مصباح الفقاهه المجلد 6

اشارة

سرشناسه:خوئی، ابوالقاسم، 1371 - 1278

عنوان و نام پدیدآور:مصباح الفقاهه/ من تقریر بحث... ابوالقاسم الموسوی الخوئی؛ لمولفه محمدعلی التوحیدی التبریزی

مشخصات نشر:قم: موسسه انصاریان، 1417ق. = 1996م = 1375.

مشخصات ظاهری:7 ج.نمونه

یادداشت:کتابنامه

موضوع:معاملات (فقه)

شناسه افزوده:توحیدی، محمدعلی، 1353 - 1303، محرر

رده بندی کنگره:BP190/خ 9م 6 1375

رده بندی دیویی:297/372

شماره کتابشناسی ملی:م 75-7089

ص :1

اشارة

مصباح الفقاهه

من تقریر بحث... ابوالقاسم الموسوی الخوئی

لمولفه محمدعلی التوحیدی التبریزی

ص :2

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

کتاب الخیارات

الحمد للّه رب العالمین و الصلاة و السّلام علی محمّد و آله الطاهرین و لعنة اللّه علی أعدائهم أجمعین.

و بعد فیقع الکلام فی الخیارات و أحکامها.

مقدمتان

الأولی فی معنی الخیار

قوله الخیار لغة اسم مصدر من الاختیار.

أقول:الاختیار مصدر و الاسم منه الخیار و معنی الاختیار لغة هو طلب الخیر من أی شیء فیصحّ تعلّقه بالأمور التکوینیة و الاعتباریة نظیر الکسب و الاکتساب و ح یکون وصفا لنفس الأفعال الخارجیة و الأمور الاعتباریة حسب اختلاف متعلقة من الافعال و الأعیان و الاعتباریات و یقال اختار أحدهما لمصاحبته أی طلبه خیرا لنفسه و اختار بیع أمواله أی جعله خیرا لشخصه فالاختیار صفة لنفس ما أخذه خیرا و عنوان له من دون أن یکون من الأوصاف النفسانیة المعبّر عنه بالإرادة تارة و بالاختیار أخری و لا من الأفعال الخارجیة و الاختیار کالانتفاع و الاصطفاء و الانتقاء و منه أیضا استخارة المنزل.

و الظاهر أنه بهذا المعنی اللغوی استعمل فی الخیارات المختصة بالمعاملات من خیاری المجلس و الحیوان و غیرهما فان من

ص:3

له الخیار یتّخذ ما یختاره من الإمضاء أو الفسخ خیرا لنفسه و طلب کونه خیرا له و اتصف کل منهما بالاختیار و أصبح خیرا علی سبیل البدلیة و معنی البیّعان بالخیار أی لکل منهما أن یأخذ ما یختاره خیرا لنفسه و لیس المراد من الخیار هنا هو القدرة علی الفسخ التی من الأوصاف النفسانیة و لا السلطنة و المالکیة علی الفسخ و لا غیرهما من المعانی التی ذکروها فی المقام.

نعم تستفاد السلطنة و المالکیة من موارد أخذ الخیر لنفسه و اتخاذه لشخصه مثلا إذا قیل له الخیار فتدل اللام علی الاختصاص و الملکیة،و کل أن القدرة لیست من معنی الخیار فی شیء و انما هی من مقدمات اتخاذ الخیر فان من لیست له هذه القدرة لا یتمکّن من جعل شیء خیرا لنفسه.

و علی هذا فلا نحتاج فی استعمال کلمة الخیار فی الخیارات المصطلحة فی أبواب المعاملات إلی عنایة زائدة غیر ملاحظة المعنی اللغوی الاّ أن یکون هنا اصطلاح خاص فلا مشاحة فیه و بهذا اللحاظ أیضا استعمل فی مقابل الالتجاء و الاضطرار فان المضطر لا یتمکّن من الاستخارة لنفسه و اتخاذ الخیر لشخصه کالأعرج و الأشل و الأصم فإنهم لا یقدرون أن یتخذوا المشی أو الحرکات الصادرة من الید أو الکلام خیرا لأنفسهم،فجعل الاختیار بمعنی القدرة فی مقابل الاختیار انما هو بحسب الاصطلاح فقط و الا فهو خارج عن القدرة کما عرفت و الا فنفس الاختیار یقع فی مقابل الاضطرار و یعدّ قسیما له.

ثمّ ان موارد استعملات کلمة الخیار و ما اشتق منها و ان کانت کلها بحسب لحاظ المعنی اللغوی و لکن الذی فی أبواب المعاملات

ص:4

تمتاز بخصوصیة لیست فی غیرها من موارد الاستعمالات بداهة أنه فرق واضح بین الاختیار المتعلق بالأکل و الشرب و النوم و بین تعلقه بالفسخ و الإمضاء فإن المراد بالأوّل هو جعل الفعل الخارجی أو العین الخارجیة خیرا لنفسه من غیر أن یکون فی البین ما یتصل بالمختار بصیغة الفاعل بخلاف ما إذا تعلق بالعقود باعتبار الفسخ و عدمه فان معناه أن هنا شیء ثابت قابل لان یتعلق به الفسخ أو الإبقاء فی حاله و الاستمرار علیه،و نظیر ذلک ما قلناه فی أدلة الاستصحاب من أن مفهوم النقض انما یتحقق إذا کان هناک أمر مبرم و الا فلا یقال للحجر أنه نقض الحجر فبهذه الخصوصیة ینهاض الخیار المتعلقة بالعقود عن غیره من موارد استعمالاته،و أیضا خرج بهذه الخصوصیة الخیار الثابت للعمة و الخالة فی العقد علی بنت الأخت و بنت الأخ فإنه لم یثبت فیها شیء للعمة و الخالة حتی ترفعه العمة أو الخالة بالفسخ بل هی تدفع ما یتصل إلیها بالرضا و کک الحال فی العقود الفضولیة فی البیع و غیره و لکن بقیت العقود الجائزة بحسب الطبع واردة علیه أیضا فإن فیها أیضا شیء ثابت لذی الخیار له الفسخ و له الإبقاء.

الاّ أن فی الخیارات المصطلحة خصوصیة لیست موجودة فی العقود الجائزة بحسب الطبع فهی أن ذی الخیار فی موارد الخیارات المصطلحة إنما ملک الفسخ و الإمضاء أی له اتخاذ الفسخ خیرا لنفسه و له إبقاء العقد علی حاله أو إمضائه و أیضا فله مالکیة علی أصل الاختیار و الخیار بحیث له السلطنة علی إعدام اختیاره و رفع موضوعه بحیث لا یبقی هنا موضوع للفسخ و الإمضاء و لإعمال الخیار بان یسقط سلطنته علی اتخاذ کلّ من طرفی الاختیار خیرا لنفسه.

ص:5

و بعبارة اخری أن لذی الخیار فی موارد الخیارات المصطلحة سلطنتان إحداهما السلطنة المتعلقة بإعمال الخیار أی اتخاذ الفسخ أو الإبقاء خیرا لنفسه و ثانیتها السلطنة علی إعدام السلطنة علی اعمال الخیار و اتخاذ شیء منهما خیرا لنفسه فإنها من الحقوق فهی قابلة للإسقاط.

و هذا بخلاف العقود الجائزة فإن فیها لکل من المتعاملین فسخ العقد أو إبقائه علی حاله و لکن لیس لهما السلطنة علی إعدام سلطنتهما علی الفسخ أو الإبقاء فإن الجواز فیها من الأحکام فهی غیر قابلة للإسقاط و لو أسقطه المتعاملان ألف مرة و قد عرفت أن الجواز و التزلزل فی موارد الخیارات المصطلحة من الحقوق فهی قابلة للإسقاط،و بهذه الخصوصیة لا یدخل شیء من غیر الخیارات المصطلحة فی حدودها کما لا یخفی و أیضا صح القول بأن الخیارات المصطلحة هو اتخاذ الفسخ أو الإمضاء خیرا لنفسه فی العقود اللازمة بالطبع کالبیع و الإجارة و النکاح و غیرها.

و الحاصل أن المراد من الخیار هو المعنی اللغوی فی جمیع موارد الاستعمالات حتی فی باب العقود و هو اتخاذ الخیر لنفسه و الانتفاء و الاصطفاء کما صرّح بذلک فی اللغة و لیس بمعنی الملک فی المقام بل انما یستفاد الملکیة من موارد الاستعمال بحسب اقتران مادة الخیار بکلمة اللام أو ذو أو صاحب أو الباء أو بالهیئة المفیدة لهذا المعنی کهیئة المختار کما سنشیر الیه.

و علیه فیکون الاختیار و الخیار فی مقابل الاضطرار و الالتجاء بحسب الحقیقة فی جمیع الموارد فان المضطر لا یقدر علی اتخاذ الخیر

ص:6

لنفسه فیما اضطر الیه.

ثم لا یبعد أن یکون المراد من کون المکلف مختارا فی الفعل أو الترک فی مقابل التکالیف الإلزامیة الملجإ إلی الفعل شرعا هو هذا المعنی أیضا غایة الأمر أن الاختیار و الا لجاء هنا شرعی و ما ذکرناه فیما سبق تکوینی و من هنا یتضح ان إطلاق المختار علی الفاعل المختار علی هذا المنهج أیضا و من هنا ظهر أن استعمال المتکلّمین الخیار فی مقابل الاضطرار لیس اصطلاحا آخر کما ذهب الیه شیخنا المحقق بل باعتبار المعنی اللغوی کما عرفت.

ثمّ ان المشتقّات قد استعمل فی الاتّصالات الفعلی کما هو الغالب و قد تستعمل فی الشأنیّة و الاقتضاء و هذا أیضا کثیر فی نفسه کما یتضح ذلک لمن سیروا استقرأ موارد استعمالها و منه یقال سمّ قاتل و سیف سیار و أدویة مسهلة و أشربة مبردة و أغذیة مسخنة أو قابضة فان اتصاف الذات بالمبدء فی أشباه هذه الموارد لیس فعلیّا و انّما هو بحسب الشأنیة و الاقتضاء.

و من هنا یمکن توجیه کلمات القائلین بأن الخیار بمعنی القدرة علی الفسخ بدعوی المختار بصیغة الفاعل له فسخ العقد مع ثبوت الخیار له و له إبقائه علی حاله و له إسقاط أصل سلطنة أیضا فتکون القدرة و السلطنة علی الفسخ و الإبقاء مستفادة من هیئة المختار.

إذا کان اتصاف الذات فیه بالمبدء بحسب الشأن و الاقتضاء فان فی موارد ثبوت الخیار فصاحب الخیار مختار فی أمر العقد من حیث الفسخ و الإبقاء شأنا بأن یأخذ الفسخ خیرا لنفسه أو الإبقاء فإن له الانتقاء و الاصطفاء فی ذلک و الهیئة المستفادة من الهیئة عبارة

ص:7

أخری عن القدرة بل الأمر کذلک فی جمیع الموارد التی یتمکن الإنسان من إیجاد فعلی بحسب طول الزّمان فإنه یقال أنه مختار فی ذلک ای له القدرة علی أن یأخذ هذا الفعل خیرا لنفسه أو یترکه و یأخذ ترکه خیرا لنفسه فلا یکون تعریف الخیار بأنه القدرة علی فسخ العقد و إبقائه منافیا لما ذکرناه.

ثم انّک قد عرفت أن الخیار فی اللغة هو اتّخاذ الخیر و الاصطفاء و الانتقاء و بهذا اللحاظ قد استعمل فی جمیع الموارد غایة الأمر أنه تختلف متعلّقاته فإنه قد یتعلّق بالأکل و قد یتعلّق بالشّرب و قد یتعلّق بالأعیان الخارجیة کاختیار الدار و الرفیق و المرکوب و قد یتعلّق بالأمور بالاعتباریة و قد یتعلّق بفسخ العقد و إبقائه و قد یتعلّق برفع سلطنة علی الفسخ و یسقط خیاره،و علیه فلا خصوصیة لمادة الخیار فی شیء من موارد الاستعمال.

و لکن المراد من الخیار المصطلحة هو اختیار فسخ العقد أو إبقائه أو اختیار إقرار العقد فخرج بتعلّقه بالفسخ جمیع ما یتعلّق بغیر العقود من الافعال و الأعیان الخارجیة و کل خرج به عقد بنت الأخ و بنت الأخت علی العمة و الخالة و کک جمیع العقود الفضولیة فان فی جمیع تلک الموارد لم ینتسب الی المختار شیء حتی یتعلّق به الفسخ و یکون الفسخ فیه متعلقا للخیار اما فی غیر العقود المذکورة فواضح فان الخیار فیه لیس الا اختیار أحد الأمرین الذین هما طرفا الخیار من الأکل و ترکه و الشرب و ترکه و هکذا و أما فی العقود المذکورة فلانّه و ان ثبت هنا شیء و لکنه لم ینتسب إلی العمة و الخالة و الی المالک بل مع الإجازة و الإمضاء ینتسب العقد إلیهم و لکن و إذا اختاروا الردّ

ص:8

یرفعون ما ثبت بإنشاء الغیر لا أنهم یفسخونه فإنه لیس هنا عقد حتی یتعلّق به الفسخ بل ثبت لهم بعد الانتساب إلیهم و الفرض انه لم ینتسب إلیهم بعد فبالردّ یرتفع و لا یبقی شیء حتی یفسخ.

و خرج بکون ذی الخیار مختارا فی إقرار العقد و تثبیته العقود الجائزة بحسب الطبع و توضیح ذلک أن ذا الخیار فی موارد الخیارات المصطلحة کما له اختیار فسخ العقد و إبقائه علی حاله و کک له ازالة مالکیته علی اختیار الفسخ و الإبقاء و علی الانتقاء و الاصطفاء بان یقر العقد بإسقاط الخیار و بجعله لازما و غیر قابل الفسخ ففی الحقیقة له خیار ان أحدهما یتعلّق بالفسخ و الإبقاء و الأخر یتعلّق بالسلطنة علی الفسخ و الإبقاء بخلاف العقود الجائزة فإن فیها خیار واحد لکل من له الخیار و لیس له خیار آخر یتعلق بأصل السلطنة علی اختیار الفسخ أو الإبقاء و لو أسقطه ألف مرة لم یسقط کما تقدم فإنه من الأحکام فهی غیر قابلة للإسقاط.

و من هنا ظهر أن ما ذهب الیه بعضهم من أن الخیار المصطلحة ملک إقرار العقد و ازالته هو الصحیح فان المراد من إقرار العقد هو إسقاط الخیار و جعل العقد لازما و غیر قابل للانفساخ من ناحیة الخیار و هو ما ذکرناه من تعلّق الخیار بإزالة السلطنة علی الفسخ و الإبقاء،و المراد من ازالته هو ازالة العقد بالفسخ و إعدامه نعم التعبیر بملک فسخ العقد مسامحة فإن الخیار کما عرفت لیس ملک فسخ العقد و انما الملکیّة مستفادة من اللام و کلمة الصاحب و الذو أو من الهیئة کما عرفت فإن هیئة کلمة المختار تدل علی ذلک لما عرفت أن المشتق انما هو باعتبار الشأنیة و لاقتضاء و أن ذی الخیار بما أن له مقتضی

ص:9

للفسخ و قادر علیه بان یأخذه خیرا لنفسه و له شأنیة الاختیار و الانتقاء فینتزع من ذلک عنوان المالکیة کما لا یخفی.

و قد أشکل المصنف علی هذا التعریف بوجهین الأول أنه ان أرید من إقرار العقد إبقائه علی حالته الأولیة بترک الفسخ فذکره مستدرک لأنّ القدرة علی الفسخ عین القدرة علی الترک فإنها لا تتعلق بأحد الطّرفین فقط و الا فلا تکون قدرة.

و فیه أنه ظهر جوابه ممّا تقدّم فان المراد من ملک إقرار العقد لیس هو ترکه علی حاله و عدم فسخه مع جواز ان یفسخه کیف ما یشاء بل المراد منه هو إقرار العقد و إثباته و جعله لازما بحیث لا یقبل- الفسخ بالخیار فهو إشارة الی احد الاختیارین الذین تقدمت الإشارة إلیهما و قوله و ازالته فالمراد منه ازالة العقد بالفسخ فهو إشارة إلی الاختیار الثانی.

و علی الإجمال أن الخیارات المصطلحة منحلّة إلی خیارین و مرکب منهما أحدهما ما یکون متعلقا بالفسخ و الآخر ما یتعلق بأصل إعدام الخیار ای اتخاذ إعدامه الذی عبارة أخری عن إقرار العقد خیرا لنفسه(ما شئت فعبّر)فکل واحد من خیار الحیوان و المجلس و العیب و الشرط و غیرها مرکب من خیارین المذکورین فقد أشیر إلیهما فی التعریف المذکور فذی الخیار مختار فیهما نعم أخذ الملکیة فی التعریف لیس من جهة اعتباره فی مفهوم الخیار و تعریفه بل هی مستفادة من الهیئة أو من کلمة اخری کما عرفت.

الثانی أن أرید منه إلزام العقد و جعله غیر قابل لان یفسخ ففیه أن مرجعه إلی إسقاط حق الخیار فلا یؤخذ فی تعریف نفس

ص:10

الخیار لکونه مستلزما للدور فإنه ح یکون مفاد التعریف أن الخیار هو ملک إلزام العقد بإسقاط الخیار فهذا أخذ بالخیار فی تعریف نفسه فهو دوری.

و فیه قد ظهر جوابه مما مر و توضیح الاندفاع أن الخیار و أن أخذ فی التعریف و لکن المأخوذ فیه لیس نفس المعرف بل هو غیره اعنی الخیار الثانی لما عرفت من کون الخیار المصطلح مرکبا من خیارین فقول القائل الخیار ملک إقرار العقد أی الخیار المتعلق بإعدام السلطنة علی الفسخ هو إقرار العقد إسقاط فالمراد من الخیار الساقط هو المتعلق بالفسخ فالمعرّف غیر المعرف فلا یلزم الدور و بقوله و إزالته أشار الی الخیار الثانی.

ثم أورد المصنف نقضا علی التعریف المذکور بأنه ینتقض بالخیار المشترک فان لکل منهما إلزامه من طرفه لا مطلقا فلا یکون العقد لازما بإسقاط أحد الشرکاء خیارهم.

و فیه أنه أیضا ظهر جوابه مما تقدّم فان المراد من الإقرار هو إقرار العقد من قبله لا من قبل غیره و لا یقاس ذلک بالفسخ فان فیه خصوصیة لا یعقل بها أن یفسخ احد المتعاملین دون الأخر فإنه بالفسخ ینتقل مال کل شخص الی ملکه و لا معنی لان یفسخ العقد من طرف واحد فقط دون الأخر و لکن الإقرار و الإثبات لیس کذلک فإنه قابل لان یکون العقد لازما من طرف و جائزا من طرف آخر و إذا کان ممکنا ثبوتا فلا نحتاج فی مقام الإثبات إلی شیء آخر غیر ما یصدر من الشرکاء فی الخیار حیث أن أحدهم یسقط خیاره و الآخر لا یسقطه.

ص:11

و ما نحن فیه نظیر رفع الحجر الثقیل بعشرة رجال حیث ان ترک الرفع یستند الی ترک واحد منهم و لکن رفعه مستند الی جمیعهم ففی المقام أیضا رفع العقد یحصل بفسخ واحد و لکن الإقرار التام یحصل بالمجموع و مع ذلک فکل واحد یجعله من قبله لازما و ان شئت فمثل بترک کل واحد من عشرة رجال قتل شخص فإنه یصدق ح ان کل واحد منهم ترک قتله من قبله و قد مثل الأستاذ بهذا المثال دون الأوّل.

و علی الإجمال فالأحسن أن یقال فی تعریف مطلق الخیار هو ما یرجح به أحد طرفی الممکن علی الآخر سواء کان هناک مرجح آخر أم لم یکن و یکون فی مقابل الاضطرار فان الفاعل المضطر مجبور الی اختیار أحد طرفی الممکن الذی اضطرار الیه و لا یبقی معه اختیار فی الترک و الانتقاء و الاصطفاء و بهذا المعنی الواحد یستعمل فی جمیع الموارد و ان کان هنا اختلاف فإنما هو من ناحیة المتعلّق و بیان ذلک أن الخیار قد یتعلّق بالأفعال الخارجیة کالأکل و الشرب و غیرهما فیختار الفاعل اما الترک أو الفعل فیرجح باختیاره احد الطرفین علی الطرف الآخر.

و قد یتعلّق بالأعیان الخارجیة فیرجح المختار أحد الشیئین أو الأشیاء علی الأخر فیأخذه خیرا لنفسه.

و قد یتعلّق بدفع العقود عن الانتساب الی نفسه و ردّه عن الاتصال الیه من غیر ان ینضم الیه قبل ذلک شیء و هذا کاختیار المالک ردّ عقد الفضولی و اختیار العمة و الخالة عقد بنت الأخ و بنت الأخت.

ص:12

و قد یتعلّق بفسخ العقد و إبقائه و هو علی قسمین فإنه تارة یجتمع مع الخیار الآخر المتعلّق بإقرار العقد و عدمه و أخری لا یجتمع معه بل لا یمکن ان یقترنه لحکم الشارع بعدم لزوم العقد إلی الأبد.

و الثانی هو الخیار فی العقود الجائزة التی کانت جائزة بحسب الطبع و الأول هو المراد من الخیارات المصطلحة فان فی مواردها قد ثبت لذی الخیار خیار ان أحدهما ملک فسخ العقد و إبقائه علی حاله و الثانی ملک إقرار العقد بإسقاط الخیار و عدم إقراره فیسمی مجمع هذین الخیارین خیارا اصطلاحیّا و لهذا لا تسمی العقود الجائزة عقودا خیاریة مع تحقق الخیار فیه أیضا و لکنه لیس مرکبا من خیارین نعم التعبیر بالملک لیس من جهة أخذ الملک فی مفهوم الخیار و لعل النکات فی تعبیر ملک فسخ العقد فی تعریف الخیار هو ان معنی الخیار هنا هو ترجح أحد الطرفین من الفسخ أو عدمه و ترجیح احد طرفین ازالة العقد و إبقائه لما عرفت أن الخیار المصطلح مجمع الخیارین.

و من الواضح أن الترجیح انما یکون مع القدرة علی الترجیح فالخیار عبارة عن القدرة علی الترجیح و القدرة لیست إلا عبارة عن السلطنة فیصح أن یقال أن الخیار ملک ازالة العقد و لکن هذا المعنی منتف فی غیر خیار المصطلح فان فی الهبة مثلا و ان کان الواهب قادرا علی الفسخ أو الإبقاء و لکن کون الجواز فیه ضروری فلیس له ازالته عنها و کک إذا کان متعلق الخیار الأمور الخارجیة کالأکل و الشرب فإن أحد طرفی الفعل و ان کان فی اختیاره و لکن أصل کونه مختارا فی ذلک ضروری و لا یقدر ان یسلب اختیاره عن نفسه بل هو مستفاد

ص:13

من شیء آخر و منه الهیئة فان هیئة المختار أیضا تدل علی الملکیة فإنه قد أخذ فیها الهیئة و هذه الهیئة و ان کانت ظاهرة فی الهیئة الفعلیة و منه ما فی قضیة الصدیقة الطاهرة و هو المختار لها لسرعة الإلحاق.

و لکن قد یکون المراد منهما الهیئة الشأنیة و لکن بواسطة القرائن فیکون المشتق ح مستعملة فی الشأنیة کسیف قاطع و سمّ قاتل و مسهل نافع و أشربه مبردة أو مسخنة فان القرینة قائمة فی أمثالها علی أن الاستعمال بلحاظ التلبس الشأنی دون الفعلیة کما لا یخفی.

و من هنا ظهر ما فی کلام شیخنا الأستاذ حیث قال أن الخیار المتعلق بإقرار العقد و إلزامه انّما هو أیضا اعمال الخیار فإنه أحد طرفی ما تعلق به الخیار و لیس مرجعه إلی إسقاط الحق الذی فوق اعمال الخیار و وجه الاندفاع هو ما تقدم من أن ما تعلق بإقرار العقد خیار آخر غیر ما تعلق بالفسخ و الإبقاء.

و تحصّل من جمیع ما ذکرناه أن ما ذکره بعض الأصحاب من أن الخیار ملک إقرار العقد و ازالته هو المتعین و أحسن منه ما تقدمت الإشارة إلیه من أن الخیار المصطلح اختیار فسخ العقد و إبقائه و اختیار إقرار العقد و عدمه(ما شئت فعبّر).

و قد عرفت أنه لا یرد علیه ما أورده المصنف من الإیراد الأوّل و الثانی و کک نقضه بالخیارات المشترکة کما عرفت.

لا یتوهم أن المراد من الخیار المشترک هو الخیار الثابت للمجموع کما فی توارث الخیار عن المورث بناء علی عدم ثبوته لکل واحد من الورثة و علی عدم ثبوته علی الطبیعی من حیث هو علی ما هو أقوال المسألة.

ص:14

و الوجه فی ذلک هو ان أحد الشرکاء لو اعمل خیاره بان یفسخ العقد أو ألزم العقد بأن أسقط خیاره لا یضرّ بخیار الشریک الآخر بوجه مع أن المصنف فرض أن الفسخ یوجب انهدام العقد من طرف الشریک الآخر و یؤثر تأثیره بخلاف الإقرار فإنه من احد الشرکاء لا یوجب إقرار العقد من الشریک الآخر فیعلم من ذلک أن المراد من الخیار المشترک فی کلام المصنف هو الخیار الثابت لکل من البائع و المشتری حین الثبوت کخیار المجلس مثلا کما هو الحق فإن الظّاهر من قوله(علیه السلام)البیّعان بالخیار ما لم یفترقا هو ذلک و ان لکل منهما خیار و إذا أراد أحدهما أن یفسخ العقد فنفسخ من الطرف الآخر أیضا لخصوصیة فی الفسخ و هی أنه لا یعقل انفساخ العقد من طرف واحد و هذا بخلاف الإقرار فإنه یعقل إلزام العقد من طرف واحد کما عرفت هذه هی المقدمة الأولی

المقدمة الثانیة وقع الکلام فی تأسیس الأصل فی المقام لیرجع الیه

اشارة

عند الشک،فی الجواز أو الزوم

و قد وقع الکلام فی أن الأصل فی العقود هو اللزوم الا ما خرج بالدلیل أو الأصل فیها هو الجواز الا ما خرج بالدلیل فإذا علم من الخارج أن العقد الفلانی لازم أو جائز فلا کلام لنا فیه فان کل واحد منهما یترتّب علیه حکمه و انما الکلام فی الموارد المشکوکة بالشبهة الحکمیة کما إذا شککنا فی ان العقد الفلانی(کالسّبق و الرّمایة جائز أو لازم أو بالشبهة الموضوعیّة کما إذا وقع عقد فی الخارج و شککنا فی کونه من القسم الجائز أو من القسم اللازم فان فی جمیع ذلک یرجع الی ما أسس من الأصل.

فنقول ذکر غیر واحد تبعا للعلامة فی کتبه الأصل فی البیع اللزوم

و قد وقع الکلام فی بیان المراد من هذا الأصل

اشارة

فذکر المصنف وجوها

ص:15

أربعة فی بیان ذلک.

الأول أخذه بمعنی الغلبة

فإن أغلب أفراد العقد هو اللزوم و الجائز منه قلیل فإذا شککنا فی عقد أنه جائز أو لازم فالظن یلحق الشیء بالأعم الأغلب.

و فیه أنه مخدوش صغره و کبری و المصنف لم یتعرض لفساد الکبری لوضوحه أما الوجه فی فساد الکبری فلان قاعدة إلحاق المشکوک بالأعم الأغلب أدون من الاستقراء الناقص فحیث أن الاستقراء الناقص لیس بحجة فالقاعدة المذکورة أولی بان لا تکون حجّة بیان ذلک أن الاستقراء الناقص عبارة عن تتبع أفراد الطبیعة بقدر الطاقة و التمکن بحیث یحصل الظن من ذلک أن بقیة الأفراد أیضا علی هذا النسق ثمّ یتشکّل من ذلک القیاس فیوصل بالنتیجة و یقال أن ما صادفنا من افراد هذه الطبیعة کالحیوان مثلا یتحرک فکه الأسفل عند المضغ و کل حیوان کک فالحیوانات المشکوکة أیضا کک ظنا و هذا القیاس بما أنه یفید الظن فقط لا یکون حجة فان الظن لا یغنی من الحق شیئا.

و القاعدة المذکورة أدون من ذلک فان جمیع ما صودف به من افراد الطبیعة لیس علی نسق واحد لان الفرض أنها علی قسمین غایة الأمر أن قسم منهما أقل من القسم الآخر فلا یمکن هنا تشکیل القیاس بان کل أفراد الطبیعة کل حتی و هما فضلا عن الظن به للعلم بان قسم منها علی غیر النسق الذی علیه القسم الأخر،کما لا یخفی.

و بالجملة أن کبری هذه القاعدة باطلة لعدم الدلیل علی صدقها و أما الوجه فی بطلان الصغری ما ذکره المصنف ان أرید غلبة

ص:16

الافراد فغالبها ینعقد جائزا لأجل خیار المجلس أو الحیوان أو الشرط و ان أراد غلبة الأزمان فهی لا تنفع فی الافراد المشکوکة و ذلک فإن مده اللزوم و ان کانت طویلة و زائدة و لکن لا یوجب إلحاق المشکوک إلیه الذی لا ندری أنه تحقق لازما أو جائزا فإن الأغلبیة من حیث الأزمان لا یرتبط بالأغلب من حیث الافراد.

و بعبارة اخری أن بناء علی تسلیم الکبری أن الظن انما یلحق الشیء بالأعم الأغلب من صنف نفس هذه الطبیعة لا من الأعم الأغلب من طبیعة أخری مثلا أن الغلبة فی سادات الکاظمیة هی الطوال فلو شککنا فی فرد منهم أنه طویل أو قصیر فالظن یلحقه بالأغلب من هذه الطائفة لا بالأغلب من جمیع البشر و کک أن الأغلب فی المسلم أو فی أهل العلم التقی و إذا شک و فی فرد منهم فالظن یلحقه بالأغلب من المسلمین أو من أهل العلم لا بالأغلب من جماهیر العالم و لو من غیر المسلمین و فی المقام إذا شک فی عقد أنه جائز أو لازم فالظن یلحقه بالأعم الأغلب من صنفه و هو غلبة الأفراد بحیث یتصف حین الوجود بوصف من اللزوم أو الجواز لا بالأغلب من صنف آخر اعنی غلبة الازمان و من الواضح أن الغلبة فی الافراد هو الجواز فإن أغلب أفراد العقد یوجد جائزا لخیار المجلس أو الحیوان أو الشرط الا ان یشترط اللزوم فی ضمن العقد و من هنا ظهر أن ما ذکره غیر واحد من الاعلام من عدم الفرق فی إلحاق المشکوک بالأعم الأغلب بین غلبة الافراد و غلبة الزمان لا یرجع الی محصّل و انما هو ناشئ من عدم الوصول الی مراد المصنف.

و أما الأصل بمعنی القاعدة

فسیأتی التکلم فیه من أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

ص:17

و أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ و تِجارَةً عَنْ تَراضٍ و کک سیأتی التکلم فی الأصل بمعنی الاستصحاب و ان تکلمنا فیهما فی المعاطاة و لکن إذا تمّ الاستصحاب و قلنا بجریانه فی الشبهات الحکمیة و الأحکام الکلیة یجری فی موارد الشبهات الحکمیة و الموضوعیّة و اما العمومات فلا تجری فی الشبهات الموضوعیّة کما إذا شک فی أن هذا العقد وجد لازما أو- جائزا لکونه تمسکا بالعمومات فی الشبهات المصداقیة کما لا یخفی.

و أما الأصل بالمعنی اللغوی

بأن یکون وضع البیع و بنائه عرفا و شرعا علی اللزوم فهو الظّاهر من کلام العلاّمة(ره)حیث قال و الفرض تمکن کل من المتعاقدین إلخ فإن هذا وجه آخر غیر الاستصحاب و انه هو الوجه الرابع ظاهرا بل هذا هو الصّحیح لقیام بناء العقلاء من المتدینین و غیرهم علی ذلک،و علیه فالشرط الضمنی فی کل عقد البیع موجود علی بقاء المعاقدة علی حالها و لا ینفسخ العقد بفسخ کل منهما کیف شاء و فی أیّ وقت أراد و لیس لأحد من المتبایعین أن یرجع الی الأخر بعد مدة و یسترجع العوض منه بفسخ العقد و إلا لما استقرّ نظام المعاملات و لا أظنّ أحد ببقاء أمواله تحت یده و ان مضی علی بیعه و شرائه سنین متمادیة و قرون متوالیة فإن العقد الجائز قابل الانهدام و لو بعد سنین و ح لا یستقر تملک الملاک فی مستملکاتهم المبتاعة من الغیر و اختلف تجارة التجار و نظام الاکتساب کما هو واضح نعم هذا یتم فی البیع فقط و أما فی غیره کعقد السبق و الرمایة مثلا فلا یتم فیه ذلک مع الشک فی جوازه و لزومه إذ لم نحرز کونه بناء العقلاء فی غیر البیع و نحوه کالنکاح مثلا علی اللزوم حتی یعتبر اللزام بالشرط الضمنی کما لا یخفی.

ص:18

و لذا ذکر المصنف أن الأصل بهذا المعنی انما ینفع مع الشک فی ثبوت خیار فی خصوص البیع لان الخیار حق خارجی یحتاج ثبوته الی الدلیل أما لو شک فی عقد آخر من حیث اللزوم و الجواز فلا یقتضی ذلک الأصل لزومه.

ثم ذکر المصنف(ره)و من هنا ظهر أن ثبوت خیار المجلس فی أوّل أزمنة انعقاد البیع لا ینافی کونه فی حدّ ذاته مبیّنا علی اللزوم لان الخیار حق خارجی قابل للانفکاک نعم لو کان فی أول انعقاده محکوما شرعا بجواز الرجوع بحیث یکون حکما فیه لا حقا مجعولا قابلا للسقوط کان منافیا لبنائه علی اللزوم.

و فیه أنه بعد ما تمّ بناء العقلاء علی عدم جواز رجوع کل من المتبایعین علی الآخر و صار بنائهم علی صیرورة کل منهما أجنبیّا عن ما له بعد تمامیة العقد فکما لا ینافی ذلک ثبوت خیار المجلس أو الحیوان فی أوّل البیع لکونه تخصیصا للقاعدة الثانیة ببناء العقلاء فکذلک لا ینافیه ثبوت الجواز الحکمی لعقد الهبة فإنّه أیضا یکون تخصیصا للقاعدة و لا یفرق فی ذلک بین کون الجواز من الحقوق أو من الاحکام و انما یظهر الفرق بینهما من حیث إمکان الإسقاط و عدمه فان الجواز فی الهبة لا ینفکّ عنها و لو أسقطه الواهب ألف مرّة فإنّه بعد ذلک أیضا بالخیار و هذا بخلاف الجواز الحقی فإنه یسقط بالإسقاط کما عرفته فی أول البیع

و أما الأصل بمعنی الاستصحاب

فهو انما یتم إذا شک فی لزوم عقد و جوازه بعد إحراز أنه تحقق لازما و ثبت اللزوم له و لو فی ان قبل الشک فإنّه حینئذ لا بأس بالتمسّک للاستصحاب لإثبات اللزوم و أما إذا کان العقد حین التحقیق جائزا و لم یطرء علیه اللزوم بعده

ص:19

ثمّ شککنا فی جوازه و لزومه فحینئذ نستصحب الجواز فیثبت عکس المقصود.

علی أن الاستصحاب انما یتم فی الشبهات الموضوعیة و امّا الشبهات الحکمیة فقد حققنا فی محله أنه لا یجری فیها الاستصحاب لکونه مبتلا بالمعارضة دائما،و علیه فإذا شککنا فی أن عقد السبق و الرّمایة جائز أو لازم فلا یمکن إحراز اللزوم فیه بالاستصحاب کما هو واضح

قوله بقی الکلام فی معنی قول العلامة فی القواعد و التذکرة

أقول:اختلف الکلمات فی بیان مراد العلامة(ره)حیث قال انه لا یخرج من هذا الأصل إلا بأمرین ثبوت خیار أو ظهور عیب مع ان العیب من أسباب الخیار فعن جامع المقاصد أنه من قبیل عطف الخاص علی العام و هو کثیر فی کلمات الفصحاء و فی الکتاب العزیز (و فیها فاکهة و نخل و رمان مع ان الفاکهة شاملة لما ذکر بعدها.

و فیه أنه انما یتم إذا ذکر فی المعطوف علیه أسباب الخیار فان العیب منها دون نفس الخیار و هما متباینان لا أن المعطوف علیه أخص من المعطوف.

و وجّهه المصنف بتوجیه آخر و حاصله:أن العیب سبب مستقل لتزلزل العقد فی مقابل الخیار،لان الخیار انما یتعلق بتمام العقد بحیث إذا اختار ذو الخیار الفسخ فینعدم العقد من أصله فیصیر کأن لم یکن،و أما إذا ظهر نقص فی أحد العوضین فان نفس ظهوره موجب لثبوت الأرش و ثبوت الخیار و لمالک العوض الناقص فی استرداد جزء من الثمن أو المثمن فالعقد بالنسبة إلی الجزء الناقص متزلزل قابل لإبقائه فی ملک المالک الأول و إبقائه فیه فهذا خیار متعلق

ص:20

بالمجموع من حیث المجموع لا بالجمیع.

و فیه أولا ما ذکره المصنف(ره)من أنه مبنی علی کون الأرش جزء حقیقیا من الثمن کما عن بعض العامة لیتحقق انفساخ العقد بالنسبة إلیه عند استرداده و قد صرّح العلامة فی کتبه بأنه لا یعتبر فی الأرش کونه جزء من الثمن بل له ابدا له لأن الأرش غرامة و ح فثبوت الأرش لا یوجب تزلزلا فی العقد.

و ثانیا ما ذکره السید(ره)فی حاشیة من أنه لا یعقل الفسخ بالنسبة إلی الجزء الا برد ما یقابله من العوض إذ مقتضی مقابلة المجموع بالمجموع کون بعض المبیع فی مقابلة هذا الجزء من الثمن فإذا رجع الی المشتری یرجع ما یقابله إلی البائع فلا بد من التزام أن هذا الفسخ و الاسترداد ابطال و ازالة للعقد بتمامه و جعله واقعا علی مجموع المبیع و ما بقی من الثمن و علی هذا فالتزلزل انّما هو بالنسبة إلی الکل لا خصوص جزء الثمن.

و وجهه شیخنا الأستاد بوجه ثالث و حاصله أن ما ثبت ببناء العقلاء أو غیره من اللزوم انما ینحل إلی أمرین الأول انه ثبت بناء العقلاء مثلا علی لزوم العقد بحیث لیس لکل واحد من المتعاملین أن یرجع الی الآخر بعد العقد بان یفسخ المعاملة و یرجع الی ماله.

الثانی أنه ثبت بناء العقلاء علی عدم مجواز مطالبة کل من المتعاملین من الأخر زائدا عن حقه الذی جری علیه العقد و لکن یخرج من الأصل الأول بالخیار و من الأصل الثانی بظهور العیب فإنه یوجب مطالبة الأرش فقول العلامة إنما یخرج من هذا الأصل بالخیار ناظرا الی الأصل الأول و قوله أو بظهور العیب ناظر الی الأصل الثانی و هذا الذی ذکره شیخنا الأستاد توجیه وجیه لا بأس به.

ص:21

قوله فمنها قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أقول

قد استدل المصنف

اشارة

علی اللزوم بوجوه

منها قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

فذکر أن الآیة دلت علی وجوب الوفاء بکل عقد و ادعی ان المراد بالعقد مطلق العهد کما فسّر به فی صحیحة ابن سنان المرویة فی تفسیر علی بن إبراهیم أو المراد منه ما یسمّی عقدا لغة و المراد بالوفاء بالعقد هو العمل بمقتضاه و الجری العملی علی طبقه نظیر الوفاء بالنذر فإذا باع احد ماله من شخص فبمقتضی الآیة وجب العمل بما یقتضیه التملیک من ترتیب آثار الملکیّة علیه و عدم جواز التصرف فیه و یحرم العمل بجمیع ما یکون نقضا للعقد

و منها التصرّفات بعد الفسخ

فحرمة التصرف لازم مساو للزوم العقد و عدم انفساخه بمجرّد فسخ احد المتعاملین فیستدل بالحکم التکلیفی أعنی حرمة التصرف فی المبیع علی الحکم الوضعی أعنی عدم نفوذ الفسخ و تأثره فی العقد فیکون العقد باقیا بعد الفسخ أیضا فی کل زمان و لا ینعدم بأی زمانی و قد تحقق فی الأصول ان الحکم الوضعی منتزع من الحکم التکلیفی علی مذهبه.

و أشکل علیه بأن وجوب الوفاء فرع وجود العقد و بعد الفسخ نشک فی بقائه فلا یتم الا بالاستصحاب الی أن قال نعم لو کان الموضوع صدور العقد و لو لم یکن باقیا کان کما ذکر لکنه مقطوع العدم إذ مع فرض زوال العقد لا یجب الوفاء قطعا.

و فیه أن موضوع وجوب الوفاء إلی الأبد انما هو العقد حدوثا فإنه به مجرّد حدوثه یثبت له وجوب الوفاء إلی الأبد فیکون العقد حدوثا موضوعا لوجوب الوفاء المستمر بقاء فلا یکون مشکوکا فی نفسه لکونه مقطوعا فی ظرفه فیتمسک بالإطلاق بعد الفسخ أیضا فإن مقتضی ما ذکره المصنف

ص:22

من جری العمل علی طبق ذلک العقد الحادث لا یؤثر الفسخ فی شیء و لا یوجب کون العقد مشکوکا حتی تصل النوبة إلی الاستصحاب من جهة الشک فی بقاء الموضوع و عدمه.

نعم الملکیة تکون مشکوکة بعد الفسخ و لکنها أجنبیة عما ذکرناه و دعوا أن العقد بعد الفسخ یکون مشکوکا فی نفسه فلا یکون العقد محرزا حتی نتمسّک بالإطلاق واضح الدفع بما ذکرناه و یدفع ما ذکرناه بملاحظة الوقف و نحوه من کون العقد حدوثا موضوعا لوجوب الوفاء بقاء و علی الإجمال أن العقد حدوثا یکون موضوعا لوجوب الوفاء بقاء و هو لیس بمشکوک أصلا حتی لا یفید التمسک بالإطلاق و یلتجأ الی الاستصحاب بل هو مقطوع بعد الفسخ و قبله نعم بعد تحقیق الفسخ تکون الملکیة مشکوکة و لکنها لا ترتبط لما نحن فیه و علی هذا فکلما نشک فی ارتفاع ذلک ای وجوب الجری علی طبق العقد السابق فیتمسک بالإطلاق فکلام المصنف سلیم عن هذا الاشکال.

نعم یرد علی ما ذکره المصنف وجهان:الأول أن حرمة التصرف انما هی من الأحکام الشرعیة المترتبة علی الملکیّة فلا ربط لها بالعقد الذی هو عبارة عن الالتزام النفسانی فلا دلالة فی الآیة بناء علی ما ذکره المصنف علی لزوم العقد.

و توضیح ذلک أن الالتزام علی شیء قد یکون متعلّقا بالأمور الخارجیة کالنذر و العهد بأن یتعهد بالالتزام النذری أو العهدی علی فعل شیء فی الخارج أو علی ترکه فیه و قد یکون متعلقا بأمر اعتباری نفسانی أما الأول فیکون نقضه بالفعل الخارجی لکونه التزاما خارجیا بأن یترک ما التزام بفعله أو یفعل ما التزم بترکه و علی هذا

ص:23

فیکون التصرّف الخارجی نقضا للالتزام و العقد فتدل حرمة التصرّف علی حرمة الفسخ کما ذکره المصنف.

و أما الثانی فرفعه بنقضه فی عالم الاعتبار و رفع المعاقدة النفسانیة فلا ربط له بالتصرّف الخارجی حتی لو التزم بشیء و تعاهد علیه فی عالم الاعتبار و أوجد المعاقدة الاعتباریة فی ذهنه و مع ذلک التزم و بنا علی التصرّف الخارجی و عدم ترتب الحکم علیه فلا یکون ذلک مخلا بالتزامه العقد أصلا،مثلا لو باع داره من زید و بنی أن یأخذها منه بعد الإقباض أو تزوج امرأة و بنی أن لا یعطی لها نفقتها فإن بنائه هذا لا یضرّ بالالتزام العقدی بوجه و علیه فالآیة الشریفة ناظرة إلی الوفاء بالمعاقدة الاعتباریة التی نقضها برفع تلک الاعتبار النفسانی لا بالتّصرّف الخارجی فلا تدل الآیة علی حرمة التّصرّف أصلا حتّی لو لم یکن دلیل علی حرمة التصرّف فی مال غیره لم یظهر ذلک من الآیة و لجاز أن یبیع أحد أمواله ثمّ یتصرّف فیها تصرفا خارجیّا و هذا واضح جدا.

و ثانیا لو سلمنا کون التصرف نقضا للعقد فلما ذا یحرم التصرّف بعد ذلک التّصرّف الأولی فإن لازمة جواز التصرّف الثانی و الوجه فیه هو الموجود فی مقام البیع و النکاح و الإجارة و غیرها من العقود هو الأمر الوجدانی المستمر فإذا انقطع ذلک فی آن فیرتفع العقد بارتفاع الاستمرار و بعده لا یبقی موضوع لوجوب الوفاء أصلا.

نعم لو کان هنا أمور متعددة و التزامات و عقود متکثرة حسب تعدد الآنات و الساعات و الأیام کان هنا أیضا وجوب متعدد منحل إلی الأزمنة المتعددة فلا یکون عدم الوفاء بواحد موجبا لرفع الحکم

ص:24

عن الآخر و لکنه بدیهی البطلان فان ما نحن فیه نظیر النذر أو العهد أو الیمین علی القعود فی مکان من أول الصبح الی المغرب فإذا تخلف أنا واحدا و لم یجلس فیه فیرتفع وجوب النذر و لا یجب بعده- الجلوس فی ذلک المکان و یترتب علیه حکم مخالفة النذر و العهد و الیمین.

و لیس المقام من قبیل النذر علی إیجاد أمور عدیدة بحیث لا یستلزم الخلف فی واحد الخلف فی الآخر کأن ینذر أن یزور الحسین علیه السلام فی کل لیلة الجمعة و لکن تخلف و لم یزر لیلة واحدة فإنه لا یوجب الحنث فی اللیالی الأخر أیضا بل النذر فی مثل هذا ینحل الی نذور متعددة و یترتب علی کل واحد منها حکمه.

و التحقیق هو ما ذکرناه فی بحث المعاطاة من أن الوفاء عبارة عن انتهاء الشیء و إتمامه و منه الدّرهم الوافی أی التمام فالمراد من الأمر بالوفاء عبارة عن الأمر بالتمام العقد الذی عبارة عن المعاقدة و المعاهدة فتدلّ الآیة علی وجوب إتمام العقد و عدم جواز فسخه و لکن حیث أنّه لیس الفسخ من المحرّمات قطعا فان رفع الالتزام النفسانی و الاعتبار النفسی و عدم الوقوف علی الالتزام الاولیّ لیس من المحرّمات قطعا الا بعنوان التشریع و النسبة إلی الشارع فیکون الأمر للإرشاد الی عدم تأثیر الفسخ فی رفع الالتزام نظیر عدم صحة الصلاة عن الحائض و کون الأمر بترکها إرشادا الی ذلک فتدل الآیة بالمطابقة علی اللزوم.

و بعبارة أخری الظهور الأولی للأمر هو الوجوب المولوی کما حقق فی محلّه و لکن نرفع الید عنه بالقرائن الخارجیة و یحمل علی

ص:25

الإرشاد و فی المقام أن الأمر بالوفاء علی العقد و أن کان ظاهرا فی المولویة فی نفسه و لکن بما أن الفسخ المتعلق به لیس من المحرّمات بحیث یحرم لأحد المتعاملین ان یفسخ التزامه و ینقضه و لا ینهاه الی الآخر فیکشف من ذلک عدم کونه ظاهرا فی الوجوب المولوی و یحمل علی الإرشاد فتکون الآیة ابتداء دالة علی اللزوم بالمطابقة و ان العقد لا ینقض و ینفسخ بالنقض و الفسخ فلا نحتاج فی استفادة اللزوم الی الالتجاء بکون الحکم الوضعی منتزعا من الحکم التکلیفی کما صنعه المصنف علی أنه لا یمکن المساعدة علیه فی نفسه کما حققناه فی علم الأصول و قلنا أن الاحکام الوضعیة بنفسها مجعولة للشارع.

و قد أشکل علی الاستدلال بآیة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ علی اللزوم بناء علی ما ذکرناه من دلالتها علی اللزوم بالمطابقة بأن مبنی الاستدلال بهذه الآیة علی اللزوم هو أن الأمر فی الآیة انما هو إرشاد إلی اللزوم لان رفع العقد و فسخه و هدم کل من المتبایعین التزامه بدون رضا الآخر لیس حراما فی الشریعة غایة الأمر أنه لا یؤثر فی رفع العقد و لا یوجب نقضه و رفعه إلا مع رضا الآخر لیکون اقالة فیکون الأمر بهذه القرینة إرشادا الی أن العقد لا ینحل و لا ینفسخ بالفسخ و لا ینقض بالنقض فتدل الآیة بالمطابقة علی اللزوم.

و أشکل علیه بأن الأمر فی المقام یدور بین رفع الید عن ظهور الأمر فی المولویة و حمله علی الإرشاد کما ذکرتم و بین رفع الید عن ظهور أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فی جمیع العقود حتی الالتزامات الخارجیة من النذر و العهد و غیرهما و الالتزامات النفسیة کالعقود من البیع و نحوه فتخصیصها بالالتزامیة الخارجیة فقط حتی لا یقال أن الفسخ لیس

ص:26

من المحرمات بل تختص الحکم بالوفاء فی الآیة بالنذر و العهد و نحو هما من الالتزامات الخارجیة فلا مرجع لرفع الید عن ظهور الأمر فی المولویة و حمله علی الإرشاد دون الثانی فتکون الآیة مجملة فلا یمکن الاستدلال بها علی اللزوم.و فیه أن هذا الدوران ممنوع جدا فان معنی رفع الید عن ظهور الأمر و حمله علی الإرشاد لیس هو ذلک بل معناه انا نرفع الید عن ظهور الأمر فی الوجوب التکلیفی و نحمله علی الإرشاد و هذا لا ینافی المولویة فالأمر علی کل حال باق علی مولویته سواء حملناه علی الإرشاد به أم لا و لکن بمقتضی القرینة المتقدمة نحمله علی- الإرشادی المولوی و الوجه فی ذلک هو أن المعنی الإرشادی غیر ما ذکروه من حمل الأمر علی الإرشاد مقابل المولوی فإنه إرشاد إلی حکم العقل کما فی أطیعوا اللّه و أطیعوا الرسول فإنه فی موارد حکم العقل لا مجال للمولویة فلا بدّ من حمل الأوامر الواردة فی تلک المقامات علی الإرشادیة و کونها إرشادا إلی حکم العقل فقط و هذا بخلاف حمل الأمر علی الإرشاد مقابل الوجوب و التکلیف فإنه مع کون الأمر إرشادیا فهو باق علی مولویته أیضا فإن إمضاء العقد و جعله لازما بحیث لم ینفسخ بالفسخ هذا أیضا حکم مولوی و ثابت بجعل الشارع کما أن الأمر بالوضوء عقیب الأحداث الناقضة للوضوء إرشاد إلی بطلان الوضوء بها و الأوامر و النواهی المتعلقة بأجزاء الصلاة إرشاده إلی المانعیة أو الجزئیة و مع ذلک کلها أحکام مولویة فإن أجزاء الصّلوة و موانعها کلها مجعولة للشارع فالأمر بها مولوی محض غایة الأمر لیس تکلیفیّا و علی هذا فإذا حملنا الأمر بالوفاء بالعقود علی الإرشاد فلا یکون رفعا للید عن ظهور الأمر فی المولویة بل رفع الید عن ظهوره

ص:27

فی الوجوب.

و علی هذا فتدل الآیة علی لزوم الوفاء بکل عقد حتی العقود و الالتزامات الخارجیة و لیس دائرا بین رفع الید عن ظهور الأمر فی المولویة أو عن ظهور المعقود فی الأعم من الالتزامات النفسیة و الالتزامات الخارجیة بل أرید من الأمر المولویة و هو عبارة عن إظهار ما فی النفس من اعتبار الفعل علی ذمة المکلف سواء کان علی سبیل التکلیف أو لا فهذا المعنی یختلف بحسب الموارد ففی مورد یکون إمضاء محضا فقط کما فی البیع و نحوه فإنّه إمضاء لما عقده المتعاملان بعنوان المولویة و فی العهد و النذر علی نحو التکلیف و علی هذا فمعنی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أی أوفوا بجمیع عهودکم و عقودکم و التزاماتکم النفسیة و الخارجیة فیشمل ذلک عهد اللّه علی العباد الذی عهد علیهم فی عالم الذر بقوله جل و علی أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَیْکُمْ یا بَنِی آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّیْطانَ إِنَّهُ لَکُمْ عَدُوٌّ مُبِینٌ.

و أیضا یشمل عهد العباد علی اللّه تعالی کالنذر و العهد و الیمین و یشمل عهد العباد بعضهم بعضا کما فی موارد العقود.

و علی الاجمال فالآیة وافیة الدلالة علی اللزوم دلالة مطابقیة کما عرفت.

قوله و من ذلک یظهر لک الوجه فی دلالة قوله تعالی أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ علی اللزوم.

أقول حاصل کلامه أن المراد من حلیة البیع هو حلیة جمیع التصرفات التی تترتب علی البیع و یجوز لکل من المتبایعین أن یتصرّف فیما انتقل الیه جوازا تکلیفیا مطلقا فهو یشمل ما بعد الفسخ أیضا

ص:28

فیدل علی عدم تأثیر الفسخ فی العقد و کونه لغوا و الا لکان التصرف بعد الفسخ تصرّفا محرما لکونه فی مال الغیر فهذا المعنی یستلزم اللزوم فتدل الآیة علی أن الأصل فی العقود هو اللزوم بالالتزام و قد حقق فی محلّه أن الدلالات الالتزامیة حجّة فی باب الألفاظ و منه یظهر وجه الاستدلال علی اللزوم بإطلاق حلیة أکل المال بالتجارة عن تراض فإنه یدل علی أن التجارة سبب لحلیة التصرّف بقول مطلق حتی بعد الفسخ فتدل هذه الآیة أیضا علی أصالة اللزوم بالالتزام فان لازم جواز التصرف حتی بعد فسخ أحد المتعاملین هو لزوم العقد و عدم انحلاله بالفسخ و الا لکان التصرف بعد الفسخ حراما کما لا یخفی.

و قد أشکل المصنف(ره)علی الاستدلال بالآیتین علی أصالة اللزوم و أوضحه شیخنا الأستاذ و حاصله أن التمسک بالإطلاق إنما یفید إذا کان الشک فی قیود الموضوع و حالته و أنحائه مثلا إذا قال المولی جئنی بالماء فتمسک بإطلاق کلامه بالنسبة إلی حالات الماء و نحکم بجواز إتیان أیّ ماء بحیث صدق علیه الماء کما یمکن أن یکون الحکم بالنسبة إلی حالات الموضوع مقیدا أیضا فالمقصود أن الإطلاق و التقیید فی الحکم انما هو بالنسبة إلی حالات الموضوع فقط.

و أما بالنسبة إلی حالات الحکم أو رافعه فلا یمکن أن یکون الحکم مطلقا أو مقیدا کما أن الاحکام الثابتة علی الأشیاء بعناوینها الأولیة لا إطلاق لها بالنسبة إلی العناوین الثانویة.

و السر فی ذلک أن المحکوم علیه لیس ناظرا الی نفسه فضلا عن أن یکون مطلقا بالنسبة إلی حاکمه.

ص:29

و فی المقام إذا کان الفسخ مؤثرا فإنّما هو یؤثر فی رفع نفس الحلیة و علیه فلا إطلاق فی الحلیة إلی رافعها فان الحکم لیس له إطلاق إلی حالات نفسه فضلا عن أن یکون له إطلاق إلی رافعه و حینئذ فلا یمکن التمسک بالآیتین لإثبات أصالة اللزوم و عدم تأثیر الفسخ فی رفعه نعم لا بأس بجریان الاستصحاب فی صورة الشک ثمّ وجه شیخنا الأستاذ جهة تخصیص المصنف هذا الاشکال بالآیتین و عدم جریانه فی الآیة السابقة علیهما أی آیة أوفوا.

و حاصله أن موضوع وجوب الوفاء کما ذکرناه هو المعنی المصدری من العقد الذی یعبر عنه فی لغة الفرس بلفظ(گره زدن)دون الاسم المصدری أعنی العقدة الحاصلة من المعنی المصدری الذی یعبر عنه فی لغة الفارس بلفظ(گره)فإذا تحقق الفسخ فلا یکون مانعا عن التمسک بالإطلاق فنتمسک بإطلاق أوفوا و نحکم بعدم تأثیره فی رفع العقد فإنه لا یکون ما هو موضوع وجوب الوفاء أعنی العقد بمعنی المصدری مشکوکا بالفسخ کما تقدم و انما یکون المشکوک هو العقدة أی العقد بمعنی الاسم المصدری فیجوز التمسک بالإطلاق کما لا یخفی.

أقول الظاهر أنه لا یتم الاستدلال بالآیتین علی أصالة اللزوم و علی تقدیر تمامیته لا یرد علیه الاشکال المذکور و علی تقدیر وروده فلا فارق بین الآیتین و بین آیة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

قلنا فی المقام ثلاث دعاوی الدعوی الاولی أنه لا یتم الاستدلال بالآیتین علی أصالة اللزوم و الوجه فی ذلک هو أن المراد من الحلیة إما الحلیة الوضعیة أو الحلیة التکلیفیة أو الأعم منهما و علی کل حال لا دلالة فی الآیة علی أصالة اللزوم بوجه.

ص:30

أما إذا کان المراد من الحلیة هی الوضعیة فلان معنی ذلک لیس الا نفوذ البیع فی مقابل استناد الحرمة و عدم النفوذ الی الربا فلا تعرض فیها لارتفاعه أو عدم ارتفاعه بالفسخ أصلا کما أن قوله تعالی وَ حَرَّمَ الرِّبا لا یدل علی أزید من حرمة المعاملة الربویة فبقرینة المقابلة تکون الحلیة واردة علی أصل البیع من حیث الحدوث أی أن البیع جائز و نافذ فی الشریعة المقدسة و لیس مثل الربا کما زعمه أهل الجاهلیة فلا دلالة فیها إلی حلیة التّصرّفات المرتبة علی البیع.

و علی الاجمال لیست الآیة متعرضة لبقاء البیع و عدم بقائه بعد التحقق و أن الفسخ یؤثر فیه أم لا و انما هی ناظرة إلی أصل ثبوت البیع و نفوذه فی الشریعة المقدسة.

و أما إذا کان المراد من الحلیة هی الحلیة التکلیفیة فلان الآیة أیضا ناظرة إلی استناد الجواز و الإباحة إلی البیع و کونه غیر محرم فی الشریعة بقرینة مقابلة بحرمة الربا فان غرضه تعالی استناد الحرمة فقط الی الربا و بیان کونه حراما فی الشریعة کشرب الخمر بل بعاقب کاتبه و شاهده و البائع و المشتری فلیست الآیة ناظرة إلی جواز التصرف أصلا أی التصرفات المترتبة علی البیع بل ناظرة إلی حلیة نفس البیع کما أن قوله تعالی وَ حَرَّمَ الرِّبا ناظر إلی حرمة نفسی فإنه من المحرمات الشرعیة حتی یقتل منکر حرمته و تبان زوجته و تقسم أمواله و لیس البیع و الربوی مثل بیع الغرری أو بیع أو ما لیس عندک أو بیع ما لا یقدر علی تسلیمه و غیر ذلک من البیوع الفاسدة فإنها فاسدة فقط و لیس بحرام تکلیفا الا بالتشریع فلو باع احد بالبیع الفاسد لا یکون فاسقا بخلاف البیع الربوی و مقابل هذا ای البیع

ص:31

الربوی الحرام تکلیفا هو البیع الحلال الذی رخص فیه الشارع تکلیفا و أما التصرفات المترتبة علیه فاجنبیة عنه فلا دلالة فی آیة حلیة البیع علی اللزوم.

و من هنا ظهر الحال لو أرید من الحلیة الحلیة الوضعیة و التکلیفیة معا کما لا یبعد ان یکون هو المراد من الآیة فان معنی الحلّ فی اللغة هو الإطلاق و یعبر عنه فی الفارسیة بکلمة(گرده زدن و باز نمودن) و هو أعم من الحلیة الوضعیة و التکلیفیة لأنه لم یکن استعمال الحلیة تارة فی الوضعیة و أخری فی التکلیفیة مرسوما فی اللغة و زمان النبی (صلی الله علیه و آله)و الأئمة علیهم السلام و انما هو اصطلاح جدید فی السنة الفقهاء رضوان اللّه علیهم فلا یلزم من استعمال کلمة الحل فیهما استعمال اللفظ فی أکثر من معنی واحده.

و علی الجملة فالحلیة عبارة عن الإطلاق فهو یختلف بحسب المصداق لأنه تارة تکون وضعیة بمعنی نفوذ المعاملة و أخری تکلیفیة بمعنی الجواز و عدم المنع عنه شرعا.

و علی کل حال فالآیة ناظرة و الی ثبوتها للبیع و کونه حلالا فی الشریعة المقدسة وضعا و تکلیفا و أما انه لا یرفع بالفسخ أو یرفع به فالآیة أجنبیة عن ذلک بالمرة فتحصل أن الآیة لا تعرض فیها عن حلیة التصرفات المترتبة علی البیع فضلا عن استفادة اللزوم من ذلک بالالتزام.

و من هنا ظهر الحال فی قوله تعالی إِلاّ أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ بل الأمر فیه أوضح فإن المراد من قوله تعالی فی المستثنی منه لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ لیس هو الأکل بمعنی الازدراد لأنه

ص:32

إنما أضیف إلی الأموال و من الواضح أن المأکولات بالنسبة إلی غیرها کقطرة من البحر فبمناسبة الحکم و الموضوع فلا بدّ و أن یراد منه التملک بأخذ الأکل کنایة عنه کما هو المستعمل فی ذلک کثیرا حتی فی العرف الحاضر و قد استعمل الأکل بمعنی التملک فی الکتاب الکریم فی غیر هذا المورد أیضا کقوله تعالی وَ تُدْلُوا بِها إِلَی الْحُکّامِ لِتَأْکُلُوا فَرِیقاً مِنْ أَمْوالِ النّاسِ بِالْإِثْمِ.

و علی هذا فمعنی الآیة أن تملک أموال الناس بأی سبب من الأسباب حرام و غیر جائز شرعا الا ان یکون التملک بسبب و هو التجارة عن تراض فإنه جائز و حلال فی الآیة ناظرة إلی أصل جواز التملک و أما التصرّفات المترتبة علی التملک فخارجة عن حدود الآیة بالکلیة فضلا عن دلالتها علی أصالة اللزوم.

و الحاصل أنه استدل المصنف بأیة حلّ البیع علی لزوم العقد بدعوی أنها تدل بالمطابقة علی حلیة مطلق التّصرّفات حتی التّصرّفات الواقعة بعد الفسخ و من الواضح أنه لو کان الفسخ مؤثرا فی حلّ العقد و إعدامه لکانت التصرفات الواقعة بعد الفسخ محرّمة فتدل الآیة بالملازمة علی لزوم البیع و عدم انفساخه بالفسخ و بهذا یظهر دلالة آیة النجارة عن تراض اعنی قطعة المستثنی فإنها تدل بالمطابقة علی حلیة الأکل بالتجارة عن تراض مطلقا.

و بعبارة اخری انها ظاهرة فی أن التجارة عن تراض سبب لحلیة التصرف بقول مطلق حتی بعد الفسخ من أحدهما من دون رضی الآخر.ثمّ أشکل علی الآیتین بان الفسخ رافع للحلیة فلا یکون الحکم شاملا بإطلاقه لرفع نفسه و أوضحه شیخنا الأستاذ بأن

ص:33

الحکم انما له إطلاق بالنسبة إلی حالات الموضوع و قیوداته و اما حالات نفس الحکم فضلا عن رافعه فلا إطلاق له بالنسبة إلیها فإنه لا یعقل أن یؤخذ الحکم مطلقا بالنسبة الی حالة نفسه و روافعه ثم فرق بین هاتین الآیتین و بین آیة أوفوا بدعوی أن موضوع الوفاء فی آیة أوفوا هو العقد بمعنی المصدری فهو قطعی الوقوع فلا یکون مشکوکا بالفسخ و انما المشکوک بعد تحقق الفسخ هو العقد بمعنی الاسم المصدری فتدل الآیة علی حلیة التصرفات المترتبة علی العقد بمعنی المصدری مطلقا حتی بعد الفسخ کما هو مبنی استدلال المصنف فشک فی رافعیة الفسخ العقدة لئلا یجوز التصرّفات بعد الفسخ فنتمسک بإطلاق الآیة و نحکم بعدم تأثیر الفسخ بوجه فلیس الفسخ رافعا لنفس الحلیة حتی لا یمکن التمسک بإطلاق فتدل الآیة علی اللزوم بالالتزام کما هو واضح و هذا بخلاف الآیتین کما عرفت الحال فیهما.

و لکن قلنا أنه لا یمکن التمسک بالآیتین علی إثبات اللزوم فی العقود و علی تقدیر تمامیة الاستدلال بهما علی اللزوم فلا یرد علیه ما أورده المصنف و لو تم الاشکال فهو مشترک المورود للآیتین و آیة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ کما ذکره السید و لکن ببیان آخر و لنا فی المقام ثلث دعاوی الاولی فی عدم صحة الاستدلال بالآیتین علی أصالة اللزوم فنقول ان المراد من الحلیة إما وضعیة أو تکلیفیة أو الأعم منهما و علی کل حال لا دلالة فی الآیتین علی المقصود أما إذا کان المراد منها الحلیة الوضعیة فلان معناه نفوذ البیع و صحته فی الشریعة الإسلامیة و قد تدل آیة حل البیع علی کونها مستندة الی البیع فلا دلالة فیها علی أزید من استناد الحلیة الوضعیة إلی البیع و تدل علی ذلک مقابلته

ص:34

باستناد الحرمة إلی الرّبا فان معنی حرمة الرّبا بناء علی أخذ الحرمة أیضا وضعیة بقرینة المقابلة هو عدم نفوذ الرّبا و أنه فاسد فی الشریعة من غیر تعرض إلی حرمة التصرفات و علی الإجمال فالآیة ناظرة إلی استناد الحلیة إلی البیع و استناد الحرمة إلی الربا فقط فلا دلالة فیها علی حلیة التصرّفات المترتبة علی العقد حتی بعد الفسخ لیستفاد منه اللزوم فان مقابلة حلیة البیع مع حرمة الرّبا تقتضی استنادهما إلیها فقط فان الغرض من قوله تعالی وَ حَرَّمَ الرِّبا هو ذلک فیکون هذا قرینة لا یراد من حلیة البیع أیضا هذا المعنی.

و أما إذا کان المراد من الحلیة هی التکلیفیة فالآیة ناظرة أیضا الی استناد الحلیة التکلیفیة فقط الی البیع بقرینة مقابلته مع حرمة الرّبا فإنها ناظرة إلی استناد الحرمة التکلیفیة فقط الی الرّبا و امّا جواز التصرّفات المترتبة علی العقد حتی بعد التصرف فلا یستفاد من الآیة لخروجها عن مفادها بالکلیة فیکون الغرض إثبات إباحة البیع فی الشریعة المقدسة حتی البیع الفاسد لعدم کونه حراما کما ان حرمة الربا ناظرة إلی إثبات حرمته فی الشریعة و هکذا الکلام إذا کان المراد من الحلیة أعم من الوضعیة و التکلیفیة کما هو الظاهر بحسب لحاظ المعنی اللغوی کما عرفت.

و من هنا ظهر الجواب عن الاستدلال بایة التجارة عن تراض أیضا فإنها جملة استثنیت عن حرمة أکل المال بالباطل و من الواضح أن المراد من حرمة الأکل بالباطل انما هو حرمة التملک کما هو المستعمل بهذا المعنی فی القرآن و فی محاورة الیوم فیقال ان فلانا أکل دار فلان مثلا.

ص:35

فتکون الآیة ناظرة الی عدم جواز تملک مال الغیر بغیر التجارة عن تراض أو عدم نفوذه و أما حرمة التصرفات أو جوازها المترتبة علی الأکل بالباطل أو التجارة عن تراض فخارجة عن الآیة.

و بعبارة اخری أن الآیتین ناظرتان الی حکم البیع و التملک من حیث الوضع أو التکلیف حدوثا فقط لا بقاء حتی یتمسک بالإطلاق حتی لو لم یکن عندنا ما دل علی حرمة التصرف فی مال الغیر لقلنا بحرمة التملک بهذه الآیة و بجواز التصرف بالأصل و کان لأحد أن یبیع ماله ثمّ لا یسلمه بل یتصرف فیه کیف یشاء فإن الآیة لا تدل علی ذلک کما ذکره السیّد(ره)أیضا فراجع.

و أما الإشکال الذی ذکره المصنف و قربه و أوضحه شیخنا الأستاذ فلا یرد علیها بوجه و ذلک فلانه و ان لم یکن للحکم إطلاق بالنسبة إلی حالات نفسه و رافعه فإنه حکم مسلم و قاعدة مبرمة فان ملاحظة الإطلاق فرع ورود الحکم علی الشیء فلا یعقل أن یلحظ الإطلاق أو التقیید إلا بالنسبة إلی موضوع الحکم أو متعلقة کما هو واضح.

و لکن المقام لیس کک فان رافع الحلیة لیس من حالات الحکم و توضیح ذلک أنا ذکرنا فی محله مرارا أن الإطلاق لیس الا ما یمکن للمتکلّم أن یصرح به کما أن التقیید کک مثلا إذا قال المولی أعتق رقبة فمعناه أعتق رقبة سواء کانت مؤمنة أم غیر مؤمنة کما أن معنی أعتق رقبة مؤمنة معناه أعتق رقبة ان کانت مؤمنة فما للمولی أن یصرح به من الإطلاق و التقیید یطویه فی کلامه علی سبیل الإطلاق أو التقیید ففی المقام له أن یأخذ الحلیة مطلقة بالنسبة إلی رافعها و یقول أحل اللّه البیع سواء فسخ أحد المتبایعین أم لا و له أن یصرح بالتقیید

ص:36

و یقول أحل اللّه البیع ان لم یفسخ أحدهما و لکن لم یصرح بالإطلاق و انما سکت عنه و لکن اکتفی منه بعدم التقیید فبمقدمات الحکمة نستفید الإطلاق و نحکم بحلیة البیع و التصرّفات المترتبة علیه حتی بعد الفسخ.

و السّر فی ذلک أن للجاعل أن یأخذ حکمه مطلقا أو مقیدا بالنسبة إلی رفع شخص آخر لذلک الحکم فیقول أمضیت البیع أن لم یرفعه فلان أو أمضیته سواء رفعه فلان أم لا أو یقول أکرم العلماء ان رضی فلان أو یقول أکرمهم سواء رضی فلان أم لا فرفع شخص آخر الحکم لیس من قبیل حالات الحکم حتی لا یمکن تکفل الحکم بالطلاقة شموله لما بعد تحقق الرفع کما هو واضح.

و علی تقدیر ورود الاشکال علی الآیتین فلا تختص الاشکال بهما بل یجری فی آیة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أیضا فإنه بناء علی مسلک المصنف انها تدل علی حلیة التصرّفات المترتبة علی العقد علی وجه الإطلاق حتی بعد التصرّف و من الواضح أن الفسخ رافع لها فکیف یؤخذ الحکم مطلقا بالنسبة إلی رافعه فالمقصود أن میزان الاستدلال بالآیات الثلثة واحدة عند المصنف فما ذکره من الإشکال أیضا مشترک الورود بالنسبة إلیها.

و قد عرفت دلالة آیة الوفاء علی اللزوم بالمطابقة و عرفت أیضا عدم دلالة آیة أحل الله البیع علیه و قلنا أن الآیة ناظرة إلی استناد الحلیة إلی البیع و انها مستندة إلیه فی الشریعة سواء کانت وضعیة أو تکلیفیة أو کلیهما بقرینة قوله تعالی وَ حَرَّمَ الرِّبا فإنه ناظر الی استناد الحرمة إلی الرّبا و أما حلیة التصرّفات فضلا عن کونها مطلقة

ص:37

حتی بعد الفسخ فلیست الآیة متعرضة لها بوجه کما لا یخفی.

و کذلک قوله تعالی تِجارَةً عَنْ تَراضٍ فإنه ناظر الی جواز التملک بالتجارة عن تراض لکونه استثناء عن حرمة أکل المال بالباطل و هو التملک بالباطل فلیس فیه أیضا التعرض بحلیة التصرّف بوجه و ان کان التملک یترتب علیه جواز التصرّفات و لکنه بدلیل آخر و لیس مستفادا من الآیة کما لا یخفی فافهم.

نعم قد الاستدلال بالآیتین بوجه آخر و حاصله أن معنی الخیار فی البیع و نحوه هو کون التملیک مقیّدا بجهة خاصة لا من حیث الأمد و المدّة بأن یکون الی زمان خاص بل من حیث خاص و هو أن ذی الخیار مالک لإرجاع العین بحلّ العقد و فسخه فإذا باع شیئا مع الخیار فمعناه انّه مالک لإرجاعه الی ملکه ثانیا و هذا بخلاف ما لم یکن له الخیار فإنّه یملک ماله من المشتری علی نحو الإطلاق و غیر مقیّد بجهة خاصة و هذا القید الذی نسمیه خیارا لا یجعل الملک مقیدا کما عرفت بأن یکون التملیک الی وقت و لا أنه یقوم بالملکیّة فإنّه باق علی حاله مع التّلف أیضا فلو کان قائما بالملکّیة لما بقی بعد تلف العین مع انّه غیر باق کما قلنا فإن لذی الخیار أیضا إعمال خیاره بعد تلف العین و یترتّب علیه حکمه بل متعلقة هو العقد فقط لیس الاّ.

و لا ینافی هذا الخیار بالملکّیة الأبدیة أصلا فإن شأنه شأن رافع العقود و الإیقاعات فکما أن إطلاق رافع للنکاح و الإقالة رافع للعقد فکک الخیار فمالکیة ذی الخیار علی رفع العقد و إرجاع المبیع علی ملکه لیس تناقضا بوجه و لیس معنی بعت مع الخیار أن الملکیّة

ص:38

باقیة بعد اعمال الخیار فلو کان معنی جعل الخیار و القدرة و المالکیة علی إرجاع المال إلی الحالة الأولیّة هو أن الملکیة باقیة بعد اعمال الخیار أیضا لکان هذا تناقضا فتحصّل ان مرجع جعل الخیار هو إبقاء المالکیة علی ذی الخیار فیما انتقل عنه فی جهة خاصة و هی إرجاع العین الی ملکه ثانیا و ثبوت القدرة له علی رفع العقد و هدمه کما أن الطلاق أو الإقالة یرفع العقد.

و علی هذا فقوله تعالی أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ هو جعل البیع ثابتا فی محله فانّ معنی أحلّ هو إقرار الشیء فی محلّه أحلّه ای أمره فی محلّه و کونه ممضی فی نظرا الشّارع و أن المتبایعین فی حل فی ذلک و مرخصون فی فعله و إیجاده و لیس لهم منع عن ذلک و لیس البیع ممنوعا عنه فی نظره و خارجا عن مقره فی نظر الشّارع بل واقع فی محلّه و مقرّه فان الشّارع أحله و أقره فی مقرّه.

و لا شبهة أن هذا الکلام من الشّارع المقدّس إمضاء لما أنشأه المتبایعین و من الواضح أن المنشأ فی البیوع المطلقة أی فیما باع المالک ماله مطلقا و یبقی لنفسه جهة خاصة هو مطلق التملیک الغیر المقید بشیء خاصّ و هو إبقاء المالکیة لنفسه فی جهة خاصة فإمضاء هذا یکون إمضاء مطلقا فلو کان الإمضاء مقیدا لحصل التناقض ح فقوله تعالی أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ هو إقراره فی مقره و محلّه و الموضوع فی مقره هو هذا العقد المطلق بحیث لیس للمالک السابق فیه مالکیة علی جهة خاصة کما لا یخفی و هکذا تجارة عن تراض فتدل الآیتین علی اللزوم بهذا البیان.

قوله و منها قوله تعالی وَ لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ

أقول

ص:39

حاصل کلامه أن الآیة دلّت علی حرمة الأکل و التّملّک بکل وجه باطل عرفا الا موارد ترخیص الشّارع فإنّه لیس باطلا عرفا و من الواضح جدا ان أخذ مال الغیر و تملّکه بالفسخ من دون اذن صاحبه باطل عرفا و فیه منع الکبری فإنّه من أین علم أن المراد من الباطل هو الباطل العرفی و من أخبر بذلک بل الباطل هو مقابل الحق فما سوی اللّه باطل فی مقابل الحقّ جلّ و علا و من هنا قیل أن أصدق شعر صدر فی الجاهلیة هو قول الشاعر(ألا کل شیء ما خلا اللّه باطل) و البیع حق و مقابله الرّبا باطل و هکذا فالمقصود أن الألفاظ موضوعة للمعانی الواقعیة و المفاهیم العامّة فلا وجه لتخصیصه بجهة خاصّة بل ینطبق ذلک الکلّی علی المصادیق و کذلک الباطل فإنّه موضوع لمقابل الحقّ و هذا یختلف باختلاف الموارد فلا وجه لتخصیصه بالباطل العرفی و علیه فالتمسّک به لکون الفسخ من الباطل من قبیل التّمسّک بالعام فی الشّبهة المصداقیة و أیضا نمنع الصغری فإنّه من أین علم أن الفسخ باطل عرفی بل نشک فی ذلک فلا یمکن التمسّک بالمطلق فی الفرد المشکوک و إثبات کونه فردا للمطلق.

نعم یمکن التمسّک بالآیة لإثبات اللزوم بمجموع المستثنی و المستثنی منه فإن الآیة الشّریفة فی مقام حصر التملّک الشرعی بالتّجارة عن تراض و من الواضح جدا أن التملک بالفسخ مع عدم رض الآخر لیس منها فتدل علی اللزوم.

استدل المصنف(ره)أیضا بهذه الآیة علی اللزوم بدعوی أن المراد من الباطل هو الباطل العرفی و أن الفسخ من ذلک.

أقول أن المراد من الباطل ما هو مقابل الحق فإن الألفاظ

ص:40

موضوعة للمفاهیم العامّة فینطبق ذلک علی موارده فلا وجه لتخصیص الموضوع له بالباطل العرفی و من هنا أطلق الباطل علی مقابل الحق فی تعدد جنود العقل و الجهل فی روایة الکافی،و علیه فالتمسک بالآیة من قبیل التمسّک بالعام فی الشبهة المصداقیّة لأنا نشک فی أن الفسخ مصداق للباطل أم لا.

و لو سلمنا أن المراد من الباطل الباطل العرفی و لکن یصحّ الاستدلال بالآیة إذا کان خروج الموارد الّتی رخص الشّارع فی التصرّف فیها کالشفعة و حق المارة و نحوهما بالتخصیص فإنّه ح یمکن أن یقال أن الفسخ لیس من الموارد الّتی خرجت عن الآیة بالتخصیص فیکون التّملّک به أکلا للمال بالباطل لکونه باقیا تحت الآیة.

و ان قلنا انّ خروجها بالتخصص کما ذکره المصنف فحینئذ لا ندری أن الفسخ من افراد الخارج أو من افراد الباقی فیکون التمسّک بالآیة من قبیل التمسّک بالعام فی الشبهات المصداقیة فهو لا یجوز،نعم یجوز التمسّک بالاستصحاب و لکنّه خروج عن الفرض نعم یجوز التّمسّک بمجموع المستثنی و المستثنی منه الإثبات اللزوم کما تقدّم.

قوله(ره)و مما ذکر یظهر وجه الاستدلال بقوله علیه السلام لا-

یحلّ مال امرء إلخ.

أقول:ان کان المراد من الحلیة هی الحلیّة التکلیفیّة فلا تدل الروایة علی اللزوم لأن التقدیر أنه لا یحلّ التصرّفات فی مال امرء مسلم الا بطیب نفسه و نشک فی أن التصرّف بعد الفسخ من التصرّف فی مال امرء مسلم بدون إذنه أم لا لأنا نحتمل أن یکون ذلک تصرّفا فی مال نفسه فیکون حلالا فلا یمکن التمسّک بإطلاق الروایة فی إثبات

ص:41

أن هذا الفرد المشکوک مصداق للتصرّف المحرّم.

و ان کان المراد من الحلیة هی الوضعیة فیکون المعنی أنه لا ینفذ التصرّف فی مال امرء مسلم الاّ بطیب نفسه فتدل الروایة علی اللزوم بدعوی أن نفوذ التصرّف فی مال الغیر منحصر بکونه عن طیب نفسه و من الواضح أن التصرّفات الواقعة بعد الفسخ لیس عن طیب نفس من المالک فلا تکون نافذة.

و أما الجامع من الحلیّة التکلیفیّة و الحلیّة الوضعیّة و ان ذکرنا إمکان إرادة الجامع فی قوله تعالی أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ بل قلنا أنه الظاهر فان الحل بمعنی الترخیص و فی لغة الفارس(باز کردن و رها کردن)و من الواضح أنه أعم من الوضع و التّکلیف و لم یکن التفکیک بینهما مرسوما فی السابق بل جری علیه الاصطلاح بین الفقهاء کما ذکرناه فی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ .

و لکن لا یمکن ارادة الجامع فی الرّوایة فإنه لو أرید من الحلیة التکلیفیة فمعنی الرّوایة کما عرفت أن التصرّفات الواقعة علی مال امرء مسلم حرام بدون اذنه فهذا یتوقف علی أن یکون التصرف التصرّف فی حال کون المال لامرء مسلم و الا فلا وجه للحرمة لأن کون المال لشخص آخر فی زمان سابق لا یدلّ علی حرمة التصرّف فی زمان المتأخر و لو مع کونه ملکا لشخص آخر أی منتقلا الیه.

و بعبارة أخری لو أرید من الحلیة التکلیفیة فظهور الروایة أن التصرّف حین کون المال لامرء مسلم حرام بدون اذنه و أما التصرّف فی ماله کان لامرء مسلم سابقا فلا دلالة فی الروایة علی حرمته فح لا دلالة فیها علی حرمة التصرف بعد الفسخ لاحتمال کونه تصرّفا فی مال نفسه

ص:42

لا فی مال امرء مسلم نعم کان مالا لامرء مسلم قبل الفسخ و التمسّک بالاستصحاب خروج عن الفرض فان کلامنا فی التمسّک بالدلیل الفقاهی و أما إذا أرید من الحلیّة الوضعیّة فمعناه کما عرفت أنه لا ینفذ التصرّف فی مال امرء مسلم الا بطیب نفسه فارادة هذا المعنی لا یتوقف ارادته علی إحراز کون المال لامرء مسلم و لذا یشمل بعد الفسخ أیضا فهذا ان المعینان لا یجتمعان فی الروایة أی لا یمکن إرادتهما من الروایة معا.

و بعبارة اخری أن ارادة الحلیة التکلیفیة فی الروایة متوقفة علی إحراز کون المال للغیر لکی یحرم التصرّف فیه و هذا لا یشمل بعد الفسخ لاحتمال خروج المال عن کونه مال امرء مسلم بالفسخ و ارادة الحلیة الوضعیّة لا تتوقف علیه بل هی تعم بعد الفسخ أیضا کما عرفت و من الواضح أن شموله بعدد الفسخ یعدم موضوع حلیة التکلیفیة فکیف یمکن ارادتها کما لا یخفی.

قوله و منها قوله النّاس مسلّطون علی أموالهم

أقول ذکر المصنّف أن مقتض السلطنة التی أمضاها الشّارع أن لا یجوز أخذه من یده و تملّکه علیه من دون رضاه و من هنا استدل المحقّق فی الشرائع و العلامة فی بعض کتبه علی عدم جواز رجوع المقرض فیما أقرضه بأن فائدة الملک التسلّط.

و بالجملة رجوع الفاسخ الی ما انتقل عنه الی غیره بالعقد تملّک لمال غیره و مناف لسلطنته فتدل الروایة علی اللزوم.

و فیه أولا أنها ضعیفة السند کما تقدم و ثانیا أنها ناظرة إلی ثبوت السلطنة للمالک فی جمیع تصرّفاته فی ماله من الأکل و البیع

ص:43

و البذل و غیرها و أنه لیس لأحد أن یمنع من هذه التصرفات و هذا لا ینافی ثبوت جواز التصرّف لغیره أیضا بالفسخ کما وقع نظیره فی الشریعة المقدسة فإن لکل من الأب و الجد سلطنة علی التصرّف فی مال الصغیر سلطنة مطلقة و لیس لکل منهما أن یمنع الآخر من التصرّفات و کک فی المقام فلا دلالة فی النبوی علی اللزوم بوجه کما هو واضح علی أن الروایة ناظرة إلی إثبات السلطنة لکل أحد علی ماله کما هو مقتض اضافة المال الی الملاک فتفید الروایة ثبوت السلطنة لکل أحد علی ماله و هذا لا یعارض ما یرفع موضوع تلک السلطنة أی ما یکون رافعا لها کالفسخ و بعبارة اخری أن دلیل السلطنة یثبتها فی فرض تحقق المالیة و کون الشیء مالا للشخص و هذا لا ینافی بما یکون رافعا لموضوعها فان الحکم لا یثبت موضوعا لنفسه نعم لو کان النظر فی الحدیث الی مفهوم القلب بان یکون المفهوم من قوله النّاس مسلّطون علی أموالهم یعنی غیر المالک لیس مسلّطا علی أموال غیره لصحّ به الاستدلال و لکن مفهوم اللقب لیس بحجة کما حقق فی محله.

و منها قوله علیه السلام لا یحلّ مال امرء مسلم الا بطیب نفسه

و فیه أولا أن کان المراد من الحلیة هی التکلیفیّة فلا تشمل الروایة التصرّفات بعد الفسخ للشک فی أنها محرمة أم لا لاحتمال کون الفسخ مملکا فلا یجوز التمسّک به فی الفرد المشکوک و ان کان المراد بها الحلیة الوضعیة کما هو الظاهر من کلام المصنف حیث جعل سبیل الروایة سبیل الآیة و من الواضح أنه أراد من الآیة الحلیة الوضعیّة حیث أخذ الأکل بمعنی التملّک لجاز التمسّک بها لإثبات اللزوم فإنها تقید حصر نفوذ التصرّف بما إذا کان بطیب النفس من المالک و من الواضح

ص:44

أن الفسخ لیس منه و أما الجامع فلا یمکن ارادته کما تقدم و بالجملة لو أرید من الحلیة الحلیة التکلیفیة لا یمکن الاستدلال بالآیة علی اللزوم.

و ثانیا:أن المراد من عدم حلّ مال امرء مسلم الا باذنه و بطیب نفسه هو عدم حلیة التصرّفات المتعلّقة به و جمیع التقلّبات الخارجیة فإن الحل أو الحرمة إذا تعلّقا بالعین الخارجیة فحیث لا معنی لحرمتها و حلیتها فلا بدّ و ان یقدر فی أمثال ذلک ما یناسب الحلیة أو الحرمة و المناسب لها بمناسبة الحکم و الموضوع أما جمیع الآثار أو الآثار المناسبة فالمناسب للحرمة المتعلّقة علی الخمر و علی المسکر هو تقدیر الشرب فلا یتوهم أحد من قوله علیه السلام ما أسکر کثیره فقلیله حرام أو غیره من الأدلة الدالة علی حرمة الخمر هو البیع حتی لو لم یکن هنا دلیل علی حرمة بیع الخمر لما أمکن استفادتها منها،و المناسب لحرمة الأمهات فی قوله تعالی تقدیر التزویج فإنه لا یحتمل أن نظره أو خدمته أو شیء آخر یتعلّق بها حرام و علی هذا فلا بدّ هنا أیضا من تقدیر ما یصحّ تعلّق عدم الحل به و المناسب للمقام هو تقدیر جمیع التصرّفات الخارجیة و التقلبات فی الخارج و ح فمعنی الآیة لا یحل جمیع التصرّفات و التقلّبات الخارجیة فی مال امرء مسلم الا بطیب نفسه و علیه فلا تشمل التصرّفات الاعتباریّة کاعتبار ملکیة مال الغیر لنفسه و هکذا بالفسخ و نحوه فلا تدل الرّوایة علی عدم تأثیر الفسخ فی حل العقد کما هو واضح.

و توهم أن الروایة شاملة علی التصرّفات بعد الفسخ و تدل علی حرمتها أیضا بإطلاقها فتفید اللزوم بالدلالة الالتزامیة توهم فاسد لما عرفت من عدم شمولها التصرّفات بعد الفسخ لاحتمال کون

ص:45

الفسخ مملکا کما تقدّم فیکون التمسک بها فی التصرّفات بعد الفسخ من قبیل التصرف بالمطلق فی الفرد المشکوک و الحاصل إن کان نظر المصنف فی الاستدلال بالرّوایة بأنّه لا یحل تملّک مال الغیر إلا بإذنه بأن یقدر التملّک فقط بعد الحل ای لا یحل تملّک مال غیره بالبیع و نحوه إلا بإذنه فالروایة و ان کانت تدل علی اللزوم و لکنه خلاف الظاهر من الروایة فلا یمکن ان یراد من الحلیّة الحلیّة الوضعیّة لمکان خلاف الظهور و ان کان النظر بتقدیر جمیع التّصرفات کما هو الظاهر و المناسب بان یراد من الحلیّة الحلیّة التکلیفیّة أی یحرم جمیع التصرّفات فی مال غیره الاّ بإذنه.

قوله و منها قوله المؤمنون عند شروطهم

أقول قد استدل به علی اللزوم غیر واحد من المحققین بدعوی أن المراد من الشرط مطلق الالتزام فیشمل الشروط الابتدائیة أیضا کالبیع و نحوه.

و فیه أن الاستدلال به علی اللزوم ممنوع صغری و کبری أما الوجه فی منع الصغری فلانا لو سلمنا إطلاق الشرط علی الشروط الابتدائیة فی کلمات البلغاء و الفصحاء کما أطلق فی قوله علیه السلام ما الشرط فی الحیوان قال(علیه السلام)ثلثة أیام مع أنه یمکن إرجاعه إلی الشرط فی ضمن الالتزام الآخر بان یقال أن إمضاء البیع مشروط بکون صاحب الحیوان ذی الخیار الی ثلثة أیام و لکن إطلاق الشرط علی البیع و نحوه من الالتزامات یعد فی العرف من الأغلاط فإنّه لا یقال لمن باع داره أنه شرط داره و کک لا یقال لمن باع ماله أنه شرط ماله و هکذا بل لو أطلقه أحد علی أمثال ذلک فیضحک منه و إن کان الإطلاق صحیحا فی الواقع و علیه فالرّوایة منصرفة عن البیع و نحوه

ص:46

من الالتزامات الابتدائیة و قد ناقش المصنف أیضا فی صدق الصغری و أما الوجه فی منع الکبری فلانا لو سلمنا أن الشرط یطلق علی الالتزامات الابتدائیة أیضا و لکن نمنع وجوب الوفاء بکل شرط فإن الرّوایة لا دلالة فیها علی ذلک لان الظاهر من قوله علیه السلام المؤمنون عند شروطهم هو الدلالة علی الحکم التکلیفی بدعوی أنه و ان کان فی مقام الإنشاء و جعل الحکم و لکن النکتة فی إتیان الجملة الخبریة لبیان ذلک هی بیان أن مقتضی الایمان هو کون المؤمن عند شرطه و عدم تخلفه عنه نظیر قوله(علیه السلام)المؤمن عند عدته أی أن مقتضی الایمان هو أن یفی المؤمن بوعده کما أن مقتضی الایمان أن لا یکذب و قد ورد فی باب الکذب أن المؤمن قد یزنی و قد یسرق و لکنه لا یکذب و إِنَّما یَفْتَرِی الْکَذِبَ الَّذِینَ لا یُؤْمِنُونَ باللّه و علی الإجمال فالرّوایة الشریفة اخبار عن کون المؤمن عند شرطه و انه لا یتخلف منه و عن وعده لان ایمانه مانع عن التخلف و علیه فتکون راجعة إلی الحکم التکلیفی أی یجب لکل مؤمن أن یفی بشرطه و یحرم التخلف عنه فتکون غریبة عن الدلالة علی اللزوم کما هو واضح.

و توهم أن الحال کک فی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أیضا لأنه خطاب إلی المؤمنین بقوله عز من قائل یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فیکون دالا علی الحکم التکلیفی توهم فاسد فإنه إنشاء من الأوّل فلیس إنشاء بالجملة الخبریة لتکون النکتة هی الإشارة إلی علة الحکم نعم مقتض الخطاب إلی المؤمن یقتضی خروج غیر المؤمن عن الآیة کما هو کک فی بقیة الخطابات و لکن مقتض الاشتراک فی التکلیف یقتضی التعمیم فلا وجه للاختصاص هنا و فی بقیة الخطابات کما لا یخفی.

ص:47

و منها الأخبار المستفیضة فی أنّ البیّعان بالخیار ما لم یفترقا

و أنّه إذا افترقا وجب البیع

أقول استدل بها المصنف علی اللزوم فی البیع و قد أشکل علیه المحقق الخراسانی و تبعه غیر واحد ممّن تأخر عنه بأنّ المستفیضة ناظرة إلی لزوم البیع فی نفسه و لیست ناظرة إلی لزومه من جمیع الجهات کالغبن و العیب فلا تفید اللزوم و من هنا أن أدلة سائر الخیارات لا تکون مخصصة لها.

و قد أجاب شیخنا الأستاذ عن ذلک و نعم ما أجاب و حاصله بتوضیح منا أن الرّوایات المذکورة انما تدل بإطلاقها علی اللزوم بلا شبهة و ان البیّعان انما لهما الخیار فی المجلس فقط و إذا افترقا وجب البیع بل نفس تعرض الامام علیه السلام لثبوت خیار الحیوان مع تعرضه لثبوت خیار المجلس کالصریح فی دلالة المستفیضة علی اللزوم فإنه(علیه السلام)بعد ما بیّن حکم خیار الحیوان قال فی جواب السائل عن الشرط فی غیر الحیوان بانّ البیّعان بالخیار ما لم یفترقا و أنّه إذا افترقا وجب البیع و أنها لا خیار لهما بعد الرضا فهو کالصریح فی دلالة المستفیضة بإطلاقها علی اللزوم فی خصوص البیع.

و علی هذا فتکون أدلة سائر الخیارات مخصصة لها و من الغرائب ما افاده المحقق الخراسانی من عدم کون أدلة سائر الخیارات مخصّصة لها.

فتحصل من جمیع ما تلوناه علیک أن الأصل فی جمیع العقود معاوضة کانت أم لا و سواء کانت الملکیة حاصلة من الأوّل أم لا أما إذا کانت الملکیة حاصلة من حین العقد و کان فیه تملیک و تملّک من الأوّل بأن حصل شیء لأحد المتعاملین من الأول أم غیر معاوضیة

ص:48

مثل الهبة و نحوها هو اللزوم فتدلّ علی لزومها آیة حرمة أکل المال بالباطل الا أن تکون تجارة عن تراض فإنه لو ملک أحد ماله لغیره و لو بعنوان الهبة المجانیة بحیث حصل التملیک و التّملّک فلا یجوز الرجوع إلیه فإنه تملّک لمال الغیر بدون التجارة عن تراض فهو حرام فلو لم یثبت من الخارج ما یدلّ علی جواز الرجوع فی الهبة المجانیة لقلنا بعدم جواز الرجوع فیها أیضا بمقتضی الآیة و کک یدل علی اللزوم هنا آیة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ کما هو واضح.

و أما العقود التی لم تحصل الملکیّة فیها من الأوّل کعقد السبق و الرّمایة و المضاربة و المساقاة فإنّه لم یحصل النقل و الانتقال فیها من الأوّل و لا یحصل لأحد المتعاملین فیها من الأوّل مال فلا تدلّ آیة التجارة فیها علی اللزوم من الأوّل لعدم حصول المعاوضة و النقل و الانتقال و التملیک و التملّک من الأوّل حتی یکون إرجاعه تملّکا لمال الغیر بدون الرّضا و لا یکون تجارة عن تراض و انما یحصل النقل و الانتقال بعد تحقق الشرائط کما هو واضح نعم یدلّ علی اللزوم هنا أیضا آیة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ لتحقق العقد کما هو واضح.

فی عدم جریان الاستصحاب فی المقام

قوله و قد عرفت أن ذلک مقتض الاستصحاب أیضا أقول قد عرفت أن الاستصحاب لا تجری فی المقام لکونه من الشبهات الحکمیّة و قد منعنا جریانه فیها فی علم الأصول.

قوله و ربما یقال ان مقتض الاستصحاب عدم انقطاع علاقة المالک عن العین أقول حاصل کلامه أن الظّاهر من کلمات بعضهم أنا نشک فی انّ المالک هل انقطع علاقته من ملکه أم لا فنستصحب بقاء علاقته فیکون هذا الاستصحاب حاکما علی استصحاب اللزوم و ردّ بأنّه ان

ص:49

أرید من تلک العلاقة علاقة الملکیة أو ما یتفرّع علی الملکیة فهی انقطعت جزما و ان أرید منها سلطنة إعادة العین فما دام لم ینتقل المال من ملکه الی غیره فتلک السلطنة مقطوعة العدم فإنّه لا معنی لسلطنة الإنسان علی اعادة ماله الی ملکه و انما تحصل تلک السلطنة بعد خروجه عن ملکه و من الواضح جدا أنها مشکوکة بعد ذلک فالأصل عدمه.

قوله و ان أرید بها العلاقة التی کانت فی مجلس البیع فإنها تستصحب عند الشک أقول غرضه ان أرید بها العلاقة التی کانت تحدث فی مجلس البیع فإنها تستصحب عند الشک فیصیر الأصل فی البیع بقاء الخیار کما یقول الأصل فی الهبة بقاء جوازها بعد التصرّف فی مقابل من جعلها لازمة بالتّصرّف.

ثمّ أجاب عنه أولا بأن الدلیل أخص من المدّعی فإنّه انما یتم فی موارد ثبوت خیار المجلس و کلامنا أعم من ذلک و ثانیا یرجع الی عموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فی ظرف الشک لا الی الاستصحاب.

و ثالثا أن الاخبار قد تواتر بانقطاع السلطنة و الخیار بعد الافتراق فلا مجال مع ذلک للرجوع الی الاستصحاب ثمّ أمر بالتأمّل.

أقول قد عرفت بالکلام فی دلالة الأخبار المستفیضة البیّعان بالخیار ما لم یفترقا علی اللزوم بناء علی تمامیّة إطلاقها کما هو کک کما اختاره المصنف و علیه فلا وجه للتّمسک بها لبیان ارتفاع خیار المجلس فإنّه مع تمامیّة دلالتها علی اللزوم کما لا مجال للتمسّک باستصحاب الخیار و کک لا وجه للتمسّک باستصحاب اللزوم فإنّه مع وجود الأصل اللفظی لا تصل النّوبة الی الأصل العملی الا أن یکون غرضه من

ص:50

التمسّک بالاخبار مع الإغماض عن دلالتها علی اللزوم من جمیع الجهات کما علیه صاحب الکفایة فإنّه حینئذ یتم نفی خیار المجلس بها و ثبوت اللزوم فی البیع من جهة خیار المجلس و یبقی العقد مشکوکا من الجهات الأخر فح نتمسّک فی إثبات اللزوم للعقد من سائر الجهات باستصحاب اللزوم کما لا یخفی.

و من هنا ظهرت المناقشة فی تمسّکه بآیة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فإنّه مع وجود العموم لا مجال للاستصحاب لا استصحاب اللزوم و لا استصحاب الخیار،و لعلّه الی ما ذکرناه أشار المصنف بالأمر بالتأمل.

قوله ثم انّه یظهر من المختلف فی مسألة أن المسابقة لازمة أو جائزة أقول ذکر المصنف أن العلامة ذکر فی المختلف أن المسابقة لازمة أو جائزة بأن الأصل عدم اللزوم و لم یرده من تأخر عنه الا بعموم قوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و لم یکن وجه صحیح لتقریر هذا الأصل نعم هو حسن فی خصوص المسابقة و شبهة ممّا لا یتضمن تملیکا أو تسلیطا لیکون الأصل بقاء ذلک الأثر و عدم زواله بدون رضا الطرفین و محصل مراده أن استصحاب الملکیة إنّما تجری فیما إذا کانت الملکیة فعلیة أی ثابتة حین العقد أی تثبت الملکیة فیما ینشأ العقد و حینئذ کلما شککنا فی جواز العقد و لزومه نستصحب الملکیة و نحکم باللزوم بواسطة الاستصحاب الحکمی فلا مجال ح لدعوی أن الأصل عدم اللزوم بل لا بدّ و أن یقال أن الأصل هو اللزوم لمکان استصحاب الملکیة.

نعم لا بأس بهذا الأصل فی مثل عقد المسابقة حیث لم تثبت فیها الملکیّة الفعلیّة و انّما الملکیّة فیها تقدیریّة أی تحصل الملکیّة لأحد

ص:51

المتسابقین علی تقدیر سبقه فی المسابقة فحینئذ یقال أن الأصل عدم اللزوم هنا و ذلک لعدم حصول الملکیّة الفعلیّة حتی نستصحبه فی مورد الشک فی أن العقد جائز أو لازم و نحکم باللزوم بل نتمسک بأصالة عدم اللزوم و نحکم بکون العقد جائزا هذا کله مع قطع النظر عن أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و الا فمقتضاه هو اللزوم.

أقول کأن المصنف لم یبن المسألة علی ما حرره فی الأصول من جریان الاستصحاب التعلیقی مع أن المقام لیس منه بل من قبیل الاستصحاب التنجیزی و ذلک لان ما نحن فیه یشبه القضیة الحقیقیة فإن الحکم فیها ثبت علی الموضوعات المقدرة فعلا و لکن یتنجز الحکم فیها بفعلیة الموضوع أی کلما وجد الموضوع ثبت علیه الحکم بحیث أن الحکم فیها فعلی و لکن الموضوع تقدیری و کک فی المقام أن الالتزام فعلی و الملتزم به تقدیری فان المتعاملین التزما فعلا علی أن کل من سبق فله کذا و لیس الحکم هنا تعلیقا کما فی العصیر العنبی فإن الحکم بالنجاسة أو الحرمة فیه تعلیقی أن إذا غلی ینجس لا مطلقا فلو کان ینعکس المطلب لکان أحسن بأن یقول بجریان الاستصحاب هنا و لم یقل بجریانه فی التعلیقیات فان الحکم هنا کما عرفت فعلی و الملتزم به تقدیری.

نعم لا نقول بجریان الاستصحاب هنا من جهة عدم جریانه فی الشبهات الحکمیة لکونه دائما معارضا بأصالة عدم الجعل أو باستصحاب الحکمیّة لکونه دائما معارضا بأصالة عدم الجعل أو باستصحاب المجعول و لکن مع قطع النظر عن هذا الإشکال فلا محذور فیه کما لا یخفی.

فتحصل أن استصحاب الملکیّة جاریة فی عقد المسابقة أیضا

ص:52

کالبیع فیکون الأصل فیه أیضا هو اللزوم کما أن الأمر کک فی البیع فلا وجه للمصنف لاستثنائه خصوصا علی مسلکه نعم علی مسلکنا من منع الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة فهو لا یجری فافهم.

قوله ثم ان ما ذکرنا من العمومات المثبتة لأصالة اللزوم انّما

هو فی الشّک فی حکم الشّارع باللزوم

أقول حاصل کلامه أن ما تقدّم من التمسّک بالعمومات انّما هو فی الشّبهات الحکمیّة و أما الشبهات الموضوعیة بأن یقع العقد فی الخارج و لا ندری أنه من القسم اللازم أو من القسم الجائز فإنّه قلنا بجواز التّمسّک بالعمومات فی الشبهات المصداقیة فأیضا لا بأس بالتّمسّک بالعمومات فی الفرد المردد و الا فلا بد من الرجوع الی الأصل العملی و هو استصحاب الأثر أی الملکیّة و یسمی باستصحاب الحکمی.

أقول تارة یکون فی موارد الشّبهات الموضوعیة أصل موضوعی یقتض الجواز فلا کلام لنا فیه کما إذا وقعت هبة فی الخارج فلا ندری أنها من القسم اللازم أو من القسم الجائز بان نشک فی کونها علی وجه قربی لیدخل تحت قولهم علیهم السلام ما کان للّه لا یرجع أو لیس علی وجه قربی لیکون فی حقّ الرجوع فإن الأصل هنا عدم کونه علی وجه قربی فیثبت الجواز و کذا إذا شککنا فی کونها لذی رحم أو لغیره فنقول ان الأصل عدم کونها لذی رحم فتکون الهبة جائزة و هکذا إذا شککنا فی اللزوم و الجواز مع کونه مسبوقا بالخیار فإنّه نستصحب الخیار فنحکم بالجواز و فی جمیع ذلک مقتضی الأصل الموضوعی هو الجواز.

و اخری یکون فی تلک الموارد أصل موضوعی یقتض اللزوم کما

ص:53

إذا علم بأن العقد الصادر بیع و شک فی جعل الخیار فیه فالأصل أنه لم یجعل الخیار فیه فیکون لازما و هکذا لو شک بعد سقوط خیار المجلس بتفرّق هل هنا خیار آخر أم لا فنستصحب عدمه فیحکم باللزوم.

و انّما الکلام فیما إذا لم یکن فیه أصل موضوعی یقتضی اللزوم أو یقتض الجواز فهل هنا ما یقتض اللزوم أو یقتض الجواز أم لا.

فالتزم المصنف(ره)باللزوم تمسّکا باستصحاب الملکیة و لکن جریانه هنا موقوف علی جریان الاستصحاب فی الأحکام الإلهیة و قد قلنا بعدم جریانه فیها حتی فی الشبهات الموضوعیّة لابتلائه بأصالة عدم الجعل دائما و لم یحتمل فی حقه البداء حتی یتوهّم أنه جعل فی زمان و بدالة الخطاء العیاذ باللّه و نسخه فی زمان آخر بل لو کان مجعولا فهو مجعول مطلق و الا فلا و علی هذا فلا یجری استصحاب الملکیّة فی المقام لأنا نشک فی أن الملکیّة هل جعلت بعد الفسخ أم لا فنلتزم بعدم کونها مجعولة بعد الفسخ کما هو واضح لا سترة فیه و کلّما نتأمل فی عدم جریان الاستصحاب فی الأحکام یزداد لنا وضوحا.

و علی مسلکنا هذا فینحصر الجواب عن هذا الاشکال بما حقّقناه فی محلّه من أصالة العدم الأزلی و توضیح ذلک انا إذا شککنا فی العقد الذی وقع فی الخارج أنه من القسم الجائز أو من القسم اللازم فنقول ان الأصل عدم کونه هبة مثلا لیکون للواهب حقّ الرجوع و لا یعارض هذا الأصل بأصالة عدم کونه من البیع أو الصلح أیضا و ذلک لأن الأثر أی اللزوم انّما ترتّب علی عدم کون العقد هبة لا علی إحراز

ص:54

العناوین الوجودیة من الصلح و البیع فبأصالة عدم کونه هبة ینقح موضوع وجوب الوفاء بالعقد فیکون شاملا علیه أیضا.

و بعبارة اخری أن مقتض أَوْفُوا بِالْعُقُودِ هو لزوم جمیع العقود و الخارج عنه لیس الا عناوین وجودیة و إذا نفینا العنوان الوجودی القائم بالعقد الجائز عن الفرد المردد بین کونه من الجائز أو من اللازم بأصل العدم الأزلی و قلنا انه لیس بهبة مثلا یثبت موضوع وجوب الوفاء بالعقد فنحکم له باللزوم کما لا یخفی.

و علی الاجمال فعنوان العقدیة تحقق بالوجدان و عدم کونه هبة یتحقق بالأصل فیحصل موضوع وجوب الوفاء بالعقود فی الخارج فیحکم بکون الفرد المشکوک من العقد بین الجواز و اللزوم لازما هذا من جملة ثمرات القول بالعدم الأزلی.

و إذا لم نقل بهذا الأصل فلا أصل یتمسّک به لإثبات اللزوم أو الجواز فی الفرد المشکوک و علیه فتکون العین بعد رجوع المالک الأول مرددا بین کونها للمالک الأوّل علی تقدیر الهبة و بین کونها للمشتری علی تقدیر البیع و لا بدّ فی بیان حکم تلک العین فی مرحلة الترافع أو فی غیر مقام الترافع کما إذا مات المالک للعین بعد نقله الی شخص آخر و شک فی أن ما أوجده بیع أو هبة و فسخت الورثة فإن کان بیعا فیطالب الورثة العین ممّن انتقل الیه الثمن و الا فنطالب نفس العین و هکذا لو نسیا المتبایعان عنوان العقد من الرجوع الی الصلح أو القرعة و الا فلا أصل هنا حتی یبین حالها.

