تنقیح مبانی العروه: الصلاه المجلد 2

اشارة

سرشناسه : تبریزی، جواد، 1305 - 1385.

عنوان قراردادی : عروه الوثقی . شرح

عنوان و نام پدیدآور : تنقیح مبانی العروه: الصلاه/ جوادالتبریزی.

مشخصات نشر : قم : دار الصدیقه الشهیده (س)، 1431ق.= -1389

مشخصات ظاهری : ج.

شابک : دوره 978-964-8438-22-2 : ؛ ج. 1 978-964-8438-85-7 : ؛ ج.2: 978-964-8438-88-8

وضعیت فهرست نویسی : برونسپاری

یادداشت : عربی.

یادداشت : ج.2 (چاپ اول: 1431ق.= 1389).

موضوع : یزدی، محمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقی -- نقد و تفسیر

موضوع : فقه جعفری -- قرن 14

موضوع : نماز

شناسه افزوده : یزدی، محمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقی. شرح

رده بندی کنگره : BP183/5/ی4ع40232172 1389

رده بندی دیویی : 297/342

شماره کتابشناسی ملی : 1881109

ص :1

اشارة

ص :2

ص :3

المَوسُوعَةُ الفِقهیّةُ للمِیرزَا التَّبریزیّ قدس سِرهُ

تَنقِیحُ مَبانی العُروَة

الجُزءُ الثانی

ص :4

ص :5

ص :6

فصل فی الستر والساتر

اشارة

اعلم أنّ الستر قسمان: ستر یلزم فی نفسه[1] وستر مخصوص بحالة الصلاة.

الشَرح:

فصل فی الستر والساتر

الستر فی غیر الصلاة

[1] التقسیم فی الستر إلی قسمین لاختلاف الحکم فی القسمین واختلافهما فی خصوصیة الساتر، فإنّ أحد السترین واجب نفسی علی کل من الرجل والمرأة حیث یجب علی کل منهما ستر عورته عن الناظر، سواء کان مماثلاً أم لا محرما أو غیره کما یحرم نظر کل مکلّف إلی عورة الغیر کذلک ولا یستثنی من هذا الحکم إلاّ الزوج والزوجة والسید والأمة إذا لم تکن الأمة مزوجة أو محللة والحکم علی کل من الرجل والمرأة بستر عورتهما، وکذا حرمة النظر إلی عورة الغیر لعله من الضروریات عند العلماء والواضحات عند المتشرعة.

ویدل علی وجوب الستر وکذلک علی حرمة النظر إلی عورة الغیر الروایات الکثیرة المتفرقة فی أبواب مختلفة کصحیحة محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهماالسلام قال: سألته عن الحمام؟ فقال: «ادخله بإزار»(1) الحدیث، فإنّ ظاهر الأمر بالاتزار عند دخوله لزوم التحفظ علی عورته من أن ینظر إلیها، وفی معتبرة حنان بن سدیر، عن أبیه قال:

ص :7


1- (1) وسائل الشیعة 2 : 38 ، الباب 9 من أبواب الحمام، الحدیث الأوّل .

فالأول: یجب ستر العورتین _ القبل والدبر _ عن کل مکلف من الرجل والمرأة عن کل أحد من ذکر أو أُنثی ولو کان مماثلاً محرما أو غیر محرم، ویحرم علی کل منهما أیضا النظر إلی عورة الآخر، ولا یستثنی من الحکمین إلاّ الزوج والزوجة والسید والأمة إذا لم تکن مزوجة ولا محللة، بل یجب الستر عن الطفل الممیز خصوصا المراهق، کما أن_ّه یحرم النظر إلی عورة المراهق، بل الأحوط ترک النظر إلی عورة الممیز.

الشَرح:

دخلت أنا وأبی وجدی وعمی حماما بالمدینة فإذا رجل فی بیت المسلخ، فقال لنا: ممن القوم _ إلی أن قال _ : ما یمنعکم عن الأُزر؟ فإنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله قال: عورة المؤمن علی المؤمن حرام»(1) الحدیث، وظاهره عدم کشف العورة بحیث ینظر إلیها وعدم جواز نظر الغیر إلیها.

وعلی الجملة، مقتضی کون العضو عورة لزوم ستره وحرمة النظر إلیها من الغیر وفی صحیحة رفاعة بن موسی: «من کان یؤمن باللّه والیوم الآخر فلا یدخل الحمام إلاّ بمئزر»(2) وفی صحیحة حریز، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا ینظر الرجل إلی عورة أخیه»(3) وظاهرها أیضا عدم جواز النظر إلی عورة الغیر، وفی مرسلة الصدوق سئل الصادق علیه السلام عن قول اللّه عزوجل: «قُل لِّلْمُؤْمِنِینَ یُغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَیَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِکَ أَزْکَی لَهُمْ»فقال: «کل ما کان فی کتاب اللّه تعالی من ذکر حفظ الفرج فهو من الزنا إلاّ فی هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ینظر إلیه».(4)

ص :8


1- (1) وسائل الشیعة 2 : 39 ، الباب 9 من أبواب الحمام، الحدیث 4 .
2- (2) وسائل الشیعة 2 : 39 _ 40 ، الباب 9 من أبواب الحمام، الحدیث 5 .
3- (3) وسائل الشیعة 1 : 299 ، الباب الأوّل من أبواب احکام الخلوة، الحدیث الأوّل .
4- (4) من لا یحضره الفقیه 1 : 114 ، الحدیث 235 ، والآیة 30 من سورة النور.

.··· . ··· .

الشَرح:

وقد یناقش فیما ورد من حرمة عورة المؤمن علی أخیه المؤمن بأنه لیس المراد ستر العورة وعدم جواز النظر إلیها، بل المراد وجوب ستر عیب المؤمن وزلته، وفی صحیحة عبداللّه بن سنان، عن أبیعبداللّه علیه السلام قال: سألته عن عورة المؤمن علی المؤمن حرام؟ فقال: نعم، قلت: أعنی سفلیه، فقال: لیس حیث تذهب إنّما هو إذاعة سرّه(1). ونحوها غیرها، ولکن لا یخفی أنّ المراد من هذه الصحیحة ونحوها بیان عدم انحصار المراد بحرمة سفلیه، بل یعم کشف سرّه، وعلیه حیث إنّ بیان حرمة النظر إلی عورة الغیر، بل وجوب ستره والممانعة من أن ینظر إلیها من الواضحات کیف لا یکون المراد کذلک؟ وقد تقدم فی معتبرة حنان بن سدیر، عن أبیه قول الإمام علیه السلام وتعلیله وجوب ستر العورة ولزوم الدخول فی الحمام بإزار بقول رسول اللّه صلی الله علیه و آله : «عورة المؤمن علی المؤمن حرام»(2) ومقتضی الإطلاق فیما تقدم حرمة النظر إلی عورة الغیر، سواء کان الداعی إلیه الالتذاذ أو عدمه، کما أنه لا فرق فی حرمة النظر إلی عورة الغیر بین عورة الشاب والشایب والبالغ والصبی المراهق حیث یعم عنوان المؤمن للمراهق، بل الصبی الممیز أیضا وإن لا یخلو عن تأمل فی الثانی.

والمحصل أنّ حرمة النظر إلی عورة المؤمن مقتضی احترام المسلم، بخلاف عورة الکافر فإنه لا بأس بالنظر إلی عورته إذا لم یکن النظر التذاذیا، وفی صحیحة ابن أبی عمیر، عن غیر واحد، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «النظر إلی عورة من لیس بمسلم مثل نظرک إلی عورة الحمار»(3). والتقیید بعدم کونه التذاذیا لقوله علیه السلام : مثل النظر إلی

ص :9


1- (1) وسائل الشیعة 2 : 37 ، الباب 8 من أبواب الحمام، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 2 : 39 ، الباب 9 من أبواب الحمام، الحدیث 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 2 : 35 _ 36 ، الباب 6 من أبواب الحمام، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

عورة الحمار، حیث لا یکون النظر إلی عورة الحمار بنحو الالتذاذ الجنسی کما هو ظاهر، وقد عنون فی الوسائل بابا فی جواز النظر إلی عورة البهائم ومن لیس بمسلم بغیر شهوة وأورد الحدیث فیها وأورد بعد ذلک مرسلة الصدوق قدس سره قال روی عن الصادق علیه السلام إنه قال: إنما کره النظر إلی عورة المسلم، فأما النظر إلی عورة من لیس بمسلم مثل النظر إلی عورة الحمار.(1)

قد ذکرنا مرارا أنّ الکراهة فی الروایات تستعمل فی معناها اللغوی لا الاصطلاحی المقابل للحرمة، ومعناها اللغوی هو الجامع فلا ینافی الحرمة المستفادة من سایر الخطابات.

وممّا ذکر یظهر أنه لا فرق فی هذا الحکم بین الرجل والمرأة والمماثل وغیره والمحارم وغیرها، فإنّ ظاهر المؤمن والمسلم فیما تقدم الجنس لا خصوص الرجل.

أضف إلی ذلک قاعدة الاشتراک التی لا یرفع الید عنها فی مثل المقام ممّا لا یحتمل أن یکون فرق بین الرجل والمرأة حرمة عورة الرجل علی الرجل وعدم حرمة عورة المؤمنة علی المؤمنة وجواز تصدی النساء للمرأة عند وضع حملها یعد من الضرورة، کتصدی الرجل للرجل فی مقام المعالجة عن مرض فی عورته، ولا یخفی أنّ ما ذکر من عدم حرمة النظر إلی عورة غیر المسلم بلا التذاذ وشهوة إنّما هو بالإضافة إلی نظر الرجل إلی عورة الرجل الکافر، ولا یبعد أن یکون الأمر کذلک بالإضافة إلی نظر المرأة إلی عورة المرأة الکافرة، وأم_ّا نظر الرجل إلی عورة الکافرة فلا یبعد حرمته مضافا إلی أنّ الدلیل مفاده عدم حرمة عورة الکافر، وهذا لا ینافی حرمة

ص :10


1- (1) وسائل الشیعة 2 : 36 ، الباب 6 من أبواب الحمام ، الحدیث 2 . عن الفقیه 1 : 114 ، الحدیث 236 .

.··· . ··· .

الشَرح:

نظر الرجل إلی الکافرة فإنّ الکافرة وإن لا حرمة لها إلاّ أنّ فی نظر الرجل إلیها فساد، حیث إنه یوجب تحریک الشهوة والریبة.

ویدل علی عدم جواز هذا النظر ما ورد فی النظر إلی نساء أهل الذمة حیث ورد التقیید فی الترخیص فی النظر بشعورهن وأیدیهن، وفی معتبرة السکونی عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله : لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ینظر إلی شعورهن وأیدیهن»(1) ولو کان الجواز یعمّ جمیع جسدهن لما کان للتقیید بشعورهن وأیدیهن وجه.

هذا بالإضافة إلی نساء أهل الذمة، وهکذا الحال بالإضافة إلی نساء أهل السواد والأعراب، حیث إنّ ما ورد فی موثقة عباد بن صهیب جواز النظر إلی رؤسهن وشعورهن معللاً بأنهن لا ینتهین إذا نهین(2)، وظاهرها أنّ کشفهن روؤسهن وشعورهن أسقط حرمة النظر إلیهن کما ذکر، بل ذکر العلوج فی الموثقة مع الأعراب وأهل السواد المفسر بکافرة العجم أو مطلقا یعطی تساوی الحکم بالإضافة إلی الکافرة والمسلمة، بل علی روایة الصدوق ذکر أهل الذمة بدل العلوج هذا فی العلل(3)، وأما فی الفقیه فقال: بدل أهل السواد أهل البوادی من أهل الذمة والعلوج.(4)

ثمّ إنه لا یجوز للمولی النظر إلی عورة أمته المزوجة أو المحللة للغیر کما لا یجوز للأمة المزوجة أو المحللة للغیر النظر إلی عورة مولاها، ویشهد لذلک مثل

ص :11


1- (1) وسائل الشیعة 20 : 205 ، الباب 112 من أبواب مقدمات النکاح وآدابه، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 20 : 206 ، الباب 113 من أبواب مقدمات النکاح وآدابه، الحدیث الأوّل .
3- (3) علل الشرائع 2 : 565 ، الباب 365 ، الحدیث الأوّل .
4- (4) من لا یحضره الفقیه 3 : 469 ، الحدیث 4636 .

ویجب ستر المرأة تمام بدنها عمّن عدا الزوج والمحارم[1] إلاّ الوجه والکفین مع عدم التلذذ والریبة، وأم_ّا معهما فیجب الستر ویحرم النظر حتی بالنسبة إلی المحارم وبالنسبة إلی الوجه والکفین، والأحوط سترها عن المحارم من السرة إلی الرکبة مطلقاً، کما أنّ الأحوط ستر الوجه والکفین عن غیر المحارم مطلقاً.

الشَرح:

موثقة عبید بن زرارة، عن أبی عبداللّه علیه السلام فی الرجل یزوج جاریته هل ینبغی له أن تری عورته قال: «لا»(1). وفی معتبرة الحسین بن علوان، عن جعفر، عن أبیه علیهماالسلام قال: «إذا زوج الرجل أمته فلا ینظرن إلی عورتها، والعورة بین السرة والرکبة».(2)

وقد ذکرنا فی بحث التخلی أنّ الثابت من العورة هو القبل أی الذکر والأُنثیین والدبر فی الرجل والدبر والفرج فی المرأة، ولکن لا یبعد الالتزام بأنّ العورة فی المرأة المملوکة بل مطلقا ما بین سرتها ورکبتیها لهذه المعتبرة التی لا یبعد عدها موثقة لقول ابن عقدة فی الحسن بن علوان: إنّ الحسن کان أوثق من أخیه وأحمد عند أصحابنا(3). فإنّ ظاهر العبارة تحقق الوثاقة فی أخیه الحسین أیضا.

یجب علی المرأة ستر تمام بدنها عمّن عدا الزوج والمحارم

[1] وجوب الستر علی المرأة بأن تستر تمام بدنها عمن عدا الزوج والمحارم غیر الوجه والکفین أمر متسالم علیه عند العلماء کافة، ولا یبعد أن یعد وجوب الحجاب علی النساء بالإضافة إلی غیر الزوج والمحارم من الضروریات عند المتشرعة من المسلمین، والأصل فیما ذکر قوله عز من قائل: «وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ یَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ

ص :12


1- (1) وسائل الشیعة 21 : 147 ، الباب 44 من أبواب نکاح العبید والإماء، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 21 : 148 ، الباب 44 من أبواب نکاح العبید والإماء، الحدیث 7 .
3- (3) خلاصة الأقوال : 338 ، باب الحسین ، الرقم 6 .

.··· . ··· .

الشَرح:

وَیَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْیَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَی جُیُوبِهِنَّ وَلاَ یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ»(1) الآیة حیث إنّ الأمر بضرب خمرهن علی جیوبهن أی نحورهن مع أنه یستر الخمار الرأس والرقبة ویبقی شیء من الرقبة وموضع النحر بارزا ظاهر فی وجوب ستر جسدها علیها ویزید ذلک وضوحا ملاحظة ما ورد فی بیان قوله سبحانه: «وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِی لاَ یَرْجُونَ نِکَاحاً فَلَیْسَ عَلَیْهِنَ جُنَاحٌ أَن یَضَعْنَ ثِیَابَهُنَّ غَیْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِینَةٍ وَأَن یَسْتَعْفِفْنَ خَیْرٌ لَهُنَّ»(2) الآیة ففی صحیحة محمد بن مسلم، عن أبی عبداللّه علیه السلام فی قول اللّه عزوجل: «وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللاَّتِی لاَ یَرْجُونَ نِکَاحاً» ما الذی یصلح لهن أن یضعن من ثیابهن؟ قال: «الجلباب».(3)

وفی صحیحة الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام أنه قرأ «أَن یَضَعْنَ ثِیَابَهُنَّ» قال: الخمار والجلباب، قلت بین یدی من کان؟ فقال: بین یدی من کان غیر متبرجة بزینة فإن لم تفعل فهو خیر لها(4). وفی صحیحة حریز بن عبداللّه، عن أبی عبداللّه علیه السلام انه قرأ یضعن من ثیابهن قال الجلباب والخمار(5). وفی صحیحة محمد بن أبی حمزة عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: القواعد من النساء لیس علیهن جناح أن یضعن ثیابهن، قال: تضع الجلباب وحده(6). وفی صحیحة الفضیل، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن الذراعین من

ص :13


1- (1) سورة النور : الآیة 31 .
2- (2) سورة النور : الآیة 60 .
3- (3) وسائل الشیعة 20 : 202 ، الباب 110 من أبواب مقدمات النکاح وآدابه، الحدیث الأوّل .
4- (4) المصدر السابق : الحدیث 2 .
5- (5) المصدر السابق : الحدیث 4 .
6- (6) المصدر السابق : الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

المرأة هما من الزینة التی قال اللّه تعالی: «وَلاَ یُبْدِینَ زِینَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ»؟ قال: «نعم، ما دون الخمار من الزینة وما دون السوارین»(1). ودلالتها خصوصا هذه الصحیحة علی أنّ ما تحت الخمار وما تحت السوارین حد الزینة التی یجب علی المرأة سترها، ویلزم ذلک استثناء الوجه والکفین حیث لا یجب علیها سترهما؛ لأنهما فوق الخمار وفوق السوارین کما ورد ذلک فی موثقة مسعدة بن زیاد لولا صحیحته قال: سمعت جعفرا وسئل عما تظهر المرأة من زینتها؟ قال: الوجه والکفین.(2)

وفی معتبرة زرارة، عن أبی عبداللّه علیه السلام فی قول اللّه عزوجل: «إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا» قال: «الزینة الظاهرة الکحل والخاتم»(3) ولکن لا ینافی ما تقدم حیث یظهر الکحل والخاتم بظهور الوجه والید وفی مرسلة مروک بن عبید(4) أضاف إلی ذکر الوجه والکفین القدمین ولکن فی الاعتماد علیها لإرسالها إشکال.

ثم إنّ عدم وجوب ستر الوجه والیدین فیما إذا لم یکن عدم سترهما معرضا لجلب نظر الأجانب إلیها ولم یکن بقصدها إظهار جمالها وحسنها وإلاّ فالأحوط وجوبا لو لم یکن أقوی لزم سترهما أیضا کما هو سیرة المتدینین من النساء المتشرعة، ویمکن استفادة ذلک من قوله سبحانه: «وَلاَ یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ مَا یُخْفِینَ مِن زِینَتِهِنَّ»(5) حیث إنّ ضربهن بأرجلهن المترتب علیه العلم بزینتهن یوجب جلب

ص :14


1- (1) وسائل الشیعة 20 : 200 ، الباب 109 من أبواب مقدمات النکاح وآدابه، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 20 : 202 ، الباب 109 من أبواب مقدمات النکاح وآدابه، الحدیث 5 .
3- (3) وسائل الشیعة 20 : 201 ، الباب 109 من أبواب مقدمات النکاح وآدابه، الحدیث 3 .
4- (4) وسائل الشیعة 20 : 201 ، الباب 109 من أبواب مقدمات النکاح وآدابه، الحدیث 2 .
5- (5) سورة النور : الآیة 31 .

.··· . ··· .

الشَرح:

الأنظار إلیهن.

وکما یجب علی المرأة ستر جسدها من غیر زوجها ومحارمها من الأجانب کذلک تحرم علی الأجنبی النظر إلی المرأة، سواء کان النظر إلی شیء من جسدها موجبا لتحریک الشهوة وبقصد الالتذاذ الجنسی أم لم یکن نظیر ما ذکرنا فی النظر إلی عورة المؤمن من حرمته، کان بقصد الالتذاذ أو الشهوة أو لم یکن لا لخصوص قوله سبحانه: «قُل لِّلْمُؤْمِنِینَ یُغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ»(1) لیقال إنّ عمومه لا یمکن الأخذ به والمتیقن أو الظاهر منه النظر الالتذاذی أو بالریبة یعنی الموجبة لتحریک الشهوة، بل لأنّ المتفاهم العرفی من الأمر للنساء بالستر وعدم إبداء زینتهن إلاّ لأزواجهن ومحارمهن هو عدم جواز النظر إلی جسدها ولو لم یکن فی البین التذاذ کما یشهد بذلک إبداء زینتهن لمحارمهن، ولو کان الستر الممانعة من النظر الالتذاذی فقط لکان المستثنی من إبداء زینتهن أزواجهن فقط.

وعلی الجملة، یستفاد من وجوب الستر فی معرض وجود الناظر حرمة نظر الغیر کما هو الحال فی ستر العورة علی ما تقدم، ولإطلاق الروایات الواردة فی المنع عن النظر کصحیحة أحمد بن محمد بن أبی نصر، عن الرضا علیه السلام قال: سألته عن الرجل یحل له أن ینظر إلی شعر أُخت امرأته؟ فقال: لا، إلاّ أن تکون من القواعد، قلت له: أُخت امرأته والغریبة سواء؟ قال: نعم، قلت: فما لی من النظر إلیه منها؟ فقال: شعرها وذراعها(2). فإنه لا یحتمل أن یکون سؤال البزنطی عن النظر إلی شعر أُخت الزوجة

ص :15


1- (1) سورة النور : الآیة 30 .
2- (2) وسائل الشیعة 20 : 199 ، الباب 107 من أبواب مقدمات النکاح وآدابه، الحدیث الأوّل .

(مسألة 1) الظاهر وجوب ستر الشعر الموصول بالشعر، سواء کان من الرجل أو المرأة وحرمة النظر إلیه[1] وأم_ّا القرامل من غیر الشعر وکذا الحلی ففی وجوب سترهما وحرمة النظر إلیهما مع مستوریة البشرة إشکال وإن کان أحوط.

الشَرح:

بشهوة والتذاذ جنسی أو یکون سؤاله ثانیا عن النظر بالمقدار الجایز إلی المرأة من القواعد ناظرا إلی النظر الالتذاذی، وتحدیده علیه السلام بشعرها وذراعها ناظرا إلی هذا النظر.

