سند العروه الوثقی (کتاب الطهاره) الجزء السادس

اشارة

پدیدآوران:یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم (نویسنده)،سند، محمد (نویسنده)

عنوان های دیگر: العروه الوثقی. برگزیده. کتاب الطهاره. شرح کتاب الطهاره

عنوان و نام پدیدآور: سند العروه الوثقی (کتاب الطهاره) الجزء السادس / تالیف محمد سند

ناشر: صحفی

مکان نشر: قم - ایران

تعداد جلد:6ج

سال نشر:1415 ق

یادداشت:عربی

عنوان دیگر:العروه الوثقی. شرح

موضوع:یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ق. العروه الوثقی -- نقد و تفسیر

موضوع:فقه جعفری -- قرن 14

شناسه افزوده:یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ق. العروه الوثقی. شرح

رده بندی کنگره:1384 402359ع4ی-5-183 BP

رده بندی دیویی:297/342

شماره کتابشناسی ملی:م 74-6628

ص :1

اشارة

ص :2

بسم الله الرحمن الرحیم

ص :3

سند العروه الوثقی (کتاب الطهاره) الجزء السادس

تالیف محمد سند

ص :4

ص :5

ص :6

ص :7

ص :8

تتمة کتاب الطهارة

فصل:فی النفاس

اشارة

فصل:فی النفاس

و هو دم(1) یخرج مع ظهور أول جزء من الولد أو بعده قبل انقضاء عشرة أیام من حین الولادة

و هو فی اللغة الولادة و لعلّه من هذا الباب «وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ » (1)و یقرب منه النَّفَس و تنفّس الصعداء ، باعتبار بروز الهواء من الصدر و الفم ، و منه یظهر قرب تعریفهم له بدم الولادة ، فإنه من تعریف السبب بالمسبب إن

لوحظ عنوان (النفاس) و تعریف المسبب بالسبب إن لوحظ الدم ، و فی المصباح نفست حاضت و النفس و هو الدم.

و فی اللسان قال ثعلب: النفساء الوالدة و الحامل و الحائض... و النفاس ولادة المرأة إذا وضعت... و المنفوس المولود... یقال نَفِسَت و نُفِسَت فأما الحیض فلا یقال فیه إلّا نَفِسَت بالفتح... یقال نَفِسَت المرأة تَنفس بالفتح ، إذا حاضت.

و علی أیة تقدیر فإن الأحکام فی هذا الباب مترتّبة فی النصوص علی خروج الدم بالولادة لا علی مجرّد الولادة ، و ظاهر الماتن صدقه علی الدم المقارن لخروج الولد لا خصوص المتأخر عنها ، ففی موثق عمّار بن موسی

ص:9


1- 1) التکویر / 18.

عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی المرأة یصیبها الطلق أیاماً (أو یوماً) أو یومین فتری الصفرة أو دماً قال: «تصلّی ما لم تلد... الحدیث» (1).

و فی موثق السکونی عن جعفر عن أبیه علیهما السلام انه قال: قال النبی صلی الله علیه و آله و سلم : «ما کان اللّه لیجعل حیضاً مع حبل یعنی إذا رأت المرأة الدم و هی حامل لا تدع الصلاة إلّا أن تری علی رأس الولد إذا ضربها الطلق و رأت الدم ترکت الصلاة» (2).

و فی روایة زریق عن أبی عبد اللّه علیه السلام -فی حدیث -ان رجلاً سأله عن امرأة حاملة رأت الدم؟ قال: تدع الصلاة ، قلت: فإنها رأت الدم و قد أصابها الطلق فرأته و هی تمخض؟ قال: تصلّی حتی یخرج رأس الصبی فإذا خرج رأسه لم تجب علیها الصلاة..... .

إن الحامل قذفت بدم الحیض و هذه قذفت بدم المخاض إلی أن یخرج بعض الولد ، فعند ذلک یصیر دم النفاس» الحدیث (3).

و الأخیرتان و إن کانتا صریحتین فی الدم المقارن إلّا ان الثالثة ضعیفة بزریق و الثانیة محتملة لکون موضع الاستشهاد من تفسیر الراوی ، و الولادة فی الأولی و إن احتمل فیها إرادة الفراغ من الولادة و تمامها إلّا أن الصدق العرفی أوسع من ذلک لشموله و تحققه من حین البدء و الأخذ فی خروج المولود

ص:10


1- 1) أبواب النفاس ب 4 / 1.
2- 2) أبواب النفاس ب 4 / 2.
3- 3) أبواب الحیض ب 30 / 17.

سواء کان تام الخلقة أو لا کالسقط و إن لم تلج فیه الروح ، بل و لو کان مضغة أو علقة بشرط العلم بکونه مبدأ نشوء الانسان(1) و لو شهدت أربع قوابل بکونها مبدأ نشوء إنسان کفی(2)

فالفعل عملیة لها بدء و منتهی ، مع تحقق الصدق بصیغة الماضی بالاضافة إلی العضو الخارج کالرأس.

أما تقیید الماتن بقبل العشرة فسیتعرض له فی تحدید أکثر النفاس فی (مسألة 1).

لصدق الولد و الحمل علی السقط قبل نفخ الروح فیه ، و قد ورد استعمال العنوان فیه فی جملة من الروایات کالحدیث النبوی: «فإنی مباهی بکم الأمم و لو بالسقط».

و أما المضغة فلکونها من مراحل الحمل و تکوّن الجنین لا سیّما و انه یتکون فیها العمود الفقری کما أشارت إلیه المصادر المختصة و منه یظهر إلحاق العلقة أیضاً الذی هو قطعة من اللحم المرادی اللون أو الدم الغلیظ ، و مع صدق وضع الحمل و الإسقاط تصدّق الولادة و إن لم تکن لمولود سویّ ، أما النطفة المستقرة فإلحاقها محل منع بعد عدم التکوّن لأطوار الجنین.

و عن بعض المتقدّمین کفایة الاثنتین و الواحدة و عن الدروس و الذکری تقیید الشهادة بأربع ، و فی جملة من الروایات کصحیح الحلبی عنه علیه السلام : «عن شهادة القابلة فی الولادة قال: تجوز شهادة الواحدة و قال:

تجوز شهادة النساء فی المنفوس و العذرة» الحدیث (1).

ص:11


1- 1) أبواب الشهادات ب 24 / 2 - 4.

و لو شکّ فی الولادة أو فی کون الساقط مبدأ نشوء الانسان لم یحکم بالنفاس(1) و لا یلزم الفحص أیضاً. و أما الدم الخارج قبل ظهور أول جزء من الولد فلیس بنفاس. نعم لو کان فیه شرائط الحیض کأن یکون مستمراً من ثلاثة أیام فهو حیض

و مثلها صحیح عبد اللّه بن سنان (1) و مرسل تحف العقول (2).

و فی موثق سماعة قال: قال: القابلة تجوز شهادتها فی الولد علی قدر شهادة امرأة واحدة. (3)

و فی روایة داود بن الحصین عنه علیه السلام انه کان أمیر المؤمنین علیه السلام یجیز شهادة المرأتین فی النکاح عند الإنکار (4).

و التقدیر بالربع هو بلحاظ المال و الحق المالی و أما الأثر التکلیفی المحض کأحکام النفاس من التروک و نحوه فالظاهر ثبوتها بالواحدة و الاثنتین کما هو مطابق مع عموم السیرة فی خبر الواحد.

و إن حکم علیه بالحیضیة لو کان امکانه مستقراً أو بالاستحاضة مع عدم استقرار الامکان کما تقدّم مفصلاً فی الدم المشکوک فی باب الحیض و الاستحاضة.

و أما لزوم الفحص لا سیّما مع عدم المئونة فقد تکرّر ثبوته فی الشبهة

ص:12


1- 1) أبواب الشهادات ب 24 / 10.
2- 2) المصدر ح 51.
3- 3) المصدر ح 23.
4- 4) المصدر ح 35.

و إن لم یفصل بینه و بین دم النفاس أقلّ الطهر(1) علی الأقوی خصوصاً إذا کان فی عادة الحیض أو متصلاً بالنفاس و لم یزد مجموعهما عن عشرة أیام کأن تری قبل الولادة ، ثلاثة أیام و بعدها سبعة مثلاً ، لکن الأحوط مع عدم الفصل بأقلّ الطهر مراعاة الاحتیاط خصوصاً فی غیر الصورتین من کونه فی العادة أو متّصلاً بدم النفاس

الموضوعیة ، نعم لو فرض الدوران بینه و بین الحیض مع عدم أثر فارق فی البین لتوجّه عدم اللزوم.

کما اختاره جملة من المتأخّرین و عن المشهور اعتبار الفصل ، و یستدلّ لاعتبار الفصل:

أولاً: باطلاقات (1) اعتبار الفصل بعشرة بین الدمین کصحیح محمد بن مسلم و غیره ، و أشکل علیه بأنها فی الدمین من الحیض.

ثانیاً: بما دلّ علی الفصل المزبور بین النفاس و الحیض اللّاحق ، و الظاهر عدم خصوصیة اللحوق.

و بعبارة اخری هذا المفاد شاهد علی شمول اطلاقات الفصل بین الدمین لدم النفاس و الحیض ، کما فی صحیح عبد اللّه بن المغیرة عن أبی الحسن الأول علیه السلام «فی امرأة نفست فترکت الصلاة ثلاثین یوماً ثمّ طهرت ثمّ رأت الدم بعد ذلک قال: تدع الصلاة لأنّ أیامها أیام الطهر قد جازت مع أیام النفاس» (2).

ص:13


1- 1) أبواب الحیض ب 11.
2- 2) أبواب النفاس ب 5 / 1.

و ظاهر التعلیل المفروغیة من لزوم الفصل المقرّر فی باب الدماء و بذلک یتمّ قرینیة هذا المفاد علی عمومیة اطلاقات الفصل بعشرة لما بین دم النفاس و دم الحیض سواء لحقه أو تقدّمه.

و أشکل علیه: بأنه لو بنی علی الاطلاق لمطلق الدم لانتقض بعدم لزوم الفصل بین النفاسین و بین کل من النفاس و الحیض مع الاستحاضة الکثیرة.

و فیه: ان خروج النفاسین من العموم لعدم کونهما من جهة طبیعة الرحم التی یتعرّض إلیها العموم لأنهما بسبب الولادة و من ثمّ استشکل فی صدق العموم علی الحیض السابق علی النفاس الذی هو فرض المقام بکون تعقّب النفاس لا بحسب طبیعة الرحم بل بسبب الولادة فاعتبار الفصل أوّل الکلام ، و أما الاستحاضة فلیس فیها قعود عن الصلاة.

و استدل ثالثاً: بما ورد فی طهارة دم الطلق مثل موثق عمّار بن موسی عن أبی عبد اللّه علیه السلام «فی المرأة یصیبها الطلق أیاماً (أو یوماً) أو یومین فتری الصفرة أو دماً قال: تصلّی ما لم تلد ، فإن غلبها الوجع...» (1).

و أشکل علی الاستدلال بها بأنها فی الدم المسبب من الطلق لا فیما نحن فیه و هو الدم الذی تراه من دون طلق ، و فیه ان الدم الذی یری فی أیام الطلق لیس مسبباً عنه کما یلاحظ بالاعتبار بل هو فی العادة متواصل مع ما یأتی قبله و قد فرض فی الروایات استمراره أیاماً ، فالأظهر دلالة هذا المفاد علی نفی الحیضیة و إن ذکر الطلق لأجل بیان قرب الدم المرئی من دم النفاس.

ص:14


1- 1) أبواب النفاس ب 4 / 1.

مسألة 1:لیس لأقلّ النفاس حدّ

(مسألة 1): لیس لأقلّ النفاس حدّ(1) ، بل یمکن أن یکون مقدار لحظة بین العشرة و لو لم ترَ دماً فلیس لها نفاس أصلاً(2) ، و کذا لو رأته بعد العشرة من الولادة و أکثره عشرة أیام(3)

ثمّ ان مقتضی اطلاق نفی قعودها و نفی الحیضیة شموله لما لو کان مجموع الدمین عشرة أیام أیضاً.

للإطلاقات و عدم التقیید من جانب القلّة ، بل قد یومی إلیه التعبیر فی موثّق عمّار السابق «ما لم تلد».

و فی موثق السکونی «إلّا أن تری علی رأس الولد» (1).

و فی روایة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «سألته عن النفساء کم حدّ نفاسها حتّی تجب علیها الصلاة؟ و کیف تصنع؟ قال: لیس لها حدّ» (2)و هی و إن احتمل فی السؤال انه عن الکثرة و انه لیس لهنّ حدّ متّفق علیه بین النساء إلّا أن عدم تعیین حدّ للکثرة فی اعتیاد النساء لازمه عدم الحدّ فی جانب القلّة أیضاً لکونه مبدأ مراتب الکثرة.

لأنّ المدار فی الأدلّة علی رؤیة الدم لا علی صدق العنوان لغة و لو بمعنی الولادة کما مرّ فی موثّق السکونی أخذ ذلک «إلّا أن تری علی رأس الولد إذا ضربها الطلق و رأت الدم ترکت الصلاة» و غیرها من ألسن الروایات الآخذة للدم فی موضوع ترک الصلاة.

تعرّض الماتن لأمرین:

ص:15


1- 1) أبواب النفاس ب 4 / 2.
2- 2) أبواب النفاس ب 2 / 1.

الأول: کون أکثر النفاس عشرة.

و الثانی: ان مبدأ حساب العشرة هو من حین الولادة لا من حین رؤیة الدم الخارج بعدها.

أما الأول: فقد قال الشیخ فی الخلاف: «أکثر النفاس عشرة أیام و ما زاد علیه حکمه حکم الاستحاضة و فی أصحابنا من قال ثمانیة عشر یوماً.

و قال الشافعی: أکثر النفاس ستون یوماً و به قال مالک و أبو ثور و داود و عطاء و الشعبی و عبد اللّه بن الحسن العنبری و حجاج بن أرطأة.

و قال أبو حنیفة و الثوری و أحمد و إسحاق و أبو عبید أربعون یوماً و حکی ابن المنذر عن الحسن البصری قال: خمسون یوماً و ذهب اللیث بن سعد إلی انه سبعون یوماً -ثمّ استدلّ الشیخ بأصالة الاحتیاط و بعمومات التکالیف إلّا ما خرج بالیقین و هو العشرة.

ثمّ حکی الشیخ عن الشافعی التفصیل فیما زاد علی الستین بانها ترجع إلی التمییز أو العادة أو إلی أقلّ النفاس».

و حکی فی مفتاح الکرامة القول بالثمانیة عشر عن الفقیه و الانتصار و المراسم و المختلف و الهدایة و أبی علی و الأمالی و جمل السید و مال إلیه فی المنتهی إذا تجاوز الدم العشرة، و حکی قولاً ثالثاً عن العمانی ان أکثره أحد و عشرون و ما نقله من عبارته هی مضمون بعض الروایات الآتیة من کونه ثمانیة عشر و تستظهر بیوم أو یومین أو ثلاث. و الروایات الواردة علی ألسن بعدد الأقوال المتقدّمة:

ص:16

الطائفة الاُولی: ما دلّ علی رجوعها إلی عادتها و أیام قرئها و انها تستظهر إلی العشرة و هو ما ذهب إلیه المشهور کصحیح زرارة عن أحدهما علیهما السلام قال: «النفساء تکفّ عن الصلاة أیامها التی کانت تمکث ثمّ تغتسل و تعمل کما تعمل المستحاضة» (1).

و صحیح یونس قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن امرأة ولدت فرأت الدم أکثر مما کانت تری قال؟ قال: «فلتقعد أیام قرئها التی کانت تجلس ثمّ تستظهر بعشرة أیام، فإن رأت دما صبیباً فلتغتسل عند وقت کل صلاة فإن رأت صفرة فلتتوضّأ ثمّ لتصلّ» (2).

و مثلهما (3) صحیح زرارة و موثق مالک بن أعین و موثق عبد الرحمن بن أعین و محسنة أبی بصیر و غیرها و أشکل علی دلالتها:

أوّلاً: مفادها الحکم الظاهری و لیس الحدّ الواقعی.

و ثانیاً: بأنها فی ذات العادة لا مطلق المرأة.

ثالثاً: خلو کثیر منها عن التحدید بالعشرة و أن ظاهر صحیح یونس الاستظهار بعشرة بعد أیام العادة و علی ذلک فتکون الروایة من طائفة الثمانیة عشر.

و رابعاً: أن مفادها الرجوع إلی أیام العادة مع زیادة الدم عن العشرة

ص:17


1- 1) أبواب النفاس ب 3 / 1.
2- 2) أبواب النفاس ب 3 / 3.
3- 3) المصدر ح 2، 4، 9، 20.

بمقتضی التعبیر بالاستظهار مع أن مذهب المشهور هو الأخذ بالعشرة دون الرجوع إلی أیام العادة کما نسب ذلک إلیهم فی الذکری و عن کشف اللثام عدم الوقوف علی من صرح بذلک غیر المحقّق.

و یدفع بأن لسان الرجوع إلی العادة و أیام قرئها صریح فی کون النفاس کالحیض فی العدد و الحدّ کما أن الأمر بالاستظهار و الحکم علی الزائد بالاستحاضة کله فی سیاق وحدة حکم الدمین و من ذلک یندفع الاشکال الأوّل و الثالث فإن الرجوع إلی العادة فی الحیض کأمارة مبنی علی وحدة الحدّین و إلّا فکیف تقرّر الإماریة و هذه الدلالة تغنی عن ذکر لفظ العشرة.

و منه یظهر اندفاع الاشکال الثانی فإن الحدّ فی ذات العادة إذا کان مبنیّاً علی وحدة الدمین، فإن غایة الاختلاف بین ذات العادة و غیرها من المضطربة و المبتدئة و نحوها إنما هو فی العدد بحسب مقام الإحراز و الظاهر لا فی الحدّ الأکثر الواقعی للدم.

و أما الاشکال الرابع فقد مرّ أنّه لم یصرّح بما یخالف الرجوع إلی العادة عند الزیادة سوی المحقّق کما ادّعی ذلک کاشف اللثام و إن کان ظاهر عبارة الخلاف المتقدّمة ذلک أیضاً و انه مجمع علیه و لکن عن مسائل الخلاف للسید الرجوع لأیامها و کذلک القواعد و کذا ما عن بقیة کتب العلّامة و عن کشف اللثام «انهم انما یفتون بأنها أکثره لا یکون کلها نفاساً إذا تعدّاها الدم و إن کانت ذات عادة».

و فی مفتاح الکرامة «لم یتردّد فی هذا الحکم فیما أجد غیر ما یظهر من

ص:18

«الذکری» بل قد حکی فی الذکری ذهاب البعض فی الفاخر و ابن طاوس و الفاضل إلی الرجوع إلی العادة مع التجاوز -و یعضد النظر فیما استظهره الشهید من مذهب المشهور، إیرادهم للروایات المزبورة من دون الردّ لها کما فی التهذیب و الاستبصار.

أی أنهم فی صدد بیان حدّ الکثرة الذی یمکن أن یصل إلیه دم النفاس لا فی مقام الحکم بوصول الدم عدداً إلی حدّ الکثرة دائماً کما هو الحال فی کلماتهم فی حدّ الکثرة للحیض غایة الأمر حیث وقع الخلاف مع العامة فی ذلک فی المقام و اختلفت ألسن الروایات غلب حدیثهم عنه مما یوهم بکون الأخذ بالحدّ مطلقاً دون ما دونه.

و فی صحیح زرارة الذی تقدّمت الإشارة إلیه قال: قلت له: «النفساء متی تصلّی؟ فقال: تقعد بقدر حیضها و تستظهر بیومین، فإن انقطع الدم و إلّا اغتسلت و احتشت و استثفرت و صلّت... قلت: و الحائض؟ قال: مثل ذلک سواء، فإن انقطع عنها الدم و إلّا فهی مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ثمّ تصلّی و لا تدع الصلاة علی حال، فإن النبی صلی الله علیه و آله قال: الصلاة عماد دینکم» (1)و هو ظاهر فی التسویة بین الدمین بلسان آخر غیر ما تقدّم کما أنه یؤکّد علی استحاضة کل من النفساء و الحائض مع تجاوز الدم العشرة و عدم انقطاعه و یشدّد بالتالی علی إتیان الصلاة.

لا یقال: لعلّه یستظهر من الأمر بالاستظهار للنفساء بعد قدر أیام قرئها

ص:19


1- 1) أبواب الاستحاضة ب 1 / 5.

مع أن الغالب فیها تجاوز الدم هو أن قعود النفساء عشرة و ما یزید علی أیام العادة فیتمّ ما نسبه الشهید إلی المشهور.

فانه یقال: أن الغالب فی دم النفاس و إن کان الاستمرار إلی ما فوق العشرة إلی العشرین أو الأربعین أو الأکثر کما فی المناطق الحارّة، حسب اختلاف الأمزجة إلّا أنه لیس استمراره بمواصلة ما فی العشرة مع ما بعدها بل کثیراً ما یحصل انقطاع بینهما و إن عاود الرجوع بعد ذلک فالأمر بالاستظهار فی روایات المقام لترقّب الانقطاع کما صرّح فیها.

و أما صحیح یونس حیث قال علیه السلام : «ثمّ تستظهر بعشرة أیام» فهو محتمل لإرادة تستظهر بتمام و ما یتمّ به عشرة أیام مع أیام القرء کما یمکن جعل (بعشرة) معمولاً لکلا الفعلین (فلتقعد ثمّ تستظهر).

و یعضد هذا الحمل ما رواه الکلینی فی الصحیح عن یونس بن یعقوب - و الظاهر اتحاد الروایة لاتحاد الراوی و إن الاختلاف فی اللفظ من الرواة عنه -قال: سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول: «تجلس النفساء أیام حیضها التی کانت تحیض ثمّ تستظهر و تغتسل و تصلّی» (1) مضافاً إلی الاستظهار لا یزید عدده علی الأیام المتیقّنة من أیام القرء.

الثانیة: ما دلّت علی الثمانیة عشر کصحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السلام :

«ان أسماء بنت عمیس نفست بمحمد بن أبی بکر فأمرها رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم حین أرادت الإحرام من ذی الحلیفة أن تحتشی بالکرسف و الخرق و تهلّ

ص:20


1- 1) أبواب النفاس ب 3 / 8 .

بالحج، فلما قدموا مکّة و قد نسکوا المناسک و قد أتی لها ثمانیة عشر یوماً فأمرها رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم أن تطوف» الحدیث (1).

و هی صریحة فی نفی النفاس عن ما زاد علی الثمانیة عشر و أما کون هذا العدد حدّ أکثر فلیست ظاهرة بقوة فی ذلک و لو لا کونه علیه السلام فی صدد البیان لما کان لها ظهور أصلاً فلا تقاوم الطائفة السابقة.

و فی صحیح محمد بن مسلم قال قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام : «کم تقعد النفساء حتی تصلّی؟ قال: ثمانی عشرة، سبع عشر ثمّ تغتسل و تحتشی و تصلّی» (2).

و لکن فی صحیحه الآخر (3) روی عنه علیه السلام استشهاد بأمره صلی الله علیه و آله و سلم لأسماء بنت عمیس ذلک ثمّ أمره علیه السلام بالاستظهار، و فی روایة (4) الفضل عن الرضا علیه السلام فی کتابه إلی المأمون نفی قعودها عن هذا الحدّ و انها مستحاضة مع التجاوز و هی کصحیح زرارة المتقدّم فی الدلالة و عدم مقاومة الطائفة الأولی و کذلک صحیحتی محمد بن مسلم بعد تضمّنهما قصة أسماء کما سیأتی فی بیان حال الطوائف الأخری.

و فی صحیح عبد اللّه بن المغیرة (5) المتقدّم فی النفساء التی رأت الدم

ص:21


1- 1) المصدر ح 6، 19.
2- 2) المصدر - ح 12.
3- 3) المصدر -ح 15.
4- 4) المصدر - ح 24.
5- 5) أبواب النفاس ب 5 / 1.

ثلاثین یوماً ثمّ طهرت ثمّ رأته مرّة أخری أن تدع الصلاة «لأن أیامها أیام الطهر قد جازت مع أیام النفاس».

و مثلها مفهوم صحیح (1) بن الحجاج و صحیح صفوان (2) فإنها تدلّ إجمالاً علی کون حدّ النفاس هو دون العشرین یوماً، و هی لا تنافی الطائفة الأولی.

و مما یشیر إلی عدم صراحة هذه الطائفة فی کون هذا الحدّ هو الأکثر و إنما هی فی صدد ردّ العامة فی أقوالهم فی جعل الحدّ ما یزید علی ذلک ما رواه الکلینی من مرسل إبراهیم بن هاشم رفعه عن أبی عبد اللّه علیه السلام : «ان أسماء سألت رسول اللّه صلی الله علیه و آله و قد أتی بها ثمانیة عشر یوماً، و لو سألته قبل ذلک لأمرها أن تغتسل و تفعل ما تفعل المستحاضة» (3).

و لا یبعد أن یکون الطریق مسنداً و ان الرفع من الرواة عن إبراهیم بن هاشم لذکر طریقه فی روایة (4) صاحب المنتقی عن کتاب الأغسال لأحمد بن محمد بن عیاش الجوهری بسنده الصحیح عن إبراهیم بن هاشم عن عثمان بن عیسی عن عمر بن اذینة عن حمران بن أعین عن أبی جعفر علیه السلام -و ذکر فی ضمنها قریب من المضمون المتقدّم و ابن عیاش اسرته من وجوه بغداد و قد أکثر من الحدیث و قد روی النجاشی عنه کثیراً، إلّا انه ترک روایته

ص:22


1- 1) أبواب النفاس ب 5 / 2.
2- 2) أبواب النفاس ب 5 / 3.
3- 3) أبواب النفاس ب 3 / 7.
4- 4) أبواب النفاس ب 3 / 11.

لتضعیف مشایخه له و کان من أهل العلم و الأدب القوی و لکن قد قید اختلاله الشیخ و النجاشی بآخر عمره فالأمر فیه سهل.

و فی روایة (1) حنان بن سدیر التعلیل للحدّ المزبور بأنه متضمّن أقلّ الحیض و أوسطه و أکثره.

الثالثة: ما تضمّن حدوداً أخری من قبیل الثلاثین أو الأربعین و الخمسین کصحیح محمد بن مسلم (2) و قد اشتمل علی الثلاثة و هو مضافاً إلی موافقته لأقوال العامة التی تقدّمت الإشارة إلیها -یومئ بالتقیة لعدم تصوّر التخییر بین الحدود الثلاثة بحسب الواقع، و کصحیح علی بن یقطین (3) و موثّق حفص بن غیاث (4) و هو عامی و روایة الخثعمی (5) و قد رددت بما بین الأربعین إلی الخمسین.

و هذه الروایات مع کونها أقلّ عدداً من الطائفتین السابقتین فانها مضطربة الدلالة إیماءً بالتقیة لموافقتها للعامة و من ثمّ قد استشهدوا علیهم السلام لردّهم بقصة أسماء بنت عمیس و هو مفاد الطائفة الثانیة، و من ثمّ فمفاد الثانیة لا یقاوم مفاد الطائفة الأولی مضافاً إلی ما تقدّم و یؤیّد حدّ العشرة ما ذکره أهل

ص:23


1- 1) أبواب النفاس ب 3 / 23.
2- 2) المصدر ح 13.
3- 3) المصدر ح 16.
4- 4) المصدر ح 17.
5- 5) المصدر ح 18.

الاختصاص من ان السیلان النفاسی یمتدّ إلی الیوم الثالث بنحو یکون دمویاً و إلی السادس بنحو مختلط مع الدم و إلی التاسع مخاطی و بعدها لا تنزف إلّا نقاط من الدم.

الأمر الثانی: فی مبدأ حساب العشرة من حین الولادة أو من حین الرؤیة للدم، لا من حین الحکم بالنفاس و هو خروج الدم مع الأخذ فی الولادة لإمکان استطالة مدّة الولادة یوماً أو أیاماً کما فکّک بین الحکم به و مبدأ العشرة فی التوأمین عند جماعة کثیرة بناء علی کون الدم فیهما نفاساً واحداً مع عدم الفصل بینهما بطهر تامّ، أو کما فی قطعات المولود لو انفصلت عن بعضها البعض کما فی الجنین المیت، و الوجه فی کل ذلک هو تجدّد صدق الولادة بعد بدء الأخذ فیها و کذلک فی مثال التوأمین و القطعات سواء بنی علی تعدّدها و استقلال کل دفعة فی الأخیرین أو علی وحدتها فیهما.

و لذلک یصحّ و یتأتّی النقض فی الفرض الأول باستطالة الولادة إلی ما بعد العادة فی ذات العادة أو ما بعد العشرة فإنه لو اتفق مبدأ العشرة مع بدء الحکم بالنفاس لاستلزم ذلک الحکم بالطهارة حینئذٍ و هو مما لا یصار إلیه لما مرّ من صدق الولادة فی الجزء الأخیر فکیف یحکم بالطهارة مع خروج الدم عقبها. فلیس التفکیک لاختلاف الموضوع بل لتجدّد وقوعه و المبدأ یحسب من الوقوع الأخیر.

و من ذلک یتبیّن الحال فی التردید فی مبدأ الحساب فإن تمام الموضوع هو بکل من الولادة و مجیء الدم فالنفاس لا یحکم به إلّا بهما و علی ذلک

ص:24

فالمبدأ ببدء خروج الدم، أضف إلی ذلک أن الإرجاع إلی أیام القرء ظاهر فی أیام الدم و إذا کان عدّة القرء بلحاظ الدم فالظاهر فی العشرة التی هی حدّ یزید علی أیام العادة ذلک أیضاً -و إن کان المنسوب إلی المشهور أن المبدأ هو الولادة -و الغریب من الماتن و جماعة جعل مبدأ العادة هو بدء رؤیة الدم و إن لم ترَ الدم فی الأیام الأولی فی (مسألة 3).

و بعبارة اخری ان العشرة أخذت وصفاً و قیداً للدم لا للولادة و إن کانت أسندت إلیها بلحاظ الدم، بل ان العشرة إنما استظهرت من عنوان أیام القرء التی أرجع إلیها حتی فی صحیح یونس الذی ذکر فیه لفظ العشرة بتبع الاستظهار بعد أیام القرء. و قد یستدلّ لکون المبدأ هو الولادة أولاً بما فی مصحح مالک بن أعین قال: «سألت عن النفساء یغشاها زوجها و هی فی نفاسها من الدم؟ قال: نعم إذا مضی لها منذ یوم وضعت بقدر أیام عدة حیضها ثمّ تستظهر بیوم..» الحدیث (1).

حیث جعل المبدأ الوضع و الولادة و فیه نظر لکون المبدأ فی الروایة للعادة و هی وصف للقعود فی أیام الدم. فالتعبیر بالوضع لملازمته فی الغالب مع مجیء الدم، بل ان العشرة کما مرّ قد جعلت متمّة لأیام القرء بما هی تمام لها.

و یستدلّ ثانیاً: بدعوی الفرق بین الحیض و النفاس بصدق الثانی علی الولادة و إن لم ترَ الدم بخلاف الأول فإنه لا یصدق إلّا علی الدم و فیه:

ص:25


1- 1) أبواب النفاس ب 3 / 4.

و إن کان الأولی مراعاة الاحتیاط بعدها أو بعد العادة إلی ثمانیة عشر یوماً من الولادة. و اللیلة الأخیرة خارجة(1). و أما اللیلة الأولی إن ولدت فی اللیل

أولاً: ان النفاس اسم للدم کما فی متسالم کلماتهم، و استعماله فی المعنی اللغوی و الاصطلاح الشرعی محتاج إلی شاهد.

و ثانیاً: إن قرینة إرادة الدم مفروضة فی الروایات حتی فی صحیح مالک (و هی فی نفاسها من الدم).

و ثالثاً: إن العشرة لن تکون بمعنی أکثر النفاس بل بمعنی منتهاه و إن کان النفاس بحدّ أقلّه کما فی فرض المقام لو رأت فی یوم العاشر لحظة و ما بعده و لم تکن ذات عادة.

و یستدل ثالثاً: بعدم صدق اسناد الدم إلی الولادة و النفاس مع التجاوز و التأخّر و فیه النقض بما إذا تأخّر إلی ما بعد العادة و لم یتجاوز العشرة فانهم متسالمون علی نفاسیته مع ان الاسناد العرفی متحقّق إلی ما یزید علی الشهر الأول کما هو ظاهر فی أسئلة الرواة و ما تقدّم من الأقوال، ثمّ انه علی ظاهر المشهور تکون الولادة مع أیام القرء بمنزلة العادة الوقتیة و العددیة بل الحکم هاهنا أشدّ لأن تخلّف الوقت فی الحیض لا ینفی الحیضیة مطلقاً بخلافه هاهنا.

التعبیر باللیلة الأخیرة مسامحة إذ اللیلة الأخیرة هی لیلة العاشر و هی داخلة لکن المراد هو لیلة الحادی عشر و هی اللیلة المحیطة بالعشرة نعم قد تدخل إذا فرض التلفیق من کسر الیوم الأول و الیوم الحادی عشر.

ص:26

فهی جزء من النفاس(1) و إن لم تکن محسوبة من العشرة و لو اتفقت الولادة فی وسط النهار یلفّق من الیوم الحادی عشر لا من لیلته و ابتداء الحساب بعد تمامیة الولادة و إن طالت لا من حین الشروع و إن کان اجراء الأحکام من حین الشروع إذا رأت الدم إلی تمام العشرة من حین تمام الولادة.

مسألة 2:إذا انقطع دمها علی العشرة أو قبلها فکل ما رأته

نفاس]

(مسألة 2): إذا انقطع دمها علی العشرة أو قبلها فکل ما رأته نفاس سواء رأت تمام العشرة أو البعض الأول أو البعض الأخیر أو الوسط أو الطرفین أو یوماً و یوماً لا(2)، و فی الطهر المتخلّل بین الدم تحتاط بالجمع

لمجیء الدم و إن لم تحسب لخروج اللیل عن النهار الذی هو حدّ الیوم. و التفکیک بین الحکم بالنفاس و المبدأ قد تقدّم فی الأمثلة السابقة.

بعد کون أکثره أو منتهاه العشرة، کما هو مفاد الأمر بالاستظهار فی الروایات عقب القعود مدّة العادة الدالّ علی الحکم بالنفاسیة مع عدم التجاوز کما هو مقتضی عنوان الاستظهار الوارد فی بابی الحیض و النفاس و دلالة عنوان أیام قرئها المذکور قبله علی إرادة المعنی المتقدّم فی الحیض، مع تصریح جملة منها بان الاستظهار لترقّب الانقطاع و إلّا فهی مستحاضة کصحیح زرارة (1) و یونس 2، نعم استشکل فی کون ما رأته فی البعض الأخیر خاصة نفاساً للشک فی اسناده للولادة.

ص:27


1- 1،2) و أبواب النفاس ب 3 / 2-3.

بین أعمال النفساء و الطاهر(1) و لا فرق فی ذلک بین ذات العادة العشرة أو أقل و غیر ذات العادة، و إن لم ترَ دماً فی العشرة فلا نفاس(2) لها و إن رأت فی العشرة و تجاوزها فإن کانت ذات عادة فی الحیض أخذت بعادتها سواء کانت عشرة أو أقلّ و عملت بعدها عمل المستحاضة(3) و إن کان الأحوط الجمع إلی الثمانیة عشر کما مرّ، و إن لم تکن ذات عادة کالمبتدأة و المضطربة فنفاسها عشرة أیام(4)، و تعمل بعدها عمل المستحاضة مع استحباب الاحتیاط المذکور.

و الأظهر الحکم بنفاسیته لما تقدم من عموم ان أقل الطهر عشرة و لظهور الروایات فی الارجاع إلی القعود بقدر أیام القرء و الاستظهار فی الحکم بعدة الحیض و وحدة البابین فی ذلک.

بناء علی کون العشرة منتهی لا حد للکثرة فقط.

و تقدّم التأمّل فی استظهار الذکری مذهب المشهور الفتوی بالعشرة مع التجاوز مطلقاً و أن الذی ذهب إلی ذلک المحقق و أن الصحیح دلالة الروایات علی استحاضة ما زاد علی العادة حتی صحیح یونس المتعرّض للعشرة.

لعدم کونها ذات عادة فلا تشملها الروایات فیبقی لها العشرة کحد أقصی، و فی روایة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام : «النفساء إذا ابتلیت بأیام کثیرة مکثت مثل أیامها التی کانت تجلس.... قبل ذلک.... و إن کانت لا تعرف أیام نفاسها جلست بمثل أیام امها أو أختها أو خالتها و استظهرت بثلثی

ص:28

مسألة 3:صاحبة العادة إذا لم ترَ فی العادة أصلاً و رأت

بعدها و تجاوز العشرة لا نفاس لها علی الأقوی]

(مسألة 3): صاحبة العادة إذا لم ترَ فی العادة أصلاً و رأت بعدها و تجاوز العشرة لا نفاس لها علی الأقوی(1)

ذلک...» (1) و اشکل علیها بضعف السند و الشذوذ و حکایة الاتفاق علی عدم الرجوع إلی أیام النفاس السابقة.

و فیه: إن المبتدأة و المضطربة حکمها الرجوع فی إحراز عادتها فی الحیض إلی أقرانها کما تقدّم فکما أن وظیفتها و أیامها فی الحیض هی أیام أقرانها فتندرج فی الرجوع إلی أیام قرئها فی باب النفاس، و من ذلک یتأمّل فی وصف الروایة بالشذوذ و عدم إشارة الأصحاب إلی ذلک فی المقام لعلّه تعویلاً علی إطلاق حکم بالرجوع إلی أیام قرئها، و حکی عن الشهید فی البیان القول برجوع المبتدأة إلی التمییز ثمّ إلی النساء و أیّده فی کشف اللثام بالروایة المزبورة.

و کذلک یتأمّل فی دعوی الاتفاق علی عدم الاعتداد بأیام النفاس فإن أیامه فی غالب النساء هی أیام القرء فی الحیض، و أما الضعف فمضافاً إلی اعتضاد مضمونه بما عرفت أن یعقوب الأحمر الواقع فی الطریق قد روی عنه ابن مسکان و ثعلبة بن میمون و حماد بن عثمان و إبراهیم بن عبد الحمید و أبو المعزا و لم یطعن علیه فی شیء من کتب الرجال.

بناء علی کون العشرة منتهی، و أما بناء علی کونه حداً للکثرة فقط من مبدأ رؤیة الدم فیحکم بنفاسیته ما دام إسناد مجیئه من الولادة محرزاً، بل یمکن التأمّل علی القول الأوّل بأن الحکم باستحاضیة الدم المتجاوز إنما ورد

ص:29


1- 1) أبواب النفاس ب 3 / 20.

و إن کان الأحوط الجمع إلی العشرة بل إلی الثمانیة عشر مع الاستمرار إلیها. و إن رأت بعض العادة و لم ترَ البعض من الطرف الأول و تجاوز العشرة أتمّتها بما بعدها إلی العشرة(1) دون ما بعدها فلو کان عادتها سبعة و لم ترَ إلی الیوم الثامن فلا نفاس لها و إن لم ترَ الیوم الأول جعلت الثامن أیضاً نفاساً و إن لم ترَ الیوم الثانی أیضاً فنفاسها إلی التاسع و إن لم ترَ إلی الرابع و الخامس أو السادس فنفاسها إلی العشرة و لا تأخذ التتمّة من الحادی عشر فصاعداً لکن الأحوط الجمع فیما بعد العادة إلی العشرة بل إلی الثمانیة عشر مع الاستمرار إلیها.

مسألة 4:اعتبر مشهور العلماء فصل أقلّ الطهر بین الحیض المتقدّم و النفاس

(مسألة 4): اعتبر مشهور العلماء فصل أقلّ الطهر بین الحیض المتقدّم و النفاس(2) ،

فی الأدلّة مع فرض مجیء الدم فی الأیام السابقة کما هو الحال فی الحیض و أما مع عدم مجیئه فهو بمنزلة تأخّر الحیض لذات العادة الوقتیة و العددیة.

رفع الماتن الید عن کون الولادة مبدأ للحساب هاهنا لکنه أبقی التقیید بالعشرة من حین الولادة مع ان العشرة هی بتبع حساب العادة فی الأدلة، کما انه رفع الید عن دلالة الأدلّة علی نفی نفاسیة ما زاد علی العادة من حین الولادة و أبقی دلالة الأدلّة علی نفی نفاسیة ما زاد علی العشرة مع وحدة الحکم فی ذات العادة، و هذا بخلاف ما لو بنی علی کون العشرة حداً لا منتهی فإن مبدأ الحساب هو بدء رؤیة الدم بمقدار العادة و إن زاد علی عشرة الولادة.

تقدّم انه الأظهر، و کذلک الحیض المتأخّر کما هو مفاد صحیح

ص:30

و کذا بین النفاس و الحیض المتأخّر فلا یحکم بحیضیة الدم السابق علی الولادة و إن کان بصفة الحیض أو فی أیام العادة إذا لم یفصل بینه و بین النفاس عشرة أیام و کذا فی الدم المتأخّر و الأقوی عدم اعتباره فی الحیض المتقدّم کما مرّ، نعم لا یبعد ذلک فی الحیض المتأخّر لکن الأحوط مراعاة الاحتیاط.

مسألة 5:إذا خرج بعض الطفل و طالت المدّة إلی أن خرج

تمامه]

(مسألة 5): إذا خرج بعض الطفل و طالت المدّة إلی أن خرج تمامه فالنفاس من حین خروج ذلک البعض إذا کان معه دم و إن کان مبدأ العشرة من حین التمام کما مرَّ بل و کذا لو خرج قطعة قطعة و إن طال إلی شهر أو أزید فمجموع الشهر نفاس إذا استمرّ الدم، و إن تخلّل نقاء فإن کان عشرة فطهر و إن کان أقلّ تحتاط بالجمع بین أحکام الطاهر و النفساء(1).

عبد اللّه بن المغیرة (1) و غیره.

تعرّض الماتن لأمور:

الأوّل: إن مبدأ الحکم بالنفاس هو منذ خروج أوّل بعض من الطفل و إن کان مبدأ حساب العشرة هو تمام الولادة أو بدء رؤیة الدم علی الوجهین اللذین تقدّما.

الثانی: صورة خروج الجنین مقطعاً و انه یستمرّ النفاس و إن طال شهراً أو أزید و الوجه فی ذلک ما مرّت الاشارة إلیه من ان فعل الولادة لیس وجوداً دفعیاً بل امتدادیاً کبقیة الوجودات التدریجیة فإن فیها نحو وجود توسطی

ص:31


1- 1) أبواب النفاس ب 5.

و وجود قطعی و الماهیة تصدق بکلا اللحاظین و یصدق تجدّد وجوده فی عین الوجود الواحد المستمر الممتدّ و من ثمّ یصدق علی ما بعد من دم انه نفاس سواء بنی علی کون مجموع الأبعاض ولادة واحدة أو ولادات مستقلّة لما مرّ فی الأمر الأوّل أن مبدأ حساب العشرة بعد تمام الولادة لا منذ بدء الأخذ فیها هذا لو کانت ولادة واحدة و أما علی التعدّد فالحال ظاهر. ثمّ هل القطعات المنفصلة و الأبعاض ولادة واحدة أو متعدّدة؟

الأقرب هو الثانی لو کان العنوان المأخوذ فی الأدلّة هو طبیعی الولادة لکن الظاهر من لسانها هو الاسناد إلی الحمل الظاهر فی مجموع الجنین و هذا بخلاف التوأمین کما سیأتی.

الثالث: النقاء المتخلّل هل یحکم بطهره مطلقاً أو مع فصل العشرة؟ قد یتوهّم إن البناء علی طهره و لو مع الفصل عشرة یتدافع مع ما مرّ من وحدة ولادة القطعات و هو مدفوع بأن ما دلّ علی قعودها و إلحاق النقاء المتخلّل بالنفاس انما هو ما دلّ علی رجوعها للعادة و أیامها و الأمر باستظهارها بعد ذلک إلی بقیة العشرة و نطاقه هو العشرة و ما بعد تمام الولادة لا أثناء و بدء الولادة الذی هو خارج عن حساب الحدّ.

و من ذلک یظهر ان النقاء المتخلّل بین القطعات ما دام لیس محسوباً من الحدّ فلا دلیل لإلحاقه بالنفاس سوی امتناع کون الطهر لا یقلّ عن عشرة فیما لو کان النقاء دون العشرة.

و قد تقدّم فی صدر مبحث النفاس عموم ذلک لدم النفاس بالاضافة إلی

ص:32

مسألة 6:إذا ولدت اثنین أو أزید فلکل واحد منهما نفاس مستقلّ

(مسألة 6): إذا ولدت اثنین أو أزید فلکل واحد منهما نفاس مستقلّ، فان فصل بینهما عشرة أیام و استمرّ الدم فنفاسها عشرون یوم لکل واحد عشرة أیام و إن کان الفصل أقلّ من عشرة مع استمرار الدم یتداخلان فی بعض المدة و إن فصل بینهما نقاء عشرة أیام کان طهراً، بل و کذا لو کان أقلّ من عشرة علی الأقوی من عدم اعتبار العشرة بین النفاسین و إن کان الأحوط مراعاة الاحتیاط فی النقاء الأقلّ کما فی قطعات الولد الواحد(1).

الحیض دون ما بین النفاسین و ذلک لصدق تحقّق عنوان الولادة و سببیّتها لتحقّق النفاس مجدّداً الذی هو أمر مسلّم بحسب الأدلّة و الفتوی، فلا محالة یرفع الید عن العموم المزبور و یحکم بطهارة النقاء و إن لم یکن عشراً هذا فی النفاسین کالتوأمین. و أما فیما کان نفاساً واحداً کما فی القطعات فلا محالة لازم الحکم بطهارة النقاء المتخلّل موجب لتعدّد النفاس لطرو الضد القاطع لوحدة الدم و النفاس و هو یدافع الوحدة و یقتضی تعدّد النفاس فیوجب رفع الید عن الظهور المتقدّم فی الوحدة و حمله علی ما کان المولود متصلاً مع أن امتداد و استطالة الولادة مع اتصال المولود و تقطّع الدم أیضاً ممکن فرضه و لا یصار حینئذٍ إلی تعدّد الولادة.

هذا کله لو کان دون العشرة و أما إذا بلغ العشرة فقد استوضح الماتن الطهر لبلوغه حدّ أقلّ الطهر مع أن قضیة تخلّله بین دم النفاس الواحد بناءً علی الوحدة آت هنا و هذا مما یدعم القول بالطهارة فما کان دون أیضاً.

قد اتضح جملة من الکلام فی ولادة التوأمین تقدّم فی المسألة

ص:33

مسألة 7:إذا استمرّ الدم إلی شهر أو أزید فبعد مضی أیام

العادة فی ذات العادة و العشرة فی غیرها محکوم بالاستحاضة]

(مسألة 7): إذا استمرّ الدم إلی شهر أو أزید فبعد مضی أیام العادة فی ذات العادة و العشرة فی غیرها محکوم بالاستحاضة و إن کان فی أیام العادة إلّا مع فصل أقلّ الطهر(1) عشرة أیام بین دم النفاس و ذلک الدم و حینئذٍ فإن کان فی العادة یحکم علیه بالحیضیة

السابقة و تعدّد الولادة و النفاس فی الفرض أوضح منه مما تقدّم فی قطعات المولود الواحد، و لا یأتی فیهما ما تقدّم فی الاستظهار للوحدة فی الفرض السابق من اسناد الولادة للحمل الواحد، و إن نقل عن جماعة انه نفاس واحد و لکنه ضعیف لما مرّ من صدق الولادة و للمولود علی کل منهما فیصدق ذلک علی الثانی و یبتدأ العدد منه لحساب النفاس الثانی و النقاء بینهما طهر لما مرّ من تقدّم دلیل سببیّة الولادة لنفاسیة الدم علی عموم أقلّ الطهر عشرة مع عدم اتحاد النفاسین. و إن کان الاحتیاط فی محله.

أما اعتبار أقلّ الطهر فقد مرّ دلالة صحیح عبد اللّه بن المغیرة (1)و صحیح عبد الرحمن بن الحجاج (2) لکن قد مرّ فی باب الحیض فی فصل تجاوز الدم عن العشرة أن المستحاضة الدامیة مستمرّة الدم تتحیّض مرّة فی الشهر بالعادة أو بالتمییز أو بالعدد یظهر ذلک من صحیح عبد الرحمن بن الحجاج -بطریق الشیخ -قال: سألت أبا الحسن موسی علیه السلام عن امرأة نفست و بقیت ثلاثین لیلة أو أکثر ثمّ طهرت و صلّت ثمّ رأت دماً أو صفرة؟ فقال: «إن کانت صفرة فلتغتسل و لتصلِّ و لا تمسک عن الصلاة، و إن کانت دماً لیست

ص:34


1- 1) أبواب النفاس ب 5 / 1.
2- 2) أبواب النفاس ب 5 / 3.

و إن لم یکن فیها فترجع إلی التمییز بناء علی ما عرفت من اعتبار أقلّ الطهر بین النفاس و الحیض المتأخّر و عدم الحکم بالحیض مع عدمه و إن صادف أیام العادة لکن قد عرفت ان مراعاة الاحتیاط فی هذه الصورة أولی.

مسألة 8:یجب علی النفساء إذا انقطع دمها فی الظاهر الاستظهار بإدخال قطنة أو نحوها و الصبر قلیلاً

(مسألة 8): یجب علی النفساء إذا انقطع دمها فی الظاهر الاستظهار بإدخال قطنة أو نحوها و الصبر قلیلاً و إخراجها و ملاحظتها علی نحو ما مرّ فی الحیض(1).

مسألة 9:إذا استمرّ الدم إلی ما بعد العادة فی الحیض

(مسألة 9): إذا استمرّ الدم إلی ما بعد العادة فی الحیض

بصفرة فلتمسک عن الصلاة أیام قرئها ثمّ لتغتسل و لتصلّ» فإن تقیید التحیض بأیام العادة لا بصرف الامکان و فصل الطهر -ظاهر فی ذلک و لا ینافیه ما فی صحیح عبد اللّه بن المغیرة بعد فرض التحیض فیها فی الشهر الثانی بل لا یخلو عن دلالة علی المطلوب حیث أن جعل التحیض فی الشهر الثانی دون العشرة الأخیرة من الشهر الأوّل شاهد علی ذلک أیضاً.

لما مرّ فی الحیض أن ما ورد فی الحیض من استبرائها بادخال القطنة هو علی مقتضی القاعدة من لزوم الفحص فی الشبهة الموضوعیة بعد دوران مثل الصلاة بین المحذورین بعد کون حرمتها ذاتیة علی الطامث، و لا مجال للأصول مع القدرة علی الفحص لا سیما القلیل المئونة، مضافاً إلی ما فی بعض الروایات من اطلاق الدم الذی تطهر منه انها تستبرئ منه کما فی موثق سماعة (1) المعتضد بوحدة الدمین فی الطبیعة و الأحکام کما سیأتی

ص:35


1- 1) أبواب الحیض ب 17 / 4.

یستحبّ لها الاستظهار بترک العبادة یوماً أو یومین أو إلی العشرة علی نحو ما مرّ فی الحیض(1).

مسألة 10:النفساء کالحائض فی وجوب الغسل

(مسألة 10): النفساء کالحائض(2) فی وجوب الغسل بعد الانقطاع أو بعد العادة أو العشرة

و بالأمر بالاستظهار فی الدمین.

الأقوی کما مرّ فی الحیض وجوبه و انه یقدّر بحسب الاحتمال و بقاء عدم ظهور حال الدم فی الاستمرار قد ورد فی جملة من روایات المقام الأمر به الظاهر الوجوب و الاختلاف فی التقدیر محمول علی ذلک بعد ظهور عنوان الاستظهار فی طلب ظهور الحال بالبناء علی الاحتیاط بالتحیض.

حکی الاتفاق و الاجماع علیه من دون نکیر له و یمکن أن یستدلّ له بقرائن عدیدة:

منها: ما تقدّم من الروایات الآمرة بالرجوع إلی العادة الحیضیة فی تحدید قدر النفاس و هو مبنی علی وحدة الحد الواقعی للدمین و طبیعته لا سیما و أن هذا القدر کما أطلق علیه أیام القرء أطلق (1) علیه أیام النفاس أیضاً، کما رتّب علی ذلک بقیة أحکام وحدة حد و طبیعة الدمین من الاستظهار و استحاضة ما تجاوز عن العادة و العشرة.

و منها: ما ارتکز فی أسئلة الرواة فی هذه الطائفة من ترتّب أحکام الحائض علی النفساء کاجتناب الوطی و الجواب منه علیه السلام (2)أن أمد ذلک مضی

ص:36


1- 1) أبواب النفاس ب 75.
2- 2) أبواب النفاس ب 3 / 4.

قدر أیام عدّة حیضها.

و منها: التعبیر عن أیام النفاس بالقعود فی أسئلة الرواة (1) بل فی جملة من الروایات کصحیح یونس عبر علیه السلام بذلک «تجلس النفساء أیام حیضها التی کانت تحیض» (2).

منها: موثق عبد الرحمن بن أعین (3) ظاهر فی ترتیب جواز دخول المسجد علی مضی أیام حیضها کما تقدّم تقریب دلالتها فی المستحاضة.

و منها: قعودها عن الصیام کما فی صحیح (4) عبد الرحمن بن الحجاج و غیره.

و منها: حرمة وطیها کما مرّ و کراهته قبل الغسل کما فی صحیح (5) سعید بن یسار.

و منها: ما فی صحیح (6) سلیمان بن خالد و غیره من کون الطمث حبس فی الرحم رزقاً للطفل و مفهومه انتهاء ذلک بالولادة لا سیما بضمیمة ما ورد من نفی الأحکام عن دم المخاض لأنه لیس نفاساً و لا حیضاً و إنما هو من فتق

ص:37


1- 1) أبواب النفاس ب 3 / 7.
2- 2) أبواب النفاس ب 3 / 8 .
3- 3) أبواب النفاس ب 3 / 9.
4- 4) أبواب النفاس ب 6 / 1.
5- 5) أبواب النفاس ب 7 / 3.
6- 6) أبواب الحیض ب 30 / 14 - 13.

الرحم کما فی روایة زریق (1) الظاهر فی وحدة أحکام الدمین لوحدة طبیعتهما و نظیر ذلک ورد فی صحیح نعیم الصحّاف من نفی القعود و أحکام الحیض عما تراه فی الحبل بعد عشرین یوماً من وقتها و تعلیل ذلک بأنه لیس من الرحم و لا من الطمث» فإنه یقضی بوحدة الطبیعة بین دم الطمث و دم الرحم بحسب طبیعته کما فی النفاس.

و منها: ما فی صحیح زرارة (2) من تنزیل الحائض منزلة النفساء فی القعود مع ان فی صدره قد حدّد قعود النفساء بقدر الحیض إلّا أن فی الذیل عن الحائض قال: مثل ذلک سواء.... تصنع مثل النفساء سواء» و لم یکتف علیه السلام بالتنزیل و التمثیل بل أکره بلفظ التسویة و المقام و إن لم یکن بلحاظ مطلق الأحکام بل بلحاظ القعود و غایة امتداده ثمّ الإتیان بوظائف المستحاضة إلّا أنه یقتضی وحدة طبیعة الدمین حدثاً و طهراً.

و منها: مما یؤکّد ذلک أیضاً ما تقدّم فی أحکام الاستحاضة الکثیرة و المتوسطة من ترتّب أحکام الحائض علیها ما لم تعمل بما علیها من وظائف و هذا یعزّز ترتّب أحکام الحائض علی النفساء لا سیما و أن المستحاضة تخفیف من حدث و خبث کل من الحیض و النفاس، لا سیما أن فی بعض (3)الروایات کموثق زرارة اطلاق انها تستحل بالوظائف ما کان محرماً علیها من

ص:38


1- 1) أبواب الحیض ب 30 / 17.
2- 2) أبواب الاستحاضة ب 1 / 5.
3- 3) أبواب الاستحاضة ب 1 / 12.

دون تقیید ذلک بسبق الحیض.

و منها: اطلاق الشارع علی استمرار دم النفاس انه استحاضة الذی هو استفعال من الحیض و قد مرّ فی فصل الاستحاضة ان بعض اللغویین قیّد دم الاستحاضة ببعد أیام الحیض و أنه مقابل لخروج الدم من کل جدار الرحم الذی یحصل فی کل من الطمث و النفاس ، هذا الاطلاق قاضٍ بوحدة طبیعة الدمین لا سیما بعد حکم الشارع علی حدّ النفاس بقدر حدّ الحیض و أن الحکم بالاستحاضة للزیادة علی ذلک الحدّ المزبور.

و منها: بطلان طلاق النفساء کما فی صحیح (1) الفضلاء مع أن الوارد فی عمومات الطلاق بطلانه علی غیر طهر، مما یؤکّد وحدة الخبثین و الحدث المسبب عنهما.

و منها: حکم الصیام فی الخبثین ففی مکاتبة علی بن مهزیار قال: کتبت إلیه امرأة طهرت من حیضها أو دم نفاسها فی أوّل یوم من شهر رمضان ثمّ استحاضت... فکتب علیه السلام : «تقضی صومها و لا تقضی صلاتها» الحدیث (2)فإن المقابلة بین الطهر و الدمین و کذلک المقابلة بینهما و بین الاستحاضة ثمّ ترتیب الحکم بعد توحید الضمیر، ظاهر فی وحدة طبیعة الدمین فی الخبثیة و الحدثیة و الأحکام المترتّبة و لا یخفی ظهور ارتکاز الوحدة لدی الرواة فی أسئلتهم و تقریر ذلک فی الروایات المتعدّدة مثل ما یظهر ذلک فی

ص:39


1- 1) أبواب شرائط الطلاق ب 8 / 5.
2- 2) أبواب الحیض ب 41 / 7.

فی وجوب الغسل(1) بعد الانقطاع أو بعد العادة أو العشرة فی غیر ذات العادة وجوب قضاء الصوم(2) دون الصلاة و عدم جواز وطئها(3)

موثّق (1) حفص عنه علیه السلام أن النفساء بعد قعودها تغتسل و إن استمرّ الدم و تصلّی و یأتیها زوجها و تصوم و هی مستحاضة.

و منها: التعبیر عن کلا الدمین برؤیة المرأة للدم کما فی موثق (2) عبد اللّه بن بکیر أو المرأة تحرم علیها الصلاة ثمّ تطهر کما فی صحیح (3) ابن یسار و نظیره فی صحیح (4) أبان بن تغلب أن المرأة تقضی صومها و لا تقضی صلاتها.

کما ورد ذلک فی جلّ روایات الباب.

کما تقدّم فی مکاتبة علی بن مهزیار و کذلک صحیح (5) ابن الحجاج و کذلک موثق (6) حفص بن غیاث و صحیح (7) أبان بن تغلب.

کما فی مصحح مالک بن أعین (8) و موثق حفص (9) و ابن بکیر (10)

ص:40


1- 1) أبواب النفاس ب 3 / 17.
2- 2) أبواب النفاس ب 7 / 2.
3- 3) أبواب النفاس ب 7 / 3.
4- 4) أبواب الحیض ب 41 / 1.
5- 5) أبواب من یصح الصوم ب 26 / 1.
6- 6) أبواب النفاس ب 3 / 17.
7- 7) أبواب الحیض ب 41 / 1.
8- 8) أبواب النفاس ب 3 / 4.
9- 9) أبواب النفاس ب 3 / 17.
10- 10) أبواب النفاس ب 7 / 2.

و طلاقها و مسّ کتابة القرآن و اسم اللّه(1) و قراءة آیات السجدة(2) و دخول المساجد و المکث فیها(3) و کذا فی کراهة الوطء بعد الانقطاع و قبل الغسل(4) و کذا فی کراهة الخضاب و قراءة القرآن و نحو ذلک(5)، و کذا فی استحباب الوضوء فی أوقات الصلوات و الجلوس فی المصلّی

و صحیح بن یسار (1).

لحرمة المسّ علی المحدث و لو بالأصغر کما مرّ فی الوضوء.

بعموم وحدة الدمین خبثاً و حدثاً و ما قد یظهر من أدلّة کراهة قراءتها القرآن.

کما فی موثق عبد الرحمن بن أعین (2) بالتقریب المتقدّم فی المستحاضة.

کما هو مقتضی الجمع بین صحیح ابن یسار و بقیة الروایات التی تقدّمت الإشارة إلیها.

أما قراءة القرآن فیومی إلیه وحدة السیاق فی صحیح زید الشحام عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «تقرأ الحائض القرآن و النفساء و الجنب أیضاً» (3)حیث آنها و إن دلّت علی الجواز إلّا أن سیاقها مع الحائض الجنب شاهد علی

ص:41


1- 1) أبواب النفاس ب 7 / 3.
2- 2) أبواب النفاس ب 3 / 9.
3- 3) أبواب الجنابة ب 19 / 1.

وجود الحزازة الموهمة للحرمة و أن قوله علیه السلام فی صدد دفع ذلک و یؤکّد ذلک و الاشتغال بذکر اللّه بقدر الصلاة(1). و ألحقها بعضهم بالحائض فی وجوب الکفارة(2) إذا وطئها و هو أحوط. لکن الأقوی عدمه.

مسألة 11:کیفیة غسلها کغسل الجنابة إلّا أنه لا یغنی عن الوضوء

(مسألة 11): کیفیة غسلها کغسل الجنابة إلّا أنه لا یغنی عن الوضوء بل یجب قبله أو بعده کسائر الأغسال(3).

ما فی صحیح الحلبی (1) فی سؤال السائل حیث أورد الثلاثة و ضمّ إلیها حال التغوط مع ان الکراهة فی کل تلک الموارد مفروضة، و أما الخضاب فهو و إن ورد ما یدلّ علی نفی الکراهة إلّا أنه یحتمل حمله علی تخفیفها کما ورد نظیر ذلک فی الجنب و الحائض، هذا بعد استظهار حزازة الحدث الأکبر له.

و یمکن الاستدلال له مضافاً إلی وحدة الدمین طبیعة و حکماً -بما یظهر من مقابلة عدم قضاء الحائض لقیامها بذلک أوقات الصلاة أیام الطمث کما فی صحیح الحلبی (2) و ما مرّ الإشارة إلیه من وحدة الدمین فی قضاء صومها دون الصلاة کما فی صحیح أبان (3).

و استدلّ له بعموم الوحدة بین الدمین مضافاً إلی خصوص موثق ابن بکیر و صحیح ابن یسار (4) الدالان علی وحدة الدمین فی حرمة الوطء و بالتالی وحدة الحرمة التی هی موضوع الکفارة.

بمقتضی حمل العنوان الواحد المتکرّر فی الأبواب علی الماهیة

ص:42


1- 1) أبواب الجنابة ب 19 / 6.
2- 2) أبواب الحیض ب 40 / 1.
3- 3) أبواب الحیض ب 41 / 1.
4- 4) أبواب النفاس ب 7 / 2 -3.

فی أحکام الأموات

فصل فی غسل مسّ المیت

اشارة

فصل

فی غسل مسّ المیت

یجب(1) بمس میت الانسان.

المشروحة فی باب الجنابة و المیت فیعطف استعمال الشارع فی الموارد الاُخری علیه.

حکی علیه الاجماع إلّا أن فی الخلاف أن بعضهم عنده مستحبّ و هو اختیار المرتضی و حکی ذلک عن بعض آخر و حکی عن أکثر العامة القول باستحباب الغسل و کذلک الوضوء عدا ابن حنبل فذهب إلی وجوب الوضوء ثمّ نقل روایتهم ان الغسل من غسل المیت و الوضوء من مسّه و مقتضی روایتهم أن الأوّل موجب للأکبر و الثانی للأصغر.

و وجه الاشکال مع ورود الأمر المتکرّر به فی الروایات هو التعبیر عنه بالسنة و نحو ذلک فی بعضها، و عدم ما یدلّ علی اشتراطه فی الأعمال المشروطة بالطهارة، و من ثمّ استشکل جماعة فی شرطیته لها و انه انما یجب لنفسه نظیر غسل الجمعة و الإحرام، عند من ذهب إلی وجوبهما، إلّا انه یندفع الاشکال الأخیر بافتراق لسان الأمر فی المقام عنه فی الجمعة و الإحرام، حیث أن الأمر هاهنا مترتّب علی سببیة المسّ للمیت المعلّل فی بعض الروایات بخبثیة البدن و حدثیّته -حیث قیّد بالبرودة و قبل غسله -و هو ظاهر فی الحدثیّة لا مجرّد رجحان الطهارة کما فی المثالین. هذا، مضافاً إلی تمثیل هذا الغسل بغسل الجنابة کما فی صحیح محمد بن مسلم و غیره و هو لیس ظاهر

ص:43

بعد برده و قبل غسله(1).

فی التماثل فی أجزاء الغسل فقط بل ظاهر فی حدثیّة الماسّ کالجنب.

و أما التعبیر بالسنّة کما فی روایة الحسن بن عبید قال: کتبت إلی الصادق علیه السلام هل اغتسل أمیر المؤمنین علیه السلام حین غسّل رسول اللّه صلی الله علیه و آله عند موته؟ فأجابه: النبی صلی الله علیه و آله «طاهر مطهّر لکن أمیر المؤمنین فعل و جرت به السنّة» (1).

فالمراد به التشریع الحاصل من فعل المعصوم علیه السلام کما ورد نظیر هذا التعبیر من جری السنّة به فی أبواب اخری لا بمعنی الندب، مع أن ذکره لطهارة بدن النبی صلی الله علیه و آله دالّ علی سببیّة بدن غیره مما یکون قذراً للغسل.

و فی روایة عمرو بن خالد عن زید بن علی عن آبائه عن علی علیه السلام قال:

«الغسل من سبعة: من الجنابة و هو واجب و من غسل المیت و إن تطهّرت أجزأک و ذکر غیر ذلک» (2) فمضافاً إلی ان طریقه من الزیدیة ضعیف انه دالّ علی سببیة المسّ للحدث نظیر الجنابة غایة الأمر الاکتفاء بالوضوء بدل الغسل مع ان الذیل مضطرب الدلالة لا جمال (و ذکر غیر ذلک) لاحتمال ارتباطه بالجملة السابقة.

کما دلّت علیه النصوص (3) کصحیح محمد بن مسلم و إسماعیل بن جابر و حریز و غیرها و علی ذلک فیحمل ما دلّ علی الغسل قبل برده أو بعد غسله علی الندب، کما فی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی رجل أمَّ

ص:44


1- 1) أبواب غسل المسّ ب 1 / 7.
2- 2) أبواب غسل المسّ ب 1 / 8 .
3- 3) أبواب غسل المسّ ب 1 / 1 -2 -3 -5 -14 -15 -18.

و المناط برد تمام(1) جسده، فلا یوجب برد بعضه و لو کان هو الممسوس. و المعتبر فی الغسل تمام الأغسال الثلاثة، فلو بقی من الغسل الثالث شیء لا یسقط الغسل بمسّه

قوماً فصلّی بهم رکعة ثمّ مات قال: «یقدّمون رجلاً آخر فیعتدّ بالرکعة و یطرحون المیت خلفهم، و یغتسل من مسّه» (1) حیث ان مسّه فی تلک الحال لا یکون إلّا بحرارته، کما فی مرسل (2) الاحتجاج إلّا أن یکون عموم الذیل فی صحیح الحلبی غیر ناظر إلی المورد بلحاظه و هو ممن مسّه لتأخیره عن صفوف الصلاة فیشکل استفاده الاستحباب، و کما فی موثق عمّار عنه علیه السلام « .... و کل من مسّ میتاً فعلیه الغسل و إن کان المیت قد غسل» (3).

و نظیره فی صحیح سلیمان بن خالد انه سأل أبا عبد اللّه علیه السلام أ یغتسل من غسل المیت قال: «نعم ، قال: فمن أدخله القبر؟ قال: لا ، إنما مسّ الثیاب» (4)و حمل التعلیل علی الإقناع فیشکل استفادة الندب و لو أبقی ظاهره لتمّ التعلیل علی الندب بعد جمعه مع ما دلّ علی نفی الغسل بعد غسل المیت.

و یدلّ علیه أن أعضاء الانسان الحیّ تتفاوت فی الحرارة الغریزیة و البرودة فی العادة لا سیما مع اختلاف حرارة الهواء بحسب فصول السنة، فذلک یشکل قرینة علی الظهور فی (برد) باسناده إلی مجموع البدن لا سیما

ص:45


1- 1) أبواب غسل المسّ ب 1 / 9 .
2- 2) أبواب غسل المسّ ب 3 / 4 -5.
3- 3) المصدر ب 30 / 3.
4- 4) المصدر ب 1 / 10.

و إن کان الممسوس العضو المغسول منه(1) و یکفی فی سقوط الغسل إذا کانت الأغسال کلها بالماء القراح لفقد السدر و الکافور(2)بل الأقوی کفایة التیمّم(3).

و أن الفعل اسند فی جملة من الروایات إلی عنوان (المیت) أو (جسده) و هو ظاهر فی ذلک و کذلک ظاهر ما نفی الغسل بالمسّ عند الموت کصحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال: «مسّ المیت عند موته و عند غسله و القبلة...

لیس بها بأس» (1).

فإن المسّ عند الموت لعضو من أطراف البدن قد یکون بارداً ، و مثله فی الدلالة ما ورد (2) فی تنحیة إمام الجماعة الذی یموت أثناء الصلاة.

لظهور (بعد غسله) فی تمام الغسل إذ به یرتفع الحدث و الخبث عن جسد المیت.

لصدق کون المسّ (بعد غسله) و شمول العنوان المزبور لذلک بعد کون هذا النمط من الغسل مأمور به. و فی القواعد و عن الدروس و الموجز الحاوی عدم الوجوب.

لکونه أحد الطهورین و بدلیته عن الماء فی العمومات و خصوص روایة عمرو بن خالد فی المجذور (3) و أشکل علیه بعدم ارتفاع تمام الحدث و إن حصلت له طهارة ما و من ثمّ یجب غسله لو تجدّدت القدرة علی الماء ،

ص:46


1- 1) أبواب غسل المسّ ب 3 / 1.
2- 2) أبواب غسل المسّ ب 3 / 4 - 5.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 16 / 3.

أو کون الغاسل هو الکافر بأمر المسلم لفقد المماثل(1)، لکن الأحوط عدم الاکتفاء بهما و لا فرق فی المیت بین المسلم و الکافر(2) و الکبیر و الصغیر حتی السقط إذا تمّ له أربعة أشهر(3)، بل الأحوط الغسل بمسّه و لو قبل تمام أربعة أشهر أیضاً و إن کان الأقوی عدمه(4).

و یعضده تأتی الکلام بعینه فی نجاسة بدنه مع التیمّم.

بناء علی الأصح من کونه غسلاً عبادیاً ینویه الآمر المسلم و الکافر ما هو إلّا آلة للصبّ لا سیما إذا کان من دون لمس بل و إن کان لمساً بعد تنجّس الماء بکل من بدن المیت و بدن الکافر لکنه لا یضرّ بصدق الغسل بماء طاهر، و عن التحریر و الدروس و الموجز و جامع المقاصد و المسالک و کشف اللثام وجوب الغسل فی هذه الصورة کما فی المیمّم.

لإطلاق الأدلّة و العنوان الوارد فیها و هو (المیت) لا سیما فی الروایات التی لم یذکر فیها تغسیله، مضافاً إلی ما فی معتبرة (1) الفضل من تعلیله علیه السلام لغسل المسّ بقذارة المیت بخروج روحه من بدنه و بقاء أکثر آفته.

لولوج الروح فیه و قد مرّ أن خروجها علّة قذارة المیت التی هی السبب فی غسل المسّ.

و یستدلّ لثبوته بکونه بعض جسد الحیّ و هی الأم قد انفصل عنها لا سیما علی القول بثبوته فی مسّ ما لا تحلّه الحیاة کالأظفر و الشعر القصیر و العظم، فان المصحح للثبوت صدق المسّ للبدن و یتأمّل فیه أن تلک الأجزاء إنما توجب مع اتصالها لا مع انفصالها کما فی الفرض، و انه من موالید بدن

ص:47


1- 1) أبواب غسل المسّ ب 1 / 11.

الحیّ لا من أجزاءه، و استدلّ أیضاً بنجاسته الخبثیة و یتأمّل فیه انها لیست لعنوان میتة الانسان بل هی میتة حیوان لأن الصحیح کما هو لدی علماء الأحیاء و الطبّ وجود الحیاة الحیوانیة بعد نهایة الشهر الأول حیث یصبح الجنین مضغة تتکون من رأس و ذنب یظهر فیها العمود الفقری ملتو و یتکوّن القلب و تبدأ الذراعان و الساقان بالظهور بل فی نهایة الشهر الثالث تظهر الأظافر و الأذنان و یبدأ بالحرکة الخفیفة و تتکون الکلی و تفرز قلیلاً من البول (1).

و أما ما یقال من کون وجه النجاسة هو ما ورد (2) من نجاسة الجیفة و هو صادق علیه ففیه انه إشارة إلی میتة الحیوان الصادق علیه و هو یعضد ما مرّ لا کل عنوان جیفة کالقاذورات النتنة النباتیة و غیرها.

و أما الاستدلال علی النجاسة بما ورد من ذکاة الجنین فی الدوابّ بذکاة أُمّه و میتته بمیتة أُمّه فأشکل علیه بأنه وارد فیما تحلّه الروح و الحیاة لا غیره و فیما کان حیواناً و یردّه ما مرّ من حلول مراتب من الروح الحیوانی فی الجنین قبل الروح الکامل و إذا تقرّر ذلک فی الحیوان فکذلک فی الانسان بلحاظ الحیوانیة.

و هذا الوجه فی النجاسة یعضد ما مرّ من دعوی بعضیة الجنین لبدن الأُمّ. ثمّ أن فی موثّق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: سألته عن السقط إذا استوت خلقته یجب علیه الغسل و اللحد و الکفن؟ قال: «نعم کل ذلک یجب

ص:48


1- 1) نقلاً عن موسوعة العائلة - جماعة من الأخصائیین - ص 138 - 139.
2- 2) أبواب الماء المطلق ب 3.
مسألة 1:فی الماسّ و الممسوس لا فرق بین أن یکون مما تحلّه الحیاة أو لا

(مسألة 1): فی الماسّ و الممسوس لا فرق بین أن یکون مما تحلّه الحیاة أو لا کالعظم و الظفر(1) و کذا لا فرق فیهما بین الباطن و الظاهر(2) نعم المسّ بالشعر لا یوجبه و کذا مسّ الشعر(3).

علیه إذا استوی» (1) إلّا أن فی حسنة زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «السقط إذا تمّ له أربعة أشهر غُسل» (2).

و فی طریق الشیخ إذا سقط لستّة أشهر فهو تامّ. الحدیث. و الأربعة مطابق للروایات المستفیضة فی الدیات و غیرها من أن إنشاء الروح الانسانی بعد تمام الأربعة أشهر.

لإطلاق العناوین الواردة لمسّ بدن المیت أو جسده أو مسّ المیت و غیرها.

للاطلاق المزبور.

و یستدلّ للعدم بکونه ما لا تحلّه الحیاة و قد ورد التعلیل به فی نفی الغسل لمسّ میتة الحیوان، و بعدم صدق الجسد المأخوذ موضوعاً فی بعض الروایات.

و فیه: انه و إن انسبق إلی الذهن کون الجزء الممسوس هو ممّا تحلّه الحیاة لمناسبة ذلک لعنوان الموت المأخوذ فی الموضوع إلّا أن المأخوذ فی لسان الروایات هو عنوان مسّ المیت أو جسده و هو صادق علی الأعمّ.

ص:49


1- 1) أبواب غسل المیت ب 12 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 12 / 4.
مسألة 2:مسّ القطعة المبانة من المیت أو الحیّ إذا اشتملت علی العظم یوجب الغسل

(مسألة 2): مسّ القطعة المبانة من المیت أو الحیّ إذا اشتملت علی العظم یوجب الغسل(1) دون المجرّد عنه.

نظیر ما ورد (1) التعلیل لغسل المسّ بقذارة المیت و تعلیل (2) قذارة المیت بحصول جنابته مع أن غسل المیت نفسه لا یقتصر علی ما تحلّه الحیاة فقط و منه یظهر الحال فیما أخذ عنوان جسد المیت کصحیح (3) الصفار و عاصم بن حمید فإنه مثبت مع ما أخذ عنوان مسّ المیت فلا یخصصه، مع صدق عنوان الجسد علی الشعر المتصل دون ما استطال کما مرّ فی الجنابة و کذا حال التفصیل فی العضو الماسّ.

هو المشهور المدّعی علیه الاجماع فی المیت و کذلک نسب إلی الشهرة فی الحیّ، و عن الصدوق و جماعة من المیت خاصة و عن الاصباح من الحی خاصة و عن المعتبر التوقف فی الحکم مطلقاً و عن جماعة إلحاق العظم المجرّد أیضاً و عن جامع المقاصد إلحاق الظفر أیضاً، و تردّد بعض فی السن من المیت و علّق جماعة من محشی المتن بأن المجرّد من العظم من المیت یوجب الغسل و ألحق بعضهم أیضاً القطعة المبانة من المیت و إن لم تشتمل علی العظم. و لعلّ التعمیم بدعوی صدق مسّ المیت علی ذلک أو لکون الفرض فی الصورتین هو من ضمن مجموع جسد المیت الذی فارقته الروح و هو ما کان مشتملاً علی کل من اللحم و العظم و إن انفصلا عن الآخر لا سیما

ص:50


1- 1) أبواب غسل المسّ ب 1 / 11 - 12.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 1 / 3.
3- 3) أبواب غسل المسّ ب 1 / 5 - 3 و ب 4 / 1.

و أما مس العظم المجرّد ففی إیجابه للغسل اشکال و الأحوط الغسل بمسه خصوصاً إذا لم یمض علیه سنة، کما أن الاحوط فی السن المنفصل من المیت أیضاً الغسل، بخلاف المنفصل من الحی إذا لم یکن معه لحم معتد به، نعم اللحم الجزئی لا اعتناء به.

إذا فسّر الشرط فی الروایة الآتیة لا بمعنی الاقتران حین المسّ بل حین طروّ الموت.

و استدل لذلک بالصحیح إلی أیوب بن عن نوح بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «إذا قطع من الرجل قطعة فهی میتة، فإذا مسّه انسان فکل ما کان فیه عظم فقد وجب علی من یمسّه الغسل فإن لم یکن فیه عظم فلا غسل علیه» (1) و الطریق و إن اشتمل علی إرسال إلّا أن التعبیر ببعض أصحابنا لیس من قبیل (عن رجل) أو (رفعه) بل یفید وصف اختصاص و معرفة لا مجرد کونه إمامیاً مضافاً إلی عمل القدماء به و قد رواه الکلینی أیضاً. و أما الدلالة فالموضوع أخذ فیه عنوان المیتة مع أنه فرض فیه القطع الذی یدلّ علی الموتان، فالقطع کنایة عن ذلک و من ثمّ یظهر أن أخذ العظم فیه بلحاظ بیان حجم الجزء المیت لا فعلیة الاتصال به.

و راویة إسماعیل الجعفی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: سألته عمن یمسّ عظم المیت؟ قال: «إذا جاز سنة فلیس به بأس» (2) و لیس فی الطریق من یتوقف فیه إلّا عبد الوهاب لکن الراوی عنه صفوان. و عن العلامة حمله علی

ص:51


1- 1) أبواب غسل المسّ ب 2 / 1.
2- 2) أبواب غسل المسّ ب 2 / 2.

خلوه عن أجزاء اللحم بمضی سنة، و لا شهادة علیه و اشکل علی الدلالة بان العظم المیت فی بلاد المسلمین محکوم بالغسل.

و فیه: ان ظاهر فرض السؤال عدم تغسیله کما لو حصل العلم بذلک لوجدانه فی البریة و نحوها مما یعلم عدم تجهیزه و یحتمل التقیید بسنة لحصول بلاءه و رمیه فلا یعد مساً للمیت و أنما هو مسّ للرفاة و الرمم و علی أیة تقدیر فتدلّ ان مسّ العظم للمیت فی الجملة فیه بأس و سبب لوجوب الغسل.

و استدلّ أیضاً بما ورد فی تجهیز أبعاض المیت إذا وجدت کموثق إسحاق بن عمار عن الصادق عن أبیه علیه السلام «أن علیّا علیه السلام وجد قطعاً من المیت فجمعت ثمّ صلّی علیها ثمّ دفنت» (1) فإن ظاهرها اجراء أعمال تجهیز المیت علی تلک القطع التی منها الغسل مع کونها منفصلة عن بعضها البعض کما بنی المشهور علی لزوم تغسیل کل قطعة مشتملة علی عظم، و هو یقرب عموم موضوع الحکم فی المقام و هو مسّ بدن المیت الواجب الغسل لأجل قذارته، کما یعضد بأنه لو حصل المسّ لجملة من القطع فانه لا ریب فی تحقق موضوع الحکم، و دعوی أنه مع التعدّد یصدق المسّ المسند إلی جسد المیت بخلاف مسّ قطعة واحدة یدفعها أن الصدق المزبور ان کان بلحاظ مجموع المسّ مع التخلّل، و الانفصال ففردیته غریبة و إن کان بلحاظ صرف الوجود فهو حاصل فی مسّ القطعة الواحدة، هذا فضلاً عن بقیة الصور مما یورث

ص:52


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 38 / 2.
مسألة 3:إذا شک فی تحقّق المسّ و عدمه أو شکّ فی أن الممسوس کان إنساناً أو غیره

(مسألة 3): إذا شک(1) فی تحقّق المسّ و عدمه أو شکّ فی أن الممسوس کان إنساناً أو غیره أو کان میتاً أو حیّاً أو کان قبل برده أو بعده أو فی انه کان شهیداً أم غیره.

الاطمئنان بسعة الموضوع.

و فی صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال: «إذا قتل قتیل و إن وجد عظم بلا لحم فصلِّ علیه» (1) و علی التقریب السابق فیعضد عموم الموضوع لعظم المیت المجرّد.

نعم فی شمول مجموع ما تقدّم للسن و الظفر من المیت تأمّل و إن کان الاحتیاط حسن فضلاً عن الحی.

تعرّض الماتن لعدّة صور:

الاُولی: الشکّ فی أصل المسّ و یکفی فی نفی الموضوع الأصل العدمی، فضلاً عن استصحاب الطهارة من الحدث و هو الأصل الحکمی.

الثانیة: انه انسان أو غیره و یأتی فیه ما سبق و لا یلزم تنقیح الإبهام فی الممسوس و إن کان الأصل العدمی الأزلی یفید ذلک، ثمّ لو فرض کون الحالة السابقة هی الحدث الأصغر لاستصحب بقاءه مع البراءة من الأکبر من دون معارض.

الثالثة و الرابعة: بین کون الممسوس میتاً أو حیّاً أو کون المسّ قبل برده أو بعده سواء فرضا مجهولی التاریخ أو أحدهما معلوم التاریخ فإنه الجاری فی المجهول التاریخ لا یفید إلّا نفی الموضوع و أما إثباته لما هو لازم

ص:53


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 38 / 2.

الموضوع فیکون مثبتاً، مضافاً إلی الأصل الحکمی بتقریبیه فی الصورة السابقة.

الخامسة: أنه کان شهیداً أم غیره و هو مبنی علی عدم وجوب الغسل بمسّ الشهید کما ذهب إلیه جملة من المتأخرین و متأخریهم و ألحق به من اغتسل قبل قتله بالحدّ و عن کشف اللثام المیل إلی عدم السقوط و احتمال عدم طهارة الشهید، و استدل لذلک بما ورد (1) فی الشهید من سقوط غسله و تکفینه بثیابه بدمه مما یدلّ علی طهارته لأن تغسیل المیت و غسل المسّ معلّل (2) بنجاسة المیت الخبثیة و الحدثیة و کما هو مقتضی تقیید المسّ بقبل تغسیل المیت. و النقض علی ذلک بمس المعصوم علیه السلام مع انه طاهر مطهّر إلّا ان مسّه یوجب الغسل کما فی روایة الحسن بن عبید (3) مدفوع بأنه معلّل فی المعصوم علیه السلام باجراء السنة بل إن ظاهر الروایة المزبورة کما تقدّمت الاشارة إلی ذلک هو تلازم غسل المسّ مع تغسیل المیت فمع سقوط الغسل للمیت یسقط غسل المسّ.

ثمّ انه مقتضی الشک بین الشهید و غیره هو أصالة عدم عنوان الشهید أی عدم استناد الموت إلی الشهادة و لو بنحو العدم الأزلی و هو أصل موضوعی مقدّم علی الاُصول الحکمیة الاُخری.

هذا و الماتن ذکر فی غسل المیت عند الشکّ فی شهادته أن الأقوی

ص:54


1- 1) أبواب غسل المیت ب 14.
2- 2) أبواب غسل المسّ ب 1 / 11 - 12.
3- 3) أبواب غسل المسّ ب 1 / 7.

أو کان الممسوس بدنه أو لباسه أو کان شعره أو بدنه(1) ، لا یجب الغسل فی شیء من هذه الصور. نعم إذا علم بالمسّ و شکّ فی أنه کان بعد الغسل أو قبله وجب الغسل(2).

سقوط تغسیله و لکنه قیّد مورد الشک بالذی وُجد فی أرض المعرکة و هو مورد الشک فی العادة و لعل مراده فی الفرض، و هی إمارة موجبة للاطمینان مع فرض وجود الجراحات و آثار القتال.

و التقریب فی الأصل هو ما مرّ و فرض الشعر بلحاظ ما استطال منه حیث لا یعد مسّاً للبدن.

و الشک تارة فی تقدّم و تأخّر کل منهما مع العلم بتاریخ أحدهما و الجهل بالآخر، و اخری مع الجهل بتاریخ کل منهما و ثالثة مع الشک فی أصل وقوع التغسیل للمیت، و لا بدّ من تحریر الموضوع فی الأدلة و مما یتألف، و مقتضی المطلقات أخذ مطلق المس خرج منه المس بعد الغسل أی المیت المغسول، فیبقی المیت غیر المغسول أی قبل الغسل و عنوان (بعد الغسل) أو (قبل الغسل) لیس وصفاً للمس کما هو ظاهر بل لبدن المیت و من البین عدم ارادة الوصف الوجودی و هو وصف تعقب الغسل شرط للبدن الممسوس بل المراد ما مرّ من عدم غسله و بقاء حدثیته و خبثیته، فعلی ذلک یکون للموضوع جزءین أحدهما المس و الآخر کون المیت غیر مغسول و لیس عدم الغسل وصفاً نعتیاً عدمیاً للمس لأن الغسل و عدمه حال و وصف لبدن المیت کما أن المس حالة طارئة علی البدن فکل منهما وصفان للبدن فی عرض واحد لا طولیة بینهما کی یکون أحدهما عارض و وصف للآخر، فعلی ذلک یکون

ص:55

الموضوع ترکیبیاً لا تقییدیاً نعتیاً. و إذا تقرر ذلک:

فأما الصورة الاُولی: و هو ما إذا علم تاریخ المس و جهل تاریخ غسل المیت فیجری الأصل العدمی فی غسل المیت دون معلوم التاریخ و هو المس، فیحرر بذلک موضوع وجوب غسل المس.

و أما الصورة الثانیة: و هو ما إذا علم تاریخ غسل المیت و جهل تاریخ مسه فیجری الأصل العدمی فی المس دون غسل المیت فینفی بذلک موضوع وجوب غسل المس، و قد یقال ان أصالة عدم المس إلی حین غسل المیت لا جریان لها لعدم ترتب الأثر علی المس المزبور بل الأثر مترتب علی المس المنعوت بعدم غسل المیت (1).

و فیه: أولاً: ما مرّ من أن عدم غسل المیت لیس نعتاً للمس بل نعتاً لبدن المیت و الموضوع للأثر ترکیبی من جزءین من المس للبدن و عدم غسل البدن و نفی أحد الجزءین یوجب نفی الموضوع.

و ثانیاً: ان أصالة عدم تغسیل المیت غیر جاریة لعدم جریان الأصل فی معلوم التاریخ هذا لو ارید جریان الأصل فی غسل المیت فی نفسه بناءً علی ما هو الأصح من ترکیبیة الموضوع و أما علی دعوی النعتیة فیقرر الأصل العدمی الأزلی فی نعت المس لکن عرفت وهنها.