فی بیان تعیین العقد بأنه جائز أو لازم

قوله بل یرجع فی أثر کل عقد الی ما یقتضیه الأصل بالنسبة إلیه أقول جمیع ما ذکرناه انّما یفید فی إثبات صفة اللزوم و أما تعیین

ص:55

العقد بأنه جائز أو لازم حتی یترتب علیه جمیع آثار العقد اللازم فلا و علیه فلا بدّ و ان یرجع فی أثر کل عقد الی ما یقتضیه الأصل بالنسبة إلیه الا انه فیما لم تلزم مخالفة عملیّة من اجزاء الأصلین مع إجراء أصالة اللزوم و ان کان کلام المصنف مطلقا من هذه الجهة حیث حکم بالبراءة تارة و بالضمان اخری و لم یتعرّض لصورة لزوم المخالفة القطعیّة.

و لکن لا بدّ فی فرض لزوم المخالفة القطعیّة من اجراء قواعد العلم الإجمالی مثلا إذا شککنا فی کون العقد هبة أو بیعا و لم یتصرف من انتقل الیه العین فیها و ترجع مالک العین و فسخ العقد فإنه ان کان العقد هبة تنفسخ بالفسخ و ترجع العین الی مالکها الأوّل و ان کان بیعا لا یؤثر الفسخ و حینئذ لا یمکن الرجوع فی ضمان المشتری لو کان المحقق بیعا و ضمان الموهوب له علی تقدیر کون المحقق هبة أن یرجع الی البراءة کما هو ظاهر کلام المصنف بل یحصل العلم الإجمالی بأنه امّا أن المالک الأول مستحق للعین علی تقدیر کون العقد هبة أو مستحق للثمن علی تقدیر کونه عقد فلا بدّ حینئذ من اجراء قواعد العلم الإجمالی و الا فیلزم من إجراء الأصل مخالفة قطعیة

القول فی أقسام الخیار

اشارة

(فی خیار المجلس) قوله قدّس سرّه

الأوّل فی خیار المجلس

اشارة

أقول ذکر المصنّف أن الخیارات کثیرة و قد أنها ها بعضهم إلی السبعة و بعضهم إلی أزید من ذلک بل المذکور فی اللمعة أربعة عشرة مع عدم ذکر بعضها و لکن المناسب جعلها سبعة لأن البقیة تندرج فی خیار الشرط و یقع الکلام فعلا فی خیار المجلس و إضافته إلی المجلس من جهة الغلبة

ص:56

کما ذکره المصنف لعدم اختصاص ثبوته بالمجلس بل یثبت فی حال قیام المتعاملین أیضا بل لا یختص بالمکان الذی یوقع فیه البیع کما ذکره المصنف بل یثبت هذا الخیار فی حال مشیهم أیضا کما إذا تعاملا فی مکان ثمّ مشیا و لکن لم یفترقا حال المشی فإنه ح أیضا یثبت الخیار.

و بعبارة اخری أن غایة هذا الخیار و هو الافتراق فما لم یتحقق فی الخارج فلا وجه لسقوطه و لو سمی هذا الخیار بخیار الاجتماع کان حسنا موافقا للاخبار،و لا شبهة و لا خلاف فی ثبوت هذا الخیار للمتبایعین بین الإمامیة و النصوص به مستفیضة ففی بعضها البیعان بالخیار ما لم یفترقا و فی بعضها التاجر بالخیار و أما الموثق الحاکی لقول امام علیه السلام إذا صفق الرّجل علی البیع فقد وجب فذکر المصنف أنه اما مطروح و ان کان موثقا لکونه منافیا للضرورة و الاخبار المستفیضة أو یحمل علی التقیة أو یؤل و لکن الظاهر أنه لا یحتاج علی التأویل و لا علی الطرح أو الحمل علی التقیة بل هو وارد علی طبق القاعدة و ذلک لان التصفیق هو ضرب احدی الیدین علی الآخر و هو کنایة عن اللزوم و بهذا فسر فی اللغة و علی هذا فقوله(علیه السلام)إذا صفق الرّجل علی البیع کنایة عن إلزام البیع بإسقاط الخیار و من الواضح أن لزوم البیع بإسقاط خیار المجلس موافق القاعدة فلا نحتاج الی طرح الموثقة أو تأویلها.

قوله مسألة لا إشکال فی ثبوته للمتبایعین إذا کان اصیلین

اشارة

أقول لا شبهة فی ثبوته للمتبایعین و للموکلین فی الجملة و انّما الکلام فی ثبوته لهم علی وجه الإطلاق

و یقع الکلام أولا فی ثبوته للوکیل

ص:57

و تفصیل الکلام فیه أن الوکیل علی ثلثة أقسام الأوّل ان یکون وکیلا فی إجراء الصیغة فقط من غیر أن یکون له حق التصرّف فی جهة من جهات العوضین کما هو المرسوم فی إجراء عقد النکاح و إجراء صیغة البیوع الخطیرة کثیرا حیث یوکلون أحدا فی إجراء الصیغة بحیث لیس له شأن من ذلک المعاملة الاّ ان یکون کلسان الوکیل فقط و لا یکون وکیلا فی أزید من مجرّد کونه آلة لإجراء العقد فقط کما هو واضح.

الثانی أن یکون وکیلا مفوضا فی أمر البیع الی أن یتم و تتحقق المعاملة فی الخارج و لا یکون وکیلا بعد ذلک بل ینتهی أمد وکالته بعد تمامیّة البیع و وجوده فی صفحة الوجود کأکثر الدلالین.

الثالث أن یکون وکیلا مفوضا حتی بعد تمامیّة البیع بان کان له التصرّف فی العوضین و کان مسلّطا علی قلبه و انقلابه بأنحاء التّصرّفات و التقلّبات من البیع ثانیا أو الإیجار أو غیرهما من التصرّفات الخارجیة و الاعتباریة و هذا کعامل المضاربة فإنّه وکیل مفوض علی وجه الإطلاق بعد البیع و قبله و بعبارة اخری أن یکون وکیلا فی التجارة بأی نحو کان.

أما القسم الأول فظاهر الحدائق ثبوته للوکیلین فی إجراء الصیغة بل یظهر منه تعمیم الحکم لصورة منع الموکل بزعم أن الخیار حق ثبت للعاقد بمجرد إجرائه العقد فلا یبطل بمنع المالک

و لکن المشهور عدم

ثبوت الخیار له فما اختاره المصنف

و استدل علیه بوجوه

الأوّل:أن

أدلة الخیار منصرفة عن الوکیل فی إجراء الصیغة

لأن المتبادر من النص غیره.

و فیه نمنع الانصراف إذا لا نجد منشأ لذلک فان منشئه ان کان هو المادة فلا شبهة أنها صادقة علیه أیضا لما عرفت فی أوّل البیع

ص:58

أن البیع هو مبادلة مال بمال فلا شبهة فی صدق هذا المفهوم علیه إذ لم یقید هذا بکون المال للبائع بحیث یکون التبدیل بین ماله و مال شخص أخر ضرورة عدم اعتباره فی مفهوم البیع بوجه أصل و لذا لم یستشکل أحد فی صحة بیع الولی مال المولّی علیه مع أن المال لیس للبائع و کک فی صحة بیع الوقف و بیع ثمرته و کک فی صحة بیع الوکیل المفوض مع أن المال فی تلک الموارد لیس للبائع و من الضروری أنه لا یشک أحد فی صدق البائع علی الأشخاص المتصدین للبیوع المذکورة و علی الاجمال لا وجه لدعوی انصراف مادة البیع الی غیر الوکیل فی إجراء الصیغة.

و ان کان منشأ الانصراف دعوی انصراف هیئة البیع الذی هو الفعل عن الوکیل فی إجراء الصیغة ففیه أن الهیئة لا تدل علی أزید من انتساب المادة إلی ذاتها و أما دلالتها علی خصوصیة أخری فلا کما لا یخفی.

الثانی أن حکمة ثبوت خیار المجلس هو إرفاق المالک

لکی یتروی و یلاحظ صلاحه حتی یختار ما هو الأصلح لحاله أو الفسخ أم الإمضاء و من البدیهی أن هذه الحکمة غیر جاریة فی الوکیل المذکور و الحکمة و ان لم تکن مطردة و لکن نعلم بأن جعل هذا الخیار شرعا لیس لمن له اختیار البیع بلا موجب.

و فیه انها لا تزید عن العلّة المستنبطة و قد حقق فی محله أنها لیست بحجة و انّما هی من القیام الذی یحرم العمل به نعم لو کانت علیة منصوصة لزم العمل بها قطعا فلا تکون مانعة عن شمول الإطلاقات للوکیل فی إجراء الصیغة أیضا،علی أنها غیر داریة فی جمیع الموارد

ص:59

کما إذا کان إبقاء البیع أصلح لهم بأن باع ما یحازی بدینار بخمسین دینارا مع علم المشتری بالغبن فإنه لا شبهة أن إبقاء البیع علی حاله و عدم فسخه أصلح لحال البائع من الفسخ و مع ذلک فله خیار المجلس و علی الجملة فلا وجه لرفع الید عن المطلقات و عن شمولها للوکیل المذکور بمثل هذه الحکمة العلیة نعم لهذه الحکمة وجه فیما کان دلیل الخیار هو قاعدة نفی الضرر و نحوها کما إذا فرضنا أن دلیل خیار الغبن هو دلیل نفی الضرر فإنها تقتضی ثبوته للمالک فقط لا لمجری الصیغة.

الثالث أن بعض أدلة خیار المجلس قد تقارن بخیار الحیوان

و کونه مجعولا للبائع

و من الواضح أن خیار الحیوان مجعول للمالک فاتحاد السیاق یقتض أن یکون خیار المجلس أیضا کذلک.

و لیس هذا من باب حمل المطلقات الواردة فی جعل خیار المجلس بلا تقارن بجعل خیار الحیوان علی المقید حتی یقال أنه لا یجری فی الأحکام الانحلالیة کقوله أکرم العلماء و أکرم زید العالم لعدم التنافی بل من جهة عدم الإطلاق للأخیار المطلقة لأن الموضوع فیها من کان له خیار الحیوان أعنی المالک و بعبارة أخری نستکشف من تقارن خیار المجلس بخیار الحیوان أن موضوع خیار المجلس من کان له خیار الحیوان فأی ربط لذلک بحمل المطلق علی المقید.

و فیه أن هذا من العجائب فإنه لا ربط لخیار الحیوان بخیار المجلس أصلا فإن الموضوع فی خیار الحیوان هو عنوان المالک لقوله(علیه السلام) و صاحب الحیوان بالخیار الی ثلثة أیام و موضوع خیار المجلس هو عنوان البیع و أی ربط لأحدهما بالآخر و مجرّد ذکرهما فی روایة واحدة لا یقتض

ص:60

اتحاد الموضوع فهل یتوهم أحد أنه لو ذکر فی روایة أن خیار الحیوان ثابت لابن البائع أو أخیه و قد ذکر فیها أیضا البیعان بالخیار فهل یتوهم أن موضوع خیار المجلس أیضا هو ابن البائع باتحاد السیاق.

و من هنا ظهر الجواب من قوله مضافا الی أدلة سائر الخیارات فان القول بثبوتها لموقع الصیغة لا ینبغی من الفقیه فتحصل أنه لا یمکن رفع الید عن الإطلاقات بمثل هذه الوجوه.

و الرابع ما هو العمدة و حاصلة أن المستفاد من أدلة هذا الخیار

أنه حق و سلطنة

انما ثبت لکل من المتعاقدین علی ما انتقل الی الآخر بأن یرجعه الی ملکه و یتملکه جدیدا بالفسخ بعد الفراغ عن تسلطه علی ما انتقل إلیه بأن یتصرف فیه کیف یشاء و من الواضح أن الوکیل فی إجراء العقد لیس له التسلط علی التصرّفات فیما انتقل إلی البائع أو المشتری فلیس له التسلط علی ما انتقل من أحدهما إلی الآخر بأن یرجعه بالفسخ.

و من هنا لا یثبت بأدلة خیار المجلس هذا التسلط لو لم یکن مفروغا عنه فی الخارج فإنه لا یمکن التمسک بإطلاق قولهم علیهم السلام البیعان بالخیار ما لم یفترقا لإثبات التسلط علی إرجاع العین من الشخص الآخر بالفسخ أ لا تری أنه أو شک المشتری فی کون المبیع ممّن ینعتق علیه لقرابة فلا یجوز أن یتمسّک بأدلة خیار المجلس لإثبات السّلطنة و کک لو نذر أن یعتقه أو یصرف المبیع فی محلّ خاصّ فلیس له أن یتمسک لرفع الوجوب و جواز الرجوع بأدلة الخیار.

و فیه أن هذا الوجه بظاهره لا یترقّب صدوره من المصنّف لکونه منافیا لمبناه فإنه التزم بکون مورد الخیار هو العقد دون العین

ص:61

بمعنی أن معنی الخیار هو فسخ العقد لا استرداد العین ابتداء نعم لازم فسخ العقد هو استرجاع العین کما هو واضح.

و أما ما ذکره من الأمثلة فأجنبی عن المقام أما ما ذکره من النذر فان مقتضی الإطلاقات هو ثبوت الخیار حتی فیما کان المبیع منذورا لأن یصرف فی مورد خاص غایة الأمر ان اعمال الخیار و إرجاع العین الموجب لانهدام العمل بالنذر فعل محرم فیکون مخالفة لحکم تکلیفی و أما عدم ثبوت الخیار هنا و عدم جواز التمسّک بالمطلقات فیه فخال عن الوجه.

و أما ما ذکره من مسألة کون المبیع ممّن ینعتق علیه فأیضا لا محذور فی ثبوت الخیار هنا غایة الأمر لا یرد العبد إلی البائع لعدم جواز صیرورة الحر عبدا بل یرد بدله الیه و علی الجملة فمثل هذه الأمثلة لا تکون مانعة عن التمسّک بإطلاق أدلة خیار المجلس کما هو واضح.

و حاصل الکلام أنه استدل المصنف علی عدم ثبوت خیار المجلس للوکیل فی إجراء الصّیغة بوجوه قد عرفتها مع جوابها و عمدتها وجهان الأول ما أشار إلیه بقوله مضافا الی ملاحظة بعض أخبار هذا الخیار المقرون فیه بینه و بین خیار الحیوان الذی لا یرضی الفقیه بالتزام ثبوته للوکیل فی إجراء الصیغة أقول حاصل کلامه أن بعض اخبار خیار المجلس قد تقارن بخیار الحیوان کقوله(علیه السلام)فی الصحیحة فی جواب السائل ما الشرط فی الحیوان قال:ثلثة أیام و قال:ما الشرط فی غیر الحیوان قال(علیه السلام):البیعان بالخیار ما لم یفترقا و هذه الروایة و ان کانت مطلقة و غیر مقیدة بکون من له الخیار فی بیع الحیوان هو

ص:62

صاحب الحیوان فقط کما أن ثبوت خیار المجلس للبیع أیضا مطلق من غیر أن یکون مقیدا بثبوته للمالک أو الموکل أو لهما و لکن ورد فی روایة أخری أیضا معتبرة أن صاحب الحیوان بالخیار الی ثلثة أیام حیث ثبت الحکم لخصوص صاحب الحیوان فقط و بحسب القواعد و ان لم یکن بینهما تناف و تعاند لیلزم منه حمل المطلق علی المقیّد لکون کل منهما مثبتین و لکن نعلم من الخارج علما جزمیا أن موضوع الحکم فی کلتا الروایتین هو شیء واحد و أن قوله علیه السلام صاحب الحیوان بالخیار الی ثلثة أیام فی مقام التحدید فبمقتضی هذه المقدمة الخارجیة نحمل المطلق علی المقیّد و نلتزم بثبوته لخصوص المالک و ان کانت الروایة المطلقة مع قطع النظر عن الروایة المقیدة تقتض ثبوت خیار الحیوان لمطلق البائع و ان کان غیر المالک و علی هذا فاتّحاد السیاق یقتضی أن لا یثبت خیار المجلس أیضا لغیر المالک.

و فیه أن اختصاص خیار الحیوان لصاحب الحیوان لا یقتض اختصاص خیار المجلس به و الوجه فیه أن البیعان أو المتبایعان و ان استعملا فی خیاری المجلس و الحیوان فی معنی واحد و لم یختلف المستعمل فیه فیهما و لم یرد منهما المالک بل عنوان المتبایعان بحیث لو کنا و هاتان العبارتان لقلنا بثبوت کلا الخیارین لعنوان البیّع و المتبایع و لکن اختلفت الإرادة الجدیة بالنسبة إلی خیار المجلس و خیار الحیوان حیث أرید من البیعان و المتبایعان المذکورین فی أدلة خیار المجلس عنوان البیّع و المتبایع الشامل للوکیل و الموکل معا و أرید منهما فی خیار الحیوان المالک و صاحب الحیوان من غیر تخلف فی الإرادة الاستعمالیة،و الدلیل علی هذا التقیید هو القرینة

ص:63

الخارجیة حیث علم من الخارج أن قوله(علیه السلام)صاحب الحیوان بالخیار وارد مورد التحدید و أن الموضوع فی قوله انّ البیعان بالخیار فی الحیوان الی ثلثة أیام و الشرط فیه هذا هو الموضوع فی قوله صاحب الحیوان بالخیار فقهرا یقید الحکم بتقید الموضوع و من الواضح أنه لا بعد فی اختلاف الإرادة الجدیة بالنسبة إلی حکمین الثابتین بعبارة واحدة و باستعمال واحدة أی بأن یکون الاستعمال فی أحدهما علی نسق الاستعمال فی الآخر و نظیر ذلک ما إذا قال الخمر حرام و نجس و یحرم بیعها و إمساکها و جمیع التقلب فیها ثمّ ثبت التقیید فی أحدهما و قال یجوز بیعها من الکافر فهل فیه محذور عقلا أو شرعا أو عرفا و کذلک فی جمیع المقامات و السّر فی ذلک ما قلنا من جواز اختلاف الإرادة الجدیة فی الحکمین الثابتین علی موضوع واحد بحیث یکون فی أحدهما مطلقا و فی الآخر مقیدا و یکون الموضوع أیضا مطلقا و مقیدا و یتعدّد الموضوع بذلک الاختلاف و ان کانت الإرادة الاستعمالیّة متحدة فی کلیهما و ذلک لأن التقیید انّما یثبت من الخارج و علی الاجمال ثبوت خیار الحیوان لصاحبه لا یدل علی ثبوت خیار المجلس للمالک فإن قرینة الاختصاص موجودة فی الأوّل دون الثانی و من هنا ظهر أن خیار الحیوان مختص بالصاحب الحیوان و لم یثبت للمتابعین مع أن خیار المجلس ثابت لهما و ان قلنا بعدم ثبوته للوکیلین فی إجراء الصیغة مع اتحاد السیاق یقتضی اختصاص خیار المجلس أیضا بواحد منهما.

علی أنه لو کان مقتضی السیاق اختصاص خیار المجلس بمن له خیار الحیوان لزم له الالتزام بعدم ثبوت خیار المجلس للوکیل

ص:64

المفوض أیضا مع أنه لم یستشکل احد حتی هو قدّس سرّه کما سیأتی.

و أما الوجه الثانی فحاصله أن خیار المجلس انما ثبت للمتبایعین

بعد الفراغ عن جواز تصرف کل منهما فیما انتقل الی نفسه

و قد أثبتت أدلة الخیار المجلس لمن له هذا الشأن و من الواضح أن الوکیل فی إجراء الصیغة لیس له ذلک و لا یجوز له التصرّف فی شیء من العوضین من قبل الموکل.

و من هنا لو شک البائع أن المبیع هل هو ممّن ینعتق علیه أو یجب صرفه فی نفقة من یجب إنفاقه أو یجب عتقه لنذر و نحوه لا یجوز أن یتمسّک بأدلة الخیار فیحکم بعدم الوجوب لأن الحکم لا یثبت الموضوع لنفسه و قد عرفت أنها تثبت الخیار فی فرض تمکن ذی الخیار من التصرف فی المال الذی انتقل إلی ذی الخیار و هذا المعنی موضوع للخیار و مشکوک فیه فلا یمکن إثبات الموضوع بذلک.

و یرد علی ما ذکره أصلا و فرعا.
أما الأصل

مضافا الی أن ما ذکره خلاف ظواهر الأدلة أنه مخالف لمسلکه فإنّه ذکر فی مواضع متعددة من کتابه أن الخیار انّما یتعلّق بالعقد دون العین الخارجی و لذا لا یدور الخیار وجودا و عدما مدار بقاء العین و عدمه بل یجوز اعماله لذی الخیار حتی مع تلف العین و قد تقدم منه قدّس سرّه فی بعض تنبیهات المعاطاة أن الجواز الثابت فیها غیر الجواز الثابت فی غیرها بالخیار فان متعلّق الجواز فی المعاطاة هو العین فلکل من المتبایعین ردّ العین و لذا سقط مع التصرف کما قیل و لکن جواز الفسخ فی العقد الخیاری متعلق بالعقد و لذا یبقی مع التلف أیضا.و أیضا ذکر فی تعریف الخیار أنه

ص:65

ملک فسخ العقد و قد کرر ذکر ذلک فی خلال کلماته کثیرا فلا وجه لجعل متعلق الخیار هو العوضین.

و أما الفرع

الذی رتبه علی الأصل المذکور فقد ظهر جوابه فما ذکرناه فان متعلق الخیار هو العقد فهو لا یرتبط بحکم آخر ثابت للعین المبیعة و لا مساس لأحدهما بالآخر أصلا فله ای لذی الخیار أن یفسخ العقد فی الموارد المذکورة و بعده یتبع فی کل مورد حکمه علی ما تقتضیه القواعد الشرعیة فإن کان فیه ما یرفع التکلیف المشکوک فیها و الا فلا بد من الامتثال.

مثلا لو اشتری عبدا و شک فی قرابته و أنه هل ممّن ینعتق علی البائع أم لا فیجوز أن یتمسک بأصالة عدم النسبة بینه و بین العبد و یرده الی مالکه الأول بعد فسخ العقد و ان علم بکونه ممّن ینعتق علیه فحینئذ ینعتق بمجرّد البیع و بما عرفت أن الفسخ لا یتوقف علی بقاء العین و لما عرفت ان الخیار متعلق بالعین فیجوز له الفسخ و یعطی بدل العبد علی مالکه و أما إذا کان المبیع ممّن یجب عتقه لنذر فإذا لم یعتقه فعل حراما فهو لا یزاحم و لا یعارض بأدلة الخیار لعدم تعلقه بالعین حتی یصحّ التمانع بینهما و هکذا إذا کان المبیع ممّا یجب صرفه فی نفقة من یجب إنفاقه علیه فان فی شیء من المذکورات لا یلزم ما ذکره المصنف فجواز التصرف فی المبیع لیس موضوعات لأدلة الخیار أصلا و لا له مساس بأصل الخیار بوجه نعم لو کان الخیار منعلقا بالعین لکان لهذا البحث مجال واسع.

و قد ذکر شیخنا الأستاد هنا وجها آخر و جعله محتمل کلام المصنف و حاصله أن موضوع خیار المجلس هو الذی یکون مالکا لالتزام

ص:66

نفسه بحیث له أن یبقیه و له أن یرفعه بالإقالة إذا رضی الطرف الآخر بذلک و بعد الفراغ عن سلطنة کل من المتبایعین علی ذلک یثبت له الخیار و جواز الفسخ فجواز الفسخ لهما متوقف علی إمکان الإقالة لهما و حیث ان الوکیل فی إجراء الصیغة لیس له ذلک فإنه لا یقدر علی حل العقد بالإقالة فلا یثبت جواز الفسخ بخیار المجلس أیضا.

و فیه أولا النقض بالنکاح حیث أن الخیار لأجل العیوب المعلومة ثابت فیه و لکن لا تجوز الإقالة للزوجین فلا وجه لجعل ثبوت الخیار متوقفا علی جواز الإقالة.

و ثانیا بالحل بان یقال ان کان نظره الی توقف الفسخ بالإقالة حقیقة و أنه لا یؤثر الفسخ فی مورد لا اقالة فیه ففیه أن العقد شیء واحد و انّما حصل بالالتزامین من الطرفین نظیر الحبلین المشدود أحدهما بالأخر فإنّه صار حبلا واحدا و هذا الشیء الواحد و ان کان فی حصوله متوقفا علی التزامین من شخصین و لکن فی مقام الانحلال ینحل بانحلال من الطرفین کما فی الإقالة و من طرف واحد کما فی الفسخ و قد عرفت سابقا ان إمضاء أحدهما العقد لا یستلزم الإمضاء و الالتزام من الطرف الآخر و لکن الفسخ من طرف یستلزم الفسخ من الطرفین لانه لا یبقی مجالا للوفاء و الوجه فیه أن الفسخ هو الحل و یعبر فی لغة الفارس بکلمة(وا کردن و باز نمودن)و هذا المعنی شیء واحد و معنی بسیط لا یعقل أن یحصل من طرف و لم یحصل من طرف آخر بل إذا تحقق الحل تحقق من الطرفین.

و بالجملة العقد هو الالتزام من الطرفین نظیر البیعة و ضم احدی الیدین بالأخری و هذا لا یتحقق حصولا الا من الطرفین و

ص:67

لکن انحلاله لا یتوقف علیهما بل یحصل بحل واحد و قد یکون ذلک هو الإقالة ای المراضاة بالحل من الطرفین و قد یکون بالفسخ و لا یعقل تحقق من طرف و توقفه علی أن یتحقق من الآخر و لیس الفسخ فی طول الإقالة و لا متوقفا علیها و لا أن بینهما تلازم بل قد یتحقق أحدهما بدون الآخر و قد یجتمعان ففی النکاح یتحقق الفسخ دون الإقالة و بعد سقوط جمیع الخیارات فی العقود اللازمة یتحقق الإقالة دون الفسخ و فی البیوع الخیاریة یمکن الفسخ بکل من الإقالة و الفسخ.

فلا معنی لهذا الوجه أیضا و ان کان نظره الانصراف و ان أدلة الخیار منصرفة الی هذا القسم فلا تثبت الخیار لغیر ذلک فله وجه و لکن عرفت جوابه من أنه لا منشأ للانصراف أیضا.

و ذکر بعض مشایخنا المحققین من أن الوکیل فی إجراء الصیغة فقط نادر فی باب المعاملات جدا لأنه لا یکون إلا فی غیر العربی مع لحاظ صدور البیع عن صیغة لا عن التعاطی لترتیب آثار البیع بالصیغة و علی هذا ینصرف دلیل الخیار الی غیر الوکیل فی إجراء الصیغة لکون ذلک للغیر غالبا من حیث الموجود و فیه أولا أن غلبه الوجود لا توجب الانصراف و قد اعترف هو بذلک مرارا عدیدة فی کلماته السابقة و ثانیا أن الوکیل فی إجراء الصیغة و ان کان قلیلا بالنسبة إلی غیره و لکنه کثیر فی نفسه کما هو المتعارف فی النکاح فان المتعارف فیه کون العاقد غیر الزوجین و فی البیع أن التوکیل فی إجراء الصیغة خصوصا فی البیوع الخطیرة کثیر جدا.

ص:68

فتحصل أن عمدة الوجه لعدم ثبوت الخیار للوکیل فی إجراء الصیغة هو ما ذکره المصنف قدّس سرّه من کونه موقوفا علی جواز تصرف کل من المتبایعین فیما انتقل الیه و ما ذکره شیخنا الأستاذ من توقف الفسخ علی الإقالة و قد عرفت أن ما افاده المصنف لا دلیل علیه فی نفسه و أنه مخالف لمذهبه و ما أفاده الأستاذ مضافا الی عدم الدلیل علیه و بطلانه فی نفسه و الجواب الحلّی عنه انّه منقوض بباب النکاح فإنه ثبت الخیار فیه و لم یتوقف علی الإقالة لعدم جریانها فی النکاح.

ثم انّ لشیخنا الأستاذ وجه آخر فی المقام و حاصله أن أدلة الخیار انما أثبتت سلطنة علی الفسخ لمن هو مأمور بالوفاء بالعقد و من الواضح أن الوکیل فی إجراء الصیغة لم یشمله دلیل الوفاء بالعقد و بعبارة أخری أن أدلة الخیار انّما هی مخصصّة لقوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و حیث أن الآیة لم تشمل الوکیل فی إجراء الصیغة و لم یکن هو مأمورا بالوفاء بالعقد فیکون دلیل التخصص أیضا غیر شامل له.

و فیه أن هذا الوجه لا بأس به بناء علی ما ذکره المصنف قدّس سرّه فی معنی الوفاء حیث جعل الأمر ظاهرا فی الوجوب التکلیفی بالذی یدلّ علی اللزوم بالدلالة الالتزامیة فإن لقائل أن یقول أن وجوب الوفاء انّما هو حکم ثابت علی ذمة الملاک أو من یقوم مقامهم و أما الوکیل فی مجرّد إجراء الصیغة فلیس مأمورا بذلک فإنه من الأوّل لم یجز له التصرّف فی المبیع و لا فی الثمن و کک فی حال العقد و بعده فلا معنی لان یقال یحرم علیک التصرّف فی العوضین لیکون هذا الحکم شاملا لما بعد الفسخ أیضا حتی یتمسّک به لإثبات اللزوم.

ص:69

و أما بناء علی ما ذکرناه من دلالة الآیة علی اللزوم بالمطابقة و کونها إرشادا إلی لزوم العقود من غیر أن تدلّ علی حکم التکلیفی فلا مانع من شمولها علی الوکیل فی إجراء الصیغة أیضا فإنه لیس له فسخ العقد بعد إیجاده کما لا یخفی لما عرفت أن الآیة ناظرة الی أن کل من أوجد عقدا یجب علیه الوفاء به و من جملة الموجدین للعقد هو الوکیل فی إجراء الصیغة کما هو واضح فهذا الوجه أیضا لا یتم و التحقیق أن یقال انّ الوکیل فی مجرّد إجراء الصیغة و ان صدق علیه البائع و لکن ما دلّ علی ثبوت خیار المجلس انّما هو ناظر الی ثبوته للبیّع الذی کان أو البیع بیده و هو المالک أو من یقوم مقامه و ذلک لأن أحل اللّه البیع انّما هو ناظرا إلی إمضاء البیع فیکون دالا علی حلیة البیع الصحیح و هو بیع المالک الموکل و من الواضح ان البیع من غیر المالک أو من یقوم مقامه غیر صحیح من حیث انتسابه الی المالک لا من حیث صدوره من العاقد و الوکیل فی إجراء الصیغة لیس مالکا و لا قائما مقامه فیکون خارجا عن تحت الآیة لأنه لم تمض البیع من حیث جهة الصدور أیضا و هذا لا ینافی صدق البائع علی الوکیل فی إجراء الصیغة،و علیه فأدلّة خیار المجلس انّما تثبت الخیار للبیّع فی البیع الصحیح فلا تکون شاملة للوکیل فی إجراء الصیغة.

و ثانیا أن الوجوه المذکورة حتی الوجه الذی ذکرناه و ان لم تتم فی نفسها و لا تکون دالة علی عدم ثبوت الخیار للوکیل فی إجراء الصیغة و لکنها توجب عدم تمامیة مقدمات التمسک بإطلاق قولهم علیهم السلام البیعان بالخیار.

و توضیح ذلک أن دلیل خیار المجلس من قوله(علیه السلام)المتبایعان

ص:70

بالخیار و قوله البیعان بالخیار انّما یدلّ علی ثبوت الخیار لمطلق البیّع بالإطلاق دون العموم فان ما یدل علی السریان هنا هو المحلی باللام و من الواضح أن دلالة علی السریان لیس بالوضع بل بمقدّمات الحکمة فالوجوه المذکورة توجب الشک فی التمسک بالوضع بل و تمامیّة مقدماته و علی الاجمال لا نطمئن بشمول أدلة خیار المجلس للوکیل فی إجراء الصیغة فلا أقل من الشک علی أنه لو کان مجرّد إجراء الصیغة موجبة لثبوت الخیار للمجری لها فکان ثابتا للفضولی أیضا بل أولی مع أنه لم یقل به احد فتحصل أنه لا یکون للوکیل فی إجراء الصیغة خیار المجلس.

و أما الوکیل المفوض فلا شبهة فی ثبوت الخیار له لکونه بیّعا حقیقة و ان أمر البیع بیده نظیره الأولیاء للأطفال و المجانین و غیرهما کما لا یخفی و هذا کعامل القراض و نحوه.

و أما الوکیل المفوض فی الشراء فقط أو فی البیع فقط من غیر أن یکون وکیلا مفوضا فی مطلق التصرف و لا أن تکون وکالته منحصرة فی إجراء العقد فقط بل واسطة بین الشقین فذکر المصنف(ره)أن خیار المجلس لا یثبت لهذا القسم من الوکیل أیضا لأنا ذکرنا أن المیزان فی ثبوت الخیار هو کون ذی الخیار متمکنا من التصرف فیما انتقل الیه قبل ثبوت حق الفسخ له و من الواضح أن الوکیل فی أمر البیع فقط أو أمر الشراء فقط لیس متمکنا من التصرف فیما انتقل إلی البائع المالک أو المشتری المالک لتمامیّة أمد وکالته بعد البیع و الشّراء فیکون خارجا عن موضوع خیار المجلس و تبعه شیخنا الأستاذ علی الوجه الذی تقدّم

ص:71

بیانه فی القسم الأوّل من الوکالة و لکن عرفت عدم تمامیّتها بوجه.

و أما بقیة الوجوه لا تجری هنا حتی ما ذکرناه من الوجهین لکونه أی هذا القسم من الوکیل بیّعا حقیقة فلا وجه لدعوی الانصراف أو غیره من الوجوه.

و الظاهر هو ثبوت الخیار لمثل هذا الوکیل لأن أمد وکالته و أن کان یتم بتمامیة البیع أو الشراء و لکن ثبوت الخیار للمتبایعین لا یدور مدار عنوان الوکالة بقاء بل المناط فی تحقق الخیار هو صدق البیّع و من الواضح أن الوکیل المفوض فی البیع أو الشّراء بیّع و ان خلص أمد وکالته بعد البیع أو الشراء فنتمسک بإطلاق البیّعان بالخیار فنحکم بثبوت الخیار له و ان منعه المالک عن الفسخ فکونه وکیلا مفوضا عند البیّع أو الشراء و صدق عنوان البیّع علیه فی تلک الحالة واسطة لثبوت الخیار له حتی بعد تمامیة وکالته.

و أما الفضولیین فلا شبهة فی ثبوت خیار المجلس لهما لما عرفت أنه انما ثبت لمن کان البیع مستندا الیه و کان أمر البیع بیده و أنه من لوازم البیع الصحیح و قلنا أن بیع غیر المالک لیس بصحیح فان الممضی بقوله تعالی أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ هو جهة انتساب البیع الی المالک لا من حیث صدوره من العاقد و من البدیهی أن الفضولی أجنبی عن هذه المزایا و ان صدق علیه عنوان البیّع بل هو مجرّد إله فی إنشاء البیع کالوکیل فی إجراء الصیغة و أنه کلسان الموکل و الأصیل فلا وجه لثبوت الخیار للفضولیین أیضا.

کان الکلام فی ثبوت خیار المجلس للوکیل و عدم ثبوته له و قلنا أنه لا یثبت للوکیل فی إجراء العقد فقط لأحد الأمرین المتقدّمین.

ص:72

و أما الوکیل المفوّض فلا شبهة فی ثبوت الخیار له فإنه لا شبهة فی صدق البیّع علیه و أن أمر البیع بیده و لا یجری فیه شیء من الوجوه المانعة عن ثبوت خیار المجلس للوکیل فی إجراء الصیغة غیر ما ذکره المصنف(ره)من أن مقتض اقتران خیار المجلس فی بعض الروایات بخیار الحیوان یقتضی عدم ثبوت خیار المجلس لغیر المالک کما هو الشأن فی خیار الحیوان فاتحاد السیاق یقتض أن یثبت خیار المجلس لمن ثبت له خیار الحیوان دون غیره و ان کان وکیلا مفوضا و لا یکون له خیار المجلس بما أنه بائع و أما ثبوته له بما انه وکیل مفوض من قبل المالک و أن جمیع أموره فی یده حتی أمر المعاملات من الفسخ و الإمضاء فإن ذلک من جهة کونه وکیلا مفوضا لا من جهة کونه بائعا.

و علی الجملة فلازم کلام المصنف من تخصیص موضوع خیار المجلس بمن له خیار الحیوان هو عدم ثبوته للوکیل المفوض أیضا بما من المتبایعین و من البیّع لا بما هو وکیل من قبل البائع و یفسخ البیع أو یمضه بأمر الموکل و توکیله کما هو واضح.

بعبارة أخری هذا نقض علی المصنف حیث التزم بعدم ثبوت خیار المجلس للوکیل فی إجراء الصیغة من جهة اختصاصه بمن له خیار الحیوان و مع ذلک التزم بثبوته للوکیل المفوّض مع أنه لم یثبت له خیار الحیوان.

و لکن قد عرفت أن مجرّد ذکر خیار الحیوان فیما ذکر فیه خیار المجلس لا یقتضی الاتحاد من جمیع الجهات و علی الاجمال فلا شبهة فی ثبوت هذا الخیار للوکیل المفوّض بل هو کالولی فإن معنی الوکالة کما ذکروا تفویض الأمر إلی الوکیل و جعله مسلطا علی ما وکل لأجله

ص:73

نظیر السلطنة المجعولة للأولیاء غایته أن سلطنة الأولیاء من قبل اللّه تعالی و سلطنة الوکلاء من قبل الموکلین و لیس الأمر کذلک فی الوکیل فی إجراء الصیغة.

و أما الوکیل فی أمر البیع أو الشّراء فقط بحیث یکون وکیلا مفوّضا فی جهة خاصة فقط و ینتهی أمد وکالته بعد البیع فهو واسطة بین الوکیلین المتقدمین و هو من جهة یشبهه الوکیل فی إجراء الصیغة و من جهة یشبهه الوکیل المفوّض أما من حیث انه شبیه بالوکیل المفوّض من جهة کونه مستقلا فی أمر البیع أو الشراء و من حیث أنه شبیه بالوکیل فی إجراء الصیغة هو تمامیة أمد الخیار بتمامیة العقد کما أن الوکیل فی إجراء العقد کک و أما الوجوه التی ذکروها فی عدم جریان الخیار للوکیل فی إجراء الصیغة فبعضها لا یجری فی المقام کدعوی انصراف البیّع أو المتبایع عن هذا القسم من الوکیل فإنه بیع حقیقة و أما ما ذکروا من أن جعل الخیار الی خیار المجلس إرفاق للمالک فلا یجری فی حق الوکیل فهو جار فی المقام و لکن قد عرفت عدم تمامیته و هذا لا یجری فی المفوّض بالمعنی الأول فإنه لا بدّ و ان یلاحظ مصلحة المالک و کک یجری فی المقام ما ذکره المصنف من أن هذا الخیار انّما جعل لمن یکون قادرا علی الرّد و الوکیل المجری للصیغة و کک الوکیل فی البیع و الشّراء لیس قادرا علی رد العین و کک ما ذکره شیخنا الأستاذ من خیار المجلس مجعول لمن یکون قادرا علی الإقالة فإن من الواضح أن هذا الوکیل أیضا کالقسم الأوّل من الوکیل لا یقدر علی الإقالة إذا رضی بها الطرف الأخر.

و لکن قد عرفت أن هذا الوجه أیضا لم یتمّ فی القسم الأوّل

ص:74

فکیف فی المقام و قد عرفت أن الوجه فی عدم ثبوت هذا الخیار للوکیل فی إجراء الصیغة فقط هو أحد الأمرین المذکورین و هما أیضا لا یجریان فی المقام و اذن فلا مانع من ثبوت خیار المجلس هنا لا طلاق قوله علیه السلام المتبایعان أو البیّعان بالخیار ما لم یفترقا لانّه لا شبهة فی صدق البیع علیه حدوثا فیکون ذلک موضوعا لثبوت الخیار له حدوثا و بقاء و ان منعه المالک عن اعمال الخیار کما ذکره صاحب الحدائق إذ لم یقید إطلاق الروایة بکون البیع هو المالک أو باقیا علی وکالته لو کان هو غیر المالک.

و علی الجملة فکونه وکیلا عند البیع أو الشراء فی أمرهما یوجب صدق البیّع علیهما و إذا صدق علیهما البیّع فی أن حدوث البیع یثبت الخیار مطلقا سواء زالت الوکالة بعد ذلک التی کانت واسطة لثبوت الخیار له أم بقیت علی حالها.و علی هذا فلیس للمصنف نفی الخیار عن مثل هذا الوکیل أیضا.

و أما ثبوته للموکل فذکر المصنف و علی المختار فهل یثبت للموکلین فیه اشکال و الظاهر أن القول بثبوت خیار المجلس للموکل و عدمه لا یتوقف علی القول بثبوته للوکیل أصلا فلا نعرف وجها صحیحا لتعلیق المصنف وقوع النزاع فی ثبوت خیار المجلس للموکل أو عدمه بثبوته للوکیل و عدمه بل کل منهما أمر مستقل و بحث خاص لا یرتبط بالآخر و قد یتوهم أن لأدلة الدالة علی ثبوت خیار المجلس للمتبایعان أو للبیّع منصرفة إلی المالک العاقد فإذا انتفی أحد الجزئین ینتفی موضوع الخیار،و أیضا قیل ان الموکل لو حلف علی أن لا یبیع داره مثلا فباعها وکیلها لم یحنث فلو کان یصدق علیه عنوان البائع لحصل الحنث.

ص:75

و فیه أما دعوی الانصراف فلا وجه له لما ذکرنا أن البائع یصدق علی الوکیل فی إجراء العقد فکیف لا یصدق بالموکل فلو کان الموکل حاضرا فی مجلس العقد و وکّل أحدا فی إجراء العقد لبیع داره کما هو المتعارف فی النکاح و فی المعاملات الخطیرة حقیقة یصدق أن الموکل باع داره فلا عنایة فیه أصلا و من هنا ظهر ما عن بعض مشایخنا المحققین من استناد الانصراف الی غلبة الوجود.

و أما مسألة عدم الحنث إذا حلف الموکل أن لا یبیع داره فباع وکیله فان کان قصد الموکل حیث الحلف أن لا یبیع مباشرة فلا شبهة فی عدم حصول الحنث ببیع الوکیل قطعا و ان کان غرضه من ذلک أن لا یبیع علی وجه الإطلاق أعم من بیع نفسه و بیع وکیله بان لا یستند الیه البیع أصلا فلا شبهة حینئذ فی حصول الحنث بکل واحد من بیع وکیله و بیع نفسه لاستناد البیع الی الموکل حقیقة و ان کان المباشر له هو الوکیل نعم لو حلف مطلقا علی أن لا یبیع داره مثلا و کان غافلا عن توکیل شخص آخر فی بیع داره أو ناسیا فلا یحنث ببیع الوکیل فی تلک الحالة و ان کان صدور البیع فی حضوره أیضا لأن ظهور الحلف علی عدم البیع فی العمل الاختیاری ففی هنا غیر اختیاری لعدم التفاته بکون الوکیل فی البیع وکیلا عنه لغفلته عن ذلک فعدم الحنث من هذه الجهة و الا فصدق علیه البائع حقیقة و ان کان غافلا عن وقوع البیع.

ثمّ انه لا بدّ و أن یتکلّم فی ثبوت هذا الخیار و عدمه لأصناف الموکل فی مقابل أصناف الوکلاء علی الترتیب الذی ذکرناه فی ثبوته و عدمه لکل واحد من الوکلاء فنقول ان کان الموکل وکل أحدا فی

ص:76

إجراء الصیغة فهل یثبت له الخیار أم لا فنقول تارة یکون الموکلان حاضرین فی مجلس العقد و أخری لا یکون حاضرین فی مجلس العقد و علی الثانی قد یکونان حاضرین فی مجلس واحد حین تحقق العقد بین الموکلین فی مجلس آخر و قد یکونان متفرقین.

أما الأول فلا شبهة فی ثبوت الخیار للموکلین لاستناد البیع إلیهما حقیقة و ان الوکیلان المجریان للعقد لیسا إلا کالآلة المحضة و کونهما کاللسانین للموکلین و دعوی انصراف أدلة الخیار عن المالک غیر العاقد و لذا لا یحنث لو حلف علی عدم البیّع ببیع الوکیل قد تقدّم جوابهما.

و أما إذا کان الموکلان مجتمعین فی محلّ آخر غیر مجلس العقد بان جمعتهما هیئة اجتماعیة فی محل واحد و کان بین الوکیلین و بینهما و أصل الصّوت بحیث علما بوقوع العقد فیصدق علیهما عنوان البیّع و لا یعتبر حضورهما فی مجلس العقد کما یظهر من شیخنا الأستاذ و أما الثالث بان لا تجمعهما هیئة اجتماعیة أصلا بل کانا متفرقین حال العقد فلا شبهة حینئذ فی عدم ثبوت الخیار لا للوکیل و لا للموکل أما عدم ثبوته للوکیل فقد تقدم لکونه وکیلا فی إجراء الصیغة فقط و لیس أمر البیع بیده و قد قلنا انّ الخیار انما یثبت لمن کان أمر البیع فی یده و الوکیل فی إجراء الصیغة لیس کک.

و أما عدم ثبوته للموکل فلانّ الخیار انّما یثبت للبیّعان فی حالة اجتماعهما الی أن یتفرقا و من الواضح انهما متفرّقان من الأوّل فلا یکون ثابتا لهما.

ص:77

کان الکلام فی ثبوت الخیار للموکل

و قد عرفت أن الوکیل علی ثلثة أقسام الأول أن یکون وکیلا فی إجراء الصیغة فقط و حینئذ یکون أمر البیع بتمام المعنی فی ید الموکل و حینئذ قد یکون الموکلین أو أحدهما حاضرا فی مجلس العقد و أخری لا یکونان حاضرین فی مجلس العقد و علی الثانی فتارة تجمعان هیئة اجتماعیة فی مجلس آخر غیر مجلس العقد و أخری لا یجتمعان فی محل واحد بل کانا متفرقین فی الخارج.

أما الأول فلا شبهة فی ثبوت الخیار للموکلین الحاضرین فی مجلس العقد لاستناد البیع إلیهما حقیقة و توهّم انصراف البیع عنهما الی المالک العاقد فاسد کما عرفت،کما أن توهم استناد الانصراف إلی ندرة الوجود فاسد هنا أیضا و ان قلنا بصحته فی الوکیل فی إجراء الصیغة لأن هذا القسم من الموکل کثیر جدا و لا فرق فی ذلک بین کونها ملتفتین بصدور العقد و عدم التفاتهما الیه.

و أما الثانی فهو أن یکون الوکیلان مجتمعین فی مجلس آخر غیر مجلس العقد و وصل إلیهما أن الوکیلین من قبلکما علی اجراء العقد قد أوجدا العقد فإنه ح یثبت لهما الخیار بلا شبهة فإنهما حقیقة متبایعان و یصدق علیهما عنوان البیّع أو المتبایع و التاجر الواردة فی الاخبار التی جعلت بهذه العناوین موضوعة لخیار المجلس و دعوی أن ثبوت الخیار لهما مشروط بحضورهما فی مجلس العقد کما عن ظاهر شیخنا الأستاذ لا وجه له فإنّ الإطلاقات محکمة علیه.

و أما الثالث فهو أن یکونا خارجین عن مجلس العقد و کانا متفرقین فی الخارج فالظّاهر أنه لا خیار لهما ح و ذلک فان خیار

ص:78

المجلس انّما هو مغیّا بغایة و هی الافتراق و من الواضح أن تلک الغایة حاصلة هنا من الأوّل فکیف یثبت لهما الخیار ح و هذا لا ینافی صدق البائع علیهما و استناد البیع إلیهما فإن مجرّد صدق البائع لا یصحّح ثبوت الخیار علیه بل لا بدّ مع ذلک من اجتماعهما فی مجلس واحد.

و بعبارة أخری الافتراق رافع لخیار المجلس حین التحقیق فلا یعقل ثبوت الحکم مع وجود الرافع من الأوّل و الا یلزم التنافی و لا یثبت للوکیل أیضا کما عرفت لکونه وکیلا فی إجراء العقد علی هذا الخیار بان فوضا أمره الی الوکیلین لیثبت لهما الخیار عن قبل الموکلین أم لا الظاهر لا فإنه لم یثبت لهما فکیف یؤکلان الغیر علی ذلک و ان فاقد الشیء لا یکون معطیا له.

و أما الوکیل المفوّض من جمیع الجهات فهل یثبت معه الخیار للموکل أم لا فهو أیضا علی ثلثة أقسام:الأوّل أن یکون الموکلان حاضرین فی مجلس العقد فهذا لا شبهة أیضا فی ثبوت الخیار لهما کما ثبت للوکیلین حینئذ فإنه یصدق علیهما البیع حقیقة کما تقدم فی القسم الأول و توهم الانصراف هنا قد تقدم جوابه کما تقدم الجواب أیضا عن انه لو حلف علی عدم البیع فبایع الوکیل لم یحنث.

و أما القسم الثانی فهو أن یکون الموکلان فی خارج مجلس العقد و لکن تجمعهما الهیئة الاجتماعیة فی محل واحد و معامل الوکیلان المفوّضان فی محل و أخبر الموکلین بصدور العقد فإنه ح حقیقة یصدق علیهما عنوان البیّع و المتبایع و التاجر التی هو موضوع

ص:79

خیار المجلس و لا وجه لاعتبار حضورهما فی مجلس العقد کما عرفت فی القسم الأول أما القسم الثالث فهو أن یکون الموکلان خارجین عن مجلس العقد و لم یجتمعا فی محلّ واحد و لم تجمعهما هیئة اجتماعیة فی مکان واحد و حینئذ لا یثبت لهما الخیار کما تقدّم لتحقق البیع حال التفرق و هذا نظیر ما کتب کتابا الی أحد و أنشأ فیه بیع داره مثلا و وصل الکتاب إلی المشتری بعد مدة و قلنا بعدم اعتبار الموالاة بین الإیجاب و القبول فقبل المشتری البیع فإنه لا یثبت الخیار فی أمثال ذلک فان البیع قد تحقق فی حال التفرق فلا یکون لهما الخیار.

قوله:ثمّ علی المختار من ثبوته للموکلین فهل العبرة فیه

بتفرقهما عن مجلسهما حال العقد.

أقول:بناء علی ثبوت الخیار للموکل أیضا فإذا کانا الموکلین موجودین فی مجلس المعقد مع الموکلین المفوّضین فهل المناط فی سقوط خیارهما تفرقهما عن مجلس العقد بان یکون ثبوت خیار المجلس دائرا مدار اجتماعهما فی مجلس العقد و تفرقهما عنه و إذا تفرقا عنه یسقط الخیار عنهما و عن وکیلهما و الوجه فی جعل المیزان فی الثبوت الخیار و عدمه هو تفرق الموکلین و عدمه من جهة أنهما اصیلین فی المعاملة و حقیقة هما بائعان فیکون المناط هو الأصلان.

و یحتمل أن یکون المناط هو تفرق الوکیلین لأنهما أو جدا المعاملة و هما المناطان فی ثبوت خیار المجلس و عدمه لأنهما أو جدا البیع و لو عنه وکالة.

و یحتمل أن یکون المناط هو تفرق الکل فیکفی فی بقاء الخیار

ص:80

بقاء احد الاصیلین مع أحد الوکیلین فی مجلس العقد فی بقاء خیار المجلس و هذا الوجه الأخیر قد قواه المصنف.

و أشکل علیه شیخنا الأستاد بأن کفایة بقاء أصیل مع وکیل آخر فی مجلس العقد مع اعتباره قدس سره حضور الموکلین فی المجلس حیث قال آنفا فالأقوی ثبوته لهما و لکن مع حضورهما فی مجلس العقد متنافیان لانه لو لم یعتبر استدامة الحضور ممّن له الخیار لم یعتبر فی الابتداء أیضا لأن استفادة الاجتماع فی المجلس انّما هو من قوله علیه السلام ما لم یفترقا فلو صدق عدم تفرق الموکل ببقاء وکیله فی المجلس صدق اجتماعه أیضا ابتداء و ان لم یکن نفس الموکل حاضرا فی المجلس رأسا.

و فیه أن هذا من غرائب الکلام شیخنا الأستاذ فإن اعتبار المصنف حضور الموکلین فی مجلس العقد فی ثبوت الخیار لهما من جهة عدم تحقق موضوع الخیار بدونه فإنّه انّما ثبت علی الهیئة الاجتماعیة و مع انتفائها ینتفی الخیار و لیس غرضه نفی الخیار عن الأصیل مع الوکیل بل من هذا جهة أعم.

و أما الالتزام بثبوت الخیار لکل واحد من الوکیل و الموکل مع بقائهما فی مجلس العقد و ان ذهب أحد الوکیلین مع الموکل الآخر بل یکفی وجود الأصیل مع الوکیل الآخر فی ثبوت الخیار حدوثا أیضا فلا ینافی هذا بالکلام السابق أصلا فإن ما هو موضوع الخیار متحقق هنا أیضا أعنی الهیئة الاجتماعیة غایة الأمر هو الاجتماع بین الوکیل و الموکل الآخر.

و بعبارة أخری أن المصنف اعتبر الاجتماع فی ثبوت خیار

ص:81

المجلس ابتداء و استدامة غایة الأمر أن الاجتماع أعم من اجتماع الوکیلین و الموکلین واحد الوکیلین مع أحد الموکلین حدوثا و بقاء.

و ما ذکره المصنف من جعل المناط فی سقوط الخیار هو تفرق الکل بحیث یکفی فی ثبوت الخیار و بقائه بقاء الأصیل مع وکیل آخر فهو الأقوی و ذلک لأن ظاهر قوله علیه السلام المتبایعان أو البیّعان أو التاجر بالخیار ما لم یفترقا هو ثبوت الخیار الطبیعی البیّع و المتبایع و جنسهما من غیر اعتبار التقیید فی ذلک بان یکون المراد اجتماع الوکیلین معا أو الموکلین کک و علیه فیکفی فی ثبوت الخیار وجود الأصیل مع الوکیل الآخر حدوثا و بقاء لصدق الطبیعة علیهما بلا شبهة.

کان الکلام فی ثبوت خیار المجلس للوکیل و قلنا بعدم ثبوته للوکیل فی إجراء الصیغة و بثبوته للوکیل المفوّض فی البیع فقط خلافا للمصنف و لشیخنا الأستاذ لاعتبارهما فی ثبوت الخیار قدرة ذی الخیار مشروط بالتصرف فیما انتقل الیه علی سلک المصنف و بقدرته علی حل العقد بالإقالة علی مسلک شیخنا الأستاذ و الوکیل المفوّض فی أمر البیع لیس له ذلک و قد تقدّم جوابهما و قلنا ان المناط فی ثبوت الخیار صدق البیّع و هو حاصل و ان تم أمد الوکالة کما تقدّم خلافا لصورة السابقة و أما الوکیل المفوّض فثبوت الخیار له أوضح من أن یخفی و ان کان فیه شیء بناء علی ما ذکره المصنف من تقیید ثبوت خیار المجلس بمن یثبت له خیار الحیوان.

ثمّ انتقلنا من ذلک الی ثبوت الخیار للموکل و قلنا لا شبهة فی ثبوته للموکل الحاضر فی مجلس العقد مع کون الوکیل وکیلا فی

ص:82

إجراء العقد و کذا لا شبهة فی ثبوته للموکلین إذا اجتمعا فی مجلس غیر مجلس العقد فإنه لم یعتبر فی ثبوته حضورهما فی مجلس العقد کما اعتبره شیخنا الأستاذ نعم إذا کانا متفرقین فی الخارج فلا یثبت لهما الخیار لانّ البیع استند إلیهما فی حال التفرق و لا یثبت للوکیل أیضا لأن المفروض أنه وکیل فی إجراء الصیغة فقط.

و أما ثبوت الخیار للموکلین مع کون الوکیل مفوضا سواء کان وکیلا مفوّضا فی البیع و الشّراء أو وکیلا مفوّضا علی وجه الإطلاق،و نفرض الکلام فی الوکیل المفوّض علی وجه الإطلاق و یظهر حکم الوکیل المفوّض فی خصوص البیع و الشراء من ذلک أیضا.

فنقول لا شبهة فی ثبوته للموکلین حینئذ مع حضورهما فی مجلس العقد فإنّه لا شبهة فی صدق التاجر أو المتبایعین أو البیعین علی کل منهما و من الواضح أن خیار المجلس ثابت لهما بالأدلة الخاصة.

و توهم انصرافها عن ذلک الی المالک المجری للعقد فاسد کما تقدم و کک تقدم جواب الإشکال بأنّه لو حلف أن لا یبیع داره فباع وکیله لم یحنث فیعلم من ذلک أنه لا یثبت له الخیار لعدم صدق البائع علیه.

و کذلک لا شبهة فی ثبوته لهما إذا اجتمعا فی مجلس آخر غیر مجلس العقد بأن جمعتهما الهیئة الاجتماعیة فإنهما أیضا من المتبایعین فیثبت لهما الخیار فلو أخبرهما أحد أن الوکیلین من قبلکما قد أجریا العقد علی السلعة الفلانیة و علما بثبوت الخیار لهما فلهما الإمضاء و الفسخ.

و لا وجه أیضا لاعتبار الحضور فی مجلس العقد کما یظهر من

ص:83

شیخنا الأستاذ و أما لو کانا متفرقین فلا یثبت لهما الخیار کما تقدم تفصیله فی القسم الأول و لا یفرق فی ذلک کله بین کون الوکیلان من قبلهما مفوّضین فی البیع و الشّراء فقط أو علی وجه الإطلاق أو مختلفین.

و قد بقی الکلام فی أمرین
الأول أنه إذا اجتمع الموکلان و

الوکیلان فی مجلس العقد

فإنه لا شبهة فی ثبوت الخیار لهما کما عرفت و انما الکلام فی انه إذا أعمل کل منهما الخیار من الفسخ أو الإمضاء فهل یوجب ذلک لزوم البیع أو انفساخه من قبل الجمیع سواء فی ذلک الموکلان و الوکیلان أم لا.

أما الفسخ

فإنه إذا تحقق من أی من الوکیلان أو الموکلین من طرف البائع أو من طرف المشتری فإنه یوجب هدم البیع و انفساخه بلا شبهة و الوجه فیه هو ما ذکرناه فی تعریف الخیار من أنه ملک فسخ العقد أو إقراره و قلنا هناک انه فرق بین الفسخ و الإقرار فإن الإمضاء و الالتزام إذا تحقق من طرف واحد سواء کان من طرف المشتری أو من طرف البائع لا یستلزم الإمضاء من طرف الآخر فإنه معنی قائم بالطرفین فیمکن الإقرار و الإثبات من احد الطرفین بان یلزم أن یفسخ العقد و لا یرفع الید من التزامه و لکن یکون جائزا من الطرف الآخر بأن یکون مختارا فی الفسخ أو الإمضاء.

و هذا بخلاف الفسخ فإنه لا یعقل أن یتحقق فسخ العقد من طرف و بقائه من طرف آخر بل بمجرد تحققه من أحد الطرفین ینفسخ العقد من أصله و هذا الخصوصیّة فی الفسخ فإنه لیس إلا عبارة عن حلّ العقد و هدمه فلا معنی لان ینحلّ العقد من أحد الطرفین و یبقی من الطرف الآخر کما هو واضح.

ص:84

و علیه فإذا فسخ أحدهم من الوکیلین أو الموکلین من طرف البائع أو من طرف المشتری فینحل البیع من الطرفین و ینفسخ من أصله فلا یبقی موقوفا من الطرف الآخر علی الفسخ أیضا کما کان لزوم العقد من الطرفین موقوفا علی إمضاء کلا الطرفین کما هو واضح.

و أما الإمضاء و إسقاط الخیار

فهل یوجب الإلزام من احد الطرفین الإلزام من الطرف الآخر أیضا کما ذکره المصنف و التزم به أم لا بل یبقی الطرف الآخر باقیا علی خیاره.

و تنقیح ذلک یحتاج الی تحقیق معنی قوله علیه السلام البیّعان بالخیار ما لم یفترقا من أن المراد من البیّع هو الطبیعة أو أرید منها القضیة الحقیقیة.

و قد یقال ان المراد من قوله المتبایعان أو البیعان بالخیار ما لم یفترقا هو جنس المتبایع و البیع أی الطبیعة الکلیة بحیث اثبت الامام علیه السلام الخیار لهذه الطبیعة إنما سرت و قد تکون قائمة بفرد واحد و قد تکون قائمة بأفراد عدیدة و لکن الثابت هو الخیار الواحد فقط القائم بالطبیعة و لا یتعدد بتعدد الافراد فکلمن سبق من افراد هذه الطبیعة إلی إعماله نفذ و سقط خیار الباقین بلزوم العقد کما کان الأمر کک فی الانفساخ أیضا غایة الأمر إتیان البیّع أو المتبایع بکلمة التثنیة فی قوله(علیه السلام)المتبایعان بالخیار أو البیّعان بالخیار ما لم یفترقا قرینة علی أن الثابت للمتبایعین هو خیاران أحدهما لطرف البائع و الثانی لطرف المشتری و إطلاق البیّعین علی البائع و المشتری أو من جهة التغلیب کإطلاق الشمسین علی القمر و الشمس من باب المشاکلة و المشابهة أو من جهة صحة إطلاق البائع

ص:85

علی المشتری حقیقة فإنه بمعنی ترک شیء و أخذ شیء آخر بدله کما فی القاموس و الراغب و أما أن الثابت لکل طرف أیضا متعدّد حسب تعدّد اشخاص هذا الطرف و ذلک الطرف فلا بل ثبت الخیار لصرف الوجود.

و علی الاجمال فظهور الروایات الدالة علی ثبوت خیار المجلس للمتبایعین هو أن هنا خیاران قد ثبتا علی طبیعین أحدهما قد ثبت علی طبیعی البائع و الثانی قد ثبت علی طبیعی المشتری و الإتیان بکلمة التثنیة أما من جهة المشاکلة أو من جهة الحقیقة کما تقدّم و هاتان الطبیعتان سواء تعددت افرادهما أو اتحدت لکل منهما خیار واحد فأیّ من افراد هذه الطبیعة سبق علی اعمال الخیار بأن أمضی العقد فسقط الخیار عن الباقین لأن المفروض أنه کان هنا خیار واحد قائم بهذه الطبیعة فبمجرد اعمال فرد من هذه الطبیعة ذلک الخیار سقط عن الباقین فإن الطبیعی یحصل بصرف الوجود فقط و کک الکلام فی الطرف الآخر من الطبیعی.

و علی هذا فلکلام المصنف مجال واسع حیث قال و ح فقد یتحقق فی عقد واحد الخیار لأشخاص کثیرة من طرف واحد أو من الطرفین فکل من سبق من أهل الطرف الواحد إلی إعماله نفذ و سقط أخیار الباقین بلزوم العقد أو بانفساخه فان ذلک المسألة فیما إذا ثبت للجانبین و هذا فرض من جانب واحد و لیس المقام من تقدیم الفاسخ علی المجیز.

فإنه علی هذا قد اتضح الفرق بین هذه المسألة و مسألة تقدیم الفاسخ علی المجیز فان مورد المسألة الثانیة هو أن یکون

ص:86

الفسخ أو الإمضاء من أحد طرفی العقد لا من طرف واحد فقط فإنّه لا شبهة ح انه إذا فسخ أحد الطرفین انفسخ العقد من الطرفین و أما إذا أمضی أحدهما دون الآخر لا یکون العقد لازما من الطرفین و هذا هو الفارق بین المسألتین کما لا یخفی.

و لکن الظاهر لیس کک فالظاهر من الروایات الدالة علی ثبوت خیار المجلس للمتبایعین علی سبیل القضیة الحقیقیة کما هو کک فی جعل سائر الأحکام التکلیفیة و الوضعیّة فإنها جعلت علی الموضوعات المقدرة المفروضة وجودها و هکذا فی المقام و علی هذا فظهور الروایات ان خیار المجلس انما ثبت علی کل من صدق علیه المتبایع و البیّع و التاجر فکل من صدق علیه شیء من هذا العناوین فله خیار المجلس و علیه فان سبق الوکیل المفوض من جمیع الجهات إلی اعمال الخیار بأن أمضی العقد فیکون إمضاء من قبل الموکل أیضا و ان کان لکل منهما خیار مستقل و لکن حیث کان الوکیل وکیلا مفوضا فله أن یفسخ المعاملة من قبل المالک حتی فیما له خیار المجلس کما إذا حضر مجلس العقد بعد تحقق المعاملة بین موکله و شخص آخر فان له الفسخ من قبل الموکل فإذا کان الوکیل المفوض الوارد بعد العقد له ذلک فالمفوّض الحاضر فی مجلس و الموجد للعقد أو بان یفسخ من قبل الموکل أیضا فیکون إمضاؤه استقلالا من قبل نفسه و وکالة من قبل الموکل فیسقط خیارهما معا حتی لو کان غافلا عن ثبوت الخیار للموکل فإن الوکالة لیست من الأمور التی اعتبر فیها قصد الوجه و لذا لو وکل احد شخصا فی معاملة و عامل الوکیل تلک المعاملة بقصد الفضولیة لعدم علمه بالوکالة فإنه لیس للموکل أن یرد تلک المعاملة و المعاملة معها

ص:87

معاملة الفضولیة کما لا یخفی.

نعم لو قصد الموکل فی إمضائه العقد و إسقاطه الخیار الحصة الخاصة من الخیار المختص لنفسه أو لموکله فلا یسقط من کلیهما و أما فی غیر هذه الصورة فیسقط خیار الجمیع بإمضاء الوکیل العقد و بهذا یمتاز الوکیل المفوّض من جمیع الجهات عن الوکیل المفوّض فی خصوص البیع و الشراء فقط فإنه لیس له إسقاط الخیار الا من قبله لانه لیس له التصرف فی الأمور الراجعة إلی الموکل فی غیر البیع أو الشّراء اللّذان قد حصلا و خلصت وکالته.

نعم لو کان الخیار ثابتا لطبیعة البیّع و المتبایع لکان هذا القسم من الوکیل المفوّض کالمفوّض المطلق و نفس الموکل فیما ثبت له الخیار لکونه فردا من طبیعة المتبایع و البیّع أیضا.

قوله:ثمّ علی المختار من ثبوته للموکلین فهل العبرة فیه

إلخ

أقول:هذا هو الأمر الثانی و حاصله ان الغایة فی خیار المجلس الثابت للموکلین و الوکیلین معا فی مجلس العقد أی شیء هل هی تفرّق الموکلین لکونهما أصلا فی المعاملة أو هی تفرّق الوکیلین لأنهما السبب فی ثبوت الخیار للموکلین لأنهما أوجدا المعاملة أو بتفرّق الکل فیکفی بقاء وکیل مع أصیل آخر فی مجلس العقد وجوه کما ذکره المصنف أو المناط فی حصول الغایة هو تفرق واحد منهم أیّ منهم کان کما احتمله السیّد(ره)فی حاشیته وجوه.

و تحقیق الکلام أنه تارة نقول بثبوت الخیار للطبیعة ای طبیعة المتبایعین و البیّعین و أخری نقول أنه حکم انحلالی الی کل ما یصدق علیه عنوان المتبایع و البیّع علی سبیل القضیة الحقیقیة.

ص:88

أما علی الأول أی ثبوت الخیار للطبیعة

فلا یرتفع الخیار بتفرّق بعضهم ما لم یتفرق مجموعهم بان کان فی المجلس من یصدق علیه عنوان المتبایع و طبیعة البیّع و یصدق ذلک ببقاء أحد الوکیلین مع الأصیل الآخر بان یبقی فی المجلس أحد الوکیلین من طرف و أحد الاصیلین من طرف آخر و ببقاء الاصیلین و ببقاء الوکیلین و علی هذا فکلام المصنف متین و لکن قد عرفت أن ارادة الطبیعة من البیّع و المتبایع و جعلها موضوع الحکم فی المقام خلاف ظواهر الأدلة فإن الظاهر منها أن الخیار ثابت لبیّع علی نحو القضیة الحقیقیة و المتبایع الذی یکون مفروض الوجود علی أنه لو کان المراد من الأدلة هو ذلک فلازمه القول بثبوت الخیار للموکل و ان لم یکونا مجتمعین فی مجلس واحد بل متفرقین فی الخارج فإن طبیعی البیّع و المتبایع لم یحصل التفرّق فیه و مقتضی الإطلاق أن طبیعی البیّع بالخیار ما لم یحصل التفرّق بینهما و من الواضح أن الموکلین أیضا یصدق علیهم طبیعی البیّع فیکون لهما الخیار ما لم یحصل التفرّق من الوکیلین الحاضرین فی مجلس العقد و هذا مما لم یلتزم به المصنف و لا أنه ینبغی أن یلزم به احد فیعلم من ذلک أی من عدم التزام المصنف بهذا النقض أنه لم یقل بثبوت الخیار للطبیعة و دعوی أن صدر الروایة و هو ثبوت الخیار للطبیعی البیّع معارض مع ذیله و هو ما لم یفترقا فإنّه یصدق علی المتفرقین انهم بیّع تفرّقوا فلازم الصدر ثبوت الخیار لمن صدق علیه البیّع حتی المتفرّقون و لازم الذیل عدم ثبوته للمتفرقین فیعارض الصدر الذیل دعوی جزافیة فإن انتفاء الطبیعة بانتفاء جمیع افراده و لکن ثبوتها بثبوت فرد واحد منها.

ص:89

و علی الجملة أن ما التزم به المصنف من کون المناط فی التفرّق هو تفرّق الکل صحیح بناء علی ثبوت الخیار للطبیعة و لکنه یلازم بما لم یلتزم به أحد.

و أما علی الثانی أعنی ثبوت الخیار علی الموضوع المفروض الوجود

الذی عبارة عن القضیة الحقیقة

فإن کان الموکلان مجتمعین فی مجلس غیر مجلس العقد بان جمعتهما الهیئة الاجتماعیة فی مجلس واحد فلا شبهة فی أن المناط فی التفرّق الذی هو غایة للخیار هو تفرّق الموکلین عن مجلسهما کما أن المناط فی سقوط الخیار عن الوکیلین تفرقهما عن مجلس العقد فلا ربط لتفرق الموکلین بالوکیلین و بالعکس.

و ان کان المجموع من الموکلین و الوکیلین حاضرون فی مجلس العقد فالمناط فی بقاء الخیار و سقوطه هو تفرّق أیّ منهم و بقاء الآخرین فکل من خرج عن مجلس العقد سقط خیاره و کل من بقی فی المجلس فهو مختار بشرط أن یکون الباقین بعضهم من طرف البائع و بعضهم من طرف المشتری.

و بعبارة أخری أن الخیار ثابت لکل ما یصدق علیه المتبایع أو التاجر أو البیّع علی نحو الانحلال و الغایة فی سقوط ذلک هو التفرق فإذا بقی الوکیلین و خرج الموکلین فالخیار باق بالنسبة إلی الوکیلین و ساقط عن الموکلین و ان کان العکس فالأمر بالعکس و ان اختلف الأمر بأن بقی أحد الوکیلین من طرف مع الأصیل الأخر من طرف آخر و خرج أحد الوکیلین مع أحد الاصیلین فیبقی الخیار فی الباقین و یسقط عن الخارجین.

ص:90

و الحاصل أنه بناء علی الانحلال فکل من صدق علیه البیّع من أحد الطرفین مع ما یصدق علیه البیّع من الطرف الآخر اجتمعا فی مجلس العقد أی بقیا و ان تفرق غیرهما فهما بالخیار و یسقط الخیار عن المتفرّقین لأن الغایة قد حصلت بالنسبة إلی المتفرّقین و لکنها بعد لم تحصل بالنسبة إلی الباقین کما هو واضح.و من هنا ظهر بطلان سائر الوجوه المذکورة فی المقام.

قوله:و ممّا ذکرنا اتضح عدم ثبوت الخیار للفضولیین و ان جعلنا

الإجازة کاشفة

أقول:قد ظهر من مطاوی ما ذکرناه عدم ثبوت الخیار للفضولیین و ان صدق علیهما عنوان البائع و المشتری فإنّک قد عرفت ان المناط فی ثبوت خیار المجلس للبائع هو کون أمر البیع فی یده و من الواضح أن الفضولیین لیسا کک و من هنا ذکر المصنف أنه إذا لم یثبت الخیار للوکیلین الغیر المستقلین فی التصرف فعدم ثبوته للفضولیین أولی کما لا یخفی و أما دعوی أنه لا یصدق علیهما المتبایع فقد اتضح جوابه ممّا تقدم و ممّا ذکره المصنف(ره)من ان البیع هو النقل العرفی و هو موجود هنا فیصدق علیهما المتبایع و أما ثبوته للمالکین فذکر المصنف أن له وجه بعد الإجازة مع حضورهما فی مجلس العقد و اعتبار مجلس الإجازة علی القول بالنقل له وجه خصوصا علی القول بأن الإجازة عقد مستأنف جدید علی ما تقدم توضیحه فی مسألة عقد الفضولی.

و قد أمر شیخنا الأستاذ علی عدم ثبوته للمالکین فی المعاملة الفضولیة إذا لم یحضرا فی مجلس العقد و حضورهما فی مجلس الإجازة لا یکفی فی ثبوت الخیار لهما لان الانتقال و ان حصل حال الإجازة

ص:91

الا أنه لو احتمل خصوصیة الاجتماع حال العقد فلا مانع لهذا الاحتمال و إطلاق البیّعان بالخیار لیس بصدد البیان من هذه الجهة.

أقول قد عرفت أن قوله علیه السّلام البیّعان بالخیار حکم انحلالی ثابت لکل من صدق علیه المتبایع مع حضورهما فی مجلس واحد عند العقد حتی صدق البیّع و المتبایع علیهما و من الواضح فإذا أجاز المالکین البیع فیستند البیع إلیهما و یصدق علیهما عنوان البیّع ح فیثبت لهما الخیار لتحقق موضوعه و لا یفرق فی ذلک بین الکشف و النقل فی ذلک فإنه علی کل حال فزمان الإجازة زمان استناد البیع الی المالکین و زمان الاستناد هو زمان صدق البیّع علیهما و هو موضوع الخیار فیثبت لهما الخیار حین الإجازة و العجب من شیخنا الأستاد کیف استشکل فی إطلاق البیّعان بالخیار مع صدق البیّع علی المالکین هنا لا یقصر عن صدقه علی سائر البیاعین فلا نعرف الفرق بین المقام و بین سائر الموارد الا من حیث مادة البیّع و لا من حیث هیئته.

(فی حکم ثبوت الخیار لشخص واحد من حیث کونه بائعا و مشتریا).

اشارة

قوله مسألة لو کان العاقد واحدا لنفسه أو غیره أقول قد عرفت حکم ثبوت الخیار للبائع و المشتری فی صورة التعدّد سواء کانا وکیلین أو موکلین أو مختلفین،و کک لا شبهة فی ثبوت الخیار فیما إذا کان المنشئ واحدا و کان الموکلین من البائع و المشتری متعددا و حاضرا فی مجلس العقد فإنه یثبت الخیار لکل منهم ما لم یتفرقوا و انّما الإشکال فیما إذا کان شخص واحد وکیلا من قبل کل من البائع و المشتری فإنّه لا تعدد فی هذه الصورة من الطرفین و مفروض المسألة علی ثلثة أقسام لأن الوکیل المذکور قد یبیع من الموکل لنفسه و قد یبیع

ص:92

من نفسه لموکله و قد یبیع من احد الموکلین للآخر.و هل یثبت له الخیار ح من کل من الطرفین أولا یثبت الخیار له أصلا و قد وقع الخلاف فی ذلک و الظاهر أن المعروف هو عدم ثبوت الخیار له من الطرفین و ذهب بعضهم الی ثبوته و منهم السیّد(ره)فی حاشیته و استدلوا علی ثبوته بالإطلاقات الدالة علی ثبوت الخیار للمتبایعین ما لم یفترقا أو حتی یفترقا.و من الواضح أن الشخص الواحد یصدق علی البائع و المشتری باعتبارین.

و لکن الکلام فی ثبوت المانع عن ذلک فی المقام

و ذکروا وجوها للمانعیة

الأول أن المذکور فی الروایات هو المتبایعان أو البیّعان

و من الواضح ان الشخص الواحد لا یصدق علیه الاثنینیة فانّ التثنیة فی حکم تکرار المفرد و مجرّد صدق العناوین المتعددة علی شیء واحد لا یصح إطلاق التثنیة علیه الا باعتبار هذا العنوان الانتزاعی مثلا فیقال ان له عنوانین أو عناوین.

و یمکن الجواب عنه بأن المراد من الروایات المشتملة علی ذکر التثنیة هو ثبوت الخیار للبائع بعنوانه و للمشتری بعنوانه فکأنه(علیه السلام) قال البائع بالخیار و المشتری بالخیار ما لم یفترق أحدهما عن الآخر و هذا لا ینافی ثبوته لشخص واحد یکون مجمعا للعنوانین فالنکتة فی الإتیان بلفظ التثنیة هی کون الغالب فی البیوع تعدد المتعاملین و کون البائع غیر المشتری بداهة عدم موضوعیة التثنیة و الاثنینیة فی ثبوت الخیار و علیه فلا مانع من التمسّک بالإطلاقات الدالة علی ثبوت الخیار للمتبایعین فی المقام أیضا.

الوجه الثانی أن الحکم أعنی الخیار مغیّا بالافتراق أو الموضوع و هو المتعاملین مغیا بالافتراق

ص:93

کما ذهب الیه شیخنا الأستاذ و قلنا فی بعض المباحث الأصولیة أن جمیع الشروط فی القضایا الشرطیة ترجع الی الموضوع و علی کل حال فهذه الغایة مستحیلة فی شخص واحد فإنه لا یعقل الافتراق هنا و من الواضح أنه لا معنی لکون الحکم مغیا بغایة مستحیلة کما إذا قال أحد أن هذا الحکم ثابت حتی یلزم الدور أو التسلسل أو اجتماع النقیضین أو الضدین،و هذا الوجه هو الظاهر من المصنف.

و فیه أولا ما اجابه السید نقضا من أن الغایة المذکورة قد تکون مستحیلة فی شخصین کما إذا کانا متلاصقین فإنه لا شبهة فی ثبوت الخیار لهما مع أن الافتراق فیه مستحیل أیضا.و هذا النقض لا بأس به و کک یصحّ النقض بما إذا کانا متعددین غیر متلاصقین و لکن کان الافتراق مستحیلا عادة کما إذا کانا فی السجن المخلد فإنه لم یتوهم أحد عدم ثبوت الخیار فی أمثال ذلک و علیه فیثبت له الخیار و لا یسقط الا بمسقط غیر الافتراق.

و ثانیا بالحل بان یقال ان الحکم و ان کان مستحیل ان یکون مغیا بغایة مستحیلة کان یجعل علی موضوع معلقا باجتماع النقیضین و لکن المقام لیس کک فإنه لا بأس بأن یکون مغیا بغایة هی المجامع بین الممکن و المستحیل کما إذا کان قال المولی لا تجوز الصلاة فی الثبوت النجس حتی یغسل أو الی أن یغسل و کقوله مثلا لا تجوز أکل المتنجس الی أن یغسل أو حتی یغسل فان الغسل قد یکون مستحیل فی بعض أفراد المتنجس لکونه موجبا لانتفاء العین المغسولة و من الواضح أن الاستحالة فی خصوص فرد لا یوجب بطلان الحکم المجعول إلی

ص:94

غایة جامعة بین الفرد الممکن و المستحیل و کک فی المقام فان الخیار و ان کان مغیی بغایة و هی الافتراق و لکن هذه الغایة لیست مستحیلة دائما بل هی مستحیلة فی بعض الافراد کما عرفت فی الفروض المتقدمة فمثل هذا لا یمنع عن جعل الحکم مغیی بغایة فکما لا یمنع استحالة الغسل فی مثل السّکر و القند و الصبغ عن کون الغسل غایة لجواز أکل المتنجس أو لبسه و کک الافتراق المستحیل فی فرد خاص لا یمنع عن جعل ثبوت الخیار للمتبایعین مغیی بغایة و هی الافتراق و هل یتوهم أحد أنه یجوز أکل السکر المتنجس و الحلیب المتنجس من جهة ان استحالة الغسل فیها أوجبت سقوط الحکم بوجوب الغسل نعم فیما کانت الغایة مستحیلة من جمیع الجهات فلا معنی لکون الحکم مغیی بتلک الغایة.

کان الکلام فی ثبوت خیار المجلس لشخص واحد الذی کان وکیلا من قبل البائع و المشتری و هو قد یبیع مال نفسه من احد الموکلین أو مشتری من أحدهما لنفسه أو یبیع من أحد الموکلین للآخر و بناء علی ثبوت الخیار له لا یسقط الا بمسقط آخر و قد تقدّم أن المانعین عن ثبوت خیار المجلس له من الطرفین تمسکوا بوجوه الأوّل:

عدم شمول الإطلاقات الدالة علی ثبوت خیار المجلس للمتبایعین لما نحن فیه فإنّها تدل علی ثبوته للمتبایعین و البیّعین بحیث یکونان متعددا و الشخص الواحد لا یکون متعددا.

و بعبارة أخری أن الإطلاقات تدل علی ثبوت خیار المجلس للتثنیة بحیث یکون أحدهما بائعا و الأخر مشتریا و الشخص الواحد و ان کان یصدق علیه عنوان البائع و عنوان المشتری و لکنه لا یصدق

ص:95

علیه عنوان التثنیة فإنها فی حکم تکرار المفرد و المفرد لا یصدق علیه التکرار نعم یصدق علیه العناوین المتعددة.

و فیه أن الإتیان بالتثنیة من جهة الغلبة فإن الغالب أن المتصدی للبیع و الشراء هو شخصان و هذا لا ینافی ثبوت الخیار للشخص الواحد أیضا إذا تصدی للبیع و الشراء بوحدته کما یثبت له بقیة أحکام البائع و المشتری و الإتیان بالتثنیة فی حکم أن البائع له خیار ما لم یفترق عن المشتری و المشتری له الخیار ما لم یفترق عن البائع و القرینة علی هذا هو ثبوت الخیار لکل من البائع و المشتری مستقلا من غیر أن یتوقف اعماله علی اعمال الطرف الآخر فالإتیان بکلمة التثنیة لیس له موضوعیّة أصلا کما هو واضح.

الثانی ما ذکره بعضهم من أن ما یکون غایة للحکم الشرعی لا یمکن أن یکون مستحیلا بل لا بدّ و أن یکون أمرا ممکنا و من الواضح أنّ التفرّق الذی غایة لثبوت الخیار للمتبایعین مستحیل فی شخص واحد فلا یکون غایة لثبوت خیار المجلس له فیرتفع الخیار فی حقه نعم قد یکون الغایة المستحیلة غایة لحکم مستحیل کقوله تعالی حَتّی یَلِجَ الْجَمَلُ فِی سَمِّ الْخِیاطِ ،و کقولک لا تقدر علی الحرکة و سکون معا حتی یجتمع النقیضان و هذا هو الظاهر من کلام المصنف.

و فیه حلا و نقضا اما النقض فبما ذکره السیّد قدس سرّه من فرض المتبایعین متلاصقین فإنه مع کونهما شخصین یستحیل انفکاک أحدهما عن الآخر فلازم الاشکال المذکور أن لا یثبت الخیار لهما أیضا مع انه بدیهی البطلان بل لازم ذلک عدم ثبوت الخیار لشخصین مع استحالة الافتراق بینهما عادة کما إذا کانا فی السجن الذی لا یخرجان منه عادة.

ص:96

و ثانیا بالحل و هو أن الحکم الشرعی و ان لم یکن مغیی بغایة مستحیلة و لکن لا شبهة فی جواز کونه مغیی بغایة ممکنة و لکن بعض أفرادها ممتنعة کما مثلناه کما إذا فرضنا أن الشارع حکم بحرمة أکل المتنجس أو لبسه حتی یغسل فان تلک الغایة ممکنة فی نفسها و لکن قد تکون مستحیلة لاستحالة الغسل فی بعض المواد لزوالها بالغسل و هذا لا یوجب ارتفاع حرمة الأکل أو اللبس عن تلک المورد مثلا.

و هکذا إذا کان ثبوت الحکم للحیوان مغیی بغایة و هی الطیران فان استحالته فی الإنسان لعدم وجود الجناح له لا یوجب رفع الحکم،و ما نحن فیه من هذا القبیل فان الافتراق الجامع بین المستحیل و الممکن ممکن و لکن قد استحال ذلک فی بعض أفراد البائع و المشتری و هو ما إذا کانا المتصدی للبیع و الشراء شخص واحد الا انه لا یوجب رفع الحکم الشرعی أعنی الخیار و المجلس الثابت للمتبایعین و البیّعین.

الوجه الثالث أن الغایة التی عبارة عن الافتراق غیر متحقق

فی الشخص الواحد

لا من جهة ما تقدم من عدم جواز کون الحکم الشرعی مغیی بغایة مستحیلة بل من جهة إباء مادة الافتراق عن ذلک و توضیح ذلک أن الروایات الواردة فی إثبات خیار المجلس علی طائفتین الأولی ما کان مقیدا بقید عدمی کقوله(علیه السلام)البیّعان بالخیار بما لم یفترقا و الثانیة ما کان مغیی بغایة و هو قوله(علیه السلام)البیعان بالخیار حتی یفترقا کما أشرنا إلی هاتین الطائفتین فی مطاوی ما ذکرناه و لا فرق بین هاتین الطائفتین فإن قوله(علیه السلام)حتی یفترقا أیضا راجع

ص:97

الی القید العدمی من حیث المفهوم فان مفهوم حتی یفترقا ان عدم الافتراق شرط فی ثبوت الخیار فتکون کلتا الطائفتین ناظرتین الی اشتراط الموضوع بعدم الافتراق و قهرا یکون الحکم أیضا مقیدا بذلک ثمّ انّ التقابل بین الافتراق و عدم الافتراق و ان کان هو الإیجاب و السلب کما هو الشأن فی کل عدم مضاف إلی شیء و بدله و لیسا هما کتقابل الافتراق و الاجتماع فإنّهما انّما یکونان فی موضوع قابل فیکون التقابل بینهما هو العدم و الملکة فالتقابل المستفاد من الاخبار الواقع بین الافتراق و عدمه فیکون من تقابل السلب و الإیجاب،و لکن المتفاهم من القضیة السالبة بحسب العرف هو أن الانتفاء انّما هو بحسب المحمول و ان کانت صادقة فی نظر العقل بانتفاء الموضوع أیضا فإنه إذا قیل انّ فلانا لیس بوسیع الدار أو لیست زوجته جمیلة أو لیس له ابن یفهم أهل العرف أن له دار غیر وسیعة و أن له زوجة غیر جمیلة و أن له زوجة و لیس له ابن لا انه لیس له هذا الأمور أصلا و ان کان ذلک أیضا صادقا و علیه فیکون التقابل بین الافتراق و مقابله من العدم و الملکة.

و علی هذا فکلمة عدم الافتراق انّما تحقّق و تصدق فی مورد یکون قابلا للافتراق و لکن لم یتحقق الافتراق لکی یکون السّلب بانتفاء المحمول کما هو مقتض الفهم العرفی حینئذ فیکون السلب مساوقا لثبوت الخیار للمتبایعین مع عدم التفرق فی موضوع قابل للتفرق و لو عممنا السلب الی السلب بانتفاء الموضوع لثبت الخیار بمقتضی الاخبار فی صورة السلب بانتفاء الموضوع لثبت الخیار بمقتضی الاخبار فی صورة السلب بانتفاء الموضوع أیضا بحیث یکون التقابل ح بین الافتراق و عدمه هو التقابل فی السلب و الإیجاب و لکن قلنا

ص:98

هو خلاف المتفاهم العرفی من القضیة السالبة.

و اذن فمحط الروایات و موضعها هو ما کان الافتراق فیه ممکنا مع حفظ الموضوع بحیث یکون الموضوع قابلا له حتی یکون الخیار مع عدم الافتراق ثابتا للمتبایعین فتکون النتیجة ح أن الخیار غیر ثابت فی صورة اتحاد البائع و المشتری إذ لیس المورد قابلا لتفرق فیکون المورد من باب السلب بانتفاء الموضوع و قد عرفت أنه بعید عن المتعارف فلا یکون مشمولا للاخبار نعم لو عممنا مورد الاخبار للسلب بانتفاء الموضوع أیضا لکانت شاملة لما نحن فیه أیضا.

و الحاصل أن مورد الاخبار ما یکون التقابل بین الافتراق و عدمه تقابل العدم و الملکة بحیث یکون المتبایعین قابلین لذلک و ما نحن فیه من قبیل السلب و الإیجاب و إذا عممنا الاخبار الی السلب بانتفاء الموضوع أیضا فیکون المقام مشمولا لهما و لکنه خلاف متفاهم العرف و من هنا ظهر الجواب عن نقض السیّد ره فان الشخصین المتلاصقین و ان کانا غیر متفرقین و مستحیل افتراقهما و لکن عدم افتراقهما من قبیل العدم و الملکة لکونها بحسب نوعهما قابلین للافتراق و ان کانا لا یقبلان ذلک بحسب التصادف فیکون الخیار ثابتا لهما لکون الأخبار شاملة لهما کما عرفت.

نعم لو کان الغرض من ثبوت الخیار للمتبایعین هو التروی حتی یلاحظ کل منهما صلاح نفسه بحیث یکون ذلک هو الحکمة فی جعل خیار المجلس لکان لثبوته لشخص واحد إذا کان وکیلا من الجانبین وجه وجیه و لکن لا دلیل علی هذا الحکمة و قد تقدم الکلام فیه و لا یمکن رفع الید بها عن عموم الأدلة و إطلاقاتها الدالة

ص:99

علی صحة العقود و الإیقاعات فإن مثل ذلک من الوجوه الاستحسانیة التی لا یمکن الاعتماد علیهما.

(مسألة فی استثناء بعض اشخاص المبیع عن ثبوت خیار المجلس).

اشارة

قوله مسألة قد یستثنی بعض اشخاص المبیع عن عموم ثبوت هذا الخیار أقول

منها من ینعتق علی أحد المتبایعین

فان المشهور ذهبوا الی سقوط خیار المجلس فی ذلک بل الظاهر من کلام بعضهم انه موضع وفاق و قد استدل علیه بوجوه

الأول أن البیع و الشراء

المتعلقین بالعمودین لیسا من البیع و الشّراء الحقیقیین

بل هما فی الحقیقة عتق فیکون البیع من البائع إیجادا للعتق بصیغة البیع مع الضمان من المشتری و علیه فلا یترتب علیه أحکام البیع أصلا و هذا الوجه هو محتمل کلام المصنف حیث عبّر عنه بالملک التقدیر و الملک الفرضی فإن الظاهر من ذلک أن ما یوجب حصول الملکیة أعنی البیع منتف.

و فیه أنه لا وجه للالتزام به و انّه خلاف البداهة فإنّه لما ذا یترتب العتق علی قصد المتبایعین الملکیة خصوصا إذا کانا جاهلین بالحکم أو بالموضوع فبأی دلیل یحکم بترتب العتق علی البیع فإنه و ان کان ممکنا و لکنه لا دلیل علیه فإنّه لو ترتب العتق علی البیع یلزم أن یقع ما لم یقصد و لم یقع ما قصد نعم لو قام الدلیل علیه لما کان به بأس کما هو کک فی المعاطاة کما تقدم فإنک قد عرفت ان مقتضی الجمع بین الأدلة هو الحکم بالإباحة الشرعیة علی ما ذهب الیه بعضهم.

الوجه الثانی ما ذکره المصنف فی آخر کلامه

و حاصله أن

ص:100

سقوط الخیار بالتصرف الشامل للإتلاف معللا فی أخباره بأنه رضا منه یقتضی بالفحوی و الأولویة علی عدم ثبوته فی المقام لان بیع من ینعتق علی المشتری إتلاف له من البائع و المشتری له فإذا کان الإتلاف رافعا للخیار بعد ثبوته فبالأخری أن یکون دافعا له.

و یرد علیه أولا ما اعترف به المصنف قبل کلامه هذا من اختصاص ذلک بصورة العلم منهما و لا یجری ذلک فی فرض الجهل منهما علی الحکم و الکبری أو الجهل بالصغری و الموضوع.

و ثانیا أن لازم ذلک هو سقوط الخیار من المشتری فإنه أتلف المبیع و أما البائع فلا وجه لسقوط خیاره و اقدامه علی البیع فی صورة العلم لیس اقداما علی التلف عنه بل إقدام علی التلف عن المشتری.

و ثالثا أنّ ما سیأتی الکلام فیه من کون التلف بل أدنی التّصرّف مسقط للخیار انما هو بعد تمامیة البیع و النقل و الانتقال لا التلف الذی یلزم من قبل القبول فإنه لا دلیل علی کونه مسقطا للخیار بل هو مقوم للبیع الذی موضوع الخیار فإنه لا یتقوم بدون القبول.

و بعبارة اخری انّ التلف بل التصرف و لو کان قلیلا و ان کان یوجب سقوط الخیار و لکنه واقع بعد تحقق البیع و حصوله النقل و الانتقال و اما التصرّف الحاصل بإیجاد أحد رکنی البیع کما یتحقق هنا بالقبول فلا یوجب سقوط الخیار و علیه فإذا فسخ کل من البائع أو المشتری العقد فیردّ بدل العین التی فی حکم التالف کما هو واضح.

الوجه الثالث أن فی شراء العمودین و ان کان یحصل النقل

و لا انتقال حقیقة الا أنّه آنیّ فلا یقبل الاّ العتق

فلا یقبل المورد تعلّق

ص:101

الفسخ و الردّ به فان الحر لا یصیر عبدا و علی هذا فأدلة الخیار تکون منصرفة عن المقام.

و بعبارة أخری أن منصرف أدلة الخیار صورة بقاء العوضین فإذا تلف أحدهما أو کلاهما تلفا حقیقیا أو تلفا حکمیا و شرعیا کالانتقال الی الغیر بالبیع و نحوه أو کالعتق کما فی المقام خرج المورد عن منصرف الأدلة.

و الحاصل أن المستفاد من دلیل الخیار تقوم حق الخیار بقیام العوضین امّا بتعلق الحق بهما ابتداء أو کان الحق قائما بالعقد و لکن ذلک لغرض استرجاع العوضین فلا یکون حیث لا یکونا العوضان قائمین.

و فیه أن متعلق الفسخ هو العقد کما تقدم بیانه سابقا دون العین کما هو کک فی المعاطاة حیث انّ معنی تزلزل العقد هو جواز تراد العینین و علی هذا فیجوز اعمال الخیار حتی بعد تلف أحد العوضین أو کلیهما بحیث لا یکون مستندا الی تصرف أحدهما و علیه فان کانت العین باقیة فتسترجع العین و الاّ فبدلها و دعوی انصراف الأدلة الدالة علی ثبوت الخیار إلی صورة بقاء العین دعوی جزافیة فإنه لا منشأ له بوجه و ان کانت نتیجة فسخ العقد أیضا هو استرجاع العین.

الوجه الرابع أن معنی الفسخ هو فرض کون العین تالفة فی ملک

البائع فی فرض التلف

بأن یفرض أن المبیع لم یکن منتقلا إلی المشتری أصلا لأن الفسخ یجعل العقد کأن لم یکن و کان التصرف وقع فی ملک البائع و فرض العقد کأن لم یکن مثلا إذا اشتری أحد من البائع

ص:102

خبزا فأکله ثمّ فسخ العقد فمعناه أن الأکل قد وقع فی ملک البائع و علیه فلا یجری ذلک فی شراء الشخص عمودیة فإنّه بمجرّد الاشتراء ینعتق علیه بعد حصول الملکیّة له آنا ما و إذا انعتق فلا یمکن أن یفرض بالفسخ کون العتق واقعا فی ملک البائع فإن العبد لیس من عمودی البائع حتی ینعتق علیه بل هو من عمودی المشتری فلا یعقل جریان الفسخ هنا أصلا فلا یجری خیار المجلس فی شراء الشخص عمودیه کما هو واضح.

و بالجملة حیث لا یمکن فرض کون العتق فی ملک البائع لعدم کون العبد أبا له مثلا فلا یمکن فرض الفسخ هنا لعدم تحقق معناه الذی کان عبارة عن فرض کون التلف فی ملک البائع و إذا لم یجر معنی الفسخ هنا فلا یجری فیه الخیار أیضا.

و فیه أولا أن لا داعی لهذا الفرض فإنه التزام به بلا ملزم و شعر بلا ضرورة فلما ذا نفرض کون الفسخ هو فرض تلف المبیع فی ملک البائع کما لا یخفی.

و ثانیا لازم ذلک عدم الخیار فی صورة التلف الحکمی بأن یبیع المشتری ما اشتراه من البائع الی الثالث فإنه لا یمکن هنا أیضا فرض کون البیع فی ملک البائع فإنه مضافا الی أنه لا بیع إلاّ فی ملک لانه وقع فی ملک المشتری أن لازم ذلک رجوع الثمن إلی البائع و لیس کک قطعا فإنّه مال للمشتری فلا مساس له بالبائع کما هو واضح و أما فی صورة التلف الحقیقی فلا یجری النقض لا مکان فرض کون التلف فی ملک البائع فلا یقاس بالتلف الحکمی مثل البیع و نحوه.

الوجه الخامس ما ذکره صاحب المقابیس

و حاصله أن ثبوت

ص:103

الخیار لمن انتقل عنه مبنی علی أن الخیار و الانعتاق هل یحصلان بمجرّد البیع أو بعد ثبوت الملک أنا ما أو أن الخیار مبنی علی البیع و الانعتاق مبنی علی ثبوت الملک أو العکس فعلی القول بحصول الخیار و الانعتاق بمجرّد البیع أو القول بحصول الملک أو القول بکون الخیار مبنیا علی الملک و الانعتاق علی البیع فیقوی القول بعدم الخیار و الوجه فیه أن أخبار العتق النص فی مفاده و القول بالرجوع إلی القیمة بعد اعمال الخیار فاسد فإن القیمة بدل للعین فیمتنع استحقاقها من دون المبدل و لان حق العتق سابق لتعلقه قبل تعلّق الخیار فیکون مقدما.

ثمّ قرب ثبوت الخیار علی الوجه الأخیر جمعا بین الحقین و دفعا للمنافاة من البین و عملا بکلا النصین و الإجماع علی عدم إمکان زوال ید البائع عن العوضین و تنزیلا للفسخ منزلة الأرش مع ظهور عیب فی أحدهما و العتق بمنزلة تلف العین فکما أنه مع ظهور العیب فی أحدهما یؤخذ الأرش و فی هنا یؤخذ البدل إذ لا یمکن عود الحر عبدا ثم وجه ثبوت الخیار بأنه یثبت بمجرّد العقد و أن العقد علة له کما أن الملک علة للعتق فلمکان عدم الانفکاک بین العلة و- المعلول فیتعین القول بثبوت الخیار بمجرد البیع کما هو واضح.

و فیه أنه لا یترتب ثمر علی هذا التشقیق بوجه و لا طائل تحته أصلا فإنه ان کان المراد من تقدم الخیار علی العتق هو التقدّم الطبعی فلا فائدة فیه.

و ان کان المراد به هو التقدم الزمانی فهو خارج عن المقام أما الأول فتوضیح ذلک ان کان البیع متقدما رتبة علی الملک و کان

ص:104

الخیار أیضا مترتبا علی البیع فیکون مقدما علی الانعتاق رتبة لان الفرض أن الانعتاق انّما ترتب علی الملک و ان کان الملک متقدما علی البیع رتبة و ترتب الخیار علی الملک و ان کان الملک متقدما علی البیع رتبة و ترتب الخیار علی الملک و الانعتاق علی البیع کان الخیار أیضا متقدما علی الانعتاق و ان کان العکس فالانعتاق مقدّم علی الخیار رتبة.

و بعبارة أخری قد یکون الخیار مقدما علی الانعتاق رتبة و قد یکون الانعتاق مقدما علی الخیار رتبة و علی کل حال سواء کان الخیار مقدما علی الانعتاق أو الانعتاق مقدما علی الخیار فلا یترتب علیه ثمر أصلا لأنا ذکرنا مرارا فی کثیر من الأبحاث أن المدار فی اجتماع الحکمین و عدمه و تقدم أحدهما علی الآخر و بالعکس هو ملاحظة الاتحاد فی الزمان فبمجرد الاختلاف بحسب الرتبة لا یفیدنا بوجه و من الواضح سواء قلنا بتقدم الخیار علی الانعتاق رتبه أو بالعکس و علی کل حال فموضوع کلیهما اعنی البیع و الانعتاق انّما تحققا فی زمان واحد فیترتب علیهما بالخیار و الانعتاق أیضا فی زمان واحد و ان کان ترتب أحد الحکمین مقدما علی الآخر من حیث الرّتبة لتقدم موضوع أحدهما علی الآخر کک.

و أما علی الثانی بأن یکون موضوع أحد الحکمین مقدما علی الآخر من حیث الزمان فیکون أحد الحکمین أیضا مقدما علی الآخر من حیث الزمان کما إذا فرضنا فی مورد قد حصل البیع و لم یحصل الملک بعد کما فی بیع السلم فان البیع قد حصل عند إجراء الصیغة و لکن الملکیة مشروطة بالقبض و علیه فان قلنا بکون الانعتاق مترتبا علی البیع و الخیار مترتبا علی الملک فبمجرد تحقق البیع یترتب الانعتاق

ص:105

علی البیع کما إذا کان الثمن عبدا فإنه ینعتق علی البائع الذی هو ابنه و علیه فلا یبقی موضوع للخیار أصلا فإنه کان مترتبا علی الملکیة و هی لم تحصل بعد و لکن هذا مجرد فرض فإنه لا دلیل علی الانعتاق بمجرد البیع کما هو واضح و ان کان الخیار مترتبا علی البیع و کان العتق مترتبا علی الملک کما هو کک فح لو فسخ ذی الخیار العقد فإنه لا یبقی موضوع للانعتاق و هذا الفرض صحیح و لکن کلام صاحب المقابس فی البیع المتعارف لا فی البیع السلم و قد ذکرناه من انّ الفرض خارج عن مورد کلامه علی ان مفروض الکلام هو اجتماع الخیار و الانعتاق فی محلّ واحد و ملاحظة دلیلهما و تقدم أحدهما علی الآخر لا نصیة و فی المقام لم یجتمعا فی آن واحد بل کان الخیار مقدما علی العتق موضوعا و کان ثبوته أیضا مقدما علیه فإعماله لا یبقی مجالا للعتق فضلا عن الاجتماع و علی کل حال لم نتحصل من کلامه و تشقیقه ما یفیدنا بوجه أصلا و علی الجملة لم نعرف وجها صحیحا و فائدة لما تشققه و قسمه الی شقوق و أقسام و الحق أنه لا وجه لسقوط الخیار هنا لما ذکرناه من تعلق الفسخ بالعقد دون العین کما اعترف به صاحب المقابیس أخیرا فیکون ذلک مثل الأرش.

قوله و منها العبد المسلم المشتری من الکافر

بناء علی عدم تملک الکافر المسلم اختیارا أقول من جملة الموارد التی ذکر عدم ثبوت الخیار فیها هو بیع العبد المسلم من الکافر جبرا فإنه لا خیار للبائع و ح و الاّ یلزم أن یکون مثل الأوّل،و قد یقال فی وجه ذلک أن هذا لیس ببیع أصلا بل هو صورة بیع نظیر الوجه الأوّل الذی تقدم فی بیع العبد ممّن ینعتق علیه فکأن هذا شیء لاستخلاص

ص:106

العبد المسلم من الکافر و إعطاء ثمنه إیاه من أی شیء کان من بیت المال و نحوه.

و الحاصل أن خیار المجلس انّما ثبت فی البیع للمتبایعین فبیع العبد المسلم من الکافر لیس بیعا لکی یثبت فیه الخیار بل هو استنقاذ له من الکافر و إعطاء بدله إیاه بأی نحو کان فلا یثبت ح خیار المجلس کما هو واضح کما أن فی المسألة الأولی کان بیع العبد ممّن ینعتق علیه صورة بیع لکونه فی المواقع إنشاء لصیغة العتق کما لا یخفی.

هذا و ان کان ممکنا و لکنّه خلاف ظواهر الأدلة فإن قوله(علیه السلام) فی عبد المسلم عند مولاه الکافر قال بیع ممّن ینعتق علیه أن الظاهر منه أنه یباع علیه حقیقة لا أنه یستنقذ منه و یعطی علیه قیمته کما توهم.

و قد یقال بأنّ ثبوت الخیار للبائع الکافر إثبات سبیل له علی المؤمن و هو منفیّ بنصّ الآیة الشریفة هنا فلا یثبت خیار المجلس فی مثل هذا البیع.

و لکنک قد عرفت فی شرائط العوضین من الآیة لا دلالة فیها علی عدم جواز تملک الکافر العبد المسلم فان مجرد التملک لیس سبیلا و انّما السبیل هو بقاء العبد تحت سلطنة الکافر و أما إذا ملکه ثم اجبر بالبیع فلا سبیل فیه و علی تقدیر دلالتها علی عدم جواز تملک الکافر العبد المسلم انّما هو فی الملک الابتدائی بأن یشتری عبدا مسلما من شخص و أمّا الملک الاستمراری فلا یکون مشمولا للآیة بأن یبیع ما عنده من العبد ثمّ یرجعه الی ملکه بالفسخ و هذا و ان کان نحوا

ص:107

من التملک و لکنه لیس مشمولا للآیة و ذلک فقد عرفت مرارا أن الفسخ انما یتعلق بالعقد و یرفع الالتزام الحاصل من المتبایعین و یترتب علیه استرداد العین ان کانت باقیة و ردّ البدل ان کانت العین تالفة و علیه فرد العین الی ملکه لیس تملکا جدیدا کالتملّک الابتدائی بل هی مملوکة للمولی بعین الملکیة السابقة غایة الأمر قد کانت منقطعة بالبیع و ممنوعا عنه به و قد ارتفع المانع بالفسخ و رجع الی حاله الاولی و صار أیضا مملوکا لمولاه بالملکیة الأولیة کما هو واضح و من هنا قال الشافعی أن الزائل العائد کأنه لم یزل و ما ذکروه موافق للاعتبار و ان لم یکن علیه دلیل و علی هذا فلا مانع من ثبوت الخیار هنا فإذا أعمل الکافر خیاره و فسخ العقد و أرجع العبد الی ملکه ثم یجبر علی البیع أیضا و علی الجملة لا نعرف وجها لسقوط الخیار هنا فلا یکون هذا المورد من المستثنیات کما لا یخفی لإطلاق أدلة الخیارات.

و قد یقال أن رجوع العین بالفسخ الی ملک الکافر ثانیا أیضا مثل التملک الابتدائی فیکون سبیلا للکافر علی المؤمن فلا یجوز فلا یرجع العبد المسلم الذی بیع علی الکافر الیه ثانیا بالفسخ أیضا.و قد ظهر جوابه ممّا تقدم فان الفسخ لیس من المملّکات لیکون إرجاع العین به تملکا جدیدا بل هو یرفع المانع عن استمرار الملک الأول.

و علی تقدیر صحة هذا الوجه مع القول بثبوت الخیار للکافر أیضا کما هو مقتضی الوجه الأول لإطلاق أدلة خیار المجلس فلا بدّ من الالتزام بثبوت الخیار و عدم رجوع العبد الی ملک الکافر ثانیا بل یرجع الیه بدله و الحاصل أن ضم الوجه الثانی بالوجه الأول ینتج ان الکافر البائع له الخیار و لکن لا یرتب علی فسخه إرجاع العین

ص:108

أعنی العبد بل إرجاع بدله.و الحق أن هذا أیضا لیس من المستثنیات کالمورد السابق بل أدلة خیار المجلس فی کلا الموردین محکمة.

و علی الجملة فإنّا نقول بعدم ثبوت الخیار أصلا فهو مناف لأدلة الخیار أو نقول بثبوته و لکن لا یترتب علی اعماله إلا رد البدل فقط حفظا لکلا الوجهین و جمعا بینهما فان الفسخ لم یتعلّق بردّ العین حتی لا یمکن الجمع بین الوجهین بل تعلق بالعقد و هو فی الحقیقة یرفع الالتزام العقدی کما لا یخفی.

قوله و منها شراء العبد نفسه بناء علی جوازه

فانّ الظّاهر عدم الخیار فیه أقول قد ذکروا من جملة موارد سقوط خیار المجلس شراء العبد نفسه من سیّده فإنّه بناء علی جوازه کما هو الظّاهر لا یثبت له الخیار لعدم شمول أدلة الخیار له.