وربما یقال إنه یظهر من بعض الروایات عدم وجوب ستر الوجه والکفین علی المرأة مطلقا، وکذلک جواز النظر إلیها من غیر الافتتان والریبة وهی صحیحة علی بن سوید، قال: قلت لأبی الحسن علیه السلام إنی مبتلی بالنظر إلی المرأة الجمیلة فیعجبنی النظر إلیها، فقال: «یا علی لا بأس إذا عرف اللّه من نیتک الصدق وإیاک والزنا فإنه یمحق البرکة ویهلک الدین».(1)

ولکن لا یخفی ما فی الدعوی فإنّه لم یدل ما ورد فیها من الابتلاء بالنظر إلی المرأة الجمیلة النظر فی غیر مقام الضرورة کالعلاج من المرض کالطبیب الذی یبتلی بالنظر إلی النساء وإذا کانت المرأة جمیلة یکون للناظر إلیها عجب فمع عدم کون النظر بالریبة والافتتان فلا بأس به فی ذلک المقام؛ ولذا ذکر علیه السلام : إذا عرف من نیتک الصدق، وهو أنّ النظر لغایة رفع ضرورتها فلا بأس به مع تحذیره عن الافتتان والریبة کیف؟ ولو کان المراد من قوله: یعجبنی، هو الالتذاذ الجنسی تکون الروایة مخالفة للکتاب العزیز الدال علی الأمر بالغض من البصر وتحفظ الفرج.

یجب ستر الشعر الموصول بالشعر

[1] فیما قد ذکره قدس سره تأم_ّل بل منع فإنّ الموضوع فی وجوب الستر وحرمة النظر

ص :16


1- (1) وسائل الشیعة 20 : 308 ، الباب الأوّل من أبواب النکاح المحرم وما یناسبه، الحدیث 3 .

(مسألة 2) الظاهر حرمة النظر إلی ما یحرم النظر إلیه فی المرآة والماء الصافی مع عدم التلذذ[1] وأم_ّا معه فلا إشکال فی حرمته.

الشَرح:

شعر المرأة ومحاسنها الظاهرة فی شعرها الأصلی، ولا یعد الشعر المفروض بمجرد الوصل إلی شعر المرأة بل زرعها فی رأسها أنه شعر تلک المرأة ولو کان مقطوعا من شعر امرأة أُخری فضلاً عن المقطوع عن الرجل، فإنّه بالانفصال عن شعر المرأة أو الرجل لا یصدق أنه شعرهما فعلاً، وإلاّ کان النظر إلیه حتی فیما إذا لم یکن موصولاً بشعر المرأة، بل کان ملقی علی الأرض.

وعلی الجملة، ظاهر مثل صحیحة البزنطی المتقدمة الناهیة عن النظر إلی شعر أُخت امرأته حرمة النظر إلیه بما هو من توابع جسدها حال النظر فلا حرمة ما إذا انفصل وخرج عن کونه تابعا عند النظر.

نعم، إذا کان وصله بشعر امرأة أُخری من الزینة الموجبة إبدائها لجلب النظر إلیها کان لزوم الستر من هذه الجهة، ولا فرق فی ذلک بینه وبین القرامل کما ذکر فی ذیل قوله سبحانه: «وَلاَ یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ مَا یُخْفِینَ مِن زِینَتِهِنَّ»(1) ولا یعتبر أن یکون موضع التزین من البشرة ظاهرا بل یکفی فی ذلک ظهور وجههن أو أیدیهن أو حتی مع عدم ظهور شیء من ذلک.

یحرم النظر إلی ما یحرم النظر إلیه فی المرآة

[1] قد یقال إنّ النظر إلی شیء ما فی المرآة أو الماء الصافی غیر النظر إلی عین ذلک الشیء فی الحقیقة حتی یعمه ما یدل علی حرمة النظر إلیه، بل النظر فی الحقیقة إلی الصورة المنطبعة منه فی المرآة أو الماء الصافی ولو عالجوا تلک الصورة لتبقی فی

ص :17


1- (1) سورة النور : الآیة 31 .

.··· . ··· .

الشَرح:

المرآة ولو بعد انعدام ذلک أو خروجه عن مقابلة المرآة کما فی التصویر المتعارف فی زماننا هذا یکون عدم صدق النظر إلیه أوضح، ولا یقاس هذا بالنظر إلی الشیء بالنظارة حیث یکون النظر بها إلی نفس ذلک الشی لا إلی الصورة المنطبعة.

ویؤید ذلک لولا الدلیل علیه ما رواه الکلینی قدس سره باسناده عن موسی بن محمد أخی أبی الحسن الثالث علی بن محمد بن الرضا علیه السلام أنّ یحیی بن أکثم سأله فی المسائل التی سأله عنها قال: أخبرنی عن الخنثی وقول علی علیه السلام فیه تورث الخنثی من المبال من ینظر إلیه إذا بال وشهادة الجار إلی نفسه لا تقبل مع أن_ّه عسی أن تکون امرأة وقد نظر إلیها الرجال أو یکون رجلاً وقد نظر إلیه النساء، وهذا ممّا لا یحل فأجاب أبوالحسن الثالث علیه السلام عنها أم_ّا قول علی علیه السلام فی الخنثی أن_ّه یورث من المبال فهو کما قال وینظر قوم عدول یأخذ کل واحد منهم مرآة وتقوم الخنثی خلفهم عریانة فینظرون فی المرآة فیرون شبحا فیحکمون علیه.(1)

ولکن لا یخفی أنّ غایة مدلولها کون الضرورة فی النظر مجوزة للنظر فی المرآة، ولو لم یکن هذا الحدیث أیضا قلنا بجواز ذلک حالها والکلام فی النظر من غیر اقتضاء الضرورة، وإلاّ ذکروا جواز النظر إلی عین العورة أیضا فی تشخیص کون المقتول فی المعرکة مسلم یجب الصلاة علیه ودفنه أو کافر لا یجوز تجهیزه مع أنها ضعیفة سندا، فإنّ فی سندها الحسن بن علی بن کیسان وموسی بن محمد الملقب بالمبرقع، حیث لم یثبت لهما توثیق.

وعلی الجملة، ظاهر النهی عن النظر إلی عورة الغیر بما أنّ به انکشافها لدی الناظر المنافی لحرمة ذی العورة، وهذه الجهة ثابتة فی النظر إلی عینها بالباصرة مباشرة

ص :18


1- (1) الکافی 7 : 158 ، الحدیث الأوّل .

(مسألة 3) لا یشترط فی الستر الواجب فی نفسه ساتر مخصوص ولا کیفیة خاصة[1] بل المناط مجرد الستر ولو کان بالید وطلی الطین ونحوهما.

وأم_ّا الثانی أی الستر حال الصلاة[2] فله کیفیة خاصة، ویشترط فیه ساتر

الشَرح:

أو مع انطباع صورتها فی المرآة ونحوها، وقد یقال لا فرق فی النظر بین النظر إلیها مستقیما أو فی المرآة ونحوها من الأجسام الشفافة فإنّ فی کل ذلک تری عین العورة بعد انکسار النور من المرآة إلی العین لا أنّ قوة الباصرة تقع علی الصورة المطبوعة فی المرآة؛ ولذا یری فی المرآة الواحدة _ التی لا تسع إلاّ لانطباع صورة واحدة _ أکثر من صورة، کما إذا وقف أشخاص حیال مرآة صغیرة فإنّ کل واحد ممن یقف یمین أو یسار من یقابل المرآة یری أکثر من صورة ولا یری صورة نفسه فی المرآة.

لا یعتبر فی الستر الواجب ساتر مخصوص أو کیفیة خاصة

[1] فإنّه وإن ورد فی الروایات الواردة فی آداب الحمام الأمر بالدخول فیه بإزار إلاّ أنّ مقتضی مناسبة الحکم والموضوع لکون الإزار ساترا لا لخصوصیة أُخری فیه کما هو مقتضی قوله علیه السلام تعلیل الأمر به بقول رسول اللّه صلی الله علیه و آله عورة المؤمن علی المؤمن حرام.(1)

الستر فی حال الصلاة

[2] اشتراط الصلاة بالستر بالإضافة إلی کل من الرجل والمرأة أمر متسالم علیه ومن المسلمات عند العلماء ویختلف هذا الستر عن الستر الواجب نفسیا فی الکیفیة

ص :19


1- (1) وسائل الشیعة 2 : 39 ، الباب 9 من أبواب الحمام ، الحدیث 4 .

خاص ویجب مطلقا، سواء کان ناظر محترم أو غیره أم لا، ویتفاوت بالنسبة إلی الرجل والمرأة، أم_ّا الرجل فیجب علیه ستر العورتین _ أی القبل من القضیب والبیضتین وحلقة الدبر _ لا غیره، وإن کان الأحوط ستر العجان أی ما بین حلقة الدبر إلی أصل القضیب، وأحوط من ذلک ستر ما بین السرة والرکبة.

الشَرح:

والساتر، أم_ّا الکیفیة لما یأتی من عدم اعتبار ستر الزینة فی صلاة المرأة ولا ستر وجهها ویدیها، بل رجلیها حتی فی المورد الذی کان علیها سترها علی ما تقدم ونحو ذلک وکذا یختلف هذا الستر عن سابقه فی خصوصیة الساتر علی ما یأتی، وهذا الساتر کما ذکر شرط فی صحة الصلاة حتی فیما إذا لم یجب الستر بالوجوب النفسی لعدم ناظر محترم، ولکن یختلف بالإضافة إلی الرجل والمرأة، ففی الرجل یجب ستر عورتیه أی القبل من القضیب والبیضتین وحلقة الدبر لا غیر؛ وذلک فإنّ المنصرف عند الأذهان من عورة الرجل ما ذکر، وقد ورد ذلک فی روایات متعددة تقدم الکلام فیها فی بحث التخلی، واعتبار ستر غیر ذلک علی الرجل وجوبا نفسیا أو شرطا فی صلاته مدفوع بأصالة البراءة، فإنّ الظاهر ممّا سیأتی فی الروایات الواردة فی الصلاة أنّ ما یجب ستره علی الرجل من الناظر المحترم ستر ذلک المقدار شرط فی صلاته لا أنّ العورة بحسب المقامین تختلف، وما قیل فی تحدیده بأنها ما بین السرة والرکبة منشأه ما ورد فی عورة الأمة المزوجة بالإضافة إلی مولاها ولا یرتبط بعورة الرجل.

وعلی الجملة، المنصرف إلیه من عورة الرجل عند إطلاقها ما ذکر فالزاید علیه غیر واجب ستره، ولا یکون شرطا فی صلاته حتی العجان أی ما بین حلقة الدبر إلی أصل القضیب وإن یکون مستورا إلاّ نادرا بستر الدبر والقبل، ویؤید عدم کون ما بین السرة والرکبة عورة للرجل صحیحة علی بن جعفر، قال: سألته عن الرجل یکون ببطن فخذه أو ألیته الجرح هل یصلح للمرأة أن تنظر إلیه وتداویه؟ قال: «إذا لم یکن عورة فلا

ص :20

.··· . ··· .

الشَرح:

بأس»(1). وظاهرها مع أنّ نظر المرأة إلی الموضع للعلاج ووضع الدواء علیه إذا لم یکن المنظور إلیه إلاّ ذلک الموضع دون العورة فلا بأس، ولو کانت العورة ما بین السرة والرکبة لم یصح التعلیق، ویدل علی عدم کون ما بین السرة والرکبة عورة تجویز الصلاة فی السروال(2) مع أنّ موضع الشد من السروال قد یکون تحت السرة بکثیر کالعانة.

والوجه فی کون الأُولی تأییداً والثانیة دلیلاً أنّ المراد من العورة فی الأُولی کان معلوما والاستعمال لا یکون دلیلاً علی الظهور، بخلاف الثانیة فإنّ إطلاق تجویز الصلاة للرجل مع السروال وعدم تقییده برفعه إلی السرة یعطی أنّ الواجب علی الرجل فی صلاته هو ما ذکر من منصرف العورة، وما ورد فی صحیحة رفاعة، قال: حدثنی من سمع أباعبداللّه علیه السلام عن الرجل یصلی فی ثوب واحد متزرا به، قال: «لا بأس إذا رفعه إلی الثندوتین»(3) لا یوجب بمفهومه تقیید الإطلاق فی الروایات المشار إلیها؛ لأنّ رفع الإزار أو السروال إلی الثندوتین، وهما من الرجل بمنزلة الثدیین من المرأة غیر واجب قطعا فیحمل علی الاستحباب، نظیر ما ورد من الأمر بجعل حبل أو مندیل أو عمامة علی رقبته مع الإزار.

وربما یستشکل فی سند صحیحة رفاعة بأنها مرسلة حیث یقول: حدثنی من سمع أباعبداللّه علیه السلام ولکن لا یخفی الفرق بین قول رفاعة: حدثنی من قال: سمعت أباعبداللّه علیه السلام ، وبین قوله: حدثنی من سمع أباعبداللّه علیه السلام فإنّ الثانی شهادة من رفاعة

ص :21


1- (1) وسائل الشیعة 20 : 233 ، الباب 130 من أبواب مقدمات النکاح ، الحدیث 4 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 392 ، الباب 22 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 14 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 390 ، الباب 22 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

علی سماعه من الإمام علیه السلام .

ویمکن الاستدلال علی اعتبار الستر فی الصلاة بمثل موثقة سماعة، قال: سألته عن رجل یکون فی فلاة من الأرض فأجنب ولیس علیه إلاّ ثوب فأجنب فیه ولیس یجد الماء؟ قال: «یتیمم ویصلی عریانا قائما یومی إیماءً».(1)

ووجه الدلالة أنه لو لم یکن ستر العورة شرطا فی الصلاة بمقدار الممکن فلا وجه للأمر بالصلاة إیماءً، وهذه الموثقة محمولة علی صورة عدم وجود الناظر، حیث ورد فی صحیحة عبداللّه بن مسکان، عن أبی جعفر علیه السلام الأمر بالصلاة قاعدا مع الناظر(2). ونظیر الموثقة صحیحة علی بن جعفر، عن أخیه موسی علیهماالسلام قال: سألته عن الرجل قطع علیه أو غرق متاعه فبقی عریانا وحضرت الصلاة کیف یصلی؟ قال: «إن أصاب حشیشا یستر به عورته أتم صلاته بالرکوع والسجود، وإن لم یصب شیئا یستر به عورته أومأ وهو قائم».(3)

وربما یستدل علی اعتبار الستر بصحیحة علی بن جعفر، عن أخیه موسی علیه السلام قال: سألته عن رجل عریان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو کله دم یصلی فیه أو یصلی عریانا؟ قال: «إن وجد ماءً غسله وإن لم یجد ماءً صلی فیه ولم یصل عریانا»(4) ووجه الاستدلال أنه لو لم یکن الستر شرطا للصلاة لما علق لزوم الصلاة فیه مع وجود ماء لغسله، بل کان علی المکلف الصلاة عاریا حتی مع وجود الماء لغسله مع عدم

ص :22


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 486 ، الباب 46 من أبواب النجاسات، الحدیث 3 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 449 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 448 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
4- (4) وسائل الشیعة 3 : 484 ، الباب 45 من أبواب النجاسات، الحدیث 5 .

والواجب ستر لون البشرة، والأحوط ستر الشبح الذی یری من خلف الثوب من غیر تمیز للونه، وأم_ّا الحجم أی الشکل فلا یجب ستره.[1]

وأم_ّا المرأة فیجب علیها ستر جمیع بدنها حتی الرأس والشعر[2] إلاّ الوجه المقدار الذی یغسل فی الوضوء وإلاّ الیدین إلی الزندین والقدمین إلی الساقین ظاهرهما وباطنهما ویجب ستر شیء من أطراف هذه المستثنیات من باب المقدمة.

الشَرح:

الناظر کما هو فرض الروایة حیث منعه عن الصلاة عاریا حتی مع عدم الماء.

الواجب ستر البشرة والأحوط ستر الشبح المرئی خلف الثوب

[1] ولعل ما ذکر قدس سره فی المقام ینافی ما تقدم منه فی بحث التخلی، فإنّ ظاهر کلامه فی المقام جواز ستر الرجل بثوب رقیق یری من ورائه عورته إن لم یتمیز لونه، وفی بحث التخلی لم یر أجزاؤه والصحیح ما ذکره هناک؛ لأنّ الواجب ستر ما لا یجوز النظر إلیه، ولا شبهة فی أن_ّه إذا نظر الغیر إلی عورته الظاهرة من وراء ثوبه یصدق أنه رأی عین العورة وإن لم یمیز لونه، وإلاّ جاز النظر إلی عورة الغیر بالنظارة الملونه أو کان لون عورته مستورا بلون الحناء أو غیره، ولعل المراد من اللون فی بعض الکلمات مقابل الحجم.

یجب علی المرأة ستر جمیع بدنها حتی الرأس والشعر

[2] علی المشهور بین الأصحاب والمحکی عن ابن الجنید(1) لا فرق فی الستر المعتبر فی الصلاة بین الرجل والمرأة باشتراطها بستر العورة، وهذا القول علی تقدیره شاذ لم یرد علیه ولا روایة واحدة حتی وإن کانت ضعیفة.

ویدل علی ما علیه المشهور مثل صحیحة زرارة، قال: سألت أباجعفر علیه السلام عن أدنی

ص :23


1- (1) حکاه عنه العلامة فی المختلف 2 : 98 .

.··· . ··· .

الشَرح:

ما تصلی فیه المرأة؟ قال: «درع وملحفة فتنشرها علی رأسها وتجلل بها»(1) فإنّ الدرع والملحفة مع نشرها علی رأسها وبسطها علی جسدها یکون المکشوف وجهها ورجلیها.

وصحیحة محمد بن مسلم فقد ورد فیها: قلت لأبی جعفر علیه السلام : ماتری للرجل یصلی فی قمیص واحد؟ فقال: «إذا کان کثیفا فلا بأس به، والمرأة تصلی فی الدرع والمقنعة إذا کان الدرع کثیفا یعنی إذا کان ستیرا»(2) فإنّ مع صلاتها فیها یکون المکشوف وجهها ویدیها ورجلیها.

وصحیحة جمیل بن دراج، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن المرأة تصلی فی درع وخمار؟ فقال: «یکون علیها ملحفة تضمّها علیها»(3) والأمر بضم الملحفة إمّا یکون أفضل أو أنّ الدرع ربما لا یستر ذراعیها أو بعضهما وموثقة ابن أبی یعفور، قال: قال أبوعبداللّه علیه السلام : تصلی المرأة فی ثلاثة أثواب: إزار ودرع وخمار، ولا یضرها بأن تقنّع بالخمار، فإن لم تجد فثوبین تتزر بأحدهما وتقنّع بالآخر، قلت: فإن کان درع وملحفة لیس علیها مقنعة، فقال: لا بأس إذا تقنعت بملحفة فإن لم تکفها فتلبسها طولاً.(4)

وفی صحیحة علی بن جعفر أنه سأل أخاه موسی بن جعفر علیه السلام عن المرأة لیس لها إلاّ ملحفة واحدة کیف تصلی؟ قال: تلتف فیها وتغطی رأسها وتصلی فإن خرجت رجلها ولیس تقدر علی غیر ذلک فلا بأس(5). وهذه الروایات ونحوها دالة علی لزوم

ص :24


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 407 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 9 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 406 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 407 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 11 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 406 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 8 .
5- (5) وسائل الشیعة 4 : 405 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .

.··· . ··· .

الشَرح:

الستر علی المرأة لصلاتها حتی بالإضافة إلی رأسها وشعرها ورقبتها، وحتی ما إذا کان شعرها طویلاً بحیث یخرج عن تبعیة العضو کما هو کالصریح من قوله علیه السلام : وملحفة فتنشرها علی رأسها وتجلل بها(1). فإنّ المقنعة مع تعمیمها یستر الشعر الطویل أیضا.

وفی صحیحة الفضیل المحتمل کونه ابن یسار أو ابن عثمان، عن أبی جعفر علیه السلام قال: صلّت فاطمة علیهاالسلام فی درع وخمارها علی رأسها لیس علیها أکثر ممّا وارت به شعرها وأُذنیها(2). وظاهرها بل صریحها جواز کشف الوجه فإنّه لا یحتمل اعتبار ستره ولم تستر فاطمه علیهاالسلام کما لا یبعد دلالتها علی جواز کشف الیدین والرجلین، فإنّ الدرع أی القمیص ربما لا یستر الرجلین ولو فی بعض حالات الصلاة، کما أنّ الخمار لا یستر الیدین والوجه.

وفی مقابل هذه الروایات موثقة عبداللّه بن بکیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا بأس بالمرأة المسلمة الحرة أن تصلی وهی مکشوفة الرأس»(3) ونحوها خبره المروی بسند آخر، ولکن بعدم ذکر الحرة، قال أبوعبداللّه علیه السلام : «لا بأس أن تصلی المرأة المسلمة ولیس علی رأسها قناع»(4) وخبره هذا یحمل علی الأمة حیث یجوز لها الصلاة مع کشف رأسها کما یأتی. وأم_ّا موثقته الوارد فیها المسلمة الحرة ینافی مع الأخبار المتقدمة والمتعین طرحها؛ لأنّ الروایات المتقدمة دالة علی اعتبار ستر وجهها فی صلاتها، وهذه روایة شاذة لم یروها إلاّ عبداللّه بن بکیر، بخلاف تلک الروایات

ص :25


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 407 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 9 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 405 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 410 ، الباب 29 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 5 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 410 ، الباب 29 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .

.··· . ··· .

الشَرح:

لکثرتها الموجبة للعلم والاطمینان بصدور بعضها لولا کلها عن الإمام علیه السلام فتدخل فی المتواتر الإجمالی مع إمکان حمل موثقة ابن بکیر علی صورة عدم وجدانها الخمار ونحوها کما ورد ذلک فی روایة یونس بن یعقوب التی فی سندها الحکم بن مسکین وهو من المعاریف الذین لم یرد فیهم قدح أنه سأل أباعبداللّه علیه السلام عن الرجل یصلی فی ثوب واحد؟ قال: نعم، قلت: فالمرأة؟ قال: لا، ولا یصلح للحرة إذا حاضت إلاّ الخمار إلاّ أن لا تجده.(1)

ثمّ ما ذکر الماتن قدس سره بعدم اعتبار ستر الوجه فی صلاة المراة بالمقدار الذی یغسل فی الوضوء تحدیده بذلک المقدار وإن کان مشهورا إلاّ أنّ صحیحة الفضیل الواردة فی صلاة فاطمة علیهاالسلام (2) وکذا موثقة سماعة قال: سألته عن المرأة تصلی متنقبة؟ قال: «إذا کشف عن موضع السجود فلا بأس به وإن أسفرت فهو أفضل»(3) لم یرد فیهما عنوان الوجه ولا فی سایر الروایات الوارد فیها الأمر بالخمار والمقنعة والاکتفاء بالمقدار الواجب غسله فی الوضوء وإن کان أحوط، إلاّ أنه عدم ورود عنوان الوجه فی المقام یوجب التأمل فی اعتبار ستر تحت الذقن، وما یقال من أنّ المتعارف من لبس الخمار والتجلیل بالملحفة المنشورة علی رأسها ستر ذلک المقدار عادة لا یقتضی الاعتبار ما لم یکن أمرا دائمیا، واعتبار ستره فی الستر الواجب نفسیا لکون المستثنی من ذلک الوجوب عنوان الوجه والیدین نعم لا یبعد أن یقال إنّ المنصرف من الروایات أنه تلبس الخمار فی صلاتها کلبسها فی الواجب النفسی.

