حتی أجلسه الی جانبه ، ثم أقبل علینا بوجهه الکریم ، فقال: هذا إمامکم بعدی ، طاعته طاعتی ، ومعصیته معصیتی ، وطاعتی طاعة الله ، ومعصیتی معصیة الله عز وجل» . (أمالی الصدوق/634).

4- کان أول من استجاب لدعوة أمیرالمؤمنین(علیه السّلام)حینما دعا أهل البصرة لقتال معاویة ، فلما وصل کتاب أمیر المؤمنین الی ابن عباس فی البصرة ، قرأه للناس وقال: أیها الناس استعدوا للشخوص الی إمامکم، وانفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالکم وأنفسکم.. فلما أتمَّ کلامه قام الأحنف فقال: نعم والله لنجیبک، ونخرج معک علی العسر والیسر ، والرضا والکره ، نحتسب فی ذلک الأجر، ونأمل به من الله الثواب العظیم.(شرح النهج: 3/187).

وجاء الأحنف مع وجوه قومه وأشراف البصرة من القبائل الأخری الی الإمام(علیه السّلام)فی الکوفة فقال الأحنف: یا أمیر المؤمنین إن تک سعد لم تنصرک یوم الجمل فإنها لم تنصر علیک ، وقد عجبوا أمس ممن نصرک وعجبوا الیوم ممن خذلک ، لأنهم شکوا

ص: 65

فی طلحة والزبیر ولم یشکوا فی معاویة ، وعشیرتنا بالبصرة فلو بعثتنا إلیهم فقدموا إلینا فقاتلنا بهم العدو وانتصفنا بهم ، وأدرکوا الیوم ما فاتهم بالأمس..فقال(علیه السّلام): أکتب الی قومک من بنی سعد فکتب الأحنف الی بنی سعد: « أما بعد ، فإنه لم یبق أحد من بنی تمیم إلا وقد شقوا برأی سیدهم غیرکم ، وعصمکم الله برأیی حتی نلتم ما رجوتم ، وأمنتم ما خفتم وأصبحتم منقطعین من أهل البلاء ، لاحقین بأهل العافیة ، وإنی أخبرکم بأنا قدمنا علی تمیم الکوفة ، فأخذوا علینا بفضلهم مرتین ، بمسیرهم إلینا مع علی ، وإجابتهم الی المسیر الی الشام ، فأقبلوا إلینا ولا تتکلوا علیهم ». (أعیان الشیعة: 1 : 466).

5- عرض الأحنف علی أمیر المؤمنین(علیه السّلام)أن یکون مندوبه للتحکیم مع ابن العاص فقال: «یا أمیر المؤمنین: إنک رُمیت بحجر الأرض ، ومن حارب الله ورسوله أنف الإسلام ، وإنی قد عجمت هذا الرجل، یعنی أبا موسی ، وحلبت شطره فوجدته کلیل الشفرة قریب القعر ، وإنه لا یصلح لهؤلاء القوم إلا رجل یدنو منهم حتی یکون فی أکفهم ، ویتباعد منهم حتی یکون بمنزلة النجم منهم ، فإن شئت أن تجعلنی حکماً فاجعلنی ، وإن شئت فاجعلنی ثانیاً أو ثالثاً ، فإن عمراً لا یعقد عقدة إلا حللتها،

ص: 66

ولا یحل عقدة إلا عقدت لک أشد منها ، فعرض الإمام(علیه السّلام)ذلک علی الناس فأبوه!وقالوا لا یکون إلا أبو موسی»(شرح النهج:2/230)

ولما رأی الأحنف إصرار أهل الکوفة علی تحکیم أبی موسی نصح أبا موسی عندما ودَّعه قائلاً : « یا أبا موسی إعرف خطب هذا الأمر واعلم إن له ما بعده ، وإنک إن أضعت العراق فلا عراق ، إتق الله فإنها تجمع لک دنیاک

وآخرتک وإذا لقیت غداً عمراً فلا تبدأه بالسلام ، فإنها وإن کانت سنة إلا أنه لیس بأهلها ، ولا تعطه یدک فإنها أمانة ، وإیاک أن یقعدک علی صدر الفراش فإنها خدعة ، ولا تلقه إلا وحده ، وأحذر أن یکلمک فی بیت فیه مخدع تخبأ لک فیه الرجال والشهود ». (شرح النهج:2/249).

7- وعندما وصلت عائشة البصرة الی دعته لنصرتها ، وأرسلت إلیه أن یأتیها مرتین ، فأبی ! فکتبت إلیه: یا أحنف ، ما عذرک فی ترک جهاد قتلة أمیر المؤمنین ، أمن قلَّة عدد أو أنک لاتطاع فی العشیرة ؟ فکتب إلیها: إنه والله ما طال العهد بی ولانسیت عهدی فی العام الأول وأنت تحرضین علی جهاده وتذکرین أن جهاده أفضل من جهاد فارس والروم ! (شرح الأخبار: 1/381).

ص: 67

8- قال له معاویة: «أنت الساعی علی أمیر المؤمنین عثمان ، وخاذل أم المؤمنین عائشة، والوارد الماء علی علیٍّ بصفین؟!

فقال الأحنف: من ذاک ما أعرف ومنه ما أنکر، أما أمیر المؤمنین فأنتم معاشر قریش حضرتموه بالمدینة والدار منا عنه نازحة ، وقد حضره المهاجرون والأنصار وکنتم بین

خاذل وقاتل ، أما عائشة فإنی خذلتها فی طول باع ورحب سرب ، وذلک أنی لم أجد فی کتاب الله إلا أن تقرَّ فی بیتها .

وأما ورودی الماء بصفین فإنی وردت حین أردت أن تقطع رقابنا عطشاً! فقام معاویة وأمر له بخمسین ألف درهم»(المصدر:1 :745).

