منهاج الصالحین المجلد 3

اشارة

سرشناسه : سیستانی، سیدعلی، 1309 -

عنوان و نام پدیدآور : منهاج الصالحین/فتاوی علی الحسینی السیستانی.

وضعیت ویراست : [ویراست ؟].

مشخصات نشر : مشهد: پیام طوس، مکتب آیه الله العظمی السید السیستانی 1440ق.= 1397 -

مشخصات ظاهری : 3ج.

شابک : دوره:964-9928-00-6 ؛ ج. 1:964-9928-01-4 ؛ ج. 2:964-9928-02-2 ؛ ج. 3:964-9928-03-0

وضعیت فهرست نویسی : برون سپاری.

یادداشت : عربی.

یادداشت : فهرست نویسی بر اساس جلد سوم، 1427 ق.= 2006 م.= 1385.

یادداشت : این کتاب در سالهای مختلف توسط ناشرین متفاوت منتشر شده است.

مندرجات : ج. 1. العبادات.-ج.2 و 3. المعاملات.-

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9/س9م8 1300ی

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : 1070041

ص: 1

اشاره

ص: 2

ص: 3

طبعة مصحّحة ومنقّحة 1439ه .ق

ص: 4

الفهرس

کتاب النکاح. 15

استحبابه وبعض آدابه وأحکامه. 15

أحکام النظر واللمس والتستّر وما یلحق بها 19

عقد النکاح وأحکامه. 23

أولیاء العقد. 31

العقد الفضولیّ.. 36

أسباب التحریم. 42

الأمر الأوّل: النسب... 42

الأمر الثانی: الرضاع. 45

الأمر الثالث: المصاهرة وما یلحق بها 62

الأمر الرابع: الاعتداد وما بحکمه. 68

الأمر الخامس: استیفاء العدد وما یلحق به. 71

الأمر السادس: الکفر وعدم الکفاءة. 72

الأمر السابع: الإحرام. 76

الأمر الثامن: اللعان وما بحکمه. 77

ص: 5

النکاح المنقطع. 77

خیار العیب والتدلیس.... 86

المهر. 92

الشروط المذکورة فی النکاح. 102

الحقوق الزوجیّة. 104

أحکام النشوز والشقاق.. 107

أحکام الأولاد. 112

أحکام الولادة وما یلحقها 116

النفقات... 122

1. الزوجیّة. 122

2. القرابة. 130

3. الملک.. 134

4. الاضطرار. 135

کتاب الطلاق.. 141

شروط المطلِّق والمطلَّقة والطلاق.. 141

1. شروط المطلِّق.. 141

2. شروط المطلَّقة. 144

3. شروط الطلاق.. 148

أقسام الطلاق وبعض أحکامه. 151

أحکام الرجعة. 159

العدد. 161

1. عدّة الطلاق.. 161

2. عدّة الفسخ والانفساخ. 167

3. عدّة الوطء بالشبهة. 168

4. عدّة المتمتّع بها 170

5. عدّة الوفاة. 170

ص: 6

أحکام المفقود زوجها 173

کتاب الخلع والمباراة. 185

طلاق الخلع. 185

طلاق المباراة. 192

کتاب الظهار. 197

کتاب الإیلاء. 203

کتاب اللعان.. 209

کتاب الأیمان والنذور والعهود. 217

الأیمان.. 217

النذور. 224

العهود. 234

کتاب الکفّارات... 239

أقسام الکفّارات وموارد ثبوتها 239

أحکام الکفّارات... 242

کتاب الصید والذباحة. 255

الصید. 255

صید الحیوان الوحشیّ.. 255

1. الصید بالکلب... 256

2. الصید بالسلاح. 260

طرق تملّک الحیوان الوحشیّ.. 263

ص: 7

صید الأسماک.. 267

صید الجراد. 269

الذباحة والنحر. 270

ما تقع علیه التذکیة من الحیوانات و أمارات التذکیة. 278

کتاب الأطعمة والأشربة. 285

الحیوان.. 285

1. حیوان البحر. 285

2. البهائم ونحوها 286

3. الطیور. 287

غیر الحیوان.. 293

آداب الأکل.. 304

آداب الشرب... 306

کتاب المیراث... 309

أحکام الإرث... 309

الأمر الأوّل: فی موجبات الإرث... 309

الأمر الثانی: فی أقسام الوارث... 310

الأمر الثالث: فی أنواع السهام. 311

الأمر الرابع: فی بطلان العول والتعصیب... 312

موانع الإرث... 313

الأمر الأوّل: الکفر. 313

الأمر الثانی: القتل.. 318

الأمر الثالث: الرقّ.. 321

الأمر الرابع: الولادة من الزنی.. 321

الأمر الخامس: اللعان.. 322

ص: 8

کیفیّة الإرث حسب طبقاته. 323

1. إرث الطبقة الأُولی.. 323

أحکام الحبوة. 328

2. إرث الطبقة الثانیة. 331

3. إرث الطبقة الثالثة. 337

4. إرث الزوج والزوجة. 341

5. الإرث بالولاء. 345

أ. ولاء ضمان الجریرة. 345

ب. ولاء الإمامة. 346

میراث الحمل والمفقود. 347

میراث الخنثی.. 349

میراث الغرقیٰ والمهدوم علیهم وما یلحق بهما 351

میراث أصحاب المذاهب والملل الأُخری.. 353

خاتمة. 354

ص: 9

ص: 10

الحمد لله ربِّ العالمین والصَّلاة والسَّلام علی خیر خلقه محمَّدٍ وآله الطَّیّبین الطّاهرین الغرّ المیامین.

ص: 11

ص: 12

کتاب النکاح

ص: 13

ص: 14

کتاب النکاح

اشارة

وفیه فصول:

الفصل الأوّل فی استحبابه وبعض آدابه وأحکامه

النکاح من المستحبّات المؤکّدة، وقد وردت فی الحثّ علیه وذمّ ترکه أخبار کثیرة، فعن رسول الله (صلّی الله علیه وآله) أنّه قال: (من تزوّج أحرز نصف دینه)، وعنه (صلّی الله علیه وآله) أنّه قال: (ما استفاد امرؤٌ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إلیها، وتطیعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها فی نفسها وماله)، وعن الصادق (علیه السلام) أنّه قال: (رکعتان یصلّیهما المتزوّج أفضل من سبعین رکعة یصلّیها أعزب)، إلی غیر ذلک من الأخبار .

ص: 15

مسألة 1: ینبغی أن یهتمّ الرجل بصفات من یرید التزوّج بها، فلا یتزوّج إلّا امرأة عفیفة کریمة الأصل صالحة تعینه علی أُمور الدنیا والآخرة، فعن رسول الله (صلّی الله علیه وآله) أنّه قال: (إختاروا لِنُطَفِکُم فإنّ الخال أحد الضجیعین)، وعن الصادق (علیه السلام) لبعض أصحابه - حین قال: قد هممت أن أتزوّج - : (انظر أین تضع نفسک ومن تشرکه فی مالک وتطلعه علی دینک وسرّک، فإن کنت لا بُدَّ فاعلاً فبِکراً تُنْسَبُ إلی الخیر وإلی حسن الخلق)، وعنه (علیه السلام): (إنّما المرأة قِلادَة، فانظر ما تتقلّد، ولیس للمرأة خطر لا لصالحتهنّ ولا لطالحتهنّ، فأمّا صالحتهنّ فلیس خطرها الذهب والفضّة، هی خیر من الذهب والفضّة، وأمّا طالحتهنّ فلیس خطرها التراب، التراب خیر منها).

ولا ینبغی أن یقصر الرجل نظره علی جمال المرأة وثروتها، فعن النبیّ (صلّی الله علیه وآله) أنّه قال: (من تزوّج امرأة لا یتزوّجها إلّا لجمالها لم یرَ فیها ما یحبّ، ومن تزوّجها لمالها لا یتزوّجها إلّا له وکله الله إلیه، فعلیکم بذات الدین)، وعنه (صلّی الله علیه وآله) أیضاً أنّه قال: (أیّها الناس إیّاکم وخضراء الدِّمَن) قیل: یا رسول الله وما خضراء الدِّمَن؟ قال: (المرأة الحسناء فی منبت السوء).

ص: 16

مسألة 2: کما ینبغی للرجل أن یهتمّ بصفات من یختارها للزواج کذلک ینبغی للمرأة وأولیائها الاهتمام بصفات من تختاره لذلک، فلا تتزوّج إلّا رجلاً دیّناً عفیفاً حسن الأخلاق، فعن رسول الله (صلّی الله علیه وآله): (النکاح رقّ فإذا أنکح أحدکم ولیدة فقد أرقّها، فلینظر أحدکم لمن یُرِقّ کریمته).

وعن الصادق (علیه السلام): (من زوّج کریمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها)، وعن الرضا (علیه السلام) - فی جواب من کتب إلیه: إنّ لی قرابةً قد خطب إلیّ وفی خلقه سوء - : (لا تزوّجه إن کان سیّء الخلق).

مسألة 3: یستحبّ عند إرادة التزویج صلاة رکعتین والدعاء بالمأثور وهو: (اللّهمّ إنّی أرید أن أتزوّج فقدّر لی من النساء أعفّهنّ فرجاً، وأحفظهنّ لی فی نفسها وفی مالی، وأوسعهنّ رزقاً، وأعظمهنّ برکة).

ویستحبّ الإشهاد علی العقد والإعلان به والخطبة أمامه، وأکملها ما اشتمل علی التحمید والصلاة علی النبیّ (صلّی الله علیه وآله) والأئمّة المعصومین (علیهم السلام) والشهادتین والوصیّة بالتقوی والدعاء للزوجین، ویجزئ: الحمد لله والصلاة علی محمَّد وآله.

ویکره إیقاع العقد والقمر فی برج العقرب، وإیقاعه فی محاق الشهر .

ص: 17

مسألة 4: یستحبّ أن یکون الزفاف لیلاً والولیمة قبله أو بعده، وصلاة رکعتین عند الدخول، وأن یکونا علی طهر، والدعاء بالمأثور بعد أن یضع یده علی ناصیتها وهو : (اللّهمّ علی کتابک تزوّجتها، وفی أمانتک أخذتها، وبکلماتک استحللت فرجها، فإن قضیت لی فی رحمها شیئاً فاجعله مسلماً سویّاً ولا تجعله شرک الشیطان) وأمرها بمثله، ویسأل الله تعالی الولد الذکر .

مسألة 5: تستحبّ التسمیة عند الجماع، وأن یکون علی وضوء سیّما إذا کانت المرأة حاملاً، وأن یسأل الله تعالی أن یرزقه ولداً تقیّاً مبارکاً زکیّاً ذکراً سویّاً.

ویکره الجماع فی لیلة الخسوف، ویوم الکسوف، وعند الزوال إلّا یوم الخمیس، وعند الغروب قبل ذهاب الشفق، وفی المحاق، وبعد الفجر حتّی تطلع الشمس، وفی أوّل لیلة من الشهر إلّا شهر رمضان، وفی لیلة النصف من الشهر وآخره، وعند الزلزلة والریح الصفراء والسوداء.

ویکره مستقبل القبلة ومستدبرها، وفی السفینة، وعاریاً، وعقیب الاحتلام قبل الغسل، ولا یکره معاودة الجماع بغیر غسل.

ویکره النظر إلی فرج الزوجة، والکلام بغیر ذکر الله، وأن یجامع وعنده من ینظر إلیه - حتّی الصبیّ والصبیّة -

ص: 18

ما لم یستلزم محرّماً وإلّا فلا یجوز .

مسألة 6: ینبغی أن لا یردّ الخاطب إذا کان ممّن یرضی خلقه ودینه، فعن رسول الله (صلّی الله علیه وآله): (إذا جاءکم من ترضون خلقه ودینه فزوّجوه، إلّا تفعلوه تکن فتنة فی الأرض وفساد کبیر ).

مسألة 7: یستحبّ السعی فی التزویج والشفاعة فیه وإرضاء الطرفین.

مسألة 8: لا یجوز وطء الزوجة غیر البالغة شرعاً، دواماً کان النکاح أو منقطعاً، ولو وطئها فإن لم یُفضها - والإفضاء هو التمزُّق الموجب لاتّحاد مسلکی البول والحیض أو مسلکی الحیض والغائط أو اتّحاد الجمیع - لم یترتّب علیه غیر الإثم، وإن أفضاها لم تخرج عن زوجیّته، فتجری علیها أحکامها من التوارث وحرمة الخامسة وحرمة أُختها معها وغیرها، ولکن قیل: یحرم علیه وطؤها أبداً؛ إلّا أنّ الصحیح خلافه، ولا سیّما إذا اندمل الجرح - بعلاج أو بغیره - نعم تجب علیه دیة الإفضاء - وهی دیة النفس - إن طلّقها بل وإن لم یطلّقها، وتجب علیه نفقتها ما دامت مُفضاة وإن نشزت أو طلّقها، بل وإن تزوّجت بعد الطلاق علی الأحوط لزوماً.

ولو دخل بزوجته بعد إکمال التسع فأفضاها لم تحرم علیه ولم تثبت الدیة، ولکن الأحوط لزوماً وجوب الإنفاق علیها کما

ص: 19

لو کان الإفضاء قبل إکمال التسع، ولو أفضی غیر الزوجة بزناء أو غیره تثبت الدیة، ولکن لا إشکال فی عدم ثبوت الحرمة الأبدیّة وعدم وجوب الإنفاق علیها.

مسألة 9: لا یجوز ترک وطء الزوجة الشابّة أکثر من أربعة أشهر إلّا لعذر کالحرج أو الضرر، أو مع رضاها، أو اشتراط ترکه علیها حین العقد، والأحوط لزوماً عدم اختصاص الحکم بالدائمة فیعمّ المنقطعة أیضاً، کما أنّ الأحوط لزوماً عدم اختصاصه بالحاضر فیعمّ المسافر، فلا یجوز إطالة السفر من دون عذر شرعیّ إذا کان یفوّت علی الزوجة حقّها، ولا سیّما إذا لم یکن لضرورة عرفیّة کما إذا کان لمجرّد التنزّه والتفرّج.

مسألة 10: یجوز العزل - بمعنی إفراغ المنیّ خارج القُبُل حین الجماع - عن الزوجة المنقطعة وکذا الدائمة، نعم هو مکروه إلّا مع رضاها أو اشتراطه علیها حین العقد، وأمّا منع المرأة زوجها من الإنزال فی قُبُلها فهو محرّم علیها إلّا برضاه أو اشتراطه علیه حین التزویج، ولو منعت فأنزل خارج القُبُل لم تثبت علیها الدیة.

الفصل الثانی فی أحکام النظر واللمس والتستّر وما یلحق بها

مسألة 11: یجوز لکلٍّ من الزوج والزوجة النظر إلی جسد الآخر

ص: 20

ظاهره وباطنه حتّی العورة، وکذا لمس کلٍّ منهما بکلّ عضو منه کلّ عضو من الآخر مع التلذّذ وبدونه.

مسألة 12: یجوز للرجل النظر إلی ما عدا العورة من مماثله - شیخاً کان المنظور إلیه أو شابّاً، حسن الصورة أو قبیحها - ما لم یکن بتلذّذ شهویّ أو مع الریبة - أی خوف الافتتان والوقوع فی الحرام - وهکذا الحال فی نظر المرأة إلی ما عدا العورة من مماثلها، وأمّا العورة - وهی القُبُل والدُّبُر کما مرّ فی أحکام التخلّی - فلا یجوز النظر إلیها حتّی بالنسبة إلی المماثل، نعم حرمة النظر إلی عورة الکافر المماثل والصبیّ الممیّز تبتنی علی الاحتیاط اللزومیّ.

مسألة 13: یجوز للرجل أن ینظر إلی جسد محارمه - ما عدا العورة - من دون تلذّذ شهویّ ولا ریبة، وکذا یجوز لهنّ النظر إلی ما عدا العورة من جسده بلا تلذّذ شهویّ ولا ریبة، والمراد بالمحارم من یحرم علیه نکاحهنّ أبداً من جهة النسب أو الرضاع أو المصاهرة دون غیرها کالزناء واللواط واللعان.

مسألة 14: لا یجوز للرجل أن ینظر إلی ما عدا الوجه والکفّین من جسد المرأة الأجنبیّة وشعرها، سواء أکان بتلذّذ شهویّ أو مع الریبة أم لا، وکذا إلی الوجه والکفّین منها إذا کان النظر بتلذّذ شهویّ أو مع الریبة، وأمّا بدونهما فیجوز النظر، وإن کان الأحوط استحباباً ترکه أیضاً.

ص: 21

مسألة 15: یحرم علی المرأة النظر إلی بدن الرجل الأجنبیّ بتلذّذ شهویّ أو مع الریبة، بل الأحوط لزوماً أن لا تنظر إلی غیر ما جرت السیرة علی عدم الالتزام بستره کالرأس والیدین والقدمین ونحوها وإن کان بلا تلذّذ شهویّ ولا ریبة، وأمّا نظرها إلی هذه المواضع من بدنه من دون ریبة ولا تلذّذ شهویّ فهو جائز، وإن کان الأحوط استحباباً ترکه أیضاً.

مسألة 16: لا یجوز لمس بدن الغیر وشعره - عدا الزوج والزوجة - بتلذّذ شهویّ أو مع الریبة، وأمّا اللمس من دونهما فیجوز بالنسبة إلی شعر المَحْرم والمماثل وما یجوز النظر إلیه من بدنهما، وأمّا بدن الأجنبیّ والأجنبیّة وشعرهما فلا یجوز لمسهما مطلقاً حتّی المواضع التی یجوز النظر إلیها - ممّا تقدّم بیانها آنفاً - فتحرم المصافحة بین الأجنبیّ والأجنبیّة إلّا من وراء الثوب ونحوه.

مسألة 17: یحرم النظر إلی العضو المبان من الأجنبیّ والأجنبیّة - ممّا حرم النظر إلیه قبل الإبانة - إذا صدق معه النظر إلی صاحب العضو عرفاً، وأمّا مع عدمه فیجوز فیما عدا العورة، وإن کان الترک فی غیر السنّ والظفر أحوط استحباباً.

مسألة 18: یجب علی المرأة أن تستر شعرها وما عدا الوجه والکفّین من بدنها عن غیر الزوج والمحارم، وأمّا الوجه والکفّان فیجوز إبداؤهما إلّا مع خوف الوقوع فی الحرام أو کونه بداعی

ص: 22

إیقاع الرجل فی النظر المحرّم فیحرم الإبداء حینئذٍ حتّی بالنسبة إلی المحارم.

هذا فی غیر المرأة المسنّة التی لا ترجو النکاح، وأمّا هی فیجوز لها إبداء شعرها وذراعها ونحوهما ممّا یستره الخمار والجلباب عادة ولکن من دون أن تتبرّج بزینة.

مسألة 19: لا یجب علی الرجل التستّر من الأجنبیّة وإن کان لا یجوز لها - علی الأحوط لزوماً - النظر إلی غیر ما جرت السیرة علی عدم الالتزام بستره من بدنه کما تقدّم.

مسألة 20: یستثنی من حرمة النظر واللمس ووجوب التستّر فی الموارد المتقدّمة صورة الاضطرار، کما إذا توقّف استنقاذ الأجنبیّة من الغرق أو الحرق أو نحوهما علی النظر أو اللمس المحرّم فیجوز حینئذٍ، ولکن إذا اقتضی الاضطرار النظر دون اللمس أو العکس اقتصر علی ما اضطرّ إلیه وبمقداره لا أزید.

مسألة 21: إذا اضطرّت المرأة - مثلاً - إلی العلاج من مرض وکان الرجل الأجنبیّ أرفق بعلاجها - لمزید خبرته أو عنایته أو غیر ذلک - جاز له النظر إلی بدنها ولمسه بیده إذا توقّف علیهما معالجتها، ومع إمکان الاکتفاء بأحدهما - أی اللمس أو النظر - لا یجوز الآخر کما تقدّم.

مسألة 22: إذا اضطرّ الطبیب أو الطبیبة فی معالجة

ص: 23

المریض - غیر الزوج والزوجة - إلی النظر إلی عورته فالأحوط لزوماً أن لا ینظر إلیها مباشرة بل فی المرآة وشبهها، إلّا إذا اقتضی ذلک النظر فترة أطول أو لم تتیسّر المعالجة بغیر النظر مباشرة.

مسألة 23: یجوز اللمس والنظر من الرجل للصبیّة غیر البالغة - ما عدا عورتها کما عرف ممّا مرّ - مع عدم التلذّذ الشهویّ والریبة، نعم الأحوط الأولی الاقتصار علی المواضع التی لم تجرِ العادة بسترها بالملابس المتعارفة دون مثل الصدر والبطن والفخذ والألیین، کما أنّ الأحوط الأولی عدم تقبیلها وعدم وضعها فی الحجر إذا بلغت ستّ سنین.

مسألة 24: یجوز النظر واللمس من المرأة للصبیّ غیر البالغ - ما عدا عورته کما عرف ممّا مرّ - مع عدم التلذّذ الشهویّ والریبة، ولا یجب علیها التستّر عنه ما لم یبلغ مبلغاً یمکن أن یترتّب علی نظره إلیها إثارة الشهوة، وإلّا وجب التستّر عنه علی الأحوط لزوماً.

مسألة 25: الصبیّ والصبیّة غیر الممیّزین خارجان عن أحکام التستّر، وکذا النظر واللمس من غیر تلذّذ شهویّ وریبة، کما أنّ المجنون غیر الممیّز خارج عن أحکام التستّر أیضاً.

مسألة 26: یجوز النظر إلی النساء المبتذلات - اللّاتی لا ینتهین إذا نُهین عن التکشّف - بشرط عدم التلذّذ الشهویّ

ص: 24

ولا الریبة، ولا فرق فی ذلک بین نساء الکفّار وغیرهنّ، کما لا فرق فیه بین الوجه والکفّین وبین سائر ما جرت عادتهنّ علی عدم ستره من بقیّة أعضاء البدن.

مسألة 27: الأحوط وجوباً ترک النظر إلی صورة المرأة الأجنبیّة غیر المبتذلة إذا کان الناظر یعرفها، ویستثنی من ذلک الوجه والکفّان فیجوز النظر إلیهما فی الصورة بلا تلذّذ شهویّ ولا ریبة کما یجوز النظر إلیهما مباشرة کذلک.

مسألة 28: یجوز لمن یرید أن یتزوّج امرأة أن ینظر إلی محاسنها کوجهها وشعرها ورقبتها وکفّیها ومعاصمها وساقیها ونحو ذلک، ولا یشترط أن یکون ذلک بإذنها ورضاها.

نعم یشترط أن لا یکون بقصد التلذّذ الشهویّ وإن علم أنّه یحصل بالنظر إلیها قهراً، وأن لا یخاف الوقوع فی الحرام بسببه، کما یشترط أن لا یکون هناک مانع من التزویج بها فعلاً مثل ذات العدّة وأُخت الزوجة.

ویشترط أیضاً أن لا یکون مسبوقاً بحالها، وأن یحتمل اختیارها وإلّا فلا یجوز، والأحوط وجوباً الاقتصار علی ما إذا کان قاصداً التزویج بها بالخصوص فلا یعمّ الحکم ما إذا کان قاصداً لمطلق التزویج وکان بصدد تعیین الزوجة بهذا الاختبار، ویجوز تکرّر النظر إذا لم یحصل الاطّلاع علیها بالنظرة الأُولی.

مسألة 29: یجوز سماع صوت الأجنبیّة مع عدم التلذّذ

ص: 25

الشهویّ ولا الریبة، کما یجوز لها إسماع صوتها للأجانب إلّا مع خوف الوقوع فی الحرام، نعم لا یجوز لها ترقیق الصوت وتحسینه علی نحو یکون فی العادة مهیّجاً للسامع وإن کان مَحْرماً لها.

الفصل الثالث فی عقد النکاح وأحکامه

اشارة

عقد النکاح علی قسمین: دائم ومنقطع، والعقد الدائم هو: (عقد لا تُعَیَّن فیه مدّة الزواج)، وتسمّی الزوجة فیه ب- (الدائمة).

والعقد غیر الدائم هو: (عقد تُعَیَّن فیه المدّة) کساعة أو یوم أو سنة أو أکثر أو أقلّ، وتسمّی الزوجة فیه ب- (المتعة) و(المتمتّع بها) و(المنقطعة).

مسألة 30: یشترط فی النکاح - دواماً ومتعة - الإیجاب والقبول اللفظیّان، فلا یکفی مجرّد التراضی القلبیّ کما لا تکفی - علی الأحوط لزوماً - الکتابة ولا الإشارة المفهمة من غیر الأخرس، والأحوط لزوماً کون الإیجاب والقبول بالعربیّة مع التمکّن منها، ویکفی غیرها من اللغات المفهمة لمعنی النکاح والتزویج لغیر المتمکّن منها وإن تمکّن من التوکیل.

مسألة 31: الأحوط استحباباً تقدیم الإیجاب علی القبول، وإن کان یجوز عکسه أیضاً إذا لم یکن القبول بلفظ (قبلتُ) أو

ص: 26

نحوه مجرّداً عن ذکر المتعلّق، فیصحّ أن یقول الرجل: (أتزوّجُکِ علی الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (نعم)، أو یقول الرجل: (قبلتُ التزوّج بکِ علی الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (زوّجتُکَ نفسی).

والأحوط استحباباً أیضاً أن یکون الإیجاب من جانب المرأة والقبول من جانب الرجل، وإن کان یجوز العکس، فیصحّ أن یقول الرجل: (زوّجتُکِ نفسی علی الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (قبلتُ).

مسألة 32: الأحوط استحباباً أن یکون الإیجاب فی النکاح الدائم بلفظ النکاح أو التزویج، وإن کان یجوز إنشاؤه بلفظ المتعة أیضاً إذا اقترن بما یدلّ علی إرادة الدوام، کما أنّ الأحوط استحباباً أن یکون الإیجاب والقبول بصیغة الماضی، وإن جازا بغیرها أیضاً.

مسألة 33: یجوز الاقتصار فی القبول علی لفظ (قبلت) أو (رضیت) بعد الإیجاب من دون ذکر المتعلّقات التی ذکرت فیه، فلو قال الموجب - الوکیل عن الزوجة - للزوج: (أنکحتُکَ مُوَکِّلَتی فلانة علی المهر المعلوم) فقال الزوج: (قبلتُ) من دون أن یقول: (قبلتُ النکاح لنفسی علی المهر المعلوم) صحّ.

مسألة 34: إذا باشر الزوجان العقد الدائم وبعد تعیین المهر قالت المرأة مخاطبة الرجل: (أنکحتُکَ نفسی، أو أنکحتُ نفسی

ص: 27

منک، أو لک، علی الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ النکاح) صحّ العقد، وکذا إذا قالت المرأة: (زوّجتُکَ نفسی، أو زوّجتُ نفسی منکَ، أو بکَ، علی الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ التزویج).

ولو وکّلا غیرهما وکان اسم الرجل أحمد واسم المرأة فاطمة مثلاً فقال وکیل المرأة: (أنکحتُ مُوَکِّلَکَ أحمد مُوَکِّلَتی فاطمة، أو أنکحتُ مُوَکِّلَتی فاطمة مُوَکِّلَکَ، أو من مُوَکِّلِکَ، أو لموَکِّلِکَ أحمد، علی الصداق المعلوم) فقال وکیل الزوج: (قبلتُ النکاح لمُوَکِّلِی أحمد علی الصداق المعلوم) صحّ العقد، وکذا لو قال وکیلها: (زوّجتُ مُوَکِّلَکَ أحمد مُوَکِّلَتی فاطمة، أو زوّجتُ مُوَکِّلَتی فاطمة موَکِّلَکَ، أو من مُوَکِّلِکَ، أو بمُوَکِّلِکَ أحمد، علی الصداق المعلوم) فقال وکیله: (قبلتُ التزویج لمُوَکِّلِی أحمد علی الصداق المعلوم).

ولو کان المباشر للعقد ولیّهما فقال ولیّ المرأة: (أنْکَحْتُ ابنَکَ أو حفیدَکَ أحمد ابنتی أو حفیدتی فاطمة، أو أنْکَحْتُ ابنتی أو حفیدتی فاطمة ابنَکَ أو حفیدَکَ، أو من ابنِکَ أو حفیدِکَ، أو لابنِکَ أو حفیدِکَ أحمد) أو قال ولیّ المرأة: (زوّجتُ ابنَکَ أو حفیدَکَ أحمد ابنتی أو حفیدتی فاطمة، أو زوّجتُ ابنتی أو حفیدَتی فاطمة ابنَکَ أو حفیدَکَ، أو من ابنِکَ أو حفیدِکَ أو بابنِکَ أو حفیدِکَ أحمد علی الصداق المعلوم) فقال ولیّ الزوج:

ص: 28

(قبلتُ النکاحَ أو التزویجَ لابنی أو لحفیدی أحمد علی الصداق المعلوم) صحّ العقد، وتعرف کیفیّة إیقاع العقد لو کان المباشر له فی أحد الطرفین أصیلاً وفی الطرف الآخر وکیلاً أو ولیّاً، أو فی أحد الطرفین ولیّاً وفی الآخر وکیلاً ممّا تقدّم فلا حاجة إلی التفصیل.

مسألة 35: لا یشترط فی لفظ القبول مطابقته لعبارة الإیجاب، بل یصحّ الإیجاب بلفظ والقبول بلفظ آخر، فلو قال: (زوّجتُکَ) فقال: (قبلت النکاح) أو قال: (أنْکَحْتُکَ) فقال: (قبلت التزویج)، صحّ وإن کان الأحوط استحباباً المطابقة.

مسألة 36: إذا لحن فی الصیغة بحیث لم تکن معه ظاهرة فی المعنی المقصود لم یکفِ وإلّا کفی وإن کان اللحن فی المادّة، فیکفی (جوّزتک) فی اللغة الدارجة بدل (زوّجتک) إذا کان المباشر للعقد من أهل تلک اللغة.

مسألة 37: یعتبر فی العقد القصد إلی إیجاد مضمونه، وهو متوقّف علی فهم معنی لفظ (زوّجت) أو ما یقوم مقامه ولو بنحو الإجمال، ولا یعتبر العلم بخصوصیّاته ولا تمییز الفعل والفاعل والمفعول مثلاً، فإذا کان الموجب بقوله: (زوّجت) قاصداً إیجاد العُلْقة الخاصّة المعروفة التی یطلق علیها الزواج فی اللغة العربیّة وکان الطرف الآخر قابلاً لذلک المعنی کفی.

ص: 29

مسألة 38: تشترط الموالاة بین الإیجاب والقبول علی الأحوط لزوماً، وتکفی العرفیّة منها فلا یضرّ الفصل فی الجملة بحیث یصدق معه أنّ هذا قبول لذلک الإیجاب، کما لا یضرّ الفصل بمتعلّقات العقد من القیود والشروط وغیرهما وإن کثرت.

مسألة 39: یشترط فی صحّة النکاح التنجیز، فلو علّقه علی أمر مستقبل معلوم الحصول أو متوقّع الحصول بطل، وهکذا إذا علّقه علی أمر حالیّ محتمل الحصول إذا کان لاݥ تتوقّف علیه صحّة العقد، وأمّا إذا علّقه علی أمر حالیّ معلوم الحصول أو علی أمر مجهول الحصول ولکنّه کان ممّا تتوقّف علیه صحّة العقد لم یضرّ، کما إذا قالت المرأة فی یوم الجمعة وهی تعلم أنّه یوم الجمعة: (أنْکَحْتُکَ نفسی إن کان الیوم یوم الجمعة) أو قالت: (أنْکَحْتُکَ نفسی إذا لم أݥݥکن أُختَکَ).

مسألة 40: یشترط فی العاقد المجری للصیغة أن یکون قاصداً للمعنی حقیقة، فلاݥ عبرة بعقد الهازل والساهی والغالط والنائم ونحوهم، ولا بعقد السکران وشبهه ممّن لا قصد له معتدّاً به، کما یشترط فیه العقل فلا عبرة بعقد المجنون وإن کان جنونه أدواریّاً إذا أجری العقد فی دور جنونه.

وکذلک یشترط فیه البلوغ فلا یصحّ عقد الصبیّ الممیّز لنفسه - وإن کان قاصداً للمعنی - إذا لم یکن بإذن الولیّ، بل

ص: 30

وإن کان بإذنه إذا کان الصبیّ مستقلّاً فی التصرّف، وأمّا إذا کان العقد من الولیّ وکان الصبیّ وکیلاً عنه فی إنشاء الصیغة، أو کان العقد لغیره وکالة عنه أو فضولاً فأجازه، أو کان لنفسه فأجازه الولیّ، أو أجازه هو بعد البلوغ ففی صحّته إشکال، فلاݥݥ یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی مثله.

مسألة 41: یشترط فی صحّة العقد رضا الزوجین واقعاً، فلو أذنت الزوجة متظاهرة بالکراهة مع العلم برضاها القلبیّ صحّ العقد، کما أنّه إذا عُلمت کراهتها واقعاً وإن تظاهرت بالرضا بطل العقد.

مسألة 42: لو أُکره الزوجان علی العقد ثُمَّ رضیا بعد ذلک وأجازا العقد صحّ، وکذلک الحال فی إکراه أحدهما، والأحوط الأولی إعادة العقد فی کلتا الصورتین.

مسألة 43: یشترط فی صحّة العقد تعیین الزوجین علی وجه یمتاز کلّ منهما عن غیره بالاسم أو الوصف أو الإشارة، فلو قال: (زوّجتُکَ إحدی بناتی) بطل، وکذا لو قال: (زوّجتُ بنتی أحد ابنیکَ أو أحد هذین).

نعم لو کانا معیّنین بحسب قصد المتعاقدین، متمیّزین فی ذهنهما وإن لم یعیّناهما عند إجراء الصیغة بالاسم أو الوصف أو الإشارة الخارجیّة، کما لو تقاولا علی تزویج بنته الکبری من

ص: 31

ابنه الکبیر ولکن فی مقام إجراء الصیغة قال: (زوّجتُ بنتی من ابنک) وقبل الآخر صحّ.

مسألة 44: لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع الإشارة یتبع العقد ما هو المقصود ویُلْغی ما وقع غلطاً وخطأً، فإذا کان المقصود تزویج البنت الکبری وتخیّل أنّ اسمها فاطمة وکانت المسمّاة بفاطمة هی الصغری وکانت الکبری مسمّاة بخدیجة وقال: (زوّجتُکَ الکبری من بناتی فاطمة) وقع العقد علی الکبری التی اسمها خدیجة ویُلْغی تسمیتها بفاطمة.

وإن کان المقصود تزویج فاطمة وتخیّل أنّها کبری فتبیّن أنّها صغری وقع العقد علی المسمّاة بفاطمة وأُلْغِیَ وصفها بأنّها الکبری، وکذا لو کان المقصود تزویج المرأة الحاضرة وتخیّل أنّها الکبری واسمها فاطمة فقال: (زوّجتُکَ هذه وهی فاطمة وهی الکبری من بناتی) فتبیّن أنّها الصغری واسمها خدیجة وقع العقد علی المشار إلیها ویُلْغی الاسم والوصف، ولو کان المقصود العقد علی الکبری فلمّا تخیّل أنّ هذه المرأة الحاضرة هی تلک الکبری قال: (زوّجتک الکبری وهی هذه) وقع العقد علی تلک الکبری وتُلْغی الإشارة، وهکذا.

مسألة 45: یصحّ التوکیل فی النکاح من طرف واحد أو من الطرفین بتوکیل الزوج أو الزوجة أو کلیهما إن کانا کاملین، أو

ص: 32

بتوکیل ولیّهما إذا کانا قاصرین، ویجب علی الوکیل أن لا یتعدّی عمّا عیّنه الموکّل من حیث الشخص والمهر والخصوصیّات الأُخری وإن کانا علی خلاف مصلحة الموکّل، فإن تعدّی کان فضولیّاً موقوفاً علی إجازته، کما تجب علیه مراعاة مصلحة الموکّل فیما فوّض أمره إلیه من الخصوصیّات، فإن تعدّی وأتی بما هو خلاف المصلحة کان فضولیّاً أیضاً.

مسألة 46: إذا وکّلت المرأة رجلاً فی تزویجها لیس له أن یزوّجها من نفسه إلّا إذا صرّحت بالتعمیم أو کان کلامها بحسب متفاهم العرف ظاهراً فی العموم بحیث یشمله نفسه.

مسألة 47: یجوز أن یکون شخص واحد وکیلاً عن الطرفین، کما یجوز أن یکون الرجل وکیلاً عن المرأة فی أن یعقدها لنفسه دواماً أو متعة، وإن کان الأحوط استحباباً أن لا یتولّی شخص واحد کِلا طَرَفَیِ العقد.

مسألة 48: إذا وکّلا شخصاً فی إجراء الصیغة لم تجز لهما الاستمتاعات الزوجیّة حتّی النظر الذی لا یحلّ لهما قبل الزواج ما لم یطمئنّا بإجراء الوکیل عقد النکاح، ولاݥ یکفی مجرّد الظنّ، وفی کفایة إخبار الوکیل ما لم یوجب الاطمئنان إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، نعم لو علم اجراؤه العقد ولم یعلم أنّه أتی به علی الوجه الصحیح أم لا أمکن البناء علی صحّته.

ص: 33

مسألة 49: لا یجوز اشتراط الخیار فی عقد النکاح دواماً أو انقطاعاً لا للزوج ولا للزوجة، فلو شرطاه بطل الشرط دون العقد، ویجوز اشتراط الخیار فی المهر مع تعیین المدّة، فلو فسخ ذو الخیار سقط المهر المسمّی فیکون کالعقد بلا ذکر المهر فیرجع إلی مهر المثل مع الدخول، هذا فی العقد الدائم الذی یصحّ من دون ذکر المهر، وأمّا المتعة التی لا تصحّ بدونه فلا یصحّ فیها اشتراط الخیار فی المهر أیضاً.

مسألة 50: إذا ادّعی رجل زوجیّة امرأة فصدّقته أو ادّعت امرأة زوجیّة رجل فصدّقها یحکم لهما بذلک مع احتمال الصدق، فلیس لأحد الاعتراض علیهما، من غیر فرق بین کونهما بلدیّین معروفین أو غریبین.

وأمّا إذا ادّعی أحدهما الزوجیّة وأنکر الآخر فالبیّنة علی المدّعی والیمین علی من أنکر، فإن کان للمدّعی بیّنة حکم له وإلّا فله طلب توجیه الیمین إلی المنکر، فإن حلف المنکر حکم له، وإن نکل عن الیمین ولم یردّها علی المدّعی - وإن کان ذلک عن غفلة أو جهالة - جاز للحاکم أن یحکم علیه، کما أنّ له الولایة علی ردّ الیمین علی المدّعی استظهاراً، وإن ردّ المنکر أو الحاکم الیمین علی المدّعی فحلف حکم له، وإن نکل حکم علیه، هذا بحسب موازین القضاء، وأمّا بحسب الواقع فیجب علی کلٍّ منهما العمل علی ما هو تکلیفه بینه وبین الله تعالی.

ص: 34

مسألة 51: إذا رجع المنکر عن إنکاره إلی الإقرار یسمع منه ویحکم بالزوجیّة بینهما وإن کان ذلک بعد الحلف.

مسألة 52: إذا ادّعی رجل زوجیّة امرأة وأنکرت فهل لها أن تتزوّج من غیره وللغیر أن یتزوّجها ما لم یحرز کذبها قبل فصل الدعوی والحکم ببطلان دعوی المدّعی أم لا؟ فیه أقوال، والصحیح هو التفصیل بین ما إذا کان ذلک قبل طرح النزاع عند الحاکم الشرعیّ فیجوز لها وله ذلک، فإن أقام المدّعی بعد العقد علیها بیّنة حکم له بها وبفساد العقد اللّاحق، وإلّا فلا تسمع دعواه، ولیس له طلب توجیه الیمین إلیها ولا إلی العاقد علیها.

وأمّا إذا کان ذلک بعد طرح النزاع عند الحاکم فالأحوط لزوماً الانتظار إلی حین فصل النزاع بینهما علی النهج المتقدّم فی المسألة (50).

مسألة 53: یجوز الزواج من امرأة تدّعی أنّها خَلیّة من الزوج مع احتمال صدقها، من غیر فحص حتّی فیما إذا کانت ذات بعل سابقاً فادّعت طلاقها أو موته، نعم لو کانت متّهمة فی دعواها فالأحوط لزوماً الفحص عن حالها.

مسألة 54: إذا غاب الزوج غیبة منقطعة - بحیث لم یعلم موته ولا حیاته - فادّعت زوجته حصول العلم لها بموته، ففی

ص: 35

جواز الاکتفاء بقولها لمن أراد الزواج منها وکذا لمن یتوکّل عنها فی إیقاع العقد علیها إشکال، والأحوط وجوباً أن لا یتزوّج بها إلّا من لم یطّلع علی حالها ولم یدرِ أنّه کان لها زوج قد فُقِدَ ولم یکن فی البین إلّا دعواها أنّها خَلیّة من غیر أن تکون متّهمة فیها فیقدّم علی التزوّج بها مستنداً إلی قولها، وکذلک الأحوط وجوباً أن لا یتوکّل عنها فی تزویجها إلّا من کان کذلک.

مسألة 55: إذا تزوّج امرأة تدّعی خُلوّها عن الزوج ثُمَّ ادّعی زوجیّتها رجل آخر لم تسمعݥ دعواه إلّا بالبیّنة، فإن أقامها حکم له بها وإلّا فلیس له طلب توجیه الیمین إلیهما.

مسألة 56: إذا ادّعت امرأة أنّها خلیّة فتزوّجها رجل ثُمَّ ادّعت بعد ذلک أنّها کانت ذات بعل حین زواجها منه لم تسمع دعواها، نعم لو أقامت البیّنة علی ذلک فُرِّق بینهما، ویکفی فی ذلک أن تشهد بأنّها کانت ذات بعل حین زواجها من الرجل الثانی، ولو من غیر تعیین زوج معیّن.

الفصل الرابع فی أولیاء العقد

مسألة 57: الأب والجدّ من طرف الأب لهما الولایة علی الطفل الصغیر والصغیرة والمجنون المتّصل جنونه بالبلوغ، وأمّا المنفصل عنه ففی کون الولایة علیه لهما أو للحاکم

ص: 36

الشرعیّ إشکال، فلا یترک الاحتیاط بتوافقهما مع الحاکم، ولا ولایة علیهم للأُمّ ولا للجدّ من طرف الأُمّ ولو من قبل أُمّ الأب بأن کان أباً لأُمّ الأب مثلاً، ولا للأخ والعمّ والخال وأولادهم.

مسألة 58: لا یشترط فی ولایة الجدّ حیاة الأب ولا موته، فعند وجودهما معاً یستقلّ کلّ منهما بالولایة، وإذا مات أحدهما اختصّت الولایة بالآخر، وأیّهما سبق فی تزویج الصغیرة المولّی علیها لم یبقَ محلّ لتزویج الآخر، ولو زوّجها کلّ منهما من شخص فإن عُلم السابق منهما فهو المقدّم ولغا الآخر، وإن عُلم التقارن قدّم عقد الجدّ ولغا عقد الأب، وأمّا لو لم یعلم الحال واحتمل السبق واللحوق والتقارن - سواء علم تاریخ أحد العقدین وجهل تاریخ الآخر أم جهل التاریخان معاً - فیعلم إجمالاً بکون الصغیرة زوجة لأحد الشخصین أجنبیّة عن الآخر فلا یصحّ تزویجها بغیرهما کما لیس للغیر أن یتزوّجها، وأمّا حالها بالنسبة إلی الشخصین وحالهما بالنسبة إلیها فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیهما ولو بأن یطلّقها أحدهما ویجدّد الآخر نکاحها.

ولو تشاحّ الأب والجدّ فاختار کلّ منهما شخصاً لتزویجها منه قدّم اختیار الجدّ، ولو بادر الأب فعقد وقع باطلاً.

مسألة 59: یشترط فی صحّة تزویج الأب والجدّ ونفوذه عدم المفسدة - بل الأحوط الأولی مراعاة المصلحة فیه - وإلّا یکون

ص: 37

فضولیّاً کالأجنبیّ یتوقّف صحّة عقده علی الإجازة بعد البلوغ أو الإفاقة، والمناط فی کون التزویج خالیاً عن المفسدة کونه کذلک فی نظر العقلاء لا بالنظر إلی واقع الأمر، فلو زوّجه باعتقاد عدم المفسدة فتبیّن أنّه لیس کذلک فی نظر العقلاء لم یصحّ، ولو تبیّن أنّه لیس کذلک بالنظر إلی واقع الأمر صحّ إذا کان خالیاً عن المفسدة فی نظر العقلاء.

مسألة 60: إذا زوّج الأب أو الجدّ للأب الصغیر أو الصغیرة مع مراعاة ما تقدّم فهو وإن کان صحیحاً، ولکن یحتمل معه ثبوت الخیار للمعقود علیه بعد البلوغ والرشد، فلو فسخ فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط بتجدید العقد أو الطلاق.

مسألة 61: لو زوّج الأب أو الجدّ للأب صغیراً، فإن لم یکن له مال حین العقد کان المهر علی من زوّجه، وإن کان له مال فإن ضمنه من زوّجه کان علیه أیضاً، وإن لم یضمنه کان فی مال الطفل إذا لم یکن أزید من مهر المثل أو کانت مصلحة فی تزویجه بأکثر منه، وإلّا صحّ العقد وتوقّف ثبوت المهر المسمّی فی مال الطفل علی إجازته بعد البلوغ، فإن لم یُجز ثبت علیه مهر المثل.

مسألة 62: إذا زوّج الولیّ المولّی علیه بمن له عیب، فإن کان فیه مفسدة بالنسبة إلیه کان فضولیّاً فلا ینفذ إلّا بإجازته بعد کماله کما مرّ، وإلّا وقع صحیحاً، نعم إذا کان من العیوب

ص: 38

المجوّزة للفسخ ثبت الخیار للمولّی علیه بعد کماله کما یثبت للولیّ قبله إذا کان جاهلاً بالحال.

مسألة 63: هل للوصیّ - أی القیّم من قِبَل الأب والجدّ علی الصغیر والصغیرة - الولایة علی تزویجهما مع نصّ الموصی علیه أو شمول الوصیّة له بالإطلاق أم لا؟ فیه إشکال، فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط بتوافقه مع الحاکم الشرعیّ إذا دعت الضرورة إلی تزویجهما.

مسألة 64: لا ولایة للحاکم الشرعیّ فی تزویج الصغیر ذکراً کان أو أُنثی مع فقد الأب والجدّ، نعم إذا دعت الضرورة إلی تزویجه بحیث ترتّبت علی ترکه مفسدة یلزم التحرّز عنها کانت له الولایة علیه من باب الحسبة فیراعی حدودها، فلو اقتضت الضرورة تزویجه ولو بالعقد المنقطع لفترة قصیرة لم یتجاوزها إلی مدّة أطول فضلاً عن العقد الدائم، وهکذا الحال فی سائر الخصوصیّات، هذا مع فقد الوصیّ للأب أو الجدّ وإلّا فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط بتوافقه مع الحاکم کما تقدّم.

مسألة 65: إذا دعت الضرورة إلی تزویج من بلغ مجنوناً ولم یکن له أب ولا جدّ کانت الولایة فی ذلک للحاکم الشرعیّ إذا لم یوجد الوصیّ لأحدهما المفوّض إلیه ذلک، وإلّا فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط بتوافق الحاکم والوصیّ فی ذلک.

ولو دعت الضرورة إلی تزویج من تجدّد جنونه بعد بلوغه

ص: 39

ولم یکن له أب ولا جدّ فالولایة فی ذلک للحاکم الشرعیّ أیضاً، نعم إذا کان تجدّد جنونه فی حیاة الأب أو الجدّ ووجد الوصیّ لأحدهما المفوّض إلیه ذلک فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط بتوافقه مع الحاکم الشرعیّ فی ذلک.

مسألة 66: لا ولایة لأحد علی السفیه فی أمر زواجه علی وجه الاستقلال ولکن استقلاله فیه أیضاً محلّ إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، وإن لم یکن سفیهاً فی المالیّات بل فی أمر التزویج وخصوصیّاته من تعیین الزوجة وکیفیّة الإمهار ونحو ذلک فالأحوط لزوماً له الاستئذان من أبیه أو جدّه ومع فقدهما فمن الحاکم، هذا فیمن اتّصل سفهه بالبلوغ، وأمّا المنفصل عنه فالأحوط لزوماً له الاستئذان من الحاکم مضافاً إلی الأب أو الجدّ علی تقدیر وجوده.

هذا حکم السفیه، وأمّا السفیهة فلا یصحّ زواجها من دون إذن ولیّها، وهل له أن یزوّجها من دون رضاها؟ أمّا إذا کانت ثیّباً فلا یجوز، وأمّا إذا کانت بکراً ففیه إشکال فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 67: لا ولایة للأب ولا الجدّ للأب علی البالغ الرشید، ولا علی البالغة الرشیدة إذا کانت ثیّباً، وأمّا إذا کانت بِکراً فإن کانت مالکة لأمرها ومستقلّة فی شؤون حیاتها لم یکن لأبیها ولا جدّها لأبیها أن یزوّجها من دون رضاها، وهل لها أن تتزوّج

ص: 40

من دون إذن أحدهما؟ فیه إشکال فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

وأمّا إذا کانت غیر مستقلّة فی شؤون حیاتها فلیس لها أن تتزوّج من دون إذن أبیها أو جدّها لأبیها، وهل لأبیها أو جدّها لأبیها أن یزوّجها من دون رضاها؟ فیه إشکال فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 68: لا فرق فیما تقدّم من اشتراط إذن الولیّ فی زواج الباکرة الرشیدة بین الزواج الدائم والمنقطع ولو مع اشتراط عدم الدخول فی ضمن العقد.

مسألة 69: یسقط اعتبار إذن الأب أو الجدّ للأب فی نکاح الباکرة الرشیدة إذا منعاها من الزواج بکُفْئِها شرعاً وعرفاً حتّی یفوتها أوانه، أو اعتزلا التدخّل فی أمر زواجها مطلقاً، أو سقطا عن أهلیّة الإذن لجنون أو نحوه، وکذا إذا لم تتمکّنݥݥ من استئذان أحدهما لغیابهما مدّة طویلة مثلاً فإنّه یجوز لها الزواج حینئذٍ مع حاجتها الملحّة إلیه فعلاً من دون إذن أحدهما.

هذا فی الزواج الدائم وأمّا الموقّت فجوازه فی الموارد المذکورة محلّ إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیها.

مسألة 70: المقصود بالبِکر - هنا - من لم یدخل بها زوجها، فمن تزوّجت ومات عنها زوجها أو طلّقها قبل أن یدخل بها فهی بکر، وکذا من ذهبت بکارتها بغیر الوطء من وثبة أو نحوها،

ص: 41

وأمّا إن ذهبت بالزناء أو بالوطء شبهة فهی بمنزلة البکر، وأمّا من دخل بها زوجها فهی ثیّبة وإن لم یفتضّ بکارتها.

مسألة 71: ینبغی للمرأة التی تملک أمر زواجها أن تستأذن أباها أو جدّها، وإن لم یکونا فأخاها، وإن تعدّد الأخ قدّمت الأکبرݥ .

مسألة 72: یشترط فی ولایة الأولیاء - مضافاً الی العقل - الإسلام إذا کان المولّی علیه مسلماً فلا ولایة للأب والجدّ إذا جُنّا، ولو جُنّ أحدهما اختصّت الولایة بالآخر، وکذا لا ولایة للأب الکافر علی ولده المسلم، فتکون للجدّ إذا کان مسلماً، تثبت ولایته علی ولده الکافر إذا لم یکن له جدّ مسلم وإلّا فتکون الولایة له دونه.

الفصل الخامس فی العقد الفضولیّ

مسألة 73: العقد الصادر من غیر الوکیل والولیّ - المسمّی بالفضولیّ - یصحّ مع الإجازة، سواء أکان فضولیّاً من الطرفین أم من أحدهما، وسواء أکان المعقود علیه صغیراً أم کبیراً، وسواء أکان العاقد قریباً للمعقود علیه کالأخ والعمّ والخال أم أجنبیّاً.

ومنه العقد الصادر من الولیّ أو الوکیل علی غیر الوجه

ص: 42

المأذون فیه، بأن عقد الولیّ مع اشتماله علی مفسدة للصغیر، او عقد الوکیل علی خلاف ما عیّنه الموکّل.

مسألة 74: إذا کان المعقود له ممّن یصحّ منه العقد لنفسه - بأن کان بالغاً عاقلاً - فإنّما یصحّ العقد الصادر من الفضولیّ بإجازته، وإن کان ممّن لا یصحّ منه العقد وکان مولّی علیه - بأن کان صغیراً أو مجنوناً - فیصحّ بإجازة ولیّه فی زمان قصوره، أو إجازته بنفسه بعد کماله، فلو أوقع الأجنبیّ عقداً علی الصغیر أو الصغیرة وقفت صحّة عقده علی إجازتهما له بعد بلوغهما ورشدهما، إن لم یجز أبوهما أو جدّهما فی حال صغرهما، فأیّ من الإجازتین حصلت کفت، نعم یعتبر فی صحّة إجازة الولیّ ما اعتبر فی صحّة عقده، فلو أجاز العقد الواقع مع اشتماله علی مفسدة للصغیر لغت إجازته وانحصر الأمر فی إجازته بنفسه بعد بلوغه ورشده.

مسألة 75: لیست الإجازة علی الفور، فلو تأخّرت عن العقد بزمن طویل صحّت، سواء أکان التأخیر من جهة الجهل بوقوعه أو لأجل التروّی أو الاستشارة أو غیر ذلک.

مسألة 76: لا أثر للردّ بعد الإجازة فإنّ العقد یلزم بها، وأمّا الإجازة بعد الردّ فقیل إنّه لا أثر لها ولکنّه لا یخلو عن إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 77: إذا کان أحد الزوجین کارهاً حال العقد لکن لم یصدر منه ردّ له صحّ لو أجاز بعد ذلک، وکذا لو استؤذن

ص: 43

فنهی ولم یأذن ومع ذلک أوقع الفضولیّ العقد فإنّه یصحّ بالإجازة اللاحقة.

مسألة 78: یکفی فی الإجازة المصحّحة لعقد الفضولیّ کلّ قول دالّ علی الرضا بذلک العقد، بل یکفی الفعل الدالّ علیه.

مسألة 79: لا یکفی الرضا القلبیّ فی صحّة العقد وخروجه عن الفضولیّة وعدم الاحتیاج إلی الإجازة، فلو کان حاضراً حال العقد راضیاً به إلّا أنّه لم یصدر منه قول أو فعل یدلّ علی رضاه عدّ من الفضولیّ، فله أن لا یجیزه ویردّه، نعم فی خصوص البِکر إذا ظهر من حالها الرضا وإنّما سکتت ولم تنطق بالإذن لحیائها کفی ذلک وکان سکوتها إذنها.

مسألة 80: لا یعتبر فی وقوع العقد فضولیّاً قصد الفضولیّة، ولا الالتفات إلیها، بل المناط فی الفضولیّة کون العقد صادراً ممّن لا یحقّ له إجراؤه وإن تخیّل خلاف ذلک، فلو اعتقد کونه ولیّاً أو وکیلاً وأوقع العقد فتبیّن خلافه کان من الفضولیّ ویصحّ بالإجازة، کما أنّه لو اعتقد أنّه لیس بولیّ أو نسی کونه وکیلاً فأوقع العقد بعنوان الفضولیّة فتبیّن خلافه صحّ العقد ولزم بلا توقّف علی الإجازة.

مسألة 81: إذا زُوِّجَ صغیران فضولاً فإن أجاز ولیّهما قبل بلوغهما أو أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف - بأن أجاز ولیّ أحدهما قبل بلوغه وأجاز الآخر بعد بلوغه - ثبتت الزوجیّة وتترتّب جمیع أحکامها، وإن ردّ ولیّهما قبل بلوغهما أو ردّ ولیّ

ص: 44

أحدهما قبل بلوغه أو ردّا بعد بلوغهما أو ردّ أحدهما بعد بلوغه بطل العقد من أصله علی ما تقدّم، فلا یترتّب علیه أثر أصلاً من توارث وغیره من سائر الآثار، وکذا لو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة.

نعم لو بلغ أحدهما وأجاز ثُمَّ مات قبل بلوغ الآخر وإجازته یعزل من ترکته مقدار ما یرث الآخر علی تقدیر الزوجیّة، فإن بلغ وأجاز یدفع إلیه لکن بعدما یحلف علی أنّه لم تکن إجازته إلّا عن الرضا بالزواج لا للطمع فی الإرث، وان لم یجز أو أجاز ولم یحلف علی ذلک لم یدفع إلیه بل یردّ إلی الورثة.

والحاجة إلی الحلف إنّما هی فیما إذا کان متّهماً بأنّ أجازته لأجل الإرث، وأمّا مع عدمه - کما إذا أجاز مع الجهل بموت الآخر أو کان الباقی هو الزوج وکان نصف المهر اللازم علیه علی تقدیر الزوجیّة أزید ممّا یرث - فیدفع إلیه بدون الحلف.

مسألة 82: کما یترتّب الإرث علی تقدیر الإجازة والحلف تترتّب الآثار الأُخر المترتّبة علی الزوجیّة أیضاً من المهر وحرمة الأُمّ وحرمتها علی أب الزوج إن کانت الزوجة هی الباقیة وغیر ذلک، بل یمکن أن یقال بترتّب تلک الآثار بمجرّد الإجازة من غیر حاجة إلی الحلف وإن کان متّهماً، فیفرّق بین الإرث وسائر الآثار علی إشکال بالنسبة إلی استحقاق المهر إذا کانت الباقیة هی الزوجة فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

ص: 45

مسألة 83: یجری هذا الحکم فی کلّ مورد مات فیه من لزم العقد من طرفه وبقی من تتوقّف زوجیّته علی إجازته، کما إذا زوّج أحد الصغیرین الولیّ وزوّج الآخر الفضولیّ فمات الأوّل قبل بلوغ الثانی وإجازته، نعم قد یشکل جریان الحکم فیما لو کانا کبیرین فأجاز أحدهما ومات قبل إجازة الثانی، ولکن الصحیح جریانه فیه أیضاً، وإن کان لزوم الحلف علی المجیز لو کان متّهماً مبنیّاً فیه علی الاحتیاط اللزومیّ.

مسألة 84: إذا کان العقد فضولیّاً من أحد الطرفین فهل یکون لازماً من طرف الأصیل قبل إجازة الطرف الآخر وردّه، فلو کان زوجاً یحرم علیه نکاح أُمّ المرأة وأُختها مثلاً، ولو کانت زوجة یحرم علیها الزواج بغیره، أم لا؟ فیه إشکال، وإن کان الصحیح عدم کونه لازماً من قبله فیجوز له إلغاؤه وینفذ جمیع تصرّفاته المنافیة لمقتضاه إذا أتی بها بعنوان الرجوع عنه، فلا یبقی محلّ لإجازة الطرف الآخر بعده.

مسألة 85: إذا زوّج الفضولیّ امرأة برجل من دون اطّلاعها وتزوّجت هی برجل آخر صحّ ولزم الثانی ولم یبقَ محلّ لإجازة الأوّل، وکذا لو زوّج الفضولیّ رجلاً بامرأة من دون اطّلاعه وتزوّج هو ببنتها أو أُختها ثُمَّ علم.

مسألة 86: لو زوّج فضولیّان امرأةً کلّ منهما برجل، کانت بالخیار فی إجازة أیّهما شاءت وإن شاءت ردّتهما، سواء أتقارن

ص: 46

العقدان أم تقدّم أحدهما علی الآخر، وکذلک الحال فیما إذا زوّج أحد الفضولیّین رجلاً بامرأة والآخر بأُمّها أو بنتها أو أُختها فإنّ له إجازة أیّهما شاء أو ردّهما.

مسألة 87: لو وکّلت المرأة رجلین فی تزویجها فزوّجها کلّ منهما برجل، فإن سبق أحدهما صحّ ولغا الآخر، وإن تقارنا بطلا معاً، ولو لم یعلم الحال واحتمل السبق والاقتران حکم ببطلانهما أیضاً سواء أعلم تاریخ أحدهما وجهل تاریخ الآخر أم جهل التاریخان معاً، وأمّا لو علم السبق واللحوق ولم یعلم السابق من اللاحق سواء أعلم تاریخ أحدهما أم جهل تاریخهما جمیعاً فیعلم إجمالاً بصحّة أحد العقدین وکون المرأة زوجة لأحد الرجلین أجنبیّة عن الآخر، فلیس لها أن تتزوّج بغیرهما ولا للغیر أن یتزوّج بها لکونها ذات بعل قطعاً.

وأمّا حالها بالنسبة إلی الشخصین وحالهما بالنسبة إلیها فلا تجوز لها المعاشرة الزوجیّة مع أیّ منهما کما لیس لأیّهما مطالبتها بذلک مادام الاشتباه، وحینئذٍ فإن رضیت بالصبر علی هذا الحال فهو وإلّا فحیث یکون إبقاؤها کذلک موجباً للإخلال بحقٍّ واجب للزوجة علی الزوج فالأحوط لزوماً أن یطلّقاها أو یطلّقها أحدهما ویتزوّجها الآخر برضاها.

مسألة 88: إذا ادّعی أحد الرجلین المعقود لهما سبق عقده، فإن صدّقته المرأة حکم بزوجیّتها له سواء صدّقه الآخر أو قال:

ص: 47

(لا أدری)، وأمّا إن لم تصدّقه المرأة وقالت: (لا أدری)، ففی الحکم بزوجیّتها له إشکال - وإن صدّقه الآخر - ما لم یقم البیّنة علی دعواه فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، ولو ادّعی أحدهما السبق وصدّقه الآخر ولکن کذّبته المرأة وادّعت سبق عقد الثانی، کانت الدعوی بینها وبین کِلا الرجلین، فالرجل الأوّل یدّعی زوجیّتها وصحّة عقده، وهی تنکر زوجیّته وتدّعی فساد عقده، وتنعکس الدعوی بینها وبین الرجل الثانی حیث أنّه یدّعی فساد عقده وهی تدّعی صحّته.

ففی الدعوی الأُولی تکون هی المدّعیة والرجل هو المنکر، وفی الثانیة بالعکس، فإن أقامت البیّنة علی فساد عقد الأوّل المستلزم لصحّة عقد الثانی حکم لها بزوجیّتها للثانی دون الأوّل، وإن أقام الرجل الثانی بیّنة علی فساد عقده یحکم بعدم زوجیّتها له وثبوتها للأوّل، وإن لم تکن بیّنة یتوجّه الحلف إلی الرجل الأوّل فی الدعوی الأُولی، وإلی المرأة فی الدعوی الثانیة، فإن حلف الأوّل ونکلت المرأة حکم بزوجیّتها للأوّل، وإن کان العکس بأن حلفت هی دونه حکم بزوجیّتها للثانی، وإن حلفا معاً فالمرجع هو القرعة.

وإن ادّعی کلّ من الرجلین سبق عقده، فإن قالت الزوجة: (لا أدری)، تکون الدعوی بین الرجلین، فإن أقام أحدهما بیّنة دون الآخر حکم له بزوجیّتها، وإن أقام کلّ منهما بیّنة تعارضت

ص: 48

البیّنتان فمع ترجّح إحداهما - بالعدد والعدالة بل بمطلق المزیّة فی الشاهد - یتوجّه الحلف إلی صاحبها، فإن حلف حکم له بزوجیّة المرأة، ومع تساوی البیّنتین یقرع لتعیین من یوجّه الحلف إلیه من الرجلین، فیوجّه إلی من تخرج القرعة باسمه فإن حلف یحکم له بزوجیّتها، ومع ردّه یوجّه إلی الآخر، فإن حلف حکم له بها.

وإن لم تکن بیّنة یتوجّه الحلف إلیهما، فإن حلف أحدهما حکم له، وإن حلفا أو نکلا یرجع إلی القرعة فی تعیین زوجها منهما، وإن صدّقت المرأة أحدهما کان أحد طرفی الدعوی من لم تصدّقه المرأة والطرف الآخر الرجل الآخر مع المرأة فمع إقامة البیّنة من أحد الطرفین أو من کلیهما یکون الحکم کما مرّ، وأمّا مع عدمها وانتهاء الأمر إلی الحلف فإن حلف من لم تصدّقه المرأة یحکم له علی کلّ من المرأة والرجل الآخر، وأمّا مع حلف من صدّقته فلا یترتّب علی حلفه سقوط دعوی الرجل الآخر علی الزوجة بل لا بُدَّ من حلفها أیضاً.

مسألة 89: إذا زوّجه أحد الوکیلین بامرأة فدخل بها وزوّجه الآخر ببنتها، فإن سبق عقد الأُمّ والدخول بها بطل عقد البنت، ولو سبق عقد البنت وإن لم یدخل بها بطل عقد الأُمّ، وإن لم یعلم السابق من اللاحق فقد علم إجمالاً بصحّة أحد العقدین وبطلان الآخر فلا تجوز له الاستمتاعات الزوجیّة من

ص: 49

أیّتهما مادام الاشتباه کما لا یجوز لهما التمکین له.

نعم یجوز له النظر إلیهما بلا تلذّذ شهویّ، ولا یجب علیهما التستّر عنه کما تتستّران عن الأجنبیّ فإنّه بالنسبة إلی الأُمّ إمّا زوجها أو زوج بنتها وبالنسبة إلی البنت إمّا زوجها أو زوج أُمّها المدخول بها، وحینئذٍ فإن طلّقهما أو طلّق الزوجة الواقعیّة منهما أو رضیتا بالصبر علی هذا الحال بلا حقّ المعاشرة الثابت للزوجة فلا إشکال، وإن لم یطلّق ولم ترضیا بالصبر أجبره الحاکم الشرعیّ علی الطلاق.

وإنّما فرضنا مورد الکلام ما إذا کان عقد البنت - علی تقدیر تأخّره عن عقد الأُمّ - واقعاً بعد الدخول بالأُمّ؛ لأنّ بطلان عقد البنت بعد العقد علی أُمّها من دون دخول غیر معلوم بل یحتمل العکس، وکذا الحال فیما لو تقارن العقدان فإنّ بطلانهما معاً غیر ثابت بل یحتمل صحّة عقد البنت.

والمسألة محلّ للاحتیاط اللزومیّ فی الصورتین، ویکفی فی الاحتیاط فی الصورة الأُولی أن یطلّق الأُمّ ویجدّد العقد علی البنت، وفی الصورة الثانیة أن یجدّد العقد علی البنت ولا حاجة إلی طلاق الأُمّ لبطلان عقدها علی کلّ تقدیر، وفی الصورتین إن لم یجدّد العقد علی البنت احتاط بترک نکاح الأُمّ أبداً.

ص: 50

الفصل السادس فی أسباب التحریم

أعنی ما بسببه یحرم ولا یصحّ تزویج الرجل بالمرأة ولا یقع الزواج بینهما، وهی عدّة أُمور :

الأمر الأوّل: النسب

مسألة 90: یحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء علی سبعة أصناف من الرجال:

1. الأُمّ، وتشمل الجدّات مهما علون لأب کنّ أو لأُمّ، فتحرم المرأة علی ابنها، وعلی ابن ابنها، وابن ابن ابنها، وعلی ابن بنتها، وابن بنت بنتها، وابن بنت ابنها، وابن ابن بنتها وهکذا.

وبالجملة: تحرم علی کلّ ذکر ینتمی إلیها بالولادة، سواء أکان بلا واسطة أم بواسطة أو وسائط، وسواء أکانت الوسائط ذکوراً أم إناثاً أم بالاختلاف.

2. البنت، وتشمل الحفیدة ولو بواسطة أو وسائط، فتحرم علی أبیها بما فی ذلک الجدّ لأب کان أو لأُمّ، فتحرم علی الرجل بنته، وبنت ابنه، وبنت ابن ابنه، وبنت بنته، وبنت بنت بنته، وبنت ابن بنته، وبنت بنت ابنه وهکذا.

وبالجملة: کلّ أُنثی تنتمی إلیه بالولادة بلا واسطة أم بواسطة أو وسائط ذکوراً کانوا أو إناثاً أو بالاختلاف.

ص: 51

3. الأُخت، لأب کانت أو لأُمّ أو لهما.

4. بنت الأخ، سواء أکان لأب أم لأُمّ أم لهما، وهی کلّ امرأة تنتمی بالولادة إلی أخیه بلا واسطة أو معها وإن کثرت، سواء أکان الانتماء إلیها بالآباء أم بالأُمّهات أم بالاختلاف، فتحرم علیه بنت أخیه، وبنت ابنه، وبنت ابن ابنه، وبنت بنته، وبنت بنت بنته، وبنت ابن بنته وهکذا.

5. بنت الأُخت، وهی کلّ أُنثی تنتمی إلی أُخته بالولادة علی النحو الذی ذکر فی بنت الأخ.

6. العمّة، وهی أُخت الأب لأب أو لأُمّ أو لهما، والمراد بها ما یشمل العالیات، أی: عمّة الأب، وهی أُخت الجدّ للأب لأب أو لأُمّ أو لهما، وعمّة الأُمّ، وهی أُخت أبیها لأب أو لأُمّ أو لهما، وعمّة الجدّ للأب والجدّ للأُمّ ولهما، والجدّة کذلک.

فمراتب العمّات هی مراتب الآباء، فهی کلّ أُنثی تکون أُختاً لأب الشخص أو لذکر ینتمی إلیه بالولادة من طرف أبیه أو أُمّه أو کلیهما.

7. الخالة، والمراد بها أیضاً ما یشمل العالیات، فهی کالعمّة إلّا أنّها أُخت لإحدی أُمّهات الرجل ولو من طرف أبیه، والعمّة أُخت أحد آبائه ولو من طرف أُمّه، فأُخت جدّته للأب خالته حیث أنّها خالة لأبیه، وأُخت جدّه للأُمّ عمّته حیث إنّها عمّة أُمّه.

مسألة 91: لا تحرم عمّة العمّة ولا خالة الخالة ما لم تدخلا فی عنوانی العمّة والخالة ولو بالواسطة، وهما قد تدخلان

ص: 52

فیهما فتحرمان، کما إذا کانت عمّتک أُختاً لأبیک لأب وأُمّ أو لأب ولأبی أبیک أُخت لأب أو لأُمّ أو لهما، فهذه عمّة لعمّتک بلا واسطة وعمّة لک معها، وکما إذا کانت خالتک أُختاً لأُمّک لأُمّها أو لأُمّها وأبیها وکانت لأُمّ أُمّک أُخت، فهی خالة لخالتک بلا واسطة وخالة لک معها.

وقد لا تدخلان فیهما فلا تحرمان، کما إذا کانت عمّتک أُختاً لأبیک لأُمّه لا لأبیه وکانت لأبی الأُخت أُخت فالأُخت الثانیة عمّة لعمّتک ولیس بینک وبینها نسب أصلاً، وکما إذا کانت خالتک أُختاً لأُمّک لأبیها لا لأُمّها وکانت لأُمّ الأُخت أُخت، فهی خالة لخالتک ولیست خالتک ولو مع الواسطة، وکذلک أُخت الأخ أو الأُخت إنّما تحرم إذا کانت أُختاً لا مطلقاً، فلو کان لک أخ أو أُخت لأبیک وکانت لأُمّه أو لأُمّها بنت من زوج آخر فهی أُخت لأخیک أو أُختک ولیست أُختاً لک لا من طرف أبیک ولا من طرف أُمّک فلا تحرم علیک.

مسألة 92: النسب علی قسمین:

1. شرعیّ، وهو ما حصل بسبب غیر الزناء سواء أکان هو الوطء المستحقّ ذاتاً وإن حرم بالعارض، کوطء الزوجة أیّام حیضها أو فی حال الاعتکاف أو الإحرام، أم کان غیره کالوطء عن شبهة، أو غیر الوطء من طرق تلقیح المرأة بماء الرجل.

2. غیر شرعیّ، وهو ما حصل بسبب الزناء والسفاح.

ص: 53

وحرمة النکاح کسائر الأحکام المترتّبة علی عنوان النسب - عدا التوارث - تعمّ کلا القسمین، فلو زنی بامرأة فولدت منه ذکراً وأُنثی لم یجز النکاح بینهما، وکذا بین کلٍّ منهما وبین أولاد الزانی والزانیة، وکذا تحرم الزانیة وأُمّها وأُمّ الزانی وأُختها وأُخته علی الذکر، وتحرم الأُنثی علی الزانی وأبیه وإخوانه وأجداده وأخواله وأعمامه.

مسألة 93: المقصود بالوطء عن شبهة هو: الوطء الذی لیس بمستحقّ شرعاً مع الجهل بذلک، سواء أکان جهلاً بالحکم أم بالموضوع، وسواء أکان الجاهل قاصراً أم مقصّراً ما لم یکن متردّداً، وفی حکم الجاهل القاصر من اعتمد فی استحقاق الوطء علی طریق شرعیّ تبیّن خطؤه لاحقاً کالاجتهاد والتقلید، وحکم الحاکم، والبیّنة، وإخبار المرأة فی مورد جواز الاعتماد علی قولها.

ویلحق بوطء الشبهة وطء المجنون والنائم وشبههما دون السکران إذا کان سکره بشرب المسکر عن عصیان.

الأمر الثانی: الرضاع

إذا أرضعت امرأة ولد غیرها أوجب ذلک - علی تفصیل یأتی إن شاء الله تعالی - حرمة النکاح بین عدد من الرجال والنساء وکذلک حلّیّة النظر واللمس علی حدّ ما تقدّم فی المحارم

ص: 54

بالنسب دون سائر أحکام العلاقة النسبیّة من وجوب الإنفاق وثبوت الإرث وغیرهما.

ویتوقّف انتشار الحرمة بالرضاع علی توفّر عدّة شروط:

الأوّل: حصول اللبن للمرضعة من ولادة شرعیّة وإن کان عن وطء شبهة، فلو درّ اللبن من المرأة من دون ولادة، أو ولدت من الزنا فأرضعت بلبنها طفلاً لم ینشر الحرمة.

مسألة 94: تنتشر الحرمة بحصول الرضاع بعد ولادة المرضعة ووضع حملها، سواء وضعته تامّاً أم سقطاً مع صدق الولد علیه عرفاً، وأمّا الرضاع السابق علی الولادة فلا أثر له فی التحریم وإن حصل قُبَیْلها.

مسألة 95: لو ولدت المرأة ولم ترضع فترة ثُمَّ أرضعت طفلاً فإن قصرت الفترة بحیث استند اللبن المتجدّد إلی ولادتها کان موجباً للحرمة وإن علم جفاف الثدی قبله، وأمّا إن کانت الفترة طویلة بحیث لا یستند اللبن معها إلی الولادة فلا یوجب التحریم سواء أجفّ الثدی قبله أم لا.

مسألة 96: لا یعتبر فی نشر الحرمة بالرضاع بقاء المرأة فی عصمة الرجل، فلو طلّقها الزوج أو مات عنها وهی حامل منه أو مرضع فأرضعت ولداً نشر الحرمة حتّی وإن تزوّجت ودخل بها الزوج الثانی ولم تحمل منه أو حملت منه وکان اللبن بحاله لم ینقطع بشرط أن یتمّ الرضاع قبل أن تضع حملها.

ص: 55

الثانی: حصول الارتضاع بامتصاص الطفل من الثدی ولو بالاستعانة بآلة، فإذا أُلقی اللبن فی فم الطفل أو شرب اللبن المحلوب من المرأة ونحو ذلک لم ینشر الحرمة.

الثالث: حیاة المرضعة، فلو کانت المرأة میتة حال ارتضاع الطفل منها ولو فی بعض الرضعات المعتبرة فی التحریم لم ینشر الحرمة، ولا یضرّ کونها نائمة أو مجنونة کما لا یضرّ کونها مُکرَهة أو مریضة أو قلیلة اللبن.

الرابع: عدم تجاوز الرضیع للحولین، فلو رضع أو أکمل الرضاع بعد استکمال السنتین لم ینشر الحرمة، وأمّا المرضعة فلا یلزم فی تأثیر إرضاعها أن یکون دون الحولین من ولادتها.

مسألة 97: المراد بالحولین أربعة وعشرون شهراً هلالیّاً من حین الولادة، ولو وقعت فی أثناء الشهر یکمل من الشهر الخامس والعشرین بمقدار ما مضی من الشهر الأوّل، فلو ولد فی العاشر من شهر یکمل حولاه فی العاشر من الشهر الخامس والعشرین.

الخامس: خلوص اللبن، فالممزوج فی فم الطفل بشیء آخر - مائع کاللبن والدم، أو جامد کفتیت السُّکَّر - لا ینشر الحرمة، إلّا إذا کان الخلیط مستهلکاً عرفاً.

السادس: کون اللبن الذی یرتضعه الطفل منتسباً بتمامه إلی رجل واحد، فلو طلّق الرجل زوجته وهی حامل أو بعد

ص: 56

ولادتها منه، فتزوّجت شخصاً آخر وحملت منه، وقبل أن تضع حملها أرضعت بلبن ولادتها السابقة من زوجها الأوّل ثمان رضعات مثلاً وأکملت بعد وضعها لحملها بلبن ولادتها الثانیة من زوجها الأخیر بسبع رضعات من دون تخلّل رضاع امرأة أُخری فی البین - بأن یتغذّی الولد فی هذه المدّة المتخلّلة بالمأکول والمشروب - لم ینشر الحرمة.

السابع: وحدة المرضعة، فلو کان لرجل واحد زوجتان ولدتا منه فارتضع الطفل من أحدهما سبع رضعات ومن الأُخری ثمان رضعات مثلاً لم تنشر الحرمة.

الثامن: بلوغ الرضاع حدّ إنبات اللحم وشدّ العظم، ویکتفی مع الشکّ فی حصوله برضاع یوم ولیلة أو بما بلغ خمس عشرة رضعة، وأمّا مع القطع بعدم حصوله وتحقّق أحد التقدیرین - الزمانیّ والکمّیّ - فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط.

مسألة 98: یعتبر فی إنبات اللحم وشدّ العظم استقلال الرضاع فی حصولهما علی وجه ینسبان إلیه، فلو تغذّی الطفل به وبغیره علی وجه ینسبان إلیهما معاً لم ینشر الحرمة، نعم لا بأس بالتغذّی بشیء یسیر من غیر اللبن ممّا لا ینافی استقلال اللبن فی التأثیر .

ولو ارتضع الطفل من امرأتین متناوباً رضعة من هذه ورضعة من تلک إلی أن نبت لحمه واشتدّ عظمه، فإن استند

ص: 57

مقدار من الإنبات والشدّ إلی کلٍّ منهما کان موجباً للحرمة، وإن استندا إلیهما معاً لم ینشر الحرمة.

مسألة 99: المدار فی إنبات اللحم وشدّ العظم علی المقدار المعتدّ به منهما بحیث یصدقان عرفاً، ولا یکفی حصولهما بحسب المقاییس العلمیّة الدقیقة.

مسألة 100: یشترط فی التقدیرین - الزمانیّ والکمّیّ - أن یتغذّی الطفل بالحلیب فلو ارتضع ثُمَّ قاء الحلیب لم یترتّب أثر علی تلک الرضعة.

مسألة 101: یشترط فی التقدیر الزمانیّ أن یکون ما یرتضعه الطفل من المرضعة هو غذاؤه الوحید طیلة تلک المدّة، بحیث یرتضع منها متی احتاج إلیه أو رغب فیه، فلو منع منه فی بعض المدّة أو تناول طعاماً آخر أو لبناً من مرضعة أُخری لم یؤثّر .

نعم لا بأس بتناول الماء أو الدواء أو الشیء الیسیر من الأکل بدرجةٍ لا یصدق علیه الغذاء عرفاً، والأحوط لزوماً اعتبار أن یکون الطفل فی أوّل المدّة جائعاً لیرتضع کاملاً وفی آخرها رویّاً.

مسألة 102: یکفی التلفیق فی التقدیر الزمانیّ لو ابتدأ بالرضاع فی أثناء اللیل أو النهار .

مسألة 103: یشترط فی التقدیر الکمّیّ أمران آخران:

ص: 58

1. کمال الرضعة، بأن یکون الصبیّ جائعاً فیرتضع حتّی یرتوی ویترک من قبل نفسه، فلا تندرج الرضعة الناقصة فی العدد، ولا تعتبر الرضعات الناقصة المتعدّدة بمثابة رضعة کاملة، نعم إذا التقم الثدی ثُمَّ رفضه لا بقصد الإعراض عنه، بل لغرض التنفّس أو الانتقال من ثدی إلی آخر ونحوهما ثُمَّ عاد إلیه اعتبر عوده استمراراً للرضعة وکان الکلّ رضعة واحدة کاملة.

2. توالی الرضعات، بأن لا یفصل بینها رضاع من امرأة أُخری، ولا یقدح فی التوالی تخلّل غیر الرضاع من المأکول والمشروب وإن تغذّی به بشرط أن یرتضع بعد ذلک جائعاً فیرتوی من اللبن لا أن یرتوی من مجموع هذا اللبن والمشروب الآخر مثلاً.

مسألة 104: الشروط المتقدّمة شروط لناشریّة الرضاع للحرمة، فلو انتفی بعضها لم یؤثّر الرضاع فی التحریم حتّی بین صاحب اللبن والمرتضعة وکذا بین المرتضع والمرضعة.

وفی الرضاع شرط آخر زائد علی ما تقدّم یختصّ بتحقّق الأُخوّة الرضاعیّة بین مرتضعین، وهو اتّحاد صاحب اللبن، فإذا أرضعت امرأة صبیّاً رضاعاً کاملاً، ثُمَّ طلّقها زوجها وتزوّجت من آخر وولدت منه وتجدّد لدیها اللبن لأجل ذلک فأرضعت به صبیّة رضاعاً کاملاً لم تحرم هذه الصبیّة علی ذلک الصبیّ ولا أولاد أحدهما علی الآخر لاختلاف اللبنین من ناحیة تعدّد الزوج.

ص: 59

وأمّا إذا کانت المرأة زوجة لرجل واحد وأرضعت صبیّاً من ولادة ثُمَّ أرضعت صبیّة من ولادة أُخری أصبحا أخوین رضاعیّین وحرم أحدهما علی الآخر کما یحرم الرضیع علی المرضعة والرضیعة علی زوجها.

وکذلک إذا کان للرجل زوجتان ولدتا منه وأرضعت إحداهما صبیّاً وأرضعت الأُخری صبیّة فإنّ أحدهما یحرم علی الآخر کما یحرمان علی المرضعتین وزوجهما.

فالمناط - إذاً - فی حرمة أحد الطفلین علی الآخر بالرضاعة وحدة الرجل المنتسب إلیه اللبن الذی ارتضعا منه، سواء اتّحدت المرضعة أم تعدّدت، نعم یعتبر أن یکون تمام الرضاع المحرّم من امرأة واحدة کما تقدّم فی الشرط السابع.

مسألة 105: إذا تحقّق الرضاع الجامع للشرائط صار صاحب اللبن والمرضعة أباً وأُمّاً للمرتضع أو المرتضعة، وآباؤهما وأُمّهاتهما أجداداً وجدّات لهما، وأولادهما إخوة وأخوات لهما، وأولاد أولادهما أولاد إخوة وأخوات لهما، وإخوتهما وأخواتهما أعماماً أو عمّات لهما وأخوالاً أو خالات لهما، وکذا أعمامهما وعمّاتهما وأخوالهما وخالاتهما، وصار هو - أی المرتضع أو المرتضعة - ابناً أو بنتاً لهما وأولادهما أحفاداً لهما.

وإذا تبیّن ذلک فکلّ عنوان نسبیّ محرّم من العناوین السبعة المتقدّمة إذا حصل مثله فی الرضاع یکون محرّماً کالحاصل بالولادة، وأمّا إذا لم یحصل بسببه أحد تلک العناوین السبعة

ص: 60

فلا یکون الرضاع محرّماً - إلّا فیما استثنی - وإن حصل عنوان خاصّ لو کان حاصلاً بالولادة لکان ملازماً ومتّحداً مع أحد تلک العناوین السبعة، کما لو أرضعت امرأة ولد بنت زید مثلاً فصارت أُمّ ولد بنته، فإنّها لا تحرم علیه؛ لأنّ أُمّ ولد البنت لیست من تلک السبع، نعم لو کانت أمومة تلک المرأة لولد بنته بالولادة کانت لا محالة بنتاً له والبنت من المحرّمات السبعة، ولتوضیح ما تقدّم نتعرّض لتفصیل علاقة المرتضع والمرتضعة والمرضعة وصاحب اللبن وأقربائهم بعضهم مع بعض فی طیّ المسائل التالیة.

