سلسلة القبائل العربیة فی العراق المجلد 3

اشارة

سرشناسه : کورانی، علی، 1944 - م.

Kurani,Ali

عنوان و نام پدیدآور : العراق عرین القبایل العربیه/ علی الکورانی العاملی، ساعدفیه عبدالهادی الربیعی ، الشیخ کمال العنزی.

مشخصات نشر : قم: دارالهدی، 1389.

مشخصات ظاهری : 96ص.

فروست : سلسله القبایل العربیه فی العراق؛ 1

شابک : 978-964-497-299-7

وضعیت فهرست نویسی : فیپا

یادداشت : عربی.

موضوع : قبایل و نظام قبیله ای -- عراق

شناسه افزوده : عنزی، کمال

شناسه افزوده : ربیعی، عبدالهادی

شناسه افزوده : سلسله القبایل العربیه فی العراق؛ 1

رده بندی کنگره : DS70/8 /آ2 س8 1.ج 1389

رده بندی دیویی : 956/7

شماره کتابشناسی ملی : 2109483

ص: 1

اشارة

ص: 2

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله ربِّ العالمین ، بارئ الخلائق أجمعین ، الذی جعل الناس شعوباً وقبائل لیتعارفوا ، والصلاة والسلام علی خیر الخلائق أجمعین محمد المصطفی ، وعلی آله الطیبین الطاهرین ، وبعد :

فإن موضوع هذا الکتاب قبیلة عبد القیس من قبائل ربیعة بن نزار . وقد عرضنا فی الفصل الأول معلومات عامة عن نسبها ، ومواطنها ، ومهاجرها ، وأشهر بطونها ، ونبذة عن تاریخها .

ثم خصصنا الفصل الثانی بأیامها وحروبها فی الجاهلیة .

وتحدثنا فی الفصل الثالث عن سبقها الی الإسلام واستجابتها لدعوة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ووفودها علیه .

وبینا فی الفصل الرابع ولاء بنی عبد القیس لأهل بیت النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) من أول إسلامهم ، ومواقفهم الی جنب علی(علیه السّلام).

ص: 3

واستعرضنا فی الفصل الخامس الذین استشهدوا من عبد القیس مع الإمام الحسین(علیه السّلام)وهم ستة .

واستعرضنا فی الفصل السادس أشهر شخصیات عبد القیس ، من قادة وعلماء ونساء .

ولا یفوتنی أن أسجل الشکر والعرفان لسماحة الشیخ علی الکورانی العاملی لمراجعته هذا العمل وتطویره ، وما قدمه لی من النصح والتوجیه .

عبد الهادی الربیعی

29 / محرم / 1430

ص: 4

الفصل الأول : معلومات عامة عن قبیلة عبدالقیس

1- نسب عبد القیس

عبد القیس من قبائل ربیعة العدنانیة ، یرجع نسبها الی عبد القیس بن أفصی بن دعمی بن جدیلة بن أسد بن ربیعة بن نزار بن معد بن عدنان (معجم قبائل العرب: کحالة:2 /726) .

وقد تزعمت قبائل ربیعة کلها فی بعض الأزمنة: ف-«أول بیت کان فی ربیعة بن نزار کانت فیه الرئاسة والحکومة واللواء والمرباع یکون ذلک کابراً عن کابر ویتوارثونه ولا یتنازعون فیه ، ضبیعة بن ربیعة بن نزار ، ثم تحوَّلت الرئاسة والحکومة من ضبیعة بن ربیعة الی عنزة بن أسد بن ربیعة ، ثم تحولت الی عبد القیس بن أفصی بن دعمی بن جدیلة ، ثم خرج ذلک عنهم الی النمر بن قاسط بن هنب بن أفصی بن دعمی ». (الإنباه علی قبائل الرواة لابن عبد البر: 89) .

ص: 5

وکان موطنها تهامة ، ثم البحرین ، ویطلق اسم البحرین آنذاک علی الأجزاء الشرقیة من شبه الجزیرة، المعروفة الیوم بالإحساء والقطیف والبحرین ، ثم اختصت جزیرة أوال وهی البحرین حالیاً بهذا الإسم.

قال یاقوت الحموی فی معجم البلدان:1 /364: « وهو اسم جامع لبلاد علی ساحل بحر الهند بین البصرة وعمان...والبحرین هی الخط والقطیف والآرة وهجر وبینونة والزارة وجواثا والسابور ودارین والغابة ».

وکان أهل هذه المنطقة قبلهم أیاد وکندة ، وبعض بطون بکر بن وائل ، والأزد وبنو سعد من تمیم ، ثم جاءت عبد القیس مع ظهور الإسلام أو قبله بقلیل ، فنزلت بنو جذیمة بن عوف الخط وما جاورها ، ونزلت بنو شن بن أفصی طرفها وأدناها الی العراق ، ونزلت نکرة بن لکیز القطیف وما حولها الی الشفار والظهران الی الرمل . ونزلت عامر بن الحارث والعمور وهم: الدیل ومحارب وعجل ، أبناء عمرو بن ودیعة الجوف والعیون والإحساء حذاء طرف الدهناء ، فسکنت بنو عبد القیس معظم قری ومدن البحرین ، وامتهنت

الزراعة وخصوصاً زراعة النخیل: (http://www.yahosein.com/vb/showthread.php?t=43507)

ص: 6

ومع بدأ الفتوحات الإسلامیة وإنشاء البصرة والکوفة هاجر کثیر منهم . فقد بنیت البصرة علی أربع خطط: خطة أهل العالیة وکانت تضم قبائل متعددة ، ومنها: سلیم ، وضبَّة ، ومزینة ، وباهلة ، وثقیف ، وخزاعة ، وهذیل ، وقشیر ، ونهد ، ونمیر ، وغنی ، حیث کانت أعدادها کانت قلیلة فی البصرة . وخطة تمیم: وتضم عدداً من البطون مثل: سعد ، وصریم ، ونهشل ، ومجاشع ویربوع ، وقریع وغیرها .

وخطة ربیعة ، وهی قسمان: إحداها لبکر بن وائل وضمت: بنی عجل بن لجیم ، وقیس بن ثعلبة ، وتیم بن ثعلبة ، وسدوس ویشکر ، وذهل ، وحنیفة ، وعنزة ...

والأخری: کانت لعبد القیس وضمَّت بطوناً منهم: بنی محارب بن عمرو ، وبنی عصر بن عوف ، والعمور بنی عامر بن الحارث

بنی الصباح بن لکیز ، وبطوناً أخری.

والخطة الرابعة: کانت للأزد ، والقبائل الیمنیة الأخری:

http://www)3nazh.com/vb/showthread.php?t=26023)

أما الکوفة فقسمت سبعة أقسام ، عرفت بالأسباع ، وهی:

1- همدان وحمیَر ، وعلیهم سعید بن قیس الهمدانی.

ص: 7

2- مذحج والأشعریون ، وعلیهم زیاد بن النظر الحارثی.

3- قیس عیلان وعبد القیس ، وعلیهم سعد بن مسعود الثقفی عم المختار بن أبی عبید .

4- کندة وقضاعة ومهر ، وعلیهم حجر بن عدی الکندی.

5- الأزد وبجیلة وخثعم والأنصار وعلیهم مخنف بن سلیم.

6- قبائل بکر بن وائل وتغلب وسائر ربیعة غیر عبد القیس ، وعلیهم وعلة بن مخدوج الذهلی .

7 - قریش وتمیم وأسد وضبَّة والرباب ومزینة ، وعلیهم معقل بن قیس الریاحی .(الغارات: الثقفی : 1 : 52)

ص: 8

2- أشهر بطون قبیلة عبد القیس

1- بنو أذینة بن سلمة بن الحارث بن خالد بن عائذ بن سعد بن ثعلبة بن غنم بن مالک بن بهثة بن جدیمة بن الدیل بن شن بن أفصی بن عبد القیس ، وهو أحد أصحاب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وأصحاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، ومن ولده عمر بن اُذینة أحد أصحاب الإمام الکاظم(علیه السّلام) .

2- بکر بن لکیز بن عبد القیس (معجم قبائل العرب: 1 : 93) ومنهم یموت بن المزرع بن یموت العبدی ، قال الخطیب البغدادی: أنه صاحب أخبار وملح وآداب ، وهو ابن أخت الجاحظ (تاریخ بغداد: 14 : 361).

3- جذیمة بن عوف بن أنمار بن عمرو بن ودیعة بن لکیز بن أفصی بن عبد القیس ، ومنازلهم بالبیضاء بناحیة الخط من البحرین (معجم قبائل العرب:1 :176) والنسبة إلیه جذمی وهم بطن کبیر له فروع .

4 - جیلان: حی من عبد القیس من العدنانیة (المصدر:1/224).

ص: 9

5 – بنو حداد بن ظالم بن ذهل بن عجل بن عمرو بن ودیعة بن لکیز بن أفصی بن عبد القیس (المصدر السابق:1 :248) والنسب إلیهم حدادی. (الأنساب: السمعانی: 2 : 281)

6 - حصیص ، بطن من عبد قیس بن أفصی (تاج العروس:9/256).

7 - حطمة بن محارب (معجم قبائل العرب:1 :284) وإلیهم تنسب الدروع الحطمیة، وفی الحدیث أن صداق فاطمة(علیهاالسّلام)کان درعاً حطمیة . (الکافی : 5 : 277 )

8 - الحواثر ، وهم بنو حوثرة بن ربیعة بن عمرو بن عوف بن أنمار بن ودیعة بن لکیز. (معجم قبائل العرب: 1/316).

9 - الدیْل ، بن عمرو بن ودیعة بن لکیز: (الأنساب: 2/508) .

وهناک بطن آخر یسمی بنو الدیل ، وهم بن شن بن أفصی (معجم قبائل العرب:1/400)

10 - بنو دهن بن عذرة بن منبه من عبد القیس (الأنساب: 2 : 518) قیل أن منهم عمار الدهنی أحد أصحاب الصادق(علیه السّلام).

ص: 10

11 - ربیعة بن قحطان، ذکروا فی کتاب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لسفیان بن همام المحاربی. (مکاتیب الرسول: المیانجی : 3 : 206)

12 - بنو زبر بن عطارد ، من عبد القیس. (المصدر السابق:3 :133)

13 - زفر بن زفر، ذکر فی کتاب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لسفیان بن همام.

14 - بنو سحتن بن عوف بن جدیلة بن عوف بن بکر بن أنمار بن ودیعة بن لکیز بن أفصی. (معجم قبائل العرب : 2 : 504)

15- سلیمة، ومنهم ثعلبة بن عمرو أحد الشعراء الجاهلیین. (الأعلام: 2 : 99)

16- بنو شن بن أفصی بن عبد القیس ، ولهم المثل: وافق شن طبقه ! یقال إنهم کانوا یکثرون الغارات علی القبائل ولا یقوم لهم أحد ، فواقعتهم طبق وهم حیٌّ من أیاد فانتصفت منهم ، وفی ذلک ضرب المثل (الصحاح: الجوهری: 4: 1511)

17 – الشحر ، ذکروا فی کتاب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی سفیان بن همام .

ص: 11

18 - بنو شُقرة بن نکرة من عبد القیس. والنسبة إلیه شقری (الأنساب: 3 : 444)

19 - بنو صباح بن لکیز بن أفصی بن عبد القیس (الأنساب:3 : 519) ومنهم أبو خیرة الصباحی أحد صحابة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).

20 - عامر بن جذیمة (معجم قبائل العرب : 2/706) سکنوا الجوف ولهم ماء صُلاصل (معجم البلدان:3/419) .

21 - بنو عامر بن الحارث ، ویسمون بنی النخل، ومن منازلهم فی البحرین: أوجار، المریداء ، الجبیلة ، العبقسیین

، کنوت، الفرضة، نهی ، الدبیرة ، شفار.(معجم قبائل العرب: 2/706).

22 - بنو عصر بن عمرو بن عوف بن جذیمة (الأنساب:4/201). ومنهم عمرو بن مرجوم العصری ، والمنذر بن عائذ المعروف بالأشج ، کبیر وفد عبد القیس الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).

23 - العمور ، وهم: الدیل وعجل ومحارب أبناء عمرو بن ودیعة بن لکیز. (معجم البلدان:3/419).

24 - بنوالعوق بن الدیل . والعوقة موضع بالبصرة ، والنسب إلیهم عوقی. (الأنساب:4/259) .

ص: 12

25- غنم بن ودیعة (معجم قبائل العرب:3 :895) وهو أخ عمرو ودهن ابنا ودیعة ، وهم بطن کبیر منهم حکیم بن جبلة .

26 - فریع ، هم بنو ثعلبة بن معاویة بن ثعلبة. (الأنساب:4/379).

27 - قرَّة ، حی من عبد القیس . (معجم قبائل العرب:3/944) .

28 - بنو اللبوء بن عبد القیس سکنوا الموصل ، وأمهم هند بنت تمیم بن مر ، وله إخوة لأمه أشهرهم أفصی. (المعارف/93).

29- بنو محارب بن عمرو بن ودیعة ، والنسبة إلیه محاربی ، ومنازلهم البحرین والقطیف، ومنها العرجة ، والرفیلة ، والکثیب وذو النار، والمرزی، ونبطاء، والمطلع . (معجم قبائل العرب:3/1043).

وأولاد محارب حطمة وظفر . (المعارف/93) .

30 - بنو مرَّة بن الحارث بن عبد القیس. (الأنساب : 5/270)

ص: 13

31 - بنو نکرة بن لکیز بن أفصی ، ومن ولده المثقب العبدی الشاعر (عائذ بن محصن) والممزق العبدی الشاعر (شأس بن نهار) ، ومنهم حماد بن کیسان النکری ، یروی عن أبیه عن أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، وقد سکن هذا البطن البصرة (المصدر السابق:5 :523).

32 - بنو واثلة بن عمرو ، والنسب إلیه واثلی (المصدر السابق:5 :556).

ص: 14

الفصل الثانی: حروب عبد القیس

حربهم مع الفرس:

لما مات ملک الفرس هرمز بن نرسی بن بهرام ، أوصی لإبنه سابور وکان صغیراً ، فطمعت فی مملکته الترک والروم والعرب ، وکان العرب أقرب الناس الی الفرس فسار جمع من عبد القیس وغیرهم من عرب البحرین وعبروا البحر الی بلاد فارس وسواحل أردشیر وغلبوا أهلها علی مواشیهم ومعایشهم ، ویبدو أنهم مکثوا فی الجانب الشرقی من الخلیج عدَّة سنین ، حتی کبر سابور بن هرمز الملقب بذی الأکتاف فاختار ألفاً من شجعان جیشه وقصد عبد القیس وغیرهم ممن کانوا فی بلاد فارس ، فأوقع بهم وهم غارُّون فقتل منهم وأسر ثم عبر البحر الی الخط وهجر وبها ناس من تمیم وعبد القیس وبکر بن وائل فقتل منهم ،

ص: 15

وکانت وطئته علی عبد القیس شدیدة حتی سالت الدماء علی الأرض وغوَّر آبارهم (الکامل فی التاریخ:1/391).