9- کان(رحمه الله)شجاعاً قائداً ، فقد جعله أمیر المؤمنین(علیه السّلام)أمیراً علی تمیم البصرة کلها فی معرکة صفین . (شرح نهج البلاغة : 4 : 27)

کما کان له دور قیادی فی الفتوحات ، فکان فتح مرو الروذ زمان عمر علی یدیه. (تاریخ دمشق:24 :313 ) ، وکان علی مقدمة الجیش فی فتح هرات، وطخارستان، وطالقان، والجوزجان (شرح النهج:4 :27) ، وقد بقی الأحنف سیداً لتمیم أربعین سنة .

ص: 68

5 – قال الحسن البصری: ما رأیت شریف قوم أفضل من الأحنف. وقال سفیان: ما وزن عقل الأحنف بعقل إلا وزنه . (تاریخ دمشق: 4 : 316) .

6- یضرب به المثل فی الحلم فیقال: أحلم من الأحنف ، وله فی ذلک أخبار مأثورة (الغارات:2 :754 ). واشتهر بالحکمة ، ورویت عنه حکم کثیرة منها: «أربع من کن فیه کان کاملاً ، ومن تعلق بخصلة منها کان صالحاً: دین یرشده، أو عقل یسدده ، أو حسب یصونه ، أو حیاء یحجزه» (معدن الجواهر للکراجکی : 45) وتوفی فی الکوفة سنة سبع وستین ، ودفن فی الثویة. (الغارات:2 : 754)

7- خطب شامیٌّ فی مجلس معاویة: «فکان آخر کلامه أن لعن علیاً(علیه السّلام)فأطرق الناس! وتکلم الأحنف فقال لمعاویة: إن هذا القائل لو یعلم أن رضاک فی لعن المرسلین للعنهم ، فاتق الله ودع عنک علیاً ، فقد لقی ربه وأفرد فی قبره وخلا بعمله ، وکان والله المبرز بسبقه الطاهر خلقه ، المیمون نقیبته ، والعظیم مصیبته . فقال معاویة: یا أحنف لقد أغضیت العین علی القذی ، وقلت بغیر ما تری ، وأیم الله لتصعدنَّ المنبر فلتلعنه طوعاً أو کرهاً ! فقال له الأحنف: إن تعفنی فهو خیر لک ، وإن تجبرنی علی ذلک فوالله لا تجری به شفتای أبداً . قال: فاصعد المنبر ! قال الأحنف:

ص: 69

أما والله لأنصفنَّک فی القول والفعل . قال: وما أنت قائل یا أحنف؟ قال: أصعد المنبر فأحمد الله بما هو أهله ، وأصلی علی نبیه ثم أقول: أیها الناس إن معاویة أمرنی أن ألعن علیاً ، وإن علیاً ومعاویة إختلفا واقتتلا وادَّعی کل واحد منها أنه بغی علی فئته ، فإذا دعوت فأمِّنوا رحمکم الله ، ثم أقول: اللهم ألعن أنت وملائکتک وأنبیاؤک وجمیع خلقک الباغی منهما علی صاحبه ، وألعن الفئة الباغیة ، أللهم العنهم لعنا کثیراً ! یا معاویة: لا أزید علی هذا ولا أنقص حرفاً ، ولو کان فیه ذهاب نفسی ، فسکت معاویة وأعفاه عن ذلک ».(مواقف الشیعة: 1/244).

8: «قال الأحنف: دخلت علی معاویة فقدم إلی من الحلو والحامض ما کثر تعجبی منه ، ثم قدم لونا ما أدری ما هو فقلت :

ما هذا ؟ قال: مصارین البط محشوة بالمخ ، قد قلی بدهن الفستق ، وذر علیه الطبرزد . فبکیت فقال : ما یبکیک ؟قلت : ذکرت علیاً بینا أنا عنده فحضر وقت إفطاره ، فسألنی المقام إذ دعا بجراب مختوم ، قلت: ما فی الجراب ؟ قال: سویق شعیر . قلت: خفت علیه أن یؤخذ أو بخلت به ؟ قال: لا ولا أحدهما ولکنی خفت أن یلته الحسن والحسین بسمن أو زیت . قلت : محرم هو یا أمیر المؤمنین ؟ قال : لا ولکن یجب علی أئمة الحق أن یعتدوا أنفسهم

ص: 70

من ضعفة الناس لئلا یطغی الفقیر فقره . قال معاویة : ذکرت من لا ینکر فضله ». ( التذکرة الحمدونیة/69، وشیخ المضیرة/208).

7- الأصبغ بن نباتة المجاشعی

1: هو الأصبغ بن نباتة بن الحارث بن عمرو بن فاتک بن عامر بن مجاشع بن دارم التمیمی.تابعی من صحابة أمیر المؤمنین(علیه السّلام).

قال السید الخوئی(رحمه الله): « من المتقدمین من سلفنا الصالحین ، وذکره النجاشی وقال: کان من خاصة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)».(معجم رجال الحدیث : 4 : 132) . «وکان شیخاً شریفاً ناسکاً عابداً ، ومن ذخائر أمیر المؤمنین(علیه السّلام) وممن بایعه علی الموت من فرسان العراق یوم صفین» (تحف العقول/ 213).

2: کان الأصبغ شدید الحب لأمیر المؤمنین(علیه السّلام) ، وکان ملازماً له شهد معه مشاهده کلها الجمل وصفین والنهروان ، وحدث عنه لیلة وفاته(علیه السّلام)فقال: «لما ضرب ابن ملجم أمیر المؤمنین(علیه السّلام) غدونا علیه ، فی نفر من أصحابنا: انا والحارث وسوید بن غفلة وجماعة معنا ، فقعدنا علی الباب ، فسمعنا البکاء فبکینا ، فخرج إلینا الحسن بن علی(علیه السّلام)فقال: یقول لکم أمیر المؤمنین إنصرفوا الی منازلکم ، فانصرف القوم غیری ، واشتد البکاء من منزله ،

ص: 71

فبکیت ، فخرج الحسن(علیه السّلام)فقال: ألم أقل لکم أنصرفوا ! فقلت: لا والله یا بن رسول الله ما تتابعنی نفسی ، ولا تحملنی رجلی أن أنصرف حتی أری أمیر المؤمنین صلوات الله علیه . قال: فتلبث فدخل ولم یلبث أن خرج فقال لی: أدخل ، فدخلت علی أمیر المؤمنین فإذا هو مستند معصوب الرأس بعمامة صفراء ، قد نزف واصفر وجهه ، ما أدری وجهه أصفر أم العمامة ! فأکببت علیه فقبلته وبکیت ، فقال لی: لا تبک یا أصبغ ، فإنها والله الجنة . فقلت: جعلت فداک أعلم أنک تصیر الی الجنة ، وإنما أبکی لفقدانی إیاک یا أمیر المؤمنین ». (قصة الکوفة: 474).