مسألة 106: تحرم علی المرتضع عدّة من النساء:

1. المرضعة؛ لأنّها أُمّه من الرضاعة.

2. أُمّ المرضعة وإن علت نسبیّة کانت أم رضاعیّة؛ لأنّها جدّته من الرضاعة.

3. بنات المرضعة ولادة؛ لأنّهنّ أخواته من الرضاعة، وأمّا بناتها رضاعة ممّن أرضعتهنّ بلبن شخص آخر غیر الذی ارتضع المرتضع بلبنه فلا یحرمنّ علی المرتضع، لما مرّ من اشتراط اتّحاد صاحب اللبن فی نشر الحرمة بین المرتضعین.

4. البنات النسبیّات والرضاعیّات من أولاد المرضعة ولادة ذکوراً وإناثاً؛ لأنّ المرتضع إمّا أن یکون عمّهنّ أو خالهنّ من الرضاعة.

5. أخوات المرضعة وإن کنّ رضاعیّات؛ لأنّهنّ خالات

ص: 61

المرتضع من الرضاعة.

6. عمّات المرضعة وخالاتها وعمّات وخالات آبائها وأُمّهاتها نسبیّات کنّ أم رضاعیّات؛ فإنّهنّ عمّات المرتضع وخالاته من الرضاعة.

7. بنات صاحب اللبن النسبیّات والرضاعیّات بلا واسطة أو مع الواسطة؛ لأنّ المرتضع إمّا أن یکون أخاهنّ أو عمّهن أو خالهنّ من الرضاعة.

8. أُمّهات صاحب اللبن النسبیّات والرضاعیّات؛ لأنّهنّ جدّات المرتضع من الرضاعة.

9. أخوات صاحب اللبن النسبیّات والرضاعیّات؛ لأنّهنّ عمّات المرتضع من الرضاعة.

10. عمّات صاحب اللبن وخالاته وعمّات وخالات آبائه وأُمّهاته النسبیّات والرضاعیّات؛ لأنّهنّ عمّات المرتضع وخالاته من الرضاعة.

مسألة 107: تحرم المرتضعة علی عدّة من الرجال:

1. صاحب اللبن؛ لأنّه أبوها من الرضاعة.

2. آباء صاحب اللبن من النسب والرضاع؛ لأنّهم أجدادها من الرضاعة.

3. أولاد صاحب اللبن من النسب والرضاع وإن نزلوا؛ لأنّها تکون أُختهم أو عمّتهم أو خالتهم من الرضاعة.

ص: 62

4. إخوة صاحب اللبن من النسب والرضاع، لأنّهم أعمامها من الرضاعة.

5. أعمام صاحب اللبن وأخواله، وأعمام وأخوال آبائه وأُمّهاته من النسب والرضاع؛ لأنّهم إمّا أن یکونوا أعمامها أو أخوالها من الرضاعة.

6. إخوة المرضعة من النسب والرضاع؛ لأنّهم أخوالها من الرضاعة.

7. آباء المرضعة من النسب والرضاع؛ لأنّهم أجدادها من الرضاعة.

8. أبناء المرضعة ولادة؛ لأنّهم إخوتها من الرضاعة.

وأمّا أبناؤها من الرضاعة ممّن أرضعتهم من لبن شخص آخر غیر الذی ارتضعت المرتضعة من لبنه فلا یحرمون علیها کما مرّ .

9. الأبناء النسبیّین والرضاعیّین من أولاد المرضعة ولادة ذکوراً وإناثاً؛ لأنّ المرتضعة تکون عمّتهم أو خالتهم من الرضاعة.

10. أعمام المرضعة وأخوالها وأعمام وأخوال آبائها وأُمّهاتها من النسب والرضاع؛ لأنّهم أعمامها وأخوالها من الرضاعة.

مسألة 108: تحرم المرضعة علی أبناء المرتضع والمرتضعة؛ لأنّها جدّتهم من الرضاعة.

ص: 63

مسألة 109: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة علی صاحب اللبن؛ لأنّه جدّهنّ من الرضاعة.

مسألة 110: تحرم علی أبی المرتضع والمرتضعة بنات المرضعة النسبیّات للنصّ الخاصّ، وإن کانت القاعدة المتقدّمة فی المسألة (105) لا تقتضی ذلک؛ لأنّهنّ لا یصرن بالاضافة إلیه إلّا أخوات لولده، وأُخت الولد لا تحرم إلّا من حیث کونها بنتاً أو ربیبة، وأمّا بنات المرضعة الرضاعیّات فلا یحرمن علی أبی المرتضع والمرتضعة - وإن کان الأحوط استحباباً أن لا یتزوّج منهنّ - ویحرم علیه النظر إلیهنّ فیما لا یحلّ النظر إلیه لغیر المحارم.

مسألة 111: تحرم - علی المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم)- علی أبی المرتضع والمرتضعة بنات صاحب اللبن النسبیّات والرضاعیّات، فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک، وإن کانت القاعدة المتقدّمة لا تقتضی التحریم أیضاً لما تقدّم.

مسألة 112: تحرم أُمّ صاحب اللبن وجدّاته وأُمّ المرضعة وجدّاتها علی أبناء المرتضع والمرتضعة؛ لأنّهنّ جدّاتهم من الرضاعة.

مسألة 113: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة علی آباء صاحب اللبن والمرضعة؛ لأنّهم أجدادهنّ من الرضاعة.

ص: 64

مسألة 114: تحرم أخوات صاحب اللبن وأخوات المرضعة وعمّاتها وخالاتها وعمّات وخالات آبائهما وأُمّهاتهما علی أبناء المرتضع والمرتضعة؛ لأنّهنّ عمّاتهم أو خالاتهم من الرضاعة.

مسألة 115: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة علی إخوة صاحب اللبن وإخوة المرضعة وأعمامهما وأخوالهما وأعمام وأخوال آبائهما وأُمّهاتهما؛ لأنّهم أعمامهنّ وأخوالهنّ من الرضاعة.

مسألة 116: تحرم بنات صاحب اللبن نسباً ورضاعاً علی أبناء المرتضع والمرتضعة؛ لأنّهم أبناء أخ أو أُخت من الرضاعة بالنسبة إلیهنّ.

مسألة 117: تحرم بنات المرضعة نسباً علی أبناء المرتضع والمرتضعة؛ لأنّهم أبناء أخ أو أُخت من الرضاعة بالنسبة إلیهنّ.

مسألة 118: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة علی أبناء صاحب اللبن نسباً ورضاعاً؛ لأنّهنّ بنات أخ أو أُخت من الرضاعة بالنسبة إلیهم.

مسألة 119: تحرم بنات المرتضع والمرتضعة علی أبناء المرضعة نسباً؛ لأنّهنّ بنات أخ أو أُخت من الرضاعة بالنسبة إلیهم.

مسألة 120: لا تحرم المرضعة علی أبی المرتضع والمرتضعة ولا علی إخوتهما وأجدادهما وأعمامهما وأخوالهما

ص: 65

وأعمام وأخوال آبائهما وأُمّهاتهما.

مسألة 121: لا تحرم أُمّ المرتضع والمرتضعة وأخواتهما وجدّاتهما وعمّاتهما وخالاتهما وعمّات وخالات آبائهما وأُمّهاتهما علی صاحب اللبن.

مسألة 122: لا تحرم أُمّ المرتضع والمرتضعة وجدّاتهما علی آباء صاحب اللبن ولا علی إخوانه وأعمامه وأخواله وأعمام وأخوال آبائه وأُمّهاته.

مسألة 123: لا تحرم أُمّهات صاحب اللبن وأخواته وعمّاته وخالاته وعمّات وخالات آبائه وأُمّهاته علی أبی المرتضع والمرتضعة وأجدادهما.

مسألة 124: لا تحرم أُمّ المرتضع والمرتضعة وجدّاتهما علی آباء المرضعة ولا علی إخوانها وأعمامها وأخوالها وأعمام وأخوال آبائها وأُمّهاتها.

مسألة 125: لا تحرم أُمّهات المرضعة وأخواتها وعمّاتها وخالاتها وعمّات وخالات آبائها وأُمّهاتها علی أبی المرتضع والمرتضعة وأجدادهما.

مسألة 126: لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة وعمّاتهما وخالاتهما وعمّات وخالات آبائهما وأُمّهاتهما علی أبی صاحب اللبن وأجداده وإخوته وأعمامه وأخواله وأعمام وأخوال آبائه وأُمّهاته.

مسألة 127: لا تحرم أُمّهات صاحب اللبن وأخواته وعمّاته

ص: 66

وخالاته وعمّات وخالات آبائه وأُمّهاته علی إخوة المرتضع والمرتضعة وأعمامهما وأخوالهما وأعمام وأخوال آبائهما وأُمّهاتهما.

مسألة 128: لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة وعمّاتهما وخالاتهما وعمّات وخالات آبائهما وأُمّهاتهما علی أبی المرضعة وأجدادها وإخوتها وأعمامها وأخوالها وأعمام وأخوال آبائها وأُمّهاتها.

مسألة 129: لا تحرم أُمّهات المرضعة وأخواتها وعمّاتها وخالاتها وعمّات وخالات آبائها وأُمّهاتها علی إخوة المرتضع والمرتضعة وأعمامهما وأخوالهما وأعمام وأخوال آبائهما وأُمّهاتهما.

مسألة 130: لا تحرم أخوات المرتضع والمرتضعة علی أبناء صاحب اللبن وأحفاده ولا علی أبناء المرضعة وأحفادها.

مسألة 131: لا تحرم بنات صاحب اللبن وحفیداته وبنات المرضعة وحفیداتها علی إخوة المرتضع والمرتضعة.

مسألة 132: ما تقدّم آنفاً - من جواز نکاح إخوة المرتضع والمرتضعة وأخواتهما فی أولاد المرضعة وأولاد صاحب اللبن - یختصّ بما إذا لم یکن مانع من النکاح من نسب أو سبب، وإلّا لم یجز، کما إذا کان إخوة المرتضع أو المرتضعة أولاداً لبنت صاحب اللبن فإنّهم حینئذٍ أولاد أُخت لأولاد صاحب اللبن وأولاد

ص: 67

المرضعة.

مسألة 133: تکفی فی حصول العلاقة الرضاعیّة المحرّمة دخالة الرضاع فیه فی الجملة، فإنّ النسبة بین شخصین قد تحصل بعلاقة واحدة کالنسبة بین الولد ووالده ووالدته، وقد تحصل بعلاقتین کالنسبة بین الأخوین فإنّها تحصل بعلاقة کلٍّ منهما مع الأب أو الأُمّ أو کلیهما، وقد تحصل بأکثر من علاقتین کالنسبة بین الشخص وبین جدّه الثانی، وکالنسبة بینه وبین عمّه الأدنی، فإنّه تحصل بعلاقة بینه وبین أبیه وبعلاقة کلٍّ من أبیه وأخیه مع أبیهما مثلاً.

وهکذا تتصاعد وتتنازل النسب وتتشعّب بقلّة العلاقات وکثرتها حتّی أنّه قد تتوقّف نسبة بین شخصین علی عشر علائق أو أکثر، وإذا تبیّن ذلک: فإن کانت تلک العلائق کلّها حاصلة بالولادة کانت العلاقة نسبیّة، وإن حصلت کلّها أو بعضها ولو واحدة من العشر مثلاً بالرضاع کانت العلاقة رضاعیّة.

مسألة 134: لمّا کانت المصاهرة - التی هی أحد أسباب تحریم النکاح کما سیأتی - علاقة بین أحد الزوجین وبعض أقرباء الآخر فهی تتوقّف علی أمرین: زواج وقرابة، والرضاع یقوم مقام الثانی دون الأوّل، ولأجل ذلک لم تکن مرضعة ولد الرجل بمنزلة زوجته لتحرم علیه أُمّها ولکن الأُمّ الرضاعیّة لزوجة الرجل

ص: 68

تکون بمنزلة الأُمّ النسبیّة لها فتحرم وإن لم یکن قد دخل ببنتها، کما أنّ البنت الرضاعیّة لزوجته المدخول بها تکون بمنزلة بنتها النسبیّة فتحرم علیه، وکذلک زوجة الابن الرضاعیّ کزوجة الابن النسبیّ تحرم علی أبیه، وزوجة الأب الرضاعیّ کزوجة الأب النسبیّ تحرم علی الابن.

مسألة 135: قد تبیّن ممّا سبق أنّ العلاقة الرضاعیّة المحضة قد تحصل برضاع واحد کالحاصلة بین المرتضع وبین المرضعة وصاحب اللبن، وقد تحصل برضاعین کالحاصلة بین المرتضع وبین أبَوَیْ صاحب اللبن والمرضعة الرضاعیّین.

وقد تحصل برضاعات متعدّدة، فإذا کان لصاحب اللبن مثلاً أب من جهة الرضاع وکان لذلک الأب الرضاعیّ أیضاً أب من الرضاع وکان للأخیر أیضاً أب من الرضاع، وهکذا إلی عشرة آباء أو أکثر کان الجمیع أجداداً رضاعیّین للمرتضع والمرتضعة الأخیرین، وجمیع المرضعات جدّات لهما، فتحرم جمیع الجدّات علی المرتضع کما تحرم المرتضعة علی جمیع الأجداد، بل لو کان للجدّ الرضاعیّ الأعلی مثلاً أُخت رضاعیّة حرمت علی المرتضع الأخیر؛ لکونها عمّته العلیا من الرضاع ولو کانت للجدّة العلیا للمرتضع أُخت حرمت علیه؛ لکونها خالته العلیا من الرضاع.

مسألة 136: قد عرفت فیما سبق أنّه یشترط فی حصول

ص: 69

الأُخوّة الرضاعیّة بین المرتضعین اتّحاد صاحب اللبن، ویتفرّع علی ذلک مراعاة هذا الشرط فی العمومة والخؤولة الحاصلتین بالرضاع أیضاً؛ لأنّ العمّ والعمّة أخ وأُخت للأب، والخال والخالة أخ وأُخت للأُمّ، فلو ارتضع أبو الشخص أو أُمّه مع صبیّة من امرأة فإن اتّحد صاحب اللبن کانت الصبیّة عمّة ذلک الشخص أو خالته من الرضاعة، وأمّا إذا لم یتّحد صاحب اللبن فحیث لم تحصل الأُخوّة الرضاعیّة بین أبیه أو أُمّه مع الصبیّة لم تکن هی عمّته أو خالته فلم تحرم علیه.

مسألة 137: إذا حرمت مرتضعة علی مرتضع بسبب ارتضاعهما من لبن منتسب إلی رجل واحد لم یؤدِّ ذلک إلی حرمة أخوات کلٍّ منهما علی إخوة الآخر .

مسألة 138: لا فرق فی نشر الحرمة بالرضاع بین ما إذا کان الرضاع سابقاً علی العقد وما إذا کان لاحقاً له، مثلاً إذا تزوّج الرجل صغیرة فأرضعتها بنته أو أُمّه أو أُخته أو بنت أخیه أو بنت أُخته أو زوجة أخیه بلبنه رضاعاً کاملاً بطل العقد وحرمت الصغیرة علیه، لأنّها تصیر بالرضاع بنتاً أو أُختاً أو بنت أخ أو بنت أُخت له.

مسألة 139: إذا أرضعت الزوجة الکبیرة ضرَّتها الرضیعة فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّه یؤدّی إلی حرمتها علی زوجها حرمة مؤبّدة وتبقی زوجیّة الرضیعة إذا

ص: 70

لم تکن المرضعة مدخولاً بها ولم یکن الرضاع بلبن زوجها وإلّا تحرم هی أیضاً مؤبّدة.

ولکن حرمة الکبیرة المرضعة مؤبّدة محلّ إشکال مطلقاً، وکذا إبقاء زوجیّة الرضیعة فی الصورة الأُولی، فإنّه یحتمل فیها حرمتهما معاً حرمة جمعیّة، فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط بالاجتناب عن الکبیرة وتجدید العقد علی الرضیعة.

مسألة 140: ذکر بعض الفقهاء(رضوان الله تعالی علیهم) أنّه یمکن لأحد الأخوین أن یجعل نفسه محرماً لزوجة الآخر عن طریق الرضاع وذلک بأن یتزوّج طفلة ثُمَّ تُرضَع من زوجة أخیه لتصیر المرضعة أم زوجته، وبذلک تندرج فی محارمه فیجوز له النظر إلیها فیما یجوز النظر إلی المحارم، ولا یجب علیها التستّر عنه کما یلزمها التستّر عن الأجنبیّ، ولکن هذا محلّ إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، إلّا إذا کان الرضاع بلبن رجل آخر غیر الأخ فإنّه یحقّق الغرض المذکور بلا فرق حینئذٍ بین تقدّم الزواج علی الرضاع وتأخّره عنه، فلو کان للمرأة زوج سابق قد أُرضِعت صبیّة بلبنه فتزوّجها أخو زوجها الثانی حرمت علیه المرضعة أی زوجة الأخ، لأنّها أصبحت أُمّ زوجته من الرضاعة.

مسألة 141: إذا أرضعت امرأة طفلاً لزوج بنتها حرمت البنت علی زوجها مؤبّداً وبطل نکاحها، سواء أرضعته بلبن أبی البنت

ص: 71

أم بلبن غیره، وسواء أکان الطفل من بنتها أم من ضرَّتها؛ لأنّ زوج البنت أب للمرتضع وزوجته بنت للمرضعة، وقد مرّ أنّه یحرم علی أبی المرتضع أن ینکح فی أولاد المرضعة النسبیّین، فإذا منع منه سابقاً أبطله لاحقاً.

مسألة 142: إذا أرضعت زوجة الرجل بلبنه طفلاً لزوج بنته سواء أکان الطفل من بنته أم من ضرَّتها، فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) بطلان عقد البنت وحرمتها مؤبّداً علی زوجها بناءً منهم علی حرمة نکاح أبی المرتضع فی أولاد صاحب اللبن - کما مرّ - فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 143: بناء علی ما تقدّم إذا تمّ الرضاع فی مفروض المسألتین السابقتین بعد طلاق البنت لم یجز للزوج تجدید العقد علیها، ولو تمّ الرضاع بعد وفاتها لم یجز له أن یعقد علی أخواتها کما کان الحکم کذلک لو تمّ الرضاع قبل وفاتها.

مسألة 144: إذا أرضعت المرأة طفلاً لابنها لم یترتّب علیه نظیر الأثر المتقدّم - وهو حرمة زوجة الابن علیه - ولکن یترتّب علیه سائر الآثار کحرمة المرتضع أو المرتضعة علی أولاد عمّه وعمّته؛ لصیرورته عمّاً أو عمّة لأولاد عمّه وخالاً أو خالة لأولاد عمّته.

مسألة 145: لو زوّج ابنه الصغیر بابنة أخیه الصغیرة ثُمَّ

ص: 72

أرضعت جدّتهما من طرف الأب أو الأُمّ أحدهما انفسخ نکاحهما؛ لأنّ المرتضع إن کان هو الذکر فإن أرضعته جدّته من طرف الأب صار عمّاً لزوجته، وإن أرضعته جدّته من طرف الأُمّ صار خالاً لزوجته، وإن کان هو الأُنثی صارت هی عمّة لزوجها علی الأوّل وخالة له علی الثانی، فیبطل النکاح علی أیّ حال.

مسألة 146: إذا حصل الرضاع الطاریء المبطل للنکاح، فإمّا أن یبطل نکاح المرضعة بإرضاعها کما إذا أرضعت الزوجة زوجها الرضیع، وإمّا أن یبطل نکاح المرتضعة کما إذا أرضعت الزوجة الکبیرة المدخول بها ضرَّتها الرضیعة، وإمّا أن یبطل نکاح غیرهما کما إذا أرضعت المرأة طفلاً لزوج بنتها، ویبقی استحقاق الزوجة للمهر فی الجمیع علی إشکال فی الصورة الأُولی فیما إذا کان الإرضاع وانفساخ العقد قبل الدخول فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیها، وهل تضمن المرضعة ما یغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فیما إذا کان إرضاعها مبطلاً لنکاح غیرها؟ قولان، الصحیح هو عدم الضمان، والأحوط استحباباً التصالح.

مسألة 147: قد عرفت سابقاً أنّ الرضاع لا یکون محرِّماً إذا لم یتحقّق به أحد العناوین السبعة المعروفة وإن حصل به عنوان خاصّ لو کان حاصلاً بالولادة لکان ملازماً مع أحد تلک العناوین السبعة، ویتفرّع علی ذلک أنّه لا تحرم المرأة علی

ص: 73

زوجها فیما إذا أرضعت بلبنه:

1. أخاها أو أُختها، وإن صارت بذلک أُختاً لولد زوجها.

2. ولد أخیها أو أُختها، وإن صارت بذلک عمّة أو خالة لولد زوجها.

3. ولد ولدها، وإن صارت بذلک جدّة لولد زوجها، ومثله أن ترضع إحدی زوجتی الشخص ولد ولد الأُخری، فإنّ الأُخری تصیر جدّة لولد زوجها.

4. عمّها أو عمّتها، وإن صار الزوج بذلک أباً لعمّها أو عمّتها.

5. خالها أو خالتها، وإن صار الزوج بذلک أباً لخالها أو خالتها.

6. ولد عمّها أو خالها، وإن صار الزوج بذلک أباً لابن عمّها أو ابن خالها، وأمّا لو أرضعت ولد عمّتها أو خالتها فلا تحرم علیه بلا إشکال؛ لأنّ الزوج یصبح أباً لابن عمّتها أو لابن خالتها فیکون بمنزلة زوج عمّتها أو خالتها وزوج العمّة أوالخالة غیر محرّم علی المرأة ذاتاً.

7. أخا الزوج أو أُخته، وإن صارت بذلک أُمّاً لأخی زوجها أو أُخته.

8. ولد ابن الزوج، وإن صارت بذلک أُمّاً لولد ابنه.

9. ولد بنت الزوج، وإن صارت بذلک أُمّاً لولد بنته.

10. ولد أُخت زوجها، وإن صارت بذلک أُمّاً لولد أُخته، وأمّا لو أرضعت ولد أخی زوجها فلا تحرم علیه بلا إشکال لأنّها تصبح أُمّاً لولد أخیه فتکون بمنزلة زوجة أخیه، وزوجة الأخ غیر محرّمة

ص: 74

علی الزوج ذاتاً.

11. عمّ الزوج أو عمّته، وإن صارت بذلک أُمّ عمّ الزوج أو عمّته.

12. خال الزوج أو خالته، وإن صارت بذلک أُمّ خال الزوج أو خالته.

مسألة 148: لا یجوز للزوجة إرضاع ولد الغیر إذا زاحم ذلک حقّ زوجها ما لم یأذن زوجها لها فی ذلک.

مسألة 149: إذا اعترف الرجل بحرمة امرأة أجنبیّة علیه بسبب الرضاع وأمکن صدقه لم یسعه أن یتزوّجها.

وإذا ادّعی حرمة المرأة علیه - بعد أن عقد علیها - وصدّقته المرأة حکم ببطلان العقد وثبت لها مهر المثل إذا کان قد دخل بها ولم تکن عالمة بالحرمة وقتئذٍ، وأمّا إذا لم یکن قد دخل بها أو کان قد دخل بها مع علمها بالحرمة فلا مهر لها.

ونظیر اعتراف الرجل بحرمة المرأة اعتراف المرأة بحرمة رجل علیها قبل العقد أو بعده فیجری فیه التفصیل الآنف الذکر .

مسألة 150: الأولی منع النساء من الاسترسال فی إرضاع الأطفال حذراً من نسیانهنّ وحصول الزواج المحرّم بلا التفات إلی العلاقة الرضاعیّة.

مسألة 151: یثبت الرضاع المحرّم بأمرین:

الأوّل: إخبار شخص أو أکثر یوجب العلم أو الاطمئنان

ص: 75

بوقوعه.

الثانی: شهادة عدلین علی وقوعه، وفی ثبوته بشهادة رجل مع امرأتین أو بشهادة نساء أربع إشکال، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 152: لا تقبل الشهادة علی الرضاع إلّا مُفَصَّلَة، بأن یشهد الشهود علی الارتضاع فی الحولین بالامتصاص من الثدی خمس عشرة رضعة متوالیات مثلاً، إلی آخر ما تقدّم من الشروط.

ولا تکفی الشهادة المطلقة والمجملة، بأن یشهد علی وقوع الرضاع المحرّم، أو یشهد مثلاً علی أنّ فلاناً وَلَدُ فلانة أو فلانة بنتُ فلانٍ من الرضاع، بل یسأل منه التفصیل.

مسألة 153: لو شکّ فی وقوع الرضاع أو فی حصول بعض شروطه من الکمّیّة أو الکیفیّة مثلاً بنی علی العدم، وإن کان الاحتیاط مع الظنّ بوقوعه جامعاً للشرائط - بل مع احتماله - حسناً.

مسألة 154: ینبغی أن یختار لرضاع الولد المرضعة المسلمة العاقلة ذات الصفات الحمیدة خَلْقاً وخُلْقاً، ففی الخبر عن أمیر المؤمنین (علیه السلام): (انظروا من یرضع أولادکم فإنّ الولد یشبّ علیه) ولا ینبغی أن تسترضع الکافرة والحمقاء والعمشاء وقبیحة الوجه، کما یکره استرضاع الزانیة من اللبن

ص: 76

الحاصل من الزنا أو المرأة المتولّدة من الزنا.

الأمر الثالث: المصاهرة وما یلحق بها

المصاهرة علاقة بین أحد الزوجین مع أقرباء الآخر موجبة لحرمة النکاح إمّا عیناً أو جمعاً علی تفصیل یذکر فی المسائل التالیة:

مسألة 155: تحرم علی الابن زوجة أبیه وجدّه وإن علا - لأب کان أم لأُمّ - حرمة دائمیّة، سواء أکان الزواج دائمیّاً أم منقطعاً، وسواء دخل الأب أو الجدّ بزوجته أم لا، وسواء أکانا نسبیّین أم رضاعیّین.

مسألة 156: تحرم علی الأب زوجة ابنه، وعلی الجدّ - لأب کان أم لأُمّ - زوجة حفیده وسبطه وإن نزل حرمة دائمیّة، سواء أکان النکاح دواماً أم انقطاعاً، وسواء دخل الابن أو الحفید أو السبط بزوجته أم لا، وسواء أکانوا نسبیّین أم رضاعیّین.

مسألة 157: تحرم علی الزوج أم زوجته وجدّاتها وإن علون - لأب کنّ أم لأُمّ، نسباً ورضاعاً - حرمة دائمیّة، سواء دخل بزوجته أم لا، وسواء کان العقد دواماً أم انقطاعاً، وسواء کانت الزوجة صغیرة أم کبیرة.

مسألة 158: تحرم علی الزوج بنت زوجته المدخول بها وإن نزلت، من بنت کانت أو من ابن، ولا تحرم البنت علی ابن الزوج

ص: 77

ولا علی أبیه، کما لا تحرم علیه بنت زوجته غیر المدخول بها عیناً، وإنّما تحرم علیه جمعاً علی الأحوط لزوماً، أی یجوز له الزواج منها إذا خرجت أُمّها عن عصمته بموت أو طلاق أو غیرهما، وأمّا قبل ذلک فیحتاط بعدم الزواج منها، ولو فعل لم یحکم بصحّة زواج البنت ولا ببقاء زوجیّة الأُمّ.

مسألة 159: لا فرق فی حرمة بنت الزوجة بین أن تکون فی حِجْر الزوج أو لا، ولا بین أن تکون موجودة فی زمان زوجیّة الأُمّ أو ولدت بعد خروجها عن الزوجیّة، فلو عقد علی امرأة ودخل بها ثُمَّ طلّقها ثُمَّ تزوّجت وولدت من الزوج الثانی بنتاً تحرم هذه البنت علی الزوج الأوّل.

مسألة 160: لا فرق فی الدخول بین القُبُل والدُّبُر، ولا یکفی الإنزال علی فرجها من غیر دخول وإن حبلت به، وکذا لا فرق فی الدخول بین أن یکون فی حال الیقظة أو النوم اختیاراً أو جبراً منه أو منها.

مسألة 161: لا یصحّ نکاح بنت الأخ علی العمّة وبنت الأُخت علی الخالة إلّا بإذنهما من غیر فرق بین کون النکاحین دائمین أو منقطعین أو مختلفین، ولا بین علم العمّة والخالة حال العقد وجهلهما، ولا بین اطّلاعهما علی ذلک وعدم اطّلاعهما أبداً، فلو تزوّجهما علیهما بدون إذنهما توقّفت صحّته علی إجازتهما، فإن أجازتا جاز وإلّا بطل، وإن علمتا بالتزویج فسکتتا ثُمَّ أجازتاه صحّ

ص: 78

أیضاً.

مسألة 162: یجوز نکاح العمّة والخالة علی بنتی الأخ والأُخت وإن کانت العمّة والخالة جاهلتین، ولیس لهما الخیار لا فی فسخ عقد أنفسهما ولا فی فسخ عقد بنتی الأخ والأُخت.

مسألة 163: لا فرق فی العمّة والخالة بین الدنیا منهما والعلیا، کما أنّه لا فرق بین النسبیّتین منهما والرضاعیّتین.

مسألة 164: إذا أذنتا ثُمَّ رجعتا عن الإذن، فإن کان رجوعهما بعد العقد لم یؤثّر فی البطلان، وإن کان قبله بطل الإذن السابق، فلو لم یبلغه الرجوع وتزوّج اعتماداً علیه توقّفت صحّته علی الإجازة اللاحقة.

مسألة 165: إنّ اعتبار إذنهما لیس حقّاً لهما کالخیار حتّی یسقط بالإسقاط، فلو اشترط فی ضمن عقدهما أن لا یکون لهما ذلک بطل الشرط ولم یؤثّر شیئاً، ولو اشترط علیهما أن یکون له العقد علی بنت الأخ أو الأُخت فرضیتا کان ذلک بنفسه إذناً منهما فی ذلک، ولکن لهما الرجوع عنه قبل إجرائه، ولو اشترط علیهما الإذن فی العقد علیهما وجب علیهما الوفاء بالشرط، ولکن تخلّفهما عنه لا یستتبع سوی الإثم ولا یصحّ العقد إن لم تأذنا.

مسألة 166: إذا تزوّج بالعمّة وابنة أخیها وشکّ فی السابق منهما حکم بصحّة العقدین، وکذلک فیما إذا تزوّج بنت الأخ أو

ص: 79

الأُخت وشکّ فی أنّه هل کان عن إذن من العمّة أو الخالة أم لا حکم بالصحّة وحصول الإذن منهما.

مسألة 167: إذا طلّق العمّة أو الخالة، فإن کان بائناً صحّ العقد علی بنتی الأخ والأُخت بمجرّد الطلاق، وإن کان رجعیّاً لم یجز ذلک من دون إذنهما إلّا بعد انقضاء العدّة.

مسألة 168: إذا زنی بخالته أو عمّته قبل أن یعقد علی بنتها حرمت علیه البنت علی الأحوط لزوماً، ولو زنی بامرأة أجنبیّة فالأحوط الأولی أن لا یتزوّج بنتها.

مسألة 169: إذا زنی بامرأة - غیر خالته وعمّته - فالأحوط الأولی أن لا یتزوّج بها أبوه وإن علا، ولا ابنه وإن نزل.

مسألة 170: لا فرق فی الأحکام المذکورة بین الزناء فی القُبُل والدُّبُر .

مسألة 171: لا یلحق بالزناء الوطء عن شبهة ولا التقبیل أو اللمس أو النظر بشهوة ونحوها، فلو قبّل خالته أو عمّته أو لمسها أو نظر إلیها بشهوة لم تحرم علیه بنتها.

مسألة 172: الزناء الطاریء علی العقد لا یوجب التحریم، فلو زنی بعمّته أو خالته بعد العقد علی البنت والدخول بها لم تحرم علیه، وکذلک فیما إذا کان الزناء بعد العقد وقبل الدخول.

مسألة 173: إذا علم بالزناء وشکّ فی کونه سابقاً علی

ص: 80

العقد أو طارئاً بنی علی الثانی.

مسألة 174: لا یجوز الجمع فی النکاح بین الأُختین نسبیّتین کانتا أم رضاعیّتین دواماً أو انقطاعاً أو بالاختلاف، فلو تزوّج بإحدی الأُختین ثُمَّ تزوّج بالأُخری بطل العقد الثانی دون الأوّل، سواء دخل بالأُولی أم لا، ولو اقترن عقدهما - بأن تزوّجهما بعقد واحد أو عقد هو علی إحداهما ووکیله علی الأُخری فی زمان واحد مثلاً - بطلا معاً.

مسألة 175: إذا عقد علی الأُختین وجهل تاریخ أحد العقدین أو کلیهما فإن احتمل تقارنهما حکم ببطلانهما معاً، وإن لم یحتمل التقارن ولکن لم یعلم السابق من اللاحق فقد علم إجمالاً بصحّة أحدهما وبطلان الآخر فلا یجوز التعامل مع أیّتهما معاملة الزوجة مادام الاشتباه، وحینئذٍ فإن طلّقهما أو طلّق الزوجة الواقعیّة منهما أو رضیتا بالصبر علی هذا الحال - مع الإنفاق أو بدونه - بلا حقّ المعاشرة الثابت للزوجة علی زوجها فلا إشکال، وإن لم یطلّق ولم ترضیا بالصبر أجبره الحاکم الشرعیّ علی الطلاق ولو بأن یطلّق إحداهما معیّنة، ویجدّد العقد علی الأُخری برضاها بعد انقضاء عدّة الأُولی إذا کانت مدخولاً بها، وأمّا مع عدم الدخول فیجوز له العقد علی الثانیة بعد الطلاق مباشرة.

مسألة 176: إذا طلّقهما والحال هذه، فإن کان قبل الدخول

ص: 81

فعلیه للزوجة الواقعیّة نصف مهرها، وإن کان بعد الدخول فلها علیه تمام مهرها، فإن کان المهران کلّیّین فی الذمّة واتّفقا فی الجنس وسائر الخصوصیّات فقد علم الحقّ وإنّما الاشتباه فیمن له الحقّ، وفی غیر ذلک یکون الاشتباه فی الحقّ أیضاً، فإن تراضوا بصلح أو غیره فهو وإلّا تعیّن الرجوع إلی القرعة، فمن خرجت باسمها من الأُختین کان لها نصف مهرها المسمّی أو تمامه ولم تستحقّ الأُخری شیئاً، نعم مع الدخول بها فیه تفصیل لا یسعه المقام.

مسألة 177: إذا طلّق زوجته فإن کان الطلاق رجعیّاً فلا یجوز ولا یصحّ نکاح أُختها ما لم تنقض عدّتها، وإن کان بائناً کالطلاق الثالث أو کانت المطلّقة ممّن لا عدّة لها کالصغیرة وغیر المدخولة والیائسة جاز له نکاح أُختها فی الحال، نعم لو کانت متمتّعاً بها وانقضت مدّتها أو وهب المدّة فالأحوط لزوماً له عدم الزواج من أُختها قبل انقضاء العدّة وإن کانت بائنة.

مسألة 178: یجوز الجمع بین الفاطمیّتین فی النکاح وإن کان الأحوط استحباباً ترکه.

مسألة 179: لا تحرم الزوجة علی زوجها بزناها، وإن کانت مصرّة علی ذلک، والأولی - مع عدم التوبة - أن یطلّقها الزوج.

مسألة 180: إذا زنی بذات بعل حرمت علیه أبداً علی الأحوط لزوماً، فلا یجوز له نکاحها بعد موت زوجها أو زوال

ص: 82

عقدها بطلاق أو فسخ أو انقضاء مدّة أو غیرها، ولا فرق فی ذات البعل بین الدائمة والمتمتّع بها، والمسلمة والکافرة، والصغیرة والکبیرة، والمدخول بها وغیرها، والعالمة والجاهلة، ولا فی البعل بین الصغیر والکبیر، ولا فی الزانی بین العالم بکونها ذات بعل والجاهل بذلک، والمکره علی الزناء وغیره.

مسألة 181: إذا زنی بامرأة فُقِدَ زوجها ثُمَّ تبیّن موته قبل وقوع الزناء لم تحرم علیه فیجوز له الزواج منها بعد انقضاء عدّتها، وأمّا إن لم تتبیّن الحال وشکّ فی وقوع الزناء قبل موت الزوج أو بعده فلا یجوز له الزواج منها علی الأحوط لزوماً.

مسألة 182: إذا زنی بامرأة فی العدّة الرجعیّة حرمت علیه أبداً علی الأحوط لزوماً، وأمّا الزناء بذات العدّة غیر الرجعیّة - کعدّة البائنة وعدّة الوفاة وعدّة المتعة والوطء شبهة - فلا یوجب حرمة المزنیّ بها، فللزانی تزویجها بعد انقضاء عدّتها.

مسألة 183: لو زنی بامرأة وعلم بأنّها کانت فی العدّة ولم یعلم بأنّها کانت رجعیّة أو بائنة فلا حرمة مادام باقیاً علی الشکّ، نعم لو علم بأنّها کانت فی عدّة رجعیّة وشکّ فی انقضائها بنی علی الحرمة.

مسألة 184: لو زنی بامرأة لیس لها زوج ولیست بذات عدّة یشکل صحّة الزواج بها إلّا بعد توبتها، ویجوز لغیره أن یتزوّجها

ص: 83

قبل ذلک إلّا أن تکون امرأة مشهورة بالزناء، فإنّه یشکل صحّة الزواج بها قبل أن تتوب، کما یشکل صحّة التزوّج بالرجل المشهور بالزناء إلّا بعد توبته، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی الموارد المذکورة.

والأحوط الأولی استبراء رحم الزانیة من ماء الفجور بحیضة قبل التزوّج بها سواء ذلک بالنسبة الی الزانی أم غیره.

مسألة 185: إذا لاط البالغ بغلام فأوقبه ولو ببعض الحشفة حرمت علیه أبداً أُمّ الملوط وإن علت، وبنته وإن نزلت، وأُخته، ولا فرق فی ذلک بین النسبیّات منهنّ والرضاعیّات، والأحوط لزوماً جریان الحکم المذکور فیما إذا کان اللائط غیر بالغ أو لم یکن الملوط غلاماً.

مسألة 186: إذا تزوّج امرأة ثُمَّ لاط بأبیها أو أخیها أو ابنها حرمت علیه علی الأحوط لزوماً.

مسألة 187: إذا شکّ فی تحقّق الإیقاب حینما عبث بالغلام أو بعده بنی علی العدم، وکذا لو ظنَّ بتحقّقه.

وإذا شکّ فی أنّه کان بالغاً حین اللواط بنی علی عدمه، وإذا شکّ فی أنّ الملوط به کان غلاماً فی حینه بنی علی أنّه کان کذلک.

مسألة 188: لا تحرم علی اللائط بنت أُخت الملوط ولا بنت أخیه، کما لا تحرم علی الملوط أُمّ اللائط ولا بنته ولا أُخته علی

ص: 84

الأظهر .

الأمر الرابع: الاعتداد وما بحکمه

مسألة 189: یحرم الزواج بالمرأة دواماً أو متعة فی عدّتها من الغیر، رجعیّة کانت أو بائنة عدّة الوفاة أو غیرها، من نکاح دائم أو منقطع أو من وطء شبهة أو غیرها، فلو ثبت للرجل أو المرأة بأنّها فی العدّة وعلم بحرمة الزواج فیها وتزوّج بها حرمت علیه أبداً وإن لم یدخل بها بعد العقد، وإذا کانا جاهلین بأنّها فی العدّة أو بحرمة الزواج فیها وتزوّج بها بطل العقد، فإن کان قد دخل بها - ولو دُبُراً - حرمت علیه مؤبّداً أیضاً وإلّا جاز الزواج بها بعد تمام العدّة.

مسألة 190: إذا وکّل أحداً فی تزویج امرأة له ولم یعیّن الزوجة، فزوّجه امرأة ذات عدّة وقع العقد فضولیّاً؛ لانصراف وکالته إلی العقد الصحیح، وحینئذٍ فإن أمضاه قبل خروجها من العدّة کان ذلک بحکم الزواج منها فی عدّتها فیجری علیه التفصیل الآنف ذکره، وإلّا کان لغواً ولا یوجب التحریم، وهکذا الحال لو زوّج الصغیر ولیّه من امرأة ذات عدّة فإنّه لا یوجب الحرمة إلّا إذا أمضاه بعد البلوغ والرشد قبل انقضاء عدّتها علی التفصیل المذکور، ولا فرق فی ذلک بین علم الوکیل والولیّ بالحال وجهلهما به.

ص: 85

ولو تزوّج بامرأة ذات عدّة ولکن کان الزواج باطلاً من غیر جهة کونها کذلک - کالزواج متعة من دون تحدید المهر أو المدّة أو الزواج بأُخت الزوجة أو الخامسة أو بالبکر غیر المستقلّة فی شؤون حیاتها من دون إذن الولیّ - فهل یوجب التحریم المؤبّد علی النحو المتقدّم أم لا؟ فیه إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک، نعم إذا کان بطلانه من جهة فقد بعض الأرکان بحیث لا یصدق علیه الزواج لم یوجب الحرمة.

مسألة 191: إذا وکّله فی تزویج امرأة معیّنة فی وقت معیّن فزوّجه إیّاها فی ذلک الوقت وهی ذات عدّة، فإن کان الموکِّل عالماً بالحکم والموضوع حرمت علیه أبداً وإن کان الوکیل جاهلاً بهما، بخلاف ما لو کان الموکِّل جاهلاً بهما وإن کان الوکیل عالماً بهما فإنّها لا تحرم علیه إلّا مع الدخول بها أو علمها بالحال.

مسألة 192: لا یلحق بالزواج فی العدّة وطء الشبهة أو الزنی بالمعتدّة، فلو وطیء شبهة أو زنی بالمرأة فی حال عدّتها لم یؤثّر فی الحرمة الأبدیّة أیّة عدّة کانت، إلّا العدّة الرجعیّة إذا زنی بها فیها فإنّه یوجب الحرمة علی الأحوط لزوماً کما مرّ .

مسألة 193: إذا کانت المرأة فی عدّة الرجل لم یمنعه ذلک

ص: 86

من العقد علیها فی الحال فلا یلزمه الانتظار حتّی انقضاء عدّتها، نعم فیما إذا کانت معتدّة له بالعدّة الرجعیّة یبطل منه العقد علیها لکونها زوجة له حقیقة أو حکماً ولا یصحّ عقد الزوج علی زوجته، فلو کانت عنده زوجة منقطعة وأراد أن یجعل عقدها دواماً جاز أن یهب مدّتها ویعقد علیها عقد الدوام فی الحال، بخلاف ما اذا کانت عنده زوجة دائمة وأراد أن یجعلها منقطعة فطلّقها لذلک طلاقاً غیر بائن، فإنّه لا یجوز له إیقاع عقد الانقطاع علیها إلّا بعد خروجها من العدّة.

مسألة 194: هل یعتبر فی الدخول - الذی هو شرط للحرمة الأبدیّة فی صورة الجهل - أن یکون فی العدّة، أو یکفی وقوع العقد فی العدّة وإن کان الدخول واقعاً بعد انقضائها؟ قولان، الصحیح هو الأوّل، وإن کان الأحوط استحباباً هو الثانی.

مسألة 195: إذا شکّ فی أنّها معتدّة أم لا، حکم بالعدم وجاز له الزواج بها ولا یجب علیه الفحص عن حالها، وکذا لو شکّ فی انقضاء عدّتها وأخبرت هی بالانقضاء فإنّها تُصدَّق ویجوز الزواج بها ما لم تکن متّهمة، وإلّا فالأحوط لزوماً ترکه ما لم یتحقّق من صدقها.

مسألة 196: إذا علم أنّ التزویج کان فی العدّة مع الجهل - موضوعاً أو حکماً - ولکن شکّ فی أنّه قد دخل بها حتّی تحرم علیه أبداً أو لا، بنی علی عدم الدخول فلا تحرم علیه.

ص: 87

وکذا لو علم بعدم الدخول لکن شکّ فی أنّ أحدهما هل کان عالماً أم لا، فیبنی علی عدم العلم ولا یحکم بالحرمة الأبدیّة.

مسألة 197: لو تزوّج بامرأة ثبت له أنّها ذات بعل وعلم بحرمة الزواج بمثلها حرمت علیه مؤبّداً دخل بها أم لم یدخل، ولو تزوّجها مع جهله بأحد الأمرین - الموضوع أو الحکم - فسد العقد ولم تحرم علیه لو لم یدخل بها حتّی مع علم الزوجة بذلک، وأمّا لو دخل بها فتحرم علیه مؤبّداً علی الأحوط لزوماً.

مسألة 198: إذا تزوّج بامرأة علیها عدّة ولم تشرع فیها لعدم تحقّق مبدأها، کما إذا تزوّج بالمتوفّی عنها زوجها فی الفترة الفاصلة بین وفاته وبلوغها خبر الوفاة - فإنّ مبدأ عدّتها من حین بلوغ الخبر کما سیأتی - بطل العقد، ولکن هل یجری علیه حکم التزویج فی العدّة لتحرم علیه مؤبّداً مع العلم بالحکم والموضوع أو الدخول، أم لا فله تجدید العقد علیها بعد العلم بالوفاة وانقضاء العدّة بعده؟ قولان، والصحیح هو الثانی وإن کان الاحتیاط فی محلّه.

مسألة 199: لا یجوز التصریح بالخطبة - أی الدعوة إلی الزواج صریحاً - ولا التعریض بها لذات البعل ولا لذات العدّة الرجعیّة مع عدم الأمن من کونه سبباً لنشوزها علی زوجها بل مطلقاً علی الأحوط لزوماً، وأمّا ذات العدّة البائنة سواء أکانت عدّة الوفاة أم غیرها فیجوز - لمن لا مانع شرعاً من زواجه منها

ص: 88

لو لا کونها معتدّة - التعریض لها بالخطبة بغیر الألفاظ المستهجنة المنافیة للحیاء، بل یجوز التصریح لها بذلک ولو من غیر زوجها السابق.

الأمر الخامس: استیفاء العدد وما یلحق به

مسألة 200: من کانت عنده أربع زوجات دائمة تحرم علیه الخامسة مادامت الأربع فی عصمته، فلو طلّق إحداهنّ طلاقاً رجعیّاً لم یجز له الزواج بأُخری إلّا بعد خروجها من العدّة وانقطاع العصمة بینهما، وأمّا لو طلّقها بائناً فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) جواز التزوّج بالخامسة قبل انقضاء عدّتها، ولکنّه محلّ إشکال فلا یترک الاحتیاط بالصبر إلی انتهاء عدّتها أیضاً.

وهکذا الحال لو ماتت إحداهنّ فإنّ الأحوط لزوماً وجوب الصبر علیه أربعة أشهر وعشرة أیّام قبل زواجه من الخامسة، وأمّا لو فارق إحداهنّ بالفسخ أو الانفساخ فلا یجب الصبر إلی انقضاء عدّتها.

ولو لم تکن علیها منه عدّة کغیر المدخول بها والیائسة فلا موضوع لوجوب الصبر .

مسألة 201: إذا عقد ذو الزوجات الثلاث علی اثنتین مرتّباً بطل الثانی، ولو عقد علیهما فی وقت واحد قیل: یختار أیّتهما

ص: 89

شاء، وکذا لو عقد علی خمس فی وقت واحد قیل: یختار أربعاً منهنّ، ولکن الصحیح فی الصورتین بطلان العقد.

مسألة 202: یجوز أن یتزوّج منقطعاً وإن کانت عنده أربع دائمات، نعم ینبغی أن یراعی عدم الوقوع فی بعض المحاذیر بسبب ذلک.

مسألة 203: إذا طلّق الرجل زوجته الحرّة ثلاث طلقات تخلّل بینها رجعتان أو ما بحکمهما ولم یتخلّل بینها نکاح رجل آخر حرمت علیه، ولا یجوز له نکاحها حتّی تنکح زوجاً غیره بالشروط الآتیة فی کتاب الطلاق.

مسألة 204: إذا طلّق الرجل زوجته تسعاً للعدّة بینها نکاحان لرجل آخر حرمت علیه أبداً، بل الأحوط لزوماً تحریم المطلّقة تسعاً مطلقاً وإن لم یکن الطلاق عدّیّاً، وسیأتی معنی الطلاق العدّیّ فی کتاب الطلاق إن شاء الله تعالی.

الأمر السادس: الکفر وعدم الکفاءة

مسألة 205: لا یجوز للمسلمة أن تتزوّج الکافر دواماً أو متعة سواء أکان أصلیّاً کتابیّاً کان أو غیره، أم کان مرتدّاً عن فطرة کان أو عن ملّة، وکذا لا یجوز للمسلم أن یتزوّج غیر الکتابیّة من أصناف الکفّار ولا المرتدّة عن فطرة کانت أو ملّة، وأمّا النصرانیّة والیهودیّة فیجوز التزوّج بها متعة، والأحوط

ص: 90

لزوماً ترک نکاحها دواماً.

مسألة 206: فی جواز زواج المسلم من المجوسیّة ولو متعة إشکال والأحوط لزوماً الترک، وأمّا الصابئة فلم یتحقّق عندنا حقیقة دینهم، وقد یقال: إنّهم علی قسمین، فمنهم الصابئة الحرّانیّین وهم من الوثنیّة فلا یجوز نکاحهم، ومنهم الصابئة المندائیّین وهم طائفة من النصاری فیلحقهم حکمهم، فإن ثبت ذلک کان الحکم ما ذکر، وإلّا فالأحوط لزوماً الترک مطلقاً.

مسألة 207: لا یجوز الزواج بالکتابیّة ولو انقطاعاً علی المسلمة من دون إذنها، وأمّا الزواج انقطاعاً بإذنها ففیه إشکال أیضاً والأحوط لزوماً ترکه.

مسألة 208: العقد الواقع بین الکفّار لو وقع صحیحاً عندهم وعلی طبق مذهبهم یرتّب علیه آثار الصحیح عندنا، سواء أکان الزوجان کتابیّین أم غیر کتابیّین أم مختلفین، حتّی أنّه لو أسلما معاً دفعة أقرّا علی نکاحهما الأوّل ولم یحتج إلی عقد جدید علی طبق مذهبنا، بل وکذا لو أسلم أحدهما أیضاً فی بعض الصور الآتیة، نعم لو کان نکاحهم مشتملاً علی ما یقتضی الفساد ابتداءً واستدامة - کنکاح إحدی المحرّمات عیناً أو جمعاً - جری علیه بعد الإسلام حکم الإسلام.

مسألة 209: إذا أسلم زوج الکتابیّة بقیا علی نکاحهما الأوّل، سواء أکان کتابیّاً أم غیره، وسواء أکان إسلامه قبل الدخول أم

ص: 91

بعده، وإذا أسلم زوج غیر الکتابیّة کتابیّاً کان أم غیره فإن کان إسلامه قبل الدخول انفسخ النکاح فی الحال، وإن کان بعده یفرَّق بینهما وینتظر إلی انقضاء العدّة فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقیا علی نکاحهما، وإلّا انفسخ بمعنی أنّه یتبیّن انفساخه من حین إسلام الزوج.

مسألة 210: إذا أسلمت زوجة غیر المسلم کتابیّة کانت أم غیرها فإن کان قبل الدخول انفسخ النکاح فی الحال، وإن کان بعده فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) توقّفه علی انقضاء العدّة فإن أسلم قبل انقضائها فهی امرأته وإلّا انکشف أنّها بانت منه حین إسلامها، ولکن هذا لا یخلو عن إشکال فالأحوط لزوماً أن یفترقا بالطلاق أو یجدّد العقد إذا أسلم قبل انقضاء العدّة.

مسألة 211: إذا أسلم الزوج علی أکثر من أربع غیر کتابیّات وأسلمن فاختار أربعاً انفسخ نکاح البواقی، ولو أسلم علی أربع کتابیّات ثبت عقده علیهنّ، ولو کنّ أکثر تخیّر أربعاً وبطل نکاح البواقی.

مسألة 212: إذا ارتدّ الزوج عن ملّة أو ارتدّت الزوجة عن ملّة أو فطرة، فإن کان الارتداد قبل الدخول بها أو کانت الزوجة یائسة أو صغیرة بطل نکاحها ولم تکن علیها عدّة، وأمّا إذا کان الارتداد بعد الدخول وکانت المرأة فی سنّ من تحیض وجب علیها أن تعتدّ عدّة الطلاق - الآتی بیانها فی کتاب الطلاق -

ص: 92

ویتوقّف بطلان نکاحها علی انقضاء العدّة، فإذا رجع المرتدّ منهما عن ارتداده إلی الإسلام قبل انقضائها بقی الزواج علی حاله، وإلّا انکشف بطلانه عند الارتداد.

مسألة 213: إذا ارتدّ الزوج عن فطرة حرمت علیه زوجته ووجب علیها أن تعتدّ عدّة الوفاة، وثبوت العدّة حینئذٍ علی غیر المدخول بها والیائسة والصغیرة مبنیّ علی الاحتیاط اللزومیّ، ولا تنفع توبته ورجوعه إلی الإسلام فی أثناء العدّة فی بقاء زوجیّتها علی المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم)، ولکنّه لا یخلو عن إشکال، فالأحوط لزوماً عدم ترتیب أثر الزوجیّة أو الفراق إلّا بعد تجدید العقد أو الطلاق ویأتی مقدار عدّة الوفاة فی کتاب الطلاق.

مسألة 214: لا یجوز للمؤمن أو المؤمنة أن ینکح دواماً أو متعة بعض المنتحلین لدین الإسلام ممّن یحکم بکفرهم کالنواصب وغیرهم الذین تقدّم ذکرهم فی کتاب الطهارة.

مسألة 215: یجوز زواج المؤمن من المخالفة غیر الناصبیّة، کما یجوز زواج المؤمنة من المخالف غیر الناصبیّ علی کراهة، نعم یحرم إذا خیف علیه أو علیها من أن یؤدّی إلی الانحراف فی العقیدة أو المنع من أداء الوظائف الشرعیّة وفق مذهب الإمامیّة.

مسألة 216: لا یشترط فی صحّة النکاح تمکّن الزوج من

ص: 93

النفقة، نعم لو زوّج الصغیرة ولیّها بغیر القادر علیها وکان فی ذلک مفسدة بالنسبة إلی الصغیرة من دون مزاحمتها بمصلحة غالبة وقع العقد فضولیّاً فیتوقّف علی إجازتها بعد کمالها.

مسألة 217: التمکّن من النفقة وإن لم یکن شرطاً لصحّة العقد ولا للزومه، فلا یثبت الخیار للمرأة لو تبیّن عدم تمکّنه منها حین العقد فضلاً عمّا لو تجدّد عجزه عنها بعد ذلک، ولکن لو دلّس الرجل نفسه علی المرأة بإظهار الیسار قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ووقع العقد مبنیّاً علیه ثُمَّ تبیّن خلافه ثبت الخیار لها فضلاً عمّا لو ذکر الیسار بنحو الاشتراط أو التوصیف فی متن العقد ثُمَّ تبیّن عدمه، کما سیأتی فی الفصل الثامن.

مسألة 218: یصحّ نکاح المریض فی المرض المتّصل بموته بشرط الدخول، فإذا لم یدخل بها حتّی مات فی مرضه بطل العقد ولا مهر للمرأة ولا میراث ولا عدّة علیها بموته، وکذا لو ماتت المرأة فی مرضه ذلک المتّصل بموته قبل الدخول فإنّه یبطل نکاحها، ولا فرق فی الدخول بین القُبُل والدُّبُر .

مسألة 219: یختصّ الحکم المذکور بالمرض المتّصل بالموت الذی یکون المریض معه فی معرض الهلاک، فلا یشمل مثل حُمّیٰ یوم خفیف اتّفق الموت به علی خلاف العادة.

ص: 94

وهل یختصّ الحکم بالمرض الذی یؤدّی إلی الموت أم یعمّ غیره، فلو مات فی مرضه قبل الدخول بسبب آخر من قتل أو افتراس سَبُع أو مرض آخر فهل یوجب ذلک بطلان نکاحه أم لا؟ فیه وجهان، فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط.

مسألة 220: عموم الحکم المذکور للأمراض التی تستمرّ بأصحابها فترة طویلة محلّ إشکال، إلّا فیما یقع فی أواخرها القریبة من الموت، فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی غیره.

مسألة 221: المسلم کفؤ المسلمة والمؤمن کفؤ المؤمنة شرعاً، فیجوز تزویج العربیّة بالعجمیّ، والهاشمیّة بغیر الهاشمیّ وبالعکس، وکذا ذوات البیوتات الشریفة بأصحاب الصنائع الدنیئة کالکنّاس ونحوه.

الأمر السابع: الإحرام

مسألة 222: یحرم التزویج دواماً ومتعة حال الاحرام - وإن لم تکن المرأة مُحْرِمة - سواء أکان إیقاع التزویج له بمباشرته أم بتوکیل الغیر، مُحْرِماً کان الوکیل أو مُحِلّاً، کان التوکیل قبل الإحرام أو حاله، ویفسد العقد فی جمیع الصور المذکورة حتّی مع جهل الرجل المُحْرم بالحرمة، وأمّا مع علمه بالحرمة فتحرم علیه مؤبّداً.

ص: 95

مسألة 223: لا فرق فیما ذکر - من التحریم المؤبّد مع العلم والبطلان مع الجهل - بین أن یکون الإحرام لحجّ واجب، أو مندوب، أو لعمرة واجبة، أو مندوبة، ولا بین أن یکون حجّه وعمرته لنفسه أو نیابة عن غیره.

مسألة 224: لا یجوز للمحرمة أن تتزوّج ولو کان الرجل مُحِلّاً، ولو فعلت بطل العقد مطلقاً، ومع علمها بالحرمة تحرم علیه مؤبّداً علی الأحوط لزوماً.

مسألة 225: لو تزّوج فی حال الإحرام ولکن کان باطلاً من غیر جهة الإحرام - کالزواج بأُخت الزوجة أو الخامسة - فهل یوجب التحریم أو لا؟ فیه إشکال فلا تترک مراعاة مقتضی الإحتیاط فی ذلک، نعم لو کان بطلانه لفقد بعض الأرکان بحیث لا یصدق علیه الزواج لم یوجب الحرمة.

مسألة 226: یجوز للمُحْرم الرجوع فی الطلاق فی العدّة الرجعیّة، وکذا یجوز له أن یوکّل مُحِلّاً فی أن یعقد له بعد إحلاله، بل وکذا أن یوکّل مُحْرِماً فی أن یعقد له بعد إحلالهما.

الأمر الثامن: اللعان وما بحکمه

مسألة 227: إذا تلاعن الزوجان أمام الحاکم الشرعیّ - بالشروط الآتیة فی کتاب اللعان انفصلا وحرمت المرأة علی الرجل مؤبّداً.

ص: 96

مسألة 228: إذا قذف الزوج امرأته الخَرْساء بالزنی حرمت علیه مؤبّداً، وفی ثبوت التحریم فی قذف زوجته الصمّاء إشکال، فالأحوط لزوماً ترک الزواج منها.

الفصل السابع فی النکاح المنقطع

ویقال له: (المتعة) و(النکاح المؤجّل) أیضاً.

مسألة 229: النکاح المنقطع کالنکاح الدائم فی توقّفه علی عقد مشتمل علی إیجاب وقبول لفظیّین، فلا یکفی فی وقوعه مجرّد الرضا القلبیّ من الطرفین، کما لا تکفی - علی الأحوط وجوباً - الکتابة ولا الاشارة من غیر الأخْرس، والأحوط لزوماً أن یکون عقده باللغة العربیّة لمن یتمکّن منها، ویکفی غیرها من اللغات المفهمة لمعناه فی حقّ غیر المتمکّن منها وإن تمکّن من التوکیل.

مسألة 230: الفاظ الإیجاب فی هذا العقد ثلاثة: (متّعت) و(زوّجتُ) و(أنْکَحْتُ) فأیّها حصل وقع الإیجاب به، ولا ینعقد بغیرها کلفظ التملیک والهبة والإجارة.

ویتحقّق القبول بکلّ لفظ دالّ علی إنشاء الرضا بذلک الإیجاب کقوله: (قبلتُ المتعةَ أو التزویجَ أو النکاحَ)، ولو قال: (قبلتُ) أو (رضیتُ) واقتصر کفی.

ص: 97

ولو بدأ بالقبول کأن یقول الرجل: (أتزوّجُکِ فی المدّة المعلومة علی المهر المعلوم) فتقول المرأة: (نعم)، أو یقول الرجل: (قبلتُ التزوّج بکِ فی المدّة المعلومة علی الصداق المعلوم) فتقول المرأة: (زوّجتُکَ نفسی) صحّ.

مسألة 231: إذا باشر الزوجان العقد المنقطع وبعد تعیین المدّة والمهر قالت المرأة مخاطبة الرجل: (أنْکَحْتُکَ نفسی، أو أنْکَحْتُ نفسی منکَ أو لکَ، فی المدّة المعلومة علی الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ النکاح) صحّ العقد، وکذا إذا قالت المرأة: (زوّجتُکَ نفسی، أو زوّجتُ نفسی منکَ أو بکَ، فی المدّة المعلومة علی الصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ التزویج)، وهکذا إذا قالت المرأة: (متّعتُکَ نفسی إلی الأجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال الرجل: (قبلتُ المتعة).

ولو وکّلا غیرهما وکان اسم الرجل أحمد واسم المرأة فاطمة مثلاً فقال وکیل المرأة: (أنْکَحْتُ مُوَکِّلَکَ أحمد مُوَکِّلَتی فاطمة، أو أنْکَحْتُ مُوَکِّلَتی فاطمة مُوَکِّلَکَ، أو من مُوَکِّلِکَ، أو لمُوَکِّلِکَ أحمد، فی المدّة المعیّنة علی الصداق المعلوم) فقال وکیل الزوج: (قبلتُ النکاحَ لمُوَکِّلِی أحمد فی المدّة المعلومة علی الصداق المعلوم) صحّ العقد، وکذا لو قال وکیلها: (زوّجتُ مُوَکِّلَکَ أحمد مُوَکِّلَتی فاطمة، أو زوّجت مُوَکِّلَتی فاطمة مُوَکِّلَکَ، أو من مُوَکِّلِکَ، أو بمُوَکِّلِکَ أحمد، فی المدّة المعیّنة

ص: 98

علی الصداق المعلوم) فقال وکیله: (قبلتُ التزویجَ لمُوَکِّلِی أحمد فی المدّة المعیّنة علی الصداق المعلوم)، وهکذا لو قال وکیلها: (متّعتُ مُوَکِّلَکَ أحمد مُوَکِّلَتی فاطمة إلی الأجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال وکیل الزوج: (قبلتُ المتعةَ لمُوَکِّلِی أحمد إلی الأجل المعلوم بالصداق المعلوم).

ولو کان المباشر للعقد ولیّهما، فقال ولیّ المرأة: (أنْکَحْتُ ابنَکَ أو حَفیدَکَ أحمد ابنتی أو حفیدتی فاطمة، أو أنْکَحْتُ ابنتی أو حفیدتی فاطمة ابنَکَ أو حفیدَکَ، أو من ابنِکَ أو حفیدِکَ، أو لابنِکَ أو حفیدِک أحمد، فی المدّة المعلومة علی الصداق المعلوم)، أو قال ولیّ المرأة: (زوّجتُ ابنَکَ أو حفیدَکَ أحمد ابنتی أو حفیدتی فاطمة، أو زوّجتُ ابنتی أو حفیدتی فاطمة ابنکَ أو حفیدکَ، أو من ابنِکَ أو حفیدِکَ، أو بابنِکَ أو حفیدِکَ أحمد، فی المدّة المعلومة علی الصداق المعلوم)، أو قال ولیّ المرأة: (متّعتُ ابنکَ أو حفیدَکَ أحمد ابنتی أو حفیدتی فاطمة إلی الأجل المعلوم بالصداق المعلوم) فقال ولیّ الزوج: (قبلتُ النکاحَ أو التزویجَ أو المتعةَ لابنی أو لحفیدی أحمد فی المدّة المعلومة علی الصداق المعلوم) صحّ العقد.

وتعرف کیفیّة إیقاع العقد لو کان المباشر له فی أحد الطرفین أصیلاً وفی الآخر وکیلاً أو ولیّاً، أو فی أحد الطرفین ولیّاً وفی الآخر وکیلاً ممّا تقدّم فلا حاجة إلی التفصیل.

ص: 99

مسألة 232: کلّ من لا یجوز نکاحها دواماً - عیناً أو جمعاً، ذاتاً أو لعارضٍ - لا یجوز نکاحها متعة، حتّی بنت أخ الزوجة أو أُختها فلا یجوز التمتّع بهما من دون إذن الزوجة التی هی عمّتها أو خالتها، نعم لا بأس بالتمتّع بالنصرانیّة والیهودیّة وإن کان لا یجوز نکاحهما دواماً علی الأحوط لزوماً کما مرّ .

مسألة 233: یشترط فی النکاح المنقطع ذکر المهر، فلو عقد بلا ذکره فی العقد عمداً أو جهلاً أو نسیاناً أو غفلة أو لغیر ذلک بطل، وکذا لو جعل المهر ممّا لا یملکه المسلم کالخمر والخنزیر، وکذا لو جعله من مال الغیر مع عدم إذنه وردّه بعد العقد.

مسألة 234: یصحّ أن یجعل المهر عیناً خارجیّة وکلّیاً فی الذمّة، کما یصحّ أن یجعل منفعة أو عملاً محلّلاً صالحاً للعوضیّة، بل وحقّاً من الحقوق المالیّة القابلة للانتقال کحقّ التحجیر ونحوه.

مسألة 235: یعتبر أن یکون المهر معلوماً فلا تصحّ المتعة بالمهر المجهول، والأحوط وجوباً أن یکون معلوماً علی النحو المعتبر فی المعاوضات، بأن یکن معلوماً بالکیل فی المکیل وبالوزن فی الموزون وبالعدّ فی المعدود وبالمشاهدة فیما یعتبر بها.

مسألة 236: لا تقدیر للمهر شرعاً، بل یصحّ بما تراضیا علیه

ص: 100

قلّ أو کثر ولو کان کفّاً من طعام.

مسألة 237: تملک المتمتّع بها تمام المهر بالعقد، ولکن استقراره بتمامه مشروط بعدم إخلالها بالتمکین الواجب علیها بمقتضی العقد، فلو أخلّت به فی بعض المدّة کان للزوج أن یضع من المهر بنسبتها إن نصفاً فنصفاً وإن ثلثاً فثلثاً وهکذا، وأمّا أیّام حیضها ونحوها ممّا یحرم علیها التمکین بالوطء فیها وکذا ما یحرُم فیه الوطء علی الزوج دونها کحال إحرامه فلا ینقص بها شیء من المهر، وهل تلحق بها فی ذلک فترات عدم تمکینها لعذر یتعارف حصوله للمرأة خلال المدّة المعیّنة للعقد من مرض مُدْنِف أو سفر لازم أو غیرهما أم لا؟ الصحیح لحوقها بها وإن کان الأحوط استحباباً التصالح بالنسبة إلیها.

مسألة 238: المناط فی الإخلال عدم التمکین من الوطء قُبُلاً علی النحو المتعارف بما له من المقدّمات والمقارنات دون غیره من الاستمتاعات المتعارفة، فلو أخلّت بها مع التمکین من الوطء لم یسقط شیء من المهر، ولو امتنعت من سائر الاستمتاعات فی بعض المدّة مع عجز الزوج عن الاستمتاع بالوطء فیها ففی سقوط بعض المهر إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، هذا إذا لم تشترط علیه عدم الدخول بها وإلّا فالمناط هو الإخلال بغیره من الاستمتاعات مطلقاً.

ص: 101

مسألة 239: إذا خاف الزوج من تخلّف المتمتّع بها عن التمکین فی تمام المدّة جاز له تقسیط المهر ودفعه إلیها أقساطاً حسبما تمکّنه من نفسها.

مسألة 240: لو حُبس الزوج أو سافر أو مرض مثلاً أو مات أو ترکها اختیاراً حتّی مضت المدّة ولو بتمامها لم یسقط من المهر شیء وإن کان ذلک قبل الدخول، وکذا الحال لو ماتت هی فی أثناء المدّة علی الأحوط لزوماً.

مسألة 241: لو وهبها المدّة فإن کان قبل الدخول لزمه نصف المهر، وإن کان بعده لزمه الجمیع وإن مضت من المدّة ساعة وبقیت منها شهور أو أعوام، فلا یُقسَّط المهر علی ما مضی منها وما بقی.

مسألة 242: لو تبیّن فساد العقد - بأن ظهر لها زوج أو کانت أُخت زوجته أو أُمّها مثلاً - فلا مهر لها قبل الدخول، ولو قبضته کانت له استعادته، بل لو تلف کان علیها بدله، وکذا إن دخل بها وکانت عالمة بالفساد، وأمّا إن کانت جاهلة فلها أقلّ الأمرین من المهر المسمّی ومهر المثل متعة لا دواماً، فإن کان ما أخذت أزید منه استعاد الزائد.

مسألة 243: یشترط فی النکاح المنقطع ذکر الأجل، فلو لم یذکره عمداً أو نسیاناً أو غفلة أو حیاءً أو لغیر ذلک بطل متعة بل مطلقاً.

ص: 102

مسألة 244: لا تقدیر للأجل شرعاً بل هو إلیهما یتراضیان علی ما أرادا طال أو قصر، نعم لا یجوز جعله أزید من محتمل عمر أحد الزوجین أو کلیهما وإلّا بطل العقد، کما یشکل جعله أقلّ من مدّة تَسَعُ شیئاً من الاستمتاع بالنسبة إلیهما، ومن هنا یشکل صحّة العقد علی الصغیر أو الصغیرة - لغرض المحرمیّة ونحوه - مع عدم قابلیّة المدّة المعیّنة للاستمتاع فیها بوجه، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 245: لا بُدَّ فی الأجل أن یکون معیّناً بالزمان بنحو لا یحتمل الزیادة ولا النقصان، فلو کان مقدّراً بالمرّة والمرّتین من دون التقدیر بالزمان، أو کان مجهولاً کشهر من السنة أو یومٍ من الشهر، أو کان مردّداً بین الأقلّ والأکثر کشهر أو شهرین أو قدوم الحاجّ أو إدراک الثمرة بطل العقد، نعم لا بأس بما یکون مضبوطاً فی نفسه وإن توقّف تشخیصه علی الفحص.

مسألة 246: لا بأس بجعل المدّة شهراً هلالیّاً مع تردّده بین الثلاثین والتسعة والعشرین، کما لا بأس بجعل الأجل إلی آخر الشهر أو الیوم مع عدم معرفة ما بقی منهما.

مسألة 247: إذا قالت: (زوّجتُکَ نفسی شهراً، أو إلی شهر ) مثلاً وأطلقت اقتضی الاتّصال بالعقد، ولا یجوز علی الأحوط لزوماً أن تُجعل المدّة منفصلة عنه بأن تعیّن المدّة شهراً مثلاً

ص: 103

وتجعل مبدأه بعد أسبوع من حین وقوع العقد، نعم لا مانع من اشتراط تأخیر الاستمتاع مع کون التزویج من حال العقد.

مسألة 248: لو جعل مدّة معیّنة ثُمَّ شکّ فی انتهائها جاز البناء علی عدم بلوغ أجلها إلی أن یتیقّن.

مسألة 249: لا یصحّ تجدید العقد علیها دائماً ومنقطعاً قبل انقضاء الأجل أو بذل المدّة، فلو کانت المدّة شهراً وأراد أن تکون شهرین لا بُدَّ أن یهبها المدّة ثُمَّ یعقد علیها ویجعل المدّة شهرین، ولا یجوز أن یعقد علیها عقداً آخر ویجعل المدّة شهراً بعد الشهر الأوّل حتّی یصیر المجموع شهرین.

مسألة 250: یجوز لکلٍّ من الرجل والمرأة أن یشترط - فی متن العقد - علی الآخر الإتیان لیلاً أو نهاراً أو المرّة أو المرّات فی تمام المدّة أو فی زمان معیّن، أو ترک بعض الاستمتاعات حتّی الدخول، وغیر ذلک من الشرائط السائغة غیر المنافیة لمقتضی العقد، فیجب علی المشروط علیه الوفاء بالشرط ما لم یسقطه المشروط له، فلو اشترطت المرأة علی الرجل أن لا یدخل بها لم یجز له الدخول، ویجوز له ما سوی ذلک من الاستمتاعات ولکن لو رضیت الزوجة بعد ذلک بمقاربتها جازت له.

مسألة 251: یجوز العزل للمتمتّع من دون إذن المتمتّع بها، ولکن یلحق به الولد لو حملت وإن عزل لاحتمال سبق المنیّ

ص: 104

من غیر تنبّه، ویلحق بالوطء الإنزال فی فم الفرج، ولا یجوز للزوج نفی الولد مع احتمال تولّده منه، ولو نفاه جزماً انتفی ظاهراً - بلا لعان - مع احتمال صدقه إلّا إذا کان قد أقرّ به سابقاً.

مسألة 252: لا طلاق فی المتعة وإنّما تبین المرأة بانقضاء المدّة أو إبرائها، ولا رجعة للزوج فی عدّتها.

مسألة 253: یجوز لولیّ الصغیر إبراء مدّة زوجته إذا کانت فیه مصلحة للصبیّ وإن کانت المدّة تزید علی زمن صَباه، کما إذا کان عمر الصبیّ أربع عشرة سنة وکانت مدّة المتعة سنتین مثلاً.

مسألة 254: إذا أبرأها المدّة معلّقاً علی شیء - کأن لا تتزوّج من فلان مثلاً أو مطلقاً - بطل الإبراء.

ولو أبرأها بشرط أن لا تتزوّج فلاناً - مثلاً - صحّ الإبراء وبطل الشرط.

ولو صالحها علی أن یبرئها المدّة أو تکون بریئة منها - علی نحو شرط النتیجة - ولا تتزوّج بفلان صحّ الصلح ووجب علیه الإبراء فی الصورة الأُولی وحرم علیها الزواج فی الصورتین، فلو خالف ولم یبرئها جاز لها إجباره علیه ولو بالتوسّل بالحاکم الشرعیّ، ولو خالفت فتزوّجت به صحّ التزویج وإن کانت آثمة.

ولو کانت المصالحة علی أن تتزوّج بفلان وجب علیها ذلک

ص: 105

مع الإمکان، فإن امتنعت جاز له إجبارها علیه ولو بالتوسّل بالحاکم الشرعیّ.

مسألة 255: لا یثبت بالنکاح المنقطع توارث بین الزوجین، ولو شرطا التوارث أو توریث أحدهما ففی نفوذ الشرط إشکال، فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 256: لا تجب نفقة الزوجة المتمتّع بها علی زوجها وإن حملت منه، ولا تستحقّ من زوجها المبیت عندها إلّا إذا اشترطت ذلک فی عقد المتعة أو فی ضمن عقد آخر لازم.

مسألة 257: یصحّ العقد المنقطع ولو مع جهل الزوجة بعدم استحقاقها النفقة والمبیت، ولا یثبت لها حقّ علی الزوج من جهة جهلها، ویحرم علیها الخروج بغیر إذن زوجها إذا کان خروجها منافیاً لحقّه لا مع عدم المنافاة، وإن کان الأحوط استحباباً الترک معه أیضاً.

مسألة 258: إذا تنازع الزوجان فی الدوام والانقطاع فقد یکون أحدهما مدّعیاً والآخر منکراً، کما إذا ادّعت الزوجة دوام العقد وطالبت بالنفقة وادّعی الزوج الانقطاع وأنکر استحقاقها للنفقة، أو ادّعی الزوج الانقطاع مطالباً إیّاها بردّ بعض المهر لإخلالها بالتمکین فی بعض المدة وادّعت هی الدوام منکرة استحقاقه لذلک مع اعترافها بالإخلال بالتمکین، والمدّعی فی المثال الأوّل هی الزوجة، وفی المثال الثانی هو الزوج، إلّا إذا کان قولها أو قوله موافقاً لظاهر الحال فیکون الأمر بالعکس.

ص: 106

وقد یندرج النزاع المذکور فی باب التداعی کما إذا اجتمعت الدعویان المذکورتان فادّعی الزوج الانقطاع مطالباً الزوجة بردّ بعض المهر للإخلال بالتمکین فی بعض المدّة وادّعت هی الدوام مطالبة إیّاه بالنفقة، فإنّه إذا لم یکن هناک ظاهر یوافق قول أحدهما یکون النزاع من باب التداعی ویجری علیه حکمه.

مسألة 259: إذا انقضت مدّة المتعة أو وهبها مدّتها قبل الدخول فلا عدّة علیها، وإن کان بعده ولم تکن صغیرة ولا یائسة فعلیها العدّة وعدّتها حیضتان کاملتان، ولا تکفی فیها حیضة واحدة علی الأحوط وجوباً، وإن کانت لا تحیض لمرض ونحوه وهی فی سنّ من تحیض فعدّتها خمسة وأربعون یوماً، ولو حلّ الأجل أو وهبها المدّة فی أثناء الحیض لم تحسب تلک الحیضة من العدّة بل لا بُدَّ من حیضتین تامّتین بعد ذلک علی ما مرّ ، هذا فیما إذا کانت المرأة حائلاً.

وأمّا لو کانت حاملاً فعدّتها أن تضع حملها، وإن کان الأحوط استحباباً أن تعتدّ بأبعد الأجلین من وضع حملها ومن انقضاء حیضتین أو مضیّ خمسة وأربعین یوماً.

وأمّا عدّة المتمتّع بها من الوفاة فهی أربعة أشهر وعشرة أیّام إن کانت حائلاً، وأبعد الأجلین منها ومن وضع حملها إن کانت حاملاً کالدائمة.

مسألة 260: یستحبّ أن تکون المتمتّع بها مؤمنة عفیفة، والأحوط لزوماً أن یسأل عن حالها قبل الزواج من أنّها ذات بعل

ص: 107

أو ذات عدّة إذا کانت متّهمة، وأمّا بعد الزواج فلا ینبغی السؤال وإن بلغه ما یوجب اتّهامها ولکن لو سأل وظهر الخلاف ترتّب علیه حکمه.

مسألة 261: یجوز التمتّع بالزانیة علی کراهة، نعم إذا کانت مشهورة بالزنا تشکل صحّة التمتّع بها إلّا بعد توبتها، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

ص: 108

الفصل الثامن فی خیار العیب والتدلیس

مسألة 262: یثبت للزوج خیار العیب إذا علم بعد العقد بوجود أحد العیوب الستّة التالیة فی زوجته:

1. الجنون - ولو کان أدواریّاً - وهو اختلال العقل، ولیس منه الإغماء ومرض الصرع الموجب لعروض الحالة المعهودة فی بعض الأوقات.

2. الجُذام.

3. البَرَص.

4. العمی، وهو ذهاب البصر عن العینین وإن کانتا مفتوحتین، ولا اعتبار بالْعَوَر، ولا بالعَشا وهی علّة فی العین توجب عدم البصر فی اللیل فقط، ولا بالْعَمَش وهو ضعف الرؤیة مع سیلان الدمع فی غالب الاوقات.

5. العَرَج، وإن لم یبلغ حدّ الإقعاد والزَّمانة.

6. العَفَل، وهو لحم أو عظم ینبت فی القُبُل سواء منع من الوطء أو الحمل أم لا، ویلحق به التحام المهبل إذا کان مانعاً عن الوطء.

مسألة 263: فی ثبوت خیار العیب للزوج فیما لو علم بکون زوجته مُفضاة حین العقد إشکال، فلو فسخ فالأحوط لزوماً لهما

ص: 109

عدم ترتیب أثر الزوجیّة أو الفرقة إلّا بعد تجدید العقد أو الطلاق.

مسألة 264: إنّما یفسخ العقد بعیوب المرأة إذا تبیّن وجودها قبل العقد، وأمّا ما یتجدّد بعده فلا اعتبار به سواء أکان قبل الوطء أو بعده.

مسألة 265: یثبت خیار العیب للزوجة فیما إذا کان فی الزوج أحد العیبین التالیین:

1. الجَبّ، وهو قطع الذکر بحیث لم یبقَ منه ما یمکنه الوطء به.

2. العَنَن، وهو المرض المانع من انتشار العضو بحیث لا یقدر معه علی الإیلاج.

مسألة 266: یثبت الخیار للزوجة فی الجبّ سواء أکان سابقاً علی العقد أم کان حادثاً بعده أو بعد العقد والوطء معاً.

مسألة 267: إنّما یثبت الخیار للزوجة فی العنن المطلق أی فیما إذا کان الزوج عاجزاً عن وطئها وعن وطء غیرها من النساء، وأمّا لو لم یقدر علی وطئها وقدر علی وطء غیرها فلا خیار لها، ولا فرق فی ثبوت الخیار به بین السابق علی العقد والمتجدّد بعده قبل الوطء، وأمّا المتجدّد بعد الوطء مرّة - مثلاً - فالصحیح ثبوت الخیار لها بسببه أیضاً وإن کان لا ینبغی ترک الاحتیاط بالطلاق لو اختارت الفسخ.

ص: 110

مسألة 268: ذکر جمع من الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ثبوت خیار العیب للزوجة فیما إذا کان فی الزوج أحد العیوب التالیة:

1. الجنون، سواء أکان سابقاً علی العقد أم حادثاً بعده أو بعد العقد والوطء.

2. الخِصاء، وهو إخراج الأُنثیین.

3. الوِجاء، وهو رضّ الأُنثیین بحیث یبطل أثرهما.

4. الجذام.

5. البرص.

6. العمی.

وقالوا: إنّ هذه الخمسة الأخیرة لا یثبت الخیار بها فی المتجدّد بعد العقد.

ولکن أصل ثبوت الخیار للزوجة فی هذه العیوب محلّ إشکال،ولو فسخت فالأحوط لزوماً لهما عدم ترتیب أثر الزوجیّة أو الفُرقة إلّا بعد تجدید العقد أو الطلاق.

مسألة 269: لیس العقم من العیوب الموجبة للخیار لا من طرف الرجل ولا من طرف المرأة.

مسألة 270: الخیار من جهة العیب فی الرجل أو المرأة یثبت فی النکاح الدائم والمنقطع.

مسألة 271: تعتبر الفوریّة العرفیّة فی الأخذ بهذا الخیار

ص: 111

فی عیوب کلّ من الرجل والمرأة، بمعنی عدم التأخیر فی إعماله أزید من المتعارف، فلو أخّره لانتظار حضور من یستشیره فی الفسخ وعدمه أو لغیر ذلک فإن لم یکن بحدّ یعدّ عرفاً توانیاً فی إعمال الخیار لم یسقط وإلّا سقط، والعبرة بالفوریّة من زمن العلم بثبوت العیب وثبوت الخیار بسببه، فلو کان جاهلاً بالعیب أو بثبوت الخیار له أو غافلاً عنه أو ناسیاً جاز له الفسخ متی علم أو التفت مع مراعاة الفوریّة العرفیّة.

مسألة 272: یثبت کلّ من العیوب المذکورة بإقرار صاحبه وبالبیّنة علی إقراره، کما یثبت بشهادة رجلین عادلین حتّی فی العنن، وتثبت العیوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات کما فی نظائرها.

مسألة 273: إذا اختلفا فی ثبوت العیب وعدمه، فإن کان للمدّعی بیّنة حُکم له وإلّا فله طلب توجیه الیمین إلی المنکر، فإن حلف المنکر حکم له، وإن نکل عن الحلف ولم یردّه علی المدّعی جاز للحاکم أن یحکم علیه، کما أنّ للحاکم الولایة علی ردّ الحلف علی المدّعی استظهاراً، وإن ردّ المنکر أو الحاکم الیمین علی المدّعی فحلف حکم له، وإن نکل حکم علیه کما هو الحال فی سائر الدعاوی والمنازعات.

مسألة 274: إذا ثبت عنن الرجل بأحد الطرق المتقدّمة، فإن رضیت المرأة بالصبر معه فهو، وإلّا جاز لها رفع أمرها إلی

ص: 112

الحاکم الشرعیّ لاستخلاص نفسها منه، فیؤجّله سنة کاملة من حین المرافعة، وبحکم التأجیل امتناعه من الحضور لدی الحاکم، فإن وطئها أو وطئ غیرها فی أثناء هذه المدّة فلا فسخ، وإلّا کان لها الفسخ فوراً حسبما تقدّم، فلو لم تفسخ فوراً سقط خیارها، وکذا اذا رضیت أن تقیم معه ثُمَّ طلبت الفسخ بعد ذلک فإنّه لیس لها ذلک.

