منهاج الصالحین (المعاملات) الجزء الثانی

اشارة

سرشناسه:سند، محمد، 1962- م.

عنوان و نام پدیدآور:منهاج الصالحین(المعاملات)/ محمد السند.

مشخصات نشر:تهران: موسسه امام صادق علیه السلام

مشخصات ظاهری:3ج.

شابک:978-600-5215-75-5

یادداشت:عربی.

موضوع:فقه جعفری -- رساله عملیه

موضوع:*Islamic law, Ja'fari -- Handbooks, manuals, etc.

موضوع:فقه جعفری -- قرن 14

موضوع:*Islamic law, Ja'fari -- 20th century

رده بندی کنگره:BP183/9/س86م8 1397

رده بندی دیویی:297/3422

شماره کتابشناسی ملی:5647764

ص :1

اشارة

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

منهاج الصالحین (المعاملات) الجزء الثانی

محمد السند

ص :4

ص :5

ص :6

کتاب التجارة

وفیه مقدّمة وفصول :

مقدّمة

( مسألة1) : تحرم التجارة والکسب بالخمر وباقی المسکرات ، وثمنها سحت ، وکذا الخنزیر والکلب غیر الصیود ، مثل کلب الأهل أو المتّخذ للزینة دون مثل کلب الماشیة والحراسة للزرع والبستان ، فإنّه بمنزلة الذی یصطاد به ، ومثله الکلب البولیسی لکشف الجریمة .

وکذا تحرم المیتة فیما تباع لمنافعها المحرّمة للتغذّی بها ، کاللحوم ، ولا فرق فی الحرمة بین بیعها وشرائها وسائر المعاوضات علیها ، کجعلها اجرة فی الإجارة ، وجعلاً فی الجعالة ، ومهراً فی النکاح ، وبذلاً فی الخلع .

وأمّا سائر الأعیان النجسة ، فالظاهر جواز بیعها فیما لها من منافعها المحلّلة المعتدّ بها ، کبیع العذرة للتسمید ، والدم للتزریق ، ونحو ذلک ، کما تجوز هبتها والاتّجار بها بسائر أنحاء المعاوضات .

وأمّا بیع المیتة المختلط بالمذکّی علی مَن یستحلّه ، فلا یخلو من إشکال . نعم ، لا یبعد ذلک فی المتنجّس من الأطعمة علی مَن یستحلّه ، وهو من باب الإلزام أیضاً .

ص:7

( مسألة2) : الأعیان النجسة التی لا یجوز بیعها ولا المعاوضة علیها لا یبعد ثبوت حقّ الاختصاص لصاحبها فیها بلحاظ المنافع المحلّلة ، وإن لم تکن معتدّ بها ، فلو صار خلّه خمراً ، أو ماتت دابّته ، أو اصطاد کلباً غیر کلب الصید ، وأمثاله ، فإنّه لا یجوز أخذ شیء من ذلک قهراً علیه ، وهکذا فی بقیّة الأمثلة والموارد ، ویجوز أن یبذل لصاحبه مالاً لیرفع یده عنها ، لیبذل العین إلی الباذل لا بنحو المعاوضة علیها بمالیّة المنافع المحرّمة .

فإنّ مالیّة المیتة کلحم مأکول عند مَن یستحلّها تغایر مالیّتها للتسمید .

( مسألة3) : الظاهر جواز المعاوضة علی المیتة الطاهرة - کمیتة السمک والجراد - بما لها من منافع محلّلة معتدّ بها عرفاً لا بمالیّة المنافع المحرّمة عند مَن یستعملها ، کما لو لم تکن محرّمة ، وأمّا لو لم تکن منافعها المحلّلة معتدّ بها ، فالجائز حینئذٍ بذل المال لرفع الید عنها ، وهو أقلّ قدراً من التقدیر الأوّل .

( مسألة 4 ) : یجوز بیع ما لا تحلّه الحیاة من أجزاء المیتة إذا کانت له منفعة محلّلة معتدّ بها ، کشعرها وصوفها والعاج منها ، ونحو ذلک .

( مسألة 5 ) : یجوز الانتفاع بالأعیان النجسة فی غیر الجهة المحرّمة ، مثل التسمید بالعذرات ، والإشعال بها ، والطلی بدهن المیتة النجسة ، والصبغ بالدم ، وغیر ذلک . نعم ، لا بدّ من التوقیة عن إصابتها للبدن والثیاب فی الصلاة وما یشترط فیه الطهارة .

( مسألة 6 ) : یجوز بیع الأرواث الطاهرة بما لها من منفعة محلّلة معتدّ بها - کما هو الحال الیوم - وکذلک الأبوال الطاهرة .

( مسألة 7 ) : یجوز المعاوضة علی الأعیان المتنجّسة کالدبس والعسل والدهن والسکنجبین بما لها من منفعة محلّلة معتدّ بها عرفاً لا بما لها من منافع

ص:8

محلّلة قبل التنجّس ، ویجب إعلام المشتری بنجاستها ، ولو لم تکن لها منفعة محلّلة معتدّ بها فلا یجوز بیعها ، ولا المعاوضة علیها بمالیّة المنافع المحرّمة ، ویجوز أخذ شیء بإزاء رفع الید عنها .

( مسألة 8 ) : تحرم التجارة بما یکون آلة للحرام ، بحیث یکون المقصود من صناعتها الحرام ، وتتّخذ لذلک غالباً : کآلات اللهو المحرّم - کالآلات الموسیقیّة - وآلات القمار - کالنرد والشطرنج - وآلات العبادة المحرّمة ، وشعائر ورموز الکفر - کالصلیب والأصنام .

أمّا الآلات المشترکة بین الحلال والحرام - کالمذیاع ( الرادیو ) والشاشة البصریّة ( التلفزیون ) - فیجوز المعاوضة علیها واقتناوا واستعمالها فی المنافع المحلّلة ، لکن یحرم استعمالها فی جهات اللهو المثیرة للشهوات الشیطانیّة ، وفتنة المعاصی ، أو نشر الأباطیل ، وانحرافات المنکر .

( مسألة 9 ) : یحرم صنع آلات الحرام کما یحرم بیعها ، وأخذ الاُجرة علی ذلک ، بل یجب إعدامها ، ولو بتغییر هیئتها لقطع مادّة الفساد .

ویجوز بیع مادّتها من الخشب والنحاس والحدید ونحو ذلک ، بعد تغییر هیئتها ، وأمّا قبله ففیه إشکال ، بل لا یخلو من منع ، وإن کان لا بما لها من هیئة .

( مسألة 10 ) : تحرم المعاملة بالسکک الذهبیّة المغشوشة والنقود الورقیّة المزوّرة أو الساقطة عن الاعتبار ، ولا یجوز معاوضتها بغیرها مطلقاً فی النقود الورقیّة ، ومع جهل طرف المعاوضة فی المسکوک ، وأمّا مع علمه فالأظهر الجواز ، سواء کان الغشّ بنقص فی نسبة مادّة الذهب ، أو کان مموّهاً ، والمادّة من جنس آخر إذا کان التعامل بها رائجاً ، وإلاّ فیشکل ولو مع علم الطرف المتعاقد ، بل لا یخلو عن منع .

ص:9

( مسألة 11 ) : یجوز بیع السباع ، کالهرّ والأسد والذئب ونحوها بما لها من منافع محلّلة معتدّ بها ، وکذا یجوز بیع الحشرات والمسوخات کذلک ، کالعلق الذی یمصّ الدم ودود القزّ ونحل العسل والفیل ، أمّا إذا لم تکن لها منفعة محلّلة ، فیجوز بذل مال لصاحبها بإزاء رفع یده عنها ، لا بمالیّة المنافع المحرّمة .

( مسألة 12 ) : المراد بالمنفعة المحلّلة التی یصحّ البیع والمعاوضة بلحاظها هی ما یبذل العقلاء المال لاقتناء العین لأجلها ممّا لم یحرّمه الشرع ، سواء رجع نفعها لعامّتهم أم للخاصّ منهم ، ولو فی حالات الاضطرار ، کالأدویّة والعقاقیر للتداوی .

( مسألة 13 ) : المشهور المنع عن بیع أوانی الذهب والفضّة للتزیین ، أو لمجرّد الاقتناء ، وهو الأظهر .

( مسألة 14 ) : یحرم بیع المصحف الشریف ، ویجوز بیع الورق والغلاف والجهد المبذول لطباعته لا بیع کلام اللّه تعالی نظیر بیع سائر الکتب ، أو تکون المعاوضة علی ذلک بنحو الهبة المشروطة بعوض ، بل یحرم بیع ذلک أیضاً علی الکافر فیما أوجب مهانة أو هتکاً بخلاف ما إذا کان لإرشاده وهدایته ، وأمّا الکتب المشتملة علی الآیات والأدعیة وأسماء اللّه تعالی وکتب أحادیث المعصومین علیهم السلام ، فالظاهر جواز بیعها علی الکافر فضلاً عن المسلم ، کما یجوز تمکینه منها .

( مسألة 15 ) : یحرم بیع العنب أو التمر لیعمل خمراً ، أو الخشب - مثلاً - لیعمل صنماً أو آلة لهو ، أو نحو ذلک ، سواء أکان تواطوما علی ذلک فی ضمن العقد أم فی خارجه ، وإذا باع واشترط الحرام صحّ البیع وفسد الشرط ، وکذا تحرم ولا تصحّ إجارة المساکن لتباع فیها الخمر ، أو تحرز فیها ، أو یعمل فیها شیء من المحرّمات ، وکذا إجارة السفن أو الدوابّ أو غیرها لحمل الخمر ،

ص:10

والثمن والاُجرة فی ذلک محرّمان ، وأمّا بیع العنب ممّن یعلم أنّه یعمله خمراً ، أو إجارة السکن ممّن یعلم أنّه یحرز فیه الخمر ، أو یعمل بها شیئاً من المحرّمات من دون تواطئهما علی ذلک فی عقد البیع أو الإجارة أو قبله ، فقیل إنه حرام ، وهو أحوط ، والأظهر الجواز ، إلاّ فیما کان المحرّم بالغ الخطورة ، کقتل النفس المحترمة ، وإعانة الولاة الظلمة ، أو ترویج الفساد فی الأرض .

( مسألة 16 ) : یحرم تصویر ذوات الأرواح من الإنسان والحیوان وکلّ جسم ذی روح ، سواء أکانت مجسّمة أم لا ، وسواء أکان التصویر علی هیئة خاصّة - کالجالس ، أو المضطجع أو نحو ذلک - ما دامت الصورة لشخص حیّ ولو ناقص بعض الأعضاء - کمقطوع الید أو الرجل ، ویحرم أخذ الاُجرة علیه .

أمّا تصویر غیر ذوات الأرواح - کالشجر وغیره - فلا بأس به ، ویجوز أخذ الاُجرة علیه ، ومثله تصویر بعض البدن - کالرجل والید - ونحوه ممّا لیس عضواً أساسیّاً ، وأمّا إذا کان کذلک - کالرأس والشخص مقطوع الرأس - ففیه إشکال . ویجوز - علی کراهة - اقتناء الصور وبیعها ، وإن کانت مجسّمة وذوات أرواح .

( مسألة 17 ) : الغناء حرام ، وهو تلحین الصوت بما یناسب الکیفیّات اللهویّة الباطلة والمجونیّة ، سواء بمدّ الصوت وترجیعه ، أو الرجز الصاخب ، أو غیر ذلک من ألحان الطرب ، وکذاحکم استماعه ، ولا فرق فی حرمته بین وقوعه فی قرائة ودعاء ورثاء وغیرها ، ویستثنی منه غناء النساء فی الأعراس إذا لم یضم محرّم آخر من الضرب بالطبل ، والتکلّم بالباطل ، ودخول الرجال علی النساء ، وسماع أصواتهنّ علی نحو یوجب تهییج الشهوة ، وإلاّ حرم ذلک . وأمّا الموسیقی بآلات المعازف والمزامیر والطرب فهی محرّمة کالغناء بل هی منه ، بل لو استحدث صوتها من غیر تلک الآلات المعدّة فکذلک .

ص:11

( مسألة 18 ) : معونة الظالمین فی ظلمهم - بل فی کلّ محرّم - حرام ، أمّا معونتهم فی غیر المحرّمات من المباحات والطاعات ، فإن کان فی الأعمال المنسوبة إلیهم کالوظیفة الحکومیّة ، فالمسوّغ لها ما یأتی فی الولایة من قبل السلطان الجائر ، وکذلک الحال فی العقود الاُخری مع الدولة فی المشاریع الحکومیّة ، والظاهر عموم حرمة إعانة الآثم فی إثمه .

( مسألة 19 ) : تحرم الولایة وتولّی المناصب من قِبل السلطان الجائر ، ولو کان نفس العمل بذاته مشروعاً ، فضلاً عمّا لو کان حراماً وظلماً ، وترتفع الحرمة فی المورد الأوّل مع القیام بمصالح المونین ، ودفع الضرر عنهم ، وعدم ارتکاب ما یخالف الشرع المبین ، فإنّ کفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان ، وتفریج کربتهم ، وفکّ أسرهم ، وقضاء دَینهم ، والإحسان إلیهم ، فواحدة بواحدة ، بل هی فی هذه الصورة راجحة أو واجبة لإقامة جملة من المعروف ، والأمر به ، ودفع جملة من المنکر والنهی عنه ، فإنّ للّه تبارک وتعالی أولیاء یدفع بهم عن أولیائه .

ویجوز - أیضاً - مع الإکراه من الجائر بأن یأمره بالولایة ویتوعّده علی ترکها بالضرر بدنیا أو مالیّاً ، سواء علیه أو علی مَن یتعلّق به - کالإضرار بأبیه أو أخیه أو ولده أو نحوهم ممّن یهمّه أمرهم - ویکون إضراراً بالمکره عرفاً ، وأمّا فیما کان العمل فی بعض المناصب والمواقع ممّا فیه ظلم الناس ، وهتک أعراضهم ، ونهب أموالهم ، فلا بدّ من الموازنة بین الضررین ، فلا یسوغ مع عظم المفسدة علی المونین ، فضلاً عن الدین أو المخاطرة بنفوس المونین والدماء المحرّمة ، فإنّه لا تقیّة فیها .

( مسألة 20 ) : ما تأخذه الحکومات ذات الطابع الدینیّ من الضرائب باسم الخراج - وهو ضریبة نقدیّة مجعولة علی الأراضی والأشجار والنخیل

ص:12

والزروع - أو المقاسمة - وهی ضریبة نسبة سهم فی الربح ، کالنصف والعُشر ونحوهما - یجوز شرائه وأخذه منها مجّاناً ما لم یعلم بعینه أنّه تعدّی عن المقدار المقرّر ، وکذا المأخوذ بعنوان الزکاة ، والظاهر براءة ذمّة المالک بالدفع إلیه ، وأنّه لو لم تأخذه الحکومة ، وحوّلت شخصاً علی المالک فی أخذه منه ، جاز للمحال أخذه ، وبرئت ذمّة المحال علیه ، ولا فرق فی ذلک بین الحاکم المولف أو المخالف . نعم ، فی الکافر إشکال .

( مسألة 21 ) : جوائز الظالم والحکومات الوضعیّة حلال ، وإن علم إجمالاً أنّ ما فی أیدیهم من المال یشتمل علی الحرام .

وکذا التعامل المالیّ معهم بأنحاء المعاوضات المشروعة إلاّ أن یعلم الحرام بعینه من الغصب ونحوه - فلو أخذ منهم - حینئذٍ وجب ردّه إلی مالکه إن عرف بعینه ، فإن جهل وتردّد بین جماعة محصورة ، فإن أمکن استرضاوم وجب إن لم یکن حرجیّاً ، وإن ادّعاه أحدهم وأقرّه علی ذلک البقیّة دفعه إلیه ، وإلاّ فیقرع بینهم بإذن الحاکم الشرعیّ وإن تردّد بین جماعة غیر محصورة تصدّق به عن مالکه بإذن من الحاکم الشرعیّ مع الیأس عن معرفته ، وإلاّ وجب الفحص عنه .

( مسألة 22 ) : یجوز المعاملة مع الحکومة علی الأراضی الخراجیّة وغیرها أو یعامل علیها لغیره .

( مسألة 23 ) : یحرم اللعب بآلات القمار - کالشطرنج والدومنة والطاولی- وغیرها ممّا اعدّ للّعب اللهویّ والمغالبة والتحدّی ( المفاخرة ) ورهن مال علی ذلک ، سواء جعل رهن فی البین أم لم یتراهن علی مال ، کما یحرم أخذ الرهن أیضاً ، ولا یملکه الغالب ، کما یحرم اللعب بغیر آلات القمار مع الرهن ، کالمراهنة علی حمل الوزن الثقیل ، أو علی المصارعة ، أو علی القفز ، أو نحو ذلک ، ویحرم أخذ الرهن ، وأمّا إذا لم یکن رهن ، فالأظهر الجواز ، ما لم تتّخذ

ص:13

للمغالبة والتحدّی ( المفاخرة ) ، وهو نمط من المراهنة بغیر مال ونمط من المجون الموجب للافتتان الغریزیّ فی الغضبیّة أو الشهویّة وسکر القلب والعقل الموجب لفقد التوازن والسیطرة علی النفس وصیرورته إلی الخفّة ، وتشتدّ حرمتها مع اجتماع العدد الکثیر لها حیث یشتعل الحماس المهیّج ، ثمّ إنّ فی موارد حرمة اللعب یحرم المشارکة فی مجالسها بالتفرّج .

( مسألة 24 ) : السحر حرام عمله وعلمه ، تعلیماً وتعلّماً ، والتکسّب به ، وهو أنواع شتّی ، منه ما یوجب الوقوع فی الوهم والتخییل بالغلبة علی البصر أو السمع أو القلب وقوی وغرائز النفس أو غیرها ، ولا یبعد أن یکون تسخیر الجنّ أوالإنسان أو غیرهما بالأسباب الغریبة الخفیّة منه ، أو من الکهانة الآتیة ، وقد ورد أنّ الساحر کالکافر ، ومَن تعلّم شیئاً من السحر ، قلیلاً أو کثیراً ، فقد کفر ، وکان آخر عهده بربّه إلاّ أن یتوب .

( مسألة 25 ) : القیافة حرام ، وهی إلحاق الناس بعضهم ببعض استناداً إلی علامات خاصّة مخالفة لما هو مقرّر من الموازین الشرعیّة فی الإلحاق ، وأمّا الاعتماد علی علم الجینات الوراثیّة ، فیسوغ إن أفاد العلم .

( مسألة 26 ) : الشعبذة ، وهی إراءة حرکات سریعة خارجة عن العادّة ( مخاریق ) بخفّة وخطفة حرام ، إذا موّه بها الأکاذیب والأباطیل علی الآخرین .

( مسألة 27 ) : الکهانة حرام ، وهی الإخبار عن الحوادث الغائبة من الطریق للارتباط ببعض الجانّ والشیطان بارتیاض نفسانیّ ، وقذف فی القلب ونحو ذلک ، ویحرم الرجوع إلیه وتصدیقه ، فقد ورد أنّ مَن تکهّن أو تکهّن له فقد برئ من دین محمّد صلی الله علیه وآله ، ویلحق بالکهانة مَن یمتهن للإخبار عن الغائبات اعتماداً علی أسباب ومقدّمات لا سبیل إلی استعلام صدقها .

( مسألة 28 ) : التنجیم حرام ، وهو الإخبار عن الحوادث - کالرخص

ص:14

والغلاء ، والحرّ والبرد - کآثار تترتّب علی الحرکات الفلکیّة ، وحالات الکواکب من الاتّصال أو الانفصال أو الاقتران ، أو نحو ذلک ، یستخرجها بواسطة النظر والمحاسبة مع أوضاع الزیجات ونحوها باعتقاد تأثیرها علی وجه الاستقلال أو الاشتراک مع الباری تعالی ، أو أنّ الحوادث لن تتخلّف عن الأوضاع الفلکیّة وأحوال الکواکب بحیث ینقطع عن الاعتماد علی قدرة اللّه تعالی ومشیئته فی قضاءه وقدره ، والتوکّل علیه ، وعن بسط ید قدرته إلی حصر الاعتماد علی أحکام التنجیم .

نعم ، الإخبار المتعارف الفلکیّ عن أوضاع الکواکب - کالخسوف والکسوف والأهلّة ، واقتران الکواکب وانفصالها ، ونحو ذلک - طبق حساب وضبط الحرکات والمدارات ومقادیرها علی قواعد واُصول ریاضیّة جائز ، وإن اعتمدت علی مقدّمات بعضها حسّیّة وبعضها حدسیّة وبعضها محاسبیّة .

( مسألة 29 ) : المشهور حرمة النجش فیما یزید الرجل فی ثمن السلعة وهو لا یرید شراءها ، بل لأن یسمعه غیره فیزید لزیادته ، سواء أکان ذلک بمواطاة مع البائع أم لا ، وهو تامّ إن اشتمل علی غشّ محرّم .

( مسألة 30 ) : یحرم الغشّ بما یوقع فی الضرر أو العَنَت . قال رسول اللّه صلی الله علیه وآله :

«مَن غشّ أخاه المسلم نزع اللّه برکة رزقه ، وأفسد علیه معیشته ، ووکله إلی نفسه » ، ویقع الغشّ بإخفاء غیر المراد فی المراد ، کمزج الماء باللبن ، أو بإظهار الصفة الجیّدة مع أنّها مفقودة واقعاً ، مثل بیع الثوب الرقیق فی الظلال لیتوهّم ثخنه ، وبإظهار الشیء علی خلاف جنسه ، مثل طلی الحدید بماء الفضّة أو الذهب لیتوهّم أنّه فضّة أو ذهب ، وقد یکون بترک الإعلام مع ظهور العیب وعدم خفائه ، کما إذا اعتمد المشتری علی البائع فی سلامة المبیع مع کونه معیباً .

( مسألة 31 ) : الغشّ المحرّم تارة لا یوجب الخیار ، ولا یفسد المعاملة ،

ص:15

واُخری یوجب الخیار فقط ، وثالثة یفسد المعاملة .

أمّا الأوّل : فهو ما کان قلیلاً بحیث لا یخرج المخلوط عن مسمّاه عرفاً ، ولا یوجب تفاوتاً مالیّاً فاحشاً ، وأمّا الثانی : فهو فیما یوجب الغبن الخیار من التفاوت فی المالیّة ، وأمّا الثالث : فهو فیما أوجب اختلاف الجنس کبیع المطلیّ بماء الذهب أو الفضّة .

( مسألة 32 ) : لا تصحّ الإجارة والمعاوضة المالیّة علی العبادات ، وهی علی أنماط :

الأوّل : التی لا تشرّع فیها النیابة والتسبیب ، أو لزم فیها المجّانیّة فی الشرع ، واجبة کانت أو مستحبّة ، عینیّة کانت أو کفائیّة ، کما لو استأجر شخصاً علی فعل الفرائض الیومیّة أو نوافلها أو صوم شهر رمضان ، أو حجّة الإسلام ، أو غیر ذلک من العبادات الواجبة أو المستحبّة العینیّة ممّا یختصّ نفعه بالعامل .

الثانی : ما لا یختصّ نفعه بالعامل ، کتغسیل الأموات أو تکفینهم ، أو الصلاة علیهم ، أو الشهادة ، أو تعلیم شروط الإیمان وشرائع الإسلام ، لا سیّما التی یبتلی بها ، أو غیر ذلک ، إذا کان أخذ الاُجرة ممّن یضاف نفع العمل إلیه کما إذا تقاضی الاُجرة من أموال المیّت أو أولیائه ، أو المشهود له أو المتعلّم .

وأمّا أخذها من طرف ثالث بقصد التسبیب لصدور العمل أو التشجیع علیه أو الترغیب له ، فلا مانع منه .

الثالث : ما لا یختصّ نفعه بالعامل أیضاً ، إلاّ أنّه یلزم مجّاناً مطلقاً ، کالأذان ، وإمامة الجماعة ، والقضاء ، والإفتاء ، والولایة ، ونحوها .

ویجوز أخذ الاُجرة فیما یشرّع فیه النیابة عن غیره من صلاة ، أو صوم ، أو حجّ ، أو غیرها ، وکذا علی الواجب - غیر العبادیّ - کوصف الدواء للمریض ،

ص:16

أو العلاج له ، أو نحو ذلک ، وکذا علی فعل الواجبات التی یتوقّف علیها النظام ، کتعلیم العلوم المهنیّة والحرف ، کالزراعة والصناعة والطبّ .

وکذا علی عقد النکاح والطلاق وغیرها من المعاملات .

( مسألة 33 ) : تحرم الرشوة علی القضاء بالحقّ أو الباطل ، وکذا علی إحقاق الباطل وإبطال الحقّ فی غیر القضاء والحکم ، وکذا تحرم علی الوالی وذی المنصب الحکومی فیما یقوم به من وظائف ، وأمّا الرشوة علی استنقاذ الحقّ دفعاً لظلم الظالم فجائزة ، وإن حرّم علی الظالم أخذها .

( مسألة 34 ) : یحرم النوح بالباطل مضموناً ، وهو الکذب ، وکیفیّة ونغماً ، وهو الغناء ، ولا بأس بالنوح بالحقّ ، وإن کان یکره المشارطة علی الاُجرة ، ولا یبعد کراهة مطلق النوح ، لا سیّما لیلاً علی غیر المعصوم علیه السلام ، أی عدا مصائب أهل بیت العصمة علیهم السلام ، کما هو الحال فی الشعر بخلافه الحال فی الندبة بالذکر مضموناً وکیفیّة .

( مسألة 35 ) : یحرم هجاء المون وإیذائه ، وهتک حرمته ، والنیل منه ، ویندب حسن الخلق مع الناس ، ویجوز هجاء الفاسق المبتدع کالجاحد العاتی .

( مسألة 36 ) : یحرم الفحش والبذاء من القول ، ومنه ما یستقبح التصریح به مع غیر الزوجة والأمة بخلاف الحال معهما .

( مسألة 37 ) : یحرم حفظ ونشر وتعاطی کتب الضلال مع معرّضیّة الضلال بها ، وکذا مع ترتّب ترویج الضلال ومذاهبه ، فلو أمن من ذلک أو کانت هناک مصلحة أهمّ جاز ، سواء کانت فی العقائد أو غیرها .

( مسألة 38 ) : یحرم علی الرجل لبس الذهب ، وإن لم یکن ظاهراً ، أو التزیّن به ، وإن لم یکن لبساً ، ولو بنحو التختّم أو جعل الزرّ فی الثیاب أو تعلیق سلسلة

ص:17

علی ظاهر الثوب ، ونحو ذلک .

( مسألة 39 ) : یحرم الکذب ، وهو الإخبار بما لیس بواقع ، ولا فرق فی الحرمة بین ما یکون إیهام وإیقاع السامع فی المخالفة للواقع بداعی سوء أو بداعی الهزل ما دام لم یکن فی البین قرینة علی الهزل ، وأمّا إذا کان کلامه بصورة الخبر مع عدم ظهوره جدّاً فی ذلک فلا بأس به ، ومثله التوریة بأن یقصد المدلول الخفیّ للکلام المطابق للواقع وإن کان الظاهر المترائی المنسبق من مدلول الکلام غیره ممّا یخالف الواقع .

کما أنّه یجوز الکذب لدفع الضرر عن نفسه أو عن غیره من المونین مع الموازنة بین مفسدة الکذب والضرر الذی یراد دفعه ، بل یجوز الحلف کاذباً حینئذٍ ، وکذا للإصلاح بین المونین ، ویشترط فی موارد الجواز عدم تیسّر التوریة بسلاسة دون تکلّفها .

وأمّا الکذب فی الالتزام بالوعد بغیر طلب محرج بأن یخلف وعده ، فهو وإن کان مکروهاً بشدّة ، إلاّ أنّ تکرّره یخلّ بحسن الظاهر الکاشف عن العدالة ، بل لا یخلو من إشکال إذا أوقع المون فی عَنَت ومشقّة ، وأمّا لو کان حال الوعد بانیاً علی الخلف فی وعده ، فالظاهر حرمته ، والأحوط اجتنابه مع الأهل إذا لم یکن بإلحاحهم المحرج .

( مسألة 40 ) : إذا دفع إنسان ماله إلی آخر لیصرفه فی طائفة من الناس ، وکان المدفوع إلیه من صنف تلک الطائفة ، فإنّ فهم مراده فی حدود دائرة المصرف وقدره فهو ، وإن أطلق ولم تکن قرینة علی الانصراف عنه کان مقتضاه مع أخذ العنوان جواز أخذه منه بمقدار ما یعطیه لغیره ، وکذا الحال فیما کان المال ملکاً لعنوان کالزکاة لیصرفه فی مواردها ، ولا یتوقّف الجواز فیه علی إحراز الإذن من الدافع ، فیأخذ منه بمقدار ما یعطیه لغیره .

ص:18

وکذا الحال فی التوکیل فی البیع والشراء ، سواء بلحاظ شمول التعارض للوکیل نفسه وبلحاظ قدر العوض .

( مسألة 41 ) : یکره عدّة من المکاسب ، منها : بیع الصرف ، فإنّه لا یسلم من الربا ، وبیع الأکفان ، فإنّه یسرّه موت الآخرین ، وبیع الطعام ، فإنّه لا یسلم من الاحتکار ، وبیع العبید ، فإنّ شرّ الناس مَن باع الناس ، کما یکره أن یکون جزّاراً ، فإنّه تسلب منه الرحمة ، أو صائغاً فإنّه یعالج دَیْنَ وغبن الاُمّة ، أو حائکاً ، ومثله النساجة ، أو حجّاماً ، ولا سیّما مع الشرط بأن یشترط اجرة ، أو التکسّب بأخذ عوض ضراب الفحل ، أمّا لو کان البناء علی المجّانیّة ، ثمّ اعطی بعنوان الهدیّة ، فلا بأس . نعم ، قد ورد کلّ شیء ممّا یباع إذا اتّقی اللّه فیه العبد فلا بأس .

( مسألة 42 ) : لا یجوز بیع أوراق الیانصیب ، فإذا کان المال المعطی مقابل احتمال الفائدة فهی محرّمة وباطلة ، وأمّا إن کان الإعطاء مجّاناً وبقصد الاشتراک فی مشروع خیریّ ، فلا بأس مع عدم التبانی علی الشرط . نعم ، یشکل الحال إذا کانت الجهة مضطرّة إلی الوفاء ولو بحسب ما تقطعه علی نفسها من وعود لأجل سمعتها واعتبارها المالیّ .

وعلی أیّ تقدیر ، فالمال المعطی لمَن أصابت القرعة باسمه إذا کانت الجهة المتصدّیة غیر أهلیّة فهو وإن حرم أخذه بعنوان استیفاء الرهان القماری ، إلاّ أنّ وضع الید من جهة الاستحقاق فی بیت المال جائز .

( مسألة 43 ) : یجوز إعطاء الدم إلی المرضی المحتاجین إلیه ، کما یجوز أخذ العوض فی مقابله علی ما تقدّم .

( مسألة 44 ) : یحرم حلق اللحیة ، ویحرم أخذ الاُجرة علیه کذلک ، إلاّ إذا اضطرّ إلی ذلک أو خاف الضرر .

ص:19

آداب التجارة

اشارة

(مسألة 45 ) : یجب علی کلّ مَن یباشر التجارة وسائر أنواع التکسّب تعلّم أحکامها والمسائل المتعلّقة بها لیعرف حلالها عن حرامها ، وصحیحها عن فاسدها ، ویسلم من الربا وغیره من المحرّمات ، فعن مولانا أمیر المونین علیه السلام کان علی المنبر وهو یقول :

«یا معشر التجّار ، الفقه ثمّ المتجر ، الفقه ثمّ المتجر ، الفقه ثمّ المتجر ، واللّه للربا فی هذه الاُمّة أخفی من دبیب النمل علی الصفا ، شوبوا أیمانکم بالصدق ، التاجر فاجر ، والفاجر فی النار ، إلاّ من أخذ الحقّ وأعطی الحقّ » .

ویستحبّ أن یساوی بین المبتاعین ، فلا یفرّق بین المماکس وغیره بزیادة السعر فی الأوّل أو بنقصه ، ولا بأس بالتفرقة لمجرّحات کالعلم والتقوی ونحوهما .

ویستحبّ أن یقیل النادم ، ویشهد الشهادتین عند دخول السوق وعند العقد ، وذکر اللّه فی الأسواق ، والتکبیر ثلاثاً عند الشراء ، والدعاء بالمأثور .

ویأخذ الناقص ، ویعطی الراجح ، وأن یشتری الجیّد ، ویبیع الجیّد ، وأن یکون سهل البیع والشراء ، وإن رجحت المماکسة فی غیر حوائج الحجّ والکفن ، وثمن النسمة والکراء إلی مکّة ، والإجمال فی الطلب .

( مسألة 46 ) : یکره مدح البائع سلعته ، وذمّ المشتری لها ، وکتمان العیب إذا لم یوِّ إلی غشّ ، وإلاّ حرّم کما تقدّم ، والحلف علی البیع ، والبیع فی المکان المظلم الذی یستتر فیه العیب ، بل کلّ ما کان کذلک ، والربح علی المون زائداً علی مقدار الحاجة ، وعلی الموعود بالإحسان ، والسوم ما بین طلوع الفجر

ص:20

وطلوع الشمس ، وأن یدخل السوق قبل غیره ، ومبایعة الأدنین وذوی العاهات والنقص فی أبدانهم والمحارفین ، وطلب تنقیص الثمن بعد العقد ، والزیادة وقت النداء لطلب الزیادة ، أمّا الزیادة بعد سکوت المنادی فلا بأس بها ، والتعرّض للکیل أو الوزن أو العدّ أو المساحة إذا لم یحسنه حذراً من الخطأ ، والدخول فی سوم المون ، بل الأحوط ترکه ، والمراد به الزیادة فی الثمن الذی بذله المشتری ، أو بذل مبیع له غیر ما بذله البائع ، مع رجاء تمامیّة المعاملة بینهما ، فلو انصرف أحدهما عنها ، أو علم بعدم تمامیّتها بینهما فلا کراهة ، وکذا لو کان البیع مبنیّاً علی المزایدة ، وأن یتوکّل بعض أهل البلد لمَن هو غریب عنها ، بل الأحوط استحباباً ترکه ، وتلقّی الرکبان الذین یجلبون السلعة وحدّه إلی ما دون أربع فراسخ ، فلو بلغ أربعة فراسخ فلا کراهة ، وکذا لو اتّفق ذلک بلا قصد ، والظاهر عموم الحکم لغیر البیع من المعاملة ، کالصلح والإجارة ونحوهما .

( مسألة 47 ) : الاحتکار علی أقسام ، فمنه حرام وهو حبس الطعام والامتناع من بیعها لانتظار زیادة القیمة مع حاجة المسلمین واضطرارهم بحسب العادة إلیه ، أو ضیقهم ، وعدم وجود الباذل لها قدر کفایتهم ، فعن النبیّ صلی الله علیه وآله :

«طرق طائفة من بنی إسرائیل لیلاً عذاب ، وأصبحوا وقد فقدوا أربعة أصناف : الطبّالین ، والمغنّین ، والمحتکرین للطعام ، والصیارفة آکلة الربا منهم » ، وأمّا مجرّد حبس الطعام انتظاراً لارتفاع السعر مع وجود الباذل وعدم ضیق الناس وعدم إضرارهم ، فلیس بحرام ، بل هو من المکروه ، لا سیّما بعد أربعین یوماً فی الرخاء والرخص ، وبعد ثلاثة أیّام فی الشدّة والغلاء .

والظاهر اختصاص الحکم بالطعام ، کالحنطة والشعیر والتمر والزبیب والسمن والزیت ونحوه ، ممّا هو قوت بحسب الغالب لأهل کلّ البلد ، وبحکمه ما یوّی حبسه إلی ضیقهم فی إعداد القوت کالملح والوقود .

ص:21

وأمّا حبس کلّ ما یحتاج إلیه عامّة المسلمین من الملابس والمساکن ووسائل النقل والأدویة وغیرها ، فیحرم عند الضرورة الشدیدة أو الإضرار العامّ ، وعدم باذل غیره ، وکذا عند اختلال نظام معاشهم ، وکذلک الحال فی الحِرف والمهن . ویجبر الحاکم المحتکر علی البیع من دون أن یعیّن له السعر ، إلاّ إذا أجحف بالعامّة ، فیجبر علی ترکه من دون تسعیر .

ومن أنحاء الاحتکار ما یتداول فی أزماننا من منع السلطات جمرکیّاً استیراد البضائع ، وتخصیص رخصة ذلک بالوکیل الحصریّ .

ص:22

الفصل الأوّل

البیع هو : مبادلة مال بمال ، بل یعمّ مطلق المقابلة بینهما ، سواء لوحظ المبیع لخصوصیّة فیه أو لماله من مالیّة ، بل المدار فیه علی المبتدأ به فی التعاوض بخلاف الثمن ، فإنّه المجعول ثانیاً تابعاً والاشتراء أخذ المال بإعطاء الثمن ، سواء لوحظ مالیّة أم لخصوصیّة فیه .

( مسألة 48 ) : یعتبر فی عقد البیع الإیجاب والقبول ، ویقع بکلّ لفظ دالّ علی المقصود ، وإن لم یکن صریحاً فیه ، مثل : « بعت » و « ملکت » و « بادلت » ونحوها فی الإیجاب من البائع ، مثل : « قبلت » و « رضیت » و « تملّکت » و « اشتریت » ونحوها فی القبول من المشتری ، ویجوز إنشاء الإیجاب من المشتری بمثل : « اشتریت » و « ابتعت » و « تملّکت » ونحوها ، وإنشاء القبول من البائع بمثل : « شریت » و « بعت » و « ملّکت » ، ولا تشترط فیه العربیّة ، ولا الماضویّة ، فیقع بلفظ المضارع والأمر مع القرینة علی إنشاء الرضا ، وکذلک بالجملة الاسمیّة الخبریّة ، کما لا یقدح فیه اللحن فی المادّة أو الهیئة مع ظهوره فی المقصود کما إذا کان متداولاً .

( مسألة 49 ) : یصحّ إنشاء القبول بالأمر وطلب الإیجاب من المشتری ، کما إذا قال : « بعنی سیّارتک بهذا المال » ، فقال البائع : « بعتکها بهذا المال » ، وکذا بطلب الاشتراء من البائع کما إذا قال : « اشتری سیّارتی بهذا المال » ، فقال المشتری : « اشتریتها بهذا المال » ، فضلاً عمّا إذا کان القصد من الأمر تفویض إیجاد العقد إلی المخاطب لیکون وکیلاً عن الآمر وأصیلاً عن نفسه .

ص:23

ویجزی الاقتصار علی الإیجاب فی کلّ مورد کان المجری للعقد مخوّلاً من الطرفین ، کما فی الولیّ علی الطرفین ، أو الوکیل عنهما ، أو الولیّ والوکیل عن طرف والأصیل عن نفسه .

( مسألة 50 ) : یعتبر فی تحقّق العقد الموالاة بین الإیجاب والقبول ، بمعنی بقاء الموجب علی التزامه وتعهّده إلی حین إنشاء القبول ، فلو انصرف وأعرض الموجب عن إنشاءه للالتزام بالبیع قبل إنشاء القابل لم ینعقد ، ولم یترتّب علیه الأثر ، وکذلک لو ردّ القابل ولو أنشأ الموجب والتزم ببقاءه علی إیجابه مدّة أیّام ، فالظاهر أنّه وعد بعد انقطاع المجلس .

ولا یعتبر وجود المتعاقدَین فی مجلس واحد ، فلو تعاقدا بالتلیفون صحّ ، أمّا المعاملة بإرسال الکتاب ( المکاتبة ) ففیها إشکال ، والأظهر الصحّة إذا کانت متداولة فی أوراق العقود الرسمیّة المنطویة علی الإمضاء ونحوه .

( مسألة 51 ) : یعتبر التطابق بین الإیجاب والقبول فی الثمن والمثمّن وسائر الخصوصیّات الاُخری فی العقد ، فلو تخالفا فی المبیع أو فی الثمن أو فی الشرط ، کأن اشترط أحدهما خیاطة القمیص وقبل الآخر خیاطة العباءة ، أو قبل من دون الشرط ، أو نحو ذلک من أنحاء الاختلاف لم یتحقّق العقد .

نعم ، لو اشترط أحدهما علی نفسه شرطاً وقبل الآخر العقد بلا شرط ، فلا ینعقد مشروطاً ، ولا یبعد انعقاده مطلقاً .

ولو قال : « بعتک هذه الأرض بکذا دینار » ، فقال : « اشتریت کلّ نصف منها بنصف المقدار من الدنانیر » صحّ إذا تطابقا فی وحدة الصفقة أو انحلالها ، وکذا فی بقیّة الموارد ممّا کان الاختلاف فیه بالإجمال والتفصیل .

( مسألة 52 ) : إذا تعذّر اللفظ لخرس ونحوه قامت الإشارة مقامه ، وإن تمکّن

ص:24

من التوکیل ، وکذا الکتابة مع العجز عن الإشارة ، أمّا مع القدرة علیها ففی تقدیم الإشارة أو الکتابة وجهان ، بل قولان ، أقربهما الثانی ، وقد مرّ جواز الکتابة المتداولة مع التمکّن من اللفظ .

( مسألة 53 ) : الظاهر وقوع البیع بالمعاطاة ، بأن ینشئ بالتعاطی من دون إبرازه استعانة بالألفاظ بأن ینشئ البائع البیع بإعطائه المبیع إلی المشتری ، وینشئ المشتری القبول بإعطاء الثمن إلی البائع ، ولا فرق فی صحّتها بین المال المتوسّط والحقیر ، وإن کان الواقع منها غالباً فی المحقّرات ، وفی وقوعها فی المال الخطیر جدّاً إشکال إن لم یکن منع ، إلاّ أنّها جائزة من الطرفین بخلاف العقد اللفظیّ ، فإنّه لازم ، ولا تلزم إلاّ بتلف أحد العوضین أو التصرّف المغیّر أو الناقل للعین ، ولو جنّ أحدهما فیقوم ولیّه مقامه فی الرجوع ، وأمّا لو مات لم یکن لوارثه الرجوع .

وقد تحصل بإعطاء البائع المبیع وأخذ المشتری بلا إعطاء منه ، کما لو کان الثمن کلّیّاً فی الذمّة ، أو بإعطاء المشتری الثمن وأخذ البائع له بلا إعطاء منه ، کما لو کان المثمّن کلّیّاً فی الذمّة .

( مسألة 54 ) : الظاهر أنّه یعتبر فی صحّة البیع المعاطاتی جمیع ما یعتبر فی البیع العقدی من شرائط العقد والعوضین والمتعاقدین ، کما أنّ الظاهر ثبوت الخیارات الآتیة - إن شاء اللّه تعالی - بعد لزومها بأحد الملزمات المتقدّمة .

( مسألة 55 ) : الظاهر جریان المعاطاة فی غیر البیع من سائر المعاملات ، بل الإیقاعات ، إلاّ فی موارد خاصّة ، کالنکاح والطلاق ، والعتق ، والتحلیل ، والنذر ، والیمین ، والظاهر جریانها فی الرهن والوقف أیضاً .

( مسألة 56 ) : یصحّ الشرط فی البیع المعاطاتی ، غایة الأمر أنّه قبل لزومها

ص:25

ولو بتلف أحد العوضین لا یلزم العمل بالشرط ، وبعده یلزم ، فلو أعطی کلّ منهما ماله إلی الآخر قاصدَین البیع ، وقال أحدهما فی حال التعاطی : « جعلت لی الخیار إلی سنة » - مثلاً - وقبل الآخر ، صحّ شرط الخیار وکان البیع خیاریّاً .

( مسألة 57 ) : لا یجوز تعلیق البیع علی أمر ، سواء أکان غیر حاصل حین العقد أم کان حاصلاً ، وسواء علم حصوله أم جهل ، کما إذا قال : « بعتک إذا هلّ الهلال » أو « إذا ولد لی ذکر » أو « إن کان الیوم یوم الجمعة » . نعم ، یجوز التعلیق علی ما تتوقّف صحّة العقد علیه .

( مسألة 58 ) : إذا قبض المشتری ما اشتراه بالعقد الفاسد ، فإن علم برضا البائع بالتصرّف فیه حتّی مع فساد العقد شرعاً ، وأنّ رضاه مبنیّاً علی العقد بحسب تحقّقه عرفاً أو عند المتعاقدین ، فلا یجوز التصرّف فیه ، ووجب ردّه إلی البائع ، وإذا تلف - ولو من دون تفریط - وجب علیه ردّ مثله إن کان مثلیّاً ، وقیمته إن کان قیمیّاً ، وکذا الحکم فی الثمن إذا قبضه البائع بالبیع الفاسد ، وإذا کان المالک مجهولاً جری علیه حکم المال المجهول مالکه ، ولا فرق فی جمیع ذلک بین العلم بالحکم والجهل به ، ولو باع أحدهما ما قبضه کان البیع فضولیّاً ، وتوقّفت صحّته علی إجازة المالک ، وسیأتی الکلام فیه إن شاء اللّه تعالی .

ص:26

الفصل الثانی : شروط المتعاقدَین

اشارة

(مسألة 59 ) : یشترط فی کلّ من المتعاقدَین امور :

الأوّل : البلوغ ، فلا یصحّ عقد الصبیّ فی ماله ، وإن کان ممیّزاً ، إذا لم یکن بإذن الولیّ ، بل وإن کان بإذنه إذا کان الصبیّ مستقلاًّ فی التصرّف ، وأمّا إذا کانت المعاملة من الولیّ ، وکان الصبیّ وکیلاً عنه فی إنشاء الصیغة ، فالصحّة لا تخلو من وجه وجیه ، وکذا إذا کان تصرّفه فی غیر ماله بإذن المالک ، وإن لم یکن بإذن الولیّ .

الثانی : العقل ، فلا یصحّ عقد المجنون ، وإن کان قاصداً إنشاء البیع .

الثالث : الاختیار ، فلا یصحّ بیع المکره ، وهو مَن یأمره غیره بالبیع المکروه له ، علی نحو یخاف من الإضرار به لو خالفه ، بحیث یکون وقوع البیع منه دفعاً لما توعّد وهدّد به ، ولو لم یکن البیع مکروهاً وقد أمره الظالم بالبیع فباع ، صحّ .

وکذا لو أمره بشیء غیر البیع ، وکان ذلک الشیء موقوفاً علی البیع المکروه ، کما إذا أمره بدفع مقدار من المال ولم یمکنه إلاّ ببیع داره فباعها ، فإنّه یصحّ بیعها .

( مسألة 60 ) : إذا اکره أحد الشخصین علی بیع داره ، کما لو قال الظالم : « فلیبع زید أو عمرو داره » فباع أحدهما داره ، بطل البیع ، إلاّ إذا علم إقدام الآخر علی البیع ، ولو وقع الإکراه علی الوکیل مع رضا الموکّل بالبیع ، فالبیع صحیح .

ص:27

( مسألة 61 ) : لو اکره علی بیع داره أو فرسه فباع أحدهما بطل ، ولو باع الآخر بعد ذلک صحّ ، ولو باعهما جمیعاً دفعة بطل فیهما جمیعاً مع تلازم بیع أحدهما للآخر ولو بحسب العادة ، وأمّا لو اکره علی کلیهما فباع إحداهما ، فالظاهر أنّه عن إکراه .

( مسألة 62 ) : لو أکرهه علی بیع دابّته فباعها مع ولدها ، بطل بیع الدابّة وصحّ بیع الولد ، إلاّ إذا کان حفظ الولد لا یمکن بدون امّه ، ولا یعتبر فی وقوع الإکراه تطابق عمل المکره - بالفتح - مع خصوصیّات ما اکره علیه ما دام الإکراه متحقّق فی أصل البیع . نعم ، لو لم یکره علی أصل البیع بل علی بعض الخصوصیّات عند إرادة البیع بأن کان له ترکه ، صحّ البیع .

( مسألة 63 ) : لا یعتبر فی صدق الإکراه عدم إمکان التفصّی بالتوریة ، فلو أکرهه علی بیع داره فباعها - مع التفاته للتوریة - لم یصحّ البیع . نعم ، لو أوقع البیع مع إمکان دفع الضرر بما لیس فیه ضرراً آخر علیه أو مشقّة - کالفرار أو الاستعانة بالغیر ونحوه - صحّ البیع .

( مسألة 64 ) : المراد من الضرر الذی یخافه ، علی تقدیر عدم الإتیان بما اکره علیه ما یعمّ الضرر الواقع علی نفسه وماله وشأنه ، وعلی مَن یهمّه أمره کذلک مع کون المکره - بالکسر - قادراً علی ما توعّد به ، فلو لم یکن کذلک فلا إکراه والبیع صحیح .

البیع الفضولیّ

الرابع - من شرائط المتعاقدَین : القدرة علی التصرّف بکونه مالکاً أو وکیلاً عنه ، أو مأذوناً منه ، أو ولیّاً عنه ، فلو لم یکن العاقد قادراً علی التصرّف لم یصحّ البیع ، بل توقّفت صحّته علی إجازة القادر علی ذلک التصرّف ممّن مرّ ذکرهم .

ص:28

فإن أجاز صحّ ، وإن ردّ بطل ، وهذا هو المسمّی بعقد الفضولیّ ، والمشهور أنّ الإجازة بعد الردّ لا أثر لها ، ولا یبعد التفصیل بین ما کان الطرف الآخر مقیماً علی التزام العقد مبرزاً لذلک بعد الردّ ، فتصحّ الإجازة ، وإلاّ فلا تصحّ ، کما تصحّ الإجازة منهما بعد ردّهما بالتوافق بینهما ، أمّا الردّ بعد الإجازة فلا أثر له بعد کون الطرف الآخر مجیزاً ملتزماً بالعقد .

( مسألة 65 ) : لو منع المالک من بیع ماله فباعه الفضولیّ ، فإن أجازه المالک صحّ ، ولا یضرّ بذلک المنع السابق .

( مسألة 66 ) : لا یکفی فی صحّة عقد الفضولیّ رضا المالک باطناً بالبیع ، کما لو علم من حال المالک أنّه یرضی بالبیع فباعه لم یصحّ ، بل لا بدّ من الإجازة المبرزة للرضا ، مثل : « رضیت » و « أجزت » ، ونحوهما ، أو بالفعل ، مثل أخذ الثمن أو بیعه ، أو الإذن فی بیعه ، أو إجازة العقد الواقع علیه ، أو نحو ذلک .

( مسألة 67 ) : إذا باع الفضولیّ مال غیره عن نفسه لاعتقاده أنّه مالک أو کونه ولیّاً أو وکیلاً ، فتبیّن خلافه أو لبنائه علی ذلک ، کما فی الغاصب ، فأجازه المالک صحّ البیع ویرجع الثمن إلی المالک ، وإن ردّ بطل .

( مسألة 68 ) : یعتبر فی صحّة الإجازة لعقد الفضولیّ بقاء الطرف الآخر علی التزامه بالبیع ، فلو رجع عن التزامه وأعرض عن البیع قبل الإجازة ، لغت الإجازة حینئذٍ .

( مسألة 69 ) : الظاهر أنّ الإجازة کاشفة عن صحّة العقد من حین وقوعه کشفاً بالقلب بمعنی أنّه قبل صدور الإجازة المبیع بعد العقد علی ملک البائع والثمن علی ملک المشتری ، لکن بعد صدورها ینقلب الحال واقعاً ، فیکون المبیع بعد العقد علی ملک المشتری ، والثمن علی ملک البائع ، فنماء الثمن

ص:29

من حین العقد إلی حین الإجازة - بعد صدورها - ملک لمالک المبیع ، ونماء المبیع ملک للمشتری ، هذا فی الآثار الوضعیّة للعوضین .

وأمّا الآثار التکلیفیّة ، فالإجازة ناقلة من حین صدورها لا کاشفة ، فلو تصرّف أحد الطرفین فی عوض الآخر قبل الإجازة کان محرّماً تکلیفاً ، ولا ینقلب ما کان حراماً بعد الإجازة .

( مسألة 70 ) : لو باع باعتقاد کونه أجنبیّاً ، فتبیّن کونه ولیّاً أو وکیلاً صحّ ، ولم یحتج إلی الإجازة ، ولو تبیّن کونه مالکاً ففی صحّة البیع - من دون حاجة إلی إجازته - إشکال ، بل منع ولو کان البیع لنفسه فلا بدّ من تجدید الإجازة فیما کان البیع لنفسه أو لعنوان المالک ، وإلاّ فالبیع باطل .

( مسألة 71 ) : لو باع مال غیره فضولاً ، ثمّ ملکه قبل إجازة المالک ، ففی صحّته - بلا حاجة إلی الإجازة أو توقّفه علی الإجازة أو بطلانه رأساً - وجوه ، أقواها أوسطها إن کان البیع لنفسه أو لعنوان المالک ، وأمّا إن کان لشخص المالک السابق فالأقوی الأخیر من الوجوه ، إلاّ إذا کان انتقال المال له بالإرث .

( مسألة 72 ) : لو باع مال غیره فضولاً فباعه المالک من شخص آخر صحّ بیع المالک ، ویصحّ بیع الفضولیّ - أیضاً - إن أوقع البیع لعنوان المالک لا لشخص المالک السابق وأجازه المشتری .

( مسألة 73 ) : إذا باع الفضولیّ مال غیره ولم یجز المالک ، سواء ردّ البیع أو تردّد ، فإن کانت العین فی ید المالک فهو ، وإن کانت بید البائع أو المشتری جاز للمالک انتزاعها منهما ، وإن تلفت جاز له الرجوع علی کلّ منهما مع تعاقب یدیهما علیها ، وإلاّ فعلی مَن کانت بیده بمثلها إن کانت مثلیّة ، وبقیمتها إن کانت قیمیّة .

ص:30

( مسألة 74 ) : المنافع المستوفاة للعین فی الفرض السابق مضمونة ، وللمالک الرجوع بها علی مَن استوفاها ، وکذا الزیادات العینیّة ، مثل اللبن والصوف والشعر والسرجین ونحوها ، ممّا کانت له مالیّة ، فإنّها مضمونة علی مَن استولی علیها ، کالعین ، وقرار الضمان علی مَن أتلفها ، وأمّا المنافع غیر المستوفاة ، فالأظهر ضمانها إذا کانت بتفویت من المستولی علی العین .

( مسألة 75 ) : المثلی : ما یکثر وجود مثله فی الصفات التی تختلف باختلافها الرغبات ، فتتّحد القیمة للأمثال ، والقیمیّ ما لا یکون کذلک ، فتختصّ القیمة بشخصه ، فالآلات والظروف والأقمشة المصنوعة فی المعامل فی هذا الزمان من المثلیّ ، والجواهر الأصلیّة من الیاقوت والزمرّد والألماس والفیروزج ونحوها من القیمیّ .

( مسألة 76 ) : الظاهر أنّ المراد فی القیمة المضمون بها القیمیّ قیمة زمان الأداء لا التلف ولا زمان القبض .

( مسألة 77 ) : إذا لم یمض المالک للمبیع المعاملة الفضولیّة فعلی البائع الفضولیّ أن یردّ الثمن المسمّی إلی المشتری ، وعلی مَن بیده عین المبیع منهما أن یردّها إلی المالک ، وإذا تلفت العین فی ید المشتری ورجع المالک علیه ببدلها من المثل أو القیمة ، فلیس للمشتری الرجوع علی البائع الفضولیّ بمقدار الثمن المسمّی .

نعم ، له أن یرجع علیه فی الزائد علیه إذا کان مغروراً ، ولو رجع المالک علی البائع رجع هو علی المشتری بمقدار الثمن المسمّی إذا لم یکن قد قبض الثمن ، ولا یرجع فی الزائد علیه إذا کان غارّاً ، وإذا لم تتلف العین ورجع المالک علی المشتری ببدل نماء العین من الصوف واللبن ونحوهما من المنافع المنفصلة أو بدل المنافع المستوفاة ، أو غیر ذلک من المنافع المتّصلة ، فإن کان المشتری

ص:31

مغروراً من قِبل البائع بأن کان جاهلاً بأنّ البائع فضولیّ ، وکان البائع عالماً بالحال زاعماً بأنّه مالک أو مظهراً ذلک ، فمشهور المتأخّرین أنّه یرجع المشتری علی البائع بجمیع الخسارات التی خسرها للمالک ، وفیه إشکال ومنع فیما استوفاه او فوّته من منافع منفصلة أو متّصلة ، إلاّ فیما یغترمه ممّا لم یحصل له فی مقابلته نفع ، کالنفقة والعمارة ، فإنّه یرجع علیه ، وأمّا القسم السابق ممّا استوفاه أو فوّته ، فالصحیح أنّه یرجع فیما تتفاوت فیه قیمة المنفعة فی باب الإجارة ونحوها ، وقیمتها فی باب البیع ، أی بلحاظ ما لها من قیمة تبعیّة بتبع قیمة العین .

نعم ، یصحّ رجوع المالک علی الفضولی فی المنافع الفائتة ، لأنّه السبب فی فوتها ، ولا یرجع المالک فیها علی المشتری إذا لم یستوفها ولم یفوّتها ، کما مرّ .

وإذا لم یکن المشتری مغروراً من البائع ، کما إذا کان عالماً بالحال ، أو کان البائع الفضولیّ أیضاً جاهلاً لم یرجع علیه بشیء من الخسارات المذکورة .

وإذا رجع المالک علی البائع ببدل النماءات ، فإن کان المشتری مغروراً من قِبل البائع لم یرجع البائع علی المشتری إلاّ بمقدار ما لتلک النماءات من قیمة تبعیّة لقیمة العین التی أقدم المشتری علیها دون الزائد ، حیث کان نماءاً للمشتری .

وإن لم یکن المشتری مغروراً من قِبل البائع رجع البائع علیه فی الخسارة التی خسرها للمالک من المنافع التی استوفاها المشتری أو فوّتها دون الفائتة .

وکذلک الحال فی جمیع الموارد التی تعاقبت فیها الأیدی العادیة علی مال المالک ، فإنّه إن رجع المالک علی السابق رجع السابق علی اللاحق إن لم یکن مغروراً منه ، وإلاّ لم یرجع علی اللاحق إلاّ بمقدار ما أقدم علیه من قیمة تبعیّة للمنافع لقیمة العین ، کما مرّ .

وإن رجع المالک علی اللاحق لم یرجع إلی السابق ، إلاّ مع کونه مغروراً منه

ص:32

بمقدار تفاوت القیمة للمنفعة بین باب الإجارة ونحوها وباب البیع فی قیمة المنفعة التبعیّة لقیمة العین .

وکذا الحکم فیالمال غیر المملوک لشخص ، کالزکاة المعزولة ، ومال الوقف المجعول مصرفاً فی جهة معیّنة أو غیر معیّنة ، أو فی مصلحة شخص أو أشخاص ، فإنّ الولیّ یرجع علی ذی الید علی المال مع وجوده ، وکذا مع تلفه علی النهج المذکور .

( مسألة 78 ) : لو باع إنسان ملکه وملک غیره صفقة واحدة ، صحّ البیع فیما یملک إن لم یکن الاجتماع موجباً لزیادة فی القیمة أو نقیصة فاحشة ، وإلاّ فالصحّة محلّ إشکال ، وتوقّفت صحّة بیع غیره علی إجازة المالک ، فإن أجازه صحّ ، وإلاّ فلا ، وحینئذٍ یکون للمشتری خیار تبعّض الصفقة ، فله فسخ البیع بالإضافة إلی ما یملکه البائع ، ولا یبعد ثبوت خیار الغبن للمغبون للمتضرّر منهما فیما کان الاجتماع ووحدة الصفقة دخل فی زیادة القیمة أو نقصها .

( مسألة 79 ) : طریق معرفة حصّة کلّ واحد منهما من الثمن - فی المسألة السابقة - أن یقوّم کلّ من المالین بقیمته السوقیّة ، فیرجع المشتری بحصّة من الثمن نسبتها إلی الثمن نسبة قیمة مال غیر البائع إلی مجموع القیمتین ، فإذا کانت قیمة ماله عشرة وقیمة مال غیره خمسة ، والثمن ثلاثة ، فیرجع المشتری بواحد الذی هو ثلث الثمن الذی یقابل مال الغیر ، ویبقی للبائع اثنان ما یقابل مال نفسه وهما ثلثا الثمن .

هذا إذا لم یکن للاجتماع دخل فی زیادة القیمة ونقصها ، أمّا لو کان الأمر کذلک فیجب تقویم کلّ منهما مجموعین منضمّین ثمّ تنسب تلک القیمة إلی قیمة المجموع ، فیوذ من الثمن بتلک النسبة ، کما إذا باع ناقة وفصیلها بخمسة ، وکانت قیمة الناقة حال الانضمام أربعة بخلاف قیمتها حال الانفراد ستّة ،

ص:33

وقیمة فصیلها حال الانضمام ستّة بخلاف قیمته حال الانفراد أربعة ، فمجموع القیمتین لکلّ منهما حال الانضمام عشرة ، فإن کانت الناقة لغیر البائع رجع المشتری بخمسین ، هما اثنان من الثمن ، وبقی للبائع ثلاثة أخماس ، وإن کان الفصیل لغیر البائع رجع المشتری بثلاثة أخماس الثمن ، وهو ثلاثة وبقی للبائع اثنان .

هذا إذا لم یکن الاجتماع موجباً لزیادة أو نقیصة فاحشة ، وإلاّ فصحّة البیع فیما یملک محلّ تأمّل کما مرّ .

( مسألة 80 ) : إذا کانت الدار مشترکة بین شخصین علی السویّة ، فباع أحدهما نصف الدار ، فإن قامت القرینة علی أنّ المراد نصف نفسه ، أو نصف غیره ، أو نصف مشاع فی النصفین ، عمل علی القرینة ، وإن لم تقم القرینة علی شیء من ذلک حمل علی نصف نفسه لا غیر .

( مسألة 81 ) : یجوز للأب والجدّ للأب - وإن علا - التصرّف فی مال الصغیر بالبیع والشراء والإجارة وغیرها ، وکلّ منهما مستقلّ فی الولایة ، فلا یعتبر الإذن من الآخر ، کما لا تعتبر العدالة فی ولایتهما ، ولا أن تکون مصلحة فی تصرّفهما ، بل یکفی عدم المفسدة ، إلاّ أن یتیسّر مراعاة المصلحة بحیث یکون التصرّف بخلافها تفریطاً منهما ، ویعدّ ذلک تساهلاً عرفاً فی مال الصغیر ، کما لو اضطرّ الولیّ إلی بیع مال الصغیر ، وأمکن بیع بأکثر من قیمة المثل ، فلا یجوز له البیع بقیمة المثل ، وکذا لو دار الأمر بین بیعه بزیادة درهم عن قیمة المثل ، وزیادة درهمین ، لاختلاف الأماکن أو الدلاّلین ، أو نحو ذلک لم یجز البیع بالأقلّ ، وإن کانت فیه مصلحة أدنی ، والمدار فی کون التصرّف مشتملاً علی المصلحة أو عدم المفسدة علی کونه کذلک بحسب النظر وآلیات التبیّن العقلائیّ لا بحسب واقع وحقیقة نفس الشیء ، فلو تصرّف الولیّ باعتقاد المصلحة

ص:34

فتبیّن أنّه لیس کذلک فی محاسبات ونظر العقلاء بطل التصرّف ، ولو تبیّن أنّه لیس کذلک بالنظر إلی حقیقة واقع الشیء صحّ ، إذا کانت فیه مصلحة بحسب تقدیر ونظر العقلاء .

( مسألة 82 ) : یجوز للأب والجدّ التصرّف فی نفس الصغیر بإجارته لعمل ما أو جعله عاملاً فی المعامل علی الشرط المتقدّم ، وکذلک فی سائر شونه ، مثل تزویجه .

نعم ، لیس لهما طلاق زوجته ، وهل لهما فسخ نکاحه عند حصول المسوّغ للفسخ ، وهبة المدّة فی عقد المتعة ؟ وجهان ، والثبوت أقرب فی الثانی ، وفیه تأمّل فی الأوّل .

( مسألة 83 ) : إذا أوصی الأب أو الجدّ إلی شخص بالقیمومة بعد موته علی القاصرین من ولده نفذت الوصیّة ، وصار الموصی إلیه ولیّاً علیهم بمنزلة الموصی تنفذ تصرّفاته مع المصلحة والغبطة ، حتّی فی التزویج مع الحاجة الملحّة أو الضرورة . نعم ، لا ولایة للوصیّ علی البکر البالغ غیر السفیهة وغیر الضعیفة ، ویشترط فیه الرشد والأمانة ، ولا تشترط فیه العدالة علی الأقوی ، کما یشترط فی صحّة الوصیّة فقد الآخر ، فلا تصحّ وصیّة أحدهما بالقیمومة علی القاصر مع وجود الآخر ، ولو أوصی أحدهما بالقیمومة علی القاصر بعد فقد الآخر لا فی حال وجوده ، ففی صحّتها إشکال .

( مسألة 84 ) : لا ولایة لذوی الأرحام غیر الأب والجدّ للأب والوصیّ لأحدهما علی نکاح القاصر ، کالصغیر وغیره ، ولا علی أمواله بخلاف غیر ذلک من شونه ، بل یراعی فی الموردین الأوّلین مباشرتهم مع نظارة الحاکم أو عدول المونین ، أی فلهم استحقاق الرعایة وللحاکم الولایة .

( مسألة 85 ) : الولایة علی أموال القاصر کالصبیّ وغیره ونکاحه للحاکم

ص:35

الشرعیّ مع فقد الأب والجدّ والوصیّ لأحدهما ، ومع تعذّر الرجوع إلی الحاکم فالولایة لعدول المونین الأرفق والأوفق منهم به ، وتقدّم أنّ لذوی الأرحام مباشرة ذلک ، والأحوط الاقتصار علی صورة لزوم الضرر فی ترک التصرّف ، کما لو خیف علی ماله التلف - مثلاً - فیبیعه العادل ، لئلاّ یتلف ، وإن لم یکن فیه غبطة وفائدة حینئذٍ ، بل لو تعذّر وجود العادل - حینئذٍ - جاز ذلک لسائر المونین الأرفق والأوفق به منهم ، وأمّا بقیّة شون القاصر فهی للأوْلی به من أرحامه ، ولو اتّفق احتیاج المکلّف إلی دخول دار الأیتام والجلوس علی فراشهم والأکل من طعامهم ، وتعذّر الاستئذان من ولیّهم ولم یکن فیه ضرر علیهم ، لم یبعد جواز ذلک إذا عوّضهم عن ذلک بالقیمة ، ومن العوض ما لو أسدی منفعة لهم .

ص:36

الفصل الثالث : شروط العوضین

یشترط فی المبیع أن یکون عیناً ، سواء بلحاظ مطلق شونها - کما هو الحال فی نقل ملکیّة الأعیان - أو فی بعض شونها - کما هو الحال فی نقل الحقوق المتعلّقة بالأعیان - وسواء أکانت موجودة فی الخارج المعیّن أم غیر المعیّن ، أم فی الذمّة ، وسواء أکانت الذمّة ذمّة البائع أم غیره ، کما إذا کان له مال فی ذمّة غیره فباعه لشخص ثالث ، فلا یصحّ بیع المنفعة بما هی موّتة بقدر وحیز بخلاف الممتدّة ، فإنّها من شون العین بلحاظ الحقّ المتعلّق بها ، کمنفعة الدار ولا بیع العمل کخیاطة الثوب ، وأمّا الثمن فیجوز أن یکون عیناً بلحاظ ملک رقبتها أوحقّ متعلّق بها أو منفعة أو عملاً .

( مسألة 86 ) : المشهور علی اعتبار أن یکون المبیع والثمن مالاً یرغب فیه العقلاء ببذل ما یتنافس فیه ، وإن لم تکن الرغبة فعلیة لعمومهم ، بل تقدیریّة ، کما فی مالیّة الدواء لبعض الأمراض النادرة ، فکلّ ما لا یکون مالاً کبعض الحشرات لا یصحّ بیعه ، ولا جعله ثمناً ، وهذا هو الأقوی . نعم ، ربّما تکون مالیّة الشیء بالتعاقد کما فی إسقاط الحقّ .

( مسألة 87 ) : الحقوق نوعاً من قبیل السلطنة ، ودرجاتها المنطویة فی الملکیة ، فکما یصحّ بیع العین بلحاظ ملکیّة رقبتها یصحّ بیع العین بلحاظ الحقوق المتعلّقة بها ، سواء القابلة للانتقال أو غیر القابلة للانتقال لکنّها قابلة للإسقاط ، فتکون ثمرة البیع إسقاط ذلک الحقّ بأن یملک المشتری أو البائع

ص:37

فیما إذا جعل الإسقاط ثمناً علی الآخر أن یقوم بإسقاط الحقّ بعد البیع ، أو یوذ الإسقاط بنحو النتیجة .

( مسألة 88 ) : یشترط فی العوضین فی البیع أن لا یکون غرریّاً مجهولاً مقداراً أو وصفاً أو وجوداً بحسب المتعارف عند العقلاء وعلم المتعاقدین ولو إجمالاً ، وتکفی رفع جهالة قدر العوضین بأحد التقدیرات المتعارفة فیهما من کیل أو وزن أو عدّ أو مساحة أو مشاهدة ، ونحو ذلک ، لا سیّما فی المثلیّ أو القیمیّ مع التفاوت الفاحش ، فتکفی المشاهدة فیما تعارف بیعه بالمشاهدة ، ولا بأس بتقدیره بغیر المتعارف فیه عند البیع ، کبیع المکیل بالوزن ، وبالعکس ، إذا لم یکن البیع غرریّاً ، وإذا کان الشیء ممّا یباع فی حال بنحو من التقدیر وفی حال اخری بنحو آخر فصحّة بیعه تابعة للمتعارف فی ذلک الحال ، کالتمر یباع علی الشجر بالمشاهدة وفی المخازن بالوزن ، والحطب محمولاً علی الدابّة بالمشاهدة وفی المخزن بالوزن ، واللبن المخیض یباع فی السقاء بالمشاهدة وفی المخازن بالکیل .

نعم ، یصحّ بیع المجهول من أحد النواحی الثلاث المتعذرّ استعلامه حال العقد مع الضمیمة المعلومة متبوعة تارة ، وجزءاً اخری ، وتابعة ثالثة ، کشرط ، وذلک بحسب درجة جهالة الشیء وبحسب موازنة قیمته عند العقلاء مع قیمة الضمیمة ، کبیع السمک المملوک فی الماء ، وبیع اللبن فی الضرع ، والجنین فی بطن الحیوان ، والجلد والصوف علی ظهر الغنم ، والعبد الآبق ، والثمرة قبل ظهورها ، کما سیأتی .

( مسألة 89 ) : یکفی فی معرفة التقدیر إخبار البائع بالقدر ، کیلاً أو وزناً أو عدّاً ، ولا فرق بین عدالة البائع وفسقه ، والأحوط اعتبار حصول اطمئنان المشتری بإخباره ، ولو تبیّن الخلاف فی المبیع المثلیّ بالنقیصة کان المشتری

ص:38

بالخیار فی الفسخ والإمضاء بنقیصة الثمن بحسابه ، فیرجع علی البائع ، ولو تبیّنت الزیادة کان البائع بالخیار بین استرجاع الزیادة أو یبقیه للمشتری مع أخذ قیمته بحسابه . نعم ، لو کان التقدیر بالکیل أو الوزن أو العدّ فی المبیع القیمیّ حیث یحسب التقدیر وصفاً کان حکم النقیصة هو الخیار للمشتری بین الفسخ والإمضاء بتمام الثمن ، وکان حکم الزیادة هو الخیار للبائع بین الفسخ والإمضاء بتمام المبیع .

( مسألة 90 ) : لا بدّ فی المثلیّ - کأکثر أنواع القماش - والقیمیّ - ککثیر من الأراضی - ونحوهما ممّا یکون تقدیره بالمساحة دخیلاً فی زیادة القیمة معرفة مقداره ، ولا یکتفی فی بیعه بالمشاهدة ، إلاّ إذا کانت رافعة للغرر ، کما هو الغالب فی بیع الدور والفرش ممّا هو قیمیّ .

( مسألة 91 ) : إذا اختلفت البلدان فی تقدیر شیء ، بأن کان موزوناً فی بلد ، ومعدوداً فی آخر ، ومکیلاً فی ثالث ، فالظاهر أنّ المدار فی التقدیر ورفع الغرر والجهالة علی الأغراض النوعیّة فی تعیین التقدیر أو تخییره فی بلد المعاملة ، لا علی الأغراض الشخصیّة .

( مسألة 92 ) : قد یوذ الوزن شرطاً فی المکیل أو المعدود أو الکیل شرطاً فی الموزون ، مثل أن یبیعه عشرة أمنان من الدبس شرط أن یکون کیلها صاعاً ، فیتبیّن أن کیلها أکثر من ذلک لرقّة الدبس ، أو یبیعه عشرة أذرع من قماش بشرط أن یکون وزنها ألف مثقال ، فیتبیّن أنّ وزنها تسعمائة لعدم إحکام النسج ، أو یبیعه عشرة أذرع من الکتّان بشرط أن یکون وزنه مائة مثقال ، فیتبیّن أنّ وزنه مائتا مثقال لغلظة خیوطه ونحو ذلک ، ممّا کان التقدیر فیه ملحوظاً صفة کمال للمبیع لا مقوّماً له ، والحکم أنّه مع التخلّف بالزیادة أو النقیصة ممّا یکون معیباً أو تختلف فیه الرغبات یکون الخیار للمشتری لتخلّف الوصف ،

ص:39

فإن أمضی العقد کان علیه تمام الثمن ، والزیادة للمشتری علی کلّ حال .

( مسألة 93 ) : یشترط معرفة جنس العوضین وصفاتهما التی تختلف القیمة أو الرغبة باختلافها ، کالألوان والطعوم ، والجودة والرداءة ، والرقّة والغلظة ، والثقل والخفّة ، ونحو ذلک ممّا یجب اختلاف القیمة والرغبة ، أمّا ما لا یوجب اختلافاً فیهما فلا تجب معرفته ، وإن کان مرغوباً فی الداعی الشخصیّ لدی المتعاقدَین ، والمعرفة إمّا بالمشاهدة أو بتوصیف البائع أو بالروة السابقة .

( مسألة 94 ) : یشترط أن یکون کلّ واحد من العوضین ملکاً ، مثل أکثر البیوع الواقعة بین الناس ، أو ما هو بمنزلته ، کبیع الکلّیّ فی الذمّة ، أو مستحقّاً کبیع الأرض الخراجیّة أو التی حجّرها ، أو بیع شخص مال مختصّ بجهة من الجهات ، مثل بیع ولیّ الزکاة بعض أعیان الزکاة وشرائه العلف لها ، فلا یجوز بیع ما لیس کذلک ، مثل المباحات قبل الحیازة ، کالسمک فی الماء ، والطیر فی الهواء ، وشجر البیداء قبل أن یصطاد أو یُحاز .

( مسألة 95 ) : یشترط فی العوضین فی البیع أن یکون طلقاً غیر مستحقّ لثالث بحقّ یحبس العین عن النقل ، ویصحّ للراهن بیع العین المرهونة بإذن المرتهن ، وکذلک لو أجازه بعد وقوعه ، ویصحّ البیع مع عدم إجارته أیضاً مع عدم کونه موجباً لسلب قدرة المرتهن علی العین ، وإلاّ توقّف علی الإجازة ، ویثبت الخیار للمشتری إذا کان جاهلاً بالحال حین البیع ، ولا یصحّ بیع العین المنذورة للتصدّق .

( مسألة 96 ) : لا یجوز تبدیل الوقف ببیع ونحوه إلاّ فی موارد :

منه-ا : أن یخرب بحیث لا یمکن الانتفاع به مع بقاء عینه ، کالحیوان المذبوح ، والفرش البالی ، والآلة المستهلکة .

ص:40

ومنه-ا : أن یخرب علی نحو یسقط عن الانتفاع المعتدّ به مع کونه ذا منفعة یسیرة ملحقة بالمعدوم عرفاً .

ومنه-ا : ما إذا طرأ ما یستوجب أن یوّی بقاو إلی الخراب المسقط له عن المنفعة المعتدّ بها عرفاً ، واللازم حینئذٍ تأخیر البیع إلی آخر أزمنة إمکان البقاء ، ومن ذلک ما لو خیف وضع غاصب یده ومصادرته .

ومنه-ا : ما لو علم أنّ الواقف لاحظ فی قوام الوقف أغراضاً وأولویّات مرعیّة فی جهة وعنوان الوقف ، وإن لم یصرّح بها ، لکنّها مستفادة من لفظ الواقف بحسب الارتکازات العرفیّة ، فتراعی .

فلو علم أنّه لاحظ عنواناً خاصّاً - مثل : کون الأرض دار أیتام - وزال ذلک العنوان ، فإنّه یجوز البیع حینئذٍ وتبدیله بملک یوقف علی النهج الأوّل ، وإن کانت الفائدة فی العین السابقة الموقوفة باقیة فی جهة اخری بحالها أو أکثر ، کما لو کانت الموقوفة ینتفع بها لمرافق خدمیّة مهمّة لأهل تلک المنطقة ، وقد یعلم أنّه لاحظ غرضاً عامّاً فی وقف العین ککون ما تدرّه ریعاً لمسجد أو حسینیّة ، فإنّه إذا زال العنوان الخاصّ المذکور فی لفظ الواقف - مثل : کونه بستاناً ونحو ذلک - فإنّه لا یسوغ البیع والتبدیل مع بقاء فائدة الریع بحالها أو أکثر فی عنوان آخر .

ومنه-ا : ما إذا انقلبت جهة الوقف والصدقة الجاریّة من الخیریّة والإحسان إلی الإضرار والإفساد ، فلا بدّ حینئذٍ من تبدیل جهة الوقف إلی جهة إحسان وخیر هی الأقرب للجهة السابقة ، ومن ذلک ما لو وقع الاختلاف الشدید بین الموقوف علیهم ، بحیث لا یون معه من تلف النفوس والأموال ، ومن ذلک ما لو أحدث الموقوف علیهم ما یمنع الشرع من معونتهم ، والتقرّب إلی اللّه بصلتهم ، فإنّه تبدّل جهة الوقف إلی جهة اخری أصلح بحالهم .

ص:41

ومنه-ا : ما إذا اشترط الواقف بیعه عند حدوث أمر من قلّة المنفعة أو کثرة الضرائب ، أو کون بیعه أنفع ، أو احتیاجهم إلی عوضه ، أو نحو ذلک .

( مسألة 97 ) : ما مرّ من تبدیل وجواز البیع فی الصور المذکورة لا یجری فی المساجد ، فإنّها لا یجوز بیعها علی کلّ حال . نعم ، لو زال عن الأرض عنوان المسجدیّة بنحو لا یمکن رجوعه وبقیت الوقفیّة جری علیها ما مرّ ، فیوقف الملک الجدید البدیل مسجداً .

نعم ، یجری فی مثل المدارس الموقوفة لطلاّب العلم ، والدور الموقوفة للزوّار ، وغیرها من المنشآت العمرانیّة الموقوفة علی الجهات الخاصّة .

( مسألة 98 ) : إذا جاز بیع الوقف ، فاللازم مراجعة المتولّی الخاصّ له ، ویکون التبدیل والبیع بإذنه ، وإلاّ فاللازم مراجعة الواقف أو ورثته ، کما أنّه إن کان من الأوقاف الخاصّة علی أشخاص معیّنین ، فاللازم إجازتهم أیضاً دون غیرهم ، ویکتفی بإجازة الموقوف علیهم المعیّنین مع عدم الواقف أو ورثته ، وإلاّ فإن کان من الأوقاف العامّة مع عدم الواقف وورثته ، فیراجع الحاکم الشرعیّ ویستأذن منه فی البیع والتبدیل ، واللازم أن یشتری بثمنه ملکاً ویوقف علی النهج الذی کان علیه الوقف الأوّل إن أمکن ، وإلاّ فالأقرب ثمّ الأقرب .

نعم ، لو خرب بعض الوقف فیقتصر فی الجواز علی بیع ذلک البعض وصرف ثمنه فی مصلحة تعمیر الباقی بثمنه لو کان خراباً أیضاً ، أو فی مصلحة المقدار العامر ، أو فی وقف آخر موقوف علی نهج بعض الوقف الذی خرب .

( مسألة 99 ) : لا یجوز بیع الأمة إذا کانت ذات ولد لسیّدها ، ولو کان حملاً غیر مولود ، وکذا لا یجوز نقلها بسائر النواقل ، وإذا مات ولدها جاز بیعها ، کما یجوز بیعها فی ثمن رقبتها مع إعسار المولی ، وهناک فروع کثیرة فیها

ص:42

خارجة عن الابتلاء .

( مسألة 100 ) : لا یجوز بیع الأرض الخراجیّة ، وهی : الأرض المفتوحة عنوة العامرة حین الفتح ، فإنّها ملک للمسلمین من وجد ومن یوجد ، سواء کانت فیها آثار مملوکة لمَن هی فی یده من بناء أو شجر أو غیرها ، أو لا .

نعم ، یجوز شراء حقّ الأولویّة ممّن هی فی یده بلا حاجة إلی الاستئذان من الحاکم الشرعیّ زمن لاغیبة لإذنهم علیهم السلام فی ذلک لعموم المونین ، والأحوط دفع خراجها إلی الحاکم الشرعیّ لتصرف فی مصالح المسلمین . ولو ماتت الأرض العامرة - حین الفتح - بحیث أصبحت بواراً ، فالأقرب أن تملک بالإحیاء ، أمّا الأرض المیّتة فی زمان الفتح - أی التی لا تقع فی المناطق العامرة والعمران من المدن والقری ممّا تکون نائیة أو فیما بین الأریاف - فهی ملک ولایة للإمام علیه السلام ، وإذا أحیاها أحد ملکها ملک استحقاق بالإحیاء ، مسلماً کان المحیی أو کافراً ، ولیس علیه دفع العوض ، وإذا ترکها حتّی خربت فهی علی ملکه ، ولکنّه مع ترک زرعها وعدم الانتفاع بها بوجه بمقدار یعدّ عرفاً تعطیلاً لها

- والأحوط أن لا یقلّ عن ثلاث سنین - یجوز لغیره زرعها وإعمارها ، وهو أحقّ بها منه ، لکن الأحوط استحباباً عدم زرعها بلا إذن منه إذا عرف مالکها ، إلاّ إذا کان المالک قد أعرض عنها ، ومن أمثلة الأعراض إذا ترکها حتّی ماتت وبارت ، کالموات الأصلیّ . وسیأتی تتمّة تفصیل صور اخری فی کتاب إحیاء الموات إن شاء اللّه تعالی .

وإذا أحییت الأرض الجهات الرسمیّة علی أن تکون للمسلمین لحقها حکم الأراضی الخراجیّة .

( مسألة 101 ) : فی تعیین أرض الخراج یتوقّف علی مزید تحرّی ، ویظهر

ص:43

من النصوص وکلمات الفقهاء والموّخین مواضع کثیرة منها ، وإذا شکّ فی أرض أنّها کانت میّتة أو عامرة - حین الفتح - تحمل علی أنّها کانت میّتة ، فیجوز إحیاوا وتملّکها إن کانت حیّة ، کما یجوز بیعها وغیره من التصرّفات الموقوفة علی الملک .

( مسألة 102 ) : یشترط فی کلّ من العوضین أن یکون مقدوراً علی تسلیمه أو تسلّمه ، فلا یصحّ بیع ما یتعذّر ویعجز عن تسلیمه ، وکذا لا یصحّ بیع مجهول الحال المردّد أو المرجوّ ، کالحمل الشارد ، أو الطیر الطائر ، أو السمک المرسل فی الماء .

ولا فرق بین العلم بالحال والجهل بها ، ویسوغ مع الضمیمة إذا کان تابعاً لها ، بل جزءاً فی المرجوّ . ولو باع العین المغصوبة ، وکان المشتری قادراً علی أخذها من الغاصب ، صحّ ، کما أنّه یصحّ بیعها علی الغاصب أیضاً ، وإن کان البائع لا یقدر علی أخذها منه ثمّ دفعها إلیه ، وإذا کان المبیع ممّا تترتّب المنفعة علی مجرّد شراءه وإن لم یستلمه ، صحّ ، کما لو کان المبیع لا یستحقّ المشتریّ أخذه کمَن ینعتق علی المشتری ، وشراء الآبق لکفّارة العتق .

( مسألة 103 ) : لو قطع بالقدرة علی التسلیم فباع ، فانکشف الخلاف ، بطل ، ولو قطع بالعجز عنه فانکشف الخلاف ، فالظاهر البطلان أیضاً .

( مسألة 104 ) : لو باعه ما یتعذّر تسلیمه إلاّ بعد مدّة من زمان استحقاقه ، لکن علم بحصولها بعده ، فإن کانت المدّة یسیرة صحّ ، وإذا کانت طویلة لا یتسامح بها ، فإن کانت مضبوطة - کسنة أو أکثر - فالظاهر الصحّة مع علم المشتری بها ، وکذا مع جهله بها ، لکن یثبت الخیار للمشتری ، وکذا إن کانت غیر مضبوطة بوقت معیّن بخصوصه بحسب العادة ، کما لو باعه دابّة غائبة

ص:44

یعلم بحضورها ، لکن لا یعلم زمانه ، ولو کان تعذّر التسلیم طارئاً بعد العقد ، فللمشتری الخیار أیضاً .

( مسألة 105 ) : إذا کان العاقد هو المالک ، فالاعتبار بقدرته ، أو قدرة الطرف الآخر فی العقد ، وإن کان وکیلاً فی إجراء الصیغة فقط ، فالاعتبار بقدرة المالک وإن کان وکیلاً فی المعاملة کعامل المضاربة ، فالاعتبار بقدرته أو قدرة المالک ، فیکفی قدرة أحدهما علی التسلیم فی صحّة المعاملة ، فإذا لم یقدرا ولم یقدر الطرف الآخر فی العقد علی التسلّم بطل البیع .

( مسألة 106 ) : یجوز بیع غیر المقدور تسلیمه مع الضمیمة إذا کانت ذات قیمة معتدّ بها ، ومرّ أنّه لا بدّ أن یکون تابعاً إذا کان متعذّراً یعجز عنه ، أو مجهول الحال مردّداً ، أو تابعاً إذا کان مرجوّاً .

ص:45

الفصل الرابع : الخیارات

اشارة

الخیار حقّ وسلطنة علی فسخ العقد برفع وإزالة مضمونه ، وهو أقسام :

الأوّل : خیار المجلس

أی مجلس البیع ، فإنّه إذا وقع البیع کان لکلّ من البائع والمشتری الخیار فی المجلس ما لم یفترقا ، فإذا افترقا - عرفاً - لزم البیع وانتفی الخیار ، ولو کان المباشر للعقد الوکیل أو الولیّ کان الخیار للمالک ، فإنّ سلطة الخیار لمَن له سلطة البیع أصالة وهو المالک ، وله تولیة الفسخ لمَن یشاء ، کأن یوکّل الوکیل فی تمام شون المعاملة ، ویستمرّ مدّة الخیار باجتماع المباشرین وغایته افتراقهما لا المالکین ، ولو فارقا المجلس مصطحبین بقی الخیار حتّی یفترقا ، ولو کان الموجب والقابل واحداً وکالة عن المالکین ، فالأظهر ثبوت الخیار ما لم ینصرف عن شأن العقد .

( مسألة 107 ) : فی اختصاص هذا الخیار بالبیع إشکال ، وتعمیمه فی مطلق المعاوضات التجاریّة لا یخلو من وجه .

( مسألة 108 ) : یسقط هذا الخیار باشتراط سقوطه فی العقد ، کما یسقط بإسقاطه بعد العقد ولو بالتصرّف الدالّ علی إقرار وإبرام العقد .

الثانی : خیار الحیوان

کلّ مَن اشتری حیواناً - إنساناً کان أو غیره - ممّا یطلب حیاته ، ثبت له

ص:46

الخیار ثلاثة أیّام مبدوا زمان العقد ، وإذا کان العقد فی أثناء النهار لفّق المنکسر من الیوم الرابع ، واللیلتان المتوسّطتان داخلتان فی مدّة الخیار ، وکذا اللیلة الثالثة فی صورة التلفیق المنکسر .

( مسألة 109 ) : یسقط هذا الخیار باشتراط سقوطه فی متن العقد ، کما یسقط بإسقاطه بعده ، وبالتصرّف فی الحیوان تصرّفاً إمّا دالّ علی إمضاء العقد واختیار عدم الفسخ ، بأن یستخدمها وینتفع بها کعین مملوکة ، أو مغیّراً للعین عن الحالة السابقة .

( مسألة 110 ) : یثبت هذا الخیار للبائع أیضاً ، إذا کان الثمن حیواناً .

( مسألة 111 ) : فی اختصاص هذا الخیار بالبیع إشکال ، وثبوته فی غیره من المعاوضات لمَن یتملّک الحیوان وجه .

( مسألة 112 ) : إذا تلف الحیوان قبل القبض أو بعده فی مدّة الخیار کان تلفه من مال البائع ، ورجع المشتری علیه بالثمن إذا کان دفعه إلیه .

( مسألة 113 ) : إذا طرأ عیب فی الحیوان من غیر تفریط من المشتری لم یمنع من الفسخ والردّ ، وإن کان بتفریط منه سقط خیاره .

الثالث : خیار الشرط

والمراد به : الخیار المجعول باشتراطه فی العقد ، إمّا لکلّ من المتعاقدَین أو لأحدهما بعینه ، أو لأجنبیّ ، سواء بنحو التولیة أو التنویب .

( مسألة 114 ) : لا یتقدّر هذا الخیار بمدّة معیّنة ، بل یجوز اشتراطه فی أی مدّة کانت ، قصیرة أو طویلة ، متّصلة أو منفصلة ، عن العقد . نعم ، لا بدّ من تعیین مبدأها وتقدیرها بقدر معیّن ، ولو ما دام العمر ، فلا یجوز جعل الخیار بلا مدّة ، ولا جعله مدّة غیر محدودة قابلة للزیادة والنقیصة وموجبة للغرر ، وإلاّ بطل

ص:47

ولو کانت معیّنة بحسب الواقع .

( مسألة 115 ) : إذا جعل الخیار شهراً ، کان الظاهر منه المتّصل بالعقد ، وکذا الحکم فی غیر الشهر من السنة أو الاُسبوع أو نحوهما ، وإذا جعل الخیار شهراً مردّداً بین شهور المدّة المعیّنة - کالسنة - احتمل البطلان من جهة عدم التعیین ، لکنّ الظاهر الصحّة لظهور کون الخیار فی تمام المدّة ، وإنّما الشهر ظرف لإعمال الخیار .

( مسألة 116 ) : اشتراط الخیار فی جملة من الإیقاعات بمعنی التعلیق المقرّر عرفاً لا یخلو من وجه ، وتفصیله سیأتی إن شاء اللّه تعالی فی أبوابها .

نعم ، لا یقع فی مثل الطلاق ونحوه ولا یتأتّی فی العقود الإذنیّة ، کالودیعة والعاریة ، ویجوز فی العقود الجائزة .

ویجوز اشتراطه فی العقود اللازمة عدا النکاح والصدقة والضمان ، ویصحّ فی الهبة اللازمة علی الأظهر .

( مسألة 117 ) : یجوز اشتراط الخیار للبائع فی مدّة معیّنة ، متّصلة بالعقد أو منفصلة عنه ، علی نحو یکون له الخیار فی حال ردّ الثمن بنفسه مع وجوده أو بدله مع تلفه ، ویسمّی بیع الخیار ، فإذا مضت مدّة الخیار لزم البیع وسقط الخیار وامتنع الفسخ ، وإذا فسخ فی المدّة من دون ردّ الثمن أو بدله مع تلفه لا یصحّ الفسخ ، وکذا لو فسخ قبل المدّة فلا یصحّ الفسخ إلاّ فی المدّة المعیّنة فی حال ردّ الثمن أو ردّ بدله مع تلفه ، ثمّ إنّ الفسخ إمّا أن یکون بإنشاء مستقلّ فی حال الردّ ، مثل : « فسخت » ونحوه ، أو یکون بنفس الردّ ، علی أن یکون إنشاء الفسخ بالفعل وهو الردّ ، لا بقوله : « فسخت » ونحوه .

( مسألة 118 ) : المراد من ردّ الثمن إحضاره عند المشتری ، وتمکینه منه ، فلو أحضره کذلک جاز له الفسخ ، وإن امتنع المشتری من قبضه .

ص:48

( مسألة 119 ) : الظاهر أنّه یجوز اشتراط الفسخ فی تمام المبیع بردّ بعض الثمن علی أن یردّ الباقی لاحقاً أو بدله مع التلف ، کما یجوز اشتراط الفسخ فی بعض المبیع بذلک .

( مسألة 120 ) : إذا تعذّر تمکین المشتری من الثمن لغیبة أو جنون أو نحوهما ممّا یرجع إلی قصور فیه ، فالظاهر أنّه یکفی فی صحّة الفسخ تمکین ولیّه ، ولو کان الحاکم الشرعیّ أو وکیله ، فإذا مکّنه من الثمن جاز له الفسخ ، ولا یبعد مع التعذّر الاجتزاء بکونه باذلاً للثمن عند مکان المشتری .

( مسألة 121 ) : نماء المبیع من زمان العقد إلی زمان الفسخ للمشتری ، کما أنّ نماء الثمن للبائع .

( مسألة 122 ) : لا یجوز للمشتری فیما بین العقد إلی انتهاء مدّة الخیار إتلاف العین أو التصرّف الناقل للعین من هبة أو بیع أو نحوهما فیما کان المشروط له قد التزم له بردّ العین علیه وارتجاعها ، وکانت العین من القیمیّ لا المثلیّ ، ولو تلف المبیع کان ضمانه علی المشتری ، ولا یسقط بذلک خیار البائع ، إلاّ إذا کان الخیار المشروط غایته خصوص ردّ العین بنحو وحدة المطلوب ، وإن کان الغالب هو الأوّل من تعدّد المطلوب .

وأمّا إن کان المشروط فی الخیار التسلّط علی فسخ العقد ، فیجوز إتلاف العین ولو بالنقل .

( مسألة 123 ) : إذا کان الثمن المشروط ردّه دَیناً فی ذمّة البائع ، کما إذا کان للمشتری دَین فی ذمّة البائع فباعه بذلک الدَّین ، واشترط الخیار مشروطاً برّده ، کفی فی ردّه إعطاء فرد منه ، وکذا الحکم فی کلّ مثلیّ ، سواء کان الثمن کلّیّاً فدفع المشتری فرد منه ، أو عیناً شخصیّاً . نعم ، لو کانت العین شخصیّة قیمیّة ، فالظاهر تقیّد الخیار بدفعها للمشتری إلاّ إذا کانت هناک قرینة علی إرادة الأعمّ

ص:49

منها ومن قیمتها .

( مسألة 124 ) : لو اشتری الولیّ شیئاً للمحجور ببیع الخیار ، فارتفع حجره قبل انقضاء المدّة ، کان الفسخ مشروطاً بردّ الثمن إلیه ، ولا یکفی الردّ إلی ولیّه ، ولو اشتری أحد الولیّین کالأب ببیع الخیار جاز الفسخ بالردّ إلی الولیّ الآخر کالجدّ ، إلاّ أن یکون المشروط خصوص الردّ إلی الولیّ المباشر للشراء .

( مسألة 125 ) : إذا مات البائع - قبل إعمال الخیار - انتقل الخیار إلی ورثته ، فلهم الفسخ بردّهم الثمن إلی المشتری ، ویشترکون فی المبیع علی حسب سهامهم ، ولو امتنع بعضهم عن الفسخ لم یصحّ للبعض الآخر الفسخ ، لا فی تمام البیع ولا فی بعضه ، ولو مات المشتری کان للبائع الفسخ بردّ الثمن إلی ورثته .

( مسألة 126 ) : یجوز اشتراط الخیار فی الفسخ للمشتری بردّ المبیع إلی البائع ، کما مرّ فی اشتراطه للبائع ، والظاهر منه ردّ نفس العین إذا کانت من القیمیّ ، فلا یکفی ردّ البدل حتّی مع تلفها ، إلاّ أن تقوم قرینة علی إرادة ما یعمّ ردّ البدل عند التلف ، وهذا بخلاف ما إذا کانت العین من المثلیّ .

( مسألة 127 ) : لا یجوز اشتراط الخیار فی الفسخ بردّ البدل مع وجود العین فیما کانت من القیمیّ ، بلا فرق بین ردّ الثمن والمثمن ، وفی جواز اشتراطه بردّ القیمة فی المثلیّ أو المشابه القریب فی القیمیّ مع تلف العین إشکال ، بل منع .

( مسألة 128 ) : یسقط هذا الخیار بانقضاء المدّة المجعولة له ، مع عدم الردّ وبإسقاطه بعد العقد .

الرابع : خیار الغبن

إذا باع بأقلّ من قیمة الشیء ممّا لم تجرِ العادة بالتغابن به ، ثبت له الخیار ، وکذا إذا اشتری بأکثر من قیمة الشیء ، ولا یثبت هذا الخیار للمغبون

ص:50

إذا کان عالماً بالحال .

( مسألة 129 ) : یشترط فی ثبوت الخیار للمغبون أن یکون التفاوت موجباً للغبن عرفاً ، بأن یکون مقداراً لا یتسامح به عند غالب مَن یتعاطی التعامل بذلک ، فلو کان المقدار ممّا یعتاد التغابن والتماکس فیه لم یوجب الخیار ، فلیس المدار علی التحدید بالثلث أو الربع أو الخمس أو غیر ذلک ، وتختلف المعاملات فی ذلک ، فالتجاریّة المبنیّة علی المماکسة الشدیدة یختلف قدر التفاوت فیها عن المعاملات العادیة ، کما یختلف بحسب نوع وجنس العوض ، فالمدار علی ما تقدّم .

( مسألة 130 ) : الظاهر کون الخیار المذکور ثابتاً من حین العقد لا من حین ظهور الغبن ، فلو فسخ قبل ظهور الغبن صحّ فسخه مع ثبوت الغبن واقعاً .

( مسألة 131 ) : للمغبون مطالبة الغابن بالتفاوت وترک الفسخ مع إمکان الردّ ، فإن لم یکن الردّ بقی له المطالبة بالتفاوت ، ولو بذل له الغابن التفاوت ففی بقاء خیار الفسخ إشکال أو منع .

نعم ، لو تصالحا علی إسقاط الخیار بمال صحّ وسقط الخیار ، ووجب علی الغابن دفع عوض المصالحة ، هذا ولو فرض أنّ المرتکز فی التعامل عرفاً فی بعض الأجناس أو بعض البیئات هو علی تقدیم اشتراط استحقاق التفاوت علی الفسخ فإن لم یمکن فالفسخ کان ذلک هو المتّبع ، کما أنّه قد یفرض أنّ الارتکاز هو علی التخییر بین الفسخ أو الأخذ بالتفاوت ، وسواء کان هذا التخییر للمغبون أو للغابن . ویسقط الخیار المذکور باُمور :

الأوّل : إسقاطه بعد العقد وإن کان قبل ظهور الغبن ولو أسقطه بزعم کون التفاوت عشرة فتبیّن کونه مائة ، فإن کان التفاوت بالأقلّ ملحوظاً قیداً - کما هو الغالب فیما کان الفرق کبیراً - بطل الإسقاط ، وإن کان ملحوظاً من قبیل الداعی

ص:51

- کما هو الغالب فیما کان الفرق یسیراً - صحّ ، وهکذا التفصیل لو صالحه علیه بماله .

الثانی : اشتراط سقوطه فی متن العقد فیما لو لم یکن إسقاطاً لخیار الغبن الفاحش الخطیر فی کلّ عین بحسبها ، وإلاّ فیلزم الغرر مع عدم الاطمئنان حیث یکون رفع الغرر بتعهّد البائع ، ویجری فیه التفصیل المتقدّم إذا تبیّن وجود الفرق بین التفاوت المزعوم والتفاوت بحسب الواقع .

الثالث : تصرّف المغبون - بائعاً کان أو مشتریاً فیما انتقل إلیه - تصرّفاً ، إمّا یدلّ علی الالتزام بالعقد ، کما إذا کان بعد العلم بالغبن أو قبله فیما لو کانت هناک قرینة أو شاهد حال دالّ علی ذلک ؛ وإمّا تصرّفاً متلفاً للعین أو مخرجاً لها عن الملک ، أو مانعاً عن الاسترداد ، کالاستیلاد والعتق ، أو مغیّراً لها عمّا کانت علیه ، مثل : تفصیل الثوب ونحوه . نعم ، فی المسقط الثالث یثبت للمغبون استحقاق التفاوت بین القیمتین .

( مسألة 132 ) : إذا ظهر الغبن للمغبون فیفسخ البیع فی غیر موارد سقوط الخیار ، وإلاّ اخذ التفاوت فی القیمة کما مرّ .

وإن وجده خارجاً عن ملک الغابن بأن نقله إلی غیره بعقد لازم - کالبیع والهبة المعوّضة - أو لذی رحم ، فهو بحکم التالف ، ولیس له إلزام الغابن بإرجاع العین بشرائها أو استیهابها .

بل لا یبعد ذلک لو نقلها بعقد جائز کالهبة والبیع بخیار ، فلا یجب علیه الفسخ وإرجاع العین ، بل لو اتّفق رجوع العین إلیه بإقالة أو شراء أو میراث أو غیر ذلک بعد دفع التفاوت فی القیمة لم یجب علیه دفعها إلی المغبون .

نعم ، لو کان رجوعها إلیه قبل دفع التفاوت فی القیمة استحقّ المغبون إرجاعها إلیه بالفسخ ، وأوْلی منه فی ذلک لو کان رجوعها إلیه قبل فسخ

ص:52

المغبون ، بلا فرق بین أن یکون الرجوع بفسخ العقد أو أن یکون بعقد جدید ، فإنّه یجب علیه دفع العین نفسها إلی الفاسخ المغبون ، ولا یجتزی بدفع البدل من المثل أو القیمة .

وإذا کانت العین باقیة عند الغابن حین فسخ المغبون ، لکنّه قد نقل منفعتها إلی غیره بعقد لازم - کالإجارة اللازمة - أو جائز - کالإجارة المشروط فیها الخیار - لم یجب علیه الفسخ أو الاستقالة مع إمکانها ، بل یدفع العین وأرش النقصان الحاصل بکون العین مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة .

( مسألة 133 ) : إذا فسخ المغبون وکان الغابن قد تصرّف فی المبیع تصرّفاً مغیّراً له ، فإمّا أن یکون بالنقیصة أو بالزیادة ، أو بالامتزاج بغیره ، فإن کان بالنقیصة أخذ المغبون من الغابن العین مع أرش النقیصة .

وإن کان بالزیادة فإمّا أن تکون الزیادة صفة محضة - کطحن الحنطة ، وصیاغة الفضّة ، وقصارة الثوب - وإمّا أن تکون مشوبة بالعین - کصبغ الثوب - وإمّا أن تکون عیناً غیر قابلة للفصل - کسمن الحیوان ، ونموّ الشجرة - أو قابلة للفصل - کالثمرة والبناء والغرس والزرع .

فإن کانت صفة محضة أو صفة مشوبة بالعین ، فإن لم تکن لها مالیّة لعدم زیادة قیمة العین بها ، فالعین للمغبون ولا شیء للغابن ، وکذا إن کانت لها مالیّة ولم تکن بفعل الغابن ، کما إذا اشتری منه عصی عوجاء فاعتدلت ، أو خلاًّ قلیل الحموضة فزادت حموضته .

وإن کانت لها مالیّة ، وکانت بفعل الغابن ، فلکون الصفة للغابن وشرکته مع الفاسخ فی المالیّة بنسبة القیمة وجه وجیه ، مع کون الزیادة فی القیمة خطیرة وکانت المالیّة ملحوظة لنتیجة العمل لا للعمل نفسه - کاُجرة ، کما فی نقش ورسم لوحة فریدة علی عین خشبیّة أو معدنیّة - وکذا لو کانت الزیادة عینیّة

ص:53

غیر قابلة للانفصال .

وإن کانت قابلة للانفصال - کالصوف واللبن والشعر والثمر والبناء والزرع - کانت الزیادة للغابن ، وحینئذٍ فإن لم یلزم من فصل الزیادة ضرر علی الغابن حال الفسخ کان للمغبون إلزام الغابن بفصلها - کاللبن والثمر - بل له ذلک وإن لزم الضرر علی الغابن من فصلها ، وإذا أراد الغابن فصلها فلیس للمغبون منعه عنه .

وإذا أراد الغابن فصل الزیادة بقلع الشجرة أو الزرع أو هدم البناء ، فحدث من ذلک نقص علی الأرض تدارکه ، فعلیه طمّ الحفر وتسویة الأرض ونحو ذلک .

وإن کان بالامتزاج بغیر الجنس ، فحکمه حکم التالف یضمنه المشتری ببدله من المثل أو القیمة ، سواء عدّ المبیع مستهلکاً عرفاً - کامتزاج ماء الورد المبیع بالماء - أم لم یعد مستهلکاً ، بل عدّ موجوداً علی نحو الخلیط والمزج طبیعة ثالثة حصلت منهما ، مثل خلط الخلّ بالعسل أو السکّر ، فلا مناص من الضمان بالمثل أو القیمة .

وأمّا فی الخلط بجنسه - کخلط السمن بالسمن - سواء کان الخلط بمثله أو کان بالأجود أو الأردأ ، فیحکم بالشرکة فی العین بنسبة مالیّة کلّ من العینین .

( مسألة 134 ) : إذا فسخ المغبون وکان قد تصرّف فی العین تصرّفاً غیر مغیّر للعین ، سواء بالنقیصة أو بالزیادة أو بالمزج ، فلا یسقط خیاره ، وإلاّ فإن تصرّف بما یغیّر العین بالنقیصة أو الزیادة أو المزج فیسقط الخیار ویستحقّ تفاوت القیمة .

( مسألة 135 ) : الظاهر أنّ الخیار فی الغبن یمتدّ بمقدار حاجته فی تدبیر شأن العقد فسخاً أو إمضاءاً ، کانتظار حضور الغابن أو حضور مَن یستشیره فی الفسخ وعدمه ، ونحو ذلک من الدواعی الموجّهة عرفاً ، فضلاً عمّا لو أقرّه جاهلاً

ص:54

بالغبن أو بثبوت الخیار للمغبون ، أو غافلاً عنه ، أو ناسیاً له ، فیجوز له الفسخ إذا علم أو التفت .

( مسألة 136 ) : الظاهر ثبوت خیار الغبن فی کلّ معاملة مبنیّة علی المماکسة وتحرّی التعاوض والتعادل قیمة بین العوضین ، صلحاً کانت أو إجارة أو غیرهما .

( مسألة 137 ) : إذا اشتری شیئین بثمنین صفقة واحدة لوحظ اجتماعهما فی قیمتهما ، کمرکبة بعشرة وجهاز حاسوب بعشرة ، وکان مغبوناً فی شراء الجهاز ، جاز له الفسخ ، ویکون للبائع الخیار فی بیع المرکبة . نعم ، لو لزم من ردّ خصوص الشیء المغبون فیه تضرّر المغبون من التبعیض کان له ردّهما معاً ، وأمّا إذا اشتراهما بثمن واحد فلیس له الردّ إلاّ معاً .

( مسألة 138 ) : إذا تلف ما فی ید الغابن بفعله أو بأمر سماویّ ، وکان قیمیّاً ، ففسخ المغبون رجع علیه بقیمة التالف ، وفی کونها قیمة زمان التلف أو زمان الفسخ أو زمان الأداء ، وجوه ، أقواها الثالث ، ولو کان التلف بإتلاف المغبون لم یرجع علیه بشیء ، ولو کان بإتلاف أجنبیّ ففی رجوع المغبون بعد الفسخ علی الغابن أو علی الأجنبیّ أو یتخیّر فی الرجوع علی أحدهما ، وجوه ، أقواها الأوّل المطابق للثالث من وجوه ضمان قیمة العین التالفة ، ویرجع الغابن علی الأجنبیّ ، ولو تلف ما فی ید المغبون أو تلف وصف مغیّر له ، فیسقط الخیار ویستحقّ تفاوت القیمة کما مرّ .

الخامس : خیار التأخیر

إطلاق العقد یقتضی أن یکون تسلیم کلّ من العوضین حالاً ، فلو امتنع أحد الطرفین عنه اجبر علیه ، فإن لم یسلّم کان للطرف الآخر فسخ العقد وقد یسمّی

ص:55

بخیار الامتناع ، بل لا یبعد جواز الفسخ مع الإصرار علی الامتناع قبل الإجبار أیضاً ، ولا یختصّ هذا الخیار بالبیع ، بل یجری فی کلّ معاوضة .

ویختصّ البیع فی مورد إطلاق العقد وإمهال البائع المشتری مبهماً بخیار ، وهو المسمّی بخیار التأخیر ، ویتحقّق فیما إذا باع سلعة ولم یقبض الثمن ولم یسلّم المبیع حتّی یجیئ المشتری بالثمن ، فإنّه یلزم البیع ثلاثة أیّام ، فإن جاء المشتری بالثمن فهو أحقّ بالسلعة ، وإلاّ فللبائع فسخ البیع ، ولو تلفت السلعة کانت من مال البائع ، سواء أکان التلف فی الثلاثة أم بعدها ، حال ثبوت الخیار وبعد سقوطه .

( مسألة 139 ) : الظاهر أنّ قبض بعض الثمن بحکم عدم القبض ، وکذا قبض بعض المبیع .

( مسألة 140 ) : المراد بالثلاثة أیّام : الأیّام البیض ، ویدخل فیها اللیلتان المتوسّطتان دون غیرهما ، ویجزی فیه الیوم الملفّق ، کما تقدّم فی مدّة خیار الحیوان .

( مسألة 141 ) : یشترط فی ثبوت الخیار المذکور عدم اشتراط تأخیر تسلیم أحد العوضین ، وإلاّ فلا خیار للتأخیر للمدّة المشترطة . نعم ، لو أخّر زیادة علیها ثبت حقّ الفسخ للآخر .

( مسألة 142 ) : لا إشکال فی ثبوت الحکم المذکور فیما لو کان المبیع شخصیّاً ، والظاهر ثبوته إذا کان کلّیّاً فی الذمّة .

( مسألة 143 ) : ما یفسده المبیت دون الثلاثة أیّام - مثل : بعض الخضار والبقول واللحم فی بعض الأوقات - یثبت الخیار فیه عند دخول أمد المدّة التی یتخوّف علیه فساده - کاللیل فی المثال المزبور - فإذا فسخ جاز له أن یتصرّف فی المبیع

ص:56

کیف یشاء ، ویختصّ هذا الحکم بالمبیع الشخصیّ ، ولا یبعد فیما کان التأخیر مضرّاً أو مجحفاً أن تکون المدّة دون ذلک أیضاً ولو کان المبیع کلّیّاً ، وأنّ ذلک بمثابة القرینة والقید فی العقد أو الإمهال .

( مسألة 144 ) : یسقط هذا الخیار بإسقاطه بعد الثلاثة ، وکذا بإسقاطه قبلها ، وباشتراط سقوطه فی ضمن العقد ، والظاهر رجوعه إلی الرخصة فی التأخیر والإمهال ، والظاهر عدم سقوطه ببذل المشتری الثمن بعد الثلاثة قبل فسخ البائع ، ولا بمطالبة البائع للمشتری بالثمن . نعم ، الظاهر سقوطه بأخذه الثمن منه بعنوان الجری علی المعاملة لا بعنوان آخر ، کالعاریة أو الودیعة ، وذلک بظهور الفعل فی ذلک ولو بواسطة بعض القرائن .

( مسألة 145 ) : الظاهر امتداد هذا الخیار بالمقدار الذی مرّ فی خیار الغبن .

السادس : خیار الروة

ویتحقّق فیما لو خرج شیئاً علی خلاف الوصف الذی تعاقد علیه ، أو الذی عهده بالروة منه سابقاً ، فیتخیّر المشتری إن نقص الوصف فی المبیع ، ویتخیّر البائع إن زاد الوصف والعکس فی الثمن ، وهذا فیما لم یکن تخلّف الوصف موجباً لتباینه مع الشیء .

( مسألة 146 ) : لا فرق فی الوصف الموجب تخلّفه للخیار بین وصف الکمال الذی تزید به المالیّة لعموم الرغبة فیه وغیره إذا اتّفق تعلّق غرض المشتری به ، سواء أکان علی خلاف الرغبة العامّة - مثل : کون العبد امّیّاً لا کاتباً ولا قارئاً - أم کان مرغوباً فیه عند قوم ومرغوباً عنه عند آخرین - مثل : اشتراط کون القماش أصفر لا أسود .

( مسألة 147 ) : الخیار هنا بین الفسخ والردّ وبین ترک الفسخ والمطالبة بالأرش

ص:57

فیما لو تفاوتت المالیّة علی ما مرّ من التفصیل فی خیار الغبن ، وأمّا فیما لا تفاوت للمالیّة فالخیار بین الفسخ والإمضاء .

ولا یسقط هذا الخیار بإبدال العین بعین اخری واجدة للوصف .

( مسألة 148 ) : کما یثبت الخیار للمشتری عند تخلّف الوصف بالنقص ، یثبت للبائع عند تخلّف الوصف بالزیادة إذا کان قد رأی المبیع سابقاً فباعه بتخیّل أنّه علی ما رآه فتبیّن خلافه ، أو باعه بوصف غیره فانکشف خلافه .

( مسألة 149 ) : امتداد هذا الخیار بالمقدار الذی مرّ فی خیار الغبن .

( مسألة 150 ) : یسقط هذا الخیار بإسقاطه بعد الروة الکاشفة للتخلّف ، بل قبلها ، وبالتصرّف بعد الروة فیما کان دالاًّ علی الالتزام بالعقد ، وکذلک قبل الروة إذا کان کذلک .

ویجوز اشتراط سقوطه فی ضمن العقد فیما لو لم یکن الوصف موجباً لتفاوت القیمة بنحو خطیر فی کلّ عین بحسبها ، وإلاّ فیفسد الشرط ویشکل صحّة البیع للزوم الغرر مع عدم الاطمئنان حیث یکون رفع الغرر بتعهّد البائع ، ولا یبعد رجوعه إلی إسقاط الشرط الارتکازیّ بالخیار ، ویسقط خصوص الفسخ دون الأرش فیما کان التصرّف مغیّراً عمّا کانت علیه ، کما مرّ فی خیار الغبن ، ومثله التلف ونحوه .

( مسألة 151 ) : مورد هذا الخیار بیع العین الشخصیّة من القیمیّ ، ولا یجری فی بیع الشخصیّ المثلیّ ولا الکلّیّ ، فلو باع مثلیّاً شخصیّاً أو کلّیّاً موصوفاً ، ودفع إلی المشتری فرداً فاقداً للوصف لم یکن للمشتری الخیار ، وإنّما له المطالبة بالفرد الواجد للوصف . نعم ، لو کان المبیع کلّیّاً فی المعیّن أو مشاعاً ، کما لو باعه صاعاً من هذه الصبرة الجیّدة فتبیّن الخلاف کان له الخیار .

ص:58

السابع : خیار العیب

اشارة

وهو فیما لو اشتری شیئاً فوجد فیه عیباً ، فإنّ له الخیار بین الفسخ بردّ المعیب وإمضاء البیع مع المطالبة بالأرش ، ولا فرق فی ذلک بین المشتری والبائع ، فلو وجد البائع عیباً فی الثمن کان له الخیار المذکور ، وکذلک الحکم فی التدلیس بما یختلف الثمن بسببه وإن لم یکن عیباً .

( مسألة 152 ) : یسقط الفسخ فی هذا الخیار بالالتزام بالعقد ، بمعنی اختیار إمضاء العقد ومنه التصرّف فی المعیب تصرّفاً یدلّ علی المضیّ علی إبقاء العقد .

موارد تعیّن طلب الأرش

لا یجوز فسخ العقد بالعیب فی موارد ، وإنّما یتعیّن جواز المطالبة بالأرش فیها :

الأوّل : تلف العین .

الثانی : خروجها عن الملک ببیع أو عتق أو هبة أو نحو ذلک .

الثالث : التصرّف الخارجیّ فی العین الموجب لتغیّر العین ، مثل تفصیل الثوب وصبغه وخیاطته ، ونحوها .

الرابع : التصرّف الاعتباریّ إذا کان کذلک ، مثل إجارة العین ورهنها .

الخامس : حدوث عیب فیه بعد قبضه من البائع ، ففی جمیع هذه الموارد لیس له فسخ العقد بردّه . نعم ، یثبت له الأرش . نعم إذا کان حدوث عیب آخر فی زمان خیار آخر للمشتری - کخیار الحیوان مثلاً - جاز ردّه .

( مسألة 153 ) : یثبت حقّ الردّ دون الأرش فیما لو کان العیب لا یوجب نقصاً فی المالیّة کاللون المعیّن فی المرکّبات إذا اتّفق تعلّق غرض نوعی به بحیث

ص:59

صارت القیمة متساویة بین الألوان ، وإذا اشتری ربویّاً بجنسه فظهر عیب فی أحدهما قیل : لا أرش حذراً من الربا ، وهو وجیه .

( مسألة 154 ) : مدّة هذا الخیار فی حقّ الفسخ بالمقدار الذی مرّ فی خیار الغبن .

( مسألة 155 ) : المراد من العیب ما کان علی خلاف مقتضی الخلقة الأصلیّة أو المتعارف من أوصاف ذلک الشیء رداءة ، سواء أکان نقصاً - مثل : العور والعمی والصمم والخرس - ورداءة جودة الجهاز ونحوها ، أم زیادة - مثل : الإصبع الزائد ، والید الزائدة .

أمّا ما لم یکن علی خلاف ذلک لکنّه کان عیباً عرفاً - مثل : کون الأرض بجوار ثکنة عسکریّة أو مزبلة - فالأظهر ثبوت الخیار بین الردّ أو الأرش .

( مسألة 156 ) : إذا کان النقص موجوداً فی أغلب أفراد ذلک الصنف ، مثل : الثیوبة فی الإماء ، فالظاهر عدم إجراء حکم العیب علیه .

( مسألة 157 ) : لا یشترط فی العیب أن یکون موجباً لنقص المالیّة فی ثبوت حقّ الفسخ بخلاف الأرش .

( مسألة 158 ) : کما یثبت الخیار بالعیب الموجود حال العقد کذلک یثبت بالعیب الحادث بعده قبل القبض ، فیجوز ردّ العین به ، وفی جواز أخذ الأرش به قولان ، أظهرهما الجواز إذا لم یکن العیب بفعل المشتری ، وإلاّ فلا أثر له .

( مسألة 159 ) : یثبت خیار العیب فی الجنون والجذام والبرص والقرن إذا حدث بعد العقد إلی انتهاء السنة من تاریخ الشراء .

( مسألة 160 ) : کیفیّة تقدیر الأرش أن یقوّم المبیع صحیحاً ثمّ یقوّم معیباً ، وتلاحظ النسبة بینهما ، ثمّ ینقص من الثمن المسمّی بتلک النسبة ، فإذا قوّم

ص:60

صحیحاً بثمانیة ومعیباً بأربعة ، وکان الثمن أربعة ینقص من الثمن النصف ، وهو إثنان ، وهکذا ، ویرجع فی معرفة قیمة الصحیح والمعیب إلی أهل الخبرة وتعتبر فیهم الأمانة والوثاقة .

( مسألة 161 ) : إذا اختلف أهل الخبرة فی قیمة الصحیح والمعیب ، فإن اتّفقت النسبة بین قیمتی الصحیح والمعیب علی تقویم بعضهم مع قیمتهما علی تقویم البعض الآخر ، فلا إشکال ، کما إذا قوّم بعضهم الصحیح بثمانیة والمعیب بأربعة ، وبعضهم الصحیح بستّة والمعیب بثلاثة ، فإنّ التفاوت علی کلّ من التقویمین یکون بالنصف ، فیکون الأرش نصف الثمن ، وإذا اختلفت النسبة کما إذا قوّم بعضهم الصحیح بثمانیة والمعیب بأربعة ، وبعضهم الصحیح بثمانیة والمعیب بستّة ، ففیه وجوه وأقوال ، فمع افتراقهم فی الخبرة بنحو بیّن فیوذ بأقواهم خبرة ، وإلاّ فیوذ المعدّل الوسطیّ بین النسب من أقوالهم ، إمّا بأن تجمع قیم الصحیح وتنسب إلی قیم المعیب فتخرج النسبة أو بإنحاء اخری .

( مسألة 162 ) : إذا اشتری شیئین بثمنین صفقة واحدة ، فظهر عیب فی أحدهما کان الخیار له فی ردّ المعیب وحده إن لم یفرض تضرّره من ردّ المعیب وحده ، فإن اختار الردّ کان للبائع الفسخ فی الصحیح ، وإذا اشتراهما بثمن واحد فإمّا أن یردّهما معاً أو یمضیهما معاً .

( مسألة 163 ) : إذا اشترک شخصان فی شراء شیء فوجداه معیباً جاز لأحدهما الفسخ فی حصّته فیما قامت القرائن علی استقلالیّة بیع الحصص والسهام نظیر ما لو کانت العین کبیرة الحجم غالیة الثمن ونحوها ممّا یتساهم فیها تفکیکاً ، ویثبت الخیار للبائع حینئذٍ فی الباقی علی تقدیر فسخ الأوّل ، وأمّا فی غیر ذلک ممّا بنی علی وحدة الصفقة والالتزام ، فالظاهر أنّه لیس لأحدهما ردّ نصیبه من دون صاحبه .

ص:61

( مسألة 164 ) : لو زال العیب قبل ظهوره للمشتری ، فالأظهر عدم سقوط الخیار فیما عدّ أنّه تغیّر عن الصحیح فی الأصل ، فیجوز له الردّ مع إمکانه ، وإلاّ طالب بالأرش فیما کان متفاوت القیمة .

تذنیب فی أحکام الشرط

کما یجب الوفاء بالعقد اللازم یجب الوفاء بالشرط المجعول فیه ، وکذا یجب الوفاء بالشرط المجعول فی العقد الجائز بالخیار ما دام العقد باقیاً لا الجائز من العقود الأذنیّة ، وأمّا الشرط فیما یصحّ فی جملة من الإیقاعات - کما سیأتی - ففائدته التعلیق المقرّر عرفاً لمضمون الإیقاع ، کما مرّ فی خیار الشرط ، کما إذا باعه فرساً بثمن واشترط علیه أن یخیط له ثوبه ، فإنّ البائع یستحقّ علی المشتری الخیاطة بالشرط ، فتجب علیه خیاطة ثوب البائع .

ویشترط فی وجوب الوفاء بالشرط امور :

منه-ا : أن لا یکون مخالفاً للکتاب والسنّة ، ویتحقّق هذا فی موردین :

الأوّل : أن لا یکون محلّلاً للحرام أو محرّماً للحلال بنفسه بأن یکون العمل بالشرط یقتضی ترک واجب أو فعل حرام ، کما إذا استأجره للعمل فی نهار شهر رمضان بشرط أن یفطر أو یبیعه شیئاً بشرط أن یرتکب محرّماً من المحرّمات الإل-هیّة .

الثانی : أن یکون الشرط بنفسه مخالفاً لحکم شرعیّ کما إذا باع أمة بشرط أن یکون ولدها منه رقّاً أو باعه أو وهبه مالاً بشرط أن لا یرثه منه ورثته أو بعضهم ، وأمثال ذلک ، فإنّ الشرط فی جمیع هذه الموارد باطل .

ومنه-ا : أن لا یکون منافیاً لمقتضی العقد ، کما إذا باعه بشرط ان لا یکون له ثمن ، أو آجره الدار بشرط أن لا تکون لها اجرة .

ص:62

ومنه-ا : أن یکون مذکوراً فی ضمن العقد صریحاً أو ضمناً ، کما إذا قامت القرینة علی کون العقد مبنیّاً علیه ومقیّداً به ، إمّا لذکره قبل العقد أو لأجل التفاهم العرفی ، مثل : اشتراط التسلیم حال استحقاقه ، فلو ذکر قبل العقد ولم یکن العقد مبنیّاً علیه عمداً أو غفلة لم یکن قیداً فی ضمن العقد .

ومنه-ا : أن یکون مقدوراً علیه ، بل لو علم عدم القدرة لم یصحّ إنشاء الالتزام به .

( مسألة 165 ) : لا بأس بأن یبیع ماله ویشترط علی المشتری بیعه منه ثانیاً ، ولو بعد حین . نعم لا یجوز ذلک فیما إذا اشترط علی المشتری أن یبیعه بأقلّ ممّا اشتراه أو یشترط المشتری علی البائع بأن یشتریه بأکثر ممّا باعه ، والبیع فی هذین الفرضین محکوم بالبطلان فضلاً عن الشرط .

( مسألة 166 ) : لا یعتبر فی صحّة الشرط أن یکون منجزاً ، بل یجوز فیه التعلیق إذا کان شرط فعل أو شرط نتیجة تملیک غیر معوّض ، کما إذا باع داره وشرط علی المشتری أن یکون له السکنی فیها شهراً إذا لم یسافر ، بل الظاهر جواز اشتراط أمر مجهول أیضاً ، إلاّ إذا کانت الجهالة موجبة للغرر فی البیع فیفسد حینئذٍ .

( مسألة 167 ) : الظاهر أنّ فساد الشرط لا یسری إلی العقد المشروط فیه فیصحّ العقد ویلغو الشرط ، إذا لم یکن الشرط منافیاً لمقتضی العقد ، ولم یوجب سرایة الغرر إلیه .

( مسألة 168 ) : إذا امتنع المشروط علیه من فعل الشرط جاز للمشروط له إجباره علیه ، والظاهر أنّ خیاره غیر مشروط بتعذّر إجباره ، بل له الخیار عند مخالفته وعدم إتیانه بما اشترط علیه حتّی مع التمکّن من الإجبار ، وکذا حکم الإجبار والخیار فی ما لو لم یفِ بمضمون شرط النتیجة ، فإذا فسخ انحلّ

ص:63

العقد والنتیجة معاً ، وسقط شرط الفعل ، إلاّ ما حصل وترتّب علی الفعل من غایة اخری ، وللمشروط له إسقاط الشرط دون الخیار أو إسقاطهما .

( مسألة 169 ) : إذا لم یتمکّن المشروط علیه من فعل الشرط کان للمشروط له الخیار فی الفسخ ویستحقّ المطالبة بقیمة الشرط فیما لو کان یتقوّم بمالیّة وأراد إمضاء العقد ، سواء کان عدم التمکّن لقصور فیه کما لو اشترط علیه صوم یوم فمرض فیه ، أو کان لقصور فی موضوع الشرط ، کما لو اشترط علیه تسلیم الثوب مصبوغاً فأتاه به غیر مصبوغ وتلف فی ید المشتری ، وفی الجمیع له الخیار أیضاً .

ص:64

الفصل الخامس : أحکام الخیار

الخیار حقّ من الحقوق ، فإذا مات مَن له الخیار انتقل إلی وارثه ، ویحرم منه من یحرم من إرث المال بالقتل أو الکفر أو الرقّ ، ویحجب عنه ما یحجب عن إرث المال ، ولو کان العقد الذی فیه الخیار متعلّقاً بمال یحرم منه الوارث ، کالحبوة المختصّة بالذکر الأکبر ، والأرض التی لا ترث منها الزوجة ، ففی حرمان ذلک الوارث من إرث الخیار وعدمه أقوال ، أقربها حرمانه والخیار لباقی الورثة ، فلو باع المیّت أرضاً وکان له الخیار أو کان قد اشتری أرضاً وکان له الخیار لم ترث منه الزوجة کغیرها من الورثة ، وإن ورثت من الثمن فی الصورة الاُولی ، کما لا ترث من الثمن لو فسخ الورثة فی الصورة الثانیة .

( مسألة 170 ) : إذا تعدّد الوارث للخیار ، فالظاهر أنّه لا أثر لفسخ بعضهم بدون انضمام الباقین إلیه فی تمام المبیع ولا فی حصّته إلاّ إذا رضی مَن علیه الخیار ، فیصحّ فی حصّته ، ولو أسقط بعضهم فهل یکون الخیار للباقی ؟

وجهان ، لا یخلو الأوّل من وجه .

( مسألة 171 ) : إذا فسخ الورثة بیع مورثهم ، فإن کان عین الثمن موجوداً دفعوه إلی المشتری ، وإن کان تالفاً أو بحکمه فیضمنون للمشتری ویدفعونه من أموالهم .

( مسألة 172 ) : لو کان الخیار لأجنبیّ عن العقد فمات لم ینتقل الخیار إلی وارثه مع ظهور جعله له خاصّة تولیة .

ص:65

( مسألة 173 ) : تلف المبیع بعد قبضه فی زمان الخیار من دون تفریط فمن مال المشتری إن کان الخیار للبائع أوّلهما أو لأجنبیّ ، ومن البائع إن کان الخیار للمشتری خاصّة .

ص:66

الفصل السادس : ما یدخل فی المبیع

مَن باع شیئاً دخل فی المبیع ما یقصد المتعاملان دخوله فیه دون غیره ، ویعرف قصدهما بما یتناوله اللفظ لغة أو عرفاً عامّاً أو خاصّاً ، أو قرینة خاصّة .

فمَن باع بستاناً دخل فیه الأرض والأبنیة فیه والشجر والنخل والبئر - إلاّ الآبار العمیقة التی هی لریّ مساحات کبیرة - والناعور والحظیرة ، ونحوها ممّا هو من أجزائها أو توابعها .

أمّا مَن باع أرضاً فلا یدخل فیها الشجر والنخل الموجودان ، وکذا لا یدخل الحمل فی بیع الاُمّ ، ولا الثمرة فی بیع الشجرة ، إلاّ إذا کان متعارفاً دخول ذلک .

نعم ، إذا باع نخلاً فإن کان التمر موّراً ، فالتمر للبائع ، وإن لم یکن موّراً فهو للمشتری ، ویختصّ هذا الحکم ببیع النخل دون ما لو نقل النخل بغیر البیع أو بیع غیر النخل من سائر الشجر ، فالثمر فیه للبائع مطلقاً وإن لم یکن موّراً . هذا إذا لم تکن قرینة علی دخول الثمر فی بیع الشجر ، کما مرّ فی الشجر فی بیع الأرض أو الحمل فی بیع الدابّة .

( مسألة 174 ) : إذا باع الشجر وبقی الثمر للبائع فی الفروض المتقدّمة واحتاج الثمر أو الشجر إلی السقی لم یکن للآخر المنع ، ولا یجب علی أحدهما السقی مع أمر الآخر به ، ولو تضرّر أحدهما بالسقی والآخر بترکه ، فإن کان عرف علی تقدیم أحدهما قدّم علی الآخر ، وإلاّ فمع تصریح البائع باشتراط الإبقاء قدّم ، وإلاّ فالمشتری بقدر الحاجة .

ص:67

( مسألة 175 ) : إذا باع بستاناً واستثنی نخلة - مثلاً - فله المرور إلیها ومنها إلی الخارج ، والانتفاع من مدی جرائدها وعروقها من الأرض ، ولیس للمشتری منع شیء من ذلک .