3: جعله الإمام(علیه السّلام)رئیساً لشرطة الخمیس فی صفین ، وتعنی کلمة الشرطة إنهم اشترطوا الموت وبایعوا أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وقال لهم: فأنا أشارطکم الجنة، ولست أشارطکم علی ذهب ولا فضة (الاختصاص/2).

وسئل الأصبغ کیف سمیتم شرطة الخمیس؟ فقال: « إنَّا ضمنا له الذبح وضمن لنا الفتح» (أعیان الشیعة: 3 : 456) .

وکان فی شرطة الخمیس وجوه أصحاب أمیر المؤمنین ، کمیثم التمار ، ورشید الهجری ، وحبیب بن مظاهر الأسدی ، ومحمد بن

ص: 72

أبی بکر ، وسوید بن غفلة ، والحارث الهمدانی . ویبلغ عددهم ستة آلاف رجل .

4: کان الأصبغ شیخاً ناسکاً عابداً ، من ذخائر علی (علیه السّلام) ، وقد طلب منه فی صفین أن یأذن له بالقتال ، فأذن له ذات یوم ، وکان یضنُّ به عن الحرب والقتال . (شرح نهج البلاغة: 8 : 82) .

8- أعین بن ضبیعة المجاشعی

1: هو أعین بن ضبیعة بن ناجیة بن عقال بن محمد بن سفیان بن مجاشع بن دارم بن مالک بن حنظلة بن مالک بن زید مناة بن تمیم (أسد الغابة:1 :104) ، کان من أوائل الملتحقین من تمیم البصرة بمعسکر أمیر المؤمنین(علیه السّلام)لما ورد البصرة فی حرب الجمل ، وجعله أمیراً علی رجالة بنی تمیم ، وجاریة بن قدامه علی تمیم البصرة أجمع (الجمل: الشیخ المفید: 72).

2: کان أعین بن ضبیعة فدائیاً ، من الذین انتدبهم الإمام(علیه السّلام) لعقر جمل عائشة لأنه أصبح مشکلة تهدد المسلمین ، فصرخ(علیه السّلام): «ویلکم ، أعقروا الجمل فإنه شیطان ! ثم قال: أعقروه وإلا فنیت العرب ، ولا یزال السیف قائماً وراکعاً حتی یهوی هذا البعیر الی الأرض »!(شرح النهج: 1/253).

ص: 73

«فقصد ذوو الجد من أصحابه قصد الجمل حتی کشفوا أهل البصرة عنه ، وأفضی إلیه رجل من مراد الکوفة یقال له أعین بن ضبیعة ، فکشف عرقوبه بالسیف فسقط وله رغاء ». (الأخبار الطوال:150)

3: بعد أن قتل معاویة محمد بن أبی بکر والی مصر واستولی علیها ، أرسل عبد الله بن الحضرمی إلی البصرة وأمره أن یدعو الی الأخذ بثأر عثمان ویؤلِب الناس ضدَّ أمیر المؤمنین(علیه السّلام) ، فالتف حوله من کان له هوی فی عثمان واشتد أمره حتی کاد یستولی علی قصر الإمارة فی البصرة ، وکان الوالی آنذاک زیاد بن عبید من قبل عبدالله بن عباس ، ووصل الخبر الی أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فاستدعی أعین بن ضبیعة ، وقال له: یا أعین ألم یبلغک إن قومک وثبوا علی عاملی مع ابن الحضرمی فی البصرة یدعون الی فراقی وشقاقی ، ویساعدون القاسطین الضلاَّل علیَّ ؟

فقال أعین: لا تُسأ یا أمیر المؤمنین ، ولا یکن ما تکره ، إبعثنی إلیهم وأنا لک زعیم بطاعتهم وتفریق جماعتهم ، ونفی ابن الحضرمی من البصرة أو قتله .

فقال(علیه السّلام): فاخرج الساعة ، فخرج الی البصرة وأتی والیها زیاد وأخبره عن إرسال الإمام له لوأد الفتنة ، ثم قال: إنی لأرجو أن

ص: 74

یکفی هذا الأمر إن شاء الله ، ثم أتی رحله فجمع رجالاً من قومه ثم خطب فیهم فقال بعد أن حمد الله وأثنی علیه: یا قوم علام تقتلون أنفسکم ، وتهرقون دماءکم علی الباطل مع السفهاء الأشرار؟ وإنی والله ما جئتکم حتی عبیت لکم الجنود ، فإن تنیبوا الی الحق یقبل منکم ویکف عنکم ، وإن أبیتم فهو والله إستئصالکم وبوارکم ، فقالوا: بل نسمع ونطیع ، فقال: انهضوا الآن علی برکة الله عز وجل، فنهض بهم الی جماعة ابن الحضرمی، فصافوه وواقفهم عامة یومه یناشدهم الله ، ویقول: یا قوم لا تنکثوا بیعتکم ولا تخالفوا إمامکم ، ولا تجعلوا علی أنفسکم سبیلاً ، فقد رأیتم وجربتم

کیف صنع الله بکم عند نکثکم بیعتکم وخلافکم . فکفوا عنه ولم یکن بینه وبینهم قتال ، وهم فی ذلک یشتمونه وینالون منه ، ثم انصرف عنهم وآوی الی فراشه ظناً منه أنهم تؤثر فیهم الموعظة والنصیحة ، لکن عشرة من أتباع ابن الحضرمی ، وقیل من الخوارج دخلوا رحله لیلاً وقتلوه وهو نائم علی فراشه (أعیان الشیعة:3 :468) فاستشهد(رحمه الله)سنة ثمان وثلاثین للهجرة . فأرسل أمیر المؤمنین(علیه السّلام)جاریة بن قدامة السعدی ، فمضی بمن جاء معه من الکوفة الی ابن الحضرمی وأتباعه ، فاقتتلوا ساعة فانهزم ابن الحضرمی وأتباعه ، وأووا الی

ص: 75

دار رجل من أتباعهم ، فحاصرهم جاریة ثم دعا بنار فأحرق علیهم المنزل ، فهلک ابن الحضرمی». (أعیان الشیعة:3 /50).

