موسوعه الامام الصادق علیه السلام المجلد 10

اشارة

سرشناسه : قزوینی، سیدمحمدکاظم، 1308 - 1373.

عنوان و نام پدیدآور : موسوعه الامام الصادق علیه السلام/ تالیف محمدکاظم القزوینی.

مشخصات نشر : قم: الرافد، 14ق.-= 13 -

مشخصات ظاهری : 60ج.

شابک : ج.1 : 978-600-6588-19-1 ؛ ج.42 978-600-6593-06-7 : ؛ ج.44 978-600-6593-15-9 : ؛ ج.47 978-600-6593-23-4 : ؛ ج.59 978-964-8485-92-9 : ؛ ج.60 978-964-2581-88-7 :

یادداشت : عربی.

یادداشت : فهرست نویسی بر اساس جلد سی و چهارم، 1431ق. = 1389.

یادداشت : ج.24 (چاپ اول: 1431ق. = 1389).

یادداشت : ج.47 (چاپ اول: 1437ق. = 1394).

یادداشت : ج.59 (چاپ اول: 1440ق. = 1397).

یادداشت : ج.60 (چاپ اول: 1440ق. = 1398) (فیپا).

یادداشت : ناشر جلد پنجاه و نهم ، انتشارات دارالغدیر است .

یادداشت : ناشر جلد شصتم، انتشارات دار الموده است .

یادداشت : کتابنامه.

مندرجات : .- ج.34. التجاره.- ج.42. الحدود والتعزیرات

موضوع : جعفربن محمد (ع)، امام ششم، 83 - 148ق.

رده بندی کنگره : BP45/ق4م8 1300ی الف

رده بندی دیویی : 297/9553

شماره کتابشناسی ملی : 2105726

ص :1

اشارة

موسوعه الامام الصادق علیه السلام

تالیف محمدکاظم القزوینی

ص:2

بسم اللّه الرحمن الرحيم

المقدّمة

الحمد للّه ربّ العالمين وصلوات اللّه وبركاته على خير الخلق أجمعين سيدنا ونبيّنا محمد وآله الطيبين الطاهرين الهداة المهديّين، ولعنة اللّه على أعدائهم الى قيام يوم الدين.

وبعد: فهذا هو الجزء العاشر من موسوعة الامام الصادق (عليه السّلام) وهو يتضمن الأحاديث التي رويت عنه (عليه السّلام) حول المعصومين التالية أسماؤهم:

1 - الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء (عليها السّلام) سيدة نساء العالمين.

2 - الامام الحسن المجتبى (عليه السّلام) سيد شباب أهل الجنة.

3 - الامام الحسين الشهيد (عليه السّلام) سيد الشهداء وسيد شباب أهل الجنة.

4 - الامام علي بن الحسين (عليه السّلام) زين العابدين وسيد الساجدين.

ص:3

5 - الامام محمد بن علي الباقر (عليه السّلام).

6 - الامام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السّلام).

7 - الامام علي بن موسى الرضا (عليه السّلام).

8 - الامام المهدي المنتظر خاتم الاوصياء والحبل المتّصل بين الارض والسماء (عليه السّلام وعجّل اللّه فرجه الشريف).

أمّا بقية الائمة الاثني عشر (عليهم السّلام) وهم - حسب الترتيب -:

9 - الامام محمد الجواد (عليه السّلام).

10 - الامام علي الهادي (عليه السّلام).

11 - الامام الحسن العسكري (عليه السّلام) فقد مرّدت الاحاديث التي تنص على إمامة الائمة الاثني عشر (عليهم السّلام) باسمائهم - ومنهم هؤلاء الاطهار الثلاثة - في كتاب الامامة، ولم نجد أكثر من ذلك ممّا يرتبط بحياتهم وسائر أمورهم.

ولعلّ سائلا يقول: كيف تحدّث الامام الصادق (عليه السّلام) عن ثلاثة من الائمّة الذين من بعده - وهم الامام الكاظم والامام الرضا والامام المهدي (عليهم السّلام) - ولم يتحدث - بهذا الحجم - عن بقيّة الائمّة الذين ذكرناهم آنفا؟

الجواب: لعلّ السبب - واللّه العالم - ان الامام الصادق (عليه السّلام) كان يعلم - بعلم الامامة - أن كلاّ من الامام الكاظم والامام الرضا (عليهما السّلام) سوف يواجه - في أيّام إمامته - فتنة تزلزل عقائد بعض الشيعة وتؤدّي الى وقوع التفرقة والانقسام في صفوفهم.. ولهذا فلابدّ ان يركز الامام الصادق (عليه السّلام)

ص:4

على إمامة ولده الامام موسى بن جعفر وحفيده الامام علي الرضا (عليهما السّلام).

وإليك التوضيح:

الامام موسى بن جعفر (عليه السّلام) عاصر فتنة الفطحيّة، فقد ادّعى أخوه عبداللّه - المعروف بالأفطح - الامامة، وأنه الامام بعد الامام الصادق (عليه السّلام) وبهذا أوجد الفتنة والشقاق بين الشيعة، وانخدع به ضعفاء الايمان.

والامام علي الرضا (عليه السّلام) عاصر فتنة الواقفيّة، وهي الاخري احدثت شقاقا بين صفوف الشيعة، وكانت فتنة عمياء تركت آثارا سيّئة بين المؤمنين الى سنوات كثيرة وقد تحدّثنا عنها في كتابنا:

الامام الجواد (عليه السّلام) من المهد الى اللّحد.

وأمّا بالنسبة الى الامام المهدي المنتظر (عليه السّلام) فالامر أهمّ وأهم، وذلك:

1 - لأنّ فكرة الامام المهدي (عليه السّلام) كانت راسخة وثابتة عند المسلمين، وكانوا يتناقلون - خلفا عن سلف - الاحاديث المرويّة عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) حوله.

2 - وكان الامام الصادق (عليه السّلام) يري بعينه أنّ بعض ذوي المصالح والأهواء يغتنمون الفرصة ويدّعون المهدويّة.. كوسيلة للوصول الى الزعامة والرّئاسة... فهذا محمد بن عبداللّه - المعروف بالنفس الزكية - ادّعى أنّه المهدي الموعود ودعا الناس الى بيعته...

وحتى الامام الصادق (عليه السّلام) لم يسلم منه... فقد دعاه ابوه عبداللّه بن الحسن الى بيعة ولده محمد، ولمّا امتنع الامام عن البيعة

ص:5

رماه بالحسد.. وقد تحدّثنا عن هذا في الجزء الثالث من هذه الموسوعة هذا في عصر الامام الصادق (عليه السّلام).

وبعد الامام أيضا.. كانت هذه المسالة تظهر على الساحة بين الحين والآخر... ففي كل فترة يبرز رجل يدّعي انه المهدي الموعود المنتظر ويدعو النّاس الى نفسه.. حتى المهدي العباسي - الطاغوت الفاسق الفاجر - ادّعى انه المهدي المنتظر!! وقد تحدّثنا عن هذا الموضوع في كتابنا: الامام المهدي (عليه السّلام) من المهد الى الظهور في فصل: الذين ادّعوا المهدويّة كذبا وزورا.

ولهذا كان لابدّ للامام الصادق (عليه السّلام) ان يتحدّث - بصورة واسعة - عن الامام المهدي (عليه السّلام) وعلاماته وأوصافه وعلامات ظهوره وملامح حكومته وغيرها، كي لا يلتبس الامر على الناس ولا ينخدعوا بالأصوات المشبوهة المنحرفة.

3 - ان الامام المهدي (عليه السّلام) هو الامام الذي سوف يقوم باكبر حملة تطهيريّة تشمل الكرة الأرضية باكملها، حيث يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، وسوف تكون حكومة الكرة الأرضية بقيادة الامام المهدي (عليه السّلام) ممّا لم يسبق له مثيل ولا نظير.

ولهذا فمن الطبيعي ان تكون الأحاديث حول هذا الامام كثيرة..

وقد تناولنا - بالتفصيل - الحديث عن حياة الإمام المهدي (عليه السّلام) وملامح حكومته العادلة الزاهرة وحياة المجتمع في عصره - من الناحية الثقافيّة والتربويّة والاقتصاديّة والزراعيّة والأمنيّة وغيرها - في كتابنا:

ص:6

الامام المهدي (عليه السّلام) من المهد الى الظهور.

هذا.. وفي ختام هذه المقدّمة أقول: إن هذه صفحات مشرقة تتلألأ بذكر الانوار الالهيّة التي أحدقت بعرش اللّه تعالى، «خلقكم اللّه انوارا فجعلكم بعرشه محدقين» وهم حجج اللّه على خلقه، وأمناؤه على وحيه وشريعته.

هؤلاء هم الشجرة الطيّبة، والعروة الوثقى، وأولوا الامر، والراسخون في العلم، وأهل الذكر وآيات اللّه وبيّناته ونجومه وعلاماته..

هؤلاء هم الوسيلة الى اللّه وحبل اللّه المتين وصراطه المستقيم (صلوات اللّه وسلامه عليهم أجمعين).

وأسأل اللّه سبحانه ان يتفضّل عليّ بالقبول بلطفه وكرمه، وان يوفّقني لمواصلة الطريق... انه هو المستعان وهو حسبي ونعم الوكيل.

محمد كاظم القزويني

قم المقدسة - ايران

ص:7

ص:8

تاريخ السيدة فاطمة الزهراء

باب (1) نور السيدة فاطمة عليها السّلام

5297 - معاني الاخبار: حدثنا محمد بن موسى المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن يعقوب بن يزيد، قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن سدير الصيرفي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): خلق نور فاطمة (عليها السّلام) قبل أن تخلق الارض والسّماء.

فقال بعض النّاس: يا نبيّ اللّه فليست هي إنسيّة ؟

فقال: فاطمة حوراء إنسيّة.

قالوا: يا نبيّ اللّه وكيف هي حوراء إنسيّة ؟

قال: خلقها اللّه (عزّوجلّ ) من نوره قبل أن يخلق آدم إذ كانت الارواح فلمّا خلق اللّه (عزّوجلّ ) آدم عرضت على آدم.

قيل: يانبيّ اللّه وأين كانت فاطمة ؟

ص:9

قال: كانت في حقّة تحت ساق العرش.

قالوا: يا نبيّ اللّه فما كان طعامها؟

قال: التسبيح [والتقديس] والتهليل والتحميد.

فلمّا خلق اللّه (عزّوجلّ ) آدم وأخرجني من صلبه وأحبّ اللّه (عزّوجلّ ) أن يخرجها من صلبي جعلها تفّاحة في الجنّة وأتاني بها جبرئيل فقال لي: السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته يا محمّد! قلت: وعليك السلام ورحمة اللّه حبيبي جبرئيل.

فقال: يامحمّد إنّ ربّك يقرؤك السلام.

قلت: منه السلام وإليه يعود السلام.

قال: يا محمّد إنّ هذه تفّاحة أهداها اللّه (عزّوجلّ ) إليك من الجنة.

فأخذتها وضممتها إلى صدري، قال: يا محمّد يقول اللّه (جلّ جلاله): كلها، ففلقتها فرأيت نورا ساطعا وفزعت منه.

فقال: يا محمّد مالك لا تأكل ؟ كلها ولا تخف فانّ ذلك النور:

المنصورة في السماء وهي في الارض فاطمة.

قلت: حبيبي جبرئيل ولم سمّيت في السماء المنصورة وفي الأرض فاطمة ؟

قال: سمّيت في الارض فاطمة لانّها فطمت شيعتها من النّار وفطم أعداؤها عن حبّها، وهي في السّماء المنصورة وذلك قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللّٰهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشٰاءُ ) (1)

ص:10


1- (1) - الروم 30:4 و 5.

يعني نصر فاطمة لمحبّيها(1).

البحار - بيان: لعلّ هذا التأويل مبنيّ على أنّ قوله (تعالى):

(مِنْ بَعْدِ) قبل قوله: (يَوْمَئِذٍ) إشارة إلى يوم القيامة.

5298 - كشف الغمة: روى ابن خالويه في كتاب (الآل) قال:

حدّثني أبو عبداللّه الحنبلي قال: [حدثنا] محمّد بن أحمد بن قضاعة.

قال: حدثنا أبو معاذ عبدان بن محمّد قال: حدثني مولاي أبو محمّد الحسن بن عليّ ، عن أبيه علي بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن موسى، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام). قال:

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): لما خلق اللّه آدم وحوّا تبخترا في الجنة.

فقال آدم لحوّا: ما خلق اللّه خلقا هو أحسن منا.

فأوحى اللّه إلى جبرئيل: ائت بعبديّ الفردوس الاعلى. فلمّا دخلا الفردوس نظرا إلى جارية على درنوك من درانيك الجنّة(2)، وعلى رأسها تاج من نور، وفي اذنيها قرطان من نور قد أشرقت الجنان من نور وجهها فقال آدم: حبيبي جبرئيل من هذه الجارية التي قد أشرقت الجنان من حسن وجهها؟

ص:11


1- (1)- معاني الاخبار: ص 396 ح 53. منه البحار: ج 43 ص 4.
2- (2) - الدرنوك: ضرب من الثياب أو البسط، له خمل قصير كخمل المناديل وبه يشبّه فروة البعير والأسد. السان العرب).

فقال: هذه فاطمة بنت محمّد نبيّ من ولدك يكون في آخر الزمان.

قال: فما هذا التاج الذي على رأسها؟

قال: بعلها علي بن أبي طالب (عليه السّلام)(1).

5299 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني موسى بن عليّ بن موسى بن محمد بن عبدالرحمن المحاربيّ معنعنا عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد بن عليّ (عليهم السّلام)، عن أبيه، عن جدّه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): معاشر الناس تدرون لما خلقت فاطمة ؟

قالوا: اللّه ورسوله أعلم.

قال: خلقت فاطمة حوراء إنسيّهّ لا إنسيّة [و] قال: خلقت من عرق جبرئيل ومن زغبه.

قالوا: يا رسول اللّه اشكل ذلك علينا، تقول: حوراء إنسيّة لا إنسيّة ثمّ تقول: من عرق جبرئيل ومن زغبه ؟

قال: إذا انبّئكم: أهدى إليّ ربّي تفّاحة من الجنّة أتاني بها جبرئيل فضمّها إلى صدره فعرق جبرئيل وعرقت التفّاحة فصار عرقهما شيئا واحدا ثمّ قال: السلام عليك يا رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته.

قلت: وعليك السلام ياجبرئيل.

فقال: إنّ اللّه أهدى إليك تفّاحة من الجنّة فأخذتها فقبّلتها ووضعتها على عيني وضممتها إلى صدري.

ص:12


1- (1) - كشف الغمة: ج 1 ص 456. منه البحار: ج 43 ص 52.

ثمّ قال: يامحمّد كلها.

قلت: يا حبيبي [يا] جبرئيل هديّة ربّي تؤكل ؟

قال: نعم، قد امرت بأكلها فأفلقتها فرأيت منها نورا ساطعا ففزعت من ذلك النور.

قال: كل فانّ ذلك نور المنصورة فاطمة.

قلت: ياجبرئيل ومن المنصورة ؟

قال: جارية تخرج من صلبك واسمها في السّماء منصورة وفي الارض فاطمة.

فقلت: يا جبرئيل ولم سمّيت في السّماء منصورة وفي الارض فاطمة ؟

قال: سمّيت فاطمة في الارض [لانّه] فطمت شيعتها من النار وفطموا أعداؤها عن حبّها وذلك قول اللّه في كتابه: (وَ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللّٰهِ ) بنصر فاطمة (عليها السّلام)(1).

البحار - بيان: الزغب، الشعيرات الصغرى على ريش الفرخ وكونها من زغب جبرئيل، إمّا لكون التفّاحة فيها وعرقت من بينها، أو لانّه التصق بها بعض ذلك الزغب فأكله النبي (صلّى اللّه عليه وآله).

باب (2) ولادة السيدة فاطمة عليها السّلام

5300 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الجليل أبو جعفر محمد

ص:13


1- (1) - تفسير فرات الكوفي: ص 321 ح 435. منه البحار: ج 43 ص 18.

ابن علي بن الحسين بن بابويه القمي قال: حدثنا أبو عبداللّه أحمد بن محمّد الخليلي، عن محمّد بن أبي بكر الفقيه، عن أحمد بن محمّد النوفلي، عن إسحاق بن يزيد، عن حمّاد بن عيسى، عن زرعة بن محمّد، عن المفضّل بن عمر قال: قلت لابي عبداللّه الصادق (عليه السّلام): كيف كان ولادة فاطمة (عليها السّلام)؟

فقال: نعم إنّ خديجة (عليها السّلام) لمّا تزوّج بها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) هجرتها نسوة مكة فكنّ لا يدخلن عليها ولا يسلّمن عليها ولا يتركن إمرأة تدخل عليها فاستوحشت خديجة لذلك وكان جزعها وغمّها حذرا عليه (صلّى اللّه عليه وآله) فلمّا حملت بفاطمة كانت فاطمة (عليها السّلام) تحدّثها من بطنها وتصبّرها وكانت تكتم ذلك من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فدخل رسول اللّه يوما فسمع خديجة تحدث فاطمة (عليها السّلام) فقال لها: يا خديجة من تحدّثين ؟

قالت: الجنين الّذي في بطني يحدّثني ويؤنسني.

قال: يا خديجة هذا جبرئيل [يبشّرني] يخبرني أنّها انثى وأنّها النّسلة الطّاهرة الميمونة وأنّ اللّه (تبارك وتعالى) سيجعل نسلي منها وسيجعل من نسلها أئمّة ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه.

فلم تزل خديجة على ذلك إلى أن حضرت ولادتها فوجّهت إلى نساء قريش وبني هاشم أن تعالين لتلين منّي ما تلي النساء من النساء، فأرسلن إليها: أنت عصيتنا ولم تقبلي قولنا وتزوّجت محمّدا يتيم أبي طالب فقيرا لا مال له فلسنا نجييء ولا نلي من أمرك شيئا.

ص:14

فاغتمّت خديجة لذلك فبينا هي كذلك إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنّهنّ من نساء بني هاشم ففزعت منهنّ لمّا رأتهن فقالت إحداهنّ : لا تحزني يا خديجة فارسلنا ربّك(1) إليك ونحن أخواتك أنا سارة وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنّة وهذه مريم بنت عمران وهذه كلثم اخت موسى بن عمران بعثنا اللّه إليك لنلي منك ما تلي النساء من النساء، فجلست واحدة عن يمينها، واخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة (عليها السّلام) طاهرة مطهّرة.

فلمّا سقطت إلى الأرض أشرق منها النّور حتّى دخل بيوتات مكة ولم يبق في شرق الارض ولا غربها موضع إلاّ أشرق فيه ذلك النّور ودخل عشر من الحور العين كلّ واحدة منهنّ معها طست من الجنّة وإبريق من الجنّة وفي الإبريق ماء من الكوثر فتناولتها المرأة الّتي كانت بين يديها فغسّلتها بماء الكوثر وأخرجت خرقتين بيضاوين أشدّ بياضا من اللّبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر فلفّتها بواحدة وقنّعتها بالثانية ثمّ استنطقتها فنطقت فاطمة (عليها السّلام) بالشّهادتين وقالت:

أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ أبي سيّد الأنبياء وأنّ بعلي سيّد الاوصياء وولدي سادة الاسباط، ثمّ سلّمت عليهنّ وسمّت كلّ واحدة منهنّ باسمها وأقبلن يضحكن إليها وتباشرت الحور العين وبشّر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة (عليها السّلام) وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك.

وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهّرة زكيّة ميمونة

ص:15


1- (1) - فإنا رسل ربّك - البحار.

بورك فيها وفي نسلها.

فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدرّ عليها فكانت فاطمة (عليها السّلام) تنمي(1) في اليوم كما ينمي الصبيّ في الشهر وتنمي في الشهر كما ينمي الصبيّ في السنة(2).

البحار: مصباح الانوار - عن أبي المفضّل الشيباني، عن موسى بن محمّد الاشعري ابن بنت سعد بن عبداللّه، عن الحسن بن محمّد بن إسماعيل المعروف بابن أبي الشوارب، عن عبيداللّه بن عليّ بن أشيم، عن يعقوب بن يزيد، عن حمّاد مثله(3).

5301 - دلائل الامامة: حدثنا محمّد بن عبداللّه، قال: حدثنا أبو علي محمّد بن همام قال: روي أحمد بن محمد البرقي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى الأشعري القمي، عن عبدالرحمن بن بحر(4)، عن عبداللّه بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام)، قال: ولدت فاطمة في جمادي الاخري اليوم العشرين منها سنة خمس وأربعين من مولد النبي (صلّى اللّه عليه وآله) فأقامت بمكة ثمان سنين وبالمدينة عشر سنين وبعد وفاة أبيها خمسا وتسعين يوما وقبضت في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدي عشرة من الهجرة(5).

ص:16


1- (1) - النمو: إزدياد حجم الجسم بما ينضم إليه ويداخله في جميع الأقطار نسبة طبيعية بخلاف السمن والورم. (أقرب الموارد).
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 475 ح 1. منه البحار: ج 43 ص 2.
3- (3) - البحار: ج 43 ص 3.
4- (4) - عبدالرحمن بن أبي نجران - البحار.
5- (5) - دلائل الامامة: ص 9. منه البحار: ج 43 ص 9.

باب (3) نشأة السيدة فاطمة

5302 - دلائل الامامة: حدثني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا أبي قال: أخبرني أبو الحسن أحمد بن محمد بن أبي العرب الضبيّ قال: حدّثنا محمّد بن زكريا بن دينار الغلابي قال: حدثنا شعيب بن واقد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن ابن عباس قال: لم تزل فاطمة تشبّ في اليوم كالجمعة، وفي الجمعة كالشهر، وفي الشهر كالسّنة.

فلمّا هاجر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من مكة إلى المدينة - وابتنى بها مسجدا وأنس أهل المدينة به وعلت كلمته وعرف الناس بركته وسارت إليه الركبان وظهر الإيمان ودرس القران وتحدّث الملوك والأشراف وخاف سيف نقمته الاكابر والأشراف - هاجرت فاطمة مع أمير المؤمنين ونساء المهاجرين، وكانت عائشة فيمن هاجر معها [فقدمت المدينة](1) فانزلها النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) على امّ [أبي] أيّوب الانصاري وخطب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) النساء وتزوّج سودة أوّل دخوله المدينة ونقل فاطمة إليها ثمّ تزوّج امّ سلمة بنت أبي امية فقالت امّ سلمة: تزوّجني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وفوّض أمر ابنته إليّ فكنت اؤدّبها وادلّها وكانت واللّه آدب منّي وأعرف بالأشياء كلّها(2).

ص:17


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - دلائل الامامة: ص 11. منه البحار: ج 43 ص 9.

5303 - تفسير القمي: حدثني أبي، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يكثر تقبيل فاطمة (عليها السّلام) فأنكرت ذلك عائشة فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا عائشة إنّي لمّا اسري بي إلى السماء دخلت الجنّة فأدناني جبرئيل من شجرة طوبى وناولني من ثمارها فأكلته فحوّل اللّه ذلك ماء في ظهري فلمّا هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة فما قبّلتها قطّ الّا وجدت رائحة شجرة طوبى منها(1).

باب (4) أسماء السيّدة فاطمة عليها السّلام

5304 - أمالي الصدوق - علل الشرايع - الخصال: حدثنا محمد ابن موسى بن المتوكل قال: حدّثني علي بن الحسين السعدآبادي، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي قال: حدثني عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني قال: حدثني الحسن بن عبداللّه بن يونس، عن يونس بن ظبيان(2) قال: قال أبو عبداللّه الصادق (عليه السّلام): لفاطمة (عليها السّلام) تسعة أسماء عند اللّه (عزّوجلّ ): فاطمة، والصدّيقة والمباركة، والطاهرة، والزكية، والرّاضية(3) والمرضيّة، والمحدّثة، والزهراء.

ص:18


1- (1) - تفسير القمي: ج 1 ص 265. منه البحار: ج 43 ص 6.
2- (2) - الحسن بن عبداللّه بن يونس بن ظبيان - علل الشرايع.
3- (3) - الرّضية - أمالي الصدوق.

ثمّ قال (عليه السّلام): أتدري أيّ شيء تفسير فاطمة ؟(1).

قلت: أخبرني يا سيّدي.

قال: فطمت من الشرّ.

قال: ثمّ قال: لولا أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) تزوّجها لما كان(2) لها كفو إلى يوم القيامة على وجه الارض، آدم فمن دونه(3).

دلائل الامامة: أخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن أحمد العلوي المحمدي النقيب قال: أخبرني أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى القمي بهذا الاسناد نحوه وفيه: قلت: اخبرني ياسيّدي مما فطمت ؟ قال (عليه السّلام): من الشرك(4).

5305 - علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمّد بن معقل القرميسيني، عن محمّد بن زيد الجزري، عن إبراهيم بن إسحاق النهاوندي، عن عبداللّه بن حمّاد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: لم سمّيت فاطمة الزهراء زهراء؟

فقال: لانّ اللّه (عزّوجلّ ) خلقها من نور عظمته فلمّا أشرقت أضاءت السماوات والارض بنورها وغشيت أبصار الملائكة وخرّت الملائكة للّه ساجدين وقالوا: إلهنا وسيّدنا ما هذا النور؟

ص:19


1- (1) - تدري لأيّ شيء سميت فاطمة (عليها السّلام) - أمالي الصدوق.
2- (2) - ما كان - علل الشرايع.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 474 ح 18 - علل الشرايع: ص 178 ح 3 - الخصال: ص 414 ح 3.
4- (4) - دلائل الامامة: ص 10. منها البحار: ج 43 ص 10.

فأوحى اللّه إليهم: هذا نور من نوري [و] أسكنته في سمائي خلقته من عظمتي، اخرجه من صلب نبيّ من أنبيائي، افضّله على جميع الانبياء واخرج من ذلك النور أئمّة يقومون بأمري يهدون إلى حقّي وأجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وحيي(1).

5306 - معاني الاخبار - علل الشرايع: حدثنا محمد بن إبراهيم ابن إسحاق الطالقاني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيي الجلودي قال: حدثنا محمد بن زكريّا الجوهري، عن جعفر بن محمّد ابن عمارة، عن أبيه قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن فاطمة لم سمّيت زهراء؟

فقال: لانّها كانت إذا قامت في محرابها زهرنورها لاهل السماء كما يزهر نور الكواكب لاهل الارض(2).

5307 - علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثني جعفر بن سهل الصيقل، عن محمد بن إسماعيل الدارمي، عمّن حدّثه، عن محمّد بن جعفر الهرمزاني، عن أبان بن تغلب قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): يابن رسول اللّه لم سمّيت الزهراء زهراء؟

فقال: لانّها تزهر لامير المؤمنين (عليه السّلام) في النّهار ثلاث مرّات بالنور، كان يزهر نور وجهها صلاة الغداة والناس في فراشهم فيدخل بياض ذلك النور إلى حجراتهم بالمدينة فتبيضّ حيطانهم

ص:20


1- (1) - علل الشرايع: ص 179 ح 1. منه البحار: ج 43 ص 12.
2- (2) - معاني الاخبار: ص 64 ح 15 - علل الشرايع: ص 181 ح 3. منهما البحار: ج 43 ص 12.

فيعجبون من ذلك فيأتون النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فيسألونه عمّا رأوا؟ فيرسلهم إلى منزل فاطمة (عليها السّلام) فيأتون منزلها فيرونها قاعدة في محرابها تصلّي والنور يسطع من محرابها من وجهها فيعلمون أنّ الذي رأوه كان من نور فاطمة، فاذا انتصف النهار وترتّبت للصلاة زهر [نور] وجهها (عليها السّلام) بالصّفرة فتدخل الصّفرة [في] حجرات الناس فتصفرّ ثيابهم وألوانهم فيأتون النبي (صلّى اللّه عليه وآله) فيسألونه عماّ رأوا فيرسلهم إلى منزل فاطمة (عليها السّلام) فيرونها قائمة في محرابها وقد زهر نور وجهها بالصفرة فيعلمون أنّ الّذي رأوا كان من نور وجهها، فإذا كان آخر النهار وغربت الشمس احمرّ وجه فاطمة فأشرق وجهها بالحمرة فرحا وشكرا للّه (عزّوجلّ ) فكان يدخل حمرة وجهها حجرات القوم وتحمرّ حيطانهم فيعجبون من ذلك ويأتون النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ويسألونه عن ذلك ؟ فيرسلهم إلى منزل فاطمة فيرونها جالسة تسبّح اللّه وتمجّده ونور وجهها يزهر بالحمرة فيعلمون أنّ الّذي رأوا كان من نور وجه فاطمة (عليها السّلام).

فلم يزل ذلك النور في وجهها حتّى ولد الحسين (عليه السّلام) فهو يتقلّب في وجوهنا إلى يوم القيامة في الائمّة منّا أهل البيت إمام بعد إمام(1).

5308 - علل الشرايع: حدثنا محمد بن الحسن [بن أحمد بن الوليد] (رحمه اللّه) قال: حدثنا أحمد بن علوية الاصبهاني، عن إبراهيم بن محمّد الثقفي، عن جندل بن والق قال: حدثنا محمّد بن

ص:21


1- (1) - علل الشرايع: ص 180 ح 2. منه البحار: ج 43 ص 11.

عمر البصري، عن جعفر بن محمّد بن علي، عن أبيه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا فاطمة أتدرين لم سمّيت فاطمة ؟

فقال عليّ (عليه السّلام): يا رسول اللّه لم سمّيت ؟

قال: لانها فطمت هي وشيعتها من النار(1).

البحار: مصباح الانوار - عنه (عليه السّلام) مثله(2).

5309 - مناقب آل أبي طالب: ابن بابويه في كتاب (مولد فاطمة)، والخركوشيّ في (شرف النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)) وابن بطّه في (الابانة)، عن الكلبي، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ : هل تدري لم سمّيت فاطمة ؟

قال عليّ : لم سمّيت فاطمة يارسول اللّه ؟

قال: لانّها فطمت هي وشيعتها من النار(3).

5310 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو محمّد الفحام السامري، قال: حدثني المنصوري، قال: حدثني عم أبي أبو موسى عيسى بن أحمد قال: حدثني الامام علي بن محمّد قال: حدثني أبي، عن أبيه علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال:

قال الصادق (عليه السّلام): قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):

ص:22


1- (1) - علل الشرايع: ص 179 ح 5. منه البحار: ج 43 ص 14.
2- (2) - البحار: ج 43 ص 14.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 329. منه البحار: ج 43 ص 15.

إنّما سمّيت ابنتي فاطمة لانّ اللّه (عزّوجلّ ) فطمها وفطم من أحبّها من النار(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(2)، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّي سمّيت.... وذكر مثله(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(4).

بشارة المصطفى: حدثنا السيد الامام الزاهد أبو طالب يحيى بن الحسن بن عبيداللّه الجواني الحسيني قال: أخبرنا الشيخ أبو علي جامع ابن أحمد الدهشاني قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن الحسين بن العباس قال: اخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن ابراهيم الثعالبي قال: اخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد السري الفروضي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبداللّه بن محمد قال: حدثنا أبو القاسم عبداللّه بن احمد بن عامر الطائي قال: حدثني أبي قال: حدثني علي بن موسى قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني علي بن أبي

ص:23


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 294 ح 571. منه البحار: ج 43 ص 15.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 46 ح 174.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 89 ح 22. منهما البحار: ج 43 ص 12.

طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):...

وذكر مثله(1).

5311 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (قدّس اللّه روحه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو عبداللّه جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن بن جعفر بن الحسن بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: حدثني محمّد بن علي بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: حدثنا الرضا علي ابن موسى قال: حدثنا أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال:

سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: انّي سمّيت فاطمة لانّها فطمت(2) وذرّيتها من النار، من لقي اللّه منهم بالتوحيد والايمان بما جئت به(3).

5312 - البحار: كتاب (العلل) لمحمّد بن علي بن ابراهيم قال:

العلّة في أنّ رسول اللّه وأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما) هما الوالدان قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ اعْبُدُوا اللّٰهَ وَ لاٰ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً

ص:24


1- (1) - بشارة المصطفى: ص 131. منه البحار: ج 68 ص 133.
2- (2) - سمّيت فاطمة لانّ اللّه فطمها - البحار.
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 570 ح 1179. منه البحار: ج 42 ص 18.

وَ بِالْوٰالِدَيْنِ إِحْسٰاناً) (1).

قال الصادق (علمه السّلام): هما رسول اللّه وأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما) والعلّة في أنّ الشيعة كلّهم أيتام أنّ هذين الوالدين قد قبضا عنهم، والعلّة في اسم فاطمة (صلوات اللّه عليها) أنّ اللّه فطم بها شيعتها من النار(2).

5313 - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام): أتدري أيّ شيء تفسير فاطمة ؟

قلت: أخبرني يا سيّدي.

قال: فطمت من الشرّ ويقال: إنّما سمّيت فاطمة لأنّها فطمت عن الطمث(3).

5314 - مقاتل الطالبيّين: كانت فاطمة تكنى ام أبيها. ذكر ذلك قعنب بن محرز الباهلي، [قال:] حدثني به محمّد بن زكريّا الصحاف، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن الحسين بن زيد بن عليّ ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام)(4).

5315 - مناقب آل أبي طالب: الحسن بن يزيد قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): لم سمّيت فاطمة الزهراء؟

قال: لانّ لها في الجنّه قبّة من ياقوت حمراء ارتفاعها في الهواء

ص:25


1- (1) - النساء 4:36.
2- (2) - البحار: ج 68 ص 76 ح 135.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 330. منه البحار: ج 43 ص 16.
4- (4) - مقاتل الطالبيّين: ص 29. منه البحار: ج 43 ص 19.

مسيرة سنة معلّقة بقدرة الجبّار لا علاقة لها من فوقها فتمسكها، ولا دعامة لها من تحتها فتلزمها، لها مائة ألف باب وعلى كلّ باب ألف من الملائكة، يراها أهل الجنّة كما يري أحدكم الكوكب الدّرّيّ الزاهر في افق السماء، فيقولون: هذه الزّهراء لفاطمة (عليها السّلام)(1).

5316 - الكافي: عليّ بن محمّد، عن ابن جمهور، عن أبيه، عن فضالة بن أيّوب، عن السكونيّ قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) وأنا مغموم مكروب، فقال لي: يا سكونيّ ممّا غمّك ؟

قلت: ولدت لي ابنة.

فقال: ياسكوني على الارض ثقلها وعلى اللّه رزقها، تعيش في غير أجلك وتأكل من غير رزقك(2)، فسرى واللّه عنّي(3).

فقال لي: ما سمّيتها؟

قلت: فاطمة.

قال: آه آه ثمّ وضع يده على جبهته فقال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): حقّ الولد على والده إذا كان ذكرا أن يستفره امّه، ويستحسن اسمه، ويعلّمه كتاب اللّه ويطهّره، ويعلّمه السباحة، وإذا كانت انثى أن يستفره امّها، ويستحسن اسمها، ويعلّمها سورة النور، ولا يعلّمها سورة يوسف، ولا ينزلها الغرف، ويعجّل سراحها إلى بيت

ص:26


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 330. منه البحار: ج 43 ص 16.
2- (2) - أي لاينقص من عمرك ولا من رزقك لاجلها شيء (مرآة العقول).
3- (3) - سرى عن قلبه: كشف عنه الهم (أقرب الموارد).

زوجها، أمّا إذا سمّيتها فاطمة فلا تسبّها ولا تلعنها ولا تضربها(1) و(2).

5317 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثنا محمّد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: (إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) اللّيلة فاطمة والقدر اللّه فمن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لانّ الخلق فطموا عن معرفتها. وقوله: (وَ مٰا أَدْرٰاكَ مٰا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) . يعني خير من ألف مؤمن. وهي ام المؤمنين. (تَنَزَّلُ الْمَلاٰئِكَةُ وَ الرُّوحُ فِيهٰا) . والملائكة المؤمنون الذين يملكون علم آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) والروح القدس هي فاطمة (عليها السّلام).

(بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلاٰمٌ هِيَ حَتّٰى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (3) يعني حتى يخرج القائم (عليه السّلام)(4).

أقول: لايخفى ان هذا على التأويل.

ص:27


1- (1) - قوله (صلّى الله عليه وآله): «أن يستفره امّه» أي يجعلها فارهة كريمة الاصل، وهذا من باب النظر إلى العواقب. والتطهير: الختان. والأمر بتعليم سورة النور لما فيها من الترغيب إلى سترهنّ وعفافهن وما يجري هذا المجرى، والنهي عن تعليم سورة يوسف لما فيها من ذكر تعشقهن وحبهن للرجال. قوله (عليه السّلام): «ولا ينزلها الغرف» أي لايجعل الغرف منزلا ومسكنا لها، لئلا تتراآي للرّجال ولا تطلّع عليهم «والسراح» الانطلاق، تقول: سرحت فلانا إلى موضع كذا إذا أرسلته. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 6 ص 48 ح 6.
3- (3) - القدر 97:1-5.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 581 ح 747. منه البحار: ج 43 ص 65.

باب (5) «لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤ»

5318 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء، عن الخيبري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: لولا أنّ اللّه (تبارك وتعالى) خلق أمير المؤمنين لفاطمة (عليهما السّلام) ما كان لها كفو على ظهر الأرض من آدم ومن دونه(1).

أمالي الطوسي: حدثني جماعة، عن أبي غالب الزراري، عن محمد بن يعقوب، عن عدّة من أصحابه، عن أحمد بن محمد، عن الوشاء مثله إلى قوله: على الارض(2).

5319 - التهذيب: أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن الخيبري، عن المفضل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لولا أن اللّه خلق أمير المؤمنين (عليه السّلام) لم يكن لفاطمة (عليها السّلام) كفو على ظهر الارض آدم فمن دونه(3).

البحار: مناقب آل أبي طالب - المفضل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله إلاّ أنّ فيه: على وجه الارض(4).

ص:28


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 461 ح 10.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 43 ح 46.
3- (3) - التهذيب: ج 7 ص 470 ح 1882.
4- (4) - البحار: ج 43 ص 107.

5320 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبو محمد جعفر بن نعيم الشاذانيّ (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أحمد بن إدريس، قال: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا عليّ لقد عاتبني رجال من قريش في أمر فاطمة، وقالوا: خطبناها إليك فمنعتنا وزوّجت عليّا.

فقلت لهم: واللّه ما أنا منعتكم وزوّجته، بل اللّه منعكم وزوّجه، فهبط عليّ جبرئيل فقال: يا محمّد إنّ اللّه (جلّ جلاله) يقول: لو لم أخلق عليّا لما كان لفاطمة ابنتك كفو على وجه الارض ادم فمن دونه(1).

وحدثنا بهذا الحديث أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنه) حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد (مثله)2.

باب (6) حرمة الزّواج على باب امير المؤمنين في حياة الزهراء

5321 - التهذيب: محمد بن احمد بن يحيى، عن أبي عبداللّه، عن منصور بن عباس، عن اسماعيل بن سهل الكاتب، عن أبي طالب الغنوي، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:29


1- (1و2) - عيون اخبار الرضا: ج 1 ص 225 ح 3 و 4. منه البحار: ج 43 ص 92.

السّلام) قال: حرّم اللّه النساء على علي (عليه السّلام) ما دامت فاطمة (عليها السّلام) حيّة.

قال: قلت: كيف ؟! قال: لانها طاهرة لا تحيض(1).

أمالي الطوسي: حدثني جماعة، عن أبي غالب الزراري، عن خاله، عن الاشعري، عن أبي عبداللّه، عن منصور بن العباس مثله(2).

مناقب آل أبي طالب: أبو عبداللّه (عليه السّلام) قال:....

وذكر نحوه(3).

باب (7) «إنّ اللّه يرضى لرضا فاطمة...»

5322 - الاحتجاج: عن الحسين بن زيد، عن جعفر الصادق (عليه السّلام) إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لفاطمة: يا فاطمة إنّ اللّه (عزّوجلّ ) يغضب لغضبك ويرضى لرضاك قال: فقال المحدّثون بها.

قال: فأتاه ابن جريح فقال: يا أبا عبداللّه حدّثنا اليوم حديثا استهزأه(4) الناس.

ص:30


1- (1) - التهذيب: ج 7 ص 475 ح 1908.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 43 ح 48.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 330.
4- (4) - إستشهره - البحار.

قال: وما هو؟

قال: حديث أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لفاطمة:

إنّ اللّه ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك.

قال: فقال (عليه السّلام): [نعم] إنّ اللّه ليغضب فيما تروون لعبده المؤمن ويرضى لرضاه ؟

فقال: نعم.

[ف] قال (عليه السّلام): فما تنكر [ون] أن تكون ابنة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مؤمنة يرضى اللّه لرضاها ويغضب لغضبها؟

قال: صدقت. اللّه أعلم حيث يجعل رسالته(1).

5323 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قال: حدثنا أبو ذر يحيي بن زيد بن العباس بن الوليد البزاز قال: حدّثني عمي علي بن العباس قال: حدثنا عليّ بن المنذر قال: حدثنا عبداللّه بن سالم، عن الحسين بن زيد، عن عليّ بن عمر بن عليّ ، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنّه قال:

يا فاطمة إنّ اللّه (تبارك وتعالى) ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك.

قال: فجاء صندل فقال لجعفر بن محمّد (عليهما السّلام): يا أبا عبداللّه إنّ هؤلاء الشبّاب يجيئونا عنك بأحاديث منكرة.

فقال له جعفر (عليه السّلام): وما ذاك يا صندل ؟

قال: جاؤونا عنك أنّك حدّثتهم أنّ اللّه يغضب لغضب فاطمة

ص:31


1- (1) - الاحتجاج: ص 354. منه البحار: ج 43 ص 20.

ويرضى لرضاها؟

قال: فقال جعفر (عليه السّلام): يا صندل ألستم رويتم فيما تروون أنّ اللّه (تبارك وتعالى) ليغضب لغضب عبده المؤمن، ويرضى لرضاه ؟

قال: بلى.

قال: فما تنكرون أن تكون فاطمة مؤمنة يغضب اللّه لغضبها ويرضى لرضاها؟

قال: فقال له: اللّه أعلم حيث يجعل رسالته(1).

أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن عبيداللّه الغضائري قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي قال: حدثنا أبو الليث يحيي بن زيد بن العباس قال: حدثني عمّي علي بن العباس بهذا الاسناد نحوه(2).

مناقب آل أبي طالب: ابن شريح باسناده عن الصادق (عليه السّلام) عن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) نحوه(3).

5324 - شرح الاخبار: جعفر بن محمّد، عن آبائه، عن علي (عليهم السّلام): أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لفاطمة: يا فاطمة إنّ اللّه (عزّوجلّ ) ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك.

فقيل: إنّ بعض موالي جعفر بن محمد (عليه السّلام) بلغه هذا الحديث، فأتاه فقال: ما هذا الحديث الذي يحدث عنك بعض فتيان

ص:32


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 313 ح 1.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 427 ح 954. منهما البحار: ج 43 ص 21.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 325. منه البحار: ج 43 ص 44.

قريش ؟

قال: وما هو؟

قال: يزعمون انّك حدّثتهم أن النبي (صلّى اللّه عليه وآله) قال لفاطمة (عليها السّلام): إنّ اللّه ليغضب لغضبك.

قال: نعم، قد حدثتهم بذلك، فما أردت بسؤالك عن ذلك ؟

قال: سمعت قوما ينكرونه.

قال: أوليس قد جاء عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنه قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ ) ليغضب لعبده المؤمن [ويرضى لرضاه]، فما أنكروا أن تكون فاطمة أحد المؤمنين [يغضب اللّه لغضبها ويرضى لرضاها].

قال الموالي: اللّه اعلم حيث يجعل رسالته(1).

5325 - كشف الغمة: روي عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها.

وبهذا الاسناد عنه (عليه السّلام) مثله فقال له: يابن رسول اللّه بلغنا أنّك قلت.... وذكر الحديث.

قال: فما تنكرون من هذا؟ فواللّه إنّ اللّه ليغضب لغضب عبده المؤمن ويرضى لرضاه.

وعنه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):

إنّ فاطمة شجنة(2) منّي يسخطني ما أسخطها ويرضيني ما أرضاها.

ص:33


1- (1) - شرح الاخبار: ج 3 ص 29 ح 969.
2- (2) - الشجنة: الشعبة من كل شيء. (أقرب الموارد).

وبالاسناد عنه (عليه السّلام) مثله(1).

5326 - مناقب آل أبي طالب: الحسين بن زيد بن عليّ ، عن الصادق (عليه السّلام)، وجابر الجعفيّ ، عن الباقر (عليه السّلام) قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه ليغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها(2).

5327 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(3)، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه يغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضاها(4).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(5).

5328 - مناقب آل أبي طالب: عامر الشعبيّ والحسن البصريّ وسفيان الثوريّ ومجاهد وابن جبير وجابر الانصاريّ ومحمّد الباقر وجعفر الصادق (عليهما السّلام) عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أنّه قال: إنّما فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني(6).

ص:34


1- (1) - كشف الغمة: ج 1 ص 467. منه البحار: ج 43 ص 54.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 325. منه البحار: ج 43 ص 44.
3- (3) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
4- (4) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 46 ح 176.
5- (5) - صحيفة الامام الرضا: ص 90 ح 23. منهما البحار: ج 43 ص 19.
6- (6) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 332. منه البحار: ج 43 ص 39.

باب (8) «فدك» هبة رسول اللّه لفاطمة

5329 - الخرائج والجرائح: إنّ أبا عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) خرج في غزاة فلمّا انصرف راجعا نزل في بعض الطريق فبينما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يطعم والناس معه إذ أتاه جبرئيل فقال: يا محمّد قم فاركب.

فقام النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فركب، وجبرئيل معه، فطويت له الارض كطيّ الثوب حتّى انتهى إلى فدك، فلمّا سمع أهل فدك وقع الخيل ظنّوا أنّ عدوّهم قد جاءهم، فغلّقوا أبواب المدينة، ودفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت لهم خارج المدينة ولحقوا برؤوس الجبال، فأتى جبرئيل العجوز حتّى أخذ المفاتيح، ثمّ فتح أبواب المدينة، ودار النبيّ في بيوتها وقراها، فقال جبرئيل:

يا محمّد هذا ما خصّك اللّه به وأعطاك دون الناس، وهو قوله:

(مٰا أَفٰاءَ اللّٰهُ عَلىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرىٰ فَلِلّٰهِ وَ لِلرَّسُولِ وَ لِذِي الْقُرْبىٰ ) (1) وذلك قوله: (فَمٰا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَ لاٰ رِكٰابٍ وَ لٰكِنَّ اللّٰهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلىٰ مَنْ يَشٰاءُ ) 2 ولم يغزوا المسلمون ولم يطؤوها ولكن اللّه أفاءها على رسوله وطوّف به جبرئيل في دورها وحيطانها، وغلّق الباب ودفع المفاتيح إليه، فجعلها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في غلاف سيفه وهو معلّق بالرحل، ثمّ ركب وطويت له الارض

ص:35


1- (1و2) - الحشر 59:7 و 6.

كطيّ الثوب، فأتاهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وهم على مجالسهم ولم يتفرّقوا ولم يبرحوا.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) للناس: قد انتهيت إلى فدك، وإنّي قد أفاءها اللّه عليّ .

فغمز المنافقون بعضهم بعضا، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): هذه مفاتيح فدك.

ثمّ أخرجها من غلاف سيفه، ثمّ ركب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وركب معه الناس، فلمّا [دخل المدينة] دخل على فاطمة فقال: يا بنيّة إنّ اللّه قد أفاء على أبيك بفدك، واختصّه بها فهي لي خاصّة دون المسلمين، أفعل بها ما أشاء، وإنّه قد كان لأمّك خديجة على أبيك مهر، وإنّ أباك قد جعلها لك بذلك ونحلتكها تكون لك ولولدك بعدك.

قال: فدعا بأديم عكاظي ودعا عليّ بن أبي طالب فقال:

اكتب لفاطمة بفدك نحلة من رسول اللّه.

وشهد على ذلك عليّ بن أبي طالب، ومولى لرسول اللّه، وامّ أيمن.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إنّ امّ أيمن امرأة من أهل الجنة.

وجاء أهل فدك إلى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقاطعهم على أربعة وعشرين ألف دينار في كلّ سنة(1).

ص:36


1- (1) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 112 ح 187. منه البحار: ج 17 ص 378.

باب (9) حوار بين رسول اللّه (وابنته السيّدة فاطمة

5330 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق [الطالقاني]، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن اسحاق الماردي، قال:

حدّثنا أبو قلابة عبدالملك بن محمد، قال: حدثنا غانم بن الحسن السعدي، قال: حدثنا مسلم بن خالد المكي قال: حدثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام)، عن جابر بن عبداللّه الأنصاري، عن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: قالت فاطمة (عليها السّلام) لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا أبتاه أين ألقاك يوم الموقف الاعظم، ويوم الاهوال، ويوم الفزع الاكبر؟

قال: يا فاطمة عند باب الجنّة ومعي لواء «الحمد» وأنا الشفيع لأمّتي إلى ربيّ .

قالت: يا أبتاه فان لم ألقك هناك ؟

قال: القيني على الحوض وأنا أسقي امّتي.

قالت: يا أبتاه فإن لم ألقك هناك ؟

قال: القيني على الصراط وأنا قائم أقول: ربّ سلّم امّتي.

قالت: فإن لم القك هناك ؟

قال: القيني وأنا عند الميزان أقول: ربّ سلّم امّتي.

قالت: فإن لم ألقك هناك ؟

قال: القيني على (عند) شفير جهنّم أمنع شررها ولهبها عن امّتي.

ص:37

فاستبشرت فاطمة بذلك(1).

باب (10) فاطمة الزهراء في وفاة السيدة خديجة

5331 - الخرائج جرائح: روي أنّ أبا عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ خديجة لمّا توفّيت جعلت فاطمة تلوذ برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وتدور حوله وتسأله يا أبتاه(2) أين امّي ؟ فجعل النبى (صلّى اللّه عليه وآله) لا يجيبها، فجعلت تدور وتسأله: يا أبتاه أين امّي ؟

ورسول اللّه لايدري ما يقول.

فنزل جبرئيل فقال: إنّ ربّك يأمرك أن تقرأ على فاطمة السلام وتقول لها: إنّ امّك في بيت من قصب كعابه(3) من ذهب، وعمده من ياقوت أحمر، بين آسية امرأة فرعون، ومريم بنت عمران.

فقالت فاطمة: إنّ اللّه هو السّلام ومنه السّلام وإليه السّلام(4).

ص:38


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 227 ح 12. منه البحار: ج 43 ص 21.
2- (2) - يا رسول اللّه - البحار.
3- (3) - القصب: كل ما اتخذ من فضّة وغيرها. وقيل: ما كان مستطيلا من الجوهر، والدّر الرطب، والزبرجد الرطب المرصّع بالياقوت. والكعب: عقدة القصب بين الأنبوبتين. (أقرب الموارد). وقال إبن الأثير في النهاية: القصب في هذا الحديث: لؤلؤ مجوّف واسع كالقصر المنيف.
4- (4) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 529 ح 4. منه البحار: ج 43 ص 27.

باب (11) مكانة فاطمة الزهراء عليها السّلام عند أبيها الرسول

5332 - البحار: كتاب (المحتضر) للحسن بن سليمان ممّا رواه من كتاب (المعراج) باسناده عن الصدوق، عن أحمد بن عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن معبد، عن أحمد بن عمر، عن زيد النقّاب، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يكثر تقبيل فاطمة (عليها السّلام)، فعاتبته على ذلك عايشة، فقالت: يارسول اللّه إنّك لتكثر تقبيل فاطمة! فقال لها: إنّه لمّا عرج بي إلى السّماء مرّ بي جبرئيل على شجرة طوبى فناولني من ثمرها فأكلته، فحوّل اللّه ذلك ماء إلى ظهري، فلماّ أن هبطت إلى الارض واقعت خديجة فحملت بفاطمة، فما قبّلتها إلاّ وجدت رائحة شجرة طوبى منها(1).

5333 - كشف الغمة: عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) كان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لاينام ليلته حتّى يضع وجهه بين ثدي فاطمة (عليها السّلام)(2).

5334 - مناقب آل أبي طالب: الباقر والصادق (عليهما السّلام) أنّه كان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لاينام حتّى يقبّل عرض وجه فاطمة، ويضع وجهه بين ثدي فاطمة ويدعو لها.

ص:39


1- (1) - البحار: ج 18 ص 315 ح 27.
2- (2) - كشف الغمة: ج 1 ص 467. منه البحار: ج 43 ص 55.

وفي رواية: حتّى يقبّل عرض وجنة فاطمة أو بين ثدييها(1).

5335 - مناقب آل أبي طالب: القاضي أبو محمّد الكرخى في كتابه عن الصادق (عليه السّلام) قالت فاطمة (عليها السّلام): لمّا نزلت: (تَجْعَلُوا دُعٰاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعٰاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) (2) هبت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أن أقول له: يا أبة فكنت أقول: يا رسول اللّه، فأعرض عنّي مرّة أو اثنتين أو ثلاثا ثمّ أقبل عليّ فقال: يا فاطمة إنّها لم تنزل فيك، ولا في أهلك ولا في نسلك، أنت منّي وأنا منك، إنّما نزلت في أهل الجفاء والغلظة من قريش أصحاب البذخ والكبر، قولي: يا أبة، فانّها أحيي للقلب، وأرضى للرّب(3).

5336 - شرح الاخبار: حسن بن زيد، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):

«إنّما فاطمة بضعة منّي من اذاها فقد آذاني، ومن أحبها فقد أحبني، ومن سرّها فقد سرّني»(4).

5337 - شرح الاخبار: حسن بن عبداللّه، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: جاء سهل بن عبدالرحمن الى عمر بن عبدالعزيز فقال: إنّ قومك يقولون إنّك تؤثر عليهم ولد فاطمة.

فقال له عمر: سمعت الثقة من أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تخبر عنه حتى كأن سمعته منه أنه قال:

ص:40


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 334. منه البحار: ج 43 ص 42.
2- (2) - النور 24:63.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 320. منه البحار: ج 43 ص 32.
4- (4) - شرح الاخبار: ج 3 ص 30 ح 970.

«إنّما فاطمة بضعة مني، يرضيني ما أرضاها ويسخطني ما أسخطها» فواللّه إني لحقيق أن أطلب رضا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ورضاءها في ولدها.

[وقد علموا أن النبي يسره مسرّتها جدا ويشني اغتمامها](1)

باب (12) معنى: «حيّ . على خير العمل»

1

5338 - مناقب آل أبي طالب: سئل الصادق (عليه السّلام) عن معنى حيّ على خير العمل ؟

فقال: خير العمل بر فاطمة وولدها.

وفي خبر آخر: الولاية(2).

التوحيد: قد روي في خبر ان الصادق (عليه السّلام) سئل...

وذكر مثله(3).

باب (13) فاطمة عليها السّلام سيدة نساء العالمين

5339 - معاني الاخبار: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني

ص:41


1- (1) - شرح الاخبار: ج 3 ص 59 ح 977.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 326. منه البحار: ج 43 ص 44.
3- (3) - التوحيد: ص 241 ح 2.

(رحمه اللّه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أخبرني عن قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في فاطمة: إنّها سيّدة نساء العالمين أهي سيّدة نساء عالمها؟

فقال: ذاك - لمريم كانت سيّدة نساء عالمها، وفاطمة سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين(1).

5340 - أمالي الصدوق: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن العبّاس بن معروف، عن أبي إسحاق، عن الحسن بن زياد العطّار قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة [أ] سيّدة نساء عالمها؟

قال: ذاك مريم، وفاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين.

فقلت: فقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة ؟

قال: هما واللّه سيّدا شباب أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين(2).

5341 - علل الشرايع: حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال:

حدثنا الحسن بن علي السكري، عن محمّد بن زكريا الجوهري قال:

حدثنا شعيب بن واقد قال: حدثني إسحاق بن جعفر بن محمّد بن عيسى بن زيد بن عليّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:

ص:42


1- (1) - معاني الاخبار: ص 107. منه البحار: ج 43 ص 26.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 109 ح 7. منه البحار: ج 43 ص 21.

إنّما سمّيت فاطمة محدّثة لانّ الملائكة كانت تهبط من السماء فتناديها كما تنادي مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمة (إِنَّ اللّٰهَ اصْطَفٰاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفٰاكِ عَلىٰ نِسٰاءِ الْعٰالَمِينَ ) يا فاطمة (اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرّٰاكِعِينَ ) (1) فتحدّثهم ويحدّثونها فقالت لهم ذات ليلة:

أليست المفضّلة على نساء العالمين مرم بنت عمران ؟

فقالوا: إنّ مريم كانت سيّدة نساء عالمها وإنّ اللّه (عزّوجلّ ) جعلك سيّدة نساء عالمك وعالمها وسيّدة نساء الأوّلين والآخرين(2).

باب (14) القلادة المباركة

5342 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن محمّد ابن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو الحسن محمّد بن الحسين المعروف بابن الصقال قال: حدثنا أبو المفضل محمّد بن معقل العجلي القرميسي قال: حدثني محمّد بن أبي الصهبان الباهلي قال:

حدثنا الحسن بن علي بن فضال، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد [الصادق]، عن أبيه (عليهما السّلام)، عن جابر بن عبداللّه الانصاري قال: صلّى بنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) صلاة العصر فلمّا انفتل جلس في قبلته والناس حوله، فبينا هم

ص:43


1- (1) - آل عمران 3:42 و 43.
2- (2) - علل الشرايع: ص 182 ح 1. منه البحار: ج 43 ص 78.

كذلك إذ أقبل إليه شيخ من مهاجرة العرب عليه سمل قد تهلّل(1)وأختلق وهو لا يكاد يتمالك ضعفا وكبرا، فأقبل [عليه] رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يستجليه(2) الخبر فقال الشيخ: يا نبيّ اللّه أنا جائع الكبد فأطعمني، وعاري الجسد فاكسني، وفقير فارشني(3).

فقال (صلّى اللّه عليه وآله): ما أجد لك شيئا ولكنّ الدالّ على الخير كفاعله، انطلق إلى منزل من يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله، يؤثر اللّه على نفسه، انطلق إلى حجرة فاطمة، وكان بيتها ملاصقا بيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الّذي ينفرد به لنفسه من أزواجه، وقال: يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة.

فانطلق الأعرابيّ مع بلال، فلمّا وقف على باب فاطمة نادي بأعلى صوته: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة، ومختلف الملائكة، ومهبط جبرئيل الرّوح الأمين بالتنزيل من عند ربّ العالمين.

فقالت فاطمة: [وعليك السلام ف] من أنت يا هذا؟

قال: شيخ من العرب أقبلت على أبيك سيّد البشر مهاجرا من شقّة وأنا - يا بنت محمّد - عاري الجسد، جائع الكبد، فواسيني رحمك اللّه.

وكان لفاطمة وعليّ في تلك الحال ورسول اللّه ثلاثا ما طعموا فيها طعاما، وقد علم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذلك من شأنهما.

ص:44


1- (1) - السمل: الثوب الخلق (أقرب الموارد). وفي بيان البحار: تهلل الثوب: كناية عن انخراقه.
2- (2) - استجل فلان الشيء: استكشفه (أقرب الموارد). وفي البحار: يستحثّه.
3- (3) - راش فلانا: نفعه وأعانه وأغناه. (اقرب الموارد).

فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ(1) كان ينام عليه الحسن والحسين (عليهما السّلام) فقالت: خذ هذا أيّها الطارق فعسى اللّه أن يرتاح لك(2) ما هو خير منه.

فقال الأعرابي: يابنت محمّد شكوت إليك الجوع فناولتني جلد كبش ما أنا صانع بة مع ما أجد من السّغب ؟!(3).

قال: فعمدت (عليها السّلام) - لمّا سمعت هذا من قوله - إلى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة بنت عمّها حمزة بن عبد المطّلب، فقطعته من عنقها ونبذته إلى الأعرابي فقالت: خذه وبعه فعسى اللّه أن يعوّضك به ما هو خير منه.

فأخذ الاعرابيّ العقد وانطلق إلى مسجد رسول اللّه والنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) جالس في أصحابه، فقال: يا رسول اللّه أعطتني فاطمة بنت محمّد هذا العقد وقالت: بعه فعسى اللّه أن يصنع لك.

قال: فبكى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وقال: وكيف لا يصنع اللّه لك وقد أعطتكه فاطمة بنت محمّد سيّدة بنات آدم.

فقام عمّار بن ياسر (رحمة اللّه عليه) فقال: يا رسول اللّه أتأذن لي بشراء هذا العقد؟

قال (صلّى اللّه عليه وآله): اشتره يا عمّار فلو اشترك فيه الثقلان ما عذّبهم اللّه بالنار.

ص:45


1- (1) - القرظ: ورق السلم يدبغ به الأديم (مجمع البحرين).
2- (2) - الإرتياح: الرّحمة، ارتاح اللّه له برحمته: انقذه من البلية (أقرب الموارد).
3- (3) -. سغب الرّجل: جاع، وقيل: لايكون إلاّ مع تعب (أقرب الموارد).

فقال عمّار: بكم هذا العقد يا أعرابيّ؟

قال: بشبعة من الخبز واللّحم، وبردة يمانيّة أستر بها عورتي واصلّي فيها لربّي، ودينار يبلّغني إلى أهلي.

وكان عمّار قد باع سهمه الّذي نفله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من خيبر ولم يبق منه شيئا فقال: لك عشرون دينارا ومأتا درهم هجريّة(1) وبردة يمانيّة وراحلتي تبلّغك أهلك وشبعة من خبز البرّ واللّحم.

فقال الأعرابيّ : ما أسخاك بالمال [أيّها الرّجل]؟! وانطلق به عمّار فوفّاه ما ضمن له.

وعاد الاعرابيّ إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أشبعت واكتسيت ؟

قال الأعرابيّ : نعم يا رسول اللّه واستغنيت بأبي أنت وامّي.

قال (صلّى اللّه عليه وآله): فاجز فاطمة بصنيعها.

فقال الأعرابيّ : اللهمّ إنّك إله ما استحدثناك، ولا إله لنا نعبده سواك وأنت رازقنا على كلّ الجهات اللهمّ أعط فاطمة (عليها السّلام) مالا عين رأت ولا اذن سمعت.

فأمّن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) على دعائه وأقبل على أصحابه فقال: إنّ اللّه قد أعطى فاطمة في الدّنيا ذلك: أنا أبوها وما أحد من العالمين مثلي، وعليّ بعلها ولولا عليّ ما كان لفاطمة كفو أبدا، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما سيّدا شباب أسباط الأنبياء وسيّدا شباب أهل الجنّة.

ص:46


1- (1) - هجر: بلد بقرب المدينة، وقيل: اسم لجميع أرض البحرين. (أقرب الموارد).

وكان بازائه مقداد وابن عمر وعمّار وسلمان.

فقال: وأزيدكم ؟

فقالوا: نعم يا رسول اللّه.

قال (صلّى اللّه عليه وآله): أتاني الرّوح الامين - يعني جبرئيل - وقال: إنّها إذا هي قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها: من ربّك ؟

فتقول: اللّه ربّي.

فيقولان: [ف] من نبيّك ؟

فتقول: أبي.

فيقولان: فمن وليّك ؟

فتقول: هذا القائم على شفير قبري عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

ألا وأزيدكم من فضلها: إنّ اللّه قد وكل بها رعيلا(1) من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها وهم معها في حياتها وعند قبرها وعند موتها يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها.

فمن زارني بعد وفاتي فكأنّما زارني في حياتي.

ومن زار فاطمة فكأنّما زارني.

ومن زار عليّ بن أبي طالب فكأنّما زار فاطمة.

ومن زار الحسن والحسين فكأنّما زار عليّا.

ومن زار ذريتهما فكانّما زارهما.

فعمد عماّر إلى العقد، فطيّبه بالمسك، ولفّه في بردة يمانيّة، وكان

ص:47


1- (1) - الرّعيل: الجماعة من النّاس (مجمع البحرين).

له عبد اسمه: سهم ابتاعه من ذلك السهم الّذي أصابه بخيبر، فدفع العقد إلى المملوك وقال له: خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأنت له، فأخذ [المملوك] العقد فأتى به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأخبره بقول عمّار (رحمه اللّه) فقال النبيّ (صلى اللّه عليه وآله): انطلق إلى فاطمة فادفع إليها العقد وأنت لها.

فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فأخذت فاطمة (عليها السّلام) العقد وأعتقت المملوك، فضحك الغلام.

فقالت فاطمة (عليها السّلام): ما يضحكك يا غلام ؟

فقال: أضحكني عظم بركة هذا العقد، أشبع جائعا، و كسى عريانا، وأغنى فقيرا، وأعتق عبدا، ورجع إلى ربّه(1).

باب (15) فاطمة الزهراء عليها السّلام والزّهد

5343 - أمالي الصدوق: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: أخبرني محمّد بن يحيي الخزاز قال: حدّثني موسى بن اسماعيل، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال عليّ (عليه السّلام): إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) دخل على

ص:48


1- (1) - بشارة المصطفى: ص 137. منه البحار: ج 43 ص 56. والرب: الصاحب، رب الدار: صاحبها ومالكها. (مجمع البحرين).

ابنته فاطمة (عليها السّلام) وإذا في عنقها قلادة فأعرض عنها فقطعتها ورمت بها.

فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أنت منّي يا فاطمة.

ثمّ جاء سائل فناولته القلادة ثمّ قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): اشتدّ غضب اللّه [وغضبي] على من أهرق دمي وآذاني في عترتي(1).

كشف الغمة: عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(2).

5344 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(3)، عن الرّضا، عن آبائه، عن عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) أنّه قال:

حدّثتني أسماء بنت عميس قالت: كنت عند فاطمة (عليها السّلام) إذ دخل عليها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وفي عنقها قلادة من ذهب كان اشتراها لها عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) من فيء(4)، فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا فاطمة لايقول النّاس إنّ فاطمة بنت محمّد تلبس لباس الجبابرة، فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبة فأعتقتها، فسرّ بذلك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(5).

ص:49


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 377 ح 7.
2- (2) - كشف الغمة: ج 1 ص 471. منهما البحار: ج 43 ص 22.
3- (3) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
4- (4) - الفيء: وهو الذي أفاءه اللّه ورده من أموال اليهود إلى المسلمين وصيره لهم (مجمع البحرين).
5- (5) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 44 ح 161. منه البحار: ج 43 ص 81.

5345 - صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه، عن عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) قال: حدّثتني أسماء بنت عميس قالت: كنت عند فاطمة جدّتك إذ دخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وفي عنقها قلادة من ذهب كان عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) اشتراها لها من فييء له، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): لا يغرّنّك(1) الناس أن يقولوا ابنة محمّد وعليك لباس الجبابرة فقطعتها وباعتها واشترت بها رقبة فأعتقتها فسرّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بذلك(2).

5346 - تأويل الآيات الظاهرة: روي محمّد بن العباس، عن محمّد بن أحمد بن الحكم، عن محمّد بن يونس، عن حماد بن عيسى، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام)، عن جابر بن عبداللّه قال: دخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على فاطمة (عليها السّلام) وهي تطحن بالرحى وعليها كساء من أجلّة الإبل(3)، فلمّا نظر إليها بكى، وقال لها: يا فاطمة تعجّلي مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا، فأنزل اللّه عليه: (وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولىٰ * وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضىٰ ) (4) و(5).

ص:50


1- (1) - الغرور: الخداع الذي لاحقيقة له. (مجمع البحرين).
2- (2) - صحيفة الامام الرضا: ص 256 ح 185. منه البحار: ج 43 ص 26.
3- (3) - اجلة الابل: الجل - بالضم -: للدّابة كالثوب للإنسان تصان به. (أقرب الموارد). والظاهر ان القماش الذي خيط لها ثوبا كان من أدون أنواع القماش بحيث ان النّاس كانوا يخيطونه لدوابهم.
4- (4) - الضحى 93:4 وه.
5- (5) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 810 ح 2. منه البحار: ج 16 ص 143.

5347 - مناقب آل أبي طالب: تفسير الثعلبي، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، وتفسير القشيري، عن جابر الانصاري أنّه رأى النبى (صلّى اللّه عليه وآله) فاطمة وعليها كساء من أجلّة الابل وهي تطحن بيديها وترضع ولدها، فدمعت عينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا بنتاه تعجّلي مرارة الدّنيا بحلاوة الآخرة.

فقالت: يارسول اللّه الحمد للّه على نعمائه، والشكر للّه على آلائه فأنزل اللّه (وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضىٰ ) (1).

باب (16) طهارة فاطمة الزهراء عليها السّلام

5348 - دلائل الامامة: أخبرني أبو عبداللّه الحسين بن ابراهيم بن علي بن عيسى المعروف بابن الخياط القمي، قال: أخبرني أبو الحسن عليّ بن محمّد بن جعفر العسكري قال: حدثني صعصعة بن سياب بن ناجية أبو محمّد قال: حدثنا زيد بن موسى قال: حدّثنا أبي موسى، عن أبيه جعفر، عن أبيه محمّد، عن عمّه(2) زيد بن عليّ ، عن أبيه، عن سكينة وزينب ابنتي عليّ ، عن علي (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ فاطمة عليها السّلام خلقت حوريّة في صورة إنسيّة. وإنّ بنات الأنبياء لايحضن(3).

ص:51


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 342. منه البحار: ج 43 ص 85.
2- (2) - هكذا في المصدر، والظاهر انه تصحيف والصحيح: عن أخيه.
3- (3) - دلائل الامامة: ص 52.

باب (17) فاطمة الزهراء والدعاء للمؤمنين

5349 - علل الشرايع: حدثنا علي بن محمّد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة قال: حدثنا محمّد بن عبداللّه الحضرمي قال:

حدثنا جندل بن والق قال: حدثنا محمّد بن عمر المازني، عن عبادة الكلبيّ ، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين، عن فاطمة الصغري، عن الحسين بن عليّ ، عن أخيه الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: رأيت امّي فاطمة (عليها السّلام) قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتّى اتّضح عمود الصّبح وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدّعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا امّاه لم لاتدعين لنفسك كما تدعين لغيرك ؟

فقالت: يا بنيّ ! الجار ثمّ الدار(1).

دلائل الامامة: اخبرني الشريف أبو محمّد الحسن بن أحمد المحمدي النقيب قال: أخبرني أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى قال: حدثنا محمّد بن الحسن القزويني المعروف بابن مقبرة(2)بهذا الاسناد نحوه(3).

ص:52


1- (1) - علل الشرايع: ص 181 ح 1. منه البحار: ج 43 ص 81.
2- (2) - الظاهر إنه: علي بن محمد بن الحسن القزويني الذي هو من أساتيذ الشيخ الصدوق.
3- (3) - دلائل الامامة: ص 56.

كشف الغمة: روي عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، عن أبيه بهذا الاسناد نحوه(1).

5350 - علل الشرايع: حدثنا أحمد بن محمّد بن عبدالرحمن الحاكم المروزي المقري قال: حدثنا محمّد بن جعفر المقري أبو عمرو قال: حدثنا محمّد بن الحسن الموصلي قال: حدثنا محمد بن عاصم قال: حدثنا أبو زيد الكحال، عن أبيه، عن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: كانت فاطمة (عليها السّلام) إذا دعت تدعو للمؤمنين والمؤمنات ولا تدعو لنفسها.

فقيل لها: يا بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إنّك تدعين للناس ولا تدعين لنفسك.

فقالت: الجار ثمّ الدار(2).

باب (18) فاطمة الزهراء عليها السّلام والحجاب

5351 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال عليّ (عليه السّلام): استأذن أعمى على فاطمة (عليها السّلام) فحجبته فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لها: لم حجبته وهو لايراك ؟

ص:53


1- (1) - كشف الغمة: ج 1 ص 468.
2- (2) - علل الشرايع: ص 182 ح 2. منه البحار: ج 43 ص 82.

فقالت (عليها السّلام): إن لم يكن يراني فانّي أراه وهو يشمّ الريح.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أشهد أنّك بضعة منّي(1).

5352 - نوادر الراوندي: باسناده عن موسى بن جعفر (عليه السّلام) قال: قال جعفر الصادق (عليه السّلام) عن امّه (رضي اللّه عنها) ان فاطمة (عليها السّلام) دخل عليها علي بن أبي طالب (صلوات اللّه عليه) وبه كآبة شديدة.

فقالت فاطمة: ياعلي ما هذه الكابة ؟

فقال علي (صلوات اللّه عليه): سألنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) عن المرأة ماهي ؟

قلنا: عورة.

فقال: فمتى تكون ادنى من ربها(2) فلم ندر.

فقالت فاطمة لعلي (عليه السّلام): ارجع إليه فاعلمه ان أدنى ما تكون من ربها ان تلزم قعر بيتها.

فانطلق فأخبر رسول اللّه بما قالت فاطمة.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إنّ فاطمة بضعة مني(3).

ص:54


1- (1) - نوادر الراوندي: ص 13. منه البحار: ج 43 ص 91.
2- (2) - دنا منه: قرب، وأدنى الشيء: قربه إليه. (أقرب الموارد). والمراد ان أقرب ما تكون إلى ربّها....
3- (3) - نوادر الراوندي: ص 14. منه البحار: ج 43 ص 92.

باب (19) فاطمة الزهراء عليها السّلام والعفّة

5353 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي ابن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذرّيتها على النار(1).

البحار: مصباح الانوار - عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) مثله(2).

5354 - معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن محمّد بن مروان قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): هل قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذريّتها على النّار؟

قال: نعم، عنى بذلك الحسن والحسين وزينب وامّ كلثوم (عليهم

ص:55


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 63 ح 264. منه البحار: ج 43 ص 231.
2- (2) - البحار: ج 43 ص 231.

السّلام)(1).

5355 - معاني الاخبار: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا العباس بن معروف، عن عليّ بن مهزيار، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن محمّد بن قاسم بن الفضيل، عن حمّاد بن عثمان قال:

قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك ما معنى قول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذريتها على النّار؟

فقال: المعتقون من النّار هم ولد بطنه! الحسن والحسين وزينب وامّ كلثوم(2).

أقول: ممّا لاشك فيه أنّ أعمال الإنسان تترك آثارا على حياة الاولاد، إن خيرا فخير وإن شرا فشر.

وهذه الحقيقة نلمسها في القران الكريم، كقوله تعالى: (وَ أَمَّا الْجِدٰارُ فَكٰانَ لِغُلاٰمَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَ كٰانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمٰا وَ كٰانَ أَبُوهُمٰا صٰالِحاً...) (3) فصلاح الوالد ترك أثره الحسن على الولدين، فامر اللّه سبحانه الخضر (عليه السّلام) بإقامة الجدار محافظة على الكنز الذي كان تحته، حتى يبلغا مرحلة الرّشد.

وهكذا قوله تعالى: (.. أَلْحَقْنٰا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ...) (4).

ص:56


1- (1) - معاني الاخبار: ص 106 ح 2. منه البحار: ج 43 ص 231.
2- (2) - معاني الاخبار: ص 106 ح 3. منه البحار: ج 43 ص 231.
3- (3) - الكهف 18:82.
4- (4) - الطور 52:21.

بعد هذا التوضيح نقول: انّ المجتمع الجاهلي كان منغمسا - إلى الاذان - في الفسق والفجور والفساد والفحشاء... ولهذا فإنّ المرأة العفيفة النزيهة - في هذا المجتمع الفاسد - تعتبر ذات قيمة كبرى..

والسيّدة الزهراء الطاهرة (صلوات اللّه عليها) عاشت في هذا المجتمع نزيهة عفيفة طاهرة... فترك ذلك أثره الحسن على الاولاد والذرية...

هذا ما يتبادر الى الذهن من فاء التفريع في قوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): «إنّ فاطمة أحصنت فرجها فحرّم اللّه ذريّتها على النّار...» واللّه العالم.

وأمّا بالنسبة إلي الجملة الثانية - وهي تحديد الإمام الصادق (عليه السّلام) الذريّة بولد البطن... أي: بالإمام الحسن والإمام الحسين والسيدة زينب والسيّدة ام كلثوم (عليهم السّلام) فالظاهر أنّه من باب المصداق الاتم والاكمل، لانّ كلمة «الذريّة» عامّة تشمل النسل.

قال الطريحي: «الذريّة» اسم يجمع نسل الإنسان من ذكر وأنثى(1).

ولعلّ الإمام الصادق (عليه السّلام) راعى فهم السائل ومستواه، بأن رأى أنّه لا يتحمّل المعنى الواسع للذريّة، فذكر له المعنى المحدود.

وليس هذا الإحتمال ببعيد، لأنّ الائمّة الطاهرين (صلوات اللّه عليهم أجمعين) كانوا يتكلّمون على قدر عقول الناس، كما كان الانبياء كذلك أيضا.

ص:57


1- (1) - مجمع البحرين مادة: ذرر / النهاية لإبن الأثير مادة: ذرر.

باب (20) الرؤيا التي ازعجت فاطمة الزهراء عليها السّلام

5356 - تفسير القمي: (إِنَّمَا النَّجْوىٰ مِنَ الشَّيْطٰانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيْسَ بِضٰارِّهِمْ شَيْئاً إِلاّٰ بِإِذْنِ اللّٰهِ وَ عَلَى اللّٰهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ) (1)قال: فانّه حدّثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

كان سبب نزول هذه الآية أنّ فاطمة (عليها السّلام) رأت في منامها أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) همّ أن يخرج هو وفاطمة وعليّ والحسن والحسين (عليهم السّلام) من المدينة فخرجوا حتّى جاوزوا من حيطان المدينة، فعرض لهم طريقان، فأخذ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذات اليمين حتّى انتهى بهم إلى موضع فيه نخل وماء، فاشتري رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) شاة كبراء - وهي الّتي في إحدي اذنيها نقط بيض - فأمر بذبحها فلمّا أكلوا منها ماتوا في مكانهم، فانتبهت فاطمة باكية ذعرة فلم تخبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بذلك.

فلمّا أصبحت جاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بحمار فأركب عليه فاطمة (عليها السّلام) وأمر أن يخرج أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السّلام) من المدينة كما رأت فاطمة في نومها فلمّا خرجوا من حيطان المدينة عرض لهم طريقان فأخذ رسول

ص:58


1- (1) - المجادلة 58:10.

اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذات اليمين كما رأت فاطمة (عليها السّلام) حتى انتهوا إلى موضع فيه نخل وماء فاشتري رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) شاة كما رأت فاطمة (عليها السّلام) فأمر بذبحها، فذبحت وشوّيت.

فلمّا أرادوا أكلها قامت فاطمة وتنحّت ناحية منهم تبكي مخافة أن يموتوا فطلبها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى وقف عليها وهي تبكي فقال: ما شأنك يا بنيّة ؟

قالت: يا رسول اللّه [إنّي] رأيت البارحة كذا وكذا في نومي وقد فعلت أنت كما رأيته في نومي فتنحّيت عنكم لان لا أراكم تموتون.

فقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فصلّى ركعتين ثمّ ناجى ربّه، فنزل عليه جبرئيل فقال: يا محمّد هذا شيطان يقال له: الزها(1)وهو الّذي أري فاطمة هذه الرّؤيا ويؤذي المؤمنين في نومهم ما يغتمّون به، فأمر جبرئيل أن يأتي به الى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فجاء به إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال له: أنت أريت فاطمة هذه الرّؤيا؟

فقال: نعم يا محمّد فبزق عليه ثلاث بزقات فشجّه في ثلاث مواضع.

ثمّ قال جبرئيل لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله): قل يا محمّد إذا رأيت في منامك شيئا تكرهه أو رأى أحد من المؤمنين فليقل: «أعوذ بما عاذت به ملائكة اللّه المقرّبون وأنبياؤه المرسلون وعباده الصاّلحون من شرّ ما رأيت [و] من رؤياي» ويقرأ الحمد والمعوّذتين و «قل هو اللّه أحد» ويتفل عن يساره ثلاث تفلات، فإنّه لا يضرّه ما رأى. فأنزل اللّه

ص:59


1- (1) - الدّهار - البحار.

على رسوله (إِنَّمَا النَّجْوىٰ مِنَ الشَّيْطٰانِ ) الآية(1).

باب (21) زواج السيدة فاطمة الزهراء عليها السّلام

5357 - الكافي: عليّ بن محمد، عن عبداللّه بن إسحاق، عن الحسن بن عليّ بن سليمان، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ فاطمة (عليها السّلام) قالت لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): زوّجتني بالمهر الخسيس ؟! فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ما أنا زوّجتك ولكن اللّه زوّجك من السماء، وجعل مهرك خمس الدّنيا ما دامت السماوات والأرض(2).

5358 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): باسناد التميمي المتقدم في باب مناقبها، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ما زوّجت فاطمة إلاّ لمّا(3) أمرني اللّه (عزّوجلّ ) بتزويجها(4).

5359 - أمالي الطوسي: حدثني جماعة، عن أبي غالب أحمد بن محمّد الزّراريّ ، عن خاله، عن الاشعري، عن أحمد بن أبي عبداللّه [البرقي]، عن علي بن أسباط، عن داود، عن يعقوب بن

ص:60


1- (1) - تفسير القمي: ج 2 ص 355. منه البحار: ج 43 ص 90.
2- (2) - الكافي: ج 5 ص 378 ح 7.
3- (3) - الاّ بعد ما - البحار.
4- (4) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 59 ح 226. منه البحار: ج 43 ص 104.

شعيب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا زوّج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فاطمة عليّا دخل عليها وهي تبكي فقال لها: ما يبكيك ؟ فواللّه لو كان في أهل بيتي خير منه زوّجتك، وما أنا زوّجتك ولكنّ اللّه زوّجك وأصدق عنك الخمس مادامت السّماوات والارض.

قال عليّ (عليه السّلام): ثمّ قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): قم فبع الدّرع.

فقمت فبعته وأخذت الثّمن، ودخلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فسكبت الدّراهم في حجره، فلم يسألني كم هي ولا أنا أخبرته، ثمّ قبض قبضة ودعا بلالا فأعطاه وقال: ابتع لفاطمة طيبا، ثمّ قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من الدّراهم بكلتا يديه فأعطاها أبا بكر وقال: ابتع لفاطمة ما يصلحها من ثياب وأثاث البيت، وأردفه بعمّار بن ياسر وبعدّة من أصحابه.

فحضروا السّوق فكانوا يعرضون الشيء ممّا يصلح، فلا يشترونه حتّى يعرضوه على أبي بكر فإن استصلحه اشتروه.

فكان ممّا اشتروه: قميص بسبعة دراهم، وخمار باربعة دراهم وقطيفة سوداء خيبريّة، وسرير مزمّل بشريط(1)، وفراشان من جنس(2)مصر حشو أحدهما ليف وحشو الآخر من جزّ الغنم(3)، وأربع مرافق

ص:61


1- (1) - زمله فيه: لفّه - ومزمّل: أي ملفوف -. والشرايط: خوص مفتول يشرّط به السرير ونحوه (أقرب الموارد).
2- (2) - خيش - البحار. والخيش: ثياب في نسجها رقّة وخيوطها غلاظ من مشاقة الكتان أو من أغلظ العصب (القاموس).
3- (3) - الجر: هو قصّ العشر والصوف (النهاية).

من أدم الطائف، حشوها إذخر، وستر من صوف وحصير هجري(1)ورحا اليد، ومخضب من نحاس(2)، وسقي من أدم، وقعب للّبن وشنّ للماء، ومطهرة مزفتة(3) وجرّة خضراء، وكيزان خزف حتّى إذا استكمل الشّراء حمل أبو بكر بعض المتاع، وحمل أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الّذين كانوا معه الباقي.

فلمّا عرضوا المتاع على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) جعل يقلّبه بيده ويقول: بارك اللّه لاهل البيت.

قال عليّ (عليه السّلام): فأقمت بعد ذلك شهرا اصلّي مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأرجع إلى منزلي، ولا أذكر شيئا من أمر فاطمة (عليها السّلام) ثمّ قلن أزواج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ألا نطلب لك من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) دخول فاطمة عليك ؟

فقلت: افعلن، فدخلن عليه فقالت امّ أيمن: يا رسول اللّه لو أنّ خديجة باقية لقرّت عينها بزفاف فاطمة، وإنّ عليا يريد أهله، فقرّ عين فاطمة ببعلها واجمع شملهما وقرّ عيوننا بذلك.

فقال: فما بال عليّ لايطلب منّي زوجته، فقد كنّا نتوقّع منه ذلك ؟

قال عليّ (عليه السّلام): فقلت: الحياء يمنعني يارسول اللّه.

ص:62


1- (1) - هجر: بلدة باليمن واسم لجميع أرض البحرين، وقرية كانت قرب المدينة تنسب إليها القلال. (مجمع البحرين).
2- (2) - المخضب: المركن تغسل فيه الثياب (أقرب الموارد).
3- (3) - المزفّت: المطلي بالزفت. (أقرب الموارد).

فالتفت إلى النساء فقال: من هاهنا؟

فقالت امّ سلمة: أنا امّ سلمة وهذه زينب، وهذه فلانة وفلانة.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): هيّئوا لابنتي وابن عمّي في حجري بيتا.

فقالت امّ سلمة: في أيّ حجرة يا رسول اللّه ؟

فقال [رسول اللّه]: في حجرتك وأمر نساءه أن يزيّنّ ويصلحن من شأنها.

فقالت امّ سلمة: فسألت فاطمة: هل عندك طيب ادّخرتيه لنفسك ؟

قالت: نعم فأتت بقارورة فسكبت منها في راحتي فشممت منها رائحة ما شممت مثلها قطّ.

فقلت: ما هذا؟

فقالت: كان دحية الكلبى يدخل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيقول لي: يا فاطمة هات الوسادة فاطرحيها لعمّك، فأطرح له الوسادة فيجلس عليها، فاذا نهض سقط من بين ثيابه شيء فيأمرني بجمعه.

فسأل عليّ (عليه السّلام) رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عن ذلك.

فقال: هو عنبر يسقط من أجنحة جبرئيل.

قال علي (عليه السّلام): ثمّ قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ياعليّ اصنع لاهلك طعاما فاضلا ثمّ قال: من عندنا اللّحم والخبز، وعليك التّمر والسّمن، فاشتريت تمرا وسمنا فحسر رسول اللّه

ص:63

(صلّى اللّه عليه وآله) عن ذراعه وجعل يشدخ(1) التّمر في السّمن حتّى اتّخذه خبيصا، وبعث إلينا كبشا سمينا فذبح، وخبز لنا خبزا كثيرا.

ثمّ قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): ادع من أحببت، فأتيت المسجد وهو مشحن بالصّحابة(2)، فاستحييت أن أشخص قوما وأدع قوما، ثمّ صعدت على ربوة هناك وناديت: أجيبوا إلى وليمة فاطمة، فأقبل النّاس أرسالا(3)، فاستحييت من كثرة الناس وقلّة الطعام، فعلم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما تداخلني فقال:

يا عليّ إنّي سأدعو اللّه بالبركة.

قال عليّ : فأكل القوم عن اخرهم طعامي، وشربوا شرابي، ودعوا لي بالبركة وصدروا وهم أكثر من أربعة آلاف رجل، ولم ينقص من الطعام شيء.

ثمّ دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بالصحاف فملئت ووجّه بها إلى منازل أزواجه.

ثمّ أخذ صحفة وجعل فيها طعاما وقال: هذا لفاطمة وبعلها.

حتّى إذا انصرفت الشمس للغروب قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا امّ سلمة هلمّي فاطمة، فانطلقت فأتت بها وهي تسحب

ص:64


1- (1) - شدخ رأسه: كسره، والمعروف ان الشدخ كسر الرطب أو الاجوف كالبطيخ والحنظل وغيره. (أقرب الموارد). والمعنى: أنّه (صلّى اللّه عليه وآله) خلط التمر مع السمن خلطا شديدا بحيث صار بمنزلة الشيء الواحد.
2- (2) - المشحون: المملو من الناس. (مجمع البحرين).
3- (3) - الرسل: الجماعة والقطيع من كلّ شيء جمع ارسال. (أقرب الموارد).

أذيالها(1)، وقد تصبّبت عرقا حياء من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، فعثرت، فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أقالك اللّه العثرة في الدّنيا والآخرة.

فلمّا وقفت بين يديه كشف الرّداء عن وجهها حتّى رآها عليّ (عليه السّلام) ثمّ أخذ يدها فوضعها في يد عليّ فقال: بارك اللّه لك في ابنة رسول اللّه، يا عليّ نعم الزّوجة فاطمة، ويا فاطمة نعم البعل عليّ ، انطلقا إلي منزلكما ولا تحدثا أمرا حتّى آتيكما.

قال عليّ : فأخذت بيد فاطمة وانطلقت بها حتّى جلست في جانب الصفّة(2) وجلست في جانبها وهي مطرقة إلى الارض حياء منّي وأنا مطرق إلى الارض حياء منها.

ثمّ جاء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: من هاهنا؟

فقلنا: ادخل يا رسول اللّه مرحبا بك زائرا وداخلا، فدخل.

فأجلس فاطمة من جانبه وعليا من جانبه، ثمّ قال: يا فاطمة ايتيني بماء فقامت إلى قعب في البيت فملأته ماء ثمّ أتته به، فأخذ منه جرعة فتمضمض بها ثمّ مجّها في القعب ثمّ صبّ منها على رأسها، ثمّ قال: أقبلي، فلمّا أقبلت نضح منه بين ثدييها، ثمّ قال: أدبري، فلما أدبرت نضح منه بين كتفيها ثمّ قال: «اللهمّ هذه ابنتي وأحبّ الخلق إليّ ، اللهمّ وهذا أخي وأحبّ الخلق إليّ ، اللهم [اجعله] لك وليّا وبك حفيّا، وبارك له في أهله».

ثمّ قال: يا عليّ ادخل بأهلك بارك اللّه لك ورحمة اللّه وبركاته

ص:65


1- (1) - الذيل: آخر كل شيء، وذيل الثوب والازار: ما جرّ منه اذا اسبل (أقرب الموارد).
2- (2) - الصفّة: مصطبة مرتفعة ضيقة (المنجد).

عليكم إنّه حميد مجيد(1).

البحار - بيان: قوله: «فقرّ عين فاطمة»، ظاهره أنّه بصيغة الامر بناء على أنّ مجرّده يكون متعدّيا أيضا، لكنّه لم يرد فيما عندنا من كتب اللّغة.

وقال الجوهريّ : جمع اللّه شملهم. أي ما تشتّت من أمرهم، وشتّت اللّه شمله أي ما إجتمع من أمره، والقعب قدح من خشب.

قوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): «وبك حفيّا»، قال الجوهريّ : تقول: حفيت به - بالكسر - أي بالغت في إكرامه وإلطافه - إنتهى. أي مطيعا لك غاية الاطاعة أو مشفقا على الخلق ناصحا لهم بسبب إطاعة أمرك.

5360 - كشف الغمّة: عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ أبا بكر أتى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا رسول اللّه زوّجني فاطمة ؟ فأعرض عنه، فأتاه عمر فقال مثل ذلك فأعرض عنه، فأتيا عبدالرحمن بن عوف فقالا: أنت أكثر قريش مالا، فلو أتيت إلى رسول اللّه فخطبت إليه فاطمة، زادك اللّه مالا إلى مالك، وشرقا إلى شرفك ؟

فاتى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال له ذلك، فأعرض عنه، فأتاهما فقال: قد نزل بي مثل الّذي نزل بكما.

فأتيا عليّ بن أبي طالب وهو يسقي نخلا [له] فقالا: قد عرفنا قرابتك من رسول اللّه وقدمتك في الاسلام، فلو أتيت رسول اللّه فخطبت إليه فاطمة لزادك اللّه فضلا إلى فضلك، وشرفا إلى شرقك.

ص:66


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 40 ح 45. منه البحار: ج 43 ص 94.

فقال: لقد نبّهتماني، فانطلق فتوضّأ، ثمّ اغتسل ولبس كساء قطريّا وصلّى ركعتين، ثمّ أتى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال:

يارسول اللّه زوّجني فاطمة.

قال (صلّى اللّه عليه وآله): إذا زوّجتكها فما تصدقها؟

قال: اصدقها سيفي، وفرسي، ودرعي، وناضحي.

قال: أمّا ناضحك وسيفك وفرسك فلاغنى بك عنها تقاتل المشركين، وأمّا درعك فشأنك بها.

فانطلق عليّ وباع درعه بأربع مائة وثمانين درهما قطريّة، فصبّها بين يدي النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فلم يسأله عن عددها، ولا هو أخبره [عنها] فأخذ منها رسول اللّه قبضة فدفعها إلى المقداد بن الاسود فقال: ابتع من هذا ما تجهّز به فاطمة وأكثر لها من الطيب، فانطلق المقداد فاشتري لها رحى وقربة ووسادة من أدم، وحصيرا قطريّا فجاء به فوضعه بين يدي النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وأسماء بنت عميس معه، فقالت: يا رسول اللّه خطب إليك ذوو الاسنان والأموال من قريش ولم تزوجهم فزوّجتها من هذا الغلام ؟

فقال: يا أسماء أما إنّك ستزوّجين بهذا الغلام، وتلدين له غلاما.

فلمّا كان اللّيل قال لسلمان: ايتني ببغلتي الشّهباء، فأتاه بها، فحمل عليها فاطمة (عليها السّلام)، فكان سلمان يقودها ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقوم بها(1).

ص:67


1- (1) - هكذا في المصدر، ولعلّه تصحيف والصحيح: يسوقها، كما يأتي ذلك في الرواية الآتية، ويقودها - من القود - وهو أن يكون الرجل أمام الدابّة ة آخذا بقيادها، ويسوقها - من السوق - وهو ان يكون الرجل خلف الدابّة يحثّها على السّير (أقرب الموارد).

فبينا هو كذلك إذ سمع حسّا خلف ظهره فالتفت، فاذا هو جبرئيل وميكائيل وإسرافيل في جمع كثير من الملائكة، فقال: يا جبرئيل ما أنزلكم ؟

قال: نزلنا [نزفّ فاطمة] إلى زوجها، فكبّر جبرئيل، ثمّ كبّر ميكائيل، ثمّ كبّر إسرافيل، ثمّ كبّرت الملائكة، ثمّ كبّر النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، ثمّ كبّر سلمان الفارسي، فصار التكبير خلف العرائس سنّة من تلك اللّيلة.

فجاء بها فادخلها على عليّ (عليه السّلام) فأجلسها إلى جنبه على الحصير القطريّ ثمّ قال: يا عليّ هذه بنتي فمن أكرمها فقد أكرمني، ومن أهانها فقد أهانني.

ثمّ قال: اللهمّ بارك لهما و [بارك] عليهما، واجعل منهما ذرّية طيّبة إنّك سميع الدّعاء.

ثمّ وثب فتعلّقت به وبكت، فقال لها: ما يبكيك ؟! فقد زوّجتك أعظمهم حلما، وأكثرهم علما(1).

5361 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عمر (عبدالواحد بن محمّد ابن عبداللّه بن محمّد بن مهديّ ) قال: أخبرنا أحمد (بن محمّد بن سعيد بن عبدالرحمن بن عقدة الحافظ) قال: حدثنا محمد بن أحمد ابن الحسن قال: حدثنا موسى بن ابراهيم المروزي قال: حدثنا موسى ابن جعفر، عن بيه، عن جدّه (عليهم السّلام)، عن جابر بن عبداللّه قال: لمّا زوّج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فاطمة من عليّ أتاه اناس من قريش فقالوا: إنّك زوّجت عليا بمهر خسيس.

ص:68


1- (1) - كشف الغمة: ج 1 ص 368. منه البحار: ج 43 ص 140.

فقال: ما أنا زوّجت عليّا، ولكنّ اللّه (عزّوجلّ ) زوّجه ليلة أسري بي عند سدرة المنتهى، أوحى اللّه إلى السدرة أن انثري ما عليك، فنثرت الدّرّ والجوهر والمرجان، فابتدر الحور العين فالتقطن، فهنّ يتهادينه ويتفاخرن به ويقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمّد (صلّى اللّه عليه وآله).

فلماّ كانت ليلة الزّفاف أتى النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ببغلته الشهباء، وثنى عليها قطيفة، وقال لفاطمة: اركبي، وأمر سلمان أن يقودها والنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يسوقها، فبينما هو في بعض الطريق إذ سمع النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وجبة فاذا [هو] بجبرئيل في سبعين ألفا، وميكائيل في سبعين ألفا، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ما أهبطكم إلى الارض ؟

قالوا: جئنا نزفّ فاطمة إلى زوجها عليّ بن أبي طالب، فكبّر جبرئيل، وكبّر ميكائيل، وكبّرت الملائكة، وكبّر محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، فوقع التكبير على العرائس من تلك اللّيلة(1).

البحار - بيان: الوجبة: السقطة مع الهدّة [أ] وصوت الساقط.

وفي بعض النسخ وحية بالحاء المهملة والياء المثنّاة، والوحي الكلام الخفيّ .

5362 - دلائل الامامة: أخبرني ابو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبري قال: حدثنا ابي، قال: حدثنا أبو علي احمد بن محمّد بن جعفر الصولي، قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيى، قال:

حدثنا أبو القاسم التستري، قال: حدّثنا أبو الصلت عبدالسلام بن

ص:69


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 257 ح 464. منه البحار: ج 43 ص 104.

صالح، عن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ ، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: لمّا زوّجني النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بفاطمة قال لي: أبشر فإنّ اللّه قد كفاني ما همّني من أمر تزويجك.

قلت: وما ذاك ؟ - قال: أتاني جبرئيل بسنبلة من سنابل الجنّة وقرنفلة من قرنفلها.

فأخذتهما وشممتهما وقلت: يا جبرئيل ما شأنهما؟

فقال: إنّ اللّه أمر ملائكة الجنّة وسكانها، أن يزيّنوا الجنة بأشجارها وأنهارها وقصورها ودورها وبيوتها ومنازلها وغرفها، وأمر الحور العين أن يقرأن (حم عسق) و (يس) ونادي مناد يقول: إنّ اللّه يقول: إنّى قد زوّجت فاطمة بنت محمّد من عليّ بن أبي طالب.

ثمّ بعث اللّه سحابة فأمطرت عليهم الدّرّ والياقوت واللؤلؤ والجوهر. ونثرت السنبل والقرنفل، فهذا ممّا نثر على الملائكة(1).

5363 - دلائل الامامة: حدثنا أبو الحسن أحمد بن الفرج بن منصور، قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسين بن موسى، قال:

حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أبي اسحاق ابراهيم بن محمّد بن سعيد الثقفي قال: حدّثنا أبو الحسن الاسدي قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة قال: حدثني أبي، عن علي بن عبداللّه، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: لما زفّت فاطمة إلى عليّ نزل جبرئيل وميكائيل واسرافيل ونزل معهم سبعون ألف ملك.

قال: فقدّمت بغلة رسول اللّه دلدل، وعليها شملة فأمسك

ص:70


1- (1) - دلائل الامامة: ص 19.

جبرئيل باللجام وأمسك أسرافيل بالركاب وأمسك ميكائيل بالثفرة(1)ورسول اللّه يسوّي عليها ثيابها، فكبّر جبرئيل وكبّر اسرافيل وكبّر ميكائيل وكبّرت الملائكة، وجرت سنة التكبير في الزفاف(2).

5364 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قال: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن سلمة بن الخطاب البراوستاني، عن إبراهيم بن مقاتل قال: حدثني حامد بن محمّد، عن عمرو بن هارون، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، قال: لقد هممت بتزويج فاطمة ابنة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) حينا ولم أتجرّء أن أذكر ذلك للنبي (صلّى اللّه عليه وآله) وانّ ذلك اختلج في صدري ليلي ونهاري حتّى دخلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، فقال:

يا علي.

قلت: لبّيك يا رسول اللّه.

قال: هل لك في التّزويج ؟

قلت: رسول اللّه أعلم، وإذا هو يريد أن يزوّجني بعض نساء قريش وإنّي لخائف على فوت فاطمة.

فما شعرت بشيء إذ أتاني رسول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال لي: أجب النبيّ وأسرع، فما رأينا رسول اللّه أشدّ فرحا منه اليوم.

ص:71


1- (1) - الثفر: بالتحريك وقد يسكن: السير الذي في مؤخر السرج. (أقرب الموارد).
2- (2) - دلائل الامامة: ص 25.

قال: فأتيته مسرعا فإذا هو في حجرة امّ سلمة فلمّا نظر إليّ تهلّل وجهه فرحا وتبسّم حتّى نظرت إلى بياض أسنانه يبرق، فقال: أبشر يا عليّ فإنّ اللّه (عزّوجلّ ) قد كفاني ما قد كان أهمّني من أمر تزويجك.

فقلت: وكيف ذلك يا رسول اللّه ؟.

قال: أتاني جبرئيل ومعه من سنبل الجنّة وقرنفلها فناولنيهما، فأخذتهما وشممتهما، فقلت: ما سبب هذا السّنبل والقرنفل ؟

فقال: إنّ اللّه (تبارك وتعالى) أمر سكان الجنان من الملائكة ومن فيها أن يزيّنوا الجنان كلّها بمغارسها وأشجارها وثمارها وقصورها، وأمر ريحها فهبّت بأنواع العطر والطيب، وأمر حور عينها بالقراءة فيها بسورة طه وطواسين ويس وحمعسق، ثمّ نادي مناد من تحت العرش:

ألا إنّ اليوم يوم وليمة عليّ بن أبي طالب ألا إنّي اشهدكم أنّي قد زوّجت فاطمة بنت محمّد من عليّ بن أبي طالب رضي منّي بعضهما لبعض.

ثمّ بعث اللّه (تبارك وتعالى) سحابة بيضاء فقطرت عليهم من لؤلؤها وزبرجدها ويواقيتها، وقامت الملائكة فنثرت من سنبل الجنّة وقرنفلها، هذا ممّا نثرت الملائكة.

ثمّ أمر اللّه (تبارك وتعالى) ملكا من ملائكة الجنّة يقال له:

راحيل وليس في الملائكة أبلغ منه فقال: اخطب يا راحيل، فخطب بخطبة لم يسمع بمثلها أهل السماء ولا أهل الارض.

ثمّ نادي مناد: ألا يا ملائكتي وسكان جنّتي باركوا على عليّ بن أبي طالب حبيب محمّد وفاطمة بنت محمّد، فقد باركت عليهما، ألا إنّي [قد] زوّجت أحبّ النساء إلي من أحبّ الرجال إليّ بعد النبيّين

ص:72

والمرسلين.

فقال راحيل الملك: يا ربّ وما بركتك فيهما بأكثر ممّا رأينا لهما في جنانك ودارك ؟

فقال (عزّوجلّ ): يا راحيل إنّ من بركتي عليهما أن أجمعهما على محبّتي وأجعلهما حجّة على خلقي، وعزّتي وجلالي لأخلقنّ منهما خلقا، ولا نشأنّ منهما ذرّية أرضي في أرضي، ومعادن لعلمي، ودعاة إلى ديني، بهم أحتجّ على خلقي بعد النبيّين والمرسلين.

فابشر يا عليّ فانّ اللّه (عزّوجلّ ) أكرمك كرامة لم يكرم بمثلها أحدا وقد زوّجتك ابنتي فاطمة على ما زوّجك الرّحمن، وقد رضيت لها بما رضي اللّه لها فدونك أهلك فإنك أحقّ بها منّي، ولقد أخبرني جبرئيل أنّ الجنّة مشتاقة إليكما، ولو [لا] أنّ اللّه (عزّوجلّ ) قدّر أن يخرج منكما ما يتّخذه على الخلق حجّة لأجاب فيكما الجنّة وأهلها، فنعم الاخ أنت، ونعم الختن أنت، ونعم الصاحب أنت وكفاك برضى اللّه رضى.

قال عليّ (عليه السّلام): فقلت: يا رسول اللّه بلغ من قدري حتّى أنّي ذكرت في الجنّة وزوّجني اللّه في ملائكته ؟! فقال: إنّ اللّه (عزّوجلّ ) إذا أكرم وليّه وأحبّه أكرمه بما لاعين رأت ولا اذن سمعت، فحباها اللّه لك يا عليّ .

فقال عليّ (عليه السّلام): (رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ ) (1).

ص:73


1- (1) - النمل 27:19.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): آمين(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبو الحسن محمد بن عليّ بن الشاه قال: حدثنا أبو العباس احمد بن المظفر بن الحسين قال:

حدثنا أبو عبداللّه محمد بن زكريا البصري قال: حدثني المهدي بن سابق قال: حدثنا علي بن موسى بن جعفر (عليهم السّلام) قال:

حدثني أبي، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن حدّه (عليهم السّلام) قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السّلام)... وذكر نحوه(2).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثني بهذا الحديث عليّ بن احمد بن محمد بن عمران الدقاق (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا احمد بن يحيى بن زكريا القطان قال: حدثنا أبو محمّد بكر بن عبداللّه بن جندب قال: حدثنا احمد بن الحارث قال: حدثنا أبو معاوية، عن الاعمش، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه، عن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: لقد هممت بتزويج فاطمة (عليها السّلام) ولم اجتر(3) ان اذكر ذلك لرسول اللّه.... وذكر الحديث مثله سواء.

قال الصدوق: ولهذا الحديث طريق اخر قد اخرجته في مدينة العلم(4).

تفسير فرات الكوفي: قال: حدثنا أبو القاسم عبدالرحمن بن

ص:74


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 448 ح 1.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 222 ح 1.
3- (3) - أتجرء - البحار.
4- (4) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 225 ح 2.

محمّد بن عبدالرحمن الحسيني قال: حدثنا فرات بن ابراهيم الكوفي قال: حدثنا محمد بن علي بن عمرو بن طريف (ظريف) الحجري قال: حدثنا عقبة بن مكرم الضبي قال: حدثنا أبو تراب عمرو بن عبداللّه بن هارون الطوسي الخراساني قال: حدثنا أحمد بن عبداللّه أبو علي الهروي الشيباني قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمّد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن آبائه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) نحوه إلاّ أنّه ذكر في آخره: فقال: يا علي إنّ اللّه تعالى إذا أكرم وليّه أكرمه بما لاعين رأت ولا أذن سمعت وإنما حباك اللّه في الجنة بما لاعين رأت ولا أذن سمعت.

فقال عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): يارب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والديّ وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): آمين آمين يارب العالمين ويا خير الناصرين(1).

مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) - في خبر - انه دعاه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وقال: ابشر يا علي فان اللّه قد كفاني.... وذكر نحوه الى قوله: وهذا مما نثرت الملائكة، ثم اشار الى بقية الحديث بقوله: الى آخر الخبر(2).

5365 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(3)، عن

ص:75


1- (1) - تفسير فرات الكوفي: ص 413 ح 552. منها البحار: ج 43 ص 101.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 347. منه البحار: ج 43 ص 110.
3- (3) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.

الرضاء، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أتاني ملك فقال: يا محمّد إنّ اللّه يقرأك(1) السلام ويقول لك:

قد زوّجت فاطمة من عليّ فزوّجها منه، وقد أمرت شجرة طوبى أن تحمل الدّرّ والياقوت والمرجان، وإنّ أهل السماء قد فرحوا بذلك، وسيولد منهما ولدان سيّدا شباب أهل الجنّة، وبهما يتزيّن أهل الجنّة، فابشر يا محمّد فانّك خير الأوّلين والآخرين(2).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عنه (عليه السّلام) عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(3).

5366 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعميّ ، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ عليّا تزوّج فاطمة على جرد برد ودرع وفراش كان من أهاب كبش(4) و(5).

5367 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن

ص:76


1- (1) - في البحار وصحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): يقرأ عليك.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 27 ح 12.
3- (3) - صحيفة الامام الرضا: ص 172 ح 108. منهما البحار: ج 43 ص 105.
4- (4) - قال الجوهري: الجرد - بالفتح -: البردة المنجردة الخلق - انتهى. وهو مضافة إلى برد كقولهم: جرد قطيفة. قال الرضي (رضي اللّه عنه): يجعلون نحو جرد قطيفة بالتأويل كخاتم فضة لان المعنى شيء جرد أي بال ثم حذف الموصوف واضيف صفته إلى جنسها للتبيين اذ الجرد يحتمل أن يكون من القطيفة ومن غيرها كما ان الخاتم محتمل كونه من الفضة ومن غيرها، فالاضافة بمعنى «من» وقال الفيروز آبادي: الاهاب: الجلود، ويقال: قبل أن يدبغ. (مرآة العقول).
5- (5) - الكافي: ج 5 ص 377 ح 1.

عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: زوّج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا فاطمة (عليهما السّلام) على درع حطميّة(1) وكان فراشها أهاب كبش يجعلان الصوف - إذا اضطجعا - تحت جنوبهما(2).

5368 - الكافي: بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحسين، عن العبّاس بن عامر، عن عبداللّه بن بكير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: زوّج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا فاطمة (عليهما السّلام) على درع حطميّة يساوي ثلاثين درهما3.

البحار - بيان: يمكن الجمع بين تلك الروايات بوجوه:

الأوّل: أن يكون المراد كون الدرع جزء للمهر.

الثاني: أن يكون المعنى أنّه لو كان هذا اليوم لساوي ثلاثين درهما، وإن كانت قيمته في ذلك الزّمان أكثر.

الثالث: أن يقال: انّه كان يسوي ثلاثين درهما، لكن بيع بخمسمائة درهم.

الرّابع: أن يكون بعض الاخبار محمولا على التقيّة.

5369 - مناقب آل أبي طالب: روي عن الصادق (عليه السّلام) قال: كان صداق فاطمة درع حطميّة واهاب كبش او جدي(3).

ص:77


1- (1) - الحطمية: سمّيت بذلك لأنّها تحطم السيوف أي تكسرها. وقيل: هي العريضة الثقيلة وهي منسوبة إلى بطن من عبدالقيس يقال لهم: «حطمة بن حارث» كانوا يعملون الدروع (مجمع البحرين).
2- (2و3) - الكافي: ج 5 ص 377 ح 3 و 4. منه البحار: ج 43 ص 143.
3- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 351. منه البحار: ج 43 ص 113.

5370 - احقاق الحق: الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعيّ في «السنن الكبري» - ج 7 ص 235 - قال: أخبرنا أبو عبداللّه الحافظ وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمّد ابن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبداللّه بن وهب، عن سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه: أنّ عليّ بن أبي طالب أصدق فاطمة درعا من حديد وجرّة دوّار. وانّ صداق نساء النبيّ كان خمسمأة درهم(1).

5371 - قرب الاسناد: محمّد بن الوليد، عن عبداللّه بن بكير، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: زوّج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا فاطمة [صلوات اللّه عليهما] على درع له حطميّة تسوي ثلاثين درهما(2) و(3).

5372 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: كان فراش عليّ وفاطمة - حين دخلت عليه - إهاب كبش إذا أرادا أن يناما عليه قلباه فناما على صوفه.

قال: وكانت وسادتهما أدما حشوها ليف.

قال: وكان صداقها درعا من حديد(4).

ص:78


1- (1) - إحقاق الحق: ج 10 ص 357.
2- (2) - ولعلّ الصحيح: ثلاثين دينارا أو ما يعادل ثلاثين دينارا من الدراهم.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 80. منه البحار: ج 43 ص 105.
4- (4) - قرب الاسناد: ص 53. منه البحار: ج 43 ص 104.

5373 - مكارم الاخلاق: عن الحسين بن نعيم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: أدخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فاطمة على عليّ وسترها عباءة، وفرشها إهاب كبش، ووسادتها أدم محشوة بمسد(1) و(2).

5374 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال: حدثنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان قال: حدثنا أبو القاسم علي بن حبشي(3) قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد ابن الحسين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا صفوان بن يحيي، عن الحسين ابن أبي غندر، عن إسحاق بن عمّار وأبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (تبارك وتعالى) أمهر فاطمة (عليها السّلام) ربع الدّنيا، فربعها لها، وأمهرها الجنّة والنّار، تدخل أعداءها النّار، وتدخل أولياءها الجنّة، وهي الصدّيقة الكبري، وعلى معرفتها دارت القرون الأولى(4).

5375 - مناقب آل أبي طالب: في حديث خبّاب بن الارت: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله):(5) زوجت إبنتي فاطمة منك بأمر اللّه

ص:79


1- (1) - الأدم: الجلود (مجمع البحرين) والمسد: الليف، وقيل: حبل من ليف أو خوص أو شعر أو وبر أو صوف أو جلود الابل السان العرب).
2- (2) - مكارم الاخلاق: ص 131. منه البحار: ج 43 ص 117.
3- (3) - عن علي بن حبيش - البحار.
4- (4) - أمالي الطوسي: ص 668 ح 1399. منه البحار: ج 43 ص 105.
5- (5) - أي: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لعليّ (عليه السّلام).

تعالى على صداق خمس الارض وأربعمائة وثمانين درهما، للاجل خمس الارض، والعاجل أربعمائة وثمانين درهما.

وقد روي حديث خمس الارض عن الصادق (عليه السّلام) من يعقوب بن شعيب(1).

5376 - مناقب آل أبي طالب: إسحاق بن عمّار وأبو بصير قال الصادق (عليه السّلام): إنّ اللّه تعالى مهر فاطمة ربع الدّنيا، فربعها لها، ومهرها الجنّة والنّار فتدخل أولياءها الجنّة وأعداءها النّار2.

5377 - البحار: مسند فاطمة (عليها السّلام) - عن [محمد بن] هارون بن موسى، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي العريب(2)، عن محمد بن زكريا بن دينار، عن شعيب بن واقد، عن الليث، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) عن جابر قال: لمّا أراد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أن يزوج فاطمة عليا قال له: اخرج يا أبا الحسن إلى المسجد، فإني خارج في أثرك ومزوّجك بحضرة الناس وذاكر من فضلك ما تقرّبه عينك.

قال علي: فخرجت من عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وانا لا أعقل فرحا وسرورا فأستقبلني أبو بكر وعمر قالا: ما وراك يا أبا الحسن ؟

فقلت: يزوّجني رسول اللّه فاطمة وأخبرني ان اللّه قد زوّجنيها، وهذا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) خارج في اثري ليذكر بحضرة الناس، ففرحا وسرّا ودخلا معي المسجد.

ص:80


1- (1و2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 352. منه البحار: ج 43 ص 113.
2- (3) - أبي الغريب - مستدرك الوسائل.

قال: فواللّه ما توسّطناه حتّى لحق بنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وانّ وجهه يتهلل فرحا وسرورا، فقال: اين بلال ؟

فاجاب: لبيك وسعديك يا رسول اللّه.

ثمّ قال: أين المقداد؟

فأجاب: لبيك يا رسول اللّه.

ثمّ قال: أين سلمان ؟

فأجاب: لبيك يا رسول اللّه.

ثمّ قال: اين أبو ذر؟

فأجاب: لبيك يا رسول اللّه فلمّا مثلوا بين يديه قال: انطلقوا بأجمعكم فقوموا في جنبات المدينة واجمعوا المهاجرين والانصار والمسلمين.

فانطلقوا لأمر رسول اللّه.

وأقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فجلس على أعلى درجة من منبره، فلمّا حشد المسجد بأهله قام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فحمد اللّه وأثنى عليه فقال: الحمد للّه الذي رفع السماء فبناها، وبسط الارض فدحاها وأثبتها بالجبال فارساها، اخرج منها ماءها ومرعاها، الذي تعاظم عن صفات الواصفين، وتجلّل عن تحبير لغات الناطقين، وجعل الجنة ثواب المتقين، والنار عقاب الظالمين، وجعلني نقمة للكافرين ورحمة ورأفة على المؤمنين.

عباد اللّه: انكم في دار امل وعدوّ أجل، وصحة وعلل، دار زوال، وتقلب احوال، جعلت سببا للارتحال فرحم اللّه امرء قصّر من امله وجدّ في عمله، وانفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من

ص:81

قوته، قدّم ليوم فاقته يوم يحشر فيه الاموات، وتخشع له الاصوات، وتذكر الاولاد(1)، والامهات، وتري الناس سكارى وما هم بسكارى، يوم يوفّيهم اللّه دينهم الحق، ويعلمون أنّ اللّه هو الحق المبين.

(يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مٰا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ مٰا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهٰا وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (2) (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقٰالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) (3) ليوم تبطل فيه الانساب وتقطع الاسباب، ويشتد فيه على المجرمين الحساب، ويدفعون الى العذاب.

(فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النّٰارِ وَ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فٰازَ وَ مَا الْحَيٰاةُ الدُّنْيٰا إِلاّٰ مَتٰاعُ الْغُرُورِ) (4).

ايّها الناس: انّما الانبياء حجج اللّه في أرضه الناطقون بكتابه، العاملون بوحيه، انّ اللّه (عزّوجلّ ) أمرني أن ازوّج كريمتي فاطمة بأخي وابن عمّي وأولى الناس بي علي بن أبي طالب وقد زوّجه في السّماء بشهادة الملائكة، وأمرني أن ازوّجه واشهدكم على ذلك.

ثم جلس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثم قال: قم يا علي فأخطب لنفسك.

قال: يا رسول اللّه اخطب وأنت حاضر؟! قال: اخطب فهكذا أمرني جبرئيل أن آمرك أن تخطب لنفسك،

ص:82


1- (1) - هكذا في المصدر، ولعل الصحيح: وتنكر الاولاد...
2- (2) - آل عمران 3:30.
3- (3) - الزلزلة 99:7 و 8.
4- (4) - آل عمران 3:185.

ولولا أن الخطيب في الجنان داود لكنت أنت ياعلي.

ثم قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): أيّها الناس اسمعوا قول نبيّكم ان اللّه بعث أربعة آلاف نبيّ (1) لكلّ نبيّ وصيّ وأنا خير الأنبياء ووصيي خير الاوصياء.

ثمّ أمسك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وابتدأ علي فقال:

الحمد للّه الذي ألهم بفوات علمه الناطقين، وأنار بثواقب عظمته قلوب المتقين، وأوضح بدلائل احكامه طرق الفاصلين، وانهج بابن عمي المصطفى العالمين، وعلت دعوته لرواعي الملحدين، واستظهرت كلمته على بواطل المبطلين، وجعله خاتم النبيين وسيد المرسلين، فبلّغ رسالة ربه وصدع بأمره وبلغ عن اللّه آياته، والحمد للّه الذي خلق العباد بقدرته وأعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ورحم وكرّم وشرّف وعظّم، والحمد للّه على نعمائه وأياديه، واشهد ان لا إله إلّا اللّه شهادة تبلغه وترضيه، وصلى اللّه على محمّد صلاة تربحه وتحظيه والنكاح ممّا أمر اللّه به واذن فيه، ومجلسنا هذا ممّا قضاه ورضيه، وهذا محمّد بن عبداللّه (صلّى اللّه عليه وآله) زوّجني ابنته فاطمة على صداق أربعمائة درهم ودينار(2) قد رضيت بذلك، فاسألوه واشهدوا.

فقال المسلمون: زوّجته يارسول اللّه ؟

قال: نعم.

ص:83


1- (1) - المروي أن عدد الأنبياء 124 ألف نبي، ولعل في هذا الحديث تصحيفا.
2- (2) - الظاهر انها (ونيف وقد).

قال المسلمون: بارك اللّه لهما وعليهما وجمع شملهما(1).

باب (22) أحبّ النّاس إلى رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

5378 - بشارة المصطفى: أبو جعفر الطبريّ باسناده قال: حدثنا عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين، عن أبيه عليّ (عليهم السّلام) قال: قالت فاطمة (عليها السّلام) يوما: أنا أحبّ إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) منكم.

فقلت: لا، بل أنا أحبّ .

فقال الحسن: لا، بل أنا أحبّ .

وقال الحسين: لا، بل أنا أحبّكم إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله). ودخل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا بنيّة فيم أنتم ؟

فأخبرناه، فأخذ فاطمة فاحتضنها وقبّل فاها. وضمّ عليا إليه وقبّل بين عينيه. وأجلس الحسن على فخذه الأيمن. و الحسين على فخذه الأيسر، وقبّلهما، وقال: أنتم أولى بي في الدّنيا والآخرة، والى اللّه من والاكم، وعادي من عاداكم. أنتم منّي وأنا منكم. والّذي نفسي بيده لا يتولّاكم عبد في الدّنيا إلاّ كان اللّه (عزّوجلّ ) وليّه في الدّنيا والآخرة(2).

ص:84


1- (1) - البحار: ج 103 ص 269 ح 21. منه المستدرك: ج 14 ص 311 مختصرا.
2- (2) - بشارة المصطفى: ص 205.

باب (23) فاطمة الزهراء عليها السّلام والحياة الزوجّية

5379 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) يحتطب(1) ويستقي ويكنس وكانت فاطمة (سلام اللّه عليها) تطحن وتعجن وتخبز(2).

أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن إبراهيم القزويني قال: أخبرنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان الهنائي البصري قال: حدثني أحمد بن إبراهيم بن أحمد قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن علي بن عبدالكريم الزعفراني قال: حدثني أحمد ابن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر قال: حدثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(3).

5380 - البحار: مصباح الانوار - عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: شكت فاطمة إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله! عليّا، فقالت: يا رسول اللّه لايدع شيئا من رزقه إلاّ وزّعه على المساكين.

فقال لها: يا فاطمة أتسخطيني في أخي وابن عمّي ؟! إنّ سخطه

ص:85


1- (1) - يحطب - أمالي الطوسي.
2- (2) - الكافي: ج 5 ص 86 ج 1.
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 660 ح 1369.

سخطي وإنّ سخطي سخط اللّه (عزّوجلّ )(1).

5381 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا الحسين بن إبراهيم القزويني قال: حدثنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان قال: حدثنا أبو القاسم علي بن حبشي(2) قال: حدثنا أبو الفضل العباس بن محمد ابن الحسين قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي غندر، عن عبداللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أوحى اللّه تعالى إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): قل لفاطمة: لاتعصي عليّا، فانّه إن غضب غضبت لغضبه(3).

مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) أوحى اللّه تعالى إلى رسوله (صلّى اللّه عليه وآله)... وذكر مثله وفيه: لو غضب(4).

5382 - قرب الاسناد: السندي بن محمّد، عن أبي البختريّ ، عن أبي عبداللّه، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: تقاضى عليّ وفاطمة إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في الخدمة، فقضى على فاطمة بخدمة ما دون الباب، وقضى على عليّ ما خلفه.

قال: فقالت فاطمة: فلايعلم ما داخلني من السرور إلاّ اللّه بإكفائي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تحمّل رقاب الرّجال(5).

ص:86


1- (1) - البحار: ج 43 ص 153 ح 11.
2- (2) - عن علي بن حبيش - البحار.
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 668 ح 1400. منه البحار: ج 43 ص 151.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 181. منه البحار: ج 43 ص 106.
5- (5) - قرب الاسناد: ص 25. منه البحار: ج 43 ص 81.

باب (24) فاطمة الزهراء عليها السّلام في وفاة أبيها الرسول صلّى الله عليه و آله

5383 - البحار: روي السيد علي بن طاووس (قدّس اللّه روحه) في (الطرف) نقلا عن السيد رضي الدين الموسوي (رضي اللّه عنه) من كتاب (خصائص الائمّة)، عن هارون بن موسى، عن أحمد بن محمّد بن عمّار العجلي الكوفي، عن عيسى الضرير، عن موسى بن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: لمّا كانت الليلة الّتي قبض النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) في صبيحتها دعا عليّا وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) وأغلق عليه وعليهم الباب وقال: يا فاطمة، وأدناها منه، فناجاها من الليل طويلا، فلمّا طال ذلك خرج عليّ ومعه الحسن والحسين وأقاموا بالباب والناس خلف الباب، ونساء النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ينظرن إلى عليّ (عليه السّلام) ومعه ابناه.

فقالت عائشة: لامر ما أخرجك منه رسول اللّه وخلا بابنته دونك في هذه الساعة ؟! فقال لها عليّ (عليه السّلام): قد عرفت الذي خلا بها وأرادها له، وهو بعض ما كنت فيه وأبوك وصاحباه ممّا قد سمّاه!!! فوجمت أن تردّ عليه كلمة.

قال عليّ (عليه السّلام): فما لبثت أن نادتني فاطمة فدخلت على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وهو يجود بنفسه، فبكيت ولم أملك نفسي حين رأيته بتلك الحال يجود بنفسه. فقال لي: ما يبكيك يا

ص:87

عليّ؟! ليس هذا أوان البكاء، فقد حان الفراق بيني وبينك، فأستودعك اللّه يا أخي، فقد اختار لي ربّي ما عنده، وإنّما بكائي وغمّي وحزني عليك وعلى هذه أن تضيع بعدي فقد أجمع القوم على ظلمكم، وقد أستودعكم اللّه، وقبلكم منّي وديعة.

يا عليّ إنّى قد أوصيت فاطمة ابنتي بأشياء وأمرتها أن تلقيها إليك، فأنفذها، فهي الصادقة الصدوقة، ثمّ ضمّها إليه وقبّل رأسها، وقال: فداك أبوك يا فاطمة، فعلا صوتها بالبكاء، ثمّ ضمّها إليه وقال: أما واللّه لينتقمنّ اللّه ربّي، وليغضبنّ لغضبك فالويل ثمّ الويل ثمّ الوليل للظالمين، ثمّ بكى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

قال عليّ (عليه السّلام): فواللّه لقد حسبت بضعة منّي قد ذهبت لبكائه حتّى هملت عيناه مثل المطر، حتّى بلّت دموعه لحيته وملاءة كانت عليه، وهو يلتزم فاطمة لا يفارقها، ورأسه على صدري، وأنا مسنده، والحسن والحسين يقبّلان قدميه ويبكيان بأعلا أصواتهما.

قال عليّ (عليه السّلام): فلو قلت: إنّ جبرئيل في البيت لصدقت، لأنّي كنت أسمع بكاء ونغمة لا أعرفها، وكنت أعلم أنها أصوات الملائكة لا أشك فيها، لانّ جبرئيل لم يكن في مثل تلك الليلة يفارق النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله).

ولقد رأيت بكاء منها(1) أحسب أنّ السماوات والأرضين قد بكت لها، ثمّ قال لها: يا بنيّة، اللّه خليفتي عليكم، وهو خير خليفة، والّذي بعثني بالحقّ لقد بكى لبكائك عرش اللّه وما حوله من الملائكة والسماوات والأرضون وما فيهما.

ص:88


1- (1) - أي من فاطمة (عليها السّلام).

يا فاطمة والذي بعثني بالحقّ لقد حرمت الجنّة على الخلائق حتّى أدخلها، وإنّك لاوّل خلق اللّه يدخلها بعدي كاسية حالية(1) ناعمة.

يا فاطمة هنيئا لك.

والذي بعثني بالحقّ إنّك لسيّدة من يدخلها من النساء.

والذي بعثني بالحق إنّ جهنّم لتزفر زفرة لايبقى ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل إلاّ صعق، فينادى إليها: أن يا جهنّم يقول لك الجبّار:

اسكني بعزّي، واستقرّي حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد إلى الجنان، لايغشاها قتر ولا ذلّة، والّذي بعثني بالحقّ ليدخلنّ حسن وحسين، حسن عن يمينك، وحسين عن يسارك، ولتشرفنّ من أعلى الجنان بين يدي اللّه في المقام الشريف ولواء الحمد مع عليّ بن أبي طالب يكسى إذا كسيت، ويحبى إذا حبيت.

والذي بعثني بالحقّ لاقومنّ بخصومة أعدائك، وليندمنّ قوم أخذوا حقّك، وقطعوا مودّتك، وكذبوا عليّ ، وليختلجنّ دوني فاقول: امّتي امّتي فيقال: إنّهم بدّلوا بعدك، وصاروا إلى السعير(2).

باب (25) فاطمة الزهراء عليها السّلام ترثى أباها الرّسول

5384 - الكافي: حميد بن زياد، عن الحسن بن محمد الكنديّ ، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن أبان بن عثمان، عن محمّد بن

ص:89


1- (1) - حليت المرأة: لبست حليا فهي حالية (أقرب الموارد).
2- (2) - البحار: ج 22 ص 490 ح 36.

المفضّل(1) قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: جاءت فاطمة (عليها السّلام) إلى سارية في المسجد(2) وهي تقول وتخاطب النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله):

قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم يكثر الخطب

إنّا فقدناك فقد الارض وابلها(3) واختلّ قومك فاشهدهم ولا تغب(4)

باب (26) البكّاؤن خمسة

5385 - الخصال: حدّثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفّار قال: حدّثني العبّاس بن معروف، عن محمد بن سهل البحرانيّ يرفعه إلى أبي

ص:90


1- (1) - في بعض النسخ [محمد بن الفضيل]. ولعله الاصح بقرينة رواية أبان عنه وروايته عن أبي عبداللّه (عليه السّلام).
2- (2) - أي إلى اسطوانة وكانت هذه المطالبة والشكاية عند اخراج أمير المؤمنين (عليه السّلام) للبيعة أو عند غصب فدك. (مرآة العقول).
3- (3) - الهنبثة: الامر المختلف الشديد والاختلاط من القول والاختلاف فيه. و «الخطب» الامر الذي تقع فيه المخاطبة، والشأن، والحال، ويمكن أن يقرأ الخطب - بضم الخاء وفتح الطاء - جمع خطبة. و «الوابل»: المطر الشديد الضخم القطر. (مرآة العقول).
4- (4) - الكافي: ج 8 ص 375 ح 564.

عبداللّه [جعفر بن محمّد الصادق] (عليه السّلام) قال: البكّاؤن خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمّد، وعليّ بن الحسين (عليهم السّلام).

فأمّا آدم فبكى على الجنّة حتّى صار في خدّيه أمثال الاودية.

وأمّا يعقوب فبكى على يوسف حتّى ذهب بصره وحتّى قيل له:

(تَاللّٰهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّٰى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهٰالِكِينَ ) (1)وأمّا يوسف فبكى على يعقوب حتّى تأذّي به أهل السّجن فقالوا له: إمّا أن تبكي اللّيل وتسكت بالنّهار وإمّا أن تبكي النّهار وتسكت باللّيل، فصالحهم على واحد منهما.

[و] أمّا فاطمة فبكت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى تأذّي بها أهل المدينة فقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى المقابر مقابر الشّهداء فتبكي حتّى تقضي حاجتها ثمّ تنصرف.

وأمّا عليّ بن الحسين فبكى على الحسين (عليه السّلام) عشرين سنة أو أربعين سنة(2)، ما وضع بين يديه طعام إلاّ بكى، حتّى قال له مولى له: جعلت فداك يابن رسول اللّه إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين.

قال: (إِنَّمٰا أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللّٰهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ ) (3) إنّي ما أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني لذلك عبرة(4).

ص:91


1- (1) - يوسف 12:85.
2- (2) - الشّك من الرّاوي لا من الامام (عليه السّلام)، وعاش الامام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السّلام) بعد فاجعة كربلاء خمسا وثلاثين سنة أو أربعين سنة.
3- (3) - يوسف 12:86.
4- (4) - الخصال: ص 272 ح 15.

أمالي الصدوق: حدثنا الحسين بن أحمد بن ادريس قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدثنا العباس بن معروف، عن محمد بن سهل البحراني رفعه الى أبي عبداللّه الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: البكّاؤن خمسة... وذكر نحوه(1).

5386 - تفسير العياشي: عن محمّد بن سهل البحرانيّ ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: البكّاؤون خمسة: آدم، ويعقوب، ويوسف، وفاطمة بنت محمّد، وعليّ بن الحسين (صلوات اللّه عليهم) وأمّا يعقوب فبكى على يوسف حتّى ذهب بصره وحتّى قيل له: (تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّٰى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهٰالِكِينَ ) (2).

باب (27) مصحف فاطمة عليها السّلام

5287 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة قال: سأل أبا عبداللّه (عليه السّلام) بعض أصحابنا عن الجفر؟

فقال: هو جلد ثور مملوء علما.

قال له: فالجامعة ؟

قال: تلك صحيفة طولها سبعون ذراعا في عرض الأديم مثل

ص:92


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 121 ح 5. منهما البحار: ج 43 ص 155.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 2 ص 188 ح 60. منه البحار: ج 12 ص 311.

فخذ الفالج(1) فيها كلّ ما يحتاج الناس إليه وليس من قضيّة إلاّ وهي فيها حتّى أرش الخدش.

قال: فمصحف فاطمة ؟

قال: فسكت طويلا ثمّ قال: إنّكم لتبحثون عمّا تريدون، وعمّالا تريدون، إنّ فاطمة مكثت بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان جبرئيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيّتها وكان عليّ (عليه السّلام) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة (عليها السّلام)(2).

بصائر الدرجات: حدثنا احمد بن محمد ومحمد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن أبي عبيدة قال: سأل أبا عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(3).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «عمّا تريدون» أي عمّا يعنيكم ويلزمكم إرادته وعمّا لايعنيكم ولا تضطرّون إلى السؤال عنه.

5388 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن حمّاد بن عثمان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: تظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك انّي نظرت في مصحف فاطمة (عليها السّلام).

قال: قلت: وما مصحف فاطمة ؟

ص:93


1- (1) - الأديم: الجلد المدبوغ. والفالج: الجمل الضخم ذو السنامين. (أقرب الموارد).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 241 ح 5.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 173 ح 6.

قال: إنّ اللّه تعالى لمّا قبض نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) دخل على فاطمة من وفاته من الحزن ما لايعلمه إلاّ اللّه (عزّوجلّ ) فأرسل اللّه إليها ملكا يسلّي غمّها ويحدّثها، فشكت ذلك(1) إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي، فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين (عليه السّلام) يكتب كلّما سمع حتّى أثبت من ذلك مصحفا.

قال: ثمّ قال: أما إنّه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون(2).

بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(3).

باب (28) أبو بكر يغصب فدكا (من السيدة فاطمة عليها السّلام

5389 - الاختصاص: أبو محمّد، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وجلس أبو بكر مجلسه بعث إلى وكيل فاطمة (صلوات اللّه عليها)

ص:94


1- (1) - المراد بالشكاية مطلق الاخبار أو كانت الشكاية لعدم حفظها (عليها السّلام) جميع كلام الملك، وقيل: لرعبها (عليها السّلام) من الملك حال وحدتها به وانفرادها بصحبته. ولا يخفى بعد ذلك عن جلالتها. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 240 ج 2.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 177 ح 18.

فأخرجه من فدك فأتته فاطمة (عليها السّلام) فقالت: يا أبا بكر ادّعيت أنّك خليفة أبي وجلست مجلسه، وأنّك بعثت إلى وكيلي فأخرجته من فدك. وقد تعلم أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) صدّق بها عليّ وأنّ لي بذلك شهودا.

فقال لها: إنّ النبيّ لايورّث.

فرجعت إلى عليّ (عليه السّلام) فأخبرته.

فقال: ارجعي إليه وقولي له: زعمت أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لايورّث وورث سليمان داود، وورث يحيي زكريا وكيف لا أرث أنا أبي ؟

فقال عمر: أنت معلّمة.

قالت: وإن كنت معلّمة فإنّما علّمني ابن عمّي وبعلي.

فقال أبو بكر: فإنّ عائشة تشهد وعمر أنّهما سمعا رسول اللّه وهو يقول: إنّ النبيّ لايورّث.

فقالت: هذا أوّل شهادة زور شهدا بها في الاسلام. ثمّ قالت:

فإنّ فدك إنّما هي صدّق بها عليّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ولي بذلك بيّنة.

فقال لها: هلمّي ببيّنتك.

قال: فجاءت بامّ أيمن وعليّ (عليه السّلام).

فقال أبو بكر: يا امّ أيمن إنّك سمعت من رسول اللّه يقول في فاطمة ؟.

فقالا: سمعنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: إنّ فاطمة سيّدة نساء أهل الجنة.

ص:95

ثمّ قالت امّ أيمن: فمن كانت سيدة نساء أهل الجنّة تدّعي ما ليس لها؟ وأنا امرأة من أهل الجنّة ما كنت لأشهد إلاّ بما سمعت من رسول اللّه.

فقال عمر: دعينا يا ام أيمن من هذه القصص ؟! بأيّ شيء تشهدان ؟

فقالت: كنت جالسة في بيت فاطمة ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) جالس حتّى نزل عليه جبرئيل فقال: يا محمّد قم، فإنّ اللّه (تبارك وتعالى) أمرني أن أخطّ لك فدكا بجناحي.

فقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) مع جبرئيل فما لبث أن رجع فقالت فاطمة: يا أبه أين ذهبت ؟

فقال: خطّ جبرئيل لي فدكا بجناحه، وحدّ لي حدودها.

فقالت: يا أبه إنّي أخاف العيلة والحاجة من بعدك فصدّق بها عليّ .

فقال: هي صدقة عليك، فقبضتها.

قالت: نعم.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): يا امّ أيمن أشهدي، ويا عليّ اشهد.

فقال عمر: أنت امرأة ولا نجيز شهادة امرأة وحدها. وأما عليّ فيجرّ إلى نفسه!!.

قالت: فقامت مغضبة، وقالت: اللهمّ إنّهما ظلما ابنة محمّد نبيّك حقّها، فاشدد وطأتك عليهما. ثمّ خرجت.

ص:96

وحملها عليّ على أتان عليه كساء له خمل(1). فدار بها أربعين صباحا في بيوت المهاجرين والانصار والحسن والحسين (عليهما السّلام) معها وهي تقول: يا معشر المهاجرين والأنصار انصروا اللّه، فإنّي ابنة نبيّكم، وقد بايعتم رسول اللّه يوم بايعتموه أن تمنعوه وذرّيّته مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم، قفوا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ببيعتكم.

قال: فما أعانها أحد ولا أجابها ولا نصرها.

قال: فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت: يا معاذ بن جبل إنّي قد جئتك مستنصرة، وقد بايعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أن تنصره وذرّيّته وتمنعه مما تمنع منه نفسك وذرّيّتك وانّ أبا بكر قد غصبني على فدك وأخرج وكيلي منها.

قال: فمعي غيري ؟.

قالت: لا ما أجابني أحد.

قال: فأين أبلغ أنا من نصرتك ؟

قال: فخرجت من عنده، ودخل ابنه فقال: ما جاء بابنة محمّد إليك ؟

قال: جاءت تطلب نصرتي على أبي بكر فإنّه أخذ منها فدكا.

قال: فما أجبتها به ؟

قال: قلت: وما يبلغ من نصرتي أنا وحدي ؟

قال: فأبيت أن تنصرها؟

قال: نعم.

ص:97


1- (1) - الاتان: الحمارة. والخمل: ريش النعام. (أقرب الموارد).

قال: فأيّ شيء قالت لك ؟

قال: قالت لي: واللّه لانازعنّك(1) الفصيح من رأسي حتّى أرد على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

قال: فقال: أنا واللّه لانازعنّك2 الفصيح من رأسي حتّى أرد على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذ لم تجب ابنة محمّد.

قال: وخرجت فاطمة (عليها السّلام) من عنده وهي تقول:

واللّه لا اكلّمك كلمة حتّى أجتمع أنا وأنت عند رسول اللّه.

ثمّ انصرفت.

فقال عليّ (عليه السّلام) لها: ائت أبا بكر وحده فإنّه أرقّ من الاخر، وقولي له: ادّعيت مجلس أبي وانّك خليفته، وجلست مجلسه ولو كانت فدك لك ثم استوهبتها منك لوجب ردّها عليّ .

فلمّا أتته وقالت له ذلك.

قال: صدقت.

قال: فدعا بكتاب فكتبه لها بردّ فدك.

فقال: فخرجت والكتاب معها، فلقيها عمر فقال: يا بنت محمّد ما هذا الكتاب الّذي معك ؟

فقالت: كتاب كتب لي أبو بكر بردّ فدك.

فقال: هلمّيه إليّ ، فأبت أن تدفعه إليه.

فرفسها برجله، وكانت حاملة بابن اسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها.

ص:98


1- (1و2) - لانازعتك - البحار.

ثمّ لطمها، فكأنّي أنظر إلى قرط في اذنها حين نقفت(1).

ثم أخذ الكتاب فخرقه، فمضت ومكثت خمسة وسبعين يوما مريضة ممّا ضربها عمر. ثمّ قبضت فلمّا حضرتها الوفاة دعت عليّا (صلوات اللّه عليه) فقالت: إمّا تضمن وإلاّ أوصيت إلى ابن الزّبير(2)؟

فقال عليّ (عليه السّلام): أنا أضمن وصيتك يابنت محمّد.

قالت: سألتك بحق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذا أنا متّ ألاّ يشهداني ولا يصلّيا عليّ .

قال: فلك ذلك.

فلمّا قبضت (عليها السّلام) دفنها ليلا في بيتها.

وأصبح أهل المدينة يريدون حضور جنازتها وأبو بكر وعمر كذلك، فخرج إليهما عليّ (عليه السّلام) فقالا له: ما فعلت بابنة محمّد أخذت في جهازها يا أبا الحسن ؟

فقال عليّ (عليه السّلام): قد واللّه دفنتها.

قالا: فما حملك على أن دفنتها ولم تعلمنا بموتها؟

قال: هي أمرتني.

فقال عمر: واللّه لقد هممت بنبشها والصلاة عليها.

فقال علي (عليه السّلام): أما واللّه ما دام قلبي بين جوانحي وذو الفقار في يدي، إنّك لاتصل إلى نبشها فأنت أعلم.

فقال أبو بكر: إذهب، فإنّه أحق بها منّا وانصرف النّاس(3).

ص:99


1- (1) - حين نقف - البحار.
2- (2) - المقصور هو ابن عمّها، وهو ابن الزبير بن عبدالمطلب، لا الزبير بن العوام.
3- (3) - الاختصاص: ص 183. منه البحار: ج 29 ص 189.

البحار - بيان: قال في النهاية: الوطء في الاصل: الدوس بالقدم، فسمّي به الغزو والقتل، لان من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في إهلاكه وإهانته.

قولها (عليها السّلام): «لانازعتك الفصيح..» أي: لا انازعك بما يفصح عن المراد، أي بكلمة من رأسي، فان محل الكلام في الرأس، أو المراد بالفصيح: اللسان.

قوله: «حين نقف» - على بناء المجهول - أي كسر من لطم اللعين.

5390 - اللمعة البيضاء: عن المفضّل بن صالح، عن بعض أصحابه، عن أحدهما قال: إنّ فاطمة انطلقت إلى أبي بكر، فطلبت ميراثها من نبي اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

فقال: إنّ نبيّ اللّه لا يورّث.

فقالت: أكفرت باللّه وكذّبت بكتابه ؟ قال اللّه (تبارك وتعالى):

(يُوصِيكُمُ اللّٰهُ فِي أَوْلاٰدِكُمْ ) (1) الآية(2).

5391 - كتاب فدك: قال الامام الصادق (عليه السّلام) للمفضّل ابن عمر: لمّا بويع أبو بكر أشار عليه عمر أن يمنع عليا وأهل بيته الخمس والفيء وفدكا. فإنّ شيعته إذا علموا ذلك تركوه وأقبلوا إليك رغبة في الدّنيا.

فصرفهم أبو بكر عن جميع ما هو لهم(3).

ص:100


1- (1) - النساء 4:11.
2- (2) - اللمعة البيضاء: ص 382.
3- (3) - كتاب فدك: ص 175. وكتاب فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى: ص 447.

5392 - قرب الاسناد: محمد بن عبدالحميد وعبدالصمد بن محمد، عن حنان بن سدير قال: سأل صدقة بن مسلم أبا عبداللّه (عليه السّلام) وأنا عنده فقال: من الشاهد على فاطمة بأنّها لاترث أباها؟

قال: شهدت عليها عائشة وحفصة ورجل من العرب يقال له:

أوس بن الحدثان من بني نضر شهدوا عند أبي بكر بأنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: «لا اورّث» فمنعوا فاطمة (عليها السّلام) ميراثها من أبيها (صلّى اللّه عليه وآله)(1).

باب (29) حوار بين أمير المؤمنين عليه السّلام) والسيدة الزهراء عليها السّلام

5393 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه)، قال: أخبرنا أبو الحسن محمّد بن أحمد بن شاذان، قال: حدثني أبو الحسين محمّد بن علي ابن المفضل بن همام الكوفي، قال: حدثني محمّد بن علي بن معمر الكوفي، قال: حدثني محمد بن الحسين الزيات الكوفي، قال: حدثنا أحمد بن محمّد قال: حدثني أبان بن عثمان، قال: حدثني أبان بن تغلب، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: لما انصرفت فاطمة (عليها السّلام) من عند أبي بكر أقبلت على أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقالت: يابن أبي طالب اشتملت مشيمة الجنين وقعدت حجرة

ص:101


1- (1) - قرب الإسناد: ص 47. منه البحار: ج 22 ص 101.

الظنين، نقضت قادمة الاجدل(1) فخانك ريش الاعزل.

هذا ابن أبي قحافة قد ابتزني نحيلة ابي وبليغة ابني، واللّه لقد أجدّ في ظلامتي وألدّ في خصامي حتى منعتني قيلة نصرها والمهاجرة وصلها وغضت الجماعة دوني طرفها، فلامانع ولا دافع، خرجت واللّه كاظمة وعدت راغمة، فليتني ولا خيار لي مت قبل ذلتي وتوقيت قبل منيتي، عذيري فيك اللّه حاميا ومنك عاديا، ويلاه في كل شارق، ويلاه مات المعتمد ووهن العضد، شكواي الى ربّي وعدواي إلى أبي، اللهم أنت أشدّ قوة.

فأجابها أمير المؤمنين (عليه السّلام): لا ويل لك بل الويل لشانئك، نهنهي من غربك(2) يابنت الصفوة وبقية النبوة، فواللّه ما ونيت في ديني ولا أخطأت مقدوري، فان كنت ترزئين(3) البلغة فرزقك مضمون ولعيلتك مأمون وما أعد لك خير ممّا قطع عنك فاحتسبي.

فقالت: حسبي اللّه ونعم الوكيل(4).

باب (30) فاطمة الزهراء عليها السّلام ساخطة على أبي بكر وعمر

5394 - دلائل الامامة: حدثني أبو الحسين محمد بن هارون

ص:102


1- (1) - القادمة: واحدة القوادم وهي عشر ريشات في مقدم الجناح وهي كبار الريش. والأجدل: الصقر. (أقرب الموارد). والمعنى: أنك كنت - فيما مضى - تكسّر أجنحة الصقور وهي بمنزلة العمود الفقري في الطائر.
2- (2) - نهنهه عن الشيء: أي كفّه عنه، والغرب: الحدّة والنشاط، وقيل: الدمع. يقال: كففت من غربه: أي من حدّته. (أقرب الموارد).
3- (3) - رزأه الشيء: نقصه. (أقرب الموارد).
4- (4) - أمالي الطوسي: ص 683 ح 1455.

التلعكبري قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو علي محمد بن همام بن سهيل (رضي اللّه عنه) قال: روى أحمد بن محمد بن البرقي، عن أحمد بن محمّد الاشعري القمي، عن عبدالرحمن بن بحر، عن عبداللّه بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: ولدت فاطمة (عليها السّلام) في جمادي الآخرة في العشرين منه سنة خمس واربعين من مولد النبي (صلّى اللّه عليه وآله) واقامت بمكة ثمان سنين وبالمدينة عشر سنين وبعد وفاة أبيها خمسة وتسعين يوما وقبضت في جمادي الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه سنة إحدي عشر من الهجرة، وكان سبب وفاتها أنّ قنفذا مولى الرجل لكزها بنعل السّيف(1) بأمره، فأسقطت محسنا، ومرضت من ذلك مرضا شديدا، ولم تدع أحدا ممّن اذاها يدخل عليها.

وكان الرّجلان من أصحاب النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) سألا أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) أن يشفع لهما [إليها]، فسألها فاجابت (عليها السّلام)، ولمّا دخلا عليها قالا لها: كيف أنت يا بنت رسول اللّه ؟

فقالت: بخير بحمد اللّه.

ثمّ قالت لهما: اما سمعتما من النبيّ يقول: فاطمة بضعة منّي فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى اللّه ؟

قالا: بلى.

ص:103


1- (1) - لكزه: ضربه بجمع كفّه، وقيل: وجأ في صدره. ونعل السيف: ما يكون في اسفل غمد السّيف من حديد أو فضة. (أقرب الموارد).

قالت: واللّه لقد آذيتمانى.

[قال] فخرجا من عندها (عليها السّلام) وهي ساخطة عليهما(1).

5395 - البحار: مصباح الانوار لبعض علمائنا الاخيار - عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: بينما أبو بكر وعمر عند فاطمة (عليها السّلام) يعودانها، فقالت لهما: اسألكما باللّه الذي لا إله إلاّ هو سمعتما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: من آذي فاطمة فقد آذاني ومن آذاني فقد اذى اللّه ؟

فقالا: اللهم نعم.

قالت: فاشهد انكما آذيتماني(2).

5396 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن عبداللّه بن محمّد الجعفي، عن أبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهما السّلام) قالا: إنّ فاطمة (عليها السّلام) لمّا أن كان من أمرهم ما كان أخذت بتلابيب عمر فجذبته إليها ثمّ قالت: أما واللّه يابن الخطّاب لولا أنّي أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له لعلمت أنّي سأقسم على اللّه ثمّ أجده سريع الأجابة(3).

5397 - علل الشرايع: حدثنا عليّ بن أحمد قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن يحيي، عن عمرو بن أبي المقدام وزياد بن عبداللّه قالا: أتى رجل أبا عبداللّه (عليه السّلام) فقال له: يرحمك

ص:104


1- (1) - دلائل الامامة: ص 45. منه البحار: ج 43 ص 170.
2- (2) - البحار: ج 29 ص 158.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 460 ح 5.

اللّه هل تشبع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل أو غير ذلك مما يضاء به ؟

قال: فتغيّر لون أبي عبداللّه (عليه السّلام) من ذلك واستوي جالسا ثمّ قال: أنّه جاء شقى من الاشقياء إلى فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال لها: أما علمت انّ عليا قد خطب بنت أبي جهل.

فقالت: حقّا ما تقول ؟

فقال: حقّا ما أقول ثلاث مرّات فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها.

وذلك أنّ اللّه (تبارك وتعالى) كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهادا وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الاجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل اللّه.

قال: فاشتدّ غمّ فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة، حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن والحسين على عاتقها الايسر وأخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثمّ تحولت الى حجرة أبيها، فجاء علي فدخل حجرته فلم ير فاطمة فاشتدّ لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصّة ما هي، فاستحى ان يدعوها من منزل أبيها، فخرج الى المسجد يصلّي فيه ما شاء اللّه ثمّ جمع شيئا من كثيب المسجد واتكى عليه.

فلمّا رأى النبي (صلّى اللّه عليه وآله) ما بفاطمة من الحزن أفاض عليها من الماء، ثمّ لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع وساجد وكلّما صلّى ركعتين دعا اللّه ان يذهب ما بفاطمة من الحزن

ص:105

والغمّ وذلك أنّه خرج من عندها وهي تتقلّب وتتنفس الصعداء(1) فلمّا رآها النبي (صلّى اللّه عليه وآله) أنّها لا يهنيها النوم وليس لها قرار قال لها: قومي يا بنية فقامت فحمل النبي (صلّى اللّه عليه وآله) الحسن وحملت فاطمة الحسين واخذت بيد ام كلثوم فانتهى إلى علي (عليه السّلام) وهو نايم فوضع النبي (صلّى اللّه عليه وآله) رجله على رجل علي فغمزه وقال: قم يا أبا تراب فكم ساكن ازعجته، ادع لي أبا بكر من داره وعمر من مجلسه وطلحة.

فخرج علي فاستخرجهما من منزلهما واجتمعوا عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا علي أما علمت ان فاطمة بضعة منّي وأنا منها فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي ومن آذاها في حياتي كان كمن اذاها بعد موتي ؟

قال: فقال علي: بلى يا رسول اللّه.

قال: فما دعاك الى ما صنعت ؟

فقال عليّ : والذي بعثك بالحقّ نبيّا ما كان منّي ممّا بلغها شيء ولا حدّثت بها نفسي.

فقال النبي: صدقت وصدقت.

ففرحت فاطمة (عليها السّلام) بذلك وتبسّمت حتى رئي ثغرها، فقال أحدهما لصاحبه: انّه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة ؟!!

ص:106


1- (1) - الصعداء: تنفّس طويل من همّ أو تعب. (أقرب الموارد).

قال: ثمّ أخذ النبي (صلّى اللّه عليه وآله) بيد علي فشبك أصابعه باصابعه فحمل النبي الحسن وحمل الحسين علي وحملت فاطمة ام كلثوم وأدخلهم النبي بيتهم ووضع عليهم قطيفة واستودعهم اللّه ثم خرج وصلّى بقية الليل.

فلمّا مرضت فاطمة مرضها الذي ماتت فيه اتياها عايدين واستأذنا عليها فأبت أن تأذن لهما، فلمّا رأى ذلك أبو بكر اعطى اللّه عهدا أن لايظلّه سقف بيت حتى يدخل على فاطمة ويتراضاها!! فبات ليلة في البقيع ما يظلّه شيء.

ثمّ إن عمر أتى عليّا (عليه السّلام) فقال له: ان أبا بكر شيخ رقيق القلب وقد كان مع رسول اللّه في الغار فله صحبة وقد أتيناها غير هذه المرّة مرارا نريد الاذن عليها وهي تأبى ان تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى، فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل.

قال: نعم فدخل علي على فاطمة فقال: يابنت رسول اللّه قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت وقد تردّدا مرارا كثيرة ورددتهما ولم تأذني لهما، وقد سألاني أن استأذن لهما عليك.

فقالت: واللّه لا آذن لهما ولا أكلّمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبي فاشكوهما إليه بما صنعاه وارتكباه منّي.

فقال علي (عليه السّلام): فإنّي ضمنت لهما ذلك.

قالت: إن كنت قد ضمنت لهما شيئا فالبيت بيتك والنساء تتبع الرجال، لا أخالف عليك بشيء فأذن لمن أحببت.

فخرج علي (عليه السّلام) فأذن لهما، فلمّا وقع بصرهما على فاطمة (عليها السّلام) سلّما عليها فلم تردّ عليهما وحوّلت وجهها

ص:107

عنهما، فتحوّلا واستقبلا وجهها، حتى فعلت مرارا. وقالت: يا علي جاف الثوب، وقالت لنسوة حولها: حوّلن وجهي. فلمّا حوّلن وجهها حوّلا إليها، فقال أبو بكر: يابنت رسول اللّه إنّما أتيناك إبتغاء مرضاتك واجتناب سخطك نسألك أن تغفري لنا وتصفحي عما كان منا اليك.

قالت: لا اكلمكما من رأسي كلمة واحدة أبدا حتى ألقى أبي وأشكوكما إليه، وأشكو صنيعكما وفعالكما وما ارتكبتما منّي.

قالا: إنّا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري واصفحي عنّا ولا تؤاخذينا بما كان منّا.

فالتفتت إلى علي (عليه السّلام) وقالت: إنّى لا اكلّمهما من رأسي كلمة حتى اسألهما عن شيء سمعاه من رسول اللّه، فان صدّقاني رأيت رأيي.

قالا: اللهم ذلك لها وإنا لانقول إلاّ حقا ولا نشهد إلا صدقا.

فقالت: انشدكما اللّه أتذكران أن رسول الله (صلّى اللّه عليه وآله) استخرجكما في جوف الليل لشيء كان حدث من أمر علي ؟

فقالا: اللهم نعم.

فقالت: انشدكما باللّه هل سمعتما النبي (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: فاطمة بضعة مني وأنا منها من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى اللّه ومن آذاها بعد موتي فكان كمن آذاها في حياتي، ومن آذاها في حياتي كان كمن اذاها بعد موتي ؟

قالا: اللهم نعم.

قالت: الحمد للّه.

ص:108

ثمّ قالت: اللهم إنّي اشهدك - فاشهدوا يامن حضرني - انّهما قد آذياني في حياتي وعند موتي واللّه لا اكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فاشكوكما [اليه] بما صنعتما بي وارتكبتما منّي.

فدعا أبو بكر بالويل والثبور وقال: ليت امي لم تلدني.

فقال عمر: عجبا للناس كيف ولّوك امورهم وأنت شيخ قد خرفت ؟!! تجزع لغضب إمرأة وتفرح برضاها وما لمن أغضب إمرأة ؟

وقاما وخرجا.

قال: فلمّا نعي الى فاطمة نفسها أرسلت الى ام أيمن - وكانت أوثق نسائها عندها وفي نفسها - فقالت لها: يا أم أيمن ان نفسي نعيت إليّ فادعي لي عليا. فدعته لها فلماّ دخل عليها قالت له:

يابن العم أريد أن أوصيك بأشياء فاحفظها عليّ .

فقال لها: قولي ما أحببت.

قالت له: تزوّج فلانة تكون لولدي مربية من بعدي مثلي.

واعمل نعشا رأيت الملائكة قد صورته لي.

فقال لها علي: أريني كيف صوّرته ؟

فأرته ذلك كما وصفت له وكما أمرت به.

ثمّ قالت: فاذا أنا قضيت نحبي فاخرجني من ساعتك - أيّ ساعة كانت من ليل أو نهار -.

ولا يحضرن - من أعداء اللّه وأعداء رسوله للصلاة عليّ - أحد.

قال علي (عليه السّلام): أفعل.

فلما قضت نحبها (صلّى اللّه عليها) وهم في ذلك في جوف الليل أخذ علي في جهازها من ساعته كما أوصته، فلمّا فرغ من جهازها اخرج علي الجنازة، وأشعل النار في جريد النخل، ومشى مع

ص:109

الجنازة بالنار، حتى صلّى عليها ودفنها ليلا.

فلماّ أصبح أبو بكر وعمر عاودا عايدين لفاطمة فلقيا رجلا من قريش فقالا له: من أين أقبلت ؟

قال: عزّيت عليا بفاطمة.

قالا: وقد ماتت ؟

قال: نعم ودفنت في جوف الليل.

فجزعا جزعا شديدا ثمّ اقبلا الى علي (عليه السّلام) فلقياه وقالا له: واللّه ما تركت شيئا من غوايلنا ومساءتنا وما هذا إلا من شيء في صدرك علينا! هل هذا إلا كما غسلت رسول اللّه دوننا ولم تدخلنا معك، وكما علّمت ابنك أن يصيح بابي بكر ان انزل عن منبر أبي.

فقال لهما علي (عليه السّلام): أتصدّقاني إن حلفت لكما؟

قالا: نعم، فحلف فادخلهما عليّ المسجد فقال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لقد أوصاني وتقدم إليّ انّه لايطلع على عورته احد إلا ابن عمّه فكنت اغسله والملائكة تقلّبه والفضل بن العباس يناولني الماء وهو مربوط العينين بالخرقة. ولقد أردت انزع القميص فصاح بي صايح من البيت سمعت الصوت ولم أر الصورة لا تنزع قميص رسول اللّه ولقد سمعت الصوت يكرره عليّ فادخلت يدي من بين القميص فغسلته ثمّ قدم إليّ الكفن فكفنته ثمّ نزعت القميص بعد ما كفنته.

وأما الحسن ابني فقد تعلمان ويعلم أهل المدينة انه يتخطّى الصفوف حتى يأتي النبي (صلّى اللّه عليه وآله) وهو ساجد فيركب ظهره فيقوم النبي (صلّى اللّه عليه وآله) ويده على ظهر الحسن والاخرى على ركبته حتى يتم الصلاة ؟

ص:110

قالا: نعم قد علمنا ذلك.

ثمّ قال: تعلمان ويعلم أهل المدينة ان الحسن كان يسعى الى النبي ويركب على رقبته ويدلي الحسن رجليه على صدر النبي (صلّى اللّه عليه وآله) حتى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد والنبي يخطب ولا يزال على رقبته حتى يفرغ النبي من خطبته والحسن على رقبته، فلمّا رأى الصبي على منبر أبيه غيره شقّ عليه ذلك، واللّه ما أمرته بذلك ولا فعله عن أمري.

وأمّا فاطمة فهي المرأة التي استأذنت لكما عليها فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما، واللّه لقد أوصتني ان لاتحضرا جنازتها ولا الصلاة عليها وما كنت الذي اخالف أمرها ووصيتها إليّ فيكما.

وقال عمر: دع عنك هذه الهمهمة(1) أنا امضي الى المقابر فانبشها حتى أصلي عليها.