ص :26


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 405 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
2- (2) تقدمت فی الصفحة السابقة .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 421 ، الباب 33 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

وأم_ّا ما ذکر قدس سره بالإضافة إلی الیدین والرجلین فیستظهر عدم اعتبار سترها فی صلاتها بما ورد فی جواز صلاة المرأة فی درع وخمار أو فی درع ومقنعة، فإنّ الدرع کالمقنعة لا یستر عادة الیدین ولا الرجلین، وقد یورد علی ذلک بأنّ الدرع المعمول لبسه للنساء فی ذلک الزمان غیر معلوم عندنا فلعلّه کان بحیث یستر الیدین وظاهر الرجلین وباطن القدمین مستور بالأرض، بل قد یقال بأنه یستفاد اعتبار ستر الرجلین من صحیحة علی بن جعفر حیث سأل أخاه عن المرأة التی لیس لها إلاّ ملحفة واحدة کیف تصلی؟ قال: تلتف فیها وتغطی رأسها وتصلّی فإن خرجت رجلها ولیس تقدر علی غیر ذلک فلا بأس(1). ولذا تردد مثل المحقق(2) فی عدم اعتبار ستر رجلیها فی صلاتها.

ولکن لا یخفی أنّ الدرع لو کان بحیث یکون ساترا للیدین أو ظاهر الرجلین فی أوّل أمره فلا یبقی علی هذا النحو بعد غسله مرارا، فعدم التعرض لخصوصیة الدرع وأنه لابد من أن یستر الیدین أو ظاهر الرجلین یعطی عدم اعتبار ذلک.

وأم_ّا صحیحة علی بن جعفر فالمراد من الرجلین ما یعمّ الساقین أو بعضهما وأنه إذا لم تتمکن المرأة من الخمار والمقنعة فکیف تصنع بالملحفة؟ فإنّ لبسها علی عاتقها ومنکبیها یبقی رأسها مکشوفا، وإلاّ خرجت رجلیها فی صلاتها فأجاب الإمام علیه السلام بتقدیم التقنع بها، وإلاّ لم یکن وجه للسؤال، وما یقال من أنّ الدرع لا یستر ظاهر القدمین عادة أو بعضا ولکن باطن القدمین یعتبر ستره ولو بالأرض واعتبار الثوب فی الستر الصلاتی ولا یکفی التستر بالارض، هذا فیما کان غیر الثوب مستقلاً فی الستر، وأم_ّا إذا کانت الأرض فی بعض الأحوال بالإضافة إلی بعض الأعضاء فلا

ص :27


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 405 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
2- (2) شرائع الإسلام 1 : 55 .

(مسألة 4) لا یجب علی المرأة حال الصلاة ستر ما فی باطن الفم من الأسنان واللسان[1] ولا ما علی الوجه من الزینة کالکحل والحمرة والسواد والحلی، ولا الشعر الموصول بشعرها والقرامل وغیر ذلک، وإن قلنا بوجوب سترها عن الناظر.

(مسألة 5) إذا کان هناک ناظر ینظر بریبة إلی وجهها أو کفیها أو قدمیها یجب علیها سترها لکن لا من حیث الصلاة[2] فإن أتمت ولم تسترها لم تبطل الصلاة وکذا بالنسبة إلی حلیها وما علی وجهها من الزینة، وکذا بالنسبة إلی الشعر الموصول والقرامل فی صورة حرمة النظر إلیها.

الشَرح:

شاهد لها من الأخبار أیضا، وربما لا یستر عند جلوس المرأة فی الصلاة للتشهد أو غیره تمام باطن رجلیها لا ثوبها ولا الأرض.

وما ذکره من وجوب ستر شیء من أطراف المستثنیات من باب المقدمة للزوم إحراز حصول الستر اللازم فی صلاتها کما هو الحال فی لزوم إحراز سایر الشرایط المعتبرة فی صلاتها.

[1] فإنّه مقتضی إطلاق ما دل علی أنّ إسفارها أفضل وصحة صلاتها فی درع وخمار وغیر ذلک ولم یرد فی شیء من روایات الباب ما یدلّ علی أنّ زینتها کجسدها فی أنّ سترها معتبر فی صلاتها، بل مقتضی إطلاق ما ورد فیها عدم اشتراط صلاتها بسترها وإن قلنا بلزوم سترها فی الستر الواجب النفسی للنهی عن إبداء زینتها غیر الخاتم والکحل، ولا ملازمة بین الوجوب النفسی والوجوب الشرطی.

یجب علی المرأة ستر المستثنیات إذا کان من ینظر بریبة

[2] قد تقدم أنّ ستر وجهها وکفیها أو قدمیها أو حلیها وما علی وجهها من الزینة

ص :28

(مسألة 6) یجب علی المرأة ستر رقبتها حال الصلاة[1] وکذا تحت ذقنها حتی المقدار الذی یری منه عند اختمارها علی الأحوط.

الشَرح:

لیس معتبرا فی صلاتها نعم سترها عندما ینظر إلیها ریبة أو مطلقا کستر رجلیها وزینتها واجب نفسی، وعصیان ذلک الوجوب لا ینافی حصول صلاتها مع شرایطها ولا تحسب الصلاة فی الفرض ضدّا للواجب النفسی؛ لأنها غیر مقیدة بعدم سترها لیقال بناءً علی ما هو الصحیح من أنّ الأمر بالشیء لا یقتضی النهی عن ضده الخاص فلا وجه لبطلان الصلاة، فإنه بناءً علی الاقتضاء أیضا تصح الصلاة؛ لأنّ صلاتها فی الفرض لا تکون ضدا للواجب النفسی لعدم تقیدها بعدم ستر تلک المواضع.

یجب علی المرأة ستر رقبتها حال الصلاة

[1] لما ورد فی صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام : أدنی ما تصلی فیه المرأة درع وملحفة فتنشرها علی رأسها وتجلل بها(1). وفی غیرها لها أن تصلی فی درع وخمارها علی رأسها(2). أو أنها تصلی فی الدرع والمقنعة(3). وظاهر کلها اعتبار لبسها خمارها ومقنعتها کما کانت تلبس فی الستر الواجب علیها، وعلیه لزوم سترها رقبتها الی مقدار من فوق الحلقوم ظاهر. وأم_ّا مقدار من تحت الذقن لم یحرز خروجها عن عنوان الوجه غیر معلوم، ولزوم ستر ذلک المقدار علیها فی کلا المقامین مبنی علی الاحتیاط، وتحدید الوجه فی الوضوء لا یوجب تعینه فی غیر الوضوء حتی یقال بعدم لزوم الستر فی خصوص مقدار الوجه فی الوضوء.

ص :29


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 407 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 9 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 405 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 405 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

(مسألة 7) الأمة کالحرة فی جمیع ما ذکر من المستثنی والمستثنی منه، ولکن لا یجب علیها ستر رأسها ولا شعرها ولا عنقها[1] من غیر فرق بین أقسامها من القنة والمدبّرة والمکاتبة والمستولدة.

الشَرح:

الأمة کالحرة فی جمیع ما ذکر من المستثنی والمستثنی منه

[1] بلا خلاف معروف أو منقول ویشهد له صحیحة عبدالرحمن بن الحجاج، عن أبی الحسن علیه السلام قال: «لیس علی الإماء أن یتقنعن فی الصلاة ولا ینبغی للمرأة أن تصلی إلاّ فی ثوبین»(1) وفی صحیحة محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام حیث ورد فیها قلت: الأمة تغطی رأسها إذا صلّت؟ فقال: «لیس علی الأمة قناع»(2) وصحیحته الأُخری المرویة فی الکافی والعلل عن أبی جعفر علیه السلام قال: لیس علی الأمة قناع فی الصلاة، ولا علی المدبرة، ولا علی المکاتبة إذا اشترطت علیها قناع فی الصلاة وهی مملوکة حتی تؤدی جمیع مکاتبتها ویجری علیها ما یجری علی المملوک فی الحدود کلها(3). وهذا کله ممّا لا ینبغی التأمل فیه، ویدخل فیها الأمة المستولدة، سواء کانت أُمّ ولد من مولاها أو من الحر الآخر.

وهذه الصحیحة الأخیرة التی رواها فی الفقیه أیضاً بسنده إلی محمد بن مسلم مشتملة علی ذیل، حیث قال: سألته عن الأمة إذا ولدت علیها الخمار؟ قال: «لو کان علیها لکان علیها إذا هی حاضت ولیس علیها التقنع فی الصلاة»(4) وظاهرها عدم اعتبار الخمار فی صلاة أُم الولد أیضا کسایر الإماء، ولکن صحیحة أُخری أیضا لمحمد بن

ص :30


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 407 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 10 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 409 ، الباب 29 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
3- (3) الکافی 5 : 525 ، الحدیث 2 ، العلل 2 : 346 ، الباب 54 ، الحدیث 3 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 411 ، الباب 29 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 7 .

.··· . ··· .

الشَرح:

مسلم، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: قلت له: الأمة تغطی رأسها؟ قال: «لا، ولا علی أُم الولد أن تغطی رأسها إذا لم یکن لها ولد».(1)

ومقتضی الشرطیة الواردة فی هذه الصحیحة أنّ أُم الولد إذا کان لها ولد بأن لم یمت ولدها فعلیها القناع کالحرة، فیقال یرفع بمفهوم القضیة الشرطیة عمّا تقدم من إطلاق الروایات فیلتزم بلزوم الخمار علی أُم الولد فیما إذا بقی الولد من مولاها لا حتی فیما إذا کان من غیره من زوجها الحر أو من العبد؛ لانصراف أُم الولد، ولکن یورد علی ذلک بأنّ ما ورد فی ذیل صحیحة محمد بن مسلم المتقدمة مختص بالأمة المستولدة فی حال صلاتها وأنّ الخمار علیها لیس شرطا فی صلاتها، ولکنها مطلقة من حیث کون ولدها باقیا أو میتا من مولاها أو من غیره، وهذه الصحیحة الأخیرة أی مفهوم الشرطیة الدالة علی اعتبار الخمار مطلقة من حیث حال الصلاة وعدمها، ومختصة بما إذا کان الولد باقیا فتقع المعارضة بین الطرفین بالعموم من وجه تجتمعان فی صلاة أُم ولد کان ولدها حیا فتسقطان فیه بالمعارضة فیرجع إلی الإطلاق فی الروایات التی دلت علی عدم لزوم التقنع علی الأمة فی صلاتها، فإنها بإطلاقها تعمّ أُم الولد، سواء کان ولدها حیا أو میتا.

أقول: ما رواه فی الفقیه(2) باسناده إلی محمد بن مسلم ضعیف سندا لضعف سند الصدوق إلی محمد بن مسلم، والمروی فی الکافی(3) والعلل(4) غیر مشتمل علی الذیل، فیؤخذ بإطلاق صحیحة محمد بن مسلم الأخیرة ومقتضاها لزوم ستر الرأس

ص :31


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 410 ، الباب 29 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
2- (2) من لا یحضره الفقیه 1 : 373 ، الحدیث 1085 .
3- (3) الکافی 5 : 525 ، الحدیث 2 .
4- (4) علل الشرایع 2 : 346 ، الباب 54 ، الحدیث 3 .

وأم_ّا المبعضة فکالحرة مطلقا[1] ولو أُعتقت فی أثناء الصلاة وعلمت به ولم یتخلل بین عتقها وستر رأسها زمان صحت صلاتها، بل وإن تخلل زمان إذا بادرت إلی ستر رأسها للباقی من صلاتها بلا فعل مناف، وأم_ّا إذا ترکت سترها حینئذ بطلت.

الشَرح:

علی أُم الولد إذا کان ولدها حیا من غیر فرق بین ستر صلاتها أو فی الستر الواجب علیها نفسیا، حیث إنّ ذلک مقتضی إطلاق حکمها الخاص وهو عنوان أُم الولد بالإضافة إلی عنوان الأمة فیقدم إطلاق حکم الخاص علی العام، وهو عدم لزوم الستر للأمة فی صلاتها.

المبعضة کالحرّة فی الستر

[1] وکونها مبعضة سواء کانت مکاتبة مطلقة قد أدت بعض ما علیها من مال المکاتبة أو لکونها لشریکین أو أکثر وأعتقها أحدهم نصیبه منها، ویدل علی ذلک قوله علیه السلام فی صحیحة محمد بن مسلم(1) من تقیید المکاتبة بکونها مشروطة، حیث إنّ المشروطة لا تنعتق إلاّ بعد إکمال ما علیها من مال المکاتبة.

وفی روایة حمزة بن حمران عن أحدهما علیهماالسلام التی لا یبعد کونها معتبرة لکونه من المعاریف التی یقرب روایاته قرابة ستین وقد روی عنه الأجلاء ولم یرد فی حقه قدح، قال: سألته عن رجل أعتق نصف جاریته _ إلی أن قال: _ فتغطی رأسها منه حین أعتق نصفها؟ قال: «نعم، وتصلی وهی مخمرة الرأس»(2) وعلی ذلک فإنها بالعتق أثناء صلاتها وعلمها به تکون صلاتها فی تمامها مشروطة بالستر المعتبر فی الحرة، فإن کان علیها هذا الستر قبل الانعتاق فلا ینبغی التأمل فی صحة صلاتها، وأم_ّا إذا لم یکن لها

ص :32


1- (1) تقدمت فی الصفحة 30 .
2- (2) وسائل الشیعة 23 : 100 ، الباب 64 من أبواب العتق، الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

هذا الستر وحصلت به بعد زمان قلیل من عتقها من غیر ارتکاب مناف فقد ذکر الماتن صحتها أیضا.

ولکن لا یخفی ما فیه فإنّها بالعتق تکون کالحرة فی اشتراط صلاتها حتی فی الآنات المتخللة بین أجزائها بالستر، ومن تلک الآنات الآن المتخلل بین الأجزاء التی أتت بها قبل تحقق عتقها وما یأتی بعد عتقها، والمفروض أنّ الستر فی ذلک الآن غیر موجود، وإن شئت قلت ظاهر الخطاب الدال علی اشتراط أمر فی الصلاة کالقبلة وعدم کون لباسه من غیر مأکول اللحم وغیر ذلک اعتباره من حین الدخول فی الصلاة إلی تمامها، وکون شیء شرطا فی نفس أعمال الصلاة بحیث لا یقدح تخلفه فی الآنات المتخللة بین الأجزاء یحتاج إلی قیام قرینة أو یلتزم به لعدم الخطاب للاشتراط واستفادته من التسالم والإجماع بحیث کان المتیقن من الاعتبار خصوص حال الاشتغال بأفعال الصلاة کالاستقرار فی الصلاة.

والتشبث فی تصحیح تلک الصلاة بحدیث رفع الاضطرار أو بإطلاق حدیث «لا تعاد»(1) بدعوی أنه یشمل نفی الاستیناف من الخلل فیها أیضا حیث إنّ نفی الإعادة یشمل إعادة الصلاه بأجمعها أو إعادة بعضها المعبر عن الثانی بالاستیناف لا یمکن المساعدة علیه فإنّ المأتی به لم یتعلق التکلیف بخصوصه، بل هو علی تقدیر انطباق الطبیعی علیه فرد الواجب، والاضطرار إنّما یرفع اعتبار شیء فی الصلاة للعلم بعدم سقوط التکلیف بالصلاة به إذا لم یتمکن من الطبیعی مع شرطه إلی تمام الوقت إلاّ إذا قام دلیل فی مورد من کفایة الاضطرار ولو فی بعض الوقت. وأم_ّا حدیث «لا تعاد»(2)

ص :33


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .
2- (2) المصدر السابق .

وکذا إذا لم تتمکن من الستر إلاّ بفعل المنافی، ولکن الأحوط الإتمام ثم الإعادة، نعم لو لم تعلم بالعتق حتی فرغت صحّت صلاتها[1] علی الأقوی.

بل وکذا لو علمت لکن لم یکن عندها ساتر[2] أو کان الوقت ضیقا.

الشَرح:

فإنها تصحح الصلاة من الخلل الماضی الواقع عن غفلة وقصور، ولا یعم الخلل الموجود حال العلم والالتفات وإن کان عاجزا عن رفعه، وقد تقدم الکلام فی ذلک مفصّلاً فلا نعید.

نعم، ربما یتمسک فی المقام بصحة صلاتها مع المبادرة إلی الستر بإطلاق صحیحة علی بن جعفر، عن أخیه، قال: سألته عن الرجل صلی وفرجه خارج لا یعلم به هل علیه إعادة أو ما حاله؟ قال: «لا إعادة علیه وقد تمت صلاته»(1) حیث یقال إنّ إطلاقها یعم ما إذا أتی ببعض الصلاة جهلاً بعدم الستر والتفت فی الأثناء فنفی الإعادة مقتضاه کفایة الإتیان بالبقیة، ولکن ظاهرها وقوع تمام الصلاة بلا ستر جهلاً کما هو ظاهر قوله علیه السلام «وقد تمت صلاته» من غیر تقیید بقوله إن بادر إلی ستره فی صورة کون ذلک فی أثناء الصلاة.

[1] وذلک فإنّ الحکم بالصحة مقتضی حدیث «لا تعاد» بناءً علی ما هو الصحیح من عدم اختصاصه بالناسی، بل یعمّ الجاهل القاصر والجهل بصیرورتها حرة من الجهل بالموضوع والجهل به قصور، وإنما لا یعم الحدیث الجاهل بالحکم الکلی إذا لم یکن الجهل بنحو الغفلة.

[2] قد ظهر ممّا تقدم أنّ مجرد عدم الساتر عندها بالإضافة إلی الصلاة التی اعتقت أثنائها لا یقتضی سقوط الشرطیة، وإنما یکون ذلک مع استیعاب الاضطرار تمام الوقت، وأم_ّا بالإضافة إلی ضیق الوقت فهو أیضا لا یخلو عن تأمل لما ذکرنا من عدم

ص :34


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 404 ، الباب 27 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

وأم_ّا لو علمت عتقها لکن کانت جاهلة بالحکم وهو وجوب الستر فالأحوط إعادتها[1]

(مسألة 8) الصبیة الغیر البالغة حکمها حکم الأمة فی عدم وجوب ستر رأسها ورقبتها بناءً علی المختار[2] من صحة صلاتها وشرعیتها.

الشَرح:

تحقق التزاحم فی الواجبات الضمنیة والشرایط.

[1] الأظهر وجوب الإعادة إذا کان جهلها بالحکم جهلاً بسیطا، وأم_ّا مع الغفلة وعدم احتمالها اعتبار الستر فمقتضی إطلاق حدیث: «لا تعاد»(1) عدم وجوب إعادتها.

وعلی الجملة، لا یستلزم شمول الحدیث للغافل محذورا وإنما المحذور فی شموله للجاهل بالحکم إذا کان جهله بسیطا علی ما یأتی فی التکلم فی الحدیث إن شاء اللّه تعالی.

الصبیة غیر البالغة حکمها حکم الأمة فی عدم وجوب ستر رأسها ورقبتها

[2] لو بنی علی أنّ صلاة الصبی والصبیة مجرد تمرینیة ولم یتعلق بصلاتهما أمر من الشارع بنحو الاستحباب أیضا، بل الأمر متوجه إلی الولی بتعویدهما علی الصلاة ففی هذا الفرض لا بأس بصلاة الصغیرة بلا ستر، فإنها فی الحقیقة لیست بصلاة لیراعی فیها شرایطها، وأم_ّا إذا بنی علی مشروعیة صلاتهما إذا عقلا الصلاة ببلوغهما إلی ستّ سنوات أو الأزید کما یظهر ذلک من بعض الروایات الصحیحة کصحیحة محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهماالسلام فی الصبی متی یصلی؟ قال: إذا عقل الصلاة، قلت: متی یعقل الصلاة وتجب علیه؟ قال: لست سنین.(2)

ص :35


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 18 ، الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض، الحدیث 2 .

.··· . ··· .

الشَرح:

والمراد بالوجوب الثبوت بمعناه اللغوی فلا ینافی عدم الوجوب المقابل للاستحباب لرفع قلم التکلیف عنه، واحتمال الفرق بین الصبی والصبیة موهوم، ونحوها غیرها کما تعرضنا لذلک سابقا وقلنا بأنه لا منافاة بین مشروعیتها والأمر بالولی أیضا بتعویدهما علی الصلاة، کما یستفاد ذلک أیضا من بعض الروایات الأُخری کصحیحة الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام عن أبیه قال: «إنا نأمر صبیاننا بالصلاة إذا کانوا بنی خمس سنین فمروا صبیانکم بالصلاة إذا کانوا بنی سبع سنین».(1)

والکلام فی المقام أنه بناءً علی مشروعیة صلاة الصبیة أنها کالأمة فی عدم اعتبار ستر رأسها ورقبتها وشعرها فی صلاتها ویشهد لذلک معتبرة یونس بن یعقوب أنه سأل أباعبداللّه علیه السلام عن الرجل یصلی فی ثوب واحد؟ قال: نعم، قال: قلت فالمرأة؟ قال: لا، ولا یصلح للحرة إذا حاضت إلاّ الخمار إلاّ أن لا تجده(2). فإنّ التقیید بما إذا حاضت حیث إنّ بالحیض یعلم عادة بلوغها، ومقتضاها عدم اعتبار الستر فی صلاتها قبل بلوغها.

أضف إلی ذلک أنّ أدلة اعتبار الخمار أو المقنعة أو الملحفة التی تنشرها علی رأسها الموضوع فیها المرأة، ولا تکون الصبیة داخلة فی عنوان المرأة قبل بلوغها وفی روایة أبی بصیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام أن_ّه قال: علی الصبی إذا احتلم الصیام وعلی الجاریة إذا حاضت الصیام والخمار إلاّ أن تکون مملوکة فإنه لیس علیها خمار إلاّ أن تحب أن تختمر وعلیها الصیام.(3)

ص :36


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 19 ، الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض، الحدیث 5 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 405 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 409 _ 410 ، الباب 29 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

وإذا بلغت فی أثناء الصلاة فحالها حال الأمة المعتقة فی الأثناء فی وجوب المبادرة إلی الستر والبطلان مع عدمها إذا کانت عالمة بالبلوغ[1]

(مسألة 9) لا فرق فی وجوب الستر وشرطیته بین أنواع الصلوات الواجبة والمستحبة[2] ویجب أیضا فی توابع الصلاة من قضاء الأجزاء المنسیة.