مسألة 275: یجوز للرجل الفسخ بعیب المرأة من دون إذن الحاکم الشرعیّ، وکذا المرأة بعیب الرجل، نعم مع ثبوت العنن إذا لم ترضَ المرأة بالصبر معه لزمها الرجوع إلی الحاکم، لکن من جهة ضرب الأجل حیث أنّه من وظائفه لا من جهة نفوذ فسخها، فإذا ضرب الأجل کان لها التفرّد بالفسخ عند انقضاء المدّة وتعذّر الوطء من دون مراجعة الحاکم.

مسألة 276: إذا علم بشهادة أهل الخبرة کالأطبّاء الأخصّائیّین أنّ الزوج لا یقدر علی الوطء أبداً یحقّ للمرأة فسخ العقد من دون الانتظار إلی تمام السنة.

مسألة 277: الفسخ بالعیب لیس بطلاق سواء وقع من الزوج أو الزوجة، فلا تشمله أحکامه ولا تترتّب علیه لوازمه ولا یعتبر فیه شروطه، فلا یحسب من الثلاثة المحرّمة المحتاجة إلی المحلّل ولا یعتبر فیه الخلوّ من الحیض والنفاس ولا حضور العدلین.

ص: 113

مسألة 278: إذا فسخت المرأة بعیب الرجل استحقّت تمام المهر إن کان بعد الدخول، وإن کان قبله لم تستحقّ شیئاً إلّا فی العنن فإنّها تستحقّ علیه فیه نصف المهر .

وإذا فسخ الرجل بأحد عیوب المرأة فإن کان الفسخ بعد الدخول استحقّت المرأة تمام المهر وعلیها العدّة إلّا إذا کانت صغیرة أو یائسة کما فی الطلاق، وإن کان الفسخ قبله لم تستحقّ شیئاً ولا عدّة علیها.

هذا إذا لم یکن تدلیس، وأمّا مع التدلیس وتبیّن الحال للرجل بعد الدخول، فإن کان المدلِّس نفس المرأة واختار الفسخ لم تستحقّ المهر، وإن کان دفعه إلیها جاز له استعادته، وإن اختار البقاء فعلیه تمام المهر لها کما مرّ، وإن کان المدلِّس غیر الزوجة فالمهر المسمّی یستقرّ علی الزوج بالدخول ولکن یحقّ له بعد دفعه إلیها أن یرجع به علی المدلِّس.

مسألة 279: یتحقّق التدلیس بتوصیف المرأة للرجل عند إرادة التزویج بالسلامة من العیب مع العلم به بحیث صار ذلک سبباً لغروره وخداعه، فلا یتحقّق بالإخبار لا للتزویج أو لغیر الزوج، والظاهر تحقّقه أیضاً بالسکوت عن بیان العیب مع العلم به وإقدام الزوج بارتکاز السلامة منه.

مسألة 280: من یکون تدلیسه موجباً للرجوع علیه بالمهر هو الذی یسند إلیه التزویج، من ولیّها الشرعیّ أو العرفیّ کأبیها

ص: 114

وجدّها وأُمّها وأخیها الکبیر وعمّها وخالها ممّن لا تصدر إلّا عن رأیهم ویتصدّون لتزویجها وترجع إلیهم فیه فی العرف والعادة، ومثلهم بعض الأجانب ممّن له شدّة علاقة وارتباط بها بحیث لا تصدر إلّا عن رأیه ویکون هو المرجع فی أُمورها المهمّة ویرکن إلیه فیما یتعلّق بها، بل یلحق بمن ذکر الأجنبیّ الذی یراود عند الطرفین ویسعی فی إیجاد وسائل الائتلاف فی البین ویتولّی بیان الجهات ذات العلاقة بهذا الأمر .

مسألة 281: یثبت فی النکاح خیار التدلیس - فی غیر العیوب التی مرّ أنّه یثبت بسببها خیار العیب - عند التستّر علی عیب فی أحد الزوجین، سواء أکان نقصاً عن الخلقة الأصلیّة کالعور أو زیادة علیها کاللحیة للمرأة، أو عند الإیهام بوجود صفة کمال لا وجود لها کالشرف والنسب والجمال والبکارة ونحوها.

مسألة 282: یتحقّق التدلیس الموجب للخیار فیما إذا کان عدم العیب أو وجود صفة الکمال مذکوراً فی العقد بنحو الاشتراط أو التوصیف، ویلحق بهما توصیف الزوج أو الزوجة بصفة الکمال أو عدم العیب أو إراءته متّصفاً بأحدهما قبل العقد عند الخطبة والمقاولة ثُمَّ إیقاع العقد مبنیّاً علیه.

ولا یتحقّق بمجرّد سکوت الزوجة وولیّها مثلاً عن العیب مع اعتقاد الزوج عدم وجوده فی غیر العیوب الموجبة للخیار،

ص: 115

وأولی بذلک سکوتهما عن فقد صفة الکمال مع اعتقاد الزوج وجودها.

مسألة 283: إذا خطب امرأة وطلب زواجها علی أنّه من بنی فلان فتزوّجته علی ذلک بأحد الوجوه الثلاثة المتقدّمة فبان أنّه من غیرهم کان لها خیار التدلیس، فإن فسخت فلها المهر إذا کان بعد الدخول وإن کان قبله فلا شیء لها.

مسألة 284: إذا تزوّج امرأة علی أنّها بکر بأحد الوجوه المتقدّمة فبانت ثیّباً قبل العقد - بإقرارها أو بالبیّنة - کان له خیار التدلیس، ولو تزوّجها باعتقاد البکارة ولم یکن اشتراط ولا توصیف ولا إیقاع للعقد مبنیّاً علی ثبوتها فبان خلافها لم یکن له الفسخ وإن ثبت زوالها قبل العقد.

مسألة 285: إذا تزوّجها علی أنّها بکر فبانت ثیّباً ففسخ حیث یکون له الفسخ، فإن کان قبل الدخول فلا مهر، وإن کان بعده استقرّ المهر ورجع به علی المدلِّس، وإن کانت هی المدلِّس لم تستحقّ شیئاً، واذا اختار البقاء أو لم یکن له الفسخ - کما فی صورة اعتقاد البکارة من دون اشتراط أو توصیف أو بناء - کان له أن ینقص من مهرها بنسبة ما به التفاوت بین مهر مثلها بکراً وثیّباً، فإذا کان المهر المسمّی مائة دینار وکان مهر مثلها بکراً ثمانین دیناراً وثیّباً ستّین دیناراً ینقص من المائة ربعها وهو خمسة وعشرون دیناراً، ولا یثبت الأرش فی غیر

ص: 116

ذلک من العیوب.

الفصل التاسع فی المهر

ویسمّی الصداق أیضاً، وهو ما تستحقّه المرأة بجعله فی العقد، أو بتعیینه بعده، أو بسبب الوطء أو ما هو بحکمه علی ما سیأتی تفصیله.

مسألة 286: کلّ ما یمکن أن یملکه المسلم یصحّ أن یجعله مهراً بشرط أن یکون متموّلاً عرفاً علی الأحوط لزوماً، عیناً کان أو دیناً، أو منفعة لعین مملوکة من دار أو عقار أو حیوان أو نحوها، ویصحّ جعله منفعة الحرّ حتّی عمل الزوج نفسه کتعلیم صنعة أو سورة ونحوه من کلّ عمل محلّل، بل یصحّ جعله حقّاً مالیّاً قابلاً للنقل والانتقال کحقّ التحجیر ونحوه.

مسألة 287: لا تقدیر للمهر فی جانب القلّة، فیصحّ ما تراضی علیه الزوجان وإن قلّ ما لم یخرج بسبب القلّة عن المالیّة - علی ما مرّ - کحبّة من الحنطة، وکذا لا تقدیر له فی جانب الکثرة، نعم یستحبّ أن لا یتجاوز به مهر السنّة وهو خمسمائة درهم، فلو أراد التجاوز جعل المهر مهر السنة وبذل الزیادة.

مسألة 288: لا بُدَّ من تعیین المهر بما یخرج عن الإبهام

ص: 117

والتردید، فلو أمهرها أحد الشیئین مردّداً أو خیاطة أحد ثوبین کذلک بطل المهر دون العقد، وکان لها مع الدخول مهر المثل إلّا أن یزید علی أقلّهما قیمة فیتصالحان فی مقدار التفاوت، ولا یعتبر أن یکون المهر معلوماً علی النحو المعتبر فی البیع وشبهه من المعاوضات، فیکفی مشاهدة عین حاضرة وإن جهل کیلها أو وزنها أو عدّها أو ذرعها کصُبرة من الطعام وقطعة من الذهب وطاقة مشاهدة من القماش وصبرة حاضرة من الجوز وأمثال ذلک.

مسألة 289: لو جعل المهر خادماً أو بیتاً أو داراً من غیر تعیین صحّ وینصرف إلی الصنف المتعارف بلحاظ حال الزوجین، ومع الاختلاف بین أفراده فی القیمة یعطیها الفرد الوسط علی الأحوط وجوباً، ویجری هذا الحکم فی غیر الثلاثة المذکورات من أنواع الأموال أیضاً.

مسألة 290: لو تزوّج الذمّیّان علی خمر أو خنزیر صحّ العقد والمهر، فلو أسلما قبل القبض فللزوجة قیمته عند مستحلّیه، وإن أسلم أحدهما قبله تلزم القیمة أیضاً.

ولو تزوّج المسلم علیٰ أحدهما صحّ العقد وبطل المهر ولها بالدخول مهر المثل إلّا أن یکون المهر المسمّی أقلّ قیمة منه فیتصالحان فی مقدار التفاوت.

مسألة 291: إذا أصدقها ما فی ظرف معیّن علی أنّه خلّ

ص: 118

فبان خمراً بطل المهر فیه قطعاً، وهل تستحقّ علیه مثله خلّاً أو یثبت علیه مهر مثلها بالدخول؟ وجهان، والصحیح هو الوجه الأوّل.

ولو جعل المهر مال الغیر أو شیئاً باعتقاد کونه ماله فبان خلافه بطل المهر فیه أیضاً، وهل تستحقّ علیه مهر مثلها بالدخول أو بدله من المثل أو القیمة؟ وجهان، والصحیح هو الوجه الثانی.

مسألة 292: ذکر المهر لیس شرطاً فی صحّة العقد الدائم، فلو عقد علیها ولم یذکر مهراً أصلاً - بأن قالت الزوجة للزوج مثلاً: (زوّجتُکَ نفسی)، أو قال وکیلها: (زوّجتُ مُوَکِّلَتی فلانة)، فقال الزوج: (قبلت) صحّ العقد، بل لو صرّحت بعدم المهر بأن قالت: (زوّجتُکَ نفسی بلا مهر)، فقال: (قبلتُ) صحّ، ویقال لهذا - أی لإیقاع العقد بلا مهر - : (تفویض البضع) وللمرأة التی لم یذکر فی عقدها مهر (مُفوِّضَة البُضْع).

مسألة 293: إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن یتراضیا بعد العقد علی شیء، سواء أکان بقدر مهر المثل أو أقلّ منه أو أکثر، ویتعیّن ذلک مهراً ویکون کالمذکور فی العقد.

مسألة 294: إذا وقع العقد بلا مهر ولم یتّفقا علی تعیینه بعده لم تستحقّ المرأة قبل الدخول شیئاً إلّا إذا طلّقها حینئذٍ فتستحقّ علیه أن یعطیها شیئاً بحسب حاله من الغنی والفقر والیسار والإعسار، ویقال لذلک الشیء: (المتعة)، ولو انفصلا

ص: 119

قبل الدخول بأمرٍ غیر الطلاق لم تستحقّ شیئاً لا مهراً ولا متعة، وکذا لو مات أحدهما قبله، وأمّا لو دخل بها استحقّت علیه بسبب الدخول مهر أمثالها.

مسألة 295: المعتبر فی مهر المثل فی کلّ مورد یحکم بثبوته ملاحظة حال المرأة وصفاتها من السنّ والبکارة والنجابة والعفّة والعقل والأدب والشرف والجمال والکمال وأضدادها، بل یلاحظ کلّ ما له دخل فی العرف والعادة فی ارتفاع المهر ونقصانه، فتلاحظ أقاربها وعشیرتها وبلدها وغیر ذلک من خصوصیّاتها التی یختلف مقدار المهر باختلافها، کما تلاحظ حال الزوج فی ذلک أیضاً.

مسألة 296: یجوز أن یذکر المهر فی العقد فی الجملة ویفوّض تقدیره وتعیینه إلی أحد الزوجین بأن تقول الزوجة مثلاً: (زوّجتُکَ نفسی علی ما تحکم، أو أحکم من المهر) فیقول الرجل: (قبلتُ)، فإن کان الحاکم الذی فوّض إلیه تقدیر المهر فی العقد هو الزوج جاز له أن یحکم بما یشاء ولم یتقدّر بقدر لا فی طرف الکثرة ولا فی طرف القلّة مادام متموّلاً.

نعم إذا کان التفویض منصرفاً ولو بحسب الارتکاز عن حدّ معیّن وما دونه لم یجز تعیینه فیه، وإن کان الحکم إلی الزوجة جاز لها تقدیره فی طرف القلّة بما شاءت وأمّا فی طرف الکثرة فلا یمضی حکمها فیما زاد علی مهر السنّة - وهو خمسمائة درهم - علی الأحوط وجوباً.

ص: 120

مسألة 297: إذا مات الحاکم قبل الحُکم وتقدیر المهر وقبل الدخول فللزوجة المتعة وإن مات بعد الدخول فلها مهر المثل إن کان الحُکم إلی الزوج، وأمّا إن کان الحُکم إلی الزوجة فلا یبعد أن یکون الثابت هو مهر السنّة.

مسألة 298: إذا جعل مهر امرأة نکاح امرأة أُخری ومهر الأُخری نکاح المرأة الآُولی بطل النکاحان، وهذا ما یسمّی ب- (نکاح الشِّغار) وهو أن تتزوّج امرأتان برجلین علی أن یکون مهر کلّ واحدة منهما نکاح الأُخری ولا یکون بینهما مهر غیر النکاحین، مثل أن یقول أحد الرجلین للآخر : (زوّجتُکَ بنتی، أو أُختی، علی أن تزوّجَنِی بنتَکَ أو أُختَکَ، ویکون صداق کلٍّ منهما نکاح الأُخری) ویقول الآخر : (قبلتُ وزوّجتُکَ بنتی، أو أُختی، هکذا).

وأمّا لو زوّج إحداهما الآخر بمهر معلوم وشرط علیه أن یزوّجه الأُخری بمهر معلوم أیضاً صحّ العقدان مع توفّر سائر شروط الصحّة، مثل أن یقول: (زوّجتُکَ بنتی، أو أُختی علی صداق مائة دینار علی أن تُزوّجَنِی اُختَکَ، أو بنتَک، هکذا) ویقول الآخر : (قبلتُ وزوّجتُکَ بنتی، أو أُختی علی مائة دینار) بل وکذا لو شرط أن یزوّجه الأُخری ولم یذکر مهراً أصلاً مثل أن یقول: (زوّجتُکَ بنتی علی أن تُزوّجَنِی بنتک) فقال: (قبلتُ وزوّجتُک بنتی) فإنّه یصحّ العقدان مع توفّر سائر الشروط، لکن

ص: 121

حیث إنّه لم یذکر المهر تستحقّ کلّ منهما مهر المثل بالدخول کما تقدّم.

مسألة 299: إذا تزوّج امرأة علی مهر معیّن وکان من نیّته أن لا یدفعه إلیها صحّ العقد ووجب علیه دفع المهر .

مسألة 300: إذا أشرک أباها مثلاً فی المهر بأن جعل مقداراً من المهر لها ومقداراً منه لأبیها، أو جعل مهرها عشرین مثلاً علی أن تکون عشرة منها لأبیها، سقط ما سمّاه للأب فلا یستحقّ شیئاً.

ولو لم یشرکه فی المهر ولکن اشترط علیها أن تعطیه شیئاً من مهرها صحّ، وکذا لو جعل له شیئاً زائداً علی مهرها لشرطها علیه ذلک، وأمّا لو کان شرطاً ابتدائیّاً من الزوج له فلا یصحّ.

مسألة 301: ما تعارف فی بعض البلاد من أنّه یأخذ بعض أقارب البنت کأبیها أو أُمّها أو أُختها من الزوج شیئاً - وهو المسمّی فی لسان بعض ب- (شیر بها) - لیس جزءاً من المهر بل هو شیء آخر یؤخذ زائداً علی المهر، وحکمه أنّه إن کان إعطاؤه وأخذه بعنوان الجعالة بازاء عمل مباح - کما إذا أعطی شیئاً للأخ لأن یتوسّط فی البین ویرضی أُخته ویسعی فی رفع بعض الموانع - فلا إشکال فی جوازه وحلّیّته، بل فی استحقاق القریب له وعدم سلطنة الزوج علی استرجاعه بعد إعطائه، وإن لم یکن بعنوان الجعالة فإن کان إعطاء الزوج للقریب

ص: 122

بطیب نفس منه وإن کان لأجل جلب خاطره وإرضائه سواء أکان رضاه فی نفسه مقصوداً له أم لتوقّف رضا البنت علی رضاه جاز أخذه للقریب لکن یجوز للزوج استرجاعه مادام قائماً بعینه.

وأمّا مع عدم رضا الزوج وکون إعطائه من جهة استخلاص البنت حیث إنّ القریب مانع من تمشیة الأمر مع رضاها بالتزویج بما بذل لها من المهر فیحرم أخذه وأکله، ویجوز للزوج الرجوع فیه باقیاً کان أو تالفاً.

مسألة 302: یجوز أن یجعل المهر کلّه حالّاً - أی بلا أجل - ومؤجّلاً، وأن یجعل بعضه حالّاً وبعضه مؤجّلاً، ولا بُدَّ فی المؤجّل من تعیین الأجل ولو فی الجملة مثل ورود المسافر ووضع الحمل ونحو ذلک، ولو کان الأجل مبهماً بَحْتاً مثل زمانٍ ما أو ورود مسافر ما صحّ العقد وصحّ المهر أیضاً ولَغِیَ التأجیل.

مسألة 303: یجب علی الزوج تسلیم المهر، وهو مضمون علیه حتّی یسلّمه، فلو تلف قبل تسلیمه - ولو من دون تعدٍّ ولا تفریط - کان ضامناً لمثله فی المثلیّ ولقیمته فی القیمیّ، نعم لو کان التلف بفعل أجنبیّ تخیّرت بین الرجوع علیه والرجوع علی الزوج، وإن کان لو رجعت علی الزوج جاز له الرجوع به علی الأجنبیّ.

ص: 123

مسألة 304: إذا أصدقها شیئاً معیّناً فوجدت به عیباً فإن رضیت به فهو وإلّا کان لها ردّه بالعیب والمطالبة ببدله من المثل أو القیمة، ولیس لها إمساکه بالأرش، کما لیس لها الرجوع - مع الردّ والدخول - إلی مهر المثل.

مسألة 305: إذا حدث فی الصداق عیب قبل القبض فالأحوط وجوباً الصلح.

مسألة 306: إذا کان المهر حالّاً فللزوجة الامتناع من التمکین قبل قبضه سواء کان الزوج متمکّناً من الأداء أم لا، ولو مکّنته من نفسها فلیس لها الامتناع بعد ذلک لأجل أن تقبضه، وأمّا لو کان المهر کلّه أو بعضه مؤجّلاً - وقد أخذت بعضه الحال - فلیس لها الامتناع من التمکین وإن حلّ الأجل ولم تقبض المهر بعد.

مسألة 307: إنّما یسقط حقّ امتناعها عن التمکین فیما إذا وطئها بتمکینه من نفسها اختیاراً، فلو وطئها جبراً أو فی حال النوم ونحوه أو کان تمکینها عن إکراه من جانب الزوج أوغیره لم یسقط حقّها فی ذلک.

مسألة 308: المرأة تملک المهر المسمّی بالعقد، فلها التصرّف فیه بهبة أو معاوضة أو غیرهما ولو قبل القبض، نعم لا تستقرّ ملکیّتها لتمامه إلّا بالدخول - قُبُلاً أو دُبُراً - قیل: وفی حکم الدخول إزالة الزوج بکارتها بإصبعه من دون رضاها ولکنّه

ص: 124

محلّ إشکال، فالأحوط وجوباً التصالح، وکذلک فیما إذا ألزمها بمراجعة الطبیبة لإزالتها لعدم تمکّنه من الوطء بدون ذلک.

مسألة 309: إذا طلّق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمّی وبقی نصفه، فإن کان دیناً علیه ولم یکن قد دفعه برئت ذمّته من نصفه، وإن کان عیناً صارت مشترکة بینه وبینها، ولو کان دفعه إلیها استعاد نصفه إن کان باقیاً، وإن کان تالفاً استعاد نصف مثله إن کان مثلیّاً ونصف قیمته إن کان قیمیّاً، وفی حکم التلف نقله إلی الغیر بناقل لازم، وأمّا لو کان انتقاله منها إلی الغیر بناقل جائز - کالبیع بخیار - تخیّرت: بین الرجوع ودفع نصف العین، وبین دفع بدل النصف، وإن کان الأحوط استحباباً هو الأوّل فیما إذا أراد الزوج عین ماله.

مسألة 310: إذا مات أحد الزوجین قبل الدخول فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) استحقاق المرأة تمام المهر، ولکن الصحیح أنّ الموت کالطلاق یکون سبباً لتنصیف المهر خصوصاً فی موت المرأة، وإن کان الأحوط استحباباً التصالح خصوصاً فی موت الرجل.

مسألة 311: إذا حصل للصداق نماء - متّصل کسِمَنِ الدابّة وکِبَرِ الشجرة - ثُمَّ طلّقها قبل الدخول کان له نصف مثله أو نصف قیمته وقت تعیینه مهراً، وأمّا لو حصل له نماء منفصل - کالنِّتاج واللبن - کان جمیعه للزوجة ولا یردّ شیء منه إلی

ص: 125

الزوج، ولو أصدقها حیواناً حاملاً علی وجه یدخل الحمل فی الصداق کان له النصف منهما وإن ولدته عندها.

مسألة 312: إذا أصدقها تعلیم صنعة ثُمَّ طلّقها قبل الدخول کان لها نصف أجرة تعلیمها، ولو کان قد علّمها قبل الطلاق رجع علیها بنصف الأجرة.

مسألة 313: لو أبرأته من الصداق ثُمَّ طلّقها قبل الدخول رجع علیها بنصفه، ولو کان عیناً ووهبتها له رجع علیها بنصف مثلها فی المثلیّ وبنصف قیمتها فی القیمیّ.

مسألة 314: إذا أعطاها عوضاً عن المهر ثُمَّ طلّقها قبل الدخول رجع بنصف المهر لا بنصف العوض.

مسألة 315: لو کان المهر دیناً وأبرأته من نصفه ثُمَّ طلّقها قبل الدخول کان له الباقی ولم یرجع أحدهما علی الآخر بشیءٍ، ولو کان عیناً ووهبته نصفها مشاعاً أو معیّناً کان الباقی بینهما ویرجع علیها بنصف مثل الموهوب أو نصف قیمته.

مسألة 316: إذا تبرّع بالمهر غیر الزوج فطلّقها قبل الدخول ففی عود النصف إلی المتبرّع أو إلی الزوج إشکال فالأحوط وجوباً التصالح بینهما.

مسألة 317: إذا طلّقها قبل الدخول فقد تقدّم أنّه یبقی لها نصف المهر ویسقط النصف الآخر، ولکن هذا فیما إذا لم تعفُ عن النصف الباقی کلّاً أو بعضاً، وإلّا فیکون الساقط أکثر من النصف.

ص: 126

وکما یجوز للمرأة العفو یجوز ذلک لأبیها وجدّها من طرف الأب ولوکیلها الذی ولّته أمرها، لکن لا یجوز للأب والجدّ العفو عن الجمیع والأحوط وجوباً أن یراعیا مصلحتها فی أصل العفو ومقداره، وأمّا الوکیل فیتبع حدّ وکالته عنها فی ذلک.

مسألة 318: إذا کان المهر دیناً علی ذمّة الزوج یصحّ العفو عنه بإسقاطه عن ذمّته وإبرائه منه، ولا یصحّ هبته له إلّا إذا قصد بها الإسقاط فیکون إبراءً ولا یحتاج إلی القبول، وأمّا لو کان المهر عیناً فلا یصحّ العفو عنه إلّا بهبته وتملیکه إیّاه فیحتاج إلی القبول والقبض.

مسألة 319: إذا أزال غیر الزوج بکارة المرأة بإکراهها کان علیه مهر مثلها بکراً سواء أزالها بالوطء أم بغیره.

مسألة 320: إذا کان الوطء لشبهة بأن اشتبه الأمر علی المرأة - سواء أکان الواطیء عالماً بالحال أم لا - کان لها مهر المثل من غیر فرق بین أن یکون الوطء بعقد باطل أو لا بعقد، نعم إذا کان المهر المسمّی أقلّ من مهر المثل فالأحوط لزوماً التصالح فی ما به التفاوت بینهما، ولو کانت الموطوءة بالشبهة عالمة بالحال بأن کان الاشتباه من طرف الواطیء فقط فلا مهر لها.

مسألة 321: إذا زوّج الأب أو الجدّ صغیراً فإن لم یکن له مال حین العقد کان المهر علی من زوّجه، وإن کان له مال فإن ضمنه من زوّجه کان علیه أیضاً، وإن لم یضمنه کان فی مال

ص: 127

الطفل إذا لم یکن أزید من مهر المثل أو کانت مصلحة فی تزویجه بأکثر منه، وإلّا صحّ العقد وتوقّف ثبوت المهر المسمّی فی مال الطفل علی إجازته بعد البلوغ، فإن لم یجز ثبت علیه مهر المثل.

مسألة 322: إذا دفع الأب أو الجدّ المهر الذی کان علیه ثُمَّ بلغ الصغیر فطلّق قبل الدخول، ففی عود نصف المهر إلی الولد أو إلی الأب أو الجدّ وجهان، فالأحوط وجوباً التصالح بین الطرفین.

مسألة 323: إذا اختلف الزوجان بعدما طلّقها فی تحقّق الدخول وعدمه، فادّعت الزوجة تحقّقه وأنکر الزوج ذلک، فإن کان قولها موافقاً للظاهر - کما إذا عاشا معاً مدّة من دون وجود مانع شرعیّ أو غیره لأیّ منهما عن الدخول - فالقول قولها بیمینها، وإلّا کان القول قول الزوج بیمینه.

وله أن یدفع الیمین عن نفسه بإقامة البیّنة علی العدم إن کانت له بیّنة علیه - بناءً علی ما هو الصحیح من إغناء بیّنة المدّعی علیه عن یمینه - فتشهد البیّنة علی عدم التلاقی بینهما بعد العقد لسفر أو نحوه، أو تشهد علی بقاء بکارتها فیما إذا ادّعت الدخول قُبُلاً وفرض المنافاة بینه وبین بقائها کما هو الغالب.

مسألة 324: إذا اختلف الزوجان فی أصل المهر فادّعته

ص: 128

الزوجة وأنکره الزوج، فإن کان ذلک قبل الدخول ولم یکن لها بیّنة فالقول قوله بیمینه، وکذا إذا کان بعد الدخول وادّعت علیه أزید من مهر المثل، وأمّا إذا ادّعت علیه مهر المثل أو ما هو أقلّ منه فالقول قولها بیمینها، إلّا أن یقیم الزوح البیّنة علی أدائه إلیها أو عفوها عنه أو تکفّل الغیر به ونحو ذلک فإن أقام البیّنة حکم له وإلّا فله علیها الیمین، فإن حلفت حکم لها، وإن نکلت عن الحلف ولم تردّه علی المدّعی جاز للحاکم أن یحکم علیها، کما أنّ له أن یردّ الحلف علی المدّعی استظهاراً، فإن ردّت الزوجة الیمین علی الزوج أو ردّها الحاکم علیه فحلف حکم له، وإن نکل حکم علیه.

مسألة 325: إذا توافقا علی أصل المهر واختلفا فی مقداره کان القول قول الزوج بیمینه إلّا إذا أثبتت الزوجة دعواها بالموازین الشرعیّة، وکذا إذا ادّعت کون عین من الأعیان - کدار أو بستان - مهراً لها وأنکر الزوج فإنّ القول قوله بیمینه وعلیها البیّنة.

مسألة 326: إذا اختلفا فی التعجیل والتأجیل، فقالت المرأة: إنّه حالّ معجّل، وقال الزوج: إنّه مؤجّل، ولم تکن بیّنة کان القول قولها بیمینها، وکذا لو اختلفا فی زیادة الأجل، کما إذا ادّعت أنّه سنة وادّعی أنّه سنتان.

مسألة 327: إذا توافقا علی المهر وادّعی تسلیمه ولا بیّنة،

ص: 129

فالقول قولها بیمینها.

مسألة 328: إذا دفع إلیها قدر مهرها ثُمَّ اختلفا فی کونه هبة أو صداقاً، فإن کان مدّعی الصداق هی الزوجة ومدّعی الهبة هو الزوج یقصد من وراء ذلک استرجاع المال لبقائه قائماً بعینه فالقول قولها بیمینها، وإن کان مدّعی الصداق هو الزوج ومدّعی الهبة هی الزوجة فلا یبعد اندراجه فی باب التداعی، فإن تحالفا حکم برجوع المال إلی الزوج.

مسألة 329: إنّما یندرج المورد المذکور فی باب التداعی فیما إذا لم یکن قول أحدهما خاصّة مخالفاً للظاهر بمقتضی العرف والعادة، وإلّا قدّم قول خصمه بیمینه، کما إذا لم یکن المال من حیث کمّیّته ونوعه وزمان إعطائه وملاحظة حال الزوجین مناسباً للهبة فإنّه یقدّم حینئذٍ قول الزوج المدّعی للصداق بیمینه.

وکذلک ما مرّ من تقدیم قول الزوج أو الزوجة مع الیمین فی جملة من المسائل السابقة إنّما هو فیما إذا لم یکن قوله مخالفاً للظاهر، وإلّا قدّم قول خصمه بیمینه إذا لم یکن کذلک، کما إذا ادّعت الزوجة أنّ تمام مهرها حالّ معجّل وکان مبلغاً کبیراً لا یجعل مثله مهراً معجّلاً فی العرف والعادة، وادّعی الزوج التأجیل الموافق لهما فی مقدار منه فإنّه یقدّم حینئذٍ قوله بیمینه.

ص: 130

تکمیل فی الشروط المذکورة فی النکاح

مسألة 330: یجوز أن یشترط فی ضمن عقد النکاح کلّ شرط سائغ، ویجب علی المشروط علیه الوفاء به کما فی سائر العقود، لکن تخلّفه أو تعذّره لا یوجب الخیار للمشروط له، فلو شرط علیها أن تقوم بخدمة البیت أو شرطت علیه أن یعیّن لها خادمة تعینها فی شؤون البیت، فتخلّفت أو تخلّف عن الوفاء بالشرط، لم یوجب ذلک الخیار وإن أثم المتخلّف.

نعم لو کان الشرط وجود صفة فی أحد الزوجین مثل کون الزوجة باکرة أو کون الزوج هاشمیّاً فتبیّن خلافه أوجب الخیار، کما تقدّم فی خیار التدلیس.

مسألة 331: إذا اشترط ما یخالف مقتضی العقد - کأن اشترطت المرأة فی عقد الانقطاع أن لا یکون للزوج حقّ الاستمتاع بها مطلقاً - بطل العقد والشرط معاً.

ولو اشترط ما یخالف المشروع کأن اشترطت المرأة أن یکون أمر الطلاق والجماع بیدها، أو أن لا یعطی الزوج حقّ ضرَّتها من النفقة والمقاربة ونحو ذلک بطل الشرط وصحّ العقد.

مسألة 332: لا یجوز اشتراط الخیار فی عقد النکاح دواماً ولا انقطاعاً لا للزوج ولا للزوجة، فلو شرطاه بطل الشرط وصحّ العقد کما تقدّم.

مسألة 333: إذا اشترطت الزوجة علی الزوج فی عقد النکاح

ص: 131

أو فی غیره أن لا یتزوّج علیها صحّ الشرط ویلزم الزوج العمل به، ولکن لو تزوّج صحّ زواجه وإن کان آثماً.

مسألة 334: یجوز أن تشترط الزوجة أن تکون وکیلة عن الزوج فی طلاق نفسها إمّا مطلقاً أو فی حالات معیّنة من سفر طویل أو جریمة موجبة لحبسه أو عدم إنفاقه علیها شهراً ونحو ذلک، فتکون وکیلة فی طلاق نفسها ولا یمکنه عزلها، فإذا طلّقت نفسها صحّ طلاقها.

مسألة 335: إذا اشترطت فی العقد أن لا یطأها أو أن لا یفتضّها لزم الشرط حتّی فی النکاح الدائم، فلو خالف حرم الوطء من حیث مخالفة الشرط ولم یلحقه حکم الزنی، ولو أذنت هی بعد ذلک جاز .

مسألة 336: إذا اشترطت علیه أن یسکنها فی بلدها أو فی بلد معیّن غیره أو فی منزل مخصوص یلزمه العمل بالشرط ما لم تسقطه.

ص: 132

الفصل العاشر فی الحقوق الزوجیّة

مسألة 337: إنّ لکلٍّ من الزوجین علی الآخر حقوقاً بعضها واجب وبعضها مستحبّ، والواجب منها علی أقسام ثلاثة:

القسم الأوّل: حقّ الزوج علی الزوجة، وهو أن تمکّنه من نفسها للمقاربة وغیرها من الاستمتاعات الثابتة له بمقتضی العقد فی أیّ وقت شاء ولا تمنعه عنها إلّا لعذر شرعیّ، وأیضاً أن لا تخرج من بیتها من دون إذنه إذا کان ذلک منافیاً لحقّه فی الاستمتاع بها بل مطلقاً.

مسألة 338: ینبغی للرجل أن یأذن لزوجته فی زیارة أقربائها وعیادة مرضاهم وتشییع جنائزهم ونحو ذلک، بل یجب علیه ذلک بمقدار ما یقتضیه الإمساک بالمعروف، ولیس له منعها من الخروج إذا کان للقیام بفعل واجب علیها.

مسألة 339: لا یحرم علی الزوجة سائر الأفعال - غیر الخروج من البیت - بغیر إذن الزوج إلّا أن یکون منافیاً لحقّه فی الاستمتاع منها.

مسألة 340: لا یستحقّ الزوج علی الزوجة خدمة البیت وحوائجه التی لا تتعلّق بالاستمتاع من الکنس أو الخیاطة أو الطبخ أو تنظیف الملابس أو غیر ذلک حتّی سقی الماء وتمهید

ص: 133

الفراش، وإن کان یستحبّ لها أن تقوم بذلک.

القسم الثانی: حقّ الزوجة علی الزوج، وهو أن ینفق علیها بالغذاء واللباس والمسکن وسائر ما تحتاج إلیه بحسب حالها بالقیاس إلیه علی ما سیأتی تفصیله، وأن لا یؤذیها أو یظلمها أو یشاکسها من دون وجه شرعیّ، وأن لا یهجرها رأساً ویجعلها کالمعلّقة لا هی ذات بعل ولا هی مطلّقة، وأن لا یترک مقاربتها أزید من أربعة أشهر علی ما تقدّم فی المسألة التاسعة.

مسألة 341: إذا کانت الزوجة لا تقدر علی الصبر إلی أربعة أشهر بحیث خاف الزوج وقوعها فی الحرام إذا لم یواقعها فالأحوط وجوباً المبادرة إلی مواقعتها قبل تمام الأربعة أو طلاقها وتخلیة سبیلها.

القسم الثالث: حقّ کلّ من الزوجین علی الآخر، وهو (القَسْم) أی بیتوتة الزوج عند زوجته لیلة من کلّ أربع لیالٍ علی ما سیأتی تفصیله، فهذا حقّ مشترک للزوجین، یجوز لکلٍّ منهما مطالبة الآخر به ویجب علیه الإجابة، ولو أسقطه أحدهما کان للآخر مطالبته وترکه، بخلاف الحقوق المختصّة بکلٍّ منهما، فالنفقة مثلاً حقّ للزوجة یسقط بإسقاطها ولا یجب علیها القبول لو أنفق، والتمکین مثلاً حقّ للزوج یجوز له التخلّی عنه ولا یجب علیه القبول لو مکّنت الزوجة بخلاف حقّ القَسْم.

ص: 134

مسألة 342: إذا کان للرجل زوجتان أو أزید فبات عند إحداهنّ لیلة یجب علیه أن یبیت عند غیرها أیضاً، فإذا کنّ أربع وبات عند إحداهنّ طاف علیهنّ فی أربع لیالٍ لکلٍّ منهنّ لیلة ولا یفضّل بعضهنّ علی بعض.

وإذا کانت عنده ثلاث فإذا بات عند إحداهنّ لیلة یجب علیه أن یبیت عند الأُخریین فی لیلتین وله أن یفضّل إحداهنّ باللیلة الرابعة.

وإذا کانت عنده زوجتان وبات عند إحداهما فی لیلة لزمه المبیت فی لیلة أُخری عند الأُخری، وله أن یجعل لإحداهما ثلاث لیال وللثانیة لیلة واحدة، وبعد ذلک إن شاء ترک المبیت عند الجمیع وإن شاء شرع فیه علی النحو المتقدّم.

والمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّه إذا کانت عنده زوجة واحدة کانت لها فی کلِّ أربع لیال لیلة وله ثلاث لیال، وإذا کانت عنده زوجات متعدّدة یجب علیه القسم بینهنّ فی کلّ أربع لیال، فإذا کانت عنده أربع کانت لکلٍّ منهنّ لیلة، فإذا تمَّ الدور یجب علیه الابتداء بإحداهنّ وإتمام الدور وهکذا، فلیس له لیلة بل یکون جمیع لیالیه لزوجاته، وإذا کانت له زوجتان فلهما لیلتان من کلّ أربع لیال ولیلتان له، وإذا کانت له ثلاث زوجات کانت لهنّ ثلاث لیال والفاضل له، والعمل بهذا القول أحوط استحباباً خصوصاً فی الأکثر من واحدة ولکن

ص: 135

المختار ما تقدّم خصوصاً فی الواحدة.

مسألة 343: المقدار الواجب من القَسْم هو ما ذکرناه من المبیت بأن یبقی عندها فی لیلتها بالمقدار المتعارف ویختلف ذلک باختلاف الأشخاص والأحوال، ولا یلزمه مواقعتها فی لیلتها، وهل یلزمه مضاجعتها فی الفراش بأن ینام قریباً منها علی النحو المتعارف معطیاً لها وجهه بعض الوقت أم لا؟ المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ذلک ولکنّه لا یخلو عن إشکال وإن کان هو الأحوط وجوباً.

مسألة 344: یختصّ وجوب المبیت بالزوجة الدائمة فلیس للمتمتّع بها هذا الحقّ سواء أکانت واحدة أم أکثر .

مسألة 345: یجوز للزوجة أن تهب حقّها فی المبیت إلی زوجها بعوض أو بدونه فیکون له الخیار بین القبول وعدمه، فإن قبل صرف لیلته فیما یشاء، ولها أن تهب لیلتها لضرّتها برضی الزوج فیصیر الحقّ لها بقبولها.

مسألة 346: لا یثبت حقّ المبیت للصغیرة ولا للمجنونة حال جنونها ولا للناشزة، ویسقط بالسفر ولیس له قضاء.

مسألة 347: یستحبّ تخصیص البکر أوّل عرسها بسبع لیال، والثیّب بثلاث تتفضّلان بذلک علی غیرهما، ولا یجب علیه أن یقضی تلک اللیالی لنسائه السابقات.

مسألة 348: إذا أراد الشروع فی القسمة بین نسائه کان له

ص: 136

الابتداء بأیّ منهنّ شاء وإن کان الأولی والأحوط استحباباً التعیین بالقرعة.

مسألة 349: تستحبّ التسویة بین الزوجات فی الإنفاق والالتفات وطلاقة الوجه والمواقعة وأن یکون فی صبیحة کلّ لیلة عند صاحبتها.

الفصل الحادی عشر فی أحکام النشوز والشقاق

مسألة 350: النشوز قد یکون من الزوجة، وقد یکون من الزوج:

أمّا نشوز الزوجة فیتحقّق بخروجها عن طاعة الزوج الواجبة علیها، وذلک بعدم تمکینه ممّا یستحقّه من الاستمتاع بها، ویدخل فی ذلک عدم إزالة المنفّرات المضادّة للتمتّع والالتذاذ منها، بل وترک التنظیف والتزیین مع اقتضاء الزوج لها، وکذا بخروجها من بیتها من دون إذنه، ولا یتحقّق بترک طاعته فیما لیس واجباً علیها کخدمة البیت ونحوها ممّا مرّ .

وأمّا نشوز الزوج فیتحقّق بمنع الزوجة من حقوقها الواجبة علیه، کترک الإنفاق علیها، أو ترک المبیت عندها فی لیلتها، أو هجرها بالمرّة، أو إیذائها ومشاکستها من دون مبرّر شرعیّ.

مسألة 351: إذا امتنعت الزوجة من تمکین الزوج من نفسها

ص: 137

مطلقاً لم تستحقّ النفقة علیه، سواء خرجت من عنده أم لا، وأمّا إذا امتنعت من التمکین فی بعض الأحیان لا لعذر مقبول شرعاً، أو خرجت من بیتها بغیر إذنه کذلک فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّها لا تستحقّ النفقة أیضاً، ولکن الأحوط وجوباً عدم سقوطها بذلک، وأمّا المهر فلا یسقط بالنشوز بلا إشکال.

مسألة 352: کما یسقط بالنشوز حقّ الزوجة فی النفقة یسقط به حقّها فی القَسْم والمواقعة کلّ أربعة أشهر أیضاً، ویستمرّ الحال کذلک مادامت ناشزة فإذا رجعت وتابت رجع الاستحقاق.

مسألة 353: إذا نشزت الزوجة جاز للزوج أن یتصدّی لإرجاعها إلی طاعته، وذلک بأن یَعِظَها أوّلاً فإن لم ینفع الوعظ هجرها فی المضجع إذا احتمل نفعه، کأن یُحوّل إلیها ظهره فی الفراش، أو یعتزل فراشها إذا کان یشارکها فیه من قبل، فإن لم یؤثّر ذلک أیضاً جاز له ضربها إذا کان یُؤمِّل معه رجوعها إلی الطاعة وترک النشوز، ویقتصر منه علی أقلّ مقدار یحتمل معه التأثیر، فلا یجوزالزیادة علیه مع حصول الغرض به، وإلّا تدرّج إلی الأقوی فالأقوی ما لم یکن مُدْمِیاً ولا شدیداً مؤثّراً فی اسوداد بدنها أو احمراره، واللازم أن یکون ذلک بقصد الإصلاح لا التشفّی والانتقام، ولو حصل بالضرب جنایة وجب الغُرم.

ص: 138

وإذا لم تنفع معها الإجراءات المتقدّمة وأصرّت علی نشوزها فلیس للزوج أن یتّخذ ضدّها إجراءً آخر سواء أکان قولیّاً کإیعادها بما لا یجوز له فعله - بخلاف الإیعاد بما یجوز له کالطلاق أو التزویج علیها - أو کان فعلیّاً کفَرْک أُذنها أو جرّ شعرها أو حبسها أو غیر ذلک، نعم یجوز له رفع أمره إلی الحاکم الشرعیّ لیلزمها بما یراه مناسباً کالتعزیر ونحوه.

مسألة 354: إذا نشز الزوج علی زوجته بمنعها حقوقها الواجبة علیه فلها المطالبة بها ووعظه وتحذیره، فإن لم ینفع فلها رفع أمرها إلی الحاکم الشرعیّ ولیس لها هجره ولا ضربه والتعدّی علیه.

مسألة 355: إذا امتنع الزوج عن بذل نفقة زوجته المستحقّة لها مع مطالبتها جاز لها أن تأخذها من ماله بدون إذنه، ویجوز لها رفع أمرها إلی الحاکم الشرعیّ لإجباره علی الإنفاق، فإن لم یتیسّر هذا ولا ذاک واضطرّت إلی اتّخاذ وسیلة لتحصیل معاشها لم یجب علیها إطاعته حال اشتغالها بتلک الوسیلة، وهل لها الامتناع عن القیام بحقوقه فی غیر تلک الحال أم لا؟ فیه إشکال، والاحتیاط لا یترک.

مسألة 356: إذا امتنع الزوج عن الإنفاق مع قدرته علیه فرفعت الزوجة أمرها إلی الحاکم الشرعیّ، أبلغه الحاکم بلزوم أحد الأمرین علیه: إمّا الإنفاق أو الطلاق، فإن امتنع عن الأمرین ولم یمکن الإنفاق علیها من ماله - ولو ببیع عقاره إذا توقّف

ص: 139

علیه - ولا إجباره علی الطلاق جاز للحاکم أن یطلّقها بطلبها، وإذا کان الزوج غیر قادر علی الإنفاق علی زوجته وجب علیه طلاقها إذا لم ترضَ بالصبر معه، فإذا لم یفعل جاز لها أن ترفع أمرها إلی الحاکم الشرعیّ فیأمر الزوج بالطلاق، فإن امتنع وتعذّر إجباره علیه طلّقها الحاکم، ویقع الطلاق بائناً فی الصورتین، ولا فرق فیما ذکر بین الحاضر والغائب وسیأتی حکم المفقود فی محلّه.

مسألة 357: إذا امتنع الزوج عن الإنفاق علی زوجته أو کان عاجزاً عن الإنفاق علیها فتعمّد إخفاء موضع اقامته؛ لکی لا یتسنّی للحاکم الشرعیّ - فیما إذا رفعت الزوجة أمرها إلیه - أن یتّخذ بشأنه الإجراءات المترتّبة المتقدّمة، ففی هذه الحالة یجوز للحاکم أن یقوم بطلاق زوجته تلبیة لطلبها فیما إذا تعذّر علیه تنفیذ ما یتقدّم الطلاق من الإبلاغ وغیره.

مسألة 358: إذا هجر زوجته هجراً کلّیّاً فصارت کالمعلّقة لا هی ذات زوج ولا هی مطلّقة، جاز لها رفع أمرها إلی الحاکم الشرعیّ، فیُلزم الزوج بأحد الأمرین: إمّا العدول عن هجرها وجعلها کالمعلّقة، أو تسریحها لتتمکّن من الزواج من رجل آخر، فإذا امتنع منهما جمیعاً جاز للحاکم - بعد استنفاد کلّ الوسائل المشروعة لإجباره حتّی الحبس لو أمکنه - أن یطلّقها بطلبها ذلک.

ص: 140

ویقع الطلاق بائناً أو رجعیّاً حسب اختلاف الموارد، ولا فرق فیما ذکر بین بذل الزوج نفقتها وعدمه.

مسألة 359: إذا کان الزوج غیر قادر علی العود إلی زوجته کما لو کان محکوماً بالحبس مدّة طویلة فصارت کالمعلّقة بغیر اختیاره، فهل یجب علیه أن یطلّقها إذا لم ترضَ بالصبر علی هذا الحال مع بذل الزوج نفقتها أم لا؟ فیه إشکال، فالأحوط وجوباً له الاستجابة لطلبها فی الطلاق، ولکن إذا امتنع فعلیها الانتظار حتّی یفرج الله تعالی عنه.

مسألة 360: إذا کان الزوج یؤذی زوجته ویشاکسها بغیر وجه شرعیّ، جاز لها رفع أمرها إلی الحاکم الشرعی لیمنعه من الإیذاء والظلم ویُلزمه بالمعاشرة معها بالمعروف، فإن نفع وإلّا عزّره - مع الإمکان - بما یراه، فإن لم ینفع أیضاً کان لها المطالبة بالطلاق، فإن امتنع منه ولم یمکن إجباره علیه طلّقها الحاکم الشرعیّ.

مسألة 361: إذا ترک الزوج بعض حقوقها غیر الواجبة، أو همّ بطلاقها لکراهته لها مثلاً، أو همّ بالتزویج علیها، فبذلت له مالاً أو بعض حقوقها الواجبة من قَسْم أو نفقة استمالة له صحّ وحلّ له ذلک، وأمّا لو ترک بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم وغیر ذلک فبذلت مالاً لیقوم بما ترک من حقّها أو لیمسک عن أذیّتها أو لیطلّقها فتخلص من یده حرم

ص: 141

علیه ما بذلت، وإن لم یکن من قصده إلجاؤها إلی البذل.

مسألة 362: إذا وقع نشوز من الزوجین ومنافرة وشقاق بین الطرفین بعث الحاکم حَکَمَیْن - حکماً من جانب الزوج وآخر من جانب الزوجة - للإصلاح ورفع الشقاق بما رأیاه صالحاً من الجمع أو الفراق بإذنهما کما یأتی.

ویجب علیهما البحث والاجتهاد فی حالهما، وفیما هو السبب والعلّة لحصول الشقاق بینهما، ثُمَّ یسعیان فی أمرهما فکلّما استقرّ علیه رأیهما وحکما به نفذ علی الزوجین ویلزم علیهما الرضا به بشرط کونه سائغاً، کما لو شرطا علی الزوج أن یسکن الزوجة فی البلد الفلانیّ أو فی مسکن مخصوص أو عند أبویها أو لا یسکن معها فی الدار أُمّه أو أُخته ولو فی بیت منفرد أو لا تسکن معها ضُرّتها فی دار واحدة ونحو ذلک، أو شرطا علیها أن تؤجّله بالمهر الحالّ إلی أجل أو تردّ علیه ما قبضته قرضاً ونحو ذلک، بخلاف ما إذا کان غیر سائغ کما إذا شرطا علیه ترک بعض حقوق الضرّة من قَسْم أو نفقة أو غیرهما.

مسألة 363: إذا اجتمع الحکمان علی التفریق - بفدیة أو بدونها - لم ینفذ حکمهما بذلک إلّا إذا شرطا علیهما حین بعثهما بأنّهما إن شاءا جمعا وإن شاءا فرّقا، أو استأذناهما فی الطلاق وبذل الفدیة حینما یریدان ذلک.

وحیث إنّ التفریق لا یکون إلّا بالطلاق فلا بُدَّ من وقوعه عند اجتماع الشرائط، بأن یقع فی طهر لم یواقعها فیه وعند حضور

ص: 142

العدلین وغیر ذلک.

مسألة 364: الأحوط وجوباً أن یکون الحَکَمان من أهل الطرفین، بأن یکون حکم من أهله وحکم من أهلها، فإن لم یکن لهما أهل أو لم یکن أهلهما أهلاً لهذا الأمر تعیّن من غیرهم، ولا یعتبر أن یکون من جانب کلٍّ منهما حکم واحد، بل لو اقتضت المصلحة بعث أزید تعیّن.

مسألة 365: إذا اختلف الحَکَمان بعث الحاکم حَکَمَیْن آخَرَیْن حتّی یتّفقا علی شیء.

مسألة 366: ینبغی للحکمین إخلاص النیّة وقصد الإصلاح، فمن حسنت نیّته فیما تحرّاه أصلح الله مسعاه، کما یرشد إلی ذلک قوله (جلّ شأنه) فی هذا المقام ﴿إِنْ یُرِیٖدݧݧݧݧݧݧݧٰݢݢݧݧݧݧݧݧݧا إصْلاݦݦݦݦٰحَاً یُوَفِّقِ اللهُ بَیْنَهُمٰا﴾.

الفصل الثانی عشر فی أحکام الأولاد

مسألة 367: یلحق ولد المرأة بزوجها فی العقد الدائم والمنقطع بشروط:

الأوّل: دخوله بها مع العلم بالإنزال أو احتماله، أو الإنزال علی ظاهر الفرج، وأمّا مع انتفاء الأمرین ودخول مائه فی فرجها بطریقة أُخری کالأنبوبة ونحوها، واحتمال کون حملها من

ص: 143

مائه ففی إلحاق الولد به إشکال، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

الثانی: مضیّ ستّة أشهر من حین تحقّق الدخول أو ما بحکمه إلی زمن الولادة، فلو جاءت المرأة بولد حیٍّ کامل لأقلّ من ستّة أشهر من ذلک الحین لم یلحق بالزوج.

الثالث: عدم التجاوز عن أقصی مدّة الحمل وهو سنة قمریّة، فلو غاب عنها زوجها أو اعتزلها أکثر من سنة وولدت بعدها لم یلحق به.

مسألة 368: إذا تحقّقت الشروط الثلاثة لحق الولد بالزوج ولا یجوز له نفیه وإن وطئها آخر فجوراً فضلاً عمّا لو اتّهمها بالفجور، ولا ینتفی عنه لو نفاه إن کان العقد دائماً إلّا باللعان، بخلاف ما إذا کان العقد منقطعاً وجاءت بولد أمکن إلحاقه به، فإنّه وإن لم یجز له نفیه لکن لو نفاه ینتفی منه ظاهراً من غیر لعان لکن علیه الیمین مع دعواها أو دعوی الولد النسب.

مسألة 369: إذا عزل عن زوجته أثناء الجماع وحملت لم یجز له نفی الولد لمکان العزل مع احتمال سبق المنیّ قبل النزع من غیر تنبّه، أو احتمال بقاء شیء من المنیّ فی المجری وحصول اللقاح به عند العود إلی الإیلاج، ویلحق بالعزل فی ذلک ما إذا أنزل قبل الدخول ثُمَّ جامع من غیر أن یتأکّد من عدم تلوّث الآلة بالمنیّ وخلوّ المجری منه تماماً.

ص: 144

مسألة 370: الحکم بلحوق الولد بالزوج وعدم جواز نفیه عن نفسه مع تحقّق الشروط المتقدّمة یختصّ بصورة الشکّ واحتمال کونه منه، وأمّا مع حصول العلم له بخلافه - من طریق فحص الدم أو غیره من الطرق العلمیّة الحدیثة - فعلیه أن یعمل بمقتضی علمه.

مسألة 371: إذا اختلف الزوجان فی تحقّق الدخول الموجب لإلحاق الولد أو ما بحکمه وعدمه، فادّعته المرأة لیلحق الولد به وأنکره الزوج، أو اختلفا فی ولادته فنفاها الزوج وادّعی أنّها أتت به من خارج، أو اختلفا فی المدّة مع الاتّفاق فی أصل الدخول أو ما بحکمه والولادة، فادّعی ولادتها لدون ستّة أشهر وادّعت هی خلافه کان القول قوله بیمینه، ولو ادّعی ولادته لأزید من أقصی الحمل وأنکرت هی فالقول قولها بیمینها ویلحق به الولد ولا ینتفی عنه إلّا باللعان.

مسألة 372: لو طلّق زوجته المدخول بها فاعتدّت وتزوّجت ثُمَّ أتت بولد، فإن لم یمکن لحوقه بالثانی وأمکن لحوقه بالأوّل - کما إذا ولدته لأقلّ من ستّة أشهر من وطء الثانی ولتمامها من غیر تجاوز عن أقصی الحمل من وطء الأوّل - فهو للأوّل، ویتبیّن بذلک بطلان نکاح الثانی لتبیّن وقوعه فی العدّة وتحرم علیه مؤبّداً لوطئه إیّاها علی تفصیل تقدّم.

وإن انعکس الأمر - بأن أمکن لحوقه بالثانی دون الأوّل -

ص: 145

کأن ولدته لأزید من أکثر الحمل من وطء الأوّل ولأقلّ الحمل إلی الأقصی من وطء الثانی لحق بالثانی، وإن لم یمکن لحوقه بأحدهما - بأن ولدته لأزید من أقصی الحمل من وطء الأوّل ولأقلّ من ستّة أشهر من وطء الثانی - انتفی منهما.

وإن أمکن لحوقه بهما - بأن کانت ولادته لستّة أشهر من وطء الثانی ودون أقصی الحمل من وطء الأوّل - فهو للثانی.

مسألة 373: لو طلّقها فوطئها آخر فی عدّتها غیر الرجعیّة لشبهة ثُمَّ أتت بولد فهو کالتزوّج بعد العدّة فتجیء فیه الصور الأربع المتقدّمة إلّا أنّ فی الصورة الأخیرة - وهی ما إذا أمکن اللحوق بکلٍّ منهما - وجهین وهما: اللحوق بالأخیر والقرعة بینهما والصحیح هو الوجه الثانی.

وهکذا الحال فی المتمتّع بها إذا وهبها زوجها المدّة أو انتهت المدّة ووطئها الغیر لشبهة فی عدّتها.

مسألة 374: إذا کانت فی عصمة زوج أو فی العدّة الرجعیّة منه فوطئها آخر لشبهة ثُمَّ أتت بولد، فإن أمکن لحوقه بأحدهما دون الآخر یلحق به، وإن لم یمکن اللحوق بهما انتفی عنهما، وإن أمکن لحوقه بکلٍّ منهما أقرع بینهما ویعمل بما تقتضیه القرعة.

مسألة 375: إذا وطئ امرأة لیست بذات بعل ولا فی عدّة الغیر لشبهة وجاءت بولد وأمکن لحوقه به یلحق به ولو وطئها لشبهة أکثر من واحد وأمکن لحوقه بکلٍّ منهم أقرع بینهم.

ص: 146

مسألة 376: إذا ولدت زوجتان لزوجین أو لزوج واحد ولدین واشتبه أحدهما بالآخر عمل بالقرعة.

مسألة 377: إنّما یرجع إلی القرعة فی الموارد المتقدّمة ونظائرها فیما إذا لم یتیسّر رفع الإشکال والاشتباه بالرجوع إلی طریقة علمیّة بیّنة لا تتخلّلها الاجتهادات الشخصیّة - کما یقال ذلک بشأن بعض الفحوصات الطبّیّة الحدیثة من خلوّها عنها - وإلّا لم تصل النوبة إلی العمل بالقرعة.

مسألة 378: إذا وطئ الأجنبیّة شبهة فحملت منه وولدت کان الولد ولد حلال، وإذا کان لها زوج رجعت إلیه بعد الاعتداد من وطئها شبهة.

مسألة 379: المراد بوطء الشبهة الوطء غیر المستحقّ شرعاً مع جهل الواطئ بذلک سواء أکان جاهلاً قاصراً أم مقصّراً بشرط أن لا یکون متردّداً کما تقدّم ذلک فی المسألة (93).

مسألة 380: إذا وطئ الرجل زوجته فساحقت بکراً فحملت یلحق الولد بصاحب النطفة کما یلحق بالبکر، وتستحقّ الزوجة الرجم والبکر الجلد کما سیأتی فی محلّه، وعلی الزوجة مهر البکر إذا ذهبت بکارتها بالولادة.

مسألة 381: إذا أدخلت المرأة منیّ رجل أجنبیّ فی فرجها أثمت ویلحق الولد بصاحب المنیّ کما یلحق بالمرأة، فإذا کان الولد أُنثی لم یجز لصاحب المنیّ التزوّج بها، وکذا الحکم لو

ص: 147

أدخلت منیّ زوجها فی فرجها فحملت منه ولکن لا أثم علیها فی ذلک.

مسألة 382: إذا زنی بامرأة لیست بذات بعل ولا فی عدّة الغیر ثُمَّ تزوّج بها فولدت ولم یعلم أنّ الولد من الحلال أو الحرام یحکم بأنّه من الحلال، ولو زنی بامرأة فحملت منه وولدت کان الولد ولد حرام فلا یتوارثان وإن تزوّج بأُمّه بعد الحمل.

مسألة 383: المتولّد من ولد الزنی إذا کان من وطء مشروع فهو ولد حلال.

مسألة 384: لا یجوز إسقاط الحمل وإن کان من سفاح إلّا فیما إذا خافت الأُمّ الضرر علی نفسها من استمرار وجوده أو کان یتسبّب فی وقوعها فی حرج بالغ لا یتحمّل عادة، فإنّه یجوز لها حینئذٍ إسقاطه ما لم تلجه الروح، وأمّا بعد ولوج الروح فیه فلا یجوز الإسقاط - حتّی فی حالتی الضرر والحرج علی الأحوط لزوماً - وإذا أسقطت الأُمّ حملها وجبت علیها دیته، وکذا لو أسقطه الأب أو شخص ثالث کالطبیب، وسیأتی بیان مقدار الدیة ومن تکون له فی محلّه من کتاب الإرث والدیات((1)).

ص: 148


1- ([1]) وقد ذکرت فی (مستحدثات المسائل) المسألة 73 یلاحظ الجزء الأوّل ص (517) و (518).

مسألة 385: یجوز للمرأة استعمال ما یمنع الحمل من العقاقیر المعدّة لذلک بشرط أن لا یلحق بها ضرراً بلیغاً بلا فرق فی ذلک بین رضا الزوج به وعدمه، وقد ذکرنا جملة من أحکام تحدید النسل فی رسالة مستحدثات المسائل فلتراجع.

الفصل الثالث عشر فی أحکام الولادة وما یلحقها

للولادة والمولود سنن وآداب بعضها واجبة وبعضها مندوبة وأهمّها ما یلی:

مسألة 386: ینبغی مساعدة المرأة عند ولادتها، بل یجب ذلک کفایة إذا خیف علیها أو علی جنینها من التلف أو ما بحکمه.

ولو توقّف تولیدها علی النظر أو اللمس المحرّمین علی الرجال الأجانب لزم أن یتکفّله الزوج أو النساء أو محارمها من الرجال، ولو توقّف علی النظر أو اللمس المحرّمین علی غیر الزوج وکان متمکّناً من تولیدها من دون عسر ولا حرج تعیّن اختیاره إلّا أن تکون القابلة أرفق بحالها، فیجوز لها حینئذٍ اختیارها، هذا فی حال الاختیار وأمّا عند الاضطرار فیجوز أن یولّدها الأجنبیّ بل قد یجب ذلک، نعم لا بُدَّ معه من الاقتصار فی کلٍّ من اللمس والنظر علی مقدار الضرورة فإنّ الضرورات

ص: 149

تتقدّر بقدرها.

مسألة 387: یستحبّ غَسْلُ المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر، والأذان فی أذنه الیمنی والإقامة فی الیسری فإنّه عصمة من الشیطان الرجیم کما ورد فی الخبر، ویستحبّ أیضاً تحنیکه بماء الفرات وتربة الحسین (علیه السلام)، وتسمیته بالأسماء المستحسنة فإنّ ذلک من حقّ الولد علی الوالد، وفی الخبر : (إنّ أصدق الأسماء ما سمّی بالعبودیّة((1)) وخیرها أسماء الأنبیاء صلوات الله علیهم أجمعین)، وتلحق بها أسماء الأئمّة (علیهم السلام)، وعن النبیّ (صلّی الله علیه وآله) أنّه قال: (من ولد له أربعة أولاد ولم یسمّ أحدهم باسمی فقد جفانی)، ویکره أن یکنّیه أبا القاسم إذا کان اسمه محمّداً، کما یکره تسمیته بأسماء أعداء الأئمّة (صلوات الله علیهم)، ویستحبّ أن یحلق رأس الولد یوم السابع، وأن یتصدّق بوزن شعره ذهباً أو فضّة، ویکره أن یحلق من رأسه موضعاً ویترک موضعاً.

مسألة 388: تستحبّ الولیمة عند الولادة وهی إحدی الخمس التی سنّ فیها الولیمة، کما أنّ إحداها عند الختان، ولا یعتبر فی السُّنّة الأُولی إیقاعها فی یوم الولادة، فلا بأس بتأخیرها عنه بأیّام قلائل، وتتأدّی السُّنّتان إذا ختن فی الیوم السابع أو قبله فأولم فی یوم الختان بقصدهما جمیعاً.

ص: 150


1- ([1]) المقصود ما یکون نحو : عبد الله وعبد الرحیم وعبد الکریم.

مسألة 389: یستحبّ للولیّ أن یختن الصبیّ فی الیوم السابع من ولادته ولا بأس بتأخیره عنه، وهل یجوز له ترکه إلی أن یبلغ أم یجب علیه أن یختنه قبله فیعصی لو لم یفعل ذلک من دون عذر؟ وجهان، والصحیح هو الأوّل وإن کان الاحتیاط فی محلّه.

وإذا لم یختن الصبیّ حتّی بلغ وجب علیه أن یختن نفسه، حتّی إنّ الکافر إذا أسلم غیر مختون یجب علیه الختان وإن طعن فی السنّ ما لم یتضرّر به.

مسألة 390: الختان واجب لنفسه، وشرط فی صحّة الطواف واجباً کان أم مندوباً عدا طواف الصبیّ غیر الممیّز الذی یطوّفه ولیّه، ولا فرق فی الطواف الواجب بین ما کان جزءاً لحجّ او عمرة واجبین أو مندوبین، ولیس الختان شرطاً فی صحّة الصلاة فضلاً عن سائر العبادات.

مسألة 391: الحدّ الواجب فی الختان أن تقطع الجلدة الساترة للحشفة المسمّاة ب- (الغُلْفَة) بحیث تظهر ثقبة الحشفة ومقدار من بشرتها وإن لم تستأصل تلک الجلدة ولم یظهر تمام الحشفة، وبالجملة یجب قطعها بمقدار لا یصدق علیه الأغلف ولا یجب القطع أزید من ذلک.

مسألة 392:لا بأس بکون الختّان کافراً حربیّاً أو ذمّیّاً فلا یعتبر فیه الإسلام.

ص: 151

مسألة 393: لو ولد الصبیّ مختوناً سقط الختان وإن استحبّ إمرار الموسی علی المحلّ لإصابة السُّنّة.

مسألة 394: تستحبّ العقیقة عن المولود ذکراً کان أو أُنثی، ویستحبّ أن یعقّ عنه فی الیوم السابع - إلّا أن یموت قبل الظهر - وإن تأخّر لعذر أو لغیر عذر لم یسقط، بل لو لم یعقّ عن الصبیّ حتّی بلغ وکبر عقّ عن نفسه، بل لو لم یعقّ عن نفسه فی حیاته فلا بأس أن یعقّ عنه بعد موته، ولا بُدَّ أن تکون من الأنعام الثلاثة: الغنم - ضأناً کان أو معزاً - والبقر والإبل، ولا یجزئ عنها التصدّق بثمنها نعم یجزئ عنها الأُضحیّة، فمن ضحّی عنه اجزأته عن العقیقة.

ویستحبّ أن تکون العقیقة سمینة، وفی بعض الأخبار : (إنّ خیرها أسمنها).

قیل: ویستحبّ أن تجتمع فیها شروط الأُضحیّة من کونها سلیمة من العیوب وعدم کون سنّها أقلّ من خمس سنین کاملة فی الإبل وأقلّ من سنتین فی البقر والمعز، وأقلّ من سبعة أشهر فی الضأن ولکن لم یثبت ذلک وفی بعض الأخبار : (إنّما هی شاة لحم لیست بمنزلة الأُضحیّة یجزئ فیها کلّ شیء).

مسألة 395: ینبغی تقطیع العقیقة من غیر کسر عظامها، ویستحبّ أن تخصّ القابلة منها بالربع وأن تکون حصّتها

ص: 152

مشتملة علی الرِّجْل والوَرِک، ویجوز تفریق العقیقة لحماً ومطبوخاً، کما یجوز أن تطبخ ویدعی علیها جماعة من المؤمنین، والأفضل أن یکون عددهم عشرة فما زاد یأکلون منها ویدعون للولد، ویکره أن یأکل منها الأب أو أحد ممّن یعوله ولا سیّما الأُمّ بل الأحوط استحباباً لها الترک.

مسألة 396: لا یجب علی الأُمّ إرضاع ولدها لا مجاناً ولا بأجرة إذا لم یتوقّف حفظه علیه، کما لا یجب علیها إرضاعه مجّاناً وإن توقّف حفظه علیه، بل لها المطالبة بأجرة إرضاعه فی الحولین - لا فی الزائد علیهما - من مال الولد إذا کان له مال ومن أبیه إذا لم یکن له مال وکان الأب موسراً، نعم لو لم یکن للولد مال ولم یکن الأب موسراً أو کان متوفّی وکذا جدّه وإن علا تعیّن علی الأُمّ إرضاعه مجّاناً إمّا بنفسها أو باستیجار مرضعة أُخری وتکون أجرتها علیها بناءً علی وجوب إنفاقها علیه کما هو الأحوط لزوماً علی ما سیأتی فی محلّه.

مسألة 397: الأُمّ أحقّ بإرضاع ولدها من غیرها، فلیس للأب تعیین غیرها لإرضاع الولد إلّا إذا طالبت بأجرة وکانت غیرها تقبل الإرضاع بأجرة أقلّ أو بدون أجرة فإنّ للأب حینئذٍ أن یسترضع له أُخری، وفی هذه الصورة إذا لم تقبل الأُمّ بإرضاع الغیر ولدها وأرضعته هی بنفسها لم تستحقّ بإزائه شیئاً من الأجرة.

مسألة 398: إذا ادّعی الأب وجود متبرّعة بالإرضاع وأنکرت

ص: 153

الأُمّ ولم یکن له بیّنة علی وجودها کان القول قولها بیمینها.

مسألة 399: ینبغی أن یرضع الصبیّ بلبن أُمّه ففی النصّ: (ما من لبن رُضِعَ به الصبیّ أعظم برکة علیه من لبن أُمّه)، نعم إذا کان هناک مرجّح لغیرها - کشرافتها وطیب لبنها بخلاف الأُمّ - فلا بأس باسترضاعها له.

مسألة 400: یحسن إرضاع الولد واحداً وعشرین شهراً ولا ینبغی إرضاعه أقلّ من ذلک، کما لا ینبغی إرضاعه فوق حولین کاملین، ولو اتّفق أبواه علی فطامه قبل ذلک کان حسناً.

مسألة 401: حضانة الولد وتربیته وما یتعلّق بها من مصلحة حفظه ورعایته تکون فی مدّة الرضاع - أعنی حولین کاملین - من حقّ أبویه بالسویّة، فلا یجوز للأب أن یفصله عن أُمّه خلال هذه المدّة وإن کان أُنثی، والأحوط الأولی أن لا یفصله عنها حتّی یبلغ سبع سنین وإن کان ذکراً، بل لا یجوز له ذلک إذا کان یضرّ بحاله.

مسألة 402: إذا افترق الأبوان بفسخ أو طلاق قبل أن یبلغ الولد السنتین لم یسقط حقّ الأُمّ فی حضانته ما لم تتزوّج من غیره، فلا بُدَّ من توافقهما علی ممارسة حقّهما المشترک بالتناوب أو بأیّة کیفیّةٍ أُخری یتّفقان علیها.

ص: 154

مسألة 403: إذا تزوّجت الأُمّ بعد مفارقة الأب سقط حقّها فی حضانة الولد وصارت الحضانة من حقّ الأب خاصّة، ولو فارقها الزوج الثانی لم تثبت لها الحضانة مرّة أُخری.

مسألة 404: إذا مات الأب بعد اختصاصه بحضانة الولد أو قبله فالأُمّ أحقّ بحضانته - إلی أن یبلغ - من الوصیّ لأبیه ومن جدّه وجدّته له وغیرهما من أقاربه سواء أتزوّجت أم لا.

مسألة 405: إذا ماتت الأُمّ فی زمن حضانتها اختصّ الأب بحضانته ولیس لوصیّها ولا لأبیها ولا لأُمّها فضلاً عن باقی أقاربها حقّ فی ذلک.

مسألة 406: إذا فقد الأبوان فالحضانة للجدّ من طرف الأب، فإذا فقد ولم یکن له وصیّ ولا للأب فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ثبوت حقّ الحضانة لأقارب الولد علی ترتیب مراتب الإرث الأقرب منهم یمنع الأبعد، ومع التعدّد والتساوی فی المرتبة والتشاحّ یقرع بینهم، ولکن هذا لا یخلو عن إشکال، فالأحوط لزوماً التراضی بینهم مع الاستئذان من الحاکم الشرعیّ أیضاً.

مسألة 407: إذا سقط حقّ الأُمّ فی إرضاع ولدها لطلبها أجرة مع وجود المتبرّع أو لعدم اللبن لها أو لغیر ذلک فهل یسقط حقّها فی حضانته أیضاً أم لا؟ وجهان، والصحیح هو عدم السقوط، لعدم التنافی بین سقوط حقّ الإرضاع وثبوت

ص: 155

حقّ الحضانة لإمکان کون الولد فی حضانة الأُمّ مع کون رضاعه من امرأة أُخری إمّا بحمل الأُمّ الولد إلی المرضعة عند الحاجة إلی اللبن أو بإحضار المرضعة عنده مثلاً.

مسألة 408: یشترط فیمن یثبت له حقّ الحضانة من الأبوین أو غیرهما أن یکون عاقلاً مأموناً علی سلامة الولد، وأن یکون مسلماً إذا کان الولد کذلک، فلو کان الأب مجنوناً أو کافراً - والولد محکوم بالإسلام - اختصّت أُمّه بحضانته إذا کانت مسلمة عاقلة، ولو انعکس الأمر کانت حضانته من حقّ أبیه خاصّة، وهکذا الحال فی غیرهما.

مسألة 409: الحضانة کما هی حقّ للأُمّ والأب أو غیرهما علی التفصیل المتقدّم کذلک هی حقّ للولد علیهم، فلو امتنعوا أجبروا علیها، ولیس لمن یثبت له حقّ الحضانة أن یتنازل عنه لغیره لکی ینتقل إلیه بقبوله، نعم یجوز لکلٍّ من الأبوین التنازل عنه للآخر بالنسبة إلی تمام مدّة حضانته أو بعضها.

مسألة 410: لا تجب المباشرة فی حضانة الطفل، فیجوز لمن علیه الحضانة إیکالها إلی الغیر مع الوثوق بقیامه بها علی الوجه اللازم شرعاً.

مسألة 411: إنّ الأُمّ تستحقّ أخذ الأجرة علی حضانة ولدها إلّا إذا کانت متبرّعة بها أو وجد متبرّع بحضانته، ولو فصل الأب

ص: 156

أو غیره الولد عن أُمّه ولو عدواناً لم یکن علیه تدارک حقّها فی حضانته بقیمة أو نحوها.

مسألة 412: تنتهی الحضانة ببلوغ الولد رشیداً، فإذا بلغ رشیداً لم یکن لأحد حقّ الحضانة علیه حتّی الأبوین فضلاً عن غیرهما، بل هو مالک لنفسه ذکراً کان أم أُنثی، فله الخیار فی الانضمام إلی من شاء منهما أو من غیرهما، نعم إذا کان انفصاله عنهما یوجب أذیّتهما الناشئة من شفقتهما علیه لم یجز له مخالفتهما فی ذلک.

الفصل الرابع عشر فی النفقات

اشارة

تجب النفقة بأحد أسباب أربعة: الزوجیّة، والقرابة، والملک، والاضطرار .

1. الزوجیّة

مسألة 413: تجب نفقة الزوجة علی الزوج فیما إذا کانت دائمة ومطیعة له فیما یجب إطاعته علیها، فلا نفقة للزوجة المتمتّع بها إلّا مع الشرط، کما لا نفقة للزوجة الناشزة علی تفصیلٍ تقدّم فی المسألة (351)، وقد تقدّم أیضاً بیان ما یتحقّق به النشوز وإنّ سقوط نفقة الناشزة مشروط بعدم توبتها فإذا تابت وعادت إلی الطاعة رجع الاستحقاق.

ص: 157

مسألة 414: لا فرق فی وجوب الإنفاق علی الزوجة بین المسلمة والکتابیّة، وأمّا المرتدّة فلا نفقة لها فإن تابت قبل مضیّ العدّة استحقّت النفقة وإلّا بانت من زوجها کما تقدّم.

مسألة 415: تثبت النفقة للزوجة فی الزمان الفاصل بین العقد والزفاف إلّا مع وجود قرینة علی الإسقاط ولو کانت هی التعارف الخارجیّ، ولا تثبت النفقة للزوجة الصغیرة غیر القابلة للاستمتاع منها، وکذا الزوجة البالغة إذا کان زوجها صغیراً غیر قابل لأن یستمتع منها، ولو کانت الزوجة مراهقة وکان الزوج مراهقاً أو بالغاً أو کان الزوج مراهقاً وکانت الزوجة بالغة استحقّت الزوجة للنفقة مع تمکینها له من نفسها فی ما یسعه من الاستمتاع منها.

مسألة 416: لا تسقط نفقة الزوجة بعدم تمکینها له من نفسها لعذر من حیض أو نفاس أو إحرام أو اعتکاف واجب أو مرض مُدْنِف أو غیر ذلک، ومن العذر ما لو کان الزوج مبتلی بمرض مُعْدٍ خافت من سرایته إلیها بالمباشرة.

مسألة 417: إذا استصحب الزوج زوجته فی سفره کانت نفقتها علیه وإن کانت أکثر من نفقتها فی الحضر، وکذا یجب علیه بذل أجور سفرها ونحوها ممّا تحتاج إلیه من حیث السفر، وهکذا الحکم فیما لو سافرت الزوجة بنفسها فی سفر ضروریّ یرتبط بشؤون حیاتها کأن کانت مریضة وتوقّف علاجها علی

ص: 158

السفر إلی طبیب فإنّه یجب علی الزوج بذل نفقتها وأجور سفرها.

وأمّا فی غیره من السفر الواجب کما إذا کان أداءً لواجب فی ذمّتها کأن استطاعت للحجّ، أو نذرت الحجّ الاستحبابیّ بإذن الزوج، وکذا فی السفر غیر الواجب الذی أذن فیه الزوج فإنّه لیس علیه بذل أجوره، ولکن یجب علیه بذل نفقتها فیه کاملة وإن کانت أزید من نفقتها فی الحضر، نعم إذا علّق الزوج إذنه لها فی السفر غیر الواجب علی إسقاطها لنفقتها فیه کلّاً أو بعضاً وقبلت هی بذلک لم تستحقّها علیه حینئذٍ.

مسألة 418: تثبت النفقة لذات العدّة الرجعیّة ما دامت فی العدّة کما تثبت لغیر المطلّقة، من غیر فرق بین کونها حائلاً أو حاملاً، ولو کانت ناشزة وطلّقت فی حال نشوزها لم تثبت لها النفقة إلّا إذا تابت ورجعت إلی الطاعة کالزوجة الناشزة غیر المطلّقة، وأمّا ذات العدّة البائنة فتسقط نفقتها سواء أکانت عن طلاق أو فسخ إلّا إذا کانت عن طلاق وکانت حاملاً فإنّها تستحقّ النفقة والسکنی حتّی تضع حملها، ولا تلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضیة مدّتها، وکذا الحامل المتوفّی عنها زوجها، فإنّه لا نفقة لها مدّة حملها لا من ترکة زوجها ولا من نصیب ولدها.

مسألة 419: إذا ادّعت المطلّقة بائناً أنّها حامل فإن حصل

ص: 159

الوثوق بصحّة دعواها استناداً إلی الأمارات التی یستدلّ بها علی الحمل عند النساء، أو تیسّر استکشاف حالها بإجراء الفحص الطبّیّ عند الثقة من أهل الخبرة فهو، وإلّا لم یجب قبول قولها والإنفاق علیها بمجرّد دعواها.

ولو أنفق علیها ثُمَّ تبیّن عدم الحمل استُعیدَ منها ما دفع إلیها، ولو انعکس الأمر دفع إلیها نفقتها أیّام حملها.

مسألة 420: لا تقدیر للنفقة شرعاً، بل الضابط القیام بما تحتاج إلیه الزوجة فی معیشتها من الطعام والإدام والکسوة والفراش والغطاء والمسکن والخدم وآلات التدفئة والتبرید وأثاث المنزل وغیر ذلک ممّا یلیق بشأنها بالقیاس إلی زوجها، ومن الواضح اختلاف ذلک نوعاً وکمّاً وکیفاً بحسب اختلاف الأمکنة والأزمنة والحالات والأعراف والتقالید اختلافاً فاحشاً.

فبالنسبة إلی المسکن مثلاً ربّما یناسبها کوخ أو بیت شعر فی الریف أو البادیة وربّما لا بُدَّ لها من دار أو شقّة أو حجرة منفردة المرافق فی المدینة، وکذا بالنسبة إلی الألبسة ربّما تکفیها ثیاب بدنها من غیر حاجة إلی ثیاب أُخری وربّما لا بُدَّ من الزیادة علیها بثیاب التجمّل والزینة، نعم ما تعارف عند بعض النساء من تکثیر الألبسة النفیسة خارج عن النفقة الواجبة، فضلاً عمّا تعارف عند جمع منهنّ من لبس بعض الألبسة مرّة أو مرّتین فی بعض المناسبات ثُمَّ استبداله بآخر مختلف عنه

ص: 160

نوعاً أو هیئة فی المناسبات الأُخری.

مسألة 421: من النفقة الواجبة علی الزوج أجرة الحمّام عند حاجة الزوجة إلیه سواء أکان للاغتسال أو للتنظیف إذا لم تتهیّأ لها مقدّمات الاستحمام فی البیت أو کان ذلک عسیراً علیها لبرد أو غیره، کما أنّ منها مصاریف الولادة وأجرة الطبیب والأدویة المتعارفة التی یکثر الاحتیاج إلیها عادة، بل وکذلک ما یصرف فی سبیل علاج الأمراض الصعبة التی یتّفق الابتلاء بها وإن احتاج إلی بذل مال کثیر ما لم یکن ذلک حرجیّاً علی الزوج.

مسألة 422: النفقة الواجبة للزوجة علی قسمین:

القسم الأوّل: ما یتوقّف الانتفاع به علی ذهاب عینه کالطعام والشراب والدواء ونحوها، وفی هذا القسم تملک الزوجة عین المال بمقدار حاجتها عند حلول الوقت المتعارف لصرفه، فلها مطالبة الزوج بتملیکه إیّاها وتسلیمه لها تفعل به ما تشاء، ولها الاجتزاء - کما هو المتعارف - بما یجعله تحت تصرّفها فی بیته ویبیح لها الاستفادة منه فتأکل وتشرب ممّا یوفّره فی البیت من الطعام والإدام والشراب حسب حاجتها إلیه، وحینئذٍ یسقط ما لها علیه من النفقة فلیس لها أن تطالبه بها بعد ذلک.

مسألة 423: لا یحقّ للزوجة مطالبة الزوج بنفقة الزمان

ص: 161

المستقبل، ولو دفع إلیها نفقة أیّام کأسبوع أو شهر مثلاً وانقضت المدّة ولم تصرفها علی نفسها إمّا بأن أنفقت من غیرها أو أنفق علیها أحد کانت ملکاً لها ولیس للزوج استردادها، نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدّة بموت أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائناً یوزّع المدفوع علی الأیّام الماضیة والآتیة ویسترّد منها بالنسبة إلی ما بقی من المدّة، بل وکذلک فیما إذا دفع إلیها نفقة یوم واحد وعرضت إحدی تلک العوارض فی أثناء الیوم فإنّه یسترّد الباقی من نفقة ذلک الیوم.

مسألة 424: یتخیّر الزوج بین أن یدفع إلی الزوجة عین المأکول کالخبز والطبیخ واللحم المطبوخ وما شاکل ذلک، وأن یدفع إلیها موادّها کالحنطة والدقیق والأرز واللحم ونحو ذلک ممّا یحتاج فی إعداده للأکل إلی علاج ومؤونة، فإذا اختار الثانی کانت مؤونة الإعداد علی الزوج دون الزوجة.

مسألة 425: إذا تراضیا علی بذل الثمن وقیمة الطعام والإدام وتسلّمتْه مَلَکَتْه وسقط ما هو الواجب علی الزوج، ولکن لیس للزوج إلزامها بقبول الثمن ولیس لها إلزامه ببذله فالواجب ابتداءً هو العین.

القسم الثانی: ما ینتفع به مع بقاء عینه، وهذا إن کان مثل المسکن فلا إشکال فی أنّ الزوجة لا تستحقّ علی الزوج أن یدفعه إلیها بعنوان التملیک، وهکذا الفراش والغطاء وأثاث

ص: 162

المنزل ونحوها، وأمّا الکسوة فالصحیح کونها بحکم القسم الأوّل، أی تستحقّ علی الزوج تملیکها إیّاها، ولها الاجتزاء بالاستفادة بما هو ملکه أو بما استأجره أو استعاره.