فقال له علي (عليه السّلام): واللّه لو ذهبت تروم من ذلك شيئا وعلمت أنك لاتصل إلى ذلك حتى يندر عنك الذي فيه عيناك، فإنّي كنت لا اعاملك إلاّ بالسّيف قبل أن تصل الى شيء من ذلك، فوقع بين علي وعمر كلام حتى تلاحيا واستبا(2).

ص:111


1- (1) - همهم الرجل همهمة: اذا لم يبين كلامه السان العرب). والمعنى: أنّ عمر قال لأمير المؤمنين (عليه السّلام): انّي لا أفهم ما تقول وان قولك مثل الكلام الخفى الذي لايفهم معناه، وانّي لا أرتّب أثرا لكلامك وأفعل ما أريد.
2- (2) - في نسخة البحار: حتى تلاحيا واستبسل. لاحاه ملاحاة: نازعه، وتلاحى القوم: تلاعنوا وتلاوموا. واستبسل: استقتل وهو أن يطرح نفسه الحرب يريد أن يقتل أو يقتل لا محالة (أقرب الموارد).

واجتمع المهاجرون والانصار فقالوا: واللّه ما نرضى بهذا ان يقال في ابن عمّ رسول اللّه وأخيه ووصيّه، وكادت ان تقع فتنة فتفرقا(1).

باب (31) خطبة السيدة فاطمة عليها السّلام في نساء المهاجرين والأنصار

5398 - دلائل الامامة: حدثني أبو المفضل محمد بن عبداللّه قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال:

حدثني محمد بن المفضل بن إبراهيم بن الفضل بن قيس الاشعري قال: حدثنا علي بن حسان، عن عمّه عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جدّه علي بن الحسين (عليهم السّلام) قال: لما رجعت فاطمة الى منزلها وشكت وتوفيت في تلك الشكاية دخلن عليها النساء المهاجرات والانصاريات عائدات فقلن لها: كيف أصبحت يا بنت رسول اللّه ؟

فقالت: أصبحت واللّه عائفة لدنياكن، قالية لرجالكن(2)، شنأتهم(3) بعد أن عرفتهم، ولفظتهم بعد أن سبرتهم، ورميتهم بعد أن عجمتهم(4)، فقبحا لفلول الحد، وخطل الرأي، وعثور الجد، وخوف

ص:112


1- (1) - علل الشرايع: ص 185 ح 2. منه البحار: ج 43 ص 201.
2- (2) - العائف: الكاره للشيء المتقذّر له. والقلى: البغض، قليته: أبغضته وكرهته غاية الكراهة فتركته (لسان العرب).
3- (3) - الشناءة: البغض، يقال: شنئت الرجل: أي أبغضته السان العرب).
4- (4) - سبر الشيء: جرّبه واختبره واعتبره، وعجم الشيء: لاكه للاكل وقيل للمخبرة كما تأخذ العود بسنّك لتعلم صلابته من رخاوته. (أقرب الموارد).

الفتن لبئس ما قدمت لهم أنفسهم ان سخط اللّه عليهم وفي العذاب هم خالدون.

لاجرم واللّه لقد قلدتهم ربقتها وشننت عليهم غارتها، فجدعا وعقرا وبعدا للقوم الظالمين.

ويحهم أنّى زحزحوها عن رواسي الرّسالة، وقواعد النبوّة ومهبط الرّوح الأمين بالوحي المبين، الطبن(1) بأمر الدّنيا والدين ألا ذلك هو الخسران المبين.

ما الذي نقموا من أبي الحسن ؟!! نقموا واللّه منه شدة وطأته ونكال وقعته ونكير سيفه وتبحره في كتاب اللّه، وتنمره في ذات اللّه، وايم اللّه لو تكافوا عن زمام نبذه اليه رسول اللّه لاعتقله(2) ثم سار بهم سيرا سجحا(3)، لا يكلم خشاشه(4)، ولا يتعتع راكبه(5) ولا وردهم منهلا رويّا صافيا فضفاضا، تطفح ضفتاه ثم لأصدرهم بطانا بغمرة الشارب وشبعة الساغب ولا نفتحت عليهم بركات من السماء والارض، ولكنهم بغوا فسيأخذهم اللّه بما كانوا يكسبون.

ص:113


1- (1) - رجل طبن: فطن حاذق عالم بكل شيء (لسان العرب).
2- (2) - هكذا في المصدر وفي بعض النسخ: لاعتلقه.
3- (3) - السجح: اللين السهل، يقال: مشى مشيا سجحا: أي ليّنا سهلا (أقرب الموارد).
4- (4) - الكلم: الجرح، كلمه كلما: جرحه. والخشاش: عويد يجعل في أنف البعير يشدّ به الزمام ليكون أسرع لانقياده السان العرب).
5- (5) - التعتعة: الحركة العنيفة، تعتعت الرجل: هو أن تقبل به وتدبر به وتعنّف عليه في ذلك السان العرب).

ألا فاسمعن ومن عاش أراه الدهر العجب وان تعجبن فانظرن إلى أي نحو اتجهوا؟! وعلى أي سند استندوا؟! وبأي عروة تمسكوا؟! ولمن اختاروا؟! ولمن تركوا؟! لبئس المولى ولبئس العشير.

استبدلوا واللّه الذنابى بالقوادم والعجز بالكاهل فرغما لمعاطس قوم يحسبون انهم يحسنون صنعا ألا انهم هم المفسدون ولكن لايشعرون (أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاٰ يَهِدِّي إِلاّٰ أَنْ يُهْدىٰ فَمٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (1).

ألا لعمر اللّه لقد لقحت فانظروها تنتج واحتلبوا لطلاع القعب دما عبيطا وذعافا ممقرا هنالك خسر المبطلون، وعرف التالون ما اسّس الاوّلون فليطيبوا بعد ذلك نفسا وليطأمنوا للفتنة جأشا، وليبشّروا بسيف صارم وهرج شامل واستبدال من الظالمين يدع فيئكم زهيدا، وجمعكم حصيدا فياخسري لكم وكيف بكم وقد عميت عليكم انلزمكموها وأنتم لها كارهون(2).

باب (32) وصايا الزهراء عليها السّلام الى أمير المؤمنين عليه السّلام

5399 - البحار: مصباح الانوار - عن أبي عبداللّه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: ان فاطمة (عليها السّلام) لما احتضرت أوصت عليا (عليه السّلام) فقالت: اذا أنا متّ فتولّ أنت غسلي وجهزني،

ص:114


1- (1) - يونس 10:35
2- (2) - دلائل الامامة: ص 39.

وصلّ عليّ ، وأنزلني قبري، وألحدني، وسوّ التراب عليّ ، واجلس عند رأسي قبالة وجهي فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء، فانها ساعة يحتاج الميت فيها الى انس الأحياء، وأنا استودعك اللّه تعالى واوصيك في ولدي خيرا، ثمّ ضمّت إليها ام كلثوم فقالت له: اذا بلغت فلها ما في المنزل، ثمّ اللّه لها.

فلمّا توفّيت فعل ذلك أمير المؤمنين (عليه السّلام) ودفنها ليلا في دار عقيل في الزاوية الثالثة من صدر الدار(1).

باب (33) وصية الزهراء عليها السّلام لأزواج النبي صلّى الله عليه و آله

5400 - دلائل الامامة: حدثني أبو إسحاق الباقر حي(2)، قال:

حدثتني خديجة، قالت: حدثنا أبو عبداللّه قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا يغدان قال: حدثنا أبو يعلى محمّد بن الصلت الثوري قال: حدثنا عبداللّه بن سعيد الاموي، قال: حدثنا أبو صفوان، عن إبن جريح، عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام): إنّ فاطمة (عليها السّلام) أوصت لأزواج النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) لكلّ واحدة منهنّ باثنتي عشرة اوقيّة ولنساء بني هاشم مثل ذلك وأوصت لأمامة بنت أبي العاص بشيء(3).

ص:115


1- (1) - البحار: ج 82 ص 27 ح 13.
2- (2) - الباقرجي - البحار.
3- (3) - دلائل الامامة: ص 42. منه البحار: ج 43 ص 218.

باب (34) رؤيا فاطمة الزهراء أباها الرسول في الجنّة

5401 - دلائل الامامة: روي أبو بكر أحمد بن محمّد الخشاب الكرخي قال: حدثنا زكريا بن يحيي الكوفي قال: حدّثنا ابن أبي زائدة، عن أبيه قال: حدثني محمّد بن الحسن، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما ترك إلاّ الثقلين: كتاب اللّه، وعترته أهل بيته. وكان قد أسر إلى فاطمة انّها لاحقة به، وأنّها أوّل أهل بيته لحوقا.

فقالت (عليها السّلام): بينا أنا بين النائمة واليقظانة بعد وفاة أبي بأيام إذ رأيت كأن أبي قد أشرف عليّ فلمّا رأيته لم أملك نفسي أن ناديت: يا أبتاه انقطع عنا خبر السّماء. فبينا أنا كذلك إذ أتتني الملائكة صفوفا يقدمها ملكان حتى أخذاني فصعدا بي إلى السماء فرفعت رأسي فاذا انا بقصور مشيّدة وبساتين وانهار تطّرد، قصر بعد قصر وبستان بعد بستان واذا قد طلع علي من تلك القصور جواري كأنهن اللّعب(1) مستبشرات يضحكن إليّ ويقلن: مرحبا بمن خلقت الجنة وخلقنا من أجل أبيها، ولم تزل الملائكة تصعد بي حتّى أدخلوني الى دار فيها قصور في كلّ قصر بيوت، فيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت، وفيها من السندس والاستبرق على الاسرّة الكثير وعليها

ص:116


1- (1) - اللعبة - بالضم -: كل ملعوب به، والجمع «لعب» ومنه الحديث «نساؤكم بمنزلة اللعب» (مجمع البحرين).

اللحاف من الحرير والديباج بألوان ومن أواني الذهب والفضة، وفيها الموائد وعليها الوان الطعام، وفي تلك الجنان نهر مطّرد اشدّ بياضا من اللبن وأطيب رائحة من المسك الاذفر، فقلت: لمن هذه الدار؟ وما هذه الانهار؟

فقالوا: هذه الدار هي الفردوس الاعلى الذي ليس بعده جنة، وهي دار أبيك ومن معه من النبيّين، ومن أحبّ اللّه وهذه هي نهر الكوثر الذي وعده اللّه أن يعطيه إيّاه.

قلت: فأين أبي ؟

قالوا: الساعة يدخل عليك. فبينا أنا كذلك إذ برزت لي قصور أشد بياضا من تلك القصور وفرش هي أحسن من تلك الفرش وإذا أنا بفرش مرتفعة على أسرّة واذا أبي جالس على تلك الفرش ومعه جماعة فأخذني وضمّني وقبّل ما بين عيني وقال: مرحبا يابنتي.

وأقعدني في حجره ثم قال: يا حبيبتي أما ترين ما أعد اللّه لك وما تقدمين عليه ؟ وأراني قصورا مشرقات فيها الوان الطرايف والحلي والحلل. وقال: هذا مسكنك ومسكن زوجك وولديك ومن أحبّك وأحبّهما فطيبي نفسا، فإنّك قادمة عليّ الى أيام.

قالت: فطار قلبي واشتدّ شوقي فانتبهت مرعوبة.

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): لمّا انتبهت من رقدتها صاحت بي فأتيتها، وقلت: ما تشكين ؟

فأخبرتني بالرؤيا.

ثمّ أخذت عليّ عهد اللّه ورسوله أنها إذا توفيت لا اعلم أحدا إلاّ امّ سلمة (زوج النبيّ ) وام أيمن، وفضّة، ومن الرجال ابنيها وعبداللّه

ص:117

ابن عباس وسلمان الفارسي وعمار بن ياسر والمقداد وأبو ذر وحذيفة.

وقالت: إنّي قد أحللتك من أن تراني بعد موتي فكن مع النّسوة فيمن يغسلني ولا تدفني إلاّ ليلا ولا تعلم على قبري(1).

فلمّا كانت الليلة التي أراد اللّه أن يكرمها ويقبضها اليه اخذت تقول: وعليكم السّلام، يابن عمي هذا جبرئيل أتاني مسلّما وقال:

السلام يقرئك السلام، يا حبيبة حبيب اللّه وثمرة فؤاده، اليوم تلحقين به في الرّفيع الأعلى وجنّة المأوى. ثمّ انصرف عنّي.

ثمّ أخذت تقول: وعليكم السلام. وتقول: يابن عمّي وهذا ميكائيل يقول كقول صاحبه.

ثمّ أخذت ثالثا تقول: وعليكم السلام، وقد فتحت عينيها شديدا. وقالت: يابن عمّي هذا - واللّه - الحقّ : عزرائيل نشر جناحه بالمشرق والمغرب وقد وصفه لي أبي وهذه صفته.

ثمّ قالت: يا قابض الارواح عجّل بي ولا تعذبني، ثمّ قالت:

إليك ربّي لا إلى النّار.

ثمّ غمضت عينيها ومدّت يديها ورجليها فكأنها لم تكن حية قط(2).

5402 - البحار: مصباح الانوار - عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: ماتت فاطمة (عليها السّلام) ما بين المغرب والعشاء. وعن عبداللّه بن الحسن، عن أبيه، عن جدّه (عليه السّلام) أنّ فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا احتضرت نظرت نظرا حادا ثمّ قالت: السلام على جبرئيل، السلام على رسول اللّه،

ص:118


1- (1) - أي: لا تجعل على قبري علامة. وفي البحار: ولا تعلم احدا قبري.
2- (2) - دلائل الامامة: ص 43. منه البحار: ج 43 ص 207.

اللهمّ مع رسولك، اللهمّ في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام، ثمّ قالت: أترون ما أرى ؟

فقيل لها: ما تري ؟

قالت: هذه مواكب أهل السماوات، وهذا جبرئيل، وهذا رسول اللّه، ويقول: يابنيّة أقدمي فما أمامك خير لك(1).

باب (35) بكاء الزهراء عليها السّلام قبيل الوفاة

5403 - البحار: مصباح الانوار - عن جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: لمّا حضرت فاطمة الوفاة بكت، فقال لها أمير المؤمنين: يا سيّدتي ما يبكيك ؟

قالت: أبكي لما تلقى بعدي.

فقال لها: لاتبكي فواللّه إنّ ذلك لصغير عندي في ذات اللّه.

قال: وأوصته أن لايؤذن بها الشيخين ففعل(2).

باب (36) الإمام علي عليه السّلام ينهدّ ركناه

5404 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن حمّاد بن عيسى قال: حدثنا الصادق جعفر بن محمّد،

ص:119


1- (1) - البحار: ج 43 ص 200 ح 30.
2- (2) - البحار: ج 43 ص 218.

عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال جابر بن عبداللّه: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول لعليّ بن أبي طالب - قبل موته بثلاث -:

سلام اللّه عليك يا أبا الرّيحانتين، اوصيك بريحانتيّ من الدّنيا، فعن قليل ينهدّ ركناك، واللّه خليفتي عليك.

فلمّا قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال عليّ (عليه السّلام): هذا أحدر كنيّ الّذي قال لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

فلمّا ماتت فاطمة (عليها السّلام) قال عليّ (عليه السّلام): هذا الرّكن الثاني الّذي قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(1).

معاني الاخبار: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، قال: حدثنا محمد بن يونس، قال:

حدثنا حماد بن عيسى مثله(2).

باب (37) من الذي غسّل فاطمة الزهراء عليها السّلام ؟

5405 - مناقب آل أبي طالب: أبو الحسن الخزّاز القميّ في الاحكام الشرعيّة سئل أبو عبداللّه (عليه السّلام)، عن فاطمة من غسّلها؟

فقال: غسّلها أمير المؤمنين لانّها كانت صدّيقة [و] لم يكن ليغسّلها إلّا صدّيق(3).

5406 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن

ص:120


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 116 ح 4.
2- (2) - معاني الاخبار: ص 403 ح 69. منهما البحار: ج 43 ص 173.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 364. منه البحار: ج 43 ص 184.

عيسى، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبدالرحمن بن سالم، عن المفضّل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): من غسّل فاطمة ؟

قال: ذاك أمير المؤمنين - وكأنّي استعظمت ذلك من قوله -.

فقال: كأنّك ضقت بما أخبرتك به ؟

قال: فقلت: قد كان ذاك جعلت فداك.

قال: فقال: لاتضيقنّ فانّها صدّيقة ولم يكن يغسّلها إلاّ الصدّيق، أما علمت أنّ مرم لم يغسّلها إلاّ عيسى(1).

علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني أحمد بن إدريس، قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، بهذا الاسناد نحوه(2).

5407 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبدالرحمن بن سالم، عن مفضّل بن عمر قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): من غسّل فاطمة (عليها السّلام)؟

قال: ذاك أمير المؤمنين (عليه السّلام).

كأنّي استفظعت ذلك من قوله فقال لي: كأنّك(3) ضقت ممّا أخبرتك ؟

فقلت: قد(4) كان ذلك جعلت فداك.

ص:121


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 459 ح 4.
2- (2) - علل الشرايع: ص 184 ح 1.
3- (3) - فكأنّي استعظمت ذلك من قوله قال: فكأنك - التهذيب - الاستبصار.
4- (4) - قلت: فقد - التهذيب.

فقال(1) [لي]: لا تضيقنّ فإنّها صدّيقة لم يكن يغسّلها إلاّ صدّيق أما علمت أنّ مرم لم يغسّلها إلّا عيسى.

[قال:] قلت: جعلت فداك فما تقول في المرأة تكون في السّفر مع الرّجال ليس لها معهم(2) ذو محرم ولا معهم امرأة فتموت المرأة ما يصنع بها؟

قال: يغسّل منها ما أوجب اللّه عليه(3) التيمّم ولا تمسّ ولا يكشف شيء من محاسنها الّذي أمر اللّه (عزّوجلّ ) بستره.

قلت: كيف(4) يصنع بها؟

قال: يغسّل بطن كفّيها ووجهها ويغسل ظهر كفّيها(5) و(6).

التهذيب: أحمد بن محمد، عن ابن أبي نصر، عن عبدالرحمن ابن سالم مثله(7).

الاستبصار: بهذا الاسناد مثله إلى قوله: عيسى (عليه السّلام)(8).

5408 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ عليّا (عليه السّلام) غسّل امرأته فاطمة (عليهاالسّلام) بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)(9)

ص:122


1- (1) - قال - التهذيب.
2- (2) - فيهم - التهذيب.
3- (3) - عليها - التهذيب.
4- (4) - فقلت: فكيف - التهذيب.
5- (5) - يغسلها بطن كفيها ثم يغسّل وجهها - التهذيب.
6- (6) - الكافي: ج 3 ص 159 ح 13.
7- (7) - التهذيب: ج 1 ص 440 ح 1422.
8- (8) - الاستبصار: ج 1 ص 199 ح 703.
9- (9) - قرب الاسناد: ص 43. منه البحار: ج 43 ص 206.

باب (38) أوّل نعش حمل في الإسلام

5409 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن أوّل من جعل له النّعش ؟

فقال: فاطمة (عليها السّلام)(1).

5410 - التهذيب: سلمة بن الخطّاب، عن موسى بن عمر بن يزيد، عن علي بن النعمان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن أول من جعل له النعش ؟

فقال: فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

5411 - من لايحضره الفقيه: قال الصادق (عليه السّلام): أول من جعل له النعش فاطمة بنت محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)(3).

5412 - التهذيب: سلمة بن الخطّاب، عن أحمد بن يحيي بن زكريّا، عن أبيه، عن حميد بن المثنّى، عن أبي عبدالرّحمن الحذّاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أوّل نعش احدث في الاسلام نعش فاطمة، إنّها اشتكت شكوتها الّتي قبضت فيها وقالت لاسماء:

إنّي نحلت وذهب لحمي ألا تجعلين لي شيئا يسترني ؟

ص:123


1- (1) - الكافي: ج 3 ص 251 ح 6.
2- (2) - التهذيب: ج 1 ص 469 ح 1539.
3- (3) - من لايحضره الفقيه: ج 1 ص 194 ح 597.

قالت أسماء: إنّي كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئا أفلا أصنع لك فان أعجبك صنعت لك ؟

قالت: نعم فدعت بسرير فأكبّته لوجهه، ثمّ دعت بجرائد فشدّته على قوائمه ثمّ جلّلته ثوبا فقالت: هكذا رأيتهم يصنعون.

فقالت: اصنعي لي مثله، استريني سترك اللّه من النار(1).

5413 - الجعفريات: باسناده عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، ان فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لما قبض النبي (صلّى اللّه عليه وآله) اشتكت واخذها السبل(2) كمدا على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فعاشت بعده سبعين يوما، وقد كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: أوّل من يلحق بي من اهلي أنت يا فاطمة، فقالت فاطمة (عليها السّلام) لاسماء بنت عميس: كيف أصنع وقد صرت عظما، قد يبس الجلد على العظم ؟

فقالت أسماء: فديتك أنا أصنع لك شيئا لا يري الرجل شيئا اذا حملت على نعشك كما رأيت يصنع بأرض الحبشة، يجعلون لنعش المرأة.

قالت: فأحب أن تجعلي ذلك فجعلت النعش، فهو اول نعش كان في الإسلام، نعش فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(3).

ص:124


1- (1) - التهذيب: ج 1 ص 469 ح 1540.
2- (2) - ريح السبل: داء يصيب في العين. الجوهري: السبل: داء في العين شبه غشاوة كأنها نسج العنكبوت بعروق حمر. (لسان العرب).
3- (3) - الجعفريات: ص 205. منه المستدرك: ج 2 ص 358.

باب (39) مراسم الدفن

5414 - علل الشرايع: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبداللّه الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) لاي علّة دفنت فاطمة (عليها السّلام) بالليل ولم تدفن بالنّهار؟

قال: لأنّها أوصت ان لايصلي عليها رجال (الرجلان)(1).

باب (40) الذين شهدوا دفن الزهراء

5415 - البحار: مصباح الانوار - عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: شهد دفنها سلمان الفارسيّ والمقداد بن الاسود وأبو ذرّ الغفاريّ وابن مسعود والعبّاس بن عبدالمطّلب والزّبير بن العوامّ (2).

باب (41) كلمة امير المؤمنين حين دفن الزهراء

5416 - البحار: مصباح الانوار - عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)

ص:125


1- (1) - علل الشرايع: ص 185 ح 1. منه البحار: ج 43 ص 201.
2- (2) - البحار: ج 43 ص 200.

عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لمّا وضع فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في القبر قال: «بسم اللّه الرحمن الرحيم، بسم اللّه وباللّه وعلى ملّة رسول اللّه محمّد بن عبداللّه سلّمتك أيتها الصدّيقة إلى من هو أولى بك منّي ورضيت لك بما رضي اللّه تعالى لك، ثمّ قرء: (مِنْهٰا خَلَقْنٰاكُمْ وَ فِيهٰا نُعِيدُكُمْ وَ مِنْهٰا نُخْرِجُكُمْ تٰارَةً أُخْرىٰ ) (1) فلمّا سوّي عليها التراب أمر بقبرها فرشّ عليه الماء، ثمّ جلس عند قبرها باكيا حزينا فأخذ العباس بيده فانصرف به(2).

باب (42) كم عاشت السيدة فاطمة عليها السّلام بعد أبيها الرسول ؟

5417 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبيدة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ فاطمة مكثت بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) خمسة وسبعين يوما وكان دخلها حزن شديد على أبيها وكان يأتيها جبرئيل فيحسن عزاءها على أبيها ويطيّب نفسها ويخبرها عن أبيها ومكانه ويخبرها بما يكون بعدها في ذرّيّتها وكان علي (عليه السّلام) يكتب ذلك(3).

الخرائج والجرائح: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): فاطمة

ص:126


1- (1) - طه 20:55.
2- (2) - البحار: ج 82 ص 27.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 458 ح 1.

مكثت.... وذكر نحوه(1).

5418 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: عاشت فاطمة بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) خمسة وسبعين يوما لم تر كاشرة ولا ضاحكة(2) تأتي قبور الشهداء - في احد - في كلّ جمعة مرّتين الإثنين والخميس فتقول: هاهنا كان رسول اللّه وهاهنا كان المشركون(3).

5419 - الكافي: وفي رواية اخرى: أبان، عمّن أخبره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّها كانت تصلّي هناك وتدعو حتّى ماتت (عليها السّلام)(4).

الكافي: عليّ بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول:

عاشت فاطمة (عليها السّلام) بعد أبيها خمسة وسبعين يوما... وذكر مثله(5).

أقول: الاقوال والرّوايات مختلفة حول المدّة التي عاشتها السيّدة فاطمة الزّهراء (عليها السّلام) بعد أبيها (صلّى اللّه عليه وآله). فهذه الروايات تقول أنّها عاشت بعد أبيها خمسة وسبعين يوما. وهناك

ص:127


1- (1) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 526.
2- (2) - الكاشر: المتبسم من غير صوت، وان كان معه صوت فهو ضحك. (مجمع البحرين).
3- (3) - الكافي: ج 4 ص 561 ح 4.
4- (4) - الكافي: ج 4 ص 561 ضمن ح 4.
5- (5) - الكافي: ج 3 ص 228 ح 3.

رواية اخرى تقول أنّها عاشت بعد أبيها تسعين يوما. وهناك رواية ثالثة تقول أنّها عاشت بعد أبيها أربعين يوما. والمشهور بين الناس القولان الاوّلان، واللّه العالم.

باب (43) تظلّم الزهراء عليها السّلام يوم القيامة

5420 - ثواب الاعمال: حدثني محمّد بن علي ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثني محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن أحمد، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة (عليها السّلام) قبّة من نور وأقبل الحسين (صلوات اللّه عليه) رأسه على يده، فاذا رأته شهقت شهقة لايبقى في الجمع ملك مقرّب ولا نبيّ مرسل ولا عبد مؤمن إلاّ بكى لها، فيمثّل اللّه (عزّوجلّ ) رجلا لها في أحسن صورة وهو يخاصم قتلته - بلا رأس - فيجمع اللّه قتلته والمجهزين عليه، ومن شرك في قتله، فيقتلهم حتّى يأتي على آخرهم ثمّ ينشرون فيقتلهم أمير المؤمنين (عليه السّلام) ثمّ ينشرون فيقتلهم الحسن (عليه السّلام) ثمّ ينشرون فيقتلهم الحسين (عليه السّلام) ثمّ ينشرون فلا يبقى من ذرّيتنا أحد إلاّ قتلهم قتلة، فعند ذلك يكشف [اللّه] الغيظ، وينسي الحزن.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): رحم اللّه شيعتنا، شيعتنا واللّه هم المؤمنون، فقد - واللّه - شركونا في المصيبة بطول الحزن

ص:128

والحسرة(1).

البحار - بيان: قوله (صلّى اللّه عليه وآله): «بلا رأس» لعلّه حال عن الضمير في قوله قتلته.

5421 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(2)، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): تحشر ابنتي فاطمة يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدّم فتتعلّق بقائمة من قوائم العرش فتقول: يا عدل احكم بيني وبين قاتل ولدي.

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): فيحكم لابنتي وربّ الكعبة.

وإنّ اللّه (عزّوجلّ ) يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه الى قوله: وربّ الكعبة(4).

5422 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبو علي احمد بن أبي جعفر البيهقي قال: حدثنا أبو علي احمد بن علي بن جبرئيل الجرجاني البزاز قال: حدثنا اسماعيل بن أبي عبداللّه أبو عمرو القطان قال: حدثنا أحمد بن عبداللّه بن عامر الطائي قال: حدثني أبو أحمد بن سليمان الطائي، عن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال:

ص:129


1- (1) - ثواب الاعمال: ص 257 ح 3. منه البحار: ج 43 ص 221.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 26 ح 6.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 89 ح 21. منهما البحار: ج 43 ص 220.

حدثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) قال: حدثني أبي الحسين بن علي (عليهما السّلام) قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): تحشر ابنتي فاطمة (عليها السّلام) يوم القيامة ومعها ثياب مصبوغة بالدّماء، تتعلّق بقائمة من قوائم العرش تقول: يا أحكم الحاكمين احكم بيني وبين قاتل ولدي.

قال عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): ويحكم [اللّه] لابنتي وربّ الكعبة(1).

باب (44) عظمة فاطمة الزهراء عليها السّلام في يوم القيامة

5423 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(2)، عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إذا كان يوم القيامة نادى مناد: يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(4).

ص:130


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 8 ح 21. منه البحار: ج 43 ص 220.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 32 ح 55.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 156 ح 102. منهما البحار: ج 43 ص 220.

كشف الغمة: عن ابن خالويه من كتاب الآل يرفعه الى علي بن موسى الرضا، عن آبائه، عن علي (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).... وذكر نحوه(1).

5424 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: حدثنا أبو جعفر محمّد بن علي بن موسى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: إذا كان يوم القيامة جمع اللّه الاوّلين والآخرين في صعيد واحد ثم أمر مناديا فنادى غضّوا أبصاركم ونكسوا رؤوسكم حتّى تجوز فاطمة بنت محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) الصراط.

قال: فتغضّ الخلائق أبصارهم فتأتي فاطمة (عليها السّلام) على نجيب من نجب الجنّة يشيّعها سبعون ألف ملك، فتقف موقفا شريفا من مواقف القيامة، ثمّ تنزل عن نجيبها فتأخذ قميص الحسين بن عليّ (عليه السّلام) بيدها مضمّخا بدمه وتقول: يا ربّ هذا قميص ولدي وقد علمت ما صنع به، فيأتيها النداء من قبل اللّه (عزّوجلّ ): يا فاطمة لك عندي الرّضا فتقول: يا ربّ انتصر لي من قاتله.

فيأمر اللّه تعالى عنقا من النار(2) فتخرج من جهنّم فتلتقط قتلة الحسين بن عليّ (عليه السّلام) كما يلتقط الطير الحبّ ، ثمّ يعود العنق بهم إلى النار فيعذّبون فيها بأنواع العذاب، ثمّ تركب فاطمة (عليها السّلام) نجيبها حتّى تدخل الجنّة ومعها الملائكة المشيّعون لها وذرّيتها

ص:131


1- (1) - كشف الغمة: ج 1 ص 457. منه البحار: ج 43 ص 52.
2- (2) - في الحديث «يخرج عنق من النار» أي طائفة منها (النهاية).

بين يديها وأولياؤهم من الناس عن يمينها وشمالها(1).

5425 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(2)، عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): تحشر ابنتي فاطمة وعليها حلّة الكرامة وقد عجنت بماء الحيوان فينظر إليها الخلائق فيتعجّبون منها، ثمّ تكسى أيضا من حلل الجنّة ألف حلّة مكتوب على كلّ حلّة بخطّ أخضر: أدخلوا بنت محمّد الجنّة على أحسن صورة، وأحسن كرامة، وأحسن منظر، فتزفّ إلى الجنّة كما تزفّ العروس، فيوكل بها سبعون ألف جارية(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه وزاد في اخره قوله: في (يد) كل جارية منديل من استبرق وقد زيّن لها تلك الجواري منذ خلق اللّه الدّنيا(4).

5426 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس: حدثنا أبو عبداللّه جعفر بن محمّد الحسينيّ ، عن محمّد بن الحسين، عن حميد بن والق، عن محمّد بن يحيي المازنيّ ، عن الكلبيّ ، عن جعفر ابن محمّد، عن أبيه (عليه السّلام) قال: إذا كان يوم القمامة نادي مناد من لدن العرش: يا معشر الخلائق غضّوا أبصاركم حتّى تمرّ فاطمة بنت محمّد، فتكون أوّل من يكسى، ويستقبلها من الفردوس اثنا عشر ألف حوراء معهنّ خمسون ألف ملك على نجائب من ياقوت أجنحتها،

ص:132


1- (1) - أمالي المفيد: ص 130 ح 6. منه البحار: ج 43 ص 224.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 30 ح 38.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 122 ح 79. منهما البحار: ج 43 ص 221.

وأزمّتها من اللّؤلؤ الرطب الزبرجد(1)، عليها رحائل من درّ، على كلّ رحل نمرقة من سندس حتّى تجوز بها الصراط.

ويأتون الفردوس فيتباشر بها أهل الجنّة، وتجلس على عرش من نور ويجلسون حولها، وفي بطنان العرش قصران: قصر أبيض، وقصر أصفر من لؤلؤ من عرق واحد، وإنّ في القصر الأبيض سبعين ألف دار مساكن محمّد وآل محمّد، وإنّ في القصر الاصفر سبعين ألف دار مساكن إبراهيم وآل إبراهيم.

ويبعث اللّه إليها ملكا لم يبعث إلى أحد قبلها، ولا يبعث إلى أحد بعدها، فيقول لها: إنّ ربك يقرأ عليك السّلام، ويقول لك:

سليني اعطك.

فتقول: قد أتمّ عليّ نعمته، وأباحني جنّته وهنأني كرامته، وفضّلني على نساء خلقه، أسأله أن يشفعني في ولدي وذرّيتي ومن ودّهم بعدي وحفظهم بعدي.

قال: فيوحي اللّه إلى ذلك الملك من غير أن يتحوّل عن مكانه:

أن خبّرها أنّي قد شفّعتها في ولده! وذرّيّتها ومن ودّهم وأحبّهم وحفظهم بعدها، قال: فتقول: الحمد للّه الّذي أذهب عنّي الحزن وأقرّ عيني.

ثمّ قال جعفر (عليه السّلام): كان أبي (عليه السّلام) إذا ذكر هذا الحديث تلا هذه الآية: (وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمٰانٍ أَلْحَقْنٰا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ مٰا أَلَتْنٰاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمٰا كَسَبَ )

ص:133


1- (1) - أجنحتها من زبرجد وأزمّتها من اللؤلؤ الرطب - البحار.

(رَهِينٌ ) (1) و(2).

5427 - تفسير فرات الكوفي: [فرات] قال: حدثنا سهل بن أحمد الدينوريّ معنعنا عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: قال جابر لابي جعفر (عليه السّلام): جعلت فداك يابن رسول اللّه حدّثني بحديث في فضل جدّتك فاطمة إذا أنا حدّثت به الشيعة فرحوا بذلك.

قال أبو جعفر (عليه السّلام): حدّثني أبي، عن جدّي، عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: إذا كان يوم القيامة نصب للأنبياء والرسل منابر من نور فيكون منبري أعلى منابرهم يوم القيامة، ثمّ يقول اللّه: يا محمّد اخطب، فاخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأنبياء والرسل بمثلها.

ثمّ ينصب للأولياء منابر من نور وينصب لوصيّي عليّ بن أبي طالب في أوساطهم منبر من نور فيكون منبره أعلى منابرهم، ثمّ يقول اللّه: يا عليّ اخطب، فيخطب بخطبة لم يسمع أحد من الأوصياء بمثلها.

ثمّ ينصب لاولاد الأنبياء والمرسلين منابر من نور، فيكون لابنيّ وسبطيّ وريحانتيّ أيّام حياتي منبر من نور، ثمّ يقال لهما: اخطبا، فيخطبان بخطبتين لم يسمع أحد من أولاد الأنبياء والمرسلين بمثلهما.

ثمّ ينادي المنادي - وهو جبرئيل -: أين فاطمة بنت محمّد؟

أين خديجة بنت خويلد؟

ص:134


1- (1) - الطور 52:21.
2- (2) - تاويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 618 ح 7. منه البحار: ج 24 ص 274.

أين مريم بنت عمران ؟

أين آسية بنت مزاحم.

أين امّ كلثوم أم يحيي بن زكريّا؟ فيقمن.

فيقول اللّه (تبارك وتعالى): يا أهل الجمع لمن الكرم اليوم ؟

فيقول محمّد وعليّ والحسن والحسين [وفاطمة]: للّه الواحد القهّار.

فيقول اللّه تعالى: يا أهل الجمع إنّي قد جعلت الكرم لمحمّد وعليّ والحسن والحسين وفاطمة.

يا أهل الجمع طأطؤوا الرؤوس وغضّوا الابصار فإنّ هذه فاطمة تسير إلى الجنّة.

فيأتيها جبرئيل بناقة من نوق الجنّة مدبّجة الجنبين(1)، خطامها من اللّؤلؤ المحقق الرطب، عليها رحل من المرجان، فتناخ بين يديها فتركبها، فيبعث [اللّه] إليها مائة ألف ملك فيصيروا(2) على يمينها، ويبعث إليها مائة ألف ملك [ليسيروا عن يسارها ويبعث إليها مائة ألف ملك](3) يحملونها على اجنحتهم حتّى يصيّروها عند (على) باب الجنّة، فإذا صارت عند باب الجنة تلتفت، فيقول اللّه: يا بنت حبيبي ما التفاتك وقد أمرت بك إلى جنّتي ؟

فتقول: ياربّ أحببت أن يعرف قدري في مثل هذا اليوم.

فيقول اللّه: يا بنت حبيبي ارجعي فانظري من كان في قلبه حبّ

ص:135


1- (1) - دبّج الشيء: حسّنه وزيّنه. والديباج: الثوب الذي سداه ولحمته حرير. (أقرب الموارد).
2- (2) - ليسيروا - البحار.
3- (3) - ما بين المعقوفتين من البحار.

لك أو لأحد من ذرّيّتك خذي بيده فأدخليه الجنّة.

قال أبو جعفر (عليه السّلام): واللّه يا جابر إنّها ذلك اليوم لتلتقط شيعتها ومحبّيها كما يلتقط الطير الحبّ الجيّد من الحبّ الرديء.

فإذا صار شيعتها معها عند باب الجنّة يلقي اللّه في قلوبهم أن يلتفتوا، فإذا التفتوا يقول اللّه: يا أحبّائي ما التفاتكم وقد شفّعت فيكم فاطمة بنت حبيبي ؟

فيقولون: ياربّ أحببنا أن يعرف قدرنا في مثل هذا اليوم.

فيقول اللّه: يا أحبّائي ارجعوا وانظروا من أحبّكم لحبّ فاطمة.

انظروا من أطعمكم لحبّ فاطمة.

انظروا من كساكم لحبّ فاطمة.

انظروا من سقاكم شربة في حبّ فاطمة.

انظروا من ردّ عنكم غيبة في حبّ فاطمة فخذوا بيده وأدخلوه الجنة.

قال أبو جعفر (عليه السّلام): واللّه لايبقى في النّاس إلاّ شاك أو كافر أو منافق، فإذا صاروا بين الطبقات نادوا كما قال اللّه تعالى:

(فَمٰا لَنٰا مِنْ شٰافِعِينَ * وَ لاٰ صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) فيقولون: (فَلَوْ أَنَّ لَنٰا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) (1).

قال أبو جعفر (عليه السّلام): هيهات هيهات منعوا ما طلبوا (وَ لَوْ رُدُّوا لَعٰادُوا لِمٰا نُهُوا عَنْهُ وَ إِنَّهُمْ لَكٰاذِبُونَ ) (2) و(3).

ص:136


1- (1) - الشعراء 26:100-102.
2- (2) - الانعام 6:28.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 298 ح 403. منه البحار: ج 8 ص 51.

تاريخ الامامين الحسن والحسين عليهما السّلام

باب (1) الولادة والتسمية

5428 - التهذيب: محمّد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم، عن الحسين بن خالد قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن التهنية بالولد متى ؟

قال: انه لما ولد الحسن بن علي (عليه السّلام) هبط جبرئيل (عليه السّلام) على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بالتهنئة في اليوم السابع وأمره أن يسمّيه ويكنّيه ويحلق رأسه ويعق عنه ويثقب اذنه، وكذلك حين ولد الحسين (عليه السّلام) أتاه في اليوم السابع وأمره بمثل ذلك.

قال: وكان لهما ذوابتان في القرن الايسر(1) وكان الثقب في الاذن، الأيمن في شحمة الاذن وفي اليسرى في أعلى الاذن والقرط(2) في

ص:137


1- (1) - الذؤابة: هي الشعر المضفور من شعر الرأس (النهاية). والقرن: جانب الرّأس (مجمع البحرين).
2- (2) - القرط: هو الذي يعلق في شحمة الاذن. (مجمع البحرين).

اليمنى والشنف(1) في اليسرى(2).

5429 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عبداللّه بن سنان، عن معاذ الفراء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: الغلام رهن بسابعه بكبش(3)، يسمّى فيه، ويعقّ عنه، وقال: إنّ فاطمة (عليها السّلام) حلقت ابنيها وتصدّقت بوزن شعرهما فضّة(4).

5430 - قرب الإسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: سمّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الحسن والحسين (عليهما السّلام) لسبعة أيّام، وعقّ عنهما لسبع وختنهما لسبع، وحلق رؤوسهما لسبع، وتصدق بوزن (بزنة - خ ل) شعورهما فضّة(5).

5431 - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه عق عن الحسن (عليه السّلام) شاة، وعن الحسين (عليه السّلام) شاة، وحلق رأس كل واحد منهما يوم ذلك وهو يوم سابعه، وقال: يا فاطمة، تصدقي (بوزن شعره ذهبا أو فضّة) فوزنت شعر الحسين (عليه

ص:138


1- (1) - الشنف: من حلى الاذن وقيل ما يعلق في أعلاها وقيل ما يعلق في اليسرى والقرط في اليمنى. (مجمع البحرين).
2- (2) - التهذيب: ج 7 ص 444 ح 1776.
3- (3) - «بكبش» بدل من قوله: «بسابعه» ويحتمل أن يكون الباء في قوله: «بسابعه» للظرفية وفي قوله: «بكبش» صلة للرهن. (مرآة العقول).
4- (4) - الكافي: ج 6 ص 25 ح 9.
5- (5) - قرب الاسناد: ص 57. منه الوسائل: ج 15 ص 165.

السّلام) وكان فيه وزن درهم ونصف(1).

5432 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن علي بن الحكم، عن عبدالرحمن العرزميّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان بين الحسن والحسين (عليهما السّلام) طهر(2) وكان بينهما في الميلاد ستّة أشهر وعشرا(3).

5432 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن إبراهيم القزويني قال: أخبرنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان الهنائي البصري قال: حدثني أحمد بن ابراهيم بن أحمد قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن علي بن عبدالكريم الزعفراني قال: حدثني أحمد ابن محمّد بن خالد البرقي أبو جعفر قال: حدثني أبي، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

حمل الحسين [بن عليّ ] (عليه السّلام) ستّة أشهر وارضع سنتين، وهو قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسٰانَ بِوٰالِدَيْهِ إِحْسٰاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلاٰثُونَ شَهْراً) (4).

ص:139


1- (1) - دعائم الاسلام: ج 2 ص 187 ح 678. منه المستدرك: ج 15 ص 143.
2- (2) - «بين الحسن والحسين» أي بين ولادة الحسن والعلوق بالحسين «طهر» أي مقدار أقلّ الطهر في النساء اللاتي يحضن وهو عشرة أيام. ولم يكن لها (عليها السّلام) دم، والميلاد وقت الولادة. (مرآة العقول).
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 463 ح 2.
4- (4) - أمالي الطوسي: ص 661 ح 1370، والآية في سورة الاحقاف 46:15. منه البحار: ج 43 ص 258.

5434 - مناقب آل أبي طالب: أبو عبداللّه (عليه السّلام): ولدت فاطمة الحسن والحسين وبينهما ستّة أشهر على رواية وردت(1).

5435 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(2)، عن الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) أنّه سمّي حسنا يوم السابع واشتقّ من اسم الحسن حسينا وذكر أنّه لم يكن بينهما إلاّ الحمل(3).

صحيفة الإمام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(4).

5436 - معاني الاخبار - علل الشرايع: حدثنا الحسن بن محمّد ابن يحيي العلويّ (رحمه اللّه) قال: حدثني جدّي قال: حدثني أحمد ابن صالح التميميّ قال: حدثنا عبداللّه بن عيسى، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: أهدى جبرئيل إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) اسم الحسن بن عليّ وخرقة حرير(5) من ثياب الجنّة واشتقّ اسم الحسين من [اسم] الحسن (عليهما السّلام)(6).

5437 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن إسماعيل بن مرّار، عن يونس، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)

ص:140


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 359. منه البحار: ج 43 ص 48.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 42 ح 145.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 250 ح 170. منهما البحار: ج 43 ص 240.
5- (5) - في خرقة من حرير - معاني الاخبار.
6- (6) - معانى الاخبار: ص 58 ح 8. علل الشرائع: ص 139 ح 9. منهما البحار: ج 43 ص 241.

قال: عقّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، عن الحسن (عليه السّلام) بيده وقال: «بسم اللّه عقيقة عن الحسن وقال: اللهمّ عظمها بعظمه، ولحمها بلحمه، ودمها بدمه، وشعرها بشعره، اللهمّ اجعلها وقاء(1)لمحمّد وآله»(2).

5438 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): [بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا (عليه السّلام) عن آبائه]، عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) قال: إنّ فاطمة (عليها السّلام) عقّت عن الحسن والحسين (عليهما السّلام) وأعطت القابل رجل شاة ودينارا(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا (عليه السّلام)، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(4).

5439 - الكافى: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن معاوية بن وهب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): عقّت فاطمة عن ابنيها وحلقت رؤوسهما في اليوم السابع وتصدّقت بوزن الشعر ورقا(5)، وقال: كان ناس يلطّخون رأس الصبي في دم العقيقة وكان أبي يقول: ذلك شرك(6).

5440 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن عيسى، عن عاصم الكوزيّ قال:

ص:141


1- (1) - وقاه وقيا: ستره عن الاذى وصانه وحفظه (أقرب الموارد).
2- (2) - الكافي: ج 6 ص 32 ح 1.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 46 ح 170.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 274 ح 12. منهما البحار: ج 43 ص 240.
5- (5) - الورق: الفضة. والورق: الدراهم المضروبة (مجمع البحرين).
6- (6) - الكافي: ج 6 ص 33 ح 2.

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يذكر عن أبيه أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عقّ عن الحسن (عليه السّلام) بكبش وعن الحسين (عليه السّلام) بكبش، وأعطى القابلة شيئا، وحلق رؤوسهما يوم سابعهما ووزن شعرهما فتصدّق بوزنه فضّة.

قال: فقلت له: يؤخذ الدم فيلطّخ به رأس الصّبي ؟

فقال: ذاك شرك.

فقلت: سبحان اللّه شرك! فقال: لو لم يكن ذاك شركا فإنّه كان يعمل في الجاهليّة ونهي عنه في الإسلام(1) و(2).

5441 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن بعض أصحابه، عن أبان، عن يحيي بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حسنا وحسينا (عليهما السّلام) يوم سابعهما وعقّ عنهما شاة شاة وبعثوا برجل شاة إلى القابلة، ونظروا ما غيره(3) فأكلوا منه وأهدوا إلى الجيران، وحلقت فاطمة (عليها السّلام) رؤوسهما وتصدّقت بوزن

ص:142


1- (1) - قوله (عليه السّلام): «ذاك شرك» أي الشرك أنواع، وأحد أنواع الشرك، الشرك المصطلح في الاخبار، الابتداع في الدين، كما ورد في الخبر: أدنى الشرك أن تقول للحصاة أنها نواة، أو للنواة أنها حصاة. وقوله (عليه السّلام): «لو لم يكن ذاك شركا» إشارة إلى الاعتقاد بشرعيته، للاحتراز عمّا إذا فعله إضطرارا أو تقية مع كراهته عنه. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 6 ص 33 ح 3.
3- (3) - «نظروا» أي حفظوا «ما غيره» أي غير المبعوث الى القابلة.

شعرهما فضّة(1).

5442 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو الفتح هلال بن محمّد بن جعفر الحفّار قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن علي بن علي الدعبلي قال: حدثني أبي أبو الحسن علي بن علي بن رزين بن عثمان ابن عبدالرحمن بن عبداللّه بن بديل بن ورقاء اخو دعبل بن علي الخزاعي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سيّدي أبو الحسن علي بن موسى الرضا قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثنا أبي جعفر بن محمّد قال: حدثنا أبي محمّد بن علي، عن أبيه عليّ بن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: حدّثتني أسماء بنت عميس الخثعميّة قالت:

قبلت(2) جدّتك فاطمة بنت رسول اللّه بالحسن والحسين، قالت: فلمّا ولدت الحسن (عليه السّلام) جاء النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا أسماء هاتي ابني.

قالت: فدفعته إليه في خرقة صفراء، فرمى بها وقال: ألم أعهد إليكنّ أن لا تلفّوا المولود في خرقة صفراء، ودعا بخرقة بيضاء فلفّه بها، ثمّ أذّن في اذنه اليمنى، وأقام في اذنه اليسري، وقال لعليّ (عليه السّلام): بم سمّيت ابنك هذا؟

قال: ما كنت لأسبقك باسمه يا رسول اللّه.

قال: وأنا ما كنت لاسبق ربّي (عزّوجلّ ).

قال: فهبط جبرئيل فقال: إنّ اللّه يقرأ عليك السّلام [و، يقول لك: يا محمّد، عليّ منك بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لانبيّ بعدك

ص:143


1- (1) - الكافي: ج 6 ص 33 ح 5.
2- (2) - قبلت القابلة الولد: أي تلقّته عند ولادته من بطن امه. (مجمع البحرين).

فسمّ ابنك باسم ابن هارون.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): يا جبرائيل وما اسم ابن هارون ؟

قال جبرئيل: شبر.

قال: وما شبّر؟

قال: الحسن.

قالت أسماء: فسمّاه الحسن.

قالت أسماء: فلمّا ولدت فاطمة الحسين (عليه السّلام) نفستها به(1)فجاءني النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: هلمّي ابني يا أسماء، فدفعته إليه في خرقة بيضاء، ففعل به كما فعل بالحسن (عليه السّلام) قالت:

وبكى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ قال: إنّه سيكون لك حديث! اللهمّ العن قاتله، لاتعلمي فاطمة بذلك.

قالت [أسماء]: فلمّا كان [في] يوم سابعه جاءني النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: هلمّي ابني فأتيته به، ففعل به كما فعل بالحسن (عليه السّلام) وعقّ عنه كما عقّ عن الحسن كبشا أملح وأعطى القابلة [الورك و] رجلا وحلق رأسه وتصدّق بوزن الشعر ورقا، وخلّق رأسه بالخلوق(2)وقال: إنّ الدّم من فعل الجاهليّة، قالت: ثمّ وضعه في حجره ثمّ قال:

يا أبا عبداللّه عزيز عليّ ثمّ بكى.

فقلت: بأبي أنت وامّي فعلت في هذااليوم وفي اليوم الاوّل فما هو؟

ص:144


1- (1) - البحار - بيان: نفستها به: لعلّ المعنى كنت قابلتها، ويحتمل أن يكون من نفس به - بالكسر - بمعنى ضن، أي ضننت به وأخذته منها.
2- (2) - الخلوق: طيب مركب يتّخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب والغالب عليه الصفرة أو الحمرة. (مجمع البحرين).

فقال: ابكي على ابني هذا تقتله فئة باغية كافرة من بني اميّة العنهم اللّه) لا أنالهم اللّه شفاعتي يوم القيامة، يقتله رجل يثلم الدّين ويكفر باللّه العظيم.

ثمّ قال: اللهم إنّي أسالك فيهما ما سألك إبراهيم في ذرّيّته اللهمّ أحبّهما وأحبّ من يحبّهما، والعن من يبغضهماملءالسماء والأرض(1).

5443 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة، عن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد قال: حدثني أبي محمّد بن عليّ قال: حدثني أبي علي بن الحسين (عليه السّلام) قال: حدثتني أسماء بنت عميس قالت: حدثتني فاطمة (عليها السّلام): لمّا حملت بالحسن وولدته جاء النبي (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا أسماء هلمي ابني. فدفعته إليه في خرقة صفراء، فرمى بها النبي (صلّى اللّه عليه وآله) وأذّن(2) في اذنه اليمنى وأقام في اذنه اليسري ثمّ قال لعليّ : بأيّ شيء سمّيت ابني ؟

قال: ما كنت أسبقك باسمه يارسول اللّه، وقد كنت احبّ أن اسمّيه حربا.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ولا أنا أسبق باسمه ربّي (عزّوجلّ ).

ص:145


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 367 ح 781. منه البحار: ج 44 ص 250.
2- (2) - فرمى بها النبي (صلّى اللّه عليه وآله) وقال: يا أسماء ألم أعهد اليكم أن لا تلفّوا المولود في خرقة صفراء، فلففته في خرقة بيضاء ودفعته إليه فأذن - صحيفة الامام الرضا - البحار.

ثمّ هبط جبرئيل فقال: يا محمّد العليّ الاعلى يقرئك السلام ويقول: عليّ منك بمنزلة هارون من موسى ولا نبيّ بعدك، سم ابنك هذا باسم ابن هارون.

فقال النبى (صلّى اللّه عليه وآله): وما اسم ابن هارون ؟

قال: شبر.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): لساني عربيّ .

قال جبرئيل: سمّه الحسن.

قالت أسماء: فسمّاه الحسن فلمّا كان يوم سابعه عقّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) عنه بكبشين أملحين وأعطى القابلة فخذا ودينارا، ثمّ حلق رأسه، وتصدّق بوزن الشعر ورقا وطلى رأسه بالخلوق ثمّ قال: يا أسماء الدّم فعل الجاهليّة(1).

قالت أسماء: فلمّا كان بعد حول ولد الحسين (عليه السّلام) وجاء النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: يا أسماء هلمّي ابني، فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذّن في اذنه اليمنى، وأقام في اليسري، ووضعه في حجره فبكى، فقالت أسماء: بأبي أنت وامّي ممّ بكاؤك ؟

قال: على ابني هذا.

قلت: إنّه ولد السّاعة يارسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

فقال: تقتله الفئة الباغية من بعدي، لا أنالهم اللّه شفاعتي.

ثمّ قال: يا أسماء لاتخبري فاطمة بهذا فانّها قريبة عهد بولادته.

ثمّ قال لعليّ (عليه السّلام): أيّ شيء سمّيت ابني ؟

قال: ما كنت لاسبقك باسمه يارسول اللّه، وقد كنت احبّ أن

ص:146


1- (1) - أقول: يعني طلي الرأس بالدم من فعل الجاهلية.

اسمّيه حربا.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): ولا أسبق باسمه ربّي (عزّوجلّ ).

ثمّ هبط جبرئيل فقال: يا محمّد العليّ الاعلى يقرئك السلام، ويقول لك: عليّ منك كهارون من موسى، سمّ ابنك هذا باسم ابن هارون.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): وما اسم ابن هارون ؟

قال: شبير.

قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): لساني عربيّ .

قال جبرئيل: سمّه الحسين.

فلمّا كان يوم سابعه عقّ عنه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بكبشين أملحين وأعطى القابلة فخذا ودينارا ثمّ حلق رأسه، وتصدّق بوزن الشعر ورقا وطلى رأسه بالخلوق، فقال: يا أسماء الدّم فعل الجاهليّة(1).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(2).

5444 - شرح الاخبار: يحيي بن الحسين باسناده، عن جعفر بن محمّد بن علي (عليهم السّلام)، عن أبيه قال: لمّا ولد الحسن بن عليّ (عليه السّلام) أهدي جبرئيل (صلّى اللّه عليه وآله) اسمه في سرقة(3)من حرير من ثياب الجنّة مكتوب فيها حسن واشتقّ منه اسم الحسين،

ص:147


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 25 ح 5.
2- (2) - صحيفة الامام الرضا: ص. 24 ح 146. منهما البحار: ج 43 ص 238 و 240.
3- (3) - السرق: شقاق الحرير، وقيل: هو أجوده، واحدته سرقة. (لسان العرب).

فلمّا ولدت فاطمة الحسن (عليه السّلام) أتت به رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فسمّاه حسنا، فلمّا ولدت الحسين (عليه السّلام) أتته به فقال: هذا أحسن من ذلك فسمّاه الحسين(1).

5445 - مناقب آل أبي طالب: روي [عن] سعد بن طريف، عن الصادق (عليه السّلام) وروي أبو أمامة الباهليّ كلاهما عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) - في خبر طويل - واللّفظ لابي أمامة أنّ الناس دخلوا على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وهنّؤوه بمولوده [الحسين (عليه السّلام)](2) ثمّ قام رجل في وسط الناس فقال: بأبي أنت وامّي يا رسول اللّه رأينا من عليّ عجبا في هذا اليوم ؟! قال: وما رأيتم ؟

قال: أتيناك لنسلّم عليك ونهنّئك بمولودك الحسين فحجبنا عنك وأعلمنا أنّه هبط عليك مائة ألف ملك وأربعة وعشرون ألف ملك، فعجبنا من إحصائه وعدّه الملائكة.

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) - وأقبل بوجهه اليه(3) متبسّما - ما علّمك أنّه هبط عليّ مائة وأربعة وعشرون ألف ملك ؟

قال: بأبي أنت وامّي يارسول اللّه سمعت مائة ألف لغة وأربعة وعشرين ألف لغة، فعلمت أنّهم مائة وأربعة وعشرون ألف ملك.

قال: زادك اللّه علما وحلما يا أبا الحسن(4).

ص:148


1- (1) - شرح الأخبار: ج 3 ص 110 ح 1045. منه البحار: ج 43 ص 251.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3) - عليه - البحار.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 2 ص 55. منه البحار: ج. 4 ص 170.

5446 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(1) عن علي بن الحسين (عليهما السّلام) أنّه قال: إنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) أذّن في اذن الحسن(2) بالصلاة يوم ولد(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا (عليه السّلام)، عن آبائه - (عليهم السّلام) مثله(4).

باب (2) الحسن والحسين عليهما السّلام. ريحانتا رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

5447 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الولد الصالح ريحانة من اللّه قسّمها بين عباده، وإنّ ريحانتيّ من الدّنيا الحسن والحسين، سمّيتهما باسم سبطين من بني إسرائيل شبّرا وشبّيرا(5).

5448 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة، عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): الولد ريحانة، وريحانتاي: الحسن والحسين (عليهما

ص:149


1- (1) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
2- (2) - في اذن الحسين (عليه السّلام) - البحار.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 43 ح 147.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 272 ح 6. منهما البحار: ج 43 ص 240.
5- (5) - الكافي: ج 6 ص 2 ح 1.

السّلام)(1).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السلام) مثله(2).

5449 - كامل الزيارات: حدّثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن اسماعيل، عن أبي المغرا، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): قرة عيني النساء وريحانتي(3) الحسن والحسين (عليهما السّلام)(4).

باب (3) مصارعة الحسن والحسين عليهما السّلام

5450 - الارشاد - أعلام الورى: روى عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السّلام) قال: اصطرع الحسن والحسين (عليهما السّلام) بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إيها(5) حسن خذ حسينا.

ص:150


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 27 ح 8.
2- (2) - صحيفة الامام الرضا: ص 92 ح 24. منهما البحار: ج 43 ص 264.
3- (3) - لعلّ الاصح: ريحانتاي، أو هناك فعل محذوف مثل: جعل اللّه قرة عيني... وريحانتي: الحسن والحسين.
4- (4) - كامل الزيارات: ص 51 ح 8. منه البحار: ج 43 ص 270.
5- (5) - إيه: اسم سمّي به الفعل، لأنّ معناه الامر يقال للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل (مجمع البحرين).

فقالت فاطمة (عليها السّلام): يا رسول اللّه أتستنهض الكبير على الصغير؟

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): هذا جبرئيل (عليه السّلام) يقول للحسين: إيها [يا] حسين خذ الحسن(1).

5451 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: بينما الحسن والحسين يصطرعان عند النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): هيّ يا حسن فقالت فاطمة: يا رسول اللّه تعين الكبير على الصغير؟

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): جبرئيل يقول: هيّ يا حسين وأنا أقول: هيّ يا حسن(2) و(3).

5452 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن الشحام، عن أبي عبداللّه الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي الباقر، عن أبيه (عليهم السّلام) قال: مرض النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) المرضة الّتي عوفي منها فعادته فاطمة سيّدة النساء ومعها الحسن

ص:151


1- (1) - الارشاد: ص 249 - اعلام الوري: ص 217. وفيه: ايها حسين خذ حسنا. منهما البحار: ج 43 ص 276.
2- (2) - هيّ - بالفتح وتشديد الياء مكسورة -: إسم فعل للأمر بمعنى: أسرع في ما أنت فيه، وتلحقها كاف الخطاب فيقال: هيّك. (أقرب الموارد).
3- (3) - قرب الاسناد: ص 48. منه البحار: ج 43 ص 262.

والحسين (عليهما السّلام) قد أخذت الحسن بيدها اليمنى وأخذت الحسين بيدها اليسري وهما يمشيان وفاطمة بينهما حتّى دخلوا منزل عائشة، فقعد الحسن (عليه السّلام) على جانب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الأيمن والحسين (عليه السّلام) على جانب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الأيسر فأقبلا يغمزان ما يليهما من بدن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فما أفاق النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) من نومه.

فقالت فاطمة للحسن والحسين: حبيبيّ إنّ جدّكما قد غفا فانصرفا ساعتكما هذه ودعاه حتّى يفيق وترجعان إليه.

فقالا: لسنا ببارحين في وقتنا هذا.

فاضطجع الحسن على عضد النبيّ الأيمن، والحسين على عضده الايسر فغفيا وانتبها قبل أن ينتبه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وقد كانت فاطمة (عليها السّلام) لمّا ناما انصرفت إلى منزلها فقالا لعائشة: ما فعلت امّنا؟

قالت: لمّا نمتما رجعت إلى منزلها.

فخرجا في ليلة ظلماء مدلهمّة(1) ذات رعد وبرق وقد أرخت السماء عزاليها(2) فسطع لهما نور فلم يزالا يمشيان في ذلك النور والحسن قابض بيده اليمنى على يد الحسين اليسري وهما يتماشيان ويتحدّثان حتّى أتيا حديقة بني النجّار، فلمّا بلغا الحديقة حارا فبقيا لايعلمان أين يأخذان فقال الحسن للحسين: إنّا قد حرنا وبقينا على حالتنا هذه، وما ندري أين نسلك ؟ فلا عليك أن ننام في وقتنا هذا حتّى نصبح.

ص:152


1- (1) - ادلهمّ الليل: اشتدّ ظلامه (أقرب الموارد).
2- (2) - إشارة إلى شدّة وقع المطر على التشبيه بنزوله من أفواه المزادات. (أقرب الموارد).

فقال له الحسين: دونك يا أخي فافعل ما تري، فاضطجعا جميعا واعتنق كلّ واحد منهما صاحبه وناما.

وانتبه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) من نومته الّتي نامها فطلبهما في منزل فاطمة فلم يكونا فيه وافتقدهما، فقام (صلّى اللّه عليه وآله) قائما على رجليه، وهو يقول: إلهي وسيّدي ومولاي هذان شبلاي خرجا من الخمصة والمجاعة اللهمّ أنت وكيلي عليهما فسطع للنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) نور فلم يزل يمضي في ذلك النور حتّى أتى حديقة بني النجّار فاذا هما نائمان قد اعتنق كلّ واحد منهما صاحبه وقد تقشّعت السماء(1) فوقهما كطبق فهي تمطر كأشدّ مطر ما رآه الناس قطّ وقد منع اللّه (عزّوجلّ ) المطر منهما في البقعة الّتي هما فيها نائمان لا يمطر عليهما قطرة وقد إكتنفتهما حيّة لها شعرات كآجام القصب وجناحان جناح قد غطّت به الحسن، وجناح قد غطّت به الحسين.

فلمّا أن بصر بهما النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) تنحنح فانسابت الحيّة(2) وهي تقول: اللهمّ إنّي اشهدك واشهد ملائكتك أنّ هذين شبلا نبيّك قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين صحيحين.

فقال لها النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): أيّتها الحيّة ممّن أنت ؟

قالت: أنا رسول الجنّ إليك.

قال: وأيّ الجنّ؟

قالت: جنّ نصيبين نفر من بني مليح نسينا آية من كتاب اللّه

ص:153


1- (1) - تقشع عنه السحاب: زال وانكشف. والقشعة: القطعة من السحاب تبقى في السماء بعد انقشاع الغيم (أقرب الموارد).
2- (2) - انسابت الحية: جرت وتدافعت في مشيها. (أقرب الموارد).

(عزّوجلّ ) فبعثوني إليك لتعلّمنا ما نسينا من كتاب اللّه فلمّا بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادي: أيّتها الحيّة هذان شبلا رسول اللّه فاحفظيهما من العاهات والآفات، ومن طوارق اللّيل والنهار، فقد حفظتهما وسلّمتهما إليك سالمين صحيحين وأخذت الحيّة الآية وانصرفت.

وأخذ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) الحسن فوضعه على عاتقه الأيمن ووضع الحسين على عاتقه الايسر وخرج عليّ (عليه السّلام) فلحق برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال له بعض أصحابه: بأبي أنت وامّي ادفع إليّ أحد شبليك اخفّف عنك.

فقال: امض فقد سمع اللّه كلامك وعرف مقامك. وتلقّاه آخر فقال: بأبي أنت وامّي ادفع إليّ أحد شبليك اخفّف عنك.

فقال: امض فقد سمع اللّه كلامك وعرف مقامك.

فتلقّاه عليّ (عليه السّلام) فقال: بأبي أنت وامّي يا رسول اللّه ادفع [إ] ليّ أحد شبليّ وشبليك حتّى اخفّف عنك، فالتفت النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) إلى الحسن فقال: يا حسن هل تمضي إلى كتف أبيك ؟

فقال له: واللّه يا جدّاه إنّ كتفك لاحبّ إليّ من كتف أبي، ثمّ التفت إلى الحسين فقال: يا حسين هل تمضي إلى كتف أبيك ؟

فقال له: واللّه يا جدّاه إنّي لأقول لك كما قال أخي الحسن إنّ كتفك لأحبّ إليّ من كتف أبي، فأقبل بهما إلى منزل فاطمة (عليها السّلام) وقد ادّخرت لهما تميرات فوضعتها بين أيديهما فأكلا وشبعا وفرحا.

ص:154

فقال لهما النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): قوما الآن فاصطرعا، فقاما ليصطرعا، وقد خرجت فاطمة في بعض حاجتها، فدخلت فسمعت النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وهو يقول: إيه يا حسن شدّ على الحسين فاصرعه.

فقالت له: يا أبه واعجباه أتشجّع هذا على هذا؟ أتشجّع الكبير على الصغير؟

فقال لها: يا بنيّة أما ترضين أن أقول أنا: يا حسن شدّ على الحسين فاصرعه وهذا حبيبي جبرئيل يقول: يا حسين شدّ على الحسن فاصرعه(1).

باب (4) الحسن والحسين عليهما السّلام خير أهل الارض

5453 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدّثنا محمّد بن عمر ابن محمّد بن سلم بن البراء الجعابي، قال: حدّثني أبو محمّد الحسن ابن عبداللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي، قال: حدّثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام)، قال: حدثني أبي موسى بن جعفر قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد بن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين بن علي، قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): الحسن والحسين خير أهل

ص:155


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 360 ح 8. منه البحار: ج 43 ص 266.

الارض بعدي وبعد أبيهما، وامّهما أفضل نساء أهل الارض(1).

باب (5) من فضائل الامامين الحسنين عليهما السّلام

5454 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة، عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: إنّ الحسن والحسين (عليهما السّلام) كان يلعبان عند النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) حتّى مضى عامّة اللّيل ثمّ قال لهما: انصرفا إلى امّكما فبرقت برقة فما زالت تضيء لهما حتّى دخلا على فاطمة (عليها السّلام) والنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ينظر إلى البرقة فقال: الحمد للّه الّذي أكرمنا أهل البيت(2).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) مثله(3).

5455 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أمّا الحسن فانحله الهيبة والحلم(4) وأمّا الحسين فانحله الجود والرّحمة(5).

5456 - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) في قوله

ص:156


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 62 ح 252. منه البحار: ج 43 ص 264.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 39 ح 121.
3- (3) - صحيفة الامام الرضا: ص 236 ح 138. منهما البحار: ج 43 ص 266.
4- (4) - والعلم - البحار.
5- (5) - قرب الاسناد: ص 54. منه البحار: ج 43 ص 263.

تعالى: (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللّٰهَ وَ آمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ) (1).

قال: الكفلين الحسن والحسين، والنور عليّ .

وفي رواية سماعة عنه (عليه السّلام) (نُوراً تَمْشُونَ بِهِ ) قال:

إماما تأتمّون به(2).

5457 - مناقب آل أبي طالب: معاوية بن عمّار، عن الصادق (عليه السّلام) قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): إنّ حبّ عليّ قذف في قلوب المؤمنين فلا يحبّه إلاّ مؤمن ولا يبغضه إلاّ منافق، وإنّ حبّ الحسن والحسين قذف في قلوب المؤمنين والمنافقين والكافرين، فلا تري لهم ذامّا، ودعا النبيّ الحسن والحسين قرب موته فقبّلهما وشمّهما وجعل يرشفهما(3) وعيناه تهملان(4).

5458 - مناقب آل أبي طالب: الكشف والبيان - عن الثعلبيّ بالاسناد، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: مرض النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فأتاه جبرئيل بطبق فيه رمّان وعنب فأكل النبي (صلّى اللّه عليه وآله) منه فسبّح ثم دخل عليه الحسن والحسين فتناولا منه فسبّح الرمّان والعنب ثمّ دخل عليّ فتناول منه فسبّح أيضا ثمّ دخل رجل من أصحابه فأكل فلم يسبّح، فقال جبرئيل: إنّما يأكل

ص:157


1- (1) - الحديد 57:28.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 380. منه البحار: ج 43 ص 279.
3- (3) - رشف الماء: مصّه بشفتيه، رشّف الماء: بالغ في مصّه (أقرب الموارد).
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 383. منه البحار: ج 43 ص 281.

هذا نبيّ أو وصيّ أو ولد نبيّ (1).

باب (6) عقاب من أبغض الحسن والحسين عليهما السّلام

5459 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) عن سعد بن عبداللّه بن أبي خلف، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه وعبدالرحمن بن أبي نجران، عن رجل، عن عباس بن الوليد، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من أبغض الحسن والحسين جاء يوم القيامة وليس على وجهه لحم ولم تنله شفاعتي(2).

باب (7) الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة

5460 - مناقب آل أبي طالب: سئل أبو عبداللّه (عليه السّلام) عن قوله: «الحسن والحسين سيّدا شباب أهل الجنّة»؟

فقال: هما واللّه سيّدا شباب أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين(3).

ص:158


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص. 39. منه البحار: ج 43 ص 288.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 51 ح 7. منه البحار: ج 43 ص 270.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 3 ص 394. منه البحار: ج 43 ص 292.

باب (8) من أخلاق الامامين الحسن والحسين عليهما السّلام

5461 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عمّن حدّثه، عن عبدالرحمن العزرميّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: جاء رجل إلى الحسن والحسين (عليهما السّلام) وهما جالسان على الصفا فسألهما فقالا: إنّ الصدقة لاتحلّ إلاّ في دين موجع، أو غرم مفظع، أو فقر مدقع(1) ففيك شيء من هذا؟

قال: نعم فأعطياه وقد كان الرجل سأل عبداللّه بن عمر، وعبدالرحمن بن أبي بكر فأعطياه ولم يسألاه عن شيء فرجع إليهما فقال لهما: مالكما لم تسألاني عمّا سألني عنه الحسن والحسين (عليهما السّلام)؟ وأخبرهما بما قالا.

فقالا: إنّهما غذّيا بالعلم غذاء(2).

5462 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، عن إبراهيم بن هاشم، وسهل بن زياد الرازيّ ، عن إسماعيل بن مرّار، وعبدالجبار بن المبارك، عن يونس بن عبدالرحمن، عمّن حدّثه من أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ رجلا مرّ بعثمان بن عفّان وهو قاعد على باب المسجد فسأله فأمر له بخمسة دراهم ؟

ص:159


1- (1) - الغرامة - بالفتح -: المشقة والضرر. والمفظع: الشديد الشنيع. ودقع الرجل دقعا: لصق بالتراب ذلا وفقرا. (أقرب الموارد).
2- (2) - الكافي: ج 4 ص 47 ح 7.

فقال له الرّجل: أرشدني ؟

فقال له عثمان: دونك الفتية التي(1) ترى - وأومأ بيده إلى ناحية من المسجد فيها الحسن والحسين وعبداللّه بن جعفر (عليهم السّلام) - فمضى الرّجل نحوهم حتّى سلّم عليهم وسألهم فقال له الحسن والحسين (عليهما السّلام). يا هذا إنّ المسألة لا تحلّ إلاّ في إحدى ثلاث: دم مفجّع، أو دين مقرح، أو فقر مدقع ففي أيّها تسأل ؟

فقال: في واحدة من هذه الثلاث.

فأمر له الحسن (عليه السّلام) بخمسين دينارا وأمر له الحسين (عليه السّلام) بتسعة وأربعين دينارا، وأمر له عبداللّه بن جعفر بثمانية وأربعين دينارا.

فانصرف الرجل فمرّ بعثمان فقال له: ما صنعت ؟

فقال: مررت بك فسألتك فأمرت لي بما أمرت. ولم تسألني فيما أسأل، وإنّ صاحب الوفرة(2) لمّا سالته قال لي: يا هذا فيما تسأل، فانّ المسألة لا تحلّ إلاّ في إحدى ثلاث فأخبرته بالوجه الّذي أسأله من الثلاثة، فأعطاني خمسين دينارا، وأعطاني الثاني تسعة وأربعين دينارا، وأعطاني الثالث ثمانية وأربعين دينارا.

فقال عثمان: ومن لك بمثل هؤلاء الفتية اولئك فطموا العلم فطما وحازوا الخير والحكمة(3).

ص:160


1- (1) - الذين - البحار.
2- (2) - الوفرة: الشعر المجتمع على الرأس أو ما سال على الاذنين منه أو ما جاوز شحمة الاذن (أقرب الموارد).
3- (3) - الخصال: ص 135 ح 149. منه البحار: ج 43 ص 332.

قال الشيخ الصدوق (رضي اللّه عنه): معنى قوله: «فطموا العلم فطما» أي قطعوه عن غيرهم قطعا. وجمعوه لأنفسهم جمعا.

البحار - بيان: يمكن أن يقرأ فطموا على بناء المجهول. أي فطموا بالعلم على الحذف والايصال.

5463 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ الحسن والحسين (صلوات اللّه عليهما) كانا يغمزان معاوية(1)، ويقولان فيه، ويقبلان جوائزه(2).

أقول: بما أنّ الإمام الحسن (عليه السّلام) كان الخليفة الشرعي لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ومعاوية كان حاكما ظالما غاصبا، لذلك كان الإمام الحسن والامام الحسين (عليهما السّلام) يغمزان فيه ويستصغران شأنه، وفي نفس الوقت كانا يقبلان جوائزه، لانّها من بيت مال المسلمين ولهما حق فيه بل لهما ولاية الامر والحق أولا وآخرا.

***

ص:161


1- (1) - أغمز فلان في فلان: استضعفه وعابه وصغّر شأنه (أقرب الموارد).
2- (2) - قرب الاسناد: ص 45. منه البحار: ج 44 ص 41.

ص:162

تاريخ الامام الحسن المجتبى عليه السّلام

باب (1) الأمام الحسن عليه السّلام حجّة اللّه على المشرق والمغرب

5464 - الكافي: أحمد بن محمّد ومحمّد بن يحيي، عن محمد ابن الحسن، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الحسن (عليه السّلام) قال: إنّ للّه مدينتين إحداهما بالمشرق والاخرى بالمغرب، عليهما سور من حديد وعلى كلّ واحد منهما ألف ألف مصراع(1) وفيها سبعون ألف ألف لغة، يتكلّم كلّ لغة بخلاف لغة صاحبها وأنا أعرف جميع اللّغات وما فيهما وما بينهما، و ما عليهما حجّة غيري وغير الحسين أخي(2).

مناقب آل أبي طالب: محمد بن أبي عمير، عن رجاله، عن

ص:163


1- (1) - ألف الف باب لكل باب مصراعان من ذهب - مناقب آل أبي طالب. ومصراع الباب: أحد غلقيه (أقرب الموارد).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 462 ح 5.

أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(1).

بصائر الدرجات: روى يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه. وزاد:

حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين، عن أبيه بهذا الاسناد مثله(2).

الاختصاص: يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

5465 - الإرشاد: روي محمد بن أبي عمير، عن رجاله، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال الحسن (عليه السّلام) لاصحابه:

انّ للّه مدينتين إحديهما في المشرق والاخرى في المغرب فيهما خلق للّه تعالى لم يهموا بمعصية له قط. واللّه ما فيهما حجة للّه على خلقه غيري وغير أخي الحسين (عليه السّلام)(4).

باب (2) من معجزات الإمام الحسن عليه السّلام

5466 - الكافي: محمّد بن يحيي وأحمد بن محمّد، عن محمّد ابن الحسن، عن القاسم النهديّ ، عن إسماعيل بن مهران، عن الكناسيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خرج الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) في بعض عمره ومعه رجل من ولد الزبير - كان يقول

ص:164


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 9.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 359 ح 5.
3- (3) - الاختصاص: ص 291.
4- (4) - ارشاد المفيد: ص 198.

بإمامته - فنزلوا في منهل من تلك المناهل(1) تحت نخل يابس، قد يبس من العطش، ففرش للحسن (عليه السّلام) تحت نخلة وفرش للزبيري بحذاه تحت نخلة اخري.

قال: فقال الزبيريّ - ورفع رأسه -: لو كان في هذا النخل رطب لأكلنا منه.

فقال له الحسن: وإنّك لتشتهي الرطب ؟

فقال الزبيري: نعم.

قال: فرفع يده إلى السماء فدعا بكلام لم أفهمه، فأخضرت النخلة ثمّ صارت إلى حالها فأورقت وحملت رطبا، فقال الجمّال الّذي اكتروا منه: سحر واللّه.

قال: فقال الحسن (عليه السّلام): ويلك ليس بسحر ولكن دعوة ابن نبيّ مستجابة.

قال: فصعدوا إلى النخلة فصرموا ما كان فيها فكفاهم(2).

بصائر الدرجات: حدثنا الهيثم النهدي، عن إسماعيل بن مروان، عن عبداللّه الكناسي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

الخرائج والجرائح: عن عبداللّه الكناسي، عن الصادق (عليه السّلام) نحوه(4).

ص:165


1- (1) - المنهل: المورد وهو عين ماء ترده الابل في المراعي. وتسمّى المنازل - التي في المفاوز على طريق السفار -: مناهل، لانّ فيها ماء، وما كان على غير الطريق لا يسمّى منهلا. (مجمع البحرين).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 462 ح 4.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 276 ح 10.
4- (4) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 571 ح 1.

5467 - الكافي: الحسين بن محمد، عن معلى بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن علي بن النعمان، عن صندل، عن أبي اسامة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خرج الحسن بن علي (عليهما السّلام) إلى مكة سنة ماشيا، فورمت قدماه، فقال له بعض مواليه: لو ركبت لسكن عنك هذا الورم.

فقال: كلاّ إذا أتينا هذا المنزل فانّه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتر منه ولا تماكسه.

فقال له مولاه: بأبي أنت وامّي ما قدمنا منزلا فيه أحد يبيع هذا الدواء.

فقال له: بلى إنّه أمامك دون المنزل.

فسارا ميلا فاذا هو بالأسود.

فقال الحسن (عليه السّلام) لمولاه: دونك الرّجل، فخذ منه الدهن وأعطه الثمن.

فقال الاسود: يا غلام لمن أردت هذا الدهن ؟

فقال: للحسن بن عليّ (عليهما السّلام).

فقال: انطلق بي إليه، فانطلق فأدخله إليه فقال له: بأبي أنت وامّي لم أعلم أنّك تحتاج إلى هذا أو تري ذلك ولست آخذا له ثمنا، إنّما أنا مولاك ولكن ادع اللّه أن يرزقني ذكرا سويّا يحبّكم أهل البيت، فانّي خلّفت أهلي تمخض(1).

فقال: انطلق إلى منزلك فقد وهب اللّه لك ذكرا سويّا وهو من

ص:166


1- (1) - مخضت الحامل: دنا ولادها وضربها الطلق (أقرب الموارد).

شيعتنا(1).

5468 - الخرائج والجرائح: روي عن صندل، عن أبي اسامة، عن الصادق، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ الحسن (عليه السّلام) خرج الى مكة ماشيا من المدينة، فتورّمت قدماه، فقيل له: لو ركبت لسكن عنك هذا الورم، فقال: كلاّ ولكنّا إذا أتينا المنزل فانّه يستقبلنا أسود معه دهن يصلح لهذا الورم فاشتروا منه ولا تماكسوه(2).

فقال له بعض مواليه: ليس أمامنا منزل فيه أحد يبيع مثل هذا الدّواء؟

فقال: بلى إنّه أمامنا، وساروا أميالا فاذا الاسود قد استقبلهم.

فقال الحسن لمولاه: دونك الأسود فخذ الدّهن منه بثمنه.

فقال الاسود: لمن تأخذ هذا الدّهن ؟

قال: للحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليهما السّلام).

قال: انطلق بي إليه.

فصار الاسود إليه، فقال [الاسود]: يابن رسول اللّه إنّي مولاك لا آخذ له ثمنا ولكن ادع اللّه أن يرزقني ولدا سويّا ذكرا يحبّكم أهل البيت فانّي خلّفت امراتى تمخض.

فقال: انطلق إلى منزلك فانّ اللّه تعالى قد وهب لك ولدا ذكرا سويّا، فرجع الاسود من فوره فاذا امرأته قد ولدت غلاما سويّا، ثمّ رجع الاسود إلى الحسن (عليه السّلام) ودعا له بالخير بولادة الغلام له وإنّ الحسن قد مسح رجليه بذلك الدّهن فما قام من موضعه حتّى زال

ص:167


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 463 ح 6.
2- (2) - ماكسه في البيع: شاحّه واستحطه الثمن واستنقصه إياه. (أقرب الموارد).

الورم(1).

5469 - الخرائج والجرائح: روي عن الصادق، عن آبائه (عليهم السّلام) انّ الحسن (عليه السّلام) قال يوما لاخيه الحسين ولعبد اللّه بن جعفر: إنّ معاوية قد بعث إليكم بجوائزكم وهي تصل إليكم يوم كذا لمستهلّ الهلال، وقد أضاقا(2)، فوصلت في الساعة الّتي ذكر [ها] لمّا كان رأس الهلال فلمّا وافاهم المال كان على الحسن (عليه السّلام) دين كثير فقضاه ممّا بعثه إليه ففضلت فضلة ففرّقها في أهل بيته ومواليه.

وقضى الحسين (عليه السّلام) أيضا دينه وقسّم ثلث ما بقي في أهل بيته ومواليه وحمل الباقي إلى عياله.

وأمّا عبداللّه فقضى دينه، وما فضل دفعه إلى الرسول ليتعرّف معاوية من الرسول ما فعلوا، فبعث إلى عبداللّه أموالا حسنة(3).

أقول: ذكرنا ان معاوية كان غاصبا للخلافة، والاموال التي كانت في يده وتحت تصرفه كانت عائدة الى بيت مال المسلمين وكان من حق الامام الحسن (عليه السّلام) باعتباره الخليفة الشرعي ان يتصرف فيها، وحسب بنود معاهدة الصلح بين الامام الحسن ومعاوية كان على معاوية ان يرسل الى الامامين الحسن والحسين بمبلغ من المال سنويّا، وتفصيله مذكور في كتب التاريخ.

5470 - البحار: وجدت في جزو بخطّ محمّد بن عليّ بن الحسين بن مهزيار ونسخه في سنة ثمان وأربعين وأربعمائة وكان على

ص:168


1- (1) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 239 ح 4. منه البحار: ج 43 ص 324.
2- (2) - أضاق الرجل اضاقة: ذهب ماله وافتقر. (أقرب الموارد).
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 238 ح 3. منه البحار: ج 43 ص 323.

ظهر الّذي نقل منه هذا الحديث ما هذا المراد من لفظه: من حديث أبي الحسن بن [علي] بن محمّد بن عبدالوهّاب قدم علينا في سنة أربعين وثلاث مائة وأمّا لفظ الحديث فهو:

حدّثنا أبو محمّد عبداللّه بن محمّد الأحمريّ المعروف بابن داهر الرّازي قال: حدثني أبو جعفر محمّد بن عليّ الصيرفيّ القرشيّ أبو سمينة قال: حدّثني داود بن كثير الرّقيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا صالح الحسن بن علي (عليهما السّلام) معاوية جلسا بالنخيلة، فقال معاوية: يا أبا محمّد بلغني أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يخرص(1) النخل فهل عندك من ذلك علم، فانّ شيعتكم يزعمون أنّه لايعزب عنكم علم شيء في الارض ولا في السماء؟

فقال الحسن (عليه السّلام): إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يخرص كيلا وأنا أخرص عددا.

فقال معاوية: كم في هذه النخلة ؟

فقال الحسن (عليه السّلام): أربعة آلاف بسرة وأربع بسرات.

أقول: ووجدت قد إنقطع من المختصر المذكور كلمات فوجدتها في رواية ابن عبّاس الجوهريّ : فأمر معاوية بها فصرمت(2) [وعدّت] فجاءت أربعة آلاف وثلاث بسرات، ثمّ صحّ الحديث بلفظها فقال:

واللّه ما كذبت ولا كذبت فنظر فاذا في يد عبداللّه بن عامر بن كريز بسرة.

ص:169


1- (1) - خرص العدد: حزره وقدّره، يقال: خرص النخلة إذا حزر ما عليها، وخرص التمر وغيره: حزره أي قذره بظن. (أقرب الموارد).
2- (2) - صرمت الشيء: قطعته. (مجمع البحرين).

ثمّ قال (عليه السّلام): يا معاوية أما واللّه لولا أنك تكفر لاخبرتك بما تعمله وذلك أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان في زمان لا يكذّب وأنت تكذّب وتقول: متى سمع من جدّه على صغر سنه.

واللّه لتدّعينّ زيادا(1)، ولتقتلنّ حجرا، ولتحملنّ إليك الرؤوس من بلد إلى بلد. فادّعى زيادا وقتل حجرا وحمل إليه رأس عمرو بن الحمق الخزاعيّ (2).

5471 - مناقب آل أبي طالب: محمّد الفتّال النيسابوريّ في مونس الحزين بالاسناد، عن عيسى بن الحسن، عن الصادق (عليه السّلام): قال بعضهم للحسن بن علي (عليهما السّلام) في احتماله الشدائد عن معاوية.

فقال (عليه السّلام) كلاما معناه: لو دعوت اللّه تعالى لجعل العراق شاما والشام عراقا وجعل المرأة رجلاّ والرجل امرأة.

فقال الشاميّ : ومن يقدر على ذلك ؟

فقال (عليه السّلام): انهضي ألا تستحين أن تقعدي بين الرّجال، فوجد الرّجل نفسه امرأة ثمّ قال: وصارت عيالك رجلا وتقاربك وتحمل عنها وتلد ولدا خنثى فكان كما قال (عليه السّلام)، ثم إنّهما تابا وجاءا إليه فدعا اللّه تعالى فعادا إلى الحالة الأولى(3).

ص:170


1- (1) - ادّعى به: نسبه اليه وقيل: زعم أنّه له (أقرب الموارد).
2- (2) - البحار: ج 43 ص 329 ح 9.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 8. منه البحار: ج 43 ص 327.

باب (3) الإمام الحسن عليه السّلام ومواريث الأنبياء

5472 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف، عن أبي بكر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ عليّا (صلوات اللّه عليه) حين سار إلى الكوفة، استودع امّ سلمة كتبه والوصيّة، فلمّا رجع الحسن (عليه السّلام) دفعتها إليه(1).

أقول: تحدّثنا - بالتفصيل - عن مواريث الانبياء في كتابنا: الامام المهدي (عليه السّلام) من المهد الى الظهور.

باب (4) الإمام الحسن عليه السّلام والعبادة

5473 - أمالي الصدوق: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثنا محمّد بن عبداللّه الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل ابن عمر قال: قال الصادق (عليه السّلام): حدّثني أبي، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليهما السّلام) كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ حجّ ماشيا وربما مشى حافيا، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصراط بكى، وإذا ذكر

ص:171


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 298 ح 4.

العرض على اللّه (تعالى ذكره) شهق شهقة يغشى عليه منها، وكان إذا قام في صلاته ترتعدفرائصه(1) بين يدي ربّه (عزّوجلّ )، وكان إذا ذكر الجنّة والنّار اضطرب اضطراب السليم(2)، ويسأل اللّه الجنّة ويعوذ به من النار.

وكان (عليه السّلام) لا يقرأ من كتاب اللّه (عزّوجلّ ): (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) * إلاّ قال: لبّيك اللهمّ لبّيك، ولم ير في شيء من أحواله إلاّ ذاكرا للّه سبحانه، وكان أصدق الناس لهجة، وأفصحهم منطقا.

ولقد قيل لمعاوية ذات يوم: لو أمرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فصعد المنبر فخطب ليبيّن للناس نقصه، فدعاه فقال له: اصعد المنبر وتكلّم بكلمات تعظنا بها.

فقام (عليه السّلام) فصعد المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال:

أيّها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن عليّ ابن أبي طالب، وابن سيّدة نساء العالمين فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنا ابن خير خلق اللّه، أنا ابن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، أنا ابن صاحب الفضائل، أنا ابن صاحب المعجزات والدّلائل، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقّي، أنا وأخي الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة، أنا ابن الرّكن والمقام، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن المشعر وعرفات.

فقال له معاوية: يا أبا محمّد خذ في نعت الرّطب ودع هذا.

ص:172


1- (1) - الفريصة: اللحمة بين الجنب والكتف التي لا تزال ترعد من الدابة، وقيل: لحمة بين الثدي والكتف ترعد عند الفزع (أقرب الموارد).
2- (2) - السليم: اللديغ. يقال: سلمته الحية أي لدغته، وقيل: انما سمّي سليما تفاؤلا بالسلامة (النهاية).

فقال (عليه السّلام): الرّيح تنفخه(1) والحر ينضجه، والبرد يطيّبه.

ثمّ عاد (عليه السّلام) في كلامه فقال:

أنا إمام خلق اللّه، وابن محمّد رسول اللّه.

فخشي معاوية أن يتكلّم بعد ذلك بما يفتتن به الناس. فقال: يا أبا محمّد انزل فقد كفى ما جري، فنزل(2).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «تنفخه» لعلّ المعنى تعظمه والمنفوخ: البطين والسمين.

5474 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن فضاّل، عن ابن بكير قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام):

إنّا نريد أن نخرج إلى مكة مشاة ؟

فقال لنا: لا تمشوا واخرجوا ركبانا.

قلت: أصلحك اللّه إنّه بلغنا عن الحسن بن عليّ (صلوات اللّه عليهما) أنّه كان يحجّ ماشيا.

فقال: كان الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) يحجّ ماشيا وتساق معه الحامل والرّحال(3).

5475 - قرب الاسناد: محمّد بن الوليد، عن عبداللّه بن بكير قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): إنّا نريد الخروج إلى مكة مشاة.

قال: فقال: لا تمشوا ولكن اخرجوا ركبانا.

ص:173


1- (1) - هكذا في المصدر ولعلّ الصحيح: تلقحه.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 150 ح 8. منه البحار: ج 43 ص 331.
3- (3) - الكافي: ج 4 ص 455 ح 1.

قال: فقلت: أصلحك اللّه انّه بلغنا انّ الحسن بن عليّ (عليه السّلام) حجّ عشرين حجّة ماشيا.

قال (عليه السّلام): إنّ الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) حجّ ومعه المحامل والرّحال(1).

علل الشرايع: حدثنا علي بن أحمد (رحمه اللّه)، عن محمّد بن أبي عبداللّه [الاسدي] قال: حدثنا موسى بن عمران [النخعي]، عن الحسين بن سعيد، عن الفضل بن يحيي، عن سليمان قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(2).

5476 - مناقب آل أبي طالب: قال الصادق (عليه السّلام): إنّ الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) حجّ خمسة وعشرين حجّة ماشيا وقاسم اللّه تعالى ماله مرّتين. وفي خبر: قاسم ربّه ثلاث مرّات وحجّ عشرين حجّة على قدميه(3).

باب (5) الإمام الحسن عليه السّلام والعلم

5477 - تفسير القمي: حدثني الحسين بن عبداللّه السكيني، عن أبي سعيد البجلي (النحلى - ط)، عن عبدالملك بن هارون، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: لما بلغ أمير المؤمنين (عليه السّلام) أمر معاوية وانه في مائة ألف قال: من أي

ص:174


1- (1) - قرب الاسناد: ص 79.
2- (2) - علل الشرايع: ص 447 ح 6. منهما البحار: ج 43 ص 332.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 14. منه البحار: ج 43 ص 339.

القوم ؟ قالوا: من أهل الشام.

قال (عليه السّلام): لا تقولوا من أهل الشام ولكن قولوا من أهل الشوم، هم من أبناء مضر، لعنوا على لسان داود فجعل اللّه منهم القردة والخنازير، ثم كتب (عليه السّلام) إلى معاوية: لاتقتل الناس بيني وبينك وهلمّ إلى المبارزة فان أنا قتلتك فالى النار أنت وتستريح الناس منك ومن ضلالتك، وإن قتلتنى فأنا إلى الجنة ويغمد عنك السيف الذي لايسعني غمده حتى أردّ مكرك وبدعتك، وأنا الذي ذكر اللّه اسمه في التوراة والانجيل بمؤازرة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وأنا أول من بايع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) تحت الشجرة في قوله: (لَقَدْ رَضِيَ اللّٰهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبٰايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ ) (1).

فلمّا قرأ معاوية كتابه وعنده جلساؤه قالوا: واللّه قد أنصفك.

فقال معاوية: واللّه ما أنصفني، واللّه لأرمينه بمائة ألف سيف من أهل الشام من قبل أن يصل إلي، وواللّه ما أنا من رجاله، ولقد سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: واللّه يا علي لو بارزك أهل الشرق والغرب لقتلتهم أجمعين.

فقال له رجل من القوم: فما يحملك يا معاوية على قتال من تعلم وتخبر فيه عن رسول اللّه بما تخبر؟ ما أنت ونحن في قتاله إلاّ على الضلالة.

فقال معاوية: إنّما هذا بلاغ من اللّه ورسالاته، واللّه ما أستطيع أنا وأصحابي ردّ ذلك حتى يكون ما هو كائن.

ص:175


1- (1) - الفتح 48:18.

قال: وبلغ ذلك ملك الروم واخبر ان رجلين قد خرجا يطلبان الملك فسأل: من أين خرجا؟

فقيل له: رجل بالكوفة ورجل بالشام، قال: فلمن الملك الآن فأمر وزراءه فقال: تخللوا هل تصيبون من تجار العرب من يصفهما لي ؟ فاتي برجلين من تجار الشام ورجلين من تجار مكة فسألهم عن صفتهما فوصفوهما له ثم قال لخزان بيوت خزاينه: أخرجوا إليّ الاصنام فاخرجوها فنظر اليها، فقال: الشامي ضال والكوفي هاد، ثم كتب إلى معاوية ان ابعث إلي أعلم أهل بيتك، وكتب إلى أمير المؤمنين (عليه السّلام) ان ابعث إليّ أعلم أهل بيتك، فاسمع منهما ثم انظر في الانجيل كتابنا ثم اخبركما من أحقّ بهذا الامر وخشي على ملكه، فبعث معاوية يزيد ابنه وبعث أمير المؤمنين الحسن ابنه (عليهما السّلام) فلمّا دخل يزيد على الملك أخذ بيده وقبلها ثم قبل رأسه، ثم دخل عليه الحسن بن علي (عليهما السّلام) فقال: الحمد للّه الذي لم يجعلني يهوديا ولا نصرانيا ولا مجوسيا ولا عابدا للشمس والقمر ولا الصنم ولا البقر وجعلني حنيفا مسلما ولم يجعلني من المشركين، تبارك اللّه ربّ العرش العظيم والحمد للّه ربّ العالمين، ثمّ جلس لايرفع بصره، فلمّا نظر ملك الروم الى الرجلين اخرجهما ثم فرّق بينهما ثم بعث إلى يزيد فاحضره ثم أخرج من خزائنه ثلاثمائة وثلاثة عشر صندوقا فيها تماثيل الأنبياء وقد زيّنت بزينة كل نبي مرسل فاخرج صنما فعرضه على يزيد فلم يعرفه، ثمّ عرض عليه صنما صنما فلا يعرف منها شيئا ولا يجيب منها بشيء ثم سأله عن أرزاق الخلائق وعن أرواح المؤمنين أين تجتمع ؟ وعن أرواح الكفار أين تكون إذا

ص:176

ماتوا؟ فلم يعرف من ذلك شيئا.

ثمّ دعا الملك الحسن بن علي (عليهما السّلام) فقال: إنما بدأت بيزيد بن معاوية كي يعلم انك تعلم ما لا يعلم ويعلم أبوك ما لايعلم أبوه فقد وصف لي أبوك وأبوه ونظرت في الانجيل فرأيت فيه محمدا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والوزير عليا (عليه السّلام) فنظرت في الاوصياء فرأيت فيها أباك وصيّ محمّد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

فقال له الحسن: سلني عمّا بدا لك ممّا تجده في الانجيل وعما في التوراة وعمّا في القرآن اخبرك به إن شاء اللّه تعالى، فدعا الملك بالأصنام فأوّل صنم عرض عليه في صورة القمر فقال الحسن (عليه السّلام): هذه صفة آدم ابي البشر، ثم عرض عليه اخري في صفة الشمس فقال الحسن (عليه السّلام): هذه صفة حواء ام البشر، ثم عرض عليه اخر في صورة حسنة فقال: هذه صفة شيث بن آدم وكان اول من بعث وبلغ عمره في الدنيا ألف سنة واربعين عاما، ثم عرض عليه اخرى فقال: هذه صفة نوح صاحب السفينة كان عمره ألفا وأربعمائة سنة ولبث في قومه الف سنة إلا خمسين عاما، ثم عرض عليه آخر فقال: هذه صفة إبراهيم عريض الصدر طويل الجبهة، ثمّ عرض عليه صنما آخر فقال: هذه صفة موسى بن عمران وكان عمره مائتين وأربعين سنة وكان بينه وبين ابراهيم خمسمائة عام، ثم اخرج إليه صنما آخر فقال: هذه صفة إسرائيل وهو يعقوب، ثم اخرج إليه صنما آخر فقال: هذه صفة اسماعيل، ثم اخرج إليه صنما آخر فقال:

هذه صفة يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم، ثم اخرج اليه

ص:177

صنما آخر فقال: هذه صفة داود صاحب المحراب (الحرب - ط)، ثمّ اخرج إليه صنما آخر فقال: هذه صفة شعيب ثم زكريا ثم يحيي ثم عيسى بن مرم روح اللّه وكلمته وكان عمره في الدنيا ثلاثة وثلاثين سنة ثم رفعه اللّه الى السماء ويهبط إلى الارض بدمشق وهو الذي يقتل الدجال.

ثمّ عرض عليه صنما صنما فيخبر باسم نبي نبي ثم عرض عليه الأوصياء والوزراء فكان يخبر باسم وصيّ وصي ووزير وزير، ثم عرض عليه أصناما بصفة الملوك فقال الحسن (عليه السّلام): هذه أصنام لم نجد صفتها في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان فلعلها من صفة الملوك فقال الملك: أشهد عليكم يا أهل بيت محمّد انّكم قد اعطيتم علم الاولين والآخرين وعلم التوراة والانجيل والزبور وصحف ابراهيم وألواح موسى (عليهما السّلام)، ثم عرض عليه صنما يلوح(1)، فلمّا نظر إليه بكى بكاءا شديدا، فقال له الملك: ما يبكيك ؟

فقال: هذه صفة جدّي محمد (صلّى اللّه عليه وآله) كثيف اللحية(2) عريض الصدر طويل العنق عريض الجبهة، أقنى الانف(3)،

ص:178


1- (1) - يلوح - لاح سهيل: تلألأ (القاموس).
2- (2) - كث اللحية - خ ل، ومعناه ان لحيته قصيرة كثيرة الشعر. (مجمع البحرين).
3- (3) - اقنى الانف - القنا ارتفاع في أعلى الانف واحديداب في وسطه وسبوغ في طرفه... وفي صفة سيدنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان أقنى العرنين، القنا في الانف: طوله ودقة ارنبته مع حدب في وسطه. والعرنين: الأنف. السان العرب).

أفلج الاسنان(1) حسن الوجه قطط الشعر(2) طيب الريح حسن الكلام فصيح اللسان، كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، بلغ عمره ثلاثا وستين سنة ولم يخلف بعده إلا خاتما مكتوب عليه لا إله إلاّ اللّه محمّد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وكان يتختم بيمينه وخلف سيفه ذا الفقار وقضيبه وجبة صوف وكساء صوف كان يتسرول به، لم يقطعه ولم يخطه حتى لحق باللّه.

فقال الملك: إنا نجد في الانجيل انّه يكون له ما يتصدق به على سبطيه فهل كان ذلك ؟

فقال له الحسن (عليه السّلام): قد كان ذلك.

فقال الملك: فبقى لكم ذلك ؟

فقال: لا.

فقال الملك: اول فتنة هذه الامة غلبا اباكما - وهما الاول والثاني - على ملك نبيكم، واختيار هذه الامة على ذرية نبيهم، منكم القائم بالحق الأمر بالمعروف والناهي عن المنكر.

قال: ثم سال الملك الحسن (عليه السّلام) عن سبعة أشياء خلقها اللّه لم تركض في رحم ؟

فقال الحسن (عليه السّلام): اول هذه آدم، ثم حواء، ثم كبش ابراهيم، ثم ناقة صالح، ثم إبليس الملعون، ثم الحية، ثم الغراب التي

ص:179


1- (1) - الفلج: - بالتحريك -: تباعد ما بين الثنايا والرّباعيات. وكان مفلّج الاسنان: بمعنى إنفراجها. (مجمع البحرين).
2- (2) - شعر قط وقطط: جعد قصير. السان العرب). والجعودة في الشعر ضد السبوطة وذلك خلاف المسترسل.

ذكرها اللّه في القرآن.

قال: ثم سأله عن أرزاق الخلائق ؟

فقال الحسن (عليه السّلام): أرزاق الخلائق في السماء الرابعة ينزل بقدرويبسط بقدر، ثم سأله عن أرواح المؤمنين اين تكون إذا ماتوا؟

قال: تجتمع عند صخرة بيت المقدس في كل ليلة جمعة وهو عرش اللّه الادنى منها بسط اللّه الارض وإليها يطويها ومنها المحشر ومنها استوي ربنا إلى السماء أي استولى على السماء والملائكة.

ثمّ سأله عن أرواح الكفار أين تجتمع ؟

قال: تجتمع في وادي حضرموت وراء مدينة اليمن ثم يبعث اللّه نارا من المشرق ونارا من المغرب ويتبعهما بريحين شديدتين فيحشر الناس عند صخرة بيت المقدس فيحشر أهل الجنة عن يمين الصخرة ويزلف الميعاد وتصير جهنم عن يسار الصخرة في تخوم الأرضين السابعة وفيها الفلق والسجين فتفرق الخلائق من عند الصخرة، فمن وجبت له الجنة دخلها ومن وجبت له النار دخلها وذلك قوله: (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (1).

فلماّ اخبر الحسن (عليه السّلام) بصفة ما عرض عليه من الاصنام وتفسير ما سأله التفت الملك إلى يزيد بن معاوية وقال: أشعرت ان ذلك علم لايعلمه إلا نبي مرسل أو وصي مؤازر قد أكرمه اللّه بمؤازرة نبيه أو عترة نبي مصطفى، وغيره فقد طبع اللّه على قلبه وآثر دنياه على اخرته وهواه على دينه وهو من الظالمين.

قال: فسكت يزيد وخمد.

ص:180


1- (1) - الشورى 42:7.

قال: فاحسن الملك جائزة الحسن واكرمه وقال له: ادع ربّك حتى يرزقني دين نبيك فان حلاوة الملك قد حالت بيني وبين ذلك وأظنه سما مرديا وعذابا أليما. قال: فرجع يزيد إلى معاوية، وكتب إليه الملك: إنّه من آتاه اللّه العلم بعد نبيّه وحكم التوراة وما فيها والانجيل وما فيه والزبور وما فيه والفرقان وما فيه فالحق خلافة له، وكتب إلى علي (عليه السّلام) ان الحق والخلافة لك وبيت النبوة فيك وفي ولدك، فقاتل من قاتلك يعذبه اللّه بيدك، فان من قاتلك نجده في الانجيل ان عليه لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين وعليه لعنة أهل السماوات والأرضين(1).

5478 - الخرائج والجرائح: روي عن عبد الغفّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الحسن بن علي (عليهما السّلام) كان عنده رجلان فقال لاحدهما: إنّك حدّثت البارحة فلانا بحديث كذا وكذا.

فقال الرجل الآخر: إنّه ليعلم ما كان، وعجب من ذلك.

فقال (عليه السّلام): إنّا لنعلم ما يجري باللّيل والنّهار ثمّ قال:

إنّ اللّه (تبارك وتعالى) علّم رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) الحلال والحرام، والتنزيل والتأويل، فعلّم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا علمه كلّه(2).

بصائر الدرجات: حدّثنا محمّد بن الحسين، عن النضر بن شعيب، وعبدالغفّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

ص:181


1- (1) - تفسير القمي: ج 2 ص 268. منه البحار: ج 10 ص 132.
2- (2) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 573 ح 3.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 310 ح 2. منهما البحار: ج 43 ص 330.

باب (6) الإمام الحسن عليه السّلام في وفاة ابنة له

5479 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرنا الشريف أبو عبداللّه محمد بن محمد ابن طاهر قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي قال: حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا أبي، عن عاصم بن عمر الجعفي، عن محمّد بن مسلم العبدي، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كتب إلى الحسن بن علي (عليهما السّلام) قوم من أصحابه يعزّونه عن ابنة له.

فكتب إليهم: أمّا بعد فقد بلغني كتابكم تعزّوني بفلانة، فعند اللّه أحتسبها تسليما لقضائه، وصبرا على بلائه، فان أوجعتنا المصائب، وفجّعتنا النوائب بالأحبّة المألوفة الّتي كانت بنا حفيّة والإخوان المحبّون الّذين كان يسرّ بهم الناظرون، وتقرّ بهم العيون.

أضحوا قد اخترمتهم الأيّام، ونزل بهم الحمام، فخلّفوا الخلوف، وأودت بهم الحتوف، فهم صرعى في عساكر الموتى، متجاورون في غير محلّة التجاور، ولا صلاة بينهم ولا تزاور، ولا يتلاقون عن قرب جوارهم، أجسامهم نائية من أهلها، خالية من أربابها، قد أجشعها(1) إخوانها، فلم أر مثل دارها دارا، ولا مثل قرارها قرارا، في بيوت موحشة، وحلول مخضعة(2)، قد صارت في تلك

ص:182


1- (1) - أخشعها - البحار.
2- (2) - مضجعة - البحار.

الدّيار الموحشة، وخرجت عن الدّار المونسة، ففارقتها من غير قلى، فاستودعتها البلاء، وكانت أمة مملوكة، سلكت سبيلا مسلوكة صار إليها الاوّلون، وسيصير إليها الآخرون، والسّلام(1).

البحار - بيان: قال الجزريّ فيه: من صام رمضان إيمانا واحتسابا أي طلبا لوجه اللّه وثوابه، والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العدّ، وإنّما قيل لمن ينوي بعمله وجه اللّه احتسبه، لانّ له حينئذ أن يعتدّ عمله فجعل في حال مباشرة الفعل كأنّه معتدّ به، ومنه الحديث:

من مات له ولد فاحتسبه أي احتسب الأجر بصبره على مصيبته انتهى.

وفجعته المصيبة أي أوجعته، وكذلك التفجيع، والحفاوة المبالغة في السؤال عن الرجل والعناية في أمره، واخترمهم الدّر أي اقتطعهم واستأصلهم، والحمام - با لكسر - قدر الموت.

وقال الجزريّ : الخلف - بالتحريك والسكون - كلّ من يجيء بعد من مضى إلاّ أنّه بالتحريك في الخير وبالتسكين في الشر، وفي حديث ابن مسعود ثمّ إنّه تخلف من بعده خلوف هي جمع خلف، انتهى.

وأودي به الموت: ذهب، والحتوف - بالضمّ - جمع الحتف، وهو الموت و «عن» في قوله: «عن قرب جوارهم» لعلّها للتعليل أي لايقع منهم الملاقاة الناشية عن قرب الجوار، بل أرواحهم يتزاورون بحسب درجاتهم وكما لاتهم.

قوله (عليه السّلام): «قد أخشعها» كذا في أكثر النسخ ولا يناسب المقام وفي بعضها بالجيم قال في النهاية: الجشع: الجزع لفراق الإلف، ومنه الحديث: فبكى معاذ جشعا لفراق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:183


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 202 ح 345. منه البحار: ج 43 ص 336.

وآله)، ولا يبعد أن يكون تصحيف اجتنبها، والحلول بالضمّ جمع حالّ من قولهم حلّ بالمكان أي نزل فيه، ومضجعة، بفتح الجيم من قولهم أضجعه أي وضع جنبه على الارض، والقلى - بالكسر -: البغض.

باب (7) خطبة للإمام الحسن عليه السّلام

5480 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدّثني ابو جعفر الحسنيّ والحسن بن حباش معنعنا عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: قال عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) للحسن: يا بنيّ قم فاخطب حتّى أسمع كلامك.

قال: يا أبتاه كيف أخطب وأنا أنظر إلى وجهك أستحيي منك.

قال: فجمع عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) امّهات أولاده ثمّ توارى عنه، حيث يسمع كلامه.

فقام الحسن (عليه السّلام) فقال: الحمد للّه الواحد بغير تشبيه، الدائم بغير تكوين، القائم بغير كلفة، الخالق بغير منصبة، الموصوف بغير غاية، المعروف بغير محدودية، العزيز لم يزل قديما في القدم، ردعت القلوب لهيبته، وذهلت العقول لعزّتّه وخضعت الرّقاب لقدرته، فليس يخطر على قلب بشر مبلغ جبروته، ولا يبلغ الناس كنه جلاله، ولا يفصح الواصفون منهم لكنه عظمته، [ولا يقوم الوهم منهم على التفكر على مضا سببه،](1) ولا تبلغه العلماء بألبابها، ولا أهل

ص:184


1- (1) - ما بين المعقوفتين ليس في نسخة البحار.

التفكر بتدبير امورها، أعلم خلقه به الّذي بالحدّ لا يصفه، يدرك الابصار ولا تدركه الأبصار، وهو اللّطيف الخبير.

أمّا بعد فانّ عليّا (عليه السّلام) باب من دخله كان آمنا [مؤمنا - خ ل]، ومن خرج منه كان كافرا، أقول قولي هذا وأستغفر اللّه العظيم لي ولكم.

فقام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وقبّل بين عينيه ثمّ قال:

(ذُرِّيَّةً بَعْضُهٰا مِنْ بَعْضٍ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1).

باب (8) الإمام الحسن عليه السّلام يشبه رسول اللّه صلّى الله عليه و آله

5481 - الإرشاد: روى جماعة منهم أحمد بن صالح التميمي، عن عبداللّه بن عيسى، عن جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السّلام) [قال]: كان الحسن (عليه السّلام) أشبه الناس برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) خلقا وهديا وسؤددا(2).

باب (9) ما يقال عند التهنئة بالمولود

5482 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن

ص:185


1- (1) - تفسير فرات الكوفي: ص 79 ح 55، والآية في سورة آل عمران 3:34. منه البحار: ج 43 ص 350.
2- (2) - ارشاد المفيد: ص 187. الهدي: الطريقة والسيرة، والسؤدد: القدر الرفيع والسيادة. (أقرب الموارد).

بكر بن صالح، عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: هنّأ رجل رجلا أصاب ابنا فقال: يهنّئك الفارس.

فقال له الحسن (عليه السّلام): ما علمك يكون فارسا أو راجلا؟

قال: جعلت فداك فما أقول ؟

قال: تقول: شكرت الواهب وبورك لك في الموهوب وبلغ أشدّه ورزقك بره(1).

باب (10) الإمام الحسن عليه السّلام يقيم الحجة على معاوية وأتباعه

5483 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عبدالرحمن الهمداني بالكوفة وسألته قال: حدثنا محمد بن المفضل بن ابراهيم بن قيس الاشعري قال: حدثنا علي بن حسان الواسطي قال:

حدثنا عبدالرحمن بن كثير، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين (عليهم السّلام) قال: لما اجمع الحسن بن علي (عليه السّلام) على صلح معاوية خرج حتى لقيه، فلمّا اجتمعا قام معاوية خطيبا فصعد المنبر وأمر الحسن (عليه السّلام) أن يقوم أسفل منه بدرجة، ثم تكلم معاوية فقال: أيها الناس هذا الحسن بن علي وابن فاطمة رآنا للخلافة أهلا ولم ير نفسه لها أهلا وقد أتانا ليبايع طوعا،

ص:186


1- (1) - الكافي: ج 6 ص 17 ح 3.

ثم قال: قم يا حسن.

فقام الحسن (عليه السّلام) فخطب فقال: الحمد للّه المستحمد بالآلاء وتتابع النعماء، وصارف الشدائد والبلاء، عند الفهماء وغير الفهماء، المذعنين من عباده لامتناعه بجلاله وكبريائه، وعلوه عن لحوق الاوهام ببقائه، المرتفع عن كنه ظنانة(1) المخلوقين من ان تحيط بمكنون غيبه رويات عقول الرائين، وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه وحده في ربوبيته، ووجوده ووحدانيته صمدا لا شريك له فردا لا ظهير له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اصطفاه وانتجبه وارتضاه وبعثه داعيا الى الحق وسراجا منيرا وللعباد مما يخافون نذيرا ولما يأملون بشيرا، فنصح للأمة وصدع بالرسالة وأبان لهم درجات العمالة، شهادة عليها أموت واحشر وبها في الاجلة اقرب واحبر(2).

وأقول معشر الخلائق فاسمعوا ولكم افئدة واسماع فعوا: إنا أهل بيت أكرمنا اللّه بالإسلام واختارنا واصطفانا واجتبانا، فأذهب عنا الرجس وطهرنا تطهيرا والرجس هو الشك فلا نشك في اللّه الحق ودينه أبدا وطهرنا من كلّ أفن(3) وغيّة(4) مخلصين الى آدم نعمة منه لم يفترق الناس قط فرقتين الاّ جعلنا اللّه في خيرهما، فأدت الامور وافضت الدهور الى أن بعث اللّه محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) للنبوة واختاره للرسالة وأنزل عليه كتابه، ثم أمره بالدّعاء الى اللّه (عزّوجلّ ) فكان

ص:187


1- (1) - طيات - البحار. والطوية: الضمير والنية (أقرب الموارد).
2- (2) - يحبرون: أي ينعمون ويكرمون ويسرّون. (مجمع البحرين).
3- (3) - الافن - بالتحريك -: ضعف الرأي، وبالفتح: النقص. (مجمع البحرين).
4- (4) - ولد غية - بالفتح والكسر -: أي زنية. (أقرب الموارد).

أبي (عليه السّلام) أول من استجاب للّه تعالى ولرسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وأول من آمن وصدق اللّه ورسوله، وقد قال اللّه تعالى في كتابه المنزل على نبيّه المرسل (أَ فَمَنْ كٰانَ عَلىٰ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَ يَتْلُوهُ شٰاهِدٌ مِنْهُ ) (1) فرسول اللّه الذي على بينة من ربه وأبي الذي يتلوه وهو شاهد منه، وقد قال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حين أمره أن يسير الى مكة والموسم ببراءة «سر بها يا علي فاني أمرت ان لا يسير بها الاّ أنا أو رجل مني وأنت هو يا علي» فعلي من رسول اللّه ورسول اللّه منه.

وقال له نبي اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) - حين قضى بينه وبين أخيه جعفر بن أبي طالب ومولاه زيد بن حارثة في ابنة حمزة -: «أمّا أنت يا علي فمنّي وأنا منك وأنت وليّ كل مؤمن بعدي».

فصدّق أبي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) سابقا ووقاه بنفسه، ثم لم يزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في كل موطن يقدّمه، ولكل شديدة يرسله، ثقة منه وطمأنينة إليه، لعلمه بنصيحته للّه ورسوله وانه أقرب المقرّبين من اللّه ورسوله، وقد قال اللّه (عزّوجلّ ):

(وَ السّٰابِقُونَ السّٰابِقُونَ * أُولٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ) (2) وكان أبي سابق السابقين الى اللّه (عزّوجلّ ) والى رسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وأقرب الأقربين، فقد قال اللّه تعالى: (لاٰ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَ قٰاتَلَ أُولٰئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً ) (3).

ص:188


1- (1) - هود 11:17.
2- (2) - الواقعة 56:10 و 11.
3- (3) - الحديد 57:10.

فأبي كان أوّلهم اسلاما وايمانا، وأوّلهم الى اللّه ورسوله هجرة ولحوقا وأولهم على وجده ووسعه نفقة، قال سبحانه: (وَ الَّذِينَ جٰاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنٰا وَ لِإِخْوٰانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونٰا بِالْإِيمٰانِ وَ لاٰ تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنٰا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنٰا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ ) (1) فالناس من جميع الام يستغفرون له بسبقه ايّاهم [الى] الايمان بنبيّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وذلك انه لم يسبقه الى الايمان أحد، وقد قال اللّه تعالى:

(وَ السّٰابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهٰاجِرِينَ وَ الْأَنْصٰارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسٰانٍ ) (2) فهو سابق جميع السابقين، فكما ان اللّه (عزّوجلّ ) فضّل السابقين على المتخلّفين والمتأخرين فكذلك فضّل سابق السابقين على السابقين، وقد قال اللّه (عزّوجلّ ): (أَ جَعَلْتُمْ سِقٰايَةَ الْحٰاجِّ وَ عِمٰارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ جٰاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ ) (3)[فكان أبي المؤمن باللّه واليوم الآخر]. والمجاهد في سبيل اللّه حقا، وفيه نزلت هذه الآية.

وكان ممن استجاب لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عمّه حمزة وجعفر بن عمّه فقتلا شهيدين (رضي اللّه عنهما) في قتلى كثيرة معهما من أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فجعل اللّه تعالى حمزة سيد الشهداء من بينهم وجعل لجعفر جناحين يطير بهما مع الملائكة كيف يشاء من بينهم، وذلك لمكانهما من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:189


1- (1) - الحشر 59:10.
2- (2) - التوبة 9:100.
3- (3) - التوبة 9:19.

وآله) ومنزلتهما وقرابتهما منه (صلّى اللّه عليه وآله)، وصلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على حمزة سبعين صلاة من بين الشهداء الذين استشهدوا معه.

وكذلك جعل اللّه تعالى لنساء النبي (صلّى اللّه عليه وآله) للمحسنة منهن أجرين وللمسيئة منهن وزرين ضعفين لمكانهنّ من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وجعل الصلاة في مسجد رسول اللّه بألف صلاة في سائر المساجد الاّ مسجد خليله ابراهيم (عليه السّلام) بمكة(1)، وذلك لمكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من وفرض اللّه (عزّوجلّ ) الصلاة على نبيه (صلّى اللّه عليه و آله) على كافّة المؤمنين فقالوا: يا رسول اللّه كيف الصلاة عليك ؟

فقال: قولوا: «اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد» فحقّ على كلّ مسلم أن يصلي علينا مع الصلاة على النبي (صلّى اللّه عليه وآله) فريضة واجبة.

وأحلّ اللّه تعالى خمس الغنيمة لرسوله (صلّى اللّه عليه وآله) وأوجبها له في كتابه، وأوجب لنا من ذلك ما أوجب له، وحرّم عليه الصدقة وحرّمها علينا معه، فادخلنا - فله الحمد - فيما أدخل فيه نبيه (صلّى اللّه عليه وآله) وأخرجنا ونزّهنا مما أخرجه منه ونزّهه عنه كرامة أكرمنا اللّه (عزّوجلّ ) بها وفضيلة فضّلنا بها على سائر العباد، فقال اللّه تعالى لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) حين جحده كفرة أهل الكتاب وحاجّوه: (فَقُلْ تَعٰالَوْا نَدْعُ أَبْنٰاءَنٰا وَ أَبْنٰاءَكُمْ وَ نِسٰاءَنٰا وَ نِسٰاءَكُمْ وَ أَنْفُسَنٰا)

ص:190


1- (1) - الظاهر أنّ المراد من مسجد خليله هو المسجد الحرام.

(وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللّٰهِ عَلَى الْكٰاذِبِينَ ) (1) فأخرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من الانفس معه أبي ومن البنين اياي وأخي ومن النساء أمّي فاطمة من الناس جميعا، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ونحن منه وهو منا، وقد قال اللّه تعالى: (إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (2).

فلما نزلت آية التطهير جمعنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنا وأخي وامي وأبي، فجلّلنا ونفسه في كساء لام سلمة خيبري، وذلك في حجرتها وفي يومها، فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وهؤلاء أهلي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا. فقالت أم سلمة (رضي اللّه عنها): أدخل معهم يا رسول اللّه ؟

فقال لها (صلّى اللّه عليه وآله): يرحمك اللّه أنت على خير والى خير وما أرضاني عنك، ولكنها خاصة لي ولهم.

ثمّ مكث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بعد ذلك - بقيّة عمره حتى قبضه اللّه إليه - يأتينا كل يوم عند طلوع الفجر فيقول: الصلاة يرحمكم اللّه (إِنَّمٰا يُرِيدُ اللّٰهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) .

وأمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بسدّ الابواب الشارعة في مسجده غير بابنا، فكلّموه في ذلك فقال: اني لم أسدّ أبوابكم وأفتح باب علي من تلقاء نفسي ولكني أتبع ما يوحى إليّ ، وإنّ اللّه أمر

ص:191


1- (1) - آل عمران 3:61.
2- (2) - الأحزاب 33:33.

بسدها وفتح بابه، فلم يكن من بعده ذلك أحد تصيبه جنابة في مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ويولد فيه الاولاد غير رسول اللّه وأبي علي بن أبي طالب (عليهما السّلام) تكرمة من اللّه تعالى لنا وفضلا اختصّنا به على جميع الناس.

وهذا باب أبي قرين باب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في مسجده ومنزلنا بين منازل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وذلك انّ اللّه أمر نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) أن يبني مسجده فبنى فيه عشرة أبيات تسعة لبنيه وأزواجه وعاشرها - وهو متوسطها - لابي فها هو لبسبيل مقيم، والبيت هو المسجد المطهّر، وهو الذي قال اللّه تعالى «أهل البيت»، فنحن أهل البيت ونحن الذين أذهب اللّه عنا الرجس وطهّرنا تطهيرا.

أيّها الناس: اني لو قمت حولا فحولا اذكر الذي اعطانا اللّه (عزّوجلّ ) وخصّنا به من الفضل في كتابه وعلى لسان نبيه (صلّى اللّه عليه وآله) لم أحصه، وأنا ابن النبي النذير البشير السراج المنير الذي جعله اللّه رحمة للعالمين، وأبي علي (عليه السّلام) وليّ المؤمنين وشبيه هارون.

وان معاوية بن صخر زعم اني رأيته للخلافة أهلا ولم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية وأيم اللّه لأنا أولى الناس بالناس في كتاب اللّه وعلى لسان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) غير أنّا لم نزل أهل البيت مخيفين مظلومين مضطهدين منذ قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، فاللّه بيننا وبين من ظلمنا حقنا ونزل على رقابنا وحمل الناس على اكتافنا ومنعنا سهمنا في كتاب اللّه [من الفيء] والغنائم

ص:192

ومنع امّنا فاطمة ارثها من أبيها، إنّا لانسمّي أحدا ولكن أقسم باللّه قسما تاليا: لو أنّ الناس سمعوا قول اللّه (عزّوجلّ ) ورسوله لأعطتهم السماء قطرها والارض بركتها ولما اختلف في هذه الامة سيفان ولا كلوها خضراء خضرة الى يوم القيامة، وما طمعت فيها يا معاوية ولكنها لما اخرجت - سالفا - من معدنها وزحزحت عن قواعدها تنازعتها قريش بينها وترامتها كترامي الكرة حتى طمعت فيها أنت يا معاوية وأصحابك من بعدك، وقد قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): «ما ولّت امّة أمرها رجلا قطّ وفيهم من هو أعلم منه الا لم يزل أمرهم يذهب سفالا(1) حتى يرجعوا الى ما تركوا».

وقد تركت بنو اسرائيل - وكانوا أصحاب موسى - هارون أخاه وخليفته ووزيره وعكفوا على العجل وأطاعوا فيه سامريّهم وهم يعلمون انه خليفة موسى، وقد سمعت هذه الامة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول ذلك لابي (عليه السّلام) «انّه منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي» وقد رأوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حين نصبه لهم بغديرخم وسمعوه ونادى له بالولاية ثم أمرهم ان يبلّغ الشاهد منهم الغائب.

وقد خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حذارا من قومه الى الغار - لما أجمعوا [على] أن يمكروا به وهو يدعوهم - لمّا لم يجد عليهم أعوانا ولو وجد عليهم أعوانا لجاهدهم.

وقد كفّ أبي يده وناشدهم واستغاث أصحابه فلم يغث ولم ينصر، ولو وجد عليهم أعوانا ما أجابهم، وقد جعل في سعة كما

ص:193


1- (1) - السفل: نقيض العلو (أقرب الموارد).

جعل النبي (صلّى اللّه عليه وآله) في سعة.

وقد خذلتني الامة وبايعتك يابن حرب، ولو وجدت عليك أعوانا يخلصون ما بايعتك، وقد جعل اللّه (عزّوجلّ ) هارون في سعة حين استضعفه قومه وعادوه، كذلك أنا وأبي في سعة حين تركتنا الامة وبايعت غيرنا ولم نجد عليهم أعوانا وانما هي السنن والامثال تتبع بعضها بعضا.

أيّها الناس انكم لو التمستم بين المشرق والمغرب رجلا جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأبوه وصي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لم تجدوا غيري وغير أخي، فاتقوا اللّه ولا تضلوا بعد البيان، وكيف بكم وأنّى ذلك منكم، ألا وأني قد بايعت هذا - وأشار بيده الى معاوية - (وَ إِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَ مَتٰاعٌ إِلىٰ حِينٍ ) (1).

أيّها النّاس إنّه لايعاب أحد بترك حقّه، وإنّما يعاب أن يأخذ ما ليس له، وكلّ صواب نافع، وكل خطأ ضارّ لاهله، وقد كانت القضيّة ففهّمها سليمان فنفعت سليمان ولم تضرّ داود (عليهما السّلام)...

أيّها الناس اسمعوا وعوا، واتّقوا اللّه وراجعوا، وهيهات منكم الرجعة إلى الحقّ ، وقد صارعكم النكوص، وخامركم الطغيان والجحود (أَ نُلْزِمُكُمُوهٰا وَ أَنْتُمْ لَهٰا كٰارِهُونَ ) (2) والسلام على من اتّبع الهدي.

قال: فقال معاوية: واللّه ما نزل الحسن حتّى أظلمت عليّ الارض، وهممت أن أبطش به، ثمّ علمت أنّ الإغضاء أقرب إلى العافية(3)

ص:194


1- (1) - الانبياء 21:111.
2- (2) - هود 11:28.
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 561 ح 1174. منه البحار: ج 10 ص 138.

5484 - إختيار معرفة الرجال: جبرئيل بن أحمد وأبو اسحاق حمدويه، وإبراهيم ابنا نصير قالوا: حدّثنا محمّد بن عبدالحميد العطّار الكوفيّ ، عن يونس بن يعقوب، عن فضيل غلام محمّد بن راشد قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ معاوية كتب إلى الحسن بن علي (صلوات اللّه عليهما): أن اقدم أنت والحسين وأصحاب عليّ فخرج معهم قيس بن سعد بن عبادة الأنصاريّ وقدموا الشام، فأذن لهم معاوية، وأعدّ لهم الخطباء فقال: يا حسن قم فبايع فقام فبايع، ثمّ قال للحسين (عليه السّلام): قم فبايع، فقام فبايع، ثمّ قال: قم يا قيس فبايع فالتفت إلى الحسين (عليه السّلام) ينظر ما يأمره، فقال: يا قيس إنّه إمامي يعني الحسن (عليه السّلام)(1).

أقول: لا يخفى ان بيعة الامام الحسن والامام الحسين (عليهما السّلام) - على فرض وقوعهما - كانت تقية من معاوية ولحفظ من تبقّى من شيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام).

5485 - إختيار معرفة الرجال: حدثني جعفر بن معروف قال:

حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بشير، عن ذريح قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: دخل قيس بن سعد بن عبادة الأنصاريّ صاحب شرطة الخميس(2) على معاوية، فقال

ص:195


1- (1) - اختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 325 ح 176. منه البحار: ج 44 ص 61.
2- (2) - الخميس - بالفتح -: الجيش، سمّي به لأنّه خمسة أقسام: الميمنة، والميسرة، والمقدّم والساقة، والقلب، وشرطة الخميس: أعيانه، وإنّما سمّوا شرطة قيل من الشرط وهو العلامة، لان لهم علامة يعرفون بها، أو من الشرط وهو التهيؤ لانهم متهيؤن لدفع الخصم. (مجمع البحرين).

له معاوية: بايع، فنظر قيس إلى الحسن (عليه السّلام) فقال: [يا] أبا محمّد بايعت ؟

فقال له معاوية: أما تنتهي ؟ أما واللّه إنّي.

فقال له قيس: ما شئت أما واللّه لئن شئت لتناقضنّ به.

فقال: وكان مثل البعير جسيما وكان خفيف اللّحية.

قال: فقام إليه الحسن (عليه السّلام) وقال له: بايع يا قيس، فبايع(1).

البحار - بيان: قوله: «أما واللّه اني» اكتفى ببعض الكلام تعويلا على قرينة المقام أي اني أقتلك أو نحوه، قوله: «ماشئت» أي اصنع ما شئت. قوله: «لئن شئت» على صيغة المتكلّم أي ان شئت نقضت بيعتك.

باب (11) كم عاش الامام الحسن عليه السّلام ؟

5486 - الكافي: سعد بن عبداللّه وعبداللّه بن جعفر، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ [بن مهزيار] عن الحسن بن سعيد، عن محمد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قبض الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) وهو ابن سبع وأربعين سنة في عام خمسين. عاش بعد رسول اللّه (صلّى اللّه

ص:196


1- (1) - اختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 326 ح 177. منه البحار: ج 44 ص 61.

عليه وآله وسلّم) أربعين سنة(1) و(2).

5487 - شرح نهج البلاغة: اختلف الناس في سنّ الحسن (عليه السّلام) وقت وفاته، فقيل: ابن ثمان وأربعين وهو المرويّ عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) في رواية هشام بن سالم، وقيل: ابن ستّ وأربعين وهو المرويّ أيضا عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) في رواية أبي بصير(3).

5488 - مقاتل الطالبيّين: اختلف في مبلغ سنّ الحسن (عليه السّلام) وقت وفاته، فحدثنى أحمد بن سعيد، عن يحيي بن الحسن، عن عليّ بن إبراهيم بن الحسن، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، وجميل بن درّاج، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): أنّه توفّي وهو ابن ثمان وأربعين سنة. وحدّثني أحمد بن سعيد، قال:

حدثنا يحيى بن الحسن، عن [حسن] بن حسين اللّؤلؤيّ ، عن محمد بن سنان، عن عبداللّه بن مسكان، عن أبي بصير، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): [أنّ الحسن] توفّي وهو ابن ستّ وأربعين [سنة](4).

5489 - كشف الغمة: قال ابن الخشّاب (رحمه اللّه) رواية عن الصادق والباقر (عليهما السّلام) قالا: مضى أبو محمّد الحسن بن

ص:197


1- (1) - يدل على أن الولادة كانت في سنة ثلاث وانه عاش بعد أمير المؤمنين (عليه السّلام) عشر سنين. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 461 ح 2.
3- (3) - شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 16 ص 51.
4- (4) - مقاتل الطالبيين: ص 50. منه البحار: ج 44 ص 146.

عليّ (عليهما السّلام) وهو ابن سبع وأربعين سنة، وكان بينه وبين أخيه الحسين (عليه السّلام) مدّة الحمل وكان حمل أبي عبداللّه ستّة أشهر، ولم يولد مولود لستّة أشهر فعاش غير الحسين (عليه السّلام) وعيسى ابن مريم (عليه السّلام) فأقام أبو محمّد مع جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) سبع سنين، وأقام مع أبيه بعد وفاة جدّه ثلاثين سنة، وأقام بعد وفاة أمير المؤمنين (عليه السّلام) عشر سنين، فكان عمره سبعا وأربعين سنة(1).

باب (12) بكاء الامام الحسن عليه السّلام عند وفاته

5490 - أمالي الصدوق: حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الكوفي، قال: حدثنا علي بن الحسن بن عليّ بن فضال، عن أبيه، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: لمّا حضرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) الوفاة بكى فقيل له: يابن رسول اللّه أتبكي ومكانك من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الّذي أنت به(2)؟ وقد قال فيك رسول

ص:198


1- (1) - كشف الغمة: ج 1 ص 583. منه البحار: ج 44 ص 162.
2- (2) - ومكانك من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مكانك الذي أنت فيه - عيون أخبار الرضا.

اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) ما قال(1)؟ وقد حججت عشرين حجّة ماشيا؟ وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتّى النعل والنعل(2)؟

فقال (عليه السّلام): إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطّلع وفراق الاحبة(3).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن ابراهيم بن اسحاق المؤدب (رضي اللّه عنه) مثله(4).

باب (13) دسّ السمّ الى الإمام الحسن عليه السّلام

5491 - مروج الذهب: حدثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال:

دخل الحسين على عمّي الحسن بن علي لما سقي السمّ فقام لحاجة الانسان ثمّ رجع فقال: لقد سقيت السمّ عدّة مرار(5)، فما سقيت مثل هذه، لقد لفظت طائفة من كبدي فرأيتني أقلبه بعود في يدي.

فقال له الحسين (عليه السّلام): يا أخي من سقاك ؟

قال: وما تريد بذلك ؟ فان كان الّذي أظنّه فاللّه حسيبه، وإن كان غيره فما احبّ أن يؤخذ بي بريء، فلم يلبث بعد ذلك إلاّ ثلاثا حتّى

ص:199


1- (1) - وقد قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيك ما قال - عيون أخبار الرضا.
2- (2) - حتى النعل وبالنعل - عيون أخبار الرضا.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 184 ح 9.
4- (4) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 303 ح 62. منهما البحار: ج 44 ص 150.
5- (5) - مرات - البحار.

توفّي (صلوات اللّه عليه)(1).

5492 - الخرائج والجرائح: روي عن الصادق، عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ الحسن (عليه السّلام) قال لأهل بيته: إنّي أموت بالسمّ كما مات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

فقالوا: ومن يفعل ذلك ؟

قال: امرأتي جعدة بنت الاشعث بن قيس، فانّ معاوية يدسّ إليها ويأمرها بذلك.

قالوا: أخرجها من منزلك، وباعدها من نفسك.

قال: كيف اخرجها ولم تفعل بعد شيئا ولو أخرجتها ما قتلني غيرها، وكان لها عذر عند الناس.

فما ذهبت الأيّام حتّى بعث إليها معاوية مالا جسيما، وجعل يمنّيها بأن يعطيها مائة ألف درهم أيضا ويزوّجها من يزيد وحمل إليها شربة سمّ لتسقيها الحسن (عليه السّلام) فانصرف إلى منزله وهو صائم فأخرجت له وقت الافطار، - وكان يوما حارا - شربة لبن وقد ألقت فيها ذلك السمّ ، فشربها وقال: يا عدوّة اللّه قتلتيني قتلك اللّه واللّه لاتصيبين منّي خلفا، ولقد غرّك وسخر منك، واللّه يخزيك ويخزيه.

فمكث (عليه السّلام) يومين، ثمّ مضى، فغدر بها معاوية ولم يف لها بما عاهد عليه(2).

5493 - مناقب آل أبي طالب: الحسين بن أبي العلاء، عن جعفر ابن محمّد (عليهما السّلام) قال الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) لاهل

ص:200


1- (1) - مروج الذهب: ج 2 ص 427. منه البحار: ج 44 ص 148.
2- (2) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 241 ح 7. منه البحار: ج 44 ص 153.

بيته: [يا قوم] إنّى أموت بالسمّ كما مات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال له أهل بيته: ومن الّذي يسمّك ؟

قال: جاريتي أو امرأتي.

فقالوا له: أخرجها من ملكك، عليها لعنة اللّه.

فقال: هيهات من إخراجها ومنيّتي على يدها، مالي منها محيص، ولو أخرجتها ما يقتلني غيرها، كان قضاء مقضيّا وأمرا واجبا من اللّه، فما ذهبت الايّام حتّى بعث معاوية إلى امرأته.

قال: فقال الحسن (عليه السّلام): هل عندك من شربة لبن ؟

فقالت: نعم. وفيه ذلك السمّ [الّذي] بعث به معاوية فلمّا شربه وجدمسّ السمّ في جسده فقال: يا عدوّة اللّه قتلتيني قاتلك اللّه، أماواللّه لاتصيبين منّي خلفا ولا تنالين من الفاسق عدوّ اللّه اللّعين خيرا أبدا(1)

باب (14) وصية الإمام الحسن عليه السّلام ووفاته

5494 - الخرائج والجرائح: روي أنّ الصادق (عليه السّلام) قال:

لمّا أن حضرت الحسن بن عليّ (عليه السّلام) الوفاة بكى بكاءا شديدا وقال: إنّي أقدم على أمر عظيم وهول لم أقدم على مثله قطّ ثمّ أوصى أن يدفنوه بالبقيع، فقال: يا أخي احملني على سريري إلى قبر جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لاجدّد به عهدي، ثمّ ردّني إلى قبر جدّتي فاطمة بنت أسد فادفنّي هناك. فستعلم يابن امّ أنّ القوم يظنّون

ص:201


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 8. منه البحار: ح 43 ص 327.

أنّكم تريدون دفني عند رسول اللّه، فيجلبون في منعكم ذلك، وباللّه اقسم عليك أن لاتهرق في أمري محجمة دم.

فلمّا غسّله وكفّنه الحسين (عليه السّلام) وحمله على سريره وتوجّه إلى قبر جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ليجدّد به عهدا، أتى مروان بن الحكم ومن معه من بني اميّة فقال: أيدفن عثمان في أقصى المدينة ويدفن الحسن مع النبيّ؟ لايكون ذلك أبدا ولحقت عائشة على بغل وهي تقول: مالي ولكم [يابني هاشم]؟ تريدون أن تدخلوا بيتي من لا احبّ .

فقال ابن عبّاس لمروان [بن الحكم]: لا نريد دفن صاحبنا عند رسول اللّه فانّه كان أعلم [وأعرف] بحرمة قبر جدّه رسول اللّه من أن يطرق عليه هدما(1)، كما يطرق ذلك غيره، ودخل بيته بغير إذنه، انصرف فنحن ندفنه بالبقيع كما وصّى.

ثمّ قال لعائشة: واسوأتاه يوما على بغل ويوما على جمل!! وفي رواية: يوما تجمّلت ويوما تبغّلت، وإن عشت تفيّلت.

فأخذه ابن الحجّاج الشاعر البغداديّ فقال:

يا بنت أبي بكر * لاكان ولا كنت لك التسع من الثمن(2) * وبالكلّ تملّكت

تجمّلت تبغّلت * وإن عشت تفلت(3)

ص:202


1- (1) - هجما - البحار.
2- (2) - «لك التسع من الثمن» إشارة الى أن الرجل إذا مات وترك ولدا، أو بنتا وزوجة، فللزوجة الثمن. وإن ترك أكثر من واحدة يقسّم الثمن بينهن، والنبي (صلّى اللّه عليه وآله) مات عن تسع نساء، فيكون نصيب عائشة من الارث تسع الثمن.
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 242 ح 8. منه البحار: ج 44 ص 154.

البحار - بيان: قوله: «لك التسع من الثمن»، إنّما كان ذلك في مناظرة فضّال ابن الحسن بن فضاّل الكوفيّ مع أبي حنيفة فقال له الفضّال: قول اللّه تعالى: (يٰا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاٰ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّٰ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (1) منسوخ أو غير منسوخ ؟

قال: هذه الآية غير منسوخة.

قال: ما تقول في خير الناس بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أبو بكر وعمر، أم عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)؟

فقال: أما علمت أنّهما ضجيعا رسول اللّه في قبره فأيّ حجّة تريد أوضح في فضلهما من هذه ؟

فقال له الفضاّل: لقد ظلما إذ أوصيا بدفنهما في موضع ليس لهما فيه حقّ ، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لقد أساءا إذا رجعا في هبتهما، ونكثا عهدهما، وقد أقررت أنّ قوله تعالى (لاٰ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاّٰ أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ ) غير منسوخة.

فأطرق أبو حنيفة ثمّ قال: لم يكن له ولا لهما خاصّة، ولكنّهما نظرا في حقّ عائشة وحفصة، فاستحقّا الدفن في ذلك الموضع لحقوق ابنتيهما.

فقال له فضّال: أنت تعلم أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) مات عن تسع حشايا، وكان لهنّ الثمن لمكان ولده فاطمة فنظرنا فاذا لكلّ واحدة منهنّ تسع الثمن، ثمّ نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر والحجرة كذا وكذا طولا وعرضا، فكيف يستحقّ الرجلان أكثر من ذلك ؟

ص:203


1- (1) - الاحزاب 33:53.

وبعد فما بال عائشة وحفصة يرثان رسول اللّه وفاطمة بنته منعت الميراث فالمناقضة ظاهرة في ذلك من وجوه كثيرة.

فقال أبو حنيفة: نحّوه يا قوم عنّي فانّه واللّه رافضيّ خبيث.

البحار - توضيح: الحشايا: الفرش كنّى بها عن الزّوجات.

5495 - علل الشرائع: حدثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن هشام بن سالم، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) أراد أن يدفن الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وجمع جمعا فقال رجل سمع الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) يقول: قولوا للحسين أن لايهرق فيّ دما. لولا ذلك ما انتهى الحسين (عليه السّلام) حتّى يدفنه مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

وقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أوّل امرأة ركبت البغل بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عائشة جاءت إلى المسجد فمنعت أن يدفن الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(1).

ص:204


1- (1) - علل الشرايع: ص 225. منه البحار: ج 44 ص 150.

تاريخ الإمام الحسين عليه السّلام

باب (1) كم عاش الامام الحسين عليه السّلام ؟

5496 - الكافي: سعد وأحمد بن محمّد جميعا، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد ابن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قبض الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) يوم عاشوراء وهو ابن سبع وخمسين سنة(1).

5497 - كشف الغمة: قال ابن الخشّاب: حدثنا حرب باسناده عن أبي عبداللّه الصادق (عليه السّلام) قال: مضى أبو عبداللّه الحسين ابن عليّ امّه فاطمة بنت رسول اللّه (صلوات اللّه عليهم أجمعين) وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام الستّين من الهجرة، في يوم عاشوراء، كان مقامه مع جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) سبع سنين إلاّ ما

ص:205


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 463 ح 1.

كان بينه وبين أبي محمّد، وهو سبعة أشهر وعشرة أيّام، وأقام مع أبيه (عليه السّلام) ثلاثين سنة، وأقام مع أبي محمّد عشر سنين وأقام بعد مضيّ أخيه الحسن عشر سنين، فكان عمره سبعا وخمسين سنة إلاّ ما كان بينه وبين أخيه من الحمل، وقبض في يوم عاشوراء في يوم الجمعة في سنة إحدي وستّين من الهجرة ويقال: في يوم عاشوراء في يوم الاثنين، وكان بقاؤه بعد أخيه الحسن (عليهما السّلام) أحد عشر سنة(1).

5498 - الكافي: محمّد بن الحسن وعليّ بن محمّد، عن سهل ابن زياد، عن محمّد بن سليمان الديلميّ ، عن بعض أصحابنا، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا حضرت الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) الوفاة، قال: يا قنبر! انظر هل تري من وراء بابك مؤمنا من غير آل محمّد (عليهم السّلام)؟

فقال: اللّه تعالى ورسوله وابن رسوله أعلم به منّي.

قال: ادع لي محمد بن عليّ ، فأتيته فلمّا دخلت عليه، قال: هل حدث إلا خير؟

قلت: أجب أبا محمّد، فعجّل على شسع نعله، فلم يسوّه وخرج معي يعدو، فلمّا قام بين يديه سلّم.

فقال له الحسن بن عليّ (عليهما السّلام): اجلس فانّه ليس مثلك يغيب عن سماع كلام يحيي به الأموات ويموت به الاحياء، كونوا أوعية العلم ومصابيح الهدى، فانّ ضوء النهار بعضه أضوء من بعض، أما علمت أن اللّه جعل ولد إبراهيم (عليه السّلام) أئمّة وفضّل بعضهم

ص:206


1- (1) - كشف الغمّة: ج 2 ص 40. منه البحار: ج 44 ص 201.

على بعض وآتى داود (عليه السّلام) زبورا وقد علمت بما استأثر به محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

يا محمّد بن عليّا إنّي أخاف عليك الحسد وإنّما وصف اللّه به الكافرين، فقال اللّه (عزّوجلّ ): (كُفّٰاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ ) (1) ولم يجعل اللّه (عزّوجلّ ) للشيطان عليك سلطانا.

يا محمّد بن عليّ ! ألا اخبرك بما سمعت من أبيك فيك ؟

قال: بلى.

قال: سمعت أباك (عليه السّلام) يقول يوم البصرة: من أحبّ أن يبرّني في الدّنيا والآخرة فليبرّ محمدا ولدي.

يا محمّد بن عليّ لو شئت أن اخبرك وأنت نطفة في ظهر أبيك لأخبرتك.

يا محمّد بن عليّ أما علمت أن الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) بعد وفاة نفسي ومفارقة روحي جسمي إمام من بعدي وعند اللّه (جلّ اسمه) في الكتاب وراثة من النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) أضافها اللّه (عزّوجلّ ) له في وراثة أبيه وامّه فعلم اللّه أنّكم خيرة خلقه فاصطفى منكم محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) واختار محمّد عليا (عليه السّلام) واختارني عليّ (عليه السّلام) بالامامة واخترت أنا الحسين (عليه السّلام).

فقال له محمّد بن عليّ (عليه السّلام): أنت إمام وأنت وسيلتي

ص:207


1- (1) - البقرة 2:109.

إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) واللّه لوددت أن نفسي ذهبت قبل أن أسمع منك هذا الكلام، ألا وإنّ في رأسي كلاما لاتنزفه الدلاء ولا تغيّره نغمة الرّياح كالكتاب المعجم في الرق المنمنم(1) أهمّ بابدائه فأجدني سبقت إليه سبق الكتاب المنزل أو ما جاءت به الرسل وإنّه لكلام يكلّ به لسان الناطق ويد الكاتب، حتّى لايجد قلما ويؤتوا بالقرطاس حمما(2) فلا يبلغ إلى فضلك وكذلك يجزي اللّه المحسنين ولا قوّة إلاّ باللّه، الحسين أعلمنا علما وأثقلنا حلما وأقربنا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) رحما كان فقيها قبل أن يخلق وقرأ الوحي قبل أن ينطق ولو علم اللّه في أحد خيرا ما اصطفى محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، فلمّا اختار اللّه محمدا (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) واختار محمّد عليا واختارك عليّ إماما واخترت الحسين سلّمنا ورضينا من [هو] بغيره يرضى و [من غيره] كنّا نسلّم به من مشكلات أمرنا(3).

ص:208


1- (1) - النزف: النزح، تقول: نزفت ماء البئر نزفا اذا نزحت كله وهو كناية عن كثرته «ولا تغيره نغمة الرياح» كناية عن ثباته أو عذوبته، والنغمة: الصوت الخفي، عبّر بالرياح عن الشبهات التي تخرج من أفواه المخالفين الطاعنين في الحق. «كالكتاب المعجم» أي الختوم، كناية عن أنه من الاسرار. والرق - بالفتح ويكسر -: جلد رقيق يكتب فيه والصحيفة البيضاء. ويقال: نمنمه: أي زخرفه ورقشه، والنبت المنمنم: الملتف المجتمع، أي الرق المزيّن بولاء الائمة وسائر المعارف، أو المشتمل على العلوم الجمة. (مرآة العقول).
2- (2) - الحمم: جمع الحمة: الفحم والرّماد وكل ما احترق من النّار. (أقرب الموارد).
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 300 ح 2.

باب (2) ولادة الإمام الحسين عليه السّلام وتوبة فطرس الملك

5499 - أمالي الصدوق: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أبي، عن محمّد بن أحمد بن يحيي بن عمران الاشعري، قال: حدثنا موسى بن عمر، عن عبداللّه بن صباح المزني، عن ابراهيم بن شعيب الميثمي، قال: سمعت الصادق أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ الحسين بن عليّ لمّا ولد أمر اللّه (عزّوجلّ ) جبرئيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنّيء رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من اللّه (عزّوجلّ ) ومن جبرئيل.

قال: فهبط جبرئيل فمرّ على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له:

فطرس كان من الحملة بعثه اللّه (عزّوجلّ ) في شيء فأبطأ عليه فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة فعبد اللّه (تبارك وتعالى) فيها سبعمائة عام حتّى ولد الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) فقال الملك لجبرئيل: يا جبرئيل أين تريد؟

قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ ) أنعم على محمّد بنعمة فبعثت اهنّئه من اللّه ومنّي.

فقال: يا جبرئيل احملني معك لعلّ محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) يدعو لي، قال: فحمله.

قال: فلمّا دخل جبرئيل على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) هنّأه من اللّه (عزّوجلّ ) ومنه وأخبره بحال فطرس.

ص:209

فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): قل له: تمسّح(1) بهذا المولود، وعد إلى مكانك.

قال: فتمسّح فطرس بالحسين بن عليّ (عليهما السّلام) وارتفع.

فقال: يا رسول اللّه أما إنّ امّتك ستقتله وله عليّ مكافاة ألاّ يزوره زائر إلاّ أبلغته عنه، ولا يسلّم عليه مسلّم إلاّ أبلغته سلامه، ولا يصلّي عليه مصلّ إلاّ أبلغته صلاته، ثمّ ارتفع(2).

كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزّاز الكوفي، قال: حدثني خالي محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، قال:

حدثني موسى بن سعدان الحنّاط، عن عبداللّه بن القاسم الحضرمي، عن ابراهيم بن شعيب الميثمي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:... وذكر نحوه وفيه: يعبد اللّه فيها ستمائة عام(3).

مناقب آل أبي طالب: ابن عبّاس والامام الصادق (عليه السّلام) نحوه(4).

5500 - مستطرفات السرائر: في (جامع البزنطيّ )، عن حنّان مولى سدير(5)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) وعن رجل من

ص:210


1- (1) - وأخبره بحال فطرس. فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا جبرئيل ادخله. فلمّا ادخله اخبر فطرس النبي (صلّى اللّه عليه وآله) بحاله، فدعا له النبي (صلّى اللّه عليه وآله) وقال له: تمسح. (كامل الزيارات).
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 118 ح 8.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 66 ح 1. منهما البحار: ج 43 ص 243.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 74. منه البحار: ج 43 ص 244.
5- (5) - عيسان مولى سدير - البحار.

أصحابنا، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: وذكره غير واحد من أصحابنا أنّ أبا عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ فطرس ملك كان يطوف بالعرش فتلكأ في شيء من أمر اللّه فقصّ جناحه ورمى به على جزيرة من جزائر البحر، فلماّ ولد الحسين (عليه السّلام) هبط جبرئيل إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يهنّئه بولادة الحسين (عليه السّلام) فمرّ به فعاذ بجبرئيل فقال: قد بعثت إلى محمّد اهنّئه بمولود ولد له فان شئت حملتك إليه.

فقال: قد شئت فحمله فوضعه بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وبصبص بأصبعه(1) إليه فقال له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): امسح جناحك بحسين فمسح جناحه بحسين (عليه السّلام) فعرج(2).

5501 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن موسى، عن محمد ابن أحمد المعروف بغزال مولى حرب بن زياد البجلي، عن محمد أبي جعفر الحمّامي الكوفيّ ، عن الازهر البطّيخيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه عرض ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقبلها الملائكة وأباها ملك يقال له: فطرس، فكسر اللّه جناحه.

فلمّا ولد الحسين بن عليّ (عليه السّلام) بعث اللّه جبرئيل في سبعين ألف ملك إلى محمّد. يهنّئهم بولادته، فمرّ بفطرس فقال له فطرس: يا جبرئيل إلى أين تذهب ؟

ص:211


1- (1) - البصبصة: أن تحرك سبابتيك الى السماء وتحركهما وتدعو. (مجمع البحرين).
2- (2) - مستطرفات السرائر: ص 63 ح 42. منه البحار: ج 43 ص 250.

قال: بعثني اللّه إلى محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) اهنّئهم(1)بمولود ولد في هذه اللّيلة.

فقال له فطرس: احملني معك، وسل محمّدا يدعو لي.

فقال له جبرئيل: اركب جناحي، فركب جناحه فأتى محمّدا فدخل عليه وهنّأه فقال له: يا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إنّ فطرس بيني وبينه اخوّة، وسألني أن أسألك أن تدعو اللّه له أن يردّ عليه جناحه.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) لفطرس:

أتفعل ؟

قال: نعم، فعرض عليه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ولاية أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقبلها.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): شأنك بالمهد فتمسّح به وتمرّغ فيه.

قال: فمضى فطرس فمشى إلى مهد الحسين بن علي (عليه السّلام) ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يدعو له قال: قال رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): فنظرت إلى ريشه وإنّه ليطلع ويجري منه الدم ويطول حتّى لحق بجناحه الآخر، وعرج مع جبرئيل إلى السماء وصار إلى موضعه(2).

ص:212


1- (1) - في نسخة: أهنّئه. «هامش البحار».
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 88 ح 7. منه البحار: ج 26 ص 340.

باب (3) قبول توبة صلصائيل الملك ببركة الإمام الحسين عليه السّلام

5502 - البحار: عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: كان ملك بين المؤمنين يقال له: صلصائيل، بعثه اللّه في بعث فأبطأ فسلبه ريشه ودقّ جناحيه وأسكنه في جزيرة من جزائر البحر إلى ليلة ولد الحسين (عليه السّلام)، فنزلت الملائكة واستأذنت اللّه في تهنئة جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وتهنئة أمير المؤمنين (عليه السّلام) وفاطمة (عليها السّلام) فاذن اللّه لهم فنزلوا أفواجا من العرش ومن سماء سماء فمرّوا بصلصائيل وهو ملقى بالجزيرة.

فلمّا نظروا إليه وقفوا فقال لهم: يا ملائكة ربّي إلى أين تريدون ؟

وفيم هبطتم ؟

فقالت له الملائكة: يا صلصائيل قد ولد في هذه اللّيلة أكرم مولود ولد في الدّنيا بعد جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأبيه عليّ وامّه فاطمة وأخيه الحسن وهو الحسين وقد استأذنّا اللّه في تهنئة حبيبه محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) لولده فأذن لنا.

فقال صلصائيل: يا ملائكة اللّه إنّي أسألكم باللّه ربّنا وربّكم وبحبيبه محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وبهذا المولود أن تحملوني معكم إلى حبيب اللّه وتسألوه وأسأله أن يسأل اللّه بحقّ هذا المولود الّذي وهبه اللّه له أن يغفر لي خطيئتي ويجبر كسر جناحي ويردّني إلى مقامي مع الملائكة المقرّبين.

فحملوه وجاؤا به إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فهنّؤه

ص:213

بابنه الحسين (عليه السّلام) وقصّوا عليه قصّة الملك وسألوه مسألة اللّه والاقسام عليه بحقّ الحسين (عليه السّلام) أن يغفر له خطيئته ويجبر كسر جناحه، ويردّها إلى مقامه مع الملائكة المقرّبين.

فقام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فدخل على فاطمة (عليها السّلام) فقال لها: ناوليني ابني الحسين فأخرجته إليه مقموطا يناغي جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فخرج به إلى الملائكة فحمله على بطن كفّه فهلّلوا وكبّروا وحمدوا اللّه تعالى وأثنوا عليه.

فتوجّه به إلى القبلة نحو السماء، فقال: اللهمّ إنّي أسألك بحقّ ابني الحسين أن تغفر لصلصائيل خطيئته، وتجبر كسر جناحه، وتردّه إلى مقامه مع الملائكة المقرّبين، فتقبّل اللّه تعالى من النبي (صلّى اللّه عليه وآله) ما أقسم به عليه، وغفر لصلصائيل خطيئته وجبر كسر جناحه، وردّه إلى مقامه مع الملائكة المقرّبين(1).

باب (4) رؤيا امّ ايمن حول الإمام الحسين عليه السّلام

5503 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي (رحمه اللّه) قال: حدّثنا أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن محمّد بن عيسى وأبي إسحاق النهاوندي، عن عبيداللّه بن حماد، قال: حدثنا عبداللّه بن سنان، عن أبي

ص:214


1- (1) - البحار: ج 43 ص 258 ح 47.

عبداللّه (عليه السّلام) قال: أقبل جيران امّ أيمن إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقالوا: يا رسول اللّه إنّ امّ أيمن لم تنم البارحة من البكاء، لم تزل تبكي حتّى أصبحت.

قال: فبعث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى امّ أيمن فجاءته فقال لها: يا امّ أيمن لاأبكى اللّه عينك إن جيرانك أتوني وأخبروني أنّك لم تزل اللّيل تبكين أجمع، فلا أبكى اللّه عينك ما الّذي أبكاك ؟

قالت: يا رسول اللّه رأيت رؤيا عظيمة شديدة فلم أزل أبكي اللّيل أجمع.

فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): فقصّيها على رسول اللّه فانّ اللّه ورسوله أعلم.

فقالت: تعظم عليّ أن أتكلّم بها.

فقال لها: إنّ الرؤيا ليست على ما ترى فقصّيها على رسول اللّه.

قالت: رأيت في ليلتي هذه كأنّ بعض أعضائك ملقى في بيتي.

فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): نامت عينك يا امّ أيمن، تلد فاطمة الحسين فتر بّينه وتلينه فيكون بعض أعضائي في بيتك.

فلمّا ولدت فاطمة الحسين (عليه السّلام) فكان يوم السابع أمر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فحلق رأسه وتصدّق بوزن شعره فضّة، وعقّ عنه، ثمّ هيأته امّ أيمن ولفّته في برد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ أقبلت به إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): مرحبا بالحامل والمحمول يا امّ أيمن هذا تأويل رؤياك(1).

ص:215


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 75 ح 1.

مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) وابن عبّاس انه اخبر النبي (صلّى اللّه عليه وآله) ان امّ ايمن... وذكر نحوه(1).

باب (5) الإمام الحسين احبّ أهل الأرض إلى أهل السّماء

5504 - مناقب آل أبي طالب: الرّضاء، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): من أحبّ أن ينظر إلى أحب أهل الارض إلى أهل السماء، فلينظر إلى الحسين (عليه السّلام)(2).

باب (6) الكلمات المكتوبة على خاتم الإمام الحسين عليه السّلام

5505 - أمالي الصدوق: حدثنا علي بن أحمد بن موسى الدقاق، قال: حدثنا محمد بن أبي عبداللّه الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد [النوفلي]، عن الحسن بن علي بن سالم، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: كان للحسين بن عليّ (عليهما السّلام) خاتمان نقش أحدهما: لا إله إلاّ اللّه عدّة للقاء اللّه، ونقش الاخر: إنّ اللّه بالغ أمره، وكان نقش خاتم عليّ بن الحسين (عليهما السّلام):

ص:216


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص. 7. منهما البحار: ج 43 ص 242.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 73. منه البحار: ج 43 ص 297.

خزي وشقي قاتل الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)(1).

باب (7) ماذا عوّض اللّه الحسين عليه السّلام عن شهادته ؟

5506 - اكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقيّ ، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا ولدت فاطمة (عليها السّلام) الحسين (عليه السّلام) أخبرها أبوها (صلّى اللّه عليه وآله) أنّ امّته ستقتله من بعده.

قالت: ولا حاجة لي فيه.

فقال: إنّ اللّه (عزّوجلّ ) قد أخبرني أنّه يجعل الائمّة من ولده.

قالت: قد رضيت يا رسول اللّه(2).