9- جاریة بن قدامة السعدی

1: هو جاریة بن قدامة بن زهیر بن الحصین بن رزاح بن أسعد بن بجیر بن ربیعة بن کعب بن سعد بن زید مناة بن تمیم ، عم الأحنف وقیل ابن عمه ، صحابی رأی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وروی عنه (الطبقات:7/56) ولازم وصیه(علیه السّلام)وشهد معه مشاهده کلها ، وهو الذی أخذ بیعة أهل البصرة للإمام أمیر

المؤمنین(علیه السّلام)حینما تولی الخلافة ، وهو بطل من أبطال الإسلام .

2: نصح جاریة بن قدامة عائشة فقال لها: « لَقتل عثمان أهون من خروجک من بیتک علی هذا الجمل الملعون عرضة للسلاح!

إنه قد کان لک من الله ستر وحرمة فهتکت سترک وأبحت حرمتک ، إنه من رأی قتالک یری قتلک ! فإن کنت أتیتنا طائعة فارجعی الی منزلک ! وإن کنت أتیتینا مستکرهة فاستعینی بالناس». (مواقف الشیعة: 2/376).

ص: 76

3: حضر جاریة مشاهد الإمام(علیه السّلام)کلها ، فکان أمیراً علی تمیم البصرة فی معرکة الجمل ، ثم سکن الکوفة لیکون قرب الإمام (علیه السّلام) ، وحضر معه صفین أمیراً علی سعد ورباب البصرة ، وشهد معه وقعة النهروان . وظهرت کفاءته فی إخماد الفتن التی کانت تندلع هنا أو هناک ، فکانت تخرج مجموعة فتعیث فی الأرض فساداً ، فخرج أشرس بن عوف بالدسکرة فی مئتین ثم جاء الی الأنبار ، فوجه إلیه الإمام(علیه السّلام)الأشرس بن حسان فقتله وأتباعه وذلک سنة ثمان وثلاثین للهجرة .

وخرج هلال بن علقمة وتبعه أکثر من مئتین ، فوجه إلیه الإمام (علیه السّلام)معقل بن قیس . وخرج أشهب بن بشر فی مئة وثمانین فی المکان الذی قتل فیه هلال ، فوجه الإمام(علیه السّلام)الیه جاریة بن قدامة فاقتتلوا حتی قتل الأشهب وأتباعه . ثم خرج سعید بن قفل قرب المدائن فخرج إلیه سعد بن مسعود الثقفی فقتله وأصحابه . وخرج رجل یقال له أبو مریم السعدی فی شهرزور وتبعه بعض الموالی ، فندب له الإمام شریح القاضی فی سبع مئة ، ففر شریح وجیشه من المعرکة ، فخرج إلیهم أمیر المؤمنین(علیه السّلام) بنفسه ، وعلی مقدمته جاریة بن قدامة ، فدعاهم جاریة الی طاعة الإمام وحذرهم القتل فلم یستجیبوا ، ولحقهم أمیر المؤمنین(علیه السّلام)

ص: 77

فدعاهم أیضاً فلم یستجیبوا ، فقاتلهم فقتل أغلبهم(البحار: 33 /419) وارتدَّ أهل نجران عن الإسلام ، فوجه إلیهم أمیر المؤمنین(علیه السّلام) جاریة بن قدامة فردهم الی رشدهم (رجال الطوسی: 1 /322).

4: استعمل معاویة أسلوب الغارات علی أطراف العراق والحجاز ، وکان أکبرها غارة بسر بن أبی أرطاة ، وکان هدفها القتل ونشر الرعب ، فعاث فساداً ونهباً وتحریقاً فی کل مکان مر فیه ، وقتل فیها ثلاثین ألفاً !

وکان بسر قاسی القلب فظاً سفاکاً للدماء ، فأوصاه معاویة: «سر حتی تصل المدینة ، وأطرد الناس ، وأخفْ من مررت به ، وأنهب أموال کل من أصبت له مالاً ممن لم یکن دخل فی طاعتنا ! ومن جملة ما أوصاه:«واقتل شیعة علیٍّ حیث کانوا»(شرح النهج : 2/7). فمضی بسر یجد السیر حتی دخل المدینة ، وعلیها أبو أیوب الأنصاری وال من قبل أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، فحرق بسر داره ودور آخرین ، وفر أبو أیوب منه . ثم مضی الی مکة وعاملها قثم بن العباس ، فهرب منها أیضاً ، فنهب بسر أموال أهلها .

ثم مضی الی الیمن وعلیها عبیدالله بن العباس ، فألقی القبض علی ولدیه وهما صغیران فذبحهما علی درج صنعاء! فندب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)أصحابه ، فتثاقلوا وأجاب جاریة فقال: « أنت

ص: 78

لعمری میمون النقیبة، حسن النیة صالح العشیرة» (البحار :34 :13) وبعثه فی ألفین لمواجهة بسر ، فسار جاریة حتی وصل البصرة ، ثم مضی نحو الحجاز ، وواصل مسیره حتی وصل الیمن ، ففرَّ بسر وکل من کان علی هوی معاویة ، وما زال جاریة یتعقبه وبسر یفر من بین یدیه حتی أخرجه الی الشام هارباً (البحار:34 :15).