مسألة 426: إذا دفع إلیها کسوة قد جرت العادة ببقائها مدّة فلبستها فخَلُقَتْ قبل تلک المدّة أو سرقت لا بتقصیر منها فی الصورتین وجب علیه دفع کسوة أُخری إلیها، ولو انقضت المدّة والکسوة باقیة لیس لها مطالبة کسوة أُخری، ولو خرجت فی أثناء المدّة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق فإن کان الدفع إلیها علی وجه الإمتاع والانتفاع جاز له استردادها إن کانت باقیة، وأمّا إذا کان علی وجه التملیک فلیس له ذلک.

مسألة 427: یجوز للزوجة أن تتصرّف فیما تملکه من النفقة کیفما تشاء، فتنقله إلی غیرها ببیع أو هبة أو إجارة أو غیرها إلّا إذا اشترط الزوج علیها ترک تصرّف معیّن فیلزمها ذلک، وأمّا ما تتسلّمه من دون تملیک للإمتاع والانتفاع به فلا یجوز لها نقله إلی الغیر ولا التصرّف فیه بغیر الوجه المتعارف إلّا بإذنٍ من الزوج.

مسألة 428: النفقة الواجب بذلها للزوجة هو ما تقوم به حیاتها من طعام وشراب وکسوة ومسکن وأثاث ونحوها، دون ما تشتغل به ذمّتها ممّا تستدینه لغیر نفقتها، وما تنفقه علی من یجب نفقته علیها، وما یثبت علیها من فدیة أو کفّارة أو

ص: 163

أرش جنایة ونحو ذلک.

مسألة 429: إذا لم یکن عنده ما ینفقه علی زوجته وجب علیه تحصیله بالتکسّب اللائق بشأنه وحاله، وإذا لم یکن متمکّناً منه أخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزکوات والکفّارات ونحوها بمقدار حاجته فی الانفاق علیها، وإذا لم یتیسّر له ذلک تبقی نفقتها دیناً علیه، ولا یجب علیه تحصیلها بمثل الاستیهاب والسؤال، نعم تجب علیه الاستدانة لها إذا أمکنه ذلک من دون حرج ومشقّة وعلم بالتمکّن من الوفاء فیما بعد، وأمّا إذا احتمل عدم التمکّن من الوفاء احتمالاً معتدّاً به ففی وجوبها علیه إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

هذا فی نفقة الزوجة، وأمّا نفقة النفس فلیست بهذه المثابة فلا یجب السعی لتحصیلها إلّا بمقدار ما یتوقّف علیه حفظ النفس والعِرْض والتوقّی عن الاصابة بضرر بلیغ، وهذا المقدار یجب تحصیله بأیّة وسیلة حتّی بالاستعطاف والسؤال فضلاً عن الاکتساب والاستدانة.

مسألة 430: إذا کان الزوج عاجزاً عن تأمین نفقة زوجته أو امتنع من الإنفاق علیها مع قدرته جاز لها رفع أمرها إلی الحاکم الشرعیّ علی ما تقدّم تفصیله فی الفصل الحادی عشر .

مسألة 431: إذا لم تحصل الزوجة علی النفقة الواجبة لها کلّاً أو بعضاً کمّاً أو کیفاً، لفقر الزوج أو امتناعه بقی ما

ص: 164

لم تحصله منها دیناً فی ذمّته کما تقدّمت الإشارة الیه، فلو مات أُخرج من أصل ترکته کسائر دیونه، ولو ماتت انتقل إلی ورثتها کسائر ترکتها، سواء طالبته بالنفقة فی حینه أو سکتت عنها وسواء قدّرها الحاکم وحکم بها أم لا، وسواء عاشت بالعسر أو أنفقت هی علی نفسها - باقتراض أو بدونه - أو أنفق الغیر علیها تبرّعاً من نفسه، ولو أنفق الغیر علیها دیناً علی ذمّة زوجها مع الاستئذان فی ذلک من الحاکم الشرعیّ اشتغلت له ذمّة الزوج بما أنفق، ولو أنفق علیها تبرّعاً عن زوجها لم تشتغل ذمّة الزوج له ولا للزوجة.

مسألة 432: نفقة الزوجة تقبل الإسقاط بالنسبة إلی الزمان الحاضر وکذا بالنسبة إلی الأزمنة المستقبلة.

مسألة 433: لا یعتبر فی استحقاق الزوجة النفقة علی زوجها فقرها وحاجتها بل تستحقّها علی زوجها وإن کانت غنیّة غیر محتاجة.

مسألة 434: نفقة النفس مقدّمة علی نفقة الزوجة، فإذا لم یکن للزوج مال یفی بنفقة نفسه ونفقة زوجته أنفق علی نفسه فإن زاد شیء صرفه إلیها.

مسألة 435: المقصود بنفقة النفس المقدّمة علی نفقة الزوجة مقدار قوت یومه ولیلته وکسوته وفراشه وغطائه وغیر ذلک ممّا یحتاج إلیه فی معیشته بحسب حاله وشأنه.

ص: 165

مسألة 436: إذا اختلف الزوجان فی الإنفاق وعدمه مع اتّفاقهما علی استحقاق النفقة فالقول قول الزوجة مع یمینها إذا لم تکن للزوج بیّنة.

مسألة 437: إذا کانت الزوجة حاملاً ووضعت وقد طلّقت رجعیّاً فادّعت الزوجة أنّ الطلاق کان بعد الوضع فتستحقّ علیه النفقة، وادّعی الزوج أنّه کان قبل الوضع وقد انقضت عدّتها فلا نفقة لها، فالقول قول الزوجة مع یمینها فإن حلفت استحقّت النفقة، ولکن الزوج یلزم باعترافه فلا یجوز له الرجوع إلیها.

مسألة 438: إذا اختلفا فی الإعسار والیسار فادّعی الزوج الإعسار وأنّه لا یقدر علی الإنفاق، وادّعت الزوجة یساره، کان القول قول الزوج مع یمینه.

نعم إذا کان الزوج موسراً وادّعی تلف أمواله وأنّه صار معسراً فأنکرته الزوجة کان القول قولها مع یمینها.

مسألة 439: تقدیم قول الزوج أو الزوجة مع الیمین فی الموارد المتقدّمة إنّما هو فیما إذا لم یکن قوله مخالفاً للظاهر، وإلّا قدّم قول خصمه بیمینه إذا لم یکن کذلک، ففی مورد المسألة (436) إذا کانت الزوجة تعیش فی بیت الزوج وداخلة فی عیاله وهو ینفق علیهم بنفسه أو بتوسّط وکیله عند غیابه، ثُمَّ ادّعت أنّها لم تکن تتسلّم منه نفقتها خلال تلک المدّة - مع

ص: 166

ظهور الحال فی عدم استثنائها عنهم - لم یقبل قولها إلّا بالبیّنة فإن لم تکن لها بیّنة کان القول قول زوجها بیمینه.

2. القرابة

مسألة 440: یثبت للأبوین حقّ الإنفاق علی ابنهما، کما یثبت للولد - ذکراً کان أو أُنثی - حقّ الإنفاق علی أبیه، والمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ثبوت حقّ الإنفاق للأبوین علی بنتهما کما یثبت علی ابنهما، وأنّه مع فقد الولد أو إعساره یثبت حقّ الإنفاق لهما علی أولاد أولادها أی أبناء الأبناء والبنات وبناتهم الأقرب فالأقرب.

وأیضاً المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ثبوت حقّ الإنفاق للولد مع فقد الأب أو إعساره علی جدّه لأبیه وإن علا الأقرب فالأقرب، ومع فقده أو إعساره فعلی أُمّه، ومع فقدها أو إعسارها فعلی أبیها وأُمّها وأبی أبیها وأُمّ أبیها وأبی أُمّها وأُمّ أُمّها وهکذا الأقرب فالأقرب، وفی حکم آباء الأُمّ وأُمّهاتها أُمّ الأب وکلّ من تقرّب إلی الأب بالأُمّ کأبی أُمّ الأب وأُمّ أُمّ الأب وأُمّ أبی الأب وهکذا فتجب علیهم نفقة الولد مع فقد آبائه وأُمّه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إلیه، وإنّه إذا اجتمع من فی الأصول ومن فی الفروع یثبت حقّ الإنفاق علی الأقرب فالأقرب، وما ذکروه لا یخلو عن إشکال وإن کان أحوط لزوماً،

ص: 167

ولا یثبت حقّ الإنفاق لغیر العمودین من الإخوة والأخوات والأعمام والعمّات والأخوال والخالات وغیرهم.

مسألة 441: إذا تعدّد من یثبت علیه حقّ الإنفاق کما لو کان للشخص أب مع ابن أو أکثر من ابن واحد ففی ثبوت الحقّ علی الجمیع کفایة أو الاشتراک فیه بالسویّة وجهان، فإذا لم یقم البعض بما یلزمه علی تقدیر الاشتراک فالأحوط لزوماً لغیره القیام به.

مسألة 442: یشترط فی وجوب الإنفاق علی القریب فقره، بمعنی عدم وجدانه لما یحتاج إلیه فی معیشته فعلاً من طعام وإدام وکسوة وفراش وغطاء ومسکن ونحو ذلک، فلا یجب الإنفاق علی الواجد لنفقته فعلاً وإن کان فقیراً شرعاً أی لا یملک مؤونة سنته، وأمّا غیر الواجد لها فإن کان متمکّناً من تحصیلها بالاستعطاء أو السؤال لم یمنع ذلک من وجوب الإنفاق علیه بلا إشکال، نعم لو استعطی فأُعطی مقدار نفقته الفعلیّة لم یجب علی قریبه الإنفاق علیه، وهکذا الحال لو کان متمکّناً من تحصیلها بالأخذ من حقوق الفقراء من الأخماس والزکوات والصدقات وغیرها، أو کان متمکّناً من الاقتراض ولکن بحرج ومشقّة أو مع احتمال عدم التمکّن من وفائه فیما بعد احتمالاً معتدّاً به، وأمّا مع عدم المشقّة فی الاقتراض ووجود محلّ الإیفاء فلا یجب الإنفاق علیه.

ص: 168

ولو کان متمکّناً من تحصیل نفقته بالاکتساب فإن کان ذلک بالقدرة علی تعلّم صنعة أو حرفة یفی مدخولها بنفقته ولکنّه ترک التعلّم فبقی بلا نفقة وجب علی قریبه الإنفاق علیه ما لم یتعلّم، وهکذا الحال لو أمکنه الاکتساب بما یشقّ علیه تحمّله کحمل الأثقال أو بما لا یناسب شأنه کبعض الأشغال لبعض الأشخاص ولم یکتسب لذلک فإنّه یجب علی قریبه الإنفاق علیه.

وإن کان قادراً علی الاکتساب بما یناسب حاله وشأنه کالقویّ القادر علی حمل الأثقال، والوضیع اللائق بشأنه بعض الأشغال، ومن کان کسوباً وله بعض الأشغال والصنائع وقد ترک ذلک طلباً للراحة، لم یجب الإنفاق علیه، نعم لو فات عنه زمان اکتسابه بحیث صار محتاجاً فعلاً بالنسبة إلی یوم أو أیّام غیر قادر علی تحصیل نفقتها وجب الإنفاق علیه وإن کان ذلک العجز قد حصل باختیاره، کما أنّه لو ترک الاشتغال بالاکتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنیویّ أو دینیّ مهمّ کطلب العلم الواجب لم یسقط بذلک التکلیف بوجوب الإنفاق علیه.

مسألة 443: إذا أمکن المرأة التزویج بمن یلیق بها ویقوم بنفقتها دائماً أو منقطعاً فهل تکون بحکم القادر فلا یجب علی أبیها أو ابنها الإنفاق علیها أم لا؟ وجهان، والصحیح هو الوجه

ص: 169

الثانی.

مسألة 444: لا یشترط فی ثبوت حقّ الإنفاق کون المُنْفِق أو المُنْفَق علیه مسلماً أو عادلاً، ولا فی المُنْفَق علیه کونه ذا علّةٍ من عمی وغیره، نعم یعتبر فیه - فیما عدا الأبوین - أن لا یکون کافراً حربیّاً أو من بحکمه.

مسألة 445: لا یشترط فی ثبوت حقّ الإنفاق کمال المنفِق بالبلوغ والعقل، فیجب علی الولیّ أن ینفق من مال الصبیّ والمجنون علی من یثبت له حقّ الإنفاق علیهما.

مسألة 446: یشترط فی وجوب الإنفاق علی القریب قدرة المُنْفِق علی نفقته بعد نفقة نفسه وزوجته الدائمة، فلو حصل له قدر کفایة نفسه وزوجته خاصّة لم یجب علیه الإنفاق علی أقربائه، ولو زاد من نفقة نفسه وزوجته شیء صرفه فی الإنفاق علیهم والأقرب منهم مقدّم علی الأبعد، فالولد مقدّم علی ولد الولد، ولو تساووا وعجز عن الإنفاق علیهم جمیعاً وجب توزیع المیسور علیهم بالسویّة إذا کان ممّا یقبل التوزیع ویمکنهم الانتفاع به، وإلّا فالأحوط الأولی أن یقترع بینهم، وإن کان الأقرب أنّه یتخیّر فی الإنفاق علی أیّهم شاء.

مسألة 447: إذا کان بحاجة إلی الزواج وکان ما لدیه من المال لا یفی بنفقة الزواج ونفقة قریبه معاً، جاز له أن یصرفه فی زواجه وإن لم یبلغ حدّ الاضطرار إلیه أو الحرج فی ترکه.

ص: 170

مسألة 448: إذا لم یکن عنده ما ینفقه علی قریبه وکان متمکّناً من تحصیله بالاکتساب اللائق بشأنه، وجب علیه ذلک وإلّا أخذ من حقوق الفقراء أو استدان لذلک، نظیر ما تقدّم فی المسألة (429) بالنسبة إلی العاجز عن نفقة زوجته.

مسألة 449: لا تقدیر لنفقة القریب شرعاً، بل الواجب القیام بما یقیم حیاته من طعام وإدام وکسوة ومسکن وغیرها مع ملاحظة حاله وشأنه زماناً ومکاناً حسبما مرّ فی نفقة الزوجة.

مسألة 450: لیس من الإنفاق الواجب للقریب - ولداً کان أو والداً - بذل مصاریف زواجه من الصداق وغیره وإن کان ذلک أحوط استحباباً لا سیّما فی الأب مع حاجته إلی الزواج وعدم قدرته علی نفقاته.

مسألة 451: لیس من الإنفاق الواجب للقریب أداء دیونه، ولا دفع ما ثبت علیه من فدیة أو کفّارة أو أرش جنایة ونحو ذلک.

مسألة 452: یجب علی الولد نفقة والده دون أولاده؛ لأنّهم إخوته ودون زوجته، ویجب علی الوالد نفقة ولده دون زوجته، نعم یجب علیه نفقة أولاد ولده أیضاً بناءً علی ما تقدّم من وجوب نفقة الولد علی جدّه.

مسألة 453: یجزئ فی الإنفاق علی القریب بذل المال له علی وجه الإمتاع والانتفاع ولا یجب تملیکه له، فإن بذله له من دون تملیک لم یکن له أن یملّکه أو یبیحه للغیر إلّا إذا کان

ص: 171

مأذوناً فی ذلک من قبل المالک، ولو ارتزق بغیره وجبت علیه إعادته إلیه ما لم یکن ماذوناً بالتصرّف فیه حتّی علی هذا التقدیر .

مسألة 454: یجزئ فی الإنفاق علی القریب بذل الطعام والإدام ونحوهما له فی دار المُنْفِق ولا یجب نقلها إلیه فی دار أُخری، ولو طلب المنفق علیه ذلک لم تجب إجابته إلّا إذا کان له عذر من استیفاء النفقة فی بیت المنفق من حَرٍّ أو برد أو وجود من یؤذیه هناک أو نحو ذلک.

مسألة 455: نفقة الأقارب تقبل الإسقاط بالنسبة إلی الزمان الحاضر، ولا تقبل الإسقاط بالنسبة إلی الأزمنة المستقبلة.

مسألة 456: لا تُقضی ولا تُتدارک نفقة الأقارب لو فاتت فی وقتها وزمانها ولو بتقصیر من المُنْفِق ولا تستقرّ فی ذمّته، بخلاف نفقة الزوجة کما مرّ، نعم لو أخلّ بالإنفاق الواجب علیه ورفع من له الحقّ أمره إلی الحاکم الشرعیّ فأذن له فی الاستدانة علیه ففعل اشتغلت ذمّته بما استدانه ووجب علیه أداؤه کما سیأتی.

مسألة 457: إذا دافع وامتنع من وجبت علیه نفقة قریبه عن بذلها جاز لمن له الحقّ إجباره علیه ولو باللُّجُوء إلی الحاکم وإن کان جائراً، وإن لم یمکن إجباره فإن کان له مال جاز له

ص: 172

أن یأخذ منه بمقدار نفقته بإذن الحاکم الشرعیّ، وإلّا جاز له أن یستدین علی ذمّته بإذن الحاکم فتشتغل ذمّته بما استدانه ویجب علیه قضاؤه، وإن تعذّر علیه مراجعة الحاکم رجع إلی بعض عدول المؤمنین واستدان علیه بإذنه فیجب علیه أداؤه.

3. الملک

مسألة 458: ذکر جمع من الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّه یجب علی مالک کلّ حیوان أن یبذل له ما یحتاج إلیه ممّا لا یحصله بنفسه من الطعام والماء والمأوی وسائر ضروریّاته سواء أکان محلّل اللحم أو محرّمه طیراً کان أم غیره أهلیّاً أم وحشیّاً بحریّاً أم برّیّاً حتّی دود القزّ ونحل العسل وکلب الصید.

ولکن هذا لا یخلو من إشکال، نعم الأحوط وجوباً للمالک الإنفاق علیه أو نقله - ببیع أو غیره - إلی من یتمکّن من تأمین نفقته، أو تذکیته بذبح أو غیره إذا کان من المذکّی ولم یعدّ ذلک تضییعاً للمال.

مسألة 459: الإنفاق علی البهیمة ونحوها من الحیوانات کما یتحقّق بإعلافها وإطعامها یتحقّق بتخلیتها ترعی فی خصب الأرض، فإن اجتزأت بالرعی وإلّا توقّف علی إعلافها بما نقص عن مقدار کفایتها.

ص: 173

مسألة 460: لا یجوز حبس الحیوان - مملوکاً کان أم غیره - وترکه من دون طعام وشراب حتّی یموت.

4. الاضطرار

مسألة 461: إذا اضطرّ شخص إلی أکل طعام غیره لإنقاذ نفسه من الهلاک أو ما یدانیه وکان المالک حاضراً ولم یکن مضطرّاً إلیه لإنقاذ نفسه وجب علیه بذله له وإطعامه إیّاه، ولکن لا یجب علیه أن یبذله من دون عوض، نعم لیس له أن یشترط بذل العوض فی الحال مع عجز المضطرّ عنه وإلّا عدّ ممتنعاً من البذل وسیأتی حکمه فی المسألة (463).

مسألة 462: إذا اختار المالک بذل طعامه للمضطرّ بعوض فهنا صور :

الأُولی: أن لا یقدّر العوض بمقدار معیّن، وحینئذٍ یثبت له علی المضطرّ مثل ما بذله إن کان مثلیّاً وقیمته إن کان قیمیّاً.

الثانیة: أن یکون المضطرّ مریضاً غیر قادر علی المساومة مع المالک بشأن عوض الطعام، ولم یمکن المالک الاتّصال بولیّه أو وکیله لهذا الغرض، وحینئذٍ یلزم المالک بذل طعامه له بل یلزمه أن یؤکله إذا لم یکن متمکّناً من الأکل بنفسه ولا یستحقّ علیه سوی المثل أو القیمة کما فی الصورة الأُولی.

الثالثة: أن یکون المضطرّ قادراً علی المساومة مع المالک

ص: 174

فی مقدار العوض أو أمکن الاتّصال بوکیله أو ولیّه، وهنا عدّة حالات:

1. أن یتّفق الطرفان علی مقدار العوض فیتعیّن سواء أکان مساویاً لثمن المثل أو أقلّ أو أکثر منه.

2. أن یطلب المالک لطعامه ثمن المثل أو أکثر منه بمقدار لا یعدّ مجحفاً، وحینئذٍ یجب علی المضطرّ أو ولیّه أو وکیله القبول، ولکن إذا لم یقبلوا وجب علی المالک بذله للمضطرّ، ویحرم تصرّفه فیه حینئذٍ ما لم یکن قاصراً، ولا یضمن للمالک إلّا بدله من المثل أو القیمة.

3. أن یطلب المالک لطعامه ثمناً مجحفاً، وحینئذٍ فإن أمکن المضطرّ إجباره علی القبول بما لا یکون کذلک ولو بالتوسّل إلی الحاکم الشرعیّ فله ذلک، وإلّا لزمه القبول بما یطلبه بلغ ما بلغ، فإن کان متمکّناً من أدائه وجب علیه الأداء إذا طالبه به وإن کان عاجزاً یکون فی ذمّته یتبع تمکّنه.

مسألة 463: إذا امتنع المالک من بذل طعامه ولو بعوض جاز للمضطرّ إجباره علیه وأخذه منه قهراً، وتجب مساعدته فی ذلک إذا لم یکن متمکّناً من إجباره بمفرده.

مسألة 464: إذا کان المالک وغیره مضطرّین جمیعاً إلی أکل ذلک الطعام لإنقاذ نفسهما من الهلاک أو ما یدانیه لم یجب علی المالک إیثار الغیر علی نفسه بتقدیم طعامه

ص: 175

إلیه، ولکن هل یجوز له ذلک أم لا؟ فیه إشکال وإن کان الصحیح جوازه فی بعض الموارد.

مسألة 465: إذا لم یکن اضطرار أیّ منهما بحدّ الهلاک أو ما بحکمه لم یجز للغیر أخذ طعام المالک قهراً علیه، کما لم یجب علی المالک بذله، نعم یرجّح له إیثار الغیر علی نفسه.

مسألة 466: إذا اختصّ المالک بالإشراف علی الهلاک أو ما بحکمه لم یجز له إیثار الغیر لإنقاذه ممّا دون ذلک، وإن انعکس وجب الإیثار ولو بعوض کما مرّ .

مسألة 467: إذا اضطرّ إلی طعام وکان موجوداً عند أکثر من واحد وجب علیهم بذله کفایة - مع اجتماع شرائط الوجوب بالنسبة إلی کلّ واحد - فإذا قام به واحد سقط عن غیره.

مسألة 468: وجوب بذل الطعام للمضطرّ إلیه لإنقاذ نفسه من الهلاک أو ما بحکمه لا یختصّ بالمضطرّ المؤمن بل یشمل کلّ ذی نفس محترمة.

مسألة 469: إذا دار أمر المضطرّ بین الأکل من المیتة مثلاً وأکل طعام الغیر، فهل یجوز له أکل المیتة إذا کان المالک غائباً فلم یتیسّر له الاستئذان منه فی أکل طعامه أم یلزمه تقویم الطعام علی نفسه والأکل منه دون المیتة؟ وإذا کان المالک حاضراً فهل یجب علیه بذل طعامه له أم یسعه الامتناع من البدل لیضطرّ إلی أکل المیتة؟ الصحیح هو الجواز فی الأوّل وعدم الوجوب فی الثانی.

ص: 176

مسألة 470: إذا کان المالک غائباً حین حصول الاضطرار ولم یمکن الاتّصال به أو بوکیله أو ولیّه فللمضطرّ أن یرفع اضطراره بالأکل من طعامه بعد تقدیر ثمنه وجعله فی ذمّته، ولا یکون أقلّ من ثمن المثل، والأحوط لزوماً المراجعة إلی الحاکم الشرعیّ لو وجد ومع عدمه فإلی عدول المؤمنین.

مسألة 471: التفاصیل المتقدّمة فی الاضطرار إلی طعام الغیر تجری فی الاضطرار إلی غیر الطعام من أمواله کالدواء والثیاب والسلاح ونحوها، ففی کلّ مورد اضطرّ فیه الشخص إلی التصرّف فی مال غیره لحفظ نفسه أو عرضه من الاغتصاب ونحوه یجب علی المالک مع حضوره الترخیص له بالتصرّف فیه بما یرفع اضطراره بعوض أو بدونه، ویجوز للمضطرّ مع غیاب المالک التصرّف فی ماله بقدر الضرورة مع ضمانه العوض.

مسألة 472: إذا توقّفت صیانة الدین الحنیف وأحکامه المقدّسة وحفظ نوامیس المسلمین وبلادهم علی إنفاق شخص أو أشخاص من أموالهم وجب، ولیس للمُنْفِق فی هذا السبیل أن یقصد الرجوع بالعوض علی أحد، ولیس له مطالبة أحد بعوض ما بذله فی هذا المجال.

ص: 177

ص: 178

ص: 179

ص: 180

کتاب الطلاق

اشارة

وفیه فصول:

الفصل الأوّل فی شروط المطلِّق والمطلَّقة والطلاق

1. شروط المطلِّق

مسألة 473: یشترط فی المطلِّق أُمور :

الأمر الأوّل: البلوغ، فلا یصحّ طلاق الصبیّ لا مباشرة ولا بتوکیل الغیر وإن کان ممیّزاً إذا لم یبلغ عشر سنین، وأمّا طلاق من بلغها ففی صحّته إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 474: کما لا یصحّ طلاق الصبیّ بالمباشرة

ص: 181

ولا بالتوکیل لا یصحّ طلاق ولیّه عنه کأبیه وجدّه فضلاً عن الوصیّ والحاکم الشرعیّ.

الأمر الثانی: العقل، فلا یصحّ طلاق المجنون وإن کان جنونه أدواریّاً إذا کان الطلاق فی دور جنونه.

مسألة 475: یجوز للأب والجدّ للأب أن یطلّق عن المجنون المطبق زوجته مع مراعاة مصلحته، سواء أبلغ مجنوناً أو عرض علیه الجنون بعد البلوغ، فإن لم یکن له أب ولا جدّ کان الأمر إلی الحاکم الشرعیّ.

وأمّا المجنون الأدواریّ فلا یصحّ طلاق الولیّ عنه وإن طال دوره بل یطلّق هو حال إفاقته، وکذا السکران والمغمی علیه فإنّه لا یصحّ طلاق الولیّ عنهما، بل یطلّقان حال إفاقتهما.

الأمر الثالث: القصد، بأن یقصد الفراق حقیقة فلا یصحّ طلاق السکران ونحوه ممّن لا قصد له معتدّاً به، وکذا لو تلفّظ بصیغة الطلاق فی حالة النوم أو هزلاً أو سهواً أو غلطاً أو فی حال الغضب الشدید الموجب لسلب القصد فإنّه لا یؤثّر فی الفرقة، وکذا لو أتی بالصیغة للتعلیم أو للحکایة أو للتلقین أو مداراة لبعض نسائه مثلاً ولم یُرِد الطلاق جدّاً.

مسألة 476: إذا طلّق ثُمَّ ادّعی عدم القصد فیه فإن صدّقته المرأة فهو وإلّا لم یسمع منه.

الأمر الرابع: الاختیار، فلا یصحّ طلاق المکره ومن بحکمه.

ص: 182

مسألة 477: الإکراه هو إلزام الغیر بما یکرهه بالتوعید علی ترکه بما یضرّ بحاله ممّا لا یستحقّه مع حصول الخوف له من ترتّبه، ویلحق به - موضوعاً أو حکماً - ما إذا أمره بإیجاد ما یکرهه مع خوف المأمور من إضراره به لو خالفه وإن لم یقع منه توعید أو تهدید، وکذا لو أمره بذلک وخاف المأمور من قیام الغیر بالإضرار به علی تقدیر مخالفته.

ولا یلحق به موضوعاً ولا حکماً ما إذا أوقع الفعل مخافة إضرار الغیر به علی تقدیر ترکه من دون إلزام منه إیّاه، کما لو تزوّج امرأة ثُمَّ رأی أنّها لو بقیت فی عصمته لوقعت علیه وقیعة من بعض أقربائها فالتجأ إلی طلاقها فإنّه لا یضرّ ذلک بصحّة الطلاق.

وهکذا الحال فیما إذا کان الضرر المتوعّد به ممّا یستحقّه کما إذا قال ولیّ الدم للقاتل: (طلّقْ زوجتک وإلّا قتلتک)، أو قال الدائن للغریم: (طلّقْ زوجتک وإلّا طالبتک بالمال) فطلّق، فإنّه یصحّ طلاقه فی مثل ذلک.

مسألة 478: المقصود بالضرر الذی یخاف من ترتّبه - علی تقدیر عدم الإتیان بما ألزم به - ما یعمّ الضرر الواقع علی نفسه وعرضه وماله وعلی بعض من یتعلّق به ممّن یهمّه أمره.

مسألة 479: یعتبر فی تحقّق الإکراه أن یکون الضرر

ص: 183

المتوعّد به ممّا لا یتعارف تحمّله لمثله تجنّباً عن مثل ذلک العمل المکروه، بحیث یعدّ عند العقلاء مُلْجَأً إلی

ارتکابه، وهذا أمر یختلف باختلاف الأشخاص فی تحمّلهم للمکاره وباختلاف العمل المکروه فی شدّة کراهته وضعفها، فربّما یعدّ الإیعاد بضرر معیّن علی ترک عمل مخصوص موجباً لإلجاء شخص إلی ارتکابه ولا یعدّ موجباً لإلجاء آخر إلیه، وأیضاً ربّما یعدّ شخص مُلْجَأً إلی ارتکاب عمل یکرهه بإیعاده بضرر معیّن علی ترکه ولا یعدّ مُلْجَأً إلی ارتکاب عمل آخر مکروه له أیضاً بإیعاده بمثل ذلک الضرر .

مسألة 480: یعتبر فی صدق الإکراه عدم إمکان التفصّی عنه بغیر التوریة ممّا لا یضرّ بحاله کالفرار والاستعانة بالغیر، وهل یعتبر فیه عدم إمکان التفصّی بالتوریة - ولو من جهة الغفلة عنها أو الجهل بها أو حصول الإضطراب المانع من استعمالها أو نحو ذلک - أم لا یعتبر فیه ذلک؟ قولان، والصحیح هو القول الأوّل.

مسألة 481: إذا أکرهه علی طلاق إحدی زوجتیه فطلّق إحداهما المعیّنة تجنّباً من الضرر المتوعّد به بطل، ولو طلّقهما معاً بإنشاء واحد صحّ فیهما، وکذا لو أکرهه علی طلاق کلتیهما بإنشاء واحد فطلّقهما تدریجاً أو طلّق إحداهما فقط، وأمّا لو أکرهه علی طلاقهما ولو متعاقباً وأوعده علی ترک مجموع

ص: 184

الطلاقین فطلّق إحداهما عازماً علی طلاق الأُخری أیضاً ثُمَّ بدا له فیه وبنی علی تحمّل الضرر المتوعّد به یحکم ببطلان طلاق الأُولی.

مسألة 482: لو أکرهه علی أن یطلّق زوجته ثلاث طلقات بینها رجعتان فطلّقها واحدة أو اثنتین لم یحکم ببطلان ما أوقعه، إلّا إذا کان متوعّداً بالضرر علی ترک کلٍّ منها أو کان عازماً فی حینه علی الإتیان بالباقی ثُمَّ بدا له فیه وبنی علی تحمّل الضرر المتوعّد به، أو أنّه احتمل قناعة المکره بما أوقعه وإغماضه عن الباقی فترکه ونحو ذلک.

مسألة 483: إذا أوقع الطلاق عن إکراه ثُمَّ رضی به لم یُفِدْ ذلک فی صحّته ولیس کالعقد المکره علیه الذی تَعَقَّبَه الرضا.

مسألة 484: لا حکم للإکراه إذا کان علی حقّ، فلو وجب علیه أن یطلّق وامتنع منه فأکره علیه فطلّق صحّ الطلاق.

2. شروط المطلَّقة

مسألة 485: یشترط فی المطلَّقة أُمور :

الأمر الأوّل: أن تکون زوجة دائمة، فلا یصحّ طلاق المتمتّع بها، بل فراقها یتحقّق بانقضاء المدّة أو بذلها لها بأن یقول الرجل: (وهبتک مدّة المتعة)، ولا یعتبر فی صحّة البذل الشروط المعتبرة فی الطلاق من الإشهاد والخلوّ عن الحیض

ص: 185

والنفاس وغیرهما.

الأمر الثانی: أن تکون طاهرة من الحیض والنفاس، فلا یصحّ طلاق الحائض ولا النفساء، والمراد بهما ذات الدمین فعلاً، فلو نقیتا من الدمین ولمّا تغتسلا من الحدث صحّ طلاقهما، وأمّا الطلاق الواقع فی النقاء المتخلّل بین دمین من حیض أو نفاس واحد فلا یترک الاحتیاط فیه بالاجتناب عنها وتجدید طلاقها بعد تحقّق الطهر أو مراجعتها ثُمَّ تطلیقها.

مسألة 486: تستثنی من اعتبار الطهر فی المطلَّقة موارد:

1. أن لا تکون مدخولاً بها، فیصحّ طلاقها وإن کانت حائضاً.

2. أن تکون مستبینة الحمل، فإنّه یصحّ طلاقها وإن کانت حائضاً بناءً علی اجتماع الحیض والحمل کما مرّ فی کتاب الطهارة.

مسألة 487: لو طلّق زوجته غیر مستبینة الحمل وهی حائض ثُمَّ علم أنّها کانت حاملاً وقتئذٍ بطل طلاقها وإن کان الأولی رعایة الاحتیاط فیه ولو بتطلیقها ثانیاً.

3. أن یکون المطلِّق غائباً، فیصحّ منه طلاقها وإن صادف أیّام حیضها ولکن مع توفّر شرطین:

أحدهما: أن لا یتیسّر له استعلام حالها ولو من جهة الاطمئنان الحاصل من العلم بعادتها الوقتیّة أو بغیره من الأمارات الشرعیّة.

ص: 186

ثانیهما: أن تمضی علی انفصاله عنها مدّة شهر واحد علی الأحوط وجوباً، والأحوط الأولی مضیّ ثلاثة أشهر .

ولو طلّقها مع الإخلال بأحد الشرطین المذکورین وصادف أیّام حیضها لم یحکم بصحّة الطلاق.

مسألة 488: لا فرق فی صحّة طلاق الغائب مع توفّر الشرطین المتقدّمین بین أن یکون المطلِّق هو الزوج أو الوکیل الذی فوّض إلیه أمر الطلاق.

مسألة 489: الاکتفاء بمضیّ المدّة المذکورة فی طلاق الغائب یختصّ بمن کانت تحیض، فإذا کانت مسترابة - أی لا تحیض وهی فی سنّ من تحیض - فلا بُدَّ من مضیّ ثلاثة أشهر من حین الدخول بها وحینئذٍ یجوز له طلاقها وإن احتمل طروّ الحیض علیها حال الطلاق.

مسألة 490: إذا کان المطلِّق حاضراً لکن لا یصل إلی الزوجة لیعلم حالها - لمرض أو خوف أو سجن أو غیر ذلک - فهو بمنزلة الغائب، فالمناط انفصاله عنها بحیث لا یعلم حالها من حیث الطهر والحیض، وفی حکمه ما إذا کانت المرأة تکتم حالها عنه وأراد طلاقها فإنّه یجوز له أن یطلّقها مع توفّر الشرطین المتقدّمین.

مسألة 491: إذا انفصل عنها وهی حائض لم یجز له طلاقها إلّا بعد مضیّ مدّة یقطع بانقطاع ذلک الحیض، ولو طلّقها بعد

ص: 187

ذلک فی زمان لم یعلم بکونها حائضاً صحّ طلاقها مع توفّر الشرطین المذکورین آنفاً وإن تبیّن وقوعه فی حال الحیض.

الأمر الثالث: أن تکون طاهراً طهراً لم یقاربها زوجها فیه ولو بغیر إنزال، فلو قاربها فی طهر لزمه الانتظار حتّی تحیض وتطهر ثُمَّ یطلّقها من قبل أن یواقعها، وتستثنی من ذلک:

1. الصغیرة والیائسة فإنّه یصحّ طلاقهما فی طهر المواقعة.

2. الحامل المستبین حملها، فإنّه یصحّ طلاقها فی طهر المواقعة أیضاً، ولو طلّق غیر المستبین حملها فی طهر المجامعة ثُمَّ ظهر أنّها کانت حاملاً یحکم ببطلان طلاقها، وإن کان الأولی رعایة الاحتیاط فی ذلک ولو بتطلیقها ثانیاً.

3. المسترابة، أی التی لا تحیض وهی فی سنّ من تحیض سواء أکان لعارض اتّفاقیّ أم لعادة جاریة فی أمثالها، کما فی أیّام إرضاعها أو فی أوائل بلوغها فإنّه إذا أراد تطلیقها اعتزلها ثلاثة أشهر ثُمَّ طلّقها فیصحّ طلاقها حینئذٍ وإن کان فی طهر المواقعة، وأمّا إن طلّقها قبل مضیّ المدّة المذکورة فلا یقع الطلاق.

مسألة 492: لا یشترط فی تربّص ثلاثة أشهر فی المسترابة أن یکون اعتزاله عنها لأجل ذلک وبقصد أن یطلّقها بعد ذلک، فلو واقعها ثُمَّ لم یتّفق له المواقعة بسبب من الأسباب إلی أن

ص: 188

مضت ثلاثة أشهر ثُمَّ بدا له أن یطلّقها صحّ طلاقها فی الحال ولم یحتج إلی تجدید الاعتزال.

مسألة 493: إذا انفصل الزوج عن زوجته فی طهر واقعها فیه لم یجز له طلاقها ما دام یعلم بعدم انتقالها من ذلک الطهر إلی طهر آخر، وأمّا مع الشکّ فیجوز له طلاقها بالشرطین المتقدّمین فی شرطیّة عدم الحیض، ولا یضرّ مع توفّرهما انکشاف وقوع الطلاق فی طهر المواقعة، ولو طلّقها مع الاخلال بأحد الشرطین المذکورین لم یحکم بصحّة الطلاق إلّا إذا تبیّن وقوعه فی طهر لم یجامعها فیه.

مسألة 494: إذا واقعها فی حال الحیض عمداً أو جهلاً أو نسیاناً لم یصحّ طلاقها فی الطهر الذی بعد تلک الحیضة، بل لا بُدَّ من إیقاعه فی طهر آخر بعد حیض آخر، لأنّ ما هو شرط فی الحقیقة هو کونها مستبرأة بحیضة بعد المواقعة لا مجرّد وقوع الطلاق فی طهر غیر طهر المواقعة.

مسألة 495: إذا طلّق زوجته اعتماداً علی استصحاب الطهر أو استصحاب عدم الدخول صحّ الطلاق ظاهراً، وأمّا صحّته واقعاً فتتبع تحقّق الشرط واقعاً.

مسألة 496: إذا أخبرت الزوجة أنّها طاهر فطلّقها الزوج أو وکیله ثُمَّ أخبرت أنّها کانت حائضاً حال الطلاق لم یقبل خبرها إلّا بالبیّنة، ویکون العمل علی خبرها الأوّل ما لم یثبت خلافه.

مسألة 497: إذا طلّقها ثُمَّ ادّعت بعده أنّ الطلاق وقع فی

ص: 189

حال الحیض وأنکره الزوج کان القول قوله مع یمینه، ما لم یکن مخالفاً للظاهر .

الأمر الرابع: تعیین المطلّقة، بأن یقول: (فلانة طالق) أو یشیر إلیها بما یرفع الإبهام والإجمال، فلو کانت له زوجة واحدة فقال: (زوجتی طالق) صحّ، ولو کانت له زوجتان أو أکثر وقال: (زوجتی طالق) فإن نوی معیّنة منهما أو منهنّ صحّ وقُبِلَ تفسیره من غیر یمین، وإن نوی غیر معیّنة بطل.

3. شروط الطلاق

مسألة 498: یشترط فی صحّة الطلاق أُمور :

الأمر الأوّل: الصیغة الخاصّة وهی قوله: (أنْتِ طالِق) أو (فلانة طالِق) أو (هذه طالق) وما أشبه ذلک من الألفاظ الدالّة علی تعیین المطلّقة والمشتملة علی لفظة (طالق)، فلا یقع الطلاق بقوله: (أنْتِ أو هی مطلّقة أو طلاق أو الطلاق أو طلّقت فلانة أو طلّقتکِ)، فضلاً عن الکنایات کقوله، (أنْتِ خلیّة أو بریّة أو حبلک علی غاربک أو الحقی بأهلک) وغیر ذلک، فإنّه لا یقع به الطلاق وإن نواه حتّی قوله، (اعتدّی) المَنْوِیّ به الطلاق.

مسألة 499: یجوز إیقاع طلاق أکثر من زوجة واحدة بصیغة واحدة، فلو کانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال: (زوجتای طالقان أو

ص: 190

زوجاتی طوالق) صحّ طلاق الجمیع.

مسألة 500: لا یقع الطلاق بما یرادف الصیغة المذکورة من سائر اللغات مع القدرة علی إیقاعه بتلک الصیغة، وأمّا مع العجز عنه وعدم تیسّر التوکیل أیضاً فیجزئ إیقاعه بما یرادفها بأیّة لغة کانت.

مسألة 501: لا یقع الطلاق بالإشارة ولا بالکتابة مع القدرة علی النطق، وأمّا مع العجز عنه کما فی الأخرس فیصحّ منه إیقاعه بالکتابة وبالإشارة المفهمة علی نحو ما یبرز سائر مقاصده، والأحوط الأولی تقدیم الکتابة لمن یعرفها علی الإشارة.

مسألة 502: إذا خیّر زوجته وقصد تفویض الطلاق إلیها فاختارت نفسها بقصد الطلاق لم یقع به الطلاق، وکذا لو قیل له: هل طلّقت زوجتک فلانة؟ فقال: نعم، بقصد إنشاء الطلاق فإنّه لا یقع به الطلاق.

مسألة 503: یجوز للزوج أن یوکّل غیره فی تطلیق زوجته بالمباشرة أو بتوکیل غیره، سواء أکان الزوج غائباً أم حاضراً، بل وکذا له أن یوکّل الزوجة فی تطلیق نفسها بنفسها أو بتوکیل غیرها.

مسألة 504: یجوز أن یوکّلها فی طلاق نفسها مطلقاً أو فی حالات خاصّة کما تقدّم فی المسألة (334) ولا یشترط فیها أن یکون الشرط قیداً للموکّل فیه بل یجوز أن یکون تعلیقاً

ص: 191

لأصل الوکالة؛ لعدم اعتبار التنجیز فیها کما مرّ فی المسألة (1263) من کتاب الوکالة.

الأمر الثانی: التنجیز، فلو علّق الطلاق علی أمر مستقبلیّ معلوم الحصول أو متوقّع الحصول، أو أمر حالیّ محتمل الحصول مع عدم کونه مقوّماً لصحّة الطلاق بطل.

فلو قال: (إذا طلعت الشمس فأنتِ طالق) أو (إذا جاء زید فأنت طالق) بطل، وإذا علّقه علی أمر حالیّ معلوم الحصول کما إذا أشار إلی یده وقال: (إن کانت هذه یدی فأنتِ طالق) أو علّقه علی أمر حالیّ مجهول الحصول ولکنّه کان مقوّماً لصحّة الطلاق کما إذا قال: (إن کنتِ زوجتی فأنت طالق) صحّ.

الأمر الثالث: الإشهاد، بمعنی إیقاع الطلاق بحضور رجلین عدلین یسمعان الإنشاء، سواء قال لهما: اشهدا أو لم یقل.

ویعتبر اجتماعهما حین سماع الإنشاء، فلو شهد أحدهما وسمع فی مجلس، ثُمَّ کرّر اللفظ وسمع الآخر فی مجلس آخر بانفراده لم یقع الطلاق، نعم لو شهدا بإقراره بالطلاق لم یعتبر اجتماعهما لا فی تحمّل الشهادة ولا فی أدائها.

ویعتبر حضورهما مجلس الإنشاء فلا یکفی سماعهما صوت المنشئ عن طریق التلفون ونحوه علی الأحوط لزوماً.

ولا اعتبار بشهادة النساء وسماعهنّ لا منفردات ولا منضمّات إلی الرجال.

مسألة 505: لا یعتبر فی الشاهدین معرفة المرأة بعینها

ص: 192

بحیث تصحّ الشهادة علیها، فلو قال: (زوجتی هند طالق) بمسمع الشاهدین صحّ وإن لم یکونا یعرفان هنداً بعینها، بل وإن اعتقدا غیرها.

مسألة 506: إذا طلّق الوکیل عن الزوج لا یکتفی به مع عدل آخر فی الشاهدین، کما أنّه لا یکتفی بالموکّل مع عدل آخر، ویکتفی بالوکیل عن الزوج فی توکیل الغیر مع عدل آخر .

مسألة 507: المقصود بالعدل هنا ما هو المقصود به فی سائر الموارد ممّا رتّب علیه بعض الأحکام، وهو من کان مستقیماً فی جادّة الشریعة المقدّسة لا ینحرف عنها بترک واجب أو فعل حرام من دون مُؤَمِّن، وهذه الاستقامة تنشأ غالباً من خوف راسخ فی النفس، ویکفی فی الکشف عنها حسن الظاهر أی حسن المعاشرة والسلوک الدینیّ.

مسألة 508: إذا کان الشاهدان فاسقین فی الواقع بطل الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وکیله أو هما معاً عدالتهما، ولو انعکس الحال بأن کانا عدلین فی الواقع صحّ الطلاق واقعاً وإن اعتقد الزوج أو وکیله أو هما معاً فسقهما، فمن اطّلع علی واقع الحال عمل بمقتضاه، وأمّا الشاکّ فیکفیه احتمال إحراز عدالتهما عند المطلِّق، فیبنی علی صحّة الطلاق ما لم یثبت عنده الخلاف، ولا یجب علیه الفحص عن حالهما.

والأحوط لزوماً لمن یعرف نفسه بعدم العدالة الامتناع عن

ص: 193

أن یکون أحد شاهدی الطلاق.

مسألة 509: لا یعتبر فی صحّة الطلاق اطّلاع الزوجة علیه فضلاً عن رضاها به.

الفصل الثانی فی أقسام الطلاق وبعض أحکامه

اشارة

مسألة 510: الطلاق علی قسمین:

القسم الأوّل: الطلاق البِدْعیّ، وهو : الطلاق غیر الجام-ع للشرائط المتقدّمة کطلاق الحائض الحائل أو النفساء حال حضور الزوج مع إمکان معرفة حالها أو مع غیبته کذلک.

والطلاق فی طهر المواقعة مع عدم کون المطلَّقة یائسة أو صغیرة أو مستبینة الحمل، والطلاق المعلّق، وطلاق المسترابة قبل انتهاء ثلاثة أشهر من انعزالها، والطلاق بلا إشهاد عدلین، وطلاق المُکْرَه وطلاق الثلاث وغیر ذلک.

والجمیع باطل عند الإمامیّة - إلّا طلاق الثلاث علی تفصیل یأتی فیه - ولکن غیرهم من أصحاب المذاهب الإسلامیّة یرون صحّتها کلّاً أو بعضاً.

مسألة 511: من أقسام الطلاق البدعیّ - کما مرّ - طلاق الثلاث، إمّا مُرسلاً بأن یقول: (هی طالق ثلاثاً)، وإمّا ولاءً بأن یکرّر صیغة الطلاق ثلاث مرّات کأن یقول: (هی طالق، هی

ص: 194

طالق، هی طالق) من دون تخلّل رجعة فی البین قاصداً تعدّد الطلاق.

وفی النحو الثانی یقع الطلاق واحداً ویلغی الآخران، وأمّا فی النحو الأوّل فإن أراد به ما هو ظاهره من إیقاع ثلاث طلقات حکم ببطلانه وعدم وقوع طلاق به أصلاً، وکذا إذا قصد به إیقاع البینونة الحاصلة بالطلاق ثلاث مرّات أی الموجبة للحرمة حتّی تنکح زوجاً غیره، وأمّا إذا أراد إیقاع الطلاق بقوله: (هی طالق) أوّلاً ثُمَّ اعتباره بمثابة ثلاث طلقات بقوله: (ثلاثاً) ثانیاً - بأن احتوت هذه الکلمة انشاءً مستقلّاً عن انشاء الطلاق قبلها بقوله: (هی طالق) - فیقع به طلاق واحد.

مسألة 512: إذا طلّق غیر الإمامیّ زوجته بطلاق صحیح علی مذهبه فاسد حسب مذهبنا جاز للإمامیّ - إقراراً له علی مذهبه - أن یتزوّج مطلَّقته بعد انقضاء عدّتها إذا کانت ممّن تجب علیها العدّة فی مذهبه، کما یجوز للمطلَّقة نفسها إذا کانت من الإمامیّة أن تتزوّج من غیره کذلک.

وهکذا إذا طلّق غیر الإمامیّ زوجته ثلاثاً وهو یری وقوعه ثلاثاً وحرمتها علیه حتّی تنکح زوجاً غیره أُقِرَّ علی مذهبه، فلو رجع إلیها حکم ببطلان رجوعه، فیجوز للإمامیّ أن یتزوّج مطلَّقته بعد انقضاء عدّتها إذا کانت ممّن تجب علیها العدّة فی مذهبه، کما یجوز لمطلَّقته الإمامیّة أن تتزوّج من غیره

ص: 195

کذلک.

مسألة 513: إذا طلّق غیر الإمامیّ زوجته بطلاق صحیح علی مذهبه فاسد عندنا ثُمَّ رجع إلی مذهبنا یلزمه ترتیب آثار الصحّة علی طلاقه السابق، وکذا زوجته غیر الإمامیّة ترتب علیه آثار الطلاق الصحیح وإن رجعت إلی مذهبنا، فلو کان الطلاق رجعیّاً علی تقدیر وجدانه للشرائط المعتبرة عندنا جاز له الرجوع إلیها فی العدّة ولا یجوز له ذلک بعدها إلّا بعقد جدید.

مسألة 514: إذا طلّق غیر الإمامیّ زوجته طلاق الثلاث بأحد الأنواع الثلاثة المتقدّمة معتقداً تحقّق البینونة الحاصلة بطلاق الثلاث به - أی الموجبة للحرمة المؤقّتة حتّی تنکح زوجاً غیره - ثُمَّ رجع إلی مذهبنا لم یلزمه عندئذ إلّا ترتیب آثار طلاق واحد صحیح علیه، ولا یلزمه حکم طلاق الثلاث الواجد للشرائط عندنا لکی لا یسعه الرجوع إلیها إلّا بمحلّل.

القسم الثانی: الطلاق السنّیّ بالمعنی الأعمّ، وهو الطلاق الجامع للشرائط المتقدّمة، وهو علی قسمین: بائن ورجعیّ.

والأوّل: ما لیس للزوج الرجوع إلی المطلّقة بعده سواء أکانت لها عدّة أم لا.

والثانی: ما یکون للزوج الرجوع إلیها فی العدّة سواء رجع إلیها أم لا، وسواء أکانت العدّة بالأقراء أم بالشهور أم بوضع

ص: 196

الحمل.

وهناک قسم ثالث یسمّی ب- (الطلاق العدّیّ) وهو مرکب من القسمین الأوّلین علی ما سیأتی تفصیله.

کما أنّ هناک مصطلحین آخرین للطلاق السنّیّ غیر ما تقدّم.

أحدهما: (الطلاق السنّیّ) فی مقابل الطلاق العدّیّ ویراد به: أن یطلق الزوجة ثمَّ یراجعها فی العدّة من دون جماع.

والثانی: (الطلاق السنّیّ بالمعنی الأخصّ) ویقصد به أن یطلّق الزوجة ولا یراجعها حتّی تنقضی عدّتها ثُمَّ یتزوّجها من جدید.

مسألة 515: الطلاق البائن علی أقسام:

1. طلاق الصغیرة التی لم تبلغ التسع وإن دخل بها عمداً أو اشتباهاً.

2. طلاق الیائسة.

3. الطلاق قبل الدخول.

وهذه الثلاث لیس لها عدّة کما سیأتی.

4. الطلاق الذی سبقه طلاقان إذا وقع منه رجوعان - أو ما بحکمها - فی البین دون ما لو وقعت الثلاث متوالیة کما تقدّم.

5. طلاق الخلع والمباراة مع عدم رجوع الزوجة فیما بذلت، وإلّا کانت له الرجعة کما سیأتی.

ص: 197

6. طلاق الحاکم الشرعیّ زوجة الممتنع عن الطلاق وعن أداء حقوقها الزوجیّة فی الموارد المتقدّمة فی المسألة (356) وما بعدها، وکذلک طلاق الزوج نفسه بأمر الحاکم الشرعیّ فی المورد المتقدّم فی المسألة (356) أیضاً.

هذه أقسام الطلاق البائن، وأمّا غیرها فهو طلاق رجعیّ یحقّ للمطلِّق أن یراجع المطلّقة مادامت فی العدّة.

مسألة 516: إذا طلّق زوجته غیر المدخول بها ولکنّها کانت حاملاً منه بدخول مائه فی قُبُلِها بعلاج أو بدونه کان طلاقها رجعیّاً وتعتدّ منه عدّة الحامل.

مسألة 517: المطلّقة بائناً بمنزلة الأجنبیّة من مطلّقها لانقطاع العصمة بینهما تماماً بمجرّد الطلاق، فلا یجب علیها إطاعته أثناء العدّة ولا یحرم علیها الخروج من بیتها بغیر إذنه ولا تستحقّ علیه النفقة، نعم إذا کانت حاملاً منه استحقّت النفقة علیه حتّی تضع حملها کما تقدّم فی المسألة (418).

وأمّا المطلّقة رجعیّاً فهی زوجة حقیقة أو حکماً مادامت فی العدّة، فیجب علیها تمکینه من نفسها فیما یستحقّه من الاستمتاعات الزوجیّة، ویجوز بل یستحبّ لها إظهار زینتها له، ولا یجوز لها الخروج من بیته بغیر إذنه - علی ما سیأتی - وتستحقّ علیه النفقة إذا لم تکن ناشزة، ویکون کفنها وفطرتها علیه، ولا یجوز له النکاح من أُختها أو من الخامسة قبل انقضاء

ص: 198

عدّتها، ویتوارثان إذا مات أحدهما أثناءها، وغیر ذلک من الأحکام الثابتة للزوجة أو علیها.

مسألة 518: لا یجوز لمن طلّق زوجته رجعیّاً أن یخرجها من دار سکناها عند الطلاق حتّی تنقضی عدّتها، إلّا أن تأتی بفاحشة مبیّنة وأبرزها الزناء، وکذا لا یجوز لها الخروج منها بدون إذنه إلّا لضرورة أو لأداء واجب مضیّق.

مسألة 519: قد ظهر ممّا تقدّم أنّه لا توارث بین الزوجین فی الطلاق البائن مطلقاً، وفی الطلاق الرجعیّ بعد انقضاء العدّة، ولکنّه إذا کان الطلاق فی حال مرض الزوج ومات وهو علی هذا الحال قبل انقضاء السنة - أی اثنی عشر شهراً هلالیّاً - من حین الطلاق ورثت الزوجة منه علی تفصیل سیأتی فی المسألة (1062) من کتاب الإرث إن شاء الله تعالی.

مسألة 520: إذا طلّق الرجل زوجته ثلاثاً مع تخلّل رجعتین أو ما بحکمهما حرمت علیه - ولو بعقد جدید - حتّی تنکح زوجاً غیره، سواء واقعها بعد کلّ رجعة وطلّقها فی طهر آخر غیر طهر المواقعة أم لم یواقعها، وسواء وقع کلّ طلاق فی طهر أم وقع الجمیع فی طهر واحد، فلو طلّقها مع الشرائط ثُمَّ راجعها ثُمَّ طلّقها ثُمَّ راجعها ثُمَّ طلقها فی مجلس واحد حرمت علیه فضلاً عمّا إذا طلّقها ثُمَّ راجعها ثُمَّ ترکها حتّی حاضت وطهرت ثُمَّ طلّقها وراجعها ثُمَّ ترکها حتّی حاضت وطهرت ثُمَّ طلّقها.

ص: 199

مسألة 521: العقد الجدید بحکم الرجوع فی الطلاق، فلو طلّقها ثلاثاً بینها عقدان مستأنفان حرُمت علیه حتّی تنکح زوجاً غیره، سواء لم تکن لها عدّة - کما إذا طلّقها قبل الدخول ثُمَّ عقد علیها ثُمَّ طلّقها ثُمَّ عقد علیها ثُمَّ طلّقها - أم کانت ذات عدّة وعقد علیها بعد انقضاء العدّة.

مسألة 522: المطلّقة ثلاثاً إذا نکحت زوجاً آخر وفارقها بموت أو طلاق حلّت للزوج الأوّل وجاز له العقد علیها بعد انقضاء العدّة من الزوج الثانی، فإذا طلّقها ثلاثاً أُخری حرمت علیه أیضاً حتّی تنکح زوجاً آخر وإن کان ذاک الزوج الثانی المحلِّل فی الثلاث الأُولی، فإذا فارقها حلّت للأوّل، فإذا عقد علیها وطلّقها ثلاثاً فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّها تحلّ له أیضاً إذا نکحت زوجاً غیره.

وهکذا تحرم علیه بعد کلّ طلاق ثالث وتحلّ له بنکاح الغیر بعده وإن طلّقت مائة مرّة إلّا إذا طلّقت تسعاً بالطلاق العدّیّ، وذلک بأن یطلّقها ثّمَّ یراجعها قبل خروجها من العدّة فیواقعها ثُمَّ یطلّقها فی طهر آخر ثُمَّ یراجعها ویواقعها ثُمَّ یطلّقها فی طهر آخر، فتحرم علیه حتّی تنکح زوجاً آخر فإذا نکحت وخلت منه فتزوّجها الأوّل فطلّقها ثلاثاً علی نهج الثلاث الأُولی ثُمَّ حلّت له بمحلّل ثُمَّ عقد علیها ثُمَّ طلّقها ثلاثاً کالأُولیین حرمت

ص: 200

علیه مؤبّداً.

فالنتیجة إنّ الطلاق التسع لا یوجب الحرمة الأبدیّة علی المشهور إلّا فیما إذا وقع الطلاق العدّیّ ثلاث مرات، ویعتبر فیه أمران:

1. تخلّل رجعتین فلا یکفی وقوع عقدین مستأنفین ولا وقوع رجعة وعقد مستأنف فی البین.

2. وقوع المواقعة بعد کلّ رجعة.

فالطلاق العدّیّ مرکّب من ثلاث طلقات اثنتان منها رجعیّة وواحدة منها بائنة، فإذا وقعت ثلاثة منه حتّی کملت تسع طلقات حرمت علیه مؤبّداً.

هذا، ولکن الأحوط لزوماً الاجتناب عن المطلّقة تسعاً مطلقاً وإن لم یکن الجمیع طلاقاً عدّیّاً.

مسألة 523: تقدّم أنَّ المطلَّقة ثلاثاً تحرم علی المطلِّق حتّی تنکح زوجاً غیره، ویعتبر فی زوال التحریم أُمور :

1. أن یکون العقد دائماً لا متعة.

2. أن یطأها الزوج الثانی، والأحوط وجوباً أن یکون الوطء فی القُبُل، ویکفی فیه الوطء الموجب للغسل بغیبوبة الحشفة أو ما یصدق به الدخول من مقطوعها، ولا یعتبر فیه الإنزال وإن کان أحوط استحباباً.

3. أن یکون الزوج الثانی بالغاً حین الوطء فلا یکفی کونه

ص: 201

مراهقاً علی الأحوط لزوماً.

4. أن یفارقها الزوج الثانی بموت أو طلاق.

5. انقضاء عدّتها من الزوج الثانی.

مسألة 524: الطلقات الثلاث إنّما توجب التحریم إذا لم تتزوّج المطلَّقة فی أثنائها من رجل آخر بعقد دائم ویدخل بها وإلّا انهدم حکم الطلاق السابق علیه وتکون کأنّها غیر مطلّقة، فلو طلّق مرّة أو مرّتین فتزوّجت المطلّقة زوجاً آخر ودخل بها ثُمَّ فارقته بموت أو طلاق فتزوّجها الأوّل لم تحرم علیه إذا طلّقها الثالثة بل یتوقّف التحریم علی ثلاث تطلیقات مستأنفة.

مسألة 525: إذا طلّقها ثلاثاً وانقضت مدّة فادّعت أنّها تزوّجت وفارقها الزوج الثانی ومضت العدّة فإن لم تکن متّهمة فی دعواها صُدّقت فیجوز للزوج الأوّل أن ینکحها بعقد جدید من غیر فحص وتفتیش، وإن کانت متّهمة فیما تدّعی فالأحوط لزوماً عدم العقد علیها قبل الفحص عن حالها.

مسألة 526: إذا دخل المحلّل فادّعت الدخول ولم یکذّبها صُدّقتْ وحلّت للزوج الأوّل، وإن کذّبها فیحتمل قبول قولها أیضاً ولکن الأحوط الاقتصار علی صورة حصول الاطمئنان بصدقها، ولو ادّعت الإصابة ثُمَّ رجعت عن قولها، فإن کان قبل أن یعقد الأوّل علیها لم تحلّ له، وإن کان بعد العقد علیها

ص: 202

لم یقبل رجوعها.

مسألة 527: لا فرق فی الوطء المعتبر فی المحلِّل بین المحرَّم والمحلَّل، فلو وطئها مُحرَّماً کالوطء فی حال الإحرام أو فی الصوم الواجب أو فی الحیض ونحو ذلک کفی فی حصول التحلیل للزوج الأوّل.

مسألة 528: لو شکّ الزوج فی إیقاع أصل الطلاق علی زوجته لم یلزمه الطلاق، بل یحکم ظاهراً ببقاء علقة النکاح، ولو علم بأصل الطلاق وشکّ فی عدده بنی علی الأقلّ، سواء أکان الطرف الأکثر الثلاث أم التسع أم غیرهما، فلا یحکم مع الشکّ بالحرمة غیر المؤبّدة فی الأوّل ولا بالحرمة الأبدیّة فی الثانی، ولو شکّ بین الثلاث والتسع بنی علی الأوّل فتحلّ له بالمحلِّل.

مسألة 529: إذا ادّعت الزوجة أنّ زوجها طلّقها وأنکر کان القول قوله بیمینه، وإن انعکس بأن ادّعی الزوج أنّه طلّقها وأنکرت کان القول قولها بیمینها، ولو کان نزاعهما فی زمان وقوع الطلاق بعد ثبوته أو اتّفاقهما علیه بأن ادّعی أنّه طلّقها قبل سنة مثلاً حتّی لا تستحقّ علیه النفقة وغیرها من حقوق الزوجة فی تلک المدّة وادّعت هی تأخّره فلا إشکال فی تقدیم قولها بیمینها.

ثُمَّ إنّ تقدیم قول الزوج أو الزوجة مع الیمین فی هذه الموارد منوط بعدم کونه مخالفاً للظاهر وإلّا قدّم قول خصمه

ص: 203

بیمینه إذا لم یکن کذلک کما مرّ فی نظائرها.

ص: 204

تکمیل فی أحکام الرجعة

مسألة 530: الرجعة هی صدور عمل من الزوج قبل مضیّ العدّة یعدّ - حقیقة أو حکماً - رجوعاً منه عمّا أوقعه من الطلاق فیمنع من تأثیره فی تحقّق البینونة بانقضاء العدّة، فلا رجعة فی البائنة ولا فی الرجعیّة بعد انقضاء عدّتها.

مسألة 531: تتحقّق الرجعة بأحد أمرین:

الأوّل: أن یتکلّم بکلام دالّ علی إنشاء الرجوع کقوله: (راجعتُکِ) أو (رجعتُکِ) أو (ارتجَعتُکِ إلی نکاحی) ونحو ذلک، ولا یعتبر فیه العربیّة بل یقع بکلّ لغةٍ إذا کان بلفظ یفید المعنی المقصود فی تلک اللغة.

الثانی: أن یأتی بفعل یقصد به الرجوع إلیها، فلا تتحقّق بالفعل الخالی عن قصد الرجوع حتّی مثل النظر بشهوة، نعم فی تحقّقه باللمس والتقبیل بشهوة من دون قصد الرجوع إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، وأمّا الوطء فیتحقّق الرجوع به مطلقاً وإن لم یقصد به ذلک، بل وإن قصد العدم، نعم لا عبرة بفعل الغافل والساهی والنائم ونحوهم ممّن لم یقصد الفعل کما لا عبرة بالفعل المقصود به غیر المطلّقة کما لو واقعها باعتقاد أنّها غیرها.

مسألة 532: لا یعتبر الإشهاد فی الرجعة، فتصحّ بدونه وإن

ص: 205

کان الإشهاد أفضل حذراً عن وقوع التخاصم والنزاع، وکذا لا یعتبر فیها اطّلاع الزوجة علیها، فلو راجعها عند نفسه من دون اطّلاع أحد صحّت الرجعة.

مسألة 533: یصحّ التوکیل فی الرجعة، فإذا قال الوکیل: (أرجعتُکِ إلی نکاح موکّلی) أو (رَجَعتُ بک) قاصداً ذلک صحّ.

مسألة 534: لو أنکر الزوج أصل الطلاق وهی فی العدّة کان ذلک رجوعاً وإن علم کذبه.

مسألة 535: یثبت الرجوع بمجرّد ادّعاء الزوج وإخباره به إذا کان فی أثناء العدّة، ولو ادّعاه بعد انقضائها ولم تصدّقه الزوجة لم تقبل دعواه إلّا بالبیّنة، غایة الأمر أنّ له استحلافها علی نفی الرجوع فی العدّة لو أنکرته، ولو قالت: (لا أدری)، فله أن یستحلفها علی نفی العلم.

مسألة 536: تثبت دعوی الرجوع بعد انقضاء العدّة بشهادة رجلین عادلین، وکذلک بشهادة رجل عادل وامرأتین عادلتین، ولا تثبت بشهادة رجل عادل ویمین الزوج.

مسألة 537: إذا رجع الزوج فادّعت الزوجة انقضاء عدّتها وأنکر کان القول قولها بیمینها ما لم تکن متّهمة - کما إذا ادّعت أنّها حاضت فی شهر واحد ثلاث مرّات فانقضت عدّتها - فإنّه لا یقبل قولها حینئذٍ إلّا بالبیّنة.

مسألة 538: إذا اتّفقا علی الرجوع وانقضاء العدّة واختلفا

ص: 206

فی المتقدّم منهما، فادّعی الزوج أنّ المتقدّم هو الرجوع وادّعت هی أنّ المتقدّم انقضاء العدّة، کان القول قول الزوجة بیمینها ما لم تکن متّهمة، سواء أکان تاریخ انقضاء العدّة معلوماً وتاریخ الرجوع مجهولاً، أم کان الأمر بالعکس، أم کانا مجهولی التاریخ.

مسألة 539: إذا طلّق وراجع فأنکرت هی الدخول بها قبل الطلاق لئلّا تکون علیها عدّة ولا تکون له الرجعة وادّعی هو الدخول کان القول قولها مع یمینها إلّا إذا کان مخالفاً للظاهر علی ما تقدّم توضیحه فی المسألة (323).

مسألة 540: إنّ جواز الرجوع فی الطلاق الرجعیّ حکم شرعیّ غیر قابل للإسقاط، ولیس حقّاً قابلاً للإسقاط کالخیار فی البیع الخیاریّ، فلو قال الزوج: (أسقطت ما کان لی من حقّ الرجوع) لم یسقط وکان له الرجوع بعد ذلک، وکذلک إذا صالح عنه بعوض أو غیر عوض.

الفصل الثالث فی العدد

اشارة

العدد جمع (عدّة) وهی أیّام تربّص المرأة بعد مفارقة زوجها، أو بعد الوطء غیر المستحقّ شرعاً لشبهة علی ما سیأتی تفصیله إن شاء الله تعالی.

ص: 207

مسألة 541: یوجب العدّة أُمور :

1. الطلاق بأقسامه.

2. الفسخ بالعیب أو غیره، والانفساخ بالارتداد أو الإسلام أو الرضاع أو نحوها.

3. الوطء بالشبهة مجرّداً عن العقد أو معه.

4. انقضاء المدّة أو هبتها فی عقد الانقطاع.

5. الوفاة.

وفیما یلی أحکام الجمیع:

1. عدّة الطلاق

مسألة 542: إذا طلّقت المرأة من زوجها وجب علیها الاعتداد مدّة معیّنة لا یجوز لها الزواج من غیره قبل انقضائها، وتستثنی من ذلک:

1. من لم یدخل بها زوجها، فإنّه لا عدّة علیها منه، نعم إذا دخل ماؤه فی فرجها بجذب أو نحوه وجبت علیها العدّة، فالموجب للعدّة أحد الأمرین: إمّا دخول الزوج، أو دخول مائه فی فرجها بطریقةٍ ما.

مسألة 543: یتحقّق الدخول بإیلاج تمام الحشفة قُبُلاً أو دُبُراً وإن لم ینزل، بل وإن کان ممّن لا إنزال له کمقطوع الأُنثیین، ویکفی فی مقطوع الحشفة دخول مقدارها بل یکفی صدق

ص: 208

الإدخال بالنسبة إلیه، ولا فرق فی الدخول بین کونه فی حال الیقظة والنوم حتّی لو کان المُدْخِل هی المرأة من غیر شعور الرجل، وکذا لا فرق بین وقوعه حلالاً وحراماً کما إذا دخل بها فی نهار الصوم الواجب المعیّن أو فی حالة الحیض، وکذا لا فرق بین کون الزوج کبیراً وصغیراً.

مسألة 544: لا تجب العدّة بمجرّد الخلوة مع الزوجة وإن کانت الخلوة تامّة ولم یکن مانع من الدخول، کما لا تجب بمباشرتها بغیر الإدخال من ملاعبة أو تقبیل أو تفخیذ.

2. الصغیرة التی لم تکمل تسع سنوات، فإنّه لا عدّة علیها أیضاً وإن دخل بها زوجها اشتباهاً أو علی وجه محرَّم.

3. الیائسة، فلا تجب علیها العدّة وإن کانت مدخولاً بها، ویتحقّق الیأس - بعد انقطاع دم الحیض وعدم رجاء عوده لکبر سنّ المرأة - ببلوغها خمسین سنة قمریّة سواء فی ذلک القرشیّة وغیرها.

مسألة 545: إذا طلّقت ذات الأقراء قبل بلوغ سنّ الیأس ورأت الدم مرّة أو مرّتین ثُمَّ یئست أکملت العدّة بشهر أو شهرین، وکذلک ذات الشهور إذا اعتدّت شهراً أو شهرین ثُمَّ یئست أتمّت ثلاثة.

مسألة 546: إذا ادّعت المرأة أنّها بلغت سنّ الیأس لم یقبل قولها إلّا بالبیّنة.

ص: 209

مسألة 547: المطلّقة التی تجب علیها العدّة علی أقسام:

القسم الأوّل: المطلَّقة غیر الحامل التی یکون الطهر الفاصل بین حیضتین منها أقلّ من ثلاثة أشهر، وعدّتها ثلاثة قروء سواء أکانت مستقیمة الحیض، بأن کانت تحیض فی کلّ شهر مرّة کما هو المتعارف فی أغلب النساء، أم کانت تحیض فی کلّ شهر أزید من مرّة، أو کانت تحیض فی کلّ شهرین مرّة، وسواء أکانت معتادة بأقسامها أم لا.

مسألة 548: المراد بالقروء الأطهار، ویکفی فی الطهر الأوّل مسمّاه ولو کان قلیلاً، فلو طلّقها فحاضت بحیث لم یتخلّل زمان طهر بین إجراء صیغة الطلاق والحیض لم یحسب ذلک الطهر الذی وقع فیه الطلاق من الأطهار الثلاثة واحتاجت فی انتهاء عدّتها إلی أطهار ثلاثة أُخری فتنتهی عدّتها برؤیة الحیضة الرابعة، ولو تخلّل زمان طهرٍ بین الطلاق والحیض ولو کان لحظة احتسب ذلک الطهر الیسیر من الأطهار الثلاثة وانتهت عدّتها برؤیة الحیضة الثالثة، ولا فرق بین الحیض الطبیعیّ وما کان بعلاج وکذا الحال فی الطهر .

مسألة 549: بناءً علی ما تقدّم من کفایة مسمّی الطهر فی الطهر الأوّل ولو لحظة، وإمکان أن تحیض المرأة فی شهر واحد أزید من مرّة، فأقلّ زمان یمکن أن تنقضی به العدّة ستة وعشرون یوماً ولحظتان بأن کان طهرها الأوّل لحظة ثُمَّ تحیض ثلاثة أیّام ثُمَّ تری أقلّ الطهر عشرة أیّام ثُمَّ تحیض ثلاثة أیّام ثُمَّ

ص: 210

تری أقلّ الطهر عشرة أیّام ثُمَّ تحیض فبمجرّد رؤیة الدم الأخیر لحظة من أوّله تنقضی العدّة، وهذه اللحظة الأخیرة خارجة عن العدّة وإنّما یتوقّف علیها تمامیّة الطهر الثالث.

القسم الثانی: المطلّقة غیر الحامل التی یکون الطهر الفاصل بین حیضتین منها ثلاثة أشهر أو أزید، وعدّتها ثلاثة أشهر .

القسم الثالث: المطلّقة غیر الحامل التی تکون مسترابة، وهی من لا تحیض مع کونها فی سنّ من تحیض إمّا لکونها صغیرة السنّ لم تبلغ الحدّ الذی تری الحیض غالب النساء، وإمّا لانقطاع حیضها لمرض أو رضاع أو استعمال دواء ونحو ذلک، وعدّتها ثلاثة أشهر أیضاً.

مسألة 550: المدار فی الشهور علی الشهر الهلالیّ، فإذا طلّقها فی أوّل الشهر اعتدّت إلی ثلاثة أشهر هلالیّة، وإذا طلّقها فی أثناء الشهر اعتدّت بقیّة شهرها وشهرین هلالیّین آخرین ومقداراً من الشهر الرابع تکمل به نقص الشهر الأوّل ثلاثین یوماً علی الأحوط وجوباً، فمن طلّقت فی غروب الیوم العشرین من شهر رجب مثلاً وکان الشهر تسعة وعشرین یوماً وجب علیها أن تکمل نقص شهر رجب بالاعتداد إلی غروب الیوم الحادی والعشرین من شوّال لیکتمل بضمّ ما اعتدّت به من شوّال إلی أیّام العدّة من رجب ثلاثون یوماً.

ص: 211

مسألة 551: قد علم ممّا تقدّم أنّ المرأة إذا کانت تحیض بعد کلّ ثلاثة أشهر مرّة فطلّقها زوجها فی أوّل الطهر ومرّت علیها ثلاثة أشهر بیض فقد خرجت من العدّة وکانت عدّتها الشهور لا الأطهار، وأنّه إذا کانت تحیض فی کلّ ثلاثة أشهر مرّة بحیث لا تمرّ علیها ثلاثة أشهر بیض لا حیض فیها فهذه عدّتها الأطهار لا الشهور، وأمّا إذا اختلف حالها فکانت تحیض فی الحرّ مثلاً فی أقلّ من ثلاثة أشهر مرّة وفی البرد تحیض بعد کلّ ثلاثة أشهر مرّة اعتدّت بالسابق من الشهور والأطهار فإن سبق لها ثلاثة أشهر بیض کانت عدّتها، وإن سبق لها ثلاثة أطهار کانت عدّتها أیضاً.

نعم إذا کانت مستقیمة الحیض فطلّقها زوجها ورأت الدم مرّة ثُمَّ ارتفع علی خلاف عادتها وجهل سببه وأنّه حمل أو سبب آخر فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّها تنتظر تسعة أشهر من یوم طلاقها فإن لم تضع اعتدّت بعد ذلک بثلاثة أشهر وخرجت بذلک عن العدّة، ولکن هذا لا یخلو عن إشکال وإن کان هو الأحوط لزوماً.

القسم الرابع: المطلّقة الحامل، وعدّتها مدّة حملها - وإن کان حملها بإراقة ماء زوجها فی فرجها من دون دخول - وتنقضی بأن تضع حملها ولو بعد الطلاق بساعة.

مسألة 552: الحمل الذی یکون وضعه هو منتهی عدّة

ص: 212

الحامل شامل لما کان سقطاً تامّاً وغیر تامّ حتّی لو کان مضغة أو علقة.

مسألة 553: إذا کانت المطلّقة حاملاً باثنین أو أزید لم تخرج من العدّة بوضع أحدهما بل لا بُدَّ من وضع الجمیع.

مسألة 554: لا بُدَّ من العلم بوضع الحمل أو الاطمئنان به فلا یکفی الظنّ به فضلاً عن الشکّ، نعم یکفی قیام الحجّة علی ذلک کالبیّنة وإن لم تفد الظنّ.

مسألة 555: إنّما تنقضی العدّة بالوضع إذا کان الحمل ملحقاً بمن له العدّة، فلا عبرة بوضع من لم یلحق به فی انقضاء عدّته، فلو کانت حاملاً من الزنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدّة بالوضع بل یکون انقضاؤها بالأقراء والشهور کغیر الحامل، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلاً لا بالنسبة إلی الزانی لأنّه لا عدّة له - کما سیأتی - ولا بالنسبة إلی المطلِّق لأنّ الولد لیس له.

نعم إذا حملت من وطء الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحیث یلحق الولد بالواطئ لا بالزوج فوضعه موجب لانقضاء العدّة بالنسبة إلی الواطئ لا بالنسبة إلی الزوج المطلِّق.

مسألة 556: لو وُطئت شبهة فحملت وأُلحق الولد بالواطئ لبُعد الزوج عنها أو لغیر ذلک ثُمَّ طلّقها الزوج، أو طلّقها ثُمَّ وطئت شبهة علی نحو أُلحق الولد بالواطئ فعلیها الاعتداد

ص: 213

منهما جمیعاً، وهل تتداخل العدّتان أم لا؟ وجهان، والأحوط لزوماً عدم التداخل، وعلیه فتعتدّ أوّلاً لوطء الشبهة وتنقضی بالوضع، وتعتدّ بعده للطلاق ویکون مبدؤها بعد انقضاء نفاسها.

مسألة 557: إذا ادّعت المطلَّقة الحامل أنّها وضعت فانقضت عدّتها وأنکر الزوج، أو انعکس فادّعی الوضع وأنکرت هی، أو ادّعت الحمل وأنکر، أو ادّعت الحمل والوضع معاً وأنکرهما، یقدّم قولها بیمینها فی جمیع ذلک من حیث بقاء العدّة وانقضائها لا من حیث سائر آثار الحمل، ویشترط فی تقدیم قولها أن لا تکون متّهمة فی دعواها وإلّا لم تقبل إلّا بالبیّنة.

مسألة 558: إذا اتّفق الزوجان علی إیقاع الطلاق ووضع الحمل واختلفا فی المتقدّم والمتأخّر منهما، فقال الزوج مثلاً : (وضعتِ بعد الطلاق فانقضت عدّتک)، وقالت الزوجة: (وضعتُ قبل الطلاق فأنا بعدُ فی العدّة)، أو انعکس فقال الزوج: (وضعتِ قبل الطلاق فأنت بعدُ فی العدّة) وأراد الرجوع إلیها، وادّعت الزوجة خلافه، یقدّم قولها بیمینها فی بقاء العدّة وانقضائها ما لم تکن متّهمة، بلا فرق فی ذلک بین ما لم یتّفقا علی زمان أحدهما وما اتّفقا علیه.

مسألة 559: مبدأ عدّة الطلاق من حین وقوعه، حاضراً کان الزوج أو غائباً بلغ الزوجة الخبر أم لا، فلو طلّقها غائباً

ص: 214

ولم یبلغها إلّا بعد مضیّ مدّة بمقدار العدّة فقد انقضت عدّتها ولیس علیها عدّة بعد بلوغ الخبر إلیها.

مسألة 560: لو علمت بالطلاق ولم تعلم وقت وقوعه حتّی تحسب العدّة من ذلک الوقت اعتدّت من الوقت الذی تعلم بعدم تأخّره عنه، بل الأحوط لزوماً أن تعتدّ من حین بلوغ الخبر إلیها.

مسألة 561: تقدّم آنفاً أنّ المطلّقة غیر المدخول بها لا تثبت علیها العدّة، فإذا طلّق الرجل زوجته رجعیّاً بعد الدخول ثُمَّ رجع ثُمَّ طلّقها قبل الدخول فربّما یقال: إنّه لا عدّة علیها؛ لأنّه طلاق قبل الدخول، ولکنّه غیر صحیح بل یجب علیها العدّة من حین الطلاق الثانی، ولا فرق فی ذلک بین کون الطلاق الثانی رجعیّاً أو بائناً.

ولو طلّقها بائناً بعد الدخول ثُمَّ جدّد نکاحها فی أثناء العدّة ثُمَّ طلّقها قبل الدخول لم یجرِ علیه حکم الطلاق قبل الدخول من حیث عدم ثبوت العدّة به، ولکنّه لا یجب علیها استئناف العدّة بل اللازم إکمال عدّتها من الطلاق الأوّل.

مسألة 562: لو اختلفا فی انقضاء العدّة وعدمه قدّم قولها بیمینها سواء ادّعت الانقضاء أو عدمه، وسواء أکانت عدّتها بالأقراء أو بالشهور، نعم إذا کانت متّهمة فی دعواها - کما لو ادّعت أنّها حاضت فی شهر واحد ثلاث مرّات فانقضت عدّتها - لم یقبل قولها إلّا بالبیّنة.

ص: 215

2. عدّة الفسخ والانفساخ

مسألة 563: إذا فسخ الزوج أو الزوجة عقد النکاح لعیب أو نحوه، أو انفسخ العقد بینهما لارتداد أو رضاع أو غیرهما فإن کان ذلک قبل الدخول وما بحکمه - أی دخول ماء الزوج فی فرجها - أو کانت صغیرة أو یائسة لم تثبت علیها العدّة وإلّا اعتدّت نظیر عدّة المطلّقة، فإن کانت حاملاً فعدّتها فترة حملها وإن کانت غیر حامل فعدّتها بالأقراء أو الشهور علی ما تقدّم، وتستثنی من ذلک حالة واحدة وهی ما إذا حصل الانفساخ بارتداد الزوج عن فطرة، فإنّه یجب علی زوجته أن تعتدّ عدّة الوفاة - الآتی بیانها - وإن کانت غیر مدخول بها أو یائسة أو صغیرة علی الأحوط لزوماً.

مسألة 564: مبدأ عدّة الفسخ والانفساخ من حین حصولهما، فلو فسخ الزوج لعیب مثلاً ولم یبلغ ذلک الزوجة إلّا بعد مدّة کانت عدّتها من حین حصول الفسخ لا من حین بلوغ الخبر إلیها.

3. عدّة الوطء بالشبهة

مسألة 565: إذا وطیء الرجل امرأة شبهة باعتقاد أنّها زوجته وجبت علیها العدّة، سواء علمت بکون الرجل أجنبیّاً أم لم

ص: 216

تعلم بذلک، وسواء أکانت ذات بعل أم کانت خلیّة.

مسألة 566: إذا زنی بامرأة مع العلم بکونها أجنبیّة لم تجب علیها العدّة، سواء حملت من الزناء أم لا، فلو کانت ذات بعل جاز لبعلها أن یقاربها من غیر تربّص وإن کانت خلیّة جاز التزوّج بها کذلک، وإن کان الأحوط الأولی استبراء رحمها من ماء الفجور بحیضة قبل التزوّج بها سواء ذلک بالنسبة إلی الزانی وغیره.

هذا إذا کانت المرأة عالمة بالحال، وأمّا إذا اعتقدت أنّ الزانی زوجها فطاوعته فی الوطء فالأحوط لزوماً ثبوت العدّة علیها بذلک.

مسألة 567: عدّة وطء الشبهة کعدّة الطلاق بالأقراء والشهور وبوضع الحمل لو حملت من هذا الوطء علی التفصیل المتقدّم، ومن لم یکن علیها عدّة الطلاق کالصغیرة والیائسة لیس علیها هذه العدّة أیضاً.

مسألة 568: إذا کانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا یجوز لزوجها وطؤها فی مدّة عدّتها، ویجوز له سائر الاستمتاعات منها وإن کان الأحوط الأولی ترکها، ولا تسقط نفقتها فی أیّام العدّة.

مسألة 569: إذا کانت الموطوءة شبهة خلیّة یجوز لواطئها أن یتزوّج بها فی زمن عدّتها بخلاف غیره فإنّه لا یجوز له ذلک.

ص: 217

مسألة 570: لا فرق فی حکم وطء الشبهة من حیث العدّة ونحوها بین أن یکون مجرّداً عن العقد أو معه - بأن وطئ المعقود علیها بتوهّم صحّة العقد مع فساده واقعاً - إلّا فیما سیأتی فی المسألة (573).