5507 - اكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميريّ ، قال: حدثنا أحمد ابن محمّد بن عيسى، قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لما أن حملت(3) فاطمة (عليها السّلام) بالحسين (عليه السّلام) قال لها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ اللّه (عزّوجلّ ) قد وهب لك غلاما اسمه الحسين تقتله امّتي.

ص:217


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 113 ح 7. منه البحار: ج 43 ص 247.
2- (2) - إكمال الدين: ص 415 ح 6. منه البحار: ج 44 ص 221.
3- (3) - علقت - البحار.

قالت: فلا حاجة لي فيه.

فقال: إنّ اللّه (عزّوجلّ ) قد وعدني فيه عدة.

قالت: وما وعدك ؟

قال: وعدني أن يجعل الإمامة من بعده في ولده.

فقالت لت: رضيت(1).

5508 - عدة الداعي: روي أنّ اللّه سبحانه وتعالى عوّض الحسين (عليه السّلام) من قتله بأربع خصال: جعل الشفاء في تربته، واجابة الدعاء تحت قبّته، والأئمّة من ذرّيّته، وأن لايعدّ أيّام زائريه من أعمارهم(2).

5509 - عدة الداعي: وروي أنّ الصادق (عليه السّلام) اصابه وجع فأمر من عنده أن يستأجروا له أجيرا يدعو له عند قبر الحسين (عليه السّلام) فخرج رجل من مواليه فوجد آخرا على الباب فحكى له ما امر به فقال الرجل: انا امضي لكن الحسين (عليه السّلام) امام مفترض الطاعة وهو أيضا امام مفترض الطاعة فكيف ذلك ؟

فرجع الى مولاه وعرّفه قوله فقال: هو كما قال لكن ما عرف انّ للّه بقاعا يستجاب فيها الدعاء فتلك البقعة من تلك البقاع(3).

5510 - مكارم الاخلاق: في كتاب الحسن بن محبوب، إنّ أبا عبداللّه (عليه السّلام) سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة والحسين (عليه السّلام) والتفاضل بينهما؟

ص:218


1- (1) - إكمال الدين: ص 416 ح 8. منه البحار: ج 44 ص 221.
2- (2) - عدة الداعي: ص 48. منه الوسائل: ج 10 ص 421 ح 1.
3- (3) - عدة الداعي: ص 48. منه الوسائل: ج 10 ص 421 ح 2.

فقال: السّبحة الّتي من طين قبر الحسين (عليه السّلام) تسبّح بيد الرّجل من غير أن يسبّح.

وروي: أنّ الحور العين - إذا أبصرن بواحد من الاملاك يهبط الى الارض لامر ما - يستهدين من السبّح والترب من طين قبر الحسين (عليه السّلام)(1).

5511 - تفسير القمي: (وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسٰانَ بِوٰالِدَيْهِ إِحْسٰاناً) قال:

الاحسان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قوله: (بِوٰالِدَيْهِ ) إنّما عنى الحسن والحسين (عليهما السّلام) ثمّ عطف على الحسين فقال (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً) (2).

وذلك انّ اللّه أخبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وبشّره بالحسين قبل حمله، وأنّ الإمامة تكون في ولده إلى يوم القيامة، ثمّ أخبره بما يصيبه من القتل والمصيبة في نفسه وولده ثمّ عوّضه بأن جعل الإمامة في عقبه وأعلمه أنّه يقتل ثمّ يردّه إلى الدّنيا وينصره حتّى يقتل أعداءه ويملّكه الارض وهو قوله: (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ ) (3) الآية وقوله: (وَ لَقَدْ كَتَبْنٰا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهٰا عِبٰادِيَ الصّٰالِحُونَ ) (4) فبشّر اللّه نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنّ أهل بيتك يملكون الارض ويرجعون إلى الدنيا ويقتلون أعداءهم.

ص:219


1- (1) - مكارم الاخلاق: ص 281.
2- (2) - الاحقاف 46:15.
3- (3) - القصص 28:5.
4- (4) - الانبياء 21:105.

وأخبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فاطمة (عليها السّلام) بخبر الحسين (عليه السّلام) وقتله، فحملته كرها.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): فهل رأيتم أحدا يبشّر بولد ذكر فتحمله كرها؟!! أي إنّها اغتمّت وكرهت لمّا اخبرها بقتله، ووضعته كرها لمّا علمت من ذلك، وكان بين الحسن والحسين (صلوات اللّه عليهما) طهر واحد وكان الحسين (عليه السّلام) في بطن امّه ستّة أشهر وفصاله أربعة وعشرون شهرا وهو قول اللّه (عزّوجلّ ):

(وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلاٰثُونَ شَهْراً) (1).

أقول: لايخفى ان هذا على التأويل.

باب (8) الامامة من ذرية الامام الحسين عليه السّلام

5512 - علل الشرايع: حدثنا أحمد بن الحسن (رحمه اللّه) قال:

حدثنا أحمد بن يحيي قال: حدثنا بكر بن عبداللّه بن حبيب قال:

حدثنا تميم بن بهلول قال: حدثنا علي بن حسّان الواسطي، عن عبدالرحمن بن كثير الهاشمي قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام):

جعلت فداك من أين جاء لولد الحسين الفضل على ولد الحسن وهما يجريان في شرع واحد؟

فقال: لا أراكم تأخذون به، إنّ جبرئيل نزل على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وما ولد الحسين بعد، فقال له: يولد لك غلام تقتله

ص:220


1- (1) - تفسير القميّ : ج 2 ص 297. منه البحار: ج 43 ص 246.

امّتك من بعدك.

فقال: يا جبرئيل لاحاجة لي فيه. فخاطبه ثلاثا، ثمّ دعا عليا (عليه السّلام) فقال له: إنّ جبرئيل يخبرني عن اللّه (عزّوجلّ ) أنّه يولد لك غلام تقتله امّتك من بعدك.

فقال: لا حاجة لي فيه يا رسول اللّه. فخاطب عليّا (عليه السّلام) ثلاثا ثمّ قال: إنّه يكون فيه وفي ولده الإمامة والوراثة والخزانة.

فأرسل إلى فاطمة (عليها السّلام) أنّ اللّه يبشّرك بغلام تقتله امّتي من بعدي.

فقالت فاطمة: ليس لي حاجة فيه يا أبه! فخاطبها ثلاثا ثمّ أرسل إليها: لابدّ أن يكون فيه الإمامة والوراثة والخزانة.

فقالت له: رضيت عن اللّه (عزّوجلّ ).

فعلقت وحملت بالحسين (عليه السّلام) فحملت ستّة أشهر ثمّ وضعته ولم يعش مولود قطّ لستّة أشهر غير الحسين بن عليّ وعيسى بن مريم (عليهم السّلام) فكفلته امّ سلمة وكان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يأتيه في كلّ يوم فيضع لسانه في فم الحسين (عليه السّلام) فيمصّه حتّى يروي، فأنبت اللّه (عزّوجلّ ) لحمه من لحم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ولم يرضع من فاطمة (عليها السّلام) ولا من غيرها لبنا قطّ.

فلمّا أنزل اللّه (تبارك وتعالى) فيه (وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلاٰثُونَ شَهْراً حَتّٰى إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قٰالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلىٰ وٰالِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صٰالِحاً تَرْضٰاهُ وَ أَصْلِحْ لِي)

ص:221

(فِي ذُرِّيَّتِي) (1).

فلو قال: أصلح لي ذرّيتي كانوا كلّهم أئمّة ولكن خصّ هكذا(2).

5513 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء، والحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمد، عن الوشاء، عن احمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

لمّا حملت فاطمة (عليها السّلام) بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال: إنّ فاطمة ستلد غلاما تقتله امّتك من بعدك، فلمّا حملت فاطمة بالحسين كرهت حمله، وحين وضعته كرهت وضعه.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لم تر في الدّنيا امّ تلد غلاما تكرهه ولكنّها كرهته لما علمت أنه سيقتل.

قال: وفيه نزلت هذه الآية: (وَ وَصَّيْنَا الْإِنْسٰانَ بِوٰالِدَيْهِ إِحْسٰاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلاٰثُونَ شَهْراً) (3).

كامل الزيارات: حدثني أبي، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد ابن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي سلمة سالم بن مكرم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(4).

5514 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن عليّ بن إسماعيل، عن

ص:222


1- (1) - الاحقاف 46:15.
2- (2) - علل الشرايع: ص 205 ح 3. منه البحار: ج 43 ص 245.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 464 ح 3.
4- (4) - كامل الزيارات: ص 55 ح 2.

محمّد بن عمرو الزيّات، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ جبرئيل (عليه السّلام) نزل على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال له: يا محمّد! إنّ اللّه يبشّرك بمولود يولد من فاطمة، تقتله امّتك من بعدك.

فقال: يا جبرئيل وعلى ربّي السلام، لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة تقتله امّتي من بعدي.

فعرج ثمّ هبط فقال له مثل ذلك، فقال: يا جبرئيل وعلى ربّي السّلام لا حاجة لي في مولود تقتله امّتي من بعدي.

فعرج جبرئيل إلى السماء ثمّ هبط فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السلام ويبشّرك بأنّه جاعل في ذرّيّته الامامة والولاية والوصيّة.

فقال: قد رضيت ثم أرسل إلى فاطمة أنّ اللّه يبشّرني بمولود يولد لك، تقتله امّتي من بعدي، فارسلت إليه: لاحاجة لي في مولود [منّي] تقتله امّتك من بعدك، فأرسل إليها أن اللّه قد جعل في ذرّيته الامامة والولاية والوصيّة، فأرسلت إليه أني قد رضيت ف (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً وَ حَمْلُهُ وَ فِصٰالُهُ ثَلاٰثُونَ شَهْراً حَتّٰى إِذٰا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ بَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قٰالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَ عَلىٰ وٰالِدَيَّ وَ أَنْ أَعْمَلَ صٰالِحاً تَرْضٰاهُ وَ أَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي) فلولا أنّه قال: أصلح لي في ذرّيّتي لكانت ذرّيّته كلّهم أئمّة.

ولم يرضع الحسين من فاطمة (عليها السّلام) ولا من انثى، كان يؤتى به النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فيضع إبهامه في فيه فيمصّ منها مايكفيه اليومين والثلاث، فنبت لحم الحسين (عليه السّلام) من لحم رسول اللّه ودمه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ولم يولد لستّة أشهر

ص:223

إلّا عيسى بن مريم والحسين بن عليّ (عليهما السّلام)(1) و(2).

كامل الزيارات: حدّثني محمد بن جعفر الرزّاز قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن عمرو بن سعيد الزيات قال: حدثني رجل من أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ جبرئيل نزل... وذكر نحوه(3).

5515 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن محمد بن حماد، عن أخيه أحمد بن حماد، عن محمّد ابن عبداللّه، عن أبيه قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:

أتى جبرئيل الى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال له: السلام عليك يا محمّد ألا ابشّرك بغلام تقتله امّتك من بعدك ؟

فقال: لا حاجة لي فيه [قال: فانتهض إلى السماء ثمّ عاد إليه الثانية فقال له مثل ذلك.

فقال: لا حاجة لي فيه فانعرج إلى السماء ثمّ انقضّ إليه الثالثة فقال [له] مثل ذلك.

فقال: لا حاجة لي فيه].

فقال: إنّ ربّك جاعل الوصيّة في عقبه.

فقال: نعم.

ص:224


1- (1) - لعل هذا من تصحيف الرّواة أو النساخ، وفي أكثر الاخبار المعتبرة إلّا يحيى والحسين (عليهما السّلام)، وقد ورد في الاخبار المعتبرة أن حمل عيسى كان تسع ساعات، وقيل: ثلاث ساعات. (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 464 ح 4.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 56 ح 4.

أو قال ذلك، ثمّ قام رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فدخل على فاطمة (عليها السّلام): فقال لها: إنّ جبرئيل أتاني فبشّرني بغلام تقتله امّتي من بعدي.

فقالت: لا حاجة لي فيه.

فقال لها: إنّ ربّي جاعل الوصيّة في عقبه.

فقالت: نعم، اذا.

قال: فأنزل اللّه (تبارك وتعالى) عند ذلك هذه الآية [فيه]:

(حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَ وَضَعَتْهُ كُرْهاً) لموضع إعلام جبرئيل إيّاها بقتله، فحملته كرها بأنّه مقتول، ووضعته كرها لانّه مقتول(1).

5516 - كامل الزيارات: حدثني أبي ومحمّد بن الحسن جميعا، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن عبداللّه بن بكير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: دخلت فاطمة (عليها السّلام) على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعيناه تدمع فسألته: مالك ؟

فقال: إنّ جبرئيل أخبرني أنّ امّتي تقتل حسينا، فجزعت وشقّ عليها، فأخبرها بمن يملك من ولدها فطابت نفسها وسكنت(2).

باب (9) تربة الإمام الحسين عليه السّلام

5517 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه تعالى) قال:

ص:225


1- (1) - كامل الزيارات: ص 56 ح 3. منه البحار: ج 44 ص 233.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 57 ح 5. منه البحار: ج 44 ص 233.

حدثني سعد بن عبداللّه بن أبي خلف، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبيّ ، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ جبرئيل أتى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والحسين (عليه السّلام) يلعب بين يديه فأخبره أنّ امّته ستقتله.

قال: فجزع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: ألا اريك التربة الّتي يقتل فيها؟

قال: فخسف ما بين مجلس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى المكان الّذي قتل فيه الحسين حتى التقت القطعتان فأخذ منها ودحيت في أسرع من طرفة عين فخرج وهو يقول: طوبى لك من تربة وطوبى لمن يقتل حولك.

قال: وكذلك صنع صاحب سليمان تكلّم باسم اللّه الاعظم فخسف ما بين سرير سليمان وبين العرش من سهولة الارض وحزونتها حتّى التقت القطعتان فاجترّ العرش، قال سليمان: يخيّل إليّ أنّه خرج من تحت سريري، قال: ودحيت في أسرع من طرفة العين(1).

5518 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن محمد بن عبدالحميد العطّار، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن أبي اسامة زيد الشحام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نعى جبرئيل الحسين (عليه السّلام) إلى رسول اللّه في بيت امّ سلمة فدخل عليه الحسين وجبرئيل عنده، فقال: إنّ هذا تقتله امّتك.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أرني من التربة الّتي

ص:226


1- (1) - كامل الزيارات: ص 59 ح 1. منه البحار: ج 44 ص 235.

يسفك فيها دمه، فتناول جبرئيل قبضة من تلك التربة فاذا هي تربة حمراء(1).

كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) عن سعد، عن علي بن اسماعيل بن عيسى ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطاب وابراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله بزيادة: فلم تزل عند امّ سلمة حتى ماتت رحمها اللّه2.

5519 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن محمد بن الوليد الخزّاز، عن حمّاد بن عثمان، عن عبدالملك بن أعين قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان في بيت امّ سلمة وعنده جبرئيل فدخل عليه الحسين (عليه السّلام) فقال له جبرئيل: إنّ امّتك تقتل ابنك هذا، ألا اريك من تربة الارض الّتي يقتل فيها؟

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): نعم.

فاهوي جبرئيل (عليه السّلام) بيده وقبض قبضة منها فاراها النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

5520 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي الوشا، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة سالم بن مكرم الجمال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا ولدت فاطمة الحسين (عليه السّلام)

ص:227


1- (1و2) - كامل الزيارات: ص 59 و 60 ح 2 و 3. منه البحار: ج 44 ص 236.
2- (3) - كامل الزيارات: ص 60 ح 4. منه البحار: ج 44 ص 236.

جاء جبرئيل إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال له: إنّ امّتك تقتل الحسين (عليه السّلام) من بعدك، ثمّ قال: ألا اريك من تربته ؟

فضرب بجناحه فأخرج من تربة كربلاء فأراها إيّاه ثمّ قال: هذه التربة الّتي يقتل عليها(1).

5521 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن هارون بن خارجة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: بينما الحسين بن علي (عليه السّلام) عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذ أتاه جبرئيل فقال: يا محمّد أتحبّه ؟

فقال: نعم.

فقال: أما إنّ امّتك ستقتله.

قال: فحزن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حزنا شديدا.

فقال له جبرئيل: يا رسول اللّه أتريد أن اريك التربة الّتي يقتل فيها؟

فقال: نعم.

قال: فخسف جبرئيل ما بين مجلس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى كربلاء حتّى التقت القطعتان هكذا - ثمّ جمع بين السبّابتين - ثم تناول بجناحه من التربة وناولها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ رجعت أسرع من طرفة عين.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): طوبى لك من تربة،

ص:228


1- (1) - كامل الزيارات: ص 61 ح 6. منه البحار: ج 44 ص 236.

وطوبى لمن يقتل فيك(1).

أمالي الطوسي: أخبرنا ابن خشيش، عن أبي المفضل محمد بن عبيداللّه بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا محمد بن علي بن معمر الكوفي قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا محمد بن أبي عمير - ومحمد بن سنان بهذا الاسناد نحوه(2).

ص:229


1- (1) - كامل الزيارات: ص 60 ح 5.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 314 ح 638. منهما البحار: ج 44 ص 228.

من معجزات الإمام الحسين عليه السّلام

باب (1) الإمام الحسين عليه السّلام يخبر عن اللصوص وقطّاع الطّريق

5522 - الخرائج والجرائح: روي عن مندل، عن هارون بن خارجة، عن الصادق (عليه السّلام)، عن آبائه (عليهم السّلام) [قال]: إنّ الحسين (عليه السّلام) إذا أراد أن ينفذ غلمانه في بعض اموره قال لهم: لاتخرجوا يوم كذا، واخرجوا يوم كذا، فانّكم إن خالفتموني قطع عليكم. فخالفوه مرّة وخرجوا فقتلهم اللّصوص وأخذوا ما معهم، واتّصل الخبر بالحسين (عليه السّلام) فقال: لقد حذّرتهم، فلم يقبلوا منّي.

ثمّ قام من ساعته ودخل على الوالي، فقال الوالي: يا أبا عبداللّه بلغني قتل غلمانك فاجرك اللّه فيهم.

فقال الحسين (عليه السّلام): فانّي أدلّك على من قتلهم فاشدد يدك بهم.

قال: أو تعرفهم يابن رسول اللّه.

ص:230

قال: نعم كما أعرفك، وهذا منهم - فاشار بيده إلى رجل واقف بين يدي الوالي -.

فقال الرّجل: ومن أين قصدتني بهذا ومن اين تعرف أنّي منهم ؟

فقال له الحسين (عليه السّلام): إن أن! صدقتك تصدّقني ؟

فقال الرجل: نعم، واللّه لأصدّقنّك.

فقال: خرجت ومعك فلان وفلان وذكرهم كلّهم فمنهم أربعة من موالي المدينة، والباقون من حبشان(1) المدينة.

فقال الوالي للرجل: وربّ القبر والمنبر، لتصدقني أو لأهر أنّ (2)لحمك بالسياط.

فقال الرجل: واللّه ما كذب الحسين وقد صدق، وكأنّه كان معنا.

فجمعهم الوالي جميعا، فأقرّوا جميعا فضرب أعناقهم(3).

باب (2) شفاء المريض ببركة الإمام الحسين عليه السّلام

5523 - اختيار معرفة الرجال. وجدت في كتاب محمّد بن شاذان بن نعيم بخطّه، روي عن حمران بن أعين أنّه قال: سمعت

ص:231


1- (1) - الحبش والحبش: جنس من السودان، والجمع: الحبشان. (مجمع البحرين).
2- (2) - هرأ اللحم: انضجه حتى سقط من العظم، وأهرأ لحمه: اذا طبخه حتى يتفسخ (لسان العرب) والمعنى: لاضربنّك حتى ينتثر لحمك ويتساقط عن جسمك.
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 246 ح 3. منه البحار: ج 44 ص 181.

أبا عبداللّه (عليه السّلام) يحدّث [عن أبيه](1) عن آبائه (عليهم السّلام):

انّ رجلا كان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) مريضا شديد الحمّى فعاده الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) فلمّا دخل باب الدار طارت الحمّى عن الرجل، فقال له: قد رضيت بما اوتيتم به حقا حقا والحمّى تهرب منكم.

فقال: واللّه ما خلق اللّه شيئا إلاّ وقد أمره بالطاعة لنا، ياكناسة!! قال: فإذا نحن نسمع الصوت ولا نري الشخص يقول: لبيك.

قال: أليس أمير المؤمنين أمرك أن لاتقربي إلاّ عدوا، أو مذنبا لكي تكوني كفّارة لذنوبه فما بال هذا؟ وكان الرجل المريض عبداللّه ابن شدّاد بن الهادي اللّيثي(2).

مناقب آل أبي طالب: زرارة بن أعين [قال]: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يحدث عن آبائه (عليهم السّلام) أنّ مريضا شديد الحمّى عاده الحسين (عليه السّلام) فلمّا دخل من باب الدّار.... وذكر نحوه(3).

باب (3) تسهيل الولادة ببركة دعاء الامام الحسين عليه السّلام

5524 - فرج المهموم: روينا باسنادنا الى أبي العباس عبداللّه بن

ص:232


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - اختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 298 ح 141.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 51. منهما البحار: ج 44 ص 183.

جعفر الحميري من كتاب (الدلائل) بإسناده الى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خرج الحسين (عليه السّلام) الى مكة في سنة ماشيا فورمت قدماه فقال له بعض مواليه: لو ركبت ليسكن الورم هذا منك.

فقال: كلا اذا اتينا هذا المنزل فإنه يستقبلك أسود ومعه دهن فاشتره.

فقال له مولاه: بأبي أنت وأمي ما قدّامنا منزل يبيع فيه أحد هذا الدهن.

فقال: بلى، امامك دون المنزل، فسار ميلا فإذا هو بالأسود، فقال الحسين (عليه السّلام) لمولاه: دونك الرجل فخذ منه الدهن واعطه الثمن.

فقال الاسود للمولى: لمن أردت هذا الدّهن ؟

فقال: للحسين بن علي (عليهما السّلام).

فقال: انطلق بنا إليه فصار نحوه فسلم، وقال: يابن رسول اللّه انا مولاك، فلا آخذ منك ثمنا، ولكن أدع اللّه ان يرزقني ولدا ذكرا سويّأ يحبكم أهل البيت فإني خلّفت امرأتي تمخض.

فقال: انطلق الى منزلك فان اللّه قد وهب لك ولدا سويّا، فذهب فوجده، ثمّ عاد الى الحسين (عليه السّلام) فدعا له بالخير لولادة الغلام له، ثم ان الحسين (عليه السّلام) مسح من الدهن فما قام من موضعه حتى ذهب الورم عنه(1).

البحار - بيان: قد مر هذا في معجزات الامام الحسن (عليه السّلام) وفي الكافي أيضا كذلك وصدوره عنهما واتفاق القصتين من

ص:233


1- (1) - فرج المهموم: ص 226. منه البحار: ج 44 ص 185.

جميع الوجوه لايخلو من بعد، والظاهر ان ما هنا من تصحيف النساخ.

باب (4) التصاق يد الرجل بذراع المرأة

5525 - التهذيب: محمد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن أيوب بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ان امرأة كانت تطوف وخلفها رجل فاخرجت ذراعها فقال بيده حتى وضعها على ذراعها، فاثبت اللّه يده في ذراعها حتى قطع الطواف، وارسل الى الأمير. واجتمع الناس وارسل الى الفقهاء، فجعلوا يقولون:

اقطع يده فهو الذي جنا الجناية، فقال: ها هنا احد من ولد محمّد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

فقالوا: نعم الحسين بن علي (عليهما السّلام) قدم الليلة، فأرسل اليه فدعاه فقال: انظر ما لقيا ذان، فاستقبل القبلة ورفع يديه فمكث طويلا يدعو ثم جاء إليها حتى خلص يده من يدها.

فقال الأمير: ألا نعاقبه بما صنع ؟

فقال: لا(1).

أقول: لعلّ ما جري على هذا الرجل من التصاق يده بيد المرأة كان عقابا له من اللّه سبحانه وفضيحة في دار الدنيا.

ص:234


1- (1) - التهذيب: ج 5 ص 470 ح 1647.

باب (5) نزول المطر بدعاء الإمام الحسين عليه السّلام

5526 - مدينة المعاجز: السيد الرضي في عيون المعجزات، عن جعفر بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن الصادق (عليه السّلام)، عن أبيه، عن جدّه (عليهما السّلام) قال: جاء أهل الكوفة إلى عليّ (عليه السّلام) فشكوا إليه امساك المطر، وقالوا [له]: استق(1) لنا، فقال للحسين (عليه السّلام): قم واستق2، فقام وحمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، وقال: «اللهمّ معطي الخيرات، ومنزل البركات، أرسل الماء علينا مدرارا، واسقنا غيثا مغزارا، واسعا، غدقا، مجلّلا سحّا، سفوحا، ثجاجا تنفّس به الضعف من عبادك، وتحيي به الميت من بلادك آمين ربّ العالمين».

فما فرغ (عليه السّلام) من دعائه حتّى غاث اللّه تعالى غيثا ببركته (عليه السّلام) وأقبل أعرابيّ من بعض نواحي الكوفة فقال: تركت الاودية والآكام يموج بعضها في بعض(2).

باب (6) مصير مروان بن الحكم الى النار

5527 - تفسير العياشي: عن داود بن فرقد، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:235


1- (1و2) - استسق - البحار.
2- (3) - مدينة المعاجز: ص 241، المعجزة رقم 30. منه البحار: ج 44 ص 187.

السّلام) قال: دخل مروان بن الحكم المدينة قال: فاستلقى على السرير، وثمّ مولى للحسين (عليه السّلام)، فقال: (رُدُّوا إِلَى اللّٰهِ مَوْلاٰهُمُ الْحَقِّ أَلاٰ لَهُ الْحُكْمُ وَ هُوَ أَسْرَعُ الْحٰاسِبِينَ ) (1) قال: فقال الحسين لمولاه: ماذا قال هذا حين دخل ؟ قال: استلقى على السرير، فقرأ (رُدُّوا إِلَى اللّٰهِ مَوْلاٰهُمُ ) إلى قوله: (الْحٰاسِبِينَ ) .

قال: فقال الحسين (عليه السّلام): نعم واللّه رددت أنا وأصحابي إلى الجنّة، وردّ هو وأصحابه إلى النار(2).

ص:236


1- (1) - الانعام 6:62.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 362 ح 30. منه البحار: ج 44 ص 206.

شهادة الإمام الحسين عليه السّلام

باب (1) الآيات المأوّلة بشهادة لامام الحسين عليه السّلام

5528 - الكافي: عليّ بن محمّد رفعه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقٰالَ إِنِّي سَقِيمٌ ) (1).

قال: حسب فرأي ما يحلّ بالحسين (عليه السّلام) فقال: إنّي سقيم لما يحلّ بالحسين (عليه السّلام)(2).

5529 - الكافي: علي بن محمد، عن صالح [بن حماد] عن الحجّال، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

سألته عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً فَلاٰ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) ؟(3).

ص:237


1- (1) - الصافات 37:88 و 89.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 465 ح 5.
3- (3) - الاسراء 17:33.

قال: نزلت في الحسين (عليه السّلام)، لو قتل أهل الارض به ما كان سرفا(1).

5530 - تفسير العياشي: عن إدريس مولى لعبداللّه بن جعفر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في تفسير هذه الآية (أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ ) مع الحسن (وَ أَقِيمُوا الصَّلاٰةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ فَلَمّٰا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتٰالُ ) مع الحسين (قٰالُوا رَبَّنٰا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتٰالَ لَوْ لاٰ أَخَّرْتَنٰا إِلىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ ) إلى خروج القائم (عليه السّلام) فانّ معه النصر والظفر، قال اللّه: (قُلْ مَتٰاعُ الدُّنْيٰا قَلِيلٌ وَ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقىٰ ) الآية(2).

5531 - كتاب النوادر لعليّ بن أسباط: عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن بن زياد العطّار قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاٰةَ ) ؟

قال: نزلت في الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) أمره اللّه بالكفّ .

قال: قلت: (فَلَمّٰا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتٰالُ ) .

قال: نزلت في الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) كتب اللّه عليه

ص:238


1- (1) - الكافي: ج 8 ص 255 ح 364.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 257 ح 195، والآية في سورة النساء 4:77. منه البحار: ج 44 ص 217.

وعلى أهل الارض أن يقاتلوا معه(1).

5532 - تفسير العياشي: في رواية الحسن بن زياد العطّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَ أَقِيمُوا الصَّلاٰةَ ) .

قال: نزلت في الحسن [بن علي] (عليهما السّلام) أمره اللّه بالكفّ .

[قال: قلت:](2)(فَلَمّٰا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتٰالُ ) .

قال: نزلت في الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) كتب اللّه عليه وعلى أهل الارض أن يقاتلوا معه(3).

5533 - تفسير العياشي: عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: من قتل النفس الّتي حرّم اللّه، فقد قتل الحسين في أهل بيته(4).

5534 - تفسير القمي: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبداللّه ابن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (يٰا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * اِرْجِعِي إِلىٰ رَبِّكِ رٰاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبٰادِي * وَ ادْخُلِي جَنَّتِي) (5) يعني الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)(6).

ص:239


1- (1) - الاصول الستة عشر: ص 122. منه البحار: ج 44 ص 220.
2- (2) - ما بين المعقوفتين زيادة من البحار.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 1 ص 258 ح 198. منه البحار: ج 44 ص 217.
4- (4) - تفسير العياشي: ج 2 ص 290 ح 64. منه البحار: ج 44 ص 218.
5- (5) - الفجر 89:27-30.
6- (6) - تفسير القمي: ج 2 ص 422. منه البحار: ج 44 ص 219.

5535 - تفسير فرات الكوفي: [فرات] قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه:

(الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيٰارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاّٰ أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللّٰهُ ) (1).

قال: نزل في عليّ [أمير المؤمنين] وجعفر وحمزة وجرت في الحسين بن عليّ (عليهم السّلام والتحيّة والاكرام)(2).

5536 - كامل الزيارات: حدّثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد وابراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن بعض رجاله، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) (3).

قال: نزلت في الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)(4).

5537 - تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العبّاس، عن عليّ بن جمهور، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت: قوله (عزّوجلّ ): (وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) .

قال: يعني الحسين (عليه السّلام)(5).

ص:240


1- (1) - الحج 22:40.
2- (2) - تفسير فرات الكوفي: ص 273 ح 368. منه البحار: ج 44 ص 219.
3- (3) - التكوير 81:8 و 9.
4- (4) - كامل الزيارات: ص 63 ح 3. منه البحار: ج 44 ص 220.
5- (5) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 767 ح 10. منه البحار: ج 23 ص 255.

باب (2) الصبر على مصيبة الإمام الحسين عليه السّلام

5538 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن جعفر الرزّاز القرشي الكوفي قال: حدّثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن سنان، عن سعيد بن يسار أو غيره قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لمّا أن هبط جبرئيل على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بقتل الحسين (عليه السّلام) أخذ بيد عليّ فخلا به مليّا من النهار فغلبتهما العبرة فلم يتفرّقا حتى هبط عليهما جبرئيل - أو قال: رسول ربّ العالمين - فقال لهما: ربّكما يقرؤكما السلام ويقول: عزمت عليكما لمّا صبرتما.

قال: فصبرا.

حدّثني محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن سعيد بن يسار قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول... وذكر مثله.

حدّثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن سنان، عن سعيد بن يسار مثله(1).

ص:241


1- (1) - كامل الزيارات: ص 55 ح 1.

باب (3) رسول اللّه صلّى الله عليه و آله يخبر عن شهادة الإمام الحسين عليه السّلام

5539 - بصائر الدرجات: حدثنا سلام بن أبي عمرة الخراساني، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه، عن أبيه (عليهما السّلام)، أنّه قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من أراد أن يحيى حياتي ويموت مماتي ويدخل جنّة ربّي، جنّة عدن غرسه ربّي(1)، فليتولّ علي ابن أبي طالب وليعاد عدوّه، وليأتمّ بالأوصياء من بعده، فانّهم أئمّة الهدى من بعدي أعطاهم اللّه فهمي وعلمي، وهم عترتي من لحمي ودمي، إلى اللّه أشكو من امّتي المنكرين لفضلهم القاطعين فيهم صلتي.

وأيم اللّه ليقتلنّ ابني - يعني الحسين - لا أنالهم اللّه شفاعتي(2).

5540 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، ومحمّد بن الحسن بن الوليد، عن سعد بن عبداللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن صفوان بن يحيى، وجعفر بن عيسى بن عبيداللّه، قالا:

حدثنا أبو عبداللّه الحسين بن أبي غندر، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان الحسين بن علي (عليهما السّلام) ذات يوم في حجر النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يلاعبه ويضاحكه، فقالت عائشة: يا رسول اللّه ما أشدّ إعجابك بهذا الصبيّ؟

ص:242


1- (1) - هكذا في النسخ التي في أيدينا والظاهر أن الصحيح: «غرسها ربي».
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 72 ح 17. منه البحار: ج 44 ص 259.

فقال لها: ويلك وكيف لا احبّه ولا اعجب به، وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني ؟ اما إنّ امّتي ستقتله، فمن زاره بعد وفاته كتب اللّه له حجّة من حججي.

قالت: يا رسول اللّه حجّة من حججك ؟

قال: نعم، وحجّتين من حججي.

قالت: يا رسول اللّه حجّتين من حججك ؟

قال: نعم، وأربعة.

قال: فلم تزل تزاده ويزيد ويضعّف حتّى بلغ تسعين حجّة من حجج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بأعمارها(1).

أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا الحسين بن ابراهيم القزويني، قال: حدثنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان قال: حدثنا ابو القاسم علي بن حبشي قال: حدثنا ابو الفضل العباس بن محمد بن الحسين قال: حدثنا أبي قال: حدثنا صفوان بن يحيي عن الحسين بن أبي غندر، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

5541 - تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن محمّد الفزاريّ معنعنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان الحسين (عليه السّلام) مع امّه تحمله فأخذه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وقال: لعن اللّه قاتلك، ولعن اللّه سالبك، وأهلك اللّه المتوازرين عليك، وحكم اللّه بيني وبين من أعان عليك.

ص:243


1- (1) - كامل الزيارات: ص 68 ح 1.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 668 ح 1401. منهما البحار: ج 44 ص 260.

قالت فاطمة الزهراء (عليها السّلام): يا أبة أيّ شيء تقول ؟

قال: يابنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذي والظلم والغدر والبغي، وهو يومئذ في عصبة كأنّهم نجوم السماء، يتهادون إلى القتل، وكأنّي أنظر إلى معسكرهم، وإلى موضع رحالهم وتربتهم.

قالت: يا أبه - وأين هذا الموضع الّذي تصف ؟

قال: موضع يقال له كربلا وهي دار كرب وبلاء علينا وعلى الأمّة يخرج عليهم شرار امّتي وأنّ أحدهم لو يشفع له من في السماوات والأرضين ما شفّعوا فيه، وهم المخلّدون في النار.

قالت: يا أبه فيقتل ؟

قال: نعم يا بنتاه، وما قتل قتلته أحد كان قبله، وتبكيه السماوات والارضون، والملائكة، والوحش، والنباتات، والبحار، والجبال، ولو يؤذن لها ما بقي على الأرض متنفّس، ويأتيه قوم من محبّينا ليس في الارض أعلم باللّه ولا أقوم بحقّنا منهم، وليس على ظهر الارض أحد يلتفت إليه غيرهم اولئك مصابيح في ظلمات الجور، وهم الشفعاء، وهم واردون حوضي أعرفهم إذا وردوا عليّ بسيماهم، وكلّ أهل دين يطلبون أئمّتهم، وهم يطلبوننا، ولا يطلبون غيرنا، وهم قوّام الارض، وبهم ينزل الغيث.

فقالت فاطمة الزهراء (عليها السّلام): يا أبه إنا للّه، وبكت.

فقال لها: يا بنتاه إنّ أفضل أهل الجنان هم الشهداء في الدّنيا، بذلوا أنفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل اللّه فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقّا، فما عند اللّه خير من الدّنيا وما فيها قتلة أهون من ميتته، [و] من كتب عليه القتل، خرج إلى مضجعه، ومن

ص:244

لم يقتل فسوف يموت.

يا فاطمة بنت محمّد أما تحبّين أن تأمري غدا بأمر فتطاعين في هذا الخلق عند الحساب ؟

أما ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش ؟! أما ترضين أن يكون أبوك يأتونه يسألونه الشفاعة ؟! أما ترضين أن يكون بعلك يذود(1) الخلق يوم العطش عن الحوض فيسقي منه أولياءه ويذود عنه أعداءه ؟! أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار [والجنة]: يأمر النار فتطيعه، يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء؟! أما ترضين أن تنظري إلى الملائكة على أرجاء السماء ينظرون إليك وإلى ما تأمرين به، وينظرون إلى بعلك وقد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عند اللّه فما ترين اللّه صانع بقاتل ولدك وقاتليك إذا أفلحت حجّته على الخلائق، وامرت النار أن تطيعه ؟! أما ترضين أن تكون الملائكة تبكي لابنك، ويأسف عليه كلّ شيء؟

أما ترضين أن يكون من أتاه زائرا في ضمان اللّه ويكون من أتاه بمنزلة من حجّ إلى بيت اللّه الحرام واعتمر، ولم يخلو من الرحمة طرفة عين، واذا مات مات شهيدا وإن بقي لم تزل الحفظة تدعو له ما بقي، ولم يزل في حفظ اللّه وأمنه حتّى يفارق الدّنيا؟! قالت: يا أبه سلّمت، ورضيت وتوكلت على اللّه، فمسح على قلبها ومسح على عينيها، فقال: إنّي وبعلك وأنت وابناك في مكان تقرّ

ص:245


1- (1) - ذاده عنه: طرده ودفعه. (أقرب الموارد).

عيناك، ويفرح قلبك(1).

كامل الزيارات: حدّثني محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبداللّه بن حمّاد البصري، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصم، عن مسمع بن عبدالملك، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه الى قوله:

«ينزل الغيث» وأشار إلى تمام الحديث(2).

باب (4) الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام يخبر عن شهادة الإمام الحسين عليه السّلام

5542 - قرب الاسناد: محمّد بن عيسى، عن عبداللّه بن ميمون، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: مرّ عليّ بكربلاء في اثنين من أصحابه قال: فلمّا مرّ بها ترقرقت عيناه للبكاء ثمّ قال: هذا مناخ ركابهم، وهذا ملقى رحالهم، [و] هاهنا تهراق دماؤهم، طوبى لك من تربة، عليك تهراق دماء الأحبّة(3).

5543 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر الرزّاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن نصر بن مزاحم، عن عمر بن سعد، عن عليّ بن حماد، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال عليّ للحسين (عليهما السّلام): يا أبا عبداللّه اسوة أنت قدما؟

ص:246


1- (1) - تفسير فرات الكوفي: ص 171 ح 219.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 68 ح 2. منهما البحار: ج 44 ص 264.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 14. منه البحار: ج 44 ص 258.

فقال: جعلت فداك ما حالي ؟

قال: علمت ما جهلوا وسينتفع عالم بما علم، يابنيّ اسمع وأبصر من قبل أن يأتيك فوالّذي نفسي بيده ليسفكنّ بنو اميّة دمك ثم لايزيلونك عن دينك، ولا ينسونك ذكر ربّك.

فقال الحسين (عليه السّلام): والّذي نفسي بيده حسبي، أقررت بما أنزل اللّه واصدّق قول نبيّ اللّه ولا اكذّب قول أبي.

حدثني أبي (رحمه اللّه) وجماعة، عن سعد بن عبداللّه ومحمد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين باسناده مثله(1).

باب (5) الإمام الحسن عليه السّلام يخبر عن شهادة الإمام الحسين عليه السّلام

5544 - أمالي الصدوق: حدثنا أحمد بن هارون الفاميّ ، قال:

حدثنا محمد بن عبداللّه بن جعفر بن جامع الحميري، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن يحيي، عن محمد بن سنان، عن المفضل ابن عمر، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) أن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليهما السّلام) دخل يوما إلى الحسن (عليه السّلام) فلمّا نظر إليه بكى فقال له: ما يبكيك يا أبا عبداللّه ؟

قال: أبكي لما يصنع بك.

فقال له الحسن (عليه السّلام): إنّ الّذي يؤتى إليّ سمّ يدسّ إليّ

ص:247


1- (1) - كامل الزيارات: ص 71 ح 2. منه البحار: ج 44 ص 262.

فاقتل به، ولكن لايوم كيومك يا أبا عبداللّه، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل يدّعون أنّهم من امّة جدنا محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وينتحلون دين الاسلام، فيجتمعون على قتلك وسفك دمك، وانتهاك حرمتك، وسبي ذراريك ونسائك، وانتهاب ثقلك، فعندها تحلّ ببني اميّة اللّعنة، وتمطر السماء رمادا ودما، ويبكي عليك كلّ شيء حتّى الوحوش في الفلوات، والحيتان في البحار(1).

باب (6) مصيبة الإمام الحسين عليه السّلام أعظم المصائب

5545 - علل الشرايع: حدثنا محمد بن علي بن بشار القزويني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبو الفرج المظفر بن أحمد القزويني قال:

حدثنا محمد بن جعفر الكوفي الاسدي قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا سليمان بن عبداللّه الخزاز الكوفي قال: حدثنا عبداللّه بن الفضل الهاشمي قال: قلت لابي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام): يابن رسول اللّه كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغمّ وجزع وبكاء دون اليوم الّذي قبض فيه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟ واليوم الّذي ماتت فيه فاطمة (عليها السّلام)؟ واليوم الّذي قتل فيه أمير المؤمنين (عليه السّلام)؟ واليوم الّذي قتل فيه الحسن (عليه السّلام) بالسمّ؟.

فقال: إنّ يوم الحسين (عليه السّلام) أعظم مصيبة من جميع سائر الايام، وذلك انّ أصحاب الكساء الّذين كانوا أكرم الخلق على اللّه

ص:248


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 101 ح 3. منه البحار: ج 45 ص 218.

كانوا خمسة فلماّ مضى عنهم النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) مكان فيهم للنّاس عزاء وسلوة، فلمّا مضت فاطمة (عليها السّلام) كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السّلام) للناس عزاء وسلوة، فلما مضى منهم امير المؤمنين - (عليه السّلام) كان للناس في الحسن والحسين (عليهما السّلام) عزاء وسلوة فلمّا مضى الحسن (عليه السّلام) كان للناس في الحسين عزاء وسلوة.

فلمّا قتل الحسين (عليه السّلام) لم يكن بقي من أصحاب الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم، كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم، فلذلك صار يومه أعظم [الأيّام] مصيبة.

قال عبداللّه بن الفضل الهاشميّ : فقلت له: يابن رسول اللّه فلم لم يكن للنّاس في عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) عزاء وسلوة، مثل ما كان لهم في آبائه (عليهم السّلام)؟

فقال: بلى إنّ عليّ بن الحسين كان سيّد العابدين، وإماما وحجّة على الخلق بعد آبائه الماضين، ولكنّه لم يلق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، ولم يسمع منه، وكان علمه وراثة عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، وكان أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) قد شاهدهم الناس مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في أحوال تتوالى، فكانوا متى نظروا إلى أحد منهم تذكروا حاله مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) له وفيه، فلمّا مضوا فقد الناس مشاهدة الأكرمين على اللّه (عزّوجلّ )، ولم يكن في أحد منهم فقد جميعهم إلاّ في فقد

ص:249

الحسين (عليه السّلام) لأنّه مضى آخرهم، فلذلك صار يومه أعظم الايّام مصيبة.

قال عبداللّه بن الفضل الهاشميّ : فقلت له: يابن رسول اللّه فكيف سمّت العامّة يوم عاشوراء يوم بركة ؟

فبكى (عليه السّلام) ثمّ قال: لمّا قتل الحسين (عليه السّلام) تقرّب الناس بالشام إلى يزيد، فوضعوا له الاخبار وأخذوا عليه الجوائز من الاموال، فكان ممّا وضعوا له أمر هذا اليوم، وأنّه يوم بركة، ليعدل الناس فيه من الجزع والبكاء والمصيبة والحزن، إلى الفرح والسّرور والتبرّك والاستعداد فيه، حكم اللّه بيننا وبينهم.

قال: ثمّ قال (عليه السّلام): يابن عمّ وإنّ ذلك لاقلّ ضررا على الاسلام وأهله [مما] وضعه قوم انتحلوا مودّتنا وزعموا أنّهم يدينون بموالاتنا ويقولون بامامتنا، زعموا أنّ الحسين (عليه السّلام) لم يقتل وأنّه شبّه للناس أمره كعيسى بن مريم فلا لائمة إذا على بني اميّة ولا عتب على زعمهم، يابن عمّ من زعم أنّ الحسين لم يقتل فقد كذّب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّا وكذّب من بعده الائمّة (عليهم السّلام) في إخبارهم بقتله، ومن كذّبهم فهو كافر باللّه العظيم، ودمه مباح لكلّ من سمع ذلك منه.

قال عبداللّه بن الفضل: فقلت له: يابن رسول اللّه فما تقول في قوم من شيعتك يقولون به ؟

فقال (عليه السّلام): ما هؤلاء من شيعتي، واني بريء منهم، قال: فقلت: فقول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ )

ص:250

(فِي السَّبْتِ فَقُلْنٰا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خٰاسِئِينَ ) (1).

قال: إنّ اولئك مسخوا ثلاثة أيّام ثمّ ماتوا ولم يتناسلوا، وإنّ القردة اليوم مثل اولئك وكذلك الخنازير وسائر المسوخ، ما وجد منها اليوم من شيء فهو مثله لايحلّ أن يؤكل لحمه.

ثمّ قال (عليه السّلام): لعن اللّه الغلاة والمفوّضة فانّهم صغّروا عصيان اللّه، وكفروا به وأشركوا وضلّوا وأضلوا فرارا من إقامة الفرائض وأداء الحقوق(2).

باب (7) لماذا ينزل البلاء على الأولياء؟

5546 - معاني الاخبار: حدثنا أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب قال: سالت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ مٰا أَصٰابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) ؟(3) أرأيت ما أصاب عليّا وأهل بيته هو بما كسبت أيديهم وهم أهل بيت طهارة معصومون ؟

فقال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يتوب إلى اللّه (عزّوجلّ ) ويستغفره في كلّ يوم وليلة مائة مرّة من غير ذنب، إنّ اللّه

ص:251


1- (1) - البقرة 2:65.
2- (2) - علل الشرايع: ص 225. منه البحار: ج 44 ص 269.
3- (3) - الشورى 42:30.

(عزّوجلّ ) يخصّ أولياءه بالمصائب ليأجرهم عليها من غير ذنب(1).

البحار - بيان: أي كما أنّ الاستغفار يكون في غالب الناس لحطّ الذّنوب وفي الأنبياء لرفع الدّرجات، فكذلك المصائب.

باب (8) ثواب البكاء على مصائب أهل البيت عليهم السّلام

5547 - تفسير القمي حدّثني أبي، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه دمع مثل جناح بعوضة غفر اللّه له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر(2).

5548 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقى قال:

حدثنا سليمان بن مسلم(3) الكندي، عن محمّد بن سعيد بن غزوان، عن عيسى بن أبي منصور(4)، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمّه لنا عبادة وكتمان سرنا جهاد في سبيل اللّه.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يجب أن يكتب هذا الحديث

ص:252


1- (1) - معاني الأخبار: ص 383 ح 15. منه البحار: ج 44 ص 276.
2- (2) - تفسير القميّ : ج 2 ص 292. منه البحار: ج 44 ص 278.
3- (3) - سليمان بن سلمة - أمالي المفيد.
4- (4) - عن محمد بن سعيد بن غزوان وعيسى بن أبي منصور - أمالي المفيد.

بالذّهب(1).

أمالي المفيد: حدثنا محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرني أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه مثله(2).

5549 - قرب الاسناد: حدثنا أحمد بن اسحاق بن سعد، عن بكر بن محمّد [الازديّ ]، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال لفضيل: تجلسون وتحدّثون ؟

قال: نعم جعلت فداك.

قال: إنّ تلك المجالس احبّها فأحيوا أمرنا [يا فضيل] فرحم اللّه من أحيى أمرنا.

يا فضيل من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح الذّباب غفر اللّه له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر(3).

ثواب الاعمال: حدثني محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه)، عن محمّد بن الحسن الصفّار، قال: حدثني أحمد بن اسحاق بن سعد، عن بكر بن محمّد الازدي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

تجلسون وتتحدثون.... وذكر نحوه(4).

5550 - كامل الزيارات: حدثني حكيم بن داود، عن سلمة، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن بكر بن محمد، عن فضيل ابن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: من ذكرنا عنده

ص:253


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 115 ح 178.
2- (2) - أمالي المفيد: ص 338 ح 3. منهما البحار: ج 44 ص 278.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 18. منه البحار: ج 44 ص 282.
4- (4) - ثواب الاعمال: ص 223 ح 1. منه البحار: ج 74 ص 351.

ففاضت عيناه ولو مثل جناح بعوضة(1) غفر له ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر.

حدثنا محمد بن عبداللّه، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن أبيه، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(2).

المحاسن: البرقي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن بكر بن محمّد، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

باب (9) ثواب إنشاد الشعر في مصيبة الإمام الحسين عليه السّلام

5551 - ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي هارون المكفوف قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا أبا هارون أنشدني في الحسين (عليه السّلام) [قال:] فأنشدته.

قال: فقال لي: أنشدني كما تنشدون يعني بالرّقّة.

قال: فانشدته:

امرر على جدث الحسين فقل لاعظمه الزكيّة

ص:254


1- (1) - الذباب - نسخة بدل.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 103 ح 8. منه البحار: ج 44 ص 284.
3- (3) - المحاسن: ص 63 ح 110. منه الوسائل: ج 10 ص 391.

قال: فبكى ثمّ قال: زدني، فانشدته القصيدة الاخري، قال:

فبكى وسمعت البكاء من خلف السّتر.

قال: فلمّا فرغت قال: يا أبا هارون من أنشد في الحسين (عليه السّلام) شعرا فبكى وأبكى عشرة كتبت لهم الجنّة، ومن أنشد في الحسين (عليه السّلام) شعرا فبكى وأبكى خمسة كتبت لهم الجنّة، ومن أنشد في الحسين (عليه السّلام) شعرا فبكى وأبكى واحدا كتبت لهما الجنّة، ومن ذكر الحسين (عليه السّلام) عنده فخرج من عينيه [من الدّمع] مقدار جناح ذباب كان ثوابه على اللّه عزّوجلّ ، ولم يرض له بدون الجنّة(1).

5552 - كامل الزيارات: حدّثني محمد بن الحسن [ابن الوليد]، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن [محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب]، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي هارون المكفوف قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال لي: أنشدني، فأنشدته.

فقال: لا، كما تنشدون وكما ترثيه عند قبره.

قال: فأنشدته:

امرر على جدث الحسين فقل لأعظمه الزكيّة قال: فلمّا بكى أمسكت أنا فقال: مرّ فمررت، قال: ثمّ قال:

زدني زدني قال: فأنشدته:

[يا] مريم قومي فاندبي مولاك وعلى الحسين فأسعدي ببكاك

ص:255


1- (1) - ثواب الاعمال: ص 108 ح 1. منه البحار: ج 44 ص 288.

قال: فبكى وتهايج النساء قال: فلمّا أن سكتن قال لي: يا أبا هارون من أنشد في الحسين (عليه السّلام) فأبكى عشرة فله الجنّة ثمّ جعل ينقّص واحدا واحدا حتّى بلغ الواحد فقال: من أنشد في الحسين فأبكى واحدا فله الجنّة ثمّ قال: من ذكره فبكى فله الجنّة.

وروي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لكلّ شيء ثواب إلاّ الدّمعة فينا(1).

5553 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسين، عن أبي داود المسترق، عن سفيان بن مصعب العبدي قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: قولوا لأمّ فروة تجييء(2) فتسمع ما صنع بجدّها.

قال: فجاءت فقعدت خلف الستر ثمّ قال: أنشدنا.

قال: فقلت:

«فرو جودي بدمعك المسكوب»(3)

قال: فصاحت وصحن النساء فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

ص:256


1- (1) - كامل الزيارات: ص 105 و 106 ح 5 و 6. منه البحار: ج 44 ص 287.
2- (2) - ام فروة هي كنية لأمّ الإمام الصادق (عليه السّلام) بنت القاسم بن محمّد بن أبي بكر، ولبنته (عليه السّلام) أيضا على ما ذكره الشيخ الطبرسي (رحمه اللّه) في اعلام الورى والمراد هنا الثانية والمراد بجدها الحسين بن علي (عليهما السّلام). (مرآة العقول).
3- (3) - قوله: «فرو جودى» خطاب لام فروة فاختصر من أوّله وآخره ضرورة وترخيما ويدل على عدم حرمة سماع صوت الرجال على النساء. (مرآة العقول).

الباب الباب(1) فاجتمع أهل المدينة على الباب، قال: فبعث إليهم أبو عبداللّه (عليه السّلام): صبيّ لنا غشي عليه فصحن النساء(2).

5554 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن جعفر الرزّاز، عن خاله محمّد بن الحسين الزيّات، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح ابن عقبة، عن أبي هارون المكفوف قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) في حديث طويل له: ومن ذكر الحسين عنده فخرج من عينه من الدّموع مقدار جناح ذباب كان ثوابه على اللّه (عزّوجلّ )، ولم يرض له بدون الجنّة(3).

5555 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن ابن أبي عمير، عن عبداللّه بن حسّان، عن [ابن] أبي

ص:257


1- (1) - أقول: قوله (عليه السّلام): «الباب الباب» أي: اغلقوا باب الدار كيلا يقتحم علينا أحد من الاعداء والمخالفين، ولكن يبدو أن الناس اجتمعوا على باب الدار لمّا سمعوا صياح النساء، فقال الامام - لبعض من كان حاضرا -: قل للناس المجتمعين على باب الدار: «صبي لنا غشي عليه فصحن النساء». وهذا الكلام له احتمالان: الاول: أن يكون حقيقة، بان كان هناك صبيّ غشي عليه بالفعل، فجعل الإمام ذلك ذريعة - للنّاس - لبكاء النساء. الثاني: أن يكون كلامه من باب التقيّة أو التورية فلعلّ صبيا من صبيانه كان قد غشي عليه - فيما مضى - فأخبرهم الامام بهذا الخبر حتى لايعلم أحد من الناس أن بكاء النساء وعويلهن انّما كان على مصيبة الامام الحسين (عليه السّلام)، لانّ الامام (عليه السّلام) كان تحت المراقبة الشديدة من جانب السلطة الظالمة الغاشمة بحيث كانوا يمنعونه وعياله حتى عن البكاء.
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 215 ح 263.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 100 ح 3. منه البحار: ج 44 ص 291.

شعبة، عن عبداللّه بن غالب قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فأنشدته مرثية الحسين [بن عليّ (عليهما السّلام)] فلمّا انتهيت إلى هذا الموضع:

لبليّة تسقو حسينا بمسقاة الثّرى غير التراب(1)

فصاحت باكية من وراء السّتر: وا أبتاه(2)5556 - أمالي الصدوق: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيي العطار قال: حدثنا أبي محمّد بن يحيي قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن يحيي ابن عمران الاشعري، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن عليّ بن المغيرة، عن أبي عمار المنشد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال لي: يا أبا عمار أنشدني في الحسين بن عليّ (عليه السّلام).

قال: فأنشدته فبكى ثمّ أنشدته فبكى قال: فواللّه ما زلت أنشده ويبكي حتّى سمعت البكاء من الدار.

قال: فقال لي: يا أبا عمار من أنشد في الحسين بن علي (عليه السّلام) [شعرا] فأبكى خمسين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين شعرا فأبكى ثلاثين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين [شعرا] فأبكى عشرين فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين [شعرا] فأبكى عشرة فله الجنّة ومن أنشد في الحسين [شعرا] فأبكى واحدا فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين [شعرا] فبكى فله الجنّة، ومن أنشد في الحسين [شعرا] فتباكى فله

ص:258


1- (1) - في كتاب أدب الطف: ج 1 ص 231 جاء بيت الشعر هكذا: فيا لبليّة تكسو حسينا بمسقاه الثرى عفر التراب
2- (2) - كامل الزيارات: ص 105 ح 3. منه البحار: ج 44 ص 286.

الجنّة(1).

ثواب الاعمال: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي اللّه عنه)، عن محمّد بن يحيي العطار، عن محمد بن أحمد، عن محمد ابن الحسين، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن الحسن بن علي ابن أبي المغيرة، عن أبي عمارة المنشد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

كامل الزيارات: حدثني أبو العباس، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن حسن بن علي بن أبي المغيرة، عن أبي عمارة المنشد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

5557 - ثواب الاعمال: حدثني محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيي العطّار، عن محمّد بن أحمد [الأشعريّ ]، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: من أنشد في الحسين (عليه السّلام) بيتا من شعر(4) فبكى وأبكى عشرة فله ولهم الجنّة ومن أنشد في الحسين بيتا فبكى وأبكى تسعة فله ولهم الجنّة، فلم يزل حتّى قال: [و] من أنشد في الحسين (عليه السّلام) شعرا(5) فبكى - وأظنّه قال أو تباكى - فله الجنّة(6).

ص:259


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 1212 ح 6.
2- (2) - ثواب الاعمال: ص 109 ح 2.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 104 ح 2. منها البحار ج 44 ص 282.
4- (4) - بيت شعر - كامل الزيارات.
5- (5) - بيتا - كامل الزيارات.
6- (6) - ثواب الاعمال: ص 110 ح 3.

كامل الزيارات: حدّثني محمّد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن اسماعيل مثله(1).

كامل الزيارات: حدثني محمد بن أحمد بن الحسين العسكري، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن محمد بن سنان، عن محمّد بن اسماعيل مثله(2).

5558 - كامل الزيارات: حدثني حكيم بن داود، عن سلمة، عن عليّ بن سيف، عن بكربن محمّد، عن فضيل بن فضالة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: من ذكرنا عنده ففاضت عيناه حرّم اللّه وجهه على النار(3).

5559 - اختيار معرفة الرجال: حدثني نصر بن الصباح، قال:

حدثني أحمد بن محمّد بن عيسى، عن يحيي بن عمران، قال: حدثنا محمد بن سنان، عن زيد الشحّام، قال: كنّا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) ونحن جماعة من الكوفيّين فدخل جعفر بن عفان (عثمان) على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقرّ به وأدناه ثمّ قال: يا جعفر.

قال: لبّيك جعلنى اللّه فداك.

قال: بلغني أنك تقول الشعر في الحسين (عليه السّلام) وتجيد.

فقال له: نعم جعلني اللّه فداك.

فقال: قل.

ص:260


1- (1) - كامل الزيارات: ص 105 ح 4.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 106 ح 7. منها البحار: ج 44 ص 289.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 104 ح 10. منه البحار: ج 44 ص 285.

فأنشده (عليه السّلام) [فبكى] ومن حوله، حتّى صارت [له](1)الدّموع على وجهه ولحيته.

ثمّ قال: يا جعفر واللّه لقد شهدك ملائكة اللّه المقرّبون ههنا يسمعون قولك في الحسين (عليه السّلام) ولقد بكوا كما بكينا أو أكثر، ولقد أوجب اللّه تعالى لك يا جعفر في ساعته(2) الجنّة بأسرها، وغفر اللّه لك.

فقال: يا جعفر ألا أزيدك ؟

قال: نعم يا سيّدي.

قال: ما من أحد قال في الحسين شعرا فبكى وأبكى به إلاّ أوجب اللّه له الجنّة وغفر له(3).

باب (10) الامام الحسين عليه السّلام قتيل العبرة

5560 - كامل الزيارات: حدثني علي بن الحسين السعدآباديّ ، قال: حدثني أحمد بن أبي عبداللّه البرقيّ ، عن أبيه، عن ابن مسكان، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال الحسين [بن عليّ ] (عليه السّلام): أنا قتيل العبرة قتلت مكروبا،

ص:261


1- (1) - ما بين المعقوفتين ليس في البحار.
2- (2) - لعلّ الظاهر: في ساعتك، أو يرجع الضمير الى الانشاد أي أوجب اللّه لك الجنّة في ساعة إنشاد الشعر.
3- (3) - إختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 574 ح 508. منه البحار: ج 44 ص 282.

وحقيق على أن لا يأتيني مكروب قطّ إلاّ ردّه اللّه [أ] وأقلبه(1) إلى أهله مسرورا.

حدثني حكيم بن داود، عن سلمة بن الخطاب، عن محمد بن عمرو، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(2).

البحار - بيان: قوله: «أنا قتيل العبرة» أي قتيل منسوب إلى العبرة والبكاء، وسبب لها، أو أقتل مع العبرة والحزن وشدّة الحال.

والأول أظهر.

5561 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن الحسن بن موسى [الخشّاب]، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال الحسين (عليه السّلام): أنا قتيل العبرة(3).

كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن محمد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:.... وذكر مثله4.

5562 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، وعليّ بن الحسين ومحمد بن الحسن [ابن الوليد] (رحمهم اللّه جميعا)، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن سعيد بن جناح، عن أبي يحيي الحذّاء، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نظر أمير المؤمنين إلى الحسين (عليهما السّلام)

ص:262


1- (1) - أقلبه وقلبه: حوّله عن وجهه. (أقرب الموارد).
2- (2) - كامل الزيارات: ص 109 ح 7. منه البحار: ج 44 ص 279.
3- (3و4) - كامل الزيارات: ص 108 ح 4 و 5. منه البحار: ج 44 ص 280.

فقال: يا عبرة كلّ مؤمن.

فقال: أنا يا أبتاه ؟

فقال: نعم، يا بنيّ (1).

5563 - كامل الزيارات: حدثني جماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن الحسين بن (عبيد) عبداللّه، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن الحسن بن عليّ بن عبداللّه بن المغيرة، عن أبي عمارة المنشد قال: ما ذكر الحسين [بن عليّ ] عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) في يوم قطّ فرئي أبو عبداللّه (عليه السّلام) متبسما في ذلك اليوم إلى اللّيل، وكان [أبو عبداللّه (عليه السّلام)] يقول: الحسين (عليه السّلام) عبرة كلّ مؤمن(2).

5564 - أمالي الصدوق: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس قال: حدثنا أبي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحكم ابن المسكين الثقفي، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال أبو عبداللّه الحسين بن علي (عليه السّلام): أنا قتيل العبرة لايذكرني مؤمن الاّ استعبر(3).

كامل الزيارات: حدثني أبي، عن سعد بن عبداللّه، عن الحسن ابن موسى الخشّاب، عن اسماعيل بن مهران، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): قال

ص:263


1- (1) - كامل الزيارات: ص 108 ح 1. منه البحار: ج 44 ص 280.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 108 ح 2. منه البحار: ج 44 ص 280.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 118 ح 7.

الحسين بن علي (عليهما السّلام).... وذكر مثله(1).

5565 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن الحسن، عن محمد ابن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيّ ، عن أبان الاحمر، عن محمّد بن الحسين الخزّاز، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كنّا عنده فذكرنا الحسين [بن عليّ ] (عليه السّلام وعلى قاتله لعنة اللّه) فبكى أبو عبداللّه (عليه السّلام) وبكينا، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: قال الحسين [بن عليّ ] (عليه السّلام): أنا قتيل العبرة لايذكرني مؤمن إلاّ بكى، وذكر الحديث(2).

5566 - مستدرك الوسائل: مجموعة الشهيد نقلا من كتاب (الانوار) لابي علي محمّد بن همام، حدثنا أحمد بن أبي هراسة الباهلي قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق الأحمري قال: حدثنا حمّاد بن اسحاق الانصاري، عن ابن سنان، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، قال: نظر النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) إلى الحسين بن علي (عليهما السّلام) وهو مقبل، فأجلسه في حجره وقال: إنّ لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لاتبرد أبدا.

ثم قال (عليه السّلام): بأبي قتيل كلّ عبرة.

قيل: وما قتيل كلّ عبرة يابن رسول اللّه ؟

قال: لا يذكره مؤمن إلاّ بكى(3).

ص:264


1- (1) - كامل الزيارات: ص 108 ح 3. منهما البحار: ج 44 ص 284.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 108 ح 6. منه البحار: ج 44 ص 279.
3- (3) - مستدرك الوسائل: ج 10 ص 318.

باب (11) الشيخ المؤمن

مع الإمام الصادق عليه السّلام 5567 - أمالي الطوسي: حدثنا محمّد بن محمّد قال: حدثنا أبو القاسم جعفر بن محمّد بن قولويه (رحمه اللّه) قال: حدثني أبي قال:

حدثني سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب الزراد، عن أبي محمّد الأنصاري، عن معاوية بن وهب قال: كنت جالسا عند جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) اذ جاء شيخ قد انحنى من الكبر فقال: السلام عليك ورحمة اللّه وبركاته.

فقال له أبو عبداللّه: وعليك السلام ورحمة اللّه وبركاته، يا شيخ ادن منّي، فدنا منه فقبّل يده فبكى.

فقال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): وما يبكيك يا شيخ ؟

قال له: يابن رسول اللّه أنا مقيم على رجاء منكم منذ نحو من مائة سنة أقول هذه السنة وهذا الشهر وهذا اليوم ولا أراه فيكم، فتلومني ان أبكي ؟! قال: فبكى أبو عبداللّه (عليه السّلام) ثم قال: يا شيخ ان اخّرت منيتك كنت معنا، وان عجّلت كنت يوم القيامة مع ثقل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

فقال الشيخ: ما أبالي ما فاتني بعد هذا يابن رسول اللّه.

فقال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا شيخ ان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا: كتاب اللّه المنزل، وعترتي أهل بيتي تجيء و أنت معنايوم القيامة.

ص:265

قال: يا شيخ ما أحسبك من أهل الكوفة.

قال: لا.

قال: فمن أين أنت ؟

قال: من سوادها جعلت فداك.

قال: أين أنت من قبر جدي المظلوم الحسين (عليه السّلام)؟

قال: إنّى لقريب منه.

قال: كيف اتيانك له ؟

قال: اني لآتيه وأكثر.

قال: يا شيخ ذاك دم يطلب اللّه تعالى به، ما أصيب ولد فاطمة ولا يصابون بمثل الحسين (عليه السّلام)، ولقد قتل (عليه السّلام) في سبعة عشر من أهل بيته نصحوا للّه وصبروا في جنب اللّه، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين، انه اذا كان يوم القيامة أقبل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ومعه الحسين (عليه السّلام) ويده على رأسه يقطر دما فيقول: ياربّ سل امتي فيم قتلوا ولدي.

وقال (عليه السّلام): كل الجزع والبكاء مكروه سوي الجزع والبكاء على الحسين (عليه السّلام)(1).

باب (12) استحباب البكاء والجزع على الامام الحسين عليه السّلام

5568 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن

ص:266


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 161 ح 268. منه البحار: ج 45 ص 313.

عبداللّه، عن أبي عبداللّه الجامورانيّ ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول:

إنّ البكاء والجزع مكروه للعبد في كلّ ما جزع، ما خلا البكاء والجزع على الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) فانّه فيه مأجور(1).

5569 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد قال: حدثنا أبو بكر محمّد بن عمر الجعابي، قال: حدّثنا أبو العباس أحمد بن محمّد ابن سعيد الهمداني، قال: حدثنا أحمد بن عبدالحميد بن خلف، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عتبة، عن حسين الاشقر، عن محمّد ابن أبي عمارة الكوفي، قال: سمعت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: من دمعت عينه [فينا] دمعة لدم سفك لنا، أو حقّ لنا انقصناه، أو عرض إنتهك لنا، أو لاحد من شيعتنا، بوّأه(2) اللّه تعالى بها في الجنّة حقبا(3).

أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابي قال:

حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثنا

ص:267


1- (1) - كامل الزيارات: ص 100 ح 2. منه البحار: ج 44 ص 291.
2- (2) - بوّاه في الجنة: أي أنزله فيها وأسكنه، والحقب - بضمتين - أي الزمان الكثير، وفيه أقوال: قيل: الحقب ثمانون سنة من سني الآخرة كما في الحديث عن الامام الصادق (عليه السّلام)، وقيل الاحقاب: ثلاثة وأربعون حقبا، كل حقب سبعون خريفا وكل خريف سبعمائة سنة، كل سنة ثلاثمائة وستون يوما، كل يوم ألف سنة. (مجمع البحرين).
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 194 ح 330.

أحمد بن عبدالحميد بن خالد قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عتبة، عن الحسين الاشقر، عن محمد بن أبي عمارة الكوفي قال: سمعت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول:.... وذكر نحوه(1).

5570 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن عبداللّه بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبداللّه بن حمّاد البصري، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصم، عن مسمع بن عبدالملك كردين البصري قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا مسمع أنت من أهل العراق، أما تأتي قبر الحسين (عليه السّلام)؟

قلت: لا، أنا رجل مشهور عند أهل البصرة، وعندنا من يتّبع هوي هذا الخليفة، وعدونا كثير من أهل القبائل من النّصاّب وغيرهم، ولست امنهم أن يرفعوا خالي عند ولد سليمان فيمثّلون بي.

قال لي: أفما تذكر ما صنع به ؟

قلت: نعم.

قال: فتجزع ؟

قلت: إي واللّه وأستعبر لذلك، حتّى يري أهلي أثر ذلك عليّ ، فأمتنع من الطعام حتّى يستبين ذلك في وجهي.

قال: رحم اللّه دمعتك أما إنّك من الّذين يعدّون في أهل الجزع لنا، والّذين يفرحون لفرحنا، ويحزنون لحزننا، ويخافون لخوفنا، ويأمنون إذا أمنّا.

أما إنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيّتهم ملك

ص:268


1- (1) - أمالي المفيد: ص 174 ح 5. منهما البحار: ج 44 ص 279.

الموت بك، وما يلقّونك به من البشارة أفضل: [ما تقرّ به عينك قبل الموت](1) ولملك الموت أرقّ عليك وأشدّ رحمة لك من الأمّ الشفيقة على ولدها.

قال: ثمّ استعبر واستعبرت معه، فقال: الحمد للّه الّذي فضّلنا على خلقه بالرّحمة وخصّنا أهل البيت بالرّحمة.

يا مسمع إنّ الارض والسماء لتبكي منذ قتل أمير المؤمنين (عليه السّلام) رحمة لنا، وما بكى لنا من الملائكة أكثر، وما رقأت(2) دموع الملائكة منذ قتلنا، وما بكى أحد رحمة لنا ولما لقينا إلاّ رحمه اللّه قبل أن تخرج الدّمعة من عينه، فإذا سالت دموعه على خدّه، فلو أنّ قطرة من دموعه سقطت في جهنّم لا طفأت حرّها حتّى لايوجد لها حر.

وإنّ الموجع لنا قلبه ليفرح يوم يرانا عند موته فرحة لاتزال تلك الفرحة في قلبه حتّى يرد علينا الحوض، وإنّ الكوثر ليفرح بمحبّنا إذا ورد عليه، حتّى أنّه ليذيقه من ضروب الطعام ما لا يشتهي أن يصدر عنه.

يا مسمع من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا، ولم يستق بعدها أبدا وهو في برد الكافور وريح المسك وطعم الزنجبيل، أحلى من العسل، وألين من الزّبد وأصفى من الدّمع، وأذكى من العنبر، يخرج من تسنيم ويمرّ بأنهار الجنان يجري على رضراض(3) الدّرّ والياقوت، فيه من القدحان أكثر من عدد نجوم السماء، يوجد ريحه

ص:269


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - أي ما انقطعت الدموع. (مجمع البحرين).
3- (3) - الرضراض: الحصى الصغار (النهاية).

من مسيرة ألف عام قدحانه من الذّهب والفضّة وألوان الجوهر، يفوح في وجه الشّارب منه كلّ فائحة، حتى يقول الشارب منه: يا ليتني تركت هاهنا لا أبغي بهذا بدلا، ولا عنه تحويلا.

أما إنّك يابن كردين ممّن تروي منه، وما من عين بكت لنا إلاّ نعمت بالنظر إلى الكوثر، وسقيت منه من أحبّنا، وانّ الشارب منه(1)ليعطى من اللّذّة والطعم والشهوة له أكثر ممّا يعطاه من هو دونه في حبّنا.

وإنّ على الكوثر أمير المؤمنين (عليه السّلام) وفي يده عصا من عوسج، يحطم بها أعداءنا، فيقول الرّجل منهم: إنّي أشهد الشهادتين فيقول: انطلق إلى إمامك فلان فاسأله أن يشفع لك، فيقول: تبرّأ منّي إمامي الّذي تذكره.

فيقول: ارجع وراءك فقل للّذي كنت تتولاّه وتقدّمه على الخلق فاسأله إذا كان خير الخلق عندك أن يشفع لك [فانّ خير الخلق حقيق أن لا يردّ إذا شفع](2).

فيقول: إنّي أهلك عطشا؟

فيقول: زادك اللّه ظمأ، وزادك اللّه عطشا.

قلت: جعلت فداك وكيف يقدر على الدّنوّ من الحوض ولم يقدر عليه غيره ؟

قال: ورع عن أشياء قبيحة، وكفّ عن شتمنا اهل البيت إذا ذكرنا، وترك أشياء اجتريء عليها غيره، وليس ذلك لحبّنا، ولا لهوي

ص:270


1- (1) - وإن الشارب منه، ممّن أحبنا. خ ل «هامش البحار».
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.

منه لنا، ولكن ذلك لشدّة اجتهاده في عبادته وتديّنه، ولما قد شغل نفسه به عن ذكر الناس، فأمّا قلبه فمنافق، ودينه النّصب باتّباعه أهل النصب وولاية الماضين، وتقديمه لهما على كلّ أحد(1).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «وسقيت» إسناد السقي إليها مجازيّ لسببيّتها لذلك.

باب (13) الإمام الحسين عليه السّلام ينظر الى زوّاره والباكين عليه

5571 - أمالي الطوسي: أخبرنا أبو عبداللّه محمد بن محمّد قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن محمّد النحوي قال: حدثني أبو الحسين أحمد بن مازن قال: حدثني القاسم بن سليمان البزاز قال:

حدثني بكر بن هشام قال: حدثني اسماعيل بن مهران، عن عبداللّه ابن عبدالرحمن الاصم قال: حدثني محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: انّ الحسين بن علي (عليهما السّلام) عند ربّه (عزّوجلّ ) ينظر إلى موضع معسكره ومن حلّه من الشهداء معه، وينظر إلى زوّاره، وهو أعرف بحالهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنزلتهم عند اللّه (عزّوجلّ ) من أحدكم بولده، وإنّه ليري من يبكيه فيستغفر له ويسأل آباءه (عليهم السّلام) أن يستغفروا له، ويقول: «لو يعلم زائري ما أعدّ اللّه له لكان فرحه أكثر من جزعه»، وإنّ زائره لينقلب وما عليه من ذنب(2).

ص:271


1- (1) - كامل الزيارات: ص 101 ح 6. منه البحار: ج 44 ص 289.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 54 ح 74. منه البحار: ج 44 ص 281.

5572 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن الحسين ابن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن عبداللّه بن مغيرة، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصم، عن عبداللّه بن بكير الأرجاني، وحدّثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن محمّد بن الحسين، عن محمد بن عبداللّه بن زرارة، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصم، عن عبداللّه بن بكير قال: حججت مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) - في حديث طويل - فقلت: يابن رسول اللّه لو نبش قبر الحسين بن علي (عليهما السّلام) هل كان يصاب في قبره شيء؟

فقال: يابن بكير ما أعظم مسائلك، إنّ الحسين (عليه السّلام) مع أبيه وأمّه وأخيه في منزل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ومعه يرزقون ويحبرون(1)، وأنه لعن يمين العرش متعلق به يقول: ياربّ أنجز لي ما وعدتني، وإنّه لينظر الى زوّاره، وإنه أعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وما في رحالهم من أحدهم بولده، وانّه لينظر إلى من يبكيه فيستغفر له ويسأل أباه الاستغفار له ويقول: «أيّها الباكي لو علمت ما أعدّ اللّه لك لفرحت أكثر ممّا حزنت» وإنّه ليستغفر له من كل ذنب وخطيئة(2).

ص:272


1- (1) - يحبرون: أي ينعّمون ويكرمون ويسرون من الحبور وهو السرور. (مجمع البحرين).
2- (2) - كامل الزيارات: ص 103 ح 7. منه البحار: ج 44 ص 292.

باب (14) اقامة المأتم على الامام الحسين عليه السّلام

5573 - الكافي: عليّ بن محمد، عن سهل بن زياد، عن محمّد ابن أحمد، عن الحسن بن عليّ ، عن يونس، عن مصقلة الطحّان قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لمّا قتل الحسين (عليه السّلام) أقامت امرأته الكلبيّة(1) عليه مأتما وبكت وبكين النساء والخدم حتى جفّت دموعهنّ وذهبت، فبينا هي كذلك إذا رأت جارية من جواريها تبكي ودموعها تسيل فدعتها فقالت لها: مالك أنت من بيننا تسيل دموعك ؟

قالت: إنّي لمّا أصابني الجهد شربت شربة سويق(2).

قال: فأمرت بالطعام والاسوقة، فأكلت وشربت وأطعمت وسقت وقالت: إنّما نريد بذلك أن نتقوّي على البكاء على الحسين (عليه السّلام).

قال: واهدي إلى الكلبيّة جونا(3) لتستعين بها على مأتم الحسين (عليه السّلام) فلمّا رأت الجون قالت: ما هذه ؟

قالوا: هديّة أهداها فلان لتستعيني على مأتم الحسين (عليه السّلام).

ص:273


1- (1) - وهي - رباب - بنت إمريء القيس الكلبي ام سكينة بنت، الحسين (عليه السّلام) (مرآة العقول).
2- (2) - السويق: دقيق مقلو يعمل من الحنطة أو الشعير (مجمع البحرين).
3- (3) - الجون: ضرب من القطا سواد البطون والأجنحة. (مجمع البحرين).

فقالت: لسنا في عرس، فما نصنع بها ثمّ أمرت بهنّ فاخرجن من الدار فلمّا اخرجن من الدار لم يحسّ لها حسّ كأنّما طرن بين السماء والارض ولم ير لهنّ بها بعد خروجهنّ من الدار أثر(1).

باب (15) كراهة صوم يوم عاشوراء

5574 - الكافي: الحسن بن علي الهاشميّ ، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن أبان، عن عبدالملك قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن صوم تاسوعا وعاشورا من شهر المحرّم ؟

فقال: تاسوعا يوم حوصر فيه الحسين (عليه السّلام) وأصحابه (رضي اللّه عنهم) بكربلا واجتمع عليه خيل أهل الشّام وأناخوا عليه وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بتوافر الخيل وكثرتها واستضعفوا فيه الحسين (صلوات اللّه عليه) وأصحابه (رضي اللّه عنهم) وأيقنوا أن لا يأتي الحسين (عليه السّلام) ناصر ولا يمدّه أهل العراق - بأبي المستضعف الغريب -.

ثمّ قال: وأمّا يوم عاشورا فيوم اصيب فيه الحسين (عليه السّلام) صريعا بين أصحابه، وأصحابه صرعى حوله [عراة] أفصوم يكون في ذلك اليوم ؟! كلاّ وربّ البيت الحرام ما هو يوم صوم وما هو إلاّ يوم حزن ومصيبة دخلت على أهل السماء وأهل الارض وجميع المؤمنين، ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وال زياد وأهل الشام (غضب اللّه

ص:274


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 466 ح 9.

عليهم وعلى ذريّاتهم).

وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صامه أو تبرّك به حشره اللّه مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه، ومن ادّخر إلى منزله ذخيرة أعقبه اللّه تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده، وشاركه الشيطان في جميع ذلك(1).

باب (16) الامام الحسين عليه السّلام أخبر أصحابه بالشهادة

5575 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن عليّ بن إسماعيل بن عيسى، عن صفوان بن يحيى، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) [قال:] إنّ الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) قال لاصحابه يوم اصيبوا: أشهد أنّه قد اذن في قتلكم فاتّقوا اللّه واصبروا.

حدّثني محمّد بن جعفر الرزاز، عن خاله محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن النعمان، عن الحسين بن أبي العلاء مثله(2).

5576 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) وجماعة مشايخي، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد [الأهوازيّ ]، عن النضر بن سويد، عن يحيي بن عمران الحلبيّ ، عن

ص:275


1- (1) - الكافي: ج 4 ص 147 ح 7.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 73 ج 7. منه البحار: ج 45 ص 86.

الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الحسين (عليه السّلام) صلّى بأصحابه يوم اصيبوا ثمّ قال: أشهد أنّه قد اذن في قتلكم يا قوم فاتّقوا اللّه واصبروا(1).

5577 - كامل الزيارات: حدثني الحسن بن عبداللّه، عن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن الحلبيّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ الحسين (عليه السّلام) صلّى بأصحابه الغداة ثمّ التفت إليهم فقال: إنّ اللّه قد أذن في قتلكم فعليكم بالصبر(2).

باب (17) الإمام الحسين عليه السّلام اختار الشهادة على النصر

5578 - اللهوف في قتلى الطفوف: روي عن مولانا الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: سمعت أبي (عليه السّلام) يقول: لمّا التقى الحسين (عليه السّلام) وعمر بن سعد (لعنه اللّه) وقامت الحرب، انزل اللّه تعالى النّصر حتّى رفرف على رأس الحسين (عليه السّلام) ثمّ خيّر بين النّصر على أعدائه وبين لقاء اللّه تعالى، فاختار لقاء اللّه. رواها ابو طاهر محمد بن الحسين النرسي في كتاب معالم الدين(3).

5579 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا جعفر بن عبداللّه المحمدي قال: حدّثني شريف بن سابق

ص:276


1- (1) - كامل الزيارات: ص 73 ح 10. منه البحار: ج 45 ص 87.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 73 ح 8. منه البحار: ج 45 ص 86.
3- (3) - اللّهوف في قتلى الطفوف: ص 44. منه البحار: ج 45 ص 12.

التفليسي، عن الفضل بن أبي قرّة التفليسي [السمندي]، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّه قال: المؤمنون يبتلون ثمّ يميّزهم اللّه عنده، إنّ اللّه لم يؤمن المؤمنين من بلاء الدّنيا ومرائرها، ولكن امنهم فيها من العمى والشقاء في الآخرة، ثمّ قال: كان الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) يضع قتلاه بعضهم إلى بعض، ثمّ يقول: قتلانا قتلى النبيّين [وال النبيّين](1).

باب (18) غضب اللّه على الأمّة الضالّة فلم يوفّقهم للعيدين

5580 - الكافي: عليّ بن محمّد، عمّن ذكره، عن محمّد بن سليمان، عن عبداللّه بن لطيف التفليسيّ ، عن رزين قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لما ضرب الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) بالسيف فسقط رأسه ثمّ ابتدر(2) ليقطع رأسه نادي مناد من بطنان العرش: «ألا أيّتها الامّة المتحيّرة الضالّة بعد نبيّها لا وفّقكم اللّه لاضحى ولا لفطر».

قال: ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): فلاجرم واللّه ما وفّقوا ولا يوفّقون حتّى يثأر(3) ثائر الحسين (عليه السّلام)(4).

ص:277


1- (1) - غيبة النعماني: ص 211 ح 19. منه البحار: ج 45 ص 80.
2- (2) - وسقط ثم ابتدر - الفقيه.
3- (3) - حتى يثور - الفقيه.
4- (4) - الكافي: ج 4 ص 170 ح 3.

من لايحضره الفقيه: روي عبداللّه بن لطيف التفليسي مثله(1).

علل الشرايع: حدثنا علي بن أحمد (رحمه اللّه) قال: حدثني محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمد، عمن ذكره، عن محمد بن سليمان، عن عبداللّه بن الجنيد التفليسي، عن رزين قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):.... وذكر نحوه(2).

5581 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا الحسن بن متيل الدقاق، قال: حدّثنا يعقوب بن يزيد، عن علي بن الحسن بن علي بن فضال، عن الديلمي وهو سليمان، عن عبداللّه بن لطيف التفليسي قال: قال الصادق أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): لمّا ضرب الحسين بن عليّ (عليه السّلام) بالسيّف ثمّ ابتدر ليقطع رأسه نادي مناد من قبل ربّ العزّة (تبارك وتعالى) من بطنان العرش فقال: ألا أيّتها الأمّة المتحيّرة الظالمة بعد نبيّها لا وفّقكم اللّه لأضحى ولا فطر.

قال: ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لاجرم واللّه ما وفّقوا ولا يوفّقون أبدا حتّى يقوم ثائر الحسين (عليه السّلام)(3).

ص:278


1- (1) - من لايحضره الفقيه: ج 2 ص 175 ح 2059.
2- (2) - علل الشرايع: ص 389 ح 2.
3- (3) - أمالي الصدوق: ص 142 ح 5. منه البحار: ج 45 ص 217. والمقصود من ثائر الحسين (عليه السّلام) هو الامام المهدي (عليه السّلام) الذي يطلب بثار الامام الحسين (عليه السّلام).

باب (19) ما أصاب الإمام الحسين عليه السّلام من الضرب والطعن

5582 - اللهوف في قتلى الطفوف: قال الصادق (عليه السّلام):

وجد بالحسين (عليه السّلام) ثلاث وثلاثون طعنة واربع وثلاثون ضربة(1).

5583 - شرح الاخبار: ابن أبي أيسر، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: وجد في الحسين (عليه السّلام) بعد ان قتل ثلاث وثلاثون طعنة، وأربع وأربعون ضربة ورمية(2).

5584 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه أحمد بن عبدون، عن ابن الزبير، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العبّاس [بن عامر]، عن أبي عمارة، عن معاذ بن مسلم قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: وجد بالحسين بن علي (صلوات اللّه عليهما) [نيّف وسبعون طعنة و] نيّف وسبعون ضربة بالسيف(3).

باب (20) كان الإمام الحسين عليه السّلام مختضبا بالوسمة يوم شهادته

5585 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه،

ص:279


1- (1) - اللهوف في قتلى الطفوف: ص 56.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 3 ص 164 ح 1092.
3- (3) - أمالي الطوسي: ص 676 ح 1431، منه البحار: ج 45 ص 82.

عن عدّة من أصحابه، عن عليّ بن أسباط، عن عمّه يعقوب بن سالم قال: قال ابو عبداللّه (عليه السّلام): قتل الحسين (صلوات اللّه عليه) وهو مختضب بالوسمة(1).

5586 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن يونس، عن أبي بكر الحضرميّ قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن الخضاب بالوسمة ؟

فقال: لا بأس قد قتل الحسين (عليه السّلام) وهو مختضب بالوسمة(2).

باب (21) العباس عليه السّلام: ساقي عطاشى كربلاء

5587 - شرح الأخبار: اسماعيل بن أوس، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: عبّأ الحسين بن علي أصحابه يوم الطف وأعطى الراية أخاه العباس بن علي.

وسمّي العباس: السّقاء، لانّ الحسين (عليه السّلام) عطش، وقد منعوه الماء، وأخذ العباس قربة ومضى نحو الماء، واتبعه إخوته من ولد علي (عليه السّلام): عثمان، وجعفر، وعبداللّه، فكشفوا أصحاب عبيداللّه عن الماء. وملأ العباس القربة، وجاء بها فحملها على ظهره الى الحسين وحده، وقد قتل إخوته عثمان وجعفر وعبداللّه في المعركة

ص:280


1- (1) - الكافي: ج 6 ص 483 ح 5.
2- (2) - الكافي: ج 6 ص 483 ح 6.

على الماء، ولم يكن لاحد منهم عقب. وورثهم العباس وقتل بعدهم يومئذ، وخلف ولده عبيداللّه بن العباس، وبقى محمد وعمرو ابنا علي (عليه السّلام) وأما محمّد، فسلّم لعبيداللّه بن العباس حصّته من تراث عثمان وجعفر وعبداللّه ابناء علي (عليه السّلام).

وأماّ عمرو بن علي، فكان اصغر ولد علي، وقام بعد ذلك في حظه من ميراث اخوته: عثمان وجعفر وعبداللّه حتى صولح وارضي في ذلك.

وكان العباس وعثمان وعبداللّه وجعفر، بنو علي (عليه السّلام) امهم ام البنين بنت [حزام] بن خالد بن ربيعة بن الوليد. وعمرو بن علي لاشقيق له، وانما شقيقته رقيّة الكبرى، امها الصهباء - بذلك تعرف - واسمها: ام حبيب بنت ربيعة(1).

باب (22) الامام الحسين عليه السّلام ورؤيا الشهادة

5588 - كامل الزيارات: حدثني جماعة مشايخي منهم عليّ بن الحسين ومحمد بن الحسن، عن سعد، عن أحمد بن محمّد ومحمّد ابن الحسين وإبراهيم بن هاشم جميعا، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن شهاب بن عبد ربّه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: لمّا صعد الحسين بن عليّ (عليه السّلام) عقبة البطن قال لاصحابه: ما أراني إلاّ مقتولا.

ص:281


1- (1) - شرح الاخبار: ج 3 ص 182 ح 1125.

قالوا: وما ذاك يا أبا عبداللّه ؟

قال: رؤيا رأيتها في المنام.

قالوا: وما هي ؟

قال: رأيت كلابا تنهشني، أشدّها عليّ كلب أبقع(1) و(2).

باب (23) بنو امية قتلة الإمام الحسين عليه السّلام

5589 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن يحيى الخثعميّ ، عن طلحة بن زيد، عن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن علي (عليهم السّلام) قال: قال: والّذي نفس حسين بيده لا ينتهي(3) بني اميّة ملكهم حتّى يقتلوني، وهم قاتليّ ، فلو قد قتلوني لم يصلوا جميعا أبدا، ولم يأخذوا عطاء في سبيل اللّه جميعا أبدا، إنّ أوّل قتيل هذه الامّة أنا وأهل بيتي، والّذي نفس حسين بيده لاتقوم الساعة وعلى الارض هاشميّ يطرق.

حدثني أبي (رحمه اللّه) عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمّد بن يحيى الخزّاز، عن طلحة، عن جعفر (عليه السّلام) مثله(4).

ص:282


1- (1) - الابقع: ما خالط بياضه لون آخر. ويقال للأبرص: الابقع. (لسان العرب).
2- (2) - كامل الزيارات: ص 75 ح 14. منه البحار: ج 45 ص 87.
3- (3) - لا يهنّيء - البحار.
4- (4) - كامل الزيارات: ص 74 ح 13. منه البحار: ج 45 ص 88 وفيه: هاشمي يطرف.

البحار - بيان: لعلّ المعنى: لم يوفق الناس للصّلاة جماعة مع إمام الحقّ ولا أخذ الزّكاة وحقوق اللّه على ما يحب اللّه إلى قيام القائم (عليه السّلام) وآخر الخبر إشارة إلى ما يصيب بني هاشم من الفتن في آخر الزمان.

باب (24) الإمام الحسين عليه السّلام سيّد الشهداء

5590 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر الرزاز، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن إسماعيل، عمّن حدّثه، عن عليّ بن أبي حمزة، عن الحسين بن أبي العلاء وأبي المغرا و عاصم بن حميد الحناط جماعتهم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما من شهيد إلاّ وهو يحبّ لو أنّ الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) حيّ حتّى يدخلون الجنّة معه(1).

باب (25) عظمة أصحاب الإمام الحسين عليه السّلام

5591 - علل الشرايع: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق [الطالقاني] (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيى الجلودي قال: حدثنا محمّد بن زكريا الجوهري قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن عمارة، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له:

ص:283


1- (1) - كامل الزيارات: ص 111 ح 7. منه البحار: ج 44 ص 298.

أخبرني عن أصحاب الحسين (عليه السّلام) وإقدامهم على الموت.

فقال: إنّهم كشف لهم الغطاء حتّى رأوا منازلهم من الجنّة فكان الرّجل منهم يقدم على القتل ليبادر إلى حوراء يعانقها وإلى مكانه من الجنة(1).

باب (26) الذين لم يبكوا على الإمام الحسين عليه السّلام

5592 - أمالي الطوسي: حدثنا أبو عبداللّه محمّد بن محمّد، قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد (رحمه اللّه) قال: حدثني أبي، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عمير، عن الحسين بن أبي فاختة قال: كنت أنا وأبو سلمة السراج ويونس بن يعقوب والفضيل بن يسار عند أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقلت له: جعلت فداك إني أحضر مجالس هؤلاء القوم فأذكركم في نفسي فأي شيء أقول ؟.

فقال: يا حسين إذا حضرت مجالسهم فقل: «اللهم أرنا الرخاء والسرور» فإنّك تأتى على ما تريد.

قال: فقلت: جعلت فداك إنّي أذكر الحسين بن علي (عليهما السّلام) فأي شيء أقول إذا ذكرته ؟

فقال: قل: «صلّى اللّه عليك يا أبا عبداللّه» تكررها ثلاثا. ثمّ أقبل علينا وقال: إنّ أبا عبداللّه الحسين (عليه السّلام) لما قتل بكت

ص:284


1- (1) - علل الشرايع: ص 226 ح 1. منه البحار: ج 44 ص 297.

عليه السماوات السبع والأرضون السبع وما فيهن وما بينهن ومن يتقلّب في الجنة والنار وما يرى وما لا يرى إلاّ ثلاثة أشياء فإنّها لم تبك عليه.

فقلت: جعلت فداك وما هذه الثلاثة الاشياء التي لم تبك عليه ؟

فقال: البصرة ودمشق وآل الحكم بن أبي العاص(1).

5593 - كامل الزيارات: حدثني أبي، عن سعد بن عبداللّه، عن الحسين بن عبيداللّه، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان، عن عبد الجبّار النهاوندي، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثوير، عن يونس وأبي سلمة السرّاج والمفضّل بن عمر قالوا: سمعنا أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لمّا مضى الحسين بن عليّ (صلوات اللّه عليهما) بكى عليه جميع ما خلق اللّه إلاّ ثلاثة أشياء: البصرة، ودمشق، وآل عثمان(2).

5594 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن القاسم بن يحيى، عن الحسن بن راشد، عن الحسين بن ثوير، قال: كنت أنا ويونس بن ظبيان والمفضّل بن عمر، وأبو سلمة السراج جلوسا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فكان المتكلّم يونس وكان أكبرنا سنّا وذكر حديثا طويلا يقول: ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ أبا عبداللّه (عليه السّلام) لمّا مضى بكت عليه السّماوات السبع [وما فيهنّ ] والأرضون السبع وما فيهنّ ، وما بينهنّ ، و ماينقلب في الجنّة والنار من خلق ربّنا، وما يرى وما لايري بكى على أبي عبداللّه (عليه السّلام) إلّا ثلاثة أشياء لم تبك عليه.

ص:285


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 54 ح 73. منه البحار: ج 44 ص 301.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 80 ح 4. منه البحار: ج 45 ص 206.

قلت: جعلت فداك ما هذه الثلاثة أشياء؟

قال: لم تبك عليه البصرة، ولا دمشق، ولا آل عثمان بن عفان [عليهم لعنة اللّه] وذكر الحديث(1).

باب (27) عذاب قاتل الإمام الحسين عليه السّلام

5595 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): [بالاسانيد الثلاثة(2)، عن الرّضاء، عن آبائه (عليهم السّلام)] قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ قاتل الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) في تابوت من نار، عليه نصف عذاب أهل الدّنيا، وقد شدّت يداه ورجلاه بسلاسل من نار، منكس في النار، حتّى يقع في قعر جهنّم، وله ريح يتعوذ أهل النار إلى ربّهم من شدّة نتنه، وهو فيها خالد ذائق العذاب الاليم، مع جميع من شايع على قتله، كلّما نضجت جلودهم بدّل اللّه (عزّوجلّ ) عليهم الجلود [غيرها] حتّى يذوقوا العذاب الاليم لايفترّ عنهم ساعة، ويسقون من حميم جهنّم، فالويل لهم من عذاب اللّه تعالى في النار(3).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عنه (عليه السّلام)، عن آبائه (عليهم السّلام) نحوه(4).

ص:286


1- (1) - كامل الزيارات: ص 80 جه. منه البحار: ج 45 ص 206.
2- (2) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 47 ح 178.
4- (4) - صحيفة الامام الرضا: ص 123 ح 81. منهما البحار: ج 44 ص 300.

5596 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): [بالأسانيد الثلاثة، عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام)] قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ موسى بن عمران (عليه السّلام) سأل ربّه (عزّوجلّ ) فقال: يا ربّ إنّ أخي هارون مات فاغفر له.

فأوحى اللّه تعالى إليه: يا موسى لو سألتني في الأوّلين والآخرين لأجبتك، ما خلا قاتل الحسين بن عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فانّي أنتقم له من قاتله(1).

صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام): باسناده عن الرضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ موسى بن عمران [سال ربّه] ورفع يديه وقال:.... وذكر مثله(2).

باب (28) قاتل الإمام الحسين عليه السّلام ولد زنا

5597 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه تعالى) وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد، عن كليب بن معاوية، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان قاتل يحيي بن زكريّا ولد زنا، وكان قاتل الحسين (عليه السّلام) ولد زنا، ولم تبك السماء عليهما.

حدّثني محمّد بن الحسن ومحمد بن أحمد بن الحسين جميعا،

ص:287


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 47 ح 179.
2- (2) - صحيفة الامام الرضا: ص 263 ح 204. منهما البحار: ج 44 ص 300.

عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه، عن الحسن، عن فضالة بن أيّوب، عن كليب بن معاوية الأسدي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(1).

5598 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن مروان بن مسلم، عن إسماعيل بن كثير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان قاتل الحسين ابن عليّ (عليهما السّلام) ولد زنا، وكان قاتل يحيى بن زكريّا (عليه السّلام) ولدزنا، ولم تبك السماء والارض إلّا لهما. وذكر الحديث(2) و(3).

5599 - كامل الزيارات: حدثني أبي، عن محمّد بن الحسن بن مهزيار، عن أبيه، عن [جدّه] عليّ بن مهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن داود بن فرقد قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان الّذي قتل الحسين بن علي (عليهما السّلام) ولد زنا، والّذي قتل يحيى بن زكريّا ولد زنا، وقال: احمرّت السماء حين قتل الحسين بن علي (صلوات اللّه عليه) سنة ثمّ قال: بكت السماء والأرض على الحسين بن علي وعلى يحيى بن زكريّا وحمرتها بكاؤها(4)5600 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه تعالى) وجماعة

ص:288


1- (1) - كامل الزيارات: ص 77 ح 1. منه البحار: ج 44 ص 302.
2- (2) - لعلّ قوله: «وذكر الحديث» إشارة الى ذيل الحديث الذي ذكره قبل هذا الحديث وهو قوله - قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لا يقتل الأنبياء وأولاد الانبياء الاّ ولد زنا.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 79 ح 11. منه البحار: ج 14 ص 183.
4- (4) - كامل الزيارات: ص 93 ح 21. منه البحار: ج 45 ص 213.

مشايخي، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن غير واحد، عن جعفر بن بشير، عن حمّاد، عن عامر بن معقل، عن الحسن بن زياد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان قاتل يحيي ابن زكريّا ولد زنا، وقاتل الحسين (عليه السّلام) ولد زنا، ولم تبك السماء على أحد إلّا عليهما.

قال: قلت: وكيف تبكي ؟

قال: تطلع الشمس في حمرة وتغيب في حمرة.

حدّثني محمّد بن جعفر القريشي، عن محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير باسناده مثله(1).

5601 - ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد القنديّ ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن عيص بن القاسم قال: ذكر عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) قاتل الحسين [بن عليّ ] (عليهما السّلام) فقال بعض أصحابه: كنت أشتهي أن ينتقم اللّه منه في الدّنيا.

[ف] قال: كأنّك تستقلّ له عذاب اللّه، وما عند اللّه أشدّ عذابا وأشدّ نكالا(2).

5602 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن فرقد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان الّذي قتل الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) ولد زنا، والّذي قتل يحيي بن زكريّا (عليه

ص:289


1- (1) - كامل الزيارات: ص 91 ح 14. منه البحار: ج 45 ص 212.
2- (2) - ثواب الاعمال: ص 257 ح 1. منه البحار: ج 44 ص 301.

السّلام) ولد زنا(1).

كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) ومحمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن ابن فضال، عن ابن بكير، عن زرارة، عن عبد الخالق، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

5603 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن ابراهيم بن هاشم، عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه، عن ابن مسكان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قاتل الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) ولد زنا(3).

5604 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمّد بن عمر ابن محمّد بن سلم بن البرّاء الجعابي، قال: حدثني أبو محمّد الحسن ابن عبداللّه بن محمّد بن العباس الرازي التميمي، قال: حدثني سيدي علي بن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي محمّد ابن علي، قال: حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثني أبي الحسين ابن علي، عن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): يقتل الحسين شرّ الامّة، ويتبرّأ من ولده من يكفر بي(4).

ص:290


1- (1) - كامل الزيارات: ص 78 ح 6. منه البحار: ج 14 ص 184.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 78 ح 4. منه البحار: ج 44 ص 303.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 78 ح 8. منه البحار: ج 44 ص 303.
4- (4) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 64 ح 277. منه البحار: ج 44 ص 300.

باب (29) ثواب من شرب الماء وذكر الإمام الحسين عليه السّلام

5605 - الكافى: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن جعفر، عمّن ذكره، عن الخشّاب، عن عليّ بن الحسّان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن داود الرقّي قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذا استسقى الماء فلمّا شربه رأيته قد استعبر واغرورقت عيناه بدموعه ثمّ قال لي: يا داود لعن اللّه قاتل الحسين (عليه السّلام) وما من عبد شرب الماء فذكر الحسين (عليه السّلام) [وأهل بيته](1) ولعن قاتله إلاّ كتب اللّه (عزّوجلّ ) له مائة ألف حسنة وحطّ عنه مائة ألف سيّئة ورفع له مائة ألف درجة وكأنّما أعتق مائة ألف نسمة وحشره اللّه (عزّوجلّ ) يوم القيامة ثلج الفؤاد(2).

كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر الرزاز الكوفي، عن محمّد بن الحسين، عن الخشاب مثله.

حدثني محمدبن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن ابراهيم الحضرمي، عن سعد بن سعد مثله(3).

باب (30) الإمام الحسين عليه السّلام المولود المبارك

5606 - كامل الزيارات: حدّثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن

ص:291


1- (1) - ما بين المعقوفتين ليس في كامل الزيارات.
2- (2) - الكافي: ج 6 ص 391 ح 6.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 106 ح 1.

عبداللّه، عن محمد بن عيسى بن عبيد [اليقطيني] عن محمّد بن سنان، عن أبي سعيد القمّاط، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: بينما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في منزل فاطمة (عليها السّلام) والحسين في حجره إذ بكى وخرّ ساجدا ثمّ قال:

يافاطمة يابنت محمّد إنّ العليّ الاعلى ترائى لي في بيتك هذا في ساعتي هذه في أحسن صورة وأهيأ هيئة فقال لي: يا محمّد أتحبّ الحسين ؟

قلت: يارب قرّة عيني، وريحانتي، وثمرة فؤادي، وجلدة ما بين عينيّ .

فقال لي: يا محمّد - ووضع يده على رأس الحسين - بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي و رحمتي و رضواني. ونقمتي ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قتله وناصبه وناواه ونازعه، أما إنّه سيّد الشهداء من الأوّلين والآخرين في الدّنيا والآخرة وسيّد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين وأبوه أفضل منه وخير فأقرئه السّلام وبشّره بأنّه راية الهدى، ومنار أوليائي وحفيظي وشهيدي على خلقي وخازن علمي وحجّتي على أهل السّماوات وأهل الارضين والثقلين الجنّ والانس(1).

أقول: السجود تذلل وخضوع للّه سبحانه، وقد جاء فى الحديث ان أقرب ما يكون العبد من ربّه ساعة يكون ساجدا، فالسجوّد إذا كان مقرونا بالخشوع والتوجّه إلى اللّه سبحانه فإنّ القلب يتلألأ بالنورانيّة الالهية.

ص:292


1- (1) - كامل الزيارات: ص 70 ح 6. منه البحار: ج 44 ص 238.

والنبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بكى ثمّ خرّ ساجدا.. ثمّ رفع رأسه وقال: «إنّ العليّ الاعلى ترائى لي...» فلاشك أنّ هذا كناية عن التجلّي المعنوي الإلهي لحبيبه المصطفى (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في تلك الحالة الرّوحانيّة، حيث جاءه الخطاب من ربّ العزّة سبحانه بما ذكر في هذا الحديث.

وقد تكرّر منّا القول أنّه قد ثبت بالادلّة القطعية أنّ اللّه سبحانه منزّه عن التركيب والجسم والصورة وغيرها، ولذلك فإنّ كلّ حديث يتنافى مع هذه الحقيقة لابدّ من حملها على المجاز والكناية.. واللّه الهادي إلى الصواب.

باب (31) قتلة الإمام الحسين عليه السّلام هم الظالمون

5607 - تفسير العياشي: عن الحسن بيّاع الهرويّ يرفعه، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قوله: (فَلاٰ عُدْوٰانَ إِلاّٰ عَلَى الظّٰالِمِينَ ) .

قال: إلاّ على ذريّة قتلة الحسين (عليه السّلام)(1).

5608 - تفسير العياشي: عن ابراهيم قال: اخبرني من رواه، عن أحدهما (عليهما السّلام) قال: قلت: (فَلاٰ عُدْوٰانَ إِلاّٰ عَلَى الظّٰالِمِينَ ) .

قال: لايعتدى اللّه على أحد إلاّ على نسل قتلة الحسين (عليه السّلام)(2).

أقول: قوله (عليه السّلام): «لايعتدي اللّه على احد إلّا..» ليس

ص:293


1- (1) - تفسير العياشي: ج 1 ص 86 ح 214، والآية في سورة البقرة 2:193. منه الوسائل: ج 11 ص 412.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 87 ح 216. منه الوسائل: ج 11 ص 412.

معناه الاعتداء المعروف عند الناس وهو صدور الظلم والتعدّي من احد الى احد، بل هو من باب المجانسة، كقوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ) (1).

قال الطبرسي: (فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ) أي: ظلمكم (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ ) أي: فجازوه باعتدائه، وقابلوه بمثله، والثاني ليس باعتداء على الحقيقة، ولكن سمّاه اعتداء لانه مجازاة اعتداء... لأنه مثله في الجنس...(2).

5609 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن جعفر الرزّاز، عن محمّد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله (تبارك وتعالى): (فَلاٰ عُدْوٰانَ إِلاّٰ عَلَى الظّٰالِمِينَ ) (3).

قال: أولاد قتلة الحسين (عليه السّلام)، حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن ابراهيم بن هاشم ومحمد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة بن مهران مثله(4).

باب (32) الإمام الحسين عليه السّلام يوم القيامة

5610 - اللهوف في قتلى الطفوف: روي عن الصادق (عليه

ص:294


1- (1) - البقرة 2:194.
2- (2) - مجمع البيان: ج 1 ص 288.
3- (3) - البقرة 2:193.
4- (4) - كامل الزيارات: ص 63 ح 6. منه البحار: ج 45 ص 296.

السّلام) يرفعه إلى النبي (صلّى اللّه عليه وآله) انه قال: اذا كان يوم القيامة نصب لفاطمة (عليها السّلام) قبة من نور ويقبل الحسين (عليه السّلام) ورأسه في يده فإذا رأته شهقت شهقة لايبقى في الجمع ملك مقرب ولا نبي مرسل الاّ بكى لها. فيمثله اللّه (عزّوجلّ ) لها في أحسن صورة وهو يخاصم قتلته بلا رأس فيجمع اللّه (عزّوجلّ ) لها قتلته والمجهزين عليه ومن شركهم في قتله قأقتلهم حتى آتى على آخرهم، ثمّ ينشرون فيقتلهم أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) ثم ينشرون فيقتلهم الحسن (عليه السّلام) ثمّ ينشرون فيقتلهم الحسين (عليه السّلام)، ثمّ ينشرون فلا يبقى أحد من ذريتنا الاّ قتلهم قتلة.

فعند ذلك يكشف الغيظ وينسى الحزن.

ثمّ قال: قال الصادق (عليه السّلام): رحم اللّه شيعتنا هم واللّه شيعتنا المؤمنون فقد واللّه شركونا في المصيبة بطول الحزن والحسرة(1).

باب (33) الإمام الحسين عليه السّلام و محمد بن الحنفيّة

5611 - بصائر الدرجات: حدثنا أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيي، عن مروان بن إسماعيل، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ذكرنا خروج الحسين وتخلّف ابن الحنفيّة عنه قال: قال أبو عبداللّه: يا حمزة إنّي ساحدّثك في هذا الحديث ولا تسأل عنه بعد مجلسنا هذا، إنّ الحسين لمّا فصل متوجّها دعا

ص:295


1- (1) - اللهوف في قتلى الطفوف: ص 60.

بقرطاس وكتب:

«بسم اللّه الرحمن الرحيم من الحسين بن عليّ إلى بني هاشم أمّا بعد فانّه من لحق بي منكم استشهد معي، ومن تخلّف لم يبلغ الفتح والسّلام»(1).

اللهوف في قتلى الطفوف: ذكر محمّد بن يعقوب الكليني في كتاب الرسائل، عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان، بهذا الاسناد نحوه(2).

مناقب آل أبي طالب: ابو حمزة بن عمران(3) قال: ذكرت خروج الحسين (عليه السّلام) وتخلّف ابن الحنفيّة عنه فقال الصادق (عليه السّلام): يا أبا حمزة اقول لك ما يغنيك سؤاله: ان الحسين (عليه السّلام) لما انصرف من مكة دعا.... وذكر نحوه(4).

5612 - اللهوف في قتلى الطفوف: رويت من كتاب اصل لاحمد بن الحسين بن عمر بن بريدة الثقة وعلى الاصل انه كان لمحمّد ابن داود القميّ بالاسناد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سار محمّد بن الحنفيّة إلى الحسين (عليه السّلام) في اللّيلة الّتي أراد [الحسين] الخروج في صبيحتها عن مكة فقال [له]: يا أخي إنّ أهل الكوفة من قد عرفت غدرهم بأبيك وأخيك، وقد خفت أن يكون حالك كحال من مضى، فان رأيت أن تقيم فانّك أعزّ من في الحرم وأمنعه.

ص:296


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 501 ح 5. منه البحار: ج 45 ص 84.
2- (2) - اللهوف في قتلى الطفوف: ص 28.
3- (3) - حمزة بن حمران - البحار.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 76. منه البحار: ج 42 ص 81.

فقال: يا أخي قد خفت أن يغتالني يزيد بن معاوية في الحرم، فأكون الّذي يستباح به حرمة هذا البيت.

فقال له ابن الحنفيّة: فان خفت ذلك فصر إلى اليمن أو بعض نواحي البرّ فانّك أمنع الناس به، ولا يقدر عليك أحد.

فقال: أنظر فيما قلت.

فلمّا كان السحر، ارتحل الحسين (عليه السّلام) فبلغ ذلك ابن الحنفيّة فأتاه فأخذ زمام ناقته - التي ركبها - فقال له: يا أخي ألم تعدني النظر فيما سألتك ؟

قال: بلى.

قال: فما حداك على الخروج عاجلا؟

فقال: أتاني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بعد ما فارقتك فقال: يا حسين اخرج فانّ اللّه قد شاء أن يراك قتيلا.

فقال له محمّد بن الحنفيّة: إنا للّه وإنّا إليه راجعون، فما معنى حملك هؤلاء النساء معك وأنت تخرج على مثل هذه الحال ؟

قال: فقال له: قد قال لي: إنّ اللّه قد شاء أن يراهنّ سبايا.

وسلّم عليه ومضى(1).

باب (34) بين الإمام الحسين عليه السّلام وعبداللّه بن الزبير

5613 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) وعلي بن

ص:297


1- (1) - اللهوف في قتلى الطفوف: ص 27. منه البحار: ج 44 ص 364.

الحسين جميعا، عن سعد(1)، عن محمّد بن الحسين، عن صفوان بن يحيى، عن داود بن فرقد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال عبداللّه بن الزّبير للحسين [ابن عليّ ] (عليهما السّلام): ولو جئت إلى مكة فكنت بالحرم ؟

فقال الحسين [بن عليّ ] (عليهما السّلام): لا نستحلّها، ولا تستحلّ بنا، ولأن اقتل على تلّ أعفر(2) أحب إليّ من أن اقتل بها(3).

باب (35) موجز مقتل الإمام الحسين عليه السّلام من البداية إلى النهاية

5614 - أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي، قال: حدثنا محمد بن عمر البغدادي الحافظ، قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن عثمان بن زياد التستري من كتابه، قال: حدثنا ابراهيم بن عبيداللّه بن موسى بن يونس بن أبي اسحاق السبيعي قاضي بلخ، قال: حدّثتني مريسة بنت موسى بن يونس بن أبي اسحاق وكانت عمّتي قالت: حدثتني صفية بنت يونس بن أبي اسحاق الهمدانية وكانت عمتي قالت: حدثتني بهجة بنت الحارث بن عبداللّه التغلبي، عن خالها عبداللّه بن منصور وكان رضيعا لبعض ولد زيد بن علي (عليه السّلام) قال: سألت جعفر

ص:298


1- (1) - أبي وابن الوليد معا، عن سعد - البحار.
2- (2) - الاعفر: الرمل الاحمر، وكثيب أعفر: ذو لونين الحمرة والبياض، ومنه شاة عفراء، والأعفر: الأبيض وليس بالشديد البياض. (مجمع البحرين).
3- (3) - كامل الزيارات: ص 72 ح 5. منه البحار: ج 45 ص 85.

ابن محمّد بن علي بن الحسين (عليهم السّلام) فقلت: حدثني عن مقتل ابن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)؟

فقال: حدثني أبي، عن أبيه، قال: لما حضرت معاوية الوفاة دعا ابنه يزيد (لعنه اللّه) فأجلسه بين يديه، فقال له: يا بني إني قد ذلّلت لك الرّقاب الصعاب، ووطّدت(1) لك البلاد، وجعلت الملك وما فيه لك طعمة، وإنّي أخشى عليك من ثلاثة نفر يخالفون عليك بجهدهم وهم: عبداللّه بن عمر بن الخطاب، وعبداللّه بن الزبير، والحسين بن علي.

فأمّا عبداللّه بن عمر فهو معك فألزمه ولا تدعه.

وأما عبداللّه بن الزبير فقطعه ان ظفرت به إربا إربا(2) فإنه يجثو(3)لك كما يجثو الاسد لفريسته و يواربك مواربة(4) الثعلب للكلب.

وأما الحسين فقد عرفت حظّه من رسول اللّه وهو من لحم رسول اللّه ودمه، وقد علمت لا محالة ان أهل العراق سيخرجونه إليهم ثم يخذلونه ويضيعونه، فإن ظفرت به فاعرف حقه ومنزلته من رسول اللّه ولا تؤاخذه بفعله، ومع ذلك فإن لنا به خلطة ورحما، واياك أن تناله بسوء ويري منك مكروها.

قال: فلمّا هلك معاوية وتولى الامر بعده يزيد بعث عامله على

ص:299


1- (1) - وطد الشيء يطده وطدا: أثبته وثقّله وقواه. (أقرب الموارد).
2- (2) - الارب - بالكسر -: العضو. (مجمع البحرين).
3- (3) - جثا الرجل جثوا: جلس على ركبتيه أو قام على أطراف أصابعه. (اقرب الموارد).
4- (4) - المواربة: المداهاة والمخاتلة، وفي الحديث: وان بايعتهم واربوك: أي خادعوك. (لسان العرب).

مدينة رسول اللّه وهو عمه عتبة بن أبي سفيان فقدم المدينة وعليها مروان بن الحكم وكان عامل معاوية فأقامه عتبة من مكانه وجلس فيه لينفّذ فيه أمر يزيد، فهرب مروان فلم يقدر عليه، وبعث عتبة إلى الحسين بن علي، فقال: ان أمير المؤمنين أمرك أن تبايع له.

فقال الحسين (عليه السّلام): يا عتبة قد علمت أنّا أهل بيت الكرامة ومعدن الرسالة وأعلام الحق، الذين أودعه اللّه (عزّوجلّ ) قلوبنا، وانطق به ألسنتنا، فنطقت بإذن اللّه (عزّوجلّ ) ولقد سمعت جدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: ان الخلافة محرّمة على ولد أبي سفيان، وكيف ابايع أهل بيت قد قال فيهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) هذا؟!! فلمّا سمع عتبة ذلك دعا الكاتب وكتب: بسم اللّه الرحمن الرحيم إلى عبداللّه يزيد أمير المؤمنين من عتبة بن أبي سفيان أمّا بعد، فإن الحسين بن علي ليس يري لك خلافة ولا بيعة فرأيك في أمره والسلام.

فلمّا ورد الكتاب على يزيد (لعنه اللّه) كتب الجواب إلى عتبة:

أمّا بعد، فإذا أتاك كتابي هذا فعجّل عليّ بجوابه وبيّن لي في كتابك كل من في طاعتي أو خرج عنها وليكن مع الجواب رأس الحسين بن علي.

فبلغ ذلك الحسين (عليه السّلام) فهمّ بالخروج من أرض الحجاز إلى أرض العراق.

فلمّا أقبل الليل راح إلى مسجد النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ليودعّ القبر فلمّا وصل إلى القبر سطع له نور من القبر فعاد إلى

ص:300

موضعه، فلمّا كانت الليلة الثانية راح ليودعّ القبر فقام يصلّي فأطال فنعس وهو ساجد فجاءه النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وهو في منامه فأخذ الحسين (عليه السّلام) وضمه إلى صدره وجعل يقبّل عينيه ويقول: بأبي أنت كأني أراك مرمّلا(1) بدمك بين عصابة من هذه الامّة يرجون شفاعتي، ما لهم عند اللّه من خلاق(2)، يابني إنك قادم على أبيك وامك وأخيك وهم مشتاقون إليك، وإنّ لك في الجنّة درجات لاتنالها إلاّ بالشهادة.

فانتبه الحسين (عليه السّلام) من نومه باكيا فأتى أهل بيته فأخبرهم بالرؤيا وودّعهم وحمل اخواته علي المحامل وابنته وابن أخيه القاسم بن الحسن بن علي (عليه السّلام) ثم سار في أحد وعشرين رجلا من أصحابه وأهل بيته منهم: أبو بكر بن علي ومحمد بن علي وعثمان بن علي والعباس بن علي وعبداللّه بن مسلم بن عقيل وعلي ابن الحسين الاكبر وعلي بن الحسين الاصغر (عليهم السّلام).

وسمع عبداللّه بن عمر بخروجه فقدّم راحلته وخرج خلفه مسرعا فادركه في بعض المنازل، فقال: أين تريد يابن رسول اللّه ؟

قال: العراق.

قال: مهلا إرجع إلى حرم جدّك، فأبى الحسين (عليه السّلام) عليه، فلمّا رأى ابن عمر إباءه قال: يا أبا عبداللّه اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقبّله منك، فكشف الحسين (عليه السّلام) عن سرّته فقبّلها ابن عمر ثلاثا وبكى

ص:301


1- (1) - رمله بالذم فترمّل أي لطخه فتلطخ. (مجمع البحرين).
2- (2) - الخلاق: النصيب. (مجمع البحرين).

وقال: استودعك اللّه يا أبا عبداللّه فإنّك مقتول في وجهك هذا.

فسأر الحسين (عليه السّلام) وأصحابه فلمّا نزلوا ثعلبية ورد عليه رجل يقال له: بشر بن غالب، فقال: يابن رسول اللّه أخبرني عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنٰاسٍ بِإِمٰامِهِمْ ) ؟(1).

قال: إمام دعا إلى هدي فأجابوه إليه، وإمام دعا إلى ضلالة فأجابوه إليها، هؤلاء في الجنة وهؤلاء في النار وهو قوله (عزّوجلّ ):

(فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَ فَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) (2).

ثم سار حتى نزل العذيب، فقال فيها قائلة الظهيرة(3) ثم انتبه من نومه باكيا. فقال له ابنه: ما يبكيك يا أبه ؟

فقال: يا بني إنها ساعة لاتكذب الرؤيا فيها وانّه عرض لي في منامي عارض، فقال: تسرعون السير والمنايا تسير بكم إلى الجنّة.

ثمّ سار حتى نزل الرهيمة فورد عليه رجل من أهل الكوفة يكنّى أبا هرم، فقال: يابن النبي ما الذي أخرجك من المدينة ؟

فقال: ويحك يا أبا هرم: شتموا عرضي فصبرت، وطلبوا مالي فصبرت(4)، وطلبوا دمي فهربت، وأيم اللّه ليقتلنّي ثم ليلبسنّهم اللّه ذلّا شاملا وسيفا قاطعا، وليسلّطنّ عليهم من يذلّهم.

قال: وبلغ عبيداللّه بن زياد (لعنه اللّه) الخبر وان الحسين (عليه

ص:302


1- (1) - الاسراء 17:71.
2- (2) - الشورى 42:7.
3- (3) - قال قيلا: نام، والقائلة والقيلولة: هي النوم عند الظهيرة. (مجمع البحرين).
4- (4) - هكذا في المصدر والبحار ولعلّ الاصح: وأخذوا مالي فصبرت...

السّلام) قد نزل الرهيمية(1) فأنزل إليه الحر بن يزيد في ألف فارس.

قال الحر: فلمّا خرجت من منزلي متوجّها نحو الحسين نوديت ثلاثا: يا حر أبشر بالجنة. فالتفتّ فلم أر أحدا، فقلت: ثكلت الحرّ امّه يخرج إلى قتال ابن رسول اللّه ويبشّر بالجنة ؟! فرهقه(2) عند صلاة الظهر، فأمر الحسين (عليه السّلام) ابنه فأذّن وأقام، وقام الحسين فصلّى بالفريقين جميعا، فلما سلّم وثب الحر بن يزيد فقال: السلام عليك يابن رسول اللّه ورحمة اللّه وبركاته.

فقال الحسين (عليه السّلام): وعليك السلام من أنت يا عبداللّه ؟

فقال: أنا الحرّ بن يزيد.

فقال: يا حرّ أعلينا أم لنا؟

فقال الحرّ: واللّه يابن رسول اللّه لقد بعثت لقتالك، وأعوذ باللّه أن احشر من قبري وّناصيتي مشدودة إلى رجلي، ويديّ مغلولة إلى عنقي و اكبّ على [حر] وجهي(3) في النار.

يأبن رسول اللّه أين تذهب ؟ إرجع إلى حرم جدّك فإنّك مقتول.

فقال الحسين (عليه السّلام):

سأمضي فما بالموت عار على الفتى إذا ما نوى حقّا وجاهد مسلما

ص:303


1- (1) - عين بين الشام والكوفة. (القاموس).
2- (2) - رهق فلانا: غشيه ولحقه، وقيل: دنا منه. (اقرب الموارد).
3- (3) - حرّ الوجه: ما بدا من الوجنة. (مجمع البحرين).

وواسى الرجال الصالحين بنفسه وفارق مثبورا(1) وخالف مجرما

فإن متّ لم أندم وإن عشت لم ألم كفى بك ذلا أن تموت وترغما

ثمّ سار الحسين (عليه السّلام) حتى نزل القطقطانية(2) فنظر إلى فسطاط مضروب، فقال: لمن هذا الفسطاط؟

فقيل: لعبيداللّه بن الحر الحنفي (الجعفي - ظ) فأرسل إليه الحسين (عليه السّلام) فقال: أيّها الرجل إنّك مذنب خاطيء وان اللّه (عزّوجلّ ) اخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى اللّه (تبارك وتعالى) في ساعتك هذه، فتنصرني ويكون جدي شفيعك بين يدي اللّه (تبارك وتعالى).

فقال: يابن رسول اللّه واللّه لو نصرتك لكنت أول مقتول بين يديك، ولكن هذا فرسي خذه إليك فواللّه ما ركبته قط وأنا أروم شيئا إلاّ بلغته، ولا أرادني أحد إلاّ نجوت عليه فدونك فخذه.

فأعرض عنه الحسين (عليه السّلام) بوجهه ثم قال: لا حاجة لنا فيك ولا في فرسك «وما كنت متخذ المضلّين عضدا» ولكن فرّ فلا لنا ولا علينا، فإنه من سمع واعيتنا(3) أهل البيت ثم لم يجبنا كبّه اللّه على

ص:304


1- (1) - الثبور: الهلاك والخسران. ومثبورا: أي مهلكا، وقيل: ملعونا مطرودا. (مجمع البحرين).
2- (2) - القطقطانة: موضع بقرب الكوفة (لسان العرب).
3- (3) - الواعية: الصّراخ والصوت. (أقرب الموارد). والمعنى: ان الواعية هي صوت إستغاثته (عليه السّلام) وقوله: هل من ناصر ينصرني، هل من مغيث يغيثني.

وجهه في نار جهنم.

ثمّ سار حتى نزل كربلاء، فقال: أي موضع هذا؟

فقيل: هذا كربلاء يابن رسول اللّه.

فقال: هذا واللّه يوم كرب وبلاء وهذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا ويباح فيه حريمنا.

فأقبل عبيداللّه بن زياد بعسكره حتى عسكر بالنخيلة وبعث إلى الحسين (عليه السّلام) رجلا يقال له: عمر بن سعد في أربعة الاف فارس، وأقبل عبداللّه بن الحصين التميمي في ألف فارس يتبعه شبث بن ربعي في ألف فارس ومحمد بن الاشعث بن قيس الكندي أيضا في ألف فارس وكتب [ابن زياد] لعمر بن سعد على الناس وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوه.

فبلغ عبيداللّه بن زياد أن عمر بن سعد يسامر(1) الحسين (عليه السّلام) ويحدّثه ويكره قتاله، فوجّه إليه شمر بن ذي الجوشن في أربعة آلاف فارس وكتب إلى عمر بن سعد: إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلنّ الحسين بن علي وخذ بكظمه(2) وحل بين الماء وبينه كما حيل بين عثمان وبين الماء يوم الدار.

فلمّا وصل الكتاب إلى عمر بن سعد (لعنه اللّه) أمر مناديه فنادى: إنا قد أجّلنا حسينا وأصحابه يومهم وليلتهم. فشقّ ذلك على الحسين (عليه السّلام) وعلى أصحابه فقام الحسين (عليه السّلام) في أصحابه خطيبا فقال: اللهم إني لا أعرف أهل بيت أبرّ ولا أزكى ولا

ص:305


1- (1) - المسامرة: التحادث ليلا. (مجمع البحرين).
2- (2) - الكظم: مخرج النفس من الحلق. (مجمع البحرين).

أطهر من أهل بيتي، ولا أصحابا هم خير من أصحابي، وقد نزل بي ما قد ترون، وأنتم في حل من بيعتي، ليست لي في أعناقكم بيعة ولا لي عليكم ذمّة، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملا(1) وتفرّقوا في سواده، فإن القوم إنما يطلبوني ولو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري.

فقام إليه عبداللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب، فقال: يابن رسول اللّه ماذا يقول لنا الناس ان نحن خذلنا شيخنا وكبيرنا وسيدنا وابن سيد الاعمام وابن نبيّنا سيد الأنبياء لم نضرب معه بسيف ولم نقاتل معه برمح ؟! لا واللّه أو نرد موردك، ونجعل أنفسنا دون نفسك، ودماءنا دون دمك، فإذا نحن فعلنا ذلك فقد قضينا ما علينا وخرجنا ممّا لزمنا.

وقام إليه رجل يقال له: زهير بن القين البجلي فقال: يابن رسول اللّه وددت إني قتلت، ثم نشرت، ثم قتلت، ثم نشرت، ثم قتلت، ثم نشرت - فيك وفي الذين معك - مائة قتلة وأن اللّه دفع بي عنكم أهل البيت.

فقال له ولا صحابه: جزيتم خيرا.

ثمّ ان الحسين (عليه السّلام) أمر بحفيرة فحفرت حول عسكره شبه الخندق وأمر فحشيت حطبا وأرسل عليا ابنه (عليه السّلام) في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا ليستقوا الماء وهم على وجل شديد.

وأنشأ الحسين (عليه السّلام) يقول:

ص:306


1- (1) - إتّخذ الليل جملا: إذا سرى الليل كلّه، وقيل: إذا ركبه في حاجته. (لسان العرب).

يا دهر اف لك من خليل كم لك في الاشراق والأصيل(1)

من طالب وصاحب قتيل والدهر لا يقنع بالبديل(2)

وإنما الامر إلى الجليل وكلّ حي سالك سبيلي

ثمّ قال لاصحابه: قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم وتوضؤا واغتسلوا واغسلوا ثيابكم لتكون أكفانكم.

ثمّ صلّى بهم الفجر وعبّأهم تعبية الحرب وأمر بحفيرته التي حول عسكره فأضرمت بالنار ليقاتل القوم من وجه واحد.

وأقبل رجل من عسكر عمر بن سعد على فرس له يقال له: ابن أبي جويرية المزني، فلماّ نظر إلى النار تتّقد صفق بيده ونادى: يا حسين وأصحاب الحسين أبشروا بالنار فقد تعجّلتموها في الدنيا.

فقال الحسين (عليه السّلام): من الرجل ؟

فقيل: ابن أبي جويرية المزني.

فقال الحسين (عليه السّلام): اللهم أذقه عذاب النار في الدنيا.

فنفر به فرسه فألقاه في تلك النار فاحترق.

ثمّ برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له: تميم بن الحصين الفزاري فنادي: يا حسين ويا أصحاب الحسين أما ترون إلى ماء الفرات يلوح كأنه بطون الحيّات (الحيتان)؟ واللّه لاذقتم منه قطرة حتى تذوقوا الموت جزعا.

فقال الحسين (عليه السّلام): من الرجل ؟

ص:307


1- (1) - الاشراق: يراد به ما قابل العشي. والاصيل: ما بين العصر إلى المغرب (مجمع البحرين).
2- (2) - البديل: البدل. وبدل الشيء: غيره. (لسان العرب).

فقيل: تميم بن حصين.

فقال الحسين (عليه السّلام): هذا وأبوه من أهل النار، اللهم أقتل هذا عطشا في هذا اليوم.

قال: فخنقه العطش حتى سقط عن فرسه فوطأته الخيل بسنابكها(1) فمات.

ثمّ أقبل آخر من عسكر عمر بن سعد يقال له: محمد بن أشعث ابن قيس الكندي، فقال: يا حسين بن فاطمة أيّة حرمة لك من رسول اللّه ليست لغيرك ؟

قال الحسين (عليه السّلام): هذه الآية (إِنَّ اللّٰهَ اصْطَفىٰ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرٰاهِيمَ وَ آلَ عِمْرٰانَ عَلَى الْعٰالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهٰا مِنْ بَعْضٍ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (2)، ثم قال: واللّه ان محمدا لمن آل ابراهيم وان العترة الهادية لمن آل محمّد، من الرجل ؟

فقيل: محمد بن أشعث بن قيس الكندي، فرفع الحسين (عليه السّلام) رأسه إلى السماء فقال: اللهم أر محمّد بن الأشعث ذلاّ في هذا اليوم لا تعزّه بعد هذا اليوم أبدا. فعرض له عارض فخرج من العسكر يتبرز(3) فسلّط اللّه عليه عقربا فلدغه(4) فمات بادي العورة.

فبلغ العطش من الحسين (عليه السّلام) وأصحابه، فدخل عليه

ص:308


1- (1) - السنبك: طرف الحافر. (اقرب الموارد).
2- (2) - آل عمران 3:33 و 34.
3- (3) - البراز: اسم للفضاء الواسع كنّوا به عن قضاء الحاجة كما كنّوا بالخلاء والحش عنه، يقال: تبرّز تبرزا: تغوط. (مجمع البحرين).
4- (4) - فلدغته - البحار.

رجل من شيعته يقال له: يزيد بن الحصين الهمداني - قال ابراهيم بن عبداللّه راوي الحديث: هو خال أبي اسحاق الهمداني - فقال: يابن رسول اللّه أتاذن لي فاخرج إليهم فاكلّمهم ؟

فأذن له، فخرج إليهم فقال: يا معشر الناس إنّ اللّه (عزّوجلّ ) بعث محمدا بالحقّ بشيرا ونذيرا وداعيا إلى اللّه بإذنه وسراجا منيرا، وهذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد وكلابها، وقد حيل بينه وبين ابنه.

فقالوا: يا يزيد فقد أكثرت الكلام فأكفف فواللّه ليعطش الحسين كما عطش من كان قبله.

فقال الحسين: اقعد يا يزيد.

ثم وثب الحسين (عليه السّلام) متوكيا على سيفه فنادي بأعلى صوته.

فقال: أنشدكم اللّه هل تعرفوني ؟

قالوا: نعم أنت ابن رسول اللّه وسبطه.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أن جدّي رسول اللّه ؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون إن أمّي فاطمة بنت محمّد؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون إن أبي علي بن أبي طالب ؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أن جدّتي خديجة بنت خويلد أوّل نساء هذه الأمة إسلاما؟

ص:309

قالوا: اللهم نعم.

قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أن سيد الشهداء حمزة عمّ أبي ؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أن جعفر الطيّار في الجنة عمّي ؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أن هذا سيف رسول اللّه وأنا متقلّد؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أن هذه عمامة رسول اللّه أنا لابسها؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أن عليا كان أوّلهم إسلاما واعلمهم علما وأعظمهم حلما وأنه وليّ كل مؤمن ومؤمنة ؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: فبم تستحلون دمي ؟ وأبي الذائد(1) عن الحوض غدا، يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء، ولواء الحمد في يد جدّي يوم القيامة.

قالوا: قد علمنا ذلك كله ونحن غير تاركيك حتى تذوق الموت عطشا.

فأخذ الحسين (عليه السّلام) بطرف لحيته - وهو يومئذ ابن سبع وخمسين سنة - ثم قال: اشتدّ غضب اللّه على اليهود حين قالوا: عزير

ص:310


1- (1) - الذائد: الحامي الدافع، والذود: الطرد والدفع. (لسان العرب).

ابن اللّه، واشتدّ غضب اللّه على النصارى حين قالوا: المسيح بن اللّه، واشتدّ غضب اللّه على المجوس حين عبدوا النار من دون اللّه، واشتدّ غضب اللّه على قوم قتلوا نبيهم واشتد غضب اللّه على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيهم.

قال: فضرب الحرّ بن يزيد فرسه وجاز عسكر عمر بن سعد (لعنه اللّه) إلى عسكر الحسين (عليه السّلام) واضعا يده على رأسه وهو يقول: اللهم إليك أنيب (أنبت) فتب عليّ فقد ارعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك، يابن رسول اللّه هل لي من توبة ؟

قال: نعم تاب اللّه عليك.

قال: يابن رسول اللّه أتأذن لي فاقاتل عنك ؟

فأذن له، فبرز وهو يقول:

أضرب في أعناقكم بالسيف عن خير من حلّ بلاد الخيف

فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثم قتل فأتاه الحسين (عليه السّلام) ودمه يشخب فقال: بخ بخ يا حر أنت حرّ - كما سمّيت - في الدنيا والآخرة، ثم أنشأ الحسين يقول:

لنعم الحرّ حرّ بني رياح ونعم الحرّ عند مختلف الرماح(1)

ونعم الحر إذ نادى حسينا فجاد بنفسه عند الصباح

ثمّ برز من بعده زهير بن القين البجلي وهو يقول مخاطبا للحسين (عليه السّلام):

اليوم نلقى جدك النبيّا وحسنا والمرتضى عليا

فقتل منهم تسعة عشر رجلا ثم صرع وهو يقول:

ص:311


1- (1) - وفي بعض المقاتل: صبور عند مختلف الرماح.

أنا زهير وأنا ابن القين اذبّكم بالسيف عن حسين

ثمّ برز من بعده حبيب بن مظاهر الأسدي (رضوان اللّه عليه) وهو يقول:

أنا حبيب وأبي مظاهر(1) لنحن أزكى منكم وأطهر

ننصر خير الناس حين يذكر

فقتل منهم أحدا وثلاثين رجلا ثم قتل (رضوان اللّه عليه).

ثمّ برز من بعده عبداللّه بن أبي عروة الغفاري وهو يقول:

قد علمت حقا بنو غفار إني أذبّ في طلاب الثار

بالمشرفيّ والقنا الخطار(2)

فقتل منهم عشرين رجلا ثم قتل.

ثمّ برز من بعده برير (بدير) بن خضير الهمداني وكان أقرأ أهل زمانه وهو يقول:

أنا برير وأبي خضير لاخير فيمن ليس فيه خير

فقتل منهم ثلاثين رجلا ثم قتل.

ثمّ برز من بعده مالك بن أنس الكاهلي وهو يقول:

قد علمت كاهلها ودودان(3) والخندفيون وقيس عيلان(4)

ص:312


1- (1) - مطهّر - البحار.
2- (2) - المشارف: قرى من أرض اليمن، وقيل: من أرض العرب تدنو من الريف، والسيوف المشرفية منسوبة اليها. والقناة: الرمح، والجمع قنا. ورمح خطار: ذو اهتزاز شديد. (لسان العرب).
3- (3) - كاهل: أبو قبيلة من الأسد. ودودان: قبيلة من بني أسد (لسان العرب).
4- (4) - خندف - في الاصل - لقب ليلى بنت عمران بن إلحاف بن قضاعة، وسمّيت بها القبيلة. وقيس: أبو قبيلة من مضر، وهو قيس عيلان، واسمه الناس بن مضر بن نزار، وقيس لقبه السان العرب).

بأن قومي قصموا الاقران يا قوم كونوا كأسود الجان

آل علي شيعة الرحمن وآل حرب شيعة الشيطان

فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثمّ قتل.

وبرز من بعده زياد بن مهاصر (مهاجر) الكندي فحمل عليهم وأنشأ يقول:

[أنا زياد وأبي مهاصر](1) أشجع من ليث العرين الخادر(2)

يا ربّ إني للحسين ناصر ولابن سعد تارك مهاجر

فقتل منهم تسعة ثم قتل.

وبرز من بعده وهب بن وهب - وكان نصرانيّا أسلم على يد الحسين (عليه السّلام) هو وامه فاتبعوه إلى كربلاء - فركب فرسا وتناول بيده عمود الفسطاط فقاتل وقتل من القوم سبعة أو ثمانية ثم استو سر(3) فأتى به عمر بن سعد (لعنه اللّه) فامر بضرب عنقه ورمى به إلى عسكر الحسين (عليه السّلام) وأخذت امه سيفه وبرزت فقال لها الحسين (عليه السّلام): يا امّ وهب اجلسي فقد وضع اللّه الجهاد عن النساء، إنك وابنك مع جدي محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في الجنة.

ص:313


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - العرين: مأوي الاسد والضبع والذئب والحية الّذي يألفه. الخدر: الستر، وأسد خادر: مقيم في خدره. (أقرب الموارد).
3- (3) - أي: وقع أسيرا.

ثمّ برز من بعده هلال بن حجّاج وهو يقول:

أرمي بها معلمة أفواقها(1) والنفس لا ينفعها إشفاقها

فقتل منهم ثلاثة عشر رجلا ثم قتل (رضوان اللّه عليه).

وبرز من بعده عبداللّه بن مسلم بن عقيل بن أبي طالب وأنشأ يقول:

أقسمت لا اقتل إلاّ حرا وقد وجدت الموت شيئا مرا

أكره أن ادعى جبانا فرّا ان الجبان من عصى وفرّا

فقتل منهم ثلاثة ثم قتل (رضي اللّه عنه).

وبرز من بعده علي بن الحسين (عليه السّلام) فلمّا برز إليهم دمعت عين الحسين (عليه السّلام) فقال: اللهم كن أنت الشهيد عليهم فقد برز إليهم ابن رسولك وأشبه الناس وجها وسمتا به.

فجعل يرتجز وهو يقول:

أنا علي بن الحسين بن علي نحن وبيت اللّه أولى بالنبي

أما ترون كيف أحمي عن أبي

فقتل منهم عشرة ثم رجع إلى أبيه فقال: يا أبة العطش.

فقال له الحسين (عليه السّلام): صبرا يابني يسقيك جدك بالكأس الاوفى. فرجع فقاتل حتى قتل منهم أربعة وأربعين رجلا ثمّ قتل (صلّى اللّه عليه).

وبرز من بعده القاسم بن الحسن بن علي (عليهم السّلام) وهو يقول:

ص:314


1- (1) - الافواق، جمع الفوق - بالضم -: مشق رأس السهم حيث يقع الوتر. (أقرب الموارد). وفي نسخة: أفواهها.

لا تجزعي نفسي فكل فاني اليوم تلقين ذري الجنان

فقتل منهم ثلاثة ثم رمي عن فرسه (رضوان اللّه عليه وصلواته).

ونظر الحسين (عليه السّلام) يمينا وشمالا ولا يري أحدا فرفع رأسه إلى السماء، فقال: اللهم إنك تري ما يصنع بولد نبيك.

وحال بنو كلاب بينه وبين الماء، ورمي بسهم فوقع في نحره وخرّ عن فرسه، فأخذ السهم فرمى به وجعل يتلقّى الدم بكفّه، فلما امتلأت لطخ بها رأسه ولحيته ويقول: ألقى اللّه (عزّوجلّ ) وأنا مظلوم متلطّخ بدمي. ثمّ خرّ على خدّه الايسر صريعا وأقبل عدوّ اللّه سنان بن أنس الايادي وشمر بن ذي الجوشن العامري (لعنه اللّه) في رجال من أهل الشام حتى وقفوا على رأس الحسين (عليه السّلام) فقال بعضهم لبعض: ما تنتظرون ؟ أريحوا الرجل.

فنزل سنان بن أنس الأيادي (لعنه اللّه) وأخذ بلحية الحسين (عليه السّلام) وجعل يضرب بالسيف في حلقه وهو يقول: واللّه إني لاجتز رأسك وأنا أعلم أنك ابن رسول اللّه وخير الناس امّا وأبا.

وأقبل فرس الحسين (عليه السّلام) حتى لطخ عرفه وناصيته بدم الحسين وجعل يركض ويصهل، فسمعت بنات النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) صهيله فخرجن فإذا الفرس بلا راكب، فعرفن أن حسينا (صلّى اللّه عليه) قد قتل.

وخرجت ام كلثوم بنت الحسين(1) واضعة يدها على رأسها تندب وتقول: وامحمداه هذا الحسين بالعراء قد سلب العمامة والرداء.

ص:315


1- (1) - أقول: الظاهر وقوع التصحيف هنا والصحيح أم كلثوم اخت الحسين (عليه السّلام).

وأقبل سنان (لعنه اللّه) حتى أدخل رأس الحسين بن علي (عليه السّلام) على عبيداللّه بن زياد (لعنه اللّه) وهو يقول:

إملأ ركابي فضّة وذهبا إني قتلت الملك المحجّبا

قتلت خير الناس اما وأبا وخيرهم إذ ينسبون نسبا

فقال له عبيداللّه بن زياد: ويحك! فإن علمت انه خير الناس أبا واما لم قتلته إذن ؟

فأمر به فضرب عنقه وعجّل اللّه بروحه إلى النار.

وأرسل ابن زياد (لعنه اللّه) قاصدا إلى ام كلثوم بنت الحسين (عليه السّلام)(1) فقال: الحمد للّه الذي قتل رجالكم فكيف ترون ما فعل بكم ؟

فقالت: يابن زياد لئن قرّت عينك بقتل الحسين (عليه السّلام) فطال ما قرّت عين جدّه به، وكان يقبّله ويلثم شفتيه ويضعه على عاتقه، يابن زياد أعد لجده جوابا فإنه خصمك غدا(2).

أقول: لقد روعي - في هذا الحديث - غاية الإختصار والإيجاز فان حوادث يوم عاشوراء كثيرة جدا وهي مذكورة في كتب التاريخ والمقاتل.

ص:316


1- (1) - أقول: الظاهر وقوع التصحيف هنا والصحيح أم كلثوم اخت الحسين (عليه السّلام).
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 129 ح 1. منه البحار: ج 44 ص 310.

ما بعد شهادة الإمام الحسين عليه السّلام

باب (1) نحن سبايا آل محمّد

5615 - قرب الاسناد: محمد بن عيسى [اليقطينيّ ]، عن عبداللّه ابن ميمون [القدّاح]، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: لمّا قدم على يزيد بذراري الحسين (عليه السّلام) ادخل بهنّ نهارا مكشّفات وجوههم(1). فقال أهل الشام الجفاة: ما رأينا سبيا أحسن من هؤلاء، فمن أنتم ؟

فقالت سكينة بنت الحسين: نحن سبايا آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

ص:317


1- (1) - هكذا في المصدر والظاهر أنّ الصحيح: «وجوههنّ »: كما في نسخة البحار.
2- (2) - قرب الاسناد: ص 14. منه البحار: ج 45 ص 169.

باب (2) الغراب الناعي

5616 - البحار - أقول: روي في كتاب (المناقب) القديم، عن عليّ بن أحمد العاصميّ ، عن إسماعيل بن أحمد البيهقي، عن أبيه، عن أبي عبداللّه الحافظ، عن يحيي بن محمّد العلوي، عن الحسين بن محمّد العلويّ ، عن أبي عليّ الطرسوسيّ ، عن الحسن بن عليّ الحلوانيّ ، عن عليّ بن يعمر، عن إسحاق بن عباد، عن المفضّل بن عمر الجعفيّ ، عن جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) قال: لمّا قتل الحسين بن عليّ جاء غراب فوقع في دمه ثمّ تمرغّ ثم طار فوقع بالمدينة على جدار فاطمة بنت الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) وهي الصغرى فرفعت رأسها فنظرت إليه فبكت بكاء شديدا وأنشأت تقول:

نعب الغراب(1) فقلت من تنعاه ويلك يا غراب قال الامام فقلت من ؟ قال الموفّق للصواب

إنّ الحسين بكربلا بين الاسنّة والضّراب فابكى الحسين بعبرة ترجي الاله مع الثواب

قلت الحسين ؟ فقال لي حقّا لقد سكن التراب ثمّ استقلّ به الجناح فلم يطق ردّ الجواب

فبكيت ممّا حلّ بي بعد الدّعاء المستجاب

ص:318


1- (1) - نعب الغراب: صاح. (مجمع البحرين).

قال محمّد بن عليّ : فنعتته لأهل المدينة فقالوا: قد جاءتنا بسحر عبد المطّلب فما كان بأسرع أن جاءهم الخبر بقتل الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)(1).

مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر: روي جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين قال: لمّا قتل الحسين...

وذكر الحديث(2).

مقتل الحسين للخوارزمي: أخبرنا الشيخ الامام الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد العاصمي، أخبرنا شيخ القضاة اسماعيل بن أحمد البيهقي، أخبرنا والدي شيخ السنة أبو بكر أحمد بن الحسين، عن أبي عبداللّه الحافظ، حدثني أبو محمّد يحيى بن محمد العلوي، حدثني الحسين بن محمّد العلوي، حدثنا أبو علي الطرسوسي، حدثني الحسن بن علي الحلواني، عن علي بن معمر، عن إسحاق بن عباد، عن المفضل بن عمر الجعفي، سمعت جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول:.... وذكر نحوه(3).

باب (3) الهاتف الناعى

5617 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العبّاس بن معروف، عن

ص:319


1- (1) - البحار: ج 45 ص 171 ح 19.
2- (2) - مختصر تاريخ دمشق: ج 20 ص 358.
3- (3) - مقتل الخوارزمي: ج 2 ص 92.

عبداللّه بن عبدالرحمن الاصمّ ، عن الحسين، عن الحلبيّ قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): لمّا قتل الحسين (عليه السّلام) سمع أهلنا قائلا يقول بالمدينة: «اليوم نزل البلاء على هذه الامّة، فلا ترون فرحا حتّى يقوم قائمكم فيشفي صدوركم، ويقتل عدوّكم، وينال بالوتر أوتارا»، ففزعوا منه وقالوا: إنّ لهذا القول لحادثا قد حدث ما لانعرفه، فأتاهم خبر قتل الحسين (عليه السّلام) بعد ذلك فحسبوا ذلك فإذا هي تلك اللّيلة الّتي تكلّم فيها المتكلّم.

فقلت له: جعلت فداك إلى متى أنتم ونحن في هذا القتل والخوف والشدّة ؟

فقال: حتّى يأتي سبعون فرجا أجواب ويدخل وقت السّبعين فاذا دخل وقت السبعين أقبلت الرايات تترى كأنّها نظام، فمن أدرك ذلك الوقت قرّت عينه.

إنّ الحسين (عليه السّلام) لمّا قتل أتاهم آت وهم في العسكر فصرخ فزبر فقال لهم: وكيف لا أصرخ ورسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قائم ينظر إلى الارض مرّة وإلى حزبكم مرّة، وأنا أخاف أن يدعو اللّه على أهل الارض فأهلك فيهم.

فقال بعضهم لبعض: هذا إنسان مجنون.

فقال التوّابون: تاللّه ما صنعنا لانفسنا؟!! قتلنا لابن سميّة سيّد شباب أهل الجنّة.

فخرجوا على عبيداللّه بن زياد فكان من أمرهم ما كان.

قال: فقلت له: جعلت فداك من هذا الصارخ ؟

قال: ما نراه إلاّ جبرئيل، أما إنه لو اذن له فيهم لصاح بهم

ص:320

صيحة يخطف به أرواحهم من أبدانهم إلى النار، ولكن أمهل لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب أليم.

قلت: جعلت فداك ما تقول فيمن يترك زيارته وهو يقدر على ذلك ؟

قال: إنّه قد عقّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعقّنا، واستخفّ بأمر هو له، ومن زاره كان اللّه له من وراء حوائجه، وكفاه ما أهمّه من أمر دنياه، وإنّه ليجلب الرزق على العبد، ويخلف عليه ما أنفق، ويغفر له ذنوب خمسين سنة، ويرجع إلى أهله وما عليه ذنب، ولا خطيئة إلاّ وقد محيت من صحيفته، فان هلك في سفره نزلت الملائكة فغسّلته وفتح له باب إلى الجنّة، حتّى يدخل عليه روحها حتّى ينشر، وإن سلم فتح الباب الّذي ينزل منه رزقه، فيجعل له بكلّ درهم أنفقه عشرة الاف درهم وذخر ذلك له، فاذا حشر قيل له: [لك] بكلّ درهم عشرة آلاف درهم، وإنّ اللّه (تبارك وتعالى) قد ذخرها لك عنده(1).

باب (4) الإمام زين العابدين عليه السّلام في مجلس يزيد الطاغية

5618 - تفسير القمي: قال الصادق (عليه السّلام) لمّا ادخل عليّ ابن الحسين (عليه السّلام) على يزيد (لعنه اللّه) نظر إليه ثمّ قال [له]:

ص:321


1- (1) - كامل الزيارات: ص 336 ح 14. منه البحار: ج 45 ص 172.

يا عليّ بن الحسين (وَ مٰا أَصٰابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) ؟(1).

فقال عليّ بن الحسين: كلّا، ما فينا هذه نزلت، وإنّما نزلت فينا: (مٰا أَصٰابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لاٰ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهٰا إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى اللّٰهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلاٰ تَأْسَوْا عَلىٰ مٰا فٰاتَكُمْ وَ لاٰ تَفْرَحُوا بِمٰا آتٰاكُمْ ) (2). فنحن الّذين لا نأسى على ما فاتنا من أمر الدّنيا ولا نفرح بما اوتينا(3).

5619 - تفسير القمي: قال الصادق (عليه السّلام): لمّا ادخل رأس الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) على يزيد (لعنه اللّه) وادخل عليه عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) وبنات أمير المؤمنين (عليه وعليهنّ السلام) كان عليّ بن الحسين (عليه السّلام) مقيّدا مغلولا فقال يزيد (لعنه اللّه): يا عليّ بن الحسين الحمد للّه الّذي قتل أباك.

فقال عليّ بن الحسين: لعن اللّه من قتل أبي.

قال: فغضب يزيد وأمر بضرب عنقه (عليه السّلام).

فقال عليّ بن الحسين: فإذا قتلتني فبنات رسول اللّه من يردّهم إلى منازلهم وليس لهم محرم غيري ؟

فقال: أنت تردّهم إلى منازلهم، ثمّ دعا بمبرد فأقبل يبرد الجامعة من عنقه بيده.

ثمّ قال له: يا عليّ بن الحسين: أتدري ما الّذي اريد بذلك ؟

ص:322


1- (1) - الشوري 42:30.
2- (2) - الحديد 57:22 و 23.
3- (3) - تفسير القميّ : ج 2 ص 277. منه البحار: ج 45 ص 168.. -

. قال: بلى تريد أن لايكون لاحد عليّ منّة غيرك.

فقال يزيد: هذا واللّه ما أردت أفعله.

ثمّ قال يزيد: يا عليّ بن الحسين (مٰا أَصٰابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ) ؟

فقال عليّ بن الحسين: كلاّ، ما هذه فينا نزلت، إنّما نزلت فينا (مٰا أَصٰابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَ لاٰ فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهٰا إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى اللّٰهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلاٰ تَأْسَوْا عَلىٰ مٰا فٰاتَكُمْ وَ لاٰ تَفْرَحُوا بِمٰا آتٰاكُمْ ) فنحن الّذين لا نأسى على ما فاتنا، ولا نفرح بما آتانا(1).

باب (5) أهل البيت عليهم السّلام في خربة الشام

5620 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد، حدثني الحسين بن سعيد، والبرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيي الحلبي، عن محمّد بن علي الحلبي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لمّا اتي بعليّ بن الحسين (عليهما السّلام) يزيد بن معاوية (عليهما لعائن اللّه) ومن معه، جعلوه في بيت، فقال بعضهم: إنّما جعلنا في هذا البيت ليقع علينا فيقتلنا، فراطن(2) الحرس فقالوا: انظروا إلى هؤلاء يخافون أن تقع عليهم البيت وإنّما يخرجون غدا فيقتلون.

ص:323


1- (1) - تفسير القمى: ج 2 ص 352. منه البحار: ج 45 ص 168.
2- (2) - تراطنوا فيما بينهم: تكلّموا بالأعجمية (أقرب الموارد)..

قال عليّ بن الحسين: لم يكن فينا أحد يحسن الرطانة غيري والرّطانة - عند أهل المدينة - الروميّة(1).

5621 - الخرائج والجرائح: روي عن داود بن فرقد قال: ذكر عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) قتل الحسين (عليه السّلام) وأمر علي ابنه (عليهما السّلام) في حمله إلى الشام، فقال: إنّه لمّا [و] رد إلى السجن قال بعض أصحابه لبعض: ما أحسن بنيان هذا الجدار، و [كان] عليه كتابة بالرّوميّة فقرأها عليّ بن الحسين (عليه السّلام) فتراطن الروم بينهم وقالوا: ما في هؤلاء من هو أولى بدم المقتول - ابن نبيهم - من هذا، يعنون علي بن الحسين (عليهما السّلام)(2).

باب (6) من الذي غلب ؟

5622 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمّد بن الزبير القرشي قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال قال:

حدثنا العباس بن عامر، عن أبي عمارة، عن عبداللّه بن طلحة، عن عبداللّه بن سيابة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا قدم عليّ بن الحسين - وقد قتل الحسين بن علي (صلوات اللّه عليهم) - استقبله

ص:324


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 357 ح 1. منه البحار: ج 45 ص 177.
2- (2) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 754 ح 72. منه البحار: ج 46 ص 72.

إبراهيم بن طلحة بن عبيداللّه وقال: يا عليّ بن الحسين من غلب ؟

- وهو مغطى رأسه وهو في المحمل -.

قال: فقال له علي بن الحسين: إذا أردت أن تعلم من غلب، ودخل وقت الصلاة فأذّن ثمّ أقم(1).

أقول: قوله (عليه السّلام): «فاذّن واقم» فيه احتمالان:

الأوّل: ان بني أمية ارادوا محو الدين والاذان الذي فيه شهادة أن لا اله الاّ اللّه وان محمدا رسول اللّه فاذا اذّنت وأقمت تعلم ان الدين باق وان الشهادتين باقيتان في الاذان، فنحن الغالبون.

الثاني: ان محمدا - المذكور في الأذان والإقامة - هو جدّنا ونحن نسله وعترته، فطالما أن اسمه وذكره باق في الاذان والإقامة فنحن الغالبون وعترته المنتصرون.

باب (7) بكاء الكون على الإمام الحسين عليه السّلام

5623 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر القرشي الرزاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن عليّ بن أبي عثمان، عن عبدالجبّار النهاوندي، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة ويونس بن ظببان وأبي سلمة السرّاج والمفضل بن عمر كلّهم قالوا: سمعنا أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ أبا عبداللّه الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) لمّا مضى بكت عليه

ص:325


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 677 ح 1432. منه البحار: ج 45 ص 177.

السماوات السبع والارضون السبع وما فيهنّ وما بينهنّ ومن ينقلب(1)عليهنّ ، والجنّة والنار، وما خلق ربّنا وما يري وما لايرى.

وحدثني أبي (رحمه اللّه) عن سعد بن عبداللّه، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان باسناده مثله(2).

5624 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبداللّه بن حمّاد البصريّ ، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصم، عن أبي يعقوب، عن أبان بن عثمان، عن زرارة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا زرارة إنّ السماء بكت على الحسين أربعين صباحا بالدمّ ، وإنّ الارض بكت أربعين صباحا بالسّواد، وإنّ الشمس بكت أربعين صباحا بالكسوف والحمرة، وإنّ الجبال تقطّعت وانتثرت، وإنّ البحار تفجّرت، وإنّ الملائكة بكت أربعين صباحا على الحسين (عليه السّلام)، وما اختضبت منّا امرأة ولا ادّهنت ولا اكتحلت ولا رجّلت(3) حتّى أتانا رأس عبيداللّه بن زياد (لعنه اللّه)، ومازلنا في عبرة بعده.

وكان جدّي إذا ذكره بكى حتّى تملا عيناه لحيته، وحتّى يبكي لبكائه - رحمة له - من رآه.

وإنّ الملائكة الّذين عند قبره ليبكون فيبكي لبكائهم كلّ من في الهواء والسماء من الملائكة.

ص:326


1- (1) - يتقلّب - البحار.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 80 ح 3. منه البحار: ج 45 ص 205.
3- (3) - ترجيل الشعر: تسريحه، والمرجل هو المشط. (مجمع البحرين).

ولقد خرجت نفسه (عليه السّلام) فزفرت جهنّم زفرة كادت الارض تنشقّ لزفرتها.

ولقد خرجت نفس عبيداللّه بن زياد ويزيد بن معاوية (لعنهم اللّه) فشهقت جهنّم شهقة لولا أنّ اللّه حبسها بخزّانها لأحرقت من على ظهر الارض من فورها.

ولو يؤذن لها ما بقي شيء إلاّ ابتلعته، ولكنّها مأمورة مصفودة(1).

ولقد عتت على الخزّان غير مرّة حتّى أتاها جبرئيل فضربها بجناحه فسكنت، وإنّها لتبكيه وتندبه، وإنّها لتتلظّى(2) على قاتله، ولولا من على الأرض من حجج اللّه لنقضت الارض، وأكفأت(3) بما عليها، وما تكثر الزلازل إلاّ عند اقتراب الساعة.

وما من عين أحبّ إلى اللّه ولا عبرة من عين بكت ودمعت عليه.

وما من باك يبكيه إلاّ وقد وصل فاطمة (عليها السّلام) وأسعدها عليه، ووصل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأدّي حقّنا.

وما من عبد يحشر إلاّ وعيناه باكية إلاّ الباكي على جدّي الحسين (عليه السّلام) فانه يحشر وعينه قريرة، والبشارة تلقاه والسرور بيّن على وجهه، والخلق في الفزع وهم آمنون، والخلق يعرضون وهم حدّاث(4) الحسين (عليه السّلام) تحت العرش وفي ظلّ العرش، لا

ص:327


1- (1) - الصفد: الوثاق وجمعها «الاصفاد» أي القيود والأغلال التي توثق بها الارجل. (مجمع البحرين).
2- (2) - تلظّت النار تلظيا: تلهبت (أقرب الموارد).
3- (3) - انكفأت أي انقلبت. (مجمع البحرين).
4- (4) - حدّاث: أي يتحدثون (لسان العرب). والمراد أنّهم يحدثونه ويتحدثون معه.

يخافون سوء يوم الحساب يقال لهم: ادخلوا الجنّة فيأبون ويختارون مجلسه وحديثه، وإنّ الحور لترسل إليهم: أنّا قد اشتقناكم مع الولدان المخلّدين، فما يرفعون رؤسهم إليهم لما يرون في مجلسهم من السرور والكرامة.