5: دخل جاریة بن قدامة علی الإمام الحسن(علیه السّلام)بعد مقتل أمیر المؤمنین(علیه السّلام)معزیاً ومبایعاً فقال: « ما یجلسک؟ سِر رحمک الله الی عدوک قبل أن یسار إلیک ! فقال الإمام الحسن(علیه السّلام): لو کان الناس کلهم مثلک لسرت إلیهم ». (معجم رجال الحدیث: 4: 350).

6: قال معاویة لجاریة یوماً وقد وفد علیه بعد وفاة أمیر المؤمنین(علیه السّلام): « أنت الساعی مع علی أبن أبی طالب ، والموقد النار فی شعلتک تجوس قری عربیة تسفک دماءهم؟ قال جاریة: یا معاویة ! دع عنک علیاً فما أبغضنا علیاً منذ أحببناه ، ولا غششناه من صحبناه ! قال: ویحک یا جاریة ! ما أهونک علی أهلک إذ سموک جاریة ! فقال جاریة: وما أهونک علی أهلک إذ سموک معاویة ، وهی الأنثی من الکلاب ! قال معاویة: لا أم لک فقال: أمی ولدتنی للسیوف التی لقیناک بها فی أیدینا ، قال: إنک تهددنی؟ قال: إنک لم تفتحنا قسراً ولم تملکنا عنوة ، ولکنک

ص: 79

أعطیتنا عهداً ومیثاقاً وأعطیناک سمعاً وطاعة ، فإن وفیت لنا وفینا لک ، وإن فزعت الی غیر ذلک ، فإنا ترکنا وراءنا رجالاً شداداً وألسنة حداداً !

فقال معاویة: لا أکثر الله فی الناس أمثالک ! فقال: قل معروفاً وراعنا ، فإن شرَّ الدعاء المحتطب ». (معجم رجال الحیث:1/247).

هذا ، وشخصیات بنی تمیم کثیرة ، نکتفی بفهرس لنماذج منها:

1- خلید بن قرة الیربوعی: بعثه أمیر المؤمنین(علیه السّلام)والیاً علی خراسان لما أعلنوا ارتدادهم عن الإسلام (تاریخ خلیفة/151) وکان کسری (یزد جرد) فی کابل فبعث الیهم عماله ، فقاتلهم خلید وهزمهم ، وأسر بنات کسری فنزلن علی أمان ، فبعث بهن الی علی(علیه السّلام) . (أعیان الشیعة: 6/335)

2- عائذ بن حملة الطهوی: من قراء القرآن ، اعترض هو وصلحاء الکوفة کمالک الأشتر ، وکمیل بن زیاد ، وزید بن صوحان وأخیه صعصعة ، علی ولاتها الأمویین الفاسدین ، فلم یقبل منهم عثمان ، ونفاهم الی الشام ، فآذاهم معاویة !

وشهد عائذ مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)مشاهده ، ثم کان مع حجر بن عدی وإخوانه فی اعتراضهم علی سیاسة المغیرة وزیاد ولاة

ص: 80

الکوفة من قبل معاویة . وعندما أمر زیاد بالقبض علی حجر اشتبک معهم أصار حجر ، ومنهم عائذ وحموه . (الطبری:4/193) .

3- عامر بن عبد قیس العنبری التمیمی ، الزاهد المشهور (الإصابة:5 :60) من الزهاد الثمانیة من أصحاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)(معجم رجال الحدیث:10/212). رووا له کرامات (الطبقات: 7 /106، والإصابة:5/60) وکان من الناقمین علی عثمان فنفاه الی الشام . (الطبری: 3/373).

4- عبدالله بن حکیم السعدی: من بنی مجاشع بن دارم ، من وجوه أهل البصرة . ولما قدم طلحة والزبیر البصرة أتاهما بکتب کتبها طلحة إلیهم یؤلبهم علی عثمان فقال له: یا طلحة ! أتعرف هذه الکتب؟ قال: نعم. قال: فما حملک علی التألیب علیه بالأمس والطلب بدمه الیوم ؟ فقال: لم أجد فی أمر عثمان شیئاً إلا التوبة ، والطلب بدمه! (أنساب الأشراف: 1/229).

5- عتبة بن الأخنس: من أصحاب حجر بن عدی الذین قتلهم معاویة ، نجا من القتل بطلب أبی الأعور السلمی .

6- عمیر بن عطارد: بن حاجب بن زرارة التمیمی ، سید مضر فی الکوفة ، کان قائد تمیم الکوفة یوم صفین ، وله بطولات.

ص: 81

7- محرز بن شهاب المنقری: من أصحاب حجر بن عدی ، واستشهد معه فی مرج عذراء بدمشق .(أعیان الشیعة: 9 : 45)

8 - مسلم بن عبدالله المجاشعی: شاب من بنی تمیم أجاب دعوة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)ورفع المصحف ودعا إلیه أصحاب الجمل ، فقطعوا یمینه ، فأخذه بشماله ، فقطعوها وقتلوه . (شرح النهج: 9/112).

10 - الأبرد بن طهرة الطهوی: بنو طهیة بطن من تمیم ، سموا باسم أمهم (معجم قبائل العرب:2 :685). واستشهد الأبرد مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی صفین .(أعیان الشیعة: 2 : 245).وشهد معه صفین ابنه القعقاع بن الأبرد ، وروی مشاهداته. (وقعة صفین/363).

13- ربعی بن کأس العنبری: بعثه أمیر المؤمنین(علیه السّلام)علی سجستان عندما ظهر فیها مشاغبون فرتب وضعها. (تاریخ خلیفة/151).

17- عبدالله بن حویة: وهو من أصحاب حجر بن عدی(رحمه الله)وقد نجا من القتل بطلب حبیب بن مسلمة . (تاریخ خلیفة/461)

20 - مالک بن حبیب الیربوعی: کان علی شرطة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی الکوفة ، وخلفه لتعبئة المقاتلین الی صفین . (أمالی المفید : 128).

ص: 82

21- مالک بن حری النهشلی: کان قائداً مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی صفین ، وقد استشهد(رحمه الله) فیها. (الإصابة: 6: 394).