و الوجه فی ذلک الفارق بین هذا و بین بیع العبد علی من ینعتق علیه هو أن المانع هناک انما هو الشرع فإن الإنسان لا یملک عمودیه شرعا و لذا یملک آن ما لتصحیح موضوع العتق ثمّ ینعتق علیه بحیث لو لم یکن هنا مانع شرعی لملکه دائما و لکن لمانع شرعی ینعتق علی المشتری الاّ أنه ینعقد البیع و لا یمنع ذلک عن انعقاده و بقانون حکم المعاوضات إذا اعمل البائع الخیار فیرجع الی البدل کما أنه لو کان فیه عیب فیرجع المشتری الی الأرش و هذا بخلاف ما نحن فیه فان المانع هنا عقلی بداهة أن المولی انّما هو مالک للعبد بالإضافة الاعتباریة کملکه لبقیة أمواله ملکیّة اعتباریة و إذا ارتفع هذا الاعتبار فیکون العبد مالکا لنفسه و کذا لجمیع أفعاله و أعماله ملکیّة ذاتیّة

ص:109

بحیث لا یکون لأحد التسلط علیه و هذا عین الحریة و لیس شیئا آخر ورائه و مع هذا لا معنی لاعتبار ملکیّته علی نفسه لکونه لغوا محضا کما أن اعتبار الملکیّة لکل أحد علی نفسه أو علی أعماله و ذممه لغو لوجود إضافة الملکیة فی جمیع ذلک ملکیة ذاتیّة و السلطنة الحقیقیة من غیر أن تقارنها سلطنة اعتباریة أصلا و هذه السلطنة هی الّتی أشار إلیها عزّ من قائل لا أَمْلِکُ إِلاّ نَفْسِی وَ أَخِی و علیه فلا معنی فی هذه الصورة شراء العبد نفسه بل هو صورة بیع و انّما حقیقته العتق فیکون ذلک نظیر العبد المکاتب فإنه لیس إلا عتقا و إطلاق البیع انّما هو بالمشابهة و المشاکلة کما لا یخفی.

بل نظیر ذلک موجود فی هذا الزمان أیضا فإنه إذا کان شخص محکوما بالأعدام فی المحکمة الاختصاصیة و أعطی مالا و نجیی عن القتل فإنه یقال انه اشتری نفسه ممّن کان حاکما علی قتله و کک المقام و علیه فلا معنی لحصول البیع من الأوّل أبدا حتی آنا ما فإنه لا یقاس بالمانع الشرعی فإنه قلنا هناک بحصول الملکیة آنا ما بمقتضی الجمیع بین الأدلّة الشرعیّة و هذا بخلاف المقام فان المانع عقلی فهو مانع من الأول.

و الا فلو کانت الملکیة حاصلة آنا ما لم یکن وجه للسقوط بل کان باقیا إلی الأبد لعدم الدلیل علیه و علی هذا فلیس المقام من المستثنیات حتی موضوعا لعدم کونه بیعا أصلا کما لا یخفی.

أقول الظاهر أنه لا مانع من الالتزام بصحة البیع هنا فإن الشأن هنا هو الشأن فی أعمال الإنسان و الکلی فی الذّمة فإنه یصح أن یشتری و یبیع ما فی ذمته للغیر و من الغیر غایة الأمر تبدل

ص:110

الملکیة الاعتباریة بالملکیة الحقیقیة لکونه لغوا و اما عدم جواز بیع نفسه فمن جهة ما دلّ علی حرمة بیع الحر فیصح بیع المولی عبده من نفسه بالملکیة الاعتباریة و بعد الشراء یکون العبد مالکا بالملکیة الذاتیة کما انه مالک لعمله و فعله و ذمته کک.

قوله و فیها أیضا أنه لو اشتری جمدا فی شدة الحر ففی الخیار إشکال أقول قد وجه المصنف بان هذا لعله من جهة احتمال اعتبار قابلیة العین للبقاء بعد العقد لیتعلق بها الخیار الا انه لا یوجب رفع الید عن إطلاق أدلة الخیار فإنه لم یؤخذ فیها کون المبیع قابلا للبقاء و علیه فلا بأس بالحکم لثبوت الخیار بعد التلف أیضا غایة الأمر أنه إذا تحقق الفسخ فینتقل المبیع الی البدل کما هو قانون المعاوضة و لذا ذکر المحقق الثانی فی جامع المقاصد ان الخیار لا یسقط بالتلف لانه لا یسقط به إذا ثبت قبله علی أنه لو کان عدم کون العین قابلة للبقاء لزم منه ما لم یلتزم به أحد من المتفقة فضلا عن الفقیه و هو إذا کانت العادة جاریة بعدم بقاء المبیع أزید من ساعة أو نصف ساعة کالمأکولات و المشروبات بل فی غیر ذلک أیضا إذا علم المتبایعان بعدم بقاء المبیع الا زمانا قلیلا فإن المشتری بمجرد الشراء یبیعه من غیره کما هو واضح مع أنه لم یلتزم به أحد بل و لا یمکن الالتزام به فلا مناص من القول بثبوت الخیار لإطلاق الأدلة و لکن تنتقل العین بعد الفسخ الی البدل.

و قد أشار شیخنا الأستاذ علی ثبوت الخیار هنا و حاصله أن خیار المجلس انما یثبت فیما لم یکن بناء المتعاقدین علی الاعتراض عن العوضین و مع علمهما بخروج المال عن المالیة بمجرد البیع اما حقیقة

ص:111

أو شرعا فقد أقدما علی ذهاب مالهما و من الواضح أن فی بیع العبد ممن ینعتق علیه أو فی شراء العبد نفسه أو فی بیع الجمد فی شدة الحر قد علما المتبایعان بأن المبیع تتلف غایة الأمر أن التلف فی الأولین شرعی و فی الأخیر مستند الی الحر فالتلف عادی و علی کل حال فلا یثبت الخیار فی أمثال ذلک.

و فیه أولا أن أدلة الخیار غیر مقیدة بما ذکر بل هی تدل علی ثبوت الخیار علی وجه الإطلاق.

و ثانیا أن متعلق الخیار و الفسخ هو العقد فهذا لا یتوقف علی البناء علی اعراض المتبایعین عن العوضین و عدم اعراضهما عنهما.

و ثالثا فلازم کلامه عدم ثبوت الخیار فیما جرت العادة بتلف المبیع أو علما بذلک بعد ساعة أو ساعتین کما إذا کان المبیع طعاما کالخبر و نحوه فان من یشتری الخبز فیأکله بعد زمان قلیل فالبائع یعلم ذلک و کک أمثاله و لم یتوهم أحد سقوط الخیار هنا کما لا یخفی.

و علی کل فلا نعرف وجها صحیحا لما ذکره العلامة(ره)من عدم ثبوت الخیار فی بیع الجمد و نحوه.

قوله مسألة لا یثبت خیار المجلس فی شیء من العقود سوی

اشارة

البیع عند علمائنا

أقول لا شبهة أن مورد خیار المجلس انما هو البیع لاختصاص الأدلة به فلا یجری فی غیره و لکن ذکر الشیخ(ره)فی المبسوط بعد ذکر جملة من العقود التی یدخلها الخیار و التی لا یدخلها قال و أما الوکالة و الودیعة و العاریة و القراض و الجعالة فلا یمنع من دخول الخیار فیها مانع انتهی و مراده من الخیارین

ص:112

هو خیار المجلس و الشرط و حکی نحوه عن القاضی و لکن لا نعرف وجها لثبوت الخیار هنا و من هنا ذکر العلامة فی التذکرة أن الخیار فی أمثال هذه العقود أبدی،و احتمل فی الدروس من أن یراد من الخیار هنا عدم جواز التصرف قبل انقضاء الخیار و لعل مراده التصرف المرخص فیه شرعا للقابل فی هذا العقود کما ذکره المصنف لا الموجب إذ لا معن لتوقف جواز تصرف المالک فی هذه العقود علی انقضاء الخیار لأن أثر هذه العقود تمکن غیر المالک عن التصرف فهو الذی یمکن توقفه علی انقضاء الخیار.

و الذی ینبغی أن یقال ان غیر البیع من العقود لا یخلو اما

لازمة أو جائزة

أما الاولی

ان کان لثبوت الخیار فیها معنی وجیه فإنها عقود لازمة فلیس لأحد المتعاملین فسخها فإذا ثبت الخیار لهما یتمکن کل منهما من الفسخ و لکنه الدلیل فی مقام الإثبات قاصر فإن دلیل ثبوت خیار المجلس هو المطلقات الدالة علی أن البیعین أو المتبایعین بالخیار ما لم یفترقا أو حتی یفترقا و من الواضح أن هذه الأدلة مختصة بالبیع فلا تشمل غیره.

و أما العقود الجائزة

فهی جائزة بطبعها کما ذکره العلامة فلا وجه لثبوت الجواز فیها ثانیا فجعل الخیار فیها لغو محض فإنه مضافا الی أنها فی مقام الإثبات لا دلیل علیه لما عرفت من اختصاص الأدلة بالبیع ففی مقام الثبوت أیضا غیر معقول فإنه بعد کون الشیء جائزا بطبعه و ذاته لا معن لثبوت الخیار له ثانیا فإنه لغو محض و دعوی أن الثابت بالعرض هو الحق و الثابت بالذات دعوی جزافیة فإنه سواء کان هنا أمر عرضی یکون من قبیل الحق أم لا فان الواهب له

ص:113

أن یفسخ العقد و له الإبقاء ففی هذه الجهة لا ثمرة و اما من جهة إسقاط الخیار و حق الفسخ فهو لا یسقط و لو أسقطه ألف مرة و معه أی فائدة فی ثبوت الخیار و بالجملة انا لا نعقل بمعنی لثبوت الخیار فی العقود الجائزة لأنه لا دلیل علیه فی مقام الإثبات.

و أما ما ذکره فی المبسوط فاما نحمله علی ما ذکره المصنف(ره) من اشتراطها فی ضمن معاملة فإنها ح تکون لازمة و لکن إذا فسخ أصل المعاملة بخیار المجلس مثلا کالبیع أو بخیار الشرط کمطلق العقود اللازمة التی اشترط فیها لزوم عقد جائز فتکون تلک العقود الجائزة التی الشرط لزومها فیها أیضا جائزة أی ترجع الی الحال الاولیة.

و أما نقول لا نفهم معن کلامه و اما یحمل علی سهو القلم.

(مبدء هذا الخیار من حین العقد).

اشارة

قوله مسألة مبدء هذا الخیار من حین العقد أقول وقع الکلام فی أن خیار المجلس مختص ببعض افراد البیع أو یجری فی جمیعها فعلی القول بوجوب التقابض فی الصرف فلجریان الخیار فائدة واضحة و علی القول بالعدم فالظاهر أنه لا ثمرة للخیار و من هنا

فلا بد من

التکلم فی المقامین

الأول فی وجوب التقابض فی الصرف و الثانی فی ثبوت الخیار و عدمه.

أما المقام الأول فی وجوب التقابض فی الصرف

فقد استدل علیه بوجوه الأول بقوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بدعوی أن الوفاء بالعقد واجب فعدم الإقباض مخالف للوفاء بالعقد فیجب الإقباض لذلک و هذا هو العمدة فی المقام.

و فیه أولا قد ذکرنا سابقا أن معنی الوفاء هو الإنهاء و الإتمام

ص:114

فالأمر بذلک إرشاد الی أن هذا الالتزام الحاصل بین المتبایعین لا ینحد و لا ینعدم فیدل علی اللزوم بالمطابقة کما تقدم فلا دلالة فیه علی الوجوب التکلیفی حتی یدل علی وجوب المتقابض تکلیفا.

و بعبارة اخری أن وجوب التقابض علی القول به وجوب تکلیفی فالایة الشریفة إرشاد إلی لزوم العقد فلا تدل علی ذلک.

و ثانیا:علی القول بکون وجوب الوفاء تکلیفا و لکنه انما یفید إذا ترتب علیه أثر فأی أثر یترتب علی بیع الصرف و السلم قبل التقابض فإن أثر البیع هو الملکیة و هی بعد لم تحصل و علی هذا فبیع الصرف و السلم خارجان عن حدود وجوب الوفاء تکلیفا و علیه فلا یدل علی وجوب التقابض کما لا یخفی.

و ثالثا:علی القول بترتب الأثر أیضا فالعقد هنا لم یتم فإنه انما یتم إذا کان موجبا لحصول الملکیة و من الواضح أنه موقوف علی التقابض و هو بعد لم یحصل فلا یکون العقد حاصلا.

و بعبارة أخری العقد هو الالتزام الحاصل من الطرفین بان التزم کل منهما بأن یکون ماله للآخر فی مقابل مال الآخر و هذا المعنی بعد لم یحصل فکیف یکون هذا واجب الوفاء کما لا یخفی.

و اما وجوب التقابض فی بقیة فلیس من جهة أَوْفُوا بِالْعُقُودِ بل من جهة حرمة التصرف فی مال غیره بدون اذنه فان کل من العوضین صار مالا للآخر فلا بد من دفعه الی صاحبه و أما فی بیع الصرف و السلم فلیس کک.

الوجه الثانی ما ذکره العلامة من أو وجوب التقابض فی

الصرف و السلم من جهة شباهة ذلک بالربا

فإنه مع التأخیر یکون

ص:115

الأجل أیضا قسطا من الثمن فیکون زائدا علی الثمن تقریبا فیشبه الربا.

و فیه أن هذا الوجه عجیب من العلامة بل هو شبیه بالوجوه التی تذکر فی کتب العامة فإنه یرد علیه أولا:أن الدلیل أخص من المدعی حیث ان ذلک لو تم انما یتم فیما إذا کان العوضین کلاهما من جنس واحد و أما لو کان أحدهما ذهبا و الأخر فضة فلا یلزم ذلک.

و ثانیا أیضا ذلک أی کون الدلیل أخص من المدعی أن هذا انما یتم فی الطرف الذی لم یقبض بعد لا من الطرفین حتی من طرف من أقبضه کما لا یخفی.

و ثالثا:أن الشبیه بالربا لیس بحرام ما لم یکن بنفسه ربا و الا یلزم أن یکون کل ما یکون شبیها بالحرام حراما فالخمر حرام و لکن للشبیه بالخمر لیس بحرام و الزنا حرام و الشبیه بالزنا لیس بحرام و هکذا فان دلیل الحرمة لا یدل الا علی حرمة الشیء بنفسه لا علی حرمة مشابهاته.

الوجه الثالث الاخبار الوارد فی بیع الصرف و السلم

الظاهرة فی وجوب التقابض فی المجلس کقوله علیه السلام (1)و ان نزی حائطا فانز معه و کذلک غیره من الاخبار کقوله(علیه السلام)یدا بید،فیعلم من ذلک أن التقابض فی المجلس واجب و الا لم یقل علیه السلام فان نزی حائطا فانز معه فکأن وجوب تعقیب أحدهما الأخر من جهة التقابض

ص:116


1- 1) وسائل ج 12 ص 459.

لا من جهة وجوب النزو فی نفسه.

و فبه أن الأمر بالنز و إرشاد إلی اعتبار الاجتماع فی المجلس و أنه یبطل العقد بدونه قبل القبض و الا لکان النزو علی الحائط واجبا مع أنه لم یتوهم أحد ذلک فیعلم أن ذلک إرشاد إلی انحلال العقد بالتفرق قبل التقابض و أن من یرید بقاء العقد و عدم بطلانه فلا بد و أن یصاحب رفیقه حتی لو نزی هو علی الحائط فینزو صاحبه علیه أیضا فیدل الحدیث علی مبطلیة التفرق قبل القبض.

و أما المقام الثانی أعنی ثبوت الخیار فی بیع الصرف و السلم

فیقع الکلام هنا أیضا فی مقامین الأول فی مقام الثبوت و الثانی فی مقام الإثبات

أما المقام الأول فی مقام الثبوت

فقد ذکر المصنف أنه بناء علی القول بوجوب التقابض فی المجلس تکلیفا فأثر الخیار واضح فإنه بعد اعمال الخیار لا یبقی مجال لوجوب التقابض فإنه لا یبقی مجال لذلک.

و أما علی القول بعدم وجوب التقابض فی المجلس فأثر الخیار و ان کان خفیا لأن سلطنة کل من المتعاقدین باقیة علی حالها و أنه لا حق لأحدهما فی مال الآخر و لکن مع ذلک یمکن تصویر الفائدة و الأثر للخیار بان یکون أثره خروج العقد بفسخ ذی الخیار عن قابلیة لحوق القبض الملک فلو فرض اشتراط سقوط الخیار فی العقد أو أسقطه بنفسه لم یخرج العقد بفسخ المشروط علیه عن ذلک.

و علی الجملة فأثره الخیار بناء علی وجوب التقابض هو فسخ العقد و عدم بقاء الموضوع لوجوب التقابض و علی القول بعدم وجوب التقابض هو إخراج العقد عن قابلیة لحوق التقابض المملک کما هو واضح و علی القول بوجوب التقابض فهو واضح

و أما فی مقام الإثبات

فقد

ص:117

یتوهم شمول الأدلة الواردة فی باب خیار المجلس و خیار الحیوان الدالة علی ثبوت خیار المجلس للبیع و المتبایع لما نحن فیه و من الواضح أنه یصدق البیع و المتبایع علی المتبایعین فی الصرف و السلم فلا وجه لاخراجهما عنها.

و فیه أن الموضوع فی تلک الأدلة هو المتبایعان أو البیعان و من الواضح انهما لا یصدقان علی المتعاوضین و المتبایعین فی باب الصرف و السلم قبل التقابض لعدم حصول البیع و الشراء و عدم حصول التملیک و التملک فکیف یصدق علیهما عنوان البیعان أو عنوان المتبایعین کما لا یخفی.

علی أن خیار المجلس انما یثبت فی مورد یکون التفرق موجبا للزوم العقد کما هو مذکور فی الروایات الدالة علی ثبوت خیار مجلس و من المقطوع به أن التفرق هنا یبطل البیع لکونه قبل القبض کما لا یخفی.

و من هنا اتضح أنه لا یثبت خیار المجلس و کک خیار الحیوان قبل الإجازة للمالکین الحاضرین فی مجلس العقد علی الأول و مطلقا علی الثانی فإنه ما لم یستند العقد إلیهما فلا یصدق علیهما عنوان البائع و لا عنوان المشتری و من الواضح أن استناد العقد انما یکون بالإجازة لا قبلها و لا یفرق فی ذلک بین القول بالکشف و النقل فإنه علی کل حال فاستناد البیع و الشراء إلیهما من حین الإجازة فصدق البیع و المتبایع علیهما من زمان الإجازة و ان حصلت الملکیة من حین العقد علی الکشف فلا یمکن المساعدة علی ما ذکره المصنف من الفرق بین الکشف و النقل.

ص:118

قوله:القول فی مسقطات الخیار و هی أربعة علی ما ذکرها

اشارة

فی التذکرة

أقول

من جملة مسقطات الخیار المجلس اشتراط سقوطه

فی ضمن العقد

ذکر المصنف قدس سره أنه لا خلاف ظاهرا فی سقوط هذا الخیار باشتراط سقوطه فی ضمن العقد و عن الغنیة الإجماع علیه،و قد استدل علیه بوجوه

الأول دعوی الإجماع علی ذلک

و فیه قد مر مرارا أن دعوی الإجماع فی مثل هذه المسائل التی نعلم فلا أقل نحتمل أن مدرکها جهة کشفه عن قول المعصوم دعوی جزافیة فإن الإجماع لیس بنفسه حجة و انما حجة لکشفه عن قول المعصوم فلا یکشف عنه الا مع القطع به.

الثانی المستفیضة و هی المؤمنون عند شروطهم

و قد یقال:انها معارضة بعموم أدلة الخیار و یرجح علی أدلة الخیار بمرجع و لکنه بدیهی البطلان فإنه علی تقدیر تمامیة دلالة المستفیضة فیه تکون حاکمة علی أدلة الخیار لکونها مأخوذة فی موضوعها کحکومة أدلة الحرج و الضرر علی سائر الأحکام الإلهیة کما ذکره المصنف(ره)فجهة المعارضة و أجاب عنه بان هذا الشرط مخالف لمقتضی العقد فیکون فاسدا فان مقتضاه علی ما هو ظاهر قوله(علیه السلام)البیعان بالخیار هو ثبوت الخیار و هذا الاشتراط مخالف له و فیه أن هذا شرط لیس مخالفا لمقتضی العقد فان مقتضاه هو حصول الملکیة و لیس هذا مخالفا له بل هو مخالف لثبوت الخیار و من الواضح أن ثبوته من أحکام العقد لا من مقتضیاته بل الوجه لیست هی هذه کما لا یخفی.

و لکن الظاهر أن الروایة لا تدل علی المقصود لا من جهة ما ذکره المصنف و ذلک هو ما ذکرنا سابقا من أن الظاهر من هذه الجملة

ص:119

المبارکة هو الحکم التکلیفی فإن قوله علیه السلام المؤمنون عند شروطهم کقوله(علیه السلام)المؤمن عند عدته یعنی أن مقتضی الایمان هو أن یجب للمؤمن أن یفی بما التزمه و بما وعده و هذا الاستعمال من الاستعمالات المتعارفة أیضا فیقال المرء عند کلامه و عند رأیه و هکذا.

و علیه فلا دلالة فی ذلک علی المقصود هنا فان اشتراط سقوط الخیار عند المعاملة غیر قابل لتعلق الحکم التکلیفی به فان اشتراط سقوط الخیار بمعنی أن لا یکون له الخیار فی هذا العقد غیر مقدور له بل هو من فعل الله تعالی فان الله تعالی جعله ذا خیار و اشتراط عدمه أیضا راجع الیه و لیس من أفعال المتعاملین حتی یقدر علی إسقاطه.

و مع الإغماض عن ذلک فهی مخالفة للسنة المعتبرة الدالة علی ثبوت الخیار للمتبایعین فإنه ورد فی ذیل بعض هذه الروایات الا شرطا مخالفا للکتاب و السنة و بیان ذلک أن الشارع قد حکم بثبوت هذا الخیار للمتبایعین و اشتراط عدمه مخالف للسنة و هذا غیر اشتراط إسقاط الخیار فإنه من قبیل شرط الفعل و لیس من قبیل شرط النتیجة و فرق بین اشتراط إسقاط الخیار و بین ان لا یکون له خیار أصلا فإن الثانی مخالف للسنة دون الأول.

نعم الظاهر من بعض الروایات أن الامام علیه السلام طبق هذه الجملة المبارکة علی بعض الشروط التی من قبیل ما ذکر أی أن الاشتراط فیه راجع الی شرط السقوط و عدم الخیار و لو کان ما ذکرناه من الاشکال واردا علیه ای علی جملة المؤمنون عند شروطهم لما طبقها الامام علی ما ذکره.

ص:120

و ذلک کما فی صحیحة مالک بن عطیة (1)قال سألت أبا عبد اللّه (علیه السلام)عن رجل کان له أب مملوک و کان تحت أبیه جاریة مکاتبة قد أدت بعض ما علیها فقال لها ابن العبد هل لک أن أعینک فی مکاتبتک حتی تؤدی ما یملک بشرط أن لا یکون لک الخیار بعدد ذلک علی أبی إذا أنت ملکت نفسک قالت نعم فأعطاها فی مکاتبتها علی ان لا یکون لها الخیار بعد ذلک قال علیه السلام لا یکون لها الخیار المسلمون عند شروطهم.

فان الظاهر من هذه الروایة هو اشتراط عدم الخیار مع انه کان ثابتا للأمة بعد ما صارت حرة فیعلم من ذلک أن هذا الشرط لیس مخالفا للسنة و الاّ لما طبقها علیه الامام علیه السلام.

و فیه أولا أن مورد الروایة أجنبی عما نحن فیه فان موردها هو من قبیل اشتراط سقوط الخیار ممّا یقتض الخیار فی عقد لیس مقتضیا له فان عقد المکاتبة لیست مقتضیة للخیار بحیث انه بمجرد ذلک یحکم بکون الأمة ذا خیار و انما المقتضی له هو الحریة الحاصلة بعد أداء مال الکتابة و من الواضح أنه لم یلتزم بذلک أحد فلا بد من الاقتصار بمورد الروایة و من هنا لا وجه لتوهم الأولویة أیضا بدعوی ان اشتراط سقوط الخیار فی عقد هو مقتضی لذلک بطریق أولی فإنه لم یثبت فی الأول الخیار فی جمیع الموارد بل فی مورد الروایة فقط فکیف یمکن إثباته فی المقتضی للخیار بطریق الأولویة کما هو واضح.

و ثانیا قد ذکرنا فی أول الخیارات أن اشتهار استعمال کلمة

ص:121


1- 1) وسائل ج 16 ص 95 باب 11.

الخیار فی الخیار المصطلح انما هو من جهة ما جری علیه اصطلاح الفقهاء و الا فلیس ذلک من معناه اللغوی و لا من مقتضیات الدلیل و قلنا أن معنی الخیار لغة هو اختیار الخیر لنفسه و أما القدرة علی الفسخ انما هو مستفاد من اللام الظاهر فی الملکیة و الاختصاص فیقال له الخیار ای له القدرة علی الفسخ و الإبقاء بل قلنا أن کلمة الخیار و ما اشتق منها یستعمل فی هذا المعنی حتی فی هذا الیوم.

و علیه فقوله علیه السلام لا یکون له الخیار المسلمون عند شروطهم هو بمعنی اللغوی أی لیس له اختیار الفسخ فی الخارج بمعنی أنها ملزمة فی شرطها و لا توجد الفسخ الخارجی و لا یکون هذا ح مخالفا للسنة فإنها تدل علی ثبوت القدرة للمتبایعین علی فسخ العقد و إمضائه و هذه القدرة باقیة للمتبایعین و للمتعاملین و فی المکاتبة أنه إذا صارت حرة فله القدرة علی فسخ عقد الزوجیة الواقعة بینهما و بین العبد و هذه القدرة باقیة علی حالها و لکن الامام(علیه السلام) طبق جملة المسلمون عند شروطهم علی اشتراط عدم الخیار للأمة علی الشرط الذی وقع بینهما و بین ابن زوجها من جهة أن تکون الأمة ملزمة بإبقاء العقد و لا تفسخ فی الخارج و لا نختار فیه لنفسها الفسخ بل بقی عقد النکاح علی حاله لا أنه بمعنی أن لا یکون لها خیار و قدرة علی الفسخ لیکون علی خلاف السنة فان هذا موافق للظواهر و الاستعمالات فلیس فیه ما یوجب خلاف ظهور کلمات المتحاورین کما لا یخفی.

و الشرط انما یکون مخالفا للکتاب و السنة إذا کان مفاده علی خلاف الحکم الشرعی الثابت بالکتاب و السنة و نظیر ذلک ما سیأتی

ص:122

فی الشروط من أن الرجل یتزوج علی امرأة و تشترط الإمرة علیه أن لا یأخذ سریة أو امرأة أخری فإن هذا الشرط مخالف للکتاب و السنة فإنه ثبت بهما جواز أخذ السریة و المرأة علی الزوجة و شرط خلافه مخالف للکتاب و السنة فلا یکون متبعا.

اذن فلم یبقی فی الروایة ما یوجب الاشکال علیها الا توهم أن هذا الإسقاط إسقاط لما لم یجب فان مقتض الخیار لیس هو عقد المکاتبة لیکون حاصلا عند الاشتراط بل هو الحریة و من الواضح انها لم تحصل حتی تکون الأمة الحرة ذا خیار فی فسخ عقد النکاح و عدمه فیکون الاسقاط عند الاشتراط فی ضمن الإعانة إسقاطا لما لم یجب و قد ذکر ذلک بعض الشافعیة.

و فیه أن هذا صحیح فإنه یلزم أن یکون الإسقاط فی ضمن الإعانة أن لا یکون لها خیار فی فسخ عقد الزوجیة و لکنه لا دلیل علی عدم جواز إسقاط ما لم یجب فإنه بلا دلیل فأی مانع أن یسقط الإنسان ما لم یجب علیه بعد کما هو واضح فیکفی فی صحة ذلک تحقق ما یترتب فیه حصول ذلک الأمر الساقط فعلا.

غایة الأمر فللمدعی أن یدعی الإجماع علی بطلان إسقاط ما لم یجب بدعوی کونه تعلیقا و فیه مضافا الی أنه دلیل لبی یقتصر فیه علی المورد المتیقن و هو صورة التعلیق فی العقود أن الإجماع هنا علی خلافه کما تقدم فلا وجه للمناقشة من هذه الجهة.

و بالجملة فلا دلیل علی بطلان إسقاط ما لم یجب بوجه.

و الذی ینبغی أن یقال أن الخیار الثابت للمتبایعین فی المجلس ما لم یفترقا من قبیل الحقوق التی تقبل السقوط و قد قلنا

ص:123

فی أول البیع أنه و ان کان لا فارق بین الحق و الحکم فان جمیع ذلک حکم الهی مجعول لله تعالی و لکن بعض أقسام الحکم اختیاره تحت ید المکلف فله إسقاطه أو إبقائه و نسمی ذلک القسم و من الحکم حقا و لا یسقط حکما کالجواز فی الهبة.

و من الواضح أن خیار المجلس مما یقبل الاسقاط و أوضح شیء یدل علی أنه یسقط بالإسقاط ما فی ذیل الأخبار الدالة علی خیار المجلس و الحیوان فان فی ذلک قال علیه السلام فذلک رضا بالبیع فان الظاهر من ذلک أن أمره بیده و لیس ذلک مثل الهبة فإن الجواز فی ذلک حکمی لا یسقط بالإسقاط بل و لو أسقطه ألف مرة فأیضا یبقی الجواز علی حاله و إذا خالف و لم یسقط قد فعل فلا محرما و مع ذلک لو فسخ کان فسخه مؤثرا لعموم أدلة الخیار.

و علی هذا فشرط السقوط فی العقد بان یشترط احد المتبایعین علی الآخر عند البیع سقوط خیاره فمرجعه الی أن المشروط علیه یسقط خیار الذی یثبت له بعد البیع عند العقد و قد عرفت أنه من قبیل الحق یقبل بالإسقاط فلیس لهذا البیان إشکال إلا ما ذکره بعض الشافعیة من أنه إسقاط لما لم یجب و هو و ان کان صحیحا و لکنه لا دلیل علیه بوجه غیر دعوی أنه من التعلیق و الإجماع قائم علی بطلانه و هو أیضا فاسد لقیام الإجماع هنا علی السقوط کما عرفت فإنه ادعی بعضهم الإجماع فی المقام.

و قد ظهر من مطاوی ما ذکرناه أن اشتراط سقوط الخیار موافق للقواعد و لا یحتاج الی عموم المؤمنون عند شروطهم.

قوله(ره)ثم ان هذا الشرط یتصور علی وجوه:
أحدها أن یشترط عدم الخیار

ص:124

أقول شرط سقوط الخیار فی ضمن العقد یتصور علی وجوه الأول شرط عدم الخیار و هذا الشرط هو المراد من اشتراط الخیار و قد تقدم فی ذلک و أن توهم کونه مخالفا لمقتض العقد تارة و لمقتضی الکتاب أخری توهم فاسد کما عرفت.

و قد عرفت أن الخیار من قبیل الحقوق فیسقط بالإسقاط بعد التحقق و کک قبله فلیس فیه عیب الا سقوطه قبل الثبوت الذی هو من قبیل إسقاط ما لم یجب و لو خالف المشروط علیه فلم یسقط فیکون للمشروط له الخیار و لو فسخ المشروط علیه کان فسخه مؤثرا لعموم البیعان بالخیار ما لم یفترقا.

الثانی:أن یشترط عدم الفسخ

فیقول بعث بشرط أن لا- أفسخ فی المجلس و هل یجب الوفاء بهذا الشرط أم لا و قد یقال بالثانی فإنه من قبیل اشتراط فی العقد الجائز فلا یزید الشرط علی أصل العقد فان معنی أن لا یفسخ أن له خیار فی العقد و لکن لا یفسخ فاشتراط عدم الفسخ انما هو فی عقد خیاری فلا یجب الوفاء به کما إذا شرط فی الهبة أو فی الوکالة أو غیرهما من العقود الجائزة شرطا فان هذا الشرط لا یکون واجب الوفاء.

و فیه أن جواز العقد فی ذاته لا ینافی وجوب الوفاء بالشرط الواقع فی ضمنه فان مقتضی وجوب الوفاء بالشرط هو لزوم العمل بمقتضاه ما دام العقد باقیا و بعد زوال موضوعه یرتفع وجوب الوفاء بالعقد أیضا لارتفاع موضوعه فالجواز انما هو ثابت لموضوع وجوب الوفاء بالشرط فیکون وجوب الوفاء بالشرط قضیة ما دامیة و قضیة حقیقیة یعنی أن کلما وجد موضوع وجوب الوفاء بالشرط وجب الوفاء به.

ص:125

و بعبارة اخری أن عقد الهبة و عقد الوکالة و نحوهما من العقود و ان کان بذاتها جائزة بحیث لکل من الموجب و القابل أن یفسخ العقد فی أی وقت شاء الا ان اشتراط الشرط فی ضمن هذه العقود الجائزة فی لا یکون جائزا تبعا لها فان معنی الاشتراط فیها أن المشروط.

له یشترط علی المشروط علیه فی ضمنها الشرط المعین فهذا الشرط الواقع فی ضمن العقود الجائزة انما یکون مصداقا لقوله(علیه السلام)المؤمنون عند شروطهم فیکون واجب الوفاء و لکن مقیدا ببقاء ذلک العقد الجائز فإذا فسخ العقد الجائز یرتفع موضوع وجوب الوفاء فکون الإنسان مخیرا فی رفع موضوع الوجوب لا یدل علی استحالة ثبوت الوجوب علی ذلک الموضوع.و علیه فیمکن أن یشترط احد الطرفین فی العقد الجائز علی الطرف الأخر شرطا و یکون الشرط واجب الوفاء بدلیل الشرط دون العقد.

فاشتراط عدم الفسخ بخیار المجلس من هذا القبیل فیکون الشرط واجب الوفاء بدلیل وجوب الوفاء بالشرط نعم فرق بین ما نحن فیه و بین سائر العقود الجائزة التی یشترط فیها شیء و هو أنک قد عرفت أن فی سائر العقود الجائزة یجوز لأحد الطرفین فسخ العقد الجائز و إعدام وجوب الوفاء بالشرط و لکنه لا یجری فی المقام فان الشرط اعنی عدم الفسخ انما تعلق بنفس العقد فوجوب الوفاء بالشرط لا یمکن الا بعدم الفسخ و حفظ العقد فلو فسخ العقد یلزم من ذلک عدم الوفاء بالشرط و بعبارة اخری أن مفاد الشرط هو لزوم حفظ موضوعه و أیضا فیحرم الفسخ أبدا.

لا یقال انه لا معنی للاشتراط أصلا فی ضمن العقود الجائزة فإن

ص:126

معنی الشرط هو کون الالتزام الشرطی منوطا بالالتزام بإبقاء الالتزام العقدی و من الواضح أنه لیس هنا التزام بالبقاء لفرض کون العقد جائزا فیکون شرطا ابتدائیة فإنه یقال أن الجواز و عدمه من الأحکام الشرعیة فهو لا ینافی بالتزام المشروط علیه بإبقاء العقد مع بقاء الشرط کما هو واضح.

قوله فلو خالف الشرط و فسخ فیحتمل قویا عدم نفوذ الفسخ أقول لا شبهة أن وجوب الوفاء بالشرط وجوب تکلیفی فمخالفته توجب العصیان فهل یوجب الفسخ التأثیر وضعا أیضا أم لا قد احتمل المصنف عدم تأثیر الفسخ ح تارة و تأثیره أخری و قرب الثانی لعموم دلیل الخیار و قرب الأول لأن وجوب الوفاء بالشرط مستلزم لوجوب إجباره علیه و عدم سلطنته علی ترکه.ثم اختیاره و قال انه أوفق بعموم وجوب الوفاء بالشرط الدال علی وجوب ترتب آثار الشرط و هو عدم الفسخ فی جمیع الأحوال حتی بعد الفسخ فیستلزم ذلک کون الفسخ الواقع لغوا کما تقدم نظیره فی الاستدلال بعموم وجوب الوفاء بالعقد علی کون فسخ أحدهما منفردا لغوا لا یرفع وجوب الوفاء.

و قد اختار شیخنا الأستاذ أیضا عدم الفسخ و ان الحکم التکلیفی و الوضعی لا یجتمعان هنا و لکن قربه بوجه آخر و قد ذکر ذلک الوجه فی کثیر من الموارد و أجبنا عنه فی غیر واحد من المباحث و حاصل هذا الوجه أن النهی تارة یتعلق بالسبب و أخری بالمسبب أما الأول فلا یوجب حرمة المعاملة المسببة عن ذلک السبب فإن حرمة السبب لا تستلزم حرمة المسبب کما لا یخفی.

و علی الثانی فیستلزم الفساد لان الشرط یوجب سلب قدرة

ص:127

المالک علی البیع من زید و فی المقام حیث أن المشروط له قد اشترط علی المشروط علیه عدم فسخ فیکون الوفاء به واجبا تکلیفا و إذا خالف ذلک و فسخ و قد فعل فعلا محرما و لکن لا یترتب علیه الحکم الوضعی فإن التکلیف کما هو مشروط بالقدرة العقلیة فکذلک مشروط بالقدرة الشرعیة فنهی الشارع عن شیء یوجب عجز المکلف عن اقدامه ففی هنا أن نهی الشارع عن الفسخ بمقتضی وجوب الوفاء بالشرط یوجب عجز المکلف عن الفسخ شرعا بمعنی أنه لا یکون مؤثرا فی الفسخ علی تقدیر وقوعه.

و فیه قد ذکرنا مرارا أن الحرمة التکلیفیة عن الشیء لا یستلزم الحرمة الوضعیة و کون ذلک الشیء فاسدا وضعا فإنه یحرم التصرف فی مال الغیر بدون اذنه مع أنه لو غصب أحد ماء الغیر و طهر به ثوبه فإنه یکون مؤثرا فی الطهارة و فی هنا و ان کان النهی متعلقا بالسبب و لکن الأمر کذلک لو کان متعلقا بالمسبب أیضا فلو کانت الطهارة الخبثیة بالماء المغصوب مبغوضا للشارع مع عدم کون الفعل عبادیا و کان یغصب أحد ماء من الغیر و طهر به ثوبه فإنه لا یتوهم احد عدم حصول الطهارة هنا إذا لم یکن الفعل مما یعتبر فیه قصد التقرب.

و معنی أن النهی التکلیفی یسلب القدرة عن المکلف شرعا یعنی أنه قبل تعلق النهی بالفعل کان مرخصا فی الفعل و الترک و بعده لیس له هذه السلطنة و لا یکون مرخصا فی ذلک بل لا بد من الترک و أما أن هذه الحرمة مستلزمة للحرمة التکلیفیة أم لا فهو أول الکلام و تظهر الثمرة فیما إذا صدر منه الفعل فی حال المغفلة

ص:128

و النسیان فإنه لا یکون حراما أیضا.

نعم انما یدل النهی علی الفساد إذا کان إرشادا إلیه کما فی النهی عن بیع الخمر و عن بیع ما لیس عنده و نحوهما نعم انما یدل النهی التکلیفی علی الفساد أیضا مع قیام القرینة علیه کما فی بیع الخمر فإن النهی انما عن جمیع شؤنه و أنه یعلم من لسان الشرع أن جمیع جهاتها مبغوضة للشارع حتی التملیک و التملک فلا تحصل فیها ذلک.

و أما الجواب عما ذکره المصنف أنا لو سلمنا أن معنی الوفاء بالعقد هو ترتیب آثار العقد علیه من حرمة التصرف فی المثمن و الثمن و لو بعد الفسخ بحیث تدل الآیة بالملازمة إلی لزوم العقد و لکنه لا یجری فی وجوب الوفاء بالشرط کما فی المقام فان معنی الوفاء بالشرط هنا هو عدم الفسخ و من الواضح انه لا إطلاق له لما بعد الفسخ أیضا بیان ذلک أن المشروط علیه إذا خالف الشرط و فسخ العقد فاما أن یکون فسخه مؤثرا أولا فعلی الثانی فلا وجه للتمسک بإطلاق وجوب الوفاء بالشرط بما بعد الفسخ أیضا و علی الأول فلا یبقی متعلق وجوب الوفاء حتی یجب الوفاء به فإنه بعد الفسخ ینحل العقد و لا یبقی شیء حتی یجب الوفاء بالشرط و لا یفسخ العقد و علی الجملة فإذا خالف المشروط علیه بالشرط و فسخ فینعدم موضوع الشرط و لا یبقی شیء حتی لا یفسخ و یبقی علی حاله.

و علی هذا فأدلة الخیار محکمة فکل من المتبایعین فسخ العقد و ان کان فسخ من شرط علیه أن لا یفسخ محرما.

ثم ان المعروف بین الفقهاء أن هذا الشرط صحیح و ان وقع

ص:129

الکلام بینهم أن الفسخ یؤثر وضعا أو لا یؤثر و لکن لنا مناقشة فی صحة هذا الشرط قد ذکرناه فی باب المزارعة فی حاشیة العروة و حاصله أنا ذکرنا مرارا أن معنی الشرط فی العقد لا یخلوا عن معانی ثلثة بالسیر و التقسیم الأول أن یکون التزاما أخری فی ضمن العقد مستقلا و غیر مربوط بالالتزام العقدی بأن یلتزم کل من المتبایعین بمبادلة مال بمال و یلتزم أحدهما أیضا مقارنا لهذا الالتزام بان یخیط ثوبا لصاحبه فلیس بینهما ربط الا صرف المقارنة الزمانیة و لا شبهة أن هذا النحو من الشرط لا یجب الوفاء به بالاتفاق لکونه من الشروط الابتدائیة فلیس المراد من الشرط التی حکموا بوجوب الوفاء بها هو ذلک.

الثانی أن یکون الشرط مربوطا بالعقد و هو علی قسمین الأول أن یکون الالتزام العقدی مربوطا بالالتزام الشرطی بحیث أن الالتزام العقدی منتف مع انتفاء الالتزام العقدی مثلا معنی اشتراط الخیاطة فی ضمن بیع الدار هو أن الالتزام بیع الدار انما هو فی فرض الالتزام بالخیاطة و العمل به و إنهائه و الا فلا بیع هنا أصلا.

و فیه أنه قام الإجماع علی بطلان التعلیق فی العقود فیکون هذا باطلا حتی إذا کان المشروط علیه یفی بالشرط کما لا یخفی.

الثالث أن یکون الالتزام العقدی غیر مربوط بالالتزام الشرطی لیکون تعلیقا و لکن کان الالتزام ببقاء العقد و إبقائه منوطا بالتزام المشروط علیه بانهاء الشرط و إبقائه فیکون الالتزام بإبقاء العقد و عدم قدرته علی الفسخ و الحل منوطا بکون المشروط علیه وافیا بالشرط و الا فللمشروط له خیار الفسخ کما لا یخفی.

إذا عرفت ذلک فنقول ان معنی الشرط فی العقود بحیث

ص:130

یجب الوفاء به بالسیر و التقسیم لیس الاّ هو الثالث و علیه فلا یعقل و لا نتصوّر اشتراط عدم الفسخ فی العقود بحیث لا یکون للمشروط علیه حق الفسخ و ذلک فإنک لما عرفت أن معنی الاشتراط هو ثبوت الخیار للمشروط له مع تخلف المشروط علیه الشرط و من الواضح أنه بعد ما فسخ المشروط علیه لفرض تأثیر فسخه لعموم أدلة الخیار لا یبقی موضوع لیکون للمشروط له الخیار بان کان مختارا فی فسخ العقد و إبقائه و مع عدم الفسخ فالعقد أیضا باق علی حاله سواء کان هنا شرط أم لا فلا نعقل معنی محصّلا لهذا الشرط فیکون لغوا و یدخل فی الشروط الفاسدة و یأتی الکلام فیه من أن الشرط الفاسد مفسد للعقد أم لا.

نعم لو اشترط فی ضمن عقد عدم فسخ عقد آخر فیکون صحیحا کسائر الشروط الصحیحة کاشتراط الخیاطة أو البنایة أو النجارة أو نحوها کما لا یخفی.

الثالث أن یکون المراد من شرط سقوط الخیار فی العقد أن

یشترط إسقاط الخیار

بأن یکون هذا الفعل صادرا من المشروط علیه و لا شبهة فی صحة هذا الشرط لعدم ترتب المحذور علیه الاّ إسقاط ما لم یجب و قد عرفت ان الإجماع علی تقدیر تحققه بعدم جواز ذلک لکونه تعلیقا فلا یجری فی المقام لقیام الإجماع علی الصحة کما ادعاه بعضهم فیکون مشمولا لعموم وجوب الوفاء بالشرط و علیه فلو أخل المشروط علیه الشرط کله و لم یسقط الخیار و لم یف بالشرط فیکون للمشروط له خیار تخلف الشرط کما هو واضح.

ثم إذا فسخ المشروط علیه العقد فهل یکون فسخه مؤثرا أم لا الظاهر هو الأول لعموم الأدلة الدالة علی ثبوت خیار المجلس

ص:131

للمتبایعین کما تقدّم و قد اختار المصنف أنه لا یؤثر الفسخ کما ذکره فی الوجه الثانی و قد عرفت جوابه.

ثمّ انّه إذا تخلّف المشروط علیه و لم یفسخ العقد قد عرفت أنه یثبت الخیار للمشروط له و لا یفرق فی ذلک بین کون الفسخ مؤثرا أم لا فان نفس بقاء العقد متزلزلا مخالف لغرض المشروط له فیکون له الخیار لا جل التخلّف بالشرط و ان لم یکن فسخ المشروط علیه مؤثرا علی تقدیر الفسخ إذا یکون البیع لازما و عدم کونه متزلزلا مما هو محط غرض للعقلاء فلا أقل لنفس المشروط له.

و لا ینافی ذلک لزوم العقد شرعا فإنه من الأحکام الشرعیة و التزلزل انما هو مع قطع النظر عنه و فی نظر المتبایعین الحکومة العرفیة مع قطع النظر عن الشرع و الشریعة کما إذا کان المتبایعین غیر ملتزمین بالشرع و الشّریعة.

قوله قدس سره بقی الکلام فی أنّ المشهور أنّ تأثیر الشرط

انّما هو مع ذکره فی متن العقد

أقول ما ذکره المصنف و ان کان له مناسبة لما نحن فیه و لکنه من مسائل مبحث الشرط التی سنتکلم فیها و تفصیل الکلام هنا علی نحو الإجمال

أن اعتبار الشرط فی المعاملة

علی أنحاء

الأوّل أن لا یکون مذکورا لا فی ضمن المعاملة و لا قبلها

و لا بعدها

و لم ینشأه المعاملة بانیا علیها أیضا و هذا علی قسمین لان الوصف ان کان ممّا یعتبر بحسب الارتکاز العقلائی سواء ذکر أم لا کاعتبار التسلیم و التسلّم و أوصاف الصحة کظهور المبیع علی ما وقعت المعاملة علیه فلا شبهة فی صحة ذلک الشرط و وجوب الوفاء به فان مثل ذلک الشروط کالمذکور و الارتکاز العقلائی و الارتکاز من المتبایعین قائم

ص:132

مقام الذکر فیکون واجب الوفاء لعموم المؤمنون عند شروطهم بل فی تخلّف أوصاف الصحة تفسده المعاملة.

و ان کان من قبیل الأوصاف الکمالیة کوصف الخیاطة و البنایة و النجارة و نحوها فلا یکون واجب الوفاء إذ لیس هنا شرط حتی یجب الوفاء به کما سنذکر معنی الشرط و لم یبرز هنا شیء یجب الوفاء به.

و

قد یکون الشرط مذکورا فی ضمن العقد

اما تفصیلا کقوله بعتک العبد الکاتب أو علی أن یکون کاتبا و اما إجمالا کما إذا ذکرت الشروط کلها قبل العقد و عند إجراء صیغة العقد یقول بعتک الشیء الفلانی علی ما ذکر من الشروط فیشیر بهذه الکلمة المبهمة إلی الشروط المذکورة قبل العقد فإنه أیضا مذکور فی ضمن العقد فیکون مشمولا لعموم وجوب الوفاء بالشرط فان الغرض ارتباط الشرط بالعقد و هو حاصل بمثل هذه الکلمات المبهمة.

و علی الجملة الإشارة فی ضمن العقد إلی الشرائط المذکورة قبل العقد و المعاملة بانیا علیها مع إظهار تلک الشروط بمثل ما ذکر کقوله بعتک العبد علی ما ذکر لا یقصر عن الشرط المذکور فی ضمن العقد صریحا فی وجوب الوفاء بها فإنه ح یبرز البائع بقوله بعت کذا تبدیل ما له علی هذا الشرط فیکون ما بنی علیه من الشرط مبرزا مع حقیقة المعاملة کما لا یخفی فکما یکون الالتزام العقدی المظهر بکلمة بعت واجب الوفاء و کذلک الالتزام الشرطی المبرز بهذه الإشارة.

و قد یکون الشرط مذکورا قبل العقد

و لکن لا یشار إلیها فی ضمن العقد لا تصریحا و لا إجمالا فهو علی قسمین الأوّل أن یکون ذلک مغفولا عنه عند البیع و غیر ملتفت الیه من مقام المعاملة أو

ص:133

نسیه أو کان ملتفت الیه و لکن لم یظهروا عند البیع و لم ینشأه مبنیا علی الشرط المذکور قبل العقد فان هذا کلّه لا حق بالقسم الأول و لا یجب الوفاء به و الثانی أن یکون ملتفتا الیه عند المعاملة و کان بنائها علی ذلک حتی فی مرحلة إنشاء و إظهار المعاملة و لکن لم یظهروا الشرط عند الإنشاء و بعبارة أخری الشرط موجود فی مقام الثبوت و لکن لیس له دال فی مقام الإثبات و الظاهر أنه شرط حقیقة و یجب الوفاء به و لکن المشهور ذهبوا الی بطلان الشرط المذکور قبل العقد و ان کان العقد بانیا علیه و لکن الظاهر من بعضهم هو کون مثل هذا الشرط أیضا واجب الوفاء کالشیخ و غیره قال الشیخ فی محکی الخلاف أنه لو شرطا قبل العقد أن لا یثبت بینهما خیار بعد العقد صحّ الشرط و لزم العقد بنفس الإیجاب و القبول ثمّ نقل الخلاف عن بعض أصحاب الشافعی إلخ و قد منع المصنف عن کون مثل هذا الشرط واجب الوفاء کما ذکره فی المتن بل منع نسبة ذلک الی الشیخ أیضا و لذا حاول أن یوجه کلامه بأنه أراد من قوله قبل العقد ای قبل تمام العقد و استشهد علیه بملاحظة عنوان المسألة فی الخلاف و التذکرة و باستدلال الشیخ علی الجواز و بعض الشافعیة علی المنع و قال أن ذاک کلّه یکاد یورث القطع بأن مراد الشیخ لیس هو ظاهر کلامه بل مراده ما ذکرناه و لکن الظاهر أن ما یستفاد من ظاهر کلامه هو مراد الشیخ و لذا أشکل علیه العلامة بأنه لا یکون الشرط المذکور قبل العقد واجب الوفاء إلا إذا کان إیقاع العقد بانیا علیه فإنه یکون العقد مشروطا به و کیف کان فلا یهمنا کشف مراد الشیخ أنه أی شیء أراد و انّما المهم انّما هو بیان أن هذا الشرط واجب الوفاء أم لا و الظاهر أنه لا قصور

ص:134

فی صدق مفهوم الشرط علیه و کونه واجب الوفاء أیضا بمقتضی دلیل وجوب الوفاء بالشرط.

و الوجه فی أن الثانی یجب الوفاء به دون الا هو ان معنی الشرط هو الرّبط بین الشیئین کما فی القاموس حیث ذکر ان الشرط هو الالتزام و الالتزام فی البیع و نحوه فإنّما یکون الالتزام بالشرط مربوطا بالالتزام العقدی إذا کان الالتزام العقدی و إبرازه باقیا علی الشرط و مربوطا الیه بحیث یکون بین الالتزامین ربط و عقدة لیتحقق معنی الشرط الذی ذکره أهل اللغة و هذا المعنی هو المتفاهم عرفا و کذلک هو المستفاد من قوله(علیه السلام)کل شرط سائغ و لازم الاّ شرط خالف الکتاب و السنة و علی الجملة المستفاد من کلمة الشرط الذی یجب الوفاء به و الا شرطا خالف الکتاب و السنة هو المربوط بالعقد لا ما یکون خارجا عنه فإنّه مجرّد و عد فیجری علیه حکمه من وجوب الوفاء و عدمه.

و من الواضح أن المذکور قبل العقد إذا کان مغفولا عنه حین إنشاء البیع أو منسیا أو متروکا عمدا بحیث أنشأ البیع غیر مبنی علی الشرط فلا یجب الوفاء به لا من جهة القصور فی أدلة وجوب الوفاء بالشرط و لا من جهة التمسّک بالإجماع علی عدم وجوب الوفاء به حتی یقال انّ المسألة مختلف فیها فلیس فی المقام إجماع بل من جهة منع صدق الشرط علیه إذ هو بالنسبة إلی العقد المنشأ خالیا عن ذکره و خالیا عن البناء علیه أن إنشاء المعاملة بانیا علی هذا الشرط کسائر الأمور الأجنبیة عن العقد فلا یکون واجب الوفاء و انّما هو کسائر المواعید التی أجنبیة عن هذا العقد فیکون عدم وجوب الوفاء

ص:135

به من جهة عدم الموضوع و عدم صدق الشرط علیه کما هو واضح فلا یکون هذا کالمحذوف النحوی لیکون فی حکم المذکور.

و أما إذا کان الشرط مذکورا قبل العقد و کان العقد المنشأ مبنیّا علیه من غیر أن یکون مغفولا عنه عند البیع فیصدق علیه الشرط حقیقة فی مقام الثبوت غایة الأمر أن الدلالة علیه فی مقام الإثبات منفیة بحیث لو سمع أحد الکلام الذی أنشأ به البیع خالیا عن ذلک الشرط حسب أنه مطلق و المعاملة المنشئة بهذا الإنشاء خالیة عن الشرط و الوجه فی ذلک هو ما عرفت من أن المستفاد من معنی الشرط بحسب المتبادر من کلمته فی الاخبار و من العرف و من تصریح أهل اللغة هو ما یکون مربوطا بشیء و لیس إظهاره بمظهر فی مقام الإنشاء من مقومات ذلک فإذا کان إبراز المعاملة باینا علیه فیکون مربوطا بها فیکون الالتزامین أی العقدی و الشرطی مرتبطین ای أحدهما بالأخر و لا یقاس ذلک بحقیقة المعاملات التی لا یترتب علیه الأثر إلاّ بعد الإظهار و الإبراز لا بمجرد الاعتبار و ذلک لأنا ذکرنا فی أول البیع أن حقیقته عبارة عن اعتبار الکلیة لکل من العوضین من کل من المالکین للآخر و إظهاره بمبرز فی الخارج و کک سائر المعاملات فإنّها لیست مجرد اعتبار نفسانی و الا للزم أن یکون بمجرد الاعتبار النفسانی أن یملک الآخر و لیس کک حتی مع العلم بالاعتبار کما إذا علم کل من المتبایعین بعلم الإشراق أن الأخیر اعتبر ملکیة ماله له و کذا العکس فإنه لا یکون هذا بیعا ما دام لم یقترن بالإظهار فحقیقة البیع و کذلک ان حقیقة سائر المعاملات متقوّمة بالاعتبار النفسانی و بالإظهار الخارجی کما لا یخفی.

ص:136

و هذا بخلاف حقیقة الشرط فإنه لیس متقوّما بالاعتبار و بالإظهار الخارجی معا بل معناه کما ذکرناه هو الرّبط بین الشیئین و هو حاصل بمجرد البناء و القصد و إظهار المعاملة و ابرازها و إنشائها بانیا علیه فإنه بمجرد ذلک یحصل الرّبط کما لا یخفی فلا یحتاج الی اللفظ بوجه و قد ذکر ذلک المحقق الایروانی أیضا فیجب الوفاء به للعموم علی أن التزامهما مقید فی نفس الأمر فلا یعقل التفکیک بینهما لکی یکون أحدهما واجب الوفاء دون الآخر.

و أما ما ذکره المصنف من ان الشرط المذکور قبل العقد إذا لم یذکر فی العقد و لو بالإشارة کان لغوا و ان وقع العقد بانیا علیه و أما ما ذکره فقد ظهر جوابه ممّا حققناه فکأن المصنف حسب أن قوام الرّبط و الشرط کقوام المعاملات بالإظهار و الإبراز و قد عرفت أنه لیس کک و الحاصل أن الشرط المذکور قبل العقد الذی یقع العقد فی الخارج باینا علیه کالمحذوف المقدر فإنه فی حکم المذکور.

و من هنا ظهر بطلان ما ذهب الیه شیخنا الأستاذ أیضا من أن القصور و الدواعی غیر معتبرة فی العقود ما لم ینشأ لفظ علی طبقها فمجرد وقوع العقد مبنیا علی شرط مع عدم ذکره فی متن العقد لا یؤثر فی سقوط الخیار و ذلک لان الشرط إلزام مستقل لا یرتبط بالعقد فارتباطه به یتوقف علی الالتزام به فی العقد و مجرّد البناء لیس التزاما به و لا یقاس ذلک علی أوصاف المبیع المعتبرة فیه بالارتکاز و وجه الظهور أن الغرض من الشرط هو ارتباط الالتزام العقدی بالالتزام الشرطی فی نظر المتعاملین بحیث یکون أحدهما مربوط بالاخر و لا یلزم أن یکون علی نحو معرفة غیرهما أیضا فإن تحقق

ص:137

حقیقة الشرط لا یتوقف علی الإظهار کما یتوقف البیع علیه فلو کان تحققه محتاجا الی فهم الغیر أیضا لزم ان لا تحقق المعاملات الواقعة فی الخفاء التی لا یطلع علیها غیر المتعاملین.

قوله فرع ذکر العلامة فی التذکرة موردا لعدم جواز اشتراط.

نفی الخیار

أقول کان کلامنا فی سقوط الخیار بالشرط و قد ذکر العلامة فی التذکرة أنّه قد لا یجوز اشتراط إسقاط الخیار لا من جهة إسقاط ما لم یجب فإنه لو کان صحیحا لکان جاریا فی جمیع موارد اشتراط إسقاط الخیار بل من جهة أخری کما إذا نذر المولی أن یعتق عبده إذا باعه بأن قال للّه علیّ ان أعتقک إذا بعتک و قال لو باعه بشرط نفی الخیار لم یصحّ البیع لصحّة النذر و یجب الوفاء به و لا یتم ذلک برفع الخیار لرفع موضوع النذر و قد ذکر المصنف أن ما ذکره العلامة مبنی علی أن النذر المعلّق بالعین یوجب عدم تسلط الناذر علی التصرّفات المنافیة له ثم قال و قد مرّ أن الأقوی فی الشرط أیضا کونه کک.

أقول لا یتم ما ذکره العلامة و ارتضاه المصنف و أضاف إلیه الشرط صغری و کبری و أما الوجه فی عدم تمامیة الصغری فلان عتق العبد لا ینحصر بفسخ العقد بخیار المجلس ثمّ عتقه بل یمکن بوجه آخر کالشراء ثانیا أو تملکه بغیر الشراء کالاتهاب أو التوارث فإنه مع الاطمئنان برجوعه الی ملکه ثانیا لا مانع من عدم الفسخ فعتقه لا ینحصر بصورة الفسخ فقط بل یمکن بغیره أیضا کما هو واضح.

و أما الوجه فی عدم تمامیة الکبری أن وجوب الوفاء بالنذر و کذا وجوب الوفاء بالشرط وجوب تکلیفی کما تقدّم قریبا و قد عرفت أنه لا ملازمة بین الحکم التکلیفی و الحکم الوضعی بأن تکون المخالفة

ص:138

بالحکم التکلیفی موجبة لبطلان المعاملة المنهیة عنها أیضا فلأدلة للنهی عن شیء تکلیفا علی فساده وضعا إلا بالقرائن کما فی الخمر نعم لو کان النهی إرشاد یا فیدل علی الفساد کما فی نهی النبی (صلی الله علیه و آله)عن بیع الغرر و نحوه و علی هذا فمخالفة الناذر و نذره أو مخالفة الشارط شرطه حرام تکلیفا فإذا نذر أن یعتق عبده إذا باعه أو شرط ذلک علی نفسه فی ضمن معاملة ثمّ باعه بیعا لازما و خالف نذره فلم یعتق فلا تدل مخالفته هذه علی بطلان البیع و قد تقدم فی المکاسب المحرمة کثیرا أن الحرمة التکلیفیة لا یلازم الحرمة الوضعیة بل هی تدل علی مبغوضیة الفعل فقط لا علی عدم نفوذه.

و تظهر الثمرة فیما إذا باعه فی حال الغفلة و النسیان عن نذره فإنه لا یکون حراما أیضا تکلیفا لکونه مرفوعا عند الغفلة و النسیان کما هو واضح و أما ما ذکره شیخنا الأستاذ من أن الحکم الشرعی یجعل الإنسان مسلوب القدرة فقد تقدم جوابه و تقریب کلامه.

قوله:مسألة و من المسقطات إسقاط هذا الخیار بعد العقد

بل هذا هو المسقط الحقیقی أقول لا شبهة فی جواز إسقاط خیار المجلس بعد العقد بل هو المسقط الحقیقی کما ذکره المصنف و انّما الکلام فی دلیل ذلک.

و قد استدل علیه المصنف بوجوه
الأول:دعوی الإجماع علیه

و لکنه تقدم غیر مرّة أن الإجماع فی مثل هذه المسألة لیس تعبدیا بل هو مبنی علی الوجوه المذکورة فی المسألة.

الثانی القاعدة المسلمة بین الفقهاء أن لکل ذی حق إسقاط

حقه

و لعل الوجه فی ذلک قوله(علیه السلام)الناس مسلطون علی أموالهم

ص:139

فإن مقتضی ذلک هو تسلط ذی الحق بحقه فیفعل فیه ما یشاء بالفحوی و بالطریق الأولویة فإن الإنسان إذا کان مسلطا لما له الذی من قبیل الأعیان فهو مسلط علی حقه أیضا.

و فیه اما لمن له الخیار حق لإسقاطه أو لا أی أن هذا الخیار الثابت له اما من قبیل الحقوق أو من قبیل الحکم فان کان منه قبیل الحقوق فلا یحتاج الی التمسک بفحوی دلیل السلطنة أو بمنطوقه فان معنی الحق هو کون ذی الحق مسلطا علی حقّه بحیث یفعل فیه ما یشاء.

و ان لم یکن من قبیل الحقوق بل من قبیل الحکم فلا یقبل الاسقاط سواء کان هنا دلیل السلطنة أم لا.

و بعبارة واضحة قد ذکرنا فی أول البیع أنه لا فرق بین الحق و الحکم من حیث کونهما مجعولین للشارع بل کلاهما من الأحکام الشرعیة التی جعلها الشارع و لکن بعض هذه الاحکام قد فوضه الی المکلّف و جعل اختیاره بیده فله أن یتصرف فیه کیف یشاء و نسمی ذلک حقا فی الاصطلاح و ان کان حکما فی الحقیقة أیضا و هذا لا یکون إلاّ إذا ثبت بالدلیل فبدونه لا یمکن أن یقال ان هذا الحکم اختیاره بید المکلّف.و لذا کلمات شککنا فی مورد أنه یسقط بإسقاط من له ذلک أو لا فالأصل بقائه و عدم سقوطه بالإسقاط تمسکا بدلیله.

و علی هذا فلا یمکن إثبات الحقیقة بدلیل السلطنة فإنه ناظر الی الکبری و أن کل من له السلطنة علی شیء فله التصرف فی متعلق سلطنته کیف یشاء و بالفحوی یثبت جواز التصرف فی الحق و متعلقة و لکن لا یثبت بذلک أن الحکم الفلانی حق و الحکم الفلانی

ص:140

لیس بحق.

الثالث قوله(علیه السلام)المؤمنون عند شروطهم

بدعوی أنه إذا شمل الشروط الابتدائیة لکان شاملا لذلک أیضا فإن إسقاط الخیار بعد العقد التزام بأن لا یکون له خیار فیکون من الشروط الابتدائیة.

و فیه أولا أنه لا تشمل الشروط الابتدائیة للاتفاق بعدم کونها واجب الوفاء بل لیست من الشروط و قد تقدم من القاموس أن الشرط هو الإلزام و الالتزام فی بیع و نحوه.

و ثانیا علی تقدیر کونه شاملا للشروط الابتدائیة فلا شبهة لعدم شموله لإسقاط الخیار بعد العقد الذی هو محل کلامنا و ذلک فان معنی إسقاط الخیار هو الالتزام بأن لا یکون له خیار و لا شبهة ان ثبوت الخیار له و عدم ثبوته له من الأحکام الشرعیة فلا یکون تحت اختیار المکلّف کما لا یخفی،فلا یعقل شمول المؤمنون عند شروطهم لذلک.

الرابع فهو العمدة و حاصله أنا استفدنا من النص الدال علی

سقوط الخیار بالتّصرف

معللا بأنه رضا بالبیع فیدل ذلک علی أن الرضی بالبیع و بسقوط الخیار یوجب السقوط بأی کاشف کان ذلک الدال فکلما دل علی رضا ذی الخیار بسقوط الخیار فیکون ذلک موجبا للسقوط کما لا یخفی فان المناط هو الرضا لا أن للفظ خاص موضوعیة بحیث یکون سببا للسقوط تعبدا کما لا یخفی.

و یترتب علی ذلک المسألتان اللتان ذکرهما المصنف بعد ذلک
الاولی أنه لا یعتبر فی إسقاط الخیار لفظ خاص

کما یعتبر ذلک فی العقود و الإیقاعات علی المشهور من العربیة و الماضویة و غیرهما بل یسقط الخیار بکل ما یکون کاشفا عن الرضا عن ذی الخیار علی ذلک

ص:141

لما عرفت أن المناط هو الرضا بالبیع و کونه لازما و هو یحصل و لو بالإشارة بالحواس و نحوه و علی هذا فیجری فی الإسقاط ما یکون شبیها بالبیع الفضولی کما إذا قال أحد غیر ذی الخیار أسقط خیار الفلانی ثم یقول صاحب الخیار أمضیت فإنه یکون ذلک إسقاطا فإن الإمضاء مصداق لسقوط الخیار و مصداق للرضا به کما لا یخفی فلا یعتبر هنا لفظ خاص لتحقق المناط المذکور بأی کاشف.

المسألة الثانیة ما ورد فی بعض الروایات و إن کانت غیر جامعة

لشرائط الحجیة

أنه لو قال أحدهما لصاحبه اختر فهل یکون هذا إسقاطا للخیار أم لا و قد وقع ذلک محل الکلام بین الاعلام.

لا شبهة أن کلمة اختر لیس من مسقطات الخیار تعبدا فیقع الکلام فی دلالته علی ذلک و قد یقال أن کلمة اختر معناه إسقاط خیاره عن نفسه و إرجاع أمر العقد الی الطرف الآخر و اما إذا لم یکن له خیار فمعناه تملیک خیاره الیه و الحاصل أن قول القائل لصاحبه اختر هذا العقد معناه إرجاع أمر العقد و تفویضه الیه بحیث لا یکون للقائل اختیار فی العقد أصلا و علیه فان کان للطرف الآخر خیار أیضا فیسقط خیار القائل و الا فیکون تملیکا لخیار نفسه الی الطرف الآخر.

و قد یقال:ان معنی کلمة اختر تفویض الخیار الی الطرف الأخر بحیث یکون هو المفوض إلیه فی ذلک امام یعمل أو لا یعمل دون الاسقاط و قد یقال ان معنی کلمة اختر هو استکشاف حال الطرف بالنسبة إلی العقد أنه أیّ شیء یختار فی العقد الفسخ أو الإمضاء.

و علی الثالث لا یکون التکلم به موجبا لسقوط الخیار لکونه مسوقا للتجربة و الامتحان بل قیل علی الثانی أیضا لا یدل علی سقوط الخیار

ص:142

فان تفویض الأمر الی صاحبه فی أمر خیار المجلس لا یدل علی سقوط خیار نفسه غایة الأمر أنه یکون مثل الموکل الّذی فوض أمر شیء إلی الوکیل المفوض فإنّه مع کونه وکیلا مفوضا فللموکل أیضا أن یتصرف فی ذلک الشیء الّذی و کلّ غیره فیه.

و قال شیخنا الأنصاری و هو الحق أن کلمة اختر لا یدلّ الاّ علی کشف حال الطرف و امتحانه و أما أزید من ذلک فلا شیء من الدلالات المطابقیة و غیرهما الا أن تکون هناک قرینة حالیة أو مقالیة تدل علی کون مراد المتکلّم هو إسقاط الخیار و هو کذلک فإن مادة کلمة اختر هی لا تدلّ علی أزید من الاختیار و هیئتها هی صیغة الأمر فلا دلالة فی شیء من المادة و الهیئة علی ذلک أی سقوط الخیار بل لا یستفاد منها الاّ امتحان الطرف و کشف حاله أنه یمضی العقد و یسقط خیاره أم لا بدّ یرید الفسخ.

قوله ثمّ انّه لا إشکال فی ان إسقاط أحدهما خیاره لا یوجب سقوط خیار الأخر أقول قد تقدم فی أوائل الخیار أن إمضاء أحدهما العقد لا یوجب سقوط خیار الأخر و کون العقد لازما من قبله بل هو باق علی خیاره نعم أن فسخ أحدهما یوجب فسخ الآخر کما ذکره المصنف ثمّ تصدی المصنف لبیان صورة معارضة الفسخ و الإمضاء و قال:لو اقتضت الإجازة لزوم العقد من الطرفین کما لو فرض ثبوت الخیار من طرف أحد المتعاقدین أو من طرفهما لمتعدد کالاصیل و الوکیل فأجاز أحدهما و فسخ الأخر دفعة واحدة أو تصرف ذو الخیار فی العوضین دفعة واحدة کما لو باع عبدا بجاریة ثمّ أعتقهما جمیعا حیث ان إعتاق العبد فسخ و إعتاق الجاریة إجازة أو اختلف الورثة فی الفسخ

ص:143

و الإجازة تحقق التعارض و ظاهر العلامة فی جمیع هذا الصور تقدیم الفسخ و لم یظهر وجه تامّ و سیجیء الإشارة الی ذلک فی موضعه إنشاء اللّه تعالی.

و التحقیق فی بیان الکبری فی المقام أنه قد یقال بثبوت الخیار للطبیعی بحیث کلّمن سبق إلی اعمال الخیار من الفسخ أو الإمضاء لا یبقی مجال للآخر أصلا کما أن الشخص الواحد لیس له الاّ خیار واحد من الفسخ أو الإمضاء فالطبیعی أیضا فی حکمه فکأنّه فرد واحد و قد احتمل هذا الوجه فی ثبوت الخیار للورثة بموت المورث و قالوا بان هنا ح خیار واحد فأی من الورثة سبق إلی إعماله فیسقط عن الباقین.

و قد یقال بکونه ثابتا لکل واحد و لکن یکون الخیار الثابت للثانی فی طول الخیار الثابت للأول أی من فروعه و شؤونه سواء کان خیاره فی طول خیار الأول متعددا أو واحدا و هذا کخیار الوکیل الواحد أو المتعدد من الموکل فی اعمال الخیار.

و قد یقال بثبوته لکل واحد واحد من الأشخاص علی نحو الاستقلال من غیر أن یرتبط بالآخر أصلا.

أما علی الأول فلا شبهة فی سقوط الخیار عن البقیة بسبق أحد أفراد الطبیعة إلی إعماله إما بالفسخ أو بالإمضاء کما عرفت فإنه حینئذ لیس هنا الأخیار واحد فلا یعقل بقائه بعد سقوطه بالإعمال إسقاطا أو أعمالا فلا یبقی لخیار الثانی موضوع أصلا لارتفاعه بفسخ السابق أو إمضائه.

و علی هذا فلو تقارن فسخ أحد أفراد الطّبیعة مع إمضاء الفرد

ص:144

الآخر فلا مناص عن التساقط حینئذ و لا یکون شیء من الفسخ أو الإمضاء مؤثرا فی العقد فیکون الخیار باقیا علی حاله فان سقوطه و عدمه معا مستحیل للتناقض لما عرفت أن ثبوت الخیار للطبیعة کثبوته لفرد واحد فکما لا یعقل تأثیر صدور الفسخ و الإمضاء من شخص واحد بأن یکتب بإحدی یده الفسخ و بالآخر الإمضاء و یبرز هما معا أو یفسخ بلسانه و یمضی بکتابته أو بإشارته فان شیء من ذلک لا یعقل لانه مستلزم لتناقض و ترجیح أحدهما علی الأخر ترجیح بلا مرجح فیلغو کلاهما و کک فی هذه الصورة فإنه حینئذ لیس هنا الاّ خیار واحد فهذا الخیار الواحد لا یعقل أن یؤثر فی العقد الفسخ و الإمضاء معا.و علی هذا الفرض لا وجه لکلام العلامة أصلا لا انه لم یظهر له وجه تامّ کما ذکره المصنف لما عرفت أنه غیر معقول و انه مستحیل کما لا یخفی.

و أما علی الثانی بأن یکون خیار أحدهما فی طول خیار الأخر فقد عرفت أنه علی قسمین الأول أن یکون الثانی الذی خیاره فی طول خیار الأول واحدا کما إذا و کل أحد شخصا أخر فی أمر الخیار فان خیار الوکیل فی طول خیار الموکل أی من فروعه و شؤونه.

الثانی أن یکون الوکیل فی اعمال خیار الموکل متعددا کأن و کلّ نفرین فی اعمال خیار المجلس الثابت فان هذا الخیار الثابت للوکیل فی طول خیار الموکل.

و علی کلّ حال فکلّ من سبق من الوکیل أو من الموکل إلی اعمال الخیار فیرتفع الخیار و لا یبقی للآخر مجال أصلا فإن سبق الموکل فلا یبق مجال لخیار الوکیل و ان سبق الوکیل فلا یبقی مجال لخیار الموکل و کک الحال فی سبق أحد الموکلین علی الوکیل الأخر و الموکل

ص:145

و الوجه فی ذلک أن هنا خیار واحد ثابت للموکل و للوکیل فی طوله فبعد اعمال کل منهم ذلک لا یبقی مجال لخیار الأخر أصلا.

و ان تقارنا بان فسخ الوکیل و أمضی الموکل أو فسخ أحد الوکیلین و أمضی الآخر فإنه حینئذ لا مناص من التساقط أیضا و من عدم تأثیر شیء من الفسخ و الإمضاء لما عرفت من انه لیس هنا الاّ خیار واحد فلا یعقل أن یعمل هذا الخیار الواحد بالفسخ تارة و بالإمضاء أخری معا فقهرا یحکم بالتساقط کما عرفت فی ثبوته علی الطّبیعی فهذان- الاحتمالان أی احتمال ثبوته للطبیعة و احتمال ثبوته للمتعدد طولا متحدان من حیث النتیجة فلا مجال لکلام العلامة فی هاتین الصورتین و أما علی الثالث:فلکل منهما خیار مستقل فله اعماله من غیر أن یرتبط بالاخر کما تقدم نظیره فی ثبوت خیار المجلس للوکیل و الموکل معا علی نحو الاستقلال مع اجتماعهم فی مجلس واحد أو مع کون الوکیلین فی مجلس و الموکلین فی مجلس آخر مجتمعین کما تقدم و حینئذ فکل یترتب حکم خیار نفسه علی حده من دون ربط بالاخر.

و علی هذا فلو فسخ أحدهما سواء کان قبل إمضاء الآخر أو مقارنا بإمضائه أو بعده فیبطل العقد و ینحل فلا یبقی شیء أصلا فإن الفسخ یقدم علی الإمضاء حتی بعد إمضاء الآخر و قد تقدم وجهه سابقا من أن فی الفسخ خصوصیة یوجب انحلال المعاملة لأنه عبارة عن الحل و الحل انما یکون من الطرفین بخلاف الإمضاء فإنه إقرار العقد فهو تحصل من قبله أیضا وحده.

و علی هذا الفرض فمع التقارن یقدم الفاسخ و مع التأخر عن الإمضاء یقدم علی الإمضاء فمع التقارن یقدم أیضا بطریق الأولویة

ص:146

و لو کان مراد العلامة من تقدیم الفاسخ علی المجیز هذا فله وجه وجیه و علی الجملة فکلما کان الفسخ مقدما علی الإمضاء فی فرض تأخره عنه فیقدم فی فرض التقارن بالأولویة أیضا و کلّما وقع التعارض بینهما فی صورة المقارنة فلا یکون الفسخ مقدما فی صورة التأخر أیضا بالأولویة لعدم بقاء الموضوع له ح.

قوله من جملة مسقطات الخیار افتراق المتبایعین

أقول:یقع الکلام فی جهتین الاولی فی أن المدار فی الافتراق الموجب لسقوط الخیار أی شیء هل هو طبیعی الافتراق و لو بمقدار إصبع أو بمقدار شعرة أو المناط هو الافتراق بمقدار خطوة أو المناط هو الافتراق العرفی وجوه ثلثة التی ذکرها المصنف.

الجهة الثانیة فی أن ما یوجب لسقوط الخیار من الافتراق و أن موضوع الحکم هو الافتراق بما هو افتراق أو ان الموضوع هو الافتراق الکاشف عن الرضا و أما ما کان عن اکراه لا یوجب سقوط الخیار.

أما الکلام فی الجهة الأولی فذکر المصنف أن الافتراق بما هو افتراق موجب لسقوط الخیار قلیلا کان أم کثیرا فان الظاهر من الأدلة هو حصول الخیار بمجرّد الافتراق و انفصال الهیئة الاجتماعیة الحاصلة لهما حین العقد،فإذا حصل مسمی الافتراق و صدق الطبیعی سقط الخیار.و الذی یصرح أن مراد المصنف هو ذلک ما ذکره فی ذیل کلامه من قوله فلو تبایعا فی سفینتین متلاصقتین کفی مجرّد افتراقهما.

الوجه الثانی اعتبار الخطوة فی الافتراق المسقط للخیار فقد

ص:147

ذکره جماعة اغترارا بالتمثیل بالخطوة الواقعة فی کلمات جماعة و لکنه لا دلیل علیه بوجه و انّما ذکره جماعة من باب المثال و علی تقدیر أنهم ذکروا ذلک من باب التحدید فلا دلیل علیه لانه لم یرد من الشرع ما یوجب التحدید کما ورد ذلک فی تعیین الکر و النصاب فی الزکاة و نحوهما.

الثالث أن یقال بأن المناط فی ذلک هو الافتراق العرفی و أما الوجهان الأولان فلا دلیل علیهما و بیان ذلک أن المراد من الافتراق لیس هو مجرد الانفصال بأی نحو کان و لو کان طبیعی الانفصال بین المتبایعین لحصوله من الأول بالبدیهة فإنه قلّما یتفق أن یکون إمضاء أحد المتبایعین متلاصقا بالأخر بالید أو بشیء آخر من أعضاء بدنهما و علیه فالمراد من الافتراق لیس هو افتراق بدن کل منهما عن الآخر فلا بدّ و أن یراد من ذلک هو الافتراق عن مجلس العقد سواء کانا- جالسین أو قاعدین أو مضطجعین أی عن مجلس العقد للمعاملة و لو کان فی حالة المشی فلو کانا فی قبة و اجتمعا فی تلک القبة للمعاملة الخاصة فالاجتماع فیها اجتماع للمعاملة فیکون هذا المجلس مجلس المعاملة فلا یحصل التفرق حینئذ إلاّ بالتفرق من هذا القبة و انقضاء مجلس البیع عرفا فإنه ما دام هذا الاجتماع فی هذه القبة باق لا یصدق التفرق عن مجلس المعاملة کما لا یخفی.

فلو قام أحدهما لشرب الماء فی الزاویة أخری من القبة أو للتوضی لا یحصل الافتراق عرفا و ان حصل التفرق بالدقة العقلیة و هکذا ان التفرق فی کل مجلس اجتمعا للمعاملة بحسب حال ذلک المجلس عرفا و علی هذا لا یضر التفرق بمقدار عشرة خطأ فضلا عن الخطوة الواحدة

ص:148

کما ذکره جماعة بل فضلا عن التفرق بالمسمی کما ذکره المصنف بل المناط هو الصدق العرفی و انهدام الهیئة الاجتماعیة لأجل المعاملة عرفا هذا بحسب ما یستفاد من الروایات.

و لکن ورد فی روایة صحیحة أنه علیه السلام قال فلما أوجب البیع قمت فمشیت خطأ لیجب البیع فان الظاهر من هذه الروایة الشریفة أن المشی خطا یوجب سقوط الخیار و ان المشی لا جل إسقاط الخیار لا لغرض آخر و علیه فالمناط فی سقوط الخیار هو ذلک و أقله بثلثة خطوات فإنه لو لم یکن المشی خطأ موجبا لسقوط الخیار لکان ذکره فی الحدیث لغوا فإنه لیس من باب الصدقة فإن الحالات الموجودة حال البیع و بعده کثیرة فلو لم یکن لذکر ذلک موضوعیّة لم یذکره الامام علیه السلام و لذکر غیره فیعلم من ذلک ان المناط فی سقوط الخیار و بالتفرق هو ذلک و ان الامام(علیه السلام)طبق الکبری الکلیة علی المورد الخاص لا أن القضیة شخصیة فی مورد خاص کما لا یخفی فتحصل أن ما یظهر من هذه الروایة الشریفة هو المیزان فی سقوط الخیار بالتفرق.

ثم أنه هل یحصل التفرق بحصوله بالاختیار من أحد الطرفین و بالاضطرار عن الآخر أو بالاضطرار من الطرفین أو لا بدّ و أن یکون اختیاریّا من کلا الطّرفین و بعبارة أخری هل یعتبر فی التفرق أن یکون اختیاریّا من کلا الطرفین أو یکفی من احد الطرفین أو لا یعتبر الاختیار فی شیء من الطرفین أصلا.

الظاهر أنه لا یعتبر الاختیار فی حصول مفهوم التفرق أصلا فإنه أمر تکوینی یحصل بمجرد انفصال أحد المجسمین عن الآخر و بعبارة

ص:149

أخری أن التفرق و الانفصال من الأمور النسیة و هو یتحقّق من الطرفین بمجرد تباعد أحد الجسمین عن الآخر و إذا انفصل أحدهما عن الآخر بأی نحو کان یحصل التفرق من الطرفین حقیقة و أما سقوط الخیار بمطلق التفرق و عدم سقوطه فهو مطلق آخر و غیر مربوط بالمقام.

و أما ما ذکره المصنف من قوله فذات الافتراق من المتحرک و اتصافها بکونها افتراقا من الساکن فلا معنی له فان الافتراق حقیقة یحصل من الطرفین بمجرد تفرق أحدهما عن الآخر کما لا یخفی فلا نعقل معنی لکون ذات الافتراق من المتحرک و اتصافها بکونها افتراقا من الساکن کما هو واضح لا یخفی و یدل علی تحقق الافتراق بمجرد تفرق أحدهما قوله(علیه السلام)قمت فمشیت خطأ لیجب البیع حین افترقنا حیث اثبت افتراقهما بمجرد انفصاله علیه السلام عن الآخر من غیر أن یکون الآخر متحرکا بل کان جالسا.

(فیما لو أکره أحدهما علی التفرق)

قوله مسألة المعروف أنه لا اعتبار بالافتراق عن إکراه إذا منع من التخایر، أقول:لا شبهة أن موضوع عدم الفسخ هنا مرکب من أمرین أحدهما التفرق و الثانی عدم الفسخ و علیه قد یکون کل منهما اختیاریا بأن یکون متمکنا من الفسخ و لا یکون مکرها علیه و یکون مختارا فی التفرق و عدمه و هذا هو القدر المتیقن من مورد سقوط خیار المجلس بالتفرق أی إذا کان متمکنا من الفسخ و کان مختارا فی التفرق و مع ذلک تفرّق باختیاره و لم یفسخ کک باختیاره یسقط خیاره.

و قد یکون مختارا فی الفسخ و عدمه متمکنا عنه و مع ذلک کان

ص:150

مکرها علی التفرق و قد یکون عکس ذلک بأن یکون مکرها علی عدم الفسخ و لکن کان مختارا فی التفرق فالمعروف المشهور فی هذین الفرضین أیضا سقوط الخیار و الوجه فیه ما سیأتی من أنه مع کون أحد جزئی الموضوع.المرکب إکراهیا و الجزء الأخر غیر اکراهی لا یوجب رفع الحکم المتعلق به أو المترتب علیه لکونه اختیاریا کما لا یخفی فافهم قد یکون مکرها علی کلیهما بأن یکون مکرها علی التفرق و غیر متمکن من الفسخ ای مکرها علی عدم الفسخ فالمشهور هنا هو عدم سقوط الخیار

و قد استدل علی هذا بوجوه

کما یظهر من کلام المصنف

الأول الإجماع المنقول المنجبر بفتوی المشهور.

و فیه أن کلا من الإجماع المنقول و الشهرة لیس بحجة فلا یکون ضم غیر الحجة بمثله مفیدا للحجیة أما عدم حجیة الشهرة الفتوائیة فواضح و أما عدم حجیة الإجماع المنقول فمن جهة أن المظنون أن مدرکه هو الوجوه المذکورة فی المقام فلا یکون هنا إجماع تعبدی کاشف عن رأی المعصوم(علیه السلام).

الثانی أن المتبادر من الفعل هو الاختیاری

فالحکم المترتب علی فعل یکون مترتبا علی فعل اختیاری لا علی فعل غیر اختیاری فالمناط فی التفرق الموجب لسقوط الخیار هو التفرق الصادر عن المتفرق باختیاره لا الصادر بالإکراه فإنه حینئذ لا یسقط الخیار بل یتمسک بأصالة بقاء الخیار و یحکم بعدم سقوطه.

و قد أشکل علیه المصنف بأنه یمکن منع التبادر فان المتبادر هو الاختیاری فی مقابل الاضطراری الذی لا یعد فلا حقیقیا قائما بنفس الفاعل بل یکون صورة فعل قائمة بجسم المضطر لا فی مقابل

ص:151

المکره الفاعل بالاختیار لدفع الضرر المتوعد علی ترکه فان التبادر ممنوع.

ثم ذکر ثانیا أنه لو تم هذا انما یتم فی صورة الإکراه و الاضطرار علی التفرق مع التمکن من الفسخ مع أن المشهور ذهب فی هذه الصورة إلی سقوط الخیار.

أقول أما جوابه الثانی أی النقض بصورة الإکراه علی التفرق مع تمکنه من الفسخ فهو متین و أما جوابه الأول فلا یمکن المساعدة علیه فإنه لا فرق بین الاضطرار و الإکراه بل الظاهر أن المتبادر من الفعل هو الأعم من الاختیاری و غیر الاختیاری الشامل لصورة الاضطرار أیضا فإن الاختیار لم یؤخذ فی الافعال لا بموادها و لا لهیئاتها أما موادها فواضح فلان مثل التفرق و القعود و القیام و الجلوس و النوم و نحوها من مواد الأفعال أعم من الاختیاریة و غیرها فتخصیصها بحصة خاصة و هی کونها اختیاریة مجازفة.

و أما الهیئات فهی مختلفة بحسب المشتقات فإنها قد تدل علی صدور الفعل و قد تدل علی حلوله و وقوعه علی المواد و هکذا فلیس فیها اختیار أصلا نعم قد یکون الاختیار مأخوذا فی مفهوم المواد لعنوان التعظیم و الإهانة و الصوم و الصلاة و نحوها من الأمور التی من العناوین القصدیة فان الاختیاریة مأخوذة فیها بحسب المفهوم کما هو واضح.

و علی الجملة لا وجه للقول بأن المتبادر من الافعال هو کونها اختیاریة سواء کان الاختیار فی مقابل الإکراه أو فی مقابل الاضطرار فإن الأفعال غیر ما یکون الاختیار مأخوذا فی مفهومه أعم من الاختیاریة

ص:152

و غیرها و من هنا تری أنهما تنقسم إلی الاختیاری و غیر الاختیاری فیقال قیام اختیاری و قیام غیر اختیاری و موت اختیاری و موت غیر اختیاری و قعود و اضطجاع اختیاریین و غیر اختیاریین و هکذا.

الوجه الثالث:الاستدلال بحدیث الرفع

فان ما اکره علیه أو- اضطر علیه الإنسان مرفوع فی الشریعة المقدسة بمقتضی حدیث الرفع.

و قد أجاب عنه المصنف بأنه لا یمکن أن یجعل التفرق کلا تفرق بمقتضی حدیث الرفع لان المفروض أن التفرق الاضطراری أیضا مسقط مع وقوعه فی حال التمکن من التخایر فلو کان حدیث رفع الإکراه رافعا لحکم التفرق مع عدم التمکن من التخایر لکان حدیث رفع الاضطرار رافعا لحکم التفرق أیضا مع التمکن من التخایر.

و لکن یرد علیه أنه لا مجال لهذا النقض لما عرفت أن موضوع عدم الخیار هو التفرق و عدم الفسخ و هو انما یکون حکما إکراهیا إذا کان کلا الجزئین من موضوعة المرکب إکراهیا و أما إذا کان أحد الجزئین اختیاریا و الآخر إکراهیا فیکون الحکم أیضا حکما غیر اکراهی و حینئذ لا یترتب علیه حکم الإکراه مثلا إذا کان شخص مکرها علی التکلم بکلمة بع و تکلم المکره بکلمة بعت منشأ بها بیع داره مثلا،فإنه لا یتوهم أحد أن هذا الإنشاء غیر مؤثر باعتبار کون بعض أجزاء ما أنشأ به البیع صادرا عن اکراه.و هکذا فی جمیع الموضوعات المرکبة ففی المقام کک فإن الإکراه.بأحد الجزئین لا یجعل الحکم إکراهیا مع کون الجزء الآخر من الموضوع باقیا علی اختیاریته بحیث یکون الحکم غیر الکراهیی به فإذا کان البائع مثلا مکرها علی التفرق و لکن کان مختارا فی الفسخ و عدمه فله أن یفسخ ذلک فلا یکون مجبورا و مکرا علی عدم الفسخ فلا

ص:153

وجه لهذا النقض.

و قد أجاب شیخنا الأستاذ عن حدیث الرفع أولا أن النسیان مرفوع فیه أیضا مع ان القائل باعتبار الاختیار مقابل الإکراه یلتزم بسقوط الخیار مع النسیان و الغفلة فیستکشف من السقوط فی مورد النسیان ان ذات الافتراق بما انه فعل لا بما هو صادر عن اختیار جعل من المسقطات.

و ثانیا أن حدیث الرفع و ان لم یختص بالحکم التکلیفی و لکن لا یمکن التعدی منه الی غیر الحکم التکلیفی الا الی متعلقاته أی یکون المرفوع به وراء الحکم التکلیفی متعلقا التکالیف لا موضوعاته لان مورد بعض المرفوعات منحصر فی متعلق التکلیف کالحسد و الوسوسة و الطیرة فتعمیم الرفع لموضوعات التکالیف کالسفر و الحضر و التفرق مع عدم الجامع بین المتعلق و موضوع التکلیف لا وجه له فیجب أن یراد منه أنه لو شرب المکلف نسیانا أو کرها أو أفطر کک فشربه کالعدم لا انه لو تحقق السفر أو الإقامة أو التفرق عن کره فوجوده کالعدم و لذا لا یلتزم أحد بأنه لو أقام مثلا عن کره یجب علیه القصر.

أما نقضه بالنسیان فهو متین و لکن لا وجه لجوابه الثانی بل لم یلتزم به فی الأصول و انه التزم فبه بعدم الفرق فی شمول حدیث الرفع بین الموضوع و المتعلق لأن المرفوع بحدیث الرفع هو الحکم المتعلق بفعل المکلف و هو قد یکون متعلقا للتکلیف و المراد به ما یکون مطلوبا أو منهیا عنه و قد یکون موضوعا له و یکون الحکم مترتب علیه و المراد به ما کان شرطا للتکلیف لا مطلوبا بنفسه فالأول مثل الشرب الذی هو متعلق النهی فی شرب الخمر و نحو ذلک و الثانی کالتفرق

ص:154

الذی موضوع لسقوط الخیار فإنه علی کل تقدیر یرتفع بحدیث الرفع کما هو واضح و قد عرفت أنه لم یلتزم بذلک فی الأصول.

و الحاصل أن المرفوع انما هو فعل المکلف الذی یقع علیه الإکراه و هذه قضیة حقیقیة فأیما تحققت یتحقق الحکم بمعنی أنه انما وجد الفعل و تعلق به الإکراه یکون هذا الفعل کعدمه بارتفاع الحکم بل لا یمکن الالتزام به أصلا فإن لازم ذلک أن یلتزم بثبوت الکفارة للإفطار فی شهر رمضان إذا کان عن إکراه بأن یقال أن المرفوع انما هو الحریة لان إفطاره کالعدم و أما الکفارات فهی تترتب علیه فان حدیث الرفع لا یجعل الإفطار المتحقق الذی هو موضوع الکفارة کعدم الإفطار مع انه لم یلتزم به و کک لازم الفرق بین المتعلقات و الموضوعات فی مفاد حدیث الرفع أن یلتزم بثبوت الکفارات للمحرمات فی باب الحج التی حکم الشارع بثبوت الکفارات علی ارتکابها عن العمد إذا صدرت عن اکراه و نسیان و غفلة أیضا بأن یقال أنه لو أکره أحد علی الصید فی حال الإحرام أو نسی فاصطاد فتثبت له الکفارة لأن حدیث الرفع لا یرفع موضوع الحکم فالصید الذی موضوع لثبوت الکفارة غیر مرفوع بل المرفوع انما هو الحکم التکلیفی و متعلقاته أی جعل الصید کعدمه بالنسبة إلی الحکم التکلیفی و لم یلتزم المشهور بذلک.

و أما ما ذکره من الاستشهاد علی عدم شمول حدیث الرفع لموضوعات الاحکام بعدم کون الإقامة و السفر عن اکراه کغیر الإقامة و کغیر السفر حیث ان وظیفة المکلف فی الأول هو الإتمام و فی الثانی هو القصر مع أن لازم القول شمول حدیث الرفع لموضوعات الاحکام هو الالتزام بکون الإقامة و السفر هنا کعدمهما.

ص:155

فهو محض اشتباه حیث ان المستفاد من الاخبار أن موضوع القصر و الإتمام انما هو علم المکلف بالإقامة و عدم علمه بذلک لا الإقامة الخارجیة و عدمها و أن العلم هنا تمام الموضوع لا جزئه و لذا لو علم بأنه یقیم فی مکان عشرة أیام فصلی تماما ثم تبین انه لا یبقی إلا أربعة أیام صحت صلوته فلا معنی للنقض بأنه لو کان حدیث الرفع شاملا لموضوعات الاحکام و رافعا لها أیضا للزوم القول بوجوب القصر مع الإکراه علی الإقامة أو السفر و لذلک لا یرتفع النجاسة بالملاقاة عن نسیان أو عن إکراه لأن موضوع الحکم فیها هو الإصابة کما یظهر من الروایات و من هنا ذکرنا فی محله أن شرائط التکالیف قد تکون أمورا غیر اختیاریة کالوقت نعم التقید بها أمر اختیاری أی تحت اختیار المکلف.

و الحاصل أنه لا یمکن التمسک هنا بحدیث الرفع لوجهین:

الأول أن الظاهر من حدیث الرفع هو الإکراه یوجب رفع الحکم الثابت علی ما اکره علیه من موضوع الحکم الذی ترتب علیه الحکم و من متعلقة الذی ترتب تعلق به الحکم و أما ترتب الحکم علی الإکراه بعدم شیء فلا یستفاد من حدیث الرفع و توضیح ذلک انه إذا کان احد مضطرا إلی شیء أو مکرها علیه أو ناسیا فکان الحکم المتعلق به أو المترتب علیه حراما فی الواقع مثلا فان حدیث الرفع یرفع هذا الحکم کما هو الظاهر.

و أما لو کان الشیء متروکا عن اکراه أو نسیان فلا یوجب حدیث الرفع ترتب الحکم علی العمد أی لیس الإکراه علی عدم شیء موردا لحدیث الرفع و موجبا لثبوت الحکم الذی کان ثابتا مع عدم الإکراه مثلا إذا کان أحد یختار صلاة الجماعة لأن یستریح من المشکوک الطارئه

ص:156

علیه أو یستریح من قراءة الفاتحة فإذا أکرهه أحد علی ترک الجماعة فلا یوجب الإکراه ترتب أحکام الجماعة علیه من عدم الاعتناء بشکه لانه حین ما کان یصلی الجماعة لا یعتنی بشکه لحفظ الامام و کک لو کان أحد متجهزا الی الجهاد و متلبسا بلباس الحریر لانه یجوز لبسه فی الحرب و لکن منعه شخص عن ذلک إکراه فإن الإکراه حینئذ لا یجوز لبس الحریر و الحاصل أن دلیل الإکراه یرفع الحکم المترتب علی الموضوع الذی أکره علیه أو المتعلق الذی تعلق به الحکم و لا یکون ناظرا أبدا إلی إثبات الحکم مع الإکراه علی ترک موضوع ترتب علیه الحکم أو متعلق تعلق به الحکم أی لا یکون حدیث الرفع متکفلا لإثبات الحکم الذی ترتب علی الموضوع أو تعلق بالمتعلق حین الإکراه بترک المتعلق و الموضوع.

نعم لو کان حدیث الرفع شاملا للمباحات لکان الإکراه علی البقاء موجبا لرفع جواز الفسخ و لکنه فرض غیر واقع فان حدیث الرفع یرفع الإلزام لا الجواز و علی هذا فلا یمکن الحکم ببقاء الخیار مع الإکراه علی التفرق بدعوی أنه قد اکره علی التفرق فیکون الإکراه موجبا لإثبات حکم عدم التفرق و الاجتماع.

و اما توهم أن حدیث الرفع یرفع لزوم العقد مع الإکراه علی التفرق فهو توهم فاسد فان التفرق لیس موضوعا لوجوب العقد و لزومه و لا أنه مما تعلق به لزوم العقد بل هو غایة للجواز و الخیار الثابت فی المجلس تخصیصا لعموم وجوب الوفاء بالعقد بمقتضی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فمع التفرق ینتهی أمد الجواز.

و بعبارة أخری أن العقد کان لازما من الأول بدلیل وجوب الوفاء

ص:157

بالعقد و قد خرجنا عن ذلک فی زمن خیار المجلس أی بالجواز الثابت فی المجلس و قد کان هذا الجواز مغیا بالافتراق و إذا افترقا حصلت الغایة لا أنه وجب البیع فان وجوب البیع کان من الأول کما لا یخفی فالجواز انما هو ثابت مع انحفاظ أمرین أحدهما عدم الفسخ و الثانی عدم حصول الافتراق فافهم و اغتنم.فلیس اللزوم مترتبا بالافتراق أو متعلقا به لیرتفع مع الإکراه علی التفرق و یبقی الجواز علی حاله.

الثانی أنه علی تقدیر شمول حدیث الرفع لما ذکر و کونه موجبا لإثبات الحکم و لکنه وارد فی مقام الامتنان و من الواضح أنه شموله للمقام علی خلاف الامتنان فإنه یوجب أن ینتزع مال الغیر منه بالفسخ و هو علی خلاف الامتنان.

و الحاصل أنه ذکرت وجوه ستة علی عدم سقوط الخیار بالتفرق عن اکراه مع عدم التمکن من الفسخ و قد عرفت أن شیئا منها لا یرجع الی محصل و قد عرفت أن من جملة ما استدل به علی عدم سقوط الخیار و قد عرفت ما أجاب عنه المصنف و شیخنا الأستاذ و عرفت أیضا أن شیئا من المذکورات لا تصلح للجواب عن ذلک.

و قد عرفت أنا أجبنا عنه بجوابین الأول أن حدیث الرفع لا یثبت الحکم علی نقیض ما اکره علیه الشخص کالأمثلة المتقدمة فلو اکره علی التفرق فلا یوجب حدیث الرفع إثبات الحکم اعنی عدم سقوط الخیار علی عدم التفرق الذی هو نقیض التفرق.

الثانی أن حدیث الرفع انما ورد فی مقام الامتنان و من الواضح أن الحکم بعدم سقوط الخیار لحدیث الرفع علی خلاف الامتنان لانه یوجب انتزاع مال الغیر من ملکه فإنه بعد الحکم بعدم سقوط

ص:158

الخیار فإذا أعمل الشخص خیاره فیکون ذلک سببا لرد ما کان تملک المشتری مال البائع بالبیع و الشراء الی ملک البائع بالفسخ و رد الثمن الی ملک المشتری کک و هو علی خلاف الامتنان.

ثم أجبنا عن أن حدیث الرفع یرفع اللزوم المترتب علی التفرق بأن التفرق غایة لسقوط الخیار و لیس موضوعا للزوم العقد و انما الموضوع له هو العقد و الموجب للزومه هو دلیل الوفاء بالعقد و أما التفرق فلیس سببا للزومه و انما هو غایة جواز الفسخ اعنی الخیار فی المجلس و لکن الظاهر أن هذا الجواب لا یفید بیان ذلک قد تقدم فی جواب شیخنا الأستاذ أن فی الموضوعات المرکبة لا یکون حدیث الرفع رافعا للحکم المترتب علیها إلا بالإکراه علی کلا جزئی الموضوع کما إذا کان التکلم فی حال القیام حراما فإنه إذا أکره أحد علی التکلم فی حال القیام فیرتفع الحکم بالحرمة عند الإکراه بحدیث الرفع و هکذا و اما إذا کان أحد الأجزاء مقدورا و الآخر غیر مقدور فلا موجب لرفع الحکم بحدیث الرفع لعدم کون المترتب علی الموضوع هما یترتب علی موضوع اکراه أو متعلقا بما لمتعلق الإکراهی کما لا یخفی فافهم.

و لذا قلنا فی محله انه لا مانع من کون التکلیف مشروطا بشروط غیر مقدورة إذا کان متعلق التکلیف أو المشروط بهذا الشرط الغیر المقدور أمرا مقدورا و کان ذلک الأمر المقدور مقیدا بهذا الشرط الغیر المقدور بحیث یکون التقید مقدورا أی إتیان العمل مقیدا بهذا الشرط و هذه الکبری و ان کانت مسلمة و لذا عرفت کون التکلیف مشروطا بشرط غیر مقدور و لکنه و لا یصح فی المقام و لیس ما نحن فیه من صغریات هذه الکبری و ذلک من جهة أو أحد جزئی الحکم باللزوم هو العقد

ص:159

و قد تحقق علی الفرض و الجزء الآخر التفرق و هو انما تحقق بالإکراه فلا یکون الموضوع الذی ترتب علیه الحکم اختیاریا فعلیا بل الکراهیا فیرتفع الحکم باللزوم بحدیث الرفع نظیر ما إذا کان موضوع الحرمة التکلم فی حال القیام کما تقدم و قد تحقق القیام باختیاره و بعد تحققه بالاختیار فأکره القائم علی التکلم فإنه ترتفع الحرمة حینئذ و ما ذکرناه من الکبری فمورده قبل تحقق أحد جزئی الموضوع المرکب فإنه ح الإکراه بأحد الاجزاء لا یوجب کون الموضوع إکراهیا لیوجب رفع الحکم بل المکلف بعد علی اختیاره بالنسبة إلی إیجاد الجزء الآخر فلا یکون الموضوع إکراهیا حتی یوجب رفع الحکم کما لا یخفی.

ففی المقام أن موضوع اللزوم هو العقد و التفرق علی الفرض کما عرفت فان دلیل الوفاء بالعقد و ان کان تمام الموضوع للزوم حین تحقق العقد و لکن بعد التخصیص بأدلة الخیار صار مقیدا بالافتراق عن مجلس العقد لان الخاص یوجب تعنون العام به فیکون الموضوع هما معا ای العقد و التفرق و قد تحقق العقد علی الفرض و هو لا ینقلب عما هو علیه فهو أمر لا مناص عنه و مما لا بد منه و لکن التفرق أمر اختیاری فیدور سقوط الخیار و عدمه علی الفسخ و عدمه و علی التفرق و عدمه و لکن إذا أکره أحد المتبایعین أو کلاهما علی التفرق فیکون موضوع اللزوم متحققا فی الخارج بالإکراه فیکون ذلک مشمولا لحدیث الرفع فیرتفع الحکم المترتب علی الموضوع بحدیث الرفع کما لا یخفی فافهم فلا یتوهم أن الجزء الآخر و هو العقد قد تحقق بالاختیار فإنه بعد تحققه لا ینقلب عما هو علیه نعم قبل العقد فموضوع اللزوم هو العقد و التفرق فإذا أکره علی أحدهما أوجد الآخر بالاختیار لا یکون مترتبا

ص:160

علی موضوع اکراهی کما لا یخفی.

و التحقیق فی الجواب أن یقال أن الافعال قد یکون ظاهرا فی الاختیاریة و قد یکون أعم من الاختیاریة و غیرها أما الأول فلا شبهة فی کون الحکم المترتب علیها أو المتعلق بها مرتفعا عند الإکراه و أما الثانی فلا یرتفع بذلک لکونه أعم و بعبارة أخری قد یراد من الفعل هو الفعل النحوی من الماضی و المضارع و الأمر و نحوها فان ذلک إذا نسب الی الفاعل یکون أعم من الاختیاریة و غیرها کقولنا مات زید أو قعد و تفرق و نحو ذلک و قد یکون المراد من الفعل ما یصدر من الفاعل- بالإرادة و الاختیار فهذا ظاهر فی الاختیاریة.

و علیه فان کان الفعل الاختیاری الصادر من المکلّف بالإرادة و الاختیار متعلقا للتکلیف کقوله لا تشرب الخمر أو من موضوعاته کقوله من أفطر فی شهر رمضان فله کذا کفارة فلا شبهة أن الحکم المتعلق به أو المترتب علیه یرتفع عند الإکراه بلا شبهة و أما الفعل الجامع بین الاختیاری و غیره فلا یرتفع عند الإکراه کالتفرق فیما نحن فیه حیث ان قوله(علیه السلام)ما لم یتفرقا فعل أعم من الاختیاری و غیره فیکون مع هذا العموم موضوعا للحکم فلا یکون الحکم المترتب علیه مرفوعا عند الإکراه و علیه فکما یسقط الخیار و بالتفرق بالإرادة و الاختیار فکذلک یسقط الخیار بمطلق التفرق و ان کان بالإکراه و الاضطرار هذا کله فالنقض المذکور أی النقض بالنسیان کانفی فی الجوابیة عن عدم شمول حدیث الرفع لما نحن فیه و الفرق و بین الإکراه و النسیان کما صنعه شیخنا الأستاذ لا یرجع الی محصل لعدم النص فی المقام فافهم.

و الوجه الرابع ما أشار إلیه شیخنا الأنصاری(ره)

أن الظاهر من

ص:161

المطلقات الواردة فی جعل الخیار ما لم یفترقا هو ما کان التفرق عن رضا بالعقد سواء وقع اختیارا أو اضطرارا فإذا کان عن غیر اختیار لا یکشف عن الرضا فلا یوجب سقوط الخیار.

و فیه أولا أنه لا موجب لذلک و لا منشأ لهذا التبادر و بأی وجه نستکشف عن کاشفیة التفرق الذی یوجب سقوط الخیار عن الرضا کما لا یخفی.

و ثانیا أنه یلزم الالتزام بذلک فی صورة النسیان أیضا فإنه لیس التفرق نسیانا أو غفلة کاشفا عن الرضا بالعقد مع ان المشهور التزموا بسقوط الخیار بالتفرق مع النسیان و الغفلة کما لا یخفی فافهم.

الوجه الخامس ما ذکره المصنف أیضا من صحیحة الفضیل

(1)

فإذا افترقا فلا خیار بعد الرضا منهما دل علی أن الشرط فی السقوط الخیار الافتراق و الرضا منهما و لا ریب أن الرضا المعتبر لیس الا المتصل بالتفرق بحیث یکون التفرق عنه إذا لا یعتبر الرضا فی زمان آخر إجماعا و الحاصل أن النص انما یدل باعتبار التفرق مع الرضا فی سقوط خیار المجلس و من الواضح أنه منتف فی صورة التفرق مع الإکراه فلا یکون الخیار ساقطا مع عدم التمکن من الفسخ.

و فیه أن الروایة و ان کانت صحیحة و لکن لازم من ذکره المصنف ان یکون الحال کک فی صورة النسیان أیضا و لیس کک علی ما ذکره المشهور و أما معنی الروایة و اللّه العالم أن المراد من قوله(علیه السلام)فلا خیار بعد الرضا منهما هو الرضا الجدید بالعقد لیکون الحدیث دالا علی اعتبار کون التفرق کاشفا عن الرضا بالعقد بکون التفرق و عدم الفسخ عن الرضا

ص:162


1- 1) وسائل ج 12 ص 346.

بل المراد من هذا الرضا هو الرضا الاولی المتعلق بالعقد حین البیع غایة الأمر أنا خرجنا من ذلک فی زمن الخیار و مع التفرق یکون الرضا الاولی باقیا علی حاله أیضا لا أن هنا رضا جدیدا متصلا بالتفرق و بعبارة اخری أن المراد من الرضا فی الروایة الرضا الذی ثبت علیه لزوم العقد لا الرضا بالعقد و بعدم الفسخ عند التفرق لکونه هو الذی وقعت المعاملة علیه کما هو المفروض فان البیع لم یقع عن اکراه.