بل سجدتی السهو علی الأحوط[3]

الشَرح:

اذا بلغت الصبیة أثناء الصلاة

[1] قد تقدم فی الأمة ما یعلم به حکم بلوغها فی أثناء الصلاة من الحکم بالصحة فی بعض الفروض والبطلان فی البعض الآخر.

الستر شرط فی الصلاة الواجبة والمستحبة

[2] کما یقتضیه الإطلاق فی الروایات الدالة علی اعتبار الستر فی صلاة المرأة وکذلک فیما دل علی اعتبار ستر العورتین فی صلاة الرجل، وبهذا یظهر الوجه فی اعتباره فی قضاء الجزء المنسی فإنّ ظاهر القضاء أنه بعینه الجزء الأدائی قد تبدل، موضعه فالقضاء بمعناه اللغوی أی الإتیان لا القضاء الاصطلاحی کما لا یخفی وإن کان فی ذلک القضاء أیضا ظهور فی الاتحاد.

یشترط الستر فی سجدتی السهو

[3] فی لزوم الاحتیاط برعایة الستر فی سجدتی السهو تأمل فإنّهما لا تکونان من أجزاء الصلاة ولا یعتبر الستر إلاّ فی الصلاة، وهذا بخلاف الاشتغال بقضاء الجزء المنسی فإنّ ذلک الجزء کما تقدم بعینه جزء الصلاة قد تبدل موضعه.

نعم، ربما یستظهر لزوم رعایة شرایط الصلاة فیهما من موثقة عبداللّه بن میمون

ص :37

نعم، لا یجب فی صلاة الجنازة وإن کان هو الأحوط فیها أیضا[1] وکذا لا یجب فی سجدة التلاوة وسجدة الشکر.

(مسألة 10) یشترط ستر العورة فی الطواف أیضا[2]

الشَرح:

القداح، عن جعفر بن محمد، عن أبیه، عن علی علیهم السلام قال: «سجدتا السهو بعد التسلیم وقبل الکلام»(1) حیث إنه لو کانتا عملاً مستقلاً من غیر اعتبار شیء مما یعتبر فی الصلاة لم یجدد موضعهما بکونهما بعد التسلیم وقبل الکلام، ولکن غایة ما یستفاد منها وجوب الإتیان بهما فورا ولذا ذکر قدس سره فی باب الخلل أنّ ترکهما لا یوجب بطلان الصلاة، وقد ورد فی صحیحة معاویة بن عمار: هما المرغمتان ترغمان الشیطان.(2)

[1] والوجه فی عدم اعتباره فی صلاة الجنازة نفی الصلاة عنها وإنما هی دعاء وتهلیل وتکبیر، وظاهر ما دلّ علی شرایط الصلاة انصرافه إلی صلاة ذات الرکوع والسجود. وممّا ذکر یظهر الحال فی سجدتی التلاوة والشکر فإنهما لیستا بصلاة ولا جزءاً منها.

یشترط فی الطواف الستر

[2] وقد التزم أکثر الأصحاب بل ادعی الإجماع علی اعتبار ستر العورة فی الطواف، ویستدل علی ذلک بروایة محمد بن الفضیل، عن الرضا علیه السلام قال: قال أمیرالمؤمنین علیه السلام إنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله أمرنی عن اللّه أن لا یطوف بالبیت عریان ولا یقرب المسجد الحرام مشرک بعد هذا العام(3). وروایة ابن عباس المرویة فی العلل

ص :38


1- (1) وسائل الشیعة 8 : 208 ، الباب 6 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاة، الحدیث 3 .
2- (2) وسائل الشیعة 8 : 250 ، الباب 32 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاة، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 13 : 400 ، الباب 53 من أبواب الطواف، الحدیث 2 .

.··· . ··· .

الشَرح:

بسنده إلیه أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله بعث علیا ینادی لا یحج بعد هذا العام مشرک ولا یطوف بالبیت عریان(1). ورواه أیضا العیاشی(2) باسناد مقطوعة عندنا عن محمد بن مسلم، عن أبی عبداللّه علیه السلام وکذا عن أبی العباس عنه علیه السلام وعن أبی بصیر وأبی الصباح، وعن حریز عنه علیه السلام والاسناد کلها مقطوعة، والروایة الأُولی فی سندها محمد بن الفضیل المردد بین محمد بن القاسم بن الفضیل الثقة ومحمد بن الفضیل الصیرفی الضعیف، والثانیة عدة مجاهیل ولکن دعوی الوثوق بصدق بعضها وصدور النهی عن الطواف بالبیت عریانا غیر بعیدة، وتخصیص النهی بالطواف عریانا ظاهره الاشتراط لا لمجرد رعایة الستر الواجب نفسیا، وإلاّ لم یکن للاختصاص وجه فإنّ احتمال جریان العادة علی الطواف حول البیت عریانا فی ذلک الزمان وترک الستر الواجب عنده، وإنّ النهی راجع إلی الردع عن ذلک ولزوم رعایة الستر الواجب نفسیا فی ذلک الحال أیضا موهوم جدا إذ لم یثبت ولم ینقل ذلک فی شیء ممّا وصل إلینا.

نعم، ربما یناقش فی دلالة الروایات علی اعتبار ستر العورتین؛ لأنّ ستر العورتین لا ینافی صدق العریان کما إذا وضع یدیه علی عورته مع ستره حلقة الدبر بشی آخر، کما أنّ عدم صدق العریان لا یلازم ستر العورتین کما إذا کان قمیصه أو سرواله مفتوقا یری عورته، ولکن المناقشة ضعیفة؛ لأنّ النهی عن الطواف عریانا کالنهی فی دخول الحمام عریانا ظاهره لزوم ستر العورتین.

وقد یستدل علی اعتبار سترهما فی الطواف بما ورد فی معتبرة یونس بن یعقوب المرویة فی الفقیه، قال: قلت لأبی عبداللّه علیه السلام : رأیت فی ثوبی شیئا من دم وأنا

ص :39


1- (1) علل الشرائع 1 : 190 ، الباب 150 ، الحدیث 2 .
2- (2) تفسیر العیاشی 2 : سورة براءة، الحدیث 4 و 5 و 7 و 8 .

(مسألة 11) إذا بدت العورة کلاً أو بعضا لریح أو غفلة لم تبطل الصلاة، لکن إن علم به فی أثناء الصلاة وجبت المبادرة إلی سترها[1] وصحت أیضا، وإن کان الأحوط الإعادة بعد الإتمام خصوصا إذا احتاج سترها إلی زمان معتد به.

الشَرح:

أطوف؟ قال: «فاعرف الموضع ثم اخرج فاغسله ثم عد فابن علی طوافک»(1) فإنّ ظاهرها الإرشاد إلی أمرین، الأول: لزوم الستر بالثوب لرعایة شرط الطواف. والثانی: رعایة طهارته کرعایتها فی الصلاة، وفیه أنه لو کانت الروایة ناظرة إلی اشتراط ستر العورتین أیضا لکان علی الإمام أن یستفصل من أنّ الدم فی ثوبه الساتر لعورتیه أم فی غیره وأنه إذا کان فی غیره ینزعه ویتم طوافه، فالإطلاق فی الأمر بالخروج والاتمام بعد تطهیره إرشاد إلی شرطیة الطهارة فی الطواف فی الثوب بلا فرق بین کون الطواف واجبا أو مستحبا، کما استدل بها الأصحاب علی اشتراط الطواف بطهارة الثوب والبدن، سواء کان ساتر للعورة أم لا.

إذا بدت العورة فی أثناء الصلاة لم تبطل

[1] إذا بدت عورته کلاً أو بعضا ولم یعلم به إلی أن فرغ من الصلاة یحکم بصحتها لحدیث «لا تعاد»(2) فإنّ الستر المعتبر فیها غیر داخل فی المستثنی فی الحدیث أضف إلی ذلک صحیحة علی بن جعفر المتقدمة(3) حیث ذکرنا ظهورها فی العلم بعدم الستر من صلاته بعد فراغه منها، وأم_ّا إذا التفت فی الأثناء فالأمر فیه کما تقدم فی انعتاق الأمة أثناء صلاتها، وأنّ المبادرة للستر لا تصحح الصلاة، وعلیه فاللازم

ص :40


1- (1) من لا یحضره الفقیه 2 : 392 ، الحدیث 2793 .
2- (2) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .
3- (3) تقدمت فی الصفحة 34 .

(مسألة 12) إذا نسی ستر العورة ابتداءً أو بعد التکشف فی الأثناء[1] فالأقوی صحة الصلاة وإن کان الأحوط الإعادة، وکذا لو ترکه من أوّل الصلاة أو فی الأثناء غفلة، والجاهل بالحکم کالعامد علی الأحوط[2]

(مسألة 13) یجب الستر من جمیع الجوانب بحیث لو کان هناک ناظر لم یرها إلاّ من جهة التحت فلا یجب[3 [نعم إذا کان واقفا علی طرف سطح أو علی شباک بحیث تری عورته لو کان هناک ناظر فالأقوی والأحوط وجوب الستر من تحت أیضا، بخلاف ما إذا کان واقفا علی طرف بئر، والفرق من حیث عدم تعارف وجود الناظر فی البئر فیصدق الستر عرفا، وأم_ّا الواقف علی طرف السطح لا یصدق علیه الستر إذا کان بحیث یری، فلو لم یستر من جهة التحت بطلت صلاته وإن لم یکن هناک ناظر فالمدار علی الصدق العرفی ومقتضاه ما ذکرنا.

الشَرح:

إعادة الصلاة أی استینافها وإن کان الأحوط الإتمام ثمّ الإعادة.

[1] قد تقدم أنّ مع الالتفات إلی عدم الستر فی الأثناء یوجب بطلانها ونسیان الستر بعد العلم بعدمه فی الأثناء لا یصححها.

[2] وقد تقدم أنّ الجهل بالحکم إذا کان للغفلة عنه بالمرة فلا یبعد القول بأنّ الصلاة تکون محکومة بالصحة، حیث لا محذور فی الالتزام بشمول حدیث: «لا تعاد»(1) للغافل عن الاشتراط.

نعم، مع احتمال الاشتراط لا مجال فیه لجریان الحدیث علی ما قرر فی محله.

یجب الستر من جمیع الجوانب

[3] لا ینبغی التأمل فی عدم اشتراط الستر من جهة التحت بلا فرق بین الرجل والمرأة کما لا خلاف فیه أیضا، ویدلّ علی ذلک ما ورد فی جواز صلاة الرجل فی

ص :41

.··· . ··· .

الشَرح:

قمیص أو درع وصلاة المرأة فی درع وخمار أو فی درع ومقنعة(1)، فإنّ الدرع لا یستر من جهة التحت.

نعم، لو کان لمکان المصلی خصوصیة بحیث یعد عدم الساتر له من تحت کمن یصلی علی طرف السطح بحیث لو کان ناظر فی الأسفل من ذلک السطح یری عورته فالظاهر لبس السروال ونحوه ممّا یوجب الستر من التحت أیضا، فإنّه وإن ورد فی الروایات جواز الصلاة فی درع إلاّ أنها منصرفة إلی صورة کونه مصلیا علی الأرض ونحوها ممّا یکون له ستر بهما بالإضافة إلی التحت، ووجه الانصراف أنّ المتفاهم العرفی من اشتراط الستر فی الصلاة أن لا یکون المصلی فی حال الصلاة علی حالة منکرة مذمومة فی نفسها من التعری؛ ولذا أمر بوضع الید علی العورة فیمن لا یجد ثوبا ویصلی فیما لا یراه أحد قائما مومیا للرکوع والسجود علی ما تقدم، وهذا لا یجری فی الصلاة بلا سروال فیما کان یصلی علی الأرض ولیس له ساتر من تحت، فإنه وإن یمکن أن یمر علیه شخص وإذا استلقی بحذاء رجلیه علی الأرض أن یری عورته، ولکن هذا الإمکان لا یعد میزانا لکون المصلی علی حالة منکرة ومذمومة من حیث ستر عورته؛ ولذا فرق بین الصلاة علی جانب السطح بلا سروال وبین الصلاة علی جانب بئر بلا سروال حیث یمکن أن یدخل فی البئر شخص وینظر إلی عورته، ولکنه فرض نظیر الاستلقاء حذاء رجلی المصلی حال صلاته فی قمیص.

وممّا ذکر ظهر أنه لا مجال للوهم بأنه إذا صلّی علی جانب السطح ولم یکن له ستر من جانب التحت بحیث یری عورته من یمر من أسفل البناء فصلاته صحیحة

ص :42


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 405 ، الباب 28 من أبواب لباس المصلی .

(مسألة 14) هل یجب الستر عن نفسه بمعنی أن یکون بحیث لا یری نفسه أیضا أم المدار علی الغیر؟ قولان الأحوط الأوّل، وإن کان الثانی لا یخلو عن قوة[1 [فلو صلی فی ثوب واسع الجیب بحیث یری عورة نفسه عند الرکوع لم تبطل علی ما ذکرنا والأحوط البطلان، هذا إذا لم یکن بحیث قد یراها غیره أیضا وإلاّ فلا إشکال فی البطلان.

الشَرح:

لجواز الصلاة فی درع واحد، ولکن الأسفل إذا کان بحیث یکون معرضا لوجود الناظر أثم من جهة وجوب الستر نفسا نظیر ما تقدم فی صلاة المرأة مع عدم ستر زینتها مع وجود الناظر الأجنبی.

یجب الستر عن نفسه

[1] وجه کونه أقوی ورود الترخیص فی الروایات فی صلاة الرجل فی ثوب أو قمیص واحد محلولة أزراره فإنّ الرجل فی الفرض کثیرا ما لکون قمیصه واسعا یری عورته عند رکوعه بل عند هویه إلی سجوده، وفی صحیحة زیاد بن سوقة، عن أبی جعفر علیه السلام «لا بأس أن یصلی أحدکم فی الثوب الواحد وأزراره محللة إنّ دین محمد حنیف»(1) وموثقة غیاث بن إبراهیم، عن جعفر، عن أبیه علیهم السلام : «لا یصلی الرجل محلول الأزرار إذا لم یکن علیه إزار»(2) یحمل علی الکراهة بقرینة التعلیل فی الصحیحة المتقدمة وغیرها ممّا دلّ علی جواز الصلاة فی قمیص واحد إذا کان کثیفا حیث لم یرد فیها تقیید القمیص بعدم کونه واسع الجیب.

ص :43


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 393 ، الباب 23 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 394 ، الباب 23 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

(مسألة 15) هل اللازم أن یکون ساتریته فی جمیع الأحوال حاصلاً من أوّل الصلاة إلی آخرها أو یکفی الستر بالنسبة إلی کل حالة عند تحققها مثلاً إذا کان ثوبه ممّا یستر حال القیام لا حال الرکوع فهل تبطل الصلاة فیه وإن کان فی حال الرکوع یجعله علی وجه یکون ساترا أو یتستر عنده بساتر آخر أو لا تبطل؟ وجهان، أقواهما الثانی وأحوطهما الأول[1 [وعلی ما ذکرنا فلو کان ثوبه مخرقا بحیث ینکشف عورته فی بعض الأحوال لم یضر إذا سدّ ذلک الخرق فی تلک الحالة بجمعه أو بنحو آخر ولو بیده علی إشکال فی الستر بها.

الشَرح:

وممّا ذکرنا فی المسألة السابقة یعلم أنه لابد من تقیید جواز الصلاة فی ثوب بحیث یری عورته عند رکوعه بما اذا لم یکن سعته بحیث یری عورته غیره أیضا وإلاّ یحکم ببطلان صلاتها نعم کونه بحیث لو وضع الغیر جبینه الی مقدم رأسه عند رکوعه ونظر الی عورته لرآها فهذا نظیر ما تقدم من الصلاة علی جانب البئر بحیث لو اتفق ناظر إلی قعر البئر لرأی عورة المصلی فان هذا لا ینافی الستر المعتبر فی الصلاة.

[1 [لا یخفی أنه وإن ورد فی الروایات جواز صلاة الرجل فی قمیص واحد إذا کان کثیفا أو صفیق أو قباء لیس بطویل الفرج أو فی إزار متزرا به ممّا یکون ساتریته فی جمیع أحوال الصلاة حاصلاً من الأول إلاّ أنّ المتفاهم العرفی منها أنّ الشرط فی الصلاة هو تستر الرجل بعورتیه فی کل حالات الصلاة بساتر ثوبی، وعلیه فإن کان قمیص المصلی مخروقا ولکن کان ساترا لعورتیه عند القیام ولکن لم یسترهما عند رکوعه إلاّ بجمع طرفی القمیص فیجمعهما ویرکع کفی ذلک لحصول الشرط.

نعم، سدّ موضع الخرق بیده فیه إشکال لعدم کونه متسترا بالثوب مع تمکنه منه.

ص :44

(مسألة 16) الستر الواجب فی نفسه من حیث حرمة النظر یحصل بکل ما یمنع عن النظر[1] ولو کان بیده أو ید زوجته أو أمته، کما أنه یکفی ستر الدبر بالألیتین، وأم_ّا الستر الصلاتی فلا یکفی فیه ذلک ولو حال الاضطرار، بل لا یجزی الستر بالطلی بالطین أیضاً حال الاختیار، نعم یجزی حال الاضطرار علی الأقوی وإن کان الأحوط خلافه، وأم_ّا الستر بالورق والحشیش فالأقوی جوازه حتی حال الاختیار، لکن الأحوط الاقتصار علی حال الاضطرار، وکذا یجزی مثل القطن والصوف الغیر المنسوجین، وإن کان الأولی المنسوج منهما أو من غیرهما ممّا یکون من الألبسة المتعارفة.

الشَرح:

الستر الواجب بنفسه یحصل بکل ما یمنع النظر وهو لایکفی فی الستر الصلاتی

[1] فإنّ المحرم کون عورة الرجل مکشوفة وإذا سترها بشی یکون مانعا عن النظر إلیه کفی ذلک، کما إذا کان الستر بید زوجته أو أمته، فالمریض العریان إذا وضعت زوجته أو أمته علی عورته حصل المطلوب من الأمر بالستر نفسیا، وحیث إنّ العورة حلقة الدبر لا الألیتین معها فإنه إذا سترها بهما حصل ما تعلق به الأمر النفسی، هذا کلّه فی الستر الواجب النفسی.

وأم_ّا الستر الصلاتی فلا یجزی هذا النحو من الستر حتی فی حال الاضطرار، بل ینتقل الأمر مع الاضطرار إلی الصلاة إیماءً لرکوعه وسجوده قائما أو قاعدا علی ما یذکر فی صلاة العراة من الروایات الدالة علی انتقال الوظیفة إلی ما ذکر وقد ذکر الماتن قدس سره أنه لا یجزی الطلی بالطین فی حال الاختیار ووجدان الثوب ونحوه، وأم_ّا إذا لم یجد ثوبا ونحوه کفی الطلی بالطین علی الأقوی وإن کان الأحوط مع عدم وجدان الثوب أن یستر عورته بالحشیش ونحوه إذا وجد، وأم_ّا الستر بالورق والحشیش فالأقوی جوازه حتی فی حال وجدان الثوب واللباس وإن کان الأحوط فی صورة

ص :45

.··· . ··· .

الشَرح:

الوجدان أن یصلّی فی الثوب واللباس، ویجزی فی حال الاختیار کالثوب واللباس مثل القطن والصوف ممّا ینسج ویصنع منه الثوب واللباس، وإن کان الأولی الصلاة فی الثوب واللباس.

أقول: یقع الکلام فی مقامین:

الأول: تعیین مقتضی الأصل فیما إذا شک فی اعتبار الخصوصیة فی الساتر من جهة هیئته، ککون القطن والصوف ونحوهما منسوجا أو مصنوعا بحیث یصدق علیه عنوان الثوب واللباس أو عدم اعتبار الهیئة، بل یکفی الستر بتلک المواد.

والثانی: فیما إذا شک فی بعض المواد بأنه یجزی الستر بها فی الستر الصلاتی أو لا یجزی کما إذا ستر الرجل عورتیه بالطلی بالطین والجصّ ونحوهما. ولا ینبغی التأمل فی أنّ الستر فی الصلاة کسایر شرایطها قید للصلاة التی تعلّق بها التکلیف فیرجع الشک فی الساتر من جهة خصوصیة هیئته أو مادته إلی أنّ متعلّق التکلیف هو الصلاة المقیدة بستر عام أو خاص من کلتا الجهتین أو من إحداهما وأصالة البراءة عن وجوب الصلاة المقیدة بساتر خاص جاریة ولا تعارض بأصالة البراءة عن وجوب الصلاة المقیدة بساتر عام؛ لأنّ جریانها فی الثانی خلاف الامتنان.

وما قیل من التفصیل فی موارد الشک فی خصوصیة الساتر وأنه لو کان الشک فی خصوصیة هیئة الساتر فأصالة البراءة جاریة فی شرطیتها، بخلاف ما إذا شک فی مادة الساتر کجواز الستر بطلی الطین فإنّ مقتضی قاعدة الاشتغال، بل استصحاب بقاء التکلیف لزوم رعایة المادة المحرزة جواز الصلاة معها؛ لأنّ الفرض الثانی داخل فی دوران أمر الواجب بین التعیین والتخییر، فمع کونه تعیینیا أو تخییریاً فالمحتمل تعلق التکلیف التعیینی متعلق للتکلیف یقیناً إمّا تعییناً أو تخییریاً، وأم_ّا ما لا یحتمل فیه

ص :46

.··· . ··· .

الشَرح:

التعیین لم یحرز تعلق التکلیف به أصلاً فالاستصحاب فی بقاء التکلیف فی محتمل التعیین بعد الإتیان بالمحتمل الآخر مقتضاه لزوم الإتیان به، ولا أقل من قاعدة الاشتغال والاستصحاب فی عدم کون الوجوب تعیینیاً لا یثبت کونه تخییریا.

ولکن لا یخفی ما فیه فإنّ الشک فی خصوصیة مادة الساتر للستر بها فی الصلاة لا یوجب کون الواجب تخییریا، فإنّ التکلیف کما ذکر متعلق بالصلاة المقیدة بالستر العام أو المقیدة بالستر الخاص من حیث الهیئة أو المادة أیضا، بل الحال فی الستر الواجب نفسیا أیضا کذلک فإنّ التخییر فی کلا الموردین عقلی لا شرعی، وما قیل من لزوم الاحتیاط مختص بالواجب التخییری الشرعی إذا احتمل کون الوجوب أحدهما تعیینیا وکان الواجب التخییری کما ذکر من اختلافه مع التعیینی فی سنخ الوجوب، وأم_ّا بناءً علی اختلافهما فی متعلق الوجوب فی کونه خصوص أحدهما أو عنوان الجامع بینهما ولو کان انتزاعیا فمقتضی أصالة البراءة عدم کونه خصوص أحدهما وکفایة الجامع.