وإنّ أعدائهم من بين مسحوب بناصيته إلى النار، ومن قائل:

(فَمٰا لَنٰا مِنْ شٰافِعِينَ * وَ لاٰ صَدِيقٍ حَمِيمٍ ) (1).

وإنّهم ليرون منزلهم وما يقدرون أن يدنوا إليهم، ولا يصلون إليهم، وإنّ الملائكة لتأتيهم بالرّسالة من أزواجهم ومن خدّامهم على ما اعطوا من الكرامة فيقولون نأتيكم إن شاء اللّه فيرجعون إلى أزواجهم بمقالاتهم، فيزدادون إليهم شوقا هم خبّروهم بما هم فيه من الكرامة وقربهم من الحسين (عليه السّلام! فيقولون: الحمد للّه الّذي كفانا الفزع الاكبر، وأهوال القيامة، ونجّانا ممّا كنّا نخاف.

ويؤتون بالمراكب والرّحال على النجائب، فيستوون عليها وهم في الثناء على اللّه، والحمد للّه والصلاة على محمّد واله حتّى ينتهوا إلى منازلهم(2).

5625 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن عبداللّه، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبداللّه بن حمّاد البصريّ ، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصم، عن عبداللّه بن مسكان، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) احدّثه فدخل عليه ابنه فقال له: مرحبا وضمّه وقبّله وقال: حقّر اللّه

ص:328


1- (1) - الشعراء 26:100 و 101.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 80 ح 6. منه البحار: ج 45 ص 206.

من حقّركم، وانتقم ممّن وتركم، وخذل اللّه من خذلكم. ولعن اللّه من قتلكم، وكان اللّه لكم وليّا وحافظا وناصرا، فقد طال بكاء النساء وبكاء الانبياء والصدّيقين، والشهداء، وملائكة السماء.

ثمّ بكى وقال: يا أبا بصير إذا نظرت إلى ولد الحسين أتاني ما لاأملكه بما أتى إلى أبيهم وإليهم.

يا أبا بصير: إنّ فاطمة (عليها السّلام) لتبكيه وتشهق، فتزفر جهنّم زفرة لولا أنّ الخزنة يسمعون بكاءها وقد استعدّوا لذلك مخافة أن يخرج منها عنق أو يشرد دخانها، فيحرق أهل الأرض فيحفظونها(1)ما دامت باكية، ويزجرونها ويوثقون من أبوابها مخافة على أهل الارض فلا تسكن حتّى يسكن صوت فاطمة الزهراء (عليها السّلام) وإنّ البحار تكاد أن تنفتق فيدخل بعضها على بعض، وما منها قطرة إلاّ بها ملك موكل، فاذا سمع الملك صوتها أطفأ نارها بأجنحته، وحبس بعضها على بعض، مخافة على الدّنيا وما فيها ومن على الارض، فلاتزال الملائكة مشفقين يبكونه لبكائها ويدعون اللّه ويتضرّعون إليه ويتضرعّ أهل العرش ومن حوله، وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس للّه مخافة على أهل الارض، ولو أنّ صوتا من أصواتهم يصل إلى الارض لصعق أهل الارض وتقطعت الجبال، وزلزلت الارض بأهلها.

قلت: جعلت فداك إنّ هذا الامر عظيم.

قال: غيره أعظم منه ما لم تسمعه.

ص:329


1- (1) - فيكبحونها - البحار. كبح الدّابة باللجام: جذبها إليه باللجام وضرب فاهها به لتقف ولا تجري (أقرب الموارد).

ثمّ قال لي: يا أبا بصير أما تحبّ أن تكون فيمن يسعد فاطمة (عليها السّلام)؟

فبكيت حين قالها، فما قدرت على المنطق وما قدرت على كلامي من البكاء.

ثمّ قام إلى المصلّى يدعو، فخرجت من عنده على تلك الحال فما انتفعت بطعام وما جاءني النّوم وأصبحت صائما وجلا حتّى أتيته فلمّا رأيته قد سكن سكنت وحمدت اللّه حيث لم تنزل بي عقوبة(1).

باب (8) بكاء السماوات على الامام الحسين عليه السّلام

5626 - كامل الزيارات: حدثني علي بن الحسين بن موسى، عن علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد بن عليّ الحلبي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (فَمٰا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمٰاءُ وَ الْأَرْضُ وَ مٰا كٰانُوا مُنْظَرِينَ ) (2).

قال: لم تبك السّماء على أحد منذ قتل يحيي بن زكريّا حتّى قتل الحسين (عليه السّلام) فبكت عليه(3).

قصص الأنبياء: (باسناده) عن ابن بابويه، عن أبيه، حدّثنا علي بن ابراهيم بهذا الاسناد نحوه(4).

ص:330


1- (1) - كامل الزيارات: ص 82 ح 7. منه البحار: ج 45 ص 208.
2- (2) - الدخان 44:29.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 89 ح 6. منه البحار: ج 45 ص 210.
4- (4) - قصص الانبياء: ص 220 ح 293. منه البحار: ج 14 ص 183.

5627 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن وهيب بن حفص النحّاس، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الحسين (صلوات اللّه عليه) بكى لقتله السّماء والارض واحمرّتا، ولم تبكيا على أحد قطّ إلاّ على يحيى بن زكريّا والحسين بن عليّ (صلوات اللّه عليهم).

وحدّثني أبي (رحمه اللّه) عن سعد بن عبداللّه، عن محمد بن الحسين باسناده مثله(1).

قصص الانبياء: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

5628 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن جعفر الرزّاز الكوفي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن كليب ابن معاوية الأسدي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لم تبك السماء إلاّ على الحسين بن علي ويحيي بن زكريّا (عليهما السّلام)(3).

5629 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر الرزّاز القرشي قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صفوان بن يحيي، عن داود بن فرقد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

احمرّت السّماء حين قتل الحسين [بن عليّ ] (عليهما السّلام) سنة [ثمّ قال: بكت السّماء والارض على الحسين بن عليّ سنة] و [على] يحيي ابن زكريّا، وحمرتها بكاؤها(4).

ص:331


1- (1) - كامل الزيارات: ص 89 ح 3. منه البحار: ج 45 ص 209.
2- (2) - قصص الانبياء: ص 220 ح 292. منه البحار: ج 45 ص 219.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 90 ح 10. منه البحار: ج 45 ص 211.
4- (4) - كامل الزيارات: ص 90 ح 7. منه البحار: ج 45 ص 210. وما بين المعقوفتين من البحار.

9630 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) وعليّ بن الحسين، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن الفضل، عن حنان قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام):

ما تقول في زيارة قبر أبي عبداللّه الحسين (عليه السّلام) فانّه بلغنا عن بعضهم انّها تعدل حجّة وعمرة ؟

قال: لا تعجب بالقول هذا كلّه(1) ولكن زره ولا تجفه فإنّه سيد الشهداء وسيّد شباب أهل الجنّة وشبيه يحيى بن زكريّا، وعليهما بكت السماء والارض.

حدثني أبي ومحمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن عبدالصّمد بن محمّد، عن حنان بن سدير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله سواء.

حدّثني أبي (رحمه اللّه تعالى) وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبد اللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع، عن حنان بن سدير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(2).

أقول: الأحاديث، المرويّة حول زيارة الإمام الحسين (عليه السّلام) كثيرة جدا وبعضها تصرّح بأنّ زيارته تعدل - عند اللّه تعالى - مائة حجة وعمرة، بل أكثر وأكثر..

و بما أنّ بعض ضعفاء الإيمان كانوا يستغربون هذا الثواب الجزيل لذلك كان الأئمّة (سلام اللّه عليهم) يؤكدون لهؤلاء محبوبيّة الزيارة دون ذكر ذلك الثواب الجزيل. ويحتمل أن يكون هذا الحديث

ص:332


1- (1) - قال ؟ لا تعجب! ما أصاب من يقول هذا كله ؟ - البحار.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 91 ح 13. منه البحار: ج 45 ص 211.

- وأمثاله - صادرا على وجه التقية كما في هامش المصدر، و اللّه العالم.

5631 - كامل الزيارات: حدّثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد [بن عيسى]، عن [محمّد] البرقي، عن عبدالعظيم [الحسنيّ ] عن الحسن، عن أبي سلمة قال: قال جعفر بن محمّد (عليه السّلام): ما بكت السماء والارض إلاّ على يحيى بن زكريّا والحسين [بن عليّ ] (عليهما السّلام)(1).

5632 - مناقب آل أبي طالب: قال الصادق (عليه السّلام): بكت السماء على الحسين (عليه السّلام) أربعين يوما بالدّم.

زرارة بن أعين، عن الصادق (عليه السّلام) قال: بكت السماء على يحيى بن زكريّا وعلى الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) أربعين صباحا ولم تبك إلاّ عليهما.

قلت: فما بكاؤها؟

قال: كانت الشمس تطلع حمراء وتغيب حمراء(2).

5633 - كامل الزيارات: حدثني أبي وعليّ بن الحسين (رحمهما اللّه جميعا)، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ الوشا، عن حماد بن عثمان، عن عبداللّه بن هلال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ السماء بكت على الحسين بن عليّ (عليه السّلام) ويحيى بن زكريّا ولم تبك

ص:333


1- (1) - كامل الزيارات: ص 92 ح 17. منه البحار: ج 45 ص 213.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 54. منه البحار: ج 45 ص 215.

على أحد غيرهما.

قلت: وما بكاؤها؟

قال: مكثوا أربعين يوما تطلع الشمس بحمرة وتغرب بحمرة.

قلت: فذاك بكاؤها؟

قال: نعم(1).

5634 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه)، عن سعد بن عبداللّه عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن عليّ بن فضاّل، عن ابن بكير، عن زرارة، عن عبدالخالق بن عبد ربّه قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لم يجعل اللّه له من قبل سميّا(2) الحسين بن علي (عليهما السّلام) لم يكن له من قبل سميّا، ويحيي بن زكريّا (عليهما السّلام) لم يكن له من قبل سميّا، ولم تبك السماء إلّا عليهما أربعين صباحا.

قال: قلت: ما بكاؤها؟

قال: كانت تطلع حمراء وتغرب حمراء(3).

5635 - البحار: روى الحسن بن سليمان من كتاب (المعراج) باسناده عن الصدوق باسناده عن بكر بن عبداللّه، عن سهل بن عبدالوهاب، عن أبي معاوية، عن الاعمش، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السّلام) قال: قال النبي (صلّى اللّه عليه وآله): ليلة اسري بي إلى السّماء فبلغت السّماء الخامسة نظرت إلى

ص:334


1- (1) - كامل الزيارات: ص 91 ح 15. منه البحار: ج 45 ص 210.
2- (2) - إشارة إلى الآية 7 من سورة مريم: (لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا).
3- (3) - كامل الزيارات: ص 90 ح 8. منه البحار: ج 45 ص 211.

صورة علي بن أبي طالب فقلت: حبيبي جبرئيل ما هذه الصورة ؟

فقال جبرئيل: يا محمد اشتهت الملائكة أن ينظروا إلى صورة علي فقالوا: ربّنا ان بني آدم في دنياهم يتمتعون غدوة وعشية بالنظر إلى علي بن أبي طالب حبيب حبيبك محمد (صلّى اللّه عليه وآله) وخليفته ووصيه وأمينة، فمتّعنا بصورته قدر ما تمتع أهل الدنيا به ؟

فصوّر لهم صورته من نور قدسه عزّوجلّ ، فعلي (عليه السّلام) بين أيديهم ليلا ونهارا يزورونه وينظرون اليه غدوة وعشية.

قال: فأخبرني الاعمش، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: فلمّا ضربه اللّعين بن ملجم، على رأسه صارت تلك الضربة في صورته الّتي في السماء فالملائكة ينظرون إليه غدوة وعشيّة، ويلعنون قاتله ابن ملجم.

فلمّا قتل الحسين بن عليّ (عليه السّلام) هبطت الملائكة وحملته حتّى أوقفته مع صورة عليّ في السماء الخامسة فكلّما هبطت الملائكة من السماوات من علا وصعدت ملائكة السماء الدنيا فمن فوقها إلى السماء الخامسة لزيارة صورة عليّ والنظر إليه وإلى الحسين بن عليّ مشحّطا بدمه لعنوا يزيد وابن زياد وقاتل الحسين بن عليّ (عليه السّلام) إلى يوم القيامة.

قال الاعمش: قال لي الصادق (عليه السّلام): هذا من مكنون العلم ومخزونه لاتخرجه إلاّ إلى أهله(1).

ص:335


1- (1) - البحار: ج 45 ص 228 ح 24.

باب (9) رؤيا السيدة ام سلمة حول (مقتل الإمام الحسين عليه السّلام

5636 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرني أبو عبيداللّه محمد بن عمر(1)المرازبانيّ ، قال: حدثنا أحمد بن محمّد الجوهري، قال: حدثنا الحسن ابن عليل العنزي، عن عبدالكريم بن محمّد، قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلوي، عن عبدالعظيم بن عبداللّه العلويّ ، عن الحسن بن الحسين العرنيّ ، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: أصبحت يوما أم سلمة (رضي اللّه عنها) تبكي فقيل لها: ممّ بكاؤك ؟

فقالت: لقد قتل ابني الحسين (عليه السّلام) اللّيلة، وذلك انّني ما رأيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) منذ قبض(2) إلاّ اللّيلة فرأيته شاحبا(3) كئيبا.

[قالت:] فقلت: مالي أراك يا رسول اللّه شاحبا كئيبا؟

قال: ما زلت اللّيلة أحفر قبورا(4) للحسين وأصحابه (عليهم السّلام)(5).

ص:336


1- (1) - عمران - البحار.
2- (2) - منذ مضى - أمالي الطوسي.
3- (3) - شحب جسمه: أي تغيّر، والشاحب: المهزول وقيل: المتغير اللون. (أقرب الموارد).
4- (4) - القبور - أمالي الطوسي.
5- (5) - أمالي المفيد: ص 319 ح 6.

أمالي الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد، قال: أخبرني أبو عبيداللّه محمّد بن عمران المرزبانى بهذا الاسناد مثله(1).

أمالي الصدوق: حدثنا الشيخ الفقيه أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه القمي قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، قال: حدثنا أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، عن أبيه محمد ابن خالد، عن أبي البختري وهب بن وهب، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام)، عن ام سلمة أنها أصبحت يوما تبكي.... وذكر نحوه(2).

باب (10) الملائكة تبكي عند قبر الإمام الحسين عليه السّلام

5637 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر الرزّاز، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه ابن القاسم، عن عمر بن أبان الكلبي، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إن اربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن علي (عليهما السّلام) لم يؤذن لهم(3) في القتال فرجعوا في الاستيذان، فهبطوا(4) وقد قتل الحسين (عليه السّلام) فهم عند قبره شعث

ص:337


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 90 ح 140.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 119 ح 1. منها البحار: ج 45 ص 230.
3- (3) - فلم يؤذن لهم - أمالي الصدوق.
4- (4) - وهبطوا - أمالي الصدوق.

غبر يبكونه الى يوم القيامة [و] رئيسهم ملك يقال له: المنصور(1).

أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا الحسن بن متيل قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب مثله(2).

باب (11) ديون الإمام الحسين عليه السّلام

5638 - شرح الاخبار: روي عن جعفر بن محمّد، أنه قال:

اصيب الحسين (عليه السّلام) وعليه دين بضع وسبعون ألف دينار.

قال: وكفّ يزيد عن أموال الحسين (عليه السّلام)، غير ان سعيد بن العاص هدم دار علي بن أبي طالب ودار عقيل ودار الرباب بنت امريء القيس، وكانت تحت الحسين، وهي ام سكينة.

قال: واهتمّ أبي علي بن الحسين (عليه السّلام) بدين أبيه همّا شديدا حتى امتنع من الطعام والشراب والنوم في أكثر أيامه ولياليه.

فأتاه آت في المنام، فقال له: لاتهتم بدين أبيك فقد قضاه اللّه بمال بجيش.

(فقال علي له: واللّه ما أعرف في أموال أبي مالا يقال له:

بجيش).

فلمّا كان في الليلة الثانية رأى مثل ذلك، فسأل عنه أهله، فقالت

ص:338


1- (1) - كامل الزيارات: ص 83 ح 2. منه البحار: ج 45 ص 221.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 509 ح 7. منه البحار: ج 45 ص 220.

له امرأة من أهله: كان لابيك عبد رومي يقال له: بجيش، استنبط له عينا بذي خشب، فسأل عن ذلك، فاخبر به، وأن الحسين كان [قد] أعطى الرباب بنت امريء القيس منها سقي يوم السبت وليلة السبت نحلة فورثت ذلك سكينة بنتها.

فما مضت بعد ذلك قلائل حتى أرسل الوليد بن عتبة بن أبي سفيان الى علي بن الحسين (عليه السّلام) يقول له: انه ذكرت لي عين ابيك بذي خشب تعرف بجيش، فأن أحببت بيعها ابتعتها منك.

قال له علي بن الحسين (عليه السّلام): خذها بدين الحسين (عليه السّلام)، وذكر له.

قال: أخذتها.

واستثنى منها ماكان لسكينة. وأوفى دين الحسين (عليه السّلام)(1).

باب (12) الملائكة تنصر الإمام الحسين عليه السّلام في الرجعة

5639 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصمّ ، عن أبي عبداللّه البزّاز، عن حريز قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك ما أقلّ بقاءكم أهل البيت وأقرب آجالكم بعضها من بعض مع حاجة الناس إليكم ؟

فقال: إنّ لكلّ واحد منّا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدّته، فاذا انقضى ما فيها ممّا امر به عرف أنّ أجله قد حضر. فأتاه

ص:339


1- (1) - شرح الاخبار: ج 3 ص 269 ح 1173.

النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ينعى إليه نفسه(1) وأخبره بما له عند اللّه.

وإنّ الحسين (عليه السّلام) قرأ صحيفته الّتي اعطيها، وفسّر له ما يأتي بنعي وبقي فيها أشياء لم تقض، فخرج للقتال وكانت [من] تلك الأمور الّتي بقيت أنّ الملائكة سألت اللّه في نصرته، فأذن لها ومكثت تستعدّ للقتال وتتأهّب لذلك حتّى قتل فنزلت وقد انقطعت مدته وقتل (عليه السّلام) فقالت الملائكة: ياربّ أذنت لنا في الانحدار وأذنت لنا في نصرته، فانحدرنا وقد قبضته ؟! فأوحى اللّه إليهم: أن الزموا قبره حتى تروه وقد خرج فانصروه وابكوا عليه وعلى ما فاتكم من نصرته فانّكم قد خصصتم بنصرته وبالبكاء عليه، فبكت الملائكة تعزّيا وحزنا على ما فاتهم من نصرته، فاذا خرج يكونون أنصاره(2).

كامل الزيارات: حدثني محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن محمد بن خالد، عن عبداللّه بن حماد البصري، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصمّ قال:

حدثنا أبو عبدة البزاز، عن حريز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

ص:340


1- (1) - النعي: خبر الموت. السان العرب). أي يخبره بموته.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 283 ح 5.
3- (3) - كامل الزيارات: ص 87 ح 17.

باب (13) الإنتقام من قتلة ذرية رسول اللّه

5640 - ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدّثني محمّد بن يحيى العطّار قال: حدثني محمّد بن أحمد قال: حدّثني عبداللّه بن محمّد، عن عليّ بن زياد، عن محمّد بن علي الحلبيّ قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ آل أبي سفيان قتلوا الحسين بن علي (علمهما السّلام) فنزع اللّه ملكهم، وقتل هشام زيد بن عليّ فنزع اللّه ملكه، وقتل الوليد يحيى بن زيد فنزع اللّه ملكه على قتله ذريّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)(1).

5641 - البحار: أقول: روي السائل، عن السيّد المرتضى (رضي اللّه عنه)، عن خبر روي النعمانيّ في كتاب (التسلّي) عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: إذا احتضر الكافر حضره رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّ (صلوات اللّه عليه) وجبرئيل وملك الموت فيدنو إليه عليّ (عليه السّلام) فيقول: يا رسول اللّه إنّ هذا كان يبغضنا أهل البيت فأبغضه.

فيقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): يا جبرئيل إنّ هذا كان يبغض اللّه ورسوله وأهل بيت رسوله فأبغضه.

فيقول جبرئيل لملك الموت: إنّ هذا كان يبغض اللّه ورسوله وأهل بيته فأبغضه واعنف به.

ص:341


1- (1) - ثواب الاعمال: ص 261 ح 11. منه البحار: ج 45 ص 308.

فيدنو منه ملك الموت فيقول: يا عبداللّه أخذت فكاك رقبتك، أخذت أمان براءتك، تمسّكت بالعصمة الكبري في دار الحياة الدّنيا؟

فيقول: وما هي ؟

فيقول: ولاية عليّ بن أبي طالب.

فيقول: ما أعرفها ولا أعتقد بها.

فيقول له جبرئيل: يا عدوّ اللّه وما كنت تعتقد؟

فيقول له جبرئيل(1): أبشر يا عدوّ اللّه بسخط اللّه وعذابه في النار أمّا ما كنت ترجو فقد فاتك، وأمّا الّذي كنت تخاف فقد نزل بك.

ثمّ يسلّ نفسه سلاّ عنيفا ثمّ يوكل بروحه مائة شيطان، كلّهم يبصق في وجهه، ويتأذّي بريحه، فإذا وضع في قبره فتح له باب من أبواب النار، يدخل إليه من فوح ريحها ولهبها.

ثمّ إنّه يؤتى بروحه إلى جبال برهوت ثمّ إنّه يصير في المركبات بعد أن يجري في كلّ سنخ مسخوط عليه حتّى يقوم قائمنا أهل البيت، فيبعثه اللّه فيضرب عنقه، وذلك قوله: (رَبَّنٰا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنٰا بِذُنُوبِنٰا فَهَلْ إِلىٰ خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ ) (2).

واللّه لقد اتي بعمر بن سعد بعدما قتل، وإنّه لفي صورة قرد في عنقه سلسلة، فجعل يعرف أهل الدار، وهم لايعرفونه، واللّه لايذهب الأيّام حتّى يمسخ عدوّنا مسخا ظاهرا حتّى انّ الرجل منهم ليمسخ في حياته قردا أو خنزيرا، ومن ورائهم عذاب غليظ ومن

ص:342


1- (1) - هكذا في المصدر، ولعل الصحيح: فيقول له ملك الموت.
2- (2) - غافر 40:11.

ورائهم جهنّم وساءت مصيرا(1).

البحار - بيان: هذا خبر غريب ولم ينكره السيد في الجواب وأجاب بما حاصله انا ننكر تعلق الروح بجسد آخر ولا ننكر تغيّر جسمه الى صورة اخري. وأقول: يمكن حمله على التغيير في الجسد المثالي أو أجزاء جسده الاصلي الى الصور القبيحة.

باب (14) أحوال المختار بن أبى عبيدة الثقفي

5642 - التهذيب: محمّد بن علي بن محبوب، عن محمّد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد بن هلال، عن امية بن علي القيسي، عن بعض من رواه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال لي:

يجوز النبي (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) الصراط يتلوه علي، ويتلو عليا الحسن، ويتلو الحسن الحسين فاذا توسطوه نادي المحتار الحسين (عليه السّلام) يا أبا عبداللّه إني طلبت بثارك.

فيقول النبي (صلّى اللّه عليه وآله) للحسين (عليه السّلام) أجبه فينقض الحسين (عليه السّلام) في النار كانه عقاب كاسر فيخرج الختار حممة(2) ولو شق عن قلبه لوجد حبهما في قلبه(3).

5643 - مستطرفات السرائر: قال [أبان بن تغلب]: حدّثني جعفر بن ابراهيم بن ناجية الحضرمي قال: حدثني زرعة بن محمد

ص:343


1- (1) - البحار: ج 45 ص 312.
2- (2) - الحمم: الفحم والرّماد، وكل ما احترق من النّار (أقرب الموارد).
3- (3) - التهذيب: ج 1 ص 466 ح 1528.

الحضرمي، عن سماعة بن مهران، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إذا كان يوم القيامة مرّ رسول اللّه بشفير النار، وأمير المؤمنين والحسن والحسين (عليهم السّلام)، فيصيح صائح من النار: يا رسول اللّه، يا رسول اللّه، يا رسول اللّه، أغثني.

قال: فلا يجيبه.

قال: فينادي يا أمير المؤمنين يا أمير المؤمنين ثلاثا أغثني، فلا يجيبه.

[قال: فينادي: يا حسن، يا حسن، يا حسن اغثني، فلا يجيبه].

قال: فينادي: يا حسين يا حسين يا حسين أغثني أنا قاتل أعدائك.

قال: فيقول له رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): قد احتجّ عليك.

قال: فينقضّ عليه كأنّه عقاب كاسر، قال: فيخرجه من النار.

قال: فقلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ومن هذا جعلت فداك ؟

قال (عليه السّلام): الختار.

قلت له: ولم عذب بالنار، وقد فعل ما فعل ؟

قال (عليه السّلام): إنّه كان في قلبه منهما شيء، والّذي بعث محمّدا بالحقّ لو أنّ جبرئيل وميكائيل كان في قلبيهما شيء لأكبّهما اللّه في النار على وجوههما(1).

البحار - بيان: كأنّ هذا الخبر وجه جمع بين الأخبار المختلفة الواردة في هذا الباب بانّه وإن لم يكن كاملا في الايمان واليقين، ولا

ص:344


1- (1) - مستطرفات السرائر: ص 43 ح 16. منه البحار: ج 45 ص 339.

مأذونا فيما فعله صريحا من أئمّة الدّين، لكن لمّا جري على يديه الخبّرات الكثيرة، وشفى بها صدور قوم مؤمنين، كانت عاقبة أمره آئلة إلى النّجاة. فدخل بذلك تحت قوله سبحانه: (وَ آخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صٰالِحاً وَ آخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللّٰهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ) (1)وأنا في شأنه من المتوقّفين وإن كان الأشهر بين أصحابنا أنّه من المشكورين.

5644 - إختيار معرفة الرجال: ابراهيم بن محمد الختلي، قال:

حدثني أحمد بن إدريس القمي، قال: حدثني محمد بن أحمد، قال:

حدثني الحسن بن علي الكوفي، عن العبّاس بن عامر، عن سيف بن عميرة، عن جارود بن المنذر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما امتشطت فينا هاشميّة ولا اختضبت حتّى بعث إلينا الختار برؤوس الذين قتلوا الحسين (صلوات اللّه عليه)(2).

5645 - البحار: رسالة شرح الثار الذي ألّفه الشيخ الفاضل البارع جعفر بن محمّد بن نما، روي المرزبانيّ باسناده، عن جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السّلام) أنّه قال: ما اكتحلت هاشميّة ولا اختضبت ولا رئي في دار هاشميّ دخان، خمس حجج(3)، حتّى قتل عبيداللّه بن زياد(4).

ص:345


1- (1) - التوبة 9:102.
2- (2) - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 341 ح 202. منه البحار: ج 45 ص 344.
3- (3) - الحجّة: السنة، لأنّ الحج يقضى - يؤتى - كل سنة (المنجد).
4- (4) - البحار: ج 45 ص 386.

5646 - إختيار معرفة الرجال: محمّد بن الحسن، وعثمان بن حامد، قالا: حدثنا محمّد بن يزداد الرازيّ ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عبداللّه المزخرف، عن حبيب الخثعميّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان الختار يكذب على عليّ بن الحسين (عليهما السّلام)(1).

5647 - إختيار معرفة الرجال: محمّد بن الحسن، عن عثمان بن حامد، قال: حدثنا محمد بن يزداد، عن محمّد بن الحسين، عن المزخرف، عن حبيب الخثعمي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

كان للحسن (عليه السّلام) كذاب يكذب عليه ولم يسمّه [الامام]، وكان للحسين (عليه السّلام) كذاب يكذب عليه ولم يسمّه، وكان المحتار يكذب على علي بن الحسين (عليه السّلام)، وكان المغيرة بن سعيد يكذب على أبي(2).

باب (15) الإمام الصادق عليه السّلام يزور أمير المؤمنين ورأس الحسين عليهما السّلام

5648 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن الحسن ومحمد بن احمد بن الحسين جميعا، عن الحسن بن علي بن مهزيار، عن أبيه علي ابن مهزيار قال: حدثني علي بن أحمد بن اشيم، عن رجل، عن يونس بن طبيان قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) بالحيرة أيّام

ص:346


1- (1) - إختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 340 ح 198. منه البحار: ج 45 ص 343.
2- (2) - إختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 492 ح 404.

مقدمه على أبي جعفر في ليلة صحيانة مقمرة، قال: فنظر إلى السماء فقال: يا يونس أما تري هذه الكواكب ما أحسنها؟! أما إنّها أمان لأهل السماء، ونحن أمان لاهل الارض.

ثمّ قال: يا يونس فمر بإسراج البغل والحمار فلمّا اسرجا قال: يا يونس أيهما أحبّ إليك: البغل أو الحمار؟

قال: فظننت أنّ البغل أحب إليه لقوّته فقلت: الحمار.

فقال: احبّ أن تؤثر به.

قلت: قد فعلت فركب وركبت.

فلمّا خرجنا من الحيرة قال: تقدّم يا يونس.

قال: فأقبل يقول: تيامن تياسر، فلمّا انتهينا إلى الذّكوات الحمر قال (عليه السّلام): هو المكان.

قلت: نعم فتيامن ثمّ قصد إلى موضع فيه ماء وعين فتوضّأ، ثمّ دنا من أكمة فصلّى عندها، ثمّ مال عليها وبكى ثم مال إلى أكمة دونها ففعل مثل ذلك، ثمّ قال: يا يونس افعل مثل ما فعلت ففعلت ذلك، فلماّ تفرغت قال لي: يا يونس تعرف هذا المكان ؟

فقلت: لا.

فقال: الموضع الّذي صليت عنده أوّلا هو قبر أمير المؤمنين، والاكمة الأخرى رأس الحسين بن علي (عليهما السّلام) إنّ الملعون عبيداللّه بن زياد (لعنه اللّه) لما بعث برأس الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) إلى الشّام ردّ إلى الكوفة فقال: أخرجوه عنها لا يفتن به أهلها فصيّره اللّه عند أمير المؤمنين (عليه السّلام)، فالرّأس مع الجسد والجسد

ص:347

مع الرأس(1).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «فالرأس مع الجسد» أي بعدما دفن الرأس هنا الحقه اللّه بالجسد، وإنما يزار ويصلّى هاهنا لكونه محلّا للرأس المقدّس وقتا مّا، ويحتمل - على بعد - أن يكون المراد أن جسد أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) كالجسد لهذا الرأس الشريف فكأنّ الرأس لم يفارق الجسد، واللّه يعلم.

باب (16) الإمام المهدي عليه السّلام ينتقم للإمام الحسين عليه السّلام

5649 - الكافي: أحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن عليّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لمّا كان من أمر الحسين (عليه السّلام) ما كان ضجّت الملائكة إلى اللّه بالبكاء وقالت: يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك ؟

قال: فأقام اللّه لهم ظلّ القائم (عليه السّلام) وقال: بهذا أنتقم لهذا(2).

اللهوف في قتلى الطفوف: روي أبو طاهر محمد بن الحسن النرسي في كتاب معالم الدين قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لمّا كان... وذكر نحوه(3).

ص:348


1- (1) - كامل الزيارات: ص 36 ح 10. منه البحار: ج 100 ص 243.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 465 ح 6.
3- (3) - اللهوف في قتلى الطفوف: ص 55.

5650 - أمالى الطوسي: أخبرنا محمّد بن محمّد قال: أخبرنى أبو الحسن أحمد بن محمّد بن الحسن بن الوليد، عن أبيه، عن محمّد ابن الحسن الصفار، عن محمّد بن عبيد، عن عليّ بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن محمّد بن حمران قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لمّا كان من أمر الحسين بن عليّ ما كان ضجّت الملائكة إلى اللّه تعالى وقالت: يارب يفعل هذا بالحسين صفيّك وابن نبيّك ؟ قال:

فأقام اللّه لهم ظلّ القائم (عليه السّلام) وقال: بهذا أنتقم له من ظالميه(1).

5651 - كامل الزيارات: حدثني محمد بن جعفر القرشيّ الرزاز قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن موسى بن سعدان الحنّاط، عن عبداللّه بن القاسم الحضرمي، عن صالح بن سهل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ) (وَ قَضَيْنٰا إِلىٰ بَنِي إِسْرٰائِيلَ فِي الْكِتٰابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) قال: قتل أمير المؤمنين (عليه السّلام) وطعن الحسن بن عليّ (عليهما السّلام) (وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) قتل الحسين بن عليّ (عليه السّلام) (فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ أُولاٰهُمٰا) قال: إذا جاء نصر الحسين [بن علي (عليه السّلام)] (بَعَثْنٰا عَلَيْكُمْ عِبٰاداً لَنٰا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجٰاسُوا خِلاٰلَ الدِّيٰارِ) قوما يبعثهم اللّه قبل قيام القائم (عليه السّلام) لا يدعون(2) وترا لآل محمّد إلّا أحرقوه وكان وعد اللّه مفعولا(3).

ص:349


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 418 ح 941. منه البحار: ج 45 ص 221.
2- (2) - ودع الشيء يدعه: إذا تركه (مجمع البحرين).
3- (3) - كامل الزيارات: ص 62 ح 1. والآيتان في سورة الاسراء 17:4 و 5. منه البحار: ج 45 ص 297.

5652 - كامل الزيارات: حدثني محمّد بن الحسن بن أحمد [بن الوليد]، عن محمد بن الحسن الصفّار، عن العباس بن معروف، عن محمّد بن سنان، عن رجل قال: سألت عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنٰا لِوَلِيِّهِ سُلْطٰاناً فَلاٰ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كٰانَ مَنْصُوراً) ؟

قال: ذلك قائم آل محمد يخرج فيقتل بدم الحسين [بن علي (عليه السّلام)] فلو قتل أهل الارض لم يكن مسرفا وقوله تعالى:

(فَلاٰ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ ) لم يكن ليصنع شيئا يكون سرفا.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يقتل واللّه ذراري قتلة الحسين (عليه السّلام) بفعال آبائها(1).

أقول: قد يقول قائل: كيف يجوز قتل الذراري بفعال الآباء مع العلم أن اللّه تعالى يقول: (وَ لاٰ تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ ) ؟

الجواب: اجاب الامام الرضا (عليه السّلام) على هذا السؤال في الحديث التالي:

روي عن عبدالسلام بن صالح الهروي قال: قلت لأبي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام): يابن رسول الله ما تقول في حديث روي عن الصادق (عليه السّلام) أنه قال: اذا قام القائم قتل ذراري قتلة الحسين بفعال آبائها؟

فقال (عليه السّلام): هو كذلك.

ص:350


1- (1) - كامل الزيارات: ص 63 ح 5. والآية في سورة الاسراء 17:33. منه البحار: ج 45 ص 298.

قلت: قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ لاٰ تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ ) ما معناه ؟

فقال (عليه السّلام): صدق اللّه في جميع اقواله، لكن ذراري قتلة الحسين يرضون افعال آبائهم ويفتخرون بها، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه، ولو أن رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في المغرب لكان الراضي - عند اللّه - شريك القاتل، وانما يقتلهم القائم - اذا خرج - لرضاهم بفعل آبائهم...(1).

5653 - ثواب الاعمال: حدثني محمّد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثني محمّد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: القائم واللّه يقتل ذراري قتلة الحسين (عليه السّلام) بفعال آبائها(2).

ص:351


1- (1) - تفسير البرهان في تفسير الآية.
2- (2) - ثواب الاعمال: ص 257 ح 4. منه البحار: ج 45 ص 296.

ص:352

تاريخ الإمام زين العابدين عليه السّلام

باب (1) من هو زين العابدين ؟

5654 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن محمّد الهمداني مولى بني هاشم، قال: أخبرنا المنذر بن محمّد قال: حدثنا جعفر بن إسماعيل، عن عبداللّه بن الفضل الهاشمي، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): إذا كان يوم القيامة نادي مناد: أين زين العابدين. فكأنّي أنظر إلى ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) يخطر بين الصفوف(1) و(2).

ص:353


1- (1) - يخطر في مشيته: أي يتمايل ويمشي مشية المتعجب بنفسه. ومنه الحديث «أحبّ الخطر فيما بين الصفين وأبغض الخطر في الطرقات» ومنه «من زار أخاه في اللّه وللّه جاء يوم القيامة يخطر بين قباطي من نور» أي يهتز بين ثياب بيض رقيقة من نور لا يمرّ بشيء الا أضاء له (مجمع البحرين) ولعلّ المعنى الاخير هو الأنسب.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 272 ح 12. منه البحار: ج 46 ص 3.

5655 - علل الشرايع: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي اللّه عنه)، قال: حدثنا محمّد بن يحيي العطار، قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن يحيي بن عمران الأشعري، قال: حدثني العباس بن معروف، عن محمّد بن سهل الحراني، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ينادي مناد يوم القيامة: أين زين العابدين ؟ فكأنّي أنظر إلى عليّ بن الحسين (عليه السّلام) يخطو(1) بين الصفوف(2).

باب (2) نقش خاتمه عليه السّلام

5656 - قرب الاسناد: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن صدقة، قال: حدثني جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) أنّ خاتم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان من فضّة، ونقشه: محمّد رسول اللّه. قال:

وكان نقش خاتم عليّ (عليه السّلام): للّه الملك، وكان نقش خاتم والدي سلام اللّه عليه: العزّة للّه(3).

باب (3) كم عاش الامام زين العابدين عليه السّلام

5657 - كشف الغمّة: في كتاب (مواليد أهل البيت) رواية ابن

ص:354


1- (1) - يخطر - البحار.
2- (2) - علل الشرايع: ص 230 ح 2. منه البحار: ج 46 ص 3.
3- (3) - قرب الاسناد: ص 31. منه البحار: ج 42 ص 68.

الخشّاب النحوي بالإسناد، عن أبي عبداللّه الصادق (عليه السّلام) قال: ولد عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) في سنة ثمان وثلاثين من الهجرة قبل وفاة عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) بسنتين، وأقام مع أمير المؤمنين سنتين، ومع أبي محمّد الحسن (عليه السّلام) عشر سنين، وأقام مع أبي عبداللّه الحسين (عليه السّلام) عشر سنين وكان عمره سبعا وخمسين سنة.

وفي رواية اخري: إنّه ولد سنة سبع وثلاثين، وقبض وهو ابن سبع وخمسين سنة في سنة أربع وتسعين، وكان بقاؤه بعد أبي عبداللّه (عليه السّلام) ثلاثا وثلاثين سنة ويقال: في سنة خمس وتسعين(1).

5658 - الكافي: سعد بن عبداللّه وعبداللّه بن جعفر الحميري، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قبض عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام خمس وتسعين، عاش بعد الحسين خمسا وثلاثين سنة(2).

5659 - كشف الغمة: قال ابن سعد: أخبرنا عبدالرحمن بن يونس، عن سفيان، عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: مات عليّ بن الحسين (عليه السّلام) وهو ابن ثمان وخمسين سنة(3).

ص:355


1- (1) - كشف الغمة: ج 2 ص 105. منه البحار: ج 46 ص 8.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 468 ح 6.
3- (3) - كشف الغمة: ج 2 ص 91. منه البحار: ج 46 ص 151.

باب (4) النصوص على إمامته

5660 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرمي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إن الحسين (صلوات اللّه عليه) لمّا صار إلى العراق استودع امّ سلمة (رضي اللّه عنها) الكتب والوصية فلمّا رجع عليّ بن الحسين (عليه السّلام) دفعتها إليه(1).

5661 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد، قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن ابن أبي نجران، عن المثنّى، عن محمّد بن مسلم قال: سألت الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام) عن خاتم الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) إلى من صار؟ وذكرت له أنّي سمعت أنّه اخذ من إصبعه فيما اخذ(2).

قال (عليه السّلام): ليس كما قالوا، إنّ الحسين (عليه السّلام) أوصى إلى ابنه عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، وجعل خاتمه في إصبعه، وفوّض إليه أمره، كما فعله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بأمير المؤمنين (عليه السّلام) وفعله أمير المؤمنين بالحسن (عليهما السّلام) وفعله الحسن بالحسين (عليهما السّلام) ثمّ صار ذلك الخاتم إلى

ص:356


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 304 ح 3.
2- (2) - أي سلب منه بعد مقتله (عليه السّلام).

أبي (عليه السّلام) بعد أبيه، ومنه صار إليّ فهو عندي وإنّي لألبسه كلّ جمعة واصلّي فيه.

قال محمّد بن مسلم: فدخلت إليه يوم الجمعة وهو يصلّي، فلمّا فرغ من الصلاة مدّ إليّ يده فرأيت في إصبعه خاتما نقشه: لا إله إلاّ اللّه عدّة للقاء اللّه، فقال: هذا خاتم جدّي أبي عبداللّه الحسين بن عليّ (عليه السّلام)(1).

أقول: لامنافاة بين هذا الحديث وبين ما جاء في كتب المقاتل انّ خاتم الإمام الحسين (عليه السّلام) سلب منه بعد مقتله (عليه السّلام) لاحتمال أن يكون له (عليه السّلام) خاتمان، أحدهما سلب منه والآخر - وهو الذي اشير اليه في الحديث - صار إلى الإمام زين العابدين (عليه السّلام).

ص:357


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 124 ح 13. منه البحار: ج 46 ص 17.

من معجزات الإمام زين العابدين عليه السّلام

باب (1) الثعلب بين يدي الامام زين العابدين عليه السّلام

5662 - الاختصاص: محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم، عن أبي سليمان سالم بن مكرم الجمّال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) مع أصحابه في طريق مكة فمرّ به ثعلب وهم يتغدّون فقال عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) لهم: هل لكم أن تعطوني موثقا من اللّه لا تهيّجون هذا الثعلب حتّى أدعوه فيجيء إلينا؟

فحلفوا له، فقال: يا ثعلب تعال - أو قال: ائتنا - فجاء الثعلب حتّى وقع بين يديه فطرح إليه عراقا(1) فولّى به ليأكله، فقال لهم: هل لكم أن تعطوني موثقا من اللّه وأدعوه أيضا فيجيء؟ فأعطوه، فدعا

ص:358


1- (1) - العرق - بالفتح فالسكون -: العظم الذي اخذ عنه اللحم، والجمع عراق بالضم... (مجمع البحرين).

فجاء فكلح(1) رجل منهم في وجهه فخرج يعدو.

فقال عليّ بن الحسين (عليه السّلام): أيّكم الّذي خفر(2) ذمّتي ؟

فقال رجل منهم: يابن رسول اللّه أنا كلحت في وجهه ولم أدر فاستغفر اللّه، فسكت(3).

بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن الحسين، عن عبدالرحمن بن هاشم البجلي، عن سالم بن سلمة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(4).

مناقب آل أبي طالب: في كتاب (الوسيلة) بالاسناد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(5).

باب (2) العجوز تنقلب شابّة ببركة دعاء الإمام

5663 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن محمد بن عصام (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا محمد بن اسماعيل بن موسى بن جعفر، قال:

ص:359


1- (1) - كلح وجهه: تكشر في عبوس أو عبّس فأفرط في تعبّسه، كلح في وجه الصبي والمجنون: فزّعه. (أقرب الموارد).
2- (2) - خفر - أخفره: نقض عهده وخاس به وغدره، واخفر الذمة: لم يف بها، خفرت ذمة فلان: اذا لم يوف بها ولم تتم. السان العرب).
3- (3) - الاختصاص: ص 297. منه البحار: ج 65 ص 75.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 369 ح 7. منه البحار: ج 46 ص 24.
5- (5) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 141. منه البحار: ج 46 ص 24.

حدّثني أبي، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ (عليهم السّلام) انّ حبابة الوالبيّة دعا لها عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) فردّ اللّه عليها شبابها، فأشار إليها بإصبعه، فحاضت لوقتها، ولها يومئذ مائة سنة وثلاث عشرة سنة(1).

باب (3) الإخبار عن زوال حكومة بني امّية

5664 - مناقب آل أبي طالب: جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) (2).

فقال: يا جابر هم بنو اميّة ويوشك أن لا تحسّ منهم [من] أحد يرجى ولا يخشى.

فقلت: رحمك اللّه وإنّ ذلك لكائن ؟

فقال: ما أسرعه، سمعت عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) يقول: إنّه قد رأى أسبابه(3).

باب (4) إستجابة دعاء الامام عليه السّلام

5665 - كشف الغمة: روي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه

ص:360


1- (1) - اكمال الدين: ص 537 ح 2. منه البحار: ج 46 ص 27.
2- (2) - مريم 19:98.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 133. منه البحار: ج 46 ص 33.

التزقت يد رجل وامرأة على الحجر في الطّواف، فجهد كلّ واحد منهما أن ينزع يده، فلم يقدرا عليه وقال النّاس: اقطعوهما قال: فبينا هما كذلك إذ دخل عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) فأفرجوا له، فلمّا عرف أمرهما تقدّم فوضع يده عليهما فانحلاّ وتفرّقا(1).

أقول: قد مرّ عليك - في تاريخ الامام الحسين (عليه السّلام) - ما يشبه هذا الحديث، ولامانع من أن تكون نفس القضية قد وقعت مرتين.

ص:361


1- (1) - كشف الغمة: ج 2 ص 111. منه البحار: ج 46 ص 44.

من حياة الإمام زين العابدين عليه السّلام

باب (1) الامام زين العابدين عليه السّلام والعبادة

5666 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد وأبو داود جميعا، عن الحسين بن سعيد، عن عليّ بن أبي جهمة، عن جهم ابن حميد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان أبي (عليه السّلام) يقول: كان علي بن الحسين (صلوات اللّه عليهما) إذا قام في الصلاة كأنّه ساق شجرة لايتحرّك منه شيء إلّا ما حرّكه الرّيح منه(1).

5667 - فلاح السائل: روي صاحب كتاب (زهرة المهج وتواريخ الحجج) باسناده عن الحسن بن محبوب، عن عبدالعزيز العبدي، عن عبداللّه بن أبي يعفور قال: قال مولانا الصادق (عليه السّلام): كان عليّ بن الحسين (عليه السّلام) إذا حضرت الصلاة اقشعرّ جلده، واصفرّ لونه، وارتعد كالسّعفة(2).

ص:362


1- (1) - الكافي: ج 3 ص 300 ح 4.
2- (2) - فلاح السائل: ص 101. منه البحار: ج 46 ص 55.

5668 - الكافي - التهذيب: محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن حماّد بن عيسى، عن ربعي بن عبداللّه، عن الفضيل بن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (صلوات اللّه عليهما) إذا قام في الصلاة تغيّر لونه فإذا سجد لم يرفع رأسه حتّى يرفض(1) عرقا(2).

5669 - علل الشرايع: حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفّار، عن عليّ بن إسماعيل، عن محمّد بن عمر، عن أبيه، عن عليّ بن المغيرة، عن أبان بن تغلب قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّي رأيت عليّ بن الحسين (عليه السّلام) إذا قام في الصلاة غشي لونه لون اخر.

فقال لي: واللّه إنّ عليّ بن الحسين كان يعرف الّذي يقوم بين يديه(3).

5670 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن الحسين بن يزيد، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ علي بن الحسين (عليهما السّلام) استقبله مولى له في ليلة باردة وعليه جبّة خزّ ومطرف(4) خزّ وعمامة خزّ وهو متغلّف بالغالية(5)،

ص:363


1- (1) - ارفضاض الدمع: ترششها، «ويرفض عرقا» أي يسيل ويجري. (مجمع البحرين).
2- (2) - الكافي: ج 3 ص 300 ج 5 - التهذيب: ج 2 ص 286 ح 1145.
3- (3) - علل الشرايع: ص 231 ح 7. منه البحار: ج 46 ص 66.
4- (4) - المطرف - كمكرم -: رداء من خز مربع ذو أعلام. (أقرب الموارد).
5- (5) - يقال: غلف لحيته بالغالية من باب ضرب أي لطخها بها وأكثر، والغالية ضرب من الطيب. (مجمع البحرين).

فقال له: جعلت فداك في مثل هذه الساعة على هذه الهيئة إلى أين ؟

قال: فقال: إلى مسجد جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أخطب الحور العين إلى اللّه (عزّوجلّ )(1).

5671 - مناقب آل أبي طالب: معتّب، عن الصادق (عن أبيه) (عليهما السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) شديد الاجتهاد في العبادة نهاره صائم وليله قائم فاضرّ ذلك بجسمه فقلت له: يا أبه كم هذا الدؤب(2)؟

فقال [له]: أتحبّب إلى ربّي لعلّه يزلفني(3).

5672 - الكافي: عليّ ، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن عبدالرحمن بن الحجّاج، وحفص بن البختري وسلمة بيّاع السابريّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) إذا أخذ كتاب عليّ (عليه السّلام) فنظر فيه قال: من يطيق هذا، من يطيق ذا؟

قال: ثمّ يعمل به وكان إذا قام إلى الصلاة تغيّر لونه حتّى يعرف ذلك في وجهه وما أطاق أحد عمل عليّ (عليه السّلام) من ولده من بعد إلاّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام)(4).

5673 - بشارة المصطفى: أخبرنا الشيخ أبو عبداللّه محمد بن

ص:364


1- (1) - الكافي: ج 6 ص 517 ح 5.
2- (2) - دأب في عمله: جدّ وتعب. (اقرب الموارد).
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 155. منه البحار: ج 46 ص 91. الزلف: القربة. وزلف زلفا: تقدم وتقرب. (أقرب الموارد).
4- (4) - الكافي: ج 8 ص 163 ح 172.

شهريار الخازن، قال: أخبرنا الشيخ السعيد أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) ومحمد بن محمد بن ميمون المعدّل، قال:

حدثنا الحسن بن اسماعيل البزاز وجماعة قالوا: اخبرنا أبو المفضل محمد بن عبداللّه بن عبدالمطلب الشيباني، قال: حدثنا أبو عبداللّه جعفر بن محمّد بن جعفر بن الحسن العلوي الحسيني قال: حدثنا أبو نصر محمد بن عبدالمنعم بن نصر الصيداوي، قال: حدثنا حسين بن شداد الجعفي، عن أبيه شداد بن رشيد، عن عمر [و] بن عبداللّه بن هند الجملي، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنّ فاطمة بنت عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) لمّا نظرت إلى ما فعله ابن اخيها علي بن الحسين (عليهما السّلام) بنفسه من الدأب في العبادة أتت جابر بن عبداللّه الأنصاري فقالت له: يا صاحب رسول اللّه إنّ لنا عليكم حقوقا وإنّ من حقّنا عليكم [أن] إذا رأيتم أحدنا يهلك نفسه اجتهادا أن تذكروه اللّه وتدعوه إلى البقيا على نفسه، وهذا عليّ بن الحسين بقيّة أبيه الحسين (عليه السّلام) قد انخرم أنفه وثفنت جبهته وركبتاه وراحتاه إدآبا منه لنفسه في العبادة.

فأتى جابر بن عبداللّه باب عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) وبالباب أبو جعفر محمّد بن عليّ (عليهما السّلام) في اغيلمة من بني هاشم [و] قد اجتمعوا هناك فنظر جابر بن عبداللّه إليه مقبلا فقال: هذه مشية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وسمته(1) فمن أنت يا غلام ؟

فقال: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين، فبكى جابر وقال: أنت

ص:365


1- (1) - وسجّيته - البحار.

واللّه الباقر عن العلم حقّا، ادن منّي بأبي أنت، فدنا منه فحلّ جابر ازراره ثمّ وضع يده على صدره فقبّله، وجعل عليه خدّه ووجهه، وقال: اقرئك عن جدّك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) السّلام وقد أمرني أن أفعل بك ما فعلت، وقال (صلّى اللّه عليه وآله) [لي]: يوشك أن تعيش وتبقى حتّى تلقى من ولدي [من] اسمه محمّد ابن عليّ يبقر العلم بقرا وقال: إنّك تبقى حتّى تعمى، ويكشف لك عن بصرك.

ثمّ قال له: ائذن لي على أبيك عليّ بن الحسين (عليهما السّلام).

فدخل أبو جعفر إلى أبيه (عليهما السّلام) وأخبره الخبر وقال:

إنّ شيخا بالباب وقد فعل بي كيت كيت.

فقال: يا بنيّ ذاك جابر بن عبداللّه، ثمّ قال له: من بين ولدان أهلك قال لك ما قاله وفعل بك ما فعله ؟

قال: نعم، قال (عليه السّلام) إنّا للّه... إنّه لم يقصدك [فيه] بسوء ولقد أشاط بدمك، ثمّ أذن لجابر فدخل عليه فوجده في محرابه قد أنضته(1) العبادة فنهض عليّ وسأله عن حاله سؤالا خفيّا(2) ثمّ أجلسه بجنبه فأقبل جابر عليه يقول له: يابن رسول اللّه أما علمت أنّ اللّه إنّما خلق الجنة لكم ولمن أحبّكم، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم ؟ فما هذا الجهد الذي كلّفته نفسك ؟!!

ص:366


1- (1) - النضو: المهزول من الحيوان، كأنه جرد من اللحم (المنجد) والمراد أن كثرة العبادة أثّرت على جسمه الشريف أثرا كبيرا ممّا سببت هزاله.
2- (2) - حثيثا - البحار.

فقال له عليّ بن الحسين (عليهما السّلام): يا صاحب رسول اللّه أما علمت أنّ جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قد غفر اللّه ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ولم يدع الاجتهاد، وقد تعبّد - بأبي هو وامّي - حتّى انتفخ الساق وورم القدم، فقيل له: أتفعل هذا وقد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر؟

فقال (صلّى اللّه عليه وآله): أفلا أكون عبدا شكورا.

فلمّا نظر جابر إلى عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) وأنّه ليس يغني فيه قول من يستميله من الجهد والتعب إلى القصد، قال له: يابن رسول اللّه البقيا(1) على نفسك، فانّك من اسرة بهم يستدفع البلاء، ويكشف اللأواء، وبهم تستمطر السماء.

فقال: يا جابر لا أزال على منهاج آبائي (صلوات اللّه عليهم) حتّى ألقاهم.

فأقبل جابر على من حضر وقال: واللّه ما رئي من أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين (صلوات اللّه عليهما) إلاّ يوسف بن يعقوب، واللّه لذرية عليّ بن الحسين أفضل من ذريّة يوسف بن يعقوب، إنّ منه لمن يملأ الارض عدلا كما ملئت جورا(2).

5674 - دعوات الراوندي: عن محمد بن الحسين بن كثير الخزاز، عن أبيه قال: رأيت أبا عبداللّه (عليه السّلام) وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه. وفوقه جبة صوف. وفوقها قميص غليظ فمسستها فقلت: إن الناس يكرهون لباس الصوف.

ص:367


1- (1) - البقاء - البحار.
2- (2) - بشارة المصطفى: ص 66. منه البحار: ج 71 ص 185.

قال: كلا [كان](1) أبي محمّد بن علي (عليهما السّلام) يلبسها، وكان جدي علي بن الحسين (عليهما السّلام) يلبسها. وكانوا يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة، وكان (عليه السّلام) إذا صلّى برز إلى موضع خشن فيصلّي فيه، ويسجد على الارض فأتى الجبان - وهو جبل بالمدينة - يوما ثمّ قام على حجارة خشنة محرقة، فأقبل يصلّي، وكان كثير البكاء، فرفع رأسه من السجود وكأنّما غمس في الماء من كثرة دموعه(2).

باب (2) الإمام زين العابدين عليه السّلام والتواضع

5675 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): قال: مرّ عليّ بن الحسين (صلوات اللّه عليهما) على المجذومين وهو راكب حماره وهم يتغدّون فدعوه إلى الغداء، فقال: أما إنّى لولا أنّي صائم لفعلت، فلمّا صار إلى منزله امر بطعام، فصنع وأمر أن يتنوّقوا فيه(3)، ثمّ دعاهم فتغدّوا عنده وتغدّى معهم(4) و(5).

ص:368


1- (1) - مابين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - دعوات الراوندي: ص 32 ح 68. منه البحار: ج 46 ص 108.
3- (3) - اي يتكلّفوا فيه ويعملوه لذيذا حسنا. (مرآة العقول).
4- (4) - «فتغدّوا عنده» أي في اليوم الاخر. «وتغدّى معهم»: هذا ليس بصريح في الاكل معهم في إناء واحد، فلا ينافي الامر بالفرار من المجذوم، مع انه يمكن أن يكونوا مستثنين من هذا الحكم لقوّة توكلهم وعدم تأثر نفوسهم بامثال ذلك [أي لمناعتهم] أو لعلمهم بأنّ اللّه لايبتليهم بأمثال البلايا التي توجب نفرة الخلق. (مرآة العقول).
5- (5) - الكافي: ج 2 ص 123 ح 8.

5676 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا الحاكم أبو علي الحسين بن أحمد البيهقي، قال: حدثني محمّد بن يحيى الصولي، قال: حدّثنا محمّد بن زكريا الغلاني، قال: حدثنا أحمد بن عيسى بن زيد بن عليّ وكان مستترا ستين سنة، قال: حدثنا عمّي، قال: حدثنا جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليه السّلام) لا يسافر الاّ مع رفقة لايعرفونه ويشترط عليهم أن يكون من خدم الرفقة فيما يحتاجون إليه، فسافر مرّة مع قوم فرآه رجل فعرفه فقال لهم: أتدرون من هذا؟

قالوا: لا.

قال: هذا عليّ بن الحسين (عليه السّلام) فوثبوا [إليه] فقبّلوا يده ورجله وقالوا: يابن رسول اللّه أردت أن تصلينا نار جهنّم لو بدرت منا إليك يد أو لسان أما كنّا قد هلكنا [إلى] اخر الدهر؟ فما الّذي يحملك على هذا؟

فقال: إنّي كنت قد سافرت مرّة مع قوم يعرفونني فأعطوني برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما لاأستحق به فانّي أخاف أن تعطوني مثل ذلك فصار كتمان أمري أحبّ إليّ (1).

5677 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن فضاّل، عن ثعلبة بن ميمون، عمّن يروي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ عليّ ابن الحسين (عليهما السّلام) تزوّج سرية(2) كانت للحسن بن علي

ص:369


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 145 ح 13. منه البحار: ج 46 ص 69.
2- (2) - السرّية - هي بضم السين -: الامة، منسوبة الى السر وهو الجماع والإخفاء لانّ الانسان كثيرا ما يسرها ويسترها عن الحرّة، والجمع السّراري. (مجمع البحرين).

(عليهما السّلام)(1) فبلغ ذلك عبدالملك بن مروان فكتب إليه في ذلك كتابا أنّك صرت بعل الإماء، فكتب إليه عليّ بن الحسين (عليهما السّلام): إنّ اللّه رفع بالإسلام الخسيسة وأتمّ به النّاقصة فأكرم به من اللّؤم فلا لؤم على مسلم إنّما اللّؤم لؤم الجاهليّة إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنكح عبده ونكح أمته، فلمّا انتهى الكتاب إلى عبدالملك قال لمن عنده: خبروني عن رجل إذا أتى ما يضع الناس لم يزده إلاّ شرفا؟

قالوا: ذاك أمير المؤمنين.

قال: لا واللّه ما هو ذاك.

قالوا: ما نعرف إلاّ أمير المؤمنين.

قال: فلا واللّه ما هو بأمير المؤمنين ولكنّه عليّ بن الحسين (عليهما السّلام)(2).

5678 - كتاب الزهد: النضر بن سويد، عن حسين بن موسى، عن زرارة، عن أحدهما (عليه السّلام) قال: إنّ عليّ بن الحسين (عليه السّلام) تزوّج امّ ولد عمّه الحسن (عليه السّلام)، وزوّج امّه(3) مولاه فلمّا بلغ ذلك عبدالملك بن مروان كتب إليه: يا عليّ بن الحسين كأنّك

ص:370


1- (1) - الظاهر أن تلك السرية كانت لأخيه علي بن الحسين المقتول (عليه السّلام) دون عمّه الحسن المجتبى (عليه السّلام) كما في الرواية عن الامام الرضا (صلوات اللّه وسلامه عليه) المروية في الكافي: ج 5 ص 361 ح 1.
2- (2) - الكافي: ج 5 ص 345 ح 6.
3- (3) - المقصود بالام في الحديث هي من ربّته وكفلته من بعض امهات أولاد أبيه (عليهما السّلام)، فكانت تعرف بامه (عليه السّلام).

لا تعرف موضعك من قومك، وقدرك عند الناس، تزوّجت مولاة وزوّجت مولاك بامّك ؟! فكتب إليه عليّ بن الحسين (عليه السّلام): فهمت كتابك، ولنا اسوة برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقد زوّج زينب بنت عمّه زيدا مولاه وتزوّج مولاته صفيّة بنت حيي بن أخطب(1).

باب (3) الامام زين العابدين عليه السّلام والوقار

5679 - مناقب آل أبي طالب - المحاسن: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كان عليّ بن الحسين (صلوات اللّه عليه) يمشي مشية كأنّ على رأسه الطير لا يسبق يمينه شماله(2).

بيان - البحار: قال الجزريّ في صفة الصحابة: كأنّما على رؤوسهم الطير، وصفهم بالسكون والوقار. وأنّه لم يكن فيهم طيش ولا خفّة، لانّ الطير لاتكاد تقع إلاّ على شيء ساكن.

5680 - أمالي الصدوق: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان بالمدينة رجل بطّال يضحك الناس منه فقال: قد أعياني هذا الرّجل أن اضحكه، يعني عليّ بن الحسين (عليه السّلام)

ص:371


1- (1) - كتاب الزهد: ص 60 ح 159. منه البحار: ج 46 ص 139.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 162 - المحاسن: ص 125 ح 141. منهما البحار: ج 46 ص 70.

قال: فمرّ عليّ (عليه السّلام) وخلفه موليان له [قال:] فجاء الرّجل حتّى انتزع رداءه من رقبته، ثمّ مضى، فلم يلتفت إليه عليّ (عليه السّلام)، فاتّبعوه وأخذوا الرّداء منه فجاؤا به فطرحوه عليه، فقال لهم: من هذا؟

فقالوا: هذا رجل بطّال يضحك أهل المدينة.

فقال: قولوا له: إنّ للّه يوما يخسر فيه المبطلون(1).

5681 - أمالي المفيد: حدثنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان (رحمه اللّه) قال: أخبرني أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين [الشيخ الصدوق] قال: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن معاوية بن عمار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

كان بالمدينة رجل بطّال يضحك أهل المدينة من كلامه، فقال يوما لهم:

قد أعياني هذا الرجل، يعني عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) فما يضحكه منّي شيء، ولابدّ من أن أحتال في أن أضحكه.

قال: فمرّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) ذات يوم ومعه موليان له، فجاء ذلك [الرجل] البطّال حتّى انتزع رداءه من ظهره واتّبعه الموليان فاسترجعا الرداء منه وألقياه عليه، وهو مخبت لايرفع طرفه من الارض، ثمّ قال لمولييه: ما هذا؟(2).

فقالا له: رجل بطّال يضحك أهل المدينة ويستطعم منهم بذلك.

قال: فقولا له: يا ويحك إنّ للّه يوما يخسر فيه البطّالون(3).

ص:372


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 183 ح 6. منه البحار: ج 46 ص 68.
2- (2) - هكذا في المصدر والبحار ولعلّ الاصح: من هذا.
3- (3) - أمالي المفيد: ص 219 ح 7. منه البحار: ج 71 ص 424.

باب (4) من أخلاق الإمام زين العابدين عليه السّلام

5682 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشاء، عن عبداللّه بن سنان، عن عمر بن يزيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: مرض عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) ثلاث مرضات في كلّ مرضة يوصي بوصيّة فاذا أفاق أمضى وصيّته(1).

5683 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ ، عن عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) كان يتزوّج وهو يتعرّق عرقا يأكل(2)، ما يزيد على أن يقول: الحمد للّه وصلّى اللّه على محمّد وآله ويستغفر اللّه (عزّوجلّ ) وقد زوّجناك على شرط اللّه ثمّ قال عليّ بن الحسين (عليهما السّلام): إذا حمد اللّه فقد خطب(3).

5684 - بصائر الدرجات: حدّثنا العباس بن معروف، عن حمّاد ابن عيسى، عن حريز، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ عليّ بن الحسين (عليه السّلام) اتي بعسل فشربه

ص:373


1- (1) - الكافي: ج 7 ص 56 ح 14.
2- (2) - العرق: العظم إذا أخذت منه معظم اللحم، يقال: عرقت اللحم وأعرقته وتعرقته: إذا أردت أخذ اللحم باسنانك، والمراد انه كان يوقع العقد وخطبة النكاح موجزا على الخوان من غير تطويل. «هامش البحار: ج 46 ص 65».
3- (3) - الكافي: ج 5 ص 368 ح 2.

فقال: واللّه إنّى لاعلم من أين هذا العسل ؟ وأين أرضه ؟ وإنّه ليمتار(1)من قرية كذا وكذا(2).

5685 - الكافي: أحمد بن محمّد بن عليّ ، عن عليّ بن أسباط، عن سيابة، عن ضريس، عن حمزة بن حمران، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) إذا كان اليوم الّذي يصوم فيه أمر(3) بشاة فتذبح وتقطع أعضاء(4) وتطبخ فاذا كان عند المساء أكبّ على القدور حتّى يجد ريح المرق وهو صائم ثمّ يقول: هاتوا القصاع(5) أغرفوا لآل فلان وأغرفوا لآل فلان [حتى يأتي الى آخر القدور](6) ثمّ يؤتى بخبز وتمر فيكون ذلك عشاءه (صلّى اللّه عليه وعلى آبائه)(7).

المحاسن: البرقي، عن محمد بن علي، عن علي بن اسباط مثله(8).

مناقب آل أبي طالب: روي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه كان علي بن الحسين (عليهما السّلام)... وذكر نحوه(9).

ص:374


1- (1) - أي يجلب (مجمع البحرين).
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 525 ح 1. منه البحار: ج 46 ص 71.
3- (3) - يأمر - المحاسن.
4- (4) - وتقطع اعضاؤها - المحاسن.
5- (5) - القصعة: الضخمة تشبع العشرة، والجمع قصاع السان العرب).
6- (6) - ما بين المعقوفتين من المحاسن.
7- (7) - الكافي: ج 4 ص 68 ح 3.
8- (8) - المحاسن: ص 396 ح 67.
9- (9) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 155.

5686 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) كان ليبتاع الراحلة بمائة دينار يكرم بها نفسه(1).

المحاسن: البرقي، عن يعقوب بن يزيد ومحمد بن أبي عمير مثله(2).

5687 - الكافي: حميد بن زياد، عن أبي العباس عبيداللّه بن أحمد الدهقان، عن علي بن الحسن الطاطري، عن محمد بن زياد بياع السابري، عن أبان، عن فضيل وعبيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا حضر محمّد بن اسامة الموت دخلت عليه بنو هاشم فقال لهم: قد عرفتم قرابتي ومنزلتي منكم وعليّ دين فاحبّ أن تضمّنوه عنّي، فقال عليّ بن الحسين (عليهما السّلام): أما واللّه ثلث دينك عليّ ، ثمّ سكت وسكتوا، فقال عليّ بن الحسين (عليهما السّلام): عليّ دينك كلّه، ثمّ قال عليّ بن الحسين (عليهما السّلام): أما إنّه لم يمنعني أن أضمّنه أوّلا إلاّ كراهية أن يقولوا: سبقنا(3).

5688 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رحمه اللّه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه أحمد بن عبدون المعروف بابن الحاشر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الزبير القرشي قال: أخبرنا علي بن الحسن بن فضال قال:

حدّثنا العباس بن عامر قال: حدّثنا أحمد بن رزق الغمشاني، عن أبي

ص:375


1- (1) - الكافي: ج 6 ص 542 ح 1.
2- (2) - المحاسن: ص 639 ح 146.
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 332 ح 514.

اسامة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان علي بن الحسين (عليهما السّلام) يقول: ما تجرعت جرعة غيظ قط أحبّ إلي من جرعة غيظ أعقبها صبرا، وما احبّ أنّ لي بذلك حمر النعم.

قال: وكان يقول: الصدقة تطفيء غضب الربّ قال: وكان لاتسبق يمينه شماله. قال: وكان يقبّل الصدقة قبل أن يعطيها السائل.

فقيل له: ما يحملك على هذا؟

قال: فقال: لست اقبّل يد السائل إنّما اقبّل يد ربي إنّها تقع في يد ربّي قبل أن تقع في يد السائل.

قال: ولقد كان يمرّ على المدرة(1) في وسط الطريق فينزل عن دابّته ينحّيها بيده عن الطريق.

قال: ولقد مرّ بمجذومين فسلّم عليهم وهم يأكلون فمضى ثم قال: إنّ اللّه لايحبّ المتكبّرين فرجع اليهم فقال: إنّي صائم، وقال:

إيتوني بهم في المنزل، قال: فاتوه فأطعمهم ثم أعطاهم(2).

5689 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن صالح بن السندي، عن جعفر بن بشير، عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

كانت لعليّ بن الحسين (عليهما السّلام) وسائد وأنماط فيها تماثيل يجلس عليها(3).

ص:376


1- (1) - المدر: التراب المتلبّد، وقيل: قطع الطين اليابس، وقيل: الطين العلك الذي لايخالطه رمل، واحدته (مدرة). (أقرب الموارد)
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 673 ح 1419. منه البحار: ج 76 ص 302.
3- (3) - الكافي: ج 6 ص 477 ح 4.

باب (5) الدّنيا دار الزهد والبلاء

5690 - كتاب الزهد: النضر بن سويد، عن أبي سيار، عن مروان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، قال: قال لي علي بن الحسين (عليهما السّلام): ما عرض لي قطّ أمران أحدهما للدّنيا والآخر للآخرة، فاثرت الدنيا إلاّ رأيت ما أكره قبل أن أمسي.

ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) لبني امية انهم يؤثرون الدنيا على الآخرة منذ ثمانين سنة، وليس يرون شيئا يكرهونه(1).

أقول: لقد جعل اللّه تعالى الدّنيا دار مجاز والآخرة دار قرار، وبما أن الاشرار لانصيب لهم في الآخرة لذلك جعل اللّه تعالى لهم الدّنيا دار أمن ورفاهية ولذّات. قال سبحانه: (وَ لَوْ لاٰ أَنْ يَكُونَ النّٰاسُ أُمَّةً وٰاحِدَةً لَجَعَلْنٰا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَ مَعٰارِجَ عَلَيْهٰا يَظْهَرُونَ * وَ لِبُيُوتِهِمْ أَبْوٰاباً وَ سُرُراً عَلَيْهٰا يَتَّكِؤُنَ * وَ زُخْرُفاً وَ إِنْ كُلُّ ذٰلِكَ لَمّٰا مَتٰاعُ الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ الْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ) (2).

أمّا المؤمن فدنياه محفوفة بالمكاره والآلام، والآخرة دار راحته ورفاهيته.

ص:377


1- (1) - كتاب الزهد: ص 50 ح 135. منه البحار: ج 46 ص 92.
2- (2) - الزخرف 43:33-35.

باب (6) موعظة من الإمام زين العابدين عليه السّلام

5691 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لقى عبّاد البصري عليّ بن الحسين (صلوات اللّه عليهما) في طريق مكة فقال له: يا عليّ بن الحسين تركت الجهاد وصعوبته وأقبلت على الحجّ ولينته إنّ اللّه (عزّوجلّ ) يقول: (إِنَّ اللّٰهَ اشْتَرىٰ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوٰالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقٰاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّٰهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرٰاةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ وَ مَنْ أَوْفىٰ بِعَهْدِهِ مِنَ اللّٰهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بٰايَعْتُمْ بِهِ وَ ذٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) (1).

فقال له عليّ بن الحسين (عليهما السّلام): أتمّ الآية.

فقال: (التّٰائِبُونَ الْعٰابِدُونَ الْحٰامِدُونَ السّٰائِحُونَ الرّٰاكِعُونَ السّٰاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ النّٰاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ الْحٰافِظُونَ لِحُدُودِ اللّٰهِ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) 2.

فقال عليّ بن الحسين (عليهما السّلام): إذا رأينا هؤلاء الّذين هذه صفتهم فالجهاد معهم أفضل من الحجّ (2).

ص:378


1- (1و2) - التوبة 9:111 و 112.
2- (3) - الكافي: ج 5 ص 22 ح 1.

باب (7) الإمام زين العابدين عليه السّلام وتلاوة القرآن

5692 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل [بن زياد] عن الحجال، عن علي بن عقبة، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان عليّ بن الحسين (صلوات اللّه عليه) أحسن الناس صوتا بالقرآن، وكان السقّاؤون يمرّون فيقفون ببابه يسمعون قراءته، وكان أبو جعفر (عليه السّلام) أحسن الناس صوتا(1).

5693 - مستطرفات السرائر: من كتاب (النوادر) تصنيف محمد ابن علي بن محبوب الاشعري الجوهري القمي: العبّاس، عن حمّاد ابن عيسى، عن معاوية بن عمّار قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): الرجل لا يري أنّه صنع شيئا في الدعاء وفي القراءة، حتّى يرفع صوته. فقال: لا بأس، إنّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) كان أحسن الناس صوتا بالقرآن، وكان يرفع صوته حتّى يسمعه أهل الدار، وإنّ أبا جعفر (عليه السّلام) كان أحسن الناس صوتا بالقرآن، وكان إذا قام من الليل وقرأ رفع (به) صوته فيمرّ به مارّ الطريق من السقّائين وغيرهم، فيقومون فيستمعون إلى قراءته(2).

ص:379


1- (1) - الكافي: ج 2 ص 616 ح 11.
2- (2) - مستطرفات السرائر: ص 97 ح 17. منه البحار: ج 92 ص 194.

باب (8) الإمام زين العابدين عليه السّلام والصدقة

5694 - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام) إنّه كان عليّ بن الحسين (عليه السّلام) يعجب بالعنب فدخل منه إلى المدينة شيء حسن، فاشترت منه امّ ولده شيئا وأتته به عند إفطاره فأعجبه، فقبل أن يمدّ يده وقف بالباب سائل، فقال لها: احمليه إليه، قالت: يا مولاي بعضه يكفيه، قال: لا واللّه، وأرسله إليه كلّه، فاشترت له من غد وأتت به فوقف السائل، ففعل مثل ذلك فأرسلت فاشترت له وأتت به في اللّيلة الثالثة ولم يأت سائل، فأكل وقال: ما فاتنا منه شيء والحمد للّه(1).

شرح الاخبار: روي عن جعفر بن محمد انه قال: كان علي بن الحسين (عليه السّلام).... وذكر نحوه(2).

باب (9) أخلاق الإمام زين العابدين عليه السّلام مع عبيده

5695 - اقبال الاعمال ؟ روينا بإسنادنا إلى الشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلّعكبريّ (رضي اللّه عنه)، بإسناده إلى محمّد بن عجلان، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان عليّ بن

ص:380


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 154. منه البحار: ج 46 ص 90.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 3 ص 273 ح 1183.

الحسين (عليهما السّلام) إذا دخل شهر رمضان لا يضرب عبدا له ولا أمة، وكان إذا أذنب العبد والامة يكتب عنده: أذنب فلان، أذنبت فلانة يوم كذا وكذا، ولم يعاقبه فيجتمع عليهم الادب، حتّى إذا كان اخر ليلة من شهر رمضان دعاهم وجمعهم حوله ثمّ أظهر الكتاب ثمّ قال: يا فلان فعلت كذا وكذا، ولم اودّبك أتذكر ذلك ؟ فيقول: بلى يابن رسول اللّه، حتّى يأتي على اخرهم، فيقرّرهم جميعا، ثمّ يقوم وسطهم ويقول لهم: ارفعوا أصواتكم، وقولوا: يا عليّ بن الحسين إنّ ربّك قد أحصى عليك كلّما عملت كما أحصيت علينا كلّما قد عملنا ولديه كتاب ينطق عليك بالحقّ ، لايغادر صغيرة ولا كبيرة ممّا أتيت إلاّ أحصاها، وتجد كلّما عملت لديه حاضرا كما وجدنا كلّما عملنا لديك حاضرا، فاعف واصفح كما ترجو من المليك العفو، وكما تحبّ أن يعفو المليك عنك فاعف عنّا تجده عفوا، وبك رحيما، ولك غفورا ولا يظلم ربّك أحدا، كما لديك كتاب ينطق علينا بالحق لا يغادر صغيرة ولا كبيرة ممّا أتيناها إلاّ أحصاها، فاذكر يا عليّ بن الحسين ذل مقامك بين يدي ربّك الحكم العدل، الّذي لايظلم مثقال حبّة من خردل، ويأتي بها يوم القيامة وكفى باللّه حسيبا وشهيدا، فاعف واصفح يعف عنك المليك ويصفح، فانّه يقول: (وَ لْيَعْفُوا وَ لْيَصْفَحُوا أَ لاٰ تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَكُمْ وَ اللّٰهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (1) قال: وهو ينادي بذلك على نفسك ويلقّنهم، وهم ينادون معه وهو واقف بينهم يبكي وينوح ويقول: ربّ إنّك أمرتنا أن نعفو عمّن ظلمنا، فقد ظلمنا أنفسنا فنحن قد عفونا

ص:381


1- (1) - النور 24:22.

عمّن ظلمنا كما أمرت فاعف عنّا، فانّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين، وأمرتنا أن لا نردّ سائلا عن أبوابنا، وقد أتيناك سؤالا ومساكين وقد أنخنا بفنائك وببابك نطلب نائلك ومعروفك وعطاءك، فامنن بذلك علينا ولا تخيّبنا فانّك أولى بذلك منّا ومن المأمورين، إلهي كرمت فأكرمني إذ كنت من سؤالك وجدت بالمعروف فأخلطني بأهل نوالك يا كريم، ثمّ يقبل عليهم فيقول: قد عفوت عنكم فهل عفوتم عنّي وممّا كان منّي إليكم من سوء ملكة ؟ فانّي مليك سوء لئيم ظالم مملوك لمليك كريم جواد عادل محسن متفضّل ؟

فيقولون: قد عفونا عنك يا سيّدنا، وما أسأت.

فيقول لهم قولوا: اللهمّ اعف عن عليّ بن الحسين كما عفا عنّا، واعتقه من النّار كما أعتق رقابنا من الرقّ .

فيقولون ذلك، فيقول: اللهمّ آمين ربّ العالمين اذهبوا فقد عفوت عنكم وأعتقت رقابكم رجاء للعفو عنّي وعتق رقبتي فيعتقهم.

فاذا كان يوم الفطر أجازهم بجوائز تصونهم وتغنيهم عمّا في أيدي الناس، وما من سنة إلاّ وكان يعتق فيها في اخر ليلة من شهر رمضان ما بين العشرين رأسا إلى أقلّ أو أكثر، وكان يقول: إنّ للّه تعالى في كلّ ليلة من شهر رمضان عند الافطار سبعين ألف ألف عتيق من النار كلا قد استوجب النار فاذا كان آخر ليلة من شهر رمضان أعتق فيها مثل ما أعتق في جميعه، وإنّي لأحبّ أن يراني اللّه وقد أعتقت رقابا في ملكي في دار الدّنيا رجاء أن يعتق رقبتي من النار.

وما استخدم خادما فوق حول، كان إذا ملك عبدا في أوّل السنة

ص:382

أو في وسط السنة إذا كان ليلة الفطر أعتق، واستبدل سواهم في الحول الثاني ثمّ أعتق، كذلك كان يفعل حتّى لحق باللّه تعالى، ولقد كان يشتري السودان وما به إليهم من حاجة يأتي بهم الى عرفات فيسدّ بهم تلك الفرج والخلال، فاذا أفاض أمر بعتق رقابهم وجوائز لهم من المال(1).

أقول: هذا الحديث لايدل على أنه (عليه السّلام) كان يضرب عبيده وإماءه في غير شهر رمضان كيف وانه ما كان يضرب ناقته في طريق الحج عندما كانت تبطيء في المشي ؟.

باب (10) حزنه وبكائه على شهادة أبيه (صلوات اللّه عليهما)

5696 - مناقب آل أبي طالب: الصادق (عليه السّلام): بكى عليّ بن الحسين (عليه السّلام) عشرين سنة، وما وضع بين يديه طعام إلاّ بكى، حتّى قال مولى له: جعلت فداك يابن رسول اللّه إنّي أخاف أن تكون من الهالكين.

قال: إنّما أشكو بثّي وحزني إلى اللّه وأعلم من اللّه ما لاتعلمون، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة إلاّ خنقتني العبرة.

وفي رواية: أما آن لحزنك أن ينقضي ؟

فقال له: ويحك إنّ يعقوب النبيّ (عليه السّلام) كان له اثنا عشر ابنا فغيّب اللّه واحدا منهم، فابيضّت عيناه من كثرة بكائه عليه،

ص:383


1- (1) - اقبال الاعمال: ص 260. منه البحار: ج 46 ص 103.

واحدودب ظهره من الغمّ ، وكان ابنه حيّا في الدّنيا، وأنا نظرت إلى أبي وأخي وعمّي وسبعة عشر من أهل بيتي مقتولين حولي، فكيف ينقضي حزني ؟(1).

5697 - كامل الزيارات: حدثني أبي وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبداللّه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أبي داود المسترق، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

بكى علي بن الحسين على أبيه الحسين بن علي (صلوات اللّه عليهم) عشرين سنة - أو أربعين سنة - وما وضع بين يديه طعام الاّ بكى على الحسين حتى قال له مولى له: جعلت فداك يابن رسول اللّه إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين.

قال: إنّما أشكو بثي وحزني إلى اللّه وأعلم من اللّه ما لاتعلمون إني لم أذكر مصرع بني فاطمة الاّ خنقتني العبرة لذلك(2).

5698 - اللهوف في قتلى الطفوف: روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: إنّ زين العابدين (عليه السّلام) بكى على أبيه أربعين سنة(3) صائما نهاره قائما ليله، فإذا حضر الإفطار جاءه غلامه بطعامه وشرابه، فيضعه بين يديه فيقول: كل يا مولاي فيقول: قتل ابن رسول

ص:384


1- (1) - مناقب آل ابي طالب: ج 4 ص 165. منه البحار: ج 46 ص 108.
2- (2) - كامل الزيارات: ص 107 ح 1.
3- (3) - المروي أنّ الإمام زين العابدين (عليه السّلام) عاش بعد أبيه الإمام الحسين (عليه السّلام) ثلاثا وثلاثين سنة وقيل: خمسا وثلاثين... فالظاهر أن ذكر الأربعين انما هو من باب المشارفة والمقاربة. أو من سهو الرّاوي أو الناسخ. واللّه العالم.

اللّه جائعا، قتل ابن رسول اللّه عطشانا، فلا يزال يكرّر ذلك ويبكي حتّى يبتلّ طعامه من دموعه ثمّ يمزج شرابه بدموعه، فلم يزل كذلك حتّى لحق باللّه (عزّوجلّ )(1).

باب (11) كتاب الإمام زين العابدين عليه السّلام الى عبدالملك بن مروان

5699 - بصائر الدرجات: حدثنا عمران بن موسى، حدثني أبو الحسن موسى بن جعفر، عن عليّ بن معبد، عن علي بن الحسين، عن عليّ بن عبدالعزيز، عن أبيه، [قال:] قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

لمّا ولي عبدالملك بن مروان واستقامت له الاشياء، كتب إلى الحجّاج كتابا وخطّه بيده: بسم اللّه الرحمن الرّحيم من عبداللّه عبدالملك بن مروان إلى الحجّاج بن يوسف أمّا بعد فجنّبني دماء بني عبدالمطّلب فإنّي رأيت آل أبي سفيان لمّا ولغوا فيها لم يلبثوا بعدها إلاّ قليلا والسّلام، وكتب الكتاب سرا لم يعلم به أحد وبعث به مع البريد إلى الحجّاج، وورد خبر ذلك من ساعته على عليّ بن الحسين (عليه السّلام)، واخبر أنّ عبدالملك قد زيد في ملكه برهة من دهره لكفّه عن بني هاشم وأمر أن يكتب ذلك إنى عبدالملك ويخبره بأنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أتاه في منامه وأخبره بذلك، فكتب عليّ بن الحسين (عليه

ص:385


1- (1) - اللهوف في قتلى الطفوف: ص 92. منه البحار: ج 45 ص 149.

السّلام) بذلك إلى عبدالملك بن مروان(1).

الاختصاص: أبو الحسن موسى بن جعفر بن وهب البغدادي، عن علي بن معبد، عن علي بن الحسن بن رباط، عن علي بن عبدالعزيز، عن أبيه قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام).. وذكر نحوه(2).

5700 - كشف الغمة: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا ولّي عبدالملك بن مروان الخلافة كتب إلى الحجّاج بن يوسف: بسم اللّه الرحمن الرحيم من عبدالملك بن مروان أمير المؤمنين إلى الحجّاج ابن يوسف أمّا بعد: فانظر دماء بني عبدالمطّلب فاحتقنها واجتنبها، فانّي رأيت آل أبي سفيان لمّا ولغوا(3) فيها لم يلبثوا إلاّ قليلا والسّلام، قال: وبعث بالكتاب سرا، وورد الخبر على عليّ بن الحسين (عليه السّلام) ساعة كتب الكتاب وبعث به إلى الحجّاج، فقيل له: إنّ عبدالملك قد كتب إلى الحجّاج كذا وكذا وإنّ اللّه قد شكر له ذلك، وثبت ملكه وزاده برهة.

قال: فكتب عليّ بن الحسين (عليه السّلام): بسم اللّه الرحمن الرحيم إلى عبدالملك بن مروان أمير المؤمنين (!!) من عليّ بن الحسين [بن عليّ ] أمّا بعد: «فانّك كتبت يوم كذا وكذا من ساعة كذا وكذا من شهر كذا وكذا بكذا وكذا، وإنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنبأني وخبّرني، وإنّ اللّه قد شكر لك ذلك وثبّت ملكك وزادك فيه برهة» وطوي الكتاب وختمه وأرسل به مع غلام له على بعيره وأمره

ص:386


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 416 ح 4.
2- (2) - الاختصاص: ص 314. منهما البحار: ج 46 ص 119.
3- (3) - ولغ الكلب ولوغا: شرب بأطراف لسانه. (القاموس).

أن يوصله إلى عبدالملك ساعة يقدم عليه، فلمّا قدم الغلام أوصل الكتاب إلى عبدالملك، فلماّ نظر في تاريخ الكتاب وجده موافقا لتلك الساعة الّتي كتب فيها إلى الحجّاج، فلم يشك في صدق عليّ بن الحسين (عليه السّلام) وفرح فرحا شديدا، وبعث إلى عليّ بن الحسين (عليه السّلام) بوقر راحلته دراهم ثوابا لما سرّه من الكتاب(1).

باب (12) بين سعيد بن جبير والحجّاج الطاغية

5701 - روضة الواعظين: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ سعيد بن جبير كان يأتمّ بعليّ بن الحسين (عليه السّلام) فكان عليّ يثني عليه، وما كان سبب قتل الحجّاج له إلاّ على هذا الامر، وكان مستقيما، وذكر أنّه لما دخل على الحجّاج بن يوسف قال: أنت شقيّ ابن كسير؟

قال: امّي كانت أعرف باسمي، سمّتني سعيد بن جبير.

قال: ما تقول في أبي بكر وعمر، هما في الجنّة أو في النار؟

قال: لو دخلت الجنّة ورأيت أهلها لعلمت من فيها، ولو دخلت النار ورأيت أهلها لعلمت من فيها.

قال: فما قولك في الخلفاء؟

قال: لست عليهم بوكيل.

قال: أيّهم أحبّ إليك ؟

قال: أرضاهم لخالقي.

ص:387


1- (1) - كشف الغمة: ج 2 ص 112. منه البحار: ج 46 ص 44.

قال: فأيّهم أرضى للخالق ؟

قال: علم ذلك عند الّذي يعلم سرّهم ونجواهم.

قال: أبيت أن تصدّقني.

قال: بل لم احبّ أن أكذّبك(1).

الاختصاص: جعفر بن الحسين، عن أحمد بن شاذان، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

باب (13) إرتدّ الناس بعد الإمام الحسين عليه السّلام إلاّ ثلاثة

5702 - الاختصاص: حدثنا جعفر بن الحسين [عن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد] عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمد ابن عيسى، عن يونس، عن جميل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ارتدّ الناس بعد الحسين (عليه السّلام) إلاّ ثلاثة: أبو خالد الكابلي، ويحيي بن امّ الطويل، وجبير بن مطعم ثمّ إنّ الناس لحقوا وكثروا، وكان يحيي بن امّ الطويل يدخل مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ويقول: (كَفَرْنٰا بِكُمْ وَ بَدٰا بَيْنَنٰا وَ بَيْنَكُمُ الْعَدٰاوَةُ وَ الْبَغْضٰاءُ ) (3)أقول: الظاهر أن الإرتداد هنا بمعنى البعد عن أهل البيت وعن الإمام زين العابدين (عليه السّلام) لأنّ حالة الخوف والذعر استولت

ص:388


1- (1) - روضة الواعظين: ص 290.
2- (2) - الاختصاص: ص 205. منهما البحار: ج 46 ص 136.
3- (3) - الاختصاص: ص 64، والآية في سورة الممتحنة 60:4. منه البحار: ج 46 ص 144.

على المسلمين بعد شهادة الإمام الحسين (عليه السّلام) فكانت هي السبب في بعدهم عن أهل البيت (عليهم السّلام).

باب (14) الإمام زين العابدين ليلة وفاته

5703 - الكافي: الحسين بن محمّد بن عامر، عن أحمد بن اسحاق بن سعد، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمارة، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا كان في الليلة الّتي وعد فيها عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) قال لمحمّد (عليه السّلام): يا بنيّ ابغني وضوءا، قال: فقمت فجئته بوضوء، قال: لا أبغي هذا فانّ فيه شيئا ميّتاء، قال: فخرجت فجئت بالمصباح فاذا فيه فارة ميّتة فجئته بوضوء غيره، فقال: يا بني هذه الليلة التي وعدتها، فأوصى بناقته أن يحظر لها حظار وأن يقام لها علف، فجعلت فيه(1). قال: فلم تلبث أن خرجت حتّى أتت القبر فضربت بجرانها ورغت(2) وهملت عيناها(3)، فاتي محمّد بن علي فقيل له: إنّ الناقة قد خرجت فأتاها فقال: ص 5(4)

ص:389


1- (1) - «وعد فيها» أي اخبر بانه يفارق الدنيا فيها، وفي القاموس: بغيته: طلبته... والوضوء - بالفتح -: ما يتوضّأ به... وفي القاموس: حظر الشيء أو عليه: منعه وحجر.. والحظيرة: المحيط بالشيء خشبا أو قصبا، والحظار: الحائط وما يعمل للإبل من شجر ليقيها من البرد. (مرآة العقول).
2- (2) - جرّان البعير - بالكسر -: من مقدم عنقه من مذبحه الى منحر 5، ورغا البعير يرغو رغاء: ضجّ ، ورغت الناقة: صوّتت، فهي راغية. (مجمع البحرين).
3- (3) - هملت عينه: فاضت (أقرب الموارد).
4- (4) - ص 5: كلمة زجر بمعنى اسكت بلفظ واحد للجميع في المذكر والمؤنث (أقرب الموارد).

الآن قومي بارك اللّه فيك، فلم تفعل. فقال: وإن كان ليخرج عليها إلى مكة فيعلّق السوط على الرحل فما يقرعها حتّى يدخل المدينة.

قال: وكان عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) يخرج في اللّيلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتّى ياتي بابا بابا، فيقرعه ثمّ ينيل من يخرج إليه.

فلمّا مات عليّ بن الحسين (عليه السّلام) فقدوا ذاك، فعلموا أنّ عليّا (عليه السّلام) كان يفعله(1).

بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن أحمد، عن محمّد بن اسماعيل، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمران، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

مختصر بصائر الدرجات: أيوب بن نوح، عن محمد بن اسماعيل بن بزيع، عن سعدان بن مسلم، عن أبي عمران، عن رجل من أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

5704 - كامل الزيارات: حدثني عليّ بن الحسين وغيره (رحمهم اللّه)، عن علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن يزيد بن إسحاق الاشعري، عن الحسن بن عطية، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: تقول عند قبر عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) ما أحببت(4).

ص:390


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 468 ح 4.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 503 ح 11.
3- (3) - مختصر بصائر الدرجات: ص 7.
4- (4) - كامل الزيارات: ص 55 ح 3. منه البحار: ج 100 ص 206.

تاريخ الإمام محمّد الباقر عليه السّلام

باب (1) نقش خاتم الإمام الباقر عليه السّلام

5705 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسن بن محبوب، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان نقش خاتم النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) «محمّد رسول اللّه» وكان نقش خاتم أمير المؤمنين (عليه السّلام) «اللّه الملك» وكان نقش خاتم أبي (عليه السّلام) «العزّة للّه»(1).

مكارم الاخلاق: من كتاب (اللباس) عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

5706 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالاسانيد الثلاثة(3) عن

ص:391


1- (1) - الكافي: ج 6 ص 473 ح 1.
2- (2) - مكارم الاخلاق: ص 89.
3- (3) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.

الرّضاء، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد (عليهم السّلام) قال: كان على خاتم محمّد بن عليّ (عليهما السّلام) مكتوب:

ظنّي باللّه حسن وبالنبيّ المؤتمن

وبالوصيّ ذي المنن وبالحسين والحسن(1)

كشف الغمة: نقل الثعلبي في تفسيره بسنده متصلا إلى الامام الصادق (عليه السّلام): وان الباقر (عليه السّلام) كان قد نقش على خاتمه هذه: ظني باللّه.... وذكر مثله(2).

5707 - التهذيب - الاستبصار: روي أحمد بن محمّد، عن البرقي، عن وهب بن وهب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان نقش خاتم أبي: «العزّة للّه جميعا» وكان في يساره يستنجي بها.

وكان نقش خاتم أمير المؤمنين (عليه السّلام) «الملك للّه» وكان في يده اليسرى يستنجي بها.

قال الشيخ الطوسي: هذا الخبر محمول على التقيّة لانّ راويه وهب بن وهب، وهو عامي، متروك العمل بما يختص بروايته(3).

باب (2) والدة الإمام الباقر عليه السّلام

5708 - دعوات الراوندي: روي عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: كانت امّي قاعدة عند جدار، فتصدعّ الجدار، وسمعنا هدّة

ص:392


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 27 ح 15.
2- (2) - كشف الغمة: ج 2 ص 119. منهما البحار: ج 46 ص 221.
3- (3) - التهذيب: ج 1 ص 31 ح 83 - الاستبصار: ج 1 ص 48 ح 134.

شديدة فقالت بيدها: [لا] وحقّ المصطفى ما أذن اللّه لك في السقوط، فبقي معلّقا حتّى جازته، فتصدّق عنها أبي (عليه السّلام) بمائة دينار وذكرها الصادق (عليه السّلام) يوما فقال: كانت صدّيقة لم يدرك في آل الحسن امرأة مثلها(1).

باب (3) جابر الانصاري يلتقي بالإمام الباقر عليه السّلام

5709 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن سنان، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ جابر بن عبداللّه الانصاريّ كان آخر من بقي من أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت، وكان يقعد في مسجد رسول اللّه وهو معتجر(2) بعمامة سوداء وكان ينادي يا باقر العلم، يا باقر العلم، فكان أهل المدينة يقولون:

جابر يهجر، فكان يقول: لا واللّه ما أهجر ولكنّي سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقول: إنّك ستدرك رجلا منّي اسمه اسمي وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقرا، فذاك الّذي دعاني إلى ما أقول.

قال: فبينا جابر يتردّد ذات يوم في بعض طرق المدينة إذ مرّ بطريق في ذاك الطريق كتّاب(3) فيه محمّد بن عليّ (عليهما السّلام) فلمّا

ص:393


1- (1) - دعوات الراوندي: ص 68 ح 165. منه البحار: ج 46 ص 215.
2- (2) - الاعتجار: لف العمامة على الرأس. (أقرب الموارد).
3- (3) - الكتاب: موضع التعليم (أقرب الموارد).

نظر إليه قال: يا غلام أقبل فأقبل ثمّ قال له: أدبر فأدبر ثمّ قال:

شمائل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) والّذي نفسي بيده، يا غلام ما اسمك ؟

قال: اسمي محمّد بن عليّ بن الحسين، فاقبل عليه يقبّل رأسه ويقول: بأبي أنت وامّي أبوك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) يقرئك السلام ويقول ذلك(1)، قال: فرجع محمّد بن عليّ بن الحسين إلى أبيه وهو ذعر فأخبره الخبر. فقال له: يا بنيّ وقد فعلها جابر؟

قال: نعم.

قال: الزم بيتك يا بنيّ ، فكان جابر يأتيه طرفي النّهار وكان أهل المدينة يقولون: واعجباه لجابر يأتي هذا الغلام طرفي النهار وهو آخر من بقي من أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فلم يلبث أن مضى عليّ بن الحسين (عليه السّلام) فكان محمّد بن عليّ يأتيه على وجه الكرامة لصحبته لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)(2).

قال: فجلس يحدّثهم عن اللّه (تبارك وتعالى)، فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا أجرا من هذا، فلمّا رأى ما يقولون حدّثهم عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقال أهل المدينة: ما رأينا أحدا

ص:394


1- (1) - قوله: «ويقول ذلك» أي كان رسول اللّه يخبرني أني ألقاك، وقيل: «ويقول» عطف على يقرئك، والضمير لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أو عطف على يقول، والضمير لجابر أي ويكرر وذلك كناية عن رسالة من جانب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أو إشارة إلى «بأبي أنت» الى آخره. (مرآة العقول).
2- (2) - هذا ينافي ما مر من تاريخي وفاتهما إذ وفاة علي بن الحسين (عليه السّلام) كانت في عام خمس أو أربع وتسعين ووفاة جابر على كلّ الاقوال كانت قبل الثمانين. (مرآة العقول).

قطّ أكذب من هذا يحدّثنا عمّن لم يره، فلمّا رأى ما يقولون، حدّثهم عن جابر بن عبداللّه، قال: فصدّقوه وكان جابر بن عبداللّه يأتيه فيتعلّم منه(1).

اختيار معرفة الرجال: حمدويه وابراهيم ابنا نصير قالا: حدثنا محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن حريز، عن أبان بن تغلب قال: حدثني أبو عبداللّه (عليه السّلام) قال: ان جابر بن عبداللّه كان آخر من بقي... وذكر نحوه(2).

الاختصاص: محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار رفعه، عن حريز، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ان جابر بن عبداللّه... وذكر نحوه(3).

الخرائج والجرائح: ان أبا عبداللّه (عليه السّلام) قال: ان جابر بن عبداللّه (رضي اللّه عنه) كان آخر من بقي من أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)... وذكر نحوه(4).

5710 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن الحسن، قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، قال: حدثنا يعقوب بن يزيد قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليه السّلام) قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال ذات يوم لجابر بن عبداللّه الانصاري: يا جابر إنّك ستبقى حتّى تلقى ولدي

ص:395


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 469 ح 2.
2- (2) - اختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 217 ح 88.
3- (3) - الاختصاص: ص 62.
4- (4) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 279 ح 12.

محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب المعروف في التوراة بالباقر فإذا لقيته فاقرأه منّي السّلام، فدخل جابر إلى عليّ بن الحسين (عليه السّلام) فوجد محمّد بن عليّ (عليه السّلام) عنده غلاما فقال له: يا غلام أقبل فأقبل، ثمّ قال له: أدبر فأدبر. فقال جابر: شمايل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وربّ الكعبة.

ثمّ أقبل على عليّ بن الحسين فقال له: من هذا؟

قال: هذا ابني وصاحب الامر بعدي: محمّد الباقر، فقام جابر فوقع على قدميه يقبّلهما ويقول: نفسي لنفسك الفداء يابن رسول اللّه، أقبل سلام أبيك، إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقرأ عليك السلام، قال: فدمعت عينا أبي جعفر (عليه السّلام) ثمّ قال: يا جابر على أبي رسول اللّه السّلام ما دامت السّماوات والارض وعليك يا جابر بما بلّغت السلام(1).

5711 - الإرشاد: روى ميمون القدّاح، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه قال: دخلت على جابر بن عبداللّه الانصاري (رضي اللّه عنه) فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام، ثم قال لي: من أنت ؟ - وذلك بعدما كفّ بصره -.

فقلت: محمّد بن عليّ بن الحسين.

فقال: يا بنيّ ادن منّي.

فدنوت منه فقبّل يدي ثمّ أهوى إلى رجلي يقبّلها فتنحّيت عنه، ثمّ قال لي: ان رسول اللّه يقرئك السلام.

فقلت: [و] على رسول اللّه السّلام ورحمة اللّه وبركاته وكيف

ص:396


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 289 ح 9. منه البحار: ج 46 ص 223.

ذلك يا جابر؟

فقال: كنت معه ذات يوم فقال لي: يا جابر لعلّك تبقى حتّى تلقى رجلا من ولدي يقال له: محمّد بن عليّ بن الحسين، يهب اللّه له النور والحكمة فاقرءه منّي السلام(1).

5712 - أمالي الطوسي: أخبرنا حمويه قال: حدثنا أبو الحسين قال: حدثنا أبو خليفة [الفضل بن حباب] قال: حدثنا مكيّ بن مروك الاهوازي قال: حدثنا عليّ بن بحر قال: حدثنا حاتم بن اسماعيل قال: حدثنا جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: دخلنا على جابر بن عبداللّه، فلمّا انتهينا إليه سأل عن القوم حتّى انتهى إليّ فقلت: أنا محمّد بن عليّ بن الحسين، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زرّي الاعلى وزرّي الاسفل، ثمّ وضع كفّه بين ثديّ وقال: مرحبا بك وأهلا بابن أخي سل عمّا شئت، فسألته وهو أعمى، وجاء وقت الصلاة فقام في نساجة فالتحف بها فلمّا وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلّى بنا فقلت: أخبرني عن حجّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال بيده فعقد تسعا، وقال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مكث تسع سنين لم يحج ثمّ أذن في الناس في العاشرة انّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حاج، فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ويعمل ما عمله. فخرج وخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة.... فذكر الحديث الى آخره(2).

ص:397


1- (1) - ارشاد المفيد: ص 262. منه البحار: ج 46 ص 227.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 401 ح 895. منه البحار: ج 46 ص 224.

البحار - بيان: لعلّ المراد بالنساجة الملحفة المنسوجة. والمشجب - بكسر الميم -: خشبات منصوبة تعلّق عليها الثياب. ولعلّ المراد أنّه مع كون الرداء بجنبه لم يرتد به واكتفى بالنساجة الضيّقة فالغرض بيان جواز الاكتفاء بذلك. وظاهر قوله (عليه السّلام): صلّى بنا أنّه كان إماما وفيه إشكال ولعلّه إنّما فعل ذلك إتّقاء عليه (عليه السّلام) مع أنه يمكن أن يؤوّل بأنّه (عليه السّلام) كان إماما.

5713 - الاختصاص: حدثني محمد بن الحسن [بن أحمد بن الوليد]، عن محمد بن الحسن الصفار، عن محمّد بن عيسى، عن بشير، عن هشام بن سالم قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إن لابي مناقب ليست لاحد من آبائي، إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال لجابر بن عبداللّه: إنّك تدرك محمدا ابني فاقرأه منّي السلام فأتى جابر عليّ بن الحسين (عليه السّلام) يطلبه منه، فقال: نرسل إليه فندعوه لك من الكتّاب.

فقال: أذهب إليه، فاتاه فأقرأه السّلام من رسول الله فقبّل رأسه والتزمه فقال: وعلى جدّي السّلام، وعليك يا جابر.

قال: فساله جابر أن يضمن له الشفاعة يوم القيامة ؟

فقال له: أفعل ذلك يا جابر(1).

5714 - إختيار معرفة الرجال: حدّثني أبو محمّد جعفر بن معروف قال: حدثنا الحسن بن علي بن النعمان، عن أبيه، عن عاصم الحناط، عن محمد بن مسلم، قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ لابي مناقب ما هن لآبائي، إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه

ص:398


1- (1) - الاختصاص: ص 62. منه البحار: ج 46 ص 228..

عليه وآله) قال لجابر بن عبداللّه الانصاري: إنّك تدرك محمّد بن عليّ فاقرأه مني السلام. قال: فأتى جابر منزل عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) فطلب محمد بن علي. فقال له عليّ (عليه السّلام): هو في الكتّاب أرسل لك اليه.

قال: لا، ولكنّي أذهب إليه. فذهب في طلبه. فقال للمعلّم:

أين محمّد بن عليّ؟.

قال: هو في تلك الرفقة أرسل لك إليه ؟

قال: لا، ولكنّي أذهب إليه.

قال: فجاءه فالتزمه وقبّل رأسه، وقال: انّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أرسلني إليك برسالة أن اقرئك السلام.

قال: عليه وعليك السلام.

ثمّ قال له جابر: بأبي أنت وامّي إضمن لي أنت الشفاعة يوم القيامة.

قال: فقد فعلت ذلك يا جابر(1).

باب (4) النصوص على إمامته عليه السّلام

5715 - الكافي: محمّد بن الحسن، عن سهل، عن محمد بن عيسى، عن فضالة بن أيّوب، عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: إنّ عمر بن عبدالعزيز كتب

ص:399


1- (1) - اختيار معرفة الرجال: ج 1 ص 223 ح 89. منه البحار: ج 46 ص 228.

إلى ابن حزم أن يرسل إليه بصدقة عليّ وعمر وعثمان وإنّ ابن حزم بعث إلى زيد بن الحسن وكان أكبرهم، فساله الصدقة، فقال زيد: إنّ الوالي(1) كان بعد عليّ الحسن وبعد الحسن الحسين وبعد الحسين عليّ بن الحسين وبعد عليّ بن الحسين محمّد بن عليّ ، فابعث إليه، فبعث ابن حزم إلى أبي، فأرسلني أبي بالكتاب إليه حتى دفعته إلى ابن حزم، فقال له بعضنا: يعرف هذا ولد الحسن ؟ قال: نعم كما يعرفون أنّ هذا ليل ولكنّهم يحملهم الحسد ولو طلبوا الحقّ بالحقّ لكان خيرا لهم ولكنّهم يطلبون الدنيا.

الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عبدالكريم بن عمرو، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ عمر بن عبدالعزيز كتب إلى ابن حزم.... ثمّ ذكر مثله، إلاّ أنّه قال: بعث ابن حزم إلى زيد بن الحسن وكان أكبر من أبي (عليه السّلام).

عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الوشاء مثله(2).

5716 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن عبدالجبّار، عن أبي القاسم الكوفي، ومحمد بن إسماعيل القمّي، عن إبراهيم بن أبي البلاد، عن عيسى بن عبداللّه بن عمر، عن جعفر بن محمّد (عليهما

ص:400


1- (1) - «ابن حزم» هو محمد بن عمر بن حزم الانصاري. والمراد بالصدقة دفتر الصدقات والأوقاف. «وكان اكبرهم» أي أكبر بني علي سنا. وقوله: «إنّ الوالي» أي متولّى تلك الصدقات او المتولّى لجميع الامور المتعلقة بهم من الخلافة وتولية الاوقاف وغيرها، وفي بعض النسخ «الوليّ ». (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 305 ح 3.

السّلام) قال لمّا حضر عليّ بن الحسين (عليه السّلام) الموت قبل ذلك أخرج السفط أو الصندوق عنده فقال: يا محمّد احمل هذا الصندوق.

قال: فحمل بين أربعة [رجال] فلماّ توفّي جاء إخوته يدّعون في الصندوق، فقالوا: أعطنا نصيبنا من الصندوق.

فقال: واللّه مالكم فيه شيء، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليّ ، وكان في الصندوق سلاح رسول اللّه وكتبه(1).

البحار - توضيح: قوله (عليه السّلام): «فحمل بين أربعة رجال» بيان لثقله وكونه مملوا من الكتب والآثار.

ص:401


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 201 ح 24. منه البحار: ج 46 ص 129.

من معجزات الإمام الباقر عليه السّلام

باب (1) النخلة تطيع الإمام الباقر عليه السّلام

5717 - بصائر الدرجات: حدثنا عبداللّه، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن إبراهيم، عن عليّ بن حسّان، عن عبدالرحمن ابن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نزل أبو جعفر (عليه السّلام) بواد فضرب خباه، ثمّ خرج أبو جعفر (عليه السّلام) بشيء حتّى انتهى إلى النخلة فحمد اللّه عندها بمحامد لم أسمع بمثلها ثمّ قال: أيّتها النخلة أطعمينا ممّا جعل اللّه فيك، قال: فتساقط رطب أحمر وأصفر، فأكل (عليه السّلام) ومعه أبو اميّة الانصاري فأكل منه، وقال: هذه الآية فينا كالآية في مريم إذ هزّت إليها بجذع النخلة فتساقط عليها رطبا جنيا(1).

ص:402


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 273 ح 2. منه البحار: ج 46 ص 236..

باب (2) الطائر يستجير بالإمام الباقر عليه السّلام

5718 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن الحسين، عن أحمد ابن إبراهيم، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: مرّ أبو جعفر (عليه السّلام) بالهجين ومعه أبو اميّة الانصاري زميله في محمله، قال: فبينا هو كذلك إذ نظر إلى ورشان(1) في جانب المحمل معه فرفع أبو اميّة يده ليذبّه عنه فقال: يا أبا اميّة إنّ هذا طائر جاء يستجير بأهل البيت وإنّي دعوت اللّه فانصرفت [عنه] حيّة وكانت تأتيه كلّ سنة فتأكل فراخه(2).

باب (3) الأعمى ينقلب بصيرا ببركة الإمام

5719 - بصائر الدرجات: حدثني أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن مثنى الحناط، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبداللّه وأبي جعفر (عليهما السّلام) فقلت لهما: أنتما ورثة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: نعم.

قلت: فرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وارث الأنبياء

ص:403


1- (1) - الورشان: طائر شبه الحمامة، وهو ساق حر. (لسان العرب).
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 364 ح 16. منه البحار: ج 46 ص 238.

علم كلّما علموا؟

فقال لي: نعم.

فقلت: أنتم تقدرون على أن تحيوا الموتى، وتبرؤا الاكمه والأبرص ؟

فقال لي: نعم بإذن اللّه.

ثمّ قال: ادن منّي يا أبا محمّد، فمسح يده على عيني ووجهي فأبصرت الشمس والسماء والأرض والبيوت، وكلّ شيء في الدار.

قال: أتحبّ أن تكون هكذا ولك ما للناس، وعليك ما عليهم يوم القيامة، أو تعود كما كنت ولك الجنّة خالصا؟

قلت: أعود كما كنت، قال: فمسح على عيني فعدت كما كنت.

قال عليّ : فحدّثت به ابن أبي عمير فقال: أشهد أنّ هذا حقّ كما أنّ النهار حقّ (1).

5720 - أعلام الورى: روي شعيب العقرقوفي، عن أبي عروة قال: دخلت مع أبي بصير إلى منزل أبي جعفر (عليه السّلام) أو أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: فقال لي: أتري في البيت كوّة قريبا من السقف ؟

قال: قلت: نعم وما علمك بها؟

قال: أرانيها أبو جعفر (عليه السّلام)(2).

مناقب آل أبي طالب: أبو عروة: دخلت مع أبي بصير الى منزل

ص:404


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 289 ح 1. منه البحار: ت 46 ص 237.
2- (2) - أعلام الوري: ص 267. منه البحار: ج 46 ص 268.

أبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهما السّلام).... وذكر نحوه(1).

أقول: كان أبو بصير ضريرا فاقدا للبصر، ولهذا تعجب أبو عروة منه لمّا أخبره بوجود الكوّة في البيت، ولا سأله عن ذلك أخبر أبو بصير بأنّ الإمام الباقر كشف له بصره فرأي الكوّة هناك، ثم عاد ضريرا.

باب (4) الإمام الباقر يعرف منطق الطيور

5721 - كشف الغمة: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان في دار أبي جعفر (عليه السّلام) فاختة فسمعها وهي تصيح فقال:

تدرون ما تقول هذه الفاختة ؟

قالوا: لا.

قال: تقول: فقدتكم فقدتكم، نفقدها قبل أن تفقدنا ثمّ أمر بذبحها(2).

أقول: الاحاديث كثيرة حول أن الائمة الطاهرين (عليهم السّلام) كانوا يعرفون منطق الطيور وسائر الحيوانات، وقد تحدّثنا عنها - بالتفصيل - في كتاب الامامة.

ص:405


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 184.
2- (2) - كشف الغمة: ج 2 ص 140. منه البحار: ج 46 ص 270.

باب (5) الذئب يتوسّل بالإمام عليه السّلام

5722 - مناقب آل أبي طالب: محمّد بن مسلم قال: كنت مع أبي جعفر (عليه السّلام) بين مكة والمدينة وأنا اسير على حمار لي، وهو على بغلة له إذ أقبل ذئب من رأس الجبل حتّى إنتهى الى أبي جعفر فحبس البغلة ودنا الذئب منه حتى وضع يده على قربوس السرج ومدّ عنقه إلى أذنه ودنى أبو جعفر اذنه منه ساعة ثمّ قال له: إمض فقد فعلت فخرج مهرولا، فقلت له: لقد رأيت عجبا.

فقال: وما تدري ما قال ؟

قلت: اللّه ورسوله و إبن رسوله أعلم.

قال: إنّه قال: يابن رسول اللّه زوجتي في ذلك الجبل وقد تعسّر عليها ولادتها فادع اللّه يخلّصها وأن لا يسلط شيئا من نسلى على أحد من شيعتكم.

فقلت: قد فعلت.

وقد روى الحسن بن عليّ بن أبي حمزة في الدلالات هذا الخبر عن الصادق (عليه السّلام) وزاد فيه أنّه (عليه السّلام) مرّ وسكن في ضيعته شهرا، فلمّا رجع فاذا هو بالذئب وزوجته وجرو(1) عووا في وجه الصادق (عليه السّلام) فأجابهم بمثل عوائهم بكلام يشبهه، ثمّ قال لنا (عليه السّلام): قد ولد له جرو ذكر، وكانوا يدعون اللّه لي

ص:406


1- (1) - الجرو: ولد الكلب وكل سبع (اقرب الموارد).

ولكم بحسن الصحابة، ودعوت لهم بمثل ما دعوا لي وأمرتهم أن لايؤذوا لي وليّا ولا لاهل بيتي ففعلوا وضمنوا لي ذلك(1).

باب (6) الإمام يخبر شيعته بأسمائهم و أسماء آبائهم

5723 - الخرائج والجرائح: روي عن الحلبي، عن الصادق (عليه السّلام) قال: دخل ناس على أبي (عليه السّلام) فقالوا: ما حدّ الإمام ؟

قال: حدّه عظيم، إذا دخلتم عليه فوقّروه وعظّموه وآمنوا بما جاء به من شيء، وعليه أن يهديكم، وفيه خصلة إذا دخلتم عليه لم يقدر أحد أن يملأ عينه منه إجلالا وهيبة لانّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كذلك كان، وكذلك يكون الإمام.

قال: فيعرف شيعته ؟

قال: نعم ساعة يراهم.

قالوا: فنحن لك شيعة ؟

قال: نعم كلّكم.

قالوا: أخبرنا بعلامة ذلك.

قال: اخبركم بأسمائكم وأسماء آباءكم وقبائلكم ؟

قالوا: أخبرنا، فأخبرهم.

قالوا: صدقت.

ص:407


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 189. منه البحار: ج 46 ص 239.

قال: واخبركم عمّا أردتم أن تسألوا عنه، هي قوله تعالى:(1)

(كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهٰا ثٰابِتٌ وَ فَرْعُهٰا فِي السَّمٰاءِ ) (2).

قالوا: صدقت.

قال: نحن الشجرة التي قال اللّه تعالى: (أَصْلُهٰا ثٰابِتٌ وَ فَرْعُهٰا فِي السَّمٰاءِ ) نحن نعطي شيعتنا ما نشاء من علمنا.

ثمّ قال: يقنعكم ؟

قالوا: ما دون هذا مقنع(3).

باب (7) الإمام يخبر عن الغارة على المدينة قبل وقوعها

5724 - الخرائج والجرائح: روي أبو بصير، عن الصادق (عليه السّلام) قال: كان أبي في مجلس له ذات يوم إذ أطرق رأسه إلى الارض فمكث فيها مليّا ثمّ رفع رأسه، فقال: يا قوم كيف أنتم إذا جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في أربعة الاف حتّى يستعرضكم بالسيف(4) ثلاثة أيّام فيقتل مقاتلتكم وتلقون منه بلاء لا تقدرون أن تدفعوه، وذلك من قابل ؟! فخذوا حذركم، واعلموا أنّ الّذي قلت [لكم] هو كائن لابدّ منه، فلم يلتفت أهل المدينة إلى كلامه

ص:408


1- (1) - في قوله تعالى - البحار.
2- (2) - ابراهيم 14:24.
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 596 ح 8. منه البحار: ج 46 ص 244.
4- (4) - عرض القوم على السيف: قتلهم به. واستعرض القوم: قتلهم ولم يسأل عن حال أحد (أقرب الموارد).

وقالوا: لايكون هذا أبدا، ولم يأخذوا حذرهم، إلاّ نفر يسير وبنو هاشم خاصّة، [فخرجوا من المدينة خاصّة] وذلك أنّهم علموا أنّ كلامه هو الحقّ فلمّا كان من قابل تحمّل أبو جعفر بعياله وبنو هاشم فخرجوا من المدينة وجاء نافع بن الازرق حتّى كبس المدينة فقتل مقاتلهم وفضح نساءهم. فقال أهل المدينة: لانردّ على أبي جعفر شيئا نسمعه منه أبدا بعدما سمعنا ورأينا، فانّهم أهل بيت النبوّة، وينطقون بالحقّ (1).

باب (8) الإمام يخبر عن كلام الوزغ

5725 - مناقب آل أبي طالب: عبداللّه بن طلحة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) - في خبر -: ان أبي (عليه السّلام) كان قاعدا في الحجر ومعه رجل يحدّثه فاذا هو بوزغ يولول بلسانه. فقال أبي للرجل: أتدري ما يقول هذا الوزغ.

فقال الرجل: لاعلم لي بما يقول!.

قال: فانه يقول: واللّه لئن ذكرت الثالث لأسبنّ عليا حتّى تقوم من هاهنا(2).

أقول: في هذا الحديث إحتمالات:

الأول: أن يكون المقصود من الوزغ هي تلك الحشرة الزاحفة التي

ص:409


1- (1) - الخرائح والجرائح: ح 1 ص 289 ح 23. منه البحار: ج 46 ص 254.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 189.

تسمّى ب: سام ابرص.

الثاني: أن يكون إسما لرجل من بني اميّة أو بني مروان، فإنّ عادة العرب كانت - ولا تزال جارية - على التسمية باسماء الحيوانات.

الثالث: أن يكون وصفا لرجل، فقد ذكر في اللغة(1) ان من معاني الوزغ هو الرّجل الجبان الفشيل. فلعلّ الإمام الباقر (عليه السّلام) وصف ذلك الرّجل بالوزغ من هذا الباب.

وعلى كلّ حال... فقد كان الإمام (عليه السّلام) جالسا في حجر اسماعيل يحدّث رجلا، فمرّ الوزغ وهو يولول - أي: يصوّت - بلسانه، فاخبر الإمام (عليه السّلام) الرجل الجالس عنده عن كلام الوزغ هذا.

وقد جاء تشبيه مروان وبني مروان بالوزغ في بعض الأحاديث، فقد روي عن الإمام الباقر (عليه السّلام) أنّه قال: لمّا ولد مروان عرضوا به لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ان يدعو له، فأرسلوا به إلى عائشة، فلمّا قرّبت منه، فقال: أخرجوا عنّي الوزغ بن الوزغ(2).

باب (9) الولد يري اباه معذّبا في البرزخ

5726 - مناقب آل أبي طالب: أبو عيينة وأبو عبداللّه (عليه

ص:410


1- (1) - المنجد: ص 898.
2- (2) - مجمع البحرين: ج 5 ص 18.

السّلام) إنّ موحّدا أتى الباقر (عليه السّلام) وشكا عن أبيه ونصبه وفسقه وأنّه أخفى ماله عند موته.

فقال له أبو جعفر: أفتحب أن تراه وتسأله عن ماله ؟

فقال الرجل: نعم وإنّي لمحتاج فقير. فكتب إليه أبو جعفر كتابا بيده في رقّ أبيض وختمه بخاتمه، ثمّ قال: اذهب بهذا الكتاب اللّيلة إلى البقيع حتّى تتوسّط - [- ه] ثمّ تنادي: يا درجان، ففعل ذلك فجاءه شخص فدفع إليه الكتاب، فلمّا قرأه قال: أتحبّ أن تري أباك ؟

فلا تبرح حتّى آتيك به فإنّه بضجنان(1) فانطلق فلم يلبث إلاّ قليلا حتّى أتاني رجل أسود في عنقه حبل أسود مدلع لسانه يلهث(2) وعليه سربال أسود، فقال لي: هذا أبوك ولكن غيّره اللّهب ودخان الجحيم وجرع الحميم، فسألته عن حاله ؟

قال: إنّى كنت أتوالى بني اميّة، وكنت أنت تتوالى أهل البيت وكنت ابغضك على ذلك وأحرمتك مالي ودفنته عنك، فانا اليوم على ذلك من النادمين فانطلق إلى جنّتي فاحتفر تحت الزيتونة فخذ المال وهو مائة وخمسون ألفا، وادفع إلى محمّد بن عليّ خمسين ألفا ولك الباقي.

قال: ففعل الرجل كذلك، فقضى بها أبو جعفر (عليه السّلام) دينا وابتاع بها أرضا، ثمّ قال: أما إنّه سينفع الميّت الندم على ما فرّط

ص:411


1- (1) - ضجنان: جبيل بناحية مكة، وقيل: جبل بناحية تهامة، وقيل: بين مكة والمدينة. السان العرب).
2- (2) - يقال: لهث الكلب: إذا اخرج لسانه من حرّ أو عطش، وكذلك الانسان إذا أعيا وكذلك الطائر. (مجمع البحرين).

من حبّنا وضيع من حقّنا بما أدخل علينا من الرفق والسرور(1).

باب (10) الإمام الباقر عليه السّلام يلتقي بجبرئيل وملك الموت

5727 - مناقب آل أبي طالب: معتب قال: توجهت مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) الى ضيعة فلما دخلها صلّى ركعتين ثم قال: اني صلّيت مع أبي الفجر ذات يوم فجلس أبي يسبح اللّه فبينما يسبح اذ أقبل شيخ طوال أبيض الرأس واللحية فسلّم على أبي واذا شاب مقبل في اثره فجاء الى الشيخ وسلّم على أبي وأخذ بيد الشيخ وقال: قم فانك لم تؤمر بهذا.

فلمّا ذهبا من عند أبي، قلت: يا أبي من هذا الشيخ وهذا الشاب ؟.

فقال: واللّه هذا ملك الموت وهذا جبرئيل (عليهما السّلام)(2).

باب (11) معاوية في عذاب البرزخ

5728 - الاختصاص: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن مالك بن عطيّة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كنت أسير مع أبي في طريق مكة ونحن على ناقتين، فلمّا صرنا بوادي

ص:412


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 193. منه البحار: ج 46 ص 267.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 188.

ضجنان خرج علينا رجل في عنقه سلسلة يسحبها فقال: يابن رسول اللّه اسقني سقاك اللّه، فتبعه رجل آخر فاجتذب السلسلة، وقال: يابن رسول اللّه لاتسقه لا سقاه اللّه. فالتفت إليّ أبي فقال: يا جعفر عرفت هذا؟ هذا معاوية، لعنه اللّه(1).

باب (12) إحتراق الدور إلاّ دار الإمام الباقر عليه السّلام

5729 - البحار: كتاب (العتيق) للغروي - عبداللّه بن محمد المروزي، عن عمارة بن زيد، عن عبداللّه بن العلا، عن الصادق (عليه السّلام) قال: كنت مع أبي وبيننا قوم من الانصار إذ أتاه آت، فقال له: إلحق فقد احترقت دارك.

فقال: يابنيّ ما احترقت.

فذهب ثمّ لم يلبث أن عاد فقال: قد واللّه احترقت دارك.

فقال: يابنيّ واللّه ما احترقت.

فذهب ثمّ لم يلبث أن عاد ومعه جماعة من أهلنا وموالينا يبكون ويقولون: قد احترقت دارك.

فقال: كلاّ واللّه ما احترقت ولا كذبت ولا كذبت وأنا أوثق بما في يدي منكم وممّا أبصرت أعينكم.

وقام أبي وقمت معه حتّى انتهوا إلى منازلنا والنّار مشتعلة عن أيمان منازلنا، وعن شمائلها، ومن كلّ جانب منها، ثمّ عدل إلى

ص:413


1- (1) - الاختصاص: ص 276. منه البحار: ج 46 ص 280.

المسجد فخرّ ساجدا، وقال في سجوده: وعزّتك وجلالك لا رفعت رأسي من سجودي أو تطفيها.

قال: فواللّه ما رفع رأسه حتّى طفأت واحترق ما حولها وسلمت منازلنا، ثمّ ذكر (عليه السّلام) أنّ ذلك لدعاء كان قرأه (عليه السّلام)(1).

ص:414


1- (1) - البحار: ج 46 ص 285 ح 89.

من حياة الإمام الباقر عليه السّلام

باب (1) الإمام الباقر عليه السّلام والعبادة

5730 - الكافي: أحمد بن ادريس، عن أحمد بن محمّد، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّي كنت امهّد لابي فراشه فانتظره حتّى يأتي، فإذا أوي إلى فراشه ونام قمت إلى فراشي، وانّه أبطأ عليّ ذات ليلة فأتيت المسجد في طلبه وذلك بعد ما هدأ الناس، فاذا هو في المسجد ساجد وليس في المسجد غيره، فسمعت حنينه وهو يقول: «سبحانك اللّهم أنت ربّي حقا حقّا سجدت لك يا ربّ تعبّدا ورقّا، اللهم إنّ عملي ضعيف فضاعفه لي. اللهمّ قني عذابك بوم تبعث عبادك وتب عليّ إنّك أنت التوّاب الرّحيم»(1).

ص:415


1- (1) - الكافي: ج 3 ص 323 ح 9.

باب (2) الإمام الباقر عليه السّلام والخضر

5731 - اكمال الدين: حدثنا علي بن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي قال: حدثنا أبي، عن جدّه أحمد بن أبي عبداللّه، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حمزة بن حمران وغيره، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: خرج أبو جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السّلام) بالمدينة فتضجّر(1) واتّكأ على جدار من جدرانها متفكرا، إذ أقبل إليه رجل فقال له: يا أبا جعفر على م حزنك ؟ على الدّنيا؟! فرزق اللّه (عزّوجلّ ) حاضر يشترك فيه البرّ والفاجر، أم على الآخرة ؟ فوعد صادق، يحكم فيه ملك قادر.

قال أبو جعفر (عليه السّلام): ما على هذا حزني انّما حزني على فتنة ابن الزبير.

فقال له الرّجل: فهل رأيت أحدا خاف اللّه فلم ينجه ؟

أم هل رأيت أحدا توكل على اللّه فلم يكفه ؟

وهل رأيت حدا استجار اللّه فلم يجره ؟

فقال أبو جعفر (عليه السّلام): لا.

فولّى الرّجل فقيل: من هو ذاك.

فقال أبو جعفر (عليه السّلام): هذا هو الخضر (عليه السّلام)(2).

5732 - شرح الاخبار: روي عن جعفر بن محمد بن علي، أنه

ص:416


1- (1) - ضجر من الشيء: أي اغتم وقلق منه (مجمع البحرين).
2- (2) - اكمال الدين: ص 386 ح 2. منه البحار: ج 46 ص 361.

قال: حججت مع أبي محمّد بن علي، فبينا هو يصلي من الليل في الحجر في ليالي العشر، وأنا خلفه إذ جاء رجل أبيض الرأس واللحية جليل العظام بعيد ما بين المنكبين عريض الصدر، عليه ثوبان غليظان أبيضان في هيئة المحرم، فجلس إلى جانبه فكأنّه ظن أنه يريد حاجة، فخفّف الصلاة، فلمّا سلّم أقبل إليه بوجهه، فقال له الرجل: يا أبا جعفر أخبرني عن بدء خلق هذا البيت كيف كان ؟

فقال أبو جعفر (عليه السّلام): ممن أنت ؟

فقال له الرجل: من أهل الشام.

فقال له (عليه السّلام): ان احاديثنا اذا اسقطت الى الشام جاءتنا صحاحا، واذا اسقطت الى العراق جاءتنا وقد زيد فيها ونقص(1).

قال: ثمّ أقبل عليه فقال: بدء خلق هذا البيت، ان اللّه تعالى لما قال للملائكة (إِنِّي جٰاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) فردوا عليه بقولهم

ص:417


1- (1) - قال القاضي النعمان بن محمد التميمي المغربي - في كتاب (شرح الاخبار)، في معنى هذه الجملة: يعني أن شيعتهم بالعراق كثيرا يأخذ ذلك بعضهم من بعض، فيقع من ذلك الزيادة والنقصان بين النقلة، وهم بالشام قليل، فاذا سقط الحديث الى من يسقط إليه بقي على حاله. أقول: ولعل المعنى - واللّه العالم - انّ الكوفة حيث كانت مركزا للشيعة وسائر الفرق والمذاهب الإسلامية، وفيها المؤمنون والمنحرفون، ولهذا كان إذا صدر حديث من الإمام (عليه السّلام) وتلقّاه المؤمنون ادّوه ورووه كما سمعوه، دون زيادة أو نقصان، وإذا تلقّاه المنحرفون زادوا فيه ونقصوا حسب ما ينسجم مع أفكارهم وأهوائهم. ولكنّ أهل الشام لم يكونوا هكذا، لانّهم كانوا اتباع بني اميّة فلم تكن لهم مصلحة دنيوية في التصرف في أحاديث الائمة (عليهم السّلام).

(أَ تَجْعَلُ فِيهٰا مَنْ يُفْسِدُ فِيهٰا وَ يَسْفِكُ الدِّمٰاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ ) .

وقالوا بانفسهم: نحن الحافون بعرشه والمسبّحون بحمده فيستخلف غيرنا. ونحن أقرب إليه.

قال اللّه (عزّوجلّ ): (إِنِّي أَعْلَمُ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ ) (1). (وَ أَعْلَمُ مٰا تُبْدُونَ وَ مٰا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ ) (2). فعلموا أنهم قد وقعوا في الخطيئة، فعاذوا بالعرش. فطافوا سبعة أشواط ليسترضوا ربّهم (عزّوجلّ ) فرضي عنهم. وقال لهم: اهبطوا إلى الأرض فابنوا لي بيتا يلوذ به من اذنب من عبادي، ويطوف حوله كما طفتم أنتم حول عرشي، فأرض عنهم كما رضيت عنكم.

فبنوا هذا البيت، فهذا يا عبداللّه بدء هذا البيت.

قال له الرجل: صدقت يا أبا جعفر، فما بدء هذا الحجر؟

قال (عليه السّلام): إنّ اللّه (عزّوجلّ ) لما أخذ ميثاق بني آدم اجرى نهرا أحلى من العسل، وألين من الزبد، ثمّ أمر القلم [فاستمد] من ذلك النهر وكتب اقرارهم، وما هو كائن إلى يوم القيامة ثمّ ألقم الكتاب هذا الحجر. فهذا هو الاستلام الذي ترى، إنّما هو بيعة على إقرارهم.

قال جعفر بن محمّد (عليه السّلام): وكان أبي إذا استلم الركن قال: «اللهم أمانتي ادّيتها وميثاقي تعاهدته ليشهد لي عندك بالوفاء».

ص:418


1- (1) - البقرة 2:30.
2- (2) - البقرة 2:33.

فقال له الرجل صدقت يا أبا جعفر. ثمّ قام فلمّا ولّى [قال لي] أبي: أردده عليّ . فخرجت وراءه وأنا وراءه إلى ان حال الزحام بيني وبينه حتى - صار - الى الصفا، فعدت إلى الصفا، فلم أره.

(فذهبت الى المروة فلم أره، فجئت الى أبي، فأخبرته. قال [أبي]: إني أراه الخضر)(1).

أقول: فقول الخضر للإمام (عليه السّلام) أنّه من أهل الشام يحتمل إحتمالين:

الاوّل: أن منطلقه ومبدأ سفره إلى الحجّ كان من الشام، والشام منطقة واسعة تشمل بلاد سوريا والاردن ولبنان وفلسطين.

الثاني: أنّه - بالفعل - كان يسكن الشام. والله العالم.

باب (3) موعظة من الإمام الباقر عليه السّلام

5733 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، ومحمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان جميعا، عن ابن أبي عمير، عن عبدالرحمن بن الحجّاج، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ محمد بن المنكدر كان يقول: ما كنت أري أنّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) يدع خلفا أفضل منه حتّى رأيت ابنه محمّد بن عليّ (عليهما السّلام) فأردت أن أعظه فوعظني.

ص:419


1- (1) - شرح الاخبار: ج 3 ص 278 ح 1188.

فقال له أصحابه: بأيّ شيء وعظك ؟

قال: خرجت إلى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة فلقيني أبو جعفر محمّد بن عليّ وكان رجلا بادنا ثقيلا وهو متّكيء على غلامين أسودين - أو موليين - فقلت في نفسي: سبحان اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدّنيا!! أما لاعظنّه، فدنوت منه فسلّمت عليه فردّ عليّ السلام بنهر(1) وهو يتصابّ عرقا فقلت: أصلحك اللّه شيخ من أشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحال في طلب الدّنيا!! أرأيت لو جاء أجلك وأنت على هذه الحال ما كنت تصنع ؟!! فقال: لو جاءني الموت وأنا على هذه الحال جاءني وأنا في [طاعة من] طاعة اللّه (عزّوجلّ ) أكفّ بها نفسي وعيالي عنك وعن الناس، وإنّما كنت أخاف أن لو جاءني الموت وأنا على معصية من معاصي اللّه.

فقلت: صدقت يرحمك اللّه أردت أن أعظك فوعظتني(2).

الإرشاد: اخبرني الشريف أبو محمد الحسن بن محمّد قال:

حدثني جدي، عن يعقوب بن يزيد قال: حدثنا محمد بن أبي عمير، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

ص:420


1- (1) - قوله (عليه السّلام): «بنهر» قيل: هو بالباء بمعنى تتابع النفس، وفي النسخ بالنون أي بزجر وانتهار، إما للإعياء والنصب، أو لما علم من سوء حال السائل وسوء ارادته، قال في القاموس: «نهر الرجل»: زجره فانتهر (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 5 ص 73 ح 1.
3- (3) - ارشاد المفيد: ص 262.

باب (4) الإمام الباقر عليه السّلام والخضاب

5734 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن أبي بكر الحضرميّ قال:

كنت مع أبي علقمة والحارث بن المغيرة وأبي حسّان عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) وعلقمة مختضب بالحنّاء والحارث مختضب بالوسمة وأبو حسّان لا يختضب فقال كلّ رجل منهم: ما تري في هذا رحمك اللّه ؟ - وأشار إلى لحيته -.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما أحسنه.

قالوا: كان أبو جعفر (عليه السّلام) مختضبا بالوسمة ؟

قال: نعم ذلك حين تزوّج الثقفيّة أخذته جواريها فخضبنه(1).

باب (5) الإمام الباقر عليه السّلام والصدقة

5735 - البحار: فلاح السائل - روي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: دخلت على أبي يوما وهو يتصدّق على فقراء أهل المدينة بثمانية آلاف دينار، وأعتق أهل بيت بلغوا أحد عشر مملوكا الخبر(2).

5736 - ثواب الاعمال: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثني عبداللّه

ص:421


1- (1) - الكافي: ج 6 ص 482 ح 1.
2- (2) - البحار: ج 46 ص 302 ج 48.

ابن جعفر [الحميري]، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن محبوب قال: حدثني أبو محمد الوابشيّ وعبداللّه بن بكير وغيره قد رووه عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان أبي (عليه السّلام) أقلّ أهل بيته مالا، وأعظمهم مؤنة، قال: وكان يتصدّق كلّ جمعة بدينار، وكان يقول: الصدقة يوم الجمعة تضاعف لفضل يوم الجمعة على غيره من الأيام(1).

5737 - كتاب الزهد: فضالة، عن داود بن فرقد، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: في كتاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه واله): إذا استعملتم ما ملكت أيمانكم في شيء يشقّ عليهم فاعملوا معهم فيه.

قال: وإن كان أبي يأمرهم فيقول: كما أنتم، فيأتي فينظر فان كان ثقيلا قال بسم اللّه ثمّ عمل معهم، وإن كان خفيفا تنحّى عنهم(2).

أقول: قوله (عليه السّلام): «في كتاب رسول اللّه...» الظاهر أنّ المقصود هي السنّة النبويّة والأحاديث المرويّة عنه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ومعنى الحديث هو الامر بالرّفق وحسن السيرة والمعاشرة مع العبيد والإماء والتعاون معهم في تنفيذ الاعمال الشاقّة المتعبة.

وهكذا كانت سيرة الإمام الباقر (عليه السّلام) مع عبيده، فإنّه كان إذا أمرهم بامر ورا شاقا وثقيلا عليهم جاء إليهم وتعاون معهم في أدائه وإنجازه.

ص:422


1- (1) - ثواب الاعمال: ص 219 ح 1. منه البحار: ج 46 ص 294.
2- (2) - كتاب الزهد: ص 44 ح 117. منه البحار: ج 46 ص 303.

باب (6) مناظرة الإمام الباقر عليه السّلام مع عالم النصارى وعبدالملك بن مروان

5738 - الخرائج والجرائح: روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّ عبدالملك بن مروان كتب إلى عامله بالمدينة - وفي رواية هشام بن عبدالملك -: أن وجّه إليّ محمّد بن علي، فخرج أبي وأخرجني معه فمضينا حتّى أتينا مدين شعيب، فإذا نحن بدير عظيم [البنيان] وعلى بابه أقوام عليهم ثياب صوف خشنة، فألبسني والدي وليس ثيابا خشنة، وأخذ بيدي حتّى جئنا وجلسنا عند القوم فدخلنا مع القوم الدير، فرأينا شيخا قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، فنظر إلينا فقال لابي: أنت منّا أم من هذه الأمّة المرحومة ؟

قال: لابل من هذه الأمّة المرحومة.

قال: من علمائها أو من جهّالها؟

قال أبي: من علمائها.

قال: أسألك عن مسألة ؟

قال [له]: سل [ما شئت].

قال: أخبرني عن أهل الجنّة إذا دخلوها وأكلوا من نعيمها هل ينقص من ذلك شيء؟

قال: لا.

قال الشيخ: ما نظيره ؟

ص:423

قال أبي: أليس التوراة والإنجيل والزبور والقرآن يؤخذ منها ولا ينقص منها شيء؟

قال: أنت من علمائها.

ثمّ قال: أهل الجنّة هل يحتاجون إلى البول والغائط؟

قال أبي: لا.

قال [الشيخ]: وما نظير ذلك ؟

قال أبي: أليس الجنين في بطن امّه يأكل ويشرب ولا يبول ولا يتغوّط؟

قال: صدقت.

قال: وسأل عن مسائل [كثيرة] فأجاب أبي [عنها].

ثمّ قال الشيخ: أخبرني عن توأمين ولدا في ساعة، وماتا في ساعة، عاش أحدهما مائة وخمسين سنة، وعاش الآخر خمسين سنة، من كانا؟ وكيف قصّتهما؟

قال أبي: هما عزير وعزرة، أكرم اللّه تعالى عزيرا بالنبوّة عشرين سنة، وأماته مائة سنة، ثمّ أحياه فعاش بعده ثلاثين سنة، وماتا في ساعة [واحدة]، فخرّ الشيخ مغشيّا عليه.

[فقال]: فقام أبي وخرجنا من الدير، فخرج إلينا جماعة من الدير وقالوا: يدعوك شيخنا.

فقال أبي: مالي الى شيخكم [من] حاجة، فإن كان له عندنا حاجة فليقصدنا، فرجعوا ثمّ جاؤوا به واجلس بين يدي أبي فقال [الشيخ]: ما اسمك ؟

قال (عليه السّلام): محمّد.

ص:424

قال: أنت محمّد النبيّ؟

قال: لا أنا ابن بنته.

قال: ما اسم امّك ؟

قال: امّي فاطمة.

قال: من كان أبوك ؟

قال: اسمه عليّ .

قال: أنت ابن «إليا» بالعبرانيّة و «عليّ » بالعربيّة ؟

قال: نعم.

قال: ابن شبر أم شبير؟

قال: إنّي ابن شبير.

قال الشيخ: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه [وحده لاشريك له] وأنّ جدّك محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) رسول اللّه.

ثمّ ارتحلنا حتّى أتينا عبدالملك [ودخلنا عليه]، فنزل من سريره واستقبل أبي وقال: عرضت لي مسألة لم يعرفها العلماء، فأخبرني إذا قتلت هذه الأمّة إمامها المفروض طاعته عليهم أيّ عبرة يريهم اللّه في ذلك اليوم ؟

قال أبي: إذا كان كذلك لا يرفعون حجرا إلاّ ويرون تحته دما عبيطا.

فقبّل عبدالملك رأس أبي وقال: صدقت، إنّ في اليوم الذي قتل فيه أبوك عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) كان على باب أبي مروان حجر عظيم فأمر أن يرفعوه فرأينا تحته دما عبيطا يغلي، وكان لي أيضا حوض كبير في بستاني وكان حافّتاه حجارة سوداء فأمرت أن ترفع

ص:425

ويوضع مكانها حجارة بيض، وكان في ذلك اليوم قتل الحسين (عليه السّلام) فرأيت دما عبيطا يغلي تحتها.

أفتقيم عندنا ولك من الكرامة ما تشاء أم ترجع ؟

قال أبي: بل أرجع إلى قبر جدّي، فأذن له بالانصراف، فبعث قبل خروجنا بريدا يأمر أهل كلّ منزل أن لا يطعمونا [شيئا] ولا يمكنونا من النّزول في بلد حتّى نموت جوعا، فكلّما بلغنا منزلا طردونا، وفنى زادنا حتّى أتينا مدين شعيب، وقد اغلق بابه فصعد أبي جبلا هناك مطلا على البلد أو مكانا مرتفعا عليه فقرأ: (وَ إِلىٰ مَدْيَنَ أَخٰاهُمْ شُعَيْباً قٰالَ يٰا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّٰهَ مٰا لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ غَيْرُهُ وَ لاٰ تَنْقُصُوا الْمِكْيٰالَ وَ الْمِيزٰانَ إِنِّي أَرٰاكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخٰافُ عَلَيْكُمْ عَذٰابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَ يٰا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيٰالَ وَ الْمِيزٰانَ بِالْقِسْطِ وَ لاٰ تَبْخَسُوا النّٰاسَ أَشْيٰاءَهُمْ وَ لاٰ تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّتُ اللّٰهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (1) ثمّ رفع صوته وقال: واللّه أنا بقيّة اللّه، فأخبروا الشيخ بقدومنا وأحوالنا فحملوه إلى أبي وكان [لهم] معهم من الطعام كثير فأحسن ضيافتنا، فأمر الوالي بتقييد الشيخ فقيّدوه ليحملوه إلى عبدالملك لأنّه خالف أمره.

قال الصادق (عليه السّلام): فاغتممت لذلك وبكيت. فقال والدي: لا بأس من عبدالملك بالشيخ ولايصل إليه فإنّه يتوفّى في أوّل منزل ينزله، وارتحلنا حتّى رجعنا إلى المدينة بجهد(2).

ص:426


1- (1) - هود 11:84-86.
2- (2) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 291 ح 25. منه البحار: ج 10 ص 152.

5739 - قصص الانبياء: باسناده عن ابن بابويه، حدثنا أحمد بن عليّ ، عن أبيه، عن جدّه إبراهيم بن هاشم، عن عليّ بن معبد، عن عليّ بن عبدالعزيز، عن يحيي بن بشير، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (صلوات اللّه عليه) قال: بعث هشام بن عبدالملك إلى أبي (عليه السّلام) فأشخصه إلى الشام، فلمّا دخل عليه قال له: يا أبا جعفر إنّما بعثت إليك لا سألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري، ولا ينبغي أن يعرف هذه المسألة إلاّ رجل واحد.

فقال له أبي: يسألني أمير المؤمنين عمّا أحبّ فإن علمت أجبته، وإن لم أعلم قلت لاأدري، وكان الصدق أولى بي.

فقال هشام: أخبرني عن اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ بن أبي طالب بما استدلّ الغائب عن المصر الّذي قتل فيه عليّ؟ وما كانت العلامة فيه للناس ؟ وأخبرني هل كانت لغيره في قتله عبرة.

فقال له أبي: إنّه لما كانت اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ (صلوات اللّه عليه) لم يرفع عن وجه الأرض حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط حتّى طلع الفجر.

وكذلك كانت اللّيلة الّتي فقد فيها هارون أخو موسى (صلوات اللّه عليهما).

وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها يوشع بن نون.

وكذلك كانت اللّيلة التي رفع فيها عيسى بن مريم (عليهما السّلام).

وكذلك اللّيلة الّتي قتل فيها الحسين (صلوات اللّه عليه).

ص:427

فتربّد وجه هشام وامتقع لونه(1)، وهمّ أن يبطش بأبي.

فقال له أبي: يا أمير المؤمنين الواجب على الناس الطاعة لإمامهم والصدق له بالنصيحة، وإنّ الّذي دعاني إلى ما أجبت به أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي بما يجب له من الطاعة فليحسن ظنّ أمير المؤمنين.

فقال له هشام: أعطني عهد اللّه وميثاقه ألاّ ترفع هذا الحديث إلى أحد ما حييت، فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه.

ثمّ قال هشام: انصرف إلى أهلك إذا شئت.

فخرج أبي متوجّها من الشام نحو الحجاز، وأبرد هشام بريدا وكتب معه إلى جميع عمّاله ما بين دمشق إلى يثرب يأمرهم أن لا يأذنوا لابي في شيء من مدينتهم ولا يبايعوه في أسواقهم، ولا يأذنوا له في مخالطة أهل الشام حتّى ينفذ إلى الحجاز، فلمّا انتهى إلى مدينة مدين ومعه حشمه، وأتاهم بعضهم فأخبره أنّ زادهم قد نفد، وأنّهم قد منعوا من السوق، وأنّ باب المدينة اغلق، فقال أبي: فعلوها ائتوني بوضوء فاتي بماء فتوضّأ ثمّ توكأ على غلام له ثمّ صعد الجبل حتّى إذا صار في ثنيّة(2) استقبل القبلة فصلّى ركعتين، فقام وأشرف على المدينة ثمّ نادي بأعلا صوته وقال:

(وَ إِلىٰ مَدْيَنَ أَخٰاهُمْ شُعَيْباً قٰالَ يٰا قَوْمِ اعْبُدُوا اللّٰهَ مٰا لَكُمْ مِنْ إِلٰهٍ

ص:428


1- (1) - تربّد لونه: تغير، وتربّد الرجل: تعبّس. وامتقع: تغير لونه من حزن أو فزع أو ريبة. (أقرب الموارد).
2- (2) - الثنية: الطريق العالي في الجبل، وقيل: كالعقبة فيه. (مجمع البحرين). وقيل: منعطفه - كما في (أقرب الموارد) -.

غَيْرُهُ وَ لاٰ تَنْقُصُوا الْمِكْيٰالَ وَ الْمِيزٰانَ إِنِّي أَرٰاكُمْ بِخَيْرٍ وَ إِنِّي أَخٰافُ عَلَيْكُمْ عَذٰابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ * وَ يٰا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيٰالَ وَ الْمِيزٰانَ بِالْقِسْطِ وَ لاٰ تَبْخَسُوا النّٰاسَ أَشْيٰاءَهُمْ وَ لاٰ تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * بَقِيَّتُ اللّٰهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) ثمّ وضع يده على صدره ثمّ نادى بأعلى صوته: أنا واللّه بقية اللّه، أنا واللّه بقيّة اللّه، قال: وكان في أهل مدين شيخ كبير قد بلغ السنّ وأدّبته التّجارب وقد قرأ الكتب وعرفه أهل مدين بالصلاح فلمّا سمع النّداء قال لاهله: أخرجوني فحمل ووضع وسط المدينة، فاجتمع الناس إليه فقال لهم: ما هذا الّذي سمعته من فوق الجبل ؟

قالوا: هذا رجل يطلب السّوق فمنعه السلطان من ذلك وحال بينه وبين منافعه.

فقال لهم الشيخ: تطيعونني ؟

قالوا: اللهم نعم.

قال: قوم صالح إنّما ولي عقر الناقة منهم رجل واحد وعذّبوا جميعا على الرّضا بفعله، وهذا رجل قد قام مقام شعيب ونادي مثل نداء شعيب (عليه السّلام) فارفضوا السلطان وأطيعوني واخرجوا إليه بالسّوق فاقضوا حاجته، وإلاّ لم آمن - واللّه - عليكم الهلكة.

قال: ففتحوا الباب وأخرجوا السوق إلى أبي فاشتروا حاجتهم ودخلوا مدينتهم، وكتب عامل هشام إليه بما فعلوه وبخبر الشيخ.

فكتب هشام إلى عامله بمدين بحمل الشيخ إليه فمات في الطريق (رضي اللّه عنه)(1).

ص:429


1- (1) - قصص الانبياء: ص 143 ح 155. منه البحار: ج 46 ص 315.

باب (7) خطبة الإمام الباقر عليه السّلام في نواصب أهل الشام

5740 - مناقب آل أبي طالب: أبو بكر بن دريد الازدي، باسناد له، وعن الحسن بن علي الناصر بن الحسن بن علي بن عمر بن علي، وعن الحسين بن عليّ بن [جعفر بن] موسى بن جعفر، عن آبائه كلّهم عن الصادق (عليه السّلام) قال: لمّا اشخص أبي محمّد بن علي إلى دمشق سمع الناس يقولون: هذا ابن أبي تراب، قال: فأسند ظهره إلى جدار القبلة ثمّ حمد اللّه وأثنى عليه وصلّى على النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ قال: اجتنبوا أهل الشقاق، وذرّيّة النفاق وحشوا النار، وحصب جهنّم، عن البدر الزاهر، والبحر الزّاخر، والشهاب الثاقب وشهاب المؤمنين، والصراط المستقيم (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهٰا عَلىٰ أَدْبٰارِهٰا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمٰا لَعَنّٰا أَصْحٰابَ السَّبْتِ وَ كٰانَ أَمْرُ اللّٰهِ مَفْعُولاً) (1).

ثمّ قال بعد كلام: ابصنو رسول اللّه تستهزؤن ؟!! أم بيعسوب الدّين تلمزون ؟

وأيّ سبيل بعده تسلكون ؟

وأيّ حزن بعده تدفعون ؟

هيهات هيهات برز - واللّه - بالسبق وفاز بالخصل، واستوي على الغاية، وأحرز على الخطار فانحسرت عنه الابصار، وخضعت دونه

ص:430


1- (1) - النساء 4:47.

الرّقاب، وفرع الذرو العليا، فكذّب من رام من نفسه السّعي وأعياه الطلب، فأنّى لهم التناوش من مكان بعيد.

وقال:

اقلّوا عليهم لا أبا لأبيكم من اللّوم أو سدّوا المكان الّذي سدوا

أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا

فأنّى يسدّ ثلمة أخي رسول اللّه إذ شفعوا، وشقيقه إذ نسبوا، ونديده إذ قتلوا، وذي قرني كنزها إذ فتحوا، ومصلّي القبلتين إذ تحرّفوا، والمشهود له بالايمان إذ كفروا، والمدّعى لنبذ عهد المشركين إذ نكلوا، والخليفة على المهاد ليلة الحصار إذ جزعوا، والمستودع الاسرار ساعة الوداع.... إلى آخر كلامه(1).

البحار - توضيح: «أهل الشقاق» أي يا أهل الشقاق «عن البدر الزاهر» أي عن سوء القول فيه، وزخر البحر أي مدّ وكثر ماؤه وارتفعت أمواجه، والثاقب: المضيء، والصنو - با لكسر -: المثل وأصله أن تطلع نخلتان من عرق واحد، واللّمز. العيب والوقوع في الناس، «برز واللّه بالسّبق»: أي ظهر وخرج من بينهم بأن سبقهم في جميع الفضائل.

قوله (عليه السّلام): «بالخصل» أي بالغلبة على من راهنه فى إحراز سبق الكمال. قال الفيروزآباديّ : الخصل إصابة القرطاس وتخاصلوا تراهنوا على النضال وأحرز خصله وأصاب خصله غلب،

ص:431


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 203. منه البحار: ج 46 ص 317.

وخصلهم خصلا وخصالا - بالكسر -: فضلهم انتهى.

والغاية: العلامة الّتي تنصب في آخر الميدان فمن انتهى إليه قبل غيره فقد سبقه، والخطار بالكسر جمع خطر - بالتحريك -: وهو السّبق الّذي يتراهن عليه «فانحسرت» أي كلّت عن إدراكه الابصار لبعده في السبق عنهم، و «فرع»: أي صعد وارتفع أعلى الدرّجة العليا من الكمال.

«فكذّب» - بالتشديد -: أي صار ظهور كماله سببا لظهور كذب من طلب السعي لتحصيل الفضل، وأعياه الطلب ومع ذلك ادّعى مرتبته، ويحتمل التخفيف أيضا ويمكن عطف قوله وأعياه على قوله كذّب، وعلى قوله رام، والتّناوش: التّناول أي كيف يتيسّر تناول درجته وفضله وهم في مكان بعيد منها، أقلّوا عليهم أي على أهل البيت (عليهم السّلام).

قوله (عليه السّلام): «وسدّوا مكان الّذي سدّوا» لعلّ المراد سدّوا الفرج والثلم الّتي سدّها أهل البيت (عليهم السّلام) من البدع والأهواء في الدّين أو كونوا مثل الّذين سدّوا ثلم الباطل، كما يقال سدّ مسدّه، مؤيّده قوله: «فأنّى يسدّ»، ويحتمل أن يكون من قولهم سدّ يسدّ أي صار سديدا قوله (عليه السّلام): «فأنّى يسدّ» أي كيف يمكن سدّ ثلمة حصلت بفقده (عليه السّلام) بغيره. والحال أنّه كان أخا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذ صار كلّ منهم شفعا بنظيره كسلمان مع أبي ذر، وأبي بكر مع عمر، والشقيق الأخ كانّه شقّ نسبه من نسبه، وكلّ ما انشقّ نصفين كلّ منهما شقيق، أي عدّه الرّسول (صلّى اللّه عليه وآله) شقيق نفسه عند ما لحق كلّ ذي نسب بنسبه، ونديده أي مثله في

ص:432

الثبات والقوّة إذ قتلوا وصرفوا وجوههم عن الحرب.

قوله: «وذي قرني كنزها» إشارة إلى قول النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) له (عليه السّلام): لك كنز في الجنّة وأنت ذو قرنيها، ويحتمل أرجاع الضمير إلى الجنّة وإلى الأمّة.

وقوله: «إذ فتحوا» أي قال ذلك حين أصابهم فتح أو أنّه (عليه السّلام) ملكه وفوّض إليه عند كلّ الفتوح اختيار طرفي كنزها وغنائمها لكونها على يده وعلى تقدير إرجاع الضمير إلى الجنّة يحتمل أن يكون المراد فتح بابها، ويحتمل أن يكون إذ قبحوا على المجهول من التقبيح أي مدحه حين ذمّهم، والادّعاء لنبذ عهد المشركين يمكن حمله على زمان النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) وبعده، فعلى الأوّل المراد أنّه لما أراد النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) طرح عهد المشركين والمحاربة معهم كان هو المدّعى والمقدّم عليه وقد نكل غيره عن ذلك فيكون إشارة إلى تبليغ سورة براءة وقراءتها في الموسم ونقض عهود المشركين وإيذانهم بالحرب وغير ذلك ممّا شاكله، وعلى الثاني إشارة إلى العهود الّتي كان عهدها النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) على المشركين فنبذ خلفاء الجور تلك العهود وراءهم فادّعى (عليه السّلام) إثباتها وإبقاءها والأوّل أظهر، قوله (عليه السّلام): «ليلة الحصار» أي محاصرة المشركين النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) في بيته.

باب (8) بكاء الارض دما على امير المؤمنين والحسين عليهما السّلام

5741 - كامل الزيارات: حدثني أبي (رحمه اللّه) وجماعة

ص:433

مشايخي، عن سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد [الأهوازي]، عن رجل، عن يحيى بن بشير، قال:

سمعت أبا بصير، يقول: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): بعث هشام بن عبدالملك إلى أبي فأشخصه إلى الشام، فلمّا دخل عليه قال له: يا أبا جعفر أشخصناك لنسألك عن مسألة لم يصلح أن يسألك عنها غيري، ولا أعلم في الارض خلقا ينبغي أن يعرف أو عرف هذه المسألة إن كان إلا واحدا.

فقال أبي: ليسألني أمير المؤمنين عمّا أحبّ فان علمت أجبت ذلك، وإن لم أعلم قلت: لا أدري، وكان الصدق أولى بي.

فقال هشام: أخبرني عن اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ بن أبي طالب بما استدلّ به الغائب عن المصر الّذي قتل فيه على قتله، وما العلامة فيه للناس، فان علمت ذلك وأحببت فأخبرني.

هل كان تلك العلامة لغير عليّ (عليه السّلام) في قتله ؟

فقال له أبي: يا أمير المؤمنين إنّه لمّا كان تلك اللّيلة الّتي قتل فيها أمير المؤمنين [عليّ بن أبي طالب] (عليه السّلام) لم يرفع عن وجه الارض حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط حتّى طلع الفجر وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها هارون أخو موسى (عليه السّلام) وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها يوشع بن نون وكذلك كانت اللّيلة الّتي رفع فيها عيسى بن مريم إلى السماء وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها شمعون بن حمّون الصفّا، وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)(1) وكذلك كانت اللّيلة الّتي قتل فيها الحسين بن

ص:434


1- (1) - هذه الجملة مكررة.

عليّ (عليهما السّلام).

قال: فتربّد وجه هشام حتّى انتقع لونه، وهمّ أن يبطش بأبي.

فقال له أبي: يا أمير المؤمنين الواجب على العباد الطاعة لإمامهم، والصدق له بالنصيحة، وإنّ الّذي دعاني إلى أن أجيب أمير المؤمنين فيما سألني عنه معرفتي ايّاه بما يجب له عليّ من الطاعة فليحسن أمير المؤمنين عليّ الظنّ .

فقال له هشام: انصرف إلى أهلك إذا شئت.

قال: فخرج.

فقال له هشام عند خروجه: أعطني عهد اللّه وميثاقه أن لاتوقع هذا الحديث إلى أحد حتّى أموت، فأعطاه أبي من ذلك ما أرضاه، وذكر الحديث بطوله(1).

باب (9) الإمام الباقر عليه السّلام في عهد عمر بن عبدالعزيز

5742 - قرب الاسناد: الحسن بن ظريف، عن الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام)، قال: لمّا ولي عمر بن عبدالعزيز أعطانا عطايا عظيمة. قال: فدخل عليه أخوه فقال له: إنّ بني اميّة لاترضى منك بأن تفضّل بني فاطمة عليهم.

فقال: افضّلهم لانّي سمعت - حتّى لا ابالي أن أسمع أو لا أسمع - أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يقول: إنّما فاطمة

ص:435


1- (1) - كامل الزيارات: ص 75 ح 1. منه البحار: ج 45 ص 203.

شجنة(1) منّي يسرّني ما [ا] سرّها، ويسوؤني ما أساءها، فأنا أتبع سرور رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأتّقي مساءته(2).

باب (10) السرج المسموم

5743 - الخرائج والجرائح: روي أبو بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان زيد بن الحسن يخاصم أبي في ميراث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ويقول: أنا من ولد الحسن، وأولى بذلك منك، لأنّي من ولد الاكبر، فقاسمني ميراث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وادفعه إليّ ، فأبى أبي فخاصمه إلى القاضي، فكان يختلف معه إلى القاضي، فبينا هم كذلك ذات يوم في خصومتهم، إذ قال زيد بن الحسن لزيد بن عليّ : اسكت يابن السّنديّة.