مسألة 571: إذا کانت الموطوءة شبهة معتدّة بعدّة الطلاق أو المتعة أو الوفاة فوُطئت شبهة، أو وُطئت شبهة ثُمَّ طلّقها زوجها أو وهب لها المدّة أو مات عنها فعلیها عدّتان علی الأحوط وجوباً، فإن کانت حاملاً من أحدهما تقدّم عدّة الحمل، فبعد وضعه تستأنف العدّة الأُخری أو تستکمل الأُولی، وإن لم تکن حاملاً تقدّم الأسبق منهما وبعد تمامها تستقبل عدّة أُخری من الآخر، وهکذا الحکم فیما إذا وطئ المرأة رجل شبهة ثُمَّ وطئها آخر کذلک فإنّ علیها عدّتان منهما من غیر تداخل علی الأحوط وجوباً، نعم لا اشکال فی التداخل إذا وطئها رجل شبهة مرّة بعد أُخری.

مسألة 572: إذا طلّق زوجته بائناً ثُمَّ وطئها شبهة فهل تتداخل العدّتان بأن تستأنف عدّة للوطء وتشترک معها عدّة الطلاق أو لا تتداخل؟ قولان، الصحیح هو الأوّل، من دون فرق بین کون العدّتین من جنس واحد أو من جنسین بأن یطلّقها حاملاً ثُمَّ یطأها شبهة أو یطلّقها حائلاً ثُمَّ یطأها شبهة فتحمل منه.

ص: 218

مسألة 573: مبدأ عدّة وطء الشبهة المجرّدة عن التزویج حین الفراغ من الوطء، وأمّا إذا کان مع التزویج الفاسد فهل هو کذلک أو من حین تبیّن الحال؟ وجهان، والأحوط لزوماً الثانی.

4. عدّة المتمتّع بها

مسألة 574: عدّة المتمتّع بها فی الحامل مدّة حملها، وفی الحائل المدخول بها - غیر الصغیرة والیائسة - حیضتان کاملتان، ولا تکفی فیها حیضة واحدة علی الأحوط وجوباً، هذا إذا کانت ممّن تحیض وإن کانت لا تحیض وهی فی سنّ من تحیض فعدّتها خمسة وأربعون یوماً وقد تقدّم ذلک فی المسألة (259).

مسألة 575: مبدأ عدّة المتمتع بها من حین انقضاء المدّة أو هبتها، فإذا انقضت مدّتها وهی لا تدری أو وهبها لها ولم یبلغها الخبر إلّا بعد مدّةٍ حاضت خلالها مرّتین مثلاً، فقد انقضت عدّتها ولیس علیها عدّة بعد بلوغ الخبر إلیها.

مسألة 576: إذا مات زوج المتمتّع بها فی أثناء مدّتها وجبت علیها عدّة الوفاة کما فی الدائمة، وأمّا لو مات بعد انقضاء المدة أو هبتها وقبل تمام عدّتها لم تنقلب عدّتها الی عدّة الوفاة؛ لأنّها بائنة وقد انقطعت عصمتها، وأمّا إذا مات مقارناً للانقضاء فیحتمل وجوب عدّة الوفاة علیها، ولکن الصحیح عدم ثبوتها أیضاً.

ص: 219

مسألة 577: إذا عقد علی امرأة بالعقد المنقطع ثُمَّ وهبها المدّة بعد الدخول ثُمَّ تزوّجها دواماً أو انقطاعاً ثُمَّ طلّقها أو وهبها المدّة قبل الدخول، ففی جریان حکم الطلاق أو هبة المدّة قبل الدخول فی عدم ثبوت العدّة علیها، وعدمه وجهان، والصحیح هو الثانی، ولکنّه لا یجب علیها استئناف العدّة بل اللازم إکمال عدّتها الأُولی.

5. عدّة الوفاة

مسألة 578: إذا توفّی الزوج وجب الاعتداد علی زوجته صغیرة کانت أم کبیرة، یائسة کانت أم غیرها، مسلمة کانت أم کتابیّة، مدخولاً بها أم غیرها، دائمة کانت أم متمتّعاً بها، ولا فرق فی الزوج بین الکبیر والصغیر والعاقل وغیره.

ویختلف مقدار العدّة تبعاً لوجود الحمل وعدمه فإذا لم تکن الزوجة حاملاً اعتدّت أربعة أشهر وعشرة أیّام، وإن کانت حاملاً کانت عدّتها أبعد الأجلین من هذه المدّة ووضع الحمل، فتستمرّ الحامل فی عدّتها إلی أن تضع ثُمَّ تری فإن کان قد مضی علی وفاة زوجها حین الوضع أربعة أشهر وعشرة أیّام فقد انتهت عدّتها، وإلّا استمرّت فی عدّتها إلی أن تکمل هذه المدّة.

ص: 220

مسألة 579: المراد بالأشهر هی الهلالیّة، فإن توفّی الزوج أوّل رؤیة الهلال اعتدّت زوجته بأربعة أشهر هلالیّات وضمّت إلیها من الشهر الخامس عشرة أیّام، وإن مات فی أثناء الشهر فعلیها أن تجعل ثلاثة أشهر هلالیّات فی الوسط وتکمل نقص الشهر الأوّل من الشهر الخامس ثلاثین یوماً علی الأحوط وجوباً وتضیف إلیها عشرة أیّام أُخری، والأحوط الأولی أن تحتسب الشهور عددیّة بأن تعدّ کلّ شهر ثلاثین یوماً فتکون المدّة مائة وثلاثین یوماً.

مسألة 580: إذا طلّق زوجته ثُمَّ مات قبل انقضاء العدّة، فإن کان الطلاق رجعیّاً بطلت عدّة الطلاق واعتدّت عدّة الوفاة من حین بلوغها الخبر، فإن کانت حائلاً اعتدّت أربعة أشهر وعشراً، وإن کانت حاملاً اعتدّت بأبعد الأجلین منها ومن وضع الحمل کغیر المطلّقة، وإن کان الطلاق بائناً اقتصرت علی إتمام عدّة الطلاق ولا عدّة علیها بسبب الوفاة.

مسألة 581: کما یجب علی الزوجة إن تعتدّ عند وفاة زوجها کذلک یجب علیها الحداد مادامت فی العدّة، والمقصود به ترک ما یعدّ زینة لها سواء فی البدن أم فی اللباس، فتترک الکحل والطیب والخضاب والحمرة والخطاط ونحوها کما تجتنب لبس المصوغات الذهبیّة والفضیّة وغیرها من أنواع الحلیّ، وکذا اللباس الأحمر والأصفر ونحوهما من الألوان التی تعدّ زینة

ص: 221

عند العرف، وربّما یکون اللباس الأسود کذلک إمّا لکیفیّة تفصیله أو لبعض الخصوصیّات المشتمل علیها مثل کونه مخطّطاً.

وبالجملة: علیها أن تترک فی فترة العدّة کلّ ما یعدّ زینة للمرأة بحسب العرف الاجتماعیّ الذی تعیشه، ومن المعلوم اختلافه بحسب اختلاف الأزمنة والأمکنة والتقالید.

وأمّا ما لا یعدّ زینة لها، مثل تنظیف البدن واللباس وتقلیم الأظفار والاستحمام وتمشیط الشعر والافتراش بالفراش الفاخر والسکنی فی المساکن المزیّنة وتزیین أولادها، فلا بأس به.

مسألة 582: لا فرق فی وجوب الحداد بین المسلمة والکتابیّة کما لا فرق بین الدائمة والمتمتّع بها، ولا یجب علی الصغیرة والمجنونة، بمعنی أنّه لا یجب علی ولیّهما أن یجنّبهما التزیین ما دامتا فی العدّة.

مسألة 583: لا فرق فی الزوج المتوفّی بین الکبیر والصغیر، ولا بین العاقل والمجنون، فیجب الحداد علی زوجة الصغیر والمجنون عند وفاتهما کما یجب علی زوجة الکبیر والعاقل عندها.

مسألة 584: إنّ الحداد لیس شرطاً فی صحّة العدّة بل هو تکلیف استقلالیّ فی زمانها، فلو ترکته عصیاناً أو جهلاً أو

ص: 222

نسیاناً فی تمام المدّة أو فی بعضها لم یجب علیها استئنافها، أو تدارک مقدار ما اعتدّت بدونه فیجوز لها التزوّج بعد انقضاء العدّة علی کلّ تقدیر .

مسألة 585: لا یجب علی المعتدّة عدّة الوفاة أن تبقی فی البیت الذی کانت تسکنه عند وفاة زوجها، فیجوز لها تغییر مسکنها والانتقال إلی مسکن آخر للاعتداد فیه، کما لا یحرم علیها الخروج من بیتها الذی تعتدّ فیه إذا کان لضرورة تقتضیه، أو لأداء حقّ أو فعل طاعة أو قضاء حاجة، نعم یکره لها الخروج لغیر ما ذکر، کما یکره لها المبیت خارج بیتها.

مسألة 586: مبدأ عدّة الوفاة فیما إذا کان الزوج حاضراً من حین وقوعها، وأمّا إذا کان غائباً فمن حین بلوغ الخبر إلی زوجته، وهکذا بالنسبة إلی الحاضر إذا لم یبلغها خبر وفاته إلّا بعد مدّة لمرض أو حبس أو غیر ذلک فتعتدّ من حین إخبارها بموته، وفی عموم الحکم للصغیرة والمجنونة إشکال فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیهما.

مسألة 587: یعتبر فی الإخبار الموجب للاعتداد من حینه أن یکون حجّة شرعاً، کأن یکون بیّنة عادلة أو موجباً للعلم أو الاطمئنان، فلو أخبرها شخص بوفاة زوجها الغائب ولم تثق بصحّة خبره لم یجب علیها الاعتداد من حینه، ولو اعتدّت ثُمَّ ظهر صحّة الخبر لم تکتفِ بالاعتداد السابق بل علیها أن تعتدّ من حین

ص: 223

ثبوت وفاته عندها.

الفصل الرابع فی أحکام المفقود زوجها

مسألة 588: المفقود المنقطع خبره عن أهله علی قسمین:

القسم الأوّل: من تعلم زوجته بحیاته ولکنّها لا تعلم فی أیّ بلد هو، وحکمها حینئذٍ لزوم الصبر والانتظار إلی أن یرجع إلیها زوجها أو یأتیها خبر موته، أو طلاقه، أو ارتداده، فلیس لها المطالبة بالطلاق قبل ذلک.

نعم إذا طالت المدّة، ولم یکن طریق للاتّصال به ولم یکن له مال ینفق منه علیها ولم ینفق علیها ولیّه من مال نفسه ففی جواز طلاقها من قبل الحاکم الشرعیّ بطلب منها إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

وإذا ثبت لدی الحاکم الشرعیّ أنّه قد هجرها تارکاً أداء ما لها من الحقوق الزوجیّة، وقد تعمّد إخفاء موضعه لکی لا یتسنّی للحاکم الشرعیّ - فیما إذا رفعت الزوجة أمرها إلیه - أن یتّصل به ویلزمه بأحد الأمرین: إمّا أداء حقوقها أو طلاقها، ویطلّقها لو تعذّر إلزامه بأحدهما، ففی هذه الحالة یجوز للحاکم الشرعیّ أن یطلّقها فیما إذا طلبت منه ذلک، فإنّ حکم هذا المفقود حکم غیره المتقدّم فی المسألة (357).

ص: 224

القسم الثانی: من لا تعلم زوجته حیاته ولا موته وفیه حالتان:

الحالة الأُولی: أن یکون للزوج مال ینفق منه علی زوجته، أو یقوم ولیّه بالإنفاق علیها من مال نفسه، وفی هذه الحالة یجب علی الزوجة الصبر والانتظار کما فی القسم الأوّل المتقدّم، ولیس لها المطالبة بالطلاق مادام ینفق علیها من مال زوجها أو من مال ولیّه وإن طالت المدّة.

الحالة الثانیة: أن لا یکون للزوج مال ینفق منه علی زوجته، ولا ینفق علیها ولیّه من مال نفسه، وحینئذٍ یجوز لها أن ترفع أمرها إلی الحاکم الشرعیّ أو المأذون من قبله فی ذلک فیؤجّلها أربع سنین ویأمر بالفحص عنه خلال هذه المدّة، فإن انقضت السنین الأربع ولم تتبیّن حیاته ولا موته أمر الحاکم ولیّه بطلاقها، فإن لم یُقْدِم علی الطلاق أجبره علی ذلک، فإن لم یمکن إجباره أو لم یکن له ولیّ طلّقها الحاکم بنفسه أو بوکیله فتعتدّ أربعة أشهر وعشرة أیّام، فإذا خرجت من العدّة صارت أجنبیّة عن زوجها وجاز لها أن تتزوّج ممّن تشاء.

ویختصّ هذا الحکم بالنکاح الدائم فلا یجری فی المتعة.

مسألة 589: ظاهر کلمات جمع من الفقهاء (قدّس الله أسرارهم) أنّه کما لا یحقّ لزوجة المفقود غیر المعلوم حیاته أن تطالب بالطلاق إلّا مع عدم توفّر مال للزوج ینفق منه علیها

ص: 225

وعدم إنفاق ولیّه علیها من مال نفسه کذلک لا یحقّ لها أن ترفع أمرها إلی الحاکم الشرعیّ مطالبة إیّاه بتأجیلها أربع سنوات والفحص عن زوجها خلال ذلک إلّا بعد انقطاع الإنفاق علیها من مال الزوج ومن مال ولیّه، ولکن الصحیح أنّه یحقّ لها المطالبة بالتأجیل والفحص فی حال الإنفاق علیها أیضاً إذا احتمل نفاد مال الزوج وانقطاع ولیّه عن الإنفاق علیها قبل تبیّن حیاته أو وفاته.

وفائدة ذلک أنّه لو انقضت السنوات الأربع وقد فحص خلالها عن الزوج ولم تتبیّن حیاته ولا مماته جاز لزوجته المطالبة بالطلاق متی انقطع الإنفاق علیها من ماله ومن مال ولیّه من غیر حاجة إلی الانتظار أربع سنوات أُخری وتجدید الفحص خلالها عنه.

مسألة 590: إذا کانت للمفقود الذی لا تعلم حیاته زوجات أُخری لم یرفعن أمرهن إلی الحاکم یجوز للحاکم طلاقهنّ إذا طلبن ذلک، أی یجتزئ بمضیّ المدّة المذکورة والفحص عنه بعد طلب إحداهنّ ولا یحتاج إلی تأجیل وفحص جدید.

مسألة 591: المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّه لا یحقّ لزوجة المفقود غیر المعلوم حیاته المطالبة بالطلاق منه وإن مضی علی فقده أربع سنوات مع تحقّق الفحص خلالها عنه إذا لم یکن ذلک بتأجیل من الحاکم الشرعیّ

ص: 226

وأمره بالفحص عنه خلال تلک المدّة، ولکن الصحیح هو الاجتزاء بالفحص عنه أربع سنوات بعد فقده مع وقوع جزء من الفحص بأمر الحاکم الشرعیّ وإن لم یکن بتأجیل منه، فلو رفعت الزوجة أمرها إلی الحاکم بعد أربع سنوات مثلاً من فقد زوجها مع قیامها بالفحص عنه خلال تلک المدّة أمر الحاکم بتجدید الفحص عنه مقداراً ما - مع احتمال ترتّب الفائدة علیه - فإذا لم یبلغ عنه خبر أمر بطلاقها علی ما تقدّم.

مسألة 592: تقدّم أنّه لا یحقّ لزوجة المفقود غیر المعلوم حیاته المطالبة بالطلاق مادام للمفقود مال ینفق منه علیها أو ینفق ولیّه علیها من مال نفسه، فهل الحکم کذلک فیما إذا وجد متبرّع بنفقتها من شخص أو مؤسّسة حکومیّة أو أهلیّة أم لا؟ وجهان، والصحیح هو الوجه الثانی، فیجوز لها المطالبة بالطلاق بالشروط المتقدّمة إذا لم ینفق علیها من مال الزوج أو من مال ولیّه وإن وجد من ینفق علیها من غیر هذین الطریقین.

مسألة 593: الولیّ الذی لا یحقّ لزوجة المفقود المطالبة بالطلاق منه مادام ینفق علیها من مال نفسه والذی یأمره الحاکم الشرعیّ - مع عدم إنفاقه علیها - بطلاقها ویجبره علی الطلاق لو امتنع منه هو أبو المفقود وجدّه لأبیه، وإذا کان للمفقود وکیل مفوّض إلیه طلاق زوجته کان بحکم الولیّ من

ص: 227

جهة الطلاق.

مسألة 594: لا فرق فی المفقود - فیما ذکر من الأحکام - بین المسافر والهارب، ومن کان فی معرکة قتال ففقد، ومن انکسرت سفینته فی البحر فلم یظهر له أثر ومن أخذه قطّاع الطرق أو الأعداء فذهبوا به، ومن اعتقلته السلطات الحکومیّة فانقطعت أخباره ولم یعلم مکان اعتقاله.

مسألة 595: لیس للفحص عن المفقود کیفیّة خاصّة وطریقة معیّنة، بل المدار علی ما یعدّ طلباً وفحصاً وتفتیشاً، ویختلف ذلک باختلاف أنواع المفقودین، فالمسافر المفقود یبعث من یعرفه باسمه وشخصه أو بحِلْیَتِه إلی مظانّ وجوده للظفر به، أو یکتب إلی من یعرفه لیتفقّد عنه فیما یحتمل وجوده فیه من البلاد، أو یطلب من المسافرین إلیها من الزوّار والحجّاج والتجّار وغیرهم أن یتفقّدوا عنه فی مسیرهم ومنازلهم ومقامهم ویستخبر منهم إذا رجعوا من أسفارهم.

وأمّا المفقود فی جبهات القتال فتراجع بشأنه الدوائر المَعْنیّة بأحوال الجنود المشارکین فی المعرکة أو یسأل عنه رِفاقه العائدون من الجبهات والأسری العائدون من الأسر .

وأمّا المعتقل المفقود فتسأل عنه دوائر الشرطة والجهات الأمنیّة ذات العلاقة وهکذا.

مسألة 596: مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام -

ص: 228

کما تقدّم - ولا یعتبر فیه الاتّصال التامّ بل یکفی فیه تصدّی الطلب عنه بحیث یصدق عرفاً أنّه قد فحص عنه فی تلک المدّة.

مسألة 597: المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثاله، فالمسافر المفقود فی بلدٍ مخصوص أو جهةٍ مخصوصةٍ إذا دلّت القرائن علی عدم انتقاله منها کفی البحث عنه فی ذلک البلد أو تلک الجهة، ولا یعتبر استقصاء البلد والجهات، ولا یعتنی باحتمال وصوله إلی بلدٍ احتمالاً بعیداً.

مسألة 598: المسافر المفقود إذا علم أنّه کان فی بلد معیّن فی زمان ثُمَّ انقطع أثره یتفحّص عنه أوّلاً فی ذلک البلد علی النحو المتعارف، بأن یسأل عنه فی جوامعه ومجامعه وفنادقه وأسواقه ومتنزّهاته ومستشفیاته وسجونه ونحوها، ولا یلزم استقصاء تلک المحال بالتفتیش والسؤال بل یکتفی بالبعض المعتدّ به من مشاهیرها، ویلاحظ فی ذلک زِیّ المفقود وصنعته وحرفته فیتفقّد عنه فی المحالّ المناسبة له ویسأل عنه أبناء صنفه وحرفته، مثلاً إذا کان من طلبة العلم فالمحلّ المناسب له المدارس ومجامع العلم فیسأل عنه العلماء وطلبة العلم وهکذا بقیّة الأصناف کالتجّار والحرفیّین والأطبّاء ونحوهم.

فإذا تمّ الفحص فی ذلک البلد ولم یظهر منه أثر، ولم یعلم

ص: 229

موته ولا حیاته، فإن لم یحتمل انتقاله منه إلی محلٍّ آخر بقرائن الأحوال سقط الفحص والسؤال واکتفی بانقضاء مدّة التربّص أربع سنین کما تقدّم، وإن احتمل الانتقال احتمالاً معتدّاً به فإن تساوت الجهات فی احتمال انتقاله منه إلیها تفحّص عنه فی تلک الجهات، ولا یلزم الاستقصاء بالتفتیش فی کلّ قریة قریة ولا فی کلّ بلدة بلدة بل یکتفی ببعض الأماکن المهمّة والمعروفة فی کلّ جهةٍ مراعیاً للأقرب فالأقرب إلی البلد الأوّل، وإذا کان احتمال انتقاله إلی بعضها أقوی فاللازم جعل محلّ الفحص ذلک البعض، ویکتفی بالفحص فیه إذا بعد احتمال انتقاله إلی غیره.

هذا فیما إذا علم أنّ المسافر المفقود کان فی بلد معیّن فی زمان، وأمّا إذا علم أنّه کان فی بعض الأقطار کإیران والعراق ولبنان والهند ثُمَّ انقطع أثره کفی الفحص عنه مدّة التربّص فی بلادها المشهورة التی تشدّ إلیها الرحال مع ملاحظة صنف المفقود وحرفته فی ذلک.

وإذا علم أنّه خرج من منزله قاصداً التوجّه إلی بلد معیّن - کالعراقی إذا خرج برّاً یرید زیارة الإمام الرضا (علیه السلام) فی مشهده المقدّس بخراسان ثُمَّ انقطع خبره - یکفی الفحص عنه فی البلاد والمنازل الواقعة علی طریقه إلی ذلک البلد، وفی نفس ذلک البلد، ولا یجب الفحص عنه فی الأماکن البعیدة عن

ص: 230

الطریق فضلاً عن البلاد الواقعة فی أطراف ذلک القطر .

وإذا علم أنّه خرج من منزله مریداً للسفر أو هرب ولا یدری إلی أین توجّه وانقطع أثره لزم الفحص عنه مدّة التربّص فی الأطراف والجوانب التی یحتمل وصوله إلیه احتمالاً معتدّاً به، ولا یُنظر إلی ما بَعُد احتمال توجّهه إلیه.

مسألة 599: یجوز للحاکم الاستنابة فی الفحص وإن کان النائب نفس الزوجة، فإذا رفعت أمرها إلیه فقال: (تفحّصوا عنه إلی أن تمضی أربع سنوات)،ثُمَّ تصدّت الزوجة أو بعض أقاربها للفحص والطلب حتّی مضت المدّة کفی.

مسألة 600: لا تشترط العدالة فی النائب وفیمن یستخبر منهم عن حال المفقود بل یکفی الاطمئنان بصحّة أقوالهم.

مسألة 601: إذا تعذّر الفحص مدّة لم یسقط فیلزم زوجة المفقود الانتظار إلی حین تیسّره، نعم إذا علم أنّه لا یجدی فی معرفة حاله ولا یترتّب علیه أثر أصلاً سقط وجوبه، ولکن لا یجوز طلاقها قبل مضیّ المدّة علی الأحوط وجوباً.

مسألة 602: إذا تحقّق الفحص التامّ قبل انقضاء المدّة فإن احتمل الوجدان بالفحص فی المقدار الباقی ولو بعیداً لزم الفحص، وإن تیقّن عدم الوجدان سقط وجوب الفحص، ولکن یجب الانتظار إلی تمام المدّة علی الأحوط وجوباً.

مسألة 603: إذا تمّت السنوات الأربع واحتمل وجدانه بالفحص بعدها لم یجب بل یکتفی بالفحص فی المدّة

ص: 231

المضروبة.

مسألة 604: یجوز لها اختیار البقاء علی الزوجیّة بعد رفع الأمر إلی الحاکم قبل أن تطلَّق ولو بعد تحقّق الفحص وانقضاء الأجل، فلیست هی ملزمة باختیار الطلاق، ولها أن تعدل عن اختیار البقاء إلی اختیار الطلاق وحینئذٍ لا یلزم تجدید ضرب الأجل والفحص بل یکتفی بالأوّل.

مسألة 605: العدّة الواقعة بعد الطلاق من الولیّ أو الحاکم عدّة طلاق وإن کانت بقدر عدّة الوفاة أربعة أشهر وعشراً، وهو طلاق رجعیّ فتستحقّ النفقة أیّامها، وإذا حضر الزوج أثناء العدّة جاز له الرجوع إلیها، وإذا مات أحدهما فی العدّة ورثه الآخر، ولو مات بعد العدّة فلا توارث بینهما ولیس علیها حداد بعد الطلاق فی أیّام العدّة.

مسألة 606: إذا تبیّن موت الزوج المفقود قبل انقضاء المدّة أو بعده قبل الطلاق وجب علیها عدّة الوفاة، وإذا تبیّن بعد انقضاء العدّة اکتفی بها، سواء أکان التبیّن قبل التزوّج من غیره أم بعده، وسواء أکان موته المتبیّن وقع قبل الشروع فی العدّة أم بعدها أم فی أثنائها أم بعد التزوّج من الغیر، وأمّا لو تبیّن موته فی أثناء العدّة فهل یکتفی بإتمامها أو تستأنف عدّة الوفاة من حین التبیّن؟ وجهان، والصحیح هو الوجه الثانی.

مسألة 607: إذا جاء الزوج بعد الفحص وانقضاء الأجل فإن کان قبل الطلاق فهی زوجته، وإن کان بعده فإن کان فی أثناء

ص: 232

العدّة فله الرجوع إلیها کما تقدّم کما أنّ له إبقاءها علی حالها حتّی تنقضی عدّتها وتبین منه، وإن کان بعد انقضائها فإن تزوّجت من غیره فلا سبیل له علیها کما مرّ، وإن لم تتزوّج ففی جواز رجوعها إلیه وعدمه قولان، والصحیح هو القول الثانی.

مسألة 608: إذا تبیّن بعد الطلاق وانقضاء العدّة عدم وقوع المقدّمات علی الوجه المعتبر شرعاً، کأن تبیّن عدم تحقّق الفحص علی وجهه، أو عدم انقضاء مدّة أربع سنوات، أو عدم تحقّق شروط الطلاق أو نحو ذلک، لزم التدارک ولو بالاستئناف، وإذا کان ذلک بعد تزوّجها من الغیر کان باطلاً، وإن کان الزوج الثانی قد دخل بها جاهلاً بالحال حرمت علیه أبداً علی الأحوط لزوماً.

نعم إذا تبیّن أنّ العقد علیها وقع بعد موت زوجها المفقود وقبل أن یبلغ خبره إلیها فالعقد وإن کان باطلاً إلّا أنّه لا یوجب الحرمة الأبدیّة حتّی مع الدخول؛ لعدم کونها حین وقوعه ذات بعل ولا ذات عدّة، کما تقدّم فی المسألة (198).

مسألة 609: إذا حصل لزوجة الغائب بسبب القرائن وتراکم الأمارات العلم بموته جاز لها بینها وبین الله تعالی أن تتزوّج بعد العدّة من دون حاجة إلی مراجعة الحاکم، ولیس لأحد علیها اعتراض ما لم یعلم کذبها فی دعوی العلم، نعم فی جواز الاکتفاء بقولها لمن یرید الزواج بها، وکذا لمن یصیر وکیلاً عنها فی إیقاع العقد علیها، إشکال کما تقدّم فی المسألة (54).

ص: 233

مسألة 610: ذکر بعض الأکابر من الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّ المفقود غیر المعلوم حیاته إذا أمکن إعمال الکیفیّات المتقدّمة من ضرب الأجل والفحص لتخلیص زوجته ولکن کان ذلک موجباً لوقوعها فی المعصیة لعدم صبرها عن الزوج یجوز للحاکم الشرعیّ المبادرة إلی طلاقها تلبیة لطلبها من دون إعمال تلک الکیفیّات، وکذلک إذا لم یکن لها من ینفق علیها خلال المدّة المضروبة.

وذکر أیضاً أنّ المفقود المعلوم حیاته مع عدم تمکّن زوجته من الصبر یجوز للحاکم الشرعیّ أن یطلّقها استجابة لطلبها، وکذلک المحبوس الذی لا یرجی إطلاقه من الحبس أبداً، ولکن ما أفاده (قدّس سرّه) غیر تامّ.

ص: 234

کتاب الخلع والمباراة

ص: 235

ص: 236

کتاب الخلع والمباراة

طلاق الخلع

مسألة 611: الخلع هو الطلاق بفدیة من الزوجة الکارهة لزوجها، وإذا کانت الکراهة من الطرفین کان مباراة، وإن کانت الکراهة من طرف الزوج خاصّة لم یکن خلعاً ولا مباراة.

فالخلع والمباراة نوعان من الطلاق فإذا انضمّ إلی أحدهما تطلیقتان حرمت المطلَّقة علی المطلِّق حتّی تنکح زوجاً غیره.

مسألة 612: یشترط فی الخلع جمیع ما تقدّم اعتباره فی الطلاق وهی ثلاثة أُمور :

الأوّل: الصیغة الخاصّة، وهی هنا قوله: (أنتِ أو فلانة أو هذه طالق علی کذا) وقوله: (خَلعتُکِ علی کذا) أو (أنتِ أو فلانة

ص: 237

أو هذه مُخْتلِعة علی کذا) بکسر مختلعة وفی صحّته بالفتح إشکال، ولا یعتبر فی الأوّل إلحاقه بقوله: (فأنتِ أو فهی مختلِعة علی کذا) کما لا یعتبر فی الأخیرین إلحاقهما بقوله: (فهی أو فأنتِ طالق علی کذا) وإن کان الإلحاق أحوط استحباباً، ولا یقع الخلع بالتقایل بین الزوجین کما لا یقع بغیر لفظَیِ الطلاق والخلع علی النهج المتقدّم.

الثانی: التنجیز، فلو علّق الخلع علی أمر مستقبلیّ معلوم الحصول أو متوقّع الحصول، أو أمر حالیّ محتمل الحصول من غیر أن یکون مقوّماً لصحّة الخلع بطل، ولا یضرّ تعلیقه علی أمر حالیّ معلوم الحصول أو أمر محتمل الحصول ولکنّه کان مقوّماً لصحّة الخلع کما لو قال: (خلعتکِ إن کنتِ زوجتی أو إن کنتِ کارهةً لی).

الثالث: الإشهاد، بمعنی إیقاع الخلع بحضور رجلین عادلین یسمعان الإنشاء.

مسألة 613: یشترط فی الزوج الخالع جمیع ما تقدّم اعتباره فی المطلِّق من البلوغ والعقل والقصد والاختیار، والإشکال المتقدّم فی طلاق من بلغ عشر سنین جارٍ فی خُلعه أیضاً فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

ویشترط فی الخالع مضافاً إلی ذلک أن لا یکون کارهاً

ص: 238

لزوجته وإلّا لم یقع خلعاً بل یکون مباراة إذا کانت هی أیضاً کارهة لزوجها کما مرّ .

مسألة 614: یشترط فی الزوجة المختلعة جمیع ما تقدّم اعتباره فی المطلَّقة من کونها زوجة دائمة، وکونها معیّنة بالاسم أو بالإشارة الرافعة للإبهام، وکونها طاهرة من الحیض والنفاس إلّا فی الموارد المستثناة، وکونها فی طهر لم یواقعها زوجها فیه إلّا فی الموارد المستثناة أیضاً، ولا یعتبر فیها البلوغ ولا العقل، فیصحّ خلع الصغیرة والمجنونة ویتولّی ولیّهما بذل الفداء.

مسألة 615: یشترط فی المختلِعة - مضافاً إلی ما تقدّم - أمران آخران:

الأمر الأوّل: أن تکون کارهة لزوجها کما تقدّم، ویعتبر بلوغ کراهتها له حدّاً یحملها علی تهدیده بترک رعایة حقوقه الزوجیّة وعدم إقامة حدود الله تعالی فیه.

مسألة 616: الکراهة المعتبرة فی الخلع أعمّ من أن تکون ذاتیّة ناشئة من خصوصیّات الزوج کقبح منظره وسوء خلقه وفقره وغیر ذلک، وأن تکون عرضیّة من جهة عدم إیفائه بعض حقوقها المستحبّة أو قیامه ببعض الأعمال التی تخالف ذوقها کالتزوّج علیها بأُخری.

ص: 239

وأمّا إذا کان منشأ الکراهة وطلب المفارقة إیذاء الزوج لها بالسبّ والشتم والضرب ونحوها فأرادت تخلیص نفسها منه فبذلت شیئاً لیطلّقها فلا یصحّ البذل ویبطل الطلاق خلعاً بل مطلقاً.

ولو کان منشأ الکراهة عدم وفاء الزوج ببعض حقوقها الواجبة کالقَسْم والنفقة صحّ طلاقها خلعاً.

مسألة 617: لو طلّقها بعوض مع عدم کراهتها لم یصحّ الخلع ولم یملک الفدیة، بل ولا یصحّ أصل الطلاق إلّا إذا أوقعه بصیغة الطلاق أو أتبعه بها قاصداً - فی الحقیقة - طلاقها بدون عوض، وملک الفدیة بسبب مستقلّ قد أخذ الطلاق شرطاً فیه، کما إذا صالحته علی مال واشترطت علیه أن یطلّقها فإنّه بعقد الصلح المذکور یملک المال وعلیه الطلاق، ولا یکون الطلاق حینئذٍ خلعیّاً بل یکون رجعیّاً فی مورده، حتّی إذا اشترطت علیه عدم الرجوع إلّا أنّه یحرم علیه مخالفة الشرط، غیر أنّه إذا خالف ورجع صحّ رجوعه ویثبت للزوجة الخیار فی فسخ عقد الصلح من جهة تخلّف الشرط.

الأمر الثانی - ممّا یعتبر فی المختلعة - : أن تبذل الفداء لزوجها عوضاً عن الطلاق، ویعتبر فی الفداء أن یکون ممّا یصحّ تملُّکه أو ما بحکمه کأن تبذل دَیْناً لها فی ذمّته، وأن یکون

ص: 240

متموّلاً عیناً کان أو دَیْناً أو منفعة وإن زاد علی المهر المسمّی، وأن یکون معلوماً فلو خالعها علی ألف ولم یعیّن بطل الخلع، بل الأحوط لزوماً أن یکون معلوماً علی النحو المعتبر فی المعاوضات بأن یکون معلوماً بالکیل فی المکیل وبالوزن فی الموزون وبالعدّ فی المعدود وبالمشاهدة فیما یعتبر بها.

نعم إذا کان المبذول مهرها المسمّی کفی العلم به علی نحو العلم المعتبر فی المهر وقد تقدّم بیانه فی المسألة (288)، ویصحّ جعل الفداء إرضاع ولده ولکن مشروطاً بتعیین المدّة، واذا جعل کلّیّاً فی ذمّتها یجوز جعله حالّاً ومؤجّلاً مع ضبط الأجل.

مسألة 618: یعتبر فی الفداء أن یکون بذله باختیار الزوجة، فلا یصحّ مع إکراهها علی البذل سواء أکان الإکراه من الزوج أم من غیره.

مسألة 619: یعتبر فی الفداء أن یکون مملوکاً للمختلعة أو ما بحکمه کألف دینار علی ذمّتها أو منفعة دارها إلی عشر سنوات مثلاً، ولا یصحّ لو کان مملوکاً للغیر، فلو تبرّع الأجنبیّ ببذل الفداء لزوجها لم یصحّ طلاقها خلعاً، نعم یصحّ البذل ویصحّ الطلاق إذا أوقعه بصیغة الطلاق أو أتبعه بها قاصداً - فی الحقیقة- طلاقها بدون عوض، ویکون رجعیّاً أو بائناً علی

ص: 241

حسب اختلاف موارده.

وهکذا الحال فیما إذا أذن الغیر لها فی الافتداء بماله فبذلته لزوجها لیطلّقها، أو قام الغیر ببذل الفداء له من ماله علی وجه مضمون علیها کما لو قالت لشخص: (أبذل لزوجی ألف دینار لیطلّقنی) فبذل له ذلک فطلّقها، فإنّه یصحّ البذل والطلاق ویحقّ للباذل الرجوع به علیها لوقوع البذل منه بطلبها.

مسألة 620: لو جعلت الفداء مال الغیر من دون إذنه أو ما لا یملکه المسلم کالخمر مع العلم بذلک بطل البذل فیبطل الخلع بل یبطل مطلقاً إلّا إذا کان بصیغة الطلاق أو أتبعه بها قاصداً - فی الحقیقة - طلاقها من غیر عوض فإنّه یصحّ حینئذٍ رجعیّاً أو بائناً علی حسب اختلاف الموارد.

ولو جعلت الفداء مال الغیر مع الجهل بأنّه مال الغیر فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) صحّة الخلع وضمانها للمثل أو القیمة، ولکن الصحیح بطلانه مطلقاً.

وکذا لو جعلت الفداء خمراً بزعم أنّها خ-لّ ثُمَّ بان الخلاف إلّا إذا کان المقصود جعل ذلک المقدار من الخلّ فداء فیصحّ خلعاً.

مسألة 621: إذا خالعها علی عین معیّنة فتبیّن أنّها معیبة فإن رضی بها صحّ الخلع، وکذلک إذا لم یرضَ، ولکن الأحوط لزوماً عندئذٍ المصالحة فی الفداء ولو بدفع الأرش أو تعویضه

ص: 242

بالمثل أو القیمة.

مسألة 622: إذا قال أبوها: (طلِّقْها وأنْتَ بریء من صداقها) وکانت بالغة رشیدة فطلّقها لم تبرأ ذمّته من صداقها، وهل یصحّ طلاقها رجعیّاً أو بائناً علی حسب اختلاف الموارد؟ فیه وجهان، والصحیح هو البطلان.

نعم إذا کان عالماً بعدم ولایة أبیها علی إبرائه من صداقها فطلّقها بصیغة الطلاق أو أتبعه بها قاصداً - فی الحقیقة - طلاقها من غیر عوض صحّ کذلک.

مسألة 623: الخلع وإن کان قسماً من الطلاق وهو من الإیقاعات إلّا أنّه - کما عرفت - یشبه العقود فی الاحتیاج إلی طرفین وإنشاءین: بذل شیء من طرف الزوجة لیطلّقها الزوج، وإنشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت، ویقع ذلک علی نحوین:

الأوّل: أن یقدّم البذل من طرفها علی أن یطلّقها، فیطلّقها علی ما بذلت.

الثانی: أن یبتدئ الزوج بالطلاق مصرّحاً بذکر العوض فتقبّل الزوجة بعده، والأحوط استحباباً أن یکون الترتیب علی النحو الأوّل.

مسألة 624: یعتبر فی صحّة الخلع الموالاة بین إنشاء البذل والطلاق بمعنی تعقُّب أحدهما بالآخر قبل انصراف صاحبه

ص: 243

عنه، فلو بذلت المرأة فلم یبادر الزوج إلی إیقاع الطلاق حتّی انصرفت المرأة عن بذلها لم یصحّ الخلع، واشترط بعض الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) الفوریّة العرفیّة بین البذل والطلاق ولکن لا دلیل علی اعتبارها وإن کانت رعایتها أحوط استحباباً.

مسألة 625: یجوز أن یکون البذل والطلاق بمباشرة الزوجین أو بتوکیلهما الغیر أو بالاختلاف، ویجوز أن یوکّلا شخصاً واحداً لیبذل عنها ویطلّق عنه، بل یجوز لکلٍّ منهما أن یوکّل الآخر فیما هو من طرفه، فیکون أصیلاً فیما یرجع إلیه ووکیلاً فیما یرجع إلی الطرف.

مسألة 626: یصحّ التوکیل فی الخلع فی جمیع ما یتعلّق به من شرط العوض وتعیینه وقبضه وإیقاع الطلاق، ومن المرأة فی جمیع ما یتعلّق بها من استدعاء الطلاق وتقدیر العوض وتسلیمه.

مسألة 627: إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجین فإمّا أن تبدأ الزوجة وتقول: (بذلتُ لکَ، أو أعطیتُکَ ما علیکَ من المهر، أو الشیء الکذائیّ، لِتُطلِّقَنی) فیقول الزوج: (أنتِ طالق، أو مختلِعة - بکسر ال-لام - علی ما بذلتِ، أو علی ما أعطیتِ) وإمّا أن یبتدئ الزوج - بعدما تواطئا علی الطلاق بعوض - فیقول: (أنتِ طالق أو مختلِعة بکذا أو علی کذا) فتقول الزوجة: (قبلتُ

ص: 244

أو رضیتُ).

وإن وقع البذل والطلاق من وکیلین یقول وکیل الزوجة مخاطباً وکیل الزوج: (عن قبل مُوَکِّلَتی فلانة بذلتُ لمُوَکِّلِکَ ما علیه من المهر أو المبلغ الکذائیّ لیَخْلَعَها أو لیُطلِّقَها) فیقول وکیل الزوج: (زوجة مُوَکِّلِی طالق علی ما بذَلتْ) أو یقول: (عن قبلِ مُوَکِّلِی خلعتُ مُوَکِّلَتَکَ علی ما بذَلتْ).

وإن وقع من وکیل أحدهما مع الآخر، کوکیل الزوجة مع الزوج یقول وکیلها مخاطباً الزوج: (عن قبل مُوَکِّلَتی فلانة أو زوجتک بَذلتُ لکَ ما علیک من المهر أو الشیء الکذائیّ علی أن تُطلِّقَها) فیقول الزوج: (هی أو زوجتی طالق علی ما بذلتْ) أو یبتدئ الزوج مخاطباً وکیلها: (مُوَکِّلَتُکَ أو زوجتی فلانة طالق علی کذا) فیقول وکیلها: (عن قبل موَکِّلَتی قبلتُ ذلک).

وإن وقع ممّن کان وکیلاً عن الطرفین یقول: (عن قبل مُوَکِّلَتی فلانة بذلتُ لمُوَکِّلِی فلان الشیء الکذائیّ لیُطَلِّقَها) ثُمَّ یقول: (زوجة مُوَکِّلِی طالق علی ما بذلتْ) أو یبتدئ من طرف الزوج ویقول: (زوجة مُوَکِّلِی طالق علی الشیء الکذائیّ) ثُمَّ یقول من طرف الزوجة: (عن قبل مُوَکِّلَتی قبلتُ).

ولو فرض أنّ الزوجة وکّلت الزوج فی البذل یقول: (عن قبل مُوَکِّلَتی زوجتی بذلتُ لنفسی کذا لأُطَلِّقَها) ثُمَّ یقول: (هی

ص: 245

طالق علی ما بَذَلتْ).

مسألة 628: إذا استدعت الطلاق من زوجها بعوض معلوم فقالت له: (طلّقْنی أو اخْلَعْنی بکذا) فقال الزوج: (أنتِ طالق أو مختلِعة بکذا) ففی وقوعه إشکال فالأحوط لزوماً إتباعه بالقبول منها بأن تقول بعد ذلک: (قبلتُ).

مسألة 629: طلاق الخلع بائن لا یقع فیه الرجوع ما لم ترجع المرأة فیما بذلت، ولها الرجوع فیه ما دامت فی العدّة فإذا رجعت ولو فی بعض ما بذلته کان له الرجوع إلیها.

مسألة 630: یشترط جواز رجوعها فی المبذول بإمکان رجوعه بعد رجوعها، فلو لم یجز له الرجوع بأن کان الخلع طلاقاً بائناً فی نفسه ککونه طلاقاً ثالثاً، أو کانت الزوجة ممّن لا عدّة لها کالیائسة وغیر المدخول بها، أو کان الزوج قد تزوّج بأُختها أو برابعة قبل رجوعها بالبذل، أو نحو ذلک لم یکن لها الرجوع فیما بذلت، وهکذا الحال فیما لو لم یعلم الزوج برجوعها فی الفدیة حتّی فات زمان الرجوع، کما لو رجعت عند نفسها ولم یطّلع علیه الزوج حتّی انقضت العدّة فإنّه لا أثر لرجوعها حینئذٍ.

مسألة 631: لا توارث بین الزوج والمختلِعة لو مات أحدهما فی العدّة إلّا إذا رجعت فی الفدیة فمات أحدهما بعد ذلک قبل انقضائها.

ص: 246

طلاق المباراة

مسألة 632: المباراة کالخلع فی جمیع ما تقدّم من الشروط والأحکام، وتختلف عنه فی أُمور ثلاثة:

1. إنّها تترتّب علی کراهة کلّ من الزوجین لصاحبه، بخلاف الخلع فإنّه یترتّب علی کراهة الزوجة دون الزوج کما مرّ .

2. إنّه یشترط فیها أن لا یکون الفداء أکثر من مهرها، بل الأحوط الأولی أن یکون أقلّ منه، بخلاف الخلع فإنّه فیه علی ما تراضیا به ساوی المهر أم زاد علیه أم نقص عنه.

3. إنّه إذا أوقع إنشاءها بلفظ (بارأتُ) فالأحوط لزوماً أن یتبعه بصیغة الطلاق، فلا یجتزئ بقوله: (بارأت زوجتی علی کذا) حتّی یتبعه بقوله (فأنتِ طالق أو هی طالق)، بخلاف الخلع إذ یجوز أن یوقعه بلفظ الخلع مجرّداً کما مرّ .

ویجوز فی المباراة - کالخلع - إیقاعها بلفظ الطلاق مجرّداً بأن یقول الزوج: - بعد ماݥ بذلتْ له شیئاً لیُطَلِّقَها - (أنتِ طالق علی ما بذلتِ).

مسألة 633: طلاق المباراة بائن کالخلع لا یجوز الرجوع فیه للزوج ما لم ترجع الزوجة فی الفدیة قبل انتهاء العدّة، فإذا رجعت فیها فی العدّة جاز له الرجوع إلیها علی نحو ما تقدّم فی الخلع.

ص: 247

ص: 248

کتاب الظهار

ص: 249

ص: 250

کتاب الظهار

مسألة 634: الظهار حرام، وموجب لتحریم الزوجة المُظاهَر منها، ولزوم الکفّارة بالعود إلی مقاربتها کما سیأتی تفصیله.

مسألة 635: صیغة الظهار أن یقول الزوج مخاطباً للزوجة: (أنتِ علیّ کظهر أُمّی) أو یقول بدل أنت: (هذه) مشیراً إلیها أو (زوجتی) أو (فلانة)، ویجوز تبدیل (علیّ) بقوله (منّی) أو (عندی) أو (لدیّ) بل لا یعتبر ذکر لفظة (علیّ) وأشباهها أصلاً، فیکفی أن یقول: (أنتِ کظهر أُمّی).

مسألة 636: لو شبّه زوجته بجزء آخر من أجزاء الأُمّ - کرأسها أو یدها أو بطنها - قاصداً به تحریمها علی نفسه ففی وقوع الظهار به قولان، والصحیح عدم الوقوع، وإن کان الاحتیاط فی محلّه.

مسألة 637: لو شبّهها بأُمّه جملة بأن قال: (أنتِ کأُمّی) أو

ص: 251

(أنتِ أُمّی) قاصداً به التحریم لا علوّ المنزلة والتعظیم، أو کبر السنّ وغیر ذلک، لم یقع الظهار به وإن کان الأحوط استحباباً خلافه.

مسألة 638: لو شبّهها بإحدی المحارم النسبیّة غیر الأُمّ کالبنت والأُخت والعمّة والخالة فقال: (أنتِ علیّ کظهر أُختی) وقع الظهار به، وفی إلحاق المحرّمات بالرضاع وبالمصاهرة بالمحرّمات النسبیّة فی ذلک إشکال فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، ولو قال لها: (أنتِ علیّ حرام) من غیر أن یشبّهها ببعض محارمه لم تحرم علیه ولم یترتّب علیه أثر أصلاً.

مسألة 639: الظهار الموجب للتحریم ما کان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة لزوجها: (أنتَ علیّ کظهر أبی أو أخی) لم یؤثّر شیئاً.

مسألة 640: یعتبر فی الظهار وقوعه بحضور عدلین یسمعان قول المُظاهِر کالطلاق.

ویعتبر فی المُظاهِر البلوغ والعقل والاختیار والقصد وعدم الغَضَب وإن لم یکن سالباً للقصد والاختیار .

ویعتبر فی المُظاهَر منها خلّوها عن الحیض والنفاس، وکونها فی طهر لم یواقعها فیه علی التفصیل المتقدّم فی المطلَّقة، وکونها مدخولاً بها، وهل یعتبر کونها زوجة دائمیّة فلا یقع الظهار علی المتمتّع بها؟ فیه إشکال، فالاحتیاط

ص: 252

لا یترک.

مسألة 641: لا یقع الظهار إذا قصد به الإضرار بالزوجة، کما لا یقع فی یمین کأن کان غرضه زجر نفسه عن فعل کما لو قال: (إن کلّمْتُکِ فأنْتِ علیّ کظهر أُمّی) أو بعث نفسه علی فعل کما لو قال: (إن ترکتُ الصلاة فأنْتِ علیّ کظهر أُمّی).

مسألة 642: یقع الظهار علی نحوین: مطلق ومعلّق.

والأوّل ما لم یکن منوطاً بوجود شیء بخلاف الثانی، ویصحّ التعلیق علی الوطء کأن یقول (أنتِ علیّ کظهر أُمّی إن قاربتکِ) کما یصحّ التعلیق علی غیره حتّی الزمان کأن یقول: (أنتِ علیّ کظهر أُمّی إن جاء یوم الجمعة)، نعم لا یصحّ التعلیق علی الإتیان بفعل بقصد زجر نفسه عنه أو علی ترک فعل بقصد بعثها نحوه کما مرّ آنفاً.

مسألة 643: لو قیّد الظهار بمدّة کشهر أو سنة کان باطلاً.

مسألة 644: إذا تحقّق الظهار بشرائطه فإن کان مطلقاً حرم علی المُظاهِر وطء المُظاهَر منها ولا یحلّ له حتّی یکفِّر، فإذا کفّر حلّ له وطؤها، ولا تلزمه کفّارة أُخری بعد الوطء، ولو وطئها قبل أن یکفّر لزمته کفّارتان إحداهما للوطء والأُخری لإرادة العود إلیه، ولا تحرم علیه سائر الاستمتاعات قبل التکفیر، وأمّا إذا کان معلَّقاً فیحرم علیه الوطء بعد حصول المعلَّق علیه، فلو علّقه علی نفس الوطء لم یحرم الوطء

ص: 253

المعلَّق علیه ولا تجب به الکفّارة.

مسألة 645: تتکرّر الکفّارة بتکرّر الوطء قبل التکفیر، کما أنّها تتکرّر بتکرّر الظهار مع تعدّد المجلس، وأمّا مع اتّحاده ففیه إشکال فلا یترک الاحتیاط.

مسألة 646: کفّارة الظهار عتق رقبة، وإذا عجز عنه فصیام شهرین متتابعین، وإذا عجز عنه فإطعام ستّین مسکیناً.

مسألة 647: إذا عجز عن الأُمور الثلاثة صام ثمانیة عشر یوماً، وإن عجز عنه لم یجزئه الاستغفار علی الأحوط لزوماً.

مسألة 648: إذا ظاهر من زوجته ثُمَّ طلّقها رجعیّاً لم یحلّ له وطؤها حتّی یکفّر، بخلاف ما إذا تزوّجها بعد انقضاء عدّتها أو کان الطلاق بائناً وتزوّجها فی العدّة فإنّه یسقط حکم الظهار ویجوز له وطؤها بلا تکفیر، ولو ارتدّ أحدهما فإن کان قبل الدخول أو کانت المرأة یائسة أو صغیرة أو کان المرتدّ هو الرجل عن فطرة ثُمَّ تاب المرتدّ وتزوّجها سقط حکم الظهار وجاز له وطؤها بلا تکفیر، وأمّا لو کان الارتداد بعد الدخول ولم تکن المرأة یائسة ولا صغیرة وکان المرتدّ هو الرجل عن ملّة أو هی - أی المرأة - مطلقاً فحکمه حکم الطلاق الرجعیّ، فإن تاب المرتدّ فی العدّة لم یجز له أن یطأها حتّی یکفِّر، وإن انقضت عدّتها ثُمَّ تزوّجها جاز له وطؤها من دون کفّارة، ولو ظاهر من زوجته ثُمَّ مات أحدهما لم تثبت الکفّارة.

ص: 254

مسألة 649: إذا صبرت المُظاهَر منها علی ترک وطئها فلا اعتراض، وإن لم تصبر رفعت أمرها إلی الحاکم الشرعیّ، فیحضره ویخیّره بین الرجعة بعد التکفیر وبین طلاقها، فإن اختار أحدهما وإلّا أنظره ثلاثة أشهر من حین المرافعة، فإن انقضت المدّة ولم یختر أحد الأمرین حبسه وضیّق علیه فی المطعم والمشرب حتّی یختار أحدهما، ولا یجبره علی خصوص أحدهما، وإن امتنع عن کلیهما طلّقها الحاکم الشرعیّ ویقع بائناً.

ص: 255

ص: 256

کتاب الإیلاء

ص: 257

ص: 258

کتاب الإیلاء

مسألة 650: الإیلاء هو الحلف علی ترک وطء الزوجة الدائمة قُبُلاً إمّا أبداً أو مدّة تزید علی أربعة أشهر لغرض الإضرار بها.

فلا یتحقّق الإیلاء بالحلف علی ترک وطء المتمتّع بها، ولا بالحلف علی ترک وطء الدائمة مدّة لا تزید علی أربعة أشهر، ولا فیما إذا کان لدفع ضرر الوطء عن نفسه أو عنها أو لنحو ذلک، کما یعتبر فیه أیضاً أن تکون الزوجة مدخولاً بها ولو دُبُراً فلا یتحقّق بالحلف علی ترک وطء غیر المدخول بها، نعم تنعقد الیمین فی جمیع ذلک وتترتّب علیها آثارها مع اجتماع شروطه.

مسألة 651: یعتبر فی المؤلی أن یکون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً، فلا یقع الإیلاء من الصغیر والمجنون والمُکْرَه والهازل

ص: 259

والسکران ومن اشتدّ به الغضب حتّی سلبه قصده أو اختیاره، ویعتبر أن یکون قادراً علی الإیلاج فلا یقع من العِنّین والمجبوب.

مسألة 652: لا ینعقد الإیلاء - کمطلق الیمین - إلّا باسم الله تعالی المختصّ به أو ما ینصرف إطلاقه إلیه ولو فی مقام الحلف، ولا یعتبر فیه العربیّة، ولا اللفظ الصریح فی کون المحلوف علیه ترک الجماع قُبُلاً، بل المعتبر صدق کونه حالفاً علی ترک ذلک العمل بلفظٍ ظاهرٍ فیه، فیکفی قوله: (لا أطَؤُکِ) أو (لا اُجامِعُکِ) أو (لا أَمَسُّکِ) بل وقوله: (لا جمع رأسی ورأسکِ وِسادة أو مِخَدَّة) إذا قصد به ترک الجماع.

مسألة 653: إذا تمّ الإیلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فهو، وإلّا فلها أن ترفع أمرها إلی الحاکم الشرعیّ فیُنظره الحاکم أربعة أشهر، فإن رجع وواقعها فی هذه المدّة فهو، وإلّا ألزمه بأحد الأمرین إمّا الرجوع أو الطلاق، فإن فعل أحدهما وإلّا حبسه وضیّق علیه فی المطعم والمشرب حتّی یختار أحدهما، ولا یجبره علی أحدهما معیّناً، وإن امتنع عن کلیهما طلّقها الحاکم، ولو طلّق وقع الطلاق رجعیّاً أو بائناً علی حسب اختلاف موارده.

مسألة 654: إذا عجز المؤلی عن الوطء کان رجوعه بإظهار العزم علی الوطء علی تقدیر القدرة علیه.

ص: 260

مسألة 655: المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّ الأشهر الأربعة - التی یُنظر فیها المؤلی ثُمَّ یُجبر علی أحد الأمرین بعدها - تبدأ من حین الترافع إلی الحاکم، وقیل: من حین الإیلاء، فعلی هذا لو لم ترافع حتّی انقضت المدّة ألزمه الحاکم بأحد الأمرین من دون إمهال وانتظار مدّة، ولا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 656: إذا اختلفا فی الرجوع والوطء فادّعاهما المؤلی وأنکرت هی فالقول قوله بیمینه.

مسألة 657: یزول حکم الإیلاء بالطلاق البائن وإن عقد علیها فی العدّة بخلاف الطلاق الرجعیّ فإنّه وإن خرج به من حقّها فلیست لها المطالبة والترافع إلی الحاکم، لکن لا یزول حکم الإیلاء إلّا بانقضاء عدّتها، فلو راجعها فی العدّة عاد إلی الحکم الأوّل فلها المطالبة بحقّها والمرافعة إلی الحاکم.

مسألة 658: متی وطئها الزوج بعد الإیلاء لزمته الکفّارة سواء أکان فی مدّة التربّص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حین المرافعة، لأنّه قد حنث الیمین علی کلّ حال وإن جاز له هذا الحنث بل وجب بعد انقضاء المدّة ومطالبتها وأمر الحاکم به تخییراً بینه وبین الطلاق.

وبهذا تمتاز هذه الیمین عن سائر الأیمان، کما أنّها تمتاز عن غیرها بأنّه لا یعتبر فیها ما یعتبر فی غیرها من کون متعلّقها

ص: 261

راجحاً شرعاً أو کونه غیر مرجوح شرعاً مع رجحانه بحسب الأغراض الدنیویّة العقلائیّة أو اشتماله علی مصلحة دنیویّة شخصیّة.

مسألة 659: إذا آلی من زوجته مدّة معیّنة فدافع عن الرجوع والطلاق إلی أن انقضت المدّة لم تجب علیه الکفّارة ولو وطئها قبله لزمته الکفّارة.

مسألة 660: لا تتکرّر الکفّارة بتکرّر الیمین إذا کان الزمان المحلوف علی ترک الوطء فیه واحداً.

ص: 262

ص: 263

کتاب اللعان

ص: 264

کتاب اللعان

مسألة 661: اللعان مباهلة خاصّة بین الزوجین أثرها دفع حدٍّ أو نفی ولدٍ، ویثبت فی موردین:

المورد الأوّل: فیما إذا رمی الزوج زوجته بالزنی.

مسألة 662: لا یجوز للرجل قذف زوجته بالزنی مع الریبة ولا مع غلبة الظنّ ببعض الأسباب المریبة، بل ولا بالشیاع ولا بإخبار شخص ثقة، نعم یجوز مع الیقین ولکن لا یُصدّق إذا لم تعترف به الزوجة ولم یکن له بیّنة، بل یحدّ حدّ القذف مع مطالبتها إلّا إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الآتیة فیدرأ عنه الحدّ.

مسألة 663: یشترط فی ثبوت اللعان بالقذف أن یدّعی المشاهدة، فلا لعان فیمن لم یدّعها ومن لم یتمکّن منها

ص: 265

کالأعمی فیحدّان مع عدم البیّنة، کما یشترط فی ثبوته أن لا تکون له بیّنة علی دعواه، فإن کانت له بیّنة تعیّن إقامتها لنفی الحدّ ولا لعان.

مسألة 664: یشترط فی ثبوت اللعان فی القذف أن یکون القاذف بالغاً عاقلاً وأن تکون المقذوفة بالغة عاقلة وأیضاً سالمة عن الصمم والخرس، کما یشترط فیها أن تکون زوجة دائمة فلا لعان فی قذف الأجنبیّة بل یحدّ القاذف مع عدم البیّنة وکذا فی المتمتّع بها، ویشترط فیها أیضاً أن تکون مدخولاً بها فلا لعان فیمن لم یدخل بها، وأن تکون غیر مشهورة بالزنی وإلّا فلا لعان بل ولا حدّ حتّی یدفع باللعان، نعم علیه التعزیر فی غیر المتجاهرة بالزنی إذا لم یدفعه عن نفسه بالبیّنة.

المورد الثانی: فیما إذا نفی ولدیّة من ولد علی فراشه مع لحوقه به ظاهراً.

مسألة 665: لا یجوز للزوج أن یُنکر ولدیّة من تولّد علی فراشه مع لحوقه به ظاهراً بأن دخل بأُمّه وأنزل فی فرجها ولو احتمالاً، أو أنزل علی فرجها واحتمل دخول مائه فیه بجذب أو نحوه، وکان قد مضی علی ذلک إلی زمان وضعه ستّة أشهر فصاعداً ولم یتجاوز أقصی مدّة الحمل، فإنّه لا یجوز له فی هذه الحالة نفی الولد عن نفسه وإن کان قد فجر أحد بأُمّه

ص: 266

فضلاً عمّا إذا اتّهمها بالفجور بل یجب علیه الإقرار بولدیّته.

نعم یجوز له أن ینفیه - ولو باللعان - مع علمه بعدم تکوّنه من مائه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به، بل یجب علیه نفیه إذا کان یلحق به بحسب ظاهر الشرع لولا نفیه، مع کونه فی معرض ترتّب أحکام الولد علیه من المیراث والنکاح والنظر إلی محارمه وغیر ذلک.

مسألة 666: إذا نفی ولدیّة من ولد علی فراشه فإن علم أنّه قد أتی بما یوجب لحوقه به بسببه فی ظاهر الشرع، أو أقرّ هو بذلک ومع ذلک نفاه لم یسمع منه هذا النفی ولا ینتفی منه لا باللعان ولا بغیره.

وأمّا لو لم یعلم ذلک ولم یقرّ به وقد نفاه إمّا مجرّداً عن ذکر السبب بأن قال: (هذا لیس ولدی) وإمّا مع ذکر السبب بأن قال: (إنّی لم أباشر أُمّه منذ ما یزید علی عام قبل ولادته) فحینئذٍ وإن لم ینتفِ عنه بمجرّد نفیه لکن ینتفی عنه باللعان.

مسألة 667: إنّما یشرع اللعان لنفی الولد فیما إذا کان الزوج عاقلاً والمرأة عاقلة، ویعتبر أیضاً سلامتها من الصَّمَم والخَرَس، وأن تکون منکوحة بالعقد الدائم، وأمّا ولد المتمتّع بها فینتفی بنفیه من دون لعان وإن لم یجز له نفیه مع عدم علمه بالانتفاء، ولو عُلم أنّه أتی بما یوجب اللحوق به فی ظاهر الشرع - کالدخول بأُمّه مع احتمال الإنزال - أو أقرّ بذلک ومع

ص: 267

ذلک نفاه لم ینتفِ عنه بنفیه ولم یسمع منه ذلک کما هو کذلک فی الدائمة.

مسألة 668: یعتبر فی اللعان لنفی الولد أن تکون المرأة مدخولاً بها، فلا لعان مع عدم الدخول، نعم إذا ادّعت المرأة المطلّقة الحمل منه فأنکر الدخول فأقامت بیّنة علی إرخاء الستر ثبت اللعان.

مسألة 669: لا فرق فی مشروعیّة اللعان لنفی الولد بین کونه حملاً أو منفصلاً.

مسألة 670: من المعلوم أنّ انتفاء الولد عن الزوج لا یلازم کونه ولد زنی لاحتمال کونه عن وطء شبهة أو غیره، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به وإن جاز بل وجب علیه نفیه عن نفسه - علی ما سبق - لکن لا یجوز له أن یرمی أُمّه بالزنی وینسب ولدها إلی الزنی ما لم یتیقّن ذلک.

مسألة 671: إذا أقرّ بالولد لم یسمع إنکاره له بعد ذلک سواء أکان إقراره بالصریح أو بالکنایة مثل أن یُبْشِرَ به ویقال له: (بارک الله لک فی مولودک) فیقول: (آمین) أو (إن شاء الله تعالی)، بل قیل: إنّه إذا کان الزوج حاضراً وقت الولادة ولم ینکر الولد مع انتفاء العذر لم یکن له إنکاره بعد ذلک، ولکن هذا غیر تامّ.

مسألة 672: لا یقع اللعان إلّا عند الحاکم الشرعیّ وفی

ص: 268

وقوعه عند المنصوب من قبله لذلک إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، وصورة اللعان أن یبدأ الرجل ویقول بعد قذفها أو نفی ولدها: (أشْهدُ بالله أنّی لمن الصادقین فیما قلتُ من قذفها أو نفی ولدها) یقول ذلک أربع مرّات، ثُمَّ یقول مرّة واحدة: (لعنةُ الله علیَّ إن کنتُ من الکاذبین) ثُمَّ تقول المرأة بعد ذلک أربع مرّات: (أشْهدُ بالله أنّه لمن الکاذبین فی مقالته من الرمی بالزنا أو نفی الولد) ثُمَّ تقول مرّة واحدة: (إنّ غضب الله علیَّ إن کان من الصادقین).

مسألة 673: یجب أن تکون الشهادة واللعن بالألفاظ المذکورة، فلو قال أو قالت: (أحلف) أو (أُقسم) أو (شهدت) أو (أنا شاهد) أو أبدلا لفظ الجلالة ب (الرحمٰن) أو ب (خالق البشر) أو ب (صانع الموجودات) أو قال الرجل: (إنّی صادق) أو (لصادق) أو (من الصادقین) من غیر ذکر اللأُمّ، أو قالت المرأة: (إنّه لکذّاب) أو (کاذب) أو (من الکاذبین) لم یقع، وکذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب والمرأة بالعکس.

مسألة 674: یجب أن تکون المرأة معیّنة، وأن یبدأ الرجل بشهادته، وأن تکون البدأة فی الرجل بالشهادة ثُمَّ باللعن وفی المرأة بالشهادة ثُمَّ بالغضب.

مسألة 675: یجب أن یکون إتیان کلّ منهما باللعان بعد

ص: 269

طلب الحاکم منه ذلک، فلو بادر قبل أن یأمر الحاکم به لم یقع.

مسألة 676: الأحوط لزوماً أن یکون النطق بالعربیّة مع القدرة علیها، ویجوز بغیرها مع التعذّر .

مسألة 677: یجب أن یکونا قائمین عند التلفّظ بألفاظهما الخمسة، وهل یعتبر أن یکونا قائمین معاً عند تلفّظ کلٍّ منهما أو یکفی قیام کلٍّ منهما عند تلفّظه بما یخصّه؟ وجهان، ولا تترک مراعاة الاحتیاط فیه.

مسألة 678: یستحبّ أن یجلس الحاکم مستدبر القبلة ویقف الرجل علی یمینه وتقف المرأة علی یساره، ویحضر من یستمع اللعان، ویَعِظُهما الحاکم قبل اللعن والغضب.

مسألة 679: إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما یترتّب علیه أحکام أربعة:

1. انفساخ عقد النکاح والفرقة بینهما.

2. الحرمة الأبدیّة، فلا تحلّ له أبداً ولو بعقد جدید، وهذان الحکمان ثابتان فی مطلق اللعان سواء أکان للقذف أم لنفی الولد.

3. سقوط حدّ القذف عن الزوج بلعانه وسقوط حدّ الزناء عن الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثُمَّ لاعن ونکلت هی عن اللعان تخلّص الرجل عن حدّ القذف وحدّت المرأة حدّ الزانیة؛ لأنّ لعان الزوج بمنزلة البیّنة علی زناء الزوجة.

ص: 270

4. انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة إن تلاعنا لنفیه، بمعنی أنّه لو نفاه وادّعت کونه له فتلاعنا لم یکن توارث بین الرجل والولد، فلا یرث أحدهما الآخر، وکذا لا توارث بین الولد وکلّ من انتسب إلیه بالأُبوّة کالجدّ والجدّة والأخ والأُخت للأب وکذا الأعمام والعمّات بخلاف الأُمّ ومن انتسب إلیه بها حتّی إنّ الإخوة للأب والأُمّ بحکم الإخوة للأُمّ.

مسألة 680: إذا قذف امرأته بالزنی ولاعنها ثُمَّ کذّب نفسه بعد اللعان لم یحدّ للقذف ولم یزل التحریم، ولو کذّب فی أثنائه یحدّ ولا تثبت أحکام اللعان، ولو اعترفت المرأة بعد اللعان بالزنی أربعاً لم یثبت به الحدّ علیها.

مسألة 681: إذا کذّب نفسه بعدما لاعن لنفی الولد لحق به الولد فیما علیه من الأحکام لا فیما له منها، فیرثه الولد ولا یرثه الأب ولا من یتقرّب به وسیأتی تفصیل ذلک فی کتاب المیراث إن شاء الله تعالی.

ص: 271

کتاب الأیمان والنذور والعهود

ص: 272

ص: 273

ص: 274

کتاب الأیمان والنذور والعهود

اشارة

وفیه فصول:

الفصل الأوّل فی الأیمان

مسألة 682: الیمین - ویطلق علیها الحلف والقسم أیضاً - علی ثلاثة أنواع:

الأوّل: ما یقع تأکیداً وتحقیقاً للأخبار عن تحقّق أمرٍ أو عدم تحقّقه فی الماضی أو الحال أو الاستقبال، کما یقال: (والله جاء زید بالأمس) أو (والله هذا مالی) أو (والله یأتی عمرو غداً) ویسمّی یمین الإخبار .

الثانی: ما یقرن به الطلب والسؤال ویقصد به حثّ المسؤول علی إنجاح المقصود ویسمّی: (یمین المناشدة)

ص: 275

کقول السائل: (أسألک بالله أن تعطینی دیناراً).

ویقال للقائل: (الحالِف) و(المُقْسِم)، وللمسؤول: (المحلوف علیه) و(المُقْسَم علیه).

الثالث: ما یقع تأکیداً وتحقیقاً لما بنی علیه والتزم به من إیقاع أمر أو ترکه فی المستقبل، ویسمّی: (یمین العقد) کقوله: (والله لأصومنَّ غداً) أو (والله لأتْرکنّ التدخین).

مسألة 683: تنقسم الیمین من النوع الأوّل المتقدّم إلی قسمین: صادقة وکاذبة، والأیمان الصادقة کلّها مکروهة بحدّ ذاتها سواء أکانت علی الماضی أو الحال أو المستقبل، وأمّا الأیمان الکاذبة فهی محرّمة - بل قد تعتبر من المعاصی الکبیرة کالیمین الغَمُوس، وهی: الیمین الکاذبة فی مقام فصل الدعوی - ویستثنی منها الیمین الکاذبة التی یقصد بها الشخص دفع الظلم عنه أو عن سائر المؤمنین، بل قد تجب فیما إذا کان الظالم یهدّد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه، ولکن إذا کان ملتفتاً إلی إمکان التوریة وکان عارفاً بها ومتیسّرة له فالأحوط وجوباً أن یُورّی فی کلامه بأن یقصد بالکلام معنی غیر معناه الظاهر بدون قرینة موضحة لقصده، فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء علی مؤمن فسأله عن مکانه وأین هو؟ یقول: (ما رأیته) فیما اذا کان قد رآه قبل ساعة ویقصد به أنّه لم یره منذ دقائق.

ص: 276

مسألة 684: الیمین من النوع الأوّل المتقدّم لا یترتّب علیها أثر سوی الإثم فیما إذا کان الحالف کاذباً فی إخباره عن تعمّد أو أخبر من دون علم، نعم ما تفصل بها الدعاوی والمرافعات لها أحکام خاصّة وتترتّب علیها آثار معیّنة کعدم جواز المقاصّة وقد مرّت الإشارة إلیه فی المسألة (886) من الجزء الثانی.

مسألة 685: تجوز الیمین بغیر الله تعالی من الذوات المقدّسة والأشیاء المحترمة فیما إذا کان الحالف صادقاً فیما یخبر عنه، ولکن لا یترتّب علیها أثر أصلاً ولا تکون قسماً فاصلاً فی الدعاوی والمرافعات.

مسألة 686: لا تنعقد الیمین من النوع الثانی المتقدّم، ولا یترتّب علیها شیء من إثم ولا کفّارة لا علی الحالف فی إحلافه ولا علی المحلوف علیه فی حنثه وعدم إنجاح مسؤوله.

وأمّا الیمین من النوع الثالث فهی التی تنعقد عند اجتماع الشروط الآتیة ویجب برّها والوفاء بها ویحرم حنثها وتترتّب علی حنثها الکفّارة، وهی موضوع المسائل الآتیة.

مسألة 687: لا تنعقد الیمین إلّا باللفظ أو ما هو بمثابته کالإشارة بالنسبة إلی الأخرس، تکفی الکتابة للعاجز عن التکلّم، بل لا یترک الاحتیاط فی غیره، ولا یعتبر فیها العربیّة لا سیّما فی متعلّقاتها.

مسألة 688: لا تنعقد الیمین إلّا إذا کان المقسم به هو الله

ص: 277

تعالی دون غیره مطلقاً، وذلک یحصل بأحد أُمور :

1. ذکر اسمه المختصّ به کلفظ الجلالة، ویلحق به ما لا یطلق علی غیره کالرحمٰن.

2. ذکره بأوصافه وأفعاله المختصّة التی لا یشارکه فیها غیره کمقلّب القلوب والأبصار، والذی نفسی بیده، والذی فلق الحبّة وبرأ النسمة، وأشباه ذلک.

3. ذکره بالأوصاف والأفعال التی یغلب إطلاقها علیه بنحو ینصرف إلیه تعالی وإن شارکه فیها غیره، کالربّ والخالق والبارئ والرازق وأمثال ذلک، بل لا یبعد ذلک فیما لا ینصرف إلیه فی نفسه ولکن ینصرف إلیه فی مقام الحلف کالحیّ والسمیع والبصیر .

مسألة 689: المعتبر فی انعقاد الیمین أن یکون المحلوف به ذات الله تبارک وتعالی دون صفاته وما یلحق بها، فلو قال: (وحقِّ الله، أو بجلالِ الله، أو وعظمةِ الله، أو بکبریاءِ الله، أو وقدرةِ الله، أو وعلمِ الله، أو لَعَمْرُ اللهِ) لم تنعقد إلّا إذا قصد ذاته المقدّسة.

مسألة 690: لا یعتبر فی انعقاد الیمین أن یکون إنشاء القسم بحروفه بأن یقول: (والله أو تالله لأفعلنَّ کذا) بل لو أنشأه بصیغتی القسم والحلف کقوله: (أقسمتُ بالله أو حلفتُ بالله) انعقدت أیضاً، نعم لا یکفی لفظا (أقسمتُ) و(حلفتُ)

ص: 278

بدون لفظ الجلالة أو ما هو بمنزلته.

مسألة 691: یجوز الحلف بالنبیّ (صلّی الله علیه وآله) والأئمّة (علیهم السلام) وسائر النفوس المقدّسة وبالقرآن الشریف والکعبة المعظّمة وسائر الأمکنة المحترمة ولکن لا تنعقد الیمین بالحلف بها ولا یترتّب علی مخالفتها إثم ولا کفّارة.

مسألة 692: لا تنعقد الیمین بالبراءة من الله تعالی أو من رسوله (صلّی الله علیه وآله) أو من دینه أو من الأئمّة (علیهم السلام) بأن یقول مثلاً : (برئت من الله، أو من دین الإسلام إن فعلت کذا، أو إن لم أفعل کذا) فلا تؤثّر فی ترتّب الإثم علی حنثها، نعم هذه الیمین بنفسها حرام ویأثم حالفها من غیر فرق بین أن یحنثها وعدمه، وتثبت الکفّارة فی حنثها وهی إطعام عشرة مساکین لکلّ مسکین مدّ.

ومثل یمین البراءة فی عدم الانعقاد أن یقول: (إن لم أفعل کذا، أو إن لم أترک کذا فأنا یهودیّ أو نصرانیّ مثلاً) ولکن لا ینبغی صدورها من المسلم.

مسألة 693: لو علَّق الیمین علی مشیئة الله تعالی بأن قال: (والله لأفعلنَّ کذا إن شاء الله) وکان مقصوده التعلیق علی مشیئته تعالی لا مجرّد التبرّک بهذه الکلمة لم تنعقد حتّی فیما إذا کان المحلوف علیه فعل واجب أو ترک حرام إلّا إذا قصد

ص: 279

التعلیق علی مشیئته التشریعیّة، ولو علّق یمینه علی مشیئة غیر الله عزّ وجلّ بأن قال: (والله لأفعلنَّ کذا إن شاء زید مثلاً) انعقدت علی تقدیر مشیئته، فإن قال زید: (أنا شئت أن تفعل کذا) انعقدت وتحقّق الحنث بترکه، وإن قال: (لم أشأ) لم تنعقد، ولو لم یعلم أنّه شاء أو لم یشأ لم یترتّب علیها أثر أیضاً، وهکذا الحال لو علّق علی شیء آخر غیر المشیئة فإنّه تنعقد علی تقدیر حصول المعلّق علیه فیحنث لو لم یأت بالمحلوف علیه علی ذلک التقدیر .

مسألة 694: یعتبر فی انعقاد الیمین أن یکون الحالف بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غیر محجور عن التصرّف فی متعلّق الیمین، فلا تنعقد یمین الصغیر والمجنون ولو أدواریّاً إذا حلف حال جنونه، ولا یمین المکره والسکران ومن اشتدّ به الغضب حتّی سلبه قصده أو اختیاره، ولا یمین المُفْلِس إذا تعلّقت بما تعلّق به حقّ الغرماء من أمواله، ولا یمین السفیه سواء تعلّقت بعین خارجیّة أم بما فی ذمّته، ولا یعتبر فی الحالف أن یکون مسلماً فتصحّ یمین الکافر .

مسألة 695: لا تنعقد یمین الولد مع منع الوالد، ولا یمین الزوجة مع منع الزوج، حتّی فیما إذا کان المحلوف علیه فعل واجب أو ترک حرام، فلا حنث ولا کفّارة علیهما فی صورة مخالفتها بترک الواجب أو فعل الحرام وإن ترتّبت علیهما آثارهما

ص: 280

من الإثم وغیره.

ولو حلف الولد من دون إذن الأب، أو حلفت الزوجة من دون إذن زوجها، کان للأب والزوج حلّ یمینهما فلا حنث ولا کفّارة علیهما، وهل یعتبر إذنهما ورضاهما فی انعقاد یمینهما - حتّی أنّه لو لم یطّلعا علی حلفهما أو لم یحلّا مع علمهما لم تنعقد من أصلها - أو لا، بل یکون منعهما مانعاً عن انعقادها وحلّهما رافعاً لاستمرارها، فتصحّ وتنعقد فی الصورتین المذکورتین؟ قولان، والصحیح هو الثانی.

مسألة 696: تنعقد الیمین فیما إذا کان متعلّقها واجباً أو مستحبّاً أو ترک حرام أو مکروه، ولا تنعقد فیما إذا کان متعلّقها ترک واجب أو مستحبّ أو فعل حرام أو مکروه، وأمّا إذا کان متعلّقها مباحاً متساوی الطرفین فی نظر الشرع فإن ترجّح فعله علی ترکه أو العکس بحسب المنافع والأغراض العقلائیّة الدنیویّة فلا إشکال فی انعقادها فیما إذا تعلّقت بطرفه الراجح وعدم انعقادها فیما إذا تعلّقت بطرفه المرجوح، وأمّا إذا تساوی طرفاه بحسب الأغراض الدنیویّة للعقلاء أیضاً فهل تنعقد إذا تعلّقت به فعلاً أو ترکاً أم لا؟ قولان، والصحیح هو الثانی إلّا إذا کان متعلّقها مشتملاً علی مصلحة دنیویّة شخصیّة فإنّها تنعقد حینئذٍ.

مسألة 697: کما لا تنعقد الیمین فیما إذا کان متعلّقها

ص: 281

مرجوحاً شرعاً کذلک تنحلّ فیما إذا تعلّقت براجح ثُمَّ صار مرجوحاً، کما لو حلف علی ترک التدخین إلی آخر عمره فضرّه ترکه بعد حین فإنّه تنحلّ یمینه حینئذٍ، ولو عاد إلی الرجحان لم تعدّ الیمین بعد انحلالها.

مسألة 698: یعتبر فی متعلّق الیمین أن یکون مقدوراً للحالف فی ظرفه وإن لم یکن مقدوراً له حین إنشائها، فلو حلف علی أمر یعجز عن إنجازه فعلاً ولکنّه قادر علیه فی الظرف المقرّر له صحّ حلفه، ولو حلف علی أمر مقدور له فی ظرفه ولکنّه أخّر الوفاء به إلی أن تجدّد له العجز عنه - لا عن تعجیز - مستمرّاً إلی انقضاء الوقت المحلوف علیه، أو إلی الأبد إن لم یکن له وقت، فإن کان معذوراً فی تأخیره - کما لو اعتقد تمکّنه منه لاحقاً أو قامت عنده حجّة علی ذلک - انحلّت یمینه ولا إثم علیه ولا کفّارة، وإلّا لحقه الإثم وثبتت علیه الکفّارة، ویلحق بالعجز فیما ذکر الحرج والعسر الرافعان للتکلیف.

مسألة 699: إذا انعقدت الیمین وجب علیه الوفاء بها وحرمت علیه مخالفتها ووجبت الکفّارة بحنثها، والحنث الموجب للکفّارة هی المخالفة عمداً فلو کانت نسیاناً أو اضطراراً أو إکراهاً أو عن جهل یعذر فیه فلا حنث ولا کفّارة، ولا فرق فی الجهل عن عذر بین أن یکون فی الموضوع أو فی الحکم کما

ص: 282

لو اعتقد اجتهاداً أو تقلیداً عدم انعقاد الیمین فی بعض الموارد المختلف فیها ثُمَّ تبیّن له - بعد المخالفة - انعقادها.

مسألة 700: إذا کان متعلّق الیمین الفعل - کالصلاة والصوم - فإن عیّن له وقتاً تعیّن، وکان الوفاء بها بالإتیان به فی وقته، وحنثها بعدم الإتیان به فی وقته وإن أتی به فی وقت آخر، ونظیر ذلک ما إذا کانت الأزمنة المتأخّرة جدّاً خارجة عن محطّ نظره حین الحلف فإنّه لا یجوز له التأخیر فی الإتیان به إلی حینها وإلّا کان حانثاً، وإن أطلق کان الوفاء بها بإیجاده فی أیّ وقت کان ولو مرّة وحنثها بترکه بالمرّة، ولا یجب التکرار ولا الفور والبدار بل یجوز له التأخیر ولو بالاختیار ولکن لا إلی حدّ یعدّ توانیاً وتسامحاً فی أداء الواجب.

وإن کان متعلّق یمینه الترک - کما إذا حلف أن لا یأکل الثُّوم أو لا یُدَخِّن - فإن قیّده بزمان کان حنثها بإیجاده ولو مرّة فی ذلک الزمان، وإن أطلق کان مقتضاه التأبید مدّة العمر، فلو أتی به فی مدّة عمره ولو مرّة فی أیّ زمان کان تحقّق الحنث، ولو أتی به أکثر من مرّة لم یحنث إلّا بالمرّة الأُولی فلا تتکرّر علیه الکفّارة.

مسألة 701: إذا کان المحلوف علیه صوم کلّ یوم من شهر رجب مثلاً أو ترک التدخین فی کلّ نهار منه فإن قصد تعدّد الالتزام والملتزم به

ص: 283

بعدد الأیّام تعدّد الوفاء والحنث بعددها وإلّا - بأن صدر منه التزام واحد متعلّق بالمجموع - لم یکن له إلّا وفاء أو حنث واحد، فلو ترک الصوم فی بعض الأیّام أو استعمل الدخان فیه تحقّق الحنث وثبتت الکفّارة، ولا حنث ولا کفّارة بعده وإن ترک الصوم أو استعمل الدخان فی سائر الأیّام، ولو تردّد فیما قصده حین الحلف جری علیه حکم الصورة الثانیة، ومثله ما إذا حلف أن یصوم کلّ خمیس أو حلف أن لا یأکل الثوم فی کلّ جمعة.

مسألة 702: کفّارة حنث الیمین عتق رقبة أو إطعام عشرة مساکین أو کسوتهم، فإن عجز فصیام ثلاثة أیّام متوالیات، وستأتی أحکامها فی کتاب الکفّارات إن شاء الله تعالی.

الفصل الثانی فی النذور

مسألة 703: النذر هو أن یجعل الشخص لله تعالی علی ذمّته فعل شیء أو ترکه.