وأم_ّا المقام الثانی وهو الکلام فی خصوصیة الساتر بحسب الخطابات الشرعیة فقد یستظهر من بعض الروایات اعتبار کون الساتر ثوبا أو لباسا کصحیحة علی بن جعفر، عن أخیه موسی علیه السلام قال: سألته عن رجل عریان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو کلّه دم یصلی فیه أو یصلی عریانا؟ قال: «إن وجد ماءً غسله وإن لم یجد ماءً صلّی فیه ولم یصل عریانا»(1) رواها الشیخ والصدوق (2) بأسنادهما عن علی بن جعفر.

ص :47


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 484 ، الباب 45 من أبواب النجاسات، الحدیث 5 .
2- (2) التهذیب 2 : 224 ، الحدیث 92 ، ومن لا یحضره الفقیه 1 : 248 ، الحدیث 755 .

.··· . ··· .

الشَرح:

ووجه الاستظهار دلالتها علی أمرین، أحدهما: اعتبار الثوب الطاهر فی الستر للصلاة مع التمکن منه. وثانیهما: أنه مع عدم التمکن یصلی فی الثوب النجس لا عاریا، وهذا المدلول الثانی وإن یکون مبتلی بالمعارض کما تقدم فیمن لا یتمکن من تطهیر الثوب المتنجس لصلاته إلاّ أنّ المدلول الأول لا معارض له، بمعنی أنّ مع التمکن من الثوب الطاهر لا یجوز له الصلاة عاریا، ومن الظاهر أنّ مجرد وضع الطین علی عورتیه بل سترهما بالحشیش أو حتی بالقطن لا یخرجه عن عنوان العاری؛ ولذا ورد السؤال فی الروایات عن إجزاء الصلاة فی قمیص واحد أو بالمئزر فقط ولیس وجه السؤال إلاّ احتمال کون مجرد ذلک لا یوجب خروج المصلی عن عنوان کونه عاریا. ولا ینافی ذلک جواز الصلاه مع ستر عورتیه بالحشیش أو بالقطن ونحوهما مع عدم التمکن من الثوب واللباس لعدم سقوط التکلیف بذلک، بل تجب الصلاة بدون ذلک أیضا کما ورد ذلک فی وجوب الصلاة علی العاری الذی لا یجد ثوبا ولا شیئا یستر به عورته حیث یصلی قائما مومیا للرکوع والسجود إذا لم یکن یراه أحد وجالسا مومیا إذا کان بحیث یراه أحد وفی صحیحته الأُخری، عن أخیه موسی علیهم السلام قال: سألته عن الرجل قطع علیه أو غرق متاعه فبقی عریانا وحضرت الصلاة کیف یصلی؟ قال: «إن أصاب حشیشا یستر به عورته أتم صلاته بالرکوع والسجود، وإن لم یصب شیئا یستر به عورته أومأ وهو قائم».(1)

وقد یقال الاستظهار المذکور لا یخلو عن تأمل، فإنّ الصحیحة الأخیرة یمکن کونها ردعا عما فی ذهن علی بن جعفر من احتمال لزوم الستر بالثوب فقط، فذکر علیه السلام کفایة الستر بالحشیش ونحوه، وکذا ما ورد فی جواب السؤال عن الصلاة فی قمیص

ص :48


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 448 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

واحد أو مئزر واحد فإنه إرشاد إلی أنّ القمیص إذا کان کثیفا یستر عورتیه فلا یلزم محذور فی صلاته، وأنه إذا کان له مئزر بحیث یستر عورتیه فعدم الستر فی سایر البدن لا یضر. وأم_ّا الصحیحة الأُولی فهی ناظرة إلی اعتبار طهارة الثوب مع التمکن لا اعتبار الستر بالثوب، حیث إنّ المفروض فی السؤال کونه واجدا لثوب نصفه أو کله دم ومع ذلک رعایة الستر بالثوب واللباس مع التمکن أحوط بأن لا یصلی مع تمکنه من الستر بمثل الحشیش والقطن والصوف ولا مع عدم التمکن منه بمثل طلی الطین والجص، ولکن الظاهر صحة الاستدلال علی اعتبار الثوب مع التمکن منه، ولا یکفی الستر بالحشیش ونحوه بإطلاق الأمر بغسل الثوب فی صحیحة علی بن جعفر(1) مع فرض السائل بأنّ نصفه دم أو کله؛ وذلک فإنه لو لم یکن الثوب معتبرا لکان الأمر بغسله تعبدا بصورة عدم وجدانه الحشیش ونحوه لستر عورته، فمقتضی إطلاق الأمر به عدم کفایة الحشیش ونحوه مع التمکن من الثوب الطاهر، وما ورد فی ذیلها من الأمر بالصلاة فیه مع عدم وجود الماء لا یوجب تقیید الصدر یعنی الأمر بالغسل والصلاة فیه بما إذا لم یوجد من مثل الحشیش، من الحشیش ونحوه بل یرفع الید عن إطلاق الذیل وانه یصلی فی الثوب النجس إذا لم یجد مثل الحشیش بقرینة الصحیحة الأخیرة کسائر الروایات الواردة فی الثوب النجس فإن هذه الاطلاقات مفیدة کلها بعدم وجدان الحشیش ونحوه بالصحیحة الأخیرة لعلی بن جعفر ولا تکون هذه الصحیحة قرینة علی أنّ المراد بالثوب فی الروایات المشار إلیها الأعم من الثوب الفعلی واللباس أو ما یصلح له کالحشیش والقطن والصوف فإنه لا یناسب ذلک ظهور الثوب، کما یمکن حمل الاطلاق فی سائر الروایات علی صورة الاضطرار إلی لبس الثوب لبرد أو حرّ أو

ص :49


1- (1) تقدمت فی الصفحة : 47 .

.··· . ··· .

الشَرح:

غیر ذلک بقرینة معتبرة محمد الحلبی، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن رجل یجنب فی الثوب أو یصیبه بول ولیس معه ثوب غیره؟ قال: «یصلی فیه إذا اضطر إلیه»(1).

فیکون المحصل جواز الصلاة فی الثوب النجس عند الاضطرار إلی لبسه أو عدم تمکنه من ساتر من مثل الحشیش والصوف والقطن وغیر ذلک غایة الأمر الصلاة فی النجس مع الاضطرار إلی لبسه متعین ومع عدم الاضطرار وعدم تمکنه من مثل الحشیش الصلاة فیه تخییریة یجوز لها الصلاة عریاناً علی ما تقدم فی بحث الصلاة فی النجس والنهی عن الصلاة عریاناً فی هذه الصحیحة مع أن المفروض فیها عدم الاضطرار إلی لبس النجس کما یظهر من السؤال محمول علی أفضلیة الصلاة فیه مع عدم الاضطرار إلی لبس النجس لبرد ونحوه بقرینة تقیید جواز الصلاة فیه فی صحیحة محمد بن علی الحلبی بصورة الاضطرار حیث إنه لو تعیّن الصلاة فیه مع عدم الاضطرار إلی لبسه أیضاً لکان التقیید بالاضطرار لغواً.

ص :50


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 485 ، الباب 45 من أبواب النجاسات، الحدیث 7 .

فصل فی شرایط لباس المصلی

اشارة

وهی أُمور:

الأول: الطهارة فی جمیع لباسه[1] عدا ما لا تتم فیه الصلاة منفردا، بل وکذا فی محموله علی ما عرفت تفصیله فی باب الطهارة.

الثانی: الإباحة وهی أیضا شرط فی جمیع لباسه[2] من غیر فرق بین الساتر وغیره.

الشَرح:

فصل فی شرایط لباس المصلی

الأوّل: الطهارة

[1] المراد من الطهارة أعم من الطهارة الواقعیة والظاهریة کما تقدم فی باب الطهارة أنّ النجاسة الواقعیة فی الثوب والبدن إذا لم تکن محرزة فلا یضرّ بالصلاة إلاّ إذا کانت منسیة، وتقدم أیضا أنّ النجاسة وإن کانت محرزة فلا تضر بالصلاة فیما إذا کان المتنجس ما لا تتم الصلاة فیه منفردا أی لا تتم فیه صلاة الرجل فیه بأن لا یستر عورته من القبل والدبر، ولا فرق فی اشتراط الطهارة بین کون الثوب ساترا أو غیر ساتر علی ما مرّ الکلام فی ذلک کلّه فی ذلک الباب کما تقدم فیه عدم اعتبار الطهارة فی المحمول.

الثانی: الإباحة

[2] مراده قدس سره أنه إذا لم یکن الثوب بحیث یجوز للمصلی التصرف فیه بلبسه، سواء کان عدم جواز لبسه لکونه مغصوبا عینا أو منفعة أو اشتراه بالمعاملة الفاسدة أو تملّکه بالقمار أو کان مملوکا له عینا ومنفعة، ولکن تعلّق به حق الغیر کما إذا کان مرهونا

ص :51

.··· . ··· .

الشَرح:

ففی جمیع هذه الصور الصلاة فیها محکومة بالبطلان، بلا فرق بین کونه من ساتره أم لا، بل لا یعتبر کونه ملبوسا، بل إذا کان محمول المصلی.

وبتعبیر آخر، حلیة الثوب أو المحمول شرط فی الصلاة فمع عدمها یحکم ببطلان الصلاة، ویستدل علی ذلک بوجوه: الأول: بعض الروایات:

منها روایة تحف العقول عن أمیرالمؤمنین علیه السلام فی وصیته لکمیل قال: یا کمیل انظر فیما تصلی وعلی ما تصلی إن لم یکن من وجهه وحله فلا قبول(1). رواها فی الوسائل فی باب حکم الصلاة فی المکان المغصوب والثوب المغصوب(2). والروایة ضعیفة سندا ودلالة، ووجه ضعفها دلالة أیضا أنّ عدم القبول أعم من الفساد.

ومنها مرسلة الصدوق قال: قال الصادق علیه السلام : «لو أنّ الناس أخذوا ما أمرهم اللّه به فأنفقوه فیما نهاهم عنه ما قبله منهم، ولو أخذوا ما نهاهم اللّه عنه فأنفقوه فیما أمرهم اللّه به ما قبله منهم حتی یأخذوه من حق وینفقوه فی حقّ»(3) ورواه الکلینی قدس سره عن محمد بن یحیی، عن أحمد بن محمد بن عیسی، عن محمد بن سنان، عن اسماعیل بن جابر، عن أبی عبداللّه علیه السلام مثله(4). وفیه مع الإغماض عن السند ظاهرها کونها ناظرة إلی إنفاق الحق الشرعی من المال وأنه إنّما یقبل إذا أخذ المال بالوجه الحلال وأنفق فی مصرفه الشرعی، فلا یقبل إذا لم یؤخذ المال من طریق الحلال کما لا یقبل إذا لم یصرف فی مصرفه الشرعی، ولا یرتبط ظهورها بالصلاة واشتراطها بحلیة الثوب

ص :52


1- (1) تحف العقول : 174 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 119 ، الباب 2 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 2.
3- (3) من لا یحضره الفقیه 2 : 57 ، الحدیث 1694.
4- (4) الکافی 4 : 32 ، الحدیث 4 .

.··· . ··· .

الشَرح:

والمحمول حالها.

والعمدة فی الاستدلال علی اعتبارها وجهان، أحدهما: یختص بحلیة الساتر فی الصلاة. والثانی: یعمّ اعتبار الحلیة فی الساتر وغیره.

أمّا الأول فقد یقال إنّ الأمر بالصلاة لا یکاد یعمّ الصلاة التی یکون الساتر حالها مغصوبا أو مثل المغصوب؛ وذلک فإنّ الستر نظیر استقبال القبلة ونحوه قید للصلاة، ومن الظاهر أنّ المحرم تکلیفا لا یمکن أن یکون قیدا للمأمور به فطبیعی الصلاة المشروطة بالستر المتعلق بها الأمر لا یعمّ الصلاة فی الساتر المغصوب؛ لأنّ الأمر بالطبیعی المقید طلب إیجاد الحصة التی تکون بایجاد نفس القید، ولا یمکن للشارع مع فرض نهیه عن إیجاد القید الأمر بالمقید به أو الترخیص فی تطبیق طبیعی المقید به علی الحصة التی تکون بالمنهی عنه حصة.

ودعوی أنّ الأمر بالصلاة المقیدة أو الترخیص فی التطبیق وإن لا یعمّ الصلاة التی الستر فیها بالمنهی عنه إلاّ أن_ّه لا یعتبر فی نفس الستر قصد التقرب فالصلاة بالستر المنهی عنه واجدة للملاک وتصح باعتبار ملاکها، یدفعها بأن_ّه لا سبیل لنا إلی حصول الملاک إلاّ الأمر أو الترخیص فی التطبیق، ومع عدمهما کما هو المفروض لا یمکن الحکم بالصحة.

ولکن عود علی هذا الوجه بأنّ ما هو دخیل فی الصلاة ومأخوذ فیها وصف المصلی أی مستوریة العورة فی الرجل ومستوریة الجسد فی المرأة، وهذا من مقولة الوضع ولبس المغصوب ونحوه بمعناه المصدری وهو المنهی عنه موجود لها، حیث إنّ اللبس تصرف فی مال الغیر بلا طیب نفس مالکه وإذنه، وهذا من مقولة الفعل فلا یتحدّ المبغوض مع ما هو قید للصلاة حتی لا یمکن الأمر بالصلاة أو الترخیص فی

ص :53

.··· . ··· .

الشَرح:

التطبیق علیها ولو بنحو الترتب کما هو المقرر فی بحث اجتماع الأمر والنهی، حیث ذکر فیه فی موارد الترکیب الانضمامی یمکن الأمر والترخیص ولو معلقا علی ارتکاب المنهی عنه، بخلاف موارد الترکیب الاتحادی حیث لا یمکن فیها اجتماع الأمر والنهی ولو بنحو الترتیب کالوضوء بماء مغصوب، حیث إنّ الوضوء هو غسل الوجه والیدین ونفس الغسل به مبغوض حیث هو تصرف فی ملک الغیر بلا رضاه.

وعلی الجملة، مستوریة عورة المصلی بلبس المغصوب لیس حراما ثانیا، وإنّما المحرم لبسه ولو لم یحصل به مستوریتها کما إذا کان الثوب المغصوب مخرقا تری عورته.

وممّا ذکرنا یظهر الخلل فیما ذکر بعضهم من أنّ الأمر بإتمام الصلاة فی الثوب المغصوب أو الترخیص فیها لا یجتمع مع الأمر فی حال تلک الصلاة بنزعه وردّه علی مالکه، وکیف یمکن الأمر بإتمامها مع هذا الأمر بالنزع والرد؟ ووجه الظهور أن_ّه وإن لا یمکن الأمر بها مع الأمر بالنزع والرد فی عرض واحد إلاّ أنه یمکن الأمر بالإتمام معلّقا علی ترک النزع والرد.

نعم، إذا کان الثوب غیر ساتر فیجتمع الأمر بالإتمام مع الأمر بالنزع فی عرض، بل مع الرد أیضا إذا أمکن الرد بالتسبیب أو حضور المالک أو وکیله أو ولیه.

وعلی الجملة، لو تم هذا الوجه وجب الالتزام ببطلان الصلاة فی کل مورد لایجتمع إتمامها مع وجوب فعل آخر یکون الصلاة المأتی بها ضدا کالصلاة عند مطالبة الدائن دینه الحال من المصلی، وهذا لا یمکن الالتزام به.

والوجه الثانی وهو العمدة فی اشتراط الصلاة بإباحة ثیاب المصلی أنّ الحرکات الصلاتیة کالهوی إلی الرکوع بل السجود ورفع الرأس منهما تحریک وتصرف فی

ص :54

.··· . ··· .

الشَرح:

الثوب المغصوب فلا یمکن تعلق الأمر أو الترخیص فی التطبیق بتلک الحرکات، بل تکون تلک الحرکات محرمة لکونها تصرف فی ملک الغیر بلا رضاه أو أنّ التصرف فی ملک الغیر یحصل بها، وعلی کلا التقدیرین فلا یعمّ الأمر بالصلاة المقیدة بالستر بتلک الحرکات أو لا یعم الترخیص فی التطبیق لصلاة فیها تلک الحرکات. وهذا الوجه علی تقدیر تمامیته یعم الساتر وغیره، بل یعمّ المحمول الذی یتحرک بالحرکات الصلاتیة ولکنه غیر تام؛ لأنّ الحرکات التی اعتبرت من الصلاة قائمة بالبدن، غایة الأمر تکون علة لتحرک الثوب المغصوب، وتحرک الثوب لیس محرما آخر فی مقابل لبسه الذی یعد تصرفا فی ملک الغیر؛ ولذا لا یحرم مجرد مثل هذا التحریک بلا لبس، فلو اغتسل فی ماء مباح بالارتماس وأوجب ذلک تحرک الثوب الآخر من غیر رضاه لم یفعل محرما وصح غسله.

فتحصل أنّ لبس الثوب المغصوب إذا لم یکن ساترا حرام، ولکن لا یرتبط بالصلاة حیث لم یتقید الصلاة بمطلق الثوب، بل بالساتر خاصة بل الدخیل فی الصلاة فی موضع الساتر أیضا لیس نفس اللبس، بل کون عورته مستورة به فلا یتحد القید للصلاة مع اللبس، اللهم إلاّ أن یدعی أنّ أهل العرف یرون اللبس عین مستوریة عورة المصلی، وأنّ التعدد بینهما بحسب الاعتبار لا بالتعدد الخارجی، فالنهی عن التصرف فی ملک الغیر یوجب أن تکون الصلاة التی تکون مستوریة العورة فیها بالمغصوب خارجة عن متعلق الأمر وأنه لا یمکن أن یعمها الترخیص فی التطبیق المستفاد من إطلاق متعلق الأمر.

وبتعبیر آخر، المعتبر فی الصلاة لیس مجرد مستوریة العورة، بل مستوریتها بالثوب واللباس والإطلاق فی المأمور به لا یعمّ المنهی عنه، ولکن قد تقدّم التأمّل فیه.

ص :55

وکذا فی محموله فلو صلی فی المغصوب ولو کان خیطا منه عالما بالحرمة عامداً بطلت[1]

الشَرح:

لو صلی بالمغصوب عالماً عامداً بطلت صلاته

[1] هذا الحکم بنحو الجزم فی المقام ینافی ما یذکره فی المسألة الثانیة من إمکان القول بالصحة؛ لأنّ الخیط المفروض یعد تالفا، ولکن لا یخفی أنّ مجرد عدّ مال الغیر تالفا لا یوجب خروج أجزائه المنکسرة أو المقطوعة عن ملک مالکه، ویکفی فی عدم جواز التصرف فی الثوب المخیط بخیوط الغیر بقاء تلک الخیوط فی ملکه.

نعم، إذا خرج الضامن عن الضمان بدفع العوض إلی مالکها یتملک بالدفع بقایا التالف، حیث إنّ دفع العوض فی بناء العقلاء معاوضة قهریة، وعلی ذلک فقبل دفع العوض التستر بالثوب المزبور خارج عن التستر المأخوذ قیدا للصلاة المأمور بها فلا یعمه طبیعی متعلّق الأمر، ولا لازمه أی الترخیص فی التطبیق بناءً علی ما تقدم فی وجه اعتبار إباحة الساتر أو مطلقا ولو لم یکن ساترا، وقد ذکرنا وجه اعتبار الإباحة فی الساتر علی نحو الاحتیاط ولا فرق فی بطلان الصلاة فیه عالما وعامدا بین علمه بکونه مفسدا لها أم لا؛ لأنّ الجهل بالمفسدیة لا یمنع عن خروج الصلاة المأتی بها مع العلم بکون الثوب مغصوبا ولا یجوز لبسه عن متعلق الأمر بالصلاة أو شمول الترخیص فی التطبیق لها. ولا مجری لحدیث «لا تعاد»(1) أیضا؛ لأنه یعلم قبل الصلاة بعدم جواز لبسه فی الصلاة وغیرها.

نعم، إذا کان جاهلاً بالحرمة بأن اعتقد أنّ التصرف فی الثوب المخیط بخیط الغیر حلال لا حرمة فیه لکونه ضامنا بالبدل یلتزم بصحة الصلاة لسقوط النهی بالغفلة

ص :56


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

.··· . ··· .

الشَرح:

فلا یکون فی حقه نهی حتی یوجب النهی المزبور تقیید الصلاة المأمور بها بالصلاة فی غیره. وأم_ّا إذا کان محتملاً حرمته فالنهی ثابت فی حقه بل وتنجزه فی حقه ببرکة خطابات وجوب تعلّم التکالیف، فالتقیید فی المأمور به وعدم الترخیص فی التطبیق حاصل فلا یمکن الحکم بصحة تلک الصلاة.

وما ذکر الماتن من: أنّ الحکم بالصحة مع الجهل بالحرمة لا یخلو عن قوة، صحیح فی فرض الغفلة وغیر صحیح فی فرض الجهل البسیط، والوجه فی ذلک أنّ التکلیف ومنه حرمة التصرف فی مال الغیر کالثوب المشتری بالمعاملة الفاسدة وإن لا یمکن اختصاصه بالملتفت إلی التکلیف واختصاصه به کاختصاصه بالعالم به أمر غیر ممکن، ویکون للتکلیف إطلاق ذاتی لا محالة إلاّ أنه لا یفید فی داعویته بالإضافة إلی الغافل عنه، وعلیه فالأخذ بإطلاق المأمور به فی مورد الاجتماع ولو کان ترکیب متعلقی الأمر والنهی اتحادیا فیه أمر ممکن کما هو الحال فی صورة الغفلة عن الموضوع أیضا وإن یمکن القول باختصاص التکلیف وهو النهی عن التصرف فی مال الغیر فی المقام بغیر الغافل عن الموضوع؛ لکون عمومه للغافل عن الموضوع رأسا لغو کما هو الحال فی ناسی الموضوع، حیث إنّ مقتضی نفی النسیان فی حدیث الرفع(1) ارتفاع التکلیف واقعا حال النسیان، وهذا بخلاف الجهل البسیط، سواء کان الجهل بالتکلیف أو بالموضوع حیث مع هذا الجهل یکون التکلیف المحتمل داعیا إلی رعایته مع عدم عذریة الجهل کما فی الجهل بحرمة التصرف فی مال الغیر فإنّه مورد هذا الجهل قبل الفحص، فیکون إطلاق النهی ومنجزیة احتماله موجبا لخروج المجمع

ص :57


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 373 ، الباب 12 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 8 .