الوجه السادس ما ذکره المصنف أیضا فی ذیل الصحیحة

فکأنه ره طبق الصحیحة علیه و قال أو یقال انّ قوله بعد الرضا إشارة إلی إناطة السقوط بالرضا بالعقد المستکشف عن افتراقهما فیکون الافتراق مسقطا لکونه کاشفا نوعا عن رضاهما بالعقد و اعراضهما عن الفسخ.

و فیه أیضا انه ظهر جوابه ممّا ذکرناه بدعوی أنه من این علم کون التفرق مسقطا للخیار لکونه کاشفا نوعا عن الرضا بالعقد.

و فیه انه ظهر جوابه ممّا تقدم من أنه علی تقدیر تمامیته یجری فی صورة النسیان أیضا فإنه لیس التفرق هنا کاشفا عن الرضا نوعا مع أن المشهور التزموا بسقوط الخیار عنده کما عرفته.و من هن ظهر انه لا وجه لما ذکره شیخنا الأستاذ من أن الفارق بین الإکراه و النسیان هو النص حیث قال ان النص دل علی سقوط الخیار مع الافتراق نسیانا و وجه الاندفاع أنه لم نجد نصا یدل علی ذلک و أما صحیحة الفضیل فهی أجنبیة عن المقام فتحصل ان الخیار یسقط بجمیع أقسام التفرق کما لا یخفی.

قوله مسألة لو أکره أحد علی التفرق و منع عن التخایر و بقی الآخر

فی المجلس

أقول بناء علی أن التفرق یوجب سقوط الخیار مطلقا سواء

ص:163

کان بالإکراه أو بغیره و سواء کان عن التفاوت أو بغیره فلا مجال للبحث علی هذه المسألة فإنه بجمیع اقسامه یوجب سقوط الخیار و أمّا بناء علی أن التفرق الحاصل عن اکراه لا یوجب سقوط الخیار فنقول:قد یکون تفرق کل من المتبایعین عن الاختیار و قد یکون احد هما عن اختیار و الآخر بغیر اختیار و علی الأول فقد یکون کل منهما أیضا متمکنا عن الفسخ أیضا و قد لا یکون کلاهما أو أحدهما کک و علی الثانی فقد یکون أحدهما مکرها علی التفرق و ترک التخایر أیضا و بقاء الآخر فی المجلس مختارا فی المصاحبة أو التخایر و أخری بالعکس بإبقاء أحدهما فی المجلس کرها مع المنع من التخایر و ذهاب الآخر اختیارا فذکر المصنف أن محل الاختیار فی التفرق فهل لا بدّ من کون کل من المتبایعین مختارا فی التفرق بحیث أن الغایة لسقوط الخیار هو التفرق منهما اختیارا أو یکون فی سقوط خیار المجلس کون أحدهما مختارا فی التفرق فقط و ان لم یکن الأخر کک و علی الأول فهل التفرق الموجب لسقوط الخیار بعنوان الاستغراق بمعنی أن تفرق کل منها یوجب سقوط خیار نفسه أو بعنوان المجموع بمعنی أن تفرقهما مجموعا عن اختیار یوجب سقوط خیارهما و علی الثانی فهل یکون مجرد کون أحدهما متفرقا بالاختیار موجبا لسقوط الخیار عن الآخر الذی کان باقیا فی المجلس أو یفصل بین بقاء المختار فی المجلس فالثبوت لهما و بین مفارقته فالسقوط عنهما و قد اختار القول بهذا التفصیل العلامة(ره)فی التحریر اذن فالأقوال فی المسألة أربعة.

و التحقیق أنه لا بدّ من ملاحظة مدرک الحکم باعتبار الاختیار فی

ص:164

التفرق و ترک التخایر فی المسألة السابقة فإن کان مدرکه هو الإجماع فبناء علی حجیته و انجباره بالشهرة الفتوائیة کما فی المتن فلا یشمل المقام فان المتیقن منه ما إذا کان کل من التفرق و ترک التخایر إکراهیا من الطرفین فلا یشمل ما إذا کان أحدهما مختارا فی ذلک فإنّه دلیل لبی فلا بدّ من أخذ المتیقن منه.

و أما إذا کان مدرک اعتبار الاختیار فی التفرق الموجب لسقوط الخیار هو غیر الإجماع فالظاهر أنه لا یسقط الخیار الا بحصول التفرق بالرضا و الاختیار من الطّرفین و انه لا یمکن الاکتفاء بتفرق واحد منهما عن اختیاره مع کون التفرق من الأخری عن غیر اختیاره و الوجه فی ذلک أن التفرق من الأمور الإضافیة و من المقولات النسبیة کعنوان الأبوة و و البنوة و الاخوة و العمومة و السببیة و المسببیة و العلیة و المعلولیة و غیرها من المقولات الإضافیة و من الواضح أن شیئا من المقولات الإضافیة لا توجد فی الخارج و لا تحقق الاّ بالطّرفین فلا یعقل الأبوة بدون الابن و لا البنوة بدون الأب و هکذا سائر المقولات الإضافیة.

و مفهوم التفرق أیضا کک فإنه لا یتحقق الا بالطرفین فإنه عبارة عن انفصال شیء عن شیء و افتراق جسم عن جسم فلا یعقل أن یصدق هذا العنوان علی شیء واحد فقهرا یعتبر افتراقه عن شیء آخر و یلاحظ باعتباره و علیه فلا یسقط الخیار المجلس الذی کان مغیا بالافتراق الاّ بافتراقهما ثم نقول أن هذا المفهوم و ان لم یعتبر فی تحققه الاختیار کما تقدم لا من حیث المادة و لا من حیث الهیئة لصدقه علی الجمادات أیضا فضلا عن اعتبار الاختیار فیه فإنه یصح أن یقال أن الجدار افترق بعضه عن بعض و کک یصح نسبته الی کل جماد و غیره باعتبار انفصال

ص:165

بعض أجزائه عن بعض فإنه بمعنی الانفصال فکما لا یعتبر فیه ذلک فلا یعتبر فی الافتراق أیضا ذلک.

و لکن مع لحاظ تلک الدالة علی اعتبار الاختیار فی التفرق فیکون التفرق الحاصل من الإکراه و بعدم الرضا من أحدهما کعدم التفرق فلا یکون موجبا لسقوط الخیار فتکون النتیجة هو سقوط الخیار بمجموع التفرق منهما باختیار کلیهما مع عدم المنع من التخایر.

أما إذا کان دلیل اعتبار الاختیار هو تبادر اختیاریة التفرق بدعوی أن المتبادر من الفعل المسند الی الفاعل المختار هو اختیاریته فلان ما یکون صادرا عن غیر اختیار لا یکون تفرقا أصلا کما هو المفروض و علیه فلا یکون خروج أحدهما و لو باختیاره عن المجلس تفرّقا.

و أما إذا کان دلیل اعتبار الاختیار هو صحیحة الفضیل من کون التفرق الحاصل برضاهما موجبا لسقوط الخیار فلانه مع کون أحدهما مکرها علی التفرق لا یکون التفرق منهما کاشفا عن رضاهما فلا یکون موجبا لسقوط الخیار و من هنا ظهر أنه بناء علی کون التفرق کاشفا عن الرضا النوعی کما ذکره المصنف فی ذیل الصحیحة فلا یکون التفرق الحاصل باختیار من أحدهما دون الآخر موجبا لسقوط الخیار لعدم کشفه عن الرضا نوعا.

و أما لو کان دلیل اعتبار الاختیار فی التفرق هو حدیث الرفع کما هو العمدة فلان التفرق الحاصل بالإکراه من أحدهما کعدم التفرق و حینئذ فیکون ما یتحرک و یخرج باختیاره فی حکم العدم بحدیث الرفع فقد عرفت أن التفرق من المقولات الإضافیة فلا یتحقق من شخص واحد أو فی شیء واحد بل لا بدّ و أن یتحقق بین شیئین فحیث کان

ص:166

تفرق المکره فی حکم العدم بحدیث الرفع فلا یصدق عنوان التفرق علی خروج الأخر أیضا و ان کان خروجه بالاختیار کما هو واضح.

و بالجملة فلا نعرف وجها صحیحا بناء علی اعتبار الاختیار فی التفرق المسقط للخیار لسقوط الخیار إذا کان أحدهما مختارا فی التفرق و الآخر مکرها فی ذلک.

و لکن هنا شیء و هو أنه ورد فی الصحیحة علی ما تقدم أنه قال (علیه السلام)فلمّا استوجبت البیع قمت فمشیت خطأ لیجب البیع فان الظاهر منه أنّ التفرق من طرف واحد یوجب سقوط الخیار و وجوب البیع فإنه (علیه السلام)لم یتعرض بکون تفرقه کان مع التفاوت الآخر و اختیاره فیکون إطلاق کلامه شاملا لکون الطرف الآخر مکرها فی البقاء أو غافلا عن تفرقه(علیه السلام)فیکون دالا علی کفایة التفرق من طرف واحد عن رضا و اختیار و لکن ذلک لا یزید عن حکایة فعل المعصوم(علیه السلام)فلا إطلاق فیه فلعله مشی مع التفات الآخر و عدم متابعة الآخر مع التفاته و اختیاره فلا یکون دلیلا لکفایة التفرق الاختیاری من طرف واحد مع کون الطرف الآخر مکرها فی ذلک.

قوله مسألة لو زال الإکراه فالمحکی عن الشیخ و جماعة امتداد

الخیار بامتداد مجلس

أقول:إذا ارتفع الإکراه بعد التفرق عن کره فهل یکون خیاره فوریّا کما زعمه بعض أو یکون ممتدّا الی أن یطرئه المزیل الآخر غیر التفرق لحصول التفرق أو المناط فی التفرق هو التفرق بعد زوال الإکراه عن الهیئة التی کان المتعاملان علیها فکأنهما بعد مجتمعان فی مجلس العقد.

أما الوجه الأخیر فذکر المصنف أن الهیئة الاجتماعیة الحاصلة

ص:167

حین العقد قد ارتفعت حسّا غایة الأمر عدم ارتفاع حکمها و هو الخیار بسبب الإکراه و لم یجعل مجلس زوال الإکراه بمنزلة مجلس زوال العقد و الحاصل أن الباقی بحکم الشرع هو الخیار لا مجلس العقد فالنص ساکت عن غایة هذا الخیار فلا بدّ اما من القول بالفور کما عن التذکرة و لعله لان المقدار الثابت یقینا لاستدراک حق المتبایعین و اما من القول بالتراخی الی ان یحصل المسقطات لاستصحاب الخیار و الوجهان جاریان فی کل خیار لم یظهر حاله من الأدلة.

و بالجملة فالقول بامتداد الخیار بامتداد مجلس الزوال لا وجه له لعدم کونه خارجا عن ظهور الأدلة فیدور الأمر بین القول بفوریة الخیار و بین القول باستمراره ما لم یطرئه مزیل غیر التفرق لان المورد من موارد دوران الأمر بین التمسّک بالعام و هو هنا ما دلّ علی اللزوم و بین استصحاب حکم المخصص لانه لم یدل دلیل علی ثبوته بالخصوص بعد زوال الإکراه.

أقول قد تعرض المصنف فیما یأتی لحکم الخیار فیما لم یدل علیه دلیل بالخصوص و دار الأمر فیه بین التمسّک بالعام فیکون الخیار فوریّا و بین استصحاب حکم المخصص و یکون الخیار مستمرا و تعرّضه فی خیار الغبن.

و لکن المورد لیس من هذا القبیل و الوجه فیه هو أن التفرق قد حصل بین المتبایعین و لو کان بالإکراه و بعدم الرضا و لا ینقلب الشیء عمّا هو علیه فان التفرّق هو افتراق جسم عن جسم و انفصال کل منهما عن الآخر فهو حاصل لا محالة بل قد عرفت فیما سبق أنه لا یعتبر الاختیار لا فی مادة التفرق و لا فی هیئة الا أنه مع ذلک فهذا التفرق کعدمه

ص:168

من حیث عدم ترتب الأثر علیه فی نظر الشارع و ذلک لانه قد دلّت الأدلة السّابقة علی عدم کون التفرق بنفسه غایة لسقوط الخیار بل هو مع القید الآخر الوجودی کما هو مقتضی بعض الوجوه السابقة و العدمی کما هو مقتضی بعض الوجوه الآخر فإنه علی تقدیر انصراف الفعل الی الفعل الصادر عن الفاعل المختار کما هو مقتضی بعض الوجوه السابقة أو علی فرض اعتبار الرضا فی التفرق لصحیحة فضیل أو لکشف التفرق عن الرضا نوعا فیکون التفرق المقید بالرضا موجبا لسقوط الخیار فحیث کان التفرق عن کره عادما للرضا و حاصلا بدونه فیکون لغوا و لا یترتب علیه تمر أصلا فیکون أدلة الخیار محکمة لعدم حصول الغایة و بعد ذلک لا تحصل تلک الغایة أیضا فإن التفرق قد حصل بالإکراه قطعا و قد عرفت أن الشیء لا ینقلب عمّا هو علیه و بعده لا یعقل حصول التفرق عن الرضا فإنه ذکر المصنف أن المراد من الرضا هو الرضا المقارن بالتفرق و بعد حصول التفرق بلا رضا کیف یمکن حصول التفرق ثانیا مع الرضا کما لا یخفی.

و علی تقدیر أن یکون دلیل عدم تأثیر التفرق عن اکراه و ثبوت الخیار معه هو دلیل رفع الإکراه فتکون الغایة لارتفاع الخیار هو التفرق عن غیر کره فیکون القید عدمیّا فلا یرتفع الخیار بالتفرق الخالی عن عدم الإکراه فبعده لا یمکن حصول التفرق عن غیر کره لحصول التفرق مستقلا فلا ینقلب الشیء عما هو علیه و علی هذا فیکون الخیار باقیا و ممتدا ما لم یطرئه المسقط الآخر بمقتض أدلة الخیار لکونها مغیاة بغایة اما الوجودی أو العدمی فإذا حصل التفرق بغیر تلک الغایة فیکون الخیار باقیا علی حاله الی الأبد فلا یمکن أن یکون التفرق بعد

ص:169

ذلک مسقطا له و اعتبار التفرق عن مجلس زوال الإکراه کما توهّمه بعضهم خارج عن مفاد أدلة الخیار کما ذکره المصنف فان الاعتبار فی تلک الأدلة علی التفرق عن مجلس العقد عن کل مجلس و علی کل حاله فالحق أنه بناء علی اعتبار الاختیار فی التفرق فالخیار باق مع التفرق الإکراهی حتی بعد ارتفاع الإکراه الی أن یطرئه المسقط الآخر غیر التفرق کما لا یخفی فافهم.

و الحاصل أنه إذا قلنا بعدم سقوط الخیار بالتفرق الإکراهی فإذا زال الإکراه فهل الخیار فوری أو مستمر کما هو مورد النزاع فی کل مورد ثبت الخیار بغیر دلیل اجتهادی من الامارات فإنه یدور الأمر بین التمسک بعموم أدلة اللزوم فیکون الخیار فوریا و بین التمسّک باستصحاب حکم المخصّص فیکون الخیار مستمرا ذکر المصنف(ره)أنّه ذکر بعضهم أنّ المناط علی التفرق بعد زوال الإکراه فالمناط هو مجلس زوال الإکراه و ذکر أنه لا وجه لذلک لانه لیس لنا ما یدل علی جعل مجلس زوال الإکراه مجلس العقد بحیث یکون التفرق عن ذلک المجلس مسقطا للخیار و انّما الأدلة دلّت علی أن الخیار باق و لم یرتفع بالتفرق و أما التفرق فهو حسی لا شک فیه و أدلة الخیار ساکت عن غایة هذا الخیار أی الأدلة الدالة علی ثبوت الخیار مع التفرق عن إکراه ساکتة عن بیان أمد الخیار بل هی ناظرة إلی أصل ثبوت الخیار و عدم سقوطه بالإکراه کما لا یخفی و أما بیان الأمد فخارج عنها فافهم فیکون هذا الخیار من مصادیق ما سیأتی فی خیار الغبن من ثبوته بغیر نص فیدور الأمر فیه بین القول بفوریة الخیار و بین استصحاب حکم المخصّص و القول بثبوته مستمرا.

ص:170

أقول:أما ما افاده من عدم دلالة الدلیل علی جعل التفرّق کعدم التفرّق فهو متین جدا فان التفرّق حاصل تکوینا فلا یمکن أن بعد ذلک غایة للخیار فإن الشیء لا ینقلب عمّا هو علیه و الحاصل أنه لا یمکن القول بأن المناط هو التفرّق عن مجلس زوال الإکراه فی سقوط خیار المجلس فإنه کما ذکر المصنف لم یدل دلیل علی تنزیل مجلس الزوال منزلة مجلس العقد و لا علی بقاء التفرّق و أن الحاصل منه کعدم بحیث یلاحظ ذلک جدیدا بعد زوال الإکراه فإنه کما عرفت قد حصل التفرق حسا فلا یمکن أن یکون ذلک غایة للخیار بعد و لکن ما ذکره من جعل الأمر دائرا مدار فوریة الخیار للتمسک بعموم أدلة اللزوم فإنه یقتصر فیما لم یدل دلیل خاص علی ثبوت الخیار علی المتیقّن و هو الفور و اما من الرجوع الی استصحاب حکم المخصّص و الحکم بثبوت الخیار علی الدوام و وجه الضعف هو أنا نحکم بثبوت الخیار هنا تمسّکا بعموم أدلة الخیار و لا یسقط ذلک الا بمسقط آخر غیر التفرق فان التفرّق الحاصل بالإکراه لا یکون غایة لسقوطه فإنه لم یکن بما هو تفرّق غایة لسقوط الخیار بل الغایة انما هو التفرق المقید بعدم الکره بناء علی أن دلیل الدال علی اعتبار الاختیار هو دلیل رفع الإکراه و المقید بقید وجودی و هو الرضا بناء علی أن دلیل اعتبار الإکراه هو صحیحة الفضیل أو انصراف الفعل الی الفعل الصادر من الفاعل المختار فالحاصل علی کل تقدیر هو التفرق و هو بنفسه لیس غایة و ما هو غایة أعنی التفرّق المقید فلم تحصیل فیکون المورد مشمولا لأدلة الخیار فتکون أدلة الخیار دالا علی ثبوته من غیر أن یکون مغیا بغایة إذا الغایة کما عرفت هو التفرّق المقید بأحد القیدین المذکورین و من الواضح أنه حصل بغیر ذلک

ص:171

القید فلا یمکن أن یحصل بعد ذلک فتکون دالة علی بقاء الخیار إلی الأبد ما لم یطرء علیه مسقط آخر غیر التفرّق.

و علی الجملة فالخیار ثابت هنا بإطلاق أدلة الخیار فلا یقاس ذلک بما یأتی فی خیار الغبن من أنه مع عدم ثبوت الخیار بالنص مع ثبوته قطعا فلا بدّ اما من القول بالفوریة تمسکا بعموم أدلة اللزوم أو القول باستصحاب حکم المخصص تمسّکا بالاستصحاب.

قوله و من مسقطات هذا الخیار التصرّف أقول لم یرد فی نصّ و لا فی روایة ان التصرف یوجب سقوط خیار المجلس أو خیار الشرط الا أن یدعی بقیام الإجماع علیه و هو کما تری نعم ذلک فی خیار الحیوان و قد تمسّک المصنف و جعل التصرف مسقطا للخیار و التعلیل المذکور فی بعض أدلة خیار الحیوان حیث قال فإن أحدث المشتری فیما اشتری حدثا قبل ثلثة أیام فذلک رضا منه فلا شرط فإن المنفی یشمل شرط المجلس و الحیوان ثم عقب قوله هذا بالتأمل و هو فی محله بیان ذلک أنه لا یمکن التعدّی عن مورد الروایة و هو خیار الحیوان الی غیره فان سقوط الخیار فیه انما هو بالتعبد و التعلیل وارد فی مورد التعبد فلا یمکن تسریته الی غیره لأنه لا شبهة أن التصرف مسقط لخیار الحیوان سواء کان مقارنا بالرضا أم لا حتی لو صدر مع الغفلة عن حکمه فیکون أیضا مسقطا کما إذا اشتری الجاریة فقبلها بتخیل انها مملوکة له مع عدم کونه راضیا بالبیع أی رضاء جدیدا غیر الرضا بأصل العقد بل یرید التروی و مع ذلک لیکون مسقطا کما فی روایة أخری أریت ان لا مس أو قبل فذلک رضی فیه بالبیع و علی هذا فکیف یمکن التعدی الی غیر مورده مع ما نری بالعیان و نشاهد-

ص:172

بالوجدان أن التصرف لا یکشف عن الرضا بالبیع.

نعم لا نضائق باستفادة الکبری الکلیة من هذه الروایة و هی أنه یسقط الخیار بإسقاط ذی الخیار لکونه راضیا بالبیع کما أشرنا الی ذلک فی التکلم علی أن إسقاط الخیار یوجب سقوطه أم لا.

و أما الزائد عن ذلک فلا اذن فالحق أن تصرف المتبایعین أحدهما أو کلاهما فیما انتقل إلیهما لا یوجب سقوط الخیار کما لا یخفی الاّ أن یدعی فی المقام إجماع علی مسقطیة التصرّف فهو کما تری.

(فی خیار الحیوان) قوله

الثانی خیار الحیوان،

اشارة

أقول:لا خلاف بین الفرقین فی ثبوته فی الجملة فی بیع الحیوان و انما الکلام فی خصوصیّة ذلک

و یقع

اشارة

الکلام فی ذلک فی جهات عدیدة.

الاولی أن المراد بالحیوان هل هو مطلق الحیوان أو ما لم یقصد

منه الا لحمه

فظاهر النص و الفتوی هو العموم فیشمل کل حیوان حتی الزنبور و الجراد و السمک و نحوها.

و لکن ذکر المصنف أنه لا یبعد اختصاصه بما کان المقصود منه حیاته فی الجملة فبمثل السمک المخرج من الماء و الجراد المحرز فی الإناء خارج عن مورد هذا الأدلة لأنها لاتباع من حیث انها حیوان بل من حیث انه لحم ثم أشکل علی نفسه بالصید المشرف علی الموت بإصابة السهم أو بجرح الکلب.

و ان کان مراده من ذلک الکلام أن ما یقصد لحمه بشخصه فلا خیار فیه فلا بدّ و أن یلتزم بما لم یلتزم به أحد بأن یقول بسقوط الخیار

ص:173

فیما کان الشراء للحمه أو لأجل الهدی و نحوه ثم بدئ فلم یذبح فإنه لم یقل أحد و لم یتوهم متفقة بسقوط الخیار هنا و ان کان غرضه أن ما کان بنوعه مقصودا منه اللحم فلا خیار فیه.

و فیه أولا أنه من این استفید هذا الحکم مع کون الأدلة مطلقا و ثانیا أنه أمر لا ینضبط إذ یمکن أن یکون غرضه المشتری فیما کان الغرض النوعی منه اللحم أن یکون هو الإبقاء کالسمک مثلا نعم فی مثل الجراد لا یکون غرض للإبقاء و ثالثا قد لا یمکن ان یکون الغرض فی بعض الحیوانات الحیاة من النوع الذی قصد منه الحیاة کما إذا أصابه جرح من السهم أو من الکلب کالغزال مثلا بحیث لا یعیش مع أن الغرض تعلق بحیاته و بالجملة أن هذا الحکم لا یمکن تصدیقه نعم قد یتعلق الغرض بکون المراد من الحیوان هو اللحم فقط حتی لو ذبحه البائع ثم أعطاه لا یضمن بشیء أصلا و قد ذکرناه فی البحث عن بیع هیاکل العبادة المتبدعة أنه قد یکون الغرض الأصیل من المبیع هو المادة فقط کبیع الصلیب للحطب و علیه فلا تلاحظ الهیئة أصلا و لو کان فیها عیب و کک فی المقام فإذا کان المقصود بالذات هو اللحم فلا یلاحظ الهیئة أصلا.

ثم انه فیما ثبت الخیار فظاهر الإطلاقات أن الخیار یمتد الی ثلثة أیام فلا یکون فوریا.

ثم ذکر المصنف أنه هل یختص هذا الخیار بالمبیع الشخصی أو

یعم الکلی أیضا

ثم قرب اختصاصه بالشخصی و لکن لا ندری من این جاء هذا الاحتمال و دعوی أن الحکمة من جعل الخیار و هو التروی مختصة بالمبیع الشخصی لعدم جریانه فی الکلی مجازفة لعدم لزوم الاطراد

ص:174

فی الحکمة أو لا و لأن المراد من التروی فی أصل البیع لا فی المبیع و هو جار فیما إذا کان المبیع کلیا و هذا ثانیا فلا مجال لهذا الاحتمال أصلا قوله ثم أنه هل یختص هذا الخیار بالمبیع کما هو المنساق فی النظر من الإطلاقات مع الاستدلال به فی بعض معاقد الإجماع أقول قد یکون الکلی فی المعین و قد یکون فی الذمة و علی الثانی قد یکون حالا و قد یکون مؤجلا کالسلم و قد تقدم أقسامه فی بیع صاع من صبرة أما الأول فلا شبهة فی ثبوت خیار الحیوان فیه و الشیخ أیضا لم یستشکل فیه بل کلامه ناظر الی القسمین الأخیرین فإن القسم الأول نظیر البیع الشخصی کما إذا کان عنده حیوانان متماثلان فیبیع أحدهما أو انسانان متماثلان فیبیع أحدهما فإنه یکون الخیار ح ثابتا للمشتری أوله و للبائع معا.

و أما القسم الثالث من الکلی فذکر شیخنا الأستاذ أنه یختص بالبیع الشخصی بدعوی أن المشتری لا یملک مطالبة الکلی فی باب السلم قبل موسم قبضه فلا یمکن جعل مبدء الخیار قبل حلول الأجل و أما بعد القبض فلا دلیل علی أن مبدء الثلاثة من حین القبض فهذا القسم لو لم یمکن الالتزام بثبوت الخیار فیه لا یمکن الالتزام بثبوته فی الکلی الحالی لعدم الفرق بینهما.

ثم ذکروا أن أدلة الخیار منصرفة عن بیع الکلی و أن حکمة ثبوته هی النظرة و التروی فی مدة ثلثة أیام حتی یبین أن الحیوان الذی اشتراه هل فیه نقص أم لا و أنه صلاح له أم لا و من الواضح أن هذه الحکمة غیر جاریة فی الکلی فی الذمة إذ لم یسلم المبیع فیه بعد حتی یتروی المشتری فیه و یری أنه صلاح له أولا.

ص:175

أقول:الظاهر ثبوت الخیار فی بیع الحیوان فی البیع الشخصی و الکلی أیضا بأقسامها الثلثة أما ما ذکروه من الانصراف فلا وجه له بوجه بعد ما کانت الأدلة مطلقة و لا نعرف منشأ للانصراف خصوصا بعد ملاحظة أن خیار الحیوان قد ذکر فی بعض الأحادیث مع خیار المجلس و من الواضح أنه لو یستشکل أحد فی ثبوت خیار المجلس فی البیع الکلی و لیس بینهما فرق و لا فی أحدهما خصوصیته الا أن أمد خیار الحیوان الی ثلثة أیام و أمد خیار المجلس الی حین الافتراق فلا وجه لتخصیص خیار الحیوان بخصوصیته دون خیار المجلس.

و أما ما ذکروه من أن حکمة خیار الحیوان هو التروی و ملاحظة ان الحیوان صلاح للمشتری أم لا و فیه أولا أن الحکمة غیر ساریة الی جمیع الافراد بل قد توجد فی بعض الافراد و قد لا توجد کما هو شأن الحکمة فی کل مورد.

و ثانیا أن ثبوت خیار الحیوان و ان کان هو التروی الا أنه لا بدّ من التروی فی البیع و ملاحظة أنه صلاح للمشتری أو لا دون التروی فی المبیع و من الواضح أنه بناء علی هذا فللمشتری أن یتروی فی البیع لکی یری أنه صلاح له أم لا و أما ما ذکره شیخنا الأستاذ فیرد علیه أن بیع السلم لیس ببیع قبل القبض بل هو قبله نظیر الإیجاب الخالی عن القبول فکما أن الإیجاب الخالی عن القبول لیس ببیع فکک بیع السلم فإنه قبل القبض لیس ببیع و انّما یتم و یکون بیعا بعد القبض کما أن الإیجاب یکون بیعا مع القبول و علیه فلا بأس من القول بثبوت الخیار فی بیع السلم و یکون مبدئه حین تحقق القبض کما لا یخفی فیکون مشمولا لأدلّة خیار الحیوان و علی الجملة لا نری مانعا عن شمول أدلّة

ص:176

خیار الحیوان لکل بیع حیوان سواء کان البیع شخصیّا أم کلیّا و سواء کان الکلی فی المعین أم فی الذمة مؤجلا أم حالا فدعوی انصرافها عن القسمین الأخیرین من الکلی دعوی جزافیة کما لا یخفی.

قوله المشهور اختصاص هذا الخیار بالمشتری

أقول فی المسألة ثلثة أقوال الأول اختصاص الخیار بالمشتری و هو المشهور بین الأصحاب حدیثا و قدیما الثانی ثبوته للبائع و المشتری معا و هو المنسوب الی السیّد المرتضی و هو أول من ذهب الی هذا القول و لعل مراده فیما کان المبیع حیوانا دون ما کان الثمن حیوان.

الثالث ثبوته لصاحب الحیوان سواء کان هو البائع أم المشتری و أما مدارک الأقوال فمدرک القول الأول هو جملة من الروایات (1)الدالة علی اختصاص خیار الحیوان بالمشتری و فی بعضها تصریح بذلک و فی بعضها نظرة ثلثة أیام أی مهلة ثلثة أیام و لا شبهة أن جملة منها صحیحة و بعضها موثقة.

و مدرک القول الثانی صحیحة (2)محمّد بن مسلم المتبایعان بالخیار ثلثة أیام فی الحیوان و فیما سوی ذلک من بیع حتی یفترقا:

فإنها قریب من الصراحة فی کون الخیار ثابتا لکل من البائع و المشتری.

و مدرک القول الثالث صحیحة محمد بن مسلم أیضا المتبایعان بالخیار ما لم یفترقا و صاحب الحیوان بالخیار ثلثة أیام و فی بعضها قیّد صاحب الحیوان بالمشتری کما فی موثقة بن فضّال (3).

ص:177


1- 1) وسائل ج 12 ص 350 باب 4 حد 1 و حد 9 من باب 3 و 5.
2- 2) وسائل ج 12 باب 3 و 34 حد 3.
3- 3) وسائل ج 12 ص 349 حد 2.

أما الطائفة الاولی من الروایات فلا شبهة فی دلالتها علی اختصاص الحکم بالمشتری بل قد عرفت أن بعضها صریح فی ذلک فتدل بمفهومها علی نفی الخیار عن غیر المشتری لا من جهة القول بمفهوم الوصف بل هی مسوقة لبیان التحدید و أن خیار الحیوان لا یثبت فی غیر المشتری و هذا هو صریح الأسئلة فی بعضها و صریح الجواب فی بعضها الآخر و أصرح من الکل روایة (1)قرب الاسناد حیث فصل فیها ثبوت الخیار للمشتری أو البائع أو لهما و هذا واضح.

و نظیر ذلک التحدید ما ورد فی بعض روایات عدم تنجس الماء الکر حیث سئل(علیه السلام)أی مقدار لا ینجس و لا ینفعل من الماء قال(علیه السلام)کر من الماء فان الجواب حیث کان فی مقام التحدید فیدل علی المفهوم و کذلک ما ورد فی قصر الصلاة حیث سئل فی کم یقصر المسافر قال فی أربعة فراسخ ذهابا و إیابا أو ثمانیة فراسخ ذهابا علی ما هو مضمون الروایة.

و علی هذا فتقع المعارضة بین هذه الطائفة و صحیحة محمد بن مسلم و علیه فان کان مجرد تعدد الروایة موجبا للترجیح فنأخذ الروایات الدالة علی اختصاص الخیار بالمشتری و لکن قد ذکرنا فی مبحث التعادل و الترجیح أن الشهرة علی تقدیر کونها مرجّحة لیس معناها أن یکون احد المتعارضین أکثر من حیث العدد من الأخر بل کون الروایة ظاهرا فی نفسها لکونها منقولة فی الأصول و لم یکن نادرا و لذا جعلها فی الروایة من الأمر البین رشده و من الواضح أن کل من الطائفة الدالة علی

ص:178


1- 1) وسائل ج 12 ص 350 حد 9.

اختصاص الخیار بالمشتری و صحیحة محمد بن مسلم من الأمور البینة رشدها کما لا یخفی.

و علیه فلا بدّ من أخذ مرجح آخر و من الواضح أن ما دل علی اختصاص الخیار بالمشتری موافق لعموم الکتاب و السنة دون الصحیحة فإن العمومات کقوله تعالی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ - وَ أَحَلَّ اللّهُ الْبَیْعَ و تِجارَةً عَنْ تَراضٍ و قوله(صلی الله علیه و آله)المؤمنون عند شروطهم و قوله(علیه السلام)البیّعان بالخیار ما لم یفترقا فإذا افترقا وجب البیع و غیر ذلک من العمومات الدالة علی اللزوم فلو لا المعارضة بین الروایات لأخذنا بصحیحة محمد بن مسلم و نخصص بها العمومات و لقلنا بعدم لزوم البیع و بالنسبة إلی المتبایعین فی بیع الحیوان لثبوت الخیار للمتبایعین کما أنها خصصت بثبوت خیار المجلس لهما کما لا یخفی.

و لکن لأجل المعارضة لا یمکن الأخذ بها فلا بدّ من الأخذ بما هو موافق للکتاب کما لا یخفی و اذن فلا بدّ من رفع الید عن صحیحة محمد بن مسلم مع جلالته و عظمته لقانون المعارضة و یؤید ذلک اعتضاد ما دل علی اختصاص الحکم بالمشتری بالشهرة بل قیل ان روایة محمّد بن مسلم قد اعرض عنها الأصحاب و لم یعمل بها إلا السید المرتضی.

و قد یقال بتأویل روایة محمد بن مسلم بأن المراد منها هو ثبوت الخیار للمشتری و حیث أن البائع طرف له و یقع الخیار بینهما و لذا قیل المتبایعان بالخیار.

و لکنه تأویل بارد و علی خلاف الظاهر بل خلاف الصراحة منها فلا یمکن حمل الصحیحة علیه فإنه حمل بلا وجه.

و قد یقال بأن المراد من الصحیحة هو صورة کون العوضین حیوانا

ص:179

بأن یکون کل من الثمن و المثمن حیوانا فإنه حینئذ یکون کل منهما ذی خیار.

و لکن یرد علیه أولا أنه خلاف ظاهرها بل خلاف صراحتها.

و ثانیا إن حملنا الصحیحة علی هذا الاحتمال لزم أن یهمل الامام(علیه السلام)حکم ما هو الغالب فإن الصحیحة علی هذا یتعرض حکم بیع غیر الحیوان بقوله و فی غیر الحیوان حتی یفترقا و أیضا تعرض حکم البیع الذی اشتمل علی کون کل من العوض و المعوض حیوانا و لکن أهمل ما هو الغالب اعنی ما یکون المبیع حیوان فهو بعید غایته و قد یتوهّم أن التعلیل فی بعض الروایات من الطائفة الأولی یدل علی اختصاص الحکم بالمشتری فیما کان المبیع حیوانا لان قوله (علیه السلام)نظرة ثلثة أیام هو منطبق علی المشتری فله أن ینظر ثلثة أیام و فیه أن النظرة بمعنی المهلة فلیس هنا تعلیل أصلا فهو اشتباه محض و أما الطائفة الثالثة الدالة علی أن صاحب الحیوان بالخیار سواء کان هو البائع أو المشتری فقد یقال باختصاص هذه الطائفة بالمشتری بدعوی أنه ذکر فی بعضها صاحب الحیوان المشتری بالخیار فیکون مطلق مقیدا بذلک و فیه أنه لا معنی لحمل المطلق علی المقید فی الأحکام الانحلالیة الغیر المتنافیة فلا تنافی بین کون الخیار لمطلق صاحب الحیوان و بین کونه للمشتری أیضا.

و علیه فیدور الأمر بین رفع الید عن إطلاق هذه الطائفة من الروایات و حملها علی صاحب الحیوان المشتری اعنی من انتقل الیه المبیع و بین رفع ید عن ظهور الطائفة الاولی من الروایة فی التقیید و اختصاص الحکم بالمشتری و نفیه عن البائع بل یحمل علی الفرد

ص:180

الغالب لأن الأغلب أن الحیوان یکون مبیعا فی بیع الحیوان فحیث أن الطائفة الأولی ظهورها فی التقیید أقوی من ظهور الطائفة الثالثة فی الإطلاق فترفع الید عن ظهور الطائفة الثالثة و مع الإغماض عن ذلک فإنه لا بد من رفع الید عن الطائفة الثالثة و العمل بالطائفة الأولی لأن الطائفة الأولی موافقة للکتاب و السنة بخلاف الطائفة الثالثة فإنه قد ثبت بالعمومات من السنة و الکتاب لزوم و العقد و القدر المتیقن من رفع الید عن هذا اللزوم هو ثبوت الخیار للمشتری و أما ما دل علی ثبوته للبائع فمع قطع النظر عن ابتلائه بالمعارضة کان مخصصا للعمومات و حیث ابتلیت بالمعارضة فإنه لا بدّ من رفع الید عن ذلک لکونها مخالفة للعمومات الکتاب و السنة.

قوله:مسألة لا فرق بین الأمة و غیرها فی مدة الخیار

أقول:قد ذکر فی الغنیة أن مدة خیار الأمة مدة استبرائها و حکم غیر واحد من القدماء بضمان البائع لها مدة الاستبراء و توهم بعضهم ملازمة ذلک مع ثبوت الخیار للمشتری و لکن لا نعرف وجها صحیحا لکلا الحکمین أی الحکم بثبوت الخیار مدة الاستبراء و الحکم بضمان البائع أما الأوّل فلانه لا ملازمة بین القول بثبوت الخیار للمشتری و بین کون ضمان الأمة علی البائع فی مدة الاستبراء إذا لم تثبت الملازمة بین ضمان شخص و بین ثبوت الخیار لطرفه بل الملازمة بالعکس فإنه ثبت أن من له الخیار ضمان ماله علی من لا خیار له و أما فی کل مورد ثبت الضمان نحکم بثبوت الخیار لطرفه فهو بلا وجه أصلا فإن کثیرا ما یثبت الضمان و لا یکون خیار لطرفه کما إذا کان المنشأ للتلف شیئا آخر.و علی الجملة فلا یمکن کشف الخیار للمشتری من ثبوت الضمان علی البائع.

ص:181

و أما الحکم بثبوت ضمان الأمة فی مدة الاستبراء علی البائع فأیضا لا دلیل علیه فإنه لم یثبت لنا ضمان البائع علی الأمة فی مدة الاستبراء و کیف کان فالحکم فی الأمة هو الحکم فی بقیة الحیوانات من غیر فرق بینهما فأدلة خیار الحیوان محمة فی جمیعها.

قوله:مسألة مبدء هذا الخیار من حین العقد

اشارة

أقول:الظاهر من الروایات الدالة علی ثبوت خیار الحیوان ظاهرة فی أن ثبوت خیار الحیوان کثبوت خیار المجلس فان قوله(علیه السلام)الشرط فی الحیوان ثلثة أیام و فی غیره حتی یتفرقا أن خیار الحیوان انّما یثبت من حین خیار المجلس و ان خیار المجلس انما یثبت من حین العقد کما هو واضح.

و علیه فلو انقض ثلثة أیام انقض به خیار الحیوان سواء حصل التفرق أم لا.

و لکن قد استدل علی أن مبدئه بعد حصول التفرق بوجوه:
الأول الأصل العملی

بأن یقال ان الأصل بقاء الخیار الی ثلثة أیام مثلا إذا فرضنا أنه حصل التفرق بعد مضی ساعة من حین العقد و مضی ثلثة أیام من حین التفرق و ثلثة أیام و ساعة من حین العقد فنشک ح فی أنه هل الخیار ثابت فی هذه الساعة الأخیرة أم لا فنستصحب بقائه.

و بتقریب آخر فنشک فی ثبوت خیار الحیوان من حین العقد و عدم ثبوته فالأصل عدم ثبوته من حین العقد الی زمان التفرق.

و کلا الأصلین لا وجه له اما الأول فیرد علیه أولا أن الاستصحاب لا یجری فی الأحکام الکلیة کما حققناه فی محله.و ثانیا ان هذا المورد من قبیل الشک فی المقتضی بمعنی أنا نشک فی ثبوت الحکم فی عمود الزمان من جهة حصول الغایة و امتداد المقتضی و عدمهما و قد ذهب

ص:182

المصنف الی جریانه فی ذلک و منع شیخنا الأستاذ عنه و خص جریان الاستصحاب بموارد الشک فی الرافع مثلا إذا شککنا فی تحقق الطلاق و عدمه فی العقد الدائم فنجری الاستصحاب و نقول:ان الأصل عدم تحقق الطلاق و بقاء الزوجیة کما کانت و أما إذا شککنا فی ارتفاع العقد المنقطع فلا یمکن اجراء الاستصحاب فیه بل نشک فی أن المقتضی موجود أم لا فنشک فی امتداد المقتضی حسب عمود الزمان فحیث لا یقین لنا بأن المقتضی لبقاء العقد المنقطع أی مقدار من الزمان فنحکم بعدم جریانه کما ذهب إلیه الأستاذ و علی الجملة أن الشک فی المقتضی بهذا المعنی أی بمعنی أن المقتضی أ هو أمر ممتد أم لا لا یجری فیه الاستصحاب و ان ذهب المصنف الی جریانه فمقامنا من هذا القبیل لأنا نشک أن أمد خیار الحیوان و المقتضی لثبوته هل هو ثلثة أیام من حین العقد أو من حین التفرق فإذا شککنا فی ساعة أن الخیار باق أم لا من جهة الشک فی مبدء الخیار فلا یجری فیه الاستصحاب من جهة الشک فی المقتضی لعدم جریانه فیه.

و أما الأصل الثانی فجوابه واضح فان عدم حدوث خیار الحیوان قبل انقضاء المجلس لا یثبت الخیار بعد انقضاء ثلثة أیام من حین العقد فی الساعة المشکوکة کما فی المثال المذکور الا علی القول بالأصل المثبت فان ثبوت الخیار فی ذلک الساعة بأصالة عدم حدوثه الی انقضاء المجلس من للوازم العقلیة کما هو واضح.

و مع الإغماض عن جمیع ذلک فالأصل لا مجال له لأن الأدلة الدالة علی ثبوت خیار الحیوان ظاهرة فی ثبوته للمشتری من حین العقد و أنه علی نسق خیار المجلس الثابت للمتبایعین من حین

ص:183

العقد.

الوجه الثانی:الاخبار الدالة علی أن تلف الحیوان فی الثلاثة

ممن انتقل عنه

أی ممن لیس له الخیار و بضمیمة ما دل علی أن التلف فی الخیار المشترک ممن انتقل الیه یستکشف أن مبدء خیار الحیوان بعد التفرق لانه لو کان مبدئه أول زمان العقد الذی یشترک فیه البائع و المشتری فی الخیار لما کان التلف علی البائع.

أقول تنقیح المقام أن مقتضی القاعدة الأولیة هو أن تلف کل مال من مالکه و لا یکون محسوبا من کیس شخص آخر بل من کیسه إلا إذا ثبت بالدلیل الخارجی و علیه فکلما حوسب التلف علی المالک فهو موافق للقاعدة.

و علیه فإذا دل الدلیل علی أن التلف فی زمان الخیار ممّن لا خیار له یکون ذلک تخصیصا للقاعدة المذکورة کما أن التلف قبل القبض کک أی تخصیص للقاعدة المذکورة فکک أن کون التلف فی زمن خیار المشترک أی عند اجتماع خیار الحیوان مع خیار المجلس من مال البائع تخصیص بهذه القاعدة فی المورد المذکور فان کون التلف علی مالک فی زمن خیار المشترک لم یرد علیه دلیل خاص بل هو مما تقتضیه القاعدة الأولیة.

و بعبارة أخری فلا تنافی بین کون خیار الحیوان مبدئه من حین العقد و مع ذلک یکون التلف محسوبا من البائع فإن أدلة خیار الحیوان کما یکون تخصیصا للقاعدة الأولیة القائمة علی أن تلف کل مال علی صاحبه فکک یکون تخصیصا لها فی زمن خیار المشترک فیحکم بکون التلف من البائع فإن زمان خیار المشتری من مصادیق القاعدة

ص:184

المذکورة لا أنه ورد نص خاص علی کون التلف علی المالک کما لا یخفی و قد ذکر المصنف أن أدلة التلف من البائع یمکن أن یکون محمولة علی الغالب حیث یکون التلف غالبا بعد التفرق و ان کان قد یکون قبله أیضا و لکنه نادر.

و فیه مضافا الی أن التلف غالبا بعد التفرق و ان کان قد یکون قبله أیضا و لکنه نادر.

و فیه مضافا الی أن التلف قبل التفرق لیس بقلیل فی نفسه و ان کان قلیلا بالنسبة إلی التلف بعد التفرق و أن غلبة الافراد لا یکون موجبة لصرف المطلق الی الفرد الغالب و قد ذکرناه مرارا کثیرة.

الوجه الثالث أنه لو کان مبدء خیار الحیوان من حین العقد لزم

أن یجتمع سببان علی مسبب واحد

فهو کما لا یمکن فی الأسباب التکوینیة فکذلک لا یمکن فی الأسباب الشرعیة.

و فیه أن هذا الوجه لا یحتاج الی الجواب فان اجتماع خیارین فی عقد واحد کثیر کاجتماع خیار الغبن مع خیار العیب و اجتماع خیار العیب مع خیار الشرط و هکذا فلا یکون هذا إشکالا فی المسألة.

و الحاصل أنه قد استدل علی أن مبدء خیار الحیوان هو زمان

العقد بوجوه:

الأول بالأصل العملی.

و یرد علیه أن مقتضی الأدلة الدالة علی ثبوت خیار الحیوان للمشتری هو ثبوته له من حین العقد و مع ذلک فلا مجال للأصل کما لا یخفی.

الوجه الثانی:الاخبار الدالة علی أن التلف فی ثلاثة أیام ممّن

لا خیار له

مع ضمیمة أن التلف فی زمان خیار المشترک من مال المالک فإنه لو کان خیار الحیوان ثابتا من حین العقد لکان التلف علی البائع دون المشتری.

ص:185

و فیه أنه لم یرد فی آیة و لا روایة أن التلف فی زمان خیار المشتری من مال البائع لیؤخذ بإطلاقه و یحصل التنافی بل هو حکم علی طبق القاعدة الأولیة لأن القاعدة الأولیة أن تلف مال کل أحد علی مالکه فکما ثبت التخصیص لهذه القاعدة الأولیة فی موارد خیار الحیوان و کون التلف علی البائع و کذلک ثبت التخصیص لذلک فی مورد خیار المشترک أی مع اجتماع خیار الحیوان مع خیار المجلس الذی هو مشترک بین البائع و المشتری و حمل ما دل علی کون التلف بعد التفرق لکونه هو الغالب کما صنعه المصنف لا یمکن الالتزام به فإنه مضافا الی أن غلبة الافراد لا یوجب الانصراف أن إخراج الساعة الاولی أعنی ساعة عدم التفرق و ملاحظته نادرة بالنسبة إلی البقیة من ثلثة أیام لا وجه له فان کل ساعة من ثلثة أیام نادرة بالنسبة إلی مجموع ثلثة أیام و علیه فلما ذا لا نخرج الساعة الأخیرة من ثلثة أیام و نقول بعدم کون التلف فیها من البائع بل من المالک فان الغالب أن التلف یکون فی غیرها فتکون الإطلاقات منصرفة إلی غیرها و هکذا فترجیح احدی الساعات علی غیرها بلا مرجح.

الوجه الثالث:أن الخیار مسبب واحد فلا یعقل أن یکون له

أسباب عدیدة

و الا لزم تأثیر علتین فی معلول واحد و هو محال فلا بد و أن یکون مبدء خیار الحیوان من حین التفرق و انقضاء خیار المجلس و قد عبر بعضهم عن ذلک باجتماع المثلین.

أقول لا شبهة فی أن الخیار حکم شرعی کسائر الأحکام الشرعیة و الأمور الخارجیة أجنبیة عن ذلک بالکلیة لا انها من قبیل الأسباب و لا أنها من قبیل المعرفات بل هی أجنبیات فی ذلک بل الحکم الشرعی

ص:186

من حیث أنه فعل للشارع و هو حکیم فلا بدّ و أن یکون تابعا للمصلحة و المفسدة و أنها ناشئة عن ذلک فلیس للأمور الخارجیة تماس بالأحکام الشرعیة أصلا.

و علی الجملة فلو کان غرضهم من کون الأمر الخارجی سببا اصطلاحیا أو معرضا فهو باطل من أصله.

و ان کان غرضهم من کون الأمور الخارجیة سببا للحکم الشرعی هو أن یکون موضوعا له تمام الموضوع کالنجاسة و الطهارة بأن یکون نسبة الحکم الی الموضوع کنسبة العلة الی المعلول بان لا ینفک الحکم عن ذلک الأمر الخارجی کما لا ینفک المعلول عن علته و ان کان مرادهم ذلک فلا شبهة أن الأمور الخارجیة حینئذ حقیقة أسباب للأحکام الشرعیة لا أنها معرفات.

و علیه فان کان موضوع کل واحد من خیار الحیوان و خیار المجلس امرا مستقلا فیثبت له الحکم ای الخیار مستقلا من غیر أن یرتبط أحدهما بالاخر کما هو کذلک فی باب الکفارات حیث ان کل سبب خاص من موجبات الکفارة موضوع لوجوب الکفارة فلا یرتبط أحدهما بالاخر و ان لم یکن کذلک بأن لا یکون المورد قابلا لتعدد الحکم فیحکم بالتداخل ان لم یمکن التأکد کما فی باب النجاسة و فی المقام نحکم بالتداخل لما عرفت سابقا أن الخیار ملک فسخ العقد فهو حکم وضعی اعتباری و من الواضح أنه لا معنی لتعدد ملک فسخ العقد و کذلک فی بقیة المملوکات فإن الشیء الواحد لا یملک مرّتین کما هو واضح فلا یعقل أن یملک الإنسان بفسخ العقد مرّتین کما لا معنی لذلک فی غیر هذا المورد لأن الأمور الاعتباریة لا تعدد فیها بل یمکن أن یقال انّ هذا الاشکال مدفوع

ص:187

من أصله حیث انه لیس هنا خیاران حتی یقال بکونهما مسببین عن سببین و لا یمکن اجتماعهما فی محل واحد،بل هنا خیار واحد و تقسیمه الی خیار المجلس تارة و الی خیار الحیوان أخری اصطلاح من الفقهاء و الا فالظاهر من الاخبار هو أن هنا خیار واحد ثابت للمتبایعین ما لم یتفرقا و للمشتری إلی ثلثة أیام و بیان ذلک أنه ثبت فی طائفة من الروایات أن المتبایعین بالخیار ما لم یفترقا و إذا افترقا وجب البیع.

و دلت صحیحة محمد بن مسلم علی أن المتبایعین بالخیار فی الحیوان ثلثة أیام و فی غیر الحیوان ما لم یفترقا و لکن رفعنا الید عن ذلک لمعارضتها بالروایات الدالة علی اختصاص خیار الحیوان بالمشتری و دلت صحیحة أخری لمحمد بن مسلم علی أن المتبایعین بالخیار و ما لم یفترقا و صاحب الحیوان بالخیار الی ثلثة أیام مع حمل صاحب الحیوان علی المشتری و یکون المستفاد أن المتبایعین بالخیار ما لم یفترقا سواء کان فی الحیوان أم فی غیره و أن صاحب الحیوان الذی هو المشتری بالخیار الی ثلثة أیام فملاحظة هذه الروایة مع الروایات الدالة علی ثبوت خیار المجلس للمتبایعین ما لم یفترقا و مع ما دل علی ثبوت خیار الحیوان للمشتری إلی ثلثة أیام تنتج أن هنا خیار واحد ثابت للمتبایعین الی حین التفرق و للمشتری إلی ثلثة أیام فعلم أن هنا خیار واحد و لیس هنا خیاران حتی یقال انه لا یمکن أن یجتمع سببان علی مسبب واحد لاستحالة صدور الواحد عن الکثیر.

قوله ثم ان المراد بزمان العقد هل زمان مجرد الصیغة کعقد

الفضولی علی القول بکون الإجازة ناقلة أو زمان الملک

أقول إذا کان زمان العقد غیر زمان الملک کما فی العقد الفضولی بناء علی النقل

ص:188

و کعقد الصرف و السلم قبل القبض فهل خیار الحیوان ثابت فی مثل ذلک من حین العقد أو من حین حصول الملک و اختار المصنف الثانی تبعا لما استظهره بعض معاصریه و هو صاحب الجواهر.

أقول الظاهر أن الخیار انما یثبت فی زمان حصول الملک سواء فی العقد الفضولی أم فی عقد الصرف و السلم و فی الفضولی أیضا سواء قلنا بالنقل أو بالکشف و الوجه فی ذلک أما العقد الفضولی فقد تقدم الکلام أن البیع انما ینسب الی المالک و یکون بیعا له و مستندا الیه بعد الإجازة و قبلها لیس بیعا للعاقد و هو واضح و لا بیعا للمالک إذا المفروض أن البیع لا یستند الیه الا بعد الإجازة.

و قد عرفت أن الأمر کذلک علی القول بالکشف أیضا حیث انه یحکم من زمان الإجازة أن البیع بیع للمالک من الأول أی یحکم بحصول الملکیة للمالک فی زمان الإجازة من الأول و هذا أمر موافق للعرف أیضا فإن العرف یبعد أن یحکم بحصول الملکیة من الأول عند الإجازة و ترتیب آثار الملک علی العقد من الأول و قد تقدم ذلک.

و قد عرفت فی هذا البحث أی بحث الخیار أن الظاهر من الأدلة أن خیار المجلس و خیار الحیوان انّما یثبتان للبیع و ما یصدق علیه البائع و قد عرفت فی صحیحة محمّد بن مسلم قال(علیه السلام)المتبایعان بالخیار ما لم یفترقا و صاحب الحیوان بالخیار الی ثلثة أیام.

و حیث ان زمان الإجازة زمان صدق البیّع علی البائع و المشتری فیحکم فی زمان الإجازة بترتب آثار العقد علیه من الأول حتی علی الکشف لا بمعنی أن کل أثر یترتب علیه و یحکم بکون النماءات الحاصلة له بل من الآن یحکم بحصول الملکیة من زمان العقد و ترتب الأثر علیه.

ص:189

و هذا الذی یساعده العرف اذن فتشمل علیه أدلة خیار الحیوان من زمان الإجازة کما هو واضح سواء قلنا بالکشف أو النقل.

و أما بیع الصرف و السلم فقد ظهر الحال فیهما من بیع الفضولی حیث ان الخیار انما یترتب علی العقد الصحیح و بیع الصرف و السلم قبل القبض لیسا بعقدین صحیحین فإنهما مع فقدهما القبض کالإیجاب الخالی عن القبول فکما ان الإیجاب لیس موضوعا للخیار و کذلک الإیجاب و القبول فیهما بدون القبض فان القبض بمنزلة الإیجاب و بعبارة اخری أن أدلة الخیار انما هی تخصیص لأدلة الزوم الوفاء بالعقد و اللزوم انما هو ثابت للعقد الصحیح دون الفاسد فعقد الصرف و السلم بدون القبض لیسا بصحیحین فکیف تشملهما أدلة اللزوم حتی تخصّصها بأدلة الخیار.

فمبدء ثبوت خیار الحیوان فی الصرف و السلم انما هو زمان القبض.

ثم انک قد عرفت أن خیار الحیوان یثبت فی المبیع الشخصی و فی المبیع الکلی أیضا و علیه فلا وجه لتخصیص المثال فی بیع السلم بما إذا کان الثمن حیوانا بعنوان السلم کما صنعه صاحب الجواهر حیث قال فعلی هذا لو أسلم حیوانا فی طعام و قلنا بثبوت الخیار لصاحب الحیوان و ان کان بائعا کان مبدئه بعد القبض تخصیص و تمثیله بما ذکر مبنی علی اختصاص الخیار المعین بالحیوان.

قوله مسألة لا إشکال فی دخول اللیلتین المتوسطتین فی الثلثة

أیام

لا لدخول اللیل فی مفهوم الیوم بل للاستمرار المستفاد من الخارج أقول وقع الکلام بین الأصحاب فی ان المراد من ثلثة أیام هل هو النهار

ص:190

فقط و اللیل خارج عنه أو المراد من الیوم هو مجموع أربع و عشرین ساعة و هذا البحث جار فی المقام و فی أیّام الحیض و فی إقامة عشرة أیّام و ربّما یقال أن الیوم اسم لمجموع الیوم و اللیل و ان مجموع اربع و عشرین ساعة یسمی یوما و لکنه بدیهی البطلان لعدم إطلاق الیوم علی ذلک المجموع و انما الیوم اسم لما هو بین طلوع الشمس و بین غروبها فالقوس النهاری یوم و القوس اللیلی یسمی لیلا و دائرة نصف النهار منصفة للقوس النهاری الی نصفین و نصف اللیل منصف للیل الی نصفین و لیس أحدهما داخلا فی الآخر الا بالدلیل الخارجی کما فی الصوم حیث ان الشارع اعتبر کونه من أول الفجر الی زوال الحمزة عن قمة الرأس و أما فی غیر ما اعتبر الشارع دخول أحد القوسین فی الآخر فلا یطلق أحدهما علی الآخر.

و علیه فلا تکون اللیالی داخلة فی الأیّام فیما کانت الأیّام موضوعة للحکم بحسب المفهوم الا من جهة عنایة أخری من اعتبار الاستمرار فی الحکم مثلا.

و علیه فلو عامل أحد مع غیره و باعه حیوانا فی أول طلوع الشمس فیمتد خیاره الی غروب الشمس من یوم الثالث و لا تکون اللیلة الأخیرة داخلة و لا یثبت له الخیار فیها بخلاف ما لو قلنا بدخول اللیل فی مفهوم الیوم فإنه یمتد الخیار الی صبیحته یوم الثالث و یکون له- الخیار فی اللیل أیضا و أما اللیلتان المتوسطتان فهما داخلتان بلا شبهة لا من جهة أن اللیل داخل فی مفهوم الیوم بل من جهة ان الخیار حکم ثابت لذی الخیار الی ثلثة أیام مستمرا فلو لم تکن اللیلتان المتوسطتان داخلتین فی الموضوع لانقطع الخیار فهو خلاف الظاهر

ص:191

من الأدلة و هکذا الحال فی إقامة عشرة أیّام و أیّام حیض المرأة و نحوهما و اما اللیلة الأخیرة فهی خارجة عن حریم الخیار فإنها غیر داخلة لا من حیث صدق الیوم علیها و لا من حیث الاستمرار.

و أما للیلة الأولی فیما إذا وقعت المعاملة فی أول اللیلة أو نصفها فهی أیضا داخلة بلا شبهة لما عرفت من أن الأدلة ظاهرة فی اتصال مبدء الخیار بالعقد فإذا تحقق العقد تحقق الخیار فیستمر الی ثلثة أیّام فدخول اللیلة الاولی من جهة اتصال مبدء خیار الحیوان بالعقد و استمراره الی ثلثة أیّام.

و قد یتوهم أن اللیلة الأخیرة أیضا داخلة لدخول اللیلتین أصالة فتدخل الثالثة و الا لاختلفت مفردات الجمع فی استعمال واحد و لکن قد ظهر جوابه فیما ذکرناه حیث ان دخول اللیلتین المتوسطتین أیضا لیس من جهة الأصالة بل من جهة استمرار الخیار الی ثلثة أیّام و اتصال الخیار بالعقد فلا مجال لهذا الاشکال.

و اما مسألة التلفیق فیما إذا کان وقع العقد فی نصف الیوم أو ورد المسافر فی بلد فی نصف الیوم أو خاص المرأة فی وسط النهار فهل یجوز أن یحسب نصف هذا الیوم و النصف من الیوم الثالث و جعلهما یوما واحدا أم لا الظاهر هو التلفیق کما هو الموافق للعرف و یؤید ذلک انّه قل ما یتفق أن المرأة تحیض فی أول طلوع الشمس و المسافر لا یرد البلد الذی یقیم فیه فی أول طلوع الشمس و هکذا فلو لم یعتبر التلفیق فی الیوم و لم یکن موضوعا للحکم لتعرض له الامام علیه السلام و هذا المعنی موافق للعرف فلو قال أحد بقیت فی محل کذا یوما مع أنه بقی فی نصفین من یومین صح ذلک و لو بقی نصف یوم لا یصدق علیه أنه بقی یوما

ص:192

و کل ذلک لا شبهة فیه و ما افاده المصنف هنا متین جدا.

(فی مسقطات خیار الحیوان)

اشارة

قوله مسألة یسقط هذا الخیار بأمور

أحدهما اشتراط سقوطه فی

العقد

أقول قد تقدم فی خیار المجلس اشتراط عدم الخیار أو اشتراط إسقاطه فی ضمن العقد و لا نحتاج إلی الإعادة و لکن ذکر المصنف هنا شیئا یجری فی خیار المجلس أیضا فلا بأس بالتعرض له و حاصله أنه لا شبهة فی جواز إسقاط الخیار من مجموع المبیع بان یقول أسقط خیاری من مجموع هذا الحیوان و هل یجوز إسقاط الخیار من نصفه أم لا فالظاهر هو عدم الجواز لان نصف الحیوان لیس بحیوان فلا یثبت خیار الحیوان الا فیما إذا کان المبیع حیوانا.

و أما إسقاط بعضه من حیث الزمان بأن أسقط خیاره یوما أو یومین أو أقل أو أکثر فالظاهر هو الجواز لأنه ملک فسخ العقد فذی الخیار مالک لذلک فله أن یسقط حقه بأجمعه أو ببعضه و لا یلزم المحذور المذکور هنا لأن إطلاق الأدلة تشمله حتی فی الان القلیل من الزمان و بعبارة أخری فأدلة الخیار تشمل المبیع إذا کان حیوانا فی کل آن و زمان.

و الثانی

إسقاطه بعد العقد.

قوله الثالث التصرف

و لا خلاف فی إسقاطه فی الجملة ،أقول:

قد اضطربت کلمات الفقهاء فی مسقطیة التصرف غایة الاضطراب و لعل مثل هذه المسألة قلیلة فی الفقه و منشأ الاختلاف اختلاف الروایات و القواعد.

ص:193

و التحقیق أنک قد عرفت فی مبحث المعاطاة أن مقتضی القاعدة کفایة کل ما یکون مصداقا للإنشاء فی مقام إنشاء العقد و نحوه فان المناط فی ذلک صلاحیة ما یتحقق به الإنشاء لإظهار ما فی النفس و إبرازه سواء کان من قبیل الفعل أو من قبیل القول و اللفظ و من أفراد ما یظهر به ما فی الضمیر و ینشأ به المعاملة و الا فلا خصوصیة له الا إذا قام الدلیل علی عدم کفایة غیر اللفظ فی مقام الإنشاء کما فی الطلاق.

و علیه فکما أنه یکتفی فی إنشاء العقد بکل ما یصلح أن ینشأ به العقد و کذلک یکتفی بکلّ ما یبرز ما فی الضمیر فی إسقاط الخیار هذا ممّا لا شبهة فیه و أنه أمر تقتضیه القواعد و لکن الکلام فی الصغری و انه أی شیء یکون صالحا لان یتحقق به إسقاط الخیار من الافعال فهل هو مطلق الفعل و التصرف أو التصرف الخاص فلیس هنا قاعدة تتکفل لبیان ذلک المقدار المتیقن کون التصرف مصداقا للإسقاط و الا فلا دلیل علی کونه مسقطا للخیار حتی التصرفات الجلیلة فضلا عن التصرفات الحقیرة فإنه ربما لا یکون المتصرف عالما بالموضوع أو الحکم أو یکون غافلا عن ثبوت الخیار له و یتصرف فیه و حینئذ کیف یمکن الحکم بأن التصرف مصداق للإسقاط فلو وطأ الجاریة التی اشتراها لا یکون ذلک مسقطا للخیار و أن أصر علیه شیخنا الأستاذ و قال بکون مثل الوطی مصداقا للإسقاط حتی مع الجهل بالحکم أو الموضوع هذا ما تقتضیه القاعدة.

و أما الاخبار فقد ذکر فیها أن احداث الحدث فی الحیوان یوجب سقوط الخیار فکل تصرف أوجب حدوث الحدث فیوجب سقوط الخیار بلا شبهة للتعبد الشرعی و أما ما لا یوجب الأحداث فقد ذکرت أمور

ص:194

فی الروایة التی سئل فیها عن تفسیر الحدیث:إنها إحداث حدث مع انه لیس بحدث فی العرف و ذلک کالنظر إلی الجاریة و اللمس و التقبیل و نحوها مع أنها لیس بحدث فیکون مثل ذلک داخلا فی الحدث بدلیل الحاکم و بالتعبّد الشرعی فنحکم بسقوط الخیار بمثل هذه التصرفات أیضا هذا ما یتحصل من الاخبار.

و تحصل أن لنا ضابطتان لسقوط الخیار بالتصرف أحدهما ما تقتضیه القاعدة من کون التصرف مصداقا لسقوط الخیار و الثانی التصرّف الذی یوجب احداث الحدث فی الحیوان المبیع أو ما جعله الشارع مصداقا للحدث تعبدا و حکومة فإن هذا أیضا یوجب سقوط الخیار و أما فی هذه الموارد فلا دلیل علی کون التصرف مسقطا للخیار و لو کان التصرف من التصرفات الجلیلة کما تقدم فضلا عن التصرفات الخفیفة کیف فإنک عرفت أن أی تصرف کان لا یوجب لسقوط الخیار ما لم یکن مصداقا للتصرف فأی معنی لسقوط الخیار بالتصرفات الصادرة حال الغفلة أو النسیان أو الجهل بالحکم أو الموضوع فیکون الخیار باقیا علی حاله و لو کان التصرف مثل وطی الأمة کما عرفت بل الظاهر من صحیحة الصفار أن مطلق التصرف لا یکون مسقطا للخیار حیث سأل فیها عن أمرین أحدهما الحدث و الثانی رکوب الدابة و سئل بکلمة أو أنهما یسقطان الخیار أم لا فوقّع الامام(علیه السلام)إذا أحدث فیها حدثا فقد وجب الشراء إنشاء اللّه فلو کان مثل الرکوب أیضا مسقطا للخیار لإجابة أیضا بأنه یسقط الخیار بل یمکن أن یقال أن بعض التصرفات فی الحیوان المشتری ممّا لا بدّ منه فلو کان کل تصرف موجبا لسقوط الخیار لکان جعل الخیار و تشریعه لغوا محضا کقود الحیوان إلی

ص:195

القبة و رکوبه من مکان المعاملة إلی منزله للتجربة و الامتحان و الأمر بمشی الأمة أو العبد للتجربة و الامتحان و أمرهما بسقی الماء و نحوه بل النظر الی شعر الأمة لیری أنها شابة أو کبیرة قد بیض شعره الی غیر ذلک من التصرفات التی مما لا بدّ منه عادة فی مدة ثلثة أیّام و علی الجملة مقتضی أدلة اللزوم من الایات و الروایات هو لزوم العقد و قد خصصت بأدلة خیار الحیوان کما خصصت بغیرها فلا بدّ من رفع الید عن إطلاق أدلة الخیار و عمومه بما یدلّ علی التخصیص و التقیید و لیس لنا تخصیص الا ما ذکرناه من الضابطتین ففی أیّ مورد تحقق واحدة من هذه الضابطة نحکم بسقوط الخیار و الا فلا فافهم.

و الحاصل أن کلمات الفقهاء فی أن التصرف مسقط أم لا مضطربة غایة الاضطراب فذکر بعضهم أن التصرف لکونه کاشفا عن الرضا الشخصی مسقط للخیار و ذکر بعضهم کشیخنا الأنصاری و غیره أن التصرف کاشف عن الرضا النوعی فیکون مسقطا للخیار و لذلک و ذکر بعضهم أن مطلق التصرف حتی مثل ناولنی الماء و نحوه مسقطا للخیار و منشأ الاختلاف هو اختلاف الاخبار و تفصیل الکلام فیه أن الروایات فی المقام متعددة منها صحیحة (1)ابن رئاب فإن أحدث المشتری فیما اشتری حدثا قبل ثلثة أیّام فذلک رضا منه و لا شرط له قیل له:و ما الحدث قال ان لامس أو قبل أو نظر منها الی ما کان محرما علیه قبل الشراء.

فان الظاهر من هذه الروایة ان الحدث مسقط للخیار فإذا أحدث المشتری حدثا فذلک رضا بالبیع فیکون الخیار ساقطا ثم سأل ابن رئاب عن الحدث و أنه أی شیء فقال(علیه السلام)أن لا مس أو قبل أو

ص:196


1- 1) وسائل ج 12-ص 351.

نظر منها الی ما یحرم علی غیره فقد انقضی الشرط و لزم البیع فهذا الکلام الصادر من الامام(علیه السلام)من جعل اللمس أو التقبیل أو النظر الی ما یحرم النظر الیه لیس احداث حدث قطعا و اذن فیدور الأمر بین أن یکون ذلک حاکما بتوسعة دائرة الحدث و جعل کل واحد من الأمور المذکورة من أقسام الحدث أو بجعلها مثالا لمطلق التصرف بحیث یکون مطلق التصرف مسقطا للخیار فإذا لم تکن الروایة ظاهرة فیما ذکرناه من جعل الأمور المذکورة مصداقا للحدث تعبدا فلیس لها ظهور فی جعلها أمثلة لمسقطیة التصرف لیکون مطلق التصرف موجبا لسقوط الخیار و کیف کان فلا دلالة فیها علی کون التصرّف علی إطلاقها موجبا للسقوط.

و منها صحیحة (1)الصّفار قال:کتبت الی أبی محمد(علیه السلام)فی الرّجل اشتری من رجل دابة فأحدث فیها حدثا من أخذ الحافر أو نعلها أو رکب ظهرها فراسخ إله أن یردها فی الثلاثة الأیام التی له فیها الخیار بعد الحدث الذی یحدث فیها أو الرکوب الذی یرکبها فی فراسخ فوقع علیه السلام إذا أحدث فیها حدثا فقد وجب الشراء إنشاء اللّه.

فهذه الروایة صریحة فی أن احداث الحدث یوجب سقوط الخیار و أما دلالتها علی أن التصرف موجب لسقوط الخیار أم لا فإما ممنوعة لعدم تعرض الامام(علیه السلام)لذلک أو هی تدل علی أن التصرف لا یسقط الخیار ما لم یکن بعنوان أنه مصداق للمسقط أو مصداق للحدث فإن السائل إنما سأل عن أمرین أحدهما إحداث الحدث

ص:197


1- 1) وسائل ج 12-ص 351-حد 2.

فی المبیع و الثانی الرکوب فقد أجاب الإمام(علیه السلام)عن الحدث و أنه مسقط للخیار و سکت عن الرکوب الذی هو من أظهر أفراد التصرّف فهذا السکوت لو لم یدل علی عدم کون التصرف مسقطا للخیار فلا دلالة فیها علی کون التصرّف مسقطا.

و علی الجملة فإما لا دلالة فی الروایة علی کون التصرف مسقطا أو فیها دلالة علی عدم کونه مسقطا.

و منها صحیحة (1)قرب الاسناد قال:قلت له أرایت ان قبلها المشتری أو لامس فقال إذا قبل أو لامس أو نظر منها الی ما یحرم علی غیره فقد انقض الشرط و لزم البیع فقد جعل الامام(علیه السلام)فی هذه الروایة نفس الأمور المذکورة موجبا لسقوط الخیار من غیر تعرض للتصرف و الحدث أصلا.

و المتحصل أن ما یکون مسقطا للخیار من التصرف أمور ثلثة من غیر أن یکون لعنوان التصرف موضوعیة أصلا الأول:ما یکون مصداقا للإسقاط و مبرزا لما فی ضمیر المتکلّم من کونه موجبا لسقوط الخیار و هو ما تقتضیه القاعدة الأولیة و لا شبهة فیه.

الثانی ان یکون التصرف احداث حدث فی الحیوان فإنه أیضا یکون موجبا لسقوط الخیار فقد ثبت ذلک بصحیحة علی بن رئاب و صحیحة الصّفار و إطلاق الحدث شامل لکل حدث و لو کان بمثل جز الشعر و نحوه.

الثالث أن یکون المشتری لا مس أو قبل أو نظر منها ما یحرم النظر إلیه فإنه أیضا موجب لسقوط الخیار و أما غیر هذه الأمور الثلثة

ص:198


1- 1) وسائل ج 12-ص 351-حد 3.

فلا یکون التصرف موجبا لسقوط الخیار بوجه فإنه لا دلیل علیه من الروایات کما عرفت.

ثم انه بقی الکلام فی أن المراد من قوله(علیه السلام)فذلک رضا منه بالبیع فی صحیحة ابن رئاب أی شیء فذکر المصنف احتمالات أربعة الأول أن یکون المراد من ذلک الرضا الشخصی فیکون المعنی ان التصرف- الموجب لإحداث الحدث فی المبیع یکون کاشفا عن الرضا الشخص و هذا واضح الدفع فان کثیرا ما لا یلتفت المشتری الی ثبوته الخیار له فیحدث حدثا فی المبیع فکیف یکون ذلک کاشفا عن الرضا الشخص بالبیع و بسقوط الخیار مثلا لو اشتری أحد دجاجة و قص جناحها لئلا یطیر الی مکان آخر من غیر ان یلتفت الی ثبوت الخیار له فی ذلک کما هو کذلک فی نوع الناس حتی من أهل العلم حیث انهم لا یلتفتون بثبوت الخیار لهم فی مثل الدجاجة و نحوها و فی مثل ذلک فلا وجه لدعوی کون التصرف کاشفا عن الرضا الشخص کما هو واضح.

الثانی أن یکون کاشفا نوعیّا عن الرضا بالبیع و سقوط الخیار کما ذکره المصنف و هذا أیضا لا یمکن المساعدة علیه فإنک قد عرفت أن نوع الناس لا یلتفتون بخیار الحیوان فکیف یکون تصرفهم کاشفا عن الرضا النوعی بحیث یکون المناط فی کون التصرف مسقطا للخیار هو الرضا النوعی فإنه لا وجه لدعوی أن فی أغلب الناس یکون التصرّف کاشفا عن الرضا النوعی فإن أغلب الناس و لا یلتفتون الی ذلک کیف فان خیار الحیوان لا یختص بطائفة خاصة من الشیعة لیکون الغالب فیهم الالتفات الی الخیار عند التصرف بل یثبت لکل شخص حتی الیهود و النصاری و المخالفین و غیرهم و من الواضح أنه مع ذلک فالغلبة فی غیر

ص:199

الملتفتین بالخیار عند التصرف فکیف یکون التصرف کاشفا عن الرضا النوعی من جهة التفات أغلب الناس بالخیار عند التصرف.

و کیف کان فلا وجه لجعل التصرف کاشفا نوعیا عن الرضا بالبیع.

الثالث أن یکون ذلک بنفسه جوابا للشرط و حکما ثابتا للموضوع فیکون ذلک إشارة إلی نفس ذلک التصرف الذی هو الحدث.

الرابع أن یکون توطئة للجواب و هو قوله و لا شرط له لکنه توطئة لحکمة الحکم و تمهید لها لا علة حقیقة فیکون إشارة الی أن الحکمة فی سقوط الخیار بالتصرف دلالته غالبا علی الرضا نظیر کون الرضا حکمة فی سقوط خیار المجلس بالتصرف و مرجع هذین الاحتمالین إلی شیء واحد و ان کان البیان فیهما مختلفا.

و قد ذکر المصنف أن لازم أخذ هذین الاحتمالین هو الالتزام بکون مطلق التصرف مسقطا للخیار و لکن الأمر لیس کذلک فان قوله (علیه السلام)فذلک رضا منه بالبیع هو أن نفس هذا التصرّف الذی یوجب احداث الحدث رضا بالبیع لا کل تصرف کما هو واضح فان الموضوع هو الحدث حیث قال:ان أحداث حدثا فذلک رضا منه بالبیع.

(الثالث من الخیارات خیار الشرط)

اشارة

قوله الثالث خیار الشرط اعنی الثابت بسبب اشتراطه فی العقد أقول لا شبهة فی جواز جعل الشرط فی العقود و لا خلاف فیه بین الأصحاب سواء کان متصلا بالعقد أو منفصلا عنه

و یمکن الاستدلال

اشارة

علی جواز ذلک بطائفتین من الروایة

الأولی صحیحة ابن سنان

(1)

عن ابی عبد اللّه علیه السلام فی حدیث قال:و ان کان بینهما شرط

ص:200


1- 1) وسائل ج 12-ص 355-باب 8-حد 2.

أیّاما معدودة فهلک فی ید المشتری قبل ان یمضی الشرط فهو من مال البائع و فی روایة السکونی ان أمیر المؤمنین علیه السلام قضی فی رجل اشتری ثوبا بالشرط الی نصف النهار فإنها تدل علی جواز جعل الخیار فی هذین الموردین الخاصین.

و الطائفة الثانیة الأخبار المستفیضة الواردة فی اشتراط الفسخ

برد الثمن

کما سیأتی نقلها فإنها أیضا تدل علی جواز جعل الخیار فی موردها فان جاز التعدی عن مواردها فبها لدعوی الضرورة انّه لا خصوصیة لموردها و الا فلا بدّ من التماس دلیل آخر و ح نأتی إلی العمومات.

و قد استدل علی مشروعیة هذا الخیار و جواز جعله و اشتراطه بالأدلة المستفیضة بل المتواترة بین الفریقین المؤمنون عند شروطهم الا شرطا خالف کتاب اللّه و سنة نبیّه فإنها تدل بإطلاقها علی لزوم الوفاء بکل شرط غایة الأمر خرج عنها الشروط الابتدائیة و بقی الباقی و من جملته اشتراط الخیار فی العقود.

و قد أشکل علیه فی المستند بأن الأدلة العامة لا تکفی لإثبات صحة اشتراط الخیار لاستثناء الشرط المخالف للکتاب و السنة لأن السنة تدل علی أنه بالافتراق یجب البیع فاشتراط عدم وجوبه بعد الافتراق مخالف لها و علی الجملة فلا یمکن الاستدلال بهذا الأدلة علی جواز جعل الخیار.

و قد أجیب عنه بجوابین الأول ما ذکره شیخنا الأستاذ من أن الجواز و کذلک اللزوم علی قسمین الأول الجواز و اللزوم الحکمی و الثانی اللزوم و الجواز الحقی.أما الأول فلا یتبدل بفسخ المتبایعین

ص:201

أصلا أما الجواز فکالهبة حیث ان جوازها حکمی فلا یتغیر أصلا و لو قال الواهب أسقط حق الرجوع ألف مرّة.

و أما اللزوم فکعقد النکاح حیث لا یتغیر عما هو علیه بإقالة و نحوه فیعلم من ذلک أن اللزوم هنا حکمیّ لا حقیّ.

و أما الثانی فالجواز الحقی مثل الوکالة و نحوها و اللزوم الحقی کجمیع العقود التی تجری فیها الإقالة حیث انه یستکشف من ذلک أن اللزوم فیها حقی و الا لم یرتفع بالإقالة فما یکون مخالفا للکتاب و السنة هو الخیار فی العقود التی أن اللزوم فیها حکمی کالنکاح لا فی مطلق العقود حتی فیما یکون اللزوم فیها حقیا.

و فیه أنه قد عرفت فی أول البیع أنه لا فرق بین الحق و الحکم أصلا فإن کلاهما بحکم الشارع و جعله غایة الأمر قد سموا الفقهاء الحکم الذی اختیاره بید المتبایعین حقا و هذا لا یوجب اختلافهما فی الحقیقة و علیه فکما ان الجواز حقیقة واحدة مجعولة بجعل الشارع و کذلک اللزوم فهو حقیقة واحدة و الاختلاف بحسب الحکم الطارء علیه لا أن هنا حقیقتان إحداهما حقی و الأخر حکمی کما لا یخفی و علیه فیبقی اشکال صاحب المستند علی حاله فان جعل الخیار فی العقد مخالف لحکم الشارع بلزومه.

و بعبارة اخری أن اللزوم فی جمیع العقود انما هو حکم الشارع و ثابت بدلیل واحد غایة الأمر أنه مطلق فی بعض الموارد کما فی النکاح و مشروط بعدم الإقالة فی بعض الموارد الأخر کما فی البیع و نحوه علی ان النکاح أیضا قد یطرئه حق الفسخ لبعض الأمور کما هو واضح.

و الجواب الثانی ما یظهر من السیّد ره من أن جعل الخیار

ص:202

مخالف لإطلاق العقد لا لمقتضاه فإن إطلاق العقد یقتضی الملکیّة علی وجه الإطلاق فاشتراط الخیار مخالف لإطلاقه لا لمقتضی أصل العقد.و هذا الجواب من العجائب فان کلامنا فی الشروط المخالف للکتاب و السنة لا فی الشروط المخالفة لمقتضی العقد أو لإطلاقه.

و توضیح الکلام أن الشرط قد یکون مخالفا لمقتضی العقد بأن یشترط البائع علی المشتری أن لا یتملک أو یقول الواهب و هبتک هذه علی أن تبقی العین الموهوبة فی ملکی و هکذا فان هذه الشروط کلها مخالفة لمقتضی العقد و لکن لا دلیل علی بطلانه الا لزوم المناقضة و التناقض فان معنی البیع هو تملیک العین المبیعة و کونها ملکا للمشتری و معنی اشتراط عدم کونه ملکا للمشتری هو أن لا یکون المبیع ملکا للمشتری و هما متناقضان و کذلک فی الهبة.

و أما إذا کان الشرط مخالفا لإطلاق العقد فلا محذور فیه أصلا لعدم الزوم التناقض و محذور آخر فیه کما ذکره السیّد فإنّه أن محذور فی أن یقول البائع بعتک هذا الثوب و شرط علیک أن تخیط لی ثوبا آخر فإن إطلاق العقد لا یقتضی کون المبیع ملکا للمشتری علی وجه الإطلاق و الشرط مخالف له.

و أما الشروط المخالفة للکتاب و السنة فهی أمر آخر غیر مربوط بالشروط المخالفة للعقد أو لإطلاقه فإنه لا یفرق فی الشروط المخالفة للکتاب و السنة بین أن تکون مخالفة لأصل الکتاب و السنة أو لاطلاقهما مثلا لو باع حیوانا و اشترط أحدهما علی الآخر فی ضمن العقد أن یشرب الخمر فی حال المرض تنزّها لا دواء فإنه هل یتوهم أحد جواز ذلک

ص:203

لکونه مخالفا لإطلاق الکتاب لا أصله.

و الحق فی الجواب أن یقال:أن هذه الروایات انما وردت لجعل خیار الشرط فی مورد لزوم العقد فتکون مخصصة للأدلة الدالة علی اللزوم لا منافیة لها لتکون مطروحة أو مأولة و توضیح ذلک أن معنی اشتراط شیء فی العقد هو توقف لزوم العقد علی وفاء المشروط علیه بالشرط و الا فلا یلزم علیه أن یتوقف علی اللزوم و معنی عدم وجوب التوقف علی اللزوم هو ثبوت الخیار له بحیث ان شاء یفسخ و ان یشاء یمضی و ان شاء یبقی العقد علی حاله غایة الأمر أن اشتراط شیء علی البائع أو المشتری فی العقد جعل خیار بالدلالة الالتزامیة و جعل الخیار لأحدهما أو کلاهما فی العقد جعل خیار بالدلالة المطابقیة و قد تقدم ذلک فیما سبق و قلنا و بان مرجع الاشتراط الی جعل الخیار و الحاصل أن الأدلة علی أن المؤمنین عند شروطهم واردة فی مورد جعل الخیار بناء علی أن کل شرط یرجع الی جعل الخیار بالبیان المتقدم فلا یکون الشرط مخالفا للکتاب و السنة و بعبارة أخری أن هذا الروایات الدالة علی لزوم الوفاء بالشروط وارد فی مورد جعل الخیار بناء علی أن مرجع جعل الشروط الی ثبوت الخیار بالالتزام فان بقاء الالتزام علی العقد منوط علی بقاء الالتزام علی الشرط و مع التخلف یثبت الخیار و علیه فلا یکون جعل الشرط مخالفا للکتاب و السنة الا أن الشرط مخالفا لهما و الحال أن فی العالم شروط صحیحة غیر منافیة للکتاب و السنة فهذه الروایات واردة فی هذه الموارد الی مرجعها الی جعل الخیار.

و یمکن الجواب عن صاحب المستند بناء علی المشهور أیضا من

ص:204

عدم رجوع الشرط الی جعل الخیار.بدعوی عدم مخالفة الشرط الخیار للکتاب و السنة.أما عدم مخالفته للکتاب من جهة أن أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ناظر إلی إفادة اللزوم للعقد المنشأ علی النحو الذی أنشأه المنشئ و هذا المنشأ اما هو مطلق فی الواقع أو مقید لما ذکرناه مرارا أن الإهمال فی الواقعیات من الأمور مستحیلة و علیه فهذا العقد الذی اشترط فیه الخیار لا یعقل أن یکون منشأ علی وجه الإطلاق فلا بدّ و أن یکون منشأ علی وجه التقیید فیکون الملکیة المنشئة بقید خاص موردا للأمر بالوفاء بالعقد فلا یکون الشرط مخالفا للکتاب بل دلیل اللزوم من الأول لا یشمل الا هذه الملکیّة الخاصة المقیّدة بحد خاص.

و بعبارة أخری أن دائرة الملکیّة من الأول محدودة و مقیّدة بعدم الفسخ فان الحاصل من البیع قد یکون ملکیّة مطلقة و یکون المنشأ هو ذلک و قد یکون المنشأ ملکیة مقیدة بحصة خاصة و بحد خاص أی المقیدة بعدم الفسخ و حینئذ أن منافاة لهذا الشرط للکتاب بل الکتاب لا یشمل من الأول الملکیة المطلقة بل یشمل الملکیة المقیدة و هو واضح.

لا یقال أن الملکیة المنشئة مطلقة حتی بعد الفسخ فإنه لا معنی للبیع الی وقت خاص کسنة أو سنتین لکونه باطلا إجماعا فإنه یقال لا شبهة فی أن المنشأ مطلق من حیث الزمان و أن البائع أنشأ ملکیة مطلقة للمشتری و أبدیة و لکن کلامنا لیس فی الإطلاق و التقیید من حیث الزمان بل من حیث الحالات و لا شبهة أن المنشأ بالنسبة إلی الفسخ و عدمه الذان من الحالات الطارئة لعقد اما مطلق أو مقید و ذکرنا أنه مقید فالملکیّة المنشئة محدودة بالنسبة إلی الفسخ

ص:205

و عدمه الی الزمان فتشملها أدلة اللزوم مع هذه الحیثیة المقیدة فیکون لازما الی أن لا یفسخ و الا فلا لزوم لعدم شمول أدلته له.و دعوی أن المنشأ مطلق بالنسبة إلی الفسخ و عدمه أن أنه أنشأ الملکیة سواء فسخ أم لا مع اشتراط الخیار فی العقد دعوی متناقضة کما هو واضح فان هذه الدعوی تشبه دعوی أن یقصد أحد الإقامة فی بلد و کان عالما بمسافرته أو شاکا فیه فان هذا لیس الا التناقض الواضح.

و لا یقاس کون المنشأ ملکیة محدودة بالفسخ بالبیع إلی سنة فان الثانی باطل بالضرورة بخلاف الأول فإنه کان متعارفا فی جمیع الأزمنة فیکون مشمولا لوجوب الوفاء بالعقد.

و کیف کان بناء علی المشهور أیضا لا یکون شرط الخیار مخالفا للکتاب بوجه لقصور دلیل اللزوم عن ذلک فلا یکون الأمر بالوفاء بالعقود شاملا الا ما أنشأ بأی کیفیة أنشأ.فاللازم بدلیل وجوب الوفاء بالعقد هو الملکیة المحدودة بعدم الفسخ.

و أما السنة فقد ظهر جواب توهم مخالفة الشرط للسنة من ذلک أیضا فإن قولهم البیّعان بالخیار ما لم یفترقا و إذا افترقا وجب البیع لیس المراد من الوجوب علی کل حال بحیث یکون المنشأ ملکیة المحدودة لازمة علی وجه الإطلاق بعد انقضاء المجلس بل الملکیّة المحدودة بعدم الفسخ فلا تکون هذه الاخبار شاملة من الأوّل الی ما بعد الفسخ حتی یتوهّم کون الاشتراط مخالفا لمقتضی الکتاب.

ثم انه لا شبهة فی جواز جعل الخیار مدة خاصة معینة

إما متصلا بالعقد أو منفصلا عنه لإطلاق الأدلة نعم ذکر بعض الشافعیة أنه لا یجوز جعل الخیار بعد لزوم العقد فإنه لا ینقلب الی الجواز بعد

ص:206

اللزوم و لکنه بدیهی البطلان فان کثیرا ما یطرء الجواز علی العقد بعد اللزوم کما فی موارد خیار تأخیر الثمن و موارد خیار الرؤیة و موارد تخلف الشرط فان جمیع ذلک و أشباهه یطرء الجواز علی العقد بعد اللزوم فلا یمکن الالتزام بکلام هذا القائل أیضا.

و هل یجوز جعل الخیار إلی الأبد و مدة العمر نظیر الوقف

بحسب العمر أم لا

فلم یستشکل أحد فی جوازه الا شیخنا الأستاذ حیث منع عن جواز مثل هذا الشرط لوجهین الأول أنه یوجب کون العقد غررّیا و ذلک لانه لا یعلم المتبایعان أن عمر المشروط له أی مقدار فیوجب البیع غررّیا فیبطل لذلک.

و فیه أنه الغرر هو الخطر و لا نری فی ذلک خطرا أصلا غایة الأمر أنه یکون مثل العقود الجائزة فهل یتوهم أحد أن الهبة أو الوکالة أو نحوهما من العقود الجائزة غرریة.و سیأتی الکلام فی نفس الغرر مع الجهل بالشرط.

الوجه الثانی ما ذکره(ره)من أن جعل الخیار إلی الأبد مخالف لمقتضی العقد فان للعقد دلالة مطابقیة أعنی حصول الملکیة للمشتری فالبیع یقید بالمطابقة حصول الملکیة للمشتری علی وجه الإطلاق و دلالة التزامیة أعنی کون المتبایعین ملتزمین بمفاد العقد و أنه لا- یختص التزامهما بزمان خاص بل هو ثابت إلی الأبد فاشتراط الخیار إلی الأبد و ان لم یکن مخالفا لمقتضی العقد بحسب الدلالة المطابقیة أعنی حصول الملکیة المطلقة و لکنه مناف لمقتضی العقد بحسب الدلالة الالتزامیة أعنی لزوم العقد إلی الأبد و أما جعل الخیار فی زمان خاص فلا بأس به لعدم کونه مخالفا لمقتضی العقد من الجهتین غایة الأمر

ص:207

أنه شرط الخیار فی زمان خاص.

و فیه قد عرفت أنه لا دلیل علی بطلان الشروط المخالفة لمقتضی العقد الا من جهة المناقضة و من الواضح أن اشتراط عدم حصول الملکیة للمشتری مثلا مناقض لمقتضی العقد بأن یبیع بشرط أن لا یملک المشتری أو یهب بشرط أن یبقی العین الموهوبة فی ملک الواهب و أما جعل الخیار فی البیع إلی الأبد فلا یستلزم التناقض لمقتضی العقد کما هو واضح فإنه أی مناقضة لبیع متاع أو دار بشرط أن یکون للبائع أو للمشتری خیار مدة العمر فیکون نظیر العقد الجائز نعم لو کان هنا دلیل التعبدی یدل علی أن الشروط لا بدّ و أن لا یکون مخالفة لمقتضی العقد لأخذنا بإطلاقه و بالنسبة إلی الدلالة المطابقیة و الالتزامیة.

و الحاصل قد علم أن المنشأ فی موارد جعل الخیار بالشرط ملکیة محدودة فأدلة اللزوم من الأول قاصرة عن الشمول لذلک فضلا عن أن یلزم من جعل الخیار مخالفة الکتاب أو السنة.

و مع الإغماض عن ذلک فنقول:ان الظاهر من السنة الدالة علی لزوم العقد هو الحصة الخاصة من العقد الذی لم یجعل فیه الخیار و أما ما جعل فیه الخیار فلا یکون مشمولا لها.

و توضیح ذلک أن الأدلة علی ثبوت خیار المجلس و ان دلت علی لزوم البیع بمجرد الافتراق و کونه واجبا علی وجه الإطلاق و لکن لا بدّ من تقییدها بما ذکرناه من أنه ورد فی بعضها أن اللزوم و الوجوب انما هو بعد الرضا بالعقد کقوله(علیه السلام)فلا خیار لهما بعد الرضا و قد ذکر أن المراد من هذه بالعقد کقوله(علیه السلام)فلا خیار لهما بعد الرضا و قد ذکر أن المراد من هذه العبارة الشریفة أنه لا خیار مجلس لهما بعد ما أقدما علی المعاملة و رضیا بها و علیه فهی صریحة فی عدم شمول السنة

ص:208

لعقد جعل فیه الخیار فان المتبایعین لم یقدما و لم یرضیا علی المعاملة الأعلی النحو الذی أنشئاها و من الواضح أنهما أنشأ ذلک بحیث یکون لهما أو لأحدهما حق الفسخ بعد شهر مثلا أو الی شهر من زمان العقد فلا یشمله قوله(علیه السلام)فإذا افترقا وجب البیع بعد الرضا إذا لم یحصل الرضا بدون الشرط المعلوم.

ثمّ انه قد عرفت أنه لا شبهة

فی جواز اشتراط الشرط فی العقد

من دون أن یلزم فیه محذور أصلا

و قد عرفت أنه یجوز أن یشترط فیه الخیار مدة معینة بل ما دام العمر و قد عرفت مناقشة شیخنا الأستاذ فی ذلک و عرفت الجواب عنه.

و هل یجوز اشتراط الخیار فی مدة مجهولة فی الظاهر و معیّنة

اشارة

فی الواقع

(کأن یجعل البائع المشتری لنفسه الخیار الی قدوم الحاج أو نزول المطر و نحوهما)أو لا یجوز و الظاهر هو الجواز لعموم الأدلة المتقدمة الدالة علی أن المؤمنین عند شروطهم.

و الذی یمکن أن یکون مانعا عن ذلک أحد الأمور الثلثة
الأول

ما أرسله العلامة

من أنه نهی النّبی(صلی الله علیه و آله)عن الغرر فان هذا الشرط غرری فیکون منهیا عنه و یکون المشروط به أیضا منهیا عنه.

و فیه مضافا الی عدم ثبوته إذ الثالث المنقول هو نهی النّبی (صلی الله علیه و آله)عن بیع الغرر أنه لا دلالة فیها علی فساد المعاملة المشروط بهذا الشرط الفاسد الاّ بناء علی سرایته الی المشروط و هو فاسد و سیأتی الکلام منه.

الثانی:أن هذا الشرط أن شرط الخیار فی مدة مجهولة

مخالف للسنة فیکون فاسدا

و ذلک فإنه ورد النهی عن بیع الغرر

ص:209

فی الشریعة المقدسة فاشتراط الشرط الغرری مخالف له فیکون فاسدا و هذا هو الذی ذکره المصنف و ذکر أنه أکل من القفاء فان له أن یستدل من الأول بفساد هذا الشرط بدلیل النهی عن البیع الغرری.

و کیف کان هذا الوجه أیضا لا یتم فإنه ان کان المراد من الشرط المخالف للکتاب هو نفس الالتزام بحیث یکون نفس الالتزام بما یکون مخالفا للکتاب و السنة أیضا مخالفا لهما فیرد علیه أنه مبنی علی سرایة فساد الشرط الفاسد الی المشروط و بعبارة أخری فالصغری مسلم و لکن الإشکال فی الکبری من أن الشرط الفاسد یوجب بطلان العقد أم لا.

و ان کان المراد به نفس الملتزم به لیکون هو بنفسه مخالفا للکتاب و السنة فلا شبهة أن الملتزم به لیس مخالفا للکتاب و السنة فان جعل الخیار و لیس فیه مخالفة لهما و الا لکان کل خیار فی کل عقد مخالفا للکتاب و السنة و علی الجملة فإن کان المراد من الشرط نفس الملتزم به فلیس فیه مخالفة للکتاب و السنة و ان کان المراد به نفس الالتزام و هو و إنکار مخالفا للکتاب و السنة لکونه حراما علی الفرض و لکن لا یری کونه موجبا لبطلان العقد لانه متوقف علی کون الشرط الفاسد موجبا لبطلان العقد أم لا.

الثالث:النبوی المعروف من أنه نهی النبی(صلی الله علیه و آله)عن بیع الغرر بدعوی أن اشتراط الخیار فی البیع مدة مجهولة غرری فیسری إلی البیع فیکون البیع أیضا غرریا.و علی هذا فلا یتوقف الاستدلال علی جعل الشرط مخالفا للکتاب و السّنة یحتاج إلی إرجاع الشرط الی نفس الملتزم به و لا إلی النهی عن المطلق الغرر لنحتاج الی البحث عن ثبوته و عدمه.

ص:210

و لکن یرد علیه أنه ان کان المراد من الغرر هو الجهالة فلا جهالة فی المبیع و ان کان الشرط مجهولا فإنه أی جهالة فی المبیع المعلوم من جمیع الجهات الذی وقع علیه البیع إذ لا تسری الجهالة من ناحیة الشرط الی المبیع أصلا.

و بعبارة أخری بناء علی تمامیة ما دل علی النهی عن الغرر من حیث السند و کون الغرر بمعنی الجهالة فما یکون موجبا للبطلان هو جهالة ما یرجع الی الثمن و المثمن لا جهالة الخارجیة و من الواضح أن العوضین هنا معلوم فلا تسری الجهالة إلیهما من ناحیة الشرط المجهول کما هو واضح علی أن الروایة ضعیفة السند و الغرر لیس بمعنی الجهالة.

و ان کان المراد من الغرر هو الخطر کما هو الظاهر علی ما قربناه سابقا فلا خطر هنا أیضا فإن الخطر انما یکون فیما لم یعلم أن ما بذله البائع أو المشتری أن مقدار وقع فی مقابله من المال بحیث تکون المالیة التی تحصله فی مقابل ما یعطیه مجهولة فان هذا خطر.

و أما إذا کان ما یساوی ماله معلوما فان فسخ یملک ما بذله نفسه و الا یملک ما بیده الذی أخذه من طرفه فأی خطر فی ذلک و لو لم یعلم أن العقد یفسخ أولا و أنه فی أی وقت یفسخ فان هذا لا یضر بمالیة المبیع أن الثمن فلا یجعلها خطریة و الا فهذا یجری فی جمیع موارد الخیارات إذ لا یعلم أن ذی الخیار یفسخ أو لا فهذا بنفسه لا یوجب الغرر.

نعم فالمالیة فی الثمن أو المثمن تکون خطریة باعتبار ترق القیمة السوقیة أو تنزلها الی زمان الخیار و الفسخ إذ لا یعلم أنه متی یجیء

ص:211

الحاج أو ینزل المطر حتی یثبت الخیار لذی الخیار فیمکن أن تکون قیمة المبیع نازلة بحیث لا یسوی شیئا فیکون البیع حینئذ خطریا من ناحیة هذا الشرط علی أن دلیل نفی الغرر ضعیف و غیر منجبر بشیء و قد عرفته فی البحث عن القدرة علی التسلیم و لکن هذا یجری فی جمیع موارد الخیارات فلا یختص بالمقام فإنه یمکن أن یطرأ هذه الحالة للمبیع فی بقیة الخیارات أیضا ففیما لیس فیه خطر لا وجه لفساد الشرط و فیما فیه خطر فهو مشترک بین المقام و بین بقیة موارد الخیارات.

هذا کله إذا کانت المدة مجهولة فی الظاهر و معلومة فی الواقع کأن قال بعتک هذا الشیء علی أن یکون لی الخیار مدة خاصة و لم یبین المدة أو قال لی الخیار و أطلق فهذا باطل ثبوتا أیضا لاستحالة إمضاء أمر المجهول الا أن یقال أنه یحمل علی ثلثة أیام.کما افتی به جمع من الأکابر و ذکر الشیخ الطوسی أن علیه أخبار الفرقة و قد عامل بعضهم معاملة الروایة و لکن الظاهر أنه لا یکون دلیلا فی المقام إذ لم نجد روایة تدل علی هذا الرأی و لم ینقله احد حتی الشیخ فی کتابیه فلو کان هنا خبر یدل علی ذلک لنقله هو أو غیره و الظاهر أنه استنبط ذلک من الروایات و ذکر أن علیه أخبار الفرقة و قد ذکر نظیر ذلک فی قصر الصلاة عند الخروج الی الصید و وجدنا الموارد التی استنباط ذلک منها و علیه فان کان هنا إجماع أو تسالم علی حمل مثل هذا الشرط علی ثلثة أیام نأخذ به و الاّ فیحکم بالبطلان کما هو الظاهر.

(فی مبدء خیار الشرط)

قوله مبدء هذا الخیار من حین العقد أقول ان کان وقت خیار

ص:212

الشرط معلوما بالنص کأن یجعل لنفسه الخیار فی الیوم الفلانی فهو و الا بأن أطلق و قال بعتک علی أن یکون لی الخیار الی خسمة أیام فإن ظاهر الإطلاق هو کون الخیار من حین العقد و الاّ کان الإطلاق الغوا و لو جعل لأحدهما الخیار فی الیوم المعین فالإطلاق یقتضی أن یکون مبدء الخیار من أول ذلک الیوم و قال المصنف انه لو شرط خیار الغد کان مبدئه من طلوع الفجر و لکنه مبنی علی أن یکون أول النهار من طلوع الفجر و لکنه فاسد بل النهار المقابل للیل أوله من طلوع الشمس و آخره غروبها و بعبارة أخری قد ذکرنا فی مباحث الصلاة أن قوس النهار من طلوع الشمس فما دام أنها تحت الأرض لا یتحقق النهار و مقابل ذلک اللیل.

و قد ذهب الشیخ و الحلی الی أن مبدئه من حین التفرق و وجه الشیخ فیما سبق بأنه لا معنی لتعدد السبب لخیار واحد و قد تقدم جوابه بأنه لا مانع من استناد الخیار الواحد إلی أسباب عدیدة و یترتب علیه الثمر فیما إذا سقط واحد فإنه یفسخ بالآخر و قد تقدم أیضا النقض بأنه قد یجتمع خیارات عدیدة فی محل واحد و کیف کان فلا محذور فیه علی أنه یرد علیه بأن لازم کلامه هذا أن یکون خیار الشرط بعد خیار الحیوان أیضا.

ثم ان المصنف قد ادعی التبادر هنا أن المتعاقدین انما یجعلان الخیار فی زمان لیس لهما الخیار و الا لم یجعلاه لنفسهما و قد أشار الی ذلک فی السرائر.

و فیه أولا أن التبادر فی نفسه ممنوع و ثانیا ما ذکر المصنف انه لو تم هذا لاقتضی کونه فی الحیوان من حین انقضاء الثلثة و لم یلتزموا

ص:213

بذلک علی أنه انما یتم مع العلم بثبوت خیار المجلس و مع الجهل به لا یقصد من یجعله لنفسه الخیار الا الجعل من حین العقد لعدم التفاته بخیار المجلس بل هذا هو الأغلب إذ لا یلتفت نوع الناس بخیار المجلس ثمّ أورد المصنف علی دعوی أنه بعد انقضاء المجلس الحکم علی المتعاقدین بخلاف قصدهما و أورد علیه شیخنا الأستاذ بأن تبعیة العقود للقصود و وجوب عدم تخلفها عنها انما هو لو قصد عنوانا خاصا و ترتب علیه عنوان آخر مضاد له کما إذا قصد المتبایعین البیع و ترتب علیه الهبة أو الإجازة أو قصد المتعة و ترتب علیه الدوام بناء علی کونهما حقیقتین و أما بیع ما یملک و ما لا یملک فحیث ان القصد فیه فی الحقیقة ینحل الی قصدین فهو لیس من تخلف القصد عن العقد و فی المقام و ان قصدا کون مبدء الخیار من حین العقد الا أنهما قصدا من حینه إلی سنة مثلا فلو حکم الشارع بأنهما ما داما فی المجلس لیس لهما خیار الشرط فهو لیس من تخلف العقد عن القصد.

أقول:ان کان مراد المصنف أنه یلزم التخلف إذا کان قصد المتبایعین ثبوت الخیار لهما من حین العقد إلی خمسة أیام فأمضی الشارع بعد التفرق إلی خمسة أیام و مقدار زمان قبل التفرق کخمسة أیام و نصف أو ساعة بحیث یضیف الناقص من الأول إلی الآخر فلا شبهة فی کون ذلک من تخلف العقد عن القصد فلا یرد علیه ما أورده شیخنا الأستاذ.

و ان کان مراده أن المتبایعین قصدا لنفسها الخیار من حین العقد إلی خمسة أیام و لکن الشارع ضیق دائرة خیارهما و نقص من خمسة أیام بمقدار بقائهما فی مجلس فح لا یلزم التخلف فان المورد

ص:214

ح من قبیل بیع ما یملک مع ما لا یملک و إمضاء البیع فی ما یملک و عدمه فیما لا یملک.و علیه فإشکال شیخنا الأستاذ متین و نظیر ذلک کثیر فی الشریعة کبیع الصرف و السلم فان الشارع امضاهما بعد القبض و کبیع الفضولی و نحو ذلک.

ثم انه ذکر المصنف أنه لو جعل مبدء الخیار من حین التفرق بطل لأدائه إلی جهالة مدة الخیار و قد تقدم أن شرط إذا کان غرریا یفسد و یستلزم کون البیع فاسدا بناء علی کون الشرط الفاسد مفسدا للعقد و الا فیکون الفاسد هو الشرط فقط و لا یسری الغرر الی المبیع و قد تقدم و لکن یمکن عدم الغرر و الجهالة هنا فی هذا المثال کما إذا جعلا الخیار من حین التفرق فان الشرط هنا لا یکون مجهولا لان آخره معلوم فهذه المدة مدة الخیار سواء کان بالمجلس أو بغیره فما داما فی المجلس فیه و بعده بخیار الشرط غایة الأمر سبب الخیار مجهول.

(فی جعل الخیار للأجنبی)

اشارة

قوله مسألة یصحّ جعل الخیار لأجنبی أقول

یقع الکلام فی جهات
الاولی هل یشرع الخیار لا جنبی بعنوان أنه وکیل

لان جعل الخیار له فی قوّة جعل الخیار لنفسه و لا شبهة أیضا فی احتیاجه الی القبول و کیف کان فهذا خارج عن محل الکلام.

و انما الکلام فی جعله للأجنبی بغیر عنوان الوکالة فقد یقال:

بعدم جوازه فان جعل الخیار فی العقد انما یشرع فی حق من کان طرفا للالتزام و یکون له الخیار فی حل التزامه و إبقائه علی حاله و من الواضح أن الأجنبی خارج عن ذلک.

ص:215

و یضاف الی ذلک أنه لا دلیل علی مشروعیة هذه الشرط فیکون مخالفا للمشروع فان الثابت فی الشرع صحة الفسخ بالتفاسخ أو بد خول الخیار بالأصل کخیاری المجلس و الشرط أو بالعارض کخیار الفسخ بردّ الثمن لنفس المتعاقدین.

أقول:لا وجه للتمسک فی ذلک بالروایات المستفیضة المتقدمة الدالة علی أن المؤمنین عند شروطهم و ذلک لما عرفت سابقا أن هذه الروایات ناظرة إلی الحکم التکلیفی و أنه لا بدّ و أن یکون المؤمن عند شرطه کقوله(علیه السلام)المؤمن عند عهده بل فی بعضها و لیف بشرطه فتکون خارجة عن الأحکام الوضعیة و عن نفوذ الشرط وضعا علی أن هذه الروایات ناظرة إلی الشروط التی سائغة شرعا فیجوز جعلها فی العقود فی الشریعة المقدسة فلا تکون دالة علی تشریع الشروط و جعلها.

و بعبارة أخری أنها مسوقة لتجویز جعل الشروط التی سائغة فی الشریعة فلا تکون مشرعة فی نفسها و موجبة لجعل شرط لا نعلم مشروعیته قبل ذلک و عدمها و لذا قلنا أن هذه الروایات واردة فی مقام جعل الخیار لرجوع الشروط بالأخرة إلی جعل الخیار بالالتزام و من الواضح أن مشروعیة الخیار ثابت فی الشریعة المقدسة و أما فی غیر ذلک فالشروط مخالفة للکتاب و السنة فلا یجب الوفاء بها.