فقال زيد بن عليّ : افّ لخصومة تذكر فيها الأمّهات، واللّه لاكلّمتك بالفصيح من رأسي أبدا حتّى أموت، وانصرف إلى أبي فقال: يا أخي [إنّي] حلفت بيمين ثقة بك، وعلمت أنّك لا تكرهني ولا تخيّبني، حلفت أن لا اكلّم زيد بن الحسن ولا اخاصمه، وذكر ما كان بينهما، فأعفاه أبي واغتنمها زيد بن الحسن فقال: يلي خصومتي محمّد بن عليّ فاعنّته واؤذيه فيعتدي عليّ ، فعدا على أبي فقال: بيني وبينك القاضي فقال: انطلق بنا فلمّا أخرجه قال أبي: يا زيد إنّ معك

ص:436


1- (1) - الشجنة: عروق الشجر الملتفة، والشعبة من كلّ شيء، يقال: بينهما شجنة رحم: أي شعبة رحم كأنها حبل من حبال صلته. (أقرب الموارد).
2- (2) - قرب الاسناد. ص 53. منه البحار: ج 46 ص 320.

سكينة قد أخفيتها أرأيتك إن نطقت هذه السكينة الّتي سترتها منّي فشهدت أنّي أولى بالحقّ منك، أفتكفّ عنّي ؟

قال: نعم وحلف له بذلك.

فقال أبي: أيّتها السكينة انطقي باذن اللّه.

فوثبت السكينة من يد زيد بن الحسن على الارض ثمّ قالت: يا زيد بن الحسن أنت ظالم، ومحمّد أحقّ منك وأولى، ولئن لم تكفّ لألينّ قتلك، فخرّ زيد مغشيّا عليه، فأخذ أبي بيده فأقامه، ثمّ قال:

يازيد إن نطقت هذه الصخرة الّتي نحن عليها أتقبل ؟

قال: نعم وحلف له على ذلك، فرجفت الصخرة ممّا يلي زيد، حتّى كادت أن تفلق، ولم ترجف ممّا يلي أبي ثمّ قالت: يا زيد أنت ظالم، ومحمّد أولى بالامر منك، فكفّ عنه وإلاّ ولّيت قتلك. فخرّ زيد مغشيّا عليه، فأخذ أبي بيده وأقامه، ثمّ قال: يا زيد أرأيت إن نطقت هذه الشجرة أتكفّ؟

قال: نعم، فدعى أبي (عليه السّلام) الشجرة فأقبلت تخدّ الارض(1) حتّى أظلّتهم ثمّ قالت: يا زيد أنت ظالم ومحمّد أحقّ بالامر منك فكفّ عنه، وإلاّ قتلتك فغشي على زيد، فأخذ أبي بيده، وانصرفت الشجرة إلى موضعها، فحلف زيد أن لايعرض لأبي ولا يخاصمه، فانصرف وخرج زيد من يومه إلى عبدالملك بن مروان(2)

ص:437


1- (1) - خدّ الارض: شقّها. (مجمع البحرين).
2- (2) - الظاهر أنّ الصحيح هو «هشام بن عبدالملك». الذي كان طاغية زمان الامام الباقر (عليه السّلام). أما عبدالملك فقد مات في زمن امامة زين العابدين (عليه السّلام) ولعل لفظ «هشام بن» سقط من الرواة والنساخ (هامش المصدر).

فدخل عليه وقال: أتيتك من عند ساحر كذّاب لا يحلّ لك تركه، وقصّ عليه ما رأى، وكتب عبدالملك إلى عامل المدينة، أن ابعث إليّ بمحمّد بن عليّ مقيّدا وقال لزيد: أرأيتك إن ولّيتك قتله تقتله ؟

قال: نعم.

قال: فلمّا انتهى الكتاب إلى العامل أجاب العامل عبدالملك:

ليس كتابي هذا خلافا عليك يا أمير المؤمنين، ولا أردّ أمرك، ولكن رأيت أن اراجعك في الكتاب نصيحة لك، وشفقة عليك، وإنّ الرجل الّذي أردته ليس اليوم على وجه الارض أعفّ منه ولا أزهد ولا أورع منه، وإنّه ليقرء في محرابه، فيجتمع الطير والسّباع تعجّبا لصوته وإنّ قراءته لتشبه مزامير داود، وإنّه من أعلم الناس، وأرقّ الناس وأشدّ الناس اجتهادا وعبادة، وكرهت لامير المؤمنين التعرّض له (إِنَّ اللّٰهَ لاٰ يُغَيِّرُ مٰا بِقَوْمٍ حَتّٰى يُغَيِّرُوا مٰا بِأَنْفُسِهِمْ ) (1).

فلمّا ورد الكتاب على عبدالملك سرّ بما أنهى إليه الوالي وعلم أنّه قد نصحه فدعا بزيد بن الحسن فأقرأه الكتاب.

فقال: أعطاه وأرضاه.

فقال عبدالملك: هل تعرف أمرا غير هذا؟

قال: نعم عنده سلاح رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وسيفه، ودرعه، وخاتمه، وعصاه، وتركته، فاكتب إليه فيه، فإن هو لم يبعث به فقد وجدت إلى قتله سبيلا.

فكتب عبدالملك إلى العامل أن احمل إلى أبي جعفر محمّد بن عليّ ألف ألف درهم، وليعطك ما عنده من ميراث رسول اللّه (صلّى

ص:438


1- (1) - الرعد 13:11.

اللّه عليه وآله) فأتى العامل منزل أبي جعفر بالمال وأقرأه الكتاب، فقال: أجّلني أيّاما.

قال: نعم، فهيّأ أبي متاعا مكان كل شيء ثمّ حمله ودفعه إلى العامل، فبعث به إلى عبدالملك، وسرّ به سرورا شديدا فأرسل إلى زيد، فعرض عليه، فقال زيد: واللّه ما بعث إليك من متاع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بقليل ولا كثير.

فكتب عبدالملك إلى أبي إنّك أخذت مالنا، ولم ترسل إلينا بما طلبنا.

فكتب إليه أبي: إنّي قد بعثت إليك بما قد رأيت وانه ما طلبت، وإن شئت لم يكن، فصدّقه عبدالملك، وجمع أهل الشام وقال: هذا متاع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قد أتيت به، ثمّ أخذ زيدا وقيّده وبعث به إلى أبي، وقال له: لولا أنّي لا اريد أن أبتلي بدم أحد منكم لقتلتك، وكتب إلى أبي [جعفر] اني بعثت إليك بابن عمّك فأحسن أدبه، فلمّا أتي به أطلق عنه وكساه ثم انّ زيدا ذهب الى سرج فسمّه، ثمّ أتى به الى أبي فناشده الاّ ركبت هذا السرج.

فقال أبي: ويحك يا زيد ما أعظم ما تأتي به، وما يجري على يديك، إنّي لأعرف الشجرة الّتي نحت منها، ولكن هكذا قدّر فويل لمن أجرى اللّه على يديه الشرّ، فاسرج له فركب أبي ونزل متورّما فأمر بأكفان له، وكان فيه ثوب أبيض أحرم فيه وقال: اجعلوه في أكفاني، وعاش ثلاثا، ثمّ مضى (عليه السّلام) لسبيله وذلك السرج عند آل محمّد معلّق.

ثمّ إنّ زيد بن الحسن بقي بعده أيّاما فعرض له داء فلم يزل يتخبّط

ص:439

ويهوي، وترك الصلاة حتّى مات(1).

البحار - بيان: الظاهر أنّه سقط من آخر الخبر شيء. ويظهر منه أنّ إهانة زيد وبعثه إلى الباقر (عليه السّلام) إنّما كان على وجه المصلحة. وكان قد واطأه على أن يركبه (عليه السّلام) على سرج مسموم بعث به إليه معه، فأظهر (عليه السّلام) علمه بذلك حيث قال:

أعرف الشجرة الّتي نحت السرج منها. فكيف لا أعرف ما جعل فيه من السّمّ ولكن قدّر أن تكون شهادتي هكذا. فلذا قال (عليه السّلام) السرج معلّق عندهم. لئلاّ يقربه أحد. أو ليكون حاضرا يوم ينتقم من الكافر في الرّجعة. قوله: «يتخبط» أي يفسده الدّاء ويذهب عقله.

«ويهوي» أي ينزل في جسده ولعلّه كان يهذي من الهذيان.

باب (11) وصيّة الإمام الباقر إلى الإمام الصادق عليهما السّلام

5744 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن الحلبيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كتب أبي في وصيّته أن(2) اكفّنه في ثلاث(3) أثواب أحدها رداء له(4) حبرة كان يصلّي فيه يوم الجمعة وثوب آخر وقميص، فقلت لأبي: لم تكتب هذا؟

ص:440


1- (1) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 600 ح 11. منه البحار: ج 46 ص 329.
2- (2) - إنّي - التهذيب.
3- (3) - بثلاثة - التهذيب، في ثلاثة - الفقيه.
4- (4) - برد له - الفقيه.

فقال: أخاف أن يغلبك الناس وإن(1) قالوا: كفّنه في أربعة [أثواب] أو خمسة فلا تفعل. [قال:] وعمّمني بعمامة وليس تعد العمامة من الكفن إنّما يعدّ ما يلفّ به الجسد(2).

من لايحضره الفقيه: قال الصادق (عليه السّلام): كتب أبي (عليه السّلام)... وذكر مثله الى قوله: وقميص(3).

التهذيب: أخبرني الشيخ أيّده اللّه عن أبي القاسم جعفر بن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم مثله(4).

5745 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كنت عند أبي في اليوم الّذي قبض فيه فأوصاني بأشياء في غسله وفي كفنه وفي دخوله قبره.

فقلت: يا أباه واللّه ما رأيتك منذ اشتكيت أحسن منك اليوم، ما رأيت عليك أثر الموت.

فقال: يا بنيّ أما سمعت عليّ بن الحسين (عليه السّلام) ينادي من وراء الجدار: يا محمّد؟ تعال، عجّل ؟(5).

بصائر الدرجات: حدثنا أحمد، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ قال: حدثنا أبو سلمة، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:441


1- (1) - فإن - التهذيب.
2- (2) - الكافي: ج 3 ص 144 ح 7.
3- (3) - من لايحضره الفقيه: ج 1 ص 153 ح 421.
4- (4) - التهذيب: ج 1 ص 293 ح 857.
5- (5) - الكافي: ج 1 ص 260 ح 7.

السّلام) نحوه(1).

كشف الغمّة: من كتاب (الدلائل) للحميري، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

5746 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أبي قال لي(3) ذات يوم في مرضه: يابنيّ أدخل اناسا من قريش من أهل المدينة حتّى اشهدهم. قال: فأدخلت عليه اناسا منهم فقال: يا جعفر إذا أنا متّ فغسّلني وكفّنّي وارفع قبري أربع أصابع ورشّه بالماء فلمّا خرجوا قلت: يا أبة لو أمرتني بهذا لصنعته(4) ولم ترد أن أدخل عليك قوما تشهدهم ؟

فقال:(5) يا بنيّ أردت أن لا تنازع(6).

التهذيب: اخبرني الشيخ أيّده اللّه تعالى، عن أبي القاسم جعفر ابن محمّد، عن محمّد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم مثله(7).

ص:442


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 502 ح 6.
2- (2) - كشف الغمة: ج 2 ص 139.
3- (3) - قال: قال لي أبي - التهذيب.
4- (4) - صنعته - التهذيب.
5- (5) - قال - التهذيب.
6- (6) - الكافي: ج 3 ص 20 ح 5.
7- (7) - التهذيب: ج 1 ص 320 ح 933.

باب (12) وفاة الإمام الباقر عليه السّلام

5747 - بصائر الدرجات: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن الحسن ابن عليّ بن عقبة(1) قال: حدثني جدي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه أتى أبا جعفر بليلة قبض وهو يناجي، فأومأ إليه بيده أن تأخّر، فتأخّر حتّى فرغ من المناجاة، ثمّ أتاه فقال: يابني إنّ هذه اللّيلة الّتي اقبض فيها وهي اللّيلة الّتي قبض فيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) قال: وحدّثني أنّ أباه عليّ بن الحسين أتاه بشراب في الليلة الّتي قبض فيها، وقال: اشرب هذا، فقال: يا بنيّ إنّ هذه اللّيلة الّتي وعدت أن اقبض فيها فقبض فيها (عليه السّلام)(2).

5748 - أعلام الوري: روي حماد بن عثمان، عن عبداللّه بن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ أبي قال لي ذات يوم: إنّما بقي من أجلي خمس سنين فحسبت فما زاد ولا نقص(3).

مناقب آل أبي طالب: قال الصادق (عليه السّلام): إن أبي قال:.... وذكر مثله(4).

5749 - المحاسن: البرقي، عن محسن بن أحمد، عن أبان بن

ص:443


1- (1) - ابراهيم بن هاشم، عن ابن فضّال، عن علي بن عقبة - البحار.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 502 ج 7. منه البحار: ج 46 ص 213.
3- (3) - أعلام الورى: ص 267.
4- (4) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 186. منهما البحار: ج 46 ص 268.

عثمان، عن محمّد بن مروان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، أنّ أبا جعفر (عليه السّلام) مات وترك ستّين مملوكا فأعتق ثلثهم عند موته(1).

5750 - الكافي: سعد بن عبداللّه والحميري جميعا، عن إبراهيم ابن مهزيار، عن أخيه عليّ بن مهزيار، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قبض محمّد بن عليّ الباقر وهو ابن سبع وخمسين سنة، في عام أربع عشرة ومائة، عاش بعد عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) تسع عشرة سنة وشهرين(2).

5751 - شرح الأخبار: قال سفيان بن عيينة: سمعت جعفر بن محمّد (عليه السّلام) يقول: سمعت أبي (عليه السّلام) يقول لعمتي فاطمة بنت الحسين (عليه السّلام) وقد كلّمته في شيء: لي ثمان وخمسون سنة، وتوفي [تلك] السنة(3).

5752 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن عبدالجبّار، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن النعمان، عن عمر بن مسلم صاحب الهروي، عن سدير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ أبي مرض مرضا شديدا حتى خفنا عليه، فبكى بعض أهله عند رأسه، فنظر [إليه] فقال: إنّي لست بميّت من وجعي هذا، إنّه أتاني اثنان فأخبراني أنّي لست بميت من وجعي هذا، قال: فبرأ ومكث ما شاء اللّه أن يمكث، فبينا هو صحيح ليس به بأس، قال: يا بنيّ إنّ الّذين

ص:444


1- (1) - المحاسن: ص 624 ح 81. منه البحار: ج 46 ص 286.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 472 ح 6.
3- (3) - شرح الاخبار: ج 3 ص 288.

أتياني من وجعي(1) ذلك. أتياني فأخبراني أنّي ميّت يوم كذا وكذا، قال:

فمات في ذلك اليوم(2).

5753 - الخرائج والجرائح: روي عن أبي بصير قال: سمعت الصادق (عليه السّلام) يقول: إنّ أبي مرض مرضا شديدا حتّى خفنا عليه، فبكى بعض أصحابه عند رأسه، فنظر إليه وقال: إنّي لست بميّت من وجعي هذا، قال: فبرأ ومكث ما شاء اللّه من السنين، فبينا هو صحيح ليس به بأس، فقال: يابنيّ إنّي ميّت يوم كذا، فمات في ذلك اليوم(3).

باب (13) العزاء والندبة على الإمام الباقر عليه السّلام

5754 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن يونس بن يعقوب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال لي أبي: يا جعفر أوقف لي من مالي كذا وكذا النوادب تندبني عشر سنين بمنى أيّام منى(4).

التهذيب: أحمد بن محمّد مثله. وفيه: لنوادب(5).

ص:445


1- (1) - هكذا في المصدر، ولعل الصحيح: في وجعي.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 501 ح 2. منه البحار: ج 46 ص 213.
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 771 ح 92. منه البحار: ج 46 ص 256.
4- (4) - الكافي: ج 5 ص 117 ح 1.
5- (5) - التهذيب: ج 6 ص 358 ح 1025.

باب (14) الملائكة في عزاء الإمام الباقر عليه السّلام

5755 - الكافي: عدّة من اصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان قال:

حدّثني أبو بصير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ رجلا كان على أميال من المدينة فرأي في منامه فقيل له: انطلق فصلّ على أبي جعفر (عليه السّلام) فإنّ الملائكة تغسّله في البقيع فجاء الرّجل فوجد أبا جعفر (عليه السّلام) قد توفّي(1).

ص:446


1- (1) - الكافي: ج 8 ص 183 ح 207.

تاريخ الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام

باب (1) ولادة الإمام الكاظم عليه السّلام

5756 - الكافي: عليّ بن محمّد، عن عبداللّه بن إسحاق العلويّ ، عن محمد بن زيد الرزامي، عن محمّد بن سليمان الديلميّ ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: حججنا مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) في السنة الّتي ولد فيها ابنه موسى (عليه السّلام)، فلمّا نزلنا الابواء(1) وضع لنا الغداء، وكان إذا وضع الطعام لاصحابه أكثر وأطاب، قال: فبينا نحن نأكل إذا أتاه رسول حميدة فقال له: إنّ حميدة تقول: قد أنكرت نفسي وقد وجدت ما كنت أجد إذا حضرت ولادتي، وقد أمرتني أن لا أستبقك بابنك هذا.

فقام أبو عبداللّه (عليه السّلام) فانطلق مع الرسول، فلمّا انصرف قال له أصحابه: سرّك اللّه وجعلنا فداك فما أنت صنعت من حميدة ؟

ص:447


1- (1) - الابواء: جبل بين مكة والمدينة، وعنده بلد ينسب اليه (لسان العرب).

قال: سلّمها اللّه، وقد وهب لي غلاما وهو خير من برأ اللّه في خلقه، ولقد أخبرتني حميدة عنه بأمر ظنّت أنّي لا أعرفه، ولقد كنت أعلم به منها.

فقلت: جعلت فداك وما الّذي أخبرتك به حميدة عنه ؟

قال: ذكرت أنّه سقط من بطنها حين سقط واضعا يديه على الارض، رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أن ذلك أمارة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأمارة الوصيّ من بعده.

فقلت: جعلت فداك وما هذا من أمارة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وأمارة الوصيّ من بعده ؟

فقال لي: إنّه لمّا كانت اللّيلة الّتي علق فيها بجدّي أتى آت جدّ أبي بكأس فيه شربة أرقّ من الماء وألين من الزبد وأحلى من الشهد وأبرد من الثلج وأبيض من اللّبن، فسقاه إيّاه وأمره بالجماع، فقام فجامع، فعلق بجدّي ولمّا أن كانت اللّيلة الّتي علق فيها بأبي أتى آت جدّي فسقاه كما سقى جدّ أبي وأمره بمثل الّذي أمره فقام فجامع، فعلق بأبي، ولما أن كانت اللّيلة الّتي علق فيها بي أتى آت أبي فسقاه بما سقاهم وأمره بالّذي أمرهم به فقام فجامع فعلق بي ولمّا أن كانت اللّيلة الّتي علق فيها بابني أتاني آت كما أتاهم، ففعل بي كما فعل بهم فقمت بعلم اللّه وإنّي مسرور بما يهب اللّه لي، فجامعت فعلق بابني هذا المولود فدونكم، فهو واللّه صاحبكم من بعدي.

إنّ نطفة الامام ممّا أخبرتك وإذا سكنت النطفة في الرحم أربعة أشهر وانشيء فيها الروح بعث اللّه (تبارك وتعالى) ملكا يقال له:

حيوان، فكتب على عضده الأيمن (وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً)

ص:448

(لاٰ مُبَدِّلَ لِكَلِمٰاتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (1) وإذا وقع من بطن امّه وقع واضعا يديه على الارض رافعا رأسه الى السماء فأمّا وضعه يديه على الارض فانّه يقبض كلّ علم للّه أنزله من السماء إلى الارض وأمّا رفعه راسه إلى السّماء فانّ مناديا ينادي به من بطنان العرش من قبل ربّ العزّة من الأفق الاعلى باسمه واسم أبيه يقول: يا فلان بن فلان اثبت تثبت، فلعظيم ما خلقتك، أنت صفوتي من خلقي، وموضع سرّي، وعيبة علمي، وأميني على وحيي، وخليفتي في أرضي، لك ولمن تولاّك أوجبت رحمتي، ومنحت جناني، وأحللت جواري، ثمّ وعزّتي وجلالي لأصلينّ من عاداك أشدّ عذابي، وإن وسّعت عليه في دنياي من سعة رزقي.

فإذا انقضى الصوت - صوت المنادي - أجابه هو واضعا يديه رافعا رأسه إلى السماء يقول: (شَهِدَ اللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ الْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قٰائِماً بِالْقِسْطِ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) (2) قال: فاذا قال ذلك أعطاه اللّه العلم الاوّل والعلم الاخر واستحقّ زيارة الرّوح في ليلة القدر.

قلت: جعلت فداك الرّوح ليس هو جبرئيل ؟

قال: الرّوح هو أعظم من جبرئيل، إنّ جبرئيل من الملائكة وإنّ الرّوح هو خلق أعظم من الملائكة (عليهم السّلام)، أليس يقول اللّه (تبارك وتعالى): (تَنَزَّلُ الْمَلاٰئِكَةُ وَ الرُّوحُ ) (3).

ص:449


1- (1) - الانعام 6:115.
2- (2) - آل عمران 3:18.
3- (3) - القدر 97:4.

محمّد بن يحيي، وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن الحسين، عن أحمد بن الحسن، عن الختار بن زياد، عن محمّد بن سليمان، عن أبيه، عن أبي بصير مثله(1).

المحاسن: البرقي، عن الوشاء، عن علي بن أبي حمزة بهذا الاسناد نحوه(2).

5757 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن الحسين، عن الختار بن زياد، عن أبي جعفر محمّد بن مسلم(3)، عن بيه، عن أبي بصير قال:

كنت مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) في السنة الّتي ولد فيها ابنه موسى (عليه السّلام) فلمّا نزلنا الابواء وضع لنا أبو عبداللّه (عليه السّلام) الغداء ولأصحابه وأكثره وأطابه، فبينا نحن نتغدّي إذ أتاه رسول حميدة أنّ الطلق قد ضربني، وقد أمرتني أن لا أسبقك بابنك هذا.

فقام أبو عبداللّه فرحا مسرورا، فلم يلبث أن عاد إلينا، حاسرا عن ذراعيه ضاحكا سنّه فقلنا: أضحك اللّه سنّك، وأقرّ عينك، ما صنعت حميدة ؟

فقال: وهب اللّه لي غلاما، وهو خير من برأ اللّه، ولقد خبّرتني عنه بأمر كنت أعلم به منها.

قلت: جعلت فداك وما خبّرتك عنه حميدة ؟

قال: ذكرت أنّه لمّا وقع من بطنها وقع واضعا يديه على الارض رافعا رأسه إلى السماء، فأخبرتها أنّ تلك أمارة رسول اللّه (صلّى اللّه

ص:450


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 385 ح 1.
2- (2) - المحاسن: ص 314 ح 32.
3- (3) - محمد بن سليم - البحار.

عليه وآله) وأمارة الامام من بعده.

فقلت: جعلت فداك وما تلك من علامة الامام ؟

فقال: إنّه لمّا كان في اللّيلة التي علق بجدّي فيها، أتى آت جدّ أبي وهو راقد، فأتاه بكأس فيها شربة أرقّ من الماء، وأبيض من اللّبن، وألين من الزبد، وأحلى من الشّهد، وأبرد من الثلج فسقاه إيّاه وأمره بالجماع، فقام فرحا مسرورا وجامع فعلّق فيها بجدّي، ولمّا كان في اللّيلة الّتي علق فيها بأبي أتى آت جدي فسقاه كما سقا جدّ أبي وأمره بالجماع فقام فرحا مسرورا فجامع فعلق بأبي، ولمّا كان في اللّيلة الّتي علق بي فيها، أتى آت أبي فسقاه وأمره كما أمرهم، فقام فرحا مسرورا فجامع فعلق بي، ولمّا كان في اللّيلة الّتي علق فيها بابني هذا، أتاني آت كما أتى جدّ أبي وجدّي وأبي فسقاني كما سقاهم، وأمرني كما أمرهم، فقمت فرحا مسرورا بعلم اللّه بما وهب لي، فجامعت فعلق بابنى [هذا المولود، فدونكم فهو واللّه صاحبكم من بعدي](1).

وإنّ نطفة الامام ممّا أخبرتك فاذا إستقرّت في الرحم أربعين ليلة نصب اللّه له عمودا من نور في بطن امّه ينظر منه مدّ بصره، فإذا تمّت له في بطن امّه أربعة أشهر أتاه ملك يقال له: حيوان وكتب على عضده الأيمن (وَ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَ عَدْلاً لاٰ مُبَدِّلَ لِكَلِمٰاتِهِ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) . فإذا وقع من بطن امّه وقع واضعا يده على الارض رافعا رأسه إلى السماء، فاذا وضع يده إلى الارض فإنّه يقبض كلّ علم أنزله اللّه من السماء إلى الارض، وامّا رفعه رأسه إلى السماء فإن مناديا ينادي من بطنان العرش من قبل ربّ العزّة من الافق الاعلى

ص:451


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار: ج 48.

باسمه وإسم أبيه يقول: يا فلان أثبت ثبّتك اللّه فلعظيم ما خلقك، أنت صفوتي من خلقي وموضع سرّي وعيبة علمي، لك ولمن تولاّك أوجبت رحمتي، وأسكنت جنّتي وأحللت جواري ثمّ وعزّتي لاصلينّ من عاداك أشدّ عذابي، وإن أوسعت عليهم من سعة رزقي، فإذا إنقضى صوت المنادي أجابه الوصيّ (شَهِدَ اللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ الْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا الْعِلْمِ قٰائِماً بِالْقِسْطِ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) إلى اخرها، فإذا قالها أعطاه اللّه علم الأوّل وعلم الآخر وإستوجب زيادة الرّوح(1) في ليلة القدر.

قلت: جعلت فداك ليس الرّوح جبرئيل ؟

فقال: جبرئيل من الملائكة والرّوح خلق أعظم من الملائكة.

أليس اللّه يقول: (تَنَزَّلُ الْمَلاٰئِكَةُ وَ الرُّوحُ ) (2).

5758 - المحاسن: البرقي، عن عليّ بن حديد، عن منصور بن يونس، وداود بن رزين، عن منهال القصاّب قال: خرجت من مكة و [أنا] اريد المدينة، فمررت بالابواء وقد ولد لابي عبداللّه، موسى (عليهما السّلام) فسبقته إلى المدينة، ودخل بعدي بيوم فاطعم الناس ثلاثا، فكنت اكل فيمن يأكل، فما اكل شيئا إلى الغد حتّى أعود فاكل، فمكثت بذلك ثلاثا أطعم حتّى أرتفق(3) ثمّ لا أطعم شيئا إلى الغد(4).

ص:452


1- (1) - زيارة الرّوح - البحار: ج 25. والظاهر أنه الصحيح.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 460 ح 4. منه البحار: ج 48 ص 2 وج 25 ص 42.
3- (3) - المرتفق: الممتليء. ارتفق الاناء: امتلأ (أقرب الموارد).
4- (4) - المحاسن: ص 418 ح 187. منه البحار: ج 48 ص 4.

باب (2) والدة الامام الكاظم عليه السّلام

5759 - اعلام الوري: أخبرني المفيد عبدالجبار بن عبيداللّه، عن أبي علي أحمد بن جعفر البزوفري(1)، عن حميد بن زياد، عن العباس ابن عبيداللّه بن أحمد الدهقان، عن ابراهيم بن صالح الأنماطي، عن محمد بن الفضل(2)، وزياد بن النعمان، وسيف بن عميرة، عن هشام ابن أحمر، قال: أرسل إليّ أبو عبداللّه (عليه السّلام) في يوم شديد الحرّ فقال لي: اذهب إلى فلان الافريقي فاعترض جارية عنده من حالها كذا وكذا ومن صفتها كذا [وكذا].

واتيت الرجل فاعترضت ما عنده فلم أر ما وصف لي فرجعت إليه فأخبرته، فقال: عد إليه فانّها عنده.

فرجعت إلى الإفريقيّ ، فحلف لي: ما عنده شيء إلاّ وقد عرضه عليّ . ثمّ قال: عندي وصيفة مريضة محلوقة الرأس، ليس ممّا تعرض.

فقلت له: اعرضها عليّ ، فجاء بها متوكئة على جاريتين تخط برجليها الارض، فأرانيها فعرفت الصفة فقلت: بكم هي ؟

فقال لي: اذهب بها إليه فيحكم فيها، لانّها واللّه قد أردتها منذ

ص:453


1- (1) - عبدالجبار بن علي الرازي، عن شيخ الطائفة، عن الحسين بن عبيداللّه، عن أحمد البزوفري - البحار.
2- (2) - الفضيل - البحار - أمالي الطوسي.

ملكتها فما قدرت عليها. ولقد أخبرني الّذي اشتريتها منه أيضا أنّه لم يصل إليها. وحلفت الجارية أنّها نظرت إلى القمر وقع في حجرها.

فأخبرت أبا عبداللّه (عليه السّلام) بمقالته، فأعطاني مائتي دينار، فذهبت بها إليه فقال الرجل: هي حرّة لوجه اللّه إن لم يكن بعث إليّ بشرائها من المغرب، فأخبرت أبا عبداللّه (عليه السّلام) بمقالته، فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يابن أحمر [أماّ] إنّها تلد مولودا ليس بينه وبين اللّه حجاب(1).

أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا الحسين بن عبيداللّه، عن أبي علي احمد بن جعفر بن سفيان البزوفري، عن حميد بن زياد، عن العباس بن عبيداللّه بن أحمد الدهقان بهذا الاسناد نحوه(2).

5760 - الكافي: محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن عبداللّه بن أحمد، عن عليّ بن الحسين، عن ابن سنان، عن سابق بن الوليد، عن المعلّى بن خنيس أنّ أبا عبداللّه (عليه السّلام) قال: حميدة مصفاة من الادناس كسبيكة الذهب، ما زالت الاملاك تحرسها حتّى أدّيت إليّ ، كرامة من اللّه لي والحجّة من بعدي(3).

ص:454


1- (1) - اعلام الورى: ص 309.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 721 ح 1520. منهما البحار: ج 48 ص 8 و 9.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 477 ح 2.

باب (3) النصّ على إمامته عليه السّلام

5761 - الكافي: أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن عبداللّه القلا، عن القيض بن المحتار قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): خذ بيدي من النار، من لنا بعدك ؟

فدخل عليه أبو إبراهيم (عليه السّلام) - وهو يومئذ غلام - فقال:

هذا صاحبكم، فتمسّك به(1).

الارشاد: روى عبد الأعلى، عن الفيض بن المحتار مثله(2).

5762 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن ثبيت، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: أسأل اللّه الّذي رزق أباك منك هذه المنزلة أن يرزقك من عقبك قبل الممات مثلها.

فقال: قد فعل اللّه ذلك.

قال: قلت: من هو - جعلت فداك -؟

فاشار إلى العبد الصالح(3) وهو راقد فقال: هذا الرّاقد - وهو غلام -(4).

الارشاد: روي شبيب، عن معاذ بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه

ص:455


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 307 ح 1.
2- (2) - إرشاد المفيد: ص 289.
3- (3) - هو الإمام الكاظم (عليه السّلام).
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 308 ح 2.

السّلام) نحوه(1).

5763 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد قال:

حدثني أبو عليّ الأرجانيّ الفارسيّ ، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال:

سألت عبدالرحمن - في السنّة الّتي اخذ فيها أبو الحسن الماضي (عليه السّلام) - فقلت له: إنّ هذا الرجل قد صار في يد هذا وما ندري إلى ما يصير؟ فهل بلغك عنه في أحد من ولده شيء؟

فقال لي: ما ظننت أنّ أحدا يسألني عن هذه المسألة، دخلت على جعفر بن محمّد في منزله فاذا هو في بيت كذا في داره في مسجد له وهو يدعو وعلى يمينه موسى بن جعفر يؤمّن على دعائه.

فقلت له: جعلني اللّه فداك قد عرفت انقطاعي إليك وخدمتي لك، فمن وليّ الناس بعدك ؟

فقال: إنّ موسى قد لبس الدرع وساوى عليه.

فقلت له: لا أحتاج بعد هذا إلى شيء(2) و3.

ص:456


1- (1) - إرشاد المفيد: ص 289.
2- (2) - «ان هذا الرجل» أي الكاظم (عليه السّلام). «في يد هذا» أي الرشيد (لعنه اللّه). ثمّ أعلم أنّ في الخبر إشكالا من جهة أنّ السؤال كان عن إمامة الإمام بعد الكاظم (عليه السّلام)، والجواب تضمن النّص عليه لا على من بعده ؟ والجواب عنه من وجوه: الاوّل: ما خطر ببالي وهو الاظهر عندي، وهو أنّ غرض عبدالرحمن أنّ الكاظم هو القائم الذي هو آخر الائمّة ويغيب، ثمّ يخرج بالسّيف كما هو مذهب الواقفية، واستدلّ عليه بقوله: «قد لبس الدرع وساوى عليه»، فما قد بلغهم من الرواية المتقدمة أنّ قائمنا من إذا لبس الدرع ملأها فلا يحتاج إلى السؤال عن الإمام بعده، وقد أخطأ عبدالرحمن في الإستدلال، إذ يمكن أن يكون للرّسول (صلّى اللّه عليه

الإرشاد: روي أبو علي الارجاني، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال: دخلت على جعفر بن محمّد في منزله... وذكر نحوه(1).

5764 - الكافي: أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن موسى الصيقل، عن المفضّل بن عمر قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فدخل أبو إبراهيم (عليه السّلام) وهو غلام، فقال: استوص به وضع أمره عند من تثق به من أصحابك(2).

الإرشاد: روي موسى بن الصيقل، عن المفضل بن عمر الجعفي

ص:457


1- (1) - إرشاد المفيد: ص 289.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 308 ح 4.

(رحمه اللّه) قال: كنت... وذكر نحوه(1).

5765 - الكافي: أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن عبداللّه القلا، عن المفضّل بن عمر قال: ذكر أبو عبداللّه (عليه السّلام) أبا الحسن (عليه السّلام) - وهو يومئذ غلام - فقال: هذا المولود الّذي لم يولد فينا مولود أعظم بركة على شيعتنا منه(2)، ثمّ قال لي: لاتجفوا إسماعيل(3) و(4).

5766 - الكافي: أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن يعقوب بن جعفر الجعفريّ قال: حدثني إسحاق بن جعفر قال: كنت عند أبي يوما، فسأله عليّ بن عمر بن عليّ فقال: جعلت فداك إلى من نفزع ويفزع الناس بعدك ؟

فقال: إلى صاحب الثوبين الأصفرين والغديرتين - يعني الذؤابتين -(5) وهو الطالع عليك من هذا الباب، يفتح البابين بيده جميعا، فما لبثنا أن طلعت علينا كفّان اخذة بالبابين ففتحهما ثمّ دخل

ص:458


1- (1) - إرشاد المفيد: ص 289.
2- (2) - «لم يولد فينا» أي من بين أولادنا، ويحتمل شموله لاولاد سائر الائمّة (عليهم السّلام) سوي أمير المؤمنين والحسنين (عليهم السّلام)، فإنّ سائرهم متساوون في الفضل إن كان المراد حقيقة الكلام، وإن كان المراد أنّه أعظم بركة منهم كما هو الشائع في مثل هذه العبارة فالتفضيل على غير الأئمّة (عليهم السّلام)، مع أنّه يمكن أن يكون نوع من البركات والمنافع مختصا به (عليه السّلام).... (مرآة العقول).
3- (3) - «لاتجفوا اسماعيل» بالتخفيف من الجفاء نقيض الصلة، إي أنه وإن لم يكن إماما لكنّه ابن إمامكم، ولابدّ من إكرامه واحترامه ورعايته.... (مرآة العقول).
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 309 ح 8.
5- (5) - الغديرة: الذوابة، وهي الشعر المضفور من شعر الرأس (النهاية).

علينا أبو إبراهيم (عليه السّلام)(1).

اعلام الوري - الإرشاد: روي يعقوب بن جعفر الجعفري(2) قال:

حدثني اسحاق بن جعفر الصادق (عليه السّلام) قال: كنت عند أبي يوما... وذكر نحوه - بزيادة - وهو صبيّ وعليه ثوبان اصفران(3).

5767 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي نجران، عن صفوان الجمّال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال له منصور بن حازم: بأبي أنت وامّي إنّ الانفس يغدا عليها ويراح، فاذا كان ذلك، فمن ؟

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا كان ذلك فهو صاحبكم - وضرب بيده على منكب أبي الحسن (عليه السّلام) - الأيمن في ما أعلم - وهو(4) يومئذ خماسيّ (5) وعبداللّه بن جعفر جالس معنا(6).

اعلام الوري: [الكليني] عن علي بن إبراهيم مثله. الاّ أن فيه:

وكان يومئذ خماسيّا(7).

الإرشاد: روي ابن أبي نجران، عن منصور بن حازم قال: قلت

ص:459


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 308 ح 5.
2- (2) - الجعفي - الارشاد.
3- (3) - اعلام الورى: ص 299 - الارشاد: ص 290.
4- (4) - وهو فيما اعلم - الارشاد.
5- (5) - الخماسي: من قدّه خمسة أشبار، أو من سنّه خمس سنين، والأول أشهر، قال في القاموس: غلام خماسي: طوله خمسة أشبار، ولا يقال سداسي ولا سباعي لأنّه إذا بلغ خمسة أشبار فهو رجل، انتهى. (مرآة العقول).
6- (6) - الكافي: ج 1 ص 309 ح 6.
7- (7) - اعلام الورى: ص 297.

لأبي عبداللّه (عليه السّلام): بأبي أنت وامّي... وذكر مثله(1).

5768 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن عيسى بن عبداللّه بن محمّد بن عمر ابن عليّ بن أبي طالب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له:

إن كان كون - ولا أراني اللّه ذلك - فبمن ءأتم ؟

قال: فأومأ إلى ابنه موسى.

قلت: فان حدث بموسى حدث فبمن أئتمّ؟

قال: بولده.

قلت: فان حدث بولده حدث وترك أخا كبيرا وابنا صغيرا فبمن أئتمّ؟

قال: بولده، ثمّ قال: هكذا أبدا.

قلت: فان لم أعرفه ولا أعرف موضعه ؟

قال: تقول: اللهمّ إنّى أتولّى من بقي من حججك من ولد الامام الماضي، فانّ ذلك يجزيك إن شاء اللّه(2).

إكمال الدين: حدثنا أبي، ومحمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قالا: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، ومحمّد بن عيسى بن عبيد اليقطيني جميعا، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن عيسى بن عبداللّه بن محمّد بن عمر بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام)، عن خاله

ص:460


1- (1) - إرشاد المفيد: ص 289.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 309 ح 7.

الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) نحوه(1).

إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، وعبداللّه بن جعفر الحميري جميعا، عن محمّد بن الحسين ابن أبي الخطاب بهذا الاسناد نحوه2.

الإرشاد: روي ابن أبي نجران بهذا الاسناد نحوه(2).

5769 - الكافي: محمّد بن يحيي وأحمد بن إدريس، عن محمّد ابن عبدالجبّار، عن الحسن بن الحسين، عن أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن فيض بن المحتار - في حديث طويل - في أمر أبي الحسن (عليه السّلام) حتّى قال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): هو صاحبك الّذي سألت عنه، فقم إليه فأقرّ له بحقّه، فقمت حتّى قبّلت رأسه ويده ودعوت اللّه (عزّوجلّ ) له، فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أما إنّه لم يؤذن لنا في أوّل منك(3).

قال: قلت: جعلت فداك فاخبر به أحدا؟

فقال: نعم أهلك وولدك، وكان معي أهلي وولدي ورفقائي وكان يونس بن ظبيان من رفقائي، فلمّا أخبرتهم حمدوا اللّه (عزّوجلّ ) وقال يونس: لا واللّه حتّى أسمع ذلك منه وكانت به عجلة، فخرج فأتبعته، فلمّا انتهيت إلى الباب، سمعت أبا عبداللّه

ص:461


1- (1و2) - اكمال الدين: ص 349 ح 43. وص 415 ح 7.
2- (3) - إرشاد المفيد: ص 289.
3- (4) - أي في اسبق منك وحاصله اني ما أخبرت بامامته أحدا قبلك. وما قيل: ان الخطاب لابي الحسن (عليه السّلام) والمعنى انه لم يأذن اللّه لنا في امامة من هو أسبق مولدا وأكبر سنّا منك يعني اسماعيل، فلا يخفى بعده (مرآة العقول).

(عليه السّلام) يقول له - وقد سبقني إليه -: يا يونس الامر كما قال لك فيض، قال: فقال: سمعت وأطعت، فقال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): خذه إليك يا فيض!(1).

بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن عبدالجبّار، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن احمد بن الحسن، عن الفيض بن الختار في حديث طويل في أمر أبي الحسن (عليه السّلام) حتى قال له: هو صاحبك الذي سألت عنه... وذكر نحوه الا أن في آخره: يا يونس الأمر كما قال لك فيض زرقة زرقة، قال: فقلت: قد فعلت. والزرقة بالنبطية أي خذه إليك(2).

5770 - الخرائج والجرائح: [روي] أنّ قوما من اليهود قالوا للصادق (عليه السّلام): أيّ معجز يدلّ على نبوّة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين مع ما اعطي من الحلال والحرام وغيرهما ممّا لو ذكرناه لطالت.

فقال اليهود: وكيف لنا بأن نعلم أنّ هذا كما وصفت ؟

فقال لهم موسى بن جعفر (عليهما السّلام) - وهو صبيّ وكان حاضرا -: وكيف لنا بأن نعلم ما تذكرون من آيات موسى أنّها على ما تصفون ؟

قالوا: علمنا ذلك بنقل الصادقين.

قال لهم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): فاعلموا صدق ما

ص:462


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 309 ح 9.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 356 ح 11.

أنبأتكم به بخبر طفل لقّنه اللّه [تعالى] من غير تعليم ولا معرفة عن الناقلين.

فقالوا: نشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدا رسول اللّه، وأنّكم الائمّة الهادية والحجج من عند اللّه على خلقه.

فوثب أبو عبداللّه (عليه السّلام) فقبّل بين عيني موسى بن جعفر (عليهما السّلام) ثمّ قال: أنت القائم من بعدي. (فلهذا قالت الواقفة:

إنّ موسى بن جعفر (عليهما السّلام) حيّ وأنّه القائم)، ثمّ كساهم أبو عبداللّه (عليه السّلام) ووهب لهم وانصرفوا مسلمين(1).

5771 - اختيار معرفة الرجال: جعفر بن أحمد بن أيّوب، عن أحمد بن الحسن التيمي(2)، عن أبي نجيح، عن الفيض بن المختار، وعنه عن عليّ بن إسماعيل، عن أبي نجيح، عن الفيض قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك ما تقول في الأرض اتقبّلها من السلطان ثمّ اواجرها آخرين، على أنّ ما أخرج اللّه منها من شيء كان [لي] من ذلك النصف أو الثلث أو أقلّ من ذلك أو أكثر؟

قال: لابأس به.

فقال له إسماعيل ابنه: يا أبة لم تحفظ.

قال: فقال: يا بنيّ أوليس كذلك اعامل أكرتي ؟ إنّي كثيرا ما أقول لك الزمني فلا تفعل، فقام إسماعيل فخرج.

فقلت: جعلت فداك وما على إسماعيل أن لايلزمك إذا كنت أفضيت إليه الأشياء من بعدك كما افضيت إليك بعد أبيك ؟

ص:463


1- (1) - الخرائج والجرائح: ج 1 ص 111 ح 186. منه البحار: ج 10 ص 244.
2- (2) - الميثمي - البحار. وهو الظاهر كما في بعض النسخ.

قال: فقال: يا فيض إنّ إسماعيل ليس كأنا من أبي.

قلت: جعلت فداك فقد كنّا لانشك أن الرحال ستحطّ إليه من بعدك، وقد قلت فيه ما قلت، فان كان ما نخاف - وأسأل اللّه العافية - فالى من ؟

قال: فأمسك عنّي فقبّلت ركبته وقلت: ارحم سيّدي فانما هي النار، وإنّي واللّه لو طمعت أني أموت قبلك ما باليت، ولكنّي أخاف البقاء بعدك.

فقال لي: مكانك، ثمّ قام إلى ستر في البيت فرفعه فدخل ثمّ مكث قليلا ثمّ صاح: يا فيض ادخل، فدخلت فاذا هو في المسجد قد صلّى فيه وانحرف عن القبلة فجلست بين يديه ودخل إليه أبو الحسن (عليه السّلام) وهو يومئذ خماسيّ وفي يده درّة(1) فاقعده على فخذه فقال له: بأبي أنت وامّي ما هذه المخفقة(2) بيدك ؟

قال: مررت بعليّ أخي وهي في يده يضرب بها بهيمة فانتزعتها من يده.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يافيض إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) افضيت إليه صحف إبراهيم وموسى (عليهما السّلام) فائتمن عليها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عليّا (عليه السّلام)، وائتمن عليها عليّ (عليه السّلام) الحسن (عليه السّلام) وائتمن عليها الحسن (عليه السّلام) الحسين (عليه السّلام) وائتمن عليها الحسين (عليه السّلام) عليّ بن الحسين (عليه السّلام) وائتمن عليها عليّ بن الحسين

ص:464


1- (1) - الدرّة - بالكسر والتشديد -: السوط يضرب به. (أقرب الموارد).
2- (2) - المخفقة: هي الدرّة يضرب بها. وقيل: سوط من خشب. (أقرب الموارد).

(عليهما السّلام) محمّد بن عليّ (عليهما السّلام)، وائتمنني عليها أبي وكانت عندي، ولقد ائتمنت عليها ابني هذا على حداثته، وهي عنده فعرفت ما أراد.

فقلت له: جعلت فداك زدني.

قال: يا فيض إنّ - أبي كان إذا أراد أن لا تردّ له دعوة أقعدني على يمينه فدعا وأمّنت، فلا تردّ له دعوة، وكذلك أصنع بابني هذا، ولقد ذكرناك أمس بالموقف فذكرناك بخير.

فقلت له: يا سيّدي زدني.

قال يا فيض: إنّ أبي كان إذا سافر وأنا معه فنعس وهو على راحلته أدنيت راحلتي من راحلته فوسّدته ذراعي، الميل والميلين حتّى يقضي وطره من النوم، وكذلك يصنع بي ابني هذا.

قال: قلت: جعلت فداك زدني.

قال: إنّي لاجد بابني هذا ما كان يجد يعقوب بيوسف.

قلت: يا سيّدي زدني.

قال: هو صاحبك الّذي سألت عنه، فأقر له بحقّه. فقمت حتّى قبّلت رأسه، ودعوت اللّه له.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أما إنّه لم يؤذن لي في أمرك منك(1).

قلت: جعلت فداك اخبر به أحدا؟ قال: نعم أهلك وولدك ورفقاءك، وكان معي أهلي وولدي، ويونس بن ظبيان من رفقائي فلمّا

ص:465


1- (1) - في نسخة: لم يؤذن له في امرك منك، وفي نسخة البحار: لم يؤذن له في أمرك

أخبرتهم حمدوا اللّه على ذلك كثيرا.

فقال يونس: لا واللّه حتّى أسمع ذلك منه، وكانت فيه عجلة، فخرج واتّبعته فلمّا انتهيت إلى الباب سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) - قد سبقني - وقال: الامر كما قال لك فيض.

قال: سمعت وأطعت(1).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا حميد بن زياد قال: حدثني الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي قال: حدثنا أبو نجيح المسمعي، عن الفيض بن الختار قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر قريبا من ذلك(2).

5772 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن عبدالجبار، عن أبي عبداللّه البرقي، عن فضالة بن أيّوب، عن رجل من المسامعة اسمه مسمع ولقبه كردين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: دخلت عليه وعنده إسماعيل، قال: ونحن إذ ذاك نأتمّ به بعد أبيه، فذكر في حديث طويل أنّه سمع رجل أبا عبداللّه (عليه السّلام) خلاف ما ظنّ فيه، قال: فأتيت رجلين من أهل الكوفة كانا يقولان به فأخبرتهما فقال واحد منهما: سمعت وأطعت ورضيت وسلّمت، وقال الاخر، وأهوي بيده إلى جيبه فشقّه ثمّ قال: لا واللّه لا سمعت ولا أطعت ولا رضيت حتّى أسمعه منه قال: ثم خرج متوجّها إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام).

قال: وتبعته، فلمّا كنّا بالباب فاستأذنّا فأذن لي فدخلت قبله، ثمّ

ص:466


1- (1) - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 642 ح 663 - منه البحار: ج 48 ص 26.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 324 ح 2. منه البحار: ج 47 ص 259.

أذن له فدخل.

فلمّا دخل قال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): يافلان أيريد كلّ امريء منكم أن يؤتى صحفا منشّرة، إنّ الّذي أخبرك به فلان الحقّ .

قال: جعلت فداك إنّي أشتهي أن أسمعه منك.

قال: إنّ فلانا إمامك، وصاحبك من بعدي - يعني أبا الحسن (عليه السّلام) - فلا يدّعيها فيما بيني وبينه إلاّ كالب مفتر فالتفت إليّ الكوفيّ ، وكان يحسن كلام النبطيّة، وكان صاحب قبالات فقال لي:

درفه فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ درفه بالنبطية خذها، أجل فخذها فخرجنا من عنده(1).

الاختصاص: أحمد بن محمّد بن عيسى، ومحمد بن عبدالجبار، عن محمّد بن خالد البرقي بهذا الاسناد نحوه(2).

5773 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن محمّد بن سنان، عن يعقوب السرّاج قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) وهو واقف على رأس أبي الحسن موسى وهو في المهد، فجعل يساره طويلا، فجلست حتى فرغ، فقمت إليه فقال لي: ادن من(3) مولاك فسلّم [عليه]، فدنوت فسلّمت عليه فردّ عليّ [السلام] بلسان فصيح، ثمّ قال لي: اذهب فغيّر اسم ابنتك التي سمّيتها أمس، فانّه اسم يبغضه اللّه وكان ولدت لي ابنة سمّيتها بالحميراء، فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): انته إلى أمره ترشد،

ص:467


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 359 ح 7.
2- (2) - الاختصاص: ص 290. منهما البحار: ج 48 ص 24 و 25.
3- (3) - إلى - اعلام الورى - الارشاد.

فغيّرت اسمها(1).

اعلام الورى - الإرشاد: روى محمّد بن سنان، عن يعقوب السراج قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر مثله(2).

5774 - الكافي: أحمد بن إدريس، عن محمّد بن عبدالجبار، عن صفوان، عن ابن مسكان، عن سليمان بن خالد قال: دعا أبو عبداللّه (عليه السّلام) أبا الحسن (عليه السّلام) يوما ونحن عنده فقال لنا: عليكم بهذا، فهو واللّه صاحبكم بعدي(3).

الإرشاد: روي ابن مسكان، عن سليمان بن خالد مثله وفيه:

عليكم بهذا بعدي(4).

5775 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن الوشّاء، عن عليّ بن الحسن، عن صفوان الجمّال قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن صاحب هذا الأمر؟

فقال: إنّ صاحب هذا الامر لا يلهو ولا يلعب.

وأقبل(5) أبو الحسن موسى - وهو صغير - ومعه عناق مكية(6) وهو يقول لها: اسجدي لربّك، فأخذه أبو عبداللّه (عليه السّلام) وضمّه

ص:468


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 310 ح 11.
2- (2) - اعلام الوري: ص 299 - إرشاد المفيد: ص 290.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 310 ح 12.
4- (4) - ارشاد المفيد: ص 290.
5- (5) - فأقبل - ارشاد المفيد.
6- (6) - ومعه بهمة مكية - إرشاد المفيد. والبهمة: أولاد الضأن والمعز والبقر. (أقرب الموارد).

إليه وقال: بأبي [أنت] وامّي من لايلهو ولا يلعب(1).

الإرشاد: روي الوشاّء، عن علي بن الحسين، عن صفوان الجمّال قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر مثله(2).

مناقب آل أبي طالب: صفوان الجمال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه(3).

5776 - غيبة النعماني: حدثنا محمّد بن هماّم، قال: حدثنا حميد بن زياد، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن سماعة، قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن محمّد بن إسحاق، عن أبيه قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فسألته عن صاحب الامر من بعده ؟

فقال لي: هو صاحب البهمة، وكان موسى (عليه السّلام) في ناحية الدار صبيّا، ومعه عناق مكيّة وهو يقول لها: اسجدي للّه الّذي خلقك(4).

5777 - غيبة النعماني: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق النهاوندي، عن عبداللّه بن حماد الانصاري، عن معاوية بن وهب قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فرأيت أبا الحسن موسى (عليه السّلام) وله يومئذ ثلاث سنين ومعه عناق(5) من هذه المكيّة وهو آخذ بخطامها وهو يقول لها: اسجدي

ص:469


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 311 ح 15.
2- (2) - ارشاد المفيد: ص 290.
3- (3) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 317.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 327 ح 5. منه البحار: ج 48 ص 23.
5- (5) - العناق: الأنثى من ولد المعز قبل استكمالها الحول. (مجمع البحرين).

للّه الذي خلقك، ففعل ذلك ثلاث مرّات، فقال له غلام صغير:

ياسيدي قل لها: تموت.

فقال له موسى (عليه السّلام): ويحك أنا احيي واميت ؟! اللّه يحيي ويميت(1).

5778 - غيبة الطوسي: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) - في حديث طويل -: يظهر صاحبنا وهو من صلب هذا وأومأ بيده إلى موسى بن جعفر (عليه السّلام) فيملأها عدلا كما ملئت جورا وظلما وتصفو له الدّنيا(2).

5779 - الكافي: عليّ بن محمّد، عن بعض أصحابنا، عن عبيس بن هشام قال: حدثني عمر الرمّانيّ ، عن فيض بن الختار قال:

إنّي لعند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ أقبل أبو الحسن موسى (عليه السّلام) - وهو غلام - فالتزمته وقبّلته، فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أنتم السفينة وهذا ملاّحها، قال: فحججت من قابل ومعي ألفا دينار فبعثت بألف إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) وألف إليه. فلمّا دخلت على أبي عبداللّه قال: يا فيض عدلته بى ؟

قلت: إنّما فعلت ذلك لقولك.

فقال: أما واللّه ما أنا فعلت ذلك، بل اللّه (عزّوجلّ ) فعله به(3).

5780 - الإرشاد: ممّن روي صريح النصّ بالامامة من أبي عبداللّه [الصادق] (عليه السّلام) على ابنه أبي الحسن موسى (عليه

ص:470


1- (1) - غيبة النعماني: ص 327 ح 6. منه البحار: ج 48 ص 117.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 28. منه البحار: ج 49 ص 26.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 311 ح 16.

السّلام) من شيوخ أصحاب أبي عبداللّه (عليه السّلام) وخاصّته وبطانته، وثقاته الفقهاء الصالحين رحمة اللّه عليهم أجمعين: المفضّل ابن عمر الجعفيّ ، ومعاذ بن كثير، وعبدالرحمن بن الحجّاج، والفيض ابن الختار، ويعقوب السرّاج وسليمان بن خالد، وصفوان الجمّال، وغيرهم ممّن يطول بذكرهم الكتاب، وقد روي ذلك من أخويه:

إسحاق وعليّ ابنا جعفر بن محمّد، وكانا من الفضل والورع على ما لايختلف فيه اثنان(1).

5781 - مناقب آل أبي طالب: كان الصادق (عليه السّلام) قد نصّ على ابنه موسى (عليه السّلام) وأشهد على ذلك ابنيه إسحاق وعليّا، والمفضّل بن عمر، ومعاذ بن كثير، وعبدالرحمن بن الحجّاج، والفيض بن الختار، ويعقوب السرّاج، وحمران بن أعين، وأبا بصير، وداود الرقّي ويونس بن ظبيان، ويزيد بن سليط، وسليمان بن خالد، وصفوان الجمّال، والكتب بذلك شاهدة.

وكان الصادق (عليه السّلام) أخبر بهذه الفتنة بعده وأظهر موت إسماعيل وغسله وتجهيزه ودفنه، وتشبّع في جنازته بلا حذاء وأمر بالحجّ عنه بعد وفاته(2).

5782 - مناقب آل أبي طالب: ابن بابويه بالإسناد عن منصور بن حازم قال: كنت جالسا مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) على الباب ومعه إسماعيل، إذ مرّ علينا موسى وهو غلام، فقال إسماعيل: سبق

ص:471


1- (1) - ارشاد المفيد: ص 288. منه البحار: ج 48 ص 16.
2- (2) - مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 265. منه البحار: ج 47 ص 253.

بالخير ابن الامة(1).

5783 - مناقب آل أبي طالب: زرارة بن أعين قال: دعا الصادق (عليه السّلام) داود بن كثير الرقّي وحمران بن أعين وأبا بصير ودخل عليه المفضّل بن عمر وأتى بجماعة حتّى صاروا ثلاثين رجلا فقال: يا داود اكشف عن وجه إسماعيل، فكشف عن وجهه، فقال: تأمّله يا داود فانظره أحيّ هو أم ميّت ؟

فقال: بل هو ميت، فجعل يعرضه على رجل رجل حتّى أتى على اخرهم.

فقال (عليه السّلام): اللهمّ اشهد، ثمّ أمر بغسله وتجهيزه، ثمّ قال: يا مفضّل احسر عن وجهه، فحسر عن وجهه، فقال: حيّ هو أم ميّت ؟ انظروه أجمعكم.

فقال: بل [هو] يا سيّدنا ميّت.

فقال: شهدتم بذلك وتحقّقتموه ؟

قالوا: نعم - وقد تعجّبوا من فعله -.

فقال: اللهمّ اشهد عليهم، ثمّ حمل إلى قبره، فلمّا وضع في لحده قال: يا مفضّل اكشف عن وجهه، فكشف فقال للجماعة:

انظروا أحيّ هو أم ميّت ؟

فقالوا: بلى ميّت يا وليّ اللّه.

فقال: اللهمّ اشهد فانه سيرتاب المبطلون، يريدون ليطفؤا نور اللّه - ثمّ أومأ إلى موسى (عليه السّلام) وقال -: واللّه متمّ نوره ولو كره الكافرون، ثمّ حثوا عليه التراب، ثمّ أعاد علينا القول، فقال:

ص:472


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 266. منه البحار: ج 47 ص 254.

الميّت المكفّن المحنّط المدفون في هذا اللّحد من هو؟

قلنا: إسماعيل ولدك.

فقال: اللهمّ اشهد، ثمّ أخذ بيد موسى فقال: هو حق والحقّ معه ومنه إلى أن يرث اللّه الارض ومن عليها(1).

5784 - مناقب آل أبي طالب: عنبسة العابد قال: لمّا توفّي إسماعيل بن جعفر قال الصادق (عليه السّلام): أيّها الناس إنّ هذه الدّنيا دار فراق، ودار التواء لا دار استواء - في كلام له -.

ثم تمثّل بقول أبي خراش:

فلا تحسبن أنّي تناسيت عنده ولكنّ صبري يا اميم جميل2

5785 - مناقب آل أبي طالب: [أبو] كهمس في حديثه: حضرت موت إسماعيل وأبو عبداللّه (عليه السّلام) جالس عنده ثمّ قال بعد كلام: كتب على حاشية الكفن: إسماعيل يشهد أن لا إله إلاّ اللّه(2).

5786 - مناقب آل أبي طالب: وروي عن الصادق (عليه السّلام) أنه استدعى بعض شيعته وأعطاه دراهم وأمره أن يحجّ بها عن ابنه إسماعيل وقال له: إنّك إذا حججت عنه لك تسعة أسهم من الثواب ولإسماعيل سهم واحد4.

5787 - الإرشاد - اعلام الورى: روي محمد بن الوليد قال:

سمعت عليّ بن جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) يقول:

سمعت أبي جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول لجماعة من خاصّته وأصحابه: استوصوا بابني موسى (عليه السّلام) خيرا فانّه أفضل

ص:473


1- (1و2) - مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 266 و 267. منه البحار: ج 47 ص 254.
2- (3و4) - مناقب آل أبي طالب: ج 1 ص 267. منه البحار: ج 47 ص 255.

ولدي، ومن اخلّف من بعدي وهو القائم مقامي والحجّة للّه تعالى على كافّة خلقه من بعدي(1).

5788 - إكمال الدين: حدثنا علي بن أحمد بن عبداللّه بن أحمد ابن أبي عبداللّه البرقي قال: حدثنا أبي، عن جدّي أحمد بن أبي عبداللّه، عن أبيه محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان، وأبي علي الزراد جميعا، عن إبراهيم الكرخي قال: دخلت على أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السّلام) وانّي لجالس عنده، إذ دخل أبو الحسن موسى بن جعفر (عليهما السّلام) وهو غلام، فقمت إليه فقبّلته وجلست فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا إبراهيم أما إنّه صاحبك من بعدي، أما ليهلكنّ فيه أقوام، ويسعد فيه آخرون، فلعن اللّه قاتله وضاعف على روحه العذاب، أما ليخرجنّ اللّه من صلبه خير أهل الارض في زمانه سميّ جدّه، ووارث علمه، وأحكامه وفضائله، [و] معدن الامامة، ورأس الحكمة يقتله جبّار بني فلان، بعد عجائب طريفة، حسدا له، ولكنّ اللّه (عزّوجلّ ) بالغ أمره، ولو كره المشركون، يخرج اللّه من صلبه تكملة اثني عشر إماما مهديا، اختصّهم اللّه بكرامته وأحلّهم دار قدسه، المنتظر للثاني عشر منهم كالشاهر سيفه بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يذبّ عنه.

قال: فدخل رجل من موالي بني اميّة فانقطع الكلام، فعدت إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) احدي عشر مرّة اريد منه أن يستتمّ الكلام، فما قدرت على ذلك، فلمّا كان قابل السنة الثانية دخلت عليه وهو جالس فقال: يا إبراهيم هو المفرّج للكرب عن شيعته، بعد ضنك

ص:474


1- (1) - إرشاد المفيد: ص 290 - اعلام الوري: ص 299. منهما البحار: ج 48 ص 20.

شديد، وبلاء طويل وجزع وخوف، فطوبى لمن أدرك ذلك الزمان، حسبك يا إبراهيم.

قال ابراهيم: فما رجعت بشيء أسرّ من هذا لقلبي، ولا أقرّ لعيني(1).

اكمال الدين: حدثنا علي بن أحمد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبداللّه الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن الحسين بن يزيد النوفلي، عن أبي ابراهيم الكوفي قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحوه2.

5789 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن زكريا بن آدم، عن داود بن كثير قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك وقدّمني للموت قبلك، إن كان كون، فإلى من ؟

قال: إلى ابني موسى، فكان ذلك الكون فواللّه ما شككت في موسى (عليه السّلام) طرفة عين قطّ، ثمّ مكثت نحوا من ثلاثين سنة ثمّ أتيت أبا الحسن موسى (عليه السّلام) فقلت له: جعلت فداك إن كان كون فإلى من ؟

قال: [فإلى] عليّ ابني.

قال: فكان ذلك الكون فواللّه ما شككت في عليّ (عليه السّلام)

ص:475


1- (1و2) - اكمال الدين: ص 334 ح 5. وص 647 ح 8. منه البحار: ج 48 ص 15 و 16.

طرفة عين قطّ(1).

5790 - غيبة النعماني: أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن رباح الزهريّ الكوفي قال: حدثنا أحمد بن علي الحميريّ قال: حدثني الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن جماعة الصاّئغ(2) قال: سمعت المفضّل بن عمر يسأل أبا عبداللّه (عليه السّلام): هل يفرض اللّه طاعة عبد ثمّ يكتمه خبر السماء؟

فقال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): اللّه أجلّ وأكرم وأرأف بعباده، وأرحم من أن يفرض طاعة عبد ثمّ يكتمه خبر السماء، صباحا ومساء.

قال: ثمّ طلع أبو الحسن موسى (عليه السّلام) فقال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): أيسرّك أن تنظر إلى صاحب كتاب عليّ؟

فقال له المفضّل: وأيّ شيء يسرّني إذا أعظم من ذلك ؟

فقال: هو هذا صاحب كتاب عليّ ، الكتاب المكنون الّذي قال اللّه (عزّوجلّ ): (لاٰ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ ) (3).

5791 - مناقب آل أبي طالب: يزيد بن أسباط قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) في مرضته الّتي مات فيها فقال لي: يا يزيد أتري هذا الصبيّ؟ إذا رأيت الناس قد اختلفوا فيه، فاشهد عليّ بأنّي

ص:476


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 21 ح 6. منه البحار: ج 48 ص 14.
2- (2) - حمّاد الصائغ - البحار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 326 ح 4، والآية في سورة الواقعة 56:79. منه البحار: ج 48 ص 22.

أخبرتك أنّ يوسف إنّما كان ذنبه عند إخوته - حتّى طرحوه في الجبّ - الحسد له، حين أخبرهم أنّه رأى أحد عشر كوكبا والشمس والقمر وهم له ساجدون وكذلك لابدّ لهذا الغلام من أن يحسد، ثمّ دعا موسى، وعبداللّه، و إسحاق، ومحمّدا والعباس وقال لهم: هذا وصيّ الاوصياء وعالم علم العلماء، وشهيد على الاموات والأحياء، ثمّ قال: يا يزيد (سَتُكْتَبُ شَهٰادَتُهُمْ وَ يُسْئَلُونَ ) (1).

5792 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا علي بن عبداللّه الوراق قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبدالرحمن، عن صفوان بن يحيي، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن سلمة بن محرز قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ رجلا من العجليّة قال لي: كم عسى أن يبقى لكم هذا الشيخ(2)، إنّما هو سنة أو سنتين حتّى يهلك ثمّ تصيرون ليس لكم أحد تنظرون إليه.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ألا قلت له: هذا موسى بن جعفر، قد أدرك ما يدرك الرّجال، وقد اشترينا له جارية تباح له، فكأنّك به إن شاء اللّه وقد ولد له فقيه(3) خلف(4).

5793 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا الحاكم أبو علي

ص:477


1- (1) - مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 321. والآية في سورة الزخرف 43:19. منه البحار: ج 48 ص 20.
2- (2) - يعني الامام أبا عبدالله الصادق (عليه السّلام).
3- (3) - يعني الامام الرضا (عليه السّلام).
4- (4) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 29 ح 20. منه البحار: ج 48 ص 23.

الحسن بن أحمد البيهقي قال: حدّثني محمّد بن يحيي الصولي قال:

حدثني المبرّد، قال: حدثني الرياشي قال: حدثنا أبو عاصم ورواه عن الرضا (عليه السّلام) أنّ موسى بن جعفر (عليه السّلام) تكلّم يوما بين يدي أبيه (عليه السّلام) فأحسن فقال له: يابنيّ الحمد للّه الّذي جعلك خلفا من الاباء، وسرورا من الابناء، وعوضا عن الاصدقاء(1).

5794 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم من كتابه، قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن درست بن أبي منصور، عن الوليد ابن صبيح قال: كان بيني وبين رجل - يقال له: عبدالجليل - كلام(2) [في قدم] فقال لي: إنّ أبا عبداللّه (عليه السّلام) أوصى إلى إسماعيل.

قال: فقلت ذلك لابي عبداللّه (عليه السّلام): انّ عبدالجليل حدثني بأنك أوصيت إلى اسماعيل في حياته قبل موته بثلاث سنين.

فقال: يا وليد لا واللّه، فان كنت فعلت فالى فلان - يعني أبا الحسن موسى (عليه السّلام) - وسمّاه(3).

5795 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبيه، عن ابن أبي حمزة [البطائنيّ ]، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سالته وطلبت وقضيت إليه أن يجعل هذا الامر إلى اسماعيل، فأبى اللّه إلاّ أن يجعله لأبي الحسن

ص:478


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 127 ح 4. منه البحار: ج 48 ص 24.
2- (2) - صداقة - البحار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 326 ح 3. منه البحار: ج 48 ص 22.

موسى (عليه السّلام)(1).

5796 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن الحسين، عن الحسن ابن عليّ بن منصور(2)، عن كلثوم، عن عبدالرحمن الخزّاز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كان لإسماعيل بن إبراهيم(3) ابن صغير يحبّه وكان هوي إسماعيل فيه، فأبى اللّه ذلك، فقال: يا إسماعيل هو فلان، فلماّ قضى اللّه الموت على إسماعيل فجاء وصيّه وقال: يابنيّ إذا حضر الموت فافعل كما فعلت، فمن أجل ذلك ليس يموت إمام إلاّ أخبره اللّه إلى من يوصي(4).

5797 - قرب الاسناد: محمّد بن الحسين، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن الحسين بن أبي العرندس قال: رأيت أبا الحسن موسى (عليه السّلام) بمنى وعليه نقبة(5) ورداء وهو متّكيء على جواليق سود(6)متّكيء على يمينه، فأتاه غلام أسود بصحفة(7) فيها رطب فجعل يتناول بيساره فيأكل وهو متّكيء على يمينه، فحدّثت بهذا الحديث رجلا من أصحابنا قال: فقال لي: أنت رأيته يأكل بيساره ؟

ص:479


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 492 ح 11. منه البحار: ج 23 ص 72.
2- (2) - عن الحسن بن علي، عن علي بن منصور - البحار.
3- (3) - المراد النبي اسماعيل بن النبي ابراهيم خليل الرحمن.
4- (4) - بصائر الدرجات: ص 493 ح 4. منه البحار: ج 23 ص 72.
5- (5) - النقبة: ثوب كالازار تجعل له حجزة مطيفة من غير نيفق ويشد كما يشد السراويل. والحجزة: معقد الازار وموضع التكة من السراويل. ونيفق السراويل: الموضع المتسع منه (أقرب الموارد).
6- (6) - الجواليق: هو العدل من صوف أو شعر. (هامش البحار).
7- (7) - الصحفة: قصعة كبيرة منبسطة تشبع الخمسة. (أقرب الموارد).

قال: قلت: نعم.

قال: أما واللّه لحدّثني سليمان بن خالد أنّه سمع أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: صاحب هذا الامر كلتا يديه يمين(1).

5798 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن أبي يحيي الواسطيّ ، عن هشام بن سالم قال: كنّا بالمدينة بعد وفاة أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنا وصاحب الطاق والناس مجتمعون على عبداللّه بن جعفر أنّه صاحب الامر بعد أبيه، فدخلنا عليه أنا وصاحب الطاق والناس عنده وذلك أنّهم رووا عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إنّ الأمر في الكبير ما لم تكن به عاهة، فدخلنا عليه نسأله عمّا كنا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزّكاة في كم تجب ؟

فقال: في مائتين خمسة.

فقلنا: ففي مائة ؟

فقال: درهمان ونصف.

فقلنا: واللّه ما تقول المرجئة هذا.

قال: فرفع يده إلى السماء فقال: واللّه ما أدري ما تقول المرجئة ؟.

قال: فخرجنا من عنده ضلالا، لاندري إلى أين نتوجّه أنا وأبو جعفر الاحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لاندري إلى أين نتوجّه ولامن نقصد؟ ونقول: إلى المرجئة ؟ إلى القدريّة ؟ إلى الزّيديّة ؟ إلى المعتزلة ؟ إلى الخوارج ؟ فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه، يومي إليّ بيده فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر

ص:480


1- (1) - قرب الاسناد: ص 128. منه البحار: ج 48 ص 119.

المنصور وذلك أنّه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون إلى من اتّفقت شيعة جعفر (عليه السّلام) عليه فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم فقلت للأحول: تنحّ فانّي خائف على نفسي وعليك وإنّما يريدني لايريدك، فتنحّ عنّي لاتهلك وتعين على نفسك، فتنحّى غير بعيد وتبعت الشيخ وذلك أنّي ظننت أنّي لا أقدر على التخلّص منه فما زلت أتّبعه وقد عزمت على الموت حتّى ورد بي على باب أبي الحسن (عليه السّلام) ثمّ خلاّني ومضى، فاذا خادم بالباب فقال لي: ادخل رحمك اللّه.

فدخلت فاذا أبو الحسن موسى (عليه السّلام) فقال لي ابتداء منه: لا إلى المرجئة ولا إلى القدريّة ولا إلى الزيدية ولا إلى المعتزلة ولا إلى الخوارج، إلي إلي.

فقلت: جعلت فداك مضى أبوك ؟

قال: نعم.

قلت: مضى موتا؟

قال: نعم.

قلت: فمن لنا من بعده ؟

فقال: إن شاء اللّه أن يهديك هداك.

قلت: جعلت فداك إنّ عبداللّه يزعم أنّه من بعد أبيه.

قال: يريد عبداللّه أن لايعبد اللّه.

[قال: قلت: جعلت فداك فمن لنا من بعده ؟

قال: إن شاء اللّه أن يهديك هداك].

قال: قلت: جعلت فداك فأنت هو؟

ص:481

قال: لا ما أقول ذلك.

قال: فقلت في نفسي: لم اصب طريق المسألة، ثمّ قلت له:

جعلت فداك عليك إمام ؟

قال: لا، فداخلني شيء لايعلمه إلاّ اللّه (عزّوجلّ ) إعظاما وهيبة له أكثر ممّا كان يحلّ بي من أبيه إذا دخلت عليه.

ثمّ قلت له: جعلت فداك أسالك كما كنت أسأل أباك ؟

فقال: سل تخبر ولا تذع، فان أذعت فهو الذبح. فسالته فاذا هو بحر لاينزف.

قلت: جعلت فداك شيعتك وشيعة أبيك ضلاّل قالقي إليهم وأدعوهم إليك وقد أخذت عليّ الكتمان ؟

قال: من آنست منهم رشدا فالق إليه وخذ عليه الكتمان فان أذاعوا فهو الذبح - وأشار بيده إلى حلقه -.

قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر الاحول فقال لي: ما وراءك ؟

قلت: الهدى، فحدّثته بالقصّة.

قال: ثمّ لقينا الفضيل وأبا بصير فدخلا عليه وسمعا كلامه وساءلاه وقطعا عليه بالامامة، ثمّ لقينا الناس أفواجا فكلّ من دخل عليه قطع إلاّ طائفة عمّار وأصحابه وبقي عبداللّه لايدخل إليه إلاّ قليل من الناس ؟ فلماّ رأي ذلك قال: ما حال الناس ؟ فأخبر أنّ هشاما صدّ عنك الناس، قال هشام: فاقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني(1).

ص:482


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 351 ح 7.

اختيار معرفة الرجال: جعفر بن محمّد، قال: حدثني الحسن بن علي بن النعمان قال: حدثني أبو يحيي، عن هشام بن سالم قال: كنّا بالمدينة... وذكر نحوه(1).

5799 - البحار: عيون المعجزات - عن محمّد بن الفضل، عن داود الرقّي قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): حدّثني عن أعداء أمير المؤمنين وأهل بيت النبوّة ؟

فقال: الحديث أحبّ إليك أم المعاينة ؟

قلت: المعاينة.

فقال لأبي إبراهيم موسى (عليه السّلام): ائتني بالقضيب فمضى وأحضره إيّاه، فقال له: يا موسى اضرب به الارض وأرهم أعداء أمير المؤمنين (عليه السّلام) وأعداءنا، فضرب به الارض ضربة فانشقّت الارض عن بحر أسود، ثمّ ضرب البحر بالقضيب فانفلق عن صخرة سوداء، فضرب الصخرة فانفتح منها باب، فاذا بالقوم جميعا - لايحصون لكثرتهم - ووجوههم مسودّة وأعينهم زرق، كلّ واحد منهم مصفّد مشدود في جانب من الصخرة، وهم ينادون: يا محمّد! والزبانية تضرب وجوههم ويقولون لهم: كذبتم ليس محمّد لكم ولا أنتم له.

فقلت له: جعلت فداك من هؤلاء؟

فقال: الجبت والطاغوت والرجس واللّعين بن اللعين، ولم يزل يعدّدهم كلّهم من أوّلهم إلى اخرهم حتّى أتى على أصحاب السقيفة، وأصحاب الفتنة، وبني الازرق والأوزاع وبني اميّة (جدّد اللّه عليهم

ص:483


1- (1) - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 565 ح 502.

العذاب بكرة وأصيلا).

ثمّ قال (عليه السّلام) للصخرة: انطبقي عليهم إلى الوقت المعلوم(1).

البحار - بيان: يمكن أن يكون أصحاب الفتنة إشارة إلى طلحة والزبير وأصحابهما، وبنو الأزرق الرّوم، ولا يبعد أن يكون إشارة إلى معاوية وأصحابه، وبنو زريق حيّ من الانصار، والأوزاع: الجماعات المختلفة.

5800 - كشف الغمّة: عن رفاعة بن موسى قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) ذات يوم جالسا، فأقبل أبو الحسن إلينا، فاخذته فوضعته في حجري وقبّلت رأسه وضممته إليّ ، فقال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا رفاعة أما إنّه سيصير في يد آل العباس، ويتخلّص منهم، ثمّ يأخذونه ثانية فيعطب(2) في أيديهم(3).

باب (4) فتنة الواقفيّة

5801 - إختيار معرفة الرجال: محمد بن الحسن البراثي قال:

حدثني أبو عليّ الفارسي قال: حدثني عبدوس الكوفي [عن حمدويه](4) عمّن حدّثه، عن الحكم بن مسكين، قال: وحدّثني بذلك

ص:484


1- (1) - البحار: ج 48 ص 84 ح 104.
2- (2) - عطب الرجل: هلك. (أقرب الموارد).
3- (3) - كشف الغمة: ج 2 ص 192. منه البحار: ج 47 ص 145.
4- (4) - ما بين المعقوفتين من البحار.

إسماعيل بن محمّد بن موسى بن سلام، عن الحكم بن عيص قال:

دخلت مع خالي سليمان بن خالد على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: يا سليمان من هذا الغلام ؟

فقال: ابن اختي.

فقال: هل يعرف هذا الأمر؟

فقال: نعم.

فقال: الحمد للّه الذي لم يخلقه شيطانا.

ثمّ قال: يا سليمان عوّذ باللّه ولدك من فتنة شيعتنا.

فقلت: جعلت فداك وما تلك الفتنة ؟

قال: إنكارهم الائمة (عليهم السّلام) وغرضهم(1) على ابني موسى (عليه السّلام) قال: ينكرون موته ويزعمون أن لا إمام بعده اولئك شرّ الخلق(2).

5802 - إختيار معرفة الرجال: محمد بن الحسن قال: حدثني أبو عليّ قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا إسماعيل بن عامر، عن أبان، عن حبيب الخثعمي، عن ابن أبي يعفور قال: كنت عند الصادق (عليه السّلام) إذ دخل موسى (عليه السّلام) فجلس فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يابن أبي يعفور هذا خير ولدي وأحبّهم إليّ ، غير أن اللّه (عزّوجلّ ) يضلّ به قوما من شيعتنا، فاعلم أنّهم قوم لاخلاق لهم في الآخرة ولا يكلّمهم اللّه يوم القيامة، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.

ص:485


1- (1) - الغرض: شدّة النزاع نحو الشيء. (النهاية) وفي البحار: ووقوفهم.
2- (2) - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 758 ح 866. منه البحار: ج 48 ص 265.

قلت: جعلت فداك قد أرغبت(1) قلبي عن هؤلاء.

قال: يضلّ به قوم من شيعتنا بعد موته جزعا عليه فيقولون لم يمت، وينكرون الائمّة (عليهم السّلام) من بعده، ويدعون الشيعة إلى ضلالتهم، وفي ذلك إبطال حقوقنا وهدم دين اللّه، يابن أبي يعفور فاللّه ورسوله منهم بريء ونحن منهم براء(2).

5803 - إختيار معرفة الرجال: محمّد بن الحسن البراثي قال:

حدّثني أبو علي قال: حدثني أبو القاسم الحسين بن محمّد بن عمر بن يزيد، عن عمّه، عن جدّه عمر بن يزيد قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فحدّثني مليّا في فضائل الشيعة ثمّ قال: إنّ من الشيعة بعدنا من هم شرّ من النصاّب.

قلت: جعلت فداك أليس ينتحلون حبّكم ويتولّونكم ويتبرّؤن من عدوّكم ؟

قال: نعم.

قال: قلت: جعلت فداك بيّن لنا نعرفهم فلعلنا منهم(3).

قال: كلاّ يا عمر ما أنت منهم، إنّما هم قوم يفتنون بزيد ويفتنون بموسى(4).

ص:486


1- (1) - قد أزغت - البحار.
2- (2) - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 762 ح 881. منه البحار: ج 48 ص 268.
3- (3) - فلسنا منهم ؟ - البحار.
4- (4) - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 759 ح 869. منه البحار: ج 48 ص 266.

تاريخ الإمام الرضا عليه السّلام

باب (1) النص على إمامته عليه السّلام

5804 - الكافي: أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي الحكم الأرمنيّ قال: حدثني عبداللّه بن ابراهيم بن عليّ بن عبداللّه بن جعفر بن أبي طالب، عن يزيد بن سليط الزيدي، قال أبو الحكم:

وأخبرني عبداللّه بن محمد بن عمارة الجرمي، عن يزيد بن سليط قال: لقيت أبا إبراهيم (عليه السّلام)(1) - ونحن نريد العمرة - في بعض الطريق، فقلت: جعلت فداك هل تثبت هذا الموضع(2) الذي نحن فيه ؟

قال: نعم فهل تثبته أنت ؟

قلت: نعم إنّي أنا وأبي لقيناك هاهنا وأنت مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) ومعه إخوتك.

ص:487


1- (1) - أي: الامام موسى بن جعفر (عليه السّلام).
2- (2) - أثبته: عرفه حق المعرفة. (أقرب الموارد).

فقال له أبي: بأبي أنت وامّي أنتم كلّكم أئمّة مطهّرون والموت لا يعرى منه أحد، فأحدث إليّ شيئا احدّث به من يخلفني من بعدي فلا يضلّ .

قال: نعم يا أبا عبداللّه هؤلاء ولدي وهذا سيّدهم - وأشار إليك - وقد علّم الحكم والفهم والسخاء والمعرفة بما يحتاج إليه الناس وما اختلفوا فيه من أمر دينهم ودنياهم، وفيه حسن الخلق وحسن الجواب وهو باب من أبواب اللّه (عزّوجلّ ) وفيه اخرى خير من هذا كلّه.

فقال له أبي: وما هي بأبي أنت وامّي ؟

قال (عليه السّلام): يخرج اللّه (عزّوجلّ ) منه غوث هذه الأمّة وغياثها، وعلمها ونورها وفضلها وحكمتها، خير مولود(1) وخير ناشيء، يحقن اللّه (عزّوجلّ ) به الدماء ويصلح به ذات البين ويلمّ به الشّعث(2) ويشعب به الصدع(3) ويكسو به العاري ويشبع به الجائع ويؤمن به الخائف وينزل اللّه به القطر ويرحم به العباد، خير كهل وخير ناشيء، قوله حكم وصمته علم، يبيّن للناس ما يختلفون فيه ويسود عشيرته من قبل أوان حلمه.

فقال له أبي: بأبي أنت وامّي وهل ولد؟

قال: نعم ومرّت به سنون.

ص:488


1- (1) - المشهور أنّ ولادته (عليه السّلام) كانت في الحادي عشر من شهر ذي القعدة سنة ثلاث وخمسين ومأة من الهجرة.
2- (2) - الشعث: هو الانتشار والتفرّق. (مجمع البحرين).
3- (3) - في الدّعاء: «واشعب به صدعنا» أي أصلح به ما تشعب منّا، ومثله: «وتشعّب به الصدع». (مجمع البحرين).

قال يزيد: فجاءنا من لم نستطع معه كلاما.

قال يزيد: فقلت لابي إبراهيم (عليه السّلام): فأخبرني بمثل ما أخبرني به أبوك (عليه السّلام).

فقال لي: نعم إنّ أبي (عليه السّلام) كان في زمان ليس هذا زمانه.

فقلت له: فمن يرضى منك بهذا فعليه لعنة اللّه.

قال: فضحك أبو إبراهيم ضحكا شديدا، ثمّ قال: اخبرك يا أبا عمارة انّي خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان وأشركت معه بنيّ في الظاهر وأوصيته في الباطن، فأفردته وحده ولو كان الامر إليّ لجعلته في القاسم ابني، لحبّي إيّاه ورأفتي عليه ولكن ذلك إلى اللّه (عزّوجلّ ) يجعله حيث يشاء، ولقد جاءني بخبره رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) ثمّ أرانيه وأراني من يكون معه وكذلك لايوصى إلى أحد منّا حتى يأتي بخبره رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وجدّي عليّ (صلوات اللّه عليه) ورأيت مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) خاتما وسيفا وعصا وكتابا وعمامة، فقلت: ما هذا يا رسول اللّه ؟

فقال لي: أمّا العمامة فسلطان اللّه (عزّوجلّ ) وأمّا السيف فعزّ اللّه (تبارك وتعالى) وأمّا الكتاب فنور اللّه (تبارك وتعالى) وأمّا العصا فقوّة اللّه وأمّا الخاتم فجامع هذه الأمور، ثمّ قال لي: والامر قد خرج منك إلى غيرك.

فقلت: يا رسول اللّه أرنيه أيّهم هو؟

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ما رأيت من

ص:489

الائمّة أحدا أجزع على فراق هذا الامر منك ولو كانت الامامة بالحبّة لكان إسماعيل أحبّ إلى أبيك منك ولكن ذلك من اللّه (عزّوجلّ ).

ثمّ قال أبو إبراهيم (عليه السّلام): ورأيت ولدي جميعا الأحياء منهم والأموات، فقال لي أمير المؤمنين (عليه السّلام): هذا سيّدهم وأشار إلى ابني عليّ فهو منّي وأنا منه واللّه مع المحسنين.

قال يزيد: ثمّ قال أبو إبراهيم (عليه السّلام): يا يزيد إنّها وديعة عندك فلا تخبر بها إلاّ عاقلا أو عبدا تعرفه صادقا، وإن سئلت عن الشهادة فاشهد بها وهو قول اللّه (عزّوجلّ ): (إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا) (1) وقال لنا أيضا: (وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهٰادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّٰهِ ) (2).

قال: فقال أبو إبراهيم (عليه السّلام): فأقبلت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فقلت: قد جمعتهم لي - بأبي وامّي - فأيّهم هو؟

فقال: هو الّذي ينظر بنور اللّه (عزّوجلّ ) ويسمع بفهمه وينطق بحكمته، يصيب فلا يخطيء ويعلم فلا يجهل، معلّما حكما وعلما، هو هذا - وأخذ بيد عليّ ابني - ثمّ قال:

ما أقلّ مقامك معه، فاذا رجعت من سفرك فأوص وأصلح أمرك وافرغ ممّا أردت، فانّك منتقل عنهم ومجاور غيرهم، فاذا أردت فادع عليا فليغسّلك وليكفّنك فانّه طهر لك ولا يستقيم إلاّ ذلك، وذلك سنّة

ص:490


1- (1) - النساء 4:58.
2- (2) - البقرة 2:140.

قد مضت، فاضطجع بين يديه وصفّ إخوته خلفه وعمومته ومره فليكبّر عليك تسعا، فانّه قد استقامت وصيّته ووليّك وأنت حيّ ، ثمّ اجمع له ولدك من بعدهم، فأشهد عليهم وأشهد اللّه (عزّوجلّ ) وكفى باللّه شهيدا.

قال يزيد: ثمّ قال لي أبو إبراهيم (عليه السّلام): إنّي اؤخذ في هذه السنّة والأمر هو إلى ابني عليّ ، سمّي عليّ وعليّ : فأمّا عليّ الاوّل فعليّ بن أبي طالب وأمّا الاخر فعليّ بن الحسين (عليهم السّلام) اعطي فهم الاول وحلمه ونصره وودّه ودينه ومحنته ومحنة الآخر وصبره على ما يكره وليس له أن يتكلّم إلاّ بعد موت هارون بأربع سنين.

ثمّ قال لي: يا يزيد وإذا مررت بهذا الموضع ولقيته وستلقاه فبشّره أنّه سيولد له غلام، أمين، مأمون، مبارك، وسيعلمك أنّك قد لقيتني فأخبره عند ذلك أنّ الجارية الّتي يكون منها هذا الغلام جارية من أهل بيت مارية جارية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) امّ ابراهيم، فان قدرت أن تبلّغها منّي السلام فافعل.

قال يزيد: فلقيت بعد مضيّ أبي ابراهيم (عليه السّلام) عليّا (عليه السّلام) فبدأني، فقال لي: يا يزيد ما تقول في العمرة ؟

فقلت: بأبي أنت وامّي ذلك إليك وما عندي نفقة.

فقال: سبحان اللّه ما كنّا نكلّفك ولا نكفيك، فخرجنا حتّى انتهينا إلى ذلك الموضع فابتدأني فقال: يا يزيد! إنّ هذا الموضع كثيرا ما لقيت فيه جيرتك وعمومتك.

قلت: نعم، ثمّ قصصت عليه الخبر فقال لي: أمّا الجارية فلم

ص:491

تجيء بعد، فاذا جاءت بلّغتها منه السلام، فانطلقنا إلى مكة فاشتراها في تلك السنّة، فلم تلبث إلاّ قليلا حتّى حملت فولدت ذلك الغلام.

قال يزيد: وكان إخوة عليّ يرجون أن يرثوه فعادوني - من العداوة - إخوته من غير ذنب، فقال لهم إسحاق بن جعفر: واللّه لقد رأيته وإنّه ليقعد من أبي إبراهيم بالجلس الّذي لا أجلس فيه أنا(1).

5805 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبي ومحمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ومحمّد بن موسى بن المتوكل وأحمد بن محمد بن يحيي العطار ومحمّد بن علي ماجيلويه (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدثنا محمّد بن يحيي العطار، عن محمّد بن أحمد بن يحيي بن عمران الاشعري، عن عبداللّه بن محمّد الشامي، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن علي بن أسباط، عن الحسين مولى أبي عبداللّه، عن أبي الحكم، عن عبداللّه بن إبراهيم الجعفري، عن يزيد بن سليط الزيدي قال: لقينا أبا عبداللّه (عليه السّلام) في طريق مكة ونحن جماعة فقلت له: بأبي أنت وامّي أنتم الائمّة المطهّرون، والموت لا يعري أحد منه، فأحدث إليّ شيئا القيه إلى من يخلفني.

فقال لي: نعم هؤلاء ولدي وهذا سيّدهم، وأشار إلى ابنه موسى (عليه السّلام)، وفيه العلم والحكم، والفهم، والسخاء، والمعرفة بما يحتاج الناس إليه، فيما اختلفوا فيه من أمر دينهم، وفيه حسن الخلق، وحسن الجوار، وهو باب من أبواب اللّه تعالى (عزّوجلّ ) وفيه اخري هي خير من هذا كلّه.

فقال له أبي: وما هي بأبي أنت وامّي ؟

ص:492


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 313 ح 14.

قال: يخرج اللّه تعالى منه غوث هذه الأمّة، وغياثها، وعلمها، ونورها وفهمها، وحكمها وخير مولود وخير ناشيء(1)، يحقن اللّه به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلمّ به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع ويؤمن به الخائف، وينزل به القطر، ويأتمر به العباد، خير كهل، وخير ناشيء يبشّر به عشيرته قبل أوان حلمه، قوله حكم، وصمته علم، يبيّن للناس ما يختلفون فيه.

قال: فقال أبي: بأبي أنت وامّي فيكون له ولد بعده ؟

فقال: نعم، ثمّ قطع الكلام.

وقال يزيد: ثم لقيت أبا الحسن يعني موسى بن جعفر (عليه السّلام) بعد فقلت له: بأبي أنت وامّي إني اريد أن تخبرني بمثل ما أخبرني به أبوك ؟

قال: فقال: كان أبي (عليه السّلام) في زمن ليس هذا مثله.

قال يزيد: فقلت: من يرضى منك بهذا فعليه لعنة اللّه.

قال: فضحك ثمّ قال: اخبرك يا أبا عمارة أنّي خرجت من منزلي فأوصيت في الظاهر إلى بنيّ و أشركتهم مع ابني علي، وأفردته بوصيّتي في الباطن.

ولقد رأيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في المنام وأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) معه، ومعه خاتم، وسيف، وعصا، وكتاب، وعمامة، فقلت له: ما هذا؟

فقال: أمّا العمامة: فسلطان اللّه تعالى (عزّوجلّ ) وأما السيف:

ص:493


1- (1) - الناشيء: الحدث الذي قد جاوز حدّ الصغر، ومنه «خير ناش» يقال: نشأ الصبي ينشأ: إذا كبر وشبّ ولم يتكامل (مجمع البحرين).

فعزة اللّه (عزّوجلّ ) وأما الكتاب فنور اللّه (عزّوجلّ ) وأمّا العصا:

فقوّة اللّه (عزّوجلّ ) وأمّا الخاتم: فجامع هذه الأمور، ثمّ قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): والامر يخرج إلى عليّ ابنك، قال: ثمّ قال: يا يزيد إنّها وديعة عندك، فلا تخبر بها إلاّ عاقلا أو عبدا امتحن اللّه قلبه للايمان، أو صادقا، ولا تكفر نعم اللّه تعالى، وإن سئلت عن الشهادة فأدّها، فانّ اللّه (تبارك وتعالى) يقول: (إِنَّ اللّٰهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمٰانٰاتِ إِلىٰ أَهْلِهٰا) وقال (عزّوجلّ ): (وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهٰادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللّٰهِ ) فقلت: واللّه ما كنت لافعل هذا أبدا.

قال: ثمّ قال أبو الحسن (عليه السّلام): ثمّ وصفه لي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقال: عليّ ابنك الّذي ينظر بنور اللّه، ويسمع بتفهيمه وينطق بحكمته، يصيب ولا يخطي، ويعلم ولا يجهل، وقد مليء حكما وعلما، وما أقلّ مقامك معه، إنّما هو شيء كأن لم يكن، فاذارجعت من سفرك فأصلح أمرك، وافرغ ممّا أردت فانّك منتقل عنه، ومجاور غيره، فاجمع ولدك، وأشهد اللّه عليهم جميعا، وكفى باللّه شهيدا.

ثمّ قال: يا يزيد إنّى اؤخذ في هذ السنة، وعليّ ابني سميّ عليّ ابن أبي طالب (عليه السّلام)، وسميّ عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) اعطي فهم الأوّل وعلمه، ونصره ورداءه، وليس له أن يتكلّم إلاّ بعد هارون بأربع سنين، فاذا مضت أربع سنين فاسأله عمّا شئت يجبك إن شاء اللّه تعالى(1).

ص:494


1- (1) - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): ج 1 ص 23 ح 9. منه البحار: ج 48 ص 12. والمراد من هارون هو: الخليفة العباسي.

5806 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا أبي (رضي اللّه عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عبداللّه بن محمّد الحجّال، قال: حدثنا سعيد بن أبي الجهم، عن نصر بن قابوس قال: قلت لابي إبراهيم موسى بن جعفر (عليهما السّلام): إنّي سألت أباك (عليه السّلام) من الّذي يكون بعدك ؟

فأخبرني أنّك أنت هو. فلمّا توفّي أبو عبداللّه (عليه السّلام) ذهب النّاس يمينا وشمالا وقلت أنا وأصحابي بك، فأخبرني من الّذي يكون بعدك ؟

قال: ابني عليّ (عليه السّلام)(1).

اختيار معرفة الرجال: حمدويه قال: حدثني الحسن بن موسى، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن سعيد بن أبي الجهم، عن نصر بن قابوس قال: قلت... وذكر نحوه(2).

5807 - غيبة الطوسي: محمد بن يعقوب، عن سعد بن عبداللّه، عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن علي بن الحكم وعلي بن الحسن بن نافع(3)، عن هارون بن خارجة قال: قال لي هارون بن سعد العجلي: قد مات اسماعيل الذي كنتم تمدّون إليه أعناقكم وجعفر شيخ كبير يموت غدا أو بعد غد فتبقون بلا امام.

فلم أدر ما أقول [له]، فاخبرت أبا عبداللّه (عليه السّلام) بمقالته فقال: هيهات هيهات أبى اللّه - واللّه - ان ينقطع هذا الامر حتى ينقطع

ص:495


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 31 ح 26.
2- (2) - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 747 ح 849. منهما البحار: ج 49 ص 20.
3- (3) - وعلي بن الحسن، عن نافع الورّاق - اكمال الدين.

الليل والنهار، فاذا رأيته فقل له: هذا موسى بن جعفر يكبر ونزوّجه ويولد له(1) فيكون خلفا ان شاء اللّه(2).

اكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه)، قال: حدثنا سعد بن عبداللّه بهذا الاسناد مثله(3).

5808 - اعلام الورى: قال أبو الصلت: ولقد حدّثني محمد بن إسحاق بن موسى بن جعفر، عن أبيه: أنّ موسى بن جعفر (عليهما السّلام) كان يقول لبنيه: هذا أخوكم عليّ بن موسى عالم آل محمّد فاسألوه عن أديانكم، واحفظوا ما يقول لكم، فانّي سمعت أبي جعفر ابن محمّد (عليهما السّلام) غير مرّة يقول لي: إنّ عالم آل محمّد لفي صلبك، وليتني أدركته، فإنّه سميّ أمير المؤمنين عليّ (عليه السّلام)(4).

5809 - غيبة الطوسي: روي أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن سنان وصفوان وعثمان بن عيسى، عن موسى بن بكر قال: كنت عند أبي إبراهيم (عليه السّلام) فقال لي: إنّ جعفرا (عليه السّلام) كان يقول: سعد امرء لم يمت حتّى يري خلفه من نفسه، ثمّ أومأ بيده إلى ابنه عليّ فقال: هذا وقد أراني اللّه خلفي من نفسي(5).

ص:496


1- (1) - ويزوجه فيولد له ولد - اكمال الدين.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 28.
3- (3) - اكمال الدين: ص 657 ح 2. منهما البحار: ج 49 ص 26.
4- (4) - اعلام الورى: ص 328. منه البحار: ج 49 ص 100.
5- (5) - غيبة الطوسي: ص 28. منه البحار: ج 49 ص 26.

باب (2) بين الإمام الرضا عليه السّلام والمأمون العباسي

5810 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا تميم بن عبداللّه ابن تميم القرشيّ ، قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن عليّ الأنصاريّ ، عن أبي الصلت عبدالسّلام بن صالح الهرويّ قال: سأل المأمون أبا الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ ):

(وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيّٰامٍ وَ كٰانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمٰاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) ؟(1).

فقال: إنّ اللّه (تبارك وتعالى) خلق العرش والماء والملائكة قبل خلق السماوات والارض، فكانت الملائكة تستدلّ بأنفسها وبالعرش والماء على اللّه (عزّوجلّ )، ثمّ جعل عرشه على الماء ليظهر بذلك قدرته للملائكة فتعلم أنّه على كلّ شيء قدير، ثمّ رفع العرش بقدرته ونقله وجعله فوق السماوات السبع، ثمّ خلق السماوات والأرض في ستّة أيّام وهو مستول على عرشه، وكان قادرا على أن يخلقها في طرفة عين، ولكنّه (عزّوجلّ ) خلقها في ستّة أيّام ليظهر للملائكة ما يخلقه منها شيئا بعد شيء فيستدلّ بحدوث ما يحدث على اللّه (تعالى ذكره) مرّة بعد مرّة، ولم يخلق اللّه العرش لحاجة به إليه، لأنّه غنيّ عن العرش وعن جميع ما خلق، لايوصف بالكون على العرش لانّه ليس بجسم، تعالى عن صفة خلقه علوا كبيرا.

ص:497


1- (1) - هود 11:7.

وأمّا قوله (عزّوجلّ ): (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) فإنّه (عزّوجلّ ) خلقهم ليبلوهم بتكليف طاعته وعبادته لا على سبيل الامتحان والتجربة، لانّه لم يزل عليما بكلّ شيء.

فقال المأمون: فرّجت عنّي يا أبا الحسن فرّج اللّه عنك.

ثمّ قال له: يابن رسول اللّه فما معنى قول اللّه (جلّ ثناؤه):

(وَ لَوْ شٰاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النّٰاسَ حَتّٰى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ * وَ مٰا كٰانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّٰ بِإِذْنِ اللّٰهِ ) ؟(1).

فقال الرضا (عليه السّلام): حدّثني أبي موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: إنّ المسلمين قالوا لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لو أكرهت يا رسول اللّه من قدرت عليه من الناس على الإسلام لكثر عددنا وقوينا على عدوّنا؟

فقال رسول اللّه: ما كنت لألقى اللّه (عزّوجلّ ) ببدعة لم يحدث إليّ فيها شيئا وما أنا من المتكلّفين، فأنزل اللّه (عزّوجلّ ) عليه: يا محمّد (وَ لَوْ شٰاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً) على سبيل الإلجاء والاضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقّوا منّي ثوابا ولا مدحا، لكنّي اريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحقّوا منّي الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنّة الخلد، (أَ فَأَنْتَ تُكْرِهُ النّٰاسَ حَتّٰى)

ص:498


1- (1) - يونس 10:99 و 100.

(يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ) .

وأمّا قوله (عزّوجلّ ): (وَ مٰا كٰانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلاّٰ بِإِذْنِ اللّٰهِ ) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها، ولكن على معنى انّها ما كانت لتؤمن إلاّ بإذن اللّه، وإذنه أمره لها بالإيمان ما كانت مكلّفة متعبّدة، وإلجاؤه إيّاها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتعبّد عنها.

فقال المأمون: فرّجت عنّي يا أبا الحسن فرّج اللّه عنك، فأخبرني عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (الَّذِينَ كٰانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطٰاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَ كٰانُوا لاٰ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً) (1).

فقال (عليه السّلام): إنّ غطاء العين لا يمنع من الذكر، والذكر لا يري بالعين، ولكنّ اللّه (عزّوجلّ ) شبّه الكافرين بولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) بالعميان لانّهم كانوا يستثقلون قول النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فيه ولا يستطيعون له سمعا.

فقال المأمون: فرّجت عنّي فرّج اللّه عنك(2).

الاحتجاج: ابو الصلت الهرويّ قال: سال المأمون الرضا (عليه السّلام).... وذكر نحوه(3).

ص:499


1- (1) - الكهف 18:101.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 134 ح 33.
3- (3) - الاحتجاج: ص 412. منهما البحار: ج 10 ص 342.

باب (3) الإمام الرضا يبشّر بالإمام الجواد عليهما السّلام

5811 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا حمزة بن محمد بن أحمد بن جعفر بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) قال: أخبرني علي بن ابراهيم بن هاشم فيما كتب إليّ قال: حدثني محمدبن عيسى بن عبيد، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، وصفوان بن يحيى، قالا: حدثنا الحسين ابن قياما، وكان من رؤساء الواقفة، فسألنا أن نستأذن له على الرّضا (عليه السّلام) ففعلنا، فلمّا صار بين يديه قال له: أنت إمام ؟

قال: نعم.

قال: إنّى اشهد اللّه أنّك لست بإمام.

قال: فنكت في الارض طويلا منكس الرّأس ثمّ رفع رأسه إليه، فقال له: ما علمك أنّي لست بامام ؟

قال له: إنّا قد روينا عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّ الامام لايكون عقيما، وأنت قد بلغت [هذا] السنّ وليس لك ولد.

قال: فنكس رأسه أطول من المرّة الأولى ثمّ رفع رأسه فقال: إنّي اشهد اللّه أنه لا تمضي الأيّام واللّيالي حتّى يرزقني اللّه ولدا منّي.

قال عبدالرحمن بن أبي نجران: فعددنا الشهور من الوقت الّذي قال فوهب اللّه له أبا جعفر (عليه السّلام) في أقلّ من سنة.

قال: وكان الحسين بن قياما هذا واقفا في الطواف فنظر إليه أبو الحسن الأوّل - الإمام الكاظم - (عليه السّلام) فقال له: مالك حيّرك

ص:500

اللّه تعالى، فوقف عليه بعد الدّعوة(1).

اعلام الوري: الشيخ أبو جعفر بن بابويه باسناده عن عبدالرحمن ابن أبي نجران وصفوان بن يحيى قالا: جاءنا الحسين بن قياما....

وذكر نحوه إلى قوله: في أقلّ من سنة(2).

5812 - الكافي: - أحمد بن مهران، عن محمّد بن عليّ ، عن ابن قياما الواسطيّ - وكان من الواقفة - قال: دخلت على عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) فقلت له: يكون إمامان ؟

قال: لا إلاّ وأحدهما صامت.

فقلت له: هوذا أنت ليس لك صامت - ولم يكن ولد له أبو جعفر (عليه السّلام) بعد -.

فقال لي: واللّه ليجعلنّ اللّه منّي ما يثبّت به الحقّ وأهله ويمحق به الباطل وأهله.

فولد له بعد سنة أبو جعفر (عليه السّلام) فقيل لابن قياما: ألا تقنعك هذه الآية ؟

فقال: أما واللّه إنّها لآية عظيمة، ولكن كيف أصنع بما قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) في ابنه(3) و4.

ص:501


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 209 ح 13. منه البحار: ج 49 ص 34.
2- (2) - أعلام الورى: ص 323.
3- (3) - بما قال أبو عبداللّه (عليه السّلام)»، قال المحدّث الاسترابادي (رحمه اللّه): كأنّه إشارة إلى ما ذكره الكشي في ترجمة يحيي بن أبي القاسم أبي بصير حيث قال: قال محمد بن عمران: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: منّا ثمانية محدّثون سابعهم القائم. فقام أبو بصير بن أبي القاسم وقبّل رأسه وقال: سمعته من أبي جعفر (عليه السّلام) منذ أربعين سنة.

باب (4) استحباب الوضوء عند الجماع

5813 - كشف الغمّة: من دلايل الحميريّ ، عن الحسن بن عليّ الوشّاء قال: قال فلان بن محرز: بلغنا أنّ أبا عبداللّه (عليه السّلام) كان إذا أراد أن يعاود أهله للجماع توضّأ وضوء الصلاة واحبّ أن تسال أبا الحسن الثاني [أي: الرضا] عن ذلك.

قال الوشّاء: فدخلت عليه فابتدأني من غير أن أسأله فقال: كان أبو عبداللّه (عليه السّلام) إذا جامع وأراد أن يعاود توضّأ وضوء الصلاة، وإذا أراد أيضا توضّأ للصلاة فخرجت إلى الرجل فقلت: قد أجابني عن مسألتك من غير أن أسأله(1).

البحار - بيان: يدلّ على استحباب الوضوء للجماع بعد الجماع.

والمشهور أنه انّما يستحبّ للمحتلم الّذي أراد الجماع. والرواية صحيحة. ولا بأس بالعمل بها ولم أر من تعرّض له.

ص:502


1- (1) - كشف الغمة: ج 2 ص 302. منه البحار: ج 49 ص 63 ذيل الحديث 80.

باب (5) لافرق في رؤية الإمام بين المنام واليقظة

5814 - قرب الاسناد: معاوية بن حكيم، عن الحسن بن عليّ بن بنت الياس، عن أبي الحسن الرّضا (عليه السّلام) قال: قال لي ابتداء:

إنّ أبي كان عندي البارحة.

قلت: أبوك ؟

قال: أبي.

قلت: أبوك ؟

قال: أبي.

قلت: أبوك ؟

قال: في المنام إنّ جعفرا كان يجييء إلى أبي(1) فيقول: يابنيّ افعل كذا يابنيّ افعل كذا [يابنيّ افعل كذا] قال: فدخلت عليه بعد ذلك فقال لي: يا حسن إنّ منامنا ويقظتنا واحدة(2).

كشف الغمة: من دلائل الحميري، عن الحسن بن على الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السّلام) نحوه(3).

ص:503


1- (1) - أي كما جاءني أبي.
2- (2) - قرب الاسناد: ص 151. منه البحار: ج 49 ص 87.
3- (3) - كشف الغمة: ج 2 ص 303.

باب (6) الإمام الرضا عليه السّلام في نيسابور

5815 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (قدّس اللّه روحه) قال: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضل، قال: حدثنا أبو نصر الليث بن محمد بن الليث العنبري، املاء من اصل كتابه قال: حدثنا أحمد بن عبدالصمد بن مزاحم الهروي، قال: حدثنا خالي أبو الصلت عبدالسلام بن صالح الهرويّ ، قال: كنت مع الرضا (عليه السّلام) لمّا دخل نيسابور وهو راكب بغلة شهباء، وقد خرج علماء نيسابور في استقباله، فلمّا سار إلى المرتعة(1) تعلّقوا بلجام بغلته وقالوا: يابن رسول اللّه حدّثنا بحقّ آبائك الطاهرين، حدّثنا عن آبائك (صلوات اللّه عليهم أجمعين)، فأخرج رأسه من الهودج وعليه مطرف خزّ فقال: حدّثني أبي موسى ابن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد بن عليّ ، عن أبيه محمّد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين، عن أبيه الحسين سيّد شباب أهل الجنّة، عن أبيه أمير المؤمنين (عليهم السّلام) عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: أخبرني جبرئيل الروح الأمين، عن اللّه (تقدّست أسماؤه وجلّ وجهه) قال: إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا وحدي، عبادي فاعبدوني وليعلم من لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلّا اللّه مخلصا بها أنّه قد دخل حصني ومن دخل حصني أمن عذابي.

ص:504


1- (1) - فلمّا صار إلى المربعة - البحار.

قالوا: يابن رسول اللّه وما إخلاص الشهادة للّه ؟

قال: طاعة اللّه ورسوله وولاية أهل بيته (عليهم السّلام)(1).

5816 - ثواب الاعمال - معاني الأخبار - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) - التوحيد: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال ؟ حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الاسدي قال: حدثنا محمد بن الحسين الصوفي(2) قال: حدثنا يوسف بن عقيل، عن إسحاق بن راهويه، قال: لمّا وافى أبو الحسن الرضا (عليه السّلام) نيسابور وأراد أن يخرج(3) منها إلى المأمون اجتمع عليه(4) أصحاب الحديث فقالوا له: يابن رسول اللّه ترحل عنّا ولا تحدّثنا بحديث فنستفيده منك ؟!! - وكان قد قعد(5) في العماريّة - فأطلع رأسه وقال: سمعت أبي موسى ابن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد يقول: سمعت أبي محمّد بن عليّ يقول: سمعت أبي عليّ بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن عليّ بن أبي طالب يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) يقول: سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت اللّه (جلّ جلاله) يقول:

لا إله إلاّ اللّه حصني فمن دخل حصني أمن [من] عذابي. [قال:]

ص:505


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 588 ح 1220. منه البحار: ج 3 ص 14.
2- (2) - الصولي - عيون أخبار الرضا.
3- (3) - فأراد أن يرحل - ثواب الاعمال، وأراد أن يرحل - أمالي الصدوق.
4- (4) - اليه - ثواب الاعمال - أمالي الصدوق - معاني الاخبار.
5- (5) - وقد كان قعد - أمالي الصدوق.

فلمّا مرّت الراحلة نادا [نا]: بشروطها وأنا من شروطها(1).

أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل، قال:

حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن يوسف بن عقيل، عن اسحاق ابن راهويه مثله(2).

5817 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) - التوحيد: حدثنا أبو سعيد محمد بن الفضل بن محمد بن اسحاق المذكر النيسابوري قال:

حدثني أبو علي الحسن بن علي الخزرجي الانصاري السعدي قال:

حدثنا عبدالسلام بن صالح أبو الصلت الهرويّ قال: كنت مع عليّ بن موسى الرضا (عليهما السّلام) حين رحل من نيسابور وهو راكب بغلة شهباء فإذا محمّد بن رافع، وأحمد بن حرب(3) ويحيي بن يحيي، وإسحاق بن راهويه، وعدّة من أهل العلم قد تعلّقوا بلجام بغلته في المربعة فقالوا: بحقّ آبائك الطاهرين حدّثنا بحديث سمعته من أبيك، فأخرج رأسه من العمارية - وعليه مطرف خزّ ذو وجهين - وقال:

حدّثني أبي العبد الصالح موسى بن جعفر، قال: حدثني أبي الصادق جعفر بن محمّد، قال: حدثني أبي أبو جعفر محمّد بن عليّ باقر علم الأنبياء(4)، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين سيّد العابدين، قال:

حدثني أبي سيّد شباب أهل الجنّة الحسين، قال: حدّثني أبي عليّ بن

ص:506


1- (1) - ثواب الاعمال: ص 21 ح 1 - معاني الاخبار: ص 370 ح 1 - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 135 ح 4 - التوحيد: ص 25 ح 23. منها البحار: ح 3 ص 7.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 195 ح 8. منه البحار: ج 49 ص 123.
3- (3) - واحمد بن الحارث - عيون أخبار الرضا.
4- (4) - باقر علوم الانبياء - عيون أخبار الرضا.

أبي طالب (عليهم السّلام) قال: سمعت النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يقول: [سمعت جبرئيل يقول:] قال اللّه (جلّ جلاله): إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا فاعبدوني، [و] من جاء منكم بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه بالإخلاص دخل [في] حصني ومن دخل في حصني أمن [من] عذابي(1).

البحار - بيان: قال الجوهري: الشهبة في الألوان: البياض الذي غلب على السواد، وقال: المربع: موضع القوم في الربيع خاصّة.

أقول: يحتمل أن يكون المراد بالمربعة الموضع المتّسع الذي كانوا يخرجون إليه في الربيع للتنزه، أو الموضع الذي كانوا يجتمعون فيه للّعب، من قولهم: ربع الحجر، إذا أشاله ورفعه لإظهار القوّة، وسمعت جماعة من أفاضل نيسابور أنّ المربعة اسم للموضع الّذي عليه الآن نيسابور، إذ كانت البلدة في زمانه (عليه السّلام) في مكان آخر قريب من هذا الموضع وآثارها الآن معلومة، وكان هذا الموضع من أعمالها وقراها، وإنّما كان يسمّى بالمربعة لأنهم كانوا يقسّمونه بالرباع الاربعة فكانوا يقولون: ربع كذا وربع كذا، وقالوا: هذا الاصطلاح الآن أيضا دائر بيننا معروف في دفاتر السلطان وغيرها. وقال الجوهريّ : المطرف والمطرف واحد المطارف، وهي أردية من خزّ مربّعة لها أعلام، قال الفراء: وأصله الضمّ لانّه في المعنى ماخوذ من أطرف أي جعل في طرفيه العلمان ولكنّهم استثقلوا الضمّة فكسروه.

5818 - كشف الغمة: نقلت من كتاب لم يحضرني الآن اسمه ما

ص:507


1- (1) - عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 134 ح 1 - التوحيد: ص 24 ح 22. منهما البحار: ج 3 ص 6.

صورته: حدّث المولى السعيد إمام الدّنيا عماد الدّين محمّد بن أبي سعد بن عبدالكريم الوزّان قال: أورد صاحب كتاب (تاريخ نيسابور) في كتابه أنّ عليّ بن موسى الرّضا (عليهما السّلام) لمّا دخل إلى نيسابور في السفرة الّتي فاز فيها بفضيلة الشهادة كان في مهد على بغلة شهباء عليها مركب من فضّة خالصة، فعرض له في السوق الإمامان الحافظان للأحاديث النبوية: أبو زرعة ومحمّد بن أسلم الطوسيّ (رحمهما اللّه) فقالا: أيّها السيّد ابن السادة، أيّها الإمام وابن الائمّة أيّها السلالة الطاهرة الرضيّة، أيّها الخلاصة الزاكية النبويّة بحقّ آبائك الأطهرين وأسلافك الأكرمين إلاّ ما أريتنا وجهك المبارك الميمون، ورويت لنا حديثا عن آبائك عن جدّك، نذكرك به.

فاستوقف البغلة، ورفع المظلّة، وأقرّ عيون المسلمين بطلعته المباركة الميمونة، فكانت ذؤابتاه كذؤابتي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والناس على طبقاتهم قيام كلّهم وكانوا بين صارخ وباك وممزّق ثوبه، ومتمرّغ في التراب، ومقبّل حزام بغلته ومطوّل عنقه إلى مظلّة المهد، إلى أن انتصف النهار، وجرت الدّموع كالأنهار وسكنت الأصوات، وصاحت الائمّة والقضاة:

معاشر الناس اسمعوا وعوا، ولا تؤذوا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في عترته، وأنصتوا، فأملى (صلوات اللّه عليه) هذا الحديث وعدّ من المحابر أربع وعشرون ألفا سوي الدّوي(1)، والمستملي أبو زرعة الرازيّ ومحمّد بن أسلم الطوسيّ (رحمهما اللّه) فقال (عليه الّسلام):

ص:508


1- (1) - الدوي: جمع الدواة، اداة يوضع فيها الحبر فيكتب منها (أقرب الموارد).

حدّثني أبي موسى بن جعفر الكاظم، قال: حدثني أبي جعفر بن محمّد الصادق قال: حدثني أبي محمّد بن عليّ الباقر، قال: حدثني أبي عليّ بن الحسين زين العابدين، قال: حدثني أبي الحسين بن عليّ شهيد أرض كربلا قال: حدثني أبي أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب شهيد أرض الكوفة، قال: حدثني أخي وابن عمّي محمّد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: حدثني جبرئيل (عليه السّلام) قال:

سمعت ربّ العزّة سبحانه وتعالى يقول: كلمة لا إله إلاّ اللّه حصني فمن قالها دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي».

صدق اللّه سبحانه، وصدق جبرئيل وصدق رسوله وصدق الائمة (عليهم السّلام).

قال الأستاذ أبو القاسم القشيري (رحمه اللّه): إنّ هذا الحديث بهذا السند بلغ بعض امراء السامانيّة فكتبه بالذّهب وأوصى أن يدفن معه فلمّا مات رؤي في المنام فقيل: ما فعل اللّه بك ؟

فقال: غفر اللّه لي بتلفّظي بلا إله إلاّ اللّه وتصديقي محمدا رسول اللّه مخلصا وأنّي كتبت هذا الحديث بالذّهب تعظيما واحتراما(1).

باب (7) ثواب زيارة الإمام الرضا عليه السّلام

5819 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن ابراهيم (رحمه اللّه)، قال: أخبرنا أحمد بن محمّد الهمداني، عن علي بن الحسن بن علي

ص:509


1- (1) - كشف الغمة: ج 2 ص 307. منه البحار: ج 49 ص 126.

ابن فضّال، عن أبيه، عن أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) أنّه قال له رجل من أهل خراسان: يابن رسول اللّه رأيت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) في المنام كأنّه يقول لي: كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي، واستحفظتم وديعتي وغيّب في ثراكم نجمي ؟

فقال [له] الرّضا (عليه السّلام): أنا المدفون في أرضكم، وأنا بضعة من نبيّكم، وأنا الوديعة والنجم، ألا فمن زارني وهو يعرف ما أوجب اللّه (تبارك وتعالى) من حقّي وطاعتي، فأنا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة، ومن كنّا شفعاءه يوم القيامة نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجنّ والانس، ولقد حدّثني أبي عن جدّي، عن أبيه (عليهم السّلام) أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: من رآني في منامه فقد رآني، لانّ الشيطان لا يتمثّل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم، وإنّ الرّؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوّة(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن ابراهيم بن إسحاق الطالقاني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد الكوفي، عن عليّ بن الحسن بن فضاّل بهذا الاسناد نحوه(2).

5820 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق [الطالقاني] قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيي [الجلودي] قال: حدثنا

ص:510


1- (1) - أمالي الصدوق: ص 61 ح 10. منه البحار: ج 49 ص 283.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 257 ح 11.

محمد بن زكريا [الجوهريّ ] قال: حدثنا محمد بن عمارة(1)، عن أبيه، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم): ستدفن بضعة منّي بأرض خراسان لايزورها مؤمن إلا أوجب اللّه (عزّوجلّ ) له الجنة وحرّم جسده على النار(2).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني مثله(3).

فرائد السمطين: أخبرنا الامام العالم محمد بن أبي القاسم إجازة، قال: أخبرني الشيخ عزّ الدين محمد بن عبدالرحمن بن معالي الوابيني، قال: أنبأنا زاهر بن طاهر الشحامي، قال: أنبأنا الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، قال: أنبأنا الحاكم الحافظ البيع قال:

أنبأنا أبو بكر محمد بن عبداللّه بن أحمد العبسي، قال: حدثنا محمد ابن زكريا الغلابي، قال: حدثنا جعفر بن محمّد - يعني ابن عمار - عن أبيه، عن جعفر بن محمّد الصادق (رضي اللّه عنه) عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم): ستدفن بضعة منّي بخراسان... وذكر مثله(4).

5821 - من لايحضره الفقيه: روي حمزة بن حمران قال: قال

ص:511


1- (1) - جعفر بن محمّد بن عمارة - عيون أخبار الرضا.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 60 ح 6.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 255 ح 4. منهما البحار: ج 49 ص 284.
4- (4) - فرائد السمطين: ج 2 ص 188 ح 465.

أبو عبداللّه (عليه السّلام): يقتل حفدتي بأرض خراسان في مدينة يقال لها: طوس من زاره إليها عارفا بحقّه اخذته بيدي يوم القيامة وادخلته الجنّة وان كان من أهل الكبائر.

قال: قلت: جعلت فداك وما عرفان حقّه ؟

قال: يعلم أنّه إمام مفترض الطاعة غريب شهيد، من زاره عارفا بحقّه اعطاه اللّه (عزّوجلّ ) أجر سبعين شهيدا ممن استشهد بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) على حقيقة(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا الحسين بن ابراهيم بن ناتانة والحسين بن ابراهيم بن احمد بن هشام المكتب واحمد بن علي ابن ابراهيم بن هاشم ومحمد بن علي ماجيلويه ومحمد بن موسى بن المتوكل وعلي بن هبة اللّه الوراق (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدثنا علي ابن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن حمزة ابن حمران قال:... وذكر مثله وزاد: وفي حديث آخر قال الصادق (عليه السّلام): يقتل لهذا - وأومأ بيده الى موسى (عليه السّلام) - ولد بطوس ولا يزوره من شيعتنا الاّ الاندر فالاندر(2).

5822 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن على ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، قال: حدثنا عبدالرحمن بن حماد، عن عبداللّه بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسين بن زيد قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق (عليهما السّلام) يقول: يخرج ولد من ابني موسى اسمه اسم

ص:512


1- (1) - من لايحضره الفقيه: ج 2 ص 584 ح 3190.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 259 ح 18.

أميرالمؤمنين (عليه الصّلاة والسّلام) إلى أرض طوس، وهي بخراسان، يقتل فيها بالسمّ ، فيدفن فيها غريبا، من زاره عارفا بحقّه أعطاه اللّه تعالى أجر من أنفق من قبل الفتح وقاتل(1).

***

ص:513


1- (1) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 255 ح 3. منه البحار: ج 49 ص 286.

ص:514

تاريخ الامام المهدي (عجلّ اللّه فرجه)

باب (1) أسماء الإمام المهدي عليه السّلام

5823 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم الحضرمي، عن أبي سعيد الخراساني، قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): المهديّ والقائم واحد؟

فقال: نعم.

فقلت: لايّ شيء سمّي المهديّ؟

قال: لانّه يهدي إلى كلّ أمر خفيّ وسمّي القائم لانّه يقوم بعدما يموت(1)، إنّه يقوم بأمر عظيم(2).

5824 - كشف الغمة: قال ابن الخشّاب: حدثني أبو القاسم طاهر بن هارون بن موسى العلوي، عن أبيه هارون، عن أبيه موسى

ص:515


1- (1) - أي يموت ذكره.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 282. منه البحار: ج 51 ص 30.

قال: قال سيّدي جعفر بن محمّد الخلف الصالح من ولدي وهو المهديّ اسمه محمّد وكنيته أبو القاسم يخرج في آخر الزمان يقال لأمّه: صقيل(1).

5825 - الإرشاد: روي محمد بن عجلان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قام القائم (عليه السّلام) دعا الناس إلى الاسلام جديدا، وهداهم إلى أمر قد دثر(2) وضلّ عنه الجمهور، وإنّما سمّي القائم مهديّا لانّه يهدى إلى أمر مضلول عنه، وسمّي بالقائم لقيامه بالحق(3).

5826 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب، عن ابن رئاب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: صاحب هذا الامر لايسمّيه(4) باسمه إلاّ كافر(5) و(6).

ص:516


1- (1) - كشف الغمّة: ج 2 ص 475. منه البحار: ج 51 ص 24.
2- (2) - دثر أي صدر، وأصل الدثور الدروس، وهو أن تهب الرياح على المنزل فيفشي رسومه الرمل ويغطيه، ومنه دثر الرسم دثورا. (مجمع البحرين).
3- (3) - إرشاد المفيد: ص 364. منه البحار: ج 51 ص 30.
4- (4) - صاحب هذا الامر رجل لايسمّيه - اكمال الدين.
5- (5) - فيه مبالغة عظيمة في ترك التسمية، وربّما يحمل الكافر على من كان شبيها بالكافر في مخالفة أوامر اللّه ونواهيه اجتراء ومعاندة، وهذا كما تقول: لايجتري على هذا الامر إلاّ أسد، وستعرف إطلاق الكافر في عرف الاخبار على مرتكب الكبائر وقد ورد في بعض الاخبار أنّ إرتكاب المعاصي - التي لا لذّة فيها تدعو النفس إليها - يتضمّن الاستخفاف وهو يوجب الكفر، إذ بعد سماع النهي عن ذلك ليس إرتكابه إلاّ لعدم الاعتناء بالشريعة وصاحبها، وهذا عين الكفر، وقيل: المراد بصاحب هذا الامر مطلق الامام، وتسميته باسمه مخاطبته بالاسم كأن يقول: يا جعفر، ياموسى، وهذا استخفاف موجب للكفر، ولا يخفى ما فيه من التكلّف. (مرآة العقول).
6- (6) - الكافي: ج 1 ص 333 ح 4.

اكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثني سعد بن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن الحسن بن محبوب مثله(1).

5827 - غيبة النعماني: محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك [الفزاري] قال: حدثنا محمد بن أحمد المديني قال:

حدثنا علي بن اسباط، عن محمد بن سنان، عن داود بن كثير الرقي قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك قد طال هذا الامر علينا حتّى ضاقت قلوبنا ومتنا كمدا.

فقال: إنّ هذا الامر آيس ما يكون منه وأشدّه غمّا، ينادي مناد من السماء باسم القائم واسم أبيه.

فقلت له: جعلت فداك ما اسمه ؟

قال: اسمه اسم نبيّ واسم أبيه اسم وصيّ (2).

أقول: قوله (عليه السّلام): «اسمه اسم نبيّ وإسم أبيه إسم وصيّ » إشارة إلى أن اسمه محمّد وهو إسم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وإسم أبيه إسم الإمام الحسن المجتبى (عليه السّلام) وهو وصيّ أمير المؤمنين علي (عليه السّلام).

وهذا الحديث - وغيره - يردّ الأحاديث المرويّة في كتب المخالفين من كون إسم أبيه عبداللّه باسم والد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

5828 - إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن [بن أحمد ابن الوليد] ومحمد بن موسى المتوكل (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدثنا

ص:517


1- (1) - اكمال الدين: ص 648 ح 1.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 181 ح 29. منه البحار: ج 51 ص 38.

سعد بن عبداللّه، وعبداللّه بن جعفر الحميري، ومحمّد بن يحيى العطار، جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، وابراهيم بن هاشم، وأحمد بن أبي عبداللّه البرقي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، جميعا قالوا: حدثنا أبو علي الحسن بن محبوب السرّاد، عن داود بن الحصين، عن أبي بصير، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):

المهديّ من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي أشبه الناس بي خلقا وخلقا، تكون له غيبة وحيرة حتّى تضلّ (1) الخلق عن أديانهم فعند ذلك يقبل كالشهاب الثاقب فيملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا(2).

5829 - إكمال الدين: حدثنا عبدالواحد بن محمّد بن عبدوس النيسابوريّ العطار (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن محمد بن قتيبة النيسابوريّ ، عن حمدان بن سليمان قال: حدثني أحمد بن عبداللّه بن جعفر الهمداني(3)، عن عبداللّه بن الفضل الهاشمي، عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنّته سنّتي، يقيم الناس على ملّتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربّي (عزّوجلّ )، من أطاعه فقد أطاعني ومن عصاه فقد عصاني ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني ومن كذّبه فقد كذّبني ومن صدّقه فقد صدّقني

ص:518


1- (1) - يضلّ - البحار.
2- (2) - اكمال الدين: ص 287 ح 4. منه البحار: ج 51 ص 72.
3- (3) - سقط هذا الاسم في سند البحار.

إلى اللّه أشكو المكذّبين لي في أمره والجاحدين لقولي في شأنه والمضلّين لامّتي عن طريقته (وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (1).

5830 - إكمال الدين: حدثنا علي بن أحمد بن محمد الدقاق (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمّد بن أبي عبداللّه الكوفي، عن موسى بن عمران النخعيّ ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن المفضّل بن عمر قال: دخلت على سيّدي جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقلت: يا سيّدي لو عهدت إلينا في الخلف من بعدك ؟

فقال لي: يا مفضل: الإمام من بعدي: ابني موسى، والخلف المأمول المنتظر: «م ح م د» ابن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى(2).

5831 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق الطالقاني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أحمد بن محمّد الهمداني قال:

حدثنا أبو عبداللّه العاصمي(3)، عن الحسين بن القاسم بن أيّوب، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن ثابت الصائغ، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: منّا اثنا عشر مهديّا مضى ستّة وبقي ستّة يصنع اللّه بالسادس(4) ما أحبّ (5).

ص:519


1- (1) - اكمال الدين: ص 411 ح 6، والآية في سورة الشعراء 26:227. منه البحار: ج 51 ص 73.
2- (2) - اكمال الدين: ص 334 ح 4. منه البحار: ج 51 ص 143.
3- (3) - الهمّداني، عن ابن عقدة، عن أبي عبداللّه العاصمي - البحار.
4- (4) - يضع اللّه في السادس - البحار.
5- (5) - إكمال الدين: ص 338 ح 13. منه البحار: ج 51 ص 145.

5832 - البحار: كتاب (مقتضب الاثر في النصّ على الاثني عشر)، عن محمّد بن جعفر الآدميّ وأثنى عليه ابن غالب الحافظ، عن أحمد بن عبيد بن ناصح، عن الحسين بن علوان، عن همام بن الحارث، عن وهب بن منبّه قال: إنّ موسى (عليه السّلام) نظر ليلة الخطاب إلى كلّ شجرة في الطور، وكل حجر ونبات تنطق بذكر محمّد واثني عشر وصيّا له من بعده. فقال موسى: إلهي لا أرى شيئا خلقته إلاّ وهو ناطق بذكر محمّد وأوصيائه الاثني عشر، فما منزلة هؤلاء عندك ؟

قال: يابن عمران: إنّي خلقتهم قبل خلق الانوار، وجعلتهم في خزانة قدسي، يرتعون(1) في رياض مشيّتي ويتنسّمون(2) من روح جبروتي، ويشاهدون أقطار ملكوتي، حتّى إذا شئت مشيّتي أنفذت قضائي وقدري.

يابن عمران: إنّي سبقت بهم استباقي، حتّى ازخرف بهم جناني.

يابن عمران: تمسّك بذكرهم فانّهم خزنة علمي وعيبة حكمتي، ومعدن نوري.

قال حسين بن علوان: فذكرت ذلك لجعفر بن محمّد (عليه السّلام) فقال: حقّ ذلك، هم اثنا عشر من آل محمّد: علي والحسن والحسين وعليّ بن الحسين ومحمّد بن عليّ ومن شاء اللّه.

قلت: جعلت فداك إنّما أسألك لتفتيني بالحقّ .

ص:520


1- (1) - الرتع: التنعم، ورتع القوم: أكلوا ما شاؤا في رغد (أقرب الموارد).
2- (2) - تنسّم الرجل: أي تنفس. (أقرب الموارد).

قال: أنا وابني هذا - وأومأ إلى ابنه موسى - والخامس من ولده يغيب شخصه ولا يحلّ ذكره باسمه(1).

باب (2) من أنكر الإمام المهدي فقد انكر الأنبياء والأئمة عليهم السّلام

5833 - إكمال الدين: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبي، عن أيوب بن نوح، عن محمد بن سنان، عن صفوان [بن مهران] عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنه قال: من أقرّ بجميع الائمّة وجحد المهدي، كان كمن أقرّ بجميع الأنبياء وجحد محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) نبوّته.

فقيل له: يابن رسول اللّه فمن المهدي من ولدك ؟

قال: الخامس من ولد السابع يغيب عنكم شخصه ولا يحلّ لكم تسميته(2).

إكمال الدين: حدثنا علي بن أحمد بن محمد الدقاق (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبداللّه الكوفي، عن سهل بن زياد الآدمي، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالعزيز العبدي، عن عبداللّه بن أبي يعفور قال: قال أبو عبداللّه الصادق (عليه السّلام).... وذكر نحوه(3).

ص:521


1- (1) - البحار: ج 51 ص 149.
2- (2) - اكمال الدين: ص 411 ح 5 وص 333 ح 1. منه البحار: ج 51 ص 32. والمراد من السابع هو الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السّلام).
3- (3) - إكمال الدين: ص 338 ح 12. منه البحار: ج 51 ص 145.

إكمال الدين: حدثنا علي بن أحمد بن محمد [الدقاق] (رضي اللّه عنه) بهذا الاسناد نحوه(1).

5834 - إكمال الدين: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من أنكر القائم من ولدي فقد أنكرني(2).

5835 - إكمال الدين: حدثنا علي بن عبداللّه الورّاق قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن جعفر الأسديّ (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا موسى بن عمران النخعيّ ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفليّ ، عن غياث بن إبراهيم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته [ف] مات [فقد مات] ميتة جاهلية(3).

باب (3) ولادة الإمام المهدي عليه السّلام

5836 - البحار: عيّن الشيخ في المصباحين والسيّد ابن طاوس في كتاب (الاقبال) وسائر مؤلّفي كتب الدعوات ولادته (عليه السّلام) في النّصف من شعبان.

ص:522


1- (1) - إكمال الدين: ص 410 ح 4. منه البحار: ج 51 ص 32.
2- (2) - اكمال الدين: ص 412 ح 8. منه البحار: ج 51 ص 73.
3- (3) - اكمال الدين: ص 412 ح 12. منه البحار: ج 51 ص 73.

وقال في الفصول المهمّة: ولد (عليه السّلام) بسرّ من رأى ليلة النّصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومأتين [نقل من خطّ الشهيد عن الصادق (عليه السّلام) قال: إنّ الليلة الّتي يولد فيها القائم (عليه السّلام) لايولد فيها مولود إلاّ كان مؤمنا، وإن ولد في أرض الشرك نقله اللّه إلى الايمان ببركة الامام (عليه السّلام)](1).

باب (4) الاسماء الأربعة المتتالية

5837 - إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمّد بن الحسن [بن أحمد ابن الوليد] (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن الحسن بن علي الزّيتوني، ومحمّد بن أحمد بن أبي قتادة، عن أحمد ابن هلال، عن اميّة بن عليّ ، عن أبي الهيثم بن أبي حبّة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا اجتمعت ثلاثة أسماء [متوالية] محمّد وعليّ والحسن فالرّابع القائم (عليه السّلام)(2).

أقول: هذا إشارة إلى الائمة الاربعة بعد الإمام الرّضا (عليه السّلام) وهم:

1 - الإمام محمد الجواد (عليه السّلام).

2 - الإمام علي الهادي (عليه السّلام).

3 - الإمام الحسن العسكري (عليه السّلام).

4 - الإمام القائم المهدي (عليه السّلام).

ص:523


1- (1) - البحار: ج 51 ص 28.
2- (2) - إكمال الدين: ص 233 ح 2.

فقوله (عليه السّلام): «إذا اجتمعت ثلاثة أسماء...» إلى آخره إشارة إلى هؤلاء الائمّة (عليهم السّلام).

غيبة الطوسي: روي محمّد بن عبداللّه بن جعفر الحميريّ ، عن أبيه، عن أحمد بن هلال، عن اميّة بن علي القيسي، عن سالم بن أبي حيّة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: اذا اجتمع... وذكر مثله(1).

5838 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همّام قال: حدثنا أحمد ابن مابنداذ(2) قال: حدثنا أحمد بن هلال قال: حدثنا أحمد بن علي القيسي، عن أبي الهيثم الميثميّ ، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) انّه قال: إذا توالت ثلاثة أسماء: محمّد وعليّ والحسن كان رابعهم قائمهم(3).

إكمال الدين: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق [الطالقاني] (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبو علي محمّد بن همام قال: حدثنا أحمد بن مابنداذ قال: أخبرنا أحمد بن هلال قال: حدثني امية بن عليّ القيسي، عن أبي الهيثم التميمي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:... وذكر مثله(4).

5839 - كفاية الاثر: حدثنا علي بن محمد السندي قال: محمد ابن الحسن قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن اميّة بن عليّ القيسي، عن أبي الهيثم التميمي قال: قال

ص:524


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 139. منهما البحار: ج 51 ص 143.
2- (2) - مابنداد - البحار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 179 ح 26. منه البحار: ج 51 ص 38.
4- (4) - اكمال الدين: ص 334 ح 2. منه البحار: ج 51 ص 143.

أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا توالت ثلاثة أسماء كان رابعهم قائمهم: محمّد وعليّ والحسن(1).

باب (5) لا بيعة في عنق الإمام المهدي عليه السّلام

5840 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يقوم القائم وليس لاحد فى عنقه عهد ولا عقد ولا بيعه(2) و(3).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد مثله(4).

5841 - غيبة النعماني: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد ابن يحيى العطار قال: حدثنا محمد بن حسان(5) الرازي قال: حدثنا

ص:525


1- (1) - كفاية الاثر: ص 280. منه البحار: ج 51 ص 158.
2- (2) - العهد والعقد والبيعة متقاربة المعاني وكأن بعضها مؤكد بالبعض، ويحتمل أن يكون المراد بالعهد: الوعد مع خلفاء الجور برعايتهم أو وصيتهم إليه، يقال: عهد إليه إذا أوصى إليه، أو العهد بولاية العهد كما وقع للرّضا (عليه السّلام) وبالعقد عقد المصالحة والمهادنة كما وقع بين الحسن (عليه السّلام) وبين معاوية، والبيعة: الإقرار ظاهرا للغير بالخلافة مع التماسح بالأيدي على الوجه المعروف، وكأنه إشارة إلى بعض علل الغيبة وفوائدها (مرآة العقول).
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 342 ح 27.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 191 ح 46.
5- (5) - محمد بن الحسن - البحار.

محمد بن علي الكوفي، عن إبراهيم بن هاشم، عن حماد بن عيسى،، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال:

يقوم القائم وليس في عنقه بيعة لاحد(1).

5842 - إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن [بن أحمد ابن الوليد] (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن محمّد بن عبيد [اليقطيني] ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن أبي عمير، عن جميل بن صالح، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يبعث القائم وليس في عنقه لاحد بيعة(2).

5843 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد والحسن بن ظريف جميعا، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يقوم القائم (عليه السّلام) وليس لاحد في عنقه بيعة(3).

5844 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن أحمد الشيباني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن جعفر الكوفي قال: حدثنا سهل بن زياد الآدمي قال: حدثنا عبدالعظيم بن عبداللّه الحسني (رضي اللّه عنه) عن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمدبن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السّلام)، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال: للقائم منّا غيبة أمدها طويل كأنّي بالشيعة يجولون جولان النعم في غيبته، يطلبون المرعى فلا يجدونه ألا

ص:526


1- (1) - غيبة النعماني: ص 191 ح 45. منه البحار: ج 51 ص 39.
2- (2) - إكمال الدين: ص 479 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 95.
3- (3) - اكمال الدين: ص 480 ح 3. منه البحار: ج 52 ص 95.

فمن ثبت منهم على دينه ولم يقس قلبه لطول أمد غيبة إمامه فهو معي في درجتي يوم القيامة، ثمّ قال (عليه السّلام): إنّ القائم منّا إذا قام لم يكن لاحد في عنقه بيعة فلذلك تخفى ولادته ويغيب شخصه(1).

5845 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: صاحب هذا الامر تعمى ولادته على [هذا] الخلق لئلاّ يكون لاحد في عنقه بيعة إذا خرج(2).

5846 - إكمال الدين: حدثنا عبدالواحد بن محمّد العطار (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبو عمرو الكشي(3)، عن محمّد بن مسعود قال:

حدثنا جبرئيل بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن سعيد بن غزوان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: صاحب هذا الامر تغيب ولادته عن هذا الخلق كيلا يكون لاحد في عنقه بيعة إذا خرج، ويصلح اللّه (عزّوجلّ ) أمره في ليلة [واحدة](4).

ص:527


1- (1) - اكمال الدين: ص 303 ح 14. منه البحار: ج 51 ص 109.
2- (2) - اكمال الدين: ص 479 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 95.
3- (3) - أبو عمرو اللّيثيّ - البحار.
4- (4) - اكمال الدين: ص 480 ح 5. منه البحار: ج 52 ص 96.

باب (6) صفات الإمام المهدي عليه السّلام وعلاماته

5847 - غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن رباح الزهري قال: حدثنا أحمد بن عليّ الحميريّ قال: حدثنا الحسن بن أيوب(1)، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعميّ قال:

حدثني محمّد بن عصام قال: حدثني وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام) أو أبو عبداللّه (عليه السّلام) - الشك من ابن عصام -: يا أبا محمد بالقائم علامتان: شامة في رأسه، وداء الحزاز(2) برأسه، وشامة بين كتفيه من جانبه الايسر تحت كتفه الأيسر، ورقة مثل ورقة الآس(3).

5848 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد [ابن عقدة] قال: حدثنا علي بن الحسن التّيملي قال: حدثنا محمّد وأحمد ابنا الحسن، عن أبيهما، عن ثعلبة بن ميمون(4)، عن يزيد بن أبي حازم قال: خرجت من الكوفة فلمّا قدمت المدينة دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فسلّمت عليه فسألني هل صاحبك أحد؟

فقلت: نعم.

ص:528


1- (1) - الحسين بن أيوب - البحار.
2- (2) - الحزاز: القشرة التي تتساقط من الرأس كالنخالة. (المنجد).
3- (3) - غيبة النعماني: ص 216 ح 5. منه البحار: ج 51 ص 41.
4- (4) - ثعلبة بن مهران - البحار.

فقال: اكنتم تتكلّمون ؟

قلت: نعم، صحبني رجل من المغيرية(1).

قال: فما كان يقول ؟

قلت: كان يزعم أن محمد بن عبداللّه بن الحسن [يرجى] هو القائم، والدليل على ذلك أنّ اسمه اسم النبي (صلّى اللّه عليه وآله) واسم أبيه اسم أبي النبيّ ، فقلت له في الجواب: إن كنت تأخذ بالأسماء فهوذا في ولد الحسين محمّد بن عبداللّه بن عليّ .

فقال لي: إنّ هذا ابن أمة يعني محمّد بن عبداللّه بن عليّ وهذا ابن مهيرة(2) يعني محمّد بن عبداللّه بن الحسن بن الحسن.

فقال [لي] أبو عبداللّه (عليه السّلام): فما رددت عليه ؟

فقلت: ما كان عندي شيء أردّ عليه.

فقال: أولم تعلموا أنّه ابن سبيّة ؟! يعني القائم (عليه السّلام)(3).

5849 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا أحمد ابن مابنداذ قال: حدثنا أحمد بن هلال(4)، عن أبي مالك الحضرمي، عن أبي السفاتج، عن أبي بصير قال: قلت لاحدهما - لابي عبداللّه أو لابي جعفر (عليهما السّلام) -: أيكون أن يفضى هذا الامر إلى من لم يبلغ ؟

ص:529


1- (1) - من المعتزلة - البحار.
2- (2) - المهيرة: الحرة الغالية المهر، وجمعها: مهائر. (أقرب الموارد). والمراد بمحمد بن عبداللّه بن الحسن هو محمد بن عبداللّه بن الحسن المثنى بن الامام الحسن المجتبى (عليه السّلام) والذي يعرف ب (ذي النفس الزكية).
3- (3) - غيبة النعماني: ص 229 ح 12. منه البحار: ج 51 ص 42.
4- (4) - احمد بن هليل - البحار.

قال: سيكون ذلك.

قلت: فما يصنع ؟

قال: يورثه علما وكتبا ولا يكله إلى نفسه(1).

البحار - بيان: لعلّ المعنى أن لامدخل للسنّ في علومهم وحالاتهم فإن اللّه تعالى لا يكلهم إلى أنفسهم بل هم مؤيّدون بالالهام وروح القدس.

باب (7) أيّام اللّه ثلاثة

5850 - معاني الاخبار: حدثنا أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن محمّد ابن أبي عمير، عن مثنّى الحنّاط، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: أيّام اللّه(2) (عزّوجلّ ) ثلاثة: يوم يقوم القائم، ويوم الكرّة(3)، ويوم القيامة(4).

باب (8) الآيات المأولة بقيام القائم عليه السّلام

5851 - تفسير القميّ : حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن

ص:530


1- (1) - غيبة النعماني: ص 322 ح 2. منه البحار: ج 51 ص 43.
2- (2) - إشارة إلى قوله (عزّوجلّ ): (وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيّٰامِ اللّٰهِ ) سورة ابراهيم 14:5.
3- (3) - أي يوم الرجعة.
4- (4) - معاني الأخبار: ص 365 ح 1. منه البحار: ج 51 ص 50.

مسكان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّٰهَ عَلىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) (1).

قال: إنّ العامّة يقولون: نزلت في رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لمّا أخرجته قريش من مكة وإنّما هي للقائم (عليه السّلام) إذا خرج يطلب بدم الحسين (عليه السّلام) وهو قوله: نحن أولياء الدّم وطلاّب الدية(2).

5852 - غيبة النعماني: أخبرنا عليّ بن الحسين المسعودي قال:

حدثنا محمد بن يحيى العطار القميّ قال: حدثنا محمّد بن حسّان(3)الرازي قال: حدثنا محمد بن عليّ الكوفي قال: حدثنا عبدالرحمن بن أبي نجران، عن القاسم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقٰاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللّٰهَ عَلىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ) .

قال: هي في القائم (عليه السّلام) وأصحابه(4).

5853 - تفسير القمي: قوله: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمٰاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنٰاقُهُمْ لَهٰا خٰاضِعِينَ ) (5) فانّه حدّثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن هشام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: تخضع رقابهم يعني

ص:531


1- (1) - الحج 22:39.
2- (2) - تفسير القمي: ج 2 ص 84. منه البحار: ج 51 ص 47.
3- (3) - محمّد بن الحسن - البحار.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 241 ح 38. منه البحار: ج 51 ص 58.
5- (5) - الشعراء 26:4.

بني اميّة وهي الصيحة من السماء باسم صاحب الامر (عليه السّلام)(1).

أقول: هذا على التأويل كما لايخفى.

5854 - اكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رحمه اللّه) قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار قال: حدثنا أحمد بن محمّد ابن عيسى، عن عمر بن عبدالعزيز، عن غير واحد، عن داود بن كثير الرقيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ):

(هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) (2).

قال: من أقرّ بقيام القائم (عليه السّلام) أنّه حقّ (3).

5855 - إكمال الدين: حدثنا عليّ بن أحمد بن محمد الدقّاق (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أحمد بن أبي عبداللّه الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعيّ ، عن عمّه الحسين بن يزيد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم قال: سالت الصادق (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (الم * ذٰلِكَ الْكِتٰابُ لاٰ رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * اَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) ؟

فقال: المتّقون شيعة عليّ (عليه السّلام) والغيب فهو الحجّة الغائب، وشاهد ذلك قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ يَقُولُونَ لَوْ لاٰ أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلّٰهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (4).

ص:532


1- (1) - تفسير القميّ : ج 2 ص 118. منه البحار: ج 51 ص 48.
2- (2) - البقرة 2:2 و 3.
3- (3) - اكمال الدين: ص 17 وص 340 ح 19. منه البحار: ج 52 ص 124.
4- (4) - اكمال الدين: ص 340 ح 20، والآية في سورة يونس 10:20. منه البحار: ج 51 ص 52.

5856 - الكافي: أبو عليّ الاشعري، عن محمد بن حسان، عن محمد بن عليّ ، عن عبداللّه بن القاسم، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (فَإِذٰا نُقِرَ فِي النّٰاقُورِ) (1).

قال: إنّ منّا إماما مظفّرا مستترا(2)، فإذا أراد اللّه (عزّ ذكره) إظهار أمره نكت في قلبه نكتة فظهر فقام بأمر اللّه (تبارك وتعالى)(3).

غيبة الطوسي: أخبرني جماعة، عن أبي المفضل، عن محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم، عن المفضل ابن عمر قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن تفسير جابر؟

فقال: لاتحدّث به السفل(4) فيذيعونه، أما تقرأ كتاب اللّه تعالى:

(فَإِذٰا نُقِرَ فِي النّٰاقُورِ) .... وذكر مثله(5).

إختيار معرفة الرجال: آدم بن محمّد البلخي قال: حدثنا علي بن الحسن بن هارون الدقاق قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثني علي ابن سليمان قال: حدثني الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن حسان، عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام)... وذكر نحو ما في كتاب الغيبة للطوسي(6).

ص:533


1- (1) - المدثر 74:8.
2- (2) - إنّ منّا إماما مستترا - غيبة الطوسي.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 343 ح 30.
4- (4) - السّفلة: السّقاط من النّاس السان العرب).
5- (5) - غيبة الطوسي. ص 103.
6- (6) - اختيار معرفة الرجال: ج 2 ص 437 ح 338.

5857 - تفسير القمي: قوله: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذٰا دَعٰاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفٰاءَ الْأَرْضِ ) (1) فانّه حدثني أبي، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نزلت في القائم من آل محمّد (عليهم السّلام)، هو واللّه المضطرّ إذا صلّى في المقام ركعتين ودعا اللّه فأجابه ويكشف السوء ويجعله خليفة في الارض(2).

5858 - إكمال الدين: حدثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلوي السمرقنديّ (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، وحيدر بن محمّد بن نعيم السمرقنديّ جميعا، عن محمّد [بن] مسعود العياشي قال: حدثني عليّ بن محمّد بن شجاع، عن محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرّحمن، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيٰاتِ رَبِّكَ لاٰ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمٰانُهٰا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمٰانِهٰا خَيْراً) (3) قال: يعني [يوم] خروج القائم المنتظر منّا.

ثمّ قال (عليه السّلام): يا أبا بصير طوبى لشيعة قائمنا المنتظرين لظهوره في غيبته، والمطيعين له في ظهوره اولئك أولياء اللّه الّذين لاخوف عليهم ولا هم يحزنون(4).

ص:534


1- (1) - النمل 27:62.
2- (2) - تفسير القميّ : ج 2 ص 129. منه البحار: ج 51 ص 48.
3- (3) - الانعام 6:158.
4- (4) - اكمال الدين: ص 357 ح 54. منه البحار: ج 52 ص 149.

5859 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدّثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن عليّ بن رئاب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: في قول اللّه (عزّوجلّ ): (يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيٰاتِ رَبِّكَ لاٰ يَنْفَعُ نَفْساً إِيمٰانُهٰا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ ) فقال: الآيات هم الائمّة والآية المنتظرة [هو] القائم (عليه السّلام) فيومئذ لاينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل قيامه بالسيف وإن آمنت بمن تقدّمه من آبائه (عليهم السّلام)(1).

أقول: لايخفى أن هذا - وأمثاله - على التأويل.

البحار: ثواب الأعمال - حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) بهذا الاسناد مثله(2).

البحار: ثواب الاعمال - وحدثنا بذلك أحمد بن زياد، عن علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير وابن محبوب، عن ابن رئاب وغيره، عن الصادق (عليه السّلام)3.

5860 - إكمال الدين: حدثنا المظفّر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن محمد ابن مسعود [العياشي] قال: حدّثني جبرئيل بن أحمد قال: حدثني موسى بن جعفر [بن وهب البغدادي] قال: حدثني موسى بن القاسم، عن عليّ بن جعفر، عن أبي الحسن موسى بن جعفر (عليهما السّلام) قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول في قول اللّه (عزّوجلّ ):

ص:535


1- (1) - اكمال الدين: ص 336 ح 8. منه البحار: ج 51 ص 51.
2- (2و3) - البحار: ج 51 ص 51.

(قُلْ أَ رَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مٰاؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمٰاءٍ مَعِينٍ ) (1) قال:

أرأيتم إن غاب عنكم إمامكم فمن يأتيكم بامام جديد(2).

5861 - إكمال الدين: أخبرني علي بن حاتم فيما كتب إليّ ، قال: حدثنا حميد بن زياد(3)، عن الحسن بن علي بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن سماعة وغيره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: نزلت هذه الآية في القائم (عليه السّلام) (وَ لاٰ يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ مِنْ قَبْلُ فَطٰالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ فٰاسِقُونَ ) (4).

5862 - تفسير العياشي: عن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه: (وَ تِلْكَ الْأَيّٰامُ نُدٰاوِلُهٰا بَيْنَ النّٰاسِ ) (5).

قال: ما زال منذ خلق اللّه آدم دولة للّه ودولة لإبليس فأين دولة اللّه ؟ أما هو الاّ قائم واحد(6) و(7).

5863 - تفسير العياشي: عن جابر، عن [جعفر بن محمّد و] أبي جعفر (عليهما السّلام) في قول اللّه: (وَ أَذٰانٌ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّٰاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) (8).

ص:536


1- (1) - الملك 67:30.
2- (2) - اكمال الدين: ص 351 ح 48. منه البحار: ج 51 ص 53.
3- (3) - احمد بن زياد - البحار.
4- (4) - اكمال الدين: ص 668 ح 12، والآية في سورة الحديد 57:16. منه البحار: ج 51 ص 54.
5- (5) - آل عمران 3:140.
6- (6) - هكذا في المصدر وفي البرهان: فان دولة الله ما هو الّا قائم واحد. والظاهر انه الصحيح.
7- (7) - تفسير العياشي: ج 1 ص 199 ح 145. منه البرهان: ج 1 ص 318.
8- (8) - التوبة 9:3.

قال: خروج القائم وأذان دعوته إلى نفسه(1).

5864 - تفسير العياشي: عن زرارة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): سئل أبي عن قول اللّه: (وَ قٰاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمٰا يُقٰاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) (2)(.... حَتّٰى لاٰ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّٰهِ ) ؟(3)فقال: إنه لم يجيء تأويل هذه الآية ولو قد قام قائمنا بعده سيري من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية وليبلغنّ دين محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ما بلغ اللّيل حتّى لايكون شرك (مشرك - خ ل) على ظهر الارض كما قال اللّه(4).

5865 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن(5) من كتابه قال: حدثنا اسماعيل بن مهران قال: حدثنا الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه ووهيب(6)، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في معنى قوله (عزّوجلّ ): (وَعَدَ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضىٰ لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ

ص:537


1- (1) - تفسير العياشي: ج 2 ص 76 ح 15. منه البحار: ج 51 ص 55.
2- (2) - التوبة 9:36.
3- (3) - الانفال 8:39. وفي البحار هكذا: (قٰاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمٰا يُقٰاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ) حتى لايكون مشرك (وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّٰهِ ).
4- (4) - تفسير العياشي: ج 2 ص 56 ح 48. منه البحار: ج 51 ص 55.
5- (5) - أبو الحسين - البحار.
6- (6) - وهب - البحار.

أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاٰ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) (1).

قال: نزلت في القائم وأصحابه(2).

5866 - تفسير العياشي: عن أبان، عن مسافر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه: (وَ لَئِنْ أَخَّرْنٰا عَنْهُمُ الْعَذٰابَ إِلىٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) يعني عدّة كعدّة بدر (لَيَقُولُنَّ مٰا يَحْبِسُهُ أَلاٰ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ ) (3).

قال: العذاب(4).

5867 - تفسير العياشي: عن الحسين، عن الخزّاز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): (وَ لَئِنْ أَخَّرْنٰا عَنْهُمُ الْعَذٰابَ إِلىٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) قال: هو القائم وأصحابه(5).

5868 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا حميد بن زياد، قال: حدثنا عليّ بن الصباح، قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمّد الحضرميّ ، قال: حدثنا جعفر بن محمّد، عن ابراهيم بن عبدالحميد، عن إسحاق بن عبدالعزيز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (وَ لَئِنْ أَخَّرْنٰا عَنْهُمُ الْعَذٰابَ إِلىٰ أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ ) .

قال: العذاب: خروج القائم (عليه السّلام) والامّة المعدودة:

ص:538


1- (1) - النور 24:55.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 240 ح 35. منه البحار: ج 51 ص 58.
3- (3) - هود 11:8.
4- (4) - تفسير العياشي: ج 2 ص 140 ح 7. منه البحار: ج 51 ص 55.
5- (5) - تفسير العياشي: ج 2 ص 141 ح 9. منه البحار: ج 51 ص 55.

عدّة أهل بدر وأصحابه(1).

5869 - غيبة النعماني: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيداللّه بن موسى، عن أحمد بن محمد بن خالد [البرقي]، عن أبيه، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمٰاهُمْ ) (2).

قال: اللّه يعرفهم ولكن نزلت في القائم يعرفهم بسيماهم فيخبطهم(3) بالسيف هو وأصحابه خبطا(4).

5870 - بصائر الدرجات: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن سليمان الديلميّ ، عن معاوية الدهنيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمٰاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوٰاصِي وَ الْأَقْدٰامِ ) .

فقال: يا معاوية ما يقولون في هذا؟

قلت: يزعمون أنّ اللّه (تبارك وتعالى) يعرف المجرمين بسيماهم في القيامة، فيأمر بهم، فيؤخذ بنواصيهم وأقدامهم، فيلقون في النار.

فقال لي: وكيف يحتاج الجبّار (تبارك وتعالى) إلى معرفة خلق أنشأهم وهم خلقه.

فقلت: جعلت فداك وما ذلك ؟

قال: لو قام قائمنا أعطاه اللّه السيماء فيأمر بالكافر فيؤخذ

ص:539


1- (1) - غيبة النعماني: ص 241 ح 36. منه البحار: ج 51 ص 58.
2- (2) - الرحمن 55:41.
3- (3) - خبطه خبطا: ضربه ضربا شديدا، والقوم بسيفه: جلدهم. (القاموس).
4- (4) - غيبة النعماني: ص 242 ح 39. منه البحار: ج 51 ص 58.

بنواصيهم وأقدامهم ثمّ يخبط بالسيف خبطا(1).

الاختصاص: ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن سليمان، عن أبيه سليمان الديلميّ ، عن معاوية بن عمار الدّهني، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

5871 - غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدّثنا أحمد بن يوسف(3) قال: حدثنا إسماعيل بن مهران، عن الحسن ابن عليّ ، عن أبيه، ووهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرٰاتِ أَيْنَ مٰا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّٰهُ جَمِيعاً) (4).

قال: نزلت في القائم وأصحابه يجتمعون على غير ميعاد(5).

5872 - تفسير القمي: أخبرنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن يعقوب بن يزيد، عن علي بن حماد الخزّاز (الجزار - ط)، عن الحسين بن أحمد المنقري، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (مُدْهٰامَّتٰانِ ) (6).

قال: يتّصل ما بين مكة والمدينة نخلا(7).

ص:540


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 379 ح 17.
2- (2) - الاختصاص: ص 304. منهما البحار: ج 52 ص 320.
3- (3) - وأحمد بن يوسف - البحار.
4- (4) - البقرة 2:148.
5- (5) - غيبة النعماني: ص 241 ح 37. منه البحار: ج 51 ص 58.
6- (6) - الرحمن 55:64.
7- (7) - تفسير القمي: ج 2 ص 345. منه البحار: ج 51 ص 49.

5873 - ثواب الاعمال: حدثني محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثني محمد بن الحسن الصفار قال: حدثني عبّاد بن سليمان، عن محمّد بن سليمان الديلمي، عن أبيه قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): (هَلْ أَتٰاكَ حَدِيثُ الْغٰاشِيَةِ ) .

قال: يغشاهم القائم (عليه السّلام) بالسيّف.

قال: قلت: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خٰاشِعَةٌ ) .

قال: يقول: خاضعة ولا تطيق الامتناع.

قال: قلت: (عٰامِلَةٌ ) .

قال: عملت بغير ما أنزل اللّه (عزّوجلّ ).

قلت: (نٰاصِبَةٌ ) .

قال: نصبت لغيره ولاة الأمر.

قال: قلت: (تَصْلىٰ نٰاراً حٰامِيَةً ) (1).