وإن کان جاهلاً بکونه مفسدا[1] بل الأحوط البطلان مع الجهل بالحرمة أیضاً وإن کان الحکم بالصحة لا یخلو عن قوة، وأمّا مع النسیان أو الجهل بالغصبیة فصحیحة.

الشَرح:

فی موارد الترکیب الاتحادی عن متعلق الأمر.

وأم_ّا حدیث «لا تعاد»(1) فلا یشمل من موارد الجهل إلاّ ما یکون عذرا کالجهل فی موارد الاجتهاد والتقلید أو الجهل بالموضوع حیث لا یجب الفحص فیه، فإنّ الجاهل المقصر حین العمل مکلّف بالإتیان بالعمل التام، والأمر بالإعادة والنهی عنه إرشادا إلی صحة العمل أو بطلانه إنّما یتوجه إلی العامل إذا أتی بوظیفته ولو کانت ظاهریة أو اعتقادیة والتفت إلی الخلل فیها بعد العمل أو أثنائه ولکن بعد مضی الخلل علی ما مرّ، وعلیه فالجاهل بحرمة التصرف فی مال الغیر بمعنی غفلته عنها رأسا کالجاهل بالموضوع مطلقا والناسی صلاته محکومة بالصحة بخلاف الجاهل المقصر.

[1] لا یخفی أنّ الجهل بکون الغصب مبطلاً للصلاة فی الساتر أو فی مطلق ثیاب المصلی مع العلم بالغصب وحرمته حتی فیما إذا کان المراد من الجهل الغفلة أو النسیان لا یوجب الحکم بصحتها بحدیث «لا تعاد» أو غیره؛ وذلک فإنّ المکلف عند الشروع فی الصلاة یعلم بوجوب نزع الساتر المغصوب وسایر ثیابه المغصوبة، ومعه لا مجری لحدیث «لا تعاد» فإنّه لا یعمّ صورة کون المکلف عالما بتکلیفه بالصلاة مع نزعها ولو بتخیله أنّ التکلیف بالصلاة غیر التکلیف بنزعها وأنّ التکلیف الأول لا یقتضی النزع.

ص :58


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

والظاهر عدم الفرق بین کون المصلی والناسی هو الغاصب[1] أو غیره، لکن الأحوط الإعادة بالنسبة إلی الغاصب خصوصا إذا کان بحیث لا یبالی علی فرض تذکره أیضا.

الشَرح:

حکم الصلاة فی المغصوب وما بحکمه

[1] وذلک فإنّ الغاصب الناسی وإن یکون مؤاخذاً بالغصب؛ لأنّ النهی السابق قبل نسیانه قد أسقط عذره وأوجب تنجز التکلیف الواقعی ومبغوضیة عمله حتی خلل نسیانه لکونه بسوء اختیاره، وحدیث رفع النسیان(1) لکون الرفع عن الغاصب خلاف الامتنان لا یشمله، وعلی ذلک فلو کان نفس ما هو قید الصلاة من قبیل العبادة کالوضوء والغسل فوضوءه بالماء المغصوب أو غسله به محکوم بالبطلان؛ لأنّ العمل مع المبغوضیة لا یصلح للتقرب به فتکون صلاته بلا طهور فلا یعم (ما) إطلاق طبیعی المأمور ولا حدیث «لا تعاد»(2) وإذا کان نفس القید أمرا توصلیا کالستر فصلاة الناسی فی المغصوب محکومة بالصحة، سواء کان الناسی الغاصب أو غیره، فإنّه إذا لم یکن غاصبا فیعمه طبیعی الصلاة المأمور بها لسقوط الحرمة عند نسیانه فالأخذ بإطلاق الطبیعی لا محذور فیه، وأم_ّا إذا کان هو الغاصب فالطبیعی المأمور به وإن لا یعمها؛ لأنّ المبغوض لا یقع مورد الأمر والترخیص إلاّ أن_ّه لا محذور بالأخذ بإطلاق حدیث «لا تعاد» لعدم انحصار مدلوله فی إثبات المأمور به الثانوی، بل الأعم منه وإثبات المسقط للمأمور به الأولی.

ص :59


1- (1) تقدم تخریجه.
2- (2) تقدم تخریجه فی الصفحة : 57 .

(مسألة 1) لا فرق فی الغصب بین أن یکون من جهة کون عینه للغیر أو کون منفعته له، بل وکذا لو تعلق به حق الغیر بأن یکون مرهونا[1]

الشَرح:

[1] قد یقال یلحق بتعلق حق الغیر بالثوب تعلق حق اللّه سبحانه به، کما إذا نذر للّه سبحانه أن لا یلبس الثوب الأسود أو نذر أن یتصدق بثوبه الخاص لو تحقق الأمر الفلانی فتحقق أو کان لبس الثوب فی نفسه محرما کلبس الرجل ثوب المرأة فی صلاته وکذا العکس، فإنّ الحکم فی جمیع ذلک کالصلاة فی ثوب تعلق به حق الغیر أو کان مملوکا له.

أقول: تعلق حق اللّه بالمنذور لیس إلاّ إیجابه العمل علی طبق العهد والنذر، وهذا الوجوب لا یخرج المنذور إلی ملک اللّه سبحانه وتعالی، سواء کان عملاً محضا أو عملاً متعلّقا بماله فإنّ الالتزام للّه سبحانه نظیر الالتزام للغیر بعمل فی ضمن معاملة لازمة المعبر عنها بالشرط، حیث إنّ العمل المشروط لا یدخل فی ملک المشروط له؛ ولذا لو فوت المشروط علیه ذلک العمل یکون للمشروط له خیار الفسخ فی تلک المعاملة لا مطالبة المشروط علیه ببدل الشرط أی أُجرة المثل، بخلاف باب الإجارة فإنّ المستأجر یملک العمل علی الأجیر؛ ولذا لو لم یأتِ بالعمل علیه یطالبه بالبدل مع عدم الفسخ بأُجرة المثل ومع فسخ الإجارة بالأُجرة المسماة إن کان أخذها الأجیر من قبل، وعلی ذلک فلو نذر التصدق بثوب خاص وصلی فیه یحکم بصحة صلاته، فإنّ الواجب بالنذر هو التصدق بذلک الثوب فإنّ الصلاة فیه ضدّ خاص للواجب بالنذر فلا یوجب بطلان الصلاة فیه للأمر بها کالترخیص فیها علی نحو الترتب، وأم_ّا نذره عدم لبس ثوب خاص، فإن کان المنذور ترک لبسه فی الصلاة یکون لبسه فیها مخالفة للنذر ویجیء فیه ما تقدم فی الساتر المغصوب، وأم_ّا إذا کان المنذور ترکه مطلقا فباللبس قبل الصلاة یحصل حیث النذر فلا یکون فی الصلاة فیه محذور، وأم_ّا صلاة

ص :60

(مسألة 2) إذا صبغ ثوب بصبغ مغصوب فالظاهر أنه لا یجری علیه حکم المغصوب[1] لأنّ الصبغ یعدّ تالفا فلا یکون اللون لمالکه لکن لا یخلو عن إشکال أیضا، نعم لو کان الصبغ أیضا مباحا لکن أجبر شخصا علی عمله ولم یعط أُجرته لا إشکال فیه، بل وکذا لو أجبر علی خیاطة ثوب أو استأجر ولم یعط أُجرته إذا کان الخیط له أیضا، وأم_ّا إذا کان للغیر فمشکل، وإن کان یمکن أن یقال إنه یعدّ تالفا فیستحق مالکه قیمته خصوصا إذا لم یمکن رده بفتقه، لکن الأحوط ترک الصلاة فیه قبل إرضاء مالک الخیط خصوصا إذا أمکن رده بالفتق صحیحا، بل لا یترک فی هذه الصورة.

الشَرح:

الرجل فی ثوب المرأة أو العکس فلا حرمة فیه فی أمثال المقام، ولا یخفی أنّ مجرد الصلاة فی ثوب تعلق به حق الرهانة إذا لم توجب اختلاف مالیته والانتزاع من ید المرتهن لعدم جوازها محل تأمل بل منع.

[1] تعرض فی هذه المسألة فی فروع ربما یقال إنّ الصلاة فی الثوب المفروض فیها صلاة فیما یتعلق به حق الغیر أو مملوکا للغیر.

الأوّل: ما إذا صبغ ثوبه بصبغ مغصوب فذکر قدس سره أنّ الصبغ الذی مال الغیر یعد تالفا ویکون علیه بدله، وأم_ّا الثوب فهو ملکه ولا یمکن الالتزام بأنّ نفس الثوب ملک المصلی ولونه لمالک الصبغ.

نعم، قیل بأنّ مالک الصبغ یشترک مع مالک الثوب بحسب القیمة حیث یحسب قیمة الثوب مع قطع النظر عن صبغه تارة، ویلاحظ قیمته مع لحاظ صبغة أُخری فمقدار النسبة بین القیمتین من مالیته الفعلیة لصاحب الصبغ والباقی لمالک الثوب نظیر ما أخذ مقدارا من الشای المملوک للغیر فصبّه فی مائه المغلی فاکتسب اللون فإنّه یحتسب قیمة ماؤه المغلی وقیمة ما حصل فعلاً فمقدار التفاوت بین القیمتین سهم

ص :61

.··· . ··· .

الشَرح:

مالک الشای من مالیته.

وبتعبیر آخر، اعتبار کون العین ملکا لشخص ووصفها ملکا لآخر وإن کان أمراً منکرا فی اعتبار العقلاء إلاّ أنّ اشتراک التعدد فی عین واحدة ذات وصف بحسب مالیتها الفعلیة أمر مقبول عندهم فیما کان الوصف حاصلاً بمال الغیر، ولکن الظاهر أنّ الالتزام بالاشتراک کما ذکر خلاف سیرة العقلاء، ویظهر ذلک أنه لو أعطی مالک الثوب بدل صبغه مثلاً إذا کان مثلیا أو قیمته فیما کان قیمیا لا یکون لصاحب الصبغ شیئا آخر، ولو امتنع مالک الثوب عن دفع البدل ووقع الثوب أو مال آخر لمالکه بید صاحب الصبغ لا یکون حقّ التقاص إلاّ بمقدار بدل الصبغ لا النسبة بین القیمتین، وهذا شاهد جلی لعدم اشتراکهما فی الثوب بنسبة التفاوت بین القیمتین، ویترتب علی ذلک أنه لو صلّی فی الثوب المفروض صلّی فی ثوب ملکه من غیر أن یکون له شریک آخر حتی بحسب مالیته فلا یجری علی الصلاة فیه حکم الصلاة فی ثوب تعلّق به الخمس.

الفرع الثانی: ما إذا کان الصبغ أیضا ملکا لصاحب الثوب ولکن أجبر شخصا آخر علی صبغه ولم یعط أُجرته، ففی هذه الصورة لا إشکال فی صحة صلاته؛ لأنّ أُجرة العامل تکون دینا علی ذمة مالک الثوب ولا مجال لتوهم الشرکة فی هذا الفرض، ونظیر ذلک ما لو أجبر علی خیاطه ثوب أو استأجر علی خیاطته ولم یعطِ الأُجرة فیما کان الخیط له أیضا.

الفرع الثالث: ما إذا کان الخیط للأجیر أو المجبور ولم یعطِ الأُجرة فهل هذا یلحق بالفرع الأول أو أنه لا یجوز الصلاة فی الثوب المفروض حتی لو قیل بجوازها فی الثوب فی ذلک الفرع؟ فذکر قدس سره إمکان القول بجواز الصلاة فیه کالفرع الأول؛ لأنّ الخیط المملوک للغیر کالصبغ المملوک للغیر یعدّ تالفا فیکون قیمته أو مثله علی عهدة صاحب الثوب زایدا علی الأُجرة، ولکن لا یبعد التفصیل بین ما استأجره لخیاطة ثوبه

ص :62

(مسألة 3) إذا غسل الثوب الوسخ أو النجس بماء مغصوب فلا إشکال فی جواز الصلاة فیه بعد الجفاف، غایة الأمر أنّ ذمته تشتغل بعوض الماء، وأم_ّا مع رطوبته فالظاهر أنه کذلک أیضا[1] وإن کان الأولی ترکها حتی یجفّ.

(مسألة 4) إذا أذن المالک للغاصب أو لغیره فی الصلاة فیه مع بقاء الغصبیة صحت خصوصا بالنسبة إلی غیر الغاصب[2] وإن أطلق الإذن ففی جوازه بالنسبة الشَرح:

بخیط الأجیر وما أجبره أن یخیطه، ففی الأول لا یبعد الحکم بالصحة؛ لأنّ خیاطة ذلک الثوب بخیط الأجیر صار ملکا للمستأجر بالإجارة فتکون الصلاة فی ثوب مملوک حتی بخیطه غایة الأمر ذمته مشغولة بالأُجرة المسماة بخلاف فرض الإجبار، فإنّ الخیوط لا تخرج عن ملک الغیر فتکون صلاته فی ثوب فیه ملک الغیر، وبقاؤه علی ملک المجبور أو الغیر لا ینافی ضمان الأُجرة؛ لأنّ الضامن ما لم یدفع عوض ما أتلفه علی الغیر تبقی بقایا التالف علی ملک الغیر، ویکون الخروج عن الضمان بدفع العوض أو الإبراء، والدفع بحکم المعاوضة القهریة کالإبراء فتدخل بقایا التالف علی ملک الضامن کما تقرر فی بحث ضمان الاتلاف. وأم_ّا الإبراء فإن قال: لا أُطالب بالأُجرة علی عملی ولکن أُرید خیوطی ولو مقطعة فلا یبعد أن یکون الحکم فیه حکم الصلاة فی ثوب خاطه بخیط الغیر عدوانا أو بغیر عدوان.

[1] وذلک فإنّ الرطوبة فی الثوب لا تعتبر من بقایا العین التالفة لتکون ملکا للغیر، حیث إنّها غیر قابلة للرد علی مالک الماء فلا یقاس بالخیط المملوک للغیر الذی خاط به ثوبه، ویمکن ردّه علی مالکه ولو بفتق الثوب؛ لأنّ الصلاة فی الثوب فی هذه الصورة یکون تصرفا فی ثوب فیه ملک الغیر ما لم یدفع العوض بخلاف مجرد الرطوبة التی لا تکون مسریة، بل مطلقا کما ذکرنا من عدم عدّها ملکا للغیر.

[2] لا ینبغی التأمل فی جواز صلاة غیر الغاصب فی ذلک الثوب مع إذن المالک

ص :63

إلی الغاصب إشکال لإنصراف الإذن إلی غیره، نعم مع الظهور فی العموم لا إشکال.

الشَرح:

له عموما أو خصوصا، وإنّما الکلام فی صلاة الغاصب فیه مع إذن المالک له فی الصلاة فیه فقد یقال: إنّ إذن المالک فی الصورة المفروضة ینافی الغصب فلا یکون فی زمان الصلاة فیه غاصبا.

وبتعبیر آخر، إذا أذن مالک الثوب للغاصب فی الصلاة فیه صحّت صلاته، ولکن لا یکون فی هذا الحال غاصبا فلو تلف الثوب فی هذا الحال، کما إذا أخذه الغیر فذهب به فلا یکون علی الغاصب الأوّل ضمان.

وقد یقال: إنّ إذن المالک فی الصلاة فیه مع عدم رضاه بإمساکه بماله لا أثرله، بل یلغی لنهی الشارع عن التصرف فی مال الغصب، ویجاب عنه بأنّ الغصب یحصل بالاستیلاء علی مال الغیر عدوانا، والتصرف فیه باستعماله محرم آخر فلا منافاة بعدم رضا المالک بالاستیلاء علی ماله وإمساکه، ولکن مع ذلک هو مجاز فی الصلاة فیه لکون الصلاة تصرف بحساب اللّه سبحانه نظیر موارد الأمر أو الإذن الترتبی.

نعم، لو أطلق المالک الإذن للغیر بالصلاة فی ماله المغصوب فلا یبعد انصراف إذنه بالإضافة إلی غیر الغاصب، وهذا أمر آخر وکون صلاته فیه وإن هی ضد لوجوب رده علی مالکه وعدم جواز إمساکه به إلاّ أنّ الأمر بالشیء لا یقتضی النهی عن ضده، فیمکن الترخیص بها بنحو الترتب.

اللهم إلاّ أن یقال إنّ الرد لیس واجبا شرعیا بل الإمساک به ظلم وعدوان علی المالک، ولزوم الرد إنّما هو للتخلص عن الحرام عقلاً، والإذن فی الصلاة فیه موقوف علی الإذن فی الإمساک، وفرض عدم الإذن فیه حتی فی وقت الصلاة مع الإذن فی التستر به حال صلاته لا یجتمعان، فالإذن فی التستر به یکون من الإذن فی الإمساک أیضا حالها، غایة الأمر مع الضمان فالغاصب المفروض لا یعصی اللّه لا بإمساکه

ص :64

(مسألة 5) المحمول المغصوب إذا تحرک بحرکات الصلاة یوجب البطلان وإن کان شیئا یسیرا[1]

(مسألة 6) إذا اضطر إلی لبس المغصوب لحفظ نفسه أو لحفظ المغصوب عن التلف صحّت صلاته فیه[2]

الشَرح:

ولا بتستره به حال الصلاة، غایة الأمر أنه ضامن للمال حتی فی حال الصلاة، ولکن لا یخفی أنّ التستر به علی تقدیر العصیان بالإمساک به مرخص فیه من المالک والشارع بنحو الترتب، فالإذن فی التستر علی تقدیر الإمساک لا یقاس بحرمة التستر علی الإطلاق الموجب لعدم إمکان ترخیص الشارع فی التطبیق فالضمان لبقاء الغصبیة بالإضافة إلی الإمساک.

[1] ما ذکر قدس سره مبنی علی أن یکون حرکة المحمول تصرفا آخر غیر الامساک بمال الغیر، وفی کونه تصرفا آخر تأمل بل منع کما تقدم.

[2] هذا فی غیر الغاصب، وأم_ّا الغاصب فإن کان اضطراره غیر ناش عن سوء اختیاره کما إذا اضطر إلی لبسه لعدم ثوب له لدفع البرد ونحوه فارتفاع الحرمة عن لبس المغصوب یوجب أن یعمّه إطلاق الطبیعی المأمور بها، بخلاف ما إذا کان اضطراره بسوء اختیاره کما إذا سرق الثوب وتوقف حفظه عن التلف علی لبسه، فإنّ هذا الاضطرار لا یوجب ارتفاع المبغوضیة والحرمة عن لبسه وإن یحکم العقل بلبسه اختیارا لأقل المحذورین مع عدم التزاحم مع الأمر بالصلاة فیما إذا کان له ساتر مباح حالها.

نعم، إذا لم یکن له ساتر مباح حتی إلی آخر الوقت وصلّی فی المغصوب لحفظ الغصب وإن کان ساتره لا یحکم ببطلان صلاته لعدم شرطیة الساتر فی صلاته حینئذ فلا اتحاد بین متعلّق الأمر والنهی علی ما تقدم.

ص :65

(مسألة 7) إذا جهل أو نسی الغصبیة وعلم أو تذکر فی أثناء الصلاة فإن أمکن نزعه فورا وکان له ساتر غیره صحّت الصلاة[1] وإلاّ ففی سعة الوقت ولو بإدراک رکعة یقطع الصلاة وإلاّ فیشتغل بها فی حال النزع.

(مسألة 8) إذا استقرض ثوبا وکان من نیته عدم أداء عوضه أو کان من نیته الأداء من الحرام فعن بعض العلماء أنه یکون من المغصوب[2] بل عن بعضهم أنه

الشَرح:

[1] والوجه فی ذلک أنّ الغافل أو الناسی إذا تذکر أو علم بالغصب فی الأثناء وکان الغصب هو الساتر کان له ساتر آخر، کما إذا لبس السروال المغصوب مع القمیص المباح لم یکن فعله حراما إن نزع السروال فورا لعدم حرمة اللبس حال غفلته أو نسیانه، بل ولا زمان نزعه لاضطراره بذلک التصرف والمفروض أنّ مع النزع عورته مستورة بالقمیص المباح، وکذا إذا کان جاهلاً بالغصب بالجهل البسیط؛ لأنّ مقتضی حدیث «لا تعاد»(1) عدم الإعادة من الخلل السابق والخلل فی آن الالتفات غیر موجود؛ لأنّ المفروض کون القمیص ساترا إلاّ أن یقال الساتر الفعلی آن الالتفات هو المغصوب، وأما إذا لم یکن له ساتر آخر عند العلم ففی سعة الوقت تقطع الصلاة ویصلی فی ساتر مباح ولو فیما إذا أدرک من الوقت رکعة، وإن لم یمکن إدراک رکعة أیضا أتّمها مع النزع فورا لاضطراره إلی ذلک التصرف، والمفروض سقوط الستر عن الاشتراط لعدم التمکن منه والتکلیف بالصلاة غیر ساقط.

إذا استقرض ثوباً ونوی عدم أداء عوضه فهو من المغصوب

[2] ما ذکراه بعید جدا فإنه مع تحقق القرض واقعا یعنی التملیک مع ضمان

ص :66


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

لو لم ینو الأداء أصلاً لا من الحلال ولا من الحرام أیضا کذلک ولا یبعد ما ذکراه ولا یختص بالقرض ولا بالثوب، بل لو اشتری أو استأجر أو نحو ذلک وکان من نیته عدم أداء العوض أیضا کذلک.

الشَرح:

البدل کما هو المفروض یکون الثوب المزبور ملکه فیترتب علیه أثره من جواز التصرف فیه باللبس ولو فی صلاته، ووجوب إفراغ ذمته تکلیف آخر لا ینافی مخالفته مع تحقق القرض، وبهذا یظهر الحال فی صورتی الاشتراء أو الاستیجار نعم لو کان الموجود من مالک الثوب الإذن فی التصرف فیه بشرط أداء المال وصلی فیه ولم یؤد المال تبطل صلاته حتی وإن کان عند أخذ الثوب بانیا علی أدائه، والفرق حصول ملک عین الثوب أو منافعه للمتصرف فیه فی صور القرض والاشتراء والاستیجار، بخلاف صورة الإذن فإنه ملک لمالکه، وإنما یجوز له التصرف فیه برضاه وإذنه مشروط بأداء المال ولو بنحو الشرط المتأخر، بل کونه من الحلال أیضا وقد یقال إذا کان قصده حین الاستقراض عدم الأداء لا یتحقق معه قصد الاقتراض بأن یتملک المال المدفوع إلیه مع التزامه بالعوض حقیقة إلاّ إذا کان انقداح القصد بعدم الأداء بعد العقد، ویجری ذلک فی استیجار عین بأُجرة مع قصد عدم أدائها أو شرائها بثمن نسیئة، فإنه إذا کان القصد حین العقد یکون تکلمه بجزء العقد مجرد لقلقة لسان، بل عن بعض جریان ذلک حتی مع عدم قصد الأداء أصلاً.