24 - معقل بن قیس الریاحی: من صنادید العرب ، ومن أصحاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام) الخاصین ، حضر معه مشاهده ، فکان فی حرب الجمل علی الرجالة من تمیم الکوفة (الجمل/172) وکان قائداً بارزاً فی صفین (الفتوح:3/147) وقائد المیسرة فی النهروان. ( الطبری: 4/63).

وبعثه لمطاردة الخریت بن راشد الخارجی الی جبال الأهواز ، فقاتله وهزمه ، ثم طارده الی فارس حتی قتله (الفتوح:4/84).

وفی سنة تسع وثلاثین للهجرة بعث معاویة یزید بن شجرة للإغارة علی مکة ، وإفساد موسم الحج علی المسلمین ،

وکان قثم بن العباس والیه علی مکة ، فکتب له أمیر المؤمنین(علیه السّلام): « وقد وجهت إلیکم جمعاً من المسلمین ذوی بسالة ونجدة ، مع الحسیب الصلیب الورع التقی معقل بن قیس الریاحی» .

وهی شهادة بحق معقل(رحمه الله). فهرب منه ابن شجرة ، وأدرک بعض جیشه بوادی القری فأسرهم وفاداهم الإمام(علیه السّلام)بالذین کان أسرهم معاویة. (الغارات: 2/ 503 ).

وکان آخر من اختاره أمیر المؤمنین(علیه السّلام)لیکر علی معاویة ، فاستشهد الإمام(علیه السّلام)ورجع معقل الی الکوفة . (الغارات:2 /481).

ص: 83

25- نهشل بن حری بن ضمرة النهشلی: شاعر مخضرم ، أسلم ولم یر النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولازم أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وحضر معه حروبه ، وهو أخو مالک بن حری الذی استشهد فی صفین. (الأعلام : 8 / 49).

26 - ظبیان بن عمارة السعدی: أحد فرسان بنی تمیم ، صحب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وهو حدیث السن وبرز فی صفین لعبدالله بن المنذر التنوخی وکان فارس أهل الشام فقتله ظبیان (البحار:32 /432). وعندما استولی أصحاب معاویة علی الفرات ، کان أول من حمل علی أهل الشام ، ٍقال الراوی: فضربهم والله حتی خلَّوا له الماء » (شرح النهج: 3/327).

وکان من فرسان جاریة بن قدامة السعدی فی قمع فتن معاویة ،

کما قاتل الخریت بن راشد الناجی تحت رایة معقل بن قیس الریاحی. (شرح النهج: 3/148) وقد قبض هو وعبیدالله الطائی

علی سنان بن الجراح عندما حاول اغتیال الإمام الحسن(علیه السّلام) «فصرعه عبیدالله الطائی، وجاء ظبیان فأخذ المغول من یده ، فقطع به أنفه وضرب رأسه بحجر فقتله ، ونجا الإمام الحسن(علیه السّلام)» (شرح النهج: 16/ 26). ثم کان ظبیان فی حرکة التوابین مع سلیمان بن صرد الخزاعی . (أصدق الأخبار /6).

ص: 84

27 - ربیعة بن شیبان السعدی: « أبو حوراء البصری ، عن الحسن بن علی(علیه السّلام)، قال النسائی: ثقة» . (أعیان الشیعة: 6 : 462).

28- لیلی بنت مسعود النهشلیة: زوجة أمیر المؤمنین (علیه السّلام)، ولدت له عبید الله وأبا بکر ، وقد استشهدا مع الحسین(علیه السّلام).

29- جروة بنت غالب التمیمیة:کانت محبة لأمیر المؤمنین(علیه السّلام). روی ابن طیفور فی بلاغات النساء/75:« أن معاویة احتجم بمکة ، فلما أمسی أرق أرقاً شدیداً فأرسل الی جروة إبنة غالب التمیمیة ، وکانت مجاورة بمکة ، وهی من بنی أسید بن عمرو بن تمیم ، فلما دخلت قال: مرحباً یا جروة ! أرعناک ؟ قالت: إی والله ، لقد طرقت ساعة لا یطرق الطیر فی وکره ، فأرعت قلبی وصبیانی ، وأفزعت عشیرتی وترکت بعضهم یموج فی بعض یرجعون القول ، ویدیرون الکلام خشیة منک وشفقة علیَّ !

فقال لها: لیسکن روعک ولتطب نفسک فالأمر علی خلاف ما ظننت ، إنی أحتجمت فأعقبنی ذلک أرقاً فأرسلت إلیک لتخبرینی عن قومک ، قالت: عن أی قوم تسألنی؟ قال: بنی تمیم ، قالت: هم أکثر الناس عدداً ، وأوسعهم بلداً ، وأبعدهم أمداً ، هم الذهب الأحمر ، والحسب الأفخر . فقال: صدقت ، فأنزلیهم

ص: 85

لی؟ قالت: أما بنو عمر بن تمیم فأصحاب بأس ونجدة ، وتحاشد وشدة ، لایتخاذلون عند اللقاء ، ولا یطمع فیهم الأعداء سلمهم فیهم وسیفهم علی عدوهم. قال: صدقت ونعم القوم لأنفسهم. قالت: أما بنو سعد بن زید مناة ، ففی العدد الأکثرون ، وفی النسب الأطیبون ، یضرون إن غضبوا ، ویدرکون إن طلبوا ، أصحاب سیوف وجحف ، ونزال وزلف ، علی أن بأسهم فیهم وسیفهم علیهم .

وأما حنظلة ، فالبیت الرفیع ، والحسب البدیع، والعز المنیع ، والمکرمون للجار ، والطالبون بالثار ، والناقضون للأوتار . قال: إن حنظلة شجرة تفرع ، قالت: صدقت ، فأما البراجم ، فأصابع مجتمعة ، وکف ممتنعة .

وأما بنو طهیة ، فقوم هوج ، وقرن لجوج . وأما بنو ربیعة فصخرة صماء ، وحیة رقشاء ، یغزون غیرهم ، ویفخرون بقومهم .