قال: تصلى نار الحرب في الدّنيا على عهد القائم (عليه السّلام) وفي الآخرة نار جهنّم(2).

5874 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العباس، حدثنا عليّ بن حاتم، عن حسن بن محمّد بن عبدالواحد، عن حفص بن عمر(3) بن سالم، عن محمّد بن حسين بن عجلان، عن مفضّل بن عمر قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ ):

ص:541


1- (1) - الغاشية 88:1-4.
2- (2) - ثواب الاعمال: ص 248. منه البحار: ج 51 ص 50.
3- (3) - جعفر بن عمر - البحار.

(وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذٰابِ الْأَدْنىٰ دُونَ الْعَذٰابِ الْأَكْبَرِ) ؟(1).

قال: الادنى: غلاء السعر والأكبر: المهديّ بالسيف(2).

5875 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه)، حدثنا أحمد بن هوذة، عن إبراهيم بن اسحاق(3)، عن عبداللّه ابن حمّاد، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ ) في كتابه: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدىٰ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ؟(4).

فقال: واللّه ما انزل تأويلها بعد.

قلت: جعلت فداك ومتى ينزل تأويلها؟

قال: حين(5) يقوم القائم إن شاء اللّه، فاذا خرج القائم لم يبق كافر ولا مشرك إلاّ كره خروجه، حتّى لو أنّ كافرا أو مشركا في بطن صخرة لقالت الصخرة: يامؤمن في بطني كافر أو مشرك فاقتله.

قال: فيجيئه(6) فيقتله(7).

5876 - تفسير فرات الكوفي: قال: حدثنا جعفر بن أحمد معنعنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي

ص:542


1- (1) - السجدة 32:21.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 444 ح 6. منه المحار: ج 51 ص 59.
3- (3) - إسحاق بن ابراهيم - البحار.
4- (4) - الصف 61:9.
5- (5) - حتى - البحار.
6- (6) - فينحّيه اللّه - البحار.
7- (7) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 688 ح 7. منه البحار: ج 51 ص 60.

أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدىٰ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) .

قال: إذا خرج القائم (عليه السّلام) لم يبق مشرك باللّه العظيم ولا كافر إلاّ كره خروجه حتى لو كان في بطن صخرة لقالت الصخرة:

يا مؤمن فيّ مشرك فاكسرني واقتله(1).

5877 - البحار: تأويل الآيات الظاهرة - عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (إِذٰا تُتْلىٰ عَلَيْهِ آيٰاتُنٰا قٰالَ أَسٰاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) * (2)يعني تكذيبه بقائم آل محمّد (عليه السّلام) إذ يقول له: لسنا نعرفك ولست من ولد فاطمة، كما قال المشركون لمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله)(3).

5878 - الكافي: أبو عليّ الاشعريّ ، عن محمّد بن عبدالجبّار، عن الحسن بن عليّ ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) ؟(4).

قال: يريهم في أنفسهم المسخ ويريهم في الآفاق انتقاض الآفاق عليهم فيرون قدرة اللّه (عزّوجلّ ) في أنفسهم وفي الآفاق.

قلت له: (حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) .

قال: خروج القائم هو الحقّ من عند اللّه (عزّوجلّ ) يراه الخلق لابدّ منه(5).

ص:543


1- (1) - تفسير فرات الكوفي: ص 481 ح 627. منه البحار: ج 51 ص 60.
2- (2) - القلم 68:15، المطففين 83:13.
3- (3) - البحار: ج 51 ص 61 ح 60.
4- (4) - فصّلت 41:53.
5- (5) - الكافي: ج 8 ص 381 ح 575.

5879 - تأويل الايات الظاهرة: قال محمّد بن العباس (رحمه اللّه): حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن القاسم بن إسماعيل الانباري، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن إبراهيم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله (عزّوجلّ ): (سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) .

قال: في الآفاق انتقاض الأطراف عليهم، وفي أنفسهم - بالمسخ - حتّى يتبيّن لهم أنّه الحقّ أي أنّه القائم (عليه السّلام)(1).

5880 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه وعدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن ابن فضّال، عن ثعلبة بن ميمون، عن الطيّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (سَنُرِيهِمْ آيٰاتِنٰا فِي الْآفٰاقِ وَ فِي أَنْفُسِهِمْ حَتّٰى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ ) .

قال: خسف ومسح وقذف.

قال: قلت: حتّى يتبيّن لهم ؟

قال: دع ذا ذاك قيام القائم(2).

5881 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه) حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن صفوان بن يحيي، عن أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (أَ فَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنٰاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جٰاءَهُمْ مٰا كٰانُوا يُوعَدُونَ ) .

ص:544


1- (1) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 541 ح 17. منه البحار: ج 24 ص 164.
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 166 ح 181.

قال: خروج القائم (عليه السّلام) (مٰا أَغْنىٰ عَنْهُمْ مٰا كٰانُوا يُمَتَّعُونَ ) قال: هم بنو اميّة الّذين متّعوا في دنياهم(1).

5882 - الكافي: جماعة عن سهل، عن محمّد، عن أبيه، عن أبي بصير، قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام) قوله (تبارك وتعالى): (وَ أَقْسَمُوا بِاللّٰهِ جَهْدَ أَيْمٰانِهِمْ لاٰ يَبْعَثُ اللّٰهُ مَنْ يَمُوتُ بَلىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَ لٰكِنَّ أَكْثَرَ النّٰاسِ لاٰ يَعْلَمُونَ ) (2)؟

قال: فقال لي: يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية ؟

قال: قلت: إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أنّ اللّه لايبعث الموتى.

قال: فقال: تبّا لمن قال هذا، سلهم هل كان المشركون يحلفون باللّه أم باللاّت والعزّي ؟

قال: قلت: جعلت فداك فأوجدنيه.

قال: فقال لي: يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث اللّه إليه قوما من شيعتنا قباع سيوفهم(3) على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون: بعث فلان وفلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم، فيبلغ ذلك قوما من عدوّنا فيقولون: يا معشر الشيعة ما أكذبكم ؟! هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب، لا واللّه ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيامة قال: فحكى اللّه قولهم فقال: (وَ أَقْسَمُوا بِاللّٰهِ جَهْدَ

ص:545


1- (1) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 392 ح 18، والآيات في سورة الشعراء 26: 205-207. منه البحار: ج 24 ص 372.
2- (2) - النحل 16:38.
3- (3) - قبيعة السيف: ما على طرف مقبضه من فضة أو حديد. (أقرب الموارد).

أَيْمٰانِهِمْ لاٰ يَبْعَثُ اللّٰهُ مَنْ يَمُوتُ ) (1).

أقول: لايخفى أنّ هذا على التأويل اذ ان هؤلاء مصداق لهذه الآية كأولئك المنكرين واللّه العالم.

تفسير العياشي: عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

البحار: أقول: روى السيّد في كتاب (سعد السّعود) من كتاب (ما نزل من القران في أهل البيت (عليهم السّلام)) تأليف المفيد (رحمه اللّه) عن ابن أبي هراسة، عن إبراهيم بن إسحاق، عن عبداللّه بن حمّاد، عن أبي بصير، عن أبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهما السّلام) مثله(3).

باب (9) خروج الإمام المهدي عليه السّلام أمر حتمي

5883 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا محمد بن عمر ابن محمد بن سلم بن البراء الجعابي قال: حدثني أبو محمّد الحسن بن عبداللّه بن محمد بن العباس الرازي التميمي قال: حدثني سيّدي علي ابن موسى الرضا (عليه السّلام) قال: حدثني أبي موسى بن جعفر (قال: حدثني أبي جعفر بن محمد) قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي

ص:546


1- (1) - الكافي: ج 8 ص 50 ح 14.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 2 ص 259 ح 26.
3- (3) - البحار: ج 53 ص 93.

قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لاتقوم الساعة حتّى يقوم قائم للحقّ (1) منّا وذلك حين يأذن اللّه (عزّوجلّ ) له، ومن تبعه نجا ومن تخلّف عنه هلك، اللّه اللّه عباد اللّه فأتوه ولو على الثلج فانّه خليفة اللّه (عزّوجلّ ) وخليفتي(2).

5884 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بهذا الاسناد، عن علي (عليه السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله): لاتذهب الدّنيا حتّى يقوم [بأمر امّتي] رجل من ولد الحسين يملاها عدلا كما ملئت ظلما وجورا(3).

5885 - إكمال الدين: حدثنا عبدالواحد بن محمّد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبو عمرو البلخي، عن محمّد بن مسعود قال:

حدثني خلف بن حماد(4)، عن سهل بن زياد، عن إسماعيل بن مهران، عن محمّد بن أسلم الجبليّ ، عن الخطّاب بن مصعب، عن سدير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه، يأتمّ به وبأئمّة الهدي من قبله ويبرأ إلى اللّه (عزّوجلّ ) من عدوّهم اولئك رفقائي وأكرم امّتي عليّ (5).

ص:547


1- (1) - حتى يقوم القائم الحقّ - البحار.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 59 ح 230. منه البحار: ج 51 ص 65.
3- (3) - عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 66 ح 293. منه البحار: ج 51 ص 66. وما بين المعقوفتين من البحار.
4- (4) - خلف بن حامد - البحار.
5- (5) - اكمال الدين: ص 286 ح 3. منه البحار: ج 51 ص 72.

5886 - الكافي: أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، عن جعفر بن القاسم، عن محمد بن الوليد الخزّاز، عن الوليد بن عقبة، عن الحارث بن زياد، عن شعيب، عن أبي حمزة قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقلت له: أنت صاحب هذا الامر؟

فقال: لا.

فقلت: فولدك ؟

فقال: لا.

فقلت: فولد ولدك هو؟

قال: لا.

فقلت: فولد ولد ولدك ؟

فقال: لا.

قلت: من هو؟

قال: الّذي يملاها عدلا كما ملئت ظلما وجورا، على فترة من الائمّة، كما أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) بعث على فترة من الرّسل(1).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا محمد بن يحيي، عن أحمد بن ادريس بهذا الاسناد نحوه(2).

***

ص:548


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 341 ح 21.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 186 ح 38.

باب (10) المرتابون في الإمام المهدي عليه السّلام

5887 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدّثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن عبدالسلام بن صالح الهروي، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا، عن أبيه، عن آبائه، عن علي (عليهم السّلام) قال: قال النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله):

والّذي بعثني بالحقّ بشيرا ليغيبنّ القائم من ولدي بعهد معهود إليه منّي حتّى يقول أكثر الناس ما للّه في آل محمّد حاجة، ويشك آخرون في ولادته فمن أدرك زمانه فليتمسّك بدينه، ولا يجعل للشيطان إليه سبيلا بشكه، فيزيله عن ملّتي ويخرجه من ديني فقد أخرج أبويكم من الجنّة من قبل، وإنّ اللّه (عزّوجلّ ) جعل الشياطين أولياء للّذين لايؤمنون(1).

5888 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همّام قال: حدثنا جعفر ابن محمّد بن مالك قال: حدثنا إسحاق بن سنان قال: حدثنا عبيد بن خارجة، عن عليّ بن عثمان، عن فرات بن أحنف(2)، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد، عن آبائه (عليهم السلام) قال: زاد الفرات على عهد أمير المؤمنين (عليه السّلام) فركب هو وابناه الحسن والحسين (عليهما السّلام) فمرّ بثقيف فقالوا: قد جاء عليّ يردّ الماء، فقال عليّ (عليه السّلام): أما واللّه لأقتلنّ أنا وابناي هذان وليبعثنّ اللّه رجلا من ولدي

ص:549


1- (1) - اكمال الدين: ص 51. منه البحار: ج 51 ص 68.
2- (2) - حراب بن أحنف - البحار.

في آخر الزّمان يطالب بدمائنا وليغيبنّ عنهم تمييزا لاهل الضلالة حتّى يقول الجاهل: ما للّه في آل محمّد من حاجة(1).

5889 - إكمال الدين: حدثنا أحمد بن محمّد بن يحيى العطّار (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبي، عن ابراهيم بن هاشم، عن محمد ابن أبي عمير، عن صفوان بن مهران الجمّال قال: قال الصادق جعفر ابن محمّد (عليهما السّلام): أما واللّه ليغيبنّ عنكم مهديّكم حتّى يقول الجاهل منكم: ما للّه في آل محمّد حاجة ثمّ يقبل كالشّهاب الثاقب فيملاها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما(2).

باب (11) الإمام المهدي عليه السّلام من ولد الإمام الحسين عليه السّلام

5890 - غيبة النعماني: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حماد الانصاري، عن أبان بن عثمان قال: قال أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): بينا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذات يوم في البقيع حتى اقبل علي (عليه السّلام) فسأل عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقيل: انّه بالبقيع، فأتاه علي (عليه السّلام) فسلّم عليه فقال [له] رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):

اجلس فأجلسه عن يمينه، ثم جاء جعفر بن أبي طالب فسال عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقيل له: هو بالبقيع، فأتاه فسلّم عليه

ص:550


1- (1) - غيبة النعماني: ص 140 ح 1. منه البحار: ج 51 ص 112.
2- (2) - اكمال الدين: ص 341 ح 22. منه البحار: ج 51 ص 145.

فأجلسه عن يساره، ثمّ جاء العبّاس فسأل عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فقيل له: هو بالبقيع، فأتاه فسلّم عليه فأجلسه أمامه.

ثمّ التفت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى عليّ (عليه السّلام): فقال: ألا ابشّرك ؟ ألا اخبرك ياعليّ؟

فقال: بلى يا رسول اللّه.

فقال: كان جبرئيل عندي آنفا وأخبرني أنّ القائم الّذي يخرج في آخر الزّمان فيملأ الارض عدلا [كما ملئت ظلما وجورا] من ذرّيتك من ولد الحسين (عليه السّلام).

فقال عليّ (عليه السّلام): يا رسول اللّه ما أصابنا خير قطّ من اللّه إلاّ على يديك.

ثمّ التفت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) الى جعفر بن أبي طالب فقال: يا جعفر ألا ابشّرك ؟ ألا اخبرك ؟

قال: بلى يا رسول اللّه.

فقال: كان جبرئيل عندي آنفا فأخبرني أنّ الّذي يدفعها إلى القائم هو من ذرّيتك أتدري من هو؟

قال: لا.

قال: ذاك الّذي وجهه كالدّينار(1) وأسنانه كالمنشار وسيفه كحريق النّار، يدخل الجند(2) ذليلا، ويخرج منه عزيزا، يكتنفه جبرئيل وميكائيل.

ثمّ التفت إلى العبّاس فقال: يا عمّ النبيّ ألا اخبرك بما أخبرني به

ص:551


1- (1) - في بعض النسخ: وجهه كالبدر. «هامش المصدر».
2- (2) - يدخل الجبل - البحار.

جبرئيل ؟

فقال: بلى يا رسول اللّه.

قال: قال لي جبرئيل: ويل لذرّيتك من ولد العبّاس.

فقال: يا رسول اللّه أفلا أجتنب النساء؟

فقال له: قد فرغ اللّه ممّا هو كائن(1).

5891 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن سليمان، عن عيثم بن أشيم، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خرج النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ذات يوم وهو مستبشر يضحك سرورا، فقال له الناس: أضحك اللّه سنّك يا رسول اللّه وزادك سرورا.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّه ليس من يوم ولا ليلة إلاّ ولي فيهما تحفة من اللّه، ألا وإنّ ربّي أتحفني في يومي هذا بتحفة لم يتحفني بمثلها فيما مضى، إنّ جبرئيل أتاني فأقرأني من ربّي السلام وقال: يا محمّد إنّ اللّه (عزّوجلّ ) اختار من بني هاشم سبعة، لم يخلق مثلهم فيمن مضى ولا يخلق مثلهم فيمن بقي. أنت يا رسول اللّه سيد النبيّين وعليّ بن أبي طالب وصيّك سيّد الوصيّين والحسن والحسين سبطاك سيّد الاسباط(2) وحمزة عمّك سيد الشهداء وجعفر ابن عمّك الطيّار في الجنّة يطير مع الملائكة حيث يشاء ومنكم القائم - يصلّي عيسى بن مريم خلفه إذا أهبطه اللّه إلى الارض - من ذريّة عليّ

ص:552


1- (1) - غيبة النعماني: ص 247 ح 1. منه البحار: ج 51 ص 76.
2- (2) - هكذا في المصدر والظاهر أنّ الصحيح: سيدا الاسباط.

وفاطمة من ولد الحسين (عليهم السّلام)(1).

5892 - إكمال الدين: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمّد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) انّه قال: التاسع من ولدك يا حسين هو القائم بالحقّ ، المظفر للدّين، الباسط للعدل.

قال الحسين (عليه السّلام): فقلت له: يا أمير المؤمنين وإنّ ذلك لكائن ؟

فقال: أي والّذي بعث محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) بالنبوّة واصطفاه على جميع البريّة ولكن بعد غيبة وحيرة، فلا يثبت فيها على دينه إلاّ المخلصون المباشرون لروح اليقين الّذين أخذ اللّه (عزّوجلّ ) ميثاقهم بولايتنا وكتب في قلوبهم الإيمان وأيّدهم بروح منه(2).

5893 - اكمال الدين: حدثنا عبدالواحد بن محمد بن عبدوس العطار قال: حدثنا أبو عمرو الكشي قال: حدثنا محمد بن مسعود قال: حدثنا علي بن محمد بن شجاع، عن محمد بن عيسى، عن محمد بن أبي عمير، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن الصادق جعفر ابن محمد، عن أبيه محمد بن عليّ ، عن أبيه عليّ بن الحسين (عليهما السّلام) قال: قال الحسين بن عليّ : في التاسع من ولدي سنّة من

ص:553


1- (1) - الكافي: ج 8 ص 49 ح 10.
2- (2) - اكمال الدين: ص 304 ح 16. منه البحار: ج 51 ص 110.

يوسف وسنّة من موسى بن عمران (عليهما السّلام) وهو قائمنا أهل البيت يصلح اللّه (تبارك وتعالى) أمره في ليلة واحدة(1).

5894 - شرح الأخبار: روي عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) عن جدّه علي بن الحسين (عليه السّلام)، أنه سئل عن المهدي ؟

فقال: هو من ولدي(2).

باب (12) الإمام أمير المؤمنين يتحدّث عن الإمام المهدي عليهما السّلام

5895 - الإرشاد: روي مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: خطب النّاس أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالكوفة فحمد اللّه وأثنى عليه ثمّ قال: أنا سيّد الشيب فيّ سنّة من أيوب، وسيجمع اللّه لي أهلي كما جمع ليعقوب شمله وذلك إذا استدار الفلك وقلتم ضلّ أو هلك، ألا فاستشعروا قبلها بالصبر، وبوؤا إلى اللّه بالذّنب فقد نبذتم قدسكم، وأطفأتم مصابيحكم، وقلّدتم هدايتكم من لا يملك لنفسه ولا لكم سمعا ولا بصرا، ضعف واللّه الطالب والمطلوب، هذا ولو لم تتواكلوا أمركم ولم تتخاذلوا عن نصرة الحقّ بينكم، ولم تهنوا عن توهين الباطل، لم يتشجّع عليكم من ليس مثلكم، ولم يقو من قوي عليكم وعلى هضم الطاعة وإزوائها عن أهلها فيكم، تهتم كما تاهت بنو إسرائيل على

ص:554


1- (1) - اكمال الدين: ص 316 ح 1. منه البحار: ج 51 ص 132.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 3 ص 397 ح 1277.

.

عهد موسى وبحقّ أقول ليضعفنّ عليكم التيه من بعدي باضطهادكم ولدي ضعف ما تاهت بنو إسرائيل فلو قد استكملتم نهلا وامتلأتم عللا عن سلطان الشجرة الملعونة في القران لقد اجتمعتم على ناعق ضلال ولا جبتم الباطل ركضا ثمّ لغادرتم داعي الحقّ وقطعتم الأدنى من أهل بدر ووصلتم الابعد من أبناء حرب، ألا ولو ذاب ما في أيديهم لقد دنى التمحيص للجزاء وكشف الغطاء، وانقضت المدّة وأزف الوعد وبدا لكم النّجم من قبل المشرق وأشرق لكم قمركم كملا شهر وكليلة تمّ فإذا استبان ذلك فراجعوا التوبة وخالعوا الحوبة(1)واعلموا أنّكم إن أطعتم طالع المشرق سلك بكم منهاج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فتداويتم من الصّمم واستشفيتم من البكم، وكفيتم مؤنة التعسّف والطلب، ونبذتم الثقل الفادح عن الاعناق، فلا يبعد اللّه إلاّ من أبى الرّحمة وفارق العصمة وسيعلم الّذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون(2).

البحار - بيان: «الشيّب» - بالكسر وبضمّتين -: جمع الأشيب وهو من ابيضّ شعره و «استدارة الفلك» كناية عن طول مرور الازمان أو تغير أحوال الزّمان.

قوله: «هذا» فصل بين الكلامين أي خذوا هذا و «النهل» محركة أوّل الشرب و «العلل» الشربة الثانية والشرب بعد الشرب تباعا. قوله:

«كملء شهره» أي كما يملأ في شهره في الليلة الرابع عشر فيكون ما بعده تأكيدا أو كما إذا فرض أنه يكون ناميا متزايدا الى آخر الشهر.

ص:555


1- (1) - الحوبة: الخطيئة والإثم. (مجمع البحرين).
2- (2) - الارشاد للمفيد: ص 154. منه البحار: ج 51 ص 111.

5896 - تفسير العياشي: عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده (عليهم السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام) في خطبته: يا أيّها النّاس سلوني قبل أن تفقدوني فانّ بين جوانحي علما جمّا فسلوني قبل أن تشغر(1) برجلها فتنة شرقيّة تطأ في خطامها(2) ملعون ناعقها ومولّيها وقائدها وسائقها والمتحرز(3) فيها، فكم عندهما من رافعة ذيلها يدعو بويلها دخله أو حولها لا مأوي يكنّها(4) ولا أحد يرحمها، فاذا استدار الفلك قلتم مات أو هلك وأيّ وادسلك فعندها توقّعوا الفرج وهو تاويل هذه الآية (ثُمَّ رَدَدْنٰا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْنٰاكُمْ بِأَمْوٰالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْنٰاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (5) والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليعيش إذ ذاك ملوك ناعمين ولا يخرج الرجل منهم من الدّنيا حتّى يولد لصلبه ألف ذكر آمنين من كلّ بدعة وآفة عاملين بكتاب اللّه وسنّة رسوله قد اضمحلّت عنهم الآفات والشبهات(6).

5897 - قرب الاسناد: محمد بن عيسى، عن عبداللّه بن ميمون القدّاح، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام) قال: قال عليّ بن

ص:556


1- (1) - شغرت الناقة: رفعت رجليها فضربت الفصيل. (أقرب الموارد).
2- (2) - الخطام: كل ما وضع في أنف البعير ليقتاد به (أقرب الموارد). وفي البحار: حطامها.
3- (3) - الحرز: الموضع الحصين. (مجمع البحرين).
4- (4) - كنّ الشيء: ستره في كنّه وغطّاه واخفاه. (أقرب الموارد).
5- (5) - الاسراء 17:6.
6- (6) - تفسير العياشي: ج 2 ص 282 ح 22. منه البحار: ج 51 ص 57.

أبي طالب (عليه السّلام): منّا سبعة خلقهم اللّه (عزّوجلّ ) لم يخلق في الارض مثلهم: منّا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) سيّد الأوّلين والآخرين وخاتم النبيّين، ووصيّه خير الوصيّين، وسبطاه خير الاسباط: حسنا وحسينا، وسيد الشهداء حمزة عمّه، ومن طاف(1) مع الملائكة جعفر، والقائم (عليه السّلام)(2).

5898 - غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن همام ومحمّد بن الحسن ابن محمد بن جمهور جميعا، عن الحسن بن محمد بن جمهور قال:

حدثنا أبي، عن بعض رجاله، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): خبر تدريه خير من عشر ترويه، إنّ لكلّ حقّ حقيقة ولكلّ صواب نورا.

ثم قال: إنّا واللّه لا نعدّ الرجل من شيعتنا فقيها حتّى يلحن له فيعرف اللّحن، إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قال على منبر الكوفة:

وإنّ من ورائكم فتنا مظلمة عمياء منكسفة لاينجو منها إلاّ النّومة ؟

قيل: يا أمير المؤمنين وما النومة ؟

قال: الّذي يعرف النّاس ولا يعرفونه.

واعلموا أنّ الأرض لاتخلو من حجّة اللّه (عزّوجلّ ) ولكنّ اللّه سيعمي خلقه منها بظلمهم وجورهم وإسرافهم على أنفسهم ولو خلت الارض ساعة واحدة من حجّة اللّه لساخت بأهلها ولكن الحجّة يعرف الناس ولا يعرفونه كما كان يوسف يعرف النّاس وهم له منكرون ثمّ تلا (يٰا حَسْرَةً عَلَى الْعِبٰادِ مٰا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّٰ كٰانُوا بِهِ

ص:557


1- (1) - ومن طار خ ل.
2- (2) - قرب الاسناد: ص 13. منه البحار: ج 22 ص 275.

يَسْتَهْزِؤُنَ ) (1).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «حتّى يلحن له» أي يتكلّم معه بالرمز والايماء والتعريض على جهة التقيّة والمصلحة فيفهم المراد.

قال الجزريّ : يقال: لحنت فلانا إذا قلت له قولا يفهمه ويخفى على غيره لانّك تميله بالتورية عن الواضح المفهوم.

النومة بوزن الهمزة: الخامل الذكر الّذي لايؤبه له وقيل:

الغامض في الناس الّذي لايعرف الشرّ وأهله. فأمّا الخامل الّذي لايؤبه له فهو بالتسكين ومن الاوّل حديث ابن عبّاس أنّه قال لعليّ (عليه السّلام): ما النّومة ؟

قال: الّذي يسكت في الفتنة فلا يبدو منه شيء.

5899 - غيبة النعماني: حدثنا علي بن أحمد، قال: حدثني عبيداللّه بن موسى العلوي، عن أبي محمد موسى بن هارون بن عيسى المعبدي، قال: حدثنا عبداللّه بن مسلمة بن قعنب قال: حدثنا سليمان بن بلال قال: حدثنا جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) عن أبيه، عن جدّه، عن الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) قال: جاء رجل الى أمير المؤمنين (عليه السّلام) فقال له: يا أمير المؤمنين نبّئنا بمهديّكم هذا؟

فقال: اذا درج الدّارجون، وقلّ المؤمنون، وذهب المجلبون، فهناك هناك.

فقال: يا أمير المؤمنين ممّن الرجل ؟

ص:558


1- (1) - غيبة النعماني: ص 141 ح 2، والآية في سورة يس 36:.3. منه البحار: ج 51 ص 112.

فقال: من بني هاشم من ذروة طود العرب وبحر مغيضها اذا وردت، ومخفر(1) أهلها اذا اتيت، ومعدن صفوتها اذا اكتدرت، لا يجبن اذا المنايا هكعت(2)، ولا يخور إذا المنون اكتنعت، ولا ينكل اذا الكماة اصطرعت، مشمر مغلولب(3) ظفر ضرغامة حصد مخدش ذكر، سيف من سيوف اللّه، رأس، قثم، نشؤ رأسه(4) في باذخ السؤدد وعارز مجده(5) في أكرم المحتد، فلا يصرفنّك عن بيعته صارف عارض ينوص الى الفتنة كلّ مناص، ان قال فشرّ قائل، وان سكت فذو دعاير.

ثمّ رجع إلى صفة المهديّ (عليه السّلام) فقال: اوسعكم كهفا، وأكثركم علما، وأوصلكم رحما، اللهمّ فاجعل بعثه خروجا من الغمّة، واجمع به شمل الامّة. فان خار اللّه لك(6) فاعزم ولا تنثن عنه ان وفّقت له، ولا تجوزنّ عنه ان هديت إليه، هاه - وأومأ بيده إلى صدره - شوقا الى رؤيته(7).

البحار - توضيح: قال الفيروز آباديّ : درج دروجا ودرجانا:

مشى والقوم انقرضوا وفلان لم يخلف نسلا أو مضى لسبيله انتهى والغرض انقراض قرون كثيرة. قوله (عليه السّلام) «وذهب المجلبون» أي المجتمعون على الحقّ والمعينون للدين أو الاعمّ . قال الجزريّ :

ص:559


1- (1) - خفر به وعليه: أجاره ومنعه وحماه وامّنه. (أقرب الموارد). وفي البحار: مجفوّ.
2- (2) - هلعت - البحار.
3- (3) - اغلولب القوم: اذا كثروا. السان العرب).
4- (4) - نشق رأسه - البحار.
5- (5) - وغارز مجده - البحار.
6- (6) - فان جاز لك - البحار.
7- (7) - غيبة النعماني: ص 212 ح 1. منه البحار: ج 51 ص 115.

يقال: أجلبوا عليه إذا تجمّعوا وتألّبوا وأجلبه أي أعانه وأجلب عليه إذا صاح به واستحثّه. و «الطود» - بالفتح - الجبل العظيم وفي بعض النّسخ بالرّاء وهو بالضمّ أيضا الجبل والأوّل أصوب و «المغيض» الموضع الّذي يدخل فيه الماء فيغيب ولعلّ المعنى أنّه بحر العلوم والخيرات فهي كامنة فيه أو شبّهه ببحر في أطرافه مغايض فانّ شيعتهم مغايض علومهم.

قوله (عليه السّلام) و «مجفوّ أهلها» أي إذا أتاه أهله يجفونه ولا يطيعونه.

قوله (عليه السّلام): «هلعت» أي صارت حريصة على إهلاك الناس.

قوله (عليه السّلام): «ولا يحور» في بعض النسخ ولا يخور إذا المنون اكتنعت و «الخور» الجبن و «المنون» الموت. و «الكماة» - بالضمّ - جمع الكميّ وهو الشجاع أو لابس السلاح، ويقال: «ظفر بعدوّه» فهو ظفر، والضرغامة - بالكسر - الأسد.

قوله (عليه السّلام): «حصد» أي يحصد الناس بالقتل. قوله:

«مخدش» أي يخدش الكفّار ويجرحهم و «الذّكر» من الرجال بالكسر القويّ الشجاع الأبيّ ذكره الفيروز آباديّ وقال: الرأس أعلا كلّ شيء وسيّد القوم و «القثم» كزفر الكثير العطاء. وقال الجزريّ : رجل «نشق» اذا كان يدخل في امور لايكاد يخلص منها وفي بعض النسخ - باللاّم والباء - يقال: رجل لبق ككتف أي حاذق بما عمل وفي بعضها شقّ رأسه أي جانبه و «الباذخ» العالي المرتفع.

قوله (عليه السّلام): و «غارز مجده» أي مجده الغارز الثابت من غرز الشيء في الشيء أي أدخله وأثبته و «المحتد» - بكسر التاء - الاصل. وقوله: «ينوص» صفة للصّارف.

وقال الفيروز آباديّ : المناص الملجأ وناص مناصا تحرّك وعنه تنحّى

ص:560

وإليه نهض. قوله «فذو دعاير» من الدعارة وهو الخبث والفساد ولا يبعد أن يكون تصحيف الدغايل جمع الدغيلة وهي الدغل والحقد أو بالمهملة من الدعل بمعنى الختل. قوله (عليه السّلام): «فان جاز لك» أي تيسّر لك مجازا، ويقال: انثنى أي انعطف. قوله (عليه السّلام): «ولا تجيزن عنه» أي ان ادركته في زمان غيبته وفي بعض النسخ ولا تحيزن - بالحاء المهملة والزاء المعجمة - أي لاتتحيزنّ من التحيّز عن الشيء بمعنى التنحّى عنه وكانت النسخ مصحفة محرفة في أكثر ألفاظها.

باب (13) الإمام المهدي عليه السّلام وصغر السنّ

5900 - الكافي: عليّ بن محمّد وغيره، عن سهل بن زياد، عن يعقوب بن يزيد، عن مصعب، عن مسعدة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال أبو بصير: دخلت إليه ومعي غلام يقودني خماسيّ (1) لم يبلغ، فقال لي: كيف أنتم إذا احتجّ عليكم بمثل سنّه.

ص:561


1- (1) - في القاموس: غلام خماسي: طوله خمسة أشبار، ولا يقال سداسي ولا سباعي لانه إذا بلغ ستة أشبار فهو رجل، وقد يطلق على من له خمس سنين، ولم أجد بهذا المعنى في كتب اللغة، فعلى الأوّل الظاهر أنّه إشارة إلى الجواد (عليه السّلام) وعلى الثاني إلى القائم (عليه السّلام) فان سنه (عليه السّلام) كان عند الإمامة قريبا من خمس سنين، وأمّا الجواد (عليه السّلام) فالمشهور أنّه كان له حينئذ ذ تسع سنين وكسر، على انه يحتمل أن يكون التشبيه في محض عدم البلوغ، وقوله: «لم يبلغ» تأكيد أو لبيان انه كان قصر قامته من جهة قلة السن فإنّه قد يكون من بلغ أقل من خمسة أشبار، لكنّ الظاهر أنّ الخماسي إنما تطلق على غلام كان في سن النمو لم يبلغ لا مطلقا. (مرآة العقول).

[أو قال: سيلي عليكم بمثل سنّه](1).

باب (14) نزول عيسى بن مريم عليه السّلام من السّماء

5901 - إكمال الدين: حدثنا علي بن أحمد بن محمّد بن عمران [الدقّاق] (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن أبي عبداللّه الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعيّ ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة [البطائني]، عن أبيه، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ سنن الانبياء (عليهم السّلام) بما وقع بهم من الغيبات حادثة(2) في القائم منّا أهل البيت حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة(3).

قال أبو بصير: فقلت: يابن رسول اللّه! ومن القائم منكم أهل البيت ؟

فقال: يا أبا بصير هو الخامس من ولد ابني موسى ذلك ابن سيّدة الإماء يغيب غيبة يرتاب فيها المبطلون ثمّ يظهره اللّه (عزّوجلّ ) فيفتح اللّه على يده مشارق الارض ومغاربها، وينزل روح اللّه عيسى ابن مريم (عليه السّلام) فيصلّي خلفه وتشرق الارض بنور ربّها ولا تبقى

ص:562


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 383 ح 4.
2- (2) - جارية - البحار.
3- (3) - القذة: ريش السهم. منه الحديث: «لتركبن سنن من كان قبلكم حذو القذّة بالقذة» أي كما تقدّر كل واحدة منهما على قدر صاحبتها وتقطع. يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان (النهاية).

في الارض بقعة عبد فيها غير اللّه (عزّوجلّ ) إلاّ عبد اللّه فيها ويكون الدين كلّه للّه ولو كره المشركون(1).

باب (15) دولة آل محمّد عليهم السّلام

5902 - أمالي الصدوق: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه ابراهيم بن هاشم، عن محمد ابن أبي عمير قال: حدثني من سمع أبا عبداللّه الصادق (عليه السّلام) يقول:

لكلّ اناس دولة يرقبونها ودولتنا في آخر الدّهر تظهر(2)

باب (16) خدمة الإمام المهدي عليه السّلام

5903 - غيبة النعماني: عليّ بن احمد البندنيجيّ ، عن عبيداللّه(3)ابن موسى، عن الحسن بن معاوية، عن الحسن بن محبوب، عن خلّاد ابن الصفّار قال: سئل أبو عبداللّه (عليه السّلام): هل ولد القائم (عليه السّلام)؟

فقال: لا، ولو أدركته لخدمته أيّام حياتي(4).

ص:563


1- (1) - إكمال الدين: ص 345 ح 31. منه البحار: ج 51 ص 146.
2- (2) - أمالي الصدوق: ص 396. منه البحار: ج 51 ص 143.
3- (3) - عبداللّه - البحار.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 245 ح 46. منه البحار: ج 51 ص 148.

باب (17) الإمام المهدي عليه السّلام ينتقم من أعداء اللّه

5904 - إقبال الاعمال: روينا بإسنادنا إلى جدّي أبي جعفر الطوسي، عن جماعة، عن هارون بن موسى التلعكبري، عن ابن همام، عن جميل، عن القاسم بن إسماعيل، عن أحمد بن رياح، عن أبي الفرج أبان بن محمّد المعروف بالسنديّ نقلناه من أصله قال: كان أبو عبداللّه (عليه السّلام) تحت الميزاب وهو يدعو، وعن يمينه عبداللّه ابن الحسن وعن يساره حسن بن حسن وخلفه جعفر بن حسن، قال:

فجاءه عباد بن كثير البصري قال: فقال له: يا أبا عبداللّه.

قال: فسكت عنه حتّى قالها ثلاثا.

قال: ثمّ قال له: يا جعفر.

قال: فقال له: قل ما تشاء يا أبا كثير.

قال: إنّى وجدت في كتاب لي: علم هذه البنيّة(1) رجل ينقضها حجرا حجرا.

قال: فقال له: كذب كتابك يا أبا كثير ولكن كأنّي واللّه بأصفر القدمين، حمش السّاقين(2)، ضخم البطن، رقيق العنق، ضخم الرّأس على هذا الركن - وأشار بيده إلى الركن اليماني - يمنع الناس من

ص:564


1- (1) - وهي الكعبة.
2- (2) - أي دقيق الساقين. (مجمع البحرين).

الطّواف حتّى يتذعّروا(1) منه، قال: ثمّ يبعث اللّه له رجلا منّي وأشار بيده إلى صدره، فيقتله قتل عاد وثمود وفرعون ذي الاوتاد.

قال: فقال له عند ذلك عبداللّه بن الحسن: صدق - واللّه - أبو عبداللّه (عليه السّلام) حتّى صدّقوه كلّهم جميعا(2).

5905 - الإرشاد: روي عبداللّه بن المغيرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قام القائم من آل محمّد (صلوات اللّه عليهم) أقام خمسمائة من قريش فضرب أعناقهم، ثمّ أقام خمسمائة فضرب أعناقهم، ثمّ خمسمائة اخرى حتّى يفعل ذلك ستّ مرّات.

قلت: ويبلغ عدد هؤلاء هذا؟

قال: نعم منهم ومن مواليهم(3).

5906 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا علي بن الحسن التيمليّ ، عن أبيه، عن الحسن بن عليّ بن يوسف ومحمّد بن علي [الكوفي]، عن سعدان بن مسلم، عن بعض رجاله، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: بينا الرّجل على رأس القائم (عليه السّلام) يأمره وينهاه إذ قال: أديروه فيديرونه إلى قدّامه فيأمر بضرب عنقه، فلا يبقى في الخافقين شيء إلاّ خافه(4).

5907 - غيبة النعماني: حدثنا علي بن أحمد البندنيجي، عن عبيداللّه بن موسى العلويّ ، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه،

ص:565


1- (1) - تذعّر: تخوّف. (أقرب الموارد).
2- (2) - اقبال الاعمال: ص 582. منه البحار: ج 51 ص 148.
3- (3) - الارشاد للمفيد: ص 364. منه البحار: ج 52 ص 338.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 239 ح 32. منه البحار: ج 52 ص 355.

عن سعدان بن مسلم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: بينا الرّجل على رأس القائم يأمر وينهى إذ أمر بضرب عنقه، فلا يبقى بين الخافقين شيء إلاّ خافه(1).

5908 - تفسير فرات الكوفي: [فرات] قال: حدثنا محمد بن القاسم بن عبيد معنعنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قوله (تبارك وتعالى!: (الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) (2) إلى قوله: (حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَ مُقٰاماً) 3 ثلاث عشر آية، قال: هم الأوصياء (يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) فاذا قام القائم عرفوا(3) كلّ ناصب [نصب] عليه فان أقرّ بالإسلام وهو الولاية وإلاّ ضربت عنقه أو أقرّ بالجزية فأدّاها كما يؤدّي أهل الذّمّة(4).

5909 - غيبة النعماني: أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي قال: حدثني محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن قتيبة الأعشى، عن منصور بن حازم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إذا رفعت راية الحقّ لعنها أهل المشرق والمغرب.

قلت له: ممّ ذلك ؟

قال: ممّا يلقون من بني هاشم(5).

ص:566


1- (1) - غيبة النعماني: ص 239 ح 33. منه البحار: ج 52 ص 355.
2- (2و3) - الفرقان 25:63 و 76.
3- (4) - عرضوا - البحار.
4- (5) - تفسير فرات الكوفي: ص 292 ح 395. منه البحار: ج 52 ص 373.
5- (6) - غيبة النعماني: ص 299 ح 5. منه البحار: ج 52 ص 363.

أقول: الظاهر من هذا الحديث أن بعض بني هاشم يتسلّمون زمام الحكم قبل ظهور الإمام المهدي (عليه السّلام) وينتهجون سياسة الجور والطغيان في حكومتهم على الناس، وبهذا يشوّهون الصورة الواقعية للاسلام، فاذا ظهر الامام المهدي (عليه السّلام) يتصور الناس ان حكومته سوف تكون مثل تلك الحكومة الجائرة، وأنها امتداد للظلم والعدوان، ولهذا يلعنونها ويتبرّأون منها.

5910 - غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن همّام قال: حدثني جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدثنا أبو طاهر الورّاق قال: حدثني عثمان بن عيسى، عن أبي الصباح الكنانيّ قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فدخل عليه شيخ وقال: قد عقّني ولدي وجفاني [إخواني].

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): أو ماعلمت أنّ للحقّ دولة وللباطل دولة ؟! كلاهما ذليل في دولة صاحبه [فمن أصابته رفاهية الباطل اقتص منه في دولة الحقّ ](1).

5911 - غيبة النعماني: [أخبرنا] عليّ بن أحمد، عن عبيداللّه بن موسى وأحمد بن عليّ الاعلم قالا: حدثنا محمد بن عليّ الصيرفيّ ، عن محمّد بن صدقة وابن اذينة العبدي ومحمّد بن سنان جميعا، عن يعقوب السرّاج قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ثلاث عشرة مدينة وطائفة يحارب القائم أهلها ويحاربونه: أهل مكة، وأهل المدينة، وأهل الشام، وبنو اميّة وأهل البصرة، وأهل دست ميسان(2)،

ص:567


1- (1) - غيبة النعماني: ص 319 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 365.
2- (2) - دميسان - البحار.

والاكراد، والأعراب، وضبّة، وغني، وباهلة، وأزد وأهل الريّ (1)5912 - غيبة النعماني: [أخبرنا] علي بن أحمد قال: أخبرنا عبيداللّه بن موسى العلوي، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سنان، عن قتيبة الاعشى، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: إذا ظهرت راية الحقّ لعنها أهل المشرق وأهل المغرب(2)، أتدري لم ذلك ؟

قلت: لا.

قال: للّذي يلقى الناس من أهل بيته قبل خروجه(3).

5913 - البحار: وباسناده إلى بشير النبّال، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: هل تدري أوّل ما يبدء به القائم (عليه السّلام)؟

قلت: لا.

قال: يخرج هذين رطبين غضّين فيحرّقهما ويذريهما في الرّيح، ويكسر المسجد ثمّ قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال:

عريش كعريش موسى (عليه السّلام)، وذكر أنّ مقدّم مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان طينا وجانبه جريد النخل(4).

5914 - البحار: وباسناده، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قدم القائم (عليه السّلام) وثب أن يكسر الحائط الّذي على القبر فيبعث اللّه تعالى ريحا شديدة وصواعق

ص:568


1- (1) - غيبة النعماني: ص 299 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 363.
2- (2) - أهل الشرق والغرب - البحار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 298 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 363.
4- (4) - البحار: ج 52 ص 386 ح 200.

ورعودا حتّى يقول الناس: إنّما ذا لذا، فيتفرّق أصحابه عنه حتّى لا يبقى معه أحد، فيأخذ المعول بيده، فيكون أوّل من يضرب بالمعول ثمّ يرجع إليه أصحابه إذا رأوه يضرب المعول بيده، فيكون ذلك اليوم فضل بعضهم على بعض بقدر سبقهم إليه، فيهدمون الحائط ثمّ يخرجهما غضّين رطبين فيلعنهما ويتبرّأ منهما ويصلبهما ثمّ ينزلهما ويحرّقهما ثمّ يذريهما في الرّيح(1).

5915 - البحار: وباسناده إلى كتاب الفضل بن شاذان رفعه إلى عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يقتل القائم (عليه السّلام) حتّى يبلغ السوق، قال: فيقول له رجل من ولد أبيه:

إنّك لتجفل الناس إجفال النعم، فبعهد من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أو بماذا؟

قال: وليس في الناس رجل أشدّ منه بأسا فيقوم إليه رجل من الموالي فيقول له: لتسكتنّ أو لأضربنّ عنقك، فعند ذلك يخرج القائم (عليه السّلام) عهدا من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

5916 - البحار: وبإسناده رفعه إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يقدم القائم (عليه السّلام) حتّى يأتي النجف فيخرج إليه من الكوفة جيش السفيانيّ وأصحابه، والناس معه، وذلك يوم الاربعاء فيدعوهم ويناشدهم حقّه ويخبرهم أنّه مظلوم مقهور ويقول: من حاجّني في اللّه فأنا أولى الناس باللّه - إلى اخر ما تقدّم من هذه - فيقولون: ارجع من حيث شئت لاحاجة لنا فيك، قد خبّرناكم

ص:569


1- (1) - البحار: ج 52 ص 386 ح 201.
2- (2) - البحار: ج 52 ص 387 ح 203.

واختبرناكم، فيتفرّقون من غير قتال.

فاذا كان يوم الجمعة يعاود فيجيء سهم فيصيب رجلا من المسلمين فيقتله فيقال إنّ فلانا قد قتل، فعند ذلك ينشر راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فاذا نشرها انحطّت عليه ملائكة بدر فاذا زالت الشمس هبّت الرّيح له فيحمل عليهم هو وأصحابه، فيمنحهم اللّه أكتافهم ويولّون، فيقتلهم حتّى يدخلهم أبيات الكوفة، وينادي مناديه:

ألا لا تتّبعوا مولّيا ولا تجهّزوا على جريح، ويسير بهم كما سار عليّ (عليه السّلام) يوم البصرة(1).

باب (18) الإمام المهدي عليه السّلام في الكوفة

5917 - الكافي: على بن إبراهيم، عن أبيه وعدّة من أصحابنا، عن سهل، عن الحسن بن محبوب، عن بعض رجاله، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: كأنّي بالقائم (عليه السّلام) على منبر الكوفة عليه قباء فيخرج من وريان قبائه(2) كتابا مختوما بخاتم من ذهب فيفكه فيقرأه على الناس فيجفلون عنه إجفال الغنم(3) فلم يبق إلاّ النقباء(4)فيتكلّم بكلام فلا يلحقون ملجأ حتّى يرجعوا إليه وإنّي لاعرف الكلام

ص:570


1- (1) - البحار: ج 52 ص 387 ح 205.
2- (2) - قوله (عليه السّلام): «من وريان قبائه» أي من جيبه كما ذكره المطرزي. (مرآة العقول).
3- (3) - انجفل القوم: انقلعوا كلهم فمضوا وهربوا مسرعين (أقرب الموارد).
4- (4) - النقيب: شاهد القوم وضمينهم وعريفهم (أقرب الموارد).

الّذي يتكلّم به(1).

5918 - البحار: روى السيد علي بن عبدالحميد في كتاب (الغيبة) من كتاب الفضل بن شاذان رفعه، عن سعد بن الاصبغ قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول: من كانت له دار بالكوفة فليتمسّك بها(2).

5919 - الاختصاص: أبو القاسم الشعرانيّ يرفعه عن يونس بن طبيان، عن عبدالرحمن بن الحجّاج، عن الصادق (عليه السّلام) قال:

إذا قام القائم (عليه السّلام) أتى رحبة الكوفة فقال برجله(3) هكذا وأومأ بيده إلى موضع ثمّ قال: احفروا هاهنا، فيحفرون فيستخرجون اثني عشر ألف درع واثني عشر ألف سيف واثني عشر ألف بيضة لكلّ بيضة وجهان، ثمّ يدعو اثني عشر ألف رجل من الموالي من العرب والعجم، فيلبسهم ذلك، ثمّ يقول: من لم يكن عليه مثل ما عليكم فاقتلوه(4).

باب (19) الإمام المهدي عليه السّلام في مكة

5920 - تأويل الآيات الظاهرة: محمّد بن العباس، عن حميد بن

ص:571


1- (1) - الكافي: ج 8 ص 167 ح 185.
2- (2) - البحار: ج 52 ص 386 ذيل الحديث 198.
3- (3) - أي أشار برجله.
4- (4) - الاختصاص: ص 324. منه البحار: ج 52 ص 377.

زياد(1)، عن الحسن بن محمّد بن سماعة(2)، عن ابراهيم بن عبدالحميد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ القائم إذا خرج دخل المسجد الحرام فيستقبل الكعبة ويجعل ظهره إلى المقام ثمّ يصلّي ركعتين ثمّ يقوم فيقول: يا أيّها النّاس أنا أولى النّاس بادم، يا أيّها الناس أنا أولى الناس بابراهيم، يا أيّها الناس أنا أولى الناس باسماعيل، يا أيّها الناس أنا أولى الناس بمحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ثمّ يرفع يديه إلى السماء فيدعو ويتضرعّ حتّى يقع على وجهه وهو قوله (عزّوجلّ ): (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذٰا دَعٰاهُ وَ يَكْشِفُ السُّوءَ وَ يَجْعَلُكُمْ خُلَفٰاءَ الْأَرْضِ أَ إِلٰهٌ مَعَ اللّٰهِ قَلِيلاً مٰا تَذَكَّرُونَ ) (3) و(4).

5921 - شرح الاخبار: روي عنان بن ابراهيم، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: لو كان لي من الامر شيء لهدمت كل بناء يحول بين الصفا والمروة، ولا يكون ذلك الاّ على يدي رجل من بني هاشم.

فما بين الصفا والمروة ولا يكون ذلك الا سعي الحجيج(5).

أقول: لعلّ هنا سقطا في الحديث ولعل المعني هكذا: فما يكون بين الصفا والمروة شيء ولا يكون إلاّ سعي الحجيج.

5922 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد [ابن

ص:572


1- (1) - أحمد بن زياد - البحار.
2- (2) - الحسن بن محمّد، عن سماعة - البحار.
3- (3) - النمل 27:62.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 402 ح 5. منه البحار: ج 51 ص 59.
5- (5) - شرح الاخبار: ج 3 ص 383 ح 1257.

عقدة الكوفي] قال: حدثنا حميد بن زياد قراءة عليه من كتابه قال:

حدثنا الحسن بن محمد الحضرمي قال: حدثنا جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، وعن يونس بن يعقوب، عن سالم المكيّ ، عن أبي الطفيل قال: قال لي عامر بن واثلة: انّ الّذي تطلبون وترجون إنّما يخرج من مكة، وما يخرج من مكة حتّى يري الّذي يحبّ ولو صار أن يأكل الاغصان أغصان الشجرة(1).

5923 - غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن رباح قال: حدثني أحمد بن عليّ الحميري، عن الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن أحمد بن الحارث، عن المفضل بن عمر قال: سمعته يقول - يعني أبا عبداللّه (عليه السّلام) -: قال أبو جعفر محمّد بن علي الباقر (عليهما السّلام): إذا قام القائم (عليه السّلام) قال: (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّٰا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (2).

إكمال الدين: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبو علي محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدثني الحسن بن محمّد بن سماعة قال: حدثنا أحمد بن الحارث، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الصادق، عن أبيه أبي جعفر الباقر (عليهما السّلام) قال: اذا قام....

وذكر مثله(3).

ص:573


1- (1) - غيبة النعماني: ص 179 ح 25. منه البحار: ج 51 ص 38.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 174 ح 12. منه البحار: ج 52 ص 292.
3- (3) - إكمال الدين: ص 328 ح 10. منه البحار: ج 52 ص 281.

5924 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدثني الحسن بن محمّد بن سماعة قال: حدثني أحمد بن الحارث الأنماطي، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إذا قام القائم تلا هذه الآية (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّٰا خِفْتُكُمْ ) (1).

5925 - غيبة النعماني: حدّثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة الكوفيّ قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفى أبو الحسن قال: حدثنا إسماعيل بن مهران قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، ووهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبى عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّه قال لي أبي (عليه السّلام): لابدّ لنار من آذربيجان لايقوم لها شيء واذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم(2)وألبدوا(3) ما ألبدنا فاذا تحرّك متحرّكنا فاسعوا إليه ولو حبوا(4) واللّه لكانّي أنظر إليه بين الرّكن والمقام يبايع النّاس على كتاب جديد، على العرب شديد، وقال: ويل لطغاة العرب من شرّ قد اقترب(5).

ص:574


1- (1) - غيبة النعماني: ص 174 ح 11. منه البحار: ج 52 ص 292.
2- (2) - هو حلس بيته: اذا لم يبرحه (أقرب الموارد). والمعنى انه يبتعد عن الفتنة ويلزم بيته حتى يأتي الفرج.
3- (3) - ألبد بالمكان: أقام به، وألبد الشيء بالشيء: ألصقه به. (أقرب الموارد).
4- (4) - حبا يحبو: دنا، وحبا الرجل: مشى على يديه وبطنه، وحبا الصبي: زحف. (أقرب الموارد).
5- (5) - غيبة النعماني: ص 194 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 135.

باب (20) في الإمام المهدي عليه السّلام سنن من الأنبياء

5926 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبداللّه وعبداللّه بن جعفر الحميريّ قالوا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن علي بن أسباط، عن سيف بن عميرة، عن زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ صالحا (عليه السّلام) غاب عن قومه زمانا وكان يوم غاب عنهم كهلا مبدّح البطن، حسن الجسم، وافر اللحية، خميص البطن(1)، خفيف العارضين، مجتمعا ربعة من الرجال(2)، فلمّا رجع إلى قومه لم يعرفوه بصورته فرجع إليهم وهم على ثلاث طبقات: طبقة جاحدة لاترجع أبدا واخري شاكة فيه واخري على يقين، فبدأ (عليه السّلام) حيث رجع بالطبقة الشاكة، فقال لهم: أنا صالح فكذّبوه وشتموه وزجروه، وقالوا: بريء اللّه

ص:575


1- (1) - رجل خمصان وخميص الحشا: أي ضامر البطن، والخمص والخمص: الجوع، وهو خلاء البطن من الطعام جوعا. السان العرب). أقول: لامنافاة - ظاهرا - بين مبدّح البطن وخميصه، لأنّ المدّح هو الواسع والخميص هو الضامر، فمن الممكن أن يكون الإنسان واسع البطن خلقة وفي نفس الوقت يكون جائعا وخميصا. وهكذا قالوا في شأن الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السّلام) حيث وصفوه بالأنزع البطين، مع العلم أنّه كان يطوي يومه جوعا، ويكتفي من الطعام بقرصين لليوم كلّه.
2- (2) - رجل مربوع وربعة: أي مربوع الخلق لا بالطويل ولا بالقصير. السان العرب).

منك إنّ صالحا كان في غير صورتك.

قال: فأتى الجحّاد فلم يسمعوا منه القول ونفروا منه أشدّ النفور.

ثمّ انطلق إلى الطبقة الثالثة وهم أهل اليقين فقال لهم: أنا صالح فقالوا: أخبرنا خبرا لانشك فيك معه أنّك صالح فانّا لا نمتري أنّ اللّه (تبارك وتعالى) الخالق ينقل ويحوّل في أيّ صورة شاء وقد اخبرنا وتدارسنا فيما بيننا بعلامات القائم إذا جاء، وإنّما يصحّ عندنا إذا أتى الخبر من السماء.

فقال لهم صالح: أنا صالح الّذي أتيتكم بالناقة.

فقالوا: صدقت وهي الّتي نتدارس فما علاماتها؟

فقال: لها شرب ولكم شرب يوم معلوم.

قالوا: آمنا باللّه وبما جئتنا به فعند ذلك قال اللّه (تبارك وتعالى):

(أَ تَعْلَمُونَ أَنَّ صٰالِحاً مُرْسَلٌ مِنْ رَبِّهِ ) فقال أهل اليقين: (إِنّٰا بِمٰا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ ) [و] (قٰالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) وهم الشكاك والجحّاد (إِنّٰا بِالَّذِي آمَنْتُمْ بِهِ كٰافِرُونَ ) (1).

قلت: هل كان فيهم ذلك اليوم عالم به ؟

قال: اللّه [تعالى] أعدل من أن يترك الارض بلاعالم يدلّ على اللّه (عزّوجلّ ) ولقد مكث القوم بعد خروج صالح سبعة أيّام على فترة لايعرفون إماما غير أنّهم على ما في أيديهم من دين اللّه (عزّوجلّ ) كلمتهم واحدة، فلمّا ظهر صالح (عليه السّلام) اجتمعوا عليه، وإنّما

ص:576


1- (1) - الاعراف 7:75 و 76.

مثل [عليّ و](1) القائم مثل صالح (عليه السّلام)(2).

5927 - إكمال الدين: حدثنا أبي [ومحمد بن الحسن] رضي اللّه عنه - [- ما] قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا المعلّى بن محمد البصري، عن محمد بن جمهور وغيره، عن [محمد] بن أبي عمير، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: في القائم (عليه السّلام) سنّة من موسى بن عمران.

فقلت: وما سنّة موسى بن عمران ؟

فقال: خفاء مولده وغيبته عن قومه.

فقلت: وكم غاب موسى بن عمران عن قومه وأهله ؟

فقال: ثمان وعشرين سنة(3).

اكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا المعلّى بن محمّد المصري، عن محمد بن جمهور، وغيره، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

سمعته يقول.... وذكر نحوه(4).

5928 - البحار: روي السيد علي بن عبدالحميد في كتاب (الغيبة) بإسناده إلى سماعة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

كأنّي بالقائم (عليه السّلام) على ذي طوي قائما على رجليه حافيا،

ص:577


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - اكمال الدين: ص 136 ح 6. منه البحار: ج 51 ص 215.
3- (3) - اكمال الدين: ص 340 ح 18.
4- (4) - اكمال الدين: ص 152 ح 14. منه البحار: ج 51 ص 216.

يرتقب بسنّة موسى (عليه السّلام) حتّى يأتي المقام فيدعو فيه(1).

5929 - إكمال الدين: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفّر العلوي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود العيّاشي قال: حدثنا علي بن محمد بن شجاع، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ في صاحب هذا الامر سننا من الانبياء سنّة من موسى بن عمران، وسنّة من عيسى، وسنّة من يوسف وسنّة من محمّد (صلوات اللّه عليهم).

فأمّا سنّة من موسى بن عمران فخائفا يترقب، وأمّا سنّة من عيسى فيقال فيه ما قيل في عيسى، وأمّا سنّة من يوسف فالستر، يجعل اللّه بينه وبين الخلق حجابا يرونه ولا يعرفونه.

وأمّا سنّة من محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) فيهتدي بهداه ويسير بسيرته(2).

5930 - اكمال الدين: حدثنا محمد بن علي بن حاتم النوفلي المعروف بالكرماني قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن عيسى الوشاء البغدادي قال: حدثنا أحمد بن طاهر القميّ قال: حدثنا محمد بن بحر بن سهل الشيبانيّ قال: أخبرنا عليّ بن الحارث، عن سعيد بن منصور الجواشنيّ قال: أخبرنا أحمد بن علي البديليّ قال: أخبرنا أبي، عن سدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضّل بن عمر وأبو بصير وأبان بن تغلب على مولانا أبي عبداللّه الصادق (عليه السّلام) فرأيناه

ص:578


1- (1) - البحار: ج 52 ص 385.
2- (2) - اكمال الدين: ص. 35 ح 46. منه البحار: ج 51 ص 223.

جالسا على التراب وعليه مسح خيبريّ (1) مطوّق بلاجيب مقصّر الكمّين وهو يبكي بكاء الواله الثكلى(2)، ذات الكبد الحرّي، قد نال الحزن من وجنتيه وشاع التغيير في عارضيه وأبلى الدموع محجريه(3)، وهو يقول:

سيّدي غيبتك نفت رقادي وضيّقت عليّ مهادي وأبتزت منّي راحة فؤادي، سيّدي غيبتك أوصلت مصابي بفجائع الابد وفقد الواحد بعد الواحد يفني الجمع والعدد، فما احسّ بدمعة ترقى من عيني، وأنين يفتر من صدري عن دوارج الرزايا(4) وسوالف البلايا إلاّ مثّل بعيني عن غوابر(5) أعظمها وأفظعها وبواقي أشدها وأنكرها ونوائب مخلوطة بغضبك، ونوازل معجونة بسخطك.

قال سدير: فاستطارت عقولنا ولها وتصدّعت قلوبنا جزعا من ذلك الخطب الهائل والحادث الغائل(6)، وظننّا أنّه سمت7 لمكروهة قارعة أو حلّت به من الدهر بائقة فقلنا: لا أبكى اللّه - يابن خير الورى - عينيك، من أيّة حادثة تستنزف8 دمعتك، وتستمطر عبرتك، وأيّة حالة حتمت عليك هذا المأتم.

ص:579


1- (1) - المسح: الكساء من شعر كثوب الرهبان. (أقرب الموارد).
2- (2) - الوله: التحيّر من شدة الوجد، ويقال: رجل واله وأمرأة واله. والثكل: فقد الولد. (مجمع البحرين).
3- (3) - محجر العين: مادار بها من جميع الجوانب (مجمع البحرين).
4- (4) - يفتر: أي يخرج بضعف وفتور و «دوارج الرزايا» مواضيها. «بيان البحار».
5- (5) - الغابر: الباقي، وقد يستعمل فيما مضى فيكون من الاضداد، والغوابر: أي البواقي، جمع غابر يعني الاواخر. (مجمع البحرين).
6- (6و7و8) - الغائل: المهلك. وسمت لهم: أي هيأ لهم وجه الكلام والرأي. وإستنزف الدمع: إستخرجه كلّه. (أقرب الموارد).

قال: فزفر الصادق (عليه السّلام) زفرة انتفخ منها جوفه، واشتدّ عنها خوفه، وقال: ويلكم [إنّي] نظرت في كتاب الجفر صبيحة هذا اليوم وهو الكتاب المشتمل على علم المنايا والبلايا والرزايا وعلم ما كان وما يكون إلى يوم القيامة الّذي خصّ اللّه [تقدّس اسمه] به محمّدا (صلّى اللّه عليه وآله) والأئمّة من بعده وتأمّلت منه مولد قائمنا وغيبته وإبطاءه وطول عمره وبلوى المؤمنين [به من بعده](1) في ذلك الزمان وتولّد الشكوك في قلوبهم من طول غيبته، وارتداد أكثرهم عن دينهم، وخلعهم ربقة الاسلام من أعناقهم، الّتي قال اللّه (تقدّس ذكره): (وَ كُلَّ إِنسٰانٍ أَلْزَمْنٰاهُ طٰائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ) (2) يعني الولاية، فأخذتني الرقّة، واستولت عليّ الاحزان.

فقلنا: يابن رسول اللّه كرّمنا وفضّلنا باشراكك إيّانا في بعض ما أنت تعلمه من علم ذلك ؟

قال: إنّ اللّه (تبارك وتعالى) أدار القائم منّا ثلاثة أدارها في ثلاثة من الرسل (عليهم السّلام): قدّر مولده تقدير مولد موسى (عليه السّلام) وقدّر غيبته تقدير غيبة عيسى (عليه السّلام)، وقدّر إبطاءه تقدير إبطاء نوح (عليه السّلام) وجعل له من بعد ذلك عمر العبد الصالح أعني الخضر (عليه السّلام) دليلا على عمره.

فقلنا له: إكشف لنا يابن رسول اللّه عن وجوه هذه المعاني.

قال (عليه السّلام): أمّا مولد موسى (عليه السّلام) فإنّ فرعون لمّا وقف على أنّ زوال ملكه على يده أمر باحضار الكهنة، فدلّوه على

ص:580


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - الاسراء 17:13.

نسبه وأنّه يكون من بني إسرائيل ولم يزل يأمر أصحابه بشقّ بطون الحوامل من نساء بني إسرائيل حتّى قتل في طلبه نيّفا وعشرين ألف مولود وتعذّر عليه الوصول إلى قتل موسى (عليه السّلام) بحفظ اللّه (تبارك وتعا لى) إيّاه.

وكذلك بنو اميّة وبنو العبّاس لمّا وقفوا على أنّ زوال ملكهم وملك الامراء والجبابرة منهم على يد القائم منّا، ناصبونا العداوة، ووضعوا سيوفهم في قتل آل الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) وإبادة نسله طمعا منهم في الوصول إلى قتل القائم (عليه السّلام) ويأبى اللّه (عزّوجلّ ) أن يكشف أمره لواحد من الظلمة إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره المشر كون.

وأمّا غيبة عيسى (عليه السّلام) فانّ اليهود والنصارى اتّفقت على أنّه قتل فكذّبهم اللّه (جلّ ذكره) بقوله: (وَ مٰا قَتَلُوهُ وَ مٰا صَلَبُوهُ وَ لٰكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ) (1) كذلك غيبة القائم (عليه السّلام) فانّ الامّة ستنكرها لطولها فمن قائل يهذي(2) بأنّه لم يولد وقائل يقول: [إنّه ولد ومات وقائل يكفر بقوله إنّ حادي عشرنا كان عقيما وقائل يمرق بقوله] إنّه يتعدّى إلى ثالث عشر وصاعدا وقائل يعصي اللّه (عزّوجلّ ) بقوله: إنّ روح القائم (عليه السّلام) ينطق في هيكل غيره.

وأمّا إبطاء نوح (عليه السّلام) فانّه لمّا استنزلت العقوبة على قومه من السماء بعث اللّه (عزّوجلّ ) جبرئيل الروح الامين بسبع نويات فقال: يا نبيّ اللّه إنّ اللّه (تبارك وتعالى) يقول لك: إنّ هؤلاء خلائقي

ص:581


1- (1) - النساء 4:157.
2- (2) - هذى الرّجل: تكلّم بغير معقول لمرض أو غيره (أقرب الموارد).

وعبادي ولست ابيدهم بصاعقة من صواعقي إلاّ بعد تأكيد الدعوة وإلزام الحجّة، فعاود اجتهادك في الدعوة لقومك فانّي مثيبك عليه واغرس هذه النوى فانّ لك في نباتها وبلوغها وإدراكها إذا أثمرت الفرج والخلاص فبشّر بذلك من تبعك من المؤمنين.

فلمّا نبتت الاشجار وتأزّرت وتسوّقت وتغصّنت وأثمرت وزها التمر عليها بعد زمان طويل استنجز من اللّه (سبحانه وتعالى) العدة فأمره اللّه (تبارك وتعالى) أن يغرس من نوي تلك الاشجار ويعاود الصبر والاجتهاد، ويؤكد الحجّة على قومه، فأخبر بذلك الطوائف الّتي امنت به فارتدّ منهم ثلاث مائة رجل وقالوا: لو كان ما يدّعيه نوح حقّا لما وقع في وعد ربّه خلف.

ثمّ إنّ اللّه (تبارك وتعالى) لم يزل يأمره عند كلّ مرّة بأن يغرسها مرة بعد اخرى إلى أن غرسها سبع مرّات فما زالت تلك الطوائف من المؤمنين ترتدّ منهم طائفة بعد طائفة إلى أن عاد إلى نيّف وسبعين رجلا فاوحى اللّه (تبارك وتعالى) عند ذلك إليه وقال: يا نوح الآن أسفر الصبح عن اللّيل لعينك حين صرّح الحقّ عن محضه وصفى الامر والإيمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة.

فلو أنّي أهلكت الكفّار وأبقيت من قد ارتدّ من الطوائف الّتي كانت امنت بك لما كنت صدّقت وعدي السابق للمؤمنين الّذين أخلصوا التوحيد من قومك، واعتصموا بحبل نبوّتك بان أستخلفهم في الأرض وامكن لهم دينهم وابدّل خوفهم بالأمن لكي تخلص العبادة لي بذهاب الشك من قلوبهم.

وكيف يكون الاستخلاف والتمكين وبدل الخوف بالأمن منّي لهم

ص:582

مع ما كنت أعلم من ضعف يقين الّذين ارتدّوا وخبث طينتهم، وسوء سرائرهم الّتي كانت نتائج النفاق وسنوح الضلالة(1)، فلو أنّهم تسنّموا منّي الملك الّذي اوتي المؤمنين وقت الاستخلاف إذا أهلكت أعداءهم لنشقوا روائح صفاته ولاستحكمت سرائر نفاقهم وتأبّدت حبال ضلالة قلوبهم ولكاشفوا إخوانهم بالعداوة وحاربوهم على طلب الرئاسة والتفرّد بالامر والنهي، وكيف يكون التمكين في الدّين وانتشار الامر في المؤمنين مع إثارة الفتن وإيقاع الحروب كلاّ (وَ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنٰا وَ وَحْيِنٰا) (2).

قال الصادق (عليه السّلام): وكذلك القائم (عليه السّلام) فانّه تمتدّ أيّام غيبته ليصرّح الحقّ عن محضه، ويصفو الايمان من الكدر بارتداد كلّ من كانت طينته خبيثة من الشيعة الّذين يخشى عليهم النفاق إذا أحسّوا بالاستخلاف والتمكين والامن المنتشر في عهد القائم (عليه السّلام).

قال المفضّل: فقلت: يابن رسول اللّه فإن هذه النواصب تزعم أنّ هذه الآية(3) نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان وعلي (عليه السّلام).

فقال: لايهدي اللّه قلوب الناصبة، متى كان الدين الّذي ارتضاه اللّه ورسوله متمّكنا بانتشار الامن في الأمّة وذهاب الخوف من قلوبها،

ص:583


1- (1) - السنوح: الظهور (مجمع البحرين).
2- (2) - هود 11:37.
3- (3) - أي قوله تعالى: (وَعَدَ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضىٰ لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً). النور 24:55.

وارتفاع الشك من صدورها في عهد واحد من هؤلاء وفي عهد عليّ (عليه السّلام) مع ارتداد المسلمين والفتن الّتي [كانت] تثور في أيّامهم والحروب الّتي كانت تنشب بين الكفّار وبينهم ؟!! ثمّ تلا الصادق (عليه السّلام) (حَتّٰى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جٰاءَهُمْ نَصْرُنٰا) (1).

وأمّا العبد الصالح - أعني الخضر (عليه السّلام) - فانّ اللّه (تبارك وتعالى) ما طوّل عمره لنبوّة قدّرها له ولا لكتاب ينزّله عليه، ولا لشريعة ينسخ بها شريعة من كان قبله من الأنبياء، ولا لإمامة يلزم عباده الاقتداء بها، ولا لطاعة يفرضها له، بلى إنّ اللّه (تبارك وتعالى) لمّا كان في سابق علمه أنّ يقدّر من عمر القائم (عليه السّلام) في أيّام غيبته ما يقدّر وعلم ما يكون من إنكار عباده بمقدار ذلك العمر في الطول، طوّل عمر العبد الصالح في غير سبب يوجب ذلك إلاّ لعلّة الاستدلال به على عمر القائم (عليه السّلام)، وليقطع بذلك حجّة المعاندين لئلاّ يكون للناس على اللّه حجّة(2).

غيبة الطوسي: أخبرني جماعة، عن أبي المفضل محمد بن عبداللّه بن محمّد بن عبداللّه بن المطلب (رحمه اللّه) قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن بحر بن سهل الشيباني الرهني قال: أخبرنا علي بن الحارث، عن سعد بن المنصور الجواشني قال: قال: أخبرنا أحمد بن علي البديلي قال: أخبرني أبي، عن سدير الصيرفي قال: دخلت أنا والمفضل بن عمر وداود بن كثير الرقي وأبو بصير وأبان بن تغلب على

ص:584


1- (1) - يوسف 12:110.
2- (2) - اكمال الدين: ص 352 ح 50. منه البحار: ج 51 ص 219.

مولانا الصادق (عليه السّلام)... وذكر نحوه(1).

5931 - غيبة الطوسي: روي محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن جعفر بن محمّد الكوفيّ ، عن إسحاق بن محمّد، عن القاسم بن الربيع، عن عليّ بن الخطاب، عن مؤذن مسجد الاحمر قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) هل في كتاب اللّه مثل للقائم (عليه السّلام)؟

فقال: نعم، آية صاحب الحمار أماته اللّه مائة عام ثمّ بعثه(2).

5932 - علل الشرايع: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن مسعود وحيدر بن محمّد السمرقندي جميعا قالا: حدثنا محمد بن مسعود قال: حدثنا جبرئيل ابن أحمد، عن موسى بن جعفر البغدادي قال: حدثني الحسن بن محمّد الصيرفي، عن حنان بن سدير، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال: إنّ للقائم (عليه السّلام) منّا غيبة يطول أمدها.

فقلت له: ولم ذاك يابن رسول اللّه ؟

قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ ) أبى إلاّ أن يجري فيه سنن الأنبياء (عليهم السّلام) في غيباتهم وأنّه لابدّ له يا سدير من استيفاء مدد غيباتهم، قال اللّه (عزّوجلّ ): (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ ) (3) أي سننا على سنن من كان

ص:585


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 104. منه البحار: ج 51 ص 223.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 260. منه البحار: ج 51 ص 224، وفي (مجمع البحرين) بعثه: أي ارسله وأنهضه، والمراد أنّه كما بعث اللّه صاحب الحمار «وهو عزير» كذلك يبعث الامام الحجّة المهدي (عليه السّلام) بعد غيبته.
3- (3) - الانشقاق 84:19.

قبلكم(1).

اكمال الدين: بهذا الاسناد نحوه(2).

5933 - علل الشرايع - اكمال الدين: حدثنا عبدالواحد بن محمد ابن عبدوس النيسابوري العطار (رحمه اللّه) قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوري قال: حدثنا حمدان بن سليمان النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن عبداللّه بن جعفر المدايني، عن عبداللّه بن الفضل الهاشميّ قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: إنّ لصاحب هذا الامر غيبة لابدّ منها يرتاب فيها كلّ مبطل.

فقلت [له]: ولم جعلت فداك ؟

قال: لأمر لم يؤذن لنا في كشفه لكم.

قلت: فما وجه الحكمة في غيبته ؟

قال: وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمه من حجج اللّه (تعالى ذكره) إنّ وجه الحكمة في ذلك لاينكشف إلاّ بعد ظهوره كما لا ينكشف(3) وجه الحكمة لما أتاه(4) الخضر (عليه السّلام) من خرق السفينة، وقتل الغلام، وإقامة الجدار لموسى (عليه السّلام) إلاّ وقت(5) افتراقهما.

ص:586


1- (1) - علل الشرايع: ص 245 ح / 1.
2- (2) - اكمال الدين: ص 480 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 90.
3- (3) - لم ينكشف - اكمال الدين.
4- (4) - فيما أتاه - اكمال الدين.
5- (5) - إلى وقت - اكمال الدين.

يابن الفضل: إنّ هذا الامر أمر من أمر اللّه، وسرّ من سرّ اللّه، وغيب من غيب اللّه، ومتى علمنا أنّه (عزّوجلّ ) حكيم، صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة، وإن كان وجهها غير منكشف [لنا](1).

باب (21) في الإمام المهدي عليه السّلام سنّة من النبي يوسف عليه السّلام

5934 - الكافي: علي بن إبراهيم، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن فضالة بن أيّوب، عن سدير الصيرفيّ قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ في صاحب هذا الامر شبها من يوسف (عليه السّلام)، قال: قلت له: كأنّك تذكر حياته أو غيبته ؟

قال: فقال لي: وما ينكر من ذلك، هذه الامّة أشباه الخنازير، إنّ إخوة يوسف (عليه السّلام) كانوا أسباطا أولاد الانبياء تاجروا يوسف وبايعوه وخاطبوه وهم إخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتّى قال: أنا يوسف وهذا أخي، فما تنكر هذه الامّة الملعونة أن يفعل اللّه (عزّوجلّ ) بحجّته في وقت من الاوقات، كما فعل بيوسف ؟! إنّ يوسف (عليه السّلام) كان إليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو أراد أن يعلمه لقدر على ذلك، لقد سار يعقوب (عليه السّلام) وولده عند البشارة تسعة أيام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الامّة أن يفعل اللّه (جلّ وعزّ) بحجّته كما فعل بيوسف، أن

ص:587


1- (1) - علل الشرايع: ص 245 ح 8 - اكمال الدين: ص 481 ح 11. منهما البحار: ج 52 ص 91.

يمشي في أسواقهم ويطأ بسطهم حتى يأذن اللّه في ذلك له، كما أذن ليوسف قالوا: ءإنّك لأنت يوسف ؟ قال: أنا يوسف(1).

5935 - اكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ في القائم شبها من يوسف (عليه السّلام).

قلت: كأنّك تذكر خبره أو غيبته ؟

فقال لي: ما تنكر من ذلك هذه الأمّة أشباه الخنازير إنّ إخوة يوسف كانوا أسباطا أولاد أنبياء تاجروا يوسف وبايعوه [وخاطبوه] وهم إخوته وهو أخوهم، فلم يعرفوه حتّى قال لهم [يوسف (عليه السّلام)]: أنا يوسف. فما تنكر هذه الأمّة [الملعونة] أن يكون اللّه (عزّوجلّ ) في وقت من الاوقات يريد أن يستر حجّته ؟! لقد كان يوسف (عليه السّلام) إليه ملك مصر وكان بينه وبين والده مسيرة ثمانية عشر يوما فلو أراد اللّه (عزّوجلّ ) أن يعرّف مكانه لقدر على ذلك، واللّه لقد سار يعقوب وولده عند البشارة مسيرة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر، فما تنكر هذه الأمّة أن يكون اللّه (عزّوجلّ ) يفعل بحجّته ما فعل بيوسف أن يكون يسير في أسواقهم ويطأ بسطهم وهم لايعرفونه حتّى يأذن اللّه (عزّوجلّ ) أن يعرّفهم بنفسه كما أذن ليوسف حتى قال لهم: (هَلْ عَلِمْتُمْ مٰا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جٰاهِلُونَ * قٰالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قٰالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هٰذٰا أَخِي) (2).

ص:588


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 336 ح 4.
2- (2) - اكمال الدين: ص 341 ح 21، والآيتان في سورة يوسف 12:89 و 90.

اكمال الدين: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي الله عنهما) قالا: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ في القائم سنة من يوسف... وذكر نحوه(1).

علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر، عن أحمد بن هلال، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول....

وذكر نحو الحديث(2).

5936 - غيبة النعماني: حدثنا عليّ بن أحمد، قال: حدثنا عبيداللّه بن موسى العلويّ ، عن أحمد بن الحسين، عن أحمد بن هلال، عن عبدالرحمن ابن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير الصيرفيّ قال: سمعت أبا عبداللّه الصادق (عليه السّلام) يقول:

إنّ في صاحب هذا الامر لشبها من يوسف.

فقلت: فكأنّك تخبرنا بغيبة أو حيرة ؟

فقال: ما ينكر هذا الخلق الملعون أشباه الخنازير من ذلك ؟!! إنّ إخوة يوسف كانوا عقلاء ألبّاء أسباطا أولاد أنبياء دخلوا عليه فكلّموه وخاطبوه وتاجروه وراودوه(3) وكانوا إخوته وهو أخوهم، لم يعرفوه حتّى عرّفهم نفسه، وقال لهم: أنا يوسف فعرفوه حينئذ فما

ص:589


1- (1) - اكمال الدين: ص 144 ح 11.
2- (2) - علل الشرايع: ص 244 ح 3. منهما البحار: ج 51 ص 142.
3- (3) - رادّوه - البحار.

تنكر هذه الأمّة المتحيّرة أن يكون اللّه (جلّ وعزّ) يريد في وقت من الاوقات أن يستر حجّته عنهم، لقد كان يوسف إليه ملك مصر، وكان بينه وبين أبيه مسيرة ثمانية عشر يوما، فلو اراد أن يعلمه بمكانه لقدر على ذلك واللّه لقد سار يعقوب وولده عند البشارة تسعة أيّام من بدوهم إلى مصر.

فما تنكر هذه الأمّة أن يكون اللّه يفعل بحجّته ما فعل بيوسف ؟! وأن يكون صاحبكم المظلوم الجحود حقّه صاحب هذا الامر يتردّد بينهم، ويمشي في أسواقهم ويطأ فرشهم، ولا يعرفونه حتّى يأذن اللّه له أن يعرّفهم نفسه، كما أذن ليوسف حين قال له إخوته: (أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ قٰالَ أَنَا يُوسُفُ ) .

حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن محمد بن الحسين، عن ابن أبي نجران، عن فضالة بن أيوب، عن سدير الصيرفي قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:....

وذكر نحوه أو مثله(1).

دلائل الامامة للطبري: أخبرني أبو الحسن علي بن هبة اللّه قال:

حدثنا أبو جعفر، عن أبيه، عن سعد بن عبداللّه قال: حدثنا أبو عبداللّه محمد بن خالد البرقي، عن أبيه، عن فضالة بن أيوب، عن سدير نحوه(2).

ص:590


1- (1) - غيبة النعماني: ص 163 ح 4.
2- (2) - دلائل الامامة: ص 290. منهما البحار: ج 52 ص 154.

باب (22) غيبة الإمام المهدي عليه السّلام

5937 - إكمال الدين: حدثنا عبدالواحد بن محمد بن عبدوس العطّار (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن محمّد بن قتيبة النيسابوريّ قال: حدثنا حمدان بن سليمان، عن محمّد بن اسماعيل ابن بزيع، عن حيّان السرّاج، عن السيّد بن محمّد الحميريّ - في حديث طويل - يقول فيه: قلت للصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): يابن رسول اللّه قد روي لنا أخبار عن آبائك (عليهم السّلام) في الغيبة وصحّة كونها فأخبرني بمن تقع ؟

فقال (عليه السّلام): ان الغيبة ستقع بالسادس من ولدي وهو الثاني عشر من الائمّة الهداة بعد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أوّلهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وآخرهم القائم بالحقّ بقيّة اللّه في الارض وصاحب الزّمان [وخليفة الرّحمن](1) واللّه لو بقي في غيبته ما بقي نوح في قومه لم يخرج من الدّنيا حتّى يظهر فيملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما(2).

5938 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمدبن مسلم قال: سمعت أباعبداللّه (عليه السّلام) يقول: إن بلغكم عن صاحب هذا الامر غيبة فلا تنكروها(3).

ص:591


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - اكمال الدين: ص 342 ح 23. منه البحار: ج 51 ص 145.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 338 ح 10.

5939 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إن بلغكم عن صاحبكم غيبة فلا تنكروها(1).

غيبة الطوسي: أخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمّد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن صفوان بن يحيي، عن أبي أيوب، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر مثله(2).

غيبة النعماني: أخبرنا محمد بن يعقوب، عن عدّة من رجاله، عن أحمد بن محمّد مثله.

حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزاز، عن محمد بن مسلم مثله(3).

5940 - غيبة الطوسي: أحمد بن إدريس، عن عليّ بن الفضل، عن أحمد بن عثمان، عن أحمد بن رزق، عن يحيي بن العلاء الرازيّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ينتج(4) اللّه تعالى في هذه الأمّة رجلا منّي وأنا منه، يسوق اللّه تعالى به بركات السّماوات

ص:592


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 340 ح 15.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 102.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 188 ح 42.
4- (4) - لعلّ الصحيح: يتيح، أي يقدّر وييسّر.

والارض فينزل السماء قطرها ويخرج الارض بذرها وتأمن وحوشها وسباعها ويملا الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويقتل حتّى يقول الجاهل: لو كان هذا من ذريّة محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) لرحم(1).

5941 - غيبة النعماني: محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن مابنداذ قال: حدثنا محمد بن مالك قال: حدثنا محمد بن سنان، عن الكاهليّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: تواصلوا وتبارّوا وتراحموا فوالّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ليأتينّ عليكم وقت لايجد أحدكم لديناره ودرهمه موضعا - يعني لايجد عند ظهور القائم (عليه السّلام) موضعا يصرفه فيه لاستغناء الناس جميعا بفضل اللّه وفضل وليه -.

فقلت: وأنّى يكون ذلك ؟

فقال: عند فقدكم إمامكم فلا تزالون كذلك حتّى يطلع عليكم كما تطلع الشمس آيس ما تكونون فايّاكم والشك والارتياب، وانفوا عن أنفسكم الشكوك وقد حذّرتكم فاحذروا أسأل اللّه توفيقكم وإرشادكم(2).

البحار - بيان: الظاهر أنّ «يعني» كلام النعماني والظاهر أنّه أخطأ في تفسيره لانّه وصف لزمان الغيبة لا لزمان ظهوره (عليه السّلام) كما يظهر من اخر الخبر، بل المعنى أنّ الناس يكونون خونة لايوجد من يؤتمن على درهم ولا دينار.

ص:593


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 115. منه البحار: ج 51 ص 146.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 150 ح 8. منه البحار: ج 51 ص 146.

5942 - غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن همام (رحمه اللّه) قال:

حدثنا حميد بن زياد، عن الحسن بن محمّد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن زائدة بن قدامة(1)، عن بعض رجاله، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ القائم إذا قام يقول الناس: أنّى ذلك وقد بليت عظامه(2).

5943 - غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن رباح الزهري، عن أحمد بن عليّ الحميريّ ، عن الحسن بن ايوب(3)، عن عبدالكريم بن عمرو، عن محمد ابن الفضيل(4)، عن حمّاد بن عبدالكريم الجلاّب قال: ذكر القائم عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: أما إنّه لو قد قام لقال النّاس: أنّى يكون هذا وقد بليت عظامه مذ كذا وكذا؟!(5).

5944 - غيبة الطوسي: روي الفضل بن شاذان، عن ابن أبي نجران، عن محمّد بن الفضيل، عن حمّاد بن عبدالكريم قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ القائم إذا قام قال الناس: أنّى يكون هذا وقد بليت عظامه منذ دهر طويل ؟!(6).

5945 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد [ابن

ص:594


1- (1) - زيد بن قدامة - البحار.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 154 ح 13. منه البحار: ج 51 ص 148.
3- (3) - الحسن بن محبوب - البحار.
4- (4) - ومحمد بن الفضيل - البحار.
5- (5) - غيبة النعماني: ص 155 ح 14. منه البحار: ج 52 ص 291.
6- (6) - غيبة الطوسي: ص 260. منه البحار: ج 51 ص 225.

عقدة] قال: حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسن(1) بن حازم قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري(2)، عن عبداللّه بن جبلة، عن فضيل [الصائغ] عن محمّد بن مسلم الثقفي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال:

إذا فقد الناس الإمام مكثوا سنينا(3) لايدرون أيّا من أيّ ، ثمّ يظهر اللّه (عزّوجلّ ) لهم صاحبهم(4).

5946 - غيبة النعماني: حدثنا علي بن أحمد البندنيجي قال:

حدثنا عبيداللّه بن موسى(5) العلوي العباسي، عن موسى بن سلام، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر [البزنطي]، عن عبدالرحمن، عن الخشاب(6)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): مثل أهل بيتي مثل نجوم السماء كلّما غاب نجم طلع نجم حتّى إذا نجم منها طلع فرمقتموه بالاعين وأشرتم إليه بالاصابع أتاه ملك الموت فذهب به ثمّ لبثتم في ذلك سبتا من دهركم واستوت بنو عبدالمطّلب ولم يدر أيّ من أيّ فعند ذلك يبدو نجمكم فاحمدوا اللّه واقبلوه(7) و(8).

ص:595


1- (1) - القاسم بن محمد بن الحسين - البحار.
2- (2) - عباس بن هاشم الناشري - البحار.
3- (3) - سبتا - البحار. وهو بمعنى الدّهر.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 158 ح 1. منه البحار: ج 51 ص 148.
5- (5) - أحمد بن علي البنديجي عن عبداللّه بن موسى - البحار.
6- (6) - عن عبدالرحمن بن الخشاب - البحار.
7- (7) - المراد بطلوع نجم بعد غيبوبة آخر ظهور امام بعد وفاة الاخر فاذا ظهر أتاه ملك الموت، والمراد بقوله «ثم لبثتم في ذلك» عدم ظهور ولادة القائم (عليه السّلام) للعامة حتى تحيّروا ولم يعرفوا شخص الامام، وطلع نجم يعني ظهر القائم بعد الحيرة والغيبة. (هامش المصدر).
8- (8) - غيبة النعماني: ص 155 ح 15. منه البحار: ج 51 ص 76.

5947 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبداللّه بن جبلة، عن أحمد بن الحارث(1)، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إنّ لصاحب هذا الامر غيبة يقول فيها: (فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمّٰا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَ جَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (2).

باب (23) علّة غيبة الإمام المهدي عليه السّلام

5948 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن أبيه محمّد بن عيسى، عن ابن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم، إنّه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل(3).

5949 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن جعفر بن محمّد، عن الحسن بن معاوية، عن عبداللّه بن جبلة، عن عبداللّه بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ للقائم (عليه السّلام) غيبة قبل أن يقوم.

قلت: ولم ؟

ص:596


1- (1) - أحمد بن نضر - البحار.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 174 ح 10، والآية في سورة الشعراء 26:21. منه البحار: ج 52 ص 281.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 340 ح 18.

قال: إنّه يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - يعني القتل(1).

5950 - الكافي: الحسين بن أحمد، عن أحمد بن هلال قال:

حدثنا عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال:

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لابدّ للغلام من غيبة.

قلت: ولم ؟

قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - وهو المنتظر وهو الّذي يشك الناس في ولادته، فمنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: مات أبوه ولم يخلف، ومنهم من يقول: ولد قبل موت أبيه بسنتين.

قال زرارة: فقلت: وما تأمرني لو أدركت ذلك الزمان ؟

قال: ادع اللّه بهذا الدعاء: «اللهمّ عرّفني نفسك، فانّك إن لم تعرفني نفسك، لم أعرفك، اللهم عرّفني نبيّك فانّك إن لم تعرّفني نبيّك لم أعرفه قطّ، اللهم عرّفني حجّتك فانّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني» قال أحمد بن الهلال: سمعت هذا الحديث منذ ستّ وخمسين سنة(2).

5951 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عبداللّه بن موسى، عن عبداللّه بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ للغلام غيبة قبل أن يقوم.

قال: قلت: ولم ؟

قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - ثمّ قال: يا زرارة وهو المنتظر

ص:597


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 338 ح 9.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 342 ح 29.

وهو الّذي يشك في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه بلاخلف، ومنهم من يقول: حمل(1) ومنهم من يقول: إنّه ولد قبل موت أبيه بسنتين وهو المنتظر، غير أنّ اللّه (عزّوجلّ ) يحبّ أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة.

[قال: قلت: جعلت فداك إن أدركت ذلك الزمان أيّ شيء أعمل ؟

قال: يا زرارة] إذا أدركت هذا الزمان فادع بهذا الدعاء: «اللهمّ عرّفني نفسك فانّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك، فانّك إن لم تعرّفني رسولك لم اعرف حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك، فانّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني»، ثمّ قال: يا زرارة لابدّ من قتل غلام بالمدينة.

قلت: جعلت فداك أليس يقتله جيش السفيانيّ؟

قال: لا ولكن يقتله جيش آل بني فلان يجيء حتى يدخل المدينة، فيأخذ الغلام فيقتله، فاذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لا يمهلون، فعند ذلك توقّع الفرج إن شاء اللّه(2).

5952 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام (رحمه اللّه) قال:

حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك، قال: حدثنا عبّاد بن يعقوب، عن يحيى بن يعلى، عن زرارة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ان للقائم (عليه السّلام) غيبة قبل أن يقوم.

فقلت: ولم ؟

ص:598


1- (1) - عند موت أبيه لم يولد بعد.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 337 ح 5.

قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه - ثمّ قال: يا زرارة وهو المنتظر وهو الذي يشك في ولادته، فمنهم من يقول: مات أبوه بلاخلف، ومنهم من يقول: حمل، ومنهم من يقول: غائب، ومنهم من يقول:

ولد قبل وفاة أبيه بسنين وهو المنتظر غير ان اللّه يحبّ ان يمتحن قلوب الشيعة فعند ذلك يرتاب المبطلون يا زرارة.

قال زرارة: قلت: جعلت فداك ان ادركت ذلك الزمان أيّ شيء أعمل ؟

قال: يا زرارة متى أدركت ذلك الزمان فادع بهذا الدعاء: «اللهمّ عرّفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللهم عرّفني رسولك فانك ان لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهمّ عرّفني حجّتك فإنك ان لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني».

ثمّ قال: يا زرارة لابدّ من قتل غلام بالمدينة.

قلت: جعلت فداك أوليس الذي يقتله جيش السفياني ؟

قال: لا ولكن يقتله جيش بني فلان يخرج حتى يدخل المدينة، ولا يدري الناس في أيّ شيء دخل، فيأخذ الغلام فيقتله فاذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لم يمهلهم اللّه فعند ذلك يتوقع الفرج.

قال محمّد بن يعقوب الكليني (رحمه اللّه): حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن عبداللّه بن موسى، عن عبداللّه بن بكير، عن زرارة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول... وذكر مثله.

وحدثنا محمد بن يعقوب، عن الحسين بن احمد، عن أحمد بن هلال قال: حدثنا عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن

ص:599

أعين قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) وذكر هذا الحديث بعينه والدعاء وقال أحمد بن هلال: سمعت هذا الحديث منذ ست وخمسين سنة(1).

5953 - إكمال الدين: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى العطار (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عثمان بن عيسى الكلابيّ ، عن خالد بن نجيح، عن زرارة ابن أعين قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم.

قلت له: ولم ؟

قال: يخاف - وأومأ بيده إلى بطنه -.

ثمّ قال: يا زرارة، وهو المنتظر، وهو الذي يشك الناس في ولادته [منهم من يقول مات أبوه ولم يخلّف و](2) منهم من يقول: هو حمل، ومنهم من يقول: هو غائب، ومنهم من يقول: ما ولد ومنهم من يقول: ولد قبل وفاة أبيه بسنتين [وهو المنتظر]3 غير أنّ اللّه (تبارك وتعالى) يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون.

قال زرارة: فقلت: جعلت فداك، فان أدركت ذلك الزمان فأيّ شيء أعمل ؟

قال: يا زرارة إن أدركت ذلك الزّمان فأدم هذا الدّعاء:

«اللهمّ عرّفني نفسك، فانّك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللهمّ عرّفني رسولك فانّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف

ص:600


1- (1) - غيبة النعماني: ص 166 ح 6.
2- (2و3) - ما بين المعقوفتين من البحار.

حجّتك، اللهمّ عرّفني حجّتك فانك إن لم تعرّفني حجّتك ظللت عن ديني».

ثمّ قال: يا زرارة لابدّ من قتل غلام بالمدينة.

قلت: جعلت فداك أليس يقتله جيش السفياني ؟

قال: لا، ولكن يقتله جيش بني فلان يخرج حتى يدخل المدينة، فلايدري الناس في أيّ شيء دخل فيأخذ الغلام فيقتله، فاذا قتله بغيا وعدوانا وظلما لم يمهلهم اللّه (عزّوجلّ )، فعند ذلك فتوقّعوا الفرج.

وحدثنا بهذا الحديث محمد بن اسحاق (رضي اللّه عنه) قال:

حدثنا أبو علي محمد بن همام قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي قال: حدثني أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى الكلابي، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام).

وحدثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن علي بن محمّد الحجّال، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن عبداللّه بن بكير، عن زرارة بن أعين، عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنّه قال: إنّ للقائم غيبة قبل أن يقوم... وذكر الحديث مثله سواء(1).

غيبة الطوسي: روي سعد بن عبداللّه، عن جماعة من أصحابنا، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إن للغلام غيبة... وذكر نحو الحديث إلى قوله (عليه السّلام): فإنّك إن لم تعرفني نفسك لم

ص:601


1- (1) - اكمال الدين: ص 342 ح 24.

أعرف نبيك.... الى آخره(1).

5954 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن الحسين، عن عثمان بن عيسى، عن خالد بن نجيح، عن زرارة بن أعين قال: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: إنّ للغلام غيبة قبل أن يقوم.

قلت: ولم ذلك جعلت فداك ؟

فقال: يخاف - وأشار بيده إلى بطنه وعنقه - ثمّ قال (عليه السّلام): وهو المنتظر الّذي يشك الناس في ولادته فمنهم من يقول:

إذا مات أبوه مات ولا عقب له، ومنهم من يقول: قد ولد قبل وفاة بيه بسنتين لانّ اللّه (عزّوجلّ ) يحبّ (2) أن يمتحن خلقه فعند ذلك يرتاب المبطلون(3).

5955 - علل الشرايع: حدثنا محمّد بن علي ماجيلويه (رضي اللّه عنه)، عن أبيه، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقي، [عن بيه](4)، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان وغيره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لابدّ للغلام من غيبة.

فقيل له: ولم يا رسول اللّه ؟

ص:602


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 202. منهما البحار: ج 52 ص 146 و 147.
2- (2) - يجب - البحار.
3- (3) - اكمال الدين: ص 346 ح 33. منه البحار: ج 52 ص 95.
4- (4) - ما بين المعقوفتين من البحار.

قال: يخاف القتل(1).

5956 - إكمال الدين: حدثنا المظفّر بن جعفر بن المظفر العلويّ السمرقندي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود وحيدر بن محمّد السمرقنديّ جميعا، عن محمّد بن مسعود [العياشي] قال: حدثني عبداللّه بن محمد بن خالد قال: حدثني أحمد بن هلال، عن عثمان بن عيسى الروّاسيّ ، عن خالد بن نجيح الجوّاز، عن زرارة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا زرارة لابدّ للقائم (عليه السّلام) من غيبة.

قلت: ولم ؟

قال: يخاف على نفسه - وأومأ بيده إلى بطنه -(2).

5957 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن عليّ ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثني عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقيّ ، عن أيّوب بن نوح، عن صفوان بن يحيي، عن ابن بكير، عن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: للقائم(3) غيبة قبل قيامه.

قلت: ولم ؟

قال: يخاف على نفسه الذّبح(4).

ص:603


1- (1) - علل الشرايع: ص 243 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 90.
2- (2) - اكمال الدين: ص 481 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 96.
3- (3) - للغلام - البحار.
4- (4) - اكمال الدين: ص 481 ح 10. منه البحار: ج 52 ص 97.

باب (24) التمحيص في زمن غيبة الإمام المهدي عليه السّلام

5958 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن يعقوب السرّاج وعليّ بن رئاب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام): أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) لمّا بويع بعد مقتل عثمان صعد المنبر وخطب بخطبة - ذكرها - يقول فيها: ألا إنّ بليّتكم قد عادت كهيئتها يوم بعث اللّه نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم).

والّذي بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ولتغربلنّ غربلة، حتّى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم أسفلكم وليسبقنّ سبّاقون، كانوا قصّروا، وليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا، واللّه ما كتمت وسمة ولا كذبت كذبة ولقد نبّئت بهذا المقام وهذا اليوم(1).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن يعقوب السرّاج وعن علي بن رئاب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: لمّا بويع لأمير المؤمنين (عليه السّلام).... وذكر نحوه(2).

5959 - غيبة الطوسي: روى محمّد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن أيوب بن نوح، عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمّد المسليّ قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): واللّه

ص:604


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 369 ح 1.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 201 ح 1.

لتكسّرنّ كسر الزّجاج، وإنّ الزّجاج يعاد فيعود كما كان.

واللّه لتكسّرنّ كسر الفخار وإنّ الفخار لايعود كما كان.

واللّه لتميّزن، واللّه لتمحّصنّ واللّه لتغربلنّ كما يغربل الزّؤان(1)من القمح(2).

5960 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثني أحمد بن يوسف الجعفيّ أبو الحسن من كتابه قال: حدثنا اسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، ووهيب [بن حفص]، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: مع القائم (عليه السّلام) من العرب شيء يسير.

فقيل له: إنّ من يصف هذا الأمر منهم لكثير؟

قال: لابدّ للناس من أن يمحّصوا(3) ويميّزوا ويغربلوا، وسيخرج من الغربال خلق كثير(4).

5961 - الكافي: محمّد بن يحيى والحسن بن محمّد، عن جعفر ابن محمّد، عن القاسم بن اسماعيل الأنباريّ ، عن الحسين بن علي، عن أبي المغرا، عن ابن أبي يعفور قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ويل لطغاة العرب، من أمر قد اقترب.

قلت: جعلت فداك كم مع القائم من العرب ؟

ص:605


1- (1) - الزوّان والزّوان: ما يخرج من الطعام فيرمى به، وهو الرديء منه وفي الصحاح: هو حب يخالط البرّ. (لسان العرب).
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 206. منه البحار: ج 52 ص 101.
3- (3) - محّص فلانا: ابتلاه واختبره. (اقرب الموارد).
4- (4) - غيبة النعماني: ص 204 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 348.

قال: نفر يسير.

قلت: واللّه إن من يصف هذا الامر منهم لكثير.

قال: لابدّ للناس من أن يمحّصوا ويميّزوا ويغربلوا ويستخرج في الغربال خلق كثير(1).

دلائل الامامة للطبري: أخبرني أبو الحسين محمد بن هارون بن موسى قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو علي محمد بن همام، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد الحميري قال: حدثنا القاسم بن اسماعيل مثله وفيه: ويستخرج من الغربال(2).

غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار قال: حدثنا محمد بن حسّان الرازي قال: حدثنا محمد ابن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب الزّرّاد، عن أبي المغرا، عن عبداللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه سمعه يقول... وذكر نحوه(3).

5962 - الكافي: محمّد بن يحيي والحسن بن محمّد، عن جعفر ابن محمّد، عن الحسن بن محمّد الصيرفيّ ، عن جعفر بن محمّد الصيقل، عن أبيه، عن منصور قال: قال لي ابو عبداللّه (عليه السّلام): يا منصور إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلاّ بعد إياس ولا واللّه حتّى تميّزوا، ولا واللّه حتّى تمحّصوا، ولا واللّه حتّى يشقى من يشقى

ص:606


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 370 ح 2.
2- (2) - دلائل الامامة: ص 242.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 204 ح 7.

ويسعد من يسعد(1).

إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن محمد بن الفضيل، عن أبيه، عن منصور قال:

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(2).

5963 - الكافي: محمد بن الحسن وعليّ بن محمد، عن سهل ابن زياد، عن محمد بن سنان، عن محمد بن منصور الصيقل، عن أبيه قال: كنت أنا والحارث بن المغيرة وجماعه من أصحابنا جلوسا وأبو عبداللّه (عليه السّلام) يسمع كلامنا، فقال لنا: في أيّ شيء أنتم ؟

هيهات، هيهات! لا واللّه لايكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تغربلوا.

لا واللّه لايكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تمحّصوا.

لا واللّه لايكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى تميّزوا.

لا واللّه ما يكون ما تمدّون إليه أعينكم إلاّ بعد إياس.

لاواللّه لايكون ما تمدّون إليه أعينكم حتّى يشقى من يشقى ويسعد من يسعد(3).

غيبة الطوسي: أخبرنا الحسين بن عبيد [الغضائري]، عن أبي جعفر محمد بن سفيان البزوفري، عن أحمد بن ادريس قال: حدثني علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان النيشابوري، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن منصور، عن أبيه قال: كنّا عند أبي عبداللّه

ص:607


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 370 ح 3.
2- (2) - اكمال الدين: ص 346 ح 32.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 370 ح 6.

(عليه السّلام) جماعة نتحدث فالتفت إلينا.... وذكر نحوه(1).

5964 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد ابن إسماعيل بن بزيع، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الأصمّ ، عن الحسين بن مختار القلانسيّ ، عن عبدالرحمن بن سيابة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انّه قال: كيف أنتم إذا بقيتم بلاإمام هدي، ولا علم، يتبرأ بعضكم من بعض، فعند ذلك تميّزون وتمحّصون وتغربلون، وعند ذلك اختلاف السيفين وامارة من أوّل النهار، وقتل وخلع من آخر النهار(2).

5965 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن احمد بن محمّد، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن المساور، عن المفضّل بن عمر قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إيّاكم والتّنويه(3) أما واللّه ليغيبنّ إمامكم سنينا من دهركم ولتمحّصنّ حتّى يقال: مات، قتل، هلك، بأيّ واد سلك ؟ ولتدمعنّ عليه عيون المؤمنين ولتكفأنّ كما تكفأ السّفن في أمواج البحر، فلا ينجو إلاّ من أخذ اللّه ميثاقه وكتب في قلبه الايمان وأيّده بروح منه، ولترفعنّ أثنتا عشرة راية مشتبهة، لا يدرى أيّ من أيّ ، قال: فبكيت ثمّ قلت: فكيف نصنع ؟

قال: فنظر إلى شمس داخلة في الصفّة، فقال: يا أبا عبداللّه تري هذه الشمس ؟

ص:608


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 203.
2- (2) - اكمال الدين: ص 347 ح 37. منه البحار: ج 52 ص 112.
3- (3) - نوه به تنويها: دعاه برفع الصوت. (أقرب الموارد).

قلت: نعم.

فقال: واللّه لامرنا أبين من هذه الشمس(1).

إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه وعبداللّه بن جعفر الحميري وأحمد بن ادريس جميعا قالوا: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عبدالجبار وعبداللّه بن عامر بن سعد الاشعري، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن مساور، عن المفضّل بن عمر الجعفي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: إيّاكم والتنويه... وذكر نحوه(2).

غيبة الطوسي: أحمد بن ادريس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي نجران، عن عمرو بن مساور، عن المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:...

وذكر نحوه(3).

غيبة النعماني: محمد بن همّام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك وعبداللّه بن جعفر الحميري جميعا قالا: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عيسى وعبداللّه بن عامر القصباني جميعا، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن مساور، عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت الشيخ يعني أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إيّاكم والتنويه أما واللّه ليغيبنّ سبتا من دهركم

ص:609


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 336 ح 3.
2- (2) - إكمال الدين: ص 347 ح 36. منه البحار: ج 52 ص 281.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 204. منه البحار: ج 52 ص 282.

وليخملنّ حتّى يقال: مات هلك.... وذكر نحوه (ثم قال:) محمد ابن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن عبدالكريم، عن عبدالرحمن بن أبي نجران، عن محمد بن مساور، عن المفضل بن عمر مثله إلاّ أنّه قال في حديثه: وليغيبنّ سنين من دهركم(1).

5966 - غيبة النعماني: اخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري، عن أحمد بن عليّ الحميريّ ، عن الحسن بن أيوب(2)، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعميّ ، عن محمد بن عصام، قال: حدثني المفضّل بن عمر قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) في مجلسه ومعي غيري فقال لنا: إيّاكم والتنويه يعني باسم القائم (عليه السّلام) وكنت أراه يريد غيري فقال لي: يا أبا عبداللّه إيّاكم والتنويه واللّه ليغيبنّ سبتا(3) من الدّهر وليخملنّ (4) حتّى يقال: مات هلك بأيّ واد سلك ولتفيضنّ عليه أعين المؤمنين وليكفأنّ (5) كتكفّيء السفينة في أمواج البحر حتّى لاينجو إلاّ من أخذ اللّه ميثاقه وكتب الإيمان في قلبه وأيّده بروح منه ولترفعنّ اثنتا عشرة راية مشتبهة لايعرف أيّ من أيّ .

قال المفضل: فبكيت.

ص:610


1- (1) - غيبة النعماني: ص 152 ح 10. منه البحار: ج 52 ص 282.
2- (2) - الحسين بن أيوب - البحار.
3- (3) - سنينا - البحار. وسبتا من الدهر: أي برهة من الدهر. (أقرب الموارد).
4- (4) - خمل ذكره وصوته: خفي (أقرب الموارد).
5- (5) - اكفأ الاناء: قلبه (أقرب الموارد).

فقال لي: ما يبكيك ؟

قلت: جعلت فداك كيف لا أبكي وأنت تقول ترفع اثنتا عشرة راية مشتبهة لايعرف أيّ من أيّ .

قال: فنظر إلى كوّة في البيت الّتي تطلع فيها الشمس في مجلسه فقال (عليه السّلام): أهذه الشمس مضيئة ؟

قلت: نعم.

قال: واللّه لامرنا أضوء منها(1).

البحار - بيان: التنوين في قوله: «سنينا» على لغة بني عامر قال الازهريّ في التصريح: وبعضهم يجري بنين وباب سنين وإن لم يكن علما مجري غسلين في لزوم الياء والحركات على النون منوّنة غالبا على لغة بني عامر انتهى.

وقوله: وليكفأنّ أي المؤمنون وفي بعض النسخ بصيغة الخطاب.

5967 - الكافي: الحسين بن محمد ومحمد بن يحيى، عن جعفر ابن محمّد، عن الحسن بن معاوية، عن عبداللّه بن جبلة، عن ابراهيم ابن خلف بن عباد الأنماطيّ ، عن مفضّل بن عمر قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) وعنده في البيت اناس، فظننت أنّه إنّما أراد بذلك غيري، فقال: أما واللّه ليغيبنّ عنكم صاحب هذا الامر وليخملنّ هذا حتّى يقال: مات، هلك، في أيّ واد سلك ؟ ولتكفأنّ كما تكفأ السفينة في أمواج البحر، لاينجو إلّا من أخذ اللّه ميثاقه وكتب الايمان في قلبه وأيّده بروح منه، ولترفعنّ اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي.

ص:611


1- (1) - غيبة النعماني: ص 151 ح 9. منه البحار: ج 51 ص 147.

قال: فبكيت.

فقال: ما يبكيك يا أبا عبداللّه ؟

فقلت: جعلت فداك كيف لا أبكي وأنت تقول: اثنتا عشرة راية مشتبهة لا يدري أي من أي!؟

قال: وفي مجلسه كوّة(1) تدخل فيها الشمس. فقال: أبيّنة هذه ؟

فقلت: نعم.

قال: أمرنا أبين من هذه الشمس(2).

باب (25) النهي عن التوقيت

5968 - الكافي: عليّ بن محمّد ومحمّد بن الحسن، عن سهل ابن زياد ومحمد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد بن عيسى جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفر (عليه السّلام) يقول: يا ثابت إن اللّه (تبارك وتعالى) قد كان وقّت هذا الامر في السّبعين، فلمّا أن قتل الحسين (صلوات اللّه عليه) اشتدّ غضب اللّه تعالى على أهل الارض، فأخّره إلى أربعين ومائة، فحدّثناكم فأذعتم الحديث فكشفتم قناع السّتر ولم يجعل اللّه له بعد ذلك وقتا عندنا، ويمحو اللّه ما يشاء ويثبت وعنده امّ الكتاب.

قال أبو حمزة: فحدّثت بذلك أبا عبداللّه (عليه السّلام) فقال:

ص:612


1- (1) - الكوّة: النقبة في الحائط غير النافذة. (مجمع البحرين).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 338 ح 11.

قد كان كذلك(1).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن محمد ومحمد بن الحسن بهذا الاسناد نحوه(2).

غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثمالي قال: قلت لابي جعفر (عليه السّلام): إنّ عليا (عليه السّلام) كان يقول: إلى السبعين بلاء، وكان يقول: بعد البلاء رخاء، وقد مضت السبعون ولم نر رخاء؟

فقال أبو جعفر (عليه السّلام): يا ثابت إنّ اللّه تعالى كان وقّت هذا الامر.... وذكر نحوه(3).

5969 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن سلمة بن الخطّاب، عن عليّ بن حسّان، عن عبدالرّحمان بن كثير قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه مهزم، فقال له: جعلت فداك أخبرني عن هذا الامر الّذي ننتظره متى هو؟

فقال: يا مهزم كذب الوقّاتون وهلك المستعجلون ونجا المسلّمون(4).

غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى مثله(5).

ص:613


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 368 ح 1.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 293 ح 10.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 263.
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 368 ح 2.
5- (5) - غيبة النعماني: ص 294 ح 11.

5970 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن الحسين بن يزيد الصحّاف، عن منذر الجوّاز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

كذب الموقّتون، ما وقّتنا فيما مضى، ولا نوقّت فيما يستقبل(1).

5971 - غيبة الطوسي: بهذا الاسناد، عن عبدالرحمن بن كثير قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ دخل عليه مهزم الأسديّ فقال: أخبرني - جعلت فداك - متى هذا الامر الّذي تنتظرونه فقد طال ؟

فقال: يا مهزم كذب الوقّاتون، وهلك المستعجلون ونجا المسلّمون وإلينا يصيرون(2).

البحار: عن كتاب (الامامة والتبصرة) لعليّ بن بابويه، عن محمد بن يحيى، عن محمد بن أحمد، عن صفوان بن يحيى، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كنت عنده إذ دخل.... وذكر مثله(3).

غيبة النعماني: حدثنا عليّ بن أحمد قال: حدثنا عبيداللّه بن موسى العلوي، عن محمد بن موسى، عن أحمد بن أبي أحمد، عن محمّد بن عليّ ، عن علي بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير قال:

كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) يوما.... وذكر نحوه(4).

5972 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن

ص:614


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 262. منه البحار: ج 52 ص 103.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 262.
3- (3) - البحار: ج 52 ص 104.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 197 ح 8. منهما البحار: ج 52 ص 103.

خالد، عن أبيه، عن القاسم بن محمّد، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن القائم (عليه السّلام)؟

فقال: كذّب الوقّاتون، إنّا أهل بيت لانوقّت(1).

غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن يعقوب، عن عدّة من شيوخه مثله إلاّ انه زاد في آخره: ثم قال: أبى اللّه إلاّ أن يخلف وقت الموقّتين(2).

5973 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن إسماعيل الأنباريّ ، عن الحسن بن عليّ ، عن إبراهيم بن مهزم، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ذكرنا عنده ملوك آل فلان(3).

فقال: إنّما هلك الناس من استعجالهم لهذا الامر، إنّ اللّه لايعجل لعجلة العباد، إنّ لهذا الأمر غاية ينتهي إليها، فلو قد بلغوها لم يستقدموا ساعة ولم يستأخروا(4).

5974 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا علي بن الحسن(5) قال: حدثنا الحسن بن عليّ بن يوسف ومحمّد

ص:615


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 368 ح 3.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 294 ح 12.
3- (3) - ملوك آل فلان: أي بني العبّاس، أي كنّا نرجو أن يكون إنقراض دولة بني اميّة متّصلا بدولتكم، ولم يكن كذلك، وحدثت دولة بني العبّاس، أو ذكرنا قوّة ملكهم وشدّته، أو أنّه هل يمكن السّعي في إزالته. (مرآة العقول).
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 369 ج 7.
5- (5) - علي بن الحسين - البحار.

ابن عليّ ، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: ما لهذا الامر أمد ينتهى إليه ويريح أبداننا؟

قال: بلى ولكنّكم أذعتم فأخّره اللّه(1).

5975 - غيبة النعماني: أخبرنا عليّ بن أحمد، عن عبيداللّه بن موسى العبّاسي، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن عبداللّه بن بكير، عن محمّد بن مسلم قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا محمّد من اخبرك عنّا توقيتا فلا تهابنّ أن تكذّبه فانّا لا نوقّت لاحد وقتا(2).

5976 - غيبة النعماني: حدثنا عليّ بن أحمد، عن عبيداللّه بن موسى العلوي، عن محمّد بن أحمد القلانسيّ ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي جميلة، عن أبي بكر الحضرميّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّا لا نوقّت هذا الامر(3).

5977 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا محمد بن المفضل(4) بن ابراهيم بن قيس بن رمّانة الأشعري وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين بن عبدالملك ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطوانيّ (5) قالوا جميعا: حدثنا

ص:616


1- (1) - غيبة النعماني: ص 288 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 117.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 289 ح 3. منه البحار: ج 52 ص 117.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 289 ح 5. منه البحار: ج 52 ص 118.
4- (4) - محمد بن الفضل - البحار.
5- (5) - محمد بن الحسين القطوانيّ - البحار.

الحسن بن محبوب الزّرّاد، عن إسحاق بن عمّار الصّيرفي قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قد كان لهذا الامر وقت(1) وكان في سنة أربعين ومائة فحدّثتم به وأذعتموه فأخّره اللّه (عزّوجلّ )(2).

5978 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بهذا الاسناد، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا إسحاق إنّ هذا الامر قد اخّر مرّتين(3).

5979 - غيبة الطوسي: روي الفضل، عن محمّد بن إسماعيل، عن محمّد بن سنان، عن أبي يحيى التمتام السلميّ ، عن عثمان النوا قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان هذا الأمر فيّ ، فأخّره اللّه ويفعل بعد في ذرّيتي ما يشاء(4).

5980 - تفسير العياشي: عن هشام بن سالم، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن قول اللّه:

(أَتىٰ أَمْرُ اللّٰهِ فَلاٰ تَسْتَعْجِلُوهُ ) ؟(5).

قال: إذا أخبر اللّه النبي (صلّى اللّه عليه وآله) بشيء إلى وقت فهو قوله: (أَتىٰ أَمْرُ اللّٰهِ فَلاٰ تَسْتَعْجِلُوهُ ) حتّى يأتي ذلك الوقت، وقال: إنّ اللّه إذا أخبر أنّ شيئا كائن فكأنّه قد كان(6).

ص:617


1- (1) - «لهذا الامر» أي لرجوع الخلافة إلى أهلها وكان ذلك الوقت معلوما عندهم (عليهم السّلام).
2- (2) - غيبة النعماني: ص 292 ح 8. منه البحار: ج 52 ص 117.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 292 ح 9. منه البحار: ج 52 ص 117.
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 263. منه البحار: ج 52 ص 106.
5- (5) - النحل 16:1.
6- (6) - تفسير العياشي: ج 2 ص 254 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 109.

باب (26) إنتظار الفرج

5981 - الكافي: عليّ بن محمّد رفعه، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك متى الفرج ؟

فقال: يا أبا بصير وأنت ممّن يريد الدّنيا؟، من عرف هذا الامر فقد فرّج عنه لانتظاره(1).

غيبة النعماني: اخبرنا محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمد رفعه إلى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير مثله إلاّ أنّ فيه:

بانتظاره(2).

5982 - البحار: المحاسن - النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبداللّه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهم) قال: أفضل عبادة المؤمن انتظار فرج اللّه(3).

5983 - عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): بالأسانيد الثلاثة(4)، عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أفضل أعمال امّتي انتظار فرج اللّه (عزّوجلّ )(5).

ص:618


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 371 ح 3.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 330 ح 3.
3- (3) - البحار: ج 52 ص 131 ح 33.
4- (4) - المذكورة في العيون: ج 2 ص 24.
5- (5) - عيون اخبار الرضا: ج 2 ص 36 ح 87. منه البحار: ج 52 ص 122.

5984 - إكمال الدين: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي السمرقندي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن محمد بن مسعود، عن جعفر بن معروف قال: أخبرني محمّد بن الحسين، عن جعفر بن بشير، عن موسى بن بكر الواسطي(1)، عن أبي الحسن، عن آبائه (عليهم السّلام): أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: أفضل أعمال امّتي انتظار الفرج من اللّه (عزّوجلّ )(2).

5985 - قرب الاسناد: محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب قال:

أخبرنا أحمد بن محمّد بن أبي نصر، قال: قلت له [للرضا (عليه السّلام)]: جعلت فداك إنّ أصحابنا رووا عن شهاب، عن جدّك (عليه السّلام) أنّه قال: أبى اللّه (تبارك وتعالى) أن يملّك أحدا ما ملّك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ثلاثا وعشرين سنة، قال: إن كان أبو عبداللّه (عليه السّلام) قال جاء كما قال.

فقلت له: جعلت فداك فأيّ شيء تقول أنت ؟

فقال: ما أحسن الصبر وانتظار الفرج، أما سمعت قول العبد الصالح (وَ ارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ ) (3)(فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ) (4) فعليكم بالصبر فانّه إنّما يجيء الفرج على اليأس وقد كان الّذين من قبلكم أصبر منكم(5).

ص:619


1- (1) - عن موسى بن بكر، عن محمد الواسطي - البحار.
2- (2) - اكمال الدين: ص 644 ح 3. منه البحار: ج 52 ص 128.
3- (3) - هود 11:93.
4- (4) - الاعراف 7:71.
5- (5) - قرب الاسناد: ص 168. منه البحار: ج 52 ص 110.

5986 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشريّ ، عن عبداللّه بن جبلة، عن محمّد بن منصور الصيقل، عن أبي منصور قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا أصبحت وأمسيت يوما لا تري فيه إماما من آل محمّد فأحبب من كنت تحبّ وأبغض من كنت تبغض، ووال من كنت توالي وانتظر الفرج صباحا ومساء.

وأخبرنا محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن إبن فضال، عن الحسن بن علي العطار، عن جعفر بن محمّد، عن منصور عمّن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(1).

5987 - إكمال الدين - معاني الاخبار: حدثنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلويّ [السمرقنديّ ] (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود العيّاشي، عن جعفر بن أحمد، عن العمركيّ بن عليّ البوفكي(2)، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن مروان بن مسلم، عن أبي بصير قال: قال الصادق جعفر ابن محمّد (عليهما السّلام): طوبى لمن تمسّك بأمرنا في غيبة قائمنا، فلم يزغ قلبه بعد الهداية.

فقلت له: جعلت فداك، وما طوبى ؟

قال: شجرة في الجنّة أصلها في دار عليّ بن أبي طالب (عليه

ص:620


1- (1) - غيبة النعماني: ص 158 ح 3. منه البحار: ج 52 ص 133.
2- (2) - عن العمركي البوفكي - معاني الاخبار.

السّلام)، وليس [من] مؤمن إلاّ وفي داره غصن من أغصانها، وذلك قول اللّه (عزّوجلّ ): (طُوبىٰ لَهُمْ وَ حُسْنُ مَآبٍ ) (1).

5988 - إكمال الدين: حدثنا أبو الحسن محمّد بن عليّ بن الشاه الفقيه المروزي قال: حدثنا أبو حامد بن محمّد بن الحسين قال: حدثنا أبو يزيد أحمد بن خالد الخالديّ قال: حدثنا محمّد بن أحمد بن صالح التميميّ قال: حدثنا محمد بن حاتم القطّان، عن حمّاد بن عمرو، عن الامام جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ بن أبي طالب (عليهم السّلام) - في حديث طويل - في وصيّة النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) يذكر فيها أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال له:

يا عليّ واعلم أنّ أعجب الناس إيمانا وأعظمهم يقينا قوم يكونون في آخر الزمان لم يلحقوا النبيّ ، وحجبتهم الحجّة(2)، فآمنوا بسواد على بياض(3).

5989 - إكمال الدين: حدثنا أبي، ومحمّد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه وعبداللّه بن جعفر الحميريّ جميعا، عن إبراهيم بن هاشم، عن محمّد بن خالد، عن محمّد بن سنان قال: قال المفضّل بن عمر: سمعت الصادق جعفر بن محمّد (علمهما السّلام) يقول: من مات منتظرا لهذا الامر كان كمن كان مع القائم في فسطاطه، لا بل كان كالضارب بين يدي رسول اللّه (صلّى

ص:621


1- (1) - إكمال الدين: ص 358 ح 55 - معاني الاخبار: ص 112، والآية في سورة الرعد 13:29. منهما البحار: ج 52 ص 123.
2- (2) - وحجب عنهم الحجة - البحار.
3- (3) - اكمال الدين: ص 288 ح 8. منه البحار: ج 52 ص 125.

اللّه عليه وآله) بالسيف(1).

5990 - المحاسن: البرقي، عن السنديّ ، عن جدّه قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ما تقول فيمن مات على هذا الامر منتظرا له ؟

قال: هو بمنزلة من كان مع القائم (عليه السّلام) في فسطاطه.

ثمّ سكت هنيئة ثمّ قال: هو كمن كان مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

5991 - المحاسن: البرقي، عن ابن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن مالك بن أعين الجهنّي قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ الميّت منكم على هذا الامر، بمنزلة الضارب بسيفه في سبيل اللّه(3).

5992 - المحاسن: البرقي، عن عليّ بن النعمان، قال: حدثني إسحاق بن عمّار وغيره، عن الفيض بن مختار قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر - كان - كمن هو مع القائم في فسطاطه.

(قال:) ثمّ مكث هنيئة ثمّ قال: لا بل كمن قارع(4) معه بسيفه.

ثمّ قال: لا واللّه إلّا كمن استشهد مع رسول اللّه (صلّى اللّه

ص:622


1- (1) - اكمال الدين: ص 338 ح 11. منه البحار: ج 52 ص 146.
2- (2) - المحاسن: ص 173 ح 146. منه البحار: ج 52 ص 125.
3- (3) - المحاسن: ص 174 ح 150. منه البحار: ج 52 ص 126.
4- (4) - القرع: الضرب بشدّة الاعتماد، وقارعته: أي ضاربته وجادلته. (مجمع البحرين).

عليه وآله)(1).

5993 - تأويل الآيات الظاهرة: روي صاحب كتاب (البشارات) مرفوعا إلى الحسين بن حمزة، عن أبيه قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك قد كبر سنّي ودقّ عظمي واقترب أجلي وقد خفت أن يدركني قبل هذا الامر الموت.

قال: فقال لي: يا أبا حمزة أو ما ترى الشهيد إلاّ من قتل ؟

قلت: نعم جعلت فداك.

فقال لي: يا أبا حمزة من آمن بنا وصدّق حديثنا وانتظر [أمرنا] كان كمن قتل تحت راية القائم، بل - واللّه - تحت راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(2).

5994 - غيبة الطوسي: أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد، عن الفضل بن شاذان، عن محمّد بن أبي عمير، عن الحسين بن أبي العلا، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا دخل سلمان (رضي اللّه عنه) الكوفة، ونظر إليها، ذكر ما يكون من بلائها حتّى ذكر ملك بني اميّة والّذين من بعدهم ثمّ قال: فإذا كان ذلك فالزموا أحلاس بيوتكم حتّى يظهر الطاهر بن الطاهر المطهّر ذو الغيبة، الشريد الطريد(3).

5995 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

ص:623


1- (1) - المحاسن: ص 174 ح 151. منه البحار: ج 52 ص 126.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 665 ح 21. منه البحار: ج 27 ص 138.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 103. منه البحار: ج 52 ص 126.

اعرف إمامك، فانّك إذا عرفته لم يضرّك تقدّم هذا الامر أو تأخّر(1).

غيبة النعماني: أخبرنا محمد بن يعقوب (رحمه اللّه) قال:

حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه مثله(2).

5996 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن معلّى بن محمّد، عن محمّد بن جمهور، عن صفوان بن يحيي، عن محمّد بن مروان، عن الفضيل بن يسار قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (تبارك وتعالى): (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنٰاسٍ بِإِمٰامِهِمْ ) ؟(3).

فقال: يا فضيل اعرف إمامك، فانّك إذا عرفت إمامك لم يضرّك، تقدّم هذا الامر أو تأخّر، ومن عرف إمامه ثمّ مات قبل أن يقوم صاحب هذا الامر، كان بمنزلة من كان قاعدا في عسكره، لا بل بمنزلة من قعد تحت لوائه.

قال: وقال بعض أصحابه(4): بمنزلة من استشهد مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)(5).

غيبة النعماني: أخبرنا محمد بن يعقوب قال: حدثني الحسين بن محمدبن عامر، عن معلى بن محمدمثله(6).

5997 - الكافي: عليّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن الحسين

ص:624


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 371 ح 1.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 329 ح 1.
3- (3) - الاسراء 17:71.
4- (4) - قال: ورواه بعض أصحابنا - غيبة النعماني.
5- (5) - الكافي: ج 1 ص 371 ح 2.
6- (6) - غيبة النعماني: ص 329 ح 2.

ابن سعيد، عن فضالة بن أيّوب، عن عمر بن أبان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: اعرف العلامة(1)، فاذا عرفته لم يضرّك تقدّم هذا الامر أو تأخّر، إنّ اللّه (عزّوجلّ ) يقول: (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنٰاسٍ بِإِمٰامِهِمْ ) فمن عرف إمامه كان كمن كان في فسطاط المنتظر(2).

غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن يعقوب، عن علي بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن الحسن بن سعيد، عن فضالة بن أيوب، عن عمر بن أبان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:... وذكر نحوه(3).

غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثني يحيي بن زكريا بن شيبان قال: حدثنا علي بن سيف بن عميرة، عن أبيه، عن حمران بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال:

اعرف إمامك.... وذكر نحوه(4).

5998 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن صالح بن السنديّ ، عن جعفر بن بشير، عن إسماعيل بن محمّد الخزاعيّ قال: سأل أبو بصير أبا عبداللّه (عليه السّلام) وأنا أسمع، فقال: تراني ادرك القائم (عليه السّلام)؟

فقال: يا أبا بصير ألست تعرف إمامك ؟

ص:625


1- (1) - في بعض النسخ: الغلام - بالغين المعجمة - كناية عن المهدي (عليه السّلام) (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 372 ح 7.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 330 ح 6.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 331 ح 7.

فقال: إي واللّه وأنت هو - وتناول يده - فقال: واللّه ما تبالي يا أبا بصير ألاّ تكون محتبيا(1) بسيفك في ظلّ رواق القائم (صلوات اللّه عليه)(2).

غيبة النعماني: أخبرنا محمد بن يعقوب، عن علي بن ابراهيم مثله(3).

5999 - المحاسن: البرقي، عن ابن فضّال، عن عليّ بن عقبة، عن موسى النّميريّ ، عن علاء بن سيابة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): من مات منكم على هذا الامر منتظرا له كان كمن كان في فسطاط القائم (عليه السّلام)(4).

إكمال الدين: حدّثنا المظفر بن جعفر بن المظفّر العلويّ السمرقندي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود قال: حدثنا جعفر بن محمّد(5) قال: حدثني العمركيّ بن علي البوفكي، عن الحسن بن عليّ بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن موسى النميريّ ، عن علاء بن سيّابة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:.... وذكر مثله(6).

ص:626


1- (1) - والاحتباء: ما يحتبي به الرجل من عمامة أو ثوب، واحتبى بالثوب: اشتمل به، وقيل: جمع بين ظهره وساقيه بعمامة ونحوها. (أقرب الموارد). والرّواق - بالكسر -: كالفسطاط، ورواق البيت: بين يديه. (مجمع البحرين).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 371 ح 4.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 330 ح 4.
4- (4) - المحاسن: ص 173 ح 147.
5- (5) - المظفّر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن جعفر بن أحمد - البحار.
6- (6) - إكمال الدين: ص 644 ح 1.

غيبة النعماني: حدثنا علي بن أحمد، عن عبيداللّه بن موسى، عن أحمد بن الحسين(1)، عن عليّ بن عقبة، عن موسى بن أكيل النميريّ ، عن العلاء بن سيابة، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) نحوه(2).

6000 - غيبة الطوسي: الفضل، عن ابن فضال، عن المثنّى الحنّاط، عن عبداللّه بن عجلان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

من عرف بهذا الامر ثمّ مات قبل أن يقوم القائم (عليه السّلام) كان له أجر مثل من قتل معه(3).

6001 - غيبة الطوسي: عن الفضل بن شاذان، عن إسماعيل بن مهران، عن أيمن بن محرز، عن رفاعة بن موسى، ومعاوية بن وهب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): طوبى لمن أدرك قائم أهل بيتي وهو مقتد به قبل قيامه، يتولّى وليّه، ويتبرّأ من عدوّه، ويتولّى الأئمّة الهادية من قبله، اولئك رفقائي وذوو ودّي ومودّتي، وأكرم امّتي عليّ .

قال رفاعة: وأكرم خلق اللّه عليّ (4).

6002 - غيبة الطوسي: عن الفضل بن شاذان، عن الحسن بن محبوب، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): سيأتي قوم من بعدكم الرّجل

ص:627


1- (1) - أحمد بن الحسن - البحار.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 200 ح 15. منها البحار: ج 52 ص 125 و 126.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 277. منه البحار: ج 52 ص 131.
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 275. منه البحار: ج 52 ص 129.

الواحد منهم له أجر خمسين منكم.

قالوا: يا رسول اللّه نحن كنّا معك ببدر واحد وحنين، ونزل فينا القرآن ؟! فقال: إنّكم لو تحملوا لما حمّلوا لم تصبروا صبرهم(1).

6003 - غيبة الطوسي: الفضل، عن ابن أبي نجران، عن محمد ابن سنان، عن خالد العاقوليّ في حديث له، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: فما تمدّون أعينكم ؟ فما تستعجلون ؟ ألستم آمنين ؟

أليس الرّجل منكم يخرج من بيته فيقضي حوائجه ثمّ يرجع لم يختطف ؟ إن كان من قبلكم على ما أنتم عليه ليؤخذ الرّجل منهم فتقطع يداه ورجلاه ويصلب على جذوع النخل وينشر بالمنشار ثمّ لايعدو ذنب نفسه ثمّ تلا هذه الآية (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَ لَمّٰا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسٰاءُ وَ الضَّرّٰاءُ وَ زُلْزِلُوا حَتّٰى يَقُولَ الرَّسُولُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتىٰ نَصْرُ اللّٰهِ أَلاٰ إِنَّ نَصْرَ اللّٰهِ قَرِيبٌ ) (2) و(3).

البحار - بيان: قوله: «ثمّ لايعدو ذنب نفسه» أي لاينسب تلك المصائب إلاّ إلى نفسه وذنبه. أولا يلتفت مع تلك البلايا إلاّ إلى إصلاح نفسه وتدارك ذنبه.

6004 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن ابن فضّال، عن الحسن بن عليّ العطّار، عن جعفر بن محمّد، عن

ص:628


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 275. منه البحار: ج 52 ص 130.
2- (2) - البقرة 2:214.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 276. منه البحار: ج 52 ص 130.

منصور، عمن ذكره، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت: إذا أصبحت وأمسيت لا أري إماما أئتمّ به ما أصنع ؟

قال: فأحبّ من كنت تحبّ وأبغض من كنت تبغض حتى يظهره اللّه (عزّوجلّ )(1).

6005 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ويعقوب بن يزيد جميعا، عن الحسن بن عليّ بن فضّال، عن جعفر بن محمّد بن منصور، عن رجل واسمه عمر بن عبد العزيز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال: إذا أصبحت وأمسيت لا ترى إماما تأتمّ به فأحبب من كنت تحبّ وأبغض من كنت تبغض حتّى يظهره اللّه (عزّوجلّ )(2).

6006 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ قال: حدثني محمّد بن أحمد، عن علي بن اسباط، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: كفّوا ألسنتكم والزموا بيوتكم فانّه لايصيبكم أمر تخصّون به أبدا، ويصيب(3) العامّة، ولا تزال الزيديّة وقاء لكم أبدا(4).

6007 - غيبة النعماني: عليّ بن أحمد، عن عبيداللّه بن موسى العلوي، قال: حدثنا علي بن الحسن، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه

ص:629


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 342 ح 28.
2- (2) - اكمال الدين: ص 348 ح 37. منه البحار: ج 52 ص 148.
3- (3) - ولا يصيب - البحار.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 197 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 139.

(عزّوجلّ ): (أَتىٰ أَمْرُ اللّٰهِ فَلاٰ تَسْتَعْجِلُوهُ ) (1)..

قال: هو أمرنا أمر اللّه (عزّوجلّ ) لا تستعجل به حتّى يؤيّده اللّه بثلاثة اجناد: الملائكة، والمؤمنين، والرّعب، وخروجه (عليه السّلام) كخروج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وذلك قوله تعالى: (كَمٰا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ ) (2).

6008 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفيّ أبو الحسن قال:

حدثنا إسماعيل بن مهران قال: حدثنا الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، ووهب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال ذات يوم: ألا اخبركم بما لايقبل اللّه (عزّوجلّ ) من العباد عملا إلاّ به ؟

فقلت: بلى.

فقال: شهادة أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمدا عبده ورسوله، والاقرار بما أمر اللّه والولاية لنا، والبراءة من أعدائنا، يعني الأئمّة خاصّة، والتسليم لهم، والورع والاجتهاد، والطمأنينة والانتظار للقائم (عليه السّلام) ثمّ قال: إنّ لنا دولة يجييء اللّه بها إذا شاء.

ثمّ قال: من سرّه أن يكون من أصحاب القائم فلينتظر وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق، وهو منتظر، فان مات وقام القائم بعده كان له من الأجر مثل أجر من أدركه، فجدّوا وانتظروا هنيئا لكم أيّتها

ص:630


1- (1) - النحل 16:1.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 198 ح 9، والآية الثانية في سورة الانفال 8:5. منه البحار: ج 52 ص 139.

العصابة المرحومة(1).

6009 - الاختصاص: أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن الحسن بن أحمد، عن أحمد بن هلال، عن اميّة بن عليّ ، عن رجل قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أيّما أفضل نحن أو أصحاب القائم (عليه السّلام)؟

قال: فقال لي: أنتم أفضل من أصحاب القائم، وذلك أنّكم تمسّون وتصبحون خائفين على إمامكم وعلى أنفسكم من أئمّة الجور، إن صلّيتم فصلاتكم في تقيّة، وإن صمتم فصيامكم في تقية، وإن حججتم فحجّكم في تقيّة، وإن شهدتم لم تقبل شهادتكم، وعدّ أشياء من نحو هذا مثل هذه.

فقلت: فما نتمنّى القائم (عليه السّلام) إذا كان على هذا؟

قال: فقال لي: سبحان اللّه أما تحبّ أن يظهر العدل ويأمن السبل وينصف المظلوم(2).

6010 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد، عمّن حدّثه، عن المفضّل بن عمر، ومحمّد بن يحيي، عن عبداللّه بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن بعض أصحابه، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: أقرب ما يكون العباد من اللّه (جلّ ذكره) وأرضى ما يكون عنهم إذا افتقدوا حجّة اللّه (جلّ وعزّ) ولم يظهر لهم ولم يعلموا مكانه وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجّة اللّه (جلّ ذكره) ولا ميثاقه، فعندها فتوقّعوا الفرج

ص:631


1- (1) - غيبة النعماني: ص 200 ح 16. منه البحار: ج 52 ص 140.
2- (2) - الاختصاص: ص 20. منه البحار: ج 52 ص 144.

صباحا ومساء فانّ أشدّ ما يكون غضب اللّه على أعدائه إذا افتقدوا حجّته ولم يظهر لهم وقد علم أنّ أولياءه لايرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون ما غيّب حجّته عنهم طرفة عين ولا يكون ذلك إلاّ على رأس شرار الناس(1).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمّد بن خالد مثله(2).

إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمّد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه وعبداللّه بن جعفر الحميريّ جميعا، عن ابراهيم بن هاشم، عن محمّد بن خالد، عن محمد بن سنان، عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقي، عن محمّد بن سنان، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(4).

غيبة الطوسي: سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عمّن حدثه، عن المفضل بن عمر الجعفي قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(5).

ص:632


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 333 ح 1.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 162 ح 2.
3- (3) - اكمال الدين: ص 337 ح 10.
4- (4) - اكمال الدين: ص 339 ح 16.
5- (5) - غيبة الطوسي: ص 276.

غيبة النعماني: أخبرنا محمد بن همام، عن بعض رجاله، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن أبيه، عن رجل، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(1).

6011 - إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمّد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا سعد بن عبداللّه وعبداللّه بن جعفر الحميريّ جميعا، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن محمّد بن النعمان قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): أقرب ما يكون العبد إلى اللّه (عزّوجلّ ) وأرضى ما يكون عنه إذا افتقدوا حجّة اللّه فلم يظهر لهم وحجب عنهم فلم يعلموا بمكانه، وهم في ذلك يعلمون أنّه لم تبطل حجج اللّه ولا بيّناته، فعندها فليتوقّعوا الفرج صباحا ومساء، وإنّ أشدّ ما يكون غضبا على أعدائه إذا أفقدهم حجّته، فلم يظهر لهم، وقد علم أنّ أولياءه لا يرتابون، ولو علم أنّهم يرتابون لما أفقدهم حجّته طرفة عين(2).

6012 - الكافي: علي بن محمد، عن صالح، عن محمد بن عبداللّه بن مهران، عن عبدالملك بن بشير، عن عثيم بن سليمان، عن معاوية بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا تمنّى أحدكم القائم فليتمنّه في عافية فإنّ اللّه بعث محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) رحمة ويبعث القائم نقمة(3) و(4).

ص:633


1- (1) - غيبة النعماني: ص 161 ح 1.
2- (2) - اكمال الدين: ص 339 ح 17. منه البحار: ج 52 ص 94.
3- (3) - أي نقمة على الكافرين.
4- (4) - الكافي: ج 8 ص 233 ح 306.

6013 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا حميد بن زياد الكوفي قال: حدثنا عليّ بن الصباح ابن الضحّاك، عن جعفر بن محمّد بن سماعة، عن سيف التمّار، عن أبي المرهف قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): هلكت المحاضير.

قال: قلت: وما المحاضير؟

قال: المستعجلون - ونجا المقرّبون، وثبت الحصن على أوتادها، كونوا أحلاس بيوتكم، فانّ الغبرة على من أثارها، وإنّهم لا يريدونكم بجائحة إلاّ أتاهم اللّه بشاغل إلاّ من تعرّض لهم(1).

البحار - ايضاح: «المحاضير» جمع المحضير وهو الفرس الكثير العدو، و «المقرّبون» - بكسر الراء المشدّدة -: أي الّذين يقولون الفرج قريب ويرجون قربه أو يدعون لقربه أو بفتح الراء أي الصابرون الذين فازوا بالصّبر بقربه تعالى.

قوله (عليه السّلام): «وثبت الحصن» أي استقرّ حصن دولة المخالفين على أساسها بأن يكون المراد بالاوتاد الاساس مجازا وفي الكافي: وثبتت الحصا على أوتادهم أي سهلت لهم الامور الصعبة كما أنّ استقرار الحصا على الوتد صعب أو أنّ أسباب دولتهم تتزايد يوما فيوما أي لاترفع الحصا عن أوتاد دولتهم بل يدقّ بها دائما أو المراد بالاوتاد الرّؤساء والعظماء أي قدّر ولزم نزول حصا العذاب على عظمائهم.

قوله (عليه السّلام): «الفتنة على من أثارها» أي يعود ضرر الفتنة على من أثارها أكثرمن غيره كما أنّ بالغبار يتضرّر مثيرها أكثر من غيره.

ص:634


1- (1) - غيبة النعماني: ص 196 ح 5. منه البحار: ج 52 ص 138.

6014 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثني يحيى بن زكريا بن شيبان قال: حدثنا يوسف بن كليب المسعودي قال: حدثنا الحكم بن سليمان، عن محمّد بن كثير، عن أبي بكر الحضرميّ قال: دخلت أنا وأبان على أبي عبداللّه (عليه السّلام) - وذلك حين ظهرت الرايات السّود بخراسان - فقلنا: ما تري ؟

فقال: اجلسوا في بيوتكم، فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا(1) إلينا بالسّلاح(2).

6015 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المحتار، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كل راية ترفع قبل قيام القائم فصاحبها طاغوت يعبد من دون اللّه (عزّوجلّ )(3).

باب (27) الاستقامة على الحق في زمن الغيبة

6016 - الكافي: محمّد بن يحيي والحسن بن محمّد جميعا، عن جعفر بن محمّد الكوفيّ ، عن الحسن بن محمد الصيرفي، عن صالح ابن خالد، عن يمان التمّار قال: كنّا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) جلوسا فقال لنا: إنّ لصاحب هذا الامر غيبة، المتمسّك فيها بدينه

ص:635


1- (1) - النهود: نهوض على كل حال والنّهد: العون. (لسان العرب).
2- (2) - غيبة النعماني: ص 197 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 138.
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 295 ح 452.

كالخارط للقتاد ثمّ قال: - هكذا بيده -(1) فأيّكم يمسك شوك القتاد بيده ؟

ثمّ أطرق مليا، ثمّ قال: إنّ لصاحب هذا الامر غيبة، فليتّق اللّه عبد وليتمسّك بدينه(2).

6017 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميريّ ، عن محمّد بن عيسى، عن صالح بن محمّد، عن يمان التمّار قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ لصاحب هذا الامر غيبة المتمسّك فيها بدينه كالخارط لشوك القتاد بيده، [ثمّ أومأ أبو عبداللّه (عليه السّلام) بيده هكذا قال: فأيّكم تمسّك شوك القتاد بيده](3).

ثمّ أطرق مليّا ثمّ قال: إنّ لصاحب هذا الامر غيبة فليتّق اللّه عبد [عند غيبته]4 وليتمسّك بدينه.

وحدّثني محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى والحسن بن محمّد جميعا، عن جعفر بن محمّد الكوفي، عن الحسن ابن محمد الصيرفي، عن صالح بن خالد، عن يمان التمار قال: كنّا جلوسا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: لصاحب هذا الامر غيبة.... وذكر مثله سواء(4).

6018 - إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمّد بن الحسن (رضي اللّه

ص:636


1- (1) - الخرط: قشرك الورق عن الشجر اجتذابا بكفك، والقتاد: شجر له شوك. السان العرب).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 335 ح 1.
3- (3و4) - ما بين المعقوفتين من البحار.
4- (5) - غيبة النعماني: ص 169 ح 11. منه البحار: ج 52 ص 135.

عنهما) قالا: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسى ابن عبيد [اليقطيني]، عن صالح بن محمّد، عن هانيء التمّار، قال:

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إن لصاحب هذا الامر غيبة المتمسّك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثمّ قال هكذا بيده - ثمّ قال: إنّ لصاحب هذا الامر غيبة فليتّق اللّه عبد وليتمسّك بدينه(1).

غيبة الطوسي: سعد بن عبداللّه الاشعري، عن محمّد بن عيسى ابن عبيد، عن صالح بن محمّد، عن هاني التمّار قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(2).

6019 - إكمال الدين: حدثنا محمّد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا محمّد بن عيسى بن عبيد، عن صالح بن محمّد، عن هانيء التمّار قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ لصاحب هذا الامر غيبة فليتّق اللّه عبد وليتمسّك بدينه(3).

6020 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم قال: حدثنا عبيس(4) بن هشام النّاشريّ ، عن عبداللّه بن جبلة، عن عليّ بن الحارث بن المغيرة، عن أبيه قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): يكون فترة لايعرف المسلمون فيها إمامهم ؟

ص:637


1- (1) - اكمال الدين: ص 346 ح 35.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 275. منهما البحار: ج 52 ص 111.
3- (3) - اكمال الدين: ص 342 ح 25. منه البحار: ج 51 ص 145.
4- (4) - عباس - البحار.

فقال: يقال ذلك.

قلت: فكيف نصنع ؟

قال: إذا كان ذلك فتمسّكوا بالامر الاوّل حتّى يبيّن(1) لكم الآخر(2).

6021 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميريّ ، عن محمّد بن عيسى والحسن بن ظريف، عن الحارث بن المغيرة النصري، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

قلت له: إنّا نروي بأنّ صاحب هذا الامر يفقد زمانا فكيف نصنع عند ذلك ؟

قال: تمسّكوا بالامر الاوّل الذي أنتم عليه حتّى يبيّن لكم(3).

البحار - بيان: المقصود من هذه الاخبار عدم التزلزل في الدين والتحيّر في العمل أي تمسّكوا في اصول دينكم وفروعه بما وصل إليكم من أئمّتكم، ولا تتركوا العمل ولا ترتدّوا حتى يظهر امامكم، ويحتمل أن يكون المعنى لاتؤمنوا من يدّعى أنّه القائم حتّى يتبيّن لكم بالمعجزات.

6022 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن محمّد بن عيسى والحسن بن ظريف جميعا، عن حمّاد بن عيسى، عن عبداللّه بن سنان قال: دخلت أنا وأبي على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقال: كيف أنتم إذا صرتم في

ص:638


1- (1) - يتبيّن - البحار.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 158 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 132.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 159 حه. منه البحار: ج 52 ص 133.

، حال لاترون فيها إمام هدي ولا علما يري فلا ينجو من تلك الحيرة إلاّ من دعا بدعاء الغريق.

فقال أبي: هذا واللّه البلاء فكيف نصنع جعلت فداك حينئذ؟

قال: إذا كان ذلك - ولن تدركه - فتمسّكوا بما في أيديكم حتّى يتّضح لكم الامر(1).

6023 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميريّ ، عن أحمد بن محمّد ابن عيسى ومحمّد بن عيسى بن عبيد(2)، عن الحسن بن محبوب، عن يونس بن يعقوب، عمّن أثبته، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنه قال:

كيف أنتم إذا بقيتم دهرا من عمركم لاتعرفون إمامكم ؟

قيل له: فاذا كان ذلك فكيف نصنع ؟

قال: تمسّكوا بالامر الاوّل حتّى يستبين لكم(3).

6024 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميريّ ، عن أيّوب بن نوح، عن محمّد بن أبي عمير، عن جميل بن درّاج، عن زرارة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يأتي على الناس زمان يغيب عنهم إمامهم.

فقلت له: ما يصنع الناس في ذلك الزّمان ؟

قال: يتمسّكون بالامر الّذي هم عليه حتّى يتبيّن لهم(4).

ص:639


1- (1) - غيبة النعماني: ص 159 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 133.
2- (2) - عن ابن عيسى، عن اليقطيني [وعثمان بن عيسى بن عبيد] - البحار.
3- (3) - اكمال الدين: ص 348 ح 39. منه البحار: ج 52 ص 149.
4- (4) - اكمال الدين: ص 350 ح 44. منه البحار: ج 52 ص 149.

6025 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد عن الحسن بن عليّ الوشّاء، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لابدّ لصاحب هذا الامر من غيبة، ولا بدّ له في غيبته من عزلة، ونعم المنزل طيبة، وما بثلاثين من وحشة(1) و(2).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب قال: حدثنا عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد مثله(3).

6026 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن الوشّاء، عن عليّ بن الحسن، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبداللّه

ص:640


1- (1) - العزلة - بالضم -: اسم الاعتزال أي المفارقة عن الخلق «ولا بد له في غيبته» في بعض النسخ «ولا له في غيبته» أي ليس في غيبته معتزلا عن الخلق بل هو بينهم ولا يعرفونه، والأوّل أظهر وموافق لما في سائر الكتب، والطيبة - بالكسر -: إسم المدينة الطيبة، فيدل على أنّه (عليه السّلام) غالبا في المدينة وحواليها اما دائما أو في الغيبة الصغرى، وما قيل: من أن الطيبة إسم موضع يسكنه (عليه السّلام) مع أصحابه سوى المدينة فهو رجم بالغيب. «وما بثلاثين من وحشة» أي هو (عليه السّلام) مع ثلاثين من مواليه وخواصه وليس لهم وحشة لاستيناس بعضهم ببعض، أو هو (عليه السّلام) داخل في العدد فلا يستوحش هو أيضا أو الباء بمعنى مع أي لايستوحش (عليه السّلام) لكونه مع ثلاثين، وقيل: هو مخصوص بالغيبة الصغرى، وما قيل: من أنّ المراد أنّه (عليه السّلام) في هيئة من هو في سن ثلاثين سنة ومن كان كذلك لايستوحش فهو في غاية البعد (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 340 ح 16.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 188 ح 41.

(عليه السّلام): كيف أنت إذا وقعت البطشة بين المسجدين، فيأرز العلم كما تأرز الحيّة في جحرها واختلفت الشيعة وسمّى بعضهم بعضا كذاّبين وتفل بعضهم في وجوه بعض ؟

قلت: جعلت فداك ما عند ذلك من خير؟! فقال لي: الخير كلّه عند ذلك - ثلاثا -(1) و(2).

غيبة النعماني: محمّد بن همّام باسناده يرفعه إلى أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: كيف أنتم... وذكر نحوه(3).

6027 - غيبة النعماني: محمّد بن همام بإسناده يرفعه إلى أبان ابن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: يأتي على الناس زمان يصيبهم فيها سبطة، يأرز العلم فيها كما تأرز الحيّة في جحرها، فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم نجم.

ص:641


1- (1) - البطشة: الاخذ بالعنف، والمسجدان مسجد مكة ومسجد المدينة، أو مسجد الكوفة ومسجد السهلة، والاول أظهر وهو إشارة إلى واقعة عظيمة من حرب أو خسف أو بلاء تقع قريبا من ظهور المهدي (عليه السّلام) فالخير هو ظهور القائم (عليه السّلام) أو قريبا من وجوده (عليه السّلام) أو من غيبته الكبرى، فالخير لكثرة الاجر وقوة الايمان. قال المحدث الاسترابادي (رحمه اللّه): كأنه إشارة إلى وقعة عسكر السفياني بين المسجدين وإلى الفتنة التي تظهر من عسكره في عراق العرب، وظهور رجل مبرقع من الشيعة في العراق، ودلالته عسكر السفياني على الشيعة، والمراد من الخير كلّه ظهور القائم (عليه السّلام). (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 340 ح 17.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 159 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 134.

قلت: فما السّبطة ؟

قال: الفترة.

قلت: فكيف نصنع فيما بين ذلك ؟

فقال: كونوا على ما أنتم عليه، حتّى يطلع اللّه لكم نجمكم(1).

6028 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن هوذة الباهليّ أبو سليمان قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد الأنصاري، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: يا أبان يصيب العالم سبطة يأرز العلم بين المسجدين كما تأرز الحيّة في جحرها.

قلت: فما السّبطة ؟

قال: دون الفترة، فبينما هم كذلك إذ طلع لهم نجمهم.

فقلت: جعلت فداك فكيف نصنع وكيف يكون ما بين ذلك ؟

فقال لي: [كونواعلى](2) ما أنتم عليه حتّى يأتيكم اللّه بصاحبها(3).

باب (28) فضل العبادة في زمن الغيبة

6029 - الكافي: الحسين بن محمّد الاشعري، عن معلّى بن محمّد، عن عليّ بن مرداس، عن صفوان بن يحيي والحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي قال: قلت لابي

ص:642


1- (1) - غيبة النعماني: ص 159 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 134.
2- (2) - ما بين المعقوفتين من البحار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 160 ح 8. منه البحار: ج 52 ص 134.

عبداللّه (عليه السّلام): أيّما الفضل: العبادة في السرّ مع الامام منكم المستتر في دولة الباطل أو العبادة في ظهور الحقّ ودولته مع الامام منكم الظاهر؟

فقال: يا عمّار الصدقة في السرّ واللّه أفضل من الصدقة في العلانية، وكذلك واللّه عبادتكم في السرّ مع إمامكم المستتر في دولة الباطل وتخوّفكم من عدوّكم في دولة الباطل وحال الهدنة أفضل ممّن يعبد اللّه (عزّوجلّ ) ذكره في ظهور الحقّ مع إمام الحقّ الظاهر في دولة الحقّ ، وليست العبادة مع الخوف في دولة الباطل مثل العبادة والامن في دولة الحقّ ، واعلموا أنّ من صلّى منكم اليوم صلاة فريضة في جماعة مستترا بها من عدوّه في وقتها فأتمّها، كتب اللّه له خمسين صلاة فريضة في جماعة، ومن صلّى منكم صلاة فريضة وحده مستترا بها من عدوّه في وقتها فأتمّها، كتب اللّه (عزّوجلّ ) بها له خمسا وعشرين صلاة فريضة وحدانيّة، ومن صلّى منكم صلاة نافلة لوقتها فأتمها، كتب اللّه له بها عشر صلوات نوافل، ومن عمل منكم حسنة، كتب اللّه (عزّوجلّ ) له بها عشرين حسنة ويضاعف اللّه (عزّوجلّ ) حسنات المؤمن منكم إذا أحسن أعماله ودان بالتقيّة على دينه وإمامه ونفسه وأمسك من لسانه، أضعافا مضاعفة، إنّ اللّه (عزّوجلّ ) كريم.

قلت: جعلت فداك قد واللّه رغّبتني في العمل وحثثتني عليه ولكن احبّ أن أعلم كيف صرنا نحن اليوم أفضل أعمالا من أصحاب الامام الظاهر منكم في دولة الحقّ ونحن على دين واحد؟

فقال: إنّكم سبقتموهم إلى الدخول في دين اللّه (عزّوجلّ ) وإلى الصلاة والصوم والحج وإلى كلّ خير وفقه وإلى عبادة اللّه (عزّ ذكره)

ص:643

سرا من عدوّكم مع إمامكم المستتر، مطيعين له صابرين معه، منتظرين لدولة الحقّ ، خائفين على إمامكم وأنفسكم من الملوك الظلمة تنظرون إلى حقّ إمامكم وحقوقكم في أيدي الظلمة، قد منعوكم ذلك واضطرّوكم إلى حرث الدنيا وطلب المعاش مع الصبر على دينكم وعبادتكم وطاعة إمامكم والخوف من عدوّكم، فبذلك ضاعف اللّه (عزّوجلّ ) لكم الاعمال، فهنيئا لكم.

قلت: جعلت فداك فما تري إذا أن نكون من أصحاب القائم ويظهر الحقّ ونحن اليوم في إمامتك وطاعتك أفضل أعمالا من أصحاب دولة الحقّ والعدل ؟

فقال: سبحان اللّه أما تحبّون أن يظهر اللّه (تبارك وتعالى) الحقّ والعدل في البلاد ويجمع اللّه الكلمة ويؤلّف اللّه بين قلوب مختلفة ولا يعصون اللّه (عزّوجلّ ) في أرضه وتقام حدوده في خلقه ويردّ اللّه الحقّ الى أهله فيظهر، حتّى لايستخفى بشيء من الحقّ مخافة أحد من الخلق، أما واللّه يا عمّار لا يموت منكم ميّت على الحال الّتي أنتم عليها إلاّ كان أفضل عند اللّه من كثير من شهداء بدر واحد فابشروا(1).

إكمال الدين: حدّثئنا المظفّر بن جعفر بن المظفّر العلويّ السمرقندي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا حيدر بن محمّد وجعفر بن محمّد بن مسعود قالا: حدثنا محمّد بن مسعود [العياشي] قال:

حدّثنا القاسم بن هشام اللّؤلؤي قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن عمّار الساباطي قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(2).

ص:644


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 333 ح 2.
2- (2) - اكمال الدين: ص 645 ح 7.

باب (29) دعاء زمن الغيبة

6030 - إكمال الدين: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن محمّد ابن مسعود [العياشي] قال: وجدت بخطّ جبرئيل بن أحمد: حدّثني العبيدي محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن عبداللّه بن سنان قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ستصيبكم شبهة فتبقون بلاعلم يري ولا إمام هدي، لاينجو منها إلاّ من دعا بدعاء الغريق.

قلت: كيف دعاء الغريق ؟

قال: يقول: «يا اللّه يا رحمن يا رحيم، يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك».

فقلت: يا اللّه يا رحمن يا رحيم يا مقلّب القلوب والأبصار ثبّت قلبي على دينك.

قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ ) مقلّب القلوب والأبصار ولكن قل كما أقول لك: يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك(1).

باب (30) الإمام المهدي عليه السّلام يشهد الموسم ويري الناس

6031 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن جعفر بن محمّد، عن

ص:645


1- (1) - اكمال الدين: ص 351 ح 49. منه البحار: ج 52 ص 148.

إسحاق بن محمّد، عن يحيي بن المثنى، عن عبداللّه بن بكير، عن عبيد بن زرارة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: يفقد الناس إمامهم، يشهد(1) الموسم، فيراهم ولا يرونه(2).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيي مثله. الا ان فيه: يشهد المواسم(3).

إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمّد بن الحسن ومحمد بن موسى ابن المتوكل ومحمّد بن عليّ ماجيلويه وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار (رضي اللّه عنهم) قالوا: حدثنا محمد بن يحيى العطّار.

مثله(4).

إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن اسحاق ابن محمّد مثله(5).

إكمال الدين: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفّر العلويّ (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسعود، عن أبيه محمّد بن مسعود العياشي قال: حدثني جبرئيل بن أحمد، عن موسى بن جعفر ابن وهب البغدادي قال: حدثني الحسن بن محمّد الصيرفي قال:

حدثني يحيى بن المثنى العطار مثله(6).

ص:646


1- (1) - فيشهد - اكمال الدين: ص 246 و 440 - غيبة الطوسى.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 337 ح 6.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 175 ح 14.
4- (4) - اكمال الدين: ص 346 ح 34.
5- (5) - اكمال الدين: ص 440 ح 7.
6- (6) - اكمال الدين: ص 351 ح 49.

غيبة الطوسي: محمد بن جعفر الاسدي، عن سعد بن عبداللّه، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن اسحاق بن محمد الصيرفي، عن يحيي بن مثنى العطار مثله(1).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدثني الحسن بن محمد الصيرفي، قال:

حدثني يحيي بن المثنى العطار بهذا الاسناد نحوه(2).