حربهم مع النمر بن قاسط:

وسببها أن عبد القیس لم ترض بحکم بنی النمر بن قاسط ، فعدت علی عامر الضحیان وهو رئیس ربیعة یوم ذاک فقتلته ، ثم اصطلحوا علی الدیة ألف بعیر وقبضت النمر بن قاسط منها خمس مئة ، وتأخرت عبد القیس عن سداد الباقی ، فقتلت منهم النمر بن قاسط أربعة أسری کانوا عندهم، فثارت عبد القیس وکانت بینهم حرب کثر فیها الفناء ، وکانت أول وقعة بین قبائل ربیعة (الإنباه علی قبائل الرواة: 90)

حربهم مع بنی تمیم:

فی یوم عینین ، وهی قریة بالبحرین کثیرة النخل ، کانت فیها وقعة بین عبد القیس وبنی منقر من تمیم ، عندما تعرضت عبد القیس لبضائع بنی منقر ، فاستعانت منقر ببنی مجاشع، فجرت بین الطرفین معرکة عرفت بیوم عینین. (معجم قبائل العرب: 3: 1147).

ص: 16

الفصل الثالث: دخولهم فی الإسلام

1- وفد عبد القیس الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )

کانت عبد القیس من القبائل السبَّاقة الی الدخول فی الإسلام والإستجابة للنبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، وروی أن سبب إسلامهم أن رجلاً منهم یدعی منقذ بن حبان أحد بنی غنم بن ودیعة ، کان یتاجر الی یثرب فدخلها ومعه تمر وملاحف ومرَّ به النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فلما رآه قال: أمنقذ بن حبان ، کیف جمیع هیأتک وقومک ؟

ثم سأله عن أشرافهم ، فأسلم منقذ وتعلم سورة الفاتحة وإقرأ ، ثم سافر الی هجر ، فکتب معه النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کتاباً الی بنی عبد القیس، فکتمه منقذ أیاماً ثم أطلع إمرأته علی الکتاب ، وکانت

ص: 17

إمرأته بنت المنذر بن عائذ الأشج العصری ، فأنکرت علیه ذلک وأخبرت أباها بحاله ! فالتقاه عمه الأشج فذکر له منقذ إسلامه وقرأ علیه شیئاً من القرآن ، فوقع ذلک فی قلب الأشج العصری فسار بکتاب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی قومه عصر ومحارب فوقع الإسلام فی قلوبهم ، فأجمعوا علی

المسیر الی رسول الله. (سبل الهدی والرشاد:الصالحی الشامی :6/372).

وروی أن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بعث العلاء بن الحضرمی الی المنذر بن ساوی أخی عبد القیس، وکان والیاً علی البحرین من قبل ملک الفرس ، فأسلم المنذر وأسلم جمیع العرب بالبحرین (الکامل فی التاریخ:2/318).

وفی الخصال/416 ، عن الإمام الصادق(علیه السّلام): «قال أمیر المؤمنین(علیه السّلام) بینما نحن عند رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )إذ ورد علیه وفد عبد القیس فسلموا ، ثم وضعوا بین یدیه جلَّة تمر ، فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): أصدقةٌ أم هدیة؟ قالوا: بل هدیةٌ یا رسول الله ، قال: أی تمراتکم هذه ؟ قالوا: البَرْنی. فقال: إن هذا جبرئیل یخبرنی أن فیه تسع خصال: یطیب النکهة ، ویطیب المعدة ، ویهضم الطعام ، ویزید فی السمع والبصر ویقوی الظهر ، ویخبل الشیطان ، ویقرب من الله عز وجل ویباعد من الشیطان ».

ص: 18

وفی الخرائج: 1/107: « قال: إئتونی بتمر أرضکم مما معکم . فأتاه کل واحد منهم بنوع منه فقال النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): هذا یسمی کذا وهذا یسمی کذا. قالوا: أنت أعلم بتمر أرضنا منا ! فوصف لهم أرضهم فقالوا: دخلتها ؟ قال: لا ولکن فسح لی فنظرت إلیها ! فقام رجل منهم فقال: یا رسول الله هذا خالی وبه خبل فأخذ بردائه وقال: أخرج یا عدو الله ثلاثاً ثم أرسله فبرئ .

فأتوه بشاة هرمة فأخذ إحدی أذنیها بین إصبعیه فصار لها میسماً ، ثم قال: خذوها فإن هذا میسم فی آذان ما تلد إلی یوم القیامة ، فهی تتوالد کذلک »!

وفی الصحیح من السیرة: 27/309 ، ملخصاً: « قدم وفد عبد قیس وهی قبیلة تسکن البحرین وماوالاها من أطراف العراق سنة تسع ، ورووا أنه بینما رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یحدث أصحابه ، إذ قال لهم: سیطلع علیکم من هاهنا رکب هم خیر أهل المشرق .

وفی حدیث البیهقی: فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبِّل ید رسول الله ورجله ، وانتظر المنذر الأشج حتی أتیَ عیبته فلبس ثوبیه فأخرج ثوبین أبیضین من ثیابه فلبسهما ثم جاء یمشی حتی أخذ بید رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فقبَّلها وکان رجلاً دمیماً ، فلما نظر إلی دمامته ،

ص: 19

قال: إنه لا یُسْتَقَی فی مُسُوک الرجال ، إنما یُحتاج من الرجل إلی أصغریه لسانه وقلبه .

قال له رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): إن فیک خصلتین یحبهما الله ورسوله: الحلم والأناة . قال: یا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلنی علیهما ؟ قال: بل الله تعالی جبلک علیهما. قال: الحمد لله الذی جبلنی علی خَلَّتین یحبهما الله تعالی ورسوله .

وقال لهم النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):یا معشر عبد القیس ما لی أری وجوهکم قد تغیرت ؟ قالوا: یا نبی الله نحن بأرض وخمة ، وکنا نتخذ من هذه الأنبذة ما یقطع اللحمان فی بطوننا ، فلما نهیتنا عن الظروف ، فذلک الذی تری فی وجوهنا !

فقال(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): إن الظروف لاتُحلّ ولاتُحرم ، ولکن کل مسکر حرام ، ولیس أن تجلسوا فتشربوا حتی إذا ثملت العروق تفاخرتم ، فوثب الرجل علی ابن عمه بالسیف فترکه أعرج ! قال: وهو یومئذ فی القوم الأعرج الذی أصابه ذلک !

وعن أنس: أن وفد عبد القیس من أهل هجر قدموا علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، فبینما هم عنده إذ أقبل علیهم فقال: لکم تمرة تدعونها کذا وتمرة تدعونها کذا ، حتی عدَّ ألوان تمرهم أجمع. فقال له رجل من القوم: بأبی أنت وأمی یا رسول الله ، لو کنت ولدت فی

ص: 20

هجر ما کنت بأعلم منک الساعة ، أشهد أنک رسول الله ! فقال (صلّی الله علیه و آله وسلّم ): إن أرضکم رفعت لی منذ قعدتم إلیَّ فنظرت من أدناها إلی أقصاها ، فخیر تمرکم البرنی الذی یذهبُ بالداء ولا داء معه !

وعن ابن عباس قال: إن أول جُمعة جُمعت بعد جُمعة فی مسجد رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، فی مسجد عبد القیس بجواثی من البحرین. وعن نوح بن مخلد: أنه أتی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وهو بمکة فسأله ممن أنت؟ فقال: أنا من بنی ضبیعة بن ربیعة. فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): خیر ربیعة عبد القیس، ثم الحی الذی أنت منهم. (البخاری:1/215).

وکانت لهم وفادتان الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )إحداهما سنة ست أو خمس والثانیة سنة تسع أو بعدها ، وکان عدد الوفد أربعین رجلاً. کتب النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )إلی العلاء بن الحضرمی فی البحرین أن یقدم علیه عشرون رجلاً منهم ، فقدموا علیه ورأسهم عبد الله بن عوف الأشج ، فشکی الوفد العلاء بن الحضرمی فعزله النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وولی أبان بن سعید ، وأوصاه بعبد القیس خیراً .

ونصرت عبد القیس أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی حروبه ، لاسیما أبناء صوحان:صعصعة ، وزید ، وسیحان ، وعمرو.. واشتهروا بالفصاحة والخطابة والشعر . وقیل کان لصحار بن العباس العبدی کتاب: الأمثال ».

ص: 21

وروی عن الإمام علی بن موسی الرضا(علیه السّلام)عن أبیه عن جده عن آبائه(علیهم السّلام) :« أن رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )کان یحب أربع قبائل: کان یحب الأنصار، وعبد القیس، وأسلم، وبنی تمیم». (الخصال/288)

2- رسائل النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )إلیهم

بعث النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )برسالتین لبنی عبد القیس ، نص الأولی: «بسم الله الرحمن الرحیم ، هذا کتاب من محمد رسول الله لعبد القیس وحاشیتها من البحرین وما حولها ، إنکم أتیتمونی مسلمین مؤمنین بالله ورسوله ، وعاهدتم علی دینه ، فقبلت علی أن تطیعوا الله ورسوله فیما أحببتم وکرهتم ، وتقیموا الصلاة وتؤتوا الزکاة ، وتحجوا البیت ، وتصوموا رمضان ، وکونوا قائمین لله بالقسط ولو علی أنفسکم ، وعلی أن تؤخذ من حواشی أموال أغنیائکم ، فترد علی فقرائکم ، فریضة من الله ورسوله فی أموال المسلمین». (مکاتیب الرسول: 3/204).

والرسالة الثانیة الی سفیان بن همام المحاربی ، ونصها: «بسم الله الرحمن الرحیم ، هذا کتاب من رسول الله لسفیان بن همام علی بنی ربیعة بن قحطان ، وبنی زفر بن زفر ، وبنی الشحر لمن أسلم منهم ، وأعطی الزکاة ، وأطاع الله ورسوله ، واجتنب المشرکین ، وأعطی من المغنم خمس الله وصفیه ، وسهم النبی وصفیه » (المصدر:3 :206).

ص: 22

3- من خصائص عبد القیس

کان بنو عبد القیس أشعر القبائل وأخطبهم (الغارات:2 :785) فقد برز منهم شعراء مشهورون: کطرفة بن العبد أحد أصحاب المعلقات ، والمثقب العبدی عائذ بن محصن ،

والممزق العبدی شأس بن نهار ، والصلتان العبدی ، الذی حکم بین جریر والفرزدق ، ویزید بن حذاق العبدی ، والمفضل بن عامر ، وعمرو بن درّأک ، والأعور الشنی بشر بن المنقذ ، وسفیان بن مصعب أبو محمد العبدی ، وأبی البحر الخطی، وعلی بن المقرب ، وسعید بن هاشم بن وعلة ، وعبد الصمد بن المعدل بن غیلان ، وحرب بن الحکم بن الجارود ، ومهلهل بن یموت بن المرزع الذی یرجع نسبه الی حکیم بن جبلة ، وکان شاعراً ملیح الشعر (تاریخ دمشق:61 : 306) وغیرهم العدید .

کما کان فیهم خطباء مشهورون: کزید بن صوحان وأخوه صعصعة ، وهرم بن حیان ، ومصقلة بن رقبة ، وبه یضرب المثل فیقال: أخطب من مصقلة .

ص: 23

وقال شرح النهج: ولعبد القیس ست خصال فاقت بها العرب! منها: أسْوَدُ العرب بیتاً ، وأشرفهم رهطاً الجارود هو وولده . ومنها: أشجع العرب حکیم بن جبلة قطعت رجله یوم الجمل، فأخذها بیده وزحف علی قاتله فضربه بها حتی قتله ، وهو یقول:

یا نفس لا تراعی إن قطعت کراعی إن معی ذراعی

فلا یعرف أحد فی العرب صنع صنیعه !

ومنها: أعبد العرب ، هرم بن حیان صاحب اُویس القرنی. ومنها: أجود العرب عبدالله بن سوار بن همام ، غزا السند فی أربعة آلاف ففتحها ، وأطعم الجیش کله ذاهباً وقافلاً ، وبلغه أن رجلاً من الجیش مرض فاشتهی خبیصاً ، فأمر باتخاذ الخبیص لأربعة آلاف إنسان فأطعمهم حتی فضل ، وتقدم إلیهم ألا یوقد أحد منهم ناراً لطعام فی عسکره مع ناره .

ومنها: أخطب العرب مصقلة بن رقبة ، وبه یضرب المثل فیقال: أخطب من مصقلة .

ومنها: أهدی العرب فی الجاهلیة ، وأبعدهم مغاراً وأثراً فی الأرض فی عدوه ، وهو دعیمیص الرمل ، کان یعرف بالنجوم

ص: 24

هدایة ، وکان أهدی من القطا ، یدفن بیض النعام فی الرمل مملوءً ماءً ثم یعود فیستخرجه! (شرح نهج البلاغة: 18 : 57)

وکان بنو عبد القیس موضع ثقة أهل البیت(علیهم السّلام) ، فلما أراد أمیر المؤمنین(علیه السّلام)إعادة عائشة الی المدینة ، قال لعبد القیس: یا معشر عبد القیس، إندبوا لی الحرة الخیِّرة من نسائکم ، فأتوه بعشرین إمرأة وقیل أربعین ، فأمرهن بلبس العمائم وقلدهن السیوف وبعثهن مع عائشة. (الکافئة فی رد توبة الخاطئة للمفید/13).

وروی فیه أیضا /29: « عن حبة العرنی أن أمیر المؤمنین(علیه السّلام) بعث إلی عائشة محمداً أخاها وعمار بن یاسر: أن ارتحلی والحقی بیتک الذی ترکک فیه رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، فقالت: لا أفعل ! وأخبراه بقولها فغضب ثم ردهما إلیها وبعث معهما الأشتر فقال: والله لتخرجن أو لتحملن احتمالاً . ثم قال أمیر المؤمنین صلوات الله علیه: یا معشر عبد القیس، أندبوا إلی الحرة الخیرة من نسائکم ، فإن هذه المرأة قد أبت أن تخرج ، لتحملوها احتمالاً! فلما علمت بذلک قالت لهم: قولوا فلیجهزنی. فأتوا أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فذکروا له ذلک ، فجهزها وبعث معها بالنساء . وقال الأحنف بن قیس: فقالت: لا أفعل!

فقال لها ، لئن لم تفعلی لأرسلن إلیک نسوة من بکر بن وائل بشفار حداد یأخذنک بها ! قال: فخرجت حینئذ .

ص: 25

وفی روایة أن أمیر المؤمنین(علیه السّلام)دخل علی عائشة لما أبت الخروج فقال لها: یا شعیرا إرتحلی وإلا تکلمت بما تعلمینه. فقالت: نعم أرتحل ».

وعندما جاء الإمام الصادق(علیه السّلام)الی الکوفة فی عهد المنصور ، نزل فی حی بنی عبد القیس . (شرح اللمعة الدمشقیة: 1/33).

وروی أحمد فی فضائل الصحابة 2 /830 ، عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):« إن خیر أهل المشرق عبد القیس» .

وروی عن أمیر المؤمنین(علیه السّلام)حین دخل البصرة: « عبد القیس خیر ربیعة ، وفی کل خیر » .

وعن الإمام الحسین(علیه السّلام)« والذی جعل أحمس خیر بجیلة ، وعبد القیس خیر ربیعة ، وهمدان خیر الیمن، إنکم خیر الفرق». (البحار:65/88).

ص: 26

الفصل الرابع: بنو عبد القیس کلهم شیعة

1- عبد القیس عریقون فی التشیع

عرفت عبد القیس بتشیُّعها من قدیم ، قال ابن قتیبة فی المعارف فی ترجمته صحار العبدی:« وکان عثمانیاً وکانت عبد القیس تتشیَّع فخالفها». (المعارف/339، والثقفی فی الغارات2/785 ).