و أما الصورة الثالثة: و هی ما إذا جهل تاریخ کل منهما فالأصل العدمی جاری فی کل منهما فیتعارضان و یتساقطان و تصل النوبة إلی الاُصول الحکمیة

ص:56


1- 1) تنقیح العروة ج 8 / 233 ط. قم.

و علی هذا یشکل مس العظام المجردة المعلوم کونها من الانسان فی المقابر أو غیرها نعم لو کانت المقبرة للمسلمین یمکن الحمل علی أنها مغسلة(1).

مسألة 4:إذا کان هناک قطعتان یعلم اجمالاً أن إحداهما من میت الانسان

(مسألة 4): إذا کان هناک قطعتان یعلم اجمالاً أن إحداهما من میت الانسان فإن مسهما معاً وجب علیه الغسل، و إن مس أحدهما ففی وجوبه اشکال(2) و الأحوط الغسل.

مسألة 5:لا فرق بین کون المس اختیاریاً أو اضطراریاً فی الیقظة أو فی النوم

(مسألة 5): لا فرق(3) بین کون المس اختیاریاً أو اضطراریاً فی الیقظة أو فی النوم

المقتضیة لعدم وجوب غسل المس کما مرّ.

و أما الصورة الرابعة: و هی الشک فی أصل غسل المیت فالأصل العدمی یقتضی عدمه و یحرز بذلک موضوع وجوب غسل المس.

أما الموجودة فی المقابر للمسلمین فالسیرة قائمة علی البناء علی الصحة بمعنی وقوع الغسل و بقیة أحکام تجهیز المیت حتی فیما لو کان الشک قبل دفنه مع مباشرة الآخرین لذلک، و کذلک الحال فیما علم أنه من قبر فی أرض المسلمین و إن لم یکن فی مقبرتهم، و أما فی غیر ذلک کما لو وجد فی أرض بریة أو غیر ذلک فالحکم ما مرّ فی الشک.

مرّ فی أبحاث الماء المشکوک ان ملاقی اطراف الشبهة المحصورة للعلم الاجمالی لا یتنجّز بالعلم المزبور فتجری فیه الاُصول المفرغة السابقة بلا معارض، و سواء کان المس بعد العلم الاجمالی أو قبله.

وجه الإطلاق فی الأدلة هو التعبیر عن الموضوع بلفظ الأسباب

ص:57

کان الماس صغیراً أو مجنوناً أو کبیراً عاقلاً فیجب علی الصغیر الغسل بعد البلوغ و الأقوی صحته قبله إذا کان ممیزاً(1) ، و علی المجنون بعد الافاقة.

مسألة 6): فی وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من الحی لا

فرق بین أن یکون الماس نفسه أو غیره]

(مسألة 6): فی وجوب الغسل بمس القطعة المبانة من الحی لا فرق بین أن یکون الماس نفسه أو غیره(2).

مسألة 7:ذکر بعضهم أن فی إیجاب مس القطعة المبانة من الحی للغسل الخارجیة

(مسألة 7): ذکر بعضهم أن فی إیجاب مس القطعة المبانة من الحی للغسل

الخارجیة کما فی مکاتبة الصفار، فوقّع علیه السلام «إذا أصاب یدک جسد المیت» (1).

و منه: یظهر الاطلاق فی التعبیر الآخر مثل ما فی صحیح محمد بن مسلم (اذا مسه بعد ما یبرد فلیغتسل) (2)، فیکون التعبیر الوارد فی المقام نظیره فی باب الجنابة إذا التقی الختانان فقد وجب الغسل.

لمشروعیة عبادته بالعمومات الأولیة و غایة ما دلّ علیه مثل عمد الصبی خطاء أو کتابة السیئات أو رفع القلم هو رفع الفعلیة التامة لا أصل الفعلیة للتکالیف و المشروعیة.

و بعض ما تقدّم فی نجاسة القطعة و إن اختص بالمیت و لکنه داعم للمرسل فی المبانة من الحیّ، و حیث کان الموتان هو الموجب للحدث فی الماس فالتفرقة بین المقطوعة منه نفسه أو غیره فی ذلک لا وجه لها مع وحدة المفاد.

ص:58


1- 1) أبواب غسل المس ب 1 / 5.
2- 2) أبواب غسل المس ب 1 / 1.

لا فرق بین أن یکون قبل بردها أو بعده. و هو أحوط(1).

مسألة 8:فی وجوب الغسل إذا خرج من المرأة طفل میت بمجرد مماسته لفرجها اشکال

(مسألة 8): فی وجوب الغسل إذا خرج من المرأة طفل میت بمجرد مماسته لفرجها اشکال. و کذا فی العکس بأن تولد الطفل من المرأة المیتة؟ فالأحوط غسلها فی الأول و غسله بعد البلوغ فی الثانی(2).

مسألة 9:مس فضلات المیت من الوسخ و العرق و الدم و نحوها لا یوجب الغسل

(مسألة 9): مس فضلات المیت من الوسخ و العرق و الدم و نحوها لا یوجب الغسل و إن کان أحوط(3).

بدعوی الاطلاق فی مرسلة أیوب بن نوح و لکنه محل تأمّل لأن غایة مفادها إدراج القطعة ببدن المیت فی إیجاب مسه للغسل و من شرائط ذلک البرودة.

و الفرق فی شمول الاطلاق بین الشق الأول و الثانی بقصوره فی الأول دون الثانی کما تری، کما أن الفرق فی شموله بین فرض المقام و المسائل السابقة بدعوی قصوره فی المقام دون ما سبق کما تری أیضاً لا سیما، بعد البناء علی عموم المس للباطن أو بالباطن فضلاً عن الفرج کما سیأتی فی مسألة الجماع مع المیتة أنه من مصادیق المس و من ثمّ استدل به ثمة فی الجنابة علی إیجابه لها و أنه التقاء للختانین.

و دعوی القطع بان الحامل قبل ولادة الطفل المیت لا یبنی علی کونها محدثة لا سیما مع استمرار ذلک أیاماً، لا دلیل علیها غایة الأمر هی من مستمرة الحدث.

إذا کانت منفصلة عن بدنه و أما مع کونها علیه فمسها مس للمیت

ص:59

مسألة 10:الجماع مع المیتة بعد البرد یوجب الغسل

(مسألة 10): الجماع مع المیتة بعد البرد یوجب الغسل و یتداخل مع الجنابة(1).

مسألة 11:مس المقتول بقصاص أو حد إذا اغتسل قبل القتل غسل المیت لا یوجب الغسل

(مسألة 11): مس المقتول بقصاص أو حد إذا اغتسل قبل القتل غسل المیت لا یوجب الغسل(2).

مسألة 12:مس سرة الطفل بعد قطعها لا یوجب الغسل

(مسألة 12): مس سرة الطفل بعد قطعها لا یوجب الغسل(3).

مسألة 13:إذا یبس عضو من أعضاء الحی و خرج منه الروح بالمرة مسه ما دام متصلاً ببدنه لا یوجب الغسل

(مسألة 13): إذا یبس عضو من أعضاء الحی و خرج منه الروح بالمرة مسه ما دام متصلاً ببدنه لا یوجب الغسل و کذا إذا قطع عضو منه و اتصل ببدنه بجلدة مثلاً. نعم بعد الانفصال إذا مسه وجب الغسل بشرط أن یکون مشتملاً علی العظم(4).

مسألة 14:مس المیت ینقض الوضوء فیجب الوضوء مع غسله

(مسألة 14): مس المیت ینقض الوضوء فیجب الوضوء مع غسله(5).

نفسه.

قد تقدّم ان الالتقاء بالفرج یصدق علیه المس کما انه التقاء للختانین الموجب للجنابة الذی تقدّم فی مبحث غسل الجنابة.

قد تقدم فی (مسألة 3) وجه ذلک مما ورد من أمره بالغسل غسل المیت قبل إقامة الحدّ أو القصاص.

بعد عدم اشتمالها علی العظم لا حین طروّ الموت علیها و لا حین المس.

ما دام الاتصال بنحو یلحقه بالبدن لا بنحو تعد کالمعلقة المدلاة.

بناء علی انه حدث فیکون ناقضاً للوضوء لما مرّ فی بحث الوضوء

ص:60

مسألة 15:کیفیة غسل المیت مثل غسل الجنابة إلّا انه یفتقر إلی الوضوء أیضاً

(مسألة 15): کیفیة غسل المیت مثل غسل الجنابة إلّا انه یفتقر إلی الوضوء أیضاً(1).

مسألة 16:یجب هذا الغسل لکل واجب مشروط بالطهارة

(مسألة 16): یجب هذا الغسل لکل واجب مشروط بالطهارة من الحدث الأصغر و یشترط فیما یشترط فیه الطهارة(2).

کما فی صحیح إسحاق بن عبد اللّه الأشعری عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «لا ینقض الوضوء إلّا حدث، و النوم حدث» (1) و غیرها من الروایات التی أشرنا إلی دلالتها علی کبری ناقضیة کل حدث للوضوء. فلا ینحصر بالأمثلة المذکورة فی النواقض بل بکل ما ثبت حدثتیه سواء کان أکبر أم أصغر.

و أما إیجاب المس للوضوء فیبتنی علی عدم کفایة الغسل عن الوضوء و قد مرّ فی غسل الجنابة و الحیض کفایة کل غسل عن الوضوء.

کما فی صحیح محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «من غسل میتاً و کفّنه اغتسل غسل الجنابة» (2).

مضافاً إلی انصراف إطلاق العنوان للمرکبات فی الأبواب إلی ما بیّنه الشارع فی باب منها.

کما نسب فی مفتاح الکرامة ذلک إلی المشهور انه حدث أصغر و عن الشرائع و المعتبر و التذکرة وجوبه لما یجب له الوضوء و لاستباحة دخول المساجد و قراءة العزائم و کذا عن الوسیلة و استظهر من عبارة المبسوط و المقنعة و عن مصابیح الظلام انه المشهور لکن عن السرائر جواز

ص:61


1- 1) أبواب نواقض الوضوء ب 3 / 4.
2- 2) أبواب غسل المس ب 1 / 6.

دخوله المساجد و کذا عن الدروس و البیان و جامع المقاصد و فوائد الشرائع و حاشیة الفاضل المیسی و المسالک و روض الجنان و مجمع البرهان و عن الأخیرین قراءة العزائم و الصوم أیضاً و کذا الذکری.

و عن المدارک احتمال وجوبه لنفسه کما احتمل ذلک أیضاً بعض محشی المتن.

و الذی یدلّ علی سببیته للحدث امور:

منها: ما فی معتبرة الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام قال: «انما امر من یغسل المیت بالغسل لعلّة الطهارة مما أصابه من نضح المیت لأن المیت إذا خرج منه الروح بقی منه أکثر آفته» (1).

و مثله معتبرة محمد بن سنان و فیها: «لأن المیت إذا خرج الروح منه بقی أکثر آفته فلذلک یتطهّر منه و یطهر» (2) و الموازاة بین الطهارتین ظاهر فی کون الحدث فی المیت و الماس علی درجة واحدة بضمیمة ما ورد فی سبب غسل المیت انه یجنب، فیومئ ذلک بأن الغسل من المس هو من الحدث الأکبر و ان وجه الأمر بالغسل هو لتحصیل الطهارة المشروطة فی جملة من الأعمال.

حیث دلّتا علی حصول ما یقابل الطهارة من المس، و نظیره الاستظهار من عنوان الغسل المأمور به عقب المس الذی هو سبب للقذارة فی ارتکاز المتشرعة، و نظیره مفهوم ما دلّ علی عدم سببیة المس إذا حصل بعد غسل

ص:62


1- 1) أبواب غسل المس ب 1 / 11.
2- 2) أبواب غسل المس ب 1 / 12.

المیت، و الحاصل ان الطهارة المأمور بها من الأمر بالغسل ظاهرة فی ما یقابل الحدث الأکبر لا الأصغر الذی یحصل رفعه بالوضوء.

و منها: ما فی صحیح محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «من غسّل میتاً و کفّنه اغتسل غسل الجنابة» (1) و التنزیل و التشبیه و إن کان بلحاظ هیئة و کیفیة الغسل إلّا أنها لا تخلو من إیماء إلی تنزیل المس منزلة الجنابة.

و منها: ما رواه الشیخ فی الغیبة (2) بسند صحیح من التوقیع من الناحیة المقدسة مما خرج عن صاحب الزمان علیه السلام إلی محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحمیری حیث کتب إلیه، روی لنا عن العالم علیه السلام انه سئل عن إمام قوم صلّی بهم بعض صلاتهم و حدثت علیه حادثة، کیف یعمل من خلفه؟ فقال: یؤخّر، و یتقدم بعضهم، و یتم صلاتهم ، و یغتسل من مسه؟ التوقیع: لیس علی من نحّاه إلّا غسل الید، و إذا لم تحدث حادثة تقطع الصلاة تمّم صلاته مع القوم (3)و نظیره التوقیع الآخر إلّا أن فیه تفصیل بین مسه بحرارته و بین من مسه و قد برد».

و الروایة المرویة عن العالم علیه السلام و التوقیع کلیهما فیه تقریر کون المس للمیت و قد برد یبطل الصلاة و لا بدّ فی أدائها للماس من الغسل ، و یدعم هذا الظهور أن فی کلا الفرضین الحرارة و البرودة لبدن المیت لا بدّ للماس من

ص:63


1- 1) أبواب غسل المس ب 1 / 6.
2- 2) أبواب غسل المس ب 3 / 4 - 5.
3- 3) الغیبة للطوسی / 230.
مسألة 17:یجوز للماس قبل الغسل دخول المساجد و المشاهد و المکث فیها

(مسألة 17): یجوز للماس(1) قبل الغسل دخول المساجد و المشاهد و المکث فیها و قراءة العزائم و وطؤها ان کانت امرأة، فحال المس حال الحدث الأصغر إلّا فی إیجاب الغسل للصلاة و نحوها.

غسل یده للصلاة من الخبث مما یقضی ان غسل الماس عند البرودة المیت هو للصلاة أیضاً.

و بهذا التقریب یظهر دلالة صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام «فی رجل أمّ قوماً فصلّی بهم رکعة ثمّ مات قال: یقدمون رجلاً آخر فیعتد بالرکعة و یطرحون المیت خلفهم و یغتسل من مسه» (1) فان التفصیل بین من مسه و بقیة المأمومین المصلّین ظاهر فی بطلان صلاة الماس و لزوم اغتساله للصلاة المحمول علی مسه بعد ما یبرد. فتحصل مما مرّ من الشواهد حدثیة المس و ان الغسل منه مشروط فیما اشترط فیه الطهارة، و أن الأقوی کونه حدثاً أکبر کما فی بقیة الأحداث الکبری التی لا ترتفع بالوضوء إلّا بالغسل ، لکن یبقی الکلام فی ترتب آثار الأحداث الکبری الاُخری علیه.

مرّ حکایة الحرمة عن جماعة من المتقدمین و المتأخرین کالفاضلین و غیرهما، کما تقدم تقریب کون المس یوجب الحدث الأکبر و أما ترتب الآثار علیه فاما الوطی فالظاهر العدم لعدم الدلیل علیه مضافاً إلی أخذ الحدث الخبثی کالحیض و النفاس و الاستحاضة فی موضوع الحرمة بخلاف المرأة الجنب، و أما دخول المساجد و قراءة العزائم فیمکن تقریب ترتب الحرمة بما مرّ فی صحیح محمد بن مسلم من تنزیل المس منزلة الجنابة

ص:64


1- 1) أبواب غسل المس ب 1 / 9.
مسألة 18:الحدث الأصغر و الأکبر فی أثناء هذا الغسل لا یضر بصحته

(مسألة 18): الحدث الأصغر و الأکبر فی أثناء هذا الغسل لا یضر بصحته، نعم لو مسّ فی أثنائه میتاً وجب استئنافه(1).

مسألة 19:تکرار المس لا یوجب تکرار الغسل

(مسألة 19): تکرار المس لا یوجب تکرار الغسل و لو کان المیت متعدداً کسائر الأحداث(2).

مسألة 20:لا فرق فی إیجاب المس للغسل بین أن یکون مع الرطوبة أو لا

(مسألة 20): لا فرق(3) فی إیجاب المس للغسل بین أن یکون مع الرطوبة أو لا، نعم فی إیجابه للنجاسة یشترط أن یکون مع الرطوبة(4)

و کذلک ما مرّ فی معتبرة محمد بن سنان من تقریب وحدة الحدث و الطهارة منه فی المیت و الماس مع أن حدث المیت هو الجنابة کما ورد فی بعض الروایات منه.

تقدم فی مسألة (8 -9 -10) من فصل غسل الجنابة عدم بطلان غسل الجنابة فضلاً عن غیره بصدور الحدث الأصغر فی أثنائه غایة الأمر احتیاج الغسل حینئذ إلی ضم الوضوء و کذلک الحال فی صدور الأحداث الکبری الاُخری أثناء الغسل لرفع أحدها، و هذا بخلاف صدور نفس الحدث الأکبر الذی وقع الغسل لرفعه فانه یبطل رافعیة الغسل له، فلا بدّ من إعادته.

و ذلک لعدم إمکان تکرر المسبب و هو الحدث من الجنس الواحد و من ثمّ تتداخل الأسباب کما هو الحال فی بقیة موارد الحدث الأصغر و الأحداث الکبری الأخری.

للإطلاق.

کما هو المشهور خلافاً للعلّامة فی مطلق المیتة فی بعض کتبه

ص:65

علی الأقوی، و إن کان الأحوط الاجتناب إذا مس مع الیبوسة خصوصاً فی میت الانسان و لا فرق(1) فی النجاسة مع الرطوبة بین أن یکون بعد البرد أو قبله و ظهر من هذا أن مس المیت قد یوجب الغُسل و الغَسل کما إذا کان بعد البرد و قبل الغسل مع الرطوبة، و قد لا یوجب شیئاً کما إذا کان بعد الغسل أو قبل البرد بلا رطوبة، و قد یوجب الغُسل دون الغَسل کما إذا کان بعد البرد و قبل الغُسل بلا رطوبة، و قد یکون بالعکس کما إذا کان قبل البرد مع الرطوبة.

و للشهیدین فی میتة الآدمی استناداً لبعض الاطلاقات و قد تقدم (1) فی فصل النجاسات (مسألة 10) تنقیح الحال فی ذلک و أن الصحیح اشتراط الرطوبة فلاحظ، و احتیاط الماتن لذلک کما فی التوقیعین و غیرهما و قد یؤید باطلاق موضوع المس کما انه قد یعکس فیقید موضوع المس بلا رطوبة.

و هو محل وفاق فی میتة غیر الآدمی و هو مذهب الأکثر فی میتة الآدمی خلافاً للشهید و الکرکی و صاحب المدارک و الحدائق بدعوی التلازم بین غُسل المس و الغسل من النجاسة تمسکاً باطلاق نفی البأس عن المس قبل البرد و قد تقدم (2) فی (مسألة 12) فی فصل النجاسات خصوصیة التوقیعین اللذین رواهما الشیخ فی الغیبة بسند صحیح.

ص:66


1- 1) سند العروة ج 2 / 524.
2- 2) سند العروة 2 / 527.

فصل : فی أحکام الأموات

اشارة

اعلم ان أهم الأمور و أوجب الواجبات(1) التوبة من المعاصی

کتاباً و سنّة و عقلاً کما قال تعالی: «وَ تُوبُوا إِلَی اللّهِ جَمِیعاً أَیُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّکُمْ تُفْلِحُونَ» (1).

و قال تعالی: «یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَی اللّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً» (2)و غیرها من الآیات المتظافرة فی ذلک و وقع الکلام فی وجوبها شرعاً أم أن وجوبها عقلی و ان الأمر بها فی لسان الشرع إرشادی نظیر ما وقع فی وجوب الطاعة.

و لعل الأهم من ذلک البحث فی ارتباط التوبة بالطاعة مع بحث التجری و الموافقة الالتزامیة و کذلک مع انکار المنکر القلبی و مع قاعدة (من رضی بفعل قوم اشرک فیه)، فان کل تلک الأفعال جانحیة مرتبطة بالفعل الجارحی المأمور به أو المنهی عنه.

کما أن التردید فی حکم التوبة -بین کونه جبلیاً فطریاً أو عقلیاً أو شرعیاً، باعتبار أن التوبة وقایة من الضرر و العقوبة فیکون الحکم من قبیل الأول لیس علی ما ینبغی تنقیحه، و ذلک لأنه لا تنافی بین کونه من الأقسام الثلاثة معاً فإن قوام الحکم الشرعی هو بمولویة الارادة الشرعیة و محرکیتها للعبد و لو بتوسط الضرر الاُخروی و هو العقوبة أو المثوبة، و لیس قوام الحکم

ص:67


1- 1) النور / 31.
2- 2) التحریم / 8 .

الشرعی بالاعتبار و الانشاء، و من ثمّ یعلم أن إدراکات حکم العقل لما هو حسن عند الشارع أو قبیح هو ادراک للحکم الشرعی لکونه ادراکاً للإرادة المولویة مع ترتب الثواب أو العقاب علیها الذی هو التحسین عند الشارع و التقبیح عنده الکاشف و المطابق له الحسن و القبح العقلی، و کذلک لا ینافی ذلک دعوة الجبلة و الفطرة إلیه، و انما الکلام هو فی کون الارادة المولویة المتعلقة بالتوبة هی إرادة أصلیة أم تبعیة بتبع إرادة الواجبات و التکالیف الاُخری، کما قیل ذلک فی الطاعة، و تحریر ذلک متوقف علی ما تقدمت الاشارة إلیه من ارتباط التوبة بکل من الطاعة و التجری و الموافقة الالتزامیة و إنکار المنکر قلباً و الرضا بفعل قوم یشرک الراضی معهم فیه.

و یقرب ارتباطها مع جملة من تلک الأفعال، أن الندم کما سیأتی مأخوذ فیها إما بنحو السبب أو الجزء، کما أنها لإزالة الطغیان و التعدی الحاصل من العبد علی ساحة المولی، و من ثمّ هی رجوع إلی حالة التسلیم من العبد للمولی و الانقیاد له، و أن الإقامة و الرضا بما صدر من المعصیة هی استمرار للتجری و العصیان و إقامة علی المنکر قلباً ، کما أن الأفعال المشار إلیها تقتضی مرتبة من الطاعة الجانحیة مغایرة لمرتبة الطاعة الجوارحیة و تقریرها تلک المرتبة من الطاعة فی کل الواجبات و التکالیف لا یعنی کون کل التکالیف قربیة قصدیة بل هی تقرر ان للعمل و الاطاعة مرتبة هی النیة و الفعل الجانحی فی مقام النفس کما یشیر إلیه ذلک الحدیث المتواتر انما الأعمال بالنیات ونیة المؤمن خیر من عمله ونیة الکافر شرّ من عمله، فالفعل الجانحی أشد وطأة

ص:68

فی عنوان الطاعة و المعصیة من الفعل الجارحی و مرتبة مغایرة لمرتبة الفعل الجارحی، و هذه المرتبة من الفعل لیست بمعنی کون الداعی قربیاً خالصاً من الدواعی الاُخری الضمائم أو المستقلة فی التأثیر کما هو الحال فی نیة الأفعال العبادیة، بل بمعنی أن الطاعة فی الأفعال الواجبة التوصلیة أو المحرمة التوصلیة -لها مرتبة جانحیة هی طوعانیة فی إرادة العبد و هواه و التزامه قبال إرادات المولی، و هذه المرتبة لا تتصرم و لا تنقضی بسرعة الأفعال الجارحیة بل هی مستمرة ممتدة ما بقی الالتفات و لو فی الحافظة النفسیة، کما ان هناک فارقاً ثالثاً عن الفعل الجارحی و هی أن هذه المرتبة من الطاعة النفسانیة لا تختص بالتکالیف المخاطب بها المکلف علی صعید الفعل الجارحی، بل تعم إرادات المولی تجاه أفعال الآخرین مما یعلم مبغوضیتها لدی الشارع علی کل حال أو محبوبیتها لدی الشارع کذلک.

فتبین أن التوبة فی مقابل التجری حدوثاً و بقاءً و کذلک الموافقة الالتزامیة و انکار المنکر قلباً و الرضا بفعل قوم یشرک معهم، هی مرتبة من الطاعة و المعصیة للتکالیف المولویة علی صعید الفعل الجانحی و إن ما أقیم من أدلة فی تلک العناوین علی حکم کل منها تصبّ فی اثبات هذه المرتبة من الطاعة و الموافقة و من المعصیة، کالأدلة التی أقاموها علی قبح و حرمة التجری العقلیة و النقلیة (1) و أدلة (2) وجوب انکار المنکر قلباً و الروایات

ص:69


1- 1) أبواب مقدمات العبادات.
2- 2) أبواب مقدمات العبادات.

المستفیضة الدالة علی أن من رضی بعمل قوم أشرک معهم.

و علی ذلک فتمتد الطاعة و المعصیة للتکالیف بحسب الفعل الجانحی النفسانی بأزید من مدة الفعل الجارحی و بأزید من مدة موضوع الحکم، و أن ما یقال من انتهاء أمد و عمر الحکم بزوال موضوعه إنما یصح بلحاظ الفعل الجارحی و الطاعة و المعصیة بالأعضاء البدنیة و أما بلحاظ الفعل الجانحی و الطاعة و المعصیة فی مرتبة الفعل النفسانی فأمد و مدة الحکم باقیة بعد زوال الموضوع و لأجل تغایر نوعیة المرتبتین من الطاعة و المعصیة سمیت المرتبة النفسانیة باسم التوبة تارة و أخری التجری و ثالثة الانکار القلبی و رابعة الرضا بفعل قوم و نحوها و غیرها من العناوین.

و من ذلک یتبین أن التوبة و الطاعة و الموافقة الالتزامیة و التجری و انکار المنکر قلباً و الرضا بفعل قوم و غیرها من العناوین لیست محکومة بحکم مولوی وراء الحکم المولوی لتلک الأفعال الجارحیة بل هو محکومة بنفس حکمها إلّا أنها مرتبة أخری من امتثالها و مخالفتها و لا أنها محکومة بحکم العقل التابع لحکم الشرع فقط کما قیل ذلک فی حکم الطاعة فی الفعل الجارحی فإن الحکم المولوی لیس متعلقه فی مقام الانشاء بالصور الذهنیة بما هی هی و لا عناوین الأفعال کذلک بل بما هی آلة للحاظ الفعل الخارجی، فهو محط الحکم و إن کان الفعل الخارجی موجباً لسقوط الحکم من حیثیة الاسم المصدری و لکنه متعلق له من حیثیة الإیجاد، و کذلک الحال بالنسبة إلی مرتبة الطاعة علی صعید الفعل النفسانی.

ص:70

ثمّ إن الحکم العقلی التابع لحکم الشرع یتعلق بنفس ما تعلق به حکم الشرع من دون أیة تنافی بل التفکیک فی المتعلق خلف التبعیة فکل ما حکم به الشرع حکم به العقل کما هو الحال فی الملازمة فی کل ما حکم به العقل حکم به الشرع، و ان کان مرادهم من تبعیة حکم العقل لحکم الشرع الحکم بوجوب ما أوجبه و حرمة ما حرمه المتعلقان بالفعل لا بعنوان الطاعة و المعصیة، لکن المفروض فی وجوب الطاعة العقلی انه یدعو إلی عین ما یدعو إلیه الحکم المولوی، و کذلک الحال فی الحکم الجبلی الفطری کما تقدم.

ثمّ انه علی ذلک لا فرق فی لزوم التوبة بین المعاصی الصغیرة و الکبیرة ما دامت التوبة هی مرتبة من الطاعة، نعم یبقی اشکال معروف فی الجمع بین قوله تعالی: «وَ مَنْ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ» (1).

و قوله تعالی: «إِنْ تَجْتَنِبُوا کَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُکَفِّرْ عَنْکُمْ سَیِّئاتِکُمْ وَ نُدْخِلْکُمْ مُدْخَلاً کَرِیماً» (2). (3)باعتبار الصغیرة التی لا یستغفر منها تصیر کبیرة لصدق الاصرار علیها حینئذ کما فی روایة جابر عن أبی جعفر علیه السلام فی ذیل قوله تعالی: «وَ لَمْ یُصِرُّوا عَلی ما فَعَلُوا وَ هُمْ یَعْلَمُونَ » (4)الاصرار أن

ص:71


1- 1) آل عمران / 135،النساء / 31.
2- 2) النساء / 31.
3- 3) أبواب جهاد النفس ب 82 / 1 و ب 83 / 6.
4- 4) آل عمران / 135.

یذنب الذنب فلا یستغفر و لا یحدث نفسه بتوبة فذلک الاصرار» (1) کذلک روایة معاذ الآتیة و غیرها من أن عدم الاقرار له تعالی باستحقاق العقوبة إصرار علی الذنب، و قد قیل ان الاصرار إما الفعلی و هو المداومة علی الصغار بلا توبة و أما حکمی و هو العزم علی فعل الصغائر متی تمکن منها، لکن علی هذا التعریف للاصرار ترتفع المدافعة الظاهریة بین دلالتی الآیتین بخلافه علی مفاد الروایتین و المجلسی فی البحار ضعّف القول بتفسیره بأنه مجرد عدم التوبة، و قوّی دخول العزم علی المعاودة فی معناه. و الصحیح کما سیأتی أن التوبة و هی الرجوع إلی الطوعانیة و الطاعة النفسیة قبال مولویة المولی التی أعملها فی الأحکام هی مسبب یعم حصولها بالندم أو الاقرار أو اجتناب الکبائر أو البلاء و الابتلاء أو فعل الحسنات المذهب للسیئات أو غیرها من مکفرات الذنوب و موجبات المغفرة التی هی محصلة للتوبة حقیقة کما فسرت آیة الاجتناب عن الکبائر بکونه موجب لهیئة نفسانیة من التقوی، لا أن التوبة عدل تلک المکفرات کما هو المعروف فی کلمات المتکلمین و المفسرین و علماء الأخلاق، و علی ذلک فالتوبة حاصلة باجتناب الکبائر مزیلة للاصرار و إن لم یحصل ندم.

و أما اشتراط الاستغفار فی التوبة فسیأتی انه الأظهر فی مطلق أسباب التوبة المتقدمة و غیرها من الأسباب المحققة للتوبة نعم یظهر من جملة من الروایات أن شرطیته حین یتذکر تلک الذنوب لا مطلقاً، نعم یمکن إیقاعه

ص:72


1- 1) أبواب جهاد النفس ب 82 / 6..

و حقیقتها(1) الندم و هو من الامور القلبیة و لا یکفی مجرد قوله «استغفر اللّه»، بل لا حاجة إلیه مع الندم القلبی و ان کان أحوط و یعتبر فیها العزم علی ترک العود إلیها و المرتبة الکاملة منها ما ذکره أمیر المؤمنین علیه السلام .

بنحو الإجمال فعلی ذلک فآیة الاجتناب فی صدد التعرض لأحد أسباب التوبة و من ثمّ المغفرة المترتبة علیها، و لا ینحصر حصول التوبة بالندم.

کما ذکر ذلک فی کتب الکلام و الأخلاق لما فی جملة من الروایات.

«کفی بالندم توبة» و إن کانت التوبة فی أصل اللغة بمعنی الرجوع کما هو الحال.

فی الأوبة و الإنابة و بمقتضی ما تقدم من کون التوبة مرتبة من الطاعة فی الفعل النفسانی أی الطوعانیة العبودیة أمام مولویة المولی و مثول العبد خاضعاً فی ساحة کبریاء الرب، فلا یتحقق ذلک إلّا بالندم من ما حصل منه من طغیان و جرأة علی ساحة الجلال و الکبریاء، و لو کان العصیان الحاصل منه بسبب الهوی و الشهوة. نعم فی جملة من الروایات التذلل و الإقرار و الاعتراف باستحقاق العقوبة یوجب العفو کما فی الصحیح إلی ابن أبی عمیر عن معاذ الجوهری عن الصادق جعفر بن محمد عن أبیه عن آبائه علیه السلام عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله عن جبرئیل علیه السلام قال اللّه عز و جل: «من أذنب ذنباً صغیراً کان أو کبیراً و هو لا یعلم أن لی أن أعذبه أو أعفو عنه لا غفرت له ذلک الذنب أبداً، و من أذنب ذنباً صغیراً کان أو کبیراً و هو یعلم انی اعذبه أو أعفو عنه عفوت عنه» (1)

ص:73


1- 1) أبواب جهاد النفس ب 82 / 6.

و غیرها ثمّ انه قد ذکر شرائط اخری لحصولها تضم إلی الندم فیکون المجموع کسبب لحصولها.

منها: العزم علی عدم العود کما ورد فی معنی الاستغفار عن أمیر المؤمنین علیه السلام «إضمار أن لا یعود إلی الذنب الذی استغفر منه» (1)، و هو بدرجة فتور المیل النفسانی عن الذنب لا بد منه فی تحقق الندم علی ما صدر منه من مخالفة و حیث أن ما مضی و ما یأتی مشترکان فی ذات الفعل فلا بدّ له من النفرة النفسیة من طبیعة الفعل بما هی الشاملة للأفراد المستقبلة، نعم حیث ان إضعاف المیل النفسانی تجاه الفعل علی مراتب و یتبع ذلک مراتب الندم اختلفت درجات التوبة کذلک، کما هو مفاد التوبة و الاستغفار المروی عن أمیر المؤمنین علیه السلام .

و منها: الاستغفار و قد یستدل له «وَ الَّذِینَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَکَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ » (2)و قوله تعالی: «وَ مَنْ یَعْمَلْ سُوءاً أَوْ یَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ یَسْتَغْفِرِ اللّهَ یَجِدِ اللّهَ غَفُوراً رَحِیماً » (3)«أَ فَلا یَتُوبُونَ إِلَی اللّهِ وَ یَسْتَغْفِرُونَهُ وَ اللّهُ غَفُورٌ رَحِیمٌ » (4)و قوله تعالی: «وَ اسْتَغْفِرُوا رَبَّکُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَیْهِ إِنَّ رَبِّی رَحِیمٌ

ص:74


1- 1) أبواب النفس ب 87 / ح 4 - 5.
2- 2) آل عمران / 135.
3- 3) النساء / 110.
4- 4) المائدة / 74.

وَدُودٌ» (1)و غیرها من الآیات و الظاهر منها لزومه فی التوبة و حملها علی کون الاستغفار سبباً للعفو فی نفسه کما أن الندم سبب آخر فی غیر محله. أما الآیة الاُولی فالظاهر من (ذکروا اللّه) هو الندم أو التذلّل الحاصل من التذکر و مع ذلک ضمّت إلیه الاستغفار، و ظاهر الثانیة الأمر به بقول مطلق، و صریح الثالثة اقتران التوبة بالاستغفار، و کذلک الرابعة. هذا مضافاً إلی ما فی جملة من الروایات من اطلاق کل من الاستغفار و التوبة علی الآخر مما یدل علی أخذه فی التوبة، و هی الروایات المتضمنة لتأجیل کتابة السیئة مدة سبع ساعات رجاء أن یلحقها بالاستغفار، کما فی صحیح أبی بصیر و فی بعضها یلحقها بالتوبة کما فی صحیح حفص مضافاً إلی ما فی روایة کمیل بن زیاد فی الاستغفار المعروفة عن أمیر المؤمنین علیه السلام «...قلت فأصل الاستغفار ما هو؟ قال:

الرجوع إلی التوبة عن الذنب الذی استغفرت منه» الحدیث (2). و أما ما فی حدیث جنود العقل و الجهل «و التوبة و ضدها الإصرار، و الاستغفار و ضده الاغترار» فلا یدل إلّا علی مغایرة العنوانین لا عدم اشتراط الاستغفار فی التوبة بل هو یقضی بذلک حیث ان مقتضاه ان التوبة و إن نفت الإصرار لکنها لا تنفی الاغترار إلّا بالاستغفار.

و منها: إصلاح ما أفسد فإن کان فی حقوق اللّه تعالی تدارکها بالقضاء و نحوه، و إن کان من حقوق الناس تدارکها بأدائها لهم مالیة کانت أو غیرها

ص:75


1- 1) هود / 90.
2- 2) أبواب جهاد النفس ب 87 / 5.

و لو بالاستحلال منهم علی تفصیل فی الموارد مذکورة فی الأبواب المختلفة، و یدل علیه مضافاً إلی أن عدم التدارک إقامة علی الذنب و الاستمرار فیه، قوله تعالی: «إِلاَّ الَّذِینَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِکَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحِیمٌ » (1).

و قوله تعالی: «إِلاَّ الَّذِینَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ بَیَّنُوا فَأُولئِکَ أَتُوبُ عَلَیْهِمْ» (2)و التقیید بالبیان لما صدر منهم الکتمان لما أنزل اللّه تعالی، فکان التدارک بالبیان لما کتموه. و هذا الشرط ورد فی جملة من الروایات أیضاً.

و منها: الولایة لأهل البیت علیهم السلام کما هو مقتضی قوله تعالی: «وَ إِنِّی لَغَفّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدی» (3)فاشترط تعالی الهدایة فی قبول و صحة التوبة فلا تصح ممن ضلّ عن أئمة الدین و خلفاء اللّه فی أرضه و حجته علی عباده، نظیره قوله تعالی: «إِلاَّ الَّذِینَ تابُوا وَ أَصْلَحُوا وَ اعْتَصَمُوا بِاللّهِ وَ أَخْلَصُوا دِینَهُمْ لِلّهِ فَأُولئِکَ مَعَ الْمُؤْمِنِینَ» (4)و إخلاص الدین للّه تعالی عن طاعة الطاغوت و هو کل من یطاع من دونه تعالی ممن لا تکون مشیئته تابعة لمشیئته تعالی... و هذا الشرط قد یصاغ بصیاغة اخری. و هی شرطیة التوسل و التشفع بالنبی صلی الله علیه و آله بمقتضی قوله تعالی: «وَ لَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُکَ

ص:76


1- 1) آل عمران / 89 .
2- 2) البقرة / 160.
3- 3) طه / 82 .
4- 4) النساء / 146.

فَاسْتَغْفَرُوا اللّهَ وَ اسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللّهَ تَوّاباً رَحِیماً » (1)فاشترط للتوبة المجیء إلیه صلی الله علیه و آله أی الالتجاء و الاستغاثة و التوسل به و تشفعه صلی الله علیه و آله لأمته کی یتوب تعالی علیهم و هو مقتضی قوله تعالی: «وَ ابْتَغُوا إِلَیْهِ الْوَسِیلَةَ » (2)فأمر بابتغاء قصد الوسیلة أولاً و هی وسیلة تؤدی إلیه تعالی و هو عام شامل للأوبة فی التوبة و قد حکی الآلوسی فی روح المعانی عن ابن عطاء هذا الشرط.

و منها: تعقبها بالطاعة و العمل الصالح ذکره بعض و قد یستدل له بقوله تعالی: «وَ مَنْ تابَ وَ عَمِلَ صالِحاً فَإِنَّهُ یَتُوبُ إِلَی اللّهِ مَتاباً» (3)و قد مرّ قوله تعالی فی سورة طه (4) من أخذ الایمان و العمل الصالح و الهدایة فی قبول و صحة التوبة و قوله تعالی «إِلاّ مَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ عَمَلاً صالِحاً فَأُوْلئِکَ یُبَدِّلُ اللّهُ سَیِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ » (5)و غیرها من الآیات، و لعل فی الآیة الاُولی إشعار بکمال التوبة أو یحمل العمل الصالح علی إصلاح ما فسد بالمعصیة - أو علی العزم علی عدم العود إلی الذنب.

ثمّ إن قبول التوبة تفضل کما هو الحال فی الثواب و قوله تعالی: «إِنَّمَا

ص:77


1- 1) النساء / 64 .
2- 2) المائدة / 35 .
3- 3) الفرقان / 71.
4- 4) طه / 82.
5- 5) الفرقان / 70.
مسألة 1:یجب عند ظهور أمارات الموت أداء حقوق الناس الواجبة

(مسألة 1): یجب عند ظهور أمارات الموت أداء حقوق الناس الواجبة و رد الودائع و الأمانات التی عنده مع الامکان و الوصیة بها مع عدمه مع الاستحکام علی وجه لا یعتریها الخلل بعد موته(1).

اَلتَّوْبَةُ عَلَی اللّهِ لِلَّذِینَ یَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ» (1)بمعنی ما جعله تعالی علی نفسه و إلّا فکل نعمه ابتداء و هو أحق بالحسنات و العباد أحق بالسیئات.

کما انه علی کل تقدیر التوبة و إن اشترطت بشرائط فی صحتها و قبولها إلّا أن تحقق أی جزء منها و إن کان ناقصاً فإنه أبعد عن الإصرار و أقرب للتوبة.

أداء حقوق الناس لا یختص وجوبه بذلک بل هو واجب مطلقاً و هی تختلف من جهة الفوریة و التراخی بحسب الموارد فالمغصوب أو ما یقع من اموال معلومة المالک تحت الید أو الدیون و الغرامات غیر المؤجلة و نحوها یلزم إفراغ الذمة منها فوراً ففوراً نعم مثل الودائع و الأمانات مما هو مبنی علی التراخی یلزم ردّه عند ما تلوح علامات الموت و طریقة الرد تختلف بحسب المتبانی علیه بین الطرفین و بحسب التوثق من وسیلة الرد، فقد یکون الإیصاء إلی أمین أوثق من المبادرة بالرد مباشرة لاحتمال تعرض الودیعة و الأمانة للتلف أو لاحتمال العثور علی المالک کما فی الواجب فی تعریف اللقطة أو مجهول المالک.

نعم مع التوثق من الرد حال الحیاة هو أبرأ للذمة من الایصاء و لا یبعد

ص:78


1- 1) النساء / 17.
مسألة 2:إذا کان علیه الواجبات التی لا تقبل النیابة حال الحیاة

(مسألة 2): إذا کان علیه الواجبات التی لا تقبل النیابة حال الحیاة کالصلاة و الصوم و الحج و نحوها، وجب الوصیة بها إذا کان له مال، بل مطلقاً إذا احتمل وجود متبرع، و فیما علی الولی کالصلاة و الصوم التی فاتته لعذر یجب إعلامه أو الوصیة باستئجارها أیضاً(1).

تعینه فی التقدم رتبة، و قد یکون الإشهاد استیثاقاً للرد عند الإیصاء.

قد استشکل بعض المحشین فی لزوم الوصیة فی الصلاة و الصوم و إعلام الولی بذلک و أن اللازم الاستغفار، و کأن وجهه سقوط الوجوب بانتهاء الأمد الزمنی للمتعلق، و لا دلیل علی بقاءه کدین فی ذمة المکلف کما هو الحال فی الدیون المالیة، و فیه: أن لزوم قضاء الولی و جواز التبرع فی قضاء ما فی ذمة المیت من صلاة أو صیام و نحوها دال علی سعة المتعلق للفرد النیابی فیجب التسبب له، مضافاً إلی أن أداءها عن المیت یعنی بقاء اشتغال ذمته بعد الموت بها فمن ثمّ یناب عنه فیها، هذا، و أما الحج فقد حررنا کما ذهب إلیه الشیخ و وردت به النصوص وجوب الاستنابة لمن استطاع مالیاً و لم تکن له قدرة علی إتیانه مباشرة و لو لضیق أمد عمره و أن المیت الصرورة یجب إخراج مال الحج من ترکته و إن لم یستقر علیه فی حیاته لأن الحج النیابی یکفی فیه القدرة المالیة.

ثمّ أنه علی ضوء لزوم تفریغ المکلف ذمته من الواجبات التکلیفیة و لو المحضة -مع مشروعیة النیابة بعد حیاته عنه بالتسبب یلزم الایصاء بها و إعلام الولی کذلک.

ص:79

مسألة 3:یجوز له تملیک ماله بتمامه لغیر الوارث

(مسألة 3): یجوز له تملیک ماله بتمامه لغیر الوارث(1) لکن لا یجوز له تفویت شیء منه علی الوارث بالاقرار کذباً، لأن المال بعد موته یکون للوارث فإذا أقرّ به لغیره کذباً فوّت علیه ماله، نعم إذا کان له مال مدفون فی مکان لا یعمله الوارث یحتمل عدم وجوب إعلامه لکنه أیضاً مشکل،

منجزات المریض:

أما حال صحته و استقرار حیاته فلا اشکال فی نفوذ تصرفه وضعاً و إن کان مضراً بالورثة و إجحافاً لهم و قد تقرر الحرمة التکلیفیة حینئذ نظراً إلی لزوم حفظ من یعول أو من هو تحت ولایته کما موثق مسعدة (1)، و أما حال مرضه و الصحیح تعمیم البحث لغیر المرض من علامات و أمارات الموت الأخری کطول فترة الاحتضار و النزع أو العلم الحاصل قبل القصاص و نحو ذلک.

فقد وقع الخلاف فی تصرفاته التبرعیة و ما بحکمها کالمعاوضات المحاباتیة علی قولین انه تخرج من الأصل و نافذة، الثانی انه من الثلث نظراً لتعارض الأخبار الواردة و إن کان الأظهر فی الجمع بینهما -بعد إطلاق جلّ الروایات الدالّة علی النفوذ و إمکان تقییدها باستثناء ما کان فی المرض و کان تبرعاً أو بحکمه -هو کون التصرفات التی لا ینفذها عملاً و لا یبین فیها المال و لا یُقبِضه أنها إیصاء و وصیة و إن کانت فی الصورة الظاهرة عقد أو إیقاع،

ص:80


1- 1) أبواب الوصایا ب 17 ج 3.

فالروایات المقیدة للنفوذ بالثلث ظاهرة فی ذلک و ما دلّ بالخصوص علی النفوذ فانه مقید بالإبانة للمال أی عزله و إقباضه و تنجیزه عملاً. و هذا بخلاف الاکتفاء بمجرد الانشاء للعقد أو الایقاع من دون إبرام عملی فانه فی مرض الموت ظاهر فی الایصاء و الوصیة، و یشهد لهذا الجمع جملة من القرائن فی الروایات من الطائفتین.

منها: ما فی روایة أبی بصیر قوله علیه السلام : «ان اعتق رجل عند موته خادماً له، ثمّ أوصی بوصیة اخری...» (1).

و مثلها الروایة الواردة فی ان الحسنین علیهما السلام قالا لأمامة بنت خالتهما عند موتها، و قد اعتقلت لسانها: «اعتقت فلاناً؟ فجعلت تشیر برأسها نعم فأجازا وصایاها» (2).

فاطلاق الوصیة مع انه انشاء للعتق انما هو لعدّ ذلک الانشاء من دون انفاذ عملی فی مرض الموت إیصاء.

و منها: ما فی جملة من الروایات من التقیید بالإبانة کما فی موثق عمار (3) و مثله موثقه الآخر (4).

و منها: ما فی صحیح بن الحجاج من اطلاقه علیه السلام الوصیة علی الاعتاق

ص:81


1- 1) أبواب الوصایا ب 11 ح 6.
2- 2) أبواب الوصایا ب 41 ح 1 مستدرک الوسائل.
3- 3) أبواب الوصایا ب 17 ج 7.
4- 4) أبواب الوصایا ب 17 ج / 19.

عند الموت و إنه إذا لم یتهم أی یضر بورثته کما فی زیادة الترکة ضعفاً فأکثر علی فی الوصیة -تنفذ وصیته. (1) و صریح هذه الصحیحة أن التقیید بالثلث مخالفة للتقیة و أن النفوذ موافقاً لفتاوی بعضهم و العمدة أن الصحیحة دالة علی أن المدار علی ظهور التصرف فی الإبرام أو الإیصاء و إن کان بصورة التصرف المنجز کما یظهر منها أن التصرف المحیط بالترکة قرینة علی الإیصاء و هذا یظهر من جملة روایات اخری.

و منها: ما فی روایة السابر فی المرأة التی استوعدت رجلا مالاً و أقرت له ان المال لفلانة فقال علیه السلام : «إن کانت مأمونة عنده فیحلف لهم - أی الورثة لکی لا یتسلّطوا علی المال و ینفذ إقرار المرأة و إن کانت متهمة فلا یحلف، و یضع الأمر علی ما کان فانما لها من مالها ثلثه» (2) فأطلق علی إقرارها أو هبتها المال لفلانة أنه وصیة فی ما لو کانت متهمة أی لا یکون إقرارها حجة فیکون تصرفاً مبتدأ فیندرج فی الوصیة بعدم إبرامه له عملاً و غیرها من القرائن التی یجدها المتتبع للروایات المانعة عن النفوذ إلّا فی الثلث واردة علی مقتضی القاعدة، علی هذا الوجه الذی ذکرناه سواء فی الوارث أو الأجنبی فی العتق أو غیره و یعضد هذا الجمع ما ورد من اختلاف الروایات فی الاقرار من المریض قبل الموت، و التفصیل فیه بین التهمة و عدمها أو المرض و عدمه، هو بین الاقرار الحجة و غیره حیث یکون غیر المریض

ص:82


1- 1) أبواب الوصایا ب 39 / 5.
2- 2) ب 16 / 2.

و کذا إذا کان له دین علی شخص، و الأحوط الاعلام، و اذا عدّ عدم الاعلام تفویتاً فواجب یقیناً(1).

المتهم قرینة علی کون الاقرار وصیة لا إخبار عما تحقق.

و لک أن تقول أن الوصیة عنوان طاری علی التصرفات المعاملیة بتعلیقها علی الموت فالبیع المعلق و المقید بالموت وصیة مالیة و عهدیة بالبیع بخلاف البیع المنجز غیر المقید بالموت و کذلک الاجارة و الهبة المقیدتان و المعلقتان بالموت وصیة بالاجارة و الهبة بخلاف الاجارة و الهبة المطلقة المنجزة و کذلک بقیة العقود و الایقاعات.

قد ورد فی جملة من الروایات الواردة فی الاقرار من المریض قبل موته انه إن کان متهماً غیر مرضی فانه یعد وصیة بالثلث أو یخرج من الثلث، و قد مرّ انه یعدّ عرفاً کذلک، أما الاقرار بالزائد علی الثلث لا سیما مع صلاح ظاهر المقرّ کذباً، فمع کونه کذباً فانه إتلاف لمال الغیر و هو الوارث و لو بلحاظ ما بعد الموت، أما الاستدلال بوجوب إقامة الشهادة (1) و تحریم شهادة الزور (2) فمؤید إذ هو لا ینطبق علی المقام، إذ هو أعم أو مختلف الحیثیة مع المقام فإن عدم أداء الشهادة لیس هو السبب فی الاتلاف بل هو مانع عن التلف فی الحقوق أعم من کونها مالیة و غیرها، نعم هو معاضد اجمالاً لحرمة حقوق الآخرین و نحوها -بنحو یکون للمکلف نسبة إلی فوتها، ففی موثق مسعدة عن جعفر عن أبیه علیه السلام قال: قال علی علیه السلام : «الحیف فی الوصیة من

ص:83


1- 1) أبواب الشهادات ب 2.
2- 2) أبواب الشهادات ب 9.
مسألة 4: لا یجب علیه نصب القیّم علی أطفاله إلّا إذا عدّ عدمه تضییعاً لهم

(مسألة 4) لا یجب علیه نصب القیّم علی أطفاله إلّا إذا عدّ عدمه تضییعاً لهم أو لمالهم و علی تقدیر النصب یجب أن یکون أمیناً، و کذا إذا عیّن علی أداء حقوقه الواجبة شخصاً یجب أن یکون أمیناً، نعم، لو أوصی بثلثه فی وجوه الخیرات غیر الواجبة لا یبعد عدم وجوب کون الوصی علیها أمیناً

الکبائر» (1) مع أن الحیف قد یکون فی الثلث فی صورة احتیاجهم وفاقتهم، مع أن هذا التفویت فی مالهم و نظیره فی موثق السکونی عن جعفر بن محمد عن أبیه علیه السلام قال: قال: «ما أبالی أضررت بولدی أو سرقتهم ذلک المال» (2).

و کذلک هو إعانة علی الحرام لتمکین الغیر من غصب مال الورثة فیما کان الغیر عالماً بعدم الاستحقاق.

و من ذلک یظهر تأتی الوجوه الأولی فی الصورة التی ذکرها الماتن من المال المدفون، أو المودع فی مکان، و الاشکال فی صدق التسبیب و إن حرمان الورثة مستند إلی جهلهم لا إلی سکوت المورث کما هو الحال فی علم الآخرین بمال لمالک ما فإنه لا یجب إعلامه بموضع ماله، (مدفوع) بالفرق بین الأجنبی و المورث حیث أن الایداع أو الدفن کان من قبله أو حصل و المال تحت یده، فسکوته عن إعلامهم حجب للمال عنهم بیده مع أن نفی الحکم فی الممثل به و هو الأجنبی لیس واضحاً مع ورود اطلاق حرمة مال المسلم و عرضه.

ص:84


1- 1) أبواب الوصایا ب 8 / 3.
2- 2) أبواب الوصایا ب 5 / 1.

لکنه أیضاً لا یخلو عن اشکال خصوصاً إذا کانت راجعة إلی الفقراء(1)

أما وجوب نصبه قیّماً علی أطفاله فی صورة توقف حفظ أمورهم علی ذلک و کذا غیر ذلک من التدبیر الموجب للحفظ، فلأنه مقتضی ولایته علیهم من ثمّ یعولهم و سوّغ له تأدیبهم، و ورد أن من حقوقهم علیه أن یحسن أدبهم و نحو ذلک، و حرّم علیه الحیف علیهم فی الوصیة، هذا بعد امتداد الولایة علیهم إلی ما بعد موته بتوسط نفوذ الوصیة شرعاً.

و أما أمانة الوصی فلتوقف حصول الحفظ علیه أو إحراز أداء الواجب من الحفظ علی ذلک. و کذلک الحال فی الوصی لأداء حقوقه الواجبة علیه من دیون للناس أو حقوق إلهیة.

أما الوصی فی وجوه الخیرات فإن کانت الوصیة عهدیة محضة بأن کان المال الموصی به باقیاً علی ملک المیت و انما أوصی و عهد بصرفه فی تلک الموارد فالظاهر عدم لزوم أمانته لبقاء المال علی سلطنته، و أما إذا کانت تملیکیة فالوجه اعتبار أمانته لتأتی بعض الوجوه المتقدمة فی تفویت المورث المال علی ورثته، و لعل تفریق الماتن بین ما کانت راجعة إلی الفقراء و بین ما کانت الراجعة إلی الصرف فی الوجوه العنوانیة ناظراً إلی کون الأول وصیة تملیکیة، بخلاف الثانی فإنها غیر متعینة فی التملیک بل تحتمل العهدیة المحضة، و الحاصل ان المدار علی ذلک بحسب اختلاف القرائن فی الموارد.

ص:85

فصل فیما یتعلق بالمحتضر مما هو وظیفة الغیر

اشارة

فصل

فیما یتعلق بالمحتضر مما هو وظیفة الغیر

و هی أمور:

الأول: توجیهه إلی القبلة

الأول: توجیهه إلی القبلة بوضعه علی وجهه لو جلس کان وجهه إلی القبلة و وجوبه لا یخلو عن قوة(1)

نسب إلی الأشهر بل المشهور و نسب الاستحباب إلی الخلاف و النهایة و المفید و السید و التذکرة و الأردبیلی و المدارک و الکفایة، بل فی الخلاف دعوی إجماع الأصحاب و عملهم و لکن ظاهر عبارته هو الاجماع علی الکیفیة مقابل الشافعی القائل بکیفیة وضعه فی الصلاة، لا علی قوله یستحب. و عن جماعة التوقف.

و استدل للوجوب بالروایات:

منها: صحیح سلیمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول: «إذا مات لأحدکم میت فسجّوه تجاه القبلة، و کذلک إذا غسل یحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة، فیکون مستقبل باطن قدمیه و وجهه إلی القبلة» (1)، و هو ظاهر فی أخذ الموت کحدث لا نتیجة الحدث، کمصدر لا اسم مصدر، و إلّا لما حصل المقابلة بینه و بین حالة الغسل إلّا بالتقیید بأول حدوثه، و التعبیر بالتسجیة و هی التغطیة بالثوب لغة کما فی (لسان العرب) لا یعین إرادة ما بعد

ص:86


1- 1) أبواب الاحتضار ب 35 / 2.

الموت لأن التغطیة بعده و ذلک لاستعمال التسجیة کنائیاً فی معنی الممدد و استسلام البدن لمفارقة الروح أی حالة کونه جثة هامدة، و القرینة علی إرادة هذا المعنی الکنائی تقیید التسجیة باتجاه القبلة فان الاستقبال حال للبدن لا للتغطیة بینما أخذ القید فی ظاهر اللفظ قید التسجیة فهو لا یناسب إلّا بمعنی إمداد بدن المحتضر عند الموت تجاه القبلة، و الحاصل إن الصحیحة فی صدد التعرّض لتوجیه المیت تجاه القبلة فی حالتین:

الأول: فی وقت حدث الموت و حدثه هو حالة النزع و الاحتضار.

الثانی: وقت فعل التغسیل للمیت، هذا و قد استعمل المیت فی المحتضر فی جملة من الروایات:

منها: ما فی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «إذا حضرت المیت قبل أن یموت فلقنه...» (1) و مثلها بقیة روایات (2) التلقین مثل «تلقنون موتاکم عند الموت.. و نحن نلقن موتانا».

منها: ما فی روایة عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «إذا عسر علی المیت موته و نزعه قرّب إلی مصلاه» (3).

منها: ما فی روایة ابن أبی حمزة قال: قلت لأبی الحسن علیه السلام : المرأة تقعد عند رأس المریض، و هی حائض، فی حد الموت، فقال: «لا بأس أن

ص:87


1- 1) أبواب الاحتضار ب 36 / 1.
2- 2) أبواب الاحتضار ب 36 / 2 - 6 - 7 - 9 10 - 11.ب 37 / 1 - 2.
3- 3) أبواب الاحتضار ب 40 / 1 - 6.

تمرضه، فإذا خافوا علیه قرب ذلک فلتنح...» (1).

و فی روایة یونس بن یعقوب عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «لا تحضر الحائض المیت و لا الجنب عند التلقین و لا بأس أن یلیا غسله» (2) و غیرها من الروایات (3) فی الموارد فلاحظ.

و منها: موثق معاویة بن عمار قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن المیت؟ فقال: «استقبل بباطن قدمیه القبلة» (4) و اشکل علی دلالتها بان عنوان المیت ظاهر فی المتلبس و هو بعد الموت و یندفع بما مرّ فی تقریب الروایة السابقة، مضافاً إلی أن التلبس بالمبدإ هو بحسب المعنی المراد من المادة، و قد عرفت استعمالها فی الروایات الکثیرة فی هذه الأبواب فی من حضره الموت و أشرف علیه و الذی یقال له المحتضر. و مما یعضد إرادة المحتضر من عنوان المیت فی الروایتین هو أن الخلاف بین أتباع أهل البیت علیه السلام و العامة فی کیفیة توجیه المیت و الاستقبال به إلی القبلة انما هو فی المحتضر، فلاحظ ما ذکره الشیخ فی الخلاف، و فی بدایة المجتهد لابن رشد نقل أقوالهم و اختلافهم فی استحباب التوجیه فی المحتضر و قال «و روی عن مالک انه قال فی التوجیه: ما هو من الأمر القدیم و روی عن سعید بن المسیب أنه أنکر ذلک و لم یرو عن

ص:88


1- 1) أبواب الاحتضار 43 / 1.
2- 2) أبواب الاحتضار ب 43 / 2.
3- 3) أبواب الاحتضار ب 44 / 3.
4- 4) أبواب الاحتضار ب 35 / 4.

أحد من الصحابة التابعین».

کما یشیر إلی موضوع الخلاف مرسل الصدوق عن الصادق علیه السلام انه سئل عن توجیه المیت؟ فقال: «استقبل بباطن قدمیه» (1) و مثل مرسل الراوندی (2)و فی مرسل الدعائم عن أمیر المؤمنین علیه السلام انه قال: «من الفطرة أن یستقبل بالعلیل القبلة، إذا احتضر» (3).

و منها: ما رواه الصدوق فی القوی بعمر بن خالد عن زید بن علی عن آبائه عن علی علیه السلام قال: «دخل رسول اللّه علی رجل من ولد عبد المطلب و هو فی السوق [ النزع] و قد وجّه بغیر القبلة فقال: وجهوه إلی القبلة فانکم إذا فعلتم ذلک أقبلت علیه الملائکة و أقبل اللّه عز و جل علیه بوجهه، فلم یزل کذلک حتی یقبض» و الاشکال علی الاستدلال بها سنداً بالضعف، و دلالة بان التعلیل یناسب الندبیة، ففیه: آنها صالحة للتأیید، و أما التعلیل فموارد التعلیل بالحکمة للأحکام الالزامیة بکثرة فی الروایات، فهی لیست بحدّ تکون قرینة مستقلة علی الندبیة، لا سیما و أن هیئة وضع المیت فی الصلاة علیه و وضعه فی القبر واجبة لزوماً.

و منها: صحیح ذریح المحاربی عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی -حدیث - قال: «و إذا وجهت المیت للقبلة فاستقبل بوجهه القبلة، لا تجعله معترضاً کما

ص:89


1- 1) أبواب الاحتضار ب 3 / 5.
2- 2) المستدرک أبواب احتضار ب 25 / 1.
3- 3) المستدرک أبواب احتضار ب 25 / 2.

یجعل الناس» فانی رأیت أصحابنا یفعلون ذلک و قد کان أبو بصیر یأمر بالاعتراض، أخبرنی بذلک علی بن أبی حمزة، فإذا مات المیت فخذ فی جهازه و عجله» (1).

و أشکل علی دلالته أولاً بانه فی صدد بیان الکیفیة لا الأمر بالاستقبال.

ثانیاً أن موردها ما بعد الموت ممن تلبس بالوصف و العنوان.

و فیه: أما الأول: فبیان الکیفیة لا یتنافی مع انفهام الطلب المفروغ منه، و أما الثانی: فیدفعه ما تقدم ان المشتق هاهنا بلحاظ استعمال المادة فی النزع و حضور الموت کما مر استعمال جملة کثیرة من الروایات فی ذلک مضافاً إلی ثلاث قرائن فی الروایة:

منها: ما ذکر فیها قبال العامة و قد مرّ ان محل الخلاف معهم فی الکیفیة الموردة فی توجیه المحتضر.

و منها: الجملة الأخیرة فی الروایة من فرض الموت مرة أخری کتقدیر للأخذ فی جهازه فإنه قرینة علی أخذ الموت فیما سبق فی المحتضر.

و منها: صدر الروایة الذی أورده صاحب الوسائل فی باب آخر و المذکور فی التهذیب حیث تضمن حکایته علیه السلام لاحتضار أبی سعید الخدری الصحابی الذی کان مستقیماً و أن نزعه طال ثلاثة أیام.

نعم یستظهر من متن الروایة ان هذا المقطع من کلام الراوی سواء کان ذریحاً أو من روی عنه و أن متن الروایة هی خصوص حکایته علیه السلام أو أن ما فی هذا المقطع مختلط بین الروایة و کلام الراوی، و علی أیة تقدیر فإنه و لو کان

ص:90


1- 1) أبواب الاحتضار ب 35 / 1.

بل لا یبعد وجوبه علی المحتضر(1) نفسه أیضاً. و إن لم یکن بالکیفیة المذکورة فبالممکن منها و إلّا فبتوجیهه جالساً أو مضطجعاً علی الأیمن،

من الکلام للراوی فإنه یشفّ عن الارتکاز المتشرعی فیؤید ما تقدم.

ثمّ قد یعارض ما تقدم بما رواه مصباح الأنوار بسنده عن سلمی -فی حدیث وفاة فاطمة علیها السلام قالت: اشتکت فاطمة علیها السلام بعد ما قبض رسول اللّه صلی الله علیه و آله .... إلی أن قالت -فاضطجعت علیه و وضعت یدها الیمنی تحت خدها، و استقبلت القبلة و قالت: «یا سلمی انی مقبوضة الآن» (1).

و ما رواه ابن شهرآشوب فی مناقبه بسنده قال: قضی رسول اللّه صلی الله علیه و آله و ید أمیر المؤمنین علیه السلام تحت حنکه، ففاضت نفسه فیها فرفعها إلی وجهه فمسحه بها، ثمّ وجهه و غمضه و مد علیه إزاره و اشتغل بالنظر» (2) و روی مثله المفید فی الارشاد (3). و فیه: اما الأول فهو داعم للاستقبال حین الاحتضار غایة الأمر ظاهر الروایة ان الاستقبال حین الاضطجاع کما فی الصلاة مضطجعاً لا ما إذا کان مستلقیاً و أما الثانی فیحمل علی استمرار التوجیه نحو القبلة لعدم الخلاف فی رجحانه حین الاحتضار کما ذکره فی الجواهر.

کما مر فی خبر المناقب و اختصاص الخطاب بالتکلیف فی بقیة الروایات بالأحیاء لا ینافی ذلک بعد کون متعلق الحکم یتعلق بالمیت نفسه

ص:91


1- 1) المستدرک أبواب الاحتضار ب 30 / 2 و البحار 81 / 245.
2- 2) المستدرک أبواب الاحتضار ب 34 / 2.
3- 3) الارشاد 1 / ؟؟؟

أو علی الأیسر مع تعذر الجلوس(1). و لا فرق(2) بین الرجل و المرأة، و الصغیر و الکبیر بشرط أن یکون مسلماً(3). و یجب أن یکون باذن ولیه مع الإمکان(4) و إلّا فالأحوط الاستئذان من الحاکم الشرعی.

نظیر أمر من علیه حدّ القتل أو القصاص أن یغتسل غسل المیت أو الکفن فی بعض الصور و الفعل مصلحته للمیت نفسه لا سیما و ان المحتضر یعجز فی الغالب عن توجیه نفسه.

استظهار المراتب للاستقبال و الأنماط بحسب الحالات هو مما ورد فی باب الصلاة و کذا من وضعه فی القبر، و حیث یستفاد من الأمر بالتوجیه نحو القبلة حال الاستلقاء الأمر بطبیعة الاستقبال، یستظهر منه الشمول إلی بقیة أفراد الطبیعة و لو بمعونة قاعدة المیسور التامة بحدیث الرفع فی المرکبات الارتباطیة کما تبین ذلک فی مبحث البراءة.

لإطلاق عنوان المیت.

لظهور کون الحکم و المتعلق بلحاظ انه من أهل القبلة و أن جملة أحکام المیت هی من باب حرمته و تکریمه و هی مختصة بالمسلم بل سیأتی أنها مختصة بغیر المخالف المعاند.

لعموم قوله تعالی: «وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ » 1 و لأن أولی الناس به أولی الناس بمیراثه کما فی عدة من الروایات (1)و هذا هو مفاد الآیة. و کذلک ما ورد فی جملة من روایات الحج من تولی ولی

ص:92


1- 2) أبواب احکام شهر رمضان ب 23 / 5 - 6.

المغمی علیه إیقاع أعمال الحج به، و الاشکال -علی ذلک بان الآیة فی مورد المیراث و موضوع الروایات الاولی هو المیت، و بأن الآیة هی فی ما یرجع إلی معین، و بأن الاطلاقات فی المقام مقتضاها الجواز مطلقاً و لیس هذا بتصرف - مدفوع: بان المیراث مورد و لیس بموضوع و السیاق لا یزید علی ذلک، فالآیة مطلقة الموضوع و المتعلق و منه یظهر اطلاق موضوع الروایات الاولی لأن مفادها ناظر للآیة کما مر.

و أما تخصیصها بالأفعال المتوجهة إلی معین ففیه ان التعین منه ما یکون ناشئاً من الولایة علی الشیء و ملکیة التصرف فیه، و التمسک بإطلاقات الأمر بالتوجیه لا یتنافی مع کون مورد و متعلق الأمر ولویاً، نظیر الخطاب باقامة العدل و القسط و اقامة الحدود و القصاص فإنه و إن لم یختص بالحکام لکن عموم الخطاب لا یفید الاذن و الولایة فی هذه الأفعال للعامة فلا یتنافی مع أدلة حصر الولایة للّه تعالی و للرسول و لأولی الأمر، و أما نفی کونه تصرفاً فهو کما تری و استلزام ذلک -الاستئذان من المحتضر مع التمکن مقدماً علی الولی لا غرابة فیه، ثمّ إن مقتضی الاستدلال بالآیة فی المقام هو التمسک بها فی جملة من الموارد الکثیرة التی أفتوا فیها بولایة الحاکم کالمجنون بعد البلوغ و الصغیر مع فقد الأب و الجد و غیرها من الموارد الاُخری لتقدمها علی موضوع ان الحاکم ولی من لا ولی له (1).

ص:93


1- 1) أبواب الإرث.

الأحوط مراعاة الاستقبال بالکیفیة المذکورة فی جمیع الحالات إلی ما بعد الفراغ من الغسل(1)، و بعده فالأولی وضعه بنحو ما یوضع حین الصلاة علیه إلی حال الدفن یجعل رأسه إلی المغرب و رجله إلی المشرق

و عن الشهید السقوط بالموت و عن المصابیح استظهار الوجوب و یمکن تقریب الوجوب بان قوله علیه السلام فی صحیح سلیمان بن خالد «اذا مات...

فسجوه و کذلک إذا غسل» (1) ظاهر فی اطلاق التسجیة تجاه القبلة بدأ من الاحتضار و ذکر الاغتسال باعتبار انه یستلزم نقل المیت عن موضع موته فی العادة فینقطع فذکره تأکید لشمول الاطلاق، لأن الشرطیتین من باب الحالتین المتقابلتین بل من باب ذکر المبدأ و المنتهی بعد اطلاق الأمر بالتسجیة استقبالاً، و یعضده صحیح یعقوب بن یقطین قال: سألت أبا الحسن الرضا علیه السلام عن المیت، کیف یوضع علی المغتسل موجهاً وجهه نحو القبلة، أو یوضع علی یمینه و وجهه نحو القبلة؟ قال: «یوضع کیف تیسّر، فإذا طهر وضع کما یوضع فی قبره» (2).

فإن بیان تغیر کیفیة استقباله بعد الغسل ظاهر فی انقطاع ما کان مستمراً من الاستقبال به بالکیفیة السابقة و أن هذه الکیفیة الثانیة مبدأ بعد الغسل حتی القبر و المفاد الثانی هو ما أشار إلیه الماتن من الکیفیة بعد الغسل، نعم حکم الاستقبال حال الغسل ذهب الأکثر إلی ندبیته و حینئذ فیشکل استظهار

ص:94


1- 1) أبواب الاحتضار ب 35 / 2.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 5 / 2.
الثانی یستحبّ تلقینه

(الثانی) یستحبّ تلقینه(1) الشهادتین و الاقرار بالأئمة الاثنی عشر علیه السلام ، و سائر الاعتقادات الحقّة علی وجه یفهم، بل یستحبّ تکرارها إلی أن یموت، و یناسب قراءة العدیلة...؟؟؟

فصل فی المستحبّات بعد الموت

فصل

فی المستحبّات بعد الموت

(الثامن) التعجیل فی دفنه فلا ینتظرون اللیل إن مات فی النهار، و لا النهار إن مات فی اللیل، إلّا إذا شکّ فی موته فینتظر حتی الیقین(2).

الوجوب و إن کان المبدأ کذلک بخلاف ما لو قیل بالوجوب.

أما الشهادتین و الشهادة الثالثة فقد وردت فی ذلک النصوص الکثیرة و أما الاعتقادات الحقّة کما فی روایة أبی بصیر و روایة أبی بکر الحضرمی (1) و فی تلقین النبی صلی الله علیه و آله و سلم لحمزة لیلة أحد تضمن الاقرار بأن فاطمة سیدة النساء.

حکی علیه الاجماع کما عن نهایة الاحکام و عن کشف الالتباس الاجماع علی تحقّقه بثلاثة أیام، و یدلّ علیه مضافاً إلی انه مقتضی القاعدة لحرمة النفس المستلزمة للحیطة الروایات الواردة (2) فی المقام کصحیح هشام

ص:95


1- 1) أبواب ب 37 / 3 - 4.
2- 2) أبواب الاحتضار ب 48.

و إن کانت حاملاً مع حیاة ولدها فإلی أن یشقّ جنبها الأیسر لإخراجه، ثمّ خیاطته(1).

ابن الحکم عن أبی الحسن علیه السلام فی المصعوق و الغریق قال: «ینتظر به ثلاثة أیام إلّا أن یتغیر قبل ذلک».

و فی صحیح إسماعیل بن عبد الخالق عنه علیه السلام إضافة المبطون و المهدوم و المدخن من دون التقیید بثلاثة بل بغایة التغیر.

و فی موثق إسحاق بن عمّار عنه علیه السلام أطلق علی الانتظار «و یستبرأ» و فی موثّق عمّار عنه علیه السلام عدم التقیید بثلاثة فی الغریق بل بغایة العلم بالموت و التغییر لکن قید المصعوق بیومین» و من ذلک یظهر أن الغایة هی العلم بالموت بالتغیر کمجیء الریح و نحو ذلک فلو حصلت قبل الثلاثة لم ینتظر به و دفن، و لکن الحدّ المضروب شرعاً للشکّ هو الثلاثة إلّا أن یفرض ان الاحتمال بدرجة قویّة غیر عادیة لأن الظاهر ضرب الحدّ للشکّ المعتاد، ثمّ انه یظهر من جملتها لزوم التربّص فی جملة هذه العناوین ما دام لم یحصل تغیّر أو تجیء منه ریح و إن لم یکن فی البین شکّ فعلی فبمجرّد ظاهر الحال لا یعتدّ به، و إن کان ظاهر کلمات الأصحاب فی المقام التقیید بالشکّ، نعم لا یتقید الحکم بالعناوین المذکورة بل لکل مشکوک و لذلک اختلف التعداد فی الروایات.

کما فی جملة من النصوص المعتبرة (1) کصحیح علی بن یقطین و موثق محمد بن مسلم و غیرهما و لکن لیس فیه التقیید بالجنب الأیسر، و فی

ص:96


1- 1) أبواب الاحتضار ب 46.

فصل فی حکم کراهة الموت

فصل

فی حکم کراهة الموت

لا تحرم کراهة(1) الموت، نعم

الصحیح إلی ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه عنه علیه السلام التقیید بخیاطة بطنها و فی طریق آخر للشیخ عن ابن أبی عمیر عن ابن اذینة موقوفة علیه غیر مسندة عنه علیه السلام و لأجل ذلک توقف فی الخیاطة کما عن المعتبر و المدارک. نعم عن الفقیه و المقنعة و النهایة و المبسوط و المنتهی و السرائر و غیرها التقیید بالجانب الأیسر بینما عن آخرین اطلاق الشق. و الخیاطة أوفق بحرمة المیت و أبعد عن المثلی.

لجملة من الروایات (1) کصحیح أبان بن تغلب عنه علیه السلام من الحدیث القدسی و فیه یکره الموت و أکره مساءته ما یفید عدم محظوریته عنده تعالی و السیاق المتقدم داعم لذلک، کذلک روایة عبد الصمد بن بشیر و کذلک جملة الروایات (2) المعتبرة الواردة فی جواز الفرار من مکان الوباء و الطاعون و الفرار مظهر للکراهة و النفور و کذلک ما ورد من کراهة تمنی الموت بسبب الابتلاء بالشدة و نحوها مما یدل علی أن الرغبة أو النفرة من الموت تتبع فی حکمها الجهات الطارئة و المحتفة و یعضده الاعتبار العقلی.

ص:97


1- 1) أبواب الاحتضار ب 32ج
2- 2) أبواب روایات المحتضر ب 20.

یستحب عند ظهور أماراته أن یحب لقاء اللّه تعالی(1)، و یکره تمنی الموت .....، و یجوز الفرار من الوباء و الطاعون و ما فی بعض الأخبار من «أن الفرار من الطاعون کالفرار من الجهاد» مختص بمن کان فی ثغر من الثغور لحفظه(2)، نعم لو کان فی مسجد و وقع الطاعون فی أهله یکره الفرار منه.

فصل الأعمال الواجبة المتعلقة بتجهیز المیت

اشارة

فصل

- الأعمال الواجبة المتعلقة بتجهیز المیت -

من التغسیل، و التکفین، و الصلاة، و الدفن -من الواجبات الکفائیة فهی واجبة علی جمیع المکلفین(3)، و تسقط بفعل البعض، فلو ترکوا أجمع أثموا أجمع. و لو کان مما یقبل

کما یظهر من روایة (1) عبد الصمد بن بشیر، و هو من مصادیق الرضا بالقضاء و القدر حینئذ.

مرّت الاشارة إلی الروایات الواردة (2) فی الجواز و فسرت قول النبی صلی الله علیه و آله بما ذکره فی المتن و أما الکراهة فیها لو وقع فی المسجد فیدل علیه صحیح علی بن جعفر (3).

کما حکی الاتفاق علیه من غیر واحد الا ما عن الحدائق من أن

ص:98


1- 1) أبواب الاحتضار ب 19 / 2.
2- 2) أبواب الاحتضار ب 20.
3- 3) أبواب الاحتضار ب 20 / 5.

الخطاب بها متوجه إلی الولی فإن لم یأت بها یجب کفایة علی الآخرین، و عن جامع المقاصد أن وجوبها کفایة لا یناط برأی أحد و إلّا لما کان علی الجمیع.

و تنقیح الحال فی المقام باستعراض أدلة الکفائیة ثمّ ما استدل به علی الاختصاص العینی بالولی ثمّ فی حل الاشکال المذکور فی کلام الکرکی:

أما أدلة الکفائیة:

فمنها: إطلاق الخطاب فی جلّ الروایات الواردة فی أعمال تجهیز المیت من دون تعیین مخاطب بالأمر، و دعوی انها فی مقام بیان الکیفیة و ماهیة و شرائط العمل لا فی صدد بیان المخاطب بالأمر، غیر ضائرة بالمطلوب لأن استفادة عموم حصول الغرض انما یستظهر منها، و المفروض مفروغیة الطلب فیها.

و منها: سقوط الوجوب بفعل الآخرین، و أشکل بأنه یسقط بفعل المجنون أو الصبی أو الاتفاق کما هو الحال فی الدین فانه یسقط بفعل المتبرع مع عدم کون الوجوب کفائیاً و لو کان الدین عبادیاً کالصلاة و الصوم، و یمکن الاجابة عنه بان النقض بالدین مدفوع بأن الخطاب هناک معلوم أنه خاص بالولد الأکبر دون غیره و إن حصل الغرض بفعل کل شخص، بخلاف المقام فان من المتسالم علیه توجه الوجوب للکل مع عدم إتیان الولی لعصیانه أو عدم قدرته أو عدم وجوده من مفاد الأدلة مما یدلّل علی توجه الخطاب لهم إجمالاً.

ص:99

صدوره عن جماعة کالصلاة -إذا قام به جماعة فی زمان واحد - اتصف فعل کل منهم بالوجوب. نعم یجب علی غیر الولی الاستئذان منه، و لا ینافی وجوبه وجوبها علی الکل، لأن الاستئذان منه شرط صحة الفعل لا شرط وجوبه. و إذا امتنع الولی

و منها: الروایات الواردة (1) فی تغسیل المماثل مقدماً علی المحرم غیر المماثل و المماثل للکافر علی المسلم غیر المماثل و مع عدم وجود المحرم و المماثل تصل النوبة إلی غیر المماثل مما یدلّل علی توجه الخطاب للکل.

و استدل لاختصاص الخطاب بالولی بتخصیص الخطاب فی جملة من الروایات به کالصحیح إلی ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «یصلّی علی الجنازة أولی الناس بها أو یأمر من یحبّ» (2)و غیرها (3) و مثله فی الغسل (4).

و فیه: ان مفادها هو فی أولویة الولی و أحقیته بذلک أو ولایته علی شئون المیت و هو لا ینافی عموم الخطاب نظیر خطاب الحاکمین باقامة الحدود و القصاص و العدل و القسط و نحوها من وظائف الحاکم مع عموم الخطاب بها للمکلفین أیضاً نظیر قوله تعالی: «لِیَقُومَ النّاسُ بِالْقِسْطِ » فإن وظیفة الحاکم التدبیر و ادارة الأمور و وظیفة العامة هو إعانته علی القیام بذلک،

ص:100


1- 1) أبواب غسل المیت ب 19-20-21.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 23 / 1.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 23.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 26.

من المباشرة و الاذن یسقط اعتبار إذنه. نعم لو أمکن للحاکم الشرعی إجباره له أن یجبره علی أحد الأمرین(1)، و إن لم یمکن یستأذن من الحاکم.

و الحاصل أن ثبوت الولایة لا یتصادم مع عموم التکلیف، نعم بین الأولویة و الولایة فرق حیث تحرم المزاحمة خاصة علی الأول و یجب الاستئذان مطلقاً علی الثانی، و الظاهر من مفادها الثانی لا سیما و أنها ناظرة لآیة أولی الأرحام و أن العمدة فی ثبوت ولایته هی الآیة معتضدة دلالتها بالروایات کما سیأتی.

و من ذلک یندفع تقریب التعارض أو التدافع بین مفاد الروایات أو بین الوجوب الکفائی و الاستئذان من الولی فان الوجوب الکفائی متعلقه نفس الفعل بینما الولایة و العینی متعلقه التصدی و التدبیر لوقوع تلک الأفعال کما هو مطرد فی متعلق الولایة و الولایات.

و هو مبنی إما علی الوجوب العینی علی الولی أو أن معنی ولایته هو وجوب حق علیه و لا ینافی ذلک کونها له من بعض الجهات، و إن کان مفاد آیة ولایة الأرحام هو ثبوتها له لا علیه کما هو الحال فی الإرث و الحقوق المالیة، و قد یستفاد من الصحیح (1) إلی ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه المتقدم تعین أحد الوظیفتین علی الولیّ، و أن آیة ولایة الأرحام و إن کانت فی ثبوت حق الولایة للرحم لا علیه إلّا أنه بحسب الموارد قد تکون الولایة حق علی الرحم، کما فی النفقة و حضانة الطفل، و کما فی وجوب نصب المیت القیم علی أطفاله القصّر. و قد تقدّم انه بمقتضی جعل الولایة له علی أولاده،

ص:101


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 23 / 1.

و الأحوط الاستئذان من المرتبة المتأخرة أیضاً(1).

مسألة 1:الإذن أعم من الصریح و الفحوی

(مسألة 1): الاذن أعم من الصریح و الفحوی، و شاهد الحال القطعی.

مسألة 2:إذا علم بمباشرة بعض المکلفین یسقط وجوب المبادرة

(مسألة 2): إذا علم بمباشرة بعض المکلفین یسقط وجوب المبادرة(2)، و لا یسقط أصل الوجوب إلّا بعد إتیان الفعل منه أو من غیره، فمع الشروع فی الفعل أیضاً، لا یسقط الوجوب

و الضابطة فی ذلک أن الولایة فی المقام کما مرّ لیس لمراعاة الوارث و تسلیته فقط بل لمراعاة المیت و تدبیر شئونه فهی من نفع المیت أیضاً فتکون حق علی الوارث أیضاً. و قد یقرب انتقال الولایة لذی الرحم فی المرتبة المتأخرة مع امتناع الأقرب عن التصدّی کما هو الحال لو کان الأقرب قاصراً أو غائباً.

ثمّ ان عموم آیة الأرحام مقتضاها ثبوت الولایة فی المراتب المتأخرة بل عموم «أولی الناس به أولاهم بمیراثه» ثبوتها لمراتب الإرث غیر الرحم من ولاء العتق و الجریرة.

حیث ان الاذن لیس کالرضا الانشائی محتاج إلی انشاء، لکن بین الاذن و الطیب النفسی فرق فی کون الأول هو بإعلام و إبراز من صاحب الحق أو الولایة، بخلاف الثانی فإنه لا یحتاج إلی إظهار منه بل یکفی ظهوره و من ثمّ کان الأول متضمناً لنحو من الانشاء.

حیث تکون الفوریة واجبة کما هو الحال فی المقام، و هی بحسب العمل و المدة المتناسبة معه، نعم سقوط الوجوب متوقف علی الأداء الخارجی کما هو الشأن فی کل موارد الوجوب، لکن أصالة الصحة فی جملة

ص:102

فلو شرع بعض المکلفین بالصلاة یجوز لغیره الشروع فیها بنیة الوجوب. نعم إذا أتم الأول یسقط الوجوب عن الثانی، فیتمها بنیة الاستحباب.

مسألة 3:الظن بمباشرة الغیر لا یسقط وجوب المبادرة فضلاً عن الشک.

(مسألة 3): الظن بمباشرة الغیر لا یسقط وجوب المبادرة فضلاً عن الشک.(1)

مسألة 4:إذا علم صدور الفعل عن غیره سقط عنه التکلیف ما لم یعلم بطلانه

(مسألة 4): إذا علم صدور الفعل عن غیره سقط عنه التکلیف ما لم یعلم بطلانه و إن شک فی الصحة، بل و إن ظن البطلان، فیحمل فعله علی الصحة، سواء کان ذلک الغیر عادلاً أو فاسقاً.

مسألة 5:کل ما لم یکن من تجهیز المیت مشروطاً بقصد القربة -کالتوجیه إلی القبلة، و التکفین، و الدفن -یکفی صدوره من کل من کان

(مسألة 5): کل ما لم یکن من تجهیز المیت مشروطاً بقصد القربة -کالتوجیه إلی القبلة، و التکفین، و الدفن -یکفی صدوره من کل من کان من البالغ العاقل أو الصبی أو المجنون -و کل ما یشترط فیه قصد القربة

من الواجبات الکفائیة جاریة و لو لم یحرز أصل الفعل بل بمجرد المبادرة و التصدّی من الغیر، فهی تغایر جریانها فی المعاملات و العبادات. نعم صرف شروع الأول لا یمانع صدق الواجب علی فعل الثانی ما دام الوجوب قائماً بحیاله و لم یسقط نسبة الواجب لکل من الفعلین علی استواء و السبق الزمانی لا یعین الصدق فی السابق ما دام الوجوب باقیاً، بل ان صدق الواجب علی أکثر من فرد فی عرض واحد لا محذور فیه و إن کان الغرض قائماً بصرف وجود الفرد، غایة الأمر ان الطبیعی فی الفرض صادق علی المجموع.

تقدم جریان أصالة الصحة فی جملة من الواجبات الکفائیة بمجرد

ص:103

- کالتغسیل و الصلاة -یجب صدوره من البالغ العاقل(1)، فلا یکفی صلاة الصبی علیه إن قلنا بعدم صحة صلاته، بل و إن قلنا بصحتها - کما هو الأقوی -علی الأحوط، نعم إذا علمنا بوقوعها منه صحیحة جامعة لجمیع الشرائط لا یبعد کفایتها، لکن مع ذلک لا یترک الاحتیاط.

مبادرة الغیر بل بتصدیه و إن لم یبادر استناداً إلی السیرة العرفیة القائمة، نعم فی الموارد التی لیس لها متصدی و مباشر کما فی الأماکن النائیة المنقطعة عن الساکنین و نحوها لا یکفی الظن فضلاً عن الشک و الاحتمال لعدم جریان أصل مفرغ فی البین.

و یضاف إلیه شرط الإیمان لکونه عبادة، و أما الصبی فتارة یقرر الشک فی أجزاءه بحسب الأصل العملی و اخری بحسب الأصل اللفظی و ثالثة بحسب الادلة الخاصة. هذا ما لو لم یکن إتیان الصبی للفعل کآلة لدی الکبیر، أما بحسب الأصل العملی: فقد تقرر البراءة لرجوع الحال إلی اشتراط التکلیف فی حق البالغین بعدم إتیان الصبی للفعل فیرجع الشک إلی أصل التکلیف أن ذلک لا یختلف الحال فیه بین أن یمضی مدة علی تحقق الموضوع و هو موت المیت و بین أن یکون اتیان الصبی لذلک فی ابتداء المدة، و ذلک لأن اتیان الصبی للفعل و لو بعد حین کاشف عن عدم تحقق الشرط من الأول فی حق البالغین. و یرد علیه: أولاً: ان الصحیح فی الواجب الکفائی هو عدم رجوعه إلی تکالیف مشروطة بل إلی تکلیف واحد للجمیع قائم بغرض واحد یسقط بإتیانه من احد المکلفین فالشک فی المقام یرجع إلی السقوط و الأصل فیه

ص:104

الاشتغال.