( مسألة 176 ) : إذا باع داراً دخل فیها الأرض والبناء الأعلی والأسفل ، إلاّ أن یکونا مستقلّین ، وقامت القرینة فی استخدامه والانتفاع به بنحو منفصل عن البناء الأرضیّ ، کما فی عمارات الشقق السکنیّة فی زماننا . وکذا یدخل فی بیع الدار السرادیب والبئر والأبواب والحدید والأخشاب الداخلة فی البناء ، وکذا السلّم المثبّت ، بل لا یبعد دخول ما فیها من نخل وشجر والأدوات الکهربائیّة المثبّتة ، وأنابیب الماء ، ونحو ذلک ممّا یعدّ من توابع الدار بحسب العرف الجاری ، فإنّ ذلک کلّه داخل فی المبیع ، إلاّ مع اشتراط خلافه .

( مسألة 177 ) : الأحجار المخلوقة فی الأرض والمعادن المتکوّنة فیها تدخل فی بیعها إذا کانت تابعة للأرض عرفاً ، کما إذا کانت مترقّبة عندهم قریبة من السطح إذ هی ملک لمالکها ، وأمّا إذا لم تکن تابعة کالتی فی جوف الأرض فهی من الأنفال یملکها المستخرج وعلیه الخمس ، کما هو الحال فی أراضی الموات ، وأمّا ما کان فی الأراضی المحیاة حال الفتح عنوة فهی ملک المسلمین فیما کانت تابعة للأرض ، کما مرّ ، ویملکها المستخرج بإذن الإمام أو نائبه ، وإلاّ فهی من الأنفال . وکذلک لا تدخل فی بیع الأرض الأحجار المدفونة فیها ، والکنوز المودعة فیها ، ونحوها .

ص:68

الفصل السابع : التسلیم والقبض

یجب علی المتبایعین تسلیم العوضین عند انتهاء العقد إذا لم یشترطا التأخیر ، وإذا اشترط کلّ علی الآخر التأخیر جاز إذا لم یکن العوضان معاً کلّیّین فی الذمّة .

ولا یجوز لواحد منهما التأخیر مع الإمکان إلاّ برضا الآخر ، فإن امتنعا - بمعنی أنّ کلاًّ منهما یطالب الآخر بالمبادرة - اجبرا علی التسلیم ، بخلاف ما لو أراد کلّ منهما رفع الید عن العقد من رأس .

ولو امتنع أحدهما مع تسلیم صاحبه اجبر الممتنع ، ولو اشترط أحدهما تأخیر التسلیم إلی مدّة معیّنة جاز ، ولیس لصاحبه الامتناع عن تسلیم ما عنده حینئذٍ .

( مسألة 178 ) : یجوز أن یشترط البائع لنفسه سکنی الدار ، أو رکوب الدابّة ، أو زرع الأرض ، أو نحو ذلک من الانتفاع بالمبیع مدّة معیّنة ، ویکون بمثابة استثناء المنفعة من نقل العین وتوابعها ، وکذلک الحال فی المشتری لو کان الثمن عیناً .

( مسألة 179 ) : التسلیم الواجب علی المتبایعین فی المنقول وغیره هو التخلیة برفع المانع عنه والإذن لصاحبه فی التصرّف ، وإن لم یصدق علیه القبض من الطرف الآخر . نعم ، لا یکفی ذلک فی ما اخذ عنوان القبض لجملة من الآثار فی الموارد الاُخری .

( مسألة 180 ) : إذا تلف المبیع بآفة سماویّة أو أرضیّة قبل قبض المشتری

ص:69

انفسخ البیع ، وکان تلفه من مال البائع ، ورجع الثمن إلی المشتری ، وکذا إذا تلف الثمن قبل قبض البائع .

( مسألة 181 ) : یکفی فی القبض الموجب للخروج عن الضمان التخلیة بحیث تصیر العین تحت استیلاء الطرف الآخر علیها خارجاً ، سواء فی غیر المنقولات - کالأراضی - أو فی المنقولات - مثل : أخذ الدرهم والدینار واللباس ، وأخذ لجام الفرس أو رکوبه - والاستیلاء فی کلّ شیء بحسبه عرفاً .

( مسألة 182 ) : فی حکم التلف تعذّر الوصول إلیه ، کما لو سرق أو غرق أو نهب أو أبق العبد أو أفلت الطائر ، أو نحو ذلک .

( مسألة 183 ) : لو أمر المشتری البائع بتسلیم المبیع إلی شخص معیّن فقبضه کان بمنزلة قبض المشتری ، وکذا لو أمره بإرساله إلی بلده أو غیره فأرسله کان بمنزلة قبضه ، ولا فرق بین تعیین المرسل معه وعدمه .

( مسألة 184 ) : إذا أتلف المبیع البائع - قبل القبض - أو الأجنبیّ الذی یمکن الرجوع إلیه فی تدارک خسارته ، فلا یبعد انفساخ البیع ، ووقوع تلفه من مال البائع أیضاً ، وکذا إتلاف المشتری للثمن قبل القبض أو الأجنبیّ . نعم ، لو کان الاتلاف بعد القبض فیصحّ العقد وللمشتری الرجوع علی المتلف بالبدل من مثل أو قیمة ولیس له الخیار فی فسخ العقد .

( مسألة 185 ) : إذا حصل للمبیع نماء فتلف قبل قبض المشتری کان النماء کما تقدّم .

( مسألة 186 ) : لو حدث فی المبیع عیب قبل القبض کان للمشتری الردّ أو الأرش کما تقدّم .

( مسألة 187 ) : لو باع جملة فتلف بعضها قبل القبض انفسخ البیع بالنسبة

ص:70

إلی التالف ورجع إلیه ما یخصّه من الثمن ، وکان له الخیار فی الباقی .

( مسألة 188 ) : یجب علی البائع تفریغ المبیع عمّا فیه من متاع أو غیره حتّی لو کان مشغولاً بزرع لم یأتِ وقت حصاده وجبت إزالته منه ، إن لم یکن التعارف جاری علی إبقائه إلی وقت حصاده ، مجّاناً أو باُجرة ، ولو أزال المالک الزرع وبقیت له عروق تضرّ بالانتفاع بالأرض ، أو کانت فی الأرض حجارة مدفونة وجب إزالتها مع کون مقداره زائداً علی المتعارف ، ولو کان شیء لا یمکن فراغ المبیع منه إلاّ بتخریب شیء من الأبنیة وجب إصلاحه وتعمیر البناء .

( مسألة 189 ) : مَن اشتری شیئاً ولم یقبضه ، فإن کان ممّا لا یکال ولا یوزن جاز له بیعه قبل قبضه علی کراهیة ، وتشتدّ إذا کان ممّا یکال أو یوزن قبل کیله أو قبضه ، وکان البیع برأس المال ، أو کان ثمراً أو علی شریکه ، وتشتدّ أکثر إذا کان مرابحة فی غیر الطعام فضلاً عمّا إذا کان طعاماً ، بل الأحوط المنع إذا صدق علیه أنه مجازفة .

ص:71

الفصل الثامن : النقد والنسیة

اشارة

مَن باع ولم یشترط تأجیل الثمن ، کان الثمن حالاًّ فللبائع المطالبة به بعد انتهاء العقد ، کما یجب علیه أخذه إذا دفعه إلیه المشتری ولیس له الامتناع من أخذه .

( مسألة 190 ) : إذا اشترط تأجیل الثمن یکون نسیئة لا یجب علی المشتری دفعه قبل الأجل وإن طالبه به البائع ، ولکن یجب علی البائع أخذه إذا دفعه إلیه المشتری قبله إن کان شرط التأجیل لنفع المشتری فقط ، وأمّا إن کان حقّ لهما معاً فله الامتناع .

( مسألة 191 ) : یجب أن یکون الأجلّ معیّناً بتعیین زمانیّ متناسب مع المبیع بحسب مالیّته وقیمته ، فقد یکون التعیین بحسب الساعة أو الیوم أو الاُسبوع والشهر والسنة ، کما هو الحال فی تفاوت مکاییل وأوزان الأشیاء ، فالتردید الزمانیّ بلحاظ مبیع قد یعدّ تعییناً بلحاظ مبیع آخر ممّا یکفی فیه الانضباط بالحدّ الأعلی والأدنی الزمنیّ ، فلو جعل الأجل مردّداً مبهماً بحسب المبیع الخاصّ بطل العقد .

( مسألة 192 ) : لا یکفی فی الأجل تعیّنه فی واقع الحال مع جهل المتعاقدین به ، بل لا بدّ من معرفتهما بذلک ، فلو ذکر وصول الشمس إلی برج ما یجهلان حسابه بحسب الأشهر ، فالظاهر البطلان . نعم ، لو کان التردید بین حدّین یسیرین ، فالظاهر الصحّة کما مرّ .

ص:72

( مسألة 193 ) : لو باع شیئاً بثمن نقداً وبأکثر منه موّلاً بأن قال : « بعتک الفرس بعشرة نقداً ، وبعشرین إلی سنة » فقبل المشتری ، فالمشهور البطلان ، وهو الأظهر ، ولو تلف المبیع لم یکن للبائع إلاّ أقلّ الثمنین .

( مسألة 194 ) : لا یجوز تأجیل الثمن الحالّ ، بل مطلق الدَّین بأزید منه ، بأن یزید فیه مقداراً لیوّره إلی أجل ، وکذا لا یجوز أن یزید فی الثمن الموّل لیزید فی الأجل ، ویجوز عکس ذلک بأن یعجّل الموّل بنقصان منه علی وجه الإبراء أو المعاوضة فی غیر المکیل والموزون .

( مسألة 195 ) : یجوز بیع الثمن الأکثر الموّل بالأقلّ الحالّ فی غیر ما یکال ویوزن ، وأمّا فیهما فلا یجوز لأنّه ربا ، ویجوز للدائن فی الدین الموّل أن یزید فی الأجل علی أن ینقد المدین بعضه قبل حلول الأجل بعد عدم کونه من المنفعة المالیّة .

( مسألة 196 ) : إذا اشتری شیئاً نسیئة جاز شراء المبیع منه قبل حلول أجل الثمن أو بعده بجنس الثمن أو بغیره مساویاً له أو زائداً علیه أو ناقصاً عنه ، حالاًّ کان البیع الثانی أو موّلاً . نعم ، إذا اشترط البائع علی المشتری فی البیع الأوّل أن یبیعه علیه بعد شرائه بأقلّ ممّا اشتراه به أو شرط المشتری علی البائع فی البیع الأوّل أن یشتریه منه بأکثر ممّا اشتراه منه ، فإنّ المشهور فیه البطلان .

ص:73

إلحاق فی المساومة والمرابحة والمواضعة والتولیة

التعامل بین البائع والمشتری تارة یکون رأس المال الذی اشتری به البائع السلعة ملحوظاً ، واُخری لا یکون کذلک ، والثانی یسمّی مساومة ، وهذا هو الغالب المتعارف ، والأوّل تارة یکون بزیادة علی رأس المال ، واُخری بنقیصة عنه ، وثالثة بلا زیادة ولا نقیصة ، والأوّل یسمّی مرابحة ، والثانی مواضعة ، والثالث یسمّی تولیة ، وأفضل هذه الأقسام المساومة ، والمرابحة مکروهة ، ومن التولیة التشریک ، وهو إعطاء بعض المبیع برأس ماله .

( مسألة 197 ) : لا بدّ فی جمیع الأقسام الثلاثة غیر المساومة من ذکر رأس المال تفصیلاً وذکر مقدار الزیادة أو النقیصة عنه أو المساواة له ، فلو قال : « بعتک هذه السلعة برأس مالها وزیادة درهم أو بنقیصة درهم ، أو بمساواته » لم یصحّ إذا لم یکن المشتری عالماً مسبقاً برأس المال حتّی یقول : « بعتک هذه السلعة بالثمن الذی اشتریتها به ، وهو مائة درهم بزیادة درهم - مثلاً - أو نقیصته أو بمساواته » .

( مسألة 198 ) : إذا قال البائع : « بعتک هذه السلعة بمائة درهم وربح درهم فی کلّ عشرة » ، فإن عرف المشتری أنّ الثمن مائة وعشرة دراهم صحّ البیع ، والظاهر عدم الصحّة إذا لم یعرف المشتری ذلک حال البیع وعرفه بعد الحساب ، وکذلک الحکم فی المواضعة کما إذا قال : « بعتک بمائة درهم مع خسران درهم فی کلّ عشرة » ، أو قال : « بعتک بمائة ملیون درهم بمعدّل وسطیّ نزولیّ فی

ص:74

النسبة المئویّة بمقدار خمسه » .

( مسألة 199 ) : إذا کان الشراء السابق بالثمن الموّل وجب علی البائع فیما لوحظ رأس المال من مرابحة أو تولیة أو مواضعة أن یخبر بالأجل ، وکذا لا بدّ من ذکر الشروط الاُخری ، کنوع النقد والصرف الذی اشتراه به ونحوها ممّا یتفاوت لأجلها الثمن ، فإن أخفی وأطلق البیع کان للمشتری ذلک الأجل ، وأمّا إن صرّح بالحلول وشرطیّة النقد فللمشتری الخیار بین الردّ والإمساک بالثمن ، ولو فرض غبن مالیّ فقد تقدّم حکمه فی خیار الغبن .

( مسألة 200 ) : إذا اشتری جملة صفقة بثمن لم یجز له بیع أبعاضها مرابحة بالتقویم وإن تماثلت ، وکان ما یبیعه منها هو خیارها ، إلاّ بعد أن یخبره بذلک .

( مسألة 201 ) : إذا تبیّن کذب البائع فی إخباره برأس المال ولو غلطاً ، کما إذا أخبر أنّ رأس ماله مائة وباع بربح عشرة أو تولیة أو وضیعة ، وکان فی الواقع رأس المال تسعین ، صحّ البیع ، وتخیّر المشتری بین فسخ البیع وإمضائه بتمام الثمن المذکور فی العقد ما لم یکن غبناً مالیّاً ، کما مرّ .

( مسألة 202 ) : إذا اشتری سلعة بثمن معیّن - مثل : مائة درهم - وعمل فی السلعة عملاً ، فإن کان باُجرة ضمّ الاُجرة إلی رأس المال ، وکذا بقیّة نفقات التکالیف ، فإذا کانت الاُجرة عشرة جاز له أن یقول : « بعتک السلعة برأس مالها مائة وعشرة ، وربح کذا » . نعم ، لا یجوز له أن یقول : « اشتریته بمائة وعشرة » .

( مسألة 203 ) : إن باشر العمل بنفسه ، وکانت له اجرة لم یجز له أن یضمّ الاُجرة إلی رأس المال فیما یظهر أنّه مال مبذول لا مطلق الکلفة ، بل یقول برأس المال مائة وعملی یساوی کذا ، وبعتکها بما ذکر وربح کذا .

( مسألة 204 ) : إذا اشتری معیباً فرجع علی البائع بالأرش کان الثمن ما بقی

ص:75

بعد الأرش ، ولو أسقط البائع بعض الثمن تفضّلاً منه أو مجازاة علی الإحسان لم یسقط ذلک من الثمن ، بل رأس المال هو الثمن فی العقد . نعم ، مع تغیّر المبیع عنده فعلیه بیان أنّ الثمن قبل التغیّر .

ص:76

الفصل التاسع : الربا

الربا محظور فی شریعة الإسلام . قال تعالی : وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا1.

وقال تعالی : یَمْحَقُ اللّهُ الرِّبا وَ یُرْبِی الصَّدَقاتِ 2.

وقال تعالی : فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللّهِ وَ رَسُولِهِ 3.

وعن الصادق علیه السلام :

«درهم ربا أعظم عند اللّه تعالی من سبعین زنیة کلّها بذات محرم » .

وهو قسمان :

الأوّل : ما یکون فی المعاملة .

الثانی : ما یکون فی القرض ، ویأتی حکمه فی کتاب القرض إن شاء اللّه تعالی .

أمّا الأوّل : فهو بیع أحد المثلین بالآخر مع زیادة مالیّة فی أحدهما ، والزیادة المالیّة علی أنحاء :

الاُولی : الزیادة العینیّة ، مجانسة أو غیر مجانسة ، کبیع مائة کیلو من الحنطة

ص:77

بمائة وعشرین منها ، أو خمسین کیلو من الحنطة بخمسین کیلو حنطة ودینار .

الثانیة : زیادة منفعة مشروطة فی أحدهما ، کسکنی دار أو رکوب عربة ، ونحو ذلک .

الثالثة : الزیادة الحکمیّة ، وهی زیادة مالیّة غیر فعلیّة لذات الشیء ، بل بالشرط وبالتعاقد لا قبله ، کاشتراط عقد معاوضی محاباتیّ کالمبیع بغیر قیمته ، أو شرط عاریة ممّا تکون فیه منفعة حکمیّة .

الرابعة : الزیادة الحکمیّة باشتراط عقد معاوضیّ غیر محاباتی ، کالبیع بالقیمة السوقیّة أو اشتراط القرض .

الخامسة : الزیادة الحکمیّة باشتراط عقد غیر معاوضیّ ، کاشتراط وکالة أو أن یکون ضامناً أو کفیلاً أو یشترط رهناً .

السادسة : اشتراط عمل لا مالیّة له مطلقاً کأن یشترط علیه أن یحسن عشرته مع زوجته وعیاله وأرحامه .

والأظهر جواز الزیادة الحکمیّة من الصورة الرابعة والخامسة ، فضلاً عن الصورة السادسة ممّا هی لیست زیادة حکمیّة ، وکذا لو کانت الزیادة کوصف لتمییز العوض کاشتراط النوع الجیّد . واقتصار حرمة الزیادة علی الاُولی والثانیة ، وهو الأحوط فی الثالثة . وکذا هو الأحوط فی خصوص بیع المکیل بالمکیل ، أو الموزون بالموزون - مثلاً - بمثل نسیئة ، وإن کان هو من الصورة الرابعة ، لا سیّما فیما کان العوض المثل الموّل أعلی قیمة ، بل الأحوط الأوْلی ترک بیع مختلف الجنس من المکیل أو الموزون نسیئة مثلاً بمثل .

وعلی ما تقدّم فلا یحرم ما تعارف لدی الصاغة من مبادلة الذهب المصاغ بالمادّة الخام مع أخذ اجرة الصیاغة ، سواء اعطی الذهب المصاغ أوّلاً ،

ص:78

ثمّ أخذت المادّة مع الاُجرة ، أو العکس ، أی سواء کان قرضاً أو معاوضة فی الموزون بمثله .

والأظهر شمول تحریم الربا إلی کلّ معاوضة بین العینین ، سواء أکانت بعنوان البیع أو الصلح ، مثل أن یقول : « صالحتک علی أن تکون هذه العشرة بهذه الخمسة » ، أمّا إذا کانت المعاوضة بین غیر ذلک کأن یقول : « صالحتک علی أن تهب لی العشرة وأهب لک الخمسة بنحو مشارطة الفعلین لا شرط النتیجة » ، وکذلک لو قال : « أبرأتک الخمسة التی علیک بشرط أن تبرأنی العشرة التی علَیَّ » ، ونحوها ، فالظاهر الصحّة .

یشترط فی تحققّ الربا فی المعاملة أمران :

الأوّل : اتّحاد الجنس والذات عرفاً ، وإن اختلفت الصفات ، فلا یجوز مائة کیلو من الحنطة الجیّدة بمائة وخمسین کیلو من الردیئة ، ولا یجوز عشرین کیلو من الأرز الجیّد کالعنبر بأربعین کیلو منه ، أو من الردیء کالهندیّ ، أمّا إذا اختلفت الذات فلا بأس کبیع مائة وخمسین کیلو من الحنطة بمائة کیلو من الأرز .

الثانی : أن یکون کلّ من العوضین من المکیل أو الموزون ، فإن کانا ممّا یباع بالعدّ - کالبیض والجوز - فلا بأس ، فیجوز بیع بیضة ببیضتین وجوزة بجوزتین ، ویکره التفاضل فی المعدود ، بل مطلق المثلیّ مع اتّحادهما فی الجنس نسیئة ، بل الأحوط ترکه ، لا سیّما مع زیادة قیمة الموّل .

( مسألة 205 ) : المعاملة الربویّة باطلة ، فمن ارتکب الربا بجهالة أنّه محظور وتاب واستغفر فلیس علیه فیما مضی ممّا قد تلف شیء ، وکذلک إذا لم یعلم مقدار ما بقی من الربا فی ماله ولم یعرف صاحبه ، فعلیه تخمیس المال ، ویحلّ له الباقی .

ص:79

وأمّا إذا علم مقدار ما بقی فعلیه ردّه إلی صاحبه إن عرفه ، وإلاّ فیکون بحکم مجهول المالک ، وإذا علم صاحبه ولم یعرف مقدار ما بقی ، فلا بدّ من المصالحة معه .

والظاهر أنّ الجهل بالموضوع بحکم الجهل بالحکم .

( مسألة 206 ) : الحنطة والشعیر فی الربا جنس واحد ، فلا یباع مائة کیلو من الحنطة بمائتی کیلو من الشعیر ، وإن کانا فی باب الزکاة جنسین ، فلا ینضمّ أحدهما إلی الآخر فی حساب النصاب .

( مسألة 207 ) : الظاهر أنّ العلس والسلت من جنس الحنطة والشعیر .

( مسألة 208 ) : اللحوم والألبان والأدهان تختلف باختلاف الحیوان ، فیجوز بیع کیلو من لحم الغنم بکیلوین من لحم البقر ، وکذا الحکم فی لبن الغنم ولبن البقر ، فإنّه یجوز بیعهما مع التفاضل .

( مسألة 209 ) : التمر بأنواعه جنس واحد ، والحبوب کلّ واحد منها جنس ، فالحنطة والأرز والماش والذرّة والعدس وغیرها کلّ واحد جنس ، والفلزّات من الذهب والفضّة والصفر والحدید والرصاص وغیرها کلّ واحد منها جنس برأسه .

( مسألة 210 ) : الضأن والمعز جنس واحد ، والبقر والجاموس جنس واحد ، والإبل العراب والبخاتی جنس واحد ، والطیور کلّ صنف یختصّ باسم فهو جنس واحد فی مقابل غیره ، فالعصفور غیر الحمام ، وکلّ ما یختصّ باسم من الحمام جنس فی مقابل غیره ، فالفاختة والحمام المتعارف جنسان ، والسمک أجناس علی الأقوی .

( مسألة 211 ) : الوحشیّ من کلّ حیوان مخالف للأهلیّ ، فالبقر الأهلیّ یخالف

ص:80

الوحشیّ ، فیجوز التفاضل بین لحمیهما ، وکذا الحمار الأهلیّ والوحشیّ ، والغنم الأهلیّ والوحشیّ .

( مسألة 212 ) : کلّ أصل مع ما یتفرّع عنه ویستخرج منه بمعالجة جنس واحد إن لم تختلف الماهیّة تحوّلاً ، وکذا الفروع بعضها مع بعض ، کالحنطة والدقیق والخبز والهریسة والکیک ، ونحوها ممّا یتّخذ من الحنطة ، وهی أصناف کثیرة ، کالحلیب واللبن والجبن والزبد ، والسمن ، وکالبسر والرطب والتمر والدبس منه ، والعنب وعصیره ، والدبس منه ، والبنفسج ، ودهن الشیرج ، وأمّا أجزاء الأصل المختلفة فی الماهیّة کالعظم واللحم والشحم واللبن فلیست جنساً واحداً ، ومثله الکرش والکراع والکبد ، والخلول تابعة لاُصولها ، فخلّ العنب جنس بانفراده ، وخلّ التمر جنس بانفراده ، یباع أحدهما بالآخر متفاضلاً ، والأدهان والزیوت أجناس مختلفة ، فدهن الشیرج جنس بانفراده ، ودهن الجوز جنس ، ودهن اللوز جنس بانفراده ، وزیت الزیتون یختلف عن زیت السمسم ، والعسل بأنواعه من النحل جنس واحد .

( مسألة 213 ) : إذا کان الشیء ممّا یکال أو یوزن ، وکان فرعه لا یکال ولا یوزن ، جاز بیعه بأصله بالتفاضل ، کالصوف الذی هو من الموزون والثیاب المنسوجة منه التی لیست من الموزون ، فإنّه یجوز بیعها به مع التفاضل ، وکذلک القطن والکتّان والثیاب المنسوجة منهما .

( مسألة 214 ) : إذا کان الشیء فی حال موزوناً أو مکیلاً ، وفی حال اخری لیس کذلک لم یجز بیعه بمثله متفاضلاً فی الحال الاُولی ، وجاز فی الحال الثانیة کبیع شاة بشاتین .

( مسألة 215 ) : لا بأس ببیع لحم حیوان بحیوان حیّ من غیر جنسه ، کبیع لحم الغنم ببقر ، والأحوط عدم جواز بیع لحم حیوان بحیوان حیّ بجنسه ، کبیع لحم

ص:81

الغنم بغنم ، لا سیّما إذا کان بیع الحیوان الحیّ بالوزن ، بل لا یخلو حینئذٍ عن منع .

( مسألة 216 ) : إذا کان للشیء حالتان : حالة رطوبة ، وحالة جفاف - کالرطب یصیر تمراً ، والعنب یصیر زبیباً ، والخبز اللیّن یکون یابساً - یجوز بیعه جافّاً بجافّ منه ، ورطباً برطب منه متماثلاً ، ولا یجوز متفاضلاً ، وأمّا بیع الرطب منه بالجافّ متماثلاً ففیه إشکال ، والأظهر الکراهة .

نعم ، لا یجوز متفاضلاً ولو بمقدار زیادة إذا جفّ ساوی الجافّ .

( مسألة 217 ) : إذا کان الشیء یباع جزافاً فی بلد ، ومکیلاً أو موزوناً فی آخر ، فلکلّ بلد حکمه ، وجاز بیعه متفاضلاً فی الأوّل ، ولا یجوز فی الثانی ، وأمّا إذا کان مکیلاً أو موزوناً فی غالب البلاد ، فالأحوط لزوماً أن لا یباع متفاضلاً مطلقاً .

( مسألة 218 ) : یتخلّص من الربا بضمّ غیر الجنس إلی الطرف الناقص بأن یبیع مائة کیلو من الحنطة ودرهماً بمائتی کیلو من الحنطة ، وبضمّ غیر الجنس إلی کلّ من الطرفین ولو مع التفاضل فیهما ، کما لو باع درهمین ومائتین کیلو من الحنطة بدرهم ومائة کیلو منها .

( مسألة 219 ) : لا ربا بین الوالد وولده ، فیجوز لکلّ منهما بیع الآخر مع التفاضل ، والظاهر شمول الحکم للجدّ مع ولد الولد ، وکذا بین الرجل وزوجته ، وکذا بین المسلم والحربیّ إذا أخذ المسلم الزیادة .

( مسألة 220 ) : یشکل الربا بین المسلم والذمّیّ ، وعلی کلّ تقدیر یجوز أخذ الربا منه بقاعدة الإلزام بعد وقوع المعاملة .

( مسألة 221 ) : الأوراق النقدیّة لمّا لم تکن من المکیل والموزون ، فلا یجری

ص:82

فیها الربا ، فیجوز التفاضل فی البیع بها مع اتّحاد العملة نقداً ، أمّا نسیئة فلا یخلو من إشکال ، وأمّا مع الاختلاف فی العملة فیجوز التفاضل مطلقاً ، وأمّا تنزیل الأوراق المالیّة فقد مرّ تفصیله فی المسائل المستحدثة ( 23 ) .

( مسألة 222 ) : ما یتعارف فی زماننا من إعطاء سند بمبلغ من الأوراق النقدیّة من دون أن یکون فی ذمّته شیء فیأخذه آخر فینزله عند شخص ثالث بأقلّ منه ، فقد تقدّم تفصیله فی ( المسألة 23 ) من المسائل المستحدثة .

ص:83

الفصل العاشر : بیع الصرف

وهو بیع الذهب أو الفضّة بالذهب ، أو الفضّة ، ولا فرق بین المسکوک منهما وغیره .

( مسألة 223 ) : یشترط فی صحّة بیع الصرف زائداً علی ما تقدّم فی المعاوضة الربویّة التقابض قبل الافتراق ، فلو لم یتقابضا حتّی افترقا بطل البیع ، ولو تقابضا فی بعض المبیع صحّ فیه ، وبطل فی غیره .

( مسألة 224 ) : لو باع النقد مع غیره بنقد صفقة واحدة ولم یتقابضا حتّی افترقا تبعّضت الصفقة ، فیصحّ فی غیر النقد وبطل فی النقد .

( مسألة 225 ) : لو فارقا المجلس مصطحبین وتقابضا قبل الافتراق صحّ البیع .

( مسألة 226 ) : فی عدم التقابض فی الصلح الجاری فی النقدین ومطلق مبادلتهما تملیکاً إشکال .

( مسألة 227 ) : لا یجری حکم الصرف علی الأوراق النقدیّة ، کالدینار العراقیّ والتومان الإیرانیّ والدولار والجنیه الاسترلینیّ ونحوها من أوراق العملات النقدیّة المستعملة فی هذه الأزمنة استعمال النقدین ، فیصحّ بیع بعضها ببعض ، وإن لم یتحقّق التقابض قبل الافتراق ، کما أنّه لا زکاة فیها .

( مسألة 228 ) : إذا کان له فی ذمّة غیره دَین من أحد النقدین فباعه علیه بنقد آخر وقبض الثمن قبل التفرّق ، صحّ البیع ولا حاجة إلی قبض المدیون المشتری ما فی ذمّته .

ص:84

( مسألة 229 ) : لو کان له دَین من أحد النقدین علی زید ، فباعه علی عمرو بنقد ، وقبض الثمن من عمرو ، ووکّل عمرو ( المشتری ) زیداً ( المدیون ) علی قبض ما فی ذمّته ، ففی کفایة التقابض بمجرّد التوکیل إشکال ، بل لا یبعد عدم الصحّة حتّی یعین زید الدین فی مصداق ویقبضه وکالة .

( مسألة 230 ) : إذا اشتری منه دراهم معیّنة بنقد ، ثمّ باعها علیه ، أو علی غیره قبل قبضها کان البیع الثانی علی ما لا یملکه ، فإذا قبض الدراهم بعد ذلک قبل التفرّق صحّ البیع الأوّل ، ولا بدّ فی صحّة الثانی من الإجازة والقبض قبل التفرّق .

( مسألة 231 ) : إذا کان له أحد النقدین کالدراهم فی ذمّة غیره ، فقال له : « حوّلها إلی النقد الآخر - کالدنانیر فی ذمّتک » فقبل المدیون ، صحّ ذلک وتحوّل ما فی الذمّة إلی دنانیر ، وإن لم یتقابضا ، وکذلک الحکم فی الأوراق النقدیّة إذا کانت فی الذمّة ، فیجوز تحویلها من عملة إلی اخری .

( مسألة 232 ) : لا یجب علی المتعاملین بالصرف التسلیم والتقابض حتّی لو قبض أحدهما لم یجب علیه إقباض صاحبه ، ولو کان لأحد العوضین نماء قبل القبض کان لمَن انتقل عنه لا لمَن انتقل إلیه .

( مسألة 233 ) : الدراهم والدنانیر المغشوشة إن کانت المعاملة بها رائجة فیجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها ، سواء أکان غشّها مجهولاً أو معلوماً ، وسواء کان مقدار الغشّ معلوماً أم مجهولاً . وإن لم تکن رائجة فلا یجوز خرجها وإنفاقها والمعاملة بها ، إلاّ بعد إظهار حالها .

وأمّا الأوراق النقدیّة فی هذه الأزمنة إذا کانت مزوّرة فلا یجوز التعامل بها فی حال .

( مسألة 234 ) : لا یجری الربا المعاوضیّ فی تصریف المسکوکات من

ص:85

النحاس وأمثاله ، وکذا الفضّة بأبعاضها ، ولو مع التفاضل بین الأصل وأبعاضها ، کما هو الغالب ، فإنّها وإن کانت فی الأصل ممّا یوزن ، إلاّ أنّ التعامل بها یضبط بالعدّ ولا یلتفت إلی وزنها . نعم ، لا یجوز ذلک فی المسکوکات الذهبیّة ، فإنّها من الموزون ، فلا یجوز تصریفها إلی أبعاضها مع التفاضل ، إلاّ مع الضمیمة .

( مسألة 235 ) : یکفی فی الضمیمة التی یتخلّص بها عن الربا وجود الغشّ فی الذهب والفضّة إذا کان الغشّ غیر مستهلک ، بأن کانت له قیمة ممتزجاً بأحد النقدین ، ولا یکفی أن تکون له قیمة علی تقدیر التصفیة ، فإذا کان العوضان مغشوشین کذلک صحّ ، ولو کانا متفاضلین لأنّه من الضمیمة فی الطرفین ، وإذا کان أحدهما مغشوشاً دون الآخر جاز التفاضل إذا کانت الزیادة فی الخالص ، ولا یصحّ إذا کانت إحدی المادّتین زائدة فی المغشوش .

( مسألة 236 ) : الآلات المحلاّة بالذهب یجوز بیعها بالذهب إذا کان أکثر من الذهب المحلّی بها ، وإلاّ لم یجز .نعم ، یجوز بیع الآلات المحلاّة باُخری منها ، وإن کانت الحلیة فی أحدهما أکثر منها فی الآخر ، کبیع السیف بالسیف .

( مسألة 237 ) : المادّة الممزوجة من الفضّة وغیرها - کالکلبتون ونحوها ممّا یزوّق ویزیّن به الثیاب أو الأمتعة - یجوز بیعه بالفضّة إذا کانت الفضّة الخالصة زائدة أکثر منه وزناً أو مساویة له ، وکذا الحکم فی بیع المصنوع من الذهب ممتزجاً بالذهب .

( مسألة 238 ) : إذا اشتری فضّة معیّنة أو ذهباً معیّناً بفضّة أو بذهب وقبضها فوجدها جنساً آخر - رصاصاً أو نحاساً أو غیرهما - بطل البیع ، ولو قبل التفرّق ولیس له المطالبة بالإبدال ، ولو وجد بعضها کذلک بطل البیع فی البعض ، وصحّ فی الباقی ، وله حینئذٍ ردّ الکلّ لتبعّض الصفقة .

وإن وجدها فضّة أو ذهباً معیباً کان بالخیار بین الردّ والأرش ، بلا فرق بین

ص:86

قبل التفرّق أو بعده ، فیما کان الثمن من الجنس الآخر ، وکان الأرش من غیر النقدین ، وأمّا منهما بعد التفرقّ ، فقد یشکل ، وإن کان الأقوی ثبوته ، وأمّا مع اتّحاد الجنس فیشکل ثبوت الأرش إن لم یکن الأقوی منعه للربا .

( مسألة 239 ) : إذا اشتری فضّة أو ذهب فی الذمّة بفضّة أو بذهب ، وبعد القبض وجدها جنساً آخر ، رصاصاً أو نحاساً أو غیرهما ، فإن کان قبل التفرّق جاز للبائع إبدالها ، فإذا قبض البدل قبل التفرّق صحّ البیع ، وإن کان بعد التفرّق بطل البیع ، ولا یکفی الإبدال فی صحّته .

وإذا وجدها فضّة معیبة ، فالأقوی أنّ المشتری مخیّر بین ردّ المقبوض فینفسخ العقد ، وبین الأرش علی التفصیل فی المسألة السابقة .

( مسألة 240 ) : لا یجوز أن یشتری من الصائغ أو غیره خاتماً أو غیره من المصوغات من الفضّة أو الذهب بجنسه مع زیادة بملاحظة اجرة الصیاغة الحاصلة فی العین الشخصیّة ، بل إمّا أن یشتریه بغیر جنسه ، أو بأقلّ من مقداره من جنسه مع الضمیمة ، کفصّ الخاتم من الأحجار ذات القیمة لیتخلّص من الربا ، وإمّا أن یکون الشراء علی مادّة النقدین فی الذمّة ، ویشترط صیاغتها باُجرة ، سواء ارید عمل الصیاغة أو نتیجتها ، فیسلّمه الخاتم المصوغ وفاءً لکلّ من البیع والإجارة ، وکذا لو کان الشراء لمادّة معیّنة غیر مصوغة ، فیشترط صیاغتها باُجرة .

( مسألة 241 ) : لو کان له علی زید نقود ذهبیّة أو فضیّة أو ورقیّة من العملات الرائجة - کاللیرات الذهبیّة - وأخذ منه شیئاً من المسکوکات الفضیّة - کالدراهم - فإن کان الأخذ بعنوان الاستیفاء نقص من اللیرات فی کلّ زمان أخذ فیه بمقدار ما أخذ بسعر ذلک الزمان ، وحینئذٍ فقد یختلف احتساب الدرهم فی الدفعات بحسب اختلاف سعر یوم الدفع .

ص:87

وإن کان الأخذ بعنوان القرض کان ما أخذه دَیناً علیه لزید وبقی دَین زید علیه ، وفی جواز احتسابهما أحد الدَّینین وفاءاً عن الآخر أو بیع أحدهما بدَین الآخر إشکال ، والأظهر الجواز فیهما ، کما تجوز المصالحة بینهما علی إبراء کلّ منهما صاحبه ممّا له علیه .

( مسألة 242 ) : لا یضمن التضخّم فی العملة النقدیّة کما إذا أقرض زیداً نقداً معیّناً من الذهب أو الفضّة أو من العملات الورقیّة المتعارفة ، أو أصدق زوجته مهراً کذلک أو جعله عوضاً فی الذمّة موّلاً أو حالاًّ ، فتغیّر السعر لزمه النقد المعیّن ، ولا اعتبار بالقیمة والسعر وقت اشتغال الذمّة بالنقد إلاّ فی صور :

الاُولی : إذا لم یکن النظر للنقد فی التعامل الواقع علی جنس النقد موضوعیّاً ، بل مرآة وواسطة إلی تقدیر السعر والقیمة المالیّة ، أی تارة النظر یکون إلی التعدیل المالیّ ، واُخری إلی ذات العملة .

الثانیة : إذا کان تفاوت السعر فاحشاً أو معتدّاً به بجدّیّة فی المتعارف ، وکان بسبب تأخیر المدین ومماطلته .

الثالثة : إذا سقطت مالیّة الورق من رأس عند سقوط اعتبار العملة ، وهذه الصور قد تعمّ الدیون التی من الأعیان ، وإن لم تکن عملات نقدیّة .

( مسألة 243 ) : لا یجوز بیع درهم بدرهم بشرط صیاغة خاتم - مثلاً - مجّاناً ، ویجوز باُجرة کما یجوز مجّاناً إذا کان الشرط فی طرف المغشوش المتموّل ما فیه من الغشّ ، وکان الطرف الخالص زائداً ما فیه من مادّة النقد علی مادّة النقد فی المغشوش ، فیکون من البیع بالضمیمة کما مرّ ، کما یجوز أن یقول له : « صغ لی هذا الخاتم وأبیعک درهماً بدرهم ، علی أن یکون البیع جعلاً بنحو شرط الفعل » لصیاغة الخاتم .

کما یجوز أن یشتری منه مثقال فضّة مصوغاً خاتماً بمثقال غیر مصوغ .

ص:88

( مسألة 244 ) : لو باع عملة أو متاعاً بعملة اخری واستثنی من الثمن نسبة من عملة ثالثة - کما لو باعه مائة دولار بخمسین دیناراً إلاّ سبعین درهماً - صحّ بشرط أن یعلما مقدار نسبة قیمة السبعین درهم إلی قیمة الخمسین دینار .

( مسألة 245 ) : المصوغ من الذهب والفضّة معاً لا یجوز بیعه بأحدهما بلا زیادة الثمن عن متّحده فی الجنس ، بل إمّا أن یباع بأحدهما مع الزیادة أو یباع بهما معاً ، أو بجنس آخر غیرهما .

( مسألة 246 ) : ما یجتمع عند الصائغ من تراب فیه أجزاء من الذهب أو الفضّة - وقد جرت العادة علی إعراض الملاک عنه - یملکه الصائغ نفسه ، والأحوط - استحباباً - أن یتصدّق به عن مالکه مع الجهل به والاستئذان منه مع معرفته ولم یستلزم ضرراً ، ویطّرد الحکم المذکور فی الخیّاطین والنجّارین والحدّادین ونحوهم ، فیما یجتمع عندهم من الأجزاء المنفصلة من أجزاء الثیاب والخشب والحدید ، ولا یضمنون شیئاً من ذلک ، وإن کانت له مالیّة عند العرف إذا کان المتعارف فی عملهم انفصال تلک الأجزاء .

ص:89

الفصل الحادی عشر : فی السلف

ویقال له : السلم أیضاً ، وهو ابتیاع کلّیّ موّل بثمن حالّ ، أو یوزّع أجزاء المبیع علی آجال ، سواء کان شرط التأجیل لنفع أحدهما أو کلیهما ، عکس النسیئة ، ویقال للمشتری المسلِّم - بکسر اللام - وللبائع المسلّم إلیه وللثمن المسلّم ، وللمبیع المسلّم فیه - بفتح اللام - فی الجمیع . والظاهر عموم أحکام المبیع فی السلف للثمن فی النسیئة .

( مسألة 247 ) : یجوز فی السلف أن یکون المبیع والثمن من غیر النقدین مع اختلاف الجنس أو مع اتّحاد الجنس مع عدم کون أحدهما مکیلاً وموزوناً ، کما یجوز أن یکون أحدهما من النقدین والآخر من غیرهما ، ولا یجوز أن یکون کلّ منهما من النقدین ، سواء اختلفا جنساً أو اتّحدا .

یشترط فی السلف امور :

الأوّل : أن یکون المبیع مضبوط الأوصاف التی تختلف القیمة باختلافها ، کالجودة والرداءة والطعم والریح واللون وغیرها ، والتقدیر بالکیل أو الوزن أو العدّ ونحوها من وحدات المقادیر ، کما فی الخضر والفواکه والحبوب والجوز واللوز والبیض والملابس والأشربة والأدویة وآلات السلاح وآلات التجارة والنساجة والخیاطة وغیرها من الأعمال والحیوان والإنسان ، وغیر ذلک . فلا یصحّ فیما لا یمکن ضبط أوصافه کالجواهر واللآلئ والبساتین والأراضی وغیرها ممّا لا ترتفع الجهالة والغرر فیها إلاّ بالمشاهدة .

ص:90

الثانی : قبض الثمن قبل التفرّق شرط فی صحّة السلف ، وإن لم یکن شرطاً فی صحّة وقوعه بیعاً إذا کان حالاًّ ، ولو قبض البعض صحّ فیه سلفاً دون الباقی ، ولو کان الثمن دَیناً فی ذمّة البائع ، فالأقوی الصحّة إذا کان حالاًّ لا موّلاً ، لا سیّما إذا کان الإبراء من الدَّین هو الثمن .

الثالث : تعیین أجل مضبوط للمسلم فیه بالأیّام أو الشهور أو السنین أو نحوها ، بتعیین متناسب مع مالیّة المبیع ودرجة خطورته لدی بیئة التعامل ، کما مرّ فی النسیئة ، وهو فی کلّ مبیع بحسبه ، ولو جعل مبهماً مردّداً بحسب ذلک المبیع بطل البیع ، ویجوز فیه القلّة کیوم ونحوه ، والکثرة کعشرین سنة .

الرابع : تعیین المکان وبلد التسلیم ولو بحسب الإطلاق ، مع تفاوت الأمکنة فی مونة مالیّة التحصیل والتسلیم .

الخامس : إمکانیّة وقدرة البائع علی دفعه وقت حلول الأجل ، سواء أکان عام الوجود أم نادره ، فلو لم یمکن ذلک ولو بالوسائط لعجزه عنه ، کما لو کان فی سجن أو بیداء لا یمکنه الوصول إلی بلد التسلیم بطل .

( مسألة 248 ) : إطلاق العقد یقتضی وجوب تسلیم المسلّم فیه فی بلد العقد ، إلاّ أن تقوم قرینة علی الإطلاق أو علی تعیین غیره ، فیعمل علی طبقها .

( مسألة 249 ) : إذا جعل الأجل شهراً قمریّاً أو شمسیّاً أو شهرین ، فإن کان وقوع المعاملة فی أوّل الشهر فالمراد تمام ذلک الشهر ، وإن کان فی أثناء الشهر فالمراد من الشهر ثلاثین یوماً من وقوع المعاملة .

( مسألة 250 ) : إذا جعل الأجل جمادی أو ربیعاً حمل علی أوّلهما من تلک السنة وحلّ بأوّل جزء من لیلة الهلال ، وإذا جعله الجمعة أو الخمیس حمل علی الأوّل من تلک السنة ، وحلّ بأوّل جزء من نهار الیوم المذکور .

( مسألة 251 ) : إذا اشتری شیئاً سلفاً لم یجز بیعه حالاًّ ولا إلی أجل قبل أجله ،

ص:91

ویجوز بیعه إلی بعد أجله وإن لم یقبضه علی غیر مَن هو علیه ، سواء بجنس الثمن أو بآخر ، مع الزیادة أو النقیصة ، وأمّا علی مَن هو علیه - وهو بائعه - فیجوز بیعه حالاًّ لأنّه إقباض من الدائن للمدیون ، وصیرورة الموّل معجّل ، سواء بجنس آخر أو بجنس الثمن ، ویکره مع الزیادة ، بل المنع أحوط . نعم ، لو بان انعدام المبیع من رأس من حین العقد کشف عن انفساخ العقد وبطلان البیع . هذا وقد تقدّم کراهة بیع ما لم یقبض واشتداد الکراهة فی المرابحة والمکیل والموزون ، لا سیّما الطعام .

( مسألة 252 ) : إذا دفع البائع المسلّم فیه دون الصفة لم یجب علی المشتری القبول ، ولو رضی بذلک صحّ ، وکذلک إذا دفع أقلّ من المقدار ، وتبرأ ذمّة البائع إذا أبرأه المشتری من الباقی ، وإذا دفعه علی الصفة والمقدار وجب علیه القبول ، وإذا دفع فوق الصفة فإن کان شرط الصفة راجعاً إلی تعیین الحدّ الأدنی فقط وجب القبول أیضاً ، وإن کان راجعاً إلی الحدّ الأعلی أیضاً لم یجب القبول ، ولو دفع إلیه زائداً علی المقدار لم یجب القبول .

( مسألة 253 ) : إذا حلّ الأجل ولم یتمکّن البائع من دفع المسلّم فیه تخیّر المشتری بین الفسخ والرجوع بالثمن بلا زیادة ولا نقیصة ، وبین أن ینتظر إلی أن یتمکّن البائع من دفع المبیع إلیه فی وقت آخر ، ولو تمکّن من دفع بعضه وعجز عن الباقی کان له الخیار فی الباقی بین الفسخ فیه والانتظار . وأمّا جواز فسخه فی الکلّ فهو تابع لوحدة الصفقة ، کما هو الغالب فی البیع ، ولو فسخ فی البعض جاز للبائع الفسخ فی الکلّ .

( مسألة 254 ) : لو کان المبیع موجوداً فی غیر البلد الذی یجب التسلیم فیه ، فإن تراضیا بتسلیمه فی موضع وجوده جاز ، وإلاّ فیجب علی البائع نقله إلی البلد المشترط تسلیمه فیه ، ومع تعذّره علیه للمشتری حقّ الفسخ .

ص:92

الفصل الثانی عشر : بیع الثمار والزرع والخضر

وهو بیع الثمر علی النخیل والأشجار ، وهو ما یُعرف بالضمان ، ویلحق به الزرع والخضروات ، ولا یصحّ بیع ثمرة النخل والشجر قبل ظهورها عاماً واحداً منفردة ، ویجوز بیعها عامین فما زاد أو عاماً واحداً مع الضمیمة علی الأقوی ، سواء بیع مجموع ثمرة البستان والحائط والأرض أو حصّة مشاعة منها أو معیّنة أو مقداراً معیّناً منها .

وأما بعد ظهورها ، فإن بدا واستبان صلاحها ، أو کان البیع فی عامین فما زاد أو مع الضمیمة جاز بیعها ، أمّا مع انتفاء الثلاثة فالأظهر عدم الجواز ، إلاّ أن یکون البیع لما ظهر من الثمر بلحاظ ما له من مالیّة بالفعل .

( مسألة 255 ) : بدو الصلاح فی الثمر فی النخل بالإحمرار والاصفرار ، وفی أنواع اخری کثیرة بانعقاده بعد تناثر ورده ، کما فی الکرم بانعقاده حصرماً ، وفی بعض ثالث قد یکون بتلوّن الثمرة ، والضابطة هو بلوغها مبلغاً یون علیه من العاهة ، ویسلم من الآفة التی تصیبه ، وهو تبیّن حال الثمرة ، وهو فی کلّ نوع أو أجناس بحسبها ، ولا یعتبر البلوغ والنضج بحیث تکون قابلة للأکل ، ولو فی أوّل أوانه ، وإن کان أفضل .

( مسألة 256 ) : یعتبر فی الضمیمة المجوّزة لبیع الثمر قبل بدو صلاحه أو قبل ظهوره أن تکون لها مالیّة ومملوکة للمالک ، وهی تارة متبوعة واُخری جزءاً یقسّط الثمن علیها بنحو الإشاعة ، وثالثة تابعة کشرط ، وذلک بحسب مجهولیّة

ص:93

وخطورة المبیع من الثمر ، وموازنة درجة مالیّته مع مالیّة الضمیمة ، فالضمیمة للتمر قبل ظهوره من قبیل الأوّل ، وقبل الصلاح قد تکون من قبیل الأخیرین .

( مسألة 257 ) : یکتفی فی الضمیمة فی ثمر النخل بمثل السعف والکرب والشجر الیابس الذی فی البستان ، ونحو ذلک من لواحق وفضلات الشجر .

( مسألة 258 ) : یجوز بیع الثمرة قبل بدو صلاحها أو قبل ظهورها مع اصولها .

( مسألة 259 ) : إذا ظهر بعض ثمر البستان وبدی صلاحه جاز بیع المتجدّد فی تلک السنة والسنوات اللاحقة ، الذی لم یطلع معه اتّحد الجنس أم اختلف ، اتّحد البستان أم تعدّد علی الأقوی .

( مسألة 260 ) : یجری حکم العامین فما زاد علی الشجر الذی یثمر فی السنة الواحدة مرّتین أو ثلاث .

( مسألة 261 ) : إذا باع الثمرة سنة أو سنتین أو أکثر ثمّ باع اصولها علی شخص آخر لم یبطل بیع الثمرة ، بل تنتقل الاُصول إلی المشتری مسلوبة المنفعة فی المدّة المعیّنة ، وله الخیار فی الفسخ مع الجهل .

( مسألة 262 ) : لا یبطل بیع الثمرة بموت بائعها ، لکن تنتقل الاُصول إلی ورثة البائع بموته مسلوبة المنفعة ، وکذا لا یبطل بیعها بموت المشتری ، بل تنتقل إلی ورثته .

( مسألة 263 ) : إذا اشتری ثمرة بدی صلاحها فتلفت قبل قبضها ، انفسخ العقد وکانت الخسارة من مال البائع ، کما تقدّم ذلک فی أحکام القبض ، وتقدّم أیضاً إلحاق السرقة ونحوها بالتلف ، وحکم ما لو کان التلف من البائع أو المشتری أو الأجنبیّ .

( مسألة 264 ) : یجوز لبائع الثمرة أن یستثنی ثمرة أشجار أو نخلات بعینها ،

ص:94

وأن یستثنی حصّة مشاعة کالربع والخمس ، وأن یستثنی مقداراً معیّناً کمائة کیلو یلاحظ فیه جانب من الکسر الکلّیّ فی المعیّن ، أی بما تمثّله المائة کیلو من نسبة کسریّة من مجموع وزن الثمرة ، لکن بنحو المعیّن لا الإشاعة ، لکن فی هاتین الصورتین لو خاست الثمرة وزّع النقص علی المستثنی والمستثنی منه علی النسبة ، ففی صورة استثناء حصّة مشاعة یوزّع الباقی بینهما بحسب نسبة وحصّة کلّ منهما .

وأمّا إذا کان المستثنی مقداراً معیّناً فطریقة معرفة النقص تخمین الفائت بالثلث أو الربع من المجموع - مثلاً - فیسقط بتلک النسبة من المقدار المعیّن ، فإن کان الفائت الثلث فیسقط منه الثلث ، وإن کان الربع یسقط الربع ، وهکذا .

( مسألة 265 ) : یجوز بیع ثمرة النخل وغیره فی اصولها بالنقود وبغیرها - کالأمتعة والحیوان والطعام - وبالمنافع والأعمال وغیرها ، کغیره من أفراد البیع .

( مسألة 266 ) : لا تجوز المزابنة ، وهی بیع ثمرة النخل - تمراً کانت أو رطباً أو بسراً - بالتمر من ذلک النخل ، وقد یخرّج النهی لکونه مساقاة بقدر معیّن من الثمر فتبطل عدا ما سیأتی من العریّة . وعلی ذلک یختصّ النهی بما إذا کان العوض مقداراً معیّناً من التمر منه بخلاف ما إذا کان بحصّة کسریّة کالنصف والثلث والربع ، فیما إذا بقی للنخل حاجة للسقی والرعایة ، بل الأظهر صحّتها إجارة حینئذٍ علی عمل القطف والحفظ للتمر أو کدس الرطب لیصیر تمراً ، وأمّا بیعها بثمرة غیره ، سواء کان فی الذمّة أم کان معیّناً فی الخارج ، فالظاهر جوازه مع اتّحاد الجنس ، وإن کان مکروهاً ، وترکه أحوط .

( مسألة 267 ) : لا یختصّ الحکم المزبور بالنخل علی ما تقدّم من کون المزابنة مساقاة باطلة ، فلا یجوز بیع ثمر الشجر بثمر منه مقداراً معیّناً ، وأمّا بیعه بغیر

ص:95

ثمره فیجوز مع الکراهة لو اتّحد الجنس ، کما مرّ .

( مسألة 268 ) : یجوز أن یبیع ما اشتراه من الثمر فی أصله بثمن زائد علی ثمنه الذی اشتراه به أو ناقص أو مساوٍ ، سواء أباعه قبل قبضه أم بعده .

( مسألة 269 ) : لا یجوز بیع الزرع قبل ظهوره ، کما لا یجوز بیع السنبل قبل انعقاده ، ویجوز بیعه تبعاً للأرض لو باعها معه ، أمّا بعد ظهوره فیجوز بیعه مع أصله ، بمعنی بیع المقدار الظاهر مع اصوله الثابتة ، فإن شاء المشتری قصله ، وإن شاء أبقاه مع اشتراط الإبقاء أو بإذن من صاحب الأرض ، فإن أبقاه حتّی یسنبل کان له السنبل ، وعلیه اجرة الأرض إذا لم یشترط الإبقاء مجّاناً ، وإن قصله قبل أن یسنبل فنمت الاُصول الثابتة فی الأرض حتّی سنبلت کان له أیضاً ، وتجب علیه اجرة الأرض أیضاً .

( مسألة 270 ) : یجوز بیع الزرع بدون أصله ، بل قصیله فقط ، ویسمّی ببیع الحشیش - کما هو الحال فیما ینمو مرّات بعد قطعه - إذا کان قد بلغ أوان قصله أو قبل ذلک علی أن یبقی حتّی یصیر قصیلاً أو علی أن یبقی دون ذلک ، فإن قطعه ونمت الاُصول کان النماء للبائع ، وإن لم یقطعه کان لصاحب الأرض إلزامه بقطعه ، ولو أبقاه فنما حتّی سنبل کان السنبل لمالک الاُصول بحسب عرف الزرّاع ، وهذا بخلاف الحال فی النخل ، فإنّه لو اشتراه بشرط القطع فأبقاه حتّی أثمر ، فإنّ الثمر للمشتری ولصاحب الأرض المطالبة بالاُجرة .

( مسألة 271 ) : لو اشتری الجذع بشرط القلع فلم یقلعه ونما ، کان النماء للمشتری .

( مسألة 272 ) : یجوز بیع الزرع محصوداً ، ولا یشترط معرفة مقداره بالکیل أو الوزن ، بل تکفی فیه المشاهدة .

( مسألة 273 ) : لا تجوز المحاقلة ، وهی بیع سنبل الحنطة أو الشعیر أو الزرع

ص:96

بالمقدار المعیّن الحاصل منه ، وقد یخرّج النهی بکونه مزارعة بقدر معیّن من الحاصل ، فیبطل ، فیختصّ النهی بکون العوض مقداراً معیّناً بخلاف ما إذا کان بنسبة کسریّة من الربع والنصف من الحاصل ، کما مرّ فی المزابنة .

( مسألة 274 ) : الخضر کالخیار والباذنجان والبطّیخ لا یجوز بیعها قبل ظهورها منفردة ، ویجوز بعد ظهورها ، وهو انعقادها وتناثر وردها ، مع المشاهدة لقطة واحدة أو لقطات ، والتقدیر لمدّة اللقطة إلی عرف الزرّاع .

( مسألة 275 ) : لو کانت الخضرة مستورة فی الأرض ، کالشلغم والجزر والشوندر والثوم ونحوها ، فالظاهر جواز بیعها مع تعارف معرفتها بروسها وصفات نمطها .

( مسألة 276 ) : إذا کانت الخضرة ممّا یجزّ - کالکرّاث والنعناع ونحوها - یجوز بیعها بعد ظهورها جزّة وجزّات ، ولا یجوز بیعها قبل ظهورها ، والمرجع فی تعیین الجزّة عرف الزرّاع کما سبق ، وکذا الحکم فیما یخرط - کورق الحنّاء والتوت - فإنّه یجوز بیعه بعد ظهوره خرطة وخرطات .

( مسألة 277 ) : إذا کان نخل أو شجر أو زرع مشترکاً بین اثنین ، جاز أن یتقبّل أحدهما حصّة صاحبه إذا أدرکت الثمرة بعد خرصها بمقدار معیّن ، فیتقبّلها بذلک المقدار وتکون من الشرکة مع المساقاة أوالمزارعة ، فإذا خرص حصّة صاحبه بوزنة - مثلاً - جاز أن یتقبّلها بتلک الوزنة زادت علیها فی الواقع أو نقصت عنها أو ساوتها .

( مسألة 278 ) : الظاهر أنّه لا فرق بین أن یکون الشرکاء اثنین أو أکثر ، وکون المقدار المتقبّل به منها وفی الذمّة . نعم ، إذا کان منها فتلفت الثمرة فلا ضمان علی المتقبّل بخلاف ما لو کان فی الذمّة ، فإنّه باقٍ علی ضمانه ، والظاهر أنّه معاملة خاصّة من الشرکة مع باب المزارعة أو المساقاة ، وصلح من أحد

ص:97

الشریکین علی حصّته بعد إدراک الثمرة بالعوض المزبور ، أی تعیین المقدار المشترک فیه فی کمیّة خاصّة علی أن یکون اختیار التعیین بید المتقبّل ، ویکفی فیها کلّ لفظ دالّ علی المقصود ، بل تجری فیها المعاطاة ، کما فی غیرها من العقود .

( مسألة 279 ) : إذا مرّ الإنسان بشیء من النخل أو الشجر أو الزرع جاز له أن یأکل من ثمره ولو من غیر حاجة ، بلا إفساد للثمر أو الأغصان أو الشجر أو غیرها ، کما لو کان عدد المارّة کثیراً فی العادة .

( مسألة 280 ) : الظاهر جواز الأکل للمارّ ، وإن کان قاصداً له من أوّل الأمر ، ولا یجوز له أن یحمل معه شیئاً من الثمر ، وإذا حمل معه شیئاً حرم ما حمل وحلّ ما أکل ، وإذا کان للبستان جدار أو حائط أو کانت إمارة اخری علی کراهة المالک ، فالأوْلی الاقتصار فی الأکل علی مورد الحاجة . نعم ، لو نهی المالک ففی الجواز إشکال ، بل المنع أظهر .

( مسألة 281 ) : لا بأس ببیع العریّة ، وهی النخلة الواحدة لشخص فی دار غیره ، فیبیع ثمرتها قبل أن تکون بخرصها تمراً بتمر منه .

ص:98

الفصل الثالث عشر : فی بیع الحیوان

ونقتصر علی المسائل الابتلائیّة :

( مسألة 282 ) : یجوز شراء بعض الحیوان مشاعاً - کنصفه وربعه - ولا یجوز شراء بعض معیّن - کرأسه وجلده - إذا لم یکن ممّا یطلب لحمه أو جلده ، بل کان المقصود منه الإبقاء للرکوب أو الحمل أو نحوهما .

( مسألة 283 ) : لو کان الحیوان ممّا یطلب لحمه أو جلده مشرفاً علی الذبح - أی ینظر فی مالیّته وأجزاءه بلحاظ حیثیّة الذبح ، أی بوصف کونها لحماً وجلداً لا وصف الحیاة النامیة - جاز شراء بعض معیّن منه ، فإن ذبح یکون للمشتری ما عیّن ، وإن لم یذبح لمانع من ضرر مالیّ کان أو کان مریضاً فبرئ وانتظر به مالیّته فی المعاوضة ونحوها ، کان المشتری شریکاً بنسبة مشاعة بقدر نسبة قیمة الرأس والجلد علی تقدیر الذبح إلی قیمة البقیّة ، وکذا لو باع الحیوان واستثنی الرأس والجلد ، وأمّا إذا اشترک اثنان أو جماعة وشرط أحدهم أن تعیّن حصّته بعد الذبح بالعضو المعیّن من الرأس والجلد کان شریکاً بنسبة سهمه المالیّ فی الثمن لا بنسبة الرأس والجلد ، أمّا لو کان الشرط بلحاظ تعیّن الحصّة حین البیع فالحال کما تقدّم فی الصورتین الاُولتین .

( مسألة 284 ) : لو قال شخص لآخر : اشتر حیواناً بشرکتی صحّ ، ویثبت البیع لهما علی السویّة مع الإطلاق ، ویکون علی کلّ واحد منهما نصف الثمن ، إلاّ إذا قامت قرینة علی کون الشرکة بنسبة متفاضلة .

ص:99

( مسألة 285 ) : لو دفع المأمور عن الآمر بالشراء شرکة ما علیه من جزء الثمن رجع الدافع علیه بما دفعه عنه ، إلاّ إذا کانت فی البین قرینة علی التبرّع ، فلیس له الرجوع علیه به .

ص:100

خاتمة فی الإقالة

وهی فسخ العقد من الطرفین ، سواء بإنشاء أحدهما الإقالة بعد طلب الآخر أو بفسخ أحدهما ، ویقبل الاّخر أو یقولا : « تقایلنا » ، وهی تراضی کلّ منهما علی إبراء الآخر من التزامه ، والظاهر جریانها فی عامّة العقود اللازمة حتّی الهبة اللازمة غیر النکاح والضمان ، وفی جریانها فی الصدقة إشکال ، وتقع بکلّ لفظ یدلّ علی المراد ، وإن لم یکن عربیّاً ، بل تقع بالفعل کما تقع بالقول ، فإذا طلب أحدهما الفسخ من صاحبه فدفعه إلیه کان فسخاً وإقالة ، ووجب علی الطالب إرجاع ما فی یده إلی صاحبه .

( مسألة 286 ) : لا تقع الإقالة بزیادة عن الثمن أو المثمّن أو نقصان ، فلو أقال کذلک بطلت وبقی کلّ من العوضین علی ملک مالکه .

( مسألة 287 ) : یصحّ الجعالة علی الإقالة بأن یجعل له مالاً فی الذمّة أو فی الخارج لیقیله بأن قال له : « أقلنی ولک هذا المال » ، أو « لک علَیَّ کذا » .

( مسألة 288 ) : لو أقال بشرط مال عیناً أو عملاً کما لو قال للمستقیل : « أقلتک بشرط أن تعطینی کذا » ، أو « تخیط ثوبی » وقبل ، فیشکل الصحّة .

( مسألة 289 ) : لا یجری فی الإقالة فسخ أو إقالة .

( مسألة 290 ) : یقوم وارث المتعاقدین مقام المورّث فی الإقالة ، کما تجوز الاستقالة من الوارث والإقالة من الطرف الآخر .

( مسألة 291 ) : تصحّ الإقالة فی جمیع ما وقع علیه العقد ، وفی بعضه ، ویتقسّط الثمن حینئذٍ علی النسبة ، وإذا تعدّد البائع أو المشتری تصحّ الإقالة بین أحدهما

ص:101

والطرف الآخر بالنسبة إلی حصّته ، ولا یشترط رضی الآخر .

( مسألة 292 ) : تلف أحد العوضین أو کلیهما لا یمنع من صحّة الإقالة ، فإذا تقایلا رجع کلّ عوض إلی صاحبه الأوّل ، فإن کان موجوداً أخذه ، وإن کان تالفاً رجع بمثله إن کان مثلیّاً وبقیمته یوم الأداء إن کان قیمیّاً .

( مسألة 293 ) : الخروج عن الملک ببیع أو هبة أو نحوها بمنزلة التلف ، وتلف البعض کتلف الکلّ یستوجب الرجوع بالبدل عن البعض التالف .

( مسألة 294 ) : العیب فی ید أحدهما یستوجب الرجوع علیه بالأرش مع الإقالة .

ص:102

کتاب الشفعة

اشارة

وهی حقّ لکلّ من الشریکین فی مال الآخر بسبب الشرکة بنحو طولیّ مع ملکیّة شریکه ، فإذا باع أحد الشریکین حصّته علی ثالث کان لشریکه أخذ المبیع بالثمن المجعول له فی البیع ، ویسمّی هذا الحقّ بالشفعة ، وکذا لو کانا شریکین فی حقوق المبیع ، کالطریق المشترک إذا بیع مع العقار غیر المشترک .

فصل : فی ما تثبت فیه الشفعة

(مسألة 295 ) : تثبت الشفعة بشروط :

أوّلاً : فی بیع ما لا ینقل إذا کان یقبل القسمة ، کالأرضین والدور والبساتین ، وأمّا فیما ینقل کالآلات والثیاب والحیوان وفیما لا ینقل إذا لم یقبل القسمة ، فمحلّ إشکال إن لم یکن منع .

( مسألة 296 ) : ویشترط - ثانیاً - الملک المشاع ، فلا تثبت الشفعة بالجوار ، فإذا باع أحد داره فلیس لجاره الأخذ بالشفعة .

( مسألة 297 ) : یلحق بالملک المشاع الحقّ المشاع ، فإذا کانت داران مختصّة کلّ واحدة منهما بشخص ، وکانا مشترکین فی طریقهما ، فبیعت إحدی الدارین

ص:103

مع الحصّة المشاعة من الطریق ثبتت الشفعة لصاحب الدار الاُخری ، سواء أکانت الداران قبل مشترکتین وقسّمتا أم لم تکونا کذلک .

( مسألة 298 ) : لا یجری هذا الحکم فی الدور المختصّة کلّ واحدة منها بواحد مع الاشتراک فی الطریق ، فلا تثبت الشفعة للباقین .

( مسألة 299 ) : إذا بیعت إحدی الدارین بلا ضمّ حصّة الطریق إلیها لم تثبت الشفعة للشریک فی الطریق .

( مسألة 300 ) : إذا بیعت الحصّة من الطریق وحدها تثبت الشفعة للشریک إذا کانت الطریق واسعة قابلة للقسمة .

( مسألة 301 ) : لا یختصّ الحکم المذکور بالدار ، بل یعمّ غیرها من الأملاک المفرزة المشترکة فی الطریق .

( مسألة 302 ) : یلحق بالطریق غیره من المرافق الضروریّة للعقار المستحقّة بالحریم أو الملک - کالنهر أو الساقیة أو البئر - فاشتراک الدارین فی أحد هذه الاُمور إذا بیعت إحداهما مع الحصّة من هذه الاُمور کان لصاحب الدار الاُخری الشفعة فی الدار .

( مسألة 303 ) : إذا بیع المقسوم منضمّاً إلی حصّة من المشاع صفقة واحدة کان للشریک فی المشاع الأخذ بالشفعة فی الحصّة المشاعة بما یخصّها من الثمن بعد توزیعه ، ولیس له الأخذ فی المقسوم .

( مسألة 304 ) : ویشترط - ثالثاً - النقل بالبیع والمعاوضة المالیّة ، فإذا انتقل الجزء المشاع بغیر ذلک کجعله صداقاً أو فدیة الخلع ونحوها ، فلا شفعة للشریک .

( مسألة 305 ) : إذا کانت العین بعضها ملکاً وبعضها وقفاً ، فبیع الملک لم یکن للموقوف علیهم الشفعة علی الأقوی ، وإن کان الموقوف علیه واحداً .

ص:104

( مسألة 306 ) : إذا بیع الوقف فی مورد یجوز بیعه ، ففی ثبوت الشفعة للشریک قولان ، أقربهما العدم .

( مسألة 307 ) : یشترط فی ثبوت الشفعة - رابعاً - أن تکون العین المبیعة مشترکة بین اثنین ، فإذا کانت مشترکة بین ثلاثة فما زاد وباع أحدهم لم تکن لأحدهم شفعة ، وإذا باعوا جمیعاً إلاّ واحداً منهم ففی ثبوت الشفعة له إشکال ، بل منع .

( مسألة 308 ) : إذا باع أحد الشریکین بعض حصّته فی العین ثبتت الشفعة للآخر .

ص:105

فصل : فی الشفیع

(مسألة 309 ) : ویشترط - خامساً - فی الشفیع الإسلام إذا کان المشتری مسلماً ، فلا شفعه للکافر علی المسلم وإن اشتری من کافر ، وتثبت للمسلم علی الکافر ، وللکافر علی مثله .

( مسألة 310 ) : ویشترط - سادساً - فی الشفیع أن یکون قادراً علی أداء الثمن ، فلا تثبت للعاجز عنه ، وإن بذل الرهن أو وجد له ضامن ، إلاّ أن یرضی المشتری بذلک .

نعم ، إذا ادّعی غیبة الثمن أجّل ثلاثة أیّام ، وإذا ادّعی أنّ الثمن فی بلد آخر أجّل بمقدار وصول المال إلیه وزیادة ثلاثة أیّام ، فإن انتهی الأجل فلا شفعة ، ویکفی فی الثلاثة أیّام التلفیق ، کما أنّ مبدأها زمان بدأ إمکان الأخذ بالشفعة لا زمان البیع .

( مسألة 311 ) : إذا کان التأجیل إلی زمان نقل الثمن من البلد الآخر المدّعی وجوده فیه متطاول بمقدار یتضرّر فیه المشتری ، فالظاهر سقوط الشفعة .

( مسألة 312 ) : إذا کان الشریک غائباً عن بلد البیع وقت وقوع البیع جاز له الأخذ بالشفعة إذا حضر البلد وعلم بالبیع ، وإن کانت الغیبة طویلة .

( مسألة 313 ) : إذا کان له وکیل مطلق فی البلد أو فی خصوص الأخذ بالشفعة جاز لذلک الوکیل الأخذ بالشفعة عنه .

( مسألة 314 ) : تثبت الشفعة للشریک وإن کان سفیهاً أو صبیّاً أو مجنوناً ، فیأخذ

ص:106

لهم الولیّ بها ، بل إذا أخذ السفیه بإذن الولیّ صحّ ، وکذا الصبیّ علی احتمال قویّ .

( مسألة 315 ) : تثبت الشفعة للمفلس إذا رضی المشتری ببقاء الثمن فی ذمّته ، أو استدان الثمن من غیره ، أو دفعه من ماله بإذن الغرماء .

( مسألة 316 ) : إذا أسقط الولیّ عن الصبیّ أو المجنون أو السفیه حقّ الشفعة لم یکن لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد والعقل ، وکذا إذا لم یکن الأخذ بها مصلحة فلم یطالب ، أمّا إذا ترک المطالبة بها مساهلة منه فی حقّهم ، فالظاهر أنّ لهم المطالبة بها بعد البلوغ والرشد .

( مسألة 317 ) : إذا کان المبیع مشترکاً بین الولیّ والمولّی علیه ، فباع الولیّ عنه ، جاز له أن یأخذ بالشفعة علی الأقوی .

( مسألة 318 ) : إذا باع الولیّ عن نفسه ، فإنّه یجوز له أن یأخذ بالشفعة للمولّی علیه ، وکذا الحکم فی الوکیل إذا کان شریکاً مع الموکّل .

ص:107

فصل : فی الأخذ بالشفعة

(مسألة 319 ) : الأخذ بالشفعة من الإنشائیّات المعتبر فیها الإیقاع بالقول ، مثل أن یقول : « أخذت المبیع المذکور بثمنه » ، أو بالفعل بأن یدفع الثمن ویستقلّ بالمبیع .

( مسألة 320 ) : لا یجوز للشفیع أخذ بعض المبیع وترک بعضه ، بل إمّا أن یأخذ الجمیع أو یدع الجمیع .

( مسألة 321 ) : الشفیع یأخذ بقدر الثمن إذا کان مثلیّاً لا بأکثر منه ولا بأقلّ ، سواء زادت قیمة المبیع السوقیّة أم نقصت .

( مسألة 322 ) : فی ثبوت الشفعة فی الثمن القیمیّ بأن یأخذ المبیع بقیمته قولان ، لا یخلو الأوّل من قرب .

( مسألة 323 ) : إذا غرم المشتری شیئاً من اجرة الدلاّل أو غیرها ، أو تبرّع به للبائع من خلعة ونحوها ، لم یلزم الشفیع تدارکه .

( مسألة 324 ) : إذا حطّ البائع شیئاً من الثمن للمشتری لم یکن للشفیع تنقیصه .

( مسألة 325 ) : الأقوی امتداد الأخذ بالشفعة ثلاثة أیّام من حین العلم بوقوع البیع وعدم عذر مانع منه ، فیسقط مع التأخیر والمماطلة بعدها بلا عذر ، ولا یسقط إذا کان التأخیر عن عذر کجهله بالبیع أو جهله باستحقاق الشفعة ، أو توهّمه کثرة الثمن فبان قلیلاً ، أو کون المشتری زیداً فبان عمراً ، أو أنّه اشتراه لنفسه فبان لغیره ، أو العکس ، أو أنّه واحد فبان اثنین أو العکس ، أو أنّ المبیع

ص:108

النصف بمائة فتبیّن أنّه الربع بخمسین ، أو کون الثمن ذهباً فبان فضّة ، أو لکونه محبوساً ظلماً ، أو بحقّ یعجز عن أدائه ، وکذا أمثال ذلک من الأعذار .

( مسألة 326 ) : یتعیّن التلفیق فی الثلاثة إذا کان مبدأ إمکان الأخذ بالشفعة فی أثناء النهار فیلفّق من النهار الرابع ما فات من الأوّل .

( مسألة 327 ) : اللیالی المتوسّطة داخلة فی المدّة ، کما أنّ الظاهر أنّ الثلاثة للتروّی ، وأمّا المدّة التی یستغرقها ارتفاع العذر فتضاف إلی الثلاثة ، کما مرّ .

( مسألة 328 ) : یجوز له إن کان غائباً انتظار الرفقة إذا کان الطریق مخوفاً ، أو انتظار زوال الحرّ أو البرد ، إذا جرت العادة بانتظاره ، وقضاء وطره من أفعال المعیشة . نعم ، یشکل مثل عیادة المریض ، وتشییع المون ، ونحو ذلک إذا لم یکن ترکه حرجیّاً ، وکذا الاشتغال بالنوافل ، وتسقط الشفعة فی کلّ مورد صدقت فیه المماطلة عرفاً .

( مسألة 329 ) : الغائب عن بلد البیع مع علمه بوقوعه وتمکّنه من الأخذ بالشفعة بالتوکیل تسقط شفعته مع مضیّ الثلاثة أیّام .

( مسألة 330 ) : لا بدّ فی الأخذ بالشفعة من إحضار الثمن ، ولا یکفی طلب الشفعة والأخذ بها بالقول فی انتقال المبیع إلیه ، فإذا قال ذلک وهرب أو ماطل أو عجز عن دفع الثمن بقی المبیع علی ملک المشتری ، لا أنّه ینتقل بمجرّد الطلب قولاً وینفسخ بتلک الاُمور . نعم ، یتحقّق الأخذ بذلک وإن تمنّع المشتری من قبض الثمن .

( مسألة 331 ) : إذا باع المشتری قبل أخذ الشفیع بالشفعة لم تسقط ، بل جاز للشفیع الأخذ من المشتری الأوّل بالثمن الأوّل ، فیبطل الثانی ، وتجزی الإجازة منه فی صحّته له ، وله الأخذ من المشتری الثانی بثمنه فیصحّ البیع الأوّل .

ص:109

( مسألة 332 ) : إذا زادت العقود علی اثنین ، فإن أخذ بالسابق بطل اللاحق ، ویصحّ مع إجازته ، وإن اخذ باللاحق صحّ السابق ، وإن أخذ بالمتوسّط صحّ ما قبله وبطل ما بعده ، ویصحّ مع إجازته .

( مسألة 333 ) : إذا تصرّف المشتری فی المبیع بوقف أو هبة لازمة أو غیر لازمة ، أو بجعله صداقاً أو غیر ذلک ممّا لا شفعة فیه ، کان للشفیع الأخذ بالشفعة بالنسبة إلی البیع ، فتبطل التصرّفات اللاحقة له .

( مسألة 334 ) : الشفعة من الحقوق ، فتسقط بالإسقاط ، ویجوز تعویض المال بإزاء إسقاطها ، وبإزاء عدم الأخذ بها ، وعلی الأوّل تارة یکون بنحو شرط النتیجة ، فیکون ساقطاً بالصلح ، واُخری بنحو شرط الفعل ، فلا یسقط إلاّ بالإسقاط ، فإذا لم یسقطه وأخذ بالشفعة صحّ ، وکان آثماً فی عدم الوفاء بالصلح ، ومعطی العوض مخیّر بین الفسخ ومطالبة العوض ، وأن یطالبه باُجرة المثل للإسقاط ، وکذا علی الثانی أیضاً .

( مسألة 335 ) : الظاهر أنّه لا إشکال فی أنّ حقّ الشفعة لا یقبل الانتقال من الشفیع إلی غیره .

( مسألة 336 ) : إذا باع الشفیع نصیبه قبل الأخذ بالشفعة ، فالظاهر سقوطها ، لا سیّما مع علمه بوقوع البیع .

( مسألة 337 ) : المشهور - وهو الأقرب - اعتبار العلم بالثمن فی جواز الأخذ بالشفعة ، فإذا أخذ بها وکان جاهلاً به لم یصحّ حتّی یقبضه برضاً منه والتفات .

( مسألة 338 ) : إذا تلف تمام المبیع قبل الأخذ بالشفعة سقطت .

( مسألة 339 ) : إذا تلف بعضه دون بعض لم تسقط وجاز له أخذ الباقی بتمام الثمن من دون ضمان علی المشتری إن لم یکن بإتلاف منه ولا تفریط ، وإلاّ فیضمنه المشتری ، سواء کان بعد الأخذ بالشفعة أو قبله .

ص:110

( مسألة 340 ) : إذا اشترط فی البیع شرطاً للبائع أو للمشتری أو لهما معاً لم یجب مثله للشفیع علی المشتری ، ولا للمشتری علی الشفیع ، بل تثبت أصل الشفعة بالثمن فقط .

( مسألة 341 ) : إذا کان التلف بغیر فعل المشتری ضمنه المشتری أیضاً فیما إذا کان التلف بعد المطالبة ومسامحة المشتری فی الإقباض .

( مسألة 342 ) : فی انتقال الشفعة إلی الوارث إشکال ، وعلی تقدیر الانتقال لیس لبعض الورثة الأخذ بها ما لم یوافقه الباقون ، ولو عفی بعضهم وأسقط حقّه فهل تکون الشفعة للبقیّة ؟

وجهان ، لا یخلو الأوّل من وجه .

( مسألة 343 ) : إذا أسقط الشفیع حقّه قبل البیع ابتداءاً ، فإن کان بمعنی رضاه ببیع شریکه للشقص فیشکل ثبوت حقّ الشفعة له ، وأمّا لو کان بتصالح بعوض علی سقوطه فهو نظیر اشتراط سقوط الخیارات فی العقد ، ولا تسقط إذا شهد علی البیع أو بارک للمشتری ، إلاّ أن تقوم القرینة علی إرادة الإسقاط بذلک بعد البیع .

( مسألة 344 ) : إذا کانت العین مشترکة بین حاضر وغائب ، وکانت حصّة الغائب بید ثالث ، فباعها بدعوی الوکالة عن الغائب ، جاز الشراء منه والتصرّف فیه مع کون ظاهر الحال یعاضد دعوی الثالث .

وهل یجوز للشریک الحاضر الأخذ بالشفعة بعد اطّلاعه علی البیع ؟ إشکال ، وإن کان الجواز أقرب ، فإذا حضر الغائب وصدق فهو ، وإن أنکر القول کان قوله بیمینه ، فإذا حلف انتزع الحصّة من ید الشفیع ، وکان له علیه الاُجرة إن کانت ذات منفعة مستوفاة ، بل مطلقاً ، فإن دفعها إلی المالک رجع بها علی مدّعی الوکالة .

ص:111

( مسألة 345 ) : إذا کان الثمن موّلاً جاز للشفیع الأخذ بالشفعة بالثمن الموّل ، والظاهر جواز إلزامه بالکفیل ، ویجوز أیضاً الأخذ بالثمن حالاً إن رضی المشتری به ، أو کان شرط التأجیل للمشتری علی البائع .

( مسألة 346 ) : الشفعة لا تسقط بالإقالة ، فإذا تقایلا جاز للشفیع الأخذ بالشفعة ، فینکشف بطلان الإقالة ، فیکون نماء المبیع بعدها للمشتری ، ونماء الثمن للبائع ، کما کان الحال قبلها کذلک ، وإن کان لصحّة الإقالة وسقوط الشفعة وجه إلاّ أنّ الأقرب الأوّل .

( مسألة 347 ) : إذا کان للبائع خیار ردّ العین ، فالظاهر أنّه لا یمانع من ثبوت الشفعة لکن حقّ البائع فی الفسخ مقدّم علی حقّ الشفیع ، فإذا فسخ یرجع المبیع إلیه ، سواء سبق أخذ الشفیع أو تأخّر عنه ، ولا فرق فی ذلک بین الخیارات الثابتة للبائع . وهذا بخلاف حقّ الخیار للمشتری فإنّه موّر عن حقّ الشفیع .

( مسألة 348 ) : إذا کانت العین معیبة ، فإنّ علمه المشتری فلا خیار له ولا أرش ، فإذا أخذ الشفیع بالشفعة فإن کان عالماً به فلا شیء له ، وإن کان جاهلاً کان له الخیار فی الردّ ولا أرش له .

وأمّا إذا کان المشتری جاهلاً کان له الخیار فی الردّ أو الأرش ، لکن حقّ الشفیع مقدّم ، فإذا أخذ الشفیع بالشفعة کان له الردّ أو الأرش ، وإن کان المشتری أسقطه عن البائع .

( مسألة 349 ) : إذا اتّفق اطّلاع المشتری علی العیب بعد أخذ الشفیع ، فالظاهر أنّ له أخذ الأرش وعلیه دفعه إلی الشفیع ، وإذا اطّلع الشفیع علیه دون المشتری فلیس له مطالبة البائع بالأرش ، ولا یبعد جواز مطالبة المشتری به إن اختار الأرش دون الخیار .

ص:112

کتاب الإجارة

اشارة

وفیه فصول :

وهی نحو تسلیط علی العین أو النفس لاستیفاء المنفعة أو العمل بعوض ، کإجارة الدار ، والمرضعة للرضاع ، أو إجارة الخیّاط للخیاطة .

( مسألة 350 ) : لا بدّ فیها من الإیجاب والقبول ، فالإیجاب مثل قول الخیّاط : « آجرتک نفسی » ، وقول صاحب الدار : « آجرتک داری » ، والقبول مثل قول المستأجر بعده : « قبلت » أو « رضیت » أو « استأجرت » أو « استکریت » ، ویجوز وقوع الإیجاب من المستأجر مثل ابتداءه قبل الموّر بقوله : « استأجرتک لتخیط ثوبی » ، و« استأجرت دارک » ، فیقول الموّر بعده : « قبلت » أو « رضیت » أو « آجرتک نفسی » أو « أکریتک الدار » ، وتجری فیها المعاطاة أیضاً ، کالبیع فی غیر الموارد الخطیرة مالیّة .

( مسألة 351 ) : یشترط فی صحّة الإجارة امور ، بعضها فی المتعاقدین - الموّر والمستأجر ، وبعضها فی العین المستأجرة ، وبعضها فی المنفعة ، وبعضها فی الاُجرة .

شرائط المتعاقدَین

فیعتبر فیهما البلوغ والعقل والقصد والاختیار ، فلا یکون أحدهما محجوراً

ص:113

عن التصرّف لصغر أو سفه أو تفلیس أو رقّیّة ، کما یشترط أن لا یکون أحدهما مکرهاً علی التصرّف ، إلاّ أن یکون الإکراه بحقّ ، وتصحّ بإجازة ولیّ المحجور ، کالأب للصبیّ ، والغرماء فی مال المفلس . نعم ، تصحّ إجارة المفلس نفسه .

ویشترط فی کلّ من العوضین امور :

الأوّل : أن یکون معلوماً بحیث یرفع الغرر ویرفع التردّد فی التقدیر المالیّ للعوضین فی تعادل المعاوضة ، فالاُجرة إذا کانت من المکیل أو الموزون أو المعدود لا بدّ من معرفتها بالکیل أو الوزن أو العدّ ، وما یعرف منها بالمشاهدة لا بدّ من مشاهدته أو وصفه علی نحو ترتفع الجهالة .

وکذا الحال فی المنفعة ، فلا بدّ من العلم إمّا بالمشاهدة أو بذکر الأوصاف التی تختلف بها الرغبات ، وتقدیرها إمّا بتقدیر المدّة - مثل سکن الدار سنة أو شهراً - أو المسافة - مثل رکوب الدابّة فرسخاً أو فرسخین - وإمّا بتقدیر موضوعها - مثل خیاطة الثوب المعلوم طوله وعرضه ورقّته وغلظته - ولا بدّ من تعیین الزمان فی الأوّلین ، فإذا استأجر الدار للسکنی سنة ، والدابّة للرکوب فرسخاً من دون تعیین الزمان بطلت الإجارة ، إلاّ أن تکون قرینة علی التعیین ، کالإطلاق الذی هو قرینة علی التعجیل ، ولا یصحّ إجارة المبهم - کآجرتک إحدی الدارین - ممّا تتفاوت مالیّته وتختلف نوعیّة المنفعة فی الرغبة عند العقلاء بخلاف ما لو تماثلت فتصحّ ، وتکون من قبیل الکلّیّ فی المعیّن ، وإن کان اللفظ بنحو التردید .

( مسألة 352 ) : لا یعتبر العلم بمقدار الاُجرة أو المنفعة فیما لا غرر مع الجهل به ، ولا یوجب تردیداً فی التقدیر المالیّ بلحاظه ، کما فی إجارة السیّارة - مثلاً - إلی مکّة أو غیرها من البلاد المعروفة ، فإنّ مقدار المنفعة حینئذٍ أمر عادی متعارف ، ولا بأس بالجهل بالجهات أو الدرجات الاُخری فی

ص:114

المقدار ،کالتفاوت القلیل الحاصل فی زمان السیر .

( مسألة 353 ) : الظاهر عدم اعتبار المداقّة فی الحدّ الزمانی فی الإجارة علی مثل الخیاطة ونحوها غیر المتقوّم مالیّته بذلک ، فیجب الإتیان به متی طالب المستأجر .

الثانی : أن یکونا مقدوریّ التسلیم ، فلا تصحّ إجارة مثل العبد الآبق إلاّ مع الضمیمة .

الثالث : أن تکون العین المستأجرة ذات منفعة قابلة للانتفاع المقصود من الإجارة فیما کان عنوان المنفعة بنحو وحدة المطلوب لا تعدّد المطلوب ، ومثال وحدة المطلوب ما لو آجر الأرض للزراعة وامتنع ذلک لعدم الماء ولم یکن لها منفعة اخری بخلاف ما لو کان لها منافع اخری مقاربة فی الرغبات ، فإنّه علی الثانی لا تبطل الإجارة ، بل له حقّ الفسخ ، وکذلک فی منفعة الأجیر والاُجرة ، کما سیأتی التفصیل .

الرابع : أن تکون العین ممّا یمکن الانتفاع بها مع بقائها ، فلا تصحّ إجارة الخبز والمأکولات للأکل .

الخامس : أن تکون أصل طبیعة المنفعة محلّلة ذاتاً ، فلا تصحّ إجارة الجاریة للغناء ، والفِرق الموسیقیّة للعزف ، والراقصات للرقص ، والمشعبذ للشعبذة ، والکاهن والساحر لعقد السحر ، وأمّا اشتراط خصوص المحرّم منها مع عدم الانحصار فتصحّ الإجارة علی الطبیعة الکلّیّة ویفسد الشرط فی موارد تعدّد المطلوب ، کإجارة المساکن لإحراز المحرّمات ، کأن یوّر الدکّان لیحفظ أو یباع فیه الخمر ، أو وسیلة النقل لحمله ، وأمّا الحرمة للوازم المنفعة أو العمل ، فلا تضرّ بصحّة الإجارة ، وإن أثم المستأجر والموّر أو الأجیر کما فی إجارة الدار علی مستأجر عدوّ للجارّ یتأذّی منه ، وإجارة الحائض والجنب لکنس

ص:115

المسجد مع عدم التقیید بتلک الحالة .

السادس : ملکیّة الموّر للمنفعة ، والأجیر للعمل ، والمستأجر للاُجرة ، وأن یکونا لهما مالیّة ، أی یبذل العقلاء بإزائهما المال .

( مسألة 354 ) : إذا آجر مال غیره توقّفت صحّة الإجارة علی إجازة المالک ، وإذا آجر مال نفسه وکان محجوراً علیه لسفه أو رقّ ، توقّفت صحّتها علی إجازة الولیّ ، وإذا کان مکرهاً توقّفت علی الرضا لا بداعی الإکراه .

( مسألة 355 ) : إذا آجر السفیه نفسه لعمل ، فالأظهر عدم الصحّة ، إلاّ أن یأذن الولیّ .

( مسألة 356 ) : إذا استأجر وسیلة للنقل وللحمل ، فلا بدّ من تعیین الحمل والراکب إذا کان الاختلاف ممّا تتفاوت به المالیّة والأغراض ، وکذا إذا استأجر وسیلة لحرث جریب من الأرض ، فلا بدّ من تعیین الأرض فی صورة التفاوت .

( مسألة 357 ) : إذا قال : « آجرتک الدار شهراً أو شهرین » بطلت الإجارة ، وإذا قال : « آجرتک کلّ شهر بدرهم » صحّ فی المقدار المتیقّن المتعارف فی سوق الإیجار - کالسنة فی عرفنا الحاضر - وهو یختلف بحسب موارد متعلّق وموضوع الإجارة وأعراف البلدان ونحوها ، وبطل فی غیر المتیقّن .

وإذا قال : « آجرتک شهراً بمقدار من الدراهم » ، فإن زدت فبحسابه ، فیصحّ الشهر الأوّل ویبطل فی غیره ، هذا إذا کان بعنوان الإجارة ، أی قصد التملیک الفعلیّ الناجز للعوضین . نعم ، تصحّ إذا کان بعنوان الجعالة بأن یجعل المنفعة لمَن یعطی المقدار من الدراهم ، فتکون صیغة العبارة مقلوبة عمّا قصد منها ، وکذا تصحّ بعنوان الإذن والإباحة للانتفاع بعوض بأن یجیزه فی التصرّف فی المنفعة علی أن یعطیه المقدار من الدراهم ، وکذا تصحّ بعنوان اشتراط استحقاق المستأجر للإیجار فیما زاد علی الشهر الأوّل أو زاد علی المقدار المتیقّن ،

ص:116

وکان هناک حدّ منتهی لهذا الاستحقاق نظیر حقّ السرقفلیّة .

( مسألة 358 ) : إذا قال : « إن خطت هذا الثوب بدرز فلک درهم ، وإن خطته بدرزین فلک درهمان » ، فإن قصد الجعالة کما هو الظاهر صحّ ، وإن قصد الإجارة بطل ، وکذا إن قال : « إن خطته هذا الیوم فلک درهم ، وإن خطته غداً فلک نصف درهم » . والفرق بین الإجارة والجعالة أنّ فی الإجارة تملیک فعلی ناجز للعوضین فتشتغل ذمّة العامل بالعمل للمستأجر حین العقد ، وتشتغل ذمّة المستأجر بالعوض ، ولأجل ذلک صارت عقداً لازماً ولیس ذلک فی الجعالة والمضاربة والمزارعة والمساقاة ، فإنّها عقود جایزة لکون ماهیّة وذات المعاملة بربط فعل بآخر نظیر الهبة ، حیث یرتبط التملیک من الموجب بالتملّک من القابل ، ولا یتعهّد المالک بالعوض إلاّ بعد عمل العامل أو ظهور الربح أو الثمر من دون تعهّد ذمّة العامل بالعمل أبداً ، ومن ثمّ کانت هذه العقود جائزة من الطرفین ما لم یتنجّز ما علق علیه التعهّد فهی عقود برزخیّة بین العقود اللازمة والعقود الجایزة المحضة .

( مسألة 359 ) : إذا استأجره علی عمل مقیّد بقید خاصّ من زمان أو مکان أو آلة أو وصف ، فجاء به علی خلاف القید ، فتارة یکون القید بنحو وحدة المطلوب بحسب البیئة السوقیّة فی الأعمال والمنافع ، أی بحیث یعدّ الفاقد للقید مباین تماماً بحسب القیمة والرغبات لواجد القید ، فیکون التقیید منوّعاً ، سواء کان بصورة التوصیف أو بصورة الاشتراط لا بحسب کیفیّة إنشاء المتعاقدین ، کما لو استأجره علی صباغة الأبواب فصبغ الجدران ، واُخری یکون القید بنحو تعدّد المطلوب بحسب تلک البیئة ولو بصورة التوصیف والتقیید ، کما لو استأجره علی صباغة الأبواب بدرجة من اللون المعیّنة فلم یراعِ تلک الدرجة ، بل بما یقاربها ، فعلی الأوّل لم یستحقّ شیئاً علی عمله ، فإن لم یمکن العمل ثانیاً

ص:117

انفسخت الإجارة .

وإن أمکن العمل ثانیاً وجب الإتیان به علی النهج الذی وقعت علیه الإجارة . هذا کلّه فی مورد وحدة المطلوب .

وأمّا فی موارد تعدّد المطلوب ، فالمستأجر یتخیّر بین أخذ الأرش مع تفاوت القیمة ، ویستحقّ الأجیر حینئذٍ الاُجرة المسمّاة وبین الفسخ ، ولکن یضمن للأجیر اجرة المثل .

( مسألة 360 ) : إذا استأجره علی عمل بشرط ، بأن کان إنشاء الشرط فی ضمن عقد الإجارة ، کما إذا استأجره علی خیاطة ثوبه واشترط علیه قراءة سورة من القرآن ، فخاط الثوب ولم یقرأ السورة ، کان له فسخ الإجارة ، وعلیه حینئذٍ اجرة المثل ، وله إمضاو ودفع الاُجرة المسمّاة .

والفرق بین القید والشرط لیس بصیغة ترکیب الألفاظ بأن یکون الأوّل وصفاً ونعتاً ونحوهما ، والثانی بصورة الاشتراط بل هو بما مرّ من وحدة المطلوب وتعدّده بحسب البیئة السوقیّة ، فیکون متعلّق الإجارة خاصّاً مبایناً لغیره قیمة ورغبة فی الأوّل ، وفی الثانی یکون المتعلّق الجامع بین ما ذکر فی الإنشاء وغیره قیمة ورغبة بحسب الأغراض النوعیّة ، لکن الالتزام العقدیّ مقیّد بما جعل شرطاً .

( مسألة 361 ) : إذا استأجر سیّارة إلی کربلاء - مثلاً - بدرهم ، واشترط علی نفسه أنّه إن أوصله الموّر نهاراً أعطاه درهمین ، صحّ .

( مسألة 362 ) : لو استأجره علی عمل ما ، واشترط علیه أنّه إن لم یأتِ به فی الزمان المعیّن وتأخّر عنه ، فإنّه ینقص من اجرته بحسبه ، صحّ إن لم یستلزم ذلک سقوط الاُجرة وما بحکمه ، وذلک مثل المقاولات فی البناء ونحوه فیما لو لم تنجزه شرکة البناء فی الوقت المحدّد .

ص:118

( مسألة 363 ) : لو جعل الاُجرة مردّدة بین أمرین علی تقدیر لم تصحّ الإجارة ، کما إذا استأجر سیّارة علی أن یوصله الموّر نهاراً بدرهمین ، أو لیلاً بدرهم بنحو التردید بخلاف ما تقدّم فی المسألتین السابقتین .

( مسألة 364 ) : إذا استأجره علی عمل وأطلق فی اللفظ ، وکان من نیّته المقیّد ، استحقّ الأجیر الاُجرة وإن لم یأتِ بالمقیّد المنویّ من المستأجر ، کما لو استأجره علی أن یوصله إلی ( کربلاء ) وکان من نیّته زیارة لیلة النصف من شعبان ، فلم یوصله فی تلک اللیلة .

ص:119

فصل

وفیه مسائل تتعلّق بلزوم الإجارة

( مسألة 365 ) : الإجارة من العقود اللازمة لا یجوز فسخها إلاّ بالتراضی بینهما ، أو یکون للفاسخ الخیار ، والأظهر أنّ المعاطاة فی الإجارة غیر لازمة ما لم یستوفِ المنفعة والعمل أو یتصرّف فی الاُجرة .

( مسألة 366 ) : إذا باع المالک العین المستأجرة قبل تمام مدّة الإجارة لم تنفسخ الإجارة ، بل تنتقل العین إلی المشتری مسلوبة المنفعة مدّة الإجارة ، وإذا کان المشتری جاهلاً بالإجارة أو معتقداً قلّة المدّة بأن لم یعلمه البائع فتبیّن زیادتها ، کان له فسخ البیع ، وأمّا المطالبة بالأرش ، فتثبت له مع اختلاف قیمة العین ، کما لو کانت مدّة الإجارة طویلة الأمد ممّا یوجب تفاوت فی القیمة .

وإذا فسخت الإجارة رجعت المنفعة إلی البائع .

( مسألة 367 ) : لا فرق فیما ذکرناه من عدم انفساخ الإجارة بالبیع بین أن یکون البیع علی المستأجر وغیره والثمرة فیما لو انفسخت الإجارة ، فإنّ المنفعة ترجع إلی البائع الموّر ، ومع عدم الانفساخ ، فإنّ البائع یستحقّ اجرة المنفعة وإن کان العین مملوکة للمستأجر .

( مسألة 368 ) : إذا باع المالک العین علی شخص وآجرها وکیله مدّة معیّنة علی شخص آخر ، واقترن البیع والإجارة زماناً صحّت الإجارة وصحّ البیع ، ویثبت الخیار للمشتری أو الأرش علی التفصیل السابق .

( مسألة 369 ) : لا تبطل الإجارة بموت الموّر ولا بموت المستأجر ،

ص:120

حتّی فیما إذا استأجر داراً علی أن یسکنها بنفسه فمات ، نعم ، للموّر خیار الفسخ مع تصدّی الورثة لاستیفاء المنفعة .

( مسألة 370 ) : إذا آجر نفسه للعمل بنفسه فمات قبل مضیّ زمان یتمکّن فیه من العمل بطلت الإجارة فیما کان التقیید المزبور بنحو وحدة المطلوب ، أی کان لمباشرته للعمل قیمة ورغبة مباینة لعمل غیره بحسب القصود النوعیّة ، وإلاّ ثبت للمستأجر خیار الفسخ أو الأرش مع تفاوت القیمة عند أداء الورثة العمل له .

( مسألة 371 ) : إذا آجر البطن السابق من الموقوف علیهم العین الموقوفة فانقرضوا قبل انتهاء مدّة الإجارة توقّفت صحّتها بلحاظ بقیّة المدّة علی إذن البطن اللاحق ، وإذا آجرها ولیّ الوقف ، سواء کان هو البطن السابق ولایة منه علی العین أو غیرهم لمصلحة الوقف أو لمصلحة البطون جمیعاً ، فهل تصحّ بانقراضه ویستحقّ البطن اللاحق نصیبه من الاُجرة ؟ فیه إشکال ، والأحوط تجدید الإجارة من الولیّ .

( مسألة 372 ) : إذا آجر نفسه للعمل بلا قید المباشرة ، فإنّها لا تبطل بموته ولا یثبت للمستأجر خیار الفسخ ، ویجب حینئذٍ أداء العمل من ترکته کسائر الدیون .

( مسألة 373 ) : إذا آجر الولیّ الصبیّ أو ماله فیما یتقوّم التحدید بالزمن فی مدّة تزید علی زمان بلوغه صحّ فی مقدار ما قبل البلوغ والرشد ، وما بقی فموقوف علی إجازة الصبیّ بعد ذلک إلاّ إذا کانت هناک مصلحة ملزمة فتصحّ إجارته زائدة علی البلوغ ، وأمّا فیما لا یتقوّم بذلک ، فالأقوی صحّة الإجارة مطلقاً ، ویلزم الصبیّ بها لو بلغ ، وتکون دَیناً فی ذمّته .

( مسألة 374 ) : إذا آجرت المرأة نفسها للخدمة مدّة معیّنة ، فتزوّجت فی

ص:121

أثنائها ، لم تبطل الإجارة ، وإن کانت الخدمة منافیة لحقّ الزوج .

( مسألة 375 ) : إذا آجرت نفسها بعد التزویج توقّفت صحّة الإجارة علی إجازة الزوج فیما ینافی حقّه ، ونفذت الإجارة فیما لا ینافی حقّه .

( مسألة 376 ) : إذا آجر عبده أو أمته للخدمة ، ثمّ أعتقه قبل انتهاء مدّة الإجارة لم تبطل الإجارة ، وتکون نفقته فی کسبه إن أمکن له الاکتساب لنفسه فی غیر زمان الخدمة ، وإن لم یمکن فتنفسخ الإجارة بمقدار مدّة اکتسابه لنفقته ویرجع المستأجر فی ذلک علی المولی .

( مسألة 377 ) : إذا وجد المستأجر عیباً ، فإن کان عالماً به حین العقد فلا أثر له ، وان کان جاهلاً به فلذلک صور :

الاُولی : فیما کان موجباً لفوات بعض المنفعة من رأس ولم یمکن الانتفاع منه أصلاً ، کخراب بعض بیوت الدار قسّطت الاُجرة ، ورجع علی المالک بما یقابل المنفعة الفائتة ، وله فسخ العقد من أصله .

الثانیة : إذا کان موجباً لفوات بعض أنماط المنفعة دون الأنحاء الاُخری ، کفوات منفعة السکنی من بعض البیوت فی الدار ، ولکن أمکن اتّخاذها مخزناً ونحوه ، فله خیار العیب ، ولو فرض امتناع الردّ أو سقوطه فلا یبعد ثبوت الأرش .

الثالثة : إذا کان العیب موجباً لعیب فی المنفعة ، مثل الاهتزاز فی سیر المرکبة ، کان له الخیار ، ولو فرض الامتناع أو السقوط فلا یبعد الأرش أیضاً .

الرابعة : إذا کان موجباً لنقص الاُجرة فحکمها کالثانیة والثالثة .

الخامسة : إذا کان موجباً لتفاوت الرغبات فقط من دون نقص المالیّة ، فالأقوی ثبوت الخیار فقط .

ص:122

هذا إذا کانت العین شخصیّة ، وأمّا إذا کانت کلّیّة ، وکان المقبوض معیباً ، کان له المطالبة بالصحیح دون الخیار ، وإذا تعذّر الصحیح کان له الخیار .

( مسألة 378 ) : إذا وجد الموّر عیباً فی الاُجرة وکان جاهلاً به ، کان له الفسخ والمطالبة بالأرش مع کون الاُجرة من الأعیان ، وإذا کانت الاُجرة کلّیّاً فقبض فرداً معیباً منها ، فله المطالبة بالصحیح ، وإذا تعذّر فله الفسخ .

( مسألة 379 ) : یجری فی الإجارة خیار الغبن وخیار الشرط - حتّی للأجنبیّ - وخیار العیب وخیار تخلّف الشرط وتبعّض الصفقة ، وتعذّر التسلیم والتفلیس والتدلیس والشرکة ، وخیار شرط ردّ العوض نظیر شرط ردّ الثمن ، وکذا خیار الحیوان علی الأظهر الأقوی ، وأمّا خیار المجلس فلا یخلو من وجه .

( مسألة 380 ) : إذا حصل الفسخ فی عقد الإیجار ابتداء المدّة ، فلا إشکال ، وإذا حصل أثناء المدّة فالأقوی کونه موجباً لانفساخ العقد فی جمیع المدّة ما لم یکن هناک شرطاً ارتکازیّاً متبانی علیه لتبعیض إعمال الخیار بإمضاء العقد فی ما تمّ استیفاو من المنفعة والفسخ فیما بقی ، کما هو غیر بعید تقرّر هذا الشرط فی جملة من الموارد .

وعلی الأوّل فیرجع المستأجر بتمام المسمّی ویکون للموّر اجرة المثل بالنسبة إلی ما مضی .

ص:123

فصل : أحکام التسلیم فی الإجارة

یملک المستأجر المنفعة فی إجارة الأعیان والعمل فی الإجارة علی الأعمال بنفس العقد ، وکذا الموّر والأجیر یملکان الاُجرة بنفس العقد ، فأصل الملکیّة للطرفین موقوف علی وقوع العقد ، واستقرار ملکیّة الاُجرة موقوف علی استیفاء المنفعة أو العمل أو التسبیب فی تفویتها علی الموّر والأجیر ، کما أنّ عهدة الاُجرة والخروج عن ضمانها من المستأجر موقوفة علی تسلّم الأجیر والموّر ، کما مرّ فی العوضین فی البیع .

کما أنّ استحقاق المطالبة لکلّ منهما موقوف علی بذل ما عنده للآخر ، وأمّا وجوب تسلیم کلّ منهما ما علیه ، فمطلق إلاّ إذا کان الآخر ممتنعاً عنه ، وتسلیم المنفعة هو بتسلیم العمل بتمامه فیما لا یتعلّق بالعین ، وفیما یتعلّق بالعین یکون بتسلیم العین بمعنی التخلیة بینهما وبین المالک مع إتمام العمل فیها ، کالخیاطة فی الثوب .

ومع إطلاق العقد لیس للأجیر المطالبة بالاُجرة قبل إتمام العمل إلاّ مع اشتراط تقدیم الاُجرة تصریحاً أو مبنیّاً العقد علیه ، ولو بحسب العادة ، أو بحسب المقاولة قبله ، وکذا لیس للمستأجر المطالبة بالعین المستأجرة أو العمل المستأجر علیه قبل بذل وتسلیم الاُجرة ، إلاّ مع اشتراط تأجیل الاُجرة تصریحاً أو ضمناً .

وإذا امتنع الموّر من تسلیم العین المستأجرة مع بذل المستأجر الاُجرة ،

ص:124

جاز للمستأجر إجباره علی تسلیم العین ، کما جاز له الفسخ وحبس الاُجرة أو أخذها إذا کان قد دفعها ، وله إبقاء الإجارة والمطالبة بقیمة المنفعة المفوّتة وفی حکم امتناع الموّر لو دفع العین ثمّ أخذها من المستأجر ، وکذا الحکم فیما إذا امتنع المستأجر من تسلیم الاُجرة مع بذل الموّر للعین المستأجرة ، وتضمین المستأجر المنفعة إمّا للاستیفاء أو للتسبیب فی تفویتها .

( مسألة 381 ) : تسلیم العمل إن کان مثل الصلاة والصوم والحجّ والزیارة ونحوها بإتمامه ، وکذا فی مثل بناء جدار داره أو حفر بئر فی داره ، أو نحو ذلک ، فإنّ إتمام العمل فی العین التی تحت ید المستأجر تسلیم ، وأمّا فی مثل الثوب الذی یعطی للأجیر لیخیطه أو الآلة لیقوم بصیانتها وإصلاحها ممّا تکون الاُجرة بلحاظ الصفة والأثر فی العین ، فلا یکفی إتمام العمل إلاّ بعد تسلیم مورد العمل ، فقبل أن یسلّم الثوب لا یستحقّ مطالبة الاُجرة ، ویکون تلفه قبل ذلک ولو بعد الفراغ من العمل من التلف قبل القبض الموجب لانفساخها ، وکذا لو أتلفه الأجیر ولو بالتفریط أو الأجنبیّ ، وللمالک أن یستوفی قیمة الثوب غیر مخیط . نعم ، لو لم یبن علی الانفساخ کان له إمضائها ، فیستوفی قیمته مخیطاً مقابل أن یضمن للعامل الأجیر الاُجرة .

( مسألة 382 ) : یجوز للأجیر بعد إتمام العمل حبس العین إلی أن یستوفی الاُجرة ، وإذا حبسها لذلک فتلفت من غیر تفریط ففی نفی الضمان إشکال .

( مسألة 383 ) : إذا تلفت العین المستأجرة قبل انتهاء المدّة بطلت الإجارة ، فإن کان التلف قبل القبض أو بعده من دون فاصلة لم یستحقّ المالک علی المستأجر شیئاً ، وإن کان بعد القبض وفی أثناء مدّة الإجارة تبطل بالنسبة إلی بقیّة المدّة ، وأمّا فیما مضی فللمستأجر الخیار فی فسخ الإیجار إن لم یکن بناء الإجارة علی الانحلال والتوزیع للاُجرة المسمّاة بالنسبة ، وإلاّ فتلزم فیما مضی

ص:125

وتثبت الاُجرة المسمّاة بالنسبة ، وعلی التقدیر الأوّل إنّ فسخ المستأجر رجع علی الموّر بتمام الاُجرة المسمّاة ، وعلیه اجرة المثل بالنسبة للمدّة الماضیة .

وکذا التفصیل إذا تلف بعضها ولم یمکن الانتفاع به فتبطل الإجارة بنسبته .

( مسألة 384 ) : إذا قبض المستأجر العین ولم یستوفِ منفعتها حتّی انقضت مدّة الإجارة ، کما إذا استأجر مرکبة أو سفینة للرکوب أو حمل المتاع فلم یرکبها ولم یحمل متاعه علیها ، أو استأجر داراً وقبضها ولم یسکنها حتّی مضت المدّة ، استقرّت علیه الاُجرة .

وکذا إذا بذل الموّر العین المستأجرة فامتنع المستأجر من قبضها واستیفاء المنفعة منها حتّی انقضت الإجارة إذا کان ذلک مفوّتاً للمنفعة علی الموّر .

وکذا الحکم فی الإجارة علی الأعمال ، فإنّه إذا بذل الأجیر نفسه للعمل وامتنع المستأجر من استیفائه ، کما إذا استأجر شخصاً لخیاطة ثوبه فی وقت معیّن ، فهیّأ الأجیر نفسه للعمل ، فلم یدفع المستأجر إلیه الثوب حتّی مضی الوقت ، فإنّه یستحقّ الاُجرة إذا کان ذلک مفوّتاً علی الأجیر منفعته .

ولا فرق فی القبض أو التفویت للمنفعة فی الإجارة الواقعة علی العین بین أن تکون العین شخصیّة - مثل أن یوّره المرکبة الخاصّة فیبذلها الموّر للمستأجر فلا یرکبها حتّی یمضی الوقت - وأن تکون کّلّیّة - کما إذا آجره دابّة کلّیّة فسلّم فرداً منها إلیه أو بذله له حتّی انقضت المدّة ، وفوّت المنفعة علیه - فإنّه یستحقّ تمام الأجر علی المستأجرة ، کما لا فرق فی الإجارة الواقعة علی الکلّیّ بین تعیین الوقت وعدمه إذا کان قد قبض فرداً من الکلّیّ بعنوان الوفاء بعقد الإجارة ، فإنّ الاُجرة تستقرّ علی المستأجر فی جمیع ذلک ، وإن لم یستوفِ المنفعة باختیاره .

وأمّا إن لم یستوفِ لعذر عامّ - کنزول المطر ، والعواصف المانعة من السفر ،

ص:126

وکانقطاع الطریق لعذر - وکان مانعاً عن نفس متعلّق الإجارة - کنقل الرکّاب المستأجرین إلی المقصد المعیّن حتّی انقضت المدّة ، بطلت الإجارة ولیس علی المستأجر شیء من الاُجرة ، وأمّا إن کان العذر من ناحیة المستأجر نفسه أو کان مانعاً عن غایة هی کالداعی لمتعلّق الإجارة ، فالأقوی هو الصحّة ، وإن اشترط فیه المباشرة من المستأجر . نعم ، قد یتصوّر کون العذر الخاصّ مانعاً عن نفس متعلّق الإجارة ، کما إذا انتفی ما هو الموضوع له ، مثل ما لو استأجره لقلع ضرسه أو عملیّة جراحیّة فتعافی من المرض تماماً ، أو کان الأوفق طبّیّاً عدمه ، فتبطل الإجارة .

( مسألة 385 ) : إذا لم یستوفِ المستأجر المنفعة فی بعض المدّة جرت الأقسام المذکورة بعینها ، وجرت علیه أحکامها .

( مسألة 386 ) : إذا غصب العین المستأجرة غاصب فتعذّر استیفاء المنفعة ، فإن کان الغصب قبل القبض تخیّر المستأجر بین الفسخ ، فیرجع علی الموّر باُجرة المسمّاة - إن کان قد دفعها إلیه - أو الرجوع إلی الغاصب باُجرة المثل . هذا إذا لم یکن الغاصب قاهراً بحیث یعدّ تلفاً ، وإن کان الغصب بعد القبض تعیّن الثانی ، وکذلک إذا منعه ظالم من الانتفاع بالعین المستأجرة من دون غصب العین ، فیرجع علیه بالمقدار الذی فوّته علیه من المنفعة .

( مسألة 387 ) : إتلاف المستأجر للعین المستأجرة یفسخ الإجارة من حین التلف ، فیضمن ما استوفاه أو فوّته من المنافع مع ضمان العین .

( مسألة 388 ) : إذا أتلفها الموّر انفسخت الإجارة ورجعت الاُجرة ، کلاًّ أو بعضاً ، إلی المستأجر .

( مسألة 389 ) : إذا أتلفها الأجنبیّ انفسخت الإجارة أیضاً ورجعت الاُجرة بتمامها أو بعضها إلی المستأجر .

ص:127

( مسألة 390 ) : إذا تبیّن بطلان الإجارة رجعت الاُجرة المسمّاة إلی المستأجر ، واستحقّ الموّر اجرة المثل بمقدار ما استوفاه المستأجر من المنفعة أو فاتت تحت یدیه ، وکذا فی الإجارة علی الأعمال إذا کانت باطلة یستحقّ العامل اجرة المثل . هذا إذا لم تکن اجرة المسمّاة أقلّ من اجرة المثل ، وإلاّ فلیس یستحقّ الموّر والأجیر إلاّ دون اجرة المثل .

( مسألة 391 ) : المواضع التی تبطل فیها الإجارة وتثبت للمالک اجرة المثل ، لا فرق بین أن یکون المالک عالماً بالبطلان وجاهلاً به .

( مسألة 392 ) : تجوز إجارة الحصّة المشاعة من العین ، لکن لا یجوز تسلیمها إلی المستأجر إلاّ بإذن الشریک إذا کانت العین مشترکة .

( مسألة 393 ) : یجوز أن یستأجر اثنان داراً أو مرکبة ، فیکونان مشترکین فی المنفعة ، فیقتسمانها بینهما کالشریکین فی ملک العین .

( مسألة 394 ) : یجوز أن یستأجر شخصین لعمل شیء معیّن ، کحمل متاع أو بناء جدار أو هدمه أو غیر ذلک ، فیشترکان فی الاُجرة ، وعلیهما معاً القیام بالعمل الذی استورا علیه .

( مسألة 395 ) : لا یشترط اتّصال مدّة الإجارة بالعقد علی الأقوی ، فیجوز أن یوّر داره سنة - مثلاً - متأخّرة عن العقد أو أقلّ أو أکثر ، ولا بدّ من تعیین مبدأ المدّة ، وإذا کانت المدّة محدودة وأطلقت الإجارة ولم یذکر البدء انصرف إلی الاتّصال .

( مسألة 396 ) : إذا آجره مرکبة بنحو کلّیّ ودفع فرداً منها فتلف ، کان علی المور دفع فرد آخر .

ص:128

فصل : فی أحکام التلف

(مسألة 397 ) : العین المستأجرة أمانة فی ید المستأجر لا یضمنها إذا تلفت أو تعیّبت إلاّ بالتعدّی أو التفریط ، وإذا اشترط الموّر ضمانها بنحو شرط الفعل بمعنی أداء قیمتها أو أداء أرش عیبها ، صحّ . وأمّا بمعنی کون درکها وغرامتها باشتغال الذمّة بمثلها أو قیمتها فلا یبعد الصحّة ، کما أنّ الظاهر عموم أمانة ید المستأجر للإجارة الباطلة إذا تلفت العین أو تعیّبت .

( مسألة 398 ) : العین التی للمستأجر بید الأجیر الذی آجر نفسه علی عمل فیها ، کالثوب الذی أخذه لیخیطه لا یضمن تلفه أو نقصه ، إلاّ بالتعدّی أو التفریط .

( مسألة 399 ) : إذا اشترط المستأجر ضمان العین علی الأجیر ، بمعنی أداء قیمتها أو أرش عیبها ، صحّ الشرط ، وکذا بالمعنی الثانی المتقدّم فی العین المستأجرة .

( مسألة 400 ) : إذا تلف محلّ العمل فی الإجارة أو أتلفه الأجنبیّ قبل العمل ، أو فی الأثناء قبل مضیّ زمان یمکن فیه إتمام العمل ، بطلت الإجارة ، ورجعت الاُجرة کلاًّ أو بعضاً إلی المستأجر .

( مسألة 401 ) : إذا أتلفه المستأجر کان إتلافه بحکم التلف فیما مرّ .

( مسألة 402 ) : إذا أتلفه الأجیر کان أیضاً بحکم التلف فی انفساخ الإجارة ، ویرجع المالک علیه بقیمة العین غیر موصوفة بنتیجة العمل إن لم یتمّ القبض

ص:129

وتسلیم العمل أو بقیمة العین موصوفة بها إن تمّ التسلیم ، لکنّ الأجیر یستحقّ الاُجرة المسمّاة فی هذه الصورة .

( مسألة 403 ) : المدار فی القیمة علی زمان الأداء .

( مسألة 404 ) : کلّ مَن آجر نفسه لعمل فی مال غیره إذا أفسد ذلک المال بأن لم یتقن بما عهد إلیه أو تجاوز الحدّ المأذون أو عهد إلیه الحیطة ومراعاة السلامة والأمان ، سواء بالتصریح أو الارتکاز العرفیّ والعادة ، أو غرّ الأجیر الآذن ، أو کان قاصراً فی المهارة - کالحجّام إذا جنی فی حجامته ، والختّان فی ختانه ، وهکذا الخیّاط والنجّار والحدّاد إذا أفسدوا - فهو ضامن ، وکذا الطبیب المباشر للعلاج بنفسه إذا أفسد أو کان غیر مباشر ، وکان تسبیبه أقوی ، ولو بصورة وصیغة الوصف وإن کان متبرّعاً .

( مسألة 405 ) : إذا تبرّأ الطبیب من الضمان وقبل المریض أو ولیّه بذلک ولم یقصر فی الاجتهاد بأن لم یتعهّد مسولیّة السلامة والأمان ، وإنّما تعهّد نفس العمل فقط ، فإنّه یبرأ من الضمان بالتلف ، وإن کان مباشراً للعلاج ، ومثله فی الختان إذا لم یقصر ولم یعهد إلیه إلاّ إجراءه دون تشخیص قابلیّة الطفل لذلک .

( مسألة 406 ) : إذا عثر الحمّال أو شرکات الحمل والنقل فسقط ما کان یحمله فانکسر وتلف ، ضمنه إذا کانت الإجارة علی کلّ من الحمل ورعایة السلامة أو إذا فرّط الأجیر ، وکذلک إذا عثر فوقع ما کان یحمله علی مال غیره فتلف .

( مسألة 407 ) : إذا قال للخیّاط : « إن کان هذا القماش یکفینی قمیصاً فاقطعه تفصیلاً لثوب » ، فقطعه فلم یکفه ضمن ، وأمّا إذا قال له : « هل یکفینی قمیصاً » فقال : « نعم » ، فقال : « اقطعه » ، فقطعه فلم یکفه ، فالظاهر الضمان أیضاً ، وإن کان مخطئاً فی اعتقاده فی کلا الصورتین .

ص:130

( مسألة 408 ) : إذا آجر عبده لعمل فأفسده ، فالأقوی کون الضمان فی کسبه ، فإن لم یفِ فعلی ذمّة العبد یتبع به بعد العتق إذا لم یکن جنایة علی نفس أو طرف ، وإلاّ تعلّق برقبته ، وللمولی فداو بأقلّ الأمرین من الأرش والقیمة إن کانت خطأ ، وإن کانت عمداً تخیّر ولیّ المجنیّ علیه بین قتله واسترقاقه علی تفصیل فی محلّه .

( مسألة 409 ) : إذا آجر دابّته لحمل متاع فعثرت فتلف أو نقص ، فلا ضمان علی صاحبها إلاّ مع التفریط أو عهد إلیه الرعایة القصوی ، وإذا کان غیره السبب فی ذلک کان الغیر ضامناً .

( مسألة 410 ) : إذا استأجر سفینة أو دابّة لحمل متاع فنقص أو سرق ، فکما فی المسألة السابقة ، ولو شرط علیه أداء قیمة التالف أو أرش النقص صحّ الشرط ولزم العمل به .

( مسألة 411 ) : إذا حمل الدابّة أو العربة المستأجرة أکثر من المقدار المقرّر بینهما ، إمّا بالشرط أو بالتعارف ، فتلفت أو تعیّبت ضمن ذلک ، وعلیه اجرة المثل للزیادة مضافاً إلی الاُجرة المسمّاة ما لم تکن الزیادة مجموعاً مع المقرّر متباینة قیمة ، وإلاّ کان من المنفعتین المتضادّتین الآتیة ، وکذا إذا استأجرها لنقل المتاع مسافة معیّنة فزاد علی ذلک ، وطریقة حساب الزیادة بالتفاوت بین اجرتی المثل ، للأقلّ مع الأکثر .

( مسألة 412 ) : إذا استأجر عربة لحمل المتاع مسافة معیّنة فرکبها أو بالعکس لزمته الاُجرة المسمّاة وزیادة فضل اجرة المنفعة لو کانت متفاوتة ، وکذا الحکم فی بقیّة الموارد ممّا کانت المنفعة المستوفاة مضادّة للمنفعة المقصودة بالإجارة ، سواء الواقعة علی الأعیان - کالدار والدابّة - أو علی الأعمال ،

ص:131

کما إذا استأجره لکتابة فاستعمله فی الخیاطة .

( مسألة 413 ) : إذا استأجر العامل للخیاطة فاشتغل بالکتابة للمستأجر عمداً أو خطأً ، وکان المستأجر ملتفتاً یظهر رضاه بذلک بحیث یعدّ عرفاً مستوفیاً للمنفعة استحقّ علی المستأجر اجرة المثل ، وکذا إذا کان خطأ العامل بتفریط مستند إلی المستأجر .

( مسألة 414 ) : إذا آجر عربة لحمل متاع زید ، فحمل صاحبها متاع عمرو لم یستحقّ اجرة علی زید ، وأمّا عمرو فکما مرّ فی المسألة السابقة من التفصیل .

( مسألة 415 ) : إذا استأجر عربة معیّنة من زید للرکوب إلی مکان معیّن فرکب غیرها عمداً أو خطأً لزمته الاُجرة المسمّاة للاُولی فیما لو حصل القبض أو التفویت ویلزمه اجرة المثل للثانیة ، وکذا إذا اشتبه فرکب عربة عمرو لزمته اجرة المثل لها ، واُجرة المسمّاة لزید بالتفصیل المتقدّم .

( مسألة 416 ) : إذا استأجر مرکباً لحمل الخلّ المعیّن مسافة معیّنة فحملها خمراً مع الخلّ المعیّن استحقّ المالک علیه الاُجرة المسمّاة واُجرة المثل لحمل الخمر بقدر ما یشابهه وزناً ، ولو منضمّاً مع حمل الخلّ ، ولو حمل بدل الخلّ المعیّن خمراً استحقّ المالک علیه أعلی الاُجرتین .

( مسألة 417 ) : یجوز لمَن استأجر مرکبة للرکوب أو الحمل أن ینصرف فیها وبها علی النحو المتعارف إلاّ مع منع المالک ، وإذا تعدّی عن ذلک ضمن نقصها أو تلفها بخلاف موارد الجواز ، فإنّه لا ضمان إلاّ مع الشرط ولو ارتکازاً .

( مسألة 418 ) : صاحب الحمّام أو المسبح لا یضمن الثیاب أو نحوها لو سرقت إلاّ إذا جعلت عنده ودیعة وقد تعدّی أو فرط أو شرط ذلک .

( مسألة 419 ) : إذا استور لحفظ متاع أو حراسة بنیان فسرق أو اتلف

ص:132

لم یضمن إلاّ إذا فرّط فی عملیّة الحفظ والحراسة ومستلزماتها حسب ما هو مقرّر عرفاً من آلیات ، أو شرط علیه ، ویستحقّ الاُجرة بقدر عمله مع عدم التفریط إذا کانت علی العمل لا النتیجة .

( مسألة 420 ) : یجب تسلیم العین المستأجرة إلی المستأجر إذا کان متعلّق الإجارة أن ینفرد المستأجر بالعین عند استیفاء المنفعة ، کما فی إجارة آلات النسیج والنجارة والخیاطة ، وإلاّ لم یجب ، کمَن استأجر سفینة للرکوب لم یجب علی الموّر تسلیمها إلیه .

( مسألة 421 ) : یکفی فی صحّة الإجارة ملک الموّر المنفعة وإن لم یکن مالکاً للعین ، فمَن استأجر داراً جاز له أن یوّرها من غیره ، وإن لم یکن مالکاً لنفس الدار إذا کانت الإجارة مطلقة ، فإذا کانت المنفعة المستأجرة بنحو ینفرد المستأجر فی وضع الید علی العین وجب علی الموّر الثانی تسلیمها إلی المستأجر الثانی ، وإن لم یأذن له المالک إذا کان أمیناً ، وإلاّ فلا یجوز ولو سلّمها إلیه کان ضامناً . نعم ، فیما لم تکن المنفعة بنحو ینفرد المستأجر یده علیها کما فی جملة من موارد عدم توقّف استیفاء المنفعة علی التسلیم کالسفینة والسیّارة لم یجب علی الموّر الأوّل تسلیمها إلی الثانی ، إلاّ إذا اشترط علیه ذلک ، ولا یجوز للموّر الثانی تسلیمها إلی المستأجر الثانی وإن اشترط علیه ، بل یکون الشرط فاسداً . نعم ، إذا أذن له المالک فلا بأس .

أمّا إذا کانت الإجارة مقیّدة کما إذا استأجر مرکبة لرکوب نفسه فلا تصحّ إجارتها للغیر ، فإذا آجرها غیره بطلت الإجارة الثانیة ، فإذا رکبها المستأجر الثانی وکان عالماً بالفساد کان آثماً ویضمن اجرة المثل للمنفعة الفائتة للموّر کما یضمن للمالک تفاوت اجرة المستوفاة مع زیادتها علی المعقود علیها فی الاُولی ، ولو کان مغرّراً من الموّر الثانی رجع علیه فی الزیادة .

ص:133

( مسألة 422 ) : إذا آجر مرکبة للرکوب واشترط علی المستأجر استیفاء المنفعة بنفسه أو أن لا یوّرها من غیره فآجرها ، فإن کان الشرط مفاده بنحو التوصیف أو النتیجة فالحکم کما مرّ فی الإجارة المقیّدة .

وإن کان مفاده بنحو شرط الفعل فتصحّ الإجارة ویثبت الخیار للمالک فی فسخ عقده والمطالبة باُجرة المثل .

( مسألة 423 ) : إذا استأجر الدکّان ونحوه مدّة فانتهت ، وجب علیه إرجاعه إلی المالک ، ولا یجوز له إیجاره من ثالث ، ولا أخذ مال منه لیمکّنه من الدکّان المسمّی فی العرف الحالی بحقّ الخلوّ أو السرقفلیّة ، إلاّ إذا شرط له ذلک مع المالک أو رضی له به ، وکذا الحال لو مات المستأجر لم یجز لوارثه ذلک إلاّ برضا المالک ، ولا یکون بحکم ترکة المیّت لیخرج منه الثلث ما لم یقیّد المالک رضاه بذلک .

( مسألة 424 ) : یثبت حقّ الخلو ( السرقفلیّة ) للمستأجر فی العین المستأجرة علی المالک باشتراطه فی عقد الإجارة أو عقد آخر لازم ، ویکون موروثاً لوارثه ویجری علیه أحکام ترکة المیّت من الوصیّة وإخراج الدین ، وحیث إنّه متموّل فیجری علیه أحکام خمس أرباح المکاسب .

( مسألة 425 ) : یجوز للمستأجر مع عدم اشتراط المباشرة وما بمعناها أن یوّر العین المستأجرة بأقلّ قیمة ممّا استأجرها به وبالمساوی ، وکذا بالأکثر منه إذا أحدث فیها حدثاً أو غرم فیها غرامة ، وإلاّ فلا یجوز الإجارة بالأکثر ، سواء آجرها کلّها لشخص ثالث أو آجر أبعاضها علی أشخاص ، وکان المجموع أکثر ، کما فی البیت والدار والدکّان والأجیر والرحی والسفینة والأرض ، بل سائر الأعیان المستأجرة علی الأظهر . هذا إذا کانت الاُجرة ثابتة مقداراً بخلاف ما لو کانت نسبة من الربح .

ص:134

( مسألة 426 ) : لا یجوز أن یوّر بعض العین المستأجرة بأکثر من الاُجرة ، کما إذا استأجر داراً بعشرة دراهم فسکن بعضها ، وآجر البعض الآخر بأکثر من عشرة دراهم ، إلاّ أن یحدث فیها حدث ، ویجوز الإجارة بأقلّ من العشرة وکذا بالعشرة علی الأقوی .

( مسألة 427 ) : إذا استور علی عمل من غیر اشتراط المباشرة ولو بالإنصراف إلیها یجوز أن یستأجر غیره لذلک العمل بتلک الاُجرة أو الأکثر ، ولا یجوز الأقلّ إلاّ إذا أتی ببعض العمل ولو قلیلاً إذا کان معتدّاً به فی نفسه وذا مالیّة وإن لم یکن قیمته بقدر التفاوت ، کما إذا تقبّل خیاطة ثوب بأربعة دراهم ففصّله أو خاط منه شیئاً ولو قلیلاً ، فإنّه یجوز أن یستأجر غیره علی خیاطته بدرهم ، بل لا یبعد الاکتفاء فی جواز الاستیجار بالأقلّ بشراء الخیوط والإبرة وبقیّة المعدّات للخیاطة ، ویجوز أن یقبّل العمل بضمیمة عمل آخر بتلک الاُجرة مع عدم کون الإجارة انحلالیّة لا بأقلّ .

( مسألة 428 ) : فی الموارد التی یتوقّف العمل المستأجر علیه علی تسلیم العین إلی الأجیر إذا جاز للأجیر أن یستأجر غیره علی العمل الذی استور علیه جاز له أن یسلّم العین إلی الأجیر الثانی نظیر ما تقدّم فی تسلیم العین المستأجرة إلی المستأجر الثانی .