وعندما خرج طلحة والزبیر بعائشة لحرب الجمل ، کتب طلحة والزبیر الی المنذر بن الجارود العبدی: « أما بعد فقد کان أبوک رئیساً فی الجاهلیة وسیداً فی الإسلام ، وإنک من أبیک بمنزلة اللاحق من السابق ، یقال کاد أو لحق ، وقد قتل عثمان من أنت خیر منه، وقد غضب له من هو خیر منک، والسلام».

ص: 27

فکتب المنذر العبدی إلیهم: « أما بعد فإنه لم یلحقنی بأهل الخیر إلا أن أکون خیراً من أهل الشر ، وإنما أوجب حق عثمان الیوم حقه بالأمس ، وقد کان بینکم فخذلتموه ! فمتی بدا لکم هذا الرأی واستنبطتم هذا العلم»!(موسوعة الیوسفی: 4/505).

وکتبت عائشة الی زید بن صوحان أحد سادات عبد القیس فی الکوفة: «من عائشة أم المؤمنین ، حبیبة رسول الله الی إبنها الخالص زید بن صوحان ، أما بعد: إذا أتاک کتابی هذا فاقدم فانصرنا ، فإن لم تفعل فخذِّل الناس عن علیِّ ». (الکامل:2/32). فأجابها:«من صعصعة بن صوحان صاحب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )الی أم المؤمنین عائشة: أما بعد ، فقد أتانی کتابک أیتها الأم ، تأمرینی فیه بما أمرک الله تعالی به من لزوم البیت وترک الجهاد ، لقوله تعالی: یَا نِسَاءَ النَّبِیِّ لَسْتُنَّ کَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَیْتُنَّ... وَقَرْنَ فِی بُیُوتِکُنَّ. وتفعلین أنت بما أمرنی به الله من الجهاد، وهذا عجیب لأنی لو قیل لی: من أعقل الناس لما عدوتک ، فاتقی الله أیتها الأم وارجعی الی بیتک الذی أمرک رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بلزومه، فإنی فی إثر کتابی هذا خارج الی علی للبیعة التی فی عنقی.والسلام علی من اتبع الهدی ».(العقد النضید/136)

ص: 28

وکتبت عائشة وطلحة والزبیر الی عثمان بن حنیف والی البصرة دعوه فیها الی الدخول فی طاعتهم ، فاستشار الأحنف بن قیس ، وحکیم بن جبلة العبدی ، فأشارا علیه أن یخرج إلیهم قبل أن یدخلوا البصرة ویفسدوا أهلها ، لکن عثمان تمهل فی ذلک منتظر أمر أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فقال له حکیم بن جبلة العبدی: « فأذن لی أنا أن أسیر بالناس إلیهم ، فإن دخلوا فی طاعة أمیر المؤمنین ، وإلا نابذناهم فی القتال . فقال عثمان: لو کان رأیی ذلک لسرت إلیهم بنفسی. فقال حکیم: أما والله إن دخلوا علیک هذا المصر ، لینقلبن قلوب کثیر من الناس إلیهم ولیزیلنَّک عن مجلسک هذا » ! (موسوعة الیوسفی:4/522).

ثم جمع عثمان بن حنیف الناس وخطبهم بخطبة ذکَّر فیها بحق أمیر المؤمنین(علیه السّلام)بالخلافة دون غیره ، وأخبر الناس بنکث طلحة والزبیر بیعتهما له ، ثم طلب من الناس المشورة ، فقام حکیم بن جبلة العبدی فقال له: « إن دخلا علینا قاتلناهما وإن وقفا تلقیناهما، والله لا أبالی أن أقاتلهما وحدی ، وإن کنت أحب الحیاة ولکن ما أخشی فی طریق الحق وحشة ولا غیرة ولا غشَّاً ، ولا سوء منقلب الی البعث ، وإنها لدعوة قتیلها شهید وحیُّها فائز، والتعجیل الی الله خیر من التأخیر فی الدنیا! ثم خاطب عثمان:

ص: 29

وهذه ربیعة معک ، ثم التفت الی قومه فقال لهم: یا معشر عبد القیس ، إن عثمان بن حنیف دمه مضمون ، وأمانته مؤداة ، وأیم الله لو لم یکن أمیراً علینا لمنعناه لمکانته من رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فکیف وله الولایة والجوار ، فاشخصوا بأبصارکم وجاهدوا عدوکم ، فإما أن تموتوا کراماً أو تعیشوا أحراراً » (المصدر:4/535).

وقصد أصحاب الجمل بجمعهم دار الإمارة بالمربد ، فمنعهم أصحاب عثمان بن حنیف وعلی رأسهم حکیم بن جبلة وقومه من عبد القیس وتضاربوا معهم بالسیوف ، حتی أخرجوهم الی السبخة ، فبات القوم هناک . (المصدر:4/538).

ولما کان الصبح عبأ أصحاب الجمل أتباعهم للحرب ، وخرج عثمان بن حنیف بمن معه من أهل البصرة ، فاقتتلوا یومئذ قتالاً شدیداً ، فأصیب خمس مئة من شیوخ عبد القیس ممن کانوا معه سوی من أصیب من سائر الناس ، وفشی القتل والجراحات فی أصحاب الجمل أیضاً ، فتوقفوا عن الحرب ، ثم اتفقوا علی عقد الصلح فیما بینهم ، وقد نصَّت وثیقة الصلح علی أن لایتعرض أصحاب الجمل لأحد من الناس ، علی أن یدخلوا البصرة ویخالطوا أهلها ، الی أن یأتی أمیر المؤمنین(علیه السّلام).

ص: 30

لکنهم ما لبثوا أن نکثوا ، فهاجم طلحة والزبیر عثمان بن حنیف عند صلاة الفجر فی المسجد ، وأخذوه وضربوه ضرباً مبرحاً ونتفوا شعر رأسه ولحیته ، وأخذوه ومن معه من خزان بیت المال وکانوا سبعین رجلاً الی عائشة فأمرت بضرب أعناقهم إلا عثمان خافت قومه فی المدینة ، فأطلقوا سراحه (المصدر :4 :542).

ص: 31

2- معرکة الجمل الأصغر

ولما بلغ حکیم بن جبلة العبدی ما صنع القوم بعثمان بن حنیف وقتلهم للشرط وحراس بیت المال (السبابجة)، نادی فی قومه عبد القیس: یا قوم إنفروا الی هؤلاء الضالین الظالمین ، الذین سفکوا الدم الحرام وقتلوا العباد الصالحین ، واستحلوا ما حرَّم الله ! فأجابه سبع مئة منهم فأتوا المسجد ، فقال لهم حکیم: أما ترون ما صنع بأخی عثمان بن حنیف ، لست بأخیه إن لم أنصره ! ثم رفع یدیه الی السماء ودعا:

اللهم إن طلحة والزبیر لم یریدا بما عملا القربة منک ، وما أرادا إلا الدنیا ، اللهم فاقتلهما بمن قتلا ، ولا تعطهما ما أمِّلا ! ثم أخذ رمحه ورکب فرسه وتبعه أصحابه ، وقیل أنهم کانوا ثلاث مئة وخرج إلیهم وخرج القوم أیضاً فحملوا عائشة علی جمل فسمی یوم الجمل الأصغر، وتجالد الفریقان بالسیوف فشد رجل من الأزد من عسکر عائشة علی حکیم فضرب رجله فقطعها ، ووقع الأزدی عن فرسه فرماه حکیم بساقه المقطوعة فصرعه ، ثم حبا إلیه فقتله خنقاً ، ثم قضی حکیم نحبه ، وقتل معه إخوة ثلاثة له ، وقتل جمیع من کان معه وأغلبهم من عبد القیس وقلیل منهم من بکر بن وائل (شرح نهج البلاغة: 13 : 148) .

ص: 32

وبعد مقتل حکیم بن جبلة العبدی وأصحابه رضی الله عنهم سقطت البصرة بید أصحاب الجمل، وخطب طلحة قائلاً:

أیها الناس إن رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )توفی وهو عنا راضٍ ٍ، وکنا مع أبی بکر حتی مات وهو عنا راض ، ثم کان عمر بن الخطاب فسمعناه وأطعناه حتی قبض وهو عنا راض ، فأمرنا بالتشاور فی أمر الخلافة من بعده ، واختار ستة نفر رضیهم للأمر ، فاستقام أمرنا علی رجل من الستة ولیناه واجتمع أمرنا علیه وهو عثمان ، وکان أهلاً لذلک فبایعناه وسمعناه واطعناه ، وأحدث أحداثاً لم تکن علی عهد أبی بکر وعمر، فکرهها الناس منه ولم یکن لنا بدٌّ مما صنعناه ، ثم أخذ هذا الرجل الأمر من دوننا ومن غیر مشورتنا وتغلب علیه یعنی علیا(علیه السّلام)، ونحن وهو فیه شرع سواء فأُتی بنا إلیه واللج علی أعناقنا فبایعناه کرهاً . (یقصد أنه بایع تحت التهدید ، وهذا غیرصحیح ).

والذی نطلبه الآن منه أن یدفع الی ورثة عثمان قاتلیه ، ویخلع عنه هذا الأمر ویعتزله لیتشاور المسلمون فیمن یکون لهم إماماً کسنة عمر بن الخطاب فی الشوری ، فإذا استقام رأینا ورأی أهل الإسلام علی رجل بایعناه !

ص: 33

ولم یتم طلحة کلامه بعد ، حتی قام رجل من خیار عبد القیس فنادی فی الجمع: أیها الناس أنصتوا أتکلم لکم .

وعلم عبدالله بن الزبیر أنه من عبد القیس ، فأراد أن یسکته فقال له: ویلک ما لک وللکلام ! فقال الرجل العبدی: ما لی وللکلام ؟ أنا والله للکلام ، ثم حمد الله وأثنی علیه ، وذکر النبی فصلی علیه ، ثم وجه خطابه لطلحة والزبیر: یا معشر المهاجرین: کنتم أول الناس إسلاماً ، بعث الله نبیه محمداً(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) بینکم فدعاکم فأسلمتم فکنتم فیه القادة ونحن لکم تبع ، ثم توفی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فبایعتم رجلاً منکم لم تستأذنونا فی ذلک فسلمنا لکم، ثم توفی ذلک الرجل واستخلف عمر بن الخطاب فوالله ما استشارنا فی ذلک ، ولکن رضیتم فرضینا وسلمنا ، ثم إن عمر جعلها شوری فی ستة نفر ، فاخترتم واحداً منهم فسلمنا لکم واتبعناکم ثم إن الرجل أحدث أحداثاً أنکرتموها فحصرتموه وخلعتموه وقتلتموه وما استشرتمونا فی ذلک . ثم بایعتم علی بن أبی طالب وما استشرتمونا فی بیعته فرضینا وسلمنا وکنا لکم تبعاً .

فوالله ما ندری بماذا نقمتم علیه: هل استأثر بمال؟ أو حکم بغیر ما أنزل الله ؟ أو أحدث حدثاً منکراً ؟ فحدثونا به نحن معکم ! فوالله ما نراکم إلا قد ضللتم بخلافکم له !

ص: 34

فناداه ابن الزبیر: ما أنت وذاک ، فهمَّ قوم من أتباع ابن الزبیر أن یثبوا علی الرجل العبدی ، فمنعهم قومه .

وقام سید آخر من سادات عبد القیس، فحمد الله وأثنی علیه ثم قال: أیها الناس ، إنه قد کان أول هذا الأمر وقوامه المهاجرون والأنصار بالمدینة ، ولم یکن لأحد من أهل

الأمصار أن ینقضوا ما أبرموا ولا یبرموا ما أنقضوا ، فکانوا إذا رأوا رأیاً کتبوا به الی الأمصار فسمعوا لهم وأطاعوا .

وإن عائشة وطلحة والزبیر کانوا أشدَّ الناس علی عثمان حتی قتل ! وبایع الناس علیاً وبایعه فی جملتهم طلحة والزبیر، وجاءنا نبأهما ببیعته فبایعناه ، فلا والله ما نخلع خلیفتنا ولا ننقض بیعتنا ! فأمر طلحة والزبیر أتباعهم بإلقاء القبض علیه ونتف رأسه ولحیته ، کعثمان بن حنیف! (موسوعة الیوسفی:4/554).

ووصل خبر مقتل حکیم بن جبلة الی أمیرالمؤمنین(علیه السّلام)وهو فی ذی قار ، فقرأ قوله تعالی: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِیبَةٍ فِی الأَرْضِ وَلا فِی أَنْفُسِکُمْ إِلا فِی کِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِکَ عَلَی اللهِ یَسِیرٌ ، ثم قام علی غرائر الأحمال فقال: إنه أتانی خبر فظیع ونبأ جلیل ، أن طلحة والزبیر وردا البصرة فوثبا علی عاملی فضرباه ضرباً مبرحاً ، وتُرک لا یُدری أهو حیٌّ أم میِّت ! وقتلا العبد الصالح حکیم بن جبلة

ص: 35

فی عدة من رجال مسلمین صالحین ، لقوا الله موفین ببیعتهم ماضین علی حقهم ، وقتلا السبابجة خزان بیت المال للمسلمین ، قتلوا منهم طائفة صبراً وأخری غدراً !

فبکی الناس بکاءاً شدیداً ، وأتاه خبرربیعة وخروج عبد القیس ونزولهم علی الطریق ینتظرونه لیلحقوا به ، فقال(علیه السّلام): عبد القیس خیر ربیعة ، وفی کل ربیعة خیر ، ثم قال :

یا لهف نفساه علی ربیعهْ

ربیعةُ السامعة المطیعهْ

قد سبقتنی فیهم الوقیعهْ

دعا علیٌّ دعوة سمیعهْ

حلُّوا بها المنزلة الرفیعهْ (المصدر:4/548)

وقال المسعودی فی مروج الذهب:1/321 إنه(علیه السّلام)کان یکثر من قول هذه الأبیات . وقُدِّر عدد العبدیین مع الإمام(علیه السّلام)بأربعة آلاف (الغارات:2 :785) ، وقیل ألفا رجل. (أنساب الأشراف/262).

وبعث الإمام(علیه السّلام)برسائل الی طلحة والزبیر وعائشة عاتباً وناصحاً ومحذراً من سفک دماء المسلمین ، فلم ینفعهم النصح وأصرُّوا علی غیِّهم ! واصطف الجیشان وجعل الإمام(علیه السّلام) ربیعة البصرة والکوفة ومنهم عبد القیس فی المیمنة ، وجعل علیهم

ص: 36

علباء بن الهیثم السدوسی وقیل عبدالله بن جعفر ومضر البصرة والکوفة فی المیسرة وعلیهم ولده الحسن السبط، وثبت هو بالبقیة فی القلب ، وکان علی الخیل عمار بن یاسر ، وعلی الرجالة ربیبه محمد بن أبی بکر(تاریخ خلیفة بن خیاط: 134) ولم یرغب أن یبدأ القوم بالقتال برغم ما اقترفوه ، فأرسل عبدالله بن عباس الی القادة الثلاثة: طلحة والزبیر وعائشة ، یناشدهم حقن دماء المسلمین ، لکنهم أصروا علی القتال، وانسحب الزبیر من المعرکة ، وقَتَل

مروان طلحة قبل بدئها ، وبقیت عائشة وحدها فقادت المعرکة سبعة أیام ، حتی انهزمت !

وممن قتل مبارزة من العبدیین من أصحاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی ذلک الیوم زید بن صوحان رضی الله عنه.