و الظاهر أنه لا دافع لهذا الإشکال إلا ما ذکرناه سابقا من أن المنشأ هو الملکیة المحدودة بعدم الفسخ فان التزام المتعاقدین انما هو علی هذا النحو الخاص و لیس علی وجه الإطلاق فإنک قد عرفت أن الملکیة المنشأ قد یکون مطلقة و قد تکون مقیدة لاستحالة الإهمال فی الواقعیات فالملکیة المنشئة هنا مقیدة بعدم فسخ الأجنبی فیکون

ص:216

ما هو یکون مشمولا للعقد الملکیة المقیدة کما هو و بالجملة فکون الملکیة محدودة بجعل الخیار للأجنبی کتحدید الملکیة بجعل الخیار لنفسه.

فتکون أدلة اللزوم من الأول دالة علی لزوم هذه الحصة فقط فیکون غیر هذه الحصة خارجة بالتخصص و قلنا أن تملیک المبیع و بیعه بالملکیة المحدودة من حیث الکیف لتقیده بعدم الفسخ لا بحسب الزمان متعارف فی الخارج فیکون مشمولا لأدلة اللزوم فنفس أدلة اللزوم تدل علی نفوذ هذا النحو من الشروط فلا تکون هذا الشروط مخالفة للکتاب و السنة.و لا دافع لهذا الإشکال إلا هذا و الا فلا مقتضی لمشروعیة هذا النحو من الشرط.

الجهة الثانیة فی أنه هل یحتاج هذا الشرط الی القبول

بحیث ما لم یقبل الأجنبی هذا الشرط لا یثبت له الخیار و للمتبایعین الشرط کما أن توکیل الغیر یحتاج الی قبول أو لا یشترط فیه ذلک و ربما یقال أن مقتضی کون کل شخص مسلطا علی نفسه هو أن یکون تملکه شیئا باختیاره و سلطنته فان هذا المضمون و ان لم یکن واردا فی الاخبار و انما الوارد الناس مسلطون علی أموالهم و لکن هذا أمر وجدانی بل ثابت بالأولویة فإن کون الإنسان مسلطا علی ماله یقتضی کونه مسلطا علی نفسه بالأولویة القطعیة-و قد قال موسی(علیه السلام) إِنِّی لا أَمْلِکُ إِلاّ نَفْسِی وَ أَخِی و حکاه سبحانه و تعالی فی کتابه الکریم و علی هذا فمقتضی القاعدة عدم ثبوت الخیار للأجنبی الا بقبوله.

أقول:لا شبهة فی أن تملک أیّ شیء انما هو بالأسباب الاختیاریة التی جعلت فی الشریعة المقدسة من الأسباب المملکة غایة الأمر ثبت علی خلاف هذه القاعدة تملک الورثة أموال المورث

ص:217

بالأسباب القهریة و کذلک فی بعض الموارد من غیر مسألة الإرث کالمصالحات القهریة و نحو ذلک فلیس لأحد جبر غیره تملک شیء إلا باختیاره و لذا أفتوا بعدم وجوب قبول البذل فی الحج لیکون مستطیعا و یجب علیه الحج.

و لکن الظاهر أن الخیار خارج عن حدود الملک و ان فسرناه بملک فسخ العقد و تحقیق ذلک أنه قد تقدم فی أول البیع فی بیان الفرق بین الحق و الحکم أن الجواز الثابت فی العقود الجائزة أو اللازمة بواسطة جعل الشارع أو جعل المتعاقدین حکم شرعی من ناحیة الشارع غایة الأمر أن ما ثبت فی العقود اللازمة یفترق عما ثبت فی العقود الجائزة بوجهین الأوّل أن الثابت فی العقود اللازمة اما بالجعل أو بواسطة جعل الشارع کخیاری المجلس و الحیوان یقبل السقوط بالإسقاط بخلاف العقود الجائزة فإن الجواز فیها أمر ثابت بجعل الشارع و لا یقبل السقوط حتی بإسقاط المتعاقدین و لو قالوا أسقطنا ألف مرة.

و قد تقدم فی ما سبق فی أدلة خیار المجلس و الحیوان قوله(علیه السلام) فذلک رضا بالبیع فعلم أنه سقط بالإسقاط و بعبارة اخری أن فی ذیل تلک الأدلة ما دل علی سقوط الخیار بالرضا.

الثانی أن الخیار الثابت فی العقود اللازمة ینتقل الی الوارث بموت المورث و نحوه و الخیار الثابت فی العقود الجائزة بحسب المطیع بحکم الشارع لا یقبل ذلک بوجه و لکن هذان الوجهان یرجعان الی الفرق من حیث الحکم الشرعی و لا یوجب بینونتهما بحسب الحقیقة و الا فالجواز شیء واحد بحسب الحقیقة و لا میز بینهما و لا بینونة بینهما

ص:218

بحسب الحقیقة فالنتیجة أن الخیار و الجواز فی العقود الجائزة و العقود اللازمة شیء واحد و حکم شرعی جعله الشارع للمتعاقدین و کذلک ما جعله المتعاقدان فإنه أیضا من قبیل الحکم فقد اعطی الشارع اختیار جعله بید المتعاقدین و علی هذا المنهج فباب الخیارات بالکلیّة أجنبیة عن حدود الاملاک المصتلحة و علیه فلا مانع من جعل الخیار للأجنبی من غیر أن یکون ثبوته له محتاجا الی القبول فان هذا الحکم شرعی یثبت للأجنبی و کونه من قبیل الحقوق و الاملاک الحقیقة سالبة بانتفاء الموضوع کما هو واضح فیکون الالتزام بالعقد مقیدا بعدم فسخ الأجنبی فإذا فسخ بطل العقد و الا فیبقی علی حاله و لا یکون لقبوله و عدمه أصلا مدخل فی ذلک فمعنی جعل الخیار له هو کون العقد مقیدا بعدم فسخه کما هو واضح.

غایته بجعل المتعاقدین و من هنا یظهر أنه لا یسقط بإسقاط الأجنبی فإن الدلیل علی سقوط الخیار بإسقاط ذی الخیار انما هو فی المتعاقدین فان الظاهر من أدلة ثبوت أنواع الخیار لهما هو ذلک و أما الأجنبی بعد قیام الدلیل علی جوازه فلا یکون قابلا للسقوط بإسقاطه.فلا یکون ساقطا کما لا یخفی.

الجهة الثالثة:أنه هل یجوز للمتعاقدین إسقاط هذه الخیار

عن الأجنبی أم لا

فقد اختار السیّد(ره)فی حاشیة الوجه الأوّل قال (أن شرطه کون الأجنبی ذا خیار فخیار الأجنبی حق للمشروط له فکما یجوز إسقاط خیار نفسه لو جعله لنفسه فکذلک فی الأجنبی و لیس الشرط حدوث الخیار للأجنبی بل دوامه فیکون کخیار نفسه فی جواز إسقاطه و لا یضر سقوط حق الأجنبی أیضا من غیر اختیاره کما أنه یجوز

ص:219

للأجنبی إسقاطه فیسقط المشروط له أیضا قهرا علیه).

أقول أن ثبوت الخیار للأجنبی و ان کان حق للمتعاقدین و لکن ذلک فی ناحیة الحدوث دون البقاء فثبوت الخیار للأجنبی حدوثا انّما هو بجعل المتعاقدین و حق لهما فی أن یجعلا الخیار فی العقد لنفسهما أو لغیرهما و أما من حیث البقاء فلا دلیل علی قبوله السقوط بإسقاط المتعاقدین بل قلنا انه لا یسقط بإسقاط نفس الأجنبی أیضا فکون ثبوت الخیار للأجنبی حدوثا حقا للمشروط له لا یلازم کونه بیده أیضا بقاء بل لا بدّ بعد ثبوته للأجنبی ملاحظة ما دل علی سقوط الخیار بالإسقاط و من الواضح أنه لیس لنا ما یدل علی سقوطه بإسقاط المتعاقدین بل بإسقاط نفس الأجنبی فیکون نظیر الجواز الثابت فی الهبة و غیرها من العقود الجائزة فلا یعقل انفکاکه عن العقد ما دام العقد باقیا و لا شبهة أن سقوط الخیار بالإسقاط یحتاج الی دلیل و قد دل الدلیل علی سقوطه بالإسقاط فی الخیارات المجعولة لنفس المتعاقدین فان فی ذیل أدلة خیاری فی المجلس و الحیوان ما یدلّ علی سقوطه بالرضا و أما ما جعلاه للأجنبی فلا دلیل علی سقوطه بالإسقاط.

و بعبارة أخری تارة یشترط المشروط له فی العقد أن یخیط المشروط علیه له الثواب و لا شبهة أن مرجع ذلک الی جعل الخیار لنفسه علی تقدیر ان لا یخیط له الثوب و له حینئذ أن یسقط خیاره علی تقدیر تخلف الشرط فان ذلک حق للمشروط له.

و أخری یجعل الخیار و للأجنبی فلا شبهة حینئذ أن المشروط له له حق الجعل حدوثا و أما بعده فلیس له فسخ ذلک لکونه حقا

ص:220

ثابتا للأجنبی فلا دلیل لسقوطه بإسقاط غیره.

و قد انتهی الکلام الی جعل الخیار للأجنبی و قد قلنا أن مرجعه الی تحدید الملکیة المنشأ و کون المنشأ من الأوّل مقیدا فتکون أدلة اللزوم من الأول قاصرة الشمول لما بعد الفسخ فضلا عن أن یکون الشرط مخالفا للکتاب و السنة.

و بقی الکلام فی الجهتین الأخرتین
الاولی فی أن خیار

الأجنبی هل هو مشروط بملاحظة الغبطة و المصلحة أم لا

فنقول قد یکون جعل الخیار للأجنبی مشروطا بمراعاة مصلحة من جعل الخیار له و حینئذ فلا شبهة فی کون خیاره مقیدا بذلک فلا یکون فسخه نافذا بغیر ملاحظة المصلحة و قد یجعل له الخیار علی وجه الإطلاق سواء کان فی الفسخ مصلحة أم لا و حینئذ فیکون له الخیار علی وجه الإطلاق هذا لا شبهة فیه مع التصریح بذلک فی مقام الإثبات و أما لو جعل الخیار للأجنبی مع عدم التصریح بکونه ذی خیار علی وجه الإطلاق بل إطلاق فهل یثبت له الخیار أیضا علی وجه الإطلاق أم ینصرف إلی صورة کون الفسخ مصلحة للمشروط له.

أقول ان کان جعل الخیار للأجنبی من کلا المتبایعین فلا وجه لملاحظة المصلحة لهما ح فان الغالب أن البیع یکون مصلحة لأحدهما و غیر مصلحة للآخر فان الغالب أما أن یکون فیه ربح المشتری أو ربح البائع و قلما یتفق أن یکون البیع مصلحة للبائع و المشتری معا و علیه فلا وجه لملاحظة المصلحة فهما و لو کان جعل الخیار و للأجنبی من أحدهما فقط دون الآخر و مع ذلک أطلق فی جعله فهل ینصرف ح إلی صورة وجود المصلحة فی الفسخ أم لا فنقول أن ثبوت الخیار للأجنبی

ص:221

علی وجه الإطلاق و ان کان ممکنا ثبوتا و لکنه ینصرف إلی صورة کون فسخ الأجنبی مصلحة للمشروط له فان الظاهر أن جعل الخیار له لیس علی وجه یکون فی نفس الجعل غرض بل هو من جهة أن المشروط له لیس له بصیرة علی حال البیع و انه جاهل بخصوصیات البیع و المبیع و أن هذه المعاملة مصلحة له أم لا لکونه غیریا مثلا فجعل الخیار له من جهة أن یلاحظ مصلحة هذا الشخص و الا فیکون نقضا للغرض کما لا یخفی.

و علیه فدعوی الانصراف إلی صورة وجود المصلحة لیست بدعوی جزافیة الا أن یصرح علی کون الخیار للأجنبی علی وجه الإطلاق.

الجهة الثانیة:أنه لو جعل الخیار لشخصین أو لنفسه مع

الأجنبی أو لعده أشخاص فهل یکون الخیار لکل منهما أو علی المجموع

أو غیر ذلک

و قد عرفت فی خیار المجلس نظیر ذلک فنقول إجمالا أنّ الخیار تارة یکون ثابتا للطبیعة علی نحو الکلی الطبیعی بحیث کل من سبق إلی اعمال الخیار من الفسخ أو الإمضاء یتحقق الطبیعی فی ضمنه فلا یبقی خیار لفرد آخر من هذه الطبیعة أصلا و هذا لا شبهة فیه و قد یکون ثابتا لکل فرد فرد بعنوان الفردیة لا بما أنهم من مصادیق الطبیعة و علی هذا فیکون کل واحد منهم ذی خیار و علیه فان سبق أحدهما إلی الفسخ فلا یبقی موضوع لخیار الثانی فإنه یوجب انهدام العقد و انحلاله من أصله فلا یبقی شیء حتی یکون الثانی یعمل خیاره.

و ان کان أمضی العقد فیکون العقد ممضی من قبله فقط فلا یکون ذلک مضاء من قبل الآخرین و قد عرفت النکتة بین الفسخ و الإمضاء فی خیار المجلس و قلنا أن الفسخ هو انحلال العقد فلا یعقل الا من الطرفین

ص:222

و هذا بخلاف الإمضاء فإن الإمضاء من أحد الطرفین لا یستلزم الإمضاء من الطرف الآخر.

و قد یکون الخیار ثابتا للمجموع من حیث المجموع فقد قربنا فی خیار الورثة و علیه فإمضاء کل من الطرفین أو فسخه لا یؤثر الا من قبله فقط فیکون خیار الآخرین باقیا علی حاله فلهم الفسخ أو الإمضاء فإن اتفق جمیع هؤلاء علی الفسخ انفسخ العقد و الا یبقی العقد علی حاله و کیف کان فالخیار تابع لجعل الجاعل کما هو واضح.

قوله مسألة یجوز لهما اشتراط الاستیمار بأن یستأمر المشروط علیه الأجنبی فی أمر العقد أقول

حیث کان الکلام فی جعل الخیار

للأجنبی فلمناسبة ذلک ذکر مسألة الاستیمار فی أمر العقد

و ان لم یکن من جعل الخیار فی شیء.

فنقول انه یمکن تصویر ذلک بوجوه و لکن المناسب للمقام اعنی مسألة جعل الخیار للأجنبی.وجهان الذان ذکرهما السیّد(ره).

الأول أن یکون مرجع ذلک الی جعل الخیار لنفسه علی تقدیر

أمر الأجنبی بالفسخ و الا فلا

و علیه فهل یجوز له أن یفسخ قبل الأمر و الاستیمار أم لا الظاهر بل المقطوع به هو العدم لأنّة انّما جعل لنفسه الخیار علی تقدیر خاص فلیس له أن یفسخ بغیر هذا التقدیر إذ لا خیار له بدونه و أما لو أمر الأجنبی الذی جعل لنفسه الاستیمار منه قبل الاستیمار فهل یجوز له الفسخ بذلک أم لا و الظاهر هو جواز الفسخ بهذا الأمر و ذلک لان الاستیمار لیس له موضوعیة فی ثبوت الخیار للمشروط له و انّما هو طریق الی تحصیل الأمر من الغیر فإنه لا داعی لهذا الغیر أن یأمر بالفسخ أو الإمضاء بدون

ص:223

الاستیمار و لذا یستأمر منه و الا فالغرض هو تحصیل الأمر فقط و علیه فیجوز الفسخ ان أمر به الأجنبی بدون الاستیمار فإنه یثبت له الخیار بذلک الأمر.

ثم انه إذا استأمر من الشخص المعلوم فلم یأمر بالفسخ بل بارک له فی معاملته فلیس للمستأمر حق الفسخ أصلا إذا کان له الخیار علی تقدیر أمره بالفسخ و ان أمر بالفسخ فیجوز له ان یفسخ و یجوز له أن لا یفسخ لأن الحق له نعم لو کان عنده أمر بالفسخ حق للطرف الأخر أیضا بأن کان الطرف اشترط علیه أن یفسخ بأمر المستأمر بالفسخ وجب علیه الفسخ کما لا یخفی.

و أما وجوب الفسخ فلا یثبت له حکم تکلیفی وجوبی لما عرفت أن الخیار حق لذی الخیار فیثبت به له حق فی فسخ العقد أو إمضائه و أما الحکم التکلیفی فلا یثبت هنا بوجه.

ثم انه بناء علی ما تقدم من ذهاب المشهور الی بطلان الشرط بکونه مجهولا کجعل الخیار لأحدهما علی تقدیر نزول المطر أو قدوم المسافر فلا شبهة فی بطلان البیع لمجهولیة الخیار الناشئ من جعل الاستیمار من شخص لنفسه بناء علی هذا الوجه الذی هو الظاهر و المناسب لمسألة جعل الخیار للأجنبی فإن الشرط ح یکون مجهولا إذ لا فرق بین هذا و بین جعل الخیار علی تقدیر قدوم الحاج و من الواضح أن جعل الخیار علی تقدیر أمر الفلان بالفسخ إذا استأمره أمر مجهول فلا مناص لهم من القول بالبطلان لجهالة المعاملة علی مذاق المشهور و أما بناء علی ما ذکرناه من عدم کون البیع غرریا بذلک مع کون ما یأخذ کل منهما أو یراجعه من الآخر بعد الفسخ معلوما أعنی العوضین.و قد

ص:224

عرفت ذلک و هذا هو الوجه الأول و هذا هو المرتکز فی الأذهان و ینصرف إلیه الإطلاق.

الوجه الثانی:أن یشترط أحد الطرفین علی الآخر عدم الفسخ

ما لم یأمر الأجنبی بذلک

بحیث یکون فی ذلک حق لکلیهما معا بخلاف السابق فإنه کان الشرط لأحدهما فقط و هذا الوجه لا محصل له أصلا فإنه ان کان المراد به اشتراط عدم الفسخ ما لم یأمر به المستأجر بالفتح فلو فسخ قبل الأمر ینفسخ العقد و لکن یثبت للطرف الآخر خیار تخلف الشرط کما هو الظاهر من الاشتراط و ح فلا یبقی مجال لثبوت الخیار للطرف الآخر مع التخلف إذ لا یبقی موضوع للخیار أصلا بعد انهدام العقد و توضیح ذلک أنه علی المختار من رجوع الشرط الی جعل الخیار علی تقدیر التخلف فلا یبقی موضوع لذلک فإنه یکون فسخه مؤثرا فی العقد فلا یبقی هنا عقد حتی یفسخه الطرف الآخر بخیار تخلف الشرط من جهة عدم وفاء الطرف الآخر بالشرط أعنی به عدم الفسخ قبل الأمر و بالجملة فاشتراط عدم الفسخ ح لا أثر له أصلا.

و علی مسلک المشهور من کون الاشتراط موجبا لمجرد إثبات حکم تکلیفی أعنی وجوب الوفاء بالشرط فلو خالف من له خیار الفسخ بالأمر بعد الاستیمار ففسخ قبل الأمر قد فعل فعلا محرما و أما عدم نفوذ فسخه فلا مانع منه فان ثبوت الحکم التکلیفی لا یمنع عن تأثیر الحکم الوضعی فیمکن أن یکون الفسخ حراما و مع ذلک یکون نافذا و أما علی مسلک شیخنا الأستاذ من کون الشرط موجبا لعجز المکلف تکلیفا عجزا شرعیّا لکون المنع الشرعی کالمنع العقلی فلا یکون الفسخ مؤثرا و لکن قد عرفت عدم تمامیته و یأتی التراضی بذلک فی باب الشروط إنشاء اللّه.

ص:225

و ان کان المراد من اشتراط عدم الفعل اعنی عدم الفسخ ان لا یکون له حق الفسخ قبل الأمر فیکون ذلک عین الوجه الأول فلا یکون وجها آخر غیره فیکون معنا جعل الخیار علی تقدیر أمر الأجنبی به.

الثالث أن یکون المراد من الاستیمار اشتراط أحدهما الفسخ

بعد أمر المستأمر بالفتح بذلک

بحیث یشترط الفعل الوجودی دون العدمی و هذا صحیح غیر الوجه الأول و لکنه خلاف المرتکز و خلاف الانصراف و علیه فإذا أمر المستأمر بالفتح ففسخ المستأجر بالکسر فبها و الاّ فیثبت للطرف الآخر خیار تخلف الشرط فیفسخ هو بنفسه کما هو واضح.

قوله مسألة من افراد خیار الشرط ما یضاف البیع الیه و یقال

اشارة

له بیع الخیار

و هو جائز عندنا أقول قد عرفت.أصل خیار الشرط و وجه ثبوته للمشروط له و یقع الکلام فی بعض أقسام الخیار و من أفراده ما هو المعروف الذی یسمی ببیع الخیار فی العرف ای بیع فیه الخیار و معناه أن یبیع متاعا علی أن یکون له الخیار بعد رد الثمن و قد تعارف ذلک فی الخارج لعلاقة الناس بأموالهم و احتیاجهم الی البیع و یرید أن یجمع بین الحقین و هذا لا خلاف فی جوازه بین الأصحاب و لکن العامة بنوا علی خلافه و جری علیه القانون الحکومی فی الخارج و لذا لا یمضون مثل هذه المعاملة بل بنوا علی معاملة الرهون.

و کیف کان فلا شبهة فی مشروعیة هذه المعاملة و یکفی فی مشروعیته مضافا الی التسالم بین الفقهاء الأدلة المستفیضة المتقدمة الدالة علی أن المؤمنین عند شروطهم و أن القاعدة تقتضی صحة ذلک لکون انشائهم علی هذا النحو الخاص و یدل علی صحة ذلک مضافا

ص:226

الی ما ذکر من الروایات الکثیرة بین صحیحة و موثقة و غیرهما فإنّها صریحة فی صحة هذا النحو من البیع و انّما الکلام فی تصویر ذلک

فتوضیح المسألة یتحقق بالکلام فی أمور
الأمر الأول أن اعتبار رد الثمن فی هذا الخیار یتصور علی وجوه

فقد ذکر المصنف هنا وجوها خمسة.

الأول أن یکون الخیار معلقا برد الثمن

بحیث متی ردّ الثمن ان یکون له الخیار فی رد المبیع.

الثانی:أن یکون رد الثمن قیدا للفسخ

بأن یشترط علی الطرف أن یکون الرد قیدا للفسخ بمعنی أن له الخیار فی کل جزء فی المدة من زمان العقد الی زمان ردّ الثمن و لکن لیس له أن یفسخ الاّ بعد ردّ الثمن.

و الظاهر أن هذا الوجه لیس وجها آخر فی مقابل الوجه الأول فإنه إذا کان الفسخ مقیدا بردّ الثمن فمعناه أنه لا یقدر علی الفسخ قبل ردّ الثمن و معنی عدم قدرته علی الفسخ قبله أنه لا خیار له قبل ردّ الثمن فیکون الفرق بین الوجهین بحسب الصورة فقط و الا ففی الثانی أیضا نفس الخیار مقید برد الثمن و قبله لا خیار له أصلا.

الوجه الثالث:أن یکون ردّ الثمن فسخا فعلیّا

بأن یراد منه تملیک الثمن لیتملک منه المبیع.أقول الظاهر أن هذا الوجه أیضا عند التحقیق لیس وجها آخر فی مقابل الوجه الأول فإن معنی کون ردّ الثمن فسخا فعلیّا أنه لا خیار له قبل رد الثمن غایة الأمر أن فسخه مقید بکونه بردّ الثمن و عدم تحققه بالقول فتکون دائرة الفسخ مضیقة و هذا لا یوجب جعله قسما آخر فی مقابل الأول و الا فیمکن أن یکون هنا تقسیمات کثیرة باعتبار القیام و القعود و لبس البیاض و لبس السواد و غیر ذلک من الاعتبارات و لا شبهة ان المراد بکون ردّ الثمن فسخا لیس

ص:227

رده علی وجه الإطلاق و لو کان الرّد بعنوان الودیعة أو العاریة أو غیر ذلک من العناوین بل بعنوان أن یکون فسخا و یتحقق به الفسخ و اذن فیکون معناه أن له الخیار بعد ردّ الثمن بشرط أن یکون الفسخ بردّ الثمن دون غیره و لیس هذا الا کون أصل ثبوت الخیار مقیدا بقید خاص.

الرابع أن یؤخذ ردّ الثمن قیدا لانفساخ العقد.

و الظاهر أن هذا أیضا لیس فی مقابل الوجه الأول وجها آخر فی المقام و ذلک لا مرجع هذا الی ان العقد ینفسخ بحصول سبب الفسخ و إیجاد ما یتحقق به الفسخ و هو عین الوجه الأول فإنه علیه أیضا ینفسخ العقد بإیجاد ما یتحقق به الفسخ من الفسخ القولی أو الفعلی کما هو واضح.

الخامس:أن یکون ردّ الثمن شرطا لوجوب الإقالة علی المشتری

بأن یلتزم المشتری علی نفسه أن یقبله إذا جاء الثمن و استقالة و هذا الوجه مغایر للوجه الأول فإن المشتری یشترط علی البائع أن یقبله إذا جاء بالثمن فلیس هذا اشتراط خیار علی تقدیر بل معناه أنه یشترط الإقالة و ح فإذ جاء بالثمن فاستقاله البائع فأقاله فبها و الا کان للمشتری خیار تخلف الشرط کما هو واضح فیفسخ هو بنفسه.و علی الجملة فمرجع الوجوه الخمسة إلی الوجه الأول الا هذا الوجه الأخیر.

قوله(ره)الأمر الثانی الثمن المشروط رده

أقول قد عرفت أنه لا شبهة فی جواز جعل الخیار بردّ الثمن ثمّ ان الثمن الذی کان الخیار مشروطا بردّه قد یکون کلیّا فی ذمة البائع قبل البیع و قد یکون عند المشتری أما الأول فکما إذا کان البیّع مقروضا لزید عشرة دنانیر فباع

ص:228

منه کتابا بعشرة أیضا فإنه لا شبهة ح فی سقوطه عن البائع فلا یعقل هنا اشتراط الخیار بردّ الثمن و هذا خارج عما نحن فیه نعم لو تفاسخا و ردّ المشتری المبیع إلی البائع یکون ذمة البائع أیضا مشغولة بما کان مشغولة به أولا کما هو واضح.

و أما إذا کان الثمن عند المشتری کلیّا أو شخصیّا أو فی ذمّة شخص آخر علی نحو الکلی فی الذمة أو فی المعین فنقول ح أن الکلام تارة یقع قبل القبض و أخری بعده أما إذا کان قبل القبض فقد یکون کلیّا و قد یکون شخصیا أما الأول فالظاهر ثبوت الخیار للبائع فإنه و ان کان الخیار مشروطا برد الثمن إلی المشتری و کان المتفاهم العرفی من الرد کونه بعد القبض فان معنی الرد هو رد المأخوذ و لکن الردّ بنفسه لیس له موضوعیة بل الغرض وصول الثمن إلی المشتری و کونه عنده و من الواضح أن هذا النتیجة حاصلة قبل القبض و الإقباض فما لم یقبض المشتری الثمن من البائع فله الخیار الی الوقت الذی جعل فیه الخیار مشروطا برد الثمن و لا شبهة أن هذا مما علیه الارتکاز العرفی و هل له الخیار بعد انقضاء المدة و قبل الإقباض بأن اشترط البائع علی المشتری ثبوت الخیار له إذا رد الثمن الی ثلثة أشهر و تم ثلثة أشهر فلم یقبض المشتری الثمن حتی انقضت المدة فقد احتمل المصنف هنا وجهان الأول لزوم البیع لانقضاء المدة التی اشترط فیها الخیار بردّ الثمن.

و الثانی عدم اللزوم بناء علی أن اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض قبله فان الردّ بدون القبض لا معنی له فحیث لم یحصل الشرط فلم یکن البیع لازما بل یکون متزلزلا کما هو واضح.

ص:229

و فیه أن الرد بحسب المتعارف و المتفاهم و إن کان منوطا بالقبض و لکن ارتفاع الخیار المشروط بالرد لیس متوقفا علی تحقق القبض فلیس له موضوعیة فما لم یخرج أمد الزمان الذی فیه الخیار مشروطا بالرد الثمن فللمشروط له الخیار قبل القبض و بعد انقضاء المدة یتم أمد زمان الخیار المجعول لعدم الاشتراط وراء هذا الزمان فلیس هنا شرط آخر أیضا یدور مداره الخیار و لا یفرق فی ذلک حصول القبض و عدمه نعم قبل انتهاء زمان الخیار فعدم القبض یفید فائدة الرد کما عرفت و الحاصل أن ردّ الثمن و ان کان موجبا لثبوت الخیار و ان عدم القبض یفید فائدته و لکن فی زمان خاص و المفروض أنه تم هذا الزمان کما لا یخفی فافهم.

نعم یثبت للبائع الخیار لکن لا بهذا الشرط بل لتخلف الشرط الضمنی حیث أن من المرتکزات الضروریة أن کل من یعامل فیشترط فی ضمن العقد وصول بدل ماله إلیه فی أی وقت یطالبه الا مع اشتراط التأخر فإذا تخلف الشرط و تأخر الثمن ثبت للمشروط له خیار تخلف الشرط الضمنی.

و أما إذا کان الثمن شخصیا.

فتارة یشترط البائع علی المشتری ثبوت الخیار بردّ عین الثمن.

و أخری برد بدله مع التلف و الا فیرد عینه.

و ثالثة یشترط لنفسه ثبوت الخیار بردّ بدل الثمن سواء کانت عین الثمن موجودة أو تالفة.

و رابعا یشترط لنفسه الخیار بشرط رد الثمن و یطلق و لم یصرح برد بدله و عدمه أما الأول فلا شبهة فی ثبوت الخیار له برد نفس الثمن

ص:230

و مع التلف یسقط الشرط و یکون البیع لازما لاستحالة رد عین الثمن بعد التلف و أما الثانی فهو واضح أیضا فإن ثبوت الخیار تابع للشرط فإذا سقط الشرط ثبت الخیار برد عینه مع البقاء و رد بدله مع التلف ثبت له الخیار بحسب هذا الاشتراط إذا کان الرد فی زمن الشرط.

و أما الثالث فهو اشتراط الخیار برد مثل الثمن و لو مع بقاء العین فقد أشکل المصنف فی ذلک فان قانون الفسخ یقتضی رجوع کل من العوض و المعوض الی صاحبه فردّ بدله مخالف لذلک.

أقول تارة یشترط البائع علی المشتری ثبوت الخیار لنفسه برد مثل الثمن لا من جهة أن یکون الثمن باقیا فی ملک البائع و یعطی بدله للمشتری بل غرضه أن یکون بدل الثمن نظیر الوثیقة عند المشتری لیطمئن من رد أصل الثمن و یردّ بدله الی نفس البائع و هذا لا شبهة فیه بوجه فلا یکون البدل ملکا للبائع إلا إذا حصلت مراضاة جدیدة و مبادلة جدیدة.

و ان کان غرضه کون المثل عوضا عن الثمن فح یرد علیه ما ذکره المصنف من أن قانون الفسخ یقتضی رجوع کل من العوضین الی صاحبه و لکن الظاهر أنه لا مانع من ذلک فان معنی ثبوت الخیار برد مثل الثمن لیس هو ما ذکره المصنف لیرد علیه الاشکال المذکور بل معناه أن البائع عند اشتراط هذا الشرط یفعل أمرین أحدهما أنه یجعل لنفسه الخیار بحیث یقدر علی الفسخ و الثانی یشترط علی المشتری المبادلة بین الثمن و بدله علی تقدیر الفسخ و لو کان الشرط الثانی بحسب الارتکاز و علیه فإذا فسخ المعاملة برد بدل العین یفعل أمرین أحدهما فسخ المعاملة و الثانی تبدیل بدل الثمن

ص:231

بأصله بمراضاة جدیدة و لا شبهة فی صحة مبادلة مال بمال و ان لم یکن أحدهما ثمنا و الآخر مثمنا فان نفس عنوان المبادلة عن تراض من المعاملات المشروعیة فی الشریعة المقدسة.

و بعبارة أخری أن تبدیل الثمن بغیره و لو کان ذلک الغیر مثله من جمیع الجهات و ان کان یحتاج الی مراضاة جدیدة و لکن البائع قد اشترط ذلک فی ضمن العقد و قد اشترط فسخ المعاملة بالرد و اشترط أیضا تبدیل بدل الثمن بالمثمن فافهم.و أما إذا کان البائع اشتراط ثبوت الخیار له برد الثمن مطلقا فقد استظهر المصنف من ظاهر اللفظ کون الخیار مشروطا برد نفس الثمن دون مثله فان المرتکز من الثمن هو نفسه لا بدله و هذا الذی أفاده و ان کان متینا فی غیر هذا المورد و لکنه لا یمکن المساعدة علیه فی خصوص المقام فان من الواضح بحسب مرتکزات العرفیة و متفاهم أن من یبیع داره بهذا الشرط معناه أن له احتیاج الی الثمن لیصرفه فی محاوجه و لکن حیث کان له رغبة إلی ماله فلا یرید أن یخرج من تحت تصرفه فیبیعه بهذا الشرط لیکون جمعا بین الحقین فإذا لاحظ العرف هذا المعنی یقطع أن اشتراط ثبوت الخیار برد الثمن هو رد بدله مع التلف و ان أطلق البائع فی مقام الاشتراط و هذا واضح جدا.

و بعبارة أخری قد ذکر المصنف أنه إذ اشترط البائع علی المشتری الخیار علی تقدیر رد الثمن فیحمل علی رد الثمن فقط دون بدله فان الظاهر من الثمن بحسب الارتکاز هو ذلک فلا یطلق علی بدله فاشتراط رد الثمن یکون منصرفا الی ما هو الظاهر و الغالب

ص:232

أعنی نفس الثمن دون بدله.

و ذکرنا أن هذا الذی ذکره المصنف انما هو متین فی غیر هذا المورد فان الظاهر من إطلاق الثمن هو نفسه و أما فی المقام فلا لخصوصیة تقتضی أن یراد من اشتراط ردّ الثمن ردّ الأعم منه و من بدله و هذه الخصوصیة أعنی قیام القرینة الخارجیة علی ذلک فان کون المشتری فی مقام صرف الثمن و احتیاجه الی ذلک مع اشتراط الخیار علی تقدیر رد الثمن یقتضی إرادة الأعم من رد نفس الثمن و ردّ بدله و هذه القرینة تقتضی رفع الید عمّا ذکره المصنف فی خصوص المقام.و لکن لا بدّ من تخصیص ذلک بما إذا کان الثمن الذی احتاج الی صرفه من النقود أو ما یشبه النقود کالحنطة و نحوها بحیث إذا صرف فی المحاوج لا یبقی له موضوع أصلا و أما إذا کان مما لا یکون کذلک بحیث یبقی مع رفع الاحتیاج کأن أخذ کتاب الجواهر للمطالعة بعنوان جعله ثمنا لمتاع فاشترط ثبوت الخیار علی تقدیر ردّ الثمن فإنه لا یمکن رفع الید عما ذکره المصنف و حمل کلامه علی الأعم من رد الثمن و رد بدله.

هذا کله إذا کان الثمن شخصیّا و أما إذا کان کلیّا فان کان کلیّا فی ذمة البائع فقد عرفت خروجه عن مورد الکلام فإنه بمجرد تحقق البیع یسقط و لا یبقی شیء فلا یعقل رد الثمن حینئذ غایة الأمر إذا تفاسخا تکون ذمة البائع أیضا مشغولة بالثمن ثانیا.

و ان کان کلیا فی ذمة المشتری أو شخص آخر بحیث یکون ما یعطیه المشتری للبائع مصداقا من ذلک الکلی لا عین الثمن فان المفروض أن الثمن هو الکلی و حینئذ ان اشتراط المشتری أن یکون

ص:233

المردود عند الرّد هو نفس ما یعطیه المشتری للبائع و الا فلا خیار له فهذا الاشکال فیه فان ردّ البائع نفس ما أخذه ثبت له الخیار نظیر ما تقدم فی الثمن الشخصی و ان اشتراط البائع ثبوت الخیار له برد الثمن أعم من رد عینه أو بدله و هذا أیضا لا شبهة فیه فیکون الشرط متبعا کما تقدم فی الثمن الشخصی و أما إذا اشترط البائع علی المشتری ذلک و أطلق فهذا هو محل الکلام بین الاعلام فذکر المصنف أن المتبادر بحکم الغلبة فی هذا القسم من البیع المشتهر ببیع الخیار و هو رد ما یعلم البدل اما مطلقا أو مع فقد العین و یدل علیه صریحا بعض الاخبار المتقدمة الا أن المتیقن منها صورة فقد العین.

أقول لا شبهة فی انّه إذا کان الثمن کلّیا فلا یکون المدفوع بعینه ثمن بل ممّا ینطبق علیه الثمن الکلی و علی هذا فلو اشتراط البائع ثبوت الخیار له مع رد الثمن مطلقا فلا یعقل رد نفس الثمن علی کلیته لانه غیر قابل لذلک مع أنه لم یؤخذ حتی یرد و علیه فیکون مقتضی الإطلاق هو رد ما یکون مصداقا للکلی و مما ینطبق علیه الثمن و من الواضح أن صدق هذا المعنی بالنسبة إلی المأخوذ و الی بدله سیان فان کلیهما لیس بثمن حقیقة و ان کلیهما مما ینطبق علیه الثمن الکلی فدعوی انصرافه إلی المأخوذ و بدله یحتاج إلی عنایة زائدة و هی منتفیة کما هو واضح إلا إذا اشترطا رد خصوص المأخوذ الشخصی و هو خارج عن الفرض.

و علیه فالإطلاق هنا متعاکس مع الإطلاق فی صورة کون الثمن شخصیا فإن الإطلاق هنا کما عرفت منصرفة إلی رد خصوص نفس الثمن و لکنه فی المقام یعم المأخوذ و بدله علی حسب القاعدة من غیر

ص:234

احتیاج الی دعوی الغلبة أصلا کما کان کذلک فی السابق.

قوله الأمر الثالث قیل ظاهر الأصحاب إلخ

أقول:قد ذکر أن ظاهر الأصحاب علی ما تقدم من أن رد الثمن فی هذا البیع عندهم مقدمة لفسخ البائع أنه لا یکفی مجرّد الرّد فی الفسخ و عللوا ذلک أیضا بأن الرد من حیث هو لا یدل علی الفسخ أصلا و ذکر المصنف ان هذا حسن مع عدم الدلالة أما مع فرض الدلالة عرفا بکون رد الثمن تملیکا للمشتری و أخذ للمبیع علی وجه المعاطاة فلا وجه لعدم الکفایة مع تصریحهم بتحقق الفسخ فیما هو أخفی من ذلک دلالة.

أقول قد یقال أن الوجه فی قولهم هذا هو اشتراط کون الفسخ بلفظ کما اشترطوا ذلک فی العقود و إیقاعات و من الواضح أنهم لم یشترطوا فی الفسخ ذلک بل اکتفوا بمطلق ما یکفی فیه إظهار الفسخ و لو کان برد الثمن بل بما هو اخفی منه کما ذکره المصنف.

و ذکر شیخنا الأستاذ أن رد الثمن مقدمة للخیار أو للفسخ أو للإقالة فیجب بعده إنشاء الفسخ أو اعمال الخیار أو الإقالة بغیر هذا الرّد الذی به یتحقق ملک الخیار أو الفسخ أو الإقالة.

و فیه أن رد الثمن ان کان بعنوان التملیک أو تملیکه للمشتری لیأخذ المبیع لا تملیکا مجانیا فلا شبهة فی تحقق الفسخ بذلک و کونه مبرزا للفسخ فلا یکون الرّد مقدمة للخیار أو الفسخ بل یکون الفسخ بنفس الرّد بل بما هو أخفی منه کما ذکره المصنف و غیره.

و ان کان بعنوان أن یبقی فی ملکه و لکن یکون عند المشتری ودیعة أو عاریة علی نحو الوثیقة العرفیة لیطمئن بأنه یرد الثمن بعد ما فسخ العقد فلا شبهة حینئذ أن کون ما عند المشتری بدلا عما بذله

ص:235

للبائع یحتاج إلی مراضاة و معاملة جدیدة کما عرفت و هو خلاف الظاهر و خلاف المرتکز العرفی و بدون ذلک فلکل منهما مطالبة حقه من الأخر و بعبارة أخری أن ما رده البائع إلی المشتری اما بعنوان التملیک أو بعنوان العاریة یبقی فی ملک البائع أو مجهول المالک فلا سبیل الی غیر الشق الأول و قد عرفت أنه عین الفسخ کما هو واضح.

قوله الأمر الرابع یسقط هذا الخیار بإسقاط

أقول ذکروا أن من جملة مسقطات هذا الخیار هو الاسقاط و لا شبهة فی سقوطه بالإسقاط و لکن مقتضی ما ذکره العلاّمة فی التذکرة من أنه لا یجوز إسقاط خیاری الحیوان و الشرط بعد العقد بناء علی أن مبدء خیاری الحیوان و الشرط بعد انقضاء المجلس لا بعد العقد فان ذلک إسقاط لما لم یجب فإنه علیه لا یجوز إسقاط هذا الخیار أیضا بناء علی أنه انّما یثبت بعد رد الثمن أو برده کما هو واضح.

و قد أجاب عنه المصنف بأنه بناء علی عدم جواز إسقاط ما لم یجب بأنه فرق بین المقام و بین ما فی التذکرة من أن المشروط له هنا متمکن من الفسخ و لو بإیجاد سببه حیث ان له أن یعطی الثمن و یفسخ و لکن الأمر لیس کذلک فی خیاری الحیوان و الشرط بناء علی کون مبدئهما بعد انقضاء المجلس.

و لکن یرد علیه وجهان:الأول:أن الدلیل أخص من المدعی فإنه قد لا یکون المشروط له متمکنا من الرّد فلا یکون ما ذکره المصنف جاریا هنا و ثانیا:أن المتمکن من إیجاد الخیار برد ثمنه لا یثبت الحق الفعلی له لیسقطه حتی یخرج عن إسقاط ما لم یجب بل هو باق بعد علی تقدیر بتة.

ص:236

و التحقیق أنه لا دلیل لفظی علی عدم جواز إسقاط ما لم یجب غیر أنه ذکره جمع من الفقهاء بل فی بعض الموارد لا یساعده العرف أیضا کما إذا إسقاط خیاره المجلس قبل البیع مثلا.

و علیه ففی کل مورد قامت السیرة علی عدم الجواز تأخذ به و فی غیره لا بأس من الالتزام بجواز إسقاط ما لم یجب کما هو واضح إذ لا یلزم منه محذور عقلی و لا شرعی أصلا.

ثم انه یسقط هذا الخیار بانقضاء المدة مع عدم رد الثمن أو بدله مع الشرط فإنه لا شبهة فی سقوط هذا الخیار حینئذ لأنه بعد خروج المدة لا مورد للخیار بل هو رضا بالبیع کما فی خیاری المجلس و الحیوان ثم انه إذ ردّ البائع الثمن فتبین بعد انقضاء المدة أن المردود من غیر جنس الثمن الذی أخذه فلا شبهة فی عدم تأثیر الفسخ حینئذ حتی لو کان ردّ غیر الجنس غفلة فإن ما رده غیر ما اشترط الخیار برده و ما اشترط الخیار برده لم یرد إلی المشتری فلا یکون فسخه برد غیر الجنس مؤثر فی الفسخ و لیس له حق الفسخ بعد ذلک و لو رد عین الثمن أیضا لا لانقضاء المدة کما هو المفروض.

ثم انه إذا ظهر الثمن المردود معیبا فهل یکون الفسخ مؤثرا حینئذ أم لا و الظاهر أن تأثیر الفسخ حینئذ و عدم تأثیره منبی علی ما ذکر فی بیع الکلی من انصراف الثمن أو المثمن الی العوضین الصحیحین ای فیما إذا کان کل من الثمن أو المثمن کلیّا فإنه لو أعطی کل منهما الآخر عینا شخصیة معیبة بعنوان الثمن و المثمن فهل یحسب هذا ثمنا أو مثمنا بحیث لیس للبائع مطالبة ذلک لو رضی به المشتری أو لا یکون ذلک من الثمن و المثمن فی شیء بل لکل منهما مطالبة ماله من

ص:237

الأخر غایة الأمر لو رضیا یکون المعیب بدلا عن الثمن أو المثمن فإنما هو بمعاملة جدیدة.

و الظاهر أنه لا شبهة فی انصراف العوضین فی البیع الکلی إلی الصحیح و مع ذلک لو رضی کل منهما بالمعیب یکفی عن العوض الصحیح من غیر احتیاج إلی المبادلة الجدیدة و توضیح ذلک أنه إذا باع أحد داره بالثمن الکلی فإنه یکون ذلک منصرفا بحسب الشرط الضمنی إلی الثمن الصحیح فإذا طبقه المشتری فی مقام الإعطاء و الإقباض بثمن معیب فللبائع استبداله بثمن آخر صحیح و له إسقاط وصف الصحة أیضا و الرضا بالمعیب و لیس للبائع مطالبة هذا المعیب بدعوی أنه لیس بثمن کما کان له ذلک إذا ظهر من غیر جنسه و الوجه فیه ان المعیب حقیقة مصداق لکلی الثمن غایة الأمر قد فقد وصفا من الأوصاف المعتبرة فیه.

و بعبارة أخری أن هنا معاملتان أحدهما بیع المتاع المعین أو الکلی بثمن کلّی و هذا قد تم بالإیجاب و القبول و لا شبهة فی انصراف الثمن فی هذه المعاملة إلی الثمن الصحیح بحسب الشرط الضمنی الارتکازی.

ثم ان الثمن بعد ما کان کلیا فیحتاج تطبیقه علی أیّ فرد من أفراد ذلک الی معاملة و مراضاة جدیدة حیث ان ما انطبق علیه الکلی لیس بثمن واقعا بل الثمن هو الکلی فتطبیقه علی أی فرد یحتاج إلی المراضاة فإذا طبقوه بفرد فظهر معیبا فللبائع فقط هنا استبدال لأنه إنما رضی بتطبیقه علی هذا الفرد بشرط کونه صحیحا فإذا تخلف فله هدم هذه المعاملة الثانیة و مطالبة الثمن الصحیح و تطبیق الکلی

ص:238

علی غیره ثانیا و هکذا و له أیضا إسقاط هذا الشرط و القید الذی اعتبره فی الثمن من الصحة و لیس للبائع دعوی مطالبته کما کان له ذلک عند ظهوره بغیر جنسه و للمشتری مطالبة ثمنه و کان جعل غیر الجنس عوضا عنه محتاجا إلی معاملة جدیدة بخلافه إذا ظهر معیبا کما لا یخفی.

و لکن هذا الکلام لا یجری فی المقام أعنی ما إذا کان الخیار مشروطا برد الثمن أو الفسخ کان مشروطا برده و ان قلنا أن مرجعهما عند التحقیق إلی شیء واحد و ان کان الثمن منصرفا الی الفرد الصحیح و توضیح ذلک أنه بعد البناء علی انصراف الثمن الی الثمن الکلی لا یجری هنا ما ذکرناه فی البیع الکلی فإنک قد عرفت أن الثمن قابل الانطباق علی الصحیح و المعیب فی بیع الکلی غایة الأمر قد اعتبر بحسب الارتکاز و الشرط الضمنی فی الثمن الکلی قید و هو وصف الصحة فإذا تخلف فللبائع استبداله و الرضا به بأن یرفع الید عن القید المعتبر فی الثمن.

و لکنه لا یجری فی المقام فان هنا قد ترتب شرط الخیار علی رد الثمن و اشترط البائع علی المشتری أنی متی رددت الثمن أو بدله مثلا فی الخیار أو ینفسخ العقد فإذا انصرف الثمن أو بدله الی الصحیح فمعناه أنه متی رددت الثمن الصحیح أو بدله الصحیح فلی الخیار فکأنه قد صرح بذلک فإنه حینئذ یکون رد غیر الصحیح خارجا عن حدود الشرط فکأنه قد رد غیر الجنس من الثمن فهل یتوهم أحد أنه مع التصریح برد الثمن الصحیح لو رد الثمن المعیب یفسخ فکک إذا لم یصرح بذلک فینصرف الثمن الکلی إلی الثمن الصحیح کما لا یخفی.

و بالجملة أن انصراف الثمن الی الصحیح و ان کان صحیحا فی

ص:239

بیع الکلی و فی المقام و لکن المقام من حیث ظهور الثمن المردود إلی المشتری معیبا کظهوره من غیر جنسه فیکون باطلا فلا یقاس بالکلی کما عرفت.

نعم إذا رضی المشتری بهذا المعیب بمعاملة جدیدة عن عوض ثمنه الصحیح و رد المبیع إلی البائع فیکون ذلک اقالة للبیع و فسخا له بغیر عنوان رد الثمن و هذا واضح جدا.

قوله و یسقط أیضا بالتّصرف فی الثمن المعیّن مع اشتراط ردّ العین أقول المعروف بین الأصحاب سقوط الخیار بالتصرف فی الثمن هنا و فی المثمن فی خیار الحیوان و فی العوضین فی خیار المجلس سواء کان الثمن شخصیّا أو کلیا و لکن اشترط رد عین هذا المأخوذ و ذلک لإطلاق ما دل علی أن تصرف ذی الخیار فیما انتقل إلیه رضی بالعقد و لا خیار و قد عمل الأصحاب بذلک فی غیر مورد النص کخیاری المجلس و الشرط و المحکی عن المحقق الأردبیلی و صاحب الکفایة أی سبزواری أن الظاهر عدم سقوط هذا الخیار بالتصرف فی الثمن،لان المدار فی هذا الخیار علیه لانه شرع لانتفاع البائع بالثمن فلو سقط الخیار سقط الفائدة و للموثق المتقدم المفروض فی مورده تصرف البائع فی الثمن و بیع الدار لأجل ذلک.

و أشکل علیه السید بحر العلوم صاحب المصابیح بأن ذهاب المشهور إلی مسقطیة التصرّف انّما هو فی التصرّفات الی فی زمن الخیار دون غیره و من الواضح أن التصرف قبل الرد لیس تصرفا فی زمان الخیار لان الخیار انما هو بعد الرد کما هو واضح فلا تکون التصرفات قبل الرد تصرفا مسقطا و بعبارة اخری أن صاحب المصابیح تسلم کلام

ص:240

الأردبیلی من حیث النتیجة أعنی عدم سقوط الخیار بالتصرف قبل الرد و لکن الأردبیلی التزم بالعدم تخصیصا و السیّد التزم بعدم ثبوته تخصصا.

و قد أشکل صاحب الجواهر علی السیّد بوجوه:

الأوّل:ان لازم کون الخیار بعد الرّد یقتضی أن یکون مبدء الخیار مجهولة إذ لا یعلم تحقق الرد فی أی زمان.

الثانی:أن المتفاهم من العرف کون الخیار من الأول فإنهم یفهمون فی مثل ذلک ثبوت الخیار من زمان العقد.

الثالث:أن الظاهر بمن تضعیف کثیر من الأصحاب قول الشیخ الطوسی بتوقف الملک علی انقضاء الخیار بأن الظاهر من بعض الاخبار المتقدمة أن غلة المبیع للمشتری کون مجموع المدة زمان الخیار.

و قد ناقش المصنف فی جمیع ذلک أما ما ذهب إلیه الأردبیلی من عدم کون التصرّف قبل الرد مسقطا بأنه لا مخصص لدلیل سقوط الخیار بالتصرف المستحب فی غیر مورد النص علیه باتفاق- الأصحاب.

و أما ما ذکره من کون بناء هذا العقد علی التصرّف فلأن الغالب المتعارف هو البیع بالثمن الکلی بحیث یکون ما دفع المشتری الی البائع ممّا انطبق علیه الکلی لا ثمنا واقعیّا و قامت القرینة الحالیة أیضا أن رد مثل الثمن یکفی فی تحقق الشرط أعنی رد الثمن و لذا قوینا حمل الإطلاق فی هذه الصورة علی ما یعم البدل

ص:241

و علیه فلا یکون التصرّف فی عین الثمن المدفوع موجبا لسقوط الخیار و دلیلا علی الرضا بالعقد نعم لو کان الثمن شخصیّا أو کان کلیّا و و لکن اشترط المشتری علی البائع ردّ عین المأخوذ لکان لهذا الکلام مجالا واسعا:و کیف کان فلا منافاة بین فسخ العقد و صحة هذا التصرف و استمراره و هو مورد الموثق المتقدم أو منصرف إطلاقه أو من جهة تواطی المتعاقدین علی ثبوت الخیار مع التصرف أیضا أو للعلم بعدم الالتزام بالعقد بمجرد التّصرّف لانه لیس مسقطا تعبدیا بل لکونه کاشفا عن الرضا بالعقد.

و أما ما ذکره صاحب المصابیح من کون التصرفات قبل الرد خارجا عن عنوان التصرف المسقط تخصصا یرد علیه أنه لا شبهة أن الاسقاط القولی قبل الرد مسقط لهذا الخیار و کذلک لا شبهة أن التصرف یسقط الخیار کالقول و علیه فنکشف من ذلک أن الخیار ثابت قبل الرد و لا شبهة أن الظاهر من کون القول مسقطا هو المسقوط الفعلی فیکون التصرف مثله.

و بالجملة أن الظاهر کون التصرف مسقطا فعلیّا فی کل زمان یکون القول مسقطا بحیث أن القول مسقط فعلی قیل الرد فیکون التصرف أیضا کذلک و ان ذکر المصنف أنه یصح إسقاط الخیار الثالث بعد الرد إذا کان ذی الخیار متمکنا من إثباته برد الثمن و عدمه و لکنه خلاف الظاهر فان الظاهر من الاسقاط هو الإسقاط الفعلی.

و أما ما ذکره صاحب الجواهر من المناقشة فی کون الخیار مجهولا لو کان مبدئه بعد الرد و فیه أنها لا تقدم مع تجدید زمان

ص:242

التسلط علی الرد و الفسخ بعد إنشائه و فرق واضح بین المقام الذی اختیاره من حیث الرد و عدمه لیکون له الخیار و بین ما ذکره فی التذکرة من أنه لا یجوز اشتراط الخیار من حین التفرق إذا جعلنا مبدئه عند الإطلاق من حین العقد و وجه الفرق أن التصرّف هناک لیس فی اختیار أحدهما فإنه إذا أراد التفرق یتبعه الآخر بخلافه فی المقام فلا تکون هنا جهالة تضر بالعقد.

و قد تقدم منا أنه لیس هنا جهالة أصلا غایة الأمر لا یعلم سبب الخیار و قلنا أیضا أن جهالة الشرط لا تضرّ بالعقد بعد عدم وجود الخطر هنا إذ یرجع مع الفسخ أیضا مال کان من المتعاملین الی صاحبه.

و أما ما ذکره من فهم العرف و حکمهم بکون الخیار من الأول و قبل الرد ففیه أن زمان الخیار اما بجعل الشارع أو بجعل المتعاقدین ففی المقام هو الثانی و من الواضح أن المتعاقدین شاکان فی ثبوته قبل الرد فکیف یفهم العرف من ذلک ثبوته من الأول.

و أما ما ذکره بعض الأصحاب فی ردّ الشیخ من بعض أخبار المسألة فلعلهم فهموا من مذهبه توقف الملک علی انقضاء زمان الخیار مطلقا حتی المنفصل کما لا یبعد عن إطلاق کلامه و إطلاق ما استدل به من الاخبار.

و ما أفاده المصنف متین جدا و لکن لنا کلام فی أصل مسقطیة التصرف کما تقدم فی خیار المجلس و أی إطلاق دل علی ذلک حتی یقول المصنف و إطلاقات أدلة مسقطیة التصرف یقتضی سقوطه بالتصرف مطلقا غیر أن التصرف انما یکون مسقطا إذا کان مصداقا للإسقاط أو

ص:243

موجبا للحدث و قد ثبت فی غیر هذین الموردین سقوطه بالتقبیل و اللمس بدلیل الحاکم و فی غیر ذلک فلا دلیل علیه فیتمسّک بعموم أدلّة الشّروط کما لا یخفی.

و بعبارة اخری أن هنا تصرّفات ثلث الأوّل ما یکون نفسه مصداقا للإسقاط و هذا لا شبهة فیه الثّانی:أن یکون موجبا لإحداث الحدث حقیقة أو نازلا بمنزلته بدلیل الحاکم کالتقبیل و نحوه الثالث ما لا یکون کذلک أما القسم الأول فلا إشکال فی کونه مسقطا للخیار فی جمیع الموارد و أما الثّانی فهو و ان کان یوجب سقوطه و لکنّه أمر تعبّدی یقتصر به فی خیار الحیوان فقط و أما فی المقام فلو اشتری جاریة و شرط أن یردها متی شاء(فان بیع الخیار لیس مخصوصا بالبائع فقط)فتصرّف فیها بما شاء من غیر أن یکون التصرف مصداقا للتّصرف بل مع العلم بأنه یردها حتی قبلها و لمسها فإنّه لا دلیل علی کون التّصرف مسقطا هنا و أما القسم الثالث فلا دلیل علی کونه مسقطا للخیار لا فی المقام و لا فی غیر هذا المقام اعنی بیع الحیوان و کیف کان فلا دلیل علی مسقطیة التّصرف بوجه کما هو واضح.

قوله الأمر الخامس لو تلف المبیع کان من المشتری سواء کان

قبل الرد أو بعده

أقول مقتضی القاعدة الأولیة أن تلف مال کل احد علیه و لا یحسب علی غیره و هذا ممّا علیه السیرة القطعیّة و قد ذکر ذلک فی بعض الرّوایات المذکورة فی أحکام الخیار و سیأتی من أنه سئل (علیه السلام)من أنه إذا تلف المبیع ممّن یکون قال(علیه السلام)ان نفعه علی من قال من المالک فقال(علیه السلام)فهو علی مالکه و کیف کان فهذه القاعدة لا شبهة فیها.

ص:244

و قد ورد علیها مخصّصان:الأوّل أن التلف قبل القبض من مال البائع مع انه من ملک المشتری و یحمل أن یکون هذا مورد السّیرة أیضا.

و الثانی أن التلف فی زمن الخیار ممّن لا خیار له و هذا لم تقم علیه السیرة بل هو صرف التعبد فإنه مع قطع النّظر عن التعبد لم یکن معنی لأن یحسب تلف مال زید مع کونه عنده من زید و لا یساعده فهم العرفی أصلا فضلا عن قیام السیرة علیه و لکن التعبد یقتضی ذلک.

ثمّ انه لا معنی لکون التلف محسوبا علی البائع قبل القبض أو علی من لا خیار له الا أن یفرض کما له فکما أن ماله إذا تلف عنده یذهب هدرا و کذلک تلف المبیع قبل القبض أو فی زمن الخیار و لا یعقل ذلک الا بانفساخ العقد بأن یحکم قبل التلف بدخوله فی ملکه أناما و یتلف و یرجع الثمن إلی المشتری أیضا کما هو قانون الانفساخ لا أن معنی کون التلف علی البائع أو من لا خیار له ان یضمن مثل العین فیجب علیه رد مثله فإنه لو لم نحکم بالانفساخ لکان ضامنا بالمثل مع انه لم یقل به احد کما هو واضح.

و الوجه فی ذلک أنه فرق فی الروایة أن التلف فی زمن الخیار من مال من الأخیار له فإنه لا یعقل أن یکون التالف من ماله الا بالالتزام بانفساخ العقد و الا نحکم بالضمان بالمثل کما عرفت.

إذا عرفت ذلک فنقول فی المقام أنه إذا باع شخص داره بشرط أن یکون له الخیار متی رد الثمن فتلف الثمن أو المبیع فهل یحسب ممن لا خیار له أم لا فیقع الکلام فی مقامین الأوّل فیما إذا تلف المبیع

ص:245

فهل هو من المشتری إذ لا خیار له أو من البائع فنقول انه لا شبهة فی کون التلف من المشتری و لکن لا من جهة القاعدة المذکورة من أن کل تلف فی زمن الخیار ممّن لا خیار له الّتی تثبت علی خلاف القاعدة و کونها مخصّصة للقاعدة الأولیة من أن تلف مال کل أحد علی مالکه و ذلک لأن کون تلف مال شخص علی شخص آخر مخالف لهذه القاعدة الأولیة کما قلنا بأن التّلف فی زمن الخیار ممّن لا خیار له کما إذا تلف الحیوان عند المشتری فی ضمن ثلثة أیام فإن مقتض التعبد حکم بکونه علی البائع مع أن الحیوان ملک للمشتری و کانت القاعدة الأولیة تقتضی کون التلف من المشتری و کذلک التلف قبل القبض.

و أما فی المقام و ان کانت التلف فی زمن الخیار و لکن قد تلف مال المشتری عند نفسه فکونه علی نفسه موافق للقاعدة الأولیة لا مخالف لها و علیه فلا وجه للانفساخ هنا کما قلنا بالانفساخ فی الموردین الأولین و علی الجملة فکون تلف مال کل شخص علی نفسه لیس أمرا مخالفا للقاعدة بل موافق لها کما عرفت فتلف المبیع عند المشتری تلف من ماله فیکون من ماله علی ما تقتضیه القاعدة.

و علیه فلا یمکن الحکم بانفساخ العقد من هذه الجهة لیکون ضمان المبیع علی المشتری.

و هل فی هذه الصورة یبقی خیار البائع علی حاله بحیث له أن یفسخ العقد و یسترد مثل المبیع أم لا و قد یقال انه لا خیار له من جهة أن غرضه قد تعلق باسترداد العین و إذا تلف ینتفی هذا الغرض فلا وجه لثبوت الخیار له حینئذ.

و فیه أن هذا الکلام و ان کان صحیحا حیث تعلق غرض البائع

ص:246

بحفظ العین و لکن لا یلزم من ذلک سقوط خیاره أیضا إذ قد عرفت فی أوّل الخیارات أن الخیار لیس متعلقة رد العین بل انّما متعلّقه العقد نعم انّما جعل له الخیار مشروطا ببقاء العین بحیث أن العین متعلق أمد الخیار و قد اشترط البائع عدم إتلافه و وجوب بقائه و مع هذا الشرط فقد اشترط لنفسه الخیار بعد رد الثمن و قد تعلق الغرض بحفظ العین علی هذا النحو و بلحاظ أن الخیار مقید ببقائها و الحاصل قد اشترط بقاء العین لشرط الخیار و هذا لا ینافی بمالیة العین بل کما تعلق غرضه بحفظ العین و کذلک تعلق غرضه بحفظ المالیة أیضا و انما باعه بأقل من ثمن المثل لأجل جعل الخیار إذ لا یرغب المشتری اشتراءه بثمن المثل مع جعل الخیار للبائع و لو کان البائع قد أغمض نظره عن مالیة العین لکان باعه فی السوق بثمن المثل و انما إقدامه علی البیع بأقل من ثمن المثل من جهة أن تبقی العین له مع هذه المالیة و الا لیست الخصوصیات العینیة الغیر الدخلیة فی المالیة موردة للرغبة غالبا و علیه فیبقی خیار البائع علی حاله.

و من جمیع ذلک ظهر حکم الجهة الثانیة أیضا من أنه لیس للمشتری أن یتلف العین بل لا بدّ له من إبقائه فإن البائع اشترط له ذلک و لو بالشرط الضمنی و علیه فإذا تخلف و أتلف فهل فعل فعلا محرما فقط لمخالفیة الحکم التکلیفی کما هو المختار عندنا أو خالف الحکم الوضعی کما ذهب الیه شیخنا الأستاذ و سیأتی الکلام فی ذلک فی أحکام الخیار بإنشاء اللّه تعالی.

و أما إذا کان التالف هو الثمن فهل یکون ذلک علی البائع أو

ص:247

علی المشتری و قد یفرض الکلام بعد رد الثمن إلی المشتری و أخری قبل رده.

و لا بدّ و ان یعلم قبل ذلک أن الثمن أو المثمن إذا کان کلیّا فتلف هو خارج عن موضوع بحثنا فان کلامنا فیما یکون التالف هو المبیع أو الثمن و نتکلّم فی أنه من البائع أو المشتری أی ممن لا خیار له أم لا و من الواضح أن هذا انّما یجری فیما کان التالف هو المبیع أن الثمن لا غیر و الا یلزم أن یکون تلف مال آخر لأحد المتبایعین الذی له خیار من صاحبه الّذی لا خیار له و بدیهی أن المدفوع إلی المشتری إذا کان المبیع کلیا أو المدفوع إلی البائع إذا کان الثمن کلیا لیس مبیعا و ثمنا فان المبیع و الثمن ما جری علیه العقد و أن تلف ما جری علیه العقد ممّن لا خیار له و هذان الفردان لم یجر علیهما العقد بل العقد انما جری علی الکلی و المدفوع مصداق له فمع تلفه یبقی الثمن أو المثمن علی حالهما أیضا إذا فالکلی خارج عن المقام.

(و اما إذا کان شخصیّا و کان التلف بعد الرّد)انتهی الکلام الی أن التلف فی زمن هذا الخیار من البائع أو المشتری و قد عرفت أن کون تلف المبیع من مال المشتری حکم علی طبق القاعدة و لا یحتاج الی التمسّک بأن التلف فی زمن الخیار ممّن لا خیار له و أمّا ثبوت الخیار للبائع حینئذ فقد عرفت کما تقدم.

و أما لو کان التالف هو الثّمن فتارة نفرضه کلیا و أخری شخصیا أما إذا کان کلیّا فلا شبهة فی خروجه عن مورد الکلام فان ما یدفع الی البائع من العین عوضا عن الثمن لیس هو نفس الثمن بل هو ما ینطبق علیه الثمن الکلی و لا فرق بین هذا و بین ما یرده البائع بدلا عن ذلک

ص:248

فان کلا منهما مما ینطبق علیه الکلّی کما لا یخفی.

و أما إذا کان الثمن شخصیّا فتارة یکون التلف قبل رده الی المشتری و أخری بعد رده و أما إذا کان التلف بعد رده فان کان الرّد بعنوان الفسخ فلا شبهة فی انفساخ العقد و علیه فلا یبقی مجال للبحث عن أنه من مال البائع أو من مال المشتری إذ لا موضوع حینئذ للخیار أصلا فهذا خارج أیضا عن موضوع البحث و اما إذا کان الرّد لا بعنوان الفسخ بل بعنوان الودیعة أو نحوها لیفسخ بعد ذلک و تلف الثمن عند المشتری فیقع الکلام حینئذ فی أن تلفه من البائع أو المشتری فمقتضی القاعدة الأولیة تقتضی کونه من البائع لکونه مالکا له و تلف مال کل مالک علیه و مقتضی العلم بقاعدة أن التلف فی زمن الخیار ممّن لا خیار له أن یکون من المشتری فإنّه لا خیار له فی هذا الزمان بل الخیار للبائع و تنقیح المقام أن یقال أنه لم یرد نص بالخصوص بلفظ أن التلف أو کل مبیع تلف فی زمن الخیار فهو ممّن لا خیار له و لا انّه ورد نص بهذا المضمون بل ورد هنا روایتان تدلان علی کون تلف المبیع من مال من لا خیار له فی الموردین الخاصین.

الاولی ما فی الصحیحة المتقدمة فی خیار الحیوان من أنه إذا تلف الحیوان فی ضمن ثلثة أیام فهو من مال البائع الذی لا خیار له و الثّانیة فی خیار الشّرط و هی صحیحة ابن سنان من أن التلف فی زمن خیار الشرط من مال من لا خیار له و الحقوا بذلک خیار المجلس أیضا لاستفادة العموم من اخبار الخیار فان ذیل بعضها حتّی ینقضی الشّرط و قد استفاد ذلک العموم المصنّف من تلک الاخبار و یأتی فی أحکام الخیار.

ص:249

و أما إذا کان التالف هو الثمن فلا دلیل یدلّ علی کون التلف ممّن لا خیار له بحیث ینفسخ العقد بذلک کما عرفت سابقا من أن کون تلف مال احد من الآخر بقانون أن التلف فی زمن الخیار ممّن لا خیار له یوجب انفساخ العقد إذ لا یعقل أن یکون تلف مال أحد من شخص آخر بدون انفساخ العقد فیکون حکم الشارع بکون التلف ممّن لا خیار له حکما بانفساخ العقد کما لا یخفی.

و علی الجملة لا دلیل علی کون تلف الثمن فی زمن الخیار من مال من لا خیار له لیکون ذلک تخصیصا للقاعدة الأولیة و حکما بانفساخ العقد کما لا یخفی.

ثمّ انه استظهر صاحب الجواهر من روایة (1)معاویة ابن میسرة أن التلف من المالک و لا یکون ذلک لمن لا خیار له فیکون تلف الثمن من البائع المالک بالثمن عند التلف فتدل الروایة علی أن تلف الثمن حینئذ من البائع و إن کان له خیار.و قد منع المصنف عن ذلک الاستظهار و حکم بعدم ظهور روایة معاویة ابن میسرة فی ما ذکر صاحب الجواهر و هو کذلک لأنا بعد التأمل لم نفهم وجه الاستظهار و ذلک لان روایة معاویة بن میسرة کما تقدم اشتمل علی حکمین أحدهما أن رجلا باع دارا من رجل،و کان بینه و بین الرّجل الّذی اشتری منه الدّار حاصر فشرط انک ان أتیتنی بمالی ما بین ثلاث سنین فالدّار دارک فأتاه بماله،قال(علیه السلام):له شرطه،قال أبو الجارود:فان ذلک الرّجل قد أصاب فی ذلک المال فی ثلاث سنین،قال:هو ماله و قال أبو عبد اللّه علیه السّلام أ رأیت لو أن الدّار احترقت من مال من کانت تکون الدّار

ص:250


1- 1) وسائل ج 12 ص 355 باب 8 حدّ 3.

دار المشتری.

و لا شبهة انه لا اشعار فیها علی کون التلف من المالک فی زمان الخیار أما لزوم الوفاء بالشرط الذی کان فی العقد فهو علی طبق القواعد المتصیدة من لزوم الوفاء بالشرط و أما کون منفعة الثمن للبائع فهو أیضا موافق للقاعدة فإن منفعة مال کل أحد له و من الواضح أن الثمن ملک للبائع کما هو واضح و کذلک کون تلف الدار من المشتری أیضا موافق للقاعدة فإنّک قد عرفت أن تلف مال کل أحد علی نفسه إلاّ إذا ثبت نصّ خاص علی خلافه کما فی تلف المبیع فی زمن الخیار فإنّک قد عرفت کونه ممّن لا خیار له بدلیل خاص و یکون العقد منفسخا کما لا یخفی.

و علی الجملة فلا إشعار فی شیء من الأحکام المزبورة بکون التلف فی زمن الخیار من المالک کما استظهره صاحب الجواهر،و لذا ذکر المصنّف أنه لیس فی الرّوایة الا أن نماء الثمن للبائع و تلف المبیع من المشتری و هما إجماعیان حتی فی مورد کون التلف ممّن لا خیار له فلا حاجة لهما الی تلک الرّوایة أی الرّوایة اشتملت علی هذین الحکمین کما ذکرناه فشیء منهما لا مساس بما ذکره صاحب الجواهر.فان ما اشتمل علیه الرّوایة حکم موافق للقاعدة الأولیة کما ذکره المصنّف فلا یحتاج إلی الرّوایة.فلا تکون الرّوایة مخالفة للقاعدة نعم یمکن ان یکون نظر صاحب الجواهر علی ما ذکره المصنف إلی قاعدة الخراج بالضّمان بدعوی أن منافع الثّمن ملک للبائع فیکون ضمانه علیه أقول ان هذه القاعدة لیس له أساس صحیح بل هی مذکورة فی النبوی الضعیف المنقول من طرق العامّة و قد عملوا بها حتی أن أبا حنیفة

ص:251

عمتها الی موارد الغصب و قال ان منفعة للغاصب لکون الضمان علیه و قد وقع النکیر علیه فی صحیحة أبی ولاد فی کراء البغل الی قصر بنی هبیرة و مخالفته ذلک و رکوبه الی بغداد فلا یمکن العمل بهذه القاعدة.

نعم لو کان معنی القاعدة هو أن منفعة مال کل مالک کما هو مقتض القاعدة و کذلک تلفه أیضا علیه إذ لا معنی لکون تلف مال شخص علی شخص آخر و قد عرفت أن هذا حکم موافق للقاعدة فلا یحتاج الی هذه القاعدة و فی المقام نحکم بکون تلف الثمن من البائع لکونه مالکا له و منفعته له فیکون غرامته أیضا علیه.

و علی هذا لو کانت تلک القاعدة أی قاعدة کل التلف فی زمن الخیار ممّن لا خیار له ثابتا فی جمیع موارد تلف المبیع و الثمن لکان تخصیصا لقاعدة الخراج بالضمان علی المعنی الذی ذکرناه لورودها فی مورد قاعدة الخراج بالضّمان و لکن قد عرفت أنه لا دلیل علی کلیة تلک القاعدة فی جمیع موارد تلف المبیع فضلا عن الثمن بل هی مختصة بموردین بحسب النّص اعنی مورد خیار الحیوان و مورد خیار الشّرط و تفصیل الکلام فی أحکام الخیار فتحصل أنه لا یکون تلف الثمن من المشتری بل من البائع و لو قلنا بکون تلف المبیع فی زمن الخیار من المشتری إذ لا دلیل علی التّعدی و الحکم بکون تلف مال الغیر علی شخص آخر کما لا یخفی.

و ان کان التلف قبل الرّد فیجری فیه جمیع ما ذکرناه فی صورة کون التلف بعد الرّد و لکن فی المورد خصوصیة و هو أن التلف قبل الرّد لا یحسب الا من البائع بناء علی عدم ثبوت الخیار قبل الرّد و

ص:252

أشکل علیه المصنّف أولا بمنع المبنی فإنه لا نسلم کون الخیار بعد الرّد بل یکون قبل الرّد کما تقدّم فی جواب صاحب المصابیح ثمّ أشکل بمنع البناء بدعوی أن دلیل ضمان من لا خیار له مال صاحبه هو تزلزل البیع سواء کان بخیار متصل أن منفصل کما یقتضیه اخبار تلک المسألة فان فی ذیل بعضها حتی ینقضی و هو یجری فی خیار المنفصل فلا وجه لبناء المسألة علی کون الخیار بعد الرّد و سیأتی الکلام فی جمیع ذلک.

ثمّ ان المصنف أشار الی ثمرة البحث و حاصله انه بناء علی کون تلف الثمن من المشتری انفسخ العقد و ان قلنا بکونه من البائع و ان کان الشرط أعم من رد عین المأخوذ أو بدله فیرد البائع مثل الثمن و یرتجع العین المبیعة و الا فلا خیار فلزم البیع کما هو واضح.

قوله الأمر السّادس لا إشکال فی القدرة علی الفسخ

أقول لا إشکال فی انه إذا باع عمرو متاعا من زید و اشترط علیه أن یکون له الخیار متی ردّ الثّمن الی شخص المشتری فلا بدّ من ردّه الی شخصه و الاّ فلا یثبت له الخیار بردّه الی غیره و إذا اشترط ردّه الی أعمّ منه و من وکیله أو الحاکم أو شخص آخر فیتبع شرطه و علی کل حال فهذا الخیار خیار جعلی فیتبع الشرط فإذا حصل فیکون له الخیار و الا فلا خیار له کما لا یخفی.

و انما الکلام فی صورة إطلاق الشّرط بأن جعل لنفسه الخیار مع رد الثمن فهل تختص ردّه الی شخص المشتری أو یکفی ردّه الی وکیله أیضا أو الی الحاکم کما إذا کان المشتری غائبا أو مریضا أو مجنونا و ذکر المصنّف فی حصول الشرط بردّه الی الحاکم کما اختاره المحقق

ص:253

القمی فی بعض أجوبة مسائله و عدمه کما اختاره سیّد مشایخنا فی مناهله قولان.

و ظهر من صاحب الحدائق علی ما ذکره المصنف الاتفاق علی عدم لزوم رد الثمن إلی المشتری مع غیبته حیث انّه وقع الخلاف فی أنّه هل یعتبر فی فسخ العقد حضور المفسوخ علیه أو الإشهاد علیه أم لا فذهب العامة و بعض الشیعة إلی اعتبار حضور المفسوخ علیه أو الإشهاد علی الفسخ و المشهور من علمائنا إلی عدمه و بعد ما ذکر صاحب الحدائق ذلک قال:ان ظاهر الرّوایة اعتبار حضور المشتری لیفسخ البائع بعد دفع الثمن الیه فما ذکروه من جواز الفسخ مع عدم حضور المشتری و جعل الثمن أمانة الی أن یجیء المشتری و ان کان ظاهرهم الاتفاق علیه الا انه بعید عن مساق الأخبار المذکورة.

و هذا الکلام عجیب من صاحب الحدائق کما یظهر الاستصحاب منه من المصنّف أیضا و ذلک لان هنا مسألتان إحداهما مسألة حضور المفسوخ علیه عند الفسخ أو الإشهاد علیه بل بعض من اعتبر هنا حضور المفسوخ علیه أو الإشهاد علی الفسخ حکم بعدم نفوذ الفسخ بغیر ذلک نظیر الطلاق الّذی لا ینفذ بدون حضور العدلین و مع عدم الاعتبار یفسخ فی عالم نفسه و فی مرحلة الإثبات یحتاج الی التّرافع و علی کل حال لیس هنا من مسألة رد الثمن عین و لا اثر حتی لو کان الفسخ بنفس الرّد فان اعتبار حضور المشتری و ردّه الیه لیس من جهة اعتبار حضور بالمشتری فی الفسخ بل من جهة اعتبار ردّه الیه.

و الثّانیة مسألة ردّ الثّمن إلی المشتری و أنّه مع شرط الخیار بردّ الثمن هل یکفی الرّد الی الوکیل أو الحاکم أو لا بدّ من الرد الی

ص:254

نفس المشتری و من الواضح أن احدی المسألتین غیر الأخری فلا ترتبط إحداهما بالأخری فما ذکره صاحب الحدائق من الخلاف فی حضور المفسوخ علیه أو الإشهاد علی الفسخ انّما هو فی المسألة الاولی دون الثّانیة فإن المسألة الثّانیة کما ذکره المصنّف غیر مفروض فی کلمات القوم و لم نجد من یتعرّض لها الا ما أشار إلیها المحقّق القمی فی أجوبة المسائل و کیف یمکن دعوی الاتفاق علی اعتبار حضور المشتری و کیف قد خلط صاحب الحدائق إحدی المسألتین علی الأخری و أما أصل مسألتنا هذه غیر مذکور فی کلمات الأصحاب فنقول انه لیس هذا الخیار من الأمور المجعولة شرعا حتی نتمسک بظهوره و نحکم بثبوت الخیار له بل هذا خیار جعلی انّما جعل بجعل المتعاقدین فبأیّ نحو جعلاه فیتبع رأیهم فی ذلک و إذا شکّ فی مورد فلا بدّ فی کشف المراد الی الارتکازات العرفیة و الّذی نفهم من الرّجوع الی الارتکازات العرفیة أن العرف لا یری فرقا بین رد الثّمن الی نفس المشتری و بین رده الی وکیله فإنّه بعد العلم بأن غرض البائع هو انحفاظ المبیع له و عدم جواز أن یتلفه المشتری و أنه لا موضوعیة لردّ الثّمن الی نفس المشتری إلا وصول ماله الیه و علیه فان المشتری حیّا و کان الوصول الیه ممکنا فیرد الثّمن الیه و یفسخ المعاملة و الا فیردّه الی وکیله أو الحاکم أو من یرده الیه بحیث یصل الثمن إلی المشتری و ینفسخ ذلک بملاحظة أنّه لو کان المشتری محبوسا أو مریضا أو غائبا و کان له وکیل فالظاهر انه لا یشک أحد فی جواز ردّه الی الوکیل و نحوه فان معنی رد الثمن إلی المشتری لیس هو ردّه الی نفسه بل معناه وصول الثمن إلیه بأن یکون من جملة أمواله اللهم الاّ أن یشترطا الرّد الی شخصه فهو أمر آخر.

ص:255

و کذلک الکلام فی طرف البائع فإنه لو لم یتمکّن أن یرد الثّمن إلی المشتری لمرض أو موت فیرد وکیله أو ورثته إلی المشتری أو الی وکیله أو ورثته مع عدمه أو موته و لیس رد الثمن من ورثة البائع إلی المشتری أو الی وکیله من باب ارث الخیار بل من جهة عدم الفرق فی نظر العرف فی الرّد بین کونه من نفس البائع أو من ورثته فان الغرض کون المال عند المشتری أو عند من یقوم مقامه کما لا یخفی.

و علی الجملة فالارتکاز العرفی یقتضی أن المناط فی جعل الخیار بردّ الثمن انّما هو رجوع کل من العوض و المعوّض الی حالتهما الأولیة و هو یحصل و لو برده الی من یقوم مقام المشتری کما یحصل برد من یقوم مقام البائع و هو واضح کما ذکره المصنّف.

ثمّ انّه لو اشتری الأب أو الجد شیئا للطفل و اشترط البائع علیه أن یکون له الخیار متی رد الثمن فهل یکفی الرّد هنا الی الجد مع کون المشتری هو الأب أو الی الأب مع کون المشتری هو الجد أم لا و الظاهر هو الأول لأن لکل من الأب و الجد ولایة مطلقة علی الطفل الثّابتة بالأدلة اللفظیة فیکفی الرّد الی أی منهما یشاء و هو واضح.

ثمّ إذا اقتضت المصلحة حتی اشتری الحاکم بولایته علی الطفل مالا له ببیع الخیار فهل یجوز رده الی حاکم آخر أم لا فذکر المصنّف انّه یجوز للحاکم الثّانی أخذه إذ لیس فی أخذ الحاکم الثّانی ذلک مزاحمة للحاکم الأول فبناء علی عدم جواز مزاحمة الحاکم لا بدّ له أن یرده الی الحاکم الأول مع احتمال عدم الوجوب فإنه مال آخر للصّغیر یتملکه بالفسخ الّذی هو معاملة جدیدة و لیس له ربط بالمعاملة الأولی الّتی وضع الحاکم علیها الید حتی تحصل المزاحمة.

ص:256

و لکن قد ذکرنا فی باب الولایة أنه لا دلیل علی ولایة الحاکم للصغیر الا من باب الحسبة و معنی الحسبة إتیان الأمر من باب کونه أمرا قربیّا بحیث انّ الشّارع یرضی بذلک و لا یرض بحیفه فیؤتی ذلک حسبة الی قربة الی اللّه و من باب کونه مطلوبا للشارع و یکون حفظه محبوبا.

و علیه فولایة الحاکم من باب القدر المتیقّن فإنّه لا نحتمل أن علمه مانعا عن التصرف فی مال الصّغیر مع الاحتیاج و کذلک لا تحتمل أن عدالته مانعة و إذا کان مال الصّغیر و نفسه محتاجا الی الحفظ و الی النقل و الانتقال و الی التصرف فیه و کان الأمر دائرا بین أن یباشره الحاکم أو غیره فالمتیقن هو الحاکم کما هو واضح و علیه فلا یجوز أن یتصرف فیه الحاکم الثانی بعین هذا الملاک فإنّه نشک فی أنّه بعد وضع الحاکم الأوّل یده علیه أن لا یجوز للثانی أن یتصرف فیه فحیث أن المورد ممّا لا بدّ من أخذ القدر المتیقّن لعدم وجود الدلیل اللفظی علی ولایة الحاکم کما عرفت إذا فلا یجوز للثّانی أن یتصرّف فیما وضع الحاکم الأول یده علیه نعم لو شککنا فی جواز تصرف الحاکم الأول بعد التّصرف فمقتضی أخذ القدر المتیقن هو المنع عن تصرفه و لکنه بدیهی البطلان فإنّه غیر محتمل قطعا.و کیف کان فلیس المورد من موارد مزاحمة الحاکم حتی یقال لا تجوز مزاحمته.

قوله:الأمر السابع إذا أطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم

یکن له ذلک الا بردّ الجمیع

فلو ردّ بعضه لم یکن له الفسخ أقول الظاهر من اشتراط الخیار برد الثمن إلی المشتری أنه ردّ جمیع الثمن و علیه فلو ردّ بعض الثمن فهو کمن لم یرد شیئا أصلا فلا یثبت له الخیار

ص:257

فان هذا خیار جعلی تابع لما جعله المشروط له و علی هذا لیس للمشتری التّصرف فی ذلک فإنه باق علی ملک مالکه و هو البائع و تصرف المشتری تصرف فی مال الغیر بدون اذنه فهو حرام بل یکون ذلک ودیعة عنده.

و توهم أن هذا یکون إقالة فإن المشتری إذا أخذ بعض الثمن المردود الیه کشف ذلک عن رضاه بالفسخ فیکون اقالة و فیه أنه مضافا الی منع کشفه عن رضا بالانفساخ فإنّ الأخذ أعم من ذلک و من کونه اقالة ثم ان الإقالة غریبة عن ذلک فان کلامنا فی تحقق الفسخ بالردّ أو ثبوت الخیار للبائع بذلک علی النّحو الذی تقدّم سواء رضی المشتری بالفسخ أم لم یرض و أی ربط له برضاهما بالإقالة و الفسخ کما هو أوضح.

قوله و الظاهر أنه ضامن له لو تلف إذا دفعه الیه علی وجه الثمنیة أقول حاصل کلامه إذا دفع البائع بعض الثمن إلی المشتری علی وجه الثمنیة کان ضامنا له إذا تلف الا أن یصرح البائع بکونه أمانة عنده فإنه حینئذ لو تلف لا یکون ضامنا.

أقول لا وجه لهذا الکلام فإنه إذا کان الخیار مشروطا برد تمام الثمن فلا معنی لرد بعضه بعنوان الثمنیة بحیث یکون ثمنا بالفعل فان کونه ثمنا بالفعل ملازم لانفساخ العقد کونه داخلا فی ملک المشتری و المفروض أن العقد لا ینفسخ الا برد الجمیع و لا یثبت له الخیار برد البعض و علیه فلا معنی لکون ردّ البعض بعنوان الثمنیة بل یکون ذلک أمانة مالکیة عند المشتری لیکون ثمنا عند الفسخ بعد ردّ تمام الثمن فیکون ثمنا بالقوة کما لا یخفی.

ص:258

نعم إذا اشترط فی مقام الرّد أن یکون المشتری ضامنا عند التّلف و قبل المشتری فیکون شرط لازم الوفاء.

و قد یتوهّم الضّمان بدعوی أنه نظیر المقبوض بالسوم الذی ذهب المشهور الی الضّمان فی تلفه فی ید من أخذه أی المشتری.

و فیه أنه فرق واضح بین المقامین فان المقبوض بالسوم علی تقدیر الضّمان فی تلفه انّما أخذه المشتری لصلاح نفسه و ملاحظة أنه مصلحة له أم لا فیکون ضامنا إذا تلف المقبوض بالسوم فی یده.

و هذا بخلاف المقام فإن البائع إنما اقبض بعض الثمن لصلاح نفسه لا لصلاح المشتری بل کثیرا أن المشتری لا یرض بالفسخ أصلا فإن الغالب بل الدّائم فی مثل هذا البیع أی البیع بالخیار أن المبیع یکون ثمنه أقل من البیع بدون الخیار فان غرض البائع کان هو رد عینه فلذا باعه کذلک لرفع احتیاجه فلو کانت قیمته مساویة لقیمة المبیع الذی یشتری بالقیمة السوقیة بلا خیار لم یقدّم المشتری بذلک و کیف کان لا نعرف وجها للقول بضمان المشتری إذا تلف بعض الثمن عنده کما لا یخفی فافهم.

قوله و لو شرط البائع الفسخ فی کلّ جزء بردّ ما یخصّه من الثمن جاز الفسخ فیما قابل المدفوع و للمشتری خیار التّبعیض إذا لم یفسخ البائع بقیة المبیع أقول قد عرفت أن هذا الخیار خیار جعلی من المتعاقدین فیتبع الشّرط علی النّحو الذی شرطاه فلو شرط البائع علی المشتری ثبوت الخیار له برد بعض الثمن یثبت له ذلک إذا ردّ ما یصدق علیه بعض الثمن المقصود فی العرف لا بمقدار یکون خارجا عن الصدق العرفی أو عن کونه مقصودا لهما و لا یقاس ذلک بخیاری

ص:259

المجلس و الحیوان فإنه لا یجوز الفسخ فیهما فی بعض المبیع دون- بعض فإنهما إنما ثبتا بجعل الشارع بالنّسبة إلی مجموع الثمن و المثمن فإذا فسخ من له الخیار البیع لا بدّ له أن یفسخ فی المجموع دون البعض و أما فی المقام فالخیار بجعل المتعاقدین فیتبع جعلهما علی النّحو الذی جعلاه کما لا یخفی فافهم.

و قد ذکر المصنف ره و لو شرط البائع الفسخ فی کلّ جزء بردّ ما یخصّه من الثّمن جاز الفسخ فیما قابل المدفوع و للمشتری خیار التبعیض إذا لم یفسخ البائع بقیة المبیع و خرجت المدة و هل له ذلک قبل خروجها الوجه ذلک.

أقول الظاهر انه لا وجه لهذا الکلام و انه لا نتعقل مورد فی هذا المقام یثبت فیه للمشتری خیار تبعض الصفقة و بیان ذلک أنه قد عرفت أن هذا الخیار انما بجعل المتعاقدین فبأی کیفیة جعلاه کان متبعا و علیه فشرط الخیار و فسخ العقد بردّ بعض الثمن لا یخلو عن وجوه:الأول:أن یشترط علی المشتری فسخ مجموع العقد بردّ جزء معیّن من الثمن أو جزء غیر معیّن و لکن فسخا متدرجا بأنّه یفسخ المجموع بردّ الثمن تدریجا بأنّه کلّما أدی من الثمن جزء یفسخ فی مقابله الی أن یفسخ المجموع ففی الحقیقة یکون ذلک توسعة للبائع فی رد الثمن کما لا یخفی إذ ردّ مجموعه دفعة واحدة کلفة عظیمة علیه.

و علیه فلو فسخ فی بعض و بقی بعض الآخر حتی خرجت المدة کشف ذلک عن بطلان الفسخ من الأول فإن کلّ جزء جزء من الفسخ کان مشروطا بفسخ الجزء الآخر حتی یتم فسخ مجموع العقد فإذا فسخ و لکن بقی جزء واحد کان الفسخ باطلا من الأول لعدم حصول شرطه

ص:260

و هذا نظیر مشروطیة عتق المکاتب بردّ مجموع مال الکتابة و نظیر اشتراط صحة الصلاة بالتّشهد و السّلام و نظیر اشتراط الصوم بالجزء الأخیر من الوقت فیکون العمل صحیحا بشرط حصول هذا الشّرط و الا یبطل کما هو واضح.

الثانی انه أن یشترط البائع علی المشتری فسخ کل جزء برد جزء من الثمن من غیر أن یکون الفسخ أو ثبوت الخیار بالرّد(ای سواء قلنا بحصول الفسخ بالرّد أو کان الرّد من مقدّمات الفسخ)مشروطا بالفسخ فی الجزء الأخیر و هذا علی قسمین فإنه تارة یشترط ان یکون ردّ کلّ جزء من الثمن فسخا للعقد أو مقدمة للفسخ علی التقریب المتقدم من غیر أن یکون منوطا بردّ جزء آخر و فسخ العقد فی ذلک الجزء الآخر و أخری یکون هذه الصورة و لکن یشترط المشتری أیضا علی البائع أنه إذا فسخ فلا بدّ له أن یفسخ فی الکل و الا فلم یفسخ أصلا اما الأوّل فمقتضی وجوب الوفاء بالشرط هو العمل بطبق الشرط علی النحو المقرّر عند العقد لما عرفت:أن هذا خیار جعلی فیتبع فیه جعل المتعاقدین علی النّحو الذی جعلاه و لا یقاس ذلک بخیاری المجلس و الحیوان کما عرفت.

و علیه فلو فسخ البعض و لم یفسخ البقیة حتی خرجت المدّة فلیس علی البائع شیء أصلا فإن المؤمنون عند شروطهم فلازم الوفاء به هو ذلک و لا یثبت هنا شیء للمشتری و یکون ذلک نظیر المعاملتین التین ثبت فیهما الخیار فهل یتوهّم أحد أنه إذا فسخ البائع هذه المعاملة و ذلک یستلزم الفسخ فی معاملته الأخری أیضا و کذلک المقام کما لا یخفی.

ص:261

و أما الثانی فإن کان مقتض الوفاء بالشرط هو نفوذ فسخ البائع العقد فی کلّ جزء جزء من المبیع بردّ کلّ جزء جزء من الثمن سواء فسخ فی البقیة أیضا أم لا کما عرفت فی سابقه و لکنه حیث اشترط المشتری أیضا علیه أنه إذا فسخ فی جزء فلا بدّ له أن یفسخ فی البقیة أیضا فإذا لم یفسخ البائع فی البقیة ألزمه المشتری بذلک علی حسب اشتراطه و الا فیثبت له خیار تخلف الشرط و کذلک لو لم یفسخ حتی خرجت المدة کما هو واضح.

و فی جمیع هذه الاقسام لا نری موردا لتبعض الصفقة أصلا کما هو واضح و أعجب من ذلک أن المصنف ره ذکر بعد ما حکم بثبوت خیار تخلف الشرط بأنه لا یبعد ثبوت خیار تخلف الشرط قبل خروج المدة و وجه العجب مضافا الی ما ذکرناه من عدم الوجه و التعقل الخیار تبعض الصفقة أصلا أنه کیف یثبت ذلک للمشتری قبل خروج المدة فإنّه فی ضمن هذه المدة لعمل البائع بردّ الثمن و یفسخ البیع فثبوت خیار تبعض الصفقة ینافی ذلک.

و بعبارة اخری أنه لم یتم أمد خیار البائع و مع ذلک کیف یثبت للمشتری خیار تبعض الصفقة و قد کان جعلهما هذا الشرط للمشتری علی هذا النّحو بأن یردّ الثمن و یفسخ البیع الی وقت معنی و الفرض أنه لم یخرج الوقت و المدة بعد کما لا یخفی و لعل هذه العبارة من غلط النسخة و لم نر من الحواشی من یتعرّض لذلک.

قوله الثّامن کما یجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن کذلک یجوز

للمشتری اشتراط الفسخ بردّ المثمن

أقول قد عرفت:أنه لا شبهة فی جواز البیع و اشتراط الخیار فیه بردّ الثّمن و أنه مقتضی القاعدة

ص:262

مضافا الی ورد الروایات علیه.

و کذلک یجوز للمشتری أن یشترط لنفسه الخیار متی ردّ المبیع فان الرّوایات و ان وردت فی اشتراط الخیار بردّ الثمن و لکن قد عرفت أن مشروعیة هذا الشرط لا تحتاج الی الروایات لکونه موافقا للقواعد فإن القاعدة الأولیة تقتضی مشروعیة هذا الشرط فی الثمن و المثمن اما علی النّحو الذی ذکرناه من کون إنشاء الملکیة من الأوّل مضیقة أو بمقتضی المؤمنون عند شروطهم کما هو واضح و کیف کان لا شبهة فی جواز اشتراط الخیار للمشتری بردّ المبیع.

نعم فرق بین المقام و بین اشتراط الخیار بردّ الثمن و هو انک عرفت قیام القرینة العرفیة و الارتکاز العرفی علی أن اشتراط رد الثمن أعم من رد شخصه أو بدله فان ما أوجب البائع ان یبیع داره مثلا من زید علی هذا النحو هو احتیاجه الی ثمنه و اشتراط الخیار برد نفس الثمن لا یفید و لا یرفع حوائجه کما هو واضح.

و لکن تلک القرینة العامة فی المقام علی العکس حیث انّه قد تعلق غرض البائع بحفظ المبیع کما عرفت و الا لباع متاعه بأکثر من ذلک فان اشتراط الخیار یوجب نقص القیمة کما عرفت و علیه فاشتراط المشتری الخیار لنفسه متی ردّ المبیع انّما هو ظاهر بحسب الارتکاز العرفی فی ردّ عین المبیع کما هو واضح.

و علیه فلو تلف المبیع سقط خیار المشتری و أما البائع فسقوط خیاره و عدمه تابع لشرطه کما لا یخفی نعم لو اشتراط المشتری علی البائع ثبوت الخیار لنفسه متی ردّ المبیع أو بدله فلا یسقط خیاره بتلف المبیع بل له الخیار بردّ بدله کما هو واضح.

ص:263

ثمّ انه هل یجوز اشتراط الخیار بالرد أعم من أن یکون برد المبیع أو بدله حتی مع عدم تلف العین أو لا و قد استشکل المصنف فی ذلک هنا کاستشکاله فی اشتراط الخیار بردّ الثمن أعمّ من ردّ العین أو البدل حتی مع بقاء الثمن و الوجه فیه ما ذکره هناک من أنه مخالف القانون الفسخ فیکون غیر مشروع و ذلک لان مقتضی قانون الفسخ أن یردّ کلّ مال الی صاحبه بالفسخ و یکون الثمن راجعا إلی المشتری و یرجع المبیع إلی البائع فإن معنی الفسخ هو کون البیع کعدمه و اشتراط رد بدله مع الانفساخ مخالف لذلک کما هو واضح.

و قد ذکرنا سابقا أن ما ذکره المصنف و ان کان متینا و لکن یمکن أن یکون ذلک بشرط آخر و لو کان ضمنیا بأن یشترط فی نفس هذا البیع بأن یشترط الفسخ برد المبیع و یشترط أیضا أن یبادل المبیع بعین آخر بحیث انّ المشتری بفعل فعلین بحسب الاشتراط أحدهما فسخ العقد و الثانی تبدیل المبیع بعین آخر و لو کان هذا التّبدیل بالوکالة من قبل البائع کما عرفت ذلک فی السّابقة.

و علی الجملة فاشتراط الخیار بردّ المبیع أو بدله حتّی مع البقاء ینحل الی شرطین أحدهما ثبوت الخیار للمشتری أو فسخ العقد بالرّد و الثّانی تبدیل کونه وکیلا فی تبدیل المبیع بعین آخر فرد البدل من جهة المبادلة المستقلة الجدیدة الحاصلة بعد الفسخ فلا یکون الشرط مخالفا لقانون الفسخ و دعوی أنه لو کان التبدیل بعنوان المبادلة الخاصة لکون المشتری وکیلا فی ذلک لکان باطلا بعزل الموکل الوکیل قلنا هذا مبنی علی جواز عزل الوکیل الذی اشترطت وکالته فی ضمن العقد اللازم و عدمه فإنه بناء علی الجواز فلا مانع منه هذا فیما إذا کان

ص:264

الشرط شرط الفعل و أما إذا کان الشرط شرط النتیجة بأن یشترط المبادلة بعد الفسخ فالأمر أوضح فإنّه بمجرد انفساخ العقد یتبدل المبیع ببدل آخر کما هو واضح.

و الأمر أوضح إذا اشترط ردّ التّالف بالمثل فی القیمی و بالقیمة فی المثلی فإنه حینئذ تکون المبادلة فی الذّمة بین القیمی و المثلی و تکون الذّمة مشغولة بالقیمة بعد ما کانت مشغولة بالمثل و حیث ان الأمر هنا أوضح و لذا لم یستشکل المصنف هنا بعد منع الجواز فی العین الخارجیة بدعوی أن اشتراط التبدیل هنا بمنزلة اشتراط إبقاء ما فی الذّمة بغیر جنسه الا اشتراط ضمان التالف المثلی بالقیمة و بالعکس و هذا بخلافه فی السابق فان اشتراط البدل هناک اشتراط للفسخ علی وجه غیر مشروع لکونه مخالفا لقانون الفسخ فیکون مخالفا للکتاب و السنّة ثمّ أمر بالتّأمل.

و لکن علی ما ذکرناه لا فارق بین المسئلتین الا ان التبدیل فی الاولی فی العین الخارجیة و فی الثانیة فی الذّمة و هو واضح.

ثمّ انه یجوز اشتراط الفسخ لکل منهما برد ما انتقل الیه أو بدله و یجری فی کل من الطرفین کل واحدة علی حدة الذی ذکرناه مفصلا

قوله مسألة لا اشکال و لا خلاف فی عدم اختصاص خیار الشرط

اشارة

بالبیع و جریانه فی کلّ معاوضة لازمة

أقول هل یجری خیار الشرط فی غیر المبیع من العقود أم لا الظاهر أنه لا خلاف فی عدم اختصاصه بالبیع و جریانه فی غیره أیضا لا من جهة الروایات الخاصة الواردة فی هذه المسألة فإنها مختصة بموارد خاصة کما عرفت بل لان خیار الشرط موافق لمقتضی القاعدة فیجری فی غیره أیضا و لذا تعدوا من موارد

ص:265

الروایات فان موردها صورة ردّ تمام الثمن و تعدوا و التزموا بجوازه أی بجواز اشتراط الخیار بردّ بعض الثمن کما عرفت و هذه القاعدة أما لعموم المؤمنون عند شروطهم أو لما ذکرناه فی کون الشرط مرجعه إلی إنشاء الملکیة المحدودة أو غیر ذلک و هذا فی الجملة مما لا شبهة و لا خلاف فیه و انما الکلام فی جریان هذا الخیار فی جمیع افراد المعاملات حتی الإیقاعات أم لا.

و قد یقال:بمنع جریانه فی الإیقاعات

بدعوی أن المفهوم من الشرط ما کان بین اثنین کما ینبه علیه جملة من الاخبار و الإیقاع إنّما تقوم بواحد.

و فیه ما ذکره المصنف من أن المستفاد من الاخبار کون الشرط قائما بشخصین المشروط له و المشروط علیه لا کونه متوقفا علی الإیجاب و القبول أ لا تری أنهم جوزوا ان یشترط فی إعتاق العبد اشتراط خدمة مدة متمسّکا بعموم المؤمنون عند شروطهم و هذا لا شبهة فیه و علیه فلا مانع من اشتراط شیء فی الطلاق و العتاق تمسکا بعموم القاعدة الدّالة علی جواز الشرط کما هو واضح.

و قد یظهر من المصنّف وجه آخر فی المنع عن جریانه فی الإیقاعات و قد أصر علیه شیخنا الأستاذ فی عدة موارد و حاصله أن الخیار انّما یجری فی مورد یکون العقد قابلا للإقالة و الانفساخ بها فإنه یستکشف من ذلک أن اللزوم لزوم حقی فکل ما یکون اللزوم فیه حقیا یدخل فیه الشرط أیضا و أما ما لا تدخل فیه الإقالة فیستکشف من ذلک کون اللزوم حکمیا فلا یمکن رفع اللزوم بجعل الخیار فی العقد و حیث ان الإیقاعات ما لا تدخل فیه الإقالة فیستکشف من ذلک کون اللزوم حکمیا

ص:266

فلا یدخل فیه خیار الشرط و هذا هو الکبری الکلی فی کلّ عقد یدخل فیه خیار الشرط و ما لا یدخل فیه خیار الشرط.

أقول:قد عرفت فی أوّل البیع أنه لا فارق بین الحکم و الحق من حیث الحقیقة بل کلاهما من حقیقة واحدة و من مجعولات الشارع غایة الأمر أن الشّارع قد اعطی الاختیار بید المتعاملین فیقبل الحل و الفسخ و کذلک فی الجواز و سمی ذلک بحسب الاصطلاح حقا و فی الآخر لم یجعل فیه لأحد سلطنة أصلا و لا یقبل الفسخ أصلا کما أن الجواز الحکمی کذلک فإنه لا یقبل النقل و الاسقاط و سمی ذلک بحسب الاصطلاح حکما کما هو واضح.

و علیه فلا بدّ فی تمییز اللزوم الذی لا یقبل الفسخ عما یقبل الفسخ و کذلک فی الجواز من الرّجوع الی الأدلة کما هو واضح و من هنا نری أن النکاح لا تدخل فیه الإقالة و لکن یدخل فیه الخیار من بعض الجهات کما فی موارد العیوب الخاصة و لا یدخل فیه الخیار من غیر هذه الجهة و علی الجملة فدخول الإقالة فی العقد و عدم دخوله لیس میزانا فی المقام و علیه فکما دلّ الدلیل بعد الرّجوع الیه من عدم دخول الشرط و الخیار بعقد أو إیقاع و کونه لازما من جمیع الجهات أخذ به و الا فعمومات وجوب الوفاء بالشرط متبع و علیه فیجری الخیار فی کلّ عقد و إیقاع حتی الطلاق ما لم یدل دلیل علی خلافه.

و قد یستدل فی ذلک بدلیل لزوم الوفاء بالشرط و قد منع- بعضهم جریانه فی الإیقاعات بدعوی أن مفهوم الشرط ما کان بین اثنین و الإیقاعات لا تقوم الا بواحد و فیه أن المستفاد من الشروط ما کان بین شخصین لا کونها متوقفة علی الإیجاب و القبول کما هو واضح.

ص:267

ثم منع المصنف عن جریان شرط الخیار فی الإیقاعات بدعوی منع صدق الشرط فی الإیقاعات و انصرافه الی العقود خصوصا علی ما فی القاموس من تفسیر الشرط بما کان فی العقود ثمّ ذکر وجها آخر لمنع جریانه فی الإیقاعات و أسر علیه شیخنا الأستاذ فی موارد عدیدة و حاصله ما أشرنا الیه من أن الخیار انّما یجری فی عقد کان اللزوم فیه حقیا بحیث یتمکن المتعاقدان عن فسخ العقد بالإقالة و أما فیما کان اللزوم فیه حکمیا فلا یجری فیه ذلک و من الواضح أن الإیقاعات لا تدخل فیها الإقالة فنکشف من ذلک عدم جریانه فی الإیقاعات کما هو واضح.

و قد عرفت الجواب عنه و قلنا أن اللزوم حکم الهی قد جعل فی العقود و فی أن مورد دلّ دلیل علی جواز دخول الخیار فیه نأخذ به و الا فلا فدخول الإقالة فی بعض العقود و عدم دخولها فی بعض لیس میزانا لجریان الخیار فیها و عدم جریانه فیها فلا یوجب ذلک کون حقیقة اللزوم متعددا حقیا تارة و حکمیا أخری بل الحقیقة فی جمیعها علی نسق واحد و من هنا تری جریان الخیار فی عقد النّکاح من بعض الجهات دون بعض مع عدم جریان الإقالة فیه و علی الجملة جواز جعل الخیار فی العقود و عدم جواز جعله فیه تابع للدلیل ففی کلّ مورد دلّ الدلیل علی جواز نأخذ به و الاّ فنحکم باللّزوم للعمومات الدّالة علی اللّزوم.

و التحقیق أن یقال انه بناء علی کون دلیل الشرط الخیار فی العقود هو دلیل الوفاء بالشرط اعنی المؤمنون عند شروطهم الذی ورد فی الرّوایات المستفیضة لا یمکن التّمسک بها لوجه أخر بل دلیل الشرط هو شیء آخر قد أشرنا إلیه فیما سبق و حاصله أن المنشئ الذی یشترط

ص:268

الخیار فی العقود انّما ینشئ من الأول ملکیة محدودة بعدم الفسخ فیکون ما التزمه کلّ منهما فی مقام الإنشاء مشمولا لأدلة الوفاء بالعقد و لا تکون تلک الأدلة شاملة لها من الأول حتی یتنازع فی خروجها عنها و علیه فیجوز لکل من المتعاقدین فی العقود و لخصوص المنشئ فی الإیقاعات أن ینشئ من الأول حصة خاصة و ملکیة محدودة و زوجیة محدودة و طلاقا محدودا من الأول فلا یکون المشمول لأدلة اللزوم الا خصوص هذه الحصة الخاصة فقط فإن أدلة اللزوم تدلّ علی لزوم ما التزمه العاقد لا غیره و الا لتخلف العقد عن القصد.

و أما ان کان المدرک لجعل الخیار فی العقود و الإیقاعات هو دلیل الوفاء بالشرط و هو لا یشمل الإیقاعات أصلا لوجهین الأول انّک قد عرفت فیما سبق أن معنی المؤمنون عند شروطهم هو الحکم التکلیفی أن أن المؤمن لا بدّ و ان یقف عند شرطه و لا یتجاوز عنه بالتخلف نظیر المؤمن عند عهده و وعده و فی بعض الروایات و لیفی بشرطه و نظیر ذلک و لیس للمؤمن أن یتخلف من شرطه و عهده بعد ما عهد و اشترط علی نفسه فعلا فان من لوازم الایمان هو ذلک کما ان من لوازم الایمان هو إتیان الواجبات و ترک المحرّمات و کذلک من لوازم الایمان أن یفی المؤمن بشرطه.

الوجه الثّانی أن مقتضی الظاهر من قولهم(علیه السلام)المؤمنون عند شروطهم هو أن من التزم بشرط و اعتبر علی نفسه فی عقد فلا بدّ من الوفاء علیه و من الواضح أن هذا لا یتمّ فی الإیقاعات فإن المطلق مثلا هو الذی یشترط علی الزوجة شرطا من غیر إطلاق منها فلا یکون شرطا علیها لیشملها المؤمنون عند شروطهم إذ لیس عندها شرط أصلا حتی

ص:269

یفیها و مع الغض عن الإشکال الأوّل فأیضا لا یشمل الحدیث الإیقاعات.