( مسألة 429 ) : إذا استور للعمل بنفسه مباشرة ففعله غیره لا بقصد التبرّع عنه ولا بأمر منه بطلت الإجارة ولم یستحقّ العامل ولا الأجیر الاُجرة ، وإذا أتی بها بقصد التبرّع عنه استحقّ الأجیر الاُجرة باستثناء التفاوت مع کون اشتراط المباشرة بنحو تعدّد المطلوب ، وإلاّ لم یستحقّ شیئاً ، وکذلک الحال إذا استور علی عمل فی ذمّته لا بقید المباشرة ففعله غیره .

( مسألة 430 ) : إجارة الأجیر علی قسمین :

ص:135

الأوّل : أن تکون الإجارة واقعة علی منفعته الخارجیّة من دون اشتغال ذمّته بشیء نظیر إجارة الدابّة والدار والعربة ونحوهما من الأعیان المملوکة ، فتکون منفعته ملکاً للغیر تحت یده .

الثانی : أن تکون الإجارة واقعة علی عمل فی الذمّة فیکون العمل المستأجر علیه دَیناً فی ذمّته کسائر الدیون .

فإن کانت علی النحو الأوّل فقد تکون الإجارة علی جمیع منافعه فی مدّة معیّنة ، وحینئذٍ لا یجوز له فی تلک المدّة العمل لنفسه ولا لغیره لا تبرّعاً ولا بإجارة ولا بجعالة ، کما یقع مثل ذلک فی إجارة السخرة . نعم ، لا بأس ببعض الأعمال التی تنصرف عنها الإجارة ولا تشملها ولا تکون منافیة لما شملته ، کما أنّه إذا کان مورد الإجارة أو منصرفها الاشتغال بالنهار - مثلاً - فلا مانع من الاشتغال ببعض الأعمال فی اللیل له أو لغیره ، تبرّعاً أو بإجارة أو جعالة ، إلاّ إذا أدّی إلی ضعفه فی النهار عن القیام بما استور علیه .

فإذا عمل فی المدّة المضروبة فی الإجارة بعض الأعمال المشمولة لها ، فإن کان العمل لنفسه تخیّر المستأجر بین فسخ الإجارة واسترجاع تمام الاُجرة إن لم یکن بناء الإجارة علی تبعیض إعمال الخیار بحصره فیما یأتی من مدّة الإجارة ، وإلاّ فیختصّ الفسخ بالمدّة الباقیة والاُجرة بحسبها ، وبین إمضاء الإجارة ومطالبته بقیمة العمل الذی عمله لنفسه ، وکذا إذا عمل لغیره تبرّعاً ، وله مطالبة غیره بقیمة العمل إذا کان الغیر قد استوفاه فیتخیّر بین امور ثلاثة .

وأمّا إذا عمل لغیره بعنوان الإجارة أو الجعالة ، فله الخیار بین الاُمور الثلاثة وبین إمضاء الإجارة أو الجعالة وأخذ الاُجرة أو الجعل المسمّی فیها ، وإذا اختار المستأجر فسخ الإجارة الاُولی فی جمیع الصور المذکورة ورجع بالاُجرة المسمّاة فیها ، وکان قد عمل الأجیر بعض العمل للمستأجر کان له علیه

ص:136

اجرة المثل فیما کان الفسخ فی کلّ الإجارة ، وأمّا فیما کان فی بعضها فله من المسمّاة بالنسبة .

وأمّا إذا کانت الإجارة واقعة علی خصوص عمل بعینه - کالخیاطة - فلیس له أن یعمل ذلک العمل لنفسه ولا لغیره ، لا تبرّعاً ولا بإجارة ولا بجعالة ، فإذا خالف وعمل لنفسه أو عمل لغیره تبرّعاً فالحکم کما تقدّم فی القسم الأوّل .

وفی هذا القسم لا مانع من أن یعمل لنفسه أو لغیره بإجارة أو جعالة غیر ذلک العمل إذا لم یکن منافیاً له ، فإذا آجر نفسه فی یوم معیّن للصوم عن زید جاز له أن یخیط لنفسه أو لغیره بإجارة أو جعالة ، وله الأجر أو الجعل المسمّی ، أمّا إذا کان منافیاً له کما إذا آجر نفسه للخیاطة فاشتغل بالکتابة تخیّر المستأجر بین فسخ الإجارة والمطالبة بقیمة العمل المستأجر علیه الذی فوّته علی المستأجر .

وإذا کانت الإجارة علی النحو الثانی من کون العمل المستأجر علیه فی الذمّة ، فتارة توذ المباشرة قیداً علی نحو وحدة المطلوب ، واُخری توذ شرطاً علی نحو تعدّد المطلوب ، وعلی کلا التقدیرین جاز له کلّ عمل لا ینافی الوفاء بالإجارة ، ولا یجوز له ما ینافیه ، سواء أکان من نوع العمل المستأجر علیه أم من غیره ، وإذا عمل ما ینافیه تخیّر المستأجر بین الفسخ أو المطالبة بقیمة العمل الفائت المستأجر علیه ، وإذا آجر نفسه لما ینافیه توقّفت صحّة الإجارة الثانیة علی إجازة المستأجر الأوّل وتکون الإجازة منه علی التقدیر الأوّل بمعنی رفع یده عن ملکه للمنفعة فی ذمّة الأجیر ، وعلی التقدیر الثانی إسقاطه لشرط المباشرة دون أصل العمل المستأجر علیه عن ذمّة الأجیر ، ویستحقّ الأجیر علی کلّ من المستأجر الأوّل والثانی الاُجرة المسمّاة فی الإجارتین وبرئت ذمّته من العمل الذی استور علیه أوّلاً علی التقدیر الأوّل دون الثانی ، فیجب علیه العمل لا بنحو المباشرة ، وإن لم یجز بطلت الإجارة

ص:137

الثانیة واستحقّ الأجیر علی المستأجر الثانی اجرة المثل ، ویتخیّر المستأجر الأوّل بین الفسخ للإجارة الاُولی أو المطالبة بقیمة العمل الفائت .

ص:138

فصل

وفیه مسائل متفرّقة :

(مسألة 431 ) : لا تجوز إجارة الأرض للزرع بما یحصل منها - کحنطة أو شعیر - مقداراً معیّناً ، وتجوز إجارتها بالحصّة من زرعها مشاعة ربعاً أو نصفاً ، وتجوز إجارتها بالحنطة أو الشعیر فی الذمّة ، ولو کان من جنس ما یزرع فیها فضلاً عن إجارتها بغیر جنس ما یزرع فیها کغیر الحنطة والشعیر من الحبوب ، وإن کان الأحوط ترکه مع اتّحاد الجنس ، بل مطلقاً ، کما أنّ الأحوط عدم اشتراط أداء ما فی الذمّة من حاصل الأرض .

( مسألة 432 ) : تجوز إجارة حصّة مشاعة من أرض معیّنة ، کما تجوز إجارة حصّة منها علی نحو الکلّیّ فی المعیّن .

( مسألة 433 ) : تجوز إجارة الأرض مدّة طویلة لتوقف مسجداً ، وتترتّب آثار المسجد علیها ، کما تجوز إجارتها لتعمل مصلّی - ولو لمدّة قصیرة - یصلّی فیه أو یتعبّد فیه ، أو نحو ذلک من أنواع الانتفاع ، ولا تترتّب علیها أحکام المسجد .

( مسألة 434 ) : یجوز استئجار الشجرة لفائدة الاستظلال ونحوه ، کربط الدوابّ ونشر الثیاب ، ویجوز استئجار البستان لفائدة التنزّه .

( مسألة 435 ) : یجوز استئجار الإنسان لحیازة المباحات للاحتطاب والاحتشاش والاستقاء ونحوها ، فإن کانت الإجارة واقعة علی المنفعة الخاصّة وحدها أو مع غیرها ، ملک المستأجر العین المحازة وإن قصد الأجیر نفسه أو شخصاً آخر غیر المستأجر ، وإن کانت واقعة علی العمل فی الذمّة ، فإنّ قصد

ص:139

الأجیر الوفاء بالإجارة من فعله الذی یقوم به خارجاً ملک المستأجر المحاز أیضاً ، وإن لم یقصد ذلک بأن قصد الحیازة لنفسه أو غیره فیما یجوز الحیازة له کان المحاز ملکاً لمَن قصد الحیازة له ، وکان للمستأجر الفسخ والرجوع بالاُجرة المسمّاة أو الإمضاء والرجوع بقیمة العمل المملوک له بالإجارة الذی فوّته علیه .

( مسألة 436 ) : یجوز استئجار المرأة للإرضاع ، بل للرضاع أیضاً ، بمعنی ارتضاع اللبن ، وإن لم یکن بفعل منها مباشر مدّة معیّنة ، ولا بدّ من معرفة الصبیّ والمرضعة ولو بالوصف علی نحو یرتفع الغرر ، وکذا معرفة مکان الرضاع وزمانه ممّا تختلف المالیّة باختلافهما .

( مسألة 437 ) : لا بأس باستئجار الشاة والمرأة مدّة معیّنة للانتفاع بلبنها الموجود ، أو ما یتکوّن فیها بعد الإیجار ، وکذلک استئجار الشجرة للثمرة والبئر للاستسقاء .

( مسألة 438 ) : تجوز الإجارة لتنظیف المسجد ، والمشهد ، ونحوهما ورعایة بقیّة شونهما الخدمیّة .

( مسألة 439 ) : لا تجوز الإجارة فی العبادات الواجبة نیابة عن الحیّ إلاّ فی الحجّ عن المستطیع العاجز عن المباشرة ، وتجوز فی الحجّ الندبیّ والزیارة ، وأمّا الصلوات التابعة لهما فیأتی بهما بقصد ما هو المطلوب واقعاً ، وکذا یجوز فی الصدقات المندوبة ، ویشکل فی بقیّة العبادات الندبیّة ، کالصلاة والصیام .

( مسألة 440 ) : تجوز الإجارة فی الواجبات والمستحبّات نیابة عن المیّت ، وتجوز الإجارة أیضاً علی أن یعمل الأجیر عن نفسه ویهدی ثواب عمله إلی غیره ، الحیّ أو المیّت .

ص:140

( مسألة 441 ) : إذا أمر غیره بإتیان عمل فعمله المأمور ، فإن قصد المأمور التبرّع لم یستحقّ اجرة ، وإن کان من قصد الآمر دفع الاُجرة ، وإن لم یقصد التبرّع ، سواء قصد الاُجرة أو ذهل عن ذلک استحقّها ، وإن کان من قصد الآمر التبرّع ، إلاّ أن تکون قرینة علی قصد المجانیّة ، کما إذا جرت العادة علی فعله مجّاناً ، أو کان المأمور ممّن لیس من شأنه فعله باُجرة أو نحو ذلک ممّا یوجب ظهور الطلب فی المجانیّة .

( مسألة 442 ) : إذا استأجره علی الکتابة أو الخیاطة أو غیرها من الأعمال المتوقّفة علی بذل عین ، کالمداد والخیوط وغیرها ، فمع إطلاق الإجارة یکون بذل تلک الاُمور علی من تنصرف إلیه العادة والقرائن العامّة أو الخاصّة من شرط ونحوه نظیر الأجیر فی المثالین .

( مسألة 443 ) : یجوز استئجار الشخص للقیام بکلّ ما یراد منه ممّا یکون مقدوراً ویتعارف قیامه به ، والأقوی أنّ نفقته حینئذٍ علی نفسه لا علی المستأجر ، إلاّ مع الشرط أو قیام القرینة من عادة وغیرها .

( مسألة 444 ) : یجوز أن یستعمل العامل ویأمره بالعمل من دون تعیین اجرة ، ولکنّه مکروه ، ویکون علیه اجرة المثل لاستیفاء عمل العامل من باب الضمان لا الإجارة .

( مسألة 445 ) : إذا استأجر أرضاً مدّة معیّنة ، فغرس فیها أو زرع ما یبقی بعد انقضاء تلک المدّة ، فإذا انقضت المدّة جاز للمالک أن یأمره بقلعه ، وکذا إذا استأجرها لخصوص الزرع أو الغرس ، ولیس له الإبقاء بدون رضا المالک وإن بذل الاُجرة ، کما أنّه لیس له المطالبة بالأرش إذا نقص بالقلع ، وإذا غرس ما لا یبقی فاتّفق تأخیر بلوغه لتغیّرات طارئة ، فإن کان القلع لا یوجب ضرراً

ص:141

علی الغرس کان للمالک قلعه ، وإن أوجب الضرر علی الغرس وجب علی المالک الإبقاء باُجرة ما لم یلزم الضرر علی المالک .

( مسألة 446 ) : خراج الأرض المستأجرة - إذا کانت خراجیّة - علی المالک ، إلاّ إذا شرط أن تکون علی المستأجر .

( مسألة 447 ) : لا بأس بأخذ الاُجرة علی رثاء سیّد الشهداء علیه السلام وأهل البیت علیهم السلام وذکر فضائلهم والخطب المشتملة علی المواعظ ، ونحو ذلک ممّا له فائدة دینیّة أو دنیویّة .

( مسألة 448 ) : لا تجوز الإجارة علی تعلیم الحلال والحرام وتعلیم الواجبات ، مثل الصلاة والصیام وغیرهما إذا کان أخذ الاُجرة ممّن ینضاف العمل إلیه ، وأمّا إذا کان أخذ الاُجرة من طرف ثالث بقصد التسبیب منه لصدور العمل عنه ، فتصحّ الإجارة .

وکذلک التفصیل فی أخذ الاُجرة علی تغسیل الأموات وتکفینهم ودفنهم ، کما لا بأس بأخذ الاُجرة علی خصوصیّات فی حفر القبر ومواصفاته المعیّنة .

کما مرّ حرمة أخذ الاُجرة علی أداء الشهادة والأذان والقضاء والإفتاء والولایة .

( مسألة 449 ) : إذا بقیت اصول الزرع فی الأرض المستأجرة للزراعة فنبتت ، فإن أعرض المستأجر عنها فهی لمالک الأرض بحسب ظاهر الحال ، إلاّ مع قیام ما یدلّ علی عدم تخصیصه فهی لمَن سبق إلیها ، بلا فرق بین مالک الأرض وغیره ، وإن کان لا یجوز دخول الأرض بغیر إذنه ، وأمّا إن لم یعرض المالک عنها فهی له .

( مسألة 450 ) : إذا استأجر شخصاً لذبح حیوان فذبحه علی غیر الوجه الشرعیّ

ص:142

فصار حراماً ضمن ، وکذا لو تبرّع بلا إجارة فذبحه کذلک .

( مسألة 451 ) : إذا استأجر شخصاً لخیاطة ثوب معیّن ، فأمر المستأجر أیضاً أو استأجر غیره لخیاطته بإجارة ثانیة فخاطه الغیر ، انفسخت الإجارة الاُولی ، واستحقّ الخائط اجرة المثل فی صورة الأمر ، ویستحقّ الاُجرة المسمّاة لصحّة الإجارة الثانیة علی الأقوی .

نعم ، لو خاط الخائط بغیر أمره ولا إجازته لم یستحقّ علیه شیئاً ، وإن اعتقد أنّ المالک أمره بذلک .

( مسألة 452 ) : إذا استأجره لیوصل متاعه إلی بلد کذا فی مدّة معیّنة ، فسافر بالمتاع وفی أثناء الطریق حصل مانع عن الوصول بطلت الإجارة ، فإن کان متعلّق الإجارة نفس إیصال المتاع بحسب نظر وأغراض العرف لم یستحقّ شیئاً ، وإن کان مجموع السفر وإیصال المتاع علی نحو تعدّد المطلوب النوعیّ عند العقلاء استحقّ من الاُجرة بنسبة ما حصل من قطع المسافة إلی مجموع متعلّق الإجارة ، أمّا إذا کان علی نحو وحدة المطلوب بحسب نظر العرف ، فالأظهر عدم استحقاقه شیئاً . هذا إذا کان العمل کلّیّاً فی الذمّة ، وأمّا إذا کانت الإجارة علی المنفعة الخارجیّة للأجیر فلا یبعد کونه بحکم تعدّد المطلوب فی الکلّیّ .

( مسألة 453 ) : إذا کان للأجیر الخیار فی الفسخ لغبن أو تخلّف شرط أو وجود عیب أو غیرها ، ففسخ قبل الشروع فی العمل فلا شیء له ، وإن کان بعد تمام العمل استحقّ اجرة المثل ، وإن کان فی أثنائه استحقّ بمقدار ما أتی به من اجرة المثل ، إذا کان الخیار فسخ لمجموع الإجارة ، وأمّا إذا کان تبعیض فی الفسخ - کما مرّ تفصیله - استحقّ من الاُجرة المسمّاة بنسبة ما أتی به من العمل ،

ص:143

إلاّ إذا کان مجموع العمل ملحوظاً بنحو وحدة المطلوب عرفاً ، کما إذا استأجره علی الصیام فإنّه لو فسخ فیالأثناء لم یستحقّ شیئاً .

نعم ، فیما کان العمل ممّا یجب إتمامه بعد الشروع فیه کما فی الصلاة بناءً علی الأصحّ من حرمة قطعها ، والحجّ لوجوب إتمامه بالتلبیة ، والاعتکاف فی الیوم الثالث کان فی الفسخ فی الأثناء بمنزلة الفسخ بعد العمل .

وکذا إذا کان الخیار للمستأجر .

ویحتمل قریباً أنّه إذا کان المستأجر علیه هو المجموع علی نحو وحدة المطلوب ففسخ المستأجر فی الأثناء ، وکانت الأبعاض ذات کلفة علی الأجیر ولو بلحاظ مقدّماتها ، وکان الفسخ بخیار الشرط ونحوه أن یستحقّ الأجیر بمقدار ما عمل من اجرة المثل .

( مسألة 454 ) : إذا استأجر عیناً مدّة معیّنة ثمّ اشتراها فی أثناء المدّة ، فالإجارة باقیة علی صحّتها إن لم یکن فی الشراء قرینة علی التقایل فی الإجارة ، وإذا باعها فی أثناء المدّة فالبیع شامل ، ففی تبعیّة المنفعة للعین لاندکاک ملکیّتها فی ملکیّة العین ، وإن اختلف السبب وجه قویّ .

( مسألة 455 ) : تجوز إجارة الأرض مدّة معیّنة ، وجعل العوض بتعمیرها داراً أو تعمیرها بستاناً بکری الأنهار ، وتنقیة الآبار ، وغرس الأشجار ، ونحو ذلک ، ولا بدّ من تعیین مقدار التعمیر کمّاً وکیفاً .

( مسألة 456 ) : تجوز الإجارة علی الطبابة ومعالجة المرضی ، سواء أکانت بمجرّد وصف العلاج أم بالقیام به مباشرة ، کجبر الکسیر ، وتضمید القروح والجروح ، ونحو ذلک .

( مسألة 457 ) : تجوز المقاطعة علی العلاج بقید البرء بلحاظ المقدّمات

ص:144

الاختیاریّة أو بقید کون احتمال البرء بنسبة معیّنة ، کما فی سائر موارد الإجارة علی الأعمال الموقوفة علی مقدّمات اختیاریّة وغیر اختیاریّة ، وکانت توجد عادة .

( مسألة 458 ) : إذا أسقط المستأجر حقّه من العین المستأجرة لم یسقط بمجرّد إنشاء الإسقاط وبقیت المنفعة علی ملکه . نعم ، لو کانت المنفعة کلّیّة فی الذمّة لسقطت بالإسقاط کالدیون .

( مسألة 459 ) : لا یجوز فی الاستئجار للحجّ البلدی أن یستأجر شخصاً من بلد المیّت إلی ( النجف ) - مثلاً - وآخر من ( النجف ) إلی ( المدینة ) ، وثالثاً من ( المدینة ) إلی ( مکّة ) ، بل لا بدّ من أن یستأجر مَن یسافر من البلد بقصد الحجّ إلی أن یحجّ .

( مسألة 460 ) : إذا استور للصلاة عن المیّت فنقص بعض الأجزاء أو الشرائط غیر الرکنیّة سهواء ، فإن کانت الإجارة علی الصلاة الصحیحة - کما هو الظاهر عند الإطلاق - استحقّ تمام الاُجرة ، وکذا إذا کانت علی نفس الأعمال المخصوصة ، وکان النقص علی النحو المتعارف ، وإن کان علی خلاف المتعارف نقص من الاُجرة بمقداره .

( مسألة 461 ) : إذا استور لختم القرآن الشریف کان الإطلاق منصرفاً إلی الترتیب بین السور وإن لم یکن الترتیب المزبور دخیلاً فی صدق ختم القرآن ، کما أنّ الظاهر لزوم الترتیب بین آیات السور وکلماتها ، وإن لم یکن الترتیب المزبور دخیلاً فی قراءة طبیعیّ القرآن إذا لم یخلّ بالمعنی . وإذا قرأ بعض الکلمات غلطاً والتفت إلی ذلک بعد الفراغ من السورة أو الختم ، فإن کان بالمقدار المتعارف لم ینقص من الاُجرة شیء ، وإن کان بالمقدار

ص:145

غیر المتعارف ، فلا یبعد تدارکه بقراءة الآیة أو الآیات صحیحة التی وقع فیها الغلط ، وإن لم یکن ذلک فرداً تامّاً للقراءة فیتصالح ویتراضی مع المستأجر فی نقص الوصف وإن لم یکن نقصاً فی الأجزاء .

وکذا الحال فی قراءة الزیارات أو کتابة الأحراز والأدعیة .

( مسألة 462 ) : إذا استور للصلاة عن ( زید ) فاشتبه وصلّی عن ( منصور ) فإن کان علی نحو الخطأ فی التطبیق بأن کان مقصوده الصلاة عمّن استور للصلاة عنه فأخطأ فی تصوّره أنّه منصور ، صحّ عن زید واستحقّ الاُجرة ، وإن کان علی نحو التقیید لم یستحقّ الاُجرة ولم تصحّ عن زید بل عن منصور .

( مسألة 463 ) : الموارد التی یجوز فیها استئجار البالغ للنیابة فی العبادات المستحبّة یجوز أیضاً استئجار الصبیّ دون العبادات الواجبة ، واللّه سبحانه العالم .

ص:146

کتاب المزارعة

المزارعة هی موجرة أو إجارة بین مالک الأرض والزارع علی زرع الأرض بحصّة من حاصلها .

یعتبر فی المزارعة امور :

الأوّل : الإیجاب من المالک والقبول من الزارع ، ویصحّ العکس ، بکلّ ما یدلّ علی تسلیم الأرض للزراعة وقبول الزارع لها من لفظ ، کقول المالک للزارع - مثلاً : « سلّمت إلیک الأرض لتزرعها » ، فیقول الزارع : « قبلت » ، أو فعل دالّ علی تسلیم الأرض للزارع وقبول الزارع لها من دون کلام ، فتکون معاطاة ویلحقها حکمها ، ولا یعتبر فیها العربیّة والماضویّة ، کما لا یعتبر تقدیم الإیجاب علی القبول .

الثانی : أن یکون کلّ من المالک والزارع بالغاً وعاقلاً ومختاراً ، وأن یکون المالک غیر محجور علیه لسفه أو فلس ، وکذلک العامل ، ویجوز أن یکون العامل مفلساً إذا لم تستلزم تصرّفاً مالیّاً .

الثالث : أن یکون تمام حاصل الأرض مشترکاً بینهما ، فلو جعل لأحدهما أوّل الحاصل وللآخر آخره بطلت المزارعة ، وکذا الحال لو جعل الکلّ لأحدهما .

الرابع : أن تجعل حصّة کلّ منهما علی نحو الإشاعة - کالنصف والثلث

ص:147

ونحوهما - فلو قال للزارع : « ازرع واعطنی ما شئت » لم تصحّ المزارعة ، وکذا لو عیّن المالک أو الزارع مقداراً معیّناً کعشرة أطنان .

الخامس : تعیین المدّة بالأشهر أو السنین أو الفصل بمقدار یمکن حصول الزرع فیه ، وإن کان العمل متوزّعاً زمناً علیهما ، وعلیه فلو جعل آخر المدّة إدراک الحاصل بعد تعیین أوّلها کفی فی الصحّة .

السادس : أن تکون الأرض قابلة للزرع ولو بالعلاج والإصلاح ، وأمّا إذا انتفت قابلیتها - کالأرض السبخة أو نحوها - بطلت المزارعة .

السابع : تعیین الزرع مع اختلاف الأغراض ، إلاّ أن یکون هناک انصراف أو إرادة التخییر بین أنواع لا یلزم منه الغرر والاختلاف .

الثامن : تعیین الأرض وحدودها ومقدارها ، فلو لم یعیّنها بطلت ، وکذا إذا لم یعیّن مقدارها . نعم ، لو عیّن کلّیّاً موصوفاً علی وجه لا یکون فیه غرر کمقدار جریب من هذه القطعة من الأرض التی لا اختلاف بین أجزائها صحّت .

التاسع : تعیین ما علیهما من المصارف ، کالبذر وغیره ، بأن یجعل علی أحدهما أو کلیهما ، ویکفی الانصراف ولو بسبب التعارف الخارجیّ .

( مسألة 464 ) : یجوز للعامل بالمباشرة أو بالتسبیب إذا لم یشترط المالک علیه الأوّل .

( مسألة 465 ) : لو أذن شخص لآخر فی زرع أرضه علی أن یکون الحاصل بینهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما ، فإن لم یقصد إنشاء المزارعة العقدیّة کانت من المزارعة الإذنیّة بعوض الحصّة غیر اللازمة قبل العمل وظهور الزرع ، وکذلک الحال لو أذن لکلّ مَن یتصدّی للزرع وإن لم یعیّن شخصاً معیّناً بأن یقول : « لکلّ مَن زرع أرضی هذه نصف حاصلها أو ثلثه » ، ویمکن تصویرها علی نحو الجعالة .

ص:148

( مسألة 466 ) : لا یجوز اشتراط مقدار معیّن من الحاصل لأحدهما وتقسیم الباقی بینهما بنسبة کسریّة معیّنة وإن علما ببقاء شیء من الحاصل بعد استثناء ذلک المقدار ، کما لا یجوز استثناء مقدار البذر لمَن کان منه أو ما یصرف فی تعمیر الأرض ولو بتخصیص نسبة کسریّة من الحاصل .

نعم ، یجوز استثناء مقدار خراج السلطان .

( مسألة 467 ) : إذا عیّن المالک نوعاً خاصّاً من الزرع من حنطة أو شعیر أو نحو ذلک فی ضمن عقد المزارعة تعیّن ذلک علی الزارع ، فلا یجوز له التعدّی عنه ، ولکن لو تعدّی إلی غیره وزرع نوعاً آخر منه ، فإن کان التعیین بنحو تعدّد المطلوب والشرط فللمالک الخیار بین الفسخ والإمضاء ، فإن فسخ طالب العامل اجرة مثل المنفعة الفائتة للأرض .

وأمّا الحاصل فهو للعامل إن کان البذر له ، وللمالک إن کان البذر منه ، وله المطالبة ببدله أیضاً ، وعلی تقدیر أخذه البدل یکون الحاصل للعامل أیضاً ، ولیست له مطالبة المالک باُجرة العمل فیما کان الحاصل للعامل ، وأمّا فیما کان الحاصل للمالک ، فللعامل اجرة المثل .

هذا إذا علم المالک بذلک بعد بلوغ الحاصل ، وأمّا إذا علم به قبل بلوغه فله الفسخ والمطالبة ببدل المنفعة الفائتة وإلزام العامل بالاُجرة أو القلع إن لم یکن ضرراً علی الزرع ولو فرض تضرّره بأکثر من ضرر الزارع فله قلعه مع الأرش إن کان البذر للعامل ، وأمّا إذا کان للمالک فالتفصیل کما سبق .

وإن کان التعیین علی نحو التقیید ووحدة المطلوب بطلت المزارعة ، وحکمه ما تقدّم فی فرض فسخه .

( مسألة 468 ) : إذا ظهر بطلان المزارعة بعد الزرع ، فإن کان البذر للمالک

ص:149

کان الزرع له ، وعلیه للزارع ما صرفه من الأموال ، وکذا اجرة عمله واُجرة الآلات التی استعملها فی الأرض ، وإن کان البذر للزارع فالزرع له ، وعلیه للمالک اجرة الأرض وما صرفه المالک واُجرة الأعیان التی استعملت فی ذلک الزرع .

ثمّ إن تراضیا علی بقاء الزرع باُجرة أو مجّاناً فهو ، وإلاّ فحکم البقاء ما مرّ من التفصیل فی الفسخ ، وکذلک الحال فیما إذا انقضت مدّة المزارعة الصحیحة ولم یدرک الحاصل .

( مسألة 469 ) : یصحّ أن یشترط أحدهما علی الآخر شیئاً علی ذمّته من ذهب أو فضّة أو مال آخر ، مضافاً إلی حصّته لکن لا بعنوان ما بإزاء البذور أو آلات العمل .

( مسألة 470 ) : المزارعة عقد لازم لا ینفسخ إلاّ بالتقایل أو الفسخ بخیار الشرط أو بخیار تخلّف بعض الشروط ، ولا ینفسخ بموت أحدهما فیقوم الوارث مقامه . نعم ، تبطل بموت الزارع إذا قیّدت المزارعة بمباشرته للعمل لکن تبقی للعامل ملکیّة حصّته من الحاصل بعد الظهور فهی لورثته ، وإن لم یبلغ الزرع ولم ینته العمل ، وأمّا المزارعة المعاطاتیّة ، فلا تلزم إلاّ بعد التصرّف وأمّا الإذنیّة ، فقد مرّ حکمها .

( مسألة 471 ) : إذا ترک الزارع الأرض بعد عقد المزارعة فلم یزرع حتّی انقضت المدّة ، فإن کانت الأرض تحت تصرّفه ولم یکن العذر عامّاً ضمن اجرة المثل للمالک ، وکذا لو کانت تحت ید المالک للأرض وکان الزارع سبباً لتفویت منفعة الأرض .

( مسألة 472 ) : یجوز لکلّ من المالک والزارع أن یخرص الزرع بعد إدراکه

ص:150

بمقدار معیّن منه برضا الآخر به ، وعلیه فیکون الزرع للآخر ، وله المقدار المعیّن ، ولو تلف الزرع أو بعضه کان علیهما معاً ، وکذا لو جعل العوض فی الذمّة أو مال نقدی معیّن .

( مسألة 473 ) : إذا غرقت أو احترقت الأرض أو حصل مانع فی الأثناء ، کانقطاع الماء عنه ، وخرجت عن قابلیّة الانتفاع قبل القبض أو بعده قبل ظهور الزرع أو قبل إدراکه بطلت المزارعة .

وإذا غرق بعضها تخیّر المالک ، والعامل فی الباقی بین الفسخ والإمضاء إن لم یکن اشتراط ولو ارتکازاً علی الانحلال ، وفی صورة الفسخ یبقی بعد الظهور لکلّ منهما حصّته من الحاصل .

( مسألة 474 ) : الأقوی جواز عقد المزارعة بین أکثر من اثنین بأن تکون الأرض من واحد ، والبذر من آخر ، والعمل من ثالث ، والعوامل من رابع ، وکذا الحال لو کان أزید من ذلک کشرکات الأسهم الزراعیّة فضلاً عن تعدّد المالک والعامل .

( مسألة 475 ) : لا فرق فی صحّة عقد المزارعة بین أن یکون البذر من المالک أو العامل أو منهما معاً ، أو ثالث کما مرّ . ولا بدّ أن یکون بتعیین وجعل فی ضمن العقد ولو بتوسّط الانصراف إلی المتعارف .

وکذا لا فرق بین أن تکون الأرض مختصّة بالمالک أو مشترکة مع العامل ، وکذلک الحال فی العمل والآلات وبقیّة التصرّفات ، کلّ ذلک بحسب الاشتراط أو الجعل فی العقد ، وبالجملة فالاُمور الأربعة یصحّ أن تکون من أحدهما والبقیّة من الآخر ، بل یصحّ أن یکون من أحدهما بعض أحدها ، ومن الآخر البقیّة کما یجوز الاشتراک فی الکلّ .

ص:151

( مسألة 476 ) : خراج الأرض ومال الإجارة للأرض المستأجرة علی صاحب الأرض ، نعم یمکن اشتراط استثناو من الحاصل کما مرّ إذا کان صاحب الأرض یشارک فی رکن آخر من المزارعة کما یأتی .

( مسألة 477 ) : إذا کانت الأرض التی وقعت المزارعة علیها مغصوبة وکان البذر من العامل بطلت المزارعة بالإضافة إلی المزارع ، فإن أجاز المالک عقد المزارعة وقع له ، وإلاّ کان الزرع للزارع ، وعلیه اجرة المثل لمالک الأرض ، وإذا انکشف الحال قبل بلوغ الزرع وإدراکه کان المالک مخیّراً بین الإجازة والردّ ، فإن ردّ ورضی ببقاءه بالاُجرة فهو ، وعلی الزارع اجرة المثل ، وإن لم یرض وکان الزارع معذوراً فکالتفصیل الذی مرّ فی الفسخ .

( مسألة 478 ) : تجب علی کلّ من المالک والزارع الزکاة إذا بلغت حصّة کلّ منهما حدّ النصاب ، وتجب علی أحدهما إذا بلغت حصّته کذلک . هذا إذا کان مشترکاً بینهما من الأوّل أو من حین ظهور الثمر قبل صدق الاسم ، وأمّا إذا اشترطا الاشتراک بعد صدق الاسم أو من حین الحصاد والتصفیة فالزکاة علی صاحب البذر ، سواء أکان هو المالک أم العامل .

( مسألة 479 ) : الباقی فی الأرض من اصول الزرع بعد الحصاد وانقضاء المدّة إذا نبت فی السنة الجدیدة وأدرک ، فحاصله لمَن یملک الاُصول إلاّ أن یعرض عنها لمالک الأرض .

( مسألة 480 ) : إذا اختلف المالک والزارع فی المدّة فادّعی أحدهما الزیادة والآخر القلّة ، فالقول قول منکر الزیادة ، ولو اختلفا فی الحصّة قلّة وکثرة ، فإن کان قبل العمل وقبل ظهور الحاصل فهو من التداعی فیتحالفان ، وإن کان بعد ظهور الحاصل فالقول قول صاحب البذر المدّعی للقلّة ما لم یکن دون اجرة

ص:152

المثل ، وإلاّ فیتحالفان .

وأمّا إذا اختلفا فی اشتراط کون البذر أو العمل أو العوامل علی أیّهما ، فالمرجع التحالف ومع حلفهما أو نکولهما تنفسخ المعاملة .

( مسألة 481 ) : إذا قصّر الزارع فی تربیة الأرض فقلّ الحاصل لم یبعد ضمانه التفاوت بقیمته ، کمنفعة للزرع لا قیمة عین الحاصل فیما إذا کان البذر للمالک ، وأمّا إذا کان للعامل وکان التقصیر قبل حصول الشرکة فی الحاصل ، فلا ضمان ، ولکن للمالک حینئذٍ الفسخ والمطالبة باُجرة المثل للأرض .

( مسألة 482 ) : لو ادّعی المالک علی الزارع عدم العمل بما اشترط علیه فی ضمن عقد المزارعة من بعض الأعمال ، أو ادّعی تقصیره فیه علی وجه یضرّ بالزراعة أو تقصیره فی الحفظ أو نحو ذلک ، وأنکره الزارع فالقول قوله .

وکذلک الحال فی کلّ مورد ادّعی أحدهما شیئاً وأنکره الآخر ما لم یثبت ما ادّعاه شرعاً .

( مسألة 483 ) : إذا أوقع المتولّی للوقف عقد المزارعة علی الأرض الموقوفة علی البطون إلی مدّة حسب ما یراه صالحاً لهم لزم ، ولا یبطل بموت المتولّی ، وأمّا لو مات البطن السابق ففیه إشکال ، فاللازم علی الولیّ تجدید عقد المزارعة لما بقی من المدّة مع مجیء البطن اللاحق ، کما مرّ فی الإجارة .

وأمّا إذا أوقعه البطن المتقدّم من الموقوف علیهم ، ثمّ مات فی الأثناء قبل انقضاء المدّة بطل العقد من ذلک الحین ، إلاّ إذا أجاز البطن اللاحق .

( مسألة 484 ) : یجوز لکلّ من المالک والعامل بعد ظهور الحاصل أن یصالح الآخر عن حصّته بمقدار معیّن من جنسه أو غیر جنسه بعد التخمین بحسب المتعارف فی الخارج ، کما یجوز ذلک قبل ظهور الحاصل مع الضمیمة .

ص:153

( مسألة 485 ) : لا یعتبر فی عقد المزارعة علی الأرض أن تکون قابلة للزرع من حین العقد وفی السنة الاُولی ، بل یصحّ العقد علی أرض بائرة وخربة لا تصلح للزرع إلاّ بعد إصلاحها وتعمیرها سنة أو أکثر ، وعلیه فیجوز للمتولّی أن یزارع الأراضی الموقوفة وقفاً عامّاً أو خاصّاً التی أصبحت بائرة إلی عشر سنین أو بغیر ذلک من الأمد حسب ما یراه صالحاً .

ص:154

کتاب المساقاة

المساقاة هی موجرة أو إجارة شخص لآخر علی رعایة اصول نابتة مثمرة وإصلاح شونها إلی مدّة معیّنة بحصّة من أثمارها ، ویشترط فیها امور :

الأوّل : الایجاب والقبول ، ویکفی فیه کلّ ما یدلّ علی المعنی من لفظ ، ولا تعتبر فیها العربیّة ولا الماضویّة أو فعل ونحوه لکنّها حینئذٍ معاطاة تلحقها حکمها ، کما مرّ فی المزارعة والبیع .

الثانی : البلوغ والعقل والاختیار ، وأمّا عدم الحجر لسفه أو فلس فهو معتبر فی المالک دون العامل محضاً ، کما مرّ فی المزارعة .

الثالث : أن تکون الاُصول النابتة من الأشجار وغیرها مملوکة عیناً ومنفعة أو منفعة فقط ، أو یکون تصرّفه فیها نافذاً وکالة أو تولیة أو ولایة .

الرابع : أن تکون معلومة ومعیّنة عندهما .

الخامس : تعیین مدّة العمل فیها إمّا ببلوغ الثمرة المساقی علیها أو بالأشهر أو السنین بمقدار تبلغ فیها الثمرة غالباً ، وإن کان العمل مقسماً علیهما بحسب الزمن فلو کانت أقلّ من هذا المقدار بطلت المساقاة .

السادس : تعیین الحصّة وکونها مشاعة فی الثمرة ، فلا یجوز أن یجعل للعامل ثمرة شجر معیّن دون غیره ، ولا یجوز اشتراط مقدار معیّن کطنّ من الثمرة

ص:155

- مثلاً - بالإضافة إلی الحصّة المشاعة لأحدهما وإن علم وجود ثمرة غیرها .

السابع : تعیین ما علی المالک من الاُمور ، وما علی العامل من الأعمال ، ویکفی الانصراف أو إذا کانت قرینة علی التعیین .

الثامن : أن تکون المساقاة قبل ظهور الثمرة أو بعده قبل البلوغ إذا کان محتاجاً إلی السقی ونحوه ، وأمّا إذا لم یحتج إلی ذلک فصحّتها بلحاظ القطف والحفظ ونحو ذلک هو الأقرب ، وإن لم یصدق علیه العنوان .

التاسع : أن تکون المعاملة علی أصل نابت وإن لم یکن ثابتاً کالبطّیخ والباذنجان ونحوهما ، کما تصحّ المساقاة علی الأشجار غیر المثمرة إذا کان ینتفع بورقها ، کالحنّاء أو وردها أو غیرهما ، بل لا یبعد الجواز فی مطلق الزرع .

( مسألة 486 ) : یصحّ عقد المساقاة فی الأشجار المستغنیة عن السقی بالمطر أو بمصّ رطوبة الأرض إذا احتاجت إلی أعمال اخری .

( مسألة 487 ) : یجوز اشتراط شیء من الذهب أو الفضّة والنقد للعامل أو المالک زائداً علی الحصّة من الثمرة ، وهل یجب الوفاء به إذا لم تسلّم الثمرة ؟ قولان ، بل أقوال ، أظهرها التفصیل بالسقوط مطلقاً فی صورة عدم ظهور الثمرة أصلاً لبطلان المعاملة ، وفیما إذا کان للمالک علی العامل فی صورة التلف لاشتراط السلامة فی الالتزام للمالک ، وکذلک الحال فی تلف بعض الثمرة ، فإنّه ینقص بالنسبة لظهوره فی کونه متمّم الاُجرة .

( مسألة 488 ) : یجوز تعدّد المالک واتّحاد العامل ، کما یجوز العکس ، ویجوز تعدّدهما معاً فیساقی الشریکان عاملاً واحداً ویساقی المالک الواحد عمّالاً بالنسبة بینه وبینهم .

( مسألة 489 ) : خراج الأرض علی المالک ، وکذا بناء الجدران وعمل الناضح

ص:156

ونحو ذلک ممّا لا یرجع إلی الثمرة ، بل إلی غیرها من الأرض أو الشجرة ، إلاّ إذا اشترط ذلک علی العامل .

( مسألة 490 ) : یملک العامل مع إطلاق العقد الحصّة فی المساقاة من حین ظهور الثمرة ، وإذا کانت المساقاة بعد الظهور ملک الحصّة من حین تحقّق العقد . نعم ، یصحّ اشتراط تملّکه بعد الظهور أو بعد القطف .

( مسألة 491 ) : الظاهر صحّة عقد المغارسة ، وهی أن یدفع شخص أرضه إلی غیره لیغرس فیها علی أن تکون الأشجار المغروسة بینهما بالسویّة أو بالتفاضل علی حسب الاتّفاق الواقع بینهما .

( مسألة 492 ) : یبطل عقد المساقاة بجعل تمام الحاصل للمالک ، ومع البطلان یکون تمام الحاصل والثمرة له ، ولیس للعامل مطالبته بالاُجرة حیث إنّه أقدم علی العمل مجّاناً ، بخلاف بطلان المساقاة فی الموارد الاُخری ، فإنّه یجب علی المالک أن یدفع للعامل اجرة مثل ما عمله حسب المتعارف .

( مسألة 493 ) : عقد المساقاة لازم لا یبطل ولا ینفسخ إلاّ بالتقایل والتراضی أو الفسخ ممّن له الخیار ولو بخیار تخلّف الشرط فی ضمن العقد أو بعروض مانع موجب للبطلان ، وأمّا المساقاة المعاطاتیّة فلا تلزم إلاّ بالتصرّف ، کما مرّ فی المزارعة .

( مسألة 494 ) : إذا مات المالک قام وارثه مقامه ، ولا تنفسخ المساقاة ، وإذا مات العامل قام وارثه مقامه إن لم تکن المباشرة قیداً فی العمل ، فإن لم یقم الوارث بالعمل ولا استأجر مَن یقوم به ، فللحاکم الشرعیّ أن یستأجر من مال المیّت مَن یقوم بالعمل ویقسّم الحاصل بین المالک والوارث ، وأمّا إذا اخذت المباشرة قیداً فی العمل انفسخت المعاملة .

ص:157

( مسألة 495 ) : مقتضی إطلاق عقد المساقاة کون الأعمال التی تتوقّف رعایة الأشجار وسقیها علیها ، والآلات مشترکة علی المالک والعامل لا علی خصوص أحدهما إلاّ إذا کان هناک تعیین ولو بالانصراف .

( مسألة 496 ) : إذا خالف العامل فترک ما اشترط علیه من بعض الأعمال ، فللمالک إجباره علی العمل المزبور ، کما أنّ له حقّ الفسخ ، وإن فات وقت العمل ، فله الفسخ من جهة تخلّف الشرط ، إلاّ أن یقیّد الفسخ بما قبل ظهور الحاصل ولو بقرینة ارتکازیّة ، فیختصّ الفسخ للعقد بما بقی بلحاظ منفعة الأرض والعمل ، وله أن لا یفسخ ولا یعطیه اجرة العمل بقدر نسبته من حصّته فی الحاصل . هذا إذا کان العمل من موضوع المساقاة .

وأمّا لو کان العمل خارجاً من عوضیّ المساقاة - کاشتراط خیاطة ونحوه - وکان ذا مالیّة ، ففی استحقاقه علی المشروط علیه اجرة الخیاطة إن لم یفسخ کما ذهب إلیه فی العروة غیر بعید .

( مسألة 497 ) : لا یعتبر فی المساقاة ان یکون العامل مباشراً للعمل بنفسه إن لم یشترط علیه المباشرة ، فیجوز له أن یستأجر شخصاً فی الأعمال کلّها أو بعضها ، وعلیه الاُجرة ، ویجوز أن یشترط کون اجرة بعض الأعمال علی المالک .

( مسألة 498 ) : إذا کان البستان علی أنواع من الأشجار - کالنخل والکرم والرمّان ونحوها من أنواع الفواکه - فلا یعتبر العلم بمقدار کلّ واحد منها تفصیلاً ، بل یکفی إجمالاً علی نحو یرتفع الغرر عرفاً بحسب باب المساقاة ونحوها ممّا یکفی فیها نحو من المشاهدة والخرص .

( مسألة 499 ) : لا فرق فی صحّه المساقاة بین أن تکون علی المجموع بالنصف

ص:158

أو أیّة نسبة اخری ، وبین أن تکون علی کلّ نوع حصّة مخالفة لحصّة نوع آخر ، کالنصف فی النخل ، والثلث فی الکرم ، والربع فی الرمّان ، وهکذا .

( مسألة 500 ) : لو ردّد عقد المساقاة - مثلاً - بین النصف إن کان السقی بالناضح ، وبالثلث إن کان السقی بالسیح ، فالأظهر البطلان کالإجارة .

( مسألة 501 ) : لو جعل المالک للعامل مضافاً إلی الحصّة من الحاصل حصّة من الاُصول مشاعاً أو مفروزاً صحّ علی الأقوی .

( مسألة 502 ) : إذا تبیّن أنّ الاُصول فی عقد المساقاة مغصوبة ، فإن أجاز المالک المعاملة صحّت المساقاة بینه وبین العامل ، وإلاّ بطلت ، وکان تمام الثمرة للمالک وللعامل اجرة المثل یرجع بها علی الغاصب .

( مسألة 503 ) : إذا کان ظهور غصب الاُصول بعد تقسیم الثمرة وتلفها فللمالک أن یرجع علی الغاصب بتمام عوضها ، وله أن یرجع إلی کلّ منهما بمقدار حصّته ، ولیس له أن یرجع إلی العامل بتمام العوض إن لم یکن الجمیع تحت یده .

نعم ، قرار الضمان علی کلّ منهما بحسب حصّته التی أتلفها .

( مسألة 504 ) : تجب الزکاة علی کلّ من المالک والعامل إذا بلغت حصّة کلّ منهما حدّ النصاب فیما إذا کانت الشرکة قبل زمان الوجوب ، وإلاّ فالزکاة علی المالک فقط .

( مسألة 505 ) : إذا اختلف المالک والعامل فی اشتراط شیء علی أحدهما وعدمه ، فالقول قول منکره ما لم یخالف الظاهر .

( مسألة 506 ) : لو اختلف المالک والعامل فی صحّة العقد وفساده قدّم

ص:159

قول مدّعی الصحّة .

( مسألة 507 ) : لو اختلف المالک والعامل فی مقدار حصّة العامل ، فإن کان قبل العمل وقبل الظهور فهو من التداعی فیتحالفان ، وإن کان بعد ظهور الحاصل فالقول قول المالک المنکر للزیادة ما لم یکن دون اجرة المثل ، وإلاّ فیتحالفان . هذا إذا لم یکن قول أحدهما مطابقاً للظاهر المعتدّ به عقلائیّاً ، وإلاّ فهو المنکر والآخر مدّعی .

وأمّا إذا اختلفا فی المدّة فالقول قول منکر الزیادة .

وأمّا إذا اختلفا فی مقدار ما قد حصل زیادة ونقیصة بأن یطالب المالک العامل بالزیادة ، فالقول قول العامل ، ولا تسمع دعوی المالک علی العامل بالخیانة أو السرقة أو الاتلاف أو کون التلف بتفریط منه بدون بیّنة لکونه أمیناً .

ص:160

الجعالة

الجعالة من العقود الجائزة ، وهی التزام بعوض علی عمل محلّل مقصود ، ولا بدّ فیها من الإیجاب ، سواء عامّاً کان أو خاصّاً ، مثل : « مَن ردّ عبدی الآبق أو بنی جداری أو اشتری لی داراً ، فله کذا » ، ومثل « إن خطت ثوبی فلک کذا » .

ولا تفتقر إلی القبول اللفظیّ ، بل یکفی فیها القبول بالفعل والعمل نظیر المضاربة والمزارعة الإذنیّة والمساقاة الإذنیّة ، کما مرّ ونحوها .

وتصحّ علی کلّ عمل محلّل مقصود عند العقلاء ، فلا تصحّ علی المحرّم ولا علی ما یکون لغواً عندهم ، ویجوز أن یکون العمل مجهولاً فی الجملة بما لا یغتفر فی الإجارة ، وکذلک فی العوض إذا کان بنحو لا یوّی إلی التنازع ، مثل : « مَن ردّ عبدی فله نصفه » أو « هذه الصبرة » أو « هذا الثوب » ، ومثل : « بع هذا المال بکذا والزائد لک » .

وإذا کان العوض مجهولاً محضاً مثل : « مَن ردّ عبدی فله شیء » بطلت ، وکان للعامل اجرة المثل .

( مسألة 508 ) : إنّما یستحقّ العامل الجعل والاُجرة إذا کان عمله مبنیّاً علی الجعالة ، أی بقصد أخذ الجعل فیعتبر اطّلاعه علی التزام الجاعل به ، فلو قصد التبرّع بالعمل فلا اجرة له ، وإن کانت الجعالة خاصّة به .

( مسألة 509 ) : یجوز أن یکون الجعل من غیر المالک کما إذا قال : « مَن خاط

ص:161

ثوب زید فله درهم » ، فإذا خاطه أحد لزم القائل الدرهم دون زید .

( مسألة 510 ) : الفرق بین الإجارة علی العمل والجعالة أنّ المستأجر فی الإجارة یملک العمل علی الأجیر ، وهو یملک الاُجرة بنفس العقد ، بخلافه فی الجعالة ، فإنّه لیس مفادها إلاّ استحقاق الجعل بعد العمل .

( مسألة 511 ) : یعتبر فی الجاعل أهلیّة الاستئجار من البلوغ والعقل والرشد والقصد وعدم الحجر والاختیار ، وأمّا العامل فلا یعتبر فیه إلاّ إمکان تحصیل العمل عقلاً وشرعاً ، کما إذا وقعت الجعالة علی کنس المسجد من شخص بقید حالة الجنب أو الحیض ، فلو کنساه لم یستحقّا الجعل المسّی علی العمل ، وهل یستحقّا اجرة المثل حینئذٍ ؟ لا یبعد ذلک بخلاف ما لو لم یقیّد بذلک ، فأتی به جنباً أو حائضاً ، فإنّه یستحقّ الجعل ، وإن أثم بالمکث فی المسجد ، ولا یعتبر فیه نفوذ التصرّف ، فیجوز أن یکون صبیّاً ممیّزاً ، ولو بغیر إذن الولیّ ، بل ولو کان غیر ممیّز أو مجنون علی الأظهر ، فیستحقّون الجعل المقرّر بعملهم مع فرض تسبیب الجعالة لإقدامهم علی العمل .

( مسألة 512 ) : کلّ مورد بطلت الجعالة للجهالة استحقّ العامل اجرة المثل ، والظاهر أنّه من هذا القبیل ما هو المتعارف من جعل الحلاوة المطلقة علی العمل .

( مسألة 513 ) : إذا أخبر مخبر بأنّ فلاناً قال : « مَن ردّ دابّتی فله کذا » ، فردّها أحد اعتماداً علی إخباره ، مع أنّه لم یقله ، لم یستحقّ شیئاً لا علی صاحب الدابّة ولا المخبر بخلاف الواقع ، إلاّ أن یکون المخبر غارّاً ، کما إذا کان ثقة أو أوجب الاطمئنان والوثوق لانضمام قرائن .

( مسألة 514 ) : لو عیّن الجعالة لشخص ، وأتی بالعمل غیره لم یستحقّ الجعل لعدم العمل ، ولا الغیر لأنّه متبرّع . نعم ، لو کان العمل فی الجعالة لا بقید المباشرة

ص:162

وعمل الغیر تبرّعاً عن المجعول له استحقّ المجعول له الجعل ، وکذا الحکم لو شارکه الغیر فی العمل فیستحقّ کلّ الجعل لو تبرّع عنه ، وإلاّ فبالنسبة .

( مسألة 515 ) : لو قال : « مَن دلّنی علی مالی فله کذا » ، فدلّه مَن کان ماله فی یده لم یستحقّ شیئاً ، لأنّه واجب علیه شرعاً ، وأمّا لو قال : « مَن ردّ مالی فله کذا » ، فإن کان فی الردّ موة وکانت یده إحساناً لا غصباً استحقّ الجعل المقرّر ، وإن لم یکن کذلک لم یستحقّ شیئاً .

( مسألة 516 ) : إذا جعل جعلین بأن قال : « مَن خاط هذا الثوب فله درهم » ، ثمّ قال : « مَن خاط هذا الثوب فله دینار » ، کان العمل علی الثانی ، فإذا خاطه الخیّاط لزم الجاعل الدینار لا الدرهم ، ولو انعکس الفرض لزمه الدرهم لا الدینار . هذا إذا کانت قرینة علی العدول بخلاف ما لو کانت القرینة علی زیادة الحثّ ، بل بمجرّد انتفاء القرینة علی العدول ، فیستحقّ کلا الجعلین .

( مسألة 517 ) : إذا جعل جعلاً لفعل فصدر مجموعه من جماعة من کلّ واحد منهم بعضه کان للجمیع جعل واحد ، لکلّ منهم بعضه بمقدار عمله ، ولو صدر الفعل بتمامه من کلّ واحد منهم کان لکلّ واحد منهم جعل تامّ ما لم تکن قرینة فی جعل الجاعل علی وحدة الجعل ، وحصول الغرض بأوّل الوجود فیتوزّع الجعل علیهم .

( مسألة 518 ) : یستحقّ الجعل بالتسلیم إذا کان المجعول علیه التسلیم للشیء أو للعمل ، أمّا لو جعل علی غیره کمجرّد الإیصال إلی البلد استحقّ به ، وإن لم یسلّمه إلی أحد ، أو مجرّد الدلالة بدون إیصال ، وإذا قال : « مَن خاط هذا الثوب فله درهم » استحقّ الخیّاط الدرهم بمجرّد الخیاطة ، ولو أتی ببعض العمل استحقّ من الجعل بالنسبة إذا کان الغرض بنحو تعدّد المطلوب فی أبعاض العمل .

ص:163

( مسألة 519 ) : الجعالة جائزة من الطرفین قبل العمل ، فیجوز رجوع الجاعل فیها ، وأمّا بعد التلبّس بالعمل ، فالجواز باقٍ فی طرف العامل ، إلاّ ما اشترط فی إیجاب الجاعل کما یأتی ، ولازم من طرف الجاعل فی ما وقع من عمل العامل بالنسبة من الاُجرة المسمّاة . نعم ، لو کان العمل بنحو وحدة المطلوب أو هو الغایة فیجوز رجوعه ، ولکنّه یضمن اجرة المثل لما أتی به العامل من مقدّمات ، وفی صورة رجوع العامل بعد التلبّس لا یستحقّ شیئاً إلاّ أن یکون العمل بنحو تعدّد المطلوب .

( مسألة 520 ) : إذا جعل جعلاً لمن ردّه من مسافة معیّنة فردّه من بعضها ، کان له من الجعل بنسبة عمله مع کون الفرض عرفاً علی نحو التعدّد .

( مسألة 521 ) : للعامل الرجوع عن عمله علی کلّ حال ، ولو بعد التلبّس ما لم یکن فی ذلک ضرر علی الجاعل ، وإلاّ فیجب علیه إتمامه بعد الشروع نظیر العملیّة الجراحیّة الطبّیّة ونحوه .

( مسألة 522 ) : إذا تنازع العامل والمالک فی الجعل وعدمه أو فی تعیین المجعول ، أو القدر المجعول علیه ، أو فی سعی العامل کان القول قول المالک .

( مسألة 523 ) : إذا تنازع العامل والمالک فی تعیین الجعل ، فالقول قول مدّعی الأقلّ ما لم یکن دون اجرة المثل ، وإلاّ فیتحالفان ، وتثبت بذلک اجرة المثل ، وکذلک مع التنازع فی ذات الجعل .

( مسألة 524 ) : عقد التأمین للنفس أو المال ، قد مرّ تفصیله فی باب المسائل المستحدثة ، فلاحظ ، وأنّ الصورة والصیغة التی هی علیها حالیاً أقرب إلی القرض الربویّ منها إلی معاوضة علی منفعة خدمیّة .

ص:164

کتاب المضاربة

المضاربة وتسمّی قراضاً ، وهی نمط جعالة من صاحب المال علی اتّجار العامل به علی أن یکون الربح بینهما بالنصف أو الثلث أو غیره من النسب الکسریّة فی الربح ، ویمکن إنشاوا علی نحو الإجارة أو الموجرة والاُجرة بنسبة من الربح ، فتکون عقداً لازماً ، ویعتبر فیها امور :

الأوّل : الإیجاب ، ویکفی فیهما کلّ ما یدلّ علیهما من لفظ أو فعل أو نحو ذلک ، ولا یعتبر فیهما العربیّة ولا الماضویّة ، وأمّا القبول فیکفی فیه ما مرّ فی الجعالة .

نعم ، لو کانت المضاربة عقدیّة کإجارة أو موجرة اعتبر فی الإیجاب والقبول ما مرّ فی الإجارة .

الثانی : البلوغ والعقل والاختیار فی کلّ من المالک والعامل ، وأمّا عدم الحجر من سفه أو فلس فهو إنّما یعتبر فی المالک دون العامل ما لم یظهر الربح .

الثالث : تعیین حصّة کلّ منهما من نصف أو ثلث أو غیرهما من النسب الکسریّة ولو بالانصراف من تعارف خارجیّ .

الرابع : أن یکون الربح بینهما ، فلو شرط نسبة منه لأجنبیّ لم تصحّ المضاربة إلاّ أن یشترط علیه عمل فی التجارة .

ص:165

الخامس : أن یکون العامل قادراً علی التجارة ، سواء فیما کان المقصود مباشرته للعمل أو بالتسبیب ، فإذا کان عاجزاً أو طرء العجز عن ذلک لم تصحّ من حین العجز . نعم ، لو کانت المباشرة شرطاً لم تبطل المضاربة لکن یثبت الخیار للمالک عند تخلّف الشرط .

السادس : الاستثمار والاسترباح بالمال أو بالمنفعة ، فالأقوی صحّة المضاربة بغیر الذهب والفضّة المسکوکین بسکّة المعاملة من الأوراق النقدیّة ونحوها ، وتصحّ بالمنفعة أیضاً ، وإن لم تسمّ مضاربة کمنفعة العربة مع السائق ، أو المصنع مع العمّال ، أو السفینة أو الدار مع منفعة الخیّاط والصانع فتکون موجرة بنسبة من الربح أو بمال ومنفعة کالمال مع المصنع ، وکالمغارسة کما مرّ ، والاستثمار بالأنعام وتربیتها والدواجن وبقیّة الدوابّ لیکون الحاصل والنتاج بینهما ، أو دفع مال لصانع أو ذی مهارة کالطبّاخ والخبّاز والصائغ وغیرهم لیستثمروه فی حرفهم ویکون الربح والفائدة بینهما .

وأمّا الدین علی العامل ، فلا تصحّ المضاربة فیه ، وکذا لو کان علی غیره علی الأحوط .

( مسألة 525 ) : إذا کان له دَین علی أحد یجوز أن یوکّل شخصاً فی استیفائه ، ثمّ إیقاع المضاربة علیه ، بأن یتولّی الإیجاب عن المالک والقبول عن نفسه ، وکذا لو کان المدیون هو العامل یجوز توکیله فی تعیین ما کان فی ذمّته فی نقد معیّن للدائن ثمّ إیقاع عقد المضاربة علیها بتولّیه عن المالک وعن نفسه .

( مسألة 526 ) : لا یعتبر فی صحّه المضاربة أن یکون المال بید العامل ، فلو کان بید المالک وتصدّی العامل للمعاملة صحّت .

( مسألة 527 ) : مقتضی عقد المضاربة الشرکة فی الربح ، ویکون لکلّ من

ص:166

العامل والمالک ما جعل له من الحصّة نصفاً أو ثلثاً أو نسبة کسریّة اخری ، وإذا وقع فاسداً کان للعامل اجرة المثل وللمالک تمام الربح .

( مسألة 528 ) : یجب علی العامل أن یقتصر علی التصرّف المأذون فیه ، فلا یجوز التعدّی عنه ، فلو أمره أن یبیعه بسعر معیّن أو بلد معیّن أو سوق معین أو جنس معیّن ، فلا یجوز التعدّی عنه ، ولو تعدّی إلی غیره نفذ تصرّفه ، ویکون الربح بینهما بعد کون الشروط راجعة إلی الاستیمان والحیطة علی المال .

( مسألة 529 ) : لا یعتبر فی صحّة المضاربة أن یکون المال معلوماً قدراً ووصفاً ، کما لا یعتبر أن یکون معیّناً ، فلو أحضر المالک مالین وقال : « قارضتک بأحدهما » صحّت ، وإن کان الأحوط أن یکون معلوماً کذلک ومعیّناً ، بل لا یصحّ فی المجهول المحض .

( مسألة 530 ) : لا خسران علی العامل من دون تفریط ، وإذا اشترط المالک علی العامل أن تکون الخسارة علیهما کالربح فی ضمن العقد فالظاهر بطلان الشرط ، وکذا لو اشترط علی العامل أن یتدارک الخسارة من کیسه إذا وقعت .

( مسألة 531 ) : إذا کان لشخص مال موجود فی ید غیره أمانة أو غیرها ، فضاربه علیه صحّ .

( مسألة 532 ) : إذا کان المال فی یده علی وجه الضمان غصباً أو لغیره ، فضاربه صاحب المال علیه ، فهل یرتفع الضمان بذلک أم لا ؟ الأظهر ذلک بحسب المناسبات العرفیّة ، وإن لم تتوقّف صحّة المضاربة علی ذلک .

( مسألة 533 ) : عقد المضاربة الرائج من العقود الإذنیّة من نمط الجعالة - کما مرّ - جائز من الطرفین ، نظیر الجعالة فیجوز لکلّ منهما فسخه ، سواء أکان قبل الشروع فی العمل أو بعده بلحاظ ما بقی ، سواء کان قبل تحقّق الربح

ص:167

أو بعده ، کما أنّه لا فرق فی ذلک بین کونه مطلقاً أو مقیّداً إلی أجل خاصّ . نعم ، لو کان إنشاوا بنحو الإجارة بنسبة من الحاصل والربح کان بحکم المزارعة العقدیّة .

( مسألة 534 ) : لا یجوز للعامل خلط رأس المال مع مال آخر لنفسه أو لغیره ، إلاّ مع إذن المالک عموماً أو خصوصاً ، ولو خلط بدون إذنه ضمن ما تلف تحت یده من ذلک المال ، وإن کانت المضاربة باقیة علی حالها والربح بینهما علی النسبة .

( مسألة 535 ) : یجوز للعامل مع إطلاق عقد المضاربة التصرّف حسب ما یراه مصلحة من حیث البائع والمشتری ونوع الجنس . نعم ، لا یجوز له أن یسافر به من دون إذن المالک ، إلاّ إذا کان هناک تعارف علی ذلک ، فلو خالف وسافر وتلف المال ضمن ، وکذا الحال فی کلّ تصرّف وعمل خارج عن قیود عقد المضاربة . نعم ، المضاربة باقیة والربح بینهما کما مرّ .

( مسألة 536 ) : مع إطلاق العقد یجوز البیع حالاً ونسیئة إذا کان البیع نسیئة أمراً متعارفاً ، وإلاّ فلا یجوز بدون الإذن الخاصّ .

( مسألة 537 ) : لا بدّ للعامل أن یقصد بالشراء أو البیع أو التملّک أنّه للمالک ، سواء کان ذلک فی المضاربة البسیطة لمالک واحد ، أو مضاربة مال الشرکة ، وأمّا العوض الذی یقوم بتملیکه للبائع أو المشتری فیجوز أن یجعل العوض علی صور :

الاُولی : أن یتعاوض بشخص مال المضاربة .

الثانیة : یجوز أن یجعله کلّیّ فی ذمّة المالک من حیث المضاربة أو ذمّته من حیث إنّه عامل ووکیل عن المالک فی مال المضاربة ، وعلی هذین التقدیرین

ص:168

یکون العوض بمنزلة الکلّیّ فی المعیّن فی مال المضاربة ، فلو تلف مال المضاربة بطلت المعاوضة .

الثالثة : یجوز أن یجعله فی ذمّة المالک مطلقاً ، لکنّه موقوف علی الإذن الخاصّ من المالک ، ولا یکفی إطلاق عقد المضاربة .

الرابعة : أن یجعل العوض فی ذمّة نفسه ویوقع ویقصد کون الشراء أو البیع للمالک کما یقصد دفع العوض من مال المضاربة ، ولعلّ هذا هو الغالب وقوعاً فی تجارة عامل المضاربة والوکیل فی غیرها .

وفی الصورتین الأخیرتین لا تبطل المعاوضة لو تلف مال المضاربة .

( مسألة 538 ) : إذا اشتری نسیئة أو باعا سلفاً بإذن المالک کان الدَّین فی ذمّة المالک ، فللدائن الرجوع علیه ، وله أن یرجع علی العامل خصوصاً مع جهل الدائن بالحال ، وإذا رجع علیه رجع هو علی المالک ولو لم یتبیّن للدائن أنّ المعاملة للغیر یتعیّن له فی الظاهر الرجوع علی العامل ، وإن کان له فی الواقع الرجوع علی المالک .

( مسألة 539 ) : لو خالف العامل المضارب وباع نسیئة بدون إذنه ، وکان قد استوفی الثمن قبل اطّلاع المالک ، فالحکم کما مرّ فی موارد المخالفة .

وإلاّ فإن اطّلع المالک قبل الاستیفاء ، فإن أجاز صحّ البیع وإلاّ بطل ، وهذا مطرّد أیضاً فی ما تقدّم من موارد المخالفة .

( مسألة 540 ) : إطلاق العقد لا یقتضی بیع المتاع بالنقد ، بل یجوز بیع المتاع بمتاع آخر . نعم ، لو کان المتاع الآخر ممّا لا رغبة شرائیّة فیه ، فلا یجوز التعاوض به لانصراف الإذن عنه .

( مسألة 541 ) : لا یسوغ للعامل بعد عقد المضاربة إبقاء المال إلاّ بالعمل

ص:169

بما یعتاد بالنسبة إلیه بأن یتولّی ما یقوم به التاجر لنفسه فی التجارة من تصرّفات وأعمال لتحصیل الربح بالمعاوضات کاستئجار الدلاّل والحمّال والوزان وغیرهم ، ولا یتخطّی المتعارف من المو ، وإلاّ فیغرمها من ماله الخاصّ لا من المال المشترک ، کما أنّ له احتساب اجرة ما یتولاّه ممّا یتعارف أخذ الأجیر إن لم یقصد المجّانیّة .

( مسألة 542 ) : نفقة سفر العامل لأجل التجارة من رأس المال کنفقة الأکل والشرب والمسکن واُجرة النقل ، وغیرها ، فیما کان السفر مأذوناً فیه ولم یشترط نفقته علیه ، وکذلک الحال فی بقیّة المصارف لأجل التجارة . وأمّا ما یصرفه ممّا لیس من نفقات التجارة ، أو کان إسرافاً علی الحدّ المتعارف ، فاحتسابه علی نفسه ، والمقدار من النفقة الجائزة هی المتعارفة بحسب حاله ، ولو قتّر أو حلّ ضیفاً فلا یحسب له .

( مسألة 543 ) : إذا کان شخص عاملاً لاثنین أو أکثر أو عاملاً لنفسه ولغیره ، توزّعت النفقة علی نسبة العملین علی الأصحّ ، لا علی نسبة المالین إن کانتا مضاربتین لمالین مستقلّین ، وإلاّ فعلی نسبة المالین .

( مسألة 544 ) : لا یشترط فی استحقاق العامل النفقة تحقّق الربح ، بل ینفق من الأصل . نعم ، إذا حصل الربح بعد ذلک فتحسب منه ویعطی المالک تمام رأس المال ، ثمّ ما یصفی یکون ربحاً بینهما .

( مسألة 545 ) : إذا مرض العامل فی السفر ، فإن لم یمنعه من شغله فله أخذ النفقة المعتادة لا نفقة العلاج من المرض ، إلاّ مع تعارف ذلک کالأمراض الیسیرة ، وأمّا إذا منعه عن شغله فلیس له احتساب النفقة من مال الوسط إلاّ بعض ما یتعارف کنفقة العودة .

( مسألة 546 ) : إذا فسخ العامل عقد المضاربة فی أثناء السفر أو انفسخ ،

ص:170

فنفقة الرجوع علیه لا علی مال المضاربة ، إلاّ مع تعارف ذلک .

( مسألة 547 ) : إذا کانت المضاربة فاسدة کان الربح بتمامه للمالک ، سواء کانا جاهلین بالفساد أو عالمَین أو مختلفین ، وللعامل اجرة المثل مطلقاً ، ولا یضمن العامل التلف والنقص الواردین علی المال . نعم یضمن علی الأقوی ما أنفقه فی السفر علی نفسه وإن کان جاهلاً بالفساد .

( مسألة 548 ) : یجوز أن یکون المالک واحداً والعامل متعدّداً ، سواء أکان المال أیضاً واحداً أو کان متعدّداً ، وسواء أکان العمّال متساوین فی مقدار الجعل فی العمل أم کانوا متفاضلین مع کون نسبة من الربح لکلّ عامل من المال الذی هو مورد عمله ، وکذا یجوز أن یکون المالک متعدّداً والعامل واحداً ، أو کلاًّ منهما متعدّداً .

( مسألة 549 ) : إذا کان المال مشترکاً بین شخصین وقارضا عاملاً واحداً أو أکثر واشترطا للعامل نسبة من الربح وتفاضلاً فیما بقی من نسبة الربح بأن جعل لأحدهما أکثر من الآخر مع تساویهما فی رأس المال أو تساویا فی الربح مع تفاضلهما فی رأس المال ، فالظاهر بطلان المضاربة إذا زاد نسبة ربح أحدهما علی مقدار ربح کلّ ماله مع عدم عمله بخلاف ما لو نقص نسبة ربح کلّ منهما عن مقدار ربح ماله أو زاد مع عمله ، أو زاد علی ربح شریکه لکنّه لم یزد علی ربح کلّ ماله .

( مسألة 550 ) : تبطل المضاربة الإذنیّة التی من نمط الجعالة بقاءاً بموت کلّ من المالک والعامل ، أمّا من جهة المالک فلفرض انتقال المال إلی وارثه بعد موته فیبطل إذنه وإنشاءه المعلّق ، فإبقاء المال بید العامل یحتاج إلی مضاربة جدیدة مع الوارث المالک الجدید ، وأمّا من جهة العامل فلفرض اختصاص العمل المأذون به دون غیره .

ص:171

( مسألة 551 ) : لا یجوز للعامل أن یوکّل وکیلاً فی عمله أو یستأجر شخصاً إلاّ بإذن المالک ، کما لا یجوز أن یضارب غیره إلاّ بإذنه ، فلو فعل ذلک بدون إذنه وتلف ضمن . نعم ، یستثنی من ذلک ما هو متعارف من الاستئجار والتوکیل فی بعض التصرّفات .

( مسألة 552 ) : یجوز لکلّ من المالک والعامل أن یشترط علی الآخر فی ضمن إیجاب عقد المضاربة مالاً أو عملاً ، کخیاطة ثوب أو نحوها ، أو إیقاع بیع ، أو صلح ، أو کالة ، أو قرض ، أو نحو ذلک ، ویجب الوفاء بهذا الشرط بظهور الربح وأمّا قبله فیکون مفاده تقیید الإذن من المالک .

( مسألة 553 ) : مقتضی عقد المضاربة خارجاً ملکیّة العامل لحصّته من حین ظهور الربح ، ولا تتوقّف علی الانضاض أو القسمة . نعم ، لو عرض بعد ذلک خسران أو تلف یجبر به إلی أن تستقرّ ملکیّة العامل وذلک بحسب الأمد المتّفق علیه لجبر الخسارة من الأرباح ، ویکفی فی الاستقرار قسمة تمام الربح والمال بینهما فحسب من دون فسخ لفظیّ لأنّها فسخ فعلیّ ، فلا یکون التلف بعد القسمة محسوباً من الربح ، کما تستقرّ بالفسخ مع القسمة وإن لم یحصل الانضاض کإفراز حصّة العامل من الربح ودفع الباقی للمالک ، کما لا یبعد تحقّقه بالفسخ والانضاض وإن لم تحصل القسمة . کما یمکن فرض تحقّقه فی بعض الربح بقسمته بینهما استثناءاً من مال المضاربة بقاءاً .

( مسألة 554 ) : إذا ظهر الربح وتحقّق فی الخارج ، فطلب أحدهما قسمته ، فإن رضی الآخر فلا مانع منها ، وإن لم یرض فالمتّبع ما تشارطا علیه فی العقد ، ولو بحسب المتعارف . نعم ، لو طلب أحدهما الفسخ فله إجبار الآخر علی القسمة إذا کانت المضاربة اذنیّة بنمط الجعالة لا عقدیّة بنمط الإجارة ، إن لم یکن بینهما اشتراط مدّة لبقاء العقد .

ص:172

( مسألة 555 ) : إن اقتسما الربح ثمّ عرض الخسران فجبر الخسارة بالربح السابق أو اللاحق تابع لمقدار المدّة التی یتّفقان علیها فی العقد فی کیفیّة تقسیم الربح ، ولو بحسب ما یتعارف ، فلو اتّفق علی الجبر وجب علی العامل ردّ أقلّ الأمرین من مقدار الخسران وما أخذه من الربح .

( مسألة 556 ) : إذا باع العامل حصّته من الربح أو وهبها أو نحو ذلک ، ثمّ طرأت الخسارة علی مال المضاربة وجب علی العامل دفع أقلّ الأمرین من قیمة الحصّة ومن مقدار الخسران ، وذلک بحسب المدّة المحدّدة بینهما لجبر الخسارة بالأرباح ، ولا یکشف الخسران اللاحق عن بطلان التصرّف الناقل لحصّته ما لم یکن هناک تشارط بعدمه بحسب توافقهما العقدیّ ولو بحسب الارتکاز .

( مسألة 557 ) : لا فرق فی جبر الخسارة بالربح بین الربح السابق واللاحق ما دام عقد المضاربة باقیاً ، وذلک بحسب توافقهما فی تحدید مدّة الجبر وتحدید نوع الخسارة ، کما مرّ . فیصحّ الجبر وإن کانت الخسارة قبل الشروع فی التجارة ، کما إذا سرق من المال فی أثناء سفر التجارة قبل الشروع فیها أو فی البلد قبل الشروع فی السفر . هذا فی تلف البعض ، وأمّا لو تلف الجمیع قبل الشروع فی التجارة فالظاهر أنّه موجب لبطلان المضاربة . هذا فی التلف السماویّ .

وأمّا إذا أتلفه العامل أو الأجنبیّ ، فالمضاربة لا تبطل إذا أدّی المتلف بدل التالف .

( مسألة 558 ) : فسخ عقد المضاربة الإذنیّة أو انفساخه إذا کان قبل ظهور الربح فلا شیء للمالک ولا علیه ، وکذا العامل سواء قبل الشروع فی العمل أو بعده ، وسواء کان من العامل أو من المالک ، وأمّا فی المضاربة العقدیّة بعد العمل وقبل ظهور الربح إذا کان الفسخ من المالک فالظاهر استحقاق

ص:173

العامل اجرة المثل .

( مسألة 559 ) : لو کان الفسخ من العامل بعد السفر المأذون وصرف مقدار من رأس المال فی نفقته ، فالاحتیاط بإرضاء المالک لا یخلو من قوّة .

( مسألة 560 ) : إذا کان الفسخ أو الانفساخ بعد حصول الربح ، فإن رضی کلّ من المالک والعامل بالقسمة فهو ، وإن لم یرض أحدهما اجبر علیها .

( مسألة 561 ) : إذا کانت فی مال المضاربة دیون ، فوجوب أخذها علی العامل وتصفیة بقیّة الاُمور بعد الفسخ أو الانفساخ تابع لما اتّفقا علیه فی العقد ولو بحسب الانصراف ، وهو الظاهر من المتعارف .

( مسألة 562 ) : لا یجب علی العامل بعد الفسخ إلاّ التخلیة بین المالک وماله دون إیصاله إلیه . نعم ، لو أرسله إلی بلد آخر فالظاهر وجوب الردّ إلی بلده بحسب الشرط المرتکز المتعارف .

( مسألة 563 ) : إذا اختلف المالک والعامل فی أنّها مضاربة فاسدة ، أو قرض ولم یکن هناک ما یثبت قول أحدهما ، فإن کان الاختلاف فی ملکیّة الربح ، فالقول قول المالک المنکر للقرض ، ویحکم بکون الربح له ، ویثبت علیه اجرة المثل للعامل .

وإن کان الاختلاف فی تحمّل الخسارة واشتغال ذمّة المالک بضمان عمل العامل فهو من التداعی فیتحالفان ، ویحکم بضمان العامل للمال للید وعدم الاُجرة للعامل .

وإن کان الاختلاف بینهما فی أنّها مضاربة فاسدة أو بضاعة ، فالظاهر کون الربح تماماً للمالک لکن یثبت علیه اجرة المثل للعامل بعد حلفه بنفی البضاعة .

( مسألة 564 ) : إذا اختلف المالک والعامل فی مقدار رأس المال الذی أعطاه

ص:174

للعامل ، بأن ادّعی المالک الزیادة وأنکرها العامل قدّم إنکاره مع یمینه ، سواء کان رأس المال موجوداً أو تالفاً مع ضمان العامل .

( مسألة 565 ) : إذا اختلفا فی مقدار نصیب العامل بأن یدّعی المالک الأقلّ ویدّعی العامل الأکثر ، فالقول قول المالک .

( مسألة 566 ) : إذا ادّعی المالک علی العامل الخیانة والتفریط ، فالقول قول العامل .

( مسألة 567 ) : إذا ادّعی المالک علی العامل أنّه شرط علیه بأن لا یشتری الجنس الفلانیّ أو لا یبیع من فلان ، أو نحو ذلک ، والعامل ینکره ، فالقول للعامل إذا رجع النزاع إلی التقصیر وتجاوز الحدّ ، أو ممّا هو خلاف الظاهر المتعارف تداوله من عقد المضاربة . نعم ، الزائد علی ذلک ممّا یرجع إلی إذن خاصّ من المالک کالبیع بنسیئة غیر مضمونة أو طویلة الأجل ، ونحو ذلک ، فالقول للمالک لأصالة العدم .

( مسألة 568 ) : لو ادّعی العامل التلف وأنکره المالک ، أو اّدعی الخسارة أو عدم الربح أو عدم حصول مطالبات الدیون من معاملات النسیئة المأذون فیها ، فالقول للعامل فی کلّ موضوع یحتمل دعواه ، کعروض کساد فی السوق ونحوه ، بخلاف ما لو لم یحتمل ، لا سیّما مع التهمة المخالفة الشدیدة للظاهر .

( مسألة 569 ) : إذا اشتری العامل سلعة فظهر فیها ربح فقال : « اشتریتها لنفسی » ، وقال المالک : « اشتریتها للقراض » أو ظهر خسران فادّعی العامل أنّه اشتراها للقراض ، وقال صاحب المال : « بل اشتریتها لنفسک » ، قدّم قول العامل بیمینه .

( مسألة 570 ) : لا فرق فی سماع قول العامل علی التفصیل المتقدّم بین أن

ص:175

تکون الدعوی قبل فسخ المضاربة أو بعده ، بل الأظهر سماع قوله حتّی فیما إذا ادعی بعد الفسخ التلف بعده ولم یکن تفریط وتأخیر منه فی ردّ المال .

( مسألة 571 ) : إذا مات العامل وکان عنده مال المضاربة ، فإن کان معلوماً بعینه فهو ، وإن علم بوجوده فی الترکة من غیر تعیین فیأخذ المالک ماله منها بتراضی مع الورثة ، ولا یکون المالک شریکاً مع الورثة بنسبة ماله علی الأقوی .

نعم ، لو کان عنده ودائع أو بضائع لاُناس عدیدین واشتبه کانت الصورة بحکم اشتباه أموال الملاّک المتعدّدین .

وإن علم ببقاء المال فی یده إلی ما بعد الموت مع العلم بخلوّ الترکة منه أو احتمال کونه فیها ، فالأظهر لزوم تفریغ ذمّة المیّت من عهدته لاقتضاء الید العهدة فی الحفظ والأداء ما لم یسقط بالعذر ولا یتوقّف علی إحراز التفریط ، وهو ظاهر مفاد الخبر الموثّق فی المقام ، وأمّا إذا علم بعدم وجوده فیها واحتمل أنّه قد ردّه إلی مالکه أو تلف بتفریط منه أو بغیره ، فالظاهر أنّه لا یحکم علی المیّت بالضمان ، وکان الجمیع لورثته ، وکذا لو احتمل بقاءه فیها وذلک للسیرة من الحمل علی الفراغ .

( مسألة 572 ) : إذا کان رأس المال مشترکاً بین شخصین فضاربا عاملاً واحداً ثمّ فسخ أحد الشریکین دون الآخر ، فالظاهر بقاء عقد المضاربة بالإضافة إلی حصّة الآخر .

( مسألة 573 ) : إذا أخذ العامل مال المضاربة وأبقاه عنده ولم یتّجر به إلی مدّة قلیلة أو کثیرة لم یستحقّ المالک علیه غیر أصل المال ، وإن کان عاصیاً فی تعطیل مال الغیر .

( مسألة 574 ) : إذا اشترط العامل علی المالک فی عقد المضاربة عدم کون

ص:176

الربح جابراً للخسران المتقدّم علی الربح أو المتأخّر عنه ، فالظاهر الصحّة ، کما مرّ أنّ أمد الجبران هو بحسب توافقهما فی العقد .

( مسألة 575 ) : یجوز للأب والجدّ المضاربة بمال الصغیر مع عدم المفسدة ، وکذا القیم الشرعیّ کالوصیّ والحاکم الشرعیّ مع الأمن من الهلاک وملاحظة الغبطة والمصلحة ، بل یجوز للوصیّ علی ثلث المیّت أن یدفعه إلی الغیر للمضاربة وصرف حصّة المیّت من الربح فی المصارف المعیّنة للثلث إذا أوصی به المیّت ، بل وإن لم یوصی لکن فوّض أمر الثلث إلی نظر الوصیّ فرأی الصلاح فی ذلک .

ص:177

ص:178

الشرکة

وهی تارة تطلق علی المسبّب والنتیجة وهی اجتماع حقوق الملاّک علی الشیء الواحد علی سبیل الشیاع أو غیره من کیفیّات الاشتراک من کون الشیء لأکثر من شخص واحد ، وهی من ناحیة الموضوع إمّا فی عین أو دَین أو منفعة أو حقّ ، وهی من ناحیة الکیفیّة علی أقسام عدیدة ، إمّا بنحو الإشاعة أو بنحو الکلّیّ فی المعیّن ، أو بنحو یکون کلّ من الشرکاء مستقلاًّ فی التصرّف ، کما فی العناوین العامّة المجموعیّة المنطبقة علی أفراد کثیرة ، کالأوقاف العامّة ، واُخری علی السبب لإیجاد الاستحقاق المشترک الفعلیّ أو التقدیریّ ، وهو إمّا قهریّ أو اختیاریّ ، وکلّ منهما إمّا اعتباریّ أو تکوینیّ ، والاعتباریّ إمّا من نمط الإیقاع أو العقد .

والقهریّ الاعتباریّ کالإرث والقهریّ التکوینیّ کالامتزاج بین المالین ، وقد یکون الامتزاج اختیاریّ تکوینیّ ، والإیقاع الاعتباریّ الاختیاریّ کالحیازة ، کما إذا اقتلع اثنان معاً شجرة مباحة أو اغترفا ماءاً مباحاً بآنیة واحدة دفعة ، والاعتباریّ الاختیاریّ إمّا فی الاکتساب والربح والنماء ، وهو السبب الموجب للشرکة والتشریک التقدیریّ فی ربح الأموال ، وتسمّی فی العرف الحالی بالشرکة المضاربیّة ، کالشرکة الإذنیّة والشرکة العقدیّة ، أو فی الاُصول المملوکة بالفعل ، وهو السبب الموجب للشرکة والتشریک بالفعل فی الأموال ،

ص:179

کالعقد الموجب لنقل بالفعل لمال من عین أو منفعة أو حقّ ، کما إذا اشتری أکثر من واحد عیناً أو استأجروها أو صالحوا علی حقّ تحجیر ونحوه ، أو نقل کلّ منهما مقداراً من ماله للآخر ویسمّی بالتشریک .

( مسألة 576 ) : الامتزاج قد یوجب الشرکة الواقعیّة الحقیقیّة ، وهو فیما إذا حصل خلط وامتزاج تامّ بین الشیئین عقلاً أو عرفاً ، بحیث تزول جهة الاختصاص بنظر العرف ، والأوّل کامتزاج المتجانسین کالماء بالماء والدهن بالدهن ، بل وغیر المتجانسین کدهن اللوز بدهن الجوز - مثلاً - أو الخلّ بالدبس ، والثانی خلط الجامدات الناعمة بعضها ببعض ، کدقیق الحنطة بمثله ، بل لا یبعد ذلک فی ذوات الحبّ کالسمسم أو الحنطة بالحنطة ، والجوز بالجوز ، وغیرها .

وقد یوجب الامتزاج الشرکة الحکمیّة ، وقد تسمّی بالظاهریّة ، وهی ما لو اختلط المالین وزال تمیّزهما فی الظاهر بحیث لا یمکن إجراء القرعة مع تمیّز کلّ منهما فی الواقع ، فتجری أحکام الشرکة ویعامل مع المختلط معاملتها فی الأحکام مع بقاء تعلّق الملکیّة بکلّ منهما بماله المعیّن فی نفس الأمر ، بحث لو فرض تمییز بعضه فی الظاهر اختصّ بصاحبه ، کما لو اختلط کمیّة کبیرة من حبّ الحنطة بحبّ حنطّة مخالف له فی الحجم والصفة أو کاختلاط کمیّة کبیرة من حبّ الحنطة بحبّ الشعیر ، بل لا یبعد تحقّقها بخلط القیمیّات ببعضها إذا امتنع تمییزها بالقرعة ، کاختلاط کمیّة کبیرة من الثیاب ببعضها أو الأغنام بالأغنام ، وقد لا یوجب الاختلاط إلاّ اشتباه الأموال ، کما فی اختلاط القیمیّات ببعضها إذا أمکن تمییزها بالقرعة ونحوها .

( مسألة 577 ) : ولا یجوز لبعض الشرکاء التصرّف فی المال المشترک إلاّ برضا

ص:180

الجمیع ، بل لو أذن أحد الشریکین لشریکه فی التصرّف جاز للمأذون ولم یجز للآذن ، إلاّ أن یأذن له المأذون أیضاً ، ویجب أن یقتصر المأذون بالمقدار المأذون فیه کمّاً وکیفاً ، ولو باللازم کدلالة الإذن فی السکنی لإسکان الأهل وتردّد الضیوف بالمعتاد ، إلاّ أن یمنع عن بعض اللوازم أو کلّها ولو بالقرینة .

نعم ، لو امتنع بعض الشرکاء عن الإذن فی الانتفاع بالمال المشترک بالمهایاة أو غیرها بحیث یستلزم فوات المنافع وتلفها فی مدّة لا یمکن فیها القسمة للمال اجبر علی ذلک بمراجعة الحاکم الشرعیّ ، وإلاّ فینتفع الشریک بمقدار حصّته .

( مسألة 578 ) : الشرکة فی توابع الملک ، کالطریق غیر النافذ المشترک ، والبئر المشترکة ، ونحوها - من الحریم المشترک بین الأملاک ممّا کان الانتفاع بها مبنیّاً بحسب العرف علی عدم الاستئذان ، فیجوز التصرّف بدونه .

( مسألة 579 ) : الشرکة العقدیّة والاکتسابیّة والتی قد تسمّی حالیّاً بالشرکة المضاربیّة ثمرتها جواز تصرّف الشریکین فیما اشترکا فیه بالتکسّب به ، والاشتراک فی الربح والخسران بینهما علی نسبة مالهما فیما کانت فی الأموال ، وتحتاج إلی الإیجاب والقبول ، ویکفی قولهما : « اشترکنا » أو قول أحدهما ذلک مع قبول الآخر ، وقد تتضمّن التشریک فی اصول الأموال إن لم یحصل الاشتراک فی الأموال بسبب سابق ، فتکون متضمّنة للمعاوضة الفعلیّة أیضاً ، ولا یبعد جریان المعاطاة فیها ، بأن خلطا المالین بقصد اشتراکهما فی الاکتساب والمعاملة به ، ولکن تکون حینئذٍ شرکة إذنیّة لا عقدیّة .

( مسألة 580 ) : یعتبر فی الشرکة العقدیّة کلّ ما یعتبر فی العقود المالیّة من البلوغ والعقل والقصد والاختیار وعدم الحجر لفلس أو سفه .

( مسألة 581 ) : الشرکة العقدیّة إمّا فی الأموال فتصحّ نقوداً کانت أو عروضاً ،

ص:181

وتسمّی شرکة العنان ، وأمّا الشرکة فی الأعمال والمنافع وهی الشرکة فی استثمار الأعمال والمنافع فهی علی قسمین :

الأوّل : هی المسمّاة بشرکة الأبدان ممّا لا یتملّک أحد الشریکین منفعة الآخر ، فلا تصحّ بأن أوقع العقد اثنان علی أن یکون اجرة عمل کلّ منهما مشترکاً بینهما ، سواء اتّفقا فی العمل کالخیّاطین أو اختلفا کالخیّاط مع النساج ، کمعاقدة شخصین علی أنّ کلّ ما یحصل کلّ منهما بالحیازة من الحطب أو المباحات الاُخری ، مثلاً : یکون مشترکاً بینهما ، فلا تتحقّق الشرکة فی الأرباح والنتاج بذلک ، بل یختصّ کلّ منهما باُجرته وبما حازه .

القسم الثانی : ما لو ملّک أحدهما أو کلّ منهما الآخر العمل أو المنفعة ، وجعل اجرة ذلک الاشتراک فی الربح ، فتکون إجارة أو موجرة بنسبة من الربح فتصحّ کما مرّ فی المزارعة والمغارسة والمضاربة فی المنفعة مع الأموال ، وتصحّ لو کانت بصیغة الجعالة علی نسبة من الربح کما مرّ .

ولا یخفی أنّ هذا القسم ینطبق علی الشرکة فی الأموال مع المنافع .

ومن هذا القبیل ما لو صالح أحدهما الآخر بنصف منفعته إلی مدّة معیّنة ، کسنة أو سنتین بنصف منفعة الآخر إلی تلک المدّة ، وقبل الآخر فهی موجرة من الطرفین ، فیشترک کلّ منهما فیما یحصّله الآخر فی تلک المدّة من الاُجرة أو الحیازة ، وکذا لو صالح أحدهما الآخر عن نصف منفعته إلی مدّة بعوض معیّن - کدینار مثلاً - وصالحه الآخر أیضاً نصف منفعته فی تلک المدّة بذلک العوض ، لکن هذا النمط هو من تبعیّة النماء للأصل المملوک مشترکاً .

وأمّا شرکة الوجوه وهی الشرکة فی استثمار الاعتبار المالیّ للأشخاص ، فهی علی قسمین :

ص:182

الأوّل : وهی أن یوقّع العقد اثنان وجیهان عند الناس لا مال لهما علی أن یبتاع ویتاجر کلّ منهما فی ذمّته إلی أجل من دون أن یملّک أحدهما الآخر منفعة العمل ، ویکون ما یبتاعه کلّ منهما بینهما فیبیعانه ویوّیان الثمن ، ویکون ما حصل من الربح بینهما وهذه الشرکة فی هذا القسم باطلة .

الثانی : أن یوقعا العقد بنحو المضاربة من الطرفین ، سواء العقدیّة أو الإذنیّة ، بأن یوکّل کلّ منهما الآخر فی أن یشارکه فیما یشتریه ، بأن یشتری لهما وفی ذمّتهما ، فإذا اشتری شیئاً کذلک فیکون لهما ویکون الربح والخسران بینهما ، وهذه تصحّ .

وأمّا شرکة المفاوضة فلا تصحّ وهی الشرکة فی کلّ الاستثمارات بأن یعقد اثنان علی أن یکون کلّ ما یحصل لکلّ منهما من ربح تجارة أو فائدة زراعة أو اکتساب أو إرث أو وصیّة أو غیر ذلک شارکه فیه الآخر ، وکذا کلّ غرامة وخسارة ترد علی أحدهما تکون علیهما . نعم ، یجوز اشتراط ذلک فی ضمن عقد لازم بنحو شرط الفعل بأن یعطی کلّ منهما الآخر ذلک بمقدار نسبة من الربح أو یتدارک کلّ منهما مقدار نسبة من خسارة الآخر ، وهذا النمط من اشتراط الفعل فی ضمن عقد آخر یمکن اعتماده أیضاً بدلاً عن القسم الباطل من شرکة الوجوه وشرکة الأعمال والمنافع .

( مسألة 582 ) : لو آجر اثنان نفسهما بعقد واحد لعمل واحد باُجرة معیّنة کانت الاُجرة مشترکة بینهما ، وکذا لو حاز اثنان معاً مباحاً ، کما لو اقتلعا معاً شجرة أو اغترفا ماءاً دفعة بآنیة واحدة کان ما حازاه مشترکاً بینهما ، ولیس ذلک من شرکة الأبدان الباطلة ، بل هو نمط من اختلاط الأعمال الموجب للشرکة فی الربح ، وتقسّم الاُجرة أو ما حازاه بنسبة عملهما بحسب العرف السوقیّ فی باب

ص:183

الأعمال ولو لم تعلم النسبة ، فالأحوط التصالح .

( مسألة 583 ) : لا بدّ فی الشرکة العنانیّة - التی هی عقد علی التکسّب بالمال المشترک - من الاشتراک فی رأس المال بأحد أسباب الاشتراک المتقدّمة من الامتزاج أو الاستحقاق المشترک بإرث أو سبب معاملیّ مملّک بملکیّة مشترکة ویصحّ أن یبیع أو یصالح کلّ منهما الآخر نصف ماله بنصف ماله الآخر ، کما یصحّ أن ینشأ بالشرکة العقدیّة کلاًّ من التشریک فی اصول الأموال والشرکة التقدیریّة فی ربح الأموال فتکون متضمّنة للمعاوضة الفعلیّة .

( مسألة 584 ) : الظاهر أنّ تملّک العوض فی المعاملة علی المعوض المشترک یقع بنفس الکیفیّة من الاشتراک فی المعوض ، کما هو الحال فی اتّحاد قدر النسبة من الاشتراک ، فلو کان کیفیّة الاشتراک بنحو الکلّیّ فی المعیّن مع المجموع کان العوض کذلک کیفاً وقدراً فی النسبة ، ولو کان بنحو الشرکة فی مالیّة الشیء کما فی حقّ الزکاة والخمس کان العوض کذلک کما مرّ فی باب الزکاة والخمس ، وکذلک لو کانت الشرکة بین حقّ وملک متعلّقین بعین واحدة .

هذا فیما کان العوض عیناً ، وأمّا لو کان نقداً فالظاهر أنّ الاشتراک یکون بنحو الإشاعة فی ملکیّة النقد بحسب مقدار نسبة مالیّة الاشتراک فی المعوض .

( مسألة 585 ) : جواز تصرّف کلّ منهما بالتکسّب برأس المال هو مقتضی إطلاق عقد الشرکة ، وإذا اشترطا کون العمل من أحدهما أو من کلیهما منضمّین أو من شخص ثالث باُجرة فهو المتّبع ، وکذا الحال فی الشرکة الإذنیّة .

( مسألة 586 ) : یجوز العمل والتکسّب بکلّ نحو فیه المصلحة ممّا هو متعارف مع إطلاق العقد أو الإذن ، إذ الشریک بمثابة الوکیل وعامل المضاربة ، ولو عیّنا جهة خاصّة کالاتّجار فی شیء معیّن کالأغنام أو الطعام أو جنس آخر اقتصر

ص:184

علیه ، ولا یتعدّی إلی غیره ، وکذا لا یجوز البیع بالنسیئة ولا السفر بالمال إذا لم یکن یشمله إطلاق العقد بحسب المتعارف .

(مسألة 587): لو تعدّی العامل عمّا عیّن وحدّد بالشرط والتقیید أو بحسب المتارف، فینفذ التصرّف مع ظهور الربح إذا کان الشرط والتقیید راجع إلی الحیطة والاستئمان للمال کما مرّ فی المضاربة و مع الخسارة والتلف یضمن العامل.

(مسألة 588): إطلاق عقد الشرکة یقتضی توزیع الربح والخسران علی الشریکین علی نسبة مالهما، فإذا تساوی مالهما تساویا فی الربح وئالخسران، و مع التفاوت یتفاضلان فیهما علی حسب تفاوت مالیهما، من غیر فرق بین ما کان العمل من أحدهما أو منهما بالتساوی أو منهما بالاختلاف.

و لو شرطا التفاوت فی الربح مع التساوی فی المال أو تساویهما فی الربح مع تفاوتهما فی المال، فإن جعلت الزیادة للعامل منهما صحّ، سواء کان الآخر عاملاً أم لا، و سواء کان عمل مَن اشترطت له الزیادة أزید عملاً أو مساوی أو أقلّ، و سواء کان العمل منه مباشرة أو بالتسبیب کاستئجار عامل و إن جعلت الزیادة لغیر العامل، فالاظهر والاقوی بطلان الشرط والشرکة معاً، و إن صحّت العقود المترتّبة علیها، و کذا الحال لو شرطا تمام الربح لاحدهما أو تمام الخسران علی أحدهما.

و أمّا لو شرطا التفاوت فی الخسران لا بحسب نسبة المال، له وجه و هو بمعنی استقراض من زادت خسارته علی نسبة ماله من مال الاخر بذلک القدر.

(مسألة 589): العامل من الشریکین أمین، فلا یضمن التلف إرا لم یتعدّی ولو بالتفریط، و اذا ادّعی التلف قبل قوله مع الیمین بالتفصیل الذی مرّ فی

ص:185

عامل المضاربة ، و کذا إذا ادّعی الشریک علیه التعدّی أو التفریط و قد أنکر.

(مسألة 590): عقد الشرکة جائز من الطرفین، فیجوز لکلّ منهما فسخه، فینفسخ کما مرّ فی المضاربة، لکن لا یبطل بذلک الاشتراک فی رأس المال.

و کذا تنفسخ بعروض الموت والجنون والاغماء والحجر بالفلس أو السفه و تبقی أصل الشرکة فی رأس المال.

نعم، مرّ فی المضاربة صحّة انعقادها بنحو الاجارة و ان کانت الاجرة نسبة من الربح، و علی هذا التقدیر تکون لازمة، کما أنّه لو اشترطت الشرکة فی عقد لازم ولو ضمن المعاوضة للتشریک فی المالین کانت لازمة تکلیفاً لا وضعاً.

(مسألة 591): لو جعلا للشرکة أجلاً لم یلزم، فیجوز لکلّ منهما الرجوع قبل انقضائه، الاّ إذا اشترطاه فی ضمن عقد لازم فیلزم تکلیفاً.

(مسألة 592): اذا تبیّن بطلان عقد الشرکة کانت المعاملات الواقعة قبله محکومة بالصحّة و لهما الربح و علیها الخسران علی نسبة المالین، و لکلّ منهما اجرة مثل عمله.

ص:186

القسمة

وهی تعیین وتمییز وفصل الحقوق الکلّیّة المشاعة من حصص الشرکاء بعضها من بعض ، ولیست ببیع ولا معاوضة ، فلا یجری فیها خیار المجلس ولا خیار الحیوان المختصّان بالبیع ، أو فی وجه بالمعاوضات ، ولا یدخل فیها الربا المعاوضی وإن عمّ جمیع المعاوضات .

( مسألة 593 ) : لا بدّ فی القسمة من تعدیل السهام ، وهو - أوّلاً - إمّا بحسب الأجزاء والکمّیّة کیلاً أو وزناً أو عدّاً أو مساحة ، وتسمّی « قسمة إفراز » وهی جاریة فی المثلیّات - کالحبوب والأدهان وأنواع الخلّ والألبان ونحوها - وفی بعض القیمیّات المتساویة الأجزاء - کما فی طاقة الخام للثوب الواحد الذی تساوت أجزاو ، وکالقطعة الواحدة من الأرض المتساویة الأجزاء فی القیمة والصفات - .

وثانیاً : بحسب القیمة والمالیّة ، کما فی القیمیّات إذا تعدّدت ، کالعبید والأغنام والعقار والأشجار إذا ساوی بعضها مع بعض بحسب القیمة لا بحسب العدد الکمّیّ ، کما إذا اشترک اثنان فی ثلاثة أغنام قد ساوی قیمة أحدها مع اثنین منها ، فیجعل الواحد سهماً والاثنان سهماً ، ویسمّی ذلک «قسمة التعدیل» .

وثالثاً : بضمّ مقدار من المال مع بعض السهام لیعادل البعض الآخر ، کما إذا کان بین اثنین عبدان قیمة أحدهما خمسة دنانیر والآخر أربعة ، فإنّه إذا ضمّ

ص:187

إلی الثانی نصف دینار تساوی مع الأوّل ، وتسمّی «قسمة الردّ » .

رابعاً : إذا امتنع التقسیم بما سبق أو حصل تضرّر الجمیع بالقسمة بذلک ، فلا بدّ من التقسیم بطریق آخر من بیع أو صلح أو مهایاة أو بنحو آخر ، إذا لم یتمکّن أن یبیع مَن یطلب القسمة حصّته من دون ضرر .

( مسألة 594 ) : الأموال المشترکة قد لا یتأتّی فیها إلاّ قسمة من نمط واحد ، وقد یتأتّی فیها القسمة من نمطین أو من ثلاثة ، فیتعیّن تقدیم الإفراز علی التعدیل ، والتعدیل علی قسمة الردّ ، وقسمة الردّ علی البیع ، وتقسیم الثمن . نعم ، تصحّ لو تراضیا علی اختیار المتأخّر مع إمکان المتقدّم .

( مسألة 595 ) : لا یعتبر فی القسمة العلم بمقدار السهام بعد أن کانت معدّلة ، فلو کانت صبرة من حنطة مجهولة الوزن بین ثلاثة فجعلها ثلاثة أقسام معدّلة بمکیال مجهول المقدار ، أو کانت بینهم عرصة أرض متساویة الأجزاء فجعلها ثلاثة أجزاء متساویة بخشبة أو حبل لا یدری کم طولها من وحدة المقیاس ، صحّ لأنّ القسمة لیست معاوضة .

( مسألة 596 ) : إذا طلب أحد الشریکین القسمة بأحد أقسامها ، فإن انحصر طریق القسمة الخالی عن الضرر بأحد الأنحاء أو لم ینحصر ، وکان متقدّماً رتبة ، فله أن یجبر الآخر علی القسمة وتکون قسمة إجبار ، وإن لم ینحصر بها وکان متأخّراً أو کانت مستلزمة للضرر ، فللشریک الامتناع عنها ولم یجبر علیها لو امتنع ، وتسمّی « قسمة تراض » .

فلو کانا شریکین فی حنطة وشعیر وتمر وزبیب فطلب أحدهما قسمة کلّ نوع بانفراده قسمة إفراز اجبر الممتنع ، وإن طلب قسمتها بالتعدیل بحسب القیمة لم یجبر ، وکذا إذا کانت بینهما قطعتا أرض أو عقار . نعم ، لو کانت قسمتها

ص:188

منفردة مستلزمة للضرر اجبر الممتنع علی التعدیل .

( مسألة 597 ) : إذا اشترک اثنان فی دار ذات علوّ وسفل ، وأمکن قسمتها علی نحو یحصل لکلّ منهما حصّة من العلوّ والسفل بالإفراز أو بالتعدیل أو قسمتها علی نحو یحصل لأحدهما العلوّ وللآخر السفل ولم یستلزم الضرر ، فإن طلب أحدهما القسمة علی النحو الأوّل یجبر الآخر لو امتنع ، ولا یجبر علی النحوین الآخرین مع إمکان الأوّل ، وأمّا مع عدم إمکانه أو استلزامه الضرر فیتعیّن الثانی عند طلب أحدهما ، وإلاّ فالثالث . نعم ، مع التراضی لهما اختیار أی نحو من الثلاثة .

( مسألة 598 ) : لو کانت دار ذات بیوت أو عمارة ذات طوابق بین جماعة ، وطلب بعض الشرکاء القسمة أجبر الباقون ، إلاّ إذا استلزم الضرر کأن یول التقسیم إلی الضیق مع کثرة الشرکاء .

( مسألة 599 ) : إذا کان بینهما بستان مشتمل علی نخیل وأشجار ، فقسمة الأرض بأشجارها ونخیلها قسمة إجبار إذا طلبها أحدهما یجبر الآخر بخلاف قسمة کلّ من الأرض علی حدة والأشجار علی حدة ، فإنّها قسمة تراض لا یجبر علیها الممتنع مع إمکان النحو الأوّل .

( مسألة 600 ) : إذا کانت بینهما أرض مزروعة یجوز قسمة کلّ من الأرض والزرع ، قصیلاً کان أو سنبلاً علی حدة ، وتکون القسمة قسمة إجبار ، وأمّا قسمتها معاً فهی قسمة تراضٍ لا یجبر الممتنع علیها إلاّ إذا انحصرت القسمة الخالیة عن الضرر فیها فیجبر علیها .

هذا إذا کان الزرع قصیلاً أو سنبلاً ، وأمّا إذا کان حبّاً مدفوناً أو مخضرّاً فی الجملة ولم یکمل نباته ، فلا إشکال فی قسمة الأرض وحدها وبقاء الزرع علی

ص:189

إشاعته ، کما أنّه لا إشکال فی عدم جواز قسمة الزرع مستقلاًّ . نعم ، لا یبعد قسمة الأرض بزرعها إذا عدّ من توابعها ، وإن کان الأحوط إفراز الزرع بالمصالحة .

( مسألة 601 ) : إذا کانت بینهم دکاکین متعدّدة متجاورة أو منفصلة ، فإن أمکن قسمة کلّ منها بانفراده وطلبها بعض الشرکاء فی مقابل طلب بعضهم قسمة بعضها فی بعض بالتعدیل لکی یتعیّن حصّة کلّ منهم فی دکّان تامّ أو أزید یقدّم ما طلبه الأوّل ویجبر البعض الآخر لو امتنع ، إلاّ إذا کان فی النحو الأوّل

ضرر علی الشرکاء بخلاف الثانی .

( مسألة 602 ) : إذا کان بینهما حمّام وشبهه ممّا لم یقبل القسمة الخالیة عن الضرر لم یجبر الممتنع ، بخلاف ما لو کان کبیر بحیث یقبل الانتفاع بصفة الحمّامیّة من دون ضرر ولو بإحداث مرافق خدمیّة للأبعاض ، فالأقرب الإجبار . نعم ، فی الشقّ الأوّل تصل النوبة إلی القسمة بالبیع ونحوه وتوزیع الثمن .

( مسألة 603 ) : لو کان لأحد الشریکین عشر من دار - مثلاً - وهو لا یصلح للسکنی ویتضرّر هو بالقسمة دون الآخر ، وطلب هو القسمة بغرض صحیح یجبر شریکه ولا یجبر هو لو طلبها الآخر . نعم ، للآخر القسمة بالبیع لتوزیع الثمن بینهما بالنسبة لو لم یمکنه بیع حصّته من دون تضرّر .

( مسألة 604 ) : یکفی فی الضرر المانع عن الإجبار ترتّب نقصان فی العین أو القیمة بسبب القسمة بما لا یتسامح فیه فی العادة ، وإن لم یسقط المال عن قابلیّة الانتفاع بالمرّة .

( مسألة 605 ) : لا بدّ فی القسمة من تعدیل السهام إمّا بالفرز أو بنسبة القیمة

ص:190

والحصّة ، فإن کان تراضی فهو ، وإلاّ فلا بدّ من القرعة فی قسمة الإجبار ، أمّا کیفیّة التعدیل فإن کانت حصص الشرکاء متساویة فتعدّل السهام بعدد الروس ، وإن کانت الحصص متفاوتة فیجعل السهام علی أقلّ الحصص ، کما إذا کان المال بین ثلاثة سدس لناصر وثلث لزید ونصف لمنصور ، فتجعل السهام ستّة معلّمة کلّ منها بعلامة تمیّزه عن غیره .

وأمّا کیفیّة القرعة ، فلها أنماط عدیدة ، منها أن توذ رقاع بعدد روس الشرکاء ویتخیّر بین أن یکتب علیها أسماء الشرکاء أو أسماء السهام ، ثمّ تخلط وتستر ویور مَن لم یشاهدها فیخرج واحدة واحدة ، فإن کتب علیها اسم الشرکاء فیعیّن السهم ویخرج رقعة باسم ذلک السهم بقصد أن یکون السهم لکلّ مَن خرج اسمه أو العکس .

وأمّا ما کانت الحصص متفاوتة فلا بدّ من قصد أنّ کلّ مَن خرج اسمه کان له ذلک السهم مع ما یلیه بما یکمل تمام حصّته .

( مسألة 606 ) : الظاهر أنّه لیست للقرعة کیفیّة خاصّة ، وإنّما تکون الکیفیّة منوطة بمواضعة القاسم والمتقاسمین بإناطة التعیّن بتفویض أمرهم إلی اللّه تعالی ( جلّ شأنه ) لیس لإرادة المخلوق مدخلیّة ، سواء کان بکتابة رقاع أو إعلام علامة فی حصاة أو نواة أو ورق أو خشب أو غیر ذلک .

( مسألة 607 ) : الأقوی أنّه إذا بنوا علی التقسیم وعدّلوا السهام وأوقعوا القرعة فقد تمّت القرعة وإن کانت قسمة تراض ، ولا یحتاج إلی تراض آخر بعدها فضلاً عن إنشائه ، وإن کان هو الأحوط فی قسمة الردّ .

( مسألة 608 ) : إذا طلب بعض الشرکاء المهایاة فی الانتفاع بالعین المشترکة ، إمّا بحسب الزمان بأن یسکن هذا فی شهر وذاک فی شهر - مثلاً - وإمّا بحسب

ص:191

الأجزاء بأن یسکن هذا فی الفوقانیّ وذاک فی التحتانیّ - مثلاً - لم یلزم علی شریکه القبول ولم یجبر إذا امتنع ، ویصحّ مع التراضی لکن لیس بلازم ، فیجوز لکلّ منهما الرجوع . نعم ، یجوز الاجبار علیها إذا امتنعت قسمة العین ولو لأمد محدود وانحصر استیفاء المنفعة بذلک کما مرّ . هذا فی شرکة الأعیان .

وأمّا فی شرکة المنافع فینحصر إفرازها بالمهایاة لکنّها غیر لازمة أیضاً ، ولا یجبر علیها إلاّ فی صورة ما مرّ . نعم ، لو حکم الحاکم الشرعیّ بها فی مورد لأجل حسم النزاع والجدال فیجبر الممتنع وتلزم .

( مسألة 609 ) : القسمة فی الأعیان إذا وقعت وتمّت لزمت ولیس لأحد من الشرکاء إبطالها وفسخها ، بل الظاهر أنّه لیس لهم فسخها وإبطالها بالتراضی إذا کانت القسمة بالقرعة ، لأنّ الظاهر عدم مشروعیّة الإقالة فیها .

( مسألة 610 ) : لا تشرع القسمة فی الدیون المشترکة ، فإذا کان لزید وناصر معاً دیون علی الناس بسبب یوجب الشرکة - کالإرث - فأرادا تقسیمها قبل استیفائها فعدّلا النسبة بین الدیون وجعلا ما علی الحاضر - مثلاً - لأحدهما وما علی البادی لأحدهما لم یفرز ، بل تبقی علی إشاعتها ، فکلّ ما حصل لکلّ منهما یکون لهما ، وکلّ ما یبقی علی الناس یکون بینهما ، ولو اشترکا فی دَین علی أحد واستوفی أحدهما حصّته - بأن قصد کلّ من الدائن والمدیون أن یکون ما یأخذه وفاءاً وأداءاً لحصّته من الدین المشترک - ففی تعیّنه له وبقاء حصّة الشریک فی ذمّة المدیون إشکال ، بل منع .

( مسألة 611 ) : لو ادّعی أحد الشریکین الغلط فی القسمة أو عدم التعدیل فیها ، وأنکر الآخر ، لا تسمع دعواه إلاّ بالبیّنة ، فإن قامت علی دعواه نقضت القسمة واحتاجت إلی قسمة جدیدة ، وإن لم تکن بیّنة کان له إحلاف الشریک .

ص:192

( مسألة 612 ) : إذا قسّم الشریکان فصار فی حصّة هذا بیت وفی حصّة الآخر بیت آخر ، وقد کان یجری ماء أحدهما علی الآخر لم یجز للثانی منعه ، إلاّ إذا اشترطا حین القسمة ردّ الماء عنه ، ومثل ذلک لو کان مسلک البیت الواقع لأحدهما فی نصیب الآخر من الدار .

( مسألة 613 ) : لا یجوز قسمة الوقف بین الموقوف علیهم ، إلاّ إذا وقع تشاحّ بینهم موِّ إلی خرابه لا ترتفع غائلته بالقسمة فی المنافع بحسب المدد الزمنیّة فیما بین الموجودین إلاّ بالقسمة لأصل عین الوقف ، وإلاّ إذا اشترط ذلک الواقف . نعم ، یصحّ قسمة الوقف عن الملک الطلق بأن کان ملک واحد نصفه المشاع وقفاً ونصفه ملکاً ، بل الظاهر جواز قسمة وقف عن وقف وهو فیما إذا کان ملک بین اثنین فوقف أحدهما حصّته علی ذرّیّته - مثلاً - والآخر حصّته علی ذرّیّته ، فیجوز إفراز أحدهما عن الآخر بالقسمة ، والمتصدّی لذلک الموجودون من الموقوف علیهم وولیّ البطون اللاحقة .

ص:193

ص:194

السبق والرمایة

هو المسابقة فی الأمر بین شخصین أو أکثر لمعرفة الأجود منهم ، أو الأکثر مهارة ، أو فنّاً ، أو اتقاناً ، أو معرفة .

وعقد المعاملة هی جعل أو بذل عوض لمَن یسبق فی الحلبة والمضمار مکافاة له علی سبقه وفوزه ، ویطلق علی العوض الخطر ، ویسمّی الرهن أیضاً ، وتسمّی المسابقة بالمراهنة ، بل لا یبعد صدق المراهنة من دون عوض وجوازه خاصّ بالآلات العسکریّة ، ومنها المعاملة علی إجراء الخیل وما شابهها فی حلبة السباق لمعرفة الأجود منها ، والأفرس من المتسابقین .

وکذا المعاملة علی المناضلة بالسهام أو غیرها لیعلم حذق الرامی ومهارته فی الرمایة والفروسیّة .

وفائدة المسابقة من دون المراهنة التکامل والارتقاء التنموی فی المهارات والفنون والصناعات النافعة المباحة أو الراجحة ، وکذا فی العلوم والمعارف المتنوّعة ، والانبعاث علی الجدّ فی کلّ المجالات التی یخوض فیها الإنسان فی حیاته ، وإثارة روح التنافس فی الغایات الصالحة والخیرات والاستباق إلیها ، سواء العسکریّة - التی هی أصل أدلّة هذا الباب - أو غیرها ، کالتکافل الاجتماعی وغیره .

فمن المجال الأوّل ما اشیر إلیه فی الأدلّة فی قوله تعالی: وَ أَعِدُّوا لَهُمْ

ص:195

مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ مِنْ رِباطِ الْخَیْلِ،1 أی بعث العزم علی الاستعداد للقتال ، ومعرفة فنون الحرب دفاعاً عن النفس والدین والعِرض والمال .

هذا بخلاف المسابقة لغایة باطلة ، کاللّهو المجونی الموجب لفتنة الغرائز من الغضبیّة والشهویّة وشعبهما ، وسکر القلب والعقل المفقد للتوازن والسیطرة علی النفس وصیرورته إلی الخفّة ، ومن الغایة الباطلة القمار مع الرهن أو بدونه باللّعب بآلاته ، وکذا المراهنة فی اللّعب ، برهن أو بدونه ، للمغالبة والتحدّی والمفاخرة ، وممّا یوّی نظام اللّعب ومقرّراته إلی الإیذاء والإضرار والعداوة والبغضاء ، بخلاف ما إذا کان نظام وقوانین اللّعبة ودّیّة یثار فیها التنافس من دون تصاعد إلی العداوة والبغضاء .

هذا فی غیر التسابق فی الآلات العسکریّة ، وأمّا فیها فیجوز المراهنة المالیّة ، وتجوز المغالبة فیها ، فإنّه لا سبق رهان أو لهو إلاّ فیها ، کما ورد بذلک النصّ .

نعم ، تجوز الجوائز والمکافئات فی المسابقات فی غیرها ، فی الأغراض الراجحة بشرط عدم صدق المراهنة المالیّة .

( مسألة 614 ) : عقد المسابقة هو التزام کلّ واحد من المتسابقین للآخر أو للآخرین بالمسابقة بینهما أو بینهم بقیود ومقرّرات وشرائط نظام عمل المسابقة ، وباستحقاق مَن یسبق العوض المبذول ، وهو عقد لازم وإن لم یکن أثره وحکمه الوجوب التکلیفی لنفس فعل التسابق ، فإنّ السابق یستخرج إمّا بإخفاق الآخر فی الإجراء ، أو بانکفاءه وإحجامه عن التسابق .

ولا بدّ فی العقد من إیجاب وقبول .

ص:196

ویصحّ فی الآلات المستعملة فی الحرب ، کالحراب والسیوف والإبل والفیلة والخیل والبغال والحمیر ، ولا یبعد صحّة المسابقة فی جمیع الآلات المستعملة فی ذلک المتداولة فی هذه الأعصار .

( مسألة 615 ) : یجوز أن یکون العوض عیناً ودیناً ، وأن یبذله أجنبیّ أو أحدهما ، أو من بیت المال ، ویجوز جعله للسابق وللمحلّل ، ولیس المحلّل شرطاً فی صحّة العقد ، وإن کان معه یکون العقد أبعد عن القماریّة .

( مسألة 616 ) : لا بدّ فی المسابقة من تعیین الجهات التی یکون الجهل بها موجباً للنزاع ، فلا بدّ من تقدیر المسافة والعوض ، وتعیین الدابّة ، ولا بدّ فی الرمایة من تقدیر عدد الرمی ، وعدد الإصابة وصفتها ، وقدر المسافة ، والغرض ، والعوض ، ونحو ذلک .

( مسألة 617 ) : المحلّل هو الذی یدخل بین المتراهنین ولا یبذل معهما عوضاً ، بل یجری دابّته بینهما أو فی أحد الجانبین علی وجه یتناوله العقد علی أنّه إن سبق بنفسه أو مع غیره أخذ العوض أو بعضه علی حسب الشرط ، وإن لم یسبق لم یغرم شیئاً .

( مسألة 618 ) : إذا قالا بعد أن أخرج کلّ منهما سبقاً من نفسه وأدخلا محلّلاً : « مَن سبق منّا ومن المحلّل فله العوضان » ، فمَن سبق من الثلاثة فهما له ، فإن سبقا فلکلّ ماله ، وإن سبق أحدهما والمحلّل ، فللسابق ماله ونصف مال الآخر ، والباقی للمحلّل .

( مسألة 619 ) : إذا فسد العقد فلا اجرة للغالب ، ویضمن العوض إذا ظهر مستحقّاً للغیر مع عدم إجازته ، وعدم کون الباذل غارّاً .

( مسألة 620 ) : یحصل السبق بتقدّم العنق أو الکند - وهو العظم الناتئ بین

ص:197

الظهر وأصل العنق - إذا لم تکن قرینة علی مشارطة اخری .

( مسألة 621 ) : لا یصحّ العقد إذا اشترط أن یکون العوض - کلّه أو بعضه - لشخص غیر مشارک فی المسابقة ، وان اشترک فی تنظیمها أو إعدادها .

کما یشترط فی المتسابقین القدرة علی التسابق ، فلو کان أحدهما عاجزاً أو طرء العجز بعد العقد قبل المسابقة بطل العقد .

( مسألة 622 ) : لیس من المسابقة المبحوث عنها أن یرسل کلّ واحد منهما فرسه أو دابّته من غیر أن یرکبها ، فتستبق الدابّتان بینهما من غیر فارس أو راکب ، ولا یصحّ العقد علیه .

( مسألة 623 ) : لا تصحّ المراهنة بین أحد المتسابقین وبین شخص ثالث غیر مشارک فی السباق ، ویصحّ تخصیص العوض والجعل بأحد المتسابقین دون الآخر إذا سبق أو بالمحلّل کذلک .

( مسألة 624 ) : تصحّ المراهنة علی السبق فی الآلات العسکریّة وإن کانت الغایة لغیر الوجه الراجح من تشریع المسابقة ، کاللّهو أو الاسترباح المالی بالمراهنة . نعم ، لو ترتّبت درجة شدیدة من المجون والفتنة ، ودرجة فاحشة من الرهان المالی ممّا یعدّ قماراً محضاً ، ونحوها من الغایات المحرّمة بشدّة ، فالأوجه المنع .

( مسألة 625 ) : تحرم الألعاب اللّهویّة المجونیّة التی توجب افتتان الغضب وتهییج العصبیّات والإحن والحزازات وموجبات الفرقة والشقاق ، واشتعال التحدّی ممّا یسکر قلب الإنسان عن التوازن والعقل عن السیطرة علی المشاعر ، وتشتدّ الحرمة مع المراهنة المالیّة ، فتکون قماراً ، وکذا المسابقة علیها ، وکذا التجمهر والاجتماع للتفرّج علیها ، وأخذ الاُجرة علی ذلک باطل .

ص:198

( مسألة 626 ) : تصحّ المسابقة علی الألعاب الریاضیّة الخالیة من اللّهو المتقدّم ، لکن لا تصحّ المراهنة المالیّة علیها بین المتسابقین ، وتجوز الجوائز إذا لم تعدّ مراهنة مالیّة ولا ممارسة للاسترباح المالی ، بل مکافأة وتبرّع وتکریم ، کما هو الحال إذا کانت الجائزة من أجنبیّ متبرّع أو من بیت المال ، کما تصحّ وترجّح المسابقات علی الأعمال الراجحة ، کحفظ القرآن والنصوص الدینیّة وبقیّة الأعمال الخیریّة وأبواب البرّ .

ص:199

ص:200

کتاب الودیعة والأمانات

اشارة

وهی جعل عهدة حفظ العین وصونها علی الغیر ، وهو مفاد عنوان الائتمان فی الحفظ . هذا من جانب المودع ، والتزام بالحفظ من الودعی لمالک المال ما دام فی یده ، وتتضمّن استنابة فی الحفظ ، بل تولیة وتسلیط علی الحفظ . ویقال لصاحب المال : المودع ، ولذلک الغیر : الودعی والمستودع .

( مسألة 627 ) : یتحقّق عقدها بإیجاب من المودع ، وهو کلّ لفظ دالّ علی الإیداع والائتمان ، کقوله: « أودعتک هذا المال ، أو احفظه ، أو هو ودیعة عندک » ، وقبول من الودعی ، وهو کلّ قول دالّ علی الرضا بذلک ، ویجوز أن یکون الإیجاب باللّفظ والقبول بالفعل ، بأن یتسلّم العین بعد الإیجاب ، بل یکفی السکوت وعدم الردّ مع الالتفات مع کون العین تحت یده ، کما تصحّ أن یکون الإیجاب بالکتابة ، وأمّا المعاطاة بالفعل من دون لفظ ، فمفادها الإذن فی الحفظ من دون التزام بذلک .

وفی اشتراط القبض فی تحقّق الودیعة وجه ولو بالتمکین .

( مسألة 628 ) : لو وضع مالاً عند آخر وقال : « هذا ودیعة عندک » ولم یقبلها ، لم تتحقّق الودیعة وإن ذهب وترکه عنده تحت تصرّفه فأهمله وتلف المال ، فلیس علیه ضمان وإن کان أمانة شرعاً ما لم یتصرّف ویضع یده علیها . نعم ، الظاهر کفایة السکوت مع الالتفات وعدم الردّ عرفاً .

ص:201

( مسألة 629 ) : القدرة علی الحفظ شرط فی صحّة الودیعة ، وحیث إنّ القدرة والحفظ درجات ، فهی تصحّ بلحاظ ما هو متوفّر منها ، ولا تصحّ بلحاظ ما هو منتفٍ منها ، والعاجز لا یجوز له أخذ الودیعة ما لم یکن المالک عالم بعجزه ، وحینئذٍ فتکون أمانة مالکیّة لا ودیعة فی مقدار الحفظ العاجز عنه .

( مسألة 630 ) : الودیعة عقد جائز من الطرفین ، فللمالک استرداد ماله متی شاء ، وللودعی ردّه أیضاً ، ولیس للمودع الامتناع من أخذه ، ویکفی فی الردّ إعلام المالک أو المخوّل من قِبله . نعم ، لو شرطت فی ضمن عقد آخر لازم بنحو النتیجة لزم الأثر .

( مسألة 631 ) : یعتبر فی الودعی والمودع الشرائط العامّة فی العقود ، فلو أخذ المال من غیر الکامل ضمنه حتّی یوصله إلی ولیّه . نعم لا بأس بأخذه حسبة إذا خیف هلاکه وتلفه فی یده ، وتکون أمانة شرعیّة ، ویجب حفظها وإیصالها إلی ولیّه ولو بإعلامه ، ولا یضمن مع عدم التفریط .

( مسألة 632 ) : لو أوصل شخص کامل مالاً بواسطة غیر الکامل - کآلة للإیصال لیکون ودیعة عنده - فأخذه ، فالظاهر تحقّق الودیعة بذلک .

( مسألة 633 ) : لو أودع عند الصبیّ والمجنون غیر الممیّزین مالاً لم یضمناه بالتلف ولا بالإتلاف ، وإن کانا ممیّزین بدرجة تتناسب مع الاستئمان ، فیضمنان مع الإتلاف ، وفی ضمانهما مع التفریط فی الحفظ والإهمال إشکال إن لم یکن منع ، فضلاً عن ضمانهما بمجرّد القبض .

( مسألة 634 ) : یجب علی الودعی حفظ الودیعة بما جرت العادة بحفظها به ، ووضعها فی الحرز المناسب لها ، إلاّ أن یعیّن المالک نمطاً خاصّاً فی الحفظ بلحاظ المکان أو الکیفیّة ، وحفظ کلّ شیء بحسبه لدی العرف بنحو لا یعدّ معه

ص:202

عند العرف مضیّعاً ومفرّطاً وخائناً ، وکذا القیام بصونها من العیب أو التلف ، فلو أهمل ضمن .

( مسألة 635 ) : لو عیّن المودع موضعاً خاصّاً اقتصر فی الحفظ علیه ، ولا یجوز نقلها إلی غیره وإن کان أحفظ ، ولو نقلها ضمن ، إلاّ أن تکون فی المحلّ الذی عیّنه المالک فی معرض التلف .

( مسألة 636 ) : لا یضمن الودعی الودیعة بالتلف مع عدم التفریط والإهمال ، وکذا لو أخذها منه ظالم قهراً ، سواء انتزعها من یده أو أمره بدفعها له بنفسه فدفعها کرهاً إذا کان الإکراه والضرر المتوعّد به متوجّه أصالة إلی المال وصاحبه ، وکان بدرجة لا یتحمّلها العقلاء بحسب درجة ذلک المال .

( مسألة 637 ) : یجب علی الودعی دفع الظالم بمثل الإنکار کذباً ، أو الحلف علیه ، أو التوریة ، ونحوها ، فإن لم یفعل ضمن .

( مسألة 638 ) : لا یجب مدافعة الظالم إذا کانت موّیة إلی الضرر علی بدنه من جرح وغیره ، أو هتک فی عِرضه ، أو خسارة فی ماله ، بل قد یحرم ذلک فی الجملة . نعم ، لا بدّ من الموازنة بین قیمة مال الودیعة وأهمیّتها مع الضرر المترتّب ، وملاحظة حکم العقلاء والعرف باستحقاقه للتحمّل أو عدمه ، فمع کون الضرر یسیراً بالإضافة إلی أهمیّة المال فی نظرهم ، فیحسب ما یخسره من المال من الموة لحفظ الودیعة ولم یجب علیه الدفع تبرّعاً .

( مسألة 639 ) : لو توقّف دفع الظالم عن الودیعة علی بذل مال له أو لغیر الظالم ، فإن کان بدفع بعضها وجب ، ولو أهمل وأخذ الظالم کلّها ضمن المقدار الزائد ، وکذا فیما کان عنده ودیعتان لشخص ، وکان یندفع بإحداهما المعیّنة ضمن الاُخری ، أو لا علی التعیین فیضمن أکثرهما قیمة .

ص:203

ولو توقّف دفعه علی المصانعة معه بدفع مال من الودعی وجب علیه مع اقتضاء الحفظ ذلک فی نظر العرف ، وجاز له قصد الرجوع علی المالک .

( مسألة 640 ) : لو کانت الودیعة دابّة ، وجب علیه سقیها وعلفها ولو لم یأمره المالک ، بل ولو نهاه إلاّ أن یردّها إلیه ، وکذا مراعاة حفظها بالنحو المعتاد ، ولو توقّف الإنفاق علیها علی بیع بعضها ، فلا بدّ من الاستئذان من المالک ، وإلاّ فمن الحاکم .

( مسألة 641 ) : تبطل الودیعة بموت أو جنون أو إغماء غیر القصیر مدّة منهما ، کلّ واحد من المودع والودعی ، فإن کان هو المودع تکون الودیعة أمانة شرعیّة فی ید الودعی ، فیجب علیه ردّها فوراً إلی وارث المودع أو ولیّه ، ولو بإعلامهما ، ولو أهمل ضمن ، ولا یضمن إذا کان للتروّی والفحص عن الوارث وانحصاره ، واللازم تسلیمها إلی جمیع الورثة ، وإلاّ ضمن حصص الباقین ، وإن مات الودعی فتکون أمانة شرعیّة فی ید وارثه وولیّه وعلیهما الردّ إلی المودع ولو بإعلامه .

( مسألة 642 ) : یجب المبادرة بردّ الودیعة عند المطالبة وإن کان المودع کافراً محترم المال ، بل وإن کان حربیّاً مباح المال ، علی الأحوط .

والمقدار الواجب علیه هو رفع یده عنها والتخلیة بینها وبین المالک ، لا نقلها إلیه ، کما أنّ المبادرة هی بنحو الفوریّة العرفیّة ، فلا تتنافی مع التأخیر لأجل التشاغل بالاُمور المعتادة .