ویستدل علی ذلک مضافا إلی ما تقدم ببعض الروایات کمرسلة بن فضال، عن بعض أصحابه، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «من استدان دینا فلم ینو قضاءه کان بمنزلة السارق»(1).

ص :67


1- (1) وسائل الشیعة 18 : 328، الباب 5 من أبواب الدین والقرض، الحدیث 2.

(مسألة 9) إذا اشتری ثوبا بعین مال تعلق به الخمس أو الزکاة مع عدم أدائهما من مال آخر حکمه حکم المغصوب[1].

الشَرح:

وظاهرها کون المأخوذ کالمسروق ومقتضی ذلک بطلان عقد الدین سواء کان الدین بالاستقراض أو بغیره، وما رواه الصدوق قدس سره باسناده عن أبی خدیجة، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «أی_ّما رجل أتی رجلاً فاستقرض منه مالاً وفی نیته أن لا یؤدیه فذلک اللص العادی»(1).

ولا یخفی ضعف الروایتین سندا واختلافهما فی المدلول فإنّ فی سند الأُولی مضافا إلی إرسالها صالح بن أبی حماد ولم یحرز توثیقه، وفی الثانیة یعنی فی طریق الصدوق إلی أبی خدیجة وهو سالم بن مکرم محمد بن علی المعروف بأبی سمینة وهو ضعیف، واختصاص الثانیة بالاستقراض، والمفروض فیها نیة عدم الأداء وفی الأُولی عدم نیة الأداء، ومن الظاهر أنّ الالتزام باشتغال الذمة وثبوت المال علی العهدة الذی هو معنی الضمان لا ینافی نیة عدم إفراغها المعبر عن ذلک بنیة عدم الأداء فضلاً عن منافاته حال العقد بعدم نیة الأداء.

الثوب الذی تعلق به الخمس أو الزکاة مع عدم الأداء بحکم المغصوب

[1] إذا اشتری الثوب بثمن کلی فی الذمة ثمّ أدی وفی بالثمن بمال تعلق به الخمس أو الزکاة لا ینبغی التأمل فی صحة شرائه وصیرورة الثوب ملکا له، غایة الأمر لا تفرغ ذمته عن تمام الثمن فی صورة تعلق الزکاة مطلقا، وفی صورة تعلق الخمس إذا کان بایع الثوب غیر مؤمن، وإذا أداهما من مال آخر یعنی بالقیمة والمثل فکما یخرج عما علیه من

ص :68


1- (1) من لا یحضره الفقیه 3 : 183 ، الحدیث 3689 .

الثالث: أن لا یکون من أجزاء المیتة[1 [سواء کان حیوانه محلل اللحم أو محرمه، بل لا فرق بین أن یکون ممّا میتته نجسة أو لا کمیتة السمک ونحوه ممّا لیس له نفس سائله علی الأحوط، وکذا لا فرق بین أن یکون مدبوغا أو لا.

الشَرح:

الزکاة والخمس یخرج عن ضمان باقی الثمن؛ لما تقدم من أنّ دفع البدل معاوضة قهریة.

وعلی کل، فلو صلّی فی الثوب المشتری ولو قبل الخروج عن الضمان صحت صلاته، والظاهر أنّ هذه الصورة خارجة عن فرض المتن وفرض غیر المؤمن فی البایع، فإنّ المؤمن یملک المدفوع بتمامه کما هو مقتضی أخبار التحلیل، وحیث إنّ الخمس قد تلف لیکون علی ذمة المشتری، وإذا اشتراه بعین مال تعلق به الخمس أو الزکاة بأن کان الثمن نفس ما تعلق به الخمس أو الزکاة فإن أدی الخمس أو الزکاة من مال آخر صحت صلاته فیه، وقبل إخراجهما ففی مقدار الزکاة والخمس المعاملة باطلة فلا یجوز الصلاة فی ملک الغیر.

نعم إذا کان بایع الثوب مؤمنا یصحّ شراء الثوب بتمامه کما هو مقتضی أخبار التحلیل ولکن خمس الثوب ملک لأرباب الخمس فتکون الصلاة فی ثوب سهم منه ملک الغیر فتکون الصلاة فی ثوب الغیر.

الثالث: أن لا یکون من أجزاء المیتة

[1] لا تجوز الصلاة فیما یکون من أجزاء المیتة بلا خلاف یعرف، ویشهد لذلک صحیحة محمد بن مسلم، قال: سألته عن الجلد المیت أیلبس فی الصلاة إذا دبغ؟ قال: «لا ولو دبغ سبعین مرة»(1) وهذه وإن لا تعمّ غیر الجلد إلاّ أنّ فی صحیحة محمد

ص :69


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 343 ، الباب الأوّل من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

بن أبی عمیر، عن غیر واحد، عن أبی عبداللّه علیه السلام فی المیتة، قال: «لا تصلّ فی شیء منه ولا شسع»(1) وظاهرهما مانعیة لبس شیء من المیتة فی صلاته حتی ما لا یکون من الساتر کالشسع، بلا فرق بین کون الحیوان ممّا یؤکل أو من غیره، بل لا یبعد کون المراد من مثلهما المیتة من خصوص مأکول اللحم، فإنّ غیر المأکول لحمه لا یجوز الصلاة فیه حتی فیما إذا کان مذکی ولا یبعد أن یکون الإطلاق فی صحیحة ابن أبی عمیر عن غیر واحد شاملاً لما یکون میتته نجسة أم لا کالسمک ونحوه، وإن نوقش فی إطلاقها بأنها فی مقام بیان عدم الفرق فی عدم الجواز بین أجزاء المیتة لا فی مقام بیان عدم الفرق بین میتة ومیتة أُخری إلاّ أنه تدفع بعدم تقیید المیتة فیها بما یکون لها نفس سائله.

نعم، قد یقال إنّ الظاهر عرفا من الأخبار المانعة عن الصلاة فی المیتة أنّ المنع لجهة نجاستها فلا یجری الحکم فی غیر ذی النفس حیث إنّ میتته طاهرة؛ ولذا ذکر الأصحاب فی کلماتهم أنّ المنع عن الصلاة فی المیتة مختص بأجزائها التی تحلها الحیاة، وأمّا ما لا تحله الحیاة فلا بأس بالصلاة فیه إذا کان من مأکول اللحم کالوبر والصوف والریش، ولکن ما ذکر أیضا لا یمکن. المساعدة علیه لما أشرنا إلیه من الإطلاق فی صحیحة محمد بن أبی عمیر والالتزام بجواز الصلاة فیما لا تحله الحیاة من نسبة مأکول اللحم لمثل قوله علیه السلام فی صحیحة الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا بأس بالصلاة فیما کان من صوف المیتة إنّ الصوف لیس فیه روح»(2) وفی موثقة الحسین بن زرارة، قال: کنت عند أبی عبداللّه علیه السلام وأبی یسأله عن اللبن من المیتة

ص :70


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 343 ، الباب الأوّل من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 3 : 513 ، الباب 68 من أبواب النجاسات، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

والبیضة من المیتة وأنفحة المیتة؟ فقال: «کل هذا ذکّی»(1).

وعلی الجملة، فالأظهر عموم المنع عن الصلاة فی المیتة المأکول لحمه وأجزائها التی تحلها الحیاة وإن لم یکن له نفس سائلة.

نعم، لا بأس بالصلاة فی القمل المیت والبرغوث أو البق ونحوها؛ لثبوت السیرة القطعیة علی الصلاة فیها مع عدم دخولها فی مأکول لحمه ودخولها فی عنوان المیتة.

ثم یقع الکلام فی جهتین:

إحداهما: هل المنع عن الصلاة فی المیتة یعمّ ما إذا کان مصاحبا ومحمولاً أو یختص بما إذا صدق عنوان الصلاة فی المیتة أو جزء منه بأن لبس المصلی ما یصدق علیه عنوان المیتة أو فیه أجزائها، وظاهر ما تقدم هو اعتبار صدق اللبس، سواء کان مما تتم الصلاة فیه أم لا لقوله علیه السلام : ولا فی شسع منه(2). ولکن قد یقال إنّه یتعدی إلی صورتی المصاحبة والحمل؛ وذلک لما ورد فی موثقة ابن بکیر التی سأل فیها زرارة أبا عبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی الثعالب والفنک والسنجاب وغیره من الوبر؟ فأخرج کتابا زعم أنه إملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله : «أنّ الصلاة فی وبر کل شیء حرام أکله فالصلاة فی وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وکل شیء منه فاسد لا تقبل تلک الصلاة حتی یصلی فی غیره ممّا أحل اللّه أکله، ثم قال: یا زرارة هذا عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله فاحفظ ذلک یا زرارة فإن کان ممّا یؤکل لحمه فالصلاة فی وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وکل شیء منه جائز إذا علمت أنه ذکی قد ذکّاه الذبح وإن کان غیر ذلک ممّا نهیت عن

ص :71


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 513 ، الباب 68 من أبواب النجاسات، الحدیث 2.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 343 ، الباب الأوّل من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .

.··· . ··· .

الشَرح:

أکله وحرم علیک أکله فالصلاة فی کل شیء منه فاسد ذکّاه الذبح أو لم یذکّه»(1) حیث إنّ ذکر البول والروث مع عدم قابلیتهما للّباس قرینة علی أنّ المراد بلفظة (فی) لیس خصوص اللباس، بل ما یعم المصاحبة بنحو الحمل.

ودعوی أنّ استعمال لفظة (فی) باعتبار موضعهما من اللباس المشتمل لهما بالتلوّث لا یمکن المساعدة علیها فإنّ ظاهرها دخالة نفس البول والروث لا التلوث بهما وإلاّ فالتلوث فی نفسه مانع وإن زال البول والروث من الثوب بغیر الغسل، وأیضا ذکر کل شیء منه بعد ذکر الوبر والشعر والجلد والبول والروث بلا معنی مع فرضه علیه السلام : «ذکاّه الذبح أو لم یذکّه»(2).

لا یقال: هذا بالإضافة إلی غیر المأکول لحمه فالموثقة تدل علی مانعیة لبس غیر مأکول اللحم وحمله واستصحاب أجزائه وتوابعه فی الصلاة، وأم_ّا بالإضافة إلی حمل أجزاء المیتة من مأکول اللحم وتوابعه فلا دلالة فیها علی ذلک.

فإنه یقال: لا فرق فی المستعمل فیه لفظة (فی) بین ما ذکر فی غیر مأکول اللحم وبین ما ذکر فی المأکول لحمه، غایة الأمر إنّما اشتراط إحراز الزکاة بالإضافة إلی لحم الحیوان وجلده وغیره من أجزاء جسده ممّا تحلّه الحیاة لا فی ناحیة ما لا تحله علی ما تقدم.

وأم_ّا الاستدلال علی عدم جواز حمل المیتة فی الصلاة بمعنی مانعیته عنها بموثقة سماعة بن مهران، أنه سأل أباعبداللّه علیه السلام عن تقلید السیف فی الصلاة وفیه الغراء والکیمخت؟ فقال: «لا بأس ما لم تعلم أن_ّه میتة»(3) فلا یخفی ما فیه لعدم دلالتها

ص :72


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
2- (2) تقدم قبل قلیل.
3- (3) وسائل الشیعة 3 : 493 _ 494 ، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحدیث 12.

.··· . ··· .

الشَرح:

علی حکم حمل ما یکون میتة أو من أجزائها واستصحاب المصلی معه فی صلاته؛ وذلک فإنّ التقلید داخل فی اللبس فیصدق علی الصلاة أنها صلاة فی المیتة، یقال: تقلدت المرأة یعنی لبست القلادة، والکلام فیما إذا حمل شیئا من المیتة فی جیبه حال الصلاة کحمله شیئا من المتنجس، وکذا الاستدلال علی ذلک بصحیحة عبداللّه بن جعفر، قال: کتبت إلیه یعنی أبا محمد علیه السلام یجوز للرجل أن یصلی ومعه فارة المسک؟ فکتب: «لا بأس به إذا کان ذکیا»(1) وفیه یحتمل أن یکون المراد بالذکی الطهارة، وعلی تقدیر کون المراد التذکیة بناءً علی نجاسة الفارة المنفصلة من الظبی والمأخوذة منه حال حیاته یقتصر فی الحکم علی مورده لعدم کون الفارة من أجزاء جسد الظبی، بل هو مخلوق کخلق البیضة فی بطن الدجاج، وکما أنّ الدجاجة تلقی البیضة وهو حی کذلک تفصل الفارة عن الظبی عند بلوغها إلی کمالها، وفی صحیحة علی بن جعفر، عن أخیه موسی علیه السلام قال: سألته عن فارة المسک تکون مع من یصلی وهی فی جیبه أو ثیابه؟ فقال: «لا بأس بذلک»(2) ولکن یظهر من صحیحة عبداللّه بن جعفر أنّ قسماً من فارة المسک نجسة والمحکوم بالنجاسة وبکونها بمنزلة المیتة هی المبانة من الحی بالقطع قبل أن تصل إلی حالة تسقط بنفسها أو الالتزام بأنّ المحکوم بالطهارة ما أُخذ من الحیوان بعد تذکیته، وأم_ّا احتمال کون المراد نجاسة الفأرة لنجاسة المسک حیث یدخل فیه المخلوط من المسک الأصلی ودم الحیوان فبعید غایته.

الجهة الثانیة: هل جواز الصلاة فی أجزاء ما یؤکل سواء کان لباسا أو محمولاً

ص :73


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 433 ، الباب 41 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 433 ، الباب 41 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

مشروط بذکاة الحیوان المأخوذ منه أو أنّ کونه من المیتة مانع عن الصلاة کمانعیة ما لا یؤکل لحمه، ولا یخفی أنه وإن لم یکن واسطة فی الحیوان الذی زهقت روحه بین المیتة والمذکی إلاّ أنّ کون الذکاة شرطا فیما إذا کانت الصلاة فیما یؤکل لحمه أو کونه من المیتة مانع یترتب علیه أثر عملی عند الشک فی أجزاء ما یؤکل لحمه، فإنه بناءً علی اشتراط الذکاة فمقتضی الاستصحاب عدم جواز الصلاة فی المشکوک، وبناءً علی مانعیة کونه من المیتة فالاستصحاب فی عدم التذکیة لا یثبت کونه میتة، بل مقتضی الأصل عدم کونه من المیتة ولا أقل من جریان أصالة البراءة فی مانعیته کما قرر فی بحث اللباس المشکوک.

وقد یقال بالالتزام بکل من المانعیة والشرطیة أخذا بکل من الطائفتین من الأخبار، فإنّ ما ورد النهی فیه عن الصلاة فی المیتة ظاهره مانعیة کون ما یصلی فیه من المیتة، سواء کان ما تتم فیه الصلاة أم لا کما هو مفاد قوله علیه السلام فی صحیحة ابن أبی عمیر، عن غیر واحد: «لا تصل فی شیء منه ولا شسع»(1) بل مانعیة کون المحمول فی الصلاة من المیتة کما تقدم، وما ورد فی موثقة ابن بکیر(2) ظاهرها أنّ الصلاة فی مأکول اللحم مشروطة بالتذکیة إذا کان ممّا تحله الحیاة، وکذا فی ناحیة المانعیة لما تقدم من جواز الصلاة فی صوف من المیتة معللاً بأنه لیس فیه روح(3) وأنّ أشیاء من المیتة ذکی ویکون المقام نظیر ما یقال إنّ نجاسة الثوب والبدن مانعة عن الصلاة وإنّ طهارتهما شرط فی صحتها.

ص :74


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 343 ، الباب الأوّل من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.
2- (2) تقدمت فی الصفحة: 71 .
3- (3) وسائل الشیعة 3 : 513 ، الباب 68 من أبواب النجاسات، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

ولکن لا یخفی أنّ اعتبار المانعیة للمیتة مع اشتراط التذکیة إذا کان الحیوان من المأکول لحمه غیر ممکن؛ لأنّ أحد الاعتبارین لغو محض فلا بد من رفع الید عن أحدهما، والمتعین اعتبار التذکیة بالإضافة إلی ما یکون من أجزاء المأکول لحمه، سواء کان لباسا أو محمولاً وحمل روایات المنع عن الصلاة فی المیتة علی الإرشاد باشتراط التذکیة خصوصا إذا کان المراد من المیتة ما مات حتف أنفه کما یظهر ذلک من استعمالاتها منها قوله سبحانه: «حُرِّمَتْ عَلَیْکُمُ الْمَیْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِیرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَیْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّیَةُ وَالنَّطِیحَةُ وَمَا أَکَلَ السَّبْعُ إِلاَّ مَا ذَکَّیْتُمْ»(1) حیث جعل عز من قائل ما أهل لغیر اللّه به والمنخنقة عدلاً للمیتة، وکذا الموقوذة والنطیحة والمتردیة التی لم یقع ولم یدرک ذکاته، وعلی ذلک فالمیتة أحد أفراد غیر المذکی.

وعلی الجملة، ظاهر موثقة بن بکیر(2) اشتراط التذکیة ولزوم إحرازها فی جواز الصلاة فی أجزاء مأکول لحمه أو حمله فی الصلاة، کما أنّ ظاهر الآیة المبارکة وغیرها أنّ جواز أکل لحم الحیوان المأکول لحمه معلق علی تذکیته کما هو مقتضی استثناء «مَا ذَکَّیْتُمْ» وما ورد فی موثقة سماعة بن مهران المتقدمة من قوله علیه السلام فی الجواب عن السؤال عن تقلید السیف: «لا بأس ما لم تعلم أنه میتة»(3) لم یفرض فیه صورة عدم وجود الأمارة علی التذکیة من الصنع فی أراضی المسلمین أو عدم الاشتراء من سوقهم فإنّه مع الأمارة علیها لا بأس بالصلاة فیه ما لم یعلم أنه میتة، ولو لم یکن ظاهرها کونه کذلک؛ لأنّ السیف ممّا یشتری فتحمل علیه کسایر الروایات التی ورد فیها الحکم

ص :75


1- (1) سورة المائدة : الآیة 3 .
2- (2) تقدمت فی الصفحة : 71 .
3- (3) تقدمت فی الصفحة : 72 .

.··· . ··· .

الشَرح:

بکون ما اشتراه من سوق المسلمین مذکی حتی یعلم أن_ّه میتة کصحیحة الحلبی، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن الخفاف التی تباع فی السوق؟ فقال: اشتر وصل فیها حتی تعلم أنه میتة بعینه»(1).

اللهم إلاّ أن یقال هذا کله مبنی علی أنّ المراد من المذکی الحیوان الذی استند زهوق روحه إلی التذکیة، وکون المراد من المیتة خصوص ما مات حتف أنفه أو ما استند زهوق روحه إلی غیر التذکیة، وأم_ّا بناءً علی أنّ المراد من المذکی ما وقع علیه ذبح الأوداج مع سایر الشرایط قبل زهوق روحه کما یظهر من صحیحة زرارة الواردة فی الحیوان یقع بعد ذبحه فی النار أو الماء فقال علیه السلام لا بأس بأکله(2). تکون المیتة ما لم یقع علیه فری الأوداج مع الشرایط قبل زهوق روحه، وإذا جری الاستصحاب فی الحیوان الذی زهق روحه فی عدم وقوع فری الأوداج قبله یحرز کونه میتة فیحکم بعدم جواز الصلاة فیه وعدم جواز أکله بل بنجاسته، سواء کان الموضوع عدم المذکی أو المیتة.

نعم، هذا بالإضافة إلی ما یکون ذکاته بالذبح والنحر.

وأم_ّا ما یکون بالصید فاللازم إحراز کون زهوق روحه بالصید وإلاّ إن استند زهوق روحه إلی غیره فهو میتة، وفی المشکوک تجری أصالة عدم استناد موته إلی الصید فلا یجوز أکل لحمه، ولکن لا یجوز نجاسته لعدم ثبوت استناده إلی غیر الصید.

وأم_ّا جواز الصلاة فیه لا یخلو عن الإشکال، لأنّ موثقة ابن بکیر الوارد فیها اعتبار الذکاة بالذبح فالتعدی إلی الذکاة بالصید لا یخلو عن إشکال، ومقتضی النهی عن

ص :76


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 490 ، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحدیث 2.
2- (2) وسائل الشیعة 24 : 26 ، الباب 13 من أبواب الذبائح، الحدیث الأوّل .

والمأخوذ من ید المسلم وما علیه أثر استعماله بحکم المذکی[1] بل وکذا

الشَرح:

الصلاة فی المیتة عدم البأس فی الصلاة فیها لأصالة عدم استناد موته إلی غیر الصید، وفی موثقة سماعة قال: سألته عن رجل رمی حمار وحش أو ظبیا فأصابه ثم کان فی طلبه فوجده من الغد وسهمه فیه؟ فقال: «إن علم أن_ّه أصابه وأنّ سهمه هو الذی قتله فلیأکل منه، وإلاّ فلا یأکل منه»(1) ونحوها غیرها، ولکن لا یبعد إلحاق جواز الصلاة بجواز الأکل حیث إنّ ظاهر موثقة ابن بکیر(2) أنّ ذکر الذبح فیها عنوان للتذکیة الغالب فیها الذبح، ومقتضاه عدم جواز الصلاة فیه مع عدم إحراز التذکیة، وقد تقدم أنّ ما ورد فی جواز الصلاة إذا لم یعلم أنه میتة موردها وجود أمارة التذکیة من الشراء من سوق المسلمین ونحوه فلا ینافی عدم جواز الصلاة مع عدم الأمارة علیها أخذا بأصالة عدم التذکیة وأنّ المعیار فی جواز الصلاة فی أجزاء الحیوان إحرازها، حیث إنّ ذلک مقتضی الکبری الکلیة التی کانت بإملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله فیکون النهی عن الصلاة فی المیتة لعدم کونها مذکی حتی بالإضافة إلی ما یکون زهوق روحه بالصید.

نعم، هذا القسم لا یحکم بنجاسته بمجرد الاستصحاب فی عدم قتله بالصید علی ما تقدم.

أمارات تذکیة الحیوان

[1] ذکر قدس سره لإحراز تذکیة ما هو من أجزاء جسد الحیوان أُمورا ثلاثة:

الأوّل: أخذه من ید المسلم بالاشتراء أو غیره.