ثانیاً: لو غضضنا النظر عن ما تقدم فإنه لا ریب أن البالغین لو أتوا بالفعل قبل الصبی فانه یقع مصداقاً للواجب مما یدل علی أن الشرط مراعی فیه حصول الغرض و قبله لا سقوط للتکلیف، و حینئذ فیکون الشک فی التکلیف بقاءً أی فی سقوطه و هو مورد الاشتغال کما هو المحکی عن المیرزا النائینی قدس سره و أما بحسب الأصل للفظی فقیل بان اطلاق تکلیف البالغین نافٍ لاشتراط عدم فعل الصبی، فیقضی بعدم الاکتفاء به، لکن هناک اطلاق آخر مقدم علی هذا التقریر، لا سیما و ان الواجب الکفائی کما عرفت لا یؤول إلی الاشتراط و انما یقرر الشک فی الاطلاق للتکلیف الشامل للصبی، فالقدر المتقین من الخطاب غیر شامل للصبی فلا یکتفی به، هذا لو خدش فی وجود الاطلاق، و إلّا کما هو الصحیح من وجود الاطلاق -و هو العمدة فی مشروعیة عبادات الصبی الممیز -فهو یقتضی الاکتفاء بفعله.

و أما بحسب الأدلة الخاصة الواردة فی تکلیف الصبی من کون عمد الصبی خطأ و رفع القلم عنه حتی یحتلم فهی و إن لم تقتضی تخصیص الأدلة العامة عن الشمول له، لکنها تقتضی رفع الفعلیة التامة و إن لم ترفع أصل الفعلیة و علی ذلک فالاکتفاء به محلّ اشکال، ثمّ ان فی جریان أصالة الصحة فی أفعاله القصدیة عند الشک محل تأمل لا سیما مع سلب عبارته بمعنی ضعف الارادة العمدیة.

ص:105

فصل فی مراتب الأولیاء

اشارة

فصل

فی مراتب الأولیاء

مسألة 1:الزوج أولی بزوجته من جمیع أقاربها

مسألة: الزوج أولی بزوجته من جمیع أقاربها(1) حرة کانت أو أمة، دائمة أو منقطعة، و ان کان الأحوط فی المنقطعة الاستئذان من المرتبة اللاحقة أیضاً ثمّ بعد الزوج المالک أولی بعبده أو أمته من کل أحد، و اذا کان متعدداً اشترکوا فی الولایة، ثمّ بعد المالک طبقات الأرحام بترتیب الإرث فالطبقة الأولی -و هم الأبوان الأولاد - مقدمون علی الثانیة و هم الاخوة و الأجداد، و الثانیة مقدمون علی الثالثة -و هم الأعمام و الأخوال -ثمّ بعد الأرحام المولی المعتق ثمّ ضامن الجریرة ثمّ الحاکم الشرعی ثمّ عدول المؤمنین.

(قاعدة فی عموم ولایة الأرحام)

الجهة الاُولی:

قال فی مفتاح الکرامة عند قول العلّامة (و الأولی بها -أی الصلاة علی المیت -هو الاولی بالمیراث( قال: هذا الحکم مقطوع به فی کلام الأصحاب و ظاهرهم انه مجمع علیه ثمّ حکی جملة من الکلمات علی ذلک عن المدارک و المنتهی و المختلف و الخلاف و الغنیة و المبسوط و السرائر و المحقق و الشهیدین و المحقق الثانی و غیرهم، و حکی عن جماعة و منهم

ص:106

التحریر عموم ذلک للانثی و لکنه حکی عن المصباح للشیخ و کذا الاقتصاد و الجامع و المقنعة التقیید بالذکور و الرجال بل حکی عدم الخلاف علی أولویة الذکر من الاُنثی و نقل جملة من کلمات المتأخرین علی ذلک و کذا ابن إدریس و المحقق و المبسوط ثمّ حکی عن المدارک ان المراد بالأولی بالمیت هو امس الناس رحماً به و علاقة من غیر اعتبار لجانب الإرث، و حکی عن الکاتب ان الجد اولی من الابن خلافا للمشهور فانهم اتبعوا طبقات الإرث و الأب عندهم أولی من الابن و الزوج أولی من کل أحد و یدل علی ذلک أولاً قوله تعالی:

«وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلی بِبَعْضٍ فِی کِتابِ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَ الْمُهاجِرِینَ » فإن الآیة لا تخص الإرث بل تعمه و غیره.

ثانیاً: جملة من الروایات: منها ما ورد فی الصلاة فی الصحیح إلی ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «یصلی علی الجنازة أولی الناس بها أو یأمر من یحب» (1) و مثلها المعتبرة عن ابن أبی نصر عن بعض أصحابنا (2) و صحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قال: قلت المرأة تؤم النساء، قال: «لا إلّا علی المیت إذا لم یکن أحد أولی منها» (3).

و منها: فی الدخول للقبر صحیح زرارة انه سأل أبا عبد اللّه علیه السلام عن القبر کم یدخله قال: «ذاک إلی الولی إن شاء أدخل وتراً و إن شاء

ص:107


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 23 / 1.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 23 / 2.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 25 / 1.

شفعاً» (1).

و منها: ما ورد فی التغسیل کموثق عمار الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه سئل.. عن الصبیة تموت و لا تصاب امرأة تغسلها قال: «یغسلها رجل أولی الناس بها» و موثق غیاث بن إبراهیم الرزامی عن جعفر عن أبیه عن علی علیه السلام قال: قال أمیر المؤمنین علیه السلام : «یغسل المیت أولی الناس به أو من یأمره الولی بذلک» (2).

و منها: ما ورد فی الصوم مما یبین من هو أولی الناس به کصحیح حفص بن البختری عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی الرجل یموت و علیه صلاة أو صیام قال: «یقضی عنه أولی الناس بمیراثه» قلت: فإن کان أولی الناس به امرأة؟ فقال: «لا، إلّا الرجال» (3).

و فیها تصریح بأن الأولی بالمیت هو الأولی المأخوذ موضوعاً فی باب الإرث.

و مثله المعتبرة إلی حماد بن عثمان عمن ذکره عن أبی عبد اللّه علیه السلام (4).

و فی صحیح الصفار قال: کتب إلی الأخیر علیه السلام رجل مات و علیه قضاء من شهر رمضان عشرة أیام و له ولیان، هل یجوز لهما أن یقضیا عنه. جمیعاً

ص:108


1- 1) أبواب الدفن ب 24 / 1.
2- 2) أبواب تغسیل المیت ب 26 / 1.
3- 3) أبواب احکام شهر رمضان ب 23 / 5-6-3.
4- 4) أبواب أحکام شهر رمضان ب 23 / 5-6-3.

خمسة أیام أحد الولیین و خمسة أیام الآخر؟ فوقع علیه السلام «یقضی عنه أکبر ولییه عشرة أیام ولاءً إن شاء اللّه» (1).

و فیه تصریح بتعدد الولی و هو ینطبق علی طبقات موضوع الإرث.

و منها: ما أورده فی الإرث و ان لم یمکن متنه مختصاً بالإرث کصحیح یزید الکناسی عن أبی جعفر علیه السلام قال: ابنک أولی بک من ابن ابنک، و ابن ابنک أولی بک من أخیک و قال و أخوک لأبیک و امک أولی بک من أخیک لأبیک و أخوک لأبیک أولی بک. من أخیک لأمک .....» و استعرض علیه السلام بقیة درجات القرب و البعد فی الرحم. و هی غیر مقیدة بباب الإرث بل فیها بیان عموم الأولویة.

و فی موثق زرارة قال: سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول: «وَ لِکُلٍّ جَعَلْنا مَوالِیَ مِمّا تَرَکَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ » قال: انما عنی بذلک: أولی الأرحام فی المواریث، و لم یعنی أولیاء النعم، فأولاهم بالمیت أقربهم إلیه من الرحم التی تجره إلیها».

هذا مضافاً إلی ما ورد من التعبیر -بولی المیت أولی الشخص به و لو کان حیّاً -فی الأبواب المختلفة کما فی باب الدین (ولی المیت یقضی دینه)، و الوصیة و النکاح (الذی بیده عقدة النکاح هو ولی أمرها)، و الطلاق و الحدود و الدیات و الزکاة و غیرها. ثمّ ان المحصل من مفاد الأدلة من ناحیة الموضوع هو الامس رحماً و الأقرب، و هو الذی أخذ موضوعاً فی أحکام الإرث. و أما

ص:109


1- 1) أبواب أحکام شهر رمضان ب 23 / 5-6-3.

من ناحیة المحمول فهذه الولایة بین الأرحام تعنی أخصیة الرحم بشئون رحمه سواء کانت بمعنی التکافل و الخدمة علیه أو الناظریة و القیمومة أو الوراثة کل باب بحسبه، فهو و إن کان مفاداً مجملاً من هذه الناحیة إلّا أن ذلک یثمر فی الأبواب حیث یکون نمط الولایة مبیناً ماهیة بحسب أدلة ذلک الباب إلّا انه مجهول من یختص به فتکون هذه الأدلة مبینة لصاحب الاختصاص و هو الرحم.

الجهة الثانیة: عموم القاعدة و أشکل علی دلالة الآیة و الروایات:

أولاً: ما ذکره صاحب الجواهر من ان حکمة الإرث لعلها مبتنیة علی غیر الأولویة و الرحمیة فإن الجد أقرب من ولد الولد و مع ذلک لا یرث معه، کما هو الحال فی عدم کون الأکثر نصیباً أقرب. فکیف یراعی ما فی الإرث من طبقات.

ثانیاً: إن الآیات فی أولی الارحام واردة فی الإرث فلا عموم و لا اطلاق لها إلی غیره من الموارد.

ثالثاً: ان فیما تقدم فی الروایات تخصیص القضاء بالولد الأکبر مع عدم الالتزام بذلک فی الإرث و لا فی جملة من المقامات.

رابعاً: إن تقدیم الذکور یغایر ما علیه مقتضی ولایة الرحم فی الإرث إلّا علی القول بالتعصیب.

و یرد الأول: بأن الأقربیة من جهة الآداب و توقیر الکبار لا تنافی الأولویة الحقیّة للطبقة الأولی کما هو الحال فی إرث المال و حق القصاص

ص:110

و غیرها من الحقوق. و کما هو الحال فی أولویة الزوج من العصبة و لکن أهلها یمنعونه تعصباً کما فی صحیح محمد بن مسلم (1) و صحیح عبد اللّه بن سنان (2)، و لعل السیرة فی الجد مع ولد الولد لکونه قاصراً فی الغالب فی حیاة الجد.

أما الثانی: فورود الآیات فی الإرث لا ینافی عمومها فإن المورد لا یخصص الوارد مع أن لفظ الآیة تکرر فی کل سورتی الأنفال و الأحزاب (3)و لم یذکر فیهما إرث المال بل سیاق الأولی فی مورد الولایة فی النصرة و الحمایة السیاسة و الثانیة فی مورد زعامة و ولایة الرسول علی المؤمنین و أنه أولی بهم من أنفسهم مع اطلاق المتعلق المفید للعموم لکل من الإرث و غیره.

هذا مع أن الإرث فی الاستعمال القرآنی یعم الأموال و غیرها من الأمور الحقوقیة و الاعتباریة الاُخری، کما فی قوله تعالی علی لسان زکریا علیه السلام «وَ إِنِّی خِفْتُ الْمَوالِیَ مِنْ وَرائِی وَ کانَتِ امْرَأَتِی عاقِراً فَهَبْ لِی مِنْ لَدُنْکَ وَلِیًّا * یَرِثُنِی وَ یَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ » (4)مع أن موردها مواریث الأنبیاء، و کذلک قوله تعالی «وَ وَرِثَ سُلَیْمانُ داوُدَ وَ قالَ یا أَیُّهَا النّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَ أُوتِینا مِنْ کُلِّ شَیْءٍ إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ» (5)مع أن موردها الخلافة الإلهیة

ص:111


1- 1) أبواب غسل المیت ب 24 - 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 24/ 4 - 1.
3- 3) الأنفال / 75 - الأحزاب / 6.
4- 4) مریم / 5 - 6.
5- 5) النمل / 16.

و العطیات و النعم اللدنیة، و قال تعالی فی شأن طالوت حیث تقلد الامامة علی بنی إسرائیل «إِنَّ آیَةَ مُلْکِهِ أَنْ یَأْتِیَکُمُ التّابُوتُ فِیهِ سَکِینَةٌ مِنْ رَبِّکُمْ وَ بَقِیَّةٌ مِمّا تَرَکَ آلُ مُوسی وَ آلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِکَةُ إِنَّ فِی ذلِکَ لَآیَةً لَکُمْ إِنْ کُنْتُمْ مُؤْمِنِینَ » (1)و (ما ترک) مورده فی الآیة مواریث النبوات، و منه یظهر العموم فی الآیة الثالثة التی مرّ تفسیره علیه السلام لها «وَ لِکُلٍّ جَعَلْنا مَوالِیَ مِمّا تَرَکَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ » (2)للإرث فی المال و غیره من الحقوق غیر المالیة و الصلاحیات الاعتباریة، غایة الأمر أن عموم الآیة فی عموم الأرث و غیره بمنزلة العموم الفوقانی یرد تفصیله و شروط ولایة الرحم لبعضهم البعض فی الأبواب المختلفة بالأدلة الخاصة فی کل باب کما هو الحال فی الإرث المالی أن له شروط کاتحاد الملة و موانع کالقتل و نحو ذلک کذلک الحال کلما کان مورد الإرث و ولایة الرحم لبعضهم البعض ذا شأن خطیر فإنه تشتد الشروط و انحاء الموانع بحسب تناسب الأمر الموروث فإنه قد یستدعی الطهارة بدرجة العصمة کما یشیر إلیه قوله تعالی: «إِنَّ اللّهَ اصْطَفی آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْراهِیمَ وَ آلَ عِمْرانَ عَلَی الْعالَمِینَ * ذُرِّیَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَ اللّهُ سَمِیعٌ عَلِیمٌ » (3)فان الوراثة الاصطفائیة فی الذریة الطاهرة و النسل المطهر لا ما هو فی العرف القبلی و العرقی و الملوکی.

ص:112


1- 1) البقرة / 248.
2- 2) النساء / 33.
3- 3) آل عمران / 33 - 34.

و یدعم العموم فی الآیات ما فی آیة الخمس (1) و آیة الفیء (2) أن ملکیة التصرف و الولایة للخمس و الفیء بعد اللّه تعالی و رسوله أوکلت إلی قربی قرباه صلی الله علیه و آله و سلم الدال علی وراثة مقامه علیه السلام فی ذلک و کما فی الآیة ولایة أولی الأرحام فی سورة الأحزاب (3).

و من ثمّ ورد احتجاج أمیر المؤمنین علیه السلام أیام السقیفة علیهم بالإرث، و کذلک احتجاج الصدیقة علیه السلام علیهم فی ملکیة التصرف فی الفیء وفدک بآیات الإرث.

ثمّ إنه یشهد لعموم ولایة الأرحام لغیر الإرث و ما ورد فی جملة من الأبواب:

منها: ما ورد فیمن مات و لم یوص و له صغار و جواری کصحیحة علی ابن رئاب سألت أبا الحسن موسی علیه السلام عن رجل بینی و بینه قرابة مات و ترک أولاد صغاراً و ترک ممالیک له غلماناً و جواری و لم یوص، فما تری فیمن یشتری منهم الجاریة فیتخذها أم ولد؟ و ما تری فی بیعهم؟ فقال: إن کان لهم ولی یقوم بأمرهم باع علیهم و نظر لهم کان مأجوراً فیهم، قلت: فما تری فیمن یشتری منهم الجاریة فیتخذها أم ولد؟ قال: لا بأس إذا باع علیهم القیم لهم الناظر فیما یصلحهم، و لیس أن یرجعوا عما صنع القیم لهم الناظر فیما

ص:113


1- 1) الأنفال / 1.
2- 2) الحشر / 7.
3- 3) الأحزاب / 6.

یصلحهم» (1).

و الروایة و إن لم تکن متعرضة فی أصل السؤال و الجواب إلی کیفیة تولیة الولی و من هو.

إلّا أن فرض السؤال عدم کونه وصیاً کما أنه علیه السلام لم یبین فی الجواب تنصیباً منه لذلک الولی بل ظاهر الجواب افتراض وجود الولایة بین الشخص الولی القیم لصغار الورثة و هو ینصرف عرفاً ابتداءً إلی ولایة الأرحام.

و منها: ما ورد فی اطلاق الأخرس: صحیح ابن أبی نصر البزنطی أنه سأل أبا الحسن الرضا علیه السلام عن الرجل تکون عنده المرأة یصمت و لا یتکلم، قال: أخرس هو؟ قلت: نعم، و یعلم منه بغض لامرأته و کراهة لها، أ یجوز أن یطلق عنه ولیه؟ قال: لا، و لکن یکتب و یشهد علی ذلک، الحدیث (2).

و منها: ما ورد فی طلاق المعتوه و کصحیح أبی خالد القماط قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام رجل یعرف رأیه مرة و ینکر اخری، یجوز طلاق ولیه علیه؟ قال: ماله هو لا یطلق؟ قلت لا یعرف حدّ الطلاق و لا یؤمن علیه إن طلق الیوم أن یقول غداً: لم أطلق، قال: ما أراه إلّا بمنزلة الامام یعنی: الولی» (3) و فی طریق آخر ما أری ولیه إلّا بمنزلة السلطان) (4).

ص:114


1- 1) أبواب الوصایا ب 88 / 1.
2- 2) أبواب مقدمات الطلاق ب 19 / .
3- 3) أبواب مقدمات الطلاق ب 34 / 1 - ب 35 / 1.
4- 4) أبواب مقدمات الطلاق ب 34 / 1 - ب 35 / 1.

و فی صحیح شهاب بن عبد ربه قال: قال أبو عبد اللّه علیه السلام المعتوه الذی لا یحسن أن یطلق یطلق عنه ولیه علی السنة علیه السلام و اطلاق الولی ینصرف إلی القریب فی الرحم الوارث له.

و منها: ما ورد فی طلاق المفقود.

کصحیح یزید بن معاویة قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن المفقود کیف تصنع امرأته؟

فقال: ما سکتت عنه و صبرت فخل عنها، و إن هی رفعت أمرها إلی الوالی أجلها أربع سنین، ثمّ یکتب الصقع الذی فقد فیه فلیسأل عنه، فان خبر عنه صبرت و إن لم یخبر عنه بحیاة حتی تمضی الأربع سنین دعا ولی الزوج المفقود فقیل له: هل للمفقود مال؟ فان کان للمفقود مال أنفق علیها، حتی یعلم حیاته من موته و إن لم یکن له مال قیل للولی: انفق علیها، فإن فعل فلا سبیل لها إلی أن تتزوج ما أنفق علیها، و إن أبی أن ینفق علیها، أجبره الوالی أن یطلق تطلیقه فی استقبال العدة و هی طاهرة فیصیر طلاق الولی طلاق الزوج، الحدیث» (1).

و مثلها صحیح الحلبی و فیها «فإن لم ینفق علیها ولیه أو وکیله أمره أن یطلقها» (2) و مثلها صحیح أبی الصباح الکنانی و فیه «و إن لم یکن له ولیّ طلقها السلطان» (3).

ص:115


1- 1) أبواب اقسام الطلاق ب 23 / 1 - 4 - 5.
2- 2) أبواب أقسام الطلاق ب 23 ج 1 - 4 5.
3- 3) أبواب أقسام الطلاق ب 23 / 1 - 4 - 5.

و هذه الروایات دالة علی مفروغیة صلاحیة الولی فی التصرف فی أموال المفقود و شئونه کالطلاق، و الولی ینصرف إلی من هو أمس رحماً للوارث.

و منها: ما ورد فی أموال الیتیم کروایة علی بن المغیرة قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام : أن لی ابنة أخ یتیمة فربما أهدی له الشیء فآکل منه ثمّ أطعمها بعد ذلک الشیء من مالی فأقول: یا رب هذا بذا فقال علیه السلام : لا بأس» (1) و هی و إن لم یکن مفادها متعرضاً إلی ولایة ذی الرحم، و لکن الظاهر عدم سبق استئذان من الراوی فی تولیه لشئون ابنة أخیه و مفروغیة ولایته لها بالرحم.

ثمّ إنه مما یدعم ولایة الأرحام لبعضهم البعض ما اشتهر لدی الأصحاب من أن السلطان ولی من لا ولی له أی سلطان العدل و هو نظیر ما ورد من ان الامام علیه السلام «وارث من لا وارث له» أی انه بولایته العامة فی الأمور العامة تصل النوبة إلیه علیه السلام فی الأمور الخاصة بآحاد العامة فی شئونهم الشخصیة بعد فقد الوارث الخاص لهم لکنه علیه السلام بولایته الأخری و هو کونه أولی بالمؤمنین من أنفسهم و نظیر قوله تعالی: «ما کانَ لِمُؤْمِنٍ وَ لا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَی اللّهُ وَ رَسُولُهُ أَمْراً أَنْ یَکُونَ لَهُمُ الْخِیَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ » (2)فولایته فی الأمور الشئون الخاصة مقدمة علی ولایة الأشخاص و الورّاث إلّا ان الکلام فی المقام من جهة ولایته العامة، و هذا غیر ولایة الامام علیه السلام من جهة اخری حیث أنه أولی بالمؤمنین من أنفسهم وراثة لمقام النبی صلی الله علیه و آله و سلم ، فضلاً عن من ینوب عنه،

ص:116


1- 1) أبواب ما بکتب به ب 71 / 2.
2- 2) الأحزاب / 36.

لا سیما بناء علی أدلة الحسبیة لنیابته، حیث أنه تکون أدلة ولایة ذوی الأرحام واردة، إلّا فیما یرجع إلی التنازع أو فیما هو معرض ذلک.

الجهة الثالثة: أدلة المناهضة للعموم.

و قد یستدل بجملة من الروایات الاُخری علی ولایة الحاکم فی القصر و الأیتام دون ذوی الأرحام کذیل صحیح إسماعیل بن سعد الأشعری قال سألت الرضا علیه السلام فی حدیث -عن الرجل یموت بغیر وصیة و له ولد صغار و کبار أ یحل شراء شیء من خدمه و متاعه من غیر أن یتولی القاضی بیع ذلک، فإن تولاه قاضٍ قد تراضوا به و لم یستعمله الخلیفة أ یطیب الشراء منه أم لا؟ فقال: إذا کان الأکبار من ولده معه فی البیع فلا بأس إذا رضی الورثة بالبیع، و قام عدل فی ذلک» (1).

و صحیح بن یزیع -فی حدیث -فذکرت ذلک لأبی جعفر علیه السلام و قلت له: یموت الرجل من أصحابنا و لا یوصی إلی أحد و یخلف جواری فیقیم القاضی رجلاً منا فیبیعهن أو قال: یقوم بذلک رجل منا فیضعف قلبه لأنهن فروج، فما تری فی ذلک؟ قال: فقال: إذا کان القیم به مثلک و مثل عبد الحمید فلا بأس».

و لا یتوهم أن اشتراط رضا الکبار بلحاظ حصتهم فانه لا حاجة لبیانه مضافاً إلی اطلاق الشرط.

ص:117


1- 1) أبواب عقد البیع ب 16 / 1 - 2.

و موثق سماعة قال: سألته عن رجل مات و له بنون و بنات صغار کبار من غیر وصیة و له خدم و ممالیک و عقد، کیف یصنع الورثة بقسمة ذلک المیراث؟ قال: ان قام رجل ثقة قاسمهم ذلک کله فلا بأس» (1).

و صحیح إسماعیل بن سعد قال سألت الرضا علیه السلام -فی حدیث -عن الرجل یصحب الرجل فی سفر فیحدث به حدث الموت و لا یدرک الوصیة کیف یصنع بمتاعه و له أولاد صغار و کبار أ یجوز أن یدفع متاعه و دوابه إلی ولده الأکابر أو إلی القاضی؟ فان کان فی بلده لیس فیها قاض کیف یصنع؟ فان کان دفع المتاع إلی الأکابر و لم یعلم فذهب فلا یقدر علی رده کیف یصنع؟ قال إذا أدرک الصغار و طلبوا لم یجد بداً من اخراجه إلّا أن یکون بأمر السلطان» (2).

حیث إن صحیح إسماعیل بن سعد ذیلاً و صدراً افترض فیها قیام إما العدل أو السلطان بالتصرف المالی و إلّا فلا یکون نافذاً، مع أنه قد افترض وجود الأخوة الکبار للصغار و مثل هذا المفاد موثق سماعة و صحیح ابن بزیع.

و یرد هذا الاستدلال و إن تمسک بها لولایة الحاکم أو عدول المؤمنین:

أن مورد الروایات لیس مجرد التصرف فی أموال الصغار الصبیة بل هو قسمة الترکة و هی من شئون القاضی و من ثمّ یصح فیه قاضی التحکیم کما فرض فی ذیل صحیح إسماعیل بن سعد و اشترط فیه العدالة مع انه اشترط أیضاً

ص:118


1- 1) أبواب الوصایا ب 88 / 2 - 3.
2- 2) أبواب الوصایا ب 88 / 2 - 3.

رضاء الکبار فی بیع الصغار دال علی نظارتهم و ولایتهم علی اخوتهم و عدم تفرد العدل فی التصرف للقسمة. و أما ضمان دافع الترکة للکبار إذا طالب الصغار بسهمهم بعد أن یدرکوا، فنظیر ما ورد فی المدین للمیت انه لا یدفع الترکة للورثة إذا علم انهم لا یدفعونها فی دیون المیت. ثمّ إن مما تقدم ذکره فی محصل مفاد أدلة ولایة ذوی الأرحام أنها محمولاً متعرضة لبیان صاحب الاختصاص و الولایة و هو الأقرب رحماً مع عدم بیانها تفصیلاً لماهیة الاختصاص بحسب الموارد، و لا یرد علی هذه القاعدة خروج أو تقیید بعض الموارد لا بحسب القرب المعهود فی باب الإرث نظیر اختصاص قضاء صلاة المیت و صومه بالولد الأکبر، أو اختصاص وجوب النفقة بالعمودین دون کل الأرحام.

الجهة الرابعة: خصوصیة الموارد.

أما تقدیم الذکور علی الإناث فی کل طبقة کما ذهب إلیه المشهور فیمکن الاستشهاد له بما یظهر من جملة من الروایات فی أسئلة الرواة و تقریر الأجوبة علی ذلک:

کمعتبرة أبی بصیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: سألته عن المرأة تموت مَن أحق أن یصلّی علیها؟ قال: الزوج قلت: الزوج أحق من الأب و الأخ و الولد؟ قال: نعم» (1).

و فی صحیح حفص بن البختری عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی المرأة تموت

ص:119


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 24 / 1.

و معها أخوها و زوجها أیهما یصلّی علیها فقال: أخوها أحق بالصلاة علیها» (1).

و مثل حسنة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه (2) و هما و إن حملتا علی التقیة فی مقابل روایات الباب لکونه مذهب العامة إلّا أن ارتکاز السؤال فی أن المتصدّی هو الذکور مع وجود هم فی الطبقة و التقیید بالطبقة دون مطلق الطبقات مضافاً إلی مراعاة ترتیب الطبقات فی سؤال السائل، مع قصره علی الذکور، دون فرض الإناث فیکون الجواب تقریراً لذلک، و یدل علیه:

صحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قال: قلت: المرأة تؤم النساء؟ قال: لا إلّا علی المیت إذا لم یکن أحد أولی منها، تقوم وسطهن فی الصف» الحدیث (3).

و فی روایتی الحسن بن زیاد الصیقل و جابر التقیید ب (اذا لم یکن معهن رجل) (4) و مفادهما عین ما تقدم من الروایات من تقدم الذکور. فالصحیحة دالة علی شمول ولایة الأرحام لها، و أنه لا یتقدم علیها من هو متأخر عنها فی الرحم، کما أن ما تقدم من الروایات دالة علی أن تجهیز المیت من شئون الذکور فهم مقدمون علی الإناث، و لا تخفی حکمته لکون تجهیزه من الصلاة و الدفن یستلزم الخلطة مع الرجال مع کونها کلفة تناسب الذکور. هذا مضافاً إلی أن عموم أنه یغسل المیت أو یصلی علیه (أولی الناس به) شامل للمرأة،

ص:120


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 24 / 4 - 5.
2- 2) أبواب الجنازة ب 24 / 4 - 5.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 25 / 1.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 25 / 3.

و یضاف إلی ذلک أن ولایة الذکر لنظارته و تصدیه مباشرة، بخلاف الانثی فانها فی الصلاة و الدفن مجرد نظارة مع فرض وجود الرجال و لو الأجانب، فیتبین أن ولایة الذکر أولی و أوسع، لکن مقتضی ذلک أولویة الاناث فی التغسیل و التکفین لأن التصدی لیس من شئون الرجال الأرحام إذا کان المیت امرأة، کما و حکی عن الشیخ و الحلی و ابن فهد و کشف الالتباس.

الجهة الخامسة: تقدم ولایة الزوج علی الأرحام.

ثمّ ان الزوج مقدم علی الرحم بلا خلاف بین الأصحاب، إلّا أنه وقع الخلاف فی جواز تغسیل کل من الزوج و الزوجة للآخر اختیاراً أو مجرداً عن الثیاب، و نسب الجواز فی الأول إلی المشهور و عن الشیخ فی التهذیبین و الغنیة و حواشی الشهید علی القواعد اشتراط الاضطرار، و عن الذکری ان ظاهر الکثیر من الأصحاب انهما کالمحارم، مع ان ظاهر الأکثر فی المحارم الاختصاص بالضرورة و اختار جماعة الجواز فی الثانی و اختار جماعة اخری المنع و کونه من وراء الثیاب، و عن الاستبصار وجوب کونه من وراء الثیاب فی تغسیل الرجل لزوجته دون العکس هذا، و أما أولویة الزوج علی الأرحام فقد مر معتبر أبی بصیر و فی روایة اخری (نعم و یغسلها) (1).

و فی روایة إسحاق بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «الزوج أحق بامرأته حتی یضعها فی قبرها» 2.

و أما صحیح حفص و روایة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه حیث فیهما

ص:121


1- 1 و 2) أبواب صلاة الجنازة ب 24 / 2-3.

تقدیم الأخ علی الزوج فقد حملها الشیخ علی التقیة لموافقتها للعامة حیث انه مذهب الأربعة لما ورد عن عمر فی ذلک. مضافاً إلی ما سیأتی من تقدم الزوج علی المحارم الرجال.

و أما جواز تغسیل کل منهما الآخر اختیاراً، فقد یستدل علی التقیید بالاضطرار بما فی جملة من الروایات من ذکرهما فی سیاق المحارم غیر المماثلین مع تقیید الفرض بعدم المماثل، و تقیید التغسیل بمن وراء الثیاب مما یومئ إلی الاضطرار، کصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه سئل عن الرجل یموت و لیس عنده من یغسله إلّا النساء؟ قال: «تغسله امرأته أو ذو قرابته إن کان له، و تصب النساء علیه الماء صباً، و فی المرأة إذا ماتت یدخل زوجها یده تحت قمیصها فیغسلها» (1).

و فی صحیحة الآخر «من وراء الثوب لا ینظر إلی شعرها و لا إلی شیء منها» (2).

و فی خبر أبی بصیر قال: قال أبو عبد اللّه علیه السلام : «یغسل الزوج امرأته فی السفر و المرأة زوجها فی السفر إذا لم یکن معهم رجل» (3).

و فی صحیح منصور قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن الرجل یخرج فی السفر و معه امرأته أ یغسلها قال: «نعم و امه و اخته و نحو هذا یلقی علی عورتها

ص:122


1- 1) أبواب غسل المیت ب 24 / 3.
2- 2) أبواب غسل ب 24 / 11.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 20 / 1.

خرقة» (1) فجعل تغسیل الرجل لامرأته فی سیاق تغسیله لمحارمه.

و ما کان من الروایات مطلق قابل للتقیید بما یفهم من هذه الروایات.

لکن الصحیح عدم التقیید و ذلک لافتراق حکم النظر و اللمس فیما بین الزوجین و فیما بین المحارم، و لا ریب فی جواز نظر کل منهما للآخر بعد موته کما تدل علیه الروایات و الظاهر دوران جواز التغسیل مداره، و یدلّ علی افتراق حکم الزوجین عن المحارم ما فی جملة من الروایات من الترتیب فی جواز التغسیل مقدماً لهما علی المحارم.

کصحیح عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول: إذا مات الرجل مع النساء غسلته امرأته و إن لم تکن امرأته معه غسلته أولاهن به و تلف علی یدیها خرقة» (2).

و قریب منه روایة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه (3) و صحیح الحلبی 4و روایة زید الشحام (4) و غیرها و کذلک ما دل علی جواز نظر الزوج للآخر و الذی هو موضوع جواز التغسیل، کصحیح عبد اللّه بن سنان قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن الرجل أ یصلح له أن ینظر إلی امرأته حین تموت أو یغسلها إن لم یکن عندها من یغسلها؟ و عن المرأة هل تنظر إلی مثل ذلک من زوجها حین یموت؟ فقال: لا بأس بذلک، إنما یفعل ذلک أهل المرأة کراهیة أن ینظر

ص:123


1- 1) أبواب غسل المیت ب 20 / 6.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 20 / 4-3-7.
3- 3 و 4) أبواب غسل المیت ب 20 / 4-3-7.
4- 5) أبواب غسل المیت ب 24 / 1-4.

زوجها إلی شیء یکرهونه منها (1).

و فی صحیح محمد بن مسلم قال: سألته عن الرجل یغسل امرأته قال نعم إنما یمنعها أهلها تعصباً» 2.

و السؤال فی صحیح ابن سنان و إن قید فرضه بعدم وجود المماثل و لکن الجواب یقتضی عدم التقیید حیث بیّن علیه السلام أن النظر بینهما جائز و أن أهل المرأة یمنعونه تعصباً، هذا مضافاً إلی ما ورد من تغسیل أمیر المؤمنین علیه السلام لفاطمة علیها السلام و ما فی روایة المفضل بن عمر من تعلیله علیه السلام بأنها صدّیقة لا یغسلها إلّا صدّیق انما ذکر علیه السلام ذلک بعد أن استضاق الراوی ذلک، و کأن ما روی عن عمر هو لمخالفة أمیر المؤمنین علیه السلام .

و مثله ما روی (2) فی موثق إسحاق بن عمار من وصیة علی بن م من تغسیل أم ولد له بتغسیله، و هو و إن حمل علی المشارکة مع تغسیل الامام کما فی أسماء بنت عمیس، إلّا ان ظاهر الوصیة یقضی بأن هذا أمر مشروع فی الصدر الأول مع وجود المماثل.

ثم ان من ذلک یتضح الحال فی جواز التجرید و إن ما ورد من وراء الثوب محمول إما علی کراهة التجرید أو لدفع استنکار أهل المرأة أو عرف الناس.

ثمّ ان تقدّم الزوج علی المالک یتضح من ما تقدّم من کونه أحقّ بامرأته

ص:124


1- 1 و 2) أبواب غسل المیت ب 24 / 1-4.
2- 3) أبواب غسل المیت ب 25 / 1.
مسألة 2:فی کل طبقة الذکور مقدمون علی الاناث، و البالغون علی غیرهم

(مسألة 2): فی کل طبقة الذکور مقدمون علی الاناث، و البالغون علی غیرهم، و من مت إلی المیت بالأب و الاُم أولی ممن مت بأحدهما، و من انتسب إلیه بالأب أولی ممن انتسب إلیه بالاُم،

و انه یجوز النظر إلیه بنحو یغایر المالک.

ثمّ المالک مقدم علی المحارم لولایته علی مملوکته و لجواز نظره إلیها مطلقاً بخلافهم.

و أما مولی العتق و ضامن الجریرة فلعموم ما مرّ أنه یغسل المیت و یصلّی علیه أولی الناس به المفسر فی روایة اخری بأولی الناس بمیراثه.

و أما الحاکم الشرعی و عدول المؤمنین فتصل النوبة إلیهما بعد فقد طبقات الأرث و دعوی أن نیابة الفقیه عن المعصوم علیه السلام و عدول المؤمنین عمدة أدلّتها هی الاُمور الحسبیة و هی إنما تثبت اختصاصه بها فیما کان الأصل فیها الحرمة و المنع لا ما کان الأصل فیها الجواز کما فی المقام حیث ان وجوب تجهیز المیت هو کفائی علی الجمیع و الأصل البراءة عن الاشتراط من الاذن.

فیدفعها أن ما نحن فیه من تجهیز المیت من غسل و تکفین و حمل و دفن هی تصرفات فی المیت بل حتی الصلاة علیه حیث انها و إن کانت واجباً کفائیاً إلّا أنها من شئون المیت الخاصة أیضاً کما دلّت علیه روایات المقام ان أولی الناس به أولاهم بالصلاة علیه، و بعبارة اخری ان مورد الولایات الخاصة مقتضاه ان المتعلق من الشئون الخاصة.

ص:125

و فی الطبقة الأولی الأب مقدم علی الأم و الأولاد و هم مقدمون علی أولادهم، و فی الطبقة الثانیة الجدّ مقدم علی الأخوة و هم مقدمون علی أولادهم و فی الطبقة الثالثة العم مقدم علی الخال و هما علی أولادهما.(1)

مسألة 3:إذا لم یکن فی طبقة ذکور فالولایة للأناث

(مسألة 3): إذا لم یکن فی طبقة ذکور فالولایة للأناث، و کذا إذا لم یکونوا بالغین أو کانوا غائبین، لکن الأحوط الاستئذان من الحاکم أیضاً فی صورة کون الذکور غیر بالغین أو غائبین.(2)

مرّ کل ذلک فی قاعدة ولایة ذوی الأرحام لبعضهم البعض انها علی حذو طبقات الإرث و وجه تقدم الذکور علی الاناث فی خصوص المقام من کل طبقة و قد تقدم أن الاناث مقدمون علی الذکور إذا کان المیت امرأة فی الغسل و التکفین.

و أما تقدیم الأب علی الأولاد فحکی علیه الاتفاق و لعل وجهه ما ثبت من ولایته علی الولد و ولده عند الصغر یومی بتقدم ولایته علیهما مضافاً إلی حرمة عقوقهما له و رجحان طاعته و انه الأقرب رحماً عرفاً و مثله تقدم الجد للأب علی الأخ، و أما تقدم العم علی الخال فلتقدم الأب الذی یتقرب به العم علی الأم التی یتقرب بها الخال.

مرّ وجه تقدم الذکور علی الاناث و لکن فی تغسیل المیت المرأة و تکفینها تقدم وجه تقدیم الاناث الأرحام من جهة التصدی، أما الغائبین فولایتهم یتولاها أرحامهم لا الحاکم کما تقدم فی قاعدة ذوی الأرحام و حیث أن الأقرب یمنع الأبعد فیقدم الإناث البنات مثلاً أو الأخوات لا الأحفاد و لا

ص:126

مسألة 4:إذا کان للمیت ام و أولاد ذکور

(مسألة 4): إذا کان للمیت ام و أولاد ذکور فالأم أولی لکن الأحوط الاستئذان من الأولاد.(1)

مسألة 5:إذا لم یکن فی بعض المراتب إلّا الصبی أو المجنون أو الغائب

(مسألة 5): إذا لم یکن فی بعض المراتب إلّا الصبی أو المجنون أو الغائب فالأحوط الجمع بین إذن الحاکم و المرتبة المتأخرة لکن انتقال الولایة إلی المرتبة المتأخرة لا یخلو عن قوة.

و إذا کان الصبی ولی فالأحوط الاستئذان منه أیضاً.(2)

أبناء الأخوة لأن الولایة فی المقام لیست من قبیل التملیک فی الإرث کی تنتقل إلی الأولی بالغائبین و بغیر البالغین بل هی أشبه بالحکم و العهد تشمل الأولی بالمیت نفسه مع عدم وجود الأقرب.

انما تقدم الأم مع کون المیت امرأة فی الغسل و التکفین و أما فی غیر ذلک فهو مبنی علی أن عقوقها محرم علی الأولاد و طاعتها راجحة و لکن فی اقتضائه الأولویة تأمل.

قد تقدّم أن الولایة فی الأرحام لیست مقتضاها التملیک لمال أو حق کی تنتقل إلی ولی الرحم الأقرب أی ولی الصبی أو المجنون أو الغائب بل هو ولایة عهد نظیر الوصی فی الوصیة العهدیة فمع عدم أو قصور المرتبة

ص:127

الأولی عن شمول الدلیل لها فتشمل المرتبة الثانیة، مع أن ولی الصبی و المجنون و الغائب بناء علی عموم قاعدة ذوی الرحم هو الأرحام غایة الأمر أن الأولی من الأرحام بالصبی و نحوه قد یکون غیر الأولی بالمیت، کما هو الحال فما لو لم یتصدی الأقرب کما مرّ.

ص:128

مسألة 6:إذا کان أهل مرتبة واحدة متعددین یشترکون فی الولایة

(مسألة 6): إذا کان أهل مرتبة واحدة متعددین یشترکون فی الولایة فلا بدّ من إذن الجمیع و یحتمل تقدم الأسنّ.(1)

مسألة 7:إذا أوصی المیت فی تجهیزه إلی غیر الولی

(مسألة 7): إذا أوصی المیت فی تجهیزه إلی غیر الولی ذکر بعضهم عدم نفوذها إلّا باجازة الولی لکن الأقوی صحتها و وجوب العمل بها و الأحوط إذنهما معاً.(2)

هذا محتمل فی الولد الأکبر لاختصاصه بالولایة فی جملة من الموارد و أما فی المراتب الأخری کالأخوة أو الأعمام و الأخوال، نعم التقدیم عرفی و هو أولی فی نظرهم و لکن قد یکون ذلک للأدب المتخذ من تقدیم و توقیر الأسنّ.

جمعاً بین وجهی القولین حیث أن الوصیة مقیدة بأن لا یکون فیها حیف بل بالمعروف و الإیصاء بخلاف مقرر الشرع الذی أسند الولایة لذی الرحم خلاف المعروف، و أن ولایة ذوی الأرحام هی من بعد الوصیة لولایة المیت علی نفسه، و الثانی هو الأقوی لأنه مقتضی تسلّط الإنسان علی نفسه کما هو مفاد «النَّبِیُّ أَوْلی بِالْمُؤْمِنِینَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ » 1 و مضافاً إلی أن اطلاقات الوصیة مقیدة لولایة ذوی الأرحام کما فی الإرث غایة ما ورد هو تقیید الوصیة المالیة بالثلث و إلّا فاطلاقات الوصیة العهدیة علی حالها، و لک أن تقول أن ولایة ذوی الرحم حیث تکون ولایة الشخص قاصرة و مع الوصیة تمتد ولایته لما بعد موته من دون تقیید لها بالثلث کما فی الأموال و من ثمّ تنفذ الوصیة العهدیة فی العین إذا کانت لا تزید علی الثلث. و من ثمّ لم یتوقفوا

ص:129

و لا یجب قبول الوصیة علی ذلک الغیر و إن کان أحوط.(1)

فی نفوذ وصیته لو عین وصیاً أجنبیاً علی أولاده القصر.

المعروف لدی الأصحاب عدم جواز رد الوصیة العهدیة بعد الموت و إن لم یعلم بها الموصی إلیه فی حیاة الموصی، إلّا أنه یظهر من الشیخ فی الخلاف ان ذلک بعد قبوله و عبارته فی المبسوط محتملة لذلک، و قد نسب إلیه ذلک فی المختلف و الایضاح حیث قال: «و الظاهر من کلام الشیخ فی المبسوط و الخلاف جوازه و هو الأقوی عندی للأصل و لازالة الضرر الواصل إلیه بالتحمل غیر المستحق و قال تعالی: «ما جَعَلَ عَلَیْکُمْ فِی الدِّینِ مِنْ حَرَجٍ» (1)و قال صلی الله علیه و آله : «لا ضرر و لا ضرار فی الإسلام» أو لأن قبولها و التصرّف فیها تبرّع فی التصرّف للغیر فلا یلزمه ذلک بدون قبوله کالوکالة و لأنه لا ولایة له علی الغیر فیلزمه أمر بغیر اختیاره. و حمل فی المختلف الأحادیث علی حصول القبول أولاً لأنه عقد فلا بدّ فیه من القبول.

و قال فی الدروس: «یجوز الرد إذا لم یعلم بالوصیة حتی مات للحرج و الضرر و قال فی المسالک «إثبات مثل هذا الحکم المخالف للأصول الشرعیة باثبات حق الوصایة علی الموصی إلیه علی وجه القهر و تسلیط الموصی علی اثبات وصیة من شاء بحیث یوصی و یطلب من الشهود کتمان الوصیة إلی حین موته و یدخل علی الوصی الحرج و الضرر غالباً».

و عن الصدوق وجوب القبول و عدم صحة الرد و لو کان حاضراً فیما لو لم یجد الموصی غیره، و کذلک فی صورة وصیته للأب للنصین الواردین،

ص:130


1- 1) الحج / 78.
مسألة 8:إذا رجع الولی عن إذنه فی أثناء العمل

(مسألة 8): إذا رجع الولی عن إذنه فی أثناء العمل لا یجوز للمأذون الإتمام، و کذا إذا تبدل الولی بأن صار غیر البالغ بالغاً أو الغائب حاضراً أو جنّ الولی أو مات فانتقلت الولایة إلی غیره(1).

مسألة 9:إذا حضر الغائب أو بلغ الصبی أو أفاق المجنون بعد تمام العمل من الغسل أو الصلاة مثلاً

(مسألة 9): إذا حضر الغائب أو بلغ الصبی أو أفاق المجنون بعد تمام العمل من الغسل أو الصلاة مثلاً، لیس له الالزام بالاعادة(2).

و مال إلیه فی المختلف معللاً بانه یتعین علیه لأنه فرض کفایة و أشکل علیه فی الحدائق بانه بعد الموت یتعین کما فی صورة الانحصار فلم فرق بین الصورتین و أشکل علی المشهور، و أشکل فی الجواهر کون القبول فی الانحصار فرض کفایة.

أقول: فیظهر من ما مرّ من کلماتهم:

أولاً: إن القولیة کما فی الوصیة بالوصایا و الوصیة العهدیة مطلقاً هی عقد ایجاب من المولی و قبول من المتولی لأن الولایة فیها التزام بعهدة أمور فلا بدّ فیها من قبول کما هو الحال فی الولایات الوضعیة عند العقلاء و أعراف الأقوام.

ثانیاً: إن القبول فی العقود الاذنیة کالوکالة و المضاربة و نحوهما قد التزم الماتن بأنه یکفی فیه عدم الرد.

لأن الجواز یدور مدار الاذن لکن قد یتأمل فیما کان ترک الاتمام یستلزم الاهانة لحرمة المیت و نحو ذلک.

و الاولی التعبیر لیس یلزمه الاعادة لصحة ما صدر.

ص:131

مسألة 10 إذا ادعی شخص کونه ولیاً أو مأذوناً من قبله أو وصیاً

(مسألة 10) إذا ادعی شخص کونه ولیاً أو مأذوناً من قبله أو وصیاً فالظاهر جواز الاکتفاء بقوله ما لم یعارضه غیره، و إلا احتاج إلی البینة، و مع عدمها لا بد من الاحتیاط.(1).

مسألة 11 إذا أکره الولی أو غیره شخصاً علی التغسیل أو الصلاة علی المیت

(مسألة 11) إذا أکره الولی أو غیره شخصاً علی التغسیل أو الصلاة علی المیت فالظاهر صحة العمل إذا حصل منه قصد القربة لأنه أیضاً مکلف کالمکره(2).

مسألة 12 حاصل ترتیب الأولیاء أن الزوج مقدم علی غیره

(مسألة 12) حاصل ترتیب الأولیاء أن الزوج مقدم علی غیره ثمّ المالک ثمّ الأب ثمّ الأم، ثمّ الذکور من الأولاد البالغین ثمّ الاناث البالغات ثمّ أولاد الأولاد ثمّ الجد ثمّ الجدة، ثمّ الأخ ثمّ الأخت، ثمّ أولادهما، ثمّ الأعمام، ثمّ الأخوال ثمّ أولادهما، ثمّ المولی المعتق، ثمّ ضامن الجریرة، ثمّ الحاکم ثمّ عدول المؤمنین.

أما إذا کان هناک ظاهر حال و ید تورث الاطمئنان فهو، و أما إن لم یکن ذلک فهو نظیر ما ورد (1) فیمن ادعی دعوی بلا معارض منفرداً بها أنه یحکم له بها من قصة الکیس وسط جماعة لم یدعه إلّا واحد منهم.

قد یشکل علی الصحة بان العبادة لیست بداعی قربی أو لیس بخالص بل لداعی دفع الضرر و اجیب بأن الداعی الآخر إما عرضی أو طولی مع داعی امتثال الأمر فعلی الأول لا یضر مع استقلال الداعی القربی فی الداعویة إذا کان بذلک الحد من القوة فیما لو قدر انفراده و علی الثانی لا ضیر فی قربیة الأمر مع کون تجنب الضرر محرکاً نحوه کما هو الحال فی الأمر

ص:132


1- 1) أبواب کیفیة الحکم ب 17 / 1.

فصل فی تغسیل المیت

فصل

فی تغسیل المیت

یجب کفایة تغسیل کل مسلم، سواء کان اثنی عشریاً أو غیره(1).

الایجاری فی صلاة الاستیجار و إتیان صلاة اللیل للرزق و نحو ذلک لا سیما فما کان الداعی الطولی راجحاً، و لا سیما و ان اکراهه علی أداء واجب و إن کان کفائیاً و إن کان الذی أکره لا یسوغ له ذلک.

الحکم فی المقام إما سیان مع الحکم فی الصلاة أو أضعف ثبوتاً، فنسب وجوب تغسیل المخالف إلی العلّامة و المحقق الثانی و الأردبیلی و الفیض و عن موضع من الشرائع انه یجوز و عن الشیخ و الشهید ان المشهور علی الکراهة و عن جماعة انه یغسل غسل أهل الخلاف و عن المقنعة و التهذیب انه حرام و مثله فی حاشیة المدارک و کشف اللثام و المراسم و المهذب و عن المعتبر و المدارک التوقف و عن الکشف اللثام الجزم بان من قال بالوجوب هو من جهة المدارات.

هذا و المسألة کما مرّ لا تفصل عن حکم الصلاة فی سیاق الأدلة، و قد صرح جماعة المتقدمین بحرمة الصلاة علیه. إلّا لتقیة کما فی المقنعة و الکافی و المهذب و السرائر و ظاهر الوسیلة و اشارة السبق و ظاهر المبسوط أیضاً

ص:133

و صرح فیه بالحرمة فی القتیل من أهل البغی و قال لا یغسل و لا یصلی علیه لأنه کافر.

هذا و الظاهر قرب ما استظهره کاشف اللثام حیث انه یظهر منهم الاتفاق علی ان المخالف لا یدعی له بل یدعی علیه و لو بصورة اللهم احشره مع من یتولاه و نحو ذلک فإن عمدة الصلاة علی المیت هو الدعاء له بعد التکبیرة الرابعة، و مثله تقییدهم التکبیرات علی المنافق بالأربع، فلا تکون من الصلاة علی المیت التی هی دعاء له الا ما احتمله المحقق الهمدانی من کونه وجوباً شعاریاً لإظهار الشهادتین و الصلاة علی النبی و آله و الدعاء للمؤمنین.

و استدل للحرمة بقوله تعالی: «وَ لا تُصَلِّ عَلی أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا تَقُمْ عَلی قَبْرِهِ إِنَّهُمْ کَفَرُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ ماتُوا وَ هُمْ فاسِقُونَ» (1). بتقریب أن التعلیل بالکفر لیس هو بحسب الظاهر بل بحسب باطن القلب أی مقابل الایمان و من مورد نزول الآیة و قیامه صلی الله علیه و آله بالصلاة أربع تکبیرات علی عبید اللّه ابن أبی سلول و غیره من المنافقین یعلم أن المنهی عنه هو بلحاظ الدعاء للمنافق.

لا صورة الصلاة و من ثمّ یعلم تلفیق و اختلاق المنقبة التی ذکروها للثانی و إزراءً بالرسول صلی الله علیه و آله و انه عارض النبی صلی الله علیه و آله فی الصلاة علی ابن أبی سلول مع أن ابن أبی سلول مات قبل و آیات البراءة نزلت فی غزوة تبوک بعد و من ثمّ یظهر ان جملة ما ذکره عدة من المفسرین فی ذیل الآیة واهی. و یشیر

ص:134


1- 1) التوبة / 84 .

إلی ذلک صحیح حماد بن عثمان و هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:

«کان رسول اللّه صلی الله علیه و آله یکبر علی قوم خمساً، و علی قوم آخرین أربعاً، فإذا کبّر علی رجل أربعاً اتهم یعنی بالنفاق» (1) و غیرها من الروایات، و کما فی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «لما مات عبد اللّه بن أبی سلول حضر النبی صلی الله علیه و آله جنازته فقال عمر: یا رسول اللّه أ لم ینهک اللّه أن تقوم علی قبره؟!

فسکت: فقال: أ لم ینهک اللّه أن تقوم علی قبره؟! فقال له: ویلک و ما یدریک ما قلت؟! أنی قلت: اللهم احش جوفه ناراً و املأ قبره ناراً و أصله ناراً قال أبو عبد اللّه علیه السلام : فأبدی من رسول اللّه صلی الله علیه و آله ما کان یکره» (2). ثمّ ان هناک جملة أخری من الآیات الناهیة عن الاستغفار له فی هذا الصدد، و أیضاً قوله تعالی: «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِینَ مَرَّةً فَلَنْ یَغْفِرَ اللّهُ لَهُمْ ذلِکَ بِأَنَّهُمْ کَفَرُوا بِاللّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اللّهُ لا یَهْدِی الْقَوْمَ الْفاسِقِینَ» (3)و قوله تعالی: «ما کانَ لِلنَّبِیِّ وَ الَّذِینَ آمَنُوا أَنْ یَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِکِینَ وَ لَوْ کانُوا أُولِی قُرْبی مِنْ بَعْدِ ما تَبَیَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِیمِ * وَ ما کانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ إِلاّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِیّاهُ فَلَمّا تَبَیَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ » (4)و قوله تعالی: «قَدْ کانَتْ لَکُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِی إِبْراهِیمَ وَ الَّذِینَ مَعَهُ إِذْ قالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنّا

ص:135


1- 1) أبواب صلاة الجناة ب 5 / 1.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 4 / 4.
3- 3) التوبة / 80 .
4- 4) التوبة / 113 - 114.

بُرَآؤُا مِنْکُمْ وَ مِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّهِ کَفَرْنا بِکُمْ وَ بَدا بَیْنَنا وَ بَیْنَکُمُ الْعَداوَةُ وَ الْبَغْضاءُ أَبَداً حَتَّی تُؤْمِنُوا بِاللّهِ وَحْدَهُ إِلاّ قَوْلَ إِبْراهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ» (1)و یظهر من ذلک المراد من الحرمة عند من ذهب إلیها و یحمل الوجوب عند من ذهب إلیه علی التکبیرات الأربع أو الدعاء علیه.

هذا مضافاً إلی التعلیل (2) لوجوب الغسل لأجل أن یکون المیت علی طهارة عند ما یلاقی أهل الآخرة و نحوه مما فیه کرامة للمیت المختص ذلک بالمؤمنین، و إن کان ذلک من قبیل الحکمة لکنه قد علل به للنفی فی موثق عمار (3) لعدم جواز تغسیل المسلم النصرانی و فی سیاق واحد، و سیأتی اختیار المبسوط و جملة آخرین ان المخالف یغسل غسل أهل الخلاف، و هو یعزز انه لیس اداءً للواجب بل للمداراة.

و استدل للوجوب بالسیرة العملیة فی زمانهم علیه السلام لا سیما فی عصر علی علیه السلام حیث لم یکن أصحابه علیه السلام ممن یعرفه الامامة و مع ذلک کانوا یغسّلون و لم یردع عن ذلک و لأنه لو کان غیر واجب لحرم للتشریع لأنه لا واسطة بینهما.

و باطلاق مثل قوله علیه السلام : «غسل المیت واجب» (4) و قوله علیه السلام «اغسل کل

ص:136


1- 1) الممتحنة / 4 .
2- 2) أبواب غسل المیت ب 1 - 3.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 18.
4- 4) أبواب غسل المیت ب.

الموتی الغریق و أکیل السبع و کل شیء إلّا ما قتل بین الصفین» (1).

و فیه: ان السیرة أعم من الوجوب الأولی، و قد صرح علیه السلام انه کانت سیرته فی جملة من الموارد للتقیة من بدع من تقدمه کما فی موثقة مسعدة بن صدقة (2).

و مع اتیانه للمدارة لا یکون تشریعاً.

و أما الاطلاق فی الأدلة فقد یشکل بعدم کونه فی مقام الشمول بحسب أقسام الاسلام الظاهری، و قد یعضد الاطلاق بتعرض الروایات (3) لکیفیة الدعاء علی المستضعف و المخالف و المعاند، و لکنه کما سیأتی اتفاقهم علی الدعاء علی المخالف، بل الدعاء فی صلاة المستضعف بعد التکبیرة الرابعة هو للمؤمنین و المؤمنات، و من ثمّ احتمل کما مر المحقق الهمدانی بان الوجوب بلحاظ التکبیرات الأربع هذا مضافاً إلی ما تقدم من تقیید الآیات الناهیة علی تقدیر تسلیم الاطلاق فضلاً عن الآیات الناهیة عن الموادة لمن حادّ اللّه و رسوله، و قد حرر فی مسألة النیابة فی الحج عن (4) الناصبی ماله نفع فی المقام.

ثمّ ان ظاهر کلماتهم الاتفاق علی عدم جواز تغسیل و لا الصلاة علی

ص:137


1- 1) أبواب غسل المیت ب 14 / 3.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة المیت ب 5 / 21.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة.
4- 4) سند العروة کتاب ب الحج الجزء 2 ص 12 - 14.

قتیل أهل البغی و علّله فی المبسوط بأنه کافر. و روت العامة أن علیاً علیه السلام لم یغسل البغاة فی الجمل و لم یصل علیهم. و قد یؤید اختصاص وجوب الغسل و الصلاة بالمؤمن أو بغیر المخالف بما ورد (1) من حکمته لیکون علی طهارة عند ملاقاة أهل الآخرة و نحوه، مما یقضی بانه نحو تکریم خاص بالمؤمن و لیشفعوا له و یدعوا له بالمغفرة، و فی موثقة عمار (2) الآتی فی النصرانی یظهر منها تطبیقه علیه السلام للآیة علی النصرانی و ان وجه النهی هو عدم الکرامة له و أما أقوال العامة فهی أیضاً بین قائل بان موضوع الوجوب هو ظاهر الاسلام و آخر أنه الایمان: ففی بدایة المجتهد لابن رشد فی باب الصلاة علی الجنازة - فیمن یصلی علیه -قال: و اجمع أکثر أهل العلم علی إجازة -و لم یعبر بالوجوب -الصلاة علی کل من قال لا إله إلّا اللّه.... سواء کان من أهل الکبائر أو من أهل البدع إلّا ان مالکا کره لأهل الفضل الصلاة علی أهل البدع... و من العلماء من لم یجز الصلاة علی أهل الکبائر و لا علی أهل البغی و البدع و السبب فی اختلافهم فی الصلاة أما فی أهل البدع فلاختلافهم فی تکفیرهم ببدعهم، فمن کفرهم بالتاویل البعید لم یجز الصلاة علیهم و بین من لم یکفرهم إذ کان الکفر عنده انما هو تکذیب الرسول صلی الله علیه و آله و سلم لا تأویل أقواله علیه الصلاة و السلام (و آله) قال الصلاة علیهم جائزة و انما أجمع العلماء علی ترک الصلاة علی المنافقین... و أما اختلافهم فی أهل الکبائر فلیس یمکن أن یکون

ص:138


1- 1) أبواب الجنازة المیت 5 / 21.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 18 / 1.

له سبب إلّا من جهة اختلافهم فی القول بالتکفیر بالذنوب و لکن لیس هذا مذهب أهل السنة... و أما کراهیة مالک الصلاة علی أهل البدع فذلک لمکان الزجر و العقوبة لهم ثمّ انه علّل الجواز و عدم الجواز فی جملة من الموارد بکون المیت من أهل الجنة أم أهل النار المخلدین بما یظهر منه أن الایمان موضوع الحکم.

و فی الشرح الکبیر لابن قدامة فی باب صفة صلاة الجنازة قال: «فصل قال احمد لا أشهد الجهمیة و قال و لا الرافضة و یشهده من شاء... و قال أبو بکر بن العیاشی، لا أصلی علی رافضی و لا حروری و قال الفریابی من شتم أبا بکر فهو کافر فهو کافر لا یصلی علیه قیل له فکیف تصنع به و هو یقول لا إله إلّا اللّه قال لا تمسوه بأیدیکم ادفعوه بالخشب حتی تواروه و قال أحمد: أهل البدع لا یعادون ان مرضوا و لا تشهد جنائزهم ان ماتوا و هو قول مالک قال ابن عبد البر أو سائر العلماء یصلون علی أهل البدع و الخوارج و غیرهم لعموم قوله علیه السلام : «صلّوا علی من قال لا إله إلّا اللّه» و حکی عن أبی حنفیة قوله لا یصلی علی البغاة و لا علی المحاربین لأنهم باینوا أهل الاسلام و أشبهوا أهل دار الحرب.

ثمّ إنه لا یخفی أن کلمات المتقدمین فی المقام المقابلة بین المؤمنین و الناصب باطلاقه علی مطلق المخالف، کما أن قولهم بکفر الباغی المنتحل للملّة یغایرون بینه و بین الکافر الاصلی و الذمی حیث یختلف الحکم فیهما لدیهم مع الخوارج و الغلاة و النواصب ممن انتحل ملّة الاسلام، إذ الانتحال فی ظاهر کلامهم یثمر حقن الدم و المال و العرض فی دار الهدنة عدا من استثنی.

ص:139

لکن یجب أن یکون بطریق مذهب الاثنی عشری(1).

ثمّ إنه فی روایة الاحتجاج عن صالح بن کیسان عن معاویة قال للحسین هل بلغک ما صنعنا بحجر بن عدی و أصحابه شیعة أبیک فقال: و ما صنعت بهم؟ قال: قتلناهم و کفناهم و صلینا علیهم: فضحک الحسین علیه السلام فقال: خصمک القوم یا معاویة! لکنا لو قتلنا شیعتک ما کفّناهم و لا صلینا علیهم و لا دفناهم» (1)و موردها مطلق الناصب ثمّ إنه قد یقال أن وجوب الصلاة علی المستضعف مع عدم الدعاء له بل للمؤمنین مقتضاه ان وجوب الصلاة لیس محضاً فی الدعاء للمیت کی یسقط بمنع الدعاء له، و یکون قوله تعالی: «لا تُصَلِّ عَلی أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً» (2)هو تقیید لدلیل الصلاة علی المیت فی فقرة الدعاء للمیت لا أصل الصلاة التی هی إظهار للشهادتین و الصلاة علی النبی و آله و الدعاء للمؤمنین فتأمّل.

و قد مرّ أن جملة المتقدمین یظهر منهم تغسیل غسل أهل الخلاف و هو ظاهر علی القول انه للمدارة، و أما بناء علی عموم الوجوب فیستدل له بالاتفاق علی إجزاء غسل أهل الخلاف لبعضهم مما یعضد عموم قاعدة الزموهم بما الزموا به أنفسهم و یؤیده صورة الدعاء الوارد فی الصلاة علیه «و له ما تولی و احشره مع من أحب»، و دعوی قصورها عن الشمول للمیت و أنه لم یلزم نفسه بالاضافة لغیر أهل الخلاف مدفوعة بمنع القصور کیف و لو فرض ذلک فی أحکام الوصیة و نحوه لألزم بما التزم أیضاً، و بعبارة أخری

ص:140


1- 1) أبواب غسل المیت ب 18 / 3.
2- 2) التوبة / 84 .

و لا یجوز تغسیل الکافر(1) و تکفینه و دفنه بجمیع أقسامه من الکتابی و المشرک و الحربی و الغالی و الناصبی و الخارجی و المرتد الفطری و الملی إذا مات بلا توبة و أطفال(2) المسلمین بحکمهم و أطفال الکفار بحکمهم و ولد الزنا من المسلم بحکمه

موضوع القاعدة هو الاحکام و المعاملات فی ما بین أهل الایمان و أهل الخلاف، فکما أن الاحکام و المعاملات عامة للحی و المیت فکذلک ما یترتب علیها و هی القاعدة التی فی طول تلک الأحکام. و أما الاشکال الثانی فغریب إذ علیه یلزم عدم جریان القاعدة مطلقاً لأنهم انما ألزموا أنفسهم بالإضافة إلی أتباع مذهبهم، و یدفع بان ما التزموا به یرونه انه الواقع للجمیع. نعم قد یقال باختصاص القاعدة بالمعاملات بالمعنی الاعم الشامل للإیقاعات دون باب الاحکام المجردة ای مما کان فیه تعهد و التزام.

مضافاً إلی قصور الأدلة عن الشمول له یدل علی الحرمة ما تقدم من الآیات الناهیة عن الاستغفار للمشرکین و الکفار و النهی عن موادة من حاد اللّه و رسوله و النهی عن الصلاة علی المنافقین و غیر المؤمنین، و فی موثق عمار بن موسی عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه سئل عن النصرانی یکون فی السفر و هو مع المسلمین فیموت قال: لا یغسله مسلم و لا کرامة و لا یدفنه و لا یقوم علی قبره و إن کان أباه (1).

لقاعدة التبعیة فی الاطفال للآباء فی الملة کما مر فی کتاب (2)

ص:141


1- 1) أبواب غسل المیت ب 18 / 1.
2- 2) سند العروة ج 3 ج 125 - 136.

و من الکافر بحکمه و المجنون إن وصف الاسلام بعد بلوغه مسلم، و ان وصف الکفر کافر، و إن اتصل جنونه بصغره فحکمه حکم الطفل فی لحوقه بأبیه أو أمه و الطفل الأسیر تابع لآسره.

الطهارة مفصلاً و کذلک الحال مرّ فی (1) المتولد من الزنا فانه لا ینقطع نسبه التکوینی و کذلک تبعیته لوالده فی الملة. هذا و لکن تقدم أن اعتناق الولد الممیز قاطع للتبعیة کما مر، و أما المجنون فإن کان جنوناً بعد وصفه للإسلام فیبقی علی حکمه کالمغمی و المریض و إن اتصل بصغره فبقاء التبعیة لعموم أدلة القاعدة فی القصّر و لو للاستصحاب مضافاً إلی السیرة، و أما تبعیة الطفل الأسیر لمولاه فقد تقدم فی کتاب الطهارة و انه ما لم یکن معه والدیه فیکون فی کفالتهما و تبعاً لهما، و أما لقیط دار الإسلام فالوجه فی الحکم فیه هو إماریة الدار علی الإسلام، کما هو مطرد لدیهم فی السوق و الید و التذکیة و غیرها، و أما الاستناد إلی إطلاق الأدلة، حیث أن عنوان الموضوع هو مطلق المیت بضمیمة أصالة عدم الکفر العنوان المخصص للعموم، ففیه: ان ذلک فی غیر المخصص المنوّع کما هو الحال فی المقام إلی المسلم و الکافر، نعم بخروج المخالف لا یکون المخصص منوعاً للعموم بل مستثنیاً، و ان الاطلاق غیر وارد فی مقام أقسام العقیدة کما مرّ. و أما لقیط دار الکفر أو المختلطة مع احتمال تولده من مسلم فعلی الاطلاق و أصالة عدم المخصص یأتی فی المقام، و أما علی الإماریة فلا مجال لها هاهنا نعم قد یقرب انه من باب الاحتیاط لحرمة المسلم أو المؤمن.

ص:142


1- 1) سند العروة ج 3 / 137 - 151.

إن لم یکن معه أبوه أو أمه بل أو جدّه أو جدّته و لقیط دار الاسلام بحکم المسلم، و کذا لقیط دار الکفر إن کان فیها مسلم یحتمل تولده منها، و لا فرق فی وجوب تغسیل المسلم بین الصغیر و الکبیر حتی السقط إذا تمّ له أربع أشهر(1).

حکی ذلک عن مشهور الأصحاب غیر واحد و یدل علیه موثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: عن السقط إذا استوت خلقته یجب علیه الغسل و اللحد و الکفن؟ قال: «نعم، کل ذلک یجب علیه إذا استوی» (1) و مقتضاها ان المدار علی استواء الخلقة و ظاهرها خلقة البدن بتمام اعضاءه، لا الاربعة أشهر لا سیما علی ما یقال من استوائها فی جملة من موارد السقط قبل الأربعة.

و معتبرة زرارة علی الصحیح عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «إذا سقط لستة أشهر فهو تام و ذلک أن الحسین بن علی ولد و هو ابن ستة أشهر» و فی طریق الکلینی قال علیه السلام : «السقط إذا تمّ له أربعة أشهر غسّل» و الظاهر إنها روایة واحدة قطّع متنها و یؤیده مضافاً إلی وحدة الطریق الحسن أو الحسین بن موسی عن زرارة بروایة (2) أحمد بن محمد عمن ذکره حیث جمع فیها المتنین و الظاهر روایته لها عن الحسین بن موسی کما وقع نفس الراوی أحمد بن محمد عن الحسین بن موسی فی طریق الکلینی فالروایات الثلاث روایة واحدة و أما الطریق فالحسن أو الحسین بن موسی هو الحناط صاحب الأصل الذی یرویه عنه ابن أبی عمیر بطریق صحیح للشیخ فی الفهرست عنه، و إن

ص:143


1- 1) أبواب غسل المیت 12 / 1.
2- 2) ابواب غسل المیت ب 12 / 2.

وقع فیه ابن أبی الجید فانه من مشایخ النجاشی، و قد وقع التردید فی عدة طرق بین الحسن و الحسین و هما واحد کما استظهره غیر واحد، کما یروی عنه أحمد بن محمد بن أبی نصر و هارون بن مسلم و حماد بن عثمان و عبد اللّه بن المغیرة و غیرهم من أصحاب الاجماع و الثقات.

و مقتضی هذه المعتبرة أن المدار علی الأربعة أشهر، و قد یجمع مع ما تقدم أن الأربعة حد أقصی لغالب الموارد و إن تمت الخلقة فی عدّة موارد دون ذلک.

و معتبرة محمد بن الفضیل -بناء علی أن الراوی عنه علی بن مهزیار - قال کتبت إلی أبی جعفر علیه السلام اسأله عن السقط کیف یصنع به؟ فکتب إلیّ:

«السقط یدفن بدمه فی موضعه» (1) و هو محمول علی السقط قبل تمام خلقته.

ثمّ ان فی جملة من الروایات الواردة (2) فی دیات الجنین و السقط أن بتمام و استواء الخلقة تنفخ فیه الروح روح العقل الإنسانیة کما فی روایة سعید بن المسیب عن علی بن الحسین علیهما السلام فی حدیث -و إن طرحته و هو نسمة مخلقة له عظم و لحم مرتب [مزیل] الجوارح قد نفخت فیه روح العقل فان علیه دیة کاملة».

و فی روایة أبی جریر القمی عن العبد الصالح علیه السلام فی حدیث -فإذا اکتسی العظام لحماً ففیه مائة دینار قال اللّه عزّ و جلّ: «ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ

ص:144


1- 1) أبواب غسل المیت ب 12 / 5.
2- 2) أبواب دیات الأعضاء ب 19.

فَتَبارَکَ اللّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِینَ» (1).

و فی صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام فی حدیث: «إذا کان عظماً شق له السمع و البصر و رتبت جوارحه، فإذا کان کذلک فإن فیه الدیة کاملة» و غیرها کروایة الحسن بن الجهم عن الرضا علیه السلام فی حدیث: «ثمّ تصیر مضغة أربعین یوماً، فإذا کمل أربعة أشهر بعث اللّه تعالی ملکین خلاقین فیقولون یا رب ما تخلق ذکر أو أنثی» (2).

فیظهر من جملة هذه الروایات أن المدار فی باب الدیة الکاملة و الغسل واحد و هو استواء الخلقة البدنیة حیث تنشأ الروح الإنسانیة فیه و إن کانت الروح الحیوانیة أسبق إنشاءً، و یعضد هذا المفاد التحلیل الوارد فی غسل المیت من الإنسان بخروج النطفة التی تخلق منها أی موتان البدن بخروج الروح الإنسانیة منه، و التوفیق علی ذلک بین الأربعة أشهر و استواء الخلقة هو بجعل المدار علی استواء الخلقة غایة الأمر أن الأربعة هی حد أقصی غالبی و یثمر مع عدم حصول الفحص فانه حدّ ظاهری و یعضد هذا الجمع ما یشاهد من اختلاف ألسن روایات الأعضاء من تحدید الدیة تارة بالعناوین کالعلقة و المضغة و العظام و تمام الخلق بکسوتها باللحم و شکل الجوارح، و اخری بالمدد الزمنیة أربعین لکل عنوان ثمّ النفخ و الجمع بین هذین التحدیدین هو بما ذکرنا.

ص:145


1- 1) المؤمنون / 14.
2- 2) الکافی ج6 ص13 کتاب العقیقة - ح3 ب بدء خلق الإنسان.

و یجب تکفینه و دفنه علی(1) المتعارف و لکن لا تجب الصلاة علیه بل لا یستحب أیضاً.

و إذا کان للسقط أقل من أربعة أشهر لا یجب غسله بل یلف فی خرقة و یدفن(2).

فصل فیما یتعلق بالنیة فی تغسیل المیت

فصل

فیما یتعلق بالنیة فی تغسیل المیت

یجب فی الغسل نیة القربة(3) علی نحو ما مرّ فی الوضوء.

کما فی موثق سماعة و معتبرة أو روایة محمد بن الفضیل مضافاً إلی انضمام ذلک من إیجاب الغسل فإنه تکریم و احترام کما مرّ فینساق منه وجوب التجهیز الذی أحد أبعاضه الغسل و منه یظهر وجوب التکفین. و أما الصلاة علیه فسیأتی عدم الأمر بها فیمن لا یدرک الصلاة.

أما الدفن فقد مرّ فی معتبرة محمد بن الفضیل -بناء علی أن الراوی عنه علی بن مهزیار کما هو الحال فی جملة طرق أخری -و کذلک ما فی روایة الفقه الرضوی. و أما اللف فی خرقة فقد حکی عن جماعة و عن جملة من المتقدمین عدم ذکره و هو أحوط.

لأن الوارد فی الأدلة هو عنوان الغسل بالضم لا بالفتح کما یشیر إلیه الترتیب و تشبیه غسل الجنابة به، و الغسل ماهیة عبادیة فی الموارد

ص:146

و الأقوی کفایة نیة واحدة للأغسال الثلاثة و إن کان الأحوط تجدیدها عند کل غسل(1) و لو اشترک اثنان یجب علی کل منهما النیة و لو کان أحدهما معیناً و الآخر مغسلاً وجب علی المغسل النیة و إن کان الأحوط نیة المعین أیضاً، و لا یلزم اتحاد المغسل فیجوز توزیع الثلاثة. بل یجوز فی الغسل الواحد التوزیع مع مراعاة الترتیب

الأخری فیحمل الاستعمال فی بقیة الموارد علیها، و انه طهور معنوی، و یعضده ما ورد (1) تنزیل غسل الجنابة به.

و یؤیده ما ورد (2) فی تغسیل المعصوم انه صدّیق لا یغسله إلّا صدّیق.

قد ورد عنوان الغسل وحدانی جمعی فی جلّ الروایات، و ورد فی بعضها إفراد الأغسال و علی أیّ تقدیر فإن الطهارة مترتبة علی مجموعها مما یقضی باعتبارها کأجزاء فی صحة العمل، نعم هناک فرق فی جزئیة الأشواط للطواف الواجب، و فی جزئیة الطواف و السعی و نحوه للحج، من جهة أن الأشواط تقصد بعنوان واحد بخلاف أجزاء الحج فانها تقصد بعناوین مختلفة و إن کانت مقیدة بعنوان مضاف إلیه وحدانی و هو الحج، و علی ذلک فلا بدّ أن تکون الأغسال الثلاثة مضافة إلی عنوان وحدانی و هو غسل المیت، نعم کل منها له ماهیة ذات عنوان انه غسل أیضاً، هذا کله فی النیة من ناحیة المقصود و أما من ناحیة القصد فالمدار علی الداعی بنحو لا یغیب عن المحرکیة و عن الحضور فی ذاکرة النفس، و ظاهر الماتن من الاحتیاط فی تجدید النیة و إن

ص:147


1- 1) أبواب غسل المیت ب3.
2- 2) أبواب غسل المیت ب

و یجب حینئذٍ النیة علی کل منهم(1).

فصل فی اعتبار المماثلة بین المغسل و المیت

اشارة

فصل

فی اعتبار المماثلة بین المغسل و المیت

تجب المماثلة بین الغاسل و المیت فی الذکوریة و الأنوثیة(2) فلا یجوز تغسیل الرجل المرأة و لا العکس و لو کان من فوق اللباس

و لم یلزم لمس أو نظر إلّا فی موارد:
اشارة

و لم یلزم لمس أو نظر إلّا فی موارد:

کان هو بمعنی القصد لکن تقییده بکل غسل ظاهر فی کون تعدد القصد بلحاظ تعدد المقصود.

یدل علی جملة الصور المذکورة فی المتن ما ورد (1) فی جملة الروایات المستفیضة من تغسیل الجماعة للمیت مما یدل علی توزع العمل و النیة بینهم، و الصلاة جماعة علی المیت و إن اختلفت عن المقام بتمامیة العمل من کل منهم و لکن من جهة النیة فإن مجموع صلاة الجماعة تقع مصداقاً للواجب علی أحد الوجوه فی حصول الامتثال للکفائی.

حکی علیه الضرورة اجمالاً و یدل علیه النصوص المستفیضة.

منها: ما ورد (2) فی تغسیل المماثل الکافر للمسلم دون غیر المماثل

ص:148


1- 1) أبواب غسل المیت ب20 - 22 - 23 - 24.
2- 2) أبواب غسل المیت ب19.
أحدها: الطفل الذی لا یزید سنه عن ثلاث سنین

أحدها: الطفل الذی لا یزید سنه عن ثلاث سنین فیجوز لکل منهما تغسیل مخالفه(1)و لو مع التجرد و مع وجود المماثل و إن کان الأحوط الاقتصار علی صورة فقد المماثل

المسلم. مما یقضی بلزوم المماثل و وصول النوبة إلی الکافر دون غیر المماثل.

و منها: ما ورد (1) فی روایات تغسیل المحارم غیر المماثلین للمیت بشرط عدم المماثل و لو غیر محرم.

و منها: ما ورد (2) من انه مع عدم وجود المماثل و عدم المحرم ان المیت یدفن بثیابه، و فی روایة أبی حمزة عن أبی جعفر علیه السلام قال: «لا یغسل الرجل المرأة إلّا أن لا توجد امرأة» (3).

و غیرها مما یدل بالاقتضاء علی ذلک. نعم سیأتی فی (المسألة 40) ذهاب جماعة من المتقدمین و المتأخرین إلی غسل غیر المماثل بالصبّ من فوق الثیاب مع عدم المماثل و الزوج و المحرم و إن ذلک جمعاً بین طائفتی الروایات بحمل المانعة علی التغسیل بالتجرید و اللمس و النظر و الآمرة علی الصب من وراء الثیاب من دون لمس و نظر، و سیأتی أنه وجیه لا سیما بناء علی کون شرطیة المماثل فی الغاسل تکلیفاً محضاً لا شرطاً وضعیاً فی صحة الغسل کما سیأتی تقریبه فی تغسیل المحارم عند فقد المماثل.

لم یقع خلاف فی أصل الاستثناء و انما فی شروطه فعن جماعة

ص:149


1- 1) أبواب غسل المیت ب20.
2- 2) أبواب غسل المیت ب20 و ب21.
3- 3) أبواب غسل المیت ب20 / 10.

جوازه اختیاراً و عن ابن إدریس تخصیصه بالاضطرار و کذلک النهایة، و عن الوسیلة تقییده بفوق الثیاب و عن المقنعة تقییده بالاضطرار و انها إن کانت بنت أکثر من ثلاث صبوا علیها من فوق الثیاب و حنطوها و دفنوها بثیابها و هذا الحکم فی الشق الثانی هو ما یحکی عن المقنعة فی مطلق المیت مع غیر المماثل، و عن المقنع التحدید بأقل من خمس سنین و إلّا فلا و مثله الفقیه.

و التحدید بالخمس أو الست کما فی روایة التهذیب الآتیة یطابق ما ذهبوا إلیه فی باب النظر و وردت به النصوص (1) فی کتاب النکاح. بمنع تقبیل و ضم الصبیة ذات الست سنین، و هو ما یحکی عن المدارک من تأییده ببناء المسألة فی المقام علی جواز النظر و اللمس.

و مما ورد فی المقام روایة أبی النمیر قال قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام حدثنی عن الصبی کم تغسله النساء؟ فقال: «إلی ثلاث سنین» و موثق عمار الساباطی عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه سئل عن الصبی تغسله امرأة قال: «انما یغسل الصبیان النساء»، و عن الصبیة تموت و لا تصاب امرأة تغسلها قال: «یغسلها، رجل أولی الناس بها» (2).

و عنوان الصبی و الصبیة لا یشمل المراهق منهما لإطلاق الغلام و الجاریة حینئذاک علیهما، فالعنوان ظاهر فی غیر الممیز، و اختلاف الاقوال المتقدمة ناشئ من وجوه الجمع بین الروایتین فیحمل التغسیل فی ظهوره الأولی علی تجرید الثیاب و اللمس، و هو محمل الروایة الاولی المحددة بالثلاث بالنسبة إلی الصبی و علی الاختیار. و ظاهر الثانیة تقیید الجواز بالاضطرار لأن التخصیص بأولی الناس و إن شمل غیر المحرم و لکنه مقید علی أیة حال بالاضطرار، و فی مرسلة التهذیب قال روی فی الجاریة تموت مع الرجل فقال: إذا کانت بنت أقل من خمس سنین أو ست دفنت و لم تغسل» (3).

و حمله الشیخ علی عدم التغسیل مع التجرید عن الثیاب و موردها الاضطرار مع جعل مفادها علی مقتضی القاعدة عند المتقدمین فی ذلک الفرض و عن ابن طاوس ان لفظ (أقل) وهم، و یؤیده ظهور اتحاد هذا المرسل مع متن روایة الصدوق الآتیة، و حکی فی الفقیه عن شیخه محمد بن الحسن فی جامعه: فی الجاریة تموت مع الرجال فی السفر قال: إذا کانت ابنة أکثر من خمس سنین أو ست دفنت و لم تغسل، و أن کانت بنت أقل من خمس سنین غسلت، قال: و ذکر عن الحلبی حدیثاً فی معناه عن الصادق علیه السلام قال فی الذکری ان الصدوق رواه فی کتاب (مدینة العلم) مسندا عن الحلبی» (4)و بناء علی اتحاد متنها مع روایة الشیخ و حمل عدم تغسیلها إذا کانت أکثر من ست سنین علی التجرید بخلاف ما دون فانه ینطبق مفادها مع ما ذکره فی باب النظر. و عن المدارک أن مقتضی القاعدة الجواز لعدم شمول ما دل علی المماثل فی التغسیل لغیر البالغ لعدم اطلاق الرجل أو المرأة علیه. و فیه: إن

ص:150


1- 1) أبواب مقدمات النکاح ب 127.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 23 / 1 - 2.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 23 / 3.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 23 / 4.

ص:151

الثانی: الزوج و الزوجة

الثانی: الزوج و الزوجة فیجوز لکل منهما تغسیل الآخر و لو مع وجود المماثل و مع التجرد(1)، و إن کان الأحوط الاقتصار علی صورة فقد المماثل و کونه من وراء الثیاب و یجوز لکل منهما النظر إلی عورة الآخر و إن کان یکره(2)

الأدلة الواردة علی اشتراط المماثل آخذة لجواز النظر و اللمس موضوعاً للحکم فی المقام فمن ثمّ یعمم إلی غیر البالغ المراهق و الممیز و ما ورد من روایات و ان ضعف السند فی غیر الموثق الا انه قریب من مقتضی القاعدة، لا سیما و أن ظاهر ذیل الموثق فی الصبیة تقیید جواز التغسیل لها من الرجل الأولی بها بعدم المماثل، و غایة ما یخرج منه هو الثلاث فما دون و أما ما بین الثلاث إلی الخمس فظاهر مرسل الشیخ و الصدوق تقییده بالاضطرار کما هو ظاهر اطلاق الموثق أیضاً، و مقتضی تقییده بالأولی بها یومئ إلی کون الغسل من وراء الثیاب فی الأجنبی لا سیما مع دعوی الانصراف إلی المحرم من الأولی بها.

تقدم فی مراتب الأولیاء بالمیت جواز تغسیل کل منهما الآخر (1) و أنه نسب إلی المشهور ذلک و أن بعض المتقدمین و المتأخرین قیده بالاضطرار و من وراء الثیاب إلّا أن الأقوی الجواز مطلقاً کما مرّ.

و لم یظهر من الأصحاب کما مرّ من کلماتهم التفرقة بین سائر الجسد و العورة و لا التفصیل بینهما، بل ظاهر من جوز التجرید الاطلاق، و العمدة فی الجواز مع ورود روایات (2) مقیدة بستر العورة -محمولة علی

ص:152


1- 1) أبواب غسل المیت ب 20 - 24.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 24 - 12-11-7.

و لا فرق فی الزوجة بین الحرة و الأمة و الدائمة و المنقطعة(1) بل و المطلقة و الرجعیة(2)و إن کان الأحوط ترک تغسیل المطلقة مع وجود المماثل خصوصاً إذا کان بعد انقضاء العدة،

الکراهة و هو ما تقدم من الوجه فی التجرید، و هی صحیحة عبد اللّه بن سنان (1) حیث نفی علیه السلام البأس مطلقاً معلّلاً منع أهل المرأة بأنهم یکرهون أن ینظر الزوج إلی شیء یکرهونه منها» و الشیء الذی یکرهونه هم منها ظاهر فی العورة و نحوها، و قریب منه صحیح محمد بن مسلم (2) و انه یدخل یده تحت قمیصها کما فی صحیح الحلبی (3) و موثق إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبیه عن علی بن الحسین علیهما السلام أوصی أن تغسله أم ولد له إذا مات فغسلته» (4) المحمول علی تغسیل العورة کما فی روایة الفقه الرضوی، لأن الإمام علیه السلام لا یتولّی غسله إلّا الإمام.

لإطلاق الأدلة و إن ورد فی بعضها العدة التی قد یدعی انصرافها للدائم و لکنه مدفوع بعموم عدة الوفاة لکل الأقسام.

لانها زوجة کما هو مفاد قوله تعالی «فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِکُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ » 5 و قوله تعالی «وَ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ

ص:153


1- 1) أبواب غسل المیت ب 24 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 24 / 4.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 24 / 3.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 25 / 1.

و خصوصاً إذا تزوجت بغیره(1) إن فرض بقاء المیت بلا تغسیل إلی ذلک الوقت. و أما المطلقة(2) بائناً فلا أشکال فی عدم الجواز فیها.

الثالث: المحارم بنسب أو رضاع

الثالث: المحارم بنسب أو رضاع، لکن الاحوط بل الاقوی اعتبار فقد المماثل و کونه من وراء الثیاب(3).

أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِکُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ » 1.

مما یقتضی عدم حصول الفرقة الا بعد بلوغ أمد انتهاء أجل العدة. و من ثمّ یترتب علیها کل أحکام الزوجة مما یحلّ للزوج أو یجب علیه.