ویجوز له التأخیر لیشهد علیه ، وإن کان الإیداع بلا إشهاد ما لم یستلزم تأخیراً کثیراً ، کما یجوز مع ترخیص المالک .

( مسألة 643 ) : لو أودع اللّص أو الغاصب المال عند شخص أو مطلق

ص:204

مَن استولی علی مال لیس له بحقّ ولو جهلاً ، فلا یجوز له ردّه إلیه مع الإمکان ، ویکون أمانة شرعیّة عنده ، فیجب علیه إیصاله إلی صاحبه ، فإن جهله فحص عنه وعرّف بها حتّی ییئس ، ثمّ یتصدّق بها عنه ، وتعیّن التصدّق هو الأحوط ، ویستأذن الحاکم الشرعی فیه .

ثمّ إن وجد المالک ولم یرض بالتصدّق غرم له علی الأحوط ، إن لم یکن الأقوی ، وکان الأجر للغارم .

( مسألة 644 ) : یجب ردّ الودیعة أیضاً إذا خاف علیها من تلف أو سرقة ونحو ذلک ، وکذا إذا عجز عن حفظها ، وإن لم یمکنه ذلک ولو بإعلام المالک ، فیتعیّن علیه إعلام الحاکم الشرعی لحفظها عنده أو عند ثقة أمین .

( مسألة 645 ) : یجب ردّ الودیعة أیضاً عند ظهور أمارات الموت للودعی ، کما مرّ ، ومع فقد الحاکم یوصی ویشهد علی ذلک بنحو یحفظ المال لصاحبه ، کذکر تفاصیل أوصاف العین وصاحبها ، ولو أهمل ضمن ، ویکفی فی الحفظ کون الوارث مطّلعاً ثقة أمیناً .

( مسألة 646 ) : یجوز للودعی السفر وإبقاء الودیعة فی حرزها عنده ولو لم یکن السفر ضروریّاً ، مع عدم توقّف حفظها علی حضوره . وإلاّ فعلیه إمّا ترک السفر وامّا ردّها إلی مالکها أو ولیّه . نعم ، لو علم ولو بالفحوی أو القرائن رضا المالک بإیداعها الموّت لثقة أمین ، أو اصطحابها فی السفر لإمکان حفظها فیه ، جاز .

وأمّا لو کان السفر لضرورة عرفیّة ، فتعذّر ردّها إلی المالک أو ولیّه ، فیجوز إیداعها موّتاً عند الحاکم ، وإلاّ فالثقة الأمین ، أو السفر بها مع الأمن من حفظها ویرجّح الأحفظ للودیعة من الاُمور الثلاثة ، أو لکونه الأقرب لرضا المالک ،

ص:205

لکان متّجهاً .

( مسألة 647 ) : الودعی وهو المستودع مستأمن مأذون ، فلیس علیه ضمان عند تلف الودیعة أو تعیّبها ، إلاّ مع التفریط والتعدّی ، کما هو الحال فی کلّ أمین محسن ، والتفریط یتحقّق بالإهمال وترک آلیات الحفظ المتعارفة ، والتعدّی هو بالتصرّف فیها بغیر المأذون أو بقصد الخیانة .

( مسألة 648 ) : مع التفریط والتعدّی یکون تلف العین مضموناً علیه ، ولو لم یستند التلف إلی التفریط والتعدّی ، وتنقلب یده الأمانیّة غیر الضمانیّة إلی الخیانیّة الموجبة للضمان . هذا إذا کان التفریط والتعدّی بدرجة وبنمط یوجب انفساخ عقد الأمانة عرفاً ، وزوال الإذن فی الحفظ ، وأمّا فیما لم یکن کذلک ولم تنقلب یده فی نظر العرف ، فالتفصیل هو الأقوی بین ما لو کان التلف مستنداً إلی التفریط والتعدّی فیه فیضمن ، وبین ما لو کان غیر مستند فلا یضمن ، فالإذن المالکی بلحاظ القیود فی التصرّفات تارة بنحو وحدة المطلوب ، واُخری بتعدّد المطلوب .

( مسألة 649 ) : لو نوی التصرّف ولم یوقع التصرّف لم یضمن ، بخلاف ما لو نوی الغصب بأن بنی واتّخذها استیلاءً علیها لیأکلها ویتغلّب علی مالکها - کبقیّة موارد الغصب - ضمنها ، وتصیر یده ید عدوان ، ولو رجع عن قصده

لم یزل الضمان ، ومثله ما إذا جحدها أو طلبت منه فامتنع من الردّ مع التمکّن عقلاً وشرعاً ، فإنّه یضمنها بمجرّد ذلک ولا یبرأ من الضمان لو عدل جحوده أو امتناعه لانقلاب یده من رأس عرفاً إلی ید خیانة وانفساخ العقد .

( مسألة 650 ) : لو فرّط فی الودیعة ثمّ رجع عن تفریطه لم یبرأ من الضمان ، إلاّ أن یجدّد المالک معه عقد الودیعة بعد انفساخ الأوّل ، مثل ما إذا کان مال

ص:206

بید الغاصب فجعله أمانة عنده ، وأذن فی قبضه له لتبدّل عنوان العدوان إلی الاستئمان وصیرورة یده مأذونة ، والإبراء من الضمان بمثابة الإذن فی القبض عرفاً .

( مسألة 651 ) : لو بنی علی غصب بعض العین دون البعض الآخر ، فالظاهر أنّه بحکم غصب کلّ العین ، وأمّا تغییر موضع الحرز أو فتحه ، فالظاهر فیه التفصیل عرفاً بحسب درجة التعدّی ، کما مرّ .

( مسألة 652 ) : لو سلّم الودیعة إلی مَن یخالطه أو یتّبعه لیحرزها ، فإن کان شأن الودعی ذلک عرفاً ، وأنّه لا یتصدّی مباشرة ، فالأقوی عدم ضمانه ، وکذا لو کان بمحضر من المودع ، وإلاّ فیضمن .

( مسألة 653 ) : لو أنکر الودیعة ، فالقول قوله بیمینه ، وکذا لو تسالما علی التلف ، ولکن ادّعی المودع علیه التفریط أو التعدّی ، وکذا لو ادّعی التلف فی موضع یحتمل دعواه مع عدم التهمة المخالفة القویّة للظاهر .

وأمّا لو اّدعی الردّ مع التهمة فلا یقبل قوله بدون بیّنة ، وأمّا مع عدم التهمة ففی قبول قوله إشکال ، بل لا یبعد أنّ القول قول المنکِر ، ولو اختلفا فی أنّها دین أو دیعة مع التلف ، فالقول قول المالک مع یمینه .

( مسألة 654 ) : لو دفعها إلی غیر المالک وادّعی الإذن منه فأنکر ، فالقول قول المالک ، ولو صدقه علی الإذن لکن أنکر التسلیم إلی مَن أذن له ، فهو کإنکار الردّ إلی المالک .

( مسألة 655 ) : ولو أنکر الودیعة فلمّا أقام المالک البیّنة أقرّ بها ، لکنّه ادّعی کونها تالفة قبل أن ینکرها ، فلا تُسمع دعواه لنفی الضمان بالیمین ، ولا بالبیّنة إلاّ أن یبدی تأویلاً متّجهاً بحسب العرف ، وأمّا لو ادّعی تلفها بعد ذلک لنفی لزوم

ص:207

الردّ لا الضمان تُسمع دعواه ویکون مدّعیاً .

( مسألة 656 ) : لو أقرّ بالودیعة ثمّ مات ، فإن أشار إلیها فی عین شخصیّة معیّنة موجودة حال موته اخرجت من الترکة ، وکذا لو عیّنها فی ضمن مصادیق من جنس ما موجودة حال الموت ، کقوله: « إحدی هذه الشیاه ودیعة عندی من فلان » وعلی الورثة إذا احتملوا صدقه ولم یکن متّهماً یتقرّر لهم العلم إجمالاً بأنّ إحداها لفلان . وهل یعتبر قول المودع المالک ویصدق لو عیّنها فی معیّن واحتمل صدقه ولم یکن متّهماً ؟ فیه إشکال ، بل منع .

وإن عیّن الودیعة ولم یعیّن المالک فهو من مجهول المالک ، وسیأتی حکمه إن شاء اللّه تعالی فی اللّقطة .

وکذا الحکم لو عیّن وجود الودیعة فی المال إجمالاً .

وأمّا إذا لم یظهر من کلامه وجودها فی المال والترکة وإن أقرّ بالودیعة ، فلا یجب شیء فی الترکة ما لم یعلم بالتلف تفریطاً أو تعدّیاً .

خاتمة :

الأمانة علی قسمین : مالکیّة وشرعیّة .

أمّا الأوّل : فهو ما کان باستئمان من المالک وإذنه ، سواء کان منشأ أصالة وبالذات - کالودیعة أو بتبع عنوان آخر مقصود بالذات - کما فی الرهن والعاریة والإجارة والمضاربة ، فإنّ العین فیها بید الطرف أمانة مالکیّة ، حیث قد سلّمها المالک إلیه وترکها بیده ، وجعل حفظها علی عهدته .

وأمّا الثانی : فهو ما لم یکن وضع الید بإذن من المالک ، بل صارت تحت یده لا علی وجه العدوان ، إمّا بدون اختیار منه ، کما لو وقعت تحت یده بطریق

ص:208

ما صدفةً ، أو بسبب المالک لکن من دون اطّلاعه ، کما لو أخذ منه فی معاملة زائداً علی حقّه ، وإمّا بترخیص من الشرع ، کاللّقطة والضالّة وما ینتزع من ید السارق أو الغاصب للإیصال إلی صاحبه ، وکذا ما یوذ من الصبیّ أو المجنون من مالهما عند خوف التلف فی أیدیهما حسبة للحفظ ، وما یوذ من الأموال المحترمة فی معرض الهلاک والتلف کحیوان معلوم المالک فی أرض مسبعة أو معرض للسیل ونحو ذلک ، فإنّ العین فی هذه الموارد أمانة شرعیّة یجب علی المستولی حفظها وإیصالها فی أقرب فرصة إلی صاحبها ولو لم یطالب بها ، ولا ضمان لو تلفت إلاّ مع التفریط أو التعدّی کالأمانة المالکیّة ، ویکفی فی الإیصال إعلامه والتخلیة بینه وبینها . ویتبع الأمانة المالکیّة فی موارد انقضاء العنوان المتبوع - کالإجارة ونحوها - وکان البقاء فی ید المستأمن من اللوازم العرفیّة المعتادة کمدّة التسلیم ونحوها ، بخلاف الطوارئ غیر المعتادة ، فإنّها مع عدم اطلاع المالک بحکم الأمانة شرعاً .

( مسألة 657 ) : لو علم الودعی من المودع ترخیصه فی التصرّف فی عین الودیعة - ولو بالفحوی وغیرها من القرائن - جاز کما فی العملات النقدیّة وبعض أفراد المثلی ، وحینئذٍ یضمن لو تلف شخص العین فیضمنها للمودع وتکون دیناً لا ودیعة .

ص:209

ص:210

العاریة

وهی التسلیط علی العین بنحو یستقلّ بها للانتفاع مجّاناً .

( مسألة 658 ) : وهی عقد یحتاج إلی إیجاب بکلّ لفظ یفید هذا المعنی ، کقوله : « أعرتک » أو « خذه لتنتفع به » أو « انتفع به » مع إعطاء العین ، ومثله الإذن فی الانتفاع کذلک ونحو ذلک ، وإلی قبول بکلّ ما یفید الرضا بذلک من قول أو فعل أو سکوت مع کون العین تحت یده ، أو بالمعاطاة من الطرفین بالإقباض خارجاً .

( مسألة 659 ) : یعتبر فی المعیر أن یکون مالکاً للمنفعة أو مَن یقوم مقامه ، وله أهلیّة التصرّف ، فلا تصحّ إعارة الغاصب عیناً أو منفعة . نعم ، یجری فیها الفضول وتصحّ بإجازة الملاک . وکذا لا تصحّ إعارة الصبیّ والمجنون المحجور علیه لسفهٍ أو فلس إلاّ مع إذن الولیّ أو الغرماء مع عدم الاستقلال المفوّض فی إجراء العقد فی صورة الصبیّ والمجنون .

( مسألة 660 ) : لا یشترط فی المعیر أن یکون مالکاً للعین ، بل یکفی ملکیّة المنفعة إذا کانت مطلقة مفوّضة إلیه ، سواء کانت من الإجارة أو وصیّة أو هبة بخلاف ما لو کانت مقیّدة باستیفاءه مباشرة ، فلا تصحّ حینئذٍ .

( مسألة 661 ) : یعتبر فی المستعیر أن یکون أهلاً للانتفاع بالعین ، فلا تصحّ استعارة المصحف للکافر ، واستعارة الصید للمحرم ، ویعتبر فیه التعیین ولو عند

ص:211

الإقباض ، فلو أعار شیئاً أحد هذین أو أحد هواء ، ثمّ قبض أحدهم صحّ ، ولا یشترط أن یکون واحداً فیصحّ إعارة شیء واحد لجماعة ، کما إذا قال : « أعرت هذا الکتاب - أو الإناء - لهواء العشرة ، ثمّ قبضوه لیستوفوا المنفعة بینهم بالتناوب أو القرعة ، کالعین المستأجرة ، ولا تصحّ الإعارة لجماعة غیر محصورة ، بل تکون إباحة مالکیّة .

( مسألة 662 ) : یعتبر فی العین المستعارة کونها ذات منفعة محلّلة وبقاء عینها بعد الانتفاع ، کالعقارات والدوابّ والثیاب والکتب والأمتعة ونحوها ، بل الشاة والبقر للّبن والکلب للصید ونحو ذلک ، فلا یجوز إعارة ما تحرم منفعته ، کآلات اللّهو ، وکذا آنیة الذهب والفضّة لاستعمالها فی المحرّم ، وکذا ما لا ینتفع به إلاّ بإتلافه ، کالخبز والدهن والأشربة وأشباهها للأکل والشرب .

( مسألة 663 ) : یجوز اعارة العین للرهن ، وحینئذٍ لیس للمالک الرجوع . نعم ، له مطالبة الراهن المستعیر بفکّ الرهن عند حلول الأجل ، بل قیل له مطالبته قبل الأجل أیضاً وإن لم ینفسخ الرهن .

( مسألة 664 ) : لا بدّ من تعیین المنفعة التی لأجلها الإعارة مع تعدّد منافع العین المستعارة وإرادة بعضها دون الاُخری ، کالأرض للزرع دون البناء ، بخلاف ما إذا ارید التعمیم فیجوز الإطلاق من دون التصریح بأن یقول : « أعرتک هذه الدابّة » فیجوز الانتفاع بها بکلّ مباح منها ، وأیضاً بخلاف ما إذا انحصرت ببعض المنافع .

نعم ، إذا کان للعین بعض المنافع لا یتناولها الإطلاق عرفاً - إمّا لخفائها أو لغیر ذلک کالدفن من وجوه الانتفاع من الأرض - فلا بدّ من التنصیص والتصریح به ، ولا یکفی الإطلاق .

ص:212

( مسألة 665 ) : العاریة جائزة من الطرفین ، فللمعیر الرجوع متی شاء ، وللمستعیر الردّ کذلک . نعم ، مرّ أنّ العاریة فی الرهن وإن کانت جائزة لکن لا ینفسخ بالرجوع فیها ، وکذا فی إعارة الأرض للدفن لا یجوز نبش القبر بعد المواراة ، وأمّا قبل ذلک فله الرجوع ، ولیس علی المعیر اجرة الحفر وموته لو رجع حینئذٍ ، کما أنّه لیس علی ولیّ المیّت طمّ الحفر بعدما کان بإذن المعیر . ولو اشترط مفاد وأثر العاریة - وهو المأذنویّة فی ضمن عقد لازم - لزم الأثر ، وکذا إذا کان المشروط إیقاع عقدها وکان المقصود الأثر .

( مسألة 666 ) : تبطل العاریة بموت المعیر أو جنونه وإغمائه غیر القصیر مدّة .

( مسألة 667 ) : یجب علی المستعیر الاقتصار فی نوع المنفعة وکیفیّة الانتفاع علی ما عیّنها المعیر وما جرت به العادة ، فلا یجوز له التعدّی ولو إلی نوع أدنی وأقلّ ضرراً علی المعیر مع فرض عدم الفحوی فی البین ، وکذا لو تعدّی إلی غیر المعتاد کأن حمل علی العربة وزناً زائداً علی ذلک ، وکان غاصباً وضامناً وعلیه اجرة ما استوفاه من المنفعة لو تعدّی نوعاً ، وعلیه الزیادة لو تعدّی کیفیّة إن لم یکن الحدّ والتقدیر بنحو التقیید ، وإلاّ ضمن تمام المنفعة .

( مسألة 668 ) : لو أعاره أرضاً للبناء أو الغرس أو للزرع جاز له الرجوع ولو قبل إدراک الزرع ، وله إلزام المستعیر بالقلع لکن علیه الارش ، وإلاّ فللمستعیر الإبقاء بالاُجرة ، والحاصل أنّه لا بدّ من الموازنة بین الضررین ومراعاة الأکثر تضرّراً مع جبر ضرر الآخر ، کما مرّ فی فسخ إجارة الأرض أو فسخ المزارعة ، وکما هو الحال مطّرداً فی تزاحم حقوق الأملاک المتجاورة ، وکما مرّ فی إذن صاحب الأرض فی الدفن ، ونظیر ذلک ما لو أعار أعمدة الحدید لتسقیف البناء ثمّ رجع بعد ما أثبتها المستعیر فی البناء ، فتکون الإعارة

ص:213

فی مثل هذه الموارد موجبة لاستحقاق مال المأذون فی مزاحمته لمال الآذن .

( مسألة 669 ) : العین المستعارة أمانة بید المستعیر لا یضمنها لو تلف إلاّ بالتعدّی أو التفریط ، أو شرط الضمان ضمنها ، کما أنّه لو کانت العین ذهباً أو فضّة ضمنها مطلقاً ، إلاّ أن یشترط السقوط .

( مسألة 670 ) : لا تجوز للمستعیر إعارة العین المستعارة ولا إجارتها إلاّ بإذن المالک ، فتکون إعارته حینئذٍ من قِبل المالک وهو وکیل ونائب عنه ، فلو بطلت العاریة الاُولی بقیت العاریة علی حالها .

( مسألة 671 ) : لو تلفت العین بفعل المستعیر أو تعیّبت ، فإن کان بسبب الاستعمال المأذون فیه من دون تعدّی عن المتعارف فلا ضمان ، وان کان بسبب آخر ضمنها .

( مسألة 672 ) : إنّما یبرأ المستعیر عن عهدة العین المستعارة بردّها إلی مالکها باطّلاع منه أو مَن یتولّی أمره ، فلو ردّها من دون اطّلاع من المالک بأن أرجعها إلی حرزها فتلفت أو أتلفها متلف لم یبرأ .

( مسألة 673 ) : لو استعار عیناً من الغاصب ، فإن لم یعلم بغصبه کان قرار الضمان علی الغاصب ، وإن کان للمالک مع التلف الرجوع علی کلّ من الغاصب والمستعیر ، وکذلک حکم المنفعة المستوفاة من المستعیر أو المفوّتة .

وأمّا لو کان عالماً بالغصب لم یرجع علی الغاصب لو رجع المالک علیه ، بل قرار الضمان علیه لو تلفت فی یده لا علی الغاصب .

ولا یجوز أن یردّ العین إلی الغاصب بعد علمه بالغصبیّة ، بل إلی المالک .

ص:214

الوکالة

اشارة

وهی استنابة فی التصرّف فی أمر حال الحیاة أو تولیته ، وهی تختلف عن الإذن فی جملة من الاُمور ، منها أنّها شاملة للتفویض والتولیة دونه ، ومنها عدم انفساخها بعزل الموکّل من دون إعلام الوکیل بخلاف الإذن ، ومنها انفساخها بردّ الوکیل للإیجاب دون الإذن ، کما هو مقتضی عقدیّتها ومقتضی إیقاعیّة الإذن . نعم یشترکان فی جملة من الأحکام الاُخری ، وهی عقد جائز یحتاج إلی إیجاب بکلّ ما دلّ علی ذلک کقوله : « وکّلتک » أو « أنت وکیلی فی کذا » أو « فوّضته إلیک وأولیتک أمر کذا » بل الظاهر کفایة قوله : « بع داری » قاصداً به التفویض أو الاستنابة .

وإلی قبول بکلّ ما دلّ علی الرضا به ولو کان بفعل ما وکّل فیه بعد الإیجاب ، بل یکفی فی القبول السکوت مع الاطّلاع علی الإیجاب الکاشف عن الرضا عرفاً کما هو الحال فی العقود الجائزة الإذنیّة ، کما تقع بالمعاطاة بأن سلّم إلیه متاعاً لیبیعه فتسلّمه لذلک ، بل لا یبعد تحقّقها بالکتابة من الموکّل والرضا بها من الوکیل ، وإن تأخّر وصولها إلیه مدّة فلا یعتبر فیها الموالاة بین الإیجاب والقبول .

( مسألة 674 ) : یشترط فیها التنجیز بمعنی عدم تعلیق أصل التوکیل علی شیء کقوله - مثلاً : « إذا قدم زید أو أهلّ الهلال وکلّتک فی کذا » ، إلاّ أن یراد منه

ص:215

التعلیق فی المتعلّق ، ویکون المراد أنت وکیلی فی بیع الدار عند قدوم زید وإهلال الهلال .

( مسألة 675 ) : یشترط فی کلّ من الموکّل والوکیل البلوغ والعقل والقصد والاختیار ، فلا یصحّ التوکیل ولا التوکّل من الصبیّ والمجنون والمکره . نعم ، یصحّ توکیل الصبیّ والمجنون الممیّز فی ما لا یستقلّ فی التصرّف کإجراء صیغة العقد ونحوه مع إذن ولیهما ، ومع عدم کمال الوکیل فیکون إذناً محضاً یترتّب علیه آثاره لا آثار الوکالة . ویصحّ توکیل الصغیر فیما جاز له مباشرته کالوصیّة إذا بلغ عشراً .

( مسألة 676 ) : یشترط فی الموکّل جواز تصرّفه ولو تسبیباً فیما وکلّ فیه ، فلا یصحّ توکیل المحجور علیه لسفهٍ أو فلس فیما حجر علیهما فیه دون غیره کالطلاق ، کما لا یصحّ التوکیل من المحرم فی عقد النکاح أو ابتیاع الصید .

کما یعتبر فی الوکیل تمکّنه عقلاً وشرعاً من مباشرة ما توکّل فیه ، فلا یصحّ للمحرم أن یکون وکیلاً فی ابتیاع الصید وإمساکه ، وإیقاع عقد النکاح .

( مسألة 677 ) : لا یشترط فی الوکیل الإسلام ، فتصحّ وکالة الکافر عن المسلم والکافر ، إلاّ فیما لا یصحّ من الکافر ، کاستیفاء حقّ من المسلم إذا استلزم تسلّطه علیه عرفاً ، أو کالمخاصمة معه وإن کان ذلک لمسلم .

( مسألة 678 ) : تصحّ وکالة المحجور علیه لفلس مطلقاً عن غیره ممّن لا حجر علیه ، وکذا المحجور لسفه إن لم تکن الوکالة مفوّضة .

( مسألة 679 ) : الجنون والإغماء ونحوهما ممّا یزیل العقل فی الموکّل والوکیل یبطل الوکالة ، إلاّ فیما کان یسیراً ممّا لا ولایة لأحد علی المغمی علیه والمجنون ، فإنّ الظاهر صحّتها ولو تصرّف الوکیل فی حین طروّهما علی الموکل .

ص:216

( مسألة 680 ) : یشترط فی الأمر الذی تتعلّق به الوکالة أن یکون مباحاً له وتحت سلطنة الموکّل شرعاً ، وإن لم یکن متمکّناً منه بنفسه تکویناً ، فلا یصحّ التوکیل فی المحرّمات کالغصب والقمار ونحوها ، ویصحّ فی أخذ ماله من غاصب لا یقدر الموکلّ علیه .

( مسألة 681 ) : یجوز التوکیل فیما لا یتمکّن منه الموکّل فعلاً شرعاً إذا کان بتبع ما یتمکّن منه کالتوکیل فی طلاق امرأة بتبع التوکیل فی تزویجها ، والتوکیل فی بیع دار بتبع التوکیل فی شراءها ، بل یجوز التوکیل فیه استقلالاً بأن

یوکله فی بیع دار یملکها بعد حین ونحو ذلک .

وکذا یجوز علی کلّیّ یعمّ الموجود والمتجدّد من المصادیق ، کما لو وکلّه علی جمیع اموره ، فیشمل المتجدّد فی ملکه بهبة أو إرث بیعاً ورهناً وغیرهما .

( مسألة 682 ) : یشترط فی الأمر الموکّل فیه کونه قابلاً للنیابة أو التسبیب بأن لا تعتبر فیه المباشرة من الموکّل ، فلا تصحّ فی العمل الذی تقبّله الموکّل بقید المباشرة وإن صحّت فی نفسها ، فتصحّ الوکالة فیما لا یتعلّق غرض الشارع بإیقاعه مباشرة ویعلم ذلک من الشرع ، ولو بعدم ردع البناء العرفی أو المستکشف من المتشرّعة ، فلا تصحّ فی العبادات البدنیّة ، کالصلاة والصیام وحجّة الإسلام ، إلاّ ما شرّعت فیه النیابة منها کالحجّ المندوب أو الواجب عن العاجز والمیّت أو صلاة الطواف أو صلاة الزیارة ، بناءاً علی إیقاعها عن المنوب عنه لا عن النائب ، وکذا فی بعض الطهارات الثلاث مع العجز عنه ، وفی العبادات المالیّة کالزکاة والخمس والکفّارات إخراجاً وإیصالاً إلی المستحقّ .

( مسألة 683 ) : یصحّ التوکیل فی جمیع العقود ، وکذا الإیقاعات ، کالطلاق والإبراء والأخذ بالشفعة وإسقاطها وفسخ العقد فی موارد ثبوت الخیار

ص:217

وإسقاطه ، وفی الرجوع إلی المطلّقة الرجعیّة ، إن لم یکن صرف التوکیل رجوعاً عرفاً ، فیرتفع موضوع الوکالة کما فی بعض الموارد ، ویکون إنشاء الوکیل من باب الشهادة علی الرجوع .

ولا یصحّ فی النذر والعهد والظهار والیمین واللّعان والإیلاء والشهادة والإقرار . نعم ، لا یبعد کون التوکیل فی الأخیرین بنفسه فی بعض الموارد شهادة وإقرار ، ویکون إنشاء الوکیل شهادة علی الشهادة وعلی الإقرار ، ویصحّ من الحاکم التوکیل والاستنابة فی مقدّمات القضاء أو استیفاء الحدود وفی إثباتها .

( مسألة 684 ) : یصحّ التوکیل فی القبض والإقباض فی ما کانا شرط الصحّة فی جملة من العقود کالرهن والقرض والصرف والسلم والسلف وإیفاء الدیون واستیفائها ، وفی العقود الإذنیّة - کما مرّ - وغیرها . نعم ، فی توکیل مَن علیه القبض إشکال أو منع إلاّ فی الولیّ عن المولی علیه .

( مسألة 685 ) : تجوز الوکالة فی حیازة المباح کالاستقاء والاحتطاب واستخراج المعادن وغیرها ، ویکون ما حازه الوکیل بعنوان الوکالة والنیابة ملکاً للموکّل .

( مسألة 686 ) : یجوز التوکیل فی الطلاق ، سواء کان الزوج غائباً أم حاضراً ، کما یجوز توکیل الزوجة فی أن تطلّق نفسها بنفسها أو بأن توکّل الغیر عن الزوج لا عن نفسها وفی تفویض وتولیة الطلاق لها إشکال ومنع .

( مسألة 687 ) : یشترط فی الموکّل فیه التعیین لا مجهولاً أو مبهماً ، فلو قال : « وکّلتک علی أمر من الاُمور » لم یصحّ ، ویصحّ إذا ارید التفویض العامّ .

( مسألة 688 ) : الوکالة امّا خاصّة وإمّا عامّة أو مطلقة ، فالاُولی ما تعلّقت

ص:218

بتصرّف معیّن فی شیء معیّن ، کما إذا وکلّه فی شراء بیت معیّن ، والثانیة إمّا عامّة أو مطلقة من جهة التصرّف أو خاصّة ومقیّدة من جهة المتعلّق ، کما إذا وکلّه فی جمیع التصرّفات الممکنة فی داره المعیّنة ، وإمّا بالعکس ، کما إذا وکّله فی بیع جمیع ما یملکه ، وأمّا العامّة أو المطلقة من الجهتین ، کما إذا وکّله فی جمیع التصرّفات الممکنة فی جمیع ما یملکه أو فی إجراء جمیع ماله من صلاحیّات فیما یتعلّق بشونه الشاملة للتزویج والطلاق ففی صحّتها وکالة إشکال لصیرورتها ولایة وصیرورته ولیّ ما لم تقتض ضرورة یعجز فیها الموکّل کغیبة ونحوها ، وربّما یکون التوکیل بنحو التخییر بین امور ، إمّا فی التصرّف دون المتعلّق ، کما لو قال : « أنت وکیلی فی بیع داری أو صلحها أو هبتها أو إجارتها » ، وأمّا فی المتعلّق کما لو قال : « أنت وکیلی فی بیع هذه الدار أو الدابّة أو الفرش » .

وتصحّ الوکالة فی جمیع هذه الأقسام عدا العامّة والمطلقة من کلّ الجهات .

( مسألة 689 ) : لا بدّ من اقتصار الوکیل فی التصرّف فی ما وکلّ فیه علی الحدود المعیّنة فی عقد الوکالة صریحاً أو ظهوراً ، ولو بالقرائن الحالیّة أو المقالیّة ، ولو بحسب العادة الجاریة والتلازم بین التوکیل فی أمر مع آخر ، کالتوکیل فی البیع مع القبض والإقباض وبقیّة التوابع .

( مسألة 690 ) : لو خالف الوکیل وأتی بالعمل غیر المشمول للوکالة ، فان کان ممّا یجری فیه الفضولیّة - کالعقود - توقّفت صحّته علی إجازة الموکّل ، سواء کان مبایناً لمورد الوکالة - کالإجارة بالنسبة إلی البیع - أو توسّعاً فی موردها - کبیع النسیئة - بالنسبة إلی النقد أو بخیار وبدونه .

نعم ، لو علم شموله لفاقد الخصوصیّة المذکورة فی الوکالة من باب تحدید

ص:219

السقف للأدنی دون الأعلی أو العکس صحّ ، کما لو وکّله فی بیع السلعة بدینار فباع بأکثر ، وکذا لو حدّد مکان معیّن لغرض ما فأوقع العقد فی غیره مع حصول الغرض . هذا مع عدم اختصاص الغرض عقلائیّاً بالخصوصیّة .

( مسألة 691 ) : یجوز للولیّ - کالأب والجدّ للصغیر - أن یوکّل غیره فیما یتعلّق بالمولّی علیه فیما له الولایة علیه .

( مسألة 692 ) : لا یجوز للوکیل أن یوکل غیره فی إیقاع الموکّل فیه لا عن نفسه ، وهی الوکالة الطولیّة ، ولا عن الموکّل وهی الوکالة العرضیّة لوکالته إلاّ بإذنه ، ومعه یجوز کلا النحوین ، وإن عیّن أحدهما لم یتعدّی إلی الآخر ، والمتّبع فی ذلک الظهور بحسب القرائن .

والفرق بین النحوین أنّ فی الأوّل للوکیل الأوّل أن یعزله الوکیل الثانی وکانت وکالة الثانی تبعاً للأوّل ، وینعزل الثانی بعزل الأوّل أو بموته ، وهذا عکس النحو الثانی ، فلیس له أن یعزله ولا ینعزل الثانی بعزل الأوّل أو موته . نعم ، فی النحو الأوّل للموکلّ أن یعزل الوکیل الثانی من دون عزل الأوّل .

( مسألة 693 ) : یجوز أن یوکّل اثنان فأکثر عن واحد فی أمر واحد ، سواء بنحو الانفراد والاستقلال فی التصرّف من دون مراجعة الآخر ، أو بنحو الانضمام والاجتماع ، فلا یجوز انفراد أحدهما ولو مع غیبة صاحبه أو عجزه ، وتعیین أحد النحوین بحسب التصریح أو الظهور ، کما فی الإطلاق المنزل علی الثانی فی قوله : « وکّلتکما أو أنتما وکیلای » بحسب المورد .

( مسألة 694 ) : الوکالة عقد جائز من الطرفین ، فللوکیل أن یعزل نفسه مع حضور الموکّل وغیبته ، وکذا للموکّل أن یعزله لکنّه مشروط بإعلامه له بالعزل ولو بإخبار ثقة ، فلو أنشأ عزله ولم یطلع علیه الوکیل لم ینعزل ، فلو أمضی

ص:220

أمراً قبل أن یبلغه کان نافذاً .

نعم ، لو اشترط فی عقد لازم الوکالة فی أمر کانت النیابة لازمة ما دام الموکّل حیّاً کاملاً .

( مسألة 695 ) : تبطل الوکالة بموت الوکیل ، وکذا بموت الموکّل وإن لم یعلم الوکیل بموته ، وبعروض الجنون علی کلّ منهما علی التفصیل الذی مرّ ، وبتلف متعلّق الوکالة ، وبفعل الموکّل ما تعلّقت به ولو تسبیباً ، کما لو باع الشیء بعد ما وکّله فی بیعه ، أو فعل ما ینافیه ، وکما لو أوقف الشیء فی المثال . ولو عرض الحجر علی الموکّل فی متعلّق الوکالة ، فعلی التفصیل فی الجنون والإغماء وما یزیل العقل .

أحکام التوکیل ( المحاماة ) فی الخصومات :

( مسألة 696 ) : یجوز التوکیل فی الخصومة والمرافعة لکلّ من المدّعی والمدّعی علیه ، بل کره لذوی المروّات من أهل الشرف والمناصب الجلیلة أن یتولّوا المنازعة والمرافعة بأنفسهم ، خصوصاً إذا کان الخصم بذیئ اللسان ، ولا یعتبر رضا الخصم بالتوکیل ، فلیس له الامتناع عن خصومة الوکیل . نعم ، یعتبر عدم علم الوکیل بظلم الموکّل فی النزاع فیما لو کان التوکیل لبخس حقّ الخصم ، وامّا لو کان لدفع ظلم آخر عن الموکّل فهو سائغ أو للوصول إلی إصلاح ذات البین علی النصف .

( مسألة 697 ) : وکیل المدّعی وظیفته عرض الدعوی عند الحاکم علی المدّعی علیه ، وإقامة البیّنة وتعدیلها ، وتحلیف المنکر ، وطلب الحکم علی الخصم والسعی إلی کلّ ما هو وسیلة إلی الإثبات بحسب الموازین الشرعیّة ، ووکیل

ص:221

المدّعی علیه وظیفته الإنکار ، والطعن علی الشهود ، وإقامة بیّنة الجرح ، ومطالبة الحاکم بسماعها والحکم بها ، والسعی فی الدفع ما أمکن بحسب الموازین الشرعیّة .

( مسألة 698 ) : لو ادّعی منکر الدین - مثلاً - فی أثناء مدافعة وکیله عنه الأداء أو الإبراء انقلب مدّعیاً وصارت وظیفة وکیله إقامة البیّنة علی هذه الدعوی وغیرها ممّا هو وظیفة المدّعی ،وصارت وظیفة خصمه الإنکار وغیره من وظائف المدّعی علیه .

( مسألة 699 ) : لا یقبل إقرار الوکیل فی الخصومة علی موکّله ، فلو أقرّ وکیل المدّعی القبض ، أو الإبراء ، أو قبول الحوالة ، أو المصالحة ، أو بأنّ الحقّ موّل ، أو أنّ البیّنة فسقة ، أو أقرّ وکیل المدّعی علیه بالحقّ للمدّعی لم یقبل ، وبقیت الخصومة علی حالها ، سواء أقرّ فی مجلس الحکم أو غیره ، وینعزل بذلک وتبطل وکالته لأنّه بعد الإقرار ظالم فی الخصومة بزعمه .

( مسألة 700 ) : الوکیل فی الخصومة لا یملک الصلح عن الحقّ أو الإبراء منه ، إلاّ أن یکون وکیلاً فی ذلک أیضاً .

( مسألة 701 ) : یجوز أن یوکّل اثنین فصاعداً فی الخصومة کسائر الاُمور ، فإن لم یصرّح باستقلالهما ولم یظهر ذلک من کلامه ، فلا بدّ من انضمامهما فیتشاوران ویتباصران ویعاضد کلّ منهما صاحبه ، ویعینه علی ما فوّض إلیهما .

( مسألة 702 ) : توکیل الوکیل فی الخصومة إمّا یکون ثابتاً لدی الحاکم بإقرار الموکّل أو قیام البیّنة ، فیسمع الحاکم دعواه علی مَن یقدّمه خصماً لموکّله ، وإمّا أن یثبت توکیله لدیه ، فإن لم یصدّقه من أحضره خصماً فی وکالته لم تُسمع دعواه ، وتُسمع لو صدّقه فی الوکالة ، وإن لم تثبت بذلک وکالته بحیث تکون

ص:222

حجّة علی موکلّه ، فإذا قضت موازین القضاء بأحقّیّة المدّعی ، یلزم المدّعی علیه بالحقّ ، لکن لا یعطی إلی الوکیل ، ولو قضت بأحقیّة المدّعی علیه فالمدّعی باق علی حجّته ، فإذا أنکر الوکالة تبقی دعواه علی حالها ، وللمدّعی علیه أو وکیل المدّعی إقامة البیّنة علی ثبوت الوکالة ، ومع ثبوتها بها تثبت أحقّیّة المدّعی علیه فی مورد الدعوی .

( مسألة 703 ) : لو وکّله فی الدعوی وإثبات حقّه علی خصمه لم یکن له بعد الإثبات قبض الحقّ ، فللمحکوم علیه أن یمتنع عن تسلیم ما ثبت علیه إلی الوکیل .

( مسألة 704 ) : لو وکلّه فی استیفاء حقّ له علی غیره فجحده مَن علیه الحقّ لم یکن للوکیل مخاصمته ومرافعته وإثبات الحقّ علیه ما لم یکن وکیلاً فی الخصومة .

( مسألة 705 ) : یجوز التوکیل فی الصلح لرفع النزاع والخصومة ، واللازم علی الوکلاء التحرّی والبحث والاجتهاد فی سبب الخصومة والنزاع ، ثمّ السعی فی التسویة بین الطرفین بوسائل وآلیات عدیدة یراعی فیها حقوق الطرفین مهما أمکن مع العدل والنصفة بحسب الموازین الشرعیّة فی الأحکام ، وبحسب العدل والإنصاف العرفی فی الموضوعات ، والتوافق فی الموضوع مقّدم علی التسویة فی الأحکام والحقوق .

( مسألة 706 ) : یراعی الوکیل فی الصلح لرفع النزاع الشرائط المذکورة فی باب الصلح والحقوق والموازین المقرّرة فی باب الموضوع الذی وقعت فیه الخصومة ، فإنّ الصلح لا بدّ أن یکون بالعدل لا بالحیف والجور .

فقد قال تعالی : مَنْ یَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً یَکُنْ لَهُ نَصِیبٌ مِنْها وَ مَنْ یَشْفَعْ شَفاعَةً

ص:223

سَیِّئَةً یَکُنْ لَهُ کِفْلٌ مِنْها وَ کانَ اللّهُ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ مُقِیتاً1.

( مسألة 707 ) : الوکلاء فی الصلح علیهم مراعاة الحلول .

( مسألة 708 ) : یجوز التوکیل بجعل وبأجر ونحوهما ، وإنّما یستحقّ الجعل فی الأوّل بتسلیم العمل الموکّل فیه ، فلو وکّله فی البیع أو الشراء وجعل له جعلاً فله المطالبة به بمجرّد إتمام المعاملة ، وإن لم یتسلّم الموکّل الثمن أو المثمّن ، وذلک بحسب تحدید متعلّق الوکالة ، وکذا لو وکلّه فی المرافعة وإثبات الحقّ استحقّه بمجرّد إثباته وإن لم یتسلّمه الموکّل .

( مسألة 709 ) : لو وکّله فی قبض دینه من شخص ، فمات قبل الأداء ، لم یکن له مطالبة وارثه إلاّ أن تشملها الوکالة .

( مسألة 710 ) : لو وکلّه فی استیفاء دینه من زید ، فجاء إلیه للمطالبة ، فقال زید : « خذ هذه الدراهم واقضِ بها دین فلان » أی موکّله ، فأخذها صار وکیل زید فی قضاء دینه کما أنّه وکیل الدائن فی قبض الدین ، ولا یتحقّق القبض عن الدائن إلاّ بقصد الوکیل المشترک ذلک ، ولا یکفی مجرّد قبض المال وکالة عن المدیون لإیصالها للدائن ، فإنّ غایة ذلک هو کون مال زید أمانة بید الوکیل ولزید استردادها ما دامت فی ید الوکیل ، ولم یقصد القبض نیابة عن الدائن ، ولو تلف عند الوکیل حینئذٍ بقی الدین بحاله ، وکذا الحال لو قیّد المدیون الدفع لشخص الدائن لا لوکیله ، وبخلاف ذلک لو أقبض المدیون الوکیل بما هو وکیل عن الدائن ، فإنّ أخذه یکون قبضاً عن الدائن الموکّل ، وبرأت ذمّة زید ، ولیس له الاسترداد . وهذا بخلاف الولیّ للدائن فإنّه فی الصورة لا یحتاج إلی قصد .

ص:224

( مسألة 711 ) : الوکیل أمین بالنسبة إلی ما فی یده لا یضمنه إلاّ مع التفریط أو التعدّی ، کلبس الثوب أو حمل علی الدابّة کما لو کان وکیلاً فی بیعهما إذا کان التلف مستنداً إلی تفریطه أو تعدّیه ، أو مطلقاً فیما لو اعتمد الخیانة فی المال - کما مرّ فی کتاب الودیعة - ولا یرتفع الضمان لو رجع عن خیانته .

ولا تبطل الوکالة فی الصورة الاُولی بخلاف صورة الخیانة ، فلا یبعد انعزاله وانفساخها .

( مسألة 712 ) : لو وکلّه فی إیداع مال عند شخص معیّن ، فأودعه بلا إشهاد فجحد الودعی ، لم یضمنه إلاّ إذا قیّد بالإشهاد ، وکذا الحال لو وکلّه فی قضاء دینه فأدّاه بلا إشهاد وأنکر الدائن . نعم ، لو لم یعیّن له المستودع وکان المرسوم فی الإیداع یقتضی عرفاً الاستیثاق بالإشهاد فیضمن فی الفرض .

( مسألة 713 ) : لو وکّله فی بیع سلعة أو شراء متاع ، فإن صرّح بتقییده من الغیر أو عمّمه لنفس الوکیل فهو ، وإن أطلق وکان الغرض عرفاً یتمّ لو أوقعه مع نفسه ، فالظاهر التعمیم إلاّ مع قرینة قید غیر متوفّر فیه ولو مثل معرضیّة التهمة .

( مسألة 714 ) : لو اختلفا فی التوکیل فالقول قول منکره ، ولو اختلفا فی التلف أو فی تفریط الوکیل فالقول قول الوکیل ، ولو اختلفا فی دفع المال إلی الموکّل فالظاهر أنّ القول قول الموکّل إذا کانت الوکالة بعوض جعل أو أجر ، أو کان الوکیل متّهماً ، بل مطلقاً کما لا یبعد .

وکذا الحال فیما إذا اختلف الوصیّ والموصی له فی دفع المال الموصی به إلیه ، والأولیاء مع المولی علیه بعد زوال الولایة علیه فی دفع ماله إلیه ، فإنّ القول قول المنکر فی جمیع ذلک . نعم ، فی شموله للأب والجدّ تأمّل . نعم ، لو اختلف الأولیاء مع المولی علیهم فی الإنفاق علیهم أو علی ما یتعلّق بهم

ص:225

فی زمان ولایتهم ، فالظاهر أنّ القول قول الأولیاء بیمینهم .

( مسألة 715 ) : لو زوّجه فأنکر الموکّل الوکالة حلف ، وعلی الوکیل نصف المهر لها ، وعلی الموکّل إن کان کاذباً فی إنکاره الزوجیّة طلاقها ، ولو لم یفعل وقد علمت الزوجة بکذبه رفعت أمرها إلی الحاکم لیطلّقها بعد أمره الزوج بالإنفاق علیها وامتناعه .

ص:226

کتاب الهبة

وهی تملیک مال مجّاناً ومن غیر عوض ، وهذا هو المعنی العامّ لها المرادف للعطیّة المتبرّع بها الشامل للهبة الخاصّة والهدیّة والجائزة والنِّحلة والمنحة والصدقة والوقف .

وأمّا الهبة الخاصّة فتقابل الصدقة والوقف ، وهی تملیک مال من غیر عوض منجّزاً مجرّداً عن قصد سدّ الحاجة والقربة الذی هو عنوان الصدقة .

وقیل : إنّ الهدیّة ما کانت علی وجه الإعظام للمهدی إلیه مع الإرسال إلیه .

والنحلة العطیّة بتوصیة من الشرع .

والجائزة ما یعطی للسابق أو المتفوّق المجید ، والمنحة أن یعطی شاة أو دابّة لینتفع من حلیبها وصوفها لمدّة معیّنة لیردّها .

ولا یبعد شمول المال المعطی للمنافع والحقوق المتمولة .

( مسألة 716 ) : الهبة عقد یتوقّف علی الإیجاب والقبول ، ویکفی فی الأوّل کلّ ما دلّ علی التملیک ولو بالقرینة ، کوهبت وملّکت وأعطیت ونحوها ، ولا یشترط فیه العربیّة ولا الماضویّة ، بل یکفی الجملة الإسمیّة کهذا لک ، ویکفی فی القبول کلّ ما دلّ علی الرضا ولو بالفعل . نعم ، المعاطاة تجری فی الهبة أیضاً فی غیر الأموال الخطیرة ومن دون التزام عقدی ، فیجوز الرجوع

ص:227

فسخاً فیها ما لم تتلف أو تنتقل ، ولو کانت لذی رحم أومعوضة کما هو الحال فیما لو اشترط الفسخ فی عقد الهبة لذی رحم .

( مسألة 717 ) : یشترط فی الواهب البلوغ والعقل والقصد والاختیار وعدم الحجر علیه بسفهٍ أو فلس أو ملک . نعم ، یشترط فی القابض للهبة ذلک أیضاً ، کما یشترط فی الموهوب له أن یکون قابلاً لتملّک العین الموهوبة ، فلا تصحّ هبة المصحف للکافر ، وتصحّ من المریض بمرض الموت وإن زاد علی الثلث إن کانت منجّزة غیر ظاهرة فی التعلیق بلحاظ الموت .

( مسألة 718 ) : یصحّ هبة الدین لمَن علیه وکان إبراءاً ، ویکون سکوته قبولاً کما فی الإبراء . کما یصحّ هبته لغیر مَن علیه الحقّ ، ویکون قبض الموهوب بقبض مصداقه وقبضاً للدائن وللموهوب له .

( مسألة 719 ) : یشترط فی صحّة الهبة القبض وأن یکون بإذن الواهب . نعم ، لو وهبه ما فی یده فلا حاجة حینئذٍ إلی قبض جدید مع الظهور الحالی فی الإذن والالتفات منه ، وإلاّ فیحتاج إلی الإذن فی الإبقاء . وکذا لو کان الواهب ولیّاً علی الموهوب له کالأب والجدّ للصغیر وقد وهبه ما فی یده ، ویتولّی الولیّ القبض عن المولّی علیه وفی المجنون بعد البلوغ ، ونحوه ممّن قصر بعد البلوغ ، فالنظارة للحاکم لکن یراعی مباشرة الأرحام ، لا سیّما الأب والجدّ ، ومتی تحقّق القبض صحّت الهبة من حینه ، فلو کان للموهوب نماء سابق علی القبض حصل بعد الهبة کان للواهب دون الموهوب له ، وإذا وهبه شیئین فقبض أحدهما دون الآخر صحّت الهبة فی المقبوض دون غیره .

( مسألة 720 ) : یتحقّق القبض کما مرّ فی البیع ، ففی غیر المنقول بالتخلیة ورفع الواهب یده عن الموهوب ، وجعله تحت استیلاء الموهوب له وسلطانه

ص:228

ومن آلیاته فی هذا العصر التسجیل العقاری ونحوه ، ویتحقّق فی المنقول بوضعه تحت ید الموهوب له ، وکذا التسجیل الرسمی فی بعض ذی المالیّة الثمینة .

( مسألة 721 ) : تصحّ هبة المشاع لإمکان قبضه ، سواء بقبض المجموع بإذن الشریک أو بالید المشترکة مع الشریک أو بتوکیل الموهوب له الشریک فی قبض الحصّة الموهوبة عنه ، وأمّا توکیله الواهب فی القبض فمحلّ إشکال ، أو منع ، إلاّ فی الولیّ الواهب للمولّی علیه ، کما مرّ .

( مسألة 722 ) : لو مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة وانتقل الموهوب إلی ورثة الواهب فی الصورة الاُولی ، وهذا بخلاف موت أحدهما بعد القبض کما سیأتی .

( مسألة 723 ) : إذا تمّت الهبة بالقبض ، فتلزم حکماً بلحاظ الردّ فی موارد بخلاف عقدها بعد القبض ، فإنّه لازم ، أی لا یجری فیه حقّ الفسخ ، إلاّ فی موارد ستأتی ، أمّا اللزوم الحکمی فمنه ما إذا کانت لذی رحم ، أباً کان أو امّاً أو ولداً أو غیرهم ، ولم یکن للواهب الرجوع فی هبته ، وإن کانت لأجنبیّ کان له الرجوع فیها ما دامت العین باقیة ، فإن تلفت کلاًّ أو بعضاً أو تصرّف فیها أو تغیّرت بحیث لا یصدق معه قیام العین بعینها ، أی بقاءها علی حالها الأوّل عرفاً فلا رجوع ، ویلحق بذی الرحم الزوج أو الزوجة ، وکذا لا رجوع مع تعویض الواهب الموهوب له ولو کان یسیراً ، سواء کان بالاشتراط فی الهبة بنحو شرط الفعل أو شرط النتیجة ، أو بدون الاشتراط بأن أطلق العقد لکن الموهوب أثاب الواهب وأعطاه العوض ، وکذا لا رجوع فیها لو قصد الواهب فیها القربة إلی اللّه تعالی بما هی هبة .

( مسألة 724 ) : من التصرّف الملحق بالتلف نقل العین بالبیع والهبة أو تغییرها

ص:229

بحیث لا یصدق بقاء وقیام العین بعینها علی حالها الأوّل ، کطحن الحنطة ، وخبز الدقیق ، وتفصیل الثوب أو صبغه ونحوه ، بخلاف التصرّفات الیسیرة غیر المغیّرة ، کلبس الثوب ، وفرش الفراش ، ورکوب العربة ، وسکنی الدار ونحو ذلک ، والتصرّفات تختلف بحسب النظر والأغراض عرفاً .

( مسألة 725 ) : یجوز للواهب فی موارد الرجوع استرداد الکلّ أو البعض ، مشاعاً أو معیّناً أو أحد الأعیان .

( مسألة 726 ) : الهبة إمّا معوّضة أو غیر معوّضة ، والمراد بالاُولی ما شرط فیها الثواب والعوض وإن لم یعط العوض أو عوّض عنها من دون شرط .

( مسألة 727 ) : لو وهب وأطلق لم یلزم علی الموهوب إعطاء الثواب والعوض ، سواء کانت من الأدنی للأعلی أو العکس أو بین المتساویین ، وإن کان الأوْلی أو الأحوط ذلک فی الصورة الاُولی مع تعارف إرادة الثواب من الواهب .

ولو أعطی العوض لم یجب علی الواهب قبوله ، وإن قبل وأخذ لزمت ولم یکن لواحد منهما الرجوع فیما أعطاه .

( مسألة 728 ) : لو شرط الواهب علی الموهوب إعطاء العوض بأن یهبه شیئاً مکافاة وثواباً لهبته وقبل الشرط وقبض الموهوب ، فیجب العمل بالشرط . نعم ، لو أطلق الواهب فیجزی أن یعطیه نفس العین الموهوبة بعنوان العوض والثواب بدلاً عن المثل والقیمة ، ولو تعذّر العمل بالشرط أو امتنع الموهوب جاز للواهب الرجوع إلی الهبة ، ولا یجوز له الرجوع قبل ذلک أو قبل العمل بالشرط .

( مسألة 729 ) : لو عیّن العوض فی الهبة المشروط فیها العوض تعیّن ، ولو أطلق ولم یعیّن العوض فان اتّفقا علی قدر فهو ، وإلاّ فلا یبعد الإنصراف

ص:230

إلی المکافئ للعین الموهوبة قیمة أو مثلاً ، ومن ثمّ یجوز إعطاء نفس العین الموهوبة ولو کبدل عن القیمة والمثل ، بل الأحوط التعویض بالأکثر مع کون الواهب أدنی حالاً من الموهوب له .

( مسألة 730 ) : لا یشترط فی العوض أن یکون عیناً ، بل یجوز أن یکون عقداً أو إیقاعاً ، کبیع شیء علی الواهب ، أو إبراء ذمّته من دین له علیه ، أو نحو ذلک .

( مسألة 731 ) : لو رجع الواهب فی هبته فیما جاز ذلک وکان للعین الموهوبة نماء منفصل حدث بعد العقد والقبض ، فإن کان منفصلاً کالثمرة والحمل والولد واللّبن فی الضرع والصوف کان ملکاً للموهوب له ، ولا یرجع إلی الواهب ، وإن کان متّصلاً تابعاً کالسمن ونحوه فهو للواهب . هذا إذا لم یکن النماء ، سواء المنفصل أو المتصّل ، مغیّراً للعین عن حالها السابق ، کما لو وهبه حیواناً رضیعاً فصار فطیماً ، وإلاّ فلا یجوز للواهب الرجوع فی العین ، فضلاً عن النماء .

( مسألة 732 ) : لو مات الواهب بعد إقباض الموهوب لزمت الهبة ، وإن کانت لغیر ذی رحم ، ولم تکن معوّضة ، ولا بقصد قربة ، وکذلک لو مات الموهوب له فینتقل الموهوب إلی ورثته وتلزم الهبة .

( مسألة 733 ) : لو باع الواهب العین الموهوبة ، فإن کانت الهبة لازمة وقع البیع فضولیّاً ، فلا یصحّ إلاّ بإجازة الموهوب له ، وإن کانت الهبة جائزة فیصحّ البیع ویکون رجوعاً فی الهبة . هذا مع التفاته إلی الهبة وإلاّ فیشکل کونه رجوعاً ، وإن کان هو الأقوی لکفایة اعتباره ملکاً لتحقّق الرجوع لکون المدار علی المعنون لا العنوان فی الإنشاء .

( مسألة 734 ) : الرجوع قد ینشأ بالقول کلفظ « رجعت » ونحوه ، أو بالفعل کاسترداد العین وأخذها من ید الموهوب ، ومن ذلک بیعها وإجارتها ورهنها

ص:231

إن کان بقصد الرجوع ، بل یکفی التملّک أو قصد واعتبار أنّها ملک له .

( مسألة 735 ) : لا یشترط فی الرجوع اطلاع الموهوب له ، فلو أنشأه من غیر اطّلاعه صحّ . والظاهر أنّه لیس للموهوب له الرجوع فی الهبة .

( مسألة 736 ) : یستحبّ العطیّة للأرحام الذین أمر اللّه تعالی موّداً بصلتهم ونهی شدیداً عن قطیعتهم ، ومن موجبات الصلة الهدایا والعطایا .

( مسألة 737 ) : یجوز تفضیل بعض الأولاد علی بعض فی العطیّة علی کراهة ، وربّما یحرم إذا کان سبباً للفتنة والشحناء والبغضاء الموّیة إلی فساد ذات البین ، کما أنّه یرجّح إذا کان تقدیراً لفضیلة وأمن من الفساد .

ص:232

کتاب الوقف

اشارة

وهو تحبیس الأصل وهو العین وتسبیل الثمرة والمنفعة .

( مسألة 738 ) : لا بدّ فی وقف المسجد من قصد عنوان المسجدیّة ، فلو وقف مکاناً علی صلاة المصلّین أو الذاکرین أو الداعین أو نحوها من أنحاء العبادة ولم یصر مسجداً ولم تجرِ علیه أحکام المسجد ، بل یصیر وقفاً علی الصلاة أو غیرها ممّا لاحظ الواقف منفعة خاصّة . ومثل عنوان المسجد عنوان المشاهد والمراقد المقدّسة لحرم المعصومین علیهم السلام .

( مسألة 739 ) : الوقف تارة لا یکون له موقوف علیه معیّن ، بل یلحظ عنوان ما للعین الموقوفة علی بعض المصالح وانتفاع العموم ، کالمسجد والحسینیّة والمستشفی والشوارع والقناطر ونحوها ، فلا یکون ملکاً لأحد بل یکون تحریراً ، والظاهر عدم ضمان المنافع فی هذا القسم لو غصبها غاصب .

واُخری یکون له موقوف علیه معیّن ، سواء لوحظ أیضاً عنواناً ما للعین أم لم یلحظ ، وهو علی أقسام ، فإنّه یدور مدار کیفیّة تملیک العین وتملیک المنفعة أو الانتفاع ، فتارة توقف العین وتملک للأفراد ، واُخری تملّک للعنوان بما هو هو وللجهة ، کما أنّ المنفعة أیضاً تارة توقف وتملّک للأفراد ، واُخری للعنوان بما هو هو وللجهة وهذا تملّک من الأفراد للانتفاع لا للمنفعة ، وبهذا تتکثّر الصور والأقسام وإجمالها :

ص:233

الأوّل : أن یکون الموقوف علیه خاصّاً ، کالوقف الذریّ وکالوقف علی الوقف ، کوقف الأراضی علی المسجد أو علی الکعبة ، وفی هذا القسم تکون العین ملکاً محبوساً علی الموقوف علیه ، وتکون المنافع ملکاً طلقاً له فی الشقّ الأوّل الذی هو مقتضی الإطلاق کسائر أملاکهم تجوز المعاوضة منهم علیها ویرثها وارثهم ، وتضمن لهم عند طروء سبب الضمان ، وتجب الزکاة علی کلّ واحد منهم عند بلوغ حصّته .

نعم ، قد یشترط الواقف مباشرة الموقوف علیه فی الانتفاع ، ویطلق فی بقیّة منافع العین ، والحاصل فی هذا القسم : أنّ المنافع تارة تکون ملکاً للأفراد قبل قبضها ، واُخری بعده ، وثالثة لهم مجرّد الانتفاع .

الثانی : أن یکون الموقوف علیه جهة أو عنواناً عامّاً ینطبق علی أفراد ، سواء لوحظ أیضاً عنواناً ما للعین أم لم یلحظ ، وفی هذا القسم تکون العین ملکاً للعنوان لا للأفراد ، وتکون منافع الشقّ الثانی الذی هو مقتضی الإطلاق مملوکة للأفراد بعد صرف المنفعة لهم من قِبل المتولّی وقبضهم ، کما فی وقف البستان علی الفقراء لیصرف إلیهم ثماره ، والمنافع فی هذا القسم قبل الصرف لهم وقبل قبضهم لها غیر مملوکة ، ولا تجوز المعاوضة من أحد الموقوف علیهم علی حصّته ، ولا تجب فیها الزکاة وإن بلغت النصاب ، ولا یرثها وارث الموقوف علیه إذا مات قبل ، ولکنّ المنفعة مع ذلک تضمن بطروء سبب الضمان .

والحاصل فی القسم أنّ المنافع تارة تکون أیضاً ملکاً للأفراد قبل القبض ، واُخری بعده ، وثالثة لیس لهم إلاّ مجرّد الانتفاع .

ومثال الصورة الاُولی وقف البستان علی فقراء البلد لتکون الثمرة ملکاً للموجود منهم ومثال الصورة الثانیة وقف البستان علی الفقراء وظهور الإطلاق فی العبارة أنّ الثمرة ملکاً بعد الصرف لهم وقبضهم لها ، ومثال الصورة الثالثة

ص:234

وقف المدرسة للطلاّب والکتب لقراءة العلماء ، والبستان لتعلیم القرآن أو لإقامة العزاء علی مصاب سیّد الشهداء علیه السلام ، وفی هذا الشقّ لا تجوز المعاوضة علی المنافع ، لا من الموقوف علیهم ولا من الولیّ ، ولا توارث فیه ، ولکن یثبت الضمان فیه أیضاً إذا غصب المنفعة غاصب کالأقسام السابقة لأنّ المنفعة ملکاً للعنوان أو الجهة .

( مسألة 740 ) : لا یکفی فی تحقّق الوقف مجرّد النیّة ، بل لا بدّ من إنشاء ذلک باللّفظ بمثل : « وقفت » و « حبست » و « سبّلت » و « تصدّقت » مع التقیید بما یدلّ علیه کالتأبید وأنّها لا تباع ولا توهب ، ونحوها ممّا یدلّ علی المقصود ، ولا یعتبر فیه العربیّة ولا الماضویّة ، بل یکفی الجملة الاسمیّة .

( مسألة 741 ) : الظاهر وقوعه بالمعاطاة بفعل دالّ علیه ، مثل بناء المسجد والمقابر والطرق والشوارع وغرس الأشجار وبناء دور الاستراحة للزوّار ، وغیرها من آلیات المرافق الخیریّة .

ومثل أن یعطی إلی قیّم المسجد أو المشهد آلات خدمیّة للانتفاع فیها . بل ربّما یقع بالفعل بلا معاطاة ، مثل أن یعمّر الجدار أو الاسطوانة الخربة من المسجد أو نحو ذلک ، فإنّه إذا مات لا یرجع میراثاً إلی ورثته .

( مسألة 742 ) : الظاهر کفایة القبض فی القبول فی جمیع أنواع الوقف ، ویکفی فی القبض کونه تحت ید الواقف إذا کان هو ولیّ الوقف . نعم ، الأحوط - إن لم یکن الأقوی - لزوم ما جعل للّه تعالی مبتوتاً من دون تقیید بمورد أو جهة یتصدّق علیها ، من دون حاجة إلی قبول ولا إلی قبض کالنذر والعهد .

ویعتبر فی الوقف امور :

ص:235

الأوّل : القربة

( مسألة 743 ) : الأظهر اعتبار القربة فی صحّة الوقف ، ویکفی فیه إضافة المورد أنّه من سبیل اللّه .

الثانی : القبض

( مسألة 744 ) : یعتبر فی صحّة الوقف قبض الموقوف أو وکیله أو ولیّه ، فإذا مات قبل القبض بطل ، ولا یعتبر فی القبض الفوریّة . نعم ، یعتبر کون القبض بإذن الواقف .

( مسألة 745 ) : یکفی فی تحقّق القبض فی مثل الوقف علی الذرّیّة ، مثلاً : قبض الطبقة الاُولی .

( مسألة 746 ) : إذا وقف علی أولاده الصغار وأحفاده کانت العین فی یده ، وکفی ذلک فی تحقّق القبض ولم یحتج إلی قبض آخر ، وإذا کانت العین فی ید غیره ، فلا بدّ من أخذها منه لیتحقّق قبض ولیّهم .

( مسألة 747 ) : إذا کانت العین بید الموقوف علیه کفی ذلک فی قبضها مع الظهور الحالی فی الإذن والالتفات منه ، وإلاّ فیحتاج إلی الإذن فی الإبقاء .

( مسألة 748 ) : یکفی فی قبض غیر المنقول رفع الواقف یده عنه واستیلاء الموقوف علیهم علیه ، ومن آلیاته فی العصر الحاضر التسجیل العقاری ونحوه .

( مسألة 749 ) : یتحقّق القبض فی الوقف فی الجهات العامّة بقبض متولّی الوقف ، ولو کان هو الواقف أو التصرّف فی جهة الوقف کالدفن فی المقبرة والصلاة فی المکان الموقوف للصلاة وإقامة العزاء فی وقف الحسینیّة ، والمأتم ، وکذا السکنی فی الدار الموقوفة علی صنف .

ص:236

( مسألة 750 ) : إذا وقف فرشاً للمسجد کفی وضعه فی المسجد ، وکذا فی مثل آلات المشاهد والمساجد ونحوها ، فإنّه یکفی فی قبضها وضعها فیها بقصد استعمالها .

( مسألة 751 ) : إذا خرب جانب من جدار المسجد أو المشهد أو نحوها ، فعمّره عامر ، فالظاهر کفایة ذلک فی تمامیّة الوقف وحصول القبض ، ولا یرجع میراثاً لوارثه لو مات .

( مسألة 752 ) : إذا وقف علی أولاده الکبار فقبض واحد منهم صحّ القبض فی حصّته ولم یصحّ فی حصّة الباقین .

( مسألة 753 ) : لا یجوز فی الوقف توقیته بمدّة ، فإذا قال : « داری وقف علی أولادی سنة أو عشر سنین » بطل الوقف ، ویصحّ حبساً مع کون عمدة قصده حبس المنفعة .

( مسألة 754 ) : إذا وقف علی مَن ینقرض بنحو وحدة المطلوب ، کما هو الظاهر من الوقف الذرّی علی بطن أو بطون محدّدة ، کما إذا وقف علی أولاده وأحفاده صحّ وقفاً ، فإذا انقرضوا رجع إلی ورثة الواقف حین الموت لا حین الانقراض ، فإذا مات الواقف عن ولدین ومات أحدهما قبل الانقراض وترک ولداً ثمّ انقرض الموقوف علیهم ، کانت العین الموقوفة مشترکة بین العمّ وابن أخیه .

( مسألة 755 ) : إذا وقف علی مَن ینقرض بنحو تعدّد المطلوب بأنّ أنشأ التصدّق بالعین ، وأیضاً کونه علی نحو خاصّ ، فإذا بطلت الخصوصیّة بقی أصل التصدّق کما هو الظاهر فی الوقف غیر الذرّی غالباً من العناوین التی هی من سبل الخیر أو بقرینة اخری ، فإذا انقرض الموقوف علیه لم یرجع إلی الوارث أو

ص:237

ورثته ، بل تبقی العین وقفاً وتصرف منافعها فی جهة اخری الأقرب فالأقرب .

( مسألة 756 ) : إذا وقف عیناً علی غیره وشرط عودها إلیه عند الحاجة ، ففی صحّته وجوه ، بل أقوال ، ثالثها أنّه یصحّ حبساً ویعود إرثاً بعد موت الواقف ، وهو الأظهر الأقوی .

( مسألة 757 ) : لا یبعد صحّة التعلیق فی الوقف ، فیکون من قبیل نذر الشکر المعلّق علی حصول شیء أو ارتفاع آخر أو نذر الزجر ، کما هو الحال فی العتق معلّقاً الوارد فیه النصّ ، وکما فی نذر الصدقة بنحو النتیجة ولو معلّقاً ، إذ کلّها من الجعل للّه تعالی .

( مسألة 758 ) : إذا قال هذا وقف بعد وفاتی ، فالظاهر أنّه وصیّة بالوقف وإن لم یلتفت إلی عنوان وصیّة ، فیجب العمل بها عند تحقّق شرائطها ، فیوقف بعده .

( مسألة 759 ) : یشترط فی صحّة الوقف إخراج الواقف نفسه عن الوقف ، فإذا وقف علی نفسه بطل ، وإن کان بنحو التشریک بطل بالنسبة إلی نفسه ، ویصحّ بالنسبة إلی غیره فی جملة من الصور ، فإذا قال : « داری وقف علَیَّ وعلی أخی » - مثلاً - علی نحو التشریک بطل الوقف فی نصف الدار إذا کان بنحو التوزیع ، وإن کان بنحو بیان المصرف فیصحّ الوقف فی تمام العین ویصرف إلی الغیر ، وإذا کان علی نحو الترتیب بأن قصد الوقف علی نفسه ثمّ علی غیره ، بطل مطلقاً لا من جهة کونه منقطع الأوّل ، فإنّه یصحّ علی الأقوی ، بل من جهة عدم اخراجه عن ملک نفسه ما دام حیّاً فیعود میراثاً ، وإن قصد الوقف علی غیره ثمّ علی نفسه بطل بالنسبة إلی نفسه فقط ، وکان من الوقف المنقطع الآخر ، وإن قال : « هی وقف علی أخی ، ثمّ علی نفسی ، ثمّ علی شخص آخر » بطل الوقف بالنسبة إلی نفسه والشخص الآخر ، لا من جهة کونه من الوقف المنقطع

ص:238

الوسط ، بل لما مرّ فی الصورة الاُولی .

( مسألة 760 ) : إذا وقف علی أولاده واشترط علیهم وفاء دیونه من مالهم ، سواء دیون الناس أو الدیون الشرعیّة ، کالزکاة والکفّارات المالیّة ، صحّ إذا کان بصیغة التقیید بکون الوقف لمَن یتبرّع من أولاده بذلک أو من جیرانه بذلک ، وأمّا إذا اشترط وفاء دیونه من حاصل الوقف فیبطل الوقف ویکون حبساً .

( مسألة 761 ) : إذا وقف علی جیرانه واشترط علیهم أکل ضیوفه أو القیام بموة أهله وأولاده حتّی زوجته صحّ ، وإذا اشترط علیهم نفقة زوجته الواجبة علیه من مالهم صحّ بصیغة التقیید التی فی المسألة السابقة ، ولو اشترط علیهم نفقة زوجته وأولاده الواجبة علیه من حاصل الوقف فلا ینعقد وقفاً بل حبساً .

( مسألة 762 ) : إذا وقف عیناً له علی وفاء دیونه العرفیّة والشرعیّة بعد الموت ، فالأظهر البطلان وقفاً ، ویکون بمثابة الوصیّة العهدیّة ، وکذا فی ما لو وقفها علی أداء العبادات عنه بعد الوفاة .

( مسألة 763 ) : إذا أراد التخلّص من إشکال الوقف علی النفس ، فله أن یملّک العین لغیره ، ثمّ یقفها غیره علی النهج الذی یرید من إدرار موته ووفاء دیونه ، ونحو ذلک ، أمّا لو اشترط ذلک علیه فی ضمن عقد التملیک فلا یخلو عن إشکال .

ویجوز له أن یوّرها مدّة ویجعل لنفسه خیار الفسخ ، وبعد الفسخ یفسخ الإجارة ، فترجع المنفعة إلیه لا إلی الموقوف علیهم . هذا إذا کانت المدّة غیر طویلة الأمد ، وإلاّ بطل وقفاً وکان حبساً .

وأمّا استثناء بعض منافع العین الموقوفة إبقاءاً لها علی ملکه ، فیصحّ فی الموجودة وأمّا المتجدّدة - لا سیّما مع امتداد المدّة - فیبطل وقفاً ویکون حبساً .

( مسألة 764 ) : یجوز انتفاع الواقف بالعین الموقوفة فی مثل المساجد والقناطر

ص:239

والمدارس ومنازل المسافرین وکتب العلم والزیارات والأدعیة والآبار والعیون ونحوها من الوقف علی الجهات العامّة ، ممّا لم تکن المنفعة معنونة بعنوان خاصّ مضاف إلی الموقوف علیه ، بل کان من وقف الانتفاع .

أمّا إذا کان الوقف علی الأنحاء الاُخر مع کون الموقوف علیه عنواناً کلّیّاً عامّاً ، فالأظهر عدم جواز أخذه من المنافع وتملّکها ، سواء کان وقف المنفعة بنحو التوزیع للأفراد تلقائیّاً أو بتملیک من المتولّی .

( مسألة 765 ) : إذا تمّ الوقف کان لازماً لا یجوز للواقف الرجوع فیه ، وإن وقع فی مرض الموت لم یجز للورثة ردّه وإن زاد علی الثلث .

( مسألة 766 ) : الوقوف التی تتعارف عند الأعراب بأن یقفوا شاة علی أن یکون الذکر منها ( ذبیحة ) أی یذبح ویول ، والاُنثی ( منیحة ) أی تبقی وینتفع بصوفها ولبنها ، وإذا ولدت ذکراً کان ( ذبیحة ) وإذا ولدت انثی کانت ( منیحة ) وهکذا ، فإذا کان وقفهم معلّقاً علی شفاء مریض ، أو ورود مسافر ، أو سلامة غنمهم من الغزو أو المرض ، أو نحو ذلک ، فالظاهر الصحّة - کما مرّ أنّه من قبیل نذر الشکر ونحوه - وأمّا جعل الصوف واللّبن لانتفاع ذرّیّته ، فیکون من تخصیص بعض الوقف علی الذرّیّة ، وأمّا لو خصّصه لنفسه فقد مرّ بطلانه وقفاً ویکون حبساً .

ص:240

فصل : فی شرائط الواقف والمتولّی

(مسألة 767 ) : یعتبر فی الواقف أن یکون جائز التصرّف بالبلوغ والعقل والاختیار ، وعدم الحجر لسفهٍ أو رقٍّ أو غیرهما ، فلا یصحّ وقف الصبیّ ما لم یعقل ویبلغ عشراً ، وإلاّ فینفذ الولیّ صدقته فی الوقف فیما کان ذا مصلحة ووضعها فی موضع الصدقة علی حدّ معروف وحقّ ، وکذلک إذا أوصی بأن یوقف ملکه بعد وفاته علی وجوه البرّ والمعروف لأرحامه نفذت وصیّته .

( مسألة 768 ) : لا یشترط فی الواقف الإسلام ، فیصحّ وقف الکافر إذا کان واجداً لسائر الشرائط .

( مسألة 769 ) : یجوز للواقف أن یجعل الولایة علی العین الموقوفة وتولیة الوقف لنفسه علی وجه الاستقلال أو الاشتراک ، کما یجوز أن یجعل أمر التولیة بید شخص ، أی یفوّض إلیه تعیین الولیّ فیکون المتولّی کلّ مَن یعینه ذلک الشخص أو یجعل أمر تعیین المتولّی بعده بیده ، کما یجوز له أیضاً جعل الناظر علی الولیّ بمعنی المشرف علیه أو بمعنی أن یکون هو المرجع فی النظر والرأی ، والظاهر اعتبار الأمانة والکفائة ، لا سیّما فی الوقف العامّ ، وإذا خان الولیّ ضمّ إلیه الحاکم الشرعی مَن یمنعه عن الخیانة ، فان لم یمکن ذلک عزله .

( مسألة 770 ) : إنّما یکون للواقف جعل التولیة لنفسه أو لغیره حین إیقاع الوقف وفی ضمن عقده ، وأمّا بعد تمامه فالظاهر أنّ التولیة له أیضاً ولورثته من بعده . نعم ، لیس له عزل مَن جعله متولّیاً إذا کان من ضمن شرط الوقف .

ص:241

( مسألة 771 ) : یجوز للمجعول له الولایة أو النظارة الردّ وعدم القبول ، سواء کان حاضراً فی مجلس العقد أو غائباً ، ثمّ بلغه الخبر ولو بعد وفاة الواقف ، وأمّا الردّ وعزل نفسه بعد القبول ، فلا یسقط ولایته وفی سقوط عهدتها عنه إشکال ، لا سیّما مع لزوم التفریط .

( مسألة 772 ) : یجوز أن یجعل الواقف للولیّ والناظر مقداراً معیّناً من ثمرة العین الموقوفة أو منفعتها ، سواء أکان أقلّ من اجرة المثل أم أکثر أم مساویاً ، فإن لم یجعل له شیئاً کانت له اجرة المثل إن کانت لعمله اجرة ، إلاّ أن یظهر من القرائن أنّ الواقف قصد المجّانیّة ، ولو کان فقیراً وذا حاجة فلا یبعد جواز أکله بالمعروف .

( مسألة 773 ) : إذا لم یجعل الواقف ولیّاً علی الوقف وکان الوقف علی نحو التملیک وکان خاصّاً کانت الولایة علیه للموقوف علیه ، فإذا قال : « هذه الدار وقف لأولادی ، ومن بعدهم لأولادهم ، وهکذا » فالولایة علیها وعلی منافعها تکون للأولاد ، وإذا لم یکن الوقف الخاصّ علی نحو التملیک بأن کان علی نحو الصرف وغیره من الأنواع ، أو کان الوقف عامّاً کانت الولایة للواقف ولورثته من بعده .

( مسألة 774 ) : إذا جعل الواقف ولیّاً أو ناظراً علی الولیّ ، فلیس له عزله إذا کان من ضمن شروط الوقف . نعم ، إذا فقد شرط الواقف کما إذا جعل الولایة للعدل ففسق أو جعلها للأرشد فصار غیره أرشد ، أو نحو ذلک انعزل بذلک بلا حاجة إلی عزل .

( مسألة 775 ) : یجوز للواقف أن یفوّض تعیین الولیّ علی الوقف إلی شخص بعینه ، وأن یجعل الولایة لشخص ویفوّض إلیه تعیین مَن بعده .

ص:242

( مسألة 776 ) : إذا عیّن الواقف للولیّ ( المجعول له الولایة ) جهة خاصّة اختصّت ولایته بتلک الجهة وکان المرجع فی بقیّة الجهات ما مرّ من التفصیل . وإن أطلق له الولایة کانت الجهات کلّها تحت ولایته ، فله الاجارة والتعمیر وأخذ العوض ودفع الخراج وجمع الحاصل وقسمته علی الموقوف علیهم وغیر ذلک ممّا یکون تحت ولایة الولیّ . نعم ، تختصّ الولایة بالمتعارف فی الخارج ممّا تنصرف إلیه الولایة .

ص:243

فصل : فی شرائط العین الموقوفة

(مسألة 777 ) : یعتبر فی العین الموقوفة إمکان التعیین فی الوجود الخارجی ، فلا یصحّ وقف الکلّی المبهم کقوله : « وقفت شیئاً ما » بخلاف ما إذا عیّنه عنواناً أو کان مشاعاً فی معیّن أو فی المعیّن ، ولو وقف دیناً وتحقّق القبض بعده فللصحّة وجه .

ولا یصحّ وقف المنفعة کقوله : « وقفت منفعة داری » . نعم ، یتّجه وقوعها حبساً .

( مسألة 778 ) : یعتبر أن تکون العین مملوکة أو بحکمها ، فلا یصحّ وقف الحرّ والمباحات الأصلیّة قبل حیازتها ، ویجوز وقف إبل الصدقة وغنمها وبقرها إذا کان الواقف مالک العین الزکویّة أو الحاکم الشرعی ، وأن لا تکون مرهونة فلا ینفذ الوقف إلاّ بعد فکّ العین منه .

( مسألة 779 ) : یعتبر فی العین الموقوفة أن تکون ممّا یمکن الانتفاع بها مع بقائها ، فلا یصحّ وقف الأطعمة والخضر والفواکه ممّا لا نفع فیه إلاّ بإتلاف عینه . نعم ، لو أوقف مالاً لیداول قرضاً کما فی صنادیق قرض الحسنة ، صحّ صدقة علی الجهة ویکون لازماً ، کما یعتبر أن تکون المنفعة المقصودة بالوقف محلّلة والانتفاع بالعین محلّلاً ، فلا یصحّ وقف آلات اللّهو وآلات القمار والصلبان ونحوها ، ولا وقف الدابّة لحمل الخمر والخنزیر .

( مسألة 780 ) : لا یعتبر فی إنشاء الوقف إمکانیّة قبض العین حاله ، فإذا وقف

ص:244

العبد الآبق أو الجمل الشارد أو الطیر الطائر وتحقّق القبض بعده صحّ الوقف .

( مسألة 781 ) : یصحّ وقف الثیاب والأوانی والفرش والدور والبساتین والأراضی الزراعیّة والکتب والسلاح والحیوانات إذا کان ینتفع بها فی الرکوب أو الحمل أو اللّبن أو الوبر والشعر والصوف ، أو غیر ذلک ، وکذا غیرها ممّا له منفعة محلّلة ، ویجوز وقف الدراهم والدنانیر إذا کان ینتفع بها فی التزیین ، وأمّا وقفها لحفظ الاعتبار المالی للموقوف علیه ، فیصحّ بناءً علی جواز بیع الوقف مع حاجة الموقوف علیه الشدیدة ، لا سیّما مع کونه وفقاً لأغراض الوقف .

( مسألة 782 ) : المراد من المنفعة أعمّ من المنفعة العینیّة ، مثل التمر واللّبن ونحوهما ، والمنفعة الفعلیّة مثل الرکوب والحرث والسکنی وغیرها .

( مسألة 783 ) : لا یشترط فی المنفعة أن تکون موجودة حال الوقف ، فیکفی أن تکون متوقّعة الوجود فی المستقبل مثل وقف الشجرة قبل أن تثمر ، ووقف الدابّة الصغیرة قبل أن تقوی علی الرکوب أو الحمل علیها .

ص:245

فصل : فی شرائط الموقوف علیه

یشترط فی الموقوف علیه امور :

( الأوّل ) التعیین ، فإذا وقف علی المردّد بین أشیاء أو بین شیئین - کأحد المسجدین أو أحد المشهدین أو أحد الموردین - لم یصحّ ، إلاّ إذا قصد الوقف علی العنوان واشترط تطبیقه علی الموردین أو علی الموارد .

( الثانی ) أن یکون الموقوف علیه فی الوقف الخاصّ الذی یملک فیه العین والمنفعة موجوداً حال الوقف ، فلا یصحّ الوقف علی المعدوم حاله ، کمَن کان موجوداً قبل ذلک ، کما إذا وقف علی زید الذی مات ، وأمّا الذی یتوقّع وجوده بعد الوقف مثل أن یقف علی ولده الذی سیولد ، فللصحّة وجه ، لا سیّما إذا رجع إلی الوقف علی العنوان وان انحصر انطباقه علی معیّن ، لا سیّما مع تعدّد انطباقه علی الأفراد کعنوان الأولاد ، وهذا بخلاف وقف الانتفاع ونحوه ، فإنّ الظاهر صحّته ، وأمّا إذا کان حملاً لم ینفصل حین الوقف ففی بطلان الوقف تأمّل ، فضلاً عمّا لو کان الوقف الخاصّ وقف انتفاع ، فإنّ الصحّة لا تخلو من وجه ، وإذا وقف علی المعدوم تبعاً للموجود کما إذا وقف علی أولاده ، ثمّ علی أولادهم ، ثمّ علی أحفادهم ، وهکذا ، صحّ .

( مسألة 784 ) : إذا وقف علی أولاده الموجودین ، ثمّ علی أولاد أولاده الموجودین ، ثمّ علی مَن سیوجد علی أن یکون بعد وجوده مقدّماً علی الموجودین ، فالظاهر الصحّة .

ص:246

الشرط الثالث : أن لا یکون الوقف علیه علی نحو الصرف فی المعصیة ، کالصرف فی الزنا وشرب الخمر ونسخ کتب الضلال ونشرها وتدریسها وشراء آلات الملاهی ونحو ذلک .

( مسألة 785 ) : یجوز وقف المسلم علی الکافر غیر الحربی فی الجهات المحلّلة .

( مسألة 786 ) : یجوز الوقف علی المملوک ، قنّاً کان أم غیره ، کان الوقف علی نحو التملیک أم الصرف .

( مسألة 787 ) : إذا وقف علی ما لا یصحّ علیه - کالوقف علی النفس الذی تقدّم - وما یصحّ علی نحو التشریک بطل بالنسبة إلی حصّة الأوّل وصحّ بالنسبة إلی حصّة الثانی إذا کان بنحو التوزیع ، ویصحّ مطلقاً إذا کان بنحو المصرف ، وإن کان علی نحو الترتیب ، وکان الأوّل مقدّماً ، فالأقوی الصحّة بوقوعه للثانی ، وإن کان موّراً کان من المنقطع الآخر ، فیصحّ فیما یصحّ الوقف علیه ویبطل فیما بعده ، وإن کان ما لا یصحّ وسطاً بین ما یصحّ فهو فی الأخیر کالمنقطع الأوّل .

( مسألة 788 ) : إذا وقف علی العناوین العامّة کالزائرین أو الحجّاج أو عالم البلد أو نحوها ممّا توجد لها أفراد فی وقت ولا توجد فی وقت آخر ، صحّ وإن لم یکن له فرد حین الوقف .

ص:247

فصل : فی بیان المراد من بعض عبارات الوقف

(مسألة 789 ) : إذا أوقف مسلم علی الفقراء أو فقراء البلد فالمراد فقراء المسلمین ، وإذا کان الواقف من الشیعة فالمراد فقراء الشیعة ، وإذا کان کافراً فالمراد فقراء أهل دینه ، فإن کان من مذهب أهل الخلاف فلفقراء أهل مذهبه فی الفروع أو الاُصول بحسب قرائن وتعارف الحال ، کما أنّ نمط عنوان جهة منفعة الوقف ممّا یلحظ فی تعیین دائرة المراد .

( مسألة 790 ) : إذا وقف علی الفقراء أو فقراء البلد أو فقراء بنی فلان أو الحجّاج أو الزوّار أو العلماء أو مجالس العزاء لسیّد الشهداء علیه السلام أو خصوص مجالس البلد ، فالظاهر منه المصرف ، فلا یجب الاستیعاب وإن کانت الأفراد محصورة ، إلاّ أن تقوم قرینة علی البسط المستوعب للجمیع أو للغالب أو للکثیر ، وذلک بحسب أغراض الواقف وحینئذٍ قد یلزم الفحص .

( مسألة 791 ) : إذا قال فی الوقف الخاصّ : « هذا وقف علی أولادی أو أصهاری أو أرحامی أو تلامذتی أو مشایخی أو جیرانی » ، فالظاهر منه لزوم عموم الاستیعاب .

( مسألة 792 ) : إذا وقف علی المسلمین کان لمَن یحکم بإسلامه ، فلا یخرج عن الموقوف علیهم مَن یعتقد الواقف کفره بعد ما أقرّ بالشهادتین ، ویعمّ الوقف المسلمین جمیعاً ، الذکور والإناث ، والکبار والصغار ، لأنّه یوذ باقتضاء اللّفظ فی نفسه بعد عدم التقیید . نعم ، یخرج مَن حکم بکفره من منتحل الإسلام ،

ص:248

إلاّ أن یکون الواقف من إحدی الفرق المنتحلة فیشملهم .

( مسألة 793 ) : إذا وقف علی المونین اختصّ الوقف بمَن کان یحکم بإیمانه بحسب معتقده ولا یشمل غیره ، وإن لم یلتفت الواقف إلی تفصیل المعنی ، فإذا کان الواقف اثنی عشریّاً اختصّ الوقف بالاثنی عشریّة من الإمامیّة ، ولا فرق بین الرجال والنساء والأطفال ، ولا بین العدول والفسّاق دون المستضعفین من الفِرق الاُخری ، وأمّا إذا وقف علی الشیعة ، سواء کان الواقف من الإمامیّة أو غیرهم ، فالمتّبع القرائن بحسب الموارد من التخصیص بفرقته أو بکلّ مَن یعتقد بتقدیم علیّ علیه السلام خلیفة بعد رسول اللّه صلی الله علیه وآله .

( مسألة 794 ) : إذا وقف فی سبیل اللّه أو فی وجوه البرّ ، فالمراد منه ما یکون قربة وطاعة وعملاً مرضیّاً له تعالی .

( مسألة 795 ) : إذا وقف علی أرحامه أو أقاربه ، فالمرجع فی تحدید دائرته العرف ، وإذا وقف علی الأقرب فالأقرب کان علی کیفیّة الإرث .

( مسألة 796 ) : إذا وقف علی أولاده اشترک الذکر والاُنثی والخنثی ، إلاّ مع القرینة الصارفة ، کالعرف الخاصّ فی بعض البلاد من إرادة خصوص الذکر ، ویشمل عنوان الأولاد الصلبی وغیره .

( مسألة 797 ) : إذا وقف علی إخوته اشترک الإخوة بالسویّة ، سواء من الأبوین أو من الأب فقط أو من الاُمّ فقط ، وکذا إذا وقف علی أجداده اشترک الأجداد لأبیه والأجداد لاُمّة ، وکذا إذا وقف علی الأعمام أو الأخوال ، فإنّه یعمّ الأعمام للأبوین وللأب فقط وللاُمّ فقط ، وکذلک الأخوال . ولا یشمل الوقف علی الإخوة أولادهم ولا الأخوات ، ولا الوقف علی الأعمام والأخوال أعمام الأب والاُمّ وأخوالهما مع وجود الطبقة الاُولی وهم أعمام وأخوال الواقف

ص:249

نفسه ، کما لا یشمل العمّات مطلقاً ولا الخالات کذلک .

( مسألة 798 ) : إذا وقف علی أبنائه لم تدخل البنات ویدخل الصلبی وغیره ، وإذا وقف علی ذرّیّته دخل الذکر والاُنثی .

( مسألة 799 ) : إذا قال : « هذا وقف علی أولادی ما تعاقبوا وتناسلوا » ، فانّه یلاحظ طبیعة الوقف وأغراضه ومناسبته للتشریک أو للترتیب فیوذ به ، وإلاّ مع الإطلاق فالظاهر منه الترتیب کما هو مقتضی القرابة شرعاً وطبعاً ،

وأمّا قوله : « وقف علی أولادی الأعلی فالأعلی » ، فقرینة ظاهرة فی الترتیب ، وکذا : « وقف علی أولادی نسلاً بعد نسل ، أو طبقة بعد طبقة، أو طبقة فطبقة » ، وإن کان أقلّ ظهوراً من السابق .

هذا ، ولا یبعد أنّ بعض مَن فی الطبقة الاُولی إذا انقرض ومات یقوم مَن یتقرّب به من الطبقة الثانیة مقامه بقدر حصّته ، وهو نحو تلفیق بین الطولیّة والعرضیّة بضمیمة قرینة کون غرض الواقف هو التوزیع .

نعم ، بعد انقراض جمیع الطبقة الاُولی یتساوی مَن فی الطبقة الثانیة لا بقدر حصص آبائهم .

( مسألة 800 ) : إذا تردّد الموقوف علیه بین عنوانین أو شخصین ، فالمرجع فی تعیینه القرعة ، وکذا إذا شکّ فی الوقف أنّه ترتیبی أو تشریکی ولم یکن ما یدلّ علی أحدهما ، فیعیّن بالقرعة .

( مسألة 801 ) : إذا وقف علی العلماء ولم تکن قرینة خاصّة ، فالظاهر منه علماء الشریعة ، فلا یشمل علماء الطبّ والنجوم والهندسة والجغرافیا ونحوهم .

وإذا وقف علی أهل بلد اختصّ بالمواطنین والمجاورین منهم ، ولا یشمل

ص:250

المسافرین وإن نووا إقامة مدّة فیه .

( مسألة 802 ) : إذا وقف علی مسجد أو مشهد صرف نماو فی مصالحه من تعمیر وفرش وسراج وکنس ونحو ذلک من مصالحه ، ولا یبعد جواز بذل شیء من النماء لإمام الجماعة ونحوه مع وفور ریع الوقف واندراج ذلک فی مصلحة الوقف وعمارته . نعم ، تراعی الأولویّة فی ما هو الصالح للوقف .

( مسألة 803 ) : إذا وقف علی الحسین علیه السلام صرف فی إقامة عزائه مع بذل الطعام فیه وبدونه ، والأحوط إهداء ثواب ذلک إلیه علیه السلام ، ولا فرق بین إقامة مجلس للعزاء وأن یعطی الذاکر لعزائه علیه السلام فی المسجد أو الحرم أو الصحن أو غیر ذلک ، بل لا یبعد اندراج ما یوجب الصرف فی کلّ آلیات الترویج للمعرفة به علیه السلام وموقعیّته فی الدین مع وفور ریع الوقف .

( مسألة 804 ) : إذا وقف علی النبیّ صلی الله علیه وآله والأئمّة علیهم السلام صرف فی إقامة المجالس لذکر فضائلهم ومناقبهم ووفیّاتهم وبیان ظلاماتهم ، ونحو ذلک من آلیات نشر المعرفة بهم وبحقّهم فی الدین .

( مسألة 805 ) : إذا وقف علی أن یصرف علی میّت أو أموات صرف فی مصالحهم الاُخرویّة من الصدقات عنهم وفعل الخیرات لهم ، وإذا احتمل اشتغال ذمّتهم بالدیون صرف أیضاً فی إفراغ ذمّتهم .

( مسألة 806 ) : إذا قال : « هذا وقف علی سکنی أولادی » ، فالظاهر أنّه لا یجوز أن یوّروها ویقتسموا الاُجرة ، بل یتعیّن علیهم السکنی فیها ، فإن أمکن سکنی الجمیع سکنوا جمیعاً ، وإن تشاحّوا فی تعیین المسکن ، فالمرجع نظر الولیّ ، فإنّ تعدّد الأولیاء واختلف نظرهم ، فالمرجع الحاکم الشرعی إن اختلف فی کیفیّة التقسیم والتوزیع ، أو القرعة إن اختلف فی تخصیص القسمة ،

ص:251

وإذا امتنع بعضهم عن السکنی حینئذٍ جاز للآخر الاستقلال فیها ولیس علیه شیء لصاحبه ، وإن تعذّر سکنی الجمیع اقتسموها بینهم یوماً فیوماً أو شهراً فشهراً ، أو سنة فسنة ، وإن اختلفوا فی ذلک وتشاحّوا فالحکم کما سبق ، ولیس لبعضهم ترک السکنی وعدم الرضا بالمهایاة والمطالبة بالاُجرة حینئذٍ بالنسبة إلی حصّته .

( مسألة 807 ) : إذا قال : « هذا وقف علی الذکور من أولادی أو ذکور أولادی نسلاً بعد نسل ، أو طبقة بعد طبقة » اختصّ بالذکور من الذکور ، ولا یشمل الذکور من الإناث .

( مسألة 808 ) : إذا قال : « وقف علی إخوتی نسلاً بعد نسل » فالظاهر العموم لأولادهم الذکور والإناث .

( مسألة 809 ) : إذا قال : « هذا وقف علی أولادی ، ثمّ أولاد أولادی » کان الترتیب بین أولاده الصلبیّین وأولادهم ، وکذا بین أولاد أولاده وأولادهم علی الأظهر ، کما مرّ .

( مسألة 810 ) : إذا وقف علی زید والفقراء ، فالظاهر التنصیف ، وکذا إذا قال : « وقف علی زید وأولاد عمر » أو قال : « وقف علی أولاد زید وأولاد عمر » أو قال : « وقف علی العلماء والفقرا » .

( مسألة 811 ) : إذا وقف علی الزوّار ، فالظاهر الاختصاص بغیر أهل المشهد ممّن یأتی من الخارج للزیارة ، وفی کونه کذلک إذا قال : « وقف علی مَن یزور المشهد » إشکال ، والظاهر التفصیل بلحاظ نوع العین الموقوفة ، فتارة تعدّ لکلّ مَن یزور ولو من أهل المشاهد ، واُخری کالسکن المعدّ للزوّار ، فإنّه لغیر المجاورین والمقیمین فی المشهد .

ص:252

فصل : فی بعض أحکام الوقف

(مسألة 812 ) : إذا تمّ الوقف لا یجوز للواقف ولا لغیره تبدیل وتغییر الموقوف علیه بنقله منهم إلی غیرهم ، وإخراج بعضهم منه ، وإدخال أجنبیّ عنهم معهم إذا لم یشترط ذلک ، أمّا إذا اشترط إدخال مَن شاء معهم أو اشتراط إخراج بعضهم ، فیشکل صحّته ، بل صحّة الوقف ، ولا یبعد وقوعه حبساً . نعم ، لو اشترط فی صیغة الوقف عنواناً یوسّع الموقوف علیه أو یضیّقه صحّ الشرط .

( مسألة 813 ) : العین الموقوفة تخرج من ملک الواقف وتدخل فی ملک الموقوف علیه ، سواء کان جهة عامّة أو شخص وأشخاص ، کما مرّ ، ویکون نماوا له ، ومرّ أنّه إذا کان الوقف علی الصرف لم تدخل العین فی ملک الموقوف علیه ، بل یتعیّن صرف نمائها فی الجهة الموقوف علیها علی اختلاف کیفیّات الوقف .

( مسألة 814 ) : إذا اشترط الواقف شرطاً فی الموقوف علیه ، أی بنحو التوصیف والتقیید ، کما إذا وقف علی الطلبة العدول أو المجتهدین ، ففقد الشرط خرج عن الوقف ، وإذا اشترط علیه شرطاً أی بنحو التزام الفعل ، فیشکل صحّته من جهة منافاته لحقیقة الصدقة المجّانیّة وأنّها للّه تعالی . نعم ، لا یبعد کون مآله إلی شرط التوصیف بلسان اشتراط الفعل ، فمَن لا یأتی به یخرجه عن الوقف . نعم ، لو أتی به مجدّداً اندرج فی الوقف .

( مسألة 815 ) : إذا احتاجت الأملاک الموقوفة إلی التعمیر أو الترمیم لأجل

ص:253

بقاءها وحصول النماء منها ، فإنّ عین الواقف لها ما یصرف فیها عمل علی طبقه ، وإلاّ صرف من نمائها وجوباً مقدّماً علی حقّ الموقوف علیهم ، وإذا احتاج إلی التعمیر بحیث لولاه لم یبق أصل الوقف ، فالظاهر وجوبه وإن أدّی إلی حرمان البطن السابق إن کان التأبید أهمّ فی غرض الواقف ، وأمّا إن کان غرضه فی رفع حاحة الموقوف علیهم مقدّم علی التأبید فیشکل تقدیم التعمیر علی انتفاع البطن السابق .

( مسألة 816 ) : یجوز للمتولّی للوقف أن یستدین علی الوقف إن لم یکن هناک وارد للتعمیر والصیانة ، ثمّ یوّیه من نماء الوقف المتجدّد .

( مسألة 817 ) : النماء المنفصل وما بحکمه کالثمر الموجود علی النخل أو الشجر حین إجراء صیغة الوقف باقٍ علی ملک مالکها ، ولا یکون للموقوف علیه ، وکذا الحمل الموجود حین وقف الدابّة والصوف الموجودان حین وقف الشاة ، وکذا ما یتجدّد من الثمر أو الحمل أو اللّبن أو الصوف ونحوها بعد إنشاء الوقف وقبل القبض فیما یعتبر القبض فی صحّته .

( مسألة 818 ) : إذا وقف علی مصلحة فبطل رسمها ، کما إذا وقف علی مسجد فخرّب أو مدرسة فخرّبت ولم یمکن تعمیرها أو انتفت الحاجة لدی مصرفها لانقطاع مَن یصلّی فی المسجد أو مهاجرة الطلبة ، أو نحو ذلک ، فإن کان الوقف علی نحو تعدّد المطلوب - کما هو الغالب - صرف نماء الوقف فی مسجد أو مدرسة اخری إن أمکن ، وإلاّ ففی وجوه البرّ الأقرب فالأقرب .

( مسألة 819 ) : إذا جهل المصرف فإن کانت المحتملات تتصادق فی مورد صرف فیه لأنّه المتیقّن ، کما إذا لم یدر أن الوقف وقف علی العلماء مطلقاً أو علی خصوص العدول منهم ، أو لم یدرِ أنّ الوقف وقف علی العلماء أو الفقراء ، فإنّه

ص:254

یصرف فی الفرض الأوّل علی العلماء العدول ، وفی الثانی علی العلماء الفقراء .

وإن کانت المحتملات متباینة وغیر محصورة ، وکان الوقف بنحو التملیک ، فیکون من مجهول المالک فیتصدّق علی أحد الأطراف المحتملة ، وإن کان بنحو الانتفاع وکان أحد المحتملات أقوی من البقیّة ، فلا یبعد مراعاته ، وإن تساوت وکان منها التصدّق فیتصدّق به ، وإلاّ فیصرف فی أحد وجوه البرّ المحتملة .

وإن کانت المحتملات محصورة ، کما إذا لم یدرِ أنّ الوقف وقف علی المسجد الفلانی أو علی المسجد الآخر ، أو أنّه وقف لزید أو لعمرو علی نحو المصرف أو التملیک ، فالأقرب هو الرجوع إلی القرعة فی تعیین الموقوف علیه ، لکن مع مراعاة زیادة سهام کلّ طرف بحسب قوّة احتماله علی الأقلّ احتمالاً .

( مسألة 820 ) : إذا آجر البطن الأوّل من الموقوف علیهم العین الموقوفة فی الوقف الترتیبی وانقرضوا قبل انقضاء مدّة الإجارة لا تمضی الإجارة بالنسبة إلی بقیّة المدّة ، وکذا الحکم فی الوقف التشریکی إذا ولد فی أثناء المدّة مَن یشارک الموقوف علیه الموّر ، فإنّه لا تمضی الإجارة بالنسبة إلی حصّته ، والظاهر صحّتها بالإجازة من البطن الثانی فی الصورة الاُولی ، ومن الشریک فی الصورة الثانیة ، فیکون للمجیز حصّته من الاُجرة ، ولا یحتاج إلی تجدید الإجارة وإن کان أحوط .

نعم ، إذا کانت الإجارة من الولیّ لمصلحة الوقف صحّت ونفذت ، وکذا إذا کانت لمصلحة البطون اللاّحقة إذا کانت له ولایة علی ذلک ، فإنّها تصحّ ویکون للبطون اللاّحقة حصّتهم من الاُجرة .

( مسألة 821 ) : إذا کان للعین الموقوفة منافع مختلفة وثمرات متنوّعة کان الجمیع للموقوف علیه مع إطلاق الوقف ، فإذا وقف الشجر أو النخل کانت

ص:255

ثمرتها ومنفعة الاستظلال بها والسعف والأغصان والأوراق الیابسة وأکمام الطلع والفسیل ونحوها ممّا هو مبنیّ علی الانفصال للموقوف علیه ، ولا یجوز له ولا لغیره التصرّف فیها إلاّ علی الوجه الذی اشترطه الواقف .

( مسألة 822 ) : نماء الوقف لیس وقفاً ، بل هو من توابع ملک الوقف ، فیجوز بیعه وصرفه فی الموقوف علیه ، ومصرف الوقف کالفسیل الخارج بعد الوقف إذا نما واستطال حتّی صار نخلاً أو قلع من موضعه وغرس فی موضع آخر فنما حتّی صار مثمراً لا یکون وقفاً ، وکذا إذا قطع بعض الأغصان الزائدة للإصلاح وغرس فصار شجرة فإنّه لا یکون وقفاً .

( مسألة 823 ) : إذا خرب المسجد لم تخرج العرصة عن المسجدیّة ، وإن تعذّر تعمیره ، وکذا إذا خربت القریة التی یقع هو فیها حتّی بطل الانتفاع به ما لم تصیر مواتاً .

( مسألة 824 ) : غیر المسجد من الأعیان الموقوفة إذا تعذّر الانتفاع من الوقف إمّا لخراب العین وزوال منفعتها کالبناء الموقوف حسینیّة ومأتم ، وإمّا لتعذّر عنوان الوقف أو انتفاءه - وهو عنوان الحسینیّة فی المثال - وإمّا لتعذّر الجهة المقصودة فی الوقف وهی إقامة العزاء ، وإمّا لتعذّر أو انتفاء الجهة الموقوف علیها کوقف الحسینیّة والمأتم لأهالی مدینة معیّنة وقد انقرضوا أو نزحوا عنها .

کلّ ذلک لا یوجب بطلان الوقف ، بل یعتمد کلّ ما یمکن من علاج لإبقاء الوقف علی حاله الأوّل ، کإجارة الوقف لصرف عوض الإجارة فی ترمیم البناء ، أو بیع بعضها للحفاظ علی الباقی ، وإلاّ فیعتمد الأقرب فالأقرب من شروط وأغراض الوقف عنواناً وجهة ومصرفاً ، کما هو غالب الوقف العامّ ، کأن یجعل البناء حسینیّة لأهالی مدینة قریبة من أهل المدینة المنقرضة ،

ص:256

وکما لو وقف بستاناً علی جهة غیر خاصّة بأعیان أشخاص ممّا یکون عنوان البستان أو التنزّه فیه والاستظلال من باب تعدّد المطلوب مع أصل عرصة البستان ، أو کأن یبتاع العین ویصرف ثمنها فی جهة الموقوف علیها .

نعم ، إذا کان شرط الوقف عنواناً أو جهة أو مصرفاً ممّا یعتاد انتهاءه أمداً وکان غرض الواقف بنحو وحدة المطلوب - کما هو الحال فی غالب الوقف الخاصّ - فالظاهر أنّه یرجع ملکاً للواقف أو ورثته .

( مسألة 825 ) : یجوز وقف البستان واستثناء نخلة منه ، ویجوز له حینئذٍ الدخول إلیها بمقدار الحاجة ، کما أنّ له إبقاءها فی أرض البستان مجّاناً ، ولیس للموقوف علیهم قلعها ، وإذا انقلعت لم یبق له حقّ فی الأرض ، فلا یجوز له غرس نخلة اخری مکانها ، وکذا یجوز وقف الدار باستثناء غرفة منها ، ولکن إذا خربت بقیت له أرض الغرفة لأنّها جزءها .

( مسألة 826 ) : إذا کانت العین مشترکة بین الوقف والملک الطلق جازت قسمتها بتمییز الوقف عن الملک الطلق ، ویتولّی القسمة المالک للطلق ومتولّی الوقف ، بل الأقوی جواز القسمة إذا تعدّد الواقف والموقوف علیه ، کما إذا کانت دار مشترکة بین شخصین فوقف کلّ منهما نصفه المشاع علی أولاده ، وکذا إذا اتّحد الواقف مع تعدّد الموقوف علیه ، کما إذا وقف مالک الدار نصفها علی مسجد ونصفها علی مکتبة ، وکذا إذا اتّحد الواقف والموقوف علیه إذا لم تکن القسمة منافیة ، کما إذا وقف أرضاً علی أولاده الصلبیّین فقط وکانوا أربعة ، فإنّه یجوز لهم اقتسامها أرباعاً ، فإذا صار ولد آخر بطلت القسمة وجاز اقتسامها أخماساً ، فإذا مات اثنان منهم بطلت القسمة وجاز اقتسامها أثلاثاً ، وهکذا .

( مسألة 827 ) : لا یجوز تغییر عنوان العین الموقوفة إذا علم من الواقف إرادة

ص:257

بقاء عنوانها ، سواء فهم ذلک من کیفیّة الوقف ، کما إذا وقف داره علی السکنی ، فلا یجوز تغییرها إلی الدکاکین أم فهم من قرینة خارجیّة ، بل إذا احتمل ذلک ولم یکن إطلاق فی لفظ إنشاء الوقف لم یجز ذلک . نعم ، إذا کان إطلاق فی إنشاء الوقف جاز للولیّ التغییر ، فیبدّل الدار إلی دکاکین والدکاکین إلی دار ، وهکذا ، وقد یعلم من حال الوقف إرادة بقاء العنوان ما دام له دخل فی کثرة المنفعة ، فحینئذٍ لا یجوز التغییر ما دام الحال کذلک ، فإذا قلّت المنفعة جاز التغییر .

( مسألة 828 ) : إذا انقلعت نخلة من البستان الموقوفة ، فإن کان وقفها للانتفاع بثمرها جاز بیعها وصرف ثمنها فی البستان إن احتاج ، أو بتعویض فسیل بدیل عنها ، وإلاّ ففی الجهة الموقوفة علیها . وإذا وقفها للانتفاع بأیّ وجه کان ، فإن أمکن الانتفاع بها فی جعلها سقفاً أو عمداً أو نحو ذلک ، جاز بیعها ما لم یقیّد فی شرط الوقف الانتفاع بشخصها ، أو کان وقف النخلة مستقلاًّ عن وقف البستان بحیث لا یعدّ حطب النخلة نماءاً ، فضلاً عمّا لو بطل الانتفاع بها علی حالها جاز بیعها وصرف ثمنها فی البستان - علی ما مرّ - وإلاّ ففی الجهة الموقوف علیها .

( مسألة 829 ) : الأموال التی تجمع لعزاء سیّد الشهداء علیه السلام ویقوم بجمعها صنف خاصّ لإقامة مأتمهم أو من أهل بلد لإقامة مأتم فیها ، أو للأنصار الذین یذهبون فی زیارة الأربعین إلی ( کربلاء ) الظاهر أنّها من قسم الصدقات المشروط صرفها فی جهة معیّنة وقبضها حاصل من الجامع المتولّی للصرف ولیست باقیة علی ملک مالکها ، ولا یجوز لمالکها الرجوع فیها ، وإذا مات قبل صرفها لا یجوز لوارثه المطالبة بها ، وکذا إذا أفلس لا یجوز لغرمائه المطالبة بها ، وإذا تعذّر صرفها فی الجهة المعیّنة ، فالأحوط صرفها فیما هو الأقرب فالأقرب إلی الجهة الخاصّة .

ص:258

نعم ، إذا کان الدافع للمال غیر معرض عنه وصرّح أنّ الآخذ للمال بمنزلة الوکیل عنه لم یخرج حینئذٍ عن ملک الدافع ، وجاز له ولورثته ولغرمائه المطالبة به ، بل یجب إرجاعه إلیه عند مطالبته وإلی وارثه عند موته ، وإلی غرمائه عند تفلیسه ، وإذا تعذّر صرفه فی الجهة الخاصّة واحتمل عدم إذنه فی التصرّف فیه فی غیرها وجبت مراجعته فی ذلک .

هذا ، والتفصیل نفسه یتأتّی فی الأموال التی تعزل من صاحب المنزل قاصداً بها عنوان الفقراء ، وأنّه هو المتولّی لصرفها علیهم .

( مسألة 830 ) : لا یجوز بیع العین الموقوفة إلاّ فی موارد ذکرناها فی کتاب البیع .

( مسألة 831 ) : إذا کان غرض الواقف من الوقف حصول شیء فبان عدم حصوله ، لا یکون ذلک موجباً لبطلان الوقف ما دام الغرض داعیاً ولیس قیداً فی الوقف ، فإذا علم أنّ غرض الواقف من الوقف علی أولاده أن یستعینوا به علی طلب العلم أو الإقامة بالمشهد المعیّن أو نحو ذلک ، فلم یترتّب الغرض المذکور علیه لم یکن ذلک موجباً لبطلان الوقف ، وهکذا الحال فی جمیع الأغراض والدواعی التی تدعو إلی إیقاع المعاملات أو الإیقاعات ، فإذا کان غرض المشتری الربح - الذی یصطلح علیه بالداعی - فلم یربح لم یکن ذلک موجباً لبطلان الشراء أو التسلّط علی الفسخ .

( مسألة 832 ) : الشرائط التی یشترطها الواقف إذا کانت مشروعة تنفّذ وتصحّ ویجب العمل علیها ، فإذا اشترط أن لا یوّر الوقف أکثر من سنة أو لا یوّر علی غیر أهل العلم ، لا تصحّ إجارته سنتین ، ولا علی غیر أهل العلم .

( مسألة 833 ) : تثبت الوقفیّة بالعلم - ولو الحاصل من الشیاع - وبالبیّنة

ص:259

الشرعیّة ، وبإقرار ذی الید وإن کانت مشترکة ، کما إذا کانت جماعة فی دار فأخبر بعضهم بأنّها وقف حکم بها فی حصّته وإن لم یعترف غیره بها .

( مسألة 834 ) : إذا کان کتاب أو إناء ونحو ذلک قد کتب علیه أنّه وقف ، فالظاهر الحکم بوقفیّته مع کون کتابته بالنمط المتعارف فی تسجیل الوقف . نعم ، إذا کان بید شخص وادّعی ملکیّته واعتذر عن الکتابة بعذر مقبول صدق وحکم بملکیّته له ، فیجوز حینئذٍ الشراء منه والتصرّف بإذنه ، وغیر ذلک من أحکام الملک ، بل الأخذ والاعتماد علی الکتابة أنّه وقف مع مجرّد وجود ید لشخص محلّ إشکال .

( مسألة 835 ) : إذا وجدت ورقة فی ترکة المیّت قد کتب علیها أنّ الشیء الفلانی وقف ، فإن کان علیه أمارة الاعتراف بالوقفیّة من توقیعه فی ذیلها ووضعها فی ظرف مکتوب علیه هذه ورقة الوقف الفلانی ، أو نحو ذلک من الأوراق الرسمیّة ، أو مکاتب التوثیق فی العصر الحدیث ، ممّا یکون ظاهراً فی الاعتراف بالوقفیّة ، وإلاّ فلا یحکم بها وإن علم أنّها بخطّ المالک ، کما مرّ .

( مسألة 836 ) : لا فرق فی حجّیّة إخبار ذی الید بین أن یکون إخباراً بأصل الوقف وأن یکون إخباراً بکفیّته من کونه ترتیبیّاً أو تشریکیّاً ، وکونه علی الذکور فقط أو علی الذکور والإناث ، وأنّه علی نحو التساوی أو علی نحو الاختلاف ، کما أنّه لا فرق فی الإخبار بین أن یکون بالقول وأن یکون بالفعل بنمط یعدّ ویعتدّ به فی العرف أنّه وقف ، کالتسجیل العقاری ونحوه ، وکالتعاطی یداً بید علی نحو الوقفیّة ، وکذا فی کیفیّة التعاطی لنحو کیفیّة الوقف أنّه ترتیبی أو تشریکی ، أو للذکور والإناث ، أو للذکور دون الإناث ، وهکذا ، فإنّ تصرّفه إذا کان ظاهراً فی الأخبار عن حاله کان حجّة کخبره القولی .

ص:260

( مسألة 837 ) : إذا کانت العین الموقوفة من الأعیان الزکویّة ، کالغنم والبقر والإبل ، لم تجب الزکاة فیها ، وإن اجتمعت فیها شرائط الزکاة ، وأمّا إذا کان نماوا زکویّاً کما إذا وقف بستاناً ، فإن کان الوقف علی نحو التملیک والشرکة ، سواء کان الموقوف علیهم لأشخاص أو لعموم ، واتّفق کونهم محصورین ، کما إذا قال : « وقفت البستان لأولادی » ، فإن بلغت حصّة واحد منهم النصاب وجبت علیه الزکاة ، وإلاّ لم تجب . وإن کان الوقف علی نحو التملیک للعنوان ، کما إذا قال : « وقفت البستان علی فقراء البلد » غیر قاصد لاستیعابهم ، لم تجب الزکاة علی واحد منهم ، إلاّ إذا أعطی الولیّ واحداً منهم بعض النماء قبل زمان تعلّق الزکاة ، وکان یبلغ النصاب ، فإنّه تجب الزکاة علی مَن ملک منهم واحداً کان أو أکثر ، وکذلک لا تجب الزکاة علی حاصل الوقف إذا کان علی نحو المصرف کما إذا قال : « وقفت البستان علی تزویج أولادی » أو « علی إطعام الفقراء وکسوتهم » ، ونحو ذلک .

ص:261

إلحاق فیه بابان :

الباب الأوّل : فی الحبس وإخوانه

(مسألة 838 ) : یجوز للمالک أن یحبس ملکه علی جهة معیّنة من شأنها الدوام یجوز الوقف علیها علی أن یصرف نماو فیها ولا یخرج بذلک عن ملکه إن کان موّتاً بوقت ، وأمّا إن أطلق الحبس أو قیّده بالدوام لزم ما دامت العین ، ولم یجز له الرجوع فیه ، والظاهر رجوعه إلی الوقت کما مرّ فی ألفاظه ، إلاّ إذا کان التأبید فی الحبس لبعض منافع العین دون البقیّة ، فیکون حبساً لا وقفاً ، ولا یخرج عن ملکه ، وإن کان مقیّداً بمدّة معیّنة لم یجز له الرجوع قبل انقضاء المدّة ، وإذا انتهت المدّة انتهی التحبیس ، فإذا قال : « فرسی محبس علی نقل الحجّاج » أو « عبدی محبس علی خدمة العلماء » لزمت ما دامت العین باقیة ، وإذا جعل عشر سنین - مثلاً - لزم فی العشر وانتهی بانقضائها .

( مسألة 839 ) : إذا حبس ملکه علی شخص ، فإن عیّن مدّة - کعشرة سنین أو مدّة حیاة ذلک الشخص - لزم الحبس فی تلک المدّة وبعدها یرجع إلی الحابس ، وإذا مات الحابس قبل انقضاء المدّة بقی الحبس علی حاله إلی أن تنتهی المدّة فیرجع میراثاً ، وإذا حبس علیه مدّة حیاة نفسه یعنی الحابس لم یجز له الرجوع ما دام حیّاً ، فإذا مات رجع میراثاً ، وإذا حبسه علی شخص ولم یذکر مدّة معیّنة ولا مدّة حیاة نفسه ولا حیاة المحبس علیه ، ففی لزومه إلی موت الحابس وبعد موته یرجع میراثاً وجوازه ، فیجوز له الرجوع فیه متی شاء ، قولان أقربهما الثانی .

ص:262

( مسألة 840 ) : ذهب المشهور إلی أنّه لا یصحّ التحبیس إلاّ بعد القبض ، وهو الأظهر .

( مسألة 841 ) : یلحق بالحبس السکنی والعمری والرقبی ، والاُولی تختصّ بالمسکن ، والأخیرتان تجریان فیه وفی غیره من العقار والحیوانات والأثاث ونحوها ممّا لا یتحقّق فیه الإسکان ، فإن کان المجعول الإسکان قیل له ( سکنی ) ، فإن قیّد بعمر المالک أو الساکن قیل له أیضاً ( عمری ) ، وإن قیّده بمدّة قیل له ( رقبی ) ، وإذا کان المجعول غیر الإسکان - کما فی الأثاث ونحوه ممّا لا یتحقّق فیه السکنی - لا یقال له سکنی بل قیل ( عمری ) إن قیّد بعمر أحدهما ، و ( رقبی ) إن قیّد بمدّة معیّنة .

( مسألة 842 ) : الظاهر أنّ القبض فیها شرط فی الصحّة ، کما تقدّم فی الحبس .

( مسألة 843 ) : إذا أسکنه مدّة معیّنة کعشر سنین أو مدّة عمر المالک أو مدّة عمر الساکن لم یجز الرجوع قبل انقضاء المدّة ، فإن انقضت المدّة فی الصور الثلاث رجع المسکن إلی المالک أو ورثته .

( مسألة 844 ) : إذا قال له : « أسکنتک هذه الدار لک ولعقبک » لم یجز له الرجوع فی هذه السکنی ما دام الساکن موجود أو عقبه ، فإذا انقرض هو وعقبه رجعت الدار إلی المالک .

( مسألة 845 ) : إذا قال له : « أسکنتک هذه الدار مدّة عمری » فمات الساکن فی حال حیاة المالک انتقلت السکنی إلی وارثه ما دام المالک حیّاً ، فإذا مات انتقلت من ورثة الساکن إلی ورثة المالک ، بل هم مجعول لهم بتبع الساکن ، وکذا الحکم لو عیّن مدّة معیّنة فمات الساکن فی أثنائها .

( مسألة 846 ) : إذا جعل السکنی له مدّة حیاته ، کما إذا قال له : « أسکنتک

ص:263

هذه الدار مدّة حیاتک » ، فمات المالک قبل الساکن لم یجز لورثة المالک منع الساکن ، بل تبقی السکنی علی حالها إلی أن یموت الساکن .

( مسألة 847 ) : إذا جعل له السکنی ولم یذکر له مدّة ولا عمر أحدهما صحّ ، ولزم بالقبض ووجب علی المالک إسکانه وقتاً ما ، وجاز له الرجوع بعد ذلک أی وقت شاء ، ولا یجری ذلک فی الرقبی والعمری لاختصاص الاُولی بالمدّة المعیّنة ، والثانیة بمدّة عمر أحدهما ، والمفروض انتفاء ذلک کلّه .

( مسألة 848 ) : إطلاق السکنی - کما تقدّم - یقتضی أن یسکن هو وأهله وسائر توابعه من أولاده وخدمه وعبیده وضیوفه ، بل دوابّه إن کان فیها موضع معدّ لذلک ، وله اقتناء ما جرت العاة فیه لمثله من غلّة وأوانٍ وأمتعة ، والمدار علی ما جرت به العادة من توابعه ، ولیس له إجارته ولا إعارته لغیره ، فلو آجره ففی صحّة الإجارة بإجازة المالک وکون الاُجرة له حینئذٍ إشکال ، بل منع .

( مسألة 849 ) : الظاهر أنّ ( السکنی ) و ( العمری ) و ( الرقبی ) من العقود المحتاجة فی وجودها الاعتباری إلی إیجاب وقبول وغیرهما ممّا یعتبر فی العقود ، وفی المتعاقدین ممّا مرّ فی کتاب البیع ، وأمّا الحبس فالظاهر اعتبار القبول فیه کما مرّ من التفصیل فی الوقف .

( مسألة 850 ) : الظاهر جواز بیع المحبس قبل انتهاء أجل التحبیس ، فتنتقل العین إلی المشتری علی النحو الذی کانت علیه عند البائع ، فیکون للمحبس علیهم الانتفاع بالعین حسب ما یقتضیه التحبیس ، ویجوز للمشتری المصالحة معهم علی نحو أن یترکوا الانتفاع بالعین مدّة التحبیس بأن یعطیهم مالاً علی أن لا ینتفعوا بالعین ، فلا یجوز لهم مزاحمته فی الانتفاع ، أمّا المصالحة معهم علی إسقاط حقّ الانتفاع بها أو المعاوضة علی حقّ الانتفاع بها ، ففیه إشکال .

ص:264

الباب الثانی

فی الصدقة التی تواترت الروایات فی الحثّ علیها والترغیب فیها ، وقد ورد أنّها دواء المریض ، وبها یُدفع البلاء وقد ابرم إبراماً ، وبها یستنزل الرزق ، وأنّها تقع فی ید الربّ قبل أن تقع فی ید العبد ، وأنّها تخلف البرکة ، وبها یُقضی الدین ، وأنّها تزید فی المال ، وأنّها تدفع میتة السوء ، والداء ، والدبیلة ، والحرق ، والغرق ، والجذام ، والجنون إلی أن عدّ سبعین باباً من السوء ، ویستحبّ التبکیر بها ، فإنّه یدفع شرّ ذلک الیوم ، وکذا فی أوّل اللیل فإنّه یدفع شرّ اللیل .

( مسألة 851 ) : المشهور کون الصدقة من العقود ، فیعتبر فیها الإیجاب والقبول ، ویحصل القبول ولو بالقبض ، کما مرّ فی الوقف ، وهی عطیّة المال إحساناً بجعله للّه تعالی ، سواء کان الإحسان بالتملیک أو کان بالبذل للتصرّف والانتفاع ، وأمّا الإبراء فیکفی السکوت فی الرضا بل عدم الردّ .

( مسألة 852 ) : المشهور اعتبار القبض فیها مطلقاً ، وهو الأقوی ، وقد مرّ کفایة عدم الردّ فی الإبراء .

( مسألة 853 ) : یعتبر فی الصدقة جعلها للّه تعالی ، أی فی سبیله تعالی ، فإذا وهب أو ابرأ ولو بقصد القربة لم یکن صدقة ما لم یجعله لسبیله تعالی .

( مسألة 854 ) : تحلّ صدقة الهاشمی علی الهاشمی وعلی غیره حتّی زکاة المال وزکاة الفطرة ، وأمّا صدقة غیر الهاشمی فإن کانت زکاة المال أو زکاة الفطرة فهی حرام علی الهاشمی ولا تحلّ للمتصدّق علیه ، ولا تفرغ ذمّة المتصدّق بها عنها ، وإن کانت غیرهما فالأقوی جوازها ، سواء أکانت واجبة

ص:265

- کردّ المظالم والکفّارات وفدیة الصوم - أم مندوبة ، إلاّ إذا کانت من قبیل ما یتعارف من دفع المال القلیل لدفع البلاء ، ونحو ذلک ممّا کانت من مراسم الذلّ والهوان ، ففیه إشکال .

( مسألة 855 ) : لا یجوز الرجوع فی الصدقة إذا کانت تملیکاً ولو للانتفاع بعین فی مدّة مقدّرة ، وان کانت لأجنبیّ علی الأصحّ . نعم ، الأحوط - إن لم یکن أقوی - لزوم الهبة إذا قصد بها القربة والثواب .

( مسألة 856 ) : تجوز الصدقة المندوبة علی الغنی والمخالف والکافر الذمّی فی الجهة المحلّلة .

( مسألة 857 ) : الصدقة المندوبة سرّاً أفضل ، إلاّ إذا کان الإجهار بها بقصد راجح ، کرفع التهمة أو الترغیب أو نحو ذلک ممّا یتوقّف علی الإجهار ، أمّا الصدقة الواجبة ففی بعض الروایات أنّ الأفضل إظهارها ، وقیل : الأفضل الإسرار بها ، والأظهر اختلاف الحکم باختلاف الموارد فی الجهات المقتضیة للإسرار والإجهار .

( مسألة 858 ) : التوسعة علی العیال أفضل من الصدقة علی غیرهم ، والصدقة علی القریب المحتاج أفضل من الصدقة علی غیره ، وأفضل منها الصدقة علی الرحم الکاشح ، یعنی المعادی ، ویستحبّ التوسّط فی إیصالها إلی المسکین ، ففی الخبر :

«لو جری المعروف علی ثمانین کفّاً لأجروا کلّهم من غیر أن ینقص من أجر صاحبه شیئاً » ، واللّه سبحانه العالم والموفّق .

ص:266

کتاب الوصیّة

اشارة

وهی عهد متعلّق باُمور بعد موته فی قبال الالتزام والعهد المنجّز فی حیاته ، سواء تعلّق بالعقود ، أو الإیقاعات ، أو تولیة وتسلیط ، أو مأذونیّة ، کالوکالة ، وتجهیز نفسه ، وغیرها من التصرّفات کفکّ وتحریر الملک ، کالعتق والتدبیر والإبراء والإسقاط ، فهی علی أقسام بأن یجعل شیئاً من ترکته لزید ونحوه من الأشخاص أو لجهة وعنوان - کالفقراء مثلاً - بعد وفاته فهی وصیّة بالملک أو الاختصاص ، ومنها عقدیّة - سواء التملیکیّة أو غیرها - أو إیقاعیّة من التسلیط والتولیة أو المأذونیّة بأن یأمر بالتصرّف بشیء یتعلّق به من بدن أو مال ، کأن یأمر بدفنه فی مکان معیّن أو زمان معیّن ، أو یأمر بأن یعطی من ماله أحداً أو یستناب عنه فی الصوم والصلاة من ماله ، أو یوقف ماله ، أو یباع ، أو نحو ذلک ، فإنّ خصّص أمره بشخص فقد جعله وصیّاً عنه ، وجعل له ولایة التصرّف ، وإن لم یخصّصه ولم تکن قرینة علی التعیین ، کما إذا قال : « أوصیت بأن یحجّ عنّی ، أو یصام عنّی » أو نحو ذلک ، فلم یجعل له وصیّاً کان تنفیذه من وظائف أولاهم بمیراثه رحماً بإذن من الحاکم الشرعی إن کان من الاُمور المالیّة ، ومن وظائفه مطلقاً إن کان من غیر الاُمور المالیّة ، کحضانة أطفاله وتجهیزه ونحوها من شونه .

( مسألة 859 ) : الوصیّة فی الحیثیّة الإیقاعیّة لا تحتاج إلی قبول ، وهی فی

ص:267

الموارد التی لا یکون الطرف الآخر - من الوصیّ أو الموصی له أو الموصی إلیه - دخل فی نفوذ الوصیّة ، کما فی موارد تعدّد المطلوب ، سواء تعلّق ذلک الإیقاع بجعل آخر لوصیّ أم لم یتعلّق . وأمّا الوصیّة فی الحیثیّة العقدیّة ، سواء تملیکیّة کانت أو غیرها ، کما إذا قال : « هذا المال لزید بعد مماتی » فالمشهور احتیاجه إلی قبول الطرف الآخر ، وهو الأظهر ، ویکتفی فی القبول بعدم الردّ فی مثل جعل الوصیّ أو بالقبض کما فی المثال السابق ، ثمّ إنّه قد تجتمع کلا الحیثیّتین فی الوصیّة الواحدة ، کما هو الغالب .

( مسألة 860 ) : تتضیّق الواجبات الموسّعة إذا لم یطمئنّ المکلّف بالتمکّن من الامتثال مع التأخیر ، کقضاء الصلاة والصیام وأداء الکفّارات والنذور ونحوها من الواجبات البدنیّة والمالیّة وغیرها ، فتجب المبادرة إلی أدائها ، وإذا ضاق الوقت عن أدائها وجب الإیصاء والإعلام بها علی الأقوی ولو علم بقیام الوارث أو غیره به .

وأمّا أموال الناس من الودیعة والعاریة ومال المضاربة ونحوها ممّا یکون تحت یده ، فالظاهر وجوب المبادرة إلی أدائه أو التوثّق من أدائها ، کالإیصاء به والإشهاد علیه ، ومثلها الدیون التی علیه مع عدم مطالبة الدائن ، وأمّا مع مطالبته فیتعیّن المبادرة إلی أدائها .

( مسألة 861 ) : یکفی فی تحقّق الوصیّة کلّ ما دلّ علیها من لفظ صریح أو غیر صریح ، أو فعل ، وإن کان کتابة مع الاختیار ، وأمّا الإشارة فتجزی مع العجز ، فیکفی وجود کتابة بخطّه أو بإمضائه بحیث یظهر منه الإرادة الجدّیّة بالعمل به بعد موته مع التوثّق من کونها کتابة منه .

وأمّا الإشارة فتکفی مع العجز .

ص:268

وإذا قیل له : « هل أوصیت ؟ فقال : لا » ، فالظاهر أنّ إنکاره عدولاً عن الوصیّة ، وإن قامت البیّنة علی أنّه قد أوصی فلا یعتدّ بالبیّنة ، إلاّ إذا کان إنکارة تقیّة أو کتماناً لوصیّته لغرض ما ، وکذا الحکم لو قال : « نعم » وقامت البیّنة علی عدم الوصیّة ، فإنّه إنشاءاً للوصیّة وتحقّق لها ، إلاّ إذا کان جوابه تقیّة ونحوها .

( مسألة 862 ) : ردّ الموصی له الوصیّة فی الوصیّة التملیکیّة مبطل لها إذا کان الردّ بعد موت الموصی ، بل وإن سبقه القبول حال الحیاة أو بعد الموت إذا کان الردّ قبل القبض ، أمّا إذا کان الردّ حال حیاة الموصی فإن لم یرجع الموصی عن وصیّته فلا أثر للردّ .

( مسألة 863 ) : لو أوصی له بشیئین ، فقبل أحدهما وردّ الآخر ، صحّت فیما قبل وبطلت فیما ردّ ، مع کون الوصیّة انحلالیّة ، وکذا لو أوصی له بشیء واحد فقبل فی بعضه وردّ فی البعض الآخر .

( مسألة 864 ) : لا یجوز للورثة التصرّف فی العین الموصی بها قبل أن یختار الموصی له أحد الأمرین من الردّ والقبول ، ولیس لهم إجباره علی الاختیار معجّلاً ما لم تتمادی المدّة بحیث یعدّ عرفاً إعراضاً فیکون ردّاً .

( مسألة 865 ) : إذا مات الموصی له قبل قبوله وردّه قام وارثه مقامه فی استحقاق القبول أو الردّ إذا لم یرجع الموصی من وصیّته ، ولا فرق بین أن یموت فی حیاة الموصی أو بعد وفاته ، ولو کان للموصی له المیّت دیون ووصایا ، فلیس لهم الردّ للموصی به بمقدار ما یوفی الدیون أو الوصایا للموصی له ، حیث أنّ نفس الاستحقاق للتملّک مال للمیّت .