ص: 37

3- عبد القیس فی معرکة صفین

کان ابن عباس والی البصرة فقرأ علیهم کتاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام) ثم قال: أیها الناس ، إستعدوا للمسیر الی إمامکم وانفروا فی سبیل الله خفافاً وثقالاً ، وجاهدوا بأموالکم وأنفسکم ، فإنکم قاتلون المحلین القاسطین، الذین لا یقرؤون القرآن ، ولا یعرفون حکم الکتاب ، ولا یدینون دین الحق مع أمیر المؤمنین وابن عم رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، الآمر بالمعروف والناهی عن المنکر، والصادع بالحق والقیم بالهدی..

فقام إلیه الأحنف بن قیس سید تمیم فقال: والله لنجیبنک ولنخرجن معک علی العسر والیسر والرضی والکره ، نحتسب فی ذلک الخیر.. وقام خالد بن معمر السدوسی سید بکر بن وائل فقال: سمعنا وأطعنا ، فمتی استنفرتنا فنفرنا ، ومتی دعوتنا أجبنا . وقام إلیه عمرو بن مرجوم العبدی سید عبد القیس فقال: وفَّق الله أمیر المؤمنین وجمع له أمر المسلمین ، ولعن المحلین القاسطین الذین لایقرؤون القرآن ! نحن والله علیهم حنقون ولهم فی الله مفارقون فمتی أردتنا صحبک خیلنا ورجلنا » (موسوعة الیوسفی: 5/73).

وجعل الإمام(علیه السّلام)میسرة جیشه کلها من ربیعة بکل بطونها بمن فیهم عبد القیس ، وعیَّن عبد الله بن عباس قائداً علیهم ، کما جعل

ص: 38

منهم قادة لفئآت أصغر ، فکان صعصعة بن صوحان العبدی علی ربیعة الکوفة ، والحارث بن مرَّة العبدی علی رجالة المیسرة ، وعمرو بن حنظلة علی عبد القیس البصرة ، والحصین بن المنذر علی قبائل بکر بن وائل البصرة ، وخالد بن معمرعلی ذهل البصرة. (المصدر:5/128) وفی الیوم الخامس کان الدور لعبد الله بن عباس ومعه المیسرة من قبائل ربیعة وعبد القیس، فلما رآهم معاویة قال: من هؤلاء فی المیسرة؟ قالوا

ربیعة ، فلم یجد معاویة أحداً من ربیعة فی الشام ! فأرسل الی حِمیر لمواجهتهم وجعل علیهم الولید بن عقبه واقتتل الفریقان قتالاً شدیداً حتی الظهر، ثم تراجع الفریقان.

وفی الیوم التاسع من القتال کانت الوقعة العظیمة ، وکان عبدالله بن عباس علی قبائل ربیعة وعبد القیس، وکان ذو الکلاع الحمیری حانقاً علیهم ، فحمل علیهم حملات ومعه أربعة آلاف رجل عاهدوه علی القتال حتی الموت ، سوی غیرهم: « فأقبل ومعه عبید الله بن عمر وحمل علی ربیعة بخیله ورجاله حملة شدیدة ، فتضعضعت رایات ربیعة، ثم ثبتوا إلا قلیلاً ، وانصرف الشامیون ثم کرُّوا ثانیة فشدُّوا علی ربیعة حملة شدیدة فثبتوا إلا قلیلاً ، وتقدم أبو عرفاء جبلة بن عطیة الذهلی ذهل بنی شیبان ، وهو شیخ کبیر فأخذ الرایة ونادی بالقوم: یا أهل هذه الرایة ، إن عمل الجنة کُرْه کلُّه وثقیل ، وإن عمل النار حِبٌّ کله وخفیف ، وإن الجنة لا

ص: 39

یدخلها إلا الصابرون الذین صبروا أنفسهم علی أمر الله وفرائضه ولیس شئ مما افترض الله علی العباد أشدُّ من الجهاد . ویحکم ألا تحبون أن یغفر لکم ، أما تشتاقون الی الجنة ؟ فإذا رأیتمونی قد شددت فشدوا، ثم شدَّ علی القوم فشدُّوا معه فقاتل وقاتلوا قتالاً شدیداً حتی قتل ، فشدَّت ربیعة بعده شدَّة عظیمة علی صفوف أهل الشام فنقضوها . واشتدَّ القتال بین ربیعة ومنهم عبد القیس وحمیر حتی کثرت القتلی فیما بینهم ، وخاف زیاد بن خصفة التیمی (من تیم اللات بطن من ربیعة) الهلاک علی ربیعة فقال لقومه: إن ذا الکلاع وعبیدالله أبادا ربیعة ، فانهضوا إلیهم وإلا هلکوا ولا بکر بعد الیوم فرکبت عبد القیس وجاءت کأنها غمامة سوداء ، فحملوا علی میمنة معاویة ذو الکلاع ومن معه من حمیر ، فاستنجد بالأشعریین وعک ولخم وصمد بنو عبد القیس وقتلوا ذا الکلاع الحمیری وتضعضعت لقتله أرکان حمیر! فلجأ إبن العاص الی رفع المصاحف ، فتضاربوا بالسیوف حتی تعطفت کالمناجل ، وتطاعنوا بالرماح حتی تکسَّرت أسنتها ». (المصدر :5/155)

ولم یکن منهم أحد مع معاویة کما تقدم ، ولا من کبار الصحابة . وقال نصر بن مزاحم فی وقعة صفین /402: «وأقبل علی علی ربیعة فقال: أنتم درعی ورمحی! قال:فربیعة تفخر بهذا الکلام إلی الیوم».

ص: 40

وقال فی/305: «وشدت ربیعة بعده شدة عظیمة علی صفوف أهل الشام فنقضتها ! وفی ذلک قال مجزأة بن ثور:

أضربهم ولا أری معاویهْ

الأبرج العین العظیم الحاویهْ

هوت به فی النار أم هاویهْ

جاوره فیها کلاب عاویهْ

أغوی طغاماً، لا هدته هادیه ».

ص: 41

ص: 42

الفصل الخامس: العبدیون الشهداء مع الإمام الحسین(علیه السّلام)

1- الأدهم بن أمیة العبدی

استشهد منهم مع الإمام الحسین(علیه السّلام)فی کربلاء ستة ، أولهم الأدهم رضوان الله علیه ، وکان أبو أمیة العبدی ، وکان صحابیاً سکن البصرة، وجاء الأدهم الی کربلاء مع یزید بن ثبیط العبدی (قصة کربلاء: علی منفرد:280) واستشهد فی الحملة الأولی .

2- سیف بن مالک

ورد اسمه والسلام علیه فی الزیارتین، الزیارة الرجبیة وزیارة الناحیة المقدسة ، لکن فی الزیارة الرجبیة باسم سفیان بن مالک ،

ص: 43

وفی المناقب لابن شهر آشوب باسم: سیف بن مالک النمیری ، وعدَّه من شهداء الحملة الأولی ، وهو بصری کان ممن یجتمعون فی دار ماریة العبدیة. (أنصار الحسین/93) .

3- عامر بن مسلم

ورد اسمه والسلام علیه فی الزیارتین أیضاً ، وعدَّه فی المناقب فی عداد شهداء الحملة الأولی ، وکان معه مولاه سالم ، واستشهد أیضاً. (أنصار الحسین:96) .

4- عبدالله بن یزید بن ثبیط

جاء مع والده من البصرة، وقتل فی الحملة الأولی، وإسمه فی زیارة الناحیة المقدسة . (قصة کربلاء:286).

5- عبیدالله بن یزید بن ثبیط

قتل فی الحملة الأولی أیضاً .

ص: 44

6- یزید بن ثبیط أو ثبیت العبدی

من أشراف عبد القیس، وکان له من الأبناء عشرة ، فلما بلغهم کتاب الحسین (علیه السّلام)الی البصریین ، اجتمع وبعض بنی قومه فی دار ماریة بنت منقذ العبیدیة ، ثم خرج هو وولداه والتحق بالحسین(علیه السّلام)بمکة وجاء معه الی کربلاء قتل ولداه فی الحملة الأولی ، وقتل هو مبارزة . (المصدر السابق:300).

ص: 45

ص: 46

الفصل السادس: من أعلام بنی عبد القیس

1- الأشج العصری: المنذر بن عائذ

إسمه المنذر بن عائذ بن الحارث بن المنذربن النعمان بن زیاد بن عصر، سید عبد القیس وقائدهم للإسلام وابن ساداتهم (الإستیعاب: 1/454) ، قال ابن حبان فی الثقات: أنه أول من أسلم من ربیعة (الثقات:ابن حبان:3 /386) ، وذکروا فی قصة إسلامه أنه کان له صدیقاً لراهب ینزل دارین ، فکان یلقاه کل عام فلقیه عاماً بالزارة ، فأخبره الراهب أن نبیاً سیخرج من مکة یأکل الهدیة ولا یأکل الصدقة ، بین کتفیه علامة ، یظهر علی کل الأدیان ، فبعث الأشج الی إبن أخت له من بنی عامر بن الحارث ، یقال له عامر بن عبدالقیس ، وبعث معه تمراً وملاحف ، وضمَّ إلیه دلیلاً یقال له

ص: 47

الأریقط العبدی ، فأتی مکة عام الهجرة ، فالتقی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) وصحت عنده العلامات ، فأسلم وقال له: أدع خالک للإسلام ، فجاء عمرو حتی دخل منزله فسلَّم ، فخرجت إمرأته الی أبیها وهی ماریة بنت الأشج فقالت له: إن زوجی قد صبأ ، فانتهرها وجاء الأشج فأخبره الخبر فأسلم ، وکتم إسلامه حیناً ، ثم

خرج مع جماعة من قومه وافداً علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ).(الإصابة:2/ 34).

وقد ذکرنا وفودهم علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وفیهم الأشج فرحب به النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وأجلسه الی یمینه وقال له: یا أشج فیک خصلتان یحبهما الله ورسوله.فقال:وما هما؟ فقال: الحلم والحیاء»(الإستیعاب:1/ 44) وکان الأشج یسکن البحرین ثم انتقل الی البصرة.(الطبقات:7/87).

2- زید بن صوحان

هو زید بن صوحان ، بن الحارث ، بن الهجرس ، بن صبرة ، بن حدرجان ، بن عساس ، بن لیث ، بن حداد ، بن ظالم ، بن ذهل ، بن عجل ، بن عمرو ، بن ودیعة (الطبقات الکبری: 6/123).

قال عنه علماؤنا: أنه کان من الأبدال ، واستشهد یوم الجمل وبیده رایة عبد القیس فی الکوفة ، فوقف أمیر المؤمنین(علیه السّلام) علی

ص: 48

رأسه وبه رمق فقال له: رحمک الله یا زید کنت خفیف المؤونة عظیم المعونة ، فرفع زید إلیه رأسه ثم قال: وأنت یا أمیر المؤمنین فجزاک الله خیراً ، فوالله ما علمتک إلا بالله علیم ، وفی أمِّ الکتاب لعلیٌّ حکیم ، وإن الله فی صدرک لعظیم ، والله ما قاتلت معک علی جهالة ، ولکنی سمعت اُمَّ سلمة زوج النبی تقول: سمعت رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )یقول: من کنت مولاه فعلیٌّ مولاه ، اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره واخذل من خذله . فکرهت أن أخذلک فیخذلنی الله . (معجم رجال الحدیث: 8/257).

وقد جدد استشهاده حزن أمیر المؤمنین(علیه السّلام)علی من قتل من ربیعة قبل وروده البصرة . (أعیان الشیعة: 7/101) .

وروی عن النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أنه قال: جندب ما جندب ، والأقطع الخیر زید ! فسألوه فقال: رجلان یکونان فی هذه الأمة یضرب أحدهما بضربة تفرق بین الحق والباطل ، والآخر تقطع یده فی سبیل الله ، ثم یتبع الله آخر جسده بأوله ! قال الأجلح: أما جندب فقتل الساحر عند الولید بن عقبة ، وأما زید فقطعت یده یوم جلولاء وقتل یوم الجمل ». (المصدر:6/123).

ص: 49

وعن النعمان أبی قدامة أنه کان فی جیش علیهم سلمان الفارسی ، فکان یؤمهم زید بن صوحان یأمره بذلک سلمان (المصدر :6/123). وطلب عبدالله بن عباس من صعصعة أن یصف له أخویه زیداً وسیحان، فقال: أما زید فکما قال أخو غنیِّ:

فتی لا یبالی أن یکون بوجهه

إذا سدت خلاَّت الکرام شحوب

إذا ما ترا آه الرجال تحفظوا

فلم ینطقوا العوراء وهو قریب

حلیف الندی یدعو الندی فیجیبه

إلیه ، ویدعوه الندی فیجیب

کأن بیوت الحی ما لم یکن بها

بسابس ما یلفی بهن غریب

ثم قال: کان والله یا ابن عباس عظیم المروة ، شریف الأخوَّة ، جلیل الخطر ، بعید الأثر ، کمیش العروة ، ألیف البدوة ، سلیم جوانح الصدر ، قلیل وساوس الدهر ، ذاکراً الله طرفی النهار وزلفی اللیل ، الجوع والشبع عنده سیان ، لا ینافس فی دنیاً ، وأقل أصحابه من ینافس فیها ، یطیل السکوت ، ویحفظ الکلام ، إن نطق نطق بعقام ، یهرب منه الدعار الأشرار ، ویألفه الأحرار الأخیار . فقال ابن عباس:

ما ظنک برجل من أهل الجنة ، رحم الله زیداً. (مروج الذهب:1/368).

ص: 50

واحتج زید مع جملة صلحاء الکوفة علی تصرفات والی عثمان سعید بن العاص ، فغضب عثمان ونفاهم الی الشام ، منهم مالک بن الحارث الأشتر ، وکمیل بن زیاد ، وعمرو بن زرارة وشریح بن أوفی ، وزید وصعصعة إبنا صوحان.(تاریخ المدینة:3/1141) وبقوا منفیین الی أن أخرج أهل الکوفة سعید بن العاص ، وکتبوا إلیهم فعادوا الی مصرهم .

وعندما وصل أمیر المؤمنین(علیه السّلام)الی ذی قار ، استبطأ وصول مقاتلة أهل الکوفة ، فأرسل ولده الإمام الحسن(علیه السّلام)، وعمار بن یاسر ، وقیس بن سعد ، وزید بن صوحان ، یستحثون له أهل الکوفة ویدعونهم للنهوض،وکان أبو موسی الأشعری والی الکوفة آنذاک یثبط الناس عن الإمام(علیه السّلام) .

3- صعصعة بن صوحان

وهو شقیق زید بن صوحان ، ولد فی دارین قرب القطیف وسکن الکوفة ، وکان من کبار سادات عبد القیس وخیرة رجالاتها ، خطیباً شاعراً ، فصیحاً ، عاقلاً ، فطناً ، شجاعاً ، وقائداً کبیراً ، ومن أشدِّ الناس حباً وولاءً وطاعة لأمیر

ص: 51

المؤمنین(علیه السّلام). قال الإمام الصادق(علیه السّلام): « ما کان مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)من أصحابه من یعرف حقه إلا صعصعة وأصحابه» (معجم رجال الحدیث: 9/ 378).

وشهد صعصعة مشاهد أمیر المؤمنین(علیه السّلام)کلها الجمل وصفین والنهروان ، مقاتلاً وحاملاً رایته .

وعندما بایع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)قال له: «یا أمیر المؤمنین لقد زیَّنت الخلافة وما زانتک ، ورفعتها وما رفعتک ، وهی إلیک أحوج منک إلیها ». (شرح أصول الکافی: 7/ 203).