و علیه فیختص بمورد کان متعلّق الشّرط هو الفعل لیکون العمل به ممکنا و علیه فشرط الخیار خارج عن مفاده لعدم کونه فعلا و هذا هو الظّاهر من قضیة المؤمنون عند شروطهم و ان قلنا أن مرجع الشرط- بالأخرة إلی جعل الخیار و لکن بالالتزام لا بالمطابقة،و أمّا إذا کان المدرک لجعل الخیار فی العقود ما ذکرناه فهل یمکن جعله فی جمیع العقود و الإیقاعات بأن یکون المنشئ قد إنشاء الطلاق المضیق و مقیدا بعدم الفسخ مثلا أم لا و الظّاهر هو الثّانی فإن المتفاهم من جعل الشّروط أن یکون للمشروط له خیار تخلف الشرط و یکون له خیار فی إعدام الأمر الثّابت بالإنشاء و فی الإیقاعات مثل الطّلاق و المعتاق و الإبراء لیس الأمر کذلک فإنّها أمور عدمیة و توضیح ذلک أنّه لو أغمضنا عن عدم شمول دلیل الوفاء بالشّرط لجعل الخیار و قلنا بشمول الرّوایة لشرط الخیار أیضا و لکن الظّاهر من الشّرط ما یکون المشروط فیه إثباتا لشیء و إیجادا له فی مقام الاعتبار بحیث لو تخلف المشروط علیه لثبت للمشروط له الخیار و الإیقاعات المسلمة مثل الطلاق و العتق و الإبراء خارجة عن ذلک بحسب الارتکاز العرفی فإنّها عبارة عن رفع شیء و إزالته فإن الطّلاق رفع الزّوجیة و العتاق رفع العبودیة و الإبراء إعدام اشتغال الذّمة و هکذا فلیس هنا إثبات شیء و إیجاده للطرف الآخر بحیث إذا تخلف بالشّرط فیفسخ المشروط له ذلک و یعدم ما أثبته للمشروط علیه و یحله فان الطلاق یعدم الزّوجیة و لذا ورد فی بعض الروایات یلقی حبلها علیها.أی یقطع العلاقة بینهما و من الواضح لو ثبت فیه الخیار فلازم ذلک أن یرجع إلیها من التخلّف و لو بعد سنین

ص:270

و اختیاره زوجا آخر فبناء علی عدم اختصاص دلیل الوفاء بالشّرط بالافعال فالارتکاز العرفی مانع عن جریانه فی الإیقاعات أیضا حتی علی ما ذکرنا أیضا من المبنی فان المتفاهم من الأمور المذکورة إعدام الموضوع علی وجه الإطلاق فالتوقیت ینافی ذلک کما هو واضح.

و أمّا ما ورد من جواز عتق العبد و الأمة مع الشرط علیها فلیس ذلک فی الحقیقة اشتراطها الخیار أو الشّرط فی الإیقاع بل العبد و جمیع شؤونه من الأوّل ملک لمالکه و المالک انما رفع الید عن مقدار عن ملکه و أبقی مقدارا آخر لا أنّه یعتق العبد علی وجه الإطلاق ثمّ یشترط علیه شرطا کما هو واضح.

و الحاصل أنّه بناء علی ما ذکرناه من أن مرجع الاشتراط هو إنشاء المنشإ مقیدا و مضیقا بحدّ خاص لیکون المشمول لأدلّة اللّزوم هو هذه الحصّة الخاصّة فأیضا لا یمکن جعل الخیار فی الطّلاق و العتق و الإبراء لأنّها أمور عدمیة فالطلاق إعدام الزوجیة و العتاق إعدام الرقیة و الإبراء إعدام اشتغال الذمة و الظّاهر من مفهوم هذا الأمور بحسب الارتکاز اعتبار الشّرط و الخیار فیها منافیا لمفهومها فان معنی الطلاق هو الإطلاق و الإرسال المعبر عنه فی الفارسیّة(رها کردن)و من الواضح أن شرط الخیار بحیث أن یکون له الفسخ و لو کانت المرأة المتزوجة لیضرها مناف لهذا المفهوم کما هو واضح و کذا مفهوم العتق و مفهوم الإبراء.

و أمّا الوقف و الإیصاء فبناء علی کونهما من الإیقاعات کما هو الظّاهر فلیسا من الأمور العدمیة فیکونا مثل العقود فلا بدّ أیضا من التکلّم فیها بأنّه هل یجری فیهما و فی جمیع أقسام العقود أم لا.

فنقول أمّا النّکاح فقد ادعوا الإجماع علی عدم جریان الخیار و شرطه

ص:271

فیه و ذکر السید ره أن عدم جریانه فیه و کونه مفسدا للنّکاح علی تقدیر الاشتراط من جهة الإجماع و الا فمقتضی القاعدة هو جواز الاشتراط فیه و عدم کون الشرط مفسدا له.

و لکن الظاهر أنّه لا یجری فیه الشّرط و علی تقدیره یکون مفسدا و لیس ذلک مثل بقیة الشّروط الّتی لا تکون مفسدة للعقد.و الوجه فی ذلک هو ما ذکرناه من أن مرجع الاشتراط فی العقود هو تضییق دائرة المنشأ و جعله علی قسم خاص و کونه مقیدا بعدم الفسخ و علیه فإذا اشترط الخیار فی عقد النّکاح فمعناه أن للمشروط له الفسخ متی أراد و علیه فلا یعلم انه یفسخ النکاح أو لا یفسخ و علی تقدیر انه یفسخ فلا یعلم أنه متی یفسخ و علیه فیکون وقت الفسخ مجهولا و حیث أنّه لم یرد النّکاح فی الشّریعة الا علی قسمین دائمی و موقت و هذا العقد خارج عن کلاهما فإنّه لیس بدائمی لکون الزواج مقیّدا بعد الفسخ کما عرفت إذا لا معنی لاعتبار الزّواج بعد الفسخ أیضا لیکون دائمیا لکونه تناقضا واضحا و لغوا محضا و أما الموقت فلانّه مشروط بکون الوقت معلوما و مسما کما ورد فی الرّوایات الکثیرة بل فی قراءة بن عباس إلی أجل مسمّی حیث أضاف لفظ المسمی و حیث لیس الأجل هنا معلوما فیکون باطلا فلا یقاس ذلک ببقیة الشّروط الفاسدة الغیر المبطلة للعقد و اذن فاشتراط الخیار فی النّکاح فاسد و مفسد للعقد.

نعم لو کان التوقیت بما وقت به الشّارع کالطلاق و العیوب الخمسة فلا مانع منه فإنّه أمر تعبّدی حتّی لو صرحا الزّوج و الزوجة من الأوّل بذلک لکان صحیحا أیضا بأن قال زوّجت الی أن أطلق أو الی أن یظهر شیء من العیوب.

و أمّا الوقف سواء کان من العقود أو الإیقاعات فقد ذکرنا فی بیع

ص:272

الوقف أنه علی قسمین الأوّل أن یکون تحریرا و فکا للملک کالمساجد و نحوها فهو مثل العتق فیکون من الأمور العدمیة فبالوقف بعدم الملکیة و یفکها و یجعلها محررة و یجری فیه جمیع ما ذکرناه فی الطّلاق و العتق و الإبراء فلا یمکن فیه جعل الخیار لکونه منافیا لمفهوم التّحریر بحسب الارتکاز العرفی.

فإنّه لا معنی للتّحریر مع کونه مختارا فی إرجاعه إلی ملکه،نعم لو کان کذلک لم یکن وقفا بل یکون من قبیل السکنی و العمری و الرقبی.

و القسم الثّانی و هو ما کان من قبیل التّملیک کالأوقاف الخاصّة و کالوقف علی المسجد بناء علی کونه ملکا للمسجد لا أنّه یکون مثل المسجد محرّرا فالظّاهر أنّه مبنی علی أن التّأیید مأخوذ فی حقیقة الوقف أم لا فإنّه بناء علی أخذه فیه لا یجوز هذا الاشتراط لانّه یکون الاشتراط بالنسبة إلی الوقف متناقضا لان اعتبار الوقف مقتضی التأیید و الاشتراط یقتضی التّوقیت بناء علی ما ذکرناه من رجوع الشّرط الی تضییق دائرة المنشأ و هما لا یجتمعان و اعتبار التأبید حتّی ما بعد الفسخ لغو ظاهر کما هو واضح و أمّا بناء علی عدم أخذ التأیید فی الوقف و القول بجوازه سنة نظیر السّکنی و الرّقبی فلا بدّ من تنقیح هذه الکبری و أن التأبید مأخوذ فی الوقف أم لا.

و أما ما فی الموثّقة من قوله(علیه السلام)من أوقف أرضا ثمّ قال ان احتجت إلیها فأنا أحق بها ثمّ مات الرّجل فإنّها ترجع فی المیراث فلا دلالة فیها علی المدّعی حیث ان محلّ کلامنا فی شرط الخیار و الرّوایة راجعة إلی شرط النتیجة و رجوع الوقف الی ملک الواقف مع الاحتیاج فأحدهما أجنبی عن الآخر.

ص:273

و ربّما علل علی عدم جریان الخیار فی الوقف باشتراط القربة فی الوقف و هو ممنوع صغیری و کبیر أمّا الکبری فلعدم الدّلیل علی اعتبار القربة فی الوقف و أمّا الصّغری فکذلک فإنّه لا دلیل علی أن القربة مانعة عن الاشتراط مع وجود الدّلیل علی الاشتراط امّا دلیل الوفاء بالشّرط أو ما ذکرناه فی الوقف کما هو واضح فالظّاهر أن شرط الخیار و عدمه متوقّف علی ما ذکرناه من اعتبار من التأبید فی الوقف و عدمه.

و الحاصل أنّه قسم المصنّف العقود علی ثلثة أقسام الأوّل ما لا یدخل فیه الخیار اتّفاقا کالنّکاح و نحوه الثّانی ما یدخل فیه الخیار کالبیع و نحوه من أقسام المعاملات الثالث ما یکون مختلف فیه کالوقف و نحوه.

أقول التّحقیق أن یقال:أن فی کلّ مورد نعلم بجواز شرط الخیار فی عقد نحکم بصحّة أخذه فیه و فی کلّ مورد نعلم بعدم جواز أخذ الخیار فی عقد نحکم بعدم صحة أخذه فیه و فی مورد الشّک نرجع الی الأصل و من الواضح أن مقتضاه هو جواز أخذه فیه و عدم ترتّب الأثر علی غیر ما أخذه المتبایعان فی العقد.

بیان ذلک أنّک قد عرفت آنفا أن معنی جعل الخیار فی العقد هو تحدید المنشأ بحدّ خاص بحیث ینشئ البائع مثلا بیع داره مقیّدا بعدم فسخه و قلنا أن التّملیک الموقّت و ان کان لا معنی له فان معنی بیع الدّار هو تملیکها مؤبدا من حیث الزّمان و غیر مقیّد بزمان و لکن ینافی ذلک تحدیده من حیث الزّمانیات فیبیع داره مقیدا بعدم فسخه أی ینشئ ملکیة داره لزید مقیدا بالقید المذکور لا علی وجه الإطلاق و علیه فیکون أدلة اللزوم و الصّحة شاملة لذلک فإذا شککنا فی جواز ذلک فبمقتضی القاعدة نحکم بجوازه و بعدم کون غیر ذلک منشئا و عدم کون التملیک علی وجه

ص:274

الإطلاق فإن القدر المتیقّن هو التملیک الخاص فالزّائد عنه مشکوک فالأصل عدمه.

و بعبارة اخری أن الحکم بکون مال شخص لشخص آخر یحتاج الی سبب و الفرض أن المالک لم ینشئ الاّ ملکیة محدودة فإن أمضی الشّارع ذلک فهو و الاّ ای و ان امضی ملکیة مطلقة یلزم أن یمضی الشّارع ما لم ینشئ فیکون المنشأ غیر ممضی و الممضی غیر منشئ و علیه فکلما شککنا فی نفوذ شرط و خیار فالأصل یقتضی نفوذه فان مقتضی عدم النّفوذ هو الحکم بما نشک فی إنشائه فالأصل عدمه کما لا یخفی.

هذا ما یقتضیه الأصل الّذی لا بدّ من الرّجوع الیه عند الشّک ثم ان الشّرط قد یرجع الی الخیار و قد لا یرجع و یتضح ذلک بما سنذکره و إذا عرفت ذلک فنقول لا بدّ من تحقیق معنی الشّرط و ما یجوز جعله فی العقود و ما لا یجوز لیتضح ما هو الضابط فی المقام اعنی ما یدخل فیه الخیار و ما لا یدخل فیه الخیار حتی نرجع فی غیره الی الأصل.

اما الشرط الذی اشترط فی العقود قد یکون راجعا الی اشتراط أمر غیر اختیاری و اخری یرجع الی اشتراط أمر غیر اختیاری و علی کل حال قد یرجع الاشتراط الی جعل الخیار و قد لا یرجع.

اما إذا کان الاشتراط اشتراط أمر غیر اختیاریة کما إذا اشتری عبدا فشرط کونه کاتبا أو اشتری متاعا آخر فشرط کونه علی وصف خاص فإنه لا شبهة فی ان کون العبد کاتبا أو کون المبیع علی وصف خاص من- الأوصاف التی لیس فی اختیار البائع غیر اختیاری للبائع و علیه فلا معنی للاشتراط الا توقف الالتزام البیعی علی الالتزام الشرطی فإنه لا یتصور لهذا الاشتراط معنی الا ان یکون العقد معلقا علیه ان أبیع علی هذا

ص:275

الشرط و الا فلا أبیع مثلا معنی بیع العبد بشرط کونه کاتبا انه أبیع ذلک علی ان یکون کاتبا و الا فلا أبیع فیکون باطلا للتعلیق.

و اما ان یکون المراد من الالتزام الشرطی التزام آخر فی ضمن الالتزام البیعی من غیر ان یرتب أحدهما بالآخر و اما ان یراد ما ذکرناه من توقف الالتزام البیعی علی الالتزام الشرطی من غیر ان یکون البیع متوقفا علی ظهور المبیع بوصف خاص بل الالتزام علی البیع و الوقوف علیه موقوف علی الشرط کما هو واضح.

و علی هذا فلو تخلف الوصف فیکون المشروط له مخیرا فی بقائه علی التزامه و عدم بقائه فیکون له الخیار.

و اما إذا کان الشرط فی العقود من الأمور الاختیاریة فهو علی قسمین:الأول:ان لا یکون العقد مما یجری فیه الخیار کمثل النکاح مثلا فان معنی الشرط حینئذ هو مجرد توقف الالتزام العقدی علی الالتزام الشرطی من خیر ان یکون مرجعه الی جعل الخیار أصلا بل فائدته لیس إلا إلزام المشروط علیه تکلیفا علی الوفاء و الوقوف علی التزامه فان المشروط له انما أنشأ العقد علی هذا الالتزام بحیث لو کان المشروط علیه لقبل الإیجاب المنشأ علی هذا النحو لقبل مقیدا لکان باطلا لعدم المطابقة بینهما و قد ذکرنا فی أوائل البیع انه لو أنشأ الموجب عقدا مشروطا بشرط فقبل القابل بلا شرط لبطل فان ما أنشأه البائع لم یقبله المشتری و ما قبله القابل لم ینشأه الموجب و علی کل حال فهذا الاشتراط لیس له فائدة إلا إلزام المشروط علیه و لا بأس بذلک أیضا و یترتب علیه الأثر من حکم النشوز و نحوه فی النکاح و لا یضر تعلیق العقد بذلک فان بطلان التعلیق فی العقود لیس الا من جهة الإجماع و من الواضح ان المتیقن

ص:276

منه صورة کون المعلق علیه مشکوکا لا فیما یکون منجزا و لذا قالوا یعتبر التنجز فی العقود و هذا المعنی متعارف فی العرف أیضا فإنه یقول بعضهم لبعض بعتک هذا المتاع لک بشرط ان تلتزم بذلک الشرط أو یقول احد الزوجین للآخر زوجتک نفسی بشرط ان تلتزم بالشرط الفلانی من تعیین المکان و نحو ذلک و من هذا القبیل اشتراط الشرط الفاسد فی العقد من شرب الخمر و نحوه فان الشرط اعنی الالتزام حاصل بالنسبة إلی المشروط علیه و لکن لم یمضه الشارع فمورد الشروط الفاسدة هو ذلک فیصح العقد لان شرطه و هو التزام الطرف حاصل و ان لم یمضه الشارع.

الثانی ان یکون الشرط مرجعا لکلا الأمرین بأن یکون الشرط امرا اختیاریا و یکون معناه التزام الموجب بالبیع و نحوه مثلا مقیدا بالتزام الطرف الآخر بالشرط فیکون منحلا إلی أمرین أحدهما إلزام الطرف ای المشروط علیه أو لا بالوفاء بالشرط و مع عدم الوفاء یثبت للمشروط له خیار تخلف الشرط و سیأتی تفصیل ذلک فی باب الشروط.

و بعبارة اخری ان الشروط علی ثلثة أقسام:الأول:ان یکون مرجعه الی جعل الخیار للمشروط له کاشتراط الأوصاف فی المبیع مثلا الخارجة عن القدرة کما إذا باع عبدا فشرط المشتری علی البائع کونه کاتبا فان کونه کاتبا لیس فی قدرة البائع فإذا ظهر غیر کاتب فلیس- للمشتری إلزامه بکونه کاتبا و هکذا فی جمیع الأوصاف الغیر الاختیاریة غایة الأمر فیثبت للمشروط له خیار تخلف الشرط فله ان یرضی بالمبیع الفاقد للوصف و له ان یفسخ العقد و یرجع الثمن.

الثانی:ان یکون متعلق الشرط امرا اختیاریا کما إذا اشتری

ص:277

أحد شیئا و شرط فی ضمنه امرا مقدورا للبائع کخیاطة ثوبه و بنائه داره أو نجارته بابه و نحو ذلک من الأمر المقدورة للبائع و فی مثل ذلک فالشروط مجمع للأمرین إلزام المشروط علیه بالوفاء بالشرط و مع عدم الوفاء ثبت له خیار تخلف الشرط فله ان یرضی بالعقد بدون الشرط و له ان یفسخ العقد.

الثالث:ان یشرط احد المتعاقدین علی الآخر شرطا فی العقد الذی لا یجری فیه الخیار الا فیما عینه الشارع بدلیل خاص کعقد النکاح فإنه لا یجری فیه الخیار إلا بالأسباب التی عینها الشارع بدلیل خاص فمقتضی الشرط هنا لیس الا تعلیق الالتزام العقدی علی الالتزام الشرطی فلا شبهة فی جواز التعلیق حینئذ فإن المعلق علیه و هو التزام المشروط علیه حاصل و التعلیق انما یضر إذا کان متعلقة مشکوکا و لیس کذلک فما هو باطل هو الثانی دون الأول فإن مورد المتیقن من الإجماع هو الثانی و اما الأول فالتعلیق علی نفس وجود المبیع مثلا.

و علیه فلو تخلف المشروط علیه عن شرطه فلا یثبت للمشروط له الخیار فإن فائدة هذا الشرط لیس إلا إلزام المشروط علیه علی الوفاء و مع عدمه لا یثبت الخیار نعم یمکن ترتب بعض الآثار علیه فی مثل عقد النکاح من عدم تحقق النشوز و نحوه مثلا کما اشترط الزوجة مکانا خاصا لزوج فلم یف فذهاب الزوجة الی ذلک المکان لا یوجب النشوز و لا یضر ذلک بصحة العقد فان المعلق علیه حاصل جزما اعنی التزام المشروط علیه و کذلک إذا کان الشرط فاسدا فان تعلیق العقد بالوفاء بالشرط الفاسد من هذا القبیل أی الشرط حاصل و هو الالتزام بالوفاء بالحرام غایة الأمر لم یمضه الشارع و من هنا نقول ان الشرط الفاسد لا یفسد

ص:278

العقد کما سیأتی فی باب الشروط.

نعم مع عدم الالتزام فی جمیع الصور المتقدمة من الأول لم یبطل العقد من الأول لأن ما أنشأه البائع لم یقبله المشتری و ما قبله المشتری لم ینشئه البائع کما لا یخفی.

ثم انک عرفت من جمیع ما تقدم فی معنی الخیار ان معناه لیس الا تحدید الملکیة المنشئة بزمانین و معنی التحدید ان البائع مثلا یعتبر ملکیة داره لزید إلی الأبد من حیث الزمان و یلزم بذلک علی وجه الإطلاق و لم یقید أصل التزامه بشیء فإن الإطلاق و التقیید فی أصل الالتزام غیر معقول و لکن یقید ذلک بحسب الطواری و الکیفیات من حیث الزمانیات و نتیجة ذلک ان المشتری له التصرف فی المبیع بأی کیفیة یرید حتی بالأعدام و نحوه فان له ذلک علی وجه الإطلاق و لکنه ملکیته و سلطنته اعنی الواجدیة هی محدودة بحد خاص و هو عدم الفسخ فإذا فسخ ترتفع هذه السلطنة و ما یجوز له من التصرفات و تنقطع سلطنته عن العین و نظیر ذلک کثیر فی العرف فإنه یکون شخص سلطانا إلی سنة کما هو کذلک فی الرئاسة الجمهوریة و لکن تصرفاته فی الاملاک مطلقة فله ان یتصرف فی زمان سلطنته تصرفا مطلقة و تصرف خمسین سنة بأن یوجر أرضا إلی خمسین سنة و هکذا و کذلک المتصرفین المنصوبین فی البلاد من قبل الملک فان سلطنتهم و ان کانت مقیدة بأمد خاص و لکن تصرفاتهم مطلقة و لذا تنفذ أمورهم بعد انعزالهم أیضا کالطرق و الشوارع و کذلک رئیس الوزراء و نحوهم و کک الأمر فی کل معاملة خیاریة فان معناه تحدید المنشأ فیکون نفس السلطنة خاصة و لکن نفوذ التصرف بجمیع أنحائه مطلقا.

و الحاصل ان أصل الالتزام و ان کان غیر قابل للإطلاق و التقیید

ص:279

فإنه کالإنشاء إما یوجد أولا و انما الإطلاق و التقیید باعتبار المتعلق و لکن تقیید استمراره باعتبار متعلقة شیء ممکن بأن یقید الوقوف علیه و استمراره بشرط و علیه فلا مانع من تحدید الالتزام البیعی بحسب- الاستمرار بالالتزام الشرطی فتکون النتیجة من المجموع کون الملکیة مقیدة بحد خاص کما هو واضح.

ثم انه کما یوجب الفسخ انقطاع سلطنة المشتری عن العین بالکلیة و کذلک التلف فإنه إذا تلف مال احد تنقطع سلطنته عن العین و عن مالیته بالکلیة إلا إذا کان التلف مستندا الی شخص یکون إتلافه موجبا للضمان فإنه ح تکون سلطنته باقیة فی المالیة فإن ذمة المتلف تکون مشغولة بذلک و اما إذا لم یکن مستند الی شخص فتکون سلطنة المالک منقطعة عن العین و عن مالیته بالمرة کما کان تنقطع بالفسخ فإذا تلف المبیع عند المشتری فی غیر زمان الخیار فتکون سلطنته منقطعة عنه.

و لکن مع ذلک هنا فرق بین التلف و بین الفسخ و ان کانا مشترکین فی أصل انقطاع سلطنة المالک عن العین فإنه فی صورة التلف فالمعاقدة باقیة علی حالها بحیث ان المتبایعین و کذلک العرف و العقلاء یعتبرون ملکیة العین التالفة للمشتری فی هذا الزمان أیضا قبل التلف فیعتبرون ان المشتری کان مالکا قبل التلف بخلافه فی الفسخ فإنه بالفسخ تنفسخ المعاملة من الأول و لذا لو ادعی البائع ملکیة المبیع و ضمان المشتری علیه بالمثل بحیث ان یرد ثمنه و یأخذ مثل ماله فیقول المشتری کان التلف فی ملکی و انا کنت مالکا بالعین قبل التلف بالمعاقدة التی تبقی و المقام شبیه بالحجة حیث ان الفاعل إذا اتی بعمل مستندا الی حجة شرعیة ففی أی وقت سئل عن وجه إتیانه فیقول کانت الحجة عندی فلو قیل:أعد

ص:280

فیقول الحجة تقتضی عدم الإعادة و کذلک بعد الوقت ففی کل وقت یدعی بقاء الحجة و استناد عمله الیه و کذلک فی المقام فإن المشتری فی کلّ وقت یدعی کون التلف فی ملکه و عدم الضمان لبدل المبیع لبقاء المعاقدة معه فیقول أنا لست ضامنا بمثله أو قیمته فانی عاملت علیه و یدعی فی کل وقت بقاء المعاقدة و استناد عدم الضمان علی مثله أو قیمته إلی المعاقدة و من هنا تجوز الإقالة بعد التلف فح یرجع البائع إلی مثل العین أو قیمته و یردّ الثمن إلی المشتری ان کانت عینه باقیة و الا فمثله أو قیمته.

فحال الفسخ و رفع الملکیة و قطعها عن العین حال الإقالة بعد تلف العین فمع الفسخ أیضا ان کانت العین باقیة فترد إلی البائع و الا فیرد المثل ان کان له الخیار حتی بعد تلف العین و من هنا ظهر أنه لا وجه لقیاس الفسخ و انقطاع السلطنة به بالتلف و انقطاع السلطنة به من جمیع الجهات بل القیاس فی انقطاع السلطنة بهما فقط لیس الا فافهم.

إذا عرفت ذلک کله فاعلم أن المیزان الکلی و الضابطة الکلیة فی جعل الخیار فی العقود و الإیقاعات هو أن لا یلزم من جعله ما ینافی مفهوم العقد بأن ینافی التحدید مفهوم نفس العقد أو الإیقاع کما إذا طلق مع جعل الخیار لنفسه أو إبراء ذمة المدیون موقتا أو أعتقه کذلک فان المتبادر من مفهومها هو الأبدیة و التوقیت ینافیها فمعنی الإبراء إفراغ الذمة إلی الأبد و التوقیت إمهال لا إبراء و معنی الطلاق الإرسال و الإطلاق و التوقیت ینافیه و کذلک العتق.

أو کان هنا إطلاق أو عموم یقتضی صحة العقد الذی یجعل فیه

ص:281

الخیار ففی البیع و نحوه من المعاملات مقتضی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و سائر الأدلة هو صحة المعاملة التی جعل فیه الخیار فیکون شمولها علیها بهذا المقدار و أما بعد الفسخ فلا فتکون المعاملة المنشئة بقید أی المنشئ المحدود بحد مشمولا لأدلة لزوم المعاملة فالزائد عن ذلک یکون خارجا عن حدود الأدلة الدالة علی اللزوم من الأوّل.

و أما فی مثل النکاح فلیس هنا إطلاق أو عموم تقتضی صحة عقد النکاح المقید بوقت و المحدود بحدّ بعد ما کان ممکنا ثبوتا مع العلم من الخارج بان عقد النکاح لا بد اما و ان یکون دائما أو موقتا و لکن إلی أجل معلوم ای مسمی کما فی بعض الروایات و فی قراءة ابن عباس.

و علیه فجعل الخیار فی عقد النکاح لا یدل دلیل علی صحة هذا القسم من النکاح ای المحدود بحد خاص لو لم یکن من الخارج یدل علی کونه منحصرا بقسمین لکانت العمومات الدالة علی لزوم مطلق العقد محکمة و لکن قد عرفت جوابه.

ثم انک عرفت عدم جواز جعل الخیار فی النکاح بل الخیار فیه منحصرا بالأسباب الخاصة و قد عرفت عدم جریانه فی الإیقاعات المذکورة من الطلاق و العقد و الإبراء و عرفت أیضا ان جریانه فی الوقف مبنی علی اعتبار التأیید فی الوقف و عدمه فإنه بناء علی الأول لا یجری فیه الخیار لکونه منافیا لمفهوم الوقف کما عرفت فی الطلاق و العتق و الإبراء و هذا هو المشهور بین الفقهاء و هذا هو الظاهر من الروایة التی ذکرها المصنف هنا من انه وقف الواقف شیئا و اشترط عوده الی ملکه مع الاحتیاج فحکم الامام(علیه السلام)بعوده میراثا و بطلان الوقف بل هو الظاهر من غیر واحد من الروایات المذکورة فی باب الوقف بل فی بعضها ذکر

ص:282

الامام(علیه السلام)انه وقف الی ان یرث الله الأرض و من علیها.

و اما الصدقة فالظاهر عدم جریان الخیار فیه فإنها لله فما کان لله لا یرجع بل هو کک فی اعتبار العرف أیضا فإنه لا یجوز العرف جواز رجوع المصدق إلی الصدقة بعد مدة فهی نظیر الوقف بناء علی اعتبار التأیید فیه بل قسم من الوقف و علی الجملة فالصدقة حیث کانت امرا قربیا فلا ترد و اما الوصیة سواء کانت إیقاعا أو عقدا فان کان قبل الموت فهو جائز بطبعه فلا یدخل فیه الخیار بل کلما أراد الفسخ یفسخ و ان کان بعد الموت فهو لازم فیجوز فیه جعل الخیار إذ لا نری فیه ما ینافی مفهوم الإیصاء و انه موافق لما دل بإطلاقه علی صحة الوصیة و لکن فی جعل الخیار فیها استبعادا محضا و ذلک فان مقتضی جعل الخیار فیه انه بالفسخ من المورث أو من له الخیار ان المال یرجع الی ملک المیت فإنه الذی إنشاء العقد و جعل فیه الخیار و کان المال فی ملکه ثم بتوسط المیت ینتقل إلی الورثة فان فی هذا استبعادا محضا بأنه کیف یملک المیت بعد موته و لکنه مجرد استبعاد فلا محذور فیه.

و اما الهبة المعوضة التی لا تکون لذی رحم أو علی وجه قریبی أو من الزوج للزوجة فلا شبهة فی جعل الخیار فیه فإنه من العقود التی لا محذور فیها لجعل الخیار بوجه کما لا یخفی فافهم.

و الحاصل انک قد عرفت ان معنی جعل الخیار فی العقد هو جعل المنشأ مقیدا بقید خاص و بحد خاص فیکون مفاد العقد هی الملکیة المحدودة بعدم الفسخ ثم انک قد عرفت أیضا ان معنی جعل الشرط فی العقد هو کون البیع ای الملتزم به معلقا بذلک الالتزام الشرطی بحیث انه لو لا ذلک الالتزام الشرطی المعلق علیه لما باع البائع ما له

ص:283

أصلا و قلنا ان التعلیق فی أمثال ذلک لا یضر فإنه إنما یضر ان کان لأمر مشکوک الحصول لا لأمر منجز کما لا یخفی و لا یفرق فی ذلک أی صحة العقد المعلق علی الالتزام الشرطی بین کون الشرط فاسدا کشرب الخمر و نحوه و بین کونه سائغا فإن ما علق علیه العقد و هو الالتزام قد حصل تکوینا و ان لم یمضه الشارع کما لا یخفی فافهم.

ثم انک قد عرفت ان العقد إذا توقف علی شیء بحیث قد حصل مقیدا بذلک الشرط و الالتزام کان المنشأ محدودا بحد خاص و بقید خاص بحیث ان المنشأ قد أنشأ هکذا فیکون المشمول لعموم أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و سائر أدلة اللزوم هذه الحصة الخاصة من المنشأ المحدود و لا شبهة انه مع تخلف هذا الشرط فللمشروط له خیار تخلف الشرط فیکون هنا التزام آخر من المشتری علی انه إذا خالف الشرط فیکون للمشروط له خیار تخلف الشرط فیما إذا کان مرجع الشرط الی الخیار کما ذکرناه سابقا و یکون ذلک فی العقود التی یجری فیه الخیار فافهم فیکون دلیل الوفاء شاملا للعقد المقید و المحدود بالتزامین و العقد بجمیع هذه الشؤون یکون مشمولا له.

و الحاصل إذا کان البیع مثلا معلقا علی شرط کالخیاطة و نحوها و التزم المشتری بالوفاء بها فیکون البیع مقیدا بهذا الشرط بحیث یکون المنشأ محدودا بذلک فیکون مشمولا لما دل علی اللزوم علی هذا النحو الخاص ثم ان معنی جعل الشرط فی العقد هو کون المشروط له مخیرا فی حل ذلک العقد علی تقدیر مخالفة المشروط علیه بالشرط و علیه فالعقد معلق علی التزامین أحدهما التزام المشتری بالشرط و الثانی التزامه بأن للمشتری حل العقد علی تقدیر مخالفته و حینئذ فیکون المنشأ

ص:284

مقیدا و محدودا بکلام الالتزامین و معلقا علیهما و یکون العقد المقید و المحدود بهما مشمولا لا وفوا بالعقود و سائر أدلة اللزوم و علیه فلا مجال لتوهم ان حل العقد علی تقدیر تخلف الشرط مناف لأوفوا بالعقود بل هو مأخوذ فیه فان أوفوا یشمل العقود بجمیع شؤونها کما هو واضح و مع تخلف الشرط ینتفی المشروط اعنی اللزوم فثبت للمشروط له خیار تخلف الشرط و هذا معنی ما ذکر من أنه ینتفی المشروط مع تخلف الشرط کما هو واضح فان من التزم بالبیع التزمه علی تقدیر و لا شبهة فی عدم جواز قبوله بدون ذلک التقدیر بداهة تفاوت قیمة المبیع مع الخیار و بدونه فإذا کانت قیمة المبیع خمسین بلا شرط و باعه عشرین مع الشرط فلو لم یکن للشرط دخل فی نقصان الثمن لم یقدم بهذه المعاملة إلا السفیه کما هو واضح هذا فاغتنم.

ثم انه وقع الخلاف فی جریان الخیار و عدمه فی بعض العقود

و قد عرفت عدم جریانه فی النکاح و ما عن السید فی العروة انه لا یجری فی النکاح للإجماع فی غیر محله بل لا یجری لما ذکرناه و قد عرفت أیضا عدم جریانه فی الوقف أیضا بناء علی اعتبار التأبید فیه کما هو الظاهر من الروایة التی ذکرها المصنف فی المقام و من بقیة الروایات الدالة علی کون الموقوف وقفا الی ان یرث الله الأرض و من علیها و علیه فیکون جعل الخیار فی الوقف منافیا لمفهومه.

و اما الصدقة

فلا یجری الخیار فیه أیضا لأنه کالوقف فی اعتبار التأیید فیها و انها وقعت لله و ما کان لله لا یرجع کما ذکر المصنف بل فی بعض الروایات ان آخذ الصدقة هو الله تعالی فإذا کان الطرف هو الله فکیف ترجع الصدقة و ربما یتوهم کما توهم بعض المحشین من ان ما

ص:285

ذکره المصنف هنا من کون الصدقة لله تعالی و ما کان لله لا یرجع مناف لما ذکره فی الوقف من الإشکال فی الکبری فی عدم اعتبار القربة ان عدم الدلیل علی ذلک و لکن قد ظهر جوابه مما ذکرناه و بیانه ان الروایات الکثیرة قد دلت علی اعتبار القربة فی الصدقة و کونها علی وجه قربی و معنی اعتبار القربة هنا ان طرف الصدقة هو الله و الآخذ هو کما فی بعض الروایات فکأن المصدق یعطی الصدقة لله تعالی و ما أخذه الله تبارک و تعالی لا یرجع.

و هذا غیر کون الفعل قریبا ای مأتیا به علی وجه قربی لا جل ابتغاء الثواب و هذا لا ینافی جواز حل ذلک العقد و إرجاع ما اعطی علی وجه قریبی و لو قلنا بکون المعاملة مستحبة بذاتها و ان أنکرنا ذلک فی المکاسب المحرمة و قلنا ان الاستحباب من جهة الفعل فلا یکون ذلک موجبا للزوم البیع کما هو واضح هنا لو باع احد داره من عالم أو سید قربة الی الله تعالی و قصد فی معاملته التقرب بها الی الله تعالی فهل یتوهم احد ان ذلک مانع عن جریان خیار المجلس فی ذلک فالکبری الذی تسلمها المصنف هنا غیر الکبری الذی منعها فی الوقف فان الآخذ هنا هو الله فلا معنی لإرجاع ما أخذه بل هذا کک فی العرف أیضا فإن من اعطی شیئا للسلطان لیس له ان یدق بابه بعد مدة و یطلب ذلک بل یعد العقلاء من المجانین لو فعل ذلک و علی تقدیر تسلیم اعتبار القربة فی الوقف فهو من القبیل الثانی دون الأول و علیه فلا مانع من جعل الخیار فی الوقف مع قطع النظر عن کون التأیید فیه مانعا عن جریان الخیار فیه علی انا قد استشکلنا فی اعتبار القربة فی الوقف تبعا للمصنف و قلنا انه لا دلیل علیه کما عرفت.

ص:286

و اما الصلح

فان کان لقطع الخصومة فلا بأس لجعل الخیار فیه فان مرجع جعل الخیار فیه هو تقیید المنشأ و تحدیده بعدم الفسخ و من الواضح انه لا بأس لقطع الخصومة إلی زمان خاص و لو صرح احد المتخاصمین أو کلیهما بذلک فهل فیه محذور.

و ان کان الصلح لإسقاط الدعوی فیکون ذلک مثل الإبراء فلان لکل شخص ان یدعی علی أخیه المسلم و غیره من حقه و یحضره عند الحاکم للمحاکمة و له حق الإحضار عنده و لیس للمدعی علیه الإباء عن ذلک بوجه فإذا أسقط حقه هذا بالمصالحة فیکون ذلک مثل الإبراء و علیه فیکون جعل الخیار فیه منافیا لمقتضی الصلح کما هو واضح فان معنی الاسقاط هو عدم بقاء حق للمدعی علی المدعی علیه فیما ادعاه و انه سقط إلا إذا ادعی حقا آخر غیر الساقط و الشیء بعد سقوطه لا یرجع الی حالته الأولیة و الحاصل معنی السقوط و الإبراء هو فراغ ذمة من علیه الحق من الحق إلی الأبد فاشتراط التوقیت فی ذلک مناف لذلک فلا یکون ح إسقاطا و إبراء کما لا یخفی.

و اما الضمان

و هو عند الخاصة عبارة عن انتقال الدین من ذمة المدیون إلی ذمة الضامن فیکون ذمة المدیون بریئا و یکون ذلک أیضا مثل الإبراء کما هو واضح.

و اما الرهن

فقد یقال بکون جعل الخیار فیه منافیا لمقتضی الرهنیة فإن الرهن وثیقة و کون المرتهن علی اطمینان من دینه فجعل الخیار فیه ینافی الاطمئنان.

و فیه ان الرهن و ان کان وثیقة الا انه وثیقة للدین و معنی کونه وثیقة للدین هو وصله به ای ان الرهن متصل به و لذا یقال وثیقة للدین

ص:287

ای مشدود به فیحل عند أداء الدین و أخذ الوثیقة بمعنی الاطمئنان لسهو بل الاطمئنان من لوازم الوثیقة و الا فمعنی الوثاقة فی اللغة هو الشد و منه قوله تعالی فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَ إِمّا فِداءً ای شدوا وصالکم و عهدکم و من هنا یقال للشخص الذی أمین أنه موثق ای انه لا- تجر فی اخبار و لا ترد بل خبره متصل باعتقاده و لیس کاذبا فیه و لذا یطلق الاعتقاد علی وثاقة القلب بشیء و یقال اعتقد علیه و لیس له تردد لیقدم رجلا و یؤخر أخری کما هو واضح و علیه فلا مانع فی جعل الخیار فی الرهن فیه أیضا إذ لا تنافی فیه بمقتضی الرهن أصلا فإنه مع جعل الخیار فیه أیضا فالرهن متصل بالدین و بعد الفسخ یبقی الدین کحال لا رهن فیه فلا مانع فی ذلک مع اقدام المرتهن علیه بنفسه.

و کیف کان فالضابط الکلی فی جعل الخیار فی عقد أو إیقاع هو عدم منافاة الخیار بمفهوم العقد و عدم کونه مخالفا لعموم دلیل ذلک العقد أو إطلاقه کما عرفت فی النکاح بل و کونه موافقا للعموم أو الإطلاق الدال علی صحة هذا العقد کما عرفت.

ثم انه ذکر المصنف عدم جریان الخیار فی المعاطاة

بدعوی ان المعاطاة إنما هی بالتراضی الفعلی و من الواضح ان الشرط الذکری لا یرتبط بالتراضی الفعلی و هو واضح.

و لکن یرد علیه ان التراضی أمر قلبی و انما یحصل فی أفق النفس و یحصل ارتباط کل من الشرط و المشروط فی ذلک الصقع و انما المبرز مختلف و مع اختلاف یبرز شیئا واحدا فعدم ارتباط اجزاء المرز بعضها ببعض لا یستلزم عدم ارتباط بعض اجزاء المبرز بعضه ببعض و علی الجملة فالبیع مثلا عبارة عن إظهار ما فی النفس من الاعتبار بأی مبرز کان فکما

ص:288

لا یفرق فی کون أصل مبرزا المعتبر النفسانی بین ای مبرز و کذلک لا یفرق بین ما کان مبرز أصل الاعتبار النفسانی فعلا و بین ما کان مبرز ما یعتبر فی أصل المعتبر النفسانی من الشروط قولا کما هو واضح.

فما ذکره المصنف من عدم ربط الشرط القولی بالمراضاة الفعلیة لا یمکن المساعدة علیه فإنک قد عرفت ان المناط فی ارتباط الشرط بالمشروط هو فی عالم الاعتبار و اما فی عالم الإبراز فلا یلزم ربط جمیع اجزاء المبرز بعضه ببعض و هذا واضح جدا کما لا یخفی فافهم.

(فی خیار الغبن) قوله

الرابع خیار الغبن:

اشارة

أقول:من جملة الخیارات الثابتة فی المعاملات خیار الغبن و هو بمعنی الخدیعة،و لکن تحقق خیار الغبن فی البیع و نحوه لا یتوقف علی صدق الخدیعة بل یجری ذلک فی بعض الموارد مع عدم تحقق الخدیعة کما إذا کان البائع و المشتری کلاهما جاهلین بالغبن ای التفاوت.

ثم انه انما یلاحظ الغبن بالنسبة الی جمیع القیود و الشرائط التی اعتبرت فی العقد فإنه لا شبهة ان قیمة المبیع تختلف باعتبار الطواری و العوارض و القیود و الشروط و قد یکون ثمن شیء خمسین دینار و یکون مع الشرط ثلثین دینارا فهذا التفاوت لا یکون غبنا و خدیعة بداهة تفاوت القیمة بالخیار و عدمه نعم یلاحظ النقصان و الزیادة بالنسبة إلی مجموع المبیع و الشروط و القیود و هو واضح.

ثم انه قد اعتبر الفقهاء رضوان الله علیهم شرطین فی تحقق الغبن

الأول:ان یکون المشتری جاهلا بالقیمة السوقیة و اشتری المبیع بأکثر

ما یسوی فی السوق

و اما علم البائع فإنها هو شرط فی تحقق الخدیعة

ص:289

و الا فالغبن یتحقق بجهل المتبایعین أیضا ثم انه قد یکون الغبن فی الثمن فیشترط فیه جهل البائع بقیمة الثمن إذا کان من غیر النقد و هذا نادر و الغالب هو الأول.

الشرط الثانی:ان یکون ما أخذه الغابن ما زیادة القیمة بما

یتسامح

کأن کانت قیمة العین خمسین دینارا فباعها من المشتری بمائة دینار فإنه لا شبهة فی تحقق الغبن هنا فإن الزیادة ح لیس بما یتسامح و اما إذا کان الإقدام بالزیادة بعلم من المتبایعین معا أو کانت الزیادة بما یتسامح بأن باع ما یسوی بخمسین دینارا بأحد و خمسین دینار فإنه لا خیار للمشتری إذ لا یتحقق الغبن بزیادة الدینار فیما یسوی بخمسین فی السوق و لعل هذا المقدار من التفاوت کان من جهة التفاوت فی الأسواق فإن قل متاع یکون قیمته فی جمیع الأسواق و فی جمیع الدکاکین واحدة بل المتاع واحد تختلف قیمة بحسب الدکاکین و الأسواق مع کون المتاع واحد فی جمیع الخصوصیات من حیث الجودة و نحوها کما لا یخفی،و نتعرض لوجه هذین الشرطین قریبا.

فی أدلة التی یذکر فی إثبات هذا الخیار و نفیه

اشارة

ثم انه لا شبهة فی ثبوت هذا الخیار فی الجملة بل ادعی بعضهم الإجماع علیه،و لکن أنکر المحقق هذا الخیار لعدم کونه منصوصا

و قد

استدل العلامة فی التذکرة علی ثبوت هذا الخیار بقوله تعالی إِلاّ أَنْ تَکُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ

بدعوی ان المعاملة الغبنیة لیست تجارة عن تراض إذا علم المغبون بالحال لم یرض بها أصلا و حیث ان ما کان مفقودا اعنی التساوی فی المالیة انما هو وصف من أوصاف المبیع الذی هو قید له و لیس من الأرکان ففقد انه لا یوجب البطلان بل یوجب الخیار کما هو واضح.

ص:290

و قد ناقش المصنف فی ذلک صغری و کبری أمّا الصغری فلان کون العوضین متساویین فی المالیة لیس الا من قبیل الدّاعی و لا شبهة ان تخلف الدّاعی لا یوجب الخیار.

ثمّ ناقش فی الکبری بأنّه لو سلّمنا أن أخذ ذلک فی المبیع علی وجه التقیید و لکن تخلفه لا یوجب الخیار فإنّه لیس من الأوصاف المذکورة فی ضمن العقد فلا یوجب تخلفه الخیار بوجه أصلا.

أما الأول فیرد علیه أن تخلف الدّاعی و ان کان لا یوجب الخیار أصلا کما إذا اشتری متاعا بداعی الضّیافة فلم یفعل الضیافة فإن تخلفه لا یوجب الخیار أصلا لکون الدواعی کلها غریبة عن العقد فتخلفها لا یستتبع شیئا،و لکن المقام لیس کک إذ الدواعی هی تصور الغایات لیبعث إلی إیجاد العمل فی الخارج و لا یعقل ان یکون ذلک قیدا فی العمل الموجود فی الخیار و هذا بخلاف المقام فان البناء علی تساوی العوضین فی المالیة مأخوذ فی العقد أخذ وصفا ضمنیا فی العقد فیکون علی وجه التقیید فإن تعین بین آدم موقوف علی تبدیل الأموال و بناء المتعاقدین علی تساوی العوضین فی المالیة فیناط التبدیل بالتساوی و حیث کان هذا البناء نوعیا بحسب العرف و العادة جری نفس اجراء العقد بین العوضین مجری اشتراط تساویهما فی المالیة فلا یکون ذلک الا کالشرط المذکور صریحا و کیف یکون من قبیل الدواعی.

و اما ما ذکره من المناقشة فی الکبری من ان الشرط إذا لم یذکر فی متن العقد فلا یکون تخلفه موجبا للخیار ففیه ان عدم الذکر انما یوجب عدم الخیار مع التخلف إذا لم یکن فی حکم الذکر و اما إذا کان مأخوذا فیه ضمنا و بالدلالة الالتزامیة فلا شبهة فی انه بمنزلة أخذه فی العقد

ص:291

صریحا.

و بعبارة اخری ان الشروط ابتدائیة و ان لم تکن واجبة الوفاء و لا یکون تخلفها موجبا للخیار و لکن إذا قامت قرینة علی اعتبار وصف فی المبیع و ان لم یکن مذکورا فی متن العقد فیکون ذلک مثل المذکور و من الواضح ان بناء العرف و العقلاء و ارتکازاتهم علی اعتبار تساوی المالیة فی تبدیل العوضین و هذا بمنزلة الصغری و حیث ان ذلک من المقومات للعقد و من أرکانه کما إذا باع عبد فطهر حرا أو باع ذهبا فظهر مذهبا فیکون تخلفه موجبا للخیار و هذا بمنزلة الکبری فقد ثبت ان تخلف الشروط الضمنیة موجب للخیار و من ذلک تساوی العوضین فی المالیة.

و قد ثبت فی بعض الموارد ان تخلف الشرط الضمنی الذی اعتبر فی العقد بحسب الارتکاز و بالقرائن الحالیة یوجب بالخیار منها اعتبار نقد البلد فلو باع و اعطی المشتری غیر نقد البلد ثبت للبائع خیار تخلف الشرط الضمنی.و منها اعتبار التسلیم فلو لم یسلم المشتری إلا فی وقت یشاء نفسه فلم یشک احد ثبوت الخیار للبائع و لیس للمشتری ان یقول ان العقد لازم لدلیل الوفاء به و نعطی الثمن فی أی وقت نرید و نظائر ذلک کثیرة فی الفقه و قد اعترف المصنف به أیضا و علی هذا فما ذکره العلامة فی غایة الجودة و المتانة مع قطع النظر عن الآیة أیضا.

و الحاصل ان مقتضی بناء العقلاء و ارتکازاتهم هو تساوی المالیة فی العوضین بحسب العادة و لو کان التفاوت فی ذلک لا بد و ان یکون مما یتسامح و یکون اعتبار التساوی فی المالیة مشروطا فی ضمن العقد و منوطا به و هذا مما لا شبهة فیه بحسب الصغری و اما الکبری فهو ثبوت الخیار مع تخلف الشرط الضمنی و الذی یکون دلیلا علی ثبوت خیار

ص:292

الغبن هذا لیس الا کما لا یخفی.

و قد استدل علی مشروعیة خیار الغبن و ثبوته بأیة النهی عن الکل

المال بالباطل بوجهین

الأول:ما ذکره المصنف

و حاصله ان المعاملة التی وقع فیها غبن قد لا یلحق بها العلم بالتبین و لم یظهر الغبن فیها بعد و قد تبین الغبن فیها و هو علی قسمین لانه قد یکون التبین قبل الرضا بالعقد و قد یکون التبین فیها بعد الرضا بالعقد:اما إذا کان راضیا بالمعاملة بعد تبین الغبن فلا شبهة فی صحة المعاملة ح فإنه لا یکون فیها ما یمنع عن صحته و لا یکون أکلا للمال بالباطل لأنه تجارة عن تراض و اما إذا کان التبین قبل الرضا بالعقد فتکون المعاملة أکلا للمال بالباطل إذا المشتری لم یرض بذلک فیکون أکلا للمال بالباطل و اما إذا کان قبل تبین الخدع فی المعاملة فذکر ره ان مقتضی الآیة و إن کان حرمة الأکل حتی قبل التبین الا انه خرج بالإجماع و بقی ما بعد اطلاع المغبون و رده للمعاملة.

أقول یرد علیه أولا ان مقتضی التمسک بالآیة فی المقام هو بطلان العقد و انفساخه بمجرد ظهور الغبن فیه من غیر ان یثبت للمغبون خیار الفسخ فإنه بمجرد ظهور الغبن فیها قبل الرضا بذلک یشمل علیه قوله تعالی لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ فیحکم ببطلانه لأن أکل المال بالباطل حرام وضعا و تکلیفا و لا یحتاج بطلانه الی الفسخ مع ان الفقهاء رضوان الله علیهم ذکروا ان المغبون بعد ظهور الغبن فی المعاملة مخیر بین الفسخ و الإمضاء.

و ثانیا:انه لا وجه لإخراج ما قبل تبین الخدع عن الآیة بالإجماع بحیث انه لو لا الإجماع کانت الآیة شاملة له و لکن الإجماع أوجب-

ص:293

التخصیص و ذلک إذ بعد شمول الآیة بالمعاملة و حکمها بکونها أکلا للمال بالباطل و حراما وضعا و تکلیفا لا معنی للتخصیص فهل یتوهم احد ان أکل المال بالباطل حرام الا فی المورد الفلانی فإنه مع کونه أکلا للمال بالباطل جائز و هذا لم یلتزم به فقیه.

و ثالثا:انه لا یفرق فی شمول الآیة و حکمها بالبطلان بین ظهور الغبن و عدمه مع عدم الرضا بالمعاملة الغبنیة ای علی کل تقدیر فإن الآیة إنما فصلت بین الأسباب الصحیحة و الأسباب الباطلة و نهی عن المعاملة بالأسباب الباطلة و فصل بینهما کما مر مرارا و تکون الآیة ناظرة إلی أسباب المعاملات،و علیه فلا یفرق فیه بین تبین الغبن قبل الرضا أو بعده ففی جمیع الصور الثلثة یحکم بصحة المعاملة لکون سببها تجارة عن تراض کما هو واضح.و من هنا ظهر انه لا معارضة بین حرمة الأکل بالباطل و بین تجارة عن تراض.

الوجه الثانی:ما ذکره شیخنا الأستاذ

بأن الرضا الحاصل من المتعاملین بالمعاملة حین إیجادها انما هو الرضا بمعنی الاسم المصدری الذی له بقاء فیکون رضی موجودا حدوثا و بقاء فما لم تبین الغبن تکون المعاملة تجارة عن تراض و مشمولة للمستثنی اعنی قوله تعالی إِلاّ أَنْ تَکُونَ تِجارَةً ،من غیر ان نحتاج فی تصحیح ذلک الی الإجماع لیکون ذلک تخصیصا و بعد ظهور الغبن مع عدم رضی المغبون بالعقد یکون مشمولا للمستثنی منه فیحکم بالبطلان و هذا معنی ثبوت الخیار للمغبون.

و فیه انه یرد علیه ما أوردناه أولا علی المصنف من ان لازم ذلک بطلان العقد نفسه من غیر ان یحتاج الی الفسخ أصلا کما لا یخفی مع ان الفقهاء لم یلتزموا بذلک.

ص:294

و ثانیا:ان المراد من التجارة هو المعنی المصدر الذی وجود حدوثا دون المعنی الاسم المصدری الذی له بقاء و الا فلازم ذلک ان یکون له الفسخ فیما إذا ترقت القیمة السوقیة فإن البائع لیس براض یکون العین للمشتری بعد ما ترقت القیمة کما إذا باعها بدینار ثم صارت بدینارین.

و قد استدل علی ثبوت هذا الخیار أیضا بالنبوی الدال علی ثبوت

خیار الغبن للبائع

فیما اشتری فی تلقی الرکبان و لیس ذلک الا من جهة الغبن و لا یفرق فی ذلک بین الموارد أصلا فورود الروایة هنا لا یدل علی الاختصاص بعد القطع بان الخیار للغبن و ان المکاری صار و مغبونین لعلم المتلقین بالسعر و عدم علم المکارین به.

و لکن یرد علیه انه لم یثبت هذا الحدیث و لم یذکر فی الکتب المودعة للروایة و انما هو مذکور من طرف العامة فلا یعلم کونه روایة أصلا و علیه فلا یجبر ضعفه بالشهرة لو قلنا بانجبار ضعف الخبر بالشهرة کما لا یخفی.

و قد استدل أیضا بقوله(صلی الله علیه و آله)لا ضرر و لإضرار فی الإسلام

بل ذکر المصنف ان أقوی ما یستدل به علی ثبوت هذا الخیار حدیث لا ضرر و لا ضرار فی الإسلام بدعوی ان لزوم هذه المعاملة و عدم تسلط المغبون علی الفسخ ضرر علیه و إضرار به فیکون منفیا لان الشارع لم یحکم بحکم ضرری أصلا و لم یسوغ إضرار بعض المسلمین ببعض.

و لکن أشکل علیه بوجهین الأول:عن صاحب الکفایة بأن غایة ما استدل علیه الروایة هو رفع اللزوم و اما ثبوت الخیار بحیث یکون للمغبون حق ثابت فی العقد فلا فلما ذا لا یکون الجواز هنا جواز حکمیا نظیر الجواز

ص:295

فی الهبة و اما ثبوت الحق له بحیث یکون له حق الإسقاط أو انتقاله إلی الورثة بعد الموت و نحو ذلک فلا یستفاد من الروایة و الحاصل ان دلیل نفی الضرر ناظر الی رفع اللزوم الذی نشأ منه الضرر منه و اما إثبات حق یترتب علیه حکمه فلا یتکلفه دلیل نفی الضرر کما هو واضح و یکون الثابت خصوص الجواز الحکمی فقط نظیر الجواز فی الهبة فلا یکون للمغبون حق الاسقاط و حق المصالحة علیه و لا ینتقل الی الوارث.

و فیه انک قد عرفت مرارا انه لا فرق بین الجواز الحکمی و الجواز الحقی بل هما من جنس واحد و حقیقة واحدة و قد جعلها الشارع لأحد المتعاقدین أو کلیهما فی موارد خاصة غایة الأمر قد اعطی السلطنة فی بعض الأحیان لأحدهما بحیث ترتب علیه جمیع آثار الحق الآدمی من الانتقال و النقل بأی نحو کان و لم یرتب علیه ذلک فی بعض الموارد کما فی الهبة،حیث انه لیس للواهب غیر حق الرجوع الی المتهب.

و علیه فان دلیل نفی الضرر انما رفع اللزوم الذی یلزم الضرر من قبله فیکون المرفوع من اللزوم مقدارا یرتفع به الضرر و ح فیکون الخیار فوریا عرفیا بحیث لو لم یعمل خیاره من الفسخ و الإمضاء لمسقط خیاره فیعلم من ذلک انه من الحقوق فیسقط بإسقاط ذی الخیار أیضا و دعوی ثبوت الجواز الذی یکون ثابتا إلی الأبد نظیر الجواز فی الهبة یحتاج إلی العنایة الزائدة فلا دلالة فی دلیل نفی الضرر علیه.

و إذا ثبت کون الجواز الثابت هنا مما یکون اختیاره بید المغبون فله ان یصالح علیه بالمال،و اما انتقاله إلی الورثة فلا یتکفله دلیل نفی الضرر بل لا بد من مقدمة خارجیة لأن عدم انتقال مقدار من مال الموارث إلی الورثة لیس ضررا علیهم بل یقل نفعهم بذلک فلا یشمله دلیل نفی

ص:296

الضرر فنقول انه ورد فی بعض روایات الوصیة انه لا یجوز للمورث الإیصاء علی المال بأزید من الثلث لأنه إضرار للورثة فیعلم من ذلک ان الورثة وجود تنزیل للمورث و قائم مقامه فیکون الغبن علی المورث غبنا علی الورثة فیکون الخیار الثابت له بدلیل نفی الضرر ثابتا للورثة أیضا کما هو واضح.

و أیضا یرد علی صاحب الکفایة ثانیا:انه إلا شبهة فی جواز المعاملة إسقاط جمیع الخیارات بأنه اقدام علی المعاملة علی متاع علی ای نحو کان فی الواقع بحیث لو کان المبیع یسوی فی الواقع بدینار و أقدم المشتری علی شرائه بخمسین دینار علی ان نحو کان فی الواقع بحیث غرضه نفس هذا الشیء لا شبهة فی صحة هذه المعاملة و عدم ثبوت الخیار له بوجه و أوضح من ذلک لو أقدم علی ذلک مع العلم بأنه لا یسوی فی الواقع الا بدینار فإذا صح إسقاط الخیار فی الحدوث صح إسقاطه بقاء بالأولویة کما هو واضح لا یخفی.

و قد أجاب عن ذلک شیخنا الأستاذ بجواب آخر و هو انه لو کان اعتبار التساوی بین الأموال من الشروط الضمنیة فالاستدلال بلا ضرر فی محله لان مفاده ان الحکم الذی ینشأ منه الضرر مرفوع و الحکم بلزوم العقد مع عدم التزام المغبون بالغبن ضرری علیه لانه و ان جهل بالغبن و أقدم بما فیه الضرر الا انه حیث شرط التساوی فهو بالشرط یملک علی المشروط علیه حقا فإذا تخلف الشرط یکون کسائر الشروط المتخلفة التی یوجب تخلفها أو تعذرها الخیار.

و اما لو کان اعتبار التساوی من الأمور البنائیة أو الدواعی التی لا إشارة فی العقد إلیها بنحو من الأنحاء لا مطابقة و لا التزاما فلا وجه

ص:297

للاستدلال بلا ضرر لإثبات الخیار فان الضرر لم ینشأ من حکم الشارع باللزوم بل انما نشأ من إقدام المشتری أو البائع بذلک و لو کان اقدامه عن جهل فإنه حیث تخیل التساوی بین المالین فأقدم علیه فلا یکون ما اقدمه علیه مشمولا لدلیل نفی الضرر فلو کان مجرد الجهل یکون اقدامه ضرریا لحکم بعدم الضمان بدلیل نفی الضرر فیما لو أقدم احد علی إتلاف مال غیره جهلا مع انه لا شبهة فی الضمان ح لأنه أقدم علی إتلاف مال غیره فیکون ضامنا و الحاصل ان مجرد الجهل لا یکون مانعا عن کون الاقدام علی الضرر عن ثبوت الضمان و سببا لشمول دلیل نفی الضرر علیه فهو واضح.

و الجواب عن ذلک اما عن نقضه بباب الضمانات فهو أجنبی عن المقام فان دلیل نفی الضرر لا یشمل ذلک فإنه علی خلاف الامتنان فان شموله له یوجب الضرر علی المالک و قد ذکرنا فی محله ان حدیث لا ضرر لا یشمل الموارد التی علی خلاف الامتنان کما ان بقیة أدلة الرفع لا تشمل الموارد التی علی خلاف الامتنان و هو واضح.

و علی الجملة نفی الضرر عن المتلف لمال الغیر غفلة بحدیث لا ضرر یوجب الضرر علی المالک فیکون علی خلاف الامتنان و قد حقق فی محله انه لا یشمل موارد خلاف الامتنان.

و اما المقام و لو قلنا بعدم الشرط الضمنی بکون القیمتین متساویتین و مع ذلک لا یوجب الاقدام علی هذه المعاملة التی معاملة غبنیة إقدامه علی الضرر حتی لا یثبت له خیار الغبن و ذلک لان المشتری مثلا إنما أقدم علیها باعتقاد ان قیمة العین متساویة مع الثمن و ان لم یکن التساوی فی القیمة مأخوذا فی ضمن العقد و علیه فلو لم یکن العقد لازما لم یتضرر

ص:298

المغبون فیفسخ العقد و لکن حیث حکم الشارع بلزوم العقد فیأتی الضرر من قبل حکم الشارع باللزوم و یکون مرتفعا بدلیل نفی الضرر کما هو واضح.

و علی الجملة فحیث ان المغبون إنما أقدم علی المعاملة باعتقاد التساوی مع عدم تساوی القیمتین فی الواقع فإلزامه علی ذلک ضرری علیه فیکون مرفوعا بحدیث لا ضرر.

ثم انه ناقش المصنف فی الحدیث بأنه یمکن رفع الضرر من غیر ثبوت الخیار بوجهین الأول:ان انتفاء اللزوم و ثبوت التزلزل فی العقد لا یستلزم ثبوت الخیار للمغبون بین الرد و الإمضاء بکل الثمن إذ یحتمل ان یتخیر بین إمضاء العقد بکل الثمن و رده فی المقدار الزائد غایة الأمر ثبوت الخیار للغابن لتبعض المال علیه و یکون ذلک مثل ما اختاره العلامة فی التذکرة و احتمله فی القواعد من انه إذا ظهر کذب البائع مرابحة فی اخباره برأس المال فبذل المقدار الزائد مع ربحه فلا خیار للمشتری فإن مرجع هذا الی تخییر البائع بین رد التفاوت و بین الالتزام بفسخ المشتری.

و یرد علیه انه لا وجه لکون المغبون مخیرا بین إمضاء العقد بکل الثمن و رده فی المقدار الزائد فإن الالتزام بالتقسیط انما یصح إذا أمکن الالتزام بالانحلال و یقال بکون البیع الواحد منحلا الی بیوع عدیدة کبیع ما لا یملک مع ما یملک کالشاة مع الخنزیر و کبیع مال نفسه مع مال غیره فان فی أمثال ذلک یلتزم بصحة البیع فیما یملک أو فی المملوک و ببطلانه فی ما لا یملک و غیر المملوک غایة الأمر یثبت للمشتری خیار تبعض الصفقة لو کانت الهیئة الاجتماعیة دخیلة فی المالیة و الا فلا یلزم محذور أصلا و الوجه فیه هو ان البیع و ان کان واحدا و لکنه بحسب الحقیقة بیوع

ص:299

متعددة حسب تعدد المبیع و هذا واضح.

و اما فی المقام لا یمکن ذلک لعدم الانحلال هنا حتی یلتزم برد بعضه و إمضاء بعضه الآخر لان المبیع هنا واحد و البیع واحد و قد وقع البیع علی المثمن بثمن خاص و هو دینارین مثلا و قد کان ثمنه فی الواقع دینارا واحدا فلو التزمنا بما ذکره المصنف و قلنا بجواز رد التفاوت للزم القول بإمضاء الشارع غیر ما أنشأه المتعاقدان فإن البائع أنشأ بیع ماله بدینارین فإمضاء الشارع ذلک بدینار واحد کما هو معنی رد التفاوت و إمضاء لما لم ینشأه البائع فلا یکون ما إمضاء منشئا و ما یکون منشئا لیس بممضی و کم فرق بین المقامین.

و اما ما ذکره من تنظیر المقام ببیع المرابحة من انه مع کذب البائع من اخباره برأس المال بأن أخبر أنه دینار اخبار بربح نصف دینار فظهر انه کان نصف دینار فربح دینارا فأیضا لا یرتبط بالمقام و ذلک فان فی المقام قد إنشاء البیع علی مبیع جعل ثمنه دینارین فالالتزام بکونه دینارا التزام یکون ما إنشاء الشارع غیر منشأ کما عرفت و لیس کذلک فی بیع المرابحة فإن المعاملة قد جری علی المتاع بثمن اشتراه البائع واقعا مع ربح معلوم فظهور کذب البائع فی اخباره برأس المال و جواز رجوع المشتری الی التفاوت لا یوجب الالتزام بکون الممضی غیر المنشأ بل هو فی الحقیقة رجوع إلی الزائد من الثمن الذی أخذه البائع من المشتری.

و بعبارة اخری ان البیع فی بیع المرابحة انما وقع علی الثمن الذی اشتری به البائع من شخص آخر مع ربح معلوم و هما ثمن من الواقع و تطبیقه علی الزائد عن ذلک من جهة کذب البائع فی اخباره فیکون نظیر خطائه فی الاخبار فیکون ذلک من باب الخطاء فی التطبیق فلا یجوز

ص:300

رجوعه بالتفاوت هنا بالبیع أصلا نعم یکون المقام نظیر بیع المرابحة لو قال البائع للمشتری انّما أبیعک هذا المتاع بالقیمة السّوقیة و هی دینارین مع کونها دینارا واحدا.

ثمّ انّه ذکر المصنف احتمالا آخر لعدم ثبوت الخیار بدلیل نفی الضرر بدعوی أنه یمکن أن یکون نفی اللزوم بتسلط المغبون علی إلزام الغابن بأحد الأمرین من الفسخ فی الکل و من تدارک ما فات علی المغبون برد القدر الزائد أو بدله و مرجعه الی أن للمغبون الفسخ إذا لم یبذل الغابن التفاوت فالمبذول غرامة لما فات علی المغبون علی تقدیر إمضاء البیع لا هبة مستقلة کما فی الإیضاح و جامع المقاصد.

و یرد علیه أنه لا ملزم لذلک فإنه بعد صحة البیع کما هو المشهور بل المجمع علیه حیث لم یستشکل أحد فی هذا البیع فبأی ملزم یغرم البائع فهل هنا موجب للضمان و الغرامة من الید و الإتلاف غایة الأمر أن للمشتری مطالبة التفاوت من القیمة المتعارفة و أما قبل المطالبة فلا شیء للبائع أن الغابن أصلا،افرض أن المغبون لم یلتفت بالغبن حتی مات فهل یتوهم أحد أن یکون البائع مشغول الذمة للمشتری المغبون أو یکون البیع باطلا و کیف کان فلا نعرف وجها للغرامة أصلا.و من هنا التزم الفخر و المحقق الثانی و شیخنا الأستاذ بکون المأخوذ هبة مستقلة لعدم ارتباطه بالمعاملة أصلا و علی الجملة لا نعرف وجها لمنع التمسک بدلیل نفی الضرر بشیء من هذین الوجهین الذین ذکرهما المصنف.

و الذی ینبغی أن یقال أنه لو جاز التمسک بحدیث نفی الضرر فلازمه بطلان العقد لا ثبوت خیار الغبن و ذلک لان الضرر انما یلزم من جهة الحکم بصحة العقد و اللزوم انما هو لزوم الضرر لا أن الضرر یلزم من

ص:301

ناحیة اللزوم و من الواضح أن دلیل نفی الضرر انما هو ناظر الی رفع الحکم الضرری فقط و لا یکون ناظرا إلی إثبات الخیار بدعوی أن الضرر یرتفع برفع اللزوم و ثبوت الخیار،فان حدیث لا ضرر لا یتکفل بإثبات الحکم و انما هو یرفع الحکم الضرری و هو صحة العقد کما عرفت فیکون العقد باطلا.

و لکن ذلک مخالف للإجماع و الضرورة فإنه لو کانت المعاملة الغبنیة باطلة لبان و ظهر کظهور حرمة الربا فان وجود الغبن فی المعاملات بین المسلمین من الکثرة بمکان مع أنه لم یسمع من فقیه أن یلتزم بذلک فیکون خروج المعاملة الغبنیة عن مورد الإجماع بالتخصیص.

علی أن حدیث نفی الضرر انما ورد فی مقام الامتنان و من الواضح أن شموله فی المقام بحیث یحکم ببطلان المعاملة الغبنیة خلاف الامتنان لأنه ورد فی مقام الامتنان لجمیع الأمة و من الواضح أنه علی خلاف الامتنان علی البائع فإن الحکم بکون هذه المعاملة باطلة یوجب ضرره و لو من جهة فوت المنفعة من کیسه فتکون هذه المعاملة خارجة عن حدیث لا ضرر تخصصا و هو واضح.

ثم انه استدل علی بطلان المعاملة الغبنیة بجملة من الروایات

الناهیة عن حرمة الغبن

و فی بعضها الغبن من السحت و قد ذکرها المصنف فی المتن.

و فیه أن الظاهر من غیر روایة عمار المتضمنة لکون غبن المسترسل سحتا هو التحریم التکلیفی فلا دلالة فیها علی الحرمة الوضعیة و یمکن أن یراد منها حرمة الغبن بفتح الباء فیکون من الخیانة فی الرأی و المشاورة فإنه من المحرمات فتکون مثل الروایات الدالة علی حرمة خیانة المؤمن.

ص:302

و أما روایة عمار فذکر المصنف أنها و ان کانت ظاهرة فیما یتعلق بالأموال لکن یحتمل حینئذ أن یراد کون الغابن بمنزلة أکل السحت فی استحقاق العقاب علی أصل العمل و هی الخدیعة فی أخذ المال و یحتمل أن یراد المقدار الذی بأخذه زائد علی ما یستحقه بمنزلة السحت فی الحرمة و الضمان و یحتمل ارادة کون مجموع العوض المشتمل علی الزیادة بمنزلة السحت فی تحریم الأکل فی صورة خاصة و هی إطلاق المغبون و رده للمعاملة المغبون فیها ثم ذکر أن الحمل علی أحد الأولین أولی و لا أقل من المساواة للثالث و لکن ما ذکره المصنف من الحملین الأولین بعید.

أقول:لا شبهة أن السحت یطلق علی المال الحرم و علی نفس الحرام أیضا فی اللغة و من الأول ما ورد فی الروایات الکثیرة التی تقدمت فی المکاسب المحرمة کقولهم(علیه السلام)ثمن الخمر سحت و ثمن العذرة سحت و أجور الفواجر سحت و السحت أقسام کثیرة منها الرشوة و هکذا.

و من الواضح أن کون الغبن من السحت إنما یلائم المعنی الثانی أعنی نفس الحرام فإنه هو الفعل أعنی أخذ الزیادة فی المعاملة و یمکن أن یراد منه الغبن بفتح الباء فیکون المراد منه الخیانة أی الخیانة سحت و قد ورد النهی عن خیانة المؤمن فی روایات کثیرة و کیف کان فتکون هذه الروایات کالروایات الأخری فلا تکون لها خصوصیة.

قوله مسألة یشترط فی هذا الخیار أمران

اشارة

أقول:قد أشرنا فیما سبق إلی أنه یشترط فی خیار الغبن أمران

الأول جهل المغبون بالتفاوت

و الثانی عدم کون التفاوت مما یتسامح أما الأول فلا شبهة فی أنه لا یثبت الخیار مع علم المغبون بتفاوت القیمة و کذا ما یقوم مقام العلم من الاطمئنان

ص:303

فإنه مع ذلک قد أقدم علی الضرر و لا یثبت الخیار له مع اقدامه علیه من دون فرق فی ذلک بین ما إذا کان مدرک هذا الخیار هو دلیل نفی الضرر أو الشرط الضمنی فإنهما ینتفیان مع الاقدام علی المعاملة مع العلم بالتفاوت.

و کذلک لا شبهة فی عدم ثبوت الخیار له إذا لم یعلم بالتفاوت و لم یکن مطمئنا بعدمه بل کان شاکا فیه و محتملا لذلک و لکن یقدم علی المعاملة علی أی تقدیر بمعنی أنه یشتری المتاع سواء کانت قیمته متساویة للقیمة السوقیة أم لا بحیث لا یتسامح فإنه ح لا یثبت الخیار له إذ هو قد أقدم علی الضرر علی تقدیر تفاوت القیمة و لیس المراد من اقدامه علی الضرر اقدامه علی المعاملة بأن یقال:حیث ان المشتری قد أقدم علی البیع فقد أقدم علی الضرر المتحقق فیه أیضا و ذلک لان الإقدام بالبیع لا یستلزم الاقدام علی الضرر لانه یمکن أن یقدم علی البیع الخیاری فإذا شاهد الضرر و الغبن فیه یفسخ المعاملة بل المراد اقدامه علی نفی الضرر ای یقدم علی المعاملة علی تقدیر الضرر فیه کما إذا صرح بأنی أقدم علی هذه المعاملة بأی قیمة کان المبیع فی السوق و لو کان التفاوت بمقدار لا یتسامح فإنه لا یکون هنا أیضا خیار للمغبون من الأول مع ظهور الغبن أنه کان له الخیار فیسقط و لا یفرق فی ذلک أیضا بین کون المدرک هو دلیل نفی الضرر أو الشرط الضمنی.

و قد ذکرنا سابقا أن ثبوت الخیار فی موارد تخلف الشرط انما هو من جهة انتفاء الملتزم به حیث قلنا ان الوقوف علی الالتزام من قبل المشروط له متوقف علی وقوف المشروط علیه علی التزامه بحیث لا یتخلف الملتزم به عن واقعه و إذا تخلف ثبت له الخیار و أما إذا لم یکن هنا

ص:304

التزام و ملتزم بحیث یتوقف علیه التزام المشتری فلا موضوع لتخلف الشرط أصلا فضلا عن ثبوت الخیار مع التخلف کما لا یخفی.

و فی المقام بعد ما فرضنا أن المشتری إنما أقدم علی المعاملة علی ای نحو اتفق و بأی قیمة کان المبیع فی السوق فقد أقدم علیها مطلقا بلا توقف وقوفه علیها علی تحقق الملتزم به من البائع فلا یکون هنا خیار من ناحیة التخلف إذ لیس هنا شرط ضمنی حتی یقع التخلف فیه و هو واضح هذا کله لا شبهة فیه و انما الکلام فی ثبوت الخیار و عدمه مع الشک فی عدم تساوی قیمة المبیع مع الثمن مع الظن الغیر المعتبر بالتساوی مع عدم اقدامه علی المعاملة علی ای تقدیر بالمعنی الذی ذکرناه فهل یثبت الخیار حینئذ للمشتری أم لا الظاهر انه لا شبهة فی ثبوت الخیار فی جمیع صور الشک من غیر فرق بین کون المدرک هو دلیل نفی الضرر أو الشرط الضمنی وفاقا للمصنف و لشیخنا الأستاذ.

و الوجه فی ذلک ان المشتری لم یقدم علی الضرر حتی مع الظن بالتساوی بل معتمدا علی الشرط الضمنی و هو تساوی العوضین فی القیمة و لذا ربما یبنی علی الفسخ مع ظهور عدم التساوی فالإقدام علی المعاملة مع ظن التساوی و الشک أو الاحتمال فی عدم التساوی یثبت له خیار الغبن مع الغبن سواء کان المدرک هو دلیل نفی الضرر أو الشرط الضمنی.

بل الأمر کذلک مع الظن بالتفاوت إذا لم یکن الظن معتبرا فان ذلک کله لا یوجب انه قد أقدم علی الضرر فإنه مع ذلک یحتمل عدم الضرر و یقدم علیه و علیه فالشرط الضمنی أعنی اشتراط تساوی العوضین فی المالیة موجود فیثبت الخیار مع التخلف و کذلک یجری دلیل لا ضرر

ص:305

بناء علی کونه دلیل ذلک الخیار.و لا شبهة ان بناء العقلاء و ارتکازهم علی هذا حتی من غیر المتشرعة و لذا یثبت هذا الخیار فیما إذا عامل یهودی مع نصرانی فغبن أحدهما الآخر فإنه یثبت خیار الغبن فی ذلک فان بناء العقلاء کان موجودا علی تساوی العوضین و ان لم یذکر صریحا فمع التخلف یثبت الخیار ما لم یقم دلیل معتبر علی خلاف بناء العقلاء و من الواضح ان الظن بالتفاوت أو احتماله أو الشک فیه لا یقاوم بناء العقلاء و لا یکون قرینة لرفع الشرط الضمنی و لا یصح اقدام هذا الشخص علی الضرر بمجرد ظنه و شکه و وهمه و هو واضح لا شبهة فیه.

نعم قد یکون الاقدام علی الفعل مع الشک و الاحتمال مصححا للوم و الذم بل الضامن و یحکم علیه بالمؤاخذة فی المحاکمات العرفیة فیما إذا کان الفعل مما اهتم الشارع بعدم وقوعه بحیث یکون المورد مورد الاحتیاط لکثرة اهتمام الشارع بالحفظ کما إذا رئی احد شبحا من بعید و شک فی کونه إنسانا أو غیر إنسان أو احتمل کونه إنسانا فأرسل إلیه بندقة فقتله فبان أنه إنسان محقون الدم فإنه یذم فی المحاکم العرفیة بلا شبهة بل یعزر لو لم یحد و یقتل قصاصا و یؤخذ منه الدیة و کذا لو أوقع احد بالماء مزاحا بزعم انه لیس بعمیق مع احتمال کونه عمیقا یغرق الواقع فیه إذا لم یحسن السباحة و علم الموقع ان من أوقعه علیه لا یحسن السباحة فإنه لا شبهة فی کونه مؤاخذا ح فی المحاکم العرفیة و ان لم یؤخذ فی المحکمة الشرعیة نعم یترتب علیه حکم القتل الخطئی و الوجه فی ترتب الضرر علی الاقدام مع الشک و الاحتمال فی أمثال ذلک کون الموارد مما اهتم الشارع بحفظه و کونه مما یجب فیه الاحتیاط و لذا یترتب علیها الحکم مع الإقدام فی حال الشک أیضا و هذا بخلاف ما نحن فیه کما عرفت.

ص:306

و الحاصل انه فرق بین المقام و بین الموارد المذکورة فان فی الموارد المذکورة قد تنجز الواقع فلا یجوز الاقدام علیها الا مع وجود المعذر و الحجة الشرعیة من الامارات و الأصول و الا فمجرد احتمال ترتب قتل النفس المحترمة علی الفعل یتنجز التکلیف و یحکم بعدم الجواز و هذا بخلاف المقام فان الواقع لم یتنجز فالشرط الضمنی موجود ما لم یقم دلیل علی رفع الید فمقامنا عکس الموارد المذکورة حیث ان الاقدام علی الضرر لا یتحقق الا مع قیام دلیل شرعی علیه فإذا أقدم علی معاملة و لو مع ظن عدم التساوی لا یوجب ذلک رفع الید عن الشرط الضمنی لعدم کون الظن حجة شرعیة.

ثم انه لو اعتقد المشتری عدم کون قیمة هذا المتاع مساویا مع-

القیمة السوقیة و مع ذلک قد أقدم علیه و ظهر التفاوت بأزید مما اعتقده

فهل یتحقق خیار الغبن فی ذلک أم لا فصور المسألة أربعة

الاولی ان

یکون ما اعتقده من زیادة بما یتسامح و مع ذلک أقدم علیه

و لم یعرض عنه لزعم عدم اتحاد قیمة الأمتعة فی الأسواق فإنه فلما یوجد شیء تتحد قیمته فی الأسواق بل الدکاکین فی الأسواق مختلفة فإن بعض الناس یأخذ الربح الکثیر و بعضهم یقنع بالقلیل لقلة مخارجة أو قلة طمعه أو کثرة منافعه و بعضهم لا یقنع بالقلیل لعکس الأمور المذکورة فإذا عامل مع هذا الاعتقاد لعلمه هذا باختلاف قیم الأشیاء فظهر التفاوت بأزید مما اعتقده بما لا یتسامح بان اشتری شیئا بدینار مع اعتقاده بکون قیمته أقل من الدینار بدرهم و مع ذلک ظهر التفاوت بأربع مائة فلس و من الواضح ان الدرهم فی الدینار مما یتسامح و لکن الثلث مائة و خمسین مما لا یتسامح.

الصورة الثانیة:ان یعتقد التفاوت بما لا یتسامح

فظهر التفاوت

ص:307

أزید منه بما لا یتسامح أیضا کما إذا اعتقد ان قیمة المبیع عشرة دنانیر فی السوق و أقدم علی شرائه بأربعة عشر دینار فظهر ان قیمته لا یسوی إلا ستة دنانیر فإنه لا شبهة فی ثبوت خیار الغبن فی هذین الصورتین بلا شبهة لان ما أقدم علیه من الضرر غیر الضرر الذی لم یقدمه و من الواضح ان ما لم یقدمه ضرر غیر متسامح فیوجب خیار الغبن و لا یفرق فی ذلک أیضا بین القول بان مدرک خیار الغبن هو الشرط الضمنی أو دلیل نفی الضرر کما هو واضح.

الثالثة ان یقدم علی ما یتسامح به فبان أزید مما لا یتسامح بالمجموع

منه

و من المعلوم و قد ذکر المصنف و شیخنا الأستاذ انه یثبت الخیار فی هذه الصورة أیضا فإن ما اقدمه المغبون و ان کان مما یتسامح کالدرهم فی الدینار و الوجه فیه ان ما اقدمه و ان کان مما یتسامح و به و لکن المجموع لیس مما یتسامح به و لم یقدم علیه المشتری فیکون التفاوت بذلک موجبا للخیار و بعبارة اخری ان ما اقدمه من الضرر الذی یتسامح به لم یلاحظ بشرط لا بحیث یلاحظ ما یظهر من التفاوت الذی لم یقدم علیه مما یتسامح أیضا بشرط لا و هکذا حتی یجری علیه حکم ما یتسامح بل المراد مما أقدم علیه مما یتسامح یلاحظ لا بشرط فإذا انضم الی تفاوت آخر الذی لم یقدم علیه مع کونه مما یتسامح یکون المجموع مما لا یتسامح و هو ضرر لم یقدم علیه المغبون فیثبت له الخیار من غیر فرق بین کون المدرک هو دلیل نفی الضرر أو الشرط الضمنی کما هو واضح و لو لا ذلک للزوم عدم ثبوت الخیار علی هذا النحو.

الرابعة:الإقدام علی ما لا یتسامح فبان أزید بما یتسامح به

منفردا

فذکر المصنف ثبوت الخیار هنا أیضا و لکن شیخنا الأستاذ قوی

ص:308

عدم ثبوت فی هذه الصورة و ذکر انه لا یقاس علی الصورة الأولی لأن فی الصورة الأولی موجب الخیار و هو المجموع لم یقدم علیه و ما أقدم علیه لم یکن موجبا للخیار و فی المقام أقدم علی ما یوجبه و ما لم یقدمه لا یکون موجبا للخیار.

و لکن الظاهر ثبوت الخیار فی هذه الصورة أیضا و ذلک لان ما اقدمه مما لا یتسامح لا یوجب علی اقدمه علی کل مرتبة من الضرر و من الواضح ان المرتبة التی ظهرت بعد الاقدام مما لا یتسامح و ان کان التفاوت بین ما اقدمه و ما لم یقدمه مما یتسامح.

و بعبارة أخری بحیث یظهر وجه ثبوت الخیار هنا ان ظهور التفاوت بین ما اقدمه المتعامل و بین القیمة السوقیة لا یوجب الخیار بلا شبهة و هو واضح فالمراد من التفاوت مما یتسامح هو هذا ای ما یکون تفاوت قیمة المبیع مما أقدم علیها المشتری من القیمة السوقیة و اما فی غیر المتسامح فالشرط الضمنی موجود بثبوت الخیار للمغبون و حیث انه أقدم علی مرتبة من الضرر و هو لا یوجب الخیار و لکن لا یلزم منه الاقدام علی مرتبة اخری منه أیضا و ان کان التفاوت بین الضررین مما یتسامح فان التفاوت بما یتسامح انما یکون معفوا فی أصل ظهور التفاوت بین أصل قیمة المبیع و بین ما اقدمه المشتری لا بین ما اقدمه من الضرر و ما لم یقدمه فالشرط الضمنی باق علی حاله فیثبت للمغبون الخیار.

ثم ان المراد من متساوی القیمة حال العقد أو بعده ذکر المصنف ان المعتبر القیمة حال العقد فلو زادت بعده و لو قبل اطلاع المغبون علی النقصان حین العقد لم ینفع لأن الزیادة إنما حصلت فی ملکه و المعاملة وقعت علی الغبن.

ص:309

ثم احتمل عدم الخیار بدعوی ان التدارک حصل قبل الرد فلا یثبت المراد المشروع لتدارک الضرر کما لو برء المعیوب قبل الاطلاع علی عیبه بل مهما زال العیب قبل العلم أو بعده قبل الرد سقط حق الرد ثم ذکر و أشکل منه ما لو توقف الملک علی القبض فارتفع الغبن قبله لان الملک قد انتقل الیه ح من دون نقص فی قیمته نعم لو قلنا بوجوب التقابض بمجرد العقد کما صرح به العلامة فی الصرف یثبت الخیار لثبوت الضرر بوجوب إقباض الزائد فی مقابلة الناقص.

أقول ان ما احتمله المصنف ثانیا من عدم ثبوت الخیار فهو متین بناء علی کون مدرک خیار الغبن هو دلیل نفی الضرر فی الإسلام فإنه قد ارتفع بزیادة القیمة أو بنقصانها و بعده لا خیار لأحدهما کما هو واضح لارتفاع الضرر الذی یدور الحکم بثبوت الخیار مداره.

و بعبارة اخری ان الحکم انما هو تابع لثبوت موضوعه فکلما ثبت الموضوع ثبت الحکم و الا فلا فاستمرار الحکم تابع لاستمرار الموضوع و حیث ان مدرک ثبوت خیار الغبن هو دلیل نفی الضرر یقتضی دوران الحکم مدار الضرر وجودا و عدما فما دام هو موجود فیکون الخیار ثابتا و الا فیرتفع بارتفاعه سواء کان الارتفاع قبل العلم به أو بعده ما لم یرد العقد و لم یعمل خیاره و هو واضح فیما ذکره المصنف فی بیع الصرف و السلم مما اعتبر القبض فی حصول الملکیة إذ لم یحصل الملک حتی یتحقق الضرر و یوجب ذلک شمول دلیل الضرر علیه کما هو واضح الا علی ما ذکره العلامة من وجوب الإقباض و هو کما تری.

و اما إذا کان المدرک لخیار الغبن هو الشرط الضمنی کما هو الموافق للتحقیق فلا بد حینئذ و ان یلاحظ ان الشرط الذی اشترط فی

ص:310

ضمن العقد أعنی تساوی القیمتین أی مقدار من التساوی من حیث الزمان فهل المراد منه التفاوت الموجب للخیار هو التفاوت المستمر أی یکون العوضین متفاوتین فی عمود الزمان و طوله بحیث لو حصل التساوی فی آن من الآنات لسقط الخیار أو المراد منه هو التفاوت حال القبض بحیث لا اعتبار بالتفاوت قبله أو بعده أو المراد من التفاوت الموجب لسقوط الخیار هو التفاوت حال العقد کما هو الظاهر.

ان کان المراد من التفاوت الموجب لسقوط الخیار هو الشق الأول فلا شبهة فی سقوط الخیار فی أن زمان حصل التساوی بین العوضین من حیث القیمة لحصول الشرط الذی هو تساوی القیمتین فی أی وقت من الأوقات فی عمود الزمان و طوله و هو واضح و بعبارة اخری ان المتعاقدین انّما اشترطا التساوی بین العوضین فی المالیة فی أی وقت من الأوقات بحیث لو حصل ذلک و تحقق حال البیع أو بعده من أی وقت کان حصل الشرط و کفی ذلک فی صحة المعاملة و أما لو لم یحصل ذلک بل کان التفاوت بین العوضین مستمرا إلی الأبد فهو یوجب الخیار کما هو واضح و لکن هذا مخالف للإجماع و الضرورة و الارتکاز العقلائی و قد ادعی المصنف قیام الإجماع علی عدم الاعتناء بالزیادة و النقصان بعد العقد و هذا الإجماع و ان کان یبعد کونه تعبدیّا و لکنّه موافق للارتکاز و خلاف بناء العقلاء فان هذا الشرط الذی ذکرناه انّما هو بحسب بناء العقلاء فلا یثبت البناء فی مثل ذلک کما هو واضح.

و أما التفاوت حال التقابض بأن کان ما یوجب الخیار هو التفاوت حال القبض دون غیره فلا خیار لو کان التفاوت بعد ذلک أو قبله و هذا مناف لما ذکره المصنف فی الفرع الآتی من أنه لو ثبتت الزیادة أو النقیصة

ص:311

بعد العقد فإنه لا عبرة بما إجماعا کما فی التذکرة فإن الظاهر أن الفرعین من واد واحد کما ذکره المصنف و بیان ذلک أنه إذا کان التفاوت الذی یوجب الخیار و هو التفاوت حال العقد بحیث یکون الشرط الضمنی هو التساوی حال العقد فیکون التفاوت عنده موجبا لتخلف الشرط و ثبوت الخیار بالتخلف فلازم ذلک ان لا یفید حصول التساوی بعد العقد و لو کان ذلک عند القبض فلا یکون ذلک موجبا لسقوط خیار المغبون الثابت بتخلف شرط حین العقد و علیه فلا مجال لما ذکره المصنف من عدم ثبوت الخیار ای سقوط الخیار بالتدارک الحاصل بعد العقد سواء کان ذلک قبل العلم بالتفاوت أو بعده و هو واضح و ان کان المناط فی ثبوت الخیار هو التفاوت و التساوی حال القبض بحیث لو کان العوضان متفاوتین حال العقد و لکن حصل التساوی حال العقد أو کانا عند العقد متساویین و لکن حصل التفاوت حال القبض ثبت الخیار فی الثانی و ارتفع الخیار فی الأول کان لما ذکره المصنف فی الفرع الأول و هو ما کان العوضان عند العقد متفاوتین و حصل التساوی و بعد ذلک وجه و لکنه مخالف لما ذکره بعد ذلک فی الفرع الثانی و هو حصول الزیادة و النقصان بعد العقد بان کان التساوی حین العقد حاصلا و حصلت الزیادة أو النقیصة بعد ذلک حیث قال لا عبرة بهما إجماعا و کیف فلا یمکن التفریق بین الفرعین بل هما من واد واحد و علیه فلا وجه لما أسر به شیخنا الأستاذ من الفرق بین المقامین فراجع کلامه.

و الظاهر ان المناط فی الشرط الضمنی هو حال العقد و یتضح ذلک بضم احد الفرعین بالآخر و الإجماع الذی ذکره المصنف فی الفرع الثانی و ان لم یکن إجماعا تعبدیا لبعده کما هو واضح و لکنه موافق للارتکاز

ص:312

کما ذکرناه آنفا فان بناء العقلاء و ارتکازهم انّما قام علی کون العوضین متساویین حال العقد و یتضح ذلک بملاحظة حال التجار حیث یربحون فی المعاملات أو یخسرون فیها بعد العقد و یغبن احد المتبایعین و یربح الآخر من غیر ان یدعی أحدهما الغبن و یدعی ثبوت الخیار لنفسه و لیس ذلک الا من جهة عدم ثبوت الخیار له و عدم بناء العقلاء و ارتکاز هم علی ذلک بعد العقد بل هو کذلک عند العقد.

و الحاصل انه ان کان المراد مما هو شرط فی ضمن العقد من اشتراط تساوی القیمتین هو التساوی المستمر أو التساوی حال العقد و هو مخالف للإجماع فإنه قائم علی عدم الاعتناء بالزیادة و النقصان بعد العقد فان الظاهر ان الفرعین من واد واحد فإنه لو کان التساوی المستمر شرطا أو التساوی حال القبض شرطا فحصلت الزیادة و النقصان بعد العقد یکون هذا داخلا تحت الإجماع بأنه لا اعتناء بالزیادة و النقصان بعد العقد ای ما یحصل بعده فیکون داخلا تحت هذا الإجماع مع ان المصنف تسلم عدم الاعتناء بالثانی مدعیا الإجماع علیه و التزم بجوازه حتی تدارک الضرر فی الأول و قد عرفت عدم الفرق بینهما و لا یفرق فی ذلک بین کون المدرک هو دلیل نفی الضرر أو الشرط الضمنی العقدی و الظاهر ان المراد من التساوی و هو التساوی حال العقد و ما یوجب الخیار من التفاوت حاله و یدل علی ذلک ما هو المرتکز بین العقلاء و یتضح ذلک من ضم الفرع الثانی إلی الأول و ملاحظة عدم الفرق بینهما و ان ما ادعی علیه الإجماع فی الفرق الثانی هو الارتکاز إذ من البعید ان یکون المراد من ذلک الإجماع التعبدی و هو واضح.

و اما الوکیل فان کان وکیلا فی مجرّد إجراء الصیغة فهو خارج عن

ص:313

المقام فإنه لیس الا آلة محضة و لیس له شأن ممّا یرجع الی البیع حتی یتکلّم فی ثبوت الخیار له و عدمه و انّما البائع هو الموکل بلسان الوکیل الذی یجری الصیغة کما هو واضح و قد تقدم تفصیل ذلک فی خیار المجلس و ان کان وکیلا فی أمر البیع أیضا بأن یکون وکیلا مفوضا فی البیع بحیث له ان یبیع المتاع من ای شخص شاء و کیف یشاء و لکن ینتهی أمد وکالته إلی تمامیة البیع و بعد ذلک لیس له وکالة و الظاهر انه لا یثبت له الخیار فی هذا الصورة أیضا لو ظهر غبن فی المعاملة فإن الوکیل و ان کان بائعا حقیقة و لکن الخیار انما ثبت بدلیل الشرط الضمنی لمن کان مغبونا فی المعاملة و من الواضح ان المغبون انّما هو الموکل و لیس للوکیل بشیء من أمر البیع بعد تمامیة البیع فضلا عن ان یکون مغبونا أو غیر مغبون و اما ثبوت خیار المجلس لمثل هذا الوکیل فی خیار المجلس فإنما هو من جهة النّص الدّال علی ان البیع بالخیار ما لم یفترق و من الواضح ان هذا القسم من الوکیل یصدق علیه البائع فلا یقاس بالمقام کما هو واضح.

نعم لو کان وکیلا مفوضا حتی بعد البیع أیضا بحیث یکون أمر البیع راجعا الیه حتی بعد البیع و یکون أمر المال راجعا الیه کالعامل فی القراض مثلا فلا شبهة فی ثبوت خیار الغبن له ح بالشرط الضمن کما هو واضح و اما الوکیل فی خصوص أمر الخیار بان یکون وکیلا فی اعمال الخیار الثابت للمغبون فهو أمر آخر غیر ما نحن فیه و کلا منا فی ثبوت الخیار له ابتداء بالشرط الضمنی کما هو واضح.

ثم انه لو اطلع الموکل علی معاملة الوکیل و یری انه یعامل بأقل من قیمة المثل فهل یکون اطلاعه تقریرا للبیع و لا یثبت الخیار له ح أم لا

ص:314

فربما یظهر من المصنف و غیره عدمه و لکن الظاهر انه لیس کذلک و ذلک لأنه ان الوکیل وکیلا عن الموکل بالبیع علی التساوی فقط دون غیره فلا شبهة انه کان البیع ح فضولیّا لان الوکیل انّما هو وکیل فی مجرّد البیع مع تساوی العوضین دون غیره فإن أجاز الموکل صح البیع و الا فلا و ان کان وکیلا علی نحو الإطلاق فلا شبهة فی ثبوت الخیار للموکل حیث ان اطلاعه علی المعاملة لا یوجب سقوط الخیار فإن اطلاعه علیه کاطلاعه علی ان الوکیل یعامل معاملة و شرط فیه الخیار للموکل غایة الأمر ان الاشتراط فی المقام ضمنی فهل اطلاع الموکل علی إیجاب الوکیل معاملة خیاریة له یوجب سقوط خیاره و هذا واضح جدا.

قوله ثمّ ان الجهل انّما یثبت باعتراف الغابن أقول ان اعترف الغابن بالغبن أو ان المغبون اقام بینة علیه فلا شبهة فی ثبوت خیار الغبن ح و اما إذا لم یعترف الغابن بذلک أو لم یتمکن المغبون من اقامة البینة فهل لنا طریق إلی إثبات الخیار أم لا فشقوق المسألة ثلثة.

الأوّل ان یکون الاختلاف فی أصل زیادة الثمن و نقصانها سواء المنشأ فی ذلک هو زیادة الثمن و نقصانه أو الاختلاف فی التغیر أو فی المکان أو فی زمان العقد بان یدعی المغبون ان العقد قد وقع علی المتاع فی مکان فلانی الذی کانت القیمة فیه أقل من القیمة السوقیة و یقول الغابن بل وقع العقد علیه فی مکان فلانی فالقیمة فیه مساویة مع القیمة السوقیة فلا غبن فیه.

الثانی ان یکون الاختلاف فیه من جهة العلم و الجهل بان یدعی الغابن علم المغبون بالقیمة و ینکره المغبون مع الاتفاق بالتفاوت و هنا صورة ثالثة قد تعرض لها المصنف فی الأمر الثانی و سنتعرض لها هناک

ص:315

اما الاختلاف فی العلم و الجهل فقد ذکر المصنف وجهین فی ثبوت الخیار للمغبون.

الوجه الأول انّه مع الجهل بأن المشتری عالم بذلک أو غیر عالم فالأصل عدم العلم فحیث ان الغبن ثابت بالوجدان فیکون عدم العلم أیضا ثابتا بالأصل فیتم موضوع الخیار للمغبون فیحکم بثبوت الخیار له و هو واضح.

الوجه الثانی ما ذکره فی أثناء کلامه من ان کون المشتری عالما بقیمة المبیع أو غیر عالم بها لا یعلم الاّ من قبله فعلیه و یعسر له إقامة البینة علی ذلک ای علی جهله مع انه لا یمکن للغابن أیضا الحلف علی علم المغبون بالحال لجهل الغابن بالحال ثمّ أمر بالتأمل.

و یمکن المناقشة فی کلا الوجهین اما الثانی فباب المناقشة فیه واسع و ذلک إذ لا وجه لمنع انه لا یمکن إقامة البینة للمغبون علی جهلة فإنّه کسائر الأوصاف النفسانیة التی یمکن له إقامة البینة علیها و لو باعتبار آثارها و کذلک لا وجه لمنعه من حلف الغابن علی علم المغبون بداهة انّه کثیرا ما یطلع علیه بالمجالسة و الممارسة کما هو واضح علی انه لا وجه لهذه الکبری ای ان کل ما یعسر إقامة البینة علیه فیقبل من المدعی إذ لا دلیل علیه بوجه أصلا کما سیأتی.

و اما الوجه الأول فأصالة عدم العلم لا فائدة لها إذ العلم أو الجهل لیسا موضوعین للخیار و عدمه فلو بدّل أصالة عدم العلم بأصالة عدم الاقدام علی الضرر لکان حسنا فان الضرر انّما هو موضوع الخیار فالإقدام مزیل له فأصالة عدم الاقدام علی الضرر یثبت موضوع الخیار إذا الجزء الآخر و هو الغبن محرز بالوجدان و اما العلم و الجهل فلا

ص:316

یترتب علیهما الأثر بوجه الاّ من جهة ان العلم من مقدمات عدم الاقدام علی الضرر و الجهل من مقدمات الاقدام علی الضرر و لا یکون أصالة عدم الاقدام علی الضرر مثبتا و توضیح ذلک ان الشرط الضمنی موجود فی کل معاملة بتساوی القیمتین سواء کانا ملتفتین بذلک أم لا و قد جرت المعاملة علی الأشیاء بهذا الشرط و إذا شککنا فی ان المغبون هل أقدم علی المعاملة مع العلم بعدم التساوی بحیث یکون اقدامه علی الضرر مزیلا لهذا الشرط فالأصل عدمه ای عدم اقدامه علی ذلک فیکون الشرط باقیا علی حاله مع کون الضرر وجدانیا فلا یترتب ثبوت الشرط علی الأصل بل الشرط ثابت ببناء العقلاء(علی انا نشک فی اعتبار الملکیة بعد الفسخ للغابن فالأصل عدمه الاّ ان یعارض بمثله و تحقیق الکلام فی الاستصحاب).

و علی الجملة هذا الذی أفاده المصنف قدس سرّه متین لو بدل أصالة عدم العلم بأصالة عدم الإقدام فإن عدم العلم لیس موضوعا للخیار بل الموضوع هو الضرر مع عدم اقدامه علیه ای مقیدا بذلک فلا شبهة ان الضرر محرز بالوجدان و القید محرز بالأصل فیثبت الحکم و هو الخیار للمغبون بالأصل الموضوعی الحاکم علی أصالة اللزوم.

هذا کلّه إذا لم یکن المغبون من أهل الخبرة و الاّ فالظاهر عدم الاعتناء بقوله فإنه لا معنی لکونه أهل الخبرة و مع ذلک یدعی الجهل بالقیمة فإنه یرجع الی التناقض أو یکون دعواه غیر عقلائی أصلا فإن مقتض الظاهر من کونه من أهل الخبرة هو صدور المعاملة منه عن علم فان دعوی کونه جاهلا بالقیمة نظیر ان یدعی أحد لیس له مال و لا صنعه بل یتعیش التسؤل ان لی علی ذمة فلان خمسین ألف دینار فإنه لا یسمع منه أصلا

ص:317

و لا یترتب علیه أثر التداعی و المحاکمة الا ان یدعی الغفلة علی ذلک و کان دعواه الغفلة عقلائیا فإنّه حینئذ یسمع دعواه و لکن یکون قوله مخالفا للظاهر و یکون مدعیا لذلک فان الظاهر ان المعاملة قد صدرت منه فی غیر حال الغفلة و انه أقدم علی الغبن عن علم لکونه من أهل الخبرة کما هو واضح و علی هذا فلا بدّ له من اقامة البیّنة علی ذلک أو یحلف الآخر بأنه لا یعلم بکونه عافلا بالقیمة حال العقد أو انه کان غیر غافل عن ذلک ان کان یعلم انه لم یکن غافلا عن القیمة حال العقد.

و قد یتوهم انه إذا ادعی الغفلة یسمع دعواه فان ما لا یعلم الاّ من قبله فیسمع دعواه فیه.

و قد أجاب عنه المصنف بما فیه من الخلط بین الکبریین إحداهما دعوی قبول قول المدعی فیما یتعسر علیه إقامة البینة و الثانیة دعوی قبول قول المدعی فیما لا یعلم الا من قبله و نقض علیه بان هذا یستلزم قبول دعوی مدعی الفساد مع تعسر إقامة البینة علیه.

اما الکبری الاولی فلا دلیل علیه أصلا و الا فیلتزم ان یقبل قول کل من یدعی شیئا و لکن علی نحو یتعسر علیه إقامة البینة و حینئذ فیلزم تأسیس فقه جدید علی ان الیمین للمنکر دون المدعی و اما الکبری الثانیة فلم یثبت إلا فی موارد خاصة اعنی دعوی المرأة کونها حاملا أو حائضا أو طاهرة و انها خرجت عن العدة و اما فی غیره هذه الموارد فلا دلیل علیه بوجه علی انا لو سلّمنا صدق الکبریین فلا نسلم کون المقام منهما أو من أحدهما فإنه لا یتعسر إقامة المدعی البینة علی غفلته حیث انه یقم البینة علی انه کان مشغولا بأمور أخر أو کان مصابا من جهات قد وقع من اختلال الأفکار و لم یدر انه ای شیء فعل و کذلک لا نسلم کون المقام مما لا یعلم الاّ

ص:318

من قبله.

و بالجملة فاصل الغفلة و ان کان امرا نفسیا لا یعلم الا من قبل الشخص و لکنها معلومة للغیر أیضا بحسب الآثار کسائر الملکات و الافعال و الصفات النفسانیة کالعدالة و العلم و نحوهما.

و هذا لا شبهة فیه و این هذا مما یتعسر علیه إقامة البینة أو لا یعلم الا من قبله.

و اما إذا کان الاختلاف فی زیادة القیمة و نقصانها و کان منشئه أی أمر من الأمور المذکورة من الزمان أو المکان أو التغیر فنقول قد یکون الاختلاف فی زیادة الثمن و نقصانه من حیث الاختلاف فی أصل قیمة الشیء مع اتفاقهما علی ما وقع علیه العقد کما إذا اتفقا علی ان العقد وقع علی خمسین و لکن یدعی المشتری ان قیمته ثلثین فحصل فیه المغبن و یدعی البائع ان قیمته خمسین فلا غبن فیه مع اتفاقهما علی ان العقد قد وقع علی خمسین.

و هذا یکثر وقوعه فی الأشیاء التی یقل وجودها فی السوق بحیث تخفی قیمته علی المتبایعین کالجواهر و نحوها و الا فیعرضون المتاع للسوق و یکشفون عن قیمتها.

الصورة الثانیة:ان یکون الاختلاف فیما وقع علی المعقد بان یدعی المغبون ان العقد قد وقع علی خمسة و عشرین و العین تساوی عشرة فله حق الفسخ فیفسخ العقد فی خمسة و عشرین و اما العشرة فلم یقع علیه العقد و یدعی البائع ان العقد قد وقع علی عشرة فلا غبن حتی یثبت للمشتری خیار الغبن.

الصورة الثالثة ان یکون النزاع فی التغیر و عدمه بان یدعی أحدهما

ص:319

من الغابن أو المغبون التغیر و یدعی الأخر عدمه و هذه الصورة الثالثة تنحل الی ثلثة أقسام:الأول ان یتفقا علی ان قیمة العین کانت عشرة قبل وقوع العقد علیه و قد اشتراه المشتری بثلاثین أو کان القیمة قبل العقد ثلثین و قد باعه من شخص بعشرین فالغابن فی الشق الأول یدعی التغیر و کون القیمة حال وقوع العقد علی العین بثلثین دینارا و فی الثانی یدعی التغیر و هو المشتری و یقول ان القیمة تغیرت و کانت عند وقوع العقد علی العین بعشرین و لو کانت قبله ثلثین.

الثانی ان یقع الاختلاف فی حال وقوع العقد علی المبیع مع اتفاقهما علی القیمة الفعلیة بان یدعی البائع ان المبیع حال العقد یسوی عشرة و انما تنزلت قیمته فعلا و صارت ثمانیة فلا غبن لکون التغیر فی ملک المشتری و الحاصل ان البائع یدعی التغیر و المشتری یدعی عدم التغیر و کون المبیع فی حال وقوع العقد علیه یسوی بثمانیة فالمعاملة غبنیة فله الخیار.

الثالث:ان تکون قیمة العین قبل وقوع العقد علیها عشرین و بعده أیضا کذلک و لکن یدعی البائع انها لم تتغیر و انما وقع العقد علی العین حال کون قیمتها عشرین کما انها تساوی عشرین بالفعل فیکون مغبونا و یدعی المشتری ان قیمتها و ان کانت قبل وقوع العقد علیها تساوی عشرین و کذلک بعده و لکن تغیرت عند وقوع العقد علیها و کانت تساوی بعشرة فلیس هنا غبن و قد ادعی المصنف فی جمیع هذه الصور کما هو مقتضی إطلاق کلامه لزوم العقد لوجهین الأول أصالة عدم التغیر و انه موافق للزوم و مرادف له.

و فیه أولا انه لا یثبت الخیار الا علی القول بالأصل المثبت فان

ص:320

عدم التغیر لیس موضوعا للخیار کما هو واضح علی أنه لا یعتم أصل عدم التغیر جمیع صور الاختلاف فان فی الصورة الاولی اعنی ما کان الاختلاف فی أصل القیمة و فی الصورة الثانیة أعنی ما کان الاختلاف فیما وقع علیه العقد لیس الاختلاف و النزاع فی التغیر و عدمه حتی نجری فیه أصالة عدم التغیر بل فیما وقع علیه العقد کما هو واضح.

و ثانیا أن أصالة عدم التغیر لیس موافقا للزوم العقد دائما بل قد یکون مفاده ثبوت الخیار مع قطع النظر عن المثبتة کما عرفت فی الشق الأول و الثانی و هو واضح.