أما بنو یربوع ففرسان الرماح ، وأسود الصباح ، یعتنقون الأقران ، ویقتلون الفرسان . وأما بنو مالک فجمع غیر مفلول ، وعزٌّ غیر مجهول ، لیوث هرَّارة ، وخیول کرَّارة .

ص: 86

وأما بنو دارم ، فکرم لا یدانی ، وشرف لا یسامی ، وعزٌّ لا یواری. قال: أنت أعلم الناس بتمیم ...ثم سألها: فما قولک فی علیٍّ ؟ قالت: جاز والله الشرف حداً لا یوصف ، وغایة لا تعرف وبالله أسأل إعفائی مما أتخوف ».

ص: 87

التمیمیون من أصحاب باقی الأئمة(علیهم السّلام)

یوجد فی أصحاب الأئمة من آل البیت(علیهم السّلام) الکثیر من بنی تمیم ، ومنهم أصحاب خاصون وحواریون .

وقد ذکرهم علماء الرجال فی کتبهم الرجالیة کالشیخ الطوسی فی رجاله والنجاشی فی فهرسته ، والسید الخوئی فی معجم رجال الحدیث وغیرهم ، ومن جملة من ذکروهم:

أسلم بن أیمن المنقری، و زیاد بن أبی زیاد المنقری، من أصحاب الباقر (علیه السّلام) .

ومن أصحاب الإمام الصادق(علیه السّلام):

الجارود بن السری السعدی وبکر بن حاجب التمیمی، وجابر بن نوح الحمانی، والجهم بن صالح التمیمی ، والحباب بن موسی السعدی ، ودارم بن قبیصة بن نهشل ، والحسین بن أحمد المنقری ، وحماد بن أسحم التمیمی، وحمید بن حماد بن حوار ، وخارجة بن مصعب المروزی ، وخلاد بن واصل بن سلیم المنقری ، وداود بن صالح التمیمی ، ورباح بن أسود ، ورباح بن عاصم السعدی ، وزفر بن الهذیل العنبری ، وزیاد بن الحسن بن فرات القزاز ،

ص: 88

وسعاد بن سلیمان الحمانی ، وسعیر بن الخمس، وسلمة بن عبیدة التمیمی، وسلیمان بن زیاد التمیمی ، وسنان بن هارون البرجمی، وسیف بن عبدالرحمن، وشعیب بن راشد التمیمی ، وعباد بن صهیب الیربوعی ، وعبدالله بن شعیب التمیمی، وعبدالله بن کثیر الیربوعی، وعمرو بن مسلم التمیمی ، وعبد الرحمن بن نجران ، وغیاث بن إبراهیم الأسیدی ، ومصعب بن سلام التمیمی، ومحمد بن عبدالله الطهوی ، ومحمد بن مارد التمیمی ، ومحمد بن إسحاق بن أبی عثمان البرجمی ، ومحمد بن إسحاق بن

عتاب البرجمی، ومحمد بن مساور ، ومحمد بن همام التمیمی الکوفی، ومحمد بن الهیثم التمیمی ، ومحمد بن الورد المنقری، والفضیل بن عیاض الزاهد، ونعیم بن مورع ، والهیثم بن عروة التمیمی ، ویحیی بن علی التمیمی الربعی الکوفی. ومن أصحاب الإمام موسی الکاظم(علیه السّلام):محمد بن تمیم النهشلی. ومن أصحاب الرضا(علیه السّلام): الحسن بن عبدالله التمیمی ، وعبدالله بن محمد التمیمی .

ص: 89

من علماء بنی تمیم وأدبائهم

1 - أحمد بن إبراهیم بن المعلی بن أسد العمی: «کان ثقة فی حدیثه حسن التصنیف». (معجم السید الخوئی :2 /18). ولجده أسد العمی مصنفات کثیرة منها: التاریخ الکبیر، ومناقب أمیر المؤمنین(علیه السّلام).

2 - أحمد بن الماصوری العطاردی: قال فی أمل الآمل: 1 /21: «فاضل یروی عن ابن قدامة القاضی أبی المعالی وعن السید الشریف الرضی».

3 - أحمد بن محمد السری: قال شمس الدین الذهبی فی السیر:15 /576: « الإمام الحافظ الفاضل ، أبو بکر أحمد بن محمد السری ، ابن أبی دارم ، التمیمی الکوفی الشیعی محدث الکوفة... کان موصوفا بالحفظ والمعرفة إلا أنه یترفض»، وهو من أساتذة التلعکبری ، هارون بن موسی بن أحمد بن سعید الشیبانی ، أحد وجوه الطائفة وکبار علمائها . سمع منه سنة ثلاث مائة وثلاث وثلاثین وما بعدها ، وله منه أجازة (رجال الطوسی : 411)

ص: 90

4 - أسلم بن مهوز ، أبو الغوث الطهوی: کان معاصراً للبحتری ، وکلاهما من منبج قرب حلب ، إلا إن البحتری کان یمدح الملوک ، وهذا یمدح أهل البیت(علیهم السّلام) . قال فی مدح الإمام الهادی والعسکری(علیهماالسّلام):

إذا ما بلغت الصادقین بنی الرضا

فحسبک من هاد یشیر الی هاد

مقاویل إن قالوا ، بهالیل إن دعوا

وُفاة ٌ بمیعاد ، کُفاة ٌ بمرتاد

مقاویل إن قالوا ، بهالیل إن دعوا

وُفاة ٌ بمیعاد ، کُفاة ٌ بمرتاد

إذا أوعدوا أعفوا وإن وعدوا وفوا

فهم أهل فضل عند وعد وإیعاد

ینابیع علم الله أطواد دینه

فهل من نفاد إن علمت لأطواد

نجوم متی ما نجم خبا مثله بدا

فصلی علی الخابی المهیمن والباد

نجوم متی ما نجم خبا مثله بدا

فصلی علی الخابی المهیمن والباد

عباد لمولاهم موال ٍ لعباده

شهود علیهم یوم حشر وإشهاد

هم حجج لله ثنتی عشرة متی

عددت فثانی عشرهم خلف الهادی

(أعیان الشیعة:1 :181)

5 - جعفر بن محمد التمیمی ، من شیوخ الکلینی(رحمه الله) (أعیان الشیعة:3 : 305).