( مسألة 866 ) : الظاهر أنّ الوارث یتلقّی المال الموصی به من الموصی لا من الموصی له ، وإن مات بعد الموصی إذا لم یقبض الموصی له . نعم ، استحقاق

ص:269

التملّک یرثونه من الموصی له إذا مات بعد الموصی ، وإن مات قبل الموصی فالاستحقاق المزبور أیضاً یتلقّونه من الموصی لا من الموصی له .

وعلی هذا التفصیل فدیون ووصایا الموصی له تخرج من الموصی به علی التقدیر الأوّل بخلاف التقدیر الثانی .

نعم ، فی التقدیر الأوّل لو قبل الورثة الوصیّة فلهم أن لا ینفذوا ما زاد علی الثلث من وصایا الموصی له .

والمدار علی الوارث للموصی له عند موته فی التقدیر الأوّل والوارث عند موت الموصی فی التقدیر الثانی مع علمه باختلاف الوارث للموصی ، وأمّا إذا مات الورثة فی حیاة الموصی أیضاً فالظاهر انتقال استحقاق الموصی به إلی وارث الورثة .

( مسألة 867 ) : إذا أوصی إلی أحد أن یعطی بعض ترکته لشخص - مثلاً - فهل الحکم فی الموصی إلیه ما مرّ فی الموصی له من الانتقال إلی الوارث فی حیاة الموصی ؟ الظاهر اتّحاد الوجه .

ص:270

فصل فی الموصی

(مسألة 868 ) : یشترط فی الموصی امور :

( الأوّل ) البلوغ ، فلا تصحّ وصیّة الصبیّ إلاّ إذا بلغ عشراً ، وکان قد عقل ، وکانت وصیّته فی وجوه الخیر العامّة علی حدّ معروف وحقّ ، وکذا فی صلة أرحامه ، وأمّا الغرباء فلا تجوز إلاّ ما قد یکون علی حدّ معروف لموجب ما .

( الثانی ) العقل ، فلا تصحّ وصیّة المجنون والمغمی علیه والسکران حال جنونه وإغمائه وسکره ، وإذا أوصی حال عقله ثمّ جنّ أو سکر أو اغمی علیه لم تبطل وصیّته ، وتصحّ من السفیه فیما کانت بالمعروف ، وتصحّ فی غیر الأموال أیضاً کتجهیزه ونحوه .

( الثالث ) الاختیار ، فلا تصحّ وصیّة المکره .

( الرابع ) الحرّیّة ، فلا تصحّ وصیّة المملوک إلاّ أن یجیز مولاه فیما کانت فی ماله ، وکذا فی غیر ماله إذا استلزم تصرّفاً فی المال ، وأمّا إذا لم یستلزم کما إذا أوصی أن یدفن فی مکان معیّن لا یحتاج إلی مال ، أو إذا أوصی ثمّ انعتق وأجازها صحّت وإن لم یجزها المولی .

( الخامس ) أن لا یکون قاتل نفسه ، فإذا أوصی بعد ما أحدث فی نفسه ما یوجب هلاکه من جرح أو شرب سمّ أو نحو ذلک ، لم تصحّ وصیّته إذا کانت فی ماله ، أمّا إذا کانت فی غیره من تجهیز ونحوه صحّت ، وکذا تصحّ الوصیّة إذا فعل ذلک لا عن عمد ، بل کان خطّأ أو سهواً ، أو کان لا بقصد الموت بل لغرض آخر ، أو علی غیر وجه العصیان ، مثل الجهاد فی سبیل اللّه ، وکذا إذا

ص:271

عوفی ثمّ أوصی ، بل الظاهر الصحّة أیضاً إذا أوصی بعد ما فعل السبب ثمّ عوفی ثمّ مات .

( مسألة 869 ) : إذا أوصی قبل أن یحدث فی نفسه ذلک ثمّ أحدث فیها صحّت وصیّته ، وإن کان حین الوصیّة بانیاً علی أن یحدث ذلک بعدها .

( مسألة 870 ) : تصحّ الوصیّة من کلّ من الأب والجدّ بالولایة علی الطفل مع فقد الآخر ، ولا تصحّ مع وجوده .

( مسألة 871 ) : لا یجوز للحاکم الوصیّة بالولایة علی الطفل بعد موته ، بل بعد موته یرجع الأمر إلی حاکم آخر غیره ، إلاّ أن یکون القیّم منصوباً من الحاکم السابق فی حیاته لا مجرّد مأذوناً أو وکیلاً .

( مسألة 872 ) : لو أوصی وصیّة تملیکیّة لصغیر من أرحامه - أو من غیرهم - بمال ، ولکنّه جعل أمره إلی غیر الأب والجدّ وغیر الحاکم ، صحّ هذا الجعل ، فضلاً عمّا لو أوصی أن یبقی ماله بید الوصیّ حتّی یبلغوا فیملّکهم إیّاه ، أو یصرف ماله علیهم من دون أن یملّکهم إیّاه .

( مسألة 873 ) : یجوز أن یجعل الأب والجدّ الولایة والقیمومة علی الأطفال لاثنین أو أکثر ، کما یجوز جعل الناظر علی القیّم المذکور بمعنی کونه مشرفاً علی عمله أو بمعنی کون العمل بنظره وتصویبه ، کما یأتی فی الناظر علی الوصیّ .

( مسألة 874 ) : إذا قال الموصی لشخص : « أنت ولیّی وقیّم علی أولادی القاصرین وأولاد ولدی » ، ولم یقیّد الولایة بجهة بعینها ، جاز له التصرّف فی جمیع الشون المتعلّقة بهم من حفظ نفوسهم ، وتربیتهم ، وحفظ أموالهم ، والإنفاق علیهم ، واستیفاء دیونهم ، ووفاء ما علیهم من نفقات أو ضمانات ،

ص:272

أو غیر ذلک من الجهات .

( مسألة 875 ) : إذا قیّد الموصی الولایة بجهة دون جهة وجب علی الوصیّ الولیّ الاقتصار علی محلّ الإذن دون غیره من الجهات ، وکان المرجع فی الجهات الاُخری الأرحام . نعم ، خصوص أموال الصغار المرجع فیها الحاکم الشرعی ، والأحوط نظارة أولاهم بهم رحماً .

( مسألة 876 ) : لا یجوز للقیّم أو الوصیّ علی شون الیتیم أن یأخذ اجرة مثل عمله إذا کان غنیّاً ، وأمّا إذا کان فقیراً وکان یحبسه رعایة الیتیم ولم یکن مال الیتیم قلیلاً عن کسب قوته ، فیسوغ له تناول أقلّ الأمرین من اجرة المثل أو القوت من ماله . نعم ، إذا فهم من الوصیّة جواز تناوله فله أن یأخذ المتعارف من أجر مثل عمله . هذا فیما وجب علیه بحسب الوصیّة ، وهو التولّی ، أمّا مباشرة تفاصیل الأعمال فله أن یستأجر ، ولا یجب علیه مباشرته .

ص:273

فصل فی الموصی به

(مسألة 877 ) : یشترط فی الموصی به أن یکون ممّا له نفع محلّل معتدّ به ، سواء أکان عیناً موجودة أم معدومة ، إذا کانت متوقّعة الوجود ، کما إذا أوصی بما تحمله الجاریة أو الدابّة أو منفعة لعین موجودة أو معدومة متوقّعة الوجود ، أو حتّی من الحقوق القابلة للنقل ، مثل حقّ التحجیر ونحوه ، لا مثل حقّ القذف ونحوه ، ممّا لا یقبل الانتقال إلی الموصی له .

( مسألة 878 ) : إذا أوصی لزید بالخمر القابلة للتخلیل ، أو التی ینتفع بها فی غیر الشرب ، أو أوصی بآلات اللّهو إذا کان ینتفع بها إذا کسّرت ، صحّ .

( مسألة 879 ) : یشترط فی الموصی به فی الوصیّة التملیکیّة لا العهدیّة فی المال أن لا یکون زائداً علی الثلث ، فإذا أوصی بما زاد علیه بطل الإیصاء فی الزائد ، إلاّ مع إجازة الوارث ، وإذا أجاز بعضهم دون بعض نفذ فی حصّة المجیز دون الآخر ، وإذا أجازوا فی بعض الموصی به وردّوا فی غیره صحّ فیما أجازوه وبطل فی غیره ، ولا فرق فی الثلث بین کونه کسراً مشاعاً أو مالاً معیّناً أو مقداراً مالیّاً معیّناً . نعم ، لو کانت وصیّته العهدیّة المتعلّقة بالمال توجب ضرراً بالوارث أو تکون فی معرض تفویت المال علیه أو الحیف علیه ، فلا تنفّذ ، کما لو أوصی ببیع الترکة بالمثل أو بالمضاربة بمال الترکة بتوسّط الوصیّ علی نسبة من الربح ممّا یوجب أحد الاُمور السابقة ، ولا یستثنی هاهنا مقدار الثلث .

( مسألة 880 ) : تنفیذ الوصیّة بالإجازة بعد الوفاة وفی نفوذها بالإجازة حال الحیاة ، قولان ، أقواهما الأوّل .

ص:274

( مسألة 881 ) : لیس للمجیز الرجوع عن إجازته حال حیاة الموصی ولا بعد وفاته ، ولو ردّ الورثة ثمّ أجازوا نفذت الوصیّة .

( مسألة 882 ) : لا فرق بین وقوع الوصیّة والإجازة من الورثة حال مرض الموصی وحال صحّته ، ولا بین کون الوارث غنیّاً وفقیراً .

( مسألة 883 ) : لا یشترط فی نفوذ الوصیّة قصد الموصی أنّها من الثلث الذی جعله الشارع له ، فإذا أوصی بعین غیر ملتفت إلی ذلک ، وکانت بقدره أو أقلّ ، صحّ .

( مسألة 884 ) : الوصایا المتعدّدة إذا کانت کلّها تبرّعیّة تخرج من الثلث ، فإن زادت علی الثلث وأجاز الورثة اخرجت جمیعها ، وإن لم یجز الورثة بدء بالأوّل فالأوّل إذا کانت مذکورة فی کلام الموصی واحدة بعد اخری ، کقوله : « أعطوا زیداً کذا مقداراً من المال ، وسعداً مقداراً آخر من المال ، وقیساً مقداراً ثالثاً » أو قال : « أعطوا زیداً وسعداً وقیساً کلّ منهم کذا مقدار من المال » .

نعم ، إن أوصی لهم بنحو الجمع بأن قال : « أعطوا کلّ واحد من أصدقائی کذا مقداراً من المال » وکانوا عشرة - مثلاً - ولم یجز الورثة الزائد عن الثلث وردّ النقص علی الجمیع بالنسبة ، وکذا لو صرّح بکونهم علی استواء بلا تقدیم مع ذکره لهم بنحو التعاقب .

( مسألة 885 ) : إذا أوصی بثلث ما ترکه ، ثمّ أوصی بشیء آخر وقصد کونه من ثلثی الورثة ، أی أنّ الوصیّة الاُولی هی المقدّمة والثانیة موّرة ، فإن أجازوا صحّت الثانیة أیضاً ، وإلاّ بطلت .

( مسألة 886 ) : إذا أوصی بعین لشخص ، وأوصی بالثلث فیما عداها لآخر ، بدأ بإنفاذ الوصیّة الاُولی ، فإن بقی من الثلث مجموع الترکة ممّا یزید علی

ص:275

العین ، فیوفی به الوصیّة الثانیة فهو ، وأمّا إن صرّح أو قامت قرینة علی الاستواء فی الرتبة ، فالوصیّة نافذة مطلقاً ، وتنفّذ الاُولی بمقدار ثلث العین ، إلاّ أن یجیز الورثة فی ثلثیها .

( مسألة 887 ) : إذا أوصی بعین ولم یوص بالثلث ، فإن لم تکن الوصیّة زائدة علی الثلث نفّذت ، وإن زادت علی الثلث توقّف نفوذها فی الزائد علی إجازة الورثة .

( مسألة 888 ) : المدار فی الثلث علی مقدار الثلث حین موت الموصی لا حین الوصیّة ، فإذا أوصی بعین معیّنة أو بمقدار کلّی من المال - کألف دینار - یلاحظ المقدار حین الموت ، کما إذا أوصی لزید بعین کانت بقدر نصف أمواله حین الوصیّة وصارت حین الموت بمقدار الثلث ، أمّا لنزول قیمتها أو لارتفاع قیمة غیرها ، أو لحدوث مال له لم یکن حین الوصیّة ، صحّت الوصیّة فی تمامها ، ولو انعکس بأن کانت حین الوصیّة بمقدار الثلث فصارت أکثر من الثلث حال الموت نفذت بما یساوی الثلث وبطلت فی الزائد إذا لم یجز الورثة .

( مسألة 889 ) : إذا أوصی بکسر مشاع کالثلث ، فإن کان حین الوفاة مساویاً له حین الوصیّة ، فتصحّ الوصیّة بتمامه فضلاً عمّا إذا کان أقلّ ، أمّا إذا کان حین الوفاة أکثر منه حین الوصیّة ، کما لو تجدّد له مال فهل یجب إخراج ثلث الزیادة المتجدّدة أیضاً أو یقتصر علی ثلث المقدار الموجود حین الوصیّة ؟

إشکال ، وإن کان الأقوی الأوّل ، إلاّ أن تقوم قرینة علی إرادة الوصیّة بثلث الأعیان الموجودة حین الوصیّة ، فإذا تبدّلت أعیانها لم یجب إخراج شیء أو تقوم القرینة علی إرادة الوصیّة بمقدار ثلث الموجود حینها بما لها من قیمة ، فإن تبدّلت أعیانها فلا یجب إخراج الزائد .

ص:276

وکذا إذا کان کلامه محفوفاً بما یوجب إجمال المراد ، فإنّه یقتصر حینئذٍ علی القدر المتیقّن ، وهو الأقلّ .

( مسألة 890 ) : یحسب من الترکة ما یملکه المیّت بعد الموت کالدیة فی الخطأ ، وکذا فی العمد إذا صالح علیها أولیاء المیّت ، وکما إذا نصب شبکة فی حیاته فوقع فیها شیء بعد وفاته فیخرج من جمیع ذلک الثلث إذا کان قد أوصی به ، وأمّا دیة الجنایة علیه وهو میّت ، فلا یبعد شمول الوصیّة لها فیما کانت الوصیّة فی وجوه الخیر والبرّ ، وبعد کون الوصیّة فی الثلث ممّا لا یرثه الورثة ، کما یقضی منها دینه علی الأقوی .

( مسألة 891 ) : إذا أوصی بعین تزید علی ثلثه فی حیاته ، وبضمّ الدیة ونحوها تساوی الثلث نفذت وصیّته فیها تماماً .

( مسألة 892 ) : إنّما یحسب الثلث بعد استثناء ما یخرج من الأصل من الدیون المالیّة ، فإذا أخرج جمیع الدیون من مجموع الترکة کان ثلث الباقی هو مورد العمل بالوصیّة .

( مسألة 893 ) : إذا کان علیه دین فأبرأه الدائن بعد وفاته أو تبرّع متبرّع فی أدائه بعد وفاته ، لم یکن مستثنی من الترکة وکان بمنزلة العدم .

( مسألة 894 ) : لا بدّ فی إجازة الوارث للوصیّة الزائدة علی الثلث من إنشاء الإجازة والإمضاء وتنفیذها ، ولا یکفی فیها مجرّد الطیب والرضا النفسانی .

( مسألة 895 ) : إذا عیّن الموصی ثلثه فی عین مخصوصة تعیّن ، وإذا فوّض التعیین إلی الوصیّ فعینه فی عین مخصوصة تعیّن أیضاً ، ولا یتوقّف علی رضا الوارث ، وإذا لم یحصل منه شیء من ذلک کان ثلثه مشاعاً فی الترکة ، ولا یتعیّن فی عین بتعیین الوصیّ إلاّ مع رضا الورثة .

ص:277

( مسألة 896 ) : الواجبات المالیّة تخرج من الأصل وإن لم یوصِ بها الموصیّ ، وهی الأموال التی اشتغلت بها ذمّته ، مثل المال الذی اقترضه ، والمبیع الذی باعه سلفاً ، وثمن ما اشتراه نسیئة ، وعوض المضمونات ، واُروش الجنایات ونحوها ، ومنها الخمس والزکاة والمظالم ، بل وکذا الکفّارات والنذور ونحوها ، بل وکذا الواجبات البدنیّة کالصلاة والصوم ونحوها ، ممّا یستأجر علیها لتفریغ ذمّته والقضاء عنه .

( مسألة 897 ) : إذا تلف من الترکة شیء بعد موت الموصی وجب إخراج الواجبات من الباقی وإن استوعبه ، وکذا إذا غصب بعض الترکة .

( مسألة 898 ) : إذا تمرّد بعض الورثة عن وفاء الدین لم یسقط من الدین فی حصّته بالنسبة ، ولا یجب علیه وفاء جمیعه .

( مسألة 899 ) : الحجّ الواجب بالاستطاعة من قبیل الدین یخرج من الأصل ، وکذا الحجّ النذری إن کان منجّزاً قبل الموت ، ومن الثلث إن کان معلّقاً وتحقّق الشرط بعد الموت .

( مسألة 900 ) : إذا أوصی بوصایا متعدّدة متضادّة کان العمل علی الثانیة ، وتکون ناسخة للاُولی ، فإذا أوصی بعین شخصیّة لزید ثمّ أوصی بها لسعد ، اعطیت لسعد ، وکذا إذا أوصی - من یعلم بحکم الثلث - بثلثه لزید ، ثمّ أوصی به لسعد ، وکذا إذا أوصی بثلثه لزید ثمّ أوصی بنصف ثلثه لسعد کان الثلث بینهما علی التسویة ، وکذا إذا أوصی بعین شخصیّة لزید ثمّ أوصی بنصفها لسعد کانت الثانیة ناسخة للاُولی بمقدارها .

( مسألة 901 ) : إذا أوصی بوصایا غیر متضادّة وکانت کلّها ممّا یخرج من الأصل ، وجب إخراجها من الأصل وإن زادت علی الثلث .

ص:278

( مسألة 902 ) : إذا کانت الوصایا کلّها تبرّعیّة لا تخرج من الأصل - وهی ما لا یکون واجباً علیه فی حیاته ، سواء کانت تملیکیّة کما إذا قال : « فرسی لزید بعد وفاته » ، أم عهدیّة کما إذا قال : « تصدّقوا بفرسی بعد وفاتی » - فإن زادت علی الثلث وأجاز الورثة اخرجت جمیعها ، وإن لم یجز الورثة بدأ بالأوّل فالأوّل ، إلاّ أن یکون علی استواء بأن ذکرت جملة واحدة أو صرّح بذلک ، فیرد النقص علی الجمیع کما مرّ تفصیله .

( مسألة 903 ) : إذا کانت الوصایا المتعدّدة مختلفة بعضها واجب یخرج من الأصل ، وبعضها یخرج من الثلث ، فإن أطلق ولم یقیّد إخراج مجموعها من الثلث اخرج الواجب من الأصل ، ویخرج غیره من الثلث ، فإن لم یسع الثلث للذی هو غیر واجب ولم یجز الورثة بدأ بالأوّل فالأوّل ، وإن نصّ علی استواءها وزّع الثلث علیها وورد النقص علی جمیع غیر الواجب .

وإن قیّد إخراج مجموعها من الثلث بدأ بالواجب ، فإن بقی صرف فی غیره من التبرّعی ولو رتّب فی الوصیّة بین الواجبات ، ففی مراعاة الترتیب إشکال مع عدم وفاء الترکة . نعم ، یقدّم الحجّ الواجب علی غیره من الواجبات .

( مسألة 904 ) : إذا أوصی بثلثه مشاعاً لزید من دون تعیینه فی عین شخصیّة یکون الموصی له شریکاً مع الورثة ، فله الثلث ولهم الثلثان ، فإن تلف من الترکة شیء کان التلف علی الجمیع ، وإن حصل للترکة نماء کان النماء مشترکاً بین الجمیع .

( مسألة 905 ) : إذا أوصی بصرف ثلثه فی طاعات وقربات کان الثلث باقیاً علی ملکه ، فإن تلف من الترکة کان التلف موزّعاً علیه وعلی بقیّة الورثة ، وإن حصل النماء کان له منه الثلث .

ص:279

( مسألة 906 ) : إذا عیّن ثلثه فی عین معیّنة تعیّن - کما عرفت - فإذا حصل منها نماء کان النماء له وحده ، وإن تلف بعضها أو تمامها اختصّ التلف به ولم یشارکه فیه بقیّة الورثة .

( مسألة 907 ) : إذا أوصی بثلثه مشاعاً ، ثمّ أوصی بشیء آخر معیّناً أو غیر معیّن ، توقّفت الوصیّة الثانیة علی إجازة الورثة ، فإن لم یجیزوا منها شیئاً بطلت ، ولو أوصی بثلثه لزید ثمّ أوصی به لسعد کانت الثانیة ناسخة للاُولی مع علمه بحکم الوصیّة .

( مسألة 908 ) : لا تصحّ الوصیّة فی المعصیة ، فإذا أوصی بصرف مال فی معونة ظالم أو فی ترویج الباطل ، کتعمیر الکنائس والبِیع ، ونشر کتب الضلال ، بطلت الوصیّة ، وإن کان الموصی من أهل الضلال .

( مسألة 909 ) : إذا کان ما أوصی به جائزاً عند الموصی باجتهاده أو تقلیده ، ولیس بجائز عند الوصیّ کذلک ، وکان مراد الموصی العمل علی طبق ما عنده ولو بحسب القرائن ، فلا بدّ للوصیّ من العمل به ، فضلاً عمّا لو کان الأمر بالعکس ، بأن کان جائزاً عند الوصیّ .

نعم ، لو قطع الوصیّ بالحرمة لم یجز له تنفیذها .

ولو کان مراد الموصی عمل الوصیّ بحسب نظره أو بحسب مطلق وبأی ما هو مقرّر شرعاً ، فیعمل علی طبق نظره .

( مسألة 910 ) : إذا أوصی بحرمان بعض الورثة من المیراث لم تصحّ إلاّ بإجازة ذلک البعض ، وتصحّ بمقدار الثلث إذا لم یکن قد أوصی به أو بما بقی من الثلث ممّا لم یوص به ، فإذا کان له ولدان ، وکانت الترکة ستّة ، فأوصی بحرمان ولده زید من المیراث أعطی زید اثنین وأعطی الآخر أربعة .

ص:280

وإذا أوصی بسدس ماله لأخیه ، وأوصی بحرمان ولده زید من المیراث ، أعطی أخوه السدس وأعطی زید الثلث ، وأعطی ولده الآخر النصف .

( مسألة 911 ) : إذا أوصی بمال زید بعد وفاة نفسه لم تصحّ وإن أجازها زید ، وإذا أوصی بمال زید بعد وفاة زید فأجازها زید صحّت کوصیّة من زید بما أوصی به الأوّل .

( مسألة 912 ) : إذا دفع إنسان إلی آخر مالاً وقال له : « إذا متّ فأنفقه عنّی » ولم یعلم أنّه أکثر من الثلث أو أقلّ أو مساوٍ له ، أو علم أنّه أکثر واحتمل أنّه مأذون من الورثة فی هذه الوصیّة ، أو علم أنّه غیر مأذون من الورثة لکن احتمل أنّه کان له ملزم شرعی یقتضی إخراجه من الأصل .

فاللازم فی الصورة الاُولی الفحص لاستعلام نسبة وقدر المال من الترکة ، وإن لم یمکن الفحص لعدم معرفة الورثة لا یبعد القرعة فیما زاد علی ثلث المال ، وللدوران بین مصرف الوصیّة أو ملک الورثة .

أمّا الصورة الثانیة ، فاللازم الاستئذان من الورثة .

وأمّا الصورة الثالثة فلنفوذ الوصیّة وجه .

( مسألة 913 ) : إذا أوصی بشیء لزید وتردّد بین الأقلّ والأکثر ، اقتصر علی الأقلّ ، وإذا تردّد بین المتباینین عیّن بالقرعة .

( مسألة 914 ) : إذا أوصی مَن لا وارث له إلاّ الإمام بکلّ ترکته فی الفقراء والمساکین وابن السبیل ، فهل تنفذ فی الکلّ أم الثلث ؟

ذهب إلی الأوّل عدّة ، وورد به النصّ ، والثانی ظاهر الأصحاب والظاهر وحدة القولین مع کون مورد الوصیّة ذلک ، ولعلّه وجه النصّ ، وإلاّ فیتعیّن الثانی .

ص:281

فصل فی الموصی له

(مسألة 915 ) : الأظهر صحّة الوصیّة العهدیّة لمعدوم إذا کان متوقّع الوجود فی المستقبل ، مثل أن یوصی بإعطاء شیء لأولاد ولده الذین لم یولدوا حال الوصیّة ولا حین موت الموصی ، فیبقی المال الموصی به فی ملک الموصیّ ، فإن ولدوا بعد ذلک أعطی لهم ، وإلاّ صرف فی الأقرب فالأقرب إلی نظر الموصی إذا کان إیصاءه من باب تعدّد المطلوب ، وأنّه صرف خیری ، وإلاّ فهو ملک لورثة الموصی من حین الموت .

( مسألة 916 ) : الوصیّة التملیکیّة لا تصحّ للمعدوم إلی زمان موت الموصی .

( مسألة 917 ) : لو أوصی لحمل ، فإن ولد حیّاً ملک الموصی به ، وإلاّ بطلت الوصیّه ورجع المال إلی ورثة الموصی .

( مسألة 918 ) : تصحّ الوصیّة للذمّی أو الحربی علی الوجه المحلّل ، ولمملوکه واُمّ ولده ومدبّره ومکاتبه .

( مسألة 919 ) : لا تصحّ الوصیّة لمملوک غیره ، قنّاً کان أو غیره ، وإن أجاز مولاه ، إلاّ إذا کان مکاتباً مطلقاً وقد أدّی بعض مال المکاتبة فیصحّ من الوصیّة له قدر ما تحرّر منه .

( مسألة 920 ) : إذا کان ما أوصی به ممّا لا یتجاوز ثلث الترکة المملوکة بقدر قیمته أعتق ولا شیء له ، وإذا کان أکثر من قیمته أعتق واُعطی الزائد ، وإن کان أقلّ منها أعتق واستسعی فی الزائد ما لم یکن نصیب الورثة من الترکة دون مقدار سدسی قیمة العبد ، وإلاّ فلا تنفّذ الوصیّة بالعتق .

ص:282

( مسألة 921 ) : إذا أوصی لجماعة ذکوراً أو إناثاً ، أو ذکوراً وإناثاً ، بمال اشترکوا فیه علی السویة ، إلاّ أن تکون قرینة علی التفضیل ، وکذا الحکم إذا أوصی لأبنائه وبناته أو لأعمامه وعمّاته أو أخواله .

ص:283

فصل فی الوصیّ

( مسألة 922 ) : یجوز للموصی أن یعیّن شخصاً لتنفیذ وصایاه ، ویقال له : الوصیّ ، ویشترط فیه امور :

( الأوّل ) البلوغ ، فلا تصحّ الوصایة إلی الصبیّ منفرداً إذا أراد منه التصرّف فی حال صباه مستقلاًّ . نعم ، لو أراد أن یکون تصرّفه بعد البلوغ فتصحّ الوصیّة ، وتجوز الوصایة إلیه منضمّاً إلی الکامل ، سواء علی نحو الاستقلال الکامل قبل بلوغه أو مقیّداً ببلوغه . نعم ، إذا کانت علیه تصرّفات فوریّة کوفاء دین علیه ونحوه فتنفّذ تصرّفات الکامل قبل البلوغ .

( الثانی ) العقل ، فلا تصحّ الوصیّة إلی المجنون فی حال جنونه ، مطبقاً کان أم إدواریّاً ، وإذا أوصی إلیه فی حال العقل ثمّ جنّ بطلت الوصایة إلیه ، وإذا أفاق ففی عودها إشکال ، إلاّ أن ینصّ الموصی علی عودها أو تقوم قرینة ولو بحسب موارد الوصیّة وعدم منافاة عروض الجنون عرفاً فی فسخها ولو لحیثیّة ما فی الوصیّ ککونه رحماً . وفی صحّة الوصیّة للسفیه إشکال ، بل لا یخلو المنع عن وجه .

( الثالث ) الإسلام ، إذا کان الموصی مسلماً علی المشهور الأصحّ .

( مسألة 923 ) : الظاهر عدم اعتبار العدالة فی الوصیّ ، بل یکفی الوثوق والأمانة مع الإیمان . هذا فی الحقوق الراجعة إلی غیره کأداء الحقوق الواجبة والتصرّف فی مال الأیتام ونحو ذلک .

أمّا ما یرجع إلی نفسه ، کما إذا أوصی إلیه فی أن یصرف ثلثه فی الخیرات

ص:284

والقربات ، فالأقوی اعتباره أیضاً بعد صیرورة المال متعلّقاً لحق قربی لمصرف الصدقات .

وأمّا ما لا حقّ للغیر فیه ، کالذی یصرف فی النیابة عن المیّت ندباً من العبادات ، ففی اعتبار الوثوق إشکال .

( مسألة 924 ) : إذا ارتدّ الوصیّ بطلت وصایته بناءً علی اعتبار الإسلام فی الوصیّ ، ولا تعود إلیه إذا أسلم ، إلاّ إذا نصّ الوصیّ علی عودها أو تقوم قرینة ، کما مرّ علی عدم الفسخ .

( مسألة 925 ) : إذا أوصی إلی عادل ففسق ، فإن ظهر من القرینة التقیید بالعدالة بطلت الوصیّة ، وإن لم یظهر ذلک لم تبطل ، وکذا الحکم إذا أوصی إلی الثقة ، ومع عود العدالة أو الوثاقة فی صورة التقیید فکما مرّ فی الإسلام والعقل .

( مسألة 926 ) : لا تجوز الوصیّة إلی المملوک إلاّ بإذن سیّده أو معلّقة علی حرّیّته .

( مسألة 927 ) : تجوز الوصیّة إلی المرأة والأعمی والوارث .

( مسألة 928 ) : إذا أوصی إلی صبیّ وبالغ ، فمات الصبیّ قبل بلوغه أو بلغ مجنوناً ، فیجوز انفراد البالغ بالوصیّة ، وإن کان الأحوط ضمّ ولیّه فی الإرث معه بإذن من الحاکم .

( مسألة 929 ) : یجوز جعل الوصایة إلی اثنین أو أکثر علی نحو الانضمام أو علی نحو الاستقلال .

فإن نصّ علی الأوّل فلیس لأحدهما الاستقلال بالتصرّف لا فی جمیع ما أوصی ولا فی بعضه ، ولو تشاحّا ولم یتّفقا أجبرهما الحاکم علیه ، وإلاّ ضمّ الحاکم شخصاً آخر إلی أحدهما ، وإذا عرض لأحدهما ما یسقط وصایته

ص:285

من موت ونحوه ضمّ ولیّه فی الإرث إلی الآخر إن لم یستظهر استقلالیّته فی ذلک الفرض .

وإن نصّ علی الثانی جاز لکلّ منهما الاستقلال ، وینفّذ تصرّف السابق ، ومع الاقتران والتنافی فی التصرّف بطلا معاً ، ولهما أن یقتسما الثلث بالسویّة أو بغیر سویّة ، وینفرد الآخر مع سقوط أحدهما عن الوصایة .

وإذا أطلق الوصایة إلیهما جری علیه حکم الانضمام مع عدم القرینة علی الاستقلال ، وکذا الحکم فی الصور الثلاث فی ولایة الوقف .

( مسألة 930 ) : إذا قال : « زید وصیّی ، فإن مات فعمرو وصیّی » صحّ ، ویکونان وصیّین مترتّبین ، وکذا یصحّ إذا قال : « وصیّی زید ، فإن بلغ ولدی فهو الوصیّ » .

( مسألة 931 ) : یجوز أن یوصی إلی اثنین أو أکثر بنحو متوزّع فی مقادیر الاُمور المختلفة .

( مسألة 932 ) : إذا قال : أوصیت بکذا ، وجعلت الوصیّ فلاناً » إن اتّصف بوصف کاستمراره علی طلب العلم صحّ ، فإن فقد هذا الوصف کأن ینصرف عن طلب العلم بطلت وصایته وتولّی تنفیذ وصیّته الأوْلی بمیراثه - مع الاستئذان من الحاکم الشرعی - مباشرة أو بنصب غیره .

( مسألة 933 ) : إذا عجز الوصیّ عن تنفیذ الوصیّة ضمّ إلیه الأوْلی بمیراثه مع إذن الحاکم أو مَن یساعده ، وإذا ظهرت منه الخیانة ضمّ إلیه أمیناً یمنعه عن الخیانة ، فإن لم یمکن ذلک عزله ونصب غیره ، هذا إن لم یکن فی الوصیّة تقییداً ، وإلاّ انعزل بمجرّد الخیانة .

( مسألة 934 ) : إذا مات الوصیّ قبل تنجیز تمام ما أوصی به ، فالأحوط

ص:286

إن لم یکن أقوی صیرورة عهد الوصایة إلی الأوْلی بمیراثه مع الاستئذان من الحاکم الشرعی ، سواء باشر ولیّه تنفیذ المتبقی أو نصب غیره لذلک ، وکذا إذا مات فی حیاة الموصی ولم یعلم هو بذلک أو علم ولم ینصب غیره ولم یکن ما یدلّ علی عدوله عن أصل الوصیّة .

( مسألة 935 ) : لیس للوصیّ أن یوصی إلی أحد خلفاً بعده فی تنفیذ ما أوصی إلیه به ، إلاّ أن یکون مأذوناً من الموصی فی الإیصاء إلی غیره .

( مسألة 936 ) : الوصیّ أمین لا یضمن إلاّ بالتعدّی أو التفریط بدرجة یوجب انفساخ الاستئمان عرفاً وزوال الإذن ، أو کان التلف مستنداً إلی التعدّی والتفریط وإن لم یزیل الإذن ، أو بنی علی الغصب ، کما مرّ فی الودیعة والودعی ، ولا یکفیفی الضمان مجرّد الخیانة لموردها ، فضلاً عن الموارد الاُخری ممّا لم تتحقّق فیها الخیانة .

( مسألة 937 ) : إذا عیّن الموصی للوصی عملاً خاصّاً أو قدراً خاصّاً أو کیفیّة خاصّة ، وجب الاقتصار علی ما عیّن ولم یجز له التعدّی ، فإن تعدّی کان خائناً ، وإذا أطلق له التصرّف بأن قال له : « أخرج ثلثی وأنفقه » عمل بما هو أصلح للمیّت بحسب نظره مع تیسّر فعله علی النحو المتعارف ، ویختلف ذلک باختلاف الأموات والبیئات ، فقد یکون الأصلح الاحتیاط بأداء العبادات أو الحقوق المالیّة أو القربات والصدقات وکسوة العراة ومداواة المرضی ، ونحو ذلک .

( مسألة 938 ) : إذا قال : « أنت وصیّی » ولم یعیّن شیئاً انصرف إلی ما تعارف من الوصایة فی الثلث أو غیره بحسب البلدان ، کما یتعارف فی کثیر من البلدان أنّه وصیّ فی إخراج الثلث وصرفه فی مصلحة الموصی وأداء الحقوق التی علیه

ص:287

وأخذ الحقوق التی له وردّ الأمانات والبضائع إلی أهلها وأخذها ، ولو لم یکن متعارفاً فیوذ بالقدر المتیقّن من أداء الحقوق التی علیه ونحوها ، ولا یبعد شموله للقیمومة علی القاصرین مع القرینة أو التعارف ، وإلاّ فالأحوط أن لا یتصدّی لاُمورهم إلاّ بعد مراجعة الحاکم الشرعی ، وأن لا ینصب الحاکم غیره إلاّ بمعیّته .

( مسألة 939 ) : یجوز للوصیّ أن یردّ الوصیّة فی حال حیاة الموصی بشرط أن یبلغه الردّ ، بل الأحوط اعتبار إمکان نصب غیره له أیضاً .

ولا یجوز له الردّ بعد موت الموصی وإن لم یقبلها قبل الردّ ، وکذا فی الإبن ولو حال حیاة والده علی الأحوط إن لم یکن أقوی ، بل الأحوط ذلک فی الاُمّ ، بل مطلق الرحم مع ولیّه فی میراثه .

( مسألة 940 ) : الردّ السابق علی الوصیّة لا أثر له ، فلو قال زید لسعد : « لا أقبل أن توصی إلیَّ » ، فأوصی سعد إلیه لزمته الوصیّة مع علمه وعدم ردّه .

( مسألة 941 ) : لو أوصی إلی أحد فردّ الوصیّة ، فأوصی إلیه ثانیاً ولم یردّها ثانیاً لجهله بها مع تمکّنه من الإیصاء إلی غیره ، ففی لزومها له قول ، ولکنّه لا یخلو من إشکال ، بل الأظهر خلافه .

( مسألة 942 ) : إذا رأی الوصیّ أنّ تفویض الأمر إلی شخص وکالة فی بعض الاُمور الموصی بها أصلح للمیّت ، مع متابعته للاُمور فی ما هو عمدة وأساس ، جاز له تفویض الأمر إلیه ، کأن یفوّض أمر العبادات التی أوصی بها إلی مَن له خبرة فی الاستنابة فی العبادات ، ویفوّض أمر العمارات التی أوصی بها إلی مَن له خبرة فیها ، ویفوّض أمر الکفّارات التی أوصی بها إلی مَن له خبرة بالفقراء وکیفیّة القسمة علیهم ، وهکذا .

ص:288

وربّما یفوّض الأمر فی جمیع ذلک إلی شخص واحد إذا کانت له خبرة فی جمیعها ، لکن مع إشرافه فی أساسیّات الأشیاء .

وقد لا یکون الموصی قد أوصی باُمور معیّنة ، بل أوصی بصرف ثلثه فی مصالحه ، وأوکل تعیین المصرف کمّاً وکیفاً إلی نظر الوصیّ ، فیری الوصیّ مَن هو أعرف منه فی تعیین جهات المصرف وکیفیّتها ، فیوکل الأمر إلیه فیدفع الثلث إلیه بتمامه ویفوّض إلیه تعیین الجهات کمّاً وکیفاً ، لکن کما مرّ مع إشرافه إجمالاً ، کما یتعارف ذلک عند کثیر من الأوصیاء ، حیث یدفعون الثلث الموصی به إلی المجتهد الموثوق به عندهم ، فالوصایة إلی شخص ولایة فی التصرّف ولو بواسطة التفویض إلی الغیر .

فلا بأس أن یفوّض الوصیّ أمر الوصیّة بالنحو المتقدّم إلی غیره ، إلاّ أن تقوم القرینة علی إرادة الموصی منه المباشرة ، فلا یجوز له حینئذٍ التفویض .

( مسألة 943 ) : لا یجوز للوصیّ تفویض الوصایة إلی غیره ، بمعنی عزل نفسه عملاً أو إنشاءاً عن الوصایة وجعلها له ، فیکون غیره وصیّاً عن المیّت بجعل منه .

( مسألة 944 ) : إذا بطلت وصایة الوصیّ لفوات شرطها کانت عهدة الوصایة إلی الأوْلی بمیراثه بإذن الحاکم علی الأحوط ، وکذا إذا أوصی ولم یعیّن وصیّاً أصلاً .

( مسألة 945 ) : إذ نسی الوصیّ مصرف المال الموصی به وعجز عن معرفته صرفه فی وجوه البرّ التی یحتمل أن تکون مصرف المال الموصی به ، ولا یبعد مراعاة الأقوی احتمالاً .

هذا إذا کان التردّد بین غیر المحصور ، أمّا إذا تردّد بین محصور ولم یتراضوا

ص:289

ویتصالحوا ، فیرجع إلی القرعة فی تعیینه مع مراعاة زیادة سهام کلّ طرف بحسب قوّة احتماله علی الأقلّ احتمالاً .

( مسألة 946 ) : یجوز للموصی أن یجعل ناظراً علی الوصیّ لمجرّد الرقابة مشرفاً ومطّلعاً علی عمله بحیث لا یجوز للوصیّ أن یعمل بالوصیّة إلاّ باطّلاع الناظر وإشرافه علیه ، فإذا عمل بدون إشرافه کان بدون إذن من الموصی وخیانة له ، وإذا عمل بإطلاعه کان مأذوناً فیه وأداءاً لوظیفته ، ولا یجب علی الوصیّ متابعة مثل هذا الناظر فی رأیه ونظره ، لأنّ رأیه ونظره لیس شرطاً فی عمل الوصیّ ، بل مجرّد رقابته ،وله الاعتراض إذا رأی خلاف ما قرّره الموصیّ ، فإذا أوصی الموصی باستنابة مَن یصلّی عنه فاستناب الوصیّ زیداً وکان الناظر یرید استنابة سعداً ویراه أرجح لم یقدح ذلک فی صحّة استنابة زید ، ولیس للناظر الاعتراض علیه فی ذلک .

نعم ، لو جعله ناظراً علی الوصیّ بنحو یصدر العمل عن مشارکته فی الرأی والنظر ، ففی المثال المذکور لا تصحّ استنابة زید وتجب استنابة سعد ، والظاهر من النظارة یتبع القرائن وقد تکون بحسبها صوراً اخری .

والظاهر أنّه إذا خان الوصیّ لم یجب علی الناظر - بما هو ناظر - مدافعته فی کلتا الصورتین ، وإن وجب علیه تنبیهه والاعتراض علیه ، ولو لم یقم بذلک لم یضمن ، وإن أثم ، وفی کلتا الصورتین إذا مات الناظر لزم الوصیّ الرجوع إلی الأوْلی بمیراث الموصی والحاکم الشرعی .

( مسألة 947 ) : الوصیّة جائزة من طرف الموصی ، فإذا أوصی بشیء جاز له العدول إلی غیره ، وکذلک إذا أوصی إلی أحد جاز له العدول إلی غیره ، وکذا إذا أوصی بأشیاء جاز له العدول عن جمیعها وعن بعضها ، کما یجوز له

ص:290

تبدیل جمیعها وتبدیل بعضها ما دام فیه الروح إذا وجدت فیه الشرائط المتقدّمة من العقل والاختیار وغیرهما ، وإلاّ فالوصیّة السابقة بحالها .

( مسألة 948 ) : إذا أوصی إلی شخص ثمّ أوصی إلی آخر ولم یخبر الأوّل بالعدول عنه إلی غیره ، فمات فعمل الوصیّ الأوّل بالوصیّة ، ثمّ علم ، فإن کان ما صرفه فی مورد الوصیّة للثانی کفی فی أداءها ، ولا موضوع للثانیة ، وإن کان فی غیره ، فالأظهر احتسابه من الثلث أیضاً لکون التصرّف حاصلاً بتسبیب من المیّت بعد الموت .

هذا إذا لم یکن العدول عن الأوّل لسبب ظاهر ، أمّا إذا کان لسبب ظاهر کما إذا هاجر الوصیّ الأوّل إلی بلاد بعیدة أو حدثت بینه وبین الوصیّ عداوة ومقاطعة فعدل عنه ، فهل یکون ما صرفه الوصیّ الأوّل ضامناً أم آثماً فی التصرّف من دون ضمان بعد حصول غرض الموصی ؟

الأقرب الثانی . نعم ، لو لم یحصل غرضه ولو لموضوعیّة تصرّف الوصی الثانی وکونه بنحو وحدة المطلوب اتّجه الضمان .

( مسألة 949 ) : یتحقّق الرجوع عن الوصیّة بالقول ، مثل أن یقول : « رجعت عن وصیّتی إلی زید » وبالفعل مثل أن یوصی بصرف ثلثه ثمّ یوصی بوقفه ، ومثل أن یوصی بوقف عین أو بصرفها ثمّ یبیعها أو یهبها ، أو فیما کانت الوصیّة الثانیة متضادّة مع الاُولی ، کما مرّ .

( مسألة 950 ) : لا یعتبر فی وجوب العمل بالوصیّة المطلقة مرور مدّة طویلة أو قصیرة ، فإذا أوصی ثمّ مات بلا فصل وجب العمل بها ، وکذا إذا مات بعد مرور سنین . نعم ، یعتبر عدم الرجوع عنها ، ولو کانت وصیّته مقیّدة بموته فی سفر ما أو مرض ما ولم یتّفق موته فیهما ، بطلت تلک الوصیّة ، فإذا قال :

ص:291

« إذا متّ فی هذا السفر فوصیّی فلان ، ووصیّتی کذا وکذا » ، فإذا لم یمت فی ذلک السفر ومات فی غیره لم یجب العمل بوصیّته ، ولم یکن له وصیّ . ولو شکّ فی التقیید عمل بظاهر الحال والقرائن ، وإلاّ فیوذ بها ، وکذا لو شکّ فی الرجوع عن الوصیّة المطلقة بنی علی عدمه .

فإذا کان الداعی له علی إنشاء الوصیّة خوف الموت فی السفر الذی عزم علیه وجب العمل بوصیّته ، وإن لم یمت فی ذلک السفر ، ولأجل ذلک یجب العمل بوصایا الحجّاج عند العزم علی سفر یحتمل عدم عوده منه ، أو کان سفراً بعیداً ، فإنّ الظاهر أنّه لیس تقیید للوصیّة بالموت فی ذلک السفر ، بل داعیاً ما لم یرجع عنها وما لم تکن قرائن علی التقیید .

( مسألة 951 ) : یجوز للوصیّ أن یأخذ اجرة مثل عمله إذا کانت له اجرة فیما لم یجب علیه بحسب الوصیّة کمباشرة تفاصیل الأعمال ، وأمّا أصل القیام بالتولّی والنظارة لتنفیذ الوصیّة ، فلا یسوغ أخذ الاُجرة علیه ، إلاّ إذا کان فقیراً ، وکان قیامه یمنعه عن کسبه ، فیسوغ له أخذ أقلّ الأمرین من اجرة المثل أو القوت ، کما مرّ فی الوصی علی الأیتام . نعم ، لو نصّ فی الوصیّة علی أخذ الاُجرة جاز مطلقاً .

والحاصل : أنّ الوصیّة بالأعمال المرتبطة بموضوع ولایة الموصی یجب العمل بها مجّاناً من دون اجرة فی ما یرتبط بالتولّی والنظارة لتنفیذ تلک الأعمال ، إلاّ ما مرّ استثناو ، وأمّا مباشرة الأعمال فضلاً عن الأعمال غیر المرتبطة بولایة الموصیّ ، کأن یصلّی عنه أو یصوم أو یحجّ مجّاناً أو باُجرة ، فلا یجب علیه العمل بها وان قبل ، بل له ردّها بعد موته . نعم ، لو قبل فی حیاته کانت إجارة ووجب العمل بمقتضاها .

ص:292

( مسألة 952 ) : إذا جعل له اجرة معیّنة بأن قال له : « حجّ عنّی بمائة دینار » کان إجارة ووجب العمل بها وله الاُجرة إذا کان قد قبل فی حیاته ، وإلاّ لم یجب .

ولو کان باُجرة غیر معیّنة عندهما بأن قال له : « حجّ عنّی باُجرة » ولم یعیّنها ، فقبل فی حیاته لم یبعد أیضاً عدم وجوب العمل لفساد الإجارة ، ولو کان بطریق الجعالة لم یجب العمل ، لکنّه یستحقّ الاُجرة علی تقدیر العمل لتحقّق الشرط فی الوصیّة .

( مسألة 953 ) : تثبت الوصیّة التملیکیّة بشهادة مسلمین عادلین ، وبشهادة مسلم عادل مع یمین الموصی له ، وبشهادة مسلم عادل مع مسلمین عادلین کغیرهما من الدعاوی المالیّة .

( مسألة 954 ) : تختصّ الوصیّة التملیکیّة بأنّها تثبت بشهادة النساء منفردات ، فیثبت ربعها بشهادة مسلمة عادلة ، ونصفها بشهادة مسلمتین عادلتین ، وثلاثة أرباعها بشهادة ثلاث مسلمات عادلات ، وتمامها بشهادة أربع مسلمات عادلات ، بلا حاجة إلی الیمین فی شهادتهنّ ، ولا یبعد ثبوت الوصیّة العهدیّة بالمال لا الولایة علی المال بشهادتهنّ کدعوی مالیّة .

( مسألة 955 ) : الوصیّة العهدیّة ، وهی الوصیّة بالولایة لا تثبت إلاّ بشهادة مسلمین عادلین ، سواء کانت علی الأولاد ونحوهم ، أو علی المال .

( مسألة 956 ) : تثبت الوصیّة التملیکیّة والعهدیّة المتعلّقة بالمال لا الولایة علی المال بشهادة کتابیّین عدلین فی دینهما عند عدم عدول المسلمین ، ولا تثبت بشهادة غیرهما من الکفّار .

( مسألة 957 ) : تثبت الوصیّة التملیکیّة بإقرار الورثة جمیعهم إذا کانوا عقلاء بالغین وإن لم یکونوا عدلاء .

ص:293

وإذا أقرّ بعضهم دون بعض تثبت بالنسبة إلی حصّة المقرّ دون المنکر . نعم ، إذا أقرّ منهم اثنان وکانا عدلین تثبت الوصیّة بتمامها ، وإذا کان عدلاً واحداً تثبت أیضاً مع یمین الموصی له .

( مسألة 958 ) : تثبت الوصیّة العهدیّة بإقرار الورثة جمیعهم ، وإذا أقرّ بعضهم وکانت الوصیّة العهدیّة متعلّقة بالمال ثبت بعض الموصی به علی نسبة حصّة المقرّ وینقص من حقّه . نعم ، إذا أقرّ اثنان عدلان منهم ثبتت الوصیّة بتمامها .

ص:294

فصل فی منجزات المریض

(مسألة 959 ) : إذا تصرّف المریض فی مرض الموت تصرّفاً منجّزاً ، وکانت الوصیّة العهدیّة متعلّقة بالمال إنشاءاً ماهیّة أو صورة وعملاً بأن قام بدفع ما تبرّع به أو تعاوض علیه ولم یکن قرینة علی کونها وصیّة لبّاً ککونه عند حضور الموت وکونه معسراً مع مرضه ونحوها من القرائن التی یظهر منها کونه تصرّفاً لأجل الموت وما بعده .

وأمّا إذا لم ینجّزه عملاً مع کونه تبرّعیّاً أو معاوضة محاباتیّة ، واحتفت بها قرائن ظاهرة فی کونه لبّاً تصرّفاً منه لما بعد موته ، فإنّه یخرج من الثلث والزائد لا ینفّذ إلاّ بإجازة الوارث .

( مسألة 960 ) : إذا أقرّ بعین أو دین لوارث أو لغیره ، فإن کان المقرّ مأموناً ومصدّقاً فی نفسه - ولم تکن هناک قرائن علی صوریّة الإقرار وکونه لبّاً إیصاءاً نظیر ما تقدّم - نفذ الإقرار من الأصل ، وإلاّ بأن کان متّهماً أو کانت قرائن علی الإیصاء لبّاً نفذ من الثلث .

هذا إذا کان الإقرار فی مرض الموت ، وأمّا إذا کان فی حال الصحّة أو فی مرض اعتیادی أخرج من الأصل وإن کان متّهماً .

( مسألة 961 ) : إذا قال : « هذا وقف بعد وفاتی » ، أو نحو ذلک ممّا یتضمّن تعلیق الإیقاع علی الوفاة لم یصحّ وقفاً ، بل یکون وصیّة بالوقف وإن لم یلتفت إلی عنوانها ، ولذا إذا قال : « بعت » أو « آجرت » أو « صالحت » لم یصحّ بعنوانه بل یکون وصیّة عهدیّة بالبیع والإجارة والصلح .

ص:295

( مسألة 962 ) : الإنشاء المعلّق علی الوفاة یصحّ فی مقامین :

1 - إنشاء الملک وهی الوصیّة التملیکیّة أو إنشاء الولایة ، کما فی موارد الوصیّة العهدیّة .

2 - إنشاء العتق ، وهو التدبیر ، والظاهر رجوعه إلی الأوّل .

( مسألة 963 ) : إذا قال للمدین : « أبرأت ذمّتک بعد وفاتی » ، وأجازه الوارث بعد موته برئت ذمّة المدین ، سواء کانت الإجازة معدودة بنفسها إبراء من قِبل الورثة من حقّهم أو إمضاء للوصیّة العهدیّة فیما زاد علی الثلث .

ص:296

کتاب القرض والدین

الدین هو المال الکلّی الثابت فی ذمّة شخص لآخر بسبب من الأسباب ، وسببه الاقتراض أو امور اختیاریّة کالمعاوضات ، أو قهریّة کما فی موارد الضمانات ونفقة الزوجة الدائمة ونحو ذلک ، ولکلّ منهما أحکام مشترکة مع اختصاص القرض باُخری .

والقرض هو تملیک مال لآخر علی وجه الضمان الواقعی بالقبض لا بالعقد .

( مسألة 964 ) : یکره الاقتراض مع عدم الحاجة ، بل لا یبعد کراهة مطلق الدین مع الغنی ، وان اختلفت الکراهة شدّة وضعفاً مع طروّ الأغراض الراجحة . وتخفّ کراهته مع الحاجة ، وکلما خفّت الحاجة اشتدّت الکراهة ، وکلّما اشتدّت خفّت إلی الزوال ، وربّما وجب مع توقّف أمر واجب علیه ، فعن مولانا أمیر المونین علیه السلام :

«إیّاکم والدین فإنّها مذلّة بالنهار ، ومهمّة باللیل ، وقضاء فی الدنیا ، وقضاء فی الآخرة » .

وعن مولانا الکاظم علیه السلام :

«مَن طلب هذا الرزق من حلّه لیعود به علی نفسه وعیاله کان کالمجاهد فی سبیل اللّه ، فإن غلب علیه فلیستدن علی اللّه وعلی رسوله ما یقوت به عیاله » .

( مسألة 965 ) : یستحبّ موّداً إقراض المون ، لا سیّما لذوی الحاجة لما فیه من قضاء حاجته وکشف کربته ، وقد قال النبیّ صلی الله علیه وآله :

«مَن کشف عن مسلم کربة من

ص:297

کرب الدنیا کشف اللّه عنه کربة یوم القیامة ، واللّه فی عون العبد ما کان العبد فی حاجة أخیه » .

وعنه صلی الله علیه وآله :

«مَن أقرض مونا قرضاً ینظر به میسوره کان ماله فی زکاة ، وکان هو فی صلاة من الملائکة حتّی یوّیه ، ومَن أقرض أخاه المسلم کان له بکلّ درهم أقرضه وزن جبل احد من جبال رضوی وطور سیناء حسنات ، وإن رفق به فی طلبه تعدّی علی الصراط کالبرق الخاطف اللامع بغیر حساب ولا عذاب ، ومَن شکی إلیه أخوه المسلم فلم یقرضه حرّم اللّه عزّ وجلّ علیه الجنّة یوم یجزی المحسنین » ، والإقراض أفضل من الصدقة .

( مسألة 966 ) : القرض کبقیّة العقود یحتاج إلی إیجاب کقوله : « أقرضتک » وما بمعناه ، وإلی قبول دالّ علی الرضا بالإیجاب ، ولا یشترط فیه العربیّة ، بل بکلّ لغة ، بل تجری فیه المعاطاة ، فلو دفع مالاً إلی أحد بقصد القرض وأخذه المدفوع له بهذا القصد صحّ قرضاً ، لکن لا یکون لازماً کما فی بقیّة الأبواب إلاّ بالتصرّف .

( مسألة 967 ) : یعتبر فی القرض أن یکون المال عیناً ، فلو کان دیناً لم یصحّ ، وأمّا المنفعة فللصحّة وجه . نعم ، یصحّ إقراض الکلّی فی العین ، کإقراض درهم من درهمین خارجیّین .

( مسألة 968 ) : یعتبر فی القرض أن یکون المال ممّا یصحّ تملّکه ، فلا یصحّ إقراض الخمر والخنزیر ، ویعتبر فیه ضبطه وصفاً أو قدراً أو بعض خصوصیّاته التی تتفاوت المالیّة باختلافها ، سواء أکان مثلیاً أو قیمیّاً ، فلا یجوز الإقراض بدون مشاهدة ما لا یمکن ضبط أوصافه إلاّ بها کالجواهر .

( مسألة 969 ) : یشترط فی صحّة القرض القبض والإقباض ، فلا یملک

ص:298

المستقرض المال المقترض إلاّ بعد القبض ولا یتوقّف علی التصرّف .

( مسألة 970 ) : یثبت فی ذمّة المقترض مثل ما اقترض إن کان المال مثلیّاً ، کالحنطة والشعیر والذهب والفضّة ونحوها ، وعلیه أداء المثل ، سواء أبقی علی سعره وقت الأداء أو زاد أو تنزّل ، ولیس للمقرض مطالبة المقترض بالقیمة . نعم ، یجوز الأداء بها مع التراضی ، والعبرة عندئذٍ بالقیمة وقت الأداء . وإذا کان قیمیّاً ثبتت قیمته وقت الأداء .

( مسألة 971 ) : الأقوی أنّ القرض لیس عقداً لازماً ، فللمقرض الرجوع علی المقترض بالعین إن کانت موجودة ، ولو شرط تأجیله فی العقد نفسه لم یلزم الشرط ویصحّ له المطالبة مع عدم الإعسار من المقترض . نعم ، لو شرط التأجیل فی عقد لازم آخر لزم الشرط .

( مسألة 972 ) : لا یتأجّل الدین الحال إلاّ باشتراطه فی ضمن عقد لازم ، ویصحّ تعجیل الموّل بإسقاط بعضه ، ولا یصحّ تأجیل الحال بإضافة شیء .

( مسألة 973 ) : لیس للدائن الامتناع عن قبض الدین من المدین فی أی وقت کان إذا کان الدین حالاًّ ، وأمّا إذا کان موّلاً فکذلک بعد حلوله ، وأمّا قبل حلوله فکذلک أیضاً ، إلاّ أن یکون التأجیل حقّ للدائن أیضاً .

( مسألة 974 ) : یحرم اشتراط زیادة فی القدر أو الصفة علی المقترض ، لکن الظاهر أنّ القرض لا یبطل بذلک ، بل یبطل الشرط فقط ، ویحرم أخذ الزیادة فیما لو کان العقد قرضاً صرفاً مجرّداً ولیس دیناً معاوضیّاً ، وإلاّ فتبطل المعاوضة .

فلو أخذ الحنطة - مثلاً - بالقرض الربوی فزرعها جاز له التصرّف فی حاصله ، وکذا الحال فیما إذا أخذ مالاً بالقرض الربوی ، ثمّ اشتری به ثوباً .

ص:299

نعم ، لو اشتری شیئاً بعین الزیادة التی أخذها فی القرض لم یجز التصرّف فیه .

( مسألة 975 ) : الزیادة المتصوّرة فی الشرط الضمنی فی القرض أو تأجیل الدین علی ستّة أوجه :

( الاُولی ) الزیادة العینیّة المجانسة أو غیر المجانسة ، مثل أن یقرض مائة دینار ویشترط أخذ مائة وعشرین .

( الثانیة ) اشتراط منفعة عین ، مثل أن یقرض مائة دینار بشرط منفعة سیّارة .

( الثالثة ) اشتراط عقد محاباتی أو مجّانی ، بأن یقرضه مائة دینار ویشترط علیه بیعاً محاباتیّاً أو قرضاً آخر ، وهی المسمّاة بالمنفعة الحکمیّة .

( الرابعة ) اشتراط عقد معاوضی غیر محاباتی ، کأن یشترط علیه بیعاً أو إجارة معاوضیّة بالمثل لا محاباتیّاً .

( الخامسة ) اشتراط عقد غیر معاوضی ، کأن یشترط علیه وکالة أو ضمان

أو کفالة أو رهن .

( السادسة ) اشتراط عمل لا مالیّة له ، کأن یشترط علیه أن یصلّی فی أوّل الوقت أو یجدّ فی دراسته .

والأقوی حرمة خصوص الزیادة من النمط الأوّل والثانی دون البقیّة ، أی ما کان مالاً بذاته دون ما کان مالاً بالاشتراط والتعاقد ، فلا تحرم أنواع الزیادات الأربع الباقیة وإن کان الاحتیاط فی الثالثة لا ینبغی ترکه ، ویجوز قبولها مطلقاً من غیر شرط .

( مسألة 976 ) : إذا باع المقترض المقرض شیئاً بأقلّ من قیمته ، أو اشتری منه شیئاً بأکثر من قیمته وشرط علیه أن یقرضه مبلغاً من المال جاز ، ولیس من

ص:300

الزیادة فی القرض ، وقد تقدّم فی المسائل المستحدثة من المجلّد الأوّل جملة من مباحث ومسائل الزیادة الربویّة والوجوه التخلّصیة منها .

( مسألة 977 ) : یجوز للمقرض أن یشترط علی المقترض فی قرض المثلی أن یوّیه من غیر جنسه ، بأن یوّی بدل الدراهم دنانیر وبالعکس ، ویکون الشرط لازماً إذا کانا متساویین فی القیمة ، أو کان ما شرط علیه أقلّ قیمة ممّا اقترضه .

( مسألة 978 ) : إنّما یحرم شرط الزیادة للمقرض علی المقترض ، وأمّا إذا شرطها للمقترض فلا بأس به فی الزیادة ، ولکن فی لزومه علی المقرض إشکال من جهة جواز عقد القرض ، کما مرّ ، کما إذا أقرضه عشرة دنانیر علی أن یوّی تسعة دنانیر .

( مسألة 979 ) : یجب علی المدین أداء الدین فوراً عند مطالبة الدائن إن قدر علیه ولو ببیع سلعته ومتاعه أو عقاره أو مطالبة غریمه أو استقراضه إذا لم یکن حرجیّاً علیه أو إجارة أملاکه ، وأمّا إذا لم یقدر علیه بذلک فهل یجب علیه التکسّب اللاّئق بحاله والأداء منه ؟ الأحوط - إن لم یکن الأظهر - ذلک .

نعم ، یستثنی من ذلک بیع دار سکناه وثیابه المحتاج إلیها ولو للتجملّ وخادمه ونحو ذلک ، ممّا یحتاج إلیه ولو بحسب حاله وشونه ، والضابط هو کلّ ما یحتاج إلیه بحسب حاله وشأنه ، وکان بحیث لولاه لوقع فی عسر وشدّة وحزازة ومنقصة ، ولا فرق فی استثناء هذه الأشیاء بین الواحد والمتعدّد ، فلو کانت عنده دور متعدّدة واحتاج إلی کلّ منها لسکناه ولو بحسب حاله وشأنه لم یبع شیئاً منها ، وکذلک الحال فی الخادم ونحوه .

نعم ، إذا لم یحتج إلی بعضها ، أو کانت داره أزید ممّا یحتاج إلیه ، وجب علیه بیع الزائد ، ثمّ إنّ المقصود من کون الدار ونحوها من مستثنیات الدین أنّه

ص:301

لا یجبر علی بیعها لأدائه ، ولا یجب علیه ذلک ، وأمّا لو رضی هو بذلک وقضی به دینه جاز للدائن أخذه علی کراهة ، فینبغی له أن لا یرضی ببیع داره .

( مسألة 980 ) : لو کانت عنده دار موقوفة علیه لم یسکنها فعلاً ، ولکنّها کافیة لسکناه ، وله دار مملوکة ، فإن لم تکن فی سکناه فی الدار الموقوفة حزازة ومنقصة ولم تکن الدار الموقوفة فی معرض الزوال عن یده ولا عن عیاله من ورثته ، وبحیث یعدّ واجدیّته لها ذخیرة عرفاً لا ضرورة ، فالأحوط - بل الأظهر - أنّ علیه بیع داره المملوکة لأداء دینه ، وکذا الحال فی بقیّة مرافق معیشته الضروریّة إذا وجد له بدلاً یستغنی عنه بحیث یعدّ ذخیرة .

( مسألة 981 ) : یجب بیع ما لدیه من متاع وممتلکات من رأس ماله الزائد علی مستثنیات الدین ، وإن کان لا یباع إلاّ بأقلّ من قیمتها السوقیّة ، ما لم یکن التفاوت بمقدار مجحف مضرّ به .

( مسألة 982 ) : یجوز التبرّع بأداء دین الغیر ، سواء أکان حیّاً أم کان میّتاً ، وبرأت ذمّته به ، ولا فرق فی ذلک بین أن یکون التبرّع به بإذن المدین أو بدونه . نعم ، لو منع المدین عن ذلک ففی حصول الأداء والإبراء إشکال ، بل منع ، لا سیّما مع استلزامه الحرج أو الضرر علی عرض المدین وشأنه .

( مسألة 983 ) : لا یتعیّن الدین فیما عیّنه المدین ، وإنّما یتعیّن بقبض الدائن ، فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدین ، وتبقی ذمّته مشغولة به .

( مسألة 984 ) : إذا مات المدین حلّ الأجل ، ویخرج الدین من أصل ماله ، وإذا مات الدائن بقی الأجل علی حاله ولیس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل وإن قیل أنّه یحلّ أیضاً ، لکن الاحتیاط لا ینبغی ترکه ، وعلی هذا فلو کان صداق المرأة موّلاً ، ومات الزوج قبل حلوله استحقّت الزوجة مطالبته

ص:302

بعد موته . وهذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة ، فإنّه لیس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل ، وهل یلحق بموت الزوج طلاقه ؟

وجهان ، والظاهر هو الإلحاق لانصراف اشتراط التأجیل إلی جواز التأخیر مع بقاء الزوجیّة .

( مسألة 985 ) : لا یلحق بموت المدین حجره بسبب الفلس ، فلو کانت علیه دیون حالّة وموّلة ، قسّمت أمواله بین أرباب الدیون الحالّة ولا یشارکهم أرباب الدیون الموّلة .

( مسألة 986 ) : لو غاب الدائن وانقطع خبره وخبر وارثه وجب علی المستدین نیّة القضاء والوصیّة به عند الوفاة مع بقاء احتمال العثور علی المالک أو وارثه ، وأمّا مع الیأس فیتصدّق به عنه ، وأمّا لو جهل خبره ومضت مدّة یقطع بموته فیها ، وکان له وارث وجب تسلیمه إلی ورثته ، ومع عدم معرفتهم والیأس عن ذلک أو مع عدم التمکّن من الوصول إلیهم یتصدّق به عنهم ، ویجوز تسلیمه إلی الورثة مع انقطاع خبره بعد مضیّ عشر سنین ، وإن لم یقطع بموته ، بل یجوز ذلک بعد مضیّ أربع سنین من غیبته إذا فحص عنه وکانت نتیجة البحث عدم وجدانه خلال هذه المدّة ، وإن لم یکن الفحص مستمرّاً قدر هذه المدّة .

( مسألة 987 ) : لا تجوز قسمة الدین ، فإذا کان لاثنین دین مشترک علی ذمم أشخاص متعدّدین ، کما إذا باعا مالاً مشترکاً بینهما من أشخاص عدّة أو ورثا من مورثهما دیناً علی أشخاص ، ثمّ قسّما الدین بینهما بعد التعدیل فجعلا ما فی ذمّة بعضهم لأحدهما ، وما فی ذمّة الباقی الآخر لم تصحّ ، ویبقی الدین علی الاشتراک السابق بینهما ، ولو کان لهما دین مشترک علی واحد وأراد أن یستوفی حصّته منه وأن یتعیّن الباقی فی حصّة للآخر ، ففیه إشکال ، بل منع .

ص:303

( مسألة 988 ) : تحرم علی الدائن مطالبة المدین إذا کان معسراً ، بل علیه الصبر والنظرة إلی المیسرة .

( مسألة 989 ) : إذا اقترض دنانیر أو سکک ذهبیّة - مثلاً - ثمّ أسقطتها الحکومة عن الاعتبار وجاءت بدنانیر أو سکّة اخری غیرها ، فإن انعدم التعامل بها من رأس فعلیه أداء قیمتها قبل الإسقاط بإعطاء ما یعادلها من الدنانیر أو السکّة الجدیدة ، وإن لم ینعدم التعامل بها کانت علیه الدنانیر الاُولی .

وإذا اقترض الأوراق النقدیّة ثمّ اسقطت عن الاعتبار ، لم تسقط ذمّة المقترض بأدائها ، بل علیه أداء قیمتها قبل زمن الإسقاط .

وأمّا التضخّم فی النقد ، فإن کان تفاوتاً فی القیمة معتدّاً به أو فاحشاً وکان بسبب تأخیر المدیون ، فلا یبعد الضمان ، لا سیّما فی الثانی ، وإن کان بسبب العرض والطلب فی سوق العملات ونحوها من أسباب محیطة بالبیئة المالیّة النقدیّة فلا ضمان ، ولو کان بسبب الدولة .

( مسألة 990 ) : یصحّ بیع الدین بمال موجود وإن کان أقلّ منه إذا کان من غیر جنسه أو لم یکن ربویّاً ، ولا یصحّ بیعه بدین مثله إذا کان موّلاً بالموّل ، سواء کانا سابقین علی العقد أو بالعقد أو مختلفین بخلاف غیرهما من الحالین ولو کانا دیناً قبل العقد ، ویجوز بیع المسلم فیه ( الدین ) علی بائعه ( مَن هو علیه ) مع عدم الزیادة علی الأحوط - کما مرّ - مع عدم التأجیل ، وإلاّ فالمنع هو الأقوی .

( مسألة 991 ) : یجوز للمسلم قبض دینه من الذمّی من ثمن ما باعه من المحرّمات ، ولو أسلم الذمّیّان بعد البیع لما هو محرّم لم یسقط استحقاقه المطالبة بالثمن ، ولیس للعبد الاستدانة بدون إذن المولی ، فإن فعل ضمن العبد ، فیردّ

ص:304

ما أخذ ، ولو تلفت ففی ذمّته مثله أو قیمته ، ولو أذن المولی له لزمه دون المملوک وان أعتق ، وغریم المملوک أحد غرماء المولی ، ولو أذن له فی التجارة فاستدان لها الزم المولی مع إطلاق الإذن ، وإلاّ تبع به بعد العتق .

( مسألة 992 ) : یجوز دفع مال إلی شخص فی بلد لیحوّله إلی صاحبه فی بلد آخر إذا کان للوسیط مال علی ذمّة صاحبه ولم یکن ممّا یکال أو یوزن ، سواء کان التحویل بأقلّ ممّا دفعه أو أکثر ، وأمّا إذا لم یکن للوسیط مال علی ذمّة صاحبه ، فلا یجوز التحویل إلاّ بأقلّ ، ویجوز بأکثر مع اختلاف جنس المال مع عدم کونه مکیلاً أو موزوناً .

( مسألة 993 ) : ما أخذه بالربا فی القرض وکان جاهلاً ، سواء أکان جهله بالحکم أو بالموضوع ، ثمّ علم بالحال ، فإن تاب فلیس علیه فیما مضی ممّا قد تلف شیء ، وإن لم یتلف فتفصیله مضی فی الفصل التاسع فی الربا ( مسألة 205 ) .

( مسألة 994 ) : إذا ورث مالاً فیه الربا ، فإن کان مخلوطاً بالمال الحلال ، فلیس علیه شیء ، وإن کان معلوماً ومعروفاً وعرف صاحبه ردّه إلیه ، وإن لم یعرف عامله معاملة المال المجهول مالکه ، کما هو الحال فی المرتکب للربا نفسه لو تاب ، کما مرّ .

ص:305

ص:306

الرهن

وهو وثیقة علی الدین أو الدرک أو العین المضمونة لإستیفاء الحقّ أو التحفیز لحفظه والوثوق بالوفاء به أو کالاستشهاد علیه .

ولا بدّ فیه من الإیجاب والقبول من أهله ، ولا یعتبر فیهما اللفظ ، فیکفی الفعل أیضاً ، ویشترط القبض علی الأقوی .

( مسألة 995 ) : یشترط فی الرهن أن یکون المرهون عیناً مملوکة یمکن قبضها ، سواء کان الشرط فی الرهن أنّ الاستیفاء لأداء الدین من عوض وثمن العین ، فلا بدّ أن یصحّ بیعها أو الشرط فی الرهن الاستیفاء من منفعة العین أو ثمنها أو من ثمن حقّ متعلّق بالعین .

وأن یکون الرهن علی حقّ ثابت فی الذمّة ، سواء کان الحقّ عیناً بموجب شراء أو نحوه ، أو منفعة بموجب استئجار ونحوه ، أو مالاً بموجب اقتراض ونحوه ، أو حقّ ثابت فی العهدة ، کما مرّ فی الدرک أو العین المضمونة .

( مسألة 996 ) : یتوقّف رهن غیر المملوک للراهن علی إجازة مالکه ، ولو ضمّ مملوک غیره إلی مملوکه فرهنهما ، لزم الرهن فی ملکه وتوقّف فی الضمیمة علی إجازة مالکها .

( مسألة 997 ) : یلزم الرهن من جهة الراهن ، وجائز من طرف المرتهن ، فلیس

ص:307

للراهن انتزاعه منه بدون رضاه ، إلاّ أن یسقط حقّه من الارتهان ، أو ینفکّ الرهن بفراغ ذمّة الراهن من الدین ، ولو برئت ذمّته من بعض الدین ، فالظاهر بقاء الجمیع رهناً علی المتبقی من الدین ، إلاّ مع شرط التوزیع فیتبعّض بحسبه .

( مسألة 998 ) : رهن الحامل لیس رهناً للحمل وإن تجدّد ، ولا الثمر فی رهن الشجر والنخل ، وکذا ما یتجدّد ، وکذا بقیّة التوابع التی بحکم النماء المنفصل ، کاللّبن فی الضرع ، والصوف والشعر والوبر والأوراق وغیرها ، إلاّ أن یشترط دخولها .

( مسألة 999 ) : منافع ونماءات الرهن المنفصلة والمتّصلة للمالک لا للمرتهن . نعم النماءات المتّصلة کالسمن والزیادة فی الطول والمقدار تتبع العین فی الرهن ، والرهن علی أحد الدینین لیس رهناً علی الآخر ، ولو استدان من الدائن دیناً آخر وجعل ما کان رهناً علی الأوّل رهناً علیهما معاً صحّ .

( مسألة 1000 ) : المرتهن یحجر علیه التصرّف المنافی لحقّ الرهانة بغیر إذن الراهن ، ولا بأس بالتصرّف غیر المنافی ، وتقدّم حکم بیع الراهن العین المرهونة مع علم المشتری وجهله فی شروط العوضین .

( مسألة 1001 ) : لو شرط المرتهن فی عقد الرهن استیفاء منافع العین فی مدّة الرهن مجّاناً ، فلا یخلو من إشکال لرجوعه إلی الشرط مقابل القرض أو مقابل تأجیل الدین . نعم ، لو شرط استیفاءها بالاُجرة مدّة صحّ الشرط ولزم العمل به إلی نهایة المدّة وإن برئت ذمّة الراهن من الدین .

( مسألة 1002 ) : لو شرط فی عقد الرهن وکالة المرتهن أو غیره فی البیع لم ینعزل ما دام حیّاً .

( مسألة 1003 ) : لو أوصی الراهن إلی المرتهن أن یبیع العین المرهونة ویستوفی

ص:308

حقّه منها لزمت الوصیّة ولیس للوارث إلزامه بردّ العین واستیفاء دینه من مال آخر .

( مسألة 1004 ) : حقّ الرهانة موروث ، فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه .

( مسألة 1005 ) : المرتهن أمین لا یضمن بدون التعدّی ویضمن معه لمثله إن کان مثلیّاً ، وإلاّ فلقیمته یوم الأداء ، والقول قوله مع یمینه فی القیمة مع الجهل بصفة الرهن أو عدم التفریط ، وقول الراهن فی قدر الدین .

( مسألة 1006 ) : المرتهن أحقّ بالعین المرهونة من باقی الغرماء إذا صار الراهن مفلساً ، ولو فضل من الدین شیء شارکهم فی الفاضل ، ولو فضل من الرهن وله دین بغیر رهن تساوی الغرماء فیه . نعم ، لو مات الراهن ولم تکن الترکة تفی بالدیون ، فتحاصص الغرماء مع المرتهن فی العین لا یخلو عن وجه .

( مسألة 1007 ) : لو تصرّف المرتهن بدون إذن الراهن ضمن وعلیه الاُجرة

( مسألة 1008 ) : لو أذن الراهن فی البیع قبل الأجل فباع المرتهن صحّ وکان الثمن رهناً ، فلا یتصرّف فیه قبل الأجل ، وأمّا بعد الأجل فإن أدّی الراهن فهو ، وإلاّ استوفی منه المرتهن ، ولو أتلف الراهن الرهن فیلزم قیمته وتکون رهناً أیضاً .

والعین المرهونة بعد الأجل إن امتنع الراهن من وفاء الدین جاز للمرتهن البیع والاستیفاء بلا إذن ، والأحوط استحباباً مراجعة الحاکم . نعم ، بعض الرهون قد تکون وثیقة لمجرّد إثبات الدین لا للاستیفاء - کما مرّ - فلا یباع بمجرّد الامتناع .

( مسألة 1009 ) : لو کان الرهن علی الدین الموّل وکان ممّا یفسد قبل الأجل ، کالأثمار فإنّ شرط الراهن عدم بیعه قبل الأجل بطل الرهن ، وإلاّ لزم بیعه

ص:309

ویجعل ثمنه رهناً ، وکذا لو رهن ممّا لا یفسد فعرض ما یفسده أو تسقط قیمته المعتدّة کما فی التضخّم - کالحنطة تبتلّ - فإن باعه الراهن فهو ، وإن امتنع أجبره الحاکم ، فإن تعذّر باعه الحاکم ، ومع فقده باعه المرتهن .

( مسألة 1010 ) : یجوز للمرتهن أن یستوفی دینه ممّا فی یده إن خاف جحود الوارث عند موت الراهن ولا بیّنة ، وکذلک الحال لو خاف الجحود من الراهن فی حیاته . نعم ، یرجع ما زاد علی دینه للوارث من دون الإقرار بالرهن .

( مسألة 1011 ) : إذا اختلفا ، فالقول قول المالک مع ادّعائه الودیعة وادّعاء الآخر الرهن علی دین ، وأمّا إذا کان الدین ثابتاً فالقول قول مدّعی الرهن .

ص:310

کتاب الحجر

وهو فی اللّغة بمعنی المنع ، وفی الشرع کون الشخص ممنوعاً من التصرّف فی العقود والإیقاعات ، وأسبابه امور :

( الأوّل ) الصغر ، فالصغیر ممنوع من التصرّف حتّی یبلغ ویعلم بنبت الشعر الخشن علی العانة أو الاحتلام أو إکمال خمس عشرة سنة فی الذکر ، وتسع فی الاُنثی ، والصغیر کما أنّه لا ینفذ تصرّفه فی أمواله لا ینفذ تصرّفه فی ذمّته ، فلا یصحّ منه البیع والشراء فی الذمّة ولا الاقتراض ، وان اقترنت مدّة الأداء وقت البلوغ ، وکذا لا ینفذ تزویجه ولا طلاقه ولا إجارة نفسه ، ولا جعل نفسه عاملاً فی المضابة والمزارعة ونحو ذلک ، کما لا تصحّ إجازة ولیّه له فی ما استقلّ بالتصرّف فی ما مرّ ، بل فی صحّة مجرّد إنشائه تأمّل ، وهذا بخلاف ما لو کان آلة ، کما فی بیع المحقّرات .

( الثانی ) الجنون ، وما یغلب علی العقل ، فلا یصحّ تصرّفه إلاّ فی أوقات إفاقته ، والولایة علیه للأب والجدّ وإن کان الجنون طارئاً بعد البلوغ .

( الثالث ) السفه ، فیحجر علی السفیه فی تصرّفاته ، وفی اختصاص الحجر بأمواله ، کما یظهر من جملة من عبائر المشهور إشکال بل منع ، ویعلم الرشد بإصلاح ماله عند اختباره بحیث یسلم من المغابنات ، وتقع أفعاله علی الوجه المناسب الملائم ، کما یعلم بسفهه بخلاف ذلک ، ولا یتوقّف علی حکم الحاکم ،

ص:311

ولا یزول الحجر مع استمرار فقد الرشد وان طعن فی السنّ ، ویثبت فی الرجال بشهادة أمثالهم ، وفی النساء بشهادة الرجال ، وکذلک بشهادتهنّ منضمّات ، وأمّا منفردات فلا یخلو من إشکال ، وان اعتدّ باختبارهنّ منفردات .

والولایة علی السفیه للأب والجدّ مع اتّصاله بالصغر ، بل وفی المتجدّد أیضاً ، ومع عدمهما للحاکم ، والأحوط نظارة الحاکم ورعایة الأوْلی به رحماً ومباشرته .

( الرابع ) الرقّ ، فلا ینعقد تصرّف المملوک بدون إذن مولاه . ولو ملّکه مولاه شیئاً ملکه علی الأصحّ ، وکذا غیره إذا کان بإذن المولی .

( الخامس ) الفَلَس ، ویحجر علی مال المُفلّس بشروط خمسة :

ثبوت دیونه عند الحاکم ، وحلولها ، أمّا الموّلة المشارفة التی یصدق رکوبها علیه مع صدق عجزه بالفعل عنها فی وقتها عرفاً فهی وإن لم تصبح حالّة بفلسه لکن فی استحقاق المطالبة بالتحجیر نظر ، ولا سیّما مع قصور أمواله عنها ، والتوائه أو رکوب الدیون له ، أی ضعفه عن أدائها ، وأمّا إذا کان معسراً لکن لدیه القدرة علی الوفاء بها مع التأخیر فنظرة إلی میسرة ، کما سیأتی .

ومطالبة أربابها الحجر أو بعضهم إذا کان دینه یزید علی مال المفلس ، وإذا حجر علیه الحاکم بطل تصرّفه فی ماله مع عدم إجازة الدیّان ما دام الحجر باقیاً .

( مسألة 1012 ) : إنّما یمنع المفلّس عن التصرّفات المبتدأة فی أمواله ، وأمّا ما له صلة بتصرّفات سابقة کالخیار فی البیع ثمّ حجر علیه فالخیار باقٍ ، وهل له إعماله إجازة أو فسخاً ؟ لا یخلو من إشکال ، بل منع ، فی صور تضرّر الغرماء ، کما أنّه لو کان له حقّ مالی سابقاً علی الغیر فلیس له إسقاطه

ص:312

أو إبراءه کلّه أو بعضه .

( مسألة 1013 ) : إنّما یمنع عن التصرّف فی أمواله الموجودة فی زمان الحجر علیه ، وأمّا المتجدّدة الحاصلة باختیاره أو بغیر اختیاره ، کالإرث والهبة ونحو ذلک ، فلا یشملها الحجر . نعم ، یجوز تجدید الحجر علیها .

( مسألة 1014 ) : لو أقرّ بعد الحجر بدین سابق نفذ الإقرار فی حقّه ولم ینفذ فی حقّ الغرماء ، فلا یشارکهم المقرّ له فی الأموال ، وإن اشتغلت ذمّته للمقرّ له . وکذا الإقرار بمثل الإتلاف والجنایة ، وکذا لو أقرّ بعین فی یده .

( مسألة 1015 ) : لو اقترض المفلس بعد الحجر علیه أو اشتری فی الذمّة لم یشارک المقرض والبائع الغرماء ، وکذا لو أتلف مال غیره فلا یشارک صاحبه الغرماء .

( مسألة 1016 ) : مَن وجد عین ماله فی أموال المفلس کان له أخذها دون نمائها المنفصل وما بحکمه کالثمرة والصوف والولد ، وأمّا المتّصل ممّا لا یصحّ انفصاله کالسمن ونحوه فتابع للعین . نعم ، فی عموم هذا الاستحقاق لصاحب العین إذا کان دینه موّلاً مشارفاً ما مرّ . ثمّ إنّه إذا کانت العین باقیة علی حالها بعینها فهو ، وأمّا إذا لم تکن کذلک ففی استحقاق صاحبها إشکال .

( مسألة 1017 ) : لا یختصّ الدائن بعین ماله إذا مات المدیون وقصرت ترکته عن الوفاء بالدیون .

( مسألة 1018 ) : یخرج الحبّ بالزرع والبیض بالاستفراخ عن الاختصاص ، بل قد تقدّم أن مع تغیّرها عن کونها قائمة بعینها یشکل بقاء الاختصاص .

( مسألة 1019 ) : للشفیع أخذ الشقص ، ویضرب البائع مع الغرماء مع إفلاس المشتری . هذا إذا لم یفسخ البائع البیع لخیار ، وإلاّ فیقدّم علی الشفیع والغرماء ،

ص:313

کما مرّ فی الشفعة ، وإذا کان فیالترکة عین زکویّة قدّمت الزکاة علی الدیون ، وکذلک الخمس ، وإذا کانا فی ذمّة المیّت کانا کسائر الدیون .

( مسألة 1020 ) : لو باع أمة حائلاً فحملت ، ثمّ فلس المشتری بیعت واختصّ بثمنها البائع مع وجدان المال أو مع القدرة علی تحصیله ، أو أخذها بعد موت الولد ، وأمّا قبله فالجواز أظهر .

( مسألة 1021 ) : لا یحلّ الإعسار فی مطالبة المعسر ، ولا إلزامه بالتکسّب بغیر ما اعتاده ، وبما هو عسر وحرج علیه ، وفیما لم یکن متهاوناً مماطلاً ، ولا بیع دار سکناه اللاّئقة بحاله ، ولا عبد خدمته ، ولا غیر ذلک ممّا یحتاجه فی معاشه ممّا یعسر علیه بیعه ، کما تقدّم فی کتاب الدین ، کما یحرم علیه المطل .

( مسألة 1022 ) : ینفق علی المفلس من ماله إلی یوم القسمة وعلی عیاله ، ولو مات قدّم الکفن وغیره من واجبات التجهیز .

( مسألة 1023 ) : لا یحلّ بالحجر الدین الموّل وإن قیل باستحقاق صاحبه المطالبة بالحجر ، ولو مات مَن علیه الدین حلّ ولا یحلّ بموت صاحبه .

( مسألة 1024 ) : یقسّم المال علی الدیون الحالّة بالتقسیط بالنسبة ، ولو ظهر دین حالّ بعد القسمة نقضت وشارکهم .

( مسألة 1025 ) : الولایة فی مال الطفل والمجنون والسفیه وإن طرئا بعد البلوغ للأب والجدّ له ، فإن فقدا فللوصیّ إذا کان وصیّاً فی ذلک ، فإن فقد فللحاکم ، لکن الأحوط استعانته بولیّه فی الإرث ، بل الرعایة هی لولیّه .

ص:314

کتاب الضمان

الضمان وله إطلاقات :

أحدها : التعهّد بالمال أو النفس ، فیکون شاملاً للحوالة والکفالة ، وثانیها : التعهّد بالمال عیناً أو منفعة أو عملاً ، وهو المقصود هاهنا ، ویندرج فیه أنواع :

الأوّل : ینقل المال عن المضمون عنه إلی ذمّة الضامن للمضمون له .

الثانی : یضمّ ذمّة إلی اخری ، فله وجه مع التصریح والتقیید للعمومات ، وإلاّ فیتعیّن النقل .

الثالث والرابع : ضمان العهدة وضمان الفعل ، وسیأتی الکلام عنهما .

( مسألة 1026 ) : یعتبر فی الضمان الإیجاب من الضامن والقبول من المضمون له بکلّ ما یدلّ علی تعهّد والتزام الأوّل بالدین ، ورضا الثانی بذلک ، وأمّا المضمون عنه فکما تقدّم فی التبرّع عن المدین من التفصیل أنّه لو منع تشکل الصحّة ، لا سیّما مع استلزامه للضرر والحرج علیه .

( مسألة 1027 ) : یعتبر التنجیز فی عقد الضمان . نعم ، یصحّ التعلیق فی أداء الضمان علی عدم أداء المضمون عنه ، وأنّ للدائن أن یطالب الضامن علی تقدیر عدم أداء الدین ، وهذا النمط من الضمان نوع ثالث قد یسمّی بضمان العهدة أو فی الإطلاق العرفی المعاصر کفالة المال ، نظیر الضمان للأعیان الموجودة

ص:315

الآتی ، ولیس فیه نقل الدین بالفعل من ذمّة المدین ، بل هو من ضمّ اشتغال عهدتین وذمّتین ، فذمّة المدیون هی المشتغلة ، فإن لم یوِّ تشتغل ذمّة الضامن والتعهّد بستلیم المدیون لدینه ، فإن لم یوِّ فانّ الضامن یوّیه .

( مسألة 1028 ) : یعتبر فی الضامن والمضمون له البلوغ والعقل والاختیار وعدم السفه ، ویزاد فی خصوص المضمون له عدم التفلیس ، وأمّا فی المضمون عنه وهو المدیون ، فلا یعتبر شیء من ذلک ، فلو ضمن شخص ما علی المجنون أو الصغیر من الدین صحّ . نعم ، لولیّه الردّ لا سیّما مع الضرر ، کما فی المدیون البالغ .

( مسألة 1029 ) : إذا دفع الضامن ما ضمنه إلی المضمون له رجع به إلی المضمون عنه إذا کان الضمان بإذنه ، وإلاّ لم یرجع . نعم ، سکوته مع اطّلاعه واستئذان الضامن قد یعدّ إذناً .

( مسألة 1030 ) : الضامن لا یطالب المضمون عنه إلاّ بما خسر دون الزائد ، لأنّ ضمانه المضمون عنه ضمان تغریم ، فإذا أبرأ المضمون له ذمّة الضامن عن تمام الدین برئت ذمّته ، ولا یجوز له الرجوع إلی المضمون عنه ، وإذا أبرأ ذمّته عن بعضه برئت عن البعض ، ولا یرجع إلی المضمون عنه بذلک المقدار ، وإذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقلّ ، فلیس للضامن مطالبة المضمون عنه ، إلاّ بذلک المقدار دون الزائد .

وکذا الحال لو ضمن الدین بمقدار أقلّ من الدین برضا المضمون له ، وکذا لو تبرّع أجنبیّ لأداء الدین عن المضمون عنه ، ولو ضمن أو وفّی الدین بعین أکثر قیمة من الدین فلیس له مطالبة المضمون عنه إلاّ بقدر الدین دون الزائد .

( مسألة 1031 ) : إذا احتسب المضمون له ما علی ذمّة الضامن من خمس

ص:316

أو زکاة بإجازة من الحاکم الشرعی ، أو صدقة ، فالظاهر أنّ للضامن أن یطالب المضمون عنه بما دفع ، وکذا الحال إذا أخذه منه ثمّ ردّه إلیه بعنوان الهبة أو نحوها ، وکذا لو وهبه ما فی ذمّته علی الأقوی . وهکذا إذا مات المضمون له وورث الضامن ما فی ذمّته .

( مسألة 1032 ) : عقد الضمان لازم ، فلا یجوز للضامن فسخه ولا للمضمون له .

( مسألة 1033 ) : لا یبعد ثبوت الخیار للمضمون له بالاشتراط وغیره ، وللمضمون عنه أیضاً ، بل والأقوی کذلک للضامن .

( مسألة 1034 ) : إذا کان الدین حالاًّ وضمنه الضامن موّلاً ، فیکون الأجل للضمان للدین ، فلو أسقط الأجل وأدّی الضامن الدین حالاًّ ، فله مطالبة المضمون عنه کذلک ، وکذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الأجل المذکور .

( مسألة 1035 ) : إذا کان الدین موّلاً وضمنه شخص کذلک ، ثمّ أسقط الأجل وأدّی الدین حالاًّ ، فلیس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل ، وکذا الحال إذا مات الضامن فی الأثناء ، فإنّ المضمون له یأخذ المال من ترکته حالاً ولکن لیس لورثته مطابته المضمون عنه قبل حلول الأجل .

( مسألة 1036 ) : إذا کان الدین موّلاً وضمنه شخص حالاً وأذن المضمون عنه له علی ذلک النحو ، وأدّی الدین ، فالظاهر جواز الرجوع إلیه بعد أداء الدین .

( مسألة 1037 ) : إذا کان الدین موّلاً وضمنه بأقلّ من أجله ، کما إذا کان أجله ثلاثة أشهر - مثلاً - وضمنه بمدّة شهر ، وأدّاه کذلک قبل حلول الأجل ، فلیس له مطالبة المضمون عنه بذلک قبل انقضاء الأجل الأوّل ، وهو أجل الدین ، وإذا ضمنه بأکثر من أجله ، ثمّ أسقط الزائد وأدّاه فله مطالبة المضمون عنه بذلک ، وکذا الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدین وقبل انقضاء المدّة الزائدة .

ص:317

( مسألة 1038 ) : یجوز الضمان بشرط الرهانة من المضمون عنه .

( مسألة 1039 ) : إذا کان علی الدین الثابت فی ذمّة المضمون عنه رهن فهو ینفکّ بالضمان .

( مسألة 1040 ) : إذا ضمن شخصان أو أکثر - مثلاً - عن واحد ، فلا یخلو من أن یکونا معاً بنحو العموم المجموعی أو کلّ واحد استغراقیّاً بحسب ما قصد وما أنشأ ، فعلی الأوّل یقسّط الدین علیهما ، وعلی الثانی یکون کلّ واحد منهما ضامناً علی نحو تعاقب الأیدی ، وعلیه إذا أبرأ المضمون له واحداً منهما برئ دون الآخر ، إلاّ إذا علم إرادته إبراء أصل الدین لا خصوص ذمّة ذلک الواحد .

( مسألة 1041 ) : إذا کان مدیوناً لشخصین أو مدیوناً لشخص بدینین ، صحّ ضمان شخص لهما أو لأحدهما المعیّن ، ولا یصحّ ضمانه لأحدهما لا علی التعیین ، وکذا الحال إذا کان شخصان مدیونین لأحد ، فضمن عنهما شخص ، فإن کان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعیّن صحّ ، وإن کان عن أحدهما لا علی التعیین لم یصحّ ، ویصحّ لو قال : « ضمنت لک کلّ ما کان لک علی الناس » ، أو قال : « ضمنت عنک کلّ ما کان علیک للناس » .

( مسألة 1042 ) : إذا کان المدیون فقیراً لم یصحّ أن یضمن شخص عنه بالوفاء من الخمس أو الزکاة أو المظالم ، ولو کانت ذمّته مشغولة بذلک ، إلاّ أن یکون له ولایة علی ذلک المال العامّ .

( مسألة 1043 ) : إذا کان الدین الثابت علی ذمّة المدین خمساً أو زکاة صحّ أن یضمن عنه شخص للحاکم الشرعی أو وکیله .

( مسألة 1044 ) : إذا ضمن شخص فی مرض موته صحّ الضمان علی التفصیل المتقدّم فی منجزات المریض ، ویخرج المال المضمون من أصل ترکته .

ص:318

( مسألة 1045 ) : یصحّ أن یضمن شخص لزوجة رجل نفقاتها الماضیة ، وأمّا ضمانه لنفقاتها الآتیة فلا یبعد صحّته ، ولو بمعنی النقل ، فضلاً عن ضمان العهدة ، أو ضمان الفعل ، ولکن بین الثلاثة اختلاف فی الأثر ، فإنّ الأوّل یقتضی النقل بالفعل ، وإن تعلّق بما سیستحقّ ، والثانی إلزام وضمّ عهدة إلی عهدة واشتغال الذمّة ، والثالث مجرّد عهدة تکلیفیّة ، أمّا نفقة الأقارب فلا یصحّ ضمان الماضیة ولا المستقبلة إلاّ بضمان الفعل ، والذی قد یسمّی بکفالة التعهّد بالفعل وإن تعلّق بالمال ، وهذا النمط من الضمان نوع رابع .

( مسألة 1046 ) : یصحّ ضمان الأعیان الخارجیّة ، بمعنی کون العین فی عهدة الضامن فعلاً ، وأثر ذلک وجوب ردّها مع بقاء العین المضمونة وردّ بدلها من المثل أو القیمة عند تلفها .

ومن هذا القبیل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتری إذا ظهر المبیع مستحقّاً للغیر أو ظهر بطلان البیع من جهة اخری .

والضابط أنّ الضمان فی الأعیان الخارجیّة بمعنی التعهّد لا بمعنی الثبوت فی الذمّة ما دامت العین باقیة ، وهو یغایر القسم الأوّل کما مرّ .

( مسألة 1047 ) : فی صحّة ضمان أرش البناء أو الغرس أو نحو ذلک ممّا یوجده المشتری فی الأرض إذا ظهر کونها مستحقّة للغیر إشکال . نعم ، یصحّ بالمعنی الثانی وهو التعهّد .

( مسألة 1048 ) : إذا قال شخص لآخر : « ألقِ متاعک فی البحر وعلَیَّ ضمانه » فألقاه ضمنه مع وجود الغرض عقلائیّاً المصحّح نسبته للآمر ، سواء أکان لخوف غرق السفینة أو لمصلحة اخری من خفّتها أو نحوها ، وهکذا إذا أمره بإعطاء دینار - مثلاً - لفقیر أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه ، فإنّه یضمن إذا لم یقصد

ص:319

المأمور المجّانیّة ، وهذا من ضمان الغرامة والإتلاف ولیس ضماناً عقدیّاً .

( مسألة 1049 ) : إذا اختلف الدائن والمدین فی أصل الضمان ، کما إذا ادّعی المدیون الضمان وأنکره الدائن ، فالقول قول الدائن ، وهکذا إذا ادّعی المدیون الضمان فی تمام الدین ، وأنکره المضمون له فی بعضه .

( مسألة 1050 ) : إذا ادّعی الدائن علی أحد الضمان فأنکره ، فالقول قول المنکر ، وإذا اعترف بالضمان واختلفا فی مقداره أو فی اشتراطه التعجیل إذا کان الدین موّلاً ، فالقول قول المضمون ، وإذا اختلفا فی اشتراط التأجیل مع کون الدین حالاًّ ، أو فی وفائه للدین ، أو فی إبراء المضمون له قدّم قول المضمون له .

( مسألة 1051 ) : إذا اختلف الضامن والمضمون عنه فی الإذن وعدمه ، أو فی وفاء الضامن للدین ، أو فی مقدار الدین المضمون ، أو فی اشتراط شیء علی المضمون عنه ، قدّم قول المضمون عنه ما لم یخالف ظاهر الحال .

( مسألة 1052 ) : إذا أنکر المدّعی علیه الضمان ، ولکن استوفی المضمون له الحقّ منه بإقامة بیّنة ، فلیس للمضمون له مطالبة المضمون عنه بإقراره بالضمان ، وحینئذٍ یجوز للضامن الرجوع علی المضمون عنه ، وأخذ ما فی ذمّته مقاصّة بإذن الحاکم الشرعی ما لم یکن المضمون عنه منکراً للدین أو للإذن فی الضمان .

( مسألة 1053 ) : إذا ادّعی الضامن الوفاء ، وأنکر المضمون له وحلف ، فلیس للضامن الرجوع إلی المضمون عنه فی الأداء الأوّل إذا لم یصدقه فی ذلک ، بل یرجع علیه فی الأداء الآخر بإقراره بالضمان .

( مسألة 1054 ) : یجوز الترامی فی الضمان بأن یضمن زید دین سعد ، ویضمن

ص:320

قاسم عن زید ، وهکذا ، فتبرأ ذمّة الضامن غیر الأخیر ، وتشتغل ذمّته للدائن ، فإذا أدّاه رجع به إلی سابقه وهو إلی سابقه ، إلی أن ینتهی إلی المدین الأوّل . هذا إذا کان الضمان بإذن المضمون عنه ، وإلاّ فلا رجوع علیه ، فلو کان ضمان زید بغیر إذن سعد وکان ضمان قاسم بإذن زید ، وأدّی قاسم الدین رجع به إلی زید ولا یرجع زید إلی سعد .

ص:321

ص:322

کتاب الحوالة

الحوالة هی نقل المدین حقّ الدائن من ذمّته إلی ذمّة غیره ، فالمدین محیل والدائن محال ( محتال ) ، والغیر محال علیه .

( مسألة 1055 ) : یعتبر فی الحوالة الإیجاب من المحیل والقبول من المحال ، وکذا من المحال علیه إذا کانت الحوالة علی البریء أو بغیر الجنس أو بتعجیل ما هو مولّ ، بکلّ ما یدلّ علیهما من لفظ أو فعل أو کتابة .

( مسألة 1056 ) : یشترط فی المحیل والمحال البلوغ والعقل والرشد ، کما یعتبر فیهما عدم التفلیس إلاّ فی الحوالة علی البریء ، فإنّه یجوز فیها أن یکون المحیل مفلساً ، ویعتبر فی المحیل والمحال الاختیار ، وفی اعتباره فی المحال علیه إشکال ، والأقوی عدم الاعتبار إلاّ فی ما تقدّم اعتبار قبوله ورضاه .

( مسألة 1057 ) : یعتبر فی الحوالة أن یکون الدین ثابتاً فی ذمّة المحیل ، فلا تصحّ الحوالة بما سیستقرضه ، وکذا بمال الحوالة .

( مسألة 1058 ) : یشترط فی الحوالة أن یکون المال المحال به معیّناً ، فإذا کان شخص مدیناً لآخر بمنّ من الحنطة ودینار ، لم یصحّ أن یحیله بأحدهما من غیر تعیین .

( مسألة 1059 ) : یکفی فی صحّة الحوالة تعیّن الدین واقعاً ، وإن لم یعلم تفصیلاً

ص:323

المحیل والمحال بجنسه أو مقداره حین الحوالة ، فیکفی التعیین إجمالاً ، فإذا کان الدین مسجّلاً فی الأوراق ، فحوّله المدین علی شخص قبل مراجعته فراجعه ، وأخبر المحال بعد المراجعة بجنسه ومقداره ، صحّت الحوالة .

( مسألة 1060 ) : للمحال أن لا یقبل الحوالة وإن لم یکن المحال علیه فقیراً ولا مماطلاً فی أداء الحوالة .

( مسألة 1061 ) : لا یجوز للمحال علیه البریء مطالبة المال المحال به من المحیل قبل أدائه إلی المحال ، وإذا تصالح المحال مع المحال علیه علی أقلّ من الدین لم یجز أن یأخذ من المحیل إلاّ الأقلّ .

( مسألة 1062 ) : لا فرق فی المال المحال به بین أن یکون عیناً فی ذمّة المحیل أو منفعة أو عملاً لا یعتبر فیه المباشرة ، کخیاطة ثوب ونحوها ، بل ولو مثل الصلاة والصوم والحجّ والزیارة والقراءة وغیر ذلک ، ولا فرق فی ذلک بین أن تکون الحوالة علی البریء أو علی المشغول ذمّته ، کما لا فرق بین أن یکون المال المحال به مثلیّاً أو قیمیّاً .

( مسألة 1063 ) : الحوالة عقد لازم ، فلیس للمحیل والمحال فسخه . نعم ، لو کان المحال علیه معسراً حین الحوالة ، وکان المحال جاهلاً به ، جاز له الفسخ بعد علمه بالحال ، وأمّا إن صار موسراً فعلاً ففی ثبوت الخیار إشکال .

وأمّا إذا کان حین الحوالة موسراً أو کان المحال عالماً بإعساره ، فلیس له الفسخ .

( مسألة 1064 ) : یجوز جعل الخیار لکلّ من المحیل والمحال والمحال علیه .

( مسألة 1065 ) : لو أدّی المحیل نفسه الدین ، فإذا کان بطلب من المحال علیه وکان مدیناً ، فله أن یطالب المحال علیه بما أدّاه ، وأمّا إذا لم یکن بطلبه

ص:324

أو لم یکن مدیناً له ، فلیس له ذلک .

( مسألة 1066 ) : إذا تبرّع أجنبیّ عن المحال علیه برئت ذمّته ، وکذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال .

( مسألة 1067 ) : إذا طالب المحال علیه المحیل بما أدّاه ، وادّعی المحیل أنّ له علیه مالاً وأنکره المحال علیه ، فالقول قوله مع عدم البیّنة ، فیحلف علی براءته .

( مسألة 1068 ) : إذا أحال السیّد بدینه علی مکاتبه بمال الکتابة المشروطة أو المطلقة ، ففی الصحّة إشکال ، لکون مال المکاتبة أشبه بمال الجعالة ، سواء أکانت قبل حلول النجم أو بعده ، وفی تحرّر المکاتب بمجرّد ذلک تأمّل وإن اشتغلت ذمّته للمحال .

( مسألة 1069 ) : إذا کان للمکاتب دین علی أجنبیّ ، فأحال المکاتب سیّده علیه بمال المکاتبة فقبلها ، صحّت الحوالة ، وهل ینعتق المکاتب بمجرّد ذلک وان لم یوِّ المحال علیه المال للسیّد ؟ لا یخلو من إشکال .

( مسألة 1070 ) : إذا اختلف الدائن المحال والمدین المحیل فی أنّ العقد الواقع بینهما کان حوالة أو وکالة ، فمع عدم قیام البیّنة یقدّم قول منکر الحوالة ، سواء أکان هو الدائن أم المدین .

( مسألة 1071 ) : تصحّ الحوالة مع اتّحاد الدین المحال به مع الدین الذی علی المحال علیه جنساً ونوعاً ، کتحویل الدراهم علی مَن علیه دراهم ، وأمّا مع الاختلاف بأن کان علیه - مثلاً - دراهم وله علی آخر دنانیر ، فیحیل الأوّل علی الثانی ، فهو یقع علی أنحاء :

فتارة یحیل الأوّل بدراهمه علی الثانی بالدنانیر ، بأن یأخذ منه ویستحقّ علیه بدل الدراهم دنانیر ، بأن یحوّل المحیل ما فی ذمّته للمحال من الدراهم إلی

ص:325

دنانیر أوّلاً برضا المحال ، ثمّ یحیله علی المحال علیه بالدنانیر ، فیصحّ ، وهذه فی الحقیقة معاوضة ، ثمّ حوالة .

وأمّا لو ارید المبادلة بین الدراهم للمحال فی ذمّة المحیل مع الدنانیر للمحیل فی ذمّة المحال علیه ، فهو معاوضة تصحّ إذا لم یکن من بیع الدین بالدین الموّلین ، وهذه صورة ثانیة .

( وثالثة ) یحیله علیه بالدراهم ، بأن یأخذ منه الدراهم ویأخذ المحتال من المحال علیه الدراهم بدلاً من الدنانیر .

( ورابعة ) یحیله علیه بالدراهم ، بأن یأخذ منه دراهمه وتبقی الدنانیر علی حالها وتصحّ .

ص:326

کتاب الکفالة

الکفالة هی التعهّد لشخص بإحضار شخص آخر للأوّل حقّ علی الثانی وتسلیمه إلیه عند طلبه ذلک .

( مسألة 1072 ) : تصحّ الکفالة بالإیجاب من الکفیل بکلّ ما یدلّ علی تعهّده والتزامه ، والقبول من ( المکفول له ) صاحب الحقّ بکلّ ما یدلّ علی رضاه بذلک ، ولا بدّ من رضا المکفول إلاّ فیما کان لصاحب الحقّ حقّ فی إحضاره قبل الکفالة .

( مسألة 1073 ) : یعتبر فی الکفیل العقل والبلوغ والاختیار والقدرة علی إحضار المدین والرشد ، وأمّا المکفول له صاحب الحقّ إذا کان صبیّاً أو سفیهاً أو مجنوناً فتصحّ إذا قبلها الولیّ ، وکذا الحال فی المکفول .

( مسألة 1074 ) : تصحّ الکفالة بالتعهّد بإحضار المکفول إذا کان علیه حقّ مالی ، ولا یشترط العلم بمبلغ ذلک المال .

( مسألة 1075 ) : الکفالة عقد لازم لا یجوز فسخه من طرف الکفیل إلاّ بالإقالة ، أو یجعل الخیار له .

( مسألة 1076 ) : إذا لم یحضر الکفیل المکفول ، فأخذ المکفول له المال من الکفیل ، فإن لم یأذن المکفول لا فی الکفالة ولا فی الأداء ، فلیس للکفیل الرجوع علیه والمطالبة بما أدّاه ، وإذا أذن فی الکفالة والأداء أو أذن فی الأداء

ص:327

فحسب ، کان له أن یرجع علیه ، وإن أذن له فی الکفالة دون الأداء ، فالظاهر عدم رجوعه علیه بما أدّاه ، وإن کان غیر متمکّن من إحضاره عند طلب المکفول له ذلک .

( مسألة 1077 ) : یجب علی الکفیل التوسّل بکلّ وسیلة مشروعة لإحضار المکفول ، فإذا احتاج إلی الاستعانة بشخص قاهر ، ولم تکن فیها محذور ومنع شرعی وجبت الاستعانة به .

( مسألة 1078 ) : إذا کان المکفول غائباً احتاج حمله إلی موة ، فالظاهر أنّها علی الکفیل ، إلاّ إذا کان صرفها بإذن المکفول .

( مسألة 1079 ) : إذا نقل المکفول له حقّه الثابت علی المکفول إلی غیره ببیع أو صلح أو حوالة أو هبة ، بطلت الکفالة .

( مسألة 1080 ) : إذا أخرج شخص من ید الغریم مدیونه قهراً أو حیلة بحیث لا یظفر به لیأخذ منه دینه ، فهو بحکم الکفیل یجب علیه إحضاره لدیه ، وإلاّ فیضمن عنه دینه ، ویجب علیه تأدیته له إن لم یمکن المقاصّة من أموال المدیون .

( مسألة 1081 ) : ینحلّ وینفسخ عقد الکفالة باُمور :

الأوّل : أن یسلّم الکفیل المکفول .

الثانی : أن یوّی دینه .

الثالث : ما إذا أبرأ المکفول له ذمّة المدین .

الرابع : ما إذا مات المدین .

الخامس : ما إذا رفع المکفول له یده عن الکفالة .

ص:328

الصلح

عقد شرّع للتراضی والتسالم وان لم یشترط کونه مسبوقاً بالنزاع بین شخصین أو أکثر فی أمر ، من تملیک عین أو منفعة أو إسقاط دین أو حقّ أو غیر ذلک ، مجّاناً أو بعوض .

( مسألة 1082 ) : الصلح عقد مستقلّ وأصل بنفسه لا فرع غیره ، ولا یرجع إلی سائر العقود وإن أفاد فائدتها فیفید فائدة البیع إذا کان الصلح علی تبدیل مال بمال ، وفائدة الهبة إذا کان علی عین بغیر عوض ، وفائدة الإجارة إذا کان علی منفعة بعوض وفائدة الإبراء إذا کان علی إسقاط حقّ أو دین . نعم ، إذا قصد أصل المعاوضة وجعل اللفظ متعدّیاً بالباء دون حرف الجر ( علی ) أو ( عن ) أی کان متعلّق لفظه العین والمال ، فیکون بیعاً وغیره من العقود ، ویکون استعمال لفظه کنائیاً عن العقود الاُخری بخلاف ما إذا جعل المتعلّق نفس التملیک ونحوه من أجناس الماهیّات .

نعم ، یعتبر فی الصلح أن یکون بالعدل لا بالجور ، فلا یصحّ مع التغریر أو الإکراه .

( مسألة 1083 ) : یعتبر فی المتصالحین البلوغ والعقل والاختیار والقصد وعدم الحجر لسفه أو غیره .

( مسألة 1084 ) : یتحقّق الصلح بکلّ ما یدلّ علیه من لفظ بمادّة الصلح والتراضی

ص:329

والتسالم ومرادفاتها ونحوها ، ولا تعتبر فیه صیغة خاصّة ، وأمّا إنشاو بالمعاطاة فکما مرّ فی البیع وغیره .

( مسألة 1085 ) : عقد الصلح لازم فی نفسه حتّی فیما إذا کان بلا عوض ، وکان فائدته فائدة الهبة ، ولا ینفسخ إلاّ بالتقایل من الطرفین أو بفسخ مَن جعل له حقّ الفسخ منهما فی ضمن عقده ، سواء أکان مع العوض أو بدونه ، وکذا إذا تعلّق بدین علی غیر المصالح له أو حقّ قابل للانتقال ، کحقّ التحجیر والاختصاص ، وإذا تعلّق بدین علی المتصالح أفاد سقوطه ، وکذا الحال إذا تعلّق بحقّ قابل للإسقاط وغیر قابل للنقل والانتقال کحقّ القسم للزوجة وکحقّ الشفعة ونحوه ، وأمّا لا یقبل الانتقال ولا الإسقاط ، فإنّما یصحّ الصلح علی عدم إعماله وعدم المطالبة به ، وإن لم یسقط بذلک ولم ینتقل ، کحقّ الرجوع الثابت للزوج فی العدّة .

( مسألة 1086 ) : إذا تعلّق الصلح بعین أو منفعة أفاد انتقالهما إلی المتصالح .

( مسألة 1087 ) : یصحّ الصلح علی مجرّد الانتفاع بعین وفائدته وإن لم تکن ملکیّة منفعة ولکنّه یفید استحقاق انتفاع ، کأن یصالح شخصاً علی أن یسکن داره أو یلبس ثوبه فی مدّة أو علی أن یکون جذوع سعفه علی حائطه ، أو یجری ماو علی سطح داره ، أو یکون میزابه علی عرصة داره ، أو یکون الممرّ والمخرج من داره أو بستانه ، أو علی أن یخرج جناحاً فی فضاء ملکه ، أو علی أن تکون أغصان أشجاره فی فضاء أرضه ، وغیر ذلک ، ولا فرق فیه بین أن یکون بلا عوض أو معه .

( مسألة 1088 ) : یجری الفضولی فی الصلح کما یجری فی البیع ونحوه .

( مسألة 1089 ) : لا یعتبر فی الصلح العلم بالمصالح به موضوعاً ، فإذا اختلط

ص:330

مال أحد الشخصین بمال الآخر جاز لهما أن یتصالحا علی الشرکة بالتساوی أو بالاختلاف ، کما یجوز لأحدهما أن یصالح الآخر بمال خارجی معیّن ، ولا یفرّق فی ذلک بین ما إذا کان التمییز بین المالین متعذّراً وما إذا لم یکن متعذّراً ولم یعد سفهیّاً عرفاً ، أی غرریّاً .

أمّا العلم بالمصالح به فی الجانب الحکمی ، فالظاهر اعتباره من کلا الطرفین ، ویشکل صحّته مع جهل أحدهما بحقوقه وغفلته ، وإلاّ فیقع علی القدر المعلوم دون المجهول .

( مسألة 1090 ) : لو علم المدیون بمقدار الدین ، ولم یعلم به المستحقّ الدائن وصالحه بأقّل منه ، لم تبرأ ذمّته عن المقدار الزائد ، إلاّ أن یعلم برضا الدائن بالمصالحة حتّی لو علم بمقدار الدین وعلم أنّ المدیون یخفی علمه .

وکذا لو تصالحا مع جهلهما بالمقدار ، وکان المقدار المحتمل بقدر ما ، ثمّ انکشف لهما أنّه أزید من ذلک زیادة معتدّة ، فالظاهر عدم شموله للزیادة .

وکذا لو تصالحا علی الإبراء علی احتمال حقّ بقدر ما بوصف أنّه غیر ثابت ، بل بالتقیید بوصف أنّه محتمل ، ثمّ انکشف وجود مستمسک علیه .

( مسألة 1091 ) : یجوز للمتداعیین أن یتصالحا بشیء من المدّعی به أو بشیء آخر ، حتّی مع إنکار المدّعی علیه ، ویسقط بهذا الصلح حقّ الدعوی ، وکذا یسقط حقّ الیمین الذی کان للمدّعی علی المنکر ، فلیس للمدّعی بعد ذلک تجدید المرافعة ، ولکن هذا قطع للنزاع ظاهراً ، ولا یحلّ لغیر المحقّ ما یأخذه بالصلح لما مرّ من أنّ من شرائطه کونه بالعدل بین الطرفین .

وذلک مثل ما إذا ادّعی شخص علی آخر بدین فأنکره ، ثمّ تصالحا علی النصف ، فهذا الصلح وإن أثّر فی سقوط الدعوی ، ولکن المدّعی لو کان محقّاً

ص:331

فقد وصل إلیه نصف حقّه ، ویبقی نصفه الآخر فی ذمّة المنکر ، إلاّ أنّه إذا کان المنکر معذوراً فی اعتقاده لم یکن علیه إثم وإن لم تبرء ذمّته وضعاً . نعم ، لو رضی المدّعی بالصلح عن جمیع ما فی ذمّته علی کلّ حال وعلی کلّ تقدیر ، فقد سقط حقّه .

( مسألة 1092 ) : لو قال المدّعی علیه للمدّعی : « صالحنی » ، لم یکن ذلک منه إقراراً بالحقّ ، لما عرفت من أنّ الصلح یصحّ مع الإقرار والإنکار ، وأمّا لو قال : « بعنی » أو « ملّکنی » کان إقراراً ما لم یکن فی البین قرینة واضحة علی کونه استنقاذاً .

( مسألة 1093 ) : لو تصالح شخص مستثمر مع آخر صاحب عین ورأس مال - کصاحب الأرض أو الراعی - بأن یسلّم إلیه العین کالأرض والنعاج إلیه لیقوم بعمل استثماری فی العین ، کأن یزرع الأرض أو یرعی النعاج لمدّة معیّنة - کسنة مثلاً - علی أن یکون الحاصل والریع کلّ أنواعه أو بعضها بینهما بالنسبة الکسریّة المعیّنة کأن تکون الحنطة والشعیر بینهما بالنصف - مثلاً - دون بقیّة ما یزرع ممّا حدّد فی مثال الأرض ، أو کان یتصرّف فی لبنها ویعطی مقداراً معیّناً من الدهن - مثلاً - فتصحّ المصالحة ، وکذا لو آجر العامل المستثمر العین کالأرض أو النعاج من صاحبها سنة علی ذلک صحّت الإجارة ، وأمّا لو جعل العوض قدراً معیّناً من الریع ففی المصالحة والإجارة إشکال ، بل منع .

( مسألة 1094 ) : لا یحتاج إسقاط الحقّ أو الدین إلی القبول . نعم ، لو ردّ المدین والمستحقّ علیه الإسقاط والإبراء ففی حصول السقوط والإبراء إشکال ، بل منع ، لا سیّما مع لزوم المنّة والحرج علی المدین ، وأمّا المصالحة علیه فتحتاج إلی القبول .

ص:332

( مسألة 1095 ) : لا تجوز المصالحة علی مبادلة مالین من جنس واحد إذا کان ممّا یکال أو یوزن مع العلم بالزیادة فی أحدهما ، وأمّا مع احتمال الزیادة فکذلک علی الأحوط . نعم ، لهما أن یتصالحا علی أن یهب کلّ الآخر مقابلة بنحو شرط الفعل أو الإبراء المتقابل .

( مسألة 1096 ) : لا بأس بالمصالحة علی مبادلة دینین لدائنین علی شخص واحد أو علی شخصین فیما إذا لم یکونا من المکیل أو الموزون ، أو لم یکونا من جنس واحد ، أو کانا متساویین فی الکیل أو الوزن ، وأمّا إذا کانا من المکیل أو الموزون ومن جنس واحد ، فلا یجوز الصلح علی مبادلتهما .

( مسألة 1097 ) : یصحّ الصلح فی الدین الموّل بأقلّ منه إذا کان الغرض إبراء ذمّة المدیون من بعض الدین وأخذ الباقی منه نقداً ، هذا فیما إذا کان الدین من جنس الذهب أو الفضّة أو غیرهما من المکیل أو الموزون ، وأمّا فی غیر ذلک فیجوز البیع والصلح بالأقلّ من المدیون وغیره علی تفصیل مرّ ، وعلیه فیجوز للدائن تنزیل الکمبیالة فی المصرف وغیره فی عصرنا الحاضر ، لأنّ الدنانیر الرائجة لیست ممّا یوزن أو یکال ، وقد تقدّم فی فصل النقد والنسیئة جملة من التفصیل ، فلیلاحظ .

( مسألة 1098 ) : فی جریان خیار الحیوان والمجلس فی الصلح إشکال ، ولا یخلو من وجه . وأمّا خیار التأخیر ثلاثة أیّام فلا یجری فیه ، وإن جری حقّ الفسخ للتأخیر عن الحدّ المتعارف أو ما إذا اشترط تسلیمه نقداً فلم یعمل به . وأمّا الخیارات الباقیة فهی تجری فی عقد الصلح . نعم ، لو کان الصلح مبنیّاً علی إسقاط حقّ الدعوی وجمیع الحقوق وإبراء الذمم ، فالمنع عن ثبوت جملة من الخیارات هو المتّجه .

ص:333

( مسألة 1099 ) : لو ظهر العیب فی المصالح به جاز الفسخ ، وأمّا أخذ الأرش وهو التفاوت بین قیمتی الصحیح والمعیب ، فلا یبعد ثبوته أیضاً لعموم ثبوته فی المعاوضات ، کما مرّ . نعم ، یستثنی منه ما لو أسقط حقّه کما فی المسألة السابقة .

( مسألة 1100 ) : لو اشترط فی عقد الصلح وقف المال المصالح به علی جهة خاصّة ترجع إلی المصالح نفسه أو إلی غیره أو جهة عامّة ، فی حیاة المصالح أو بعد وفاته ، صحّ ولزم الوفاء بالشرط .

( مسألة 1101 ) : الثمار والخضر والزرع یجوز الصلح علیها قبل ظهورها فی عام واحد من دون ضمیمة ، وإن کان لا یجوز ذلک فی البیع ، کما مرّ .

( مسألة 1102 ) : إذا کان لأحد الشخصین سلعة بعشرین درهماً - مثلاً - وللآخر سلعة بثلاثین واشتبهتا ولم تتمیّز إحداهما عن الاُخری ، فإن تصالحا علی أن یختار أحدهما فیصحّ ، وإن تعاسرا بیعت السلعتان وقسّم الثمن بینهما بالنسبة ، فیعطی لصاحب العشرین سهمان وللآخر ثلاثة أسهم ، هذا فیما کان قصدهما فی المالیّة ، وأمّا إن کان قصدهما فی شخص المال لا مجرّد قیمته ومالیّته کان المرجع فی التعیین هو القرعة .

ص:334

کتاب الإقرار

وهو إخبار جازم عن حقّ ثابت علی المخبر أو ما یستتبع حقّاً أو حکماً علیه ، أو نفی ذلک له علی غیره ، ولا یختصّ بلفظ ، فیکفی کلّ لفظ ظاهر فی ذلک عرفاً ، وإن لم یکن صریحاً ، وکذا تکفی الإشارة المتداولة عرفاً .

( مسألة 1103 ) : لا یعتبر فی الإقرار صدوره من المقرّ ابتداءاً ، ولا کونه مقصوداً بالإفادة ، ولا کونه مفاداً مطابقیّاً أو تضمّنیّاً لکلامه ، فلو استفید عرفاً بالدلالة الالتزامیّة الدقّیّة ولو بوسائط بعیدة من کلام آخر کان نافذاً ، وإن جهل المتکلّم الملازمة أو غفل عنها .

فإذا قال : « الدار التی أسکنها اشتریتها من زید » کان ذلک إقراراً منه بکونها ملکاً لزید سابقاً ، وهو یدّعی انتقالها منه إلیه ، ومن هذا القبیل ما إذا قال أحد المتخاصمین فی مال للآخر : « بعنیه » ، فإن ذلک یکون اعترافاً منه بمالکیّته له ، أو فی جواب من خاطبه بقوله : « استقرضت منّی ألفاً » أو « لی علیک ألف ، فقال : رددتها أو أدّیتها » .

( مسألة 1104 ) : یعتبر فی المقرّ به أن یکون ممّا لو کان المقرّ صادقاً فی إخباره کان للمقرّ إلزامه ومطالبته به ، وذلک بأن یکون المقرّ به مالاً فی ذمّته أو عیناً خارجیّة أو منفعة أو عملاً أو حقّاً کحقّ الخیار والشفعة وحقّ الاستطراق فی ملکه أو إجراء الماء فی نهره أو نصب المیزاب علی سطح داره ، وما شاکل ذلک ،

ص:335

أو یکون نسباً یوجب نقصاً فی المیراث أو حرماناً فی حقّ المقرّ ، ونحو ذلک ، أو کان فعلاً موجباً لحکم وأثر کالحدّ .

( مسألة 1105 ) : إذا أقرّ بشیء ثمّ عقّبه بما یضادّه وینافیه ، فإن کان ذلک رجوعاً عن إقراره فیوذ بإقراره ویلغی ما ینافیه ولا أثر لرجوعه ، فلو قال لزید : « علَیَّ عشرون دیناراً ، ثمّ قال : لا بل عشرة دنانیر » الزم بالعشرین ، وأمّا إذا لم یکن رجوعاً بل قرینة علی بیان مراده لم ینفذ الإقرار إلاّ بما یستفاد من مجموع الکلام ، فلو قال لزید : « علَیَّ عشرون دیناراً إلاّ خمسة دنانیر » ، کان هذا إقراراً علی خمسة عشر دیناراً فقط ، ولا ینفذ إقراره إلاّ بهذا المقدار .

ثمّ إنّ ما ظاهره المنافاة تارة لا تسمع دعواه من المقرّ لتناقضه ، کما لو قال : « له عندی ودیعة » ، ثمّ قال : « وقد هلکت » ، فإنّه ینافی ظهور إقراره بوجودها عنده بخلاف ما لو قال : « کانت له عندی ودیعة وقد هلکت » ، فإنّ الإیداع السابق لا ینافی طروّ الهلاک ، لکنّها دعوی لا تثبت إلاّ بموجب .

( مسألة 1106 ) : یشترط فی المقرّ ثبوت ولایته فی ما أقرّ به ، فیعتبر البلوغ والعقل والقصد والاختیار ، فلا اعتبار بإقرار الصبیّ والمجنون والسکران ، وکذا الهازل والساهی والغافل ، وکذا المکره . ولا یبعد صحّة إقرار الصبیّ إذا تعلّق بماله أن یفعله کالوصیّة بالمعروف ممّن له عشر سنین ، ویشترط الحرّیّة فلا ینفذ إقرار العبد بالنسبة إلی ما یتعلّق بحقّ المولی ، ولو کان ممّا یوجب الجنایة علی العبد نفساً أو طرفاً ، وأمّا بالنسبة إلی ما یتعلّق به نفسه مالاً أو جنایة فیتبع به بعد عتقه ، وینفذ إقرار المریض فی مرض موته علی التفصیل الذی مرّ فی منجزات المریض ، کأن لا یکون متّهماً أو قرینة علی أنّه للموت فیکون بمنزلة الوصیّة بالثلث .

ص:336

( مسألة 1107 ) : السفیه إن أقرّ بمال فی ذمّته أو تحت یده لم یقبل ، ویقبل فیما عدا موارد السفه ممّا هو راشد فیه کالطلاق والخلع ونحوهما ، وإن أقرّ بأمر مشتمل علی مال وغیره کالسرقة لم یقبل بالنسبة إلی المال ، وهل یقبل بالنسبة إلی غیره ، فیحدّ من أقرّ بالسرقة وإن لم یلزمه أداء المال ؟ لا یخلو من إشکال .

نعم ، لو أقرّ بما یوجب الحدّ والقصاص ممّا لا صلة له بالمال حدّ واقتصّ منه کالقتل عمداً والقذف والزنا .

( مسألة 1108 ) : یشترط فی المقرّ له أهلیّته لثبوت المقرّ به کالتملّک فی الملک ، فلو أقرّ لدابّة - مثلاً - لغی ، ولو أقرّ للعبد فهو له لو قیل بملکه کما هو الظاهر .

( مسألة 1109 ) : یصحّ الإقرار بالمجهول والمبهم ویقبل من المقرّ ویلزم ویطالب بالتفسیر والبیان ورفع الإبهام ، ویقبل منه ما فسّره به ویلزم به لو طابق التفسیر مع المبهم بحسب العرف واللغة ، وأمکن بحسبهما أن یکون مراداً منه . فلو قال : « لک علَیَّ شیء » الزم التفسیر ، فإذا فسّره بأی شیء کان ممّا یصحّ أن یکون فی الذمّة وعلی العهدة یقبل منه وإن لم یکن متموّلاً ، وأمّا لو قال : « لک علَیَّ مال » لم یقبل منه تفسیره إلاّ بما کان من الأموال لا مثل حبّة من حنطة أو حفنة من تراب ، وأمّا لو فسّره بما لا یملک شرعاً ، کالفائدة الربویّة والکلب والخمر ونحوها من المحرّمات ، فإن کان هو ممّن یتعاطی هذه الاُمور وکذا المقرّ له لم یبعد قبول تفسیره ، بخلاف ما لو لم یکونا کذلک .

وکذا لو قال له : « علَیَّ حقّ » ففسّره بحقّ الجوار أو حقّ العیادة ، والعمدة ملاحظة اختلاف المقامات بحسب الأشخاص والأزمان وقرائن البیان .

( مسألة 1110 ) : لو أبهم المقرّ له ، فإن عیّن قبل ، فلو قال : « هذه الدار التی بیدی لأحد هذین » یقبل ویلزم بالتعیین ، ولو ادّعاه الآخر کانا خصمین ، کما أنّ

ص:337

للآخر علی المقرّ الیمین علی عدم العلم إن ادّعی علیه العلم .

( مسألة 1111 ) : لو قال : « هذا لفلان بل لفلان » کان المقرّ به للأوّل وغرّم المقرّ القیمة للثانی ، إلاّ أن تکون قرینة ظاهرة علی أنّ الإضراب لتصحیح الخطأ وکان الکلام متّصلاً ، وإذا اعترف بنقد أو وزن أو کیل فیرجع فی تعیینه إلی عادة البلد ومع التعدّد إلی تفسیره .

( مسألة 1112 ) : لو أقرّ بالمظروف لم یدخل الظرف ، ولو أقرّ بالدین الموّل ثبت الموّل ولم یستحقّ المقرّ له المطالبة به قبل الأجل ، ولو أقرّ بالمردّد بین الأقلّ والأکثر ثبت الأقلّ .

( مسألة 1113 ) : إذا کذّب المقرّ له المقرّ فی إقراره ، سواء أبهم المقرّ به ثمّ عیّن أو عیّنه من الأوّل ، فإن کان المقرّ به دیناً علی ذمّة المقرّ فلا أثر للإقرار ، ولا یطالب المقرّ بشیء ، وإن کان عیناً خارجیّة قیل : أنّ للحاکم انتزاعها من یده ، ولکن الأظهر عدمه . هذا بحسب الظاهر ، وأمّا بحسب الواقع فعلی المقرّ تفریغ ذمّته من الدین وتخلیص نفسه من العین بالإیصال إلی المالک ولو بدسّه فی أمواله ، ولو رجع المقرّ له عن إنکاره یلزم المقرّ بالدفع إلیه إذا کان مقیماً علی إقراره .

( مسألة 1114 ) : إذا شهد علی نفسه وأقرّ بالبیع وقبض الثمن ، ثمّ أنکر القبض فیما بعد وادّعی البائع أنّه أقرّ تبعاً للعادة تمهیداً لکتابة الوثیقة علی البیع ، وأنّه لم یقبض الثمن کان علیه إقامة البیّنة علی ذلک ، أو إحلاف المشتری علی إقباض الثمن .

( مسألة 1115 ) : من الأقاریر النافذة الإقرار بالنسب - کالبنوّة والاخوّة وغیرهما - والمراد بنفوذه إلزام المقرّ وأخذه بإقراره بالنسبة إلی ما علیه من

ص:338

وجوب إنفاق أو حرمة نکاح أو مشارکته معه فی إرث أو وقف ونحو ذلک .