الوجه الثانی ممّا استدل المصنف علی اللزوم هو أصالة اللزوم و فیه ان کان المراد من ذلک اللزوم و المستفاد من أدلة اللزوم من أَوْفُوا بِالْعُقُودِ و أحل اللّه البیع و تجارة عن تراض و غیر ذلک من أدلة اللزوم فلا شبهة فی عدم صحة ذلک فإنه قد خصصت تلک العمومات و نشک فی أن الفرد المشکوک من الخارج أن من الباقی تحت العام و من الواضح أن إثبات اللزوم فیه من قبیل التمسک بالعام فی الشبهات المصداقیة فلا یجوز و ان کان المراد منه الأصل الحکمی أعنی استصحاب بقاء الملکیة بعد الفسخ بحیث تکون النتیجة هی اللزوم و هو و ان کان له وجه بناء علی جریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة و لکن یمکن المناقشة فیه أیضا من جهة أن الشک فی ان الملکیة المجعولة انما هی محدودة بما بعد الفسخ أو مطلق لا یرفعه الفسخ فلا یکون الاستصحاب جاریا للشک فی أصل الجعل فیکون معارضا بأصالة عدم الجعل و علی الجملة فلا وجه لجریان الاستصحاب أی أصالة اللزوم هنا.

و التحقیق أن یقال:أن المراد من الشرط الضمنی فی المعاملة

ص:321

الذی علیه یدور خیار الغبن وجودا و عدما ان کان هو تساوی القیمة أی تساوی الثمن و المثمن فحینئذ یکون الشرط عنوانا وجودا فلا شبهة فی أنه کلما شککنا فی هذا العنوان الوجودی فالأصل عدمه فتکون النتیجة هو الخیار لعدم حصول الشرط فی جمیع تلک الصور المتقدمة کما هو واضح.

و ان کان المراد من الشرط هو عدم الخدیعة و أن لا یخدع کل منهما الآخر و أن لا تکون القیمة زائدة عن القیمة السوقیة و أن لا یشتری المشتری بأقل من القیمة السوقیة بحیث یکون الشرط عنوانا عدمیا فح لا شبهة فی کون الأصل الجاری هنا موافقا للزوم العقد فإن أصالة عدم الزیادة عن القیمة السوقیة و أصالة عدم النقیصة هی أصل العدم الأزلی یوافق لزوم العقد فیکون الأصل الجاری ح موافق للزوم العقد کما هو واضح و یؤید إطلاق القوم خیار الغبن علی ذلک فإنه یلازم کون الشرط هو عدم الخدیعة و بعبارة أخری کلما شککنا فی الزیادة أو النقیصة فأصالة عدم الأزلی تحکم بعدمه فلا یترتب علیه محذور أصلا فیکون مفاد هذا الأصل موافقا للزوم العقد کما هو واضح و هذا من جملة الثمرات بین کون دلیل خیار الغبن هو دلیل نفی الضرر أو الشرط الضمنی و هذه نعمة الثمرة.

الأمر الثانی:أن یکون التفاوت فاحشا

و هذا الشرط مما لا ریب فیه فإنه لا شبهة فی تفاوت قیمة الأشیاء بحسب الأسواق بل بحسب الدکاکین حتی الشیء الواحد و لو کان مطلق التفاوت موجبا للغبن لم تبق معاملة الاّ و یکون فیه الغبن و لذا قیّدوا التفاوت بکونه ممّا لا یتسامح.

و انّما الکلام فی تعیین حدّ ما یتسامح فیه و ما لا یتسامح فعن بعض العامة أن التفاوت بالثلث ممّا یتسامح فیه و أشکل علیه المصنف

ص:322

بان التفاوت بهذا المقدار ممّا لا یتسامح فیه قطعا بل التفاوت بالربع بل بالخمس أیضا ممّا لا یتسامح فیه و سکت عن التفاوت بما فوق الخمس أقول الظاهر أن ذلک یختلف باختلاف المعاملات فإنه قد یکون التفاوت بالخمس مما یتسامح فیه بل یکون التفاوت بأقل منه أیضا ممّا یتسامح فیه کما إذا کانت المعاملة فی المحقرات کأن اشتری خضرة من الخضراوات بخمس أفلس مع أنه یساوی بأربعة أفلس أو ثلثة و نصف فإنه لا یعتنی علی ذلک فی العرف و لا یقال انه معاملة غبنیة و قد یکون التفاوت بالخمس بل العشر بل المائة غبنا کما إذا باع ما یساوی أربعة آلاف بخمسة آلاف أو باع ما یساوی مائة ملیون بمائة و واحد ملیون فإنه لا شبهة فی کون المعاملة حینئذ غبنیة.

نعم الواحد فی ألف لا یکون غبنا قطعا و علی الجملة قد یکون التفاوت غبنا بلا شبهة و قد لا یکون غبنا بلا شبهة لکونه مما یتسامح فیه و قد یشک فی کونه غبنا و عدم کونه غبنا و لا بدّ و أن یلاحظ فی أن مقتضی القاعدة حینئذ أی شیء یقتضی.

و قد یقال کما عن شیخنا الأستاذ إذا کان الشک فی المصداق فلا یمکن التمسک بقاعدة نفی الضرر لان التخصیص و ان کان لبیا اعنی بناء العقلاء علی عدم الاعتناء بضرر یتسامح فیه و وقع الاقدام علیه الا أن الخارج إذا کان عنوانا کلیّا کخروج ید المحسن عن قاعدة علی الید یکون للبی کالفظی فی عدم جواز التمسک بعموم العلم فی الشبهة المصداقیة.

و لکن یرد علیه أن هذا الکلام انّما یجری فیما إذا کان هنا خارج معلوم و لکن یشک فی أن المشکوک من الخارج أو من الافراد الباقیة تحت

ص:323

العام و أما المقام فأجنبی عن ذلک فان الضرر له مراتب فیصدق علیها علی نحو التشکیل فمرتبة منها خارج قطعا و هی ما أقدم علیها المتبایعان و الباقی مشکوک فیتمسک بإطلاق الدلیل کما هو واضح فالمقام لا ربط له بالشبهة المصداقیة أصلا و ذکر المصنف أو لا أن المرجع فی ذلک أولا هو أصالة ثبوت الخیار لانه ضرر لم یعلم تسامح الناس فیه فان الخارج من دلیل لا ضرر هو الضرر الذی یتسامح و أما ما یشک فی کونه مما یتسامح أو لا فیبقی تحت الإطلاق.ثمّ عدم عن ذلک و وجه اللزوم و ذکر أنه یحتمل الرّجوع الی أصالة اللزوم لان الخارج هو الضرر الذی یناقشون فیه و لا یکون موردا للتسامح بل یعد ضررا عند العقلاء و أما فی غیر فیشک فی خروجه عن تحت الأدلة الدالة علی لزوم العقد و عدمه فیرجع الی العمومات لعدم ثبوت مخصص هنا لیرفع الید عن العمومات کما لا یخفی.

أقول ان کان دلیل خیار الغبن هو دلیل نفی الضرر فلا بدّ من اختیار الوجه الأول فلا مسوغ له لرفع الید عن الأول و المیل الی الثانی و ذلک فان المخصص للعمومات الدالة علی لزوم العقد حینئذ هو دلیل نفی الضرر و هو دلیل لفظی یتمسک بإطلاقه فی کل مورد یصدق فیه الضرر إلا إذا ثبت التخصیص و من الواضح أن التخصیص انما هو اقدام المغبون بالضرر فیرفع الید عنه بالمقدار الذی ثبت فیه الاقدام و فی البقیة یرجع الی دلیل نفی الضرر حتی لو لم یکن دلیل علی خروج الضرر الذی یتسامح فیه أو أقدم علیه المغبون لشمله إطلاق دلیل نفی الضرر و لکن خرج ذلک ببناء العقلاء ففی غیره نرجع إلی الإطلاق.

و توهم أن التمسک فی المورد المشکوک بدلیل نفی الضرر تمسک بالعام فی الشبهة المصداقیة قد تقدم جوابه کما هو واضح و لکن قد عرفت أن دلیل نفی الضرر لا یکون دلیلا لخیار الغبن کما لا یخفی.

ص:324

و أما إذا کان الدلیل لخیار الغبن هو الشرط الضمنی و بناء العقلاء علی أن المعاملة مشروط بتساوی القیمتین فلو زاد الثمن علی قیمة المثمن أو زادت قیمة المثمن علی الثمن ثبت الخیار للآخر کما هو واضح.

و علیه فما ذکره من أصالة اللزوم هو المتبع و الوجه فی ذلک أن المعاملة انما وقعت علی المبیع مطلقا من غیر تقیید بقید بحسب اللفظ فمقتضی الإطلاق فی مقام الثبوت هو عدم تقیدها بقید و بحسب تبعیة مقام الثبوت و نفس الأمر لمقام الإثبات نکشف الإطلاق فی مقام الثبوت أیضا فنحکم بکون العقد مطلقا فیکون مشمولا لأدلة اللزوم و لیس فی المقام شیء یصلح للقرینیة إلا ما نذکره و لیس أزید من ذلک شیء یصلح للقرینیة نعم قد ثبت التقیید بحسب الارتکاز و بناء العقلاء لبّا فی صورة عدم تساوی القیمتین علی نحو لا یتسامح فإنه قامت السیرة القطعیة علی اعتبار التساوی بین القیمتین و مع التخلف علی نحو لا یتسامح الذی مورد الشرط قطعا یثبت الخیار للمغبون و أما فی غیر هذه الصورة لیس هنا دلیل لفظی نتمسک به و نحکم بثبوت الخیار بل لا بدّ من أخذ إطلاق الکلام فی المعاملة و التمسک بأدلة اللزوم کما هو واضح و هذا هو الصحیح فی المقام کما لا یخفی.

قوله بقی هنا شیء و هو الفرق بین الضرر الشخصی و النوعی

و هو أن ظاهر الأصحاب و غیرهم أقول قد ذکر المصنف بما حاصل کلامه أن دلیل رفع الضرر فی الإسلام انما هو دلیل واحد یشمل علی أفراده علی نسق واحد سواء کان المورد من المعاملات أو من العبادات و علی هذا فما الفارق بین المعاملات حیث ان الفقهاء رضوان اللّه علیهم ذکروا فی باب المعاملات ان الضرر نوعی

ص:325

فیلاحظ فیه نوع الناس مع قطع النظر عن ملاحظة حال الناس و لکن فی باب العبادات ذکروا أنه شخصی فیلاحظ فیه حال الأشخاص.و بعبارة أخری ذکروا أن المناط فی باب المعاملات هو ملاحظة الضرر بالنسبة إلی المال بحیث یصدق علیه أنه ضرر مالی و لذا إذا تحقق فی مورد ثبت علیه حکمه سواء تضرر به صاحب المال أو لم یتضرر بأضعاف مقابله من المضرات و لکن المناط فی باب العبادات حال الأشخاص و لذا ذکروا أنه کان شراء ماء الوضوء لا یضر علی حال شخص لا یرتفع و ان کان هنا ضرر مالی و بلغ ما بلغ و أما إذا کان مضرا لشخص فإنه یرتفع بدلیل نفی الضرر و ما الفارق بین المقامین و کذلک الحال فی دلیل نفی الحرج.

أقول و الذی ینبغی أن یقال أن نفی الضرر و نفی الحرج کسائر الأحکام تابع لموضوعهما ففی کل مورد تحقق ضرر أو حرج ثبت نفی الحرج و الضرر کما هو الحال فی سائر بالأحکام الثابتة علی الموضوعات علی عنوان القضیة الحقیقة کما أن بقیة الأحکام تدور مدار ثبوت الموضوع و عدمه نفیا و إثباتا و یلاحظ بحسب حال کل شخص شخص و هکذا الضرر و الحرج و نفیهما فأدلة نفی الضرر و نفی الحرج ناظرة إلی نفی الحرج و الضرر عن الموضوعات المحققة مثلا قد ورد فی الشریعة أنه إذا زالت الشمس وجب الظهران و من الواضح أن هذا حکم کلی ثابت بعنوان القضیة الحقیقیة و یلاحظ بالنسبة الی کل شخص لکونه موضوعا لهذا الحکم فزوال کل شخص یلاحظ بالنسبة فأی شخص أدرک الزوال صار موضوعا لوجوب الصلاة مع درکه بقیة الشرائط فیلاحظ زواله بالنسبة الیه و لا یقال زال أی نقطة من النقاط بالنسبة إلیه بحیث إذا تحقق فی نقطة وجب الظهران علی

ص:326

شخص و ان لم یکن فی هذه النقطة بل فی نقطة کانت لیلا حین الزوال فی تلک النقطة کما هو واضح.و علی هذا فدلیل نفی الحرج و الضرر حکمان وارد ان علی موضوع مقدار الوجود أی بعنوان قضیة الحقیقیة ففی أی مورد تحقق الضرر فی أی نحو کان سواء کان مالیّا أو عرضیا أو نفسیّا أو غیر ذلک لشمله حکمه سواء کان المورد عبادة أم معاملة فان الضرر المالی أیضا ضرر فلا وجه أصلا لملاحظة الضرر و الحرج نوعیّا بل لا أساس له و انّما هما کبقیة القضایا الحقیقیة کما هو واضح و علیه فلا یفرق بین المعاملات و العبادات أصلا نعم قد یکون نفس الضرر و الحرج موضوعا للحکم أو حکمة للتشریع کما ان اختلاط المیاه حکمة لتشریع العدة و هو مطلب آخر غیر مربوط بنفس لا ضرر و لا حرج الذین کبقیة الأحکام الشرعیة کما هو واضح و هذا کما فی قوله(صلی الله علیه و آله)لو لا أشق علی أمتی لا مرتهم بالسواک و لو لم یکن حرج علی الأمة لحکم بنجاسة الحدید،و أما ملاحظة الضرر بحسب الأحوال فی باب الوضوء فهو بنص خاص فی باب الوضوء و أنه لا بدّ و أن یشتری الماء للوضوء و ان بلغ ما بلغ الاّ أن یکون مضرا بحاله بحیث له عیال یموتون جیاعا لو اعطی ماله و أخذ ماء للوضوء و یکون الضرر مجحفا علیه أی لا یبقی له مال یمون به عیاله فباب الوضوء انما خصص لهذا النص الخاص و من هنا یلتزم الفقهاء رضوان اللّه علیهم بذلک فی غیر باب الوضوء من العبادات کما إذا صلی فی مکان فلانی لسرق السارق ماله فافهم و هکذا.

ثمّ انه ذکر المصنف فی آخر کلامه أنه یمکن الالتزام بعدم الضرر أصلا فی باب العبادات لان ما یصل الیه من الأجر أعظم مما یفوت عنه من المال و قد وقع فی مقابل ماله أجر کما أنه لا یقال أن فلانا تضرر إذا

ص:327

باع ماله و أخذ الدینار فان فی مقابل ماله وصل الیه الدینار فلما ذا یکون ضرر علیه.

و فیه أولا النقض بسائر أبواب العبادات فإنهم لم یلتزموا بذلک فی غیر باب الوضوء کما أشرنا الیه و ثانیا أن وصول الأجر إلیه غیر معلوم فإنه مع نفی الحکم بأدلة نفی الضرر و حکومة أدلته علی الأحکام الأولیّة لا یبقی هنا أمر بالوضوء حتی یوجر و یصل الیه الثواب فان الثواب انّما یترتب علی امتثال الأمر لا علی مجرد الحرکات الخارجیة.

و الحاصل أنه ذکر المصنف أن الضرر المالی فی باب الوضوء لا یتحقق فإنه یحصل فی مقابله أجر له فلا یکون ضررا علیه و قد ذکر وجه ذلک فی قاعدة لا ضرر حیث قال أن المنفی بدلیل نفی الضرر انّما هو الضرر الغیر المتدارک و الضرر هنا متدارک بالثواب أو أن هنا لیس ضرر أصلا حتی یکون متدارکا فان ذلک نظیر إعطاء الفلس و أخذ المتاع کما لا یخفی.

فافهم و علیه فلا یکون الضرر المالی فی باب الوضوء ضررا.

أقول:أما تفصیل نفی الضرر بالضرر الغیر المتدارک ممّا لا وجه له أصلا لعدم الدلیل علیه و أما أن القول بأنه لیس هنا ضرر لوصول الأجر علیه فهو یشبه العرفان بداهة أن هذا ضرر بلا شبهة علی أنه لو کان وصول الأجر فی مقابل المال فی باب الوضوء موجبا لتدارک الضرر أو أن لا یکون هنا ضررا أصلا فلازم ذلک أن نقول بذلک فی جمیع أبواب العبادات مثلا لو توقف تحصیل الماء علی بذل مال کثیر لا بد من بذله لعدم الضرر فیه مع أنه لم یقل به فقیه علی أنک قد عرفت أن وصول الأجر إلیه غیر معلوم کما لا یخفی.

قوله فیقع الإشکال فی تصویر غبن کل من المتبایعین معا أقول

ص:328

قد وقع الکلام فی تصویر الغبن من الطرفین البائع و المشتری فی المعاملة و ذکروا فی تصویر ذلک وجوها:الأول ما ذکره صاحب القوانین عند السؤال عن عبادة اللمعة فی تصویر الغبن من الطرفین و حاصله أنه لو باع متاعه بأربعة توامین علی أن یعطیه ثمانیة دنانیر بزعم أن ثمانیة دنانیر یسوی أربعة توامین و الحال أن المتاع یسوی بخمسة توامین و أن ثمانیة دنانیر تسوی بخمسة توامین فإنه حینئذ یکون البائع مغبونا لانه باع ما یسوی بخمسة توامین بأربعة توامین و المشتری مغبون لأن أعطی ثمانیة دنانیر بزعم أنه یسوی بأربعة دنانیر مع أنه یسوی فی الواقع بخمسة و قد اشکال علیه المصنف بأنه انما یلاحظ الغبن فی المعاملة بالنسبة إلی مجموع ما یرجع إلیها من الشرائط و العوض و المعوض و من الواضح أنها لیست بمعاملة غبنیة من حیث المجموع فلا یکون هذا وجها لتصویر الغبن من الطرفین لان هذه المعاملة مع ملاحظة الشرائط مجموعا من حیث المجموع لیست بمعاملة غبنیة و بعبارة أخری ان کان الشرط و المشروط ملحوظا معا و لو حظ معاملة و أخذه مستقلة فلا شبهة أنها لیست بغبنیة و ان کان الشرط أجنبیا عن المشروط و لم یکن له تماس بالمعاملة بل لو حظه مستقلا فیکون هنا معاملتان فیکون المغبون فی أحد هما المشتری و فی الآخر البائع کما لا یخفی و من هنا ظهر الجواب عما نقله المصنف عن بعض معاصیره من فرض المسألة فیما إذا باع شیئین فی عقد واحد بثمنین مثلا بأن باع کتاب المکاسب و کتاب الرسائل صفقة واحدة و لو حظ کتاب الرسائل نصف دینار مع أنه یسوی بدینار و کتاب المکاسب بدینارین و نصف مع أنه یسوی بدینارین ففی هذه المعاملة یکون کل من البائع و المشتری مغبونا کما هو واضح.

ص:329

و وجه الظهور أنه ان لو حظ مجموع الکتابین مبیعا واحدا فیلاحظ المجموع من حیث المجموع و من الواضح أن المجموع من حیث المجموع لیس بمعاملة غبنیة و ان لو حظ کل من الکتابین مبیعا واحدا مستقلا فیکون البائع مغبونا فی أحد هما و المشتری مغبونا فی الآخر فلم تکن هنا معاملة یتصور فیها الغبن من الطرفین کما هو واضح.

و منها ما ذکره بعض من فرض المتعاملین وقت العقد فی مکانین مع کون قیمة المثمن مختلفا بحسب المکانین کما إذا فرضنا أن المبیع هو الحنطة و کان ثمن کل من منها فی خارج البلد دینارا لنزول العسکر فیه مثلا و لکن فی داخل البلد نصف دینار فاشتری البلدی من أهل الخارج بکل من بثلثة أرباع دینار فإنه یکون البائع مغبونا فی هذه المعاملة فإن الفرض أن کل منّ من الحنطة کان دینارا فقد باعها بثلثة أرباع دینار و المشتری أیضا مغبون فان المفروض أن قیمة الحنطة فی البلد کانت کلّ منّ بنصف دینار و قد صار مغبونا بربع دینار.

و فیه أن المراد من الغبن فی المعاملة هو ملاحظة مکان تحققها فان کان بیع الحنطة فی خارج البلد مع کون التسلیم فیه و من الواضح ان البائع مغبون فإن قیمة کلّ منّ من الحنطة فی ذلک المکان دینار فقد باعه بثلثة أرباع دینار و ان کان البیع فی البلد أو بشرط أن یسلم المبیع فی البلد فیکون المشتری مغبونا کما لا یخفی فلا یلاحظ المکانین فی معاملة واحدة کما هو واضح لا یخفی فافهم.

و قد نقل المصنف عن مفتاح الکرامة تصویر کون الغبن من الطرفین بحسب الحکم الظاهری دون الواقعی کما إذا ادعی کل من المتبایعین الغبن کما إذا باع ثوبا بفرس بظن المساواة ثمّ ادعی کل منهما نقص

ص:330

ما فی یده عما فی ید الأخر و لم یوجد المقوم لیرجع الیه فتخالفا فیثبت الغبن لکل منهما فیما وصل الیه،مع أن فی الواقع المغبون أحدهما لا کلاهما.

أقول هذا انما یبتنی علی ان کل من یدعی شیئا و یتعسر علیه إقامة البینة فإنه یقبل قوله مع یمینه کما تقدم و علیه فکل من البائع و المشتری إنما یتعسر علیه إقامة البینة فیقبل قوله مع یمینه فیثبت ما یدعیه من الغبن و لکن قد عرفت انه لا دلیل علیه خصوصا إذا کانت الدعوی مما یطلع علیه کل احد و انما لم یطلع علیه من جهة العوارض کعدم وجود من یطلع علیهما فی مقام البیع لیکون بینة للواقعة و قلنا فی السابق ان الحلف انما هو للمنکر و لیس منه وظیفة المدعی الحلف.

و اما بناء علی فساد هذا المبنی کما هو کذلک فیکون من یدعی الغبن مدعیا و الآخر منکرا فللمدعی البینة و للمنکر الیمین و مع کون کل منهما مدعیا للغبن و منکرا لکون الآخر مغبونا فیتحالفان فیحکم بعدم غبن کل منهما لا بغبن کلیهما فلا یکون لأی منهما خیارا أصلا کما عرفت علی ان مقتضی التحالف ان یحلف کل منهما علی انه لم یغبن الآخر فیکون مقتضی ذلک ان لا یکون ان منهما مغبونا لا ان یکون کلاهما مغبونا و هو واضح.

فتحصل انه لا یمکن تصویر الغبن من الطرفین فی معاملة واحدة کما ذکره بعض المحشین للروضة و قال(فلا یعقل کونهما معا مغبونین و الا لزم کون الثمن أقل من القیمة السوقیة و أکثر و هو محال فتم)نعم یمکن تصویر ذلک إذا کان الغبن بمعنی مطلق الخدیعة کما إذا باع فرشا بأربعة دنانیر علی انه من شغل کاشان فبان انه من شغل همدان و مع

ص:331

ذلک انه یسوی بثمانیة دنانیر و حینئذ فقد خدع کل منهما فی هذه المعاملة و هو واضح.

و الذی ینبغی ان یقال انه کان مدرک خیار الغبن هو دلیل نفی الضرر یمکن فرض الغبن من الطرفین بخلافه إذا کان مدرکه الشرط الضمنی الذی ذکرناه اما الأول کما إذا باع حطبا من زید کل حقة بمائة فلس مع کون الحطب کل حقة بدرهم و اشتراط المشتری علیه ان ذلک من خشبة أبنیته و واضح ان هذه المعاملة ضرریة لکل من البائع و المشتری اما کونها ضرریة للبائع فلان تسلیم المبیع یتوقف علی تخریب الدار و هو ضرر علی البائع،و اما کونه ضررا علی المشتری فلان قیمة الحطب انما هی کل حقة بدرهم و قد باع منه البائع کل حقه بمائة فلس فیکون الدرهم زائدا عن القیمة السوقیة و لا یجری هنا ما ذکره المصنف من الجواب عن المحقق القمی فإن هذا الشرط لیس له دخل فی زیادة الثمن أصلا فإنه لا یفرق فی الحطب بین کونه من أخشاب البناء و بین کونه من أخشاب الحدیقة بل ربما یوجب کونه من أخشاب البناء نقصا فی الحطب لکونه بالیة کثیرا بخلاف ما إذا کان من أخشاب الحدیقة فهذا الشرط لیس مثل اشتراط کون أربعة توامین ثمانیة دنانیر(الا ان یقال ان هذا الشرط أیضا لیس له دخل فی المزیة و انما المزیة من جهة الخطاء فی التطبیق، من المقرر)و علی هذا فیکون العقد جائزا من الطرفین کما هو واضح.

و اما إذا کان دلیل خیار الغبن هو الشرط الضمنی فلا یعقل الغبن من الطرفین بحیث یثبت الخیار للمتبایعین و یکون العقد جائزا من الطرفین.فان الشرط الضمنی أعنی اشتراط تساوی القیمتین أو عدم زیادة القیمة و عدم نقصه لا یعقل الا من طرف واحد فیکون الغبن من

ص:332

طرف واحد کما هو واضح فافهم.

قوله مسألة ظهور الغبن شرط شرعی لحدوث الخیار أو کاشف

اشارة

عقلی عن ثبوته حین العقد

أقول:قد عرفت انه لا شبهة فی ثبوت خیار الغبن فی المعاملات و انما الکلام فی ان ثبوت هذا الخیار من حین تبین الغبن أو من حین العقد وجهان و قد اختلف کلمات کلمات الفقهاء فی ذلک اختلافا شدیدا و صار ذلک منشا للوجهین و قد جمع المصنف بین شتات آرائهم بالفرق بین ثبوت الخیار فعلا بحیث یکون لذی الخیار سلطنة فعلیة علی الفسخ و بین ظهور الخیار له واقعا فالأول لا یثبت الا بعد ظهور الغبن بخلاف الثانی ثم تکلم فی آثار ذلک الخیار و لکن الظاهر انه لا وجه لذلک التفصیل فان معنی الخیار هو السلطنة الفعلیة اعنی السلطنة علی فسخ العقد کما تقدم فی أول الخیارات و إذا ثبت ثبت له ذلک و الا فلا یعنی معنی ثبوت الخیار هو ثبوت السلطنة الذی الخیار علی فسخ العقد کما هو واضح فلیس لهذا التفصیل مجال أصلا.

و انما المهم هو التکلم فی جهتین:
الاولی فی ان هذا الخیار

ثابت من الأول أو من حین تبین الغبن

و الذی ینبغی ان یقال:انه لا بد من ملاحظة دلیل هذا الخیار فلو قلنا بکون دلیله هو دلیل نفی الضرر کما ذهب الیه المشهور من المتأخرین و اختاره المصنف أو قلنا بان دلیله هو الشرط الضمنی فعلی کان حال فلا شبهة فی کونه ثابتا من الأول فإن دلیل نفی الضرر ینفی الضرر الواقعی و کک ان شرط الضمنی هو اشتراط التساوی الواقعی بین العوضین ان کون هذا لازم الشرط الضمنی کما تقدم فان الشرط الضمنی هو عدم الزیادة أو عدم النقیصة ای یشرط کل من المتبایعین علی الآخر بان لا یکون ما له زائدا عن مال

ص:333

طرفه بما لا یتسامحه و هذا واضح و نعبر عن ذلک بلازمه اعنی تساوی القیمتین.و علی الجملة فبناء علی کون دلیل خیار الغبن ای من هذین الوجهین یثبت الخیار للمغبون من الأول کما هو واضح.

نعم لو کان دلیل خیار الغبن هو الإجماع أو ما تقدمت الإشارة إلیه من النبوی حیث نهی عن تلقی الرکابان و قال إذا جائوا بالسوق فلهم الخیار بناء علی انصراف ذلک النبوی إلی صورة ظهور الغبن لا إثبات الخیار علی وجه الإطلاق بمجرد المجیء إلی السوق سواء ظهر غبن فی المعاملة أم لا کما ذهب الیه ابن إدریس الذی هو خلاف منصرف النبوی فإنه بناء علی ما هو الظاهر من النبوی من کونهم ذی خیار بعد مجیئهم إلی السوق إذا تبین لهم الغبن لا مطلقا فإنه لا معنی لثبوت الخیار لهم بعد المجیء إلی السوق تعبدا و الا لکان ثابتا من الأول و کیف کان فبناء علی ظاهر النبوی فیکون دلیلا علی ثبوت الخیار من حین تبین الغبن لا من حین العقد و کذلک لو کان المدرک هو الإجماع فإن المتیقن منه هو ثبوت الخیار مع ظهور الغبن و لکن یرد علی الإجماع انه لیس بحجة و علی النبوی انه ضعیف السند إذ لم نجده فی کتب الأصحاب المعدة للحدیث و انما ذکروه فی کتب الاستدلال و أخذوهم من العامة،و لم ینجبر ضعفه بشیء إذ لم یثبت کون عملهم علی طبقه و انما استندوا بغیره من الوجوه المذکورة فی المسألة بل ثبت عدم استنادهم الیه الا قلیل کما یظهر من ملاحظة کلماتهم.علی انه یمکن المناقشة فی دلالته أیضا بدعوی ان المراد من ثبوت الخیار بعد المجی بالسوق هو تبین الغبن کما عرفت و ان هذا التبین طریق الی الواقع لا انه موضوع بنفسه لثبوت الخیار فحیث ان الغبن من الأول و ان کان تبینه من الان

ص:334

فیثبت له الخیار من الأول و بعبارة اخری انا لا نحتمل ان العلم جزء الموضوع لثبوت خیار الغبن بل تمام الموضوع له انما هو الغبن لا الغبن المعلوم فإذا یثبت الخیار للمغبون من الأول و نظیر کون التبین هنا طریقا الی الواقع کتبین الفجر فی شهر رمضان فی قوله تعالی کُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتّی یَتَبَیَّنَ لَکُمُ الْخَیْطُ الْأَبْیَضُ مِنَ الْخَیْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ فان التبین هنا لیس له موضوعیة لحرمة الأکل بحیث لو لم یتبین الفجر الغیم و نحوه الی ان مضی ساعة من طلوع الشمس فأیضا یجوز الأکل فهذا غیر محتمل قطعا اذن فیکون التبین طریقا الی الفجر کما هو واضح و کک فی المقام.

فتحصل ان ثبوت خیار الغبن من حین العقد هذا ما یرجع الی الجهة الاولی و علیه فلا وجه لتفصیل المصنف بین ثبوت الخیار له واقعا و کونه ذی حق فی الواقع و بین ثبوت السلطنة الفعلیة له فعلا علی فسخ العقد.

الجهة الثانیة أعنی التکلم فی ترتب آثار الخیار علی خیار الغبن

و انه هل یترتب علی هذا الخیار من الآثار ما یترتب علی بقیة الخیارات من الآثار بعنوان الخیار من خصوصیة لإحدی الخیارات أو لا یترتب علیه آثار بقیة الخیارات أقول و من جملة آثار الخیار انتقاله إلی الورثة بعد موت المورث و علیه فان قلنا بثبوت خیار الغبن من حین العقد کما هو کذلک و مات المورث قبل ان یتبین الغبن فإنه یثبت الخیار لوارثه فان الخیار من الحقوق الذی یورث فلا فارق فی ذلک بین خیار الغبن و سائر الخیارات و من جملة الآثار انه یجوز إسقاطه قبل ظهور الغبن کما إذا قال ان کان لی خیار فی هذا العقد فأسقطه أو یقول بنحو العموم ان کل خیار لی فقد أسقطه فإنه ح یسقط خیاره هذا و ان لم یعلم به کما

ص:335

هو واضح و الجهة الأخری من الثمرات انه وقع الخلاف بین العلماء فی انه یجوز التصرف فی الثمن أو المثمن فی زمان الخیار أولا فذهب بعضهم الی عدم الجواز مطلقا و بعضهم الی الجواز مطلقا و قد فصل بعضهم بین بیع الخیار فالتزم بعدم الجواز و بین غیره و التزم بالجواز و لکن ادعوا عدم الخلاف و ثبوت الاتفاق علی عدم جواز التصرف فی العوضین فی زمان خیار الغبن فان التصرف یوجب کون العین فی معرض التلف و من المحتمل أن ذی الخیار یفسخ العقد و یرجع بالعین و ان التفاتهم علی هذا انما هو بعد ظهور الغبن لا قبله و قد ذکروا انه یکشف من هذا الاتفاق ان خیار الغبن انما یثبت للمغبون من حین ظهور الغبن.

و لکن الظاهر ان جمیع الخیارات فی ذلک علی حد سواء ان جاز التصرف فی زمان الخیار جاز فی کلها و الا فلا یجوز فی شیء منها و انه لا یکون هذا الاتفاق مائزا بین المقامین و ذلک لعدم ثبوت هذا الاتفاق فإنه لا نطمئن باتفاقهم علی عدم جواز التصرف قبل ظهور المغبن من جهة انهم یرون عدم جواز التصرف فی زمان الخیار و جوازه فی غیر زمان الخیار و حیث انهم اتفقوا علی جواز التصرف قبل ظهور الغبن فیکشف من ذلک انه لیس لهم خیار قبل ظهور الغبن کما هو واضح و لیس لنا علم بذلک من جهة انه یحتمل قریبا ان جملة من القائلین بجواز التصرف فی العوضین قبل ظهور الغبن انهم التزموا بذلک لذهابهم الی جواز التصرف فی العوضین فی زمان الخیار کما هو کذلک و علیه فلا یکون اتفاقهم علی جواز التصرف قبل ظهور الغبن کاشفا عن اتفاقهم علی عدم ثبوت الخیار قبل ظهور الغبن.نعم لو کان لنا علم بان اتفاقهم علی جواز التصرف قبل ظهور الغبن من جهة کونه غیر زمان الخیار لکان ذلک کاشفا

ص:336

عن ثبوت الخیار بعد ظهور الغبن و لکن انی لهم بإثباته.

علی انه لا دلیل علی عدم جواز التصرف فی العوضین فی زمان الخیار و توهم ان التصرف یوجب کون العین فی معرض التلف لا یکون مانعا عن ذلک لما عرفت سابقا ان متعلق الخیار هو العقد و هو باق حتی بعد تلف العین فإنه إذا اعمل صاحب الخیار خیاره یرجع الی بدل العین لا الی نفسه نعم مع بقاء العین یرجع الی نفسها مع الفسخ و اما انه لا یجوز التصرف فی العین فی زمان الخیار فهو باطل فإنه بعد کونه مالا لمالکه فبأی وجه عن تصرفاته مع کون الناس مسلطا علی أموالهم.

و من جملة الثمرات انه هل التلف فی زمن الخیار ممن لا خیار له أو انه من مالکه و قد تقدم سابقا فی خیار المجلس و الحیوان ان مقتضی القاعدة الأولیة هو کون تلف مال کل شخص علی صاحبه و ان لا یحسب علی شخص آخر و لکن قد ورد النص علی ان تلف الحیوان فی زمان الخیار ممن لا خیار له فان تعدینا الی غیر خیار الحیوان و قلنا بکون تلف المبیع مطلقا فی زمان الخیار ممن لا خیار له و کذلک تعدینا الی تلف الثمن أیضا لقلنا فی جمیع الخیارات و فی تلف الثمن و المثمن فی زمان الخیار فی جمیع المعاملات حتی خیار المجعول الذی من مصادیقها خیار الغبن الثابت بخیار تخلف الشرط و ان اقتصرنا بمورد النص فقط فلا یحسب تلف المبیع أو الثمن علی من لا خیار له فی زمن الخیار سواء کان خیار الغبن أو غیره و هو واضح جدا.

و لکن قد تقدم ان هذا الحکم قد ثبت فی مورد خاص بالنص فلا یجوز التعدی الی غیر مورده فتکون القاعدة الأولیة المذکورة محکمة فافهم

ص:337

و علی کل حال فلو عمم ذلک ای کون التلف المبیع فی زمن الخیار ممن لا خیار له الی غیر مورده لکن فی مورد خیار الغبن أیضا ممن لا خیار له قبل ظهور الغبن و بعده بناء علی ما ذکرناه من ثبوته من الأول و ان لم یعلم به المغبون و من جملة الآثار انه إذا قلنا بثبوت الخیار من الأول و قلنا بکون التصرف مسقطا للخیار مطلقا فیکون هنا أیضا مسقطا کما هو واضح.

و قد تقدم فیما سبق انه لم یثبت کون التصرف مسقطا تعبدیا إلا فی مورد خاص اعنی بیع الحیوان فإنه ثبت فیه ان التصرف الخاص موجب لسقوط الخیار کقوله(علیه السلام)أ رأیت ان لامس أو قبل إلخ و کذلک ثبت کون التصرف مسقطا فی خیار المجلس و کذلک التصرف المغیر و اما کون مطلق التصرف مسقطا للخیار فلم یثبت بدلیل و انما کونه مسقطا من جهة الظهور العرفی و کونه ظاهرا فی إسقاط الخیار عرفا فکلما کان له ظهور فی الإسقاط الفعلی یحکم بمسقطیته و الا فلا.

و الحاصل ان الافعال کالأقوال فی إبراز ما فی الضمیر و إظهاره فکما ان الاسقاط القولی موجب لسقوط الخیار و یکون کاشفا عن إبراز ما فی الضمیر و کذلک الإسقاط الفعلی فإنه أیضا یکون من مصادیق الاسقاط و إذا لم یکن التصرف بحیث یکون من الاسقاط فلا یکون له قابلیة لإسقاط الخیار و ظهوره فی ذلک فیکون مثله(وجوده)کعدمه و المفروض انه لم یرد التعبد بکونه مسقطا علی ای وجه اتفق کما هو واضح فافهم.

قوله مسألة یسقط هذا الخیار بأمور

أحدها إسقاطه بعد العقد

أقول یقع الکلام هنا فی أربع مسائل:

الاولی:ان یسقط خیاره قبل العلم بالغبن مجانا.

ص:338

الثانیة:الإسقاط به قبل العلم بظهور الغبن مع العوض.

الثالثة:الإسقاط به مع العلم به مع العوض.

و الرابعة:الإسقاط به مع العلم به مع عدم العوض.

اما المسألة الاولی فلا شبهة فی سقوط الخیار قبل العلم بالغبن بان یقول أسقط خیاری الغبن فی هذه المعاملة و لا شبهة فی ذلک بناء علی ثبوت الخیار من الأول غایة الأمر بأنه لا علم بالخیار فمجرد عدم العلم به لا یمنع عن تأثیر الاسقاط فإنه لو قال احد کلما لی من الخیار فقد أسقطه فإنه لا شبهة فی شموله لکل خیاره و ان کان لم یعلم به و هو واضح جدا.

و اما لو قلنا یکون حدوث الخیار بعد تبین الغبن فأسقط المغبون خیاره بعد الغبن و قبل ظهوره و العلم فهل یجوز ذلک أم لا فذکر المصنف انه یکفی فی ذلک تحقق السبب المقتض للخیار و هو الغبن الواقعی و ان لم یعلم به و هذا کان فی جواز إسقاط المسبب قبل حصول شرطه و لا یکون من قبیل إسقاط ما لم یجب.

و لکن یرد علیه ان المقتضی ان کان تام التأثیر بحیث یؤثر فی المعلول بالفعل فیکون الخیار ثابتا بالفعل و لا یکون معلقا علی حدوثه بعد العلم بالغبن و هو خلف الفرض.

و ان لم یکن المقتضی تام التأثیر فلا یکون الاسقاط بمثل هذا المقتضی من تحت الاسقاط لما لم یجب فیبقی المحذور فی حاله.

و لکن الظاهر انه لم یدل دلیل علی عدم جواز الاسقاط بما لم یجب الا ما یتوهم من کونه تعلیقا و من الواضح ان المتیقن من ذلک هو العقود بالنسبة إلی التعلیق بأمر مجهول فلا یجری فی غیره و علی الجملة لا نعرف أساسا صحیحا لعدم جواز إسقاط ما لم یجب فلا نری فی ان

ص:339

یسقط الإنسان بما یتعلق له من الحق بذمة غیره قبل تعلقه بها و لم یرد فی آیة و لا فی روایة ما یمنع عن ذلک کما هو واضح لا یخفی بل هو من جهة الإجماع و لعله لیس إجماعا تعبدیا بل من جهة عدم اعتبار العقلاء بمثل ذلک و یمکن ان یکون مدرک الإجماع ما ورد من النهی عن بیع ما لم یملک بعد و عن بیع ما لیس عندک و العقلاء لا یعتبرون الملکیة فی أمثال ذلک أیضا و علیه فإذا اعتبر العقلاء أثرا علیه فی مورد فلا مانع من إسقاط ما بم یجب.

ثم انه مع العلم بالغبن تارة یکون ما أسقطه من الغبن موافقا للواقع و هذا لا شبهة فیه و قد یکون أقل مما اعتقده و هذا أیضا لا شبهة فیه و قد یکون مخالفا بان یکون الغبن أزید مما اعتقده فحینئذ یقع الکلام فی صحة الإسقاط و عدمه و انه إسقاط للغبن من أصله أو بمقدار ما اعتقده و توضیح ذلک انه إذا أسقط خیاره قبل العلم بالغبن باعتقاد انه إذا کان هنا غبن یکون خمسا فی الخمسین و لکن لما تبین الحال فظهر انه مغبون فی الخمسین بثلثین فهل یسقط خیاره مطلقا أو یسقط بالنسبة إلی مرتبة خاصة أعنی ما اعتقده فی مقدار الغبن و قد عنون المصنف ذلک فی صورة کون الغبن معلوما و لکن المسألتان من واد واحد فیجری هذا البحث فی کلتا المسألتین کما هو واضح.

و علی کل حال فلا یمکن ان یکون المقام من باب التقیید بان یکون ما أسقطه من الخیار مقیدا بکون الغبن خمسة فی الخمسین و یکون خیاره باقیا فی المرتبة اخری التی لم یسقطها و بعبارة أخری إسقاط ما احتمله أو اعتقده من مرتبة الغبن لو کان موجبا لتقیید الاسقاط بتلک نظیر تقیید المبیع بالصورة النوعیة لکان لعدم سقوط الخیار عند تبین زیادة الغبن

ص:340

عما احتمله أو اعتقده وجه الاّ أنه لا یمکن التقیید فی المقام لان الخیار أمر واحد بسیط لیس ذا مراتب و لا یقبل التأکد و فی المقام لا یقبل التخصص بسبب دون سبب کما فی اجتماع خیاری الحیوان و المجلس فی عقد واحد فان مأة دینار مثلا مرتبة واحدة من الغبن فلا یعقل إسقاط مقدار منه و بقاء مقدار آخر و اذن فیکون من قبیل الداعی یعنی أن اعتقاده بکون الغبن خمسة فی الخمسین داعی إلی إسقاط خیار الغبن علی ما هو علیه فی الواقع بأی نحو کان کما هو واضح و بأی مرتبة وصل فیکون إسقاطه خیار الغبن باعتقاد کونه بمقدار خاص إسقاطا لخیار غبنه من أصله و أساسه و لا یقاس ذلک باب الدین فإنه إذا اعتقد عمرو کون زید مدیونا له عشرة دنانیر و أسقطه فبان أنه مأة دینار أو اعتقد کذلک و قال أسقط جمیع ما فی ذمة زید من الدین لی فإنه لا بأس هنا من الالتزام بان الساقط عن ذمته انما هو بمقدار و عشرة دنانیر و لکن لا یمکن الالتزام بذلک هنا و الوجه فیه أن خیار الغبن کما عرفت أمر واحد بسیط لیس ذا مراتب ان سقط،سقط من أصله و ان لم یسقط فلا یسقط من أصله و قد قلنا أن اعتقاد کونه بمقدار خاص ثمّ إسقاطه من باب الداعی فیکون الإسقاط إسقاطا له من أصله و هذا بخلاف باب الدین فإنه منحل الی دیون متعددة نظیر بیع أمور عدیدة فی صفقة واحدة فإنه کما ینحل البیع هنا الی بیوع متعددة فکک الدین فمأة دینار من الدین منحل الی دیون عدیدة بحساب الدینار بل بحساب الدراهم بل أقل من الدرهم الی أن ینتهی الی ما لا یقبل المالیة و لا ینصف بها و علیه فإسقاط مرتبة من الدین لا یضر ببقاء مرتبة أخری فی ذمة المدیون کما هو واضح و علیه فلا بدّ اما من الالتزام بسقوط الخیار من أصله أو من الالتزام ببطلان الاسقاط

ص:341

لبطلان التقیید کما عرفت و حیث عرفت أن الظاهر فی مثل المقام هو الداعی فیکون إسقاطه بداعی کون الغبن بمقدار خمسة فی الخمسین فبان أنه بمقدار عشرین فی الخمسین إسقاطا لأصل خیار الغبن فلا یضر به تخلف الداعی.

نعم یمکن أن یقال بکون سقوط الخیار مشروطا بظهور الغبن بالمقدار الذی اعتقده بأن یکون إسقاط المغبون خیاره معلقا یکون الغبن خمسة فی خمسین و الاّ فلا یسقط خیاره و هذا لا محذور فیه الا إشکال التعلیق فان هذا الاسقاط لیس منجزا فیکون باطلا و لکن یرد علیه أن بطلان التعلیق فی العقود و الإیقاعات لم یثبت بدلیل لفظی بل بالإجماع و هو دلیل لبی فلا بد من أخذ المتیقن من ذلک و هو ما لا یتوقف أصل تحقق العقد علیه و لعل الإجماع أیضا لیس بتعبدی بل من جهة أن العقلاء لا یعتبرون فی مثل موارد التعلیق الملکیة کما لا یعتبرون فی بیع ما لم یملک فالمقام نظیر طلاق مشکوک الزوجیة و عتق مشکوک الرقیة فإن مشکوکیة المعلق علیه لا یضر بصحة الطلاق و بصحة العتق فان الطلاق و العتق ممّا یتوقف أصل تحققه علی الزوجیة و الرقیة فلا یضر التعلیق فی مثل ذلک بصحة العتق و الطلاق فقد ظهر من جمیع ما تقدم حکم صورة الإسقاط مع العلم بالغبن.

و علی الجملة أن المسقط الأول هو الاسقاط و قد ذکرنا أن فی المقام اربع ما سئل الاولی الاسقاط قبل العلم بالغبن و الثانیة الإسقاط بعد العلم بالغبن و الثالثة و الرابعة الفرضین مع کون الإسقاط فی مقابل العوض.

أما المسألتان الأولتان فقد ظهر حکمهما ممّا ذکرناه و حاصله أن

ص:342

المحذور من الاسقاط هنا لیس إلا أمران أحدهما فی صورة کون الخیار مشروطا شرعا بظهور الغبن و ذکروا أن ذلک من قبیل إسقاط ما لم یجب و الثانی فی صورة العلم بالغبن مع الاعتقاد بأنه خمسة فی الخمسین فبان أنه أکثر و قد قلنا أن سقوط الخیار هنا إذا کان الغبن بالخمسة فقط انما یصح إذا کان الاسقاط علی نحو التعلیق و علیه فیتوجه المحذور بأنه من قبیل التعلیق فهو باطل و جوابه ما تقدم من أن التعلیق إذا کان بما یتوقف علیه وجود العقد أو الإیقاع لا یضر لکونه خارجا عن الإجماع کما هو واضح.

ثمّ انه یقع الکلام فی حکم المسألة الثالثة و الرابعة أعنی إسقاط الخیار فی الصورتین بالعوض کالمصالحة مثل أما المسألة الأولی بأن یسقط خیار الغبن قبل ظهوره بالعوض و یصالح سقوطه بعوض فالظاهر أنه لا یجوز ذلک فإن أخذ العوض علی ذلک باطل و أکل للمال بالباطل إذ لا بدّ و أن یکون ما یأخذه المسقط لخیاره من العوض واقعا فی مقابل شیء کما هو شأن المصالحة و المبادلة و قد عرفت أنه لا تجوز المصالحة علی سقوط الخیار قبل الظهور الغبن و العلم بوجوده بل یحتمل أنه موجود أو لیس بموجود و معه لا تحصل المبادلة بین سقوط الحق الموهوم و بین ما یأخذه فی مقابلة من العوض فلا یکون شیء فی مقابل العوض فتخرج عن المبادلة بین الشیئین و قلنا لا مدفع لهذا الإشکال الا أن یکون ما یعطیه الغابن من العوض بعنوان المحاباة.

و لکن یمکن تصحیح المصالحة هنا أیضا بتقریب آخر بأن یقال أن المصالحة واقعة علی إسقاط الخیار بعد العقد علی تقدیر ثبوته و العوض الذی یأخذه من یحتمل أن یکون مغبونا انما یأخذه فی مقابل الفعل

ص:343

الذی هو إسقاط الخیار علی تقدیر ثبوته و من الواضح أن هذا الفعل و ان کان متعلقا بالخیار علی تقدیر ثبوته لا أنه إسقاط علی کل تقدیر و لکن فائدته للطرف الآخر علی کل تقدیر فإنه یحصل منه الاطمئنان له فلا یحصل تزلزل فی العقد بعد ذلک بحیث ینجر الی المحاکم العرفیة و من الواضح أن حصول الاطمئنان له غرض عقلائی یوجب مالیة للإسقاط الذی هو فعل المغبون و هذه و ان کانت مصالحة و لکن نتیجة الإجارة فتکون کإجارة شخص لإیجاد فعل فی الخارج فکما أن المستأجر یملک فعل الأجیر بالإجارة و کذلک أن من یحتمل أن یکون غابنا إذا أعطی درهما لمن یحتمل أن یکون مغبونا فی مقابل إسقاطه الخیار المحتمل فیکون مالکا لفعله أعنی الاسقاط کما هو واضح.

و من الواضح أنه لیس هنا شیء حتی یقع العوض فی مقابله فإنه لا یعلم أنه مغبون فی الواقع حتی یکون له حق الخیار و یکون سقوطه فی مقابل هذا العوض بل لیس هنا الا احتمال الخیار الناشی من احتمال الغبن فمجرد احتمال الحق لا یصح أن یکون عوضا فی المصالحة علیه و سببا لا کل أموال الناس فی مقابل سقوط و علیه فلا یصح المصالحة عی سقوط خیار الغبن قبل ظهور الغبن کما هو واضح إلا إذا کان ذلک فی ضمن عقد آخر کأن تکون المصالحة بین شیئین أو أوقعا معاملة مستقلة و اشترطا فی ضمنه سقوط خیار الغبن علی تقدیر وجوده فلو أراد المغبون إسقاط خیاره علی تقدیر وجوده بإزاء العوض تعین علیه ذلک و ان ذکر المصنف الاولی هو ذلک نعم لو کانت المصالحة محاباتیة بأن یهب من یتوهم کونه غابنا مالا للآخر و الآخر یسقط خیاره المحتمل فان هذا أمر أخر و الا فلا مدفع للإشکال المذکور.

ص:344

و أما لو علم المغبون بوجود الغبن فأراد أن یصالح ذلک بشیء فإن صالح ما اعتقده من الغبن بشیء فظهر مطابقا للواقع فلا کلام لنا فیه و ان ظهر الواقع أزید من ذلک فذکر المصنف هنا ثلث محتملات بطلان الصلح من أصله و صحته مع کونه لازما و صحته متزلزلا و الحق هو الأخیر و یظهر بطلان الوجهین الأولین من بیان وجه الصّحة فی الثالث فنقول أنه کما أن الشرط الضمنی موجود فی المعاملات بکون العوضین متساویین أی لا یکون کل منهما زائدا و ناقضا و قد قلنا أن ذلک مقتضی بناء العقلاء و الا یثبت للمشروط له خیار تخلف الشرط و هذا المعنی بعینه جار فی المصالحة أیضا فإن کل من المتصالحین یشترط علی الآخر أن یکون ما أعطاه للآخر من المال أو ما أسقطه من الحق زائدا عن المقدار الذی تسالما علیه و کذلک أن یکون بدلا عما یعطیه ناقصا عن المقدار الذی تسالما علیه فهذا الشرط الضمنی موجود فی المصالحة فإذا تخلّف فی مورد یثبت للمشروط له خیار تخلف الشرط نظیر تخلف الشروط المجعولة فی المعاملات و المصالحة فی المقام کذلک فان المغبون بعد ما علم بالغبن بمقدار معین یصالح حق خیار غبنه بمبلغ معین و هذه المصالحة و ان کانت مطلقة و لکن یشترط فیها بالضمن العقدی أن لا یکون الغبن أزید من المقدار الذی جری علیه التسالم و الاّ فیثبت له خیار تخلف الشرط و هذا واضح جدا.

و من هنا ظهر بطلان توهم لزوم المصالحة و صحتها بدعوی أن الحق أن خیار الغبن حق واحد بسیط فلا یعقل جریان المصالحة علی بعضه و سقوطه بالمصالحة و بقاء بعضه الآخر فانا لا ندعی سقوط الحق بمقداره و بقائه بمقداره الآخر لیلتزم فیه هذا المحذور و کک بطل قول من

ص:345

توهم أن المصالحة باطلة بدعوی أن تحقق المصالحة لم یقع علی الحق الموجود و ما هو موجود من الحق لم تجر علیه المصالحة فلا وجه لسقوطه فیحکم ببطلان المصالحة و وجه البطلان أو المصالحة قد جرت علی الحق الموجود و لکن متزلزلا فقد ظهر أن هذین القولین بین إفراط و تفریط.

ثمّ ان ما ذکرناه جار فی خیار الرؤیة و خیار العیب أیضا علی النحو الذی تقدم فان الخیار فیهما ثابت بالشرط الضمنی و خیار العیب و ان کان منصوصا و لکنه لیس علی خلاف القاعدة بل النص ورد علی طبق القاعدة نعم ثبوت الأرش فی خیار العیب بالنص علی خلاف القاعدة.

قوله الثانی من المسقطات اشتراط سقوط الخیار فی متن العقد

أقول قد تقدم ذلک فی خیاری الحیوان و المجلس و قد ذکر المصنف ذلک هناک و ما أشکل علیه بوجوه عمدتها أنه إسقاط لما لم یجب فان الخیار لم یثبت حین العقد فاشتراط إسقاطه فیه إسقاط لما لم یجب و قد أجاب عنه المصنف و أجبنا عنه أیضا بما عندنا و لا نعیده و لکن مما یجب التنبیه علیه هنا أن هذا الاشکال انما یتوجه لنحتاج الی الجواب إذا کان مدرک الخیار هو دلیل نفی الضرر أو الخبر الوارد فی تلقی الرکبان فإنه علیها لم یثبت حق حین العقد حتی یشترط سقوطه فی ضمن العقد و لکن بناء علی ما ذکرناه من کون دلیل خیار الغبن هو الشرط الضمنی فلا مجال لهذا الإشکال أصلا فإن مرجع سقوط الخیار هو عدم الاشتراط من الأول إذ خیار الغبن کان ثابتا بالشرط الذی یجعلانه المتعاملان بالشرط الضمنی فإذا لم یجعلا ذلک لم یثبت خیار الغبن بتخلف الشرط فیکون نظیر التصریح بعدم هذا الشرط کما هو واضح فلا یرد اشکال ح أصلا.

ص:346

نعم یبقی هنا ما ذکره الشهید ره من اشکال الغرر بأن هذه المعاملة غرریة و سیأتی تفصیل ذلک.

و أما الکلام فی المسألة الثانیة أعنی إسقاط الخیار فی ضمن العقد فقد تقدم تفصیل ذلک فی خیاری المجلس و الحیوان و عمدة الإشکال فی ذلک هو لزوم إسقاط ما لم یجب کما عرفت من جهة أن فی ظرف الاسقاط لیس حق و فی ظرف الحق لیس إسقاط و قد تقدم الجواب عن ذلک و قلنا أنه لم یرد فی دلیل أنه لا یجوز إسقاط ما لم یجب و انما هو من جهة اللغویة و عدم اعتبار العقلاء أثرا علیه و لو کان هنا إجماع فمنشئه هو ذلک و إذا فرض فی مورد ترتب الأثر علیه و تعلق غرض عقلائی بإسقاط الحق الموجود فی ظرفه من الآن فلا محذور فیه فإنه یخرج عن اللغویة کما هو واضح و هذا لا شبهة فیه و لکن الذی یسهل الخطب أنه یجری هذا الإشکال فی المقام الأبناء علی کون دلیل الخیار دلیل نفی الضرر أو الخبر الوارد فی تلقی الرکبان و أما بناء علی ما ذکرناه من کون دلیل خیار الغبن هو الشرط فی ضمن العقد فمعنی اشتراط عدم الخیار فی متن العقد هو عدم اشتراط الشرط الضمنی من الأول فلا یلزم هنا إشکال إسقاط ما لم یجب أصلا فلا یتوجه أن الاسقاط بالفعل لیس له متعلق لعدم وجود الحق و حین وجود الحق لیس إسقاط و لکن یتولد من ذلک اشکال آخر و هو أن المعاملة حینئذ تکون غرریة فإنهما أقدما علی شیء لا یعلم أن مقدار مالیته فی أی مرتبة و بأی مقدار و قد ذکر ذلک الشهید فی المقام و فی خیار الرؤیة و بیان ذلک أما لزوم الغرر فی إسقاط خیار الرؤیة من جهة أن بیع العین الغائبة و لا یصح الا بذکر الأوصاف التی بها تختلف مالیة المال و مرجع إسقاط الخیار الی اشتراء المال بأی

ص:347

وصف کان و هذا غرری لأن الأوصاف لها دخل فی المالیة فمقدار المالیة من هذا المبیع غیر معلوم و أما فی خیار الغبن فکذلک فان اعتبار ذکر أوصاف المبیع لیس إلا لأجل العلم بمقدار مالیته فإذا کان الجهل بالمبیع أو بالصفة راجعا أی الجهل بالمالیة فإسقاط خیار الغبن أیضا یرجع الی الجهل بمقدار مالیة المال فیلزم الغرر،و علی الجملة فإسقاط الخیار أی عدم جعل الخیار فی العقد مع احتمال الغبن یوجب غرریة المعاملة إذ لا یعلم أن ما تملکه و أخذه أی مقدار من المال و أی مقدار له مالیة و هو واضح.

و قد أشکال علیه المصنف بما حاصله أن الخیار من الأحکام الشرعیة فلا یکون ثبوته فی البیع موجبا لارتفاع الغرر و الا لصح کل بیع غرری علی وجه التزلزل فثبوت الخیار و عدمه بالنسبة إلی ثبوت موضوع الغرر فی المعاملة و عدم سیان.

و یرد علیه أن هذا المطلب متین فیما کان الخیار ثابتا بجعل الشارع فإنه من الأحکام الشرعیة التی لا ترتبط بالغرر نفیا و إثباتا فلا یکون ثبوته رافعا للغرر و لا أن سقوطه یوجب الغرر و لکن لا شبهة فی أن الخیار الثابت بجعل المتعاقدین یوجب رفع الغرر فإن المعاملة مع اشتراط أن یکون له الخیار مع ظهور الغبن فیها لا تکون غرریة أی یکون هذا الاشتراط رافعا للغرر و موجبا لسقوطه فان الغرر هو المخطر فمع هذا الشرط فأی خطر فی المعاملة فإنه مختار مع ظهور الغبن فیها أن یرض أو یفسخها و هو واضح فتحصل أن جعل الخیار فی المعاملة یوجب رفع الغرر فیها.

و لکن الذی ینبغی أن یقال أن المعاملة بدون جعل هذا الخیار

ص:348

أیضا لیست بغرریة و ذلک لان الغرر بمعنی الخطر فهو انما یکون إذا لم یعلم أن تصاحبه بالمبادلة أی شیء أو أنه متصف بأی وصف و لذا اشتراطوا فی البیع کون المبیع معلوم الوجود و معلوم الوصف و إذا انتفی أحدهما أو کلاهما کان البیع غرریّا فلو باع أحد داره بما فی الکیس فلا یعلم أنه أی مقدار فی الکیس و أنه أی شیء فیکون البیع غرریّا و أما إذا علم کل من البائع و المشتری ما یأخذه من الآخر و تملکه أی شیء بل یراه و هو فی نصب عینیه و لکن لا یعلم أن قیمته السّوقیة أی مقدار و الجهل بالمالیة من جهة الجهل بالقیمة السوقیة فإنه لا یکون ذلک غرریا فنفرق أنه لیس فی العالم سوق و لا عقلاء الا البائع و المشتری فهل یتوهم أحد أن معاملتهما غرریة و هذا بخلاف الجهل بأصل الشیء أو بوصفه فإنهما یوجبان الخطر حتی لو لم یکن فی العالم سوق و لا عقلاء غیر المتبایعین فان الرغبات تختلف بینا باختلاف الأشیاء و أوصافها و هو واضح.

و لو سلمنا أن اعتبار العلم بالقیمة السوقیة أیضا من شرائط البیع و اصنفنا ذلک الی شرائط البیع و قلنا لا بدّ من العلم بأصل وجود المبیع و بأوصافه و بمالیته مع أنه لم یعتبر ذلک أحد من الفقهاء أنه لیس هنا غرر أیضا فإنه یرتفع بالاطمینان الحاصل اما من اخبار الثقة أو بأصالة الصحة بناء علی اعتبارها أو الرؤیة السابقة أو غیر ذلک و ان لم یکن اطمینانه بمرتبة القطع فإذا اطمأن البائع بعدم کون المبیع أقل من القیمة السوقیة أو اطمأن المشتری بعدم کونه أزید من القیمة السوقیة فلا یکون البیع خطریّا حینئذ و ان لم یکن فی الواقع کذلک لما عرفت فی البحث عن بیع الغرری أن الخطر انما هو قائم بحالة ترد النص و عدم اطمینانها و إذا اطمأن و ان یکن قاطعا بعدم کون قیمة المبیع أقل من القیمة

ص:349

السوقیة فباع علی هذا الاطمئنان فلا یکون غرریا و بهذا قلنا أن إسقاط خیار العیب و الاقدام بمعاملة مع الاطمئنان یکون المبیع صحیحا و ان کان معیبا واقعا لا یکون غرریّا بل یصح المعاملة کشراء الجاریة مع الاطمئنان یکونها صحیحة مع أنها مسلولة و من هنا ظهر حکم الشراء بانیا علی الرؤیة السابقة علی البیع یوما أو یومین بحیث یطمئن عادة أن المبیع لا یتغیر فی هذا المدة فإنه یکون البیع حینئذ صحیحا مع إسقاط الخیار و ان لم یکن المبیع کذلک فی الواقع إذ لا تردد للمشتری فی ذلک لیکون خطرا فتحصل أن الاقدام علی المعاملة مع الاطمئنان بالصحة أما اعتمادا علی قول الثقة أو علی الرؤیة السابقة أو علی أصالة الصحة بناء علی اعتبارها مع إسقاط خیاری الغبن و الرؤیة و حینئذ لا یوجب کون المعاملة غرریة.

الثالث تصرف المغبون بأحد التّصرّفات المسقطة للخیارات المتقدمة

بعد علمه بالغبن

أقول ذکر المصنف أن المشهور بین الفقهاء هو الفرق بین التصرف الواقع بعد العلم بالغبن و بین التصرف الواقع قبل العلم بالغبن فإنهم التزموا بکونه مسقطا لخیار الغبن و العیب و التدلیس فی الأول دون الثانی.

فإن کان المراد بذلک هو الطریقیة فهو متین بأن کان التصرف- کاشفا عن الرضاء بالعقد و طریقا إلیه إذ لا فرق فی المسقط بین المسقط القولی و بین المسقط الفعلی إذ المیزان انما هو کونه مبرزا لما فی النفس من الرضاء بالعقد و کاشفا عن سقوط الخیار و من الواضح أن التصرف حین العلم بالغبن له طریقیة الی سقوط الخیار إلا إذا قامت قرینة علی عدم کونه طریقا الی السقوط فی هذه الحالة و ان کان المراد من هذا الفرق الموضوعیة بأن کان التصرف مع العلم بالغبن له موضوعیة فی سقوط

ص:350

الخیار فهو باطل إذ کثیرا یوجد التصرف مع العلم بالغبن و لا یکون مسقطا للخیار کما إذا علم بالغبن و بنی علی الفسخ و لکن لم یفسخ لیتصرّف فی المبیع و لا یکون التصرف فی ملک الغیر کأن اشتری لحاقا و التفت اللیل الی الغبن و بنی علی الفسخ بناء علی عدم فوریة هذا الخیار و لکن لم یفسخ اللیلة من جهة برودة الهوی لیتصرف فی اللحاف مع کونه فی ملکه و أصبح و فسخ فإن القرینة قائمة علی عدم کون التصرف کاشفا عن سقوط الخیار فلو کان له موضوعیة لکان مثل هذه التصرف أیضا مسقطا للخیار و هکذا لو کان التصرف واقعا فی مقدمة الإسقاط کما إذا اشتری حیوانا فالتفت الی کون المعاملة غبنیة و رکبه لیرده إلی البائع و یفسخ العقد عنده فان مثل هذا التصرف لا یکون مسقطا للخیار بل قد یکون موجبا لسقوط الخیار مع الجهل بالغبن کما إذا تصرف المغبون تصرفا کاشفا عن الرضا بالعقد حتی لو ظهر فیه غبن کما هو المفروض فلو کان التصرف مع العلم بالغبن له موضوعیة فی سقوط الخیار لما کان ذلک موجبا لسقوط الخیار نعم مع العلم بالغبن یکون التصرف کاشفا عن سقوط الخیار غالبا إلاّ إذا قامت قرینة علی الخلاف و عکس ذلک وقوع التصرف مع الجهل بالغبن.

و علی الجملة ما ذکره المشهور من الفرق فی مسقطیة التصرف بین ما بعد العلم بالغبن و بین ما قبل العلم بالغبن لا یرجع الی محصل إذا کان غرضهم الموضوعیة بل له وجه إذا کان غرضهم الطریقیة و قد ذکرنا سابقا أنه لا یفرق فی إبراز الاسقاط بین المبرز الفعلی و المبرز القولی کما هو واضح ثم انه لا وجه لقیاس خیار الغبن بخیار العیب و التدلیس فان سقوط الخیار بالتصرف فی خیار العیب بالنص فاما یفسخ أو یأخذ الأرش

ص:351

و اما فی خیار التدلیس فلا دلیل فیرجع الی دلیل الخیار هذا کله فیما إذا کان المدرک لهذا الخیار هو دلیل لا ضرر و صدق علی هذا التصرف الاقدام علی الضرر فإنه مع هذا الصدق یسقط الخیار فی صور العلم بالغبن و عدمه و أما إذا لم یصدق علی التصرف الاقدام علی الضرر فلا یسقط الخیار علی کل تقدیر أی مع العلم بالغبن و عدمه و هکذا إذا کان الدلیل هو الشرط الضمنی فإنه ان کان التصرف مصداقا للإسقاط یسقط به الخیار و الاّ فلا،فلا یفرق فی ذلک أیضا بین صورتی العلم بالغبن و عدمه غایة الأمر أنه بناء علی الأول فالخیار مجعول شرعا و بناء علی الثانی فهو مجعول بجعل المتعاقدین.

و أما إذا کان المدرک هو الإجماع فهل هو غیر ثابت مع الرضاء أو یقال أن الشک فی الرفع لا الدفع فیستصحب کما ذکره المصنف فیه بحث ثمّ أمر بالتأمل و قد یقال ان الاستصحاب لا یجری هنا من جهة أن المدرک للخیار هنا هو الإجماع و قد حقق فی محله أنه إذا کان المدرک هو الدلیل اللبی فلا مطرح للاستصحاب فیکون دفعا لا رفعا و لکن یرد علیه أنه لا فرق عند التحقیق و عند المصنف فی جریان الاستصحاب بین کون دلیل الحکم هو الإجماع أو غیره کما حقق فی محله و قد یقال ان وجه الإشکال فی الاستصحاب هو کون الشک فی المقتضی أی لا یعلم وجود المقتضی للخیار مع التصرف للشک فی أن المستصحب له اقتضاء البقاء أم لا.

و فیه أن مورد الشک فی المقتضی ما إذا کان الشک فی نفس الزمان بأن لا یعلم مقدار بقاء المستصحب من حیث الزمان لا بقائه من حیث الزمانی و بالنسبة الی کل طار و عارض و الا لرجع کل ما یشک فی

ص:352

الرافع الی الشک فی المقتضی.

و قد یقال بان الوجه فی عدم جریان الاستصحاب هو عدم بقاء الموضوع کما ذکره شیخنا الأستاذ فإن الموضوع فی المقام لیس ذات المغبون بل هو مع الرضا کما ان عنوان السفر و الحضر لهما دخل فی القصر و الإتمام و عنوان العدالة له دخل فی جواز تقلید المجتهد بحیث یعد الفاسق موضوعا آخر غیر العادل و هکذا هنا فالوصف العنوانی یوجب تعنون الموضوع بعنوان خاص و إن کان الموضوع حقیقة شیئا واحدا و لکن طرو الأوصاف المتغایرة یوجب التعدد.

و لکن هذا أیضا لیس بصحیح و ان کان صحیحا فی المسافر و الحاضر و العادل و الفاسق فی مسألة التقلید إذ لیس لعنوان الرضاء دخل فی ثبوت الخیار بل هو ثابت لذات المغبون غایة الأمر أن التصرف الصادر عن الرضا مصداق للإسقاط نظیر الإسقاط القولی.

بل الوجه فی عدم جریان الاستصحاب ما ذکرناه فی علم الأصول من عدم جریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة فلو لا هذه الجهة لم یکن مانع فی جریان الاستصحاب هنا و کان الشک فی الرفع لا الدفع و لحکمنا معه بجریان الاستصحاب فافهم و إذا لم یتم الاستصحاب فترجع الی دلیل لزوم العقد.

قوله الرابع من المسقطات تصرّف المشتری المغبون قبل العلم

بالغبن

تصرفا مخرجا عن الملک علی وجه اللزوم کالبیع و العتق، أقول نسب المصنف ره الی المحقق و من تأخر عنه سقوط خیار الغبن بالتصرف المخرج عن الملک بل هو المشهور بین المتأخرین بل یظهر ذلک من کلام الشیخ فی خیار المشتری مرابحة عند کذب البائع أنه لو هلک السلعة

ص:353

أو تصرف فیها سقط الرد و استظهره المصنف اتحاد هذا الخیار مع خیار الغبن علی حد ما استظهره من جامع المقاصد فی شرح قول الماتن و لا یسقط الخیار بتلف العین.

و کیف کان انما الکلام فی دلیل ذلک

فنقول

إن کان المدرک لخیار

الغبن هو الإجماع

فیمکن أن یقال ان الإجماع دلیل لبی فالمتیقن منه انّما هو فرض بقاء العین و أما فی فرض تلف العین فلا إجماع فی البین علی أن هذا الفرع لیس معنونا فی کلمات القدماء فکیف یمکن دعوی الإجماع التعبدی علی ذلک و ان کان یمکن استظهاره من بعض کلماتهم کما استظهره المصنف من الشیخ ره.

و ان کان المدرک هو دلیل لا ضرر

و هو ثابت فی هذه الصورة أیضا لأن لزوم هذا العقد ضرر علی المغبون فیرتفع بدلیل نفی الضرر و من الواضح أن متعلق الفسخ هو العقد فیفسخ العقد و یرد مثل العین الی الغابن و هکذا الحال فیما إذا کان دلیل الخیار هو الشرط الضمنی فإنه موجود فی صورتی بقاء العین و تلفها

و لکن الکلام فی أنه علی القولی

بکون مدرک الخیار هو دلیل لا ضرر أشکل علیه بوجهین

الأول أنه یسقط

الخیار مع التصرف فی العین تصرفا مخرجا عن الملک

فإنه اقدام علی الضرر فمعه یسقط الخیار.

و فیه ما ذکره شیخنا الأنصاری ناقلا عن شیخنا الشهید ره بأن الضرر الموجب للخیار قبل التصرف ثابت مع التصرف و التّصرف مع الجهل بالضرر لیس اقداما علی الضرر فان الخارج عن عموم نفی الضرر لیس إلا صورة الاقدام علیه عالما به فیجب تدارک الضرر باسترداد ما دفعه من الثمن الزائد برد نفس العین مع بقائها علی ملکه و بدلها مع عدمه

ص:354

و علی الجملة فمثل هذا التصرف الواقع فی حال الجهل لیس اقداما علی الضرر إلاّ إذا قامت قرینة علی ذلک فإنه یوجب سقوط الخیار علی النحو الذی تقدم فی المسقط الثالث و عدم بقاء العین لا یضر ببقاء الخیار لان متعلقة العقد کما عرفت مفصلا دون العین.

الوجه الثانی أن عدم سقوط الخیار بمثل هذا التصرف المخرج

عن الملک ضرر علی الغابن أیضا

فیکون مشمولا لدلیل نفی الضرر و ح- فیتعارض دلیل لا ضرر بالنسبة إلیهما و یتساقط و هو واضح فالوجه الأوّل ناظر الی منع المقتضی و الوجه الثانی ناظر إلی إبداع المانع و فیه أیضا ما ذکره شیخنا الشهید من أنه لا ضرر فی ذلک علی الغابن لا العین المبیعة ان کانت مثلیة فلا ضرر علیه لأنه یأخذ المثل و ان کانت قیمیة فیأخذ القیمة و علی کل حال لا ضرر علی الغابن غایة الأمر تفوت الأوصاف الشخصیة الغیر الدخیلة فی زیادة القیمة و لیس فیه ضرر علی الغابن و ان کان مثل تلک الأوصاف أیضا موردا لغرض الغابن بشخصه کما إذا کان کتابا مختوطا بخط أبیه فإنه خصوصیة شخصیة و له دخل فی الغرض الشخص و لکنها لا توجب التفاوت فی القیمة السوقیة کما هو واضح.

و تحصل أنه لو تصرف المغبون فی العین جهلا تصرفا مخرجا عن الملک لا یوجب هذا التصرف سقوط الخیار بناء علی کون مدرک الخیار هو دلیل نفی الضرر أو الشرط الضمنی إلاّ إذا قامت قرینة علی کونه اقداما علی الضرر أو مصداقا لسقوط الخیار فإنه ح یسقط الخیار بذلک.

قوله ثمّ ان مقتضی دلیل المشهور عدم الفرق فی المغبون المتصرف

بین البائع و المشتری

أقول الظاهر هو عدم الفرق بین کون المغبون هو البائع أو المشتری بناء علی کون المدرک هو دلیل نفی الضرر أو الشرط

ص:355

الضمنی فإنه علی کلا التقدیرین لعموم الدلیل بهما نعم بناء علی کون مدرک الخیار هو الإجماع لا یشمل ذلک البائع لأن المذکور فی کلماتهم هو المشتری فیکون هذا حکما تعبدیا مختصا بالمشتری کما هو واضح و لکن قد عرفت عدم وجود الإجماع التعبدی فی المقام.

قوله و مقتضی إطلاقه عدم الفرق بین الناقل اللازم و بین فکّ المالک

کالعتق و الوقف و بین المانع عن الرد مع البقاء کالاستیلاد

أقول بناء علی عدم ثبوت الخیار بالتصرّف المخرج عن الملک لا فرق فیه بینما یکون التصرّف موجبا لاعدام العین کأن اشتری الخبز المساوی بستة فلوس بخمسین فلسا فأکله أو کانت العین باقیة و لکن زالت الملکیة عنها کما إذا اشتری عبدا فأعتقه ثمّ علم بالغبن أو کانت العین باقیة مع وصف الملکیة و لکن کانت ملکا للغیر کما إذا باعها المغبون من غیره بالبیع اللازم أو کانت العین باقیة فی ملک المغبون أیضا و لکن تصرف فیها تصرفا أوجب ذلک التصرف المنع عن الرجوع کما إذا اشتری أمه فاستولدها فان التعین لم تتلف و لم تزل عنها الملکیة أیضا و لکن وجد فیها وصف أوجب المنع عن ردها الی الغابن فإنه علی القول بعدم سقوط الخیار بالتصرف المخرج عن المالک جهلا لا یفرق بین هذه الصور بل یبقی الخیار علی حاله کما أنه علی القول بعدم بقائه أیضا لا یفرق بین هذه الصور.

و هل یلحق بما ذکر نقل العین الی غیره بالعقد الجائز أو التدبیر و الوصیة أم لا ذکر المصنف ما صرّح به جماعة أن الناقل الجائز لا یمنع الرّد بالخیار إذا فسخه فضلا عن مثل التدبیر و الوصیة من التصرفات الغیر الموجبة للخروج عن الملک فعلا.

و ذکر شیخنا الأستاذ أن فی مورد النقل یمتنع الفسخ ما دام العین

ص:356

المغبون فیها خارجة عن ملک المغبون و لو کان النقل جائزا لأن الفسخ یقتضی رد العین من ملک الفاسخ الی ملک المفسوخ علیه ورد بدلها من ملک المفسوخ علیه الی ملک الفاسخ و العین إذا لم تکن ملکا للفاسخ یمتنع الرد و لکنه تسلم إمکان الرّد فی التدبیر و الوصیة لأن نفس الفسخ ابطال لهما.

أقول یمکن أن یقال ان النزاع بأنه یمکن أن یقال یمکن الفسخ فی مورد النقل بالعقود الجائزة کما ذهب الیه شیخنا الأنصاری أو یستحیل کما ذهب الیه شیخنا الأستاذ خارج عن المقام أصلا و لا موضوع لهذا البحث و ذلک لان من یفسخ العقد یقصد مع ذلک رد العین إلی البائع فما یفسخ به العقد من الفعل أو القول یکون ذلک إنشاء لفسخ العقد الذی غبن فیه المغبون و أیضا إنشاء للعقد الجائز الناقل للعین الی غیره فیکون فعله هذا أو قوله الذی یقع به الفسخ مبرزا لفسخ عقدین العقد اللازم الذی وقع فیه الغبن و العقد الجائز الناقل للعین الی غیره و بعبارة أخری أن المغبون إذا فسخ العقد یقصد بذلک رد العین الی الغابن و معنی رد العین الی الغابن لیس الا فسخا للعقد الجائز فیکون فسخ المغبون العقد الذی وقع فیه الغبن بالالتزام فسخا للعقد الجائز أیضا و علیه فلا موضوع لما ذکره المصنف من إمکان الرد و لا لما ذکره شیخنا الأستاذ من عدم إمکان الفسخ هذا کله لا اشکال فیه.

و أما إذا نقل المغبون العین الی غیره بالإجارة فهل یبقی الخیار

مع ذلک أم لا

أما بناء علی بقاء الخیار مع ما ذکرناه من النواقل اللازم و الجائزة فواضح لا شبهة فیه و أما علی القول بعدم بقاء الخیار مع الأمور المذکورة فهل یبقی الخیار هنا أم لا فالظاهر هو بقاء الخیار و ذلک لأن

ص:357

العین باقیة فی ملک المغبون و لیس عن ردّها الی الغابن مانع أصلا و لیس المقام مثل الأمور السابقة الناقلة للعین الی ملک الغیر نقلا لازما أو نقلا جائزا و لا أن هنا مانعا عن الرّد کالاستیلاد غایة الأمر أن العین مسلوبة المنفعة إلی مدة معلومة فیفسخ المغبون العقد و یملک الغابن العین و لکن مسلوبة المنفعة إلی مدة معلومة علی انک عرفت أنه مع عدم إمکان ردّ العین أیضا یمکن لان متعلقة هو العقد دون العین الخارجیة کما لا یخفی.

و علی الجملة أن التصرف المخرج عن الملک حقیقة أو حکما لا یمنع عن بقاء الخیار و هکذا التصرف فی المنفعة کما فی الإجارة بل عدم سقوط الخیار هنا أولی.

ثمّ انه لو امتزجت العین بشیء آخر ثمّ علم الغبن فهل یوجب ذلک

سقوط الخیار أم لا

و علی تقدیر ان لا یکون موجبا لسقوط فهل یکون ذلک مانعا عن الرّد أم لا و هنا مسألتان الاولی فی أن الخیار هل یبقی مع الامتزاج أم لا و الثانیة أنه مع القول بالبقاء هل یکون ذلک مانعا عن الرّد أم لا أما المسألة الاولی فقد ظهر حکمها من السابق حیث عرفت أن التصرف الموجب للتلف موضوعا أو حکما لا یکون سببا لسقوط الخیار و کذلک فی المقام سواء کان الامتزاج بالأعلی أو بالأدنی أو بالمساوی و سواء اختلط بمال المشتری المغبون أو بمال غیره و ذلک لما عرفت أن متعلق الفسخ هو العقد دون العین حتی یلزم من تلفه أو انتقاله الی شخص أخر انتفاء موضوع الفسخ و أما أن الامتزاج مثل التصرف المخرج عن الملک فمن جهة أن الامتزاج یوجب خروج العین عن الملک لإتمامها بل ببعضها و بهذا الخروج تحصل الشرکة الإشاعة فینتقل بعض من کل

ص:358

من الممتزجین بعضا مشاعا الی ملک مالک الآخر فتصبح العین بینهما مشترکة علی وجه الإشاعة.

و أما المسألة الثانیة فهی أنه هل یمکن الرّد هنا أم لا فنقول أما إذا لم یرض الغابن لما امتزجه سواء کان الامتزاج بالأعلی أم لا فلا شبهة فی انتقال حقه الی المثل أو القیمة فإن ما أخذه المغبون من الغابن لم یکن ممتزجا بغیره و لم یکن مشترکا بینه و بین غیره فالشرکة عیب فی ماله فله أن لا یقبله و یطلب من المغبون مثله أو قیمته فإنه حین ما سلمه الی المغبون لم یکن معیوبا بهذا العیب کما هو واضح.

و علی الجملة فللغابن أم لا یرض بالممتزج و طلب منه غیره و ان رضی بذلک فلیس للمغبون أن یمنع من أدائه لأن الشرکة و ان کانت عیبا فی المال و موجبة لانتقال بعض مال الغابن الی المغبون لحصول الإشاعة بذلک الا أنه مع ذلک متعلق حقه و ماله غایة الأمر ماله المعیوب بعیب حصل بفعل المغبون و له مطالبة نفس ذلک و لیس للمغبون أن یمنع من رده لان الغابن له أن یسقط ما کان فی ماله من القیمة عن العیب الذی هو الشرکة و لیس ذلک اعتبار وصف زائد فیه حتی یکون ذلک عنایة زائدة و لا یکون للغابن حق المطالبة.و الأمر کذلک فی جمیع المقامات التی یشترط المشتری کون المبیع واجد الوصف الکمال و لکن فی مقام التسلیم و التسلم یغمض النظر عن حقه و لا یطلب الواجد للوصف کما لا یخفی مثلا لو فرضنا أن زیدا اشتری عبدا کاتبا من عمرو و هو عند المطالبة یطالب عبدا فاقدا للکتابة و یغمض عن جهة الکتابة لأنه إغماض عن حقه و لیس للبائع إجباره و بالعبد الکاتب مثلا إلا إذا کان الواجد للوصف مباینا مع الفاقد کفرش کاشان مع فرش همدان

ص:359

فإنه لو وقعت المعاملة علی فرش کاشان و رضی البائع بفرش همدان و لکن لا یرض المشتری بفرش همدان اما لعدم وجوده عنده أو من جهة أخری فإنه لیس له أن یجبر البائع بذلک و ان کان إغماضا عن الحق بل ینفی البیع الأول فی تسلیم فرش همدان بل یحتاج إلی معاملة أخری لأنها بجودة الأول و ردائه الثانی من المتباینین و هذا بخلاف ما کان الوصف وصف الکمال فقط کما إذا کان المبیع الحنطة الفلانیة التی جیدة و رضی البائع بالحنطة الفلانیة التی ردیة و رضی المشتری بالردی فإنّه لیس للبائع إجباره بالجیّد لأن المبیع شیء واحد غایة الأمر قد اعتبر فیه وصف الکمال فیسقط المشتری هذا الشرط فلا محذور فیه کما لا یخفی فافهم و تأمل و من هنا ظهر حکم لو تعیب المبیع بفعل المغبون و لم یخرج عن ملکه فإنه لو لم یرض به الغابن لا بدّ له من إعطاء المثل أو القیمة و أما لو رضی به فلیس للمغبون إجباره بالمثل أو القیمة بدعوی أنه صار معیبا و ذلک لان العیب لیس مانعا عن مطالبة الغابن ماله کالامتزاج غایة الأمر أن حصول العیب یجوز له مطالبة المثل أو القیمة مع عدم الرضاء بالمعیب و أما مع الرضاء به فلیس لأحد أن یمنعه من ذلک لکونه ماله کما هو واضح.

و أما لو زادت العین فقد تکون الزیادة عینیة و قد یکون حکمیة و أما إذا کانت الزیادة عینیة کما إذا اشتری حیوانا صغیرا فصار شابا کبیرا أو اشتری حیوانا هزالا فصار سمینا أو اشتری شجرا صغیرا فصار کبیرا فهل تکون مثل هذه الزیادة مانعة عن ثبوت الخیار للمغبون و عن الرد علی تقدیر ثبوت الخیار أم لا الظاهر أنه لا یمنع ذلک عن ثبوت الخیار و لو کان مغبونا حین العقد لما عرفت أن الفسخ قد تعلق علی

ص:360

العقد دون العین فیمکن فسخ العقد مع ذلک و أما ردّ العین فالظاهر أنه لیس للغابن رد العین علی هذه الحالة بل لا بدّ اما من الرضاء بالمثل أو القیمة أو الرضا بالعین علی هزالتها و صغرها مثلا و تکون الزیادة للمغبون لحصولها فی ملکه فتحصل الشرکة و یکونان شریکین للعین بحسب حصتهما کما هو واضح فافهم و تأمل.

و قد عرفت أن الامتزاج لیس مانعا عن رجوع الغابن الی ملکه و لکن نقول انه یکون مانعا عن ذلک و تفصیل الکلام أن الشرکة قد تکون بمعنی کون کل من الشریکین مالکا لنصف العین المشترکة بجمیع أجزائها بحیث یکون حق کل منهما معلوما عند اللّه و لعلّ هذا هو المعروف بین الأصحاب الثانی:أن یکون کل من الشریکین مالکا لمجموع العین المشترکة ملکیة ناقصة و الفرق بین الأول و الثانی أن ملکیة المالک فی الوجه الأول مستقلة لما عرفت أنه مالک لمجموع النصف مستقلا و لکن المملوک ناقص فإنه هو النصف و أما فی الوجه الثانی فالمملوک مستقل و هو مجموع العین المشترکة و لکن مالکیة المالک ناقصة فإن کل منهما نصف المالک و المجموع مجموع المالک منهما مالک واحد مستقلا کما هو واضح.

إذا عرفت ذلک فنقول ان الامتزاج أیضا مانع عن الرّد کبقیة النواقل اللازمة و ذلک لأنه یوجب الشرکة بحسب السیرة العقلائیة لیکون کل جزء مشترکا بین الشریکین الی ان ینتهی الأمر الی الاجزاء الصغار التی لا تفید القسمة بالآلة التی لا یعتبر لها العقلاء المالیة فیکون الامتزاج من أسباب الشرکة و فاقدا عن الرد فأما علی الاحتمال الأول من وجهین الشرکة فمن جهة أنه ینتقل بالامتزاج نصف مال کل من الشریکین إلی الأخر و بالعکس فیکون کل جزء مشترکا بین الشریکین واقعا و ما قیل أنهما یکونان مشترکین

ص:361

فی الظاهر فلا وجه له إذ لیس الواقع مجهولا لنا حتی نقول بالملکیة الظاهریة و علیه فیکون الامتزاج مثل سائر النواقل اللازمة مانعة عن الرد فینتقل الضمان الی البدل من المثل أو القیمة.

و علی الوجه الثانی من وجهین الشرکة فربما یتوهم أن المملوک هنا شیء واحد و لکن المالکیة ناقصة فلا مانع من الرد و لکنه واضح الفساد أیضا بداهة أن مالکیة کل من الشریکین ناقصة بالنسبة إلی المملوک و أن کل واحد منهما نصف المالک علی مجموع العین فمالکیة کل من الشریکین المستقلة انتقلت الی الشریک الآخر فبالعرض یکون المملوک أیضا منتقلا الی الآخر بمعنی أن العین تکون مملوکة للشریک الآخر مجموعا بنصف المالکیة و لم تکن العین قبل الشرکة کذلک و منتقلة إلی الآخر فالنقل متحقق علی کل تقدیر کما هو واضح و علیه فلا یمکن رد العین أیضا لکون المقام کسائر النواقل اللازمة.

ثم انه لو انتقل المبیع بناقل لازم أو جائز إلی غیره ثم رجع الی

ملکه فهل للغابن مطالبة ذلک

و لیس للمغبون منعه عن رده أو لیس له مطالبته و ان ذلک أیضا مانع عن الرد أو یفصل بین ما کان الإرجاع بسبب جدید کالشری و التوارث و الهبة فلا یرجع الیه الغبن أو بسبب هو من شؤون السبب الأول کالفسخ و الإقالة و نحوهما فله حق الرجوع الی المغبون وجوه و قد ذکر شیخنا الأستاذ تفصیلا فی المقام و تفصیل المقام فی جهتین الاولی فی ثبوت الخیار و الثانی فی رد العین أما الأول فلا شبهة فی ثبوت الخیار ح لعین ما تقدم فإنک قد عرفت أن متعلق الفسخ هو العقد دون العین فالعین سواء کانت باقیة أو تالفة فالخیار علی حاله و مع الفسخ یرجع الی العین مع البقاء و الا فإلی المثل أو

ص:362

القیمة ففی المقام علی فرض أن نقول أن رجوع العین الی ملک المغبون بعد انتقالها الی غیره مانعة عن الرد فلا مانع أیضا من ثبوت الخیار کما لا یخفی فافهم.و أما الجهة الثانیة فسیأتی الکلام فیه فی تصرف الغابن هذا کله فی تصرف المغبون.

و أما لو تصرف الغابن فی العین التی انتقلت الیه بالنواقل اللازمة کالبیع و الهبة لذی رحم و الهبة المعوضة و نحوها من النواقل اللازمة فهل یوجب ذلک سقوط الخیار و عدم جواز رد العین أم لا أما سقوط الخیار فلا وجه له أصلا فإنا لم نقل بسقوطه بتصرف المغبون الذی هو ذی الخیار مع أن للسقوط فیه وجه فکیف بسقوطه بتصرف الغابن الذی علیه الخیار فالخیار باق علی حاله کما هو واضح لا یخفی و أما بالنسبة إلی رد العین أی فهل للمغبون رد العین التی نقلها الغابن الی غیره بالنواقل اللازمة أم لا ففیه وجوه الأول تسلط المغبون علی ابطال ما أوجده الغابن من أصله الثانی تسلطه علی إبطاله من حین الفسخ الثالث لا هذا و لا ذلک بل إذا فسخ المغبون و کانت العین منتقلة إلی شخص آخر بناقل لازم کالوقف و العتق و نحوهما فیرجع الی البدل من المثل أو القیمة.

أما مدرک القول الأول أعنی البطلان من رأسه فمن جهة أن العقد الذی أوقعه الغابن فإنما أوقعه فی متعلق حق الغیر کما فی بیع الرهن فیکون ذلک موجبا لتزلزل العقد من الأول و علیه فمقتضی قانون الفسخ هو تلقی الملک من الغابن الذی وقع البیع معه لا من المشتری الثانی و ح فیکون الفسخ إبطالا لعقد الغابن لیمکن رد العین من الغابن بمقتضی العمل بقانون الفسخ کما هو واضح فان معاملته لا یزید علی المعاملة

ص:363

الفضولیة و علی بیع الراهن العین المرهونة فیکون الفسخ راد لذلک.

و أما مدرک القول الثانی أن العقد انما وقع علی العین التی هی متعلق حق الغیر لثبوت حق المغبون بأصل المعاملة الغبنیة و انما یظهر له بظهور السبب فللمغبون استرداد العین إذا ظهر السبب و حیث وقع العقد فی ملک الغابن فلا وجه لبطلانه من أصله بل یبطل من حین الفسخ و بعبارة أخری أن الجمیع بین دلیل سلطنة الناس و دلیل الخیار یقتضی نفوذ تصرفات الغابن ما لم تبلغ حد المزاحمة لحق المغبون فإذا بلغ هذا الحد اقتضی دلیل الخیار السلطنة علی فسخ المعاملة و أخذ العین عمن کانت بیده.

و أما مدرک القول الثالث فهو أنه لا وجه لتزلزل عقد الغابن حتی یکون فسخ العقد الأول فسخا له اما من أصله أو من حین الفسخ بل نقول بلزوم عقد الغابن و رجوع المغبون بعد فسخ عقده الی البدل من المثل أو القیمة و ذلک اما من جهة أن التصرف فی زمان خیار الغیر المتصرف صحیح لازم کما هو الحق و سیأتی فی أحکام الخیار فیسترد الفاسخ البدل و اما من جهة عدم تحقق الخیار قبل ظهور العیب کما تقدمت الإشارة الیه و سیأتی التعرض له فی أحکام الخیار.

أما الوجه الأول فیمکن المناقشة فیه أن هذا انما یصح إذا قلنا ان متعلق الفسخ هو العین فإنه ح یکون الفسخ المغبون إبطالا لعقد الغابن من الأول لکون العین متعلقة بحقه فیکون الفسخ ردا لها من الأول فیحکم ببطلان عقده من رأسه کما هو واضح و لکن الأمر لیس کذلک بل متعلق الفسخ انما هو العقد کما عرفت و علیه فلا مجال لبطلان عقد الغابن بناء علی الأول یکون عقد الغابن کعقد الفضولی لکون العین متعلقة لحق الغیر کالعین المرهونة إذا باعها الراهن فإن الفضولی

ص:364

لیس منحصرا ببیع مال الغیر بل یعم بیع متعلق حق الغیر أیضا و علیه فیکون فسخ المغبون ردا لبیع الغابن من الأول و لکن قد عرفت أن الأمر لیس کک علی أن کون المقام بمنزلة الفضولی یقتضی أن لا یکون عقد الغابن صحیحا مع عدم الإمضاء ان لا یکون بطلانه متوقفا علی الرد فقط فانا لو فرضنا أن المالک لم یلتفت الی العقد الفضولی حتی مات فهل یتوهم أحد أن ذلک العقد یکون صحیحا،نعم لو التفت الی العقد الفضولی و مع ذلک سکت فیمکن أن یکون سکوته اجازة فافهم.

و أما الوجه الثانی فیرد علیه أن متعلق حق الخیار ان کان هو العین فتکون تصرفات الغابن مراعاة بإجازة المغبون العقد الفضولی فإن أجاز صحت تصرفاته و الا فتکون باطلة من الأول و علی الثانی فتکون تصرفات الغابن نافذة سواء فسخ المغبون العقد أم لا فلا وجه لإبطال عقد الغابن من حین الفسخ أصلا لأنه اما أن یکون باطلا من الأول أو أنه صحیح لا یبطل أصلا کما هو واضح و إذا بطل الوجهان ثبت الوجه الثالث و قد عرفت و سیأتی فی أحکام الخیار أن تصرفات من علیه الخیار نافذة من دون توقف علی اجازة المغبون و علیه فإذا فسخ المغبون العقد و کانت العین منتقلة إلی الغیر بتصرف الغابن فیرجع المغبون الی المثل أو القیمة نعم لا یجوز لمن علیه الخیار فی العین فی البیع الخیاری کما عرفت فإنک قد عرفت أن بناء المتعاقدین فی مثل ذلک علی بقاء العین کما هو واضح.

و أما الاستیلاد فهو لا یمنع عن ثبوت الخیار و لا یوجب سقوطه لما عرفت أن متعلق الفسخ هو العقد فیفسخ المغبون العقد و یرجع اما الی العین أو البدل و أما بالنسبة إلی رد العین بان یقال هل یکون الاستیلاد

ص:365

مانعا عن رد الأمة نفسها أو لا فقد احتمل المصنف جواز الرد و عدم کون الاستیلاد مانعا عن الرد من جهة أن سبب حق الخیار سابق علی الاستیلاد فلذی الخیار رد العین بعد الفسخ و لکن الظاهر عدمه فان حق الاستیلاد یرفع موضوع حق الخیار و ان کان متقدما فلا یوجب تقدیمه جواز الرد إذ لیسا هما الی حق الخیار و حق الاستیلاد من المتزوجین حتی یتقدم حق الخیار لتقدم سببه بل حق الاستیلاد یرفع موضوعه حتی مع تقدم حق الخیار فإنه ورد فی الشریعة المقدسة أن أم الولد لشرافتها لا تخرج عن ملک مولاها إلا فی قیمة رقبتها و من الواضح أن النفی یعم جمیع أنحاء الخروج عن الملک و لو بفسخ العقد کما هو واضح لا یخفی و علیه فالاستیلاد مانع عن الرد.

و أما العقد الجائز فهل هو مانع عن ثبوت خیار المغبون أو رد العین أم لا کما إذا تصرف الغابن فی العین المنتقلة إلیه بعقد جائز بأن وهبها لشخص بهبة جائزة فهل یوجب ذلک سقوط خیار المغبون أو یمنع ذلک عن جواز رد المغبون العین بالفسخ أم لا أما سقوط الخیار فقد اتضح مما تقدم أنه باطل فان التصرف بالعقد الناقل اللازم لا یوجب السقوط فالعقد الجائز کیف یکون موجبا لذلک و السر فیه ما تقدم أن تصرف نفس ذی الخیار لا یوجب السقوط لکون الفسخ متعلقا بالعقد و کیف تصرف الغابن.

و أما رد العین فحکم عقد الجائز هنا بالنسبة إلی رد العین غیر حکم عقد الجائز فی تصرف المغبون و ذلک لأنک قد عرفت أن فسخ المغبون مع قصد رد العین الی الغابن و الالتفات بان الفسخ یستلزم رد العین الیه یکون فسخا لکلام العقدین أی أصل العقد و عقد المغبون

ص:366

اعنی العقد الجائز الذی هو محل الکلام هنا و بعبارة أخری الفسخ الواحد یکون مبرزا لفسخ کلا العقدین و لکن لا یجری ذلک فی المقام حیث ان العقد الجائز هنا انما صدر بفعل الغابن و فی ملکه و فسخ المغبون أصل العقد و لو مع قصد رد العین لا یکون فسخا لعقد الغابن لو صرح المغبون بأنی فسخت عقد الغابن أیضا لا یفید الا أن یفسخ الغابن بنفسه فإنه ینفسخ بفسخه فهذا الوجه لا یفید.

و قد ذکر صاحب المسالک لو کان الناقل مما یمکن إبطاله کالبیع بخیار ألزم بالفسخ فان امتنع فسخه الحاکم و ان امتنع فسخه المغبون و تنظر فیه المصنف بأن فسخ المغبون أصل العقد اما بدخول العین فی ملکه و اما بدخول بدلها فعلی الأول لا حاجة الی الفسخ حتی یتکلم فی الفاسخ و علی الثانی فلا وجه للعدول مما استحقه بالفسخ الی غیره ثم قال اللهم الا أن یقال انه لا منافاة لأن البدل المستحق بالفسخ انما هو للحیلولة فإذا أمکن رد العین وجب علی الغابن تحصیلها ثم قال لکن ذلک انما یتم مع کون العین باق علی ملک المغبون و أما مع عدمه و تملک المغبون للبدل فلا دلیل علی وجوب تحصیل البدل.علی انا لم نقل ببدل الحیلولة لعدم الدلیل علیه کما عرفت فی محله سابقا و التحقیق أنه لا دلیل علی تسلط المغبون علی إرجاع العین إذا فسخ العقد إذا کانت العین منتقلة إلی غیره من الغابن سواء کان الانتقال بعقد لازم أو جائز فإن المغبون لیس له أزید من التسلط علی فسخ العقد ورد العین إذا کانت غیر منتقلة إلی شخص آخر و الا فلا دلیل علی إجبار الغابن علی فسخه عقده الجائز و مع امتناعه یفسخ الحاکم و مع عدمه یفسخ المغبون کما هو واضح فإنه لیس للمغبون شیء من ذلک لعدم الدلیل

ص:367

علیه و حق فسخه انما تعلق بالعقد دون العین حتی یقال ان العین مورد لحق المغبون.

و الحاصل أنک قد عرفت أنه یقع الکلام فی مقامین الأول فی فسخ المغبون العقد قبل رجوع العین الی ملک الغابن و الثانی فی فسخه بعد رجوعه الیه أما الأول فقد عرفت أنه لا وجه لانفساخ عقد الغابن أو فسخه لأنه انما وقع فی ملکه بل یرجع المغبون الی البدل نعم بناء علی بدل الحیلولة یمکن أن یکون أخذ البدل من جهة الحیلولة بین المالک و انتفاعه عن العین و لکنه مضافا الی بطلان القول بالبدل الحیلولة أنه فرق بین المقام و بین موارد بدل الحیلولة کما عرفت.

و أما إذا کان الفسخ بعد رجوع العین الی ملک الغابن بأن کانت العین منتقلة إلی الغیر ثم رجعت الی ملک الغابن فهل للمغبون أن یأخذ العین من الغابن أو لیس له ذلک فالظاهر من المصنف و صریح شیخنا الأستاذ هو التفصیل بین ما إذا رجعت العین الی الغابن بسبب جدید و بین ما رجعت الیه بزوال السبب الذی به انتقلت العین الی الغیر کفسخ العقد و إقالته فإنه علی الأول التزما بعدم جواز رجوع المغبون الی العین بل لا بد و أن یرجع الی البدل من المثل أو القیمة و علی الثانی فله الرجوع الی العین و ذکر شیخنا الأستاذ أن کلام الشافعی من العائد الزائل کأنه لم یزل أو کأنه لم یعدله وجه هنا و لیس نقله لمجرد حسنه کما أورده بعض علی المصنف فإنه علی الأول فالزائل العائد کأنه لم یعد فإنه إذا کان العود بسبب جدید فیفرض الزائل العائد کأنه لم یعد الی الغابن و أما علی الثانی فکأن الزائل العائد لم یزل أی کأن العین لم ینتقل من ملک الغابن الی شخص آخر و لم یزل

ص:368

من ملکه بل هی باقیة علی ملکه علی السبب الذی انتقل الیه بهذا السبب.

و لکن الظاهر أنه لا فرق بین الصورتین فإنه علی کلا التقدیرین یرجع المغبون الی العین لکونها متعلقة لحق المغبون فإذا وجدت فی ملک المغبون فله الرجوع إلیها و لیست الملکیة قابلة للرد حتی یقال أن الملکیة الزائلة کالذی لم تزل أو کالذی لم تعد أو یقال بأن قانون الفسخ هو تلقی الملک من الغابن علی النحو الذی تلقاه من المغبون بل هی إذا زالت،زالت بالکلیة و لم تعد بعد و انما الکلام فی کون العین متعلقة لحق المغبون فإذا وجدت فی ملک الغابن یرجع إلیها کیف ما کان و قد ذکر ذلک السید ره هذا کله فیما إذا کان التصرف موجبا للخروج من الملک و أما إذا لم یکن التصرف موجبا للخروج عن الملک فقد قسمه المصنف إلی أقسام الأول أن لا یکون موجبا للتغیر بوجه لا من حیث الزیادة و لا من حیث النقیصة و هذا خارج عما نحن فیه فإنه لا شبهة فی عدم منعه عن الرد و اما أنه یوجب النقیصة أو یوجب الزیادة و قد یکون موجبا للامتزاج و أما علی تقدیر کونه موجبا للنقیصة فذلک قد یکون بنقصان جزء من المبیع و أخری بنقصان وصف الصحة و ثالثة بنقصان وصف الکمال بحیث لها دخل فی زیادة المالیة و رابعة بنقصان وصف لیس دخیلا فی زیادة القیمة أصل أما الأخیر فهو أیضا خارج عن المقام فإنه لا یوجب شیئا أصلا کما أن المبیع کان واجدا لوصف غیر دخیل فی زیادة المالیة و قد فقد بالفعل کأن یکون عبدا کان یجب المحل البارد و فعلا لا یحبه و أما الوجه الأول أعنی النقصان بنقصان جزء المبیع فلا شبهة أیضا فی أنه یرجع المغبون إلی البقیة و یأخذ البدل للجزء الفائت لکونه تالفا و أما المتوسطان

ص:369

أعنی ما کان الفائت هو وصف الصحة أو وصف الکمال فقد فصل المصنف فیهما بین فوات وصف الصحة و التزم بلحوقه بالجزء الفائت و بین فوات وصف الکمال و التزم برجوع المغبون الی العین بدون شیء فیه أصلا.

ثم ترقی المصنف و الحق بوصف الکمال ما لو وجدت العین مستأجرة فان علی الفاسخ الصبر الی أن ینقضی مدة الإجارة و لا یجب علی الغابن بدل عوض المنفعة المستوفاة بالنسبة إلی بقیة المدة بعد الفسخ لأن المنفعة من الزوائد المنفصلة المتخللة بین العقد و الفسخ فهی ملک للمفسوخ بالمنفعة الدائمیة تابعة للمالک المطلق فإذا تحقق فی زمان ملک منفعة العین بأسرها ثم ذکر أنه یحتمل انفساخ الإجازة فی بقیة المدة لأن ملک منفعة الملک المتزلزل متزلزل و هو الذی جزم به المحقق القمی إذا فسخ البائع بخیاره المشروط له فی البیع ثم اشکال علی ذلک بمنع تزلزل ملک المنفعة نعم ذکر العلامة فی القواعد فیما إذا وقع التفاسخ لأجل اختلاف المتبایعین أنه إذا وجد البائع العین مستاجرة کانت الأجرة للمشتری المؤجر و وجب علیه للبائع أجرة المثل للمدة الباقیة بعد الفسخ و قرره علی ذلک شراح الکتاب.

أقول أما ما ذکره من الفرق بین وصف الصحة و التزم بالأرش و بین وصف الکمال و التزم بالرجوع الی العین بدون شیء لا یرجع الی محصل و ذلک لان الأوصاف مطلقا سواء کانت أوصاف الصحة أو أوصاف الکمال ان کانت تقابل بالمال فلا بد من الرجوع الی الأرش فی کلیهما و الا فلا و اذن فلا وجه للفرق بین وصف الصحة و بین وصف الکمال و حیث ذکرنا مرارا و ستعرف فی أحکام الشروط أن الأوصاف مطلقا لا تقابل بالمال فاذن فلا وجه للرجوع إلی الأرش بل إذا رجع المغبون الی العین و

ص:370

واجدة لها و یرجع الی التفاوت بینهما لا أن الأوصاف لها قیمة فیرجع إلیها.علی أنه لو کانت الأوصاف تقابل بالمال فمقتضی القاعدة أن تنقص من الثمن سواء طالب المغبون أم لا لا أن یرجع الی الغابن و یؤخذ منه الأرش و أما ثبوت الأرش فی خیار العیب مع المطالبة فمن جهة النص.

و بعبارة أخری أن التفرقة بین وصف الکمال و وصف الصحة انّما یکون بأحد الوجهین الأول کون وصف الصحة بمنزلة الجزء الفائت بأن یقع مقدار من الثمن بإزائه بحیث لازمه ان ینقص من الثمن مع فوته عند الغابن دون وصف الکمال و لهذا ممّا لم یلتزم به المصنف بل و لا یمکن الالتزام به لأن الأوصاف و ان کانت موجبة لزیادة مالیة المال الا أنها لا تقع فی مقابلها شیء من العوض فی عقد المعاوضة و ثبوت الأرش فی خیار العیب فی مقابل وصف الصحة انّما هو بالتعبد لا من جهة وقوع الثمن بإزائه و الا کان اللازم رد بعض من خصوص الثمن.

و الوجه الثانی أن یکون زوال وصف الصحة تحت الید موجبا للضمان دون وصف الکمال فیقال بان الضمان المعاوضی و ان تبدل بضمان الید بعد القبض الا أن تبدله انما هو فی خصوص العین و وصف الصحة دون وصف الکمال و هذا أیضا ممّا لا یمکن الالتزام به لأنه لا فرق بین الأوصاف فی أنها بأجمعها مضمونة علی المفسوخ علیه کما تکون مضمونة علی الغاصب لان وجه الضمان فی البابین انما هو قاعدة ضمان الید و أنه لا بد من رد العین علی الوجه الذی وضع الغاصب علیه الید ففی کل مورد کانت الید ید ضمان فلا و أن ترد العین علی النحو الذی أخذت و حیث کانت فاقدة لجهة دخیلة فی مالیة العین فلا بد و أن تقوم العین واجدة لها و

ص:371

فاقدة لها و یؤخذ التفاوت و علی الجملة لو تمت هذه القاعدة لا یکون ضمان لوصف الصحة أیضا بل العین لان کلا منهما ملک الغابن و تلف تحت یده مع أنه ضامن بلا شبهة و کیف کان فمقتضی قاعدة ضمان الید هو الرجوع الی الغابن علی العین علی النحو الذی وضع الغابن یده علیها فان کانت موجودة صحیحة أخذت العین و الا فالبدل بالمقدار الذی فاتت عنها کلا أو جزء کما لا یخفی فافهم.

لا یقال أو یوم الفسخ هو یوم الضمان و من الواضح أن المعین فی هذا الیوم فاقدة للوصف فلا یکون وصف الصحة تحت الضمان فإنه یقال أن الضمان المعاملی الذی هو المعنی فی کل عقد یضمن بصحیحة یضمن بفاسده موجود من الأول فلا بد و أن یخرج من عهدته کما إذا تلفت العین قبل الفسخ بلا عیب و نقصان فان المغبون یرجع بعد الفسخ علی العین الصحیح عینا أو بدلا فافهم.