6032 - الكافي: الحسين بن محمّد، عن جعفر بن محمّد، عن القاسم بن اسماعيل الانباري، عن يحيي بن المثنّى، عن عبداللّه بن بكير، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: للقائم غيبتان، يشهد في إحديهما المواسم، يري الناس ولا يرونه [فيه](3).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب الكليني، عن الحسين بن محمّد مثله(4).

6033 - غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن رباح قال: حدثنا أحمد بن علي الحميري، عن الحسن، عن عبدالكريم بن عمرو، عن ابن بكير ويحيي بن المثنّى، عن زرارة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ للقائم غيبتين يرجع في إحداهما وفي الأخرى لا يدري أين هو، يشهد المواسم، يري

ص:647


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 102.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 175 ح 13.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 339 ح 12.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 175 ح 16.

الناس ولا يرونه(1).

البحار - بيان: لعلّ المراد برجوعه رجوعه إلى خواصّ مواليه وسفرائه أو وصول خبره إلى الخلق.

باب (31) للإمام المهدي عليه السّلام غيبتان

6034 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا عليّ بن الحسن التيمليّ ، عن عمرو بن عثمان، عن الحسن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار الصيرفيّ قال: سمعت أبا عبداللّه [جعفر بن محمّد] (عليهما السّلام) يقول: للقائم غيبتان إحداهما طويلة والأخرى قصيرة(2)، فالأولى يعلم بمكانه فيها خاصّة من شيعته، والأخري لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصّة مواليه في دينه(3).

6035 - الكافي: محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): للقائم (عليه السّلام) غيبتان: إحداهما قصيرة والاخري طويلة، الغيبة الاولى لا يعلم بمكانه فيها إلاّ خاصّة شيعته والأخري لايعلم بمكانه فيها إلاّ خاصّة مواليه(4).

ص:648


1- (1) - غيبة النعماني: ص 175 ح 15. منه البحار: ج 52 ص 156.
2- (2) - كأن الرّاوي تصرف في لفظ الخبر بالتقديم والتأخير، والصواب أن يقول إحداهما قصيرة والأخرى طويلة لئلا يخالف النشر اللف كما في الخبر الآتي. «هامش المصدر».
3- (3) - غيبة النعماني: ص 170 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 155.
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 340 ح 19.

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن يعقوب، عن محمد بن يحيى مثله وزاد في آخره: في دينه(1).

6036 - الكافي: محمّد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن الحسن ابن عليّ الكوفيّ ، عن عليّ بن حسان، عن عمّه عبدالرّحمن بن كثير، عن مفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:

لصاحب هذا الامر غيبتان: إحداهما يرجع منها إلى أهله والاخري يقال: هلك، في أيّ واد سلك.

قلت: كيف نصنع إذا كان كذلك ؟

قال: إذا ادّعاها مدعّ فاسالوه عن أشياء يجيب فيها مثله(2).

غيبة النعماني: محمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن يحيى واحمد بن ادريس، عن الحسن بن علي الكوفي بهذا الاسناد نحوه(3).

6037 - غيبة الطوسي: أحمد بن إدريس، عن عليّ بن محمّد، عن الفضل بن شاذان، عن عبداللّه بن جبلة، عن عبداللّه بن المستنير، عن المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ لصاحب هذا الامر غيبتين إحداهما تطول حتّى يقول بعضهم مات، ويقول بعضهم قتل، ويقول بعضهم ذهب، حتّى لا يبقى على أمره من أصحابه إلاّ نفر يسير، لايطّلع على موضعه أحد من ولده، ولا غيره إلاّ المولى الّذي يلي أمره(4).

ص:649


1- (1) - غيبة النعماني: ص 170 ح 2.
2- (2) - الكافي: ج 1 ص 340 ح 20.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 173 ح 9.
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 102. منه البحار: ج 52 ص 152.

غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا القاسم بن محمّد بن الحسن بن حازم من كتابه قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبداللّه بن جبلة، عن ابراهيم بن المستنير، عن المفضل بن عمر الجعفي، عن أبي عبداللّه الصادق (عليه السّلام) قال: إنّ لصاحب هذا الامر.... وذكر نحوه(1).

6038 - غيبة النعماني: أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال:

حدثنا محمد بن المفضّل بن إبراهيم بن قيس وسعدان بن إسحاق بن سعيد، وأحمد بن الحسين بن عبدالملك ومحمّد بن أحمد بن الحسن القطوانيّ قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن إبراهيم بن زياد الخارقيّ ، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): كان أبو جعفر (عليه السّلام) يقول: لقائم آل محمّد غيبتان إحداهما أطول من الأخري ؟

فقال: نعم، ولا يكون ذلك حتّى يختلف سيف بني فلان وتضيّق الحلقة، ويظهر السفيانيّ ويشتدّ البلاء ويشمل الناس موت وقتل يلجؤن فيه إلى حرم اللّه وحرم رسوله (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)(2).

6039 - غيبة الطوسي: أخبرنا ابن أبي جيد القميّ ، عن محمّد ابن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن عبداللّه بن حمدويه بن البراء، عن ثابت، عن إسماعيل، عن عبد الأعلى مولى آل سام قال: خرجت مع أبي عبداللّه (عليه السّلام) فلمّا نزلنا الرّوحاء نظر إلى جبلها مطلّا عليها، فقال

ص:650


1- (1) - غيبة النعماني: ص 171 ح 5.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 172 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 156.

لي: تري هذا الجبل ؟ هذا جبل يدعى: رضوي من جبال فارس أحبّنا فنقله اللّه إلينا، أما إنّ فيه كلّ شجرة مطعم، ونعم أمان للخائف - مرّتين - أما إنّ لصاحب هذا الامر فيه غيبتين واحدة قصيرة والاخري طويلة(1).

6040 - غيبة الطوسي: روى الفضل بن شاذان، عن عبداللّه بن جبلة، عن سلمة بن جناح الجعفيّ ، عن حازم بن حبيب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا حازم إنّ لصاحب هذا الامر غيبتين يظهر في الثانية، إن جاءك من يقول: إنّه نفض يده من تراب قبره فلا تصدّقه(2).

6041 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم من كتابه قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن عبداللّه بن جبلة، عن سلمة بن جناح، عن حازم بن حبيب قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقلت له: أصلحك اللّه إن أبواي هلكا ولم يحجّا وإنّ اللّه قد رزق وأحسن فما تقول في الحجّ عنهما؟

فقال: افعل فانّه يبرد(3) لهما.

ثمّ قال لي: يا حازم إنّ لصاحب هذا الامر غيبتين يظهر في الثانية فمن جاءك يقول: إنّه نفض يده من تراب قبره فلا تصدّقه(4).

ص:651


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 103. منه البحار: ج 52 ص 153.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 261. منه البحار: ج 52 ص 154.
3- (3) - أبرد إليه البريد: أرسله (أقرب الموارد). والمعنى: ان ما تفعله يرسل اليهما ويصل الى روحهما.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 172 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 155.

غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه قال: حدثنا أحمد ابن محمّد بن رباح الزهري قال: حدثنا أحمد بن عليّ الحميريّ ، عن الحسن بن أيّوب، عن عبدالكريم بن عمرو، عن أبي حنيفة السائق، عن حازم بن حبيب قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ أبي هلك وهو رجل أعجميّ وقد أردت أن أحجّ عنه وأتصدّق فما تري في ذلك ؟

فقال: افعل فانّه يصل إليه.

ثمّ قال لي: يا حازم إنّ لصاحب هذا الامر غيبتين.... وذكر مثل ما ذكر في الحديث الذي قبله سواء(1).

باب (32) بيت الإمام المهدي عليه السّلام

6042 - غيبة النعماني: أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح قال: حدثنا محمد بن العباس بن عيسى قال: حدثنا الحسن بن عليّ البطائنيّ ، عن أبيه، عن المفضّل قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ لصاحب الامر بيتا يقال له: بيت الحمد فيه سراج يزهر منذ يوم ولد إلى يوم يقوم بالسيف، لا يطفأ(2).

ص:652


1- (1) - غيبة النعماني: ص 172. منه البحار: ج 52 ص 156.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 239 ح 31. منه البحار: ج 52 ص 158.

باب (33) استحباب الاستعداد المسلّح للقتال بين يدي الإمام المهدي عليه السّلام

6043 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفيّ قال: حدثنا اسماعيل بن مهران قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، ووهيب، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

ليعدّنّ أحدكم لخروج القائم ولو سهما فانّ اللّه تعالى إذا علم ذلك من نيّته رجوت لان ينسيء في عمره(1) حتّى يدركه، [فيكون من أعوانه وأنصاره](2).

باب (34) علامات الظهور

6044 - الكافي: حميد بن زياد، عن أبي العباس عبيداللّه بن أحمد الدّهقان، عن عليّ بن الحسن الطاطريّ ، عن محمد بن زياد بيّاع السابريّ ، عن أبان، عن صباح بن سيابة، عن المعلّى بن خنيس قال:

ذهبت بكتاب عبدالسلام بن نعيم وسدير وكتب غير واحد إلى أبي عبداللّه (عليه السّلام) حين ظهرت المسوّدة قبل أن يظهر ولد العباس بأنّا قد قدّرنا أن يؤول هذا الامر إليك فما تري ؟

ص:653


1- (1) - بمعنى انه يؤخر أجله الى أن يدرك القائم (عليه السّلام).
2- (2) - غيبة النعماني: ص 320 ح 10. منه البحار: ج 52 ص 366.

قال: فضرب بالكتب الارض ثمّ قال: افّ افّ ما أنا لهؤلاء بإمام أما يعلمون أنّه إنّما يقتل السفيانيّ (1) و(2).

6045 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميريّ ، عن ابراهيم بن مهزيار، عن أخيه عليّ ، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيي، عن محمّد بن حكيم، عن ميمون البان، عن أبي عبداللّه الصادق (عليه السّلام) قال: خمس قبل قيام القائم (عليه السّلام): اليمانيّ والسفيانيّ والمنادي ينادي من السماء وخسف بالبيداء وقتل النّفس الزكيّة(3).

6046 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن ابن محبوب، عن يعقوب السراج قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): متى فرج شيعتكم ؟

قال: [فقال:] إذا اختلف ولد العباس ووهى سلطانهم وطمع فيهم من لم يكن يطمع فيهم وخلعت العرب أعنّتها(4) ورفع كلّ ذي

ص:654


1- (1) - قوله: «حين ظهرت المسودة» أي أصحاب أبي مسلم المروزي - الخراساني - لانهم كانوا يلبسون السواد. قوله (عليه السّلام): «ما أنا لهؤلاء بامام» أي انهم لاستعجالهم، وعدم التسليم لامامهم خارجون عن شيعته والمقتدين به. قوله (عليه السّلام): «إنما يقتل السفياني» أي اما يعلمون أن القائم يقتل السفياني الخارج قبله ؟! كما يظهر من كثير من الاخبار أنه (عليه السّلام) يقتله، أو أما يعلمون أن من علامات ظهور دولة اهل البيت قتل السفياني قبل ذلك، والسفياني لم يخرج، ولم يقتل بعد، فكيف يصح لنا الخروج والجهاد؟! (مرآة العقول).
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 331 ح 509.
3- (3) - اكمال الدين: ص 649 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 203.
4- (4) - العنان: سير اللجام الذي تمسك به الذابة، والجمع أعنّة. (أقرب الموارد).

صيصية صيصيته(1) وظهر الشاميّ (2) وأقبل اليمانيّ وتحرّك الحسنيّ وخرج صاحب هذا الامر من المدينة إلى مكة بتراث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

فقلت: ما تراث رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

قال: سيف رسول اللّه ودرعه وعمامته وبرده وقضيبه ورايته ولأمته(3) وسرجه حتّى ينزل مكة فيخرج السيف من غمده ويلبس الدّرع وينشر الرّاية والبردة والعمامة ويتناول القضيب بيده ويستأذن اللّه في ظهوره فيطّلع على ذلك بعض مواليه فيأتي الحسنيّ فيخبره الخبر فيبتدر الحسنيّ إلى الخروج، فيثب عليه أهل مكة فيقتلونه ويبعثون برأسه إلى الشاميّ فيظهر عند ذلك صاحب هذا الامر فيبايعه الناس ويتبعونه.

ويبعث الشاميّ عند ذلك جيشا إلى المدينة فيهلكهم اللّه (عزّوجلّ ) دونها(4) ويهرب يومئذ من كان بالمدينة من ولد عليّ (عليه السّلام) إلى مكة فيلحقون بصاحب هذا الامر.

ويقبل صاحب هذا الامر نحو العراق ويبعث جيشا إلى المدينة فيأمن أهلها(5) ويرجعون إليها(6).

ص:655


1- (1) - الصيصية: شوكة الحائك، والحصن، وكل ما امتنع به (أقرب الموارد). وقال العلامة المجلسي في (مرآة العقول): أي أظهر كل ذي قدرة قدرته وقوته.
2- (2) - وظهر السفياني - غيبة النعماني.
3- (3) - اللامة - مهموزة -: الدرع، وقيل: السلاح. (لسان العرب).
4- (4) - أي قبل الوصول إلى المدينة بالبيداء يخسف الله به وبجيشه الارض كما وردت به الاخبار المتظافرة. (مرآة العقول).
5- (5) - أي يبذل القائم (عليه السّلام) لإهل المدينة الامان فيرجعون إلى المدينة مستأمنين. (مرآة العقول).
6- (6) - الكافي: ج 8 ص 224 ح 285.

غيبة النعماني: أخبرنا علي بن أحمد البندنيجيّ ، عن عبيداللّه بن موسى العلوي، عن محمّد بن موسى، عن أحمد بن أبي أحمد الورّاق، عن يعقوب [بن] السراج مثله إلى قوله: ولأمته وسرجه(1).

غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا محمّد بن المفضّل وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين بن عبدالملك ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن يعقوب السرّاج قال: قلت لأبي عبداللّه (عليه السّلام): متى فرج شيعتكم ؟

فقال: إذا اختلف ولد العباس ووهى سلطانهم، فذكر الحديث بعينه حتى انتهى إلى ذكر اللامة والسرّج، وزاد فيه: حتى ينزل بأعلى مكة فيخرج السيف من غمده.... وذكر مثله باختلاف يسير2.

6047 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن إسحاق بن عمّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لاترون ما تحبّون حتّى يختلف بنو فلان(2) فيما بينهم فإذا اختلفوا طمع الناس وتفرّقت الكلمة وخرج السفيانيّ (3).

6048 - البحار: روى في كتاب (سرور أهل الايمان) عن السيد عليّ بن عبدالحميد باسناده، عن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)

ص:656


1- (1و2) - غيبة النعماني: ص 270 ح 42 و 43.
2- (3) - أي بنو العباس وهذا أحد أسباب خروج القائم (عليه السّلام) وإن تأخّر عنه بكثير، قال الفاضل الاسترآبادي: المراد أن بعد بني العباس لم يتفق الملوك على خليفة وهذا معنى تفرق الكلمة، ثم تمضي بعد ذلك مدة مديدة إلى خروج السفياني ثم إلى ظهور المهدي (مرآة العقول).
3- (4) - الكافي: ج 8 ص 209 ح 254.

قال: الزم الارض ولا تحرّك لدا ولا رجلا حتّى تري علامات أذكرها لك، وما أراك تدرك ذلك: اختلاف بين العباد، ومناد ينادي من السماء، وخسف في قرية من قرى الشام بالجابية، ونزول الترك الجزيرة ونزول الرّوم الرّملة، واختلاف كثير عند ذلك في كلّ أرض حتّى تخرب الشام ويكون سبب ذلك اجتماع ثلاث رايات فيه: راية الاصهب، وراية الابقع، وراية السفيانيّ (1).

6049 - البحار: اقبال الاعمال - وجدت في كتاب (الملاحم) للبطائني، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: اللّه أجلّ وأكرم وأعظم من أن يترك الارض بلا إمام عادل.

قال: قلت له: جعلت فداك فأخبرني بما أستريح إليه ؟

قال: يا أبا محمد ليس يري امة محمّد فرجا أبدا ما دام لولد بني فلان ملك حتى ينقرض ملكهم، فاذا انقرض ملكهم، أتاح اللّه لأمة محمد برجل منّا أهل البيت، يشير بالتّقى، ويعمل بالهدى ولا يأخذ في حكمه الرّشا.

واللّه إنّي لاعرفه باسمه واسم أبيه، ثمّ يأتينا الغليظ القصرة، ذو الخال والشامتين، القائد العادل، الحافظ لمّا استودع، يملاها عدلا وقسطا كما ملأها الفجّار جورا وظلما(2).

6050 - غيبة الطوسي: الفضل (بن شاذان)، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن الختار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا هدم حائط مسجد الكوفة [من] مؤخّره ممّا يلي دار

ص:657


1- (1) - البحار: ج 52 ص 269 ح 159.
2- (2) - البحار: ج 52 ص 269 ح 158.

عبداللّه بن مسعود، فعند ذلك زوال ملك بني فلان أما إنّ هادمه لا يبنيه(1).

غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال:

حدثنا محمد بن جعفر القرشي قال: حدثني محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا محمد بن سنان، عن الحسين بن الختار، عن خالد القلانسي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(2).

6051 - الإرشاد: محمد بن سنان، عن الحسين بن المختار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا هدم حايط مسجد الكوفة ممّا يلي دار عبداللّه بن مسعود فعند ذلك زوال ملك القوم وعند زواله خروج القائم (عليه السّلام)(3).

6052 - غيبة الطوسي: الفضل، عن محمد بن عليّ ، عن سلاّم ابن عبداللّه، عن أبي بصير، عن بكر بن حرب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) (قال:) لايكون فساد ملك بني فلان حتّى يختلف سيفا بني فلان فاذا اختلفا كان عند ذلك فساد ملكهم(4).

6053 - غيبة الطوسي: الفضل، عن ابن فضاّل وابن أبي نجران، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليمانيّ ، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لايذهب ملك هؤلاء حتّى

ص:658


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 271.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 276 ح 57. منهما البحار: ج 52 ص 210.
3- (3) - الإرشاد: ص 360. منه البحار: ج 52 ص 210.
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 271. منه البحار: ج 52 ص 210.

يستعرضوا(1) الناس بالكوفة [في] يوم الجمعة وكأنّي(2) انظر إلى رؤوس تندر فيما بين المسجد(3) وأصحاب الصاّبون(4).

الإرشاد: حماد بن عيسى، عن ابراهيم بن عمر اليماني مثله(5).

6054 - اكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن الحسين السعدآبادي، عن احمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: تنكسف الشمس لخمس مضين من شهر رمضان قبل قيام القائم (عليه السّلام)(6).

6055 - إكمال الدين: بهذا الاسناد، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير ومحمّد بن مسلم قالا: سمعنا أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:

لايكون هذا الامر حتّى يذهب ثلثا الناس فقيل له:(7) فاذا ذهب ثلثا الناس فما يبقى(8)؟

فقال (عليه السّلام): أما ترضون أن تكونوا [في] الثلث الباقي(9).

ص:659


1- (1) - استعرضهم: قتلهم، ولم يسأل عن حال أحد، وندر الشيء ندورا: سقط. (أقرب الموارد).
2- (2) - لكأني - الارشاد.
3- (3) - فيما بين باب الفيل - الارشاد.
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 272.
5- (5) - الإرشاد: ص 360. منهما البحار: ج 52 ص 211.
6- (6) - اكمال الدين: ص 655 ح 28. منه البحار: ج 52 ص 207.
7- (7) - فقلنا - غيبة الطوسي.
8- (8) - فمن يبقى - غيبة الطوسي.
9- (9) - اكمال الدين: ص 655 ح 29. منه البحار: ج 52 ص 207.

غيبة الطوسي: روي محمد بن جعفر الأسدي، عن أبي سعيد الآدمي، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن أبي عمير، عن أبي أيّوب مثله(1).

6056 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي أبو الحسن قال: حدثنا اسماعيل بن مهران قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة (البطائنيّ )، عن أبيه، ووهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: بينا الناس وقوف بعرفات إذ أتاهم راكب على ناقة ذعلبة(2) يخبرهم بموت خليفة، عند موته فرج آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) وفرج الناس جميعا، و قال (عليه السّلام): اذا رأيتم علامة في السماء: نارا عظيمة من قبل المشرق تطلع ليال، فعندها فرج الناس، وهي قدّام القائم (عليه السّلام) بقليل(3).

6057 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا محمّد بن عبداللّه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: ما يكون هذا الامر حتّى لايبقى صنف من الناس إلاّ وقد ولّوا على الناس حتّى لايقول قائل: إنّا لو ولّينا لعدلنا ثمّ يقوم القائم بالحقّ والعدل(4).

ص:660


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 206. منه البحار: ج 52 ص 213.
2- (2) - الذعلبة: الناقة السريعة. (أقرب الموارد).
3- (3) - غيبة النعماني: ص 267 ح 37. منه البحار: ج 52 ص 240.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 274 ح 53. منه البحار: ج 52 ص 244.

6058 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن الحسن بن علي الوشّاء، عن أحمد بن عائذ، عن أبي خديجة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لا يخرج القائم حتّى يخرج [قبله] اثنى عشر من بني هاشم كلّهم يدعو إلى نفسه(1).

الإرشاد: الحسن بن علي الوشاء، عن أحمد بن عائذ مثله(2).

6059 - غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه قال: حدثنا أحمد بن محمد بن رباح الزهري قال: حدثنا أحمد بن علي الحميري، عن الحسن بن أيّوب، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعمي، عن رجل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: لايقوم القائم (عليه السّلام) حتّى يقوم اثنا عشر رجلا كلّهم يجمع على قول أنّهم قد رأوه فيكذّبهم(3).

6060 - غيبة النعماني: حدثنا علي بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن يحيي، قال: حدثنا محمّد بن الحسان(4) الرازي، عن محمد ابن عليّ الكوفيّ ، قال: حدثنا يونس بن يعقوب، عن المفضّل بن عمر قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): ما علامة القائم ؟

قال: إذا استدار الفلك، فقيل: مات أو هلك في أيّ واد سلك.

قلت: جعلت فداك ثمّ يكون ماذا؟

قال: لايظهر إلاّ بالسيف(5).

ص:661


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 267.
2- (2) - الإرشاد: ص 358. منهما البحار: ج 52 ص 209.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 277 ح 58. منه البحار: ج 52 ص 244. وفيه: فيكذبونهم.
4- (4) - محمد بن الحسن - البحار.
5- (5) - غيبة النعماني: ص 156 ح 19. منه البحار: ج 51 ص 148.

6061 - غيبة النعماني: حدثنا محمعد بن همام، قال: حدثنا حميد بن زياد الكوفي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة، عن أحمد بن الحسن الميثمي، عن زائدة بن قدامة، عن عبدالكريم قال: ذكر عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) القائم فقال: أنّى يكون ذلك ولم يستدر الفلك، حتّى يقال: مات أو هلك، في أيّ واد سلك.

فقلت: وما استدارة الفلك ؟

فقال: اختلاف الشيعة بينهم(1).

6062 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن هلال، عن الحسن بن محبوب، عن أبي أيّوب الخزاز والعلاء بن رزين، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ قدّام القائم(2)علامات تكون من اللّه (عزّوجلّ ) للمؤمنين.

قلت: وما هي جعلني اللّه فداك ؟

قال: ذلك قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ ) يعني المؤمنين قبل خروج القائم (عليه السّلام) (بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوٰالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَرٰاتِ وَ بَشِّرِ الصّٰابِرِينَ ) (3) قال: يبلوهم بشيء من الخوف من ملوك بني فلان في آخر سلطانهم والجوع بغلاء أسعارهم (وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوٰالِ ) قال: كساد التجارات وقلّة الفضل، ونقص من

ص:662


1- (1) - غيبة النعماني: ص 157 ح. 2. منه البحار: ج 52 ص 227.
2- (2) - ان لقيام القائم (عليه السّلام) - البحار.
3- (3) - البقرة 2:155.

الانفس: قال: موت ذريع(1)، ونقص من الثمرات: قال: قلّة ريع(2) ما يزرع، (وَ بَشِّرِ الصّٰابِرِينَ ) عند ذلك بتعجيل خروج القائم (عليه السّلام).

ثمّ قال لي: يا محمّد هذا تأويله إن اللّه (عزوجلّ ) يقول: (وَ مٰا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّٰهُ وَ الرّٰاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ) (3).

غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري قال: حدثنا الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهم السّلام) انه قال: ان قدّام قيام القائم علامات.... وذكر نحوه(4).

6063 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي من كتابه قال: حدثنا اسماعيل بن مهران، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

لابدّ أن يكون قدّام القائم سنة يجوع فيها الناس، ويصيبهم خوف شديد من القتل، ونقص من الاموال والانفس والثمرات فانّ ذلك في كتاب اللّه لبيّن ثمّ تلا هذه الآية (وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْ ءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ

ص:663


1- (1) - الذريع: السريع - وموت ذريع: أي فاش أو فضيع. (أقرب الموارد).
2- (2) - الريع: النماء والزيادة. (مجمع البحرين) فيكون المعنى: قلة النماء وعدم الزيادة.
3- (3) - إكمال الدين: ص 649 ح 3، والآية الثانية في سورة آل عمران 3:7. منه البحار: ج 52 ص 202.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 250 ح 5. منه البحار: ج 52 ص 203.

وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوٰالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَرٰاتِ وَ بَشِّرِ الصّٰابِرِينَ ) (1).

6064 - غيبة الطوسي: الفضل [بن شاذان]، عن عثمان بن عيسى، عن درست بن أبي منصور، عن عمّار بن مروان، عن أبي بصير، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: من يضمن لي موت عبداللّه أضمن له القائم، ثمّ قال: إذا مات عبداللّه لم يجتمع الناس بعده على أحد ولم يتناه هذا الامر دون صاحبكم إن شاء اللّه ويذهب ملك السنين ويصير ملك الشهور والايّام.

فقلت: يطول ذلك ؟

قال: كلا(2).

6065 - غيبة الطوسي: الفضل، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة [البطائنيّ ]، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ قدّام القائم لسنة غيداقة(3) يفسد التمر في النخل فلا تشكوا في ذلك(4).

6066 - غيبة الطوسي: أحمد بن عليّ الرازيّ ، عن محمد بن إسحاق المقريّ ، عن المقانعي، عن بكار، عن إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن سعد الأسدي، [عن أبيه]، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: عام أو سنة الفتح ينشق(5) الفرات حتّى يدخل أزقّة الكوفة(6).

ص:664


1- (1) - غيبة النعماني: ص 250 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 229.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 271. منه البحار: ج 52 ص 210.
3- (3) - الغدق: الماء الكثير (أقرب الموارد). والمراد أنّها سنة كثيرة القطر والمطر.
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 272. منه البحار: ج 52 ص 214.
5- (5) - ينبثق - البحار، انبثق عليهم الماء: خرق الشط وكسر السدّ. (أقرب الموارد).
6- (6) - غيبة الطوسي: ص 273. منه البحار: ج 52 ص 217.

6067 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا علي بن الحسن(1) التيملي، عن عليّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن الختار، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام) قول اللّه (عزّوجلّ ): (عَذٰابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ لَعَذٰابُ الْآخِرَةِ أَخْزىٰ ) (2) ما هو عذاب خزي الدّنيا؟

فقال: وأيّ خزي أخزي يا أبا بصير من أن يكون الرّجل في بيته وحجاله وعلى إخوانه وسط عياله إذ شقّ أهله الجيوب عليه وصرخوا، فيقول الناس: ما هذا؟

فيقال: مسخ فلان الساعة.

فقلت: قبل قيام القائم أو بعده ؟

قال: لا، بل قبله(3).

6068 - غيبة النعماني: أخبرنا علي بن أحمد قال: حدثنا عبيداللّه بن موسى العلوي قال: حدثنا عبداللّه بن حماد الانصاري قال: حدثنا ابراهيم بن عبيداللّه(4) بن العلاء قال: حدثني أبي، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) حدّث عن أشياء تكون بعده إلى قيام القائم.

فقال الحسين: يا أمير المؤمنين متى يطهّر اللّه الارض من الظالمين ؟

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): لا يطهّر اللّه الارض من

ص:665


1- (1) - علي بن الحسين - البحار.
2- (2) - فصّلت 41:16.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 269 ح 41. منه البحار: ج 52 ص 241.
4- (4) - عبداللّه - البحار.

الظالمين حتّى يسفك الدّم الحرام.

ثمّ ذكر أمر بني اميّة وبني العبّاس في حديث طويل، ثم قال: إذا قام القائم بخراسان وغلب على أرض كوفان وملتان، وجاز جزيرة بني كاوان، وقام منّا قائم بجيلان، وأجابته الآبر والدّيلم - [- ان] وظهرت لولدي رايات الترك متفرقات في الاقطار والجنبات(1) وكانوا بين هنات وهنات.

إذا خربت البصرة، وقام أمير الامرة بمصر، فحكى (عليه السّلام) حكاية طويلة.

ثمّ قال: إذا جهّزت الالوف، وصفّت الصفوف، وقتل الكبش الخروف هناك يقوم الآخر، ويثور الثائر، ويهلك الكافر، ثمّ يقوم القائم المأمول، والإمام المجهول، له الشرف والفضل، وهو من ولدك يا حسين لا ابن مثله، يظهر بين الركنين في دريسين باليين(2) يظهر على الثقلين ولا يترك في الارض دمين(3) طوبى لمن أدرك زمانه ولحق أوانه، وشهد أيّامه(4).

البحار - بيان: القائم بخراسان هلاكوخان أو جنكيزخان، وكاوان جزيرة في بحر البصرة ذكره الفيروز آباديّ ، والقائم بجيلان السلطان إسماعيل، والآبر قرية قرب الاستراباد، والخروف كصبور

ص:666


1- (1) - والحرمات - البحار.
2- (2) - الدريس: الثوب الخلق وكذلك الدرع. وبلي الثوب: خلق ورثّ فهو بال (أقرب الموارد).
3- (3) - الأدنين - البحار.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 274 ح 55. منه البحار: ج 52 ص 235.

الذّكر من أولاد الضأن ولعلّ المراد بالكبش السلطان عبّاس الأوّل حيث قتل ولده الصفي ميرزا وقيام الآخر بالثار، يحتمل أن يكون إشارة إلى ما فعل السلطان صفي ابن المقتول بأولاد القاتل من القتل وسمل العيون وغير ذلك.

وقيام القائم (عليه السّلام) بعد ذلك لايلزم أن يكون بلا واسطة، وعسى أن يكون قريبا مع أنّ الخبر مختصر من كلام طويل، فيمكن أن يكون سقط من بين الكلامين وقائع.

6069 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن مالك قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن عليّ (1)، عن صالح بن سهل، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) في قوله: (سَأَلَ سٰائِلٌ بِعَذٰابٍ وٰاقِعٍ ) (2) قال:

تأويلها فيما يأتي عذاب يقع في الثويّة - يعني نارا - حتّى ينتهي إلى الكناسة كناسة بني أسد حتّى تمرّ بثقيف لاتدع وترا لآل محمّد إلاّ أحرقته، وذلك قبل خروج القائم (عليه السّلام)(3).

6070 - غيبة النعماني: أخبرنا محمد بن همّام قال: حدثنا حميد ابن زياد قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن سماعة قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن أبي الحسن عليّ بن محمّد، عن معاذ بن مطر، عن رجل قال: ولا أعلمه إلاّ مسمعا أبا سيّار.

قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): قبل قيام القائم تحرّك حرب

ص:667


1- (1) - الحسين بن علي - البحار.
2- (2) - المعارج 70:1.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 272 ح 48. منه البحار: ج 52 ص 243.

قيس(1).

6071 - قرب الاسناد: أحمد بن محمّد (بن عيسى)، عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضا (عليه السّلام) عن قرب هذا الامر فقال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) حكاه عن أبي جعفر (عليه السّلام) قال: أوّل علامات الفرج سنة خمس وتسعين ومائة وفي سنة ستّ وتسعين ومائة تخلع العرب أعنّتها وفي سنة سبع وتسعين ومائة يكون الغناء(2)، وفي سنة ثمان وتسعين ومائة يكون الجلا، فقال: أما تري بني هاشم قد انقلعوا بأهليهم وأولادهم ؟

فقلت: لهم الجلا؟

قال: وغيرهم، وفي سنة تسع وتسعين ومائة يكشف اللّه البلاء إن شاء اللّه وفي سنة مائتين يفعل اللّه ما يشاء.

فقلت له: جعلت فداك أخبرنا بما يكون في سنة المائتين ؟

قال: لو أخبرت أحدا لاخبرتكم، ولقد خبّرت بمكانتكم(3)، فما كان هذا من رأي أن يظهر [هذا] منّي إليكم، ولكن إذا أراد اللّه (تبارك وتعالى) إظهار شيء من الحقّ لم يقدر العباد على ستره.

فقلت له: جعلت فداك إنّك قلت لي في عامنا الاوّل حكيت عن أبيك أنّ انقصاء ملك [آل] فلان على رأس فلان وفلان ليس لبني فلان سلطان بعدهما.

قال: قد قلت ذاك [لك].

ص:668


1- (1) - غيبة النعماني: ص 277 ح 59. منه البحار: ج 52 ص 244.
2- (2) - يكون الفنا - البحار.
3- (3) - بمكانكم - البحار.

فقلت: أصلحك اللّه إذا انقضى ملكهم يملك أحد من قريش يستقيم عليه الامر؟

قال: لا.

قلت: يكون ماذا؟

قال: يكون الّذي تقول أنت وأصحابك.

قلت: يعني خروج السفيانيّ؟

فقال: لا.

فقلت: فقيام القائم (عليه السّلام).

قال: يفعل اللّه ما يشاء.

قلت: فأنت هو؟

قال: لاحول ولا قوّة إلاّ باللّه.

وقال: إنّ قدّام هذا الامر علامات: حدث يكون بين الحرمين.

قلت: ما الحدث ؟

قال: عصبة(1) تكون ويقتل فلان من آل فلان خمسة عشر رجلا.

قلت: جعلت فداك ان الكوفة قد تبّت لي والمعاش بها ضيق وانما كان معاشنا ببغداد وهذا الجبل قد فتح على الناس منه باب رزق.

فقال: فان اردت الخروج فاخرج لانها سنة مضطربة وليس للناس بدّ عن معاشهم فلاتدع الطلب.

فقلت له: جعلت فداك انهم قوم ملاء(2) ونحن نحتمل التأخير

ص:669


1- (1) - عضبة - البحار. عضبه عضبا: قطعه (أقرب الموارد)، والمراد هنا الهلاك والاستئصال.
2- (2) - أي اغنياء.

فنبايعهم بتأخير سنة.

قال: بعهم.

قلت: سنتين.

قال: بعهم.

قلت: ثلاث سنين.

قال: لايكون لك شيء أكثر من ثلاث سنين(1).

البحار - بيان: قوله: «أول علامات الفرج» إشارة إلى وقوع الخلاف بين الامين والمأمون، وخلع الامين المامون عن الخلافة، لانّ هذا كان ابتداء تزلزل أمر بني العباس وفي سنة ستّ وتسعين ومائة، اشتدّ النزاع وقام الحرب بينهما، وفي السنة التي بعده كان فناء كثير من جندهم، وفيما بعده كان قتل الامين وإجلاء أكثر بني العباس.

وذكر بني هاشم كان للتورية والتقيّة ولذا قال (عليه السّلام):

«وغيرهم» وفي سنة تسع وتسعين كشف اللّه البلاء عن أهل البيت (عليهم السّلام) لخذلان معانديهم، وكتب المأمون إليه (عليه السّلام) يستمد منه ويستحضره.

وقوله: «وفي سنة مائتين يفعل اللّه ما يشاء» إشارة إلى شدّة تعظيم المأمون له وطلبه، وفي السنة الّتي بعده أعني سنة إحدى ومائتين دخل خراسان وفي شهر رمضان عقد مأمون له البيعة.

قوله (عليه السّلام): «ولقد خبّرت بمكانكم» أي بمجيئكم في هذا الوقت، وسؤالكم منّي هذا السؤال، والمعنى أنّي عالم بما يكون من الحوادث، لكن ليست المصلحة في إظهارها لكم.

ص:670


1- (1) - قرب الاسناد: ص 163. منه البحار: ج 52 ص 183.

وقوله (عليه السّلام): «ويقتل فلان» إشارة إلى بعض الحوادث الّتي وقعت على بني العباس في أواخر دولتهم أو إلى إنقراضهم في زمن هلاكوخان.

6072 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيي، عن عبدالرحمن بن الحجاج، عن سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قدّام القائم (عليه السّلام) موتتان: موت أحمر وموت أبيض، حتّى يذهب من كلّ سبعة خمس، الموت الاحمر: السيف، والموت الأبيض: الطاعون(1).

6073 - مستدرك الوسائل: أبو محمد فضل بن شاذان في كتاب (الغيبة) قال: حدّثنا صفوان بن يحيى قال: حدثنا محمد بن حمران قال: قال الصادق (عليه السّلام): القائم منّا منصور بالرعب - الى أن قال: - قيل: يابن رسول اللّه متى يخرج قائمكم ؟

قال: إذا تشبّه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، واكتفى الرجال بالرجال، والنساء بالنساء، وركب ذوات الفروج السروج، وقبلت شهادة الزور، وردت شهادة العدل، واستخفّ الناس بالدماء، وارتكاب الزنا، واكل الربا والرشاء، واستيلاء الاشرار على الابرار.

الخبر(2).

6074 - شرح الاخبار: عن جعفر بن محمّد بن علي (صلوات اللّه عليهم) أنه ذكر المهدي (عليه السّلام)، فقال: تطلع الرايات

ص:671


1- (1) - إكمال الدين: ص 655 ح 27. منه البحار: ج 52 ص 207.
2- (2) - مستدرك الوسائل: ج 12 ص 335.

السود، وأومى بيده الى المشرق، وتطلع رايات المهدي من هاهنا، وأومى بيده الى المغرب(1).

6075 - أمالي المفيد: أخبرنا الشيخ الجليل المفيد أبو عبداللّه محمد بن محمد بن النعمان الحارثي قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابيّ قال: حدثني أبو الحسن محمد بن يحيى التميميّ قال:

حدثنا الحسن بن بهرام قال: حدثني الحسن بن يحيى قال: حدثني الحسن بن حمدون، عن محمّد بن إبراهيم بن عبداللّه، قال: حدثني سدير الصيرفي قال: كنت عند أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) وعنده جماعة من أهل الكوفة، فأقبل عليهم وقال لهم: حجّوا قبل أن لا تحجّوا، قبل أن يمنع البرّ جانبه، حجّوا قبل هدم مسجد بالعراقين بين نخل وأنهار، حجّوا قبل أن تقطع سدرة بالزوراء، نبتت على عسل عروق النخلة الّتي اجتنت منها مريم (عليها السّلام) رطبا جنيّا، فعند ذلك تمنعون الحجّ ، وتنقص الثمار، وتجدب البلاد، وتبتلون بغلاء الاسعار، وجور السلطان، ويظهر فيكم الظلم والعدوان مع البلاء والوباء والجوع، وتظلّكم الفتن من جميع الافاق، فويل لكم يا أهل العراق إذا جاءتكم الرايات من خراسان، وويل لاهل الريّ من الترك، وويل لاهل العراق من أهل الريّ ، وويل لهم ثمّ ويل لهم من الثط(2)قال سدير: فقلت: يا مولاي من الثطّ؟

ص:672


1- (1) - شرح الاخبار: ج 3 ص 364 ح 1234.
2- (2) - الثّط: هو الخفيف اللحية من العارضين، وقيل: هو أيضا القليل شعر الحاجبين (لسان العرب).

قال: قوم اذانهم كآذان الفار صغرا، لباسهم الحديد كلامهم ككلام الشياطين، صغار الحدق، مرد جرد(1) استعيذوا باللّه من شرهم اولئك يفتح اللّه على أيديهم الدّين، ويكونون سببا لامرنا(2).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «قبل أن يمنع البرّ جانبه» أي يكون البرّ مخوفا لا يمكن قطعه.

باب (35) علامات الظهور الحتميّة

6076 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عبداللّه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمد ابن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثماليّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ أبا جعفر (عليه السّلام) كان يقول: إنّ خروج السفيانيّ من الامر المحتوم ؟

قال لي: نعم، واختلاف ولد العباس من المحتوم، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم، وخروج القائم (عليه السّلام) من المحتوم.

فقلت له: كيف يكون [ذلك] النداء؟

قال: ينادي مناد من السماء أوّل النّهار: ألا إنّ الحقّ في عليّ وشيعته، ثمّ ينادي إبليس لعنه اللّه في اخر النّهار: ألا إنّ الحقّ في السفيانيّ وشيعته فيرتاب عند ذلك المبطلون(3).

ص:673


1- (1) - الامرد: الشاب الذي لاشعر له على وجهه. (مجمع البحرين).
2- (2) - أمالي المفيد: ص 63 ح. 1. منه البحار: ج 47 ص 122.
3- (3) - إكمال الدين: ص 652 ح 14. منه البحار: ج 52 ص 206.

6077 - غيبة الطوسي: أحمد بن إدريس، عن علي بن محمد بن قتيبة، عن الفضل بن شاذان، عن الحسن بن محبوب، عن أبي حمزة الثماليّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): إنّ أبا جعفر (عليه السّلام) كان يقول: خروج السفيانيّ من المحتوم، والنداء من المحتوم، وطلوع الشمس من المغرب من المحتوم وأشياء كان يقولها من المحتوم.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): واختلاف بني فلان من المحتوم، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم.

قلت: وكيف يكون النداء؟

قال: ينادي مناد من السّماء أوّل النهار يسمعه كلّ قوم بألسنتهم:

ألا إنّ الحقّ في عليّ وشيعته ثمّ ينادي إبليس في آخر النّهار من الأرض: ألا إنّ الحقّ في عثمان وشيعته فعند ذلك يرتاب المبطلون(1).

6078 - غيبة النعماني: أخبرنا علي بن أحمد البندنيجيّ قال:

حدثنا عبيداللّه بن موسى العلوي، عن يعقوب بن يزيد، عن زياد بن مروان، عن عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال:

النّداء من المحتوم، والسفيانيّ من المحتوم، واليماني من المحتوم، وقتل النفس الزكيّة من المحتوم، وكفّ يطلع من السماء من الحتوم.

قال (عليه السّلام): وفزعة في شهر رمضان توقظ النائم، وتفزع اليقظان، وتخرج الفتاة من خدرها(2).

6079 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن

ص:674


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 266. منه البحار: ج 52 ص 288.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 252 - ح 11. منه البحار: ج 52 ص 233.

العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن عبداللّه بن محمّد الحجال، عن ثعلبة بن ميمون، عن شعيب الحذّاء، عن صالح مولى بني العذراء قال: سمعت أبا عبداللّه الصادق (عليه السّلام) يقول:

ليس بين قيام قائم آل محمد وبين قتل النفس الزكية إلاّ خمس عشرة ليلة(1).

غيبة الطوسي: الفضل، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة مثله إلاّ ان فيه: بين قيام القائم(2).

6080 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثني علي بن الحسن، عن عليّ بن مهزيار، عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار قال: حدثني ابن أبي يعفور قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): أمسك بيدك(3): هلاك الفلاني [- اسم رجل من بني العبّاس -] وخروج السفيانيّ ، وقتل النفس، وجيش الخسف، والصوت.

قلت: وما الصوت أهو المنادي ؟

فقال: نعم، وبه يعرف صاحب هذا الامر.

ثمّ قال: الفرج كلّه هلاك الفلاني [من بني العبّاس](4).

6081 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا القاسم بن محمد قال: حدثنا عبيس بن هشام قال: حدثنا

ص:675


1- (1) - اكمال الدين: ص 649 ح 2.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 271. منهما البحار: ج 52 ص 203.
3- (3) - الظاهر أن معناه: عد بأصابع يدك علامات الظهور.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 257 ح 16. منه البحار: ج 52 ص 234.

عبداللّه بن جبلة، عن أبيه، عن محمّد بن الصامت، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: ما من علامة بين يدي هذا الامر؟

فقال: بلى.

قلت: وما هي ؟

قال: هلاك العبّاسيّ ، وخروج السفيانيّ ، وقتل النفس الزكيّة، والخسف بالبيداء، والصّوت من السماء.

فقلت: جعلت فداك أخاف أن يطول هذا الامر.

فقال: لا إنّما هو كنظام الخرز يتبع بعضه بعضا(1).

باب (36) خمس علامات حتميّة

6082 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن حنظلة قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: قبل قيام القائم (عليه السّلام) خمس علامات محتومات: اليمانيّ والسفيانيّ والصيحة وقتل النفس الزكيّة والخسف بالبيداء(2).

6083 - غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن همّام قال: حدثنا جعفر ابن محمّد بن مالك الفزاريّ قال: حدثني عبداللّه بن خالد التميميّ

ص:676


1- (1) - غيبة النعماني: ص 262 ح 21. منه البحار: ج 52 ص 235.
2- (2) - اكمال الدين: ص 650 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 204.

قال: حدثني بعض أصحابنا، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبي أيوب الخزّاز، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال:

للقائم خمس علامات: ظهور السفيانيّ ، واليمانيّ ، والصّيحة من السماء، وقتل النفس الزكيّة، والخسف بالبيداء(1).

6084 - غيبة الطوسي: ابن فضاّل، عن حمّاد، عن ابراهيم بن عمر، عن عمر بن حنظلة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

خمس قبل قيام القائم من العلامات: الصيحة، والسفيانيّ ، والخسف بالبيداء، وخروج اليماني، وقتل النفس الزكيّة(2).

6085 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن عليّ بن الحكم، عن أبي أيّوب الخزّاز، عن عمر بن حنظلة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: خمس علامات قبل قيام القائم: الصيحة والسفيانيّ والخسف وقتل النفس الزكيّة واليمانيّ .

فقلت: جعلت فداك إن خرج أحد من أهل بيتك قبل هذه العلامات أنخرج معه ؟

قال: لا، فلمّا كان من الغد تلوت هذه الآية (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمٰاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنٰاقُهُمْ لَهٰا خٰاضِعِينَ ) (3) فقلت له: أهي الصيحة ؟

ص:677


1- (1) - غيبة النعماني: ص 252 ح 9.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 267. منه البحار: ج 52 ص 209.
3- (3) - الشعراء 26:4.

فقال: أما لو كانت خضعت أعناق أعداء اللّه (عزّوجلّ )(1).

باب (37) خروج السفياني

6086 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همّام قال: حدثني جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدثني عبّاد بن يعقوب قال: حدثنا خلاّد الصائغ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: السفيانيّ لابدّ منه، ولا يخرج إلاّ في رجب.

فقال له رجل: يا أبا عبداللّه إذا خرج فما حالنا؟

قال: إذا كان ذلك فإلينا(2).

البحار - بيان: أي الامر ينتهي إلينا ويظهر قائمنا، أي إذهبوا إلى بلد يظهر منه القائم (عليه السّلام) فإنّه لايصل إليه، أو توسّلوا بنا.

6087 - غيبة النعماني: [أخبرنا] أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم من كتابه قال: حدثنا عبيس بن هشام، عن محمّد بن بشر الاحول، عن عبداللّه بن جبلة، عن عيسى بن أعين، عن معلّى بن خنيس قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: من الامر محتوم، ومنه ما ليس بمحتوم، ومن المحتوم: خروج السفيانيّ في رجب(3).

6088 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن

ص:678


1- (1) - الكافي: ج 8 ص 310 ح 483.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 302 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 249.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 300 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 248.

الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن صفوان بن يحيي، عن عيسى بن أعين، عن المعلى بن خنيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أمر السفيانيّ من [الامر] المحتوم، وخروجه في رجب(1).

6089 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثني علي بن الحسن التيمليّ قال: حدثنا محمد وأحمد ابنا الحسن، عن علي بن يعقوب الهاشميّ ، عن هارون بن مسلم، عن أبي خالد القمّاط، عن حمران بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال:

من المحتوم الّذي لابدّ أن يكون من قبل قيام القائم: خروج السفيانيّ ، وخسف بالبيداء، وقتل النفس الزكيّة، والمنادي من السماء(2).

6090 - غيبة الطوسي: الفضل، عن إسماعيل بن مهران، عن عثمان بن جبلة، عن عمر بن أبان الكلبيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كأنّي بالسفيانيّ - أو لصاحب السفياني - قد طرح رحله في رحبتكم بالكوفة، فنادي مناديه: من جاء برأس شيعة عليّ فله ألف درهم، فيثب الجار على جاره، ويقول: هذا منهم، فيضرب عنقه ويأخذ ألف درهم.

أما إنّ إمارتكم يومئذ لاتكون إلاّ لاولاد البغايا وكأنّي أنظر إلى صاحب البرقع.

قلت: ومن صاحب البرقع ؟

ص:679


1- (1) - اكمال الدين: ص 650 ح 5 وص 652 ح 15. منه البحار: ج 52 ص 204.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 264 ح 26. منه البحار: ج 52 ص 294.

فقال: رجل منكم يقول بقولكم يلبس البرقع فيحوشكم(1)فيعرفكم ولا تعرفونه، فيغمز(2) بكم رجلا رجلا أما [إنّه] لا يكون إلّا ابن بغيّ (3).

6091 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن عليّ ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن محمد بن عليّ الكوفي، عن محمّد بن أبي عمير، عن عمر بن اذينة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): قال أبي (عليه السّلام): قال أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه): يخرج ابن آكلة الأكباد من الوادي اليابس، وهو رجل ربعة، وحش الوجه، ضخم الهامة بوجهه أثر جدري إذا رأيته حسبته أعور إسمه عثمان وأبوه عنبسة وهو من ولد أبي سفيان حتّى يأتي أرضا ذات «قرار ومعين» فيستوي على منبرها(4).

البحار - بيان: «وحش الوجه» أي يستوحش من يراه ولا يستأنس به أحد، أو بالخاء المعجمة وهو الرّديّ من كلّ شيء، والأرض ذات القرار الكوفة أو النّجف كما فسّرت به في الاخبار.

6092 - إكمال الدين: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن عمر بن يزيد، قال: قال لي أبو عبداللّه الصادق (عليه السّلام): إنّك

ص:680


1- (1) - حاش الصيد يحوشه حوشا: جاء من حواليه ليصرفه إلى الحبالة. (أقرب الموارد).
2- (2) - غمز بالرجل وعليه: سعى به شرا وطعن عليه. (أقرب الموارد).
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 273. منه البحار: ج 52 ص 215.
4- (4) - اكمال الدين: ص 651 ح 9. منه البحار: ح 52 ص 205.

لو رأيت السفيانيّ لرأيت أخبث الناس، أشقر أحمر أزرق، يقول:

ياربّ ثاري ثاري ثمّ النار(1) ولقد بلغ من خبثه أنّه يدفن امّ ولد له وهي حيّة مخافة أن تدلّ عليه(2).

البحار - بيان: قوله: «ثم للنار» أي ثم مع اقراره ظاهرا بالربّ يفعل ما يستوجب للنار ويصير إليها، والاظهر ياربّ ثاري والنار مكرّرا.

6093 - غيبة النعماني: حدثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد ابن يحيي العطار قال: حدثنا محمد بن حسّان الرازي، عن محمد بن علي الكوفي قال: حدثنا محمد بن سنان، عن عبيد بن زرارة قال:

ذكر عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) السفيانيّ فقال: أنّى يخرج ذلك، ولمّا يخرج كاسر عينيه(3) بصنعاء(4).

6094 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك قال: حدثني الحسن بن وهب(5) قال: حدثني إسماعيل بن أبان، عن يونس بن أبي يعفور(6)، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إذا خرج السفيانيّ ، يبعث جيشا إلينا، وجيشا إليكم، فاذا كان كذلك فائتونا على [كلّ ] صعب وذلول(7).

ص:681


1- (1) - يا ربّ يا ربّ يا ربّ ثم للنار - البحار.
2- (2) - اكمال الدين: ص 651 ح 10. منه البحار: ج 52 ص 205.
3- (3) - كاسر عينه - البحار.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 277 ح 60. منه البحار: ج 52 ص 245.
5- (5) - في بعض النسخ: القاسم بن وهب. «هامش المصدر».
6- (6) - يونس بن يعقوب - البحار.
7- (7) - غيبة النعماني: ص 306 ح 17. منه البحار: ج 52 ص 253.

6095 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن محمد بن الحسين، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم، عن الفضل الكاتب قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فأتاه كتاب أبي مسلم فقال: ليس لكتابك جواب، اخرج عنّا فجعلنا يسارّ بعضنا بعضا(1)، فقال: أيّ شيء تسارّون يا فضل، إنّ اللّه (عزّ ذكره) لايعجل لعجلة العباد، ولا زالة جبل عن موضعه أيسر من زوال ملك لم ينقض أجله.

ثم قال: إنّ فلان بن فلان حتّى بلغ السابع من ولد فلان.

قلت: فما العلامة فيما بيننا وبينك جعلت فداك ؟

قال: لاتبرح الارض يا فضل حتّى يخرج السفيانيّ فإذا خرج السفياني فأجيبوا إلينا - يقولها ثلاثا - وهو من المحتوم(2).

6096 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن عثمان بن عيسى، عن بكر بن محمّد، عن سدير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ياسدير ألزم بيتك وكن حلسا من أحلاسه، واسكن ما سكن اللّيل والنّهار فإذا بلغك أنّ السفيانيّ قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك(3).

6097 - البحار: كتاب (سرور أهل الايمان) عن السيد عليّ بن عبدالحميد بإسناده، عن عثمان بن عيسى، عن بكر بن محمّد الأزديّ ، عن سدير قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): يا سدير الزم بيتك وكن حلسا من أحلاسه واسكن ما سكن اللّيل والنهار فاذا بلغ أن

ص:682


1- (1) - تسارّ القوم: أي تناجوا. (مجمع البحرين).
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 274 ح 412.
3- (3) - الكافي: ج 8 ص 264 ح 383.

السفيانيّ قد خرج فارحل إلينا ولو على رجلك.

قلت: جعلت فداك هل قبل ذلك شيء؟

قال: نعم، وأشار بيده بثلاث أصابعه إلى الشام وقال: ثلاث رايات: راية حسنيّة، وراية امويّة، وراية قيسيّة، فبينا هم [على ذلك] إذ قد خرج السفيانيّ فيحصدهم حصد الزّرع ما رأيت مثله قطّ(1).

6098 - البحار: كتاب (سرور أهل الايمان) عن السيد عليّ بن عبدالحميد باسناده الى أبي عبداللّه (عليه السّلام) في خبر طويل انه قال: لا يكون ذلك حتى يخرج خارج من آل أبي سفيان يملك تسعة أشهر كحمل المرأة ولا يكون حتى يخرج من ولد الشيخ فيسير حتى يقتل ببطن النجف فواللّه كأنّي انظر الى رماحهم وسيوفهم وامتعتهم الى حائط من حيطان النجف يوم الاثنين ويستشهد يوم الاربعاء(2).

6099 - البحار: كتاب (سرور أهل الايمان) عن السيد علي بن عبدالحميد بإسناده عن إسماعيل بن مهران، عن ابن عميرة، عن الحضرميّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): كيف نصنع إذا خرج السفيانيّ؟

قال: تغيب الرّجال وجوهها منه، وليس على العيال بأس، فإذا ظهر على الاكوار الخمس يعني كور الشام فانفروا إلى صاحبكم(3).

6100 - غيبة الطوسي: الفضل، عن ابن أبي عمير، عن عمير ابن اذينة، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام)

ص:683


1- (1) - البحار: ج 52 ص 270.
2- (2) - البحار: ج 52 ص 271 ح 163.
3- (3) - البحار: ج 52 ص 272 ح 166.

يقول: ان السفياني يملك بعد ظهوره على الكور الخمس حمل امرأة.

ثم قال (عليه السّلام): أستغفر اللّه حمل جمل، وهو من الامر المحتوم الذي لابد منه(1).

البحار - بيان: يحتمل أن يكون بعض أخبار مدّة السفياني محمولا على التقيّة لكونه مذكورا في رواياتهم، أو على أنّه ممّا يحتمل أن يقع فيه البداء فيحتمل هذه المقادير، أو يكون المراد مدّة استقرار دولته، وذلك ممّا يختلف بحسب الاعتبار ويؤمى إليه خبر عيسى بن أعين الآتي.

6101 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة قال: حدثني محمد بن المفضل بن ابراهيم بن قيس بن رمّانة قال: حدثنا الحسن بن علي بن فضّال قال: حدثنا ثعلبة بن ميمون أبو اسحاق، عن عيسى بن أعين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال:

السفيانيّ من المحتوم وخروجه في رجب ومن أوّل خروجه إلى آخره خمسة عشر شهرا، ستّة أشهر يقاتل فيها فإذا ملك الكور(2) الخمس ملك تسعة أشهر ولم يزد عليها يوما(3).

6102 - إكمال الدين: حدثنا أبي ومحمّد بن الحسن (رضي اللّه عنهما) قالا: حدثنا محمد بن أبي القاسم ماجيلويه، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ قال: حدثنا الحسين بن سفيان، عن قتيبة بن محمّد، عن عبداللّه بن أبي منصور البجليّ قال: سالت أبا عبداللّه (عليه السّلام)

ص:684


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 273. منه البحار: ج 52 ص 215.
2- (2) - الكورة: المدينة والناحية، والجمع كور مثل غرفة وغرف. (مجمع البحرين).
3- (3) - غيبة النعماني: ص 299 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 248.

عن اسم السفيانيّ؟

فقال: وما تصنع باسمه ؟ إذا ملك كور الشام(1) الخمس: دمشق وحمص وفلسطين والأردن وقنّسرين، فتوقّعوا عند ذلك الفرج.

قلت: يملك تسعة أشهر؟

قال: لا ولكن يملك ثمانية أشهر لايزيد يوما(2).

6103 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا علي بن الحسن التّيملي قال: حدثنا العباس بن عامر بن رباح الثقفي قال: حدثني محمد بن الربيع الاقرع، عن هشام بن سالم، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنّه قال: إذا استولى السفيانيّ على الكور الخمس فعدّوا له تسعة أشهر، وزعم هشام أنّ الكور الخمس دمشق وفلسطين والاردن وحمص وحلب(3).

6104 - أمالي الطوسي: حدثنا الشيخ أبو جعفر محمّد بن الحسن ابن علي بن الحسن الطوسي (رضي اللّه عنه) قال: أخبرنا أبو عبداللّه الحسين بن ابراهيم القزويني قال: أخبرنا أبو عبداللّه محمد بن وهبان الهنائي البصري قال: حدثني أحمد بن ابراهيم بن أحمد قال: أخبرني أبو محمّد الحسن بن علي بن عبدالكريم الزعفراني قال: حدثني أحمد ابن محمد بن خالد البرقي أبو جعفر قال: حدثني أبي، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام [بن سالم] قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) وذكر السفيانيّ فقال: أمّا الرّجال فتواري وجوهها عنه، وأمّا النساء

ص:685


1- (1) - كنوز الشام - البحار.
2- (2) - اكمال الدين: ص 651 ح 11. منه البحار: ج 52 ص 206.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 304 ح 13. منه البحار: ج 52 ص 252.

فليس عليهنّ بأس(1).

6105 - مجمع البيان: روي عن حذيفة بن اليمان أنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) ذكر فتنة تكون بين أهل المشرق والمغرب، قال: فبينا هم كذلك يخرج عليهم السفيانيّ من الوادي اليابس في فور ذلك حتّى ينزل دمشق فيبعث جيشين جيشا إلى المشرق وآخر إلى المدينة حتّى ينزلوا بأرض بابل من المدينة الملعونة، يعني بغداد، فيقتلون أكثر من ثلاثة آلاف، ويفضحون أكثر من مائة امرأة، ويقتلون بها ثلاثمائة كبش من بني العباس.

ثمّ ينحدرون إلى الكوفة فيخربون ما حولها، ثمّ يخرجون متوجّهين إلى الشام فيخرج راية هدى من الكوفة، فتلحق ذلك الجيش فيقتلونهم، لا يفلت منهم مخبر، ويستنقذون ما في أيديهم من السبي والغنائم، ويحلّ الجيش الثاني بالمدينة فينتهبونها ثلاثة أيّام بلياليها.

ثمّ يخرجون متوجّهين إلى مكة، حتّى إذا كانوا بالبيداء، بعث اللّه جبرئيل فيقول: يا جبرئيل اذهب فأبدّهم، فيضربها برجله ضربة يخسف اللّه بهم عندها ولا يفلت منهم إلاّ رجلان من جهينة، فلذلك جاء القول «وعند جهينة الخبر اليقين» فذلك قوله: (وَ لَوْ تَرىٰ إِذْ فَزِعُوا) (2) إلى آخرها، أورده الثعلبيّ في تفسيره.

وروي أصحابنا في أحاديث المهديّ (عليه السّلام)، عن أبي عبداللّه وأبي جعفر (عليهما السّلام) مثله(3).

ص:686


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 661 ح 1371 منه البحار: ج 52 ص 275.
2- (2) - سبأ 34:51.
3- (3) - مجمع البيان: ج 4 ص 398. منه البحار: ج 52 ص 186.

باب (38) خروج اليماني

6106 - أمالي الطوسي: بهذا الإسناد عن هشام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا خرج طالب الحقّ ، قيل لابي عبداللّه (عليه السّلام): نرجو أن يكون هذا اليمانيّ .

فقال: لا، اليمانيّ يوالي عليّا وهذا يبرأ [منه](1).

6107 - أمالي الطوسي: بهذا الإسناد، عن هشام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: اليمانيّ والسفيانيّ كفرسي رهان(2).

غيبة النعماني: أخبرنا عليّ بن أحمد قال: حدثنا عبيداللّه بن موسى، عن ابراهيم بن هاشم، عن محمّد بن أبي عمير، عن هشام ابن سالم مثله(3).

6108 - غيبة الطوسي: الفضل، عن سيف بن عميرة، عن بكر ابن محمّد الأزديّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خروج الثلاثة الخراسانيّ والسفيانيّ واليمانيّ في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، وليس فيها راية بأهدي من راية اليمانيّ ، يهدي إلى الحقّ (4).

الإرشاد: سيف بن عميرة، عن بكر بن محمّد، عن أبي عبداللّه

ص:687


1- (1) - أمالي الطوسي: ص 661 ح 1375. منه البحار: ج 52 ص 275.
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 661 ح 1376. منه البحار: ج 52 ص 275.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 305 ح 15. منه البحار: ج 52 ص 253. «كفرسي رهان» قال الفارسي: أراد استواء الأمرين كاستواء فرسي السباق. (مجمع البحرين).
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 271.

(عليه السّلام) نحوه(1).

باب (39) الخسف بالبيداء

6109 - قرب الاسناد: محمّد بن عبدالحميد وعبدالصمد بن محمّد جميعا، عن حنان بن سدير قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن خسف البيداء؟

قال: أمّا مصيرا على البريد على اثني عشر ميلا من البريد الّذي بذات الجيش(2).

6110 - أمالي الطوسي: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرني الشريف أبو محمد أحمد بن محمد بن عيسى العلوي الزاهد قال:

حدثنا حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن عمر الكشي قال: حدثنا حمدويه بن نصر، عن محمد بن عيسى، عن الحسين بن خالد قال: قلت لأبي الحسن الرضا (عليه السّلام): ان عبداللّه بن بكير كان يروي حديثا ويتأوّله وأنا أحبّ أن أعرضه عليك.

فقال: ما ذلك الحديث ؟

قلت: قال ابن بكير: حدثني عبيد بن زرارة، قال: كنت عند

ص:688


1- (1) - الإرشاد: ص 360. منهما البحار: ج 52 ص 210.
2- (2) - قرب الاسناد: ص 58. منه البحار: ج 52 ص 181. وذات الجيش: واد بين مكة والمدينة (مجمع البحرين).

أبي عبداللّه (عليه السّلام) أيّام خروج محمّد بن عبداللّه بن الحسن(1) إذ دخل عليه رجل من أصحابنا فقال له: جعلت فداك إنّ محمد بن عبداللّه قد خرج وأجابه الناس، فما تقول في الخروج معه ؟

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): اسكن ما سكنت السماء والارض.

فقال عبداللّه بن بكير: فاذا كان الامر هكذا ولم يكن خروج ما سكنت السماء والأرض، فما من قائم ولا من خروج.

فقال أبو الحسن (عليه السّلام): صدق أبو عبداللّه (عليه السّلام) وليس الامر على ما تأوّله ابن بكير، إنّما قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): اسكنوا ما سكنت السماء من النداء والارض من الخسف بالجيش(2).

6111 - معاني الاخبار: حدثنا أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا أحمد بن ادريس قال: حدثنا سهل بن زياد قال: حدثني علي بن ريّان قال: حدثنا عبيداللّه بن عبداللّه الدّهقان الواسطي، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن الرّضا (عليه السّلام) قال: قلت: جعلت فداك، حديث كان يرويه عبداللّه بن بكير، عن عبيد بن زرارة.

قال: فقال لي: وما هو؟

قال: قلت [له]: روي عن عبيد بن زرارة أنّه لقي أبا عبداللّه

ص:689


1- (1) - هو محمد بن عبداللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام). (معجم رجال الحديث).
2- (2) - أمالي الطوسي: ص 412 ح 926. منه البحار: ج 52 ص 188.

(عليه السّلام) في السّنة الّتي خرج فيها إبراهيم بن عبداللّه بن الحسن(1)فقال له: جعلت فداك إنّ هذا قد آلف الكلام وسارع الناس إليه، فما الّذي تأمر به ؟

فقال: اتّقوا اللّه واسكنوا ما سكنت السماء والارض.

قال: وكان عبداللّه بن بكير يقول: واللّه لئن كان عبيد بن زرارة صادقا فما من خروج وما من قائم.

قال: فقال لي أبو الحسن (عليه السّلام): الحديث على ما رواه عبيد، وليس على ما تأوّله عبداللّه بن بكير، إنّما عنى أبو عبداللّه (عليه السّلام) بقوله: ما سكنت السماء من النداء باسم صاحبك، وما سكنت الأرض من الخسف بالجيش(2).

6112 - الإرشاد: الحسين بن سعيد(3)، عن منذر الجوزيّ ، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: يزجر الناس قبل قيام القائم (عليه السّلام) عن معاصيهم بنار تظهر (لهم) في السماء وحمرة تجلل السماء، وخسف ببغداد، وخسف ببلدة البصرة، ودماء تسفك بها، وخراب دورها، وقناء يقع في أهلها، وشمول أهل العراق خوفا(4)لايكون لهم معه قرار(5).

ص:690


1- (1) - هو ابراهيم بن عبداللّه بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليهما السّلام) المعروف بقتيل باخمرى. (معجم رجال الحديث).
2- (2) - معاني الاخبار: ص 266 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 189.
3- (3) - الحسين بن زيد - البحار.
4- (4) - خوف - البحار.
5- (5) - الارشاد: ص 361. منه البحار: ج 52 ص 221.

باب (40) الصيحة السماوية

6113 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا عليّ بن الحسن، عن العباس بن عامر بن رباح الثقفي، عن عبداللّه بن بكير، عن زرارة بن أعين قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: ينادي مناد من السماء إنّ فلانا هو الامير، وينادي مناد إنّ عليا وشيعته [هم] الفائزون.

قلت: فمن يقاتل المهديّ بعد هذا؟

فقال: إنّ الشيطان ينادي: إنّ فلانا وشيعته [هم] الفائزون - لرجل من بني اميّة -.

قلت: فمن يعرف الصادق من الكاذب ؟

قال: يعرفه الّذين كانوا يروون حديثنا ويقولون إنّه يكون قبل أن يكون، ويعلمون أنّهم هم المحقّون الصادقون(1).

6114 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا علي بن الحسن التيملي، عن الحسن بن عليّ بن يوسف، عن المثنّى، عن زرارة بن أعين قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام):

عجبت أصلحك اللّه وإنّي لاعجب من القائم كيف يقاتل مع ما يرون من العجائب: من خسف البيداء بالجيش، ومن النداء الّذي يكون من السماء؟

ص:691


1- (1) - غيبة النعماني: ص 264 ح 28. منه البحار: ج 52 ص 294.

فقال: إنّ الشيطان لا يدعهم حتّى ينادي كما نادى برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوم العقبة(1).

6115 - إكمال الدين: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن جعفر بن بشير، عن هشام بن سالم، عن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ينادي مناد باسم القائم (عليه السّلام).

قلت: خاصّ أو عامّ؟

قال: عامّ يسمع كل قوم بلسانهم.

قلت: فمن يخالف القائم (عليه السّلام) وقد نودي باسمه ؟

قال: لايدعهم إبليس حتّى ينادي [في آخر اللّيل] فيشكك الناس(2).

البحار - بيان: الظاهر «في آخر النهار» كما سيأتي في الأخبار ولعلّه من النسّاخ ولم يكن في بعض النسخ في آخر اللّيل أصلا.

6116 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عبداللّه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن زرارة قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): النداء حقّ؟

قال: إي واللّه، حتّى يسمعه كلّ قوم بلسانهم.

وقال (عليه السّلام): لايكون هذا الامر حتّى يذهب تسعة أعشار

ص:692


1- (1) - غيبة النعماني: ص 264 ح 29. منه البحار: ج 52 ص 295.
2- (2) - اكمال الدين: ص 650 ح 8. منه البحار: ج 52 ص 205.

الناس(1).

6117 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضّال، عن أبي جميلة، عن محمّد بن عليّ الحلبيّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: اختلاف بني العباس من المحتوم، والنداء من المحتوم، وخروج القائم من المحتوم.

قلت: وكيف النداء؟

قال: ينادي مناد من السماء أوّل النهار: ألا إنّ عليا وشيعته هم الفائزون.

قال: وينادي مناد [في] آخر النّهار: ألا إنّ عثمان وشيعته هم الفائزون(2).

6118 - غيبة الطوسي: الفضل، عن ابن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: خروج القائم من المحتوم، قلت: وكيف يكون النداء؟

قال: ينادي مناد من السماء أوّل النهار: ألا إنّ الحقّ في عليّ وشيعته، ثمّ ينادي إبليس في آخر النهار: ألا إنّ الحقّ في عثمان وشيعته، فعند ذلك يرتاب المبطلون(3).

6119 - غيبة النعماني: اخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا محمّد بن عبداللّه، عن محمد بن أبي عمير، عن هشام بن سالم قال: قلت لابي عبداللّه (عليه

ص:693


1- (1) - غيبة النعماني: ص 274 ح 54. منه البحار: ج 52 ص 244.
2- (2) - الكافي: ج 8 ص 310 ح 484.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 274. منه البحار: ج 52 ص 290.

السّلام): إنّ الجريريّ أخا إسحاق يقول لنا: إنّكم تقولون: هما نداءان فأيّهما الصادق من الكاذب ؟

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): قولوا له: إنّ الّذي أخبرنا بذلك - وأنت تنكر أنّ هذا يكون - هو الصادق(1).

6120 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد، بهذا الاسناد، عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: هما صيحتان: صيحة في أوّل اللّيل، وصيحة في آخر اللّيلة الثانية.

قال: فقلت: كيف ذلك ؟

فقال: واحدة من السماء، وواحدة من إبليس.

فقلت: وكيف تعرف هذه من هذه ؟

فقال: يعرفها من كان سمع بها قبل أن تكون(2).

6121 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن علي ماجيلويه (رضي اللّه عنه)، عن عمّه محمد بن أبي القاسم، عن محمد بن علي الكوفي، عن أبيه، عن أبي المغرا، عن المعلّى بن خنيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: صعوت جبرئيل من السماء، وصوت إبليس من الارض، فاتّبعوا الصوت الاوّل، وإيّاكم والاخير أن تفتنوا به(3).

6122 - الكافي: أبو عليّ الأشعريّ ، عن محمد بن عبدالجبّار،

ص:694


1- (1) - غيبة النعماني: ص 265 ح 30. منه البحار: ج 52 ص 295.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 265 ح 31. منه البحار: ج 52 ص 295.
3- (3) - اكمال الدين: ص 652 ح 13. منه البحار: ج 52 ص 206.

عن ابن فضّال، والحجّال جميعا، عن ثعلبة، عن عبدالرحمن بن مسلمة الجريريّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): يوبّخونا ويكذّبونا انّا نقول: إنّ صيحتين تكونان، يقولون: من أين تعرف المحقّة من المبطلة إذا كانتا؟

قال: فماذا تردّون عليهم ؟

قلت: ما نردّ عليهم شيئا.

قال: قولوا: يصدّق بها إذا كانت من كان يؤمن بها من قبل إنّ اللّه (عزّوجلّ ) يقول: (أَ فَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاٰ يَهِدِّي إِلاّٰ أَنْ يُهْدىٰ فَمٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ) (1).

غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا علي ابن الحسن التيملي، عن أبيه، عن محمد بن خالد، عن ثعلبة بن ميمون، عن عبدالرحمن بن مسلمة الجريري نحوه(2).

6123 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسين بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن حمّاد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر، عن أبي أيّوب، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

الصيحة الّتي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان(3).

6124 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

ص:695


1- (1) - الكافي: ج 8 ص 208 ح 252، والآية في سورة يونس 10:35.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 266 ح 32.
3- (3) - اكمال الدين: ص 650 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 204.

حدثنا علي بن الحسن التيملي قال: حدثنا عمرو بن عثمان، عن الحسن بن محبوب، عن عبداللّه بن سنان، قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فسمعت رجلا من همدان يقول له: إنّ هؤلاء العامّة يعيّرونا ويقولون لنا: إنّكم تزعمون أنّ مناديا ينادي من السماء باسم صاحب هذا الامر، - وكان متّكئا - فغضب وجلس ثمّ قال:

لاترووه عنّي وارووه عن أبي، ولا حرج عليكم في ذلك، أشهد أنّي قد سمعت أبي (عليه السّلام) يقول: واللّه إنّ ذلك في كتاب اللّه (عزّوجلّ ) لبيّن حيث يقول: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمٰاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنٰاقُهُمْ لَهٰا خٰاضِعِينَ ) (1).

فلا يبقى في الارض يومئذ أحد إلاّ خضع وذلّت رقبته لها فيؤمن أهل الارض إذا سمعوا الصوت من السماء: ألا إنّ الحقّ في عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وشيعته.

قال: فاذا كان الغد صعد إبليس في الهواء حتّى يتواري عن أهل الارض، ثمّ ينادي: ألا إنّ الحقّ في عثمان بن عفّان وشيعته، فإنّه قتل مظلوما فاطلبوا بدمه، قال: فيثبّت اللّه الّذين آمنوا بالقول الثابت على الحقّ وهو النداء الاوّل، ويرتاب يومئذ الّذين في قلوبهم مرض، والمرض واللّه عداوتنا، فعند ذلك يتبرّؤون منّا ويتناولونا فيقولون: إنّ المنادي الاول سحر من سحر أهل [هذا] البيت، ثمّ تلا أبو عبداللّه (عليه السّلام) قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ) (2).

ص:696


1- (1) - الشعراء 26:4.
2- (2) - القمر 54:2.

قال: وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا محمد بن المفضل بن ابراهيم وسعدان بن اسحاق بن سعيد واحمد بن الحسين بن عبدالملك ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني جميعا، عن الحسن بن محبوب، عن عبداللّه بن سنان مثله سواء بلفظه(1).

غيبة النعماني: قال: وحدثنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا القاسم بن محمد بن الحسن بن حازم قال: حدثنا عبيس بن هشام الناشري، عن عبداللّه بن جبلة، عن عبدالصمد بن بشير، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) وقد سأله عمارة الهمدانيّ فقال له: أصلحك اللّه إنّ ناسا يعيّرونا ويقولون إنّكم تزعمون أنّه [سيكون] صوت من السماء.

فقال له: لاترو عنّي واروه عن أبي كان أبي يقول.... وذكر قريبا من ذلك(2).

6125 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا عليّ بن الحسن، عن أبيه، عن أحمد بن عمر الحلبيّ ، عن الحسين بن موسى، عن فضيل بن محمّد مولى محمد بن راشد البجلي، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: أما إنّ النداء [الاوّل] من السماء باسم القائم في كتاب اللّه لبيّن.

فقلت: فأين هو أصلحك اللّه ؟

فقال: في (طسم * تِلْكَ آيٰاتُ الْكِتٰابِ الْمُبِينِ ) (3).

ص:697


1- (1) - غيبة النعماني: ص 260 ح 19.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 261 ح 20. منه البحار: ج 52 ص 292 و 293.
3- (3) - الشعراء 26:1 و 2.

قوله: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمٰاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنٰاقُهُمْ لَهٰا خٰاضِعِينَ ) قال: إذا سمعوا الصوت أصبحوا وكأنّما على رؤوسهم الطير(1).

6126 - تفسير العياشي: عن عجلان أبي صالح قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لا تمضي الايّام واللّيالي حتّى ينادي مناد من السماء: يا أهل الحقّ اعتزلوا يا أهل الباطل اعتزلوا فيعزل هؤلاء من هؤلاء، ويعزل هؤلاء من هؤلاء.

قال: قلت: أصلحك اللّه يخالط هؤلاء وهؤلاء بعد ذلك النداء؟

قال: كلاّ إنّه يقول في الكتاب: (مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلىٰ مٰا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّٰى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (2).

6127 - غيبة النعماني: أخبرنا محمد بن همام قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري قال: حدثني موسى بن جعفر بن وهب قال: حدثني الحسن بن علي الوشاء، عن عبّاس بن عبداللّه(3)، عن داود بن سرحان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: العام الّذي فيه الصّيحة قبله الآية في رجب.

قلت: وما هي ؟

ص:698


1- (1) - غيبة النعماني: ص 263 ح 23. منه البحار: ج 52 ص 293.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 207 ح 157، والآية في سورة آل عمران 3:179. منه البحار: ج 52 ص 222.
3- (3) - عباس بن عبيداللّه - البحار.

قال: وجه يطلع في القمر، ويد بارزة(1).

6128 - غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشي قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثني محمد بن سنان، عن حذيفة بن منصور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إنّ للّه مائدة - وفي غير هذه الرواية مأدبة - بقرقيساء(2) يطلع مطّلع من السماء فينادي: يا طير السّماء ويا سباع الارض هلمّوا إلى الشّبع من لحوم الجبّارين(3).

6129 - غيبة النعماني: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق قال: حدثنا عبداللّه بن حماد الانصاري، عن أبي بصير، قال: حدثنا أبو عبداللّه (عليه السّلام) [وقال:] ينادى باسم القائم: يا فلان بن فلان قم(4).

6130 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد (بن محمد بن سعيد) قال:

حدثنا عليّ بن الحسن التيمليّ من كتابه في رجب سنة سبع وسبعين ومائتين، قال: حدثنا محمد بن عمر بن يزيد بياع السابري ومحمد بن الوليد بن خالد الخزّاز جميعا، عن حماد بن عثمان(5)، عن عبداللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّه ينادي باسم

ص:699


1- (1) - غيبة النعماني: ص 252 ح 10. منه البحار: ج 52 ص 233.
2- (2) - المأدبة: طعام صنع لدعوة أو عرس (أقرب الموارد). وقرقيساء - بالكسر ويقصر -: بلدة على الفرات (القاموس).
3- (3) - غيبة النعماني: ص 278 ح 63. منه البحار: ج 52 ص 246.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 279 ح 64. منه البحار: ج 52 ص 246.
5- (5) - عن حماد بن عيسى - البحار.

صاحب هذا الامر مناد من السماء: ألاإنّ الأمر لفلان بن فلان ففيم القتال(1)6131 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي، قال: حدثنا إبراهيم بن إسحاق النهاوندي بنهاوند سنة ثلاث وسبعين ومائتين، قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد الأنصاريّ في شهر رمضان سنة تسع وعشرين ومائتين، عن عبداللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لا يكون هذا الامر الّذي تمدون إليه أعناقكم، حتّى ينادي مناد من السّماء: ألا إنّ فلانا صاحب الامر فعلى م القتال ؟(2).

6132 - غيبة النعماني: اخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا محمد بن المفضل بن ابراهيم وسعدان بن اسحاق بن سعيد، واحمد بن الحسين بن عبدالملك، ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني، قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب الزراد قال: حدثنا عبداللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: يشمل الناس موت وقتل حتّى يلجأ الناس عند ذلك إلى الحرم، فينادي مناد صادق من شدّة القتال: فيم القتل والقتال ؟ صاحبكم فلان(3).

6133 - تأويل الآيات الظاهرة: قال (محمّد بن العبّاس)، حدثنا الحسين بن أحمد، عن محمدبن عيسى، عن يونس، قال: حدثنا صفوان ابن يحيي، عن أبي عثمان، عن معلّى بن خنيس، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): انتظر وا الفرج في ثلاث.

ص:700


1- (1) - غيبة النعماني: ص 266 ح 33. منه البحار: ج 52 ص 296.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 266 ح 34. منه البحار: ج 52 ص 296.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 267 ح 35. منه البحار: ج 52 ص 296.

قيل: وماهنّ؟

قال: اختلاف أهل الشام بينهم، والرايات السود من خراسان، والفزعة في شهر رمضان.

فقيل له: وما الفزعة في شهر رمضان ؟

قال: أما سمعتم قول اللّه (عزّوجلّ ) في القران: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمٰاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنٰاقُهُمْ لَهٰا خٰاضِعِينَ ) ؟(1) قال: إنّه يخرج الفتاة من خدرها ويستيقظ النائم ويفزع اليقظان(2).

6134 - غيبة الطوسي: أخبرنا الحسين بن عبيداللّه، عن أبي جعفر محمد بن سفيان البزوفريّ ، عن أحمد بن إدريس، عن علي بن محمد بن قتيبة النيشابوري، عن الفضل بن شاذان النيشابوري، عن الحسن بن علي بن فضّال، عن المثنّى الحنّاط، عن الحسن بن زياد الصيقل قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: إنّ القائم لايقوم حتّى ينادي مناد من السماء تسمع الفتاة في خدرها، ويسمع أهل المشرق والمغرب، وفيه نزلت هذه الآية: (إِنْ نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمٰاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنٰاقُهُمْ لَهٰا خٰاضِعِينَ ) (3).

6135 - غيبة النعماني: أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشيّ قال: حدثني محمّد بن الحسين ابن أبي الخطّاب، عن محمّد بن سنان، عن حريز، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول:

ص:701


1- (1) - الشعراء 26:4.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 1 ص 387 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 285.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 110. منه البحار: ج 52 ص 285.

لا تذهب الدّنيا حتّى ينادي مناد من السّماء: «يا أهل الحقّ اجتمعوا» فيصيرون في صعيد واحد، ثمّ ينادي مرّة اخرى: «يا أهل الباطل اجتمعوا» فيصيرون في صعيد واحد.

قلت: فيستطيع هؤلاء أن يدخلوا في هؤلاء؟

قال: لا واللّه وذلك قول اللّه (عزّوجلّ ): (مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلىٰ مٰا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتّٰى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ) (1).

6136 - البحار: كتاب (سرور أهل الايمان) عن السيد علي بن عبدالحميد، باسناده عن الحسين بن أبي العلاء، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سألته عن رجب ؟

قال: ذلك شهر كانت الجاهليّة تعظّمه، وكانوا يسمّونه الشهر الاصمّ .

قلت: شعبان.

قال: تشعّبت فيه الأمور.

قلت: رمضان.

قال: شهر اللّه تعالى، وفيه ينادى باسم صاحبكم واسم أبيه.

قلت: فشوّال.

قال: فيه يشول أمر القوم.

قلت: فذو القعدة ؟

قال: يقعدون فيه.

قلت: فذو الحجّة ؟

ص:702


1- (1) - غيبة النعماني: ص 320 ح 9، والآية في سورة آل عمران 3:179. منه البحار: ج 52 ص 365.

قال ذلك شهر الدّم.

قلت: فالمحرّم ؟

قال: يحرّم فيه الحلال ويحلّ فيه الحرام.

قلت: صفر وربيع ؟

قال: فيها خزي فظيع، وأمر عظيم.

قلت: جمادي ؟

قال: فيها الفتح من أوّلها إلى آخرها(1).

باب (41) متى يقوم الإمام المهدي عليه السّلام

6137 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: السبت لنا، والاحد لشيعتنا، والاثنين لأعدائنا، والثلاثاء لبني اميّة، والاربعاء يوم شرب الدواء، والخميس تقضى فيه الحوائج، والجمعة للتنظّف والتطيّب، وهو عيد المسلمين وهو أفضل من الفطر والأضحى، ويوم الغدير أفضل الأعياد، وهو ثامن عشر من ذي الحجّة وكان يوم الجمعة، ويخرج قائمنا أهل البيت (سلام اللّه عليه) يوم الجمعة، وتقوم القيامة يوم الجمعة، وما من عمل يوم الجمعة أفضل من الصلاة على محمّد وآله(2).

ص:703


1- (1) - البحار: ج 52 ص 272 ح 165.
2- (2) - الخصال: ص 394 ح 101. منه البحار: ج 52 ص 279.

6138 - غيبة النعماني: محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مالك الفزاري الكوفي قال: حدثنا محمد بن أحمد، عن محمد بن سنان، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا كان ليلة الجمعة أهبط الربّ (تبارك وتعالى) ملكا إلى السماء الدّنيا، فاذا طلع الفجر جلس ذلك الملك على العرش فوق البيت المعمور ونصب لمحمّد وعليّ والحسن والحسين (عليهم السّلام) منابر من نور [عند البيت المعمور](1) فيصعدون عليها وتجمع لهم الملائكة والنبيّون والمؤمنون وتفتح أبواب السماء، فاذا زالت الشمس قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله): يا ربّ ميعادك الّذي وعدت به في كتابك وهو هذه الآية (وَعَدَ اللّٰهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَ عَمِلُوا الصّٰالِحٰاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) (2) الآية ثمّ يقول الملائكة والنبيّون مثل ذلك ثمّ يخرّ محمد وعليّ والحسن والحسين سجّدا ثمّ يقولون: يا ربّ اغضب فانّه قد هتك حريمك، وقتل اصفياؤك واذلّ عبادك الصالحون، فيفعل اللّه ما يشاء وذلك وقت معلوم(3).

6129 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن محمد بن عليّ الكوفيّ ، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ القائم (صلوات اللّه عليه) ينادي باسمه ليلة ثلاث وعشرين ويقوم يوم عاشورا يوم قتل فيه الحسين بن عليّ (عليهم

ص:704


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - النور 24:55.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 276 ح 56. منه البحار: ج 52 ص 297.

السّلام)(1).

6140 - غيبة النعماني: حدثنا ابو سليمان أحمد بن هوذة الباهلي قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حماد الانصاري، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: يقوم القائم يوم عاشوراء(2).

6141 - الإرشاد: روي الحسن بن محبوب، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لايخرج القائم إلاّ في وتر من السنين سنة إحدي أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع(3).

6142 - المهذب البارع: حدثني المولى السيد المرتضى العلاّمة بهاء الدين علي بن عبدالحميد النسابة ما رواه بإسناده الى المعلّى بن خنيس، عن الصادق (عليه السّلام) [قال]: إنّ يوم النيروز هو اليوم الّذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت، وولاة الأمر، ويظفّره اللّه تعالى بالدّجال، فيصلبه على كناسة الكوفة، وما من يوم نيروز إلاّ ونحن نتوقّع فيه الفرج، لانّه من أيّامنا حفظته الفرس وضيّعتموه(4).

***

ص:705


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 274. منه البحار: ج 52 ص 290.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 282 ح 68. منه البحار: ج 52 ص 297.
3- (3) - الإرشاد: ص 361. منه البحار: ج 52 ص 291.
4- (4) - المهذب البارع: ج 1 ص 194. منه البحار: ج 52 ص 308.

باب (42) أصحاب الإمام المهدي عليه السّلام

6143 - إكمال الدين: حدثنا علي بن محمد ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عمّي محمد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبداللّه الكوفيّ (1)، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لقد نزلت هذه الآية في المفتقدين من أصحاب القائم (عليه السّلام) قوله (عزّوجلّ ): (أَيْنَ مٰا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّٰهُ جَمِيعاً) (2) إنّهم ليفتقدون عن فرشهم ليلا، فيصبحون بمكة وبعضهم يسير في السحاب (نهارا) يعرف باسمه واسم أبيه وحليته ونسبه.

قال: فقلت: جعلت فداك أيّهم أعظم إيمانا؟

قال: الّذي يسير في السحاب نهارا(3).

6144 - البحار: عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كأنّي أنظر إلى القائم (عليه السّلام) وأصحابه في نجف الكوفة كأنّ على رؤسهم الطير قد فنيت أزوادهم وخلقت ثيابهم، قد أثّر السجود بجباههم ليوث بالنهار، رهبان باللّيل كأنّ قلوبهم زبر الحديد، يعطى الرّجل منهم قوّة أربعين رجلا لايقتل أحدا منهم إلاّ كافر أو منافق وقد وصفهم اللّه تعالى بالتوسّم في كتابه العزيز بقوله: (إِنَّ فِي ذٰلِكَ

ص:706


1- (1) - البرقي - البحار. والظاهر انه الصحيح.
2- (2) - البقرة 2:148.
3- (3) - اكمال الدين: ص 672 ح 24. منه البحار: ج 52 ص 286.

لَآيٰاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ) (1).

6145 - غيبة النعماني: أخبرنا عليّ بن أحمد البندنيجي، عن عبيداللّه بن موسى العلوي، عمّن رواه، عن جعفر بن يحيي، عن أبيه، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنّه قال: كيف أنتم لو ضرب أصحاب القائم (عليه السّلام) الفساطيط(2) في مسجد كوفان، ثمّ يخرج إليهم المثال المستأنف أمر جديد، على العرب شديد(3).

أقول: قوله (عليه السّلام): «.. ثم يخرج إليهم المثال المستأنف...» الى اخره، لعلّ معناه: القضية المستغربة التي يسير عليها (عليه السّلام) ويستأنفها أصحابه (عليه السّلام) وهو امر جديد، على العرب شديد. وقد فسر - في حديث آخر - بذبح من يستحق الذبح. واللّه العالم.

6146 - غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار قال: حدثنا محمد بن حسّان الرازيّ قال:

حدثنا محمّد بن عليّ الكوفيّ ، قال: حدثنا عبداللّه بن محمّد الحجّال، عن علي بن عقبة بن خالد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: كأنّي بشيعة عليّ في أيديهم المثاني يعلّمون الناس [المستأنف](4).

ص:707


1- (1) - البحار: ج 52 ص 386 ح 202، والآية في سورة الحجر 15:75.
2- (2) - الفسطاط: البيت من الشعر فوق الخباء، والجمع فساطيط. (مجمع البحرين).
3- (3) - غيبة النعماني: ص 319 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 365.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 318 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 364.

6147 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن عليّ ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عمّي محمّد بن أبي القاسم، عن أحمد بن أبي عبداللّه الكوفي، عن أبيه، عن محمّد بن سنان، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كأنّي أنظر إلى القائم (عليه السّلام) على منبر الكوفة وحوله أصحابه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر، وهم أصحاب الألوية وهم حكام اللّه في أرضه على خلقه، حتّى يستخرج من قبائه كتابا مختوما بخاتم من ذهب عهد معهود من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيجفلون(1) عنه إجفال الغنم إليكم، فلا يبقى منهم إلاّ الوزير وأحد عشر نقيبا كما بقوا مع موسى بن عمران (عليه السّلام).

فيجولون في الارض فلا يجدون عنه مذهبا، فيرجعون إليه واللّه إنّي لاعرف الكلام الّذي يقوله لهم فيكفرون به(2).

6148 - غيبة النعماني: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهليّ قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد الانصاري، عن عبداللّه بن بكير، عن أبان بن تغلب قال: كنت مع جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) في مسجد بمكة وهو آخذ بيدي فقال: يا أبان سيأتي اللّه بثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا في مسجدكم هذا، يعلم أهل مكة أنّه لم يخلق آباؤهم ولا أجدادهم بعد، عليهم السيوف مكتوب على كلّ سيف اسم الرّجل واسم أبيه وحليته ونسبه ثمّ يأمر مناديا فينادي: هذا المهديّ يقضي بقضاء داود وسليمان

ص:708


1- (1) - انجفل القوم: أي هربوا مسرعين (أقرب الموارد).
2- (2) - اكمال الدين: ص 672 ح 25. منه البحار: ج 52 ص 326.

لا يسأل على ذلك بيّنة(1).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «يعلم أهل مكة». لعلّه كناية عن أنّهم لا يعرفونهم بوجه.

6149 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا عليّ بن الحسن التيمليّ قال: حدثنا الحسن ومحمّد ابنا عليّ بن يوسف، عن سعدان بن مسلم، عن رجل، عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا اذن الامام دعا اللّه باسمه العبرانيّ فاتيحت له صحابته الثلاثمائة وثلاثة عشر قزع كقزع الخريف فهم أصحاب الألوية، منهم من يفقد من فراشه ليلا فيصبح بمكة، ومنهم من يري يسير في السحاب نهارا يعرف بأسمه واسم أبيه وحليته ونسبه.

قلت: جعلت فداك أيّهم أعظم إيمانا؟

قال: الّذي يسير في السحاب نهارا وهم المفقودون وفيهم نزلت هذه الآية (أَيْنَ مٰا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّٰهُ جَمِيعاً) (2).

تفسير العياشي: عن المفضّل بن عمر قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(3).

6150 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن محمد بن علي، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كان أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول: لايزال الناس ينقصون

ص:709


1- (1) - غيبة النعماني: ص 313 ح 5. منه البحار: ج 52 ص 369.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 312 ح 3، والآية في سورة البقرة 2:148.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 1 ص 67 ح 118. منهما البحار: ج 52 ص 368.

حتّى لايقال: «اللّه»، فاذا كان ذلك ضرب يعسوب الدّين بذنبه، فيبعث اللّه قوما من أطرافها، يجيئون قزعا كقزع الخريف واللّه إنّي لأعرفهم وأعرف أسماءهم وقبائلهم واسم أميرهم، وهم قوم يحملهم اللّه كيف شاء، من القبيلة الرّجل والرّجلين - حتّى بلغ تسعة - فيتوافون من الآفاق ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا عدّة أهل بدر، وهو قول اللّه:

(أَيْنَ مٰا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللّٰهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّٰهَ عَلىٰ كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ) حتّى أنّ الرجل ليحتبي(1) فلا يحلّ حبوته حتّى يبلغه اللّه ذلك(2).

البحار - بيان: قال الجزريّ : اليعسوب السيّد والرئيس والمقدّم أصله فحل النحل. ومنه حديث على إنّه ذكر فتنة فقال: إذا كان ذلك ضرب يعسوب الدّين بذنبه أي فارق أهل الفتنة، وضرب في الأرض ذاهبا في أهل دينه، وأتباعه الّذين يتّبعونه على رأيه وهم الاذناب، وقال الزمخشريّ : الضرب بالذّنب هاهنا مثل للاقامة والثبات، يعني أنّه يثبت هو ومن تبعه على الدّين.

6151 - مجمع البيان: قيل: إنّ الأمّة المعدودة هم أصحاب المهديّ (عجّل اللّه فرجه) في آخر الزمان، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا كعدّة أهل بدر يجتمعون في ساعة واحدة كما يجتمع قزع الخريف(3)، وهو المرويّ عن أبي جعفر وأبي عبداللّه (عليهما السّلام)(4).

6152 - شرح الاخبار: عن جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه

ص:710


1- (1) - حبوت الرجل حباء: أعطيته الشيء بغير عوض. (مجمع البحرين).
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 284. منه البحار: ج 52 ص 334.
3- (3) - القزع: قطع من السحاب متفرّقة صغار. (أقرب الموارد).
4- (4) - مجمع البيان: ج 3 ص 144. منه البحار: ج 9 ص 102.

قال لقوم من أهل الكوفة: انصارنا غيركم، ما يقوم مع قائمنا من أهل الكوفة الاّ خمسون رجلا، وما من بلدة إلاّ ومعه منهم طائفة الاّ أهل البصرة فانه لايخرج معه منهم انسان(1).

6153 - الخصال: حدثنا أبي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا سعد ابن عبداللّه قال: حدثنا يعقوب بن يزيد، عن مصعب بن يزيد، عن العوام ابن الزّبير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): يقبل القائم (عليه السّلام) في خمسة وأربعين رجلا من تسعة أحياء: من حي رجل، ومن حيّ رجلان، ومن حيّ ثلاثة، ومن حيّ أربعة، ومن حيّ خمسة، ومن حيّ ستّة، ومن حيّ سبعة، ومن حيّ ثمانية، ومن حيّ تسعة، ولا يزال كذلك حتّى يجتمع له العدد(2).

6154 - إكمال الدين: حدثنا الحسين بن أحمد بن إدريس (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا أبي، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن أبي أيّوب، عن أبي بصير قال: سأل رجل من أهل الكوفة أبا عبداللّه (عليه السّلام) كم يخرج مع القائم (عليه السّلام) فانّهم يقولون إنّه يخرج معه مثل عدّة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا؟

قال: وما يخرج إلاّ في اولي قوّة، وما يكون اولو القوّة أقلّ من عشرة آلاف(3).

البحار - بيان: المعنى أنّه (عليه السّلام) لا تنحصر أصحابه في

ص:711


1- (1) - شرح الاخبار: ج 3 ص 266 ح 1238.
2- (2) - الخصال: ص 424 ح 26. منه البحار: ج 52 ص 309.
3- (3) - اكمال الدين: ص 654 ح 20. منه البحار: ج 52 ص 323.

الثلاثمائة وثلاثة عشر، بل هذا العدد هم المجتمعون عنده في بدو خروجه.

6155 - أمالي المفيد: أخبرنا الشيخ الاجلّ المفيد أبو عبداللّه محمّد بن محمّد بن النعمان قال: أخبرني أبو بكر محمد بن عمر الجعابيّ قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمّد بن سعيد قال: حدثنا عمر بن عيسى بن عثمان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا خالد بن عامر ابن عبّاس، عن محمّد بن سويد الأشعريّ قال: دخلت أنا وفطر بن خليفة على جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فقرّب إلينا تمرا فأكلنا وجعل يناول فطرا منه، ثمّ قال له: كيف الحديث الذي حدّثتني عن أبي الطفيل (رحمه اللّه) في الابدال ؟

فقال فطر: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت عليّا أمير المؤمنين (عليه السّلام) يقول: الابدال من أهل الشّام والنّجباء من أهل الكوفة.

يجمعهم اللّه لشرّ يوم لعدوّنا.

فقال جعفر الصادق (عليه السّلام): رحمكم اللّه، بنا يبدأ البلاء ثمّ بكم، وبنا يبدأ الرّخاء ثمّ بكم، رحم اللّه من حبّبنا الى الناس ولم يكرهنا إليهم(1).

6156 - إكمال الدين: حدثنا جعفر بن محمّد بن مسرور (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا الحسين بن محمّد بن عامر، عن عمّه عبداللّه بن عامر، عن محمّد بن أبي عمير، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما كان قول لوط (عليه السّلام)

ص:712


1- (1) - أمالي المفيد: ص. 3 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 347.

لقومه (لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ) (1) إلاّ تمنّيا لقوّة القائم (عليه السّلام) ولا ذكر إلاّ شدّة أصحابه، وانّ الرّجل منهم ليعطى قوّة أربعين رجلا، وإنّ قلبه لاشدّ من زبر الحديد، ولو مرّوا بجبال الحديد لقلعوها، ولا يكفّون سيوفهم حتّى يرضى اللّه (عزّوجلّ )(2).

6157 - البحار: السيد علي بن عبدالحميد بالاسناد يرفعه إلى الفضيل بن يسار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: له كنز بالطالقان ما هو بذهب، ولا فضة، وراية لم تنشر منذ طويت، ورجال كأنّ قلوبهم زبر الحديد لايشوبها شك في ذات اللّه أشدّ من الحجر، لو حملوا على الجبال لأزالوها، لايقصدون براياتهم بلدة إلاّ خرّبوها، كأنّ على خيولهم العقبان يتمسّحون بسرج الإمام (عليه السّلام) يطلبون بذلك البركة، ويحفّون به يقونه بأنفسهم في الحروب، ويكفونه ما يريد فيهم.

رجال لاينامون اللّيل، لهم دويّ في صلاتهم كدويّ النحل، يبيتون قياما على أطرافهم، ويصبحون على خيولهم، رهبان باللّيل ليوث بالنهار، هم أطوع له من الامة لسيّدها، كالمصابيح كأنّ قلوبهم القناديل، وهم من خشية اللّه مشفقون يدعون بالشهادة، ويتمنّون أن يقتلوا في سبيل اللّه، شعارهم: يا لثارات الحسين، إذا ساروا يسير الرّعب أمامهم مسيرة شهر يمشون إلى المولى إرسالا، بهم ينصر اللّه

ص:713


1- (1) - هود 11:80.
2- (2) - إكمال الدين: ص 673 ح 6. منه البحار: ج 52 ص 327.

إمام الحق(1).

6158 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا عليّ بن الحسن بن فضال قال: حدثنا محمد بن حمزة ومحمّد بن سعيد، قالا: حدثنا حماد بن عثمان(2)، عن سليمان ابن هارون العجليّ قال: قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: انّ صاحب هذا الآمر محفوظ له اصحابه، لو ذهب الناس جميعا أتى اللّه له بأصحابه وهم الّذين قال اللّه (عزّوجلّ ): (فَإِنْ يَكْفُرْ بِهٰا هٰؤُلاٰءِ فَقَدْ وَكَّلْنٰا بِهٰا قَوْماً لَيْسُوا بِهٰا بِكٰافِرِينَ ) (3) وهم الّذين قال اللّه فيهم: (فَسَوْفَ يَأْتِي اللّٰهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَ يُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكٰافِرِينَ ) (4).

6159 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن عبدالرحمان بن أبي هاشم، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أصحاب موسى(5) ابتلوا بنهر وهو قول اللّه (عزّوجلّ ): (إِنَّ اللّٰهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) (6) وإنّ أصحاب القائم يبتلون بمثل

ص:714


1- (1) - البحار: ج 52 ص 307 ح 82.
2- (2) - عثمان بن حماد - البحار.
3- (3) - الانعام 6:89.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 316 ح 12. والآية الثانية في سورة المائدة 5:54. منه البحار: ج 52 ص 370.
5- (5) - هكذا في المصدر والظاهر أنّه تصحيف والصحيح: إن أصحاب طالوت ابتلوا بنهر كما جاء ذلك في القرآن الكريم وسيأتي في الحديث التالي كذلك.
6- (6) - البقرة 2:249.

ذلك(1).

6160 - غيبة النعماني: حدّثنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار، عن محمّد بن حسان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي قال: حدثنا عبدالرحمن بن أبي هاشم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ أصحاب طالوت ابتلوا بالنّهر الذي قال اللّه تعالى: (مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ) وإنّ أصحاب القائم (عليه السّلام) يبتلون بمثل ذلك(2).

6161 - غيبة النعماني: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة قال:

حدثنا أبو اسحاق ابراهيم بن اسحاق النهاونديّ قال: حدثني عبداللّه ابن حماّد الأنصاري، عن محمّد بن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام)، عن أبيه (عليه السّلام) قال: إذا قام القائم بعث في أقاليم الأرض في كلّ إقليم رجلا يقول: عهدك في كفّك، فإذا ورد عليك أمر لا تفهمه ولا تعرف القضاء فيه، فانظر إلى كفّك واعمل بما فيها.

قال: ويبعث جندا إلى القسطنطينيّة فإذا بلغوا [الى] الخليج كتبوا على أقدامهم شيئا ومشوا على الماء فإذا نظر إليهم الرّوم يمشون على الماء قالوا: هؤلاء أصحابه يمشون على الماء فكيف هو!! فعند ذلك يفتحون لهم أبواب المدينة فيدخلونها فيحكمون فيها ما يشاؤون(3).

6162 - الاختصاص: جعفر بن محمّد بن مالك الكوفي، عن أحمد بن المؤدب من ولد الاشتر عن محمّد بن عمّار الشعراني، عن

ص:715


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 282.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 316 ح 13. منهما البحار: ج 52 ص 332.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 319 ح 8. منه البحار: ج 52 ص 365.

أبيه، عن أبي بصير قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) وعنده رجل من أهل خراسان، وهو يكلّمه بلسان لا أفهمه، ثمّ رجع إلى شيء فهمته فسمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: اركض برجلك الأرض فاذا بحر تلك(1) الارض على حافتيها فرسان، قد وضعوا رقابهم على قرابيس سروجهم، فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

هؤلاء [من] أصحاب القائم (عليه السّلام)(2).

باب (43) يظهر الإمام المهدي عليه السّلام وهو شاب

6163 - غيبة الطوسي: روي أبو علي محمّد بن همام، عن جعفر بن محمّد بن مالك، عن عمر بن طرخان، عن محمّد بن إسماعيل، عن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ وليّ اللّه يعمّر عمر إبراهيم الخليل عشرين ومائة سنة، ويظهر في صورة فتى موفّق ابن ثلاثين سنة(3).

6164 - غيبة النعماني: حدثنا علي بن الحسين المسعودي قال:

حدثنا محمد بن يحيي العطار قال: حدثنا محمد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن علي الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن عبداللّه بن جبلة، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال: لو قد قام القائم لانكره الناس، لانه يرجع إليهم شابّا موفّقا

ص:716


1- (1) - فإذا نحن بتلك - البحار.
2- (2) - الاختصاص: ص 325. منه البحار: ج 47 ص 89.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 259. منه البحار: ج 52 ص 287.

لايثبت عليه الاّ من قد اخذ اللّه ميثاقه في الذرّ الاوّل.

قال: وفي غير هذه الرواية أنّه (عليه السّلام) قال: وإنّ من أعظم البليّة أن يخرج إليهم صاحبهم شابّا وهم يحسبونه شيخا كبيرا(1).

البحار - بيان: لعلّ المراد بالموفّق المتوافق الاعضاء المعتدل الخلق أو هو كناية عن التوسّط في الشباب بل انتهاؤه أي ليس في بدء الشباب فانّ في مثل هذا السنّ يوفّق الانسان لتحصيل الكمال.

6165 - غيبة النعماني: محمد بن همام قال: حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك قال: حدثني عمر بن طرخان قال: حدثنا محمد بن اسماعيل، عن علي بن عمر بن علي بن الحسين (عليهما السّلام)، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) انه قال: القائم من ولدي يعمر عمر الخليل عشرين ومائة سنة يدري به، ثم يغيب غيبة في الدهر، ويظهر في صورة شابّ موفّق ابن اثنين وثلاثين سنة حتى ترجع عنه طائفة من الناس، يملأ الارض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا(2).

6166 - قرب الاسناد: حدثنا احمد بن اسحاق بن سعد، عن بكر بن محمد الازدي، قال: دخلت أنا وأبو بصير على أبي عبداللّه (عليه السّلام) وعليّ بن عبدالعزيز معنا فقلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أنت صاحبنا؟

فقال: إنّي لصاحبكم!؟ ثمّ أخذ جلدة عضده فمدّها، فقال: أنا

ص:717


1- (1) - غيبة النعماني: ص 188 ح 43. منه البحار: ج 52 ص 287.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 189 ح 44. منه البحار: ج 52 ص 287.

شيخ كبير، وصاحبكم شابّ حدث(1).

البحار - ايضاح: قوله: «إنّي لصاحبكم» استفهام إنكاريّ ويحتمل أن يكون المعنى إنّي إمامكم لكن لست بالقائم الّذي أردتم.

6167 - غيبة الطوسي: محمّد بن همام، عن الحسن بن عليّ العاقوليّ ، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: لو خرج القائم لقد أنكره الناس، يرجع إليهم شابّا موفّقا فلا يلبث عليه إلاّ كلّ مؤمن أخذ اللّه ميثاقه في الذّرّ الاوّل(2).

6168 - البحار: روي السيد علي بن عبدالحميد في كتاب (الغيبة) بإسناده، عن أحمد بن محمّد الأياديّ يرفعه إلى أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لو خرج القائم (عليه السّلام) بعد أن أنكره كثير من الناس يرجع إليهم شابّا فلا يثبت عليه إلاّ كلّ مؤمن أخذ اللّه ميثاقه في الذرّ الأوّل(3).

باب (44) كم سنة يحكم الإمام المهدي

6169 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن عبداللّه بن القاسم الحضرميّ ، عن عبدالكريم بن عمرو الخثعميّ قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): كم يملك القائم ؟

ص:718


1- (1) - قرب الاسناد: ص 21. منه البحار: ج 52 ص 280.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 259. منه البحار: ج 52 ص 287.
3- (3) - البحار: ج 52 ص 385 ح 196.

قال: سبع سنين يكون سبعين سنة من سنيكم هذه(1).

6170 - البحار: روي السيد علي بن عبدالحميد في كتاب (الغيبة) بإسناده، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: يملك القائم سبع سنين تكون سبعين سنة من سنيكم هذه(2).

6171 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي قال: حدثني عليّ بن الحسن التيمليّ ، عن الحسن بن علي بن يوسف، عن أبيه، ومحمد بن عليّ ، عن أبيه، عن أحمد بن عمر الحلبيّ ، عن حمزة بن حمران، عن ابن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: [ب] ملك القائم تسع عشرة سنة وأشهرا(3).

6172 - غيبة النعماني: اخبرنا علي بن احمد البندنيجي، عن عبيداللّه بن موسى العلوي، عن بعض رجاله، عن أحمد بن الحسن، عن اسحاق(4)، عن أحمد بن عمر بن أبي شعبة(5) عن حمزة بن حمران، عن عبداللّه بن أبي يعفور، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ القائم (عليه السّلام) يملك تسع عشرة سنة وأشهرا(6).

6173 - غيبة النعماني: اخبرنا ابو سليمان احمد بن هوذة الباهلي

ص:719


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 283. منه البحار: ج 52 ص 291.
2- (2) - البحار: ج 52 ص 386 ح 202.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 331 ج 1. منه البحار: ج 52 ص 298.
4- (4) - عن أبيه - البحار.
5- (5) - أحمد بن عمر بن سعيد - البحار.
6- (6) - غيبة النعماني: ص 332 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 299.

قال: حدثنا ابراهيم بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أبو محمد عبداللّه بن حمّاد الأنصاريّ ، قال: حدثني عبداللّه بن أبي يعفور قال:

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ملك القائم منّا تسع عشرة سنة وأشهر(1).

6174 - الارشاد: روى عبدالكريم الخثعمي (الجعفري)، قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): كم يملك الناس من القائم (عليه السّلام)؟

قال: سبع سنين، تطول له الايّام [والليالي] حتّى تكون السّنة من سنيّه مقدار عشر سنين من سنيّكم، فيكون سنوّ ملكه سبعين سنة من سنيكم هذه.

و إذا آن قيامه، مطر الناس جمادى الآخرة، وعشرة أيّام من رجب، مطرا لم ير الخلائق مثله، فينبت اللّه به لحوم المؤمنين وأبدانهم في قبورهم، فكأنّي أنظر إليهم مقبلين من قبل جهينة(2) ينفضون شعورهم من التراب(3).

باب (45) جبرئيل يبايع الإمام المهدي عليه السّلام

6175 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن بن احمد بن

ص:720


1- (1) - غيبة النعماني: ص 331 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 298.
2- (2) - جهينة: قبيلة عربية، كانت منازلهم بين يثرب وحدود مصر (المنجد) والظاهر أنه اسم منطقة جبلية خارج المدينة المنورة.
3- (3) - الارشاد للمفيد: ص 363. منه البحار: ج 52 ص 337. والظاهر أن هذا إشارة الى الرجعة كما سيأتي.

الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): [إنّ ] أوّل من يبايع القائم (عليه السّلام) جبرئيل (عليه السّلام) ينزل في صورة طير أبيض فيبايعه ثمّ يضع رجلا على بيت اللّه الحرام، ورجلا على بيت المقدس ثمّ ينادي بصوت طلق [ذلق](1) تسمعه الخلائق: (أَتىٰ أَمْرُ اللّٰهِ فَلاٰ تَسْتَعْجِلُوهُ ) (2).

تفسير العياشي: عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

6176 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثني علي بن الحسن التيملي قال: حدثنا محمد وأحمد ابنا الحسن، عن عليّ بن يعقوب الهاشمي، عن هارون بن مسلم، عن عبيد بن زرارة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: ينادي باسم القائم (عليه السّلام) فيؤتى وهو خلف المقام، فيقال له: قد نودي باسمك فما تنتظر؟ ثمّ يؤخذ بيده فيبايع.

[قال:] وقال لي زرارة: الحمد للّه قد كنّا نسمع أنّ القائم (عليه السّلام) يبايع مستكرها فلم نكن نعلم وجه استكراهه، فعلمنا أنّه استكراه لا إثم فيه(4).

ص:721


1- (1) - لسان طلق ذلق: أي ذو حدّة بليغ. (أقرب الموارد).
2- (2) - إكمال الدين: ص 671 ح 18، والآية في سورة النحل 16:1.
3- (3) - تفسير العياشي: ج 2 ص 254 ح 3. منهما البحار: ج 52 ص 285.
4- (4) - غيبة النعماني: ص 263 ح 25. منه البحار: ج 52 ص 294.

باب (46) الإمام المهدي يحكم بحكم داود

6177 - اكمال الدين: بهذا الاسناد، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): سيأتي في مسجدكم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا - يعني مسجد مكة - يعلم أهل مكة أنّه لم يلدهم اباؤهم ولا أجدادهم، عليهم السيوف، مكتوب على كلّ سيف كلمة تفتح ألف كلمة، فيبعث اللّه (تبارك وتعالى) ريحا فتنادي بكلّ واد: هذا المهديّ يقضي بقضاء داود وسليمان (عليهما السّلام) [و] لا يريد عليه بيّنة(1).

6178 - غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيي العطار قال: حدثنا محمد بن الحسّان(2) الرازي، عن محمد بن علي الكوفي، عن اسماعيل بن مهران، عن محمد بن أبي حمزة، عن ابان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) انه قال:

سيبعث اللّه ثلاثمائة وثلاثة عشر [رجلا] الى مسجد [ب] مكة يعلم اهل مكة انهم لم يولدوا من آبائهم ولا أجدادهم، عليهم سيوف مكتوب عليها الف كلمة، كلّ كلمة مفتاح ألف كلمة، ويبعث اللّه الريح من كل واد تقول: هذا المهدي يحكم بحكم داود ولا يريد بيّنة(3).

6179 - بصائر الدرجات: حدثنا عبداللّه بن جعفر، عن محمّد

ص:722


1- (1) - اكمال الدين: ص 671 ح 19. منه البحار: ج 52 ص 286.
2- (2) - عن محمّد بن الحسن - البحار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 314 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 286.

بن عيسى، عن يونس، عن حريز قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لن تذهب الدّنيا حتّى يخرج رجل منّا أهل البيت يحكم بحكم داود [وآل داود](1) ولا يسأل الناس بيّنة(2).

6180 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن أبان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: لاتذهب الدنيا حتّى يخرج رجل منّي يحكم بحكومة آل داود ولا يسأل بيّنة(3)، يعطي كلّ نفس حقّها(4).

بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمد بهذا الاسناد مثله وفيه: يعطي كل نفس حكمها(5).

6181 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن الحسين، عن صفوان ابن يحيي، عن أبي خالد القمّاط، عن حمران بن أعين قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أنبياء أنتم ؟

قال: لا.

قلت: فقد حدّثني من لا أتّهم أنّك قلت: إنّكم أنبياء؟

قال: من هو؟ أبو الخطّاب ؟

قال: قلت: نعم.

قال: كنت إذا أهجر!!

ص:723


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 279 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 319.
3- (3) - ولا يسأل عن بينة - بصائر الدرجات.
4- (4) - الكافي: ج 1 ص 397 ح 2.
5- (5) - بصائر الدرجات: ص 278 ح 1.

قال: قلت: فبما تحكمون ؟

قال: نحكم بحكم آل داود(1).

البحار - بيان: قوله (عليه السّلام): «كنت إذا أهجر» على صيغة الخطاب وأهجر على أفعل التفضيل من الهجر بمعنى الهذيان أي الآن حيث ظهر أنّك اعتمدت على قول أبي الخطّاب الكذّاب ظهر كثرة هذيانك، أو على صيغة التكلّم وكذا «أهجر» أيضا على التكلّم ويكون على الاستفهام التوبيخيّ أي على قولك حيث تصدق أبا الخطّاب في ذلك، فأنا عند هذا القول كنت هاذيا، إذ لا يصدر من العاقل مثل ذلك في حال العقل.

6182 - بصائر الدرجات: حدثنا محمّد بن عيسى، عن محمّد ابن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن فضيل الاعور، عن أبي عبيدة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قام قائم آل محمّد حكم بحكم داود وسليمان، لا يسأل النّاس بيّنة(2).

6183 - الخرائج والجرائح: عن محمّد بن عيسى بن عبيد(3)[اليقطيني]، عن صفوان بن يحيي، عن أبي عليّ الخراسانيّ ، عن أبان ابن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كأنّي بطائر أبيض فوق الحجر فيخرج من تحته رجل يحكم بين النّاس بحكم آل داود وسليمان ولا يبتغي بيّنة(4).

ص:724


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 278 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 320.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 279 ح 3. منه البحار: ج 52 ص 320.
3- (3) - سعد، عن اليقطينيّ - البحار.
4- (4) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 860 ح 75. منه البحار: ج 52 ص 336.

باب (47) حديث شامل حول الإمام المهدي عليه السّلام

6184 - البحار: أقول: روي في بعض مؤلّفات أصحابنا، عن الحسين بن حمدان، عن محمّد بن إسماعيل وعليّ بن عبداللّه الحسنيّ ، عن أبي شعيب [و] محمّد بن نصير، عن عمر بن الفرات، عن محمّد بن المفضّل، عن المفضل بن عمر، قال: سألت سيّدي الصادق (عليه السّلام) هل للمأمور المنتظر المهديّ (عليه السّلام) من وقت موقّت يعلمه الناس ؟

فقال: حاش للّه أن يوقّت ظهوره بوقت يعلمه شيعتنا.

قلت: ياسيّدي ولم ذاك ؟

قال: لأنّه هو الساعة الّتي قال اللّه تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّٰاعَةِ أَيّٰانَ مُرْسٰاهٰا قُلْ إِنَّمٰا عِلْمُهٰا عِنْدَ رَبِّي لاٰ يُجَلِّيهٰا لِوَقْتِهٰا إِلاّٰ هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ ) (1) الآية [وهو الساعة الّتي قال اللّه تعالى: (يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّٰاعَةِ أَيّٰانَ مُرْسٰاهٰا) ] وقال: (عِنْدَهُ عِلْمُ السّٰاعَةِ ) (2) ولم يقل إنّها عند أحد وقال: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّٰاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جٰاءَ أَشْرٰاطُهٰا) (3) الآية وقال: (اقْتَرَبَتِ السّٰاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ) (4) وقال: (وَ مٰا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّٰاعَةَ قَرِيبٌ * يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ

ص:725


1- (1) - الاعراف 7:187.
2- (2) - لقمان 31:34.
3- (3) - محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) 47:18.
4- (4) - القمر 54:1.

لاٰ يُؤْمِنُونَ بِهٰا وَ الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهٰا وَ يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاٰ إِنَّ الَّذِينَ يُمٰارُونَ فِي السّٰاعَةِ لَفِي ضَلاٰلٍ بَعِيدٍ) (1).

قلت: فما معنى يمارون ؟

قال: يقولون متى ولد؟ ومن رأى ؟ وأين يكون ؟ ومتى يظهر؟

وكلّ ذلك استعجالا لأمر اللّه، وشكاّ في قضائه، ودخولا في قدرته اولئك الّذين خسروا الدّنيا وإنّ للكافرين لشرّ مات.

قلت: أفلا يوقّت له وقت ؟

فقال: يا مفضّل لا اوقّت له وقتا ولا يوقّت له وقت، إنّ من وقّت لمهديّنا وقتا فقد شارك اللّه تعالى في علمه، وادّعى أنّه ظهر على سرّه، وما للّه من سرّ إلاّ وقد وقع الى هذا الخلق المعكوس الضالّ عن اللّه الراغب عن أولياء اللّه، وما للّه من خبر إلاّ وهم أخصّ به لسرّه، وهو عندهم(2) وإنّما ألقى اللّه إليهم ليكون حجّة عليهم.

قال المفضّل: يامولاي فكيف بدؤ ظهور المهديّ (عليه السّلام) وإليه التسليم ؟

قال (عليه السّلام): يا مفضّل يظهر في شبهة ليستبين، فيعلو ذكره، ويظهر أمره، وينادي باسمه وكنيته ونسبه ويكثر ذلك على أفواه المحقّين والمبطلين والموافقين والمخالفين لتلزمهم الحجّة بمعرفتهم به على أنّه قد قصصنا ودللنا عليه، ونسبناه وسمّيناه وكنّيناه، وقلنا سمّيّ جدّه

ص:726


1- (1) - الشوري 42:17 و 18. والظاهر أن ذكر هذه الآيات انما هو على التأويل، إذ من الواضح أن الآيات ترتبط بيوم القيامة.
2- (2) - لعل المراد من هذه الجملة هوالاستفهام الانكاري، فكانّ الإمام (عليه السّلام) يقول: كيف يمكن أن يعرف اسرار اللّه هذا الخلق المعكوس الضال ؟!!

رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وكنيّه لئلاّ يقول الناس: ما عرفنا له اسما ولا كنية ولا نسبا.

واللّه ليتحقّق الايضاح به وباسمه ونسبه وكنيته على ألسنتهم، حتّى ليسمّيه بعضهم لبعض، كلّ ذلك للزوم الحجّة عليهم، ثمّ يظهره اللّه كما وعد به جدّه (صلّى اللّه عليه وآله) في قوله (عزّوجلّ ): (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدىٰ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (1).

قال المفضّل: يا مولاي فما تأويل قوله تعالى: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) ؟

قال (عليه السّلام): هو قوله تعالى: (وَ قٰاتِلُوهُمْ حَتّٰى لاٰ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّٰهِ ) (2) فواللّه يا مفضّل ليرفع عن الملل والاديان الاختلاف ويكون الدّين كلّه واحدا كما قال (جلّ ذكره): (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّٰهِ الْإِسْلاٰمُ ) (3) وقال اللّه: (وَ مَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلاٰمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَ هُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخٰاسِرِينَ ) 4.

قال المفضّل: قلت: ياسيدي ومولاي والدّين الّذي في آبائه إبراهيم ونوح وموسى وعيسى ومحمّد (صلّى اللّه عليه وآله) هو الاسلام ؟

قال: نعم يا مفضّل، هو الاسلام لاغير.

قلت: يا مولاي أتجده في كتاب اللّه ؟

ص:727


1- (1) - التوبة 9:33.
2- (2) - الانفال 8:39.
3- (3و4) - آل عمران 3:19 و 85.

قال: نعم من أوّله إلى آخره ومنه هذه الآية (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللّٰهِ الْإِسْلاٰمُ ) وقوله تعالى: (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرٰاهِيمَ هُوَ سَمّٰاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) (1)ومنه قوله تعالى في قصّة إبراهيم وإسماعيل: (وَ اجْعَلْنٰا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِنٰا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ ) (2) وقوله تعالى في قصّة فرعون: (حَتّٰى إِذٰا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قٰالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرٰائِيلَ وَ أَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) (3) وفي قصّة سليمان وبلقيس (قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ) وقولها (وَ أَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمٰانَ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ ) (4).

وقول عيسى (عليه السّلام): (مَنْ أَنْصٰارِي إِلَى اللّٰهِ قٰالَ الْحَوٰارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصٰارُ اللّٰهِ آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَ اشْهَدْ بِأَنّٰا مُسْلِمُونَ ) (5) وقوله (جلّ وعزّ): (وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً) 6وقوله في قصّة لوط: (فَمٰا وَجَدْنٰا فِيهٰا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ) (6)وقوله: (قُولُوا آمَنّٰا بِاللّٰهِ وَ مٰا أُنْزِلَ إِلَيْنٰا) إلى قوله: (لاٰ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) (7) وقوله تعالى: (أَمْ كُنْتُمْ شُهَدٰاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ) إلى قوله: (وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ) 9.

ص:728


1- (1) - الحج 22:78.
2- (2) - البقرة 2:128.
3- (3) - يونس 10:90.
4- (4) - النمل 27:38 و 44.
5- (5و6) - آل عمران 3:52 و 83.
6- (7) - الذاريات 51:36.
7- (8و9) - البقرة 2:136 و 133.

قلت: يا سيّدي كم الملل ؟

قال: أربعة وهي شرائع.

قال المفضّل: قلت: ياسيّدي المجوس لم سمّوا المجوس ؟

قال (عليه السّلام): لأنّهم تمجّسوا في السريانيّة وادّعوا على آدم وعلى شيث وهو هبة اللّه أنّهما أطلقا لهم نكاح الامّهات والأخوات والبنات والخالات والعمّات والمحرّمات من النساء، وأنّهما أمراهم أن يصلّوا إلى الشمس حيث وقفت في السّماء ولم يجعلا لصلاتهم وقتا، وإنّما هو افتراء على اللّه الكذب وعلى آدم وشيث (عليهما السّلام).

قال المفضّل: يامولاي وسيّدي لم سمّي قوم موسى اليهود؟

قال (عليه السّلام): لقول اللّه (عزّوجلّ ): (إِنّٰا هُدْنٰا إِلَيْكَ ) (1)أي اهتدينا إليك.

قال: فالنصارى ؟

قال (عليه السّلام): لقول عيسى (عليه السّلام) (مَنْ أَنْصٰارِي إِلَى اللّٰهِ ) وتلا الآية(2) إلى اخرها فسمّوا النصارى لنصرة دين اللّه.

قال المفضّل: فقلت: يا مولاي فلم سمّي الصابئون الصابئين ؟

فقال (عليه السّلام): إنّهم صبوا إلى تعطيل الأنبياء والرّسل والملل والشرائع، وقالوا: كلّما جاؤا به باطل، فجحدوا توحيد اللّه تعالى، ونبوّة الأنبياء، ورسالة المرسلين، ووصيّة الأوصياء، فهم بلاشريعة ولا كتاب ولا رسول، وهم معطّلة العالم.

ص:729


1- (1) - الاعراف 7:156.
2- (2) - آل عمران 3:52.

قال المفضّل: سبحان اللّه ما أجلّ هذا من علم ؟!! قال (عليه السّلام): نعم، يا مفضّل فألقه إلى شيعتنا لئلّا يشكوا في الدّين.

قال المفضّل: يا سيّدي ففي أيّ بقعة يظهر المهديّ؟

قال (عليه السّلام): لاتراه عين في وقت ظهوره إلاّ رأته كلّ عين، فمن قال لكم غير هذا فكذّبوه.

قال المفضّل: ياسيّدي ولا يري وقت ولادته ؟

قال: بلى واللّه، ليرى من ساعة ولادته إلى ساعة وفاة أبيه سنتين وتسعة أشهر(1) أوّل ولادته وقت الفجر من ليلة الجمعة، لثمان خلون من شعبان سنة سبع وخمسين ومائتين إلى يوم الجمعة لثمان خلون من ربيع الاوّل من سنة ستّين ومائتين، وهو يوم وفاة أبيه بالمدينة الّتي بشاطيء دجلة يبنيها المتكبّر الجبّار المسمّى باسم جعفر، الضالّ الملقّب بالمتوكل وهو المتأكل - لعنه اللّه تعالى - وهي مدينة تدعى بسرّ من رأى وهي ساء من رأى، يرى شخصه المؤمن المحقّ سنة ستّين ومائتين ولا يراه المشكك المرتاب، وينفذ فيها أمره ونهيه، ويغيب عنها فيظهر في القصر بصابر بجانب المدينة في حرم جده رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيلقاه هناك من يسعده اللّه بالنظر إليه، ثمّ يغيب في آخر يوم من سنة ستّ وستّين ومائتين فلا تراه عين أحد حتّى يراه كلّ أحد وكل عين.

قال المفضّل: قلت: يا سيّدي فمن يخاطبه ولمن يخاطب ؟

ص:730


1- (1) - أقول: الظاهر ان في هذا الحديث تصحيفا اذ انّ من المسلّم ان الامام المهدي (عليه السّلام) كان ساعة وفاة أبيه (عليه السّلام) غلاما خماسيا، أي له خمس سنين.

قال الصادق (عليه السّلام): تخاطبه الملائكة والمؤمنون من الجنّ ويخرج أمره ونهيه الى ثقاته وولاته ووكلائه ويقعد ببابه محمّد بن نصير النميريّ (1) في يوم غيبته بصابر ثمّ يظهر بمكة.

و واللّه يا مفضّل كأنّي أنظر إليه دخل مكة وعليه بردة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وعلى رأسه عمامة صفراء، وفي رجليه نعلا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) المخصوفة وفي يده هراوته (عليه السّلام) يسوق بين يديه عنازا عجافا(2) حتّى يصل بها نحو البيت ليس ثمّ أحد يعرفه، ويظهر وهو شابّ .

قال المفضّل: ياسيّدي يعود شابا أو يظهر في شيبة ؟

فقال (عليه السّلام): سبحان اللّه وهل يعرف ذلك ؟ يظهر كيف شاء وبأيّ صورة شاء إذا جاءه الامر من اللّه تعالى مجده وجلّ ذكره.

قال المفضّل: يا سيّدي فمن أين يظهر وكيف يظهر؟

قال: يا مفضّل يظهر وحده ويأتي البيت وحده، ويلج الكعبة وحده، ويجنّ عليه اللّيل وحده، فاذا نامت العيون وغسق اللّيل نزل إليه جبرئيل وميكائيل والملائكة صفوفا فيقول له جبرئيل: ياسيّدي

ص:731


1- (1) - كان من أصحاب الامام العسكري (عليه السّلام) فلما توفي الإمام إدّعى النميري - كذبا وزورا - انّه سفير الإمام المهدي (عليه السّلام) ونائبه ولكنّ اللّه تعالى فضحه، حينما ظهرت منه عقيدة الإلحاد، فلعنه النائب الثاني محمد بن عثمان وتبرأ منه. وكان اللعين يقول بربوبية الإمامين: الهادي والعسكري (عليهما السّلام) ويدّعى أنّه نبي مرسل من عند الإمام الهادي... يراجع كتاب الإمام المهدي (عليه السّلام) من المهد إلى الظهور: ص 212.
2- (2) - العناز جمع العنز: الانثى من المعز. والعجف: الهزال. (أقرب الموارد).

قولك مقبول، وأمرك جائز، فيمسح (عليه السّلام) يده على وجهه ويقول: (الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي صَدَقَنٰا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشٰاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعٰامِلِينَ ) (1).

ويقف بين الرّكن والمقام، فيصرخ صرخة فيقول: يا معاشر نقبائي وأهل خاصّتي ومن ذخرهم اللّه لنصرتي قبل ظهوري على وجه الارض، ائتوني طائعين فترد صيحته (عليه السّلام) عليهم وهم على محاريبهم، وعلى فرشهم، في شرق الارض وغربها فيسمعونه في صيحة واحدة في اذن كلّ رجل، فيجيئون نحوها، ولا يمضي لهم إلاّ كلمحة بصر، حتّى يكون كلّهم بين يديه (عليه السّلام) بين الرّكن والمقام.

فيأمر اللّه (عزّوجلّ ) النور فيصير عمودا من الارض إلى السماء فيستضيء به كلّ مؤمن على وجه الارض، ويدخل عليه نور من جوف بيته، فتفرح نفوس المؤمنين بذلك النور، وهم لايعلمون بظهور قائمنا اهل البيت (عليه وعليهم السّلام).

ثمّ يصبحون وقوفا بين يديه، وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا بعدّة أصحاب رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوم بدر.

قال المفضّل: يا مولاي يا سيّدي فاثنان وسبعون رجلا الّذين قتلوا مع الحسين بن عليّ (عليهم السّلام) يظهرون معهم ؟

قال: يظهر منهم أبو عبداللّه الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) في اثني عشر ألفا مؤمنين من شيعة عليّ (عليه السّلام) وعليه عمامة سوداء.

ص:732


1- (1) - الزمر 39:74.

قال المفضّل: يا سيّدي فبغير سنّة القائم (عليه السّلام) بايعوا له قبل ظهوره وقبل قيامه ؟

فقال (عليه السّلام): يا مفضّل كلّ بيعة قبل ظهور القائم (عليه السّلام) فبيعته كفر ونفاق وخديعة، لعن اللّه المبايع لها والمبايع له.

بل(1) يا مفضّل يسند القائم (عليه السّلام) ظهره إلى الحرم، ويمدّ يده فترى بيضاء من غير سوء ويقول: هذه يد اللّه، وعن اللّه، وبأمر اللّه ثمّ يتلو هذه الآية: (إِنَّ الَّذِينَ يُبٰايِعُونَكَ إِنَّمٰا يُبٰايِعُونَ اللّٰهَ يَدُ اللّٰهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمٰا يَنْكُثُ عَلىٰ نَفْسِهِ ) (2) الآية.

فيكون أوّل من يقبّل يده جبرئيل (عليه السّلام) ثمّ يبايعه وتبايعه الملائكة ونجباء الجنّ ، ثمّ النقباء ويصبح الناس بمكة، فيقولون: من هذا الرجل الّذي بجانب الكعبة ؟

وما هذا الخلق الذين معه ؟

وما هذه الآية الّتي رأيناها اللّيلة ولم تر مثلها؟ فيقول بعضهم لبعض: هذا الرجل هو صاحب العنيزات.

فيقول بعضهم لبعض: انظروا هل تعرفون أحدا ممّن معه ؟

فيقولون: لانعرف أحدا منهم إلاّ أربعة من أهل مكة، وأربعة من أهل المدينة، وهم فلان وفلان ويعدّونهم بأسمائهم، ويكون هذا أوّل طلوع الشمس في ذلك اليوم، فاذا طلعت الشمس وأضاءت صاح صائح بالخلائق من عين الشمس بلسان عربيّ مبين، يسمع من في السماوات

ص:733


1- (1) - هكذا في المصدر ولعل الانسب بالمقام والاصح: بلى يا مفضّل...
2- (2) - الفتح 48:10.

والأرضين: يا معشر الخلائق! هذا مهديّ آل محمّد - ويسمّيه باسم جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ويكنّيه، وينسبه إلى أبيه الحسن الحادي عشر إلى الحسين بن عليّ (صلوات اللّه عليهم أجمعين) - بايعوه تهتدوا، ولا تخالفوا أمره فتضلّوا.

فأوّل من يقبّل يده الملائكة، ثمّ الجنّ ، ثمّ النقباء ويقولون:

سمعنا وأطعنا، ولا يبقى ذو اذن من الخلائق إلّا سمع ذلك النداء، وتقبل الخلائق من البدو والحضر والبرّ والبحر، يحدّث بعضهم بعضا ويستفهم بعضهم بعضا ما سمعوا بآذانهم.

فاذا دنت الشمس للغروب، صرخ صارخ من مغربها: يا معشر الخلائق قد ظهر ربّكم بوادي اليابس من أرض فلسطين وهو عثمان بن عنبسة الأمويّ من ولد يزيد بن معاوية فبايعوه تهتدوا، ولا تخالفوا عليه فتضلّوا، فيردّ عليه الملائكة والجنّ والنقباء قوله، ويكذّبونه، ويقولون له: سمعنا وعصينا، ولا يبقى ذو شك ولا مرتاب ولا منافق ولا كافر إلاّ ضلّ بالنداء الأخير.

وسيّدنا القائم (عليه السّلام) مسند ظهره الى الكعبة، ويقول: يا معشر الخلائق ألا ومن أراد أن ينظر إلى آدم وشيث، فها أنا ذا ادم وشيث، ألا ومن أراد أن ينظر إلى نوح وولده سام، فها أنا ذا نوح وسام، ألا ومن أراد أن ينظر إلى ابراهيم وإسماعيل، فها أنا ذا إبراهيم وإسماعيل، ألا ومن أراد أن ينظر إلى موسى ويوشع، فها أنا ذا موسى ويوشع، ألا ومن أراد أن ينظر إلى عيسى وشمعون فها أنا ذا عيسى وشمعون.

ألا ومن أراد أن ينظر إلى محمّد وأمير المؤمنين (صلوات اللّه

ص:734

عليهما) فها أنا ذا محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) وأمير المؤمنين (عليه السّلام)، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الحسن والحسين (عليهما السّلام) فها أنا ذا الحسن والحسين، ألا ومن أراد أن ينظر إلى الائمّة من ولد الحسين (عليهم السّلام) فها أنا ذا الائمّة (عليهم السّلام) أجيبوا إلى مسألتي، فانّي انبّئكم بما نبّئتم به وما لم تنبّئوا به.

ومن كان يقرأ الكتب والصحف فليسمع منّي، ثمّ يبتديء بالصحف الّتي أنزلها اللّه على ادم وشيث (عليهما السّلام)، ويقول امّة آدم وشيث هبة اللّه: هذه واللّه هي الصحف حقّا، ولقد أرانا ما لم نكن نعلمه فيها، وما كان خفي علينا، وما كان اسقط منها وبدل وحرّف، ثمّ يقرأ صحف نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل والزبور، فيقول أهل التوراة والانجيل والزبور: هذه واللّه صحف نوح وإبراهيم (عليهما السّلام) حقّا، وما اسقط منها وبدّل وحرّف منها، هذه واللّه التوراة الجامعة والزّبور التامّ والانجيل الكامل وإنّها أضعاف ما قرأنا منها.

ثمّ يتلو القران فيقول المسلمون: هذا واللّه القران حقّا الّذي أنزله اللّه على محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، وما اسقط منه وحرّف وبدل.

ثمّ تظهر الدابّة بين الرّكن والمقام، فتكتب في وجه المؤمن «مؤمن» وفي وجه الكافر «كافر» ثمّ يقبل على القائم (عليه السّلام) رجل وجهه إلى قفاه، وقفاه إلى صدره ويقف بين يديه فيقول: يا سيّدي أنا بشير أمرني ملك من الملائكة أن ألحق بك وابشّرك بهلاك جيش السفياني بالبيداء فيقول له القائم (عليه السّلام): بيّن قصّتك وقصّة أخيك.

ص:735

فيقول الرّجل: كنت وأخي في جيش السفيانيّ وخربنا الدّنيا من دمشق إلى الزوراء وتركناها جمّاء(1)، وخربنا الكوفة وخربنا المدينة، وكسرنا المنبر وراثت بغالنا في مسجد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وخرجنا منها وعددنا ثلاثمائة ألف رجل نريد إخراب البيت، وقتل أهله، فلمّا صرنا في البيداء عرّسنا فيها، فصاح بنا صائح يا بيداء أبيدي القوم الظالمين فانفجرت الارض، وابتلعت كلّ الجيش، فواللّه ما بقي على وجه الارض عقال ناقة فما سواه غيري وغير أخي.

فاذا نحن بملك قد ضرب وجوهنا فصارت إلى ورائنا كما تري، فقال لاخي: ويلك يانذير امض إلى الملعون السفياني بدمشق، فأنذره بظهور المهديّ من آل محمّد (عليهم السّلام)، وعرّفه أنّ اللّه قد أهلك جيشه بالبيداء، وقال لي: يا بشير الحق بالمهدي بمكة وبشّره بهلاك الظالمين، وتب على يده، فانّه يقبل توبتك، فيمرّ القائم (عليه السّلام) يده على وجهه فيردّه سويّا كما كان، ويبايعه ويكون معه.

قال المفضّل: يا سيّدي وتظهر الملائكة والجنّ للناس ؟

قال: إي واللّه يا مفضّل، ويخاطبونهم كما يكون الرّجل مع حاشيته وأهله.

قلت: ياسيّدي ويسيرون معه ؟

قال: إي واللّه يا مفضّل ولينزلنّ أرض الهجرة ما بين الكوفة والنجف وعدد أصحابه (عليه السّلام) حينئذ ستّة وأربعون ألفا من الملائكة وستّة آلاف من الجنّ وفي رواية اخرى: ومثلها من الجنّ بهم ينصره اللّه ويفتح على يديه.

ص:736


1- (1) - أرض جماء: أي ملساء (أقرب الموارد).

قال المفضّل: فما يصنع بأهل مكة ؟

قال: يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، فيطيعونه ويستخلف فيهم رجلا من أهل بيته، ويخرج يريد المدينة.

قال المفضّل: يا سيّدي فما يصنع بالبيت ؟

قال: ينقضه فلا يدع منه إلاّ القواعد الّتي هي أوّل بيت وضع للناس ببكة في عهد آدم (عليه السّلام) والّذي رفعه إبراهيم وإسماعيل (عليهما السّلام) منها وإنّ الّذي بني بعدهما لم يبنه نبيّ ولا وصيّ ، ثمّ يبنيه كما يشاء اللّه وليعفينّ آثار الظالمين(1) بمكة والمدينة والعراق وسائر الأقاليم، وليهدمنّ مسجد الكوفة، وليبنيه على بنيانه الاوّل، وليهدمنّ القصر العتيق، ملعون ملعون من بناه.

قال المفضّل: ياسيّدي يقيم بمكة ؟

قال: لا يا مفضّل بل يستخلف منها - فيها - رجلا من أهله، فإذا سار منها وثبوا عليه فيقتلونه، فيرجع إليهم فيأتونه مهطعين مقنعي رؤوسهميبكون ويتضرّعون، ويقولون: يا مهديّ آل محمّد التوبة، التوبة، فيعظهم وينذرهم، ويحذّرهم، ويستخلف عليهم منهم خليفة ويسير، فيثبون عليه بعده فيقتلونه فيردّ إليهم أنصاره من الجن والنقباء ويقول لهم: ارجعوا فلاتبقوا منهم بشرا إلاّ من آمن، فلولا أنّ رحمة ربّكم وسعت كلّ شيء وأنا تلك الرّحمة لرجعت إليهم معكم، فقد قطعوا الاعذار بينهم وبين اللّه، وبيني وبينهم، فيرجعون إليهم، فواللّه لايسلم من المائة منهم واحد لا واللّه ولا من ألف واحد.

قال المفضّل: قلت: ياسيّدي فأين تكون دار المهديّ ، ومجتمع

ص:737


1- (1) - عفى الاثر: أمحي واضمحل (أقرب الموارد) والمراد محو آثار الظالمين.

المؤمنين ؟

قال: دار ملكه الكوفة، ومجلس حكمه جامعها، وبيت ماله ومقسم غنائم المسلمين مسجد السهلة، وموضع خلواته الذكوات البيض من الغربين.

قال المفضّل: يا مولاي كلّ المؤمنين يكونون بالكوفة ؟

قال: إي واللّه لايبقى مؤمن إلاّ كان بها أو حواليها، وليبلغنّ مجالة فرس منها ألفي درهم وليودّنّ أكثر الناس أنّه اشترى شبرا من أرض السبع بشبر من ذهب، والسبع خطّة من خطط همدان، وليصيرنّ الكوفة أربعة وخمسين ميلا وليجاورنّ قصورها كربلاء، وليصيّرنّ اللّه كربلاء معقلا ومقاما تختلف فيه الملائكة والمؤمنون وليكوننّ لها شأن من الشأن، وليكوننّ فيها من البركات ما لو وقف مؤمن ودعا ربّه بدعوة لاعطاه اللّه بدعوته الواحدة مثل ملك الدّنيا ألف مرة.

ثمّ تنفّس أبو عبداللّه (عليه السّلام) وقال: يا مفضّل إنّ بقاع الارض تفاخرت، ففخرت كعبة البيت الحرام على بقعة كربلاء، فأوحى اللّه إليها أن اسكتي كعبة البيت الحرام، ولا تفتخري على كربلاء، فانّها البقعة المباركة الّتي نودي موسى منها من الشجرة، وإنّها الرّبوة الّتي أويت إليها مريم والمسيح وإنّها الدالية الّتي غسل فيها رأس الحسين (عليه السّلام) وفيها غسلت مريم عيسى (عليه السّلام) واغتسلت من ولادتها وإنّها خير بقعة عرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) منها وقت غيبته، وليكوننّ لشيعتنا فيها خيرة إلى ظهور قائمنا (عليه السّلام).

ص:738

قال المفضّل: يا سيّدي ثمّ يسير المهديّ إلى أين ؟

قال (عليه السّلام): إلى مدينة جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، فإذا وردها كان له فيها مقام عجيب يظهر فيه سرور المؤمنين وخزي الكافرين.

قال المفضّل: يا سيّدي ما هو ذاك ؟

قال: يرد إلى قبر جدّه (عليه السّلام) فيقول: يا معاشر الخلائق، هذا قبر جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

فيقولون: نعم يا مهديّ ال محمد.

فيقول: ومن معه في القبر؟

فيقولون: صاحباه وضجيعاه أبو بكر وعمر.

فيقول وهو أعلم بهما والخلائق كلّهم جميعا يسمعون: من أبو بكر وعمر؟ وكيف دفنا من بين الخلق مع جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وعسى المدفون غيرهما.

فيقول الناس: يا مهديّ آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) ما هاهنا غيرهما إنّهما دفنا معه لانّهما خليفتا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وأبوا زوجتيه.

فيقول للخلق بعد ثلاث: أخرجوهما من قبريهما، فيخرجان غضّين طريّين لم يتغيّر خلقهما، ولم يشحب لونهما فيقول: هل فيكم من يعرفهما؟

فيقولون: نعرفهما بالصفة وليس ضجيعا جدّك غيرهما.

فيقول: هل فيكم أحد يقول غير هذا أو يشك فيهما؟

فيقولون: لا.

ص:739

فيؤخّر إخراجهما ثلاثة أيّام، ثمّ ينتشر الخبر في الناس ويحضر المهديّ ويكشف الجدران عن القبرين، ويقول للنقباء: ابحثوا عنهما وانبشوهما.

فيبحثون بأيديهم حتّى يصلون إليهما. فيخرجان غضّين طرييّن كصورتهما فيكشف عنهما أكفانهما ويأمر برفعهما على دوحة(1) يابسة نخرة فيصلبهما عليها، فتحيى الشجرة وتورق ويطول فرعها.

فيقول المرتابون من أهل ولايتهما: هذا واللّه الشرف حقّا، ولقد فزنا بمحبّتهما وولايتهما، ويخبر من أخفى نفسه ممّن في نفسه مقياس حبّة من محبّتهما وولايتهما، فيحضرونهما ويرونهما ويفتنون بهما وينادي منادي المهديّ (عليه السّلام): كلّ من أحب صاحبي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وضجيعيه، فلينفرد جانبا، فتتجزّء الخلق جزئين أحدهما موال والاخر متبرّيء منهما.

فيعرض المهديّ (عليه السّلام) على أوليائهما البراءة منهما فيقولون: يامهديّ آل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نحن لم نتبرّأ منهما، ولسنا نعلم أنّ لهما عند اللّه وعندك هذه المنزلة، وهذا الّذي بدا لنا من فضلهما، أنتبرّأ الساعة منهما وقد رأينا منهما ما رأينا في هذا الوقت ؟ من نضارتهما وغضاضتهما، وحياة الشجرة بهما؟ بل واللّه نتبرّأ منك وممّن آمن بك ومن لايؤمن بهما، ومن صلبهما، وأخرجهما، وفعل بهما ما فعل، فيأمر المهديّ (عليه السّلام) ريحا سوداء فتهبّ عليهم فتجعلهم كأعجاز نخل خاوية.

ثمّ يأمر بانزالهما فينزلان إليه فيحييهما باذن اللّه تعالى ويأمر

ص:740


1- (1) - الدوحة: الشجرة العظيمة المتسعة، من أي الشجر كانت (أقرب الموارد).

الخلائق بالاجتماع، ثمّ يقصّ عليهم قصص فعالهما في كلّ كور ودور حتّى يقصّ عليهم قتل هابيل بن آدم (عليه السّلام)، وجمع النار لإبراهيم (عليه السّلام)، وطرح يوسف (عليه السّلام) في الجبّ ، وحبس يونس (عليه السّلام) في الحوت، وقتل يحيى (عليه السّلام)، وصلب عيسى (عليه السّلام) وعذاب جرجيس ودانيال (عليهما السّلام)، وضرب سلمان الفارسيّ ، وإشعال النار على باب أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السّلام) لاحراقهم بها، وضرب يد الصدّيقة الكبرى فاطمة بالسوط، ورفس بطنها وإسقاطها محسنا، وسمّ الحسن (عليه السّلام) وقتل الحسين (عليه السّلام)، وذبح أطفاله وبني عمّه وأنصاره، وسبي ذراري رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وإراقة دماء آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله)، وكلّ دم سفك، وكلّ فرج نكح حراما، وكلّ رين(1) وخبث وفاحشة وإثم وظلم وجور وغشم(2) منذ عهد آدم (عليه السّلام) إلى وقت قيام قائمنا (عليه السّلام) كلّ ذلك يعدّده (عليه السّلام) عليهما، ويلزمهما إيّاه فيعترفان به، ثمّ يأمر بهما فيقتصّ منهما في ذلك الوقت بمظالم من حضر، ثمّ يصلبهما على الشجرة ويأمر نارا تخرج من الأرض فتحرقهما والشجرة ثمّ يأمر ريحا فتنسفهما في اليمّ نسفا.

قال المفضّل: ياسيّدي ذلك آخر عذابهما؟

قال: هيهات يا مفضّل واللّه ليردّنّ وليحضرنّ السيّد الاكبر

ص:741


1- (1) - الرين: الطبع والدنس. وما غطّى على القلب وركبه من القسوة للذنب بعد الذنب (أقرب الموارد).
2- (2) - الغاشم: الظالم والغاصب (أقرب الموارد).

محمّد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والصّدّيق الاكبر أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين والائمة (عليهم السّلام) وكلّ من محض الإيمان محضا أو محض الكفر محضا، وليقتصّنّ منهما لجميعهم حتّى أنّهما ليقتلان في كلّ يوم وليلة ألف قتلة، ويردّان إلى ما شاء ربّهما.

ثمّ يسير المهديّ (عليه السّلام) إلى الكوفة وينزل ما بين الكوفة والنجف، وعنده أصحابه في ذلك اليوم ستّة وأربعون ألفا من الملائكة وستّة الاف من الجنّ ، والنقباء ثلاثمائة وثلاثة عشر نفسا.

قال المفضّل: يا سيّدي كيف تكون دار الفاسقين في ذلك الوقت ؟

قال: في لعنة اللّه وسخطه، تخربها الفتن وتتركها جمّاء، فالويل لها ولمن بها - كلّ الويل - من الرايات الصفر، ورايات المغرب، ومن يجلب الجزيرة ومن الرايات الّتي تسير إليها من كلّ قريب أو بعيد.

واللّه لينزلنّ بها من صنوف العذاب ما نزل بسائر الامم المتمرّدة من أول الدّهر إلى اخره، ولينزلنّ بها من العذاب ما لاعين رأت ولا اذن سمعت بمثله، ولايكون طوفان أهلها إلاّ بالسيف، فالويل لمن اتّخذ بها مسكنا فانّ المقيم بها يبقى لشقائه، والخارج منها برحمة اللّه.

واللّه ليبقى من أهلها في الدّنيا حتّى يقال: إنّها هي الدّنيا، وإنّ دورها وقصورها هي الجنّة، وإنّ بناتها هنّ الحور العين، وإنّ ولدانها هم الولدان وليظننّ أنّ اللّه لم يقسم رزق العباد إلاّ بها، وليظهرنّ فيها من الامراء على اللّه وعلى رسوله (صلّى اللّه عليه وآله)، والحكم بغير كتابه، ومن شهادات الزّور، وشرب الخمور و [إتيان] الفجور، وأكل السحت وسفك الدّماء ما لايكون في الدّنيا كلّها إلاّ دونه، ثمّ ليخرّبها اللّه بتلك الفتن وتلك الرايات، حتّى ليمرّ عليها المارّ فيقول: هاهنا

ص:742

كانت الزوراء.

ثمّ يخرج الحسنيّ الفتى الصبيح الّذي نحو الدّيلم يصيح بصوت له فصيح يا آل أحمد أجيبوا الملهوف، والمنادي من حول الضريح فتجيبه كنوز اللّه بالطالقان كنوز وأيّ كنوز، ليست من فضّة ولا ذهب، بل هي رجال كزبر الحديد، على البراذين الشهب، بأيديهم الحراب، ولم يزل يقتل الظلمة حتّى يرد الكوفة وقد صفا أكثر الارض، فيجعلها له معقلا.

فيتّصل به وبأصحابه خبر المهديّ (عليه السّلام)، ويقولون: يابن رسول اللّه من هذا الّذي قد نزل بساحتنا؟

فيقول: اخرجوا بنا إليه حتّى ننظر من هو؟ وما يريد؟ وهو واللّه يعلم أنّه المهديّ ، وأنّه ليعرفه، ولم يرد بذلك الامر إلاّ ليعرّف أصحابه من هو؟

فيخرج الحسنيّ فيقول: إن كنت مهديّ آل محمّد فأين هراوة جدّك رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وخاتمه، وبردته، ودرعه الفاضل، وعمامته السحاب، وفرسه اليربوع، وناقته العضباء، وبغلته الدّلدل، وحماره اليعفور، ونجيبه البراق، ومصحف أمير المؤمنين (عليه السّلام)؟ فيخرج له ذلك ثمّ يأخذ الهراوة فيغرسها في الحجر الصلد وتورق، ولم يرد ذلك إلاّ أن يري أصحابه فضل المهديّ (عليه السّلام) حتّى يبايعوه.

فيقول الحسنيّ : اللّه أكبر مدّ يدك يابن رسول اللّه حتّى نبايعك فيمدّ يده فيبايعه ويبايعه سائر العسكر الّذي مع الحسنيّ إلاّ أربعين ألفا أصحاب المصاحف المعروفون بالزيديّة، فانّهم يقولون: ما هذا إلاّ

ص:743

سحر عظيم.

فيختلط العسكران فيقبل المهديّ (عليه السّلام) على الطائفة المنحرفة، فيعظهم ويدعوهم ثلاثة أيّام، فلا يزدادون إلاّ طغيانا وكفرا، فيأمر بقتلهم فيقتلون جميعا ثمّ يقول لاصحابه: لا تأخذوا المصاحف، ودعوها تكون عليهم حسرة كما بدّلوها وغيّروها وحرّفوها ولم يعملوا بما فيها.

قال المفضّل: يا مولاي ثمّ ماذا يصنع المهديّ؟

قال: يثوّر سرايا(1) على السفيانيّ إلى دمشق، فيأخذونه ويذبحونه على الصخرة.

ثمّ يظهر الحسين (عليه السّلام) في اثني عشر ألف صدّيق واثنين وسبعين رجلا أصحابه يوم كربلا، فيالك عندها من كرّة زهراء بيضاء.

ثمّ يخرج الصدّيق الاكبر أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وينصب له القبّة بالنجف، ويقام أركانها: ركن بالنجف، وركن بهجر، وركن بصنعا، وركن بأرض طيبة، لكأنّي أنظر إلى مصابيحه تشرق في السماء والأرض، كأضواء من الشمس والقمر، فعندها تبلى السرائر، و (تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّٰا أَرْضَعَتْ ) (2) إلى آخر الآية.

ثمّ يخرج السيّد الاكبر محمّد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في أنصاره والمهاجرين، ومن آمن به وصدّقه واستشهد معه، ويحضر مكذّبوه والشاكون فيه والرّادّون عليه والقائلون فيه أنّه ساحر وكاهن

ص:744


1- (1) - اثاره اثارة: هاجه. والسرايا - جمع - سرية وهي قطعة من الجيش (أقرب الموارد).
2- (2) - الحج 22:2.

ومجنون، وناطق عن الهوي، ومن حاربه وقاتله حتى يقتصّ منهم بالحقّ ، ويجازون بأفعالهم منذ وقت ظهر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى ظهور المهديّ مع إمام إمام، ووقت وقت، ويحقّ تأويل هذه الآية (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوٰارِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هٰامٰانَ وَ جُنُودَهُمٰا مِنْهُمْ مٰا كٰانُوا يَحْذَرُونَ ) (1).

قال المفضّل: يا سيّدي ومن فرعون وهامان ؟

قال: أبو بكر وعمر.

قال المفضّل: قلت: يا سيدي ورسول اللّه وأمير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما) يكونان معه ؟

فقال: لابدّ أن يطا الارض إي واللّه حتّى ما وراء الخاف، إي واللّه وما في الظلمات، وما في قعر البحار، حتّى لا يبقى موضع قدم إلاّ وطئا وأقاما فيه الدّين الواجب للّه تعالى.

ثمّ لكأنّي أنظر - يا مفضّل - إلينا معاشر الائمّة بين يدي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) نشكو إليه ما نزل بنا من الامّة بعده، وما نالنا من التكذيب والرّدّ علينا وسبينا ولعننا وتخويفنا بالقتل، وقصد طواغيتهم الولاة لامورهم من دون الامّة بترحيلنا عن الحرمة(2) إلى دار ملكهم، وقتلهم إيّانا بالسمّ والحبس، فيبكي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ويقول: يا بنيّ ما نزل بكم إلاّ ما نزل بجدّكم قبلكم.

ص:745


1- (1) - القصص 28:5 و 6.
2- (2) - هكذا في المصدر ولعلّ الصحيح: عن الحرم والمراد حرم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أي المدينة المنوّرة، أو المراد حرم الله يعني: مكة المكرّمة أي جوارها واللّه العالم.

ثمّ تبتديء فاطمة (عليها السّلام) وتشكو ما نالها من أبي بكر وعمر، وأخذ فدك منها ومشيها إليه في مجمع من المهاجرين والأنصار، وخطابها له في أمر فدك، وما ردّ عليها من قوله: إنّ الأنبياء لاتورث، واحتجاجها بقول زكريّا ويحيي (عليهما السّلام) وقصّة داود وسليمان (عليهما السّلام).

وقول عمر: هاتي صحيفتك الّتي ذكرت أنّ أباك كتبها لك وإخراجها الصّحيفة وأخذه إيّاها منها، ونشره لها على رؤوس الاشهاد من قريش والمهاجرين والأنصار وسائر العرب وتفله فيها، وتمزيقه إيّاها، وبكائها ورجوعها إلى قبر أبيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) باكية حزينة تمشي على الرّمضاء قد أقلقتها، واستغاثتها باللّه وبأبيها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وتمثّلها بقول رقيقة بنت صيفي:

قد كان بعدك أنباء وهنبثة لو كنت شاهدها لم يكبر الخطب

إنّا فقدناك فقد الارض وابلها واختلّ أهلك فاشهدهم فقد لعبوا

أبدت رجال لنا فحوى صدورهم لمّا نأيت وحالت دونك الحجب

لكلّ قوم لهم قرب ومنزلة عند الاله على الأدنين مقترب

يا ليت قبلك كان الموت حلّ بنا أملوا اناس ففازوا بالّذي طلبوا

وتقصّ عليه قصّة أبي بكر وإنفاذه خالد بن الوليد وقنفذا وعمر

ص:746

ابن الخطّاب وجمعه الناس لإخراج أمير المؤمنين (عليه السّلام) من بيته إلى البيعة في سقيفة بني ساعدة واشتغال أمير المؤمنين (عليه السّلام) بعد وفاة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يضمّ أزواجه وقبره وتعزيتهم وجمع القرآن وقضاء دينه، وإنجاز عداته، وهي ثمانون ألف درهم، باع فيها تليده وطارفه وقضاها عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

وقول عمر: اخرج يا عليّ إلى ما أجمع عليه المسلمون وإلاّ قتلناك، وقول فضّة جارية فاطمة: إنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) مشغول والحقّ له إن أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه، وجمعهم الجزل(1) والحطب على الباب لاحراق بيت أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وزينب وامّ كلثوم وفضّة، وإضرامهم النار على الباب، وخروج فاطمة إليهم وخطابها لهم من وراء الباب.

وقولها: ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على اللّه وعلى رسوله ؟

تريد أن تقطع نسله من الدّنيا وتفنيه وتطفيء نور اللّه ؟ واللّه متمّ نوره، وانتهاره لها.

وقوله: كفّي يا فاطمة فليس محمّدا حاضرا ولا الملائكة آتية بالامر والنّهي والزجر من عند اللّه، وما عليّ إلاّ كأحد المسلمين فاختاري إن شئت خروجه لبيعة أبي بكر أو إحراقكم جميعا.

فقالت وهي باكية: اللهمّ إليك نشكو فقد نبيّك ورسولك وصفيّك، وارتداد امّته علينا، ومنعهم إيّانا حقّنا الّذي جعلته لنا في كتابك المنزل على نبيّك المرسل.