وقال فی علی(علیه السّلام): «جمع الحلم والسلم والعلم، والقرابة القریبة ، والهجرة القدیمة ، والبلاء العظیم فی الإسلام». (المناقب لمحمد بن سلیمان: 2/67).

وبعثه أمیر المؤمنین(علیه السّلام)الی الخوارج حین نزلوا حروراء لینظر ما یریدون ، فقالوا له: أرأیت لو کان علیٌّ معنا فی موضعنا أتکون معه ؟ قال: نعم ، قالوا: فأنت إذن مقلد علیاً دینک ، إرجع فلا دین لک ! فقال لهم صعصعة: ویلکم ألا أقلد من قلد الله فأحسن التقلید ، فاضطلع بأمر الله صدیقاً ، أو لم یکن رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )إذا اشتدَّت الحرب قدَّمه فی لهواتها فیطأ صماخها بأخمصه ، ویخمد

ص: 52

لهبها بحدِّه ، مکدوداً فی ذات الله ، عنه یعبر رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) والمسلمون ، فأنی تصرفون ، وأین تذهبون ، والی من ترغبون ، وعمن تصدفون؟! عن القمر الباهر ، والسراج الزاهر ، والصراط المستقیم ، وحسان الأعد المقیم ، قاتلکم الله أنی تؤفکون ؟ أفی الصدیق الأکبر والغرض الأقصی ترمون ؟ طاشت عقولکم ، وغارت حلومکم ، وشاهت وجوهکم ، لقد علوتم القلة من الجبل ، وباعدتم العلة من النهل ، أتستهدفون أمیر المؤمنین ووصی رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )؟! لقد سوَّلت لکم أنفسکم خسراناً مبیناً ، فبعداً

وسحقاً للکفرة الظالمین ، عدل بکم عن القصد الشیطان ، وعمَّی لکم واضح المحجة الحرمان! (الإختصاص/121).

وعندما نفاه عثمان الی الشام مع الأشتر وجماعة ، جرت بینهم وبین معاویة محاورات ، وفیها لصعصعة کلام بلیغ .

ولما توفی أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، وقف صعصعة یؤبنه ، واضعاً إحدی یدیه علی فؤاده ، وأخذ بالأخری تراباً من تراب القبر وصار یضرب به رأسه ، ثم قال: « بأبی أنت واُمِّی یا أمیر المؤمنین ، ثم قال: هنیئاً لک یا أبا الحسن ، فلقد طاب مولدک ، وقوی صبرک ،

ص: 53

وعظم جهادک ، وظفرت برأیک ، وربحت تجارتک ، وقدمت علی خالقک، فتلقاک الله ببشارته ، وحفک بملائکته ، واستقررت فی جوار المصطفی ، فأکرمک الله بجواره ، ولحقت بدرجة أخیک المصطفی ، وشربت بکأسه الأوفی ، فأسأل الله أن یمنَّ علینا باقتفائنا أثرک ، والعمل بسیرتک ، والموالاة لأولیائک ، والمعاداة لأعدائک ، وأن یحشرنا فی زمرة أولیائک ، فقد نلت مالم ینله أحد ، وأدرکت ما لم یدرکه أحد ، وجاهدت فی سبیل ربک بین یدی أخیک المصطفی حق جهاده ، وقمت بدین الله حق القیام ، حتی أقمت السنن ، وأبَرْتَ الفتن ، واستقام الإسلام ، وانتظم الإیمان . فعلیک منی أفضل الصلاة والسلام بک اشتدَّ ظهر المؤمنین ، واتضحت أعلام السبل ، وأقیمت السنن ، وما جمع لأحد من مناقبک وخصالک ، سبقت الی إجابة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) مقدماً مؤثراً ، وسارعت الی نصرته ، ووقیته بنفسک ، ورمیت سیفک ذا الفقار فی مواطن الخوف والحذر ، قصم الله بک کل جبار عنید ، وذل بک کل ذی بأس شدید ، وهدم بک حصون أهل الشرک والعدوان والردی ، وقتل بک أهل الضلال من العدی . فهنیئاً لک یا أبا الحسن .

ص: 54

لقد شرَّف الله مقامک وکنت أقرب الناس الی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) نسباً، وأولهم إسلاماً ، وأوفاهم یقیناً ، وأشدهم قلباً ، وأبذلهم لنفسه مجاهداً ، وأعظمهم فی الخیر نصیباً ، فلا حرمنا الله من أجرک ، ولا أذلنا بعدک ، فوالله لقد کانت حیاتک مفاتح للخیر ومغالق للشر ، وإن یومک هذا مفتاح کل شرٍّ ومغلاق کل خیر، ولو أن الناس قبلوا منک لأکلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ، ولکنهم آثروا الدنیا علی الآخرة ثم أنشد:

ألا من لی باُنسک یا اُخیَّا

ومن لی أن أبثک ما لدیا

طوتک خطوب دهر قد تولت

کذاک خطوبه نشراً وطیا

فلو نشرک قواک الی المنایا

شکوت إلیک ما صنعت إلیا

بکیتک یا علی لدر عینی

فلم یُغن البکاء علیک شیا

کفی حزناً بدفنک ثم إنی

نفضت تراب قبرک من یدیا

وکانت فی حیاتک لی عظات

وأنت الیوم أوعظ منک حیا

فیا أسفا علیک وطول شوقی

إلیک لو أن ذلک ردَّ شیا

(مناقب آل أبی طالب: 3 /97)

وجمع صعصعة قومه فی الکوفة عندما بلغه أن بعضهم یؤوی الخوارج ، وذلک بعد مقتل أمیر المؤمنین(علیه السّلام)ثم خطبهم فقال: «یا معشر عباد الله ! إن الله لما قسَّم الفضل بین المسلمین خصَّکم

ص: 55

بأحسن القسم ، فأجبتم الی دین الله الذی ارتضاه لنفسه وارتضاه لملائکته ورسله ، فأقمتم علیه حتی قبض الله رسوله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ثم اختلف الناس من بعد: فثبتت طائفة ، وارتدَّت طائفة ، وأدهنت طائفة ، وتربَّصت طائفة ، فلزمتم دین الله إیمانا به وبرسوله ، وقاتلتم المرتدین حتی قام الدین ، وأهلک الله الظالمین ، فلم یزل الله یزیدکم بذلک خیراً فی کل شئ وعلی کل حال حتی اختلفت الأُمة بینها فقالت طائفة: نرید طلحة والزبیر وعائشة ، وقالت طائفة نرید أهل المغرب (معاویة) وقالت طائفة: نرید عبدالله بن وهب الراسبی (الخوارج) وأنتم قلتم: لانرید إلا الذین ابتدأنا الله بالکرامة من قبلهم ، (علیاً والعترة(علیهم السّلام) ) تسدیداً من الله لکم وتوفیقاً ، فلم تزالوا علی الحق لازمین له آخذین به ، حتی أهلک الله بکم الناکثین یوم الجمل ، ولا قوم أعدی لکم ولأهل بیت نبیکم ولجماعة المسلمین من هذه المارقة الخاطئة ، الذین فارقوا إمامنا ،واستحلوا دماءنا وشهدوا علینا بالکفر ! فإیاکم أن تؤوهم فی دورکم أو تکتموا علیهم ، فإنه لیس ینبغی لحیٍّ من أحیاء العرب أن یکون أعدی منکم لهذه المارقة ، وقد ذکر لی: أن بعضهم فی جانب من حیِّکم وأنا باحث وسائل عن ذلک ، فإن کان ما حکیَ لی حقاً تقرَّبت الی الله بدمائهم ، فإن دماءهم حلال »! (موسوعة الیوسفی:5/517).

ص: 56

ووصف صعصعة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)لمعاویة یوماً فقال:

« کان فینا کأحدنا ، لین جانب ، وشدة تواضع ، وسهولة قیاد ، وکنا نهابه مهابة الأسیر المربوط للسیاف الواقف علی رأسه » ! (شرح نهج البلاغة: 1/25).

وأقام المغیرة بن شعبة عامل معاویة علی الکوفة الخطباء لیلعنوا علیاً(علیه السّلام)فقام صعصعة بن صوحان فتکلم فقال المغیرة: أخرجوه وأقیموه علی المصطبة فلیلعن علیاً ، فقال: لعن الله من لعن الله ولعن علی بن أبی طالب ، فأخبروا المغیرة بذلک ، فقال: أقسم بالله لتقیدنَّه ؟ فخرج صعصعة فقال: إن هذا یأبی إلا علی بن أبی طالب فالعنوه لعنه الله! فقال المغیرة:أخرجوه أخرج الله نفسه! :(مواقف الشیعة:2/441).

وکتب معاویة الی زیاد بن أبیه عامله علی الکوفة: أن ابعث لی خطباء أهل العراق ، وابعث لی صعصعة بن صوحان ، ففعل ، فلما قدِموا علی معاویة خطبهم فقال: مرحباً بکم یا أهل العراق قدِمتم علی إمامکم ، وهوجُنَّة لکم یعطیکم مسألتکم ، ولا یعظم فی عینه کبیراً ، ولا یحقر لکم صغیراً ، وقدمتم علی أرض المحشر والمنشر ، والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبیاء ، ثم قال فی

ص: 57

خطبته: ولو أن أبا سفیان ولد الناس کلهم لکانوا أکیاساً (عقلاء حلماء) . فلما فرغ من خطبته قال: قم فاخطب یا صعصعة ، فقام صعصعة: فحمد الله وأثنی علیه وصلی علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثم قال: إن معاویة ذکر إنا قدِمنا علی إمامنا وهو جُنَّة لنا ، فما یکون حالنا إذا انخرقت الجُنَّة ؟ وذکر أنا قدِمنا الی أرض المحشر والمنشر والأرض المقدسة وأرض هجرة الأنبیاء! فالمحشر والمنشر لایضر بعدهما مؤمناً ولا ینفع قربهما کافراً ، والأرض لا تقدِّس أحداً وإنما یقدِّس العباد أعمالهم ، ولقد وطأها من الفراعنة أکثر مما وطأها من الأنبیاء ! وذکر أن أبا سفیان لو ولد الناس کلهم لکانوا أکیاساً فقد ولدهم من هو خیر من أبی سفیان ، آدم صلوات الله علیه ، فولد الکیِّس والأحمق والعالم والجاهل! فغضب معاویة وقال: أسکت لا أمَّ لک ، ولا أب ، ولا أرض ! فقال صعصعة: الأب والأم ولدانی ، ومن الأرض خرجت ، وإلیها أعود !

وأخیراً ، کتب معاویة الی عامله زیاد أن أقمه للناس وأمره أن یلعن علیاً فإن لم یفعل فاقتله ! فأخبره زیاد بما أمره به فیه وأقامه للناس ، فصعد صعصعة المنبر فحمد الله وأثنی علیه ثم صلی علی

ص: 58

النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثم قال: أیها الناس إن معاویة أمرنی أن ألعن علیاً فالعنوه لعنه الله . فقال زیاد: لا أراک إلا لعنت أمیر المؤمنین معاویة . فقال صعصعة: إنی ترکتها مبهمة وإلا بینتها . فقال زیاد: لتلعننَّ علیاً وإلا نفذت فیک أمر أمیر المؤمنین ، فصعد صعصعة المنبر ، فقال: أیها الناس إنهم أبوا علیَّ إلا أن أسبَّ علیاً، وقد قال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): من سبَّ علیا فقد سبَّنی ومن سبَّنی فقد سبَّ الله! وما کنت بالذی یسبُّ الله ورسوله ، فکتب زیاد بذلک الی معاویة ، فأمر بقطع عطائه وهدم داره ، ففعل زیاد به ذلک ، لکن إخوانه من الموالین لآل البیت(علیهم السّلام) مشی بعضهم الی بعض ، فجمعوا له سبعین ألفاً. (شرح الأخبار:1/171) فأبعده الی جزیرة أوال أی البحرین ، فمات فیها سنة ستین للهجرة (رحمه الله)، وقبره مزار .

4- جویریة بن مسهِّر العبدی

من عیون شیعة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وثقاته ، وکان مؤذنه (مناقب آل أبی طالب:3/90) وکان أمیر المؤمنین(علیه السّلام)یحبه حباً جماً.

فی شرح النهج:2/290: «کان جویریة بن مسهر العبدی صالحاً صدیقاً لعلی بن أبی طالب(علیه السّلام)، وکان علیٌّ یحبه . نظر یوماً إلیه

ص: 59

وهو یسیر فناداه یاجویریة إلحق بی فإنی إذا رأیتک هویتک ! وروی أیضاً عن حبَّة العرنی قال: سرنا مع علیٍّ(علیه السّلام)یوماً فالتفت فإذا جویریة خلفه بعیداً ، فناداه: یا جویریة إلحق بی لا أباً لک ، ألا تعلم أنی أهواک وأحبک ؟ قال: فرکض نحوه ، فقال له: إنی محدثک بأمور فاحفظها ثم اشترکا فی الحدیث سراً فقال جویریة: یا أمیر المؤمنین إنی رجل نَسَّاء ، فقال: إنی أعید علیک الحدیث لتحفظه ، ثم قال له فی آخر ما حدثه إیاه: یا جویریة ، أحبب حبیبنا ما أحبنا فإذا أبغضنا فابغضه ، وابغض بغیضنا ما أبغضنا فإذا أحبنا فأحبه . وکان ناس فی الکوفة یقولون: أتراه جعل جویریة وصیه کما یدعی هو من وصیة رسول الله (صلّی الله علیه و آله وسلّم )له ؟ وما ذلک إلا لشدة اختصاصه له ».

وقال فی ص291: «دخل جویریة یوماً علی الإمام(علیه السّلام)وهو مضطجع وعنده قوم من أصحابه فناداه: أیها النائم استیقظ ، فلتضربن علی رأسک ضربة تخضب منها لحیتک .

فتبسم أمیر المؤمنین(علیه السّلام)ثم قال: یا جویریة ، أترید أن أحدثک بأمرک ؟ أما والذی نفسی بیده لتُعْتَلَنَّ للعُتُلِّ الزنیم فلیقطعنَّ یدک

ص: 60

ورجلک ، ولیصلبنَّک تحت جذع کافر . قال الراوی: فوالله ما مضت الأیام حتی أخذ زیاد جویریة ، فقطع یده ورجله وصلبه الی جانب جذع ابن مکعبر وکان جذعاً طویلاً ، فصلبه علی جذع قصیر الی جانبه !

وقد روی جاریة حدیث رد الشمس لأمیر المؤمنین(علیه السّلام) ، قال: أقبلنا مع أمیر المؤمنین من قتل الخوارج ، حتی إذا قطعنا فی أرض بابل وحضرت صلاة العصر ، فنزل أمیر المؤمنین(علیه السّلام) ونزل الناس فقال: أیها الناس إن هذه أرض ملعونة ، قد عذبت فی الدهر ثلاث مرات ، وفی خبر آخر مرتین وهی تتوقع الثالثة ، وهی إحدی المؤتفکات ، وهی أول أرض عبد فیها وثن ، وأنه لا یحل لنبی ولا لوصی نبی أن یصلی فیها ، فمن أراد أن یصلی فلیصل . (وسائل الشیعة: 5/180) . قال: فتفرق الناس یصلون یمنة ویسرة ، وقلت أنا لأقلدنَّ هذا الرجل دینی، ولا أصلی حتی یصلی. قال: فسرنا وجعلت الشمس تستقل وجعل یدخلنی فی ذلک أمر عظیم ،حتی وجبت الشمس وقطعت الأرض ، فقال(علیه السّلام): یا جویریة أذَّن ، فقلت: تقول لی أذن وقد غابت الشمس؟ قال: فأذنت ثم قال: أقم فأقمت ، فلما قلت: قد قامت الصلاة رأیت شفتیه تتحرکان ، وسمعت کلاماً کأنه کلام

ص: 61

العبرانیة ، قال: فرجعت الشمس حتی صارت مثل وقتها فی العصر فصلی ! فلما انصرف هوت الی مکانها واشتبکت النجوم»! (خصائص الأئمة/56).