وأمّا ثبوت النسب بین المقرّ والمقرّ به بحیث یترتّب جمیع آثاره ففیه تفصیل ، وهو أنّه إن کان الإقرار بالولد وکان صغیراً غیر بالغ بشرط أن یکون ممکن إلحاقه به ، وأن یکون مجهول النسب ، وأن لا ینازعه فیه غیره ، فیثبت ولادته بإقراره إذا لم یکذبه الحسّ والعادة ، کإقراره ببنوّة مَن کان ملتحقاً بغیره من جهة الفراش ونحوه ، وحینئذٍ تترتّب جمیع آثاره ویتعدّی إلی أنسابهما ، فیثبت بذلک کون ولد المقرّ به حفیداً للمقرّ وولد المقرّ أخاً للمقرّ به وأبیه جدّه ، ویقع التوارث بینهما ، وکذا بین أنسابهما بعضهم مع بعض .

وکذا الحال لو کان الولد کبیراً بشرط رابع ، وهو تصدیقه للمقرّ فی إقراره مع الشروط المزبورة ، وإن کان الإقرار بغیر الولد للصلب وإن کان ولد ولد ، فإن کان المقرّ به کبیراً أو کان صغیراً وصدّقه بعد بلوغه یتوارثان إذا لم یکن لهما وارث معلوم ومحقّق ، ولا یتعدّی التوارث إلی غیرهما من أنسابهما عدا أولادهما ، وأمّا أولادهما فیشکل توارثهم وإن کان لا یخلو من وجه ، ومع عدم التصادق أو وجود وارث محقّق لا یثبت بینهما النسب الموجب للإرث والتوارث بینهما إلاّ بالبیّنة .

ولا یترک الاحتیاط فیما لو أقرّ بولد ، ثمّ نفاه بعد ذلک ، وإن کان بقاء النسب لا یخلو من وجه ، وأشکل منه لو أقرّ بغیر الولد ثمّ نفاه بعد ذلک وإن کان عدم التوارث لا یخلو من قوّة .

( مسألة 1116 ) : لو أقرّ الوارث بأوْلی منه دفع ما فی یده إلیه ، ولو کان مساویاً دفع بنسبة نصیبه من الأصل ، ولو أقرّ باثنین فتناکرا لم یلتفت إلی تناکرهما ، فیعمل بالإقرار ، ولکن تبقی الدعوی قائمة بینهما ، ولو أقرّ بأوْلی منه فی

ص:339

المیراث ثمّ أقرّ بأوْلی من المقرّ له أوّلاً ، کما إذا أقرّ العمّ بالأخ ، ثمّ أقرّ بالولد ، فإن صدّقه المقرّ له أوّلاً دفع إلی الثانی ، وإلاّ فإلی الأوّل ویغرم للثانی .

( مسألة 1117 ) : لو أقرّ الولد بآخر فأقرّا بثالث ، ثبت نسب الثالث مع عدالتهما ، فلو أنکر الثالث الثانی لم یثبت نسب الثانی ، ویأخذ السدس والثالث النصف والأوّل الثلث . نعم ، لو لم یکونا عدلین فالمال بینهما أثلاثاً ، وإن أنکر الثالث الثانی ، ولو کان الأوّلان معلومی النسب لم یلتفت إلی إنکار أحدهما وکانت الترکة أثلاثاً .

وکذلک الحکم إذا کان للمیّت ولدان وأقرّ أحدهما له بثالث وأنکره الآخر ، فإنّ نصف الترکة حینئذٍ للمنکر وثلثها للمقرّ وللمقرّ له السدس . وإذا کانت للمیّت زوجة وإخوة - مثلاً - وأقرّت الزوجة بولد له ، فإن صدّقها الإخوة کان ثمن الترکة للزوجة والباقی للولد ، وإن لم یصدّقوها أخذ الإخوة ثلاثة أرباع الترکة وأخذت الزوجة ثمنها والباقی وهو الثمن للمقرّ له .

( مسألة 1118 ) : یثبت النسب بشهادة عدلین وفی ثبوته بشهادة النساء إشکال ، وکذا فی شهادة رجل ویمین ، ولو شهد الإخوان بابن للمیّت وکانا عدلین کان أوْلی منهما ، ویثبت النسب ، ولو کانا فاسقین لم یثبت النسب ویثبت المیراث إذا لم یکن لهما ثالث ، وإلاّ کانا إقرارهما نافذاً فی حقّهما دون غیرهما .

وأمّا الطرق العلمیّة الفاحصة فیثبت بها إذا کانت النتیجة قطعیّة لا نسبیّة ظنّیّة .

ص:340

کتاب اللقطة

وهی بالمعنی العامّ کلّ ما یلتقط من مال ضائع لا ید لأحد علیه ، مجهول مالکه ، وهی علی أقسام کما یأتی :

( مسألة 1119 ) : الضائع إمّا إنسان أو حیوان أو غیرهما من الأموال .

و ( الأوّل ) یسمّی لقیطاً .

و ( الثانی ) یسمّی ضالّة .

و ( الثالث ) یسمّی لقطة بالمعنی الأخصّ ، وإن کان الأظهر شمولها للضالّة فی بعض صورها ممّا کانت ضائعة عن صاحبها وجاز أخذها ، فتجری علیها أحکامها ، ومنه التعریف سنة ، وإن اختصّت الضالّة ببعض الأحکام . واللقیط هو غیر البالغ الضائع لا کافل له ولا یقدر علی ضرورة مصالحه ودفع مضارّه ، سواء کان منبوذاً أو تائها أو لغیر ذلک .

( مسألة 1120 ) : أخذ اللقیط واجب علی الکفایة إذا توقّف علیه حفظه ، وإلاّ یستحبّ ، فإذا أخذه کان أحقّ بتربیته وحضانته من غیره ، إلاّ أن یوجد مَن له الولایة علیه أو غیره ولو ملتقط سابق ، فیجب دفعه إلیه حینئذٍ ، ولا یجری علیه حکم الالتقاط .

( مسألة 1121 ) : لقیط دار الإسلام محکوم بحرّیّته ، وکذا لقیط دار الکفر

ص:341

إذا کان فیها مسلم أو ذمّی یمکن تولّده منه ، ولا ولاء للملتقط علیه ، بل هو سائبة یتولّی مَن شاء إذا بلغ ، فإن مات ولم یتولی أحداً کان وارثه الإمام إذا لم یکن له وارث ، وهو عاقلته ، ولا یبعد ظهور الحال فی بقاءه بعد کبره فی کفالة الملتقط أنّه توالی له بولاء الجریرة بخلاف ما لو انفصل عنه وینفذ إقراره بالرقیّة مع بلوغه رشیداً .

( مسألة 1122 ) : لقیط دار الکفر إذا لم یکن فیها مسلم أو ذمّی یمکن تولّده منه یجوز استرقاقه .

( مسألة 1123 ) : ما کان فی ید اللقیط من مال محکوم بأنّه ملکه .

( مسألة 1124 ) : یشترط فی ملتقط الصبیّ البلوغ والعقل والحرّیّة ، فلا اعتبار بالتقاط الصبیّ والمجنون والعبد إلاّ بإذن مولاه ، بل یشترط الإسلام فیه إذا کان اللقیط محکوماً بإسلامه ، فلو التقط الکافر صبیّاً فی دار الإسلام لم یجرِ علی التقاطه أحکام الالتقاط ، ولا یکون أحقّ بحضانته .

( مسألة 1125 ) : اللقیط إن وجد متبرّع بنفقته أنفق علیه ، وإلاّ فإن کان له مال أنفق علیه منه بعد الاستئذان من الحاکم الشرعی ، أو مَن یقوم مقامه ، وإلاّ أنفق منه ولا ضمان علیه ، وإن لم یکن له مال أنفق الملتقط من ماله علیه ، ورجع بها علیه إن لم یکن قد تبرّع بها ، وإلاّ لم یرجع .

( مسألة 1126 ) : یکره أخذ الضالّة لو خیف علیها التلف ، إلاّ أن یحقّق علیها التلف فإنّه طلق مباح .

( مسألة 1127 ) : إذا وجد حیوان فی غیر العمران ، فهو لا یخلو إمّا أن یکون مأموناً علی حیاته أو فی معرض التلف ، أو کونه کذلک وقد ترکه صاحبه لعجزه عن رعایته ، أو یکون محقّق التلف لو لم یوذ ، ولکلّ من هذه الأقسام حکم ،

ص:342

والأوّل کالحیوان فی البراری والجبال والآجام والفلوات ونحوها من المواضع الخالیة من السکان ، وکان الحیوان یحفظ نفسه ویمتنع عن السباع لکبر جثّته أو سرعة عدوه أو قوّته ، کالبعیر والفرس والجاموس والثور ونحوها فلا یجوز أخذه ، سواء أکان فی کلأ ماء أم لم یکن فیهما إذا کان صحیحاً یقوی علی السعی إلیهما ، فإن أخذه الواجد حینئذٍ کان آثماً وضامناً له ، وتجب علیه نفقته ولا یرجع بها علی المالک .

وإذا استوفی شیئاً من نمائه أو منافعه کلبنه وصوفه أو رکبه أو حمّله حملاً کان علیه مثل نمائه أو قیمته أو اجرته ولا یبرأ من ضمانه إلاّ بدفعه إلی مالکه . نعم ، إذا یئس من الوصول إلیه ومعرفته تصدّق به عنه بإذن الحاکم الشرعی .

( مسألة 1128 ) : الثانی : الحیوان الذی لا یقوی علی الامتناع من السباع جاز أخذه کالشاة وأطفال الإبل والبقر والخیل والحمیر ونحوها .

فإن أخذه عرّفه فی موضع الالتقاط ، والأحوط أن یعرّفه حول موضع الألتقاط أیضاً ، فإن لم یعرف المالک جاز له تملّکها والتصرّف فیها بالأکل والبیع ، والمشهور أنّه یضمنها حینئذٍ بقیمتها ، والظاهر أنّه مشروط بمطالبة المالک ، فإذا جاء صاحبها وطلبها وجب علیه دفع القیمة ، وجاز له أیضاً إبقاوا عنده إلی أن یعرف صاحبها ولا ضمان علیه حینئذٍ .

( مسألة 1129 ) : الثالث : الحیوان الذی ترکه صاحبه فی الطریق ، فإن کان قد أعرض عنه جاز لکلّ أحد تملّکه کالمباحات الأصلیّة ، ولا ضمان علی الآخذ .

الرابع : إذا ترکه عن جهد وکلل بحیث لا یقدر أن یبقی عنده ولا یقدر أن یأخذه معه ، فإذا کان الموضع الذی ترکه فیه لا یقدر الحیوان علی التعیّش فیه لأنّه لا ماء ولا کلاء ولا یقوی الحیوان فیه علی السعی إلیهما ، جاز لکلّ أحد

ص:343

أخذه وتملّکه بلا ضمان أیضاً .

وأمّا إذا کان الحیوان یقدر فیه علی التعیّش فهو من القسم الأوّل ولم یجز لأحد أخذه ولا تملّکه ، فمَن أخذه کان ضامناً له ، وکذا إذا ترکه عن جهد وکان ناویاً للرجوع إلیه قبل ورود الخطر علیه .

( مسألة 1130 ) : إذا وجد الحیوان فی العمران - وهو المواضع المسکونة التی یکون الحیوان فیها مأموناً ، کالبلاد والقری وما حولها ممّا یتعارف وصول الحیوان منها إلی صاحبه - لم یجز له أخذه ، ومَن أخذه ضمنه ، ویجب علیه التعریف سنة ویبقی فی یده مضموناً إلی أن یوّیه إلی مالکه ، ولیس له الرجوع علیه بما أنفق ، فإن یئس منه تصدّق بإذن الحاکم الشرعی .

وإن کان غیر مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ جاز له أخذه من دون ضمان ، وعلیه التعریف والنفقة ، وله الرجوع بها مع قصده ، وبعد التعریف یتصدّق بإذن الحاکم الشرعی ، وجاز له أن یستثنی نفقاته أو یتملّکه ویضمنه إذا جاء صاحبه طالباً له .

( مسألة 1131 ) : إذا دخلت الدجاجة أو السخلة فی دار إنسان لا یجوز له أخذها ، ویجوز إخراجها من الدار ، ولیس علیه شیء إذا لم یکن قد أخذها بمعنی إمساکها وإبقائها ، أمّا إذا أخذها ففی جریان حکم اللقطة علیها إشکال ، والأحوط التعریف بها حتّی یحصل الیأس من معرفة مالکها ثمّ یتصدّق بها ، ولا یبعد عدم ضمانها لصاحبها إذا ظهر .

( مسألة 1132 ) : إذا احتاجت الضالّة إلی نفقة ، فإن وجد متبرّع بها وإلاّ أنفق علیها من ماله ورجع بها علی المالک .

( مسألة 1133 ) : إذا کان للضالّة نماء أو منفعة استوفاها الآخذ ویکون ذلک

ص:344

بدل ما أنفقه علیها ، ویکون ذلک بحساب قیمة ما أنفق علی الأقوی .

( مسألة 1134 ) : کلّ مال لیس حیواناً ولا إنساناً إذا کان ضائعاً وجهل مالکه فهو قسم من مجهول المالک له أحکام خاصّة ، وهو المسمّی : لقطة بالمعنی الأخصّ یجوز أخذه علی کراهة ، ولا فرق بین ما یوجد فی الحرم وغیره ، وإن کانت الکراهة فی الأوّل أشدّ وآکد وقیل بالحرمة ، فما یوذ من الغاصب والسارق لیس من اللقطة لعدم الضیاع ، ولا بدّ فی ترتیب أحکامها من إحراز الضیاع ولو بشاهد الحال ، فالأحذیة والألبسة المتبدّلة فی الأماکن العامّه للتردّد لا یصدق علیها اللقطة .

وأمّا المال غیر الضائع المجهول المالک ، فلا یجوز أخذه ولا وضع الید علیه ، فإن أخذه کان غاصباً ضامناً ، إلاّ إذا کان فی معرض التلف ، فیجوز بقصد الحفظ ویکون فی یده أمانة شرعیّة لا یضمن إلاّ بالتعدّی والتفریط ، وعلی کلا التقدیرین یجب علیه الفحص إلی أن ییئس من الظفر به ، وعندئذٍ یجب علیه أن یتصدّق به .

( مسألة 1135 ) : یعتبر فی صدق اللقطة وثبوت أحکامها الأخذ والإلتقاط ، فلو رأی شیئاً وأخبر به غیره کان حکمها حکم اللقطة علی الآخذ دون الرائی الذی أخبر ، وإن کان هو السبب ، بل لو قال : « ناولنیه » فنوی المأمور الأخذ لنفسه کان هو الملتقط دون الآمر ، بل لو أخذه لا لنفسه وناوله إیّاه ، فالظاهر صدق الملتقط علی الآخذ أیضاً ، وصدقه علی الآمر لا یخلو من منع ، ففی صحّة الاستنابة والنیابة فی الالتقاط نظیر حیازة المباحات وإحیاء الموات إشکال ، بل منع .

( مسألة 1136 ) : لو رأی شیئاً مطروحاً علی الأرض فأخذه بظنّ أنّه ماله ،

ص:345

فتبیّن أنّه ضائع ، صار بذلک لقطة وعلیه حکمها ، وکذا لو رأی مالاً ضائعاً فنحّاه من جانب إلی آخر بخلاف ما لو قلّبه لیتعرّفه من دون الاستیلاء .

( مسألة 1137 ) : لو انکسرت سفینة فی البحر ، فما أخرجه الماء من متاعها فهو لصاحبه ، وما أخرج بالغوص ممّا عدّ تالفاً عرفاً فهو لمخرجه إذا کان صاحبه قد ترکه .

( مسألة 1138 ) : اللقطة المذکورة إن کان قیمتها دون الدراهم جاز تملّکها بمجرّد الأخذ مع القصد ، ولا یجب فیها التعریف ولا الفحص عن مالکها ، ثمّ إذا جاء مالکها فإن کانت العین موجودة ردّها إلیه ، وإن کان تالفة لم یکن علیه البدل .

( مسألة 1139 ) : إذا کانت قیمة اللقطة درهماً ، فما زاد وجب علی الملتقط التعریف بها والفحص عن مالکها ، فإن لم یعرفه فإن کان قد التقطها فی الحرم فالأحوط أن یتصدّق بها عن مالکها ، لا سیّما فی غیر النقود ، ولیس له تملّکها ، وإن التقطها فی غیر الحرم تخیّر بین امور ثلاثة : تملّکها مع الضمان ، والتصدّق بها مع الضمان ، وإبقاوا أمانة فی یده بلا ضمان .

( مسألة 1140 ) : المدار فی القیمة علی مکان الالتقاط وزمانه دون غیره من الأمکنة والأزمنة .

( مسألة 1141 ) : المراد من الدرهم ما یساوی ( 12/6 ) حمّصة من الفضّة المسکوکة ، فإنّ عشرة دراهم تساوی خمسة مثاقیل صیرفیّة وربع مثقال .

( مسألة 1142 ) : إذا کان المال الملتقط ممّا لا یمکن تعریفه إمّا لأنّه لا علامة فیه کالمسکوکات المفردة التی لا خصوصیّة لها من جهة العدد أو الزمان الخاصّ والمکان الخاصّ ، والمصنوعات بالمصانع المتداولة فی هذه الأزمنة أو للیئس

ص:346

من العثور علی مالکه کأن سافر إلی البلاد البعیدة التی یتعذّر الوصول إلیها ، أو لأنّ الملتقط یخاف من الخطر والتهمة إن عرّف به ، أو نحو ذلک من الموانع سقط التعریف ویتعیّن التصدّق به فی الصورة الثالثة ، وهو الأحوط فی الثانیة ، وإن کان لجواز التملّک وجه ، ویتخیّر فی الاُولی ، ولو قصّر وفرّط فی التعریف حتّی حصل الیأس ، فالأظهر أنّه کالثالثة .

( مسألة 1143 ) : تجب المبادرة إلی التعریف من حین الالتقاط إلی تمام السنة علی وجه التوالی ، فإن لم یبادر إلیه کان عاصیاً ، ولکن لا یسقط وجوب التعریف عنه بقدر تلک المدّة علی الأظهر ، بل تجب المبادرة إلیه بعد ذلک .

وکذا الحکم لو بادر إلیه من حین الالتقاط ولکن ترکه بعد ستّة أشهر - مثلاً - حتّی تمّت السنة ، فإذا تمّ التعریف تخیّر بین التصدّق والإبقاء للمالک ، کما مرّ .

( مسألة 1144 ) : إذا کان الملتقط قد ترک المبادرة إلی التعریف من حین الالتقاط لعذر أو ترک الاستمرار علیه کذلک إلی انتهاء السنة ، فالحکم کما تقدّم ، فیتخیّر بین التصدّق والإبقاء للمالک غیر إنّه لا یکون عاصیاً .

( مسألة 1145 ) : لا تجب مباشرة الملتقط للتعریف ، فتجوز له الاستنابة فیه بلا اجرة أو باُجرة ، والأقوی کون الاُجرة علیه لا علی المالک وإن کان الالتقاط بنیّة إبقائها فی یده للمالک .

( مسألة 1146 ) : لا یشترط فی التخییر بین التصدّق والاُمور المتقدّمة - بعد التعریف سنة کاملة - الیأس من معرفة المالک .

( مسألة 1147 ) : إذا کان الملتقط یعلم بالوصول إلی المالک لو زاد فی التعریف علی السنة ، فالأحوط - لو لم یکن أقوی - لزوم التعریف حینئذٍ ، وعدم جواز التملّک أو التصدّق .

ص:347

( مسألة 1148 ) : إذا کانت اللقطة ممّا لا تبقی ، کالخضر والفواکه واللّحم ونحوها ، جاز أن یقوّمها الملتقط ویتصرّف فیها بما شاء من أکل ونحوه ، أو یبیعها علی غیره ویحفظ ثمنها للمالک ، والأحوط استئذان الحاکم فی البیع ، ولا یسقط التعریف بها علی الأحوط بحفظ صفاتها ، فإن جاء صاحبها دفع إلیه الثمن الذی باعها أو غرم له قیمتها ، وإن لم یجئ فلا شیء علیه .

( مسألة 1149 ) : إذا ضاعت اللقطة من الملتقط فالتقطها آخر ، وجب علیه التعریف بها سنة ، فإن وجد المالک دفعها إلیه ، وإن لم یجده ووجد الملتقط الأوّل دفعها إلیه أیضاً ما لم یظهر من الأوّل البناء علی الخیانة أو التفریط ، وعلی الأوّل إکمال التعریف سنة ولو بضمیمة تعریف الملتقط الثانی ، فإن لم یجد أحدهما حتّی تمّت السنة جری التخییر المتقدّم من التملّک والتصدّق والإبقاء للمالک .

( مسألة 1150 ) : التتابع فی تعریف اللقطة طوال السنة قیل هو بأن لا ینسی اتّصال الثانی بما سبقه ، ویظهر أنّه تکرار لما سبق ، وعن المشهور أن یکون فی الاسبوع الأوّل کلّ یوم مرّة ، وفی بقیّة الشهر الأوّل کلّ اسبوع مرّة ، وفی بقیّة الشهور کلّ شهر مرّة ، وکلا الضابطتین قریبة ، وإن کان المدار علی صدق التتابع والاتّصال عرفاً .

( مسألة 1151 ) : یجب أن یکون التعریف فی موضع الالتقاط ، ولا یجزئ فی غیره إلاّ أن یکون أدخل فی التعریف کالطریق البرّی بالنسبة إلی المراکز فی أطرافه والمواضع القریبة . نعم ، لو کان فی القفار والبراری نزّال عرّفهم .

( مسألة 1152 ) : إذا کان الالتقاط فی طریق عامّ أو فی السوق أو میدان البلد ونحو ذلک ، وجب أن یکون التعریف فی مجامع الناس کالأسواق ومحلّ إقامة

ص:348

الجماعات والمجالس العامّة ونحو ذلک ، ممّا یکون مظنّة وجود المالک .

( مسألة 1153 ) : إذا التقط فی موضع الغربة جاز له السفر واستنابة شخص أمین فی التعریف ، ولا یجوز السفر بها إلی بلده . نعم ، لو التقطها فی منزل السفر جاز له السفر بها والتعریف بها فی بلد مقصد المسافرین .

( مسألة 1154 ) : إذا التقط فی بلده جاز له السفر واستنابة أمین فی التعریف ، وإلاّ فغیر الأمین ، لکنّه یبهم أوصافه حتّی یتحقّق من معرفة مدّعیها .

( مسألة 1155 ) : اللازم فی عبارة التعریف مراعاة ما هو أقرب إلی تنبیه السامع لتفقّد المال الضائع وذکر صفاته للملتقط مع الاحتفاظ ببقاء إبهام اللقطة ، فلا یذکر جمیع صفاتها ، فلا یکفی أن یقول : « مَن ضاع له شیء أو مال » ، بل یقول : « مَن ضاع له ذهب أو فضّة أو إناء أو ثوب » أو نحو ذلک من ذکر جنس الشیء الضائع ، ویتحرّی ما هو أقرب إلی الوصول إلی المالک ، فلا یجدی المبهم المحض ولا التعیین المحض ، بل أمر بین الأمرین .

( مسألة 1156 ) : إذا وجد لقطة من المثلیات کالدرهم أو الدنانیر وغیرها ممّا له خصوصیّات من جهة العدد ، أو الزمان أو المکان الخاصّین ونحو ذلک ممّا یمکن معرفة صاحبها بذلک ، وجب التعریف ، ولا تکون حینئذٍ ممّا لا علامة له الذی تقدم سقوط التعریف فیه .

( مسألة 1157 ) : إذا التقط الصبیّ الممیّز أو المجنون ونحوهما ممّا یصحّ منه التکسّب والاستیلاء ، وإن کان قاصراً ، فإن کانت اللقطة دون الدرهم جاز للولیّ أن یقصد تملّکها لهما ، وإن کانت درهماً فما زاد جاز لولیّهما التعریف بها سنة ، وبعد التعریف ولو من غیره یجری التخییر من التملّک لهما أو التصدّق أو الإبقاء ممّا هو أصلح لهما .

ص:349

( مسألة 1158 ) : إذا تملّک الملتقط اللقطة بعد التعریف فعرف صاحبها ، فإن کانت العین موجودة دفعها إلیه ولیس للمالک المطالبة بالبدل ، وإن کانت تالفة أو منتقلة منه إلی غیره ببیع أو صلح أو هبة أو نحوها ، کان للمالک علیه البدل ، وهو المثل فی المثلی ، والقیمة فی القیمی ، وإذا تصدّق الملتقط بها فعرف صاحبها غرم له المثل أو القیمة ، ولیس له الرجوع بالعین إن کانت موجودة ولا الرجوع علی المتصدّق علیه بالمثل أو القیمة ، هذا إذا لم یرض المالک بالصدقة ، وإلاّ فلا رجوع له علی أحد وکان له أجر التصدّق .

( مسألة 1159 ) : اللقطة أمانة فی ید الملتقط لا یضمنها إلاّ بالتعدّی علیها ، أو التفریط بها ، أو بوظیفة التعریف ، ولا فرق بین مدّة التعریف وما بعدها .

نعم ، إذا تملّکها أو تصدّق بها ضمنها علی ما مرّ .

( مسألة 1160 ) : المشهور جواز دفع الملتقط اللقطة إلی الحاکم ، فیسقط وجوب التعریف عن الملتقط ، وفیه إشکال بل منع ، وکذا فی جواز أخذ الحاکم بها أو وجوب قبولها ، لأنّ للملتقط ولایة الصدقة أو التملّک .

( مسألة 1161 ) : إذا شهدت البیّنة بأنّ مالک اللقطة فلان وجب دفعها إلیه وسقط التعریف ، سواء أکان ذلک قبل التعریف أم فی أثنائه أم بعده قبل التملّک أم بعده ، غایة الأمر إذا کانت تالفة أو بمنزلة التالفة دفع إلیه البدل ، وکذا الحال فی التصدّق ولم یرض به المالک .

( مسألة 1162 ) : إذا ادّعی اللقطة مدّعٍ وعلم صدقه وجب دفعها إلیه بأن وصفها بصفاتها الموجودة فیها وحصل الاطمئنان بصدقه ، ولا یکفی مجرّد التوصیف ولا مجرّد الظنّ .

( مسألة 1163 ) : إذا تلفت العین قبل التعریف أو أثناء التعریف ، فإن کانت

ص:350

غیر مضمونة بأن لم یتعّد ولم یفرّط سقط التعریف ، وإذا کانت مضمونة لم یسقط ویجب إکماله ، فإذا عرف المالک دفع إلیه المثل أو القیمة .

( مسألة 1164 ) : إذا عرف المالک وقد حصل للقطة نماء متّصل دفع إلیه العین والنماء ، سواء حصل النماء قبل التملّک أم بعده ، وإذا حصل نماء منفصل فإن حصل قبل التملّک کان للمالک ، وإن حصل بعده کان للملتقط .

( مسألة 1165 ) : النماء المنفصل الحاصل قبل التملّک یجوز تملّکه بتبع العین علی الأظهر ، فضلاً عن المتّصل .

( مسألة 1166 ) : لو عرف المالک ولکن لم یمکن إیصال اللقطة إلیه ولا إلی وکیله ، فإن أمکن الاستئذان منه فی التصرّف فیها ولو بمثل الصدقة عنه أو دفعها إلی أقاربه أو نحو ذلک ، تعیّن وإلاّ فیحتفظ بها إلاّ أن ییأس من کلّ ذلک فیتعیّن التصدّق بها عنه .

( مسألة 1167 ) : إذا مات الملتقط ، فإن کان بعد التعریف والتملّک انتقلت إلی وارثه کسائر أملاکه ، وإن کان بعد التعریف وقبل التملّک ، فالمشهور الصحیح قیام الوارث مقامه فی التخییر بین الاُمور الثلاثة أو الأمرین .

وإن کان قبل التعریف قام الوارث مقامه فیه ، وإن کان فی أثنائه قام مقامه فی إتمامه ، فإذا تمّ التعریف تخیّر الوارث بین الاُمور الثلاثة أو الاثنین . نعم ، الأوْلی إجراء حکم مجهول المالک علیه فی التعریف به إلی أن یحصل الیأس من الوصول إلی مالکه ثمّ یتصدّق به عنه .

( مسألة 1168 ) : إذا وجد مالاً فی صندوقه ولم یعلم أنّه له أو لغیره ، فإن کان لا یدخل أحد یده فی صندوقه فهو له .

وإن کان یدخل أحد یده فی صندوقه عرّفه إیّاه ، فإن عرفه دفعه إلیه ،

ص:351

وإن أنکره فهو له ، وإن جهله لم یبعد الرجوع إلی القرعة ، کما فی سائر موارد تردّد المال بین مالکین .

هذا إذا کان الغیر محصوراً ، وأمّا إذا لم یکن فلا یبعد الرجوع إلی القرعة ، فإن خرجت باسم غیره فحص عن المالک ، وبعد الیأس منه تصدّق به عنه .

وهکذا إذا وجد مالاً فی داره ولم یعلم أنّه له أو لغیره ، فإن لم یدخلها أحد غیره أو یدخلها قلیل - من باب الاتّفاق والصدفة ، أی بنحو لا یتکوّن له ید فی الدار - فهو له ، وإن کان یدخلها کثیر - کما فی المضائف ونحوها ممّا یضعف یده علیه ویکون بحکم الأماکن العامّة - جری علیه حکم اللقطة .

( مسألة 1169 ) : إذا تبدّل حذاو أو عبائته بحذاء وعباءة غیره ویئس من وجدانه ، فله أخذه تقاصّاً ، فإن کان قیمته أکثر من ماله ولم یعلم أنّ الغیر أخذه عمداً ، یتصدّق بالزائد إن لم یمکن إیصاله إلی المالک . نعم ، لو کان التبدّل بسببه هو لا الغیر ، فالأحوط أن یجری علیه حکم مجهول المالک إن لم یعلم بشاهد الحال رضاه بالتبدیل .

ص:352

کتاب الغصب

وهو الاستیلاء علی مال الغیر أو حقّه ظلماً وعدواناً ، وهو حرام عقلاً وشرعاً ، سواء کان عقاراً أو منقولاً ، ویضمن تمامه بالاستقلال فی وضع الید ، وإلاّ فلو سکن الدار قهراً مع المالک ضمن النصف لو کانت بینهما بنسبة واحدة ، ولو اختلفت فبتلک النسبة ، ویضمن المنفعة إذا کانت مستوفاة ، وکذا إذا فاتت تحت یده ، ولو غصب الحامل ضمن الحمل .

نعم ، یلحق بالاستیلاء العدوانی فی جملة من الأحکام الاستیلاء غیر العدوانی کالخطأ ونحوه من دون استحقاق وإذن .

( مسألة 1170 ) : لو منع المالک من إمساک المرسلة فشردت ، أو من القعود علی بساطه فسرق ، أو عن الدخول فی داره فانهدمت ، أو عن بیع متاعه فنقصت قیمة المتاع ، لم یکن غاصباً لعدم وضع الید علی المال ، وإن کان عاصیاً وظالماً له من جهة منعه ، فلا یضمن من جهة الغصب ووضع الید ، وأمّا الضمان من جهة اخری فإن استند الهلاک والتلف والهدم إلی منعه ، کما إذا کانت الدابّة ضعیفة أو فی أرض سباع ، وکان المالک یحفظها ، فالضمان لا یخلو من قوّة . نعم ، الأقوی فی الفرض الأخیر من نقص القیمة عدم الضمان ، وإلاّ کما لو کانت بآفة سماویّة وسبب قهری لا یقدر المالک علی دفعه ، وإن لم یکن ممنوعاً فلیس علیه ضمان .

( مسألة 1171 ) : لو غصب من الغاصب وتعاقبت الأیادی الغاصبة علی العین ،

ص:353

تخیّر المالک فی الاستیفاء ممّن شاء ، فإن رجع علی السابق رجع السابق علی اللاّحق ، وإن رجع علی اللاّحق لم یرجع علی السابق ، وقرار الضمان علی مَن تلفت العین فی یده . نعم للمالک أن یرجع إلی الجمیع ، ویأخذ من کلّ منهم بالتوزیع متساویاً أو بالتفاوت ، لکن قرار الضمان - کما مرّ - علی الذی تلف المال عنده .

( مسألة 1172 ) : إذا استولی علی حرّ فحبسه لم یتحقّق الغصب لا بالنسبة إلی عینه ولا بالنسبة إلی منفعته ، وإن أثم بذلک وظلمه ، سواء کان کبیراً أو صغیراً ، فلیس علیه ضمان الید من أحکام الغصب ، فلو تلف بأن أصابه حرق أو غرق أو مات تحت استیلائه من غیر تسبیب منه لم یضمن ، وکذا لا یضمن منافعه إذا کان صانعاً أو کسوباً أو صاحب مهنة علی إشکال . نعم ، لو استوفی منه بعض منافعه ، کما إذا استخدمه لزمه اجرته ، وکذا لو تلف بتسبیب منه ، مثل ما إذا حبسه فی دار فیه حیّة مویة فلدغته ، أو فی محلّ السباع فافترسته ، ضمن للتلف لا للغصب والید .

وکذا لو کان أجیراً لغیره فی زمان خاصّ ضمن منفعته الفائتة للمستأجر ، ولو کان أجیراً له لزمته الاُجرة . وهذا بخلاف غصب العبد أو الدابّة .

( مسألة 1173 ) : لو منع حرّاً أو عبداً عن عمل له اجرة من غیر تصرّف واستیفاء ولا وضع یده علیه لم یضمن عمله ، إلاّ إذا کانا أجیرین وکان المنع مفوّتاً .

( مسألة 1174 ) : لو أزال القید عن العبد المجنون أو الفرس ضمن جنایتهما ، وکذا الحکم فی کلّ حیوان جنی علی غیره من إنسان أو حیوان أو غیرهما ، فإنّ صاحبه یضمن جنایته إذا کان بتفریط منه ، إمّا بترک رباطه أو بحلّه من الرباط إذا کان الحیوان من شأنه أن یربط وقت الجنایة للتحفّظ منه .

ص:354

( مسألة 1175 ) : لو انهار جدار فوقع علی إنسان أو حیوان أو غیرهما ، فصاحب الجدار ضامن إذا لم یبادر إلی إصلاحه أو هدمه وقلعه أو الإعلام بحاله مع علمه بالحال حتّی انهدم فأصاب أو أتلف عیناً .

وکذا لو کان الجدار فی الطریق العامّ ، فإنّ صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه . نعم ، لو کان التلف بإقدام من الغیر فلا ضمان .

وکذا لو وضع مشربة أو کوزاً - مثلاً - علی حائطه ، وکان فی معرض السقوط بحسب أنظار العقلاء ولو أهل التخصّص ، وهو المدار فی إسناد الفعل والتسبیب للضمان .

( مسألة 1176 ) : لو أجّج ناراً من شأنها السرایة إلی مال الغیر فسرت إلیه ضمنه ، وإذا لم یکن من شأنها السرایة فاتّفقت السرایة بتوسّط الریح أو غیره لم یضمن .

( مسألة 1177 ) : إذا أرسل الماء فی ملکه فتعدّی إلی ملک غیره فأضرّ به ضمن مع إسناد الإضرار إلیه ، ولو مع اعتقاده عدم التعدّی فضلاً عمّا لو علم أو ظنّ به .

( مسألة 1178 ) : لو فتح قفصاً عن طائر أو حیوان فخرج وکسر بخروجه شیئاً لشخص ، ضمنها الفاتح ، وکذا لو کان القفص ضیّقاً - مثلاً - فاضطرب بخروجه فسقط أو انکسر ضمنه .

( مسألة 1179 ) : إذا أکلت دابّة شخص زرع غیره أو أفسدته ، فإن کان معها صاحبها راکباً أو سائقاً أو قائداً أو مصاحباً ضمن ما أتلفته ، وإن لم یکن معها - بأن انفلتت من مراحها مثلاً فدخلت زرع غیره - ضمن ما أتلفته إن کان ذلک لیلاً ، إلاّ أن لا یکون مفرّطاً ، ولیس علیه ضمان إن کان نهاراً مع عدم تفریطه .

( مسألة 1180 ) : لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصین أو أکثر ، فإن لم یکن أحدهما سبق فی التأثیر اشترکا فی الضمان ، وإلاّ کان الضمان علی المتقدّم

ص:355

عند المشهور ، والأقوی أنّه علی کلیهما مع صدق التسبیب منهما وتوزیعه بالنسبة بحسب نسبة التسبیب ، فلو حفر شخص بئراً فی الطریق ووضع شخص آخر حجراً بقربها فعثر به إنسان أو حیوان فوقع فی البئر کان الضمان علیهما . نعم ، لو لم یکن أحدهما متعدّیاً فی فعله فالضمان علی المتعدّی خاصّة ، کما لو کان حافر البئر حفرها فی ملکه .

( مسألة 1181 ) : لو اجتمع السبب مع المباشر کان الضمان علی المباشر مع علمه بالحال ، وعلی کلیهما مع جهله بالحال . هذا مع کون فعل کلّ منهما عدوانیّاً ، وإلاّ فالضمان علی المتعدّی خاصّة ، کما مرّ فی اجتماع السببین .

فلو حفر بئراً فی غیر ملکه ودفع الآخر ثالثاً فسقط فیها فمات ، فالضمان علی الدافع مع علمه بالحال ، وکذلک الممسک مع الذابح ، وواضع الحجر فی الکفّة مع جاذب المنجنیق .

ثمّ إنّ التوزیع فی الضمان علیهما فی صورة جهل المباشر هو بحسب نسبة التسبیب .

( مسألة 1182 ) : لو اکره علی إتلاف مال غیره ، کان قرار الضمان علی مَن أکرهه وإن کان ضامناً هو للغیر ، لکون ذی السبب أقوی من المباشر ، سواء کان المال مضموناً فی یده أو لا .

وأمّا لو اکره علی قتل شخص معصوم الدم فقتله ، فالضمان علی القاتل من دون رجوع علی المکرِه وإن کان علیه عقوبة ، فإنّه لا إکراه فی الدماء .

( مسألة 1183 ) : لو غصب مأکولاً فأطعمه المالک مع جهله بأنّه ماله ، أو شاة فاستدعی من المالک ذبحها فذبحها مع جهله بأنّها شاته ، ضمن الغاصب - وإن کان المالک هو المباشر للإتلاف - التفاوت والخسارة لا رأس مال العین کلّه .

ص:356

ففی مثال الطعام الفرق بین قیمته للتجارة وقیمته للموة ، وفی مثال الشاة الفرق بین الحیّ والمذبوح . نعم ، لو کان الفارق فی غالب القیمة اعتدّ بذلک تلفاً للعین .

ولو دخل المالک دار الغاصب - مثلاً - ورأی طعاماً فأکله علی اعتقاد أنّه طعام الغاصب فکان طعام الآکل ، فالظاهر أنّه کالفرض السابق مع وجود إذن الفحوی ، وإلاّ فالظاهر عدم ضمان الغاصب ، وقد برئ عن ضمان الطعام .

( مسألة 1184 ) : لو غصب طعاماً من شخص وأطعمه غیر المالک علی أنّه ماله مع جهل الآکل بأنّه مال غیره ، کما إذا قدّمه إلیه بعنوان الضیافة - مثلاً - ضمن کلاهما ، فللمالک أن یرجع علی أیّهما شاء .

وهل قرار الضمان علی المباشر المغرور أو علی الغاصب الغارّ ؟ وجهان ، بل وجوه ، فقد یقال بأنّه لا یرجع أحدهما علی الآخر لو رجع إلیه المالک ، أمّا المباشر فلأنّه استوفی المنفعة فلم یتضرّر کی یرجع علی الغاصب ، وأمّا الغاصب فلأنّه أقدم علی بذله مجّاناً للمباشر والوجه الثالث هو الأقوی . نعم لو کان الغیر صغیراً کان السبب أقوی ، فلا یرجع المالک علی المباشر بل علی الغاصب .

( مسألة 1185 ) : إذا سعی إلی الظالم علی أحد أو اشتکی علیه عنده بحقّ أو بغیر حقّ ، فأخذ الظالم منه مالاً بغیر حقّ ، لم یضمن الساعی والمشتکی ما خسره وإن أثم بسبب سعایته أو شکایته إذا کانت بغیر حقّ ، وإنّما الضمان علی مَن أخذ المال هذا إذا لم یکن تعدّی الظالم معلوماً ، وأمّا إذا کان معلوماً - کالقوانین الثابتة فی الأنظمة الوضعیّة - أو کانت سجیّة للظالم - کما هو الحال فی تلف العین بأخذها بقهر قاهر - فالظاهر ضمان الساعی والشاکی .

( مسألة 1186 ) : إذا تلف المغصوب وتنازع المالک والغاصب فی القیمة ولم تکن

ص:357

بیّنة ، فالقول قول الغاصب مع یمینه ، وکذا لو تنازعا فی صفة یزید بها الثمن بأن ادّعی المالک وجود تلک الصفة فیه یوم غصبه ، أو حدوثها بعده وإن زالت فیما بعد وأنکره الغاصب ولم یکن بیّنة ، فالقول قول الغاصب مع یمینه .

( مسألة 1187 ) : إذا کان علی العبد المغصوب الذی تحت ید الغاصب ثوب أو خاتم - مثلاً - أو علی الدابّة المغصوبة رحل ، أو علّق بها حبل ، واختلفا فیما علیهما ، فقال المغصوب : منه ، وقال الغاصب : هو لی ولم تکن بیّنة ، فالقول قول الغاصب مع یمینه لکونه ذا ید فعلیّة .

( مسألة 1188 ) : ضمان الإنسان یتعلّق بذمّته فی ماله لا علی عاقلته .

( مسألة 1189 ) : یضمن المسلم للذمّی الخمر والخنزیر بقیمتهما عندهم مع الاستتار ، وقیل: یضمن للمسلم حقّ اختصاصه فیما إذا استولی علیهما لغرض صحیح ، وفیه تأمّل ، إلاّ أن تکون لهما فائدة معتدّ بها کتخلیل الخمر ونحو ذلک ، فیضمن مالیّة حقّ الاختصاص لا مالیّته کشراب .

( مسألة 1190 ) : یجب ردّ المغصوب إلی مالکه ما دام باقیاً ، وإن کان فی ردّه موة ، بل وإن استلزم ردّه الضرر علیه ، إلاّ أن یبلغ الضرر إفساداً فی الأموال ، فیعطیه بدله ، فلو أدخل الخشبة المغصوبة فی بناء لزم علیه إخراجها وردّها لو أرادها المالک وإن أدّی إلی خراب فی البناء ، وکذا إذا أدخل اللوح المغصوب فی سفینة یجب علیه نزعه ، إلاّ إذا خیف من قلعه الغرق الموجب لهلاک نفس محترمة أو مال محترم ، وهکذا الحال فیما إذا خاط ثوبه بخیوط مغصوبة ، فإنّ للمالک إلزامه بنزعها ، ویجب علیه ذلک ما لم یوِّ إلی فساد الثوب وتلفه ، وإلاّ فیعطیه بدله ، وإن تعیّب أو نقص المغصوب ضمن الأرش .

هذا إذا تبقّی للمردود المغصوب قیمة معتدّ بها من قیمته الأصلیّة ، وإلاّ ضمن

ص:358

مثله فی المثلی وقیمته فی القیمی یوم الأداء ، والأحوط الأوْلی مراعاة أعلی القیم ما دام النقصان للقیمة السوقیّة لا بسبب نقصان فی العین .

( مسألة 1191 ) : لو مزج المغصوب بما یمکن تمیّزه ولکن مع المشقّة ، کما إذا مزج الشعیر المغصوب بالحنطة ، أو الدخن بالذرة ، یجب علیه أن یمیّزه ویردّه ، وقد مرّ التقیید بما لم یبلغ الضرر علی الغاصب الإفساد فی الأموال .

( مسألة 1192 ) : یضمن الغاصب المنافع المفوّتة للعین ، سواء استوفاها أم لم یستوفها ، کالدار سکنها أو عطّلها .

( مسألة 1193 ) : إذا کانت للعین منافع متعدّدة وکانت معطّلة ، فالمدار علی المنافع المتعارفة بالنسبة إلی تلک العین لا علی قابلیّتها لبعض المنافع ، فالمتعارفة هی المضمونة فی غصب العین ، کالسکنی فی الدور المنشأة لذلک لا التخزین ، وتربیة الدوابّ والسیّارة لحمل الرکاب لا نقل الأحمال الثقیلة أو الخطیرة ، ولو تعدّدت المنافع المتعارفة فإن تفاوتت کان علی الغاصب اجرة الأعلی وإن استوفی الأدنی .

( مسألة 1194 ) : إن کان المغصوب منه شخصاً یجب الردّ إلیه أو إلی وکیله إن کان کاملاً ، وإلی ولیّة إن کان قاصراً ، ولو ردّه إلی القاصر لم یرتفع عنه الضمان وإن کان المغصوب منه النوع کالوقف وقف منفعة ردّه إلی المتولّی الخاصّ له ، وإلاّ العامّ وهو الحاکم ، لا ردّه إلی بعض أفراد النوع . نعم ، فی مثل المساجد والشوارع والقناطر ، بل الربط یکفی فی ردّها رفع الید عنها وإبقاوا علی حالها ، وأمّا مثل المدارس فی غصب منفعتها فیکفی فی ردّها رفع الید عنها والتخلیة بینها وبین الطلبة ، وأمّا غصب التولیة فلا بدّ من الردّ إلی الناظر الخاصّ أو العامّ .

ص:359

( مسألة 1195 ) : یجب علی الغاصب فی ردّ المغصوب إلی المالک أن یوصله إلیه فی بلد الغصب أو البلد الفعلی لتواجد المال إن أراد المالک ذلک ، وإن کان المالک فی بلد آخر غیرهما ، فالظاهر لزوم إیصاله إلیه إن توقّف اطّلاعه علی ذلک ، أو کانت التخلیة ورفع الید فی بلد غیره مضرّة به .

( مسألة 1196 ) : قد مرّ فی البیع تعریف المثلی والقیمی ، وإن کان تحدید قیمة القیمی بما یقاربه ویماثله ، وإذا تعذّر المثلی فالقیمة ، ولو وجد المثل بأکثر من ثمن المثل وجب علیه الشراء ودفعه وإن کان حرجیّاً علی الغاصب أو الضامن .

( مسألة 1197 ) : لو تنزّلت قیمة المثلی لم یکن علی الغاصب إلاّ المثل ، ولیس للمالک مطالبته بالقیمة ولا بالتفاوت ، ولیس له الامتناع عن الأخذ فعلاً وإبقائها فی ذمّة الغاصب إلی أن تترقّی القیمة . نعم ، مع التفاوت الفاحش فی القیمة وصدق الضرر ، فالأحوط الضمان أو التصالح ، لا سیّما إذا کان التفاوت فی القیمة راجع إلی منافع الشیء بلحاظ الزمان والمکان لا بلحاظ کثرة العرض وقلّته وأحوال التبادل السوقی .

( مسألة 1198 ) : لو سقط المثل عن المالیّة من رأس من جهة الزمان أو المکان ، فالظاهر أنّه لیس للغاصب إلزام المالک بأخذ المثل ، ولا یرتفع الضمان بدفعه فی ذلک الزمان أو المکان ، فلو غصب ماءاً جمداً فی الصیف وأتلفه وبذله فی الشتاء ، أو قربة ماء فی مفازة فبذلها عند الشطّ ، لم یسقط الضمان ، وللمالک الامتناع وأن ینتظر إلی عود قیمته زماناً أو مکاناً ، ویطالبه بالمثل الذی له القیمة ، أو أن یطالب الغاصب بالقیمة فعلاً ، کما فی تعذّر المثل ، وحینئذٍ فالظاهر أنّه یراعی قیمة یوم التلف ما لم یکن تنزّل فی القیمة ممّا مرّ فی المسألة السابقة ، فإنّه یراعی کما تقدّم .

ص:360

( مسألة 1199 ) : المدار فی قیمة القیمی عند التلف علی یوم الأداء لا یوم التلف ولا یوم الغصب . نعم ، لو کان منشأ التفاوت فی القیمة ناشئ من الزیادة والنقص فی العین - کالسمن والهزال - فإنّه یراعی أعلی القیم وأحسن الأحوال ، ولو کان ارتفاع القیمة فیما بین تلک الأیّام ، وسواء کانت صفة الزیادة بفعل الغاصب نفسه أو بغیره .

( مسألة 1200 ) : إذا اختلفت القیمة باختلاف المکان - کما إذا کان المغصوب فی بلد الغصب بعشرة ، وفی بلد التلف بعشرین - فالظاهر اعتبار أعلی القیمتین ، لأنّه کینونة العین کالوصف الحاصل لها ، ومن ثمّ لو تنقّلت بین بلدان مختلفة لوحظ أعلی القیم لها فیها .

( مسألة 1201 ) : تعذّر إعادة المغصوب کتلفه ، کما إذا شردت الدابّة أو وقع المغصوب فی مکان لا یقدر علی إخراجه ، فیجب علی الغاصب دفع مثله أو قیمته ، ویسمّی ذلک البدل « بدل الحیلولة » ، ویملک المالک البدل مع بقاء المغصوب فی ملکه ، فإذا أمکن تسلیم المغصوب وردّه یسترجع البدل .

( مسألة 1202 ) : لو کان لبدل الحیلولة نماء ومنافع فی مدّة الحیلولة ، کان للمغصوب منه ، وعدا نماو المتّصل - کالسمن - فإنّه یتبع العین . فیسترجعها الغاصب بنمائها مع ارتفاع الحیلولة ، وأمّا العین المغصوبة فنماوا ومنافعها للمغصوب منه ، لکنّ الغاصب لا یضمن منافعها غیر المستوفاة فی تلک المدّة علی الأقوی .

( مسألة 1203 ) : القیمة التی یضمنها الغاصب فی القیمیّات وفی المثلیّات عند تعذّر المثل هی بنقد البلد الرائج ، سواء کان ورقاً نقدیّاً أو ذهباً وفضّة مسکوکاً ، وکذلک فی جمیع الغرامات والضمانات ، إلاّ بالتراضی بنقد آخر

ص:361

یعادل بالنقد الرائج .

( مسألة 1204 ) : لو غصب شیئاً مثلیّاً فیه صنعة محلّلة - کالحلیّ من الذهب والفضّة - ضمن مادّته بالمثل وصنعته بالقیمة إن لم تکن الصنعة من المثلی ، وإلاّ ردّ الهیئة أیضاً ، وأمّا لو کانت الهیئة محرّمة کآلات القمار والغناء ، فإنّه یضمن المادّة دون الهیئة ، فیردّ المادّة أو مثلها دون الهیئة .

( مسألة 1205 ) : لو غصب المصنوع وتلفت عنده الهیئة والصنعة فقط دون المادّة ، ردّ العین وعلیه قیمة الصنعة إن لم تکن مثلیّة ، وإلاّ الزم بإعادة الصنعة .

( مسألة 1206 ) : لو اشتری شیئاً جاهلاً بالغصب رجع بالثمن علی الغاصب ، وبما غرم للمالک عوضاً عمّا لا نفع له فی مقابله ، وکذا لو کان عالماً علی الأقوی فی الثمن خاصّة .

( مسألة 1207 ) : إذا تعاقبت الأیدی الغاصبة علی عین ثمّ تلفت ، ضمن الجمیع ، فاللمالک أن یرجع ببدل ماله من المثل أو القیمة إلی کلّ واحد منهم ، وإلی أکثر من واحد بالتوزیع ، متساویاً أو متفاوتاً . هذا حکم المالک معهم .

وأمّا حکم بعضهم من بعض فقرار الضمان علی الأخیر الذی تلفت العین عنده ، فیرجع الباقی علیه لو غرموا ولا یرجع هو علیهم ، کما إنّ لکلّ منهم الرجوع علی تالیه إلی أن ینتهی إلی الأخیر .

( مسألة 1208 ) : لو غصب شیئین تنقص قیمة کلّ منهما منفرداً عن القیمة مجتمعاً - کمصراعی الباب والخفّین - فتلف أحدهما ، ضمن قیمة التالف مجتمعاً ، وردّ الآخر مع ما نقص من قیمته بسبب انفراده ، وکذا حکم التفصیل لو غصب أحدهما فقط وتلف عنده .

( مسألة 1209 ) : لو زاد بفعل الغاصب زیادة فی العین المغصوبة - کأن تکون أثراً

ص:362

محضاً ، کخیاطة ثوب وطحن طعام - ردّ العین کما هی ولا شیء له لأجل تلک الزیادة ولا من جهة اجرة العمل ، ولیس له إزالة الأثر وإعادة العین إلی ما کانت علیه بدون إذن المالک ، إذ تصرّفه فی مال الغیر بدون إذنه ، بل لو أزاله بدون إذنه ضمن قیمته للمالک وإن لم یرد نقص علی العین ، وللمالک إلزامه بإزالة الأثر وإعادة الحالة الاُولی للعین إذا کان فیه غرض عقلائی ، ولا یضمن الغاصب حینئذٍ قیمة الصنعة . نعم ، لو ورد نقص علی العین ضمن أرش النقصان .

( مسألة 1210 ) : لو غصب أرضاً فزرعها أو غرسها ، فالزرع والغرس ونماوما للغاصب ، وعلیه اجرة الأرض ما دامت مزروعة أو مغروسة ، ویلزم علیه إزالة غرسه وزرعه وإن تضرّر بذلک ما لم یبلغ حدّ الفساد فی المال - کما مرّ - فحینئذٍ یوفّق بینهما بصیغة وصلح ما یراعی کلا الحقّین قدر الإمکان مع ترجیح حقّ المغصوب قدر الإمکان . هذا فضلاً عمّا لو لم یکن متعدّیاً ، کأن کان جاهلاً ، کما مرّ فی الإجارة والمزارعة .

وفی الصورة السابقة علی الغاصب طمّ الحفر وأرش النقصان إن نقصت الأرض بالزرع والقلع ، إلاّ أن یرضی المالک بالبقاء مجّاناً أو بالاُجرة .

ولو بذل الغاصب اجرة الأرض أو قیمتها لم یجب علی صاحب الأرض قبولها ، وکذا لو بذل صاحب الأرض قیمة الغرس أو الزرع لم یجب علی الغاصب إجابته ، ولو حفر الغاصب فی الأرض بئراً کان علیه طمّها مع طلب المالک ، ولیس له طمّها مع عدم الطلب ، فضلاً عمّا لو منعه . وحکم البناء فی الأرض حکم الغرس .

( مسألة 1211 ) : لو غرس وبنی فی أرض غصبها ، وکان الغرس وأجزاء البناء لصاحب الأرض ، کان الکلّ له ، ولیس للغاصب قلعها أو مطالبة الاُجرة ،

ص:363

وللمالک إلزامه بالقلع والهدم إن کان له غرض عقلائی فی ذلک .

( مسألة 1212 ) : لو غصب عیناً وأحدث فیها هیئة أو أثر ما ، فتارة تکون الهیئة والأثر مالیّته کالعرض حیثیّة تعلیلیّة لزیادة قیمة مادّة العین ، کما فی کثیر من الأعمال کالخیاطة العادیة للثوب ، وصبغه ، وصیانة الجهاز الآلی ونحو ذلک ، واُخری تکون الهیئة والأثر مالیّته کالشیء الممتزج مع مادّة العین حیثیّة تقییدیّة فی نظر العرف ، کما فی نحت الصخرة ، وکما فی الرسم ، وصبغ اللوحة الذی یحدثه الفنّان فی الخشبة واللوحة ، وکما فی بعض نماذج الخیاطة وتفاصیلها ، ممّا تتضاعف المالیّة عن ما کانت علیه المادّة مجرّدة .

وفی القسم الأوّل لا یستحقّ الغاصب علی المغصوب شیئاً وإن زادت قیمة العین ، وأمّا فی الثانی ، فالظاهر حصول الشرکة القهریّة وإن اثم الغاصب بنسبة القیمة بتعدیل التناسب بین قیمة العین کمادّة مع قیمة الأثر والهیئة المحدثة فیها ، ولو فرض ورود النقص علی العین بهذه الشرکة ضمنه الغاصب .

( مسألة 1213 ) : لو باع الغاصب العین المغصوبة لآخر فأحدث فیها هیئة وأثر من القسم الثانی المتقدّم ، حصلت الشرکة القهریّة بین صاحب العین وصاحب الهیئة والأثر بنسبة قیمتهما - کما مرّ - ولا غرامة علی الغاصب مع عدم ورود النقص علیهما ، ولو ورد النقص علی أحدهما ضمنه الغاصب .

( مسألة 1214 ) : لو امتزج المغصوب عند الغاصب بغیره مزجا رافعاً للتمییز بینهما ، حصلت الشرکة بین المالین والحکم کما تقدّم ، وأمّا لو کان المزج قابلاً للتمییز مع المشقّة کان علیه ذلک وردّ العین لصاحبها .

( مسألة 1215 ) : لو حصلت فی المغصوب صفة فزادت القیمة ثمّ زالت فنقصت ، ضمن الغاصب ، ولو عادت مرّة اخری لم یضمن ، ولو حصلت صفة اخری

ص:364

بعد نقص الاُولی بحیث عادت زیادة القیمة ، فلا ضمان علی الغاصب ، إلاّ إذا کان اجتماع الصفة الاُولی مع الثانیة فی العین یوجب زیادة أکثر .

( مسألة 1216 ) : إذا غصب حبّاً فزرعه وبیضاً فاستفرخه تحت دجاجته - مثلاً - فعن المشهور أنّ الزرع والفرخ للمغصوب منه ، وقیل هو للغاصب ویضمن مثله أو قیمته للمغصوب منه ، ولا یخلو الثانی من وجه ، لا سیّما مع ترامی الفرض فی الزرع الثانی من الحبّ الناتج من زرع الحبّ الأوّل ، وهکذا . وقد یتوجّه اندراجه فیما مرّ من إحداث الغاصب هیئة وأثراً فی المغصوب ذا مالیّة ممتزجة لمالیّة المادّة لا تابعة محضة لها ، ممّا یوجب مشارکته للمالک ، فالأحوط التصالح بینهما .

وأمّا لو غصب خمراً فصار خلاًّ ، أو غصب عصیراً فصار خمراً عنده ثمّ صار خلاًّ ، فإنّه ملک للمغصوب منه لا الغاصب ، وأمّا لو غصب فحلاً فأنزاه علی الاُنثی وأولدها کان الولد لصاحب الاُنثی ، وإن کان هو الغاصب وعلیه اجرة الضراب وإن لم یکن الغاصب صاحب الاُنثی .

( مسألة 1217 ) : جمیع ما مرّ من الضمان وکیفیّته وأحکامه وتفاصیله جاریة فی کلّ ید جاریة علی مال الغیر بغیر حقّ وإن لم تکن عادیة وغاصبة وظالمة بخلاف موارد الأمانات ، مالکیّة کانت أو شرعیّة ، کما مرّ تفصیله فی کتاب الودیعة ، فتجری فی جمیع ما یقبض بالمعاملات الفاسدة ، وما وضع الید علیه بسبب الجهل والاشتباه ، کما إذا لبس حذاء غیره أو ثوبه اشتباهاً ، أو أخذ شیئاً من غاصب عاریة باعتقاد أنّه ماله ، وغیر ذلک من الموارد الکثیرة .

( مسألة 1218 ) : أسباب الضمان قد تکون الید الغاصبة المسمّی ب- « ضمان الید » ، وقد یکون الإتلاف بالمباشرة أو التسبیب ، أو الاستیفاء والانتفاع .

ص:365

( مسألة 1219 ) : الإتلاف بالتسبیب له أنحاء کثیرة ، وفی جمیع ذلک یکون فاعل السبب ضامناً ، ویکون علیه غرامة التالف وبدله ، وإن صار سبباً لتعیّب المال کان علیه الأرش ، کما مرّ فی ضمان الید .

( مسألة 1220 ) : لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعاً ، أو حبس مالک الماشیة أو راعیها عن حراستها فاتّفق تلفها ، لم یضمن إلاّ إذا کان ذلک سبباً بأن انحصر غذاء الولد بالارتضاع من امّه ، وکانت الماشیة فی محالّ السباع ومظانّ الخطر وانحصر حفظها بحراسة راعیها .

( مسألة 1221 ) : من التسبیب الموجب للضمان ما لو فکّ وکاء ظرف فیه مائع فسال ما فیه ، وأمّا لو فتح رأس الظرف ثمّ اتّفق أنّه قلبته الریح الحادثة ، أو انقلب بوقوع طائر علیه - مثلاً - فسال ما فیه ، ففی الضمان إشکال ، بخلاف ما إذا کان ذلک فی مظانّ هبوب الریاح العاصفة أو فی مجتمع الطیور .

( مسألة 1222 ) : لو فتح باباً علی مال فسرقه غیره ضمن السارق . وهل یضمن المسبّب ؟ لا یبعد ذلک فی موارد المعرضیّة للسرقة ممّا لا یمکن العثور علی السارق . وکذا التفصیل فیما لو دلّ سارقاً علی المال ، کما لو کان الدالّ هو المخطّط الأساسی لسرقة صعبة .

( مسألة 1223 ) : لو أزال القید عن العبد المجنون أو الفرس ، ضمن جنایتهما ، وکذا یضمن صاحب الحیوان جنایته إذا کان بتفریط منه ، کأن کان الحیوان

من شأنه أن یربط تحفّظاً منه .

( مسألة 1224 ) : لو غصب عبداً وجنی علیه بکمال قیمته ردّه مع القیمة علی قول ، ولا یخلو من إشکال .

( مسألة 1225 ) : لو امتزج المغصوب بجنسه ، فإن کان بما یساویه شارک المالک

ص:366

بقدر کمّیّته ، وإن کان بالأجود منه أو بالأدون فله أن یشارک بقدر مالیّته ، وله أن یطالب الغاصب ببدل ماله ، وکذا المزج بغیر جنسه ولم یتمیّز ، کامتزاج الخلّ بالعسل ونحو ذلک .

( مسألة 1226 ) : لو غصب أرضاً فزرع فیها زرعاً ، کان الزرع له وعلیه الاُجرة للمالک ، والقول قول الغاصب فی مقدار القیمة مع الیمین وتعذّر البیّنة .

( مسألة 1227 ) : یجوز لمالک العین المغصوبة انتزاعها من الغاصب ولو قهراً ، وإذا انحصر استنقاذ الحقّ بمراجعة الحاکم الجائر جاز ذلک ، ولا یجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه فی سبیل أخذ الحقّ .

( مسألة 1228 ) : إذا کان له دین علی آخر وامتنع من أدائه وصرف مالاً فی سبیل تحصیله ، لا یجوز له أن یأخذه من المدین إلاّ إذا اشترط علیه ذلک فی ضمن معاملة لازمة .

( مسألة 1229 ) : إذا وقع فی یده مال الغاصب جاز أخذه مقاصّة ولا یتوقّف علی إذن الحاکم ، کما لا یتوقّف ذلک علی تعذّر الاستیفاء بواسطة الحاکم الشرعی .

ولا فرق فی مال الغاصب المأخوذ مقاصّة بین أن یکون من جنس المغصوب وغیره ، کما لا فرق بین أن یکون ودیعة عنده وغیره .

وإذا کان مال الغاصب أکثر قیمة من ماله أخذ منه حصّة تساوی ماله ، وکان بها استیفاء حقّه ، ولا یبعد جواز بیعها أجمع واستیفاء دینه من الثمن ، والأحوط أن یکون ذلک بإجازة الحاکم الشرعی ویرد الباقی من الثمن إلی الغاصب .

( مسألة 1230 ) : لو کان المغصوب منه قد استحلف الغاصب فحلف علی عدم الغصب ، لم یجز المقاصّة منه وإن کان الاستحلاف فیما بینهما . نعم ، لو أقرّ بعد ذلک بالدین جازت المقاصّة .

ص:367

ص:368

کتاب إحیاء الموات

الموات الأرض العطلة التی لا ینتفع بها ، إمّا لانقطاع الماء عنها ، أو لاستیلاء المیاه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ علیها ، أو لاستئجامها والتفاف القصب والأشجار بها ، أو لغیر ذلک ، ولا یشمل الأراضی فی المدن والعمران موضوعاً ، وهی علی قسمین : الموات بالأصل أو بالعارض .

( مسألة 1231 ) : الموات بالأصل وهو ما لم یعلم مسبوقیّته بالملک والإحیاء ، أو علم عدم ذلک کأکثر المفاوز والبراری والبوادی وصفحات الجبال وسفوحها ونحو ذلک .

الموات بالعارض : وهو ما عرض علیه الخراب والموتان بعد الحیاة والعمران ، کالأراضی الدارسة التی فیها آثار المرور والأنهار والقری الخربة التی بقیت منها رسوم العمارة .

( مسألة 1232 ) : الموات بالأصل وإن کان ملک ولایة للإمام علیه السلام - حیث إنّه من الأنفال کما مرّ فی کتاب الخمس - لکن یجوز فی زمان الغیبة لکلّ أحد إحیاو مع الشروط الآتیة والقیام بعمارته ویملکه المحیی فی طول ولایته علیه السلام ، سواء کان فی دار الإسلام أو فی دار الکفر ، وسواء کان فی أرض الخراج کأرض العراق أو فی غیرها ، وسواء کان المحیی مسلماً أو کافراً .

( مسألة 1233 ) : الموات بالعارض علی أقسام :

ص:369

الأوّل : ما لا یکون له مالک بالفعل ، کالتی باد أهلها وصارت بمرور الزمان وتقادم الأیّام بلا مالک ، کالأراضی الدارسة المتروکة والقری والبلاد الخربة والقنوات الطامّة التی کانت للاُمم الماضیة الذین لم یبق منهم أحد ولا اسم ولا رسم ، أو نسبت إلی أقوام وطوائف لا یُعرف عنهم سوی الاسم .

الثانی : ما یکون له مالک مجهول لا یعرف شخصه ، فلم یکن بحیث یعدّ بلا مالک .

الثالث : ما کان له مالک معلوم .

أمّا الأوّل ، فحاله حال الموات بالأصل ، ولا یجری علیه حکم مجهول المالک ، وأنّه من الأنفال ، ومثله العامر بالذات ، نظیر الغابات التی طرأ علیها الموتان .

وأمّا الثانی ، فالمشهور جواز إحیائه ، والقیام بعمارته ، إلاّ أنّ الأحوط معاملته کمجهول المالک من الفحص وشراء عینها من الحاکم الشرعی والتصدّق بثمنها ، أو استیجارها منه والتصدّق باُجرتها .

هذا إذا لم یعلم إعراض مالکه عنه ، أو انجلی عنه وترکه ، وإلاّ جاز إحیاو وتملّکه بلا حاجة إلی إذن .

وأمّا الثالث ، فإن أعرض عنه مالکه جاز لکلّ أحد أحیاو وتملّکه ، وإن لم یعرض عنه ، فإن أبقاه مواتاً للانتفاع بها علی تلک الحال من حشیشه أو قصب ، أو جعله مرعی لدوابّه وأنعامه ، وقد ینتفع بها مواتاً أکثر منها محیاة ، أو کان عازماً علی إحیائه وإنّما أخّره لانتظار وقت صالح أو لتهیئة الآلات والمعدّات ونحوها ، وفی هذه الصور لا یجوز لأحد إحیاوا والتصرّف فیها بدون إذنه .

ص:370

أمّا لو ترک الأرض وإصلاحها وصیّرها خربة للإهمال وعدم الاعتناء بشأنها فترک الاهتمام برعایتها غیر عازم علی إحیائها ، وبقیت مهجورة معطّلة مدّة معتدّة بها تزید علی ثلاث سنین ، فالظاهر جواز إحیائه لغیره إذا کان سبب ملک المالک الأوّل هو الإحیاء أو سبب آخر قریب یول إلیه ، کالإرث أو الشراء ممّن أحیاها ، والأحوط الاستئذان من الحاکم الشرعی ، ولیس للأوّل انتزاعها من یده ، والأحوط إعطاءه حقّه .

نعم ، لو امتدّ الترک والإهمال من الأوّل وتطاول إلی درجة بوار الأرض وموتانها غایته ، فالظاهر اندراجه فی الإعراض المتقدّم .

وأمّا إذا کان سبب ملک الأوّل غیر الإحیاء من الأسباب الاُخری مع تعاقبها کذلک متطاولاً ، فلیس لأحد وضع الید علیها وإحیاوا والتصرّف فیها إلاّ بإذن مالکها ، ولو تصرّف فیها أحد بزرع أو نحوه فعلیه الاُجرة لمالکها .

( مسألة 1234 ) : کما یجوز إحیاء القری الدارسة فی البلاد القدیمة الخربة التی باد أهلها ، کذلک یجوز حیازة موادّها وأجزائها الباقیة من الأخشاب والأشجار والآجر وغیرها ، ویملکها الحائز إذا أخذها بقصد التملّک .

( مسألة 1235 ) : الأراضی الموقوفة التی طرأ علیها الموتان والخراب علی أقسام :

1 - ما لا یعلم کیفیّة وقفها أصلاً ، وأنّها خاصّ أو عامّ ، أو أنّها وقف علی الجهات أو علی أقوام .

2 - ما علم أنّها وقف علی أقوام ولم یبقَ منهم أثر ، أو علی طائفة لم یعرف منهم سوی الاسم خاصّة .

3 - ما علم أنّها وقف علی جهة من الجهات ، ولکن تلک الجهة غیر معلومة

ص:371

أنّها مسجد أو مدرسة أو مشهد أو مقبرة أو غیر ذلک .

4 - ما علم أنّها وقف علی أشخاص ولکنّهم غیر معلومین بأشخاصهم وأعیانهم ، کما إذا علم أنّ مالکها وقفها علی ذرّیّته مع العلم بوجودهم فعلاً .

5 - ما علم أنّها وقف علی جهة معیّنة أو أشخاص معلومین بأعیانهم .

6 - ما علم إجمالاً بأنّ مالکها قد وقفها علی جهة ، کمدرسته المعیّنة ، أو أنّه وقفها علی ذرّیّته المعلومین بأعیانهم ولم یکن طریق شرعی لإثبات وقفها علی أحد الأمرین .

فأمّا القسم الأوّل والثانی ، فالظاهر أنّها من الأنفال یجوز إحیائها لکلّ أحد ، وتملک بالإحیاء کسائر أراضی الموات .

وأمّا القسم الثالث والرابع ، فقیل إنّه من الأنفال ، والظاهر أنّها بحکم معلوم المالک الذی مرّ التفصیل بین صوره وحالاته ، فیراجع الحاکم الشرعی فی صورة بقاء الحقّ السابق ، فیدفع الاُجرة أو الثمن ، ویصرف فی وجوه البرّ الأقرب احتمالاً لجهة الوقف وأشخاصه .

وأمّا القسم الخامس ، فیجب علی مَن أحیاه وعمّره اجرة مثله ، ویصرفها فی الجهة المعیّنة إذا کان الوقف علیها ، ویدفعها إلی الموقوف علیهم المعیّنین إذا کان الوقف علیهم ، ویجب أن یکون التصرّف بإجازة المتولّی أو الموقوف علیهم .

وأمّا السادس ، فیجب علی مَن یقوم بعمارتها وإحیائها اجرة مثله ، ویجب صرفها فی الجهة المعیّنة بإجازة من الذرّیّة ، کما أنّه یجب علیه أن یستأذن فی تصرّفه فیه منهم ومن المتولّی لتلک الجهة إن کان ، وإلاّ فمن الحاکم الشرعی أو وکیله ، وإذا لم تجز الذرّیّة الصرف فی تلک الجهة فینتهی الأمر إلی القرعة

ص:372

فی تعیین الموقوف علیه .

( مسألة 1236 ) : من أحیی أرضاً مواتاً تبعها حریمها بعد الإحیاء ، فلا یجوز لأحد أن یحییه بدون رضا صاحبه ، وإن أحیاه لم یملکه ، وحریم کلّ شیء مقدار ما یتوقّف علیه الانتفاع به ویتعلّق بمصالحه عادة ، ویسمّی ذلک المقدار التابع حریماً لذلک المتبوع ، ویختلف زیادة ونقیصة اختلاف ذی الحریم ، لتفاوت الأشیاء فی المصالح والمرافق المحتاج إلیه ، کما تختلف فی ذلک البلاد والعادات أیضاً ، ولا یبعد تجدّد توسّع الحریم بحسب الحاجات الضروریّة فی النظم المعیشی العقلائی فیقدّم علی ملک المحیی المتأخّر .

( مسألة 1237 ) : حریم الدار عبارة عن مسلک الدخول إلیها والخروج منها فی الجهة التی یفتح إلیها باب الدار ومطرح ترابها ورمادها ومصبّ مائها وثلوجها وما شاکل ذلک ، فلو بنی داراً فی أرض موات تبعه هذا المقدار من الموات من حوالیها .

( مسألة 1238 ) : حریم حائط البستان ونحوه مقدار مطرح ترابه والآلات والطین والجصّ إذا احتاج إلی الترمیم والبناء .

( مسألة 1239 ) : حریم النهر مقدار مطرح ترابه وطینه إذا احتاج إلی الإصلاح والتنقیة والمجاز علی حافّتیه للمواظبة علیه .

( مسألة 1240 ) : حریم البئر موضع وقوف النازح إذا کان الاستقاء منها بالید ، وموضع تردّد البهیمة والدولاب والموضع الذی یجتمع فیه الماء للزرع أو نحوه ومصبّه ، ومطرح ما یخرج منها من الطین عند الحاجة ، ونحو ذلک .

( مسألة 1241 ) : حریم العین ما تحتاج إلیه فی الانتفاع منها علی نحو ما مرّ فی غیرها .

ص:373

( مسألة 1242 ) : حریم المدینة والقریة ما تحتاج إلیه فی حفظ ورعایة مصالحها ومصالح أهلها من مجمع نفایاتها وکناستها ، ومطرح سمادها ورمادها ، ومجمع أهالیها لمصالحهم ومنتدیاتهم ، ومسیل مائها ، والطرق المسلوکة منها وإلیها ، ومدفن موتاهم ، ومرتفع ومرعی ماشیتهم ، ومحتطبهم ، وبقیّة مراکز الخدمات الاُخری ، وما شاکل ذلک ، کلّ ذلک بحسب حاجة أهل المدینة والقریة بحیث لو زاحم مزاحم لوقعوا فی ضیق وحرج ، وهی تختلف باختلاف سعة المدینة والقریة وضیقها ، وکثرة أهالیهم وقلّتهم ، وکثرة مواشیها ودوابّها وقلّتها ، بل تختلف الحاجة بحسب توسّعها بمرور الزمن ، وتکاثر أهلها ، فتکون الحاجة المتجدّدة موجبة لتوسّع الحریم عمّا کان سابقاً ، وهو مقدّم علی ملک المحیی المتأخّر ، کما مرّ ، کما هو الحال فی شقّ طریق جدیدة ضروریّة لعمران معیشة أهالی المدینة . نعم ، التعویض من بیت المال لا یخلو من قوّة رعایة لحقوق الطرفین والعدل والإنصاف .

( مسألة 1243 ) : حریم المزرعة ما یتوقّف علیه الانتفاع منها ، ویکون من مرافقها ، کمسالک الدخول إلیها والخروج منها ، ومحلّ بیادرها ، وحظائرها ، ومجتمع سمادها ، ونحو ذلک .

( مسألة 1244 ) : الأراضی المنسوبة إلی طوائف وعشائر وغیرهم لمجاروتها لبیوتهم ومساکنهم من دون تملّکهم لها بالإحیاء ، ولا حاجة إلیها - کحریم أملاکهم - هی باقیة علی إباحتها الأصلیّة ، فلا یجوز لهم منع غیرهم من الانتفاع بها ، ولا أخذ الاُجرة ممّن ینتفع بها ، وإذا قسّموها فیما بینهم لرفع التشاجر والنزاع ، فلا اعتبار لذلک . نعم ، إذا کانوا یحتاجون إلیها لرعی الحیوان لا کحمی بل کالزریبة أو نحو ذلک ، کانت من حریم أملاکهم ، ولا یجوز لغیرهم مزاحمتهم وتعطیل حوائجهم .

ص:374

( مسألة 1245 ) : للبئر حریم آخر ، وهو أن یکون الفصل بین بئر وبئر اخری بمقدار لا یکون فی إحداث البئر الثانیة ضرراً علی الأوّل من جذب مائها تماماً أو بعضاً ، أو منع جریانه من عروقها ، وهذا هو الضابط الکلّی فی جمیع أقسامها .

( مسألة 1246 ) : للعین والقناة حریم آخر ، وهو أن یکون الفصل بین عین وعین اخری ، وقناة وقناة اخری فی الأرض الصلبة خمسمائة ذراع ، وفی الأرض الرخوة ألف ذراع .

ولکنّ الظاهر أنّ هذا التحدید غالبی ، حیث إنّ فی الغالب یندفع الضرر بهذا المقدار من البعد ولیس تعبّدیّاً ، وعلیه فلو فرض أنّ العین الثانیة تضرّ بالاُولی وینقص ماوا مع هذا البعد ، فالظاهر عدم جواز إحداثها ، ولا بدّ من زیادة البعد بما یندفع به الضرر أو یرضی به مالک الاُولی ، کما أنّه لو فرض عدم لزوم الضرر علیها فی إحداث قناة اخری فی أقلّ من هذا البعد ، فالظاهر جوازه بلا حاجة إلی الإذن من صاحب القناة الاُولی .

وهذا فیما کان إحداث قناة فی الموات ، وأمّا إحداثها فی الأملاک المتجاورة فی المدن والقری ، فلا حریم للسابق منهما ، بل الضابطة ما یأتی فی الأملاک المتجاورة ، کما أنّ الحکم کذلک فی الآبار والأنهار التی تکون مجاری للماء ، فیجوز إحداث بئر یجری فیها الماء من منبعها قرب بئر اخری کذلک ، وکذلک إحداث نهر قرب آخر ، ولیس لمالک الأوّل منعه ، إلاّ إذا استلزم ضرراً ، فعندئذٍ یجوز منعه .

( مسألة 1247 ) : إذا لم تکن الموات من حریم العامر ومرافقه علی النحو المتقدّم ، جاز إحیاوا لکلّ أحد ، وإن کانت بقرب العامر ، ولا تختصّ بمَن یملک العامر ولا أولویّة له .

ص:375

( مسألة 1248 ) : الظاهر أنّ الحریم مطلقاً لیس ملکاً لمالک المختصّ بالحریم ولا متعلّقاً لحقّه المانع عن سائر تصرّفات غیره بدون إذنه ، بل لیس له حقّ إلاّ حقّ المنع عن ما یضرّ انتفاعه ، سواء أکان حریم قناة أو بئر أو قریة ومدینة أو بستان أو دار أو نهر ، وغیر ذلک ، وإنّما لا یجوز لغیره مزاحمته فیه باعتبار أنّه من متعلّقات حقّه الخاصّ کإحداث قناة اخری فی مثل حریم القناة .

( مسألة 1249 ) : لا حریم للأملاک المتجاورة ، مثلاً: لو بنی المالکان المتجاوران حائطاً فی البین لم یکن له حریم من الجانبین ، وکذا لو بنی أحدهما فی نهایة ملکه حائطاً أو غیره لم یکن له حریم فی ملک الآخر .

( مسألة 1250 ) : عن المشهور - أو الأشهر - جواز تصرّف کلّ من المالکین المتجاورین فی ملکه بما شاء وإن استلزم ضرراً علی الجار ، إلاّ أنّ الأقوی تقییده بما کان تصرّفاً متعارفاً فی العادة أو بما کان محلّ حاجته لا زائداً علیه ، ولم یکن ضرراً فاحشاً علی الجار ولا سبباً تولیدیّاً لإتلاف مال علی الجار ، وإلاّ فلا یجوز لو فرض أن ترک تصرّفه ضرراً علیه ، فلا بدّ من الموازنة بین الضررین والتوفیق بینهما بما هو مقتضی العدل والإنصاف عند العرف العقلائی موضوعیّاً .

فلو کان تصرّفه یوجب خللاً فیحیطان دار جاره أو حبس ماءاً فی ملکه بحیث تسری الرطوبة إلی بناء جاره ، فلا یسوغ .

وهذا بخلاف ما لو أحدث بالوعة أو کنیفاً فی داره بالنحو المتعارف ممّا یوجب فساد ماء بئر جاره ، ممّا یوجب نقصان مائها وکان بالنحو المتعارف . نعم ، لو کانت حاجته حفر البالوعة أو البئر ممّا یمکن القیام بها فی الطرف الآخر من الدار من دون إضرار بالجار ، فلا یسوغ الفرد المضرّ . وکذا تعلیة البناء

ص:376

المانعة من الاستفادة من الشمس أو الهواء بالمقدار المتعارف .

( مسألة 1251 ) : قد حثّ فی الروایات الکثیرة علی رعایة الجار وحسن المعاشرة مع الجیران ، وکفّ الأذی عنهم ، وحرمة إیذائهم ، وقد ورد فی بعض الروایات : «أنّ الجار کالنفس ، وأنّ حرمته کحرمة امّه » . وفی بعضها الآخر: « أنّ حسن الجوار یزید فی الرزق ویعمر الدیار ویزید فی الأعمار » . وفی ثالث : « مَن کفّ أذاه عن جاره أقال اللّه عثرته یوم القیامة » . وفی رابع : « لیس منّا من لم یحسن مجاورة مَن جاوره » ، وغیرها ممّا قد أکّد فی الوصیّة بالجار وتشدید الأمر فیه .

( مسألة 1252 ) : یستحبّ للجار الإذن فی وضع خشب جاره علی حائطه مع الحاجة ، ولو أذن جاز له الرجوع قبل البناء علیه ، وکذا بعد البناء إذا لم یضرّ الرفع ، وإلاّ فاللازم التوفیق بالأوفق بین الطرفین ، کإعطاء الاُجرة أو دفع الأرش .

( مسألة 1253 ) : إذا اختلف مالک العلوّ ومالک السفل کان القول قول مَن طابق ظاهر الحال من المعتاد عرفاً فی شاکلة البناء ، وإلاّ فیکون من التداعی مع فرض یدیهما علیه معاً .

( مسألة 1254 ) : یجوز للجار عطف أغصان شجر جاره عن ملکه إذا تدلّت علیه ، فإن تعذّر عطفها قطعها بإذن مالکها ، فإن امتنع أجبره الحاکم الشرعی .

( مسألة 1255 ) : راکب الدابّة أوْلی بها من قابض لجامها ، ومالک الأسفل أوْلی بالغرفة الفوقانیّة المفتوح بابها إلی الجار الذی بجنبه مع التنازع والیمین وعدم البیّنة .

( مسألة 1256 ) : مَن سبق من المونین إلی حیازة أرض عامرة بطبیعتها

ص:377

ذات أشجار وقابلة للانتفاع بها ملکها ، ولا یتحقّق السبق إلیها إلاّ بالاستیلاء علیها وصیرورتها تحت سلطانه وخروجها من إمکان استیلاء غیره علیها .

( مسألة 1257 ) : یعتبر فی تملّک الموات أن لا تکون مسبوقة بالتحجیر من غیره ، ولو أحیاها بدون إذن المحجر لم یملکها . والتحجیر نمط من الحیازة ، ویتحقّق التحجیر بکلّ ما یدلّ علی إرادة الإحیاء کوضع الأحجار فی أطرافها ، أو حفر أساس ، أو حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة التی یرید إحیائها ، فإنّه تحجیر بالإضافة إلی بقیّة آبار القناة ، بل هو تحجیر أیضاً بالإضافة إلی الأراضی الموات التی تسقی بمائها بعد جریانها .

( مسألة 1258 ) : لا بدّ من أن یکون التحجیر دالاًّ علی مقدار ما یرید إحیاءه ، مضافاً إلی دلالته علی أصل الإحیاء ، فلو کان بوضع الأحجار ونحوها ، فلا بدّ أن یکون فی جمیع الجوانب ، لیکون دالاًّ علی إرادة إحیاء جمیع ما أحاطت به ، بخلاف مثل إحیاء القناة البائرة ، فإنّه یکفی حفر إحداها بالنسبة إلی بقیّة الآبار والأراضی التی تسقی بها ، وکذا إذا حفر بئراً فی أرض موات بالأصل لأجل إحداث قناة .

( مسألة 1259 ) : التحجیر - کما عرفت - یفید حقّ الأولویّة ولا یفید الملکیّة ، ویصحّ نقله ببیع أو غیره ، کما أنّه یورّث ، کما یصحّ جعله عوضاً .

( مسألة 1260 ) : یعتبر فی کون التحجیر مانعاً عن إحیاء الآخرین تمکّن المحجر ولو بالتسبیب من القیام بعمارته وإحیائه ، فإن لم یتمکّن من إحیاء ما حجره لمانع من الموانع - کالفقر أو العجز عن تهیئة الأسباب المتوقّف علیها الإحیاء - جاز لغیره إحیاو . ولیس للعاجز عن الإحیاء نقل الموات إلی غیره بصلح أو هبة أو بیع ونحو ذلک .

ص:378

( مسألة 1261 ) : لو حجر زائداً علی ما یقدر علی إحیائه ، فلا أثر لتحجیره بالإضافة إلی المقدار الزائد .

( مسألة 1262 ) : لا یعتبر فی التحجیر أن یکون بالمباشرة ، بل یجوز أن یکون بالتوکیل والاستئجار ، وعلیه فالحقّ الحاصل بسبب عملهما هو للموکّل والمستأجر لا للوکیل والأجیر .

( مسألة 1263 ) : إذا وقع التحجیر عن شخص نیابة عن غیره ، ثمّ أجاز النیابة ، فهل یثبت الحقّ للمنوب عنه أو لا ؟ وجهان ، لا یبعد ذلک .

( مسألة 1264 ) : إذا انمحت آثار التحجیر ، فإن کان من جهة إهمال المحجر ، بطل حقّه ، وجاز لغیره إحیاو ، وإذا لم یکن کذلک وبدون اختیاره - کزوالها بعاصف ونحوه - فالظاهر بقاء حقّه ، إلاّ إذا علم بذلک ولم یجدّد التحجیر . هذا فضلاً عن ما لو کان زوالها بفعل ثالث .

( مسألة 1265 ) : لیس للمحجر تعطیل الموات المحجر علیه والإهمال فی عمارته ، بل اللازم الاشتغال بذلک عقیب التحجیر ، فإن أهمل بدون عذر وطالت المدّة ، فیجوز لغیره إحیائه بدون إذنه مع الإذن من الحاکم الشرعی المبسوط الید بعد أن یقطع الحاکم علیه العذر ، ولو أبدی عذراً موجّهاً یمهل بمقدار زوال عذره ، فإن اشتغل وإلاّ بطل حقّه وجاز لغیره إحیاو ، وإذا لم یکن الحاکم الشرعی ، فالظاهر سقوط حقّه مع صدق التعطیل ثلاث سنین .

( مسألة 1266 ) : یعتبر فی التملّک بالإحیاء قصد التملّک أو الاستیلاء أو الانتفاع من رقبة العین ، ونحو ذلک ، وإلاّ کان له حقّ الأولویّة ، فلو حفر بئراً فی مفازة بقصد أن یقضی منها حاجة موّتة ، کان له مجرّد حقّ الأولویّة ، فإذا ارتحل عنها فهی مباحة للجمیع .

ص:379

( مسألة 1267 ) : لا بدّ فی صدق إحیاء الموات من العمل فیه إلی حدّ یصدق علیه أحد العناوین العامرة ، کالدار والبستان والمزرعة والحظیرة والبئر والقناة والنهر وما شاکل ذلک ، ویختلف ما یعتبر فی الإحیاء باختلاف عنوان العمارة ، فیغایر المعتبر فی البستان والمزرعة عنه فی الدار والبناء ، وحصول الملک تابع لصدق أحد العناوین وجوداً وعدماً ، وإن کان حقّ الأولویّة حاصل بمجرّد وضع الید والشروع فی التعمیر .

( مسألة 1268 ) : الإعراض عن الملک لا یوجب زوال ملکیّته ، لکن بمنزلة إباحة لتملّک الآخرین ، فیملکه مَن سبق إلیه ، وإلاّ فهو باقٍ علی ملک مالکه ، فإذا مات فهو لوارثه ، ولا یجوز التصرّف فیه إلاّ بإذنه أو إعراضه عنه .

ص:380

کتاب المشترکات

والمراد به المنافع المشترکة ، وهی الطرق والشوارع والمساجد والوقوف المطلقة ، کالمدارس والربط والمیاه والمعادن .

( مسألة 1269 ) : الطرق علی قسمین نافذ وغیر نافذ ، أمّا الأوّل فهو الطریق المسمّی بالشارع العامّ ، والناس فیه شرع سواء ، ولا یجوز التصرّف لأحد فیه بإحیاء أو نحوه ، ولا فی أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار أو نحو ذلک ، إلاّ ما یکون من مصالحة کالأشجار الیسیرة فی جانبی الطریق ، وإن لم یکن مضرّاً بالمارّة .

وأمّا حفر بالوعة فیه لیجتمع فیها ماء المطر ونحوه فیجوز مع کونه من مصالحه ومرافقه . والضابط أنّ کلّ تصرّف فی فضائه لا یکون مضرّاً بالمارّة جائز ، وتشخیص الضارّ من الملائم هو بحسب نظر أهل الخبرة فی العمران المدنی ومقرّرات الأعراف السائدة بحسب الزمان والمکان .

( مسألة 1270 ) : فضاء الطرق کقرارها مسبلة للمنافع المشترکة علی الأصحّ ، فلا یجوز إشغالها بالحیازة ببناء ونحوه بخلاف التصرّفات غیر الضارّة الملائمة لمصالحها .

( مسألة 1271 ) : الطریق الذی لا یسلک منه إلی طریق آخر ولا یخرج منه إلی أرض مباحة لکونه محاطاً بالدور من جوانبه الثلاثة ، وهو المسمّی بالسکّة

ص:381

المرفوعة والدریبة ، فهو حقّ لأرباب الدور التی أبوابها مفتوحة إلیه فی الاستطراق دون کلّ مَن کان حائط داره إلیه ، وهو مشترک بینهم مقداراً فی عمقه بحسب ما للدار من دخول فی مقدار الطریق ونهایته تختصّ بمَن بابه فی آخره ، ویجوز لکلّ منهم فتح باب آخر وسدّ الباب الأوّل ، ویجوز التصرّف فیه بحسب النظم المتعارف العمرانی المتعارف بحسب المکان والزمان .

نعم ، لو کانت الطرق المرفوعة استحدثت فی ملک مشترک بین أرباب الدور ولم یسبّلوها کطریق کانت ملکاً مشترکاً بین أربابها ویتعامل معها بأحکام الملک .

( مسألة 1272 ) : لا یجوز لمَن کان حائط داره إلی الدریبة فتح باب إلیها للاستطراق إلاّ بإذن أربابها . نعم ، له فتح ثقبة وشبّاک إلیها ، وأمّا فتح باب لا للاستطراق ، بل لمجرّد دخول الهواء أو الاستضاءة ، فلا یخلو عن إشکال ومنع .

( مسألة 1273 ) : یجوز لکلّ من أصحاب الدریبة الجلوس فیها والاستطراق والتردّد منها إلی داره بنفسه وعائلته ودوابّه وکلّ ما یتعلّق بشونه ، من دون إذن باقی الشرکاء ، وإن کان فیهم القصّر ، ومن دون رعایة المساواة معهم .

( مسألة 1274 ) : یجوز لکلّ أحد الانتفاع من الشوارع والطرق العامّة ، کالجلوس أو النوم أو الصلاة أو البیع أو الشراء أو نحو ذلک ، ما لم یکن مزاحماً للمستطرقین ، ولیس لأحد منعه عن ذلک وإزعاجه ، کما أنّه لیس لأحد مزاحمته فی قدر ما یحتاج إلیه لوضع متاعه ووقوف المعاملین ونحو ذلک . نعم ، لا یسوغ بناء دکّة ونحوها فیها .

( مسألة 1275 ) : إذا جلس أحد فی موضع من الطریق ثمّ قام عنه ، فإن

ص:382

کان جلوسه جلوس استراحة ونحوها بطل حقّه ، وإن کان جلوس لحرفة ونحوها ، فإن کان قیامه بعد انتفاء غرضه أو أنّه لا ینوی العود بطل حقّه أیضاً ، فلو جلس فی محلّه غیره لم یکن له منعه ، وإن کان قیامه قبل استیفاء غرضه وکان ناویاً للعود وکان قد بقی منه فیه متاع أو رحل أو بساط ، فالظاهر بقاء حقّه وإن لم یبقَ منه شیء ، فبقاء حقّه لا یخلو عن إشکال فی ذلک الیوم ، ویسوغ لغیره إشغاله فی الیوم اللاّحق .

( مسألة 1276 ) : یتحقّق الشارع العامّ باُمور :

الأوّل : کثرة الاستطراق والتردّد ومرور القوافل فی الأرض الموات .

الثانی : جعل شخص أو جهة الملک شارعاً وتسبیله تسبیلاً دائمیّاً لسلوک عامّة الناس ، فإنّه بسلوک بعض الناس یصیر طریقاً ولیس للمسبّل الرجوع بعد ذلک .

الثالث : إحیاء جماعة أو جهة أرضاً مواتاً وترکهم طریقاً نافذاً بین الدور والمساکن .

( مسألة 1277 ) : لا حریم للشارع العامّ لو وقع بین الأملاک ، کما إذا کانت قطعة أرض موات یبن الأملاک عرضها ثلاثة أذرع أو أقلّ أو أکثر ، واستطرقها الناس حتّی أصبحت جادة ، فلا یجب علی الملاّک توسیعها وإن تضیّقت علی المارّة ، وکذا الحال فیما لو سبّل شخص فی وسط ملکه أو من طرف ملکه المجاور لملک غیره مقداراً لعبور الناس . نعم ، إذا اقتضت المصلحة الضروریّة للمدینة التوسعة للطریق قدّم علی الأملاک الشخصیّة مع التعویض لهم ، لأنّها حصلت فی حریم المدینة .

( مسألة 1278 ) : إذا کان الشارع العامّ واقعاً بین الموات بکلا طرفیه ، أو أحد

ص:383

طرفیه ، فلا یجوّز ذلک إحیاء ذلک الموات بمقدار یوجب نقص الشارع عن خمسة أذرع ، فإنّ ذلک حدّ الطریق المعیّن من قِبل الشرع ، بل الأفضل أن یکون سبعة أذرع ، وعلیه فلو کان الإحیاء إلی حدّ لا یبقی للطریق خمسة أذرع وجب علیه هدمه ، بل لو اقتضت الضرورة لعمران المدینة زیادة علی المقدار المزبور تعیّن ذلک المقدار .

ولو أحیی شخص من أحد طرفیه ، ثمّ أحیی آخر من طرفه الآخر بمقدار یوجب نقصه عن حدّه ، لزم علی الثانی هدمه دون الأوّل .

( مسألة 1279 ) : إذا زاد عرض الطریق عن خمسة أذرع ، فإن کان مسبّلاً ، فلا یجوز لأحد إحیاء ما زاد علیها وتملّکه ، وأمّا إذا کان غیر مسبل ، فإن کان الزائد مورداً للحاجة لکثرة المارّة ، فلا یجوز ذلک أیضاً ، وإلاّ فلا مانع منه .

( مسألة 1280 ) : یجوز لکلّ مسلم أن یتعبّد أو یصلّی فی المسجد ، وجمیع المسلمین فیه شرع سواء فی الانتفاع به ، إلاّ بما لا یناسبه أو نهی الشرع عنه ، ولا یجوز لأحد أن یزاحم الآخر فیه إذا کان الآخر سابقاً علیه ، لکن الظاهر تقدّم الصلاة علی غیرها فی عموم المساجد . نعم ، فی المسجد الحرام یتقدّم الطواف علی الصلاة وتتقدّم الصلاة علی غیرهما ، کما أنّ الحال فی المشاهد المشرّفة تتقدّم الزیارة علی الصلاة ، والصلاة علی غیرهما .

فلو أراد أحد أن یصلّی فی المسجد جماعة أو فرادی ، فلا یجوز لغیره أن یزاحمه ولو کان سابقاً علیه ، کما إذا کان جالساً فیه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التدریس ، بل یجب علیه تخلیة ذلک المکان للمصلّی أو للطائف والزائر فی المسجد الحرام والمشاهد المقدّسة . ولا یبعد أن یکون الحکم کذلک لو کان اختیار المصلّی هذا المکان اقتراحاً منه إذا کان السابق متشاغلاً بغیر العبادة ،

ص:384

فیشکل مزاحمة المصلّی بفعل غیر عبادی وإن کان سابقاً علیه ، وأمّا إذا کان السابق متشاغلاً بالعبادة الاُخری فتقدیم المصلّی المسبوق لا یخلو من إشکال اقتراحاً مع عدم المزاحمة .

( مسألة 1281 ) : مَن سبق إلی مکان للصلاة فیه منفرداً فلیس لمرید الصلاة فیه جماعة منعه وإزعاجه ، وإن کان الأوْلی للمنفرد حینئذٍ أن یخلی المکان للجامع إذا وجد مکاناً آخر فراغاً لصلاته ، ولا یکون منّاعاً للخیر . هذا فی غیر الجماعة الراتبة ، وإلاّ فهی مقدّمة علی الفرادی وإن سبق .

( مسألة 1282 ) : إذا قام الجالس من المسجد وفارق المکان ، فإن أعرض عنه بطل حقّه ، ولو عاد إلیه وقد أخذه غیره ، فلیس له منعه وإزعاجه ، وأمّا إذا کان ناویاً للعود ، فإن بقی رحله فیه بقی حقّه ، وإن لم یبق ففی بقاء حقّه إشکال ، والأحوط مراعاة حقّه إذا کان خروجه لضرورة ، کتجدید الطهارة أو نحوه . ثمّ إنّ فی موارد حقّ الجالس إذا قام ، یجوز شغل ذلک المکان من الغیر إذا لم یستلزم تصرّفاً فی رحله ، وإنّما بقاء حقّه بلحاظ أوان رجوعه .

( مسألة 1283 ) : فی کفایة وضع المتاع الصغیر الیسیر کالسبحة والتربة فی ثبوت الأولویّة إشکال . نعم ، مثل السجّادة ونحوها ممّا یشغل المکان بمثابة السبق والجلوس نفسه . هذا إذا لم یکن بین وضع الرحل ومجیئه طول زمان یعدّ تعطیلاً للمکان ، وإلاّ فلا أثر له ، وجاز لغیره رفعه والصلاة مکانه إذا کان شغل المحلّ بحیث لا یمکن الصلاة فیه إلاّ برفعه ، والظاهر عدم ضمانه إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلی حقّه .

( مسألة 1284 ) : المشاهد المشرّفة کالمساجد فی تمام ما ذُکر من الأحکام ، إلاّ أنّه مرّ أنّ الأولویّة للزیارة ثمّ الصلاة ثمّ الدعاء ونحوه ، ثمّ بقیّة العبادات .

ص:385

( مسألة 1285 ) : جواز السکنی فی المدارس وبقیّة الأوقاف العامّة لطالب العلم أو الصنف الموقوف علیهم یدور مدار کیفیّة وقف الواقف ، فإذا خصّها الواقف بطائفة خاصّة کأهالی بلد ما أو قوم معیّن أو صنف خاصّ ، کطالبی العلوم الشرعیّة أو خصوص الفقه أو الکلام - مثلاً - فلا یجوز لغیر هذه الطائفة أو الصنف السکنی فیها .

وأمّا بالنسبة إلی مستحقّی السکنی بها فهی کالمساجد ، فمَن حاز غرفة وسکنها فهو أحقّ بها ، ولا یجوز لغیره أن یزاحمه ما لم یُعرض عنها وإن طالت المدّة ، إلاّ إذا اشترط الواقف مدّة خاصّة - کخمس سنین مثلاً - فعندئذٍ یلزمه الخروج بعد انقضاء تلک المدّة بلا مهلة .

( مسألة 1286 ) : إذا اشترط الواقف اتّصاف ساکنها بصفة خاصّة ، کأن یکون مجرّداً غیر معیل ، أو یکون مشغولاً بالتدریس أو بالتحصیل ، فإذا تزوّج أو طرأ علیه العجز لزمه الخروج منها . والضابط فی حقّ السکنی - حدوثاً وبقاءاً - تابع لوقف الواقف بتمام شرائطه ، فلا یجوز السکنی لفاقدها حدوثاً أو بقاءاً .

( مسألة 1287 ) : لا یبطل حقّ السکنی لساکنها بالخروج لحوائجه الیومیّة ، کما لا یبطل بالخروج للسفر یوماً أو أکثر ، وکذلک الأسفار المتعارفة التی تشغل مدّة زمنیّة ، کالشهر أو الأشهر ، کالسفر إلی الحجّ أو الزیارة أو لملاقاة للأقرباء أو نحو ذلک مع نیّة العود وبقاء رحله ومتاعه ، فلا بأس بها ما لم تنافِ شرط الواقف . نعم ، لا بدّ من صدق عنوان ساکن المدرسة علیه ، بخلاف ما لو کانت المدّة طویلة بحیث توجب زوال العنوان عنه فیبطل حقّه .

( مسألة 1288 ) : إذا اعتبر الواقف البیتوتة فی المدرسة فی لیالی التحصیل خاصّة أو فی جمیع اللیالی ، لم یجز لساکنها البقاء فی المدرسة إذا بات فی مکان آخر ،

ص:386

ویبطل حقّه . هذا مع کون شرط الوقف فی مصلحة أغراض عنوان الوقف .

( مسألة 1289 ) : لا یجوز للساکن فی غرفة منع غیره عن مشارکته ، إلاّ إذا کانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضی قابلیّتها معدّة لسکنی طالب واحد .

( مسألة 1290 ) : الربط ، وهی المساکن المعدّة لسکنی الفقراء أو الغرباء ، کالمدارس فی جمیع ما ذُکر .

( مسألة 1291 ) : من المشترکات میاه الشطوط والأنهار الکبار ، کدجلة والفرات وما شاکلهما ، أو الأنهار الصغار التی جرت بنفسها من العیون أو السیول أو ذوبان الثلوج ، وکذا العیون المتفجّرة من الجبال أو فی أراضی الموات ، أو فی غیر ذلک .

( مسألة 1292 ) : کلّ ما جری من الماء بنفسه أو اجتمع بنفسه فی مکان بلا ید خارجیّة علیه ، فهو من المباحات الأصلیّة ، بمعنی أنّها تملّک بالحیازة وإن کانت من الأنفال ، من دون فرق بین المسلم والکافر فی ذلک .

( مسألة 1293 ) : میاه الآبار والعیون والقنوات التی جرت بالحفر لا بنفسها ملک للحافر ، فلا یجوز لإحد التصرّف فیها بدون إذن مالکها .

( مسألة 1294 ) : إذا شقّ نهراً من ماء مباح من نهر کبیر ، أو من عین طبیعیّة النبع ، سواء أکان النهر المشقوق حفر فی أرض مملوکة له ، أو بحفره فی الموات بقصد إحیائه نهراً ، ملک ما یدخل فیه من الماء .

( مسألة 1295 ) : إذا کان النهر لأشخاص متعدّدین ، ملک کلّ منهم بمقدار حصّته من النهر ، فإن کانت حصّة کلّ منهم من النهر بالسویّة اشترکوا فی الماء بالسویّة ، وإن کانت بالتفاوت ملکوا الماء بتلک النسبة ، ولا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضی التی تسقی منه .

ص:387

( مسألة 1296 ) : الماء الجاری فی النهر المشترک حکمه حکم سائر الأموال المشترکة ، فلا یجوز لکلّ واحد من الشرکاء التصرّف فیه بدون إذن الباقین ، وعلیه فإن أباح کلّ منهم لسائر شرکائه أن یقضی حاجته منه کلّ وقت وزمان ، وبأی مقدار شاء جاز له ذلک .

( مسألة 1297 ) : إذا وقع بین الشرکاء تعاسر وتشاجر ، فإن تراضوا بالتناوب والمهایاة بالأیّام أو الساعات فهو ، وإلاّ فلا محیص من تقسیمه بینهم بالأجزاء ، بأن توضع آلیات تقسیمیّة لکمّیّة الماء ولو بحسب عادة الفلاّحین والمزارعین .

( مسألة 1298 ) : القسمة بحسب الأجزاء لازمة ، والظاهر أنّها قسمة إجبار ، فإذا طلبها أحد الشرکاء اجبر الممتنع منهم علیها .

وأمّا القسمة بالمهایاة والتناوب فهی لیست بلازمة ، بل توافقیّة ، فیجوز

لکلّ منهم الرجوع عنها . نعم ، الظاهر عدم جواز رجوع مَن استوفی تمام نوبته دون الآخر .

( مسألة 1299 ) : إذا اجتمع أملاک علی ماء مباح من عین أو وادٍ أو نهر أو نحو ذلک ، کان للجمیع حقّ السقی منه ، ولیس لأحد منهم شقّ نهر فوقها لیقبض الماء کلّه أو ینقصه عن مقدار احتیاج الباقین .

وعندئذٍ فإن کفی الماء للجمیع من دون مزاحمة فهو ، وإلاّ قدّم الأسبق فالأسبق فی الإحیاء بحسب حاجته إن کان وعلم السابق ، وإلاّ قدّم الأعلی فالأعلی ، والأقرب فالأقرب إلی فوهة العین أو أصل النهر ، وأن یکون المقدار للأعلی للزرع إلی الشراک وللشجر إلی القدم والنفل إلی الساق ، ثمّ یرسل إلی ما دونه ، وکذا الحال فی الأنهار المملوکة المنشقّة من الشطوط ، فإن کفی الماء للجمیع ، وإلاّ قدّم الأسبق فالأسبق ، أی مَن کان شقّ نهره أسبق من شقّ نهر

ص:388

الآخر ، وهکذا إن کان هناک سابق ولاحق ، وإلاّ فیقبض الأعلی بمقدار ما یحتاج إلیه ، ثمّ ما یلیه ، وهکذا ، وتراعی المقادیر المتقدّمة .

( مسألة 1300 ) : تنقیة النهر المشترک وإصلاحه ونحوهما علی الجمیع بنسبة ملکهم إذا کانوا مقدمین علی ذلک باختیارهم ، أو بإلزام من حاکم قاهر ، وأمّا إذا لم یقدم علیها إلاّ البعض لم یجبر الممتنع ، کما أنّه لیس للمقدمین مطالبته بحصّته من الموة إلاّ إذا کان إقدامهم بالتماس منه وتعهّده ببذل حصّته ، أو کانت التنقیة والإصلاح ضرورة لبقاء الانتفاع ، وهذا مطّرد فی الأموال للشرکاء .

( مسألة 1301 ) : إذا کان النهر مشترکاً بین القاصر وغیره ، وکان إقدام غیر القاصر متوقّفاً علی مشارکة القاصر - إمّا لعدم اقتداره بدونه أو لغیر ذلک - وجب علی ولیّ القاصر - مراعاة لمصلحته - مشارکته فی الإحیاء والتعمیر وبذل الموة من مال القاصر بمقدار حصّته .

( مسألة 1302 ) : لیس لصاحب النهر تحویله إلاّ بإذن صاحب الرحی المنصوبة علیه بإذنه ، وکذا غیر الرحی أیضاً من الأشجار المغروسة علی حافّتیه وغیرها .

( مسألة 1303 ) : لیس لأحد أن یحمی المرعی ویمنع غیره من رعی مواشیه ، إلاّ أن یکون المرعی ملکاً له ، أو حریماً له کما مرّ ، فیجوز له أن یحمیه حینئذٍ . کما لا یجوز لأحد أن یضع یده علی مقاطعة کبیرة لا یستطیع إحیاءها من الموات ثمّ یقسّمها علی مَن یشاء ، وکذا لو وضع یده علی مقدار کبیر من المیاه المباحة أو المعادن المشترکة ونحوها ، ثمّ یقسّمها علی مَن یشاء .

( مسألة 1304 ) : المعادن علی نوعین :

الأوّل : المعادن الظاهرة ، وهی الموجودة علی سطح الأرض ، فلا یحتاج استخراجها إلی موة عمل ، وذلک کالملح والقیر والکبریت والمومیاء

ص:389

والفیروزج وما شاکل ذلک .

الثانی : المعادن الباطنة ، وهی التی یتوقّف استخراجها علی الحفر والعمل والعلاج ، کالذهب والفضّة والنفط وکثیر من المعادن .

أمّا ( الاُولی ) فهی تملک بالحیازة ، فمَن حاز منها شیئاً ملک قلیلاً أو کثیراً ، وإن کان زائداً علی ما یعتاد لمثله وعلی مقدار حاجته ، ویبقی الباقی علی الاشتراک ولا یختصّ بالسابق فی الأخذ وفی الحیازة لمقدار ، ولیس له أن یحوز مقداراً یوجب الضیق والمضادّة علی الناس والصالح العامّ ، لا سیّما إذا کان عمله من قبیل التحجیر کالتخطیط ونحوه .

أمّا ( الثانیة ) فهی تملک بالإحیاء بعد الوصول إلیها وظهورها ، وأمّا إذا حفر ولم یبلغ نیلها ، فهو یفید فائدة التحجیر ، فالمدار علی الانتهاء والبلوغ إلی نیلها ، فیکون حالها حال الآبار المحفورة فی الموات لأجل استنباط الماء التی تملک بحفرها حتّی یبلغ الماء ویملک بتبعها الماء .

ولو حفر فبلغ المعدن لم یکن له منع غیره من الحفر من ناحیة اخری لیصل إلی ذلک العرق ، لأنّه إنّما یملک المکان الذی حفره وحریمه ، وأمّا العرق الذی فی الأرض فلا یملکه ، وأمّا حریمه فهو قدر ما تشغله آلات وأدوات الحفر ومستلزماته التابعة لحفریّاته .

( مسألة 1305 ) : إذا شرع فی إحیاء معدن ثمّ أهمله وعطّله ، أجبره الحاکم أو وکیله علی إتمام العمل أو رفع یده عنه ، ولو أبدی عذراً أمهله إلی أن یزول عذره ، ثمّ یلزمه بأحد الأمرین ، کما سبق ذلک کلّه فی إحیاء الموات .

( مسألة 1306 ) : لو ملک أرضاً بالإحیاء وغیره فیملک تبعاً لها المعادن الباطنة إذا عدّت عرفاً من توابع الأرض وملحقاتها ، سواء کان عالماً بها أم لا ، کما هو

ص:390

الحال فی المعادن القریبة من سطح الأرض .

وأمّا إذا لم تعدّ منها - کمعادن النفط المحتاجة إلی حفر فی الأعماق البعیدة للوصول إلیها أو ما شاکلها - فلا تتبع الأرض ولا تملک بإحیائها .

( مسألة 1307 ) : لو قال ربّ المعدن لآخر : « اعمل ولک نصف الخارج من المعدن » ، فإن کان بعنوان الإجارة بطل ، ویصحّ بعنوان الجعالة .

ص:391

ص:392

کتاب النکاح :

فصل : فی عقد النکاح وأحکامه

یحلّ الوط ء بالنکاح وملک الیمین ، ومعنی عقد النکاح قِران وإملاک ، وهو إمّا دائم أو مؤجّل - متعة - ویفتقر النکاح إلی العقد وهو یتحقق بالإنشاء للإیجاب والقبول اللفظیین ، فلا یکفی التراضی القلبی ، ولا الإنشاء بالفعل المعاطاتی ، ولا بالکتابة ولا بالإشارة .

( مسألة 1308 ) : لا یبعد وقوع العقد بغیر العربیة - وإن کان متمکّناً منها - بالألفاظ الدالّة علی المعنی المتقدّم ، وإن کان الأحوط الإقتصار علی اللغة العربیّة مع التمکّن منها ، ومع العجز عن النطق کالأخرس وغیره فتجزی الکتابة فإن لم یتمکّن منها فتجزی الإشارة المفهمة .

( مسألة 1309 ) : یجوز الإیجاب من کلِّ من الطرفین ، بأن تقول المرأة زوّجتک نفسی علی الصداق المعلوم ، أو یقول الرجل تزوّجتُکِ علی الصدّاق المعلوم ، وکذا إذا قال زوّجتکِ نفسی ، وإن کان الأوْلی جعل المرأة المفعول الأوّل فی ترکیب الجملة ، ویکفی فی القبول إنشاء الرضا من الطرف الآخر بأیِ لفظٍ مفهم وإن تقدّم علی الإیجاب ، وإن کان الأولی تأخره .

ص:393

( مسألة 1310 ) : یقع الإیجاب بکلِّ من لفظ التزویج والنکاح وما یرادفها من اللغات الأخری ، ویقع بلفظ التمتع مع قرینة التأبید ، وفی وقوعه بغیرها إشکال .

( مسألة 1311 ) : لا یشترط فی لفظ الإیجاب والقبول الماضویّة ، فیقع بلفظ المضارع والأمر مع القرینة علی إنشاء الرضا ، وکذلک بالجملة الاسمیة الخبریة ، کما قد یقع باللفظ الملحون إذا کان متداولاً .

( مسألة 1312 ) : یصح التوکیل فی الإیجاب والقبول ولو إلی طرف ثالث من قبل کلِّ منهما ، وکذا یصح بأن یوکل أحدهما الآخر فی إجراء العقد کأن توکل المرأة الرجل فیجری العقد عنه بالأصالة وعن المرأة بالوکالة ، وإن کان الأولی تعدّد مُجری العقد . ویُجزی إذا کان المُجری للعقد مخوّل من الطرفین أن یقتصر علی إنشاء الإیجاب فیقول : زوّجت فلانة من فلان علی الصداق المعلوم ، کما هو الحال فی ولیّ الصغیرین کالجدّ ، ولو کان هو الزوج فیقول : زوّجت فلانة نفسی علی الصداق المعلوم ، وأما إذا کان مجری العقد الوکیلان فیقول وکیل الزوجة : زوجت - أو أنکحت - موکلتی فلانة موکلک فلان علی المهر المعلوم ، أو یقول : من مُوَکِّلِکَ ، أو بمُوَکِّلِکَ ، أو لِمُوَکِّلِکَ ، ویقول وکیل الزوج : قبلتُ التزویج أو النکاح لموکلی ، وکذا لو اقتصر علی قبلت ، ولو وکلّت المرأة رجلاً فی تزویجها فلیس له أن یعقد لنفسه إلاّ أن یکون شمول العموم له بالتصریح .

( مسألة 1313 ) : لا یشترط التطابق فی لفظ الإیجاب والقبول ، فلو قال الموجب بلفظ التزویج وقال القابل بلفظ النکاح صحَّ ، نعم یشترط التطابق فی المهر وبقیة الشروط .

( مسألة 1314 ) : یشترط فی کل من الموجب والقابل القصد الجّدی فی إیجاد

ص:394

المعاملة ، کما یعتبر التنجیز ، فلو علّقه علی أمر مستقبل معلوم أو محتمل الحصول لم یصحّ ، وکذا لو علّقه علی أمر حالی محتمل أو معلوم الحصول فیما لو کان ذلک الأمر لیس من شرائط الصحّة ، نعم لو علّقه علی ما هو من شرائط الصحّة کأن تقول المرأة : زوّجتُکَ نفسی إن لم تکن أخی من الرضاعة صحَّ .

( مسألة 1315 ) : تشترط الموالاة بین الإیجاب والقبول ، بمعنی بقاء الموجب علی إنشائه وتعهّده إلی حین إنشاء القبول ، وینقطع هذا الإتصال بانصراف وإعراض الموجب قبل إنشاء القابل ، وکذلک الحال لو ردَّ القابل ، وبقاء الإیجاب مع تعدد المجلس وطول المدّة یحتاج إلی قرائن عرفیة دالة علیه وما لم یکن ما أنشئ مقاولة .

( مسألة 1316 ) : یشترط فی العاقد المجری للعقد ، بل وللصیغة أن یکون بالغاً عاقلاً ، فلا یعتد بعقد الصبی ولا بإنشائه للصیغة ولو لغیره وکالة ولو کان ممیزاً ، وکذلک الحال فی المجنون ولو إدواریاً حال جنونه .

( مسألة 1317 ) : یشترط فی صحة العقد تعیین الزوجین بتمییزهما بالاسم أو الإشارة أو الوصف ، فلو قال الأب : زوجتک بنتی وکان ل-ه بنات ، أو قال : زوجت بنتی فلانة من ابنک وکان له بنون ، بطل . أما لو عین قبل العقد أثناء المقاولة وبنی الإیجاب والقبول علیه بضمیمة القرائن الدالة ، فالظاهر الصحة .

( مسألة 1318 ) : لو تنافی الاسم مع الوصف أو مع الإشارة فالمدار علی ما قصده بالأصالة ویلغی ما استعمل خطئاً ، وهذا یختلف بحسب الموارد ، ولا یعول علی التخیل الخاطئ .

( مسألة 1319 ) : لا یصح اشتراط الخیار فی عقد النکاح الدائم أو المؤجل سواء شُرط للزوج أو للزوجة ، لکنه لا یفسد العقد ، ویصح اشتراط الخیار فی

ص:395

المهر مع تعیین المدّة الرافعة للغرر فی النکاح الدائم دون المؤجل .

( مسألة 1320 ) : لا یشترط الشهود فی صحة النکاح ولا یلتفت إلی دعوی الزوجیة بغیر بینة مع حلف المنکر وإن تصدقا علی الدخول فلو ردّ الیمین فحلف المدعی حکم بها .

( مسألة 1321 ) : یشترط التطابق بین الإیجاب والقبول فی الزوجین والمهر وبقیة الخصوصیات والشروط .

( مسألة 1322 ) : یشترط فی صحة العقد رضا الزوجین بمعنی عدم إکراههما ، وأما الکراهة القلبیة من دون إکراه مع إنشاء الرضا عن اختیار فلا یخدش فی صحة العقد .

ص:396

فصل : فی حرمة التبرّج

(مسألة 1323 ) : یجوز للمرأة التزیین فی الموضع الذی یحل کشفه من بدنها بالزینة الخفیفة المعتادة دون ما فیها تکلف إثارة واصطناع لإبراز المحاسن ، فمن القبیل الأول الکحل والخاتم والسوار ومن القبیل الثانی المکیاج وأدوات التجمیل الخاصة فی عصرنا .

( مسألة 1324 ) : لا یجوز اتخاذ الزینة الفاتنة فی الثیاب الظاهرة سواء فی الهیئة أو الشکل أو اللون أو غیرهما کأن یکون ضیقاً یحکی مفاصل أجزاء البدن ومحاسن بدنها أو أن تکون نوع مادة الثیاب کذلک بأن تشف ما تحتها ، والأحوط وجوباً الاجتناب عن عطورات شدیدة الرائحة الفائحة الملفتة لانتباه الأجانب إلیها .

( مسألة 1325 ) : یجب لبس ثوب شامل للبدن والرأس کالجلباب والرداء مما یستر محاسن بدنها حجماً وبشرة .

( مسألة 1326 ) : لا یجوز إقامة العلاقة بین الأجنبی والأجنبیة بغیة التواطیء علی أی درجة من درجات الاستمتاع الجنسی والغرام ولو علی نحو الرفث والخنا فی الکلام .

( مسألة 1327 ) : یجب ستر العورتین القبل والدبر علی کل مکلف من الرجل والمرأة عن کل أحد من ذکر أو أنثی ولو کان مماثلاً ، محرماً وغیر محرم ، إلاّ الزوج والزوجة والسید والأمة إذا لم تکن مزوجة ولا محللة ، بل یجب الستر

ص:397

عن الطفل الممیز لا سیما المراهق ، کما أنه یحرم النظر إلی عورة الممیز المراهق . ویجب ستر المرأة تمام بدنها عما عدا الزوج من الأجانب إلا الوجه والکفین مع عدم التلذذ والریبة ، وإن کان الأحوط فی الوجه عدم إبداء صفحة الوجه کاملة ، واللازم فی الساتر أن لا یصف محاسن البدن بشرة ولا حجماً کالجلباب والرداء ونحوهما ، وأما المحارم فالأحوط إن لم یکن أقوی ستر مادون الجید إلی الرکبة .

( مسألة 1328 ) : لا یجوز إظهار الرغبة بالفعل المحرم مع الغیر تعریضاً وتصریحاً ، ومنه التعریض والتصریح بخطبة المزوجة والمعتدة رجعیاً ، بل وکذا لو علق علی الطلاق وانتهاء العدة ، کما لا یجوز التصریح بنکاح المعتدة بعدة بائنة ، وکذا المعتدة عدة وفاة ، نعم یجوز التعریض بالخطبة للمعتدة بعدة الوفاة ، والتصریح بالنکاح یدور جوازه مدار جواز النکاح فی الحال ، وأما التعریض به فیدور مدار جواز النکاح ولو مستقبلا ما لم تکن فی عصمة الغیر .

( مسألة 1329 ) : من موارد الریبة والفتنة المحرمة والتبرج خلوة الرجل والمرأة بالآخر بحیث یؤمن من دخول ثالث - ولو ممیزاً - علیهما ، وتتحقق الخلوة أیضاً بخلوة عدّة من النساء مع عدة من الرجال مع التبذل وعدم الحشمة ، وکذلک فی الاختلاط الذی هو فی معرض الفساد ومظنة الفتنة والوقوع فی المحرمات من النظر والمحادثة بالنمط السابق .

( مسألة 1330 ) : یجوز لکل من الرجل والمرأة النظر إلی ما عدا العورة من مماثله شیخاً أو شاباً حسن الصورة أو قبیحها ما لم یکن بتلذذ أو ریبة ، وعورة الممیز کعورة البالغ فی الحکم ، نعم یکره کشف المسلمة بین یدی الیهودیة والنصرانیة بل مطلق الکافرة . فإنهن یصفن ذلک لأزواجهن . نعم لو علمت بوصفهن ذلک إلی رجالهّن مما یترتب علیه الفتنة والإثارة فلا یسوغ التکشف

ص:398

لأجل ذلک . والعورة هی القبل والدبر والبیضتان فلا یجوز نظر المماثل إلیهما ، وأما عوره الکافر فلا یجوز النظر إلیها وإن لم یجب التحفظ عن وقوع النظر إلیها اتفاقاً .

( مسألة 1331 ) : غیر الممیز من الصبی والصبیة لا تشملهم أحکام النظر واللمس والتستر ، ولا بأس بتقبیل الرجل الصبیة التی لیست بمحرم ووضعها فی حجره قبل أن یأتی علیه ست سنین عن غیر شهوة .

( مسألة 1332 ) : یجوز للرجل أن ینظر إلی الصبیة غیر البالغة فی غیر ما یُستر بألبسة البدن کشعر الرأس والذراعین والساقین دون الفخذین والصدر .

( مسألة 1333 ) : یجوز للمرأة النظر إلی الصبی الممیز ولا یجب علیها ستر رأسها وذراعیها وما دون الرکبتین ما لم یترتب علی النظر منه أو إلیه ثوران شهوة کالمراهق للبلوغ .

( مسألة 1334 ) : یجوز للرجل النظر إلی المحارم التی یحرم علیه نکاحهن نسباً أو رضاعاً أو مصاهرة فیما دون الید والرکبة مع عدم التلذذ والریبة وکذا یجوز نظرهن إلیه فیما عدا العورة .

( مسألة 1335 ) : یجوز لکل من الزوج والزوجة النظر إلی جسد الآخر حتی العورة ولو بتلذذ ، بل یجوز لکل منهما مس الآخر بکل عضو منه کل عضو من الآخر ولو بتلذذ .

( مسألة 1336 ) : یجوز أن ینظر إلی امرأة یرید نکاحها بأن ینظر إلی وجهها وشعرها ورقبتها وجیدها ویدیها ومعاصمها وساقیها وإلی محاسنها من بقیة الأعضاء من وراء الثیاب الخصر والورک والثدیین ، وله أن یکرر النظر إلیها وإن علم بحصول التلذذ بالنظر إلیها قهراً ، لکن لا یکون نظره إلیه بقصد ذلک .

ص:399

( مسألة 1337 ) : لا یجوز تحدیق النظر ولا ترکیزه ولا مل العین من الأجنبیة ، ولا للمرأة من الأجنبی من غیر ضرورة حتی الوجه والکفین ، فضلاً عما کان مع الریبة والتلذذ .

( مسألة 1338 ) : إذا تزوج امرأة تدعی خلوها عن الزوج ثم ادعی رجل آخر زوجیتها لم تسمع دعواه إلا بالبینة ، ولیس له طلب الیمین منهما .

( مسألة 1339 ) : المراد من الریبة - المستثناة من جواز النظر - هی خوف الوقوع فی الحرام مع الشخص المنظور إلیه ولو التلذذ الحاصل بالنظر أو السمع ونحوهما أو المیل النفسانی للوقوع فی محرم معه ، وإن لم یکن خوف الوقوع فی البین أو خوف الافتتان وهو إثارة وهیجان الشهوة بشدة فجأة .

والتلذذ المستثنی من موارد الجواز أن یحس فی قلبه بوجود لذة جنسیة فی النظر إلی شخص أو فی سماع صوته ونحوهما فیتشهّاها ویطلب المزید منها وهی مختلفة المراتب .

( مسألة 1340 ) : حرمة النظر علی قسمین ، حقیّة وحکمیة ، أما الحقیّة فهی التی فی أوائل مراتب النظر کالنظرة الأولی وموارد معرضیة وقوع النظر الإتفاقی ویکون تابعاً لحرمة المنظور إلیه ولو بحسب موضع من بدنه واختلاف درجات الحرمة ، کما فی الاختلاف فی النظرة الأولی بین الوجه والکفین وبین الشعر والعورة ، أما الحکمیة فهی التی فی مراتب النظر اللاحقة کالنظرة الثانیة وملئ العین وتحدیق النظر وترکیزه فضلاً عن الریبة أو الالتذاذ فإن الحرمة غیر تابعة لحرمة المنظور إلیه وعدمها .

( مسألة 1341 ) : تجوز النظرة الأولی مع عدم التلذذ والریبة دون الثانیة ودون الترکیز والتحدیق إلی نساء أهل الذمة بل مطلق الکفار ، ویلحق بهم

ص:400

نساء أهل البوادی والقری والأعراب وغیرهن من المتبذلات اللاتی جرت عادتهن علی عدم التستر وإذا نهین لا ینتهین ، ویجوز التردد فی القری والأسواق ومواطن تردد تلک النسوة ومحال تواجدهنَّ مع العلم عادة بوقوع النظر علیهن ، ولا یجب التحفظ وغض البصر فی النظرة الأولی فی تلک المحال إذا لم یکن خوف افتتان .

( مسألة 1342 ) : یفرق بین الأطفال فی المضاجع إذا بلغوا عشر سنین وفی روایة إذا بلغوا ست سنین ومع خوف الفتنة یجب ذلک ، ویحرم اضطجاع المماثل تحت لحاف واحد مجردین أو مع وجود الریبة فضلاً عما إذا کانا غیر متماثلین .

( مسألة 1343 ) : لا یجوز لکل من الرجل والمرأة الأجنبیین ملامسة الآخر کما لا یجوز المصافحة إلا من وراء ثوب من دون غمز ویجوز مصافحة المحارم ولمس ما جاز النظر إلیه منهم کما هو الحال فی المماثل ، ومن مواضع الریبة ملامسة ومباشرة المرأة الصبی المراهق من دون ثیاب وکذلک الرجل مع الصبیة المراهقة ولو وراء الثیاب .

( مسألة 1344 ) : لا بأس بسماع صوت الأجنبیة ما لم یکن تلذذ وریبة ، ویکره إطالة الکلام بینهما فی غیر ضرورة ، ویحرم علیها الإسماع الذی فیه تهیّج بترقیق الصوت وتلیینه وتحسینه ؛ ومن موارد الریبة الممازحة والمفاکهة والانبساط فی الکلام المثیر للرغبة بین الطرفین .

( مسألة 1345 ) : فی موارد الاضطرار للمس أو النظر بین الأجنبیین یقتصر علی مقدار الضرورة والحاجة من معالجة أو استنقاذ من هلکة ، ولو اندفعت بالمماثل ولو فی مواضع العورة فلا تصل النوبة إلی غیر المماثل .

( مسألة 1346 ) : یجوز العزل عن المرأة وإفراغ المنی خارج الفرج وإن کان

ص:401

مکروهاً وإن کانت حرة منکوحة بالعقد الدائم فضلاً عن بقیة الصور کاشتراطه علیها فی العقد أو اذنها أو کونها متمتع بها أو کونها أمة منکوحة بملک یمین ویستثنی من الکراهة أو تتخفف فی کبیرة السن والعقیمة والسلیطة والبذیة والتی لا ترضع ولدها ولا یجب الدیة علی الرجل فی ذلک نعم یجب علی الزوجة لو أسقطتها وعزلت ولم یرد الزوج ذلک ، ویحرم علی المرأة مما نعة الرجل الا نزال فی فرجها .

( مسألة 1347 ) : لا یجوز ترک وطئ ومقاربة الزوجة عند حاجتها الملحّة أو أکثر من أربعة أشهر سواء الشابّة وغیرها ، وسواء الأمة والحرة ، وأمّا المنقطعة فعلی الأحوط ، وسواء الحاضر والمسافر فی غیر السفر الذی یضطر إلیه عرفاً .

( مسألة 1348 ) : یجوز وطی المرأة فی الدبر علی کراهة شدیدة فینبغی تجنبه ، بل لا یترک الاحتیاط مع عدم رضاها ، بل المنع أقوی مع الضرر والإیذاء .

( مسألة 1349 ) : لا یجوز وطی الزوجة قبل بلوغها حرة کانت أو أمة دواماً أو متعة وکذا لا یجوز وطی المملوکة قبل ذلک بخلاف بقیة الاستمتاعات .

ص:402

فصل : فی أولیاء العقد

(مسألة 1350 ) : لا ولایة للأب والجد علی البالغ غیر السفیه ولا علی البالغة غیر السفیهة إذا کانت ثیباً وأما إذا کانت بکراً فإن کانت مالکة لأمرها ومستقلة الرأی فی شؤونها لم یکن لأبیها ولا لجدها أن یزوجها من دون رضاها ولها أن تستقل بالتزویج . وأما البکر غیر المستقلة وغیر السفیهة فلها ولکل من الأب والجد أن یستقل بالتزویج ، نعم لو أبت وأنکرت عقدهما لم یصح ، کما أنهما لو مانعا عن عقدها کذلک ، إذا لم یکن قد سبق منها أو منهما الرضا ولو بالسکوت .

( مسألة 1351 ) : لا فرق فیما تقدم من التفصیل فی زواج الباکرة غیر السفیهة بین الزواج الدائم والمنقطع ولو مع اشتراط عدم الدخول فی ضمن العقد .

( مسألة 1352 ) : تسقط ولایة الأب أو الجد للأب فی نکاح الباکرة غیر السفیهة فی مورد عضلها من الزواج بالکفوء الشرعی أو العرفی وکذا العضل فیما لو انحصر الزواج بغیر الکفوء العرفی أو اعتزلا عن رعایة أمرها فی الزواج أو سقطا عن أهلیة الولایة لجنون أو نحوه أو کانا غائبین غیبة منقطعة مع الحاجة الملحّة إلی الزواج .

( مسألة 1353 ) : للأب والجد للأب الولایة علی الصغیرین والمجنونین البالغین سواء اتصل جنونهما بالصغر أو انفصل ، ومع عدمهما فلا ولایة لأحد علی الصغیرین وأما المجنونین البالغین فالولایة للوارث من أولی الأرحام والاستئذان من الحاکم مع ذلک علی الأحوط .