اما بعد انقضاء العدة فلدعوی البینونة و انقطاع الزوجیة و آنها لیست منه فی عدة الذی ورد التعلیل به فی صحیح الحلبی و آنها إذا تزوجت، انقطعت زوجیتها عرفاً، إذ کیف تجتمع زوجیتان، لکن ذلک کله مبنی علی أن موضوع الحکم هو البقاء الاعتباری لعقد الزواج مع أن ظاهر الأدلة هو العنوان بلحاظ حین الموت و التعلیل تبیان لمنشإ التفرقة عند المتشرعة لا فی الحکم الشرعی کما مرّ فی صحیح عبد اللّه بن سنان ثمّ إن فرض بقاء المیت إلی زواج المرأة یسهل فرضه علی قول ابن أبی عقیل من انقضاء عدة المتوفی عن الحامل بوضع حملها و إلّا فبطریق الحفظ فی الثلاجات الجاری فی عصرنا.

فقد یقال آنها یصدق علیها زوجة بلحاظ ما مضی کما فی الصور السابقة و فیه أن المدار فی الصدق انما هو بلحاظ حال وقوع الموت.

لا خلاف فی أصل الحکم بل فی کونه اختیاریاً أم مع فقد المماثل و الزوج و کونه من وراء الثیاب لزوماً أم ندباً، و نسب التقیید فی الموضعین

ص:154

للمشهور خلافاً للسرائر و المنتهی وعدة من متأخری المتأخرین فی الأول و خلافاً لظاهر الغنیة و العدة المزبورة فی الثانی، و عن المعتبر و القواعد فی حد المحارب و اللمعة فیه أیضاً حرمة نظر المحارم إلی جسد المرأة.

و یدل علی التقیید الأول، ما فی جملة من الروایات من تأخیر تغسیل المحرم عن المماثل و عن الزوج مما یقضی بمفروغیة الترتیب و فرضه فی السفر مما یوطئ فرض فقد المماثل بل صرح بذلک فی موثق عمار (1)و صحیح الحلبی (2) و راویة (3) عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه و زید الشحام و موثق (4) سماعة و غیرها جملة اخری و العطف (بأو) و إن کان یوهم التخییر، و لکن دوام الترتیب الذکری قاض بذلک، و فی بعض الروایات (5) الاُخری و إن عکس الترتیب فی سؤال السائل بین خصوص الزوج و المحرم و لعله لذلک جعل التخییر بینهما جماعة أو بالجواز اختیاراً بقرینة ذلک -إلّا أنها قلیلة عدداً مع کون الرواة لها قد رووا علی الترتیب السابق أیضاً و فی معتبرة عبد اللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول: إذا مات الرجل مع النساء غسّلته امرأته، و إن لم تکن امرأته معه غسلته أولاهن به، و تلف علی یدها

ص:155


1- 1) أبواب غسل المیت ب 29 / 5.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 20 / 3.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 20 / 4 - 7.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 20 / 9.
5- 5) أبواب غسل المیت ب 21 - 22.

خرقة» (1) تصریح بالترتیب و التقیید به.

و أما صحیحة منصور قال سألت ابا عبد اللّه علیه السلام عن الرجل یخرج فی السفر و معه امرأته یغسلها؟ قال: نعم و أمه و أخته و نحو هذا یلقی علی عورتها خرقة» (2) فمع کونه قد فرض فیه السفر ای فقد المماثل فإن العطف علی الزوجة لیس بصریح فی التساوی فلا یقاوم صریح معتبرة بن سنان.

و یدل علی التقیید الثانی: انه مقتضی التقیید الأول إذ لا وجه له الا لعدم جواز النظر و اللمس لسائر الجسد عدا الوجه و الیدین و نحوهما ای ما کان تحت الدرع، و هو وجه التقیید فی معتبرة بن سنان باللف للخرقة علی الید، کما ورد ذلک القید فی غسل الأجنبی للمرأة فی معتبرة (3) بن سنان الاُخری و کذا فی روایة زید بن علی (4) عن آبائه علیه السلام .

هذا مضافاً إلی التقیید للتغسیل بما وراء أو فوق الثیاب فی جملة من الروایات کموثق عمار (5) و سماعة (6) و روایة زید الشحام (7) نعم هناک جملة

ص:156


1- 1) أبواب غسل المیت ب 20 / 6.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 20 / 1.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 22 / 9.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 22 / 3.
5- 5) ابواب غسل المیت ب 20 / 5.
6- 6) أبواب غسل المیت ب 22 / 3.
7- 7) أبواب غسل المیت ب 22 / 7.

اُخری من الروایات یظهر منها ستر خصوص العورة و تجرید الباقی کما فی صحیحة منصور المتقدمة (1) حیث قید بذلک (یلقی علی عورتها خرقة)، و فی صحیح الحلبی (2) حیث قوبل فیها بین الزوجة و ذات القرابة من طرف بالتعبیر بالتغسیل و بین بقیة النساء بالتعبیر ب (یصب النساء علیه الماء صباً) و کذلک فی صحیح عبد الرحمن بن عبد اللّه (3).

و فیه: أن صحیح الحلبی و ابن أبی عبد اللّه فی تغسیل المیت الرجل و أما صحیح منصور فالعورة یمکن حلمها علی ما فی بقیة الروایات و هو ما تحت الدرع و القمیص کما فی موثق عمار و روایة زید الشحام لا خصوص القبل و الدبر، هذا مع انا لم نقف علی تصریح من المتقدمین فی باب النظر من کتاب النکاح علی جواز النظر للمرأة المحرم فیما یغطی بالدرع عدا الشعر و الیدین و الساقین و تصریح المشهور فی المقام بتأخر رتبة المحرم عن المماثل و الزوج و کونه من وراء الثیاب کالدرع و القمیص، مع ان جواز التغسیل یدور مدار جواز النظر و اللمس شاهد علی تخصیص المشهور الجواز بالشعر و الأطراف کما صرح بذلک المفید فی رسالة أحکام النساء و فی ما حکی عن المعتبر فی المقام و القواعد و اللمعة فی باب حدّ المحارب فیمن اطلع علی دار من ثقب و نحوه، و جملة من المتأخرین انما خالفوا فی المقام

ص:157


1- 1) أبواب غسل المیت ب 20 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 20 / 3.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 20 / 4.
الرابع: المولی و الأمة

الرابع: المولی و الأمة(1) فیجوز للمولی تغسیل أمته، إذا لم تکن مزوجة و لا فی عدة الغیر و لا مبعضة و لا مکاتبة و أما تغسیل الأمة مولاها ففیه اشکال و إن جوّزه بعضهم

فی قیدیة (من وراء الثیاب) لذهابهم فی باب النظر أن العورة فی المرأة للمحرم خصوص القبل و الدبر مع أن آیة الغض و نحوها کما حررناه ثمة مقتضاها تخصیص النظر بالرأس و الأطراف.

ثمّ إنه قد یحمل ستر العورة فی المقام و التغسیل من وراء الثیاب علی الحکم التکلیفی المحض من دون ان یکون شرطاً فی صحة التغسیل و ذلک لأن الأوامر فی ضمن المرکب و إن کانت ظاهرة فی الوضع الا ان تقرر ثبوت الحکم التکلیفی فی نفسه فی المقام مانع عن هذا الظهور و علیه فلو غسل من دون ستر العورة و الثیاب صح التغسیل و إن عصی». هذا و لو تم ذلک لکان أخذ الترتیب و شرطیة المماثل فی الغاسل فی هذا الباب أیضاً محمول علی ذلک ای مراعاة الحکم التکلیفی بعد أخذ جواز النظر و اللمس فی موضوع جواز التغسیل، و سیأتی من الماتن ان تغطیة العورة للمیت حکم تکلیفی محض مع وروده فی کیفیة التغسیل، و انه لو نظر إلیها الغاسل عصی و ارتکب محرما و لکن لا یبطل بذلک الغسل.

حکی الوفاق علی تغسیل المولی أمته، و وجهه جواز نظره و لمسه لها حال حیاتهم و أشکل علیه أولاً: بانقطاع الملک بالموت فلا علقة بینهما، و ثانیاً: بانه لا دلیل علی استلزام جواز النظر و اللمس لجواز التغسیل. و یندفع الأول بأن جواز التغسیل موضوعه جواز النظر و اللمس بلحاظ الحیاة أیضاً، عبد اللّه علیه السلام عن المرأة تموت مع رجال لیس فیهم ذو محرم هل یغسلونها و علیها ثیابها؟ فقال: «إذا یدخل ذلک علیهم، و لکن یغسلون کفیها» (1).

فبین ان المحذور فی الغسل من الأجنبی هو فتنة النظر. و فی روایة أبی بصیر قال سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام فی الحدیث «إذا ماتت المرأة مع قوم لیس لها فیهم محرم.. یحل لهن أن یمسسن منه ما کان یحل لهن أن ینظرن منه إلیه و هو حیّ، فاذا بلغن الموضع الذی لا یحل لهن النظر إلیه و لا مسه و هو حی صببن الماء علیه صباً» (2) و ما مر من المقابلة بین التغسیل و الصبّ و الأول فی المحرم و الثانی فی غیر المماثل الأجنبی، و ما مرّ فی الصبی انه إلی ثلاث

ص:158


1- 1) أبواب غسل المیت ب 22 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 22 / 10.

هذا مضافاً إلی جوازهما بعد الموت أیضاً و لو بالأصل أو بعموم المدلول الالتزامی فی النظر من «إِلاّ عَلی أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَکَتْ أَیْمانُهُمْ » 1 لصدق ملک الیمین بعد صدق عنوان المرأة و نحوه، و إلّا لما تأتی دلیل عموم حرمة النظر أیضاً. و یندفع الثانی: أن المستفاد من التماثل المأخوذ فی الموضوع هو أخذ جواز النظر و اللمس لأنه أبرز حکم فی عنوان المماثل و کذلک الزوج، و من ثمّ تأخر المحرم عنهما، و تأخر غیر المماثل الأجنبی عن المحرم، و کل ذلک درجات فی أحکام النظر و اللمس، بل تأخر غیر المماثل المسلم عن المماثل الکافر، و فی صحیح داود بن فرقد قال: مضی صاحب لنا یسأل أبا

ص:159

مسألة 1 الخنثی المشکل إذا لم یکن عمرها أزید من ثلاث سنین

(مسألة 1) الخنثی المشکل(1) إذا لم یکن عمرها أزید من ثلاث سنین فلا اشکال فیها، و إلّا فان کان لها محرم أو أمة -بناء علی جواز تغسیل الأمة مولاها -فکذلک و إلّا فالأحوط تغسیل کل من الرجل و المرأة إیاها من وراء الثیاب و إن کان لا یبعد الرجوع إلی القرعة.

سنین أو خمس علی القولین المتقدمین بحسب النظر و اللمس و غیرها من الشواهد التی یقف علیها الناظر فی لسان الروایات من الصور.

کل ذلک یشرف علی أخذ جواز النظر و اللمس فی جواز التغسیل و انه یدور مداره مضافاً إلی ما مرّ من موثق اسحاق بن عمار فی تغسیل ام الولد لعلی ابن الحسین علیه السلام و هی و إن کانت محمولة علی مقدمات الغسل لأن الامام علیه السلام لا یغسله إلّا الامام و لکن هی دالة علی جواز اللمس و النظر لها فی التغسیل.

حیث الظاهر منها أن الجواز لکون العلقة، بمنزلة علاقة الزوجیة و یؤید ما فی روایة الفقه الرضوی من تعلیل ذلک بالمفهوم آنها یجوز لها النظر إلی العورة فی حیاة المیت و من ذلک یظهر وجه استثناء المزوجة و المبعضة و المکاتبة فی المتن و کذلک وجه من جوز تغسیل الأمة مولاها.

و فیها صور:

الاُولی: إذا کانت ثلاث فما دون فیسوغ لما تقدم فی الصبیة و الصبی.

الثانیة: إذا کان لها امة فکذلک علی الاقوی کما مرّ فی تغسیل الامة مولاها.

ص:160

الثالثة: إذا کان لها محرم فکذلک بناء علی صدق فقد المماثل لعدم إحرازه او لعدم تنجز التکلیف علی المماثل و اشکل علیه بان عدم الاحراز لا یعنی عدم وجود المماثل، کما ان التکلیف منجز علی الرجال و النساء إما للوجوب الکفائی علی الجمیع أو للعلم الاجمالی علی کل من الصنفین بحرمة النظر علی تقدیر عدم التماثل أو وجوب التغسیل -علی تقدیر التماثل -. و یمکن دفعه بان المحرم یساوی غیر المحرم فی احتمال التماثل، و فی الوجوب الکفائی للغسل أعم من المباشرة أو التسبیب و لکنه یقوی احتمال تعینه علیه من جهة احتمال صدق فقد المماثل فتصل النوبة إلیه. و أما العلم الاجمالی علی کل صنف فهو من الدوران بین محذورین فلا یکون منجزاً إلّا إذا کان الغسل من وراء ثیاب لا یخالف الشرائط الصحة الأولیة فی الغسل.

مضافاً إلی حرمة اللمس و المباشرة و ان کان من وراء الثیاب لا سیما فی التکفین المتصل بالتغسیل لا سیما إذا کان شرط التماثل و حرمة النظر هی لحرمة المیت.

و هذا بخلاف المحرم فی النظر إلی ما عدا العورة سواء کانت خصوص القبل و الدبر أو ما تحت الدرع، و فی المباشرة فتعین المحرم لا یخلو من قوة لا سیما مع عطفه علی الزوج فی الروایات عند فقد المماثل.

الرابعة: عند فقد المحرم تصل النوبة إلی الاجنبی من الصنفین فیتعین علی کل من الصنفین التغسیل للوجوب الکفائی الاعم من المباشرة و التسبیب لا سیما مع القول بلزوم تغسیل غیر المماثل عند فقد المراتب المتقدمة، نعم

ص:161

مسألة 2 إذا کان میت أو عضو من میت مشتبها بین الذکر و الأنثی

مسألة 2) إذا کان میت أو عضو من میت مشتبها بین الذکر و الأنثی فیغسله کل من الرجل و المرأة من وراء الثیاب(1).

مسألة 3 إذا انحصر المماثل فی الکافر أو الکافرة من أهل الکتاب

(مسألة 3) إذا انحصر المماثل فی الکافر أو الکافرة من أهل الکتاب(2) أمر المسلم المرأة الکتابیة أو المسلمة الرجل الکتابی أن یغتسل أولا و یغسل المیت بعده و الآمر ینوی النیة. و إن أمکن أن لا یمس الماء و بدن المیت تعین. کما انه لو أمکن التغسیل فی الکر أو الجاری تعین.

یلزم کونه من وراء الثیاب لا مکان مراعاة العلم الاجمالی بحرمة النظر أو وجوب الغسل بناء علی کون التغسیل من وراء الثیاب لا یخل بصفة الغسل و شرائطه الأولیة أو استفادة ذلک من ما ورد فی التغسیل غیر المماثل تعمیماً له لما إذا احتمل ذلک أیضاً. و أما القرعة فحکی عن الشیخ فی المیراث و إن کان النص الوارد ثمة هو تنصیف سهم الجنین لها. إلّا ان النوبة فی المقام لا تصل إلیها بعد تنقیح الوظیفة.

کما مرّ فی الخنثی.

حکی علیه الشهرة عدا جماعة لم یذکروه کما عن ابن أبی عقیل و الجعفی و ابن براج و ابن زهرة و ابن ادریس و خلاف الشیخ، و یدل علیه موثق عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی حدیث -قال قلت فإن مات رجل مسلم و لیس معه رجل مسلم و لا امرأة مسلمة من ذوی قرابته و معه رجال نصاری و نساء مسلمات لیس بینه و بینهن قرابة؟ قال: یغتسل النصاری ثمّ یغسلونه، فقد اضطر، و عن المرأة المسلمة تموت و لیس معها امرأة مسلمة و لا رجل مسلم و لو وجد المماثل بعد ذلک أعاد. و إذا انحصر فی المخالف فکذلک،

ص:162

لکن لا یحتاج إلی اغتساله قبل التغسیل و هو مقدم علی الکتابی علی تقدیر وجوده.

من ذوی قرابتها و معها نصرانیة و رجال مسلمون؟ قال تغتسل النصرانیة ثمّ تغسلها» (1). و فی خبر عمرو بن خالد عن زید بن علی عن آبائه علیه السلام عن علی علیه السلام قال: أتی رسول اللّه صلی الله علیه و آله نفر فقالوا: ان امرأة توفیت معنا و لیس معها ذو محرم؟ فقال: کیف صنعتم؟ فقالوا: صببنا علیها الماء صبا فقال أو ما وجدتم امرأة من أهل الکتاب تغسلها؟ قالوا: لا قال: أ فلا یممتموها؟!» (2).

و أشکل علی الاستدلال بها بأن الکافر نجس مما یوجب قذارة الماء و بدن المیت فکیف یجیء منه الطهارة، کما ان قصد القربة لا یأتی منه أو لا یصح منه و من ثمّ حکی التوقف عن المعتبر فی الحکم و خدش فی طریقی الروایتین بانهم من الفطحیة و الزیدیة.

و یجاب بأن التغسیل للمیت لیس صرف رفع الحدث بل هو رفع للخبث أیضاً بالتنظیف و التنقیة لبدنه و لفرجه و من ثمّ یستعمل السدر أو الخطمی و الأشنان فی الغسل الأول و ینقی برغوته الشعر و الفرج، و یستعمل الکافور أو الذریرة فی الثانی لتطیب رائحته و فی الثالث الماء القراح لتنقیة البدن من الخلیطین المزیلین، و لأجل ذلک وردت العبارة بالصب من فوق الثیاب فی تغسیل غیر المماثل بینما وردت عبارة التغسیل فی (المماثل)،

ص:163


1- 1) أبواب غسل المیت ب 19 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 19 / 2.

اشارة إلی الاختلاف بین العنوانین، و علی ذلک فیتأتی رفع الخبث من الکافر بعد کون المرفوع بمنزلة عین الخبث بخلاف الخبث الحاصل من الکافر فانه نجاسة عرضیة و لذلک یؤمر بأن یغتسل قبل إتیانه لتغسیل المیت. مع إمکان الالتزام بأمره بالصبّ بعد الدلک فی الأغسال و لو من المسلم بنحو لا یستلزم النظر.

و أما قصد القربة فتأتیه من أهل الکتاب بمعنی کون الداعی له من الفعل هو الجزاء الأخروی و نحوه متصور کما تشهد له جملة من الآیات القرآنیة غایة الأمر لا یتقبل منه لأنه لم یتوجه إلی الحضرة الإلهیة من الباب الذی أمر باتیانها منها، و فی المقام لعل القبول لیس منه بل من المیت أو من المسلمین الذین أمروه بذلک، کما أن الأقوی لزوم نیة الآمر المسلم و هو و إن لم یصرح به فی الروایتین لکن من الواضح أن استخدام و استدعاء الکافر للتغسیل هو من فعل المسلم فالأمر مقدر اقتضاءً، و حیث یکون فی البین تسبیب للفعل العبادی فاللازم قصد القربة اقتصاراً فیما خالف القواعد علی الضرورة، و من ما مرّ یظهر الحال فی التعدی إلی بقیة أقسام الکافر من غیر أهل الکتاب، لا سیما إذا قام غیر المماثل المسلم بالصب من غیر نظر بعد الدلک و اکتفینا بالنیة من الآمر، هذا فضلاً عن المخالف فان محذور النجاسة الخبیثة غیر وارد فیه و القبول فی القربة قد مرّ المخرج منه، هذا مضافاً إلی أخذ فقد عنوان المسلم المماثل فی الروایات و الذی یقتضی باطلاقه صحة التغسیل من المخالف و لو بضمیمة نیة الآمر المؤمن کما یقتضی تقدیمه علی الکتابی.

ص:164

مسألة 4: إذا لم یکن مماثل من الکتابی و الکتابیة

(مسألة 4): إذا لم یکن مماثل من الکتابی و الکتابیة سقط الغسل(1) لکن الأحوط تغسیل غیر المماثل من غیر لمس و نظر من وراء الثیاب، ثمّ تنشیف بدنه قبل التکفین لاحتمال بقاء نجاسته

نسب إلی المشهور و عن المبسوط أن المذهب أن لا تغسل و لا تؤمم و عن المفید فی المقنعة انه یغسل من وراء الثیاب و الشیخ فی خصوص التهذیب فی شرح کلامه و عن الحلبی فی الکافی و عن الغنیة انه أحوط مع عدم النظر و نفی عنه البأس فی البیان و أشار إلی اختیاره فی الذکری کما فی مفتاح الکرامة و عن کشف اللثام انه یحتمله کلام الحلبیین و لا ینافیه کلام الباقیین و اختاره فی المفاتیح و عن الدروس نقل الأقوال من غیر ترجیح، و عن المبسوط استحباب تغسیل یدیها و وجهها و کذا النهایة و التهذیبین. و أما العامة ففی بدایة المجتهد انهم علی ثلاثة أقوال الأول: التغسیل من فوق الثیاب.

الثانی: التیمّم و ذهب إلیه الشافعی و أبو حنیفة و مالک و جمهورهم. الثالث: لا غسل و لا تیمم ذهب إلیه اللیث بن سعد.

فالمشهور عندهم سقوط الغسل لکن ییمم و ذکر ذلک ابن قدامة فی الشرح نعم حکی عن ابن حنبل انه یصب الماء علیه من وراء الثیاب.

و أما الروایات فمنها: صحیح داود بن فرقد قال مضی صاحب لنا یسأل أبا عبد اللّه علیه السلام عن المرأة تموت مع الرجال لیس فیهم ذو محرم، هل یغسلونها و علیها ثیابها؟ فقال: «إذا یدخل ذلک علیهم، و لکن یغسلون کفیها» (1).

حیث ان قوله علیه السلام (یدخل ذلک علیهم) إما بمعنی یعاب علیهم أو یقدّر

ص:165


1- 1) أبواب غسل المیت ب 22 / 2.

الفتنة أو نحو ذلک، فعلی الأول یظهر منه ان الحکم الأولی هو الجواز أو الوجوب لکن المانع هو الضرر علیهم، و کذلک لو قدر الفتنة و نحوها فإنه یتفادی بعدم النظر و عدم اللمس و المحکی عن أکثر العامة النکیر علی ذلک.

و معتبرة عبد اللّه بن سنان قال سمعت أبا عبد اللّه علیه السلام یقول: «المرأة إذا ماتت مع الرجال فلم یجدوا امرأة تغسلها غسلها بعض الرجال من وراء الثیاب و یستحب أن یلف علی یدیه خرقة» (1).

و أشکل علی الاستدلال بها آنها مطلقة فتقید بالمحرم للنهی عنه فی غیر المحرم فی جملة من الروایات و لذلک ورد لفظ (یستحب) للف الید بالخرقة مع ان فی غیر المحرم عدم المس لازم، و فیه: ان الاستحباب لزیادة العازل و إلّا فالغسل هو من وراء الثیاب، و أما دعوی الاطلاق و التقیید فهی مبنیة علی کون الغسل فی الروایات الناهیة هو مطلق الغسل لا خصوص المعهود و هو مع التجرید أو تحت الثیاب أی الذی یوجب إزالة القذارة و النجاسات مضافاً إلی الطهارة المعنویة. و إلّا فلا تعارض مع انه لو کان مطلقاً فالمعتبرة هی فی خصوص الغسل من وراء الثیاب بنحو الصب لا الدلک أو المباشرة تحت الثیاب.

و روایة عمرو بن خالد عن زید بن علی عن آبائه عن علی علیه السلام قال: إذا مات الرجل فی السفر مع النساء لیس فیهن امرأته و لا ذو محرم من نسائه قال: «یوزرونه إلی الرکبتین و یصببن علیه الماء صباً و لا ینظرن إلی عورته

ص:166


1- 1) أبواب غسل المیت ب 22 / 9.

و لا یلمسنه بأیدیهن و یطهرنه» (1).

و قد تکرّر فی روایات الباب المقابلة بین الغسل و الصب و هو مما یشهد بالجمع بین الروایات الآمرة من وراء ثیاب و الروایات الناهیة، ففی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه سئل عن الرجل یموت و لیس عنده من یغسله إلّا النساء؟ قال: «تغسله امرأته أو ذو قرابة إن کان له و تصب النساء علیه الماء صباً... الحدیث» (2).

فانه قوبل بین التغسیل و الصب فجعل الزوجة تغسله أی تمسسه و تدلک بدنه و تباشره بینما النساء الأجنبیات مع کونهن یصببن الماء علیه و هو نحو مشارکة منهن فی التغسیل إلّا أن ذلک لیس تغسیل منهن أی بدون لمس و دلک و نظر. کما أنه یضم إلی ذلک فی وجه الجمع أیضاً أن المیت مع غیر المماثل لا یجرد بعد الصب أیضاً و تمامیة الغسل بل تبقی علیه ثیابه و یلف فی الکفن فما فی الروایات التی استظهر منها النهی کصحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه سأله عن المرأة تموت فی السفر و لیس معها ذو محرم و لا نساء؟ قال: «تدفن کما هی بثیابها» (3).

یمکن حملها علی آنها لا تجرد من ثیابها حین الصب للماء و لا حین التکفین. و إلّا فالکفن لا یسقط.

ص:167


1- 1) أبواب غسل المیت ب 22 / 3.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 24 / 3.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 21 / 1.

و مثلها صحیح عبد اللّه بن أبی یعفور انه سأل أبا عبد اللّه علیه السلام عن الرجل یموت فی السفر مع النساء لیس معهن رجل، کیف یصنعن به؟ قال: «یلففنه لفّاً فی ثیابه و یدفنّه و لا یغسلنه» (1).

و فی صحیح عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه عنه علیه السلام : «تلف و تدفن و لا تغسل» (2).

و صحیح أبی الصباح الکنانی (3) و غیرها، و الحاصل ان الروایات النافیة نافیة لطبیعة الغسل بالضم المتضمن للغسل بالفتح و التنظیف المماس لبشرة المیت، و لا تشمل تلک الطبیعة الصب فوق الثیاب الذی هو بدل تنزلی لا سیما علی القول بأن هذا الصب لا یصح علی مقتضی القاعدة فهو نظیر أن یکون الدلیل نافیاً للغسل و آخر مثبتا للتیمم و أما التعبیر فی صحیح الحلبی فهو و إن کان نظیر ما ورد فی الشهید إلّا انه غیر مراد بقرینة لزوم التکفین و تصریح صحیح ابن أبی یعفور بارادة نفی الغسل مع ما مرّ.

و فی روایة جابر عن أبی جعفر علیه السلام فی رجل مات و معه نسوة لیس معهن رجل قال: «یصببن علیه الماء من خلف الثوب و یلففنه فی أکفانه من تحت الستر و یصلّین علیه صفاً، و یدخلنه قبره»، و المرأة تموت مع الرجال لیس معهم امرأة قال: «یصبون الماء من خلف الثوب و یلفونها فی أکفانها

ص:168


1- 1) أبواب غسل المیت ب 21 / 2.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 21 / 3.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 21 / 4.

و یصلون و یدفنون» (1).

و فی روایة أبی بصیر عنه علیه السلام فی حدیث «یصبّون الماء علیه صبّاً...

یحلّ لهن أن یمسسن منه ما کان یحل لهن أن ینظرن منه إلیه و هو حی، فإذا بلغن الموضع الذی لا یحل لهن النظر إلیه و لا مسه و هو حی صببن الماء علیه صبّاً» (2). و فی هذه الروایة قوبل بین الغسل و الصبّ أیضاً.

و فی روایة أبی حمزة عن أبی جعفر علیه السلام قال: «لا یغسل الرجل المرأة إلّا أن لا توجد امرأة» (3) و هی و إن کانت مطلقة یمکن تقییدها بالمحرم إلّا أنها مؤیدة للروایات الخاصة المجوزة.

ثمّ انه حکی فی المبسوط و النهایة و التهذیبین و القواعد روایة آنها تغسل وجهها و یدیها استناداً إلی جملة من النصوص کروایة المفضل بن عمر (4) و هی مفصلة فی الغسل بین ما لا یستر من محاسن المرأة کالوجه و الکفین و غیرها من المواضع، و مرّ ذلک أیضاً فی صحیحة داود بن فرقد.

و فی روایة أخری لأبی بصیر (5) و التعبیر فیها یغسل منها موضع الوضوء.

ص:169


1- 1) أبواب غسل المیت ب 22 / 5.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 22 / 10.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 22 / 7.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 22 / 1.
5- 5) أبواب غسل المیت ب 22 / 6.
مسألة 5 یشترط فی المغسل أن یکون مسلماً بالغاً عاقلاً اثنی عشریاً
اشارة

(مسألة 5) یشترط فی المغسل أن یکون مسلماً بالغاً عاقلاً اثنی عشریاً فلا یجزی تغسیل الصبی، و إن کان ممیزاً و قلنا بصحة عباداته علی الأحوط، و إن کان لا یبعد کفایته مع العلم باتیانه علی الوجه الصحیح(1)، و لا تغسیل الکافر إلّا إذا کان کتابیاً فی الصورة المتقدمة و یشترط أن یکون عارفاً بمسائل الغسل، کما انه یشترط المماثلة إلّا فی الصور المتقدمة.

و فی روایة أخری أیضاً لجابر (1) کما مرّ فی روایة أبی بصیر الأولی التفصیل فی التغسیل و الصب بین ما یحل النظر إلیه و ما لا یحل و لا ینافیها روایته الأخری و مثل هذا الوفاق بین روایتی جابر، و کذلک روایة المفضل حیث ورد النهی فیها عن المس و عن کشف محاسنها.

و فی روایة أخری لعمرو بن خالد عن زید بن علی آنها تیمم و هو مذهب العامة کما مرّ. هذا و الأمر بالتوضّؤ فی جملة من الروایات المتقدمة یمکن حمله علی الندب کما هو الحال قبل مطلق تغسیل المیت و لو من المماثل، فلا ظهور له فی البدلیة عن التغسیل مطلقاً کی ینافی ما دل علی الصبّ.

قد تقدم فی فصل تجهیز المیت التأمل فی کفایة افعاله العبادیة فی الواجبات الکفائیة عن البالغین سواء عند الشک لعدم جریان أصالة الصحة فیها أو عند العلم باتیانه لها علی الوجه الصحیح لا لعدم شمول الا طلاقات له بل هی شاملة و هی العمدة فی مشروعیة عباداته -، بل لأن الادلة الخاصة

ص:170


1- 1) أبواب غسل المیت ب 22 / 8.
فصل قد عرفت سابقاً وجوب تغسیل کل مسلم لکن یستثنی من ذلک طائفتان:

فصل

قد عرفت سابقاً وجوب تغسیل کل مسلم لکن یستثنی من ذلک طائفتان:

إحداها: الشهید المقتول فی المعرکة عند الجهاد

إحداها: الشهید(1) المقتول فی المعرکة عند الجهاد مع

ص:171

الإمام علیه السلام أو نائبه الخاص و یلحق به کل من قتل فی حفظ بیضة الإسلام فی حال الغیبة من غیر فرق بین الحر و العبد و المقتول بالحدید أو غیره عمداً أو خطأً، رجلاً کان أو امرأة أو صبیاً أو مجنوناً

الواردة فیه تقتضی رفع الفعلیة التامة -و ان لم ترفع أصل الفعلیة -و حینئذٍ یشکل الأجزاء عن البالغین.

أما کونه مؤمناً فلعدم صحة عبادة الکافر و المخالف کما بسطنا الکلام فیه فی بحث نیابة الحج. و أما مع الاضطرار فتقدم وجه الصحة بنیة الآمر المؤمن أو وقوع نیة المباشر غیر المؤمن مقبولة للمیت أو للآمر، و انه علی بعض الوجوه یعم غیر الکتابی.

للضرورة عند المسلمین و النصوص المستفیضة إلّا أنه وقع الکلام فی أمور:

الأول: فی اشتراط قتله فی المعرکة کما عبر الماتن و نسب إلی المشهور و عن آخرین قبل أن یدرکه المسلمون و به رمق کما هو لفظ بعض النصوص

ص:172

إذا کان الجهاد واجباً علیهم، فلا یجب تغسیلهم، بل یدفنون کذلک فی ثیابهم إلّا إذا کانوا عراة فیکفنون و یدفنون، و یشترط فیه أن یکون خروج روحه قبل إخراجه من المعرکة أو بعد إخراجه مع بقاء الحرب و خروج روحه بعد الاخراج بلا فصل، و أما إذا خرجت روحه بعد انقضاء الحرب فیجب تغسیله و تکفینه و ربما عبر ثالث ب (قبل انقضاء الحرب) و الأول قید مکانی و الثانی حالی و الثالث زمانی.

و فی النصوص کصحیح أبی مریم الأنصاری عن الصادق علیه السلام انه قال:

«الشهید إذا کان به رمق غسل و کفّن و حنط و صلّی علیه، و إن لم یکن به رمق کفن فی أثوابه» (1).

و الجمود علی حرفیة اللفظ یقتضی أن المدار علی نفس بقاء الرمق و عدمه، و لکن الظاهر إرادة إدراکه و فرصة إسعافه و الرمق کما فی المصباح الروح و قد یطلق علی القوة کما فی أکل المیتة.

و فی صحیح ابان بن تغلب قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن الذی یقتل فی سبیل اللّه، أ یغسل و یکفن و یحنط؟ قال: «یدفن کما هو فی ثیابه، إلّا أن یکون به رمق، ثمّ مات فإنه یغسل و یکفن و یحنط و یصلی علیه، ان رسول اللّه صلی الله علیه و آله صلّی علی حمزة و کفنه، لأنه کان قد جرّد» (2).

و فی الطریق الآخر الصحیح أیضاً عنه: «إلّا أن یدرکه المسلمون و به

رمق ثمّ یموت بعد» (3).

و لیس المراد من الادراک مجرد الوصول إلیه و الاطلاع علی حاله و إلّا فأکثر المقتولین فی المعرکة یشهدهم من یکون بجنبهم قبل زهوق الروح

ص:173


1- 1) أبواب غسل المیت ب 14 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 14 / 7.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 14 / 0.

منهم، بل هو فرصة تدارک معالجته و انقاذه من الموت کما هو الحال فی جملة من شهداء کربلاء.

و علی ذلک یکون قید (فی المعرکة) إشارة إلی عدم امکان نقله عن ساحة القتال للتمکن من معالجته فیؤول إلی القید الحالی و هو تدارکه.

و فی مقطوعة أبی خالد قال: اغسل کل الموتی، الغریق و أکیل السبع و کل شیء إلّا ما قتل بین الصفین، فإن کان به رمق غسل و إلّا فلا» (1).

و فی روایة الدعائم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال فی الشهید: «إذا قتل فی مکانه [فمات]، دفن فی ثیابه و لم یغسل، فان کان به رمق و نقل عن مکانه فمات غسل و کفن قال و قد کفن رسول اللّه صلی الله علیه و آله حمزة فی ثیابه التی أُصیب فیها، و زاده برداً» (2).

و لا ینافی ما استظهرناه ما ذکره الماتن و غیره عموم الموضوع لمن أخرج من المعرکة و خرجت روحه مباشرة قبل أن یسعفوه أو مات بعد تقضی الحرب و لکن قبل أن یدرکونه بالإغاثة، نعم یشکل ما ذهب إلیه فی الخلاف و المنتهی فی الجریح الذی مات بعده بساعة أو ساعتین کما ورد فی حال سعد بن الربیع قبل تقضی الحرب فحکمه حکم الشهید، إلّا أن یحمل علی عدم نقله و عدم إسعاف جراحاته و انما أدرکوه بمعنی وجدوه بمقدار تلک المدة.

ص:174


1- 1) أبواب غسل المیت ب 14 / 3.
2- 2) المستدرک أبواب غسل المیت ب 14 / 1.

إذا خرجت روحه بعد انقضاء الحرب فیجب تغسیله و تکفینه

الثانی: کونه فی الجهاد مع الإمام علیه السلام أو نائبه الخاص لما هو متسالم علیه بین الأصحاب من عدم مشروعیة الابتدائی فی عصر الغیبة و انه من مختصاته علیه السلام و إن القتل مع غیر مثل المیتة أو میتته میتة جاهلیة کما دلّت علیه النصوص (1).

و أما الدفاع فهو و إن اشتهر عدم اشتراط الاذن فیه إلّا ان کلماتهم محمولة علی أصل الوجوب أو ما لا یحتاج إلی تدبیر عام و إلّا فما توقف علی إدارة و نظم فلا محالة یتوقف علی نظارة الحاکم و هو النائب العام و إلّا فعدول المؤمنین.

و علی أیة حال، فیدل علی العموم اطلاق (فی سبیل اللّه) الوارد فی صحیح ابان بن تغلب و یعضده اطلاق (الشهید) الوارد فی صحیح أبی مریم بحسب ماله من معنی فی ارتکاز المتشرعة، غایته قد دلّت أدلة باب الجهاد علی تقییده بکونه مع الإمام علیه السلام و إذنه، و عنوان (فی سبیل اللّه) -و کذا الشهید بحسب توسع اطلاق المتشرعة -و إن کان یعم صدقه فی کل ما کان فی سبیل اللّه من أبواب الأمر بالمعروف و الخیر و النهی عن المنکر و الشر، إلّا أن

ذیل الروایات المتقدمة دالّ علی إرادة الحرب و المواجهة العسکریة و إن اختلفت صورها فی العصر الحالی عن العصور السابقة. نعم لا یخص السبیل بالجهاد الابتدائی بل یعم الجهاد الدفاعی کما هو الحال فی احد و کربلاء و غیرهما و حکی عن المقنعة و المبسوط و النهایة و المراسم

ص:175


1- 1) أبواب جهاد العدو ب 9 - 12.

و السرائر و الوسیلة و المهذب و الجامع و القواعد و التحریر و المنتهی و المسالک و الشرائع نفی کون المقتول فیه شهیداً و لعله محمول علی ما إذا لم یکن تحت تدبیر الإمام علیه السلام أو نائبه الخاص أو العام، کما یعم قتال البغاة کما فی صفین.

کما یعم الدفاع فی عصر الغیبة و نحوه للإذن فیه شرعاً مع عموم العنوان المتقدم له.

کما فی صحیح یونس عن أبی الحسن علیه السلام -فی حدیث المرابطة فی عهد بنی العباس -قال: «یرابط و لا یقاتل، و إن خاف علی بیضة الإسلام و المسلمین قاتل فیکون قتاله لنفسه لا للسلطان، لأن فی دروس الإسلام دروس ذکر محمد صلی الله علیه و آله » (1).

الثالث: الظاهر الاطلاق فی افراد الشهید للأقسام المذکورة فی المتن، لکن قید الماتن و جماعة فی المرأة و الصبی و المجنون بما إذا کان الجهاد واجباً علیهم، أو حصل الجهاد بهم أو کان راجحاً فی حقه کما عن الجواهر و الشیخ الأنصاری، و علله البعض بأن الجواز فی المقام یلازم الوجوب و عدم

الوجوب یلازم عدم الجواز، و فیه نظر، لأن الوضع عن هؤلاء لیس بمعنی عدم المشروعیة بل و لا المرجوحیة الذاتیة، بل الرجحان الذاتی مقرر غایة الأمر قد رفعت العزیمة و المرجوحیة من جهات اخری کما هو الحال فی الأعرج و المریض و الأعمی و نحوهم.

ص:176


1- 1) أبواب جهاد العدو ب 6 / 2.

الرابع: سقوط تغسیلهم و تکفینهم و تحنیطهم إلّا إذا کانوا عراة فیکفنون کما فی صحیح أبی مریم المتقدم (کفن فی أثوابه) و فی صحیح أبان بن تغلب (یدفن کما هو فی ثیابه).

و فی صحیح إسماعیل بن جابر و زرارة عن أبی جعفر علیه السلام «فی ثیابه بدمائه، و لا یحنط، و لا یغسل، و یدفن کما هو» ثمّ قال: دفن رسول اللّه صلی الله علیه و آله عمّه حمزة فی ثیابه بدمائه التی اصیب فیها و ردأه [و زاده] النبی صلی الله علیه و آله ، برداء فقصر عن رجلیه، فدعا له باذخر فطرحه علیه، و صلّی علیه سبعین صلاة و کبّر علیه سبعین تکبیرة» (1).

و نظیره فی صحیح أبان فی أحد طریقیه (کفن حمزة فی ثیابه و لم یغسله) و فی الطریق الآخر (ان رسول اللّه صلی الله علیه و آله صلّی علی حمزة و کفنه لأنه کان قد جرّد) و الجمع بینهما بما فی صحیح إسماعیل و زرارة، و التعبیر بالتکفین فی ثیابه أی جعلها کفناً له و عدم تجریده منها، و لا یبعد الالتزام بما فی صحیح إسماعیل و زرارة کما نص علیه فی القواعد و کذا عن الشهید و جامع المقاصد و کاشف اللثام انه إن جرد کفن خاصة، و الظاهر إرادة جبر ما نقص من ثیابه

ص:177


1- 1) أبواب غسل المیت ب 14 / 8 .
الثانیة: من وجب قتله برجم أو قصاص

الثانیة: من وجب قتله برجم أو قصاص(1) فان الإمام علیه السلام أو نائبه الخاص أو العام -یأمره أن یغتسل غسل المیت مرّة بماء السدر، و مرة بماء الکافور و مرة بماء القراح، ثمّ یکفن کتکفین المیت إلّا أنه یلبس وصلتین منه و هما المئرز و الثوب قبل القتل و اللفافة بعده.

بحسب مقدار ما جرد لا نزع ما بقی علیه من ثیاب.

و فی مفتاح الکرامة عدم الخلاف فی الحکم اجمالاً و الاختلاف فی خمسة جهات:

الأولی: فی وجوبه. أی تعینه فی مقابل التخییر بینه و بین ما بعد الموت کما احتمله فی الذکری و کشف اللثام لقیام الغسل بعده مقامه.

الثانیة: فی الاقتصار علی الموردین فی المتن أو التعدی إلی کل من وجب قتله و لو فی الحدود، ذهب إلی الأول جماعة کما عن المقنعة و المراسم و المنتهی و کشف اللثام و إلی الثانی عن الشرائع و الذکری و الجامع و الدروس و جامع المقاصد و المسالک و کشف الالتباس و المدارک.

الثالثة: فی الاغتسال ثلاثاً أو غسلاً واحداً کما عن المقنعة و ظاهر القواعد حیث استشکل فی کونه ثلاثاً.

الرابعة: فی وجوب التحنیط و التکفین مع الغسل حیث اقتصر علی الغسل و التحنیط جملة من الکتب و فی اخری التصریح بالثلاثة أمور و استظهر ممن اقتصر الاختصار لا الحصر.

الخامسة: فی الاجتزاء به لو صدر أثنائه أو بعده الحدث الأصغر کما عن الذکری احتمال عدمه و استظهاره من تمثیل المقنعة بغسل الجنابة و کذلک

ص:178

و یحنط قبل القتل کحنوط المیت ثمّ یقتل فیصلّی علیه و یدفن بلا تغسیل و لا یلزم غسل الدم من کفنه و لو أحدث قبل القتل لا یلزم إعادة الغسل و یلزم أن یکون موته بذلک السبب فلو مات أو قتل بسبب آخر یلزم تغسیله.

فیما لو قتل بسبب آخر أو مات حتف أنفه قبل القتل.

هذا، و استدل علی أصل الحکم بروایة مسمع کردین -و هو ابن عبد الملک -عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «المرجوم و المرجومة یغسلان و یحنطان و یلبسان الکفن قبل ذلک، ثمّ یرجمان، و یصلّی علیهما، و المقتص منه بمنزلة ذلک، یغسل و یحنط، و یلبس الکفن و یصلّی علیه» (1).

و فی روایة التهذیب (یغتسلان و یتحنطان). و رواه الصدوق مرسلاً إلّا أن فیه فی الذیل (ثمّ یقاد و یصلّی علیه).

ثمّ ان طریق الکلینی و إن اشتمل علی من ضعف کابن شمون و ابن عبد الرحمن الأصم إلّا أن طریق الشیخ الآخر فی التهذیب (2) صحیح إلی الحسن بن راشد و هو عن بعض أصحابنا عن مسمع کردین، و هو و إن کان بصورة الارسال إلّا ان اضافة الراوی إلی ضمیر المتکلم الجمع دالّ علی کونه إمامیاً بل ممن یروی عنه عندهم، و هذا المقدار مع اعتضاده بالطریق الأول و مرسلة الصدوق عن أمیر المؤمنین علیه السلام و عمل جلّ الأصحاب المتقدمین بها، یحصل الوثوق بها، و مثل هذا المضمون فی الفقه الرضوی (3).

ص:179


1- 1) أبواب غسل المیت ب 17 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 17 / 1.
3- 3) التهذیب 1 / 334 ح 979.

و نیة الغسل من الآمر و لو نوی هو أیضاً صح، کما انه لو اغتسل من غیر أمر الإمام علیه السلام أو نائبه کفن، و إن کان الأحوط إعادته و فی روایة البحار (1) عن کتاب مقصد الراغب بسنده المتصل عن أبی جعفر علیه السلام أن أمیر المؤمنین علیه السلام -و ذکر انه علیه السلام لم یغسل المرجوم المحمول علی أمره بالغسل قبل الرجم و فی ذیلها «قد اغتسل بما هو منها إلی طاهر إلی یوم القیامة».

ثمّ ان تنقیح الحال فی الجهة الأولی هو ان ظاهر الروایة التعیین و دعوی التخییر لقیام الغسل بعد بذلک ممنوعة بان الغسل للمجروح و الملوث بالدم و إن صح لکنه ناقص نظیر غسل الجبیرة، نعم لو لم یقع قبل -تعین تغسیله بعد.

و أما الجهة الثانیة: فالظاهر التعمیم لکل الحدود بعد تنزیل القصاص منزلته و بقیة الحدود لا تختلف عن الرجم من حیث السبب نوعاً من کونه عقوبة و لا فی کیفیة القتل عن القصاص مع تأییده بالتعلیل فی روایة البحار.

و لیس التعدی بدلیل الشبه کی یرد بأنه قیاس بل لتقریب ظهور الدلیل بعدم خصوصیة المورد، بل فی روایة الشیخ فی أمالیه بسند متصل عن سلمی امرأة أبی رافع فی حدیث وفاة فاطمة انها علیها السلام قالت: «إنی مقبوضة الآن فلا أکشفن فانی قد اغتسلت» قالت فماتت فلما جاء علی علیه السلام أخبرته فقال: «لا تکشف

ص:180


1- 1) و المستدرک أبواب غسل المیت ب 17 / 1-2.

فحملها بغسلها» (1) و مثلها روایة ابن شهرآشوب عن ابن بابویه (2) و حملها المجلسی علی النهی عن کشف العورة و الجسد و للتنظیف لا من الغسل. و قد یدعی السیرة علی ذلک لمن یعلم بعدم تجهیزه بعد موته، کما هو مسطور فی کتب السیر.

نعم فی العلاء بن سیابة قال سئل أبو عبد اللّه علیه السلام و أنا حاضر عن رجل قتل فقطع رأسه فی معصیة اللّه أ یغسل أم یفعل به ما یفعل بالشهید؟ فقال: إذا قتل فی معصیة یغسل أولاً منه الدم... الحدیث ثمّ ذکر علیه السلام کیفیة تغسیله (3) و هی محمولة بل ظاهرة فی عدم غسله قبل الحدّ.

و أما الثالثة: فالظاهر کونه ثلاثة أغسال بعد إرداف الحنوط و التکفین مما هو من واجبات تجهیز المیت لا سیما و إن الحنوط نظیر الغسل بالکافور، و کلام المفید محمول علی هیئة الغسل کما ورد النص بذلک أیضاً.

و أما الرابعة: فظاهر النص وافٍ بلزوم الثلاثة و عبائر من اقتصر علی البعض محمولة علی الاشارة لوظائف التجهیز لا الحصر.

و أما الخامسة: فقد تقدم فی غسل الجنابة عدم بطلان غسل الجنابة و بقیة الأغسال بصدور الحدث الأصغر أثناءها فضلاً عما بعدها. ثمّ ان الماتن ذکر جملة من الأمور الأخری:

الأول: أمر الإمام أو نائبه من وجب قتله بالاغتسال و صدور النیة من

ص:181


1- 1) المستدرک أبواب غسل المیت ب 30 / 14.
2- 2) المستدرک أبواب غسل المیت ب 30 / 13.
3- 3) أبواب الغسل ب 15 / 1.

الآمر و ظاهر جملة من الکلمات التعبیر بأنه (یؤمر) و لکن الظاهر إرادتهم انه من وظائف الحاکم إلزام من یرجم أو یقتص منه بذلک، لا شرطیة صحة الغسل و غیره بأمره، کما أن النیة انما یوقعها الغاسل للمیت نیابة عن المیت کما هو الحال فی الولی الذی یطوف بالصبی و یسعی به فانه ینوی عنه لأن یوقع أفعال الحج فیه و ینوی نیابة عنه کما انه یوضئه للطواف، فمع التمکن من النیة من الأصیل لا مجال للنیابة فی النیة کما هو الحال فی الحج بالممیز فانه هو الذی ینوی لا الولی. و التعبیر عن الغسل و الکفن بالتفعیل فی طریق الکلینی هو بهذا اللحاظ و الوجوب الکفائی لا یقتضی الشرطیة کما هو الحال فی الأحیاء عند مبادرة بعضهم بالأداء بدون أمر أو إذن الآخرین، نعم قد یقال بأن الحاکم هو الولی علی اجراء الحدود و اثبات القصاص و لا بدّ من حکمه بالتنفیذ کی یتقرر الوجوب علی المحدود و المقتص منه.

الثانی: انه یلبس وصلتین هما المئزر و القمیص دون اللفافة و الظاهر لأنها تعیق الحرکة و هی لشد تمام بدنه فترتکب بعد موته.

الثالث: عدم لزوم تغسیل کفنه من الدم الذی یصیبه و یستفاد من الأمر بکفنه قبل الحد أو القود مع انه یستلزم ذلک، و قد مرّ انه الوجه فی استفادة التعینیة من الأمر بالغسل قبل، حیث أنه بعد یکون ناقصاً کالطهور الجبیری.

الرابع: لزوم موته بذلک السبب الذی اغتسل من أجله، دون الموت التلقائی أو بسبب آخر من أفراد الحدود أو القصاص، فأما الأول فالظاهر إعادة

ص:182

مسألة 6:سقوط الغسل عن الشهید و المقتول بالرجم أو القصاص من باب العزیمة لا الرخصة

(مسألة 6): سقوط الغسل عن الشهید و المقتول بالرجم أو القصاص من باب العزیمة لا الرخصة(1)، و أما الکفن فان کان الشهید عاریاً وجب تکفینه(2) و إن کان علیه ثیابه فلا یبعد جواز تکفینه فوق ثیاب الشهادة(3) و لا یجوز نزع ثیابه و تکفینه. و یستثنی من عدم جواز نزع ما علیه أشیاء یجوز نزعها کالخف و النعل و الحزام إذا کان من الجلد، و أسلحة الحرب، و استثنی بعضهم الفرو و لا یخلو عن اشکال خصوصاً إذا أصابه دم. و استثنی بعضهم مطلق الجلود. و بعضهم استثنی الخاتم،

الغسل و ذلک لانکشاف عدم موضوع التقدیم و أما السبب الآخر من افراد الطبیعی فالظاهر العدم و ذلک لأن مشروعیة التقدیم بلحاظ طبیعی السبب و عدم لزوم قصد خصوص أحد الأفراد.

کما هو مقتضی التعبیر (یدفن کما هو بثیابه) و الأمر ظاهر فی التعیین.

لما مرّ فی الروایات من صحیح أبان و إسماعیل بن جابر و زرارة من تکفینه صلی الله علیه و آله حمزة علیه السلام لأنه جرد، مضافاً إلی ان التعبیر الوارد بتکفینه فی ثیابه یقتضی أن وجوب التکفین لیس بساقط و انما یقع بثیابه فمع عدمها تصل النوبة إلی عموم الثلاث قطع.

و قد یستظهر من فعله صلی الله علیه و آله بحمزة علیه السلام حیث زاد علی ثیابه رداءه، و إن الوارد دفنه کما هو بثیابه لا ینافی التکفین من فوق تلک الثیاب إذا کان المراد بقاءها لا عدم غیرها لا سیما و إن الازار یحیط بالبدن و الرأس بخلاف معتاد الثیاب لا سیما إذا کان الباقی علیه منها لا یشتمل علی رداء.

ص:183

و عن أمیر المؤمنین علیه السلام : «ینزع من الشهید الفرو، و الخف، و القلنسوة و العمامة، و الحزام و السراویل» و المشهور لم یعملوا بتمام الخبر. و المسألة محل اشکال، و الأحوط عدم نزع ما یصدق علیه الثوب من المذکورات(1).

مسألة 7: إذا کان ثیاب الشهید للغیر و لم یرضَ بابقائها

(مسألة 7): إذا کان ثیاب الشهید للغیر و لم یرضَ بابقائها، تنزع و کذا إذا کانت

و عن الغنیة الاجماع علی نزع الخفان و إن أصابهما الدم بخلاف الفرو و القلنسوة و السراویل إذا أصابها الدم و مثله حکی عن التحریر و المقنعة و عن المراسم و السرائر التفصیل بحسب الاصابة و عدمها مطلقاً و کذا الوسیلة و نهایة الاحکام و عن الخلاف الاجماع علی نزع الجلود فیشمل الخفان و الفرو و الحزام و غیرها و مثله حکی عن المحققین و التذکرة و الشهیدین، و نص علی السراویل فی الغنیة و المراسم و علی بن بابویه و أبی علی إذا لم یصبها دم و نص بعضهم علی المنطقة و العمامة و عن المسالک ان العمامة و القلنسوة و السراویل من الثیاب علی المشهور، و فصّل من تأخر الکثیر منهم بین ما لم یصدق علیه الثیاب و بین ما صدق.

و الروایة التی أشار إلیها الماتن هی طریق الزیدیة عن زید بن علی عن آبائه عن أمیر المؤمنین علیه السلام (1)إلّا أن فی ذیلها «إلّا أن یکون أصابه دم، فإن أصابه دم ترک، و لا یترک علیه شیء معقود إلّا حل».

و روی فی الدعائم عن علی (صلوات اللّه علیه) -عن یوم بدر -أمر

ص:184


1- 1) أبواب غسل المیت ب 14 / 10.

للمیت لکن کانت مرهونة عند الغیر و لم یرضَ بابقائها عنده(1).

مسألة 8:إذا وجد فی المعرکة میت لم یعلم انه قتل شهیداً أم لا

(مسألة 8): إذا وجد فی المعرکة میت لم یعلم انه قتل شهیداً أم لا فالأحوط تغسیله و تکفینه، خصوصاً إذا لم یکن فیه جراحة، و إن کان لا یبعد إجراء حکم(2) الشهید علیه.

رسول اللّه صلی الله علیه و آله بدفنهم فی ثیابهم و أن ینزع عنهم الفراء... الحدیث» (1).

و روی فی الدعائم روایة زید بن علی المتقدمة (2) و فی الفقه الرضوی «و إن أصابه شیء من دمه لم ینزع عنه شیء » (3). هذا و یدعم مضمون هذه الروایات الضعیفة سنداً، أن المدار لیس علی عنوان الثیاب بقول مطلق و هو الذی ورد فی روایات الشهید و کلمات الأصحاب بل علی تقییدها بعنوان التکفین أیضاً و الذی قد ورد فی الروایات المزبورة أیضاً، و بموجب التقیید فإنه یحصل التقابل بین ما یکفن به المیت من القطع الثلاث و الثیاب الذی یکفن بها الشهید، نعم العمامة هی من مندوبات الکفن و لم یذکر نزعها الأکثر.

لامتناع التکلیف مع عدم القدرة علی التکفین بالثیاب التی استشهد بها.

أما مع الجراحة فظاهر الحال موجب لحصول الاطمینان النوعی و أمارة متبعة عرفیة، و أما مع عدمها و عدم أثر آخر، فیشک فی صدق عنوان القتل علیه و الأصل عدمه، هذا إن لم یکن قرینة حالیة فی البین توجب ظهور الحال لا سیما فی أدوات القتل العصریة من الصعقة الصوتیة و نحو ذلک.

ص:185


1- 1) المستدرک أبواب غسل المیت ب 14 / 2-4-5.
2- 2) المستدرک أبواب غسل المیت ب 14 / 2-4-5.
3- 3) المستدرک أبواب غسل المیت ب 14 / 2-4-5.
مسألة 9:من أطلق علیه الشهید فی الأخبار لا یجری علیه حکم الشهید

(مسألة 9): من أطلق علیه الشهید(1) فی الأخبار من المطعون و المبطون، و الغریق، و المهدوم علیه.

و من ماتت عند الطلق و المدافع عن أهله و ماله، لا یجری علیه حکم الشهید إذ المراد التنزیل فی الثواب.

مسألة 10:إذا اشتبه المسلم بالکافر

(مسألة 10): إذا اشتبه المسلم بالکافر فإن کان مع العلم الاجمالی بوجود مسلم وجب الاحتیاط بالتغسیل و التکفین و غیرهما للجمیع، و إن لم یعلم ذلک لا یجب شیء من ذلک. و فی روایة یمیز بین المسلم و الکافر بصغر الآلة و کبرها، و لا بأس بالعمل بها فی صورة العلم الاجمالی و الأحوط اجراء احکام المسلم مطلقاً بعنوان الاحتمال و برجاء کونه مسلماً(2).

لظهور الروایات فی المقام فی أخذ عنوان القتل مع عدم الرمق و نحو ذلک فی سقوط الغسل و الکفن، مع أنه قد ورد فی جملة منهم الأمر بالتغسیل کالغریق (1) و المحروق (2) و المصعوق و المهدوم و غیرهم (3)، بل ان التعبیر الوارد فی هؤلاء ظاهر فی تنزیلهم منزلة الشهید المرتکز متشرعیاً فی المقتول.

ففی المقام صورتان تارة مع العلم الاجمالی بوجود مسلم بین أطراف الموتی فمقتضی القاعدة هو الاحتیاط فیها و لا یرد اشکال دوران الأمر بین الحرام و الواجب فی کل طرف حیث أن الحرمة فیما إذا کان التجهیز

ص:186


1- 1) أبواب غسل المیت ب 14 / 3.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 16 / 2.
3- 3) أبواب الاحتضار ب48.
مسألة 11): مس الشهید و المقتول بالقصاص بعد العمل بالکیفیة السابقة لا یوجب الغسل

(مسألة 11): مس الشهید و المقتول بالقصاص بعد العمل بالکیفیة السابقة لا یوجب الغسل(1).

بقصد تکریمه و لو سلم اطلاقها فإن الواجب أهم منها کما فی دفن الذمیة الحامل من مسلم فی مقابل المسلمین.

و أما مع عدم العلم فقد مرّ فی لقیط دار الکفر المحتمل تولده من المسلم التزام الماتن کما قد ینسب إلی المشهور وجوب التغسیل، و الفرق مع المقام مشکل، فالصحیح ان الاشتباه إذا کان فی دار الإسلام فلا یبعد البناء علی الحکم بإسلامه، و أما فی دار الکفر أو المشترکة فإن بنینا علی أصالة عدم الکفر بناء علی عموم المیت المأخوذ موضوعاً فهو، بخلاف البناء علی تنویع خروج الکافر نعم بناء علی الاحتیاط فی حرمة المسلم یتجه الاحتیاط کما مرّ.

و فی صحیح حماد بن عیسی [یحیی] عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله یوم بدر: «لا تواروا إلّا من کان کمیشاً» -یعنی: من کان ذکره صغیراً، و قال: «لا یکون ذلک إلّا فی کرام الناس» (1) لکنها مضافاً إلی کونها فی مورد الدفن، و إن احتمل عن المبسوط و الخلاف العمل بها فی الصلاة و کذلک عن الذکری لکن الاحتیاط فی الصلاة ممکن، أن التعلیل لا یناسب اکتشاف الإسلام لأن الکرامة بحسب طبیعة الانسان هو بلحاظ الصفات النفسانیة لا بحسب صدق المعتقد.

فهی کما قیل محتملة لمواراة قتلی الکفار تعلیلاً بذلک تفضلاً منه صلی الله علیه و آله .

قد تقدّم فی غسل مس المیت أنه لا یوجب الغسل لتعلیل (2) کل

ص:187


1- 1) أبواب جهاد العدو ب65 / 1.
2- 2) أبواب غسل المس ب1 و أبواب غسل المیت ب3.
مسألة 12: القطعة المبانة من المیت إن لم یکن فیها عظم لا یجب غسلها

(مسألة 12): القطعة المبانة من المیت إن لم یکن فیها عظم لا یجب غسلها و لا غیره بل تلف فی خرقة و تدفن و إن کان فیها عظم و کان غیر الصدر تغسل و تلف فی خرقة و تدفن و إن کان الأحوط تکفینها بقدر ما بقی من محل القطعات الثلاث، و کذا إن کان عظماً مجرداً.(1)

و أما إذا کانت مشتملة علی الصدر و کذا الصدر وحده فتغسل و تکفن و یصلّی علیها و تدفن.

و کذا بعض الصدر إذا کان مشتملاً علی القلب، بل و کذا عظم الصدر و إن لم یکن معه لحم، و فی الکفن یجوز الاقتصار علی الثوب و اللفافة إلّا إذا کان بعض محل المئزر أیضاً موجوداً،

من غسل المس و غسل المیت بقذارة المیت فلاحظ.

ما ذکره الماتن من تقسیم أعمال تجهیز المیت بحسب أبعاضه نسب إلی المشهور فاشتراط العظم فی القطعة لوجوب التغسیل حکی علیه الاتفاق و عن المجمع و المدارک التردد فی الوجوب و عن ابن الجنید و الشهید التعمیم إلی العظم المفرد، و قیدها جمع منهم بالمبانة من المیت و عن جماعة اخری التعمیم و کذلک المشهور علی تکفین ما فیه العظم و صرح جماعة منهم علی تحنیطه أیضاً و قیده فی التذکرة بما إذا کان أحد المساجد.

أما لف ما لیس فیه عظم و دفنه فنسب إلی المشهور و عن جمع نفی وجوب اللف و أما حکم الصدر أو ما فیه الصدر فحکم المیت فهو المعروف لدیهم و إن اختلفت العبائر فی التحدید ففی بعضها ما فیه القلب و فی اخری بعض الصدر و قد اقتصر بعضها علی ذکر الصلاة و استظهر منها إرادة البقیة بالاستلزام.

ص:188

و عن الکاتب الصلاة علی العضو التام أو المفرد و تغسیله و عن المسالک إلحاق عظام المیت جمیعها بالصدر و عن المنتهی ان الصلاة تستحب علی الرأس جمعاً بین الأخبار و عن کشف اللثام نفی البأس عنه، و عن المجمع التأمل فی استفادة تنزیل الصدر منزلة المیت، و احتمل الاکتفاء بمسمی الغسل و الکفن و الدفن، و عن جماعة وجوب الحنوط و فصل آخرون بین وجود المحل و عدمه و احتاط بعض ثالث و أما العامة فحکی فی بدایة المجتهد ان جمهورهم علی انه یصلی علی أکثره لتناول اسم المیت له و من قال انه یصلّی علی أقله لأن حرمة البعض کحرمة الکل.

هذا، أما اللف و الدفن لمطلق قطع البدن فیدل علیه الصحیح إلی ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «لا یمس من المیت شعر و لا ظفر و إن سقط منه شیء فاجعله فی کفنه» (1).

و فی الصحیح إلی البرقی -الأب -عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السلام -فی حدیث -«و إن لم یوجد له عضو تام لم یصل علیه و دفن» (2).

و فی موثق إسحاق (3) بن عمار الآتی «فی قطع المیت انه علیه السلام جمعها ثمّ

صلّی علیها و دفنت» و هی و إن کانت فی ما یصدق علیه البدن و لکن هذا

ص:189


1- 1) أبواب غسل المیت ب 11 / 1.
2- 2) صلاة الجنازة ب 38 / 9.
3- 3) أبواب غسل المس ب 2 / 1.

الصدق مأخوذ فی الصلاة لا فی وجوب الدفن.

و أما الغسل لکل ما فیه العظم فیستدل له..

بالصحیح إلی أیوب بن نوح عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «إذا قطع من الرجل قطعة فهی میتة، فإذا مسه انسان فکل ما کان فیه عظم فقد وجب علی من یمسه الغسل، فإن لم یکن فیه عظم فلا غسل علیه» (1) بتقریب ان غسل المس موضوعه -کما دلّت علیه الروایات فی غسل المس -ما یجب غسله من المیت لقذارته و فی روایة إسماعیل الجعفی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال سألته عمن یمس عظم المیت؟ قال: «إذا جاز سنة فلیس به بأس» (2) المحمول مفهومه علی عدم صیرورته رمیماً بالیاً، و دعوی عدم التزام الأصحاب بتغسیل القطعة المبانة من الحی إذا کان فیها عظم کالاصبع کما هو محکی عن المعتبر و الروض و الریاض و مجمع الفائدة و المدارک - ممنوعة باطلاق جملة منهم وجوب التغسیل و تصریح بعض آخر بالتعمیم للحی کما عن السرائر و التذکرة و المنتهی و نهایة الأحکام و الذکری و الدروس و المسالک و کذلک المبسوط و النهایة حیث أوجب غسل المس من المبانة من الحی و استظهر فی الذکری منه وجوب التغسیل لتلازمه مع غسل المس فی روایات وجوبه کما دلّت علیه. و یعضد الروایتین موثق إسحاق بن عمار عن

الصادق عن أبیه علیهما السلام «أن علیاً علیه السلام وجد قطعاً من میت فجمعت، ثمّ صلّی

ص:190


1- 1) أبواب غسل المس ب 2 / 1.
2- 2) أبواب غسل المس ب 2 / 2.

علیها، ثمّ دفنت» (1) بتقریب آنها و إن کانت واردة فی الصلاة و ما یصلّی علیه من المیت و القدر المتیقن منها فی صورة جمع جملة منها، إلّا أن التغسیل المدلول علیه بالالتزام یقع علی کل قطعة و لا یظهر للاجتماع مع کونها منفصلات دخل فی الموضوع و فی صحة الغسل لکل منها لا سیما علی ما سیأتی من عمومها لما لو لم یکن فیها الصدر.

و مثلها فی الدلالة صحیح محمد بن مسلم (2) الآتی و یعضد العموم ما سیأتی من روایات الصلاة علی العضو التام و إن حملت علی الاستحباب فإنها تلازم الغسل لاشتراط الصلاة بتقدم الغسل علیها.

و أما الصلاة و بقیة أحکام المیت علی ما فیه الصدر أو بعضه الذی فیه القلب أو علی عظامه فیدل علیه مضافاً إلی کونه مقتضی العمومات الأولیة فی جملة من صوره لصدق کونه جملة المیت -عدة من الروایات، منها موثق اسحاق المتقدم و الظاهر صدقه علی ما لو کانت بقیة من عظام الصدر مع جملة من عظام بقیة الأعضاء. و دعوی کونه فعلاً مجملاً لا اطلاق له، ممنوعة بعد تصدی الصادق علیه السلام لحکایته و تبیان الحکم بذکره، نعم غایة دلالته هو تضمن المورد و نحوه لما هو الموضوع للصلاة لا أن حد الموضوع هو مطابق لحدود المورد کی یدل علی المفهوم و یعارض به ما دل علی دون ذلک فهو

مثبت لا ناف.

ص:191


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 38 / 2.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 38 / 8 .

و نظیره صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال: «إذا قتل قتیل فلم یوجد إلّا لحم بلا عظم لم یصلِّ علیه، و إن وجد عظم فصلِّ علیه» (1)و ظاهر الذیل مطلق لکل عظم عضو تام.

و منها: صحیح الفضل بن عثمان الأعور عن الصادق عن أبیه علیهما السلام فی الرجل یقتل فیوجد رأسه فی قبیلة، و وسطه و صدره و یداه فی قبیلة و الباقی منه فی قبیلة، قال دیته علی من وجد فی قبیلته صدره و یداه، و الصلاة علیه» (2)فان مقتضاه ان الصلاة مقیدة بما فیه الصدر و الیدین دون الرأس أو الرجلین، لکن غایة دلالته هو أنه مع وجود أصل جسد المیت فلا تقام الصلاة علی الأطراف و بعبارة اخری إن مورد الروایة کما هو الغالب فی الحوادث و السوانح من تشتت أشلاء المیت و توزعها فی أماکن مختلفة لا یتم العثور علیها فی وقت واحد بل فی أزمنة مختلفة و لدی جماعات متغایرة فهی فی صدد ان تجهیز بعض قطع المیت من قبل بعضهم سابقاً من الغسل و الکفن و الصلاة لا یجزی مع العثور و لو لاحقاً علی ما فیه القلب بل مع وجوده یتعین و یقدم فی الصلاة علیه دون البقیة.

و منها: صحیح علی بن جعفر انه سأل أخاه موسی بن جعفر علیه السلام عن الرجل یأکله السبع أو الطیر فتبقی عظامه بغیر لحم کیف یصنع به؟ قال: «یغسل

ص:192


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 38 / 8 .
2- 2) الأبواب المتقدمة ح 4.

و یکفن و یصلّی علیه و یدفن» (1) و مفاده مطابق العمومات لصدق المیت علیه.

و منها: صحیحه الآخر و صحیح خالد بن ماد القلانسی عن أبی جعفر علیه السلام قال: سألته عن رجل یأکله السبع أو الطیر فتبقی عظامه بغیر لحم کیف یصنع به؟ قال: «یغسل و یکفن و یصلی علیه و یدفن، فإذا کان المیت نصفین صلّی علی النصف الذی فیه قلبه» (2).

و مفاده و إن تراءی بدواً ان موضوع الصلاة هو ما فیه القلب و لکن غایة دلالته هو ما تقدّم فی صحیح الفضیل الأعور أنه مع وجود ما فیه القلب لا یصلی علی ما لیس فیه القلب، لا صورة ما لو لم یبقَ للمیت إلّا ما لیس فیه القلب من بقیة عظامه کما هو مقتضی اطلاق موثق إسحاق و صحیح محمد بن مسلم المتقدمان.

و نظیر الصحیحین مرسل البزنطی عن بعض أصحابنا رفعه قال: المقتول إذا قطع أعضاء یصلّی علی العضو الذی فیه القلب» (3).

و کذا مرسل عبد اللّه بن الحسین (4) و لا یخفی دلالة صحیح الفضل و القلانسی و المرسلین علی مفروغیة تغسیل و تکفین ما فیه العظم من أعضاء المیت و إن لم یکن فیها الصدر و إن کانت متفرقة فی العثور علی کل منها، و إن کلا منها له

ص:193


1- 1) الأبواب المتقدمة ح 1.
2- 2) الأبواب المتقدمة ح 5 -6.
3- 3) الأبواب المتقدمة ح 12.
4- 4) الأبواب المتقدمة ح 11.

تجهیز لتحقق موضوعه غایة الأمر خصوص الصلاة مستثناة.

و منها: معتبرة و قویة طلحة بن زید عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه قال: «لا یصلّی علی عضو رجل من رجل أو ید أو رأس منفرداً فإذا کان البدن فصل علیه، و إن کان ناقصاً من الرأس و الید و الرجل» (1).

و مفادها کما یحتمل عدم تحقق الموضوع بالعضو کذلک یحتمل إرادة عدم الصلاة علیه منفرداً مع وجود البدن، مع ان مفادها هو مداریة البدن لا خصوص ما فیه القلب و بینهما النسبة من وجه مضافاً إلی أنها نافیة للصلاة علی العضو المنفرد لا ما إذا کان أعضاء مجموعة و إن لم یکن فیها الصدر کما هو مفاد اطلاق موثق إسحاق المتقدم.

و بعبارة اخری إن مفاد الروایة فی العضو المفرد فإذا کان الصدر و البدن فیصلّی علیه بخلاف غیره إذا کان منفرداً و المفهوم منها ان العضو مطلقاً إذا لم یکن منفرداً و لو لم یکن فیه الصدر فیصلی علیه أو لا أقل فهی ساکتة عن صورة عدم الانفراد فلا تعارض موثق إسحاق و اطلاق صحیح ابن مسلم ثمّ ان طلحة قد روی روایة الفضل فی أحد طریقیها.و منها: ما دلّ (2) علی الصلاة علی العضو التام کمرسل البرقی و مرسل الکلینی و مرسل ابن المغیرة، و قد مرّ حمل بعضهم لها علی الاستحباب و ذهب الکاتب إلی مضمونها.

ص:194


1- 1) الأبواب المتقدمة ح 7.
2- 2) الأبواب المتقدمة ح 9 -10 -13.
مسألة 13: إذا بقی جمیع عظام المیت بلا لحم

(مسألة 13): إذا بقی جمیع عظام المیت بلا لحم وجب إجراء جمیع الأعمال(1).

مسألة 14:إذا کانت القطعة مشتبهة بین الذکر و الأنثی

(مسألة 14): إذا کانت القطعة مشتبهة بین الذکر و الأنثی الأحوط أن یغسلها کل من الرجل و المرأة(2).

فصل فی کیفیة غسل المیت

اشارة

فصل

فی کیفیة غسل المیت

یجب تغسیله(3) ثلاثة أغسال: الأول: بماء السدر،

و الحاصل ان المدار علی صدق قطع من عظام المیت و إن لم یکن فیها الصدر نعم مع وجود الصدر لا بدّ من الصلاة علیه و لا یجتزئ علیها، و الأحوط الصلاة علی العضو التام لا سیما و انه خلاف مذهب العامة.

مرّ ان الوجوب یکتفی فیه بصدق قطعاً من عظام المیت و إن لم یکن جمیعه و لم یکن الصدر.

بناء علی شرطیة التماثل وضعاً.

تعرض الماتن لعدة أمور:

الأول: تثلیث الأغسال و لم یحک خلاف فیه إلّا عن سلار فاستحب الأخیرین و عن الذخیرة التوقف. لکن الروایات متفقة علی العدد و لا یوهم الاتحاد إلّا تشبیه (1) کل من غسل المیت و غسل الجنابة بالآخر، و التعلیل

ص:195


1- 1) أبواب غسل المیت ب1 -3.

الثانی: بماء الکافور، الثالث: بالماء القراح و یجب علی هذا الترتیب، و لو خولف أُعید علی وجه یحصل الترتیب و کیفیة کل من الأغسال المذکورة کما ذکر فی الجنابة، فیجب أولاً غسل الرأس و الرقبة، و بعده الطرف الأیمن، و بعده الأیسر، و العورة تنصف أو تغسل مع کل من الطرفین، و کذا السرة و لا یکفی الارتماس -علی الأحوط - فی الأغسال الثلاثة مع التمکن من الترتیب، نعم یجوز فی کل غسل رمس کل من الأعضاء الثلاثة مع مراعاة الترتیب فی الماء الکثیر

الوارد (1) فی وجوبه انه یجنب أو التعبیر عنه بصیغة محتملة لکل من المفرد و الجنس و هی غسل المیت و ظاهر مصحح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال: غسل المیت مثل غسل الجنب، و إن کان کثیر الشعر فرد علیه الماء ثلاث مرات» (2) بتقریب ان الثلاثة إذا کان کثیر الشعر و إلّا فیجزئ المرة الواحدة.

و یدفعه أن التشبیه هو فی الکیفیة و التعلیل ورد بذلک و بقذارة البدن أیضاً و هو یقضی بتعدد الغسل بالسدر و الکافور کما عن الذکری احتمال کون المطهر هو القراح و الأولان للتنظیف و رفع الهوام.

و من ثمّ یعلم إرادة الجنس من عنوان الغسل و المصحح لا یقوی علی معارضة صریح و نصوصیة الروایات المستفیضة فی التثلیث مع کون مفاده محتمل لرد الماء ثلاثاً فی کل غسل کما یظهر من بعض الروایات الواردة.

الثانی: فی الترتیب بینها و الخلط بالسدر و الکافور فعن ظاهر أو صریح

ص:196


1- 1) أبواب غسل الجنابة ب
2- 2) أبواب غسل المیت ب 3 / 1.

الوسیلة استحباب الخلط و الترتیب و عن ابن سعید استحباب الخلط أیضاً و عن حواشی الشهید الثانی ان المراد بالقراح الذی لا یشترط فیه الخلیط لا الخالی من کل شیء و لا من الخلیطین، و لعل وجهه ما مرّ من تشبیهه بغسل الجنابة، و إذا استظهر ندبیة الخلط یمکن استظهار ندبیة الترتیب و ما فی جملة من الروایات کصحیح الحلبی قال: قال أبو عبد اللّه علیه السلام : «یغسل المیت ثلاث غسلات مرة بالسدر، و مرة بالماء یطرح فیه الکافور، و مرة اخری بالماء القراح ثمّ یکفن.. الحدیث» (1).

و توهم اطلاقها فی غیر محله بعد الترتیب الذکری المعتضد بثم لترتیب الکفن مع عدم قوة معارضته لصریح بقیة الروایات فی الترتیب مع أن الاعتبار هو تقدم الغسل بهما علی الماء القراح لما تقدم من کون فائدتهما إزالة الدرن و کذا تقدم السدر علی الکافور فان الأول مزیل و الثانی للتطیب.

و روایة معاویة بن عمار قال: أمرنی أبو عبد اللّه علیه السلام أن أعصر بطنه ثمّ أوضیه بالأشنان ثمّ أغسل رأسه بالسدر و لحییه ثمّ أفیض علی جسده منه ثمّ أدلک جسده ثمّ أفیض علیه ثلاثاً ثمّ أغسله بالماء القراح، ثمّ أفیض علیه الماء بالکافور و بالماء القراح، و أطرح فیه سبع ورقات سدر» (2).

و صحیح الفضل بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: سألته عن غسل المیت فقال: «اقعده و اغمز بطنه غمزاً رفیقاً ثمّ طهره من غمز البطن، ثمّ

ص:197


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 4.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 2 / 8 .

تضجعه ثمّ تغسله تبدأ بمیامنه و تغسله بالماء و الحرض ثمّ بماء و کافور ثمّ تغسله بماء القراح، و اجعله فی أکفانه» (1).

و فی موثق عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام -بعد ما ذکر علیه السلام تغسیله بالسدر - قال: «و إن غسلت رأسه و لحیته بالخطمی فلا بأس» الحدیث (2).

و فی روایة مغیرة انه علیه السلام غسله صلی الله علیه و آله فی الغسل الثانی بثلاثة مثاقیل من کافور و مثقال من مسک. (3).

و فی مصحح الکاهلی خلط السدر مع الحرض و کذلک الکافور و الحرض (4) و فی المصباح الحرض بضمتین الأشنان.

و فی صحیح یعقوب (5) بن یقطین غسل مرافقه بالحرض، و فی صحیح ابن مسکان (6) فی الغسلة الثانیة ضم الذریرة مع الکافور و هی فتات قصب الطیب کما فی اللسان.

و قبل التعرض لمفاد هذه الروایات ینبغی التعرض لأقوال العامة تحرزاً عما یکون مفاده للتقیة، فقد حکی فی بدایة المجتهد عن أبی حنیفة و الشافعی

ص:198


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 9.
2- 2) المصدر ح 10.
3- 3) المصدر ح 11.
4- 4) المصدر ح 5.
5- 5) المصدر ح 7.
6- 6) المصدر ح 1.

أن لا ینقص عن ثلاثة و عن ابن حنبل ان أکثره سبعاً و عن مالک ان الأول بالقراح و الثانی بالسدر و الثالث بالکافور، و عن ابن حنبل أن یکون السدر فی کل المیاه و یضرب السدر فیغسل برغوته رأسه و لحیته و إن لم یجد السدر غسله بما یقوم مقامه کالخطمی و یغسل الثالثة بماء فیه کافور و سدر، و هذا ظاهر ما حکاه ابن رشد عن أبی حنیفة و الشافعی من الاستناد إلی حدیث أم عطیة و لکن الشیخ فی الخلاف حکی عن الشافعی موافقته لما عندنا و حکی عن أبی حنیفة نفی الکافور و ان الأخیرة عند الحنفیة بالقراح و الأولتین بالسدر و حکی عنهما أن الفرض واحد و الاثنین سنة.

و أما الروایات المتقدمة فروایة معاویة بن عمار لیس فیها ما ینافی لزوم الخلیط من السدر و الکافور غایة الأمر تدلّ علی ندبیة استعمال الأشنان و هو الحرض قبل الغسلة الأولی و أما الثلاث غسلات فقد أشیر فیها إلی استعمال السدر فی الأولی و الکافور فی الثانیة و بالتالی للماء البحت فی الثالثة.

و أما صحیح ابن عبد الملک فهو دال علی بدلیة الحرض عن السدر الطولیة أو العرضیة لکن بقرینة کثرة ما ورد فی السدر یحمل علی الطولیة کما حکی عن الشیخ کما سیأتی. و أما موثق عمار فهو دالّ علی ضمیمة الخطمی للسدر فی مقدمة الغسل الأول أو بدلیته له کما مرّ فی الحرض، و أما روایة المغیرة فهی دالّة علی ندبیة المسک أو مطلق الطیب کالذریرة کما فی صحیح ابن مسکان و الحلبی (1) حیث ذکر ضم الحنوط مع الکافور أو دال علی بدلیة

ص:199


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 1.

الطیب مما یکون من نحو الکافور عنه. فتبین أن أصل الخلط لیس فی الروایات ما ینافیه بل جملتها دالّة علیه، و أما تفسیر القراح بعد اشتراط الخلیط لا اشتراط العدم کما مرّ من الشهید الثانی فهو و إن کان محتملاً بناءً علی شرطیة اطلاق الماء فی الأولین إلّا أنه خلاف الأدلّة صراحة.

الثالث: الترتیب بین أعضاء البدن و الرمس و عن الصدوق و المبسوط و النهایة بعد غسل الرأس ثلاثاً فی کل غسلة أن یغسل من قرنه إلی قدمه و کذا عن التذکرة و عن جامع المقاصد انه من السنن.

و فی القواعد الاجتزاء بالرمس فی الکثیر و کذا عن الایضاح و فوائد الشرائع و الجعفریة و المسالک و الکفایة و عن نهایة الاحکام الاشکال فیه و کذا التذکرة و المدارک و جامع المقاصد و کشف اللثام.

هذا و أما الترتیب بین الأعضاء فمضافاً إلی تشبیه کل من غسل المیت و الجنابة بالآخر (1)، یدل علیه جملة الروایات الواردة فی الباب.

نعم فی معتبرة یونس عنهم علیهم السلام -قد ذکر فیها -ثمّ اغسل رأسه بالرغوة و بالغ فی ذلک و اجتهد أن لا یدخل الماء منخریه و مسامعه ثمّ اضجعه علی جانبه الأیسر وصب الماء من نصف رأسه إلی قدمه ثلاث مرات... ثمّ اضجعه علی جانبه الأیمن و افعل به مثل ذلک، -ثمّ ذکر فی الغسل بالکافور عین ما ذکر فی السدر -» (2) و صدرها صریح فی تقدیم غسل الرأس بماء السدر حیث

ص:200


1- 1) أبواب غسل المیت ب 1 -3، أبواب الجنابة ب؟؟؟
2- 2) أبواب غسل المیت ب 2 / 3.(3) أبواب غسل المیت ب 2 / 5.

نهی علیه السلام عن أن یدخل الماء منخریه و مسامعه لکن بعد ذلک الأمر بصبّ الماء من نصف رأسه إلی قدمیه و هو ما ذهب إلیه الصدوق و الشیخ و العلّامة فی التذکرة.

و فی مصحح الکاهلی عن أبی عبد اللّه علیه السلام : -ثمّ تحول إلی رأسه و ابدأ بشقه الأیمن من لحیته و رأسه ثمّ ثنّ بشقه الأیسر من رأسه و لحیته و وجهه فاغسله برفق... ثمّ أضجعه علی شقه الأیسر لیبدو لک الأیمن، ثمّ أغسله من قرنه (فرقه) إلی قدمیه -ثمّ ذکر علیه السلام غسل شقه الأیسر من قرنه إلی قدمیه أیضاً و ذکر نظیر ذلک فی الغسل بماء الکافور و بالماء القراح.

و فی صحیح الفضل بن عبد الملک عن أبی عبد اللّه علیه السلام -ثمّ طهره من غمز البطن ثمّ تضجعه ثمّ تغسله تبدأ بمیامنه ...» (1) حیث ظاهره هو بدأ الغسل بالاضطجاع لغسل المیامن مطلقاً الشامل للرأس. و اطلاقه یمکن حمله علی التقیید فی غیرها لکنها محمولة علی الندب بقرینة تکرار ما ورد من تشبیه کل من غسل المیت و الجنابة بالآخر کما تقدمت الاشارة إلیه، و صریح موثق عمار (2) حیث ذکر علیه السلام بعد غسل الرأس البدأة بالشق الأیمن من الجسد. و کذا صریح الحلبی (3) و صریح معاویة بن عمار (4).

و أما الرمس فقد تقدم فی الوضوء و غسل الجنابة انه علی مقتضی

ص:201


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 9.
2- 2) أبواب غسل المیت ب / 10.
3- 3) المصدر ح 2.
4- 4) المصدر ح 8 .
مسألة 1 الأحوط ازالة النجاسة عن جمیع جسده

(مسألة 1) الاحوط ازالة النجاسة عن جمیع جسده قبل الشروع فی الغسل، و إن کان الأقوی کفایة إزالتها عن کل عضو قبل الشروع فیه(1).

مسألة 2 یعتبر فی کل من السدر و الکافور أن لا یکون فی طرف الکثرة بمقدار یوجب إضافته و خروجه من الاطلاق

(مسألة 2) یعتبر فی کل من السدر و الکافور أن لا یکون فی طرف الکثرة بمقدار یوجب إضافته و خروجه من الاطلاق و فی طرف القلة یعتبر أن یکون بمقدار یصدق انه

القاعدة لکون الترتیب رتبی لا زمانی بین الأعضاء بحسب ظاهر الأدلة و علیه فیندرج الارتماسی فی الطبیعة قهریّاً، فلا حاجة للتشبّث فی المقام للصحة بالتشبیه بغسل الجنابة و انه لمطلق التنزیل أو لجملة من الآثار، نعم قد ورد فی عدة روایات النهی عن ادخال الماء مسامعه و منخره و الأمر بالاجتهاد فی ذلک، فیشکل رمس الرأس لذلک سواء کان فی رمس العضو أو الکل لکن الظاهر عدم اخلاله بالصحة و یؤیده ما ورد من إلقاء میت السفینة فی البحر، ثمّ ان استظهار الرمس فی العضو یعضد کون الترتیب رتبیّاً لا زمانیّاً و إلّا فالترتیب مأخوذ بین أجزاءه أیضاً.

قد ورد فی جملة من الروایات تنقیة الفرج و تنقیته و توضأته مما یخرج من البطن بعد غمزه برفق قبل الغسل کما فی معتبرة یونس (ثمّ اغسل فرجه و نقه) و معاویة بن عمار (أن اعصر بطنه ثمّ أوضیه بالأشنان) و موثق عمار (ثمّ تمر یدک علی بطنه فتعصره شیئاً حتی یخرج من مخرجه ما خرج و یکون علی یدیک خرقة تنقی بها دبره).

لکن حیث أن ذلک للتحفظ عن تنجس ماء الغسل إذ الغسالة متنجسة

ص:202

مخلوط بالسدر أو الکافور، و فی الماء القراح یعتبر صدق الخلوص منهما. و قدّر بعضهم السدر برطل. و الکافور بنصف مثقال تقریباً. لکن المناط ما ذکرنا(1).

بل منجسة إذا لم تکن الأخیرة فهو ظاهر فی علاج ذلک فلا یقوی ظهوره علی الزائد علی ذلک الذی یحتاج إلی مئونة دلالة زائدة، نعم فی کفایة اتحاد الغسلة المزیلة للحدث و الخبث معاً منع کما مرّ فی الوضوء و الجنابة لتنجس الماء عند الوصول إلی الاجزاء اللاحقة.