مسألة 704: لا ینعقد النذر بمجرّد النیّة بل لا بُدَّ فیه من الصیغة، ویعتبر فی صیغة النذر اشتمالها علی لفظ (لله) أو ما یشابهه ممّا مرّ فی الیمین کأن یقول الناذر : (للهِ علیَّ أن آتی بنافلة اللیل) أو (للرّحمٰنِ علیَّ أن أدعَ التعرّضَ للمؤمنینَ

ص: 284

بسوء)، وله أن یؤدّی هذا المعنی بأیّة لغة أُخری غیر العربیّة حتّی لمن یحسنها، ولو اقتصر علی قوله (علیّ کذا) لم ینعقد وإن نوی فی ضمیره معنی (لله)، ولو قال: (نذرتُ لله أن أصوم) مثلاً أو (لله علیّ نذر صوم) مثلاً ففی انعقاده إشکال فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 705: یعتبر فی الناذر البلوغ والعقل والاختیار والقصد وعدم الحجر عن التصرّف فی متعلّق النذر، فیلغو نذر الصبیّ وإن کان ممیّزاً، وکذلک نذر المجنون - ولو کان أدواریّاً - حال جنونه، والمکره والسکران ومن اشتدّ به الغضب إلی أن سلبه القصد أو الاختیار، والمُفْلِس إذا تعلّق نذره بما تعلّق به حقّ الغرماء من أمواله، والسفیه سواء تعلّق نذره بعین خارجیّة أم بما فی ذمّته.

مسألة 706: لا یصحّ نذر الزوجة بدون إذن زوجها أو إجازته فیما ینافی حقّه فی الاستمتاع منها، وفی صحّة نذرها فی مالها من دون إذنه وإجازته - فی غیر الحجّ والزکاة والصدقة وبرّ والدیها وصلة رحمها - إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، هذا فیما إذا کان النذر فی حال زوجیّتها له، وأمّا إذا کان قبلها فهل هو کذلک أم لا یعتبر إذنه فی مثله فیلزمها العمل به وإن کره الزوج؟ وجهان، والصحیح هو الأوّل.

مسألة 707: إذا أذن لها الزوج فی النذر - فیما یعتبر إذنه -

ص: 285

فنذرت عن إذنه انعقد، ولم یکن له حلّه بعد ذلک ولا المنع عن الوفاء به.

مسألة 708: یصحّ نذر الولد سواء أذن له الوالد فیه أم لا، ولکن إذا نهاه أحد أبویه عمّا تعلّق به النذر فلم یعدّ بسببه راجحاً فی حقّه انحلّ نذره ولم یلزمه الوفاء به، کما لا ینعقد مع سبق توجیه النهی إلیه علی هذا النحو .

مسألة 709: النذر علی قسمین: مطلق ومعلَّق، والمطلق ما لم یکن معلّقاً علی شیء، ویسمّی ب- (نذر التبرّع) کقوله: (للهِ علیّ أن أصوم غداً)، والصحیح انعقاده ولزوم الوفاء به، والمعلَّق - ولا إشکال فی انعقاده - علی قسمین:

القسم الأوّل: نذر برٍّ ، وهو فیما إذا کان المعلّق علیه أمراً وجودیّاً أو عدمیّاً مرغوباً فیه للناذر، سواء أکان من فعله أم من فعل غیره، ویعتبر أن یکون ممّا یحسن به تمنّیه ویسوغ له طلبه من الله تعالی.

فلا یصحّ النذر برّاً فیما لو علّقه علی فعل حرام أو مکروه، أو ترک واجب أو مستحبّ منه أو من غیره، کأن یقول: (إن تجاهر الناس بالمعاصی أو شاع بینهم المنکرات فللّه علیّ أن أصوم غداً)، ولا یعتبر فیما إذا کان المعلَّق علیه فعل نفسه أن یکون طاعة لله تعالی - من فعل واجب أو مستحبّ أو ترک حرام أو مکروه، أو انقیاداً له بفعل ما یحتمل محبوبیّته، أو ترک

ص: 286

ما یحتمل مبغوضیّته - بل یجوز أن یکون مباحاً، له فیه منفعة دنیویّة کأن یقول: (إن ترکت التدخین سنة فللّه علیّ أن أتصدّق بمائة دینار ).

ویقع نذر البرّ علی نحوین:

1. نذر شکر لله تعالی علی إیجاده للمعلَّق علیه، أو توفیقه الغیر علی إیجاده، ومن الأوّل قوله: (إن شفی الله مریضی أو إن أعاد مسافری سالماً فللّه علیّ أن أصوم شهراً) ومن الثانی قوله: (إن وفّقت لزیارة الحسین (علیه السلام) یوم عرفة، أو إن وفّق ولدی فی الامتحان، فللّه علیّ کذا).

2. نذر بعث للغیر نحو المعلَّق علیه، کأن یقول لولده: (إن حفظت القرآن الکریم فللّه علیّ أن أبذل لک نفقة حجّک) أو یقول: (من ردّ علیّ مالی فللّه علیّ أن أهبه نصفه).

القسم الثانی: نذر زجر، وهو فیما إذا کان المعلّق علیه - فعلاً کان أو ترکاً - أمراً مرغوباً عنه للناذر، سواء أکان من فعله أم من فعل غیره، ویعتبر أن یکون ممّا یحسن به تمنّی عدمه ویسوغ له طلب عدم تحقّقه من الله تعالی، واذا کان النذر لزجر نفس الناذر اعتبر أن یکون متعلّقه أمراً شاقّاً علیه، وإذا کان لزجر غیره اعتبر أن یکون أمراً مبغوضاً لذلک الغیر، ومثال الأوّل أن یقول: (إن تعمّدت الکذب أو إن تعمّدت الضحک فی

ص: 287

المقابر فللّه علیّ أن أصوم شهراً)، ومثال الثانی أن یقول لوارثه: (إن ترکت الصلاة فللّه علیّ أن أتصدّق بجمیع مالی، أو أُوصی بثلث ترکتی للفقراء).

مسألة 710: اذا کان المعلَّق علیه فعلاً اختیاریّاً للناذر فالنذر قابل لأن یکون نذر شکر وأن یکون نذر زجر، والمائز هو القصد، مثلاً إذا قال: (إن شربت الخمر فللّه علیّ کذا) إن کان فی مقام زجر النفس وصرفها عن الشرب فأوجب علی نفسه شیئاً علی تقدیر شربه لیکون زاجراً لها عنه فهو نذر زجر فینعقد، وإن کان فی مقام تنشیط النفس وترغیبها فجعل المنذور جزاءً لصدوره منه وتَهَیُّؤِ أسبابه له کان نذر شکر فلا ینعقد.

مسألة 711: یعتبر فی متعلَّق النذر من الفعل أو الترک أن یکون مقدوراً للناذر فی ظرفه، فلو کان عاجزاً عنه فی وقته إن کان موقّتاً ومطلقاً إن کان مطلقاً لم ینعقد نذره، وإذا طرأ العجز عنه فی الأثناء انحلّ ولا شیء علیه، نعم لو نذر صوم یوم أو أیّام فعجز عن الصوم فالأحوط وجوباً أن یتصدّق عن کلّ یوم بمُدٍّ علی مسکین أو یدفع له مُدّین لیصوم عنه.

مسألة 712: یعتبر فی متعلَّق النذر أن یکون راجحاً شرعاً حین العمل، بأن یکون طاعة لله تعالی من صلاة أو صوم أو

ص: 288

حجّ أو صدقة أو نحوها ممّا یعتبر فی صحّتها قصد القربة، أو أمراً ندب إلیه الشرع ویصحّ التقرّب به إلی الله تعالی کزیارة المؤمنین وتشییع جنائزهم وعیادة المرضی وغیرها، فینعقد النذر فی کلّ واجب أو مندوب - ولو کان کفائیّاً - إذا تعلّق بفعله، وفی کلّ حرام أو مکروه إذا تعلّق بترکه.

وأمّا المباح - کما إذا نذر أکل طعام أو ترکه - فإن قصد به معنی راجحاً کما لو قصد بأکله التقوّی علی العبادة أو بترکه منع النفس عن الشهوة انعقد نذره وإلّا لم ینعقد.

مسألة 713: إذا کان متعلّق النذر راجحاً فی ظرف الإتیان به ولم یکن یعلم به الناذر حین النذر، أو نذر الإتیان بمباح من دون أن یقصد به معنی راجحاً ثُمَّ طرأ علیه الرجحان حین العمل لم ینعقد نذره فلا یلزمه الوفاء به.

مسألة 714: کما لا ینعقد النذر فیما إذا لم یکن متعلّقه راجحاً شرعاً کذلک لا ینعقد فیما إذا زال رجحانه لبعض الطوارئ، فلو نذر صیام شهر معیّن ثُمَّ ضرّه الصوم فیه بعد حین، أو نذر ترک التدخین لتتحسّن صحّته ویقوّی علی خدمة الدین ثُمَّ ضرّه ترکه انحلّ النذر ولا شیء علیه.

مسألة 715: لو نذر الإتیان بالصلاة أو الصوم أو الصدقة أو أیّ عمل راجح آخر مقیّداً بخصوصیّة معیّنة زمانیّة أو مکانیّة أو غیرهما، فإن کانت راجحة بصورة أوّلیّة کما لو نذر الصلاة فی

ص: 289

مسجد الکوفة أو الصوم فی یوم الجمعة، أو بصورة ثانویّة طارئة مع کونها ملحوظة حین النذر، کما إذا نذر الصلاة فی مکان هو أفرغ للعبادة وأبعد عن الریاء بالنسبة إلیه، فلا إشکال فی انعقاد نذره وتعیّن الإتیان بالمنذور بالخصوصیّة المعیّنة، فلو أتی به فاقداً لها لم یکن موفیاً بنذره.

وأمّا إذا کانت الخصوصیّة خالیة عن الرجحان ففی انعقاد نذره وجهان، والصحیح هو الانعقاد، نعم إذا کان منذوره تعیین تلک الخصوصیّة لأداء ذلک العمل الراجح لا نفس ذلک العمل مقیّداً بها لم ینعقد النذر؛ لعدم الرجحان فی متعلّقه.

مسألة 716: لو نذر صوماً ولم یعیّن العدد کفی صوم یوم، ولو نذر صلاة ولم یعیّن الکیفیّة والکمّیّة تجزئ رکعتان، بل تجزئ مفردة الوتر علی الأقوی، ولو نذر صدقة ولم یعیّن جنسها ومقدارها کفی کلّ ما یطلق علیه اسم الصدقة، ولو نذر فعل طاعة أتی بعمل قربیّ ویکفی صیام یوم أو التصدّق بشیء أو صلاة ولو رکعة الوتر من صلاة اللیل وغیر ذلک.

مسألة 717: لو نذر صوم عشرة أیّام مثلاً فإن قیّد بالتتابع أو التفریق تعیّن وإلّا تخیّر بینهما، وکذا لو نذر صیام سنة فإنّه یکفیه - مع الإطلاق - صیام اثنی عشر شهراً ولو متفرّقاً، وهکذا الحال لو نذر صیام شهر فإنّه یجزئه - مع الإطلاق - صوم ثلاثین یوماً ولو متفرّقاً، ولا یلزمه التتابع بینها إلّا إذا کان

ص: 290

مقصوداً له حین النذر علی وجه التقیید.

وإذا فاته الصوم المنذور المشروط فیه التتابع فالأحوط الأولی رعایة التتابع فی قضائه.

مسألة 718: لو نذر صوم شهر أجزأه صوم ما بین الهلالین من شهر ولو کان ناقصاً، ولو شرع فیه فی أثناء الشهر فنقص فهل یجزئه إتباعه من الشهر اللاحق بمقدار ما مضی من الشهر الأوّل أم یلزمه إکماله ثلاثین یوماً؟ وجهان، والصحیح هو الثانی.

مسألة 719: اذا نذر صیام سنة معیّنة استثنی منها العیدان، فیفطر فیهما ولا قضاء علیه، وکذا یفطر فی الأیّام التی یعرض فیها ما لا یجوز معه الصیام من مرض أو حیض أو نفاس أو سفر لکن یجب القضاء.

مسألة 720: لو نذر صوم کلّ خمیس مثلاً فصادف بعضها أحد العیدین أو أحد العوارض المبیحة للإفطار من مرض أو حیض أو نفاس أو سفر أفطر، ویجب علیه القضاء حتّی فی الأوّل.

مسألة 721: لو نذر صوم یوم معیّن فأفطر عمداً یجب قضاؤه مع الکفّارة.

مسألة 722: إذا نذر صوم یوم معیّن جاز له السفر وإن کان غیر ضروریّ ویفطر ثُمَّ یقضیه ولا کفّارة علیه، وکذلک إذا جاء الیوم وهو مسافر لا یجب علیه الإقامة بل یجوز له الإفطار والقضاء.

ص: 291

مسألة 723: لو نذر زیارة أحد الأئمّة (علیهم السلام) أو بعض الصالحین لزم، ویکفی الحضور والسلام علی المزور، ولا یجب غُسْل الزیارة وصلاتها مع الإطلاق وعدم ذکرهما فی النذر، وإن عیّن إماماً لم تُجزِ زیارة غیره وإن کان زیارته أفضل، کما أنّه إذا عجز عن زیارة من عیّنه لم یجب زیارة غیره بدلاً عنه، وإن عیّن للزیارة زماناً تعیّن فلو ترکها فی وقتها عامداً حنث وتجب الکفّارة، وهل یجب معها القضاء أم لا؟ وجهان، والصحیح عدم الوجوب.

مسألة 724: لو نذر أن یحجّ أو یزور الحسین (علیه السلام) ماشیاً انعقد مع القدرة وعدم الضرر، فلو حجّ أو زار راکباً مع القدرة علی المشی فإن کان النذر مطلقاً ولم یعیّن الوقت أعاده ماشیاً، وإن عیّن وقتاً وفات الوقت حنث بلا إشکال ولزمته الکفّارة، وهل یجب مع ذلک القضاء ماشیاً أم لا؟ وجهان، والصحیح عدم الوجوب، وکذلک الحال لو رکب فی بعض الطریق ومشی فی البعض.

مسألة 725: لیس لمن نذر الحجّ أو الزیارة ماشیاً أن یرکب البحر أو یسلک طریقاً یحتاج إلی رکوب السفینة ونحوها ولو لأجل العبور من النهر ونحوه إلّا إذا کان الطریق المتعارف برّاً منحصراً فیما یتوقّف علی ذلک، ولو انحصر الطریق فی البحر

ص: 292

فإن کان النذر موقّتاً لم ینعقد من الأوّل وإن کان مطلقاً وتوقّع فتح الطریق البرّیّ فیما بعد انتظر وإلّا فلا شیء علیه، نعم إذا کان المشی ملحوظاً فی نذره علی نحو تعدّد المطلوب لزمه - فی الصورتین - الإتیان بالحجّ أو الزیارة راکباً بعد تعذّر المشی.

مسألة 726: لو طرأ لناذر المشی العجز عنه فی بعض الطریق دون البعض فالأحوط وجوباً أن یمشی مقدار ما یستطیع ویرکب فی البعض الآخر ولا شیء علیه، ولو اضطرّ إلی رکوب السفینة فالأحوط الأولی أن یقوم فیها بقدر الإمکان.

مسألة 727: إذا نذر التصدّق بعین شخصیّة تعیّنت ولا یجوز له إتلافها ولا تبدیلها بعین أُخری، ولو تلفت انحلّ النذر ولا شیء علیه، نعم إذا کان ذلک بإتلافه مع الالتفات إلی نذره عُدّ حانثاً فتلزمه الکفّارة ولا یضمن العین، هذا إذا کان النذر مطلقاً ومثله ما إذا کان معلّقاً وتحقّق المعلَّق علیه، وأمّا قبل تحقّقه فیجوز له التصرّف فی العین المنذورة التصدّق بالإتلاف والنقل إلی الغیر ما لم یعلم بتحقّق المعلَّق علیه لاحقاً ولم یکن نذره مشتملاً علی الالتزام بإبقاء العین إلی أن یتبیّن له عدم تحقّقه، وأمّا فی هاتین الصورتین فلا یجوز له التصرّف فیها أیضاً.

ص: 293

مسألة 728: إذا نذر التصدّق علی شخص معیّن لزم ولا یملک المنذور له الإبراء منه، فلا یسقط عن الناذر بإبرائه، وهل یلزم المنذور له القبول؟ الصحیح هو عدم اللزوم، فیبطل النذر بعدم قبوله، ولو امتنع ثُمَّ رجع إلی القبول وجب التصدّق علیه إذا کان النذر مطلقاً أو موقّتاً ولم یخرج وقته وکان لمتعلّقه إطلاق یشمل صورة قبوله بعد الامتناع، وأمّا لو کان مقیّداً - ولو ارتکازاً - بغیر هذه الصورة فینحلّ النذر بامتناعه أوّلاً.

مسألة 729: إذا نذر التصدّق بمقدار معیّن من ماله ومات قبل الوفاء به لم یُخْرَج من أصل ترکته، إلّا أنّ الأحوط استحباباً لکبار الورثة إخراج ذلک المقدار من حصصهم والتصدّق به من قبله.

وإذا نذر التصدّق علی شخص معیّن فمات المنذور له قبل الوفاء بالنذر لم یقم وارثه مقامه فی وجوب التصدّق علیه.

مسألة 730: یصحّ نذر التصدّق علی نحو نذر الفعل، ولا یصحّ علی نحو نذر النتیجة بأن ینذر أن یکون ماله المعیّن صدقة علی فلان مثلاً.

مسألة 731: لو نذر مبلغاً من النقود لمشهد من المشاهد المشرّفة صرفه فی مصالحه کعمارته وفراشه وتهیئة وسائل

ص: 294

تبریده وتدفئته وإنارته وأُجور خدمه والقائمین علی حفظه وصیانته وما إلی ذلک من شؤونه، وإذا لم یتیسّر صرفه فیما ذکر وأشباهه أو کان المشهد مستغنیاً من جمیع الوجوه صرفه فی معونة زوّاره ممّن قصرت نفقتهم أو قطع بهم الطریق أو تعرّضوا لطارئ آخر، وهکذا الحال لو نذر متاعاً للمشهد فکان مستغنیاً عن عینه أو لم یمکن الاستفادة منه فیه فإنّه یبیعه ویصرف ثمنه فی مصالحه إن أمکن وإلّا ففی معونة زوّاره علی النحو الآنف الذکر .

مسألة 732: لو نذر شیئاً للکعبة المعظّمة فإن أمکن صرف عینه فی مصالحها - کالطیب - فهو وإلّا باعه وصرف قیمته فیها، وإن لم یمکن ذلک أیضاً - ولو لاستغنائها من جمیع الوجوه - صرفه عیناً أو قیمة فی معونة زوّارها علی النهج المتقدّم فی المسألة السابقة.

مسألة 733: لو نذر مالاً للنبیّ (صلّی الله علیه وآله) أو لبعض الأئمّة (علیهم السلام) أو لبعض أعاظم الماضین من العلماء والصالحین وأضرابهم صرفه فی جهة راجعة إلی المنذور له کتأمین نفقة المحتاجین من زوّاره أو علی مشهده الشریف أو علی ما فیه إحیاء ذکره وإعلاء شأنه کإقامة المجالس المعدّة لنشر علومه ومواعظه ومحاسن کلامه وذکر

ص: 295

فضائله ونحو ذلک، هذا إذا لم یکن من قصد الناذر جهةٍ خاصّة ومصرف معیّن وإلّا اقتصر علیها.

مسألة 734: لو نذر شاة للصدقة أو لأحد الأئمّة (علیهم السلام) أو لمشهد من المشاهد فنمت نموّاً متّصلاً کالسِّمَنِ کان النماء تابعاً لها فی اختصاصها بالجهة المنذور لها، وإذا نمت نموّاً منفصلاً کما إذا ولدت شاة أُخری أو حصل فیها لبن فالنماء للناذر إلّا إذا کان قاصداً للتعمیم حین إنشاء النذر .

مسألة 735: إذا نذر التصدّق بجمیع ما یملکه عیناً أو قیمة عندما یقضی الله له حاجة معیّنة فقضاها الله تبارک وتعالی ولکنّه وجد مشقّة شدیدة فی التصدّق بجمیع ماله فالأحوط وجوباً أن یتصدّق بما یمکنه ویقوّم الباقی بقیمة عادلة فی ذمّته قبل أن یتصرّف فیه ثُمَّ یتصدّق عمّا فی ذمّته شیئاً فشیئاً ویحسب منه ما یعطی إلی الفقراء والمساکین وأرحامه المحتاجین ویقیّد ذلک فی سجلّ إلی أن یوفّی التمام فإن بقی منه شیء أوصی بأن یؤدّی من ترکته.

مسألة 736: إذا نذر صوم یوم إذا برئ مریضه أو قدم مسافره مثلاً فبان بُرْؤ المریض وقدوم المسافر قبل نذره لم یکن علیه شیء.

مسألة 737: إذا تعلّق نذره بإیجاد عمل من صوم أو صلاة

ص: 296

أو صدقة أو غیرها، فإن عیّن له وقتاً تعیّن ویتحقّق الحنث وتجب الکفّارة بترکه فیه، فإن کان صوماً وجب قضاؤه وکذا إن کان صلاة علی الأحوط لزوماً دون غیرها، وهکذا الحال فیما إذا کانت الأزمنة المتأخّرة جدّاً خارجة عن محطّ نظره حین النذر فإنّه لا یجوز له التأخیر فی الإتیان بالمنذور إلی حینها وإلّا کان حانثاً، وأمّا إن کان النذر مطلقاً کان وقته العمر وجاز له التأخیر إلی حدّ لا یعدّ معه متوانیاً ومتهاوناً فی أداء الواجب ویتحقّق الحنث بترکه مدّة عمره.

هذا إذا کان المنذور فعل شیء، وإن کان ترک شیء فإن عیّن له وقتاً کان حنثه بإیجاده فیه، وإن کان مطلقاً کان حنثه بإیجاده فی مدّة عمره ولو مرّة، فلو أتی به أکثر من مرّة لم یحنث إلّا بالمرّة الأُولی فلا تتکرّر علیه الکفّارة، کما مرّ نظیره فی الیمین.

مسألة 738: إذا نذر الأب أو الأُمّ تزویج بنتهما من هاشمیّ أو من غیره فی أوان زواجها لم یکن لذاک النذر أثر بالنسبة إلیها وعدّ کأن لم یکن، وأمّا الناذر فإن انعقد نذره وتمکّن من الوفاء به بإقناع البنت بالزواج ممّن نذر تزویجها منه لزمه ذلک وإلّا فلا شیء علیه.

مسألة 739: إنّما یتحقّق الحنث الموجب للکفّارة بمخالفة النذر اختیاراً، فلو أتی بشیء تعلّق النذر بترکه نسیاناً أو خطأً أو

ص: 297

غفلة أو إکراهاً أو اضطراراً أو عن جهل یعذر فیه لم یترتّب علیه شیء، بل لا ینحلّ النذر به، فیجب الترک بعد ارتفاع العذر لو کان النذر مطلقاً أو موقّتاً وقد بقی الوقت.

مسألة 740: کفّارة حنث النذر ککفّارة الیمین، وهی عتق رقبة أو إطعام عشرة مساکین أو کسوتهم، فإن عجز صام ثلاثة أیّام متوالیات.

الفصل الثالث فی العه-ود

مسألة 741: لا ینعقد العهد بمجرّد النیّة بل یحتاج إلی الصیغة، فلا یجب العمل بالعهد القلبیّ وإن کان ذلک أحوط استحباباً، وصیغة العهد أن یقول: (عاهدتُ الله، أو علیّ عهدُ اللهِ أن أفعل کذا، أو أترکَ کذا) إمّا مطلقاً أو معلّقاً علی أمر .

مسألة 742: یعتبر فی مُنشئ العهد أن یکون بالغاً عاقلاً مختاراً قاصداً غیر محجور عن التصرّف فی متعلّق العهد علی حذو ما تقدّم اعتباره فی النذر والیمین.

مسألة 743: العهد المعلَّق کالنذر المعلَّق فیما یعتبر فی المعلّق علیه فتجری فیه التفاصیل المتقدّمة فی المسألة (709).

ص: 298

مسألة 744: لا یعتبر فی متعلَّق العهد أن یکون راجحاً شرعاً، کما مرّ اعتباره فی متعلَّق النذر، بل یکفی أن لا یکون مرجوحاً شرعاً مع کونه راجحاً بحسب الأغراض الدنیویّة العقلائیّة أو مشتملاً علی مصلحة دنیویّة شخصیّة، فلو عاهد الله تبارک وتعالی علی فعل مباح له فیه مصلحة شخصیّة لزمه الوفاء بعهده إلّا إذا صار مرجوحاً شرعاً أو زالت عنه المصلحة الشخصیّة لبعض الطوارئ فإنّه ینحلّ عهده حینئذٍ ولا یلزمه الوفاء به.

مسألة 745: إذا خالف عهده بعد انعقاده لزمته الکفّارة وهی عتق رقبة أو صیام شهرین متتابعین أو إطعام ستّین مسکیناً.

ص: 299

ص: 300

کتاب الکفّارات

ص: 301

ص: 302

کتاب الکفّارات

اشارة

وفیه فصلان:

الفصل الأوّل فی أقسام الکفّارات وموارد ثبوتها

مسألة 746: الکفّارات - عدا کفّارات الإحرام - علی خمسة أقسام:

القسم الأوّل: الکفّارة المرتّبة، وهی فی ثلاثة موارد:

1. کفّارة الظهار .

2. کفّارة قتل الخطأ.

ویجب فیهما: عتق رقبة، فإن عجز فصیام شهرین متتابعین، فإن عجز فإطعام ستّین مسکیناً.

ص: 303

3. کفّارة من أفطر یوماً من قضاء شهر رمضان بعد الزوال.

ویجب فیها إطعام عشرة مساکین، فإن عجز فصیام ثلاثة أیّام.

القسم الثانی: الکفّارة المخیّرة((1))، وهی فی ثلاثة موارد أیضاً:

1. کفّارة من أفطر فی شهر رمضان بتعمّد الأکل أو الشرب أو الجماع أو الاستمناء أو البقاء علی الجنابة.

2. کفّارة من أفسد اعتکافه الواجب بالجماع ولو لیلاً، ویلحق به علی الأحوط وجوباً الجماع المسبوق بالخروج المحرّم وإن بطل اعتکافه به بشرط عدم رفع یده عنه.

3. کفّارة حنث العهد.

ویجب فی الجمیع: عتق رقبة، أو صیام شهرین متتابعین، أو إطعام ستّین مسکیناً.

القسم الثالث: ما اجتمع فیه الترتیب والتخییر، وهی فی

ص: 304


1- ([1]) سیأتی فی المسألة (780) أنّ من عجز عن الخصال الثلاث فی کفّارة الإفطار یلزمه التصدّق بما یطیق، وإنّ من عجز عنها فی کفّارة الاعتکاف أو العهد یلزمه صیام ثمانیة عشر یوماً، فالکفّارة الثابتة فی الموارد الثلاثة المذکورة مشتملة علی التخییر والترتیب - کالقسم الثالث الآتی - فعدّها قسماً مستقلّاً فی مقابله جری علی وفق ما هو الشائع فی کلمات الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) من تقسیم الکفّارات إلی: مرتّبة، ومخیّرة، وما اجتمع فیه الأمران، وکفّارة الجمع.

ثلاثة موارد أیضاً:

1. کفّارة الإیلاء.

2. کفّارة الیمین.

3. کفّارة النذر، حتّی نذر صوم یوم معیّن.

ویجب فی الجمیع: عتق رقبة، أو إطعام عشرة مساکین أو کسوتهم، فإن عجز فصیام ثلاثة أیّام.

القسم الرابع: الکفّارة المعیّنة، وهی فیمن حلف بالبراءة من الله تعالی أو من رسوله (صلّی الله علیه وآله) أو من دینه أو من الأئمّة (علیهم السلام) ثُمَّ حنث.

فیجب علیه: إطعام عشرة مساکین.

القسم الخامس: کفّارة الجمع، وهی فی قتل المؤمن عمداً وظلماً، ویجب فیه: عتق رقبة مع صیام شهرین متتابعین وإطعام ستّین مسکیناً.

مسألة 747: إذا اشترک جماعة فی القتل العمدیّ وجبت الکفّارة علی کلّ واحد منهم، وکذا فی قتل الخطأ.

مسألة 748: إذا ثبت علی مسلم حدّ یوجب القتل - کالزانی المحصن واللائط - فقتله غیر الإمام والمأذون من قبله تثبت الکفّارة علی القاتل، نعم لا کفّارة فی قتل المرتدّ - إذا لم یتب - مطلقاً.

مسألة 749: المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی

ص: 305

علیهم) أنَّ فی جزّ المرأة شعرها فی المصاب کفّارة الإفطار فی شهر رمضان، وفی نتفه أو خدش وجهها إذا أدمته أو شقّ الرجل ثوبه فی موت ولده أو زوجته کفّارة الیمین.

ولکن الصحیح عدم وجوب الکفّارة فی هذه الموارد وإن کان التکفیر أحوط استحباباً.

مسألة 750: ذکر جمع من الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّ من أفطر فی شهر رمضان علی الحرام وجبت علیه کفّارة الجمع، ولکن الصحیح عدم وجوبها وکفایة الکفّارة المخیّرة.

مسألة 751: لو تزوّج بامرأة ذات بعل أو فی العدّة الرجعیّة لزمه أن یفارقها، والأحوط الأولی أن یکفّر بخمسة أصوع من دقیق.

مسألة 752: لو نام عن صلاة العشاء الآخرة حتّی خرج الوقت فالأحوط الأولی أن یصبح صائماً.

مسألة 753: لو نذر صوم یوم أو أیّام فعجز عن الصوم فالأحوط لزوماً أن یتصدّق لکلّ یوم بمدٍّ علی مسکین، أو یعطیه مدّین لیصوم عنه.

مسألة 754: قد عدّ من الکفّارات المندوبة ما روی عن الصادق (علیه السلام) من أنّ کفّارة عمل السلطان قضاء حوائج الإخوان، وکفّارة المجالس أن تقول عند قیامک منها:

ص: 306

(سبحان ربِّک ربِّ العزّة عمّا یصفون وسلام علی المرسلین والحمد لله ربِّ العالمین)، وکفّارة الضحک أن یقول: (اللّهمَّ لا تمقتنی)، وکفّارة الاغتیاب الاستغفار للمغتاب، وکفّارة الطیرة التوکّل، وکفّارة اللطم علی الخدود الاستغفار والتوبة.

الفصل الثانی فی أحکام الکفّارات

مسألة 755: یعتبر فی الخصال الثلاث - العتق والصیام والإطعام - النیّة المشتملة علی قصد العمل، وقصد القربة، وکذا قصد کونه کفّارة ولو إجمالاً.

فلو تردّد ما فی ذمّته بین الکفّارة وغیرها - کما لو علم أنّ علیه صیام شهرین متتابعین ولم یعلم أنّه من جهة النذر أو الکفّارة - اجتزأ بالإتیان به بقصد ما فی الذمّة وإن تبیّن بعد ذلک کونه کفّارة، ولا یعتبر فیها قصد النوع وإن وجبت بأسباب مختلفة إلّا إذا أخذ فی المتعلّق خصوصیّة قصدیّة کما فی کفّارة الظهار بلحاظ کونها محلّلة للوطء، فلو کان علیه صیام شهرین متتابعین مرّة لکفّارة القتل خطأً وأُخری لکفّارة الإفطار فی شهر رمضان متعمّداً فصام شهرین بقصد التکفیر أجزأه عن أحدهما، فإن صام کذلک مرّة أُخری فرغت ذمّته عنهما

ص: 307

جمیعاً، وأمّا لو کان علیه صیام شهرین متتابعین مرّة لکفّارة القتل خطأً، وأُخری لکفّارة الظهار فصام شهرین من دون تعیین وقع عن الأُولی فإن صام شهرین آخرین وقع عن الثانیة، هذا فی المتعدّد من أنواع مختلفة، وأمّا فی المتعدّد من نوع واحد فلا یعتبر التعیین مطلقاً.

نعم فی مثل کفّارة الظهار لا یترتّب أثر عملیّ وترخیص فعلیّ فیما إذا ظاهر من زوجتیه معاً مثلاً وصام شهرین متتابعین من دون قصد إحداهما بالخصوص، ولکن إذا أتبعه بصوم شهرین آخرین بقصد کفّارة الظهار حلّت له کلتا الزوجتین.

مسألة 756: العجز عن العتق الموجب لوجوب الصیام ثُمَّ الإطعام فی الکفّارة المرتّبة متحقّق فی زماننا - هذا - لعدم الرقبة.

وأمّا العجز عن الصیام الموجب لتعیّن الإطعام فیتحقّق بالتضرّر به لاستتباعه حدوث مرض أو لإیجابه شدّته أو طول بُرْئه أو شدّة ألمه، کلّ ذلک بالمقدار المعتدّ به الذی لم تجرِ العادة بتحمّل مثله، وکذا یتحقّق بکون الصوم شاقّاً علیه مشقّة لا تتحمّل.

وأمّا العجز عن الإطعام والإکساء فی کفّارة الیمین ونحوها الموجب للانتقال إلی الصیام فیتحقّق بعدم تیسّر تحصیلهما

ص: 308

ولو لعدم توفّر ثمنهما عنده أو احتیاجه إلیه فی نفقة نفسه أو نفقة عیاله الواجبی النفقة علیه، أو فی أداء دیونه ونحوها، کما یتحقّق بفقدان المسکین المستحقّ لهما.

مسألة 757: لیس طروّ الحیض والنفاس موجباً للعجز عن الصیام والانتقال إلی الإطعام فی الکفّارة المرتّبة، وکذا طروّ الاضطرار إلی السفر الموجب للإفطار؛ لما سیأتی من عدم انقطاع التتابع بطروّ ذلک.

مسألة 758: المعتبر فی العجز والقدرة فی الکفّارة المرتّبة حال الأداء لا حال الوجوب، فلو کان حال حدوث موجب الکفّارة قادراً علی صیام شهرین متتابعین عاجزاً عن إطعام ستّین مسکیناً فلم یصم حتّی صار بالعکس، صار فرضه الإطعام، ولم یستقرّ الصوم فی ذمّته.

مسألة 759: یکفی فی تحقّق العجز الموجب للانتقال إلی البدل فی الکفّارة المرتّبة العجز العرفیّ فی وقت التکفیر، فلو وجبت علیه کفّارة الظهار فأراد التکفیر فوجد نفسه مریضاً لا یقدر علی الصیام ولکن کان یأمل شفاءه من مرضه مستقبلاً والتمکّن من الصوم لم یلزمه الانتظار بل یجزئه الانتقال إلی الإطعام، ولکن لو لم یطعم حتّی برئ من مرضه وتمکّن من الصیام تعیّن ولم یجزئه الإطعام حینئذٍ.

وهکذا لو وجبت علیه کفّارة حنث الیمین فأراد التکفیر وکان

ص: 309

فقیراً لا یقدر علی إطعام عشرة مساکین ولا علی کسوتهم أجزأه صیام ثلاثة أیّام متوالیات، وإن کان یحتمل تمکّنه لاحقاً من الإطعام أو الإکساء، ولکن لو لم یصم حتّی تمکّن من أحدهما تعیّن ولم یجزئه الصوم عندئذٍ.

مسألة 760: إذا عجز عن الصیام فی کفّارة الظهار مثلاً، أو عجز عن الإطعام والإکساء فی کفّارة الیمین مثلاً، ولکنّه علم بتمکّنه منهما بعد فترة قصیرة کأسبوع مثلاً یلزمه الانتظار ولا یجزئه الانتقال إلی بدلهما.

مسألة 761: إذا عجز عن الصیام فی کفّارة الظهار مثلاً فشرع فی الإطعام ثُمَّ تمکّن منه اجتزأ بإتمام الإطعام، وکذا إذا عجز عن الإطعام والإکساء فی کفّارة الیمین فشرع فی الصوم ولو ساعة من النهار ثُمَّ تمکّن من أحدهما فإنّ له إتمام الصیام، نعم لو عرض ما یوجب استئنافه - بأن عرض فی أثنائه ما أبطل التتابع - تعیّن علیه الإطعام أو الإکساء مع بقاء القدرة علیه.

مسألة 762: یجب التتابع فی صوم الشهرین من الکفّارة المخیّرة والمرتّبة وکفّارة الجمع، کما یجب التتابع بین صیام الأیّام الثلاثة فی کفّارة الیمین وما بحکمها، وأمّا غیرهما من الصیام الواجب کفّارة فلا یعتبر فیه التتابع.

ویتفرّع علی وجوب التتابع فیما ذکرناه أنّه لا یجوز الشروع

ص: 310

فی الصوم فی زمان یعلم أنّه لا یسلم له بتخلّل العید أو تخلّل یوم یجب فیه صوم آخر فی زمان معیّن بین أیّامه، فلو شرع فی صیام ثلاثة أیّام فی کفّارة الیمین قبل یوم أو یومین من شهر رمضان، أو من خمیس معیّن نذر صومه شکراً مثلاً لم یجزِ بل وجب استئنافه، ویلحق بالعالم الجاهل غیر المعذور، وأمّا الغافل والجاهل المعذور فلا یضرّهما ذلک.

مسألة 763: إنّما یضرّ الإفطار فی الأثناء بالتتابع فیما إذا وقع علی وجه الاختیار، فلو وقع لعذر من الأعذار - کما إذا کان الإفطار بسبب الإکراه أو الاضطرار، أو بسبب عروض المرض أو طروّ الحیض أو النفاس لا بتسبیبه - لم یضرّ به، ومن العذر وقوع السفر فی الأثناء إذا کان ضروریّاً دون ما کان بالاختیار، ومنه أیضاً ما إذا نسی النیّة حتّی فات وقتها، وکذا الحال فیما إذا تخلّل صوم آخر فی البین لا بالاختیار کما إذا نسی فنوی صوماً آخر، ومنه ما إذا نذر صوم کلّ خمیس مثلاً ثُمَّ وجب علیه صوم شهرین متتابعین فإنَّه لا یضرّ بالتتابع تخلّل المنذور فیه، بخلاف ما إذا وجب علیه صوم ثلاثة أیّام من کفّارة الیمین أو ما بحکمها فإنّه یضرّ تخلّله بالتتابع، لتمکّنه من صیام ثلاثة أیّام متتابعات فی أوائل الأسبوع مثلاً، هذا إذا کان الصوم المنذور معنوناً بعنوان لا ینطبق علی صوم الکفّارة کما لو نذر صوم کلّ خمیس شکراً، وأمّا لو کان مطلقاً بأن نذر أن یکون صائماً

ص: 311

فیه علی نحو الإطلاق فلا یستوجب ذلک تخلّلاً فیه بل یحسب من الکفّارة أیضاً.

مسألة 764: یکفی فی تتابع الشهرین من الکفّارة - مرتّبة کانت أم مخیّرة أم کفّارة الجمع - صیام شهر ویوم متتابعاً، ویجوز له التفریق بعد ذلک ولو اختیاراً لا لعذر، علی إشکال فیما إذا لم یکن لعارض یعدّ عذراً عرفاً فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 765: من وجب علیه صیام شهرین یجوز له الشروع فیه فی أثناء الشهر، ولکن الأحوط حینئذٍ أن یصوم ستّین یوماً مطلقاً، سواء أکان الشهر الذی شرع فیه مع تالیه تامّین أم ناقصین أم مختلفین، ولو وقع التفریق بین الأیّام بتخلّل ما لا یضرّ بالتتابع شرعاً تعیّن ذلک.

وأمّا لو شرع فیه من أوّل الشهر فیجزئه شهران هلالیّان وإن کانا ناقصین.

مسألة 766: یتخیّر فی الإطعام الواجب فی الکفّارات بین تسلیم الطعام إلی المساکین وإشباعهم، ویجوز التسلیم إلی البعض وإشباع البعض، ولا یتقدّر الإشباع بمقدار معیّن بل المدار فیه عرض الطعام الجاهز علیهم بمقدار یکفی لإشباعهم قلّ أو کثر، وأمّا التسلیم فأقلّ ما یجزئ فیه تسلیم کلّ واحد منهم مدّاً من الطعام، والأفضل بل الأحوط مدّان،

ص: 312

وفی تحدید المدّ بالوزن إشکال ولکن یکفی فی المقام احتساب المدّ ثلاثة أرباع الکیلو غرام.

ولا بُدَّ فی کلّ من التسلیم والإشباع إکمال العدد من الستّین أو العشرة، فلا یجزئ إشباع ثلاثین أو خمسة مرّتین أو تسلیم کلّ منهم مدّین، ولا یجب الاجتماع لا فی التسلیم ولا فی الإشباع، فلو أطعم ستّین مسکیناً فی أوقات متفرّقة من بلاد مختلفة ولو کان هذا فی سنة وذاک فی سنة أُخری لأجزأ وکفی.

مسألة 767: الواجب فی الإشباع إشباع کلّ واحد من العدّة مرّة، وإن کان الأفضل إشباعه فی یومه ولیله غداءً وعشاءً.

مسألة 768: یجزئ فی الإشباع کلّ ما یتعارف التغذّی والتقوّت به لغالب الناس من المطبوخ وما یصنع من أنواع الأطعمة، ومن الخبز من أیّ جنس کان ممّا یتعارف تخبیزه من حنطة أو شعیر أو غیرهما وإن کان بلا إدام، والأفضل أن یکون مع الإدام وهو کلّ ما جرت العادة بأکله مع الخبز جامداً أو مائعاً وإن کان خلّاً أو ملحاً أو بصلاً وکلّ ما کان أجود کان أفضل.

وأمّا فی التسلیم فیجزئ بذل ما یسمّی طعاماً من مطبوخ وغیره من الحنطة والشعیر وخبزهما ودقیقهما والأرز والماش والذُّرَة والتمر والزبیب وغیرها، نعم الأحوط لزوماً فی کفّارة الیمین وما بحکمها الاقتصار علی الحنطة ودقیقها.

ص: 313

مسألة 769: التسلیم إلی المسکین تملیک له، وتبرأ ذمّة المکفّر بمجرّد ذلک، ولا تتوقّف البراءة علی أکله الطعام فیجوز له بیعه علیه وعلی غیره.

مسألة 770: یتساوی الصغیر والکبیر إن کان التکفیر بنحو التسلیم، فیعطی الصغیر مدّاً من طعام کما یعطی الکبیر، وإن کان اللازم فی الصغیر التسلیم إلی ولیّه، وأمّا إن کان التکفیر بنحو الإشباع فاللازم احتساب الاثنین من الصغار بواحد، ولا فرق فی ذلک - علی الأحوط لزوماً - بین أن یجمع الکبار والصغار فی الإشباع أم یشبع الصغار منفردین، ولا یعتبر فی الإشباع إذن من له الولایة أو الحضانة اذا لم یکن منافیاً لحقّه.

مسألة 771: یجوز إعطاء کلّ مسکین أزید من مدّ، أو إشباعه أزید من مرّة عن کفّارات متعدّدة ولو مع الاختیار، فلو أفطر تمام شهر رمضان جاز له إشباع ستّین شخصاً معیّنین فی ثلاثین یوماً، أو تسلیم ثلاثین مدّاً من طعام لکلّ واحد منهم وإن وجد غیرهم.

مسألة 772: إذا تعذّر إکمال العدد الواجب من الستّین أو العشرة فی البلد وجب النقل إلی غیره، وإن تعذّر لزم الانتظار، وفی کفایة التکرار علی العدد الموجود حتّی یستوفی المقدار إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، وعلی القول

ص: 314

بالکفایة فلا بُدَّ من الاقتصار فی التکرار علی مقدار التعذّر، فلو تمکّن من عشرة کرّر علیهم ستّ مرّات ولا یجوز التکرار علی خمسة منهم مثلاً اثنی عشرة مرّة.

مسألة 773: المراد بالمسکین الذی هو مصرف الکفّارة هو الفقیر الذی یستحقّ الزکاة، وهو من لا یملک مؤونة سنته فعلاً ولا قوّة، ویشترط فیه الإسلام بل الإیمان علی الأحوط وجوباً، ولکن یجوز دفعها إلی الضعفاء من غیر أهل الولایة - عدا النصّاب - إذا لم یجد المؤمن، ولا یجوز دفعها إلی واجب النفقة کالوالدین والأولاد والزوجة الدائمة دون المنقطعة، ویجوز دفعها إلی سائر الأقارب بل لعلّه أفضل.

وإذا کان للفقیر عیال فقراء جاز إعطاؤه بعددهم إذا کان ولیّاً علیهم أو وکیلاً عنهم فی القبض، فإذا قبض شیئاً من ذلک کان ملکاً لهم، ولا یجوز التصرّف فیه إلّا بإذنهم إذا کانوا کباراً، وإن کانوا صغاراً صرفه فی مصالحهم کسائر أموالهم.

وزوجة الفقیر إذا کان زوجها باذلاً لنفقتها علی النحو المتعارف لا تکون فقیرة ولا یجوز إعطاؤها من الکفّارة حتّی إذا کانت محتاجة إلی نفقة غیر لازمة من وفاء دَیْن ونحوه.

مسألة 774: لا یشترط فی المسکین الذی هو مصرف الکفّارة العدالة، نعم الأحوط لزوماً عدم دفعها لتارک الصلاة ولا لشارب الخمر ولا للمتجاهر بالفسق، وفی جواز إعطاء کفّارة

ص: 315

غیر الهاشمیّ إلی الهاشمیّ قولان، والصحیح هو الجواز .

مسألة 775: یعتبر فی الکسوة التی یتخیّر بینها وبین العتق والإطعام فی کفّارة الیمین وما بحکمها أن یعدّ لباساً عرفاً، من غیر فرق بین الجدید وغیره ما لم یکن منخرقاً أو منسحقاً وبالیاً بحیث ینخرق بعد فترة قصیرة من الاستعمال، فلا یکتفی بالعمامة والقلنسوة والحذاء والخفّ والجورب.

والکسوة لکلّ فقیر ثوب وجوباً وثوبان استحباباً بل هما مع القدرة أحوط استحباباً، ویعتبر فیها العدد کالإطعام، فلو کرّر علی واحد - بأن کساه عشر مرّات - لم تحسب له إلّا واحدة، ولا فرق فی المکسوِّ بین الصغیر والکبیر والذکر والأُنثی، نعم فی الاکتفاء بکسوة الصغیر جدّاً کابن شهر أو شهرین إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

ویعتبر فی الثوب کونه مخیطاً أو ما بحکمه کالملبّد والمنسوج، فلو سلّم إلیه قماشاً غیر مخیط لم یکن مجزیاً، نعم لا بأس بأن یدفع أجرة الخیاطة معه لیخیطه ثوباً ویحتسبه علی نفسه کفّارة ولکن لا بُدَّ من إحراز قیامه بذلک.

ولا یجزئ إعطاء لباس الرجال للنساء ولا العکس ولا إعطاء لباس الصغیر للکبیر، ولا فرق فی جنسه بین کونه من صوف أو قطن أو کتّان أو حریر أو غیرها وفی الاجتزاء بالحریر المحض للرجال إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه،

ص: 316

ولو تعذّر تمام العدد کسی الموجود وانتظر الباقی ولا یجزئ التکرار علی الموجود.

مسألة 776: لا تجزئ القیمة فی الکفّارة لا فی الإطعام ولا فی الکسوة، بل لا بُدَّ فی الإطعام من بذل الطعام إشباعاً أو تملیکاً کما أنّه لا بُدَّ فی الکسوة من بذلها تملیکاً.

نعم لا بأس بأن یدفع القیمة إلی المستحقّ ویوکّله فی أن یشتری بها طعاماً أو کسوة ویأخذه لنفسه کفّارة بأن یملّکه لنفسه وکالة عن المالک ویتقبّله لنفسه أصالة، ولکن لا تبرأ ذمّة المُوَکِّل إلّا مع قیام المستحقّ بما وکّل فیه فلا بُدّ من إحراز ذلک.

مسألة 777: إذا وجبت علیه کفّارة مخیّرة لم یجزِ أن یکفّر بجنسین، بأن یصوم شهراً ویطعم ثلاثین مسکیناً فی کفّارة شهر رمضان، أو یطعم خمسة ویکسو خمسة مثلاً فی کفّارةالیمین، نعم لا بأس باختلاف أفراد الصنف الواحد منها، کما لو أطعم بعض العدد طعاماً خاصّاً وبعضه غیره، أو کسی بعضهم ثوباً من جنس وبعضهم من جنس آخر، بل یجوز فی الإطعام أن یشبع بعضاً ویسلّم إلی بعض کما مرّ .

مسألة 778: من عجز عن بعض الخصال الثلاث فی کفّارة الجمع أتی بالبقیّة وعلیه الاستغفار علی الأحوط لزوماً، وإن عجز عن الجمیع لزمه الاستغفار فقط.

ص: 317

مسألة 779: إذا عجز عن إطعام ستّین مسکیناً فی کفّارة الظهار صام ثمانیة عشر یوماً، ولو عجز عنه ففی الاجتزاء بالاستغفار بدلاً عنه إشکال کما تقدّم، ولو عجز عن الإطعام فی کفّارة القتل خطأً فالأحوط وجوباً أن یصوم ثمانیة عشر یوماً ویضمّ إلیه الاستغفار، فإن عجز عن الصوم أجزأه الاستغفار وحده.

مسألة 780: إذا عجز عن الخصال الثلاث فی الکفّارة المخیّرة فإن کانت کفّارة الإفطار فی شهر رمضان فعلیه التصدّق بما یطیق أی بأقلّ من ستّین مسکیناً، ومع التعذّر یتعیّن علیه الاستغفار، ولکن إذا تمکّن بعد ذلک من إکمال العدد أو من التکفیر لزمه ذلک علی الأحوط.

وإن کانت کفّارة العهد أو کفّارة الاعتکاف فلیصم ثمانیة عشر یوماً، فإن عجز لزمه الاستغفار .

مسألة 781: إذا عجز عن صیام ثلاثة أیّام فی کفّارة الإفطار فی قضاء شهر رمضان بعد الزوال، وفی کفّارة الیمین وما بحکمها فعلیه الاستغفار، وهکذا الحال لو عجز عن إطعام عشرة مساکین فی کفّارة البراءة.

مسألة 782: یجوز التأخیر فی أداء الکفّارة المالیّة وغیرها بمقدار لا یعدّ توانیاً وتسامحاً فی أداء الواجب، وإن کانت المبادرة إلی الأداء أحوط استحباباً.

ص: 318

مسألة 783: یجوز التوکیل فی أداء الکفّارات المالیّة، بأن یوکّل غیره فی أدائها من ماله - أی مال الموکّل - وتجزئ حینئذٍ نیّة المالک حین التوکیل فیه بأن یقصد التکفیر متقرّباً إلی الله تعالی بالعمل الصادر من الوکیل المنتسب إلیه بموجب وکالته.

ولا یجزئ التبرّع فی الکفّارات المالیّة علی الأحوط لزوماً، أی لا یجزئ أداؤها عن شخص من دون طلبه ذلک، کما لا تجزئ النیابة فی الکفّارة البدنیّة أی الصیام وإن کان الشخص عاجزاً عن أدائه، نعم تجوز النیابة عن المیّت فی الکفّارات المالیّة والبدنیّة مطلقاً.

مسألة 784: لا یجب علی الورثة أداء ما وجب علی میّتهم من الکفّارة البدنیّة - أی الصیام - ولا إخراجها من ترکته ما لم یوصِ بها وإن أوصی بها أُخرجت من ثلثه، نعم یحتمل وجوبها علی ولده الأکبر - إن کان - ولکن الصحیح عدمه، وإنّما یجری هذا الاحتمال فیما إذا تعیّن علی المیّت الصیام، وأمّا مع عدم تعیّنه علیه کما إذا کانت الکفّارة مخیّرة وکان متمکّناً من الصیام والإطعام فإنّه لا یجب الصوم علی الولیّ بلا إشکال.

وأمّا الکفّارة المالیّة فقیل إنّها بحکم الدیون فتخرج من أصل الترکة، ولکن الصحیح أنّها کالکفّارة البدنیّة ولا تخرج من الترکة إلّا بوصیّة المیّت، ومع وصیّته تخرج من الثلث، ویتوقّف

ص: 319

إخراجها من الزائد علیه علی إجازة الورثة.

ص: 320

کتاب الصید والذباحة

ص: 321

ص: 322

کتاب الصید والذباحة

اشارة

لا یجوز أکل الحیوان من دون تذکیته، وتقع التذکیة بالصید والذبح والنحر وغیرها، علی ما سیأتی تفصیلها إن شاء الله تعالی، وهنا فصلان:

الفصل الأوّل فی الصید

اشارة

تقع التذکیة الصیدیّة علی أنواع من الحیوان، وهی: الحیوان الوحشیّ - من الوحش والطیر - والسمک، والجراد، فهنا ثلاثة مباحث:

ص: 323

المبحث الأوّل فی صید الحیوان الوحشیّ

إنّ صید الحیوان الوحشیّ إنّما یوجب تذکیته إذا تمَّ بأحد طریقین:

إمّا بکلب الصید، أو بالسلاح، وفیما یلی أحکام الاثنین:

1. الصید بالکلب

مسألة 785: لا یحلّ من صید الحیوان ومقتوله إلّا ما کان بالکلب سواء أکان سَلُوقیّاً أم غیره، وسواء أکان أسود أم غیره، فما یأخذه الکلب ویقتله بعقره وجرحه من الحیوان المحلّل أکله مذکّی یحلّ أکله، فعضُّ الکلب وجرحه أیّ موضع من الحیوان بمنزلة ذبحه، وأمّا ما یصطاده غیر الکلب من جوارح السباع کالفهد والنمر أو من جوارح الطیر کالبازی والعقاب والباشق والصقر وغیرها فلا یحلّ وإن کانت معلَّمة، نعم لا بأس بالاصطیاد بها بمعنی جعل الحیوان الممتنع غیر ممتنع بها ثُمَّ تذکیته بالذبح.

مسألة 786: یشترط فی ذکاة صید الکلب أُمور :

الأوّل: أن یکون معلَّماً للاصطیاد ویتحقّق ذلک بأمرین:

أحدهما: استرساله إذا أُرسل، بمعنی أنّه متی أغراه صاحبه بالصید هاج علیه وانبعث إلیه.

ص: 324

ثانیهما: انزجاره عن الهیاج والذهاب إذا زُجر، وهل یعتبر فیه الانزجار بالزجر حتّی إذا قرب من الصید ووقع بصره علیه؟ وجهان، والصحیح عدم اعتباره.

واعتبر مشهور الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) مع ذلک أن یکون من عادته - التی لا تتخلّف إلّا نادراً - أن یمسک الصید ولا یأکل منه شیئاً حتّی یصل إلیه صاحبه، ولکن الصحیح عدم اعتباره أیضاً وإن کان ذلک أحوط استحباباً، کما لا بأس بأن یکون معتاداً بتناول دم الصید، نعم الأحوط لزوماً أن یکون بحیث إذا أراد صاحبه أخذ الصید منه لا یمنع ولا یقاتل دونه.

الثانی: أن یکون صیده بإرساله للاصطیاد، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم یحلّ، وکذا إذا کان صاحبه ممّن لا یتمشّی منه القصد، لکونه غیر ممیّز لصغر أو جنون أو سکر، أو کان قد أرسله لأمر غیر الاصطیاد من دفع عدوّ أو طرد سَبُعٍ فصادف غزالاً مثلاً فصاده فإنّه لا یحلّ، وهکذا الحال فیما إذا استرسل بنفسه ثُمَّ أغراه صاحبه بعد الاسترسال وإن أثّر فیه الإغراء، کما إذا زاد فی عَدْوه بسببه علی الأحوط لزوماً.

وإذا استرسل بنفسه فزجره صاحبه فوقف ثُمَّ أغراه وأرسله فاسترسل کفی ذلک فی حلّ مقتوله، وإذا أرسله لصید غزال بعینه فصاد غیره حلّ، وکذا إذا صاده وصاد غیره معه فإنّهما

ص: 325

یحلّان فإنّ الشرط قصد الجنس لا قصد الشخص.

الثالث: أن یکون المرسِل مسلماً أو بحکمه کالصبیّ الملحق به، فإذا أرسله کافر فاصطاد لم یحلّ صیده حتّی إذا کان کتابیّاً وإن سمّی علی الأحوط لزوماً، ولا فرق فی المسلم بین الرجل والمرأة ولا بین المؤمن والمخالف، نعم لا یحلّ صید المنتحلین للإسلام المحکومین بالکفر ممّن تقدّم ذکرهم فی کتاب الطهارة.

الرابع: أن یسمّی عند إرساله، فلو ترک التسمیة عمداً لم یحلّ مقتوله، ولا یضرّ لو کان الترک نسیاناً، وفی الاکتفاء بالتسمیة قبل الإصابة قول وهو الصحیح وإن کان الأحوط الأولی أن یسمّی عند الإرسال.

مسألة 787: یکفی فی التسمیة الإتیان بذکر الله تعالی مقترناً بالتعظیم مثل (الله أکبر ) و(بسم الله) بل یکتفی بمجرّد ذکر الاسم الشریف وإن کان الأحوط الأولی عدمه.

الخامس: أن یستند موت الحیوان إلی جرح الکلب ونحوه، وأمّا إذا استند إلی سبب آخر من صدمة أو خنق أو إتعاب فی العَدْو أو نحو ذلک لم یحلّ.

السادس: أن لا یدرک صاحب الکلب الصید حیّاً مع تمکّنه من ذبحه، بأن أدرکه میّتاً أو أدرکه حیّاً لکن لم یسع الزمان لذبحه.

ص: 326

ومُلخّص هذا الشرط أنّه إذا أرسل کلبه إلی الصید ولحق به فإن أدرکه میّتاً بعد إصابة الکلب حلّ أکله، وکذا إذا أدرکه حیّاً بعد إصابته ولکن لم یسع الزمان لذبحه فمات، وأمّا إذا کان الزمان یسع لذبحه فترکه حتّی مات لم یحلّ، وکذا الحال إذا أدرکه بعد عقر الکلب له حیّاً لکنّه کان ممتنعاً بأن بقی منهزماً یعدو فإنّه إذا أتبعه فوقف فإن أدرکه میّتاً حلّ، وکذا إذا أدرکه حیّاً ولکنّه لم یسع الزمان لذبحه، وأمّا إذا کان یسع لذبحه فترکه حتّی مات لم یحلّ.

مسألة 788: أدنی زمان یدرک فیه ذبح الصید أن یجده تطرف عینه أو ترکض رجله أو یتحرّک ذنبه أو یده فإنّه إذا أدرکه کذلک والزمان متّسع لذبحه لم یحلّ إلّا بذبحه.

مسألة 789: إذا أدرک مرسل الکلب الصید حیّاً والوقت متّسع لذبحه ولکنّه اشتغل عنه بمقدّماته من سلّ السکّین ورفع الحائل من شعر ونحوه علی النهج المتعارف فمات قبل ذبحه حلّ، وأمّا إذا استند ترکه الذبح إلی فقد الآلة کما إذا لم یکن عنده السکّین - مثلاً - حتّی ضاق الوقت ومات الصید قبل ذبحه لم یحلّ علی الأحوط لزوماً، نعم إذا ترکه حینئذٍ علی حاله إلی أنْ قتله الکلب وأزهق روحه بعقره حلّ أکله.

مسألة 790: لا تجب المبادرة إلی الصید من حین إرسال الکلب ولا من حین إصابته له إذا بقی علی امتناعه، وفی

ص: 327

وجوب المبادرة إلیه حینما أوقفه وصیّره غیر ممتنع خلاف، والصحیح وجوب المبادرة العرفیّة إذا أحسَّ بإیقافه وعدم امتناعه، فلو لم یبادر إلیه حینذاک ثُمَّ وجده میّتاً أو وجده حیّاً ولکن لا یتّسع الزمان لذبحه بسبب توانیه فی الوصول إلیه لم یحلّ.

هذا إذا احتمل أنّ فی المسارعة إلیه إدراک ذبحه، أمّا إذا علم بعدم ذلک ولو من جهة بُعْد المسافة علی نحو لا یدرکه إلّا بعد موته بجرح الکلب له فلا إشکال فی عدم وجوب المسارعة إلیه، نعم لو توقّف إحراز کون موته بسبب جرح الکلب لا بسبب آخر علی التسارع إلیه وتعرّف حاله لزم لأجل ذلک.

مسألة 791: إذا عضّ الکلب الصید کان موضع العضّة نجساً فیجب غسله، ولا یجوز أکله قبل غسله.

مسألة 792: لا یعتبر فی حلِّ الصید وحدة المرسل، فإذا أرسل جماعة کلباً واحداً حلَّ صیده، وکذا لا یعتبر وحدة الکلب فإذا أرسل شخص واحدٌ کلاباً فاصطادت علی الاشتراک حیواناً حلّ، نعم یعتبر فی المتعدّد اجتماع الشرائط، فلو أرسل مسلم وکافر کلبین فاصطادا حیواناً لم یحلّ علی ما تقدّم، وکذا إذا کانا مسلمین فسمّی أحدهما ولم یسمّ الآخر متعمّداً، أو کان کلب أحدهما معلّماً دون کلب الآخر، هذا إذا استند القتل إلیهما معاً، أمّا إذا استند إلی أحدهما کما إذا سبق أحدهما فأثخنه وأشرف علی الموت ثُمَّ جاءه الآخر فأصابه یسیراً بحیث استند

ص: 328

الموت إلی السابق اعتبر اجتماع الشروط فی السابق لا غیر، وإذا أجهز علیه اللاحق بعد أن أصابه السابق ولم یوقفه بل بقی علی امتناعه بحیث استند موته إلی اللاحق لا غیر اعتبر اجتماع الشروط فی اللاحق.

مسألة 793: إذا شکّ فی أنّ موت الصید کان مستنداً إلی عقر الکلب أو إلی سبب آخر لم یحلّ، نعم إذا کانت هناک أمارة عرفیّة علی استناده إلیه حلّ وإن لم یحصل منها العلم.

مسألة 794: لا یعتبر فی حلّیّة الصید إباحة الکلب، فیحلّ ما اصطاده بالکلب المغصوب وإن فعل حراماً وعلیه أجرة استعماله ویملکه هو دون مالک الکلب.

2. الصید بالسلاح

مسألة 795: یشترط فی ذکاة ما اصطید بالسلاح أُمور :

الأوّل: أن تکون الآلة کالسیف والسکّین والخنجر وغیرها من الأسلحة القاطعة، أو الشائکة کالرُّمح والسهم والعصا ممّا یخرق جسد الحیوان، سواء أکان فیه نصل کالسهم أم صنع خارقاً وشائکاً بنفسه کالمِعْراض، وهو کما قیل خشبة غلیظة الوسط محدّدة الطرفین، ولکن یعتبر فیما لا نصل فیه أن یخرق بدن الحیوان ویجرحه ولو قلیلاً ولا یحلّ فیما لو قتله بالوقوع علیه، وأمّا ما فیه نَصْل فلا یعتبر ذلک فیه فیحلّ الحیوان لو قتله وإن لم یجرحه ویخرق بدنه.

ص: 329

مسألة 796: یجوز أن یکون النصل من الحدید ومن غیره من الفلزّات کالذهب والفضّة والصُفْر وغیرها، فیحلّ الحیوان المقتول بالسیف أو الرمح المصنوعین منها.

مسألة 797: لا یحلّ الصید المقتول بالحجارة والعمود والمِقْمَعَة والشبکة والشَّرَک والحِبالة ونحوها من آلات الصید التی لیست بقاطعة ولا شائکة، نعم لا بأس بالاصطیاد بها بمعنی جعل الحیوان الممتنع غیر ممتنع بها ثُمَّ تذکیته بالذبح.

مسألة 798: یشکل الصید بالمِخْیَط والشَّوْک والسَّفّود ونحوها ممّا یکون شائکاً ولا یصدق علیه السلاح عرفاً، وأمّا ما یصدق علیه السلاح فلا بأس بالصید به وإن لم یکن معتاداً.

مسألة 799: إذا اصطاد بالبُنْدُقیّة أو نحوها فإن کانت الطلقة تنفذ فی بدن الحیوان وتخرقه حلّ أکله وهو طاهر، سواء أکانت محدّدة مخروطة أم لا وسواء أکانت من الحدید أم من الرصاص أم من غیرهما، وعلی هذا فلا بأس بالصید بالبنادق التی تکون طلقاتها علی شکل البندقة وتسمّی فی عرفنا ب- (الصچم) لأنّها تنفذ فی بدن الحیوان وتخرقه.

وأمّا إذا لم تکن الطلقة تنفذ فی بدن الحیوان وتخرقه بأن کانت تقتله بسبب ضغطها أو بسبب ما فیها من الحرارة المحرقة فیشکل الحکم بحلّیّة لحمه وطهارته فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

ص: 330

الثانی: أن یکون الصائد مسلماً أو من بحکمه نظیر ما تقدّم فی الصید بالکلب.

الثالث: التسمیة عند استعمال السلاح فی الاصطیاد، ویجتزئ بها قبل إصابة الهدف أیضاً، ولو أخلّ بها متعمّداً لم یحلّ صیده ولا بأس بالإخلال بها نسیاناً.

الرابع: أن یکون الرمی بقصد الاصطیاد فلو رمی هدفاً أو عدوّاً أو خنزیراً أو شاة فأصاب غزالاً مثلاً فقتله لم یحلّ، وکذا إذا أفلت من یده فأصاب غزالاً فقتله، ولو رمی بقصد الاصطیاد فأصاب غیر ما قصد حلّ.

الخامس: أن یدرکه میّتاً أو یدرکه حیّاً ولکن لا یتّسع الوقت لتذکیته، فلو أدرکه حیّاً وکان الوقت متّسعاً لذبحه ولم یذبحه حتّی خرجت روحه لم یحلّ أکله.

مسألة 800: یعتبر فی حلّیّة الصید أن تکون الآلة مستقلّة فی قتله فلو شارکها شیء آخر غیر آلات الصید لم یحلّ، کما إذا رماه فسقط الصید فی الماء ومات وعلم استناد الموت إلی کلا الأمرین، وکذا الحال فیما إذا شکّ فی استناد الموت إلی الرمی بخصوصه فإنّه لا یحکم بحلّیّته.

مسألة 801: إذا رمی سهماً فأوصلته الریح إلی الصید فقتله حلّ وإن کان لو لا الریح لم یصل، وکذا إذا أصاب السهم الأرض ثُمَّ وثب فأصابه فقتله.

ص: 331

مسألة 802: لا یعتبر فی حلّیّة الصید بالسلاح وحدة الصائد ولا وحدة السلاح المستعمل فی الصید، فلو رمی أحد صیداً بسهم وطعنه آخر برمح فمات منهما معاً حلّ إذا اجتمعت الشرائط فی کلٍّ منهما، بل إذا أرسل أحد کلبه إلی حیوان فعقره ورماه آخر بسهم فأصابه فقتل منهما معاً حلّ أیضاً.

مسألة 803: إذا اشترک المسلم والکافر فی الاصطیاد واستند القتل إلیهما معاً لم یحلّ الصید وإن کان الکافر کتابیّاً وسمّی علی ما تقدّم، وهکذا الحال فیما لو اشترک من سمّی ومن لم یسمّ، أو من قصد الاصطیاد ومن لم یقصده.

مسألة 804: لا یعتبر فی حلّیّة الصید إباحة السلاح المستعمل فیه، فلو اصطاد حیواناً بالسهم المغصوب حلّ الصید وملکه الصائد دون صاحب السلاح، ولکن الصائد ارتکب بذلک معصیة وعلیه دفع أجرة استعمال السلاح إلی صاحبه.

مسألة 805: الحیوان الذی یحلّ صیده بالکلب وبالسلاح مع اجتماع الشروط المتقدّمة هو کلّ حیوان ممتنع مستوحش من طیر أو وحش، سواء أکان کذلک بالأصل کالحمام والظبی وبقر الوحش، أم کان أهلیّاً فتوحّش أو استعصی کالبقر المستعصی والبعیر العاصی وکذلک الصائل من البهائم کالجاموس الصائل ونحوه، ولا تقع التذکیة الصیدیّة علی الحیوان الأهلیّ سواء أکان کذلک بالأصل کالدجاج والشاة والبعیر والبقر أم کان

ص: 332

وحشیّاً فتأهّل کالظبی والطیر المتأهّلین، وکذا ولد الوحش قبل أن یقدر علی العَدْوِ وفرخ الطیر قبل نهوضه للطیران، فلو رمی طائراً وفرخه الذی لم ینهض فقتلهما حلّ الطائر دون الفرخ.

مسألة 806: لا فرق فی تحقّق الذکاة بالاصطیاد بین الحیوان الوحشیّ المحلّل لحمه والمحرّم، فالسباع إذا اصطیدت صارت ذکیّة وجاز الانتفاع بجلدها فیما تعتبر فیه الذکاة، هذا إذا کان الصید بالسلاح، وأمّا إذا کان بالکلب ففی تحقّق الذکاة به فی غیر محلّل الأکل إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 807: لو أبانت آلة الصید کالسیف والکلب ونحوهما عضواً من الحیوان مثل الید والرجل کان العضو المبان میتة یحرم أکله ویحلّ أکل الباقی مع اجتماع شرائط التذکیة المتقدّمة، ولو قطعت الآلة الحیوان نصفین فإن لم یدرکه حیّاً أو أدرکه کذلک إلّا أنّ الوقت لم یتّسع لذبحه تحلّ کلتا القطعتین مع توفّر الشروط المذکورة، وأمّا إذا أدرکه حیّاً وکان الوقت متّسعاً لذبحه فالقطعة الفاقدة للرأس والرقبة محرّمة والقطعة التی فیها الرأس والرقبة طاهرة وحلال فیما إذا ذبح علی النهج المقرّر شرعاً.

مسألة 808: لو قسّم الحیوان قطعتین بالحبالة أو الحجارة

ص: 333

ونحوهما ممّا لا تحلّ به الصید حرمت القطعة الفاقدة للرأس والرقبة وأمّا القطعة التی فیها الرأس والرقبة فهی طاهرة وحلال فیما إذا أدرکه حیّاً وذبحه مع الشروط المعتبرة وإلّا حرمت هی أیضاً.

تکمیل

فی طرق تملّک الحیوان الوحشیّ

مسألة 809: یملک الحیوان الممتنع بالأصل طیراً کان أم غیره بأحد الطرق التالیة:

1. أخذه، کما إذا قبض علی رجله أو قرنه أو رباطه أو جناحه أو نحوها.

2. وقوعه فی آلة معتادة للاصطیاد بها کالحبالة والشرک والشبکة ونحوها إذا نصبها لذلک.

3. رمیه بسهم أو غیره من آلات الصید بحیث یصیّره غیر ممتنع، کما إذا جرحه فعجز عن العَدْوِ أو کسر جناحه فعجز عن الطیران سواء أکانت الآلة من الآلات المحلّلة للصید کالسهم والکلب المعلَّم أم من غیرها کالحجارة والخشب والفهد والباز والشاهین وغیرها.

مسألة 810: یلحق بآلة الاصطیاد کلّ ما جعل وسیلة لإثبات الحیوان وزوال امتناعه، ولو بحفر حفیرة فی طریقه لیقع فیها،

ص: 334

أو باتّخاذ أرض وإجراء الماء علیها لتصیر مُوحَلة فیتوحّل فیها، أو وضع سفینة فی موضع معیّن لیثب فیها السمک، أو وضع الحبوب فی بیت أو نحوه وإعداده لدخول الطیور فیه علی نحو لا یمکنها الخروج منه، أو طردها إلی مضیق أو نحوه علی وجه تنحصر فیه ولا یمکنها الفرار ونحو ذلک من طرق الاصطیاد بغیر الآلات التی یعتاد الاصطیاد بها.

ولا یلحق بها ما لو عشّش الطیر فی داره وإن قصد تملّکه، وکذا لو توحّل حیوان فی أرضه المُوحلة، أو وثبت سمکة إلی سفینته فإنّه لا یملکها ما لم یُعِدَّ الأرض والسفینة لذلک، فلو قام شخص آخر بأخذ الطیر أو الحیوان أو السمکة ملکه، وإن عصی فی دخول داره أو أرضه أو سفینته بغیر إذنه.

مسألة 811: یعتبر فی حصول الملک بالطرق الثلاثة المتقدّمة وما یلحقها کون الصائد قاصداً للملک، فلو أخذ الحیوان لا بقصد الملک لم یملکه، وکذا إذا نصب الشبکة لا بقصد الاصطیاد والتملّک لم یملک ما یثب فیها، وهکذا إذا رمی عبثاً أو هدفاً أو لغرض آخر لا بقصد الاصطیاد والتملّک لم یملک الرَّمِیَّة.

مسألة 812: إذا سعی خلف حیوان فأعیاه فوقف کان أحقّ به من غیره وإن لم یملکه إلّا بالأخذ، فلو بادر الغیر إلی أخذه قبل ذلک لم یملکه، نعم لو أعرض عن أخذه فأخذه غیره ملکه.

ص: 335

مسألة 813: إذا وقع حیوان فی شبکة منصوبة للاصطیاد ولم تمسکه الشبکة لضعفها وقوّته فانفلت منها لم یملکه ناصبها، وکذا إذا أخذ الشبکة وانفلت بها من دون أن یضعف امتناعه بذلک لم یکن حقّ لصاحبها فیه فلو صاده غیره ملکه وردّ الشبکة إلی مالکها.

مسألة 814: اذا رمی الصید فأصابه لکنّه تحامل طائراً أو عادیاً بحیث لم یکن یقدر علیه إلّا بالإتباع والإسراع لم یملکه ولکنّه یکون أحقّ به من غیره إلّا أن یعرض عنه.

مسألة 815: إذا رمی اثنان صیداً دفعة فإن تساویا فی الأثر بأن أثبتاه معاً فهو لهما، وإذا کان أحدهما جارحاً والآخر مثبتاً وموقفاً له فالأحوط لهما التصالح بشأنه، وإذا کان تدریجاً کان الأوّل أحقّ به مطلقاً.

مسألة 816: إذا رمی صیداً حلالاً باعتقاد کونه کلباً أو خنزیراً فقتله لم یملکه ولم یحلّ.

مسألة 817: إذا رمی صیداً فجرحه لکن لم یخرجه عن الامتناع بالمرّة فدخل داراً لم یجز له دخول الدار لأخذه إلّا بإذن صاحبها وإن کان هو أحقّ به، ولو أخذه صاحب الدار لم یملکه إلّا مع إعراض الرامی عنه.

مسألة 818: إذا صنع برجاً فی داره لتعشّش فیه الحمام فیصطادها فعشّشت فیه لم یملکها ولکنّه یکون أحقّ بها من

ص: 336

غیره ما لم تترکه بالمرّة، فلا یجوز لغیره أخذها أو اصطیادها من دون إذنه، ولو فعل لم یملکها.

مسألة 819: یکفی فی تملّک النحل غیر المملوکة أخذ أمیرها، فمن أخذه من الجبال مثلاً وقصد تملّکه ملکه وملک کلّ ما تتبعه من النحل ممّا تسیر بسیره وتقف بوقوفه وتدخل الکِنّ وتخرج منه بدخوله وخروجه.

مسألة 820: إذا أخذ حیواناً ثُمَّ أفلت من یده أو وقع فی شبکة وأثبتته ثُمَّ انفلت منها أو رماه فجرحه جرحاً مثبتاً ثُمَّ برئ من الجرح الذی أصابه فعاد ممتنعاً کالأوّل فهل یخرج بذلک من ملکه أم یبقی فی ملکه بحیث لو اصطاده غیره لم یملکه ووجب علیه دفعه إلی مالکه؟ وجهان، والصحیح هو الأوّل، نعم لو انفلت من یده أو من شبکته أو برئ من جرحه ولکن من دون أن یستعید تمام امتناعه بقی فی ملکه.

وهکذا الحال لو أطلق الحیوان من یده أو شبکته بعد اصطیاده فإنّه إذا استعاد امتناعه الأوّل خرج عن ملکه فیجوز لغیره اصطیاده ویملکه بذلک ولیس للأوّل الرجوع علیه، وأمّا فی غیر هذه الصورة کما لو أطلقه بعد جرحه بجراحة تمنعه من العَدْوِ أو بعد کسر جناحه المانع من طیرانه فإن لم یقصد الإعراض عنه فلا إشکال فی عدم خروجه عن ملکه فلا یملکه غیره باصطیاده، وإن قصد الإعراض عنه لم یخرج عن ملکه بمجرّد ذلک أیضاً، نعم إذا أباح تملّکه للآخرین فبادر شخص إلی تملّکه ملکه ولیس للأوّل الرجوع إلی الثانی بعد ما تملّکه.

ص: 337

مسألة 821: قد عرفت أنّ الصائد یملک الصید بالاصطیاد مع قصد تملّکه إذا کان مباحاً بالأصل غیر مملوک للغیر ولا متعلّقاً لحقّه، وإذا شکّ فی ذلک بنی علی الأوّل إلّا إذا کانت أمارة علی الثانی کآثار ید الغیر التی هی أمارة الملکیّة کطوق فی عنقه أو قُرْط فی أُذنه أو حبل مشدود فی رجله من دون ما یوجب زوال ملکیّته عنه.

وإذا علم کون الصید مملوکاً وجب ردّه إلی مالکه، وإذا جهل جری علیه حکم اللقطة إن کان ضائعاً وإلّا جری علیه حکم مجهول المالک، ولا فرق فی ذلک بین الطیر وغیره، نعم إذا ملک الطائرُ جناحیه جاز تملّکه لمن یستولی علیه وإن کان الأحوط استحباباً إجراء الحکم المذکور علیه فیما إذا علم أنّ له مالکاً ولم یعرفه، وأمّا مع معرفته فیجب ردّه إلیه بلا إشکال.

المبحث الثانی فی صید الأسماک

مسألة 822: یتحقّق صید السمک - الذی به تحصل ذکاته - بأخذه من داخل الماء إلی خارجه حیّاً بالید أو الشبکة أو الشِّصّ أو الفالة أو غیرها، وفی حکمه أخذه خارج الماء حیّاً بالید أو بالآلة بعد ما خرج بنفسه أو بنضوب الماء عنه أو غیر ذلک، فاذا وثب فی سفینة أو علی الأرض أو نبذته الأمواج إلی

ص: 338

الساحل أو غار الماء الذی کان فیه فأخذ حیّاً صار ذکیّاً، وإذا لم یؤخذ حتّی مات صار میتة وحرم أکله وإن کان قد نظر إلیه وهو حیّ یضطرب.

مسألة 823: إذا ضرب السمکة وهی فی الماء بآلة فقسّمها نصفین ثُمَّ أخرجهما حیّین فإن صدق علی أحدهما أنّه سمکة ناقصة کما لو کان فیه الرأس حلّ هو دون غیره وإذا لم یصدق علی أحدهما أنّه سمکة بل یصدق علی کلٍّ منهما أنّه شقّ سمکة لم یحکم بحلّیّتهما.

مسألة 824: لا تعتبر التسمیة فی تذکیة السمک عند إخراجه من الماء أو عند أخذه بعد خروجه منه، کما لا یعتبر فی صائده الإسلام، فلو أخرجه الکافر حیّاً من الماء أو أخذه بعد أن خرج حلّ سواء أکان کتابیّاً أم غیره.

مسألة 825: إذا وجد السمک المیّت فی ید الکافر ولم یعلم أنّه مذکّی أم لا بنی علی العدم وإن أخبر بتذکیته إلّا أن یحرزها ولو من جهة العلم بکونه مسبوقاً بإحدی أمارات التذکیة الآتی بیانها فی المسألة (871).

وأمّا إذا وجده فی ید المسلم یتصرّف فیه بما یناسب التذکیة أو أخبر بها بنی علی ذلک.

مسألة 826: إذا وثبت السمکة إلی سفینة لم تحلّ ما لم تؤخذ بالید، ولا یملکها السفّان ولا صاحب السفینة بل یملکها

ص: 339

آخذها وإن کان غیرهما، نعم إذا قصد صاحب السفینة الاصطیاد بها وعمل بعض الأعمال المستوجبة لذلک - کما إذا وضعها فی مجتمع السمک وضرب الماء بنحو یوجب وثوب السمک فیها - کان ذلک بمنزلة إخراجها من الماء حیّاً فی صیرورتها ذکیّةً ودخولها فی ملکه.

مسألة 827: إذا وضع شبکة فی الماء فدخل فیها السمک ثُمَّ أخرجها من الماء ووجد ما فیها میّتاً کلّه أو بعضه یحکم بحلّیّته.

مسألة 828: إذا نصب شبکة أو صنع حظیرة فی الماء لاصطیاد السمک فدخلها ثُمَّ نضب الماء بسبب الجزر أو غیره فمات بعد نضوب الماء صار ذکیّاً وحلّ أکله، وأمّا إذا مات قبل نضوب الماء فهل هو حلال أم لا؟ قولان، والصحیح هو الحلّیّة.

مسألة 829: إذا أخرج السمک من الماء حیّاً ثُمَّ أعاده إلی الماء مربوطاً أو غیر مربوط فمات فیه حُکِمَ بحرمته، وإذا أخرجه ثُمَّ وجده میّتاً وشکّ فی أنّ موته کان قبل إخراجه أو بعده حُکِمَ بحرمته سواء علم تاریخ الإخراج أو الموت أم جهل التاریخان.

مسألة 830: إذا اضطرّ السمّاک إلی إرجاع السمک إلی الماء وخاف موته فیه فلینتظر حتّی یموت أو یقتله بضرب أو غیره ثُمَّ یرجعه الیه.

مسألة 831: إذا طفا السمک علی وجه الماء بسبب ابتلاعه

ص: 340

ما یسمّی ب- (الزهر) أو عضّ حیوان له أو غیر ذلک ممّا یوجب عجزه عن السباحة فإن أخذ حیّاً صار ذکیّاً وحلّ أکله وإن مات قبل ذلک حرم.

مسألة 832: إذا ألقی إنسان الزهر فی الماء لا بقصد اصطیاد السمک فابتلعه السمک وطفا لم یثبت له حقّ فیه فیجوز لغیره أخذه فإن أخذه ملکه، وأمّا إذا ألقاه بقصد الاصطیاد ثبت له حقّ الأولویّة فی السمک الطافی فلیس لغیره أن یأخذه من دون إذنه، ولا فرق فی ذلک بین أن یقصد سمکة معیّنة أو بعضاً غیر معیّن، ولو رمی سمکة بالبندقیّة أو بسهم أو طعنها برمح فعجزت عن السباحة وطفت علی وجه الماء صارت ملکاً للرامی والطاعن.

مسألة 833: لا یعتبر فی حلّیّة السمک - بعد ما أخرج من الماء حیّاً أو أخذ حیّاً بعد خروجه - أن یموت خارج الماء بنفسه، فلو مات بالتقطیع أو بشقّ بطنه أو بالضرب علی رأسه حلّ أیضاً، بل لو شواه حیّاً فی النار فمات حلّ أکله، بل لا یعتبر الموت فی حلّه فیحلّ بلعه حیّاً.

مسألة 834: إذا أخرج السمک من الماء حیّاً فقطع منه قطعة وهو حیّ وألقی الباقی فی الماء فمات فیه حلّت القطعة المبانة منه وحرم الباقی.

وإذا قطعت منه قطعة وهو فی الماء قبل إخراجه ثُمَّ أخرج

ص: 341

حیّاً فمات خارج الماء حرمت القطعة المبانة منه وهو فی الماء وحلّ الباقی.

المبحث الثالث فی صید الجَراد

مسألة 835: صید الجَراد - الذی به تکون ذکاته - هو أخذه حیّاً، سواء أکان الأخذ بالید أم بالآلة، فما مات قبل أخذه حرم.

ولا یعتبر فی تذکیته التسمیة، ولا إسلام الآخذ کما مرّ فی السمک.

نعم لو وجده میّتاً فی ید الکافر لم یحلّ ما لم یعلم بأخذه حیّاً، ولا تُجْدی یده ولا إخباره فی إحراز ذلک کما تقدّم فی السمک.

مسألة 836: لا یحلّ من الجراد ما لم یستقلّ بالطیران وهو المسمّی ب- (الدَّبیٰ).

مسألة 837: لو وقعت نار فی أَجَمَةٍ ونحوها فأحرقت ما فیها من الجَراد لم یحلّ وإن قصده المُحْرِق، نعم لو شواها أو طبخها بعد ما أخذت قبل أن تموت حلّ کما مرّ فی السمک، کما أنّه لو فرض کون النار آلة صید الجراد - بحیث لو أجّجها اجتمعت من الأطراف وألقت بأنفسها فیها - فأجّجها لذلک فاجتمعت واحترقت بها یحکم بحلّیّة ما احترقت بها من الجراد،

ص: 342

لکونها حینئذٍ من آلات الصید کالشبکة والحظیرة للسمک.

الفصل الثانی فی الذباحة والنحر

مسألة 838: یشترط فی ذکاة الذبیحة أُمور :

الأوّل: أن یکون الذابح مسلماً أو من بحکمه کالمتولّد منه.