ص:747


1- (1) - الجزل: الغليظ العظيم من الحطب. وقيل: ضرب من النبات (أقرب الموارد).

فقال لها عمر: دعي عنك يا فاطمة حمقات النساء، فلم يكن اللّه ليجمع لكم النبوّة والخلافة، وأخذت النار في خشب الباب.

وإدخال قنفذ يده لعنه اللّه يروم فتح الباب، وضرب عمر لها بالسوط على عضدها، حتى صار كالدّملج الاسود، وركل الباب برجله، حتّى أصاب بطنها وهي حاملة بالمحسن، لستّة أشهر وإسقاطها إياه.

وهجوم عمر وقنفذ وخالد بن الوليد وصفقه خدّها حتّى بدا قرطاها تحت خمارها، وهي تجهر بالبكاء، وتقول: وا أبتاه، وا رسول اللّه، ابنتك فاطمة تكذّب وتضرب، ويقتل جنين في بطنها.

وخروج أمير المؤمنين (عليه السّلام) من داخل الدار محمرّ العين حاسرا، حتّى ألقى ملاءته عليها، وضمّها إلى صدره وقوله لها: يا بنت رسول اللّه قد علمتي أنّ أباك بعثه اللّه رحمة للعالمين، فاللّه اللّه أن تكشفي خمارك، وترفعي ناصيتك، فواللّه يا فاطمة لئن فعلت ذلك لا أبقى اللّه على الارض من يشهد أنّ محمدا رسول اللّه ولا موسى ولا عيسى ولا إبراهيم ولا نوح ولا ادم [ولا] دابّة تمشي على الارض ولا طائرا في السماء إلاّ أهلكه اللّه.

ثمّ قال: يابن الخطّاب لك الويل من يومك هذا وما بعده وما يليه اخرج قبل أن اشهّر سيفي فافني غابر الأمّة.

فخرج عمر وخالد بن الوليد وقنفذ وعبدالرحمن بن أبي بكر فصاروا من خارج الدار، وصاح أمير المؤمنين بفضّة: يا فضّة مولاتك فاقبلي منها ما تقبله النساء فقد جاءها المخاض من الرّفسة وردّ الباب، فأسقطت محسنا.

ص:748

فقال أمير المؤمنين (عليه السّلام): فانّه لاحق بجدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيشكو إليه.

وحمل أمير المؤمنين لها في سواد اللّيل والحسن والحسين وزينب وامّ كلثوم إلى دور المهاجرين والانصار، يذكرهم باللّه ورسوله، وعهده الّذي بايعوا اللّه ورسوله، وبايعوه عليه في أربعة مواطن في حياة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وتسليمهم عليه بامرة المؤمنين في جميعها، فكلّ يعده بالنصر في يومه المقبل، فاذا أصبح قعد جميعهم عنه.

ثمّ يشكو إليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) المحن العظيمة الّتي امتحن بها بعده.

وقوله لقد كانت قصّتي مثل قصّة هارون مع بني إسرائيل وقولي كقوله لموسى (ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَ كٰادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلاٰ تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدٰاءَ وَ لاٰ تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظّٰالِمِينَ ) (1) فصبرت محتسبا وسلّمت راضيا وكانت الحجّة عليهم في خلافي، ونقضهم عهدي الّذي عاهدتهم عليه يا رسول اللّه.

واحتملت يا رسول اللّه ما لم يحتمل وصيّ نبيّ من سائر الاوصياء من سائر الامم حتّى قتلوني بضربة عبدالرحمن بن ملجم، وكان اللّه الرّقيب عليهم في نقضهم بيعتي.

وخروج طلحة والزّبير بعائشة إلى مكة يظهران الحجّ والعمرة وسيرهم بها إلى البصرة، وخروجي إليهم وتذكيري لهم اللّه وإيّاك وما

ص:749


1- (1) - الاعراف 7:150.

جئت به يا رسول اللّه، فلم يرجعا حتّى نصرني اللّه عليهما حتّى أهرقت دماء عشرين ألف من المسلمين وقطعت سبعون كفّا على زمام الجمل، فما لقيت في غزواتك يا رسول اللّه وبعدك أصعب يوما منه أبدا، لقد كان من أصعب الحروب الّتي لقيتها، وأهولها وأعظمها فصبرت كما أدّبني اللّه بما أدّبك به يا رسول اللّه في قوله (عزّوجلّ ):

(فَاصْبِرْ كَمٰا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ) (1) وقوله: (وَ اصْبِرْ وَ مٰا صَبْرُكَ إِلاّٰ بِاللّٰهِ ) (2) وحقّ واللّه يا رسول اللّه تأويل الآية الّتي أنزلها اللّه في الأمّة من بعدك في قوله: (وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلىٰ أَعْقٰابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّٰهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللّٰهُ الشّٰاكِرِينَ ) (3).

يا مفضّل ويقوم الحسن (عليه السّلام) إلى جدّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيقول: يا جدّاه كنت مع أمير المؤمنين في دار هجرته بالكوفة حتّى استشهد بضربة عبدالرحمن بن ملجم (لعنه اللّه) فوصّاني بما وصيته يا جدّاه، وبلغ اللّعين معاوية قتل أبي فأنفذ الدّعيّ اللّعين زيادا إلى الكوفة في مائة ألف وخمسين ألف مقاتل فأمر بالقبض عليّ وعلى أخي الحسين وسائر إخواني وأهل بيتي وشيعتنا وموالينا، وأن يأخذ علينا البيعة لمعاوية لعنه اللّه، فمن يأبى منّا ضرب عنقه وسيّر إلى معاوية رأسه.

ص:750


1- (1) - الاحقاف 46:35.
2- (2) - النحل 16:127.
3- (3) - آل عمران 3:144.

فلماّ علمت ذلك من فعل معاوية، خرجت من داري، فدخلت جامع الكوفة للصلاة، ورقأت المنبر واجتمع الناس، فحمدت اللّه وأثنيت عليه، وقلت: معشر الناس عفت الدّيار، ومحيت الآثار، وقلّ الاصطبار، فلا قرار على همزات الشياطين وحكم الخائنين، الساعة واللّه صحّت البراهين، وفصلت الآيات، وبانت المشكلات، ولقد كنّا نتوقّع تمام هذه الآية تأويلها قال اللّه (عزّوجلّ ): (وَ مٰا مُحَمَّدٌ إِلاّٰ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَ فَإِنْ مٰاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلىٰ أَعْقٰابِكُمْ وَ مَنْ يَنْقَلِبْ عَلىٰ عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللّٰهَ شَيْئاً وَ سَيَجْزِي اللّٰهُ الشّٰاكِرِينَ ) فلقد مات واللّه جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وقتل أبي (عليه السّلام) وصاح الوسواس الخناس في قلوب الناس ونعق ناعق الفتنة، وخالفتم السنّة، فيا لها من فتنة صمّاء عمياء، لايسمع لداعيها ولايجاب مناديها، ولا يخالف واليها، ظهرت كلمة النفاق، وسيّرت رايات أهل الشقاق، وتكالبت جيوش أهل المراق، من الشام والعراق، هلمّوا رحمكم اللّه إلى الافتتاح، والنور الوضّاح، والعلم الجحجاح، والنور الّذي لايطفى، والحقّ الّذي لايخفى.

أيّها الناس تيقّظوا من رقدة الغفلة، ومن تكاثف الظلمة فوالّذي فلق الحبّة، وبرء النسمة، وتردّي بالعظمة، لئن قام إليّ منكم عصبة بقلوب صافية ونيّات مخلصة، لايكون فيها شوب نفاق، ولا نيّة افتراق، لأجاهدنّ بالسيف قدما قدما، ولأضيقنّ من السيوف جوانبها ومن الرماح أطرافها، ومن الخيل سنابكها، فتكلّموا رحمكم اللّه.

فكأنّما الجموا بلجام الصمت عن إجابة الدّعوة، إلاّ عشرون رجلا فانّهم قاموا إليّ فقالوا: يابن رسول اللّه ما نملك إلاّ أنفسنا

ص:751

وسيوفنا، فها نحن بين يديك لامرك طائعون، وعن رأيك صادرون، فمرنا بما شئت فنظرت يمنة ويسرة فلم أر أحدا غيرهم.

فقلت: لي اسوة بجدّي رسول اللّه حين عبداللّه سرا، وهو يومئذ في تسعة وثلاثين رجلا فلمّا أكمل اللّه له الأربعين صار في عدّة وأظهر أمر اللّه، فلو كان معي عدّتهم جاهدت في اللّه حقّ جهاده.

ثمّ رفعت رأسي نحو السماء فقلت: اللهمّ إنّي قد دعوت وأنذرت، وأمرت ونهيت، وكانوا عن إجابة الداعي غافلين، وعن نصرته قاعدين، وعن طاعته مقصّرين ولأعدائه ناصرين، اللهمّ فانزل عليهم رجزك، وبأسك وعذابك، الّذي لايردّ عن القوم الظالمين ونزلت.

ثمّ خرجت من الكوفة راحلا إلى المدينة، فجاؤني يقولون: إن معاوية أسري سراياه إلى الانبار والكوفة، وشنّ غاراته على المسلمين، وقتل من لم يقاتله وقتل النساء والأطفال، فاعلمتهم أنّه لا وفاء لهم، فأنفذت معهم رجالا وجيوشا وعرّفتهم أنّهم يستجيبون لمعاوية، وينقضون عهدي وبيعتي، فلم يكن إلاّ ما قلت لهم وأخبرتهم.

ثمّ يقوم الحسين (عليه السّلام) مخضّبا بدمه هو وجميع من قتل معه، فاذا رآه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) بكى وبكى أهل السماوات والأرض لبكائه، وتصرخ فاطمة (عليها السّلام) فتزلزل الارض ومن عليها، ويقف أمير المؤمنين والحسن (عليهما السّلام) عن يمينه، وفاطمة عن شماله، ويقبل الحسين (عليه السّلام) فيضمّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إلى صدره، ويقول: يا حسين فديتك قرّت عيناك وعيناي فيك، وعن يمين الحسين حمزة أسد اللّه في أرضه، وعن

ص:752

شماله جعفر بن أبي طالب الطيّار، ويأتي محسن تحمله خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت أسد امّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) وهنّ صارخات وامّه فاطمة تقول: (هٰذٰا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (1)اليوم (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مٰا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ مٰا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهٰا وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً) (2).

قال: فبكى الصادق (عليه السّلام) حتّى اخضلّت لحيته بالدّموع، ثمّ قال: لا قرّت عين لاتبكي عند هذا الذكر، قال: وبكى المفضّل بكاء طويلا ثمّ قال: يا مولاي ما في الدموع يا مولاي ؟

فقال: ما لايحصى إذا كان من محق.

ثمّ قال المفضّل: يا مولاي ما تقول في قوله تعالى: (وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ) (3).

قال: يا مفضّل والموؤدة واللّه محسن، لأنّه منّا لا غير، فمن قال غير هذا فكذّبوه(4).

قال المفضّل: يا مولاي ثمّ ماذا؟

قال الصادق (عليه السّلام): تقوم فاطمة بنت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فتقول: اللهمّ أنجز وعدك وموعدك لي في من ظلمني وغصبني، وضربني وجزعني بكلّ أولادي، فتبكيها ملائكة السماوات

ص:753


1- (1) - الانبياء 21:103.
2- (2) - آل عمران 3:30.
3- (3) - التكوير 81:8 و 9.
4- (4) - هذا على التأويل كما لايخفى.

السبع وحملة العرش، وسكان الهواء، ومن في الدّنيا، ومن تحت أطباق الثري، صائحين صارخين إلى اللّه تعالى، فلا يبقى أحد ممّن قاتلنا وظلمنا ورضي بما جري علينا إلاّ قتل في ذلك اليوم ألف قتلة دون من قتل في سبيل اللّه، فانّه لايذوق الموت وهو كما قال اللّه (عزّوجلّ ): (وَ لاٰ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّٰهِ أَمْوٰاتاً بَلْ أَحْيٰاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمٰا آتٰاهُمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ وَ يَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاّٰ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لاٰ هُمْ يَحْزَنُونَ ) (1).

قال المفضّل: يا مولاي إنّ من شيعتكم من لا يقول برجعتكم ؟

فقال (عليه السّلام): إنّما سمعوا قول جدّنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ونحن سائر الائمّة نقول: (وَ لَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذٰابِ الْأَدْنىٰ دُونَ الْعَذٰابِ الْأَكْبَرِ) (2).

قال الصادق (عليه السّلام): العذاب الادنى عذاب الرّجعة، والعذاب الاكبر عذاب يوم القيامة الذي (تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّمٰاوٰاتُ وَ بَرَزُوا لِلّٰهِ الْوٰاحِدِ الْقَهّٰارِ) (3).

قال المفضّل: يا مولاي نحن نعلم أنّكم اختيار اللّه في قوله تعالى: (نَرْفَعُ دَرَجٰاتٍ مَنْ نَشٰاءُ ) * (4)وقوله: (اللّٰهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ

ص:754


1- (1) - آل عمران 3:169 و 170.
2- (2) - السجدة 32:21.
3- (3) - ابراهيم 14:48.
4- (4) - الانعام 6:83. ويوسف 12:76.

رِسٰالَتَهُ ) (1) وقوله: (إِنَّ اللّٰهَ اصْطَفىٰ آدَمَ وَ نُوحاً وَ آلَ إِبْرٰاهِيمَ وَ آلَ عِمْرٰانَ عَلَى الْعٰالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهٰا مِنْ بَعْضٍ وَ اللّٰهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (2).

قال الصادق (عليه السّلام): يا مفضل فأين نحن في هذه الآية ؟

قال المفضّل: فواللّه (إِنَّ أَوْلَى النّٰاسِ بِإِبْرٰاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَ هٰذَا النَّبِيُّ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ اللّٰهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ ) (3) وقوله. (مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرٰاهِيمَ هُوَ سَمّٰاكُمُ الْمُسْلِمِينَ ) (4) وقوله عن إبراهيم: (وَ اجْنُبْنِي وَ بَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنٰامَ ) (5) وقد علمنا أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) وأمير المؤمنين (عليه السّلام) ما عبدا صنما ولا وثنا ولا أشركا باللّه طرفة عين. وقوله: (وَ إِذِ ابْتَلىٰ إِبْرٰاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمٰاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قٰالَ إِنِّي جٰاعِلُكَ لِلنّٰاسِ إِمٰاماً قٰالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قٰالَ لاٰ يَنٰالُ عَهْدِي الظّٰالِمِينَ ) (6) والعهد عهد الإمامة لايناله ظالم.

قال: يا مفضّل وما علمك بأنّ الظالم لاينال عهد الإمامة ؟

قال المفضّل: يامولاي لا تمتحنّي بما لاطاقة لي به، ولا تختبرني ولا تبتلني، فمن علمكم علمت ومن فضل اللّه عليكم أخذت.

قال الصادق (عليه السّلام): صدقت يا مفضّل ولولا اعترافك

ص:755


1- (1) - الانعام 6:124.
2- (2) - آل عمران 3:33 و 34.
3- (3) - آل عمران 3:68.
4- (4) - الحج 22:78.
5- (5) - ابراهيم 14:35.
6- (6) - البقرة 2:124.

بنعمة اللّه عليك في ذلك لما كنت هكذا، فأين يا مفضّل الايات من القرآن في أنّ الكافر ظالم ؟

قال: نعم يامولاي قوله تعالى: (وَ الْكٰافِرُونَ هُمُ الظّٰالِمُونَ ) (1)«والكافرون هم الفاسقون»(2) ومن كفر وفسق وظلم لا يجعله اللّه للناس إماما.

قال الصادق (عليه السّلام): أحسنت يا مفضّل فمن أين قلت برجعتنا؟ ومقصّرة شيعتنا تقول: معنى الرّجعة أنّ يردّ اللّه إلينا ملك الدّنيا وأن يجعله للمهديّ ، ويحهم متى سلبنا الملك حتّى يردّ علينا.

قال المفضّل: لا واللّه وما سلبتموه ولا تسلبونه لانّه ملك النبوّة والرّسالة والوصيّة والامامة.

قال الصادق (عليه السّلام): يا مفضّل لو تدبّر القرآن شيعتنا لما شكوا في فضلنا أما سمعوا قوله (عزّوجلّ ): (وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوٰارِثِينَ * وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَ هٰامٰانَ وَ جُنُودَهُمٰا مِنْهُمْ مٰا كٰانُوا يَحْذَرُونَ ) (3).

واللّه يا مفضّل إن تنزيل هذه الآية في بني إسرائيل وتأويلها فينا وإنّ فرعون وهامان تيم وعديّ .

قال المفضّل: يا مولاي فالمتعة ؟

قال: المتعة حلال طلق والشاهد بها قول اللّه (عزّوجلّ ):

ص:756


1- (1) - البقرة 2:254.
2- (2) - لعلّ هذا إقتباس من بعض الآيات القرآنية، اذ لم نجد آية بهذا اللفظ فى القرآن الكريم.
3- (3) - القصص 28:5 و 6.

(وَ لاٰ جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسٰاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللّٰهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ * وَ لٰكِنْ لاٰ تُوٰاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلاّٰ أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً) (1) أي مشهودا والقول المعروف هو المشتهر بالوليّ والشهود، وإنّما احتيج إلى الوليّ والشهود في النكاح، ليثبت النسل ويصحّ النسب ويستحقّ الميراث، وقوله (وَ آتُوا النِّسٰاءَ صَدُقٰاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (2) وجعل الطلاق في النساء المزوّجات غير جائز إلاّ بشاهدين ذوي عدل من المسلمين، وقال في سائر الشهادات على الدّماء والفروج والأموال والأملاك:

(وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجٰالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونٰا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتٰانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدٰاءِ ) (3).

وبيّن الطلاق (عزّ ذكره) فقال: (يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذٰا طَلَّقْتُمُ النِّسٰاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ رَبَّكُمْ ) ولو كانت المطلّقة تبين بثلاث تطليقات تجمعها كلمة واحدة أو أكثر منها أو أقلّ لما قال اللّه تعالى: (وَ أَحْصُوا الْعِدَّةَ وَ اتَّقُوا اللّٰهَ رَبَّكُمْ ) إلى قوله: (وَ تِلْكَ حُدُودُ اللّٰهِ وَ مَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّٰهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاٰ تَدْرِي لَعَلَّ اللّٰهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذٰلِكَ أَمْراً * فَإِذٰا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فٰارِقُوهُنَّ

ص:757


1- (1) - البقرة 2:235.
2- (2) - النساء 4:4.
3- (3) - البقرة 2:282.

بِمَعْرُوفٍ وَ أَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَ أَقِيمُوا الشَّهٰادَةَ لِلّٰهِ ذٰلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كٰانَ يُؤْمِنُ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ) (1) وقوله: (لاٰ تَدْرِي لَعَلَّ اللّٰهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذٰلِكَ أَمْراً) هو نكر يقع بين الزّوج وزوجته، فيطلّق التطليقة الاولى بشهادة ذوي عدل.

وحدّ وقت التطليق هو آخر القروء، والقرء هو الحيض، والطلاق يجب عند آخر نقطة بيضاء تنزل بعد الصفرة والحمرة، وإلى التطليقة الثانية والثالثة ما يحدث اللّه بينهما، عطفا أو زوال ما كرهاه، وهو قوله: (وَ الْمُطَلَّقٰاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاٰثَةَ قُرُوءٍ وَ لاٰ يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مٰا خَلَقَ اللّٰهُ فِي أَرْحٰامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللّٰهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ بُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذٰلِكَ إِنْ أَرٰادُوا إِصْلاٰحاً وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَ لِلرِّجٰالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَ اللّٰهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) 2 هذا لقوله في أنّ للبعولة مراجعة النساء من تطليقة إلى تطليقة، إن أرادوا إصلاحا وللنساء مراجعة الرّجال في مثل ذلك.

ثمّ بيّن (تبارك وتعالى) فقال: (الطَّلاٰقُ مَرَّتٰانِ فَإِمْسٰاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسٰانٍ ) 3. وفي الثالثة، فان طلّق الثالثة بانت فهو قوله:

(فَإِنْ طَلَّقَهٰا فَلاٰ تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتّٰى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ ) 4 ثمّ يكون كسائر الخطّاب لها.

والمتعة الّتي أحلّها اللّه في كتابه وأطلقها الرسول عن اللّه لسائر

ص:758


1- (1) - الطلاق 65:1 و 2.

المسلمين فهي قوله (عزّوجلّ ): (وَ الْمُحْصَنٰاتُ مِنَ النِّسٰاءِ إِلاّٰ مٰا مَلَكَتْ أَيْمٰانُكُمْ كِتٰابَ اللّٰهِ عَلَيْكُمْ وَ أُحِلَّ لَكُمْ مٰا وَرٰاءَ ذٰلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوٰالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسٰافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَ لاٰ جُنٰاحَ عَلَيْكُمْ فِيمٰا تَرٰاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّٰهَ كٰانَ عَلِيماً حَكِيماً) (1) والفرق بين المزوّجة والمتعة أنّ للزوجة صداقا وللمتعة اجرة.

فتمتّع سائر المسلمين على عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في الحجّ وغيره، وأيّام أبي بكر، وأربع سنين في أيّام عمر، حتّى دخل على اخته عفرا فوجد في حجرها طفلا يرضع من ثديها فنظر إلى درّة اللّبن في فم الطفل فاغضب وأرعد واربدّ وأخذ الطفل على يده، وخرج حتّى أتى المسجد، ورقى المنبر وقال: نادوا في الناس انّ الصلاة جامعة، وكان غير وقت صلاة يعلم الناس أنّه لأمر يريده عمر فحضروا فقال. معاشر الناس من المهاجرين والانصار وأولاد قحطان من منكم يحبّ أن يري المحرّمات عليه من النساء، ولها مثل هذا الطفلى ؟ قد خرج من أحشائها وهو يرضع على ثديها وهي غير متبعّلة ؟

فقال بعض القوم: ما نحبّ هذا؟

فقال: ألستم تعلمون أنّ اختي عفرا بنت خيثمة امّي وأبي الخطّاب غير متبعّلة ؟

قالوا: بلى.

قال: فانّي دخلت عليها في هذه الساعة، فوجدت هذا الطفل في حجرها فناشدتها أنّى لك هذا؟

ص:759


1- (1) - النساء 4:24.

فقالت: تمتّعت.

فأعلموا سائر الناس أنّ هذه المتعة الّتي كانت حلالا للمسلمين في عهد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قد رأيت تحريمها، فمن أبى ضربت جنبيه بالسوط فلم يكن في القوم منكر قوله، ولا راد عليه، ولا قائل لا يأتي رسول بعد رسول اللّه أو كتاب بعد كتاب اللّه، لانقبل خلافك على اللّه وعلى رسوله وكتابه، بل سلّموا ورضوا.

قال المفضّل: يامولاي فما شرائط المتعة ؟

قال: يا مفضّل لها سبعون شرطا من خالف فيها شرطا واحدا ظلم نفسه.

قال: قلت: ياسيّدي قد أمرتمونا أن لا نتمتّع ببغيّة ولا مشهورة بفساد ولا مجنونة وأن ندعو المتعة إلى الفاحشة، فان أجابت فقد حرم الاستمتاع بها، وأن نسأل أفارغة أم مشغولة ببعل أو حمل أو بعدّة ؟

فان شغلت بواحدة من الثلاث فلا تحلّ ، وإن خلت فيقول لها: متّعيني نفسك على كتاب اللّه (عزّوجلّ ) وسنّة نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) نكاحا غير سفاح أجلا معلوما باجرة معلومة وهي ساعة أو يوم أو يومان أو شهر أو سنة أو ما دون ذلك أو أكثر، والاجرة ما تراضيا عليه من حلقة خاتم أو شسع نعل أو شقّ تمرة إلى فوق ذلك من الدّراهم والدّنانير أو عرض ترضى به، فان وهبت له حلّ له كالصداق الموهوب من النساء المزوّجات الّذين قال اللّه تعالى فيهنّ : (فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ ءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً) (1).

ثمّ يقول لها: على ألاّ ترثيني ولا أرثك، وعلى أنّ الماء لي أضعه منك حيث أشاء، وعليك الاستبراء خمسة وأربعين يوما أو محيضا

ص:760


1- (1) - النساء 4:4.

واحدا، فاذا قالت: نعم أعدت القول ثانية وعقدت النكاح، فان أحببت وأحبّت هي الاستزادة في الاجل زدتما، وفيه ما رويناه فان كانت تفعل فعليها ما تولّت من الإخبار عن نفسها ولا جناح عليك(1).

وقول أمير المؤمنين (عليه السّلام): «لعن اللّه ابن الخطّاب فلولاه ما زنى إلاّ شقيّ أو شقيّة» لانّه كان يكون للمسلمين غناء في المتعة عن الزّنا ثمّ تلا: (وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ يُشْهِدُ اللّٰهَ عَلىٰ مٰا فِي قَلْبِهِ وَ هُوَ أَلَدُّ الْخِصٰامِ * وَ إِذٰا تَوَلّٰى سَعىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهٰا وَ يُهْلِكَ الْحَرْثَ وَ النَّسْلَ وَ اللّٰهُ لاٰ يُحِبُّ الْفَسٰادَ) (2).

ثمّ قال: إنّ من عزل بنطفته عن زوجته فدية النطفة عشرة دنانير كفّارة وإنّ من شرط المتعة أنّ ماء الرّجل يضعه حيث يشاء من المتمتّع بها، فإذا وضعه في الرّحم فخلق منه ولد كان لاحقا بأبيه.

ثمّ يقوم جدي عليّ بن الحسين وأبي الباقر (عليهما السّلام) فيشكوان إلى جدّهما رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما فعل بهما ثمّ أقوم أنا فأشكو إلى جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما فعل المنصور بي، ثمّ يقوم ابني موسى فيشكو إلى جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما فعل به الرّشيد، ثمّ يقوم عليّ بن موسى فيشكو إلى جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما فعل به المأمون، ثمّ يقوم محمد بن عليّ فيشكو إلى جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما فعل به المأمون، ثمّ يقوم عليّ بن محمّد فيشكو إلى جده رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما فعل به المتوكل، ثمّ يقوم الحسن بن عليّ

ص:761


1- (1) - يعني: فان كانت تزني وقالت لك انها لاتزني فالاثم عليها لا عليك، لانّ النساء مصدّقات على أنفسهن.
2- (2) - البقرة 2:204 و 205.

فيشكو إلى جدّه رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ما فعل به المعتزّ ثمّ يقوم المهديّ سميّ جدي رسول اللّه، وعليه قميص رسول اللّه مضرّجا بدم رسول اللّه يوم شجّ جبينه، وكسرت رباعيّته، والملائكة تحفّه حتّى يقف بين يدي جده رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيقول: يا جدّاه وصفتني ودلّلت عليّ ، ونسبتني وسمّيتني وكنّيتني، فجحدتني الامّة وتمرّدت وقالت ما ولد ولا كان، وأين هو؟

ومتى كان وأين يكون ؟ وقد مات لم يعقّب، ولو كان صحيحا ما أخّره اللّه تعالى إلى هذا الوقت المعلوم، فصبرت محتسبا وقد أذن اللّه لي فيها باذنه يا جدّاه.

فيقول رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): (الْحَمْدُ لِلّٰهِ الَّذِي صَدَقَنٰا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشٰاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعٰامِلِينَ ) (1) ويقول (جٰاءَ نَصْرُ اللّٰهِ وَ الْفَتْحُ ) وحقّ قول اللّه سبحانه وتعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدىٰ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) * (2)وقرأ (إِنّٰا فَتَحْنٰا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللّٰهُ مٰا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَ مٰا تَأَخَّرَ وَ يُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَ يَهْدِيَكَ صِرٰاطاً مُسْتَقِيماً * وَ يَنْصُرَكَ اللّٰهُ نَصْراً عَزِيزاً) (3).

فقال المفضّل: يا مولاي أيّ ذنب كان لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟

ص:762


1- (1) - الزمر 39:74. وبعده مأخوذ من أول سورة النصر.
2- (2) - التوبة 9:33. الصف 61:9.
3- (3) - الفتح 48:1-3.

فقال الصادق (عليه السّلام): يا مفضّل إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قال: اللهمّ حمّلني ذنوب شيعة أخي وأولادي الأوصياء ما تقدّم منها وما تأخّر إلى يوم القيامة، ولا تفضحني بين النبيّين والمرسلين من شيعتنا فحمّله اللّه إيّاها وغفر جميعها.

قال المفضّل: فبكيت بكاء طويلا وقلت: يا سيّدي هذا بفضل اللّه علينا فيكم.

قال الصادق (عليه السّلام): يا مفضّل ما هو إلاّ أنت وأمثالك بلى يا مفضّل لا تحدّث بهذا الحديث أصحاب الرّخص من شيعتنا فيتّكلون على هذا الفضل، ويتركون العمل فلا يغني عنهم من اللّه شيئا لانّا كما قال اللّه (تبارك وتعالى) فينا: (لاٰ يَشْفَعُونَ إِلاّٰ لِمَنِ ارْتَضىٰ وَ هُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) (1).

قال المفضّل: يا مولاي فقوله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) * ما كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ظهر على الدّين كلّه ؟

قال: يا مفضّل لو كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ظهر على الدّين كلّه ما كانت مجوسيّة ولا يهوديّة ولا صابئيّة ولا نصرانيّة، ولا فرقة ولا خلاف ولا شك ولا شرك، ولا عبدة أصنام، ولا أوثان، ولا اللاّت والعزّي، ولا عبدة الشمس والقمر، ولا النجوم، ولا النار، ولا الحجارة، وإنّما قوله: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ) * في هذا اليوم وهذا المهديّ وهذه الرجعة، وهو قوله: (وَ قٰاتِلُوهُمْ حَتّٰى لاٰ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَ يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّٰهِ ) (2).

ص:763


1- (1) - الانبياء 21:28.
2- (2) - الانفال 8:39.

فقال المفضّل: أشهد أنّكم من علم اللّه علمتم، وبسلطانه وبقدرته قدرتم وبحكمه نطقتم، وبأمره تعملون.

ثمّ قال الصادق (عليه السّلام): ثمّ يعود المهديّ (عليه السّلام) إلى الكوفة، وتمطر السماء بها جرادا من ذهب، كما أمطره اللّه في بني إسرائيل على أيّوب، ويقسم على أصحابه كنوز الارض من تبرها ولجينها وجوهرها.

قال المفضّل: يا مولاي من مات من شيعتكم وعليه دين لاخوانه ولأضداده كيف يكون ؟

قال الصادق (عليه السّلام): أوّل ما يبتديء المهديّ (عليه السّلام) أن ينادي في جميع العالم: ألا من له عند أحد من شيعتنا دين فليذكره حتّى يردّ الثومة والخردلة - فضلا عن القناطير المقنطرة من الذهب والفضّة والأملاك - فيوفّيه إيّاه.

قال المفضّل: يا مولاي ثمّ ماذا يكون ؟

قال: يأتي القائم (عليه السّلام) بعد أن يطأ شرق الارض وغربها، الكوفة ومسجدها، ويهدم المسجد الّذي بناه يزيد بن معاوية (لعنه اللّه) لمّا قتل الحسين بن عليّ (عليه السّلام) و [هو] مسجد ليس للّه، ملعون ملعون من بناه.

قال المفضّل: يا مولاي فكم تكون مدّة ملكه (عليه السّلام)؟

فقال: قال اللّه (عزّوجلّ ): (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النّٰارِ لَهُمْ فِيهٰا زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ * خٰالِدِينَ فِيهٰا مٰا دٰامَتِ السَّمٰاوٰاتُ وَ الْأَرْضُ إِلاّٰ مٰا شٰاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعّٰالٌ لِمٰا يُرِيدُ * وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خٰالِدِينَ فِيهٰا مٰا دٰامَتِ السَّمٰاوٰاتُ وَ الْأَرْضُ إِلاّٰ)

ص:764

(مٰا شٰاءَ رَبُّكَ عَطٰاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ) (1) والمجذوذ المقطوع أي عطاء غير مقطوع عنهم، بل هو دائم أبدا، وملك لاينفد، وحكم لاينقطع، وأمر لايبطل إلاّ باختيار اللّه ومشيّته وإرادته، الّتي لايعلمها إلاّ هو، ثمّ القيامة وما وصفه اللّه (عزّوجلّ ) في كتابه.

والحمد للّه ربّ العالمين وصلّى اللّه على خير خلقه محمّد النبيّ وآله الطيّبين الطاهرين وسلّم تسليما كثيرا كثيرا(2).

مختصر بصائر الدرجات: حدثني الأخ الصالح الرشيد محمد ابن ابراهيم بن محسن المطار آبادي انه وجد بخطّ أبيه الرجل الصالح ابراهيم بن محسن هذا الحديث الآتي ذكره وأراني خطه وكتبته منه وصورته: الحسين بن حمدان، عن محمد بن اسماعيل وعلي بن عبداللّه الحسنيين، عن أبي شعيب محمد بن نصر، عن عمر بن الفرات، عن محمد بن المفضل، عن المفضل بن عمر قال: سألت سيدي الصادق (عليه السّلام) هل للمأمول المنتظر المهدي (عليه السّلام) من وقت موقت يعلمه الناس ؟

فقال: حاش للّه.... وساق الحديث كما مرّ الى قوله:

لكأنّي أنظر إليهم على البراذين الشهب بأيديهم الحراب، يتعاوون شوقا إلى الحرب كما تتعاوى الذّئاب، أميرهم رجل من [بني] تميم يقال له: شعيب بن صالح، فيقبل الحسني(3) فيهم وجهه كدائرة

ص:765


1- (1) - هود 11:105-108.
2- (2) - البحار: ج 53 ص 1-35.
3- (3) - هذا هو الصحيح، وفي المصدر: فيقبل الحسين (عليه السّلام) وهو تصحيف، ولهذا صححنا الخطا في هذا المورد والموارد القادمة في هذا الحديث.

القمر، يروع الناس جمالا فيبقى على أثر الظلمة فيأخذ سيفه الصغير والكبير، والعظيم والوضيع.

ثمّ يسير بتلك الرايات كلّها حتّى يرد الكوفة، وقد جمع بها أكثر أهلها يجعلها له معقلا، ثمّ يتّصل به [وبأصحابه] خبر المهديّ فيقولون له: يابن رسول اللّه من هذا الّذي نزل بساحتنا؟

فيقول الحسني: اخرجوا بنا إليه حتّى تنظروا من هو وما يريد؟

وهو يعلم واللّه أنّه المهديّ (عليه السّلام) وإنّه ليعرفه، وإنه لم يرد بذلك الامر إلاّ اللّه، فيخرج الحسني وبين يديه أربعة الاف رجل في أعناقهم المصاحف، وعليهم المسوح، مقلّدين بسيوفهم، فيقبل الحسني حتّى ينزل بقرب المهديّ (عليه السّلام) فيقول: سائلوا عن هذا الرّجل من هو وماذا يريد؟ فيخرج بعض أصحاب الحسني إلى عسكر المهديّ (عليه السّلام) فيقول: أيّها العسكر الجائل من أنتم حيّاكم اللّه ؟

ومن صاحبكم هذا؟

وماذا يريد؟

فيقول أصحاب المهديّ (عليه السّلام): هذا مهديّ آل محمّد عليه وعليهم السّلام، ونحن انصاره من الجنّ والإنس والملائكة.

ثمّ يقول الحسني: خلّوا بيني وبين هذا فيخرج إليه المهديّ (عليه السّلام) فيقفان بين العسكرين فيقول الحسني: ان كنت مهديّ آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) فأين هراوة(1) جدّي رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وخاتمه وبردته ودرعه الفاضل وعمامته السحاب وفرسه وناقته العضباء وبغلته دلدل وحماره يعفور ونجيبه البراق وتاجه

ص:766


1- (1) - الهراوة: العصا أو العصا الضخمة كهراوة الفأس والمعول (أقرب الموارد).

والمصحف الذي جمعه امير المؤمنين (عليه السّلام) بغير تغيير ولا تبديل فيحضر له السفط الذي فيه جميع ما طلبه.

وقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّه كان كلّه في السفط، وتركات جميع النبيّين حتّى عصا آدم ونوح وتركة هود وصالح ومجموع إبراهيم وصاع يوسف ومكيال شعيب وميزانه، وعصى موسى وتابوته الّذي فيه بقيّة ما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة، ودرع داود وخاتمه، وخاتم سليمان وتاجه، ورحل عيسى وميراث النبيّين والمرسلين في ذلك السّفط.

وعند ذلك يقول الحسني: يابن رسول اللّه اقض ما قد رأيته والذي أسألك أن تغرز هراوة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في هذا الحجر الصّلد وتسأل اللّه أن ينبتها فيه، ولا يريد بذلك إلاّ أن يري أصحابه فضل المهديّ (عليه السّلام) حتّى يطيعوه ويبايعوه، فيأخذ المهديّ (عليه السّلام) الهراوة فيغرزها فتنبت فتعلوا وتفرع وتورق، حتّى تظلّ عسكر الحسني.

فيقول الحسني: اللّه أكبر يابن رسول اللّه، مدّ يدك حتّى ابايعك فيبايعه الحسني وسائر عسكره إلاّ الأربعة آلاف [من] أصحاب المصاحف والمسوح الشعر(1) المعروفون بالزيديّة فانهم يقولون: ما هذا إلاّ سحر عظيم.

(ثمّ ساق الحديث إلى قوله: إن أنصفتم من أنفسكم وأنصفتموه

ص:767


1- (1) - المسوح: ما يلبس من نسيج الشعر على البدن تقشّفا وقهرا للجسد، وكان فيما سبق ثوب الرهبان (أقرب الموارد).

نحوا ممّا مرّ ولم يذكر بعده شيئا)(1).

البحار - بيان: «الهود» التوبة والرّجوع إلى الحقّ ، وصبا يصبو:

أي مال وصبأ بالهمز أي خرج من دين إلى دين.

واعلم أن تاريخ الولادة مخالف لما مرّ والمشهور أنّ سرّ من رأى بناها المعتصم ولعلّ المتوكل أتمّ بناءها وتعميرها فلذا نسبت إليه، وقال الفيروزآباديّ : سرّ من رأى - بضمّ السّين والراء - أي سرور وبفتحهما وبفتح الاوّل وضمّ الثاني وسامرّا ومدّه البحتريّ في الشعر أو كلاهما لحن وساء من رأي بلد، لمّا شرع في بنائه المعتصم ثقل ذلك على عسكره فلمّا انتقل بهم إليها سرّ كلّ منهم برؤيتها فلزمها هذا الاسم.

قوله: «فبغير سنّة القائم» لعلّ المعنى أنّ الحسين (عليه السّلام) كيف يظهر قبل القائم (عليه السّلام) بغير سنّته فأجاب (عليه السّلام) بأنّ ظهوره بعد القائم إذ كل بيعة قبله ضلالة.

قوله (عليه السّلام): «فها أنا ذا آدم» يعني في علمه وفضله وأخلاقه الّتي بها تتّبعونه وتفضّلونه، وشحب لونه كجمع ونصر وكرم وعني: تغيّر، قوله (عليه السّلام): «ويلزمهما إيّاه» أقول: العلّة والسبب في إلزام ما تأخّر عنهما من الآثام عليهما ظاهر، لأنّهما بمنع أمير المؤمنين (عليه السّلام) عن حقّه، ودفعه عن مقامه، صارا سببين لاختفاء سائر الائمّة ومغلوبيّتهم، وتسلّط أئمّة الجور وغلبتهم إلى زمان القائم (عليه السّلام) وصار ذلك سببا لكفر من كفر، وضلال من ضلّ ، وفسق من فسق، لانّ الامام مع اقتداره واستيلائه وبسط يده يمنع من جميع ذلك، وعدم تمكن أمير المؤمنين (صلوات اللّه عليه) من

ص:768


1- (1) - مختصر بصائر الدرجات: ص 178. منه البحار: ج 53 ص 35.

بعض تلك الامور في أيّام خلافته إنّما كان لما أسّساه من الظلم والجور.

وأمّا ما تقدّم عليهما، فلانّهما كانا راضيين بفعل من فعل مثل فعلهما من دفع خلفاء الحقّ عن مقامهم، وما يترتّب على ذلك من الفساد، ولو كانا منكرين لذلك لم يفعلا مثل فعلهم، وكلّ من رضي بفعل فهو كمن أتاه، كما دلّت عليه الآيات الكثيرة، حيث نسب اللّه تعالى فعال آباء المهود إليهم، وذمّهم عليها لرضاهم بها وغير ذلك، واستفاضت به أخبار الخاصّة والعامّة.

على أنّه لايبعد أن يكون لارواحهم الخبيثة مدخلا في صدور تلك الامور عن الاشقياء كما أنّ أرواح الطيّبين من أهل بيت الرّسالة، كانت مؤيّدة للأنبياء والرّسل، معينة لهم في الخيرات، شفيعة لهم في رفع الكربات، كما مر في كتاب الامامة.

ومع صرف النّظر عن جميع ذلك يمكن أن يأوّل بأنّ المراد إلزام مثل فعال هؤلاء الاشقياء عليهما، وأنّهما في الشقاوة مثل جميعهم لصدور مثل أفعال الجميع عنهما.

قوله: «والمنادي من حول الضّريح» أي أجيبوا وانصروا أولاد الرسول (صلّى اللّه عليه وآله) الملهوفين المنادين حول ضريح جدّهم.

قوله (عليه السّلام): «والخاف» أي الجبل المطيف بالدّنيا، ولا يبعد أن يكون تصحيف القاف، والجزل بالفتح ما عظم من الحطب ويبس، والرّكل الضّرب بالرّجل وكذا الرّفس.

قوله: «لداعيها» أي للدّاعي فيها إلى الحقّ «ولا يجاب مناديها» أي المستغيث فيها، و «لايخالف واليها» أي يطاع والي تلك الفتنة في كلّ ما يريد والجحجاح: السيّد قوله: «جوانبها» لعلّه بدل بعض، وكذا نظائره.

ص:769

قوله (عليه السّلام): قال اللّه (عزّوجلّ ): (فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ) لعلّه (عليه السّلام) فسّر قوله تعالى: (إِلاّٰ مٰا شٰاءَ رَبُّكَ ) بزمان الرّجعة بأن يكون المراد بالجنّة والنار، ما يكون في عالم البرزخ، كما ورد في خبر آخر واستدلّ (عليه السّلام) بها على أنّ هذا الزمان منوط بمشيّة اللّه كما قال تعالى، غير معلوم للخلق على التعيين، وهذا أظهر الوجوه الّتي ذكروها في تفسير هذه الآية.

باب (48) الإمام المهدي عليه السّلام في مواجهة المتأوّلين

6185 - غيبة النعماني: أخبرنا أبو العبّاس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا محمّد بن المفضّل بن ابراهيم قال: حدثني محمد بن عبداللّه بن زرارة، عن محمّد بن مروان، عن الفضيل بن يسار قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام استقبل من جهل(1) الناس أشدّ ممّا استقبله رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) من جهّال الجاهليّة.

قلت: وكيف ذاك ؟

قال: إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أتى الناس وهم يعبدون الحجارة والصخور والعيدان(2) والخشب المنحوتة، وإنّ قائمنا إذا قام أتى الناس وكلّهم يتأوّل عليه كتاب اللّه، [و] يحتجّ عليه به، ثمّ

ص:770


1- (1) - جهلة - البحار.
2- (2) - العيدان جمع العود: وهو الخشب. (أقرب الموارد).

قال: أما واللّه ليدخلنّ عليهم عدله جوف بيوتهم كما يدخل الحرّ والقرّ(1) و(2).

6186 - غيبة النعماني: أخبرنا محمّد بن همّام قال: حدثنا حميد ابن زياد الكوفي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن سماعة قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن محمّد بن أبي حمزة، عن بعض أصحابه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: سمعته يقول: القائم (عليه السّلام) يلقى في حربه ما لم يلق رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أتاهم وهم يعبدون حجارة منقورة(3) وخشبا منحوتة، وإنّ القائم يخرجون عليه فيتأوّلون عليه كتاب اللّه ويقاتلونه عليه(4).

باب (49) سيرة الإمام المهدي عليه السّلام

6187 - غيبة النعماني: أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن رباح قال: حدثنا أحمد بن عليّ الحميريّ قال: حدثني الحسن بن أيوب، عن عبدالكريم بن عمرو قال:

حدثنا أحمد بن الحسن بن أبان قال: حدثنا عبداللّه بن عطاء المكيّ ، عن شيخ من الفقهاء - يعني أبا عبداللّه (عليه السّلام) - قال: سألته عن

ص:771


1- (1) - القر - بالضم -: البرد. (أقرب الموارد).
2- (2) - غيبة النعماني: ص 296 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 362.
3- (3) - نقر الحجر والخشب: نقبه وحفره. (أقرب الموارد).
4- (4) - غيبة النعماني: ص 297 ح 3. منه البحار: ج 52 ص 362.

سيرة المهديّ كيف سيرته ؟

فقال: يصنع كما صنع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يهدم ما كان قبله، كما هدم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أمر الجاهليّة ويستأنف الاسلام جديدا(1).

6188 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم، والحسن بن عليّ ، عن أبي خديجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قام القائم جاء بأمر غير الّذي كان(2).

6189 - الإرشاد: روى أبو خديجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قام القائم (عليه السّلام) جاء بأمر جديد كما دعى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) في بدو الاسلام إلى أمر جديد(3).

6190 - إكمال الدين: حدثنا جعفر بن علي بن الحسن بن علي ابن عبداللّه بن المغيرة الكوفي (رضي اللّه عنه) قال: حدثني جدّي الحسن بن علي، عن جدّه عبداللّه بن المغيرة، عن اسماعيل بن مسلم، عن الصادق جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): إنّ الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا [كما بدأ](4) فطوبى للغرباء(5).

غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثنا

ص:772


1- (1) - غيبة النعماني: ص 230 ح 13. منه البحار: ج 52 ص 352.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 282. منه البحار: ج 52 ص 332.
3- (3) - الارشاد: ص 364. منه البحار: ج 52 ص 338.
4- (4) - ما بين المعقوفتين من البحار.
5- (5) - إكمال الدين: ص 201 ح 44.

محمد بن المفضل بن ابراهيم قال: حدثنا محمد بن عبداللّه بن زرارة، عن سعيد بن أبي عمر [و](1) الجلاّب، عن جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) قال: ان الاسلام... وذكر مثله(2).

إكمال الدين: حدثنا المظفر بن جعفر بن المظفر العلوي العمري السمرقندي (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا جعفر بن محمد بن مسعود، عن أبيه محمد بن مسعود، عن جعفر بن أحمد العمركي بن علي البوفكي، عن الحسن بن علي بن فضال، عن علي بن موسى الرضا، عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمّد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله):.... وذكر مثله(3).

البحار - بيان: قال الجزريّ فيه: إنّ الاسلام بدا غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء أي إنّه كان في أوّل أمره كالغريب الوحيد الّذي لا أهل له عنده لقلّة المسلمين يومئذ وسيعود غريبا كما كان أي يقلّ المسلمون في آخر الزّمان فيصيرون كالغرباء فطوبى للغرباء أي الجنّة لاولئك المسلمين الّذين كانوا في أوّل الاسلام، ويكونون في آخره، وإنّما خصهّم بها لصبرهم على أذى الكفّار أوّلا وآخرا ولزومهم دين الاسلام.

6191 - غيبة النعماني: أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس

ص:773


1- (1) - سعيد بن عمر - البحار.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 321 ح 4.
3- (3) - اكمال الدين: ص 201 ح 45. منهما البحار: ج 52 ص 191.

قال: حدثنا محمّد بن جعفر القرشيّ قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب قال: حدثنا محمّد بن سنان، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء.

فقلت: اشرح لي هذا أصلحك اللّه ؟

فقال: [ممّا] يستأنف الدّاعي منّا دعاء جديدا كما دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

وأخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بهذا الاسناد، عن محمد بن سنان، عن الحسين بن مختار، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(1).

شرح الاخبار: عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: ان الاسلام.... وذكر نحوه(2).

6192 - غيبة النعماني: حدثنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عليّ بن رباح الزهريّ قال: حدثنا محمد بن العباس بن عيسى الحسنيّ ، عن الحسن بن عليّ البطائنيّ ، عن شعيب الحدّاد، عن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): أخبرني عن قول أمير المؤمنين (عليه السّلام): إنّ الإسلام بدأ غريبا وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء.

فقال: يا أبا محمّد إذا قام القائم (عليه السّلام) استأنف دعاء جديدا كما دعا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

ص:774


1- (1) - غيبة النعماني: ص 321 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 366.
2- (2) - شرح الاخبار: ج 3 ص 371 ح 1241.

قال: فقمت إليه وقبّلت رأسه وقلت: أشهد أنّك إمامي في الدّنيا والآخرة اوالي وليّك، واعادي عدوّك، وأنّك وليّ اللّه، فقال:

رحمك اللّه(1).

6193 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبداللّه بن عبدالرحمن، عن مالك ابن عطيّة، عن أبان بن تغلب قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام):

دمان في الإسلام حلال من اللّه لا يقضي فيهما أحد حتّى يبعث اللّه قائمنا أهل البيت، فاذا بعث اللّه (عزّوجلّ ) قائمنا أهل البيت حكم فيهما بحكم اللّه لايريد عليهما بيّنة: الزّاني المحصن يرجمه ومانع الزكاة يضرب عنقه.

عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد بن خالد، عن محمّد بن عليّ ، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم، عن مالك بن عطيّة، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(2).

اكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب قال:

قال أبو عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر نحوه(3).

6194 - الخصال: حدثنا عليّ بن أحمد بن موسى (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا حمزة بن القاسم العلويّ قال: حدثنا محمّد بن

ص:775


1- (1) - غيبة النعماني: ص 322 ح 5. منه البحار: ج 52 ص 367.
2- (2) - الكافي: ج 3 ص 503 ح 5.
3- (3) - اكمال الدين: ص 671 ح 21.

عبداللّه بن عمران البرقيّ ، قال: حدثنا محمّد بن عليّ الهمدانيّ ، عن عليّ بن أبي حمزة [عن أبيه](1)، عن أبي عبداللّه وأبي الحسن (عليهما السّلام) قالا: لو قد قام القائم لحكم بثلاث لم يحكم بها أحد قبله:

يقتل الشيخ الزّاني، ويقتل مانع الزكاة، ويورث الاخ أخاه في الاظلّة(2) و(3).

6195 - من لا يحضره الفقيه: قال الصادق (عليه السّلام): ان اللّه (تبارك وتعالى) آخى بين الارواح في الاظلّة قبل ان يخلق الاجساد بألفي عام فلو قد قام قائمنا أهل البيت ورّث الاخ الذي اخى بينهما في الاظلّة ولم يورث الاخ في الولادة(4).

الهداية: قال الصادق (عليه السّلام): ان اللّه (عزّوجلّ ) آخى.... وذكر نحوه(5).

6196 - غيبة النعماني: أخبرنا علي بن الحسين قال: حدثني محمد بن يحيي العطّار، عن محمّد بن حسان الرازي، عن محمّد بن عليّ الكوفيّ ، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم، عن أبي خديجة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إنّ عليا (عليه السّلام) قال: كان لي أن أقتل المولّي واجهز على الجريح(6)، ولكنّي تركت ذلك للعاقبة من

ص:776


1- (1) - ما بين المعقوفتين من البحار.
2- (2) - يعني عالم الأظلّة والأشباح وهو عالم الذر. «هامش المصدر».
3- (3) - الخصال: ص 169 ح 223. منه البحار: ج 52 ص 309.
4- (4) - من لايحضره الفقيه: ج 4 ص 352 ح 5761.
5- (5) - الهداية: ص 87.
6- (6) - المولّي - بصيغة اسم الفاعل - هو الذي يولي دبره حين القتال ويفر من ساحة الحرب، والإجهاز على الجريح إتمام قتله.

أصحابي إن جرحوا لم يقتلوا، والقائم له أن يقتل المولّي ويجهز على الجريح(1).

6197 - التهذيب: محمد بن الحسن الصفار، عن محمد بن عبدالجبار، عن ابن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن بن هارون بياع الانماط قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) جالسا فسأله معلى بن خنيس: أيسير القائم بخلاف سيرة علي (عليه السّلام)؟

قال: نعم، وذلك ان عليا (عليه السّلام) سار بالمن والكفّ لانه علم أن شيعته سيظهر عليهم(2)، وان القائم إذا قام سار فيهم بالسيف والسبي(3)، وذلك انه يعلم ان شيعته لم يظهر عليهم من بعده ابدا(4).

غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال:

حدثنا عليّ بن الحسن، عن محمّد بن خالد، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن بن هارون بيّاع الانماط نحوه(5).

علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه قال: حدثنا أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن الحسن بن هارون قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) جالسا... وذكر نحوه(6).

ص:777


1- (1) - غيبة النعماني: ص 231 ح 15. منه البحار: ج 52 ص 353.
2- (2) - سيظهر عليهم عدوهم من بعده - علل الشرايع.
3- (3) - بالبسط والسّبي - علل الشرايع.
4- (4) - التهذيب: ج 6 ص 154 ح 71.
5- (5) - غيبة النعماني: ص 232 ح 16.
6- (6) - علل الشرايع: ص 210 ح 1.

6198 - بصائر الدرجات: حدثنا أحمد بن محمّد، عن ابن سنان، عن رفيد مولى أبي هبيرة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

قال لي: يا رفيد كيف أنت إذا رأيت أصحاب القائم قد ضربوا فساطيطهم في مسجد الكوفة، ثمّ أخرج المثال الجديد، على العرب شديد.

قال: قلت: جعلت فداك ما هو؟

قال: الذّبح.

قال: قلت: بأيّ شيء يسير فيهم، بما سار عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) في أهل السواد؟

قال: لا يارفيد إنّ عليا (عليه السّلام) سار بما في الجفر الأبيض، وهو الكفّ ، وهو يعلم أنّه سيظهر على شيعته من بعده وإنّ القائم يسير بما في الجفر الاحمر وهو الذّبح، وهو يعلم أنّه لايظهر على شيعته(1).

أقول: المثال والمثل يطلق على القضية المستحسنة أو المستغربة.

قال - في مجمع البحرين -: (العرب قد تسمّي الصفة والقصة الرائمة - لاستحسانها أو لاستغرابها -: مثلا: فتشبّه ببعض الامثال لكونها مستحسنة).

اذا: الظاهر من الحديث الشريف ان المثال بمعنى السيرة التي يسير عليها أصحاب الامام المهدي (عليه السّلام) وهي جديدة، على العرب شديدة. وهذه السيرة هي التي فسّرها الامام (عليه السّلام) بالذبح، بعد سؤال الراوي منه. واللّه العالم.

6199 - بصائر الدرجات: حدثنا حمزة بن يعلى، عن محمّد بن

ص:778


1- (1) - بصائر الدرجات: ص 175 ح 13. منه البحار: ج 52 ص 318.

الفضيل، عن الربعيّ ، عن رفيد مولى أبي هبيرة(1) قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): جعلت فداك يابن رسول اللّه يسير القائم بسيرة عليّ بن أبي طالب في أهل السواد؟

فقال: لا، يا رفيد إنّ عليّ بن أبي طالب سار في أهل السواد بما في الجفر الأبيض، وإنّ القائم يسير في العرب بما في الجفر الاحمر.

قال: فقلت: جعلت فداك وما الجفر الاحمر؟

قال: فأمرّ أصبعه على حلقه فقال: هكذا يعني الذّبح.

ثمّ قال: يا رفيد إنّ لكلّ أهل بيت مجيبا(2) شاهدا عليهم شافعا لامثالهم(3).

6200 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه) حدثنا الحسين بن أحمد المالكيّ قال: حدثنا محمّد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن سورة بن كليب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَدٰاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) (4) فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): امرت بالتقيّة، فسارّ بها عشرا حتّى امر أن يصدع بما امر(5)، وامر بها عليّ (عليه السّلام)، فسارّ بها حتّى امر أن يصدع بها، ثمّ أمر الائمّة بعضهم بعضا فسارّوا

ص:779


1- (1) - ابن هبيرة - البحار.
2- (2) - نجيبا - البحار.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 172 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 313.
4- (4) - فصّلت 41:34.
5- (5) - صدع بالامر: جاهر به مصرّحا. (أقرب الموارد).

بها، فإذا قام قائمنا سقطت التقيّة وجرّد السيف، ولم يأخذ من الناس ولم يعطهم إلاّ بالسيف(1).

6201 - غيبة النعماني: أخبرنا عليّ بن الحسين قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، عن محمّد بن حسّان الرازي، عن محمّد بن عليّ الكوفي، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: ما تستعجلون بخروج القائم ؟!! فواللّه ما لباسه إلّا الغليظ، ولا طعامه إلاّ الجشب(2)، وما هو إلاّ السيف والموت تحت ظلّ السيف(3).

غيبة الطوسي: الفضل، عن عبدالرحمن بن أبي هاشم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:.... وذكر مثله(4).

6202 - قرب الاسناد: هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السّلام)، إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) أمر بالنزول على أهل الذمة ثلاثة أيّام وقال: إذا قام قائمنا اضمحلّت القطائع(5) فلا قطائع(6).

ص:780


1- (1) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 539 ح 13. منه البحار: ج 24 ص 47.
2- (2) - الجشب من الطعام: الغليظ الخشن وقيل هو ما لا ادم فيه. (أقرب الموارد). وفي غيبة الطوسي: وما طعامه إلاّ الشعير الجشب.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 233 ح 20.
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 277. منهما البحار: ج 52 ص 354.
5- (5) - القطائع: اسم لما لاينقل من المال كالقرى والأراضي والابراج والحصون ومنه الحديث: «قطائع الملوك كلها للامام» (مجمع البحرين).
6- (6) - قرب الاسناد: ص 39. منه البحار: ج 52 ص 309.

باب (50) الإمام المهدي عليه السّلام يعرف حقيقة الناس

6203 - البحار: روي السيد علي بن عبدالحميد في كتاب (الغيبة) باسناده الى ابن تغلب، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

إذا خرج القائم (عليه السّلام) لم يبق بين يديه أحد إلاّ عرفه صالح أو طالح(1).

6204 - الإرشاد: روي عبداللّه بن عجلان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قام قائم آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله) حكم بين الناس بحكم داود (عليه السّلام) لا يحتاج إلى بيّنة، يلهمه اللّه تعالى فيحكم بعلمه، ويخبر كلّ قوم بما استبطنوه(2)، ويعرف وليّه من عدوّه بالتوسّم قال اللّه سبحانه: (إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَآيٰاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ * وَ إِنَّهٰا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ ) (3).

6205 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمّد بن الحسن الصفار، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن أبان بن عثمان، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا قام القائم (عليه السّلام) لم يقم بين يديه أحد من خلق الرّحمن إلّا عرفه صالح

ص:781


1- (1) - البحار: ج 52 ص 389 ح 208.
2- (2) - إستبطن أمره: عرف باطنه. (أقرب الموارد).
3- (3) - الإرشاد: ص 365، والآية في سورة الحجر 15:75 و 76. منه البحار: ج 52 ص 339.

هو أم طالح(1)؟ لانّ فيه آية للمتوسّمين وهي بسبيل مقيم(2) و(3).

باب (51) الملائكة في جيش الإمام المهدي عليه السّلام

6206 - إكمال الدين: بهذا الاسناد، عن أبان بن تغلب قال:

قال ابو عبداللّه (عليه السّلام): كأنّي أنظر إلى القائم (عليه السّلام) على ظهر النجف فإذا استوي على ظهر النجف ركب فرسا أدهم أبلق(4)بين عينيه شمراخ(5) ثمّ ينتفض به فرسه، فلا يبقى أهل بلدة إلاّ وهم يظنّون أنّه معهم في بلادهم، فإذا نشر راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) انحطّ عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثة عشر ملكا كلّهم ينتظر القائم (عليه السّلام).

وهم الّذين كانوا مع نوح (عليه السّلام) في السفينة، والّذين كانوا مع إبراهيم الخليل (عليه السّلام) حيث القي في النار، وكانوا مع عيسى (عليه السّلام) حيث رفع، وأربعة الاف مسوّمين ومردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا يوم بدر، وأربعة الاف ملك الّذين هبطوا يريدون القتال مع الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) فلم يؤذن لهم،

ص:782


1- (1) - الطالح من الرجال: خلاف الصالح. (مجمع البحرين).
2- (2) - وهي السبيل المقيم - البحار.
3- (3) - إكمال الدين: ص 671 ح 20. منه البحار: ج 52 ص 325.
4- (4) - الادهم: الاسود. (أقرب الموارد).
5- (5) - الشمراخ: غرّة الفرس إذا دقّت وسالت وجلّلت الخيشوم ولم تبلغ الجحفلة. والجحفلة: لذي الحافر كالشفة للانسان (اقرب الموارد).

فصعدوا في الاستيذان وهبطوا وقد قتل الحسين (عليه السّلام) فهم شعث غبر يبكون عند قبر الحسين (عليه السّلام) إلى يوم القيامة، وما بين قبر الحسين (عليه السّلام) إلى السماء مختلف الملائكة(1).

6207 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدّثنا علي بن الحسن التيمليّ ، قال: حدثنا الحسن ومحمّد ابنا عليّ بن يوسف، عن سعدان بن مسلم، عن عمربن أبان الكلبيّ ، عن أبان بن تغلب قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: كأنّي أنظر إلى القائم على نجف الكوفة عليه خوخة(2) من استبرق ويلبس درع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم) فاذا لبسها انتفضت به حتى تستدير عليه ثم يركب فرسا له أدهم أبلق بين عينيه شمراخ بيّن، معه راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله).

قلت: مخبوة أو يؤتى بها؟

قال: بل يأتيه بها جبرئيل عمودها من عمد عرش اللّه وسايرها من نصر اللّه، لا يهوى بها إلى شيء إلاّ أهلكه اللّه يهبط بها تسعة آلاف ملك، وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا.

فقلت له: جعلت فداك كلّ هؤلاء معه ؟

قال: نعم هم الّذين كانوا مع نوح في السفينة. والّذين كانوا مع ابراهيم حيث القي في النار. وهم الذين كانوا مع موسى لمّا فلق له البحر. والذين كانوا مع عيسى لمّا رفعه اللّه إليه، وأربعة آلاف مسوّمين كانوا مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، وثلاثمائة وثلاثة

ص:783


1- (1) - إكمال الدين: ص 671 ج 22. منه البحار: ج 52 ص 325.
2- (2) - الخوخة: ضرب من الثياب اخضر. (اقرب الموارد).

عشر ملكا كانوا معه يوم بدر، ومعهم أربعة آلاف صعدوا إلى السمإء يستأذنون في القتال مع الحسين (عليه السّلام) فهبطوا إلى الارض وقد قتل، فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة، وهم ينتظرون خروج القائم (عليه السّلام)(1).

6208 - كامل الزيارات: حدثني الحسين بن محمّد بن عامر، عن أحمد بن إسحاق بن سعد، عن سعدان بن مسلم، عن عمر بن أبان، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كأنّي بالقائم (عليه السّلام) على نجف الكوفة، وقد لبس درع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، فينتفض(2) هو بها فتستدير عليه، فيغشيها بحداجة من استبرق، ويركب فرسا أدهم بين عينيه شمراخ، فينتفض به انتفاضة لايبقى أهل بلد إلاّ وهم يرون أنّه معهم في بلادهم فينشر راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عمودها من عمود العرش، وسائرها من نصر اللّه، لايهوي بها إلى شيء أبدا إلاّ هتكه اللّه، فإذا هزّها لم يبق مؤمن إلّا صار قلبه كزبر الحديد، ويعطى المؤمن قوّة أربعين رجلا ولا يبقى مؤمن [ميّت] إلاّ دخلت عليه تلك الفرحة في قبره، وذلك حيث يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم فينحطّ عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكا.

قلت: كلّ هؤلاء الملائكة ؟

قال: نعم الّذين كانوا مع نوح في السفينة، والّذين كانوا مع إبراهيم (عليه السّلام) حين القي في النار، والّذين كانوا مع موسى

ص:784


1- (1) - غيبة النعماني: ص 309 ح 4.
2- (2) - النفض: التحريك السان العرب). والمعنى أنّه (عليه السّلام) يلبس الدرع فتوافقه.

حين فلق البحر لبني إسرائيل، والّذين كانوا مع عيسى حين رفعه اللّه إليه. وأربعة الاف ملك مع النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) مسوّمين وألف مردفين(1) وثلاثمائة وثلاثة عشر ملائكة بدريّين، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين [بن علي] (عليهما السّلام) فلم يؤذن لهم في القتال فهم عند قبره شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة، ورئيسهم ملك يقال له: منصور فلا يزوره زائر إلاّ استقبلوه ولا يودّعه مودعّ إلاّ شيّعوه، ولا يمرض مريض إلاّ عادوه، ولا يموت ميّت إلاّ صلّوا على جنازته، واستغفروا له بعد موته، وكلّ هؤلاء في الارض ينتظرون قيام القائم (عليه السّلام) الى وقت خروجه (عليه صلوات اللّه)(2).

غيبة النعماني: أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال:

حدثنا محمّد بن جعفر القرشيّ قال: حدثنا أبو جعفر الهمداني قال:

حدثنا موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم الحضرمي، عن عمر ابن أبان، الكلبي، عن أبان بن تغلب قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كأنّي بالقائم.... وذكر نحوه(3).

البحار - بيان: الحداجة لم أر لها معنى مناسبا وفي غيبة النعماني الخداعة، وهي أيضا كذلك ولا يبعد أن يكون من الخدع والستر أي الثوب الذي يستر الدرع أو يخدع الناس لكون الدرع مستورا تحته ويمكن أن يكون الأوّل مصحّف الخلاجة، والخلاّج نوع من البرود لها خطط، وكونه من استبرق لا يخلو من اشكال ولعلّه محمول على ما

ص:785


1- (1) - مسوّمين: أي معلّمين بعلامة يعرفون بها في الحرب. ومردفين: أي متبعين بعضهم لبعض (مجمع البحرين).
2- (2) - كامل الزيارات: ص 119 ح 5.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 310 ح 5. منهما البحار: ج 52 ص 328.

كان مخلوطا بالقطن.

6209 - العدد القوية: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): كأنّني بالقائم (عليه السّلام) على ظهر النّجف لابس درع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيتقلّص عليه، ثمّ ينتفض بها فيستدير عليه، ثمّ يغشي الدّرع بثوب إستبرق(1) ثمّ يركب فرسا له أبلق بين عينيه شمراخ، ينتفض به، لايبقى أهل بلد إلاّ أتاهم نور ذلك الشمراخ حتّى يكون آية له، ثمّ ينشر راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) إذا نشرها أضاء لها ما بين المشرق والمغرب(2).

6210 - الإرشاد: روي المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت أبا عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) يقول: إذا أذن اللّه تعالى للقائم في الخروج صعد المنبر، فدعى الناس إلى نفسه وناشدهم باللّه ودعاهم إلى حقّه، وأن يسير فيهم بسنة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ويعمل فيهم بعمله، فيبعث اللّه (جلّ جلاله) جبرئيل حتّى يأتيه فينزل على الحطيم يقول: إلى أيّ شيء تدعو؟

فيخبره القائم (عليه السّلام) فيقول جبرئيل: أنا أوّل من يبايعك أبسط يدك، فيمسح على يده، وقد وافاه ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا فيبايعونه ويقيم بمكة حتّى يتمّ أصحابه عشرة آلاف نفس ثمّ يسير منها إلى المدينة(3).

ص:786


1- (1) - الاستبرق: يقال هو أغلظ من الحرير والابريسم، والسندس رقيقه. (مجمع البحرين).
2- (2) - لعدد القويّة: ص 74 ح 124. منه البحار: ج 52 ص 391.
3- (3) - الإرشاد: ص 363. منه البحار: ج 52 ص 337.

6211 - غيبة النعماني: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة قال:

حدثنا ابراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد الانصاري، عن علي بن أبي حمزة قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا قام القائم (صلوات اللّه عليه) نزلت ملائكة بدر وهم خمسة آلاف(1) ثلث على خيول شهب(2)، وثلث على خيول بلق(3)، وثلث على خيول حوّ.

قلت: وما الحوّ؟

قال: هي الحمر(4).

باب (52) كيف يجب أن يكون الحاكم ؟

6212 - الكافي: عليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد بن عثمان، عن المعلّى بن خنيس قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام) يوما: جعلت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم.

فقال: هيهات يا معلّى أما واللّه أن لو كان ذاك ما كان إلاّ سياسة اللّيل، وسياحة النهار، ولبس الخشن، وأكل الجشب، فزوي ذلك عنّا،

ص:787


1- (1) - نزلت الملائكة بثلاثمائة وثلاثة عشر - البحار.
2- (2) - الشهب: بياض يصدعه، أي يتخلّله سواد. (أقرب الموارد).
3- (3) - البلق - بالتحريك -: سواد في بياض. (مجمع البحرين).
4- (4) - غيبة النعماني: ص 244 ح 44. منه البحار: ج 52 ص 356.

فهل رأيت ظلامة قطّ صيّرها اللّه تعالى نعمة إلاّ هذه(1).

6213 - غيبة النعماني: حدّثنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدّثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة الباهليّ قال: حدثنا ابراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد الأنصاري، عن المفضّل بن عمر قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) بالطّواف، فنظر إليّ وقال لي: يا مفضّل مالي أراك مهموما متغيّر اللّون ؟

قال: فقلت له: جعلت فداك نظري إلى بني العباس، وما في أيديهم من هذا الملك والسلطان والجبروت، فلو كان ذلك لكم لكنّا فيه معكم.

فقال: يا مفضّل أما لو كان ذلك لم يكن إلاّ سياسة اللّيل، وسباحة النّهار(2)، وأكل الجشب، ولبس الخشن، شبه أمير المؤمنين (عليه السّلام) وإلاّ فالنار، فزوي ذلك عنّا فصرنا نأكل ونشرب، وهل رأيت ظلامة جعلها اللّه نعمة مثل هذا(3).

البحار - بيان: «إلاّ سياسة اللّيل» أي سياسة الناس وحراستهم عن الشرّ باللّيل ورياضة النفس فيها بالاهتمام لامور الناس، وتدبير معاشهم ومعادهم، مضافا إلى العبادات البدنيّة، وفي النهاية:

ص:788


1- (1) - الكافي: ج 1 ص 410 ح 2.
2- (2) - قوله: «وسباحة النّهار» بالباء الموحدة من قوله تعالى: (إِنَّ لَكَ فِي النَّهٰارِ سَبْحاً طَوِيلاً) - المزمل 73:7 - أي تصرفا وتقلبا في المهمات والمشاغل والاهتمام بأمور الخلق وتدبير شؤونهم الإجتماعية وما يعيشون به «هامش المصدر». وفي البحار: سياحة النّهار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 286 ح 7. منه البحار: ج 52 ص 359.

السياسة: القيام على الشيء بما يصلحه، و «سياحة النّهار» بالدعوة إلى الحقّ والجهاد والسعي في حوائج المؤمنين، والسير في الارض لجميع ذلك، والسياحة بمعنى الصوم كما قيل غير مناسب هنا.

«فزوي» أي صرف وابعد، «فهل رأيت» تعجّب منه (عليه السّلام) في صيرورة الظلم عليهم نعمة لهم، وكأنّ المراد بالظلامة هنا الظلم. وفي القاموس: المظلمة - بكسر اللام - وكثمامة ما تظلّمه الرجل.

6214 - البحار: دعوات الراوندي - قال المعلّى بن خنيس: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): لو كان هذا الأمر إليكم لعشنا معكم.

فقال: واللّه لو كان هذا الأمر إلينا لما كان إلاّ أكل الجشب ولبس الخشن.

وقال (عليه السّلام) للمفضّل بن عمر: لو كان هذا الامر إلينا لما كان إلاّ عيش رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وسيرة أمير المؤمنين (عليه السّلام)(1).

6215 - غيبة النعماني: اخبرنا أبو سليمان قال: حدثنا إبراهيم ابن اسحاق قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد، عن عمرو بن شمر قال:

كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) في بيته والبيت غاصّ بأهله فأقبل الناس يسألونه فلا يسال عن شيء إلاّ أجاب فيه، فبكيت من ناحية البيت فقال: ما يبكيك يا عمرو؟

قلت: جعلت فداك وكيف لا أبكي وهل في هذه الأمّة مثلك والباب مغلق عليك والستر مرخى عليك ؟

ص:789


1- (1) - البحار؟ ج 52 ص 340 ح 88.

فقال: لاتبك يا عمرو نأكل أكثر الطيّب، ونلبس اللّين ولو كان الّذي تقول لم يكن إلاّ أكل الجشب، ولبس الخشن، مثل أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وإلاّ فمعالجة(1) الاغلال في النار(2).

باب (53) كيفيّة السلام على الإمام المهدي عليه السّلام

6216 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن جعفر بن محمّد قال:

حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري، عن عمر بن زاهر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ساله رجل عن القائم يسلّم عليه بإمرة المؤمنين ؟

قال: لا، ذاك اسم سمّى اللّه به أمير المؤمنين (عليه السّلام)، لم يسمّ به أحد قبله ولا يتسمّى به بعده إلاّ كافر.

قلت: جعلت فداك كيف يسلّم عليه ؟

قال: يقولون: السلام عليك يا بقيّة اللّه، ثمّ قرأ: (بَقِيَّتُ اللّٰهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (3).

تفسير فرات الكوفي: فرات قال: حدثني جعفر بن محمّد الفزاري معنعنا عن عمر بن زاهر قال: قال رجل لجعفر بن محمّد (عليهما السّلام): نسلّم على القائم بامرة المؤمنين.... وذكر نحوه(4).

ص:790


1- (1) - المعالجة: الممارسة والمزاولة (مجمع البحرين). والمراد مصاحبته للاغلال في النار.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 287 ح 8. منه البحار: ج 52 ص 360.
3- (3) - الكافي: ج 1 ص 411 ح 2، والآية في سورة هود 11:86.
4- (4) - تفسير فرات الكوفي: ص 193 ح 249.

باب (54) مسجد الكوفة في عصر الإمام المهدي عليه السّلام

6217 - الإرشاد: في رواية المفضل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إذا قام قائم آل محمّد (عليهم السّلام) بنى في ظهر الكوفة مسجدا له ألف باب واتّصلت بيوت أهل الكوفة بنهري كربلاء(1) و(2).

باب (55) الحياة الحضارية في عصر الإمام المهدي عليه السّلام

6218 - غيبة الطوسي: اخبرنا جماعة، عن التلعكبري، عن عليّ بن حبشيّ ، عن جعفر بن مالك، عن أحمد بن أبي نعيم، عن إبراهيم بن صالح، عن محمّد بن غزال، عن مفضّل بن عمر قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الارض بنور ربّها، واستغنى الناس، ويعمّر الرّجل في ملكه حتّى يولد له ألف ذكر، لا يولد فيهم انثى، ويبني في ظهر الكوفة مسجدا له ألف باب وتتّصل بيوت الكوفة بنهر كربلاء وبالحيرة، حتّى يخرج الرّجل يوم الجمعة على بغلة سفواء(3) يريد الجمعة فلا يدركها(4).

ص:791


1- (1) - بنهر كربلاء - البحار.
2- (2) - الإرشاد: ص 362. منه البحار: ج 52 ص 337.
3- (3) - البغلة السفواء: سريعة المرّ كالريح. (أقرب الموارد).
4- (4) - غيبة الطوسي: ص 280. منه البحار: ج 52 ص 330.

6219 - الارشاد: روى المفضّل بن عمر قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام أشرقت الارض بنور ربّها، واستغنى العباد عن ضوء الشمس، وذهبت الظلمة، ويعمر الرّجل في ملكه حتّى يولد له ألف ولد ذكر، لا يولد فيهم انثى، وتظهر الارض من كنوزها حتّى يراها الناس على وجهها، ويطلب الرّجل منكم من يصله بماله، ويأخذ منه زكاته، فلا يجد أحدا يقبل منه ذلك واستغنى الناس بما رزقهم اللّه من فضله(1).

6220 - البحار: وباسناده يرفعه إلى ابن مسكان، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ المؤمن في زمان القائم وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب، وكذا الّذي في المغرب يري أخاه الّذي في المشرق(2).

باب (56) مواريث الأنبياء عند الإمام المهدي عليه السّلام

6221 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا محمد بن المفضّل بن ابراهيم وسعدان بن إسحاق بن سعيد وأحمد بن الحسين بن عبدالملك ومحمد بن أحمد بن الحسن القطواني قالوا جميعا: حدثنا الحسن بن محبوب، عن عبداللّه بن سنان قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: [كانت] عصى موسى قضيب آس من غرس الجنّة، أتاه بها جبرئيل (عليه السّلام) لمّا

ص:792


1- (1) - الارشاد: ص 363. منه البحار: ج 52 ص 337.
2- (2) - البحار: ج 52 ص 391 ح 213.

توجّه تلقاء مدين، وهي وتابوت ادم في بحيرة طبريّة(1) ولن يبليا ولن يتغيّرا حتّى يخرجهما القائم (عليه السّلام) إذا قام(2).

6222 - بصائر الدرجات: حدثنا محمد بن هارون، عن سهل بن زياد، عن أبي يحيى قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ اللّه خيّر ذا القرنين السحابين الذّلول والصّعب، فاختار الذّلول وهو ما ليس فيه برق ولا رعد، ولو اختار الصّعب لم يكن له ذلك لانّ اللّه ادّخره للقائم (عليه السّلام)(3).

الاختصاص: محمد بن هارون، عن أبي يحيي سهيل بن زياد الواسطيّ ، عمّن حدّثه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله وفيه:

السحابتين(4).

6223 - الخرائج والجرائح: عن أبي سعيد الخراسانيّ ، عن جعفر ابن محمّد، عن أبيه (عليهما السّلام) [قال]: إذا قام القائم بمكة وأراد أن يتوجّه إلى الكوفة نادي مناد(5): «ألا لا يحمل أحد منكم طعاما ولا شرابا»، ويحمل معه حجر موسى بن عمران (عليه السّلام) الذي انبجست(6) منه اثنتا عشرة عينا فلا ينزل منزلا إلاّ نصبه، فانبعثت منه العيون، فمن كان جائعا شبع، ومن كان ظمان روي، فيكون زادهم

ص:793


1- (1) - طبرية: بلدة بجانب بحيرة الجليل - في فلسطين المحتلة -. (أقرب الموارد).
2- (2) - غيبة النعماني: ص 238 ح 27. منه البحار: ج 52 ص 351.
3- (3) - بصائر الدرجات: ص 429 ح 4.
4- (4) - الاختصاص: ص 326. منهما البحار: ج 52 ص 321.
5- (5) - مناديه - بصائر الدرجات.
6- (6) - انبجست: أي انفجرت. (أقرب الموارد).

حتّى ينزلوا النّجف من ظاهر الكوفة، فاذا نزلوا ظاهرها انبعث منه الماء واللّبن دائما، فمن كان جائعا شبع، ومن كان عطشانا روي(1).

بصائر الدرجات: حدّثنا محمد بن الحسين، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم، عن أبي سعيد الخراساني، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال أبو جعفر (عليه السّلام):.... وذكر نحوه(2).

باب (57) الدّنيا تحت تصرّف الإمام المهدي عليه السّلام

6224 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن عليّ بن ماجيلويه (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمّد بن اسماعيل، عن أبي إسماعيل السرّاج، عن بشر بن جعفر، عن المفضّل بن عمر، عن أبي بصير، قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّه إذا تناهت الأمور إلى صاحب هذا الامر رفع اللّه (تبارك وتعالى) [له] كلّ منخفض من الارض، وخفّض له كلّ مرتفع منها حتّى تكون الدّنيا عنده بمنزلة راحته(3)، فأيّكم لو كانت في راحته شعرة لم يبصرها(4).

ص:794


1- (1) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 690 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 335.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 208 ح 54. منه البحار: ج 52 ص 325.
3- (3) - الراحة: بطن الكف. (مجمع البحرين).
4- (4) - إكمال الدين: ص 674 ح 29. منه البحار: ج 52 ص 328.

باب (58) منزل الإمام المهدي عليه السّلام

6225 - قصص الأنبياء: عن ابن بابويه، حدثنا محمد بن علي ابن المفضل بن تمام، حدثنا أحمد بن محمّد بن عمّار، عن أبيه، عن حمدان القلانسيّ ، عن محمّد بن جمهور، عن مرازم بن عبداللّه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (صلوات اللّه عليه) أنّه قال: يا أبا محمّد كأنّي أرى نزول القائم في مسجد السهلة بأهله وعياله.

قلت: يكون منزله ؟

قال: نعم، هو منزل إدريس (عليه السّلام)، وما بعث اللّه نبيّا إلاّ وقد صلّى فيه، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، وما من مؤمن ولا مؤمنة إلاّ وقلبه يحنّ إليه، وما من يوم ولا ليلة إلاّ والملائكة يأوون إلى هذا المسجد يعبدون اللّه فيه.

يا أبا محمّد أما إنّى لو كنت بالقرب منكم ما صلّيت صلاة إلاّ فيه، ثمّ إذا قام قائمنا انتقم اللّه لرسوله ولنا أجمعين(1).

6226 - البحار: روي في كتاب (مزار) لبعض قدماء أصحابنا، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قال لي: يا أبا محمّد كأنّي أري نزول القائم (عليه السّلام) في مسجد السهلة بأهله وعياله.

قلت: يكون منزله جعلت فداك ؟

ص:795


1- (1) - قصص الانبياء: ص 80 ح 63. منه البحار: ج 52 ص 317.

قال: نعم، كان فيه منزل إدريس، وكان منزل إبراهيم خليل الرّحمن، وما بعث اللّه نبيّا إلاّ وقد صلّى فيه وفيه مسكن الخضر، والمقيم فيه كالمقيم في فسطاط رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وما من مؤمن ولا مؤمنة إلاّ وقلبه يحنّ إليه.

قلت: جعلت فداك لايزال القائم فيه أبدا؟

قال: نعم.

قلت: فمن بعده ؟

قال: هكذا من بعده إلى انقضاء الخلق.

قلت: فما يكون من أهل الذمّة عنده ؟

قال: يسالمهم كما سالمهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، ويؤدّون الجزية عن يد وهم صاغرون.

قلت: فمن نصب لكم عداوة ؟

فقال: لا يا أبا محمّد ما لمن خالفنا في دولتنا من نصيب، إنّ اللّه قد أحلّ لنا دماءهم عند قيام قائمنا، فاليوم محرّم علينا وعليكم ذلك فلا يغرّنّك أحد، إذا قام قائمنا انتقم للّه ولرسوله ولنا أجمعين(1).

البحار: روي مؤلف المزار الكبير باسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(2).

6227 - الكافي: محمّد بن يحيي، عن عليّ بن الحسن بن عليّ ، عن عثمان، عن صالح بن أبي الاسود قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) وذكر مسجد السهلة فقال: أما إنّه منزل صاحبنا إذا قام

ص:796


1- (1) - البحار: ج 52 ص 376 ح 177.
2- (2) - البحار: ج 52 ص 381 ح 191.

بأهله(1).

التهذيب: محمد بن يحيي، عن علي بن الحسن بن فضال، عن الحسين بن سيف، عن عثمان مثله(2).

غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن عثمان بن عيسى، عن صالح بن أبي الاسود مثله إلاّ أنه فيه: إذا قدم بأهله(3).

6228 - تفسير العياشي: عن سعد بن عمر، عن غير واحد ممّن حضر أبا عبداللّه (عليه السّلام) ورجل يقول: قد ثبت دار صالح ودار عيسى بن عليّ وذكر دور العبّاسيّين، فقال رجل: أراناها اللّه خرابا، أو خربها بأيدينا.

فقال له أبو عبداللّه (عليه السّلام): لاتقل هكذا بل يكون مساكن القائم وأصحابه أما سمعت اللّه يقول: (وَ سَكَنْتُمْ فِي مَسٰاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ) (4).

باب (59) درع الإمام المهدي عليه السّلام

6229 - بصائر الدرجات: حدثنا ابراهيم بن هاشم، عن أبي عبداللّه البرقي، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر وغيره، عن أبي

ص:797


1- (1) - الكافي: ج 3 ص 495 ح 2.
2- (2) - التهذيب: ج 3 ص 252 ح 692.
3- (3) - غيبة الطوسي: ص 282.
4- (4) - تفسير العياشي: ج 2 ص 235 ح 49، والآية في سورة ابراهيم 14:45. منه البحار: ج 52 ص 347.

أيّوب الحذّاء، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

قلت له: جعلت فداك إنّي اريد أن ألمس(1) صدرك.

فقال: افعل.

فمسست صدره ومناكبه.

فقال: ولم يا أبا محمّد؟

فقلت: جعلت فداك إنّى سمعت أباك وهو يقول: إنّ القائم واسع الصدر، مسترسل المنكبين، عريض ما بينهما.

فقال: يا أبا محمّد إنّ أبي ليس درع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وكانت تسحب على الأرض وأنا لبستها فكانت وكانت، وإنّها تكون من القائم كما كانت من رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) مشمّرة كأنّه ترفع نطاقها بحلقتين، وليس صاحب هذا الامر من جاز أربعين(2).

الخرائج والجرائح: روي أبو بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه وفيه: وهي على صاحب هذا الامر مشمّرة كما كانت على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)(3).

البحار - ايضاح: قوله (عليه السّلام): «فكانت وكانت» أي كانت قريبة من الاستواء والتقدير وكانت مستوية وكانت زائدة قوله (عليه السّلام): «مشمّرة» اي مرتفعة أذيالها عن الارض والمراد بنطاقها ما يرسل قدّامها، والمعنى أنّها كانت قصيرة عليه، بحيث يظنّ الرائي

ص:798


1- (1) - أمسّ - الخرائج والجرائح.
2- (2) - بصائر الدرجات: ص 208 ح 56.
3- (3) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 691 ح 2. منهما البحار: ج 52 ص 319.

أنّه رفع نطاقها وشدّها على وسطه بحلقتين.

وفي بعض النسخ «كانت» ولعلّ المعنى أنّه (صلّى اللّه عليه وآله) كان يشدّها لسهولة الحركات لا لطولها ويحتمل أن يكون المراد بالنطاق المنطقة الّتي تشدّ فوق الدّرع.

قوله (عليه السّلام): «من جاز أربعين» أي في الصورة أي صاحب هذا الامر يري دائما أنّه في سن أربعين ولا يؤثّر فيه الشيب ولا يغيّره.

باب (60) الفرج بعد الشدّة

6230 - غيبة النعماني: أخبرنا عبدالواحد بن عبداللّه بن يونس قال: حدثنا محمد بن جعفر القرشيّ قال: حدثنا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمّد بن سنان، عن يونس بن رباط(1) قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ أهل الحقّ لم يزالوا منذ كانوا في شدّة، أما إنّ ذاك إلى مدّة قريبة وعافية(2) طويلة.

وأخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، عن بعض رجاله، قال: حدثني علي بن إسحاق الكنديّ (3) قال: حدثنا محمد بن سنان، عن يونس بن رباط قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه

ص:799


1- (1) - يونس بن ظبيان - البحار.
2- (2) - وعاقبة - البحار.
3- (3) - علي بن اسحاق بن عمار - البحار.

السّلام) يقول: وذكر مثله(1).

6231 - غيبة النعماني: أخبرنا عليّ بن أحمد البندنيجيّ ، عن عبيداللّه بن موسى [العلويّ ] العباسي، عن الحسن بن معاوية، عن الحسن بن محبوب، عن عيسى بن سليمان، عن المفضّل بن عمر قال:

سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) وقد ذكر القائم (عليه السّلام).

فقلت: إنّى لارجو أن يكون أمره في سهولة.

فقال: لايكون ذلك حتّى تمسحوا العلق والعرق(2).

البحار - بيان: «العلق» بالتحري: الدم الغليظ، «ومسح العرق والعلق» كناية عن ملاقاة الشدائد التي توجب سيلان العرق والجراحات المسيلة للدّم.

باب (61) راية الإمام المهدي عليه السّلام

6232 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد قال:

حدثنا أبو عبداللّه يحيي بن زكريا بن شيبان، عن يونس بن كليب، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لايخرج القائم (عليه السّلام) حتّى يكون تكملة الحلقة.

قلت: وكم تكملة الحلقة ؟

قال: عشرة آلاف، جبرئيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره. ثمّ

ص:800


1- (1) - غيبة النعماني: ص 285 ح 4. منه البحار: ج 52 ص 358.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 284 ح 3. منه البحار: ج 52 ص 358.

يهزّ الراية ويسير بها، فلا يبقى أحد في المشرق ولا في المغرب إلاّ لعنها وهي راية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله وسلّم)، نزل بها جبرئيل يوم بدر.

ثمّ قال: يا أبا محمّد ما هي واللّه قطن ولا كتّان ولا قزّ ولا حرير.

قلت: فمن أيّ شيء هي ؟

قال: من ورق الجنّة، نشرها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) يوم بدر، ثمّ لفّها ودفعها إلى عليّ (عليه السّلام) فلم تزل عند عليّ (عليه السّلام) حتّى اذا كان يوم البصرة، نشرها أمير المؤمنين (عليه السّلام) ففتح اللّه عليه ثمّ لفّها.

وهي عندنا هناك لاينشرها أحد حتّى يقوم القائم (عليه السّلام) فإذا قام نشرها فلم يبق أحد في المشرق والمغرب إلاّ لعنها، ويسير الرّعب قدّامها شهرا، ووراءها شهرا، وعن يمينها شهرا، وعن يسارها شهرا.

ثمّ قال: يا أبا محمّد إنّه يخرج موتورا غضبان أسفا، لغضب اللّه على هذا الخلق، يكون عليه قميص رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)، الّذي عليه يوم احد، وعمامته السحاب، ودرعه درع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) السابغة(1)، وسيفه سيف رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذو الفقار، يجرّد السيف على عاتقه ثمانية أشهر يقتل هرجا(2).

فأوّل ما يبدء ببني شيبة فيقطع أيديهم ويعلّقها في الكعبة،

ص:801


1- (1) - السابغة: الدّرع الواسعة. (لسان العرب).
2- (2) - الهرج: شدة القتل وكثرته السان العرب).

وينادي مناديه: هؤلاء سرّاق اللّه، ثمّ يتناول قريشا فلا يأخذ منها إلّا السيف، ولا يعطيها إلاّ السيف.

ولا يخرج القائم (عليه السّلام) حتّى يقرأ كتابان - كتاب بالبصرة، وكتاب بالكوفة - بالبراءة من عليّ (عليه السّلام)(1).

باب (62) الإمام المهدي عليه السّلام ينتقم من قتلة الإمام الحسين

6232 - علل الشرايع: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن أبيه، عن عبدالسلام بن صالح الهروي قال: قلت لابي الحسن علي بن موسى الرضا (عليه السّلام): يابن رسول اللّه ما تقول في حديث روي عن الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: إذا خرج القائم قتل ذراري قتلة الحسين (عليه السّلام) بفعال آبائها؟

فقال (عليه السّلام): هو كذلك.

فقلت: فقول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ لاٰ تَزِرُ وٰازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرىٰ ) (2) ما معنا؟

فقال: صدق اللّه في جميع أقواله، ولكن ذراري قتلة الحسين (عليه السّلام) يرضون بفعال آبائهم ويفتخرون بها، ومن رضي شيئا كان كمن أتاه، ولو أنّ رجلا قتل في المشرق فرضي بقتله رجل في

ص:802


1- (1) - غيبة النعماني: ص 307 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 360.
2- (2) - الانعام 6:164.

المغرب، لكان الراضي عند اللّه (عزّوجلّ ) شريك القاتل، وإنّما يقتلهم القائم (عليه السّلام) إذا خرج لرضاهم بفعل آبائهم.

قال: فقلت له: بأيّ شيء يبدأ القائم فيهم إذا قام ؟

قال: يبدء ببني شيبة ويقطع أيديهم لانّهم سرّاق بيت اللّه (عزّوجلّ )(1).

عيون أخبار الرضا (عليه السّلام): حدثنا احمد بن زياد بن جعفر الهمداني بهذا الاسناد نحوه(2).

باب (63) من إنجازات الإمام المهدي عليه السّلام في الحرمين

6234 - الإرشاد: روي أبو بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا قام القائم (عليه السّلام) هدم المسجد الحرام حتّى يردّه إلى اساسه وحوّل المقام إلى الموضع الّذي كان فيه، وقطع أيدي بني شيبة، وعلّقها بالكعبة، وكتب عليها: هؤلاء سرّاق الكعبة(3).

6235 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن عبدالرحمن، عن ابن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال:

القائم يهدم المسجد الحرام حتّى يردّه إلى أساسه، ومسجد الرّسول (صلّى اللّه عليه وآله) إلى أساسه ويردّ البيت إلى موضعه، وأقامه على

ص:803


1- (1) - علل الشرايع: ص 229 ح 1.
2- (2) - عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 273 ح 5. منه البحار: ج 52 ص 313.
3- (3) - الإرشاد: ص 364. منه البحار: ج 52 ص 338.

أساسه، وقطع أيدي بني شيبة السّرّاق، وعلّقها على الكعبة(1).

6236 - الكافي: أحمد بن محمّد، عمّن حدّثه، عن محمّد بن الحسين، عن وهيب بن حفص، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: انّ القائم (عليه السّلام) إذا قام ردّ البيت الحرام إلى أساسه ومسجد الرسول إلى أساسه ومسجد الكوفة إلى أساسه.

وقال أبو بصير: إلى موضع التمّارين من المسجد(2).

6237 - الكافي: أحمد بن محمد، عن عليّ بن الحسن الميثميّ ، عن أخويه محمّد وأحمد، عن عليّ بن يعقوب الهاشميّ ، عن مروان ابن مسلم، عن سعيد بن عمرو الجعفيّ ، عن رجل من أهل مصر قال:

أوصى إليّ أخي بجارية كانت له مغنيّة فارهة(3) وجعلها هديا لبيت اللّه الحرام، فقدمت مكة فسألت، فقيل: ادفعها إلى بني شيبة، وقيل لي غير ذلك من القول فاختلف عليّ فيه.

فقال لي رجل من أهل المسجد: ألا ارشدك إلى من يرشدك في هذا إلى الحقّ؟

قلت: بلى.

قال: فأشار إلى شيخ جالس في المسجد فقال: هذا جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) فسله.

قال: فأتيته (عليه السّلام) فسألته وقصصت عليه القصّة، فقال:

إنّ الكعبة لا تأكل ولا تشرب وما اهدي لها فهو لزوّارها، بع الجارية

ص:804


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 282. منه البحار: ج 52 ص 332.
2- (2) - الكافي: ج 4 ص 543 ح 16.
3- (3) - الفارهة: الجارية الحسناء المليحة وما يتبعها من المواهب. (أقرب الموارد).

وقم على الحجر فناد: هل من منقطع به وهل من محتاج من زوّارها، فإذا أتوك فسل عنهم وأعطهم وأقسم فيهم ثمنها.

قال: فقلت له: إنّ بعض من سألته أمرني بدفعها إلى بني شيبة.

فقال: أما إنّ قائمنا لو قد قام لقد أخذهم وقطع أيديهم وطاف بهم وقال: هؤلاء سرّاق اللّه(1).

علل الشرايع: أبي (رحمه اللّه) قال: حدثنا سعد بن عبداللّه، عن أحمد بن محمد بهذا الاسناد نحوه(2).

باب (64) قميص الإمام المهدي عليه السّلام

6238 - غيبة النعماني: حدثنا محمد بن همام قال: حدثنا حميد ابن زياد الكوفيّ قال: حدثنا الحسن بن محمّد بن سماعة قال: حدثنا أحمد بن الحسن الميثميّ ، عن عمّه الحسين بن إسماعيل، عن يعقوب ابن شعيب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: «ألا اريك قميص القائم الّذي يقوم عليه ؟

فقلت: بلى.

قال: فدعا بقمطر(3) ففتحه وأخرج منه قميص كرابيس فنشره فاذا في كمّه الأيسر دم، فقال: هذا قميص رسول اللّه (صلّى اللّه عليه

ص:805


1- (1) - الكافي: ج 4 ص 242 ح 4.
2- (2) - علل الشرايع: ص 410 ح 5.
3- (3) - القمطر: ما يصان فيه من الكتب. (مجمع البحرين).

وآله) الّذي عليه يوم ضربت رباعيته(1)، وفيه يقوم القائم، فقبّلت الدّم ووضعته على وجهي، ثمّ طواه أبو عبداللّه (عليه السّلام) ورفعه»(2).

6239 - الكافي: محمد بن يحيي، عن أحمد بن محمّد، عن محمّد بن يحيى، عن حمّاد بن عثمان قال: كنت حاضرا عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ قال له رجل: أصلحك اللّه ذكرت أنّ عليّ ابن أبي طالب (عليه السّلام) كان يلبس الخشن، يلبس القميص بأربعة دراهم وما أشبه ذلك ونرى عليك اللّباس الجيّد؟

قال: فقال له: إنّ عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) كان يلبس ذلك في زمان لا ينكر ولو لبس مثل ذلك اليوم لشهر به، فخير لباس كلّ زمان لباس أهله، غير أنّ قائمنا إذا قام لبس لباس عليّ (عليه السّلام) وسار بسيرته(3).

باب (65) يؤيّد اللّه الإمام المهدي عليه السّلام بثلاثة

6240 - غيبة النعماني: حدثنا عليّ بن أحمد، عن عبيداللّه بن موسى العلوي، عن عليّ بن الحسن، عن عليّ بن حسان، عن عبدالرحمن بن كثير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (أَتىٰ أَمْرُ اللّٰهِ فَلاٰ تَسْتَعْجِلُوهُ ) (4).

ص:806


1- (1) - الرباعية: السن التي بين الثنية والناب من كل جانب. (مجمع البحرين).
2- (2) - غيبة النعماني: ص 243 ح 42. منه البحار: ج 52 ص 355.
3- (3) - الكافي: ج 6 ص 444 ح 15.
4- (4) - النحل 16:1.

فقال: هو أمرنا، أمر اللّه (عزّوجلّ ) ألاّ تستعجل(1) به حتّى يؤيّده اللّه بثلاثة أجناد: الملائكة والمؤمنين والرّعب، وخروجه كخروج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وذلك قوله (عزّوجلّ ): (كَمٰا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكٰارِهُونَ ) (2) و(3).

باب (66) الخروج بالسيف

6241 - البحار: روي السيد علي بن عبدالحميد في كتاب (الغيبة) باسناده رفعه إلى عبداللّه بن سنان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، قال: إذا خرج القائم (عليه السّلام) لم يكن بينه وبين العرب والفرس إلاّ السيف لا يأخذها إلاّ بالسيف ولا يعطيها إلاّ به(4).

6242 - البحار: وعنه (عليه السّلام): لاتذهب الدّنيا حتّى تندرس أسماء القبائل، وينسب القبيلة إلى رجل منكم فيقال لها: آل فلان، وحتّى يقوم الرّجل منكم إلى حسبه ونسبه وقبيلته فيدعوهم فان أجابوه وإلاّ ضرب أعناقهم5.

6243 - غيبة النعماني: أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفي قال:

حدثنا اسماعيل بن مهران قال: حدثنا الحسن بن علي بن أبي حمزة،

ص:807


1- (1) - نستعجل - البحار.
2- (2) - الانفال 8:5.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 243 ح 43. منه البحار: ج 52 ص 356.
4- (4و5) - البحار: ج 52 ص 389 ح 210.

عن أبيه، ووهيب، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إذا خرج القائم لم يكن بينه وبين العرب وقريش إلاّ السيف ما يأخذ منها إلاّ السيف، وما يستعجلون بخروج القائم ؟ واللّه ما لباسه إلاّ الغليظ، وما طعامه إلاّ الشعير الجشب، وما هو إلاّ السيف، والموت تحت ظلّ السيّف(1).

أقول: ليس معنى هذا الحديث وأمثاله ان الامام الحجة يتكلم مع الناس بلغة السيف والعنف والشدّة بل لعلّ المراد أنّ السّيف هو الحلّ الأخير للإصلاح العام، كما في الحديث: «آخر الدواء: الكيّ » فالإمام (عليه السّلام) بعد إتمام الحجة على أعدائه يتكلّم معهم بلغة السيف، واللّه العالم.

6244 - غيبة النعماني: اخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا محمد بن المفضل بن ابراهيم قال: حدثني محمد بن عبداللّه بن زرارة، عن الحارث بن المغيرة وذريح المحاربيّ قالا: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): ما بقي بيننا وبين العرب إلاّ الذّبح - وأومأ بيده إلى حلقه -(2).

6245 - غيبة النعماني: حدثنا أبو سليمان أحمد بن هوذة قال:

حدثنا ابراهيم بن إسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد، عن ابن أبي حمزة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قام القائم (عليه السّلام) نزلت سيوف القتال، على كلّ سيف اسم الرّجل واسم أبيه(3).

ص:808


1- (1) - غيبة النعماني: ص 234 ح 21. منه البحار: ج 52 ص 355.
2- (2) - غيبة النعماني: ص 236 ح 24. منه البحار: ج 52 ص 349.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 244 ح 45. منه البحار: ج 52 ص 356.

باب (67) المنحرفون عن الإمام المهدي عليه السّلام

6246 - غيبة الطوسي: الفضل بن شاذان، عن عليّ بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، عن موسى الأبّار(1)، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: اتّق العرب فانّ لهم خبر سوء أما إنّه لايخرج مع القائم منهم واحد(2).

6247 - البحار: صحيفة الامام الرضا (عليه السّلام) - باسناده عن الرّضا، عن آبائه (عليهم السّلام)، قال: قال عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام): من قاتلنا في اخر الزّمان فكأنّما قاتلنا مع الدّجال.

قال أبو القاسم الطائيّ : سألت عليّ بن موسى الرّضا (عليه السّلام): عمّن قاتلنا في آخر الزمان ؟

قال: من قاتل صاحب عيسى بن مريم وهو المهدي (عليه السّلام)(3).

باب (68) مصير النواصب في حكومة الإمام المهدي عليه السّلام

6248 - شرح الأخبار: عن الحسن بن محبوب، باسناده، عن أبي عبداللّه جعفر بن محمّد (عليه السّلام) أنه قال: إذا قام القائم منا

ص:809


1- (1) - الابّار: صانع الابرة وبائعها. (أقرب الموارد).
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 284. منه البحار: ج 52 ص 333.
3- (3) - البحار: ج 52 ص 335 ح 66.

عرض الايمان على كل ناصب، فان دخل فيه بحقيقة والّا ضرب عنقه، أو يؤديه الجزية كما يؤديها أهل الذمّة اليوم، ويشدّ على وسطه الهميان، ويطردهم من الامصار إلى السواد(1).

باب (69) الشيعة في عصر الإمام المهدي عليه السّلام

6249 - الاختصاص: قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

يكون من شيعتنا في دولة القائم (عليه السّلام) سنام الأرض وحكامها، يعطى كلّ رجل منهم قوّة أربعين رجلا(2).

6250 - البحار: كشف الغمة - عن جابر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ اللّه (عزّوجلّ ) يلقي في قلوب شيعتنا الرّعب، فاذا قام قائمنا وظهر مهديّنا كان الرّجل أجرأ من ليث وأمضى من سنان(3) و(4).

6251 - الخرائج والجرائح: عن محمّد بن عيسى، عن صفوان [عن مثنّى الحنّاط](5)، عن عمرو بن شمر، عن جابر [قال:] قال أبو عبداللّه (عليه السّلام):

إنّ اللّه نزع الخوف من قلوب أعدائنا، وأسكنه [في] قلوب

ص:810


1- (1) - شرح الاخبار: ج 3 ص 375 ح 1246. الامصار - جمع مصر -: وهو البلد العظيم (مجمع البحرين). وسواد البلدة: ما حولها من القرى والريف (أقرب الموارد) والمراد أنّه يطردهم من البلاد الى القرى.
2- (2) - الاختصاص: ص 8. منه البحار: ج 52 ص 372.
3- (3) - ليث: أحد اسماء الاسد، وسنان: الرمح. (مجمع البحرين).
4- (4) - البحار: ج 52 ص 370 ح 161.
5- (5) - ما بين المعقوفتين من المختصر والبحار.

شيعتنا، فاذا جاء أمرنا نزع الخوف من قلوب شيعتنا، وأسكنه [في] قلوب عدوّنا، فأحدهم أمضى من سنان وأجرأ من ليث، يطعن عدوّه برمحه، ويضربه بسيفه، ويدوسه بقدمه(1).

مختصر بصائر الدرجات: عن محمدبن عيسى بهذاالاسناد مثله(2).

6252 - غيبة النعماني: أخبرنا أبو سليمان أحمد بن هوذة قال:

حدثنا ابراهيم بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا عبداللّه بن حمّاد الانصاري، عن عليّ بن أبي حمزة قال: قال أبو عبداللّه جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): بينا شباب الشيعة على ظهور سطوحهم نيام إذا توافوا إلى صاحبهم في ليلة واحدة على غير ميعاد فيصبحون بمكة(3).

6253 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن الحسن (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا محمد بن يحيي العطّار، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن صفوان بن يحيي، عن مندل، عن بكار بن أبي بكر، عن عبداللّه بن عجلان قال: ذكرنا خروج القائم (عليه السّلام) عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقلت له: كيف لنا أن نعلم ذلك ؟

فقال: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب «طاعة معروفة»(4).

البحار: روى السيد علي بن عبدالحميد باسناده الى احمد بن

ص:811


1- (1) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 840 ح 56. منه البحار: ج 52 ص 336.
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 116.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 316 ح 11. منه البحار: ج 52 ص 370.
4- (4) - اكمال الدين: ص 654 ح 22. منه البحار: ج 52 ص 324.

محمد الايادي رفعه عن عبداللّه بن عجلان قال: ذكرنا خروج القائم (عليه السّلام).... وذكر نحوه(1).

6254 - الكافي: أبو عليّ الأشعري، عن الحسن بن عليّ الكوفي، عن العباس بن عامر، عن الربيع بن محمّد المسلميّ ، عن أبي الربيع الشاميّ قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ قائمنا إذا قام مدّ اللّه (عزّوجلّ ) لشيعتنا في أسماعهم وأبصارهم حتّى [لا] يكون بينهم وبين القائم (عليه السّلام) بريد(2)، يكلّمهم فيسمعون(3)وينظرون إليه وهو في مكانه(4).

الخرائج والجرائح - مختصر بصائر الدرجات: عن أيوب بن نوح، عن العبّاس بن عامر مثله(5).

باب (70) من أنصار الإمام المهدي عليه السّلام

6255 - غيبة الطوسي: الفضل، عن عليّ بن الحكم، عن المثنّى، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): لينصرنّ اللّه هذا الأمر بمن لاخلاق له، ولو قد جاء أمرنا لقد خرج منه من هو اليوم

ص:812


1- (1) - البحار: ج 52 ص 305 ح 76.
2- (2) - البريد: الرّسول (مجمع البحرين).
3- (3) - ويسمعون - الخرائج والجرائح.
4- (4) - الكافي: ج 8 ص 240 ح 329.
5- (5) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 840 ح 58 - مختصر بصائر الدرجات: ص 117.

مقيم على عبادة الاوثان(1).

أقول: قوله (عليه السّلام): «.. ولو قد جاء أمرنا لقد خرج منه..» لا يبعد انه كان في الأصل هكذا: لقد خرج معه، كما احتمله العلاّمة المجلسي (رضوان اللّه عليه).

وعلى كل حال.:. فلعلّ معنى هذا الحديث ان بعض المنحرفين - من عبدة الاوثان وغيرهم - تشملهم الرحمة الالهية فيهتدون الى الحق ويكونون من أنصار الامام المهدي (عليه السّلام) كما حدث نظيره في طريق كربلاء حيث اهتدي البعض على يد الإمام الحسين (عليه السّلام) ورافقوه الى كربلاء وكانوا من أنصاره وأصحابه وفازوا بالسعادة الابدية، كزهير بن القين - العثماني - ووهب بن عبداللّه الكلبي - النصراني - وغيرهما.

6256 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا حميد بن زياد، عن عليّ بن الصباح قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمّد الحضرمي قال: حدثني جعفر بن محمّد، عن ابراهيم ابن عبدالحميد قال: أخبرني من سمع أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:

إذا خرج القائم (عليه السّلام) خرج من هذا الامر من كان يري أنّه من أهله ودخل فيه شبه(2) عبدة الشمس والقمر(3).

ص:813


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 273. منه البحار: ج 52 ص 329.
2- (2) - ودخل في سنة - البحار.
3- (3) - غيبة النعماني: ص 317 ح 1. منه البحار: ج 52 ص 363.

باب (71) الإسلام يسود الكرة الأرضية

6257 - تفسير العياشي: عن رفاعة بن موسى قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: (وَ لَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ طَوْعاً وَ كَرْهاً) (1) قال: إذا قام القائم (عليه السّلام) لايبقى أرض إلاّ نودي فيها بشهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمدا رسول اللّه(2).

6258 - إكمال الدين: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي اللّه عنه) قال: حدثنا عليّ بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبداللّه البرقيّ ، عن أبيه، عن محمّد بن أبي عمير، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدىٰ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (3) فقال: واللّه ما نزل تأويلها بعد، ولا ينزل تأويلها حتّى يخرج القائم (عليه السّلام) فإذا خرج القائم (عليه السّلام) لم يبق كافر باللّه العظيم، ولا مشرك بالامام إلاّ كره خروجه حتّى أن لو كان كافر أو مشرك في بطن صخرة لقالت: يا مؤمن في بطني كافر فاكسرني واقتله(4).

ص:814


1- (1) - آل عمران 3:83.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 183 ح 81. منه البحار: ج 52 ص 340.
3- (3) - التوبة 9:33.
4- (4) - اكمال الدين: ص 670 ح 16. منه البحار: ح 52 ص 324.

6259 - تفسير العياشى: عن سماعة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدىٰ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) * قال: إذا خرج القائم لم يبق مشرك باللّه العظيم ولا كافر إلاّ كره خروجه(1).

باب (72) الحياة العلمية في عصر الإمام المهدي عليه السّلام

6260 - الخرائج والجرائح - مختصر بصائر الدرجات: عن موسى ابن عمر بن يزيد الصيقل، عن الحسن بن محبوب، عن صالح بن حمزة، عن أبان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: العلم سبعة وعشرون جزء(2) فجميع ما جاءت به الرّسل جزءان فلم يعرف الناس حتّى اليوم غير الجزءين، فاذا قام القائم (عليه السّلام)(3) أخرج الخمسة والعشرين جزءا فبثّها في الناس، وضمّ إليها الجزءين، حتّى يبثّها سبعة وعشرين جزءا(4).

ص:815


1- (1) - تفسير العياشي: ج 2 ص 87 ح 52. منه البحار: ج 52 ص 346.
2- (2) - حرفا - مختصر بصائر الدرجات - البحار، وكذا في المواضع التالية.
3- (3) - قائمنا - البحار.
4- (4) - الخرائج والجرائح: ج 2 ص 841 ح 59 - مختصر بصائر الدرجات: ص 117. منه البحار: ج 52 ص 336.

باب (73) الحياة الصحيّة في عصر الإمام المهدي عليه السّلام

6261 - غيبة النعماني: حدثنا أحمد بن محمّد بن سعيد قال:

حدثنا أحمد بن يوسف بن يعقوب أبو الحسن الجعفيّ قال: حدثنا اسماعيل بن مهران، عن الحسن بن عليّ بن أبي حمزة، عن المفضّل ابن محمّد الاشعري، عن حريز، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام)، عن أبيه، عن عليّ بن الحسين (عليهم السّلام) أنّه قال: إذا قام القائم أذهب اللّه عن كلّ مؤمن العاهة، وردّ إليه قوّته(1).

باب (74) الرّجعة

6262 - تفسير القمي: (وَ يَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبٰالَ وَ تَرَى الْأَرْضَ بٰارِزَةً وَ حَشَرْنٰاهُمْ فَلَمْ نُغٰادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) (2) فإنّه سئل [الإمام أبو عبداللّه (عليه السّلام)] عن قوله: (وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) ؟(3).

فقال: ما يقول الناس فيها؟

قلت: يقولون: إنّها في القيامة.

ص:816


1- (1) - غيبة النعماني: ص 317 ح 2. منه البحار: ج 52 ص 364.
2- (2) - الكهف 18:47.
3- (3) - النمل 27:83.

فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): [أ] يحشر اللّه في يوم القيامة من كلّ امّة فوجا ويترك الباقين ؟ إنّما ذلك في الرّجعة، فأمّا آية القيامة فهذه (وَ حَشَرْنٰاهُمْ فَلَمْ نُغٰادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً * وَ عُرِضُوا عَلىٰ رَبِّكَ صَفًّا) الى قوله: (مَوْعِداً) (1).

6263 - البحار: تفسير القمي - أبي، عن ابن أبي عمير، عن حمّاد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما يقول الناس في هذه الآية: (وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) ؟

قلت: يقولون: إنّها في القيامة.

قال: ليس كما يقولون، إنّ ذلك في الرّجعة أيحشر اللّه يوم القيامة من كلّ امّة فوجا ويدع الباقين ؟ إنّما آية القيامة قوله:

(وَ حَشَرْنٰاهُمْ فَلَمْ نُغٰادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً) .

قال عليّ بن إبراهيم: وممّا يدلّ على الرّجعة قوله: (وَ حَرٰامٌ عَلىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنٰاهٰا أَنَّهُمْ لاٰ يَرْجِعُونَ ) (2).

فقال الصادق (عليه السّلام): كلّ قرية أهلك اللّه أهلها بالعذاب لايرجعون في الرّجعة، فأمّا إلى القيامة فيرجعون، ومن محض الايمان محضا وغيرهم ممّن لم يهلكوا بالعذاب، ومحضوا الكفر محضا يرجعون(3).

6264 - تفسير القمي: قوله: (وَ حَرٰامٌ عَلىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنٰاهٰا أَنَّهُمْ

ص:817


1- (1) - تفسير القمي: ج 2 ص 36. منه البحار: ج 53 ص 51.
2- (2) - الانبياء 21:95.
3- (3) - البحار: ج 53 ص 60 ح 49.

لاٰ يَرْجِعُونَ ) فإنّه حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي بصير، عن محمد بن مسلم(1)، عن أبي عبداللّه وأبي جعفر (عليهما السّلام) قالا: كلّ قرية أهلك اللّه أهلها بالعذاب لايرجعون(2).

6265 - مختصر بصائر الدرجات: محمد بن عيسى بن عبيد، عن القاسم بن يحيي، عن جدّه الحسن بن راشد، قال: حدثني محمد ابن عبداللّه بن الحسين قال: دخلت مع أبي على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فجرى بينهما حديث فقال أبي لابي عبداللّه (عليه السّلام): ما تقول في الكرّة ؟

قال: أقول فيها ما قال اللّه (عزّوجلّ ) وذلك انّ تفسيرها صار إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) قبل أن يأتي هذا الحرف بخمس وعشرين ليلة قول اللّه (عزّوجلّ ): (تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خٰاسِرَةٌ ) (3) إذا رجعوا إلى الدّنيا، ولم يقضوا ذحولهم.

فقال له أبي: يقول اللّه (عزّوجلّ ): (فَإِنَّمٰا هِيَ زَجْرَةٌ وٰاحِدَةٌ * فَإِذٰا هُمْ بِالسّٰاهِرَةِ ) (4) أيّ شيء أراد بهذا؟

فقال: إذا انتقم منهم وباتت بقيّة الارواح ساهرة لاتنام ولا تموت(5).

البحار - بيان: الذّحول جمع الذّحل، وهو طلب الثار، ولعلّ

ص:818


1- (1) - ومحمد بن مسلم - البحار.
2- (2) - تفسير القمي: ج 2 ص 75. منه البحار: ج 53 ص 52.
3- (3) - النازعات 79:12.
4- (4) - النازعات 79:13 و 14.
5- (5) - مختصر بصائر الدرجات: ص 28. منه البحار: ج 53 ص 44.

المعنى أنّهم إنّما وصفوا هذه الكرّة بالخاسرة، لانّهم بعد أن قتلوا وعذّبوا لم ينته عذابهم، بل عقوبات القيامة معدّة لهم، أو أنّهم لا يمكنهم تدارك ما يفعل بهم من أنواع القتل والعقاب.

قوله (عليه السّلام): «ساهرة» لعلّ التقدير فإذا هم بالحالة الساهرة، على الإسناد المجازيّ أو في جماعة ساهرة.

6266 - مختصر بصائر الدرجات: حدثني جماعة من أصحابنا، عن الحسن بن علي بن أبي عثمان وإبراهيم بن إسحاق، عن محمّد بن سليمان الدّيلميّ ، عن أبيه قال: سالت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيٰاءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً) ؟(1).

فقال: الأنبياء رسول اللّه وإبراهيم وإسماعيل وذرّيته، والملوك الائمّة (عليهم السّلام).

قال: فقلت: وأيّ ملك اعطيتم ؟

فقال: ملك الجنّة، وملك الكرّة(2).

6267 - تفسير القمي: أخبرنا أحمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن محمّد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن إبراهيم بن المستنير، عن معاوية بن عماّر قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام): قول اللّه (عزّوجلّ ): (فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً) ؟(3).

قال: هي واللّه للنصّاب.

ص:819


1- (1) - المائدة 5:20.
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 28. منه البحار: ج 53 ص 45.
3- (3) - طه 20:124..

قال: جعلت فداك قد رأيناهم دهرهم الأطول في كفاية حتّى ماتوا؟

قال: ذاك واللّه في الرّجعة يأكلون العذرة(1).

مختصر بصائر الدرجات: أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر ابن عبدالعزيز، عن رجل، عن ابراهيم بن المستنير، عن معاوية بن عمار نحوه(2).

6268 - الكافي: عدّة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمّد بن الحسن بن شمّون، عن عبداللّه بن عبدالرحمن الاصم، عن عبداللّه بن القاسم البطل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله تعالى: (وَ قَضَيْنٰا إِلىٰ بَنِي إِسْرٰائِيلَ فِي الْكِتٰابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) .

قال: قتل عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) وطعن الحسن (عليه السّلام) (وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) قال: قتل الحسين (عليه السّلام) (فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ أُولاٰهُمٰا) فإذا جاء نصر دم الحسين (عليه السّلام) (بَعَثْنٰا عَلَيْكُمْ عِبٰاداً لَنٰا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجٰاسُوا خِلاٰلَ الدِّيٰارِ) قوم يبعثهم اللّه قبل خروج القائم (عليه السّلام) فلا يدعون وترا لآل محمّد إلاّ قتلوه (وَ كٰانَ وَعْداً مَفْعُولاً) خروج القائم (عليه السّلام) (ثُمَّ رَدَدْنٰا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ ) (3) خروج الحسين (عليه السّلام) في سبعين من

ص:820


1- (1) - تفسير القمي: ج 2 ص 65. منه البحار: ج 53 ص 51.
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 18. منه البحار: ج 53 ص 52.
3- (3) - الاسراء 17:4-6.

أصحابه عليهم البيض المذهّب لكلّ بيضة وجهان المؤدّون إلى الناس أنّ هذا الحسين قد خرج حتّى لا يشك المؤمنون فيه وإنّه ليس بدجّال ولا شيطان، والحجّة القائم بين أظهرهم فإذا استقرّت المعرفة في قلوب المؤمنين أنّه الحسين (عليه السّلام) جاء الحجّة الموت فيكون الّذي يغسّله ويكفّنه ويحنّطه ويلحده في حفرته الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) ولا يلي الوصيّ إلاّ الوصيّ (1).

6269 - تفسير العياشي: عن صالح بن سهل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (وَ قَضَيْنٰا إِلىٰ بَنِي إِسْرٰائِيلَ فِي الْكِتٰابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ ) قتل عليّ وطعن الحسن (وَ لَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) قتل الحسين (فَإِذٰا جٰاءَ وَعْدُ أُولاٰهُمٰا) إذا جاء نصر دم الحسين (بَعَثْنٰا عَلَيْكُمْ عِبٰاداً لَنٰا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجٰاسُوا خِلاٰلَ الدِّيٰارِ) قوم يبعثهم اللّه قبل خروج القائم لا يدعون وترا لآل محمّد إلاّ حرّقوه (وَ كٰانَ وَعْداً مَفْعُولاً) قبل قيام القائم (ثُمَّ رَدَدْنٰا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْنٰاكُمْ بِأَمْوٰالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْنٰاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) خروج الحسين (عليه السّلام) في الكرّة في سبعين رجلا من أصحابه الّذين قتلوا معه، عليهم البيض المذهّب لكلّ بيضة وجهان، والمؤدّي إلى الناس أنّ الحسين قد خرج في أصحابه - حتّى لايشك فيه المؤمنون وأنّه ليس بدجّال ولا شيطان، الإمام الّذي بين أظهر الناس يومئذ، فإذا استقرّ عند المؤمن أنّه الحسين لايشكون فيه وبلغ عن الحسين الحجّة القائم بين

ص:821


1- (1) - الكافي: ج 8 ص 206 ح 250.

أظهر الناس وصدّقه المؤمنون بذلك حاء الحجّة الموت فيكون الّذي يلي غسله وكفنه وحنوطه وإيلاجه في حفرته الحسين ولا يلي الوصيّ إلاّ الوصيّ ، وزاد إبراهيم في حديثه ثمّ يملكهم الحسين حتّى يقع حاجباه على عينيه(1).

6270 - تفسير القمي: (رَبَّنٰا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَ أَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ ) إلى قوله: (مِنْ سَبِيلٍ ) (2) قال الصادق (عليه السّلام): ذلك في الرجعة(3).

البحار - بيان: أي أحد الاحيائين في الرّجعة والآخر في القيامة، وإحدى الإماتتين في الدّنيا والأخري في الرّجعة، وبعض المفسّرين صحّحوا التثنية بالاحياء في القبر للسّؤال والاماتة فيه، ومنهم من حمل الاماتة الأولى على خلقهم ميّتين ككونهم نطفة.

6271 - مختصر بصائر الدرجات: أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبدالعزيز، عن جميل بن درّاج، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: قلت له: قول اللّه (عزّوجلّ ): (إِنّٰا لَنَنْصُرُ رُسُلَنٰا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهٰادُ) (4).

قال: ذلك واللّه في الرّجعة أما علمت أنّ [في] أنبياء اللّه كثيرا لم ينصروا في الدّنيا وقتلوا وأئمّة قد قتلوا ولم ينصروا فذلك في الرّجعة.

قلت: (وَ اسْتَمِعْ يَوْمَ يُنٰادِ الْمُنٰادِ مِنْ مَكٰانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ

ص:822


1- (1) - تفسير العياشي: ج 2 ص 281 ح 20. منه البحار: ج 51 ص 56.
2- (2) - غافر 40:11.
3- (3) - تفسير القمي: ج 2 ص 256. منه البحار: ج 53 ص 56.
4- (4) - غافر 40:51.

اَلصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذٰلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ) (1).

قال: هي الرّجعة(2).

تفسير القمي: أخبرنا أحمد بن ادريس، عن أحمد بن محمد، عن عمر بن عبدالعزيز، عن جميل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه(3).

البحار - بيان: لايخفى أنّ هذا أظهر ممّا ذكره المفسّرون: انّ النصر بظهور الحجّة أو الانتقام لهم من الكفر في الدّنيا غالبا.

6272 - مختصر بصائر الدرجات: احمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن عليّ بن الحكم، عن المثنّى بن الوليد الحناط، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ): (وَ مَنْ كٰانَ فِي هٰذِهِ أَعْمىٰ فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمىٰ وَ أَضَلُّ سَبِيلاً) (4).

قال: في الرّجعة(5).

تفسير العياشي: عن علي الحلبي، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السّلام) نحوه(6).

6273 - مختصر بصائر الدرجات: احمد بن محمد بن عيسى،

ص:823


1- (1) - ق 50:41 و 42.
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 18. منه البحار: ج 53 ص 65.
3- (3) - تفسير القمي: ج 2 ص 258. منه البحار: ج 53 ص 65.
4- (4) - الاسراء 17:72.
5- (5) - مختصر بصائر الدرجات: ص 20.
6- (6) - تفسير العياشي: ج 2 ص 306 ح 131. منهما البحار: ح 53 ص 67.

عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن عمر بن يزيد،. عن عمر بن أبان، عن عبداللّه بن بكير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: كأنّي بحمران بن أعين وميسّر بن عبدالعزيز يخبطان(1) الناس بأسيافهما بين الصفا والمروة(2).

6274 - تأويل الآيات الظاهرة: في تفسير أهل البيت (عليهم السّلام) قال: حدّثنا بعض أصحابنا، عن محمّد بن عليّ ، عن عمر بن عبدالعزيز، عن عبداللّه بن نجيح اليماني قال: قلت لابي عبداللّه (عليه السّلام) قوله (عزّوجلّ ): (كَلاّٰ سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاّٰ سَوْفَ تَعْلَمُونَ ) (3).

قال: يعني مرّة في الكرّة ومرّة اخرى يوم القيامة(4).

6275 - تفسير القمي: حدثنا جعفر بن أحمد قال: حدثنا عبداللّه ابن موسى، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قوله: (وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولىٰ ) .

قال: يعني الكرّة هى الآخرة للنبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) قلت:

قوله: (وَ لَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضىٰ ) (5).

ص:824


1- (1) - خبطه خبطا: ضربه شديدا. (أقرب الموارد).
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 25. منه البحار: ج 53 ص 40.
3- (3) - التكاثر 102:3 و 4.
4- (4) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 850 ح 1. منه البحار: ج 53 ص 120.
5- (5) - الضحى 93:4 و 5.

قال: يعطيك من الجنّة فترضى(1).

6276 - مختصر بصائر الدرجات: محمد بن الحسين بن أبي الخطاب ويعقوب بن يزيد، عن أحمد بن الحسن الميثميّ (2)، عن محمّد ابن الحسين، عن أبان بن عثمان، عن موسى الحنّاط قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أيّام اللّه ثلاثة: يوم يقوم القائم (عليه السّلام)، ويوم الكرّة، ويوم القيامة(3).

6277 - مختصر بصائر الدرجات: محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن وهيب بن حفص النخاس، عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبداللّه (عليه السّلام) فقلت: إنا نتحدّث أنّ عمر بن ذرّ لا يموت حتّى يقاتل قائم آل محمّد (صلّى اللّه عليه وآله).

فقال: إنّ مثل ابن ذرّ مثل رجل [كان] في بني إسرائيل يقال له:

عبد ربّه، وكان يدعو أصحابه إلى ضلالة، فمات فكانوا يلوذون بقبره ويتحدّثون عنده، إذا خرج عليهم من قبره ينفض التراب من رأسه ويقول لهم كيت وكيت(4).

6278 - رجال النجاشي: قال أبو علي أحمد بن محمّد بن رباح الزهري الطحان، حدثنا محمد بن عبداللّه بن غالب، قال: حدثني محمّد بن الوليد، عن يونس بن يعقوب، عن عبداللّه بن خفقة قال:

ص:825


1- (1) - تفسير القمي: ج 2 ص 427. منه البحار: ج 53 ص 59.
2- (2) - وهو أحمد بن الحسن بن اسماعيل بن شعيب بن ميثم التمار مولى بني اسد الواقفي الثقة.
3- (3) - مختصر بصائر الدرجات: ص 18. منه البحار: ج 53 ص 63.
4- (4) - مختصر بصائر الدرجات: ص 21. منه البحار: ج 53 ص 67.

قال لي أبان بن تغلب: مررت بقوم يعيبون عليّ روايتي عن جعفر (عليه السّلام) قال: فقلت: كيف تلوموني في روايتي عن رجل ما سألته عن شيء إلاّ قال: قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)؟!! قال: فمرّ صبيان وهم ينشدون: «العجب كلّ العجب بين جمادى ورجب» فسألته عنه ؟

فقال: لقاء الاحياء بالاموات(1).

6279 - غيبة الطوسي: الفضل، عن محمّد بن عليّ ، عن جعفر ابن بشير، عن خالد بن أبي عمارة، عن المفضّل بن عمر قال: ذكرنا القائم (عليه السّلام) ومن مات من أصحابنا ينتظره.

فقال لنا أبو عبداللّه (عليه السّلام): إذا قام اتي المؤمن في قبره فيقال له: يا هذا إنّه قد ظهر صاحبك فان تشأ أن تلحق به فالحق، وإن تشأ أن تقيم في كرامة ربّك فأقم(2).

6280 - مختصر بصائر الدرجات: أحمد وعبداللّه ابنا محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن أبي جميلة المفضل بن صالح، عن أبان بن تغلب، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّه بلغ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) عن بطنين من قريش كلام تكلّموا به، فقال:

يري محمّد أن لو قد قضى أنّ هذا الامر يعود في أهل بيته من بعده، فاعلم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ذلك، فباح في مجمع من قريش بما كان يكتمه فقال: كيف أنتم معاشر قريش وقد كفرتم بعدي ثمّ رأيتموني في كتيبة من أصحابي أضرب وجوهكم ورقابكم بالسيف

ص:826


1- (1) - رجال النجاشي: ص 9. منه البحار: ج 53 ص 77.
2- (2) - غيبة الطوسي: ص 276. منه البحار: ج 53 ص 92.

قال: فنزل جبرئيل فقال: يا محمّد قل: إن شاء اللّه أو يكون ذلك عليّ بن أبي طالب إن شاء اللّه.

فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): أو يكون ذلك عليّ بن أبي طالب إن شاء اللّه تعالى.

فقال جبرئيل: واحدة لك، واثنتان لعليّ بن أبي طالب، وموعدكم السلام.

قال أبان: جعلت فداك وأين السلام ؟

فقال (عليه السّلام): يا أبان: السلام من ظهر الكوفة(1).

6281 - التهذيب: أخبرنا جماعة من أصحابنا، عن أبي محمد هارون بن موسى بن أحمد التلعكبريّ ، قال: حدثنا محمّد بن عليّ بن معمر قال: حدثني أبو الحسن عليّ بن محمد بن مسعدة، والحسن بن عليّ بن فضال، عن سعدان بن مسلم، عن صفوان بن مهران الجمّال، قال: قال لي مولاي الصادق (صلوات اللّه عليه) في زيارة الاربعين:

«.... وأشهد أنّي بكم مؤمن وبايابكم، موقن بشرايع ديني وخواتيم عملي»، تمامه في باب زيارة الأربعين(2).

6282 - البحار: مصباح الزائر - روي عن الصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام) أنّه قال: من أراد أن يزور قبر رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) والأئمّة (صلوات اللّه عليهم) من بعيد، فليقل وساق الزيارة إلى قوله: «إنّي من القائلين بفضلكم، مقرّ برجعتكم لا

ص:827


1- (1) - مختصر بصائر الدرجات: ص 19. منه البحار: ج 53 ص 66.
2- (2) - التهذيب: ج 6 ص 113 ح 201.

انكر للّه قدرة، ولا أزعم إلاّ ما شاء اللّه»(1).

6283 - تفسير العياشي: عن سيرين(2) قال: كنت عند أبي عبداللّه (عليه السّلام) إذ قال: ما يقول الناس في هذه الآية (وَ أَقْسَمُوا بِاللّٰهِ جَهْدَ أَيْمٰانِهِمْ لاٰ يَبْعَثُ اللّٰهُ مَنْ يَمُوتُ ) ؟

قال: يقولون: لا قيامة ولا بعث ولا نشور.

فقال: كذبوا واللّه إنّما ذلك إذا قام القائم وكرّ معه المكرّون، فقال أهل خلافكم: قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم تقولون: رجع فلان وفلان وفلان لا واللّه لا يبعث اللّه من يموت، ألا تري أنّهم قالوا: (وَ أَقْسَمُوا بِاللّٰهِ جَهْدَ أَيْمٰانِهِمْ ) ؟ كانت المشركون أشدّ تعظيما باللاّت والعزّي من أن يقسموا بغيرها فقال اللّه:

(بَلىٰ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا... * لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَ لِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كٰانُوا كٰاذِبِينَ * إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْ ءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (3) و(4).

6284 - من لايحضره الفقيه: قال الصادق (عليه السّلام): ليس منّا من لم يؤمن بكرّتنا و [لم] يستحلّ متعتنا(5).

6285 - البحار: كتاب الحسن بن سليمان - حدثنا الحسين بن

ص:828


1- (1) - البحار: ج 53 ص 97 ح 112.
2- (2) - قيل انه مصحّف السري.
3- (3) - النحل 16:38-40.
4- (4) - تفسير العياشي: ج 2 ص 259 ح 28. منه البحار: ج 53 ص 71.
5- (5) - من لايحضره الفقيه: ج 3 ص 458 ح 4583.

محمد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن مفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: «العذاب الادنى دون العذاب الأكبر» الرّجعة.

حدثنا الحسين بن محمّد، عن محمّد بن عيسى، عن يونس، عن مفضّل بن صالح، عن زيد الشحّام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: «العذاب الادنى» دابّة الارض(1).

6286 - تفسير القمي: حدثني أبي، عن ابن أبي عمير، عن ابن مسكان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: ما بعث اللّه نبيّا من لدن آدم فهلمّ جرا إلاّ ويرجع إلى الدّنيا وينصر امير المؤمنين (عليه السّلام) وهو قوله: (لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ ) يعني برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) (وَ لَتَنْصُرُنَّهُ ) (2) يعني أمير المؤمنين (عليه السّلام)(3).

6287 - مختصر بصائر الدرجات: احمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن سنان، عن عبداللّه بن مسكان، عن فيض بن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: وتلا هذه الآية (وَ إِذْ أَخَذَ اللّٰهُ مِيثٰاقَ النَّبِيِّينَ ) الآية قال: ليؤمننّ برسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ولينصرنّ عليّا أمير المؤمنين (عليه السّلام).

[قلت: ولينصرنّ أمير المؤمنين ؟](4).

قال (عليه السّلام): نعم واللّه من لدن ادم (عليه السّلام) فهلمّ

ص:829


1- (1) - البحار: ج 53 ص 114 ح 18.
2- (2) - آل عمران 3:81.
3- (3) - تفسير القمي: ج 1 ص 106. منه البحار: ج 53 ص 50.
4- (4) - ما بين المعقوفتين من البحار وتفسير العياشي.

جرّا، فلم يبعث اللّه نبيّا ولا رسولا إلاّ ردّ جميعهم إلى الدّنيا حتّى يقاتلوا بين يدي عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السّلام)(1).

تفسير العياشي: عن فيض بن أبي شيبة قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول:.... وذكر نحوه(2).

6288 - تفسير العياشي: عن سلاّم بن المستنير، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: لقد تسمّوا باسم ما سمّى اللّه به أحدا إلاّ عليّ بن أبي طالب(3)، وما جاء تأويله.

قلت: جعلت فداك متى يجيء تأويله ؟

قال: إذا جاء جمع اللّه أمامه النبيّين والمؤمنين حتّى ينصروه وهو قول اللّه: (وَ إِذْ أَخَذَ اللّٰهُ مِيثٰاقَ النَّبِيِّينَ لَمٰا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتٰابٍ وَ حِكْمَةٍ ) إلى قوله: (وَ أَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشّٰاهِدِينَ ) فيومئذ يدفع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) اللّواء إلى عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فيكون أمير الخلائق كلّهم أجمعين، يكون الخلائق كلّهم تحت لوائه، ويكون هو أميرهم، فهذا تأويله(4).

6289 - مختصر بصائر الدرجات: باسنادي إلى سعد بن عبداللّه، عن ابراهيم بن هاشم، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمّد بن سنان أو غيره، عن عبداللّه بن سنان قال: قال أبو عبداللّه

ص:830


1- (1) - مختصر بصائر الدرجات: ص 25.
2- (2) - تفسير العياشي: ج 1 ص 181 ح 76. منهما البحار: ج 53 ص 41 و 42.
3- (3) - وهو كون الإمام أميرا للمؤمنين.
4- (4) - تفسير العياشي: ج 1 ص 181 ح 77، والآية في سورة آل عمران 3:81. منه البحار: ج 53 ص 70.

(عليه السّلام): قال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله): لقد أسري بي ربّي (عزّوجلّ ) فأوحى إليّ من وراء حجاب ما أوحى، وكلّمني بما كلّم به، وكان ممّا كلّمني به أن قال: يا محمّد إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا عالم الغيب والشهادة الرّحمن الرحيم إنّي أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الملك القدّوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبّار المتكبّر سبحان اللّه عمّا يشركون، إنّى أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الخالق الباريء المصوّر، لي الاسماء الحسنى، يسبّح لي من في السماوات والارض، وأنا العزيز الحكيم.

يا محمّد: إنّى أنا اللّه لا إله إلاّ أنا الاوّل فلا شيء قبلي، وأنا الآخر فلا شيء بعدي، وأنا الظاهر فلا شيء فوقي، وأنا الباطن فلا شيء دوني، وأنا اللّه لا إله إلاّ أنا بكلّ شيء عليم.

يا محمّد: عليّ أوّل ما آخذ(1) بميثاقه من الائمّة.

يا محمّد: عليّ آخر من أقبض روحه من الائمّة، وهو الدّابّة الّتي تكلّمهم.

يا محمّد: عليّ اظهره على جميع ما اوجهه إليك ليس لك أن تكتم منه شيئا.

يا محمّد: ابطنه الّذي أسررته إليك فليس ما بيني وبينك سر دونه يا محمّد: عليّ عليّ ، ما خلقت من حلال وحرام عليّ عليم به(2).

البحار - بيان: قوله تعالى: «عليّ عليّ » الاوّل اسم والثاني صفة أي هو عالي الشأن أو كلاهما اسمان وخبران لمبتدأ محذوف، كما يقال: هو فلان، إذا كان مشتهرا معروفا في الكمال.

ص:831


1- (1) - هكذا في المصدر ولعلّ الاصح: أول من آخذ.
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 36. منه البحار: ج 53 ص 68.

6290 - مختصر بصائر الدرجات: محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن موسى بن سعدان، عن عبداللّه بن القاسم الحضرميّ ، عن عبد الكريم بن عمرو الخثعميّ ، قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: إنّ إبليس قال: (فَأَنْظِرْنِي إِلىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) * فأبى اللّه ذلك عليه (قٰالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ * إِلىٰ يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) * (1)فاذا كان يوم الوقت المعلوم، ظهر إبليس (لعنه اللّه) في جميع أشياعه منذ خلق اللّه آدم إلى يوم الوقت المعلوم وهي آخر كرّة يكرّها أمير المؤمنين (عليه السّلام).

فقلت: وإنّها لكرّات ؟.

قال: نعم، إنّها لكرّات وكرّات، ما من إمام في قرن إلّا ويكرّ معه البرّ والفاجر في دهره حتّى يديل اللّه المؤمن [من] الكافرين(2).

فاذا كان يوم الوقت المعلوم كرّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه، ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يقال له: الرّوحا قريب من كوفتكم، فيقتتلون قتالا لم يقتتل مثله منذ خلق اللّه (عزّوجلّ ) العالمين فكأنّي أنظر إلى أصحاب عليّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) قد رجعوا إلى خلفهم القهقري مائة قدم وكأنّي أنظر إليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات.

فعند ذلك يهبط الجبّار (عزّوجلّ ) في ظلل من الغمام، والملائكة، وقضي الامر، رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) [أمامه]

ص:832


1- (1) - الحجر 15:36-38، ص 38:79-81.
2- (2) - الادالة: الغلبة. ادال اللّه زيدا من عمرو: اي نزع الدولة من عمرو وحولها الى زيد (أقرب الموارد).

بيده حربة من نور فإذا نظر إليه إبليس رجع القهقري ناكصا على عقبيه فيقول له أصحابه: أين تريد وقد ظفرت ؟

فيقول: إنّي أري ما لاترون إنّي أخاف اللّه ربّ العالمين، فيلحقه النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله) فيطعنه طعنة بين كتفيه، فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه، فعند ذلك يعبد اللّه (عزّوجلّ ) ولا يشرك به شيئا، ويملك أمير المؤمنين (عليه السّلام) أربعا وأربعين ألف سنة حتّى يلد الرّجل من شيعة عليّ (عليه السّلام) ألف ولد من صلبه ذكرا في كل سنة ذكرا وعند ذلك تظهر الجنّتان المدهامّتان عند مسجد الكوفة وما حوله بما شاء اللّه(1).

البحار - بيان: هبوط الجبار تعالى كناية عن نزول آيات عذابه.

6291 - مختصر بصائر الدرجات: محمد بن عيسى بن عبيد(2)، عن الحسين بن سفيان البزاز، عن عمرو بن شمر، عن جابر بن يزيد، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ لعليّ (عليه السّلام) في الارض كرّة مع الحسين ابنه (صلوات اللّه عليهما) يقبل برايته حتّى ينتقم له من [بني] امية ومعاوية وآل معاوية ومن شهد حربه، ثمّ يبعث اللّه إليهم بأنصاره يومئذ من أهل الكوفة ثلاثين ألفا ومن سائر الناس سبعين ألفا فيلقاهم بصفّين مثل المرّة الاولى حتّى يقتلهم، ولا يبقى منهم مخبرا، ثمّ يبعثهم اللّه (عزّوجلّ ) فيدخلهم أشدّ عذابه مع فرعون وآل فرعون.

ثمّ كرّة أخرى مع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) حتّى يكون

ص:833


1- (1) - مختصر بصائر الدرجات: ص 26. منه البحار: ج 53 ص 42.
2- (2) - سعد، عن ابن عيسى، عن اليقطيني - البحار.

خليفة في الارض وتكون الأئمّة (عليهم السّلام) عمّاله وحتّى يعبد اللّه علانية، فتكون عبادته علانية في الارض كما عبد اللّه سرا في الارض.

ثمّ قال: إي واللّه وأضعاف ذلك - ثمّ عقد بيده أضعافا - يعطي اللّه نبيّه (صلّى اللّه عليه وآله) ملك جميع أهل الدّنيا منذ يوم خلق اللّه الدّنيا إلى يوم يفنيها حتّى ينجز له موعده في كتابه كما قال: (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) * (1)و(2).

6292 - مختصر بصائر الدرجات: احمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبدالعزيز، عن رجل، عن جميل بن درّاج، عن المعلّى ابن خنيس وزيد الشحّام، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قالا: سمعناه يقول: إنّ أوّل من يكرّ في الرّجعة الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)، ويمكث في الارض أربعين سنة حتّى يسقط حاجباه على عينيه(3).

6293 - تأويل الآيات الظاهرة: قال محمّد بن العبّاس (رحمه اللّه) حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن القاسم بن إسماعيل، عن عليّ بن خالد العاقوليّ ، عن عبدالكريم بن عمر الخثعميّ ، عن سليمان ابن خالد قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام) قوله تعالى: (يَوْمَ تَرْجُفُ الرّٰاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرّٰادِفَةُ ) (4) قال: الرّاجفة الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)، والرّادفة عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، وأوّل

ص:834


1- (1) - التوبة 9:33، والصف 61:9.
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 29. منه البحار: ج 53 ص 74.
3- (3) - مختصر بصائر الدرجات: ص 18. منه البحار: ج 53 ص 63.
4- (4) - النازعات 79:6 و 7.

من. ينفض عن رأسه التراب الحسين بن علي (عليهما السّلام) في خمسة وسبعين ألفا وهو قوله تعالى: (إِنّٰا لَنَنْصُرُ رُسُلَنٰا وَ الَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيٰاةِ الدُّنْيٰا وَ يَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهٰادُ * يَوْمَ لاٰ يَنْفَعُ الظّٰالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَ لَهُمْ سُوءُ الدّٰارِ) (1) و(2).

تفسير فرات الكوفي: قال: حدثنا أبو القاسم العلوي قال:

حدثنا فرات معنعنا عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) نحوه إلاّ أن فيه: في خمسة وتسعين ألفا(3).

البحار: كتاب (الفضائل) - كتاب (الروضة) - عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) مثله(4).

6294 - تفسير العياشي: عن رفاعة بن موسى قال: قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): إنّ أوّل من يكرّ إلى الدّنيا الحسين بن عليّ (عليهما السّلام) وأصحابه، ويزيد بن معاوية وأصحابه فيقتلهم حذو القذّة بالقذّة(5)، ثمّ قال أبو عبداللّه (عليه السّلام): (ثُمَّ رَدَدْنٰا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَ أَمْدَدْنٰاكُمْ بِأَمْوٰالٍ وَ بَنِينَ وَ جَعَلْنٰاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً) (6).

ص:835


1- (1) - المؤمن 40:51 و 52.
2- (2) - تأويل الآيات الظاهرة: ج 2 ص 762 ح 1.
3- (3) - تفسير فرات الكوفي: ص 537 ح 689. منهما البحار: ج 53 ص 106 و 107.
4- (4) - البحار: ج 53 ص 107.
5- (5) - القذة: ريش السهم. يعني كما تقدر كل واحدة منهن على صاحبتها وتقطع، ومثل يضرب للشيئين يستويان ولا يتفاوتان (لسان العرب).
6- (6) - تفسير العياشي: ج 2 ص 282 ح 23، والآية في سورة الاسراء 17:6. منه البحار: ج 53 ص 76.

6295 - مختصر بصائر الدرجات: أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، ومحمد بن خالد البرقي، عن النضر بن سويد، عن يحيى بن عمران الحلبي، عن المعلّى بن عثمان، عن المعلّى بن خنيس قال: قال لي أبو عبداللّه (عليه السّلام): أوّل من يرجع إلى الدّنيا الحسين بن عليّ (عليه السّلام) فيملك حتّى يسقط حاجباه على عينيه من الكبر، قال: فقال أبو عبداللّه (عليه السّلام): في قول اللّه (عزّوجلّ ): (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرٰادُّكَ إِلىٰ مَعٰادٍ) (1).

قال: نبيّكم (صلّى اللّه عليه وآله) راجع إليكم(2).

6296 - البحار: كتاب الحسن بن سليمان - حدثنا جعفر بن محمّد بن مالك، عن الحسن بن عليّ بن مروان، عن سعيد بن عمّار، عن أبي مروان قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه (عزّوجلّ ): (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرٰادُّكَ إِلىٰ مَعٰادٍ) ؟

قال: فقال لي: لا واللّه لا تنقضي الدّنيا ولا تذهب حتّى يجتمع رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) وعليّ بالثويّة فيلتقيان ويبنيان بالثويّة مسجدا له اثنا عشر ألف باب - يعني موضعا بالكوفة -.

حدّثنا أحمد بن هوذة الباهليّ ، عن إبراهيم بن إسحاق النهاونديّ ، عن عبداللّه بن حمّاد الأنصاريّ ، عن أبي مريم الأنصاريّ قال: سألت أبا عبداللّه (عليه السّلام).... وذكر مثله(3).

6297 - مختصر بصائر الدرجات: ممّا رواه لي ورويته عن السيّد

ص:836


1- (1) - القصص 28:85.
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 28. منه البحار: ج 53 ص 46.
3- (3) - البحار: ج 53 ص 113 ح 17.

الجليل بهاء الدّين عليّ بن عبدالحميد الحسينيّ رواه بطريقه عن أحمد ابن محمّد الأياديّ يرفعه إلى أحمد بن عقبة، عن أبيه، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) سئل عن الرّجعة أحقّ هي ؟

قال: نعم.

فقيل له: من أوّل من يخرج ؟

قال: الحسين يخرج على أثر القائم (عليه السّلام).

قلت: ومعه الناس كلّهم ؟

قال: لا بل كما ذكر اللّه تعالى في كتابه (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوٰاجاً) (1) قوم بعد قوم.

وعنه (عليه السّلام): ويقبل الحسين (عليه السّلام) في اصحابه الّذين قتلوا معه، ومعه سبعون نبيّا كما بعثوا مع موسى بن عمران، فيدفع إليه القائم (عليه السّلام) الخاتم، فيكون الحسين (عليه السّلام) هو الّذي يلي غسله وكفنه وحنوطه ويواريه في حفرته.

ورويت عنه أيضا بطريقه إلى أسد بن إسماعيل، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال - حين سئل عن اليوم الّذي ذكر اللّه مقداره في القران (فِي يَوْمٍ كٰانَ مِقْدٰارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) (2) - وهي كرّة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) فيكون ملكه في كرّته خمسين ألف سنة ويملك أمير المؤمنين في كرّته أربعا وأربعين ألف سنة(3).

6298 - مختصر بصائر الدرجات: محمد بن الحسين بن أبي

ص:837


1- (1) - النبأ 78:18.
2- (2) - سورة المعارج 70:4.
3- (3) - مختصر بصائر الدرجات: ص 48. منه البحار: ج 53 ص 103 و 104.

الخطاب، عن موسى بن سعدان عن عبداللّه بن القاسم عن الحسين ابن احمد المعروف بالمنقريّ ، عن يونس بن ظبيان، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إنّ الّذي يلي حساب الناس قبل يوم القيامة:

الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)، فأمّا يوم القيامة فانّما هو بعث إلى الجنّة وبعث إلى النار(1).

6299 - مختصر بصائر الدرجات: أحمد بن محمد بن عيسى ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن حمّاد بن عثمان، عن محمّد بن مسلم قال: سمعت حمران ابن أعين وأبا الخطّاب يحدّثان جميعا قبل أن يحدث أبو الخطّاب ما أحدث(2) أنّهما سمعا أبا عبداللّه (عليه السّلام) يقول: أوّل من تنشقّ الارض عنه ويرجع إلى الدّنيا، الحسين بن عليّ (عليه السّلام) وإنّ الرجعة ليست بعامّة، وهي خاصّة لايرجع إلاّ من محض الإيمان محضا أو محض الشرك محضا(3).

6300 - البحار: قال الشيخ المفيد (رحمه اللّه) في شرحه على العقائد: وقد روي عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) أنّه قال: إنّما يسأل في قبره من محض الايمان محضا أو محض الكفر محضا، فأمّا ما سوي هذين فإنّه يلهى عنه.

ص:838


1- (1) - مختصر بصائر الدرجات: ص 27. منه البحار: ج 53 ص 43.
2- (2) - قال الشيخ الطوسي في رجاله في أصحاب الصادق (عليه السّلام): محمد بن مقلاص الاسدي الكوفي أبو الخطاب ملعون، غال، ويكنى مقلاص ابا زينب البزاز البراد (معجم رجال الحديث).
3- (3) - مختصر بصائر الدرجات: ص 24. منه البحار: ج 53 ص 39.

وقال في الرجعة: إنّما يرجع إلى الدنيا عند قيام القائم من محض الايمان أو محض الكفر محضا، فأمّا ما سوي هذين فلا رجوع لهم إلى يوم المآب(1).

6301 - مختصر بصائر الدرجات: يعقوب بن يزيد ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن عيسى بن عبيد وابراهيم بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن عمر بن اذينة، قال: حدثنا محمد بن الطيّار، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) في قول اللّه (عزّوجلّ ):

(وَ يَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً) (2).

فقال: ليس أحد من المؤمنين قتل إلاّ سيرجع حتّى يموت، ولا أحد من المؤمنين مات إلاّ سيرجع حتّى يقتل(3).

6302 - تفسير العياشي: عن المفضّل بن عمر، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) قال: إذا قام قائم آل محمّد استخرج من ظهر الكعبة سبعة وعشرين رجلا، خمسة عشر من قوم موسى الّذين يقضون بالحقّ وبه يعدلون(4) وسبعة من أصحاب الكهف ويوشع وصي موسى ومؤمن آل فرعون وسلمان الفارسيّ وأبا دجانة الأنصاريّ ومالك الاشتر(5).

6303 - أعلام الورى - الإرشاد: روي المفضّل بن عمر، عن أبي

ص:839


1- (1) - البحار: ج 61 ص 82.
2- (2) - النمل 27:83.
3- (3) - مختصر بصائر الدرجات: ص 25. منه البحار: ج 53 ص 40.
4- (4) - إشارة إلى قوله تعالى في سورة الاعراف 7:159 (وَ مِنْ قَوْمِ مُوسىٰ أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَ بِهِ يَعْدِلُونَ ).
5- (5) - تفسير العياشي: ج 2 ص 32 ح 90. منه البحار: ج 52 ص 346.

عبداللّه (عليه السّلام) قال: يخرج مع(1) القائم (عليه السّلام) من ظهر الكوفة سبعة وعشرون رجلا: خمسة عشر من قوم موسى (عليه السّلام) الّذين كانوا يهدون بالحقّ وبه يعدلون، وسبعة من أهل الكهف(2)، ويوشع بن نون، وسلمان، وأبو دجانة الأنصاريّ ، والمقداد [بن الاسود]، ومالك الاشتر، فيكونون بين يديه أنصارا وحكاما(3).

باب (75) من أقر بستة أشياء فهو مؤمن

6304 - صفات الشيعة: علي بن أحمد بن عبداللّه، عن أبيه، عن جدّه، عن أبي عبداللّه البرقي، عن أبيه، عن عمرو بن شمر، عن عبداللّه(4) قال: قال الصادق (عليه السّلام): من أقرّ بستة أشياء فهو مؤمن:

البراءة من الطواغيت.

والإقرار بالولاية.

والايمان بالرجعة.

والاستحلال للمتعة.

وتحريم الجري.

وترك المسح على الخفين(5).

ص:840


1- (1) - يخرج الى - اعلام الورى.
2- (2) - أصحاب الكهف - اعلام الورى.
3- (3) - اعلام الورى: ص 464 - الإرشاد: ص 365. منهما البحار: ج 53 ص 90.
4- (4) - هكذا في المصدر، ولعل الصحيح: عن عمرو بن شمر أبي عبداللّه.
5- (5) - صفات الشيعة: ص 71 ح 41. منه البحار: ج 53 ص 121.

باب (76) دعاء العهد

6305 - البحار: مصباح الزائر - عن جعفر بن محمّد الصادق (عليه السّلام) أنّه قال: من دعا إلى اللّه أربعين صباحا بهذا العهد كان من أنصار قائمنا، فان مات قبله أخرجه اللّه تعالى من قبره وأعطاه بكلّ كلمة ألف حسنة ومحا عنه ألف سيّئة، وهو هذا:

«اللهمّ ربّ النور العظيم، و [ربّ ] الكرسيّ الرفيع، وربّ البحر المسجور ومنزّل التوراة والانجيل والزّبور، وربّ الظلّ والحرور، ومنزّل القرآن العظيم وربّ الملائكة المقرّبين، والأنبياء والمرسلين.

اللهمّ إنّي أسالك بوجهك الكريم، وبنور وجهك المنير، وملكك القديم يا حيّ يا قيّوم أسألك باسمك الّذي أشرقت به السماوات والارضون يا حيّ قبل كلّ حيّ ، لا إله إلاّ أنت.

اللهمّ بلّغ مولانا الإمام الهادي المهديّ القائم بأمرك صلوات اللّه عليه وعلى آبائه الطاهرين عن المؤمنين والمؤمنات، في مشارق الارض ومغاربها، سهلها وجبلها برّها وبحرها، وعنّي وعن والديّ من الصلوات زنة عرش اللّه ومداد كلماته، وما أحصاه علمه، وأحاط به كتابه.

اللهمّ إنّى اجدّد له في صبيحة يومي هذا وما عشت من أيّامي عهدا وعقدا وبيعة له في عنقي، لا أحول عنها، ولا أزول أبدا، اللهمّ اجعلني من أنصاره وأعوانه والذّابّين عنه، والمسارعين إليه في قضاء حوائجه، والمحامين عنه والسابقين إلى إرادته، والمستشهدين بين يديه.

ص:841

اللهمّ إن حال بيني وبينه الموت الّذي جعلته على عبادك حتما، فأخرجني من قبري، مؤتزرا كفني، شاهرا سيفي، مجرّدا قناتي ملبّيا دعوة الداعي، في الحاضر والبادي.

اللهمّ أرني الطلعة الرّشيدة، والغرّة الحميدة، واكحل ناظري بنظرة منّي إليه، وعجّل فرجه، وسهّل مخرجه، وأوسع منهجه، واسلك بي محجّته، فانفذ أمره، واشدد أزره، واعمر اللهمّ به بلادك، وأحي به عبادك، فانّك قلت وقولك الحقّ : (ظَهَرَ الْفَسٰادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمٰا كَسَبَتْ أَيْدِي النّٰاسِ ) (1).

فأظهر اللهمّ لنا وليّك، وابن بنت نبيّك المسمّى باسم رسولك حتّى لا يظفر بشيء من الباطل إلاّ مزّقه، ويحقّ الحقّ ويحقّقه، واجعله اللهمّ مفزعا لمظلوم عبادك، وناصرا لمن لا يجد له ناصرا غيرك، ومجدّدا لما عطّل من أحكام كتابك ومشيّدا لما ورد من أعلام دينك وسنن نبيّك (صلّى اللّه عليه وآله) واجعله ممّن حصّنته من بأس المعتدين.

اللهمّ وسرّ نبيّك محمدا (صلّى اللّه عليه وآله) برؤيته، ومن تبعه على دعوته، وارحم استكانتنا بعده، اللهمّ اكشف هذه الغمّة عن الأمّة بحضوره، وعجّل لنا ظهوره، إنّهم يرونه بعيدا ونراه قريبا، العجل العجل يا مولاي يا صاحب الزمان، برحمتك يا أرحم الرّاحمين».

ثمّ تضرب على فخذك الأيمن بيدك ثلاث مرّات وتقول: «العجل يا مولاي يا صاحب الزّمان» - ثلاثا -(2).

ص:842


1- (1) - الروم 30:41.
2- (2) - البحار: ج 53 ص 95 ح 111.

باب (77) إثنا عشر مهديّا

6306 - إكمال الدين: حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقّاق قال: حدثنا محمد بن أبي عبداللّه الكوفي قال: حدثنا موسى ابن عمران النخعي، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفلي، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبي بصير قال: قلت للصادق جعفر بن محمّد (عليهما السّلام): يابن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) اني سمعت من أبيك (عليه السّلام) أنّه قال: يكون بعد القائم اثنا عشر مهديّا.

فقال: إنّما قال: اثنا عشر مهديّا ولم يقل اثنا عشر إماما، ولكنّهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقّنا(1).

6307 - البحار: كتاب الحسن بن سليمان - محمّد بن عليّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن عليّ بن أحمد بن موسى الدقّاق، عن محمد بن أبي عبداللّه الكوفيّ ، عن موسى بن عمران النخعيّ ، عن عمّه الحسين بن يزيد النوفليّ ، عن عليّ بن أبي حمزة، عن أبيه، عن أبي بصير قال: قلت للصادق (عليه السّلام): يابن رسول اللّه سمعت من أبيك أنّه قال: يكون بعد القائم (عليه السّلام) اثنا عشر إماما، فقال: قد قال: «اثنا عشر مهديا» ولم يقل «اثنا عشر إماما» ولكنّهم قوم من شيعتنا يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقّنا(2).

ص:843


1- (1) - إكمال الدين: ص 358 ح 56. منه البحار: ج 53 ص 145.
2- (2) - البحار: ج 53 ص 115 ح 21.

6308 - غيبة الطوسي: محمد بن عبداللّه بن جعفر الحميري، عن بيه، عن محمّد بن عبدالحميد، ومحمّد بن عيسى، عن محمّد بن الفضيل، عن أبي حمزة، عن أبي عبداللّه (عليه السّلام) - في حديث طويل - أنّه قال: يا أبا حمزة إنّ منّا بعد القائم أحد عشر مهديّا من ولد الحسين (عليه السّلام)(1).

6309 - مختصر بصائر الدرجات: ممّا رواه السيّد عليّ بن عبدالحميد بإسناده عن الصادق (عليه السّلام): أنّ منّا بعد القائم (عليه السّلام) اثنا عشر مهديّا من ولد الحسين (عليه السّلام)(2).

ص:844


1- (1) - غيبة الطوسي: ص 285. منه البحار: ج 53 ص 145.
2- (2) - مختصر بصائر الدرجات: ص 49. منه البحار: ج 53 ص 148.

كلمة الختام

لقد وصلنا - والحمد للّه - الى نهاية الجزءالعاشر من موسوعة الامام الصادق (عليه السّلام) المباركة، مما قد روي عنه (عليه السّلام) حول الزهراء الطاهرة وبعض الأئمّة الطاهرين (صلوات اللّه عليهم أجمعين).

والى اللقاء في الجزء الحادي عشر ان شاء اللّه تعالى وفيه يكون الحديث عن المعاد ومنازل الآخرة.

وآخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين وصلّى اللّه على محمّد وآله الطاهرين.

محمد كاظم القزويني قم المقدسة - ايران

ص:845

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.