حکیت عبارات الأکثر علی الاجتزاء بشیء من السدر فی الماء فی جانب القلة أما جانب الکثرة فعن العلامة و الشهید فی البیان و جامع المقاصد و التنقیح و المسالک و الجامع اشتراط عدم خروجه عن الاطلاق و استظهر فی کشف اللثام الاجتزاء بالمضاف و لزوم صدق الغسل بالسدر أو بمائه أو بماء و سدر و احتمله فی الذکری و ان المطهر هو القراح و الأولان للتنظیف و رفع الهوام و استوجهه فی الجواهر، و ذکر الارغاء کما عن الصدوقین و النهایة و المبسوط و الوسیلة و عن کشف اللثام استظهار أن ذلک أول الغسل الواجب من الأخبار و العبائر و قواه فی الجواهر سواء بنی علی وجوب الغسل بالرغوة أو ندبیته، و الکلمات فی الکافور عین ما فی السدر، و المتبادر من الغسل بالسدر عرفاً کما فی الاحیاء هو استخدامه وسیلة لإزالة الدرن و نحوه، و یستخدم بأنحاء فتارة یطلی به الرأس و یدلک کما هو الحال فی الصابون و کذلک الجسد بعد مزجه بقلیل من الماء کی یصبح کالطین أو المانع الغلیظ ثمّ بعد ذلک یزال عن البدن بالماء القراح و یکون کل ذلک غسلة واحدة بالسدر لأن الاطلاء

ص:203

و الدلک من دون إزالته بالماء القراح بعد ذلک لا یطلق علیه غسل، حیث ان معناه کما مرّ فی مباحث الخبث و الحدث هو الازالة بالماء.. و تظهر هذه الصورة من صحیح معاویة بن عمار عنه علیه السلام «... ثمّ اغسل رأسه بالسدر و لحییه ثمّ افیض علی جسده منه ثمّ ادلک به جسده ثمّ افیض علیه ثلاثاً ثمّ اغسله بالماء القراح، ثمّ افیض علیه الماء بالکافور و بالماء القراح، و اطرح فیه سبع ورقات سدر» (1).

و قوله علیه السلام افیض علی جسده منه أی من السدر المرطوب و وصفه (ثمّ ادلک به جسده) ثمّ عقبه (اغسله بالماء القراح) فهی ظاهرة جداً فی هذه الصورة و الکیفیة من الغسل بالسدر نعم حیث أن الکافور فی العادة لا یطلی به قال علیه السلام (الماء بالکافور) و إن کان الکافور یتأتی فیه هذه الصورة أیضاً، و قد یظهر من عبارة المبسوط و النهایة و الفقیه و الهدایة هذه الصورة.

و اخری: خلط السدر فی الماء و لکن لا بنحو یغلظ بل بنحو تتأثر صفة الماء به لوناً أو رائحة مع عدم خروج الماء عن الاطلاق و السیولة المعتادة لطبیعته و یصدق علی هذا النحو الغسل بالسدر أیضاً بعد عدم خروج الماء عن طبیعته و عدم بقاء أجزاء السدر بنحو ملحوظ کی ینافی صدق عنوان الغسل، و تظهر هذه الصورة و التی اعتمدها الأکثر من جملة من الروایات کما فی صحیح یعقوب بن یقطین عنه علیه السلام «.. و یجعل فی الماء شیء من السدر

ص:204


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 8 .

و شیء من کافور..» (1) و إن اشتمل صدره علی غسل الرأس و الوجه بنحو الصورة الأولی.

و فی مصحح الحلبی قال، قال أبو عبد اللّه علیه السلام : «یغسل المیت ثلاث غسلات مرّة بالسدر، و مرّة بالماء یطرح فیه الکافور و مرّة اخری بالماء القراح...» (2) و تغایر التعبیر بین الغسل الأول و الثانی ظاهر فی توسع الغسل بالسدر لکل من الصورتین الأولی و الثانیة بخلاف الکافور فان المعتاد هو الثانیة. و أما معتبرة یونس 3 فقد اشتملت علی کلا الصورتین فی غسل الرأس و علی الثانیة فی سائر الجسد، و هذا النمط من مزج الصورتین معتاد عرفاً أیضاً نظراً لاختلاف الأعضاء فی کیفیة غسلها بالسدر و نحوه من المواد المزیلة للدرن، بحسب کثافة الشعر علی العضو أو شدة درنه و قذارة بشرته کالفرج، و فی موثق عمار عنه علیه السلام «... فتغسل الرأس و اللحیة بسدر حتی تنقیه ثمّ تبدأ بشقه الأیمن ثمّ بشقه الأیسر و إن غسلت رأسه و لحیته بالخطمی فلا بأس، و تمر یدک علی ظهره و بطنه بجرة من ماء حتی تفرغ منهما، ثمّ بجرة من کافور یجعل فی الجرة من الکافور نصف حبه ثمّ یغسل رأسه و لحیته» 4.

و قد اشتملت علی المزج بین الصورتین الأولی فی الرأس و اللحیة و الثانیة فی الجسد، و الثالثة: أن یضاف إلی الماء کمیة کبیرة من السدر و یصب

ص:205


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 7.
2- 2و3و4) أبواب غسل المیت ب 2 / 4 -3 -10.

علی الرأس و البدن بحیث تکون طبیعة الماء قد تحولت إلی الغلظة و قد مرّ احتمال الذکری لذلک و تقویة کاشف اللثام و الجواهر له تمسکاً باطلاق العناوین الواردة فی الأدلة بل أصدقیتها علی الصورة الأخیرة من الثانیة. لکن الصحیح عدم الاکتفاء بصبه من دون تعقیبه بالماء القراح لعدم صدق الغسل حینئذٍ لما مرّ من لزوم إزالة المادة المزیلة فی صدق عنوان الغسل، و جعل الغسلة الثالثة بالماء القراح مزیلة لخلیط الغسلین الأولین یوجب کون الغسل واحداً لا ثالثاً، لأن الغسل حینئذٍ تحقق بمجموعها مع أن الوارد فی روایات المقام ثلاث غسلات، و مما یعضد ما ذهب إلیه جماعة المتأخرین من ناحیة لزوم صدق عنوان الغسل المطهر علی کل غسلة، و إن لم نوافقهم علی حصر صورة الغسل بالخلیطین بالصورة الثانیة بل یصح بکل الصور حتی الثالث شریطة تعقبه بالقراح علی کل عضو، هو أن الروایات صریحة فی شرطیة الترتیب بین الأعضاء فی کل غسل من الثلاثة مما یشیر إلی کون کل منها دخیل فی رفع الحدث لا لمجرد الخبث، و علی ذلک لا بدّ من کونه بالماء المطلق و إن لزم تغیر صفاته بالخلیطین کی یصدق العنوان المرکب منهما، کما فی الصورة الثانیة، هذا و أما الغسل الثالث بالماء القراح و البحت فقد حکی عن السرائر و الشهید انه الماء الخالص و قد یوهم ارادة الصافی الزلال، و لکنه لا موجب له إذ الظاهر إرادة مقابلته مع الخلیط فی الأولین نعم لو کان خلیطاً بالتراب أو غیره بحیث کان مغیراً من صفاته فلا یبعد إرادة الخالص من القراح البحت بهذا المعنی. ثمّ انه ورد فی صحیح معاویة فی ذیله (و بالماء القراح

ص:206

مسألة 3:لا یجب مع غسل المیت الوضوء قبله أو بعده

(مسألة 3): لا یجب مع غسل المیت الوضوء قبله أو بعده و إن کان مستحباً و الأولی أن یکون قبله(1)

و اطرح فیه سبع ورقات سدر) (1).

و هو یحتمل عوده إلی تقدیر السدر فی الأولی کما هو المحکی عن التذکرة و نهایة الأحکام، و یمکن استظهار عوده إلی الأخیر، و قد حکی عن المفید تقدیر السدر برطل و إن ما یغسل به الرأس و اللحیة تسعة أرطال من ماء السدر و کذا عن القاضی إلّا انه قدر السدر برطل و نصف.

و عن جماعة المتقدمین انه یؤخذ من الکافور الجلال نصف مثقال و کذا عن ابن سعید و عن أبی علی ایجاب الخام من الکافور دون المطبوخ الصغار الذی یقع فی التراب من شجره، هذا و التقادیر الواردة فی جملة من الروایات محمولة علی الندب بعد ورود التصریح بالإطلاق فی مثل صحیح بن یقطین و نحوه.

نسب إلی الأکثر أو المشهور و صرح بعض بعدم الفرق بین قبل الغسل أو بعده. و عن النزهة و الکافی و المحقق الطوسی الوجوب، و عن النهایة الاحتیاط.

و عن الخلاف نفی وجوبه و کذا استحبابه بالاجماع و عن المبسوط عمل الطائفة علی ترکه و إن جاز و کذلک السرائر و المراسم و عن التذکرة و نهایة الاحکام التوقف. و جملة من الروایات خالیة من ذکره کصحیح ابن مسکان و غیره (2).

ص:207


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 8 .
2- 2) أبواب غسل المیت ب 2 / 1 -4 -5 -6 -9.
مسألة 4 :لیس لماء غسل المیت حد

(مسألة 4): لیس لماء غسل المیت حد، بل المناط کونه بمقدار یفی بالواجبات أو مع المستحبات. نعم فی بعض الأخبار أن النبی صلی الله علیه و آله أوصی إلی أمیر المؤمنین علیه السلام أن یغسله بست قرب و التأسی به صلی الله علیه و آله حسن مستحسن(1).

و فی بعض آخر غسل کفیه کصحیح الحلبی أو نصف الذراع کمعتبرة یونس (1).

و فی صحیح ابن یقطین (2) الاجابة بغسل المرافق عن السؤال عن الوضوء فی غسل المیت و فی صحیح معاویة کذلک نعم فی صحیح حریز عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «المیت یبدأ بفرجه ثمّ یوضأ وضوء الصلاة» (3) و مثله روایة بن عبید و أبی خیثمة (4).

و فی البدایة لابن رشد عن أبی حنیفة نفی الوضوء و ذهب الشافعی إلی الوضوء و مالک إلی استحسانه و قد مرّ جملة من الروایات فی عدم المماثل أنها یغسل منها الوجه و الکفین.

و فی موثق عمار ثلاث جرار (5) و فی مکاتبة الصفار عن أبی محمد علیه السلام «حد غسل المیت یغسل حتی یطهر إن شاء اللّه» (6).

ص:208


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 2 -3.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 2 / 7.
3- 3) المصدر ب 6 / 1.
4- 4) المصدر ب 6 / 2 -4 -3.
5- 5) المصدر ب 2 / 10.
6- 6) المصدر ب 27 / 1 -2.
مسألة 5:إذا تعذر أحد الخلیطین سقط اعتباره

(مسألة 5): إذا تعذر أحد الخلیطین سقط اعتباره و اکتفی بالماء القراح بدله(1)

و فی صحیح حفص عنه علیه السلام وصیته صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام «فاغسلنی بست قرب من بئر غرس» (1).

و فی روایة مغیرة (2) أن الغسلة الثالثة له صلی الله علیه و آله بقربة واحدة.

کما حکی عن المشهور لکن حکی المجلسی عن الشیخ کما تقدم الغسل بالخطمی أو الحرض و یستظهر هذا من کلامه فی التهذیب تعلیقاً علی صحیحة ابن عبد الملک حیث أمر بالحرض فی الغسلة الأولی من دون ذکر السدر، حیث لم یرد مضمونها سوی ما تضمنته من إقعاد المیت فحمله علی التقیة مما یشعر بتقریر بقیة مضمونه و کذا یظهر من الصدوق حیث روی موثق عمار المتضمن للتخییر مع الخطمی و لم یردها بل علّق علیها آنها مرویة ضمن حدیث طویل.

و أشکله فی التذکرة و نهایة الاحکام و شرح الجعفریة و عن کاشف اللثام لا اشکال فی الجواز و عدم الوجوب و عن جماعة من المتأخرین الاکتفاء بالواحدة من القراح.

هذا، و جملة الروایات و إن اشتملت علی السدر و الکافور إلّا أن فی عدة منها الخطمی الحرض و الذریرة أو المسک ففی موثق عمار عنه علیه السلام «و إن غسلت رأسه و لحیته بالخطمی فلا بأس» و قد رواه الصدوق أیضاً فی الفقیه

ص:209


1- 1) المصدر ب 28.
2- 2) المصدر ب 2 / 11.

و فی روایة المغیرة ضمیمة المسک إلی الکافور و فی مصحح الکاهلی ضمیمة الحرض للسدر و للکافور أیضاً.

و فی صحیح الفضل بن عبد الملک الاقتصار علی الحرض بدل السدر ثمّ الکافور و فی صحیح الحلبی ضمیمة الذریرة إلی الکافور.

و فی روایة معاویة بن عمار طرح الورق من السدر فی القراح من الثالث من دون إذابته و مزجه، فظاهر الروایات یقضی ببدلیة الحرض أو الخطمی عن السدر، و الذریرة و نحوها عن الکافور بل الحرض أو السدر و الخطمی عن الکافور.

هذا، و لو بنی علی عدم بدلیة ما تقدم عن السدر أو الکافور، أو تعذر کل ذلک فالأقوی عدم سقوط الغسلتین و الوجه فی ذلک کل من قاعدة المیسور و الاستصحاب و دعوی مباینة الموضوع مدفوعة بما تقدم من أن الموضوع لیس الماء المضاف بل الماء المطلق المتغیر صفاته بصفات السدر أو بالماء المطلق القراح بعد السدر کما فی الصورة الأولی و الثالثة المتقدمة فی بحث الکیفیة، کما ان تثلیث الغسلات مع استخدام السدر و الکافور میسوره أصل التثلیث لا الغسلة الواحدة، إذ الغسلتین قد تضمنتا القراح أیضاً و زیادة لا خصوص التنظیف بالسدر و الکافور و یعضد المقام ما ورد (1) فی تغسیل المحرم حیث انه لا یغسل بالکافور مع عدم سقوط غسلته و هو یکفی شاهداً لتعدد المطلوب فی الجملة لیحقق موضوع قاعدة المیسور و هی أدلة الرفع

ص:210


1- 1) أبواب غسل المیت ب 13.

و یأتی بالأخیرین و إن تعذر کلاهما سقطا و غسل بالقراح ثلاثة أغسال، و نوی بالأول ما هو بدل السدر، و بالثانی ما هو بدل الکافور.

مسألة 6: إذا تعذر الماء ییمم ثلاثة تیممات بدلاً عن الأغسال

(مسألة 6): إذا تعذر الماء(1) ییمم ثلاثة تیممات بدلاً عن الأغسال علی الترتیب

للاضطرار الجاریة فی الجزء و أبعاض المرکب.

أما قصد البدلیة عنهما فلا مجال له بعد کون الأول یقع عن الأمر الأول و الباقی عن الأمر اللاحق، و بعبارة اخری ان الأول علی أمره الأول و لیس مردد انطباقه.

لم یحک خلاف فی الانتقال إلی التیمّم و إنما فی تعداده فعن المشهور الاکتفاء بتیمم واحد و عن نهایة الاحکام و جامع المقاصد انه ثلاث تیممات عوضاً عن کل غسل.

أما التیمّم فقد وردت روایات خاصة فی بعض الموارد فی المیت کروایة زید بن علی عن آبائه عن علی علیه السلام قال: إن قوماً أتوا رسول اللّه صلی الله علیه و آله فقالوا: یا رسول اللّه مات صاحب لنا و هو مجدور فإن غسلناه انسلخ فقال: «أ فلا یمّموه» (1).

و روایته الاخری عن علی علیه السلام قال: أتی رسول اللّه صلی الله علیه و آله نفر فقالوا: إن امرأة توفیت معنا و لیس معها ذو محرم فقال: کیف صنعتم بها؟ فقالوا: صببنا علیها الماء صباً فقال: «أما وجدتم امرأة من أهل الکتاب تغسلها؟ فقالوا: لا فقال: أ فلا یمّموها...» (2).

ص:211


1- 1) أبواب غسل المیت ب 17 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 22 / 4.

و الأحوط تیمم آخر بقصد بدلیة المجموع، و إن نوی فی التیمّم الثالث ما فی الذمة من بدلیة الجمیع أو خصوص الماء القراح کفی فی الاحتیاط.

نعم قد مرّ جملة من الروایات (1)، فی فقد المحرم و المماثل أن المیتة یغسل کفیها و وجهها و فی بعضها یغسل منها موضع الوضوء.

و فی صحیح عبد الرحمن بن أبی نجران أنه سأل أبا الحسن موسی بن جعفر علیه السلام عن ثلاثة نفر کانوا فی سفر، أحدهم جنب و الثانی میت و الثالث علی غیر وضوء و حضرت الصلاة و معهم من الماء قدر ما یکفی أحدهم من یأخذ الماء و کیف یصنعون قال: «یغتسل الجنب و یدفن المیت بتیمم و یتیمم الذی هو علی غیر وضوء، لأن غسل الجنابة فریضة و غسل المیت سنة، و التیمّم للآخر جائز» (2).

رواه الشیخ فی التهذیب و الاستبصار عنه عن رجل عنه علیه السلام و لم یذکر (بتیمم) و عن الوافی و منتقی الجمان روایة ما فی الفقیه بدون ذلک أیضاً و کذلک عن المدارک إلّا انه رواها عن عبد الرحمن بن الحجاج و الظاهر وقوع السهو لدیه، و عن المختلف و المنتهی و الغنائم بدون ذلک أیضاً نعم عن المهذب البارع و مجمع البرهان و الریاض ثبوت اللفظة و فی الفقیه المطبوع و الوسائل ثبوتها أیضاً و کذا عن الحدائق.

و علی أیّة تقدیر فیعضد التیمّم عموم أدلة بدلیته عن الماء و انه أحد

ص:212


1- 1) أبواب غسل المیت ب 22.
2- 2) أبواب التیمّم ب 18 / 1.
مسألة 7:إذا لم یکن عنده من الماء إلّا بمقدار غسل واحد

(مسألة 7): إذا لم یکن عنده من الماء إلّا بمقدار غسل واحد فإن لم یکن عنده الخلیطان أو کان کلاهما أو السدر فقط صرف ذلک الماء فی الغسل الأول. و یأتی بالتیمم بدلاً عن کل من الآخرین علی الترتیب.

و یحتمل التخییر فی الصورتین الأولیین فی صرفه فی کل من الثلاثة فی الأولی، و فی کل من الأول و الثانی فی الثانیة. و إن کان عنده الکافور فقط فیحتمل أن یکون الحکم کذلک و یحتمل أن یجب صرف ذلک الماء فی الغسل الثانی مع الکافور، و یأتی بالتیمم بدل الأول

الطهورین لا سیما و أن غسل المیت لرفع الحدث کما ورد و إن لم یرتفع بالتیمم الخبث.

و أما تثلیث التیمّم فقد یقرب أن المأمور به هو ثلاث أغسال، فلکل غسل تیمم، کما هو الحال فی تثنیة التیمّم بدل الوضوء و الغسل فی المستحاضة، و لا ریب ان الأغسال کل منها مستقل فی الصحة و الشرائط نظیر استقلال الطواف عن السعی و أن جمعها واجب و وجوب واحد منبسط.

و یمکن تقریب ما نسب إلی المشهور بأن التعبیر المتکرر فی الروایات أنه غسل لا أغسال نعم تکرر التعبیر بغسلات فی جلّ الروایات غسلات ثلاث و الغسلة تتلاءم مع البعضیة لا الاستقلال کما ورد فی الوضوء انه غسلتین و مسحتین مضافاً إلی أن الطهارة لا تحصل إلّا بالمجموع و لا ینقض بما ورد فی المستحاضة فإنها دائمة الحدث و ما تأتی به فإنه تخفیف للحدث لا رفع له.

ص:213

و الثالث، فییممه أولاً ثمّ یغسله بماء الکافور ثمّ ییممه بدل القراح(1).

أما وجه تعین الأول فلأن صرف القدرة فی الأول یعجزه عن الباقی و لا یترک امتثال الأمر بالأول مع توفر القدرة و هذا بخلاف الأمر بالأخیرین، و أن الأخیرین مشروطین بالأول بخلافه، و أشکل علیه بأن نسبة القدرة واحدة للثلاثة بعد اتحاد الأمر بالمجموع و من ثمّ التشارط بین الثلاثة متضایف، هذا و یمکن توجیه تعین الأول أما بالنسبة إلی الثالث فلأن الغسل بالسدر هو غسل بالسدر و بالماء علی کل من الصور الثلاث المتقدمة فی (المسألة 2)، و دعوی أن فی الثالث خصوصیة هو الخلوص و کون الماء بحتاً، و لأنه أقوی فی التطهیر فممنوعة بأن الفرض اعتبار اطلاق الماء فی الغسلتین الأولتین کما مرّ و إن تغیّرت الصفات لا سیما علی الصورة الأولی و الثالثة من الصور المتقدمة فی کیفیة الخلط، فالقراح فی الغسل الثالث لیس إلّا لحصول التکرار المطلوب لزیادة التطهیر و التنظیف.

و أما بالنسبة إلی الثانی فلأن المفهوم عرفاً من الغسل بالسدر فی مقابل الکافور هو کون الأول لإزالة الدرن و الثانی للتطیب و لا محلّ للثانی بدون الأول بخلاف العکس.

و بعبارة اخری أن مرتبة الأول إلی الثانی کتقدم إزالة عین النجاسة إلی الصبّ فی التطهیر الخبثی. و منه یظهر وجه تقدم الغسل بالکافور علی القراح و یعضد کل ذلک ما ورد فی روایة معاویة بن عمار من جعل أوراق السدر فی ماء الغسل الثالث من دون تذویبها.

و أما الإتیان بالتیمم بدل الآخرین فمبنی علی تعدد التیمّم فی المسألة السابقة و قد مرّ ضعفه لا سیما و أن الغسل الواحد میسور الثلاثة فلا تصل النوبة إلی بدله المبائن.

ص:214

مسألة 8:إذا کان المیت مجروحاً أو محروقاً أو مجدوراً أو نحو ذلک مما یخاف معه تناثر جلده ییمم

(مسألة 8): إذا کان المیت مجروحاً أو محروقاً أو مجدوراً أو نحو ذلک مما یخاف معه تناثر جلده ییمم کما فی صورة فقد الماء ثلاثة تیممات(1).

مسألة 9:إذا کان المیت محرماً لا یجعل الکافور فی ماء غسله فی الغسل الثانی

(مسألة 9): إذا کان المیت محرماً لا یجعل الکافور فی ماء غسله فی الغسل الثانی(2).

إلّا أن یکون موته بعد طواف الحج أو العمرة(3) و کذلک لا یحنط بالکافور، بل لا یقرب إلیه طیب آخر.

مسألة 10:إذا ارتفع العذر عن الغسل أو عن خلط الخلیطین أو أحدهما بعد التیمّم أو بعد الغسل بالقراح قبل الدفن

(مسألة 10): إذا ارتفع العذر عن الغسل أو عن خلط الخلیطین أو أحدهما بعد التیمّم أو بعد الغسل بالقراح قبل الدفن تجب الاعادة، و کذا بعد الدفن إذا اتفق خروجه بعده علی الأحوط(4).

فیما إذا خیف کما فی روایة (1) زید بن علی المتقدمة و إلّا فیغسل و لو بالصبّ کما فی معتبرة (2) ضریس و روایة (3) زید بن علی الأخری.

لم یحک خلاف فیه و تدل علیه جملة من النصوص و فیها عدم مسه بطیب و عدم تحنیطه (4).

أما بعد طواف الحج و سعیه فیتحلل من الطیب فیخرج من إحرامه عدا النساء و أما العمرة فلا یخرج من إحرامه و لا یتحلّل إلّا بالتقصیر أو الحلق سواء المفردة أو المتعة.

أما قبل الدفن فلأنه لا اطلاق فی أدلّة الاضطرار العامة إلّا للعجز

ص:215


1- 1) أبواب غسل المیت ب 16 / 3 -1 -2.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 16 / 3 -1 -2.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 16 / 3 -1 -2.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 13.
مسألة 11:یجب أن یکون التیمّم بید الحی لا بید المیت

(مسألة 11): یجب أن یکون التیمّم بید الحی لا بید المیت، و إن کان الأحوط تیمم آخر بید المیت إن أمکن، و الأقوی کفایة ضربة واحدة للوجه و الیدین، و إن کان الأحوط التعدد(1).

المستوعب و لیس فی المقام أدلة خاصة یتمسک باطلاقها و ما فی روایة زید بن علی فموردها الاضطرار المستوعب.

و أما بعد الدفن إذا اتفق خروجه فإن کان بمدة قریبة لم یتفسخ بعد و لا یخشی علیه ذلک بإعادة تغسیله فالوجه الإعادة و فوریة الدفن انما هی مرعیة بذلک، نعم مع تجدد القدرة و عدم خروجه فیراعی فی وجوب النبش أو جوازه عدم تفسخ البدن أو تعفن رائحته و مشقة تجهیزه.

یدور التیمّم بید الحی أو المیت مدار کون الضرب علی التراب و الأرض بباطن الکفین جزءاً من التیمّم أو شرطاً أم لا فعلی الأول لا بدّ أن یکون بید المیت فإن لم یکن لحرج أو امتناع تصل النوبة إلی ید الحی، و أما بناء المسألة علی شرطیة المباشرة فضعیف لأن إسناد الفعل إلی الحی یسقط هذا الشرط و یکون بمعنی ایقاع الحی الفعل فی المیت، و أما الاستشهاد بمراتب الکیفیة فی الحی العاجز بأن یضرب بیده و یمسح بهما فان لم یقدر فیضرب القادر بیده فیمسح بهما علیه -فمحل نظر لتقدیر الضرورة فی الحی العاجز بقدرها فی شرطیة المباشرة بخلاف المقام، هذا و ظاهر الأدلة و الکلمات فی کیفیة التیمّم شرطیة المسح بالکف و بباطنها دون ظاهرها و دون بقیة الید مما یظهر منه شرطیة الماسح الخاص فی التیمّم لا انه من باب المباشرة.

ص:216

مسألة 12:المیت المغسل بالقراح لفقد الخلیطین أو أحدهما أو المیمم لفقد الماء أو نحوه من الأعذار

(مسألة 12): المیت المغسل بالقراح لفقد الخلیطین أو أحدهما أو المیمم لفقد الماء أو نحوه من الأعذار لا یجب الغسل بمسه، و إن کان أحوط(1).

فصل فی شرائط الغسل

اشارة

فصل

فی شرائط الغسل

و هی أمور:

الأول: نیة القربة علی ما مرّ فی باب الوضوء(2).

الثانی: طهارة الماء(3).

الثالث: إزالة النجاسة عن کل عضو قبل الشروع فی غسله، بل الأحوط إزالتها عن جمیع الأعضاء قبل الشروع فی أصل الغسل، کما مرّ سابقاً.(4)

أما المغسل بالماء فلصدق الغسل المأخوذ فی الطهارة و فی نفی البأس عن لمسه و أما التیمّم فهو و إن کان أحد الطهورین إلّا انه غیر رافع للخبث و لا للحدث من رأس.

تقدم کونه عبادیاً یعتبر فیه النیة القربیة.

کما هو مقتضی عنوان الغسل و علل حکمه.

تقدم ان اللازم تطهیر کل عضو قبل غسله.

ص:217

الرابع: إزالة الحواجب و الموانع عن وصول الماء إلی البشرة، و تخلیل الشعر و الفحص عن المانع إذا شک فی وجوده.(1)

الخامس: إباحة(2) الماء و ظرفه، و مصبه، و مجری غسالته، و محل الغسل و السدة و الفضاء الذی فیه جسد المیت، و إباحة السدر و الکافور. و إذا جهل بغصبیة أحد المذکورات أو نسیها و علم بعد الغسل لا تجب إعادته، بخلاف الشروط السابقة فإن فقدها یوجب الاعادة و إن لم یکن عن علم و عمد.

مسألة 1:یجوز تغسیل المیت من وراء الثیاب

(مسألة 1): یجوز تغسیل المیت من وراء الثیاب و لو کان المغسل مماثلاً، بل قیل انه أفضل.

و لکن الظاهر -کما قیل -أن الأفضل التجرد فی غیر العورة مع المماثلة.(3)

لأجل وصول الماء.

تقدم فی مبحث الوضوء ان اللازم إباحة الماء دون ظرفه و مصبه و مجراه و دون محل الغسل و لا السدة فی المقام و لا الفضاء لعدم أخذهما فی ماهیة الغسل بالفتح، نعم السدر و الکافور حکمها حکم الماء. و أما مع الجهل أو النسیان فلا یخل بالصحة إلّا أن یکون النسیان عن تقصیر.

لا خلاف فی الجواز، لکن بإدخال الید تحت القمیص، و أما الأفضلیة ففی الخلاف الاجماع علی استحباب تعریته عدا العورة بل عن الوسیلة وجوبه، و عن ابن أبی عقیل انه یغسل فی قمیص نظیف و عن الصدوق انه یستر بقمیصه و ظاهره ستر العورة به.

ص:218

مسألة 2:یجزی غسل المیت عن الجنابة و الحیض

(مسألة 2): یجزی غسل المیت عن الجنابة و الحیض، بمعنی:

انه لو مات جنباً أو حائضاً لا یحتاج إلی غسلها

و عن الحدائق استحباب التغسیل من وراء الثیاب و الجمع بین الطائفتین من الروایات بثالثة مقیدة للأعم بالاستطاعة.

و ألسن الروایات هی: الأولی کصحیح ابن مسکان عن أبی عبد اللّه علیه السلام -فی حدیث -قال: «ان استطعت أن یکون علیه قمیص فغسّله من تحته» (1).

و مثله صحیح سلیمان بن خالد (2).

و فی صحیح یعقوب بن یقطین عنه علیه السلام «و لا یغسل إلّا فی قمیص یدخل رجل یده و یصبّ علیه من فوقه» (3).

الثانیة: کموثق عمار بن موسی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «تبدأ فتطرح علی سوأته خرقة» (4).

و صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «إذا أردت غسل المیت فاجعل بینک و بینه ثوباً یستر عنک عورته إما قمیص و إما غیره» (5).

و فی مصحح یونس عنهم علیهم السلام قال: «إذا أردت غسل المیت... فان کان

ص:219


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 2 / 6.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 2 / 7.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 2 / 10.
5- 5) أبواب غسل المیت ب 2 / 2.

بل یجب غسل المیت فقط، بل و لا رجحان فی ذلک، و إن حکی عن العلامة قدس سره رجحانه(1).

علیه قمیص فاخرج یده من القمیص و اجمع قمیصه علی عورته، و ارفعه عن رجلیه إلی فوق الرکبة، و إن لم یکن علیه قمیص فألقِ علی عورته خرقة» الحدیث (1).

و روایة ابن عبید و أم أنس (2) و الظاهر عدم التضارب فی الدلالة لا بما ذکره صاحب الحدائق قدس سره من التفصیل بین الاستطاعة و التمکن من القمیص و عدمه فحسب بل ان صحیح الحلبی یظهر منه أن العمدة من الاستتار بالقمیص هو علی العورة، کما أن مصحح یونس یوضح کیفیة الاستتار بالقمیص بنزعه عنه و إلقاءه فوق الرکبة إلی بطنه، فالتفصیل بین التمکن من القمیص و عدمه هو بلحاظ التفصیل فی ستر العورة و حوالیها بالقمیص أو بالخرقة، و هذا اللسان نظیر ما ورد فی تغسیل المحرم غیر المماثل للمیت، فالتجرید بمعنی النزع متعین فی التغسیل و کذلک بمعنی ادخال الید و مباشرتها لبدن المیت، و انما الستر للعورة یستحب أن یکون بقمیص لیشمل حوالیها مما هو عورة ندبیة.

أما الاکتفاء بغسل المیت فلما دل علی التداخل عموماً و فی خصوص المقام کصحیح زرارة قال قلت لأبی جعفر علیه السلام میت مات و هو جنب کیف یغسل؟ و ما یجزیه عن الماء قال: «یغسل غسلاً واحداً یجزی ذلک

ص:220


1- 1) أبواب غسل المیت ب 2 / 3.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 6 / 2 -3.

للجنابة و لغسل المیت لأنهما حرمتان اجتمعتا فی حرمة واحدة» (1).

و مثله موثق عمار فی المیت النفساء و انه کالحائض و الجنب، یکتفی فیهم بغسل واحد (2) و صحیح علی بن جعفر 3 و أبی بصیر 4، و هل هو عزیمة أو رخصة بمعنی انه لو أتی بغسل المیت أولاً فلا محلّ لغسل غیره بعده، بخلاف ما لو قدم غسل غیره قبله، یبتنی ذلک علی ان التداخل یحصل بدون قصد بقیة الأغسال.

ثمّ ان فی صحیح العیص عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: سألته عن رجل مات و هو جنب قال: «یغسل غسلة واحدة بماء ثمّ یغتسل بعد ذلک» (3).

و قد رویت بصور أخری تحتمل ألفاظها الحمل علی اغتسال الغاسل بعد غسل المیت أو التطهیر الخبثی من المنی قبل غسل المیت و هی مع وحدة الروایة و اضطراب ألفاظها لا یعارض بها ما تقدم فلا ظهور یعوّل علیه یفید استحباب التفرقة بتقدیم غسل البقیة ثمّ غسل المیت، هذا و أما البناء علی الاکتفاء بغسل المیت -لعدم وجوب بقیة الأغسال نفساً بل وجوبها غیری و فی المیت لا مجال له -فمحل نظر لما دل (4) علی ان وجوب غسل المیت هو لأجل جنابته و لأجل وروده الآخرة طاهراً نظیفاً و کذلک مفاد الروایات

ص:221


1- 1) أبواب غسل المیت ب 31 / 1.
2- 2 و 3 و 4) أبواب غسل المیت ب 31 / 2 -3 -4.
3- 5) أبواب غسل المیت ب 31 / 2 -3 -4.
4- 6) أبواب غسل المیت ب 1 -3.
مسألة 3: لا یشترط فی غسل المیت أن یکون بعد برده

(مسألة 3): لا یشترط فی غسل المیت أن یکون بعد برده و إن کان أحوط(1).

مسألة 4: النظر إلی عورة المیت حرام

(مسألة 4): النظر إلی عورة المیت حرام، لکن لا یوجب بطلان الغسل إذا کان فی حاله.(2)

مسألة 5:إذا دفن المیت بلا غسل جاز بل وجب نبشه لتغسیله أو تیممه.

(مسألة 5): إذا دفن المیت بلا غسل جاز بل وجب نبشه لتغسیله أو تیممه. و کذا إذا ترک بعض الأغسال و لو سهواً، أو تبین بطلانها، أو بطلان بعضها. و کذا إذا دفن بلا تکفین، أو مع الکفن الغصبی. و أما إذا لم یصلّ علیه، أو تبین بطلانها فلا یجوز نبشه لأجلها،

الخاصة السابقة ظاهرة فی مفروغیة رفع الأحداث الأخری عنه.

لإطلاق أدلة الغسل و ظهور ما دل (1) علی حکمة وجوبه من انه یجنب بمجرد خروج الروح، نعم البرد شرط فی نجاسته الخبثیة التی ترتفع برفع الحدثیة فیکون تقدیم الغسل علی البرودة ممانعة عن حصول الخبثیة، نعم الاحتیاط متجه لاحتمال شرطیة البرودة فی تمامیة الانفصال.

لحرمة المؤمن میتاً کحرمته حیّاً (2) مضافاً إلی النصوص السابقة الآمرة بستر عورته مضافاً إلی اطلاق لفظ العورة علی مواضع بدنه المخصوصة و لزوم سترها فی الصلاة علیه (3).

ص:222


1- 1) أبواب غسل المیت ب 1 -3.
2- 2) ؟؟؟؟؟؟؟
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 36.

بل یصلّی علی قبره(1).

مسألة 6:لا یجوز أخذ الأجرة علی تغسیل المیت

(مسألة 6): لا یجوز أخذ الأجرة(2) علی تغسیل المیت بل لو کان داعیه علی التغسیل أخذ الأجرة علی وجه ینافی قصد القربة بطل الغسل أیضاً. نعم لو کان داعیه هو القربة و کان الداعی علی الغسل قصد القربة أخذ الأجرة صح الغسل لکن مع ذلک أخذ الأجرة حرام إلّا إذا کان فی قبال المقدمات

التفصیل بین الصلاة و غیرها من واجبات تجهیز المیت لورود النص (1)بإمکان أداء الصلاة علی القبر إذا ترکت قبل الدفن، و حرمة النبش تارة یستند فیها إلی الهتک کما سیأتی فی الدفن و اخری لإطلاق الأمر بالدفن و امتداده الزمنی و کلا الوجهین لا یتأتیان فی ترک الغسل أو التکفین مع عدم تمادی فترة الدفن أو مع الأمن من تفسخه علی حالة توجب المشینة للمیت، و هذا بخلاف ترک الصلاة.

و الکلام فی المسألة من جهات:

الأولی: فی عدم منافاة العبادة للإجارة علیها، فقد ورد ذلک فی الاجارة علی حج النیابة (2) و أنه حیث ضمن الحجة فما فضل من المال له (3)، و وجه عدم المنافاة لیس ما قیل من التمثیل بغائیة سعة الرزق لصلاة اللیل و دخول الجنة و النجاة من النار فی سائر العبادات. فإن هذه الآثار الدنیویة و الأخرویة

ص:223


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 18.
2- 2) أبواب النیابة فی الحج.
3- 3) الأبواب المزبورة ب 10.

حیث أنها أفعال له تعالی فتظل الإضافة إلیه عزّ و جلّ، و لا تنافی الاضافة إلی الأمر العبادی، کما ان التفرقة بین نفس الأجرة و بین جواز أخذها و إباحتها کغایة وراء الأمر العبادی بالمنافاة فی الأول دون الثانی لا وجه له لأن الجواز الشرعی لیس منتهی الغایة بل وراء تملک الأجرة نفسها، و کذلک ما قیل من أن الأمر الإجاری هو الداعی الطولی وراء الأمر العبادی لا تملک الأجر لأن ملکیة الأجرة تتحقق بالعقد نفسه لا بأداء العمل فی الخارج کما أن جواز الأخذ هو بالعقد نعم استحقاق المطالبة مترتب علی أداء العمل، فإنه محل نظر لأن الغرض من استحقاق المطالبة هو حیازة الأجرة نفسها کغرض نهائی، بل الصحیح أن ما ورد فی نیابة الحج دال علی اعتبار الشارع لمالیة هذه الأعمال العبادیة بمعنی إمضاءه للاعتبار العرفی للمالیة فهی من آثار العبادة التی اعتبرها الشارع فلها إضافة به غیر منافیة للإضافة القربیة.

الجهة الثانیة: لا منافاة بین الوجوب و أخذ الأجرة و المعاوضة المالیة، و ذلک لعدم سلب الوجوب للمالیة و لا لملکیة العمل من حیث هو وجوب تکلیفی کما فی الواجبات النظامیة، و کما فی بذل الطعام فی عام المجاعة و نحوها.

الثالثة: فی مجانیة تغسیل المیت و تجهیزه و فی کشف اللثام بعد قول العلّامة فی القواعد ان المیت إن لم یکن له مال یکفن من بیت المال إن کان و کذا الماء و الکافور و السدر و غیره).

قال من المؤن الواجبة کقیمة الأرض للدفن و أجرة التغسیل و الدفن إن

ص:224

لم یوجد متبرع من أصل الترکة، فإن لم یکن فمن بیت المال إن کان و لا یجب البذل علی أحد من المسلمین» (1).

و حکی فی الجواهر (2) العبارة و لم یعترض علی ذکر أجرة التغسیل. هذا و قد أطلق فی کلماتهم أن مئونة التجهیز و الحنوط و الکفن من أصل مال ترکة المیت و إلّا فمن بیت المال و إلّا فیسقط ما تعذر، فتراهم یطلقون کلمة مئونة التجهیز و عن مجمع الفائدة عند استعراض مؤن التجهیز التی تجب للزوجة المیتة علی الزوج کأجرة مکان الغسل و نحوه.

و فی روایة الفضل بن یونس الکاتب الآتیة فی التکفین قال علیه السلام : «فوارِ بدنه و عورته و جهّزه و کفّنه و حنطه و احتسب بذلک من الزکاة» الحدیث (3).

هذا و قد یستدل لمجانیة التغسیل أولاً بدعوی الاجماع و هی مع عدم الوقوف علیها قد عرفت ان ظاهر الکلمات خلاف ذلک و قد حکی عن المرتضی جواز الأجرة علیه.

ثانیاً: دعوی السیرة المتشرعیة علی المجانیة، لکن تصریحهم بأخذ الأجرة علی مکان التغسیل أو علی الخصوصیات و الأجرة فی الحقیقة تعادل قیمة العمل و الخصوصیات، مع أنه تصریح غیر واحد بأخذ الأجرة علی التغسیل نفسه.

ص:225


1- 1) کشف اللثام 2 / 307.
2- 2) الجواهر 4 / 263.
3- 3) أبواب التکفین ب 33 / 1.
مسألة 7:إذا کان السدر أو الکافور قلیلاً جداً

(مسألة 7): إذا کان السدر أو الکافور قلیلاً جداً -بأن لم یکن بقدر الکفایة -فالأحوط خلط المقدار المیسور و عدم سقوطه بالمعسور.(1)

ثالثاً: ان ظاهر الأدلة أن هذا الواجب و الوجوب هو من حقوق المیت کما هو مفاد الأمر بتجهیزه و تغسیله و تکفینه و الصلاة علیه و دفنه، و فیه: ان هذا الوجوب مع کونه کفائیاً و مع عدم مجانیة المتعلق کالکفن و السدر و الکافور و الحنوط و الماء، لا ینافی استحقاق المیت لذلک کونه غیر مجانی معوض، کما فی استحقاق المتعاوضین علی الآخر لکنه حق عوضی، کما هو الحال فی متعلقات التجهیز و کما هو الحال فی إطعام الجائع فی وقت المجاعة.

و علی أیة تقدیر لا ریب أن الفعل لا یسقط مع عدم مال للمیت و عدم متبرع و عدم توفر بیت المال بخلاف الکفن و السدر و الکافور، لکن عدم السقوط لا یلزمه المجانیة أیضاً کما فی اطعام الجائع، و إن کان یقرّب احتمال الأوامر فی المجانیة و یتوجه الاحتیاط.

رابعاً: ما علق به غیر واحد من محشی المتن أنه مع تصویر صحة التقرب مع الأجرة فلا اشکال فی الإجارة و هو اشارة إلی أن المجانیة لکون الوجوب و الواجب عبادیاً و هو یقتضی المجانیة، لکن قد عرفت عدم منافاة العبادیة للأجرة کما فی الحج النیابی المنصوص و لا الوجوب کذلک لا سیما بعد کونه کفائیاً.

سواء کان بقدر یعد میسوراً عرفاً أم لا، أما الأول فلأن قاعدة المیسور تامة کبرویّاً بتعویض حدیث الرفع و قاعدة الاضطرار فی المرکبات عن إرسال

ص:226

مسألة 8:إذا تنجس بدن المیت بعد الغسل أو فی أثنائه

(مسألة 8): إذا تنجس بدن المیت بعد الغسل أو فی أثنائه(1) بخروج نجاسة أو نجاسة

أحادیث القاعدة شریطة دلالة الدلیل الخاص علی کون المرکب ذا مراتب فی الجملة فی بعض الموارد، مضافاً إلی ما مرّ من دلالة إطلاق بعض الروایات علی مطلق الإضافة و المعیة بین السدر و الکافور مع الماء الشامل للمقام و غایة تقییده بالروایات الأخری هو فی صورة التمکن.

و منه یظهر الوجه فی لزوم الخلط فی الصورة الثانیة، و یعضد کل ذلک ما فی جملة من الروایات البیانیة للأغسال الثلاثة من وضع ورق السدر من دون خلط حتی فی الغسل الثالث بالقراح.

أما النجاسة الآتیة من الخارج فلا وجه لتوهم الإعادة بعد عدم إخلالها لا فی إیجاب حدث جدید و لا فی صحة التغسیل بقاءً بعد إزالتها، و أما التی تخرج من المیت فقد مرّ فی غسل الجنابة أن خروج ما یوجب الحدث الأصغر لا یبطل الغسل مضافاً إلی خصوص مصحح الکاهلی و الحسین بن المختار عن أبی عبد اللّه علیه السلام قالا: سألناه عن المیت یخرج منه الشیء بعد ما یفرغ من غسله، قال: یغسل ذلک، و لا یعاد علیه الغسل» (1).

و مثلها مصحح الکاهلی الآخر عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: إذا خرج من منخر المیت الدم أو الشیء بعد الغسل و أصاب العمامة أو الکفن قرضه بالمقراض» (2) و غیرها من روایات الباب، نعم هی فی مورد الخروج بعد

ص:227


1- 1) أبواب غسل المیت ب 32 / 2
2- 2) أبواب غسل المیت ب 32 / 4.

خارجة لا یجب معه إعادة الغسل، بل و کذا لو خرج منه بول أو منی و إن کان الأحوط فی صورة کونهما فی الأثناء إعادته، خصوصاً إذا کان فی أثناء الغسل بالقراح. نعم یجب إزالة تلک النجاسة من جسده، و لو کان بعد وضعه فی القبر إذا أمکن بلا مشقة و لا هتک.

مسألة 9:اللوح أو السریر الذی یغسل علیه المیت لا یجب غسله بعد کل غسل من الأغسال الثلاثة

(مسألة 9): اللوح أو السریر الذی یغسل علیه المیت لا یجب غسله بعد کل غسل من الأغسال الثلاثة نعم الأحوط غسله لمیت آخر، و إن کان الأقوی طهارته بالتبع(1). و کذا الحال فی الخرقة الموضوعة علیه. فانها أیضاً تطهر بالتبع، و الأحوط غسلها.

الغسل لا فی الأثناء لکن لا وجه لاحتمال الفرق، نعم یبقی الکلام فی خروج المنی و نحوه مما یوجب الحدث الأکبر لا سیما و إن تعلیل الأمر بالتغسیل هو لخروج المنی منه، إلّا ان اطلاق الروایات شامل له لا سیما و ان التعلیل حکمة للحکم، و یؤید بما فی مرفوعة ابن محبوب و مرسلة الصدوق فی النفساء التی کثر دمها انها یحشی قبلها و دبرها بالقطن» (1).

و کذلک ما فی الروایات البیانیة (2) فی تغسیله من الأمر ندباً من مسح بطنه أثناء غسله و تنظیف ما یخرج.

أما قبل الغسل الثالث فلا فائدة فی غسل اللوح أو السریر سواء الملامس للبدن أم غیره لعدم طهارة بدن المیت و عدم تنجس الماء الذی یغسل به فی الغسلتین بذلک، و أما فی الغسلة الثالثة فلأنه کما یغسل بدن

ص:228


1- 1) أبواب التکفین ب 25 / 1.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 2.

فصل فی تکفین المیت

اشارة

فصل

فی تکفین المیت

یجب تکفینه بالوجوب الکفائی رجلاً کان أو امرأة أو خنثی أو صغیراً(1) بثلاث قطعات(2)

المیت یحصل غسل للموضع أیضاً تلقائیاً و یطهر بالتبع علی أیة تقدیر و ذلک لأن بقاء نجاسته یوجب تنجس بدن المیت فاللازم تطهیره بعد الغسلة الثالثة و الروایات البیانیة ساکتة عن ذلک مما یقضی بطهارة الملامس القریب و غیره مما هو فی معرض الملاقاة لبدنه.

أما وجوب الفعل فبضرورة الدین و تواتر النصوص، و أما أقسام المکلف فبإطلاق الأدلة بل خصوصها فی کل من الجنسین و کذا الصغیر بعنوان الموردیة و ظهور کون الموضوع هو من الجهة المشترکة.

لم یحک خلاف إلّا عن سلار ان الفرض فیه واحد و الفضل سبعة ثمّ خمسة ثمّ ثلاثة. و حکی فی الخلاف عن العامة انه ما یواری العورة و إن الندب ثلاثة وصفتها عند الشافعی ثلاثة أثواب أزر یدرج فیها إدراجاً لیس فیها قمیص و لا عمامة بخلاف أبی حنیفة إنه قمیص و إزار و لفافة.

و الظاهر استناد سلار إلی ظاهر بعض نسخ صحیح زرارة و محمد بن مسلم قال -کما عن التهذیب -قلت لأبی جعفر العمامة للمیت، من الکفن

ص:229

هی؟ قال: لا انما الکفن المفروض ثلاثة أثواب [أ] و ثوب تام لا أقل منه یواری فیه جسده کله فما زاد فهو سنة إلی أن یبلغ خمسة فما زاد فمبتدع، و العمامة سنة» الحدیث (1).

فی الکافی (و) بدل (أو) و کتب علی همزة (او) علامة نسخة و کتب أیضاً نسخة فی التهذیب و علق صاحب الوسائل فی الهامش: نقله صاحب المدارک بالواو و کذا صاحب الذکری مع انه استدل به سلار علی إجزاء الثوب الواحد و حمل الثوب التام علی التقیة أو هو عطف الخاص علی العام علی أن لفظة ثوب محذوف فی کثیر من النسخ انتهی و یمکن حمل (أو) علی تقدیرها علی التقسیم إلی الضرورة و الاختیار ففی الضرورة یجزی ثوب و فی الاختیار تجب الثلاثة» انتهی و قریب منه ما یحکی عن الوافی و حمل الثوب الواحد علی الضرورة هو کما فی جملة من الکلمات کالقواعد و غیرها. و جملة الروایات الاخری مفادها کونه ثلاثة أثواب، هذا و الظاهر من الترکیب و السیاق هو کون العاطف هو (أو) لأن الجملة (لا أقل منه یواری فیه) ضمیر المفرد و ظاهره العود إلی الثوب التام، و تقیید الثوب بالتام فی مقابل الثلاثة حیث أطلق قدرها دون التمام و هو ظاهر فی القمیص و الإزار بمعنی المئزر، و کذلک الحال فی البرد أو اللفافة التی تضم سائر الکفن و یعضده ورود هذه العناوین فی بقیة الروایات و هی لا تکون تامة تواری کل الجسد فی الأغلب.

ص:230


1- 1) أبواب التکفین ب 2 / 1.

الاُولی: المئزر و یجب أن یکون من السرة إلی الرکبة و الأفضل من الصدر إلی القدم.

الثانیة: القمیص و یجب أن یکون من المنکبین إلی نصف الساق و الأفضل إلی القدم(1).

و فی روایة المخزومی عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی وصف کفن رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم «ثوبین صحاریین و ثوب حبرة و کان فی البرد قلة» (1)، نعم حیث أن لفظ (أو) لم یثبت بعد اختلاف نقل الشیخ و الکلینی و اختلاف النسخ حتی ان فی بعضها اسقاط العاطف و کذلک (ثوب) و علی کل التقادیر من صورة النسخ عدا (أو) حاصل المعنی حینئذٍ أن أحد الثلاثة یکون تامّاً یشمل کل الجسد، و لا ینافیه قوله علیه السلام (فما زاد فهو سنة إلی أن یبلغ خمسة) لأن التام هو أحد الثلاثة یزداد المجموع إلی أربعة أو خمسة علی أن یکون الزائد سنة، ثمّ ان الثلاثة هو مفاد موثق سماعة (2) أیضاً و صحیح یونس (3) و مصحح عبد اللّه بن سنان (4).

و قیده أکثر المتأخرین بما بین السرة إلی الرکبة، و أصل وجوب العنوان لا خلاف فیه عدا ما تقدم من سلار و عن ابن الجنید ثلاثة أثواب یدرج فیها أو ثوبین و قمیص و کذا عن المعتبر، و أشکل تعین المئزر صاحب المدارک و مثله فی المفاتیح و الکفایة و الأمین الاسترآبادی فی حاشیة الفقیه

ص:231


1- 1) أبواب التکفین ب 2 / 17.
2- 2) أبواب التکفین ب 2 / 6.
3- 3) أبواب التکفین ب 2 / 7.
4- 4) أبواب التکفین ب 2 / 12.

و استظهر ذلک من الکتاب و فی الروضة عدم تعین القمیص فیجزئ مکانه ثوباً ساتراً لجمیع البدن.

و منشأ کلا الخلافین هو اطلاق الأثواب فی الروایات. و حملها علی ما یکون تامّاً ساتراً لجمیع البدن، و أن التنویع إلی الثلاثة هو فی کلام المتقدمین دون الروایات و أن الازار الوارد فی بعضها ظاهر فی نحو الرداء و الملحفة و هی اللفافة.

و یدل علی ما ذهب إلیه المشهور جملة من القرائن.

منها: ان اطلاق الأثواب أعم من الشامل، مضافاً إلی أن الاطلاق مقید بما ورد فی بقیة الروایات مما ورد فیه القمیص و الازار.

و منها: صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: کتب أبی فی وصیته أن اکفنه فی ثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة، کان یصلّی فیه یوم الجمعة، و ثوب آخر و قمیص» الحدیث (1).

و مثلها صحیح أبی مریم الأنصاری عن أبی جعفر علیه السلام یقول: کفن رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم فی ثلاثة أثواب، برد أحمر حبرة و ثوبین أبیضین صحاریّین» الحدیث (2).

فاطلق الثوب علی القمیص، و علی البرد مع ان القمیص لیس شاملاً.

و أما البرد فهو کما فی اللسان ثوب مخطط و البردة کساء یلتحف به

ص:232


1- 1) أبواب التکفین ب 2 / 10.
2- 2) أبواب التکفین ب 2 / 3.

و قیل إذا جعل الصوف شقة و له هدب و نقل عن بعضهم قال: رأیت أعرابیاً بخزیمیة و علیه شبه مندیل من صوف قد اتزر به فقلت ما تسمیه؟ قال بردة و جمعها برد و هی الشملة المخططة، ثوب برود إذا لم یکن لینا من الثیاب، و ثوب ابرد فیه لمع سواء و بیاض یمانیة، و البرد ثوب من العصب و الوشی، و البردد کساء مربع اسود فیه صغر و نحو ذلک تلتحف به العرب فیه صغر تلبسه الأعراب، و برد حبرة انما هو و شیء و لیس حبرة موضعاً و لا شیء معلوماً و انما هو کقولک ضرب من برود الیمن و الحبیر من البرود ما کان موشیاً مخططاً، و الحبرة ثوب یصنع بالیمن قطن أو کتان مخطط یقال برد حبر علی الوصف».

و الحاصل أن البرد کساء من صوف قد یکون فیه صغر عن الاشتمال الکامل.

و فی روایة المخزومی فی کفن رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم «و کان فی البرد قلة» (1) و منها صحیح عبد اللّه بن سنان قال: قلت: لأبی عبد اللّه صلی الله علیه و آله و سلم : کیف أصنع بالکفن؟ قال: «تؤخذ خرقة فیشد بها علی مقعدته و رجلیه قلت فالازار قال: لا آنها لا تعد شیئاً، انما تصنع لتضم ما هناک لئلا یخرج منه شیء ، و ما یصنع من القطن أفضل منها... قال: ثمّ الکفن قمیص غیر مزرور و لا مکفوف، و عمامة یعصب بها رأسه و یرد فضلها علی رجلیه» (2) فذکر فی الصحیحة کلا من القمیص و الازار فی الکفن کما انه أرید من الازار المئزر بقرینة تقریر ما ارتکز عند الروایة أن الازار یلف علی موضع العورة، إذ هو یستعمل علی معنیین المئزر

ص:233


1- 1) أبواب التکفین 23 / 17.
2- 2) أبواب التکفین ب 2 / 8.

و الملحفة حیث أن الأزر هو الظهر کما فی اللسان و المئزر الازار و الازار معروف و الازار الملحفة یذکر یؤنث، و تأزر لبس المئزر و هو مثل الجلسة و الرکبة و فی مجمع البحرین و معقد الازار من الحقوین و یطلق علی ما هو شامل لجمیع البدن و فی جملة من الموارد الروائیة فی الأبواب استعمل فیها الازار بمعنی المئزر فی مقابل الرداء و الملحفة، کما فی باب استحباب دخول الحمام بمئزر (1) و باب عدم کراهة القرآن للعاری إذا کان علیه ازار (2) و باب عدم جواز صلاة الجنازة قبل أن تستر عورة المیت (3) و باب الصلاة فی ثوب واحد (4)و باب کراهة التوشح فوق القمیص (5) و غیرها من الأبواب الکثیرة التی استعمل فیها الازار فی مقابل القمیص و الرداء و الدرع. ثمّ انه لا یخفی أن الخصوصیة فی دلالة صحیحة بن سنان هوان ظاهر ذیلها التحدید للکفن بالقمیص و کذلک صدرها فی الإزار.

و منها: معتبرة معاویة بن وهب عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «یکفن المیت فی خمسة أثواب قمیص لا یزر علیه و إزار و خرقة یعصب بها وسطه و برد یلفّ فیه و عمامة یعتم بها و یلقی فضلها علی صدره» (6) و الخرقة و العمامة قد ورد ما

ص:234


1- 1) أبواب الحمام الوسائل ج 2 / 39.
2- 2) أبواب الحمام ج 2 / 47.
3- 3) أبواب صلا الجناة ب 36.
4- 4) أبواب لباس المصلی ب 22.
5- 5) أبواب لباس المصلی ب 23 - 24.
6- 6) أبواب التکفین ب 2 / 13.

یدل علی ندبیتهما، فیبقی القمیص و الازار جعل مقابل البرد الموصوف بانه یلف فیه المیت. و هو منطبق تماماً علی مذهب المشهور. و مثلها معتبرة یونس بن یعقوب عن أبی الحسن الأول علیه السلام قال سمعته یقول انی کفنت أبی فی ثوبین شطویّین کان یحرم فیهما و فی قمیص من قمصه و عمامة کانت لعلی بن الحسین و فی برد الحدیث (1) فإن ثوبی الاحرام أحدهما مئزر. لکن الفارق بین الروایتین أن الاولی فی مقام التحدید.

و منها: صحیحة محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: یکفن الرجل فی ثلاثة أثواب و المرأة إذا کانت عظیمة فی خمسة: درع و منطق و خمار و لفافتین» (2) فإن الدرع للمرأة یقابل القمیص فی الرجل و المنطقة ما یقابل المئزر فیه و ظاهر الصحیحة هو التحدید أیضاً.

و منها: صحیح یونس عنهم علیهم السلام قال: فی تحنیط المیت و تکفینه قال ابسط الحبرة بسطاً ثمّ ابسط علیها الازار ثمّ ابسط القمیص علیه..» الحدیث (3)و هی ظاهرة بقوة فی مقابلته الثلاثة فیما بینها و أن الحبرة أکبر قدراً.

و منها: موثق عمار بن موسی عن أبی عبد اللّه علیه السلام -فی حدیث -ثمّ تبدأ فتبسط اللفافة طولاً ثمّ تذر علیها من الذریرة ثمّ الازار طولاً حتی یغطی الصدر و الرجلین ثمّ الخرقة عرضها قدر شبر و نصف ثمّ القمیص تشد الخرقة

ص:235


1- 1) أبواب التکفین ب2 / 15.
2- 2) أبواب التکفین ب 2 / 9.
3- 3) أبواب التکفین ب 14 / 403.

علی القمیص بحیال العورة و الفرج حتی لا یظهر منه شیء »...

و الکفن یکون برداً و إن لم یکن برداً فاجعله کله قطناً... و قال التکفین أن تبدأ بالقمیص ثمّ بالخرقة فوق القمیص علی ألییه و فخذیه و عورته، و یجعل طول الخرقة ثلاثة أذرع و نصفاً و عرضها شبراً و نصفاً ثمّ یشد الإزار أربعة ثمّ اللفافة ثمّ العمامة» الحدیث (1).

و هذه الموثقة صریحة فی کون الازار بمعنی المئزر و أن حدّه الافضل من الصدر إلی تمام الرجلین و هو القدم و انه فی قبال اللفافة و هی ما یلف علی البدن و آنها تامة شاملة علی جمیع البدن طولاً و عرضاً، کما أن هذه الموثقة و ما تقدم من الروایات و غیرها دالة علی أن القمیص یصل إلی الرکبة لدلالتها علی شدّ الخرقة علی القمیص مع أن الخرقة تشد علی الحقوین إلی رجلیه کما فی صحیح عبد اللّه بن سنان المتقدم و فی صحیح حمران الأتی فیشد بها سفله و یضم فخذیه بها لیضم ما هناک» (2).

و هذا المقدار من الادلة کاف فی تعیین القطع الثلاث فی الکلمات من ما تقدم مما کان فی مقام التحدید لا ما کان فی مقام ذکر المصداق فانه یثمر فی رد دعوی نفی دلالة الروایات علی اجزاء ما ذهب إلیه المشهور.

و قد یستدل علی التخییر و اجزاء الاثواب التامة الساترة لجمیع البدن بدل القمیص و المئزر بصحیح حمران بین أعین قال: قال أبو عبد اللّه علیه السلام ... ثمّ

ص:236


1- 1) أبواب التکفین ب 14 / 403.
2- 2) أبواب التکفین ب 14 / 15.

یکفن بقمیص و لفافة و برد یجمع فیه الکفن» (1) حیث ذکرت اللفافة بدل الإزار مع انه قد ذکرت فی موثق عمار المتقدم بمنزلة الثوب الذی یحیط بکل المیت.

و لکن الظاهر من الاستعمال فی الصحیحة هو ارادة المئزر الطویل بالقدر المندوب من الصدر إلی الرجل کما تقدم فی بعض الروایات، بقرینة وصف (البرد) فیها بأن یجمع فیه الکفن مما یقضی بقرینة المقابلة اختصاص هذا الوصف بالبرد.

و بمعتبرة محمد بن سهل عن ابیه قال: سألت أبا الحسن علیه السلام عن الثیاب التی یصلّی فیها الرجل و یصوم، أ یکفن فیها؟ قال: أحب ذلک الکفن، یعنی قمیصا قلت: یدرج فی ثلاثة أثواب؟ قال: لا بأس به، و القمیص أحب إلیّ» (2)حیث یستظهر من (یدرج) هو الشمول لکل البدن، لکن الظاهر هو مقابل القمیص المخیط المعمول فی الحیاة للبس و قد صلی فیه و صام فی مقابل الثوب الخام غیر المصنوع فیه شیئا، لما روی من استحباب التکفین فی القمیص الذی قد صلی فیه کما فی صحیح من بزیع (3) و روایة محمد سنان (4)و کما فی معتبرة یونس بن یعقوب (5) و من ذلک یظهر ان عنوان القمیص الوارد

ص:237


1- 1) أبواب التکفین ب 14 / 5.
2- 2) أبواب التکفین ب 2 / 5.
3- 3) أبواب التکفین 282 / 1،2.
4- 4) أبواب التکفین 282 / 1،2.
5- 5) أبواب التکفین ب 2 / 15.

الثالثة: الإزار و یجب أن یغطی تمام البدن و الأحوط ان یکون فی الطول بحیث یمکن أن یشد طرفاه و فی العرض بحیث یوضع أحد جانبیه علی الآخر(1)

فی الروایات فی مقابل الازار و البرد کما فی معتبرة معاویة بن وهب (1) هو ما یکون لبیسه و من ألبسته و فی بعض الروایات مقابل الرداء و الثوب کما فی معتبرة الحلبی (2) و قد عبر فیها (رداء له) مما یدل علی اتخاذه کذلک فی حیاته علیه السلام ، و هذا یعزز ظهور الازار الوارد فی المئزر، و علی ذلک فالمراد بلا ثوب الذی یدرج فیه هو ما لا یکون لبیساً کما ان منه یظهر أن المراد من الدرع و المنطق الوارد فی صحیح محمد بن مسلم (3) هو ما کان لبیساً و ان التعبیر بهذه العناوین التی هی أسماء لهیئات من الأثواب المتخذة هو المعنی المراد لا الثوب الخام الذی یوضع محالها و لأجل ذلک تکرر تقیید القمیص بعدم کونه مزروراً.

و منه یظهر أن القمیص هو ما یمتد طولاً إلی الرکبة أو نصف الساق کما مرت الاشارة إلیه فی مقابل الدرع الذی یمتد إلی الوسط فی المرأة.

بمعنی الرداء و الملحفة و قد تقدم فی صحیح یونس و موثق عمار و غیرها شموله لکافة البدن، و أما استطالته للشد فیمکن استظهاره من التعبیر

ص:238


1- 1) أبواب التکفین ب 2 / 13 - 14.
2- 2) أبواب التکفین ب 2 / 13 - 14.
3- 3) أبواب التکفین ب 9/2.

و الأحوط أن لا یحسب الزائد علی القدر الواجب علی الصغار من الورثة و إن أوصی به أن یحسب من الثلث(1).

و إن لم یتمکن من ثلاث قطعات یکتفی بالمقدور، و ان دار الأمر بین واحدة من ثلاث تجعل إزاراً و ان لم یمکن فثوباً

بالشد للإزار فی موثق عمار و إن کان فیه بمعنی المئزر لا اللفافة الشاملة لکن یستفاد منه أن کیفیة التکفین هو بالشد معتضداً ذلک بما ورد من تعلیل التکفین لأجل ستر المیت عن الأنظار و هو لا یتحقق إلّا بالشد و الاستطالة من الطرفین مع تعرض البدن للحمل و التقلیب فی الدفن.

و هو مقتضی عنوان الکفن من التغطیة و هو لکل البدن و لا تحصل مع عدم الاستطالة طولاً و عرضاً.

و فی صحیح أبی حمزة (1) استحباب حلّ کفن المیت و یبرز الوجه مما یعطی عقده أثناء التکفین و صرح به فی مرسل أبی بصیر و موثق إسحاق (2)و فی صحیح ابن البختری (3) التعبیر بالشق و غیرها.

أما ما استطال من نفس القطع المفروضة فالظاهر اندراجه فیما دل علی خروجه من أصل الترکة، و أما القطع الاُخری الزائد المندوبة فعدم احتسابه من الأصل و إن کان له وجه إلّا أن اندراجه فی عنوان الکفن و خروجه من الأصل له وجه أیضاً و سیأتی تتمة الکلام.

ص:239


1- 1) أبواب الدفن ب 19 / 1.
2- 2) أبواب الدفن ب 19 / 4.
3- 3) أبواب الدفن ب 19 / 4 - 2.

و إن لم یکن إلّا مقدار ستر العورة تعین، و إن دار بین القبل و الدبر یقدم الأول(1)

تعرض الماتن إلی أربع صور و إن کانت الأولی عامة شاملة للبقیة و یدل علی لزوم المیسور أمور:

الأول: قاعدة المیسور بعد الاستعاضة بقاعدة الرفع فی الاضطرار عن الأحادیث المرسلة الوارد فیها، و ما ورد بلسان کل ما اضطر إلیه فقد أحل اللّه الشامل لرفع أبعاض المرکب کما هو الحال فی فقرة الرفع فیما لا یعلمون، شریطة ورود الدلیل الخاص الدال فی الجملة علی تعدد المطلوب فی ابعاض المرکب أی کونه ذا مراتب. و قد ورد الدلیل الخاص فی بعض الموارد. و قد مرّ احتمال دلالة صحیح زرارة فی الثوب علی الضرورة.

الثانی: ما دل علی لزوم ستر عورة المیت فی الصلاة علیه و لو بلبن القبر أو ثوب یواری العورة کما فی موثق عمار (1) و مرسل محمد بن أسلم (2).

الثالث: ما دل (3) علی قرض و اقتطاع مقدار ما أصاب الکفن من النجاسة الخارجة منه.

الرابع: ما فی موثق الفضل بن یونس الکاتب فیمن لیس له کفن -عنه علیه السلام -قال: «إن حرمة بدن المؤمن میتاً کحرمته حیّاً، فوار بدنه و عورته

ص:240


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 36 / 1.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 36 / 2.
3- 3) أبواب التکفین ب 24.
مسألة 1:لا یعتبر فی التکفین قصد القربة

(مسألة 1): لا یعتبر فی التکفین قصد القربة و ان کان أحوط.(1)

مسألة 2:الأحوط فی کل من القطعات ان یکون وحده ساتراً لما تحته

(مسألة 2): الأحوط فی کل من القطعات ان یکون وحده ساتراً لما تحته فلا یکتفی بما یکون حاکیاً له و ان حصل الستر بالمجموع،

و جهزه و کفنه و حنطه» (1) مما یظهر منها أن الواجب فی التکفین انحلالی متعدد لجهات کما هو مفاد معتبرة الفضل (2) بن شاذان عن الرضا علیه السلام فی حکمة الأمر بالکفن، و غیرها من الموارد.

و من ذلک یظهر وجه تقدیم الازار و اللفافة علی القمیص و المئزر عند الدوران بینها لتغطیته تمام الجسد و العورة و کذا تقدیم القمیص علی المئزر.

کما أن تقدیم القبل علی الدبر هو لاستتاره بالألیتین دون القبل لا سیما فی حال الصلاة علیه حیث یکون البادی منه هو القبل و یشعر بذلک ما ورد فی المیت العاری الذی یصلّی علیه الذی أُشیر إلیه فی الأمر الثانی.

قد مرّ فی نیة الوضوء و الغسل أن العبادیة لیست باعتبار شرط أو جزء فی المرکب و ان کان ممکناً بل هو لوجود إضافة ذاتیة فی ذات العمل لا یتم قصد ذات العمل إلا بقصدها، فدلیل العبادیة یدور مدار ذلک، و هذا التقریب هو المشاهد فی لسان أدلة الأبواب العبادیة، و فی المقام ظاهر الأدلة التوصلیة فضلاً عن الاطلاق الذاتی فی ماهیة التکفین عن الاضافة الذاتیة القربیة، فلو فرض قیام مجنون أو طفل غیر ممیز به لحصل الغرض و ان کان مجرد ذلک لا ینفی الاضافة کما هو الحال فی بعض أمثلة العبادات کالزکاة و الخمس لو

ص:241


1- 1) أبواب التکفین ب 33.
2- 2) أبواب التکفین ب 1.

نعم لا یبعد کفایة ما یکون ساتراً من جهة طلیه بالنشاء و نحوه لا بنفسه و ان کان الاحوط کذلک بنفسه(1)

أتی بها ریاءً، و لقائل ان یقول ان الاضافة العبادیة علی أقسام و أنماط و من ثمّ تختلف آثارها و أحکامها کما هو الحال فی الجهاد فان یحصل به الغرض و إن أتی به بغیر قصد، فما یحکی عن الروض من اعتبار النیة فیه مع صحته بدونها و عدم الاثم محتمل توجیهه بذلک لا سیما و ان هذا الفعل لا یقلّ عن سبل الخیر العامة التی تنطوی علی إضافة ما.

و یستظهر الساتریة فی کل واحدة من القطع بقرائن:

الاُولی: وصف کل منها بانها من الکفن و هو فی اللغة التغطیة، کما فی صحیح الحلبی« و لیس تعد العمامة من الکفن انما یعد ما یلفّ به الجسد» (1)، و الکفن و إن کان بمجموعها و لکن کل منها قد تختص بتغطیة بعض المواضع مضافاً إلی ظهور (من) فی البیانیة لا التبعیض.

الثانیة: ما فی صحیح زرارة «یواری به جسده کله» (2) و الوصف و إن احتمل عوده إلی مجموع الکفن و مثلها موثق الفضل بن یونس المتقدم (3).

و الثالثة: ما ورد فی تعلیل الخرقة التی تشد علی القمیص و هی قبل وضع المئزر و اللفافة (الإزار) «و الخرقة یشد بها ورکیه لکیلا یبدو منه شیء » مما یدلّل علی حصول الستر بها و بالقمیص قبل وضع المئزر و اللفافة.

ص:242


1- 1) أبواب التکفین ب 2 / 10.
2- 2) أبواب التکفین ب 2 / 1.
3- 3) أبواب التکفین ب 33 / 1.
مسألة 3:لا یجوز التکفین بجلد المیتة و لا بالمغصوب

(مسألة 3): لا یجوز التکفین بجلد المیتة و لا بالمغصوب و لو فی حال الاضطرار و لو کفن بالمغصوب وجب نزعه بعد الدفن أیضاً(1)

الرابعة: انصراف عنوان الإزار بمعنی المئزر و القمیص و الدرع و المنطق و الخمار الوارد فی الروایات إلی ما یتخذ للستر بنفسه بمقتضی استعمال تلک العناوین. و أما طلیه بالنشاء و نحوه فهو کطلیه ببعض الألوان مما یحقق الستر و إن کانت مما یزول بالغسل، لکنه ترکاً للراجح، هذا و فی موثق عمار فی العمامة إن لم تکن قطناً فسابریاً و هو الرقیق من الثیاب مما یدلل علی إرادة الساتر من القطن فی أثواب الکفن.

أما المنع عن جلد المیتة فلما دل علی لزوم طهارة الکفن و قرض ما یتنجس منه کما فی معتبرة الکاهلی المتقدمة عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: إذا خرج من منخر المیت الدم أو الشیء بعد ما یغسل فأصاب العمامة أو الکفن قرض عنه» (1).

و فی صحیح ابن أبی عمیر و أحمد بن محمد عن غیر واحد من أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: إذا خرج من المیت شیء بعد ما یکفن فأصاب الکفن قرض من الکفن» (2).

مضافاً إلی ما دلّ (3) علی حکمة التغسیل انه لیکون طاهراً نظیفاً موجهاً

ص:243


1- 1) أبواب التکفین ب 24 / 3.
2- 2) أبواب التکفین ب 24 / 4.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 1 / 3-4.
مسألة 4: لا یجوز اختیار التکفین بالنجس

(مسألة 4): لا یجوز اختیار التکفین بالنجس حتی لو کانت النجاسة بما عفی عنها فی الصلاة علی الأحوط، و لا بالحریر الخالص و إن کان المیت طفلاً أو امرأة و لا بالمذهّب و لا بما لا یؤکل لحمه جلداً کان أو شعراً أو وبراً و الأحوط أن لا یکون من جلد المأکول و أما من وبره و شعره فلا بأس و إن کان الأحوط فیهما أیضاً المنع و أما فی حال الاضطرار فیجوز بالجمیع(1)

به إلی اللّه عزّ و جلّ هذا إذا کان الجلد نجساً مما له نفس سائلة و أما إذا کان مما لیس له نفس سائلة فهو و إن کان طاهراً إلّا انه إذا کان مما لا یؤکل لحمه فسیأتی الکلام فیه و کذا إذا کان مما یؤکل لحمه.

أما المغصوب فالمقام لیس من باب الاجتماع لعدم تعدّد العنوان فی الفرض بل من باب أن النهی یقتضی الفساد و لا یجتزی به فی المقام و إن کان الفعل توصلیاً و ذلک لعدم حصول الغرض به إذ المأمور به له نحو استمراریة بلحاظ المتعلق و هو الکفن و المفروض بقاء النهی عنه.

و أما عدم کونه مصداقاً للمأمور به فهو لا ینفی حصول الأداء لو بنی علی التوصلیة. و أما وجوب نزعه بعد الدفن فهو من باب بقاء وجوب تکفینه، و یتأدی باسترضاء المالک.

قد تعرض الماتن إلی جملة من الشروط فی جنس ثوب الکفن الأول:

عدم العفو عن ما یعفی عنه فی الصلاة و یتمسک بإطلاق القرض للکفن من النجاسة التی أصابت لا سیما التمثیل فی المعتبرة بالدم الخارج من منخر المیت. و إن کانت عبائر المتأخرین قد یستظهر منها العفو لاطلاق تعبیرهم انه

ص:244

فی ما تجوز فیه الصلاة لکن یدفع بملاحظة ما یطلقوه من قرض موضع النجاسة.

الثانی: أن لا یکون من الحریر و المذهب و ما لا یؤکل لحمه، و الظاهر تحصیل الاجماع فی الأولین و أما الثالث فقد عبر فی الغنیة بأنه لا یجوز فیما لا تجوز الصلاة فیه و یظهر من سیاق عبارته دعوی الاجماع علیه، و مثله فی السرائر و الکافی بخلاف المقنعة و النهایة و المبسوط و الوسیلة، نعم فی جملة کلمات المتأخرین الاشتراط بانه مما یجوز فیه الصلاة. هذا، فأما منع الحریر فیدل علیه معتبرة الحسن بن راشد قال: سألته عن الثیاب تعمل بالبصرة علی عمل العصب الیمانی من قز و قطن هل یصلح ان یکفن فیها الموتی؟ قال: إذا کان القطن أکثر من القز فلا بأس» (1) و الحسن بن راشد هو البغدادی مولی آل المهلب بقرینة روایة محمد بن عیسی فتکون طبقته من أصحاب الهادی علیه السلام و قد رواهما الصدوق عن أبی الحسن الثالث علیه السلام و المراد به أبو محمد العسکری علیه السلام فلیس هو الکوفی مولی المنصور من أصحاب الصادق علیه السلام و الکاظم علیه السلام و لا الطفاوی البصری لأنه من طبقة متقدمة أیضاً فی طبقة أصحاب الرضا أو الکاظم علیه السلام و الراوی عن الکوفی غالبا هو حفیده القاسم بن عیسی و عن البصری علی ابن اسماعیل السندی، مع أن تضعیف الکوفی و البصری انما هو من ابن الغضائری و التأمل فی تضعیفاته معروف، و ثبوت البأس فی المفهوم و إن کان فیما کان القز اکثر مطلقا و هو بمعنی الکراهة لا

ص:245


1- 1) أبواب التکفین ب 23 / 1.

الحرمة الا أنه یمکن حمله علی المنع فیما کانت الکثرة موجبة لصدق انه ثوب حریر لا خلیط أو استظهار المنع فی المهم من الکراهة فی الممتزج و لو بقرینة لباس المحلی. و یعضد الدلالة ما ورد من النهی عن اتخاذ کسوة الکعبة کفنا ففی روایة مروان ابن عبد الملک عن أبی الحسن علیه السلام «... أ یکفن به المیت؟ قال: لا» (1) و مثلها روایة الحسین بن عمارة و حسنة عبد الملک ابن عتبة الهاشمی (2) و احتمال ان المنع فیها لأجل حصول الهتک لها مدفوع بانه یستحب کتابة القرآن علی الحبرة التی تکون فی الکفن فکیف بالکسوة التی لها إضافة إلی الکعبة. فالظاهر أن المعمول فی جنسها هو اتخاذها من الحریر، هذا فضلاً عما لو تم عموم اشتراک ما یجوز من لباس المصلی فی أثواب الکفن. ثمّ اطلاق المنع شامل للذکر و الانثی.

و أما المنع عن المذهّب و ما لا یؤکل لحمه فیمکن أن یستدل له بتقریب اشتراط ما یجوز لبسه فی الصلاة فی أثواب الکفن و ذلک بقرائن الاولی: ما تقدم مما دل علی اشتراط طهارة الکفن الثانیة: ما تقدم من منع الحریر الثالثة:

ما ورد (3) فی الشهید من انه ینزع عنه الفرو و الجلد و الخف و المنطقة و الحزام و القلنسوة و الروایات ثمة و ان کانت ضعیفة الا انه حکی علی مضمونها الاجماع من المتقدمین کما مرّ فی (المسألة -6) و انه یعضد دلالتها ما ورد

ص:246


1- 1) أبواب التکفین ب 22.
2- 2) المصدر السابق نفسه.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 10/14 - و المستدرک أبواب غسل المیت ب 2/14 - 4 - 5.

فی روایات سقوط الغسل عن الشهید انه یکفن و یدفن بثیابه و هی تقرر لزوم صدق الثوب و ما یوازی الکفن فی المیت غیر الشهید.

الرابعة أخذ عنوان الثوب فی أدلة الکفن و ما ورد (1) من رجحان کونه من القطن و کراهته من الکتان، فقد استظهر من ذلک جملة من المتأخرین الاشتراط المزبور و کذلک ما ورد (2) من رجحان کونه أبیضاً، و الثوب لا یصدق علی الجلد بوضوح و ان صدق اللبس علیه و لا ما اتخذ من الشعر و صدقه فی الوبر خفاء نعم یصدق علی المتخذ من الصوف لکن فی الرداء الذی ورد أنه برد و حبرة و هو یصنع من الصوف غالباً و یشیر إلی ذلک ما فی موثق عمار قوله علیه السلام «و الکفن یکون برداً و ان لم یکن برداً فاجعله کله قطناً فان لم تجد عمامة قطن فاجعل العمامة سابریاً» (3).

و السابری من الثیاب الرقاق و کل رقیق سابری و هو من أجود الثیاب یرغب فیه بأدنی عرض لا سیما و ان هذا التأکید علی القطن و کراهة الکتان نظیر ما فی لباس المصلی مما یعطی نظیر الخصوصیة لثوب الکفن.

الخامسة: ما ورد من تنزیله المیت منزلة المحرم و کذلک ثوبهما کما فی روایة الحسین بن المختار قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام یحرم الرجل فی ثوب

ص:247


1- 1) أبواب التکفین ب 20.
2- 2) أبواب التکفین ب 19.
3- 3) أبواب التکفین ب 14 / 04.
مسألة 5: إذا دار الأمر فی حال الاضطرار بین جلد المأکول و أحد المذکورات

(مسألة 5): إذا دار الأمر فی حال الاضطرار بین جلد المأکول و أحد المذکورات یقدّم الجلد علی الجمیع و إذا دار بین النجس و الحریر أو بینه و بین أجزاء غیر المأکول لا یبعد تقدیم النجس و إن کان لا یخلو عن إشکال. و إذا دار بین الحریر و غیر المأکول یقدم الحریر.

أسود؟ قال: لا یحرم فی الثوب الأسود، و لا یکفن به» (1) و کذا ما ورد (2) من استحباب و کذا ما ورد (3) من استحباب اتخاذ ثوبی الاحرام للکفن سنة مما صنع فی تکفین النبی صلی الله علیه و آله و سلم و بعض المعصومین علیهم السلام .

و فی روایة المفضل بن عمر و أبی بصیر و محمد بن مسلم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال قال أمیر المؤمنین علیه السلام لا تجمروا الأکفان و لا تمسحوا موتاکم بالطیب إلّا الکافور، فإن المیت بمنزلة المحرم» (4).

و اشکل علی التنزیل:

أوّلاً: انه ورد (5) أن المیت المحرم یحلّ بالموت.

ثانیاً: إن ثوبی المحرم لا یعتبر فیهما ما یعتبر فی لباس المصلی إلّا من باب الاحتیاط.

و یرد الأول أن الذی ورد فیه انه یصنع به ما یصنع بالمحل و الذی

ص:248


1- 1) أبواب التکفین ب 21 / 2.
2- 2) أبواب التکفین ب 5.
3- 3) أبواب التکفین ب5.
4- 4) أبواب التکفین ب 6 / 5.
5- 5) أبواب غسل المیت ب 13.

یصنع بالمحل المیت لیس إلّا التغسیل و التکفین و تغطیة الرأس، و أما الحنوط فقد استثنی من المیت المحرم، و هذا لیس إحلالاً لکل التروک، بل من هذا المفاد و هو عموم الکفن للمیت المحرم یستکشف کون ثوب الکفن واجد لشرائط ثوبی الإحرام، إذ لم یستثنی المحرم من عموم المیت فی التجهیز سوی الکافور فی التغسیل و الحنوط لا سیما مع رجحان ثوبی الاحرام فی التکفین، و أن لا یکون مکفوفاً و لا مزروراً، و یردّ الثانی أن الاقوی اعتبار ما یجوز الصلاة فیه فی ثوبی الاحرام هذا مضافاً إلی ما ورد فی تعلیل عدم قبول الصلاة فیما لا یؤکل مما یناسب التعلیل فی الأمر بالتغسیل و بالتکفین.

فمن مجموع ذلک یطمئن إلی ما اطلقه المشهور فی الاشتراط من دون فرق بین الرجل و المرأة.

و أما جلد المأکول فمن تکرر التعبیر بالثوب و الأثواب یتأمل فی صدقه علی الجلد سواء کان علی هیئة قمیص أو مئزر أو لفافة، و کذلک الحال فی الشعر و الوبر بلحاظ القمیص و المئزر و قد تقدم فی موثق عمار أن اللفافة و الکفن تکون برداً أی من الصوف و إن لم یکن برداً فیجعل کله قطناً».

هذا، و عند الاضطرار إلی الفاقد للشروط فقد حکی عن الذکری وجوهاً:

المنع أو الجواز، أو وجوب ستر العورة ثمّ ینزع بعد و أن الجلد مقدم علی النجس و هو علی الحریر و هو علی الوبر» و احتمل کما عن البیان الجواز فی الجلد المأکول دون غیره و عن جامع المقاصد الجواز فی النجس دون غیره و احتمل الوضع فی القبر علی وجه لا تری عورته ثمّ یصلی علیه» و استظهر

ص:249

و إن کان لا یخلو عن اشکال فی صورة الدوران بین الحریر و جلد غیر المأکول. و إذا دار بین جلد غیر المأکول و سائر أجزائه

فی الجواهر اللزوم فی ستر العورة و أصل الجواز فی البدن، و الظاهر اللزوم فی ستر العورة و ذلک لظهور ما تقدم فی الروایات فی حکمة التکفین» (1).

و موثق الفضل بن یونس الکاتب (2) فی حرمة المیت کحرمة الحی و موثق عمار فی الصلاة علی فاقد الکفن العاری -فیوضع فی القبر و یوضع اللبن علی عورته فیصلی علیه -ان مواراة العورة لازمة و إن لم یصدق علیه تکفین، لکن حدّ ذلک إلی ما قبل الدفن، و هو وجه احتمال التفصیل بین ما قبل و بعد، و مما ورد فی تعلیل التغسیل لیکون المیت طاهراً و کذلک ما مرّ من تطهیر کفن المیت یترجح الجلد من المأکول الطاهر علی الثوب النجس و إن احتمل ترجیح صدق الثوبیة علی شرطیة الطهارة، و کذلک وبر ما لا یؤکل علی الحریر و النجس، بعد کون الدلیل علی مانعیته فی التکفین لبّیّاً، و یحتمل الدفن عاریاً و إن کفن قبله فی الحریر و ما لا یؤکل و المذهّب بل و النجس نظیر ما ورد فی الصلاة، أما تقریب المقام بان العلم الاجمال یقتضی الجمع بین المحتملات و التکفین بمجموعها فهو مبنی علی أن النواهی وضعیة فقط مع أن الظاهر من التعلیل بالطهارة للمیت و أنه من باب حرمته یقتضی مفاد التکلیف أیضاً.

ص:250


1- 1) أبواب التکفین ب 1 / 33.
2- 2) أبواب الصلاة الجنازة ب 36.

یقدم سائر الأجزاء.(1)

مسألة 6: یجوز التکفین بالحریر غیر الخالص

(مسألة 6): یجوز التکفین بالحریر غیر الخالص بشرط ان یکون الخلیط أزید من الابریسم علی الأحوط(2).

مسألة 7:إذا تنجس الکفن بنجاسة خارجة أو بالخروج من المیت

(مسأله 7): إذا تنجس الکفن بنجاسة خارجة أو بالخروج من المیت وجب ازالتها و لو بعد الوضع فی القبر بغسل أو بقرض إذا لم یفسد الکفن و اذا لم یمکن وجب تبدیله مع الامکان(3)

مسألة 8: کفن الزوجة علی زوجها

(مسألة 8): کفن الزوجة علی زوجها(4) و لو مع یسارها من غیر الفرق بین

قد مرّ الکلام فی ذلک فی التعلیقة السابقة.

و حکی عن النهایة و القاضی المنع عن مطلق الممتزج و المشهور الکراهة فیه مطلقاً و المنع عن المبهم الخالص و لعل مفاد الروایة المانعة بالمفهوم -إذا کان القزّ أکثر -محمول علی ما کانت الکثرة موجبة لصدق انه ثوب حریر لا ثوب خلیط، و من ثمّ حکی عن کشف اللثام الاشکال فی مستند الکراهة.

استظهر فی الجواهر تبعاً الجماعة حمل ما ورد من الأمر بالقرض لموضع النجاسة علی تعذر التطهیر و الغسل للموضع المتنجس و ان القرض کنایة عن لزوم طهارة الکفن و ان توقف علی القرض و هو وجیه، و قد أطلق فی الکلمات بل صرح بعض بالقرض و ان تغیرت هیئة اللفافة و الازار.