فلا تحلّ ذبیحة الکافر مشرکاً کان أو غیره حتّی الکتابیّ وإن سمّی علی الأحوط لزوماً، ولا یشترط فیه الإیمان فتحلّ ذبیحة جمیع فرق المسلمین عدا المنتحلین للإسلام المحکومین بالکفر ممّن مرّ ذکرهم فی کتاب الطهارة.

مسألة 839: لا یشترط فی الذابح الذکورة ولا البلوغ ولا غیر ذلک، فتحلّ ذبیحة المرأة والصبیّ الممیّز إذا أحسن التذکیة، وکذا الأعمی والأغلف والخصیّ والجنب والحائض والفاسق وولد الزنا، کما تحلّ ذبیحة المُکْرَه وإن کان إکراهه بغیر حقّ.

الثانی: أن یکون الذبح بالحدید مع الإمکان، فلو ذبح بغیره مع التمکّن منه لم یحلّ وإن کان من المعادن المنطبعة کالصفر والنحاس والذهب والفضّة والرصاص وغیرها.

نعم إذا لم یوجد الحدید جاز الذبح بکلّ ما یقطع الأوداج وإن لم تکن هناک ضرورة تدعو إلی الاستعجال فی الذبح - کالخوف من تلف الحیوان بالتأخیر - ولا فرق فی ذلک بین القصب

ص: 343

واللیطة والحجارة الحادّة والزجاجة وغیرها.

نعم فی جواز الذبح بالسنّ والظفر حتّی مع عدم توفّر الحدید إشکال والاحتیاط لا یترک، ویجوز الذبح اختیاراً بالمِنْجَل ونحوه ممّا یقطع الأوداج ولو بصعوبة وإن کان الأحوط استحباباً الاقتصار علی حال الضرورة.

مسألة 840: جواز الذبح بالحدید المخلوط بالکروم المسمّی ب- (الإستیل) لا یخلو عن إشکال، وأشدُّ إشکالاً منه الذبح بالحدید المطلیّ بالکُروم، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیهما، نعم من ذبح بهما عن نسیان أو جهل لعذر فیه حلّت ذبیحته.

الثالث: قصد الذبح بفری الأوداج، فلو وقع السکین من ید أحد علی مذبح الحیوان فقطعها لم یحلّ وإن سمّی حین أصابها، وکذا لو کان قد قصد بتحریک السکّین علی المذبح شیئاً آخر غیر الذبح فقطع الأعضاء أو کان سکراناً أو مغمی علیه أو نائماً أو صبیّاً أو مجنوناً غیر ممیّزین، وأمّا الصبیّ والمجنون الممیّزان فیجتزئ بذبحهما.

الرابع: الاستقبال بالذبیحة حال الذبح إلی القبلة، فإن أخلّ بالاستقبال عالماً عامداً حرمت، وإن کان نسیاناً أو لاعتقاد عدم الاشتراط - ولو عن تقصیر - أو خطأً منه فی جهة القبلة بأن وجّهها إلی جهة معتقداً أنّها القبلة فتبیّن الخلاف لم تحرم فی جمیع ذلک، وکذا إذا لم یعرف القبلة أو لم یتمکّن من توجیهها إلیها ولو بالاستعانة بالغیر واضطرّ إلی تذکیتها کالحیوان

ص: 344

المستعصی أو المتردّی فی البئر ونحوه.

مسألة 841: إذا خاف موت الذبیحة لو اشتغل بالاستقبال بها إلی جهة القبلة لم یلزم.

مسألة 842: لا یشترط فی الذبح استقبال الذابح نفسه وإن کان ذلک أحوط استحباباً.

مسألة 843: یتحقّق استقبال الحیوان فیما إذا کان قائماً أو قاعداً بما یتحقّق به استقبال الإنسان حال الصلاة فی الحالتین، وأمّا إذا کان مضطجعاً علی الأیمن أو الأیسر فیتحقّق باستقبال المنحر والبطن ولا یعتبر استقبال الوجه والیدین والرجلین.

الخامس: تسمیة الذابح علیها حین الشروع فی الذبح أو متّصلاً به عرفاً، فلا یجزئ تسمیة غیر الذابح علیها، کما لا یجزئ الإتیان بها عند مقدّمات الذبح کربط المذبوح، ولو أخلّ بالتسمیة عمداً حرمت وإن کان نسیاناً لم تحرم والأحوط الأولی الإتیان بها عند الذکر، ولو ترکها جهلاً بالحکم ثبتت الحرمة.

مسألة 844: یعتبر فی التسمیة وقوعها بهذا القصد أی بعنوان کونها علی الذبیحة من جهة الذبح فلا تجزئ التسمیة الاتّفاقیّة أو الصادرة لغرض آخر، ولا یعتبر أن یکون الذابح ممّن یعتقد وجوبها فی الذبح فیجوز ذبح غیره إذا کان قد سمّی.

مسألة 845: یجوز ذبح الأخرس، وتسمیته تحریک لسانه وشفتیه تشبیهاً بمن یتلفّظ بها مع ضمّ الإشارة بالإصبع إلیه،

ص: 345

هذا فی الأخرس الأصمّ من الأوّل، وأمّا الأخرس لعارض مع التفاته إلی لفظها فیأتی به علی قدر ما یمکنه، فإن عجز حرّک لسانه وشفتیه حین إخطاره بقلبه وأشار بإصبعه إلیه علی نحو یناسب تمثیل لفظها إذا تمکّن منها علی هذا النحو وإلّا فبأیّ وجه ممکن.

مسألة 846: لا یعتبر فی التسمیة کیفیّة خاصّة وأن یکون فی ضمن البسملة، بل المدار علی صدق ذکر اسم الله وحده علیها، فیکفی أن یقول: (بسم الله) أو (الله أکبر ) أو (الحمد لله) أو (لا إله إلّا الله) ونحو ذلک، وفی الاکتفاء بلفظة (الله) من دون أن یقرن بما یصیر به کلاماً تامّاً دالّاً علی صفة کمال أو ثناء أو تمجید خلاف، وکذلک التعدّی من لفظة (الله) إلی سائر أسمائه الحسنی کالرحمٰن والرحیم والخالق وغیرها، وکذا التعدّی إلی ما یرادف هذه اللفظة المبارکة فی سائر اللغات، والصحیح هو الاکتفاء فی الجمیع.

السادس: قطع الأعضاء الأربعة، وهی: (المریء) وهو مجری الطعام، و(الحلقوم) وهو مجری النفس ومحلّه فوق المریء، و(الوَدَجان) وهما عِرقان غلیظان محیطان بالحلقوم والمریء، وفی الاجتزاء بشقّها من دون قطع إشکال وکذا الإشکال فی الاجتزاء بقطع الحلقوم وحده فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیهما.

ص: 346

مسألة 847: الظاهر أنّ قطع تمام الأعضاء الأربعة یلازم بقاء الخَرَزَة المسمّاة فی عرفنا ب (الجَوْزَة) فی العنق، فلو بقی شیء منها فی الجسد لم یتحقّق قطع تمامها، ولا یعتبر أن یکون قطع الأعضاء فی أعلی الرقبة بل یجوز أن یکون فی وسطها أو من أسفلها.

مسألة 848: یعتبر فی قطع الأوداج الأربعة أن یکون فی حال الحیاة، فلو قطع الذابح بعضها وأرسلها فمات لم یؤثّر قطع الباقی.

ولا یعتبر فیه التتابع، فلو قطع الأوداج قبل زهوق روح الحیوان إلّا أنّه فصل بینها بما هو خارج عن المتعارف المعتاد حُکِمَ بحلّیّته.

مسألة 849: لو أخطأ الذابح وذبح من فوق الجوزة ثُمَّ التفت فذبحها من تحت الجوزة قبل أن تموت حلّ لحمها.

مسألة 850: لو قطعت الأوداج الأربعة علی غیر النهج الشرعیّ کأن ضربها شخص بآلة فانقطعت أو عضّها الذئب فقطعها بأسنانه أو غیر ذلک وبقیت الحیاة، فإن لم یبقَ شیء من الأوداج أصلاً لم یحلّ أکل الحیوان، وکذا إذا لم یبقَ شیء من الحلقوم، وکذلک إذا بقی مقدار من الجمیع معلّقاً بالرأس أو متّصلاً بالبدن علی الأحوط لزوماً، نعم إذا کان المقطوع غیر المذبح وکان الحیوان حیّاً حلّ أکله بالذبح.

ص: 347

السابع: خروج الدم المتعارف منها حال الذبح، فلو لم یخرج منها الدم أو کان الخارج قلیلاً - بالاضافة إلی نوعها - بسبب انجماد الدم فی عروقها أو نحوه لم تحلّ، وأمّا إذا کانت قلّته لأجل سبق نزیف الذبیحة - لجرح مثلاً - لم یضرّ ذلک بتذکیتها.

الثامن: أن تتحرّک الذبیحة بعد تمامیّة الذبح ولو حرکة یسیرة، بأن تطرف عینها أو تحرّک ذَنَبها أو ترکض برجلها، هذا فیما إذا شکّ فی حیاتها حال الذبح وإلّا فلا تعتبر الحرکة أصلاً.

مسألة 851: یحرم - علی الأحوط لزوماً - إبانة رأس الذبیحة عمداً قبل خروج الروح منها وإن کان یُحْکَمُ بحلّیّتها حینئذٍ، بلا فرق فی ذلک بین الطیور وغیرها، ولا بأس بالإبانة إذا کانت عن غفلة أو استندت إلی حِدّة السکّین وسبقه مثلاً، وهکذا الحال فی کسر رقبة الذبیحة أو إصابة نخاعها عمداً قبل أن تموت، والنخاع هو الخیط الأبیض الممتدّ فی وسط الفقار من الرقبة إلی الذنب.

مسألة 852: الأحوط الأولی أن یکون الذبح فی المذبح من القدّام وإن حلّ المذبوح من القفا أیضاً، کما أنّ الأحوط الأولی وضع السکّین علی المذبح ثُمَّ قطع الأوداج وإن کان یکفی أیضاً إدخال السکّین تحت الأوداج ثُمَّ قطعها من فوق.

مسألة 853: لا یشترط فی حلّ الذبیحة استقرار حیاتها قبل الذبح بمعنی إمکان أن یعیش مثلها الیوم أو نصف الیوم، وإنّما

ص: 348

یشترط حیاتها حال قطع الأعضاء وإن کانت علی شرف الموت، فالمنتزع أمعاؤه بشقّ بطنه والمتکسّر عظامه بالسقوط من شاهق وما أکل السَّبُع بعض ما به حیاته والمذبوح من قفاه الباقیة أوداجه والمضروب بالسیف أو الطلقات الناریّة المشرف علی الموت إذا ذبح قبل أن یموت یحلّ لحمه مع توفّر الشروط السابقة.

مسألة 854: لو أخذ الذابح بالذبح فشقّ آخر بطنه وانتزع أمعائه مقارناً للذبح فالظاهر حلّ لحمه، وکذا الحکم فی کلّ فعل یزهق إذا کان مقارناً للذبح ولکن الاحتیاط أحسن.

مسألة 855: لا یشترط فی حلّیّة لحم الذبیحة بعد وقوع الذبح علیها حیّاً أن یکون خروج روحها بذلک الذبح، فلو وقع علیه الذبح الشرعیّ ثُمَّ وقعت فی نار أو ماء أو سقطت إلی الأرض من شاهق أو نحو ذلک ممّا یوجب زوال الحیاة لم تحرم، ولیس الحکم کذلک فی الصید کما تقدّم فتفترق التذکیة بالصید المذکور عن التذکیة بالذبح من هذه الجهة.

مسألة 856: لا یعتبر اتّحاد الذابح فیجوز وقوع الذبح من اثنین علی سبیل الاشتراک مقترنین بأن یأخذا السکّین بیدیهما ویذبحا معاً، أو یقطع أحدهما بعض الأعضاء والآخر الباقی دفعة أو علی وجه التدریج بأن یقطع أحدهما بعض الأعضاء ثُمَّ یقطع الآخر الباقی، وتجب التسمیة منهما معاً ولا یجتزأ

ص: 349

بتسمیة أحدهما.

مسألة 857: تختصّ الإبل من بین البهائم بأنّ تذکیتها بالنحر، ولا یجوز ذلک فی غیرها، فلو ذبح الإبل بدلاً عن نحرها أو نحر الشاة أو البقر أو نحوهما بدلاً عن ذبحها حرم لحمها وحکم بنجاستها، نعم لو قطع الأوداج الأربعة من الإبل ثُمَّ نحرها قبل زهوق روحها أو نحر الشاة مثلاً ثُمَّ ذبحها قبل أن تموت حلّ لحمهما وحکم بطهارتهما.

مسألة 858: کیفیّة النحر أن یدخل الآلة من سکّین أو غیره من الآلات الحادّة الحدیدیّة فی لَبَّتِها، وهی الموضع المنخفض الواقع فی أعلی الصدر متّصلاً بالعنق، والشروط المعتبرة فی الذبح تعتبر نظائرها فی النحر - عدا الشرط السادس - فیعتبر فی الناحر أن یکون مسلماً أو من بحکمه وأن یکون النحر بالحدید وأن یکون النحر مقصوداً للناحر، والاستقبال بالمنحور إلی القبلة، والتسمیة حین النحر، وخروج الدم المتعارف بالمعنی المتقدّم، وتحرّک المنحور بعد تمامیّة النحر مع الشکّ فی حیاته عند النحر .

مسألة 859: یجوز نحر الإبل قائمة وبارکة وساقطة علی جنبها والأولی نحرها قائمة.

مسألة 860: إذا تعذّر ذبح الحیوان أو نحره لاستعصائه أو لوقوعه فی بئر أو موضع ضیق علی نحو لا یتمکّن من ذبحه

ص: 350

أو نحره وخیف موته هناک جاز أن یعقره فی غیر موضع الذکاة برمح أو بسکّین أو نحوهما ممّا یجرحه ویقتله، فإذا مات بذلک العقر طهر وحلّ أکله وتسقط فیه شرطیّة الاستقبال، نعم لا بُدَّ من توفّر سائر الشروط المعتبرة فی التذکیة، وقد مرّ فی فصل الصید جواز عقر المستعصی والصائل بالکلب أیضاً.

مسألة 861: ذکاة الجنین ذکاة أمّه، فإذا ماتت أُمّه بدون تذکیة فإن مات هو فی جوفها حرم أکله، وکذا إذا أُخرج منها حیّاً فمات بلا تذکیة، وأمّا إذا أُخرج حیّاً فذکّی حلّ أکله، وإذا ذکّیت أُمّه فمات فی جوفها حلّ أکله، وإذا أُخرج حیّاً فإن ذکّی حلّ أکله وإن لم یذکّ حرم.

مسألة 862: إذا ذکّیت أُمّه فخرج حیّاً ولم یتّسع الزمان لتذکیته فمات بلا تذکیة فالصحیح حرمته، وما إذا ماتت أُمّه بلا تذکیة فخرج حیّاً ولم یتّسع الزمان لتذکیته فمات بدونها فلا إشکال فی حرمته.

مسألة 863: تجب المبادرة إلی شقّ بطن الحیوان وإخراج الجنین منه علی الوجه المتعارف، فلو توانی عن ذلک زائداً علی المقدار المتعارف فأدّی ذلک إلی موت الجنین حرم أکله.

مسألة 864: یشترط فی حلّ الجنین بذکاة أُمّه أن یکون تامّ الخلقة بأن یکون قد أشعر أو أوبر وإن فرض عدم ولوج الروح فیه، فإن لم یکن تامّ الخلقة لم یحلّ بذکاة أُمّه، فحلّیّة الجنین

ص: 351

إذا خرج میّتاً من بطن أُمّه المذکّاة مشروطة بأُمور : تمام خلقته، وعدم سبق موته علی تذکیة أُمّه، وعدم استناد موته إلی التوانی فی إخراجه علی النحو المتعارف.

مسألة 865: لا فرق فی ذکاة الجنین بذکاة أُمّه بین محلّل الأکل ومحرّمه إذا کان ممّا یقبل التذکیة.

مسألة 866: ذکر الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّه یستحبّ عند ذبح الغنم أن تربط یداه وإحدی رجلیه، وتطلق الأُخری ویمسک صوفه أو شعره حتّی یبرد.

وعند ذبح البقر أن تعقل یداه ورجلاه ویطلق ذنبه.

وعند نحر الإبل أن تربط یداها ما بین الخفّین إلی الرکبتین أو إلی الإبطین وتطلق رجلاها، هذا إذا نحرت بارکة، أمّا إذا نحرت قائمة فینبغی أن تکون یدها الیسری معقولة، وعند ذبح الطیر أن یرسل بعد الذباحة حتّی یرفرف، ویستحبّ عرض الماء علی الحیوان قبل أن یذبح أو ینحر .

ویستحبّ أن یعامل مع الحیوان عند ذبحه أو نحره بنحو لا یوجب أذاه وتعذیبه بأن یحدّ الشفرة ویمرّ السکّین علی المذبح بقوّة، ویجدّ فی الإسراع، فعن النبیّ (صلّی الله علیه وآله): (إنّ الله تعالی شأنه کتب علیکم الإحسان فی کلّ شیء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، ولْیَحُدَّ أحدکم شَفْرَتَه، ولْیُرحْ ذبیحته)، وفی خبر آخر بأنّه (صلّی الله

ص: 352

علیه وآله): (أمر أن تُحَدَّ الشِّفار وأن تُواریٰ عن البهائم).

مسألة 867: یکره فی ذبح الحیوانات ونحرها - کما ورد فی جملة من الروایات - أُمور :

منها: سلخ جلد الذبیحة قبل خروج روحها.

ومنها: أن تکون الذباحة فی اللیل أو یوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة.

ومنها: أن تکون الذباحة بمنظر من حیوان آخر من جنسه.

ومنها: أن یذبح ما ربّاه بیده من النعم.

تکمیل

فی ما تقع علیه التذکیة من الحیوانات و أمارات التذکیة

مسألة 868: تقع التذکیة علی کلّ حیوان حلّ أکله ذاتاً وإن حرم بالعارض کالجلّال والموطوء، بحریّاً کان أم برّیّاً وحشیّاً کان أم أهلیّاً طیراً کان أم غیره وإن اختلفت فی کیفیّة تذکیتها علی ما سبق تفصیلها.

وأثر التذکیة فیها إن کانت ذات نفس سائلة: حلّیّة أکل لحمها لو لم یحرم بالعارض، وطهارتها لحماً وجلداً، وجواز بیعها بناءً علی عدم جواز بیع المیتة النجسة کما هو الأحوط لزوماً.

وأمّا إن لم تکن لها نفس سائلة کالسمک فأثر التذکیة فیها

ص: 353

حلّیّة لحمها فقط؛ لأنّ میتتها طاهرة فیجوز استعمالها فیما تعتبر فیه الطهارة، کما یجوز بیعها؛ لجواز بیع المیتة الطاهرة.

مسألة 869: غیر المأکول من الحیوان إن لم تکن له نفس سائلة کالحیّة والسمک الذی لا فلس له لم تقع علیه التذکیة؛ إذ لا أثر لها بالنسبة إلیه لا من حیث الطهارة وجواز البیع ولا من حیث الحلّیّة؛ لأنّه طاهر ومحرّم أکله علی کلّ حال.

وأمّا إذا کان ذا نفس سائلة فما کان نجس العین کالکلب والخنزیر فلا یقبل التذکیة، وکذا الحشرات مطلقاً.

وهی الدوابّ الصغار التی تسکن باطن الأرض کالضبّ والفأر وابن عرس فإنّها إذا ذبحت مثلاً لم یحکم بطهارة لحومها وجلودها.

وأمّا غیر نجس العین والحشرات فتقع علیها التذکیة سواء السباع - وهی ما تفترس الحیوان وتأکل اللحم کالأسد والنَّمِر والفَهْد والثَّعْلَب وابن آوی والصَّقْر والبازی والباشق - وغیرها حتّی القِرْد والفیل والدُّبّ، فتطهر لحومها وجلودها بالتذکیة، ویحلّ الانتفاع بها فیما تعتبر فیه الطهارة، بأن تجعل وعاءً للمشروبات أو المأکولات کأن تجعل قربة ماء أو عُکّة سَمْن أو دَبَّة دُهْن ونحوها وإن لم تدبغ، ولکن الأحوط استحباباً أن لا تستعمل فی ذلک ما لم تدبغ.

مسألة 870: تذکیة جمیع ما یقبل التذکیة من الحیوان المحرّم أکله یکون بالذبح مع الشروط المعتبرة فی ذبح الحیوان

ص: 354

المحلّل، وکذا بالاصطیاد بالسلاح فی خصوص الممتنع منها کالمحلّل، وفی تذکیتها بالاصطیاد بالکلب المعلَّم إشکال کما تقدّم فی المسألة (806).

مسألة 871: إذا وجد لحم الحیوان الذی یقبل التذکیة أو جلده ولم یعلم أنّه مذکّی أم لا یبنی علی عدم تذکیته، فلا یجوز أکل لحمه ولا استعمال جلده فیما یفرض اعتبار التذکیة فیه، ولکن لا یحکم بنجاسته حتّی إذا کانت له نفس سائلة ما لم یعلم أنّه میتة، ویستثنی عن الحکم المذکور ما إذا وجدت علیه إحدی أمارات التذکیة وهی:

الأُولی: ید المسلم، فإنّ ما یوجد فی یده من اللحوم والشحوم والجلود إذا لم یعلم کونها من غیر المذکّی فهو محکوم بالتذکیة ظاهراً، ولکن بشرط اقتران یده بما یقتضی تصرّفه فیه تصرّفاً یناسب التذکیة کعرض اللحم والشحم للأکل، وإعداد الجلد للبس والفرش، وأمّا مع عدم اقترانها بما یناسب التذکیة کما إذا رأینا بیده لحماً لا یدری أنّه یرید أکله أو وضعه لسباع الطیر مثلاً فلا یحکم علیه بالتذکیة، وکذا إذا صنع الجلد ظرفاً للقاذورات مثلاً.

الثانیة: سوق المسلمین، فإنّ ما یوجد فیها من اللحوم والشحوم والجلود محکوم بالتذکیة ظاهراً - بالشرط المتقدّم - سواء أکان بید المسلم أم مجهول الحال.

الثالثة: الصنع فی بلاد الإسلام، فإنّ ما یصنع فیها من

ص: 355

اللحم کاللحوم المعلّبة أو من جلود الحیوانات کبعض أنواع الحزام والأحذیة وغیرها محکوم بالتذکیة ظاهراً - بالشرط المتقدّم - من دون حاجة إلی الفحص عن حاله.

مسألة 872: لا فرق فی الحکم بتذکیة ما قامت علیه إحدی الأمارات المتقدّمة بین صورة العلم بسبق ید الکافر أو سوقه علیه وغیرها إذا احتمل أنّ ذا الید المسلم أو المأخوذ منه فی سوق المسلمین أو المتصدّی لصنعه فی بلد الإسلام قد أحرز تذکیته علی الوجه الشرعیّ.

مسألة 873: ما یوجد مطروحاً فی أرض المسلمین ممّا یشکّ فی تذکیته وإن کان محکوماً بالطهارة ولکن الحکم بتذکیته وحلّیّة أکله محلّ إشکال ما لم یحرز سبق إحدی الأمارات المتقدّمة علیه، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 874: لا فرق فی المسلم الذی تکون یده أمارة علی التذکیة بین المؤمن والمخالف، وبین من یعتقد طهارة المیتة بالدبغ وغیره، وبین من یعتبر الشروط المعتبرة فی التذکیة - کالاستقبال والتسمیة وکون الذابح مسلماً وقطع الأعضاء الأربعة وغیر ذلک - ومن لا یعتبرها إذا احتمل تذکیته علی وفق الشروط المعتبرة عندنا وإن لم یلزم رعایتها عنده، بل علم ممّا تقدّم أنّ إخلاله بالاستقبال - اعتقاداً منه بعدم لزومه - لا یضرّ بذکاة ذبیحته.

ص: 356

نعم إذا کان یستحلّ ما لا یحلّ من الحیوانات التی لیس لها نفس سائلة - کالسمک الذی لا فلس له - ففی کون یده أمارة علی تذکیة ما یحتمل کونه منها - وبالتالی ثبوت حلّیّته - إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 875: المدار فی کون البلد منسوباً إلی الإسلام غلبة السکّان المسلمین فیه بحیث ینسب عرفاً إلیه ولو کانوا تحت سلطنة الکفّار، کما أنّ هذا هو المدار فی بلد الکفر، ولو تساوت النسبة من جهة عدم الغلبة فحکمه حکم بلد الکفر .

مسألة 876: ما یوجد فی ید الکافر من لحم وشحم وجلد إذا احتمل کونه مأخوذاً من المذکّی یحکم بطهارته وکذا بجواز الصلاة فیه، ولکن لا یحکم بتذکیته وحلّیّة أکله ما لم یحرز ذلک، ولو من جهة العلم بکونه مسبوقاً بإحدی الأمارات الثلاث المتقدّمة، ولا یجدی فی الحکم بتذکیته إخبار ذی الید الکافر بکونه مذکّی، کما لا یجدی کونه فی بلاد المسلمین، ومن ذلک یظهر أنّ زیت السمک - مثلاً - المجلوب من بلاد الکفّار المأخوذ من أیدیهم لا یجوز أکله من دون ضرورة إلّا إذا أحرز أنّ السمک المأخوذ منه کان ذا فلس وأنّه قد أخذ خارج الماء حیّاً أو مات فی شبکة الصیاد أو حظیرته.

ص: 357

ص: 358

کتاب الأطعمة والأشربة

ص: 359

ص: 360

کتاب الأطعمة والأشربة

اشارة

وفیه فصلان:

الفصل الأوّل فی الحیوان

اشارة

وهو علی ثلاثة أقسام:

1. حیوان البحر

مسألة 877: لا یحلّ من حیوان البحر إلّا السمک، فیحرم غیره من أنواع حیوانه حتّی المسمّی باسم ما یؤکل من حیوان البرّ کبقره وفرسه، وکذا ما کان ذا حیاتین کالضِّفْدَع والسَّرَطان والسُّلَحْفاة، نعم الطیور المسمّاة بطیور البحر - من السابحة

ص: 361

والغائصة وغیرهما - یحلّ منها ما یحلّ مثلها من طیور البرّ .

مسألة 878: لا یحلّ من السمک إلّا ما کان له فلس عرفاً ولو بالأصل فلا یضرّ زواله بالعارض فیحلّ الکَنْعَت والرَّبیٖثا والبزّ والبُنّیّ والشَّبُّوط والقطّان والطَّبَرانیّ والإبْلامیّ ویلحق بها الإربیان - المسمّی فی زماننا هذا ب- (الرُّوبیان) - دون (أُمّ الرُّوبیان).

ولا یحلّ ما لیس له فلس عرفاً فی الأصل کالجِرّیّ والزِّمّیٖر والزَّهْو والمارماهی، وإذا شکّ فی وجود الفلس وعدمه بنی علی العدم.

مسألة 879: ذکر جمع من الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّه یحلّ من السمک المیّت ما یوجد فی جوف السمکة المباحة إذا کان مباحاً، ولکن هذا محلّ إشکال فلا یترک الاحتیاط بالاجتناب عنه، وأمّا ما تقذفه السمکة الحیّة من السمک فلا یحلّ إلّا أن یضطرب ویؤخذ حیّاً خارج الماء، والأحوط الأولی اعتبار عدم انسلاخ فلسه أیضاً.

مسألة 880: بیض السمک تتبع السمک، فبیض المحلّل حلال وإن کان أملس وبیض المحرّم حرام وإن کان خشناً، وإذا اشتبه أنّه من المحلّل أو من المحرّم فلا بُدَّ من الاجتناب عنه.

ص: 362

2. البهائم ونحوها

مسألة 881: البهائم البرّیّة من الحیوان صنفان: أهلیّة ووحشیّة:

أمّا الأهلیّة فیحلّ منها جمیع أصناف الغنم والبقر والإبل ویکره الخَیْل والبِغال والحمیر، ویحرم منها الکلب والهِرّ ونحوهما.

وأمّا الوحشیّة فتحلّ منها الظِّباء والغِزْلان والبقر والکِباش الجبلیّة والیَحامیر والحُمُر الوحشیّة.

وتحرم منها السباع، وهی ما کان مفترساً وله ظفر أو ناب قویّاً کان کالأسد والنَّمِر والفَهْد والذِّئب أو ضعیفاً کالثَّعْلَب والضَّبُع وابن آوی، وکذا یحرم الأرنب وإن لم یکن من السِّباع، کما تحرم المسوخ ومنها الخنزیر والقِرْد والفیل والدُّبّ.

مسألة 882: تحرم الحشرات ویقصد بها الدوابّ الصغار التی تسکن باطن الأرض کالضَّبّ والفَأر والیَربُوع والقُنْفُذ والحیّة ونحوها، کما یحرم القُمَّل والبُرْغوث والجُعَل ودودة القزّ بل مطلق الدیدان، نعم لا یحرم خصوص دیدان الفواکه ونحوها من الثمار إذا أکلت معها بأن تؤکل الفاکهة مثلاً بدودها إلّا مع تیسّر إزالتها فإنّه لا یترک الاحتیاط عندئذٍ بالاجتناب عنها.

ص: 363

3. الطیور

مسألة 883: کلّ طائر ذی ریش یحلّ أکل لحمه إلّا السباع، فیحلّ الحمام بجمیع أصنافه کالقُمْریّ والدُّبْسی والوَرَشان ویحلّ الدُّرّاج والقَبَج والقَطا والطَّیْهوج والبَطّ والکَرَوان والحُباریٰ والکُرْکیّ، کما یحلّ الدَّجاج بجمیع أقسامه والعصفور بجمیع أنواعه ومنه البلبل والزُّرْزُور والقُبَّرة، ویحلّ الهدهد والخُطّاف والشَّقِرّاق والصُّرَد والصُّوّام وإن کان یکره قتلها، وتحلّ النَّعامة والطاووس.

وأمّا السباع وهی کلّ ذی مِخْلَب سواء أکان قویّاً یقوی به علی افتراس الطیر - کالبازی والصَّقْر والعقاب والشاهین والباشق - أو ضعیفاً لا یقوی به علی ذلک کالنَّسْر والبُغاث فهی محرّمة الأکل، وکذا الغراب بجمیع أنواعه حتّی الزاغ علی الأحوط لزوماً، ویحرم أیضاً کلّ ما یطیر ولیس له ریش کالخفّاش وکذا الزُّنبور والبَقّ والفَراشة وغیرها من الحشرات الطائرة - عدا الجَراد - علی الأحوط لزوماً.

مسألة 884: الظاهر أنّ کلّ طائر یکون صفیفه أکثر من دفیفه - أی بسط جناحیه عند الطیران أکثر من تحریکهما - أی تحریکهما عنده - یکون ذا مخلب فیحرم لحمه، بخلاف ما یکون دفیفه أکثر من صفیفه فإنّه محلّل اللحم.

وعلی هذا فیتمیّز المحرّم من الطیور عن غیره بملاحظة

ص: 364

کیفیّة طیرانها، کما یتمیّز ما لا یعرف طیرانه بوجود (الحَوْصَلة أو القانِصَة أو الصِّیصَة) فیه، فما یکون له إحدی الثلاث یحلّ أکله دون غیره.

والحَوْصَلة ما یجتمع فیه الحبّ وغیره من المأکول عند الحلق.

والقانِصَة ما یجتمع فیه الحصاة الدقاق التی یأکلها الطیر .

والصِّیصَة شَوْکَة فی رجل الطیر خارجة عن الکفّ.

مسألة 885: قد علم ممّا تقدّم أنّ الطیر الذی یکون صفیفه أکثر من دفیفه محرّم الأکل وإن وجد فیه أحد الأعضاء الثلاثة أو جمیعها، فمورد الرجوع إلی هذه العلامة الطیر الذی له صفیف ودفیف ولم یتبیّن أیّهما أکثر - ولو من جهة اختلاف المشاهدین لطیرانه کما هو الحال فی اللَّقْلَق - وکذا الطیر المذبوح إذا لم یعرف حاله.

مسألة 886: لو فرض تساوی الصفیف والدفیف فی الطیر فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) حلّیّته، ولکنّه محلّ إشکال فالأحوط لزوماً الرجوع إلی العلامة المذکورة، فإن وجد فیه أحد الأعضاء الثلاثة حلّ أکله وإلّا حرم.

مسألة 887: بیض الطیر تابع له فی الحلّ والحرمة فبیض المحلّل حلال وبیض المحرّم حرام، وما اشتبه أنّه من المحلّل أو المحرّم یؤکل ما اختلف طرفاه وتمیّز أعلاه من أسفله مثل

ص: 365

بیض الدجاج، دون ما اتّفق وتساوی طرفاه.

مسألة 888: تتساوی طیور الماء مع غیرها فی الضابطین المتقدّمین للحلّ والحرمة، فما کان منها صفیفه أکثر من دفیفه حرم أکله، وما کان دفیفه أکثر حلّ أکله وإن کان یأکل السمک، وإذا لم یعرف کیفیّة طیرانه فالعبرة فی حلّیّته بوجود أحد الأعضاء الثلاثة فیه أی (الحوصلة والقانصة والصیصة).

مسألة 889: تعرض الحرمة علی الحیوان المحلّل بالأصل بأُمور :

الأمر الأوّل: الجلل، وهو أن یتغذّی الحیوان بعذرة الإنسان بحیث یصدق عرفاً أنّها غذاؤه، ولا یلحق بعذرة الإنسان عذرة غیره ولا سائر النجاسات، ویتحقّق الصدق المزبور بانحصار غذائه بها مدّة معتدّاً بها، فلو کان یتغذّی بها مع غیرها لم یتحقّق الصدق فلم یحرم، إلّا أن یکون تغذّیه بغیرها نادراً جدّاً بحیث یکون فی النظر العرفیّ بحکم العدم، وکذا إذا انحصر غذاؤه بها فترة قصیرة کیوم ولیلة، بل لا بُدَّ من الاستمرار یومین فما زاد.

مسألة 890: یعمّ حکم الجلل کلّ حیوان محلّل حتّی الطیر والسمک.

مسألة 891: کما یحرم لحم الحیوان الجلّال یحرم لبنه وبیضه ویحلّان بما یحلّ به لحمه، فحکم الحیوان المحرّم بالعارض حکم

ص: 366

الحیوان المحرّم بالأصل قبل أن یُستبرأ ویزول حکمه.

مسألة 892: الجلل لیس مانعاً عن تذکیة الحیوان، فیذّکی الجلّال بما یذّکی به غیره، ویترتّب علیها طهارة لحمه وجلده کسائر الحیوان المحرّم بالأصل القابل للتذکیة.

مسألة 893: تزول حرمة الجلّال بالاستبراء وهو أن یمنع الحیوان عن أکل العذرة لمدّة یخرج بها عن صدق الجلّال علیه، والأحوط الأولی مع ذلک أن یراعی فی الاستبراء مضیّ المدّة المعیّنة لها فی بعض الأخبار وهی: للدجاجة ثلاثة أیّام، وللبَطّة خمسة، وللغنم عشرة، وللبقرة عشرون، وللبعیر أربعون یوماً، وللسمک یوم ولیلة.

مسألة 894: لا یشترط فیما یکون غذاء الحیوان فی مدّة الاستبراء من الجلل أن یکون طاهراً بل یکفی تغذّیه فیها بغیر ما أوجب الجلل مطلقاً وإن کان متنجّساً أو نجساً.

مسألة 895: یستحبّ رَبْط الدجاجة التی یراد أکلها أیّاماً ثُمَّ ذبحها وإن لم یعلم جللها.

الأمر الثانی - ممّا یوجب حرمة الحیوان المحلّل بالأصل -: أن یطأه الإنسان قُبُلاً أو دُبُراً وإن لم ینزل فإنّه یحرم بذلک لحمه وکذا لبنه ونسله المتجدّد بعد الوطء علی الأحوط لزوماً.

ولا فرق فی الواطئ بین الصغیر والکبیر علی الأحوط وجوباً، کما لا فرق بین العاقل والمجنون والعالم والجاهل

ص: 367

والمختار والمکره، ولا فرق فی الموطوء بین الذکر والأُنثی، ولا یحرم الحمل إذا کان متکوّناً قبل الوطء کما لا یحرم الموطوء إذا کان میّتاً، ویختصّ الحکم المذکور بالبهائم فلا تحرم بالوطء سائر أنواع الحیوان.

مسألة 896: الحیوان الموطوء إن کان ممّا یُطلب لحمه کالغنم والبقر یجب أن یذبح ثُمَّ یحرق، فإن کان لغیر الواطئ وجب علیه أن یغرم قیمته لمالکه.

وأمّا إذا کان ممّا یرکب ظهره کالخیل والبغال والحمیر وجب نفیه من البلد وبیعه فی بلد آخر، ویغرم الواطئ - إذا کان غیر المالک - قیمته ویکون الثمن لنفس الواطئ، وأمّا إذا کان ممّا یطلب لحمه ویرکب ظهره معاً کالإبل لحقه حکم القسم الأوّل.

مسألة 897: إذا وطئ إنسان بهیمة یطلب لحمها واشتبه الموطوء بین عدّة أفراد أخرج بالقرعة.

الأمر الثالث - ممّا یوجب حرمة الحیوان المحلّل بالأصل : الرضاع من الخنزیرة، فإنّه إذا رضع الجدی - وهو ولد المعز - من لبن خنزیرة واشتدّ لحمه وعظمه من ذلک حرم لحمه ونسله ولبنهما أیضاً، ویلحق بالجدی العجل وأولاد سائر الحیوانات المحلّل لحمها علی الأحوط لزوماً، ولا تلحق بالخنزیرة الکلبة ولا الکافرة، ولا یعمّ الحکم الشرب من دون رضاع وللرضاع بعد ما کبر وفطم.

ص: 368

هذا إذا اشتدّ لحم الحیوان وعظمه بالرضاع، وأمّا إذا لم یشتدّ فالأحوط لزوماً أن یستبرأ سبعة أیّام بلبن طاهر إن لم یکن مستغنیاً عن الرضاع، وإلّا استبرئ بالعلف والشعیر ونحوهما ثُمَّ یحلّ بعد ذلک.

مسألة 898: لو شرب الحیوان المحلّل الخمر حتّی سکر فذبح فی تلک الحال جاز أکل لحمه ولکن لا بُدَّ من غسل ما لاقته الخمر مع بقاء عینها، ولا یؤکل ما فی جوفه من الأمعاء والکرش والقلب والکبد وغیرها وإن غسل علی الأحوط لزوماً، ولو شرب بولاً أو غیره من النجاسات ثُمَّ ذبح عقیب الشرب لم یحرم لحمه ویؤکل ما فی جوفه بعد غسله مع بقاء عین النجاسة فیه.

مسألة 899: لو رضع جدی أو عناق أو عجل من لبن أمرأة حتّی فطم وکبر لم یحرم لحمه لکنّه مکروه.

مسألة 900: تحرم من الحیوان المحلّل وإن ذکّی عدّة أشیاء، وهی ما یلی:

الدم، والرَّوْث، والقضیب، والفرج ظاهره وباطنه، والمشیمة وهی موضع الولد، والغدّة وهی کلّ عقدة فی الجسم مدوّرة تشبه البُنْدُق، والبیضتان، وخَرَزَة الدِّماغ وهی حَبّة بقدر الحُمَّصَة فی وسط الدِّماغ، والنُّخاع وهو خیط أبیض کالمخّ فی وسط فَقار الظَّهر، والعَلْباوان - علی الأحوط لزوماً - وهما

ص: 369

عصبتان ممتدّتان علی الظهر من الرقبة إلی الذَّنَب، والمَرارَة، والطِّحال، والمثانة، وحدقة العین وهی الحَبّة الناظرة منها لا جسم العین کلّه.

هذا فی غیر الطیور والسمک والجَراد، وأمّاالطیور فیحرم ممّا یوجد فیها من المذکورات (الدم والرجیع)، وأمّا تحریم غیرهما فمبنیٌّ علی الاحتیاط اللزومیّ، وکذا تحریم الرجیع والدم من السمک والرجیع من الجراد ولا یحرم غیر ذلک ممّا یوجد فیهما من المذکورات.

مسألة 901: یؤکل من الحیوان المذکّی غیر ما مرّ فیؤکل القلب والکبد والکرش والأمعاء والغضروف والعضلات وغیرها، نعم یکره الکُلْیتان وأُذنا القلب والعروق خصوصاً الأوداج، وهل یؤکل منه الجلد والعظم مع عدم الضرر أم لا؟ وجهان، والصحیح هو الأوّل والأحوط الأولی الاجتناب، نعم لا إشکال فی جلد الرأس وجلد الدجاج وغیره من الطیور وکذا فی عظم صغار الطیور کالعصفور .

مسألة 902: یجوز أکل ما حلّ أکله نیّاً ومطبوخاً بل ومحروقاً إذا لم یکن مضرّاً ضرراً بلیغاً.

مسألة 903: لا تحلّ أبوال ما لا یؤکل لحمه بل وما یؤکل لحمه أیضاً حتّی الإبل علی الأحوط لزوماً، نعم لا بأس بشرب أبوال الأنعام الثلاثة للتداوی وإن لم ینحصر العلاج بها.

ص: 370

مسألة 904: یحرم رجیع کلّ حیوان ولو کان ممّا حلّ أکله علی ما تقدّم، نعم لا تحرم فضلات الدیدان الملتصقة بأجواف الفواکه ونحوها، وکذا ما فی جوف السمک والجراد إذا أُکِل معها.

مسألة 905: یحرم لبن الحیوان المحرّم أکله ولو لعارض کما مرّ، وأمّا لبن الإنسان فالأحوط وجوباً ترک شربه.

مسألة 906: یحرم الدم من الحیوان ذی النفس السائلة حتّی العلقة والدم فی البیضة، بل وما یتخلّف فی الأجزاء المأکولة من الذبیحة، نعم لا إشکال مع استهلاکه فی المرق أو نحوه.

وأمّا الدم من غیر ذی النفس السائلة فما کان ممّا حرم أکله کالوزغ والضفدع والعقرب والخفّاش فلا إشکال فی حرمته.

وأمّا ما کان ممّا حلّ أکله کالسمک الحلال ففیه إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، نعم یحکم بحلّیّته إذا أکل مع السمک بأن أکل السمک بدمه.

مسألة 907: تحرم المیتة وإن کانت طاهرة کالسمک الطافی وکذا تحرم أجزاؤها، ویستثنی منها اللبن والإنفحة والبیضة إذا اکتست القشر الأعلی وإن لم یتصلّب، وقد یستثنی منها جمیع ما لا تحلّه الحیاة ممّا یحکم بطهارته وإن کانت المیتة نجسة - کالعظم والقرن والظُفر - ولکنّه محلّ إشکال، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

مسألة 908: إذا اشتبه اللحم فلم یعلم أنّه مذکّی أم لا ولم

ص: 371

تکن علیه إحدی أمارات التذکیة المتقدّمة فی المسألة (871) لم یحلّ أکله، وأمّا لو اشتبه اللّحم المحرز تذکیته - ولو بإحدی أماراتها - فلم یعلم أنّه من النوع الحلال أو الحرام حکم بحلّه.

مسألة 909: لا یحرم بلع النخامة والأخلاط الصدریّة الصاعدة إلی فضاء الفم، ویحرم القیح والبلغم والنخامة ونحوها من فضلات الحیوان ممّا تعافه الطباع وتستخبثه النفوس.

الفصل الثانی فی غیر الحیوان

مسألة 910: یحرم تناول الأعیان النجسة وکذا المتنجّسة ما دامت باقیة علی تنجّسها مائعة کانت أم جامدة.

مسألة 911: إذا وقعت النجاسة فی الجسم الجامد - کالسَّمْن والعسل الجامدین - لزم رفع النجاسة وما یکتنفها من الملاقی معها برطوبة ویحلّ الباقی، وإذا کان المائع غلیظاً ثخیناً - بأن کان بحیث لو أخذ منه شیء بقی مکانه خالیاً حین الأخذ وإن امتلأ بعد ذلک - فهو کالجامد، ولا تسری النجاسة إلی تمام أجزائه إذا لاقت بعضها بل تختصّ النجاسة بالبعض الملاقی لها ویبقی الباقی علی طهارته.

مسألة 912: یحرم استعمال کلّ ما یضرّ ضرراً بلیغاً بالإنسان، سواء أکان موجباً للهلاک کتناول السموم القاتلة وکشرب الحامل ما یوجب سقوط الجنین، أم کان موجباً

ص: 372

لتعطیل بعض الأعضاء أو فقدان بعض الحواسّ، کاستعمال ما یوجب شلل الید أو عمی العین، والأحوط استحباباً عدم استعمال الرجل أو المرأة ما یجعله عقیماً لا یقدر علی التناسل والإنجاب وإن کان یجوز فی حدّ ذاته.

مسألة 913: لا فرق فی حرمة استعمال المضرّ - بالحدّ المتقدّم - بین معلوم الضرر ومظنونه بل ومحتمله أیضاً إذا کان احتماله معتدّاً به عند العقلاء ولو بلحاظ الاهتمام بالمحتمل بحیث أوجب الخوف عندهم، وکذا لا فرق بین أن یکون الضرر المترتّب علیه عاجلاً أو بعد مدّة.

مسألة 914: یجوز للمریض أن یتداوی بما یحتمل فیه الضرر البلیغ ویؤدّی إلیه أحیاناً إذا استصوبه له الطبیب الموثوق به بعد موازنته بین درجتی النفع والضرر احتمالاً ومحتملاً، بل یجوز له المعالجة بما یؤدّی إلی الضرر البلیغ إذا کان ما یدفع به أعظم ضرراً وأشدّ خطراً، ومن هذا القبیل قطع بعض الأعضاء دفعاً للسرایة المؤدّیة إلی الهلاک، ولکن یشترط فی ذلک أیضاً أن یکون الإقدام علیه عقلائیّاً، بأن یکون العمل صادراً برأی الطبیب الحاذق المحتاط غیر المتسامح ولا المتهوّر .

مسألة 915: ما کان کثیره یضرّ ضرراً بلیغاً دون قلیله یحرم کثیره دون قلیله، ولو فرض العکس کان بالعکس، وکذا ما یضرّ

ص: 373

منفرداً لا منضمّاً مع غیره یحرم منفرداً لا منضمّاً، وما کان بالعکس کان بالعکس.

مسألة 916: ما لا یضرّ تناوله مرّة أو مرّتین مثلاً، ولکن یضرّ إدمانه وتکرّر تناوله والتعوّد به یحرم تکراره المضرّ خاصّة.

مسألة 917: یحرم استعمال التریاق ومشتقّاته وسائر أنواع الموادّ المخدّرة إذا کان مستتبعاً للضرر البلیغ بالشخص سواء أکان من جهة زیادة المقدار المستعمل منها أم من جهة إدمانه، بل الأحوط لزوماً الاجتناب عنها مطلقاً إلّا فی حال الضرورة فتستعمل بمقدار ما تدعو الضرورة إلیه.

مسألة 918: یحرم أکل الطین وهو التراب المختلط بالماء حال بلّته، وکذا المدر وهو الطین الیابس، ویلحق بهما التراب والرمل علی الأحوط وجوباً، نعم لا بأس بما یختلط به حبوب الحنطة والشعیر ونحوهما من التراب والمدر مثلاً ویستهلک فی دقیقهما عند الطحن، وکذا ما یکون علی وجه الفواکه ونحوها من التراب والغبار إذا کان قلیلاً بحیث لا یعدّ أکلاً للتراب، وکذا الماء المتوحّل أی الممتزج بالطین الباقی علی إطلاقه، نعم لو أحسّت الذائقة الأجزاء الطینیّة حین الشرب فالأحوط الأولی الاجتناب عن شربه حتّی یصفو .

مسألة 919: لا یلحق بالطین الأحجار وأنواع المعادن والأشجار فهی حلال کلّها مع عدم الضرر البلیغ.

ص: 374

مسألة 920: یستثنی من الطین طین قبر الإمام الحسین (علیه السلام) للاستشفاء، ولا یجوز أکله لغیره، ولا أکل ما زاد عن قدر الحمّصة المتوسّطة الحجم، ولا یلحق به طین قبر غیره حتّی قبر النبیّ (صلّی الله علیه وآله) والأئمّة (علیهم السلام)، نعم لا بأس بأن یمزج بماء أو مشروب آخر علی نحو یستهلک فیه والتبرّک بالاستشفاء بذلک الماء وذلک المشروب.

مسألة 921: قد ذکر لأخذ التربة المقدّسة وتناولها عند الحاجة آداب وأدعیة خاصّة، ولکنّها شروط کمالٍ لسرعة تأثیرها لا أنّها شرط لجواز تناولها.

مسألة 922: القدر المتیقّن من محلّ أخذ التربة هو القبر الشریف وما یقرب منه علی وجه یلحق به عرفاً فالأحوط وجوباً الاقتصار علیه، واستعمالها فیما زاد علی ذلک ممزوجة بماء أو مشروب آخر علی نحو تستهلک فیه ویستشفی به رجاءً.

مسألة 923: تناول التربة المقدّسة للاستشفاء یکون إمّا بازدرادها وابتلاعها، وإمّا بحلّها فی الماء ونحوه وشربه، بقصد التبرّک والشفاء.

مسألة 924: إذا أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأنّه من تلک التربة المقدّسة بالحدّ المتقدّم فلا إشکال، وکذا إذا قامت علی ذلک البیّنة، وفی کفایة قول الثقة أو ذی الید إشکال إلّا أن یورث الاطمئنان، والأحوط وجوباً فی غیر صورة

ص: 375

العلم والاطمئنان وقیام البیّنة تناولها ممزوجاً بماء ونحوه بعد استهلاکها فیه.

مسألة 925: یجوز أکل الطین الأرمنیّ والداغستانیّ وغیرهما للتداوی عند انحصار العلاج فیها.

مسألة 926: یحرم شرب الخمر بالضرورة من الدین بحیث یحکم بکفر مستحلِّها مع التفاته إلی أنّ لازمه إنکار رسالة النبیّ (صلّی الله علیه وآله) فی الجملة بتکذیبه (صلّی الله علیه وآله) فی تبلیغ حرمتها عن الله تعالی، وقد وردت أخبار کثیرة فی تشدید أمرها والتوعید علی ارتکابها، فعن رسول الله (صلّی الله علیه وآله): (مَنْ شرب الخمر بعد ما حرّمها الله علی لسانی فلیس بأهل أن یُزوّج إذا خطب، ولا یُشفّع إذا شفع، ولا یُصدّق إذا حدّث، ولا یُعاد إذا مرض، ولا یُشهد له جنازة، ولا یُؤتمن علی أمانة)، وفی روایة أُخری: (لعن رسول الله (صلّی الله علیه وآله) فی الخمر عشرة: غارسها، وحارسها، وعاصرها، وشاربها، وساقیها، وحاملها، والمحمول إلیه، وبائعها، ومشتریها، وآکل ثمنها).

وعن الصادق (علیه السلام): (إنّ الخمر أُمّ الخبائث، ورأس کلّ شرّ، یأتی علی شاربها ساعة یسلب لبه فلا یعرف ربّه، ولا یترک معصیة إلّا رکبها، ولا یترک حرمة إلّا انتهکها، ولا رحماً ماسّة إلّا قطعها، ولا فاحشة إلّا أتاها، وإن شرب منها جرعة

ص: 376

لعنه الله وملائکته ورسله والمؤمنون، وإن شربها حتّی سکر منها نزع روح الإیمان من جسده ورکبت فیه روح سخیفة خبیثة، ولم تقبل صلاته أربعین یوماً)((1))، وفی بعض الروایات: (إنّ مدمن الخمر کعابد الوثن) وقد فسّر المدمن فی بعضها بأنّه لیس الذی یشربها کلّ یوم ولکنّه الموطِّن نفسه أنّه إذا وجدها شربها.

مسألة 927: یلحق بالخمر - موضوعاً أو حکماً - کلّ مسکر جامداً کان أم مائعاً، وما أسکر کثیره دون قلیله حرم قلیله وکثیره.

مسألة 928: إذا انقلبت الخمر خلّاً حلّت سواء أکان بنفسها أو بعلاج، وسواء أکان العلاج بدون ممازجة شیء معها کما إذا کان بتدخین أو بمجاورة شیء أو کان بالممازجة، وسواء استهلک الخلیط فیها قبل أن تنقلب خلّاً - کما إذا مزجت بقلیل من الملح أو الخلّ فاستهلکا فیها ثُمَّ انقلبت خلّاً - أم لم یستهلک بل بقی فیها إلی ما بعد الانقلاب، ویطهر الباقی من المزیج بالتبعیّة کما یطهر بها الإناء، نعم إذا کان الإناء متنجّساً بنجاسة خارجیّة قبل الانقلاب لم یطهر، وکذا إذا وقعت النجاسة فیها قبل أن تنقلب وإن استهلکت فیها.

ص: 377


1- ([1]) أی لا یثاب علی صلاته خلال هذه المدّة، ولکنّها تصحّ بمعنی أنّه یتحقّق بها امتثال التکلیف بالصلاة، فلا بُدَّ من الإتیان بها.

مسألة 929: الفقّاع حرام، وهو شراب معروف متّخذ من الشعیر یوجب النَّشْوَة عادة لا السکر، ولیس منه ماء الشعیر الذی یستعمله الأطبّاء فی معالجاتهم.

مسألة 930: یحرم عصیر العنب إذا غلی بنفسه أو بالنار أو بالشمس، بل الأحوط الأولی الاجتناب عنه بمجرّد النشیش وإن لم یصل إلی حدّ الغلیان، وأمّا العصیر الزبیبیّ فلا یحرم بالغلیان ما لم یوجب الإسکار، وإن کان الأحوط استحباباً الاجتناب عنه وهکذا الحال فی العصیر التمریّ.

مسألة 931: الماء الذی تشتمل علیه حبّة العنب بحکم عصیره فی تحریمه بالغلیان علی الأحوط، نعم لا یحکم بحرمته ما لم یعلم بغلیانه، فلو وقعت حبّة من العنب فی قدر یغلی وهی تعلو وتسفل فی الماء المغلیّ لم یحکم بحرمتها ما لم یعلم بغلیان ما فی جوفها من الماء وهو غیر حاصل غالباً.

مسألة 932: من المعلوم أنّ الزبیب لیس له عصیر فی نفسه، فالمقصود بعصیره ما اکتسب منه الحلاوة إمّا بأن یدقّ ویخلط بالماء وإمّا بأن ینقع فی الماء ویمکث إلی أن یکتسب حلاوته بحیث یصیر فی الحلاوة بمثابة عصیر العنب، وإمّا بأن یمرس ویعصر بعد النقع فتستخرج عصارته، وأمّا إذا کان الزبیب علی حاله وحصل فی جوفه ماء فهو لیس من عصیره فلا یحرم بالغلیان ولو قلنا بحرمة عصیره المغلیّ، وعلی هذا

ص: 378

فلا إشکال فی وضع الزبیب فی المطبوخات مثل الْمَرَق والمحشیّ والطبیخ وإن دخل فیه ماء وغلی فضلاً عمّا إذا شکّ فیه.

مسألة 933: عصیر العنب المغلیّ - إذا لم یصر مسکراً بالغلیان - تزول حرمته بذهاب ثلثیه بحسب الکمّ لا بحسب الثقل، ولا فرق بین أن یکون الذهاب بالنار أو ما یلحق بها کالأسلاک المُحْماة بالکهرباء أو بالأشعّة أو بالشمس أو بالهواء، وأمّا مع صیرورته مسکراً بالغلیان - کما ربّما یُدّعی ذلک فیما إذا غلی بنفسه - فلا تزول حرمته إلّا بالتخلیل ولا أثر فیه لذهاب الثلثین، وهکذا الحکم فی العصیر التمریّ والزبیبیّ إذا صارا مسکرین.

مسألة 934: إذا صار العصیر المغلیّ دِبْساً قبل أن یذهب ثلثاه لا یکفی ذلک فی حلّیّته علی الأحوط لزوماً.

مسألة 935: إذا اختلط العصیر بالماء ثُمَّ غلی یکفی فی حلّیّته ذهاب ثلثی المجموع، فلو صبّ عشرین رطلاً من ماء فی عشرة أرطال من عصیر العنب ثُمَّ طبخه حتّی ذهب منه عشرون وبقی عشرة فهو حلال، وبهذه الطریقة یمکن طبخ بعض أقسام العصیر ممّا لا یمکن لغلظه أن یطبخ علی الثلث لأنّه یحترق ویفسد قبل أن یذهب ثلثاه، فیصبّ فیه الماء بمقداره أو أقلّ منه أو أکثر ثُمَّ یطبخ إلی أن یذهب الثلثان.

ص: 379

مسألة 936: لو صبّ علی العصیر المغلیّ قبل أن یذهب ثلثاه مقدار من العصیر غیر المغلیّ وجب ذهاب ثلثی مجموع ما بقی من الأوّل مع ما صبّ ثانیاً، ولا یحسب ما ذهب من الأوّل أوّلاً، فإذا کان فی القِدْر تسعة أکواب من العصیر فغلی حتّی ذهب منه ثلاثة وبقی ستّة ثُمَّ صبّ علیه تسعة أکواب أُخر فصار خمسة عشر یجب أن یغلی حتّی یذهب عشرة ولا یکفی ذهاب تسعة وبقاء ستّة.

مسألة 937: إذا صبّ العصیر المغلیّ قبل ذهاب ثلثیه فی عصیر آخر قد غلی ولم یذهب ثلثاه أیضاً فإن تساویا فی المقدار الذاهب کما لو کان الذاهب من کلٍّ منهما ثلثه کفی فی الحلّیّة ذهاب البقیّة من المجموع وهی نصفه فی المثال.

وأمّا مع عدم تساویهما فی ذلک کما لو کان الذاهب من أحدهما نصفه ومن الآخر سدسه فلا بُدَّ لحلّیّة المجموع من أن یذهب منه بنسبة ما کان یلزم ذهابه من العصیر الثانی - الذی کان المقدار الذاهب منه أقلّ - إلی المقدار الباقی منه وهی ثلاثة أخماسه فی المثال.

مسألة 938: لا بأس بأن یطرح فی العصیر قبل ذهاب الثلثین مثل السَّفَرْجَل والتُّفاح وغیرهما ویطبخ فیه، ولکن لا یحلّ المطروح بذهاب ثلثی ما فی الإناء من العصیر، بل لا بُدَّ من ذهاب ثلثی ما جذبه إلی جوفه منه، فما لم یحرز ذلک

ص: 380

لم یحکم بحلّیّته.

مسألة 939: یثبت ذهاب الثلثین من العصیر المغلیّ بالعلم وبالبیّنة وبإخبار ذی الید المسلم إذا لم یکن ممّن یشربه قبل ذهاب ثلثیه، وفی ثبوته بإخبار العدل الواحد إشکال - إلّا إذا أورث الاطمئنان بصدقه - فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط.

مسألة 940: لا یحرم شیء من الربوب - أی ما یخثر من عصیر الثمار - کرُبّ الرمّان والتفّاح وإن شمّ منه رائحة المسکر .

مسألة 941: یحرم تناول مال الغیر من دون رضاه وإن کان کافراً محترم المال، وقد ورد: (إنّ من أکل من طعام لم یُدْعَ إلیه فکأنّما أکل قطعة من النار ).

مسألة 942: یجوز أن یأکل الإنسان - ولو مع عدم الضرورة - من بیوت من تضمّنته الآیة الشریفة فی سورة النور، وهم: الآباء والأُمّهات، والإخوان والأخوات، والأعمام والعمّات، والأخوال والخالات، وکذا یجوز لمن کان وکیلاً علی بیت أحد مفوّضاً إلیه أُموره وحفظه بما فیه أن یأکل من بیت موکّله، وهو المراد من ﴿ أوْ ݢݢمَݧݧݧݧݧا مَلَکْتُمْ مَفݧݧݧݧݧٰاتِحَهُ﴾ المذکور فی تلک الآیة الشریفة، وکذا یجوز أن یأکل الصدیق من بیت صدیقه، وکذا الزوجة من بیت زوجها، والأب والأُمّ من بیت الولد.

وإنّما یجوز الأکل من تلک البیوت إذا لم یعلم کراهة صاحب

ص: 381

البیت، فیکون امتیازها عن غیرها بعدم توقّف جواز الأکل منها علی إحراز رضا وطیب نفس صاحبها، فیجوز مع الشکّ بل ومع الظنّ بالعدم أیضاً بخلاف غیرها.

والأحوط لزوماً اختصاص الحکم بما یعتاد أکله من الخبز والتمر والإدام والفواکه والبقول ونحوها دون نفائس الأطعمة التی تدّخر غالباً لمواقع الحاجة وللأضیاف ذوی الشرف والعزّة.

ویشمل الحکم المذکور غیر المأکول من المشروبات المتعارفة من الماء واللبن المخیض واللبن الحلیب وغیرها.

نعم لا یتعدّی إلی بیوت غیرهم، ولا إلی غیر بیوتهم کدکاکینهم وبساتینهم، کما أنّه یقتصر علی ما فی البیت من المأکول، فلا یتعدّی إلی ما یشتری من الخارج بثمن یؤخذ من البیت.

مسألة 943: یباح تناول المحرّمات المتقدّمة فی موارد الاضطرار، کتوقّف حفظ نفسه وسدّ رمقه علیه، أو عروض المرض الشدید الذی لا یتحمّل عادة بترکه، أو أداء ترکه إلی لحوق الضعف الشدید المفرط المؤدّی إلی التلف أو إلی المرض بالحدّ المتقدّم أو الموجب للتخلّف عن الرفقة مع ظهور أمارة العطب، ومنها ما إذا خیف بترکه علی نفس أُخری محترمة کالحامل تخاف علی جنینها والمرضعة علی طفلها، بل

ص: 382

ومن الاضطرار خوف طول المرض الشدید الذی لا یتحمّل عادة أو عسر علاجه بترک التناول، والمدار فی الکلّ علی الخوف الحاصل من العلم والظنّ بالترتّب أو الاحتمال المعتدّ به عند العقلاء ولو لأجل أهمّیّة محتمله.

مسألة 944: إنّما یباح تناول المحرّمات المتقدّمة لمن اضطرّ إلیه قهراً لا بسوء اختیاره فإنّ الاضطرار بالاختیار لا یکون محلِّلاً للمحرّمات إلّا مع تعقُّبه بالتوبة، وأمّا مع عدمه فلا أثر للاضطرار فی رفع الحرمة.

نعم إذا دار الأمر حینئذٍ بین تناول المحرّم ومخالفة حکم إلزامیّ أهمّ - کوجوب حفظ النفس - لزم عقلاً اختیار الأوّل لکونه أخفّ عقوبة، وفی حکم المضطرّ بسوء الاختیار - فی عدم حلّیّة المضطرّ إلیه له مع عدم التوبة - من اضطرّ اتّفاقاً إلی تناول المحرّم فی حال کونه محارباً للإمام (علیه السلام) وباغیاً علیه أو عادیاً وقاطعاً للطریق، فإنّه إذا لم یتب ویرجع عن بغیه وعدوانه لا یحلّ له شرعاً تناول المحرّم، بل یلزمه عقلاً عدم تناوله وإن أدّی ذلک إلی هلاکه.

مسألة 945: کما یباح تناول المحرّمات المذکورة فی حال الاضطرار کذلک یباح تناولها فی حال الإکراه والتقیّة عمّن یخاف منه علی نفسه أو عرضه أو ماله المعتدّ به، أو علی نفس محترمة، أو عرض محترم أو مال محترم یکون ترک حفظه

ص: 383

حرجیّاً علیه بحدّ لا یتحمّل عادة، أو یکون ممّا یجب حفظه فیما إذا کان وجوب حفظه أهمّ من حرمة تناول المحرّم أو مساویاً لها.

مسألة 946: فی کلّ مورد یتوقّف فیه إنقاذ النفس من الهلاک أو ما یدانیه علی تناول شیء من المحرّمات المتقدّمة یجب التناول فلا یجوز له التنزّه والحال هذه، ولا فرق فی ذلک بین الخمر والطین وسائر المحرّمات، فإذا أصابه عطش حتّی خاف علی نفسه فأصاب خمراً جاز بل وجب شربها، وکذا إذا اضطرّ إلی أکل الطین لإنقاذ نفسه من الهلاک.

مسألة 947: إنّما یباح بالاضطرار خصوص المقدار المضطرّ إلیه فلا یجوز الزیادة علیه، فإذا اضطرّ إلی أکل المیتة لسدّ رمقه لزمه الاقتصار علی القلیل الذی یسدّ به رمقه ولا یجوز له أن یأکل حدّ الشبع إلّا إذا فرض أنّ اضطراره لا یرتفع إلّا بالشبع.

مسألة 948: یجوز التداوی لمعالجة الأمراض الشدیدة التی لا تتحمّل عادة بتناول المحرّمات المتقدّمة إذا انحصر العلاج بها فیما بأیدی الأطبّاء من وسائل المعالجة وطرقها، ولا فرق فی ذلک بین الخمر ونحوها من المسکرات وبین سائر أنواع المحرّمات، نعم لا یخفی شدّة أمر الخمر فلا یبادر المریض إلی تناولها والمعالجة بها إلّا إذا رأی من نفسه الهلاک أو ما

ص: 384

یدانیه لو ترک التداوی بها ولو من جهة توافق جمع من الحذّاق وأُولی الدیانة والدرایة من الأطبّاء، وإلّا فلیصبر علی المشقّة فلعلّ الباری تعالی شأنه یعافیه لما رأی منه التحفّظ علی دینه.

مسألة 949: إذا اضطرّ إلی تناول مال الغیر بغیر رضاه لحفظ نفسه من الهلاک أو ما یدانیه، أو لحفظ عرضه من الاعتداء علیه بالاغتصاب ونحوه، جاز له ذلک.

وقد تقدّم شطر من أحکامه فی المسألة (461) وما بعدها.

مسألة 950: یحرم الأکل من مائدة یشرب علیها شیء من الخمر أو المسکر، بل یحرم الجلوس علیها أیضاً علی الأحوط لزوماً.

ص: 385

آداب الأکل

مسألة 951: قد عدّ من آداب الأکل أُمور :

1. غَسْل الیدین معاً قبل الطعام.

2. غسل الیدین بعد الطعام، والتنشّف بعده بالمندیل.

3. أن یبدأ صاحب الطعام قبل الجمیع ویمتنع بعد الجمیع، وأن یبدأ الغسل قبل الطعام بصاحب الطعام ثُمَّ بمن علی یمینه إلی أن یتمّ الدور إلی من فی یساره، وأن یبدأ فی الغسل بعد الطعام بمن علی یسار صاحب الطعام إلی أن یتمّ الدور إلی صاحب الطعام.

4. التسمیة عند الشروع فی الطعام، ولو کانت علی المائدة ألوان من الطعام استحبّت التسمیة علی کلّ لون بانفراده.

5. الأکل بالیمین.

6. أن یأکل بثلاث أصابع أو أکثر، ولا یأکل بأصبعین.

7. الأکل ممّا یلیه إذا کانت علی المائدة جماعة، ولا یتناول من قدّام الآخرین.

8. تصغیر اللقم.

9. أن یطیل الأکل والجلوس علی المائدة.

10. أن یُجید المضغ.

11. أن یحمد الله بعد الطعام.

ص: 386

12. أن یلعق الأصابع ویمصّها.

13. التخلّل بعد الطعام، وأن لا یکون التخلّل بعودة الریحان وقضیب الرمّان والخُوْص والقصب.

14. أن یلتقط ما یتساقط خارج السفرة ویأکله إلّا فی البراری والصحاری، فإنّه یستحبّ فیها أن یدع المتساقط عن السفرة للحیوانات والطیور .

15. أن یکون أکله غداة وعشیّاً ویترک الأکل بینهما.

16. الاستلقاء بعد الأکل علی القفا وجعل الرجل الیمنی علی الیسری.

17. الافتتاح والاختتام بالملح.

18. أن یغسل الثمار بالماء قبل أکلها.

19. أن لا یأکل علی الشبع.

20. أن لا یمتلئ من الطعام.

21. أن لا ینظر فی وجوه الناس لدی الأکل.

22. أن لا یأکل الطعام الحارّ .

23. أن لا ینفخ فی الطعام والشراب.

24. أن لا ینتظر بعد وضع الخبز فی السفرة غیره.

25. أن لا یقطع الخبز بالسکّین.

26. أن لا یضع الخبز تحت الإناء.

27. أن لا ینظّف العظم من اللحم الملصق به علی نحو لا

ص: 387

یبقی علیه شیء من اللحم.

28. أن لا یقشر الثمار التی تؤکل بقشورها.

29. أن لا یرمی الثمرة قبل أن یستقصی أکلها.

ص: 388

آداب الشرب

مسألة 952: قد عدّ من آداب شرب الماء أُمور :

1. شرب الماء مصّاً لا عَبّاً.

2. شرب الماء قائماً بالنهار .

3. التسمیة قبل الشرب والتحمید بعده.

4. شرب الماء بثلاثة أنفاس.

5. شرب الماء عن رغبة وتلذّذ.

6. ذکر الحسین وأهل بیته (علیهم السلام)، واللعن علی قتلته بعد الشرب.

7. أن لا یکثر من شرب الماء.

8. أن لا یشرب الماء قائماً باللیل.

9. أن لا یشرب من محلّ کسر الکوز ومن محلّ عُروته.

10. أن لا یشرب الماء علی الأغذیة الدَّسِمَة.

11. أن لا یشرب بیساره.

ص: 389

ص: 390

کتاب المیراث

ص: 391

ص: 392

کتاب المیراث

اشارة

وفیه فصول:

الفصل الأوّل مقدّمات فی أحکام الإرث

اشارة

ویشتمل علی أُمور :

الأمر الأوّل: فی موجبات الإرث

مسألة 953: موجبات الإرث علی نوعین: نسب وسبب، أمّا النسب فله ثلاث طبقات:

الطبقة الأُولی: صنفان:

أحدهما: الأبوان المتّصلان دون الأجداد والجدّات.

ص: 393

وثانیهما: الأولاد وإن نزلوا ذکوراً وإناثاً.

الطبقة الثانیة: صنفان أیضاً:

أحدهما: الأجداد والجدّات وإن علوا.

وثانیهما: الإخوة والأخوات وأولادهم وإن نزلوا.

الطبقة الثالثة: صنف واحد وهم: الأعمام والأخوال وإن علوا، کأعمام الآباء والأمّهات وأخوالهم، وأعمام الأجداد والجدّات وأخوالهم، وکذلک أولادهم وإن نزلوا کأولاد أولادهم، وأولاد أولاد أولادهم وهکذا بشرط صدق القرابة للمیّت عرفاً.

وأمّا السبب فهو قسمان: زوجیّة وولاء.

والولاء ثلاث طبقات: ولاء العتق، ثُمَّ ولاء ضمان الجریرة،ثُمَّ ولاء الإمامة.

الأمر الثانی: فی أقسام الوارث

مسألة 954: ینقسم الوارث إلی خمسة أقسام:

1. من یرث بالفرض لا غیر دائماً، وهو الزوجة فإنّ لها الربع مع عدم الولد، والثمن معه، ولا یُردّ علیها أبداً.

2. من یرث بالفرض دائماً وربّما یرث معه بالردّ، کالأُمّ فإنّ لها السدس مع الولد والثلث مع عدمه إذا لم یکن حاجب، وربّما یردّ علیها زائداً علی الفرض کما إذا زادت الفریضة علی السهام.

ص: 394

وکالزوج فإنّه یرث الربع مع الولد والنصف مع عدمه، ویردّ علیه إذا لم یکن وارث إلّا الإمام.

3. من یرث بالفرض تارةً وبالقرابة أُخری، کالأب فإنّه یرث بالفرض مع وجود الولد وبالقرابة مع عدمه، والبنت والبنات فإنّهنّ یرثن مع الابن بالقرابة وبدونه بالفرض، والأُخت والأخوات للأب أو للأبوین فإنّهنّ یرثن مع الأخ بالقرابة ومع عدمه بالفرض، وکالإخوة والأخوات من الأُمّ فإنّهم یرثون بالفرض إذا لم یکن جدّ للأُمّ وبالقرابة معه.

4. من لا یرث إلّا بالقرابة، کالابن، والإخوة للأبوین أو للأب، والجدّ والأعمام والأخوال.

5. من لا یرث بالفرض ولا بالقرابة بل یرث بالولاء، وهو المُعتِق، وضامن الجریرة، والإمام (علیه السلام).

الأمر الثالث: فی أنواع السهام

مسألة 955: الفرض هو السهم المقدّر فی الکتاب المجید - وهو ستّة أنواع - وأصحابها ثلاثة عشر، کما یلی:

1. النصف، وهو للبنت المنفردة، والأُخت للأبوین أو للأب فقط إذا لم یکن معها أخ أو جدّ، وللزوج مع عدم الولد للزوجة وإن نزل.

2. الربع، وهو للزوج مع الولد للزوجة وإن نزل، وللزوجة مع

ص: 395

عدم الولد للزوج وإن نزل، فإن کانت واحدة اختصّت به وإلّا فهو لهنّ بالسویّة.

3. الثمن، وهو للزوجة مع الولد للزوج وإن نزل، فإن کانت واحدة اختصّت به وإلّا فهو لهنّ بالسویّة.

4. الثلثان، وهو للبنتین فصاعداً مع عدم الابن المساوی، وللأُختین فصاعداً للأبوین أو للأب فقط مع عدم الأخ أو الجدّ.

5. الثلث، وهو سهم الأُمّ مع عدم الولد وإن نزل وعدم الإخوة علی تفصیل یأتی، وللأخ والأُخت من الأُمّ مع التعدّد إذا لم یکن معهما جدّ.

6. السدس، وهو لکلّ واحد من الأبوین مع الولد وإن نزل، وللأُمّ مع الإخوة للأبوین أو للأب علی تفصیل یأتی، وللأخ الواحد من الأُمّ والأُخت الواحدة منها مع عدم الجدّ.

الأمر الرابع: فی بطلان العول والتعصیب

مسألة 956: إذا تعدّد الورثة فتارة یکونون جمیعاً ذوی فروض، وأُخری لا یکونون جمیعاً ذوی فروض، وثالثة یکون بعضهم ذا فرض دون بعض.

وإذا کانوا جمیعاً ذوی فروض فتارة تکون فروضهم مساویة للفریضة، وأُخری تکون زائدة علیها، وثالثة تکون ناقصة عنها:

فالأُولی: مثل أن یترک المیّت أبوین وبنتین، فإنّ سهم کلّ واحد من الأبوین السدس وسهم البنتین الثلثان ومجموعها

ص: 396

مساو للفریضة.

والثانیة: مثل أن یترک المیّت زوجاً وأبوین وبنتین فإنّ السهام فی الفرض الربع والسدسان والثلثان وهی زائدة علی الفریضة.

وهذه هی المسألة التی ذهب فیها بعض المذاهب الإسلامیّة إلی العول بمعنی ورود النقص فیها علی کلّ واحد من ذوی الفروض علی نسبة فرضه.

ولکن عند الإمامیّة یدخل النقص علی بعض منهم معیّن دون بعض.

ففی إرث أهل الطبقة الأُولی یدخل النقص علی البنت أو البنات.

وفی إرث الطبقة الثانیة، کما إذا ترک زوجاً وأُختاً من الأبوین وأُختین من الأُمّ، فإنّ سهم الزوج النصف وسهم الأُخت من الأبوین النصف وسهم الأُختین من الأُمّ الثلث ومجموعها زائد علی الفریضة، یدخل النقص علی المتقرّب بالأبوین کالأُخت فی المثال دون الزوج ودون المتقرّب بالأُمّ.

والثالثة: کما إذا ترک بنتاً واحدة فإنّ لها النصف وتزید الفریضة نصفاً.

وهذه هی المسألة التی قال فیها بعض المذاهب الإسلامیّة بالتعصیب، بمعنی: إعطاء النصف الزائد للعصبة.

ص: 397

وهم الذکور الذین ینتسبون إلی المیّت بغیر واسطة أو بواسطة الذکور، وربّما عمّموها للأُنثی علی تفصیل عندهم فی ذلک.

وأمّا عند الإمامیّة فیُردّ الزائد علی ذوی الفروض کالبنت فی الفرض، فترث النصف بالفرض والنصف الآخر بالردّ.

هذا إذا کان الورثة جمیعاً ذوی فروض، وأمّا إذا لم یکونوا جمیعاً ذوی فروض فیقسّم المال بینهم علی تفصیل یأتی، وإذا کان بعضهم ذا فرض دون آخر أعطی ذو الفرض فرضه وأعطی الباقی لغیره علی تفصیل یأتی إن شاء الله تعالی.

الفصل الثانی فی موانع الإرث

اشارة

وهی أُمور :

الأمر الأوّل: الکفر

مسألة 957: لا یرث الکافر من المسلم وإن کان قریباً، ویختصّ إرثه بالمسلم وإن کان بعیداً، فلو کان له ابن کافر وللابن ابن مسلم یرثه ابن الابن دون الابن، وکذا إذا کان له ابن کافر وأخ أو عمّ أو ابن عمّ مسلم یرثه المسلم دونه، بل وکذا إذا لم یکن له وارث من ذوی الأنساب وکان له معتق أو ضامن

ص: 398

جریرة مسلم یختصّ إرثه به دونه.

وإذا لم یکن له وارث مسلم فی جمیع الطبقات من ذوی الأنساب وغیرهم إلّا الإمام (علیه السلام) کان إرثه له ولم یرث الکافر منه شیئاً، ولا فرق فی الکافر بین الأصلیّ ذمّیاً کان أم حربیّاً، والمرتدّ فطریّاً کان أم ملّیّاً، کما لا فرق فی المسلم بین الإمامیّ وغیره.

مسألة 958: المسلم یرث الکافر ویمنع من إرث الکافر للکافر وإن کان المسلم بعیداً والکافر قریباً، فلو مات کافر وله ولد کافر وأخ مسلم، أو عمّ مسلم، أو معتق أو ضامن جریرة مسلم ورثه ولم یرثه الکافر، نعم إذا لم یکن له وارث مسلم إلّا الإمام (علیه السلام) لم یرثه بل تکون ترکته لورثته الکفّار حسب قواعد الإرث.

هذا إذا کان الکافر أصلیّاً، أمّا إذا کان مرتدّاً عن ملّة أو فطرة فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّ وارثه الإمام (علیه السلام) ولا یرثه الکافر وکان بحکم المسلم، ولکن الصحیح أنّ المرتدّ کالکافر الأصلیّ ولا سیّما إذا کان ملّیّاً.

مسألة 959: إذا مات الکافر وله ولد صغیر أو أکثر محکوم بالکفر تبعاً، وکان له وارث مسلم من غیر الطبقة الأُولی واحداً کان أو متعدّداً، دفعت ترکته إلی المسلم، والأحوط لزوماً له أن ینفق منها علی الصغیر إلی أن یبلغ فإن أسلم حینئذٍ وبقی

ص: 399

شیء من الترکة دفعه إلیه، وإن أسلم قبل بلوغه سلّم الباقی إلی الحاکم الشرعیّ لیتصدّی للإنفاق علیه، فإن بقی مسلماً إلی حین البلوغ دفع إلیه المتبقّی من الترکة - إن وجد - وإلّا دفعه إلی الوارث المسلم.

مسألة 960: لو مات مسلم عن ورثة کفّار لیس بینهم مسلم فأسلم واحد منهم بعد موته بلا فصل معتدّ به اختصّ هو بالإرث ولم یرثه الباقون ولم ینته الأمر إلی الإمام (علیه السلام).

ولو أسلم أکثر من واحد دفعة أو متتالیاً ورثوه جمیعاً مع المساواة فی الطبقة، وإلّا اختصّ به من کان مقدّماً بحسبها.

مسألة 961: لو مات مسلم أو کافر وکان له وارث کافر ووارث مسلم - غیر الإمام (علیه السلام) - وأسلم وارثه الکافر بعد موته، فإن کان وارثه المسلم واحداً اختصّ بالإرث ولم ینفع لمن أسلم إسلامه، نعم لو کان الواحد هو الزوجة وأسلم قبل القسمة بینها وبین الإمام (علیه السلام) نفعه إسلامه، فیأخذ نصیبه من ترکته.

وأمّا لو کان وارثه المسلم متعدّداً فإن کان إسلام من أسلم بعد قسمة الإرث لم ینفعه إسلامه ولم یرث شیئاً.

وأمّا إذا کان إسلامه قبل القسمة فإن کان مساویاً فی المرتبة مع الوارث المسلم شارکه، وإن کان مقدّماً علیه

ص: 400

بحسبها انفرد بالمیراث، کما إذا کان ابناً للمیّت والوارث المسلم إخوة له، وتستثنی من هذا الحکم صورة واحدة تقدّمت فی المسألة (959).

مسألة 962: إذا أسلم الوارث بعد قسمة بعض الترکة دون بعض کان لکلٍّ منهما حکمه، فلم یرث ممّا قسّم واختصّ بالإرث أو شارک فیما لم یقسّم.

مسألة 963: لو مات کافر ولم یخلف إلّا ورثة کفّاراً لیس بینهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته قیل: إنّه لا أثر لإسلامه وکان الحکم کما قبل إسلامه، فإن تقدّمت طبقته علی طبقة الباقین کما إذا کان ابناً للمیّت وهم إخوته اختصّ الإرث به، وإن ساواهم فی الطبقة شارکهم، وإن تأخّرت طبقته کما إذا کان عمّاً للمیّت وهم إخوته اختصّ الإرث بهم، ولکن الصحیح أنّ مشارکته مع الباقین فی صورة مساواته معهم فی الطبقة إنّما هی فی خصوص ما إذا کان إسلامه بعد قسمة الترکة بینه وبینهم.

وأمّا إذا کان قبلها فیختصّ الإرث به، کما أنّ اختصاص الطبقة السابقة بالإرث فی صورة تأخّر طبقة من أسلم إنّما هو فی خصوص ما إذا کان من فی الطبقة السابقة واحداً، أو متعدّداً مع کون إسلام من أسلم بعد قسمة الترکة بینهم، وأمّا إذا کان إسلامه قبل القسمة فیختصّ الإرث به.

ص: 401

مسألة 964: المراد من المسلم والکافر - وارثاً وموروثاً وحاجباً ومحجوباً - أعمّ من المسلم والکافر بالأصالة وبالتبعیّة، ومن الثانی المجنون والطفل غیر الممیّز والممیّز الذی لم یختر الإسلام أو الکفر بنفسه، فکلّ طفل غیر ممیّز أو نحوه کان أحد أبویه مسلماً حال انعقاد نطفته بحکم المسلم فیمنع من إرث الکافر ولا یرثه الکافر بل یرثه الإمام (علیه السلام) إذا لم یکن له وارث مسلم، وکلّ طفل غیر ممیّز أو نحوه کان أبواه معاً کافرین حال انعقاد نطفته بحکم الکافر فلا یرث المسلم مطلقاً کما لا یرث الکافر إذا کان له وارث مسلم غیر الإمام (علیه السلام) - علی کلام فی بعض الصور تقدّم فی المسألة (959) - نعم إذا أسلم أحد أبویه قبل بلوغه تبعه فی الإسلام وجری علیه حکم المسلمین.

مسألة 965: المسلمون یتوارثون وإن اختلفوا فی المذاهب والأصول والعقائد، نعم المنتحلون للإسلام المحکومون بالکفر ممّن تقدّم ذکرهم فی کتاب الطهارة لا یرثون من المسلم ویرث المسلم منهم.

مسألة 966: الکفّار یتوارثون وإن اختلفوا فی الملل والنحل فیرث النصرانیّ من الیهودیّ وبالعکس، بل یرث الحربیّ من الذمّیّ وبالعکس، لکن یشترط فی إرث بعضهم من بعض فقدان الوارث المسلم کما تقدّم.

ص: 402

مسألة 967: المرتدّ وهو من خرج عن الإسلام واختار الکفر علی قسمین:

فطریّ وملّیّ، والفطریّ من ولد علی إسلام أحد أبویه أو کلیها ثُمَّ کفر، وفی اعتبار إسلامه بعد التمییز قبل الکفر وجهان، والصحیح اعتباره.

وحکم الفطریّ أنّه یقتل فی الحال، وتبین منه زوجته بمجرّد ارتداده وینفسخ نکاحها بغیر طلاق، وتعتدّ عدّة الوفاة - علی ما تقدّم - ثُمَّ تتزوّج إن شاءت، وتُقسّم أمواله التی کانت له حین ارتداده بین ورثته بعد أداء دیونه کالمیّت ولا ینتظر موته، ولا تفید توبته ورجوعه إلی الإسلام فی سقوط الأحکام المذکورة مطلقاً علی المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم)، ولکنّه محلّ إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه، نعم لا إشکال فی عدم وجوب استتابته.