ص: 91

6 - الحسن بن محمد بن جعفر (ابن النجار).نحوی ومؤرخ له کتاب تاریخ الکوفة نقل منه ابن طاووس ، توفی سنة أربع مئة وإثنان للهجرة (المصدر السابق:5 :241).

7 - حنظلة بن زکریا . بن یحیی بن حنظلة القاضی التمیمی روی عنه التلعکبری وله منه إجازة (رجال الطوسی:432)

8 - زکریا بن یحیی الکوفی . عده النجاشی (173) من المصنفین.

9 - شهاب الدین سعد بن محمد بن سعد بن صیفی التمیمی ، أبو الفوارس الملقب بحیص بیص ، الفقیه الأدیب

الشاعر ، قیل أنه کان أعلم الناس بأیام العرب ، أخذ الناس عنه علما وأدبا کثیراً

نقل عن معجم الأدباء وتاریخ ابن خلکان: « أنه رأی فی المنام أمیر المؤمنین علی

بن أبی طالب (علیه السّلام)قال فقلت له: یا أمیر المؤمنین! تفتحون مکة فتقولون من دخل دار أبی

سفیان فهو آمن ، ثم یَتُمُّ علی ولدک الحسین فی الطف ماتمَّ ! فقال:أما سمعت أبیات إبن صیفی فی هذا؟ فقلت: لا ، فقال: إسمعها منه. ثم استیقظت فبادرت الی دار

حیص بیص ، فخرج إلیَّ فذکرت له الرؤیا فشهق وأجهش بالبکاء وحلف بالله إن کانت خرجت من فمی ، أو خطی الی أحد ، وإن کنت إلا نظمتها فی لیلتی هذه ، ثم أنشدنی:

ص: 92

ملکنا فکان العفو منا سجیةً

فلما ملکتم سال بالدم أبطحُ

وحللتم قتل الأساری وطالما

غدونا عن الأسری نعفُّ ونصفح

فحسبُکُمُ هذا التفاوتُ بیننا

وکلُّ إناءٍ بالذی فیه ینضح».

(أعیان الشیعة : 7 : 228)

هذا، ولا یتسع المجال حتی لسرد أسماء شخصیات بنی تمیم الکثیرة.

وفی الختام ننبه الی دراسة مهمة بعنوان: قبیلة بنی تمیم ودورها فی تاریخ الإسلام وإیران . باللغة

الفارسیة ، وهی رسالة ماجستیر من جامعة أصفهان ، للکاتبة مریم سعیدیان جزی ، نشرتها المکتبة التخصصیة فی تاریخ إیران والإسلام . وهی دراسة جادة ، تتمیز بالشمول والتوثیق .

ص: 93

ص: 94

فهرس الموضوعات

مقدمة.................................................. 3

الفصل الأول:بنو تمیم.. ملامح عامة

1- نسب بنی تمیم.................................... 5

2- منازل بنی تمیم........................................ 5

3- بطون بنی تمیم ................................. 8

4- بطون تمیم ومساکنهم الحالیة فی العراق 12

5- نسبوا محمد بن عبد الوهاب الی تمیم 17

6- حروب بنی تمیم وأیامها 19

الفصل الثانی: إسلام بنی تمیم

1- أحادیث فی فضل بنی تمیم 21

2- أکثم بن صیفی صدیق أبی طالب(علیه السّلام) 23

الفصل الثالث: موقف بنی تمیم بعد وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )

مالک بن نویرة یرفض بیعة أبی بکر 31

الفصل الرابع: تنبؤ الأسود العنسی وطلیحة وسجاح

1- لم یؤید بنو تمیم المتنبئین 37

الفصل الخامس: نصرة بنی تمیم لأهل البیت(علیهم السّلام)

1- مشارکتهم فی حرب الجمل 41

2- مشارکة بنی تمیم فی حرب صفین 43

ص: 95

3- التمیمیون من شهداء کربلاء 44

4- الحر بن یزید الریاحی.................................. 47

5 - الحجاج بن یزید السعدی 48

6 - سعد بن حنظلة التمیمی 49

7- شبیب بن عبدالله النهشلی 49

6 - عمرو بن ضبیعة التمیمی 50

7- جریر بن یزید الریاحی 51

الفصل السادس: من أعلام بنی تمیم

1- خبَّاب بن الأرتّ.......................................... 52

3- عبدالله بن خباب...................................... 53

4- غالب بن صعصعة......................................... 57

5- الفرزدق الشاعر........................................ 58

6- الأحنف بن قیس السعدی 64

7- الأصبغ بن نباتة المجاشعی 72

8- أعین بن ضبیعة المجاشعی 74

9- جاریة بن قدامة السعدی 77

التمیمیون من أصحاب باقی الأئمة(علیهم السّلام) 89

من علماء بنی تمیم وأدبائهم 91

ص: 96

اسم الملف:

بنو تمیم نهائی4

الدلیل: C القبائل العرب فی العراق الطباعة

القالب:C:\Documents and Settings\SITE/Application

Data\Microsoft\Template s\Normal.dot

العنوان: ملف بنی تمیم

الموضوع:

الکاتب:h

کلمات أساسیة

تعلیقات:

تاریخ الإنساء:14/08/ 2010..08: 07ص

رقم التغییر:11

الحفظ الأخیر بتاریخ:14/08/ 2010..24: 08م

الحفظ الأخیر بقلم:Qom University

زمن التحریر الإجمالی:13 دقاق

الطباعة الأخیرة: 14/ 08/ 2010..: 08: 08م

منذ أخر طباعة کاملة

عدد الصفحات: 96

عدد الکلمات: 896، 11(تقریباً)

عدد الأحرف: 808، 67(تقریباً)

ص: 97

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.