حکی علیه فتوی الأصحاب سواء کانت میسرة أم لا و قصر الحکم علی الدائمة غیر الناشرة ابن فهد و الکرکی و فوائد الشرائع و کشف الالتباس

ص:251

و قیّده بالدائمة الشهید و السیوری و توقفا فی الناشزة و احتمل ذلک الأردبیلی و المدارک و الکفایة، و عن الشیخ و ابن إدریس و العلّامة و الشهید و الکرکی و ابن فهد و السیوری و فوائد الشرائع التصریح بوجوب مئونة التجهیز الواجبة أیضاً، و عن أکثرهم التصریح بأنها تکفن من ترکتها لو أعسر الزوج، و یستدل له أولاً:

بأنه من النفقة الواجبة ففی صحیح عبد الرحمن بن الحجاج عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: خمسة لا یعطون من الزکاة شیئاً: الأب و الأم و الولد المملوک و المرأة، ذلک أنهم عیاله لازمون له» (1) فالزوجة حیث کانت واجبة النفقة فهی فی عیلولة زوجها لازمة له و شمول النفقة للکفن یظهر من کل من قید بالدائمة غیر الناشرة أو عمم لبقیة مؤن التجهیز و لو بمعونة استظهار ذلک من موثقة السکونی و روایة الصدوق الآتیة، و الاستدلال غیر متوقف علی صدق عنوان الزوجیة بلحاظ ما بعد الموت بل یکفی الصدق بلحاظ ما قبل کما فی الإرث و جواز التغسیل، و دعوی تقیید النفقة بصدق العنوان بلحاظ الحال یدفعها ما فی الصحیح المتقدم من تعلیل عدم اعطائهم من الزکاة بکونهم عیاله أی واجبة نفقتهم و أخذ موضوع العیلولة لزومهم له أی اختصاصهم به، و هذه الاضافة باقیة بعد، بعد الموت بتوسط صدق العنوان بلحاظ الحیاة، و من ثمّ کان هو الأولی بالتغسیل و التکفین و الصلاة و التصدی للتجهیز، و من ثمّ ذهبوا إلی أن المملوک مئونة تجهیزه علی سیده مع أن العنوان صادق بلحاظ ما قبل الموت، فلم یتردّدوا فی شمول النفقة للکفن و لا لبقیة مؤن التجهیز، و ما عن

ص:252


1- 1) أبواب المستحقین للزکاة ب 13 / 1.

کونها کبیرة أو صغیرة أو مجنونة أو عاقلة، حرة أو أمة مدخولة أو غیر مدخولة، دائمة أو منقطعة، مطیعة أو ناشرة، بل و کذا المطلقة الرجعیة دون البائنة و کذا فی الزوج لا فرق بین الصغیر و الکبیر و العاقل و المجنون فیعطی الولی من مال المولی علیه

الذکری انه لا یلحق بالزوجة إلّا العبد للاجماع، فمع انه یحکی عن الروض المفروغیة من عموم الحکم لبقیة واجبی النفقة ان التفکیک فی اندراج التکفین فی النفقة بین من وجبت لهم لا شاهد علیه مع أن صدق العناوین المأخوذة موضوعاً للوجوب فی الأرحام أوضح.

هذا و الذی فی الذکری هو الاجماع علی المملوک لا علی النفی فی غیره بل تمسک بالأصل للعدم مع انه استدل للوجوب فی الزوجة بصدق العنوان و آنها واجبة النفقة و لم نقف علی تصریح بالنفی فی کتب المتقدمین و سیأتی فی موثق الفضل بن یونس ما یشعر بالوجوب مطلقاً لا سیما و انه أطلق علی الکفن انه کسوة و إن من کفن مؤمناً کان کمن ضمن کسوته إلی یوم القیامة.

الثانی: موثق السکونی عن جعفر عن أبیه أن أمیر المؤمنین علیه السلام قال:

«علی الزوج کفن امرأته إذا ماتت» (1).

و فی الفقیه و روی الصدوق فی المصحح عن عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «ثمن الکفن من جمیع المال» و قال علیه السلام : «الکفن المرأة علی زوجها إذا ماتت» (2).

ص:253


1- 1) و(2) أبواب التکفین ب 32 / 2 -1.
2- 2) ؟؟؟؟؟
مسألة 9:یشترط فی کون کفن الزوجة علی الزوج أمور

(مسألة 9): یشترط فی کون کفن الزوجة علی الزوج أمور:

أحدها: یساره بأن یکون له ما یفی به أو ببعضه زائداً عن مستثنیات الدین و إلّا فهو أو البعض الباقی فی مالها.

الثانی: عدم تقارن موتهما.

الثالث: عدم محجوریة الزوج قبل موتها بسبب الفلس.

الرابع: أن لا یتعلق به حق الغیر من رهن أو غیره.

و اختلف فی کون الروایة الثانیة مرسلة أو هی تابعة لروایة ابن سنان حیث ان الکلینی و الشیخ رویا روایة ابن سنان من دون ذیل، و أما العطف بالواو فلیس بشاهد علی الاتصال، و علی أیة تقدیر فتمسک باطلاق الموثق لذات الیسار و الصغیرة و المجنونة و الأمة و غیر المدخولة و الناشزة و المنقطعة و الرجعیة، و هذا بناءً علی عدم حمل الروایة علی انه من النفقة و إلّا فیتأمل فی غیر المدخولة و المنقطعة و الناشزة، نعم الرجعیة مشمولة لدلالة قوله تعالی: «إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِکُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ » (1)و قوله تعالی: «فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِکُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ » الدال علی بقاء الزوجة فی العدة الرجعیة و تعلیق الفرقة علی انقضائها.

کما أن استظهار التأسیس یقتضی التکلیف نظیر حکم النفقة علی الأرحام من دون اعتبار وضعی، فیتأمل حینئذ فی ذات الیسار، فی الزوج الصغیر و المجنون.

ص:254


1- 1) البقرة / 231.

الخامس: عدم تعیینها الکفن بالوصیة(1).

و ظاهر التعبیر ب (علی الزوج) و جعل المتعلق الکفن هو الثبوت الوضعی نظیر النفقة، و أما عدم مدیونیة الزوج فیما لو کان معسراً و کفنت من مالها ثمّ أیسر فلا ینافی ذلک کما سیأتی، أما استظهار إرادة التکفین من اللفظة باسکان الفاء فخلاف الظاهر لأنه علی ذلک سیکون المفاد هو وجوب الفعل دون ثوب الکفن فلا یجب علیه مطلقاً لا خصوص صورة إعساره أو صغره و جنونه و هو کما تری و من ثمّ فیتقرر عموم الحکم للزوج الصغیر و المجنون لا سیما و أن الرفع فیهما -علی الأصح -لیس للحکم بل للتنجیز و تمام الفعلیة لا أصل التشریع و أصل الفعلیة.

و علی المفاد الوضعی فیکون الشمول للأمة و ذات الیسار أوضح لأنه من قبیل النفقة للعیلولة لا من التکلیف للارفاق کی یلحظ نسبته مع ما دل علی کون نفقة المملوک علی سیده أو انه لا یشمل مورد الغنی کما فی الأرحام.

و الشروط المذکورة قد یتم بعضها علی کل الوجوه المتقدمة فاما شرطیة الیسار فعلی القول انه من النفقة فهو شرط فی الأداء لا فی أصل التعلق بالذمة شأن بقیة النفقات لکن قد یقال أن ما تملکه المرأة، بعد الموت فی ذمة الزوج لا یملکه الورثة انما هو شیء صار إلیه بعد وفاته کما فی موثق الفضل بن یونس و سیأتی تتمة الکلام فی المسألة الآتیة.

و أما علی التکلیف المستقل فقد یقال بعدم تقیده بمستثنیات الدین و بعدم الإعسار لإطلاق التکلیف و لو بان یستدین ثمن الکفن، و فیه: أن

ص:255

مسألة 10: کفن المحللة علی سیدها لا المحلل له.

(مسألة 10): کفن المحللة علی سیدها لا المحلل له.(1)

مسألة 11: إذا مات الزوج بعد الزوجة و کان له ما یساوی

(مسألة 11): إذا مات الزوج بعد الزوجة و کان له ما یساوی کفن أحدهما قدم علیها

التکلیف أولی بسقوط عزیمته بعد عدم تعلقه وضعاً بالذمة، بالحرج و العسر نعم الضرورات تقدر بقدرها فیؤدی ما یقدر علیه بعد تعدد المطلوب فی قطعات الکفن.

و أما عدم تقارن موتهما فلأن الترکة تخرج عن ملک المیت و لا یخاطب حینئذ بالتکلیف. و أما عدم محجوریته بالفلس فعلی القول بکونه من النفقة فهو من مستثنیات حجر المفلس، نعم علی القول بکونه تکلیف مستقل فله وجه لعجزه و إن کان یحتمل الاستثناء و مثله فی التفصیل حق الرهن لانهما تابعان لحکم الدین.

و أما عدم وصیتهما بالکفن فالمراد بعد العمل بالوصیة لا بمجرد الایصاء و هذا انما یتم علی القول بالتکلیف المستقل و أما علی النفقة فلا نعم یستظهر من الایصاء حینئذ اسقاط حقها فی الکفن. و یحتمل بأن النفقة المستجدة بعد الموت و إن کانت حقاً للمرأة لکنها لا تنتقل میراثاً و آنها مواساة و سدّ خلة کما فی نفقة الأقارب لا عوض استمتاع کما فی النفقة علیها فی الحیاة.

بعد عدم کونها من عیالة کالزوجة و المملوکة و إن کان التحلیل من توابع الیمین الا انه یقتضی ثبوت النفقة علی المالک للعین لا المالک للانتفاع.

ص:256

حتی لو کان وضع علیها فینزع منها إلّا إذا کان بعد الدفن.(1)

مسألة 12:إذا تبرع بکفنها متبرع سقط عن الزوج

(مسألة 12): إذا تبرع بکفنها متبرع سقط عن الزوج(2)

أما تقدیمه علیها فلأن نفقته علی نفسه مقدمة علی الدین و الواجبات الاُخری کما فی صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال:

«الکفن من جمیع المال» (1)، و فی موثق السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «أول شیء یبدأ به من المال الکفن، ثمّ الدین، ثمّ الوصیة ثمّ المیراث» (2) و فی صحیح زرارة قال: سألته عن رجل مات و علیه دین بقدر ثمن کفنه؟ قال:

«یجعل ما ترک فی ثمن کفنه إلّا أن یتجر علیه بعض الناس فیکفنوه و یقضی ما علیه مما ترک» (3) و أما النزع عنها لو وضع علیها فهو مبنی علی کونه تکلیفاً مستقلاً و لیس بوضعی و کلاهما محل تأمل بعد التعبیر فی الدلیل ب (علی) المتعلق بالکفن، و أما بعد الدفن فاستدل بعدم جواز النبش و انه قد امتثل الأمر بالتکفین.

و کلیهما محلّ نظر لأن الکفن علی القول بعدم تملکها له هو ملک الزوج و حرمة النبش مستثنی منها ما یکون لا خراج کفن الغیر، و امتثال التکفین عبارة اخری عن التعیین بالقبض.

لانتفاء الموضوع و هو مبنی علی التکلیف المستقل و أن النفقة علیها بالکفن لسدّ خلة و مواساة کنفقة الأقارب لا عوض استمتاع لتکون کالنفقة

ص:257


1- 1) أبواب التکفین ب 31 / 1.
2- 2) و أبواب الوصایا ب 27 / 1.
3- 3) أبواب للوصایا ب 28 / 1.
مسألة 13:کفن غیر الزوجة من أقارب الشخص لیس علیه

(مسألة 13): کفن غیر الزوجة من أقارب الشخص لیس علیه و إن کان ممن یجب نفقته علیه بل فی مال المیت و إن لم یکن له مال یدفن عاریا.(1)

علیها فی حیاتها، و احتمال أن ما یملک المیت بعد موته لا ینتقل إلی الورثة لما فی موثق الفضل بن یونس الکاتب قال: سألت أبا حسن موسی علیه السلام -فی رجل لم یترک کفناً و انه یکفن من الزکاة -قلت: فإن اتجر علیه بعض إخوانه بکفن آخر، و کان علیه دین أ یکفن بواحد و یقضی دینه الآخر؟ قال: لا، لیس هذا میراثاً ترکه انما هذا شیء صار إلیه بعد وفاته فلیکفنوه بالذی اتجر علیه، و یکون الآخر لهم یصلحون به شأنهم» (1) ففیه أن مفاده لیس نفی الإرث بل نفی تقدیم الدین علی الإرث لأنه لیس مما ترکه المیت کی یقدم الدین بل مما تملکه بعد موته فهو لذوی أرحامه من دون استثناء الدین و تقدیمه.

تقدم حکایة الاجماع علی ذلک و التأمل فی ذلک و أن صاحب الروض اعتبر کفن واجبی النفقة من النفقة مفروغ منه، و حکی ذلک عن موضع من التذکرة و قد تقدم تقریب کون موضوع النفقة اختصاصهم و لزومهم للشخص و اندراج الکفن فی النفقة و المئونة و أن فی الذکری تمسک للنفی بأصالة العدم.

و یمکن استظهاره من موثق الفضل بن یونس عنه علیه السلام ... اعط عیاله من الزکاة قدر ما یجهزونه فیکون هم الذین یجهزونه قلت: فان لم یکن له ولد و لا أحد یقوم بأمره فأجهزه أنا من الزکاة؟ .. (2) فإن أمره علیه السلام باعطاء عیاله من

ص:258


1- 1) أبواب التکفین ب 33 / 1.
2- 2) أبواب التکفین ب 1 / 23.
مسألة 14: لا یخرج الکفن عن ملک الزوج بتکفین المرأة

(مسألة 14): لا یخرج الکفن عن ملک الزوج بتکفین المرأة فلو أکلها السبع أو ذهب بها السیل و بقی الکفن رجع إلیه و لو کان بعد دفنها(1).

مسألة 15:إذا کان الزوج معسراً کان کفنها فی ترکتها

(مسألة 15): إذا کان الزوج معسراً کان کفنها فی ترکتها فلو أیسر بعد ذلک لیس للورثة مطالبة قیمته(2)

مسألة 16: إذا کفنها الزوج فسرقه سارق وجب علیه مرّه أخری

(مسألة 16): إذا کفنها الزوج فسرقه سارق وجب علیه مرّه أخری بل و کذا إذا کان بعد الدفن علی الأحوط(3)

الزکاة بعد ما سأل الراوی عن شراءه له کفنا من الزکاة، یقتضی أن إعطاء العیال لیجهزوه واجباً کی یکون بدلاً عن شراء الکفن من الزکاة بناءً علی وجوبه مع توفر الزکاة.

هذا مبنی علی التکلیف المستقل و حمل النص علیه بخلافه علی انه من النفقة.

نعم إذا حمل الکفن علی الکسوة فی النفقة فاللازم هو الإکساء لا ملک عین الکسوة.

التفصیل کما مرّ فی المسألة السابقة.

أما علی التکلیف المستقل فلبقاء الموضوع، و أما علی انه من النفقة فقد یستظهر العدم لکون الثابت منها هو عوض التمتع منها و صرف الطبیعی کدین فی الذمة تملکه الزوجة لا أن اللازم سدّ الحاجة و الخلة بخلاف الاطعام مثلاً للعیال الأقارب، و قد یکون المقام قرینة علی قوة الوجه الأول.

ص:259

مسألة 17: ما عدا الکفن من مؤن تجهیز الزوجة لیس علی الزوج علی الأقوی

(مسألة 17): ما عدا الکفن من مؤن تجهیز الزوجة لیس علی الزوج علی الأقوی(1)

مسألة 18 کفن المملوک علی سیده و کذا سائر مؤن تجهیزه

(مسألة 18) کفن المملوک علی سیده و کذا سائر مؤن تجهیزه إلّا إذا کانت مملوکة مزوجة فعلی زوجها کما مرّ و لا فرق بین أقسام المملوک

و قد مرّ تصریح جماعة من المتقدمین و المتأخرین بوجوب مؤن التجهیز، و یستدل له علی القول بأن الکفن من النفقة باندراج بقیة مؤن التجهیز فیها أیضاً، و علی التکلیف المستقل أن ذکر الکفن فی النص کنایة عن مؤن التجهیز لکونه أبرز الأمور فی الکلفة المالیة لا سیما و أن التکفین یتوقف علیها لاشتراطه بالغسل و فی موثق الفضل بن یونس حیث سأله عمن لم یترک کفناً «اشتری له کفناً من الزکاة؟ فقال: أعط عیاله من الزکاة قدر ما یجهزونه فیکونون هم الذین یجهزونه، قلت: فان لم یکن له ولد و لا أحد یقوم بأمره فأجهزه أنا من الزکاة؟ قال: کان أبی یقول: أن حرمة بدن المؤمن میتاً کحرمته حیّاً فوار بدنه و عورته و جهزه و کفنه و حنطه و احتسب بذلک من الزکاة» (1)الحدیث و هی ظاهرة بوضوح بأن التعبیر بالکفن کنایة عن مؤن التجهیز مع التصریح بکون الحنوط و بقیة الجهاز مراده إلّا فالسؤال من الراوی کان عن الحاجة للمیت إلی الکفن مما یقضی بافتقاره لبقیة مؤن التجهیز أیضاً و أن حکمها واحد، و یعضد ذلک استظهار خروج مؤن التجهیز من أصل ترکة المیت له أن النص هو فی الکفن.

ص:260


1- 1) أبواب التکفین ب 33 / 1.

و فی المبعض یبعض و فی المشترک یشترک.(1)

مسألة 19 القدر الواجب من الکفن یؤخذ من أصل الترکة(2) فی غیر الزوجة و المملوک

(مسألة 19) القدر الواجب من الکفن یؤخذ من أصل الترکة(2) فی غیر الزوجة و المملوک -مقدماً علی الدیون و الوصایا و کذا المقدار الواجب من سائر المؤن من السدر و الکافور و ماء الغسل و قیمة الأرض، بل و ما یؤخذ من الدفن فی الأرض المباحة و أجرة الحمال و الحفار و نحوها فی صورة الحاجة إلی المال و أما الزائد عن القدر الواجب فی جمیع ذلک فموقوف علی إجازة الکبار من الورثة فی حصتهم، إلّا مع وصیة المیت بالزائد مع خروجه من الثلث، أو وصیة بالثلث من دون تعیین المصرف کلاً أو بعضاً فیجوز صرفه فی الزائد من القدر الواجب.

و قد مرّ حکایة الاجماع علیه فی الذکری و ان عمدة الدلیل علیه هو النفقة و من ثمّ یشکل الفرق بینه و بین الأقارب، ثمّ إن العیلولة تتقدر بحسب ملکیة أجزاءه.

لم یحک خلاف فیه عدا ما یأتی من تعلق الحقوق، و یدل علیه النصوص التی مرت الاشارة إلیها فی (مسألة 11)، و یندرج فیه ما زاد عن القدر الواجب کالخرقة و العمامة التی هی من المتعارف فضلاً عن ما زاد من ناحیة الطول فی القطع المفروضة و ذلک لدخوله فی عنوان مئونة التجهیز و التکفین لانصراف المتعارف من الطبیعة ضمن أفرادها و لو مع تخصصها بأمور ندبیة: و هذا ما جری علیه الاطلاقات فی بقیة الأبواب کما فی النفقة علی الزوجة و الأقارب و استثناء المؤنة من الربح لیبقی الفضل متعلقاً للخمس،

ص:261

مسألة 20 الأحوط الاقتصار فی القدر الواجب علی ما هو أقل قیمة

(مسألة 20) الأحوط الاقتصار فی القدر الواجب علی ما هو أقل قیمة فلو أراد ما هو أعلی قیمة یحتاج الزائد إلی امضاء الکبار فی حصتهم و کذا فی سائر المؤن فلو کان هناک مکان مباح لا یحتاج إلی بذل مال أو یحتاج إلی قلیل لا یجوز اختیار الأرض التی مصرفها أزید الا بامضائهم، الا أن یکون ما هو الأقل قیمة أو مصرفها هتکا لحرمة المیت فحینئذٍ لا یبعد خروجه من أصل الترکة و کذا بالنسبة إلی مستحبات الکفن فلو فرضنا أن الاقتصار علی أقل الواجب هتک لحرمة المیت یؤخذ المستحبات أیضاً من أصل الترکة.

مسألة 21: إذا کانت ترکة المیت متعلقاً لحق الغیر -مثل حق الغرماء فی الفلس و حق الرهانة و حق الجنایة

(مسألة 21): إذا کانت ترکة المیت متعلقاً لحق الغیر -مثل حق الغرماء فی الفلس و حق الرهانة و حق الجنایة ففی تقدیمه أو تقدیم الکفن اشکال فلا یترک مراعاة الاحتیاط(1).

و ما ذکره الماتن فی المسألة الآتیة من احتساب الزائد إذا کان نقصه هتکاً للمیت لیس منشؤه إلا أن شئون المتعارف هو ذو درجات متناسبة مع کل بحسبه.

کما بنوا علی ذلک فی مستثنیات الدین أیضاً.

نعم ما زاد علی المتعارف بنحو معتد به یتوقف علی ما ذکره الماتن من إجازة کبار الورثة من حصتهم أی تبرعهم بذلک، أو وصیته به و لو عموماً.

حکی عن البیان و الذکری و جامع المقاصد و الموجز و کشف الالتباس و اللثام تقدیم حق المرتهن و الجنایة علی الکفن و بعضهم خص الثانی دون الأول أو الفرق بین العمد و الخطأ، و یتنظّر فی تقدیم حق الرهانة بانه وثیقة

ص:262

مسألة 22 إذا لم یکن للمیت ترکة بمقدار الکفن

(مسألة 22) إذا لم یکن للمیت ترکة بمقدار الکفن فالظاهر عدم وجوبه علی المسلمین، لأن الواجب الکفائی هو التکفین لا إعطاء الکفن لکنه أحوط. و اذا کان هناک من سهم سبیل اللّه من الزکاة فالأحوط صرفه فیه، و الأولی بل الأحوط ان یعطی لورثته حتی یکفنوه من مالهم إذا کان تکفین الغیر لمیتهم صعباً علیهم.(1)

علی الدین و هو مؤخر عن الکفن فکیف یقدّم ما هو وثیقة لمتأخر، و قد یقال أن الدین و إن کان متأخراً و لکن الرهانة تجعل متعلق الاستیفاء العین فمن ثمّ لا یجعل مع الغرماء فی المفلس فلم یبق الدین فی الذمة فهی التزام زائد علی أصل الدین.

نعم حق الجنایة العمدیة مقدم لتعلقه بالعین و لیس من قبیل الدین بل و کذا الخطئیة بناء علی أن غیر المالک فی دفع الدیة هو من قبیل تخلیص العین من الاستحقاق و أما حق الغرماء للمفلس فالظاهر تقدیم الکفن بعد استثناء النفقة فی الدین لا سیما بلحاظ التعلیل الوارد فی النص ثمة.

صرح أکثر الأصحاب بعدم الوجوب علی المسلمین کما حکی، و استظهر له بما ورد من بیان ثواب إعطاء الکفن للمؤمن مما یومئ للندب و هو محل تأمّل لعدم منافاة ندبیة التعیین مع کفائیة الواجب، و بما فی موثق الفضل بن یونس من تکفین من لم یترک ما یکفن به بمال الزکاة و فیه: إن التعلیل فی الموثق «إن حرمة بدن المؤمن میتاً کحرمته حیّاً فوار بدنه و عورته و کفنه و حنطه و احتسب بذلک من الزکاة» یقضی بلزوم ذلک لا سیما عورته، نعم حیث یکون بیت المال متوفراً فیصرف منه لأن المقام من سبل العموم و قد

ص:263

مسألة 23:تکفین المحرم کغیره

(مسألة 23): تکفین المحرم کغیره فلا بأس بتغطیة رأسه و وجهه فلیس حالهما حال الطیب فی حرمة تقریبه إلی المیت المحرم.(1)

أعد لمصالحهم، و فی موثق عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «... و لا یصلّی علیه و هو عریان حتی تواری عورته» (1) و لا یبعد کونه من الحسبیات اللازمة إذ هو مقتضی لزومه من بیت المال کما التزم به جملة، غایة الأمر أن الکلفة المالیة للحسبیات العامة لا تقع علی عهدة الآحاد بل من ما جعل ملکاً لعنوان المسلمین کبیت المال، و إلّا فتبذل من الآحاد بنیة الاستیفاء و الاحتساب من بیت المال و لو مستقبلاً من منابعه من الزکاة و ربح الأراضی الخراجیة و غیرهما.

أما الأولویة لتملیک العیال لیکفنوه فالظاهر من الموثق هو لیطیب الکفن للمیت کما ورد التأکید علی طیب مال الکفن فیکون للعیال صدقة و للمیت بذل و إنفاق منهم علیه.

لم یحکَ الخلاف إلّا عن ابن أبی عقیل و المرتضی فمنعا من تغطیة رأسه و وجهه، للبناء علی احرامه بعد تحریم الطیب علیه و لبعض الروایات الضعیفة (2).

و بمرسلة الصدوق قال: قال الصادق علیه السلام : من مات محرماً بعثه اللّه ملبیاً» (3).

و قد مرّ ان الروایات (4) الصحیحة المعتبرة مستفیضة فی جوازه بل وجوبه.

ص:264


1- 1) أبواب صلاة الجنازة؟؟
2- 2) المستدرک أبواب غسل المیت ب 13 / 1-2-3.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 13 / 6.
4- 4) أبواب غسل المیت ب 13.

فصل فی الحنوط

اشارة

فصل

فی الحنوط

و هو مسح الکافور علی بدن المیت یجب مسحه علی المساجد السبعة(1) و هی الجبهة و الیدان و الرکبتان و إبهاما الرجلین و یستحب إضافة الأنف إلیها أیضاً

حکی علیه الاجماع و عن الأردبیلی التأمّل فیه لاختلاف الروایات فی مواضع المسح، و هو فی غیر محله بعد وفاقها علی القدر المشترک و هو المساجد السبعة مضافاً إلی خصوص موثق عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه قال:

سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن الحنوط للمیت؟ قال اجعله فی مساجده» (1).

و فی صحیح زرارة عن أبی جعفر و أبی عبد اللّه علیه السلام قال: إذا جففت المیت عمدت إلی الکافور فمسحت به آثار السجود و مفاصله کلها الحدیث (2).

و فی صحیح حمران بن أعین قلت: فالحنوط کیف أصنع به؟ قال علیه السلام :

یوضع فی منخره و موضع سجوده و مفاصله» (3).

و فی صحیح یونس عنهم علیهم السلام قال: فی تحنیط المیت و تکفینه قال:

ص:265


1- 1) أبواب التکفین ب 16 / 1.
2- 2) أبواب التکفین ب 16 / 6.
3- 3) أبواب التکفین ب 14 / 5 .

بل هو الأحوط. و الأحوط أن یکون المسح بالید بل بالراحة و لا یبعد استحباب مسح إبطیه و لبته و مغابنه و مفاصله و باطن قدمیه و کفیه بل کل موضع من بدنه فیه رائحة کریهة و یشترط أن یکون بعد الغسل أو التیمّم فلا یجوز قبله نعم یجوز قبل التکفین و بعده و فی أثنائه و الأولی أن یکون قبله و یشترط فی الکافور أن یکون طاهراً مباحاً جدیداً فلا یجزئ العتیق الذی زال ریحه و أن یکون مسحوقاً

أبسط الحبرة بسطاً ثمّ ابسط علیها الإزار ثمّ ابسط القمیص علیه و ترد مقدم القمیص علیه ثمّ اعمد إلی کافور مسحوق فضعه علی جبهته موضع سجوده و امسح بالکافور علی جمیع مفاصله من قرنه إلی قدمه و فی رأسه و فی عنقه و منکبیه و مرافقه و فی کل مفصل من مفاصله من الیدین و الرجلین و فی وسط راحتیه ثمّ یحمل فیوضع علی قمیصه» الحدیث (1).

و فی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: إذا أردت أن تحنط المیت فاعمد إلی الکافور فامسح به آثار السجود منه و مفاصله کلها و رأسه و لحیته و علی صدره من الحنوط الحدیث (2).

و فی صحیح عبد اللّه بن سنان قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام کیف أصنع بالحنوط؟ قال: تضع فی فمه و مسامعه و آثار السجود فی وجهه و یدیه و رکبتیه» (3) و هی مصرحة بالسبعة.

ص:266


1- 1) أبواب التکفین ب 14 / 3.
2- 2) أبواب التکفین ب 14 / 1.
3- 3) أبواب التکفین ب 16 / 3.

فالتعبیر تارة بالمساجد و أخری بآثار السجود و موضع السجود و هی عامة شاملة لمساجد السبعة، نعم یظهر من صحیح یونس الاختصاص بالجبهة و لکنه تضمن المسح فی وسط راحتیه و مفاصل الرجلین و مفاصل قدمه، و حکی عن کتب الشیخ و ابن إدریس ان المسح فی الرجلین علی أطراف و ظاهر أصابع رجلیه.

و عن الفقیه التعبیر بما هو مفاد جملة من الروایات أی باضافة المفاصل و الأنف و المسامع و الصدر و هو متن ما فی الروایة.

هذا و فی المتن جملة من القیود:

الأول: أن یکون وضع الکافور بالمسح و قد عبّر به فی صحیح زرارة و صحیح الحلبی و یونس المتقدمة و فی غیرها بالوضع و المس و لکن لا بدّ من حمله علی المسح و ذلک لأن الوضع المجرد بدون المسح موجب لانتقال الکافور من المواضع المأمور بها عند یحمل بدن المیت و یقلّب فی القبر علی جنبه، بل بعض المواضع لا یستقر علیها بدون مسح.

الثانی: المسح بالید بالراحة و هو و إن کان الظاهر الأولی من الأمر بالمسح إلّا أنه بقرینة توصلیة الحنوط یجتزئ المسح و لو بآلة.

الثالث: أن یکون بعد الغسل سواء بعد التکفین أم قبله، و لعلّ فی التعبیر مسامحة لأنه إذا کفن فلا بدّ من فک و رفع قطع الکفن کی یتمکن من وضع و مسح الکافور و الروایات واضحة الدلالة علی ذلک کما فی صحیح زرارة و حمران و یونس و غیرها نعم فی موثق عمار و کذلک صحیح یونس أن

ص:267

وضع الکافور بعد وضع بدن المیت علی المبسوط من قطع الکفن. و فی الموثق بعد شدّ الخرقة کما حکی عن جماعة و لکن فی استظهاره تأمل.

الرابع: أن یکون طاهراً و هو مقتضی التعلیل الوارد فی الأمر بالتغسیل و کذا ما ورد فی طهارة الکفن و ما مرّ من اشتراط جواز الصلاة فی ما یکفن فیه.

الخامس: الإباحة و هو کما مرّ فی الکفن من وجه.

السادس: کونه جدیداً لم تزل رائحته و یقتضیه معنی الحنوط الذی هو علی وزن وقود فانه کما فی اللسان طیب أو ذریرة یخلط للمیت خاصة مشتق من ذلک لأن الرمث إذا حنط کان لونه أبیض یضرب إلی الصفرة و له رائحة طیبة، و فی الحدیث ان ثمود لما أیقنوا بالعذاب تکفنوا بالأنطاع و تحنطوا بالصبر».

السابع: کونه مسحوقاً و یقتضیه عنوان المسح بل طبیعة مادة الکافور حیث أنها فی طبیعتها لا تعلق مع جمدها و صلابتها.

ثمّ ان الماتن ذکر استحباب جملة من المواضع و قد مرّ عن الفقیه إضافة الأنف و الفم و العینین و المسامع و حکی عن المختلف و الذکری و مجمع البرهان و المدارک و حکی عن الأشهر کراهیة المسامع و المنخرین بل فی الخلاف الاجماع علی جعل ما زاد علی السبعة علی الصدر، و إن الشافعی ذهب إلی الوضع فی تلک المواضع و إلی تلطیخ جمیع بدنه و جعل القطن علیها، و عن ابن أبی عقیل و المفید و الحلبی و القاضی و المنتهی انهم زادوا

ص:268

مسألة 1:لا فرق فی وجوب الحنوط بین الصغیر و الکبیر و الأنثی و الخنثی و الذکر و الحر و العبد

(مسألة 1): لا فرق فی وجوب الحنوط بین الصغیر و الکبیر و الأنثی و الخنثی و الذکر و الحر و العبد، نعم لا یجوز تحنیط المحرم قبل إتیانه بالطواف کما مرّ و لا یلحق به التی فی العدة و لا المعتکف

الأنف الذی یرغم به و ظاهر الحکایة الوجوب، و قد مرّ فی صحیح ابن سنان تحدید المساجد بالسبعة.

و فی صحیح حمران بن أعین عنه علیه السلام «و لا تقربوا أذنیه شیئاً من الکافور» (1).

و فی صحیح یونس عنهم علیهم السلام «و لا تجعل فی منخریه و لا فی بصره و مسامعه و لا علی وجهه قطناً و لا کافوراً» (2).

و فی مرسلة الصدوق «إیاک أن تحشو مسامعه شیئاً فإن خفت أن یظهر من المنخرین شیء فلا علیک أن تصیر علیه قطناً، و إن لم تخف فلا تجعل فیه شیئاً» (3).

و فی الفقه الرضوی (4) النهی عن مسامعه و بصره.

و عن البحار الاخبار فی المسامع مختلفة و جمع الشیخ بینها بحمل أخبار الجواز علی جعله فوقها و اخبار النهی علی ادخاله فیها و لعلّ الترک أولی لشهرة الاستحباب بین العامة.

ص:269


1- 1) أبواب التکفین ب 14 / 5.
2- 2) أبواب التکفین ب 14 / 3.
3- 3) أبواب التکفین ب 16 / 7.
4- 4) المستدرک أبواب الکفن ب 13 / 1.

و إن کان یحرم علیهما استعمال الطیب حال الحیاة.(1)

مسألة 2:لا یعتبر فی التحنیط قصد القربة

(مسألة 2): لا یعتبر فی التحنیط قصد القربة فیجوز أن یباشره الصبی الممیز أیضاً.(2)

مسألة 3: یکفی فی مقدار کافور الحنوط المسمی

(مسألة 3): یکفی فی مقدار کافور الحنوط المسمی و الأفضل أن یکون ثلاثة عشر درهماً و ثلث

أما التسویة بین أفراد المیت فیدلّ علیه مضافاً إلی الاطلاقات، خصوص صحیح الحلبی قال علیه السلام : «حنوط الرجل و المرأة سواء» (1) و صحیح زرارة (2) و أما المحرم قل إتیانه بالسعی الواجب فی الحج أو التقصیر فی العمرة فقد مرّت الإشارة إلی الروایات (3) بعدم تغسیله و لا تکفینه بالکافور و أما المعتدة و المعتکف فلا دلیل علی إلحاقهما بالمحرم مضافاً إلی انتفاء الموضوع بعد الموت فیهما بحسب مقتضی القاعدة فیندرجان تحت الاطلاقات.

قد مرّ فی التکفین ماله نفع فی المقام، و أما اجزاء مباشرة الصبی الممیز أو غیره أو المجنون فلما مرّ من ظهور الأدلة فی ان الواجب هو مسّ و انمساح مواضع السجود بالکافور من دون لزوم المسح بالید أو بالراحة. نعم علی ما استظهره الماتن ربما یستشکل فی سقوط المباشرة و أما حدیث رفع القلم عن الصبی أو المجنون فلا دلالة له علی عدم الاجزاء مضافاً إلی کونه رفعاً للتنجیز.

ص:270


1- 1) أبواب التکفین ب 14 / 1.
2- 2) أبواب التکفین ب 16 . 6.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 13.

تصیر بحسب المثاقیل الصیرفیة سبع مثاقیل و حمصتین إلّا خمس الحمصة. و الأقوی أن هذا المقدار لخصوص الحنوط، لا له و للغسل، و أقل الفضل مثقال شرعی و الأفضل منه أربعة دراهم، و الأفضل منه أربعة مثاقیل شرعیة.(1)

حکی الشهرة أو الاجماع علی کفایة المسمی و عن الشیخین و الصدوق أقله مثقال و کذا ابن الجنید و عن الجعفی مثقال و ثلث، و أما أتم الفضل فالمشهور ثلاثة عشرة درهماً و ثلث و الوسط أربعة مثاقیل و عن بعضهم تفسیره بأربعة دراهم و أن الأدون درهم، و أما کونه تقدیراً للحنوط فهو المشهور و حکی ابن إدریس وجود الخلاف و تردد فی التذکرة و مجمع البرهان.

و یدلّ علی إجزاء المسمی مضافاً إلی الاطلاقات عدم تعرض الروایات البیانیة (1) لکیفیة التکفین و التحنیط للتقدیر، و فی مرسل ابن أبی نجران عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: أقل ما یجزی من الکافور للمیت مثقال» (2).

و فی طریق الشیخ (مثقال و نصف)، و لا یبعد حمله علی ان المسمی فی المعتاد ذلک بل قد یکون فوقه، و فی معتبرة الکاهلی و الحسین بن المختار عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: القصد من الکافور أربعة مثاقیل» (3).

ص:271


1- 1) أبواب التکفین ب 14-15-16.
2- 2) أبواب التکفین ب 3 / 2-5.
3- 3) أبواب التکفین ب 3 / 4.
مسألة 4:إذا لم یتمکن من الکافور سقط وجوب الحنوط

(مسألة 4): إذا لم یتمکن من الکافور سقط وجوب الحنوط و لا یقوم مقامه طیب آخر، نعم یجوز تطییبه بالذریرة لکنها لیست من الحنوط، و أما تطییبه بالمسک و العنبر و العود و نحوها و لو بمزجها بالکافور فمکروه بل الأحوط ترکه.(1)

و فی مرفوعة إبراهیم بن هاشم و روایة عیسی بن المستفاد (1) أن حنوط النبی صلی الله علیه و آله و سلم و علی علیه السلام و فاطمة علیها السلام کان أربعین درهماً و قد قسم أثلاثاً فیکون ثلاثة عشر درهماً و ثلث و حیث ان العشرة دراهم تساوی سبعة مثاقیل شرعیة فیکون الأربعون درهماً ثمانیة و عشرون مثقالاً شرعیاً و ثلثه هو تسعة مثاقیل شرعیة و ثلث أی ما یعادل سبعة مثاقیل صیرفیة. و المثقال یقرب من أربعة جرام و ستة أعشار (6, 4) جم فیکون اثنین و ثلاثون جرام و عشرین (2, 32)، ثمّ ان ظاهر الحنوط الوارد فی الروایات هو کمیة التحنیط لا ما یشمل التغسیل نعم ما ورد فی أقل التقدیر هو الکافور قابل للحمل علیهما لکن بقرینة أکمل الفضل یستظهر منه للتحنیط.

کما فی القواعد و عن جملة من کتب المتأخرین عدم جواز غیر الکافور و الذریرة و عن المبسوط و النهایة نفی الخلط بغیره و عن المختلف ان المشهور کراهیة الخلط و التجمیر بالعود، هذا و مقتضی جواز طیب الذریرة قد یعطی بدلیته عند فقد الکافور، کما ان مقتضی الکراهة للمسک و العنبر و غیرهما من الطیب أیضاً ذلک، لکنه غیر مراد من العبائر و یدل علی الحصر صحیح عبد اللّه بن المغیرة عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «الکافور هو

ص:272


1- 1) المصدر نفسه.
مسألة 5:یکره إدخال الکافور فی عین المیت أو أنفه أو أذنه.

(مسألة 5): یکره إدخال الکافور فی عین المیت أو أنفه أو أذنه.(1)

الحنوط» (1).

و مثله معتبرة داود بن سرحان المرویة بطریقین (2) و روایة محمد بن مسلم المرویة بطریقین (3) مما یوجب الوثوق بالصدور مع ضمیمة روایة المفضل بنفس اللفظ ففی معتبرة داود قال قال: أبو عبد اللّه علیه السلام لی فی کفن أبی عبیدة الحذاء: «انما الحنوط الکافور و لکن اذهب فاصنع کما یصنع الناس».

و فی روایة إبراهیم الجعفری نفی کون المسک من الحنوط. (4)

و فی روایة یعقوب بن یزید عن عدة من أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السلام «... و لا یحنط بمسک» (5) و بمقتضی هذا المفاد فی مجموع الروایات الموثوق بصدوره یحمل ما فی روایات ضعاف علی التقیة لکن غایة مفاد النهی هو کراهة استعمال بقیة أنواع الطیب مع الکافور مع نفی اندراجها فی الحنوط. کما هو مقتضی مفاد نفی اندراجها و تفریع النهی علی ذلک و ترخیص فعل ما یصنعه العامة.

تقدم ما یدل علی ذلک و تقریبه.

ص:273


1- 1) أبواب التکفین ب 6 / 4.
2- 2) أبواب التکفین ب 6 / 7-8.
3- 3) أبواب التکفین ب 6 / 5.
4- 4) أبواب التکفین ب 6 / 11.
5- 5) أبواب التکفین ب 6 / 6.
مسألة 6: إذا زاد الکافور یوضع علی صدره.

(مسألة 6): إذا زاد الکافور یوضع علی صدره.(1)

مسألة 7: یستحب سحق الکافور بالید لا بالهاون.

(مسألة 7): یستحب سحق الکافور بالید لا بالهاون.(2)

مسألة 8: یکره وضع الکافور علی النعش.

(مسألة 8): یکره وضع الکافور علی النعش.(3)

مسألة 9: یستحب خلط الکافور بشیء من تربة الحسین علیه السلام

(مسألة 9): یستحب خلط الکافور بشیء من تربة الحسین علیه السلام لکن لا یمسح به المواضع المنافیة للاحترام.(4)

مسألة 10): یکره إتباع النعش بالمجمرة، و کذا فی حال الغسل.

(مسألة 10): یکره إتباع النعش بالمجمرة، و کذا فی حال الغسل.(5)

مسألة 11: یبدأ فی التحنیط بالجبهة و فی سائر المساجد مخیر.

(مسألة 11): یبدأ فی التحنیط بالجبهة و فی سائر المساجد مخیر.(6)

مر ما یدلّ علیه.

لم نقف فی الروایات علی ما یشهد لذلک کما مرّ فی استحباب المسح بالید.

کما فی موثق السکونی (1) و لا ینافیه موثق غیاث (2) بعد حمله علی التقیة.

کما فی صحیحة الحمیری (3).

کما فی صحیح الحلبی (4) و غیرها (5).

کما هو ظاهر صحیح یونس (6) و هو ظاهر صحیح الحلبی و نحوه

ص:274


1- 1) أبواب التکفین ب 17.
2- 2) أبواب التکفین ب 17.
3- 3) أبواب التکفین ب 12.
4- 4) أبواب التکفین ب 14 / 1 و ب 6.
5- 5) أبواب التکفین ب 14 / 1 و ب 6.
6- 6) أبواب التکفین ب 14 / 3.
مسألة 12: إذا دار الأمر بین وضع الکافور فی ماء الغسل أو یصرف فی التحنیط

(مسألة 12): إذا دار الأمر بین وضع الکافور فی ماء الغسل أو یصرف فی التحنیط یقدم الأول و إذا دار فی الحنوط بین الجبهة و سائر المواضع تقدم الجبهة.(1)

فصل فی الصلاة علی المیت

اشارة

فصل

فی الصلاة علی المیت

یجب الصلاة علی کل مسلم(2) من غیر فرق بین العادل و الفاسق و الشهید و غیرهم حتی المرتکب للکبائر،بل و لو قتل نفسه عمداً.

أیضاً مما ابتدأ فی الأمر بالتحنیط بآثار السجود المنصرف منه ابتداءً الجبهة و ما ورد (1) من تقدیم مواضع اخری کموثق عمار کالمسامع و صحیح حمران بن أعین کالمنخر و صحیح عبد اللّه بن سنان کالفم و المسامع و نحوها فهی محمولة علی التقیة کما مرّ. نعم لیس فی عبائرهم تصریح بذلک و إن کان بعضها ذکرها أولاً، و حیث أن الواجب توصلی أو بمنزلته فلا یتعین الظهور فی اللزوم و إن کان أحوط.

و هو إن لم یکن ظاهر ما تقدم فی المسألة السابقة فلا أقل من احتمال الأهمیة لا سیما و أن السجود بحسب مواضعه تشکیکی و أبرزه الجبهة.

قد مرّ فی وجوب التغسیل شطر وافر من کلمات الأصحاب

ص:275


1- 1) أبواب التکفین ب 14-16.

فی المقامین، و انه صرح جماعة بحرمة الصلاة علی المخالف إلّا لتقیة کما فی المقنعة و الکافی و المهذب و السرائر و ظاهر الوسیلة و اشارة السبق و ظاهر المبسوط مع تصریحه بالحرمة فی قتیل أهل البغی و عللها بالکفر، و استظهر کاشف اللثام أن من قال بالوجوب هو للمداراة لاتفاقهم علی أنه لا یدعی له بل علیه مع أن عمدة الصلاة الدعاء للمیت و کذلک تقییدهم التکبیرات علی المنافق بالأربع و قد فسره فی الروضة «و هو هنا المخالف مطلقاً»، و احتمل المحقق الهمدانی کون الوجوب شعاریا لإظهار الشهادتین و للصلاة علی النبی و آله للدعاء للمؤمنین، و قرّب فی المدارک قصر الوجوب علی المؤمنین. و عن ابن إدریس منع الصلاة علی ابن الزنا و حکی عن النهایة و النافع و الشرائع و المعتبر و کشف الرموز و فی القواعد و اللمعة و الروضة و عن البیان و الدروس و الروض و التنقیح و مجمع البرهان و الذخیرة و غیرهم من المتأخرین وجوبها علی کل مسلم و بعضهم عبّر بالوجوب علی کل مظهر للشهادتین فیدخل کل منتحل و إن حکم بخروجه کالمنکر للضروری و عن الخلاف التصریح فی کتاب البغاة بالصلاة علی الباغی لعموم الاخبار لکن عن موضع آخر من کتاب الصلاة الحرمة، لکن صرح جمع من ذهب -و استدلّ للاطلاق -بروایة طلحة ابن زید عن أبی عبد اللّه علیه السلام عن أبیه علیهما السلام قال: «صلِّ علی من مات من أهل القبلة و حسابه علی اللّه» (1) و طلحة و إن کان عامیاً إلّا أن الشیخ وصف کتابه بأنه معتمد، إلّا أن الاعتماد علی أصالة الجهة فی الصدور مع کونه عامیاً محل تأمّل

ص:276


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 37 / 2.

فی مقابل ما تقدّم من الأدلّة فی بحث تغسیل المخالف، و روایة غزوان عن السکونی عن جعفر عن أبیه عن آبائه علیهم السلام قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله و سلم : «صلّوا علی المرجوم من أمتی، و علی القتال نفسه من أمتی، لا تدعوا أحداً من أمتی بلا صلاة» (1) و هی مضافاً إلی ضعف الطریق أن السکونی و إن کانت روایاته معتمدة إلّا أنه عامی فیأتی التأمّل السابق فی جهة الصدور.

و قد یستدل بمطلقات اخری لا تخلو من نظر لعدم ورود اطلاقها لبیان الشمول من هذه جهة.

منها: ما فی موثق أبی مریم الأنصاری عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه قال:

«الشهید إذا کان به رمق غسل و کفن و حنط و صلّی علیه الحدیث» (2) و لا یخفی وروده فی بیان قیود سقوط الغسل و التکفین و الحنوط فی القتیل فی المعرکة، و مثل الموثق بقیة روایات الواردة فی الشهید.

و منها: ما ورد (3) فی تحدید أجزاء المیت التی یصلّی علیها کصحیح علی بن جعفر و محمد بن مسلم و الفضیل بن عثمان الأعور و خالد بن ماد القلانسی و موثق طلحة بن زید، و الاستدلال باطلاقها لا یخلو من نظر بعد کونه فی صدد بیان موضوع وجوب الصلاة من جهة أعضاء بدن المیت، لا من الجهات الاُخری کالدیانة و المذهب و من ثمّ لا یتمسک بها فی حدود

ص:277


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 37 / 3.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 14 / 1.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 38.

السن المشکوکة و نحو ذلک.

و ینبغی التعرّض لنقاط:

الأولی: قد یقال ان مقتضی موثق أبی مریم الأنصاری و غیرها من الروایات و إن کان سقوط تحنیط الشهید کسقوط تکفینه لکن إذا جرد من ثیابه و وجب تکفینه فیجب تحنیطه لاندراجه فی المطلقات لأن موضوع سقوط التحنیط من یدفن بثیابه، و فیه: ان الموضوع هو الشهید الذی لیس فیه رمق غایة الأمر أن سقوط تکفینه قد جعل ببدل و هو تکفینه بثیابه فمع عدم ثیابه یکفن بقطع الکفن، و هذا بخلاف سقوط الغسل و التحنیط.

الثانیة: قد مرّ ان ما فی موثق عمار عن جعفر عن أبیه علیه السلام : «إن علیاً علیه السلام لم یغسل عمار بن یاسر و لا هاشم بن عتبة و هو المرقال و دفنهما فی ثیابهما و لم یصلِّ علیهما» (1)، محمول علی و هم الراوی أو التقیة أو أنه قد صلّی علیهما غیره مع من انه فی روایة (2) أبی البختری انه علیه السلام صلّی علیهما، لما ورد (3) فی الصحاح لأبان بن تغلب و إسماعیل بن جابر و زرارة من الصلاة علی حمزة.

الثالثة: قد ورد فی بعض الروایات انه لا یصلّی علی جملة من مرتکبی الذنوب و الکبائر کالأغلف کما فی روایة (4) زید بن علی عن آبائه عن

ص:278


1- 1) أبواب غسل المیت ب 14 / 4.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 14 / 12.
3- 3) المصدر نفسه.
4- 4) أبواب صلاة الجماعة ب 13.

و لا تجوز علی الکافر بأقسامه(1) حتی المرتد فطریّاً أو ملیّاً مات بلا توبة و لا تجب علی أطفال المسلمین إلّا إذا بلغوا ستّ سنین(2)

علی علیه السلام کمدمن الخمر کما فی روایة أبی بصیر و عمار (1) أو غیرهما من الموارد التی قد یقف علیها المتتبع، إلّا انها محمولة علی الکراهة العینیة التی تجتمع مع الواجب الکفائی أی تتعلّق بالمبادرة و نحو ذلک لما ورد فی صحیح هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «قلت له شارب الخمر و الزانی و السارق یصلّی علیهم إذا ماتوا؟ فقال: نعم» (2) و قد مرّت روایة السکونی فی المرجوم و القاتل نفسه.

و یدل علیه ما دل علی النهی عن الصلاة علی المنافق و کذا ما ورد من الآیات الناهیة عن الاستغفار للمشرکین مما تقدّمت الاشارة إلیها فی تغسیل المخالف.

و المرتد بقسمیه مع عدم توبته کافر حقیقة و قد تقدّم عدم قبول توبة الفطری بحسب الظاهر.

و فی موثق عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی النصرانی «لا یغسله مسلم و لا کرامة و لا یدفنه و لا یقوم علی قبره و إن کان أباه» (3).

و ادعی علیه الاجماع و عن عدّة من المتقدمین تحدید الموضوع بأن یعقل الصلاة و عن ابن أبی عقیل بالبلوغ و عن ابن أبی الجنید

ص:279


1- 1) أبواب الأشربة المحرمة ب 11.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 37 / 1.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 18.

بالمستهل و عن الفیض الکاشانی الندب لست و الوجوب بالبلوغ.

و الروایات الواردة منها، ما حدد بالعقل و آخر بالست و ثالث بالبلوغ ففی صحیح الحلبی و زرارة عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه سئل عن الصلاة علی الصبی متی یصلّی علیه؟ قال: إذا عقل الصلاة قلت: متی تجب الصلاة علیه؟ فقال: إذا کان ابن ست سنین، و الصیام إذا أطاقه» (1). و کون الذیل فی تحدید توجه الخطاب للصبی بالصلاة لا ینافی صلاحیته لتفسیر العقل للصلاة الذی فی صدر الروایة. لأنه انما یخاطب بها عند ما یعقلها.

و منها: صحیح آخر لزرارة قال: مات ابن لأبی جعفر علیه السلام فأخبر بموته فأمر به فغسل و کفن و مشی معه و صلّی علیه و طرحت خمرة فقام علیها ثمّ قام علی قبره حتی فرغ منه، ثمّ انصرف و انصرفت معه حتی أنی لأمشی معه فقال: أما انه لم یکن یصلّی علی مثل هذا و کان ابن ثلاث سنین، کان علی علیه السلام یأمر به فیدفن و لا یصلّی علیه و لکن الناس صنعوا شیئاً فنحن نصنع مثله قال:

قلت فمتی تجب علیه الصلاة؟ فقال: إذا عقل الصلاة و کان ابن ست سنین..

الحدیث» (2).

و الذیل و إن احتمل تحدید وقت خطاب الصبی بالصلاة لا وقت خطاب البالغین بالصلاة علیه إلّا أن وحدة السیاق و تقیید النفی فی صدر الروایة باسم الاشارة و کان عند الراوی حد عمره بثلاث سنین، فینقدح السؤال لدیه عن الحدّ فی ما کبر علی ذلک، مضافاً إلی أن الذیل الذی قطعه صاحب الوسائل

ص:280


1- 1) أبواب صلاة الجناة ب 13 / 1-3.
2- 2) أبواب صلاة الجناة ب 13 / 1-3.

أیضاً هو سؤال عن موتی الأطفال.

و منها: صحیح علی بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر علیه السلام قال: سألته عن الصبی أ یصلّی علیه إذا مات و هو ابن خمس سنین؟ فقال: إذا عقل الصلاة صلّی علیه» (1).

و ظاهرها أن المدار علی العقل للصلاة لا علی الست و یأتی عموم ان الصلاة علی من صلّی و هو یعضد مداریة العقل لا السن، أو کون الست علامة اخری علی العقل لها مضافاً إلی الأداء الخارجی لها. و قد یستظهر من الجواب النفی لابن الخمس و أن الموضوع هو من عقل و الذی حدّد بالست فی روایات أخری، لکن فی عدّة من الروایات الواردة فی أمر الصبیان بالصلاة یظهر منها ان عقل الصلاة و أداءها یختلف فی السن بحسب الموارد ففی صحیح معاویة بن وهب (2) انه بین الست و السبع.

و فی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام عن أبیه قال: انا نأمر صبیاننا بالصلاة إذا کانوا بنی خمس سنین، فمروا صبیانکم بالصلاة إذا کانوا بنی سبع سنین» (3).

نعم فی صحیح محمد بن مسلم عن أحدهما علیه السلام «فی الصبی متی یصلّی؟ فقال: إذا عقل الصلاة قلت: متی یعقل الصلاة و تجب علیه؟ قال: لست

ص:281


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 13 / 4.
2- 2) أبواب اعداد الفرائض ب 3 / 1.
3- 3) أبواب اعداد الفرائض ب 3 / 5.

سنین» (1).

و فی روایات (2) اخری التحدید بالثمان سنین.

و منها: الموثق إلی عمرو بن سعید عن علی بن عبد اللّه قال سمعت أبا الحسن موسی علیه السلام ... فی حدیث قبض إبراهیم ابن رسول اللّه صلی الله علیه و آله -فانتصب قائماً ثمّ قال: أیها الناس أتانی جبرئیل بما قلتم زعمتم انی نسیت أن اصلّی علی ابنی لما دخلنی من الجزع ألا و إنه لیس کما ظننتم و لکن اللطیف الخبیر فرض علیکم خمس صلوات، و جعل لموتاکم من کل صلاة تکبیرة و أمرنی أن لا أصلی إلّا علی من صلّی.. الحدیث» (3) و رواه البرقی بطریق آخر عن الحسین ابن خالد عنه علیه السلام .

و منها: روایة هشام قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام ان الناس یکلمونا و یردون علینا قولنا: انه لا یصلّی علی الطفل لأنه لم یصلِّ فیقولون: لا یصلّی إلّا علی من صلّی؟ فنقول: نعم، فیقولون: أ رأیتم لو أن رجلاً نصرانیاً أو یهودیاً أسلم ثمّ مات من ساعته فما الجواب فیه؟ فقال: قولوا لهم: أ رأیتم لو أن هذا الذی أسلم الساعة ثمّ افتری علی انسان ما کان یجب علیه فی فریته؟ فإنهم سیقولون یجب علیه الحد فإذا قالوا هذا، قیل لهم فلو ان هذا الصبی الذی لم یصل افتری علی إنسان هل کان یجب علیه الحد؟ فإنهم سیقولون: لا فیقال

ص:282


1- 1) أبواب اعداد الفرائض ب 3 / 2 .
2- 2) أبواب اعداد الفرائض ب 3 / 8 .
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 15 / 2.

لهم: صدقتم، انما یجب أن یصلّی علی من وجبت علیه الصلاة و الحدود، و لا یصلّی علی من لم تجب علیه الصلاة» (1).

و فی موثق عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه سئل عن المولود ما لم یجر علیه القلم هل یصلّی علیه؟ قال: «لا، انما الصلاة علی الرجل و المرأة إذا جری علیهما القلم» (2).

و صدر روایة هشام لا یخالف ما تقدم من الروایات حیث أخذ الموضوع (من صلّی) إلا ان الذیل ظاهر فی البلوغ و مثله الموثق لکن بقرینة نفی الصلاة الصریح فی نفی التشریع فی الروایتین یحمل وجوب الصلاة و الحدود علی الثبوت و الحدود علی ما یعم التعزیر کما یحمل القلم علی کتابة الحسنات، و یعضد هذا الحمل أن محل الخلاف بین الخاصة و العامة الذی سأل الراوی عنه هو من لم یبلغ ست سنین و من لم یعقل الصلاة و إلّا فالذی یعقلها و یصلّی لا استرابة فی مشروعیة الصلاة علیه بحسب الروایات و سیرة الطائفة بحسب کلمات المتقدمین کما ان التعبیر عن موضوع الوجوب ب (من صلّی) یعم من یعقل الصلاة و هو قرینة اخری علی الحمل المزبور، کما انه ورد (3) فی من یعقل الصلاة أنه یضرب علیها و انه یؤخذ بها.

و أما التعبیر بالرجل و المرأة فلیس بشاهد علی البلوغ بقرینة تقییدهما

ص:283


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 15 / 3.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 14 / 5.
3- 3) أبواب اعداد الفرائض ب 3 / 7 -8 .

نعم تستحب علی من کان عمره أقل من ست سنین و إن کان مات حین تولده بشرط أن یتولد حیّاً، و إن تولد میتاً فلا تستحب أیضاً(1).

بجریان القلم علیهما مما یدلل علی استعمالهما فی معنی أعم من المقید.

و عن الجعفی و المقنع انه لا یصلّی علیه حتی یعقل و اختاره الفیض. و عن ابن أبی عقیل لا یصلّی علیه حتی یبلغ و استظهر من الکلینی و المفید نفی الاستحباب.

و قد تقدم کل من الروایات المحددة لصلاة الجنازة بمن عقل الصلاة و صحیح زرارة و قول أبی جعفر علیه السلام : «أما انه لم یکن یصلّی علی مثل هذا» (1).

و فی طریق آخر «انما کان أمیر المؤمنین علیه السلام یأمر بهم فیدفنون من وراء و لا یصلّی علیهم و انما صلّیت علیه من أجل أهل المدینة کراهیة أن یقولوا: لا یصلّون علی أطفالهم» (2).

و فی روایة علی بن عبد اللّه عن أبی الحسن علیه السلام قول رسول اللّه صلی الله علیه و آله :

«و أمرنی أن لا اصلّی إلّا علی من صلّی» (3).

و مثلها روایة هشام (4)، لکن فی صحیح عبد اللّه بن سنان عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «لا یصلّی علی المنفوس و هو المولود الذی لم یستهل و لم

ص:284


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 13 / 3.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 15 / 1.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 15 / 2.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 15 / 3.

و یلحق بالمسلم فی وجوب الصلاة علیه من وجد میتاً فی بلاد المسلمین و کذا لقیط دار الإسلام بل دار الکفر إذا وجد فیها مسلم یحتمل کونه منه.(1)

مسألة 1:یشترط فی صحة الصلاة أن یکون المصلّی مؤمناً

(مسألة 1): یشترط فی صحة الصلاة أن یکون المصلّی مؤمناً و أن یکون مأذوناً من الولی علی التفصیل الذی مرّ سابقاً فلا تصح من غیر إذنه جماعة کانت أو فرادی(2)

یصح، و لم یورّث من الدیة و لا من غیرها و إذا استهل فصلِّ علیه و ورثه» (1).

و مثله موثق السکونی (2) و فی صحیح ابن یقطین عن أبی الحسن علیه السلام :

«... یصلّی علیه علی کل حال إلّا أن یسقط لغیر تمام» (3) و مثله مرسل أحمد ابن محمد (4).

فالظاهر حملها علی رجحان التظاهر بذلک أمام العامة.

أما من وجد فی دار و بلاد المسلمین فلأماریة الدار و البلاد کما مرّ فی بحث الطهارة من اماریة السوق و الید و التذکیة و غیرها، و ربما یتمسک باطلاق الأدلة غایة ما خرج منها الکافر و الأصل عدمه و قد تقدّم الاشکال فی الاطلاق فی مبحث غسل المیت. و منه یظهر الحال فی لقیط دار الکفر، نعم قد یلحق من باب الاحتیاط بمقتضی حرمة المسلم أو المؤمن.

أما اشتراط الایمان فی الصلاة فلاشتراط الولایة فی صحة العبادة

ص:285


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 14 / 1.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 14 / 3.
3- 3) المصدر السابق ب 14 / 2 -4.
4- 4) المصدر السابق ب 14 / 2 -4.
مسألة 2:الأقوی صحة صلاة الصبی الممیز

(مسألة 2): الأقوی صحة صلاة الصبی الممیز لکن فی إجزائها عن المکلفین البالغین إشکال.(1)

علی الأقوی وفاقاً للمشهور شهرة عظیمة و قد حررناه فی مبحث النیابة من کتاب الحج، و أما الاذن من الولی فی صحة الصلاة فان متعلق الولایة و إن کان هو التصدّی و التدبیر کما مرّ فی التغسیل إلّا ان التدبیر متعلق أیضاً بالفعل فالقیام به متعلقاً لحق و ولایة الولی.

هذا، و فی الصحیح إلی ابن أبی عمیر عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «یصلّی علی الجنازة أولی الناس بها أو یأمر من یحب» (1).

و مثلها مصحح 2 ابن أبی نصر عن بعض أصحابنا عن أبی عبد اللّه علیه السلام .

و فی موثق السکونی عن جعفر عن أبیه عن آبائه علیهم السلام قال: قال أمیر المؤمنین علیه السلام : «إذا حضر سلطان من سلطان اللّه جنازة فهو أحق بالصلاة علیها إن قدّمه ولیّ المیت و إلّا فهو غاصب» 3.

نعم فی معتبرة طلحة بن زید 4 اطلاق أحقیة الإمام بالصلاة علیه.

أما الصحة فلمشروعیة عباداته بالخطابات العامة للبالغین الشاملة له و رفع القلم و نحوه غایته رفع التنجیز، نعم ما دلّ علی ان عمده خطأ دالّ علی قصور فی الإرادة و منه یتأمل فی الفعلیة التامة للتکلیف و فاعلیته و بالتالی یشکل الاجزاء.

و بعبارة اخری ان ذلک دال علی قصور فی الأداء و الامتثال منه لضعف

ص:286


1- 1 و 2 و 3 و 4) أبواب صلاة الجنازة ب23.
مسألة 3:یشترط أن تکون بعد الغسل و التکفین

(مسألة 3): یشترط أن تکون بعد الغسل و التکفین فلا تجزئ قبلهما و لو فی أثناء التکفین عمداً کان أو جهلاً أو سهواً، نعم لو تعذّر الغسل و التیمّم أو کلاهما لا تسقط الصلاة فإن کان مستور العورة فیصلّی علیه و إلّا یوضع فی القبر و یغطی عورته بشیء من التراب أو غیره و یصلّی علیه، و وضعه فی القبر علی نحو وضعه خارجه للصلاة ثمّ بعد الصلاة یوضع علی کیفیة الدفن(1).

و قصور إرادته و نیته، و یعضد ذلک ما ورد فی صلاة الجماعة ان الصبی إذ أمّ صحّت صلاته و فسدت صلاة من خلفه کما فی موثق إسحاق (1).

لا خلاف فی الترتیب و الکلام فی أمور:

الأول: یدل علیه ما ورد فی جملة من الموارد:

منها: ما ورد فی الصلاة علی أبعاض المیت کصحیح علی بن جعفر انه سأل أخاه موسی بن جعفر علیه السلام عن الرجل یأکله السبع أو الطیر فتبقی عظامه بغیر لحمه کیف یصنع به؟ قال: «یغسل و یکفن و یصلّی علیه و یدفن» (2)و غیرها مما ورد فی ذلک 3.

و الواو و إن کانت لمطلق العطف إلّا ان الترتیب الذکری المتکرر فی الروایات دالّ عرفاً علی إرادة الترتیب لا سیما مع تأخیر الدفن عن البقیة مع وضوح إرادة تأخیره الوضعی کما فی جملة روایات أخری و لا سیما مع الترتیب بین الغسل و التکفین فیها الذی هو رتبی کما فی الروایات البیانیة فی

ص:287


1- 1) أبواب صلاة الجماعة ب 14 / 7.
2- 2 و 3) أبواب صلاة الجنازة ب 28 / 1 -5.

تجهیز المیت.

و منها: ما ورد (1) فی تغسیل رسول اللّه صلی الله علیه و آله و انه أمر علیاً «بغسله و کفنه و دفنه» و انه صلی الله علیه و آله صُلّی علیه بعد کفنه.

و منها: ما ورد (2) فی الشهید إذا کان به رمق کما فی صحیح أبی مریم الأنصاری عن الصادق علیه السلام «... غسل و کفن و حنّط و صلّی علیه» و صحیح أبان ابن تغلب، و تقریب الدلالة کما مرّ.

کیفیة الدفن

و منها: ما ورد فی المیت الذی لا کفن له کموثق عمار قال قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام ما تقول فی قوم کانوا فی سفر لهم یمشون... فإذا هم برجل میت عریان قد لفظه البحر و هم عراة و لیس علیهم إلّا إزار کیف یصلون علیه و هو عریان و لیست معهم فضل ثوب یکفنونه به؟ قال: یحفر له و یوضع فی لحده، و یوضع اللبن علی عورته فتستر عورته باللبن (و بالحجر) ثمّ یصلّی علیه ثمّ یدفن. قلت فلا یصلّی علیه إذا دفن فقال: لا یصلی علی المیت بعد ما یدفن و لا یصلّی علیه و هو عریان حتی تواری عورته» (3).

ص:288


1- 1) أبواب غسل المیت ب 1 / 2.
2- 2) أبوا غسل المیت ب 14 / 7.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 36.

و هی دالة علی لزوم و شرطیة ستر عورته فی الصلاة علیه، و فی فرض السائل و فی هذا الموثق ایماء بمفروغیة ستر العورة بالکفن کما ورد ذلک فی تعلیل التکفین بستر العورة ففی معتبرة الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام قال: إنما أمر أن یکفن المیت لیلقی ربه عزّ و جل طاهر الجسد، و لئلا تبدو عورته لمن یحمله أو یدفنه، و لئلا یظهر الناس علی بعض حاله و قبح منظره...

الحدیث (1).

بل فی تتمة الحدیث ما یعضد فوریة التکفین و هو لا یتم إلّا بالتغسیل لدلالة الروایات المستفیضة علی ذلک.

الثانی: مقتضی اطلاق مثل الموثق و ما تقدم من وجوه دلالة الروایات اطلاق شرطیة الترتیب للجهل و النسیان.

الثالث: لو تعذر التکفین أو التغسیل لا تسقط الصلاة علیه و کذلک الدفن و بالجملة أیاً من واجبات تجهیز المیت لا تسقط بتعذر بعضها الآخر، و ذلک لکونها واجبات مستقلة غایة الأمر قد أخذ الترتیب شرطاً فی الواجب لا فی الوجوب فیما بینها و لا یسقط الواجب بتعذر الشرط بعد ورود الأدلة بلزوم الناقص من الغسل و التکفین بل و الدفن کأن یرمی فی الماء من دون سقوط البقیة (2) مع تعذر الیابسة، و کذلک خصوص دلالة موثق عمار المتقدم علی المقام.

ص:289


1- 1) أبواب التکفین ب 1.
2- 2) أبواب الدفن ب 40 / 2 -3 و ب 4 و ب 51.
مسألة 4:إذا لم یمکن الدفن لا یسقط سائر الواجبات

(مسألة 4): إذا لم یمکن الدفن لا یسقط سائر الواجبات من الغسل و التکفین و الصلاة و الحاصل کلما یتعذر یسقط و کلما یمکن یثبت فلو وجد فی الفلاة میت لم یمکن غسله و لا تکفینه و لا دفنه یصلّی علیه و یخلی، و إن أمکن دفنه یدفن(1).

الرابع: لو کان المیت عاریاً لعدم التمکن من الکفن فهل یصلّی علیه بالکیفیة التی فی موثق عمار المتقدم و ذکرها الماتن أم یجوز تغطیة عورته بغیر ذلک و الصلاة علیه خارج القبر.

و عن کشف اللثام الوفاق علی الجواز و الظاهر من موثق عمار ذلک حیث ذکر هذه الکیفیة کوسیلة لستر عورته و إن الستر هو الشرط للصلاة نعم قد یقال ان اللازم لیس ستر العورة فقط بل «لا یصلّی علیه و هو عریان» فاللازم ستر بدنه لا سیما مع ما ورد فی علة التکفین من لزوم ستر کل البدن لا خصوص العورة لئلاّ یساء منظره أمام الأحیاء فإن تحقّق ذلک خارجاً فهو و إلّا تعیّنت الکیفیة المذکورة فی الموثق، لکن الظاهر التخصیص فیه بالعورة و باقی البدن ظاهر.

قد مرّ فی المسألة السابقة استقلال وجوب کل من أفعال تجهیز المیت عن بعضها الآخر، و إن اشتراط الترتیب فی الصحة لا یسقط الوجوب مع التعذر بعد دلالة أدلتها علی عدم سقوطها بتعذر جملة من شرائطها و هو کاشف عن ان الواجب ذو مراتب لا یسقط بتعذر بعض أجزائه مضافاً إلی رافعیة الاضطرار لذلک الشرط أو الجزء، مضافاً إلی النصوص المشار إلیها ثمة.

ص:290

مسألة 5:یجوز أن یصلّی علی المیت أشخاص متعدّدون

(مسألة 5): یجوز أن یصلّی علی المیت أشخاص متعدّدون(1) فرادی فی زمان واحد و کذا یجوز تعدد الجماعة و ینوی کل منهم الوجوب ما لم یفرغ منها أحد، و إلّا نوی بالبقیة الاستحباب و لکن لا یلزم قصد الوجوب و الاستحباب بل یکفی قصد القربة مطلقاً.

مسألة 6:قد مرّ -سابقاً -انه إذا وجد بعض المیت

(مسألة 6): قد مرّ -سابقاً -انه إذا وجد بعض المیت فان کان مشتملاً علی الصدر أو کان الصدر وحده بل أو کان بعض الصدر المشتمل علی القلب، أو کان عظم الصدر بلا لحم

الظاهر من الروایات الواردة جواز التعدّد تعاقباً فضلاً عن المعیة، و الظاهر ان الطبیعة حیث بحسبها واجبة و إن کان الامتثال هو بفرد منها کما هو الحال فی الجماعة الواحدة فان صلاة الامام مسقطة لأداء الواجب لکن لیس من اللازم علی المأمومین نیة الاستحباب، کما هو الحال فی إعادة الصلاة الواجبة الیومیة.

أما الروایات الواردة فمنها ما ورد من جواز الصلاة علی المیت بعد الدفن لمن لم یصلِّ علیه (1).

و منها: ما ورد (2) فی من فاته بعض التکبیر فی الصلاة أن یقضیه متتابعاً و هو یمشی مع الجنازة.

و منها: ما ورد فی تکرار (3) الصلاة جماعة و فرادی.

ص:291


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 18.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 17.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 33 و ب6.

وجب الصلاة علیه، و إلّا فلا. نعم الأحوط الصلاة علی العضو التام من المیت و إن کان عظماً کالید و الرجل و نحوهما، و إن کان الأقوی خلافه، و علی هذا فان وجد عضواً تامّاً و صلّی علیه ثمّ وجد آخر فالظاهر الاحتیاط بالصلاة علیه -أیضاً -إن کان غیر الصدر أو بعضه مع القلب و إلّا وجبت.(1)

مسألة 7: یجب أن تکون الصلاة قبل الدفن

(مسألة 7): یجب أن تکون الصلاة قبل الدفن(2).

مسألة 8:إذا تعدّد الأولیاء فی مرتبة واحدة

(مسألة 8): إذا تعدّد الأولیاء فی مرتبة واحدة وجب الاستئذان من الجمیع علی الأحوط و یجوز لکل منهم الصلاة من غیر الاستئذان من الآخرین بل یجوز أن یقتدی بکل واحد منهم مع فرض أهلیتهم جماعة.(3)

قد تقدم فی غسل المیت (المسألة 12) ان مدار وجوب الصلاة علی صدق قطع من عظام المیت و إن لم یکن فیها الصدر نعم مع وجوده لا یجزئ الصلاة علی غیره، و إن الأحوط الصلاة علی العضو التام، فضلاً عما لم ینفرد من الأعضاء فان الأظهر فیه الوجوب.

کما فی موثق عمار المتقدّم و الطوائف الأخری التی استدل بها علی بعدیة الصلاة و قبلیة التکفین، و لم یحک خلاف فیه.

أما استئذان الجمیع فلعموم ولایة الوارث الأولی فی الطبقة، و أما استقلال کل منهم فی التصرف فیتأمل فیه بعد کون طبیعة الحق تابعة لاختلاف الموارد ففی استیفاء القصاص ذهب جماعة إلی ذلک، و هو بخلاف الإرث، نعم مع عدم تصدی البعض و عدم اقدامه لا یمانع استقلال الآخر.

ص:292

مسألة 9: إذا کان الولی امرأة یجوز لها المباشرة

(مسألة 9): إذا کان الولی امرأة یجوز لها المباشرة(1) من غیر فرق بین أن یکون المیت رجلاً أو امرأة و یجوز لها الاذن للغیر کالرجل من غیر فرق.

مسألة 10:إذا أوصی المیت بأن یصلّی علیه شخص معین

(مسألة 10): إذا أوصی المیت بأن یصلّی علیه شخص معین فالظاهر وجوب إذن الولی له و الأحوط له الاستئذان من الولی و لا یسقط اعتبار إذنه بسبب الوصیة و إن قلنا بنفوذها و وجوب العمل بها(2).

لثبوت الولایة لها و عدم تقیید أدلة الصلاة الواجبة بالمماثل بل و تنصیص خصوص صحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قال: قلت المرأة تؤم النساء؟ قال: «لا إلّا علی المیت إذا لم یکن أحد أولی منها تقوم وسطهن فی الصف معهن فتکبر و یکبرن» (1).

و غیرها و ما فی روایة جابر عن أبی جعفر علیه السلام من تقیید صلاتها بعدم حضور رجل محمول علی غیر ولیّة المیت أو إذنها لغیرها بعد کونها ولیّة.

قد مرّ فی غسل المیت فی فصل الأولیاء (مسألة 7) بحث ذلک و أن الشخص حیث إنه مسلط علی نفسه فله الإیصاء بماله من شئونه و ذلک بعد تقدّم الوصیة علی ولایة الأرحام من دون تقیید الوصیة العهدیة بمقدار، نعم هی مقیدة بالمعروف، فلو عدّ حصر التصدّی بالوصی -عقوقاً للأرحام أُشکل الحصر، دون أصل الإیصاء، و لعلّ احتیاط الماتن بعدم سقوط اعتبار الإذن -

ص:293


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 25 / 1.
مسألة 11:یستحب إتیان الصلاة جماعة.

(مسألة 11): یستحب إتیان الصلاة جماعة. و الأحوط بل الأظهر اعتبار اجتماع شرائط(1) الامامة فیه من البلوغ و العقل و الایمان و العدالة، و کونه رجلاً للرجال، و أن لا یکون ولد زنا

ناظر إلی ذلک لا سیما و ان بالوصیة لا تنقطع ولایة ذی الرحم؛ لا سیما إذا لم یکن النفوذ فی باب الوصیة علی مقتضی قاعدة السلطنة کما هو الحال فی تولیة الحیّ من یقوم بشئونه حال إغمائه.

و یدل علی مشروعیة الجماعة فیها عدة طوائف من الروایات تأتی الاشارة إلیها تباعاً فی المسائل الآتیة کما لم یحک الخلاف عن أحد فی ذلک، و هی مورد سؤال خبر الیسع بن عبد اللّه القمی قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن الرجل یصلّی علی جنازة وحده؟ قال: «نعم، قلت: فاثنان یصلّیان علیها؟ قال:

نعم، و لکن یقوم الآخر خلف الآخر و لا یقوم بجنبه» (1).

و أما الرجحان فیدل علیه أولاً ظهور طوائف الروایات فی کون الجماعة فی المقام هی الطبیعة المعهودة فی بقیة الصلوات و لا یشکل علی ذلک بعدم تحمل الامام عن المأموم شیئاً من القراءة فإن ذلک لا یستلزم نفی الطبیعة نظیر التحاق المأموم بالامام فی الثالثة أو الرابعة، مع انه فی المقام أیضاً لا یخلو من أثر فیما کان المأموم بعیداً عن الجنازة و محجوباً عنها بالصفوف فان اتصاله هو بتوسط الهیئة للجماعة بل لو استظهر رجحان المتابعة دون حقیقة الجماعة لم یخدش فی استفادة الرجحان.

ثانیاً: ما فی معتبرة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: قال النبی صلی الله علیه و آله .

ص:294


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 28 / 1.

خیر الصفوف فی الصلاة المقدم و خیر الصفوف فی الجنائز المؤخر، قیل: یا رسول اللّه و لِمَ؟ قال: صار سترة للنساء» (1).

و أما اعتبار شرائط الامامة فیستدل له:

أوّلاً: ما مرّ من ظهور جملة الروایات الواردة فی جماعة الجنازة فی الطبیعة المعهودة فی بقیة أنواع الصلاة، نعم لو استظهر منها استحباب صورة المتابعة و نفس الهیئة لا حقیقة الائتمام کما هو الحال فی الصلاة مع فاقد الشرائط للإمامة کما فی الصلاة خلف العامة، لما اشترط ما اعتبر فی إمامة الجماعة، و الصحیح و إن کان عموم رجحان صورة المتابعة و هیئة الاجتماع للمقام فیما کان الامام فاقد للشرائط کما هو الحال فی رجحان صورة الاجتماع فی الصلاة خلف کل من هو فاقد لشرائط الامامة کما فی صحیح بن یزید و إن کان من الخاصة (2).

کما سیأتی فی محله من صلاة الجماعة بل قد یستفاد من صحیح ابن سنان التبعیض فی الجماعة بمعنی القراءة خلف من لا یؤمن علی القرآن، إلا انه لو سلم استظهار صورة المتابعة من الروایات فانها تدل التزاماً بالاقتضاء علی استحباب حقیقة الجماعة أیضاً و قد مرّ أن الاتصال مع البعد أو الحجب بالصفوف أثر لهیئة حقیقة الجماعة، و قد یشکل علی هذا الوجه: بما قد یستظهر منه أن صلاة الجنازة دعاء و تسبیح و تحمید و لیست صلاة حقیقة

ص:295


1- 1) أبواب صلاة الجنائز ب 29 / 1.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 21 / 3.

کما فی موثق یونس بن یعقوب قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن الجنازة أصلّی علیها علی غیر وضوء فقال: «نعم، انما هو تکبیر و تسبیح و تحمید و تهلیل، کما تکبر و تسبح فی بیتک علی غیر وضوء» (1).

و فی معتبرة الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام قال: «انما جوزنا الصلاة علی المیت بغیر وضوء لأنه لیس فیها رکوع و لا سجود، و انما هی دعاء و مسألة»، و قد یجوز أن تدعو اللّه و تسأله علی أی حال کنت، و انما یجب الوضوء فی الصلاة التی فیها رکوع و سجود.

و فی الصحیح إلی حریز عمن أخبره عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «الطامث تصلّی علی الجنازة لأنه لیس فیها رکوع و لا سجود» الحدیث (2).

و یندفع: بأن مقتضی ذیل معتبرة الفضل هو تنویع الصلاة إلی ما فیه رکوع و سجود فیعتبر فیه الطهارة و إلی ما لیس فیه ذلک فهو مجرد دعاء و ذکر و تسبیح و ثناء فلا یعتبر فیه ذلک، لا أن حقیقة الصلاة مسلوبة عن صلاة الجنازة و أما التعلیل فی الموثق فی ذیله فهو لبیان صحة صلاة الجنازة لصحة ما اشتملت علیه من التکبیر و التسبیح و التحمید مع فقد الطهارة لا أن هذا الفعل لیس بصلاة و من ثمّ افترق عنه بشرطیة الاستقبال للقبلة و القرب من الجنازة و غیرها من أحکام الصلاة الآتیة فی المسائل اللاحقة.

ثانیاً: ما ورد بالخصوص من اعتبار جملة من أحکام الجماعة فیها:

ص:296


1- 1) أبواب صلاة الجماعة ب 11 / 1 و ب 31 / 1 -9 و ب 33.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 22 / 2.

منها: ما ورد (1) عن عدم إمامة المرأة للرجال.

منها: ما ورد من الالتحاق بها و لو فی الأثناء ، ثمّ إکمال الباقی منفرداً (2).

و منها: ما ورد من تأخر المأمومین عن الإمام فی الموقف (3).

و منها: التعبیر بلفظ الإمام فی صلاة الجنازة فی جملة من أحکامها (4).

کما فی کون رأس المیت إلی یمین الإمام و فی المرأة تؤم و فی صورة تعدد الجنائز من ترتیب وضعهم.

و قد ورد (5) فی نهی الصلاة علی الأغلف انه لا یؤم أیضاً فی سیاق واحد.

و منها: ما دلّ (6) علی تأخر النساء عن الرجال فیها.

و منها: توسط المرأة فی جماعة النساء نظیرها فی بقیة الصلوات (7).

و التفرقة فی ما دلّ علی شرائط الإمامة فی الصلاة -بین ما ورد بتعبیر (لا یؤم) و بین ما ورد بتعبیر (لا تصلّی خلف) لکون صلاة الجنازة

ص:297


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 25.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 17.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 28.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 19 و ب 25 و ب 32.
5- 5) أبواب صلاة الجماعة ب 13.
6- 6) أبواب صلاة الجنازة ب 29.
7- 7) أبواب صلاة الجماعة ب 20.

بل الأحوط اجتماع شرائط الجماعة أیضاً من عدم الحائل، و عدم علو مکان الإمام و عدم کونه جالساً مع قیام المأمومین، و عدم البعد بین المأمومین و الإمام، و بعضهم مع بعض.

مسألة 12:لا یتحمل الامام فی الصلاة علی المیت شیئاً عن المأمومین

(مسألة 12): لا یتحمل الامام فی الصلاة علی المیت شیئاً عن المأمومین(1).

لیست بصلاة -تحکم محض فإن الایتمام من أحوال الجماعة و الصلاة فکیف یفرق بین التعبیرین.

و منها: ما دلّ علی الاتصال بلسان الصلاة عند الجنازة (1) أو الامام مما یلی الرجال من الجنائز و جنائز النساء و الصبیان مما یلی القبلة (2) أو الصلاة علی القبر ممن فاتته (3).

فالأظهر من مجموع کل ذلک اعتبار الشرائط إلّا ما استثنی و کان مترتباً علی مثل الطهور و السجود و الرکوع.

لما ورد فی عموم الجماعة ان الإمام لا یضمن شیئاً من صلاة المأموم عدا القراءة، و المفروض فی المقام عدم القراءة بل التکبیرات و الأذکار، ففی موثق سماعة عن أبی عبد اللّه علیه السلام : -فی حدیث -«و لیس یضمن الإمام صلاة الذین خلفه إنما یضمن القراءة» و غیرها (4).

ص:298


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 27 / 2.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 32 -27.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 18.
4- 4) أبواب صلاة الجماعة ب 30.
مسألة 13:یجوز فی الجماعة أن یقصد الامام و کل واحد من المأمومین الوجوب

(مسألة 13): یجوز فی الجماعة أن یقصد الامام و کل واحد من المأمومین الوجوب لعدم سقوطه ما لم یتم واحد منهم.(1)

مسألة 14: یجوز أن تؤم المرأة جماعة النساء

(مسألة 14): یجوز أن تؤم المرأة جماعة النساء و الأولی بل الأحوط أن تقوم فی صفهن(2) و لا تتقدم علیهن.

مسألة 15:یجوز صلاة العراة علی المیت فرادی و جماعة

(مسألة 15): یجوز صلاة العراة علی المیت فرادی و جماعة و مع الجماعة یقوم الإمام فی الصف

مرّ ان قصد الوجوب بلحاظ الطبیعة و اشتغال الذمة و السقوط معنی للوجوب بلحاظ الحکم العقلی.

کما فی صحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قال: قلت المرأة تؤم النساء؟ قال: لا إلّا علی المیت إذا لم یکن أحد أولی منها، تقوم وسطهن فی الصف معهن فتکبر و یکبرن» (1).

و فی حسنة الحسن بن زیاد الصیقل «و لا تتقدمهن امرأة» (2) و نظیر ما ورد (3) فی عموم الجماعة، نعم بناءً علی استحباب ما ورد (4) فی الرجال إذا کان واحداً علی الیمین و إذا کانوا أکثر ففی الخلف، فلا یبعد الحمل علی الندبیة فی النساء أیضاً. ثمّ ان القیام فی صفهن فی صف واحد بمعنی عدم کونهن خلفها لا بمعنی المحاذاة کما فیما بین المأمومین.

ص:299


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 25 / 1.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 25 / 2 -3.
3- 3) أبواب صلاة الجماعة ب 20.
4- 4) أبواب صلاة الجماعة ب 23 / 12 -13.

کما فی جماعة النساء فلا یتقدم و لا یتبرز. و یجب علیهم ستر عورتهم و لو بأیدیهم، و إذا لم یمکن یصلّون جلوساً(1).

أما التخییر بین الفرادی و الجماعة فقد مرّ الکلام عنه مضافاً إلی ما ورد من ان من فاتته الصلاة یصلّی.

و أما ان جماعتهم کالنساء فلما ورد ذلک فی کیفیة جماعة العراة ان الإمام یتقدّمهم برکبتیه کما فی صحیح عبد اللّه بن سنان (1) و غیره، نعم التشبیه بجماعة النساء فی الهیئة إلّا أن الظاهر فیهم اللزوم، و ذلک توقیاً عن النظر، و أما جواز الجلوس إن لم یمکن ستر العورة، فیصلّون جماعة جلوساً فلما ورد (2)فی صلاة العاری من صلاته جالساً مع وجود الناظر، فما ورد فی صلاة جماعة العراة من جلوس لیس الجلوس من أحکام الجماعة کی یستشکل فی تعمیمه للمقام بانه وارد فی الصلاة الیومیة» مع أنه قد تقدّم ان طبیعة الجماعة واحدة فی المقام و بقیة الصلوات، نعم ما ذکره الماتن من صلاتهم من قیام مع تمکنهم من ستر عورتهم مبنی علی حصول الساتر الصلاتی بذلک عند الاضطرار أو انه حمل ما فی موثق إسحاق فی جماعة العراة -من صلاة المأمومین برکوع و سجود خلف الامام -علی أنه مع الاصطفاف یسوغ القیام لأنه بحکم عدم الناظر، و هو لا یخلو من نظر.

لا سیما و أنه معارض بصحیح عبد اللّه بن سنان حیث فیه «و یصلّی بهم جلوساً و هو جالس».

ص:300


1- 1) أبواب لباس المصلی ب 51.
2- 2) أبواب لباس المصلّی ب 50.
مسألة 16: فی الجماعة من غیر النساء و العراة الأولی أن یتقدم الإمام

(مسألة 16): فی الجماعة من غیر النساء و العراة الأولی أن یتقدم الإمام(1) و یکون المأمومون خلفه بل یکره وقوفهم إلی جنبه و لو کان المأموم واحداً.

مسألة 17:إذا اقتدت المرأة بالرجل یستحب أن تقف خلفه

(مسألة 17): إذا اقتدت المرأة بالرجل یستحب أن تقف خلفه و إذا کان هناک صفوف الرجال وقفت خلفهم و إذا کانت حائضاً بین النساء وقفت فی صف وحدها.(2)

قد تقدم خبر الیسع بن عبد اللّه القمی (1) المتضمن للأمر بذلک، و قد مرّت الاشارة إلی وجه أن الجماعة المأمور بها فی المقام هی الطبیعة المعهودة کما هو الحال فی هیئة صلاة النساء و العراة، فعلی المشهور من ندبیة ذلک فکذلک المقام، و ما ورد فی جماعة العراة من تحقق الهیئة بمجرد التقدّم قلیلاً مشعر بالندبیة فی غیرهم.