و أما ما أورد علی المحقق القمی من عدم کون الملکیة متزلزلة من الأول فی عقد الإجارة صحیحة و لکن لیس لازمه أن لا یکون للمغبون الا العین الخالیة عن المنفعة و الا فربما یکون الغبن فی إرجاع العین بلا منفعة إلی نهایة مدة الإجارة أکثر من الغبن فی أصل العقد و لا أنه لنا دلیل علی الرجوع الی أجرة بقیة المدة کما ذکره فی القواعد بل مقتضی قانون الفسخ و قاعدة ضمان الید ان یرجع الی العین علی النحو الذی اسلمها الی الغابن بجمیع خصوصیات تلک العین و حیث کانت الخصوصیات فائتة فتقوم العین صحیحة و واجدة لجمیع المنافع بالفعل و فائدة للمنفعة إلی مدة فیؤخذ التفاوت و لکن هنا نکتة تنبه بها شیخنا الأستاذ و لیس ان نقصان العین عن القیمة المتعارفة انما کان فاقدة

ص:372

لمنفعة مدة خاصة و إذا فیکون التفاوت بمقدار اجرة مثل بقیة المدة و لذا عبر فی القواعد بأجرة المثل فافهم.

و الحاصل ان التصرف قد لا یکون موجبا للتغیر لا عینا و لا حکما و هذا لا شبهة فی انه یرجع الفاسخ الی المفسوخ علیه بلا ضمان علی شیء أخر و قد یکون موجبا للتغیر اما بالنقیصة أو بالزیادة أو بالامتزاج أما النقیصة فقد عرفت انها قد تکون بنقصان الجزء و قد یکون بنقصان وصف الصحة و قد یکون بنقصان وصف الکمال و قد یکون بنقصان وصف لا دخل له فی زیادة المالیة أصلا اما الأخیر فلا شبهة فی خروجه عن محل الکلام بداهة عدم دخله فی المالیة أصلا فلا یکون نقصانه موجبا للضمان أصلا و اما بقیة الأقسام فلا شبهة فی کون النقصان فیها موجبا للضمان فتقوم العین واجدة للخصوصیة الفائتة و فاقدة لها فتؤخذ التفاوت و الوجه فی ذلک ان قاعدة ضمان الید تقتضی ضمان العین علی النحو الذی أخذها من المالک و وجب علیه ردها الی صاحبها بجمیع الخصوصیات الدخیلة فی المالیة و ما ذکره المصنف من الفرق بین وصف الصحة و صفة الکمال لا یمکن المساعدة علیه فإنهما مشترکان من حیث عدم مقابلتها بالمال بنفسهما و من حیث دخلهما فی زیادة المالیة کما لا یخفی.

و کذا إذا کانت العین مستأجرة فإن مقتضی الید هو إرجاع العین علی النحو الذی أخذها الغابن من المغبون و من الواضح ان العین لم تکون مسلوبة المنفعة حین ما أخذها الغابن من المغبون فلا بد من ردها واجدة للمنفعة و حیث انها مستاجرة و مسلوبة المنفعة إلی مدة معینة فتقوم واجدة للمنفعة و فاقدة لها و یؤخذ التفاوت و لا وجه لما ذکره المصنف من عدم الشیء علی الغابن کما هو واضح.

ص:373

ثم ان هنا قسما آخر من النقیصة الذی لم یتعرض له المصنف و لعله کان من جهة الوضوح و هو ان النقصان قد یکون حکمیا بمعنی یکون نقصان فی القیمة السوقیة و هذا لا یدخل تحت الضمان بوجه فان مقتضی ضمان الید هو إرجاع العین علی النحو الذی أخذت من المالک و من الواضح ان العین إذا ردت کک یسقط الضمان عن ذی الید و اما تفاوت القیمة فلا یدخل تحت الضمان کما هو واضح فافهم.

و اما إذا کان التصرف موجبا للزیادة فقد تکون الزیادة حکمیة بأن یکون التفاوت فی زیادة القیمة السوقیة و هذا لا یوجب الضمان أیضا کما کان لا یوجب فی طرف النقیصة فلیس للغابن ان یرجع الی المغبون بزیادة القیمة فإن مقتضی قاعدة الید هو ضمان العین بجمیع خصوصیاتها الدخیلة فی مالیتها و المفروض انها رجعت کک و اما زیادة القیمة السوقیة کنقصانها فلا تدخل تحت الضمان فلا مقتض للضمان هنا أصلا لا زیادة و لا نقیصة کما لا یخفی و إذا فسخ المغبون و رجع الی العین فلیس للغابن ان یدعی ان العین قد زادت قیمتها و ان ترد الزیادة لعدم کون المغبون ضامنا لهذه الزیادة و انه أخذ العین علی النحو الذی کان دفعها الی الغابن مع الخصوصیات الدخیلة فی المالیة فزیادة القیمة أو نقصانها بحسب السوق لیست من تلک الخصوصیات فافهم.

و ان کانت الزیادة فی الأوصاف التی لا تکون دخیلة فی المالیة أصلا کما تقدم نظیره فی طرف النقیصة أیضا کقصارة الثوب(أو غسله)و صفاء الذهب بان نظفه فصار نظیفا و هکذا فمثل هذه الزیادة أیضا لا شیء علیها کما لا شیء علی مثلها فی طرف النقیصة.

و اما إذا کانت الزیادة فی الأوصاف التی لها دخل فی زیادة المالیة

ص:374

کتعلیم العبد صفة العلم و الکتابة و الخیاطة أو صنعة من الصنائع و کصرورة العین سمینا و غیرها من الأوصاف التی أحدثنا المشتری فی العین و أوجبت زیادة المالیة فإذا فسخ المغبون العقد و قدر صارت العین متغیرة بمثل هذه الزیادة فی ملک الغابن مثل فهل للغابن ان یرجع الی هذه الزیادة أم لا فقد ذکر المصنف انه یصیر شریکا للعین مع المغبون.

أقول ان أراد من الشرکة فی العین فلا وجه له و ذلک لان الأوصاف و ان کانت واسطة لثبوت المالیة أو زیادتها فی العین و لکنها بأجمعها لا تقابل بالمال کما عرفت و علیه فلا وجه لحصول الشرکة فی العین بزیادة تلک الأوصاف لعدم المقتضی لذلک و ان أراد ان حصول الشرکة فی المالیة فهو متین بمعنی ان تلک الأوصاف قد أوجبت زیادة المالیة فی العین فتلک الأوصاف بنفسها و ان لم یقابل بالمال و لا تدخل تحت الضمان و لکنها تقابل المال بتبع العین فهی واسطة لثبوت المالیة أو زیادتها فی العین و العین واسطة لعروض المالیة علی تلک الأوصاف و علیه فیکون الغابن بعد فسخ المغبون شریکا فی مالیة العین مع زیادة الوصف الموجب لزیادة قیمة العین و من هنا تکون هذه الأوصاف داخلة تحت الضمان فی طرف النقیصة أیضا کما هو واضح و الشاهد علی حصول الشرکة فی المالیة هی السیرة العقلائیة فان سیرتهم قائمة علی ان زیادة الأوصاف توجب زیادة المالیة بحیث یکون المحدث شریکا مع أصل المالک کما إذا اشتری صفرا من شخص فجعله قدرا أو اشتری صوفا و جعله عباء أو فراشا و هکذا ثم ظهر ان المعاملة مشتملة علی الغبن فإن السیرة قائمة علی ان الغابن شریک فی مالیة العین فی مقابل تلک الأوصاف التی

ص:375

أوجدها فی العین و لیس للمغبون أخذ العین بلا رد شیء إلی الغابن مع ان الصفر الخالص أو الصوف الخالص یساوی عشر ما یساوی القدر و العباء.

و الفرق بین الشرکة فی العین و الشرکة فی المالیة انه لو أخذ المغبون العین و زالت صفة الزیادة الموجبة الزیادة المالیة بلا تفریط من المغبون و قبل رد حصة الغابن کما إذا زالت صفة السمن أو صفة الکتابة أو صفة العلم و نحوها فإنه یزول حق الغابن لقوامه بالصفة الزائدة و المفروض انها زالت و هذا بخلاف ما إذا قلنا الشرکة فی العین فإنها قائمة بنفس العین فما دامت العین موجودة فالشرکة موجودة سواء زالت الأوصاف أم لا.

ثم ان الظاهر انه لا فارق بین حدوث هذه الأوصاف بفعل الغابن أو بفعل الله تعالی فإنه علی کل تقدیر فالشرکة فی المالیة حاصلة فان ما یقابل الأوصاف الزائدة من المالیة لیست اجرة لعمل الغابن حتی یتوهم ان الزیادة إذا کانت بفعل الله تعالی فلا عمل للمشتری حتی یقابل بالأجرة بل المقابل بالمال انما هی نتیجة العمل الصادر من الغابن و علیه فسواء کانت الزیادة بفعل الله تعالی أو بفعل الغابن فهما مشترکتان فی النتیجة فتکونان موجبتین للشرکة فی المالیة فلا وجه لما فرق به شیخنا الأستاذ بین ما کانت الزیادة بفعل الغابن فللشرکة وجه و بین ما کانت الزیادة بفعل الله تعالی فلا وجه للشرکة،و لو کان للعمل دخل فلا بد من القول بثبوت الأجرة فیما إذا عمل عملا کثیرا و لم ینتج کما إذا علم العبد الکتاب و لم یتعلم لبلادته فافهم.

و قد عرفت ان الکلام قد یقع فی صورة الإتلاف و قد تقدم الکلام فیه

ص:376

و قد یقع فی صورة النقیصة علی أقسامها و قد یقع فی صورة الزیادة و قد عرفت ان الزیادة إذا کانت فی القیمة السوقیة فلا حق للغابن ان یطالبها من المغبون لعدم المقتضی فإن له رد العین علی النحو الذی أخذها و المفروض انه لم یحدث فی العین حدثا حتی یوجب زیادة المالیة بل هی من جهة زیادة القیمة السوقیة.و کک الکلام فی النقیصة و اما الزیادة الأوصاف الکمالیة أو الصحة فقد عرفت انها تدخل تحت الضمان و توجب الشرکة فی المالیة کما لا یخفی و اما الزیادة فی الأوصاف الغیر الدخیلة فی المالیة فلا توجب شیئا بوجه.

ثم ان الزیادة قد تکون عینا ممتازا عن المبیع أو الثمن الذی غبن فیه و هذه الزیادة قد تکون أجنبیة عن العین بالکلیة و غیر مربوطة بها و هذا کما إذا اشتری الغابن دکانا فی الجادة و وضع فیه المتاع و التفت بالمغبون بالغبن ففسخ العقد فإنه یأخذ دکانه و لیس للغابن ان یقول ان ثمن متاع فی هذا المکان اغلی من المکان الآخر و النقل الیه یکون ضررا علیه فلو انتقله لحدیث نفی الضرر فان ذلک الزیادة من جهة خصوصیة المکان لا من جهة ان الغابن عمل هنا عملا فذلک العمل قد أوجب الزیادة و هذا خارج عن المقام.

و قد تکون الزیادة مع کونها ممتازة عن العین التی وقعت علیها المعاوضة مربوطة بالعین کما إذا اشتری الغابن أرضا فغرس فیها الأشجار أو بنی فیها البناء أو اشتری قمیصا و خاط فیه النقوش التی هی موجودة بعینها.

و تفصیل الکلام هنا انه قد یکون الأرض ملکا مطلقا لشخص و لکن اشغلها شخص آخر غصبا بان غصبها و بنی فیها البناء أو غرس فیها

ص:377

الأشجار و کذلک لو انتقلت الأرض إلیه بعقد فاسد و غرس فیها الأشجار و مثل ذلک ما لو أجرها من شخص و انتهی أمد الإجارة و قد اشغلها المستأجر بالبناء نحو ذلک من الموارد فإنه لا شبهة فی أمثال ذلک ان لمالک الأرض ان یطالب من مالک البناء تفریغ أرضه فإنه لا عرق الظالم و إذا منع فرغه بنفسه کما حقق فی محله و لیس علیه شیء أصلا فإنه مالک علی الأرض و لیس للغاصب ان یمنعه من التصرف فی ملکه حتی لو کانت قیمة البناء عشرة آلاف دینار و قیمة الأرض عشرة دینارا فأیضا لمالک الأرض مطالبة أرضه و لو مع رضاء مالک البناء بالبقاء علی الشرکة کما هو واضح لان مالک الأرض له السلطنة علی ملکه بمقتضی دلیل السلطنة و لیس لأحد ان یمنعه من ذلک و لیس المقام مشمولا لدلیل نفی الضرر لکونه فی مقام الامتنان و المقام لیس کک علی ان مالک البناء قد أقدم علی الضرر باختیاره.

و قد یکون ملک المالک علی الأرض ملکیة محدودة من الأول کما إذا کان لأحد حدیقة فوهب أرضها لأحد أولاده و أشجارها لأولاده الأخر فإنه لیس لمالک الأرض ان یجبر مالک الأشجار علی إجبار تفریغ الأرض فإنه مالک علی الأرض من الأول ملکیة محدودة لا ملکیة مطلقة و علیه إذا باع مالک الأشجار أشجاره من شخص فیبیعها بهذه الخصوصیة بأن تبقی الأشجار فیها لا انها تقلع و من هذا القبیل إرث الزوجة من البناء دون العقار فإنه إذا باعته من شخص لیس للورثة ان یجبروا المشتری بقلع البناء و لیس لهم ان یجبروها بقلع البناء فإنها تستحق البناء لا الأحجار و الأخشاب کما لا یخفی.

و هنا قسم ثالث لا یعلم حاله فیشک کونه من القسم الأول أو من

ص:378

القسم الثانی و هو ما نحن فیه اعنی تملک الأرض بفسخ العقد بخیار الغبن فهل یتملک المغبون الأرض ملکیة مطلقة حتی یکون له مطالبة الغابن بتفریع أرضه بلا أرش أصلا أو لا یملکه إلا ملکیة محدودة فلیس له ذلک و مثل ذلک تملک الأرض بحق الشفعة ففی المقام أقوال ثلثة قول بأنه مثل القسم الأول فلمالک الأرض الذی هو المغبون ان یطالب الغابن تفریغ أرضه من دون ان یکون علیه شیء کما اختاره فی المختلف فی الشفعة أو عدم تسلطه علیه کما علیه المشهور فیما إذا رجع بائع الأرض المغروسة بعد تفلیس المشتری أو تسلطه علیه مع الأرش کما اختاره فی المسالک هنا.

و منشا الخلاف ان الغابن الذی یستوفی منفعة الأرض إلی مدة هل یکون بذلک مالکا المنفعة الأرض إلی انتهاء المدة التی استوفی منفعتها الی تلک المدة بحیث لو عادت الأرض إلی ملک المغبون تبقی المنفعة فی ملک الغابن أیضا بغیر ان یکون علیه شیء من الأجرة کما هو کذلک فی الإجارة بأن آجر العین إلی مدة معینة حیث الإجارة لم تفسخ لوقوعها فی ملک الغابن و کذلک الأمر هنا فان التصرف قد وقع فی ملک نفس الغابن فلا یتوجه علیه غرامة أصلا.

و بعبارة أخری شأن الغرس و الزرع و البناء علی الأرض شأن إجارتها من شخص آخر إلی مدة فکما انها تکون مسلوبة المنفعة فی الإجارة و مع ذلک لیس للمغبون فسخ عقد الإجارة و کذلک فی المقام فان الاستیفاء یکون سببا لتملک المنفعة فتکون الأرض مسلوبة المنفعة و لیس للمغبون ان یطالب تفریغ الأرض غایة الأمر له حق مطالبة الأجرة علی الأرض.

و بعبارة اخری ان الغارس قد استوفی منفعة الأرض ما دام غرسه

ص:379

باقیا کما فی الإجارة فیجب علیه بعد الفسخ أو الانفساخ تدارک ما استوفاه بأجرة المثل أو قیمة النقص و التفاوت و لا یبعد ان یکون هذا القول هو المشهور بین العلماء.

أو یقال ان مالک الأرض قد دفع العین الی الغابن فارغة عن البناء و الأشجار و واجدة للمنفعة فله مطالبة أرضها بعد فسخ العین أو انفساخه علی النحو الذی دفعها الیه و لم تکن ذلک مسلوبة المنفعة أو تطلبها من الغابن کذلک بمقتضی قانون الفسخ و دلیل ضمان الید کما هو واضح و الحق هو الثانی فإن مقتضی ضمان الید هو رد العین علی النحو الذی دفعها الی الغابن و من الواضح ان الأرض التی دفعها الیه لم تکن مسلوبة المنفعة فلا بد له من ردها کذلک و اما قیاس المقام بالإجارة فبلا وجه لکونه مع الفارق فان فی عقد الإجارة قد یعتبر ملکیة المنافع إلی مدة للمستأجر و هذا لا بأس به فان الاعتبار خفیف المؤنة و لا بأس من تعلقه علی الأمر المعدوم و اما تصرف الغابن بنفسه فی الأرض علی نحو یستلزم کون الأرض مسلوبة المنفعة إلی مدة و یستوفی منفعتها لنفسه فهذا لا یعتبره العقلاء الملکیة له بوجه و إذا فإذا فسخ المغبون العقد فله مطالبة أرضه فارغة عن البناء و الغرس و له قلع ذلک کله و تفریغ أرضه فإن مقتضی الید هو ذلک.

و هل یثبت للغابن تفاوت قیمة الأشجار المغروسة أو البناء فإنها بعد القلع تکون أحجارا و اخشابا فیکون متضررا و هو منفی فی الشریعة المقدسة أو لیس له ذلک و قد یقال بثبوت تفاوت القیمة بین البناء و الأحجار و بین الشجر و الخشب علی صاحب الأرض فلا بد له ان یعطی ذلک للغابن لوجهین الأول قاعدة نفی الضرر فان قلع بناء الغابن أو

ص:380

أشجاره عن الأرض ضرر علیه فیکون منفیا بحدیث نفی الضرر فیجب علی صاحب الأرض أن یعطی الأرش لصاحب البناء أو الأشجار.

و فیه أولا ما ذکره المحقق الایروانی من أنه لیس هنا ضرر علی الغابن بل هو من قبیل عدم النفع فإنه قد بنی فی هذه الأرض البناء و غرس فیها الأشجار أو علم العبد الصناعة مثلا لینتفع بها و لم یتمکن من الانتفاع لا أنه تضرر إذ لیس له ملکیة مطلقة علی الأرض مع البناء و الأشجار الموجودة فیها بل کانت ملکیته محدودة بحدّ خاص و بوقت معین و إجبار مالک الأرض الغابن بقلع شجره أو بنائه لیس ضررا علیه بل منع عن الانتفاع به کما هو واضح.

و ثانیا أن دلیل لا ضرر لا یشمل موردا یلزم من شموله له ضرر علی شخص آخر فإنه بالنسبة الی کل منهما علی حدّ سواء فیکون شموله لأحدهما معارضا بشموله للآخر فان إجبار صاحب البناء علی قلع بنائه بدون الأجرة ضرر علیه و إعطاء صاحب الأرض قیمة البناء باستثناء أحجاره ضرر علی صاحب الأرض فإنه بأی وجه یلزم بذلک مع أنه لا یطلب إلا أرضه فمقتضی قاعدة الید هو وجوب رد أرضه علیه علی النحو الذی أعطاها للغابن و لا وجه لتضرره من جهة فعل الغابن کما هو واضح.

و بعبارة أخری أن حدیث لا ضرر وارد فی مقام الامتنان فلا یشمل موردا یکون شموله ضررا علی الغیر لأنه خلاف الامتنان(و هنا وجه ثالث نذکره فی الوجه الثانی)الوجه الثانی أن قاعدة احترام مال المسلم تقتضی أن لا یذهب ماله هدرا فان إجباره علی قلع شجرة أو أشجار عن ارض المغبون بلا إعطاء تفاوته خلاف احترام مال المسلم فلا بدّله من إعطاء تفاوت القیمة بین البناء و الأحجار و بین الأخشاب و الأشجار و قد:ذکر

ص:381

ذلک شیخنا الأستاذ.

و فیه أولا أن حفظ احترام مال المسلم یقتضی حرمة إتلافه و الا یکون المتلف ضامنا و أما ثبوت ضمانه علی شخص آخر فلا تقتضیه تلک القاعدة ففی المقام أن صاحب الأرض لا یطلب من الغابن إلا أرضه علی الذی أعطاها إیاها فلا بد للغابن ان یردها الی المغبون و حیث کانت تلک الأرض فارغة و غیر مسلوبة المنفعة فلا بد للغابن ان یردها کذلک و من الواضح ان ذلک لا یمکن الا ان یفرغ الغابن الأرض و یقلع بنائه و أشجاره و ای ربط لذلک علی ثبوت الضمان للمغبون.

و بعبارة اخری ان احترام مال المسلم یقتضی ان لا یذهب هدرا بإتلاف أحد لا انه یقتضی ان یکون ضمانه فی مورد التلف علی شخص لا یتلفه أصلا فالمغبون لا یطلب إلا أرضه و لیس له شغل بإتلاف مال الغابن و انما الغابن یتصدی بإتلاف ماله لعدم حق له فی إبقائه فی أرض الغیر و بعبارة اخری ان إبقاء الغابن ماله فی أرض المغبون بعد الفسخ حرام و لیس لبقائه فی أرض الغیر احترام أصلا فإنه بعد الفسخ یکون إبقائه ذلک فی أرض الغیر غصبا و لیس لعرق الظالم حق.

و یرد علی کلا الوجهین النقض بما إذا غرس احد أشجارا فی أرض الغیر جهلا بأنها للغیر فلم یستشکل أحد فی انه تقلع الأشجار و لیس علی الغارس شیء مع انه لیس غاصبا حتی یقال انه یؤخذ بأشق الأحوال مع ان لازم القول بثبوت التفاوت علی المغبون لقاعدة الضرر أو لقاعدة احترام مال المسلم لکان لازم ذلک ان یثبت التفاوت علی صاحب الأرض فی هذه المسألة أیضا و قد عرفت انه لم یقل احد بضمان التفاوت هنا کما هو واضح فتحصل انه لا یثبت تفاوت القیمة علی المغبون کما هو واضح.

ص:382

و قد عرفت انه کان الکلام فی تصرف الغابن مع ثبوت الخیار للمغبون و کان الکلام فی صورة الزیادة بما لا یکون متصلا بالعین و انتهی الی ما إذا غرس الغابن أشجارا فی أرض المغبون فهل له حق لإبقائها فیها أو لا و قد عرفت ان هنا أقوال ثلثة الأول عدم ثبوت حق للمغبون علی قلع الأشجار لکون تصرف الغابن واقعا فی ملکه فیکون نظیر استیفاء المنفعة بالإجارة الثانی تسلطه علی إجباره علی القلع من غیر ثبوت حق للغابن أصلا و قد اختاره العلامة فی شفعة المختلف الثالث للمغبون ان یبقی أشجاره فی أرضه مع الأجرة و هذا القول قد اختاره المسالک و تبعه جمع من المتأخرین و قد ذکرنا مدرک جواز القلع بلا أجرة الذی هو قول العلامة و اخترناه لان المغبون له حق مطالبة أرضه من الغابن علی النحو الذی سلمها الیه لدلیل الید و ان کان لازم ذلک صیرورة أشجار الغابن حطبا و قد عرفت أیضا مدرک ثبوت الأجرة من قاعدة لا ضرر و قاعدة احترام مال المسلم و قد عرفت جوابهما أیضا.

و قد ذکر شیخنا الأستاذ أو الغابن و ان کان لم یملک الأرض ملکیة مطلقة و لکنه مالک للأشجار فإذا أجبره المغبون علی القلع تکون الصورة الشجریة متبدلة بصورة الحطبیة فتزول المالیة الشجریة و من الواضح ان هذا ضرر علیه و لکن قد عرفت جوابه مما ذکرناه سابقا فان المغبون لا شغل له بإزالة المالیة عن الأشجار و ازالة الصورة الشجریة و انما له مطالبة أرضه فارغة کانت أو لا بمقتضی دلیل الید و لا یستند انتفاء المالیة من الشجرة إلی المغبون بوجه و انما لازم مطالبته الأرض هو ذلک و هو بمجرده لا یستلزم الضمان و هل یتوهم أحد انه إذا نسی أحد أو غفل ان الأرض الفلانیة ملک شخص آخر فغرس فیها أشجار ان تفاوت القیمة

ص:383

بین الشجریة الخشبیة بعد القلع علی صاحب الأرض و لیس کذلک و علی الجملة فنقطة الکلام هو ان مقتضی دلیل الید هو وجوب رد ارض المغبون علی النحو الذی أخذها الغابن منه و ما یترتب علی الرد من اللوازم فهو مطلب آخر لا یکون مستندا الی المغبون کما هو واضح و لا یقاس المقام باستیفاء المنفعة بالإجارة لکون ذلک بالملک کما عرفت.

ثم انه فرق صاحب المسالک بین الغرس و الزرع فالتزم فی الأول بعدم لزوم الصبر علی المالک لعدم وجود مدة ینتظر فیها و فی الثانی بلزوم الصبر مع الأجرة لوجود مدة ینتظر فیها و لکن لا نعرف وجها صحیحا لهذه التفرقة الأطول المدة و بعدها فإن المدة کما کانت محدودة فی الزرع کذلک کانت محدودة فی الغرس أیضا فانی معنی للقول بان فی الزرع مدة فیتفرغیها دون الغرس فأطول ما یعیش من الشجر هو النخلة فإنها علی ما یقولون تعیش مائة سنة و مع ذلک فهذه المدة محدودة فتنحل بعدها نعم فرق بینهما من حیث طول المدة و قصرها و لکنه لا یکون فرقا فی المقام فان المغبون له مطالبة أرضه من الغابن مطلقا و لا یجوز له الامتناع عن ذلک و لو کانت مدته قلیلة و دعوی عدم ثبوت حق إجبار قلع الزرع مع قصر المدة دعوی بلا وجه لکونه تخصیصا فی دلیل الید و من البدیهی انه لا دلیل علیه کما هو واضح فإنه فأی مخصص لها بالنسبة الی ما إذا کانت مدة التصرف فی العین قلیلة و قد وجه شیخنا الأستاذ کلام المسالک بأنه إذا کانت الأرض مشغولة بالزراعة فلیس فیها ضرر علی المالک إذ الأرض قابلة للزرع و معدة له و إذا اعطی الغابن أجرة الأرض فلا یکون هنا ضرر علی المالک حتی یتعارض الضرران هذا بخلاف کون الأرض مشغولة بالغرس فإنه ضرر علی المالک.

ص:384

و فیه انه لیس لهذا الکلام إلا الصورة فإنه یمکن ان یقال ان الأرض المغروسة معدة للشجر فإذا غرس الغابن فیها شجرا و اعطی أجرتها لمالکها لا یکون فی ذلک ضرر علی المالک حتی یتعارضان و هو واضح فلا دلیل علی هذه التفرقة أیضا و علی الجملة ان مقتضی دلیل الید هو تسلط صاحب الأرض علی مطالبة أرضه من الغابن و ان استلزم ذلک ضررا علی الغابن فان ذلک لا یستند الیه فافهم.

ثم انه هل یفرق بین المقام و بین مسألة التفلیس أم لا و قد ذهب المشهور إلی انه لیس للبائع الفاسخ قلع الغرس و لو مع الأرش فی التفلیس و ذکر المصنف انه یمکن الفرق بکون حدوث ملک الغرس فی ملک متزلزل فیما نحن فیه فحق المغبون انما تعلق بالأرض قبل الغرس بخلاف مسألة التفلیس لان سبب التزلزل هناک بعد الغرس فیشبه بیع الأرض المغروسة و لیس للمشتری قلعه و لو مع الأرش بلا خلاف أقول لا شبهة علی تقدیر ثبوت خیار التفلیس فلیس بین المقام و بینه فرق أصلا بل فی کلا الموردین للمالک بعد الفسخ ان یطالب ماله بمقتضی دلیل ضمان الید و لیس لأحد ان یمنع من ذلک کما هو واضح فلا وجه لما ذکره المصنف من ملاحظة الأسبقیة و اللاحقیة فإنه علی القول بالثبوت یتزاحمان و لو کان أحدهما سابقا و الآخر لاحقا إذ الأسبقیة یوجب عدم التزاحم فی المدة الخالیة عن المزاحم و لکن فی مدة وجود المزاحم یتزاحمان بقاء کما لا یخفی و لکن الذی یسهل الخطب ما ذکرناه فی عدم ثبوت حق للمشتری فی مسألة التفلیس أیضا حتی یتکلم فی التزاحم بل من له الخیار یفسخ و یأخذ أرضه من المشتری و ان استلزم ذلک ضررا علی المشتری کما لا یخفی الا ان الکلام فی أصل ثبوت الخیار فی مسألة التفلیس مع انتقال العین

ص:385

الی غیره بالهبة أو بالبیع فإنه مع ذلک لا یصدق بقاء العین کما هو واضح و قد حقق ذلک فی کتاب التفلیس نعم مع ثبوت الخیار فلصاحب الخیار إرجاع العین کما فی المقام.

ثم انه علی القول بثبوت حق المطالبة لمالک الأرض أرضه من الغابن الغارس فهل له قلع أشجاره مباشرة أو یطالب قلعه من الغابن فإذا امتنع باشره بنفسه وجوه الظاهر انه لیس له مباشرة قلعها فان الثابت علی ما ذکره المصنف لکل من المتبایعین مطالبة حقه عن الآخر فلمالک الأرض مطالبة أرضه من الغابن فلمالک الشجر مطالبة أشجاره من المغبون فإذا امتنع أحدهما عن ذلک رجع الی الحاکم و هو یجبره علی ذلک و الا باشر کل منهما علی تفریق حقه بنفسه و لو باشر مالک الأرض مثلا قلع أشجار الغابن بدون مطالبته من الغابن فضمن نقصان القیمة لکونه إتلافا لمال الغیر بدون اذنه فیکون ضامنا و من هنا ظهر حکم الأغصان الداخلة علی الجار فان الجار له إجبار مالک الأغصان علی القلع و تفریع أرضه من ذلک و هکذا الحیوان الداخل علی ملک الغیر فالمالک یجبر صاحب الحیوان علی الأخذ و الا فیخرجه بنفسه فلو أخرجه بنفسه و تلف یکون ضامنا و ما ذکره المصنف بین الأغصان الداخلة علی الجار فلا یجوز للجار إجبار المالک لکونه بلا اختیار و بین غرس الأشجار فی أرض الغیر فله إجبار المالک علی الغرس لکونه مع الاختیار لا وجه له فان دخول الأغصان علی الجار و ان کان بلا اختیار حدوثا و لکنها باقیة فی ملک الغیر باختیار المالک بقاء فله مطالبة تفریغ داره عن ملک الغیر کما لا یخفی فافهم.

و اما لو کان التغیر بالامتزاج ذکر المصنف ره صورا فی المقام لانه

ص:386

اما ان یکون بغیر جنسه و اما ان یکون بجنسه فان کان بغیر الجنس فان کان علی وجه الاستهلاک عرفا لا یحکم فی مثله بالشرکة کامتزاج ماء الورد بالزیت فإنه یعد تالفا غایة الأمر یوجب مزیة المالیة فی الخلیط الآخر فی بعض الأحیان و هذا یکون من صور زیادة مالیة العین بفعل الغابن و قد تقدم الکلام فی ذلک و ان کان الامتزاج علی وجه لا یعد تالفا کالخل الممتزج بالانجبین ففی کونه شریکا أو کونه کالمعدومة وجهان و ان کان الامتزاج بالجنس فان کان بالمساوی تثبت الشرکة و کذلک بالأردی و لو کان بالأجود احتمل الشرکة فی الثمن و ان کان الأجود یساوی قیمت الردی کان المجموع بینهما أثلاثا إلخ.

و الظاهر ان ما ذکره المصنف من الأول إلی أخره من التقسیمات مناقض لما ذکره سابق من حکم الامتزاج فی تصرفات المغبون و الظاهر انه لا فرق بینهما موضوعا و حکما و قد ذکر سابقا ان الامتزاج فی حکم التالف لحصول الشرکة المانعة عن الرد و علیه فلا وجه لما ذکره هنا من حصول الشرکة بین البائع و المشتری و قد ذکرنا سابقا فی تقریب کلام المصنف ان قانون الفسخ یقتضی رد کل من العوضین الی الآخر علی النحو الذی أخذ و من الواضح ان الامتزاج یوجب الشرکة التی عبارة عن انتقال مقدار من مال کل من الشریکین الی الآخر لتحصل الشرکة فی تمام الأجزاء التی لا تقبل القسمة عرفا و علیه فإذا فسخ المغبون و أراد رد عینه فلا یرجع الیه جمیع ما أعطاه الآخر من العوض بل مقدارا منه و مقدارا من مال الغیر لان المفروض هو حصول الشرکة کما لا یخفی و علی هذا فلا بد من الرجوع الی البدل بعد الفسخ.

و بعبارة أخری تارة نتکلم فی بقاء الخیار و عدمه مع حصول الامتزاج

ص:387

و هذا لا شبهة فیه لأنها قلنا بثبوته مع التلف و کیف بالامتزاج و الشرکة و اخری نتکلم فی إمکان رد العین مع الامتزاج و هو لا یمکن فان قانون الفسخ یقتضی رد العین علی النحو المأخوذ و المفروض انها امتزجت بغیرها و حصلت الشرکة بینهما فلو رجعت رجع نصف من العوض و نصف عن المال الآخر کما هو واضح فلا بد ح من الرجوع الی البدل من المثل أو القیمة هذا الذی ذکرناه سابقا و یجری مثله فی المقام أیضا فإنه لا فرق بین الامتزاج الحاصل بفعل الغابن أو بفعل المغبون و هذا واضح جدا.

ثم ان التکلم فی أقسام الامتزاج و حصول الشرکة فی بعضها دون بعض و ان کان خارجا عن المقام و لکن لا بأس بالتعرض لذلک لمناسبة تعرض المصنف له و الا فلیس مربوطا بخیار الغبن لما عرفت ان المزج یلحق بالخروج عن الملک و معه یمتنع الرد کما لا یخفی فنقول ان ما یمتزج من المال بمال آخر اما ان یکون بحیث یعد معدوما عرفا إذا امتزج الآخر و یکون مستهلکا فیه عرفا من غیر ان یکون ذلک موجبا للشرکة قطعا و هذا کما إذا اشتری الغابن زیتا من المغبون و مزج فیه مقدار من العطر فإنه یعد ذلک العطر تالفا فی نظر العرف فلا یوجب المزج الشرکة هنا نعم قد یوجب ذلک زیادة المالیة و ح یکون ذلک من صغریات الزیادة بتصرف الغابن و قد تقدم الکلام فی ذلک مفصلا و هذا نظیر ان یقع الجرة من الحائط و حسب مائه الحلو بحوض احد فیما ماء المر فإنهما و ان کانا من جنسین و قد امتزج أحدهما بالاخر و لکن ماء الجرة لقلته بعد تالفا فی ماء الحوض کما هو واضح فهذا القسم من الامتزاج لا یوجب الشرکة قطعا ثم ان کان ذلک بغیر اختیار فیذهب العطر و ماء الجرة هدرا العدم ما یوجب الضمان علی صاحب الزیت و الحوض من الید و الإتلاف فلا یرجع علیه

ص:388

لعدم استناده الیه و لا ان هنا ما یوجب الاشتراک کما عرفت و ان کان باختیار شخص و ان کانت یده ید ضمان فلا بد علیه من أداء بدل العطر و الماء و ان کانت یده ید امانة فلا شیء علیه هذا حکم ما لو کان احد (الممتزجین)تالفا فی الآخر مع التفصیل فی الضمان.

و ان کان الامتزاج بحیث یستهلک کل من الخلطین فی الآخر و لا تبقی لکل منهما الصورة النوعیة بل تحصیل هنا صورة نوعیة اخری و ان کان المادة منهما باقیة و هذا کمزج التریاق مع الزعفران مع بعض الأجزاء الأخر فإن ذلک یوجب تشکیل صورة نوعیة التی تسمی بمعجون البزرج الذی کان مرسوما سابقا و کان یأکله الشیوخ و لا تبقی الصورة النوعیة لکل من الاجزاء فی نظر العرف و لا یبعد ان یکون السکنجبین من هذا القبیل حیث ان کل من الخل و العسل قد زالت صورتهما النوعیة فی نظر العرف و ان کانت باقیة بالدقة العقلیة و انما تحققت هنا حقیقة أخری.

و علیه فیکون کل من مالک الخل و مالک العسل شریکا فی العین بحسب المالیة لا بحسب مقدار المزوجین یعنی یقوم العسل و یقوم الخل و ینسب أحدهما إلی الأخر فیکون کل منهما مالکا للماهیة المرکبة الحاصلة من الخلیطین بحساب المالیة لا بحساب مقدار العوضین و الا فلازم ذلک ان یکون السکنجبین الحاصل من العسل و الخل الذان کل منهما کیلو واحد ان یکونا شریکین فی السکنجبین علی نسق واحد مع ان قیمة العسل عشر مقابل قیمة الخل بل أزید و یختلف ذلک زیادة و نقیصة باختلاف الموارد ای باختلاف مالیة الممزوجین و کیف کان فتحصل الشرکة هنا فی العین باعتبار نسبة مالیة الممزوجین لا قدرهما و لیست الشرکة هنا فی المالیة فقط و لا فی المقدار فقط.

ص:389

الثالث ان یکون الممتزجان من جنس واحد و لم یکن الامتزاج موجبا لإتلاف أحدهما أو کلیهما کما فی القسمین المتقدمین بل تکون عین کل منهما موجودة حتی فی نظر العرف و ان کانا مع ذلک متساویین من حیث الجودة و الرداءة فلا شبهة فی حصول الشرکة فی العین کما هو واضح.

و إذا کان المزج بالجنس و لکن بالأردی لا بالمساوی فذکر المصنف انه تحصل الشرکة أیضا و هل یستحق المغبون أرش النقص أو تفاوت الرداءة من الجنس الممتزج أو من ثمنه وجوه و لو امتزج بالأجود احتمل الشرکة فی الثمن أو فی المالیة ثم ان هذه الوجوه تجری فیما إذا مزج المغبون ففی صورة مزج الردی بالمتوسط وجوه ثلثة و بالأجود وجهان کما ذکره المصنف و ذکر شیخنا الأستاذ ان الشرکة فی المزج بالأردی أو الأجود انما تکون فی العین بحسب المقدار لا بحسب المالیة و ذلک لان الفائت لیس إلا الخصوصیة الشخصیة دون أصل المال و وصفه و مالیته فیأخذ کل منهما بمقدار ماله و لا وجه للشرکة فی المالیة لأنه إذا أمکن الشرکة فی المقدار لا تصل النوبة إلی الشرکة فی القیمة نعم لو کان المزج بفعل الغاصب أو الغابن بالاردء فعلیه أرش النقص.

أقول:لا شبهة فی ان المزج یوجب الاشتراک سواء کان بفعل الغابن أو بفعل المغبون اختیاریا کان أم قهریا فإنه علی کل تقدیر یوجب الشرکة و ذلک لبناء العقلاء علی ذلک و علی هذا فلو حصلت الشرکة القهریة بین مالی شخصین بان مزج حیوان حنطة احد بحنطة غیره مع کون أحدهما أجود بحیث یساوی منا منها بدرهمین و الآخر أردی منه و الظاهر انه لا یتوهم احد ان الشرکة الحاصلة هنا بالمزج لیست باعتبار

ص:390

المالیة بل باعتبار المقدار بأن یقسم بینهما علی حسب مقدار المالین مثلا إذا کان لصاحب الردی منان و لصاحب الجید منا یأخذ صاحب الردی منان و صاحب الجید منا و یکون التفاوت بینهما بین المجید و الردی تالفا یعنی تذهب صفة الجودة هدرا إذ لیس المزج مستندا الی أحد حتی یکون أرش النقص علیه و الظاهر أنه هذا لا یلتزم به أحد و لا یشک ذو مسکة أن الشرکة هنا فی المالیة فإن بناء العقلاء کما أنه علی حصول الشرکة بالمزج و کک بنائهم علی کونها فی العین بحسب المالیة فی مثل المزج بالردی أو بالجید و علیه فلا وجه لما ذکره شیخنا الأستاذ من القول بکون الشرکة فی القیمة و أما الرجوع الی الأرش فلیس له دلیل أیضا بعد ما یمکن الرجوع الی نفس المال و کذلک لا دلیل أیضا علی بیع العین الممتزجة و الاشتراک فی الثمن بل لا بدّ من الشرکة فی العین باعتبار ملاحظة المالیة کما هو واضح.

و علیه فلا وجه لما ذکره شیخنا الأستاذ من القول بکون الشرکة فی القیمة نعم بقی هنا شیء و هو ما ذکره شیخ الطائفة من أنه إذا کانت الشرکة فی المالیة یلزم الربا فإنه إذا مزّج منّ من الحنطة الجیدة بمنّ من الحنطة الردیة و قلنا بالشرکة بحسب المالیة فإنه یکون لصاحب الحنطة الجیدة أکثر من صاحب الحنطة الردیة کما إذا کانت قیمة الردی درهما و قیمة الجید درهمین فان العین الممزوجة تقسم بینهما أثلاثا فیأخذ صاحب الجید ثلثین و صاحب الردی ثلثا و یلزم الربا.

و لکن یرد علیه ان الربا لا یجری إلا فی المعاملات المشتملة علی المعاوضات و حصول الشرکة القهریة بسبب المزج لیس کک فلا یجری فیها الرّبا.

ص:391

ثمّ انه ربما یقال ان المزج إذا کان بفعل الغاصب بأن مزج الحنطة الردیة المغصوبة بحنطته الجیدة فتکون الشرکة هنا فی المقدار لان الغاصب یؤخذ بأشق الأحوال و لکن یرد علیه أنه لا دلیل علی أنه یؤخذ الغاصب یؤخذ بأشق الأحوال و ما ذکرناه من الشرکة فی المقدار جار هنا أیضا فیکون ذلک نظیر مزج الخل بالانجبین سواء کان المزج بفعل الغاصب أو بفعل غیره اختیاریا أم غیر اختیاری ثمّ هذا کله إذا لم یکن المزج موجبا لنقصان القیمة بأن تکون قیمة کل من الردی و الجید محفوظا کما إذا اشتری الغابن منا من الحنطة الجیدة من المغبون التی قیمتها درهمان و مزجه بمنّ من حنطته الردیة التی قیمة درهم واحد و کانت المجموع المرکب قیمته ثلاث دراهم فإنه ح لم ینقص من قیمتها شیء و قد ینقص من قیمة الجید بواسطة المزج کما إذا اشتری کیلوا من الأرز الرشتی بمائه فلیس و مزج ذلک بارز کان قیمته عشرین فلسا و مزجهما الغابن فإنه ح تکون قیمة الأجود نازلا فإن زیادة القیمة من جهة جودته و صفائه و لعل قیمة الممتزجة لا تسوی أکثر من درهم واحد و علی هذا فان کان المزج بفعل الغابن أو الغاصب أو شخص آخر کان أرش النقص علیه لکونه سببا فی هذا النقص و ان کان المزج قهریا أو بفعل صاحب الجید سواء کان هو الغابن أو المغبون فلا شیء علی صاحب الردی لانه یطالب ماله بجمیع الخصوصیات فحیث لا یمکن رده کک فیأخذه بحسب المالیة یعنی یأخذ من العین بنسبة مالیة ماله لا بحسب مقداره کما عرفت من غیر ان یعطی تفاوت القیمة لعدم استناده الیه و هذا واضح جدا.

ثم بقی هنا شیء و هو انه لو امتزج غیر الجنس بغیر جنسه من غیر ان یکون أحدهما مستهلکا فی الآخر بحیث یکون تالفا کما تقدم من مزج

ص:392

العطر بالزیت و لا ان یکون کلاهما مستهلکا بحیث یکون المزج موجبا لتشکیل هیئة خاصة و ماهیة مرکبة و تکون صورتها النوعیة العرفیة غیر الصورة النوعیة فی إجراء المرکب بحیث تکون الشرکة فی المالیة کما تقدم فی مثل مزج الخل بالانجبین و لا ان یکون من قبیل مزج الجنس بالجنس بحیث تکون الشرکة فی العین فی فرض تساوی القیمتین و فی المالیة فی فرض عدم تساویهما بل یکون مزج غیر جنس بغیر جنسه بحیث یکون کل منهما ممتازا عن الآخر کمزج الحمصة مع الأرز و کمزج دقیق الأرز مع دقیق الشعیر و هکذا فان هذا القسم لا یجری فیه شیء من الأقسام المذکورة فلا بد فیه من الحکم بالشرکة فی العین بحسب المالیة أیضا کما هو واضح.

ثم انک قد عرفت ان التکلم فی أقسام الشرکة بالمزج لا یرتب بخیار الغبن أصلا فإن المزج الذی یوجب الشرکة کسائر النواقل اللازمة و انما التکلم هنا بمناسبة تکلم المصنف فیه فتحصل ان المزج یوجب الشرکة فی العین اما باعتبار المالیة أو باعتبار المقدار فلا یلزم منه الربا أیضا و لا یرجع الی الأرش أو البیع و الاشتراک فی الثمن.

قوله بقی الکلام فی حکم تلف العوضین مع الغبن

أقول التکلم فی التلف من جهة دفع توهم ان تصرف المغبون یکون مسقطا للخیار فالتلف أولی بأن یکون مسقطا للخیار و الا کان الاولی التعرض لذلک فی أحکام الخیار و انما ذکروه هنا لدفع هذا التوهم ثم ان المصنف قسم التلف إلی أقسام فإنه اما ان یکون فیما وصل الی الغابن أو فیما وصل الی المغبون و علی کل تقدیر ان التلف اما بآفة سماوی أو بإتلاف أحدهما أو بإتلاف الأجنبی و الظاهر انه لا فائدة لهذا للتقسیم کما ذکره المصنف فإنه لا یفرق الحکم بین ان یکون التلف فیما وصل الی الغابن أو فیما وصل الی المغبون

ص:393

و بین ما ان یکون التلف بنفسه أو بتسبیب غیره من أحدهما أو من الأجنبی

بل اللازم ان نتکلم هنا فی مسائل ثلث

الأول فی حکم التلف و الإتلاف فإنهما واحد الثانیة فی حکم إتلاف کل من الغابن و المغبون ماله الآخر الذی انتقل من أحدهما إلی الآخر الثالث فی حکم إتلاف الأجنبی

اما المسألة الاولی فی حکم التلف و الإتلاف

فقد یکون التلف بعد الفسخ و قد یکون قبل الفسخ اما الأول فلا شبهة فی کونه موجبا للضمان فإنه بعد الفسخ یکون المال مال غیر فیکون حکمه حکم الغصب فیکون ضمانه علی الفاسخ فان یده بعد الفسخ ید ضمان فلا بد من الخروج عن عهدته لانه علی الید ما أخذت حتی تؤدی و لو کان ذلک بالسیرة سواء کان التلف غیر مستند الی شخص ای شخص کان أو مستند الیه و اما إذا کان التلف قبل الفسخ فتارة یکون الکلام بالنسبة إلی الخیار و اخری بالنسبة إلی الضمان اما الأول فقد عرفت فیما سبق ان الفسخ متعلقة العقد لا العین و علیه فیبقی الخیار علی حاله سواء کان التلف بفعل المغبون أو الغابن أو الأجنبی أو بنفسه فإذا فسخ ذو الخیار العقد فیرجع کل منهما الی البدل مع تلف العینین لان الرجوع الی العین مستحیل نعم بناء علی کون متعلق الفسخ هو العین کما ان متعلق جواز الرجوع فی المعاطاة هو العین لکان لسقوط الخیار بالتلف وجه و لکن لیس الأمر کک.

و اما الکلام فی الضمان فلا شبهة انه إذا فسخ ذو الخیار العقد فیکون ضامنا للعوض فلا بد من الخروج عن عهدته بمقتضی دلیل الید أو السیرة العقلائیة و لکن حیث یستحیل الرجوع الی العین فلا بد من الرجوع الی البدل من المثل أو القیمة و هذا لا شبهة فیه و انما الکلام فی انه مع الرجوع الی القیمة هل إلی أعلی القیم من زمان الضمان الی زمان

ص:394

الأداء أو قیمة یوم الفسخ أو قیمة یوم التلف أو قیمة یوم الأداء وجوه و قد تقدم تفصیل المسألة فی المقبوض بالعقد الفاسد و قد تعرضنا هنا لحکم الغصب و ما فی حکمه من المقبوض بالعقد الفاسد و نحوه و إجمال الکلام هنا انه قد یقال بضمان أعلی القیم فان مقتضی الید ان لا یخرج من عهدة الضمان إلا بأداء ما وضع یده علیه و من المعلوم ان العین مع قیمته الأعلی تحت ید الغاصب فتکون مضمونة علی الغاصب و من فی حکمه ممن یأخذ بالعقد الفاسد أو بالفسخ و لکن الظاهر انه لا دلیل علی الضمان بأعلی القیم بوجه کما تقدم فی مسألة الغصب و قد أشرنا الی ذلک آنفا و الوجه فیه ان ما یدخل تحت الید بواسطة الغصب و نحوه انما هو العین مع الأوصاف الدخیلة فی زیادة المالیة فإن دلیل علی الید أو السیرة العقلائیة یقتضی أداء العین مع جمیع تلک الخصوصیات و حیث استحال ذلک فلا بد من الرجوع الی البدل من المثل أو القیمة و اما ترقی القیمة السوقیة أو تنزلها فلا یدخل تحت الضمان أصلا فإن القیمة السوقیة قائمة بالاعتبار فتزید تارة و تنقص اخری فلا تدخل تحت قاعدة ضمان الید کما هو واضح فإنها لم تؤخذ حتی تکون معنی بالأداء.

و اما ضمان العین بقیمة یوم التلف فقد یقال به من جهة ان وقت الانتقال إلی القیمة هو ذلک الیوم فیضمن الغاصب و من فی حکمه بذلک القیمة و قد أجبنا عن هذا الوجه فیما سبق بأنه و ان کان یوم التلف هو یوم الانتقال إلی القیمة و لکن أی القیمة هل هی قیمة یوم التلف کما زعمه المستدل أو قیمة یوم الغصب أو قیمة یوم الأداء أو أعلی القیم فمجرد کون یوم التلف یوم الانتقال إلی القیمة لا یدل علی ان تلک القیمة هی قیمة یوم التلف کما هو واضح و علی القول بتمامیته فی مسألة الغصب لا یجری

ص:395

هنا فإنه فیما یکون المال مغصوبا و مضمونا بعینه لکی ینتقل الی البدل یوم التلف و فی المقام لیس کذلک فان التلف انما وقع فی ملک الغابن أو المغبون علی الفرض فان المفروض ان التلف انما هو قبل الفسخ فلا ضمان هنا حتی یوجب ذلک انتقال العین إلی القیمة یوم التلف کما هو واضح نعم یمکن ان یقال باعتبار ضمان قیمة یوم التلف من حین الفسخ أو یوم الأداء و لکنه لا دلیل علیه.

بقی الکلام فی ان المناط فی وقت الضمان هل هو یوم الفسخ أو یوم الأداء فذهب شیخنا الأستاذ فی خصوص هذه المسألة ان المناط هو قیمة یوم الأداء کما هو مقتضی القاعدة و تقریب ذلک ان الغاصب إذا غصب عینا فتبقی تلک العین حتی مع تلفها فی ذمة الغاصب و من فی حکمه الی وقت الأداء و ح حیث لا یعقل رد العین التالفة مع التلف فقهرا تنتقل إلی القیمة أو المثل فیکون المناط حینئذ قیمة یوم الأداء و هذا الذی تقتضیه القواعد و قد اعتمدنا علیه فی تلک المسألة ای مسألة الغصب و لکن قلنا فی تلک المسألة ان صحیحة أبی ولاد واردة علی خلافها فإنها اعتبرت فی الضمان و فی وجوب أداء القیمة قیمة یوم الغصب و علیه فرفعنا الید عن القاعدة فی مسألة الغصب و ما فی حکمه و حکمنا بوجوب قیمة یوم الغصب و هل یجوز التعدی من مورد الصحیحة الذی هو الغصب الی غیره أم لا فالظاهر انه لا مانع من التعدی و تقریب ذلک ان النسبة بین قیمة یوم الغصب و یوم الأداء هی العموم من وجه فإنه قد تکون قیمة یوم الغصب أکثر و قد تکون قیمة یوم الأداء أکثر و قد یتساویا فإذا کانت قیمة یوم الغصب أقل من قیمة یوم الأداء فیحتمل ان یکون الشارع قد لاحظ حال الغاصب و راعاه و لم یلاحظ حال غیرهم من الضمانات

ص:396

و اعتبر علیهم قیمة یوم الأداء و هو مقطوع العدم فإن القاعدة عکس ذلک و قد ذکر الفقهاء ان الغاصب یؤخذ بأشق الأحوال و یحتمل ان یکون ذکر یوم الغصب فی الصحیحة من جهة کونه هو المناط فی الضمان بالقیمة فحیث کان الأول مقطوع العدم فیتعین الثانی کما هو واضح فیحکم بکون المناط فی الضمان هو یوم الغصب حتی مع القول بان الغاصب یؤخذ بأشق الأحوال فإن المراد من أخذه بأشق الأحوال هو عدم المسامحة فی المطالبة سواء کان واجدا أم فاقدا کما یجب المسامحة فی مطالبة الدین مع العسر بل الغاصب حکمه حکم الواجد یحل عرضه و عقوبته.

و العجب من شیخنا الأستاذ مع انه بنی فی المقبوض فی العقد الفاسد علی ان المناط فی الضمان انما هو یوم الغصب لصحیحة أبی ولاد و مع ذلک بنی فی المقام بان المناط هو قیمة یوم الأداء عملا بالقاعدة.

المسألة الثانیة فیما کان تلف کل من العوضین بفعل الطرف

بأن أتلف الغابن ما انتقل منه الی المغبون و بالعکس ثم فسخ المغبون العقد و الغرض هنا بیان ان الغابن بأی شیء یضمن بإتلافه و ان المغبون بأی شیء یضمن بفسخه و هکذا إذ أتلف المغبون ما انتقل منه الی الغابن و یتکلم فی ان المغبون أی شیء یضمن بإتلافه مال الغابن و ان الغابن بأی شیء یضمن بفسخ المغبون العقد و تحقیق الکلام إذا أتلف الغابن مثلا مال المغبون الذی انتقل منه إلیه فإن أدی الغرامة فلا کلام لنا فیه و ان بقیت الغرامة حتی فسخ المغبون العقد فإنه یرجع الی الغابن بماله و حیث لیست العین موجودة فیأخذ قیمتها ان قلنا ان المناط فی الضمان بقیمة العین انما هو یوم التلف فلا کلام لنا فیه و کذا إذا قلنا بکون المناط قیمة یوم الأداء إذ لا یختلف الحال حینئذ بین ضمان المتلف و الضمان

ص:397

الحاصل بالفسخ فان المناط فی الضمان انما هو قیمة یوم التلف و ان کان الفسخ متأخرا فإنه ح یسقط الضمانین بالتهاتر فان المغبون یطلب ماله من الغابن الذی أتلفه بقیمة یوم التلف و الغابن یطلب عین هذا المال من المغبون الفاسخ أیضا بقیمة یوم التلف فیقع بینهما التهاتر و هکذا لو کان المناط هو قیمة یوم الأداء کما هو واضح و انما الکلام فیما إذا قلنا بان المناط فی ضمان القیمة انما هو قیمة یوم الغصب فإنه حینئذ یختلف ضمان الغابن بقیمة العین و ضمان المغبون بها و کثیرا ما یکون أحدهما أکثر من الآخر کما إذا أتلف الغابن العین التی انتقلت منه الی المغبون و کانت قیمته فی ذلک الیوم الذی هو یوم الغصب و الضمان عشرة ثم مضت مدة ففسخ المغبون العقد و کانت قیمة العین فی یوم الفسخ عشرین و کان هذا الیوم الذی ضمن المغبون القیمة لکونه بمنزلة یوم الغصب و علیه فتکون ما ضمنه المغبون فی صورة کون الغابن متلفا لما انتقل منه الی المغبون أقل مما ضمنه المغبون بالفسخ و ضمان الید و علیه فلا یمکن ان یقع التهاتر بینهما بالنسبة إلی تمام ما اشتغلت ذمة المتلف و ذمة الفاسخ بل بالنسبة إلی مدار خاص و اما المقدار الزائد فلا بد للمغبون ان یخرج من عهدته و یطلب من الغابن ثمنه.

و بعبارة اخری ان المغبون فی الفرض المذکور یطلب من الغابن شیئین أحدهما عین ماله التی أتلفها الغابن و الثانی الثمن الذی أعطاه للغابن فإنه یطلب منه ذلک بعد الفسخ اما الثمن فلا شبهة فی انه یطلبه من الغابن علی کل تقدیر و اما العین التی أتلفها الغابن فان کان اشتغال ذمتهما بقیمة یوم واحد اما یوم التلف أو یوم الأداء بحیث تکون ذمة الفاسخ أیضا مشغولة بقیمة یوم التلف من حین الفسخ أو کان اشتغال

ص:398

ذمتهما بقیمة یوم الأداء فلا شبهة فی سقوط حق کل منهما عن ذمة الآخر بالتهاتر سواء طلب کل منهما حقه عن الآخر أو أحدهما و هذا لا شبهة فیه و ان قلنا بضمان قیمة یوم الغصب فح تختلف الحال فی ضمان کل منهما للآخر فإنه ربما یکون ذلک فی أحدهما أزید من الآخر کما عرفت فح لا یحصل التهاتر إلا فی الجزء فقط.

و لکن یمکن ان یقال بحصول التهاتر هنا و ان قلنا فی المقبوض بالعقد الفاسد و مثله بکون المناط فی الضمان بالقیمة هو قیمة یوم الغصب لصحیحة أبی ولاد لأنها لا تشمل ما نحن فیه و بیان ذلک ان مقتضی القاعدة کما عرفت انما هو ضمان نفس العین ابتداء و انما ینتقل الی مثل أو القیمة مع عدم إمکان رد العین و عرفت أیضا ان العین تبقی فی الذمة إلی وقت الأداء ففی ذلک الوقت تنتقل إلی القیمة کما هو واضح لعدم إمکان أدائها حتی لو عادت العین الی ملک الضامن بقدرة إلهیة کان الواجب علی الضامن ان یؤدیها إلی المضمون له کما هو واضح و علیه فإذا کان ذمة کل من الغابن و المغبون مشغولة بعین واحدة أحدهما بالإتلاف و الآخر بالفسخ فان مقتضی الفهم العرفی هو وقوع التهاتر فی ذلک و عدم ثبوت حق مطالبة کل منهما علی الآخر کما إذا أخذ أحد خبزا من الخباز بعشرین فلسا مع کون الخبز خمس أفلس ثم غصب الخباز ذلک الخبز فأکله ثم التفت المغبون الی الغبن ففسخ العقد فإنه یرجع الیه و یأخذ منه عشرین فلسا و لیس للغابن فی نظر العرف ان یطالب منه خبزه و یقول وجب علیک ان تعطی خبزی و وجب علی ان اعطی خبزک فإن أهل العرف یقولون ان ما عطیته هو الذی أخذته و أکلته.

ص:399

و بعبارة اخری ان الضمان بالقیمة انما هو مع عدم التمکن من العین و قد عرفت ان العین انما هو باقیة فی ذمة الضامن الی وقت الأداء و علیه فإذا أتلف الغابن العین التی انتقل الی المغبون فتکون ضامنا لنفس ذلک العین و حیث طلبها المغبون فلا یمکن أداء نفسها فلا بد من أداء مثلها أو قیمتها و إذا فسخ المغبون العقد فتکون ذمته أیضا مشغولة بنفس تلک العین فإذا لم یخرج عن عهدة الغرامة قبل الفسخ لیکون المغبون ح متمکنا من أداء العین فإن ذمة کل منهما مشغولة بالعین کما عرفت فیقع التهاتر فیحصل الأداء کما هو واضح و ح تنقلب القیمة أو المثل الی نفس العین کما إذا عادت العین بمعجزة و من الواضح ان مورد الصحیحة انما هو صورة عدم التمکن من أداء العین و کون الضمان فی طرف واحد فلا تشمل المقام و توهم أنها مطلقة بالنسبة إلی عود العین أیضا لاستحالة الإهمال فی الواقع فاسد بل الحکم مقید فی الواقع و فی مقام الثبوت بعدم العود و فی مقام الإثبات لم یقید المولی و انما أهمل لعدم کونه فی مقام البیان من هذه الجهة و قد فرضنا الکلام فی إتلاف الغابن مال المغبون و یجری جمیع ذلک فی عکس ذلک کما یظهر بالتأمل فلا یحتاج الی التکرار ثم لا یخفی انه فی حکم الأداء لو ابرء احد ذمة المتلف فهو بمنزلة القبض.

المسألة الثالثة ان یکون المتلف هو الأجنبی

فلو أخذ منه صاحب المال قبل الفسخ قیمة یتعین رجوع الفاسخ الی المفسوخ علیه و کذا العکس و اما لو لم یأخذها ففسخ ذو الخیار فلا یتعین علی کل منهما الرجوع الی طرفه بل یتخیر بین الرجوع الی الطرف و الرجوع الی المتلف کما هو مقتضی ضمان شخصین لمال واحد علی التعاقب و لکن لا یجری

ص:400

ذلک بناء علی اعتبار قیمة یوم الفسخ بل یتعین ح الرجوع الی الطرف سواء سواء کان هو الغابن أو المغبون لأن المال و ان کان فی ذمة المتلف أیضا الاّ أنه قد أتلف هو ما لیس للفاسخ قبل الفسخ بل لطرفه فیکون الأجنبی ضامنا للمالک.الفعلی دون المالک الأصلی و المالک الأصلی یطلب مصداق مالیة یوم الفسخ فلا یشتغل بقیمة یوم الفسخ الاّ الطرف لا المتلف لکونه مکلفا بأداء قیمة یوم التلف أو یوم الأداء و ما ذکرناه أوضح بناء علی کون الطرف ضامنا لنفس العین بمقتضی دلیل الید و اللّه العالم بالأحکام و رسوله و خلفائه الکرام صلوات اللّه علیه و علیهم الی یوم القیامة

قوله مسألة الظاهر ثبوت خیار الغبن فی کلّ معاوضة مالیة

بناء علی الاستناد فی ثبوته فی البیع الی نفی الضرر أقول لم یقع التعرض لثبوت هذا الخیار فی غیر البیع فی کلمات الأصحاب کما وقع التعرض بجریان خیار الشرط فی غیره و لکن عدم تعرضهم لذلک لا یکشف عن اعتقادهم بعدم جریانه فی غیر البیع أو جریانه فیه و أما تعرضهم لعدم جریان خیار المجلس فی غیر البیع من جهة ذهاب بعض العامة إلی جریانه فی ما عدا البیع أیضا.ثمّ انه لا دلیل بالخصوص علی جریانه فی غیر البیع أو عدم جریانه فیه و انما المهم هو التعرض لمدرک هذا الخیار حتی یعلم أنه علی نحو یجری فی غیر البیع أیضا أو لا فنقول ان کان مدرک خیار الغبن هو الإجماع فلا شبهة فی عدم جریانه فی غیر البیع لأنه دلیل لبی و لا بد من أخذ المتیقن منه و هو البیع و ان کان مدرکه هو نفی الضرر فیشمل ذلک غیر البیع أیضا إلا إذا کان هنا اقدام علی الضرر فإنه مع الاقدام لا یکون هنا خیار و لا یبعد صدق الاقدام علی الضرر مع العلم و الجهل کما تقدمت الإشارة الی ذلک سابقا و لا یختص ذلک

ص:401

بصورة العلم بالغبن کما ذکره المصنف و بنی علیه و کیف لا یهمنا التکلم فی ذلک بعد ما عرفت من عدم تمامیة دلالة حدیث لا ضرر علی المقصود و انما المدرک هو الشرط الضمنی کما تقدم تفصیله و علیه فلا بد من التکلم علی هذا المبنی فنقول قد یکون البناء فی المعاملة علی الدقة و عدم المغابنة و قد یکون علی السمحة و المسامحة و قد لا یکون العقد مبنیا علی شیء اما الأول فلا شبهة فی تحقق الشرط الضمنی فیه فان بناء العقلاء علی تساوی القیمتین فیه فتکون قرینة نوعیة علی تساوی القیمتین و مع انتفاء القرینة النوعیة فتلاحظ القرینة الشخصیة علی ذلک و من ذلک الإجارة و الصلح فی مقام البیع و الإجارة و لا یفرق فیه أیضا بین أفراده إلا إذا قامت قرینة خارجیة علی عدم تحقق ذلک الشرط کالبیع بین الوالد و الولد فإنه إذا وقع الغبن فی ذلک فالارتکاز قائم علی عدم الشرط فیه نوعا.

و اما الثانی فلا یجری فیه الشرط الضمنی کالصلح فی مقام المرافعة حیث ان بنائه علی قطع النزاع و التشاح فجریان الخیار فیه ینافی ذلک و کذلک الصلح فی غیر موارد البیع و الإجارة بأن کان علی إبراء جمیع ما فی الذمة کائنا ما کان إلا إذا ظهر الحال و علم ان ما فی ذمة المدیون من الدیون أضعاف ما اعتقده المتصالح فإنه حینئذ لا قرینة نوعیة و لا شخصیة علی عدم الشرط هنا بل القرینة الشخصیة قائمة علی تحقق الشرط الضمنی کما هو واضح.

و اما الثالث فلا بد فیه من ملاحظة حال الأشخاص فی شخص المعاملة کالجعالة فعلم ان جریان الغبن فی أی معاملة یحتاج الی جریان الشرط الضمنی فیه علی تساوی القیمتین و جریان الشرط الضمنی علی تساوی القیمتین یحتاج إلی القرینة النوعیة أو الشخصیة و الحاصل ان

ص:402

مقتضی أصالة اللزوم انما هو الحکم بلزوم کل معاملة و علیه فمقتضی الأصل الاولی هو اللزوم فی جمیع المعاملات و ح فلا بد من رفع الید عنها من ملاحظة القرائن الخارجیة القائمة علی عدم اللزوم فیها فان قامت قرینة عامة کبناء العقلاء أو خاصة علی عدم التسامح و التساهل فی المعاملة أزید مما لا بد منه فلا شبهة فی تحقق الشرط الضمنی فیها علی التساوی و عدم التغابن لان هذه القرینة قرینة علی الاشتراط فیلزم الخیار من تخلفه و یجری ذلک فی کل عقد و معاملة حتی الصلح الذی کان البناء فیه علی التسامح و التساهل إلا إذا ظهر التفاوت أزید مما اعتقد المتصالح فإنه بالنسبة إلی الزائد یجری الاشتراط المذکور و یلزم من تخلفه الخیار و قد تقدم ذلک فی السابق الی جریان الخیار فی التفاوت الزائد عن المقدار الذی وقع فیه التسامح و فی کل مورد قامت قرینة عامة أو خاصة علی ان بناء المتعاقدین علی المسامحة و المساهلة بحیث تکون هذه القرینة دالة علی عدم الاشتراط فلا یجری فیه الخیار سواء کان ذلک صلحا أو بیعا فإنه ربما تقوم القرینة علی عدم الاشتراط و ان لم یلتفت المتعاملان الی الغبن کما إذا باع الوالد مالا من ولده بخمسین دینارا مع الغفلة عن کونه یساوی بالماء فإنه و ان تحقق غبن لا یتسامح هنا و لکن الارتکاز العرفی بل القرینة الخاصة أعنی رأفة الوالد علی ابنه قائمة علی عدم الاشتراط إلا إذا لم تکن بینهما رأفة تقتضی ذلک فإن القرینة العامة أو الخاصة قائمة علی اشتراط تساوی القیمتین هنا أیضا و من هنا ظهر ان المناط فی الاشتراط و عدم الاشتراط انما هو البناء الشخصی علی الاشتراط و ان کانت القرینة علی الاشتراط ربما تکون نوعیة اعنی بناء العقلاء علی الاشتراط و لکن مع ذلک قد تکون القرینة الحاصلة أیضا

ص:403

موجودة علی ذلک اعنی بناء الشخصی من المتعاملین علی التساوی أو علی عدمه و قد نقل المصنف عن بعض و قواه شیخنا الأستاذ بل قد تنحصر القرینة بالثانی مع انتفاء الاولی و قد تکون القرینة الخاصة أعنی البناء الشخصی مقدما علی القرینة العامة کما ان بناء العقلاء علی التساوی فی البیع و مع ذلک قد یکون بناء المتعاقدین علی التسامح کما تقدم و من هنا ظهر انه لا نحتاج الی تحقیق مفهوم الغبن و کون الحکم دائرا مدار صدق الغبن و عدمه کما ذکره بعضهم لا من جهة عدم وروده فی الاخبار کما ذکره المصنف بل من جهة ان مبنی المسألة لا یحتاج الی ذلک کما هو واضح.

قوله مسألة اختلف أصحابنا فی کون هذا الخیار علی الفور أو علی

التراخی علی قولین

أقول ذهب المشهور الی کون الخیار علی خلاف الأصل فیقتصر فیه علی المتیقن و ذهب بعض آخر الی ثبوته ما لم یطرءه رافع للاستصحاب و ذکر فی الریاض ان المستند فی الخیار إن کان الإجماع المنقول اتجه التمسک بالاستصحاب و ان کان نفی الضرر وجب الاقتصار علی الزمان الأول إذ به یندفع الضرر هذا فنقول ان ثبوت الخیار بعد الآن الأول یحتاج الی انتفاء أحد أمرین الأول عدم وجود المقتضی للزوم فی الآن الثانی و الثانی عدم المانع عنه فإذا ثبت أحدهما لا یثبت الخیار مستمرا بل لا بد من الأخذ بالقدر المتیقن فلا بد فی المقام من تنقیح هذا المطلب أی المقتضی و المانع و لذا ذکر جامع المقاصد ان العموم الثابت للعقد مستمر بحسب الزمان و المانع عنه مفقود فلا بد من الاقتصار بالقدر المتیقن و قد أشکل المصنف علیه و علی بقیة الوجوه المذکورة فی المقام بما ذکر أشار إلیه فی المقام و ذکر تفصیله فی کتاب الرسائل و حاصل:ان

ص:404

الحکم الثابت علی العام تارة یکون ثابتا علی افراده بحسب التعدد و التکثیر بان یکون لما تحت العام حکم فی کل آن بحیث یتکثر الحکم فی طول الزمان و یکون للعام افراد طولیة کما تکون له أفراد عرضیة کما إذا قال أکرم العلماء فیکون غرضه تعدد الحکم بحسب قطع الزمان فیکون الزمان مکثرا للحکم و یکون هنا إکرام متعدد حسب تعدد الآنات و الساعات و قد یکون الحکم الثابت لافراد العام حکما واحدا مستمرا إلی الأبد بحیث لا یکون الزمان مفردا و مکثرا و قیدا للحکم و موضوعا له بل یکون ظرفا کما إذا فرضنا فی المثال المتقدم ان وجوب الإکرام شیء واحد ثابت لافراد العلماء من غیر ان یکون التعدد بحسب الآنات بل لکل واحد من افراد العام حکم واحد مستمر من غیر ان یتعد حسب تعدد الآنات فعلی الأول فإذا ورد مخصص علی العام بان خرج إکرام زید العالم عن تحت العموم فی یوم الجمعة فلا بد من الاقتصار فی التخصیص بخصوص ذلک فقط فلا یمکن التعدی إلی الیوم الثانی أیضا بالاستصحاب لانه من قبیل اسراء الحکم عن موضوع الی موضوع آخر فهو لا یجوز لان الحکم فی حکم آن مستقل و هذا بخلاف الثانی فإنه إذا ورد التخصیص علی العام و اخرج الفرد عن تحت حکمه کان ذلک موجبا لخروجه عن تحته مستمرا و الی الأبد و فی هنا إذا شک فی ثبوت حکم العام بعد المخصص نستصحب حکم المخصص فلا مورد هنا للاقتصار بالقدر المتیقن لکونه خروجا واحدا عن تحت العام فلا یفرق فیه بین خروج عن حکم العام دائما أو فی زمان ما إذ لیس فی خروجه دائما زیادة تخصیص فی العام حتی یقتصر عند الشک فیه علی المتیقن.

و اما کشف ان الحکم الثابت علی العام استمراری أو لا فلا بد و ان

ص:405

یثبت من الخارج أو بدلیل اللغویة کما ان قوله(علیه السلام)حلال محمد(صلی الله علیه و آله) حلال الی یوم القیامة و حرامه حرام الی یوم القیامة یدل علی استمرار الاحکام الی یوم القیامة فلو ثبت من الخارج انقطاع الحلیة أو الحرمة و عدم استمرارهما الا الی وقت خاص لا یکون ذلک مشمولا للروایة فیکون خارجا عنها فإنها تدل علی استمرار الاحکام الی یوم القیامة مع عدم الانقطاع و بعده لا حلال و لا حرام حتی یستمر الی یوم القیامة و لیس فیها تعرض لإیجاد الحلال حتی یکون مستمرا و الا یلزم إیجاد الحکم موضوع نفسه و علیه فإذا ورد عام و وردت روایة مثلا علی استمرار حکم العام أو قامت قرینة علی ذلک من لغویة عدم الاستمرار نحکم بذلک فإذا ارتفع الحکم فی زمان یخرج عن تحت العام و نستصحب مع الشک حکم الخاص و لا یکون ذلک الدلیل مقتضیا لاستمراره مثلا ان أَوْفُوا بِالْعُقُودِ یدل علی وجوب الوفاء بکل عقد و لا شبهة انه لا معنی لحصول الملکیة فی آن دون الآن الثانی بحیث یکون فی کل آن حکم مستقل فمن جهة لزوم لغویة حکم الوفاء بالعقد استفدنا استمرار الحکم فی جمیع الأزمنة و إذا رفع الحکم فی زمان اعنی الوفاء لارتفاع الملکیة کما فی المعاطاة بناء علی عدم إفادتها الملکیة و کعقد ازدواج بعد رفعه بالطلاق فان ما یقتضی لغویة الزوجیة فی آن دون غیره لا تشمل بعد الرفع و لم یبقی هنا شیء حتی یجب الوفاء به و لا یکون الدلیل الدال علی الاستمرار جاریا فی المقام فان الدلیل انما کان هو لزوم الغویة الملکیة فی آن واحد دون غیرها و المفروض انه لیس هنا ملکیة حتی یلزم اللغویة من اعتبارها فی زمان دون زمان آخر کما هو واضح و ان اللغویة لا توجد الملکیة و الا یلزم تعرض الحکم لموضوعه.

ص:406

و الحاصل ان روح کلام المصنف انه إذا ورد الحکم علی الاستمرار و الزمان فیکون حینئذ للعام افراد طولیة نظیر الأفراد العرضیة فیکون الزمان قیدا للحکم و مکثرا له فإذا ورد التخصیص فی زمان لا یکون مخصصا إلا فی ذلک الزمان الخاص کما هو واضح و اما إذا ورد الاستمرار علی الحکم بحیث یکون الحکم موضوعا للاستمرار فیکون الحکم ثابتا للفرد مستمرا فإذا خرج عن تحت العام خرج أبدیا کما هو واضح و ان ورود الاستمرار علی الحکم انما هو اما بدلیل اللغویة أو بدلیل خاص کما إذا فرضنا ورود الروایة علیه مثلا.

و اما الوجه فی ملاحظة الاستمرار هو ما ذکره المصنف من لزوم اللغویة من عدم ملاحظة الاستمرار أو قیام الدلیل الخارجی علی ذلک و الا فالظاهر من تعلق الحکم بالفعل هو الآن الأول لا الاستمرار و من هنا ظهر ما ذکره من تغایر مورد التمسک بالعام و مورد التمسک بالاستصحاب فان مورد التمسک بالعام انما هو صورة کون الزمان مکثرا فلا یجوز ح التمسک بالاستصحاب حتی مع وجود المانع عن التمسک بالعام بل لا بد من التمسک بأصل أخر و مورد التمسک بالاستصحاب هو فرض کون الزمان ظرفا فإنه ح لا یجوز التمسک بالعام حتی مع المنع عن التمسک بالاستصحاب.

أقول هذا الذی أفاده المصنف انما یتم فی الجملة لأنه لا یجری بالنسبة إلی الأحکام التکلیفیة بل یجری فی الأحکام الوضعیة اما الأول:

فلانه لا معنی لتوهم الاستمرار فی الأحکام التکلیفیة أصلا فإن الحکم الوارد علی الافعال سواء کان بعنوان الاستقلال و العام الاستغراقی أو بعنوان العام المجموعی یلاحظ بالنسبة الی کل فرد و علی کلا التقدیرین لا یلاحظ

ص:407

الاستمرار فیه مثلا لو قال المولی أکرم هؤلاء العشرة ثم اخرج منها واحدا لا یرتفع الحکم عن الباقی بل لا بد له فی إکرام العشرة أو قال الکذب حرام فان الظاهر منه ان کل فرد من الکذب فیکون لکل فرد حکم أی حرمة خاصة و یسری الحکم الی جمیع الافراد بعنوان الاستغراق أو بعنوان العام المجموعی و علی الأول تکون الحکم بالنسبة الی کل فرد مستقلا واضح فإذا ورد التخصیص بإخراج فرد من العام یبقی الباقی تحته کالحکم بحرمة الکذب مع إخراج فرد منها و کذا فی ناحیة الوجوب و علی الثانی ان الظاهر أیضا من تعلق الحکم بالفعل هو ثبوته له علی نحو الاستقلال کما إذا قال أکرم هؤلاء العشرة فإذا أخرج منها واحدا تبقی التسعة تحت العام و یجب إکرامهم و لیس هنا استمرار أیضا فإن اعتبار وجوب الإکرام فی ساعة دون غیرها لا یستلزم اللغویة.

و اما فی الحکم الوضعی فیجری ما ذکره المصنف مثلا إذا ورد من استولی علی شیء فهو له أو من حاز ملک و استفدنا من دلیل خارجی أو من لزوم الغویة أن تکون الملکیة حاصلة فی آن دون آن آخر فتحکم ح بحصول الملکیة المستمرة فإذا ورد فی دلیل خاص أو اللقطة العمران لا یملکها الواحد فیکون ذلک خارجا عن عموم من حاز ملک علی تقدیر کونه روایة و عن عموم من استولی علی شیء فهو له و لا یکون الدلیل الخارجی أو لزوم اللغویة المقتضیة للملکیة المستمرة شاملة للاستیلاء علی اللقطة و حیازتها لعدم حصول الملکیة هنا حتی تکون مستمرة فما ذکره المصنف صحیح فی مثل ذلک.

ص:408

و قد انتهی کلامنا الی التمسک بالعموم بعد ورود التخصیص علیه و ان المصنف قد ذکر ان مورد التمسک بالعام یغایر مورد التمسک- بالاستصحاب ففی مورد نتمسک بالعام لا یجوز التمسک بالاستصحاب حتی مع عدم التمسک بالعام و فی مورد التمسک بالاستصحاب لا یجوز التمسک بالعام حتی مع ثبوت المنع عن التمسک بالاستصحاب و فیما ورد الزمان علی الحکم و ثبت الاستمرار علیه فلا یجوز التمسک بالعام بعد ثبوت التخصیص لان الحکم لا یتعرض علی موضوعه اعنی الاستمرار و انما هو من دلیل خارجی فحیث ورد التخصیص فی الافراد الطولیة علی هذا الدلیل الخارجی المثبت للاستمرار لا یجوز بعده التمسک بالعام فی المشکوک فالمورد هنا مورد الاستصحاب و إذا کان الحکم فی العام ثابتا علی الزمان فیکون ثابتا لکل فرد طولی أیضا کما هو واضح ثم طبق ذلک علی المقام فقال ان مقتضی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ هو ثبوت الحکم لکل عقد من الافراد الطولیة فإذا خصص هذا العام و خرج منه عقد واحد فی زمان فلا یجوز التمسک بالعموم بالنسبة إلیه فی زمان آخر لعدم إمکان تعرض الحکم لاستمراره الثابت بدلیل خارجی أعنی لزوم اللغویة من اعتبار الملکیة مثلا فی زمان دون زمان آخر فلا بد من التمسک بالاستصحاب.

أقول لا بأس بما ذکره علی نحوه الاجمال لا فی جمیع الأحکام التکلیفیة و الوضعیة بل فی الثانیة فی الجملة و توضیح ذلک ان الاحکام التکلیفیة لا معنی فیها لورود الاستمرار ای الزمان علی الحکم بحیث تلاحظ علی نحوین و ذلک لأنها تحریمیة کان أو وجوبیة استغراقیة کانت أو مجموعیة إنما تتعلق بالافعال ای بأفعال المکلفین و لا شبهة ان الفعل یتقدر و یتقطع بالزمان و إذا کان ذلک الفعل متعلق للعام أو المطلق

ص:409

توجد له أفراد طولیة کماله افراد عرضیة سواء کان الحکم تحریمیا أو وجوبیا غایة الأمر،الأمر فی الأول أوضح و علی هذا فقد ذکرنا فی علم الأصول ان الإهمال فی الواقع و مقام الثبوت محال فلا یعقل ان یکون الحکم فی الواقع لا مطلقا و لا مقیدا بل کان مهملا لانه لا یعقل ان یجعل المولی حکما و لکن لا یلتفت الی أنه بأی نحو مطلق أم مقید و ان کان ذلک ممکنا فی مقام الإثبات و علی هذا فإذا ورد حکم من المولی و کان فی مقام البیان و لم یقیده بشیء نستکشف من ذلک سریان الحکم الی جمیع افراد العام أو المطلق الأفراد العرضیة أو الافراد الطولیة و علیه فإذا ورد تخصیص أو تقیید فاخرج فرد من افراد العام أو المطلق نتمسک فی الباقی بالإطلاق أو العموم فنثبت الحکم للفرد المشکوک فلا مورد هنا للاستصحاب أصلا مثلا إذا ورد عام أو مطلق علی ان الکذب حرام أو کل کذب حرام فلا شبهة ان متعلق الحرمة هنا هو الفعل الخاص الصادر من المکلف و انه یتقدر بالزمان بحیث ان الکذب الصادر منه فی هذا الزمان غیر الکذب الصادر منه فی زمان قبله کما انه غیر الکذب الصادر منه فی زمان بعده فیکون کل کذب بحسب طول الزمان و عرضه فردا مغایرا للافراد الأخر فحیث إن الإهمال فی الواقع محال فلا بد و ان یکون الحکم فیه اما مطلقا أو مقیدا فحیث لم یقید الخطاب فی مقام الإثبات مع کونه فی مقام البیان فحسب تبعیة مقام الثبوت لمقام الإثبات من حیث الإطلاق و التقیید فنکشف الإطلاق فی مقام الثبوت أیضا کما هو واضح و علی هذا فإذا خرج فرد من افراد الکذب عن تحت الإطلاق أو العموم فإنه لا شبهة فی جواز التمسک بالعموم أو الإطلاق فی الافراد الأخر فلا مجال بوجه لتوهم جریان الاستصحاب فیه و کذلک إذا ورد النهی عن شرب الخمر

ص:410

فان مقتضی الإطلاق حرمة أی شرب کان من أفراد العرضیة و الطولیة فإذا خرج فرد من تحته نتمسک فی الباقی بالإطلاق کما هو واضح إلا لوحظ الحکم بعنوان العام المجموعی أی یکون الحکم الواحد ثابتا للافراد بین المبدء و المنتهی من غیر ان یکون لکل فرد حکم واحد و کذلک الکلام فی الأحکام الوجوبیة سواء کانت استغراقیة أم مجموعیة ثم ورد مخصص فإنه یرجع فی الافراد الباقیة العام و المطلق أما فی الاستغراقی فواضح و أما فی المجموعی فأیضا کک کما إذا قال أکرم هؤلاء العشرة ثمّ أخرج واحدا فإنه لا محالة یمنع عن التمسک بالعام فی التسعة الباقیة.

و العجب من شیخنا الأستاذ حیث أصرّ فی المقام و فی الأصول علی ورود الاستمرار علی الحکم فی الأحکام التحریمیة بدعوی أنه لا معنی لکون الشیء حراما فی آن واحد لأنه حاصل بالضرورة إذ ما من محرم الاّ و یکون متروکا آنا ما فیکون الحکم التحریمی لغوا فنکشف من ذلک أن الحکم التحریمی مستمر دائما فیکون الاستمرار واردا علی الحکم و علیه فإذا ورد عام مشتمل علی حکم تحریمی ثمّ ورد علیه تخصیص فلا وجه للتمسک بالعام بل یتمسک باستصحاب حکم الخاص کما هو واضح.

و لکنه واضح الدفع فان مقتضی إطلاق الخطاب هو کون کل فرد من أفراده الطولیة بحسب قطع الزّمان محرما و أن المولی قد لاحظ فی مقام الثبوت إطلاق الحکم و شموله بجمیع الافراد مع ما عرفت أن الفعل الذی هو متعلق الحکم یتقدّر بالزّمان فلا یکون الحکم ثابتا علی جمیع الافراد بحسب الإطلاق ففی المقام و ان کان الاستمرار موجودا و لکنه لیس بمعنی أن الحکم الواحد مستمر کالملکیة مثلا بل معناه هنا انه یستمر الحکم باستمرار موضوعه یعنی ان حرمة شرب الخمر مستمرة حسب تعدد الشرب

ص:411

و استمراره و یکفی فی ذلک کون الحکم ثابتا علی الطبیعة الصرفة غیر مقیدا بقید بل ترفع عنها جمیع القیود کما هو معنی الإطلاق لا ان هنا استمرار ثابت من الخارج ببرهان اللغویة.

و علی الجملة استمرار الحکم فی التکالیف المحرمة من جهة إطلاق الحکم و تعدد متعلقة اعنی فعل المکلف المتقدر بالزمان لا من جهة دلیل خارجی کما لا یخفی و أعجب من ذلک ما استشهد علی مراده بان الفقهاء لم یجوز و اشرب الخمر فی حال المرض لاستصحاب الحرمة فلو کان الاستمرار ثابتا من ناحیة الحکم دون الخارج لم یکن لهم وجه للتمسک بالاستصحاب بل لا بد لهم من التمسک بالعام فحیث ان الاستمرار فی الأحکام التحریمیة ثبت من الخارج لا من ناحیة الحکم و لم یکن تعرض الحکم لاستمرار موضوعه مستمرا فلذا تمسکوا بالاستصحاب فی إثبات الحرمة فی حال المرض و وجه العجب ان ذلک خارج عما نحن فیه فان کلامنا فیما ورد عام ثم مخصص فی زمان و شک فی ان الفرد الخارج خارج دائم أو فی الزمان الأول و اما إذا لم یرد تخصیص أصلا فلا مجال لذلک ففی المثال المذکور لم یجد تخصیص لحرمة شرب الخمر بالنسبة الی حال المرض حتی نتمسک بالنسبة إلی المریض فی غیر حال مرضه بالاستصحاب أو بالعام بل انما هو شک فی ثبوت الحکم فی جمیع الحالات أو فی بعضها فنتمسک بالإطلاق لما عرفت من إطلاق الحکم ثبوتا و إثباتا علی انه لا نعرف ذهاب الفقهاء إلی الحرمة للاستصحاب مع ان الکتب الاستدلالیة قلیل و مع ذلک فلیس کلهم ذاهبین إلی الحرمة للاستصحاب نعم لا بأس بالواحد و الاثنین فتحصل ان الاحکام التکلیفیة بأجمعها تحریمیة أو وجوبیة استغراقیة أو مجموعیة و اما الأحکام الوضعیة فحیث ان

ص:412

متعلقها لیس فعل المکلف حتی یتقدر بالزمان بل هو أمر آخر کالملکیة و الزوجیة و نحوهما له قابلیة الاستمرار فیمکن تصدیق کلام المصنف هنا فی الجملة.

و توضیح ذلک ان اعتبار الاستمرار قد یکون بدلیل خارجی بحیث یکون واردا علی الحکم من جهة اقتضاء الدلیل الخارجی ذلک و قد یعتبر فی الحکم من جهة دلالة نفس الدلیل المتکفل لبیان الحکم علی ذلک اما الأول کما إذا لم یکن نفس الدلیل متضمنا لذلک بإطلاقه أو بعمومه بل لو اعتبر الاستمرار فیه انما یعتبر من جهة برهان اللغویة أو الدلیل الآخر من الروایة و نحوها کما إذا ورد ان من استولی علی شیء فهو له أو من حاز ملک فإنه لا معنی لحصول الملکیة بالحیازة أو بالاستیلاء آنا لکون ذلک لغوا بل حصول الملکیة فی زمان مقید به کالشهر أو شهرین أو سنة فهو ترجیح بلا مرجح فلا بد من القول بحصول الملکیة الدائمیة ففی مثل المقام فالعموم أو الإطلاق انما یتضمن بیان أصل الحکم ای حصول الملکیة بالاستیلاء و الحیازة و اما الاستمرار فهو یعلم من الدلیل الخارجی فإذا ورد تخصیص علی ذلک و دل دلیل علی عدم حصول الملکیة بالحیازة و الاستیلاء کاللقطة و مجهول المالک و شککنا فی ان ذلک خارج عن تحت العام أو المطلق فی زمان خاص أو دائما فلا یمکن التمسک بالإطلاق أو العام إذ المفروض عدم الإطلاق أو العموم و اما الدلیل الخارجی الدال علی الاستمرار فهو لا یمکن ان یتعرض موضوعه بل هو ثابت متی ثبت موضوعه و فی المثال المذکور متی ثبتت ملکیة فهی تستمر و اما مع عدم ثبوت الملکیة فأی شیء تستمر و لا شبهة ان دلیل الاستمرار یستحیل ان یتعرض لإیجاد موضوعه فإنه فی فرض وجود موضوعه یدل علی

ص:413

الاستمرار و لا یمکن ان یتعرض الحکم لموضوعه.فما ذکره المصنف صحیح فی مثل ذلک و اما إذا کان الدلیل الدال علی الحکم بنفسه دالا علی العموم أو الإطلاق أما بقید أضیف إلی الخطاب أو بمقدمات الحکمة فح لا شبهة فی جواز التمسک بالإطلاق سواء کان الحکم ثابتا لمتعلقه علی نحو العموم الاستغراقی أو العموم المجموعی و توضیح ذلک ان الاستمرار تارة یفرض فی الجعل من انه مستمر أو لا و اخری فی المجموع اما الأول بأن الجعل یدل علی الاستمرار ما لم یطرء النسخ أم لا فهو خارج عن المقام و اما الثانی فلا شبهة فی جواز التمسک بإطلاق المجعول أو بعمومه و إثبات الحکم للأفراد العرضیة و الطولیة للعام لان الإهمال مستحیل فی مقام الثبوت و المولی فی مقام البیان و فی مقام الإثبات و لم یقید کلامه بقید فنکشف منه الإطلاق مثلا ان أَوْفُوا بِالْعُقُودِ یدل علی وجوب الوفاء بکل عقد فإذا فرضنا ان الملکیة المنشئة لم تقید بشیء فی مقام الإنشاء و هکذا الزوجیة فنکشف من ذلک کونهما دائمیة فإن إطلاق المنشئة یدل علی ثبوتهما و تحققهما فی الافراد العرضیة و الطولیة و لا یفرق فی ذلک کون الحکم علی نحو العام المجموعی کما إذا إنشاء الملکیة الواحدة بین المبدء و المنتهی و هذا هو المعروف أو علی نحو الاستغراق کما إذا کانت هنا فی کل آن ملکیة مستقلة منضمة بعضها مع بعض بحیث تستمر افراد الملکیة بحسب الانضمام لا ان هنا ملکیة مستمرة بین المبدء و المنتهی و علیه فإذا أورد تقیید أو تخصیص بالنسبة إلی فرد فی زمان و شککنا فی کونه دائما أو لا فالمورد مورد التمسک بعموم العام دون استصحاب حکم المخصص و هکذا الکلام إذا لم یکن هنا إطلاق بمقدمات الحکمة أو عموم و لکن یکون فی الدلیل دال آخر علی الاستمرار کما إذا

ص:414

قال المولی مثلا أمضیت الزوجیة المستمرة أو الملکیة المستمرة فان الاستمرار یستفاد من القید و من دال آخر فإنه أیضا إذا شککنا فی مورد فی ارتفاع الحکم عن فرد بعد التخصیص إلی الأبد أو موقتا فنتمسک بعموم العام أو بإطلاق المطلق لان الحکم و الاستمرار کلاهما یستفاد من دلیل واحد و ان کان الدال متعددا و تعدد الدال غیر استفادة الاستمرار بدلیل آخر المانع من التمسک بالعموم و الا فلا طلاق دائما یستفاد من مقدمات الحکمة فلو کان مجرد تعدد الدال و لو فی دلیل واحد مانعا عن التمسک بالإطلاق أو العموم لکان لازم ذلک عدم جواز التمسک بالإطلاق فی مورد أصلا فی الفرد المشکوک بعد التخصیص کما هو واضح.

و علی الجملة حیث ان متعلق الأحکام الوضعیة لیس هو الفعل لیتقدر بالزمان بل هو أمر موجود مستقل أجنبی عن الفعل فیلاحظ فیه الاستمرار و عدمه و علیه فان کان الاستمرار مستفادا من دلیل خارجی بحیث یکون الاستمرار واردا علی الحکم فلا یجوز التمسک بالعام فالمورد مورد الاستصحاب کما ذکره المصنف و ان کان مستفادا من إطلاق الدلیل أو عمومه بحیث یکون المنشأ مطلقا بالنسبة الی الافراد کما عرفت فلا بأس بالتمسک إلی الإطلاق أو العموم الدال علی إطلاق المنشأ و عمومه بالنسبة الی کل فرد عرضیا کان أو طولیا و ان کان ذلک الإطلاق مستفادا من مقدمات الحکمة.

و حاصل الکلام من الأول ان الحکم قد یکون متعلقا بفعل المکلف و قد لا یتعلق بفعل المکلف بل یلاحظ منحازا عنه و مستقلا فی نفسه،اما الأول فکالاحکام التکلیفیة فإنها متعلقة بأفعال المکلفین فیکون متقدرا بالزمان فیلاحظ العموم أو الإطلاق فی نفس الحکم باعتبار متعلقة و لا یفرق

ص:415

فی ذلک بین ان یکون العموم استغراقیا کان یکون الحکم ثابتا لکل فرد فرد من الفعل المتقدر بالزمان بحیث یکون لکل منها حکم مستقل أو یکون العموم مجموعیا بحیث یلاحظ مجموع الافراد مجموعا و یجعل لها حکم واحد بحیث یکون کل فرد جزء للموضوع کقول المولی أکرم هؤلاء العشرة فإن الحکم هنا ثابت للمجموع من حیث المجموع فإذا شککنا فی ان الخارج عن تحت هذا الحکم هو دائمی أو مقید بیوم الجمعة فنتمسک بعموم العام و أیضا لا یفرق بین کون الحکم إیجابیا أو تحریمیا و علیه فإذا ورد علی الحکم تقیید أو تخصیص بالنسبة إلی جزء فی العام المجموعی و بالنسبة إلی فرد فی العام الاستغراقی و شککنا فی خروج فرد آخر أو خروج.

الجزء دائما أو فی ساعة فیتمسک بعموم العام أو بإطلاقه فرد المشکوک فلیس المورد من مورد التمسک بالاستصحاب و الوجه فی ذلک ان الحکم فی جمیع هذه الصور وارد علی الزمان سواء کان الزمان قیدا للحکم أو ظرفا فعلی کل لا یجری الاستصحاب اما إذا کان قیدا فلان الاستصحاب فیه من قبیل اسراء الحکم من موضوع الی موضوع آخر و اما إذا کان ظرفا فلان الأصول اللفظیة لا یجری مع الأصل اللفظی الحاکم علیها.

و اما إذا لم یکن الحکم متعلقا بالفعل کالأحکام الوضعیة و ان کان ذلک حاصلا من فعل المکلف فیلاحظ العموم أو الإطلاق بالنسبة إلی نفس الحکم المجعول فیتمسک بالإطلاق أو العموم لورود الحکم فی ذلک أیضا علی الزمان لان الظاهر ان الحکم المجعول انما جعل مطلقا فالملکیة المجعولة أو الزوجیة المجعولة إنما جعلنا مطلقتین سواء کان ملحوظا بعنوان الاستغراق کما إذا لوحظت هنا أحکام متعددة بحسب قطع الزمان بحیث یلاحظ هنا ملکیة متعددة منضمة بعضها الی بعض أو

ص:416

بعنوان المجموعی کما إذا لوحظت هنا ملکیة واحدة مستمرة بین المبدء و المنتهی فعلی کل حال جاز التمسک بالإطلاق أو العموم الملحوظان- بالنسبة إلی نفس الحکم الوضعی و علیه فإذا خرج عن العام فرد واحد أو انقطعت الملکیة فی زمان خاص و شککنا فی خروج فرد آخر طولی عنه بحیث ان یکون الملکیة فی الآن الثانی أیضا خارجة عن العموم أو الإطلاق أو شککنا فی انقطاع الملکیة فی المجموعی إلی الأبد أو فی جزء واحد من الزمان فنتمسک بإطلاق الحکم المجعول أو بعمومه و الوجه فی ذلک أیضا هو ما ذکرناه من ورود الحکم علی الزمان دون العکس لما عرفت ان المجعول مطلق أو عام اما ما ذکره شیخنا الأستاذ من عدم تعرض الحکم لاستمراره و هو یجری فی الجعل فقط لا فی المجعول لعدم تعرض الجعل لاستمراره و انه ینسخ أو لا و ان کان الجعل و المجعول من قبیل الإیجاد و الوجود و لکن بینهما فرق من جهة و هی ان الجاعل یمکن ان یجعل الحکم عاما أو مطلقا و مع ذلک لا یکون جعله مطلقا فلا أقل انه بالنسبة إلی النسخ فان الجعل لا یتعرض ببقائه و لو من حیث نسخه.

هذا کله فیما إذا کان الاستمرار مفهما من نفس الحکم بحیث یکون الحکم واردا علی الاستمرار کما عرفت و اما إذا کان الاستمرار واردا علی الحکم و یکون مفهوما من دلیل خارجی کما إذا کان دلیل الحکم بالنسبة إلی الاستمرار مهملا و غیر مقید بالاستمرار و عدمه و لکن استفدنا من الخارج کونه مستمرا فإنه حینئذ یجوز التمسک بالاستصحاب بعد التخصیص فی بعض الصور مثلا إذا ورد ان من استولی علی شیء فهو له أو من حاز ملک ورد تخصیص علی ذلک من الأول بأن قال الا الصبی مثل بان اعتبر فی التملک بالاستیلاء أو الحیازة البلوغ و ان غیر البالغ لا یملک بالحیازة و

ص:417

حینئذ إذا شککنا فی انه یملک بعد بلوغه ما حازه فی الصباوة أو لا فلا بد من التمسک باستصحاب حکم المخصص فان نفس الدلیل الدال علی الحکم لیس له عموم أو إطلاق کما هو المفروض و اما الدلیل الآخر الدال علی الاستمرار انما یدل علی استمرار الحکم الثابت و لکن لا یمکن ان یتکفل الدلیل الخارجی الدال علی اعتبار الاستمرار بإثبات الحکم لان الحکم مأخوذ فی موضوع ما یدل علی الاستمرار فالحکم اعنی الاستمرار لا یعقل ان یتکفل بموضوعه کما هو واضح.و علی الجملة فإذا کان الاستمرار مستفادا من دلیل خارجی و کان التخصیص واردا من الأول ثم شککنا فی کون الخارج دائما أو موقتا لا یمکن التمسک بالعام أو المطلق و لا یفرق فی ذلک أیضا بین کون الحکم استغراقیا أو مجموعا و اما إذا کان التخصیص واردا من الوسط بان تحقق الحکم من الأول ثم ورد تخصیص فإنه أیضا یکون المورد مورد التمسک بالعام فان العام قد شمل جمیع الأفراد الطولیة و العرضیة قبل التخصیص و بعده فإذا خرج فرد واحد نتمسک فی الباقی بالعام ثم ان ما ذکرناه من الأول إلی هنا فیما إذا کان ثبوت الحکم فی کل زمان و بقائه مدلولا للدلیل سواء کان مدلولا بما دل علی الحکم أو مدلولا لدلیل خارجی و اما إذا کان ثبوته فی کل زمان مفهوما من الدلیل التزاما لا مطابقة بأن دل الدلیل علی الاستمرار مطابقة و لازم الاستمرار هو ثبوت الحکم فی کل زمان فإنه ح إذا انقطع الاستمرار بورود التخصیص علیه ینقطع الدلالة الالتزامیة أیضا فلا یمکن ح التمسک بالعام فان مدلول العام کان هو الاستمرار فقد انقطع بالتخصیص فلا یجوز بعد ذلک التمسک بالعام و الظاهر انه قد استوفینا جمیع صور التمسک بالعام و عدمه و اما تطبیق ذلک علی المقام أعنی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فنقول ان کان

ص:418

المراد من أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ما ذکره المصنف من وجوب ترتیب الأثر علی العقد فیکون مفاد العموم هو الحکم التکلیفی أعنی وجوب ترتیب الأثر علی العقد و علیه فیتمسک بعموم أوفوا حتی بعد الفسخ أیضا فإن الحکم التکلیفی أعنی وجوب ترتیب الأثر علی العقد حکم تکلیفی استغراقی بحسب الأفراد العرضیة أی بالنسبة الی کل عقد و بالنسبة الی الأفراد الطولیة الملحوظة بحسب الآنات و الأزمنة فإذا خرج فرد واحد فیتمسک فی الباقی بعموم العام و هو واضح و اما بناء علی ما ذکرناه فی معنی أَوْفُوا بِالْعُقُودِ من کونه إرشادا إلی الحکم الوضعی أعنی لزوم العقد و انه لا ینفسخ بالفسخ فالأمر أوضح فإن الآیة تدل علی ان کل عقد فی کل زمان لازم لا ینفسخ بالفسخ فإذا خرج فرد من الافراد الطولیة یتمسک بالعموم کما یتمسک به فی الافراد الطولیة.و مع التنزل عن ذلک فیکفینا التمسک بقوله تعالی لا تَأْکُلُوا أَمْوالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْباطِلِ فإن النهی عن الأکل باعتبار الافراد المتعدد اعنی هذا الأکل و ذلک الأکل الذی عبارة عن التمسک فإذا خرج فرد و شککنا فی خروج فرد آخر أیضا فنتمسک بالعموم و هکذا قوله(علیه السلام)لا یحل مال امرء مسلم الا بطیب نفسه فان ذلک یدل علی تعدد الحکم حسب تعدد الزمان و انه فی کل زمان و ان إخراج فرد واحد لا یمنع ذلک عن التمسک بالعموم.

و إذا شککنا فی ان المغبون هل له الخیار إلی الأبد أو لا فلا بد من الاقتصار بالقدر المتیقن لأنه بالنسبة إلی غیره نتمسک بالعموم فان ما یرفع لزوم العقد بالنسبة إلی زمان خاص یتمکن المغبون فیه من الفسخ قطعی و فی غیره مشکوک فنتمسک بالعموم و علی هذا فیصح توجیه کلام جامع المقاصد من الاقتصار فی الخیار للمغبون بالمتیقن و المرجوع فی

ص:419

الزائد إلی أصالة الزوم و لیس فی کلامه غبار أصلا.

و قد تحصل موارد استمرار حکم العام عن غیر الاستمرار کما هو واضح ثم انه هل یتمسک بعموم العام فی مورد الشک بثبوت الخیار أو یستصحب حکم الخاص فذهب المحقق الثانی إلی التمسک بعموم العام و خالفه شیخنا الأستاذ و المصنف فذهبا الی استصحاب حکم المخصص فیقع الکلام فی انه هل یمکن الحکم بجریان الاستصحاب هنا مطلقا أولا سواء أمکن التمسک بعموم العام أو لا أو یفصل بین إذا کان مدرکه الإجماع أو غیره کما ذهب الیه صاحب الریاض فنقول اما بناء علی عدم جبریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة فواضح فلا مورد للاستصحاب لابتلاءه دائما بالمعارضة و اما بناء علی جریانه فیها فهل هنا خصوصیة نمنع عن جریان الاستصحاب هنا أم لا الظاهر ان فی المقام خصوصیة تقتضی عدم جریان الاستصحاب فیه و تفصیل ذلک ان مدرک خیار الغبن اما الشرط الضمنی أو قاعدة نفی الضرر أو الإجماع اما إذا کان مدرکه الشرط الضمنی فلا شبهة فی عدم جریان الاستصحاب عند الشک فی ثبوته فی الآن الثانی و عدمه و ذلک لان هذا الخیار انما جعل فی فرض التخلف علی حسب الارتکاز و هذا الارتکاز انما هو موجود فی الآن الأول دون الآن الثانی المشکوک فإثبات الحکم فی الآن الثانی من باب القیاس و من قبیل اسرار الحکم من موضوع الی موضوع آخر إذ لم یحرز موضوع الخیار فی الآن الثانی و بعبارة اخری ان شرط الخیار علی تقدیر تخلف الشرط الضمنی لیس أمرا دائمیا و انما هو فی وقت ثبت التخلف فیه و اما الفرد الآخر الذی لم یثبت التخلف فیه فاستصحاب الحکم فیه من باب القیاس کما لا یخفی و هکذا الکلام إذا کان مدرک الخیار هو قاعدة نفی الضرر فان الخیار

ص:420

انما یثبت بها من مقدار یرتفع به الضرر لا انه أمر دائمی فإثبات الحکم اعنی الخیار فی ان آخر قیاس و بعبارة اخری ان الضرر انما توجه من دوام اللزوم فإذا ارتفع اللزوم فی آن ارتفع الضرر أیضا فإثبات الحکم لغیر المتضرر قیاس فان اللزوم فی الآن الثانی مثلا لیس بضرری أصلا و الحاصل انه علی تقدیر کون دلیل الخیار الشرط الضمنی أو قاعدة نفی الضرر فالخیار لیس بدائمی کما هو واضح و من هنا ظهر الحال إذا کان مدرک الحکم هو الإجماع و ذلک من جهة ان الإجماع دلیل لبی فلا بد من الأخذ بالمتیقن و هو المتضرر نعم لو کان الإجماع علی ثبوت الخیار للمغبون کان الاستصحاب جاریا فی الآن الثانی أیضا و لکن لا نحتمل ثبوت الإجماع التعبدی علی ذلک بل مدرکه اما قاعدة نفی الضرر أو الشرط الضمنی فعلی کل تقدیر فلا یمکن إثبات الحکم فی الآن المشکوک بالاستصحاب و بعبارة اخری ان الأمر دائر بین ان یکون معقد الإجماع هو المتضرر أو المغبون فحیث انه أمر لبی فلا بد من أخذ المتیقن و هو المتضرر علی انه لا نحتمل وجود الإجماع التعبدی علی ثبوت الخیار للمغبون فاذن لا یمکن إثبات الخیار للمشکوک أیضا.

و الحاصل انه مع القول بجریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیة فلا یجری الاستصحاب فی المقام لعدم بقاء موضوعه بل تغیره کما عرفت فتحصل من جمیع ما ذکرناه انه لا یمکن التمسک باستصحاب حکم الخاص و هو الخیار فلا بد من الرجوع الی عموم العام و مع عدم جریانه فیرجع الی أصالة الفساد کما هو واضح فتحصل ان الخیار فوری خلافا لشیخنا الأستاذ و للمصنف من حیث المدرک لا المدعی کما لا یخفی.

ثم ان المراد بالفوریة هل هی الفوریة الحقیقیة و الآن الدقی العقلی

ص:421

أی الزمان الذی یمکن فیه الفسخ و لو کان مقدار یمکن فیه الأخذ بالخیار أو المراد من ذلک ما لا ینافی بعض الأفعال عادة مثل الصلاة و الأکل و الشرب و النوم و نحو ذلک أو هی أمر عرفی لا أمر دقی و لا أمر عادی الظاهر هو کذلک فان هذا الشرط کما ذکرنا ثابت بالارتکاز و هو قائم و موجود ما لم یتحقق التوانی عرفا و هذا لا ینافی بالاشتغال ببعض الافعال من الصلاة و النوم إذا کان وقته و لعل ذلک یختلف باختلاف الأشخاص بل الأمکنة و- نحوها کما هو واضح و بعبارة اخری ان الحکم فی أصل الخیار فی أمده کل ذلک بالارتکاز فبالمقدار الذی یساعده الارتکاز یحکم بثبوت الخیار و الا فلا کما لا یخفی فافهم.

ثم ان هذا الخیار انما یثبت لمن التفت بالغبن فلو التفت بعد سنة أو سنتین فیحکم بثبوت الخیار له بعد ذلک علی المقدار المتعارف من الفوریة بحیث لا یکون ذی الخیار متوافیا و لا یقول من علیه الخیار فی أی مکان کنت فی طول هذا الزمان هذا تمام الکلام فی خیار الغبن.

یوم الأحد أول شهر ربیع الأول سنة 1376 تم الجزء السادس من هذا الکتاب و یتلوه الجزء السابع ان شاء الله تعالی و الحمد لله أولا و آخرا

ص:422

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.