أقول: تدل روایات هذه الحادثة علی أن المکان المقصود لیس کل بابل بل أرضٌ فی بابل ، وهی المکان الذی خسف فیه بنمرود أو غیره ، ففی مستدرک الوسائل(3/349 ) عن علی(علیه السّلام):« إن ببابل أرضاً قد خسف بها فحرک دابتک لعلنا أن نصلی العصر خارجاً منها ، قال فحرک دابته وحرک الناس دوابهم فی أثره ، فلما جاز جسر الصراط نزل فصلی بالناس العصر ». وقال ابن إدریس فی السرائر:1/265: «وکذلک یکره الصلاة فی کل أرض خسف ، ولهذا کره أمیر المؤمنین(علیه السّلام)الصلاة فی أرض بابل فلما عبر الفرات إلی الجانب الغربی وفاته لأجل ذلک أول الوقت ، ردت له الشمس إلی موضعها فی أول الوقت ، وصلی ». ونحوه: تحریر الأحکام:1/217، وذکری الشیعة:3/93، وکشف اللثام:3/299، ومفتاح الکرامة: 6/198، ومصباح الفقیه:2 ق 1/ 187.

ص: 62

5- حُکیم بن جبلة العبدی

وهو حکیم بن جبلة بن الحصین بن أسود بن کعب بن عامر بن الحارث بن الدیل بن عمرو بن غنم بن ودیعة بن لکیز بن أفصی بن عبد القیس ، أدرک النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )ولم یره (أسد الغابة: 2 : 40) ، وکان حکیم رجلاً صالحاً شجاعاً مطاعاً فی قومه ، کما أنه من خیار صحابة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)مشهور بولائه والنصح له ، وفیه یقول(علیه السّلام):

دعا حکیم دعوةً سمیعهْ

نال بها المنزلة الرفیعهْ

(أنساب الأشراف:1/234)

ویکفیه فخراً أن أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وصفه بالعبد الصالح.

(موسوعة الیوسفی: 4/554)

وهو بطل معرکة الجمل الأصغر ، فقد دفعته غیرته علی الإسلام للثأر من جیش طلحة والزبیر لما قتلوا حراس بیت المال ونهبوه ، فدعا قومه لرد الظالمین ، فقتل هو وثلاث مئة من المؤمنین ، قبل وصول أمیر المؤمنین(علیه السّلام)الی البصرة .

ص: 63

وکان فی الفتوحات قائداً ، فقد فتح مکران وهی بلوشستان إیران أیام عثمان بن عفان (معجم البلدان:5/179) ، وجعله عثمان حاکماً علی السند فرجع عنها کارهاً لولایتها (الدرجات الرفیعة/391)

6- سیحان بن صوحان

أخو زید وصعصعة، وهو مثلهما فی التقوی والزهد ، والشجاعة والإخلاص، والولاء لأمیر المؤمنین(علیه السّلام).

قال الإمام الصادق(علیه السّلام): « ما کان مع أمیر المؤمنین من أصحابه من یعرف حقه إلا صعصعة وأصحابه » (معجم رجال الحدیث: 9/378)

وقد استشهد سیحان مع أخیه زید فی معرکة الجمل ، وذکر المؤرخون أن الذین خطبوا فی الکوفة یحثون الناس علی نصرة أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی حرب الجمل هم: الإمام الحسن(علیه السّلام)وعمار بن یاسر ، والأشتر وزید بن صوحان ، وأخوه سیحان .

وحضر المعرکة مع أخویه ، ولما دعا أمیر المؤمنین(علیه السّلام)أصحابه لیحملوا علی الجمل ویعقروه ویخلصوا الناس من شره ، کان بنو صوحان فی مقدمة من استجاب ، فحمل زید وقاتل حتی استشهد ، فأخذ الرایة أخوه سیحان ، وتقدم نحو الجمل فاستشهد(رحمه الله).

ص: 64

7- الشاعر سفیان بن مصعب العبدی

أبو محمد شاعر مشهور من شعراء أهل البیت(علیهم السّلام) ، المقبولین عندهم ، وقد ضمَّن شعره مناقب أمیر

المؤمنین(علیه السّلام)والأئمة الطاهرین ، وتفجع علی مصائبهم ورثاهم (الغدیر: 2/294).

وکان الإمام الصادق(علیه السّلام)یستنشده ، فقال ذات یوم: قولوا لأم فروه إحدی بناته تجئ فتسمع ما صنع بجدها ، فجاءت فقعدت خلف الستر ، فأنشد العبدی: فَرْوُ جودی بدمعک المسکوب! فصاحت وصحن النساء ! (الکافی: 8 : 215) .

وقال له: قل شعراً تنوح به النساء . وقال(علیه السّلام)لشیعته: یا معشر الشیعة:علموا أولادکم شعر العبدی فإنه علی دین الله». (شرح أصول الکافی:12/287). وله(رحمه الله):

إنا روینا فی الحدیث خبرا

یعرفه سایر من کان روی

إن ابن خطاب أتاه رجل

فقال: کم عدة تطلیق الإما

فقال: یا حیدر کم تطلیقة

للأمَة اذکره ، فأومی المرتضی

بإصبعیه فثنی الوجه الی

سائله قال: اثنتان واثنتا

قال له: تعرف هذا ؟ قال: لا

قال له: هذا علی ذو العلا

وقد روی عکرمة فی خبر

ما شک فیه أحد ولا امتری

ص: 65

مر ابن عباس علی قوم وقد

سبُّوا علیاً فاستراع وبکی

وقال مغتاظاً لهم أیُّکم

سبَّ إله الخلق جلَّ وعلا

قالوا معاذا الله ، قال أیکم

سبَّ رسول الله ظلماً واجتری

قالوا معاذ الله ، قال أیکم

سبَّ علیاً خیر من وطا الحصی

قالوا نعم قد کان ذا ، فقال قد

سمعت والله النبی المجتبی

یقول من سبَّ علیاً سبنی

وسبنی سبَّ الإله واکتفی

محمد وصنوه وابنته وابنیه

خیر من تحفی واحتذی

صلی علیهم ربنا باری الوری

ومنشئ الخلق علی وجه الثری

صلی علیهم ربنا باری الوری

ومنشئ الخلق علی وجه الثری

صفاهم الله تعالی وارتضی

واختارهم من الأنام واجتبی

لولاهم الله ما رفع السما ولا

دحی الأرض ولا أنشی الوری

لا یقبل الله لعبد عملاً

حتی یوالیهم بإخلاص الولا

ولا تتم لامرئ صلاته

إلا بذکرهم ، ولا یزکو الدعا

لو لم یکونوا خیر من وطا الحصا

ما قال جبریل من تحت العبا

هل أنا منکم شرفاً ثم علا

یفاخر الأملاک إذ قالوا بلی

لو أن عبداً لقی الله بأعما

ل جمیع الخلق براً واتقی

ولم یکن والی علیاً حبطت

أعماله وکبَّ فی نار لظی

وإن جبریل الأمین قال لی

عن ملکیه الکاتبین مذ دنا

ص: 66

إنهما ما کتبوا قط علی

الطهر علیٍّ زلة ً ولا خنا

(الغدیر: 2 : 298) وله(رحمه الله):

آل النبی محمد أهل

الفضایل والمناقب

المرشدون من العمی

والمنقذون من اللوازب

الصادقون الناطقون

السابقون الی الرغائب

فولاهم فرض من الرح

مان فی القرآن واجب

وهم الصراط ، فمستقیم

فوقه ناج وناکب

صدیقة خلقت لصدیق

شریف فی المناسب

اختاره واختارها طهرین

من دنس المعایب

إسماهما قرنا علی سطر

بظل العرش راتب

کان الإله ولیها

وأمینه جبریل خاطب

والمهر خمس الأرض

موهبة تعالت فی المواهب

وتهابها من حمل طوبی

طیبت تلک المناهب (الغدیر:2/305 )

وله(رحمه الله):

یا سادتی یا بنی علی

یا آل طه وآل صاد

من ذا یوازیکم وأنتم

خلایف الله فی البلاد

ص: 67

أنتم نجوم الهدی اللواتی

یهدی بها الله کل هاد

لولا هداکم إذا ضللنا

والتبس الغیُّ بالرشاد

لا زلت فی حبکم اُوالی

عمری وفی بغضکم اُعادی

وذاک ذخری الذی علیه

فی عرصة الحشر اعتمادی

(الغدیر:2/ و317)

8- الجارود بن المنذر العبدی

هو الجارود بن بشر بن المعلی بن العلاء ، وقیل بن عمرو بن العلاء ، وهو من بنی جذیمة بن عوف بن أنمار بن عمرو بن ودیعة (الاستیعاب: 1 : 78) ، قیل کان نصرانیاً وکان حسن المعرفة بتفسیر الکتب وتأویلها ، عالماً بِسِیر الفرس وأقاویلها ، بصیراً بالفلسفة والطب، ظاهر الدهاء والأدب، کامل الجمال ذا ثروة ومال (سیرة ابن کثیر: 1/144).

ورووا قصة إسلامه ووفوده علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )أنه قال: والذی بعثک بالحق لقد وجدت صفتک فی الإنجیل ، ولقد بشَّر بک ابن البتول عیسی بن مریم ، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنک محمد رسول الله ، ثم آمن الجارود وآمن معه من قومه کل سید فسرَّ النبی بذلک (عیون الأثر:1/97) وأنشد بین یدیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم ):

ص: 68

شهدت بأن الله حق وسامحت

بنات فؤادی بالشهادة والنهض

فابلغ رسول الله عنی رسالة

بأنی حنیف حیث کنت من الأرض

وقال ابن عیاش الجوهری فی مقتضب الأثر/31:

« ومن أتقن الأخبار المأثورة وغریبها وعجیبها ، ومن المصون المکنون فی أعداد الأئمة (علیهم السّلام) وأسمائهم من طریق العامة مرفوعاً وهو خبر الجارود بن المنذر وإخباره عن قس بن ساعدة: ما حدثنا به أبو جعفر محمد بن لاحق...حدثنی الجارود بن المنذر العبدی وکان نصرانیاً فأسلم عام الحدیبیة وحسن إسلامه ، وکان قاریاً للکتب ، عالماً بتأویلها علی وجه الدهر وسالف العصر ، بصیراً بالفلسفة والطب ، ذا رأی أصیل ووجه جمیل ، أنشأ یحدثنا فی أمارة عمر بن الخطاب ، قال: وفدت علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )فی رجال من عبد القیس ، ذوی أحلام وأسنان وفصاحة وبیان وحجة وبرهان ، فلما بصروا به(صلّی الله علیه و آله وسلّم )راعهم منظره ومحضره ، وأفحموا عن بیانهم ، واعتراهم العرواء فی أبدانهم ! فقال زعیم القوم لی: دونک من أقمت بنا أممه ، فما نستطیع أن نکلمه ! فاستقدمت دونهم إلیه فوقفت بین یدیه(صلّی الله علیه و آله وسلّم )وقلت: السلام علیک یا نبی الله ، بأبی أنت وأمی ، ثم أنشأت أقول:

یا نبی الهدی أتتک رجالٌ

قطعت قرددا وآلاً فآلا

ص: 69

جابت البید والمهامهَ حتی

غالها من طوی السری ما غالا

قطعت دونک الصحاصح تهوی

لا تعد الکلال فیک کلالا

کل دهناء تقصر الطرف عنها

أرقلتها قلاصنا إرقالا

خصک الله یا ابن آمنة الخیر

إذا ما تلت سجال سجالا

أنبأ الأولون باسمک فینا

وبأسماء بعده تتلالا

قال: فأقبل علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )بصفحة وجهه المبارک وشِمْتُ منه ضیاء لامعاً ساطعاً کومیض البرق فقال: یا جارود لقد تأخر بک وبقومک الموعد ، وقد کنت وعدته قبل عامی ذلک أن أفد إلیه بقومی فلم آته وأتیته فی عام الحدیبیة ، فقلت: یا رسول الله بنفسی أنت ، ما کان إبطائی عنک إلا أن جلة قومی أبطأوا عن إجابتی ، حتی ساقها الله إلیک لما أراد لها من الخیر لدیک.. وقد کنت علی دین النصرانیة قبل أتیتی إلیک الأولی فها أنا تارکه بین یدیک إذ ذلک مما یعظم الأجر ، ویمحو المآثم والحوب ، ویرضی الرب عن المربوب .

فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): أنا ضامن لک یا جارود ! قلت: أعلم یا رسول الله أنک بذلک ضمین قمین . قال: فَدِنْ الآن بالوحدانیة ودع عنک النصرانیة ، قلت: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شریک له ، وأنک عبده ورسوله ، ولقد أسلمت علی علم بک

ص: 70

وبناء فیک ، علمته من قبل! فتبسم(صلّی الله علیه و آله وسلّم )کأنه علم ما أردته من الإنباء فیه فأقبل علیَّ وعلی قومی فقال: أفیکم من یعرف قس بن ساعدة الأیادی؟ قلت: یا رسول الله کلنا نعرفه غیر أنی من بینهم عارف بخبره ، واقف علی أثره: کان قس بن ساعدة یا رسول الله سبطاً من أسباط العرب، عمَّر خمس مائة عام ، تقفَّر منها فی البراری خمسة أعمار یضج بالتسبیح علی منهاج المسیح ، لا یقره قرار ولا یکنه جدار ، ولا یستمتع منه جار ، لا یفتر من الرهبانیة ویدین الله بالوحدانیة ، یلبس المسموح ، ویتحسی فی سیاحته بیض النعام ، بالنور والظلام ، یبصر فیعتبر ، ویتفکر فیختبر ، تضرب بحکمته الأمثال ، أدرک رأس الحواریین شمعون ، وأدرک لوقا ویوحنا وأمثالهم ، ففقه کلامهم ونقل منهم ، تحوَّبَ الدهر وجانَبَ الکفر ، وهو القائل بسوق عکاظ وذی المجاز:

شرقٌ وغرب ، ویابسٌ ورطب ، وأجاجٌ وعذب ، وحبٌّ ونبات ، وجمعٌ وأشتات ، وذهابٌ وممات ، وآباءٌ وأمهات ، وسرورُ مولود ، ورزء مفقود . تباً لأرباب الغفلة ، لیصلحن العامل عمله قبل أن یفقد أجله !