الحکم فی تأخرها عنه فی الجماعة تابع إلی اشتراط عدم تقدّم أو محاذاة المرأة للرجل فی الصلاة، و قد ذهب الماتن فی مکان المصلّی إلی الکراهة دون الحرمة فاختار فی المقام الندبیة و هو ظاهر صحیح جمیل (2)و غیره مع اختلاف (3) مقادیر البعد الرافع للبأس من شبر و ذراع و نحوه و عشرة أذرع و رحل المؤذن و المشعر بالندبیة مضافاً إلی موثق السکونی (4) فی

ص:301


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 28 / 1.
2- 2) أبواب مکان المصلّی ب 4 / 5.
3- 3) أبواب مکان المصلّی ب 4 -5 -6.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 29 / 2.
مسألة 18:یجوز فی صلاة المیت العدول من إمام إلی إمام فی الأثناء

(مسألة 18): یجوز فی صلاة المیت العدول(1) من إمام إلی إمام فی الأثناء و یجوز قطعها أیضاً اختیاراً کما یجوز العدول عن الجماعة إلی الانفراد لکن بشرط أن لا یکون بعیداً عن الجنازة بما یضر و لا یکون بینه و بینها حائل و لا یخرج عن المحاذاة لها.

المقام المتضمن أن النساء کن یختلطن بالرجال فی صلاة الجنازة فقال النبی صلی الله علیه و آله أن أفضل مواضع الصلاة علی المیت هو الصف الأخیر فتأخرن. و أما وقوف الحائض فی صف وحدها فقد دلّ علیه صحیح محمّد بن مسلم و غیره من الروایات (1).

الظاهر من العبارة إرادة ترتب أحکام الجماعة المعهودة من موارد جواز العدول من إمام إلی إمام و من الجماعة إلی الانفراد، فالأول کما لو انقطعت صلاة الامام فیقدمون آخر من الصف لیتم ما بقی، و الثانی إما مطلقاً أو فیما لم ینوِ ذلک من البدء علی الخلاف فی مسألة العدول من الجماعة إلی الانفراد، و أما احتمال إرادة جواز العدول من إمام إلی إمام مطلقاً فهو یتم بناء علی کون المستحب هو هیئة الاجتماع و صورة المتابعة لا حقیقة الجماعة فانه علی هذا التقدیر یتصور جواز العدول فی صورة المتابعة من مجموعة لأخری بعد کون الصلاة فرادی، و أما جواز قطع الصلاة فهو لقصور ما دلّ علی المنع فی طبیعی الصلاة عن الشمول للمقام، إذ عمدته هو ما ورد من ان تحریمها التکبیر و تحلیلها التسلیم أو الارتکاز المتشرعی فی هیئة الأعمال المرکبة، و القدر المتیقن منه عدا المقام.

ص:302


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 22.
مسألة 19:إذا کبّر قبل الإمام فی التکبیر الأول له أن ینفرد

(مسألة 19): إذا کبّر قبل الإمام فی التکبیر الأول له أن ینفرد و له أن یقطع و یجدده مع الإمام، و إذا کبر قبله فیما عدا الأول له أن ینوی الانفراد و أن یصبر حتی یکبر الإمام فیقرأ معه الدعاء لکن الأحوط إعادة التکبیر بعد ما کبر الإمام، لأنه لا یبعد اشتراط تأخر المأموم عن الامام فی کل تکبیرة أو مقارنته معه و بطلان الجماعة مع التقدم و إن لم تبطل الصلاة(1).

و علی أیة تقدیر فی أی صورة فرض فیها بطلان الجماعة تقع انفرادیة بعد توفر شرائطها کما فی موارد بطلان الجماعة فی الصلوات الیومیة.

لعموم حکم المتابعة للجماعة فی المقام بعد عموم طبیعة الصلاة لصلاة الجنازة کما مرّ و إن کانت من نوع خالٍ من الرکوع و السجود، و عموم ما فی معتبرة علی بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر علیه السلام قال: سألته عن الرجل یصلّی، له أن یکبّر قبل الإمام؟ قال: «لا یکبّر إلّا مع الإمام، فإن کبّر قبله أعاد التکبیر» (1).

و ظاهرها فی مطلق التکبیر لا خصوص الافتتاح بل لعله ظاهر فی غیره و ما ورد (2) فی الجماعة آنها انما تنعقد بتکبیرة مع تکبیر الإمام.

معتضداً بما ورد فی الجماعة فیمن صلّی منفرداً ثمّ انعقدت الجماعة أن له أن یقطع أو یتمّها نافلة، و أما فی صورة التقدم فی التکبیر غیر الأول فالظاهر زوال المتابعة بذلک و حینئذٍ إما أن یتمّها منفرداً فیما لو لم تختل صلاة

ص:303


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 16 / 1.
2- 2) أبواب صلاة الجماعة ب ؟؟
مسألة 20: إذا حضر الشخص فی أثناء صلاة الإمام له أن یدخل فی الجماعة فیکبر بعد تکبیر الإمام الثانی أو الثالث

(مسألة 20): إذا حضر الشخص فی أثناء صلاة الإمام له أن یدخل فی الجماعة فیکبر بعد تکبیر الإمام الثانی أو الثالث و یجعله أول صلاته و أول تکبیراته فیأتی بعده بالشهادتین و هکذا علی الترتیب بعد کل تکبیرة من الإمام یکبر و یأتی بوظیفته من الدعاء و إذا فرغ الامام یأتی بالبقیة فرادی و إن کان مخفّفاً، و إن لم یمهلوه أتی ببقیة التکبیرات ولاء من غیر دعاء، و یجوز إتمامها خلف الجنازة إن أمکن الاستقبال و سائر الشرائط.(1)

الانفراد بأن لم یکن بعیداً عن الجنازة و لا حائل من الصفوف، و إما أن یعیدها مع الإمام و لعلّه یستأنس له باغتفار زیادة السجود و الرکوع لحصول المتابعة فی صورة تقدم المأموم و إن کانت التکبیرات فی صلاة الجنازة بمنزلة الأرکان کما یظهر من الأدلّة.

و یدلّ علی الصور الثلاث فی المتن جملة الروایات الواردة (1)کصحیح عیص بن القاسم قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن الرجل یدرک من الصلاة علی المیت تکبیرة قال: «یتم ما بقی» و هو ظاهر فی إتمام کل من التکبیر و الدعاء و لو مخففاً.

و فی روایة زید الشحام -و هی قابلة للاعتبار -عنه علیه السلام قال: «یکبر ما فاته».

و هی قابلة للحمل علی إکمال ما فاته من التکبیر و الدعاء و إن ذکر خصوص التکبیر دون الدعاء -کعنوان الرکعة لما فیها، نعم فی صحیح الحلبی

ص:304


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 17.

عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه قال: «إذا أدرک الرجل التکبیرة و التکبیرتین من الصلاة علی المیت فلیقض ما بقی متتابعاً» و ظاهره الاطلاق و حکی عن الفقیه و الشیخ و المحقق و العلّامة عدا القواعد و الشهید و غیرهم بل انه المشهور انه یتم ولاءً من دون التقیید بخوف الفوت، و علل بفوت محلّ الأدعیة، و فی خبر القلانسی عن رجل عن أبی جعفر علیه السلام قال: سمعته یقول فی الرجل یدرک مع الإمام فی الجنازة تکبیرة أو تکبیرتین فقال: یتم التکبیر و هو یمشی معها فإذا لم یدرک التکبیر کبر عند القبر فان کان أدرکهم و قد دفن کبّر علی القبر» و صدره فی المسبوق و یدلّ علی الصورة الثالثة فی المتن و مثله خبر جابر عن أبی جعفر علیه السلام قال علیه السلام : «تقضی ما فاتک قلت: استقبل القبلة قال: بلی و أنت تتبع الجنازة».

و ذیل القلانسی و إن لم یکن فی المسبوق إلّا انه یدفع دعوی فوت المحل للدعاء کما دلّت روایات (1) معتبرة علی جواز الصلاة علی القبر لمن فاتته الصلاة علی المیت، فالصحیح الجمع بین صحیح الحلبی و غیره بالتقیید.

و أما حمل موثق إسحاق عنه علیه السلام عن علی علیه السلام «لا یقضی ما سبق من تکبیر الجنائز» علی نفی قضاء الدعاء کما عن الشیخ فلا شاهد علیه و خلاف ظاهره، فهو مطروح و بعد کونه فی رواته من العامة.

ص:305


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 18.

فصل فی کیفیة صلاة المیت

اشارة

فصل

فی کیفیة صلاة المیت

و هی أن یأتی بخمس تکبیرات یأتی بالشهادتین بعد الأولی و الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله بعد الثانیة، و الدعاء للمؤمنین و المؤمنات بعد الثالثة. و الدعاء للمیت بعد الرابعة ثمّ یکبر الخامسة و ینصرف(1)، فیجزی أن یقول بعد نیة القربة و تعیین المیت و لو اجمالاً:

أما الخمس فحکی علیه الاجماع و قطع الأصحاب بأن الزیادة غیر مشروعة، و أما الدعاء بینها بأن ظاهرهم الوجوب و عن شرح الارشاد للفخر ان الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله واجبة بالاجماع. و عن المحقق فی الشرائع و النافع عدم لزومه و استشعر من مجمع الفائدة المیل إلیه، و أما الترتیب فی الدعاء فعن ابن أبی عقیل و الجعفی جمع الأدعیة عقب کل تکبیرة و عن المختلف تجویزه و عن المعتبر و التذکرة ان الکیفیة التی فی المتن أفضل و لا یتعین دعاء متعین، و قریب منه ما عن المنتهی و عن المدارک و المفاتیح عدم توقیت دعاء، و عن الغنیة الاجماع علی الترتیب، و عن الروض تعین الشهادتین و الصلاة و عن الذکری وجوب ما اشترکت به الروایات بأیة عبارة.

و تنقیح البحث فی أمور:

ص:306

و تعیین المیت -و لو اجمالاً -: «اللّه أکبر، أشهد أن لا إلّا اللّه، و أن محمداً رسول اللّه، اللّه أکبر اللهمّ صلِّ علی محمد و آل محمد، اللّه أکبر. اللهمّ اغفر للمؤمنین و المؤمنات، اللّه أکبر اللهمّ اغفر لهذا المیت، اللّه أکبر». و الأولی أن یقول بعد التکبیرة الأولی:

أشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لا شریک له إلهاً واحداً أحداً فرداً

الأول: فی کونها خمساً و یدلّ علیه جملة الصحاح الواردة (1) فی بیان الکیفیة مضافاً إلی ما خصّ (2) السؤال أو الجواب فیها بذلک کصحیح حماد و هشام و الحضرمی و عبد اللّه بن سنان و غیرها نعم قد اشتملت علی التفصیل بین المؤمن و المنافق بأن الخمس فی الأول و الأربع فی الثانی، لکن سیأتی ما ورد من روایات فی المنافق و الدعاء علیه استظهار جواز الخمس علیه مع الدعاء علیه و ما ینسب إلی البعض من الزیادة علی الخمس مع شرف المیت کما هو ظاهر صاحب (3) الوسائل استظهاراً (4) من صحیح الحلبی أن أمیر المؤمنین علیه السلام کبّر علی سهل بن حنیف خمساً و عشرین إلّا أنها صریحة فی ان ذلک لتکرار الصلاة و علی ذلک یحمل ما فی صحیح إسماعیل بن جابر و زرارة من تکبیره صلی الله علیه و آله علی حمزة سبعین و سبعین صلاة بل فی معتبرة الصدوق المرویة عن الرضا علیه السلام أن ذلک لتکرار الصلاة بالمجیء ببقیة الشهداء تعاقباً للصلاة مع

ص:307


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب2.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 5.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 6.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 6.

صمداً حیّاً قیوماً دائماً أبداً، لم یتخذ صاحبة و لا ولداً. و أشهد أن محمداً عبده و رسوله، أرسله بالهدی و دین الحق لیظهره علی الدین کله و لو کره المشرکون»، و بعد الثانیة: اللهمّ صلِّ علی محمد و آل محمد، و بارک علی محمد و آل محمد، و ارحم محمد و آل محمد أفضل ما صلّیت و بارکت و ترحمت علی إبراهیم و آل إبراهیم إنک حمید مجید، و صلِّ علی جمیع الأنبیاء و المرسلین و بعد الثالثة:

اللهمّ اغفر للمؤمنین و المؤمنات و المسلمین و المسلمات الأحیاء منهم و الأموات تابع اللهمّ بیننا و بینهم

بقاء جنازة حمزة (1).

و علی ذلک یحمل ما ورد من تکبیره صلی الله علیه و آله علی فاطمة بنت أسد أربعین تکبیرة (2).

و کذا ما ورد فی التکبیر علی الرسول صلی الله علیه و آله أنه خمس و سبعون و خمساً (3).

و ما ورد من أن هبة اللّه کبّر علی آدم علیه السلام مثل ذلک (4)، لا سیما و إن الملاحظ أن هذا العدد ینقسم علی خمس بنحو صحیح غیر کسری مما یؤشر انه من تکرار الصلاة و یصرح بذلک روایة عقبة عن جعفر قال: سئل جعفر علیه السلام عن التکبیر علی الجنائز فقال: «ذلک إلی أهل المیت ما شاءوا کبّروا»، فقیل:

ص:308


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 9 / 7.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 8 .
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 11.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 15.

انهم یکبرون أربعاً، فقال: «ذاک إلیهم» ثمّ قال: «أما بلغکم أن رجلاً صلّی علیه علی علیه السلام فکبّر علیه خمساً حتی صلّی علیه خمس صلوات، یکبّر فی کل صلاة خمس تکبیرات». قال: ثمّ قال: «إنه بدری عقبی أحدی، و کان من النقباء الذین اختارهم رسول اللّه صلی الله علیه و آله من الاثنی عشر» الحدیث (1) فهی صریحة فی أن عدد التکبیر المخیّر فی زیادته لیس تکبیرات الصلاة الواحدة بل کنایة عن عدد مرّات إقامة الصلاة علی المیت، نعم فی فرحة الغری (2) فی وصیة أمیر المؤمنین علیه السلام لابنه الحسن علیه السلام «فصل علیّ فکبّر سبعاً فانها لن تحل لأحد من بعدی إلّا لرجل من ولدی یخرج فی آخر الزمان یقیم اعوجاج الحق» الحدیث و هو صریح فی الاختصاص و یمکن حمل ما ورد فی التکبیر علی النبی صلی الله علیه و آله و علی آدم علیه السلام علی ذلک أیضاً.

الثانی: وجوب الدعاء هو ظاهر الأوامر الواردة فی الروایات البیانیة و اختلافها کما سیأتی لیس فی أصل الدعاء و انما فی کیفیاته نظیر ما ورد من اختلاف فی کیفیة التشهد فی الصلاة ذات الرکوع و السجود، و انه لیس فی التشهد شیء موقت و نظیره ورد فی المقام کما فی صحیح الفضلاء عن أبی جعفر علیه السلام «لیس فی الصلاة علی المیت قراءة و لا دعاء موقت، تدعو بما بدا لک...» (3).

ص:309


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 18.
2- 2) بحار الأنوار ج 42 / 215.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 7 / 1 -3.

بالخیرات إنک علی کل شیء قدیر» و بعد الرابعة: «اللهمّ إن هذا المسجی قدامنا عبدک و ابن عبدک و ابن أمتک نزل بک و أنت خیر منزول به اللهمّ إنک قبضت روحه إلیک و قد احتاج إلی رحمتک و أنت غنی عن عذابه، اللهمّ إنا لا نعلم منه إلّا خیراً و أنت أعلم به منا، اللهمّ إن کان محسناً فزد فی حسناته و إن کان مسیئاً فتجاوز عن سیئاته و اغفر لنا و له، اللهمّ احشره مع من یتولّاه و یحبّه و أبعده ممن یتبرأ منه و یبغضه، اللهمّ الحقه بنبیک، و عرف بینه و بینه و ارحمنا إذا توفیتنا یا إله العالمین، اللهمّ اکتبه عندک فی أعلی علیین و اخلف علی عقبه فی الغابرین، و اجعله من رفقاء محمد و آله الطاهرین و ارحمه و إیانا برحمتک یا أرحم الراحمین».

فالصحیح فی حین ینفی التوقیت لکنه متضمن للأمر بطبیعی الدعاء و جملة من قیوده العامة، و فی معتبرة الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام قال:

«انما لم یکن فی الصلاة رکوع و لا سجود لأنه انما أرید بهذه الصلاة الشفاعة لهذا العبد الذی قد تخلّی مما خلف، و احتاج إلی ما قدم» (1).

فجعل الدعاء غایة لتشریع الصلاة علی المیت، کما مرّ فی موثق یونس عن ماهیتها قوله علیه السلام : «انما هو تکبیر و تسبیح و تحمید و تهلیل» (2).

و فی معتبرة الفضل قوله علیه السلام «و انما هی دعاء و مسألة» (3).

ص:310


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 8 / 2.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 21 / 3.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 21 / 7.

و الأولی أن یقول بعد الفراغ من الصلاة: «ربنا آتنا فی الدنیا حسنة و فی الآخرة حسنة و قنا عذاب النار» و إن کان المیت امرأة یقول بدل قوله «هذا المسجی...» إلی آخره: «هذه المسجاة قدامنا أمتک و ابنة عبدک و ابنة أمتک» و أتی بسائر الضمائر مؤنثاً...

فجعل قوام ماهیتها بالتکبیر و التسبیح و الدعاء و المسألة.

الثالث: الترتیب فی الدعاء فالأظهر فی دلالة الروایات مراعاته و إن لم یکن فی الکیفیة شیء موقت کما فی صحیح الفضلاء المتقدّم کما انه یسوغ جمعه بعد کل تکبیرة أو بعد أحد التکبیرات إذا روعی الترتیب و یفرد بقیة الأدعیة بعد سائر التکبیرات کل ذلک هی ما اتفقت علیه دلالة الروایات کما أن مسمی التشهد و لو بصورة الثناء لا بلفظه و مادته و الصلاة علی النبی و آله و مسمّی الدعاء للمؤمنین و للمیت لا بدّ منه و إن توهم أن جملة من الروایات نافیة لوجوب بعض ذلک، و تفصیل ذلک فی الروایات (1) التی أوردها صاحب الوسائل فی الباب:

فالأولی: الصحیح إلی محمد بن مهاجر عن امه أم سلمة عن أبی عبد اللّه علیه السلام ، فهی منطبقة علی ما فی المتن و هو ما ذهب إلیه المشهور، و تضمنها «و صلّی علی الأنبیاء» شامل له صلی الله علیه و آله و بقیة الروایات حاکمة تفسیراً لتفصیل الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله .

و الثانیة: صحیح زرارة فهی و إن خلت عن التشهد أو نحوه من الاقرار بالتوحید و الرسالة إلّا أن کونها فی صدد بیان بقیة الفقرات من الدعاء

ص:311


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 2.

من الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله و ما بعدها بعد مفروغیة الثناء و نحوه الذی هو نمط من الاقرار بالشهادتین غیر بعید لا سیما و ما سیأتی فی جملة من الروایات من کونها فی صدد بیان بعض فصول الدعاء لوقوع اللبس و السؤال عنه.

و الثالثة: صحیح الحلبی فمنطبق علی مذهب المشهور نعم الدعاء للمؤمنین قد یقال مؤخر عن الدعاء للمیت فیه و لکن عند قوله علیه السلام : «اللهمّ اسلک بنا و به سبیل الهدی و اهدنا و إیاه صراطک المستقیم» فیه تأخیر الدعاء له عن المؤمنین و لو الأحیاء.

و الرابعة: روایة إسماعیل بن عبد الخالق فهی و إن اقتصرت علی الدعاء للمیت فقط دون بقیة الفصول من الأدعیة فی الصلاة إلّا ان من الظاهر فیها حیث لم تتعرض لذکر التکبیرات أیضاً آنها لیست فی صدد بیان کل الأجزاء و انما فی صدد بیان کیفیة الدعاء للمیت کجزء من الأجزاء. و من ذلک یظهر ان ما فی جملة من الروایات من الاقتصار علی بعض أجزاء الدعاء لیس فیها دلالة علی جواز الاکتفاء بذلک مقتصراً، بل هی فی صدد بیان الکیفیة فی ذلک الجزء.

الخامسة: صحیح أبی ولاد. فقد اقتصرت فی التشهد علی الشهادة الأولی دون الثانیة و فی الدعاء علی المیت دون المؤمنین.

و السادسة: موثق سماعة فهی منطبقة علی الترتیب.

و السابعة: حسنة کلیب الأسدی و هی صریحة فی أن الاقتصار لیس فی مقام تفصیل کل الأجزاء و انما فی بیان فقرة الدعاء للمیت مع ان

ص:312

الروایة تعرضت للتکبیرات و علی ذلک فلا یبقی وثوق فی دلالة بعض الروایات المقتصرة علی بعض الفقرات من دون ذکر البقیة.

الثامنة: روایة علی بن سوید فهی منطبقة علی الترتیب إلّا أنها متضمنة لقراءة أم الکتاب بعد التکبیرة الأولی فهی محمولة علی التقیة لدلالة الروایات الصحاح (1) علی عدم القراءة فیها.

التاسعة: معتبرة إسماعیل بن همام فالتعبیر بعد التکبیرة الأولی «فحمد اللّه و مجّده» و هو نمط من الاقرار بمضمون التشهد ثمّ ان بقیة الروایة منطبقة علی الترتیب.

و أما روایة المنقری عن یونس فهی کروایة علی بن سوید و أما موثق عمار فهی کمعتبرة إسماعیل بن همام نعم فی ترتیب الدعاء للمؤمنین و للمیت کالروایة الثالثة صحیح الحلبی المتقدم.

ثمّ انه یشهد علی الترتیب: ما ورد فی الصلاة علی المستضعف و المنافق حیث تضمّنت الروایات (2) الترتیب المزبور و الفقرات الثلاث الاولی مع ورود بعضها فی بیان کیفیة الدعاء للمستضعف فقط من دون ذکر بقیة الفقرات و کذلک بعض ما ورد (3) فی الدعاء علی المنافق و الحاصل ان مفاد الروایات هو الترتیب بین الفقرات سواء بنحو متوزع علی التکبیرات أو مجتمع

ص:313


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 7.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 3.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 4.

و إن کان المیت مستضعفاً یقول بعد التکبیرة الرابعة(1): «اللهمّ اغفر للذین تابوا و اتبعوا سبیلک و قهم عذاب الجحیم، ربنا و أدخلهم جنات عدن التی وعدتهم و من صلح من آبائهم و أزواجهم و ذریاتهم إنک أنت العزیز الحکیم و إن کان مجهول الحال یقول: اللهم إن کان یحب الخیر و أهله فاغفر له و ارحمه و تجاوز عنه، و إن کان طفلاً یقول: اللهم اجعله لأبویه و لنا سلفاً و فرطاً و أجراً.

بعد تکبیرة کما انه مع أدائها هو بالخیار وراء التکبیرات الأخری لکن بنحو لا یخل بالترتیب فی المکرر أیضاً و سواء اقتصر علی أحد الفقرات أو جملة منها.

و استظهر فی مفتاح الکرامة ارادتهم المخالف الذی لیس له نصب من المستضعف فی باب الزکاة و الوصیة بخلاف المقام فانه الذی لا یعرف الحق و لا یعاند و لا یوالی أحد بعینه و استظهر بعض شراح المتن إرادة القاصر مطلقاً و لا یخلو عن تأمل بحسب الروایات فیه، و قد حکی فی مفتاح الکرامة تفسیر المنافق بالناصب عن الصدوق و الشیخ و ابن حمزة و الشهید فی الذکری و الکرکی و الأردبیلی و غیرهم لکن عن ابن زهرة و ابن إدریس و العلامة و الدروس و الروضة و المدارک و المفاتیح و الکفایة و غیرهم إرادة المخالف من المنافق، و بعضهم فرق بین حکم الناصب و المخالف فی الدعاء علیه فی الأول و الاقتصار فی الثانی علی الأربع.

و غیرها من کلمات الأصحاب فان المعاند و المبغض لا ریب فی خروجه عن الضعف و کذا الذی لا یوالی و لا یعادی و لا یتولّی غیرهم فلا ریب فی دخوله فیه، بحسب النصوص فیه و الکلمات، و أما الذی لا یوالی

ص:314

و لا یعادی و لکنه یتولّی عدوهم فمع الاطلاع علی الخلاف و الأدلّة فظاهر النصوص خروجه للتقیید فی جملة منها کصحیح زرارة عن أبی جعفر علیه السلام «...

الذین لا یستطیعون حیلة و لا یهتدون سبیلاً» الحدیث (1).

و فی جملة اخری منها ان من سمع بالاختلاف لیس بمستضعف (2)کصحیح أبی بصیر و فی بعضها (3) خروج القائل بإیمان قاتلیهم عن الاستضعاف و فی بعضها خروج القدریة و المرجئة و الخوارج أیضاً.

الثانی: هل یکبر علیه خمساً أو أربعاً استظهر من کشف اللثام المفروغیة من الخمس و ان الاطلاق مقتضاه ذلک و اقتصار المخصص علی عنوان المنافق، لکن بعض ما استدلوا به فی المنافق شامل للمستضعف، مثل حسنة الحسین بن النضر قال: قال الرضا علیه السلام ما العلة فی التکبیر علی المیت خمس تکبیرات قال: رووا أنها اشتقت من خمس صلوات فقال: هذا ظاهر الحدیث، فأما فی وجه آخر، فإن اللّه فرض علی العباد خمس فرائض: الصلاة و الزکاة و الصوم و الحج و الولایة فجعل للمیت من کل فریضة تکبیرة واحدة، فمن قبل الولایة کبّر خمساً، و من لم یقبل الولایة کبر أربعاً فمن أجل ذلک تکبرون خمساً و من خالفکم یکبر أربعاً» (4) و مثلها

ص:315


1- 1) أصول الکافی ج 2 ص 404 باب المستضعف.
2- 2) المصدر السابق.
3- 3) أصول الکافی ج 2 ص 409 باب صنوف أهل الخلاف.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 5 / 26.

روایة أبی بصیر (1) إلّا أن فیها «و أنکروا واحدة».

لکن ما فی جملة روایات الصلاة علی المنافق من الأربع فی سیرته صلی الله علیه و آله أنه ذلک علامة المنافق، مما یعطی اختصاص الأربع به دون المستضعف، و کذا ما ورد (2) فی الصلاة علیه من الدعاء فی مقابل المؤمن و مقابل مجهول الحال فی روایة و سیاق واحد کصحیح زرارة و محمد بن مسلم و صحیح الحلبی و ما فی روایة (3) سلیمان بن خالد من تفسیره الدعاء المخصوص به انه إن کان مؤمناً دخل فیها و إن کان لیس بمؤمن خرج منها و الظاهر انه بلحاظ مآله الأخروی کما لو کان من المرجون لأمر اللّه تعالی.

الثالث: ان مقتضی الروایات الصحاح و غیرها الواردة (4) فیه هی لزوم ذلک الدعاء المخصوص به أی الدعاء المقید بالتوبة و حسن المآل، نعم الظاهر کما هو الحال فی المؤمن عدم وجوب خصوص الدعاء بالآیة بل ما یفیده من التقیید المزبور.

و فی صحیح الحلبی (5) اطلاق الکیفیة مع ذکر کیفیة اخری مع التقیید و التعلیق و أن یکون الاستغفار علی وجه وجهة الشفاعة لا الولایة.

ص:316


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 5 / 17.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 3.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 3 / 6.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 3.
5- 5) أبواب صلاة الجنازة ب 3 / 4.

الرابع: الدعاء للمجهول کما فی صحیح الحلبی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: ...

و إذا کنت لا تدری ما حاله فقل: اللهمّ إن کان یحبّ الخیر و أهله فاغفر له و ارحمه و تجاوز عنه» (1).

و فی صحیح زرارة و محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام «... و یقال فی الصلاة علی من لا یعرف مذهبه: اللهمّ ان هذه النفس أنت أحییتها و أنت أمتها، اللهمّ ولّها ما تولّت، و احشرها مع من أحبّت» (2) و غیرهما، و ظاهرهما کما مرّ فی المستضعف من جهة عدد التکبیرات و حکم الدعاء و کیفیته مع عدم توقیت ألفاظ خاصة.

الخامس: الدعاء للطفل و اطلاق الخمس فی التکبیرات شامل له و أما الدعاء له فقد ورد فی روایة زید بن علی عن آبائه عن علی علیه السلام -فی الصلاة علی الطفل -إنه کان یقول: اللهمّ اجعله لأبویه و لنا سلفاً و فَرَطاً و أجراً» (3).

و عن کشف اللثام تقویة عدم الوجوب لعدم کتابة شیء علیه کی یستغفر له، و فیه ان ظاهر ما ورد فی التکبیرات الخمس هو الفصل بینها بدعاء و هو لا ینحصر بتکفیر الذنوب بل یشمل ترفیع الدرجات و نحوه.

کما هو مضمون الروایة الواردة فیه، فیعم ما دلّ علی ان ماهیتها

ص:317


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 3 / 4.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 3 / 1.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 12 / 1.
مسألة 1:لا یجوز أقل من خمس تکبیرات إلّا للتقیة أو کون المیت منافقاً

(مسألة 1): لا یجوز أقل من خمس تکبیرات إلّا للتقیة أو کون المیت منافقاً(1). و إن نقص سهواً بطلت و وجب الاعادة إذا فاتت الموالاة و إلّا أتمّها.

دعاء و مسألة له و استغفار کما فی موثق یونس (1) و معتبرة الفضل (2) و صحیح الحلبی (3)و غیرها.

قد فسر المنافق بالناصب حکایة عن جملة من کتب المتقدمین کما مرّ و عن جماعة اخری تفسیره بالمخالف و إن فرق بعض بین المخالف و الناصب فی الدعاء علیه و إن اشترکا فی الأربع.

و عن بعض متأخری العصر ان المراد به من نافق فی إسلامه لاستبعاد إرادة المنافق فی الایمان بالامامة فی موارد نزول الآیة من قوله تعالی: «وَ لا تُصَلِّ عَلی أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً » (4).

و قوی فی الجواهر إرادة المنافق فی الایمان لظهور إرادته من الروایات الصادرة عن أهل البیت علیهم السلام فی عصرهم هذا مضافاً إلی ان الباحث فی السیرة یجد أن النفاق عمدته الذی کان مستفحلاً هو قبال الولایة للنبی صلی الله علیه و آله و أهل بیته علیهم السلام .

و فی صحیح صفوان الجمال (5) اطلاقه علیه السلام لفظ المنافق علی رجل مات

ص:318


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 7 / 2.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 8 .
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 20 / 1.
4- 4) البراءة / 84 .
5- 5) أبواب صلاة الجنازة ب 4 / 2.

فی عهد الحسین بن علی علیه السلام لأنه کان یبغض أهل البیت و یتولّی أعدائهم و مثله جملة الروایات الواردة فی الدعاء علی المنافق (1).

و من الواضح شموله لمن یخفی العداء و لا یجاهر به، و إذا کان العطف فی الدعاء للاستغراق لا للجمع فهو شامل لمطلق المخالف الذی یأتم بغیرهم و یعضده ما ورد (2) فی عموم الناصب للمعادی لشیعتهم و لتقدیم الجبت و الطاغوت و الائتمام بهما و هل یجب الاقتصار علی التکبیرات الأربع أم یأتی بالخامسة بعد الدعاء علی المنافق و کذلک فی حکم الدعاء علیه، ظاهر القواعد الثانی و کذا عن هدایة الصدوق و الغنیة. (3)

و عن الأکثر الأول و عن کشف اللثام عدم مشروعیة الخامسة إلّا لتقیة.

هذا و ظاهر جملة من الروایات (4) کصحیح الحلبی و غیره وجوب الدعاء علیه لظاهر الأمر، کما ان ظاهر صحیح إسماعیل بن سعد الأشعری عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال سألته عن الصلاة علی المیت؟ فقال: أما المؤمن فخمس تکبیرات، و أما المنافق فأربع و لا سلام فیها» (5).

و مقتضی المقابلة المنع و قد تقدم فی حسنة الحسین بن النضر عن الرضا علیه السلام «... و من لم یقبل الولایة کبّر أربعاً فما أجل ذلک تکبرون خمساً

ص:319


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 4.
2- 2) أبواب وجوب الخمس ب 2.
3- 3) أبواب وجوب الخمس ب 2.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 4.
5- 5) أبواب صلاة الجنازة ب 5 / 5.
مسألة 2:لا یلزم الاقتصار فی الأدعیة بین التکبیرات علی المأثور

(مسألة 2): لا یلزم الاقتصار فی الأدعیة(1) بین التکبیرات علی المأثور بل یجوز کل دعاء بشرط اشتمال الأول علی الشهادتین و الثانی علی الصلاة علی محمد و آله و الثالث علی الدعاء للمؤمنین و المؤمنات بالغفران و فی الرابع علی الدعاء للمیت و یجوز قراءة آیات القرآن و الأدعیة الاخر ما دامت صورة الصلاة محفوظة.

و من خالفکم یکبر أربعاً» (1).

لکن ظاهرها فی المصلی و فعله لا المیت و کذلک روایة أبی بصیر (2)التی تقدم الاشارة إلیها لکن بقرینة ذیلها و التلازم فی الوقوع بین فعل الحی للصلاة و المحل و هو المیت فی التعلیل لحکمة التشریع، هما دالتان علی الأربع. و أما الدعاء علیه فعلی القول بوجوبه یمکن اندراجه فی التکبیرات الأولی، و یؤیده ان النهی عن الصلاة علیه فی الآیة هو بلحاظ الدعاء له و التکبیرات الخمس بلحاظ توسط الفقرات الأربع من التشهد و الصلاة و الدعاء بینها فمع النهی عن الدعاء له یخصص التکبیرة الخامسة لنفی الفقرة الرابعة، هذا و ظاهر الأمر فی صحیح الحلبی و غیره کما تقدم هو وجوب الدعاء علیه ضمن و بضمیمة للفقرات السابقة.

ثمّ ان مقتضی اطلاق أخذ العدد فی التکبیرات هو اطلاق شرطیتها فلا تصح الصلاة بنقصها و لو سهواً، کما أن ظاهر أدلتها الموالاة بینها.

تقدمت الاشارة إلی جملة مفاد الروایات انه لیس فیها دعاء مؤقت و انه بمعنی التحدید فی الکیفیة لا أصل طبیعة الفقرات الأربع و الترتیب بینهما

ص:320


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 5 / 16 -17.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 5 / 16 -17.
مسألة 3:یجب العربیة فی الأدعیة بالقدر الواجب

(مسألة 3): یجب العربیة فی الأدعیة بالقدر الواجب و فیما زاد علیه یجوز الدعاء بالفارسیة(1) و نحوها.

مسألة 4:لیس فی صلاة المیت أذان و لا إقامة و لا قراءة الفاتحة و لا الرکوع و السجود

(مسألة 4): لیس فی صلاة المیت أذان و لا إقامة و لا قراءة الفاتحة و لا الرکوع و السجود و القنوت و التشهد و السلام و لا التکبیرات الافتتاحیة و أدعیتها(2). و إن أتی بشیء من ذلک بعنوان التشریع کان بدعة و حراماً.

کما أنه لا یلزم التوزیع بما فی المتن بل یجوز بکل کیفیة حیث قد ورد فی النصوص کیفیات متعددة ما دام یحافظ علی الترتیب و مسمی الفقرات الأربع فی مجموع الصلاة.

أما اشتراط العربیة فلأنه واجب عبادی توقیفی علی مفاد الروایات الوارد بالعربیة، إذ هی صلاة کما مرّ استظهاره من الروایات، غایة الأمر هی نمط آخر غیر الصلاة التی فیها رکوع و سجود، و أما الدعاء بغیر العربیة فیما زاد فمبنی علی الجواز فی قنوت الصلاة ذات الرکوع و السجود بل هاهنا أظهر علی القول بأنها صرف دعاء و مسألة.

کما هو مفاد الروایات البیانیة مضافاً إلی صحیح الفضلاء عن أبی جعفر علیه السلام قال: لیس فی الصلاة علی المیت قراءة» الحدیث (1).

و مثله صحیحتی محمد بن مسلم و زرارة و الحصر فی موثق یونس بن یعقوب لماهیة صلاة الجنازة فی قوله علیه السلام : «انما هو تکبیر و تسبیح و تحمید

ص:321


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 7 / 1 -3.
مسألة 5: إذا لم یعلم ان المیت رجل أو امرأة

(مسألة 5): إذا لم یعلم ان المیت رجل أو امرأة یجوز أن یأتی بالضمائر مذکرة بلحاظ الشخص و النعش و البدن و أن یأتی بها مؤنثة بلحاظ الجثة و الجنازة بل مع المعلومیة أیضاً یجوز ذلک و لو أتی بالضمائر علی الخلاف جهلاً أو نسیاناً لا باللحاظین المذکورین فالظاهر عدم بطلان الصلاة.(1)

و تهلیل» (1).

و فی صحیح الحلبی و زرارة نفی التسلیم (2) و صحیح محمد بن مسلم الآخر و معتبرة الفضل نفی الرکوع و السجود (3) و غیرها (4)، فمع استفاضة هذه الروایات یحمل ما فی روایة القداح (5)(6) و علی بن سوید و موثق عمار و سماعة و روایة یونس المتضمنة للتسلیم و القراءة علی التقیة، نعم فی الروایة الأخیرة التعبیر عن التکبیرة الأولی باستفتاح الصلاة. نعم نفی الماتن للقنوت و التشهد مأوّل علی إرادة الجلوس فی التشهد أو وظیفة رفع الیدین مع ان فی صحیح صفوان(7) (7) رفع الحسین علیه السلام یدیه فی الدعاء.

لصحة التعبیر لغة فیصدق الدعاء له، و الخطأ أو النسیان لحن

ص:322


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 7 / 2.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 9 / 2 -3 -5.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 8 / 1 -2.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 20 -21 -22.
5- 5) أبواب صلاة الجنازة ب 7 / 4 -5.
6- 6) (6) أبواب صلاة الجنازة ب 2 / 8 -11 -6.
7- 7) (7) أبواب صلاة الجنازة ب 4 / 2.
مسألة 6:إذا شک فی التکبیرات بین الأقل و الأکثر

(مسألة 6): إذا شک فی التکبیرات بین الأقل و الأکثر بنی علی الأقل(1) نعم لو کان مشغولاً بالدعاء بعد الثانیة أو بعد الثالثة فشک فی إتیان الأولی فی الأول أو الثانیة فی الثانی بنی علی الإتیان(2) و إن کان الاحتیاط أولی.

لا یضر بصدق عنوان الدعاء له أو أن الترکیب له وجه و صحة و إن لم یعلم به المتکلم و الأولی التأنیث بلحاظ النفس لأن الاسناد حقیقی.

لاستصحاب العدم، إلّا أن المتعین هو الاتیان بالباقی بنحو یقطع بالفراغ أی أن یأتی ببقیة الفقرات بنحو تتخلل فی التکبیرات علی تقدیر الأکثر أیضاً، فلا یؤخر الدعاء للمیت للرابعة بحسب الاستصحاب بل یقدمها بعد الرابعة بحسب احتمال الأکثر، و یکرره بعد الرابعة بحسب الظاهر، فیحصل الفراغ الیقینی، نعم هذا الاحتیاط ملزم بناء علی ان أصالة العدم لا تحرز عنوان العدد فیما تبقی من تکبیرات الصلاة کما هو أحد الوجهین فی الأصل المزبور فی شکوک رکعات الصلاة، نعم لو منع لزوم احراز عنوان العدد الوجودی، کان الاحتیاط المزبور ندباً.

بناء علی عموم قاعدة التجاوز و هی الفراغ فی الأثناء علی المختار بلحاظ ما تقدم من الأجزاء، نعم قد ذکرنا فی محله أن ما ورد من منع جریانها فی الوضوء و الغسل و هو صحیح زرارة هو بلحاظ عدم جریان القاعدة فی الأجزاء التی لم یحدد لها عنواناً کحقیقة شرعیة کما فی غسل الیدین و الوجه و المسح و کأشواط الطواف بخلاف الرکوع و السجود و القراءة و التشهد فی الصلاة، و الظاهر فی المقام انه من قبیل أجزاء الوضوء لا سیما و أن

ص:323

مسألة 7: یجوز أن یقرأ الأدعیة فی الکتاب

(مسألة 7): یجوز أن یقرأ الأدعیة فی الکتاب خصوصاً إذا لم یکن حافظاً لها.(1)

فصل فی شرائط صلاة المیت

اشارة

فصل

فی شرائط صلاة المیت

و هی أمور:

الأول: أن یوضع المیت مستلقیاً.

الثانی: أن یکون رأسه إلی یمین المصلّی و رجله إلی یساره.

الثالث: أن یکون المصلّی خلفه محاذیاً له لا أن یکون فی أحد طرفیه إلّا إذا طال صف المأمومین.

الرابع: أن یکون المیت حاضراً فلا تصح علی الغائب و إن کان حاضراً فی البلد(2)

کل الفقرات یصح الاتیان بها فی کل تکبیرة، ثمّ لو کان الشک فی الأدعیة و الفقرات لا فی التکبیرات فالحال کذلک و إن اعتبر بینها الترتیب لما مرّ من عدم تعنون الأجزاء کل بحقیقة عنوانیة شرعیة.

للاطلاق و العموم الشامل للدعاء من الکتاب لا سیما مع عدم الحفظ، کما فی قراءة الصلاة مع عدم الحفظ.

أما الشرط الأول و الثانی فیدلّ علیهما: ما فی موثق عمار

ص:324

ابن موسی (1) المتقدّم الاشارة إلیه فی التکفین و انه شرط فی الصلاة و المیت عاری لیس له کفن أنه یوضع اللبن علی عورته مما یدل علی استلقائه و إن کانت الخدشة فی الدلالة محتملة و أن وضعه علی الجنب لا یغطی العورة و القبل تماماً. و یدل علی الاستلقاء ما ورد (2) من الوقوف عند صدره و حیال السرة و أصرح من ذلک موثق عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام -فی حدیث -انه سئل عمن صلّی علیه فلما سلم الإمام فإذا المیت مقلوب رجلاه إلی موضع رأسه قال: «یسوی و تعاد الصلاة علیه و إن کان قد حمل، ما لم یدفن، فإن دفن فقد مضت الصلاة علیه و لا یصلّی علیه و هو مدفون» (3).

و فی صحیح یعقوب بن یقطین قال: سألت أبا الحسن الرضا علیه السلام عن المیت کیف یوضع علی المغتسل موجهاً وجهه نحو القبلة أو یوضع علی یمینه و وجهه نحو القبلة؟ قال: «یوضع کیف تیسّر، فإذا طهر وضع کما یوضع فی قبره» (4).

و هی دالة علی جهة رأسه و رجله و إن کانت موهمة للوضع علی جنب و لکن غیر مراد بقرینة وحدة السیاق فی حالة المغتسل. و أما الثالث و الرابع فیدل علیهما ما ورد من الصلاة علی المیت بعد الدفن لمن لم یصلِّ

ص:325


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 36 / 1.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 27.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 19 / 1.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 19 / 2.

الخامس: أن لا یکون بینهما حائل کستر أو جدار و لا یضر کون المیت فی التابوت و نحوه(1).

السادس: أن لا یکون بینهما بعد مفرط علی وجه لا یصدق الوقوف عنده إلّا فی المأموم مع اتصال الصفوف(2).

السابع: أن لا یکون أحدهما أعلی من الآخر علواً مفرطاً.

الثامن: استقبال المصلّی القبلة(3).

علیه (1) حیث یصلّی علی قبره عنده، و ما ورد (2) من القیام عند رأس جنازة المرأة و عند صدر الرجل و ما ورد (3) من کیفیة الصلاة علی الجنائز المتعددة و أن المرأة مما یلی القبلة و الرجل مما یلی الإمام کصحیح الحلبی فانها نص فی المطلوب فی الشروط الأربعة کلها و غیرها کذلک، و ما ورد فی النجاشی من صلاة الرسول صلی الله علیه و آله فقد فسّر بمجرد الدعاء و ما ورد من صلاته فهی بمعنی الدعاء کما استعمل اللفظة فی روایة أخری کذلک فی الباب المزبور.

لانعدام العندیة المأخوذة فی الأدلة، نعم فی اتصال صفوف النساء بالرجال کحکم الجماعة فی بقیة الصلوات.

لانتفاء العندیة أیضاً، و مثله الشرط السابع.

و یدل علیه ما ورد (4) فی الصلاة علی الجنائز فانه ناصة علی ذلک

ص:326


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 18.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 27.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 32.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 32.

التاسع: أن یکون قائماً(1).

العاشر: تعیین المیت علی وجه یرفع الإبهام و لو بأن ینوی المیت الحاضر أو ما عینه الإمام(2).

الحادی عشر: قصد القربة(3).

و کذلک ما ورد (1) فی الصلاة علی المصلوب و تضمنها استقبال ما بین المغرب و المشرق لدلالتها علی لزوم محاذاة مناکبه و منع استقباله و استدباره، و کذا ما ورد (2) فی من فاتته بعض التکبیرات فیتمّ مستقبلاً مع حرکة الجنازة.

و یدلّ علیه ما دلّ (3) علی کیفیة جماعة الرجال و جماعة النساء من قیامهم و الاصطفاف، و کذا ما تقدم (4) فی الصلاة علی المصلوب و کذا ما دلّ (5)علی الصلاة علی الجنائز المتعددة، انه یقوم و یقف وسطهن، و کذا ما ورد (6) فی قیام المصلّی عند رأس المرأة و صدر الرجل و غیرها مما ورد فیه من لفظ (یقوم).

إذ الصلاة اضیفت إلیه فی متعلق الوجوب فلا بدّ من ایقاعها مضافة إلیه کما هو مقتضی الدعاء فیها أیضاً.

العبادیة إضافة ذاتیة فی ماهیة العمل العبادی کما مرّ فی مباحث

ص:327


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 35.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 17 / 4.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 25 و ب 28 و 29.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 35.
5- 5) أبواب صلاة الجنائز ب 32.
6- 6) أبواب صلاة الجنائز ب 27.

الثانی عشر: إباحة(1) المکان.

الثالث عشر: الموالاة بین التکبیرات و الأدعیة علی وجه لا تمحی صورة الصلاة(2).

الرابع عشر: الاستقرار بمعنی عدم الاضطرار علی وجه لا یصدق معه القیام بل الأحوط کونه بمعنی ما یعتبر فی قیام الصلوات الأُخر(3).

نیة الوضوء و الغسل، و هی مفروضة فی المقام بعد کون کل الأجزاء مضافة ذاتاً.

هو الأولی و لکن لا اجتماع للمأمور به مع الحرام کی تبطل الصلاة کما هو مقرّر فی مبحث اجتماع الأمر و النهی فی مثل الصلاة عدا السجود، و هیئة القیام لیست من الأین بل من الوضع نصف المقولة و کذلک العندیة للجنازة.

مقتضی الوحدة فی عدد التکبیرات و الروایات البیانیة الظاهرة فی التوالی هو الصورة الخاصة ذات التوالی.

لا یخلو اعتبار المعنی الثانی أیضاً بعد کونه ظاهر أخذ القیام فی وسط الجنازة و القیام عندها، نعم ما ورد (1) من کیفیة صلاة أهل المدینة و الأطراف علی جنازته صلی الله علیه و آله من دورانهم حولها بقراءة آیة الصلاة علیه کما رسم ذلک لهم أمیر المؤمنین علیه السلام ، قد یستظهر عدمه و لکن جملة من الأصحاب حمل ذلک علی انه دعاء لا صلاة و أنه لم یصلِّ علیه إلّا أهل بیته و خاصتهم.

ص:328


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 16.

الخامس عشر: أن تکون الصلاة بعد التغسیل و التکفین و الحنوط کما مرّ سابقاً(1).

السادس عشر: أن یکون مستور العورة إن تعذّر الکفن و لو بنحو حجر أو لبنة(2).

السابع عشر: إذن الولی(3).

مسألة 1: لا یعتبر فی صلاة المیت الطهارة من الحدث و الخبث

(مسألة 1): لا یعتبر(4) فی صلاة المیت الطهارة من الحدث و الخبث و إباحة اللباس و ستر العورة و إن کان الأحوط اعتبار جمیع شرائط الصلاة حتی صفات الساتر من عدم کونه حریراً أو ذهباً أو من أجزاء ما لا یؤکل لحمه، و کذا الأحوط مراعاة ترک الموانع للصلاة کالتکلّم و الضحک و الالتفات عن القبلة.

کما هو مقتضی الروایات المتقدّم الاشارة إلیها فی ترتیب التکفین علی الغسل و الحنوط من الروایات البیانیة فی أبواب الغسل و تقدّمت المسألة فی الفصول السابقة.

تقدّمت المسألة بعینها فی الفصول السابقة.

بعد کونه أولی الناس به وارثه فیختص بشئونه و تکون متعلّقاً لولایته.

أما جواز الصلاة بالحدث و الخبث فیدلّ علیه بالخصوص (1) ما ورد من جوازها بغیر وضوء و الطامث و الجنب و أما بقیة شرائط المصلّی و شرائط الصلاة و أفعالها فقد تقدّم فی (مسألة 11) من (فصل الصلاة علی المیت)

ص:329


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 21 -22.
مسألة 2:إذا لم یتمکّن من الصلاة قائماً أصلاً یجوز أن یصلّی جالساً

(مسألة 2): إذا لم یتمکّن من الصلاة قائماً أصلاً یجوز أن یصلّی جالساً و إذا دار الأمر بین القیام بلا استقرار و الجلوس مع الاستقرار یقدم القیام و إذا دار بین الصلاة ماشیاً أو جالساً یقدّم الجلوس إن خیف علی المیت من الفساد مثلاً و إلّا فالأحوط الجمع(1).

أن طبیعة الصلاة مقرّرة فی صلاة المیت غایة الأمر المنفی عنها نوع و نمط من الصلاة هی ذات الرکوع و السجود و القراءة لا طبیعی الصلاة، کما مرّ فی جملة من الروایات (1)، و انه قد اعتبر فیها جملة من أحکام صلاة الجماعة و مثلها استقبال المعتبر فی أصل الصلاة و علی ذلک فاعتبار الشرائط المأخوذة فی طبیعی الصلاة -غیر المترتبة علی الرکوع و السجود و الطهور -لا یخلو من وجه، کما ان ما ورد (2) من صلاة العراة لیس علیهم إلّا الأزر أن یواروا عورة المیت و ما ورد (3) من عدم تقدّم المرأة التی تؤم النساء لا یخلو من إشعار بلزوم الساتر، هذا و أما التکلم و الضحک و الاستدبار فالأظهر اعتبارها موانع بعد ظهور الأدلّة فی اعتبار الصورة الصلاتیة.

لظهور الأدلّة اللفظیة فی اعتبار القیام کما مرّ فیتقدّم علی الاستقرار الذی مستنده لبی، معتضداً بما ورد (4) من الصلاة ماشیاً مع الجنازة لمن فاتته الصلاة.

ص:330


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 21 -29.
2- 2) ؟؟؟؟؟؟؟؟؟
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 25.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 17.
مسألة 3:إذا لم یمکن الاستقبال أصلاً

(مسألة 3): إذا لم یمکن الاستقبال أصلاً سقط(1) و إن اشتبه(2) صلّی إلی أربع جهات إلّا إذا

فلما یظهر من الروایات من کون الصلاة ذات مراتب بلحاظ بعض الشرائط و الأجزاء.

تارة الوظیفة بحسب مقتضی العلم الاجمالی و اخری بحسب الروایات الخاصة أما الأول فاللازم الصلاة إلی ثلاث جهات بینها فواصل متساویة یحرز بها القبلة مما بین المشرق و المغرب و أما الثانی فقد مرّ فی أحکام التخلی صحیح زرارة قال: قال أبو جعفر علیه السلام : «یجزئ التحرّی أبداً إذا لم یعلم أین وجه القبلة» (1) و مفادها إجزاء الظن مع تعذّر العلم دون فرض الشک فیبقی علی مقتضی القاعدة و قد تقدّم آنها عامة لجمیع الأبواب التی أخذ فیها القبلة شرطاً أو موضوعاً، و لکن هذا فی طریق الکلینی و التهذیب و أما فی طریق الصدوق إلی زرارة و عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام انه قال: یجزئ المتحیر أبداً أینما توجه إذا لم یعلم أین وجه القبلة» (2) و لکن روی الکلینی فی الصحیح عن ابن أبی عمیر عن بعض أصحابنا عن زرارة قال:

سألت أبا جعفر علیه السلام عن قبلة المتحیر فقال: یصلّی حیث شاء» (3).

و هو یعضد بصراحة الصورة المرویة بطریق الصدوق الدالّة علی الاکتفاء بالجهة الواحدة إذا لم یعلم، هذا مع امکان تعدّد الروایة معتضداً

ص:331


1- 1) أبواب القبلة ب 6 / 1.
2- 2) أبواب القبلة ب 8 / 2.
3- 3) أبواب القبلة ب 8 / 3.

خیف علیه الفساد فیتغیّر، و إن کان بعض الجهات مظنوناً صلّی إلیه و إن کان الأحوط الأربع.

مسألة 4:إذا کان المیت فی مکان مغصوب و المصلّی فی مکان مباح

(مسألة 4): إذا کان المیت فی مکان مغصوب و المصلّی فی مکان مباح صحت الصلاة(1).

مسألة 5: إذا صلّی علی میتین بصلاة واحدة و کان مأذوناً من ولی أحدهما دون الآخر

(مسألة 5): إذا صلّی علی میتین بصلاة واحدة و کان مأذوناً من ولی أحدهما دون الآخر أجزأ بالنسبة إلی المأذون فیه دون الآخر.(2)

مسألة 6: إذا تبین بعد الصلاة أن المیت کان مکبوباً

(مسألة 6): إذا تبین بعد الصلاة أن المیت کان مکبوباً وجب الإعادة(3) بعد جعله مستلقیاً علی قفاه.

مسألة 7:إذا لم یصلِّ علی المیت حتی دفن

(مسألة 7): إذا لم یصلِّ علی المیت حتی دفن یصلّی علی قبره،

بلزوم الأخذ بالظن فیما أمکن کما فی موثق سماعة (1) و یحمل ما روی من الصلاة إلی الأربع علی الندب.

مرّ الصحة مطلقاً لعدم اجتماع الحکمین مورداً.

بناءً علی لزوم الاذن کما مرّ.

کما ورد (2) فیما کان جهة الرأس إلی یسار الإمام انه تعاد الصلاة، بمقتضی اطلاق دلیل الشرطیة، نعم قد قیدت فی موثق عمار الاعادة بما لم یدفن و الظاهر عدم الفرق بعد دلالة الموثق علی کون الشرطیة ذکریة.

ص:332


1- 1) أبواب القبلة ب 6 / 2 -3.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 19.

و کذا إذا تبیّن بعد الدفن بطلان الصلاة من جهة من الجهات(1).

لم یحک الخلاف إلّا عن المعتبر حیث مال إلی الجواز دون الوجوب جمعاً بین النصوص و العلّامة فی بعض کتبه و المدارک و عن المشهور أو الأکثر تحدید جواز ذلک بالیوم و اللیلة و عن الخلاف ثلاثة أیام و عن جماعة من متأخری المتأخرین الاطلاق، و الروایات الواردة (1) بعضها علی الجواز و الاخری علی المنع، أما الأولی فمنها صحیح هشام بن سالم عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: لا بأس أن یصلّی الرجل علی المیت بعد الدفن» (2) و هی ظاهرة فی من صلّی علیه قبل الدفن، حیث ان إسناد الجواز إلی الرجل الحی کحکم له لا بیان حال حکم المیت فی نفسه لو لم یصلِّ علیه. و اصرح منه فی ذلک الصحیح إلی عبد اللّه بن مسکان عن مالک مولی الحکم عنه علیه السلام . و مثلها روایة عمرو بن جمیع و ظاهرها ان ذلک دیدنه صلی الله علیه و آله عند ما تفوته قبل الدفن، و روایة خالد بن ماد القلانسی (3).

أما الثانیة فمنها: موثق عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام -فیمن صُلّی علیه و هو مقلوب -«فان دفن فقد مضت الصلاة علیه و لا یصلّی علیه و هو مدفون» (4).

و منها صحیح محمد بن مسلم أو زرارة قال: الصلاة علی المیت بعد ما یدفن انما هو الدعاء قال قلت: فالنجاشی لم یصلِّ علیه النبی صلی الله علیه و آله فقال: لا

ص:333


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 18.
2- 2) المصدر السابق نفسه.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 17 / 5.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 19.

انما دعا له». و مثلها روایة یونس بن ظبیان.

و فی روایة یونس بن یعقوب عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: سألته عن الجنازة لم أدرکها حتی بلغت القبر أ صلّی علیها؟ قال: إن أدرکتها قبل أن تدفن فإن شئت فصلِّ علیها» (1).

و فی موثق عمار عنه علیه السلام قال المیت یصلّی علیه ما لم یوار التراب، و إن کان قد صلّی علیه» (2).

هذا، و الروایات المانعة لسانها نظیر الروایات (3) المانعة عن تکرار الصلاة علی المیت قبل الدفن و التی حملت علی الکراهة و نحوها لا نفی المشروعیة.

فقد ورد فی التکرار نظیر (ان الجنازة لا یصلّی علیها مرّتین ادعوا لها و قولوا خیراً) کما فی موثق إسحاق (4).

و هذا التعبیر ورد نظیره فی صحیح محمد بن مسلم المتقدّم من الروایات المانعة هذا مع ظهور المانعة فی من صلّی علیه و کذا المجوزة النافیة للبأس و یعزّز هذا الظهور ما مرّ فی موثق عمار من الترفّع إلی من صلّی علیه مما یدلّ علی کون تلک الصورة هی الأکثر توهماً للحظر.

ص:334


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 20.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 19.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 6.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 23.
مسألة 8:إذا صلّی علی القبر ثمّ خرج المیت من قبره بوجه من الوجوه

(مسألة 8): إذا صلّی علی القبر ثمّ خرج المیت من قبره بوجه من الوجوه فالأحوط إعادة الصلاة علیه.(1)

مسألة 9:یجوز التیمّم لصلاة الجنازة و إن تمکن من الماء

(مسألة 9): یجوز التیمّم لصلاة الجنازة و إن تمکن من الماء و إن کان الأحوط الاقتصار علی صورة عدم التمکن من الوضوء أو الغسل

هذا مع أن تکرّر التعبیر فی المقامین بأنه بعد الصلاة علیه انما یدعی له مع أن حقیقة صلاة المیت متضمّنة للدعاء و هو عمدة حقیقتها، مع احتمال جملة منها لمعانی اخری غیر ما نحن فیه فان روایة محمد بن أسلم (1) ظاهرة فی عدم جواز التأخیر کما لا تسوغ و المیت عریان أو الصلاة علی المدفون الذی صلّی علیه بعد تطاول مدّة مدیدة.

ثمّ ان مقتضی المشروعیة و اطلاق الوجوب هو وجوب الصلاة علی المدفون الذی لم یصلِّ علیه و إن کان عن عمد، نعم یقع الکلام فی وجوب النبش و الصلاة علیه بعد ذلک أو حرمته و للصلاة علیه مدفوناً ظاهر الجواهر الثانی لحرمة النبش فضلاً عما لو خیف فساد البدن.

بدعوی انکشاف الحال أن القدرة متوفرة للصلاة علیه قبل الدفن، و الصحیح أن الفرض لا یندرج فی الموضوع المزبور لأنه من انقطاع الدفن بقاءً کما لو حصل بالنبش فالإعادة احتیاطیة فخروجه لا یخل بتحقق الموضوع سابقاً.

ص:335


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 18 / 8 .

أو صورة خوف فوت الصلاة منه.(1)

مسألة 10:الأحوط ترک التکلّم فی أثناء الصلاة علی المیت

(مسألة 10): الأحوط ترک التکلّم فی أثناء الصلاة علی المیت و إن کان لا یبعد عدم البطلان به.(2)

ظاهر موثق سماعة و صحیح الحلبی (1) التیمّم فی مورد سؤال السائل عند عدم التمکن من الماء لکن بالالتفات إلی روایة عبد الحمید بن سعد قال قلت لأبی الحسن علیه السلام الجنازة یخرج بها و لست علی وضوء فإن ذهبت أتوضأ فاتتنی الصلاة أ یجزی لی أن أصلی علیها و أنا علی غیر وضوء؟ فقال: «تکون علی طهر أحبّ إلیّ» (2) فإنه مع فرض الراوی عدم التمکن حث علیه السلام علی الطهر مما ینبه علی أن عدم التمکن المفروض فی أسئلة الرواة لیس هو العجز حقیقة بل الکلفة و معرضیة التأخیر و یؤیده مرسلة الصدوق (أنه -أی من لم یکن علی وضوء -یتیمم إن أحب) (3)، و هو و إن احتمل کونه استظهار الصدوق من الروایتین المتقدمتین إلّا أنه یؤید ما استظهرناه منهما.

مرّ أن طبیعة الصلاة غیر منفیة عن صلاة المیت و إنما المنفی هو نمط الشائع منها ذات الرکوع و السجود و الطهور و علی ذلک فلها صورة صلاتیة و من ثمّ الجماعة فیها هیئة الجماعة فی طبیعة الصلاة، مضافاً إلی أنه مقتضی هیئة العدد و للفقرات المأخوذة فیها.

ص:336


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 21 / 5 -6.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 21 / 2.
3- 3) المصدر ح 3.
مسألة 11: مع وجود من یقدر علی الصلاة قائماً فی إجزاء صلاة العاجز عن القیام جالساً اشکال

(مسألة 11): مع وجود(1) من یقدر علی الصلاة قائماً فی إجزاء صلاة العاجز عن القیام جالساً اشکال، بل صحتها أیضاً محل اشکال.

مسألة 12: إذا صلّی علیه العاجز عن القیام جالساً باعتقاد عدم وجود من یتمکّن من القیام ثمّ تبین وجوده

(مسألة 12): إذا صلّی علیه العاجز عن القیام جالساً باعتقاد عدم وجود من یتمکّن من القیام ثمّ تبین وجوده فالظاهر وجوب الاعادة بل و کذا إذا لم یکن موجوداً من الأول لکن وجد بعد الفراغ من الصلاة، و کذا إذا عجز القادر القائم فی أثناء الصلاة فتممها جالساً فانها لا تجزئ عن القادر، فیجب علیه الإتیان بها قائماً.(2)

مسألة 13:إذا شک فی أن غیره صلّی علیه أم لا

(مسألة 13): إذا شک فی أن غیره صلّی علیه أم لا بنی علی عدمها و إن علم بها و شک فی صحتها و عدمها حمل علی الصحة و إن کان من صلّی علیه فاسقاً، نعم لو علم بفسادها وجب الاعادة و إن کان المصلّی معتقداً للصحة و قاطعاً بها.(3)

إذ مع التمکن من الفرد و الطبیعة الکاملة لا یجتزئ بالناقص، نعم الظاهر مشروعیة صلاة الجالس مع القائم نظیر مشروعیة صلاة الصبی، بعد ظهور الأدلّة فی کونها ذات مراتب کما مرّ و إن لم یکتفِ بالناقص.

لانکشاف عدم موضوع البدل الاضطراری بتوفر القدرة علی الفرد التام.

أما صورة الشک فإن کان ظاهر حال الغیر تولی شأن المیت و التشاغل بتجهیزه فأصالة الصحة جاریة للبناء علی إتیانه بمقتضی السیرة و لو قبل العمل، أما مع عدم وضع الغیر یده علی الجنازة فالاستصحاب محکم.

ص:337

مسألة 14: إذا صلّی أحد علیه معتقداً بصحتها بحسب تقلیده أو اجتهاده

(مسألة 14): إذا صلّی أحد علیه معتقداً بصحتها بحسب تقلیده أو اجتهاده لا یجب علی من یعتقد فسادها بحسب تقلیده أو اجتهاده. نعم لو علم علماً قطعیاً ببطلانها وجب علیه إتیانها و إن کان المصلّی أیضاً قاطعاً بصحتها.(1)

مسألة 15:المصلوب بحکم الشرع لا یصلّی علیه قبل الانزال

(مسألة 15): المصلوب بحکم الشرع لا یصلّی علیه قبل الانزال، بل یصلّی علیه بعد ثلاثة أیام بعد ما ینزل، و کذا إذا لم یکن بحکم الشرع لکن یجب إنزاله فوراً و الصلاة علیه و لو لم یمکن إنزاله یصلّی علیه و هو مصلوب مع مراعاة الشرائط بقدر الإمکان(2).

نعم لا یشترط فی أصالة الصحة عدالة الغیر لکن یشترط عدم العلم بجهله باحکام التجهیز.

المطرد فی باب الاجزاء هو عدم الاکتفاء بما یعلم تعبداً بطلانه عدا ما دل الدلیل علیه فی بعض الموارد کما فی تبدل التقلید بلحاظ الأعمال السابقة، لکن هذا لو کان مأذوناً من الولی و إلّا فلیس له المبادرة بالإعادة و هکذا الحال لو علم بالبطلان بنحو القطع غایة الأمر اللازم علیه مع تلک الحال تنبیه الولی علی ذلک لو کان منشأ البطلان موضوعی لا الاختلاف الحکمی.

أما انزال المصلوب بعد ثلاثة أیام فیدلّ علیه معتبرة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السلام أن أمیر المؤمنین علیه السلام صلب رجلاً بالحیرة ثلاثة أیام ثمّ أنزله فی الیوم الرابع فصلّی علیه و دفنه» (1).

ص:338


1- 1) أبواب حد المحارب ب 5 / 1.
مسألة 16: یجوز تکرار الصلاة علی المیت

(مسألة 16): یجوز تکرار الصلاة علی المیت سواء اتحد المصلّی أو تعدّد، لکنه مکروه إلّا إذا کان المیت من أهل العلم و الشرف و التقوی(1).

و فی معتبرته الأخری عنه علیه السلام ان رسول اللّه صلی الله علیه و آله قال: لا تدعو المصلوب بعد ثلاثة أیام حتی ینزل فیدفن» (1) و غیرهما حیث یتمکن من أداء الصلاة علیه بالشرائط بعد الانزال فلا یصلّی علیه و هو مصلوب إلّا مع التعذّر کما فی صحیح أبی هاشم الجعفری (2) عنه علیه السلام فی قصة زید رضی الله عنه .

و أما الذی صلب بغیر الشرع فاللازم انزاله لحرمته و لوجوب دفنه.

عن المشهور الکراهة و عن ابن سعید استحباب التکریر لمن لم یصلِّ علیها و عن بعضهم مطلقاً. و عن کاشف اللثام المیل إلیه لمن لم یصلِّ.

و عن ابن إدریس تخصیص الکراهة بالجماعة و عن الخلاف و الشهیدین و الکرکی تخصیص الکراهة بالمصلّی الواحد و عن آخرین التقیید بما إذا خیف علی المیت بظهور شیء ، و استظهر فی الذکری من الأکثر تخصیص الکراهة بالمفرد.

و عن مالک و أبی حنیفة کراهة التکرار مطلقاً و عن الشافعی و ابن حنبل التکرار لمن فاتته الصلاة ما لم یدفن و إن دفنت یصلّی إلی یوم و لیلة و ثلاثة أیام.و منشأ اختلاف الأصحاب تعدّد طوائف الروایات:

ص:339


1- 1) أبواب حد المحارب ب 5 / 2.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 35.

فمنها: ما دلّ علی جواز الصلاة مطلقاً ما لم یوار بالتراب کموثق عمار (1).

و منها: الجواز لمن فاتته قبل الدفن کموثق یونس (2).

و منها: جواز الصلاة لمن لم یصلّوا قبل الدفن مع عدم التأخیر للمیت کحسنة جابر (3).

و منها: جواز الصلاة لأهل الوجاهة فی الدین کالذی ورد فی تکراره علیه السلام الصلاة علی سهل بن حنیف و قد یستفاد من تکراره صلی الله علیه و آله علی حمزة بناءً علی التعمیم لأصل التکرار و نظیره فی صلاته علی فاطمة بنت أسد و حمل کل ذلک فی أصل التکرار علی الخصوصیة خلاف الأصل الأولی فی التأسّی لا سیما و انهم علیهم السلام تصدوا لبیان تلک الموارد فی المقام.

و منها: جوازها حتی علی القبر (4) کما مرّ.

و منها: ما دلّ علی جواز ما لم یوار کموثق عمار (5) و موثق یونس لمن لم یصلِّ علیها و کذا روایة جابر.

و منها: ما دلّ علی المنع کموثق إسحاق و روایة الحسین بن علوان و روایة وهب بن وهب و فی مصحح أبی حمزة أن السنة الیوم فینا خمس تکبیرات) (6) و الملحوظ ان الروایات المانعة رواتها من العامة و التی رواتها من

ص:340


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 21 و ب6 / 19 -20 -22.
2- 2) أبواب صلاة الجنازة ب 21 و ب6 / 19 -20 -22.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 21 و ب6 / 19 -20 -22.
4- 4) أبواب صلاة الجنازة ب 18.
5- 5) أبواب صلاة الجنازة ب 6 / 19 -20.
6- 6) المصدر ح 4 -14 -15.
مسألة 17:یجب أن تکون الصلاة قبل الدفن

(مسألة 17): یجب أن تکون الصلاة قبل الدفن فلا یجوز التأخیر إلی ما بعده، نعم لو دفن قبل الصلاة عصیاناً أو نسیاناً أو لعذر آخر أو تبین کونها فاسدة و لو لکونه حال الصلاة علیه مقلوباً لا یجوز نبشه لأجل الصلاة بل یصلّی علی قبره مراعیاً للشرائط من الاستقبال و غیره و إن کان بعد یوم و لیلة بل و أزید أیضاً إلّا أن یکون بعد ما تلاشی و لم یصدق علیه الشخص المیت فحینئذٍ یسقط الوجوب، و إذا برز بعد الصلاة علیه بنبش أو غیره فالأحوط إعادة الصلاة علیه(1).

الخاصة فانها فی صدد دفع وهم أن یزاد فی الصلاة الواحدة علی خمس کما قد یتوهم ذلک العامة کما یشیر إلی هذا المعنی روایة عقبة (1) و عمرو بن شمر (2) و غیرها من الروایات لا سیما و أن فی بعضها کروایة عمرو بن جمیع (3)أن دأبه صلی الله علیه و آله الصلاة علی المیت عند ما تفوته، و الأمر فی الکراهة سهل و القدر المتیقن من ثبوتها و إعادتها جماعة لمن صلّی علیها فی الجماعة الأولی، نعم أهل الفضل و التقوی خارجین عن هذه الکراهة.

تقدم فی (مسألة 7 -8) جملة البحث فی ذلک، و الروایات الواردة فی تجهیز المیت برمتها دالّة علی التقدیم للصلاة علی الدفن، و مرّ انه لو دفن عصیاناً فضلاً عن العذر انه یصلّی علیه علی القبر فإن الدفن المأمور و إن کان بعد الصلاة لکن حصوله مع التخوف علی المیت من النبش، یقرّب تحقق

ص:341


1- 1) المصدر السابق ح 18 -21.
2- 2) المصدر السابق ح 18 -21.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 18 / 3.
مسألة 18:المیت المصلّی علیه قبل الدفن یجوز الصلاة علی قبره أیضاً ما لم یمض أزید من یوم و لیلة

(مسألة 18): المیت المصلّی علیه قبل الدفن یجوز الصلاة علی قبره أیضاً ما لم یمض أزید من یوم و لیلة و إذا مضی أزید من ذلک فالأحوط الترک.(1)

مسألة 19:یجوز الصلاة علی المیت فی جمیع الأوقات بلا کراهة

(مسألة 19): یجوز الصلاة علی المیت فی جمیع الأوقات بلا کراهة حتی فی الأوقات التی یکره النافلة فیها عند المشهور

ملاک الدفن المأمور به لا سیما لمطلوبیته حدوثاً و بقاءً مع توفر البدل للصلاة قبل بالبعدیة، لا سیما ممن لم یعصی بارتکاب الدفن قبل الصلاة، مؤیداً بما ورد من عدم نبشه مع تبین کونه مقلوباً، و أما التحدید بیوم و لیلة أو الثلاثة الذی ورد فی کلام المشهور فی الخلاف فقد مرّ انه لم نقف علی مستنده.

مرّ الکلام فی ذلک فی مسألة (7 -8)، هذا و قد یستشکل فی مشروعیة الصلاة علی قبر من صلّی علیه بما ورد فی روایة محمد ابن مسلّم عن الصلاة علی المدفون قال علیه السلام لا، لو جاز لأحد لجاز لرسول اللّه صلی الله علیه و آله ) (1).

و یعضد مضمون الروایة انه صلی الله علیه و آله أخّر دفنه حتی استکمل الصلاة علیه من أهل المدینة و ضواحیها، فیعضد ذلک المطلقات الناهیة، و لکن قد تقدم أنهما تحتمل إرادة عدم جواز التأخیر لأصل الصلاة إلی بعد الدفن بقرینة النهی عنها و هو عریان، مضافاً إلی الروایات المجوزة التی مرّت الاشارة إلیها نعم لا یبعد ظهورها فی إیقاعها عند قرب مدّة الدفن.

ص:342


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 18 / 8 .

من غیر فرق بین أن یکون الصلاة علی المیت واجبة أو مستحبّة.(1)

مسألة 20:یستحبّ المبادرة إلی الصلاة علی المیت

(مسألة 20): یستحبّ المبادرة إلی الصلاة علی المیت و إن کان فی وقت فضیلة و لکن لا یبعد ترجیح تقدیم الفضیلة(2) مع ضیقه کما ان الأولی تقدیمها

کما فی صحیح الحلبی و محمد بن مسلم (1) و غیرهما (2)، نعم فی قویة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه الکراهة حتی تصفر الشمس و تطلع، و لا یبعد حملها علی التقیة لا سیما و أن أصل الکراهة لذلک الوقت فی طبیعة الصلاة محتمل للتقیة، لا سیما مع المحکی عن أبی حنیفة و مالک عدم جوازها، حینئذٍ.

استحباب تعجیل صلاة الجنازة هو مقتضی ندبیة تجهیز المیت و المبادرة إلی الفضیلة عند تضییقها مقتضی الندبیة، و لعلّ ما فی المتن وجه الجمع بین صحیح (3) علی بن جعفر من تقدیم صلاة الفریضة و مثلها روایة هارون بن حمزة و بین روایة جابر من تقدیم صلاة الجنازة، لا سیما و أن المفروض فی الصحیح صلاة المغرب و وقت الفضیلة فیها ضیق، و أما تقدیمها علی النافلة الراتبة و قضاء الفریضة فقد یقال بتقدیمهما علیها لتقدیم الفریضة علی صلاة الجنازة و تقدمهما علی الفریضة و المتقدم علی المتقدم متقدم، و فیه

ص:343


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 20 / 1 -2.
2- 2) المصدر السابق و أبواب الاحتضار ب 47.
3- 3) أبواب صلاة الجنازة ب 31.

علی النافلة و علی قضاء الفریضة و یجب تقدیمها علی الفریضة فضلاً عن النافلة فی سعة الوقت إذا خیف علی المیت من الفساد.

و یجب تأخیرها عن الفریضة مع ضیق وقتها و عدم الخوف علی المیت، و إذا خیف علیه مع ضیق وقت الفریضة تقدّم الفریضة و یصلّی علیه بعد الدفن، و إذا خیف علیه من تأخیر

أن تقدم الفریضة علیها مطلقاً قد عرفت التأمل فیه بل علی التفصیل و منه یظهر عدم تقدیمهما علیها.

و أما صورة الخوف علی المیت من الفساد مع سعة وقت الفریضة فتقدم صلاة المیت للضیق الطارئ لها. و مثله العکس.

و أما صورة الدوران بین ضیق وقت الصلاتین معاً دون الدفن، فحیث أن صلاة الجنازة ذات بدل فتتأخر عن الفریضة و أبدال الفریضة الاختیاریة و إن کانت مقررة أیضاً إلّا أن الظاهر تقدم المرتبة الاختیاریة علی اختیاریة صلاة المیت، و کذلک بالنسبة إلی ادراک رکعة من الوقت بعد کونها عمود الدین و الصلة التی بین العبد و ربه خلافاً لما حکی من احتمال جامع المقاصد.

و أما الدوران بین الفریضة و الدفن فالظاهر تقدیم الدفن علی المرتبة الاختیاریة من الفریضة إن لم یمکن إدخال صلاة الجنازة فی الفریضة کما یأتی. فیکتفی بادراک رکعة من الوقت أو ابدال السجود و الرکوع أو حذف الأذکار و ترک الاستقرار و لو مومئاً لحرمة المسلم و المؤمن میتاً کحرمته حیّاً.

و أما الجمع مع القضاء فهو أحوط و إن کان الاجتزاء بالأداء بعد وصول النوبة إلیه أظهر.

ص:344

الدفن مع ضیق وقت الفریضة یقدّم الدفن و تقضی الفریضة، و إن أمکن أن یصلّی الفریضة مومئاً صلّی و لکن لا یترک القضاء أیضاً.

مسألة 21:لا یجوز علی الأحوط إتیان صلاة المیت فی أثناء الفریضة

(مسألة 21): لا یجوز علی الأحوط إتیان صلاة المیت فی أثناء الفریضة و إن لم تکن ماحیة لصورتها(1) کما إذا اقتصر علی التکبیرات و أقل الواجبات من الأدعیة فی حال القنوت مثلاً.

مسألة 22:إذا کان هناک میتان یجوز أن یصلّی علی کل واحد منهما منفرداً

(مسألة 22): إذا کان هناک میتان یجوز أن یصلّی علی کل واحد منهما منفرداً و یجوز التشریک بینهما فی الصلاة فیصلّی صلاة واحدة علیهما(2) و إن کانا مختلفین فی الوجوب و الاستحباب، و بعد التکبیر الرابع

بعد ورود جواز إتیان صلاة الآیات أثناء الفریضة یتم استظهار عدم تنافی إتیان صلاة المیت أثناء الفریضة أیضاً لا سیما و انها لا تشتمل علی تسلیم و لا علی رکوع أو سجود لتکون زیادة فی المکتوبة زیادة رکنیة، و انما هی متضمنة للدعاء و الاستغفار و الأذکار و بعد أن لم تکن ماحیة مع الاختصار.

کما دلّت علی ذلک جملة من الروایات المستفیضة (1)، و حینئذٍ یراعی فی أداء وظیفة الدعاء للمیت و الاستغفار له عدد الجنائز بضمیر التثنیة أو الجمع. هذا و أما صورة الخوف علی أحدهما من الفساد فهو غیر موجب للتقدیم ما دامت الصلاة علی کلا المیتین معاً لا تستغرق وقتاً أکثر من التفرّد.

ص:345


1- 1) أبواب صلاة الجنائز ب 32 -34.

یأتی بضمیر التثنیة، هذا إذا لم یخف علیهما أو علی أحدهما من الفساد، و إلّا وجب التشریک أو تقدیم من یخاف فساده.

مسألة 23:إذا حضر فی أثناء الصلاة علی المیت میت آخر

(مسألة 23): إذا حضر فی أثناء الصلاة علی المیت میت آخر یتخیر المصلّی بین وجوه(1):

الأول: أن یتم الصلاة علی الأول ثمّ یأتی بالصلاة علی الثانی.

الثانی: قطع الصلاة و استئنافها بنحو التشریک.

الثالث: التشریک فی التکبیرات الباقیة و إتیان الدعاء لکل منهما بما یخصه و الإتیان ببقیة الصلاة للثانی

المحکی عن المشهور التخییر بین الأولین من دون ذکر الثالث و عن حاشیة المیسی و الشهید الثانی فی جملة کتبه و الشهید فی الذکری مستنداً إلی صحیح علی بن جعفر الآتی و حکاه عن ابن الجنید و الشیخ فی تأویل روایة جابر «ان رسول اللّه صلی الله علیه و آله کبّر احدی عشرة و سبعاً و ستاً» علی حضور جنازة أخری.

و عن جامع المقاصد و کاشف اللثام الاعتراض علیه بعدم استفادته من الخبر. و عن مجمع الفائدة الاعتراض أیضاً بأنه قد تکون التکبیرة الواحدة علیهما مختلفة بالوجوب و الندب و عن الشهید الاعتراض علی نفسه بعدم تناول النیة للثانی ثمّ احتمل الاکتفاء بإحداث النیة للثانی و عن کاشف اللثام استظهاره من قول الشیخ و الصدوق فی الفقیه بل حمل الابطال فی عبائر الأکثر علی التشریک بزیادة تکبیرات الأولی بإتیان خمس من حین وضع الثانیة و علی هذا، فالوجوه تصبح أربعة لأن للتشریک صورتین محتملتین حینئذٍ،

ص:346

و أشکل بعض المحشین الوجه الثانی فی المتن بعدم حصول القطع بمجرّد النیة.

و أما صحیح علی بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر علیه السلام قال: سألته عن قوم کبّروا علی جنازة تکبیرة أو اثنتین و وضعت معها اخری کیف یصنعون؟ قال: «إن شاءوا ترکوا الأولی حتی یفرغوا من التکبیر علی الأخیرة، و إن شاءوا رفعوا الأولی و أتموا ما بقی علی الأخیرة، کل ذلک لا بأس به» (1).

و احتمل فی دلالتها وجوه:

الأول: التخییر بین الوجهین الأولین فی المتن بجعل الشق الثانی دالّاً علی الوجه الأول و الآخر علی الآخر.

الثانی: التشریک و التخییر فی رفع الجنازة الأولی بعد فراغهم من التکبیرات علیها و بین ترکها حتی یتموا علی الجنازة الثانیة.

الثالث: ما احتمله الأردبیلی و کاشف اللثام و صاحب الوسائل من إرادة الوجه الأول فی المتن فقط و التخییر فی رفع الجنازة الأولی و ترکها عند الإتیان بصلاة الثانیة.

و الأقوی إن کلا الشقین هو فی التشریک فی الصلاة و التکبیرات و التخییر انما هو فی رفع الجنازة و القرینة علی ذلک التعبیر فی الشق الأول ب (یفرغوا) من الثانیة مع أن الفرض فی السؤال هو وضعها مع الأولی فی الأثناء مما یقضی بالمعیة، و التعبیر فی الشق الثانی بالاتمام مما یقضی بتقدم

ص:347


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 34 / 1.

بعد تمام صلاة الأول، مثلاً إذا حضر قبل التکبیر الثالث یکبر و یأتی بوظیفة صلاة الأول و هی الدعاء للمؤمنین و المؤمنات، و بالشهادتین لصلاة المیت الثانی، و بعد التکبیر الرابع یأتی بالدعاء للمیت الأول، و بالصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله للمیت الثانی و بعد الخامسة تتم صلاة الأول، و یأتی للثانی بوظیفة التکبیر الثالث، و هکذا یتم بقیة صلاته، و یتخیر فی تقدیم وظیفة المیت الأول أو الثانی بعد کل تکبیر مشترک، هذا مع عدم الخوف علی واحد منهما و أما إذا خیف علی الأول یتعین الوجه الأول، و إذا خیف علی الثانی یتعین الوجه الثانی، أو تقدیم الصلاة علی الثانی بعد القطع، و إذا خیف علیهما معاً یلاحظ قلة الزمان فی القطع و التشریک بالنسبة إلیهما إن أمکن و إلّا فالأحوط عدم القطع.

بعض مبتدأ للصلاة علی الثانیة مع الصلاة علی الأولی مضافاً إلی التأکید علی ذلک بکلمة بقی، هذا مع ان التشریک فی التکبیرات هو مقتضی القاعدة بعد عدم الاخلال بالموالاة و بعد کون التشریک فی التکبیرات من الابتداء سائغ و بعد کون الإتیان بالفقرات کلها أو بنحو مختلف مع حفظ الترتیب سائغ مطلقاً.

ص:348

فصل فی الدفن

اشارة

فصل

فی الدفن

یجب کفایة دفن المیت(1) بمعنی مواراته فی الأرض بحیث یؤمن علی جسده من السباع و من إیذاء ریحه للناس(2)

و یدلّ علیه مضافاً إلی الضرورة بین المسلمین متواتر الروایات الواردة فی أبواب تجهیز المیت، بل قوله تعالی: «فَبَعَثَ اللّهُ غُراباً یَبْحَثُ فِی الْأَرْضِ لِیُرِیَهُ کَیْفَ یُوارِی سَوْأَةَ أَخِیهِ » (1)و ما یشعر به القسم بذلک فی «وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ » (2)و «أَ فَلا یَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِی الْقُبُورِ » (3)و قوله تعالی: «أَ لَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ کِفاتاً * أَحْیاءً وَ أَمْواتاً » (4)و «مِنْها خَلَقْناکُمْ وَ فِیها نُعِیدُکُمْ » (5).

أما فی الأرض و بنحو المواراة فیدلّ علیه مضافاً إلی ما تقدّم، معتبرة الفضل بن شاذان عن الرضا علیه السلام قال: «انما امر بدفن المیت لئلّا یظهر الناس علی فساد جسده و قبح منظره، و تغیر ریحه، و لا یتأذی به الأحیاء بریحه،

ص:349


1- 1) المائدة / 31.
2- 2) الانفطار / 4.
3- 3) العادیات / 9.
4- 4) المرسلات / 25 - 26.
5- 5) طه / 57.

و لا یجوز وضعه فی بناء أو فی تابوت و لو من حجر بحیث یؤمن من الأمرین مع القدرة علی الدفن تحت الأرض(1)، نعم مع عدم الامکان لا بأس بهما(2) و الأقوی کفایة مجرد المواراة فی الأرض بحیث یؤمن من الأمرین من جهة عدم وجود السباع أو عدم وجود الإنسان هناک لکن الأحوط کون الحفیرة علی الوجه المذکور و إن کان الأمن حاصلاً بدونه(3).

و بما یدخل علیه من الآفة و الفساد، و لیکون مستوراً عن الأولیاء و الأعداء، فلا یشمت عدو، و لا یحزن صدیق» (1).

و من التعلیل بالستار یستدل علی لزوم الأمن من السباع، و عن الشهید التصریح بعدم اجزاء التابوت و الأزج الکائنان علی وجه الأرض إلّا عند الضرورة و عن المبسوط کراهة التابوت و لو دفن فی الأرض.

لکون الواجب فی الأدلة المتقدمة هو المواراة فی الأرض.

بل یتعینان أو إلقاءه فی البحر (2) کما یدلّ علی الوجوب ما سیأتی من لزوم ذلک مع تعذر البریة.

مقتضی ما تقدم من أخذ أوصاف خاصة فی المواراة من کونها ساترة للمیت عن الاحیاء و خافیة لریحه و فساده و آنها مواراة لسوأته أن تلک الأوصاف فعلیة فی المواراة و إن لم یکن متعلق الأوصاف و طرفها فعلی، هذا مع أن المدار لیس علی الحال حین الدفن و إن کان متعلق الاحراز

ص:350


1- 1) أبواب الدفن ب 1.
2- 2) أبواب الدفن ب 61.
مسألة 1:یجب کون الدفن مستقبل القبلة علی جنبه الأیمن

(مسألة 1): یجب کون الدفن مستقبل القبلة علی جنبه الأیمن(1) بحیث یکون

الحال المستقبل، و لکن لا یمتنع تبدل الحال.

و فی مرسل ابن أبی عمیر -کالصحیح -عن بعض أصحابه عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: حدّ القبر إلی الترقوة، و قال بعضهم: إلی الثدی، و قال بعضهم:

قامة الرجل حتی یمد الثوب علی رأس من فی القبر، و أما اللحد فبقدر ما یمکن فیه الجلوس، قال: و لما حضر علی بن الحسین علیه السلام الوفاة قال: احفروا لی حتی تبلغوا الرشح» (1).

و فی وصیة الرضا علیه السلام «أن یحفروا له سبع مراقی إلی أسفل و أن یشق له ضریحه و إلّا فیجعلوا اللحد ذراعین و شبراً» (2).

و التحدید بذلک و إن کان ندبیاً إلّا أنه یفهم منه الوغول فی المواراة حتی فی دفن المعصوم مع الأمن المزبور کما روی نظیر ذلک فی حدّ قبر النبی صلی الله علیه و آله (3).