وأمّا بالنسبة إلی ما عدا الأحکام الثلاثة المذکورات فالصحیح قبول توبته باطناً وظاهراً، فیطهر بدنه وتصحّ عباداته ویجوز تزویجه من المسلمة، بل له تجدید العقد علی زوجته السابقة حتّی قبل خروجها من العدّة علی القول ببینونتها عنه بمجرّد الارتداد، کما أنّه یملک الأموال الجدیدة بأسبابه الاختیاریّة کالتجارة والحیازة والقهریّة کالإرث ولو قبل توبته.

وأمّا المرتدّ الملّیّ - وهو من یقابل الفطریّ - فحکمه أنّه

ص: 403

یستتاب، فإن تاب وإلّا قتل، وانفسخ نکاح زوجته إذا کان الارتداد قبل الدخول أو کانت یائسة أو صغیرة ولم تکن علیها عدّة، وأمّا إذا کان الارتداد بعد الدخول وکانت المرأة فی سنّ من تحیض وجب علیها أن تعتدّ عدّة الطلاق من حین الارتداد، فإن رجع عن ارتداده إلی الإسلام قبل انقضاء العدّة بقی الزواج علی حاله، وإلّا انکشف أنّها قد بانت عنه عند الارتداد.

ولا تقسّم أموال المرتدّ الملّیّ إلّا بعد موته بالقتل أو غیره، وإذا تاب ثُمَّ ارتدّ ففی وجوب قتله من دون استتابة فی الثالثة أو الرابعة إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط.

هذا إذا کان المرتدّ رجلاً، وأمّا لو کان امرأة فلا تقتل ولا تنتقل أموالها عنها إلی الورثة إلّا بالموت، وینفسخ نکاحها بمجرّد الارتداد بدون اعتداد مع عدم الدخول أو کونها صغیرة أو یائسة وإلّا توقّف الانفساخ علی انقضاء العدّة وهی بمقدار عدّة الطلاق کما مرّ فی المسألة (563).

وتحبس المرتدّة ویضیّق علیها وتضرب علی الصلاة حتّی تتوب فإن تابت قبلت توبتها، ولا فرق فی ذلک بین أن تکون مرتدّة عن ملّة أو عن فطرة.

مسألة 968: یشترط فی ترتیب الأثر علی الارتداد البلوغ وکمال العقل والقصد والاختیار، فلو أکره علی الارتداد فارتدّ کان لغواً، وکذا إذا کان غافلاً أو ساهیاً، أو هازلاً أو سبق لسانه،

ص: 404

أو کان صادراً عن الغضب الذی لا یملک معه نفسه ویخرج به عن الاختیار، أو کان عن جهل بالمعنی.

الأمر الثانی: القتل

مسألة 969: لا یرث القاتل من المقتول إذا کان القتل عمداً وظلماً، ویرث منه إذا کان بحقّ قصاصاً أو حدّاً أو دفاعاً عن نفسه أو عرضه أو ماله، وکذا إذا کان خطأً محضاً کما إذا رمی طائراً فأخطأ وأصاب قریبه المورِّث فإنّه یرثه، نعم لا یرث من دیته التی تتحمّلها العاقلة عنه.

وأمّا إذا کان القتل خطأً شبیهاً بالعمد وهو ما إذا کان قاصداً لإیقاع الفعل علی المقتول غیر قاصد للقتل، وکان الفعل ممّا لا یترتّب علیه القتل فی العادة، کما إذا ضربه بما لا یقتل عادة قاصداً ضربه غیر قاصد قتله فأدّی إلی قتله، ففی کونه مثل العمد مانعاً عن الإرث أو کالخطأ المحض فلا یمنع منه، قولان، والصحیح هو الثانی، نعم لا یرث من دیته التی یجب علیه أداؤه.

مسألة 970: لا فرق فی مانعیّة القتل العمدیّ ظلماً عن الإرث بین أن یکون بالمباشرة کما لو ضربه بالسیف أو أطلق علیه الرصاص فمات، وأن یکون بالتسبیب کما لو ألقاه فی مسبعة فافترسه السبع، أو حبسه فی مکان زماناً طویلاً بلا قوت فمات جوعاً أو عطشاً، أو أحضر عنده طعاماً مسموماً

ص: 405

من دون علم منه فأکله، أو أمر مجنوناً أو صبیّاً غیر ممیّز بقتله، فقتله إلی غیر ذلک من التسبیبات التی ینسب ویستند معها القتل إلی المسبّب.

نعم بعض التسبیبات التی قد یترتّب علیها التلف ممّا لا ینسب ولا یستند إلی المسبّب کحفر البئر وألقاء المزالق والمعاثر فی الطرق والمعابر وغیر ذلک من دون أن یقصد بها القتل، وإن أوجب الضمان والدیة علی مسبّبها إلّا أنّها غیر مانعة من الإرث، فیرث حافر البئر فی الطریق عن قریبه الذی وقع فیها ومات إذا لم یقصد به قتله، ولم یکن ممّا یترتّب علیه الموت غالباً، وإلّا کان قاتلاً عمداً فلا یرث منه.

مسألة 971: إذا أمر شخصاً عاقلاً بقتل مورّثه، متوعّداً بإیقاع الضرر علیه أو علی من یتعلّق به إن لم یفعل، فامتثل أمره باختیاره وإرادته فقتله، لم یحرم الآمر من میراثه؛ لأنّه لیس قاتلاً حقیقة وإن کان آثماً ویحکم بحبسه مؤبّداً إلی أن یموت، ولا فرق فی ذلک بین أن یکون ما توعّد به هو القتل أو دونه.

مسألة 972: کما أنّ القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول کذلک لا یکون حاجباً عمّن هو دونه فی الدرجة ومتأخّر عنه فی الطبقة، فوجوده کعدمه، فلو قتل شخص أباه وکان له ابن ولم یکن لأبیه أولاد غیر القاتل یرث ابن القاتل عن جدّه، وکذا لو انحصر وارث المقتول من الطبقة الأُولی فی ابنه القاتل وله

ص: 406

إخوة کان میراثه لهم دون ابنه، بل لو لم یکن له وارث إلّا الإمام (علیه السلام) ورثه دون ابنه.

مسألة 973: لا فرق فی مانعیّة القتل بین أن یکون القاتل واحداً أو متعدّداً، وعلی الثانی بین کون جمیعهم ورّاثاً أو بعضهم دون البعض.

مسألة 974: إذا أسقطت الأُمّ جنینها کانت علیها دیته لأبیه أو غیره من ورثته، وإذا کان الأب هو الجانی علی الجنین کانت دیته لأُمّه، وسیأتی مقدار الدیة حسب مراتب الحمل فی کتاب الدیات إن شاء الله تعالی((1)).

مسألة 975: الدیة فی حکم مال المقتول، فتقضی منها دیونه، وتخرج منها وصایاه أوّلاً قبل الإرث ثُمَّ یوزّع الباقی علی ورثته کسائر الأموال، ولا فرق فی ذلک بین کون القتل خطأً محضاً، أو شبه عمد، أو عمداً محضاً، فأخذت الدیة صلحاً أو لتعذّر القصاص بموت الجانی أو فراره أو نحوهما، کما لا فرق فی مورد الصلح بین أن یکون ما یأخذونه أزید من الدیة أو أقلّ أو مساویاً، وهکذا لا فرق بین أن یکون المأخوذ من أصناف الدیة أم من غیرها.

ویرث الدیة کلّ وارث سواء أکان میراثه بالنسب أم السبب حتّی الزوجین فی القتل العمدیّ وإن لم یکن لهما حقّ

ص: 407


1- ([1]) وقد ذکرت فی (مستحدثات المسائل) المسألة 73 یلاحظ الجزء الأوّل ص (512) و (513).

القصاص، لکن إذا وقع الصلح والتراضی بالدیة ورثا نصیبهما منها، نعم لا یرث منها الأخ والأُخت للأُمّ، بل ولا سائر من یتقرّب بها وحدها کالأخوال والأجداد من قبلها.

مسألة 976: إذا کانت الجنایة علی المیّت بعد الموت لم تدفع الدیة إلی الورثة، بل تصرف فی وجوه البرّ عنه، وإذا کان علیه دین ولم تکن له ترکة أو لم تفِ بأدائه وجب أن یؤدّیٰ منها، وکذلک إذا کانت له وصیّة لم تنفذ من غیرها.

الأمر الثالث: الرقّ

مسألة 977: الرقّ مانع من الإرث فی الوارث والمورّث، فلا یرث الرقّ من الحرّ وکذا العکس علی تفصیل لا حاجة للتعرّض له.

الأمر الرابع: الولادة من الزنی

مسألة 978: لا توارث بین ولد الزنی وبین أبیه الزانی، ومن یتقرّب به، فلا یرثهم کما لا یرثونه، وکذلک لا توارث بینه وبین أُمّه الزانیة ومن یتقرّب بها.

مسألة 979: إذا کان الزنی من أحد الأبوین دون الآخر، بأن کان الفعل من الآخر شبهة، انتفی التوارث بین الولد والزانی ومن یتقرّب به خاصّة، ویثبت بینه وبین الذی لا یکون زانیاً من أبویه ومن یتقرّب به.

ص: 408

مسألة 980: یثبت التوارث بین ولد الزنی وأقربائه من غیر الزنی کالولد وکذا الزوج أو الزوجة فیرثهم ویرثونه، وإذا مات مع عدم الوارث فإرثه للمولی المعتق، ثُمَّ الضامن، ثُمَ الإمام (علیه السلام).

مسألة 981: الولادة من الوطء المحرّم غیر الزنا لا یمنع من التوارث بین الولد وأبویه ومن یتقرّب بهما، فلو وطئ الزوج زوجته فی حال الإحرام أو فی شهر رمضان مثلاً عالمین بالحال فعلقت منه وولدت ثبت التوارث بینه وبینهما.

مسألة 982: المتولّد من وطء الشبهة کالمتولّد من الوطء المستحقّ شرعاً فی ثبوت التوارث بینه وبین أبویه ومن یتقرّب بهما، وکذلک المتولّد من وطء مستحقّ بحسب سائر الملل والمذاهب فیثبت التوارث بینه وبین أقاربه من الأب والأُمّ وغیرهما.

ص: 409

الأمر الخامس: اللعان

مسألة 983: یمنع اللعان من التوارث بین الولد ووالده، وکذا بینه وبین أقاربه من قبله کالأعمام والأجداد والإخوة للأب، ولا یمنع من التوارث بین الولد وأُمّه، وکذا بینه وبین أقاربه من قبلها من إخوة وأخوال وخالات ونحوهم.

فولد الملاعنة ترثه أُمّه ومن یتقرّب بها وأولاده والزوج والزوجة، ولا یرثه الأب ولا من یتقرّب به وحده، فإن ترک أُمّه منفردة کان لها الثلث فرضاً والباقی یردّ علیها، وإن ترک مع الأُمّ أولاداً کان لها السدس والباقی لهم للذکر ضعف حظّ الأُنثی، إلّا إذا کان الولد بنتاً فلها النصف ویردّ الباقی أرباعاً علیها وعلی الأُمّ، وإذا ترک زوجاً أو زوجة کان له نصیبه کغیره وتجری الأحکام الآتیة فی طبقات الإرث جمیعاً، ولا فرق بینه وبین غیره من الأموات إلّا فی عدم التوارث بینه وبین الأب ومن یتقرّب به وحده.

مسألة 984: لو کان بعض إخوته أو أخواته من الأبوین وبعضهم من الأُمّ خاصّة ورثوه بالسویّة من جهة انتسابهم إلی الأُمّ خاصّة، ولا أثر للانتساب إلی الأب.

مسألة 985: لو اعترف الرجل بعد اللعان بأنّ الولد له لحق به فیما علیه لا فیما له، فیرثه الولد ولا یرثه الأب ولا من یتقرّب

ص: 410

به، ولا یرث الولد من یتقرّب بالأب إذا لم یعترف الأب به، وهل یرثهم إذا اعترف به؟ قولان، والصحیح هو العدم.

مسألة 986: لا أثر لإقرار الولد ولا سائر الأقارب فی التوارث بعد اللعان، فإنّ ما یؤثّر هو إقرار الأب فقط فی إرث الولد منه.

مسألة 987: إذا تبرّأ الأب من جریرة ولده ومن میراثه ثُمَّ مات الولد قیل: کان میراثه لعصبة أُمّه دون أبیه، ولکن الصحیح أنّه لا أثر للتبرّی المذکور فی نفی التوارث.

الفصل الثالث فی کیفیّة الإرث حسب طبقاته

1. إرث الطبقة الأُولی

مسألة 988: للأب المنفرد تمام ترکة المیّت بالقرابة، وللأُمّ المنفردة تمام ترکته أیضاً، الثلث منها بالفرض والزائد علیه بالردّ.

ولو اجتمع أحد الأبوین مع الزوج کان له النصف، ولو اجتمع مع الزوجة کان لها الربع ویکون الباقی لأحد الأبوین للأب قرابةً وللأُمّ فرضاً وردّاً.

مسألة 989: إذا اجتمع الأبوان ولیس للمیّت ولد ولا زوج أو زوجة کان للأُمّ ثلث الترکة فرضاً والباقی للأب إن لم یکن للأُمّ

ص: 411

حاجب من إخوة المیّت أو أخواته، وأمّا مع وجود الحاجب فللأُمّ السدس والباقی للأب، ولا ترث الإخوة والأخوات شیئاً وإن حجبوا الأُمّ عن الثلث.

ولو کان مع الأبوین زوج کان له النصف، ولو کان معهما زوجة کان لها الربع، ویکون الثلث للأُمّ مع عدم الحاجب والسدس معه والباقی للأب.

مسألة 990: إنّما یحجب الإخوة أو الأخوات الأُمّ عن الثلث إلی السدس إذا توفّرت فیهم شروط معیّنة وهی ستّة:

1. وجود الأب حین موت الولد.

2. أن لا یقلّوا عن أخوین، أو أربع أخوات، أو أخ وأُختین.

3. أن یکونوا إخوة المیّت لأبیه وأُمّه، أو للأب خاصّة.

4. أن یکونوا مولودین فعلاً، فلا یکفی الحمل.

5. أن یکونوا مسلمین.

6. أن یکونوا أحراراً.

مسألة 991: للابن المنفرد تمام ترکة المیّت بالقرابة، وللبنت المنفردة تمام ترکته أیضاً لکن النصف بالفرض والباقی بالردّ، وللابنین المنفردین فما زاد تمام الترکة بالقرابة وتقسّم بینهم بالسویّة، وللبنتین المنفردتین فما زاد الثلثان فرضاً ویقسّم بینهنّ بالسویّة والباقی یردّ علیهنّ کذلک.

مسألة 992: إذا اجتمع الابن والبنت منفردین أو الأبناء

ص: 412

والبنات منفردین کان لهما أو لهم تمام الترکة للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 993: إذا اجتمع الأبوان مع بنت واحدة فإن لم یکن للمیّت إخوة - تتوفّر فیهم شروط الحجب المتقدّمة - قسّم المال خمسة أسهم، فلکلّ من الأبوین سهم واحد فرضاً وردّاً وللبنت ثلاثة أسهم کذلک، وأمّا إذا کان للمیّت إخوة تجتمع فیهم شروط الحجب فقیل: إنَّ حکمه حکم الصورة الأُولی یقسّم المال خمسة أسهم ولا أثر لوجود الإخوة، ولکن المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّ الإخوة یحجبون الأُمّ حینئذٍ عن الردّ فیکون لها السدس فقط وتقسّم البقیّة بین البنت والأب أرباعاً فرضاً وردّاً سهم للأب وثلاثة سهام للبنت.

والمسألة محلّ إشکال فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیما به التفاوت بین الخمس والسدس من حصّة الأُمّ.

مسألة 994: إذا اجتمع الأبوان مع ابن واحد کان لکلٍّ من الأبوین السدس والباقی للابن، وإذا اجتمعا مع الأبناء أو البنات فقط کان لکلّ واحد منهما السدس والباقی یقسّم بین الأبناء أو البنات بالسویّة، وإذا اجتمعا مع الأولاد ذکوراً وإناثاً کان لکلٍّ منهما السدس ویقسّم الباقی بین الأولاد جمیعاً للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 995: إذا اجتمع أحد الأبوین مع البنت الواحدة لا غیر

ص: 413

کان لأحد الأبوین الربع فرضاً وردّاً والباقی للبنت کذلک، وإذا اجتمع أحد الأبوین مع البنتین فما زاد لا غیر کان له الخمس فرضاً وردّاً والباقی للبنتین أو البنات بالفرض والرّد یقسّم بینهنّ بالسویّة.

وإذا اجتمع أحد الأبوین مع ابن واحد کان له السدس فرضاً والباقی للابن، وإذا اجتمع أحد الأبوین مع الأولاد الذکور کان له السدس فرضاً والباقی یقسّم بین الأبناء بالسویّة، ولو کان مع الابن الواحد أو الأبناء بنت أو بنات کان لأحد الأبوین السدس فرضاً والباقی یقسّم بین الأولاد للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 996: إذا اجتمع أحد الأبوین مع أحد الزوجین ومعهما البنت الواحدة کان للزوج الربع وللزوجة الثمن، ویقسّم الباقی أرباعاً ربع لأحد الأبوین فرضاً وردّاً والباقی للبنت کذلک.

ولو کان معهما بنتان فما زاد فلأحد الزوجین نصیبه الأدنی، فإن کان زوجة فلها الثمن ویقسّم الباقی أخماساً خمس لأحد الأبوین فرضاً وردّاً وأربعة أخماس للبنتین فما زاد کذلک، وإن کان زوجاً فله الربع ولأحد الأبوین السدس والبقیّة للبنتین فصاعداً فیردّ النقص علیهنّ.

ولو کان معهما ابن واحد أو متعدّد أو أبناء وبنات فلأحد الزوجین نصیبه الأدنی من الربع أو الثمن ولأحد الأبوین السدس والباقی للبقیّة، ومع الاختلاف فللذکر مثل حظّ

ص: 414

الأُنثیین.

مسألة 997: إذا اجتمع الأبوان والبنت الواحدة مع أحد الزوجین، فإن کان زوجاً فله الربع وللأبوین السدسان والباقی للبنت فینقص من فرضها - وهو النصف - نصف السدس، وإن کان زوجة فلها الثمن ویقسّم الباقی أخماساً یکون لکلٍّ من الأبوین سهم واحد فرضاً وردّاً وثلاثة أسهم للبنت کذلک، هذا إذا لم یکن للمیّت إخوة تتوفّر فیهم شروط الحجب وإلّا ففی کون الحکم کذلک أو أنّهم یحجبون الأُمّ عن الردّ فیکون لها السدس ویقسّم الباقی بین الأب والبنت أرباعاً خلاف وإشکال ولا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی المسألة کما تقدّم فی المسألة (993).

مسألة 998: إذا اجتمع الأبوان وبنتان فصاعداً مع أحد الزوجین فللزوج أو الزوجة النصیب الأدنی من الربع أو الثمن والسدسان للأبوین ویکون الباقی للبنتین فصاعداً یقسّم بینهنّ بالسویّة فیرد النقص علیهنّ بمقدّر نصیب الزوجین: الربع إن کان زوجاً والثمن إن کان زوجة.

ولو کان مکان البنتین فصاعداً ابن واحد أو متعدّد أو أبناء وبنات فلأحد الزوجین نصیبه الأدنی من الربع أو الثمن وللأبوین السدسان، والباقی للولد أو الأولاد ومع الاختلاف یکون للذکر ضعف حظّ الأُنثی.

مسألة 999: إذا اجتمع أحد الزوجین مع ولد واحد أو أولاد

ص: 415

متعدّدین، فلأحدهما نصیبه الأدنی من الثمن أو الربع والباقی للولد أو الأولاد، ومع الاختلاف یکون للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 1000: أولاد الأولاد وإن نزلوا یقومون مقام الأولاد فی مقاسمة الأبوین وحجبهما عن أعلی السهمین إلی أدناهما، ومنع من عداهم من الأقارب، ولا یشترط فی توریثهم فقد الأبوین.

مسألة 1001: لا یرث أولاد الأولاد إذا کان للمیّت ولد وإن کان أُنثی فإذا ترک بنتاً وابن ابن کان المیراث للبنت.

مسألة 1002: أولاد الأولاد مترتّبون فی الإرث، فالأقرب منهم یمنع الأبعد، فإذا کان للمیّت وَلَدُ وَلَدٍ ووَلَدُ وَلَدِ وَلَدٍ، کان المیراث لوَلَدِ الوَلَد دون وَلَدِ وَلَدِ الوَلَد.

مسألة 1003: یرث أولاد الأولاد نصیب من یتقرّبون به، فیرث ولد البنت نصیب أُمّه ذکراً کان أم أُنثی وهو النصف سواء انفرد أو کان مع الأبوین ویردّ علیه وإن کان ذکراً کما یردّ علی أُمّه لو کانت موجودة.

ویرث ولد الابن نصیب أبیه ذکراً کان أم أُنثی، فإن انفرد کان له جمیع المال، ولو کان معه ذو فرض فله ما فَضُلَ عن حصّته.

مسألة 1004: لو کان للمیّت أولاد بنت وأولاد ابن کان لأولاد البنت الثلث نصیب أُمّهم یقسّم بینهم للذکر مثل حظّ الأُنثیین، ولأولاد الابن الثلثان نصیب أبیهم یقسّم بینهم کذلک.

ص: 416

مسألة 1005: تقدّم أنّ أولاد الأولاد عند فقد الأولاد یشارکون أبوی المیّت فی المیراث؛ لأنّ الأبوین مع أولاد الأولاد صنفان من طبقة واحدة، ولا یمنع قرب الأبوین إلی المیّت إرثهم منه.

فإذا ترک أبوین وولد ابن کان لکلٍّ من الأبوین السدس ولولد الابن الباقی.

وإذا ترک أبوین وأولاد بنت کان للأبوین السدسان ولأولاد البنت النصف ویردّ السدس علی الجمیع بالنسبة إذا لم یکن للمیّت إخوة تتوفّر فیهم شروط الحجب، فیقسّم مجموع الترکة أخماساً، ثلاثة منها لأولاد البنت فرضاً وردّاً، واثنان منها للأبوین کذلک، وأمّا مع وجود الإخوة فیجری الاحتیاط المتقدّم فی المسألة (993).

وإذا ترک أحد الأبوین مع أولاد بنت کان لأولاد البنت ثلاثة أرباع الترکة فرضاً وردّاً والربع الرابع لأحد الأبوین کذلک کما تقدّم فیما إذا ترک أحد الأبوین وبنتاً، وهکذا الحکم فی بقیّة الصور .

وإذا ترک زوجاً وأبوین وأولاد بنت کان للزوج الربع وللأبوین السدسان ولأولاد البنت سدسان ونصف سدس فینقص عن سهم البنت - وهو النصف - نصف سدس فیرد النقص علی أولاد البنت کما یرد علی البنت فیما إذا ترک زوجاً وأبوین وبنتاً.

ص: 417

أحکام الحبوة

مسألة 1006: یحبی الولد الأکبر مجّاناً بثیاب بدن المیّت وخاتَمه وسیفه ومصحفه دون غیرها من مختصّاته کساعته وکتبه ونحوها، وفی دخول مثل الدِّرْع والطاس والمِغْفَر ونحوها من مُعدّات الحرب فی الحبوة خلاف والصحیح العدم، نعم الأحوط لزوماً فی البُنْدُقیّة والخنجر وما یشبههما من الأسلحة وکذا الرحل التصالح مع سائر الورثة، وأمّا غِمْد السیف وقبضته وبیت المصحف وحمائلهما فهی تابعة لهما، وفی دخول ما یحرم لبسه - کالخاتم من الذهب والثوب من الحریر - فی الحبوة إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فیه.

وإذا کان المیّت مقطوع الیدین فلا یکون السیف من الحبوة، ولو کان أعمی فالمصحف لیس منها، نعم لو طرأ ذلک اتّفاقاً وکان قد أعدّهما قبل ذلک لنفسه کانا منها.

مسألة 1007: لا فرق فی الثیاب بین الواحد والمتعدّد، کما لا فرق فیها بین الکسوة الشتائیّة والصیفیّة، ولا بین القطن والجلد وغیرهما، ولا بین الصغیرة والکبیرة فیدخل فیها مثل القلنسوة، کما یدخل الجورب والحِزام والنعل والحِذاء، ولا یتوقّف صدق الثیاب ونحوها علی اللبس والاستعمال بل یکفی إعدادها لذلک، نعم إذا أعدّها للتجارة أو لکسوة غیره من أهل بیته وأولاده وخدّامه لم تکن من الحبوة.

ص: 418

مسألة 1008: إذا تعدّد غیر الثیاب من المذکورات کما لو کان له سیفان أو مصحفان فالأحوط لزوماً المصالحة مع باقی الورثة.

مسألة 1009: إذا کان علی المیّت دَیْن فإن کان مستغرقاً للترکة وجب علی المحبوّ صرف حبوته فی أداء الدیْن أو فکّها بما یخصّها منه، وإذا لم یکن مستغرقاً فإن کان مزاحماً لها لنقص ما ترکه غیرها عن وفائه کان علی المحبوّ المساهمة فی أدائه من الحبوة بالنسبة أو فکّها بما یخصّها منه، وإذا لم یکن مزاحماً فالأحوط لزوماً له أن یساهم أیضاً فی أدائه بالنسبة، فلو کان الدیْن یساوی نصف مجموع الترکة صرف نصف الحبوة فی هذا السبیل، وفی حکم الدین فیما ذکر کفن المیّت وغیره من مؤونة تجهیزه التی تخرج من أصل الترکة.

مسألة 1010: إذا أوصی المیّت بتمام الحبوة أو ببعضها لغیر المحبوّ نفذت وصیّته وحرم المحبوّ منها إلّا إذا کانت زائدة علی الثلث فیحتاج فی الزائد إلی إجازة الولد الأکبر، ولو أوصی بثلث ماله أخرج الثلث منها ومن غیرها، وکذلک إذا أوصی بمائة دینار مثلاً فإنّها تخرج من مجموع الترکة بالنسبة إذا کانت المائة تساوی ثلثها أو تنقص عنه، وأمّا مع زیادتها علی الثلث فیحتاج فی الحبوة إلی إذن الولد الأکبر وفی غیرها إلی إذن جمیع الورثة، ولو کانت أعیانها أو بعضها مرهونة وجب فکّها

ص: 419

من مجموع الترکة.

مسألة 1011: لا یعتبر فی الحبوة أن تکون بعض الترکة، فإذا انحصرت الترکة فیها یحبی الولد الأکبر بها أیضاً وإن کان الاحتیاط فی محلّه.

مسألة 1012: إذا لم تکن الحبوة أو بعضها فیما ترکه المیّت لا یعطی الولد الأکبر قیمتها.

مسألة 1013: تختصّ الحبوة بالأکبر من الذکور بأن لا یکون ذکر أکبر منه، ولو تعدّد الذکر مع التساوی فی السنّ ولم یکن أکبر منهم تقسّم الحبوة بینهم بالسویّة، ولو کان الذکر واحداً یحبی بها وکذا لو کان معه أُنثی وإن کانت أکبر منه.

مسألة 1014: المقصود بالأکبر الأسبق ولادة لا علوقاً، وإذا اشتبه فالمرجع فی تعیینه القرعة.

مسألة 1015: تختصّ الحبوة بالولد الصلبیّ فلا تکون لولد الولد.

مسألة 1016: لا یعتبر بلوغ الولد حین وفاة الأب، بل لا یعتبر انفصاله بالولادة حیّاً حین وفاته، فتعزل الحبوة له کما یعزل نصیبه من سائر الترکة، فلو انفصل بعد موت الأب حیّاً یحبی، وإلّا قسّمت علی سائر الورثة بنسبة سهامهم.

مسألة 1017: لا یشترط فی المحبوّ کونه عاقلاً رشیداً، کما لا یشترط فیه أن یکون إمامیّاً یعتقد ثبوت الحبوة للولد الاکبر،

ص: 420

نعم إذا کان مخالفاً لا یری ثبوتها وکان مذهبه هو القانون النافذ علی الجمیع بحیث یمنع الإمامیّ منها أیضاً أمکن إلزامه بعدم ثبوت الحبوة له.

مسألة 1018: إذا اختلف الذکر الأکبر وسائر الورثة فی ثبوت الحبوة أو فی أعیانها أو فی غیر ذلک من مسائلها، لاختلافهم فی الاجتهاد أو فی التقلید رجعوا إلی الحاکم الشرعیّ فی فصل خصومتهم.

مسألة 1019: یستحبّ لکلٍّ من الأبوین الوارثین لولدهما إطعام الجدّ والجدّة المتقرّب به سدس الأصل إذا زاد نصیبه علی السدس، فلو خلف المیّت أبویه وجدّاً لأب أو أُمّ یستحبّ للأُمّ أن تطعم أباها السدس وهو نصف نصیبها، ویستحبّ للأب أن یطعم أباه سدس أصل الترکة وهو ربع نصیبه، وفی اختصاص الحکم المذکور بصورة اتّحاد الجدّ فلا یشمل التعدّد أو صورة فقد الولد للمیّت فلا یشمل صورة وجوده إشکال، فیؤتی به فی غیرهما برجاء المطلوبیّة.

2. إرث الطبقة الثانیة

وهم الإخوة والأجداد، ولا یرث أهل هذه الطبقة إلّا إذا لم یکن للمیّت ولد وإن نزل ولا أحد الأبوین المتّصلین.

مسألة 1020: إذا لم یکن للمیّت قریب من الطبقة الثانیة

ص: 421

غیر أخیه لأبویه ورث المال کلّه بالقرابة، ومع التعدّد ینقسم بینهم بالسویّة.

وللأُخت المنفردة من الأبوین المال کلّه، ترث نصفه بالفرض کما تقدّم ونصفه الآخر ردّاً بالقرابة، وللأُختین أو الأخوات من الأبوین المال کلّه یرثن ثلثیه بالفرض کما تقدّم والثلث الثالث ردّاً بالقرابة.

وإذا ترک أخاً واحداً أو أکثر من الأبوین مع أُخت واحدة أو أکثر کذلک فلا فرض بل یرثون المال کلّه بالقرابة یقتسمونه بینهم للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 1021: لا یرث الأخ أو الأُخت للأب مع وجود الأخ والأُخت للأبوین، نعم مع فقدهم یرثون علی نهج میراثهم، فللأخ من الأب واحداً کان أو متعدّداً تمام المال بالقرابة، وللأُخت الواحدة النصف بالفرض والنصف الآخر بالقرابة، وللأخوات المتعدّدات تمام المال یرثن ثلثیه بالفرض والباقی ردّاً بالقرابة.

وإذا اجتمع الإخوة والأخوات کلّهم للأب کان لهم تمام المال یقسّمونه بینهم للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 1022: للأخ المنفرد من الأُمّ والأُخت کذلک المال کلّه یرث السدس بالفرض والباقی ردّاً بالقرابة، وللاثنین فصاعداً من الإخوة للأُمّ ذکوراً أو إناثاً أو ذکوراً وإناثاً المال کلّه یرثون

ص: 422

ثلثه بالفرض والباقی ردّاً بالقرابة، ویقسّم بینهم فرضاً وردّاً بالسویّة.

مسألة 1023: إذا اجتمع الإخوة بعضهم من الأبوین وبعضهم من الأُمّ فإن کان الذی من الأُمّ واحداً کان له السدس ذکراً کان أو أُنثی والباقی لمن کان من الأبوین، وإن کان الذی من الأُمّ متعدّداً کان لهم الثلث یقسّم بینهم بالسویّة ذکوراً کانوا أو إناثاً، أو ذکوراً وإناثاً، والباقی لمن کان من الأبوین واحداً کان أو متعدّداً، ومع اتّفاقهم فی الذکورة والأُنوثة یقسّم بالسویّة، ومع الاختلاف فیهما یقسّم للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

نعم فی صورة کون المتقرّب بالأبوین إناثاً وکون الأخ من الأُمّ واحداً کان میراث الأخوات من الأبوین بالفرض ثلثین وبالقرابة السدس، وإذا کان المتقرّب بالأبوین أُنثی واحدة کان لها النصف فرضاً، وما زاد علی سهم المتقرّب بالأُمّ وهو السدس أو الثلث ردّاً علیها ولا یردّ علی المتقرّب بالأُمّ، وإذا وجد معهم إخوة من الأب فقط فلا میراث لهم کما عرفت.

مسألة 1024: إذا لم یوجد للمیّت إخوة من الأبوین وکان له إخوة بعضهم من الأب فقط وبعضهم من الأُمّ فقط فالحکم کما سبق فی الإخوة من الأبوین من أنّه إذا کان الأخ من الأُمّ واحداً کان له السدس، وإذا کان متعدّداً کان لهم الثلث یقسّم بینهم بالسویّة، والباقی الزائد علی السدس أو الثلث یکون

ص: 423

للإخوة من الأب یقسّم بینهم للذکر مثل حظّ الأُنثیین مع اختلافهم فی الذکورة والأُنوثة، ومع عدم الاختلاف فیهما یقسّم بینهم بالسویّة.

وفی الصورة التی یکون المتقرّب بالأب أُنثی واحدة یکون أیضاً میراثها ما زاد علی سهم المتقرّب بالأُمّ بعضه بالفرض وبعضه بالردّ بالقرابة.

مسألة 1025: فی جمیع صور انحصار الوارث القریب بالإخوة - سواء أکانوا من الأبوین أم من الأب أم من الأُمّ، أم بعضهم من الأبوین وبعضهم من الأب وبعضهم من الأُمّ - إذا کان للمیّت زوج کان له النصف، وإذا کانت له زوجة کان لها الربع وللأخ من الأُمّ مع الاتّحاد السدس ومع التعدّد الثلث والباقی للإخوة من الأبوین أو من الأب إذا کانوا ذکوراً أو ذکوراً وإناثاً.

وأمّا إذا کانوا إناثاً ففی بعض الصور تکون الفروض أکثر من الفریضة، - کما إذا ترک زوجاً أو زوجة وأُختین من الأبوین أو الأب وأُختین أو أخوین من الأُمّ - فإنّ سهم المتقرّب بالأُمّ الثلث وسهم الأُختین من الأبوین أو الأب الثلثان، وذلک تمام الفریضة ویزید علیها سهم الزوج أو الزوجة.

وکذا إذا ترک زوجاً وأُختاً واحدة من الأبوین أو الأب وأُختین أو أخوین من الأُمّ فإنّ نصف الزوج ونصف الأُخت من الأبوین

ص: 424

یستوفیان الفریضة ویزید علیها سهم المتقرّب بالأُمّ.

ففی مثل هذه الفروض یدخل النقص علی المتقرّب بالأبوین أو بالأب خاصّة ولا یدخل النقص علی المتقرّب بالأُمّ ولا علی الزوج أو الزوجة.

وفی بعض الصور تکون الفریضة أکثر، کما إذا ترک زوجة وأُختاً من الأبوین وأخاً أو أُختاً من الأُمّ، فإنّ الفریضة تزید علی الفروض بنصف سدس فیردّ علی الأُخت من الأبوین، فیکون لها نصف الترکة ونصف سدسها وللزوجة الربع وللأخ أو الأُخت من الأُمّ السدس.

مسألة 1026: إذا لم یکن للمیّت قریب من الطبقة الثانیة غیر جدّ أو جدّة لأب أو لأُمّ کان له المال کلّه، وإذا اجتمع الجدّ والجدّة معاً فإن کانا لأب کان المال لهما یقسّم بینهما للذکر ضعف الأُنثی، وإن کانا لأُمّ فالمال أیضاً لهما لکن یقسّم بینهما بالسویّة. وإذا اجتمع الأجداد بعضهم للأُمّ وبعضهم للأب کان للجدّ للأُمّ الثلث - وإن کان واحداً - وللجدّ للأب الثلثان، ولا فرق فیما ذکر بین الجدّ الأدنی والأعلی.

مسألة 1027: إذا اجتمع الجدّ الأدنی والجدّ الأعلی کان المیراث للجدّ الأدنی ولم یرث الأعلی شیئاً، ولا فرق بین أن یکون الأدنی ممّن یتقرّب به الأعلی - کما إذا ترک جدّة وأباها - وغیره کما إذا ترک جدّاً وأبا جدّة فإنّ المیراث فی الجمیع

ص: 425

للأدنی، هذا مع المزاحمة، وأمّا مع عدمها کما إذا ترک إخوة لأُمّ وجدّاً قریباً لأب وجدّاً بعیداً لأُمّ، أو ترک إخوة لأب وجدّاً قریباً لأُمّ وجدّاً بعیداً لأب فإنّ الجدّ البعید فی الصورتین یشارک الإخوة ولا یمنع الجدّ القریب من إرث الجدّ البعید.

مسألة 1028: إذا اجتمع الزوج أو الزوجة مع الأجداد کان للزوج النصف وللزوجة الربع ویعطی المتقرّب بالأُمّ الثلث، والباقی من الترکة للمتقرّب بالأب.

مسألة 1029: إذا اجتمع الإخوة مع الأجداد فالجدّ وإن علا کالأخ والجدّة وإن علت کالأُخت، فالجدّ وإن علا یقاسم الإخوة وکذلک الجدّة، فإذا اجتمع الإخوة والأجداد فإمّا أن یتّحد نوع کلٍّ منهما مع الاتّحاد فی جهة النسب، بأن یکون الأجداد والإخوة کلّهم للأب أو کلّهم للأُمّ، أو مع الاختلاف فیها کأن یکون الأجداد للأب والإخوة للأُمّ، وإمّا أن یتعدّد نوع کلٍّ منهما بأن یکون کلّ من الأجداد والإخوة بعضهم للأب وبعضهم للأُمّ، أو یتعدّد نوع أحدهما ویتّحد الآخر، بأن یکون الأجداد نوعین بعضهم للأب وبعضهم للأُمّ والإخوة للأب لا غیر أو للأُمّ لا غیر، أو یکون الإخوة بعضهم للأب وبعضهم للأُمّ، والأجداد کلّهم للأب لا غیر أو للأُمّ لا غیر، ثُمَّ إنّ کلّاً منهما إمّا أن یکون واحداً ذکراً أو أُنثی أو متعدّداً ذکوراً أو إناثاً أو ذکوراً وإناثاً فهنا صور تذکر فی طیّ المسائل التسع الآتیة.

ص: 426

مسألة 1030: إذا اجتمع الجدّ واحداً کان - ذکراً أو أُنثی - أم متعدّداً ذکوراً أو إناثاً أو ذکوراً وإناثاً من قبل الأُمّ، مع الأخ علی أحد الأقسام المذکورة من قبل الأُمّ أیضاً اقتسموا المال بالسویّة.

مسألة 1031: إذا اجتمع الجدّ والأخ - علی أحد الأقسام المذکورة فیهما - من قبل الأب اقتسموا المال بالسویّة إن کانوا جمیعاً ذکوراً أو إناثاً، وإن اختلفوا فی الذکورة والأُنوثة اقتسموا المال بالتفاضل للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 1032: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأب والأجداد من قبل الأُمّ - ذکوراً کانوا أو إناثاً أو ذکوراً وإناثاً - مع الإخوة کذلک بعضهم للأب وبعضهم للأُمّ ذکوراً أو إناثاً أو ذکوراً وإناثاً، فللمتقرّب بالأُمّ من الإخوة والأجداد جمیعاً الثلث یقتسمونه بالسویّة، وللمتقرّب بالأب منهم جمیعاً الثلثان یقتسمونهما للذکر مثل حظّ الأُنثیین - مع الاختلاف بالذکورة والأُنوثة - وإلّا فبالسویّة.

مسألة 1033: إذا اجتمع الجدُّ علی أحد الأقسام المذکورة للأب مع الأخ علی أحد الأقسام المذکورة أیضاً للأُمّ، یکون للأخ السدس إن کان واحداً والثلث إن کان متعدّداً یقسّم بینهم بالسویّة، ویکون الباقی للجدّ واحداً کان أو متعدّداً، ومع الاختلاف فی الذکورة والأُنوثة یقتسمونه بالتفاضل.

مسألة 1034: إذا اجتمع الجدّ بأحد أقسامه المذکورة للأُمّ

ص: 427

مع الأخ للأب یکون للجدّ الثلث، وفی صورة التعدّد یقسّم بینهم بالسویّة مطلقاً، وللأخ الثلثان ومع التعدّد والاختلاف یکون للذکر ضعف حظّ الأُنثی.

وإذا کانت مع الجدّ للأُمّ أُخت للأب فإن کانتا اثنتین فما زاد لم تزد الفریضة علی السهام، وإن کانت واحدة کان لها النصف وللجدّ الثلث، وفی السدس الزائد من الفریضة إشکال من حیث إنّه یردّ علی الأُخت أو علیها وعلی الجدّ، فلاݥ یترک الاحتیاط بالصلح.

مسألة 1035: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأب والأجداد من قبل الأُمّ مع أخ أو أکثر لأب، کان للجدّ للأُمّ - وإن کان أُنثی واحدة - الثلث، ومع تعدّد الجدّ یقتسمونه بالسویّة ولو مع الاختلاف فی الذکورة والأُنوثة، والثلثان للأجداد للأب مع الإخوة له یقتسمونه للذکر ضعف حظّ الأُنثی.

مسألة 1036: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأب والأجداد من قبل الأُمّ مع أخ لأُمّ، کان للجدّ للأُمّ مع الأخ للأُمّ الثلث بالسویّة ولو مع الاختلاف بالذکورة والأُنوثة، وللأجداد للأب الثلثان للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 1037: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأب والإخوة من قبل الأب والإخوة من قبل الأُمّ، فللأخ للأُمّ السدس إن کان واحداً، والثلث إن کان متعدّداً یقتسمونه بالسویّة، وللإخوة

ص: 428

للأب مع الأجداد للأب الباقی، ومع الاختلاف فی الذکورة والأُنوثة یکون للذکر ضعف حظّ الأُنثی.

مسألة 1038: إذا اجتمع الأجداد من قبل الأُمّ والإخوة من قبل الأب والإخوة من قبل الأُمّ کان للجدّ مع الإخوة للأُمّ الثلث بالسویّة وللإخوة للأب الباقی للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 1039: أولاد الإخوة لا یرثون مع الإخوة شیئاً فلا یرث ابن الأخ للأبوین مع الأخ من الأب أو الأُمّ بل المیراث للأخ، هذا إذا زاحمه وأمّا إذا لم یزاحمه کما إذا ترک جدّاً لأُمّ وابن أخ لأُمّ أیضاً مع أخ لأب فابن الأخ یرث مع الجدّ الثلث، والثلثان للأخ.

مسألة 1040: إذا فقد المیّت الإخوة قام أولادهم مقامهم فی الإرث وفی مقاسمة الأجداد، وکلّ واحد من الأولاد یرث نصیب من یتقرّب به، فلو خلف المیّت أولاد أخ أو أُخت لأُمّ لا غیر کان لهم سدس أبیهم أو أُمّهم بالفرض والباقی بالردّ، ولو خلف أولاد أخوین أو أُختین أو أخ وأُخت لأُمّ کان لأولاد کلّ واحد من الإخوة السدس بالفرض وسدسان بالردّ، ولو خلف أولاد ثلاثة إخوة کان لکلّ فریق من أولاد واحد منهم حصّة أبیه أو أُمّه، وهکذا الحکم فی أولاد الإخوة للأبوین أو للأب.

ویقسّم المال بینهم بالسویّة إن کانوا أولاد أخ لأُمّ وإن اختلفوا بالذکورة والأُنوثة.

والمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) کون

ص: 429

التقسیم بالتفاضل للذکر مثل حظّ الأُنثیین إن کانوا أولاد أخ للأبوین أو للأب، ولکنّه لا یخلو عن إشکال، ویحتمل أن تکون القسمة بینهم أیضاً بالسویّة والأحوط لزوماً هو الرجوع إلی الصلح.

مسألة 1041: إذا خلف المیّت أولاد أخ لأُمّ وأولاد أخ للأبوین أو للأب، کان لأولاد الأخ للأُمّ السدس وإن کثروا، ولأولاد الأخ للأبوین أو للأب الباقی وإن قلّوا.

مسألة 1042: إذا لم یکن للمیّت إخوة ولا أولاد إخوة صُلبیّون کان المیراث لأولاد أولاد الإخوة، والأعلی طبقة منهم وإن کان من الأب یمنع من إرث الطبقة النازلة وإن کانت من الأبوین.

3. إرث الطبقة الثالثة

وهم الأعمام والأخوال، ولا یرث أهل هذه الطبقة مع وجود الطبقة الأُولی أو الثانیة، وهم صنف واحد یمنع الأقرب منهم الأبعد.

مسألة 1043: للعمّ المنفرد تمام المال، وکذا للعمّین فما زاد یقسّم بینهم بالسویّة، وکذا العمّة والعمّتان والعمّات لأب کانوا أم لأُمّ أم لهما.

مسألة 1044: إذا اجتمع الذکور والإناث کالعمّ والعمّة

ص: 430

والأعمام والعمّات قیل: إنّ المال یقسّم بینهم بالتساوی، ولکن الصحیح أنّه یقسّم بینهم بالتفاضل للذکر مثل حظّ الأُنثیین سواء أکانوا جمیعاً لأبوین أم لأب أم لأُمّ، وإن کان الأحوط استحباباً التصالح فی الزیادة لا سیّما فی الصورة الأخیرة.

مسألة 1045: إذا اجتمع الأعمام والعمّات وتفرّقوا فی جهة النسب بأن کان بعضهم للأبوین وبعضهم للأب وبعضهم للأُمّ لم یرثه المتقرّب بالأب، ولو فقد المتقرّب بالأبوین قام المتقرّب بالأب مقامه، وأمّا المتقرّب بالأُمّ فإن کان واحداً کان له السدس، وإن کان متعدّداً کان لهم الثلث یقسّم بینهم بالتفاضل للذکر ضعف حظّ الأُنثی، وأمّا الزائد علی السدس أو الثلث فیکون للمتقرّب بالأبوین واحداً کان أو أکثر یقسّم بینهم للذکر مثل حظّ الأُنثیین.

مسألة 1046: للخال المنفرد المال کلّه وکذا الخالان فما زاد یقسّم بینهم بالسویّة، وللخالة المنفردة المال کلّه وکذا الخالتان والخالات، وإذا اجتمع الذکور والإناث بأن کان للمیّت خال فما زاد وخالة فما زاد - سواء أکانوا للأبوین أم للأب أم للأُمّ - ففی کون القسمة بینهم بالتفاضل أو بالسویّة وجهان، ولا یترک الاحتیاط بالتصالح فی الزیادة.

مسألة 1047: إذا اجتمع الأخوال والخالات وتفرّقوا فی جهة النسب بأن کان بعضهم للأبوین وبعضهم للأب وبعضهم للأُمّ،

ص: 431

ففی سقوط المتقرّبین بالأب - أی الخال المتّحد مع أُمّ المیّت فی الأب فقط - وانحصار الإرث بالباقین إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط، وعلی کلّ تقدیر فالمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّ للمتقرّب بالأُمّ السدس إن کان واحداً، والثلث إن کان متعدّداً یقسّم بینهم بالسویّة، ویکون الباقی للمتقرّب بالأبوین یقسّم بینهم بالسویّة أیضاً، ولکن یحتمل أن یکون التقسیم فیهما بالتفاضل للذکر مثل حظّ الأُنثیین، فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 1048: إذا اجتمع الأعمام والأخوال کان للأخوال الثلث وإن کان واحداً ذکراً أو أُنثی، والثلثان للأعمام وإن کان واحداً ذکراً أو أُنثی، فإن تعدّد الأخوال ففی تقسیم الثلث بینهم بالتفاضل أو بالسویّة إشکال تقدّم الإیعاز إلیه، وإذا تعدّد الأعمام اقتسموا الثلثین بینهم بالتفاضل کما مرّ .

مسألة 1049: أولاد الأعمام والعمّات والأخوال والخالات یقومون مقام آبائهم عند فقدهم، فلا یرث ولد عمّ أو عمّة مع عمّ ولا مع عمّة ولا مع خال ولا مع خالة، ولا یرث ولد خال أو خالة مع خال ولا مع خالة ولا مع عمّ ولا مع عمّة، بل یکون المیراث للعمّ أو الخال أو العمّة أو الخالة، لما عرفت من أنّ هذه الطبقة کلّها صنف واحد لا صنفان کی یتوهّم أنّ ولد العمّ لا یرث مع العمّ أو العمّة ولکن یرث مع الخال أو الخالة،

ص: 432

وأنّ ولد الخال لا یرث مع الخال أو الخالة ولکن یرث مع العمّ أو العمّة، بل الولد لا یرث مع وجود العمّ أوالخال ذکراً کان أو أُنثی ویرث مع فقدهم جمیعاً.

مسألة 1050: یرث کلّ واحد من أولاد العُمومة والخُؤولة نصیب من یتقرّب به، فإذا اجتمع ولد عمّة وولد خال أخذ ولد العمّة - وإن کان واحداً أُنثی - الثلثین، وولد الخال - وإن کان ذکراً متعدّداً - الثلث، والقسمة بین أولاد العُمومة أو الخُؤولة علی النحو المتقدّم فی أولاد الإخوة فی المسألة (1040).

مسألة 1051: قد تقدّم أنّ العمّ والعمّة والخال والخالة یمنعون أولادهم، ویستثنی من ذلک صورة واحدة وهی أن یترک المیّت ابن عمّ لأبوین مع عمّ لأب فإنّ ابن العمّ یمنع العمّ ویکون المال کلّه له ولا یرث معه العمّ للأب أصلاً، ولو کان معهما خال أو خالة سقط ابن العمّ وکان المیراث للعمّ والخال والخالة، ولو تعدّد العمّ أو ابن العمّ أو انضمّ إلیهما زوج أو زوجة ففی جریان الحکم الأوّل إشکال فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط.

مسألة 1052: الأقرب من العمومة والخؤولة یمنع الأبعد منهما، فإذا کان للمیّت عمّ وعمّ أب أو عمّ أُمّ أو خال أب أو أُمّ مثلاً کان المیراث لعمّ المیّت، ولا یرث معه عمّ أبیه ولا خال أبیه ولا عمّ أُمّه ولا خال أُمّه، ولو لم یکن للمیّت عمّ أو خال لکن

ص: 433

کان له عمّ أب وعمّ جدّ أو خال جدّ مثلاً کان المیراث لعمّ الأب دون عمّ الجدّ أو خاله.

مسألة 1053: أولاد عمّ المیّت وعمّته وخاله وخالته مقدّمون علی أعمام أبیه وأُمّه وعمّاتهما وأخوالهما وخالاتهما، وکذلک من نزلوا من الأولاد وإن بعدوا فإنّهم مقدّمون علی الدرجة الثانیة من الأعمام والعمّات والأخوال والخالات.

مسألة 1054: إذا اجتمع عمّ الأب وعمّته وخاله وخالته وعمّ الأُمّ وعمّتها وخالها وخالتها کان للمتقرّب بالأُمّ الثلث ویقسّم بینهم بالسویّة لا بالتفاضل علی المشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) ولکن لا یترک الاحتیاط بالتصالح، ویکون الثلثان للمتقرّب بالأب فیعطی ثلثهما لخال أبیه وخالته یقسّم بینهما بالسویّة، ویعطی الباقی لعمّ أبیه وعمّته، والمشهور بین الفقهاء (رضوان الله تعالی علیهم) أنّه یقسّم بینهما بالتفاضل للذکر مثل حظّ الأُنثیین، ولکن یحتمل أن یکون التقسیم بینهما بالسویّة أیضاً فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 1055: إذا دخل الزوج أو الزوجة علی الأعمام والأخوال کان للزوج أو الزوجة نصیبه الأعلی من النصف أو الربع وللأخوال الثلث وللأعمام الباقی، وأمّا قسمة الثلث بین الأخوال وکذلک قسمة الباقی بین الأعمام فعلی ما تقدّم.

ص: 434

مسألة 1056: إذا دخل الزوج أو الزوجة علی الأخوال فقط وکانوا متعدّدین أخذ نصیبه الأعلی من النصف أو الربع والباقی یقسّم بینهم علی ما تقدّم، وهکذا الحکم فیما لو دخل الزوج أو الزوجة علی الأعمام المتعدّدین.

مسألة 1057: إذا اجتمع لوارث سببان للمیراث فإن لم یمنع أحدهما الآخر ورث بهما معاً سواء اتّحدا فی النوع کجدّ لأب هو جدّ لأُمّ أم تعدّدا کما إذا تزوّج أخو الشخص لأبیه أُخته لأُمّه فولدت له فهذا الشخص بالنسبة إلی ولد المتزوّج عمّ وخال وولد الشخص بالنسبة إلی ولدهما ولد عمّ لأب وولد خال لأُمّ، وإذا منع أحد السببین الآخر ورث بالمانع، کما إذا تزوّج الأخوان زوجتین فولدتا لهما ثُمَّ مات أحدهما فتزوّج الآخر زوجته فولدت له، فولد هذه المرأة من زوجها الأوّل ابن عمّ لولدها من زوجها الثانی وأخ لأُمّ فیرث بالأُخوّة لا بالعمومة.

4. إرث الزوج والزوجة

مسألة 1058: یرث الزوج من زوجته نصف ترکتها إذا لم یکن لها ولد، ویرث الربع مع الولد وإن نزل، وترث الزوجة من زوجها ربع ترکته إذا لم یکن له ولد، وترث الثمن مع الولد وإن نزل.

مسألة 1059: إذا لم تترک الزوجة وارثاً لها ذا نسب أو سبب إلّا الإمام (علیه السلام) فالنصف لزوجها بالفرض والنصف

ص: 435

الأخر یردّ علیه، وإذا لم یترک الزوج وارثاً له ذا نسب أوسبب إلّا الإمام (علیه السلام) فلزوجته الربع فرضاً ولا یردّ علیها الباقی بل یکون للإمام (علیه السلام).

مسألة 1060: إذا کانت للمیّت زوجتان فما زاد اشترکن فی الثمن بالسویّة مع وجود الولد للزوج، وفی الربع بالسویّة مع عدم الولد له.

مسألة 1061: یشترط فی التوارث بین الزوجین دوام العقد فلا میراث بینهما فی الانقطاع علی ما تقدّم فی المسألة (255)، ولا یشترط فیه الدخول فیتوارثان ولو مع عدم الدخول، نعم إذا تزوّج المریض ولم یدخل بها ولم یبرأ من مرضه حتّی مات فزواجه باطل فلا مهر لها ولا میراث، وقد تقدّم ذلک فی کتاب النکاح فی المسألة (218).

مسألة 1062: یتوارث الزوجان إذا انفصلا بالطلاق الرجعیّ ما دامت العدّة باقیة، فإذا انتهت أو کان الطلاق بائناً فلا توارث، نعم إذا طلّق الرجل زوجته فی حال المرض ومات قبل انقضاء السنة - أی اثنی عشر شهراً هلالیّاً - من حین الطلاق ورثت الزوجة عنه سواء أکان الطلاق رجعیّاً أم بائناً عند توفّر ثلاثة شروط:

الأوّل: أن لا تتزوّج المرأة بغیره إلی موته أثناء السنة، وإلّا لم یثبت الإرث وإن کان الصلح أحوط استحباباً.

ص: 436

الثانی: أن لا یکون الطلاق بأمرها ورضاها - بعوض أو بدونه - وإلّا لم ترثه.

الثالث: موت الزوج فی ذلک المرض بسببه أو بسبب آخر، فلو برئ من ذلک المرض ومات بسبب آخر لم ترثه الزوجة إلّا إذا کان موته فی أثناء العدّة الرجعیّة کما مرّ .

مسألة 1063: إذا طلّق المریض زوجاته - وکنّ أربعاً - وتزوّج أربعاً أُخری ودخل بهنّ ومات فی مرضه قبل انتهاء السنة من الطلاق اشترکت المطلّقات مع الزوجات فی الربع أو الثمن.

مسألة 1064: إذا طلّق واحدة من زوجاته الأربع وتزوّج أُخری ثُمَّ مات واشتبهت المطلّقة فی الزوجات الأُولی، کان للتی تزوّجها أخیراً ربع الثمن وتشترک الأربع المشتبهة فیهنّ المطلّقة فی ثلاثة أرباعه، هذا إذا کان للمیّت ولد وإلّا کان لها ربع الربع وتشترک الأربع الأُولی فی ثلاثة أرباعه، وهل یتعدّی إلی کلّ مورد اشتبهت فیه المطلّقة بغیرها أو یعمل بالقرعة؟ قولان، والصحیح هو الأوّل.

مسألة 1065: یرث الزوج من جمیع ما ترکته الزوجة منقولاً وغیره أرضاً وغیرها، وترث الزوجة ممّا ترکه الزوج من المنقولات کالبضائع والسفن والحیوانات کما ترث من حقّ التحجیر والسرقفلیّة ونحوهما، ولا ترث من الأرض لا عیناً ولا

ص: 437

قیمة، وترث ممّا ثبت فیها من بناء وأشجار وآلات ونحو ذلک بالقیمة، فلبقیّة الورثة أن یدفعوا لها حصّتها من خارج الترکة بالنقود ویجب علیها القبول، ولا فرق فی الأرض بین الخالیة والمشغولة بغرس أو بناء أو زرع أو غیرها، کما لا فرق فی البناء بین أقسامه من الدار والدکّان والحمّام والرحی وغیرها وفی الأشجار بین الصغیرة والکبیرة والیابسة المعدّة للقطع، والأغصان الیابسة والسعف کذلک مع اتّصالها بالشجر، وفی الآلات بین الجُذوع والخشب والحدید والطوب ونحوها، ویلحق بها الدولاب والعَریش الذی یکون علیه أغصان الکَرْم وکذا بیوت القصب.

مسألة 1066: طریقة التقویم فیما ترث الزوجة من قیمته هی ما تعارف عند المقوّمین فی تقویم مثل الدار والبستان عند البیع، من تقویم البناء أو الشجر مثلاً بما هو هو لا بملاحظته ثابتاً فی الأرض بدون أجرة ولا بملاحظته منقوضاً أو مقطوعاً، فیعطی إرث الزوجة من قیمته المستنبطة علی هذا الأساس.

مسألة 1067: تستحقّ الزوجة من عین ثمرة النخل والشجر والزرع الموجودة حال موت الزوج، ولیس للوارث إجبارها علی قبول القیمة.

مسألة 1068: إذا تأخّر الوارث - لعذر أو لغیر عذر - فی

ص: 438

دفع القیمة إلی الزوجة ممّا ترث من قیمته دون عینه فحصل له زیادة عینیّة خلال ذلک کما لو کان فسیلاً مغروساً فنما وصار شجراً فهل ترث من ذلک النماء أم لا؟ وکذا إذا کان شجرة فأثمرت فی تلک المدّة فهل تستحقّ الحصّة من الثمرة أم لا؟ وأیضاً إذا کان بناءً فهل لها المطالبة بأجرته أم لا؟ الصحیح فی الجمیع العدم وإن کان الاحتیاط فی محلّه.

مسألة 1069: إذا انقلعت الشجرة أو انکسرت أو انهدم البناء قبل الموت وبقیت بتلک الحالة إلی حین الموت لم تجبر الزوجة علی أخذ القیمة، بل یجوز لها المطالبة بحصّتها من العین کالمنقول، نعم إذا کان البناء معرّضاً للهدم والشجر معرّضاً للکسر والقطع جاز إجبارها علی أخذ القیمة ما دام لم ینهدم ولم ینکسر، وکذا الحکم فی الفَسیل المعدّ للقطع.

مسألة 1070: القنوات والعیون والآبار ترث الزوجة من آلاتها وللوارث إجبارها علی أخذ القیمة، وأمّا الماء الموجود فیها حین الوفاة فإنّها ترث من عینه ولیس للوارث إجبارها علی أخذ قیمته، ولو حفر بئراً فمات قبل أن یصل إلی حدّ النبع ورثت زوجته منها قیمةً لا عیناً، وهکذا الحال فی السرداب.

مسألة 1071: لو لم یرغب الوارث فی دفع القیمة للزوجة عن الشجرة والبناء مثلاً فدفع لها العین نفسها کانت شریکة فیها کسائر الورثة ولا یجوز لها المطالبة بالقیمة، ولو عدل

ص: 439

الوارث عن بذل العین إلی القیمة لم یجب علیها القبول.

مسألة 1072: المدار فی القیمة علی قیمة یوم الدفع لا یوم الموت، فلو زادت قیمة البناء - مثلاً - علی قیمته حین الموت ترث منها، ولو نقصت نقص من نصیبها، وإن کان الأحوط استحباباً مع تفاوت القیمتین التصالح.

مسألة 1073: لا یجوز للزوجة التصرّف فی الأعیان التی ترث من قیمتها بلا رضا سائر الورثة، کما لا یجوز لسائر الورثة التصرّف فیها ببیع ونحوه أو بما یوجب نقصان قیمتها قبل أداء حصّتها من القیمة إلّا برضاها.

5. الإرث بالولاء

مسألة 1074: الولاء علی ثلاثة أقسام: ولاء العتق، وولاء ضمان الجریرة، وولاء الإمامة، والأوّل غیر مبتلی به فی العصر الحاضر فیقع البحث عن أحکام الآخرین:

أ. ولاء ضمان الجریرة

مسألة 1075: یجوز لاحد الشخصین أن یتولّی الآخر علی أن یضمن جریرته - أی جنایته - فیقول له مثلاً : (عاقدتک علی أن تعقل عنّی وترثنی) فیقول الآخر : (قبلت)، فإذا عقد العقد المذکور صحّ وترتّب علیه أثره وهو العقل والإرث، ویجوز الاقتصار فی العقد علی العقل وحده من دون ذکر الإرث

ص: 440

فیترتّب علیه الإرث، وأمّا الاقتصار علی ذکر الإرث فیشکل صحّته وترتّب الإرث علیه فضلاً عن ترتّب العقل علیه، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

والمراد من العقل (الدیة) فمعنی (عقله عنه) قیامه بِدِیَة جنایته.

مسألة 1076: یجوز التولّی المذکور بین الشخصین علی أن یعقل أحدهما بعینه عن الآخر دون العکس، کما یجوز التولّی علی أن یعقل کلّ منهما عن الآخر، فیقول أحدهما مثلاً : (عاقدتک علی أن تعقل عنّی وأعقل عنک وترثنی وأرثک) ثُمَّ یقول الآخر : (قبلت) فیترتّب علیها العقل من الطرفین والإرث کذلک.

مسألة 1077: لا یصحّ العقد المذکور إلّا إذا کان المضمون لا وارث له من النسب ولا مولی معتق، فإن کان الضمان من الطرفین اعتبر عدم الوارث النسبیّ والمولی المعتق لهما معاً، وإن کان من أحد الطرفین اعتبر ذلک فی المضمون لا غیر، فلو ضمن من له وارث نسبیّ أو مولی معتق لم یصحّ ولأجل ذلک لا یرث ضامن الجریرة إلّا مع فقد القرابة من النسب والمولی المعتق.

مسألة 1078: إذا وقع الضمان مع من لا وارث له بالقرابة ولا مولی معتق ثُمَّ ولد له بعد ذلک فهل یبطل العقد أو یبقی

ص: 441

مراعی بفقده؟ وجهان، فلا تترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 1079: إذا وجد الزوج أو الزوجة مع ضامن الجریرة کان له نصیبه الأعلی وکان الباقی للضامن.

مسألة 1080: إذا مات الضامن لم ینتقل الولاء إلی ورثته.

ب. ولاء الإمامة

مسألة 1081: إذا فقد الوارث النسبیّ والمولی المعتق وضامن الجریرة کان المیراث للإمام (علیه السلام)، إلّا إذا کان له زوج فإنّه یأخذ النصف بالفرض ویردّ الباقی علیه، أو کانت له زوجة فیکون لها الربع والباقی یکون للإمام (علیه السلام) کما تقدّم.

مسألة 1082: ما یرثه الإمام (علیه السلام) بولاء الإمامة یکون أمره فی عصر الغیبة بید الحاکم الشرعیّ، وسبیله سبیل سهمه (علیه السلام) من الخمس، فیصرف فی مصارفه، وقد تقدّم بیانها فی کتاب الخمس.

مسألة 1083: إذا أوصی من لا وارث له إلّا الامام (علیه السلام) بجمیع ماله للفقراء والمساکین وابن السبیل، لم تنفذ وصیته إلّا بمقدار الثلث، کما هو الحال فیما لو أوصی بجمیع ماله فی غیر الأُمور المذکورة، وقد تقدّم ذلک فی کتاب

ص: 442

الوصیّة فی المسألة (1410).

الفصل الرابع فی میراث الحمل والمفقود

مسألة 1084: الحمل یرث ویورث إذا انفصل حیّاً بأن بقیت فیه الحیاة بعد انفصاله وإن مات من ساعته، وإن انفصل میّتاً لم یرث وإن علم أنّه کان حیّاً حال کونه حملاً.

مسألة 1085: لا یشترط ولوج الروح فی الحمل حین موت مورّثه، بل یکفی انعقاد نطفته حینه، فإذا مات أحد وتبیّن الحمل فی زوجته بعد موته وکان بحیث یلحق به شرعاً یرثه إذا انفصل حیّاً.

مسألة 1086: تعرف حیاته - بعد انفصاله وقبل موته من ساعته - بالصیاح وبالحرکة البیّنة التی لا تکون إلّا فی الإنسان الحیّ لا ما تحصل أحیاناً ممّن مات قبل قلیل، ویثبتان بإخبار من یوجب خبره العلم أو الاطمئنان، واحداً کان أو متعدّداً، وکذا بشهادة عدلین، وفی ثبوتهما بشهادة رجل مع امراتین أو نساء أربع إشکال، فلا یترک مراعاة مقتضی الاحتیاط فی ذلک.

مسألة 1087: إذا خرج نصفه واستهلّ صائحاً ثُمَّ مات فانفصل میّتاً لم یرث ولم یورِّث.

مسألة 1088: لا فرق فی وارثیّة الحمل أو مورّثیّته بعد

ص: 443

انفصاله حیّاً بین کونه کامل الأعضاء وعدمه، ولا بین سقوطه بنفسه وسقوطه بجنایة جانٍ.

مسألة 1089: إذا ولد الحمل وکان حیّاً فی آن ثُمَّ مات کان نصیبه من الإرث لوارثه.

مسألة 1090: الحمل مادام حملاً لا یرث وإن علم حیاته فی بطن أُمّه، ولکن إذا کان غیره متأخّراً عنه فی الطبقة أو الدرجة لم یدفع له شیء من الترکة إلی أن یتبیّن الحال، فلو کان للمیّت حمل وله أحفاد وإخوة انتظر فإن سقط حیّاً اختصّ بالإرث وإن سقط میّتاً ورثوا.

ولو کان للمیّت وارث آخر فی طبقة الحمل ودرجته - کما لو کان له أولاد أو أبوان - جاز تقسیم الترکة علی سائر الورثة بعد عزل مقدار نصیب الحمل فیما لو علم حاله - ولو بالاستعانة بالأجهزة العلمیّة الحدیثة - من أنّه واحد أو متعدّد ذکر أو أُنثی، وإن لم یعلم حاله فالأحوط لزوماً أن یعزل له نصیب ذکر بل ذکرین بل أزید منه حسب العدد المحتمل احتمالاً معتدّاً به، فإن سقط میّتاً یعطی ما عزل له إلی سائر الورثة بنسبة سهامهم، ولو سقط حیّاً وتبیّن أنّ المعزول أزید من نصیبه قسّم الزائد علی الورثة کذلک.

مسألة 1091: إذا عزل للحمل نصیب اثنین - مثلاً - وقسّمت بقیّة الترکة فولد أکثر ولم یفِ المعزول بحصصهم استرجعت

ص: 444

الترکة بمقدار نصیب الزائد.

مسألة 1092: إذا کان للوارث الآخر المتّحد مع الحمل فی الطبقة والدرجة فرض لا یتغیّر علی تقدیر وجود الحمل وعدمه یعطی نصیبه الکامل، کما إذا کانت له زوجة أو أبوان وکان له ولد آخر غیر الحمل فإنّ نصیبهم - وهو الثمن للزوجة والسدسان للأبوین - لا یتغیّر بوجود الحمل وعدمه بعد ما کان له ولد آخر، وأمّا إذا کان ینقص فرضه علی تقدیر وجوده فیعطی أقلّ ما یصیبه علی تقدیر ولادته حیّاً، کما إذا کانت له زوجة وأبوان ولم یکن له ولد آخر فتعطی الزوجة الثمن ولکلٍّ من الأبوین السدس.

مسألة 1093: إذا غاب الشخص غیبة منقطعة لا یعلم معها حیاته ولا موته، فحکم زوجته ما تقدّم فی کتاب الطلاق، وأمّا أمواله فحکمها أن یتربّص بها، وفی مدّة التربّص أقوال، والصحیح أنّها أربع سنین یفحص عنه فیها بإذن الحاکم الشرعیّ - علی النهج المتقدّم فی کتاب الطلاق - فإذا جهل خبره قسّمت أمواله بین ورثته الذین یرثونه لو مات حین انتهاء مدّة التربّص، ولا یرثه الذین یرثونه لو مات بعد انتهاء مدّة التربّص، ویرث هو مورّثه إذا مات قبل ذلک ولا یرثه إذا مات بعد ذلک.

ویجوز التقسیم بعد مضیّ عشر سنوات من فقده بلا حاجة إلی الفحص.

ص: 445

الفصل الخامس فی میراث الخنثی

مسألة 1094: الخنثی - وهو من له فرج الذکر والأُنثی - إن علم أنّه ذکر أو أُنثی ولو بمعونة الطرق العلمیّة الحدیثة عمل به وإلّا رجع إلی الأمارات المنصوصة، ومنها: البول من أحدهما بعینه، فإن کان یبول من فرج الذکر فهو ذکر، وإن کان یبول من فرج الأُنثی فهو أُنثی، وإن کان یبول من کلیهما کان المدار علی ما سبق البول منه، فإن تقارنا قیل: إنّ المدار علی ما ینقطع عنه البول أخیراً، ولا یخلو عن إشکال فلا یترک الاحتیاط بالتراضی مع سائر الورثة.

مسألة 1095: إذا لم یوجد فی الخنثی شیء من الأمارات المتقدّمة أعطی نصف سهمه لو کان ذکراً ونصف سهمه لو کان أُنثی.

فاذا خلف المیّت ولدین ذکراً وخنثی لزم فرضهما ذکرین تارةً، وذکراً وأُنثی أُخری، والفریضة علی التقدیر الأوّل اثنان وعلی التقدیر الثانی ثلاثة، ثُمَّ تضرب إحدی الفریضتین فی الأُخری وحاصل الضرب ستّة، ثُمَّ یضرب الحاصل فی مخرج النصف - وهو اثنان - فیصر اثنی عشر، سبعة منهما للذکر وخمسة للخنثی، إذ لو کان أُنثی کان سهمه أربعة من اثنی

ص: 446

عشر وإذا کان ذکراً کان سهمه ستّة فیعطی نصف الأربعة ونصف الستّة وهو خمسة والباقی للذکر وهو سبعة.

وإذا خلف ذکرین وخنثی لزم فرضه ذکراً تارةً فتکون الفریضة ثلاثة لثلاثة ذکور، وأُنثی أُخری فتکون الفریضة خمسة، للذکرین أربعة وللأُنثی واحد، ثُمَّ تضرب الثلاثة فی الخمسة فتکون خمسة عشر، ثُمَّ یضرب الحاصل فی الاثنین فیصیر ثلاثین، یعطی منها للخنثی ثمانیة ولکلٍّ من الذکرین أحد عشر، إذ لو کان ذکراً کان سهمه عشرة وإذا کان أُنثی کان سهمه ستّة فیعطی نصف العشرة ونصف الستّة وهو ثمانیة، والباقی للذکرین لکلّ واحد منهما أحد عشر، وهکذا یستخرج سهمه فی سائر الأمثلة والحالات.

مسألة 1096: من له رأسان علی صدر واحد أو صدران علی حَقْو واحد فطریقة الاستعلام أن یترک حتّی ینام ثُمَّ یوقظ فإن انتبها معاً فهما واحد وإلّا فاثنان، ویتعدّی عن المیراث إلی سائر الأحکام.

مسألة 1097: من جهل حاله ولم یعلم أنّه ذکر أو أُنثی لغرق ونحوه یورث بالقرعة، وکذا من لیس له فرج الذکر ولا فرج الأُنثی ولا غیر ذلک ممّا یشخّصان به، والأحوط لزوماً أن یکون إجراؤها بید الحاکم الشرعیّ أو وکیله فی ذلک، وطریقتها أن

ص: 447

یکتب علی سهم (عبد الله) وعلی سهم آخر (أمة الله) ثُمَّ یقول المقرع: (اللّهمّ أنت الله لا إله إلّا أنت عالم الغیب والشهادة أنت تحکم بین عبادک فیما کانوا فیه یختلفون فبیّن لنا أمر هذا المولود کیف یُوَرَّثُ ما فرضتَ له فی الکتاب) ثُمَّ یطرح السهمان فی سهام مبهمة ثُمَّ یخرج أحد السهام فإن کان أحد السهمین المکتوبین ورث علیه والّا أخرج آخر وهکذا، والدعاء مستحبّ ولیس شرطاً فی صحّة القرعة.

الفصل السادس فی میراث الغرقیٰ والمهدوم علیهم وما یلحق بهما

مسألة 1098: إذا مات اثنان - بینهما نسب أو سبب یوجب الإرث - فی وقت واحد بحیث علم تقارن موتهما لم یرث أحدهما من الآخر، بل یرث کلّاً منهما وارثه الحیّ، بلا فرق فی ذلک بین أسباب الموت ولا بین اتّحاد سبب موتهما وتعددّه، وهکذا الحکم فی موت أکثر من اثنین.

مسألة 1099: إذا مات المتوارثان واحتمل فی موت کلٍّ منهما السبق واللحوق والاقتران أو علم السبق وجهل السابق، فإن کان سبب موتهما الغرق أو الهدم ورث کلّ منهما الآخر، وإن کان السبب غیر الغرق والهدم کالحرق أو القتل فی

ص: 448

المعرکة أو افتراس سبع أو نحو ذلک ففی الحکم بالتوارث من الطرفین کما فی الغرق والهدم قولان، والصحیح ذلک، بل یعمّ هذا الحکم ما إذا ماتا حتف أنفهما بلا سبب وإن کان الاحتیاط بالتصالح فی محلّه ولا سیّما فی الصورة الأخیرة.

مسألة 1100: طریقة التوریث من الطرفین أن یبنی علی حیاة کلّ واحد منهما حین موت الآخر فیورث ممّا کان یملکه حین الموت ولا یورث ممّا ورثه من الآخر .

فمثلاًݥݥ : إذا غرق الزوجان واشتبه المتقدّم والمتأخّر ولم یکن لهما ولد ورث الزوج النصف من ترکة الزوجة وورثت الزوجة ربع ما ترکه زوجها، فیدفع النصف الموروث للزوج إلی ورثته مع ثلاثة أرباع ترکته الباقیة بعد إخراج ربع الزوجة، ویدفع الربع الموروث للزوجة مع نصف ترکتها الباقی بعد إخراج نصف الزوج إلی ورثتها.

هذا حکم توارثهما فیما بینهما، وأمّا حکم إرث غیرهما الحیّ من المال الأصلیّ لأحدهما أو کلیهما فهو أن یبنی علی کون موت المورّث سابقاً فیرثه الثالث الحیّ علی هذا التقدیر، فمثلاً : إذا غرقت الزوجة وبنتها فالزوج یرث من زوجته الربع وإن لم یکن للزوجة ولد غیر البنت ولا یرث النصف، وکذا فی إرث البنت فیبنی علی سبق موتها، وإذا لم یکن لها وارث غیر أبیها کان لأُمّها التی غرقت معها الثلث ولأبیها الثلثان، وهکذا

ص: 449

إذا غرق الأب وبنته ولم یکن له ولد سواهما فیکون لزوجته الثمن.

وأمّا حکم إرث غیرهما الحیّ من المال الموروث لأحدهما أو کلیهما فهو أن یبنی علی تأخّر موت المورّث عن موت صاحبه فیرثه وارثه علی هذا التقدیر، ولا یلاحظ فیه احتمال تقدّم موته عکس ما سبق فی إرث ماله الاصلیّ، وإذا کان الموتی ثلاثة فما زاد فیبنی علی حیاة الآخرین عند موت کلّ واحد منهم فیرثان منه کغیرهما من الأحیاء وما یرثه المیّت یقسّم علی ورثته الأحیاء دون الأموات، وکیفیّة إرث المال الأصلیّ والموروث کما سبق.

مسألة 1101: یثبت التوارث فی الغرقی ومن بحکمهم بین من لا یتوقّف توارثهم إلّا علی سبق موت المورّث علی الوارث، ولا یثبت بین من یتوقّف توارثهم علی ذلک وحصول أمر آخر غیر معلوم الحصول، کما إذا غرق الأب وولداه فإنّ الولدین لا یتوارثان إلّا مع فقد الأب عند موتهما والمفروض عدم العلم به فلا یحکم بتوارثهما.

مسألة 1102: یشترط فی التوارث من الجانبین خلوّ کلٍّ منهما من موانع الإرث وحواجبه، ولو کان أحدهما ممنوعاً أو محجوباً دون الآخر یحکم بإرث الآخر منه، فلو غرق أخوان لأحدهما ولد دون الآخر ورث الأوّل من الثانی، وکذا الحال فیما

ص: 450

لو کان لأحدهما ما یورّثه للآخر لکن لم یکن للآخر ما یورّثه للأوّل فإنّه یرث الآخر من الأوّل ولا یشترط فیه إرث الأوّل من الآخر .

الفصل السابع فی میراث أصحاب المذاهب والملل الأُخری

مسألة 1103: إذا تزوّج غیر الإمامیّ من یحرم علیه نکاحها عندنا فأولدها فلا إشکال فی ثبوت التوارث بین الولد وأبویه وکذا بینه وبین من یتقرّب بهما، وهل یثبت التوارث بین أبیه وأُمّه کزوجین أم لا؟ الصحیح ذلک، فزواج سائر المذاهب الإسلامیّة غیر الإمامیّة یوجب التوارث بین الزوجین إذا جری وفق مذهبهم وإن کان باطلاً بحسب مذهبنا کالزواج من المطلّقة بالطلاق البِدْعیّ.

مسألة 1104: إذا تزوّج المجوسیّ أو غیره من الکفّار من یحرم علیه نکاحها فی الشریعة الإسلإمیّة فأولدها فهل یثبت التوارث به بین بعضهم مع بعض؟ قیل: نعم، وقیل: لا، وقیل بالثبوت فی النسب دون السبب، فیتوارث الولد وأبواه مثلاً ولا یتوارث الأبوان کزوجین، والصحیح هو القول الأوّل.

مسألة 1105: إذا مات غیر المسلم واجتمع له موجبان أو أکثر للإرث ورث بالجمیع، کما إذا مات المجوسیّ وکانت زوجته

ص: 451

خالته أیضاً ولم یترک وارثاً من الطبقتین الأُولی والثانیة فإنّها ترث منه نصیب الخالة بالإضافة إلی نصیب الزوجة.

وإذا اجتمع سببان أحدهما یمنع الآخر ورث من جهة المانع دون الممنوع کما لو تزوّج خالته فأولدها، فإنّ الولد یرثه من حیث کونه ولداً له ولا یرث من حیث کونه ابن خالته.

مسألة 1106: إذا تزوّج المسلم أحد محارمه لشبهة لم یتوارثا بهذا الزواج، فلو عقد علی أُخته من الرضاعة جهلاً منه بالحال ثُمَّ مات أحدهما لم یرثه الآخر نصیب الزوج أو الزوجة، هذا فی السبب الفاسد، وأمّا النسب الفاسد فیثبت به التوارث ما لم یکن زنی، فولد الشبهة یرث ویورّث، وإذا کانت الشبهة من طرف واحد اختصّ التوارث النسبیّ به دون الآخر کما تقدّم فی المسألة (979).

مسألة 1107: إذا اختلفا فی صحّة تزویج وفساده - اجتهاداً أو تقلیداً أو للاختلاف فی الموضوع - لم یکن للقائل بالفساد ترتیب أثر الصحّة علیه سواء فی ذلک الإرث وغیره من الآثار .

خاتمة

مخارج السهام المفروضة فی الکتاب العزیز خمسة: الاثنان وهو مخرج النصف، والثلاثة وهی مخرج الثلث والثلثین، والأربعة وهی مخرج الربع، والستّة وهی مخرج السدس،

ص: 452

والثمانیة وهی مخرج الثمن.

مسألة 1108: إذا کان فی الفریضة کسران فإن کانا متداخلین بأن کان مخرج أحدهما یُفنی مخرج الآخر إذا سقط منه مکرّراً کالنصف والربع فإنّ مخرج النصف وهو الاثنان یُفنی مخرج الربع وهو الأربعة، وکالنصف والثمن، والثلث والسدس، فإذا کان الأمر کذلک کانت الفریضة مطابقة للأکثر ، فإذا اجتمع النصف والربع کانت الفریضة أربعة، وإذا اجتمع النصف والسدس کانت ستّة، وإذا اجتمع النصف والثمن کانت ثمانیة.

وإن کان الکسران متوافقین بأن کان مخرج أحدهما لا یُفنی مخرج الآخر إذا سقط منه مکرّراً، ولکن کان هناک عدد ثالث یُفنی مخرجیهما معاً إذا سقط مکرّراً من کلّ منهما کالربع والسدس، فإنّ مخرج الربع أربعة ومخرج السدس ستّة، والأربعة لا تُفنی الستّة ولکن الاثنین یُفنی کلّاً منهما، وکسر ذلک العدد وفق لهما، فإذا کان الأمر کذلک ضرب أحد المخرجین فی وفق الآخر - أی نصفه فی المثال المتقدّم - وتکون الفریضة حینئذٍ مطابقة لحاصل الضرب.

فإذا اجتمع الربع والسدس ضرب نصف الأربعة فی الستّة أو نصف الستّة فی الأربعة وکان الحاصل مطابقاً لعدد الفریضة وهو اثنا عشر .

وإذا اجتمع السدس والثمن کانت الفریضة أربعة وعشرین

ص: 453

حاصلة من ضرب نصف مخرج السدس، وهو ثلاثة فی الثمانیة أو نصف مخرج الثمن وهو الأربعة فی الستّة.

وإن کان الکسران متباینین بأن کان مخرج أحدهما لا یُفنی مخرج الآخر ولا یُفنیهما عدد ثالث غیر الواحد کالثلث والثمن ضرب مخرج أحدهما فی مخرج الآخر وکان المتحصّل هو عدد الفریضة، ففی المثال المذکور تکون الفریضة أربعة وعشرین حاصلة من ضرب الثلاثة فی الثمانیة.

وإذا اجتمع الثلث والربع کانت الفریضة اثنتی عشرة حاصلة من ضرب الأربعة فی الثلاثة وهکذا.

مسألة 1109: إذا تعدّد أصحاب الفرض الواحد وکان هناک وارث آخر غیرهم کانت الفریضة حاصلة من ضرب عددهم فی مخرج الفرض، کما إذا ترک أربع زوجات وولداً، ففی مثله تکون الفریضة من اثنین وثلاثین حاصلة من ضرب الأربعة - وهی عدد الزوجات - فی الثمانیة التی هی مخرج الثمن.

هذا لو لم یکن للوارث الآخر فرض آخر، وإلّا فإن کان الکسران متداخلین ضرب مخرج الکسر الأقلّ فی عدد أصحاب الفرض الواحد، وکان الحاصل هو عدد الفریضة، وإن کانا متوافقین أو متباینین فبعد الضرب علی النحو المتقدّم فی المسألة السابقة یضرب الحاصل فی عدد أصحاب الفرض الواحد ویکون الحاصل هو عدد الفریضة.

ص: 454

فإذا ترک أبوین وأربع زوجات کانت الفریضة من ثمانیة وأربعین حاصلة من ضرب الثلاثة التی هی مخرج الثلث فی الأربعة التی هی مخرج الربع فتکون اثنتی عشرة، فتضرب فی الأربعة - وهو عدد الزوجات - ویکون الحاصل ثمانیة وأربعین، وهکذا تتضاعف الفریضة بعدد من ینکسر علیه السهم.

والحمدُ لله ربِّ العالمین وصلّی الله علی محمَّد وآله الطاهرین

ص: 455

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.