ص: 71

کلا بل هو الله الواحد لیس بمولود ولا والد ، أمات وأحیا ، وخلق الذکر والأنثی ، وهو رب الآخرة والأولی.. ثم صاح: یا معاشر أیاد: أین ثمود ، وأین عاد ، وأین الآباء والأجداد ، وأین العلیل والعواد ، وأین الطالبون والرواد ، وکل له معاد . قلت: یا رسول الله لقد شهدت قساً خرج من ناد من أندیة أیاد ، إلی صحصح ذی قتاد وصمرة وعتاد ! وهو مشتمل بنجاد ، فوقف فی أضحیان لیل کالشمس، رافعاً إلی السماء وجهه وإصبعه ، فدنوت منه وسمعته یقول:

اللهم رب هذه السبعة الأرقعة والأرضین الممرعة ، وبمحمد والثلاثة المحامدة معه ، والعلیین الأربعة ، وسبطیه النبعة ، والأرفعة الفرعة ، والسری اللمعة ، وسمی الکلیم الضرعة ، والحسن ذی الرفعة ، أولئک النقباء الشفعة ، والطریق المهیعة ، درسة الإنجیل ، وحفظة التنزیل ، علی عدد النقباء من بنی إسرائیل ، محاة الأضالیل ونفاة الأباطیل ، الصادقوا القیل ، علیهم تقوم الساعة ، وبهم تنال الشفاعة ولهم من الله تعالی فرض الطاعة .

ص: 72

اللهم لیتنی مدر کهم ولو بعد لأی من عمری ومحیای. ثم آب یکفکف دمعه ویرن رنین البکرة وقد بریت ببراة وهو یقول:

أقسمَ قِسٌّ قسما

لیس به مکتتما

لو عاش ألفی عمر

لم یلق منها سأما

حتی یلاقی أحمداً

والنقباء الحکما

هم أوصیاء أحمدٍ

أکرم من تحت السما

یعمی العباد عنهم

وهم جلاء للعمی

لست بناس ذکرهم

حتی أحُلَّ الرجما

ثم قلت: یا رسول الله أنبئنی أنبأک الله بخبر عن هذه الأسماء التی لم نشهدها وأشهدنا قس ذکرها ؟

فقال رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): یا جارود لیلة أسری بی إلی السماء أوحی الله عز وجل إلی أن سل من أرسلنا من قبلک من رسلنا علی ما بعثوا ؟فقلت: علی ما بعثتم؟ فقالوا: علی نبوتک وولایة علی بن أبی طالب والأئمة منکما .

ثم أوحی إلی أن التفت عن یمین العرش ، فالتفت فإذا علی والحسن، والحسین، وعلی بن الحسین، ومحمد بن علی ، وجعفر بن محمد ، وموسی بن جعفر ، وعلی بن موسی ، ومحمد بن علی ، وعلی بن محمد ، والحسن بن علی ، والمهدی فی ضحضاح من نور

ص: 73

یصلون ، فقال لی الرب تعالی: هؤلاء الحجج لأولیائی، وهذا المنتقم من أعدائی ! قال الجارود: فانصرفت بقومی وقلت فی وجهتی إلی قومی:

أتیتک یا ابن آمنة الرسولا

لکی بک أهتدی النهج السبیلا

فقلت وکان قولک قول حق

وصدقٌ ما بدا لک أن تقولا

وبصرت العمی من عبد قیس

وکل کان من عمه ضلیلا

وأنبأناک عن قس الأیادی

مقالاً فیک ظلت به جدیلا

وأسماء عمت عنا فآلت

إلی علم وکنت به جهولا ».

ورواه أبو الفتح فی الإستنصار/34 ، وکنز الفوائد/256 ، والمناقب: 1/245 .

وبعد وفاة النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم )ثبت الجارود وقومه علی الإسلام ، فقد روی ابن عساکر فی تاریخ دمشق :1/432: «لما توفی رسول الله ارتدت العرب وارتد أهل هجر عن الإسلام، فقال أبان بن سعید بن العاص والی النبی علی هجر لعبد القیس: أبلغونی مأمنی! قالوا: بل أقم فلنجاهد معک فی سبیل الله ، فالله معز دینه ومظهره علی ما سواه وعبد القیس لم ترجع عن الإسلام ، قال: بل أبلغونی مأمنی فأشهد أمر أصحاب رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) فلیس مثلی یغیب عنهم ، فأحیا بحیاتهم وأموت بموتهم... ومشی إلیه الجارود العبدی فقال: أنشدک الله أن لا تخرج من بین أظهرنا فإن دارنا منیعة ونحن سامعون مطیعون ،ولو کنت فی المدینة الیوم لوجهک أبو بکر إلینا ، فلا تفعل فإنک

ص: 74

إن قدمت علی أبی بکر لامک ، وقال: تخرج من قوم أهل سمع وطاعة ثم رجعک إلینا . فقال: لا أعمل لأحد بعد رسول الله وإن معی مالاً قد اجتمع ، قالوا: إحمله فحمل مئة ألف درهم وخرج معه ثلاث مئة خفراً حتی قدم المدینة » .

وروی ابن سعد أن الجارود العبدی شهد علی قدامة بن مظعون والی البحرین من قبل عمر بن الخطاب بشرب الخمر ، وشهد علیه علقمة بن عبدالله التمیمی وقیل أبو هریرة بقئ الخمر ، وأن عمر دافع عنه وتهرَّب من إقامة الحدِّ علیه، لأنه أخ زوجته ، فاعترض علیه الجارود !

قال فی الطبقات:6/560: « إن عمر بن الخطاب ولی قدامة بن مظعون البحرین ، فقدم الجارود سید عبد القیس علی عمر بن الخطاب فقال: یا أمیر المؤمنین إن قدامة قد شرب ، وإنی رأیت حدَّاً من حدود الله کان حقاً علیَّ أن أرفعه إلیک ، فقال عمر: من یشهد علی ما تقول ؟ فقال: أبو هریرة یشهد ، فکتب عمر الی قدامة بالقدوم علیه فقدم ، فأقبل الجارود یکلم عمر ویقول: أقم علی هذا کتاب الله ! فقال عمر: أشاهد أنت أم خصم؟ فقال الجارود: بل أنا شاهد! فقال عمر: قد کنت أدیت شهادتک ، فسکت الجارود . ثم غدا علیه من الغد فقال: أقم الحد علی هذا ، فقال عمر: ما أراک إلا خصماً ، وما یشهد علیه إلا رجل واحد ، والله لتملکنَّ لسانک أو لأسوءنَّک ! فقال الجارود: أما والله ما ذاک بالحق ، یشرب إبن عمک الخمر

ص: 75

وتسوءنی ، فوزعه عمر ! أی طرده! وکان لقیه عبدالله بن عمر لما جاء لیشهد علی قدامة بن مظعون فأخذ یهدده: والله لیجلدنک أمیر المؤمنین! فقال الجارود: یجلد والله خالک أو یأثم أبوک بربه ، إیای تکسر بهذا یا عبدالله بن عمر ، ثم جاء فدخل علی عمر فقال: أقم الکتاب علی هذا ، فانتهره عمر وقال: والله لولا الله لفعلت بک وفعلت! فقال الجارود: والله لولا الله لما هممت بذلک! فقال عمر: صدقت إنک لمنتحی الدار کثیر العشیرة. وهنا اضطر عمر لإقامة الحد علی صاحبه قدامة بن مظعون ، وعزله عن ولایة البحرین ، وبعث أبو بکرة وقیل أبا هریرة والیاً بدلاً عنه ! (والکامل:1/453).

وسکن الجارود البصرة، ومات سنة إحدی وعشرون للهجرة فی عقبة الطین من بلاد فارس ودفن هناک. (الإستیعاب:1/78).

ص: 76

الفصل السابع: فهرس لمجموعة من أعلام العبدیین

1- من أصحاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)

1: ذریح بن عباد العبدی: کان قائداً فی معرکة الجمل الأصغر مقابل الزبیر ، وکان حکیم مقابل طلحة. (أعیان الشیعة: 6/430).

2: الزعل والأشرف ابنا جبلة: رویا عن أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وهما أخوا حکیم (رجال الطوسی : 57) استشهدا فی معرکة الجمل الأصغر(تاریخ خلیفة : 137).

3: عبدالله بن رقبة بن المغیرة العبدی: حمل لواء ربیعة فی معرکة الجمل الأصغر ، وقاتل حتی استشهد(رحمه الله).

ص: 77

4: هرم بن حیان: أحد الزهاد الثمانیة، من أصحاب الإمام أمیر المؤمنین(علیه السّلام)وعدَّ فی الصحابة (أسد الغابة:5/57). من أصحاب أویس القرنی وذکروا له کرامات. (الطبقات:7/133).

5: بشر بن منقذ (الأعور الشنی): من بنی شن من عبد القیس، من فحول شعراء العرب ، وبعض أبیاته أمثال کقوله:

لسان الفتی نصف ونصف فؤاده

فهل بعد إلا صورة اللحم والدم

وکائن تری من ساکت لک معجب

زیادته أو نقصه فی التکلم

وفضله الشعبی علی حسان (کتاب الصمت لابن أبی الدنیا/55). وله دیوان مطبوع ، منه:

أبا حسن أنت شمس النهار

وهذان فی الحادثات القمر

وأنت وهذان حتی الممات

بمنزلة السمع بعد البصر

وأنتم أناس لکم سورة

تقصر عنها أکفُّ البشر

یخبرنا الناس عن فضلکم

وفضلکم الیوم فوق الخبر

عقدت لقوم أولی نجدة

من أهل الحیاء وأهل الخطر

مسامیح بالموت عند اللقاء

منّا وإخواننا من مضر

ومن حیِّ ذی یمن جلة

یقیمون فی النائبات الصعر

فکلٌّ یسرُّک فی قومه

ومن قال لا ، فبفیه الحجر

ص: 78

ونحن الفوارس یوم الزبیر

وطلحة إذ قیل أودی غدر

ضربناهم قبل نصف النهار

الی اللیل حتی قضینا الوطر

ولم یأخذ الضرب إلا الرؤوس

ولم یأخذ الطعن إلا الثغر

فنحن اُولئک فی أمسنا

ونحن کذلک فیما غبر

(شرح نهج البلاغة : 8/68)

وله قصائد یذم فیها معاویة وأبا موسی الأشعری .

6: قثم بن خبیئة (الصلتان العبدی): شاعر ، شهد صفین مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، وله هجاء لعبید الله بن عمر (شرح النهج 8 /537) وقد حکَّمه بنو تمیم بین جریر والفرزدق ففضَّل جریراً فی الشاعریة ، والفرزدق فی شرف النسب ، فلم یرضیا فهجاهما. (خزانة الأدب: 2/156).

7: عمرو بن مرجوم العصری: کان هو وأبوه سیدین ، وکان فی وفد قیس علی رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم ). (الطبقات الکبری : 5/563).

وشهد الجمل وصفین مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام) ، وکان قائداً فی ألوف من قومه . (الغارات : 2 : 784).

ص: 79

8: اُذینة بن سلمة: والد عبد الرحمن قاضی البصرة زمن الحجاج وکان رأس عبد القیس بعد موت الجارود العبدی وقبل أن یتولی إبنه المنذر بن الجارود الرئاسة. (الإصابة:1/10).

9: عوف بن بشر الشنی: روی عن أمیر المؤمنین(علیه السّلام)(رجال الطوسی/76) وشهد معه صفین وناظر ذا الکلاع الحمیری بعد مقتل عمار وأفحمه بقول النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ): عمار تقتله الفئة الباغیة (وقعة صفین/336) .

10: حویرثة بن سمیِّ العبدی: شهد صفین مع أمیر المؤمنین (وقعة صفین/384)

11: الحارث بن مرة العبدی: أحد الأبطال ، استشهد مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)فی صفین وکان قائد رجالة المیسرة (وقعة صفین/136).

12: المنذر بن مالک النضری: من أصحاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام) (رجال الطوسی: 82)

13: قدامة بن مسروق العبدی: من أصحاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، حضر معه صفین . (مستدرکات علم رجال الحدیث:6/267) .

ص: 80

14: جابر العبدی: روی أحمد أنه وفد معهم علی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) (مسند أحمد: 5/446)

15: عبد الله بن حکیم بن جبلة: روی عن أمیر المؤمنین(علیه السّلام) (رجال الطوسی : 75)

16: صوحان بن صعصعة بن صوحان: کان مقعداً ، واستقبل الإمام زین العابدین فی رجوعه بعد استشهاد أبیه‘فشکره (مثیر الأحزان: 91)

17: المثنی بن مخرمة العبدی: شهد مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام)الجمل وکان من الأبطال مع جاریة بن قدامة(رحمه الله) (الغارات:2/387) . وقصد مع جماعة من قومه التوابین فلم یدرکهم.(الطبری: 4/466).

18: أبو جویریة العبدی:حضر مع سلیمان بن صرد فی معرکة التوابین ، وترکه رفاعة بن شداد فی سبعین رجل من أصحابهم بعد رجوعهم من المعرکة ، لیعینوا الضعفاء من أصحابهم. (أعیان الشیعة: 2/318).

ص: 81

2- من رواتهم عن الأئمة(علیه السّلام)

اشارة

ترجم علماء الرجال کالشیخ الطوسی والنجاشی والسید الخوئی لعدد من أصحاب الإمام الباقر(علیه السّلام)من العبدیین مثل:

زید بن رواحة العبدی ، روی بعض مناقب أمیر المؤمنین(علیه السّلام)، ورفید بن مصقلة العبدی، ونجم بن الحطیم ، ویونس بن أبی یعفور، وروی عنه مسلم فی باب وجوب الإنکار علی الأمراء. وقال ابن حجر فی التهذیب:2 /351: صدوق..یفرط فی التشیع .

وترجموا لعدد کبیر من عبد القیس من أصحاب الإمام الصادق(علیه السّلام) نهلوا منه العلم ونشروه فی البلاد ، منهم:

إبراهیم بن خالد بن العطار: المعروف بإبن أبی ملیقة . وإبراهیم بن نعیم العبدی ، الذی قال له الإمام الصادق(علیه السّلام): أنت میزان لا عین فیه (رجال ابن داود/29) ویعرف بأبی الصباح الکنانی لأنه نزل فی کنانة فنسب إلیهم ، وروی عن الإمام الکاظم(علیه السّلام). وبشر بن الصلت العبدی الکوفی وبکر بن محمد العبدی العابد ، وجفیر بن الحکم ، والحسن بن السری ، وله کتاب یرویه عن الحسن بن محبوب والحسین بن الرماس ، وحفص بن سلیم ، وحمید بن

ص: 82

السری العبدی الکوفی ، وخالد بن السری ، وخلاد بن عامر المسلمی العبدی ، وخلیل العبدی وله کتاب یرویه عنه عبیس بن هشام . وخیثمة بن خدیج ، وربعی بن عبدالله بن الجارود ، وسکین بن عبد العزیز ، وهو سکین بن أبی فرات ، وسفیان بن سعید ، وسلیمان بن عبد الرحمن ، وشریس أبو عمارة ، والعباس بن عوف ، وعبد الأعلی بن زید ، وعبد الجبار بن مسلم العبدی ، وعبد الرحمن بن المنذر ، وعبدالله بن أبی یعفور ، وکان یقرئ القرآن فی مسجد الکوفة ، وعبد الملک بن سنان ، وعبد الواحد بن سلمة وعلی بن الحسین العبدی ، وعلی بن السری ، وعمرو بن جمیع ، وعمیر بن سوید ، وعیسی بن إبراهیم ، وقیس العبدی ولیث بن کیسان وکنیته أبو یحیی ، ومحمد بن بهلول بن مسلم ، ومحمد بن حمید ، ومحمد بن حنظلة أبو سلمة، ومحمد بن شهاب بن علاق ، ومحمد بن طالب بن عمیر، ومحمد بن عبدالله بن شهاب،ومحمد بن مسلم العبدی، ومحمد بن همام ، ومسعدة بن زیاد العبدی،ومسعدة بن صدقة ، وله کتاب فی خطب أمیر المؤمنین ، ومسلمة بن سعید ، ومعاذ بن الأسود بن قیس، ومنذر

ص: 83

بن جفیر ، وله کتاب ، ونصر بن عبد الرحمن ، وأبو عثمان العبدی الی عشرات الرواة غیرهم .