کما فی صحیح معاویة بن عمار عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: کان البراء ابن معرور الأنصاری بالمدینة، و کان رسول اللّه صلی الله علیه و آله بمکة و أنه حضره الموت، و کان رسول اللّه و المسلمون یصلّون إلی بیت المقدس فأوصی البراء أن یجعل وجهه إلی تلقاء النبی صلی الله علیه و آله إلی القبلة، و انه أوصی بثلث ماله فجرت به

ص:351


1- 1) أبواب الدفن ب 14.
2- 2) أبواب الدفن ب 15 / 4.
3- 3) أبواب الدفن ب 15.

رأسه إلی المغرب و رجله إلی المشرق و کذا فی الجسد بلا رأس، بل فی الرأس بلا جسد بل فی الصدر وحده بل فی کل جزء یمکن فیه ذلک.

مسألة 2: إذا مات میت فی السفینة

(مسألة 2): إذا مات میت فی السفینة فإن أمکن التأخیر لیدفن فی الأرض بلا عسر وجب ذلک، و إن لم یمکن لخوف فساده أو لمنع مانع یغسل و یکفن و یحنط و یصلّی علیه و یوضع فی خابیة و یوکأ رأسها و یلقی فی البحر مستقبل القبلة علی الأحوط،

السنّة» (1).

و فی طریق الکلینی فنزل به الکتاب و جرت به السنّة».

و فی روایة العلاء بن سیابة عن أبی عبد اللّه علیه السلام عن القتیل إذا قطع رأسه قال: إذا أنت صرت إلی القبر تناولته مع الجسد و أدخلته اللحد و وجهته للقبلة» (2).

و مفادها توجیه سائر الأعضاء إلی القبلة و هو بالاضطجاع علی الجانب الأیمن.

و فی صحیح یعقوب بن یقطین عن الرضا علیه السلام فی المیت عند الغسل قال علیه السلام : یوضع کیف تیسر، فإذا طهر وضع کما یوضع فی قبره» (3) الدال علی تعین وضع خاص له فی قبره، ثمّ انه بقرینة وضعه حال الصلاة و ان الذی

ص:352


1- 1) أبواب الدفن ب 61 / 1 -2.
2- 2) أبواب الدفن ب 61 / 3.
3- 3) أبواب غسل المیت ب 5 / 2.

و إن کان الأقوی عدم وجوب الاستقبال، أو یثقل المیت بحجر أو نحوه بوضعه فی رجله و یلقی فی البحر کذلک(1)، و الأحوط مع الامکان اختیار الوجه الأول و کذا إذا خیف علی المیت نبش العدو قبره و تمثیله.

فی القبر توجیه وجهه إلی القبلة و یظهر ان رأسه علی یمین الاتجاه للقبلة و رجله علی یسارها، و انه یضطجع علی جانبه الأیمن کما ذهب إلی ذلک المشهور عدا ما یحکی عن ابن حمزة فی الوسیلة و انه استحبه و مال إلیه فی الکفایة و مجمع البرهان و حکی عن ابن سعید أیضاً.

و فی مصحح سالم بن مکرم عن أبی عبد اللّه علیه السلام انه قال یجعل له وسادة من تراب و یجعل خلف ظهره مدرة لئلا یستلقی الحدیث» (1) و هو صریح فی عدم الاستلقاء و جعله مضطجعاً.

و کذا مما ورد (2) من ان المرأة تدخل عرضاً مما یلی القبلة و الرجل یسل من رجلی القبر و ان اللحد مما یلی القبلة.

فی جملة کلمات المتأخرین التقیید بوضعه فی وعاء و فی کلمات جملة من المتقدمین الاقتصار علی التثقیل و فی الشرائع التخییر و أوجب جماعة من المتأخرین الاستقبال به القبلة حین الالقاء لأنه دفنه و فی صحیح أیوب بن المرقال سئل أبو عبد اللّه علیه السلام عن رجل مات و هو فی السفینة فی البحر کیف یصنع به؟ قال یوضع فی خابیة و یوکأ رأسها و تطرح فی

ص:353


1- 1) أبواب الدفن ب 19 / 5.
2- 2) أبواب الدفن ب 22 / 5.
مسألة 3: إذا ماتت کافرة کتابیة أو غیر کتابیة و مات فی بطنها ولد من مسلم

(مسألة 3): إذا ماتت کافرة کتابیة أو غیر کتابیة و مات فی بطنها ولد من مسلم -بنکاح أو شبهة أو ملک یمین -تدفن مستدبرة للقبلة علی جانبها الأیسر علی وجه یکون الولد(1) بذلک فی مطلق الجنین و لو لم تلج الروح فیه، بل لا یخلو عن قوة.

الماء» (1).

و فی جملة من الروایات (2) کروایة أبی البختری و مرسل أبان و مرسل سهل انه یثقل و یرمی به فی البحر و فی محسنة سلیمان بن خالد الواردة فی زید الشهید قوله علیه السلام «سبحان اللّه أ فلا کنتم أوقرتموه حدیداً و قذفتموه فی الفرات و کان أفضل؟!» (3) حیث کان یتخوف علیه إحراق بنی أمیة لجسده.

و حیث کان الوضع فی وعاء أحفظ لستر بدن المیت و هو أقرب للوظیفة الأولیة کان مقدماً علی مجرد التثقیل لا سیما و أنه یشتمل علی التثقیل و زیادة، کما و منه یظهر ورود ذلک مورد الاضطرار و العجز عن الدفن فی البر، إذ الأدلة الأولیة هی فی المواراة و الدفن.

حکی علیه الاجماع و عن الأردبیلی أن ظاهر الخبر الآتی عدمه، و عن الذکری ان المقصود بالذات دفنه و هی کالتابوت، کما حکی الاجماع علی دفنها فی مقبرة المسلمین و عن المعتبر و المهذب البارع ان الولد محکوم باسلامه فلا یدفن فی مقبرة غیر المسلمین، و ان إخراجه -أی من بطنها -

ص:354


1- 1) أبواب الدفن ب 41 / 1.
2- 2) أبواب الدفن ب 41 / 1.
3- 3) أبواب الدفن ب 41.

غیر جائز و احتمل المنع کشف اللثام لعدم حرمة الکافرة و عن المنتهی انه هتک لحرمة المیت لغرض ضعیف، و عن ابن حنبل آنها تدفن فی غیر المقابر.

و فی روایة یونس قال: سألت الرضا علیه السلام عن الرجل تکون له الجاریة الیهودیة و النصرانیة فیواقعها فتحمل ثمّ یدعوها إلی أن تسلم فتأبی علیه فدنا ولادتها فماتت و هی تطلق و الولد فی بطنها و مات الولد، أ یدفن معها علی النصرانیة؟ أو یخرج منها و یدفن علی فطرة الإسلام؟ فکتب: یدفن معها» (1)و ضعّف السند مع أحمد بن أشیم و الظاهر بقرینة الطبقة و الراوی عنه انه علی بن أحمد بن أشیم و هو من رجال مشیخة الصدوق کتاباً و طریقاً فیحسن حاله بضمیمة روایة أحمد بن محمد بن عیسی الأشعری و البرقی و طریق الصدوق إلیه فی المشیخة مصحح و روایاته کثیرة، و ظاهرها عدم شق بطنها و بالتالی عدم الغسل و التکفین و انه یدفن معها، و حیث انه علیه السلام لم یقیّد الدفن معها ب (علی النصرانیة) و هو القید الذی أورده السائل فی کلامه، فیستظهر من ذلک أن بقیة الأحکام هی علی المقرر من الوظیفة الأولیة، أما کیفیة وضعها فیعتمد علی هیئة الجنین فی البطن و الظاهر بحسب الصور العلمیة الحدیثة أن اتجاه وجهه بطرف یسار الاُم فإذا اضطجعت علی الیسار و أمیل بها یسیراً علی وجهها فإنه یتجه وجه الجنین إلی القبلة حینئذٍ.

و أما عدم الغسل و التکفین فإما لقصور الأدلّة عن تناوله أو لعموم حرمة المثلة.

ص:355


1- 1) أبواب الدفن ب 39 / 2.
مسألة 4:لا یعتبر فی الدفن قصد القربة

(مسألة 4): لا یعتبر فی الدفن قصد القربة، بل یکفی دفن الصبی إذا علم أنه أتی به بشرائطه و لو علم أنه ما قصد القربة.(1)

مسألة 5:إذا خیف علی المیت من إخراج السبع إیاه

(مسألة 5): إذا خیف علی المیت من إخراج السبع إیاه وجب إحکام القبر بما یوجب حفظه من القبر و الآجر و نحو ذلک. کما أن فی السفینة إذا أرید إلقاؤه فی البحر لا بدّ من اختیار مکان مأمون من بلع حیوانات البحر إیاه بمجرّد الإلقاء.(2)

مسألة 6:مئونة الإلقاء فی البحر من الحجر أو الحدید الذی یثقل به أو الخابیة التی یوضع فیها تخرج من أصل الترکة

(مسألة 6): مئونة الإلقاء فی البحر من الحجر أو الحدید الذی یثقل به أو الخابیة التی یوضع فیها تخرج من أصل الترکة

و أما محل الدفن فقد مرّ حکایة الاجماع علی جوازه فی مقبرة المسلمین و الوجه فی ذلک ما اشیر إلیه من انه دفن له و بتبعه لها.

بعد عدم ما یدل علی الإضافة العبادیة، و إن کانت جملة من مقارناته کالتلقین و الاستغفار له و نحوهما عبادیة، و أما الاکتفاء بفعل الصبی و نحوه فلتأدّی الغرض منه بعد کونه توصّلیاً غیر خفیة حکمته و ملاکه.

لزوم الإحکام فی الصورة الأولی لأن الواجب هو المواراة حدوثاً و بقاءً، فمع عدم بقاءها لا بدّ من القیام بما یحصلها بقاءً و نظیر مثال المتن ما لو کان الموضع للدفن ممراً لسیل الوادی و نحوه مما یکشف التراب فیتحرّی له موضعاً آخر، و مثله الالقاء فی البحر فی موضع تفترسه بعض الحیوانات فإن إثقاله بالوضع فی الخابیة و نحوها هو لأجل حفظه عن ذلک و وصوله إلی الأعماق.

ص:356

و کذا فی الآجر و القیر و الساروج فی موضع الحاجة إلیها.(1)

مسألة 7: یشترط فی الدفن أیضاً إذن الولی

(مسألة 7): یشترط فی الدفن أیضاً إذن الولی کالصلاة و غیرها.(2)

مسألة 8: إذا اشتبهت القبلة یعمل بالظن

(مسألة 8): إذا اشتبهت القبلة یعمل بالظن و مع عدمه أیضاً یسقط وجوب الاستقبال إن لم یمکن تحصیل العلم علی وجه لا یضر بالمیت و لا بالمباشرین.(3)

مسألة 9:الأحوط اجراء أحکام المسلم علی الطفل المتولد من الزنا من الطرفین

(مسألة 9): الأحوط اجراء أحکام المسلم علی الطفل المتولد من الزنا من الطرفین إذا کانا مسلمین أو کان أحدهما مسلماً،

لعدادها من مئونة التجهیز نظیر أصل الدفن و الکفن و الحنوط و هی تخرج من أصل الترکة (1).

لما مرّ من أولی الأرحام بعضهم أولی ببعض، و لکن الشرط هاهنا تکلیفی بعد کون الدفن توصلیاً یتأدّی الغرض فیه بمطلق الأفراد.

تقدّم فی الصلاة علی المیت (مسألة 3) عند اشتباه القبلة أن صحیحی (2) زرارة المروی أحدهما بطریق الشیخ و الآخر بطریق الکلینی یدلّ الأوّل منهما علی إجزاء الظن و یدل الثانی علی إجزاء أی اتجاه مع الشک، نعم مع امکان تحصیل العلم أو الظن لا تصل النوبة إلی الاحتمال بمقتضی تقیید مفهوم الاضطرار بالتعذّر.

ص:357


1- 1) کتاب أبواب الوصایا ب 27 -28.
2- 2) أبواب القبلة ب 6 -8 .

و أما إذا کان الزنا من أحد الطرفین و کان الطرف الآخر مسلماً فلا إشکال فی جریان أحکام المسلم علیه.(1)

مسألة 10: لا یجوز دفن المسلم فی مقبرة الکفّار

(مسألة 10): لا یجوز دفن المسلم فی مقبرة الکفّار کما لا یجوز العکس أیضاً(2)، نعم إذا اشتبه المسلم و الکافر یجوز دفنهما فی مقبرة المسلمین، و إذا

استظهر فی الجواهر عدم اجراء أحکام المسلم لعدم التبعیة فی الصورتین الأولتین، و استظهر ذلک من کلماتهم لعدم اطلاق الاضافة و النسبة إلیه فلا یکون مشمولاً للفتاوی و لا للنص السابق فی الحامل لولد المسلم، و لکن قد تقدم فی بحث المطهرات و النجاسات أن التبعیة و النسبة علقة تکوینیة للتولد من ماء الرجل و المرأة، و لیست اعتباریة کی تتوقف علی ورود الاعتبار و الامضاء، غایة الأمر أن الشارع فی موضوع جملة من الأحکام قد یأخذ حصة خاصة من هذه العلقة کالمتولد من حلال فی الإرث من طرف الأب و إمامة الجماعة و القضاء و نحوها من المناصب و الولایات، لکن ذلک لا یعنی قطع النسبة و لا کون موضوع جمیع الأحکام هو الحصة الخاصة، و من ثمّ تترتب بقیة الأحکام علیه، کما أن ما استدلّ به علی عدم اسلام أو ایمان ابن الزنا قد تقدّم الخدشة فی دلالته علی ذلک.

حکی علی العکس الاجماع و هو ظاهر الوجه فی أراضی المقابر التی أوقفت علیهم بل کذلک فی ما سبّل لذلک من حریم المدن، و أما لو فرض ذلک فی أراضی موات فی البراری و صدق علیه آنها مقبرة للمسلمین فکذلک یعدّ ذلک تسبیلاً، و أما لو لم تصدق علیه مقبرة ففی دفن الکافر

ص:358

دفن أحدهما فی مقبرة الآخرین یجوز النبش، أما الکافر فلعدم الحرمة له، و أما المسلم فلأن مقتضی احترامه عدم کونه مع الکفار.(1)

مسألة 11: لا یجوز دفن المسلم فی مثل المزبلة و البالوعة و نحوهما مما هو هتک لحرمته.

(مسألة 11): لا یجوز دفن المسلم فی مثل المزبلة و البالوعة و نحوهما مما هو هتک لحرمته.(2)

مسألة 12: لا یجوز الدفن فی المکان المغصوب

(مسألة 12): لا یجوز الدفن فی المکان المغصوب و کذا فی الأراضی الموقوفة لغیر الدفن فلا یجوز الدفن فی المساجد و المدارس و نحوهما

بجنبهم ایذاء لهم کما ذکر ذلک غیر واحد فی المقام و یستفاد من جملة من الروایات الواردة فی مثل أحوال ما بعد الدفن، مضافاً إلی کونه هتکاً لهم فی عرف المتشرعة، و منه یظهر الوجه فی حرمة دفن المسلم فی مقبرة الکفار، و أما عند الاشتباه و عدم إمارة علی التعیین فذکر بعض المحشین انهما یدفنان فی غیر المقبرة و بنحو منفصل عن الآخر، و هو عمل بالعلم الاجمالی، و لکنه تام لو لم یکن حزازة و غضاضة شدیدة علی المسلم و إلّا فیتعین ما فی المتن بعد ترجیح جانب حرمة المسلم.

أما الکافر فلمنع کونه مثلة صغرویاً لا ما یحکی عن الشهید من منع حرمة المثلة فیه، و لو فرض حصول ذلک فیوازن بین الحکمین مع امکان التأخیر حتی یصبح رفاة أو رمیم فینقل، و کذا الحال فی نقل المسلم.

و لا فی جنبها للهتک و التأذی کما هو مفاد جملة الروایات و الآداب الواردة فی مثل المقام.

ص:359

کما لا یجوز الدفن فی قبر الغیر قبل اندراس میته(1).

مسألة 13 یجب دفن الأجزاء المبانة من المیت

(مسألة 13):یجب دفن الأجزاء المبانة(2) من المیت حتی الشعر و السن و الظفر، و أما السن و الظفر من الحی فلا یجب دفنهما و إن کان معهما شیء یسیر من اللحم، نعم یستحب دفنهما، بل یستحب حفظهما حتی یدفنا معه، کما یظهر من وصیّة مولانا الباقر للصادق علیهما السلام . و عن أمیر المؤمنین علیه السلام أن النبی (صلوات اللّه علیه و آله) أمر بدفن أربعة: الشعر و السن و الظفر و الدم، و عن عائشة عن النبی صلی الله علیه و آله و سلم : أنه أمر بدفن سبعة أشیاء: الأربعة المذکورة و الحیض و المشیمة و العلقة.

أما الموقوفة للعناوین المعینة فلأن تحویلها إلی مقبرة یخالف جهة الوقف، نعم هذا مع تعدّد الدفن و أما فی صورة الآحاد فقد یتأمّل فی ذلک کما علّق غیر واحد من المحشین و ظاهر ان ذلک فی غیر المعصومین کما دفن إسماعیل علیه السلام و جملة من الأنبیاء فی البیت الحرام.

و أما الدفن فی قبر الغیر فیتبع حدود مساحة القبر المتخذ فی حیازة تلک المقبرة هذا بالنسبة إلی مقدار ما یوضع فیه البدن و أما ما فوقه إلی سطح الأرض فهو بحکم الحریم و هو یتبع مصلحة المقبرة الموقوفة أو المسبّلة، و تتمة الکلام تأتی فی فصل مکروهات الدفن.

حکی علیه الاجماع و عدم الخلاف و عن الجامع الاستحباب و لعله یرید ذلک فی طرحها معه فی الکفن، و عن التذکرة التغسیل ثمّ الطرح فی الکفن و فی مصحح ابن أبی عمیر عن أبی عبد اللّه علیه السلام «و قال لا یمس من

ص:360

مسألة 14: إذا مات شخص فی البئر و لم یمکن إخراجه

(مسألة 14): إذا مات شخص فی البئر و لم یمکن إخراجه یجب أن یسد و یجعل قبراً له(1).

المیت شعر و لا ظفر و إن سقط منه شیء فاجعله فی کفنه» (1).

و موثقة عبد الرحمن بن أبی عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن المیت یکون علیه الشعر فیحلق عنه أو یقلم؟ قال: لا یمس منه شیء ، اغسله و ادفنه» (2).

لکن ظاهر الموثق عود الضمیر إلی المیت لا إلی الشعر، إلّا أن ما ذکره فی التذکرة من الغسل علی مقتضی القاعدة بعد صدق الاجزاء علیها و یقتضیه إطلاق مصحح ابن أبی عمیر.

و أما من الحی ففی صحیح محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام -فی حدیث -و هذا شعره -أی رسول اللّه صلی الله علیه و آله -عندنا» (3).

و فی جملة من الروایات (4) أوردها صاحب الوسائل فی آداب الحمام مشتملة علی أن دفن الشعر و الظفر و الدم و السن من السنة و هی لضعفها سنداً تکفی للندب مضافاً إلی ان سیاقها فی الآداب و فی روایة الفراء عن أبی جعفر علیه السلام وصیته بدفن سنه معه.

مضافاً إلی انه مقتضی القاعدة للزوم الدفن هو مفاد محسنة العلاء ابن سیابة عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی بئر محرج وقع فیه رجل فمات فیه

ص:361


1- 1) أبواب غسل المیت ب 11 / 1 -3.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 11 / 1 -3.
3- 3) أبواب آداب الحمام ب 41 / 7.
4- 4) أبواب آداب الحمام ب 77.
مسألة 15: إذا مات الجنین فی بطن الحامل و خیف علیها من بقائه

(مسألة 15): إذا مات الجنین فی بطن الحامل(1) و خیف علیها من بقائه وجب التوصل إلی إخراجه بالأرفق فالأرفق، و لو بتقطیعه قطعة قطعة، و یجب أن یکون المباشر النساء أو زوجها، و مع عدمهما فالمحارم من الرجال، فإن تعذر فالأجانب حفظاً لنفسها المحترمة و لو ماتت و کان الجنین حیّاً وجب إخراجه و لو بشق بطنها فیشق جنبها

فلم یمکن اخراجه من البئر، أ یتوضا فی سکک البئر؟ قال: لا یتوضأ فیه، یعطل، و یجعل قبراً، و إن أمکن إخراجه اخرج و غسل و دفن قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله : حرمة المسلم میتاً کحرمته و هو حی سواء» (1).

و هو محل اتفاق لمقتضی القاعدة و النص و الفتوی و تقیید ما عن المعتبر بما إذا لم یتمکن من ولادته سقطا هو محمل اطلاق الکلمات، و أما العکس فهو محل اتفاق أیضاً إلّا أن فی الشرائع و محکی الخلاف عدم تقیید الشق بالأیسر و قیّد بذلک الأکثر کما فی الفقیه و النهایة و الفقه الرضوی و المقنعة.

أما الروایات (2) ففی روایة وهب بن وهب عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: قال أمیر المؤمنین علیه السلام : «إذا ماتت المرأة و فی بطنها ولد یتحرک شق بطنها و یخرج الولد». و قال فی المرأة یموت فی بطنها الولد فیتخوف علیها قال: «لا بأس أن یدخل الرجل یده فیقطعه و یخرجه». و فی طریق آخر «إذا لم ترفق به النساء».

ص:362


1- 1) أبواب الدفن ب 51.
2- 2) أبواب الاحتضار ب 46.

الأیسر، و یخرج الطفل ثمّ یخاط و تدفن و لا فرق فی ذلک بین رجاء حیاة الطفل بعد الإخراج و عدمه، و لو خیف مع حیاتهما علی کل منهما انتظر حتی یقضی(1).

و فی صحیح علی بن یقطین قال سألت أبا الحسن موسی علیه السلام عن المرأة تموت و ولدها فی بطنها یتحرک قال: «یشق عن الولد».

و فی موقوفة ابن أبی عمیر عن ابن اذینة قال: «یخرج الولد و یخاط بطنها» و مثله مرسل ابن أبی عمیر کالمصحح و لعل المراد من بعض أصحابه هو ابن أذینة المصرح فی الطریق السابق فلا تکون الروایة السابقة موقوفة.

و مثلها روایات اخری. ثمّ ان فی المعتبر التأمّل فی تخییط الموضع استضعافاً للموقوفة و لأنه لا ضرورة إلیه لأن مصیرها إلی البلاء لکنه ذهب إلی وجوبه فی الشرائع ثمّ ان التدرج فی الصورة الأولی هو مقتضی القاعدة و أما التخییر بین النساء و الزوج فالحال فیه کالحال فی الولادة حیث لم یقید مباشرة النساء و القوابل الحامل بعدم قدرة الزوج کما هو الحال فی خفض النساء للمرأة.

کما أن تعیین الجانب الأیسر هو محل وفاق کتب المتقدمین التی هی متون روایات.

و قد یقال (1) ان ذلک تام فی غیر الام و أما هی فیندرج الحکم فی حقها تحت کبری التزاحم لوجوب حفظ النفس المحترمة علیها سواء بالاضافة إلیها و إلی ولدها و حیث ان فی الحفظ الثانی عسر و حرج

ص:363


1- 1) التنقیح فی شرح العروة ج 9 / 317 -318 ط. قم.

فصل فی مکروهات الدفن

اشارة

فصل

فی مکروهات الدفن

و هی أیضاً أمور:

الأول: دفن میتین فی قبر واحد بل قیل بحرمته مطلقاً، و قیل بحرمته مع کون أحدهما امرأة أجنبیة،

فیرتفع الأمر به و یندرج المقام فی التزاحم بین وجوب حفظ نفسها المتوقف علی مقدمة محرمة و هی قتل الولد، نظیر ما إذا توجه الضرر إلی أحد شخصین فلا یجب علی أحدهما تحمل الضیم و لدفعه عن الآخر لأن ذلک عسر و حرج، فالصبر علی الضرر و علی الموت للام حتی تحفظ حیاة ولدها، مفسدة أولی دفعها من جلب المصلحة کما هو مفاد تلک القاعدة.

و یندفع أولاً: بأن وجوب حفظ النفس لا اطلاق لدلیله بالحفظ بکل الوسائل و لو بارتکاب عظیم المحرمات کقتل النفس المحترمة أو دون ذلک من المحرمات.

ثانیاً: إن أدلّة الرفع من العسر و الحرج و الاضطرار لا ترفع حرمة الدم و النفس المحترمة و هذا مفاد الأحادیث الواردة فی التقیة أنها فی کل شیء حتی تبلغ الدم فلا تقیة، کما هو مشهور بل متسالم الأصحاب.

ثالثاً: أن الکلام فی تزاحم الضررین هو الکلام فی المقام فلا یسوغ

ص:364

و الأقوی الجواز مطلقاً مع الکراهة، نعم الأحوط الترک إلّا لضرورة و معها الأولی جعل حائل بینهما و کذا یکره حمل جنازة الرجل و المرأة علی سریر واحد و الأحوط ترکه أیضاً.(1)

دفع الضرر بتوجیه ضرر مساوی أو أکبر منه علی الغیر لا سیما إذا بلغ الدم.

رابعاً: أن المقام من دفع الفساد بارتکاب مثله أو الأفسد منه لا من مجرد الدفع فی مقابل جلب المصلحة و من ثمّ استشکل الأصحاب فی اطلاق قاعدة دفع الأفسد بارتکاب الفاسد بأن النهی و دفع المنکر مشروط بالقدرة و هو لا یتم بارتکاب المنکر و الفساد.

لم یحک خلاف إلّا عن ابن سعید، و عن النهایة و المبسوط الکراهة مطلقاً و عن المعتبر و العلّامة و الکرکی و الشهید الثانی الحرمة فی غیر الابتداء لتحریم النبش و لأن القبر صار حقاً للأول و عن کشف اللثام الجواز مع الضرورة. و عن جماعة الحرمة فیما لم یکن ذلک ابتداءً أی فی حفر قبر الأول لیدفن آخر، بل عن الذکری الاجماع و یستدلّ للکراهة فی الفرض الأول بمکاتبة الصفار قال: کتبت إلی أبی محمد علیه السلام أ یجوز أن یجعل المیتین علی جنازة واحدة فی موضع الحاجة و قلة الناس؟ و إن کان المیتان رجلاً و امرأة یحملان علی سریر واحد و یصلّی علیهما؟ فوقع علیه السلام لا یحمل الرجل مع المرأة علی سریر واحد» (1).

المحمول علی الکراهة، و یستدل علی الحرمة فی الفرض الثانی بمعتبرة الأصبغ بن نباتة قال : قال أمیر المؤمنین علیه السلام : «من حدّد قبراً أو مثل مثالاً فقد

ص:365


1- 1) أبواب الدفن ب 42 / 1.

خرج عن الإسلام» (1).

و فی الوسائل نقل الشیخ و غیره عن الصفار انه رواه «جدّد» بالجیم أی تجدید بناءه أو تجدید جعله قبراً مرّة اخری کما احتمله الصدوق.

و عن سعد بن عبد اللّه انه رواه «حدد» غیر المعجمة أی من سنّم، و عن البرقی انه رواه «من جدّث قبراً» أی جعله قبراً، و عن المفید «خدد» بالخاء المعجمة، أی شقّه إما للنبش أو لیدفن فیه، و الظاهر أن المراد بقرینة السیاق أن المراد به تجدید قبور المشرکین احتفاءً بهم و هو یناسب العطف فی المثال المراد به الصور التی تعبد و یعضده ما فی معتبرة السکونی عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «قال أمیر المؤمنین علیه السلام : بعثنی رسول اللّه صلی الله علیه و آله إلی المدینة فقال لا تدع صورة إلّا محوتها و لا قبراً إلّا سویته و لا کلباً إلّا قتلته» (2).

و ظاهر أنه فی أوائل الهجرة، کما أنه یدل علی تربیع القبر، و علی ذلک فلا یبقی وجه للحرمة إلّا حرمة النبش کما استدل بحد السرقة علی النباش السارق للکفن، و هما غیر جهة البحث فی المقام کما لا یخفی، نعم تقدم ان المیت یحوز مقدار ما دفن فیه و هو مقدار ما یحیط ببدنه فلا یمانع دفن آخر بجنبه کما أشار إلی ذلک فی الجواهر، ثمّ إن الاندراس الذی مرّ غایة لحرمة الدفن فی قبر المیت فی کلام الماتن سابقاً هل هو بذهاب لحمه و بقاء مجرد العظم أو بذهاب معظم العظام.

ص:366


1- 1) أبواب الدفن ب 43 / 1.
2- 2) أبواب الدفن ب 43 / 2.

الثامن: تسنیمه بل الأحوط ترکه(1)الحادی عشر: نقل المیت من بلد موته إلی بلد آخر(2) إلّا إلی المشاهد المشرفة و الأماکن المقدسة و المواضع المحترمة کالنقل من عرفات إلی مکة

تقدّمت معتبرة السکونی من تسویة القبر کما ورد ذلک أیضاً فی روایة جابر بن یزید و موثق عمار (1) و فی جملة من الصحاح (2) الأمر برفع القبر أربع أصابع مفرجات و تربیعه و فی معتبرة اخری للسکونی (3) النهی عن زیادة تراب علی القبر من غیره الدال بالالتزام علی ما نحن فیه.

و فی روایة الأعمش (4) عن الصادق علیه السلام فی حدیث شرایع الدین «و القبور تربع و لا تسنم» و وجه الاحتیاط ما فی معتبرة السکونی الأولی.

و عن نهایة الشیخ فإذا دفن فی موضع فلا یجوز تحویله من موضعه و قد وردت روایة بجواز نقله إلی بعض مشاهد الأئمة : سمعناها مذاکرة و الأصل ما قدمناه لکن عن المصباح لا ینقل المیت من بلد إلی بلد فإن نقل إلی المشاهد کان فیه فضل ما لم یدفن و قد رویت بجواز نقله إلی بعض المشاهد روایة و الأول أفضل.

ص:367


1- 1) أبواب الدفن ب 35 / 2 و ب 22 / 6.
2- 2) أبواب الدفن ب 31 و ب 22.
3- 3) الأبواب المزبورة ب 36 / 1.
4- 4) الأبواب المزبورة ب 22 / 5.

و النقل إلی النجف فان الدفن فیه یدفع عذاب القبر و سؤال الملکین، و إلی کربلاء و الکاظمیة و سائر قبور الأئمة بل إلی مقابر العلماء و الصلحاء، بل لا یبعد استحباب النقل من بعض المشاهد إلی آخر لبعض المرجحات الشرعیة و الظاهر عدم الفرق فی جواز النقل بین کونه قبل الدفن أو بعده، و من قال بحرمة الثانی فمراده ما إذا استلزم النبش و إلّا فلو فرض خروج المیت عن قبره بعد دفنه بسبب من سبع أو ظالم أو صبی أو نحو ذلک لا مانع من

و عن المشهور کراهة نقل المیت إلی غیر بلد موته إلّا إلی المشاهد المشرفة و عن الفاضلین الاجماع علیه و فی المشهور جواز و استحباب النقل إلی المشاهد و عن المعتبر انه مذهب علمائنا و علیه عمل الأصحاب من زمن الأئمة علیهم السلام إلی الآن و هو مشهور بینهم لا یتناکرونه، و مثله عن التذکرة و الذکری و عن المفید فی العزیة و قد جاء حدیث یدل علی رخصة فی نقل المیت إلی بعض مشاهد آل الرسول صلی الله علیه و آله ان وصی المیت بذلک و عن الشهید لو کان هناک مقبرة بها قوم صالحون أو شهداء استحب الحمل إلیها لتناله برکتهم و برکة زیارتهم و لو کان بمکة أو بالمدینة فالأولی دفنه حیث قتل.

و قال یستحب جمع الأقارب فی مقبرة و عن الشهید الثانی تقیید جواز النقل بما لم یخف هتک المیت لبعد المسافة و عن الأکثر عدم جواز النقل بعد الدفن لکن عن الشیخ و ابن الجنید و جماعة نقله إلی المشاهد المشرفة و قال ابن إدریس لا یجوز نقله و هو بدعة فی شریعة الإسلام و جعله ابن حمزة مکروهاً.

ص:368

جواز نقله إلی المشاهد مثلاً، ثمّ لا یبعد جواز النقل إلی المشاهد المشرفة و إن استلزم فساد المیت إذا لم یوجب أذیة المسلمین، فإن من تمسک بهم فاز و من أتاهم فقد نجا، و من لجأ إلیهم أمن و من اعتصم بهم فقد اعتصم باللّه تعالی، و المتوسل بهم غیر خائب صلوات اللّه علیهم أجمعین.

و عمدة الروایات: ما فی کامل الزیارات معتبرة المفضل عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: ان اللّه تبارک و تعالی أوحی إلی نوح علیه السلام و هو فی السفینة أن یطوف بالبیت اسبوعاً فطاف بالبیت اسبوعاً کما أوحی اللّه إلیه ثمّ نزل فی الماء إلی رکبتیه فاستخرج تابوتاً فیه عظام آدم علیه السلام فحمل التابوت فی جوف السفینة حتی طاف بالبیت ما شاء اللّه أن یطوف ثمّ ورد إلی باب الکوفة فی وسط مسجدها... فأخذ نوح التابوت فدفنه فی الغری» (1).

و ما رواه فی التهذیب فی الصحیح عن محمد بن عیسی عن علی بن سلیمان قال: کتبت إلی أبی الحسن علیه السلام أسأله عن المیت یموت بمنی أو بعرفات -الوهم منی -یدفن بعرفات أو ینقل إلی الحرم و أیهما أفضل فکتب علیه السلام : «یحمل إلی الحرم فیدفن فهو أفضل» (2) و رواه الکلینی قریب من هذا اللفظ.

و روی فی قصص الأنبیاء للراوندی بأسانیده إلی الصدوق بسند معتبر عن محمد بن مسلم عن أبی جعفر علیه السلام قال: «لما مات یعقوب علیه السلام حمله

ص:369


1- 1) بحار الأنوار 11 / 268 -المستدرک أبواب الدفن ب 13.
2- 2) أبواب مقدمات الطواف ب 44 / 2 و التهذیب 5 / 465.

یوسف علیه السلام فی تابوت إلی أرض الشام فدفنه فی بیت المقدس» (1).

و روی فی العلل موثق بن فضال عن أبی الحسن علیه السلام انه قال: «احتبس القمر عن بنی إسرائیل فأوحی اللّه عزّ و جلّ إلی موسی علیه السلام أن اخرج عظام یوسف علیه السلام من مصر و وعده طلوع القمر إذا أخرج عظامه.... فاستخرجه من شاطئ النیل فی صندوق مرمر فلما أخرجه طلع القمر فحمله إلی الشام فلذلک یحمل أهل الکتاب موتاهم إلی الشام» (2).

و فی صحیح ابن أبی نصر البزنطی مثله و روی الدیلمی فی الارشاد قصة الیمانی الذی أتی بجنازته من الیمن إلی الغری بحضور أمیر المؤمنین علیه السلام (3).

أما الاشکال علی الروایات السابقة بأنها فی الأنبیاء و الشرائع السابقة فمدفوع بأن الأصل فی الأنبیاء علیهم السلام الاقتداء لا الخصوصیة و لا سیما و انهم علیهم السلام فی صدد بیان ذلک مما یدفع کلا الخصوصیتین.

و أما الجهات التی ذکرها فی المتن.

فالأولی: و هی کراهة النقل للمیت عن بلد موته إلّا إلی المشاهد و الأماکن المشرّفة فانه یستحبّ ، فقد یستدلّ له بما

ص:370


1- 1) بحار الأنوار 67/79 باب نقل الموتی و الزیارة بهم ب15 -المستدرک أبواب الدفن ب13.
2- 2) بحار الأنوار 79 / 67 -المستدرک أبواب الدفن ب 13 / 8 - و الوسائل أبواب الدفن ب13 / 2 - 7.
3- 3) بحار الأنوار 79 / 68.

ورد (1) من سرعة تجهیز المیت، و ما رواه (2) فی الجعفریات بالدعائم عن علی علیه السلام انه رفع إلیه ان رجلاً مات بالرستاق فحملوه إلی الکوفة فأنهکهم عقوبة و قال ادفنوا الأجساد فی مصارعها، و لا تفعلوا کفعل الیهود، ینقلون موتاهم إلی بیت المقدس و قال «لما کان یوم احد، أقبلت الأنصار لتحمل قتلاها إلی دورها، فأمر رسول اللّه صلی الله علیه و آله منادیاً ینادی: ادفنوا الأجساد فی مصارعها».

و هذا المقدار یکفی للکراهة و إن کان مضمون الخبر لا یخلو عن منافاة مع أخبار استحباب نقل المیت إلی الأماکن المشرفة التی مرّت بل حکی غیر واحد آنها متواترة بلحاظ مجموع ما دلّ علی ذلک بالالتزام فی موارد مختلفة کالذی ورد (3) فی أمان من یدفن فی الحرمین الشریفین و الغری و کربلاء.

الثانیة: عموم استحباب النقل إلی المشاهد و الأماکن المشرّفة قبل الدفن و بعده، أما قبله فهو ظاهر من الأدلّة و أما بعده فقد مرّ عن الأکثر عدم جواز نقله و عن الشیخ و ابن الجنید و جماعة جوازه و عن کاشف الغطاء جوازه مطلقاً و إن استلزم تقطیعه فضلاً عن تغیر رائحته و ظهور قیحه و نحو ذلک و منع صاحب الجواهر عن ذلک إلّا أن لا یکون هتکاً للمیت کما لو کان النقل بمسافة قریبة و نحو ذلک.

ص:371


1- 1) أبواب الاحتضار ب 47.
2- 2) المستدرک أبواب الدفن ب 13 / 12 -15.
3- 3) أبواب الدفن ب 12 -13 - المستدرک أبواب الدفن ب 12 -13.
مسألة 1:یجوز البکاء علی المیت و لو کان مع الصوت

(مسألة): یجوز البکاء(1) علی المیت و لو کان مع الصوت، بل قد یکون راجحاً کما إذا کان مسکناً للحزن و حرقة القلب بشرط أن لا یکون منافیاً للرضا بقضاء اللّه، و لا فرق بین الرحم و غیره، بل قد مر استحباب البکاء علی المؤمن، بل یستفاد من بعض

و عمدة ما استدلّ به کاشف الغطاء هو ما أشار إلیه فی المتن من کون ذلک فی مقابل ما یجعل للمیت من نفع الشفاعة و الأمان لا یعدَّ هتکاً و لا مثلة و لا تجنّیاً علی المیت. کما أن عمدة ما تمسک به صاحب الجواهر هو کونه هتکاً و مثلة و خلاف غرض و حکمة الدفن من ستر المیت و عدم تأذی الأحیاء به.

أقول: قد مرّ فی جملة من المعتبرات نقل الرفاة بعد الدفن و لکن موردها ما لا یستلزم هتکاً للمیت لاندراس اللحم و تجرد العظام و نحو ذلک، و هو یقضی بجوازه قبل الدفن مضافاً إلی الأصل و اطلاق الدفن، فیبقی حیثیة الهتک و المثلة، و هی فی صورة القطع لا ریب فیها لا سیما و أنه قد مرّت الدیة فی قطع أعضاء المیت، و أما فی صورة بدو الرائحة و النتن و نحوه فإن کان بنحو یصبح جیفة شدیدة العطن فالظاهر المنع لانفهام تضیّق الدفن بذلک من أدلّته التی مرّت، و أما ما لم تصل إلی ذلک فلا یبعد استظهار رجحان النقل علی ذلک المقدار.

حکی التسالم و نفی الریب عنه و عن المنتهی البکاء علی المیت جائز غیر مکروه اجماعاً لتواتر ما ورد من بکاء النبی صلی الله علیه و آله علی إبراهیم (1)

ص:372


1- 1) أبواب الدفن ب 87 .

و حمزة (1) و بکاء فاطمة (2) و علی علیهما السلام علی النبی صلی الله علیه و آله (3)و بکاءها علی اختها (4) و زین العابدین علیه السلام علی الحسین علیه السلام (5)بل جملة أئمة أهل البیت علیهم السلام علیه علیه السلام (6).

و ما ورد (7) من ان البکائین الخمسة آدم علیه السلام و یعقوب و یوسف علیهما السلام و فاطمة و علی بن الحسین علیه السلام ، و یشیر إلیه قوله تعالی فی یعقوب «وَ قالَ یا أَسَفی عَلی یُوسُفَ وَ ابْیَضَّتْ عَیْناهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ کَظِیمٌ * قالُوا تَاللّهِ تَفْتَؤُا تَذْکُرُ یُوسُفَ حَتّی تَکُونَ حَرَضاً أَوْ تَکُونَ مِنَ الْهالِکِینَ * قالَ إِنَّما أَشْکُوا بَثِّی وَ حُزْنِی إِلَی اللّهِ » (8).

و المورد و إن کان علی الحیّ لکنه یشترک مع المقام فی کونه ابتلاء و مصیبة، کما أن الآیة تشیر إلی وجه الحسن فی البکاء و افتراقه عن القبح فیه، فإن الشکوی إذا کانت إلی اللّه و بثّ الهم إلیه فیرجح بخلاف ما إذا کان لغیره تعالی اعتراضاً علی القضاء الإلهی.

نظیر ما ورد (9) عنه صلی الله علیه و آله انه مهما یکن من العین و القلب فمن اللّه

ص:373


1- 1) أبواب الدفن ب 88 / ح 3.
2- 2) أبواب الدفن ب 87 و المستدرک أبواب الدفن ب 74.
3- 3) أبواب الدفن ب 87 / 7 و المستدرک أبواب الدفن ب 74.
4- 4) أبواب الدفن ب 87 / 1.
5- 5) أبواب الدفن ب 87 / 7 -6 -11.
6- 6) أبواب الدفن ب 87 / 7 -6 -11.
7- 7) أبواب الدفن ب 87 / 7 -6 -11.
8- 8) یوسف / 84 -85 -86 .
9- 9) المستدرک أبواب الدفن ب 74 / 21.

و من الرحمة و مهما یکن من الید و اللسان فمن الشیطان. و نظیر ما

ورد (1) مستفیضاً أن ما کان من العین فهو من الرحمة فی القلب، کما ورد عنه صلی الله علیه و آله أن البکاء المنهی کراهة انما هو النوح و العویل لا دمع العین.

و نظیر ما ورد (2) ان من خاف علی نفسه من وَجْد بمصیبة فلیفض من دموعه فانه یسکن عنه.

بل ورد (3) نفی البأس عن البکاء علی الألیف الضال بسبب الألفة و غیر ذلک مما ورد لغیر ذلک و یستحصل منها إن ما کان بسبب راجح فیکون راجح.

بخلاف ما إذا کان بسبب کراهة ذلک التقدیر و القضاء و وقوعه بعد ما وقع.

و من ثمّ ورد (4) عنهم انهم یجزعون إلی اللّه تعالی قبل وقوع المصیبة فإذا وقعت أحبّوا ما قدّر اللّه لهم.

و مما ورد بطریق معتبر جامع فی هذا الباب و للمقام و ما یأتی من أنحاء و أقسام عزاء المیت.

الأولی: صحیح عبد اللّه الکاهلی قال: قلت لأبی الحسن علیه السلام : «ان امرأتی و امرأة ابن مارد تخرجان فی المأتم فأنهاهما فتقول لی امرأتی: إن کان حراماً فانهنا عنه حتی نترکه، و إن لم یکن حراماً فلأی شیء تمنعناه، فإذا مات

ص:374


1- 1) المستدرک أبواب الدفن ب 74 - و أبواب الدفن ب 87 / 4 -3.
2- 2) أبواب الدفن ب 87 / 2 -5.
3- 3) أبواب الدفن ب 89 .
4- 4) أبواب الدفن ب 85 .

لنا میت لم یجئنا أحد قال: فقال أبو الحسن علیه السلام : «عن الحقوق تسألنی، کان أبی علیه السلام یبعث أمی و أم فروة تقضیان حقوق أهل المدینة» (1).

و مفاده جامع دال علی أن ما فی هذا الباب من جملة النواهی هو تنزیهی و مکروه لا تحریمی إلّا ما یخالط حرام بعینه.

الثانیة: مصحح معاویة بن وهب عن أبی عبد اللّه علیه السلام -فی حدیث - «کل الجزع و البکاء مکروه سوی الجزع و البکاء علی الحسین علیه السلام » (2).

و الکراهة سواء حملت علی الاصطلاحیة فی الحدیث کما یأتی قرائن علی ذلک أو علی الحرمة فإن المراد بالبکاء کما فی جملة من روایات الباب هو العویل و النوح، کما أن المصحح عام فی الجزع و العویل و النوح و نحوها.

الثالثة: الصحیح إلی حریز عن زرارة أو غیره -قال: أوصی أبو جعفر علیه السلام بثمانمائة درهم لمأتمه، و کان یری ذلک من السنة، لأن رسول اللّه صلی الله علیه و آله قال: «اتخذوا لآل جعفر طعاماً فقد شغلوا» (3).

و هی معتبرة الطریق لجلالة حریز و مکانته و هی فی الدلالة کصحیح الکاهلی دالّة علی جواز المأتم و ما یشتمل علیه من البکاء و النوح و نحوهما.

-و قوله تعالی: «یا أَیُّهَا النَّبِیُّ إِذا جاءَکَ الْمُؤْمِناتُ یُبایِعْنَکَ عَلی أَنْ لا

ص:375


1- 1) أبواب الدفن ب 69 / 1.
2- 2) أبواب الدفن ب 87 / 9.
3- 3) أبواب الدفن ب

یُشْرِکْنَ بِاللّهِ شَیْئاً وَ لا یَسْرِقْنَ وَ لا یَزْنِینَ وَ لا یَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا یَأْتِینَ بِبُهْتانٍ یَفْتَرِینَهُ بَیْنَ أَیْدِیهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ » (1)قال علی بن إبراهیم نزلت یوم فتح مکة و انه صلی الله علیه و آله قعد لبیعة النساء و انه صلی الله علیه و آله قال فی «لا یعصینک فی معروف» أن لا تخمش وجهاً و لا تلطمن خداً و لا تنتفن شعراً و لا تمزقن جیباً و لا تسودن ثوباً و لا تدعون بالویل و الثبور و لا تقیمن عند قبر».

و فی مصحح أبان عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال لما فتح رسول اللّه صلی الله علیه و آله مکة...

ثمّ جاءت النساء یبایعنه... فقال صلی الله علیه و آله فی (و لا یعصینک فی معروف): لا تلطمن خداً و لا تخمشن وجهاً و لا تنتفن شعراً و لا تشققن جیباً و لا تسودن ثوباً و لا تدعین بویل» (2).

و فی الموثق إلی أبی أیوب الخزاز عن رجل عن أبی عبد اللّه علیه السلام مثله إلّا أنه زاد «و لا یتخلفن عند قبر و لا ینشدن شعراً».

و قریب منهما روایة عمرو بن أبی المقدام و مثلها جملة الروایات (3)الضعاف فالآیة و الروایات فی ذیلها واردة فی أنماط الجزع، لا فی أصل البکاء.

و فی روایة جابر عن أبی جعفر علیه السلام قال: قلت له ما الجزع؟ قال: «أشدّ الجزع الصراخ بالویل و العویل و لطم الوجه و الصدر، و جز الشعر من النواصی و من أقام النواحة فقد ترک الصبر و اخذ فی غیر طریقه و من صبر و استرجع و حمد اللّه عزّ و جلّ فقد رضی بما صنع اللّه و وقع أجره علی اللّه

ص:376


1- 1) الممتحنة / 12.
2- 2) أبواب مقدمات النکاح ب 117 / 4 -2 -3.
3- 3) أبواب الدفن ب 84 - المستدرک أبواب الدفن ب 71.

و من لم یفعل ذلک جری علیه القضاء و هو ذمیم و أحبط اللّه تعالی أجره» (1).

لکن عن المجلسی ان هذا الخبر یدلّ الکراهة لا علی الحرمة و آنها تنافی الصبر الکامل. و عن القاموس الصراخ: الصوت أو شدیده و قال: أعول:

رفع صوته بالبکاء و الصیاح و عن النهایة: کل من وقع فی هلکة دعا بالویل و معنی النداء منه: یا ویلی و یا حزنی و یا عذابی احضر فهذا وقتک و أوانک و قال:

العویل صوت الصدر بالبکاء.

- و قوله تعالی: «فَما بَکَتْ عَلَیْهِمُ السَّماءُ وَ الْأَرْضُ وَ ما کانُوا مُنْظَرِینَ » (2)و هو یفید بکاؤهما علی الصالحین و المؤمنین کما فی صحیح علی بن رئاب قال: سمعت أبا الحسن الأول علیه السلام یقول: إذا مات المؤمن بکت علیه الملائکة و بقاع الأرض التی کان یعبد اللّه علیها و أبواب السماء التی کان یصعد أعماله فیها، و ثلم ثلمة فی الإسلام لا یسدّها شیء . لأن المؤمنین حصون الإسلام کحصون سور المدینة لها» (3).

و رواه الکلینی بطریق آخر أیضاً إلّا أنه قال: ان المؤمنین الفقهاء.

و قد ورد تحضیض النبی صلی الله علیه و آله علی البکاء علی حمزة (4). کما تواتر

ص:377


1- 1) أبواب الدفن ب 83 / 1.
2- 2) الدخان / 29.
3- 3) أبواب الدفن ب 88 / 1.
4- 4) أبواب الدفن ب 88 / 2.

أمرهم (1) علیهم السلام بالبکاء علی مصاب سید الشهداء الحسین بن علی علیه السلام .

و سیأتی لذلک تتمة فی المسائل اللاحقة إلّا أن الغرض بیان جملة الأدلّة فی باب الجزع و أنماط الحزن علی المیت، ثمّ ان تقیید الماتن بما لم یکن منافیاً للرضا بقضاء اللّه تعالی أی ما لم یکن سخطاً من قضائه تعالی و السخط علی درجات یبتدأ من القلب و الضمیر إلی الکلام و الفعل اشتداداً و الظاهر من مجموع الأدلة فی الأبواب (2) هو حرمة ذلک إلی أن یصل إلی درجة البروز بالأنحاء المذکورة المحرمة فی هذا المقام و انه وجه حرمتها فیکون نظیر حرمة الیأس من روح اللّه و القنوط من رحمته و الأمن من مکره الذی ورد انه من الکبائر (3).

و ما رواه الشیخ عن أحمد بن محمد بن داود القمی (فی نوادره) عن محمد بن عیسی عن أخیه جعفر بن عیسی عن خالد بن سدیر أخی حنان بن سدیر قال: سألت أبا عبد اللّه علیه السلام عن رجل شقّ ثوبه علی أبیه أو علی أمه أو علی أخیه أو علی حریب له فقال: «لا بأس بشق الجیوب قد شقّ موسی بن عمران علی أخیه هارون، و لا یشق الوالد علی ولده و لا زوج علی امرأته، و تشق المرأة علی زوجها و إذا شق زوج علی امرأته أو والد علی ولده فکفارته حنث یمین و لا صلاة لهما حتی یکفرا أو یتوبا من ذلک، فإذا

ص:378


1- 1) أبواب المزار ب 38 - 80 .
2- 2) الأبواب المتقدمة.
3- 3) أبواب جهاد النفس ب 46 / 7 - 33.
مسألة 2 : یجوز النوح علی المیت بالنظم و النثر ما لم یتضمن الکذب

(مسألة 2): یجوز النوح علی المیت بالنظم و النثر ما لم یتضمن الکذب و ما لم یکن مشتملاً علی الویل و الثبور لکن یکره فی اللیل، و یجوز أخذ الأجرة علیه إذا لم یکن بالباطل لکن الأولی أن لا یشترط أولاً.(1)

خدشت المرأة وجهها أو جزت شعرها أو نتفته ففی جز الشعر عتق رقبة أو صیام شهرین متتابعین أو اطعام ستین مسکیناً، و فی الخدش إذا أدمیت و فی النتف کفارة حنث، و لا شیء فی اللطم علی الخدود سوی الاستغفار و التوبة، و لقد شققن الجیوب و لطمن الخدود الفاطمیات علی الحسین بن علی علیهما السلام ، و علی مثله تلطم الخدود و تشق الجیوب» (1).

قال فی الفهرست خالد بن عبد اللّه بن سدیر له کتاب ذکر أبو جعفر بن بابویه عن ابن الولید انه قال لا أرویه لأنه موضوع وضعه محمد بن موسی الهمدانی عنه.

و عن الخلاصة ان هذا لا یدلّ علی جرح الرجل إلّا أن کتابه المنسوب إلیه لا یُعتمد علیه».

هذا و الروایة فی المقام رواها الشیخ فی التهذیب عن کتاب أحمد بن محمد بن داود القمی مع ان خالد بن سدیر أخی حنان بن سدیر کما ذکر النجاشی و هو مغایر لابن أخیه خالد بن عبد اللّه بن سدیر.

عن الشیخ و ابن حمزة الحرمة، و عن المنتهی الندب لا بأس به و هو عبارة عن تعدید محاسن المیت و ما یلقون بفقده بلفظ النداء «وا» مثل

ص:379


1- 1) أبواب الکفار ب 31 / 1.

قولهم و ارجلاه وا کریماه و انقطاع ظهراه وا مصیبتاه غیر أنه مکروه، و قال: النیاحة بالباطل محرمة اجماعاً أما بالحق فجائز اجماعاً.

و عن المجلسی فی ذیل روایة جابر المتقدمة ان ما ورد علی ذم اقامة النواحة إما محمول علی ما إذا کانت مشتملة علی هذه الأمور المرجوحة أو یقال: انه ینافی الصبر الکامل فلا ینافی ما یدل علی الجواز.

و فی کتب اللغة الویلة الفضیحة و البلیة و الویل حلول الشر و کلمة عذاب و الحزن و الهلاک و المشقة من العذاب. و الثبور الهلاک و الحزن و الویل.

و فی صحیح یونس بن یعقوب عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: قال لی أبی:

یا جعفر أوقف لی من مالی کذا و کذا لنوادب تندبنی عشر سنین بمنی أیام منی» (1).

و صحیح أبی حمزة عن أبی جعفر علیه السلام اذن النبی صلی الله علیه و آله لأم سلمة للذهاب إلی المناحة» (2).

و فی موثق حنان بن سدیر و صحیح أبی بصیر و غیرهما (3) جواز کسب النائحة و فی صحیح عذافر جوازه بضرب احدی یدیها علی الاُخری أیضاً نعم ورد النهی عنه فی جملة من الروایات (4) إذا تضمن هجراً أو فی اللیل أو

ص:380


1- 1) أبواب الدفن ب 69.
2- 2) أبواب ما یکتسب به ب 17 / 2.
3- 3) أبواب ما یکتسب به ب 17.
4- 4) أبواب الدفن ب 71 و ب 83 .
مسألة 3: لا یجوز اللطم و الخدش و جز الشعر

(مسألة 3): لا یجوز اللطم و الخدش و جز الشعر بل و الصراخ الخارج عن حد الاعتدال علی الأحوط. و کذا لا یجوز شق الثوب علی غیر الأب و الأخ و الأحوط ترکه فیهما أیضاً.(1)

مع تصفیق الوجه و فی بعض بلفظ یکره و هو محمول علی ما إذا تضمن الکذب و نحوه کما ورد جملة من الروایات (1) المعتبرة لاقامة المأتم و المناحة و فی بعضها أن سنة فاطمة علیها السلام فی ذلک الدعاء لا التعداد، ثمّ قد مرّ فی مصحح أبان نهی النبی صلی الله علیه و آله عن الدعاء بالویل و الثبور المعتضدة بجملة من الروایات الاُخری (2).

و عن الذکری یحرم اللطم و الخدش و جز الشعر إجماعاً و عن المبسوط لما فیه من السخط بقضاء اللّه، و عن المنتهی یحرم ضرب الخدود و نتف الشعور و قد مرّ استظهار المجلسی من روایة جابر الکراهیة لدلالته علی ان ذلک خلاف الصبر و انه مذموم و قد یعضد هذا الاستظهار بما مرّ فی صحیح عذافر من جواز ضرب النائحة الید علی الید و ما ورد من جواز إقامة المأتم و الذهاب إلیه مع انه فی الجملة لا یخلو من ذلک و قد أفتی الأصحاب بأن من حداد المرأة عدم لبسها الثیاب المصبوغة کلبسها السواد. فیکون قرینة علی حمل مصحح أبان المتقدم فی النهی عن ذلک و جملة الروایات المتقدمة الناهیة أیضاً و کذا روایة خالد بن سدیر فی الکفارة عن ارتکاب هذه الأمور.

لا سیما و أن النهی عنها ورد فی سیاق النهی عن النوح مع انه جائز إذا

ص:381


1- 1) أبواب الدفن ب 67 -68 -69 -70.
2- 2) أبواب مقدمات النکاح ب 117 و أبواب الدفن ب 84 .
مسألة 4:فی جز المرأة شعرها فی المصیبة کفارة شهر رمضان

(مسألة 4): فی جز المرأة شعرها فی المصیبة کفارة شهر رمضان و فی نتفه کفارة الیمین، و کذا فی خدشها وجهها.(1)

مسألة 5:فی شق الرجل ثوبه فی موت زوجته أو ولده کفارة الیمین

(مسألة 5): فی شق الرجل ثوبه فی موت زوجته أو ولده کفارة الیمین و هی إطعام عشرة مساکین أو کسوتهم أو تحریر رقبة فمن لم یجد فصیام ثلاثة أیام.(2)

کان بالقول الصادق، هذا إلّا أن محسنة خالد بن سدیر المتقدمة المعتضدة بإطباق المتقدمین علی العمل بها قرینة علی عدم وحدة السیاق فی مصحح أبان و التفصیل فی مفاد النهی مضافاً إلی أن غایة مفاد قرائن الجواز هو فی فعل اللطم و الصراخ و العویل و لبس السواد المعتاد الغالب وقوعاً فی مآتم المصاب و مثل ذلک الحال فی مفاد روایة جابر المتقدمة.

حکی علیه الاجماع ابن إدریس و مثله الحلبی و لکن جعله مثل کفارة الظهار و عن الفخر التوقف فی دلالة الخبر و فی الشرائع قیل تأثم و لا کفارة استضعافاً للروایة و تمسکاً بالأصل و مثله فی التحریر و کذا عن القواعد و الارشاد، و الظاهر منهما التوقف و عن الفخر و الشهید الثانی فی المسالک و الروضة و سبطه اختیاره، و قد تقدم دلالة محسنة خالد بن سدیر علی ذلک و قد عمل بها المتقدمون و المشهور معتضدة بالنهی فی قوله تعالی: «وَ لا یَعْصِینَکَ فِی مَعْرُوفٍ » المفسر فی الروایات بذلک.

کما فی محسنة خالد بن سدیر المتقدمة و مرّ حال العمل بها.

ص:382

مسألة 6: یحرم نبش قبر المؤمن

(مسألة 6): یحرم نبش قبر المؤمن(1) و إن کان طفلاً أو مجنوناً إلّا مع العلم باندراسه و صیرورته تراباً و لا یکفی الظن به و إن بقی عظماً فإن کان صلباً ففی جواز نبشه اشکال

لا خلاف فیه و عمدة ما استدل به أولاً: من کون الأمر بالدفن شامل -مع الاعتضاد بما ورد من حکمته -لکل الآنات و الوقت الممتد بدءاً من الحدوث و انتهاءً باندراس جثمان المیت، بل تمتد مستمرة فی جملة من الموارد الأخری التی أشار إلیها الماتن و لو بلحاظ تراب رفاته، لکن ذلک لیس من باب الدفن بل لواحقه و عنوان الحرمة للمیت، ثمّ ان هذا الواجب امتدادی و بالتالی ملاکه ذو مراتب و هو مما یثمر فی المسائل اللاحقة.

ثانیاً: المثلة أو الهتک لحرمة المیت و الأول و إن کان فی الجملة إلّا أن الثانی عام لکن الهتک یتخفف کلما بلی و تقادم الدفن فلیس الحال فی رفاة العظام کالحال فی الفترة الأولی من أیام الدفن کما ان النسبة مع الوجه السابق هی العموم من وجه فان الهتک یبقی مع الاندراس فی البعض کما ان الهتک قد یتلافی و یتوقی ببعض الوسائل فیما لو ارید النقل و نحوه.

ثالثاً: التأیید بما فی معتبرة الأصبغ بن نباتة قال: قال أمیر المؤمنین علیه السلام من حدد قبراً أو مثل مثالاً فقد خرج عن الإسلام» (1) علی بعض طرقها بالاعجام من خدد أو جدد، بمعنی شق القبر أو جعله قبراً لآخر قبل اندراسه و مثلها التأیید بما ورد (2) من قطع ید النبّاش. ثمّ انه یعضد عموم وجوب

ص:383


1- 1) أبواب الدفن ب 43.
2- 2) أبواب حد السرقة ب 19.

و أما مع کونه مجرد صورة بحیث یصیر تراباً بأدنی حرکة فالظاهر جوازه(1) نعم لا یجوز نبش قبور الشهداء و العلماء و الصلحاء و أولاد الأئمة علیهم السلام و لو بعد الاندراس و إن طالت المدة، لا سیما المتخذ منها مزاراً أو مستجاراً. و الظاهر توقف صدق النبش علی بروز جسد المیت، فلو أخرج بعض تراب القبر من دون أن یظهر جسده

الدفن للآنات ما ورد (1) من الصلاة علی قبر المیت إذا لم یصلِّ علیه أو الاجتزاء بالصلاة مع الخلل إذا دفن المیت.

لم یحک خلاف فی الجواز مع الاندراس و بمقتضی عدم تعطیل الأراضی کما ذکر، لانتفاء الموضوع، انما الکلام فی تقدیر ذلک و هو یختلف لعوامل عدیدة، و المدار علی تحدید الممارسین فی هذا المجال فهم أهل خبرة فیه، ثمّ انه قد تعارف فی بعض المقابر للمدن المکتظة جمع ما تبقی من العظام -بعد بلاء بعضها الآخر رمیماً -إلی جانب من القبر لدفن میت آخر فیه، و حیث قد مرّ فی حرمة النبش ان العمدة هو لزوم الدفن بقاءً مستمراً فذلک لا ینافیه و أما الهتک فهو غیر حاصل فی غیر ما استثناه فی المتن وعدا ما هو أشد کقبور الأنبیاء و الأوصیاء (صلوات اللّه علیهم)، هذا مضافاً إلی تشعیرها مشاعر فی الشرع، و عند المتشرعة کالأمثلة فی المتن.

ص:384


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 19.

لا یکون من النبش المحرم(1)، و الأولی الاناطة بالعرف و هتک الحرمة. و کذا لا یصدق النبش إذا کان المیت فی سرداب و فتح بابه لوضع میت آخر خصوصاً إذا لم یظهر جسد المیت، و کذا إذا کان المیت موضوعاً علی وجه الأرض و بنی علیه بناء -لعدم امکان الدفن أو باعتقاد جوازه أو عصیاناً -فإن اخراجه لا یکون من النبش و کذا إذا کان فی تابوت من صخرة أو نحوها

مسألة 7:یستثنی من حرمة النبش موارد

(مسألة 7): یستثنی من حرمة النبش موارد:

الأول: إذا دفن فی المکان المغصوب عدواناً أو جهلاً أو نسیاناً

أما علی الوجه الثانی فی حرمة النبش فظاهر لعدم لزوم الهتک و المثلة بمجرد اخراج بعض تراب القبر و کذلک علی الثالث و أما علی الأول فکذلک إذا کان بمقدار لا یخلّ بحفظ بدنه عن السباع و ریحه عن الظهور الذی مرّ انه الواجب فی الدفن، و مثل ذلک ما لو کان فی سرداب و کان فتح بابه لأجل وضع میت بمقدار لا یخل بعنوان الدفن و لا یوجب الهتک. و أما لو کان المیت علی وجه الأرض و بنی علیه بناء أو وضع فی تابوت من صخرة و نحوها کقبر له للعجز عن دفنه فی الأرض فهو و إن لم یصدق علیه النبش إلّا أن مدرک الحرمة لم یؤخذ فیه عنوان النبش کی تقصر عن المورد بل الوجهین الأولین شاملین للمقام، و ذلک لأن ذلک نحو إقبار ملحق بالدفن کما مرّ فلا یسوغ إبرازه منه نعم لو ارید نقله إلی الأرض لتجدد القدرة علی الدفن ساغ ذلک لکونه أدخل فی الحفظ و فی غایة الحکم.

ص:385

فانه یجب نبشه مع عدم رضا المالک ببقائه(1)

تعرّض صاحب الجواهر إلی جملة من الصور فی هذا الفرض و حکی اتفاق من تعرض إلی ذلک إلی تقدیم حق المالک و انهم أطلقوا الحکم سواء لم یتعذّر الدفن فی غیرها أم تعذّر و سواء فیما کان فی النبش زیادة هتک للمیت من تقطیع و نحوه أو عدمه و لا بین قلة الضرر علی المالک أو کثرته و کونه ذا رحم أو وارثاً أو غیرهما و لا بین مالک المنفعة للأرض و بین مالک العین و لا بین من کان دفنه ابتداءً بحق شرعی دون البقاء کمن استأجر أرضاً مدة یدفن فیها میتاً ثمّ انقضت المدة و استشکل صاحب الجواهر فی حکم الصورة الأخیرة بل فی کل ما لیس بعدوان و غصب کالمشتبه و الغافل و نحوهما، و انه یجمع بین الحقین بالالزام بالقیمة.

و تنقیح الحال فی الصور: هو بالالتفات إلی أن حرمة النبش کحق للمیت کما مرّ تستند تارة إلی وجوب الدفن و استمراره و اخری إلی حرمة المثلة و الهتک للمیت، فإن کان الحال کما فی بعض تلک الصور یستند حق المیت إلی الأول -وجوب الدفن -کما لو لم یستلزم مُثلة و لا هتکاً بالمیت أو بنحو یسیر و بخلافه فی طرف المالک کأن یتضرر بنحو معتد به فالأقوی وفاقاً للمحکی عنهم هو تقدیم حق المالک و ذلک لأن وجوب الدفن کما مرّ و إن کان استمراریاً إلّا أنه ملاکه ذو مراتب مختلفة و النقل بالمدة الیسیرة لا یزاحم حق المالک، لا ما یقال من عدم کون الدفن امتثالاً للواجب فیما کان الدافن متعدیاً غاصباً أو جاهلاً للحرمة الواقعیة دون الناسی، و وجه الضعف فیه: ان فی الواجبات الکفائیة التوصلیة یتحقق الغرض و لو فی مصداق الحرام

ص:386

فیکون من تقارن الواجب و الحرام، و الدافن و إن کان مخاطباً بمراعاة الحرام للتمکن من أداء الواجب فی المباح، إلّا ان ذلک لا یمنع من سعة دائرة متعلق الواجب التوصلی، هذا مع عدم الفرق بین النسیان و الجهل فان الرفع غایته رفع المؤاخذة لا رفع الحکم ثمّ ان الظاهر عدم الفرق فی هذا الحال بین ما کان ابتداءً الدفن بحق أم لا بعد افتراض ان البقاء لیس بحق، نعم قد یشکل کون البقاء لیس بحق سواء کان الاذن فی الابتداء بعقد کإجارة و نحوها أو بإباحة مجردة، بان الاذن فی الابتداء یستلزم الاستحقاق فی البقاء إذا استلزم ضرر علی المأذون کما هو الحال فی بذل المال للحج و لو بمعنی ضمان الباذل، و کذا الحال فی الاذن فی الصلاة أو غرس الشجرة مع عدم إسقاط المأذون استحقاقه فی الابتداء، و هذا الاستحقاق لا یفرق فیه بین علم المالک الآن بتوابع أذنه و بین غفلته لأن التسبیب للضرر متحقق فی الشقین.

هذا، کله إذا کان مستند حق المیت إلی وجوب استمرار الدفن و أما إذا استند إلی حرمة الهتک لا سیما إذا استلزم المثلة و نحوها من الهتک الشدید، و لا سیما إذا لم یستلزم تضرراً کثیراً للمالک فضلاً عما کان الدفن سائغاً ابتداءً -فالأقوی تقدیم حق المیت و لکن یجبر ضرر المالک بقیمة منفعة الدفن فیما کان الاندراس مترقباً أو قیمة عین الأرض فی غیر ذلک، و الحاصل أن درجة الهتک و عدم امکان تفادیه ملحوظة مع الجهات الاُخری المتقدمة فی التزاحم مع حق المالک.

و أما فی صورة تعذر إمکان الدفن فی موضع آخر فیمکن أن یقال

ص:387

و کذا إذا کان کفنه مغصوباً أو دفن معه مال مغصوب، بل لو دفن معه ماله المنتقل بعد موته إلی الوراث فیجوز نبشه لإخراجه(1)، نعم لو أوصی بدفن دعاء أو قرآن أو خاتم معه لا یجوز نبشه لأخذه بل لو ظهر بوجه من الوجوه لا یجوز أخذه کما لا یجوز عدم العمل بوصیته من الأول.(2)

الثانی: إذا کان مدفوناً بلا غسل أو بلا کفن أو تبین بطلان غسله أو کون کفنه علی غیر الوجه الشرعی کما إذا کان من جلد المیتة أو غیر المأکول أو حریراً فیجوز نبشه لتدارک ذلک(3) ما لم یکن موجباً لهتکه،

بالجمع بین الحقین بأن یضمن للمالک قیمة منفعة الأرض أو رقبتها و یبقی المیت مدفوناً و لو إلی وقت یؤمن فیه عدم الهتک من النقل و النبش.

یندرج البحث فی ما تقدم من تزاحم الجهتین و موازنة درجة الحقین، فضلاً عما لو کان هناک جهة ثالثة کما لو کان المیت من ذوی المقام فی الدین و الصلاح، و من أمثلة المقام ما لو کان قد ابتلع مالاً للغیر أو لنفسه ذا قیمة باهضة أولاً، عدواناً أم عن عذر و حینئذٍ یقع الکلام عن الجواز فی قبال حرمتین ثانیهما یشق بطنه و بعد موازنة الجهات.

لنفوذ وصیته فی الثلث.

کما حکی عن المنتهی فی الغسل خاصة و المدارک و عن الخلاف و المعتبر و التذکرة و الذکری و جامع المقاصد الحرمة و سقوط الغسل و نحوه لکونه مثلة و لإطلاق حرمة النبش و مال فی الجواهر إلی التفصیل بین

ص:388

و أما إذا دفن بالتیمم لفقد الماء فوجد الماء بعد دفنه أو کفن بالحریر و تعذر غیره ففی جواز نبشه إشکال و أما إذا دفن بلا صلاة أو تبین بطلانها فلا یجوز النبش لأجلها بل یصلّی علی قبره، و مثل ترک الغسل فی جواز النبش ما لو وضع فی القبر علی غیر القبلة و لو جهلاً أو نسیاناً.

عدم العذر فالجواز و العذر فالحرمة. و ظاهر جملة اختصاص ذلک بالغسل دون الصلاة و الکفن لکن عن البیان و الذکری و الجواهر مساواة الکفن للصلاة.

و عن الشهید و المحقق الثانی حرمته لما لو کفن بحریر، هذا، و قد یستدل علی الجواز بأن الدفن حیث انه غیر مأمور به فلا حرمة له و لا للنبش، و فیه ان وجوب الدفن غیر مشروط بما یسبقه من اعمال تجهیز المیت غایة الأمر ان المشروط هو متعلقه، مع أن هذا الشرط لیس مطلقاً بل مع القدرة مما ینبه علی اطلاق الملاک فی جملة من مراتبه و ما ذکر حکمة له فی الروایات.

فالعمدة هو ملاحظة مدرک حرمة النبش انه إما وجوب استمرار الدفن أو الهتک فلا بدّ من الموازنة بحسب الدرجات و الظاهر الجواز مع عدم الهتک لا سیما و إن ذلک تحصیلاً لشرط الدفن لا سیما مع قرب العهد بالنسبة إلی الغسل نعم مع بعد العهد و کون الخلل فی شرائط الغسل أو الکفن لا یخلو النبش من اشکال لا سیما مع ما ورد (1) من الاکتفاء بالصلاة مع الخلل ببعض الشرائط و إن ظاهر أدلة التجهیز و ما ذکر فیها من حکمة آنها مراسم

ص:389


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 19.

الثالث: إذا توقف إثبات حق من الحقوق علی رؤیة جسده.(1)

الرابع: لدفن بعض أجزائه المبانة منه معه لکن الأولی دفنه معه علی وجه لا یظهر جسده(2).

بدایات الدفن و مراسم اللقاء لأهل الآخرة.

و منه یظهر الحال فیما کان قد أتی بالبدل الاضطراری، فان المسوغ للنبش ضعیف بعد تأدّی الواجب بالذی وقع و تجدّد القدرة لا یجدّد الموضوع لا سیما مع ترامی المدّة، ثمّ انهم لم یذکروا ترک الحنوط، و ظاهرهم تبین مرجوحیته مع حرمة النبش، و أما ترک الصلاة فقد مرّ فیها الاجتزاء بها علی القبر فلاحظ و إن لم یسغ تأخیرها إلی ما بعد الدفن.

لاقامة الشهادة له أو علیه لضمان مال أو قسمة میراث و بینونة زوجة بالاعتداد مع قرب العهد و إلّا فیلزم الهتک و المثلة مع مظنة عدم حصول الغرض من النبش، هذا، إذا انحصر ذلک علی النبش.

أما دفن أبعاضه معه فیستفاد مما ورد من جمع قطع المیت کما فی موثق إسحاق بن عمار (1) و فی معتبرة ابن أبی عمیر «و إن سقط منه شیء فاجعله فی کفنه» (2)، لکن حیث لا یتوقف ذلک علی نبش و إظهار جسد المیت بأن یحفر من جانب القبر کما حکی ذلک عن الشهید فلا تصل النوبة إلی النبش، کما یمکن دفنها فی القبر لکن فوق ما یلی الجسد من ترابه بحیث لا یظهر.

ص:390


1- 1) أبواب صلاة الجنازة ب 38 / 2.
2- 2) أبواب غسل المیت ب 11 / 1.

الخامس: إذا دفن فی مقبرة لا یناسبه کما إذا دفن فی مقبرة الکفار أو دفن معه کافر أو دفن فی مزبلة أو بالوعة أو نحو ذلک من الأمکنة الموجبة لهتک حرمته(1).

السادس: لنقله إلی المشاهد المشرفة و الأماکن المعظمة علی الأقوی و إن لم یوصِ بذلک و إن کان الأحوط الترک مع عدم الوصیة(2).

السابع: إذا کان موضوعاً فی تابوت و دفن کذلک فانه لا یصدق علیه النبش حیث لا یظهر جسده، و الأولی مع إرادة النقل إلی المشاهد اختیار هذه الکیفیة فانه خالٍ عن الاشکال أو أقل اشکالاً.(3)

فیکون فی النبش و النقل مزید حرمة للمیت فیما لم یحتمل تفسخ البدن أو کان بعد مظنة اندراسه و بقاء العظام.

کما مرّ رجحان النقل لکن فیما لم یستلزم النبش الهتک و أما منافاة ذلک لاستمرار وجوب الدفن ففی ما تقدم من الأدلّة الرجحان دلالة علی تجویز ذلک المقدار مما یستلزمه النقل کما فی نقل عظام آدم علیه السلام و یوسف علیه السلام .

و أما تقیید الماتن ذلک بالوصیة علی وجه الاحتیاط فلکی یکون التصرف بإذن من المیت و هو أبعد عن الحرمة من جهة حق المیت.

مرّ أن ذلک ینافی المواراة المأخوذة فی الدفن فی التراب و الأرض، کما ان الهتک لظهور الرائحة قد تقع فی هذه الصورة، لکن ما أفاده الماتن من اختیار هذه الکیفیة تجنباً عن الهتک متین، إلّا انه خلاف الأولی من جهة اطلاق عنوان الدفن فی الأرض و المواراة فی التراب الظاهر فی إحاطة التراب به.

ص:391

الثامن: إذا دفن بغیر إذن الولی.(1)

التاسع: إذا أوصی بدفنه فی مکان معین و خولف عصیاناً أو جهلاً أو نسیاناً.(2)

العاشر: إذا دعت ضرورة إلی النبش أو عارضه أمر راجح أهم.

الحادی عشر: إذا خیف علیه من سبع أو سیل أو عدو.(3)

الثانی عشر: إذا أوصی بنبشه و نقله بعد مدة إلی الأماکن المشرفة بل یمکن أن یقال بجوازه فی کل مورد یکون رجحان شرعی من جهة من الجهات و لم یکن موجباً لهتک حرمته أو لأذیة الناس، و ذلک لعدم وجود دلیل واضح علی حرمة النبش إلّا الإجماع و هو أمر لبی و القدر المتیقن منه غیر هذه الموارد، لکن مع ذلک لا یخلو عن اشکال.(4)

الوارث و إن کان ولیاً فی تجهیز المیت کما مرّ إلّا ان حرمة النبش لیس الوجه فیها حق الولی بل حق المیت.

لکن مع شدة حرمة النبش فی بعض الصور، ینتفی أو یفوت موضوع الوصیة.

فان النبش حینئذٍ مقدمة للواجب من الدفن بقاءً.

تقدّم رجحان النقل إلی الأماکن المشرفة سواء أوصی أم لم یوصِ ما لم یعارض ذلک الهتک لتفسخ و نحوه، و أما ما ذکر الماتن من عدم وجود دلیل لفظی علی حرمة النبش فضلاً عن الاطلاق فقد مرّ تقریر الدلیل اللفظی، فمن ثمّ لا بدّ فی الرجحان الشرعی للنقل أن یکون أهم من وجه الحرمة.

ص:392

مسألة 8:یجوز تخریب آثار القبور التی علم اندراس میتها

(مسألة 8): یجوز تخریب آثار القبور التی علم اندراس میتها ما عدا ما ذکر من قبور العلماء و الصلحاء و أولاد الأئمة علیهم السلام سیما إذا کانت فی المقبرة الموقوفة للمسلمین مع حاجتهم، و کذا الأراضی المباحة(1)، و لکن الأحوط عدم التخریب مع عدم الحاجة خصوصاً فی المباحة و غیر الموقوفة.

مسألة 9): إذا لم یعلم أنه قبر مؤمن أو کافر فالأحوط عدم نبشه مع عدم العلم باندراسه

(مسألة 9): إذا لم یعلم أنه قبر مؤمن أو کافر فالأحوط عدم نبشه مع عدم العلم باندراسه أو کونه فی مقبرة الکفار.(2)

آثار القبور تارة جعلت شعاراً کما فی ما جعل مزاراً من قبور العلماء و الصلحاء و أولاد الأئمة علیهم السلام فضلاً عن قبور الأئمة علیهم السلام و الأنبیاء علیهم السلام التی شعّرها الشارع بخصوصها بقوله تعالی: «فِی بُیُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَ یُذْکَرَ فِیهَا اسْمُهُ » و غیر ذلک من الأدلّة فهذه یحرم تخریبها و تشتد الحرمة بقدر حرمة صاحب القبر، بل یجب إعادة إعمارها کما فی المعصومین علیهم السلام .

و اخری التی لم تشعر لا من قبل المتشرعة و لا الشارع، فالکلام فی الجواز یطابق ما تقدّم من الکلام فی جواز الدفن فی قبر المیت تماماً و أن الأصل الجواز بعد الاندراس و قد تقدم تفصیل ذلک بحسب أقسام الأراضی.

مع کونه دار المسلمین أو المؤمنین فهی إمارة علی ذلک، نعم فی البلدان المشترکة أو الکافرة، یتردد الاحتمال و إن کان فتاوی الأصحاب فی من مات فی المشترکة أو من یوجد فیها مسلم البناء علی حرمته و کذا فی اللقیط و التبعیة، و إن کان الأقوی مع کون الدار للکفار هی إماریة الکفر. و علی أیة تقدیر فاستفادة الاحتیاط مما دلّ علی حرمة المؤمن غیر بعیدة.

ص:393

مسألة 10: إذا دفن المیت فی ملک الغیر بغیر رضاه

(مسألة 10): إذا دفن المیت فی ملک الغیر بغیر رضاه لا یجب علیه الرضا ببقائه و لو کان بالعوض، و إن کان الدفن بغیر العدوان من جهل أو نسیان فله أن یطالب بالنبش أو یباشره، و کذا إذا دفن مال للغیر مع المیت، لکن الأولی بل الأحوط قبول العوض أو الإعراض.(1)

مسألة 11:إذا أذن فی دفن میت فی ملکه

(مسألة 11): إذا أذن فی دفن میت فی ملکه لا یجوز له أن یرجع فی إذنه بعد الدفن(2) سواء کان مع العوض أو بدونه، لأنه المقدم علی ذلک فیشمله دلیل حرمة النبش، و هذا بخلاف ما إذا أذن فی الصلاة فی داره فانه یجوز له الرجوع فی أثناء الصلاة و یجب علی المصلّی قطعها فی سعة الوقت، فان حرمة القطع انما هی بالنسبة إلی المصلّی فقط(3) بخلاف حرمة النبش، فانه لا فرق فیه بین المباشر و غیره نعم له الرجوع عن إذنه بعد الوضع فی القبر قبل أن یسد بالتراب،

تقدم شطر وافر من الکلام فی الدفن فی الأرض المغصوبة و إن ما لم یستلزم الهتک فالنبش جائز و من حق المالک مع تضرّره أو مطلقاً نعم مع لزوم الهتک الشدید و عدم التضرّر الشدید یحرم النبش و لکن یعوض المالک قیمة المنفعة مدة بقاء المیت أی وقت ارتفاع محذور الهتک لاندراس اللحم و نحو ذلک. و کذلک الحال فی الصورة الثانیة من دفن مال الغیر.

تقدّم الکلام فی ذلک.

لا یخلو التعلیل من نظر، لأن اختصاص الحرمة بالمصلّی لا یطلق

ص:394

هذا إذا لم یکن الإذن فی عقد لازم و إلّا فلیس له الرجوع مطلقاً.

مسألة 12: إذا خرج المیت المدفون فی ملک بإذنه

(مسألة 12): إذا خرج المیت المدفون فی ملک بإذنه بنبش نابش أو سیل أو سبع أو نحو ذلک لا یجب علیه الرضا و الاذن بدفنه ثانیاً فی ذلک المکان بل له الرجوع عن إذنه(1) إلّا إذا کان لازماً علیه بعقد لازم.

مسألة 13:إذا دفن فی مکان مباح فخرج بأحد المذکورات

(مسألة 13): إذا دفن فی مکان مباح فخرج بأحد المذکورات لا یجب دفنه ثانیاً فی ذلک المکان بل یجوز أن یدفن فی مکان آخر، و الأحوط الاستئذان من الولی فی الدفن الثانی أیضاً، نعم إذا کان عظماً مجرداً أو نحو ذلک لا یبعد عدم اعتبار إذنه و إن کان أحوط مع امکانه(2).

العنان إلی المالک بعد ما أذن ابتداءً، لکونه بمثابة الإعانة علی الحرام و تسبیب للمنکر و إن لم نوسع خطاب الحرمة لغیر المباشر ذی التسبیب لا سیما مع وجوب مثل قوله تعالی: «أَ رَأَیْتَ الَّذِی یَنْهی * عَبْداً إِذا صَلّی » 1 . نعم لو بنی علی قصور دلیل حرمة إبطال الصلاة للمقام فهو.

لأن رجوعه لیس من إزالة و لا قطع للدفن و انما هو بمنزلة الابتداء فی الدفن.

أما عدم دفنه فیما کان مدفوناً فلأن اطلاق طبیعة الدفن علی حالها بقاءً فیسوغ تغییر المکان بعد انتفاء وجهی حرمة النبش بخروجه، و أما الاستئذان من الولی فالظاهر اعتباره مطلقاً حتی لو کان عظاماً مجردة

ص:395

مسألة 14: یکره إخفاء موت إنسان من أولاده و أقربائه

(مسألة 14): یکره إخفاء موت إنسان من أولاده و أقربائه إلّا إذا کان هناک جهة رجحان فیه(1).

مسألة 15:من الأمکنة التی یستحب الدفن فیها و یجوز النقل إلیها الحرم

(مسألة 15): من الأمکنة التی یستحب الدفن فیها و یجوز النقل إلیها الحرم و مکة أرجح من سائر(2) مواضعه، و فی بعض الأخبار ان الدفن فی الحرم یوجب الأمن من الفزع الأکبر، و فی بعضها استحباب نقل المیت من عرفات إلی مکة المعظمة.

مسألة 16:ینبغی للمؤمن إعداد قبر لنفسه

(مسألة 16): ینبغی للمؤمن إعداد قبر لنفسه(3) سواء کان فی حال المرض أو الصحة، و یرجح أن یدخل قبره و یقرأ القرآن فیه.

مسألة 17:یستحب بذل الأرض لدفن المؤمن

(مسألة 17): یستحب بذل الأرض لدفن المؤمن کما یستحب بذل الکفن له و إن کان غنیاً

لعموم أولویة أولی الأرحام.

کما فی معتبرة عبد الرحمن بن سیابة (1).

کما وردت بذلک بعض الروایات (2).

قد یستفاد مما ورد فی إعداد الکفن (3) و ثوابه معللاً بالتذکیر بالموت و یندرج فی عموم الاستعداد للموت الراجح و کأن هذا منشأ ما یروی عن سیرة بعض ذراری أهل البیت علیهم السلام من فعل ذلک.

ص:396


1- 1) أبواب الدفن ب 66.
2- 2) أبواب الدفن ب 13 و أبواب المزار ب 3 -10 و أبواب مقدمات الطواف ب 44.
3- 3) أبواب الدفن ب 27.

ففی الخبر «من کفّن مؤمناً کمن ضمن کسوته إلی یوم القیامة»(1).

مسألة 18: یستحبّ المباشرة لحفر قبر المؤمن

(مسألة 18): یستحبّ المباشرة لحفر قبر المؤمن، ففی الخبر «من حفر لمؤمن قبرا کأنما بوّأه بیتاً موافقاً إلی یوم القیامة.(2)

مسألة 19:یستحبّ مباشرة غسل المیت

(مسألة 19): یستحبّ مباشرة غسل المیت ففی الخبر: «کان فیما ناجی به موسی علیه السلام قال: یا ربّ ما لمن غسل الموتی؟ فقال أغسله من ذنوبه کما ولدته أمه»(3).

مسألة 20): یستحبّ للانسان إعداد الکفن و جعله فی بیته

(مسألة 20): یستحبّ للانسان إعداد الکفن و جعله فی بیته و تکرار النظر إلیه(4).

ففی الحدیث قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله : «إذا أعدّ الرجل کفنه کان مأجوراً کلما نظر إلیه» و فی خبر آخر: «لم یکتب من الغافلین و کان مأجوراً کلما نظر إلیه».

کما یستفاد مما رواه (1) فی فرحة الغری و مما ورد فی استحباب حفر القبر للمؤمن و استحباب تکفینه.

کما فی روایة سعد بن طریف (2).

کما فی معتبرة أبی الجارود و غیرها (3).

کما فی روایة إسماعیل بن مسلم (السکونی) و غیرها (4).

ص:397


1- 1) أبواب الدفن 12 / 1.
2- 2) أبواب الدفن ب 11 /
3- 3) أبواب غسل المیت ب 7.
4- 4) أبواب التکفین ب 18 - 27.

الفهرس

فصل: فی النفاس 9

فصل : فی غسل مسّ المیت 43

فصل : فی أحکام الأموات 67

فصل : فیما یتعلق بالمحتضر مما هو وظیفة الغیر 86

فصل : فی المستحبّات بعد الموت 95

فصل : فی حکم کراهة الموت 97

فصل : فی مراتب الأولیاء 106

فصل : فی تغسیل المیت 132

فصل : فیما یتعلق بالنیة فی تغسیل المیت 145

فصل : فی اعتبار المماثلة بین المغسل و المیت 147

فصل : 170

فصل : فی کیفیة غسل المیت 193

فصل : فی شرائط الغسل 215

فصل : فی تکفین المیت 227فصل : فی الحنوط 263

ص:398

فصل : فی الصلاة علی المیت 273

فصل : فی کیفیة صلاة المیت 304

فصل : فی شرائط صلاة المیت 322

فصل : فی الدفن 347

فصل : فی مکروهات الدفن 362

الفهرس 396

ص:399

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.