ص:403

( مسألة 1354 ) : ولایة الجد لا تناط بحیاة الأب ولا موته وأیهما سبق فی تزویج المولی علیه لم یبق محل لولایة الآخر ولو اقترن تزویجهما قدّم عقد الجد ولغی عقد الأب ، ولو جهل تاریخ العقدین وعلم بسبق أحدهما فلا یترک الاحتیاط ولو علم تاریخ احدهما نفذ دون الآخر وإن کان الاحتیاط أولی ، وإن جهل تاریخهما مع عدم العلم بسبق أحدهما فلا یبعد تقدیم عقد الجد وإن کان الاحتیاط أولی .

( مسألة 1355 ) : یشترط فی صحة تزویج الأب والجد ونفوذه عدم المفسدة والأولی رعایة المصلحة وإلا یکون العقد فضولیاً کما لو وقع من الأجنبی فتتوقف صحته علی إجازة المولی علیه إذا توفرت فیه الشرائط بعد البلوغ ، کالصغیر إذا بلغ والمجنون إذا أفاق ، والمدار فی عدم المفسدة بحسب النظر العرفی بالمقدار الذی یعتاد تب-یّنه لا بحسب نفس الأمر ، ومن ثم لو کان هناک خاطبان أحدهما أصلح فاختار الأقل صلاحاً فإنه لا یعد ذلک مفسدة .

( مسألة 1356 ) : إذا زوج الأب أو الجد للأب الصغیر أو الصغیرة مع مراعاة عدم المفسدة کان صحیحاً ولکن للصغیر الخیار بعد البلوغ وعدم السفه ، والصغیرة لو بلغت ولم تکن سفیهة وأبت انفسخ ، هذا کله مع عدم الدخول .

( مسألة 1357 ) : لو زوج الولی الصغیرة بدون مهر المثل أو زوج الصغیر بأزید منه ، فإن کان هناک مصلحة تقتضی ذلک صح العقد والمهر ، وإلا فیصح العقد ویبطل المهر ویرجع إلی مهر المثل .

( مسألة 1358 ) : المراد بالبکر غیر المالکة لأمرها من لم توطأ مطلقاً قبلاً أو دبراً حراماً أو حلالاً . ومن لم تباشر الزوج ولو بغیر الوطی ، أما من ذهبت بکارتها بالوثبة أو نحوها أو عقد علیها ولم تباشر زوجها فلا تخرج بمجرد ذلک

ص:404

عن البکر غیر المالکة لأمرها .

( مسألة 1359 ) : ینبغی للمرأة المالکة لأمرها أن تستأذن أباها أو جدها وإن لم یکونا فأخاها وإن تعدد الأخ قدّمت الأکبر .

( مسألة 1360 ) : لو اختلفت البکر غیر السفیهة وغیر المالکة لأمرها مع أبیها فی دعوی العضل فادعت هی منعها من الکفؤ وادعی هو عدم کونه کفوءاً أو ادعت هی الانحصار فی غیر الکفؤ العرفی وادعی هو عدم الانحصار فالقول قول الولی إلاّ أن تأتی ببینة .

( مسألة 1361 ) : یجوز للولی منع البکر المالکة لأمرها من الزواج بشخصٍ یکون منه التزوج به غضاضة شدیدة علیه ولکن لا یکون منعه مؤثراً فی صحة العقد .

( مسألة 1362 ) : بناءاً علی استقلال البکر غیر السفیهة وغیر المالکة لأمرها إذا تزوجت بغیر الکفؤ وأنجبت منه بغیر إذن الولی ففی نفوذ فسخه حینئذٍ تأمل .

( مسألة 1363 ) : لا یصح نکاح السفیه المبذر إلا بإذن الولی وعلیه أن یعین المهر وأما تعیین المرأة فاللازم فیه أن یکون بمقدار رافع لوقوع السفیه فی الضرر وإن لم یلزم أن یکون الإذن متعلق بشخص المرأة ، ولو تزوج بدون إذنه وقف علی إجازته فإن رأی المصلحة وأجاز صح ولا یحتاج إلی إعادة الصیغة لأنه لیس مسلوب العبارة . هذا إذا لم یکن سفهه شدیداً کشدید البله فإنه ملحق بالمجنون فی سلب العبارة حینئذٍ ، ولو عقد السفیه المأذون بأزید من المهر المأذون المضر بحاله صح العقد ویرجع إلی مهر المثل کما مر فی الصبی ، وفی صورة عدم الإذن فی العقد لو وطأ فالأقرب أن اللازم علی الولی إجازة عقده إلا إذا کان العقد مضراً به فیغرم مهر المثل .

ص:405

( مسألة 1364 ) : إذا کان الشخص رشیداً فی المالیات لکن لا رشد له بالنسبة إلی أمر التزویج وخصوصیاته ، من تعیین الزوجة وکیفیة الأمهار فالظاهر کونه کالسفیه فی المالیات فی الحاجة إلی إذن الولی .

( مسألة 1365 ) : إذا زوج الولی المولی علیه بمن به عیب لم یصح ولم ینفذ مع علم الولی أو تقصیره فی التحری ، وأما لو لم یقصّر فی التحری بحسب النهج العقلائی ثم تبین وجود العیب فیصح ، فإن کان من العیوب المجوزة للفسخ فیتخیر المولی علیه بعد زوال القصور عنه ، وإن کان من العیوب غیر المجوزة للفسخ فیتخیر الصغیران لما مر منه ثبوت الخیار لهما مطلقاً بعد ذلک دون بقیة المولی علیهم . وهل للولی فی العیوب المجوزة للفسخ إعمال الخیار لا سیما مع الضرورة فیه تأمل .

( مسألة 1366 ) : للوصی من قبل الأب أو الجد - الق-یّم - أن یزوج المجنون المحتاج إلی الزواج والصغیر أیضاً إذا نص الموصی علی ذلک أو فوّض فی الوصیة إلیه ، لکن فی هذه الصورة یقتصر علی مورد الحاجة الملحة أو الضرورة ، سواء عین مورد التزویج أو أطلق ، لکن یشترط فی صحة الوصیة عدم وجود الآخر وإلا فالأمر إلیه ، ولا ولایة للوصی علی البکر البالغ غیر السفیهة وغیر الضعیفة .

( مسألة 1367 ) : لا ولایة للحاکم الشرعی فی تزویج القاصر الذی لا ولی له إلاّ بعد فقد الأب والجد ووصیهما وفقد ذوی الأرحام ، ویقتصر من ولایته المشترکة مع ولایة بقیة ذوی الأرحام علی صورة الضرورة والمفسدة فی عدم الزواج ، کما یقتصر فی أداء الضرورة علی المقدار الذی یندفع به ولو بالعقد المنقطع دون الدائم مثلاً .

ص:406

( مسألة 1368 ) : یستحب للمرأة المالکة لأمرها أن تستأذن أباها أو جدها وإن لم یکونا فتوکّل أخاها وإن تعدد اختارت الأکبر فضلاً عن البکر غیر السفیهة وإن قیل باستقلالها أو بنفی ولایة الأب والجد علیها .

( مسألة 1369 ) : یکفی فی إذن البکر سکوتها عند العرض علیها فیما کان سکوتها لحیائها بخلاف ما إذا احتف السکوت والإباء بأمارات الکراهة .

( مسألة 1370 ) : یشترط فی ولایة الأولیاء البلوغ والعقل والحریة والإسلام إذا کان المولی علیه مسلماً فلا ولایة للأب والجد وغیرهما من ذوی الأرحام إذا جُنَّ ولو جَن أحدهما اختصت الولایة بالآخر أو من یلیه فی رتبة الرحم فی ولایة سائر الأرحام عند عدم الأب والجد ، وکذا لا ولایة للأب أو الجد الکافر علی ولده المسلم ، فتکون للآخر إذا کان مسلماً وأما ولایة الأب والجد الکافرین علی المولی علیه الکافر ، فیقرّون بما عندهم ، ولو کان فی الأولیاء مسلم فإنه وإن تأخر رتبة یحجب الولی الکافر عن المولی علیه الکافر .

( مسألة 1371 ) : یصح التوکیل فی النکاح ولو من الطرفین ولو من الولیین ولا یتعدی الوکیل ما عینه الموکل من الخصوصیات ، إلا أن یکون علی خلاف مصلحة الموکل وقد علم منه إرادة المصلحة ، وأن لو اطلع لرفع یده عن الخصوصیة ، ولابد علی الوکیل من مراعاة مصلحة الموکل بحسب المعتاد ولا یلزم علیه مراعاة الأصلح إلا مع تقیید الموکل بذلک .

وعلی ذلک فلو تعدی الوکیل یکون العقد فضولیاً یقف علی إجازة الموکلّ .

( مسألة 1372 ) : إذا وکلت المرأة رجلاً فی تزویجها فلیس ل-ه إن یزوجها من نفسه إلا إذا صرّحت ل-ه بذلک أو کانت هناک قرینة معتد بها عرفاً علی شمول ذلک له .

ص:407

( مسألة 1373 ) : یصح عقد النکاح الواقع فضولاً فی غیر الولی والوکیل بالإجازة اللاحقة سواء کان فضولیاً من أحد الطرفین أو کلیهما وکان المعقود ل-ه صغیراً أو کبیراً وکان من ذی رحم - کالأخ والعم والخال وغیرهم - أو غیره وکذلک العقد الصادر من الولی أو الوکیل علی النحو غیر المأذون فیه بأن کان علی خلاف المصلحة أو غیر ما عین ل-ه یصح من المولی علیه بعد بلوغه أو من الموکل .

( مسألة 1374 ) : لا یعتبر فی الإجازة أن تکون علی الفور فتصح مع تأخیره ولو علم بالعقد من حین وقوعه سواء کان التأخیر لداع أو لا .

( مسألة 1375 ) : لا أثر للرد بعد الإجازة ، وأما الإجازة بعد الرد فإن کان الطرف الآخر مقیماً علی التزام العقد بعد الرد فتصح ، وإلا فلا تصح ، کما تصح الإجازة منهما بعد ردهما عند التوافق بینهما .

( مسألة 1376 ) : یکفی فی الإجازة کل لفظ أو فعل دال علی الرضا بذلک العقد .

( مسألة 1377 ) : لا یشترط فی المجیز علمه بأن ل-ه أن لا یلتزم بذلک العقد فلو اعتقد لزوم العقد علیه فرضی به کفی فی الإجازة ، وکذا لو اعتقد لزوم الإجازة علیه مع علمه بجواز العقد ، وترتیب الأثر والمباشرة یعدّ رضا بالعقد بخلاف التسلیم المجرد من دون تعاط عملی .

( مسألة 1378 ) : إذا تحققت الإجازة یصح العقد من حین وقوعه فتترتب الآثار الوضعیة من حینه .

( مسألة 1379 ) : لا یکفی الرضا القلبی والنفسانی فی صحة العقد بل لا بدّ من إنشاء الرضا ، فلا یصح عقد الفضولی إلا بالإجازة ویکفی فی الإنشاء کل من القول أو الفعل الدال علی إقرار وتبنی العقد کما هو الحال فی البکر

ص:408

کما تقدم ، بخلاف ما لو کان حاضراً حال العقد وطابت نفسه به إلا أنه لم یصدر منه قول أو فعل ینشأ به رضاه ، فإنه لا یکفی ذلک فی حصول الالتزام والتعهد بالعقد .

( مسألة 1380 ) : إذا کان أحد الزوجین کارهاً حال العقد لکن لم یصدر منه ردّ ثم أجاز فیصح العقد بذلک ، وکذا لو استؤذن فنهی ولم یأذن ثم أوقع الفضولی العقد فأجاز کما هو الحال فی المکره علی الزواج فإنه یصح عقده إذا لحقه الرضا .

( مسألة 1381 ) : لا یعتبر فی وقوع العقد فضولیاً قصد الفضولیة ولا الالتفات إلیها بل المدار فی ذلک علی کون العقد بحسب الواقع صادراً عن غیر من بیده عقدة النکاح وإن تخیل خلافه .

( مسألة 1382 ) : یعتبر فی إجازة عقد الفضولی أن تکون متطابقة مع ما وقع علیه العقد من المهر والشروط الأخری أو الخلو عنها ، فلو أجاز مجرد العقد دون المهر أو بتعیین مهر آخر أو بإلغاء شرط ذکر فیه أو بشرط لم یذکر فیه لم یصح العقد بالإجازة .

( مسألة 1383 ) : لو اعتقد أنه لیس بولی أو نسی کونه وکیلاً فأوقع العقد بعنوان الفضولیة فتبین خلافه فصحة العقد تتوقف علی الإجازة ، وکذا إذا صدر التوکیل ممن ل-ه العقد ولکن لم یبلغه الخبر ، وکذلک إذا کان عالماً بأنه وکیل أو ولی ومع ذلک أوقع العقد بعنوان الفضولیة أی صورة العقد من دون أن یتبناه ویرضی به فعلاً بل أنشأ اعداداً لما إذا استقر الرأی علی إمضائه فعلاً ، فالإنشاء بمنزلة المداولة یصح إذا لحقته الإجازة هذا إذا نصب قرینة علی عدم الالتزام والتبنی الفعلی وإلاّ فظاهر الإنشاء والقبول من الوکیل والولی هو الالتزام الفعلی .

ص:409

( مسألة 1384 ) : إذا زوجّ الصغیرین ولیهما ثم مات أحدهما قبل أو بعد البلوغ فإنه یثبت للآخر الإرث ، وأما لو زوجهما غیر الولیین فکذلک یثبت الإرث بینهما إذا أجاز ولیهما قبل البلوغ أو أجاز الصغیران بعد البلوغ ، ولو بلغ أحدهما وأجاز ثم مات قبل بلوغ الآخر وإجازته فإنه یعزل میراث الآخر علی تقدیر الزوجیة فإن بلغ وأجاز یدفع إلیه بعد ما یحلف أن أخذه للمیراث لیس إلا للرضا بالتزویج ، وترتب الآثار الأخری للزوجیة من المهر والتحریم وغیرهما بمجرد الإجازة .

( مسألة 1385 ) : الظاهر عموم الحکم السابق لما لو کان أحد الطرفین فی الصغیرین هو الولی والآخر الفضولی أو کان أحد الطرفین الصغیر والآخر المجنون أو کانا مجنونین بل وکذلک لو کانا بالغین کاملین أو أحدهما ونحو ذلک ففی جمیع الصور إذا مات من لزم العقد بالنسبة إلیه وبقی الآخر فإنه یعزل میراث الآخر علی تقدیر الزوجیة والظاهر أن لزوم الحلف فی المیراث والمهر دون بقیة آثار الزوجیة کما مر .

( مسألة 1386 ) : إذا کان العقد فضولیاً من أحد الطرفین فلا یکون لازماً من طرف الأصیل قبل إجازة الطرف الآخر فیصح رجوعه وإن علم بتعقب ذلک بإجازة الأصیل الآخر للعقد لأن برجوعه لا محل لإجازة الطرف الآخر . فلو کان زوجاً فلا یحرم علیه نکاح أم المرأة وأختها مثلاً أو لو کانت زوجة فلا یحرم علیها الزواج بغیره ویکون التصرف المناف حینئذٍ بمثابة فسخ لالتزامه الموقوف فلا یبقی محل لإجازة الطرف الآخر بعده نعم بین العقد الفضولی فی النکاح وغیر النکاح فرق من جهة أن ورثة الأصیل لا یتمکنوا من فسخ ما عقده من النکاح قبل أن یجز أو یرد الطرف الآخر وبخلاف ذلک فی المعاوضات المالیة وکذلک هناک فرق بین الفضولی فی العقود وبینه فی الإیقاعات

ص:410

فإن الصبی إذا طلق قبل إدراکه تعزل عنه امرأته وینتظر بها إلی أن یدرک فیقر الطلاق أو ینکره .

( مسألة 1387 ) : إذا رد أحد الطرفین أو کلاهما عقد الفضولی لا یترتب علیه شیء من أحکام المصاهرة سواء أجاز الطرف الآخر أم کان اصیلاً أم لا ، وصار العقد کأن لم یکن فتحل أم المعقود علیها وبنتها کما تحل المعقود علیها علی الأب والابن ، نعم بین الرد وعدم الإجازة فرق فی بعض الصور کما یظهر من المسألة السابقة .

( مسألة 1388 ) : إذا زوج الفضولی امرأة لرجل من دون إطلاعها وتزوجت هی رجل آخر صح ولزم الثانی ولم یبقی محل لإجازة الأول وکذا لو زوج الفضولی رجلاً بامرأة من دون اطلاعه وتزوج هو بأمها أو بنتها ثم علم .

( مسألة 1389 ) : لو وکلت المرأة أو أذنت لرجلین فی تزویجها فزوجها کل منهما برجل فإن سبق أحدهما صح ولغی الآخر ، وإن تقارنا بطل کل منهما وإن لم یعلم الحال فإن علم بتاریخ أحدهما حکم بصحته دون الآخر ، وإن جهل تاریخهما مع احتمال تقارنهما حکم ببطلانهما معاً ، وإن علم بسبق أحدهما إجمالاً فإن أمکن الفحص یصبر حتی یتبین الحال وهذا جار فی کل صور الشک ، وإلا فیقرع بینهما ویحکم بزوجیة من وقعت علیه القرعة ، وإن کان الأولی أن یطلقاها أو یطلق أحدهما ثم یجدد الآخر النکاح ، وهذا النمط من الاحتیاط مقدم علی القرعة إذا رضی الرجلان بذلک ، وهذا الحکم فی الشقوق السابقة مطرد فی تزویج الوکیلین عن الرجل بامرأتین لا یجمع بینهما ، أو فرض تزویج المرأة أو الرجل نفسه وتزویج وکیلهما بآخر لا یجمع بین التزویجین .

( مسألة 1390 ) : فی الصور السابقة لو ادعی أحد الرجلین المعقود لهما سبق

ص:411

عقده فإن صدقته المرأة حکم بالزوجیة ، وکذا الحال فی تزویج الرجل بامرأتین لا یجمع بینهما وادعت إحداهما سبق العقد وصدقها الرجل ، وأما فی غیر ذلک من الصور کما لو لم تصدق المرأة الرجل أو ادعی الآخر السبق أو تصادق الرجلین وکذبتهما المرأة أو لم تصدقهما فإنه یحدد المنکر والمدعی بحسب الأصول العملیة المشار إلیها فی الصور السابقة فی تحدید الحکم ومع فرض تصادق المرأة والرجل فیقدم علی الأصول فی تعیین المنکر . ولو لم تجر الأصول ولم یتصادقا فیکون النزاع من باب التداعی .

ص:412

فصل : فی أسباب التحریم

أوّلاً : التحریم بالنسب :

اشارة

یعنی ما بسببه یحرم ولا یصح تزویج الرجل بالمرأة ، ولا یقع الزواج بینهما وهی أمور :

1 - النسب . 2 - الرضاع . 3 - المصاهرة وما یلحق بها . 4 - الکفر . 5 - عدم الکفاءة . 6 - واستیفاء العدد . 7 - الاعتداد . 8 - الإحرام .

القول فی النسب :

یحرم بالنسب ( کل ما یتقرب به عدا أولاد الخؤولة وأولاد العمومة ) فیحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء علی أصناف من الرجال .

1 - الأم : وتشمل الجدّات فما علون لأبٍ کنَّ أو لأم ، فتحرم المرأة علی ابنها وعلی ما توالد من الذکر منها ، بواسطة أولادها أو بناتها ، سواء کثرت الوسائط أو قلت .

2 - البنت : وتشمل الحفیدة ولو بواسطة أو وسائط - سواء کانت الوسائط بذکور أو أناث - فتحرم هی علی أبیها بما فی ذلک الجدّ لأب کان أو لأم فتحرم علی الرجل بنته وما توالد له من بنات .

3 - والأخت لأب کانت أو لأم أو لهما .

ص:413

4 - بنت الأخ : سواء کان لأب أو لأم أو لهما .

وتشمل کل امرأة تنتمی بالولادة إلی أخیه بواسطة وإن کثرت ، بذکور أو بإناث ، أو بدونهما .

5 - بنت الأخت : وتشمل کل أنثی تنتمی إلی أخته بالولادة علی النحو الذی مرّ فی بنت الأخ .

6 - العمة : وهی أخت الأب لأبیه أو لأمه أو لهما . ویشمل العالیات ، أی عمة الأب وهی أخت الجد للأب ، أو لأم ، أو لهما . وکذا عمة الأم وهی أخت الجدّ للأم لأب أو لأم أو لهما ، وکذا عمة الجدّ للأب أو جدّ للأم ، والجدّة کذلک . فمراتب العمات تترامی بمراتب الاباء فهی کل أنثی أخت ذکر ینتمی إلیه بالولادة من طرف أبیه أو أمه .

7 - الخالة : وتشمل العالیات کما مرّ فی العمة وهی أخت إحدی أمهات الرجل ولو من طرف الأب خلاف العمة فإنها أخت أحد الاباء ولو من طرف الأم فأخت الجدّة للأب خالة لأنها خالة الأب وأخت جد الأم عمة لأنها عمة الأم .

( مسألة 1391 ) : لا تحرم عمة العمة ولا خالة الخالة . ما لم تدخلا فی عنوانی العمة والخالة ولو بالواسطة . کما إذا کانت العمة أختاً لأمه لا لأبیه ، وکانت لأب الأخت أخت ، فالأخت الثانیة عمة للعمة ولیس بینهما وبین الرجل نسب ، وکذا لو کانت الخالة أختاً للأم لأبیها وکانت لأم الخالة أخت فهی خالة للخالة لکن لیس بینهما وبین الشخص نسب . وکذلک الحال فی العمومة والخؤولة ، ثم العم إذا کان العم أخ الأب لأبیه فقط ، فعمّ لأمه لیس عمّاً للمرأة وکذا خال الخال ، کما إذا کان الخال أخ الأم لأمها فخالة لأبیه ، لیس خالاً لعدم

ص:414

النسب بینه وبین المرأة .

وکذلک الحال فی الأخوة فإن أخت الأخ أو الأخت إنما تحرم إذا کانت أخت لا مطلقاً . فلو کان لک أخ أو أخت للأب وکانت لأمهما بنت من زوج آخر فهی أخت للأخ أو الأخت ولیس أختاً للرجل لا من طرف أبیه ولا من طرف أمه فلا تحرم علیه . وکذلک أخ الأخ أو الأخت ، لا یحرم إلاّ إذا کان أخ لا مطلقاً .

( مسألة 1392 ) : النسب علی قسمین :

الأوّل : وهو ما حصل بغیر الزنا سواء کان بوطی حلال ذاتاً ، من نکاح أو ملک یمین أو تحلیل ، وإن حرم بالعارض ، لحیض أو صیام أو اعتکافٍ أو إحرام أو نحوها ، أو کوطی الشبهة ، أو بغیر الوطی کالتلقیح بماء الرجل .

الثانی : الحاصل بسبب الزنا والسفاح .

وحرمة النکاح کجملة من الأحکام المترتبة علی عنوان النسب - عدا التوارث وبعض الأحکام - تعم کلا القسمین ، فلو زنا بامرأة فولدت منه ذکراً أو أنثی حرم علیهما نکاحهما .

وکذا یحرم نکاح المولود بالزنا لأولاد الزانی والزانیة من نکاح أو من زنا أو من وطی شبهة ، وبعبارة أخری یحرم نکاح المولود من الزنا للقرابة المحرمة من الزانی والزانیة ، فالنسب من الحرام یحرم النکاح کالنسب من الحلال ، بأقسامه السبعة المتقدمة .

( مسألة 1393 ) : المراد من الوطی عن شبهة هو الوطی الذی لیس بمستحق شرعاً ، مع الجهل بذلک سواء کان جهلاً بالحکم أو بالموضوع ، عن قصور أو تقصیر ما لم یکن متردداً ، ویندرج فیه ما لو علم باستحقاق الوطی عن طریق شرعی وانکشف خطؤه لاحقاً اجتهاداً أو تقلیداً ، وکإخبار المرأة بکونها

ص:415

خلیة مع عدم التهمة ونحو ذلک ، ویلحق بوطی الشبهة وطی المجنون والنائم وشبههما دون السکران إذا کان سکره عن عصیان .

ص:416

فصل : فی أحکام الرضاع

ثانیاً : التحریم بالرضاع :

( مسألة 1394 ) : إن المرتضع بالشروط الآتیة یصیر بالنسبة إلی المرضعة والفحل فی حکم الولد النسبی فی انتشار الحرمة منه إلیهما فهی مقصورة علی المرتضع وفروعه لأنه صار لهما ابناً وأبناءه أبناء الابن ولا یتعدی التحریم منهما إلی أصوله ولا إلی من کان فی طبقته بل هم فی حکم الأجانب مع المرضعة والفحل ، وأما انتشار الحرمة منهما إلیه فهی تشمل أصولهما ومن فی طبقتهما فی النسب أو الرضاع ، وفروع کل منهما النسبیین وکذلک الرضاعیین من الفحل فتصیر المرضعة أمّاً والفحل أباً وآبائهما وأمهاتهما أجداداً وجدات وإخوتهما وأخوتهما أخوالاً وخالات وأعماماً وعمات ، وأولادهما أخوة ، وأولاد أولادهما أبناء الأخوة .

وتفسیر ذلک : إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل والمرضعة أباً وأماً للمرتضع وأصولهما أجداداً وجدات وفروعهما أخوة وأولاد أخوة ل-ه ، ومن فی حاشیتهما ومن حاشیة أصولهما أعماماً أو عمات أو أخوالاً أو خالات ل-ه ، وصار هو أعنی المرتضع ابناً أو بنتاً لهما وفروعه أحفاداً لهما وإذا تبین ذلک فکل عنوان نسبی محرم من العناوین السبعة المتقدمة إذا تحقق مثله فی الرضاع یکون محرماً ، فالأم الرضاعیة کالأم النسبیة والبنت الرضاعیة کالبنت النسبیة وهکذا ، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلاً حرمت المرضعة وأمها وأم الفحل

ص:417

علی المرتضع للأمومة ، والمرتضعة وبنتها وبنات المرتضع علی الفحل وعلی أبیه وأبی المرضعة للبنتیة ، وحرمت أخت الفحل وأخت المرضعة علی المرتضع لکونهما عمة وخالة ل-ه ، والمرتضعة علی أخی الفحل وأخی المرضعة لکونهما بنت أخ أو بنت أخت لهما ، وحرمت بنات الفحل علی المرتضع والمرتضعة علی أبنائه نسبیین کانوا أم رضاعیین ، وکذا بنات المرضعة علی المرتضع والمرتضعة علی أبنائها إذا کانوا نسبیین للأخوة ، وأما أولاد المرضعة الرضاعیون ممن أرضعتهم بلبن فحل آخر غیر الفحل الذی ارتضع المرتضع بلبنه لم یحرموا علی المرتضع ، لما مر من اشتراط اتحاد الفحل فی نشر الحرمة بین المرتضعین .

( مسألة 1395 ) : الرضاع کما یقوم مقام النسب فی المحرمات النسبیة من العناوین السبعة - وهو الذی أخذ النسب تمام الموضوع للحرمة - کذلک یقوم مقام النسب فیما أخذ بعض الموضوع کما فی المحرمات بالمصاهرة ، نعم لا یقوم مقام المصاهرة فمرضعة ولدک لا تکون بمنزلة زوجتک حتی تحرم أمها علیک لکن الأم والبنت الرضاعیتین لزوجتک تکونان کالأم والبنت النسبیتین لها فتحرمان علیک ، وکذا حلیلة الابن الرضاعی کحلیلة الابن النسبی تحرم الأولی علی أبیه الرضاعی والثانیة علی ابنه الرضاعی .

( مسألة 1396 ) : ینشر الرضاع الحرمة مهما ترامت العلاقة النسبیة فی الأصول والفروع وحواشیهما أی تصاعداً وتنازلاً وانشعاباً ، سواء افترض أن وسائط العلائق کلها نسبیة أو رضاعیة أو مختلطة ، شریطة أن یکون هذا الترامی فی طول اللحمة الرضاعیة ، فلو تراضعا الأب نسبی أو الأم النسبیة مع صبیة من امرأة مع اتحاد الفحل کانت الصبیة عمة الابن أو خالته من الرضاعة ، وکذا لو کان للأب من الرضاع أب من الرضاع وترامی الآباء الرضاعیین کان کلهم أجداداً له من الرضاع والمرضعات جدات ، ولو کان للجد الرضاعی أخت

ص:418

من الرضاع حرمت علی المرتضع لکونها عمته من الرضاع ولو کانت للأم من الرضاع وإن بعدت أخت من الرضاع کانت خالته من الرضاع أیضاً .

( مسألة 1397 ) : لا یجوز أن ینکح أبو المرتضع فی أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعاً ، وکذا فی أولاد المرضعة نسباً لا رضاعاً ، وأما أولاده الذین لم یرتضعوا من هذ ا اللبن فیجوز نکاحهم فی أولاد صاحب اللبن وفی أولاد المرضعة التی أرضعت أخاهما ، وإن کان الاحتیاط لا ینبغی ترکه .

( مسألة 1398 ) : إذا أرضعت امرأة ابن شخص ثم أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلک الفحل فتلک البنت وإن حرمت علی ذلک الابن لکن تحل أخوات کل منهما لأخوة الآخر .

( مسألة 1399 ) : الرضاع المحرم کما یمنع من النکاح لو کان سابقاً یبطله لو حصل لاحقاً فلو کانت له زوجة صغیرة فأرضعتها بنته أو أمه أو أخته أو بنت أخیه أو بنت أخته أو زوجة أخیه بلبنه رضاعاً کاملاً بطل نکاحها وحرمت علیه لصیرورتها بالرضاع بنتاً أو أختاً أو بنت أخ أو بنت أخت ل-ه فحرمت علیه لاحقاً کما کانت تحرم علیه سابقاً ، وکذا لو کانت له زوجتان صغیرة وکبیرة فأرضعت الکبیرة الصغیرة حرمت علیه الکبیرة لأنها صارت أم زوجته وکذلک الصغیرة إن کان رضاعها من لبنه أو دخل بالکبیرة لکونها بنتاً له فی الأول وبنت زوجته المدخول بها فی الثانی .

( مسألة 1400 ) : إذا أرضعت امرأة ولد بنتها - أرضعت الولد جدته من طرف الأم - حرمت بنتها أم الولد علی زوجها سواء أرضعته بلبن أبی البنت أو بلبن غیره ، وذلک لأن زوج البنت أب للمرتضع وزوجته بنت للمرضعة جدة الولد ، وقد مر أنه یحرم علی أبی المرتضع نکاح أولاد المرضعة ، فإذا امتنع منه سابقاً

ص:419

أبطله لاحقاً ، وکذا إذا أرضعت زوجة أبی البنت من لبنه ولد البنت بطل نکاح البنت ، لما مر من أنه یحرم نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن ، وأما الجدة من طرف الأب إذا أرضعت ولد ابنها فلا یترتب علیه شی .

( مسألة 1401 ) : لو زوج أبنه الصغیر ببنت أخیه الصغیرة ثم أرضعت جدتهما المشترکة من طرف الأب أو الأم أحدهما انفسخ نکاحهما لأن المرتضع إن کان هو الذکر فإن أرضعته جدته من طرف الأب صار عماً لزوجته وإن أرضعته جدته من طرف الأم صار خالاً لزوجته ، وإن کان هو الأنثی صارت هی عمة لزوجها علی الأول وخالة علی الثانی .

( مسألة 1402 ) : لو أرضعت زوجته الکبیرة زوجته الصغیرة حرمتا إن کان قد دخل بالمرضعة أو کان الإرضاع بلبنه ولو مع عدم الدخول ، وإلا حرمت الکبیرة ویجدد العقد علی الصغیرة وفی صورة حرمتهما الأبدیة لو أرضعت زوجته الثانیة الصغیرة لم تحرم علیه وإن کان الاحتیاط لا ینبغی ترکه .

( مسألة 1403 ) : لو کان ل-ه زوجة صغیرة فطلقها ثم أرضعتها امرأة فالأحوط إن لم یکن أظهر حرمة المرأة المرضعة علیه .

( مسألة 1404 ) : بعد تحقق الرضاع المحرم یبقی استحقاق الزوجة للمهر فی جمیع الصور مع الدخول ، ومع عدمه فالأظهر أن لها نصف المهر کما أن الأقوی ضمان المرضعة ما یغرمه الزوج من المهر .

( مسألة 1405 ) : قد سبق أن المحرم بالرضاع إنما هو المحرم بالنسب من العناوین السبعة ، بخلاف ما لو حصلت عناوین أخری ملازمة کما لو أرضعت امرأة ولد بنته ( فصارت أم ولده ) وأم ولد البنت لیست من تلک السبعة لکنها ملازمة فی النسب لکونها بنتاً له والبنت من السبعة فهذا لا یثبت بالرضاع

ص:420

لعدم عموم تنزیل الرضاع لمثل ذلک .

ولذلک أمثلة :

أحدها : زوجتک أرضعت بلبنک أخاها فصار أخوها ولدک وزوجتک أخت له .

وثانیها : زوجتک أرضعت بلبنک ابن أخیها فصار ولدک وهی عمته وعمة ولدک فی النسب حرام علیک لأنها أختک لکن لا تحرم من الرضاع .

ثالثها : زوجتک أرضعت عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها فصارت أمهم ، وأم عم وعمة زوجتک من النسب حرام علیک لأنها جدة الزوجة من الأب وکذا لا یضر صیرورته أب لعم أو عمة زوجته لأنه لا یؤول - بالرضاع - إلی کونه جداً لزوجته . وکذا أم خال وخالة زوجتک من النسب حرام علیک لأنها جدتها من الأم ولکنها لا تحرم من الرضاع وغیرها من الأمثلة .

ص:421

فصل : فی شروط الرضاع المحرم

انتشار الحرمة من الرضاع یتوقف علی شروط :

الأوّل : ذهب المشهور إلی أنه لابد أن یکون اللبن حاصلاً من وطی جائز شرعاً بسبب نکاح أو ملک یمین أو تحلیل ، ویلحق به وطی الشبهة علی الأقوی ، فلو درّ اللبن من امرأة من دون نکاح لم ینشر الحرمة وکذا لو کان اللبن من زنا ، والأحوط إن لم یکن أقوی نشر الحرمة باللبن الحاصل من ماء الرجل سواء حصل بوطی أو بغیر وطی وسواء کان حلالاً أو حراماً .

( مسألة 1406 ) : لا یعتبر فی النشر بقاء المرأة فی حبالة الرجل فلو طلقها الزوج أو مات عنها وهی حامل منه أو مرضع فأرضعت ولداً نشر الحرمة ، وکذا إن تزوجت ودخل بها الزوج الثانی ولم تحمل منه ، أو حملت منه وکان اللبن بحاله ولم ینقطع ولم تحدث فیه زیادة ، فالمدار علی انتساب اللبن إلی الفحل .

الشرط الثانی : أن یکون شرب اللبن بالامتصاص من الثدی فلو وجر فی حلقه اللبن أو شرب اللبن المحلوب من المرأة لم ینشر الحرمة .

الشرط الثالث : أن تکون المرضعة حیّة فلو ماتت فی أثناء الرضاع وأکمل النصاب حال موتها ولو رضعة لم ینشر الحرمة علی المشهور والاحتیاط فی الصورة الأخیرة لا یترک .

الشرط الرابع : أن یکون المرتضع فی أثناء الحولین وقبل استکمالهما

ص:422

فلا عبرة برضاعه بعدهما ، ولو وقع رضاعه بعد فطامه أثناء الحولین ففی نشر الحرمة إشکال ، ولا یعتبر الحولان فی ولد المرضعة علی الأقوی فلو وقع الرضاع بعد کمال حولیه نشر الحرمة إذا کان قبل حولی المرتضع .

( مسألة 1407 ) : المراد بالحولین أربع وعشرون شهراً هلالیاً من حین الولادة ولو وقعت فی أثناء الشهر یکمل من الشهر الخامس والعشرین تمام الثلاثین علی الأظهر ، فلو تولد فی العاشر من شهر یکمل حولاه بجبر ما یحصل به تمام الثلاثین بعد الحولین .

الشرط الخامس : الکمیة ، وهی بلوغه حدّاً معیناً فلا یکفی مسمی الرضاع ولا رضعة کاملة بل اللازم استیفائه أحد التقادیر الثلاثة :

الأثر وهو أن ینبت اللحم أو یشتد العظم .

أو التقدیر بالزمان وهو أن یرتضع یوماً ولیلة علی نحو الاتصال بأن یکون غذاؤه فی هذه المدة منحصراً بلبن المرأة .

أو التقدیر بالعدد فهو أن یرتضع منها خمس عشرة رضعة کاملة .

( مسألة 1408 ) : المعتبر فی إنبات اللحم وشد العظم استقلال الرضاع فی حصولهما علی وجه ینسبان إلیه ، فلو فرض ضم السکر ونحوه إلیه علی نحو ینسبان إلیهما أشکل ثبوت التحریم والمدار فی الإنبات والشد المعتد به منهما البین صدقه عرفاً ولا یکتفی بالدقة العقلیة وإذا شک فی حصولهما بهذه المرتبة أو فی استقلال الرضاع فیرجع إلی التقدیرین الآخرین .

( مسألة 1409 ) : یعتبر فی التقدیر بالزمان أن یکون غذاؤه فی الیوم واللیلة باللبن ولا یقدح شرب الماء للعطش ولا الدواء ویکفی التلفیق فی التقدیر لو کان بدء الرضاع فی أثناء اللیل أو النهار .

ص:423

( مسألة 1410 ) : یعتبر من التقدیر بالعدد أو الزمان أمور :

منه-ا : کمال الرضعة بأن یروی الصبی ویصدر من قبل نفسه ، ولا یعتد بالرضعة الناقصة ولا تضم الناقصات بعضها لبعض ، نعم الفصل فی الرضعة الواحدة للتنفس أو الالتفات أو الانتقال من ثدی إلی آخر وغیر ذلک لا یخل بکون المجموع رضعة واحدة هذا فی التقدیر بالعدد ، أما التقدیر فی الزمان فالمعتبر فی کمال الرضاع أن یستوفی حاجته فی هذه المدة فلا ینقص تناوله فی الیوم أو اللیلة عن مقدار حاجته ولو بضم رضعة ناقصة لما نقص .

ومنه-ا : توالی الرضعات بأن لا یفصل بینها رضاع امرأة أخری من فحل آخر ، وأما لو کان تحقق کمال العدد أو المدّة من امرأة أخری من لبن الفحل نفسه ففی نشر الحرمة بین المرتضع والفحل إشکال .

ولا یقدح فی التوالی تخلل غیر الرضاع من الأکل والشرب ما لم یخل باستقلال الرضاع کما مرّ فی إنبات اللحم وشد العظم .

ومنه-ا : اتحاد الفحل أن یکون تمام القدر أو الأثر من لبن فحل واحد ولا یکفی اتحاد المرضعة ، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل مقداراً ثم طلقت وحملت من نکاح غیره فأرضعت الباقی لم ینشر الحرمة وإن لم یتخلل رضاع امرأة أخری بأن تغذی بالأکل والشرب ، مضافاً إلی الخلل فی شرطیة الاستقلال فی هذه الصورة أیضاً .

( مسألة 1411 ) : لو شک فی وقوع الرضاع أو فی حصول بعض شروطه من الکمیة أو الکیفیة بنی علی العدم ، نعم یشکل فیما لو علم بوقوع الرضاع بشروطه فی وقت معین لکنه شک فی انقضاء الحولین .

( مسألة 1412 ) : لا تقبل الشهادة علی الرضاع إلا مفصّلة بأن یشهد الشهود

ص:424

علی الارتضاع فی الحولین بالامتصاص من الثدی خمس عشر متوالیات مثلاً وغیرها من الشروط ، فلا تکفی الشهادة المطلقة والمجملة بأن یشهد بوقوع الرضاع المحرم أو بالبنوة من الرضاع ، بل لابد من الاستفصال ، نعم لا یعتبر التفصیل فی إقرار المقر علی نفسه .

( مسألة 1413 ) : تقبل شهادة النساء العادلات فی الرضاع مستقلات بأن تشهد أربع نسوة علیه ، ومنضمات بأن تشهد به امرأتان مع رجل واحد ، نعم یشترط فی الشهادة بقیة شرائط الشهادة من عدم التهمة وغیر ذلک .

( مسألة 1414 ) : یستحب أن یختار لرضاع الأولاد المسلمة العاقلة العفیفة الوضیئة ذات الأوصاف الحسنة خَلْقاً وخُلُقاً فإنّ للبن تأثیراً بالغاً فی المرتضع کما ورد فی الأخبار . کما یکره استرضاع الکافرة والزانیة وبنت الزنا والحمقاء والعمشاء .

ص:425

فصل : فی المحرمات بالمصاهرة

الاُولی : بالذات

( مسألة 1415 ) : إذا تزوج الرجل امرأة حرمت علی أبیه فصاعداً وابنه فنازلاً سواء من النسب أو الرضاع دواماً أو متعة أحرارا أو ممالیک ، وإن لم یحصل دخول .

( مسألة 1416 ) : تحرم المملوکة علی الأب والابن إذا باشرها المالک أو نظر إلی عورتها وإن لم یدخل بها ، وکذا إذا کانت محلله فضلاً عن الدخول .

( مسألة 1417 ) : تحرم علی الزوج أم الزوجة وإن علت نسباً أو رضاعاً ، وإن لم یدخل بالزوجة سواء عقده بها منقطعاً أو دائماً ، وکذا تحرم بنت الزوجة وإن نزلت مع الدخول بالزوجة ، سواء کانت فی حجره أم لا ، وإن تولدت بعد مفارقة الزوجة .

( مسألة 1418 ) : لا فرق فی الدخول بین القبل والدبر وتکفی الحشفة أو مقدارها ، ولا یکفی الإنزال علی فرجها من غیر دخول وإن حبلت به ، وکذا لا فرق بین أن یکون فی حال الیقظة أو النوم اختیاراً أو جبراً .

( مسألة 1419 ) : لا یجوز نکاح بنت الأخ أو الأخت علی العمة والخالة إلاّ بإذنهما ، کما لا یجوز الجمع مقترناً إلا بإذنهما ، ومتی عقد بالبنتین علیهما ثم علمتا کان لهما الخیار إن شاءتا أمضتا النکاح ، وإن شاءتا فسختاه

ص:426

ولو تزوج العمة والخالة علی بنت الأخ والأخت وکانتا جاهلتین فلهما الخیار فی فسخ عقد أنفسهما .

( مسألة 1420 ) : لا فرق فی العمة والخالة بین الدنیتین منهما أو العلیتین . کما لا فرق بین النسبیتین والرضاعیتین .

( مسألة 1421 ) : إذا أذنتا ثم رجعتا عن الإذن بعد العقد فلا یؤثر فی البطلان ، بخلاف ما لو کان قبله ، ولو لم یطلع الزوج علی رجوعهما ، ویکفی الرضا الباطنی مع وجود القرینة علیه .

( مسألة 1422 ) : لا یجوز نکاح الأمة أو الکتابیة علی الحرة بنحو تکون ضرة لها وعدل . إلا بإذنها ، ولو فعل ثم علمت کانت بالخیار إن شاءت أمضت النکاح وإن شاءت فسخته ، ویجوز التزوج بالحرة المسلمة علی الأمة أو الکتابیة من دون إذنهما ، ولو کانت الحرة المسلمة جاهلة فلها الخیار فی فسخ عقد نفسها .

نعم لو کان نکاح منقطع لمجرد قضاء الوطر من دون اتخاذها سکناً فی عشرته وحیاته فلا یحتاج إلی إذنها .

( مسألة 1423 ) : الظاهر أن اعتبار إذنهما من باب الحق لهما وإن لم یسقط بالإسقاط المبتدأ ، لکن لو اشترط علیهما أن یکون له العقد علی بنت الأخ أو الأخت فرضیتا لم یکن لهما الرجوع عنه قبل العقد ، ولو اشترط علیهما الإذن فی العقد وجب علیهما الوفاء بالشرط ولو تخلفا عنه أجبرهما الحاکم .

( مسألة 1424 ) : إذا تزوج بالعمة وابنة أخیها وشک فی السابق منهما کان لهما حق الفسخ ، ویعین أحد العقدین متعلقاً للفسخ بالقرعة ، ولو تزوج بنت الأخ أو الأخت وشک فی أنه عن إذن من العمة أو الخالة حکم بالصحة مع القرینة وظاهر الحال .

ص:427

( مسألة 1425 ) : إذا طلق العمة أو الخالة فإن کان بائناً صح العقد علی بنت الأخ أو الأخت بمجرد الطلاق ، وإن کان رجعیاً لم یجز إلا بإذنهما أو بعد انقضاء العدة .

( مسألة 1426 ) : من زنا بخالته أو عمته فی قبلها أو دبرها حرمت علیه بناتها أبداً إذا کان الزنا سابقاً علی العقد ، بل تحرم بنت المزنی بها وأمها مطلقاً علی الزانی فیما إذا کان الزنا سابقاً علی العقد ، بل الأحوط ذلک إذا کان الزنا بعد العقد علی البنت وقبل وطیها ، وحکم وطی الشبهة حکم وطی الزنا فی التحریم .

( مسألة 1427 ) : المشهور أن المرأة المزنی بها تحرم علی آباء الزانی وأبنائه إذا کان الزنا سابقاً علی العقد ، وهو الأظهر ، وکذلک علی الأحوط فیما إذا کان الزنا بعد العقد وقبل وطئ الزوج ، وحکم وطئ الشبهة حکم وطئ الزنا علی الأظهر .

( مسألة 1428 ) : الزنا والوطئ بالشبهة الطارءان علی العقد والدخول لا یوجبان التحریم ، فلو تزوج بنت خالته أو عمته أو بنت امرأة أجنبیة ودخل بها ثم زنا بخالته أو عمته أو الأم الأجنبیة أو وطأها شبهة لم تحرم علیه البنت ، نعم لو طلق البنت بعد ذلک وبانت منه ثم أراد أن یجدد العقد علیها فالأحوط تحریمها علیه .

( مسألة 1429 ) : لا فرق فی الأحکام المذکورة للزنا ووطئ الشبهة بین القبل والدبر .

( مسألة 1430 ) : یحرم الجمع بین الأختین فی النکاح دواماً أو متعة نسبیتین کانتا أم رضاعیتین أو مختلفتین ، فلو تزوج بإحدی الأختین ثم تزوج بالأخری بطل عقد الثانیة خاصة ، ولو اقترن عقدهما بأن تزوجهما بعقد واحد أو عقد

ص:428

هو علی إحداهما ووکیله علی الأخری فی زمان واحد فلیختر إحداهما ویترک الأخری ، والأحوط أن یکون اختیاره بالقرعة .

( مسألة 1431 ) : إذا عقد علی الأختین وعلم بعدم تقارنهما أو احتمل ذلک ، وجهل تاریخهما أقرع بینهما لتعیین الواقع ولو علم تاریخ إحداهما صح دون مجهول التاریخ .

( مسألة 1432 ) : إذا طلق زوجته رجعیاً فیحرم نکاح أختها وهی فی عدتها ، ولو کان بائناً جاز نکاح أختها وإن لم تنقض العدة ، لکنه یکره ، وکذا الحال فی عدة المتعة .

( مسألة 1433 ) : لو وطأ إحدی الأختین بغیر عقد حراماً أو شبهة فیکره له نکاح الأخری مدة استبراء الأولی أو عدتها ، وکذا لو کان عاقداً علی إحدی الأختین ثم وطأ الأخری حراماً أو شبهة فإنه یکره له مقاربة المعقود علیها مدة الاستبراء أو العدة للثانیة .

( مسألة 1434 ) : یصح الجمع بین الفاطمیتین فی النکاح وإن کان مکروهاً بل قد یحرم مع فرض الإیذاء الشدید للأولی ، فإن احترام الذریة من نسلها ( صلوات اللّه علیها ) قد توافرت الأدلة بالأمر به .

الثانیة : المحرّمة بالإفضاء

( مسألة 1435 ) : لو دخل بصبیة لم تبلغ فإن لم یفضها فلا تحرم علیه أبداً وإن أثم ، وإن کان الأولی کونه الإفضاء ، وأما مع الإفضاء فتحرم علیه وتبین منه علی الأظهر ، والإفضاء هو جعل مسلکی البول والحیض أو الحیض والغائط وحداً أو نحو ذلک بحیث یعطل الفرج عن منافعه ، دون بقیة صور الإفضاء

ص:429

التی لا یذهب فیها جل منافع الفرج ، ویجب علیه النفقة لها مادامت حیة وإن نشرت أو طلقت بل وإن تزوجت بعد الطلاق فیما لم یکن الجرح قابلاً للاندمال بحسب طبیعة الإفضاء ، کما یجب علیه دیة الإفضاء وهی دیة النفس ، نعم بقیة صور الإفضاء غیر الموجبة للحرمة الأبدیة یثبت فیها الدیة بحسب نسبة التلف فی المنافع والأحوط عموم الحرمة لوطی الصبیة غیر الزوجة کالموطوءة بشبهة أو زنا ، کما أن الأحوط إن لم یکن أظهر عموم حکم الإنفاق والإجراء للکبیرة ولغیر الزوجة فی کل مورد ثبت فیه ضمان الدیة .

ثم إن الحرمة الأبدیة تدور مدار تنجز حرمة الوطی فلا تشمل الواطی الصبی أو المجنون أو الواطی بشبهة فیما تخیل أنها کبیرة ، نعم الأحوط إن لم یکن أظهر ثبوت حکم النفقة والإجراء کالدیة فی موارد الضمان مطلقاً .

( مسألة 1436 ) : إن دیة الإفضاء فی الصغیر والمجنون علی تقدیر ثبوتها علی العاقلة بخلاف الإجراء فإنه فی مالهما .

( مسألة 1437 ) : إذا کان المفضی صغیراً أو مجنوناً فالدیة مع ثبوتها علی عاقلتهما .

( مسألة 1438 ) : إذا شک فی إکمالها تسع سنین فیبنی علی صغرها وتترتب بقیة الآثار .

الثالثة : المحرّمة باستیفاء العدد

( مسألة 1439 ) : یحرم علی الحر فی الدائم ما زاد علی أربع حرائر وفی الإماء ما زاد علی الأمتین ، وله أن یجمع بین حرتین وأمتین أو ثلث حرائر وأمة ، ویحرم علی العبد ما زاد علی أربع إماء ، وفی الحرائر ما زاد علی حرتین

ص:430

وله أن ینکح حرّة وأمتین .

( مسألة 1440 ) : لو طلق إحدی زوجاته الأربع رجعیاً لم یجز أن ینکح أخری دواماً حتی تخرج من العدة ویکره ذلک فی البائن والمتوفاة بقدر العدة وإن کان جائزاً ، وأما المنقطع فیجوز الجمع بما بلغ منه أی عدد مع الأربع دواماً .

( مسألة 1441 ) : إذا عقد علی ما یزید علی الأربع دواماً فإما أن یکون بنحو التعاقب فیبطل خصوص ما تعقب الأربع وإما دفعة للمجموع الزائد کان أوقع العقد علی خمس دفعة أو بالتفریق کأن کانت له ثلاث زوجات ثم عقد علی اثنتین دفعة فالأقوی والأظهر أنه یختار أربعاً من الخمس فی الصورة الأولی ویختار رابعة من الاثنتین فی الصورة الثانیة ، والأحوط أن یکون اختیاره بالقرعة .

( مسألة 1442 ) : إذا کان عنده أربع وشک أنهن بالدوام أو أن بعضهن بالمنقطع فالأظهر بل الأقوی البناء علی الدوام .

الرابعة : المحرّمة بالاعتداد من البعولة

( مسألة 1443 ) : یحرم العقد علی ذات البعل أو المعتدة دواماً أو متعة بائناً أو رجعیاً أو فی عدة وفاة أو عدة وطی شبهة حرة کانت أو أمة ، ولو تزوجها حرمت علیه أبداً إذا کان أحدهما عالماً بالحکم والموضوع ، وکذا مع جهلهما إذا دخل بها ولو دبراً . وکذا مع الإکراه علی الأظهر ، ولا یلحق بالعدة أیام استبراء الأمة ، نعم الأحوط إلحاق المملوکة بالمعتدة کما لو عقد علی مملوکة الغیر أو وطئها . ویلحق الولد به مع الشبهة ، وعلیه مهر المثل للمرأة مع جهلها .

( مسألة 1444 ) : یعتبر فی الدخول بذات العدة الموجب للحرمة الأبدیة

ص:431

فی صورة الجهل أن یکون الوطی فی العدة فلا یکفی وقوع العقد فیها والوطی خارجها .

( مسألة 1445 ) : العقد علی ذات البعل والمعتدة الفاسد لموانع شرعیة أخری موجب للحرمة الأبدیة أیضاً .

( مسألة 1446 ) : فی إلحاق المالک أو المحلل له الأمة المزوجة أو المعتدة بالعقد علی ذات البعل أو المعتدة إشکال .

( مسألة 1447 ) : ویلحق بالعقد فی التحریم الأبدی الوطی مطلقاً شبهة أو غیره .

( مسألة 1448 ) : المدار فی تحریم العقد المؤبد علی علم الزوج لا علم ولیه أو وکیله ، فلو زوج الصغیر ولیه من امرأة ذات عدة فإنّه لا یوجب الحرمة إلاّ إذا أمضاه بعد البلوغ والرشد قبل انقضاء العدة .

( مسألة 1449 ) : یجوز العقد علی المعتدة من عدةٍ لنفسه سواء کانت عدة طلاق أو شبهة أو غیرها ، عدا ما لو کانت العدة رجعیة فالعقد لغو ولکنه بمنزلة الرجوع . وعدا ما لو کانت مطلقة ثلاثاً فإن العقد باطل لکنه لا یوجب الحرمة الأبدیة وعدا ما لو کانت ذات عدة لغیره أیضاً .

( مسألة 1450 ) : إذا تزوج بامرأة علیها عدة ولم تشرع فیها - کما إذا مات زوجها ولم یبلغها الخبر فإن مبدأ عدتها من حین بلوغ الخبر - فعقده باطل کما أن الأحوط إن لم یکن أظهر تحریمها علیه أبداً .

( مسألة 1451 ) : لو وطئت المرأة ذات البعل شبهة ثم طلقها زوجها طلاقاً بائناً ثمّ عقد علیها المطلق فی عدة الشبهة فإن العقد وإن کان فاسداً إلا أنها لا تحرم علیه مؤبداً .

( مسألة 1452 ) : لا بأس بتزوج المرأة الزانیة غیر ذات البعل للزانی وغیره ،

ص:432

نعم یکره التزویج بها وتزداد الکراهة فی المشهورة بالزنا وتشتد باشتداد الشهرة وبحسب اتخاذها أم ولد وبحسب الإصرار علی الزنا وبلحاظ الزواج الدائم ، بل قد یصل إلی الحرمة التکلیفیة إذا استلزم المهانة والتشهیر ، والأحوط مطلقاً الترک فی المشهورة ، وکذلک الحکم فی التزویج بالزانی .

نعم الأحوط لزوم استبراء رحمها بحیضة سواء کان من مائه أو من ماء غیره ، بل الأحوط ذلک فی الحامل أیضاً .

( مسألة 1453 ) : لا تحرم الزوجة علی زوجها بزناها وإن کانت مصرة علی ذلک ولا یجب علیه أن یطلقها .

( مسألة 1454 ) : یلحق الزنا بذات البعل وبالمعتدة بالعقد علیها والدخول بهما فی الحرمة الأبدیة ، فلا یجوز له نکاحهما بعد موت الزوج أو طلاقه أو انقضاء المدّة ، سواء کان عالماً حال الزنا بأنها ذات بعل أو لا ، بل الحال کذلک فی مطلق الوطی ولو عن شبهة أو إکراه أو جهل .

الخامسة : المحرّمة بسبب اللواط بذی رحمها

( مسألة 1455 ) : من لاط بغلام فأوقبه بدخول الحشفة حرمت علیه أمه مؤبداً وإن علت وبنته وإن نزلت وأخته سواء من النسب أو الرضاع ، ولا فرق فی الحکم بین الأسنان ، کما لا فرق بین تقدم الفعل علی التزویج أو تأخره مادام لم یدخل بالمرأة ، فلو لاط بالغلام بعد الدخول بالمرأة فلا یبطل النکاح الفعلی بخلاف النکاح اللاحق بعد الطلاق والبینونة فالأحوط تحریمه .

السادسة : المحرّمة بالإحرام

( مسألة 1456 ) : التزویج حال الإحرام ولو من أحد الطرفین یوجب الحرمة

ص:433

الأبدیة مع العلم بالحرمة ولو من أحد الطرفین أو مع الدخول سواء کان العقد بالمباشرة أو التوکیل وکذا الحال فی إجازة عقد الفضولی مع کون العقد أو الإجازة فی حال الإحرام .

( مسألة 1457 ) : یبطل عقد التزویج حال الإحرام من أحد الطرفین ولو مع جهلهما بالحکم أو الموضوع .

( مسألة 1458 ) : العلم الموجب للحرمة الأبدیة لابد أن یکون بالحکم والموضوع فمع الغفلة أو النسیان للحکم أو الموضوع لا تحرم مؤبداً وإن بطل العقد .

( مسألة 1459 ) : لا یوجب وطی الزوجة حال الإحرام التحریم الأبدی ولو مع العلم والعمد ، نعم الأحوط إلحاق وطی الأجنبیة حال الإحرام بالتزویج بها ، کما مر فی وطی المعتدة وذات البعل .

( مسألة 1460 ) : العقد الفاسد بسبب الموانع الشرعیة یوجب الحرمة الأبدیة أیضاً حال الإحرام کما مر فی ذات العدة .

( مسألة 1461 ) : یجوز للمحرم الرجوع فی الطلاق فی العدة الرجعیة وکذا تملک الإماء .

( مسألة 1462 ) : یجوز للمحرم أن یوکل محلاً أو محرماً فی أن یزوجه بعد إحلالهما .

( مسألة 1463 ) : لو زوجه فضولی فی حال إحرامه لا تصح إجازته حال الإحرام وکذا لا یصح إجازته بعد إحلاله علی الأظهر ، وکذلک لو کان الفضولی محرماً والمعقود له محلاً .

ص:434

فصل : من أسباب التحریم اللعان

(مسألة 1464 ) : إذا تلاعنا الزوجان أمام الحاکم الشرعی بالشروط الآتیة فی کتاب اللعان بأن یرمیها بالزنا ویدعی المشاهدة بلا بینة أو ینفی ولدها الجامع لشرائط الإلحاق به وتنکر ذلک ورفعا أمرهما إلی الحاکم فیأمرهما بالملاعنة بالکیفیة الخاصة ، فإذا تلاعنا سقط عنه حد القذف وعنها حد الزنا وانتفی الولد عنه وحرمت علیه مؤبداً .

( مسألة 1465 ) : إذا قذف الزوج امرأته الخرساء بالزنا حرمت علیه مؤبداً وفی ثبوت التحریم فی قذف زوجته الصماء إشکال .

وکذا فی نفی الولد خاصة .

ص:435

فصل : من أسباب التحریم الکفر

(مسألة 1466 ) : لا یجوز للمسلمة أن تنکح الکافر دواماً وانقطاعاً ، سواء کان أصلیاً حربیاً أو کتابیاً ذمیاً أو کان مرتداً عن فطرة أو عن ملة ، وکذا لا یجوز للمسلم تزویج غیر الکتابیة من أصناف الکفار ولا المرتدة مطلقاً ، وأما الکتابیة من الیهودیة والنصرانیة ، فیجوز النکاح المنقطع بها ، بل وکذا الدائم علی کراهیة والاحتیاط فی الترک ، لاسیما فی الحربیة ، ولاسیما إذا استطاع نکاح المسلمة ، وکذا إذا أراد أن یبنی بها للاستیلاد ، والأقوی أنها کالزواج بالأمة لا یجوز الزیادة فوق اثنتین فی الدائم .

( مسألة 1467 ) : یجوز الزواج المنقطع بالمجوسیة ، وأما الدائم فلا یخلو من إشکال ، وأما الصابئة ففیه إشکال ، بل لا یخلو المنع من قوة ، سواء المندائیین فضلاً عن الحرانیین ، أما السامرة فالظاهر أنهم فرقة من الیهود .

( مسألة 1468 ) : العقد الواقع بین الکفار لو وقع صحیحاً عندهم وعلی طبق مذهبهم أو أعرافهم المنتشرة یرتب علیه آثار الصحیح عندنا سواء کان الزوجان من أهل الکتاب أو من الوثنیة أو الملاحدة أو مختلفین ، ولو أسلما معاً دفعة ، أی بنحو متقارب ( بحیث یعد عرفاً متقارناً ) أقرّا علی نکاحهما الأول بلا حاجة إلی عقد جدید علی طبق مذهبنا .

وکذا لو أسلم أحدهما أیضاً کما فی بعض الصور الآتیة . نعم لو کان نکاحهم مشتملاً علی ما یقتضی الفساد ابتداءً واستمراراً کنکاح إحدی المحرمات

ص:436

عیناً أو جمعاً ، جری علیه بعد الإسلام حکم الإسلام .

( مسألة 1469 ) : إذا أسلم زوج الکتابیة بقیا علی نکاحهما الأول سواء کان کتابیاً أو غیره قبل الدخول أو بعده ، وإذا أسلم زوج غیر الکتابیة سواء کان کتابیاً أو غیره فإن کان قبل الدخول انفسخ النکاح فی الحال وإن کان بعده ینتظر إنقضاء العدة ، ویفرق بینهما حتی یظهر الحال فإن أسلمت الزوجة قبل انقضاءها بقیا علی نکاحهما وإلا تبین انفساخه من حین إسلام الزوج .

( مسألة 1470 ) : إذا أسلمت زوجة الکتابی أو غیره سواء کانت کتابیة أو غیرها فإن کان قبل الدخول انفسخ النکاح فی الحال وإن کان بعده وقف علی انقضاء العدة . فإن أسلم قبل انقضاءها فهی امرأته وإلا تبین بینونتها منه حین إسلامها .

( مسألة 1471 ) : لو ارتد أحد الزوجین أو ارتدا معاً دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ فی الحال ، سواء کان الارتداد عن فطرة أو ملة ، وکذا بعد الدخول إذا کان الارتداد من الزوج عن فطرة ، وأما إن کان عن ملة أو من الزوجة مطلقاً وقف الفسخ علی انقضاء العدة فیمن لها عدة ، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها کانت زوجته ، وإلا انکشف أنها بانت منه عند الارتداد .

( مسألة 1472 ) : تعتد المرأة فی ارتداد الزوج عن فطرة عدة الوفاة وفی غیره عدّة الطلاق فیمن کانت ذات عدة .

( مسألة 1473 ) : لا یجوز للمؤمنة أن تنکح الناصب المعلن لعداوة أهل البیت ، ولا الغالی المعتقد بألوهیتهم أو بنبوتهم ، وکذا لا یجوز للمؤمن أن ینکح الناصبة أو الغالیة لأنهما بحکم الکفار وإن انتحلا دین الإسلام واختلف حکمهما عن مطلق الکفار فی بعض الآثار .

والأحوط إلحاق المبغض لأهل البیت والمبغضة غیر المعلنین إذا ثبت ذلک

ص:437

منهما بالمعلنین .

( مسألة 1474 ) : یجوز نکاح المؤمن المخالفة غیر الناصبة المعلنة للعداوة ، وإن کان یکره ذلک ، بخلاف المستضعفة ، وأما نکاح المؤمنة من المخالف غیر الناصب المعلن للعداوة ففیه خلاف وإن کان الأقوی الجواز مع الکراهة الشدیدة ، نعم لو کانت فی معرض الزیغ عن الحق حرم تکلیفاً ، کما أن الکراهة ثابتة من زواجها بالمستضعف .

( مسألة 1475 ) : التمکن من النفقة لیس شرطاً فی صحة العقد ، نعم هو دخیل فی نفس الکفاءة العرفیة ، فلو کان العقد مبنیاً علیها ولو دلّس الرجل نفسه علی المرأة بإظهار الیسار فلا یبعد ثبوت الخیار ، ولو طرأ العجز بعد العقد لم یکن لها الخیار فی الفسخ لا بنفسها ولا بواسطة الحاکم ، ولکن یجوز لها أن ترجع أمرها إلی الحاکم الشرعی فیما کان بقاؤها معه علی هذا الحال شاقاً وحرجیاً علیها ، فیأمر زوجها بالطلاق ، فإن امتنع طلقها الحاکم الشرعی . ویأتی فی مبحث العیوب والنفقة تتمة لذلک .

( مسألة 1476 ) : یصح تزویج الحرة بالعبد والعربیة بالأعجمی والهاشمیة بغیر الهاشمی وبالعکس ، وکذا ذوات البیوتات الشریفة بأرباب الصنائع الدنیئة کالکناس والحجام ونحوهما ، لأن المسلم کفؤ المسلمة والمؤمن کفؤ المؤمنة ، والمؤمنون بعضهم أکفاء بعض - کما فی الخبر - نعم یکره التزویج بالفاسق خصوصاً شارب الخمر ، ولا یجوز للولی المنع من التزویج مع کون الخاطب کفؤ شرعاً وعرفاً مع رضا المولی علیها به وکذا لو کان التزویج فی مصلحة المولی علیها .

( مسألة 1477 ) : یصح نکاح المریض فی المرض المتصل بموته بشرط

ص:438

الدخول ، فإن لم یدخل بها حتی مات فی مرضه فنکاحه باطل ، ولا مهر لها ولا میراث ، ولا عدة علیها بموته ، وسواء مات بمرضه أم بسبب آخر من قتل أو مرض آخر ، والظاهر عموم الحکم للأمراض الطویلة التی تستمر سنیناً ما دام موته متوقعاً فی طیلة تلک الفترة .

وهذا بخلاف ما لو کان المرض لا یعد مرض الموت کالحمی الخفیفة ونحوها ، أما إذا مات بعد الدخول بها صح العقد وثبت المهر والمیراث ، ولو برء من مرضه ومات ولم یدخل بها ورثته وکان لها نصف المهر .

( مسألة 1478 ) : یعم الحکم السابق ما لو تزوجها فی مرضه المتصل بموته فماتت قبله وقبل الدخول .

( مسألة 1479 ) : لو تزوج امرأة وهی مریضة فماتت فی مرضها ولم یدخل بها ورثها وکان لها نصف المهر إن کان تصرفها منجزاً غیر مقید عرفاً بالموت ، وکذا الحال فی ما لو مات هو قبلها فی مرضها .

( مسألة 1480 ) : نکاح الشغار باطل وهو أن تتزوج امرأتان برجلین علی أن یکون مهر کل واحدة منهما نکاح الأخری ، ولا یکون بینهما مهر غیر النکاحین والتزویجین ، مثل أن یقول زوجتک ابنتی أو أختی علی أن تزوجنی ابنتک أو أختک ویکون صداق کل منهما نکاح الأخری ویقبل الآخر بنحو شرط النتیجة ، بخلاف ما لو زوج أحدهما الآخر بمهر معلوم وشرط علیه أن یزوجه الأخری بمهر معلوم صح العقدان وإن لم یصح الاشتراط ، أی بنحو شرط الفعل .

ص:439

فصل : فی النکاح المنقطع

ویقال له المتعة أو النکاح المؤجل .

( مسألة 1481 ) : النکاح المنقطع کالدائم یشترط فیه الإیجاب والقبول فهو عقد مشتمل علیهما کلفظین فلا یکفی مجرد الرضا القلبی من الطرفین ولا المعاطاة ولا الکتابة ولا الإشارة . ویزید علیه باشتراط ذکر المهر فیه وذکر أجل معین ولا تعتبر فیه العربیة - کما مر - وإن کان أحوط ، ویجوز الإیجاب من کل من الطرفین والقبول من الآخر مع مراعاة حیثیة معنی الفعل من قبل الموجب فلو کان من قبل الزوج قال : تمتعت بک ، وقالت قبلت المتعة أو تمتیع نفسی بک .

( مسألة 1482 ) : ألفاظ الإیجاب فی هذا العقد أحد ثلاثة :

متعت وزوجت وأنکحت ولا ینعقد بغیرها کلفظ التملیک والهبة والإجارة ، والقبول کل لفظ دال علی إنشاء الرضا بذلک الإیجاب ، کقول-ه : قبلت المتعة أو رضیت التزویج ، ولو اقتصر علی لفظ القبول أو الرضا کفی .

( مسألة 1483 ) : لا تنحصر المتعة فی عدد فیجوز التمتع بما شاء الرجل من النساء کما لا ینحصر ملک الیمین فی عدد .

( مسألة 1484 ) : لا یجوز تمتع المسلمة بالکافر بجمیع أصنافه وکذا لا یجوز تمتع المسلم بغیر الکتابیة من أصناف الکفار ولا بالمرتدة ولا بالناصبیة المعلنة للعداوة .

( مسألة 1485 ) : لا یتمتع بأمة أو کتابیة وعنده حرة مسلمة من دون إذنها

ص:440

إذا اتخذهما سکناً مستقراً فی حیاته أی بنحو تکونان کالعدل والضرة للحرة المسلمة ولو فعل کانت بالخیار إن شاءت أمضته وإن شاءت فسخته کما مر فی الدائم .

بخلاف ما لو تمتع بهما لمجرد قضاء الوطر من دون اتخاذهما عشرة مستقرة فلا یشترط إذنها . وکذا لا یجمع بین الأختین .

( مسألة 1486 ) : یشترط فی النکاح المنقطع ذکر المهر ، فلو أخل به بطل . وأن یکون متمولاً عیناً کان أو منفعة أو حقاً محللاً صالحاً للعوضیة ، وأن یکون معلوماً کیلاً أو وزناً أو عدّاً بالمشاهدة أو الوصف الرافع للجهالة إجمالاً ، ولا یتقدر قلة وکثرة إلا بما تراضیا علیه .

( مسألة 1487 ) : تملک المتمتعة المهر بالعقد ویلزم دفعه إلیها بعده لو طالبته ویجوز ل-ه حبس مقدار ما یکون بأزاء بعض المدة مما یخاف عدم وفائها به حتی توفیه ، ویستقر تمامه بالدخول ووفائها بالتمکین تمام المدة ، ولو وهبها المدة قبل الدخول لزمه نصف المهر ، وبعده یلزمه تمامه ، وإن مضت من المدة ساعة وبقی منها شهور أو أعوام فلا یقسّط المهر علی ما مضی من المدة وما بقی .

ولو أخلت بالتمکین بعض المدة کان ل-ه أن یضع من المهر بنسبته والظاهر أن نصفه للدخول ونصفه الآخر للتمکین تمام المدة عدا أیام حیضها والأعذار المتعارف وقوعها .

( مسألة 1488 ) : لو مکنته نفسها تمام المدة لکنه ترکها ولم یدخل بها سواء لمانع منعه أو ترکها استقر علیه تمام المهر ، والمدار فی ذلک التمکین من الوط ء قبلاً دون سائر الاستمتاعات .

ص:441

( مسألة 1489 ) : لو تبین فساد العقد - بأن ظهر لها زوج أو کانت أخت زوجته أو أمها مثلاً ولم یدخل بها - فلا مهر لها ، ولو قبضته فله استعادته ، ولو تلف کان علیها بدله ، ولو دخل بها فإن کانت جاهلة فلها مهر المثل ، وإن کانت عالمة بالفساد فلا تستحق شیئاً لکنها لا تغرم ما أخذته لو تلف علی الأظهر .

( مسألة 1490 ) : یشترط فی النکاح المنقطع ذکر الأجل ، فلو لم یذکره متعمداً أو نسیاناً انعقد دائماً علی الأظهر إذا کان الإیجاب بلفظ النکاح أو التزویج وکذا لو لم یذکره لاستحیاء أو لجهل بالحکم وتقدیر الأجل إلیهما طال أو قصر .

ولا بدّ أن یکون معیناً بالزمان لا یحتمل الزیادة والنقصان ، ولو قدره بالمرة أو المرتین فإن کان فی العرف یقدر بمدة زمنیة یستوفی فیها ذلک صح .

( مسألة 1491 ) : یعتبر فی الأجل أن لا یزید علی عمر الزوجین عادة وإلاّ کان العقد دواماً علی الأظهر وإن اتفق تطاول عمرهما أکثر مما عین .

( مسألة 1492 ) : إذا قالت زوجتک نفسی إلی شهر أو شهراً مثلاً وأطلقت اقتضی ذلک الاتصال بالعقد ، ولو جعلت المدة منفصلة عن العقد بأن تعین المدة شهراً مثلاً وتجعل مبدأه بعد أشهر من العقد ، فیصح ویکون من باب اشتراط تأخیر الاستمتاع مع کون الزوجیة فعلیة من حین العقد .

( مسألة 1493 ) : لا یصح تجدید العقد علیها دائماً ولا منقطعاً قبل انقضاء الأجل أو بذل المدة ، فلو کانت المدة شهراً وأراد أن تکون شهرین لابد أن یهبها المدة ثم یعقد علیها ویجعل المدة شهرین ، ولا یجوز أن یعقد علیها عقداً آخر ویجعل المدة شهراً مثلاً بعد الشهر الأول حتی یصیر المجموع شهرین ، نعم یجوز للزوج أن یعقد علیها من غیر عدة بخلاف غیره فلا یعقد علیها إلا بعد عدة الأول .

( مسألة 1494 ) : یجوز أن یشترط علیها وعلیه الإتیان لیلاً أو نهاراً ،

ص:442

وأن یشترط المرة أو المرات مع تعیین المدة بالزمان ، کما یجوز أن تشترط علیه أن لا یدخل بها ، والشروط المذکورة یجوز إسقاطها بعد .

( مسألة 1495 ) : یجوز العزل للمتمتع من دون إذنها ، ولکن یلحق به الولد لو حملت وإن عزل وإن کانت المرأة غیر مأمونة لاحتمال سبق المنی من غیر تنبه ، وکذا یلحق به لو أنزل علی فم الفرج ، ولیس للزوج نفی الولد مع احتمال تولده منه ، ولو نفاه جزماً انتفی ظاهراً بمجرد ذلک من دون لعان إلا إذا کان قد أقر به سابقاً ، وکذا الحکم فی الأمة .

( مسألة 1496 ) : لا یقع بها طلاق وإنما تبین بانقضاء المدة أو هبتها ، ولا رجوع له بعد ذلک .

( مسألة 1497 ) : لا یثبت بهذا العقد توارث بین الزوجین ولو شرطا التوارث فالظاهر التوریث بینهما ، ولا یصح اشتراط توریث أحدهما خاصة ، ولو شرطا ذلک فثبوت التوریث بینهما لا یخلو من وجه .

( مسألة 1498 ) : إذا انقضی أجلها ووهبها مدتها قبل الدخول فلا عدة علیها وإن کان بعده ولم تکن صغیرة ولا یائسة فعلیها العدة وهی طهران ویستکشف هذا الحد بحیضتین ، إلا أنه یکتفی بالحیضة الثانیة بمجرد الدخول فیها ، وإن کان استیفائها أحوط ، وإن کانت فی سن من تحیض ولا تحیض فعدتها خمسة وأربعون یوماً . ولو انقضی الأجل أو وهبها المدة فی أثناء الحیض لم تحسب تلک الحیضة بأنها الأولی ، بل لابد من حیضتین بعد ذلک ، هذا فیما کانت حائلاً ، وأما لو کانت حاملاً فعدتها إلی أن تضع حملها کالمطلقة علی الأقوی والأولی عند البعض مراعاة أبعد الأجلین من الوضع أو انقضاء المدة .

وأما عدتها من الوفاة فهی أربعة أشهر وعشرة أیام إن کانت حرة حائلاً ،

ص:443

وأبعد الأجلین منها ومن وضع حملها إن کانت حاملاً کالدائمة ، وإن کانت أمة فهی شهرین وخمسة أیام إلا أن تکون أم ولد أو مدبرة أو معتقة عند الموت وکانت قد وطئت .

( مسألة 1499 ) : یستحب أن تکون المتمتع بها مؤمنة عفیفة ، والسؤال عن حالها قبل الزواج بها مع الریبة ، وأنها ذات بعل أو ذات عدة أم لا ، ولیس السؤال والفحص عن حالها شرطاً فی الصحة بل یکفی ظاهر إقدامها وقولها .

( مسألة 1500 ) : یجوز التمتع بالزانیة علی کراهیة ، وتشتد مع کونها من العواهر والمشهورات بالزنا ، نعم قد یحرم تکلیفیاً إذا استلزم المهانة أو التشهیر ، نعم والأحوط الترک فی المشهورة ، والأحوط الأقوی لزوم استبراء رحمها بحیضة من مائه أو من ماء غیره .

ص:444

فصل : فی العیوب والتدلیس

وهی قسمان مشترک ومختصّ :

أما المشترک فهو الجنون وهو اختلال العقل ، ولیس منه الإغماء ومرض الصرع ولکل من الزوجین فسخ النکاح بجنون صاحبه ففی الرجل مطلقاً ، سواء کان جنونه قبل العقد ومع جهل المرأة به أو حدث بعده قبل الوطی أو بعده ، وأما فی المرأة ففیما إذا کان جنونها قبل العقد ولم یعلم به الرجل أو بعده قبل الوطی بخلاف ما إذا طرأ بعد الوطی ، ولا فرق فی الجنون بین المطبق والأدوار وإن وقع العقد حال إفاقته ، کما أن الظاهر عدم الفرق فی الحکم بین النکاح الدائم والمنقطع . وسیأتی الکلام فی الجذام والبرص .

أما المختص بالرجل فثلاثة : الخصاء وهو سل الأنثیین أو رضهما ، مع سبقه علی العقد وعدم علمها به ، أما الحادث بعد العقد فالاحتیاط فیه لا یترک . والجب وهو قطع الذکر بشرط أن لا یبقی منه ما یمکن معه الوطی ولو قدر الحشفة سواء سبق العقد أو لحقه . والعنن وهو مرض تضعف معه الآلة عن الانتشار بحیث یعجز عن الإیلاج ، مع عجزه عن الوطی لها ولغیرها سواء سبق العقد أو تجدد بعده ، لکن مع عدم وطیه لها ولو مرة وإلا فلا مع احتمال تجدد قدرته .

وأما المختص بالمرأة : البرص والجذام ، والإفضاء وقد مر تفسیره فیما سبق ، والقرن ویقال ل-ه العفل ، وهو لحم ینبت فی فم الرحم یمنع من الوطی ،

ص:445

والعرج البین وإن لم یبلغ حد الإقعاد والزمانة ، والعمی وهو ذهاب البصر عن العینین وإن کانتا مفتوحتین . ولا اعتبار بالعور ولا بالعشا ، وهی علة فی العین لا یبصر باللیل ویبصر بالنهار ، ولا بالعمش وهو ضعف الرؤیة مع سیلان الدمع فی غالب الأوقات .

( مسألة 1501 ) : یفسخ العقد بعیوب المرأة إذا تبین وجودها قبل العقد وکذا ما یتجدد بعده علی الأظهر قبل الوطی .

( مسألة 1502 ) : لیس العقم من العیوب الموجبة للخیار لا من طرف الرجل ولا من طرف المرأة .

( مسألة 1503 ) : ذهب إلی أن الجذام والبرص لیسا من عیوب الرجل الموجبة لخیار المرأة ، وقیل بکونهما منها ، فهما من العیوب المشترکة بین الرجل والمرأة وهو الأقرب وإن کان الاحتیاط لا ینبغی ترکه .

( مسألة 1504 ) : خیار الفسخ فی کل من الرجل والمرأة لیس علی الفور فلا یسقط بترک المبادرة والتأخیر فضلاً عن الجهل بالخیار ، ما لم یکن التأخیر بقدر دال علی الرضا عرفاً .

( مسألة 1505 ) : إذا اختلفا فی العیب فالأظهر لزوم الفحص مع الإمکان وإلاّ فالقول قول منکره مع الیمین إذا لم یکن لمدعیه بینة ، ویثبت بها العیب حتی العنن علی الأقوی ، وکذا بالطرق الموجبة للاطمینان المتبعة عند أهل الاختصاص . وکذلک بالإقرار أو غیره من موازین الإثبات فی باب القضاء وتثبت العیوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة ، ولا یبعد ثبوتها بالواحدة فیما کان العیب فی القبل أو الدبر .

( مسألة 1506 ) : إذا ثبت عنن الرجل أو عجزه عن الوطی ، فإن صبرت فهو ،

ص:446

وإلاّ رفعت أمرها إلی الحاکم الشرعی لاستخلاص نفسها منه وأجّلها سنة کاملة من حین المرافعة ، فإن واقعها أو واقع غیرها فی أثناء هذه المدة فلا خیار لها ، وإلا کان لها الفسخ . ولو رضیت بالإقامة معه سقط الخیار .

( مسألة 1507 ) : الفسخ بالعیب لیس بطلاق ، سواء وقع من الزوج أو الزوجة ، فلیس له أحکامه ولا یترتب علیه لوازمه ، ولا یعتبر فیه شروطه ، فلا یحسب من الثلاثة المحرمة المحتاجة إلی المحلل ، ولا یعتبر فیه الخلو من الحیض والنفاس ولا حضور العدلین .

( مسألة 1508 ) : یجوز للرجل الفسخ بعیب المرأة من دون إذن الحاکم ، وکذا المرأة بعیب الرجل . نعم فی العنن یفتقر إلی الإثبات والمرافعة إلی الحاکم لضرب الأجل ، ومع انقضاءه فلها الفسخ مع تعذر الوطی فی المدة لکن الأحوط إن لم یکن أظهر مراجعة الحاکم فی ذلک .

( مسألة 1509 ) : إذا فسخ العقد بأحد العیوب ، فإن کان قبل الدخول فلا مهر لها ، وإن کان بعده استقر المهر المسمی علی الرجل . إلا فی العنن فإنها تستحق علیه فیه نصف المهر المسمی قبل الدخول . والأحوط ذلک فی الخصی الذی دلّس نفسه .

( مسألة 1510 ) : إذا دلّست المرأة نفسها علی الرجل فی أحد عیوبها الموجبة للخیار وتبین ل-ه بعد الدخول ، فإن اختار البقاء فعلیه تمام المهر کما مرّ ، وإن فسخ لم تستحق مهر المسمی لکن تستحق أقل مهر مثل المعیوبة وإن دفعه إلیها استعاده ، لکن لو تلف لا تغرمه ، وإن کان المدلس غیر الزوجة فالمهر المسمی - وإن استقر علی الزوج بالدخول ، واستحقته الزوجة - إلا أنه یرجع به علی المدلس إذا دفعه ، فی مقدار التفاوت بینه وبین مهر مثل المعیوبة .

ص:447

( مسألة 1511 ) : یتحقّق التدلیس إما بتوصیف المرأة بالصحة عند الزوج أو من یتولی شأنها بنحو یکون سبباً لغروره وانخداعه أو بالاقتصار علی الأوصاف السالمة والسکوت عن المعیبة مع خفائها علی الزوج وهذا بخلاف ما لو کان الأخبار لا للتزویج أو لغیر الزوج وذویه .

( مسألة 1512 ) : المدلس الضامن لمهر المسمی هو من یسند إلیه التغریر والخداع والتدلیس سواء کان ولیاً شرعاً أو عرفاً ممن یتولی شؤون المرأة وأمورها أو واسطة تعارف وتوافق بین الطرفین إلی حین وقوع العقد .

( مسألة 1513 ) : کما یتحقّق التدلیس فی العیوب الخاصة الموجبة للخیار کالجنون والعمی وغیرهما ، کذلک یتحقّق فی مطلق النقص کالعور ونحوه بإخفائه ، وکذا فی صفات الکمال کالشرف و الحسب والنسب والجمال والبکارة وغیرها بتوصیفها بها مع فقدانها ، إلا أن الخیار فی النمط الأول مترتب علی العیوب خاصة وإن لم یحصل تدلیس . وإنما أثر التدلیس هو رجوع الزوج علی المدلس بفارق المسمی مع مهر مثل المعیوبة کما مرّ ، وأما بقیة أنواع النقص أو صفات الکمال فالتدلیس بهما موجب للخیار إذا اشترطا فی العقد ، سواء بالتصریح أو بالتوصیف کأن یقول زوجتک هذه البنت الباکرة أو وقع العقد مبنیاً من الطرفین علیهما کما إذا وصفها بصفة کمال أو عدم نقص عند الخطبة والمقاولة ثم بنی العقد علی ذلک . ثم لو فسخ الزوج رجع علی المدلس کما مر .

( مسألة 1514 ) : لیس من التدلیس الموجب للخیار سکوت الزوجة أو ولیها عن النقص مع وجوده واعتقاد الزوج عدمه - فی غیر العیوب الخاصة - إذا کان بإمکان الزوج استعلامه بالتحری والفحص ، وأولی بذلک سکوتهما عن فقد

ص:448

صفة الکمال مع اعتقاد الزوج وجودها ، نعم لو انحصر استعلامه بالزوجة أو ولیها وکان ظاهر فعلهما علی حال السلامة کان من التدلیس ، وکذا السکوت بعد السؤال .

( مسألة 1515 ) : لو تزوج امرأة علی أنها حرة فبانت أمة بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة من الاشتراط فله الفسخ ولا مهر إلا مع الدخول ، ویرجع بفارق المهر - بین المسمی وعشر قیمتها إن کانت بکراً أو نصف العشر إن کانت ثیباً - علی المدلس .

( مسألة 1516 ) : لو تزوجته علی أنه حر بأحد الوجوه الثلاثة من الاشتراط فبان عبداً فلها الفسخ ولها المهر بعد الدخول لا قبله . وکذا إذا قال : أنا من بنی فلان فتزوجته علی ذلک فبان أنه من غیرهم .

( مسألة 1517 ) : لو تزوجها علی أنها بکر بأحد الوجوه الثلاثة من الاشتراط فبانت ثیباً ینقص من المهر مقدار التفاوت بین البکر والثیب لکن لیس له الفسخ إلا إذا ثبت بالإقرار أو البینة أو بالفحص المختص أنه بوطی سابق علی العقد ، ولا یثبت الأرش فی غیر ذلک من العیوب .

ویحسب النقص بنسبة التفاوت بین مهر مثلها بکراً وثیباً ، فإذا کان المهر المسمی مائة وکان المهر مثلها بکراً ثمانین وثیباً ستین فینقص من المائة ربعها وهی خمسة وعشرون وتبقی خمسة وسبعون .

( مسألة 1518 ) : العیوب المنصوصة إنما توجب الخیار إذا کانت ممتنعة الإزالة ولو بمعالجة طبیّة حدیثة أو کان المعیوب ممتنعاً عن العلاج وإلا فلا خیار .

ص:449

فصل : فی المهر

ویقال له الصداق وإن اختص استعمال الثانی بالمعجل .

( مسألة 1519 ) : کل ما یملکه المسلم یصح جعله مهراً عیناً کان أو دیناً أو منفعة لعین مملوکة من دار أو عقار أو حیوان أو غیرها ویصح جعله منفعة الحر کتعلیم صنعة ونحوه من کل عمل محلل ، بل الظاهر صحة جعله حقاً مالیاً قابلاً للنقل والانتقال کحق التحجیر ونحوه ، ولا یتقدر بقدر بل ما تراضی علیه الزوجان کثیراً کان أو قلیلاً ما لم یخرج بسبب القلة عن المالیة کحبة من حنطة . نعم یستحب فی جانب الکثرة أن لا یزید علی مهر السنة وهو خمسمائة درهم . ولو أریدت الزیادة فتجعل بعنوان النحلة .

( مسألة 1520 ) : لو جعل المسلم المهر ما لا یملکه المسلم کالخمر والخنزیر صح العقد وبطل المهر المسمی ، وهل تستحق المرأة القیمة أو مهر المثل بالدخول ، لا یبعد الأول ، وکذا الحال لو کان الزوجان کتابیین وأسلم أحدهما أو کلاهما أو کان کافران وأسلما ، وکذلک لو جعل المهر مال الغیر غفلة أو مع الإلتفات بل لا یبعد ثبوت المثلی فی المال المثلی والقیمة فی القیمی ، ولو جعل المهر خلاًّ فبان خمراً فلا یبعد ثبوت مثله من الخل .

( مسألة 1521 ) : لابد من تعیین المهر بما یخرج عن الإبهام ، لکن لا بالمقدار المعتبر فی البیع ونحوه من المعاوضات المالیة ، فلو أمهرها أحد هذین أو خیاطة أحد ثوبین مثلاً وکان بینهما تفاوتاً معتد به بطل المهر دون العقد ، وتکفی

ص:450

مشاهدة عین حاضرة وإن جهل الکیل أو الوزن أو العدد أو الذرع کصبرة من طعام وقطعة من الذهب وطاقة مشاهدة من الثوب وکومة حاضرة من الجوز ونحو ذلک .

( مسألة 1522 ) : ذکر المهر لیس شرطاً فی صحة العقد الدائم ، فلو عقد علیها ولم یذکر مهراً أصلاً بأن اکتفی بلفظ الإیجاب والقبول صح العقد ، بل لو صرحت بعد المهر - بأن قالت زوجتک نفسی بلا مهر فقال قبلت - صح إن کانت قاصدة نفی تسمیة وتعیین مهر خاص ویقال لهذا العقد تفویض البضع وللمرأة مفوضة البضع ، بل وکذا علی الأظهر لو کانت قاصدة أو صرحت بنفی مطلق المهر من مهر المسمی ومهر المثل حتی بعد الدخول ، فإنّه یصح العقد إذا عوضها أو تراضیا بعد ذلک علی مهر قبل أن یدخل بها .

( مسألة 1523 ) : إذا وقع العقد بلا مهر لم تستحق المرأة المفوضة البضع مهراً معجلاً ، وهو الذی یسمی صداقاً لکن لها المطالبة بفرض المهر لمعرفة ما تستحق بالوط ء أو التشطیر بالطلاق ، ولها حبس نفسها للفرض والتعیین ولو دخل بها استحقت علیه بسبب الدخول مهر المثل ، والمفوضة البضع إذا طلقها قبل الدخول تستحق ( المتعة ) ، والإمتاع هو أن یعطیها شیئاً بحسب حاله من الغنی والفقر والیسار والإعسار وبحسب حالها من الشأن ، فالغنی یمتّع بالدابة أو الخادم والمتوسط یمتّع بالثوب والدنانیر والفقیر یمتّع بالدینار أو الخاتم أو الدراهم أو الخمار . ولو انفسخ العقد قبل الدخول بغیر الطلاق لم تستحق مهراً ولا متعة وکذا لو مات أحدهما .

( مسألة 1524 ) : إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن یتراضیا بعد العقد علی شیء سواء کان بقدر مهر المثل أو أقل منه أو أکثر ، ویتعین ذلک مهراً وکان کالمذکور

ص:451

فی العقد ، ففرض المهر یعم تعیینه حال العقد وبعده .

( مسألة 1525 ) : المعتبر فی مهر المثل هنا وفی کل مورد یحکم به ملاحظة حال المرأة وصفاتها من السن والبکارة والنجابة والعفة والعقل والأدب والشرف والجمال والکمال وأضدادها ، بل یلاحظ کل ما له دخل فی العرف والعادة فی ارتفاع المهر ونقصانه ویؤخذ المعدل الوسطی فی ذلک ، وتلاحظ أقاربها وعشیرتها وبلدها وغیر ذلک .

( مسألة 1526 ) : إذا أشرک أباها أو أخاها أو أحد من أقاربها فی المهر بأن جعل مقداراً لها ومقداراً منه لأبیها ، صح ما جعل لها وبطل ما کان لأبیها ، وکذا لو شرط له شیئاً زائداً علی المهر فإنه بمثابة الوعد والشرط الابتدائی ، ولو شرط علیها أن تعطی أباها شیئاً من مهرها صح ، ولو شرط لها أن ینحل أباها شیئاً زائداً علی المهر صح ، ولم یترتب علی المشروط حینئذ آثار المهر من التنصیف ونحو ذلک . وکذلک الحال فی الهدایا أو الأموال المشروط بذلها لنفقات مجلس الزفاف ونحوه وغیرها التی لا تشترط بعنوان المهر والعوض عن البضع .

( مسألة 1527 ) : ما تعارف فی بعض البلدان من أخذ بعض أقارب البنت کأبیها أو أمها أو أختها من الزوج شیئاً الذی یسمی عند بعض ب-( الشیربها ) أو نحو ذلک لا بعنوان المهر ولا جزء منه إن أخذ کجعالة علی عمل مباح کالوساطة لتحصیل رضا الزوجة أو لرفع الموانع فهو جائز وینفذ لازماً مستقلاً عن عقد النکاح ، نعم لو کان بذلاً مقدماً کهبة بداعی جلب الهوی والمیل لیصفو ذات البین أو لکون رضا الزوجة منوطاً برضاه ونحو ذلک من الدواعی السائغة صح أیضاً ، وإن لم یکن لازماً حیث یجوز للزوج استرجاعه ما دام موجوداً ، وأما لو کان بذل الزوج ل-ه لرفع ممانعته غیر السائغة مع أن الزوجة راضیة

ص:452

بالتزویج فیحرم أخذه وأکله ، والقریب ضامن له .

( مسألة 1528 ) : یجوز أن یجعل المهر کله حالاً أو کله مؤجلاً ، أو یبعضه حالاً ومؤجلاً ، وللزوجة مطالبة الحال مع یسار الزوج ، لکن لها الامتناع من التمکین وتسلیم نفسها حتی تقبض مهرها الحال وإن کان معسراً ، ولیس لها ذلک بالنسبة إلی المؤجل .

( مسألة 1529 ) : یجوز أن یشترط فی العقد تقدیر المهر وتعیینه إلی حکم أحد الزوجین ، بأن تقول الزوجة زوجتک نفسی علی ما تحکم أو أحکم من المهر فقال قبلت ، فإن کان المفوض إلیه هو الزوج جاز حکمه بما شاء فی طرف الکثرة والقلة ما دام متمولاً ما لم یکن قرینة حالیة أو مقالیة مقیدة فی طرف القلة بمهر المثل ، وإن کان الحکم إلیها جاز حکمها فی طرف القلة بما شاءت ولا یجاوز فی طرف الکثرة مهر السنة وهو خمسمائة درهم .

( مسألة 1530 ) : إذا مات أحد الزوجین مع تفویض المهر لحکم أحدهما فللمرأة المتعة ولا مهر لها إذا کان قبل الدخول ، وأما بعده فلها مهر المثل إن مات الحاکم .

( مسألة 1531 ) : إذا طلق قبل الدخول رجع بنصف المهر المسمی وبقی لها نصفه ، فإن کان دیناً علیه ولم یکن قد دفعه برئت ذمته من نصفه ، وإن کان عیناً فإن کانت مما ینقسم فله نصفها وإلا فله نصف قیمتها یوم الدفع .

وکذا إن تلفت إن کانت قیمیة وإلا فنصف مثلها إن کانت مثلیة الأجزاء وفی حکم التلف النقل بناقل لازم ، ولو کان النقل جائزاً تخیرت بین الرجوع ودفع نصف العین وبین دفع بدل النصف .

( مسألة 1532 ) : إذا حصل للصداق نماء - متصل کسمن الدابة وکبر الشجرة -

ص:453

ثم طلقها قبل الدخول کان ل-ه نصفه ، فیما إذا استحق نصف العین وهو فیما إذا کان مما ینقسم - کما مر - کما لو تعددت الدواب والشجر فی المثال - بخلاف ما لو لم ینقسم - کما لو اتحدت الدابة أو الشجرة - فإن له نصف قیمة العین فقط یوم الدفع ، وفی حکم النماء المتصل ما لو أصدقها حیواناً حاملاً کالغنم علی وجه یدخل الحمل فی الصداق ولو حین الدفع کان له النصف من الغنم والأولاد ، أما النماء المنفصل - کنتاج الحیوان ولبنه وصوفه - فجمیعه للزوجة کما لو أصدقها غنماً وحملت عندها فیرجع بنصف الغنم دون الأولاد .

( مسألة 1533 ) : إذا مات أحد الزوجین قبل الدخول فالمشهور استحقاقها المهر کاملاً وهو الأقرب فیدفع الزوج عند موتها لأولیاءها نصف المهر إن لم یکن لها ولد وهو یرثها ، وتأخذ - عند موت الزوج - المهر کاملاً وترثه .

( مسألة 1534 ) : الصداق تملکه المرأة بنفس العقد وتستقر ملکیة تمامه بالدخول ، فإذا طلقها الزوج قبل الدخول عاد إلیه النصف وبقی للمرأة النصف ، فلها التصرف فیه بعد العقد بأنواع التصرفات ولو حصل ل-ه نماء کان لها خاصة ، ولا یستحق الزوج منه شیئاً لو استعاد نصف المهر بالطلاق قبل الدخول کما مر تفصیله .

( مسألة 1535 ) : لو أبرأته من الصداق الذی کان علیه ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه علیها وکذا لو وهبته عین المهر رجع بنصف مثلها أو قیمة نصفها علیها ، فلو وهبته نصفها کان الباقی بینهما ویرجع علیها بنصف مثل أو نصف قیمة الموهوب .

( مسألة 1536 ) : الدخول الذی یستقر به تمام المهر هو مطلق الوط ء ولو دبراً .

( مسألة 1537 ) : إذا أعطاها عوضاً عن المهر ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصف

ص:454

المهر لا بنصف العوض .

( مسألة 1538 ) : یجب علی الزوج تسلیم المهر ، وهو مضمون علیه حتی یسلمه ، فلو تلف قبل تسلیمه کان ضامناً لمثله أو قیمته وإن لم یفرط ، ولو أتلفه ثالث تخیرت بین الرجوع علیه أو علی الزوج وإن کان قرار الضمان هو علی الذی أتلف .

( مسألة 1539 ) : إذا أزال غیر الزوج بکارة المرأة بإکراهها بالوط ء أم بغیره کان علیه مهر مثلها بکراً .

( مسألة 1540 ) : إذا کان الوط ء لشبهة من طرف المرأة استحقت مهر المثل سواء علم الواطئ بالحال أم لا وسواء حصلت الشبهة بعقد أو بغیره ، ولو انتفت الشبهة من طرفها بأن کانت عالمة بالحال لم تستحق شیئاً ، ولا یتعدد المهر بتعدد الوط ء مع استمرار الاشتباه بل یتعدد مع تعدد الاشتباه .

( مسألة 1541 ) : إذا طلقها قبل الدخول واستحقت نصف المهر المسمی ، فلها أن تعفو عنه ، وکذا یجوز لأبیها وجدها لأبیها العفو عن البعض دون الکل وأمّا الوکیل المفوض أو الولیّ من غیرهما فیراعیان المصلحة فی أصل العفو ومقداره .

( مسألة 1542 ) : إذا اختلف الزوجان بعد الطلاق فی تحقق الدخول فادعته الزوجة ، فالقول قولها مع یمینها إذا خلا بها وعاشا معاً مدة ولو قلیلة من دون مانع من وقوعه ، وإلا فالقول قوله مع یمینه مع عدم العلم بأصل الخلوة بها وإلاّ فاللازم الفحص مع التمکن من معرفة ذلک لاسیما فی الباکر بل وغیرها مع الوسائل والأجهزة الحدیثة ، کما أن للزوج أن یقیم البینة علی العدم .

( مسألة 1543 ) : إذا اختلف الزوجان فی أصل تسمیة مهر فی العقد فادعته

ص:455

وأنکره ، فإن کان قبل الدخول فلها أن تطالب بفرض المهر والقول قولها مع یمینها إذا کان ظاهر حال من عرف وعادة متبعة من دون قرائن منافیة وإلاّ فالقول قوله مع یمینه وثمرة التسمیة مر أن لها الامتناع عن التمکین قبل قبضه .

( مسألة 1544 ) : إذا اختلفا فی قدر المهر بأن ادعی الزوج مهر المثل وتدعی هی الزائد علی ذلک فالقول قوله مع یمینه ، وإن ادعی أقل من مهر المثل وتدعی مهر المثل فالقول قولها مع یمینها ، لاسیما بعد الدخول إلا أن یکون فی البین ظاهر حال موافق لدعواه لاسیما قبل الدخول فالأظهر إن القول قوله مع یمینه ، وإن اختلفا وادعی الزوج النقد وادعت عینا ما فالقول قوله مع یمینه وإن ادعی کل منهما عیناً مغایرة لعین الآخر فیتحالفان ویثبت مهر المثل مع الدخول ، وأما قبله فللزوجة المطالبة بفرض المهر ، وهو بحکم تفویض المهر لا تفویض البضع .

( مسألة 1545 ) : إذا اختلفا فی التعجیل والتأجیل أو فی زیادة الأجل فادعت الأول فالقول قولها مع یمینها إلا أن یکون ظاهر حال من عرف وعادة علی الثانی فالقول قوله مع یمینه .

( مسألة 1546 ) : إذا زوج ولده الصغیر فإن کان للولد مال فالمهر علی الولد وإن لم یکن له مال فالمهر یضمنه الوالد ، فلو مات الوالد أخرج المهر من أصل ترکته سواء بلغ الولد وأیسر أم لا ، ولو شرط الوالد البراءة من الضمان فیصح إن قبلت الزوجة علی معنی إسقاط المهر من رأس أما لو رضیت ببقائه فی ذمة الصغیر ففی صحة الشرط إشکال .

( مسألة 1547 ) : لو دفع الوالد المهر الذی کان علیه من جهة إعسار الولد ثم بلغ الصبی فطلق قبل الدخول استعاد الولد الزوج نصف المهر دون الوالد وکذا الحال فی المتبرع الأجنبی بالأداء أو بالضمان کما مرّ فی إبراء أو هبة الزوجة المهر للزوج قبل الطلاق والدخول .

ص:456

فی الشروط المذکورة فی عقد النکاح

(مسألة 1548 ) : یجوز اشتراط - أی أمر سائغ - فی ضمن عقد النکاح ، ویجب الوفاء علی المشروط علیه کما فی بقیة العقود ، لکن تخلفه أو تعذره لا یوجب الخیار للمشروط ل-ه وإن أثم المشروط علیه ، نعم یستثنی من ذلک ما مرّ من الشروط بوجود صفة فی أحد الزوجین ککون الزوجة باکرة أو الزوج هاشمیاً ونحو ذلک فتبین خلافه ، حیث یوجب الخیار علی التفصیل المتقدم .

( مسألة 1549 ) : إذا اشترط ما یخالف الشرع کأن اشترطت المرأة أن یکون أمر الطلاق والجماع بیدها أو أن لا یعطی لضرتها حقها من النفقة أو القسم ونحو ذلک بطل الشرط وصح العقد والمهر ، نعم لو کان الشرط یخالف ما یقتضیه ذاتیاً کأن تشترط المتمتع بها أن لا یستمتع بها مطلقاً بطل الشرط وتوقفت صحة العقد علی الرضا بقاءاً .

( مسألة 1550 ) : لا یصح اشتراط الخیار فی عقد النکاح الدائم ولا المنقطع فلو شرط بطل وصح العقد .

( مسألة 1551 ) : إذا اشترطت فی العقد أن لا یطأها أو أن لا یفتضها لزم الشرط سواء کان دائماً أو منقطعاً ، ویحرم علیه الوط ء من حیث مخالفة الشرط فلا یکون زنا ، ولو أذنت بعد ذلک جاز .

( مسألة 1552 ) : إذا اشترطت علیه أن یسکنها فی بلدها أو فی بلد معین أو فی منزل مخصوص یلزمه العمل بالشرط ما لم تسقطه .

( مسألة 1553 ) : یصح وینفذ من الشروط ما ذکر فی متن العقد دون الشروط الخاصة المتبانی علیها عند المتعاقدین وإن صرح بها فی المقاولة قبل العقد .

ص:457

فصل : فی القسم وحقوق الزوجین

لکل واحد من الزوجین حق علی صاحبه یجب علیه القیام به وإن کان حق الزوج أعظم حتی أنه قد ورد عن سید البشر ( : لا یصلح لبشر أن یسجد لبشر ولو صلح لا مرت المرأة أن تسجد لزوجها ، الخبر .

ومن حقه علیها أن تطیعه ولا تعصیه فی تدبیره للعیش المشترک بینهما بالمعروف وأن تمکّنه من نفسها فی الوطی وسائر الاستمتاعات إلا لعذر شرعی ول-ه أن یستولدها ، وأن لا تخرج من البیت إلا بإذنه حتی للواجب علیها ، نعم لو منعها عنه سقط إذنه . وقد ورد أنه لیس لها أمر مع زوجها فی صدقة ولا هبة ولا نذر فی مالها إلا بإذنه إلا فی حج أو زکاة أو بر والدیها أو صلة قرابتها والمراد لأنه قوام علیها نظیر ما ورد فی الوالد والولد . وورد أیما امرأة قالت لزوجها ما رأیت منک خیراً قط أو من وجهک خیراً فقد حبط عملها ، وأیما امرأة باتت وزجها ساخط علیها فی حق لم تقبل منها صلاة حتی یرضی عنها ، وإن خرجت من غیر إذنه لعنتها ملائکة السماء وملائکة الأرض وملائکة الغضب وملائکة الرحمة حتی ترجع إلی بیتها .

وأما حقها علیه فلها السکنی وأن یشبعها ویکسوها وأن یعاشرها بالمعروف ولا یؤذیها ولا یهجرها ولا یتارکها کالمعلقة بین الطلاق والزوجیة وأن یأتیها عند حاجتها الملحة وإلا ففی کل أربعة أشهر مرة ، ولا یقبح لها وجها وفی الخبر عنه صلی الله علیه وآله :

«أوصانی جبرائیل بالمرأة حتی ظننت أنه لا ینبغی طلاقها

ص:458

إلاّ من فاحشة مبینة » .

( مسألة 1554 ) : القسم حق مشترک بین الزوجین وهو بیتوتة الزوج عند زوجته لیلة من کل أربع ، فلو أسقطه أحدهما کان للآخر مطالبته وترکه ، فإذا کان عنده زوجة واحدة فلها لیلة وله ثلاث لیال وإذا کان عنده زوجتان کان لکل منهما لیلة وله لیلتان وإذا کان عنده ثلاث کان لکل واحدة منهن لیلة ول-ه لیلة وإذا کان عنده أربع کان لکل واحدة منهن لیلة ، وکلما تم الدور یجب علیه الابتداء سواء أکانت واحدة أم أکثر .

( مسألة 1555 ) : المقدار اللازم من القسم لیس المبیت والتعاشر معها باستیعاب اللیل من أوله إلی منتهاه بل المقدار المتعارف فی العشرة الزوجیة من الکون فی المنزل کما أن اللازم فی نهار تلک اللیلة أن یأوی إلیها کلما احتاج إلی منزله .

کما أن الواجب المضاجعة لیلاً بالنحو المتعارف - لا المواقعة - .

( مسألة 1556 ) : یختص حق القسم بالزوجة الدائمة لا المتمتع بها .

( مسألة 1557 ) : یجوز للمرأة أن تهب لیلتها لزوجها بعوض أو بدونه وله الخیار فی القبول وصرف لیلته أین شاء ، ولها أن تهب لیلتها لضرتها برضا الزوج .

( مسألة 1558 ) : للزوج أن یخص البکر أول عرسها بثلاث لیال إلی سبع والثیب إلی ثلاث لیال تفضلان بذلک علی غیرهما والأحوط مراعاة ذلک لهما .

( مسألة 1559 ) : العشرة بالمعروف حق مشترک بین الزوجین فلا یسوء أحدهما الخلق مع الآخر ولا یشاکسه فی غیر الحقوق الخاصة المتقدمة بل هی حق وحدّ من حدود اللّه تعالی وهی فی کل قوم بحسبه ما لم یخالف حداً شرعیاً .

( مسألة 1560 ) : لا قسمة للناشزة ولا للمجنونة حال عدم إدراکها

ص:459

ولا للصغیرة ، ویسقط بالسفر ولیس له قضاء ما لم یناف العشرة بالمعروف بینهما فضلاً عن صیرورة الزوجة کالمعلقة .

( مسألة 1561 ) : یتخیر فی الابتداء وعند الشروع فی القسمة بأی من النساء وإن کان الأولی التعیین بالقرعة .

( مسألة 1562 ) : تستحب التسویة بین الزوجات فی الإنفاق والالتفات وطلاقه الوجه والمواقعة .

( مسألة 1563 ) : خدمة البیت وحوائج الزوج المعیشیة فی المنزل وإن لم تکن واجبة بعنوانها علی الزوجة ، کما أن الحوائج المعیشیة خارج المنزل وإن لم تکن واجبة بعنوانها علی الزوج إلا أن العشرة بالمعروف بینهما لما کانت واجبة فلابد من تشاطر وتقسیم الأعباء بینهما بالمعروف .

ص:460

القول فی النشوز

وهو فی الزوجة خروجها عن طاعة الزوج ، من عدم تمکین نفسها وإبداء المنفرات ل-ه عن التمتع والالتذاذ بها کأن تهمل نفسها فی النظافة والزینة مع رغبة الزوج فی ذلک عادة ، وکذا خروجها من بیته من دون إذنه ، وکذا تمردها أو منافرتها ل-ه فی تدبیره المعیشة المشترکة بینهما وتسی المعاشرة معه .

وأما نشوز الزوج فهو تعدیه علیها أو منعها حقوقها الواجبة من النفقة وعدم المبیت عندها فضلاً عن هجرها أو إیذاءها من دون مسوغ شرعی ، أو یشق علیها أمرها بالمضایقة والإساءة فی العشرة أو یجحف بها فی تدبیر المعیشة المشترکة .

( مسألة 1564 ) : إذا ظهرت من الزوجة أمارات النشوز والطغیان کتغییر عادتها معه فی القول أو الفعل إلی السی من الخلق کالکلام الخشن والعبوسة والتقطیب فی الوجه والتثاقل والدمدمة بحیث یحدث النفرة بینهما ومدعاة لخروجها عن الانقیاد والوئام وهو بدایات النشوز ، جاز ل-ه وعظها متوخیاً الحکمة البلیغة متدرجاً فی الکلام من اللین إلی الغلیظ ، إلی الأخشن ، فإن وقعت الکراهة اشتدت النفرة بینهما وهو تبین النشوز بوضوح جاز ل-ه هجرها متوخیاً فی الإعراض عنها ، الخفیف فالشدید کأن یحول ظهره إلیها فی الفراش ویعاشرها بجفاف وإلا فیعتزلها فیه ، فإن زاد الإصرار والعصیان بدرجة لا یؤثر فیها الوعظ بالهجر فیجوز ل-ه ضربها ضرباً غیر مبرح ، ویقتصر علی ما تتأدی به الحاجة لرجوعها إلی الطاعة ، ولیتوخی التدرج فی الضرب بنحو لا یکون مزمناً ولا مدمیاً ولا یقطع لحماً ولا یکسر عظماً . والأحوط إن لم یکن

ص:461

أقوی توخی أسالیب أخری قبل الضرب فی التأدیب لاسیما بلحاظ المراتب الأقوی من الضرب کتقلیل النفقة فقد روی عنه ( قوله : إنی أتعجب ممن یضرب امرأته وهو بالضرب أولی منها لا تضربوا نسائکم بالخشب فإن فیه القصاص ، ولکن إضربوهن بالجوع والعری حتی تربحوا فی الدنیا . والتضییق علیها فی المعیشة ونحو ذلک کالإیعاد بما یجوز فعله من الطلاق أو التزویج علیها ونحو ذلک .

واللازم أن یکون الضرب بقصد الإصلاح لا للتشفی والانتقام بل الأحوط إن لم یکن أقوی لزوم ذلک فی کل أسالیب التأدیب مع الزوجة ، ومن ثم نهی عن الضرب حین الغضب ، ولو حصل بالضرب جنایة وجب الغرم هذا لو کان التأدیب بالمشروع بخلاف ما لو کان التأدیب بغیر المشروع ففیه القود .

( مسألة 1565 ) : نشوز الزوج هو بتعدیه علی الزوجة وعدم القیام بحقوقها الواجبة ، فإذا ظهر منه النشوز بمنع حقوقها من قسم ونفقة ونحوهما فلها المطالبة بها ، ووعظها إیاه ، وکذا استعمال الأسلوب الضاغط اللین لا بدرجة العصیان والتمرد ، ولیس لها هجره ولا ضربه ، ونشوز الزوج لیس بمجرد ترکه لحقوقها بل مع الاستمرار والتعصی والدؤب علی ذلک وهو یختلف بحسب الموارد ، فإن لم یؤثر ، وکان نشوزه فی ترک النفقة جاز لها أن تأخذها مقاصة من ماله بدون إذنه ، وإلا فلها رفع أمرها إلی الحاکم فیلزمه بها ، فینهاه عن فعل ما یحرم علیه وأمره بفعل ما یجب ، فإن نفع وإلا عزره بما یراه ولو بالحبس والتهدید ول-ه أیضاً الإنفاق من ماله مع امتناعه من ذلک ، ولو ببیع عقاره إذا توقف علیه ، فإن امتنع عن الأمرین ولم یمکن الإنفاق علیها من ماله جاز للحاکم طلاقها ، ولا فرق فی ذلک بین الحاضر والغائب ، نعم إذا کان الزوج مفقوداً وعلمت حیاته وجب علیها الصبر وإن لم یکن له مال لینفق علیها منه ،

ص:462

ولا ولی لینفق علیها من مال نفسه ، ویأتی فی مبحث العدة التعرض لبقیة أحکام المفقود ولو کان عاجزاً عن النفقة یجوز لها أیضاً أن ترجع أمرها إلی الحاکم الشرعی فیأمر زوجها بالطلاق فإن امتنع طلقها الحاکم الشرعی .

( مسألة 1566 ) : إذا ترک الزوج بعض حقوقها المستحبة والراجحة أو همّ بطلاقها لکراهته لها لکبر سنها أو غیره أو همّ بالتزویج علیها فبذلت له مالاً أو بعض حقوقها الواجبة من قسم أو نفقة استمالة له صح وحل له ذلک ولکن لها أن تطالب بالمتجددة ، وأما لو ترک بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم وغیر ذلک فبذلت مالاً أو ترکت بعض حقوقها لیقوم بما ترک من حقها أو لیمسک عن أذیتها فتخلص من یده حرم علیه ما بذلت وإن لم یکن من قصده إلجاؤها بالبذل علی الأقوی إذا کان نشوزه ضاغطاً مضطر لها عرفاً إلی ذلک . کما لا یجوز ما تبذله خلعاً إذا لم تکن کارهة له .

( مسألة 1567 ) : إذا امتنع الزوج عن النفقة واضطرت إلی اتخاذ وسیلة لتحصیل معاشها أو مؤنتها الضروریة غیر الواجبة علی الزوج کسداد الدیون لم تجب علیها طاعته ولم یحرم علیها الخروج من المنزل حال اشتغالها بذلک ، مع مراعاة التوفیق بین الحقین قدر الإمکان .

( مسألة 1568 ) : إذا امتنع الزوج عن الإنفاق سواء کان عاجزاً أو لا فأخفی موضع إقامته فراراً عن إجبار الحاکم مدة مدیدة فلا یبعد کون ذلک من الإمتناع عن الإنفاق وتعذر إجباره ، فیطلق الحاکم مع طلب الزوجة الطلاق .

( مسألة 1569 ) : هجر الزوجة هجراً کلیاً وصیرورتها کالمعلقة لا هی ذات زوج ولا هی مطلقة بحکم الامتناع عن الإنفاق ، وکذا لو کان یشاکسها ویؤذیها بغیر وجه شرعی بنحو مستمر کعادة وخلق له ، فإن لها أن ترفع أمرها إلی الحاکم

ص:463

لیجبره علی الفیء والقیام بالحدود والواجبات الشرعیة ولو بالتعزیر الذی منه الحبس ، وإلا کان لها المطالبة بالطلاق فإن امتنع منه أیضاً ، ولم یمکن إجباره طلقها الحاکم الشرعی .

( مسألة 1570 ) : یجوز الصلح والتحکیم لرفع النزاعات والخصومات بین الزوجین سواء کان النشوز من کل منهما أو من أحدهما مع خوف تأدیته إلی الشقاق والعداوة الشدیدة ، ویبعث الزوجان أو أهلهما أو الحاکم إذا انجر أمرهما إلیه - مع استئذان الزوجین إن أمکن - حکمین أو أکثر ، حکماً من جانبه وحکماً من جانبها للإصلاح ورفع الشقاق بما رأیاه صلاحاً من الجمع أو الفراق ، ویجب علیهما البحث والاجتهاد والتحری فی حالهما وفی سبب الخصومة والمنافرة بینهما ثم یسعیان فی إیجاد صیغ توافقیة عدیدة وبدائل وسطیة للتسویة بین الطرفین یراعی فیها النسبة الأکبر من حقوق الطرفین ، ویلاحظ فیها العدل بحسب الأحکام الفتوائیة فی الجانب الحکمی وبحسب الإنصاف العرفی فی الجانب الموضوعی ، نعم التراضی علی صیغة موضوعیة مقدم علیه ، وکلما استقر علیه رأیهما وحکما به نفذ علی الزوجین ویلزم علیهما الرضا به بشرط کونه سائغاً ، کما لو شرطا علی الزوج أن یسکن الزوجة فی البلد المعین أو المسکن الخاص أو عند أبویها أو لا یسکن فی الدار معها أمه أو أخته ولو فی حجرة منفردة أو لا تسکن معها ضرتها ، أو شرطا علیها أن تؤجله فی المهر الحال إلی أجل أو ترد علیه ما قبضته قرضاً ونحو ذلک ، بخلاف ما إذا کان غیر سائغ کما لو شرطا علیه ترک بعض حقوق الضرة من قسم أو نفقة أو رخصة المرأة فی خروجها من بیته متی شاءت وأین شاءت ونحو ذلک .

ویجوز للزوجین التقایل مما حکم به الحکمان فی صیغة التوفیق بخلاف حکمهما فی الطلاق .

ص:464

( مسألة 1571 ) : إذا اجتمع الحکمان علی التفریق فلیس لهما ذلک إلاّ إذا شرطا علی الزوجین حین بعثهما بأنهما إذا شاء جمعا وإن شاءا فرّقا ، والتفریق بالطلاق هو مع اجتماع شرائطه بأن یکون فی طهر لم یواقعها فیه مع حضور عدلین وغیر ذلک هذا بشرط توافق الحکمین أو الحکام المحکّمین علی التفریق .

( مسألة 1572 ) : یراعی فی الحکمین أو الحکام المحکمین معرفتهما بحالهما أو تمکنهما من ذلک ، والوثاقة فی رعایة مصلحتهما ، فالأولی والأحوط کونهما من أهل الطرفین حکم من أهله وحکم من أهلها هذا مع توفر الشرطین وإلاّ فمن غیرهم المتوفر فیه .

( مسألة 1573 ) : إذا اختلف الحکمان أو الحکام جدّد بعث حکمین أو حکام آخرین حتی یتفق علی صیغة حلّ وإصلاح ، فإن حصل اتفاق وإلا فیکرر البعث ولو بالإجبار والتعزیر . ومع عدم إمکان الإصلاح بالصلح أو التحکیم ، فاللازم علی الحاکم الشرعی تحری حالهما وتعیین المتعدی فی الحقوق بینهما وإجبار کل متخلف منهما علی الأداء وتأدیب من یستحق المجازاة .

( مسألة 1574 ) : إذا اشتبه حال النزاع بینهما بین کونه نشوزاً من أحدهما أو شقاق منهما لزم تحری الحاکم فی حالهما .

( مسألة 1575 ) : للصلح والتحکیم أنماط وأنواع بعضها یؤول إلی التوکیل وبعضها إلی قاضی التحکیم وبعضها فیما بینهما کالتحکیم بالإصلاح والفصل بالفتوی ، ویراعی فی کل نمط الشرائط المذکورة فی باب الصلح والتحکیم أو قاضی التحکیم ، وبحسب الباعث للحکمین ، ومن ذلک شرائط الحکمین .

( مسألة 1576 ) : ینبغی للحکمین إخلاص النیة وقصد الإصلاح ، فمن حسنت

ص:465

نیته فیما تحراه أصلح اللّه مسعاه ، کما قد یرشد إلی ذلک قوله جل شأنه فی هذا المقام إِنْ یُرِیدا إِصْلاحاً یُوَفِّقِ اللّهُ بَیْنَهُما1.

( مسألة 1577 ) : قد استجدّت صیغ وآلیات للتحکیم متنوعة ولا مانع منها ما روعی فیها شرائط نمط الصلح والتحکیم کما مر فی المسألة السابقة .

ص:466

فصل : فی أحکام الأولاد والولادة فی الدائم والمنقطع

(مسألة 1578 ) : یلحق بحسب الواقع ولد المرأة بزوجها بشروط ثلاثة :

الأوّل : الدخول بها قبلاً أو دبراً أو الإنزال علی فم الفرج أو حوالیه عنده أو العلم بدخوله ولو بتوسط أنبوب أو إبرة ونحوهما . وهذا الشرط وحده کاف فی تحقق الفراش وإلحاق الولد بالزوج ظاهراً مع الشک فی الشرطین اللاحقین وعدم العلم بإنتفائهما . وأما مجرد احتمال جذب المنی بتوسط احتمال استعمال أنبوب أو الإدخال بالإبرة فلا یلحق به إلا مع القطع بتوسط الطرق العلمیة دون ما کانت نتائجها نسبیة ظنیة .

الثانی : مضی ستة أشهر من حین الوطی أو ما بحکمه إلی زمن الولادة ، فلو جاءت بولد حی تام کامل لأقل من ذلک لم یلحق بالزوج .

الثالث : عدم التجاوز عن أقصی مدة الحمل وهو سنة قمریة علی الأظهر وإن کان الغالب دون ذلک ، فلو غاب عنها زوجها أو تارکها أکثر من ذلک وولدت بعدها لم یلحق به .

( مسألة 1579 ) : إذا تحققت الشروط الثلاثة أو الشرط الأول مع عدم العلم بانتفاء الأخیرین وهو موضوع إجراء قاعدة الفراش - لحق الولد به ، ولا یجوز ل-ه نفیه وإن وطئها واطی فجوراً فضلاً عما لو اتهمها بالفجور ، ولا ینتفی عنه

ص:467

لو نفاه إن کان العقد دائماً إلا باللعان أو بقیام بعض الطرق الفحص الحدیثة الموجبة للعلم ، بخلاف ما إذا کان العقد منقطعاً وجاءت بولد أمکن الحاقة به ، فإنه وإن لم یجز له نفیه لکن لو نفاه ینتفی منه ظاهراً من غیر لعان ، لکن علیه الیمین مع دعواها أو دعوی الولد النسب .

( مسألة 1580 ) : لا یجوز نفی الولد لمکان العزل بل ولا لعدم الدخول مع إنزاله عند حوالی الفرج کما مرّ فلو نفاه لم ینتف إلاّ باللعان .

( مسألة 1581 ) : الموطوءة بشبهة - کما إذا وطئ أجنبیة بظن أنها زوجته - یلحق ولدها بالواطئ ، بشرط أن تکون ولادته لستة أشهر من حین الوطی أو أکثر وأن لا یتجاوز عن أقصی الحمل ، هذا بحسب الواقع وأما الإلحاق فی الظاهر فیکفی فیه الوطی وعدم العلم بانتفاء المدة فیما بین الحدین .

( مسألة 1582 ) : إذا اختلفا فی وقوع الدخول الموجب لإلحاق الولد وعدمه فادعته المرأة لیلحق الولد به وأنکره ، أو اختلفا فی ولادته فنفاها الزوج وأدعی أنها أتت به من خارج ، فالقول قوله بیمینه مع عدم البینة للزوجة ، ولم یمکن الفحص بالطرق الحدیثة الموجبة للعلم . وأما لو اتفقا فی الدخول والولادة واختلفا فی المدة فادعی ولادتها لدون ستة أشهر أو لأزید من أقصی الحمل وادعت هی خلافه فالقول قولها بیمینها ، ویلحق الولد به ولا ینتفی عنه إلاّ باللعان أو الطرق الحدیثة فی الفحص الموجبة للعلم .

( مسألة 1583 ) : لو طلق زوجته المدخول بها فاعتدت وتزوجت ثم أتت بولد ، فإن توفر إمکان لحوقه بحسب المدة بأحدهما دون الآخر ألحق به ، وإن امتنع لحوقه بهما بحسب المدة انتفی عنهما ، وإن أمکن لحوقه بکل منهما بحسب المدة فهو للثانی ما لم یثبت خلاف ذلک بطرق الفحص الحدیثة الموجبة

ص:468

للعلم ، فلو تزوجت الحرة أو الأمة بآخر بعد طلاق الأول وأتت بولد لأقل من ستة أشهر من عقد الثانی ودخوله بها فهو للأول ویتبین بذلک کون عقد الثانی فی العدة فتحرم علیه مؤبداً لوطئه إیاها وإن أتت بالولد لستة أشهر فصاعداً من دخوله بها فهو للأخیر سواء أمکن کونه للأول بأن لم تتجاوز أقصی مدّة الحمل من وطی الأول أم لم یمکن بأن تجاوز المدة المذکورة من وطئه .

ولو کان الإتیان بولد لأقل من ستة أشهر من الثانی وأکثر من أقصی الحمل من وطی الأول فلیس الولد لهما .

وکذا الحال فی الأمة لو بیعت بعد الوطئ بالملک أو التزویج فوطأها المشتری أو زوجت فوطأها الزوج .

( مسألة 1584 ) : لو وطئت المرأة شبهة مع کونها موطوءة لزوجها سواء فی العقد الدائم أم المنقطع أم فی العدة منهما فتجی الصور فی المسألة السابقة إلا فی الصورة الأخیرة مما یمکن إلحاقه بکل منهما فإنه یقرع بینهما ، وأما لو کان الوط ء بعد العدة فالأظهر إنه للواطئ بشبهة الذی هو متأخر ، فإذا طلقت المرأة فوطأها رجل شبهة فی عدتها سواء کانت رجعیة أم لا فولدت فتأتی الصور فی المسألة السابقة نفسها والحکم کما مر فیها إلاّ صورة إمکان لحوقه بکل منهما بحسب المدة فإنه یقرع بینهما . وکذا الحکم فی المتمتع بها إذا وهبها زوجها المدة أو انتهت المدة فوطأت شبهة من الغیر وکذا الحال إذا وطأت الزوجة من غیر الزوج شبهة .

هذا کلّه فیما إذا کان الوطیان فی طهرین مختلفین ، وأما لو کانا فی طهر واحد فإن یحکم به للثانی أیضاً فیما کان الثانی هو الزوج أو المطلق رجعیاً أو المالک للأمة وإلا فیقرع بینهما .

ص:469

( مسألة 1585 ) : إذا وطأ امرأة أکثر من واحد شبهة فإن کان فی طهر واحد اقرع بینهم وإن کان فی أطهار مختلفة فهو للأخیر .

( مسألة 1586 ) : ولد الزنا وإن کان ملحقاً بالزانی تکویناً إلاّ أنه ولد من حرام فلا توارث بینهما وإن ترتبت جملة أخری من أحکام الولادة علیه .

( مسألة 1587 ) : إذا ولدت زوجتان لزوجین أو لزوج واحد ولدین واشتبه أحدهما بالآخر فإن أمکن استعلام الأب أو الأم عبر الفحوص العلمیة والخواص الوراثیة ونحو ذلک مما یوجب العلم وإلاّ فیقرع بینهما .

( مسألة 1588 ) : إذا وطی الأجنبیة شبهة فحملت منه وولدت کان الولد ولد حلال ، ولو کانت ذات بعل رجعت إلیه بعد الاعتداد من وطئها شبهة .

( مسألة 1589 ) : المراد بوط ء الشبهة الوط ء غیر المستحق شرعاً مع جهل الواطیء بذلک سواء أکان جاهلاً قاصراً أم مقصراً غیر ملتفت للتردید جهلاً بالحکم أم بالموضوع ومنه ما إذا اعتمد علی طریق شرعی انکشف خطأه لاحقاً اجتهاداً أو تقلیداً وکذا اعتماد الأمارات الموضوعیة التی ینکشف خطؤها ویلحق به وط ء المجنون إذا کان بدرجة لا یعی فیها الحال والنائم وشبههما دون السکران العاصی إذا کان له أدنی التفات ووعی .

( مسألة 1590 ) : إذا وطأ الرجل زوجته فساحقت بکراً وحملت فیلحق بصاحب النطفة کما یلحق بالبکر ، وتستحق الزوجة الرجم والبکر الجلد ، وعلی الزوجة مهر البکر إذا ذهبت بکارتها بالولادة .

( مسألة 1591 ) : إذا أدخلت المرأة منی رجل أجنبی فی فرجها أثمت ویلحق الولد بصاحب المنی کما یلحق المرأة ولا یکون الولد من حرام لاختصاص ولد الحرام بالذی یتولد من الزنا دون بقیة أنحاء الاستیلاد المحرمة ، وکذلک الحکم

ص:470

فی التلقیح الصناعی للبویضة إذا کانت صاحبة البویضة أو صاحبة الرحم لیست بزوجة ، وکذا یلحق الولد إذا أدخلت منی زوجها فی فرجها فحملت منه ولکن لا إثم علیها فی ذلک .

( مسألة 1592 ) : إذا زنی بامرأة خلیة ثم تزوجها ودخل بها قبل أن یظهر الحمل من الزنا وتردد الولد أنه من الحلال أو الحرام فیحکم بأنه من الحلال . ولو زنی بامرأة ثم تزوجت برجل آخر ودخل بها قبل أن یظهر الحمل وتردد الولد أیضاً أنه من الحلال أو الحرام فیحکم أیضاً أنه من الحلال . ولو زنی بامرأة فظهر الحمل منه ثم تزوج ودخل بها فإن الولد ولد حرام فلا یتوارثان .

( مسألة 1593 ) : المتولد من ولد الزنا إذا کان من وط ء مشروع فهو ولد حلال .

( مسألة 1594 ) : لا یجوز إسقاط الحمل وإن کان من سفاح إلاّ فیما إذا خافت الأم الضرر علی نفسها من استمرار وجوده ما لم تلجه الروح ، وأما بعد ذلک فلا یجوز الإسقاط مطلقاً ، وإذا أسقطت الأم حملها وجبت علیها دیته ، وکذا لو أسقطه الأب أو شخص ثالث کالطبیب .

( مسألة 1595 ) : یجوز للمرأة استعمال ما یمنع الحمل من العقاقیر المعدة لذلک إذا لم یکن استعمالها موجباً للضرر البلیغ وکان ذلک برضا الزوج .

ص:471

فصل : فی أحکام الولادة وما یلحق بها

(مسألة 1596 ) : یجب تفرد النساء بشؤون المرأة عند ولادتها دون الرجال بل اللازم الاقتصار فی تعدادهن علی مقدار الحاجة ، ویسوغ مع الحاجة والاضطرار مباشرة الرجال .