ومن العبدیین من أصحاب باقی الأئمة(علیهم السّلام) :

عمر بن محمد بن عبد الرحمن بن أُذینة ، وله کتاب الفرائض .

وذریح بن محمد المحاربی .

وعبد الله بن أحمد بن حرب بن مهزم ، وهو أبو هفان العبدی من بنی مهزم ، وهو بیت کبیر فی البصرة ، وهو أستاذ إبن درید صاحب جمهرة اللغة (الذریعة الی تصانیف الشیعة: 14/19) ، وله کتب منها: أشعار عبدالقیس وأخبارها ، وشعر أبی طالب بن عبدالمطلب وأخباره جمعه وشرحه ، وله کتاب طبقات الشعراء . (رجال النجاشی/218).

وداود بن علی العبدی ، وهو من أصحاب الإمام الرضا(علیه السّلام).

ومحمد بن إبراهیم الحضینی الأهوازی ، من أصحاب الإمام الجواد(علیه السّلام). والمختار بن زیاد ، من ثقات الإمام الجواد(علیه السّلام).

وحجاج بن سفیان العبدی ، من أصحاب الإمام الحسن العسکری(علیه السّلام) .

ص: 84

3- من فقهاء بنی عبد القیس

عمر بن أذینة: من کبار الفقهاء من تلامیذ الإمام الصادق(علیه السّلام) حدث بقصته وهو غلام مع کبیر قضاة الأمویین، کیف أثبت له بطلان منهج الظن الذی بنوا علیه دینهم وفقههم !

قال کما فی دعائم الإسلام:1/92: « دخلت یوماً علی عبد الرحمن بن أبی لیلی بالکوفة وهو قاض، فقلت: أردت أصلحک الله أن أسألک عن مسائل، وکنت حدیث السن ، فقال: سل یا بن أخی عما شئت ، قلت: أخبرنی عنکم معاشر القضاة ، ترد علیکم القضیة فی المال والفرج والدم ، فتقضی أنت فیها برأیک ثم ترد تلک القضیة بعینها علی قاضی مکة ، فیقضی فیها بخلاف قضیتک ثم ترد علی قاضی البصرة وقاضی الیمن ، وقاضی المدینة ، فیقضون فیها بخلاف ذلک ، ثم تجتمعون عند خلیفتکم الذی استقصاکم فتخبرونه باختلاف قضایاکم ، فیصوب رأی کل واحد منکم ، وإلهکم واحد ونبیکم واحد ودینکم واحد ، أفأمرکم الله عز وجل بالاختلاف فأطعتموه ، أم نهاکم عنه فعصیتموه ، أم کنتم شرکاء الله فی حکمه فلکم أن تقولوا وعلیه

ص: 85

أن یرضی ، أم أنزل الله دیناً ناقصاً فاستعان بکم فی إتمامه ، أم أنزل الله تاماً فقصر رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عن أدائه ، أم ماذا تقولون ؟!

فقال: من أین أنت یا فتی؟ قلت: من أهل البصرة ، قال: من أیها؟ قلت: من عبد القیس، قال: من أیهم قلت: من بنی أذینة، قال: ما قرابتک من عبد الرحمن بن أذینة ؟ قلت: هو جدی ، فرحب بی وقربنی وقال: أی فتی ، لقد سألت فغلظت وانهمکت فتعوصت وسأخبرک إن شاء الله . أما قولک فی اختلاف القضایا فإنه ما ورد علینا من أمر القضایا ، مما له فی کتاب الله أصل أو فی سنة نبیه (ص) فلیس لنا أن نعدو الکتاب والسنة ، وأما ما ورد علینا مما لیس فی کتاب الله ولا فی سنة نبیه فإنا نأخذ فیه برأینا.

قلت: ما صنعت شیئاً لأن الله عز وجل یقول: ما فرطنا فی الکتاب من شئ ، وقال فیه: تبیانا لکل شئ ، أرأیت لو أن رجلاً عمل بما أمر الله به وانتهی عما نهی الله عنه ، أبقی لله شئ یعذبه علیه إن لم یفعله أو یثیبه علیه إن فعله ؟ قال: وکیف یثیبه علی ما لم یأمره به أو یعاقبه علی ما لم ینهه عنه؟ قلت: وکیف یرد علیک من الأحکام ما لیس له فی کتاب الله أثر ولا فی سنة نبیه خبر؟ قال: أخبرک یا بن أخی حدیثاً حدثناه بعض أصحابنا ، یرفع الحدیث إلی عمر بن الخطاب أنه قضی قضیة بین رجلین فقال له أدنی

ص: 86

القوم إلیه مجلساً: أصبت یا أمیر المؤمنین فعلاه عمر بالدرة وقال: ثکلتک أمک ، والله ما یدری عمر أصاب أم أخطأ ، إنما هو رأی اجتهدته فلا تزکونا فی وجوهنا .

قلت: أفلا أحدثک حدیثاً ؟ قال: وما هو ؟ قلت: أخبرنی أبی عن أبی القاسم العبدی عن أبان عن علی بن أبی طالب(علیه السّلام)أنه قال: القضاة ثلاثة ، هالکان وناج ، فأما الهالکان فجائر جار متعمداً ومجتهد أخطأ ، والناجی من عمل بما أمر الله به ، فهذا نقض حدیثک یا عم ! قال: أجل والله یا ابن أخی ، فتقول أنت إن کل شئ فی کتاب الله عز وجل؟ قلت: الله قال ذلک ، وما من حلال ولا حرام ولا أمر ولا نهی إلا وهو فی کتاب الله عز وجل ، عرف ذلک من عرفه وجهله من جهله ، ولقد أخبرنا الله فیه بما لا نحتاج إلیه فکیف بما نحتاج إلیه !

قال: کیف قلت؟ قلت: قوله: فأصبح یقلب کفیه علی ما أنفق فیها قال: فعند من یوجد علم ذلک؟ قلت: عند من عرفت ، قال: وددت لو أنی عرفته فأغسل قدمیه وآخذ عنه وأتعلم منه ! قلت: أناشدک الله هل تعلم رجلاً کان إذا سأل رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )شیئاً أعطاه ، وإذا سکت عنه ابتدأه ؟ قال: نعم ، ذلک علی بن أبی طالب . قلت: فهل علمت أن علیاً سأل أحداً بعد

ص: 87

رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )عن حلال أو حرام ؟ قال: لا ، قلت: هل علمت أنهم کانوا یحتاجون إلیه ویأخذون عنه؟ قال: نعم ، قلت: فذلک عنده ! قال: فقد مضی ، فأین لنا به ؟ قلت: تسأل فی ولده ، فإن ذلک العلم عندهم .

قال: وکیف لی بهم ؟ (أی والسلطة لا تسمح لی بالأخذ منهم).

قلت ، أرأیت قوماً کانوا بمفازة من الأرض ومعهم أدلاء فوثبوا علیهم فقتلوا بعضهم وجافوا (طعنوه طعنة جائفة) بعضهم فهرب واستتر من بقی لخوفهم ، فلم یجدوا من یدلهم ، فتاهوا فی تلک المفازة حتی هلکوا ، ما تقول فیهم ؟ قال: إلی النار واصفرَّ وجهه وکانت فی یده سفرجلة ، فضرب بها الأرض فتهشمت ، وضرب بین یدیه وقال: إنا لله وإنا إلیه راجعون »!

ص: 88

4- من أدباء عبد القیس

حرب بن الحکم بن المنذر بن الجارود العبدی البصری ، شاعر مجید ، أورد له الحسکانی فی شواهد التنزیل(2/211) قوله:

رأیت الرضا بالعیش داعیة الغنی

وغیر الرضا بالعیش داعیة الفقر

ومن لا یکن فیه التکرم شیمة

فلیس بذی وفر ، وإن کان ذا وفر

ومن طمحت عیناه فی رزق غیره

یمت کمدا فی دأبه غیر ذی شکر

فحسبی من الدنیا کفاف یکفنی

وأثواب کتان أزور بها قبر

وحبی ذوی قربی النبی محمد

وما سُئلنا إلا المودة من الأجر

ومحمد بن جعفر بن إسماعیل ، روی عنه ابن قولویه فی کامل الزیارات فی فضل زیارة الحسین(علیه السّلام)یوم عرفة عن الإمام أبی عبدالله الصادق(علیه السّلام).

وهارون بن منصور العبدی ، من مشایخ الحسن بن محبوب روی عنه الکلینی فی روضة الکافی عن الإمام الباقر(علیه السّلام)دعاءً علمه رسول الله(صلّی الله علیه و آله وسلّم )لفاطمة(علیهاالسّلام) وهانئ بن محمد العبدی، من مشایخ الصدوق ، وترضی علیه الشیخ المفید فی الإختصاص/197.

ص: 89

وعلی بن المقرب العیونی ، أحد شعراء الأحساء المشهورین، وتوفی 629. وله فی رثاء الحسین(علیه السّلام) . (أعیان الشیعة: 8/347).

ص: 90

5- من أعلام النساء من عبد القیس

1: أم ذریح العبدیة

شهدت معرکة الجمل مع أمیر المؤمنین(علیه السّلام) ولها شعر فی عائشة ، وهی أم الفتی الذی حمل القرآن بین الصفین فقتله أصحاب طلحة والزبیر، قالت (شرح النهج:9/111):

یا رب إن مسلماً أتاهم

بمصحف أرسله مولاهم

للعدل والإیمان قد دعاهم

فخضبوا من دمه ضباهم

وأمهم واقفةٌ تراهم

تأمرهم بالغیِّ لا تنهاهم

2: أم أوفی العبدیة

وهی التی دخلت علی عائشة فسألتها: یا أم َّ المؤمنین، ماتقولین فی امرأة قتلت إبناً لها صغیراً ؟ فقالت: وجبت لها النار! فقالت: فما تقولین فی إمرأة قتلت من أولادها الأکابر عشرین ألفاً فی صعید

ص: 91

واحد؟! فصاحت:خذوا بید عدوَّة الله»! (عیون الأخبار/86 ،والعقد الفرید:2/109، وربیع الأبرار :1/105).

3: ماریة بنت منقذ أو سعید العبدیة

إحدی نساء عبد القیس المجاهدات ، کان بیتها مألفاً للشیعة فی البصرة یجتمعون فیه ، ویتذاکرون فضل آل محمد(صلّی الله علیه و آله وسلّم )، ولما أتت کتب الحسین(علیه السّلام) أهل البصرة یدعوهم فیها لنصرته ، اجتمع عندها وجوه الناس وکان منهم یزید بن نبیط الذی وصل الی کربلاء. (قاموس الرجال: 12/343).

4: أم شرف العبدیة

روت عن نضرة الأزدیة بعض الآیات بعد مقتل الحسین(علیه السّلام) قالت: « لما قتل الحسین(علیه السّلام)مطرت السماء دماً ، فأصبح جرارنا وکل شئ لنا ملأی دماً »! (الثقات:ابن حبان:5/487).

5: « وخرجت امرأة من عبد القیس تطوف فی القتلی ، فوجدت ابنین لها قد قتلا ، وقد کان قُتِلَ زوجها وأخوان لها فیمن قتل ، قبل مجئ علی(علیه السّلام)الی البصرة ، فأنشأت تقول:

شهدت الحروب فشیبننی

فلم أر یوما ًکیوم الجمل

ص: 92

أضر علی مؤمن فتنةً

وأقتله لشجاع بطل

فلیت الظعینة فی بیتها

ولیتک عسکرُ لم ترتحل

(مروج الذهب:1/321، والعقد الفرید:2/106).

ولعل أمیر الشعراء أحمد شوقی تأثر بها فی قوله:

یا جبلاً تأبی الجبال ما حملْ

ماذا رمت علیک ربَّةُ الجملْ

أثأرُ عثمان الذی شجاها

أم غُصَّةٌ لم یُنتزع شجاها

قضیةٌ من دَ مِهِ تبنیها

هبَّتْ لها واستنفرت بنیها

ذلک فتقٌ لم یکن بالبال

کیدُ النساء موهنُ الجبال !

(شیخ المضیرة أبو هریرة الدوسی/171).

ص: 93

ص: 94

فهرس الموضوعات

مقدمة................................................ 3

الفصل الأول : معلومات عامة عن قبیلة عبدالقیس

1- نسب عبد القیس....................................... 5

2- أشهر بطون قبیلة عبد القیس 9

الفصل الثانی: حروب عبد القیس حربهم مع الفرس.. 15

حربهم مع النمر بن قاسط 16

حربهم مع بنی تمیم ............ 16

الفصل الثالث: دخولهم فی الإسلام

1- وفد عبد القیس الی النبی(صلّی الله علیه و آله وسلّم ) 17

2- رسائل النبی (صلّی الله علیه و آله وسلّم )إلیهم..... 22

3- من خصائص عبد القیس 23

الفصل الرابع: بنو عبد القیس کلهم شیعة

1- عبد القیس عریقون فی التشیع 27

2- معرکة الجمل الأصغر 32

3- عبد القیس فی معرکة صفین 38

الفصل الخامس: العبدیون الشهداء مع الإمام الحسین(علیه السّلام)

1- الأدهم بن أمیة العبدی.............. 43

2- سیف بن مالک....................... 43

ص: 95

3- عامر بن مسلم.................. 44

4- عبدالله بن یزید بن ثبیط 44

5- عبیدالله بن یزید بن ثبیط 44

6- یزید بن ثبیط أو ثبیت العبدی 45

الفصل السادس: من أعلام بنی عبد القیس

1- الأشج العصری: المنذر بن عائذ 47

2- زید بن صوحان............................. 48

3- صعصعة بن صوحان............................... 51

4- جویریة بن مسهِّر العبدی 59

5- حُکیم بن جبلة العبدی...................... 63

6- سیحان بن صوحان............................... 64

7- الشاعر سفیان بن مصعب العبدی 65

8- الجارود بن المنذر العبدی 68

الفصل السابع: فهرس لمجموعة من أعلام العبدیین

1- من أصحاب أمیر المؤمنین(علیه السّلام) 77

2- من رواتهم عن الأئمة(علیه السّلام) 82

3- من فقهاء بنی عبد القیس 85

4- من أدباء عبد القیس............................... 89

5- من أعلام النساء من عبد القیس 91

ص: 96

اسم الملف

بنو عبد القیس 3 - نهائی

الدلیل: C: القبائل العرب فی العراق الأطیاعة

القالب:C: Documents and Settings SITE Application

Data Microsoft Templates Normal.dot

العنوان:تام جاهز للطباعة بعد التصحیح ودقیق تنظیم الموضوع:

الکاتب:h

تعلیقات:

تاریخ الإنشاء:14/ 06/ 2010..: 07:52ص

رقم التغییر:121

الحفظ الأخیر بتاریخ : 14/08/ 2010..03:06ص

الحفظ الأخیر بقلم:Qom University

زمن التحریر الإجمالی:936دقائق

الطباعة الأخیرة:14/08/ 2010..03:06ص

منذ أخر طباعة کاملة

عدد الصفحات:96

عدد الکلمات:890، 13(تقریبا)

عدد الأحرف: 367، 57(تقریبا)

ص: 97

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.