( مسألة 1597 ) : یستحب غسل المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر ، والأذان فی أذنه الیمنی والإقامة فی الیسری فإنه عصمة من الشیطان الرجیم ، وتحنیکه بماء الفرات وتربة الحسین علیه السلام ، وتسمیته بالأسماء الحسنة ، فإن ذلک من حق الولد علی الوالد ، وأصدق الأسماء ما سمی بالعبودیة للّه جل شأنه کعبد اللّه وعبد الرحیم وعبد الرزاق ونحوها وأفضلها أسماء الأنبیاء والأئمة علیهم السلام ، وأفضلها اسم محمّد صلی الله علیه وآله ، وعنه صلی الله علیه وآله : « من ولد ل-ه أربعة أولاد لم یسم أحدهم باسمی فقد جفانی » ، ویکره أن یکنیه أبا القاسم إذا کان اسمه محمّداً ، وکذا التسمیة ب- ( یس ) ویکره التسمیة بأسماء أعداء الأئمة صلوات اللّه علیهم ، ویستحب أن یحلق رأس الولد یوم السابع وأن یتصدق بوزن شعره ذهباً أو فضة ، ویکره أن یحلق من رأسه موضعاً ویترک موضعاً .

( مسألة 1598 ) : تستحب الولیمة عند الولادة ، وهی إحدی الخمس التی سنّ فیها الولیمة ، والأخری عند الختان ، ولا ینحصر وقت الأولی بیوم الولادة فلا بأس بتأخیرها أیاماً ، وتتأدی السنتان بقصدهما بولیمة یوم الختان .

( مسألة 1599 ) : یجب ختان الذکور وقد عدّ من الضروریات ، ویستحب إیقاعه

ص:472

فی الیوم السابع ، ویجوز التأخیر ، وإذا لم یختن الصبی حتی بلغ وجب علیه المبادرة بالاختتان ، وکذا الکافر إذا أسلم وإن طعن فی السن ، والقول بوجوب الختان علی الولی قبل البلوغ لا یخلو من وجه کما استظهر من المتقدمین .

( مسألة 1600 ) : الختان واجب لنفسه وشرط لصحة طواف الحج أو العمرة الواجبین أو المندوبین ، ولیس شرطاً فی صحة الصلاة علی الأقوی فضلاً عن سائر العبادات .

( مسألة 1601 ) : الظاهر أنّ الحد الواجب فی الختان أن تقطع الجلدة للحشفة المسماة بالغلفة بحیث تظهر تمام الحشفة وبشرتها ویزول عنه عنوان الأغلف .

( مسألة 1602 ) : لا یشترط فی الختان الإسلام فیتأدی بغیر المسلم .

( مسألة 1603 ) : لو ولد الصبی مختوناً سقط الختان وإن استحب إمرار الموسی علی المحل لإصابة السنّة .

( مسألة 1604 ) : ومن المستحبات الأکیدة العقیقة للذکر والأنثی ، ویستحب أن یعق عن الذکر ذکراً وعن الأنثی أنثی وأن یکون عن الذکر اثنتان وعن الأنثی واحدة وأن یکون یوم السابع ولا تسقط بالتأخیر فلو بلغ الصبی عقّ عن نفسه ولو طعن فی السن فإن کل مولود مرتهن بعقیقته بل یستحب أن یعق عنه بعد موته ولابد أن تکون من أحد الأنعام الثلاثة : الغنم ضأناً کان أو معزاً ، والبقر ، والإبل . ولا یجزی عنها التصدق بثمنها نعم تجزی الأضحیة عنها . ویستحب أن تجتمع فیها شروط الأضحیة من کونها سلیمة من العیوب ولا یکون سنها أقل من خمس سنین کاملة فی الإبل وأقل من سنتین فی البقر وأقل من سنة کاملة فی المعز وأقل من سبعة شهور فی الضأن نعم یجزی فیها غیر الواجد لشرائط الأضحیة أیضاً ، ویستحب أن تخص القابلة منها بثلثها ودونه الربع

ص:473

مشتملاً علی الرجل والورک .

( مسألة 1605 ) : یتخیر فی العقیقة بین أن یفرقها لحماً أو مطبوخاً أو تطبخ ویدعی علیها جماعة من المؤمنین ، والأفضل أن یکونوا عشرة فما زاد یأکلون منها ویدعون للولد ، ویکره أن یأکل منها الأب أو الأم أو أحد عیال الأب .

( مسألة 1606 ) : لا یجب علی الأم إرضاع ولدها مجاناً وإن انحصر بها ولا بالأجرة مع عدم الانحصار بها ، بل لها المطالبة بأجرة رضاعها من مال الولد إذا کان ل-ه مال ومن أبیه إذا لم یکن ل-ه مال وکان الأب موسراً . وإلاّ تعین علی الأم إرضاعه مجاناً إما بنفسها أو باستیجارها مرضعة أخری لأن نفقته علیها .

( مسألة 1607 ) : الأم أحق بإرضاع ولدها من غیرها إذا کانت متبرعة أو تطلب أنقص مما تطلب غیرها أو تطلب مثله ، وأما لو طلبت زیادة أو الأجرة مع وجود متبرعة کان للأب نزعه منها وتسلیمه إلی غیرها لکن لا یسقط حق حضانة الأم بقدر ما یمکن الجمع بین الأمرین کأن تحمل الأم الولد إلی المرضعة أو بإحضار المرضعة عندها .

( مسألة 1608 ) : لو ادعی الأب وجود متبرعة وأنکرت الأم ولم تکن له بینة علی وجودها فالقول قولها بیمینها .

( مسألة 1609 ) : کمال الرضاع حولان کاملان أربع وعشرون شهراً ویکره الزائد علی ذلک ، وأدناه واحد وعشرون شهراً ، وما نقص عن ذلک جور علی الصبی کما فی الخبر نعم للأبوین التشاور فی الفطام قبل ذلک لمراعاة بعض حالات الرضیع .

( مسألة 1610 ) : ولایة شؤون الولد ورعایته وتربیته بین الأبوین بالسویة إلاّ أن للأب القیمومة والتأدیب وللأم الحضانة ویقدم حقها مدة الرضاع عند

ص:474

التدافع ، ویقدم حقه بعد السبع سنین عند التدافع وفیما بینهما یراعی تراضی الجانبین ، کما أنّ اللازم تحری التوفیق الموضوعی دون التدافع ، کما أنه فی صورة تقدیم حق أی منهما فی المدة المزبورة اللازم أن لا یکون بدرجة المضارة بالآخر ، کما لو طالبت الأم بأجرة زائدة أو مانع الأب من رعایة الأم بعد السبع مع عدم التنافی لحقه ، وفی صورة سقوط حق الرضاع عند مطالبتها بالزائد لا یسقط حق حضانتها فی غیر الرضاع من شؤون الولد .

( مسألة 1611 ) : تستحق الأم الأجرة علی رضاعها وحضانتها للولد إلاّ إذا کانت متبرعة أو وجد متبرع .

( مسألة 1612 ) : لو تزوجت الأم سقطت حضانتها وکان الأب أحق بها ، ولو فارقها الزوج الثانی فالأقوی عود حقها فی الحضانة .

( مسألة 1613 ) : یشترط فی ثبوت حق الحضانة لکل من الأبوین ، أو غیرهما من الأرحام أن یکون عاقلاً حراً مأموناً علی سلامة الولد ، ومسلماً إذا کان الولد کذلک ، فلو فقد أحدهما الشروط اختص الآخر بالحضانة .

( مسألة 1614 ) : الحضانة کما هی حق لکل من الأبوین علی التفصیل المتقدم أو الأرحام فهی حق للولد علیهم أیضاً ، فیجبرون علیها لو أهملوا القیام بها .

( مسألة 1615 ) : لا ینتقل حق الحضانة ممن ثبت له إلی غیره ، نعم لو ترک الأخذ به وصلت النوبة إلی الآخر منهما أو من الأرحام ، ومن ثم لیس لمن ثبت ل-ه حق الحضانة إیکالها إلی الغیر بنحو التفویض المطلق نعم لا تجب المباشرة لکن مع الإشراف القریب منه .

( مسألة 1616 ) : الجد ( أب الأب ) کالأب ل-ه ولایة التأدیب والقیمومة علی الولد وولایته أولی من الأب فی ذلک .

ص:475

( مسألة 1617 ) : لا ولایة لذوی الأرحام علی نکاح الصغیر والقاصر ولا علی أمواله بخلاف غیر ذلک من شؤونه لکن یراعی فی الموردین الأولین مباشرتهم مع نظارة الحاکم أو عدول المؤمنین .

( مسألة 1618 ) : تنتهی ولایة الأبوین ببلوغ الولد رشیداً ، فإذا بلغ رشیداً لم یکن لأحد حق الحضانة علیه ذکراً کان أم أنثی ، فیملک الخیار فی الانضمام إلی من شاء منهما أو غیرهما ، وحکم جملة من متقدمی الفقهاء بکراهة مفارقة البنت للأم حتی تتزوج ولا یخلو من وجه ، نعم قد مرّ استمرار نمط من ولایة الأب فی النکاح علی الباکر الرشیدة ، کما مرّ فی الأمر بالمعروف والنهی عن المنکر أن أولی الأرحام أولی بذلک فیما بینهم لا سیما الأب والجدة وکذا تصرفهما فی مال الولد عند الحاجة علی تفصیل مرّ ، کما أنه یلزم علی البالغ رعایة عدم عقوق الوالدین .

ص:476

فصل : فی النفقات

إنّما تجب النفقة بأحد أسباب ثلاثة الزوجیة والقرابة والملک .

( مسألة 1619 ) : إنما تجب النفقة علی الزوج للزوجة الدائمة المطیعة غیر الناشزة وقد مرّ بیان ما یتحقّق به النشوز ومرّ أنّه لا یندرج فیه خروجها لسدّ حاجیاتها للضرورات . نعم لا تسقط النفقة بالنشوز من رأس بل یسقط منها بقدر وبحسب مراتب النشوز وبغرض التأدیب ، نعم لو هجرته سقطت تماماً .

( مسألة 1620 ) : لا فرق فی استحقاق الدائمة بین أن تکون مسلمة أو ذمیة ، وحرة کانت أو أمة .

( مسألة 1621 ) : لو نشزت ثم عادت إلی الطاعة فلابد من إظهارها ذلک للزوج ومضی مدة یحصل فیها التمکین کی تستحق النفقة .

( مسألة 1622 ) : لو ارتدت سقطت النفقة وإن عادت عادت .

( مسألة 1623 ) : الظاهر أنّه لا نفقة للزوجة فی الزمان الفاصل بین العقد والزفاف لعدم التمکین الکامل ، وکذا الحال فی الصغیرة سواء کانت قابلة للاستمتاع منها أم لا ، وکذا لا یجب علی الصغیر مطلقاً وإن کانت الزوجة کبیرة ، نعم الأحوط فیما کان مراهقاً والزوجة مراهقة أو کبیرة أو الزوجة مراهقة والزوج کبیر لزوم النفقة بحسب ما یحصل من التمکین والعشرة .

( مسألة 1624 ) : لا تسقط نفقتها بعدم تمکینها له من نفسها لعذر شرعی أو عقلی

ص:477

من حیض أو إحرام أو اعتکاف واجب أو مرض أو غیر ذلک وکذا لا تسقط إذا سافرت بإذن الزوج ، سواء کان فی واجب أو مندوب أو مباح ، وکذا لو سافرت فی واجب مضیق کالحج الواجب بغیر إذنه ، بل ولو مع منعه ونهیه . بخلاف ما لو سافرت بغیر إذنه أو خرجت من بیته بغیر إذنه ، لکن تقدم تقدیر مقدار السقوط بحسب مراتب النشوز .

( مسألة 1625 ) : تثبت النفقة والسکنی لذات العدّة الرجعیة ما دامت فی العدّة کما تثبت للزوجة سواء کانت حائلاً أم حاملاً . ولا نفقة لذات العدة البائنة سواء کانت عن طلاق أو فسخ . نعم لو کانت حاملاً فإنها تستحق النفقة حتی تضع حملها . بل الأحوط ثبوت النفقة لمطلق الحامل ولو المفسوخ عقدها أو المنقطعة ولا سیما الحامل المتوفی عنها زوجها فلا یخلو من قوة فی الصورة الأخیرة لا سیما مع عدم المال للحامل وعدم المال للحمل . ولا نفقة للمتوفی عنها الحائل .

( مسألة 1626 ) : لو ادّعت المطلقة بائناً أو غیرها أنّها حامل مستندة إلی وجود الأمارات علی الحمل صدقت ، وأنفق علیها یوماً فیوم إلی أن یتبین الحال ، نعم للزوج المطالبة بالفحص عبر الطرق الطبیة الحدیثة ، فإن تبیّن الخلاف استعید منها ما صرف إلیها ، ولیس للزوج تعلیق النفقة علی إتیانها بکفیل .

( مسألة 1627 ) : مؤنة الزوجة الواجبة علی الزوج إنما هی نفقتها المالیة دون مؤنة کل عمل وجهد تتوقف علیه المعیشة والعشرة بالمعروف المشترکة بینهما ، نعم تستحق الأجرة علی أی عمل تقوم به المرأة للرجل مما لیس له صلة بالعشرة المشترکة .

کما أنّ النفقة المالیة اللازمة إنما هی ما تقوم به حیاتها ومعیشتها من طعام

ص:478

وشراب وکسوة وسکنی وما یلحق بکل منها أی النفقة الفردیة لا بلحاظ علاقاتها الاجتماعیة ، نظیر الطعام والإدام والکسوة والمسکن وأثاث المنزل کآلات الطبخ ووسائل النوم والتنظیف ، والضابط فی تقدیرها جنساً وکماً وکیفاً المتوسط من حال کل من الزوجة بالإضافة إلی الزوج فیراعی شأن کل منهما ملحوظاً فیه الطرف الآخر بحسب المتعارف اعتیاده لأمثالها فی بلدها ویناسب حالها ویلائم مزاجها ولو بحسب الفصول ویشمل القدر المتوسّط فی الترفه فی المأکل والملبس ومرافق السکنی بحسب حالهما ولا یشمل القدر المفرط للرفاه والبذخ والبطر من أنحاء الاستعمال .

نعم یلحق بالطعام الفواکه والأدویة وفضول الطعام والشراب مما یعتاد کما یلحق بالسکنی جملة من مرافقه کما مرّ . وأما الاستقلال فی السکن حجرة ومرافقاً أو داراً فبحسب العرف المعتاد ویلحق بالکسوة آلات الزینة والتجمل بحسب ما یلیق من عادة أمثالها ، وأما الإخدام فمع المشقة أو استدعاء شأنها ذلک .

( مسألة 1628 ) : من النفقة المستحقة للزوجة مصرف التنظیف لبدنها وثیابها وآلات المعیشة وکذلک مصرف الوقود والطاقة بحسب الحاجة وکذلک مصرف الحاجة الطبیة کالولادة وأجرة الطبیب والأدویة فی الأمراض التی تعتری الإنسان عادة . نعم لا یندرج فیها علاج الأمراض الصعبة التی تحتاج إلی تکالیف باهضة التی قد یتفق الابتلاء بها .

( مسألة 1629 ) : تملک الزوجة علی الزوج النفقة عند حلول وقت الصرف وهو یختلف بحسب الطعام والإدام أو الکسوة أو المسکن ففی الأول لکل یوم وفی الثانی بحسب المتعارف من کل أشهر وموسم وفی الثالث بحسب المدّة

ص:479

الزمنیة المتعارفة لمنفعة السکنی من إجارة أو عاریة أو ملک بشرط التمکین ، فلها المطالبة بها عند حلول الوقت ، فلو لم ینفق علیها وانقضت المدة استقرت دیناً فی ذمته ، سواء طالبته بها أو سکتت عنها وسواء قدرها الحاکم وحکم بها أم لا ، وسواء کان موسراً أو معسراً ، غایة الأمر أنه مع الإعسار ینظر إلی الیسار . نعم لیس لها المطالبة بالنفقات المستقبلیة قبل حلول وقتها .

( مسألة 1630 ) : لو دفع إلیها نفقة المدة الحالیة ولم تصرفها أو أبقت منها بالتقتیر علی نفسها وانقضت المدة کانت ملکاً لها ولیس للزوج استردادها إلاّ أن تخرج عن الاستحقاق قبل انقضاء المدة إما بموت أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائناً ، فیوزع المدفوع علی مقدار ما تستحقه ویسترد الباقی ولو بحسب أبعاض الیوم الواحد .

( مسألة 1631 ) : کیفیة الإنفاق بالطعام والإدام إما بمؤاکلتها مع الزوج فی بیته علی العادة کسائر عیاله ، وإما بتسلیم النفقة لها ، ولیس له إلزامها بالنحو الأول فإن لها أن تقبض نفقتها وتفعل بها ما تشاء کأن تدخرها أو تتصدق بها ونحو ذلک . إلاّ أنه إذا أکلت وشربت معه علی العادة سقط الواجب من النفقة ولیس لها المطالبة بها .

( مسألة 1632 ) : یتخیر الزوج فی نفقة الأکل بین إعطاء الطعام المطبوخ أو المواد الخام التی تحتاج إلی إعداد کالطهی ونحوه . نعم لو کان فی الإعداد کالطبخ مؤونة مالیة کمؤونة الوقود ونحوها کانت علی الزوج ، ومثله بعض معالجات التهیئة والإعداد التی یتعارف مزاولة کلفتها خارج المنزل .

( مسألة 1633 ) : أجور حرکة السفر وشؤونه لیست من النفقة إلاّ أن یکون باستدعاء الزوج أو استصحابه أو کان لأجل شؤون معیشة الزوجة الضروریة

ص:480

کالسفر لعلاج المرض ونحوه ، فلا یجب علیه أجور سفرها الواجب أو الندبی للحج والزیارة ، لکن لا تسقط نفقتها فی السفر وإن زادت عن الحضر .

( مسألة 1634 ) : الواجب من النفقة فی الأصل هو العین ولها التراضی علی بذل الثمن وقیمة الطعام والإدام والکسوة ، وتملکه بالقبض فیسقط الواجب علیه لکن لیس للزوج إلزامها بذلک .

( مسألة 1635 ) : الأظهر استحقاق الزوجة تملک الکسوة علی الزوج ولها أن تجتزی بما یبذله لها من ثیاب مستعارة أو مستأجرة ، ولو دفع إلیها کسوة لمدة جرت العادة ببقائها إلیها فلبستها فخلقت قبل تلک المدة أو سرقت من دون تفریط متعمد منها وجب علیه دفع کسوة أخری إلیها ، ولو انقضت المدة والکسوة باقیة ولم تخرج عن حیز الانتفاع المتعارف فلیس لها المطالبة بکسوة أخری ، ولو خرجت بعد المدة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق فلیس ل-ه استردادها وهذا بخلاف آثاث المنزل والعفش وبقیة آلات المرافق الأخری فإنها علی ملک الزوج یستردها عند خروجها عن الاستحقاق ولو فی أثناء المدة .

( مسألة 1636 ) : لو اختلف الزوجان فی الإنفاق وعدمه مع اتفاقهما علی الاستحقاق فإن کان الزوج غائباً أو کانت الزوجة منعزلة عنه فالقول قولها بیمینها إذا لم یکن ل-ه بینة ، وإن کانت فی بیته داخلة فی عیالاته فالظاهر أنّ القول قول الزوج بیمینه إذا لم یکن لها بینة .

( مسألة 1637 ) : إذا کانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلقت رجعیاً واختلفا فی وقوع زمان الطلاق فادعی الزوج أنه قبل الوضع وقد انقضت عدتها بالوضع فلا نفقة لها الآن ، وادعته هی أنه بعده وتستحق علیه النفقة ولم تکن بینة ،

ص:481

فالقول قولها مع الیمین ، ویلزم الزوج بإقراره فلا یرجع إلیها .

( مسألة 1638 ) : إذا طالبته بالإنفاق وادعی الإعسار وعدم الاقتدار ولم تصدقه وادعت یساره ، فإن کان مسبوقاً بالیسار وادعی تلف أمواله وأنه معسر وأنکرته فالقول قولها مع یمینها ، وإن لم یکن کذلک فهل القول قوله بیمینه أو یفحص حاله حتی یتبین إعساره فینظر کما فی المدیون؟ وجهان .

( مسألة 1639 ) : لا یشترط فی استحقاق الزوجة النفقة فقرها واحتیاجها ، فلها علی زوجها النفقة وبذل مقدارها وإن کانت من أغنی الناس .

( مسألة 1640 ) : إذا لم یکن ل-ه مال یفی بنفقة نفسه وزوجته وأقاربه الواجبی النفقة فنفقته الحاضرة مقدمة علی زوجته ، ونفقتها الحاضرة مقدمة علی أقاربه ، فما فضل من قوته صرفه إلیها ، فإن فضل بعد ذلک دفعه إلی الأقارب .

( مسألة 1641 ) : المراد بنفقة نفسه المقدمة علی نفقة زوجته مقدار قوت المدة الحالیة وکسوته اللائقة بحاله وکل ما اضطر إلیه من الآلات لمرافق معیشته ونحوها وکذلک رأس ماله الذی یحتاج إلی استثماره حیث یکون فاضل ربحه مصدر کسبه ، فإن زاد علی ذلک شیء صرفه إلی زوجته ثم إلی قرابته .

( مسألة 1642 ) : نفقة الزوجة تقبل الإسقاط ابتداءً أو شرطاً فی ضمن عقد بالنسبة إلی الزمان الحاضر . وأما بالنسبة إلی الأزمنة المستقبلة فکذلک کشرط فی ضمن عقد وإما ابتداءً فلا یخلو من إشکال ومنع .

( مسألة 1643 ) : یجوز للمرأة رفع أمرها للحاکم الشرعی إذا لم ینفق الزوج علیها سواء کان ممتنعاً من الإنفاق مع قدرته أو عاجزاً کما تقدم تفصیله فی فصل حقوق الزوجین وتقدّم أن التمکن من النفقة لیس شرطاً فی صحة العقد ولا طروّ العجز موجباً للخیار .

ص:482

نفقة الأقارب

(مسألة 1644 ) : یجب الإنفاق علی الأبوین وآبائهما وأمهاتهما وإن علو ، وعلی الأولاد وأولادهم وإن نزلوا الأقرب فالأقرب ذکوراً وإناثاً صغاراً کانوا أو کباراً ومقتضی ذلک استحقاق النفقة للقریب علی ذی الرحم من العمودین مع فقد الأقرب أو إعساره فیثبت الإنفاق للولد مع فقد الأب أو إعساره علی الجد ، ولا تجب علی غیر العمودین من الأقارب بالإخوة والعمومة والخؤولة وغیرهم وإن استحب . نعم تجب الرعایة والکفالة فی التدبیر لعموم الأقارب فضلاً عن العمودین مع احتیاج القریب لذلک لقصوره أو اضطراره ولا فرق فی المنفق علیه القریب بین کونه مسلماً أو کافراً .

( مسألة 1645 ) : یشترط فی وجوب الإنفاق علی القریب فقره واحتیاجه وعدم قدرته علی تحصیلها ، بمعنی عدم وجدانه لما یتقوت به فعلاً ، فلا یجب الإنفاق علی من قدر علی نفقته فعلاً وإن کان فقیراً لا یملک قوت سنة وجاز له أخذ الزکاة ونحوها .

وأما غیر الواجد لها فعلاً القادر علی تحصیلها ، فإن کان ذلک بغیر الاکتساب کالاقتراض المتمکن من أدائه أو الأخذ من مال مبذول له فلا یجب الإنفاق علیه . وکذا لو کان قادراً علی الاکتساب بما یناسب حاله وشأنه أو کان کسوباً أو محترفاً للمهن والصنایع .

أما القدرة علی أخذ الحقوق من الزکاة ونحوها فلا تسقط استحقاق النفقة فضلاً عما لو لزم من أخذها مهانة وابتذال کالسؤال والاستعطاء ، وکذا لو قدر القریب علی اکتساب یشق علیه تحمله أو کان ترکه للاکتساب لاشتغاله

ص:483

بأمر دینی أو دنیوی هام کطلب العلم . وأما القادر علی الاکتساب بإعداد بعض المقدمات کتعلم صنعة أو حرفة أو مهنة وترک تهیئة ذلک أو کان کسوباً وترک ذلک طلباً للراحة أو للکسل ونحوه أو فوّت فرص ذلک فأصبح محتاجاً فعلاً للنفقة فی المدة الحاضرة وعاجزاً عن تحصیلها فیجب الإنفاق علیه بقدر الضرورة ویجوز التقتیر علیه حثاً ل-ه علی العمل والاکتساب .

( مسألة 1646 ) : إذا أمکن للمرأة التزویج بمن یلیق بها ویقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً فلا تکون بذلک بحکم القادر علی النفقة فیجب علی أبیها أو ابنها الإنفاق علیها .

( مسألة 1647 ) : یشترط فی وجوب الإنفاق علی القریب قدرة المنفق علی نفقته بعد نفقة نفسه ونفقة زوجته الدائمة لو کان متزوجاً ، فلو حصل له قدر کفایة نفسه خاصة اقتصر علی نفسه ، ولو فرض أنه فضل منه شیء وکانت له زوجة فلزوجته ، فلو فضل منه شیء فالأقرب منهم فالأقرب فللأبوین والأولاد مقدمان علی أبناء الأولاد وعلی الجد والجدة للأم وعلی الجدة للأب ، ولو کانوا فی مرتبة واحدة ولم یقدر علی نفقة الجمیع فالأقرب أنه یقسم القوت أولاً بینهم بالسویة وکذا الکسوة والسکن إن أمکن ولو مع الضیق وإلاّ أقرع بینهم . ولا یترک الاحتیاط فی الوالدین عند الدوران مع الأولاد .

( مسألة 1648 ) : یجوز ل-ه تقدیم نفقة الزواج إذا احتاج إلیه علی نفقة القریب مع عدم کفایة ما عنده للنفقتین ، إلاّ مع شدة إعواز القریب وعجزه مع عدم بلوغ حاجته للزواج إلی الاضطرار .

( مسألة 1649 ) : یجب السعی لتحصیل النفقة لنفسه مع إعوازه بمقدار یحفظ نفسه وعرضه ویقیم صلبه ویدفع عنه الضرر ولو بدون مقدار النفقة المتعارفة لمثله ،

ص:484

بأی وسیلة من الاکتساب والاستدانة والاستعطاء والاستیهاب ولو المهن الحقیرة أو الأخذ من الزکاة والحقوق الأخری للمستحقین أو التعریض بالمسألة بحسب درجات الخفاء والظهور متدرجاً فی ذلک حسب حاجته وضرورته مراعیاً صیانة ماء وجهه قدر الإمکان الأبعد عن المهانة والابتذال فالأبعد ، وأما نفقة الزوجة والأقارب فالواجب علیه تحصیله بالاکتساب اللائق بشأنه وحاله وکذا بالاستدانة مع تمکنه من الأداء مستقبلاً ، وإلاّ أخذ من حقوق المستحقین من الزکوات ونحوها نعم لا یجب علیه التوسل إلی تحصیله بمثل الاستیهاب والاستعطاء فضلاً عن السؤال إلاّ مع شدة إعواز العیال وعجزهم مع خفة المشقة علیه .

( مسألة 1650 ) : الواجب من نفقة الأقارب هو ما مرّ فی نفقة الزوجة من النفقة الفردیة فی المعیشة من کفایة الطعام والإدام والکسوة والمسکن اللائق بشأنهم وحالهم المتعارف دون بقیة أنواع المؤن وإن کانت ضروریة بحسب معیشة العلاقات الاجتماعیة کالدیون لسائر المؤن الأخری والغرامات ونحو ذلک .

( مسألة 1651 ) : لا یجب تزویج من وجبت نفقته ولداً کان أو والداً أو إعطاء مهر ل-ه أو تملیک أمة أو تحلیلها علیه ، المسمی بالإعفاف وإن کان أحوط مع شدة الحاجة لا سیما فی الأب .

( مسألة 1652 ) : یجب علی الولد نفقة والده دون أولاده لأنهم إخوته ودون زوجته ، ویجب علی الولد نفقة ولده دون زوجته ، نعم یجب علیه نفقة أولاد ولده أیضاً لأنهم أولاده .

( مسألة 1653 ) : لا تقضی نفقة الأقارب ولا یجب تدارکها لو فات وقتها ، ولو بتقصیر من المنفق ، ولا تشتغل ذمته بها کدین بخلاف الزوجة کما مر .

ص:485

نعم لو استدان القریب العاجز لنفقته الضروریة فالأحوط قضاؤها علی المنفق ، ولو لم ینفق علیه لغیبته أو امتنع عن إنفاقه مع یساره ورفع القریب أمره إلی الحاکم فأمر الاستدانة علیه فاستدان علیه اشتغلت ذمّته بما استدانه ووجب علیه قضاؤه ، وإن تعذّر الحاکم فیرفع أمره إلی عدول المؤمنین ویستأمرهم فی ذلک ، وإن تعذر فاستدان بقصد کونه علی المنفق فالأحوط وجوب قضاؤه بل الأحوط القضاء ولو لم ینو ذلک کما مرّ .

( مسألة 1654 ) : النفقة الحاضرة للأقارب تقبل الإسقاط بحلوها دون الآتیة المستقبلة .

( مسألة 1655 ) : یجزی فی الإنفاق علی القریب بذل النفقة فی دار المنفق ، ولا یجب بذلها فی دار أخری ، ولو طلب المنفق علیه ذلک لم تجب إجابته إلاّ إذا کان عن عذر مانع ل-ه عن استیفاء النفقة مما یرجع إلی خلل فی محل الإنفاق .

( مسألة 1656 ) : القریب وإن لم یملک النفقة فی ذمة المنفق إلاّ أنه یتملکها بأخذ القوت والکسوة بخلاف الحال فی السکنی فإنه إمتاع وانتفاع کما مر فی الزوجة .

( مسألة 1657 ) : إن لوجوب الإنفاق ترتیب من جهة المنفق ومن جهة المنفق علیه .

أما الأولی : فتجب نفقة الإنسان ذکراً کان أو أنثی علی عمودی نسبه أصوله وهم آباءه وفروعه وهم أولاده الأقرب فالأقرب ، فتجب علی الأب والولد ومع عدمهما أو فقرهما فعلی جده للأب وولد ولده وهکذا متعالیاً ومتنازلاً ومع التعدد والتساوی فی الدرجة یشترکون بالسویة والأظهر اعتبار الذکورة فی الأقرب فالأقرب دون المرأة . نعم إن عدموا فتصل النوبة إلی الأم والأنثی

ص:486

من الأقرب فالأقرب .

أما الثانیة : فإن کان مقتدراً علی نفقته ونفقة زوجته وجمیع أقاربه المستحقین للنفقة وجب علیه نفقة الجمیع ، وإن لم یکن إلاّ لبعضهم فعلی الأقرب فالأقرب منهم ذکراً کان أو أنثی فالابن أو البنت مقدم علی ابن الابن ، والأبوان مقدمان علی الأجداد والأحفاد ، کما مرّ ولو تساووا فی المرتبة فقد مرّ تفصیل الحال فیه .

( مسألة 1658 ) : لو کان له ولدان أو أکثر ولم یقدر إلاّ علی نفقة بعض منهم وکان له أب موسر ، فإن اتفقا فی مقدار النفقة والاشتراک فی إنفاقهما أو تراضیا علی أن یکون أحدهما المعین فی نفقة أحدهما وغیره فی نفقة الآخر فهو وإلاّ رجعا إلی القرعة فی تعیین أحد الخیارات التوفیقیة فی الموازنة بینهما .

( مسألة 1659 ) : لو ماطل وامتنع من النفقة علی من وجبت علیه أجبره الحاکم ، ومع عدمه فعدول المؤمنین ، وإلاّ فیقتص منه مقدار نفقته . وإلاّ أمره الحاکم بالاستدانة علیه ، وإلاّ فعدول المؤمنین وإلاّ فیتصدی هو للاستدانة علیه کما مرّ .

( مسألة 1660 ) : تجب نفقة المملوک - رقیقاً کان أو بهیمة وکل دابة وذی نفس سائلة وروح بل الأحوط مطلق الحیوان حتی النحل ودود القز - علی مالکه ، ومولی الرقیق بالخیار بین الإنفاق علیه من خالص ماله أو من کسبه بأن یضرب علیه ضریبة ویجعل الفاضل ل-ه ، فلو قصر کسبه عن نفقته کان علی المولی إتمامه ، وتقدیر نفقة المملوک هو الکفایة من طعام وإدام وکسوة وسکنی مما هو معتاد فی الممالیک ، کما أن الواجب فی نفقة البهیمة والحیوان ما تحتاج إلیه من أکل وسقی ومکان رحل ونحو ذلک ، ویتخیر المالک فی مؤونتها بین تهیئته لها أو تخلیتها ترعی فی خصب الأرض ، إن کفیت بذلک ، وإلاّ جبر نقص ذلک .

ص:487

( مسألة 1661 ) : لو امتنع المولی من الإنفاق علی رقیقه أو بهیمته أجبر علی بیعه أو ما یزیل ملکه عنه أو الإنفاق علیه أو تخلیته لیحصل علی مؤونته أو غیر ذلک مما فیه مراعاة وتوفیق بین الطرفین .

ص:488

کتاب الطلاق :

الفصل الأول:فی الشروط

شروط المطلّق :

( مسألة 1662 ) : یشترط فی الزوج المطلق البلوغ والعقل ، فلا یصح طلاق الصبی لا بالمباشرة ولا بتوکیل الغیر وإن کان ممیزاً وله عشر سنین ، إلاّ أن یکون قد أنبت فی عانته أو أشعر فی وجهه ، أو أمنی ، وإن کان الاحتیاط فیمن بلغ عشراً مطلقاً لا ینبغی ترکه ، ولا طلاق المجنون مطبقاً أو أدواراً حال جنونه ، وکذا السکران والمغمی علیه والنائم ونحوه ممن زال عقله .

( مسألة 1663 ) : لا یصح طلاق ولی الصبی عنه کأبیه وجده فضلاً عن الوصی والحاکم . نعم لو بلغ فاسد أو ناقص العقل أو طرأ علیه الجنون بعد البلوغ قبل رشده طلق عنه ولیه مع مراعاة الغبطة والصلاح بل وکذا بعد رشده وإن کان الاحتیاط فی استیذان الحاکم فی هذه الصورة لا یترک فإن لم یکن له أب وجد فالأمر إلی الحاکم ویراعی فی ذلک مباشرة أقاربه من الأرحام ، هذا کله فی المجنون المطبق . وأما الأدواری والسکران والمغمی علیه فلا یصح طلاق الولی

ص:489

عنه بل یطلق حال إفاقته . وهل یجوز لولی الصبی أن یهب المتمتع بها المدة وجهان ، أو قولان أظهرهما الجواز .

( مسألة 1664 ) : ویشترط فیه القصد والاختیار ، فلا یصح طلاق النائم والساهی والغالط والمکره بتوعید وتهدید أو إجبار وکذا من خرج عن السیطرة علی إرادته وقواه النفسانیة کالشدید الغضب ، والسکران ، وکذلک من لم تتحقق منه إرادة جدیة کالهازل والذی یتلفظ بالطلاق مداراة لبعض نسائه تطیباً للخاطر من دون عزمه الأکید علیه .

( مسألة 1665 ) : الإکراه هو حمل الغیر علی إیجاد ما یکره إیجاده بالتوعید والتهدید علی ترکه بما یضرّ بحاله أو حال من یهمّه شأنه نفساً أو عرضاً أو مالاً ، مع کون الحامل - المکره بالکسر - قادراً علی ما توعّد به مع حصول الخوف من وقوعه ، ویلحق به ما إذا أمره بإیجاد ما یکرهه مع خوف المأمور من عقوبته وإضراره لو خالفه وإن لم یتکلم بألفاظ التوعید والتهدید لکن مع وجود شاهد حال حاضر أو سابق علی عزم الحامل علی ذلک ، بل الحال کذلک لو لم یأمره مع وجود شاهد حال المزبور وحصول إبراز منه لتلک الإرادة العاتیة ، وهذا بخلاف ما کان مجرد خوف من إضرار الغیر بترکه من دون ذلک ، کما لو تزوج امرأة ثم رأی أنها لو بقیت فی عصمته لناله من بعض أقاربها ضرر فالتجأ إلی طلاقها فإنه یصح طلاقها .

وأما التوعّد بما یستحقه کما إذا قال ولی الدم للقاتل أو الدائن للمدیون : طلّق زوجتک وإلاّ قتلتک أو وإلاّ طالبتک بالمال فطلّق ، ففی الصحة إشکال بل منع . نعم لو لم یکن بصیغة الوعید والتهدید بل بنحو المعاوضة فی مقابل رفع الید عن ما یستحقه من دون إلجاء وإخافة لکانت الصحة متجهة .

ص:490

( مسألة 1666 ) : یعتبر فی الإکراه عدم إمکان التفصی والتجنب عن الضرر المتوعد به بما لیس فیه ضرر آخر علیه أو مشقة والموازنة بین الضررین فی تحمل ا لضرر تختلف بحسب الموارد والأشخاص ، کالفرار والاستعانة بالغیر ، فلو أوقع الطلاق مع إمکان دفع الضرر صح . نعم لا یعتبر عدم القدرة علی التوریة فلو أوقع الطلاق من دونها فالظاهر وقوعه مکرهاً علیه فضلاً عما لو کان غافلاً عنها للجهل بها أو للإرباک والاضطراب الطاری علیه .

( مسألة 1667 ) : لا یعتبر فی وقوع الإکراه تطابق عمل المکره - بالفتح - مع خصوصیات ما أکره علیه فإن التمرد والتعصی فی الخصوصیات أمر معهود فی موارد الإکراه بحسب شدة ونوعیة الإکراه وإن استسلم واستجاب للإکراه فی أصل العمل ، فلو أکرهه علی طلاق إحدی زوجتیه فطلق إحداهما المعینة وقع مکرهاً علیه ، ولو طلقهما معاً دفعة ففی کون إحداهما إکراه إشکال بل لا یخلو من منع إلاّ مع شاهد حال وقد یدل علیه فی کلتیهما لتلازم ما ، وأما لو أکرهه علی طلاق کلتیهما فطلق إحداهما فالظاهر أنه عن إکراه .

( مسألة 1668 ) : لو أکرهه علی أن یطلق زوجته ثلاث طلقات بینهما رجعتان فطلقها واحدة أو اثنتین فالظاهر أنه عن إکراه إلاّ أن یکون شاهد حال مخالف .

( مسألة 1669 ) : لو أوقع الطلاق عن إکراه ثم تعقبه الرضا ففی الصحة إشکال وإن کانت لا تخلو من وجه للنص الوارد فی الصبی .

( مسألة 1670 ) : یصح الإکراه بحق علی الطلاق کما فی موارد وجوب الطلاق علی الزوج وهل یختص ذلک بإکراه الحاکم الشرعی أم یعم غیره ولو الزوجة ، الظاهر الثانی مع استجماع طلاق الزوج للشرائط الأخری مع وصول النوبة لغیر الحاکم بحسب مراتب الولایة ، وهل یکون بائناً أم رجعیاً ، الأظهر الأول

ص:491

سواء فی موارد عدم الإنفاق أو الهجر منه لها کالمعلقة .

( مسألة 1671 ) : لا یعتبر فی الطلاق اطلاع الزوجة علیه فضلاً عن رضاها به .

شروط المطلقة :

( مسألة 1672 ) : یشترط فی المطلقة أن تکون زوجة دائمة فلا یقع الطلاق علی المتمتع بها ، وأن تکون طاهراً من الحیض والنفاس ومستبرأة بحیضة بعد المواقعة فیکون طلاقها للعدة أی ما یصلح أن یکون مبتدءاً لاحتساب العدة ، فلا یصح طلاق الحائض والنفساء والمراد بهما ذات الدمین فعلاً أو حکماً کالنقاء المتخلل فی البین . فلو نقیتا من الدمین ولما تغتسلا من الحدث صح طلاقهما کما لا یصح فی طهر واقعها فیه زوجها .

( مسألة 1673 ) : إنما یشترط خلو المطلقة من الحیض فی المدخول بها الحائل دون غیر المدخول بها ودون الحامل المستبین حملها ولو بالفحص الحدیث وإن لم تمض ثلاثة أشهر بناء علی مجامعة الحیض للحمل کما هو الأصح ، فإنه یصح طلاقهما فی حال الحیض . ویشترط ذلک إذا کان الزوج حاضراً ، بمعنی کونهما فی بلد واحد حین الطلاق ، وأما إذا کان غائباً عنها سواء کانت الغیبة لسفره أو لسفرها فیصح طلاقها وإن وقع فی حال الحیض إذا تعذر علیه العلم بحالها من حیث الطهر والحیض أو تعسر علیه استعلام ذلک کما لو کانت غیبته ثلاثة أشهر ، وأما لو علم أنها فی حال الحیض ولو من جهة علمه بعادتها الوقتیة علی الأظهر أو تمکن من استعلام حالها وطلقها فتبین وقوعه فی حال الحیض بطل الطلاق .

( مسألة 1674 ) : إذا غاب الزوج ، فإن خرج فی حال حیضها لم یجز طلاقها إلاّ بعد مضی مدة یقطع بانقطاع ذلک الحیض ، فإن طلقها بعد ذلک فی زمان لم یعلم بکونها حائضاً فیه صح طلاقها وإن تبین وقوعه فی الحیض ، وإن خرج

ص:492

فی حال الطهر الذی لم یواقعها فیه طلقها ما لم یعلم بکونها حائضاً وصح وإن صادف زمان الحیض ، وأما إن خرج فی الطهر الذی واقعها فیه انتظر مضی زمان تنتقل بمقتضی العادة من ذلک الطهر إلی طهر آخر وهو فی غالب عادة النساء شهر ما لم یعلم أن عادتها أنقص أو أکثر فیراعیه ، وکذا لو لم یعلم الحال التی هی علیه حین خروجه ، والأولی فی هاتین الصورتین تربص ثلاثة أشهر ، فإذا أوقع الطلاق بعد التربص لم یضر مصادفة الحیض فی الواقع ، بل الظاهر أنه لا یضر مصادفته للطهر الذی واقعها فیه ، بأن طلقها بعد شهر مثلاً ثم تبین أنها لم تخرج من الطهر الأول إلی ذلک الزمان .

( مسألة 1675 ) : الحاضر الذی یتعذر أو یتعسر علیه معرفة حال المرأة من حیث الطهر والحیض کالغائب ، کما أن الغائب لو فرض إمکان علمه بحالها کان کالحاضر .

( مسألة 1676 ) : یجوز الطلاق فی الطهر الذی واقعها فیه من الیائسة والصغیرة وفی الحامل المستبین حملها ولو بالفحص الحدیث وإن لم تمض علیها ثلاثة أشهر کما مر . وبعد مضی ثلاثة أشهر من زمان المواقعة فی المسترابة وهی التی فی سن من تحیض وهی لا تری الحیض لخلقة أو لعارض فإذا اعتزلها ثلاثة أشهر صح طلاقها ویبطل دون ذلک .

( مسألة 1677 ) : لا یشترط فی اعتزاله الثلاثة أشهر فی المسترابة أن یکون لأجل الطلاق ، فلو اتفق ذلک لأی سبب ثم طلقها صح .

( مسألة 1678 ) : لو واقعها فی حال الحیض لم یصح طلاقها فی الطهر الذی بعد تلک الحیضة ، بل لابد من إیقاعه فی طهر آخر بعد حیض آخر ، لأنه لم یستبرئها بحیضة بعد المواقعة فلا یکون طلاقها فی ما یصلح أن یحسب مبتدأ للعدة .

ص:493

( مسألة 1679 ) : یشترط فی صحة الطلاق تعیین المطلقة بأن یقول : « فلانة طالق » أو یشیر إلیها بما یرفع الإبهام والإجمال ، فلو کانت له زوجة واحدة فقال : « زوجتی طالق » صح ، بخلاف ما إذا کانت له زوجتان أو أکثر وقال : « زوجتی طالق » فإن نوی معینة منهما أو منها صح وقبل تفسیره من غیر یمین وإن نوی غیر معینة کما لو قال : « إحدی زوجاتی طالق » بطل علی الأقوی ومثله لو قال : « فلانة أو هذه طالق » أو قال : « أنت أو هی طالق » .

ص:494

فصل : فی الصیغة

(مسألة 1680 ) : لا یقع الطلاق إلاّ بصیغة خاصة وهی قوله : « أنت طالق » أو « فلانة أو هذه » أو ما شاکلها من الألفاظ الدالة علی تعیین المطلقة ، والأظهر عدم وقوعه بقوله : « أنت مطلقة » أو « طلقت فلانة » فضلاً عن الکنایات کقوله : « أنت خلیة أو بریّة أو حبلک علی غاربک أو إلحقی بأهلک » وغیر ذلک کقوله : « استبرئی رحمک » ناویاً به الطلاق . وکذا لو خیر زوجته وقصد تفویض الطلاق إلیها فاختارت نفسها بقصد الطلاق أو قیل له : هل طلقت زوجتک فلانة ؟ فقال : نعم .

( مسألة 1681 ) : یجوز إیقاع طلاق أکثر من زوجة واحدة بصیغة واحدة ، فلو کانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال : « زَوْجَتای طالِقان أو زَوْجاتی طَوالِق » صح طلاق الجمیع .

( مسألة 1682 ) : لا یقع الطلاق بما یرادف الصیغة المزبورة من لغة غیر عربیة مع القدرة علی إیقاعه بتلک الصیغة ، وأما مع العجز فیجزی إیقاعه بما یرادفها بأی لغة کان ، وکذا لا یقع بالإشارة ولا بالکتابة مع القدرة علی النطق ، وأما مع العجز عنه کما فی الأخرس فیصح منه إیقاعه بهما والأحوط تقدیم الکتابة علی الورق لمن یعرفها علی الإشارة .

( مسألة 1683 ) : یجوز للزوج أن یوکل غیره فی تطلیق زوجته بنفسه بالمباشرة أو بتوکیل غیره ، سواء کان الزوج غائباً أو حاضراً ، بل وکذا له

ص:495

أن یوکل نفس الزوجة فی تطلیق نفسها بنفسها أو بتوکیل غیرها .

( مسألة 1684 ) : یجوز أن یوکلها علی أنه لو طال سفره أزید من ثلاثة شهور مثلاً أو سامح فی إنفاقها أزید من شهر مثلاً طلقت نفسها ، والشرط المزبور قید للموکل فیه لا تعلیقاً فی الوکالة فتبطل کما مرّ فی الوکالة ، کما مرّ عدم صحة اشتراط وکالتها عنه فی الطلاق بنحو لا یجوز له عزلها .

( مسألة 1685 ) : یشترط فی صیغة الطلاق التنجیز ، فلو علقه بشرط بطل سواء کان مما یحتمل وقوعه کما إذا قال : « أنت طالق إن جاء زید » أو مما یتیقن حصوله کما إذا قال : « إذا طلعت الشمس » . نعم لا یبعد جواز تعلیقه بما یکون معلقاً علیه فی الواقع کما إذا قال : « إن کانت فلانة زوجتی فهی طالق » سواء کان عالماً بأنها زوجته أو جاهلاً بها .

( مسألة 1686 ) : لو کرر صیغة الطلاق ثلاثاً فقال : « هی طالق ، هی طالق ، هی طالق » من دون تخلل رجعة فی البین قاصداً تعدد الطلاق تقع واحدة ولغت الأخریان ، ولو قال : « هی طالق ثلاثاً » فالأقوی والأظهر أنه تقع واحدة کالصورة السابقة .

( مسألة 1687 ) : یشترط فی صحة الطلاق الإشهاد بمعنی إیقاعه بحضور رجلین عدلین یسمعان الإنشاء ، سواء قال لهما اشهدا أو لم یقل ، ویعتبر اجتماعهما حین سماع الإنشاء فلو شهد أحدهما وسمع فی مجلس ثم کرر اللفظ فی مجلس آخر وسمع الآخر بانفراده لم یقع الطلاق . نعم الشهادة علی الإقرار بالطلاق لا یعتبر اجتماعهما لا فی تحمل الشهادة ولا فی أدائها ، ولا اعتبار بشهادة النساء وسماعهن منفردات ولا منضمات للرجال .

ولا یعتبر معرفة الشهود للمرأة المطلقة بعینها بحیث یصح الشهادة علیها

ص:496

فلو قال زوجتی هند طالق بمسمع الشاهدین صح وإن لم یعرفاها بعینها بل وإن اعتقدا غیرها .

( مسألة 1688 ) : لو طلق الوکیل عن الزوج لا یکتفی به مع عدل آخر فی الشاهدین کما أنه لا یکتفی بالزوج الموکل مع عدل آخر . نعم یکتفی بالوکیل عن الزوج فی توکیل الغیر مع عدل آخر .

( مسألة 1689 ) : المراد بالعدل فی هذا الباب ما هو المراد فی غیره من الأبواب مما رتب علیه جملة من الأحکام ، وهو من کانت له ملکة وحالة رادعة عن ارتکاب الکبائر وعن الإصرار علی الصغائر والکاشف عنها حسن الظاهر وهو کونه حسن الأفعال فی المعاشرة والسلوک الدینی بحیث لو سئل عن حاله قیل فیه خیراً وإنه لم یر منه إلاّ خیراً .

( مسألة 1690 ) : لو کان الشاهدان فاسقین فی الواقع بینما فی اعتقاد المطلق أصیلاً کان أو وکیلاً عادلین لم یکن الطلاق صحیحاً بحسب الواقع ، ولو انعکس بأن کان اعتقاده بفسق الشاهدین مع عدالتهما فی الواقع فالطلاق صحیح ، نعم حسن الظاهر أمارة العدالة وأما الشاک غیر المطلق فیبنی علی الصحة فی عمل المطلق من دون فحص .

ص:497

فصل : فی أقسام الطلاق

الطلاق قسمان : بدعة ، وسنّة . فالقسم الأول : هو غیر الجامع للشرائط المتقدمة وهو علی أقسام : فاسدة عندنا صحیحة عند غیرنا وهو طلاق الحائض الحائل أو النفساء مع إمکان معرفة حالها حاضراً کان أو غائباً ، أو قبل المدة المعتبرة والطلاق فی طهر المواقعة مع عدم الیأس والصغر والحمل ، وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر وطلاق الثلاث مرسلاً أو ولاءاً ، والکل باطل عدا طلاق الثلاث فإن فیه تصح واحدة ویبطل الزائد .

( مسألة 1691 ) : لو طلق غیر الإمامی زوجته طلاقاً صحیحاً علی مذهبه أو نحلته فاسداً علی مذهبنا ألزم بذلک سواء کانت المرأة شیعیة أو غیرها ونرتب علیها آثار المطلقة ، فلو اعتقد وقوع الطلاق ثلاثاً مرسلاً أو ولاءاً ألزم بالثلاث إلزاماً له بما ألزم به نفسه ومن دان بدین لزمته أحکامهم ولو رجع إلیها لم یصح له ونتزوج بها بعد انقضاء العدة . وکذلک یجوز لمطلقته الشیعیة التزویج بالغیر ، ومثل ذلک الطلاق المعلق والحلف بالطلاق والطلاق فی طهر المواقعة والحیض وبغیر شاهدین . وهذا الحکم جار فی غیر الطلاق أیضاً ، فنأخذ بالعول والتعصیب منهم فی باب المیراث مثلاً وغیر ذلک من الأبواب اعتماداً علی قاعدة لکل قوم نکاح إمضاءاً لأنکحتهم وطلاقهم وقاعدة الإلزام وقاعدة من دان بدین قوم لزمته أحکامهم والأخذ بإقرارهم بما یقرّون به علی أنفسهم وأنهم یؤخذ منهم کما یأخذون منا فی سننهم وقضایاهم مقاصّة فی الأحکام

ص:498

والقضایا والعقود والإیقاعات والحقوق التی یختلف فیها أهل الملل والنحل أو المذاهب الإسلامیة مع أحکام الشیعة الإمامیة سواء فی التعامل الفردی أو الولائی العام کالقاضی والوالی .

( مسألة 1692 ) : إذا طلق غیر الإمامی سواء المخالف أو الکتابی زوجته بطلاق صحیح علی مذهبه أو نحلته فاسد عندنا ثم تبصر بعد الطلاق فإن کان ذلک فی العدة جری علیه حکم المؤمن وإن کان ذلک بعد العدة یلزمه ترتیب آثار الصحة علی طلاقه السابق ، إلاّ الطلاق ثلاثاً ونحوه فإنه یرتب آثار الطلاق الواحد الصحیح دون طلاق الثلاث .

والقسم الثانی : طلاق السنة بالمعنی الأعم وهو ما جمع الشرائط فی مذهبنا وهو قسمان بائن ورجعی ، فالبائن ما لیس للزوج الرجوع إلیها بعده ، سواء کانت لها عدة أم لا ، وهو ستة :

الأوّل : الطلاق قبل الدخول .

الثانی : طلاق الصغیرة وهی التی لم تبلغ التسع ولم تحض وإن دخل بها .

الثالث : طلاق الیائسة . وهذه الثلاث لیس لهن عدة کما یأتی .

الرابع : طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فیما بذلت وإلاّ کانت له الرجعة .

الخامس : طلاق حاکم الشرع فی موارد .

السادس : الطلاق الثالث غیر المتوالی أی إن کانت حرة والطلاق الثانی غیر المتوالی إن کانت أمة .

وأما الرجعی فهو ما عدا ذلک للزوج الرجوع فیه أثناء العدة . وهو ینقسم إلی طلاق السنة بالمعنی الأخص أی الراجح وطلاق العدة ویسمی للعدة أیضاً .

ص:499

أما الأول فهو علی درجتین والجامع بینهما أن لا یرجع إلیها فی طهر الطلاق ولا یمسها فی العدة والأرجح منهما أن یطلقها فلا یراجعها حتی تنقضی العدة ثم إن شاء یتزوجها وهو أعدل وأوسع طلاق للطرفین .

والأقل رجحاناً أن یرجع قبل خروج عدتها من دون وقاع وأما لو رجع فی طهر الطلاق من دون جماع فهو طلاق سنة بالمعنی الأعم .

وأما الثانی : الطلاق العدی ( للعدة ) فهو أن یطلق زوجته مع اجتماع الشرائط ثم یراجعها قبل خروجها من العدة فیواقعها .

( مسألة 1693 ) : إذا طلقها ثلاثاً مع تخلل رجعتین ولو بعقد جدید حرمت علیه ولا تحل له إلاّ بعد أن تنکح زوجاً غیره سواء کان کل من طلاقها الأول والثانی عدّیاً أو سنیاً أو غیرهما ، فإذا نکحها غیره ثم فارقها بموت أو طلاق وانقضت عدتها جاز للأول نکاحها . وأما الأمة فتحرم بالطلاق الثانی مع الرجوع بعد الأول .

( مسألة 1694 ) : المطلقة تحرم علیه بعد کل طلاق ثالث وتحل له بنکاح الغیر بعده وإن طلقت مائة مرة . نعم لو طلقت تسعاً طلاق العدة بالمعنی المتقدم حرمت علیه أبداً بأن یطلق زوجته مع اجتماع الشرائط ثم یراجع قبل خروجها من العدة فیواقعها ثم یطلقها فی طهر آخر ثم یراجعها فیه ویواقعها ثم یطلقها فی طهر آخر فتحرم علیه حتی تنکح زوجاً آخر ، فإذا نکحت وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً علی النهج السابق حرمت علیه حتی تنکح زوجاً آخر ، فإذا نکحت آخر وخلت منه فتزوجها الأول فطلقها ثلاثاً علی النهج السابق حرمت فی التاسعة تحریماً مؤبداً إذا کانت حرة .

وبالجملة إنما توجب تسع طلقات الحرمة المؤبدة إذا وقع طلاق العدة

ص:500

ثلاث مرات ، ویعتبر فیه أمران :

أحدهما : تخلل رجعتین فی العدة ، فلا یکفی وقوع عقدین مستأنفین ولا وقوع رجعة وعقد مستأنف فی البین .

الثانی : وقوع المواقعة بعد کل رجعة ، فالطلاق المحرم مرکب من ثلاث طلقات اثنتان للعدة رجعیة وواحدة منها بائنة ، فإذا وقعت ثلاث منه حتی کملت تسع طلقات حرمت علیه أبداً . هذا والأحوط الاجتناب عن المطلقة تسعاً مطلقاً وإن لم یکن الجمیع طلاق العدة .

( مسألة 1695 ) : إنما توجب التحریم الطلقات الثلاث إذا لم تنکح فی البین زوجاً آخر وأما إذا تزوجت الغیر انهدم حکم ما سبق وتکون کأنها غیر مطلقة ویتوقف التحریم فی الثالثة علی إیقاع ثلاث طلقات مستأنفة .

( مسألة 1696 ) : یشترط فی الزوج المحلل للمطلقة ثلاث أمور :

الأوّل : أن یکون بالغاً ، فلا اعتبار بنکاح الصغیر والمراهق .

الثانی : أن یطأها قبلاً وطیاً موجباً للغسل بغیبوبة الحشفة أو مقدارها وفی الاکتفاء بالدبر إشکال ومنع وأما اعتبار الإنزال فهو أحوط .

الثالث : أن یکون العقد دائماً لا متعة .

( مسألة 1697 ) : لو طلقها ثلاثاً وانقضت مدة فادعت أنها تزوجت وفارقها الزوج الثانی ومضت العدة واحتمل صدقها صدقت وقبل قولها بلا یمین ، فللزوج الأول أن ینکحها بعقد جدید ولیس علیه الفحص والتفتیش ، بل یکفی أن لا تکون متهمة .

( مسألة 1698 ) : إذا دخل علیها المحلل فادعت الوطی ولم یکذبها صدقت

ص:501

وحلت للزوج الأول ، وإن کذبها لا یبعد قبول قولها أیضاً مع عدم کونها متهمة ولا سیما إذا کانت ثقة . ولو ادعت الإصابة ثم رجعت عن قولها ، فإن کان قبل أن یعقد الأول علیها لم تحل له ، وإن کان بعد العقد علیها لم یقبل رجوعها .

( مسألة 1699 ) : لا فرق فی الوطی المعتبر فی الزوج المحلل بین الوطی الحرام والحلال ، فلو وطأها حراماً کالوطی فی الإحرام أو فی الصوم الواجب أو فی الحیض ونحو ذلک کفی فی حصول التحلیل للزوج الأول .

( مسألة 1700 ) : لو شک الزوج فی إیقاع أصل الطلاق علی زوجته لم یلزمه الطلاق بل یحکم ظاهراً ببقاء علقة النکاح ، ولو علم بأصل ا لطلاق وشک فی عدده بنی علی الأقل ، سواء کان الطرف الأکثر الثلاث أو التسع ، فلا یحکم مع الشک بالحرمة غیر المؤبدة فی الأول وبالحرمة المؤبدة فی الثانی . ولو شک بین الثلاث والتسع فالأظهر البناء علی الأول فتحل له بالمحلل .

( مسألة 1701 ) : لو ادعی أحد الزوجین الطلاق وأنکره الآخر فالقول قول منکره مع یمینه . ولو تنازعا فی زمان وقوعه فالأصل تأخره .

ص:502

فصل : فی العِدد

العدّة : المدّة التی تتربص المرأة وتحتبس عن الزواج بالغیر بمفارقة زوجها أو بالوط ء المحترم کالشبهة ونحوه أو بدخول الماء فی الفرج من غیر وطی .

ویجب الاعتداد بأمور :

الأول : الطلاق .

الثانی : فسخ أو انفساخ العقد الدائم .

الثالث : انقضاء مدة المتعة أو بذلها .

الرابع : موت الزوج .

الخامس : وطی الشبهة أو دخول الماء من غیر وطی .

السادس : عتق الأمة الموطوءة .

( مسألة 1702 ) : لا عدة علی من لم یدخل بها وطیاً أو ماءاً وإن خلی بها خلوة تامة أو باشرها بغیر الدخول ولم یتوفی عنها زوجها ولا علی الصغیرة ، وهی من لم تکمل التسع ولم تحض وإن دخل بها ولا علی الیائسة ، سواء بانت فی ذلک کله بطلاق أو فسخ أو هبة مدة أو انقضائها .

( مسألة 1703 ) : یتحقّق الدخول بإیلاج تمام الحشفة قبلاً أو دبراً وإن لم ینزل بل وإن کان مقطوع الانثیین وکذا من مقطوع الحشفة مع إدخال مقدار الحشفة بل مطلقاً مع صدق الإدخال .

ص:503

( مسألة 1704 ) : یتحقّق الیأس بانقطاع الحیض وأما بلوغ السن المتعارف للیأس کالخمسین أو الستین أو غیرهما بحسب البلدان والقومیات فهو أمارة علی الیأس عند الشک .

( مسألة 1705 ) : لو طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن الیأس ورأت الدم مرّة أو مرّتین ثم یئست أکملت العدة بشهر أو شهرین ، وکذلک ذات الشهور إذا اعتدت شهراً أو شهرین ثم یئست أتمت ثلاثة .

( مسألة 1706 ) : تصدق المرأة فی أنها بلغت الیأس .

( مسألة 1707 ) : إذا طلقت الحائل ( غیر الحامل ) أو انفسخ نکاحها ، فإن کان الطهر الفاصل بین حیضتین منها أقل من ثلاثة أشهر ، کانت عدتها ثلاثة قروء مثل ما لو کانت مستقیمة الحیض بأن تحیض فی کل شهر مرة کما هو الغالب أو أزید من مرة أو فی کل شهرین مرة .

وإن کانت تحیض والطهر الفاصل بین حیضتین ثلاثة أشهر أو أزید أو کانت مسترابة وهی التی لا تحیض فی سن من تحیض إما لصغر وإما لانقطاع حیضها لمرض أو رضاع أو غیر ذلک من العوارض فعدتها ثلاثة أشهر .

هذا فی الحرة وأما الأمة فعدتها قرءان فی الأول وخمسة وأربعون یوماً فی الثانی . والأظهر فی الکتابیة ذلک أیضاً وإن کان الأحوط أنها کالحرة . وإذا وطأ أمته ثم أعتقها اعتدت منه کالحرة بثلاثة أطهار إن کانت مستقیمة الحیض وإلاّ فبثلاثة أشهر .

( مسألة 1708 ) : یتبین مما مرّ أن المرأة إذا کانت تحیض بعد کل ثلاثة أشهر مرة فطلقها زوجها فی أول الطهر ومرت علیها ثلاثة أشهر بیض فقد خرجت من العدة وکانت عدتها الشهور لا القروء والأطهار ، وإذا کانت تحیض

ص:504

فی کل ثلاثة أشهر مرة بحیث لا تمر علیها ثلاثة أشهر بیض لا حیض فیها فعدتها الأطهار لا الشهور ، وأما إذا کانت تحیض تارة علی النمط الأول وأخری علی الثانی فتعتد بالسابق من الشهور والأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر بیض کانت هی عدتها ، وإن سبق لها ثلاثة أطهار کانت هی عدتها .

وأما إذا ارتفع حیضها علی خلاف عادتها واسترابت بالحمل کما لو کانت مستقیمة الحیض فطلقها ورأت الدم مرة ثم ارتفع علی خلاف عادتها وکما لو ابتدأت العدة بالأشهر فرأت فی الشهر الثالث أو قبله حیضاً وارتفع حیضها فاسترابت بالحمل انتظرت تسعة أشهر من یوم طلاقها ، فإن لم تضع اعتدت بعد ذلک بثلاثة أشهر وخرجت بذلک عن العدة .

( مسألة 1709 ) : عدة طلاق الحامل - وإن کان حملها بإراقة ماء زوجها فی فرجها من دون دخول - ومن ألحقت بها مدة حملها حتی تضع حملها ولو بعد الطلاق بلا فصل ، سواء کان تاماً أو غیر تام ولو کان مضغة وفی العلقة إشکال .

( مسألة 1710 ) : لو کانت حاملاً باثنین أو أزید بانت بوضع الأول فلا رجعة للزوج بعده لکن لا تنکح زوجاً إلاّ بعد وضع الأخیر .

( مسألة 1711 ) : إنما تنقضی العدة بالوضع إذا کان الحمل ملحقاً بمن له العدة فلا عبرة بوضع من لم یلحق به فی انقضاء عدته ، فلو کانت حاملاً من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدة بالوضع ، بل یکون انقضاؤها بالأقراء والشهور کغیر الحامل ولو مقارناً زمناً لمدة الحمل ، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلاً لا بالنسبة إلی الزانی لأنه لا عدة له ولا بالنسبة إلی المطلق لأن الولد لیس له . نعم لو کان الحمل من وطی الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحیث یلحق الولد بالواطی لا بالزوج فوضعه انتهاء لعدة وطی الشبهة لا عدة طلاق الزوج .

ص:505

( مسألة 1712 ) : لو وطئت شبهة فحملت وألحق الولد بالواطی لبعد الزوج عنها أو لغیر ذلک ثم طلقها الزوج أو سبق الطلاق ذلک کانت علیها عدتان عدة لوطی الشبهة تنقضی بالوضع وعدة للطلاق بالأقراء والشهور وبمقارنة زمن الحمل وإن کان الأحوط استئنافها بعد الوضع .

( مسألة 1713 ) : إذا ادعت المطلقة الحمل أو الوضع فانقضت عدتها وأنکر الزوج أو انعکس فادعی الوضع وأنکرت هی یقدم قولها فی جمیع الصور بیمینها ، ومع إمکان تحری واقع الحال بالفحص الحدیث فهو مقدم علی قولها .

( مسألة 1714 ) : لو اتفق الزوجان علی إیقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا فی المتقدم والمتأخر فإن اتفقا علی زمان الطلاق واختلفا فی زمان الوضع فالقول قولها بیمینها وإن اتفقا فی زمان الوضع واختلفا فی زمان الطلاق فالقول قول من یدعی بقاء العدة ، وکذلک إن اختلفا فی کلا الزمانین .

( مسألة 1715 ) : المراد بالقرؤ والقرئین الطهر والطهرین ، ویکفی فی الطهر الأول مسماه ولو قلیلاً ، فلو طلقها وقد بقیت من طهرها لحظة یحسب ذلک طهراً ، فإذا رأت طهرین آخرین تامین بتخلل حیضة بینهما فی الحرة وطهر آخر تام بین حیضتین فی الأمة انقضت العدة ، فانقضاؤها برؤیة الدم الثالث أو الثانی . ولو اتصل آخر صیغة الطلاق بأول زمان الحیض صح الطلاق وفی الاکتفاء بالطهر الذی وقعت فیه الصیغة من العدة وجه وإن کان الأحوط إعادة صیغة الطلاق فی أثناء طهر لاحق .

( مسألة 1716 ) : بناءاً علی کفایة مسمی الطهر فی ا لطهر الأول ولو لحظة وإمکان أن تحیض المرأة فی شهر واحد أزید من مرة فأقل زمان یمکن أن تنقضی عدة الحرة ستة وعشرون یوماً ولحظتان - بإن کان طهرها الأول لحظة

ص:506

ثم تحیض ثلاثة أیام ثم تری أقل الطهر عشرة أیام ثم تحیض ثلاثة أیام ثم تری أقل الطهر عشرة أیام ثم تحیض - فبمجرد رؤیة الدم الأخیر لحظة من أوله انقضت العدة . وهذه اللحظة الأخیرة خارجة عن العدة . وإنما یتوقف علیها تمامیة الطهر ا لثالث هذا فی الحرة وأما فی الأمة فأقل ما یمکن انقضاء عدتها لحظتان وثلاثة عشر یوماً لأن عدتها قرءان .

( مسألة 1717 ) : المطلقة بالطلاق الرجعی زوجة أو بحکمها ما دامت فی العدة فیترتب علیها آثار الزوجیة من استحقاق النفقة والسکنی والکسوة إذا لم تکن ناشزة ، ومن التوارث بینهما لو مات أحدهما فی العدة وعدم جواز نکاح أختها والخامسة ، وکون کفنها وفطرتها علیه ویجوز لزوجها الدخول علیها بغیر إذن ویجوز بل یستحب لها إظهار زینتها له وتجب علیها طاعته ویحرم علیها الخروج من بیته بغیر إذنه علی ما مرّ . وأما المطلقة بائناً کالمختلعة والمباراة والمطلقة ثلاثاً ، فلا یترتب علیها آثار الزوجیة أصلاً لا فی زمن العدة ولا بعده لانقطاع العصمة بینهما بالمرة فلا یجب علیها طاعته ولا یحرم علیها الخروج بغیر إذنه . نعم إذا کانت حاملاً من زوجها استحقت النفقة والکسوة والسکنی علیه حتی تضع حملها .

( مسألة 1718 ) : لا یجوز له أن یخرج المطلقة الرجعیة من بیته حتی تنقضی عدتها إلاّ أن تأتی بفاحشة مبینة أعلاها ما أوجب الحد وأدناها أن تؤذی أهل بیته بالشتم وبذاءة اللسان ، ولا یجوز لها الخروج بدون إذن الزوج إلاّ لضرورة أو لأداء واجب مضیق .

( مسألة 1719 ) : لا توارث بین الزوجین فی الطلاق البائن مطلقاً وفی الرجعی بعد انقضاء العدة ، لکنه إذا طلقها فی المرض المتصل بالموت ترثه الزوجة

ص:507

ما بین الطلاق وبین سنة ، بمعنی أنه إن مات الزوج بعدما طلقها فی حال المرض بعد سنة من حین الطلاق ولو یوماً أو أقل لا ترثه ، وإن کان بمقدار سنة وما دونها ترثه ، سواء کان الطلاق رجعیاً أو بائناً وذلک بشروط ثلاثة :

الأوّل : أن لا تتزوج المرأة ، فلو طلقها فی حال المرض وتزوجت بعد انقضاء العدة ثم مات الزوج قبل انقضاء سنة لم ترثه .

الثانی : أن لا یبرأ الزوج من المرض الذی طلقها فیه ، فلو بری من ذلک المرض ثم مرض ثم مات فی أثناء السنة لم ترثه ، إلاّ إذا کان موته فی أثناء العدة الرجعیة .

الثالث : أن لا یکون الطلاق بالتماس منها ، فلا ترث کما هو الحال فی المختلعة والمباراة ، لأن الطلاق إنما هو بالتماس منهما .

( مسألة 1720 ) : عدة المتعة فی الحامل وضع حملها علی الأقوی والأولی عند البعض مراعاة أبعد الأجلین من الوضع أو انقضاء ا لمدة .

وفی الحائل إذا کانت تحیض قرئین وهما طهران أیضاً ویستکشف هذا الحد بحیضتین ، ویکتفی بلحظة من الحیضة الثانیة وإن کان استیفاؤها أحوط ولو انقضی الأجل أو وهبها المدة فی أثناء الحیض لم تحسب تلک الحیضة بأنها الأولی بل لابد من حیضتین بعد ذلک . وإن کانت فی سن من تحیض ولا تحیض فعدتها خمسة وأربعون یوماً ، ولا فرق بین کون المتمتع بها حرة أو أمة .

وأما عدتها من الوفاة فکالمطلقة .

( مسألة 1721 ) : إذا وهب المتمتع بها أو انقضت مدتها بعد الدخول ثم تزوجها دواماً أو متعة ثم طلقها أو وهبها المدة قبل ا لدخول فاللازم إکمال عدتها الأولی .

ص:508

( مسألة 1722 ) : المدار فی الشهور علی الهلالی ، فإن وقع الطلاق فی أول رؤیة الهلال فلا إشکال ، وأما إن وقع فی أثناء الشهر فاللازم إکمال الناقص ثلاثین یوماً .

( مسألة 1723 ) : مبدأ عدة الطلاق من حین وقوعه ، حاضراً کان الزوج أو غائباً بلغ الزوجة الخبر أم لا ، فلو طلقها غائباً ولم یبلغها إلاّ بعد مضی مدة بمقدار العدة أو أکثر فقد انقضت عدتها ولیس علیها عدة بعد بلوغ الخبر إلیها . ومثل عدة الطلاق عدة الفسخ والانفساخ ولو علمت بالطلاق ولم تعلم وقت وقوعه اعتدت من الوقت الذی تعلم بعدم تأخره عنه .

ص:509

فصل : فی الرجعة

وهی رد المطلقة فی زمان عدتها إلی نکاحها السابق وحلّ لأثر الطلاق فلا رجعة فی البائنة ولا بعد انقضاء العدة الرجعیة .

( مسألة 1724 ) : الرجعة إما بالقول وهو کل لفظ دل علی إنشاء الرجوع أو الإمساک بزوجیتها کقوله راجعتک أو رجعتک أو ارتجعتک إلی نکاحی ، أو رددتک إلی نکاحی أو أمسکتک فی نکاحی ، ویصح الاکتفاء بلفظ الرجوع والرد والإمساک من دون ذکر المتعلق . ولا یعتبر فیه العربیة ، بل یقع بکل لغة إذا کان بلفظ یفید المقصود .

وأما بالفعل ، بأن یفعل بها ما یحل فعله للزوج بحلیلته کالوطی والتقبیل واللمس بشهوة أو بدونها .

( مسألة 1725 ) : لا تتوقف حلیة الوطی وما دونه من التقبیل واللمس علی سبق الرجوع لفظاً ولا علی قصد الرجوع به ، لأن المطلقة الرجعیة بحکم الزوجة ، فله أن یستبیح منها ما یستبیح الزوج وتکون استباحته رجوعاً وترد زوجة له ، وإن لم یقصد الرجوع عنواناً أو قصد عدم عنوان الرجوع ، إذ الرجوع هو استباحته منها ما یستبیح الزوج من الزوجة ، أو اعتبارها تحت ولایته وقیمومته بالتصرف الفعلی وعدم کونها بائنة منه .

نعم لا عبرة بفعل الغافل والساهی والنائم ونحوهم مما لا قصد فیه للفعل کما لا عبرة بالفعل المقصود به غیر المطلقة ، کما لو واقعها باعتقاد أنها غیرها .

ص:510

ویصح التوکیل فی الرجعة بالقول .

( مسألة 1726 ) : لو أنکر أصل الطلاق وهی فی العدة کان ذلک رجوعاً وإن علم کذبه . ومثله ادعاؤه للرجعة قبل انقضاء المدة .

( مسألة 1727 ) : لا یعتبر الإشهاد فی الرجعة ، وإن استحب دفعاً لوقوع التخاصم والنزاع ، وکذا لا یعتبر فیها اطلاع الزوجة علیها ، فإن راجعها عند نفسه من دون اطلاع صحت الرجعة وعادت إلی النکاح السابق واقعاً ، لکن لو ادعاها بعد انقضاء المدة ولم تصدقه الزوجة لم تسمع دعواه ، غایة الأمر له علیها یمین نفی العلم لو ادعی علیها العلم بذلک ، ولو ادعی الرجوع الفعلی کالوطی وأنکرته کان القول قولها بیمینها لکنه علی البت لا علی نفی العلم .

( مسألة 1728 ) : إذا اتفقا علی الرجوع وانقضاء العدة واختلفا فی المتقدم منهما فادعی الزوج أن المتقدم هو الرجوع وادعت هی أن المتقدم انقضاء العدة فإن علم زمان الانقضاء فالقول قوله مع مطابقته لظاهر الحال والصحة کأن یکون رجوعه بفعل یقتضی ا لزوجیة لا مجرد الإنشاء بالقول وإن تعین زمان الرجوع فالقول قولها بیمینها .

( مسألة 1729 ) : لو طلق وراجع فأنکرت هی الدخول بها قبل الطلاق لئلاّ تکون علیها عدة ولا تکون له الرجعة وادعی هو الدخول کان القول قولها بیمینها إلاّ مع مخالفته للظاهر کما لو کانت بینهما خلوة وعشرة متطاولة .

( مسألة 1730 ) : الظاهر أن جواز الرجوع فی ا لطلاق الرجعی حکم شرعی ولیس حقاً قابلاً للإسقاط کالخیار فی البیع الخیاری ، فلو قال الزوج أسقطت ما کان لی من حق الرجوع لم یسقط وکان له الرجوع بعد ذلک ، وکذلک إذا صالح عنه بعوض أو مجاناً .

ص:511

فصل : فی عدّة الوفاة

(مسألة 1731 ) : عدة الحرة المتوفی عنها زوجها وإن کان عبداً أربعة أشهر وعشرة أیام إذا کانت حائلاً صغیرة کانت أو کبیرة ، یائسة کانت أو غیرها ، مدخولاً بها أو غیرها ، دائمة کانت أو منقطعة ، من ذوات الأقراء کانت أو غیرها ، صغیراً کان الزوج أو کبیراً ، عاقلاً أو غیره .

وأما إن کانت حاملاً فعدتها أبعد الأجلین من وضع الحمل والمدة المزبورة ، فلو وضعت قبل تلک المدة لم تنقض العدة ، وکذا لو تمت المدة ولم تضع بعد . هذا فی الحرة ، وأما عدة الأمة من الوفاة إذا کانت حائلاً وأم ولد لمولاها کعدة الحرة أربعة أشهر وعشرة أیام ، سواء کان من وفاة سیدها أم من زوجها ، وکذلک ا لمدبرة الموطوءة لسیدها من وفاة سیدها .

وأما عدتها من وفاة زوجها فالظاهر أنها شهران وخمسة أیام وأما إذا کانت حاملاً فعدتها أبعد الأجلین من عدة الحائل ومن وضع الحمل .

وأما الکتابیة فعدتها کالحرة من الوفاة .

( مسألة 1732 ) : إذا ارتد الزوج عن فطرة فالعدة عدة الوفاة بخلاف الارتداد عن ملة فالعدة عدة انفساخ .

( مسألة 1733 ) : المراد بالأشهر هی الهلالیة ، فإن مات عند رؤیة الهلال اعتدت بأربعة أشهر هلالیات وضمت إلیها من الشهر الخامس عشرة أیام .

ص:512

وإن مات فی أثناء الشهر وبقی منه عشرة أو دونها اعتدت أیضاً بالأربعة الهلالیات وأتمت نقص العشرة من الخامس ، وإن بقی أکثر من عشرة فتجعل ثلاثة أشهر هلالیات فی الوسط ثم تکمل الناقص ثلاثین یوماً وتضیف إلیها عشرة من الشهر الخامس .

( مسألة 1734 ) : لو طلقها ثم مات قبل انقضاء العدة ، فإن کان رجعیاً بطلت عدّة الطلاق واعتدت به من حین موته عدة الوفاة ، فإن کانت حائلاً اعتدت أربعة أشهر وعشراً ، وإن کانت حاملاً اعتدت بأبعد الأجلین منها ومن وضع الحمل کغیر المطلقة ، وإن کانت بائناً اقتصرت علی إتمام عدة الطلاق ولا عدة علیها بسبب الوفاة .

( مسألة 1735 ) : یجب علی المرأة فی وفاة زوجها الحداد ما دامت فی العدة ، والمراد به ترک الطیب وترک الزینة فی البدن واللباس والهیئة بترک کل ما یعد زینة یتزین به کما فی أوقات المناسبات کالأعیاد والأعراس ونحوها ، ویختلف بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد وکل بلد وما یعتاد ویتعارف فیه للتزین ، مثل الکحل والخضاب ومکیاج الوجه والشعر وفی اللباس لبس الملوّن الزاهی ولبس الحلیّ ولا تقرب الطیب کالعطورات والروائح والتجمیر بالعود ونحو ذلک ، والأحوط اجتناب اتخاذ الزینة المنافیة للحداد عرفاً فی غیر البدن واللباس کما فی المطعوم والمسکن والآثاث وکذا شمّ الطیب وأکل ما جعل فیه .

نعم لا بأس بما لا یعد زینة کتنظیف البدن واللباس وتسریح الشعر وتقلیم الأظفار ودخول الحمام والتأنّق فی المسکن والآثاث والأولاد والخدم .

( مسألة 1736 ) : الحداد لیس شرطاً فی صحة العدة ، بل هو تکلیف علی حدة فی زمانها ، فلو ترکته عصیاناً أو جهلاً أو نسیاناً فی تمام المدة أو بعضها

ص:513

لم یجب علیها استینافها أو تدارک مقدار ما اعتدت بدونه .

( مسألة 1737 ) : لا فرق فی وجوب الحداد بین المسلمة والذمیة والدائمة والمنقطعة نعم لا یبعد عدم وجوبه علی من قصرت مدة تمتعها کیوم أو یومین أو ساعة أو ساعتین وکذا - علی الأظهر - علی الصغیرة الممیزة والمجنونة بمعنی وجوبه علی ولیهما فیجنبهما عن التزیین مادامتا فی العدة .

( مسألة 1738 ) : لا حداد علی الأمة لا من موت سیدها ولا من موت زوجها إذا کانت مزوجة نعم یشکل ذلک فی أم الولد والمدبرة الموطوءة من موت سیّدهما .

( مسألة 1739 ) : یجوز للمعتدة بعد الوفاة أن تخرج من بیتها فی زمان عدتها والتردد فی حوائجها ، خصوصاً إذا کانت ضروریة أو کان خروجها لأمور راجحة کالحج والزیارة وعیادة المرضی وزیارة أرحامها ولاسیما والدیها . نعم یکره أن تبیت فی غیر بیتها الذی تسکنه فی حیاة زوجها أو الذی انتقلت إلیه فی الاعتداد کما یکره أن تخرج نهاراً فینبغی أن تجعل خروجها بعد نصف اللیل وترجع عشاءاً أو تخرج بعد الزوال وترجع مساءاً .

( مسألة 1740 ) : مبدأ عدة الوفاة إذا مات الزوج غائباً من حین بلوغ الخبر إلیها ، ولا یبعد عمومه للحاضر إذا خفی علیها موته لمرض أو حبس أو غیر ذلک فتعتد من حین إخبارها بموته .

( مسألة 1741 ) : یعتبر فی الإخبار الموجب للاعتداد من حینه کونه حجة شرعیّة کالبیّنة والعدل الواحد أو الثقة أو الخبر المحفوف بالقرائن الموجبة للوثوق .

ص:514

فصل : فی المفقود زوجها

(مسألة 1742 ) : إذا فقد الرجل وغاب غیبة جهل حاله فإن علم حیاته صبرت امرأته وانتظرت حتی یستجلی ویعلم حاله من موته أو طلاقه أو ارتداده ، ولیس لها المطالبة بالطلاق قبل ذلک لکن لها أن تستعلم حاله من جهة التزامه بمسؤلیة الحیاة الزوجیة ، وإن لم یکن له مال ینفق منه علیها ولم ینفق علیها ولیّه من مال نفسه وإن طالت المدة ثم صارت شاکة فی حیاة زوجها فالظاهر اندراجها فی القسم الآتی الذی لا یعلم موته ولا حیاته ، وکذا إذا ظهر أنه هجرها وجعلها کالمعلقة کأن أخفی موضعه لئلاّ یلزم بحقوق الزوجیة ، فلها أن ترفع أمرها للحاکم الشرعی فإن لم یتمکن من الاتصال به وإلزامه بأداء ما علیه من حقوق أو طلاقها ، یجوز للحاکم طلاقها فیما إذا طلبت منه ذلک وإن کان ینفق علیها .

وإن فقد وغاب غیبة منقطعة ولم یبلغ منه خبر ولا ظهر منه أثر ولم یعلم موته ولا حیاته ، فإن بقی له مال تنفق به زوجته أو کان له ولی یتولی أموره ویتصدی للإنفاق علیها وجب علیها الصبر والانتظار ولا یجوز لها أن تتزوج ما دام حال الزوج المفقود مجهولاً حتی تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه لکن لها أن تتصدی من قبل نفسها لاستعلام حاله کأن تظفر بقرائن علی موته أو موضع حیاته ، وإن لم یکن له مال ولا من ینفق علیها فإن صبرت فلها ذلک وإن لم تصبر جاز لها أن ترفع أمرها إلی الحاکم الشرعی فیؤجلها إلی مضی أربع سنین

ص:515

ثم یفحص عنه فی تلک المدة فإن لم یتبین وینجلی حاله لا موته ولا حیاته أمر الحاکم ولیه بأن یطلقها ، فإن امتنع أجبره وإن لم یکن له ولی أو لم یمکن إجباره طلقها الحاکم ثم تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً عدة الوفاة ولیس علیها فیها حداد ، فإذا خرجت من العدة صارت أجنبیة عن زوجها وجاز لها أن تتزوج رجلاً آخر ، وإذا جاء زوجها حینئذ فلیس له علیها سبیل .

( مسألة 1743 ) : یجزی فی الأربع سنین احتسابها من حین فقد الزوج ووقوع غیبته مع اقتران تلک المدة بتخلل الفحص عنه فیها وإن لم یکن بتأجیل وضرب المدة من الحاکم ، إلاّأن الحاکم لابد له من التوثق من الفحص إما بالذی وقع فی تلک المدة أو بأن یقوم بإجراء الفحص مدة من الزمن ، وإن کان الأحوط أن یکون ضرب المدة بدءاً من قبل ا لحاکم وکذلک الفحص وعلی هذا فلو انقطع الإنفاق علی المرأة إما لنفاد مال الرجل وعدم إنفاق ولیه ، جاز للمرأة المطالبة بالطلاق من غیر حاجة لاستئناف مدة أربع سنوات أخری .

( مسألة 1744 ) : لو أنفق علی الزوجة الحاکم من بیت المال أو جهة عامة کالحکومة الرسمیة أو جهة أهلیة أو متبرع لا عن الزوج فلا یکون ذلک بمنزلة نفقة الزوج أو ولیه وأما المتبرع عن الزوج فلایبعد کونه بحکم نفقة الزوج .

( مسألة 1745 ) : لو کانت للمفقود والغائب زوجات أخری لم یرفعن أمرهن إلی الحاکم فالظاهر اجتزاؤهن بمضی المدة المذکورة والفحص عنه بعد طلب إحداهن .

( مسألة 1746 ) : یجتزی الفحص والتحری بأی کیفیة بما یحتسب طلباً وفحصاً وتفتیشاً ، ویتحقّق ذلک بحسب البیئة التی فقد فیها وغاب سواء بلحاظ صنفه أو البلد والجهة التی فقد فیها ، مع معرفة الشخص المبعوث للتحری باسمه

ص:516

وشخصه وحلیته ومظان وجوده أو من خلال المسافرین والمترددین فی تلک الجهة التی فقد وغاب فیها أو الدوائر الرسمیة المعنیة بذلک ونحو ذلک

من الطرق المناسبة .

( مسألة 1747 ) : مقدار الفحص هو بالمتعارف لأمثاله مکاناً وزماناً خلال الأربعة سنین فلا یعتبر الاستمرار الزمانی بل هو بحیث یصل البحث إلی نتیجة عدم وجدانه خلال هذه المدة ، وکذا من جهة المکان فالمعتبر الجهة والجهات والأمکنة المعتادة لقصد سفره المظنونة والمحتملة قریباً فلا یعتبر استقصاء البلدان والأطراف .

( مسألة 1748 ) : لا فرق فی المفقود بین المسافر ومن کان فی معرکة قتال ومن انکسرت سفینته ففقد ومن اتفق فقده فی جوف بلده ومن اعتقل من قبل سلطات الوقت فانقطعت أخباره ولم یعلم مکانه .

( مسألة 1749 ) : یجوز للحاکم الاستنابة فی الفحص وإن کان النائب نفس الزوجة ، ویکفی فی النائب الوثاقة أو الوثوق وکذا فی من یستخبر منهم حال المفقود .

( مسألة 1750 ) : ظاهر کلمات الأصحاب اختصاص الحکم بالدوام ، لکن فی عمومه للمتعة - المتطاولة سنیناً علی الأربع سنین وتکون هبة المدة من ولی المفقود أو الحاکم بدل الطلاق - وجه .

( مسألة 1751 ) : لا یسقط الفحص بتعذره بل اللازم الانتظار إلی حین تیسره ، نعم لا یندرج انقطاع الأثر فی ذلک وإذا علم أن الفحص لا ینفع ولا یترتب علیه الوصول إلی أثر فالظاهر سقوط وجوبه وکذا لو حصل الیأس من الاطلاع علی حاله بعد القیام بالفحص بعض المدة ، لکن لابد من التربص

ص:517

بمضی المدة فی جواز طلاقها .

( مسألة 1752 ) : لو تمت المدة واحتمل وجدانه بالفحص بعدها لم یجب ، واکتفی بالفحص فی المدة المضروبة .

( مسألة 1753 ) : یجوز لها اختیار البقاء علی الزوجیة بعد رفع الأمر إلی الحاکم قبل أن تطلق ، ولو بعد تحقق الفحص وانقضاء الأجل ، فلا تلزم باختیار الطلاق ، کما أن لها أن تعدل مرة أخری عن البقاء إلی اختیار الطلاق مرة أخری وحینئذٍ لا یلزم تجدید ضرب الأجل والفحص بل یکتفی بالأول .

( مسألة 1754 ) : العدة الواقعة بعدالطلاق عدة طلاق وإن کانت بقدر عدة الوفاة أربعة أشهر وعشراً ، ویکون الطلاق رجعیاً فتستحق النفقة وإذا حضر الزوج أثناء العدة جاز له الرجوع بها ، وإذا مات أحدهما فی العدة ورثه الآخر ، وبعد العدة لا توارث بینهما ولیس علیها حداد بعد الطلاق فی العدة .

( مسألة 1755 ) : إذا تبین - قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق - موته وجب علیها عدة الوفاة ، وإذا تبین بعد انقضاء العدة اکتفی بها ، سواء کان التبین قبل ا لتزوج من غیره أو بعده ، وسواء کان موته الذی تبین وقع قبل العدة أو بعدها أو فی أثنائها أو بعد التزویج ولو تبین موته فی أثناء العدة فالأقوی استئناف عدة الوفاة من حین التبین وهو الأحوط إذا تبین بعد انقضاء العدة وکان الموت فی أثنائها .

( مسألة 1756 ) : إذا جاء الزوج بعد الفحص وانقضاء الأجل ، فإن کان قبل الطلاق فهی زوجته ، وإن کان بعد ما تزوجت بالغیر فلا سبیل له علیها ، وإن کان فی أثناء العدة فله الرجوع إلیها ، کما أن له إبقاءها علی حالها حتی تنقضی عدتها وتبین منه ، وأما إن کان بعد انقضاء العدة وقبل التزویج

ص:518

فالأقوی کونها بائنة منه ولیس له علیها رجعة .

( مسألة 1757 ) : لو بان بعد العدة عدم تحقق المقدمات المعتبرة شرعاً للطلاق من الفحص أو مقدار المدة أو غیر ذلک لزم التدارک ولو بالاستیناف وإذا کان ذلک بعد تزویجها من الغیر کان باطلاً ، وإن کان الزوج الثانی قد دخل بها حرمت علیه أبداً وإن کان جاهلاً بالحال . وإذا تبین أن العقد علیها وقع بعد موت زوجها المفقود وقبل أن یبلغ خبره إلیها فالعقد باطل ، والأحوط إن لم یکن أظهر تحریمها علیها أبداً کما مرّ فی ( مبحث النکاح ) التحریم بالمصاهرة .

( مسألة 1758 ) : إذا حصل لزوجة المفقود العلم بموته بتوسط القرائن وتراکم الأمارات جاز لها بحسب وظیفتها أن تتزوج بعد العدة من دون حاجة إلی مراجعة الحاکم ، ولیس لأحد الاعتراض علیها ما لم یعلم کذبها فی دعوی العلم . لکن یشکل الاکتفاء بقولها واعتقادها لمن هو مطلع علی حالها مع عدم حصول العلم له من ذلک .

( مسألة 1759 ) : ذکر صاحب العروة الوثقی أن المفقود المعلوم حیاته مع عدم تمکن زوجته من الصبر یجوز للحاکم أن یطلق زوجته وکذلک المحبوس بالحبس المؤبد إذا لم تصبر زوجته علی هذه الحال یجوز للحاکم أن یطلق زوجته وکذا المفقود إذا أمکن إعمال الکیفیات من ضرب الأجل والفحص لکن کان ذلک موجباً للوقوع فی المعصیة یجوز المبادرة إلی طلاقها من دون ذلک ، وما أفاده إن لم یرجع إلی ما سبق من موارد جواز الإجبار ، فمحل منع .

ص:519

فصل : عدة وط ء الشبهة

(مسألة 1760 ) : إذا وطأ الرجل امرأة أجنبیة بشبهة أنها حلیلته وجبت علیها العدة ، إما لشبهة فی الموضوع کما إذا وطأ امرأة باعتقاد أنها زوجته فتبین أنها أجنبیة ، وإما لشبهة فی الحکم کما إذا عقد علی المعتدة معتقداً صحته ودخل بها . سواء کانت ذات بعل ، أو خلیة وسواء کانت الشبهة من الطرفین أو من طرف الواطی خاصة وأما إن کانت من طرف الموطوءة خاصة ففیه قولان أحوطهما ذلک وإن کان العدم وجیه .

( مسألة 1761 ) : لا عدة علی المزنی بها سواء حملت من الزنا أم لا علی الأقوی فیجوز لزوجها أن یطأها ویجوز التزویج بها للزانی وغیره ، وإن کان الاحتیاط فی الحامل لأربعة أشهر وعشراً حسن وأفضل منه حتی الوضع وفی الحائل الاستبراء بحیضة وأن لا یتزوج بها الزانی إلاّبعد ذلک .

( مسألة 1762 ) : عدة وطی الشبهة کعدة الطلاق بالأقراء والشهور وبوضع الحمل لو حملت من هذا الوطی علی التفصیل المتقدم ، ومن لم یکن علیها عدة الطلاق کالصغیرة والیائسة لیس علیها هذه العدة .

( مسألة 1763 ) : إذا کانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا یجوز لزوجها الاستمتاع بها ولا وطیها ، والظاهر أنه لا تسقط نفقتها فی أیام العدة .

( مسألة 1764 ) : إذا کانت خلیة یجوز لواطیها أن یتزوج بها فی زمن عدتها بخلاف غیره فإنه لا یجوز له ذلک علی الأقوی .

ص:520

( مسألة 1765 ) : لا فرق فی حکم وطی الشبهة من حیث العدة وغیرها بین أن یکون الوطی مجرداً عن العقد أو معه بأن وطأ المعقود علیها بتوهم صحة العقد مع فساده واقعاً .

( مسألة 1766 ) : إذا کانت معتدة بعدة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة أو سبق وطی الشبهة ثم طلقها أو مات عنها زوجها وکذا لو وطئت شبهة ثم وطئت شبهة من آخر أو من الأول نفسه فعلیها عدتان بنحو التقارن لا التعاقب غایة الأمر تتداخل العدتان زماناً أی بالتقارن فیه لا حقیقة عدا عدة الوفاة فإنها لا تتقارن ولا تتداخل مع عدة أخری لا زماناً ولا حقیقة بل تکونان بنحو التعاقب ، فلو کانت حاملاً من أحدهما ثم وطئت شبهة تقارنت العدتان وکان لکل منهما أجله وترتبت علیها آثارها الخاصة بها ، وأما مع عدة الوفاة فتقدم العدة السابقة ثم تستأنف العدة الأخری ، نعم عدة الحمل تقدم علی عدة الوفاة ثم بعد وضعه تستأنف عدة الوفاة أو تستکمل . وکذا لو وطئت امرأة ذات بعل شبهة ثم طلقها زوجها طلاقاً رجعیاً فتتداخل العدتان تقارنا من دون تعاقب وإن کان حساب کل عدة بحسب مبدئها ، ویجوز للزوج الرجوع عن طلاقه وإن کان لا یحل له الاستمتاع بزوجته ، کما أنهما یتوارثان لو مات أحدهما ما دامت العدة الرجعیة لم تنته ، ولو طلقها طلاقاً بائناً فلا یجوز له العقد علیها ما بقیت مدة عدة الشبهة .

( مسألة 1767 ) : إذا طلق زوجته بائناً ثم وطأها شبهة فتتداخل العدتان زماناً متقارنتین وإن اختلف أمدهما سواء کانتا من جنس واحد أو من جنسین بأن یطلقها حاملاً ثم یطأها شبهة أو حائلاً ثم یطأها شبهة .

( مسألة 1768 ) : إذا طلق زوجته بعد الدخول ورجع ثم طلقها قبل الدخول وجبت علیها العدة من حین الطلاق الثانی ولا یحسب الطلاق أنه قبل الدخول ،

ص:521

ولو طلقها بائناً بعد الدخول ثم عقد علیها فی أثناء العدة ثم طلقها قبل الدخول فالأقوی عدم إجراء حکم الطلاق قبل الدخول فی سقوط العدة لکن لا یجب علیها استئناف العدة بل اللازم إکمال عدتها من الطلاق الأول وکذا الحکم فی المنقطعة إذا تزوجها فدخل بها ثم وهبها المدة ثم تزوجها ثانیاً ووهبها المدة قبل الدخول .

( مسألة 1769 ) : مبدأ عدة وط ء الشبهة من حین زوال الشبهة وتبین الحال إلاّ أن تکون معتدة بعدة الوفاة فیکون المبدأ بعد تمامها .

ص:522

کتاب الخلع والمباراة

(مسألة 1770 ) : الخلع هو الطلاق بفدیة من الزوجة الکارهة لزوجها ، فهو نوع من الطلاق ویعتبر فیه جمیع شروط الطلاق المتقدمة ، ویشترط فیه کراهة الزوجة لزوجها خاصة ، وإن کانت الکراهة من الطرفین کان مباراة ، وإن کان من طرف الزوج خاصة لم یکن خلعاً ولا مباراة ولم یحلّ أخذه للفداء .

( مسألة 1771 ) : یقع الخلع بکل من لفظی الخلع ونحوه مما یفید تخلیة سبیل المرأة منضماً إلی الطلاق أو بلفظ الطلاق مجرداً ، فبعدما تستدعی الزوجة خلعها ببذل الفدیة وتنشأ البذل کأن تقول اخلعنی أو فاسخنی أو فادنی أو خلّ سبیلی أو اترکنی بکذا وکذا .

فیقول لها خلعتک علی کذا وکذا أو أنت مختلعة علی کذا بالفتح علی معنی الأفعال أو المفاعلة أو بالکسر علی وجه خفی علی معنی المطاوعة ویعتبر إلحاقه فی النحو الأول بصیغة الطلاق بقوله فأنت طالق أو أنت طالق علی کذا وأما النحو الثانی بلفظ الطلاق « أنت طالق علی کذا » فلا یعتبر إلحاقه بقوله : « فأنت مختلعة علی کذا » .

( مسألة 1772 ) : الخلع وإن کان منوّعاً للطلاق الذی هو من الإیقاعات إلاّ أنه صلح وتراضٍ علی المعاوضة علیه فیحتاج إلی طرفین وإنشائین بذل شیء من طرف الزوجة لیطلقها الزوج وإنشاء الطلاق من طرف الزوج

ص:523

بما بذلت ویقع علی نحوین : الأول بتقدیم البذل من طرفها علی أن یطلقها فیطلقها علی ما بذلت . الثانی أن یبتدی الزوج بالطلاق مصرحاً بذکر العوض ، لکن بعدما یتواطأ معها علی الطلاق بعوض ، ثم تقبل الزوجة بعده والأحوط هو النحو الأول .

( مسألة 1773 ) : یعتبر فی صحة الخلع عدم الفصل بین إنشاء البذل والطلاق بنحو یراعی الاتصال العرفی من بقاء الزوجة ملتزمة بإنشائها البذل فی المجلس ، فلو أخل به بطل الخلع ولم یستحق الزوج العوض لکن لا یبطل الطلاق مع التلفظ به ویقع رجعیاً مع فرض اجتماع شرائطه بخلافه مع صحة الخلع فإنه یقع بائناً .

کما یعتبر فیه الإشهاد بحضور رجلین عدلین یسمعان إنشاء ا لخلع . وأن یکون منجزاً غیر معلق علی شرط لا یقتضیه العقد سواء کان حاصلاً أو مستقبلاً معلوم الحصول أو مشکوکه بخلاف ما إذا قال : خلعتک إن کنت زوجتی أو إن کنت کارهة .

( مسألة 1774 ) : یشترط فی الخلع الفدیة عوضاً عن الطلاق ، ویجوز الفداء بکل متمول یصح تملیکه من عین أو دین أو منفعة قلّ أو کثر وإن زاد علی المهر المسمی ، وأن یکون معلوماً قدراً ووصفاً ولو فی الجملة فإن کان عیناً حاضراً کفی فیه المشاهدة ، وإن کان کلیاً فی الذمة ، أو غائباً ذکر جنسه ووصفه وقدره . فلو جعل الفداء ألفاً ولم یعین المراد فسد الخلع ، ویصح جعل الفداء إرضاع ولده لکن مشروطاً بتعیین المدة ، وإذا جعل کلیاً فی ذمتها یجوز جعله حالاً ومؤجلاً مع تعیین الأجل بما لا إجمال فیه . فلو کانت الفدیة ما لا یملکه المسلم کالخمر والخنزیر بطل الخلع ، ولو کانت مستحقة لغیر الزوجة ففی صحة الخلع والرجوع

ص:524

إلی البدل أو بطلانه قولان الأقوی الأول .

( مسألة 1775 ) : إذا خلعها علی خلّ فبان خمراً بطل البذل بل ا لخلع أیضاً إلاّ إذا کان المقصود الإشارة إلی المقدار من الخل فیصح خلعاً .

( مسألة 1776 ) : یصح بذل الفداء منها ومن وکیلها وممن یضمنه بإذنها ولا یصح من متبرع نعم یصح نفس البذل والطلاق ویکون رجعیاً أو بائناً حسب اختلاف موارده ، ویصح لو بذلت الزوجة من مال غیرها بإذنه فضلاً عما إذا ملکها الغیر ماله فبذلته . ولو جعلت الفداء مال الغیر مع الجهل بأنه مال الغیر فالمشهور صحة الخلع وضمانها المثل أوالقیمة وهو الأقوی .

( مسألة 1777 ) : إذا خالعها علی عین معینة فتبین أنها فاقدة لوصف أو معیبة

فإن رضی به فهو وإلاّ کان له رده والمطالبة بمثله أو قیمته وإن شاء أمسکه مع الأرش . ولو تلف العوض قبل القبض لم یبطل استحقاقه ولزمها مثله أو قیمته .

( مسألة 1778 ) : یعتبر فی الفداء أن یکون بذله باختیار ورضا الزوجة ، فلا یصح مع إکراهها علیه سواء من الزوج أو غیره .

( مسألة 1779 ) : إذا قال أبوها طلقها وأنت بری من صداقها وکانت بالغة رشیدة فطلقها صح الطلاق وکان رجعیاً ولم تبرأ ذمته بذلک ولم یلزم علیها الإبراء ولا یضمنه الأب .

( مسألة 1780 ) : یشترط فی المختلعة - مضافاً إلی ما مر - أن تکون کارهة لزوجها حداً تؤثر فراقه وتمنعه من نفسها وتعصی أمره وتخالف قوله وتراوده علی فراقها أو یخشی من وقوعها فی ذلک مع إبرازها للإقدام علی ترک حقوق الزوجیة وعدم إقامة حدود اللّه تعالی فیه ، فله حینئذٍ أن یلتمس منها علی طلاقها ما شاء من المال ، ولا یشترط فی الزوجة المختلعة البلوغ ولا العقل

ص:525

علی الأقوی فیصح خلعها ویتولی الولی البذل .

( مسألة 1781 ) : الکراهة المعتبرة فی الخلع أعم من أن تکون لذاته کقبح منظره وسوء خلقه أو عرضیة من جهة عدم إیفائه ببعض حقوقها المستحبة أو وجود الضرة أو بعض الأعمال الصادرة منه التی هی علی خلاف ذوق الزوجة من دون أن یکون ظلماً لها واغتصاباً لحقوقها الواجبة کالقسم والنفقة ، وأما إذا کان منشأ الکراهة ترک بعض حقوقها الواجبة أو إیذاؤه لها بالضرب أو الشتم ونحو ذلک وإن لم یکن من قصده إلجاؤها إلی فدائها فالظاهر عدم صحة البذل والخلع فیقع الطلاق رجعیاً مع التلفظ به إلاّ إذا أتت بفاحشة مبینة جاز عضلها لتفدی نفسها .

( مسألة 1782 ) : لو خالعها والأخلاق ملتئمة من دون کراهتها لم یصح ولم یملک ما بذل من فدیة ووقع الطلاق رجعیاً أو بائناً حسب الموارد .

( مسألة 1783 ) : یشترط فی الزوج الخالع جمیع ما تقدم اعتباره فی المطلق من البلوغ والعقل والقصد والاختیار ، نعم الاحتیاط لا ینبغی ترکه فی خلع من بلغ عشر سنین . وأن لا یکون کارهاً لزوجته وإلاّ لکان مباراة مع کراهتها له .

( مسألة 1784 ) : یجوز أن یکون البذل والطلاق بمباشرة الزوجین أو بتوکیلهما الغیر أو بالاختلاف ، ویجوز أن یوکلا شخصاً واحداً لیبذل عنها ویطلق عنه ، کما یجوز لکل منهما أن یوکل الآخر عن جانبه فیکون أصیلاً فیما یرجع إلیه ووکیلاً فیما یرجع إلی الطرف الآخر .

( مسألة 1785 ) : یصح التوکیل فی الخلع فی جمیع ما یتعلق به من شرط العوض وتعیینه وقبضه وإیقاع الطلاق ، ومن المرأة فی جمیع ما یتعلق بها من استدعاء الطلاق وتقدیر العوض وتسلیمه .

ص:526

( مسألة 1786 ) : إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجین فإما أن تبدأ الزوجة وتقول : بذلت لک أو أعطیتک ما علیک من المهر أو الشیء الفلانی لتطلقنی فیقول : أنت طالق أو مختلعة علی ما بذلت أو علی ما أعطیت . وإما أن یبتدی الزوج بعدما تواطئا علی الطلاق بعوض فیقول : أنت طالق ، أو مختلعة بکذا أو علی کذا ، فتقول : قبلت أو رضیت ، ویستحب مشارطته لها بأنها إن ارتجعت فی شیء فأنا أملک ببضعک .

وإن وقع من الوکیلین أو وکیل أحدهما یقید الإنشاء بکونه عن موکله ولو کان وکیلاً عن الطرفین یأتی بالصیغتین للإنشاء عن قبل کل منهما . وکذا لو کان أحد الزوجین وکیلاً عن ا لآخر ، وقد تقدم .

( مسألة 1787 ) : لو کان ابتداء الزوجة فی البذل بصیغة استدعاء الطلاق من زوجها بعوض معلوم صح الخلع کأن تقول : طلقنی أو اخلعنی أو خلّ سبیلی بکذا ، فقال : أنت طالق بکذا أو أنت مختلعة بکذا فأنت طالق ، وإن کان الأحوط اتباعه بالقبول منها بعد ذلک .

( مسألة 1788 ) : طلاق الخلع بائن لیس للزوج فیه الرجوع ما لم ترجع المرأة فیما بذلت ، ولها الرجوع فیه ما دامت فی العدة ، فإذا رجعت کان له الرجوع إلیها ، سواء رجعت فی تمام الفدیة أو فی بعضها .

( مسألة 1789 ) : یشترط فی جواز رجوعها فی ا لمبذول إمکان رجوعه بعد رجوعها ، فلو کان الطلاق بائناً فی نفسه لکونه ثالثاً أو الزوجة صغیرة أو غیر المدخول بها أو یائسة ممن لا عدة لها أو کان الزوج قد تزوج بأختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل أو نحول ذلک مما لا یجوز له الرجوع لم یکن لها الرجوع فیما بذلت .

ص:527

وهکذا الحال فیما لو لم یعلم الزوج برجوعها فی الفدیة حتی فات زمان الرجوع بل فی کون ذلک رجوعاً منها واسترداد للبذل تأمل کما لو رجعت عند نفسها ولم یطّلع علیه الزوج حتی انقضت العدة فإنه لا أثر لرجوعها حینئذٍ .

( مسألة 1790 ) : لا توارث بین الزوج والمختلعة لو مات أحدهما فی العدة إلاّ إذا رجعت فی الفدیة وکان موت أحدهما قبل انقضاء العدة .

( مسألة 1791 ) : المباراة کالخلع قسم من الطلاق فیعتبر فیه جمیع شروطه والأحکام المتقدمة ، ویقع بکل من لفظی الطلاق مجرداً بأن یقول الزوج بعدما بذلت المرأة له « أنت طالق علی ما بذلت » أو بلفظ بارأت ونحوه ممّا یفید تخلیة سبیل المرأة مع اتباعه بلفظ الطلاق فیقول : « بارئتک علی کذا فأنت طالق » .

وتختلف عنه فی أمور :

الأوّل : أنها یعتبر فیها کراهة کل من الزوجین لصاحبه ، لا خصوص الزوجة کما فی الخلع .

الثانی : أنه یشترط فیها أن لا یکون الفداء أکثر من مهرها ، بل أن یکون أقل منه بخلاف الخلع فإنه علی ما تراضیا به ساوی المهر أو زاد علیه أو نقص عنه ، ومثل المباراة علی الأحوط الخلع الذی لا تتعدی المرأة علی الزوج مع بذلها لیطلقها مع اختصاص الکراهة منها له .

( مسألة 1792 ) : طلاق المباراة بائن کالخلع لیس للزوج فیه رجوع إلاّ أن ترجع الزوجة فی الفدیة قبل انقضاء العدة ، فله الرجوع حینئذٍ کما تقدم فی الخلع .

ص:528

کتاب الظهار

الذی کان طلاقاً فی الجاهلیة وموجباً للحرمة الأبدیة ، وقد حرمه شرع الإسلام وغیّر حکمه وجعله موجباً لتحریم الزوجة المظاهر منها ما لم یکفر إذا أراد العود .

( مسألة 1793 ) : صیغة الظهار أن یقول الزوج مخاطباً زوجته : « أنت علیّ کظهر أمی » أو یقول : هذه أو زوجتی فلانة ، ویجوز تبدیل « علیّ » بقوله : منی أو عندی أو لدیّ ، بل الظاهر تحققه بدون ذکر لفظ « علیّ » وأشباهها أصلاً بأن یقول : « أنت کظهر أمّی » ، وکذا علی الأظهر الأقوی لو شبهها بجزء آخر من أجزاء الأم غیر الظهر کرأسها أو یدها أو بطنها . ولو قال : « أنت علیّ کأمّی أو مثل أمّی » قاصداً به التحریم لا التعظیم والاحترام أو کبر السن وغیر ذلک ، فلا یبعد وقوعه .

( مسألة 1794 ) : یقع الظهار علی الأظهر الأقوی بإحدی المحارم النسبیة غیر الأم کالبنت والأخت بأن یقول مثلاً : « أنت علیّ کظهر أختی » وکذا المحرمات بالرضاع بل والمحرمات المؤبدة بالمصاهرة علی الأحوط إن لم یکن أقوی ، ولو قال لها : « أنت علیّ حرام » من غیر أن یشبهها ببعض محارمه لم تحرم علیه ولم تلزمه کفارة .

( مسألة 1795 ) : لا یقع الظهار من طرف الزوجة کما لو قالت لزوجها :

ص:529

« أنت علیّ کظهر أبی أو أخی » ولا أثر له .

( مسألة 1796 ) : کما یقع الظهار مطلقاً منجزاً یقع معلقاً علی الشرط أیضاً ولو کان زماناً علی الأقوی کأن یقول : « أنت علیّ کظهر أمّی إن قاربتک » أو « أنت علیّ کظهر أمی إن جاء یوم الأربعاء » نعم لا یقع لو علقه علی الإتیان بفعل بقصد الزجر لنفسه أو لزوجته أو البعث وهو ما یسمی بالحلف والیمین بالظهار کما لو قال : « إن کلمتک أو إن خرجت من المنزل فأنت علیّ کظهر أمی » أو « إن ترکت الصلاة فأنت علیّ کظهر أمّی » .

( مسألة 1797 ) : یشترط فی الظهار وقوعه بحضور عدلین یسمعان قول المظاهر کما فی الطلاق . ویعتبر فی المظاهر البلوغ والعقل والاختیار والقصد لمعنی الظهار من التحریم مع بقاء الزوجیة فلو قصد الطلاق والبینونة لم یقع ، ویعتبر عدم الغضب بحدّة وإن لم یصل إلی درجة سلب القصد والاختیار فلا یقع من الصبی والمجنون والمکره وإن کان بدرجة استدفاع النزاع والشقاق وإرضاء أحد زوجاته فیظاهر الأخری ولا من الساهی والهازل والسکران .

ویعتبر فی المظاهرة کونها فی طهر لم یواقعها فیه علی ما تقدم فی الطلاق وکونها مدخولاً بها علی الأقوی ، والأقوی وقوع الظهار بالمتمتع بها والمملوکة کما یقع بالزوجة الدائمة .

( مسألة 1798 ) : کما لا یقع الظهار فی یمین لا یقع إذا قصد به الإضرار عدواناً وإیذاءاً لا للتأدیب ونحوه .

( مسألة 1799 ) : لو قید الظهار بمدة کشهر أو سنة ففی صحته إشکال ولا یترک الاحتیاط .

( مسألة 1800 ) : إذا ظاهر من زوجته ثم طلقها رجعیاً لم یحل له وطؤها

ص:530

حتی یکفر ، وأما إذا بانت منه - بانقضاء العدة الرجعیة أو کان الطلاق بائناً أو ارتد أحدهما إما قبل الدخول أو کانت المرأة یائسة أو صغیرة أو المرتد الرجل عن فطرة - سقط حکم الظهار وجاز الوط ء بلا تکفیر ، وکذا لو مات أحدهما لم تثبت الکفارة . ولو ظاهر زوجته الأمة ثم اشتراها ووطأها بالملک فلا کفارة .

( مسألة 1801 ) : إذا وقع الظهار بشرائطه حرم علی المظاهر وطی المظاهرة ولا یحل له حتی یکفّر وإذا کفّر حل له وطیها ، ولو وطئها قبل أن یکفّر لزمته کفارتان للوط ء ولإرادة العود عن الظهار إلی المواقعة ، وفی حرمة سائر الاستمتاعات کالقبلة والملامسة ونحوهما إشکال فلا یترک الاحتیاط .

( مسألة 1802 ) : تتکرر الکفارة بتکرر الوط ء قبل التکفیر ، کما أنها تتکرر بتکرر الظهار مع تعدد الواقعة والکلام وأما مع اتحادهما ففیه إشکال .

( مسألة 1803 ) : کفارة الظهار عتق رقبة ، فإن عجز عنه فصیام شهرین متتابعین وإن عجز عنه فإطعام ستین مسکیناً .

( مسألة 1804 ) : إذا عجز عن الأمور الثلاثة صام ثمانیة عشرة یوماً ، وإن عجز عنه لم یجزئه الاستغفار علی الأحوط .

( مسألة 1805 ) : إذا صبرت وسکتت المظاهرة علی ترک وطئها سکت عنها وإن لم تصبر ورفعت أمرها إلی الحاکم ، فیحضره وینظره ثلاثة أشهر من حین المرافعة ، فإن انقضت المدة ولم یختر أحد الأمرین حبسه وضیق علیه فی المطعم والمشرب حتی یختار أحدهما ، ولا یجبره علی خصوص أحدهما ، وإن امتنع ألجأه إلی الفئة بالتکفیر بالتشدید علیه وإلاّ طلقها الحاکم علی الأقوی .

( مسألة 1806 ) : یقع الطلاق رجعیاً أو بائناً حسب اختلاف الموارد إذا

ص:531

عزم علیه الزوج ولو بعد إلزام الحاکم له وأما إذا طلقها الحاکم جبراً علی الزوج فهل یقع بائناً مطلقاً أم لا ، لا یخلو الأول من قوة .

ص:532

کتاب الإیلاء

(مسألة 1807 ) : وهو الحلف علی ترک وط ء الزوجة الدائمة قبلاً إما أبداً أو مدة تزید علی أربعة أشهر للإضرار بها أو لإغاضتها وإساءتها ، فلا یتحقّق الإیلاء بالحلف علی ترک وط ء المملوکة ولا المتمتع بها ، ولا بالحلف علی ترک وط ء الدائمة مدة لا تزید علی أربعة أشهر ، ولا فیما إذا کان لملاحظة مصلحة أو دفع ضرر الوط ء کإصلاح لبنها أو کون أحدهما مریضاً أو غیر ذلک . ویعتبر فی الزوجة أن تکون مدخولاً بها ، وتنعقد الیمین إذا اجتمعت شروطه فی جمیع موارد عدم انعقاد الإیلاء .

( مسألة 1808 ) : یشترط فی المؤلی أن یکون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً فلا یقع الإیلاء من الصغیر والمجنون والمکره والهازل ومن سلب قصده واختیاره بالغضب أو الإغماء أو السکر ، ویشکل ولا یخلو من منع وقوعه من العاجز عن الإیلاج کبعض حالات العنین والمجبوب .

( مسألة 1809 ) : لا ینعقد الإیلاء - کسائر موارد الیمین - إلاّ باسم اللّه تعالی المختص به أو ما ینصرف إطلاقه إلیه ولو بقرینة الحلف ، ولا یعتبر فیه العربیة ولا اللفظ الصریح فی ترک الجماع فی القبل بل المعتبر صدق کونه حالفاً علی ترک ذلک بلفظ ظاهر فیه فیکفی قوله : « لا أطأک » أو « لا أجامعک » أو « لا أمسکک » وکذا قوله : « لا جمع رأسی ورأسک وسادة أو مخدة » إذا قصد

ص:533

بذلک ترک الجماع .

( مسألة 1810 ) : إذا تم الإیلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع هجره لمواقعتها فتترک وشأنها ، وإلاّ فلها المرافعة إلی الحاکم فیحضره وینظره أربعة أشهر ، فإن رجع وواقعها فی هذه المدة وإلاّ أجبره علی أحد الأمرین إما الفئة والرجوع أو الطلاق ، فإن فعل أحدهما وإلاّ حبسه وضیق علیه فی المطعم والمشرب حتی یختار أحدهما ولا یجبره علی أحدهما معیناً وإلاّ فیشدد علیه ویلجؤه إلی الفئة وإلاّ طلقها الحاکم . ویقع الطلاق رجعیاً أو بائناً حسب مورده إذا عزم علیه الزوج ولو بعد إلزام الحاکم له ، وأما إذا طلق الحاکم جبراً علیه ، ففیه الوجهان کما مرّ فی الظهار ولا یخلو البائن من قوة .

( مسألة 1811 ) : المشهور والأصح أن الأربعة أشهر التی ینظر فیها المؤلی ثم یجبر علی أحد الأمرین بعدها تبدأ من حین الترافع .

( مسألة 1812 ) : فئة ورجوع القادر هو الوط ء قبلاً وفئة العاجز إظهار العزم علی الوط ء مع القدرة .

( مسألة 1813 ) : إذا اختلفا فی الرجوع والوط ء فادعاهما المؤلی وأنکرت الزوجة فالقول قوله بیمینه إن لم یمکن الفحص عبر الوسائل الحدیثة .

( مسألة 1814 ) : یزول حکم الإیلاء ببینونة الزوجة کما فی الطلاق البائن فلو عقد علیها مجدداً فی العدة أو بعدها لم یبق حکم الإیلاء ، بخلاف ما إذا طلقها رجعیاً فإنه وإن خرج بذلک من حقها فلیست لها المطالبة والترافع إلی الحاکم ، لکن لا یزول حکم الإیلاء إلاّ بانقضاء العدة ، فلو راجعها فی العدة عاد إلی الحکم الأول فلها المطالبة بحقها والمرافعة إلی الحاکم .

( مسألة 1815 ) : تجب الکفارة إذا وطئ بعد الإیلاء ، سواء کان فی مدة

ص:534

التربص أو بعدها علی الأقوی أو قبلها بناءً علی جعلها من حین المرافعة لأنه قد حنث الیمین وإن جاز هذا الحنث بل وجب بعد مطالبتها وأمر الحاکم به تخییراً بینه وبین الطلاق ، وبهذا یمتاز الیمین فی الإیلاء عن سائر الأیمان وبأنه لا یعتبر فیه ما یعتبر فی غیره من کون متعلقه غیر مرجوح مباحاً تساوی طرفاه أو کان راجحاً شرعاً أو دنیا .

( مسألة 1816 ) : إذا آلی من زوجته مدة معینة فدافع عن الرجوع والطلاق إلی أن انقضت المدة لم تجب علیه الکفارة ، ولو وطئها قبله لزمته الکفارة .

( مسألة 1817 ) : لا تتکرر الکفارة بتکرر الیمین إذا کان الزمان المحلوف علی ترک الوط ء فیه واحداً .

ص:535

ص:536

کتاب اللعان

(مسألة 1818 ) : اللعان مباهلة خاصة بین الزوجین وإن تضمنت یمیناً وشهادة وإقراراً وأثرها نفی حدّ أو نفی ولد عند مطالبة الزوجة بالأول لقذف الزوج إیاها أو مرافعتها إیاه علی الثانی عند الحاکم الشرعی فیکون لعان الزوج شهادة منه علی ما قذفها به أو ما نفاه من الولد ولعان الزوجة شهادة منها علی براءتها مما قذفها به الزوج ، فاللعان بمثابة البینة لکل منهما وعلی ذلک فتتقدم طرق الفحص العلمی الحدیثة إن أوجبت العلم علی اللعان ویرتفع موضوعه . کما ینفسخ العقد وتحرم علیه مؤبداً سواء اللعان للقذف أم لنفی الولد .

( مسألة 1819 ) : إنما یشرع اللعان فی مقامین :

أحدهما : فیما إذا رمی الزوج زوجته بالزنا .

الثانی : إنکار ونفی ولدیة من ولد فی فراشه مع إمکان لحوقه به .

( مسألة 1820 ) : لا یجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الریبة ولا مع غلبة الظنّ ببعض الأسباب المریبة ، بل ولا بالشیاع ولا بإخبار شخص ثقة . وفی جوازه مع الیقین بدون البینة إشکال ومنع . ولا یصدق إذا لم تعترف به الزوجة ولم یکن بینة وعلی ذلک یفصل فی قبول شهادة الزوج علی زنا الزوجة ضمن الشهود الأربعة بین سبق قذفه لها وبین عدمه ، بل یحدّ حد القذف مع مطالبتها ،

ص:537

إلاّ إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الآتیة فیدرأ عنه الحد .

( مسألة 1821 ) : یشترط فی ثبوت اللعان بالقذف أن یدعی المشاهدة ، فلا لعان لمن لم یدعها ومن لم یتمکن منها کالأعمی فیحدان مع عدم البینة ، کما یشترط فی ثبوته أن لا تکون له بینة علی دعواه ، فإن کانت له بینة تعین إقامتها لنفی الحد ولا لعان بینهما ، ونظیر البینة الفحص بالطرق الحدیثة الموجبة للعلم دون ما کانت نتائجها نسبیة ظنیة بل هو مقدم علیها مع تأدیته للعلم کما أن الفحص المزبور مقدم علی قاعدة الفراش والحکم بالإلحاق المترتب علیها .

( مسألة 1822 ) : یشترط فی ثبوت اللعان أن تکون الزوجة دائمة بالغة عاقلة سالمة من الصمم والخرس ، مدخولاً بها فلا لعان فی قذف الأجنبیة بل یحد القاذف مع عدم البینة ، ولا فی قذف المنقطعة علی الأقوی ، ولا لعان فیمن لم یدخل بها ، وأن تکون غیر مشهورة بالزنا وإلاّ فلا لعان بل ولا حد حتی یدفع باللعان ، بل علیه التعزیر فی غیر المشهورة المتجاهرة بالزنا إذا لم یقم البینة ، کما یشترط فی الملاعن أن یکون بالغاً عاقلاً .

( مسألة 1823 ) : لا یجوز للرجل أن ینکر ولدیة من ولد فی فراشه مع إمکان لحوقه به ، بحسب الظاهر بأن دخل بأمه أو أنزل علی فرجها واحتمل دخول مائه فیه بجذب أو غیره وقد مضی منه إلی زمان وضعه ستة أشهر فصاعداً ولم یتجاوز عن أقصی مدة الحمل حتی فیما إذا فجر أحد بها وکان الزوج یعزل مائه عنها ، فضلاً عما إذا اتهمها بذلک ، بل علیه إلحاقه بنفسه فعن النبیّ صلی الله علیه وآله :

«أیما رجل جحد ولده وهو ینظر إلیه احتجب اللّه منه وفضحه علی رؤوس الخلائق » . نعم یجب علیه أن ینفیه ولو باللعان مع علمه بعدم تکونه منه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به بحسب الواقع أو بتوسط طرق

ص:538

الفحص الحدیثة إن حصل منها العلم بالانتفاء وکان الحال بحسب ظاهر الشیء لحوقه به لولا نفیه ، لئلاّ یلحق بنسبه من لیس منه فیترتب علیه حکم الولد فی المیراث والنکاح ونظر محارمه وغیر ذلک .

( مسألة 1824 ) : لا یسمع إنکار الولد الذی تولد فی فراشه ولا ینتفی منه لا باللعان ولا بغیره إذا علم أنه دخل بأمه دخولاً یمکن معه لحوق الولد به أو أقرّ هو بذلک إلاّ إذا استند إلی فحص علمی حدیث یوجب العلم بانتفائه ، وأما لو لم یعلم ذلک ولم یقر به وقد نفاه - إما مجرداً عن ذکر السبب بأن قال هذا لیس ولدی أو مع ذکر السبب بأن قال لأنی لم أدخل بأمه منذ أکثر من سنة أو دخولی أقل من ستة أشهر - فحینئذٍ وإن لم ینتف عنه بمجرد نفیه فی غیر صورة طرق الفحص الحدیثة الموجبة للعلم لکن ینتفی عنه باللعان .

( مسألة 1825 ) : ولد المتمتع بها أو الأمة المملوکة ینتفی بنفیه من دون لعان ، وإن لم یجز له نفیه مع عدم علمه بالانتفاء فمع وطیه أو شکه فی المدة وعدم علمه بتاریخ الوطی لا یسوغ له نفی الولد . ولا یسمع منه نفیه له مع العلم بأن قد دخل بها أو أنزل علی الفرج محتملاً لدخول مائه فیه بمدة یمکن تکوّنه منه أو أقرّ هو بذلک وکذا الحال فی الأمة المملوکة إلاّ إذا استند إلی فحص حدیث یوجب العلم بانتفائه کما مرّ فی الدائمة .

( مسألة 1826 ) : لو ادعت المرأة المطلقة الحمل منه فأنکر الدخول فأقامت البینة علی إرخاء الستر والخلوة بها فالأقرب ثبوت اللعان .

( مسألة 1827 ) : یشرع اللعان لنفی الولد سواء کان حملاً أم مولوداً منفصلاً .

( مسألة 1828 ) : انتفاء الولد عن الزوج لا یلازم کونه ولد زنا لاحتمال تکونه عن وطی شبهة أو دخول ماء رجل آخر بالانتقال بتوسط الجلوس فی

ص:539

مکان ونحو ذلک . فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وجاز له نفیه بل وجب علیه نفیه عن نفسه لکن لا یجوز له ولا لغیره أن یرمیها بالزنا ولا ینسب الولد للزنا .

( مسألة 1829 ) : إذا أقرّ بالولد لم یسمع إنکاره له بعد ذلک . سواء کان إقراره بالصریح أو بالکنایة مثل أن یبشر به ویقال له : بارک اللّه لک فی مولودک فیقول : آمین أو إن شاء اللّه تعالی ، وأما عدم إنکار الولد مع حضور الزوج وقت الولادة مع ارتفاع العذر ونحو ذلک فلیس بإقرار به وإن کان ظاهر الحال أمارة علی التصدیق بنسبیة الولد له .

( مسألة 1830 ) : لا یقع اللعان إلاّ عند الحاکم الشرعی أو من نصبه لذلک فی الموارد التی تسوغ الاستنابة فی سماع البینة والیمین . وصورته أن یبدأ الرجل ویقول بعدما قذفها أو نفی ولدها : « أشهد باللّه أنی لمن الصادقین فیما قلت من قذفها أو من نفی ولدها « یقول ذلک أربع مرات ، ثم یقول مرة واحدة - وتحسب شهادة خامسة - : « لعنة اللّه علیّ إن کنت من الکاذبین » . ثم تقول المرأة بعد ذلک أربع مرات : « أشهد باللّه إنه لمن الکاذبین فی مقالته من الرمی بالزنا أو نفی الولد » ثم تقول مرة واحدة - وتحسب شهادة خامسة - : « أن غضب اللّه علیّ إن کان من الصادقین » .

( مسألة 1831 ) : یجب أن تکون الشهادة واللعن بالألفاظ المذکورة ، فلو غیّر بعضها - بأن قال أحلف أو أقسم أو شهدت أو أنا شاهد أو أبدل لفظ الجلالة بالرحمن أو بخالق البشر أو بصانع الموجودات أو قال الرجل أنی صادق أو لصادق أو من الصادقین من غیر ذکر اللام أو قالت المرأة إنه لکاذب أو کاذب أو من الکاذبین - لم یقع ، وکذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب ، أو المرأة

ص:540

بالعکس . ویجب أن تکون المرأة معینة فی کلام الرجل وکذلک الرجل معیناً فی کلام المرأة وأن تکون البدأة فی الرجل بالشهادة ثم باللعن وفی المرأة بالشهادة ثم بالغضب .

( مسألة 1832 ) : یجب أن یکون إتیان کل منهما باللعان بعد طلب الحاکم من کل منهما ذلک ، فلو بادر أحدهما به قبل أن یأمر الحاکم به لم یقع .

( مسألة 1833 ) : یجب أن یکون النطق بالعربیة الصحیحة مع القدرة وإلاّ فبما یقدر علیه ملحوناً وإلاّ فیجوز بغیرها مع التعذر .

( مسألة 1834 ) : یجب أن یکونا قائمین عند التلفظ بالجمل الخمس ، والأحوط أن یکونا قائمین معاً عند تلفظ کل منهما .

( مسألة 1835 ) : یستحب أن یجلس الحاکم مستدبر القبلة ویقف الرجل عن یمینه والمرأة عن یساره ، وأن یحضر من یسمع اللعان ، وأن یعظهما الحاکم بعد الشهادات الأربع قبل اللعن والغضب .

( مسألة 1836 ) : إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما ترتب علیه أحکام أربعة :

الأوّل : انفساخ عقد النکاح والفرقة بینهما .

الثانی : الحرمة الأبدیة ، فلا تحل له أبداً ولو بعقد جدید ، وهذان الحکمان ثابتان فی مطلق اللعان سواء کان للقذف أو لنفی الولد .

الثالث : سقوط حد القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حد الزنا عن الزوجة بلعانها ، فلو قذفها ثم لاعن ونکلت هی عن اللعان تخلص الرجل عن حد القذف وتحد المرأة حد الزانیة ، لأن لعان الزوج بمثابة البینة فی إثبات زنا الزوجة .

ص:541

الرابع : انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة إن تلاعنا لنفیه ، بمعنی أنه لو نفاه وادعت الزوجة کون الولد له فتلاعنا لم یکن توارث بین الرجل والولد فلا یرث أحدهما الآخر ، وکذا بین الولد وکل من انتسب إلیه بالإبوة کالجد والجدة والأخ والأخت للأب ، وکذا الأعمام والعمات . بخلاف الأم ومن انتسب إلیه بها ، حتی أن الأخوة للأب والأم بحکم الأخوة للأم .

( مسألة 1837 ) : إذا أکذب نفسه بعدما لاعنها فی القذف لم یحدّ للقذف ولم یزل التحریم ، ولو أکذب نفسه فی الأثناء یحدّ ولا تثبت أحکام اللعان . وکذا التفصیل لو أقرّت المرأة بالزنا بعد لعانها أو فی أثنائه .

وإذا أکذب نفسه بعدما لاعن لنفی الولد لحق به الولد فیما علیه لا فیما له ، فیرثه الولد ، ولا یرثه الأب ولا من یتقرب به کما لا یرث الولد أقارب أبیه بمجرد إقرار الأب بعد اللعان إلاّ إذا أقروا به أیضاً ، کما أنهم لا یرثونه إلاّ بإقراره .

ص:542

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.