الثانی: ما یکون فیه أثر استعمال المسلم.

ص :77


1- (1) وسائل الشیعة 23 : 366، الباب 18 من أبواب الصید، الحدیث 3.
2- (2) تقدمت فی الصفحة : 71 .

المطروح فی أرضهم وسوقهم وکان علیه أثر الاستعمال وإن کان الأحوط اجتنابه کما أن الأحوط اجتناب ما فی ید المسلم المستحل للمیتة بالدبغ، ویستثنی من المیتة صوفها وشعرها ووبرها وغیر ذلک ممّا مر فی بحث النجاسات.

الشَرح:

الثالث: ما کان مطروحا فی أرض المسلمین وسوقهم وکان علی المطروح أثر الاستعمال.

وربما یقال بأنّ مجرد کون ما یکون من أجزاء الحیوان بید مسلم لا یدل أی لا یعتبر فی کونه مذکی، بل لا بد من کون المسلم متصرفا فیه تصرفا یتوقف علی التذکیة أو أنه لا یجد المسلم داعیا إلی استعماله إلاّ أن یکون مذکی لا المیتة، فالأول کتعدیه لبیعه، والثانی بأن کان المسلم یلبسه حیث إن المسلم لا یجد من نفسه داعیا نوعا إلی لبس المیتة کما یقال إنّ مجرد استعمال المسلم ما یکون من جلد الحیوان لا یدلّ علی کونه مذکی کجعله ظرفا للنجاسات بدعوی أنّ ما ورد فی المأخوذ من المسلم أو ما یتصرف فیه لا إطلاق فیه بحیث یعم مطلق الأخذ أو مطلق تصرفه.

أقول: لو لم تکن فی البین إلاّ ما دل علی جواز شراء اللحم والشحم من سوق من المسلمین والأکل منه لأمکن أن یقال إنّ کون سوقهم أمارة لکون البایع مسلما، وتصدیه للبیع نحو استعمال ینبئ عن کون ما یبیعه مذکی، وفی صحیحة الفضلاء أنّهم سألوا أباجعفر علیه السلام عن شراء اللحوم من الأسواق ولا یدری ما صنع القصابون، قال: «کل إذا کان ذلک فی سوق المسلمین»(1) ولکن فی البین روایات فی شراء الفراء والجلود والخفاف من السوق ولا یدری أنها ذکیة أن_ّه لا بأس بالشراء والصلاة فیها(2). مع أنّ بیع

ص :78


1- (1) وسائل الشیعة 24 : 70 ، الباب 29 من أبواب الذبائح، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 3 : 492 ، الباب 50 من أبواب النجاسات.

.··· . ··· .

الشَرح:

المسلم بالإضافة إلیها لا یدلّ علی کونها مذکی لالتزام العامة بکون الدباغة مطهرة أو تذکیة للجلد، فتجویز الشراء من السوق الظاهر فی سوق المسلمین والصلاة فیه مقتضاه کون جریان ید المسلم عند الشک فی تذکیته اعتبر أمارة لها، کما یشهد لذلک صحیحة أحمد بن محمد بن أبی نصر، قال: سألته عن الرجل یأتی السوق فیشتری جبة فراء لا یدری أذکیة هی أم غیر ذکیة أیصلی فیها؟ فقال: «نعم، لیس علیکم المسألة إنّ أباجعفر علیه السلام کان یقول: إنّ الخوارج ضیقوا علی أنفسهم بجهالتهم إنّ الدین أوسع من ذلک»(1) وفی صحیحته عن الرضا علیه السلام قال: سألته عن الخفاف یأتی السوق فیشتری الخف لا یدری أذکی هو أم لا ما تقول فی الصلاة فیه وهو لا یدری أیصلی فیه؟ قال: «نعم، أنا أشتری الخف من السوق ویصنع لی وأُصلی فیه ولیس علیکم المسألة»(2). ویجری ذلک أی الحکم بالتذکیة إذا کان المصنوع من صنع المسلم حتی إذا لم ینتقل إلی الشخص بالشراء کما هو مقتضی قوله علیه السلام : «ویصنع لی» بل إذا کان الانتقال قهریا کالإرث، وسواء کان الأخذ من المسلم بالمباشرة أو بالواسطة کما إذا أخذ من ید مجهول الحال أو حتی من الکافر مع إحراز سبق ید المسلم علیه، کما إذا کان فی المأخوذ أثر استعمال المسلم أو صنعه، وفی مصححة إسحاق بن عمار، عن العبد الصالح أنه قال: لا بأس بالصلاة فی الفراء الیمانی وفیما صنع فی أرض الإسلام، قلت: فإن کان فیها غیر أهل الاسلام؟ قال: إذا کان الغالب علیها المسلمین فلا بأس(3). ویستفاد من هذه أنه إذا کان المصنوع والمأخوذ من بلد الإسلام أی غالب أهلها

ص :79


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 455 _ 456 ، الباب 55 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 3 : 492 ، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحدیث 6 .
3- (3) وسائل الشیعة 3 : 491 ، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحدیث 5 .

.··· . ··· .

الشَرح:

المسلمون یحکم بأنّ المأخوذ والمصنوع جری علی ید المسلم، ولیس المراد کون الحکومة والإمارة بید المسلمین حتی وإن کان غالب أهلها من الکافرین فإنّ مناسبة الحکم والموضوع مقتضاها جریان ید المسلم علی المأخوذ والمصنوع بأن صنعه المسلمون.

وأم_ّا المطروح فی أرض المسلمین من اللحم والجلد فإن کان فیه أثر الاستعمال بأنه کان یستعمل أو کان المراد والفرض منه الاستعمال یحکم أیضا بجواز أکله واستعماله وفی معتبرة السکونی، عن أبی عبداللّه علیه السلام أنّ أمیرالمؤمنین علیه السلام سئل عن سفرة وجدت فی الطریق مطروحة کثیر لحمها وخبزها وجبنها وبیضها وفیها سکین، فقال أمیرالمؤمنین علیه السلام : یقوّم ما فیها ثم یؤکل لأنّه یفسد ولیس له بقاء فإذا جاء طالبها غرموا له الثمن، قیل له: یا أمیرالمؤمنین لا یدری سفرة مسلم أم سفرة مجوسی؟ فقال: هم فی سعة حتی یعلموا(1).

فإن کون اللحم الکثیر فی سفرة مع الخبر وغیره علامة علی أنّ ما فیها کان للاستعمال فیحکم بجواز أکله ما لم یعلم أنها کانت لمجوسی أو کافر آخر حیث لا خصوصیة للمجوسی لکون الدخیل فی الحکم بکونها لمسلم حتی یجوز أکله ومقتضاها أیضا أنه إنّما تکون أرض الإسلام قرینة وأمارة للتذکیة إذا لم یحرز ید الکافر علی المطروح کما هو ظاهر قوله علیه السلام : «هم فی سعة حتی یعلموا» فإنّ ظاهر الغایة حتی یعلموا أنها سفرة الکافر.

نعم، یظهر من بعض الروایات أنّ مجرد کون المأخوذ من ید المسلم أو سوق

ص :80


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 493 ، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحدیث 11 .

.··· . ··· .

الشَرح:

المسلمین غیر کاف، بل المعتبر إخبار البایع وشهادته بتذکیته وفی روایة محمد بن الحسین (الحسن) الأشعری، قال: کتب بعض أصحابنا إلی أبی جعفر الثانی ما تقول فی الفرو یشتری من السوق؟ قال: «إذا کان مضمونا فلا بأس»(1).

وفی روایة إسماعیل بن عیسی، قال: سألت أباالحسن علیه السلام عن الجلود الفراء یشتریها الرجل فی سوق من أسواق الجبل أیسأل عن ذکاته إذا کان البایع مسلما غیر عارف؟ قال: «علیکم أنتم أن تسألوا عنه إذا رأیتم المشرکین یبیعون ذلک وإذا رأیتم یصلّون فیه فلا تسألوا عنه»(2) ولکن الروایتین مع إمکان حملهما علی الاستحباب فلضعفهما سندا لا تصلحان للمعارضة بما تقدم.

وأم_ّا ما ورد فی مصححة إسماعیل بن الفضل، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن لباس الجلود والخفاف والنعال والصلاة فیها إذا لم تکن من أرض المسلمین؟ فقال: «أم_ّا النعال والخفاف فلا بأس بها»(3) فمع عدم العمل بها یعارضها مثل موثقة سماعة(4) الظاهرة فی أنه مع إحراز الغراء والکیمخت علی السیف لا یجوز تقلیده فی الصلاة، وبعد تعارضهما یرجع إلی العموم فی موثقة عبداللّه بن بکیر(5) المقتضی عدم جواز الصلاة فی شیء ممّا یؤکل لحمه إلاّ إذا کان ذکیا.

وما ذکر الماتن من أنّ الأحوط استحبابا الاجتناب عما فی ید المسلم المستحل

ص :81


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 493 ، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحدیث 10 .
2- (2) وسائل الشیعة 3 : 492 ، الباب 50 من أبواب النجاسات، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 427 ، الباب 38 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .
4- (4) وسائل الشیعة 24 : 185 ، الباب 34 من أبواب الأطعمة المحرمة، الحدیث 5 .
5- (5) تقدمت فی الصفحة : 71 .

.··· . ··· .

الشَرح:

للمیتة بالدبغ لعله التزم بذلک لما ورد فی روایة أبی بصیر قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی الفراء؟ فقال: کان علی بن الحسین علیه السلام رجلاً صردا لا یدفئه فراء الحجاز لأنّ دباغها بالقرظ فکان یبعث إلی العراق فیؤتی ممّا قبلکم بالفرو فیلبسه فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقی القمیص الذی یلیه فکان یسأل عن ذلک؟ فقال: إنّ أهل العراق یستحلّون لباس الجلود المیتة ویزعمون أنّ دباغه ذکاته»(1).

والروایة ضعیفة سندا والاحتیاط الاستحبابی فی المقام لا وجه له؛ لأنه إذا کان ید المسلم أمارة علی التذکیة فلا بأس فی الصلاة فیه حتی فیما إذا علم بعد ذلک عدمها لحدیث: «لا تعاد»(2) وإن لم یحرز بذلک کونه مذکی فلا یجوز الصلاة فیه، کما ذکرنا ذلک فی بحث عدم جواز لبس المیتة فی الصلاة. وما ذکر قدس سره من جواز الصلاة فیما لا تحله الحیاة من المیتة فقد ذکرنا أنه یدل علی ذلک صحیحة الحلبی عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا بأس بالصلاة فیما کان من صوف المیتة إنّ الصوف لیس فیه روح»(3) فإنّ مقتضی التعلیل فیها جریان الحکم أی جواز الصلاة فی کل ما یکون من المیتة من مأکول اللحم إذا لم یکن من أجزائها التی لا تحلها الحیاة، وقد حکم بطهارة تلک الأشیاء من المیتة وورد ذلک فی عدة روایات.

نعم، لو لا صحیحة الحلبی وما هو بمفادها لم یکن لنا سبیل فی الحکم بجواز الصلاة فیها؛ لأنّ طهارتها لا تلازم جواز الصلاة فیها کما فی المأکول لحمه من غیر ذی النفس فإنّ میتته طاهرة مع عدم جواز الصلاة فیها کما تقدم.

ص :82


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 462 ، الباب 61 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .
3- (3) وسائل الشیعة 3 : 513 ، الباب 68 من أبواب النجاسات، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

لا یقال: قد ورد فی موثقة ابن بکیر اشتراط التذکیة فی جواز الصلاة فی أجزاء مأکول اللحم کما هو ظاهر قوله علیه السلام : «فإن کان ممّا یؤکل لحمه فالصلاة فی وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وکل شیء منه جائز إذا علمت أن_ّه ذکی وقد ذکاه الذبح»(1). وهذا لا یجتمع مع ما ورد فی صحیحة الحلبی(2) من جواز الصلاة حتی فی أجزاء المأکول لحمه المیتة إذا لم تحلها الحیاة.

فإنه یقال: مثل صحیحة الحلبی یوجب تقیید کل شیء منه بما إذا کان الشیء ممّا تحلها الحیاة، وربّما یجاب عن ذلک بأنّ جواز الصلاة فی کل شیء من مأکول اللحم متعلق علی ذکاته فمع عدم التذکیة لا یجوز الصلاة فی کل شیء منه، وهذا لا ینافی جواز الصلاة فی بعض الشیء منه، نظیر ما یقال فی قولهم علیهم السلام : إذا بلغ الماء قدر کرّ لا ینجسه شیء(3). فإنه لیس مفهومه أن_ّه إذا لم یبلغ قدر کرّ ینجسه کل شیء.

وبتعبیر آخر، تعلیق العموم علی شرط مقتضاه انتفاء العموم مع انتفاء الشرط الملازم لثبوت نقیضه وهو ثبوت القضیة المهملة لا ثبوت الکلیة المخالفة کما بیّن فی بحث مفهوم الشرط.

وعلی الجملة، الشرط راجع إلی جواز الصلاة فی کل شیء من الحیوان المأکول لحمه.

ص :83


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
2- (2) تقدمت فی الصفحة السابقة .
3- (3) وسائل الشیعة 1 : 158 ، الباب 9 من أبواب الماء المطلق، الحدیث الأوّل .

(مسألة 10) اللحم أو الشحم أو الجلد المأخوذ من ید الکافر أو المطروح فی بلاد الکفار أو المأخوذ من ید مجهول الحال فی غیر سوق المسلمین أو المطروح فی أرض المسلمین إذا لم یکن علیه أثر الاستعمال محکوم بعدم التذکیة ولا تجوز الصلاة فیه، بل وکذا المأخوذ من ید المسلم إذا علم أنه أخذه من ید الکافر مع عدم مبالاته بکونه من میتة أو مذکی[1]

الشَرح:

فی حکم اللحم أو الشحم أو الجلد المأخوذ من ید الکافر

[1] قد تقدم انه إذا کان ذلک بید الکافر مع عدم سبق ید المسلم علیه لا یحکم بذکاته، واستظهرنا ذلک من معتبرة السکونی(1) ولا یعمه ما ورد فی الشراء من سوق المسلمین وترتیب آثار المذکی علیه وما صنع فی بلاد المسلمین، وذکرنا أنّ سوق المسلمین کما هو ظاهر الروایات کونه أمارة لکون البایع مسلما کما هو الحال أیضا فی المطروح فی أرض المسلمین مع أثر الاستعمال فی المطروح فإنه أیضا أمارة لجریان ید المسلم علیه من غیر أن یجری ید الکافر علیه من قبل.

نعم، إذا احتمل أنّ المسلم قد أخذ من الکافر مع إحراز تذکیته من طریق معتبر کما إذا أخبر المسلم بذلک ولم یکن متهما فی قوله: فلا بأس.

وعلی الجملة، لا یکون جریان ید الکافر أمارة لعدم التذکیة وإنما لا یحکم بالتذکیة مع احتمالها لعدم الأمارة علیها فقول المسلم إذا لم یکن متهما یکون أمارة علیها واحتمل بعضهم أن تکون ید الکافر أمارة لعدم التذکیة کما أنّ ید المسلم أمارة للتذکیة، ویلزم علی ذلک أن یسقط ید المسلم عن الاعتبار إذا کان شقص من الحیوان المذبوح بید المسلم وشقصه الآخر بید الکافر، وکذا ما إذا کان اللحم أو الجلد بید الکافر

ص :84


1- (1) تقدمت فی الصفحة : 80 .

(مسألة 11) استصحاب جزء من أجزاء المیتة فی الصلاة موجب[1 [لبطلانها وإن لم یکن ملبوساً.

الشَرح:

وانتقل إلی ید المسلم مع احتمال أنّ المسلم قد أحرز تذکیته.

وقد یقال لو قیل بأنّ جریان ید الکافر علی الجلد واللحم وغیرهما لو کان أمارة علی عدم التذکیة یحکم بحلیة الشقص الذی بید المسلم وحرمة الشقص الذی بید الکافر؛ لأنّ مطلق الأمارة لا تثبت لوازمها فیؤخذ فی کل شقص بما هو مقتضی الید، نظیر اعتبار الظن بالقبلة فإنّه لا یثبت دخول الوقت.

ولکن لا یخفی أنّ ید المسلم أمارة علی تذکیة الحیوان الذی أُخذ منه الشقص وید الکافر أمارة علی عدم تذکیته فلا یکون فی البین إلاّ تعارض الأمارتین بالإضافة إلی شیء واحد، بل مدلول الأصلین أیضا إذا کانا علی التناقض یتعارضان کما قرر فی محله. وعلی ذلک فلو کانت ید المسلم أمارة علی التذکیة دون ید الکافر تثبت بید المسلم تذکیة الحیوان فیجوز أخذ الشقص الآخر من ید الکافر أیضا لإحراز تذکیته من غیر أن یجری فیه الاستصحاب فی عدم التذکیة.

حمل أجزاء المیتة مبطل للصلاة

[1] قد تقدم الکلام فی ذلک من استظهارها من موثقة ابن بکیر(1) الواردة فی عدم جواز الصلاة فی أجزاء وتوابع ما لا یؤکل، وکذا فی استظهاره من الروایة الواردة فیمن یصلی ومعه فأرة المسک(2).

ص :85


1- (1) تقدمت فی الصفحة : 71 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 433 ، الباب 41 من أبواب لباس المصلّی.

(مسألة 12) إذا صلی فی المیتة جهلاً لم یجب الإعادة[1] نعم مع الالتفات والشک لا تجوز ولا تجزی، وأم_ّا إذا صلی فیها نسیانا فإن کانت میتة ذی النفس أعاد فی الوقت وخارجه وإن کان من میتة ما لا نفس له فلا تجب الإعادة.

الشَرح:

نعم، إذا کان المحمول من میتة غیر ذی النفس کما إذا کان سمکا ففیه تأمل کما تقدم.

الصلاة فی المیتة جهلاً لا یوجب الإعادة

[1] المراد من الجهل الغفلة فإنّ الصلاة مع وقوعها فی المیتة ثوبا حتی ساترا أو حملاً مع الغفلة محکومة بالصحة کما هو مقتضی حدیث «لا تعاد»(1).

نعم، مع الالتفات والشک فمقتضی الاستصحاب فی عدم تذکیة الحیوان المأخوذ منه هو بطلان الصلاة لما تقدم من اشتراط کون ما مع المصلی مذکی معتبر وإن لم یثبت بالاستصحاب فی عدم التذکیة کونه میتة، وأم_ّا إذا صلی فی المیتة نسیانا فإن کانت المیتة من ذیالنفس السائلة یحکم ببطلان الصلاة؛ لأنّ صورة نسیان النجاسة خارجة عن حدیث: «لا تعاد» بالتخصیص وهذا إذا کان المیتة التی وقعت الصلاة فیها مما تتم فیها الصلاة، وأم_ّا إذا لم تکن ممّا تتم فیه الصلاة فلا تکون نجاسته مانعة عن صحة الصلاة بل جهة النجاسة معفو عنها حتی فی غیر حال النسیان وجهة کونه میتة مورد لحدیث: «لا تعاد» وإن کان المیتة من غیر ذی النفس فصورة نسیانها کصورة الجهل داخلة فی الحدیث فیحکم بصحتها.

ص :86


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8.

(مسألة 13) المشکوک فی کونه من جلد الحیوان أو من غیره لا مانع من الصلاة فیه[1]

الرابع: أن لا یکون من أجزاء ما لا یؤکل لحمه[2] وإن کان مذکی أو حیّاً جلداً کان أو غیره فلا تجوز الصلاة فی جلد غیر المأکول ولا شعره وصوفه وریشه ووبره ولا فی شیء من فضلاته، سواء کان ملبوساً أو مخلوطاً به أو محمولاً حتی شعرة الشَرح:

تجوز الصلاة فی المشکوک کونه جلد الحیوان أو غیره

[1] وذلک لجریان الاستصحاب فی عدم کونه جلد الحیوان بناءً علی ما هو الصحیح من جریان الاستصحاب فی العدم الأزلی، ومع الغمض عن الاستصحاب المرجع أصالة البراءة عن مانعیته فإن المانعیة کما سیأتی حکم انحلالی فیدخل الفرض فی دوران أمر الواجب بین الأقل والأکثر أی المطلق والمقید کما یأتی، بل قد یقال إنّ الجلد یتکون قبل صیرورة الجنین حیوانا وعلیه فالمشکوک لم یکن جلد الحیوان فی زمان یقینا ویشک فی صیرورته جلد الحیوان بعد ذلک فمقتضی الاستصحاب عدم صیرورته من جزء الحیوان، ولکن لا یخفی أن تکونه قبل صیرورة الجنین حیوانا کاف فی إضافته إلی الحیوان کتکوّن عظم الجنین وسایر أعضائه.

الرابع: أن لا یکون من أجزاء ما لا یؤکل لحمه

[2] قد تقدم أنّ مقتضی ظاهر الموثقة عدم جواز الصلاة فی شیء ممّا لا یؤکل لحمه، من غیر فرق بین کونه ملبوساً أو مخلوطاً بالملبوس أم لا بأن کان محمولاً حتی فی شعرة واقعة علی لباسه أو بدنه، فإنّ کلمة «فی» فی الموثقة لم تستعمل لا فی صدر الموثقة ولا فی ذیلها الراجع إلی الصلاة فی المأکول لحمه وتوابعه بمعنی الظرفیة حتی لا یصدق علی موارد عدم اشتماله علی جزء من البدن بأن یختص بموارد صدق

ص :87

واقعة علی لباسه، بل حتی عرقه وریقه _ وإن کان طاهراً _ مادام رطباً، بل ویابساً

الشَرح:

اللبس، وذلک بقرینة ذکر البول والروث علی التقریب المتقدم، ویدل علی ذلک أیضاً بعض الروایات کروایة إبراهیم بن محمد الهمدانی، قال: کتبت إلیه: یسقط علی ثوبی الوبر والشعر ممّا لا یؤکل لحمه من غیر تقیة ولا ضرورة فکتب: «لا تجوز الصلاة فیه»(1) ومثل هذه الروایة تصلح للتأیید حیث إنّ فی سندها خلل لعدم ثبوت توثیق لعمر بن علی بن عمر بن یزید _ قد یقال إنّ عدم استثناء القمیین من رجال نوادر الحکمة دلیل علی وثاقته، ولکن کما ذکرنا أنّ عدم الاستثناء لا یدل علی التوثیق بل غایته عدم ثبوت ضعف من لم یستثنوه من رجالها وعدم ثبوت الضعف أعم کما هو ظاهر، وأم_ّا ابراهیم بن محمد الهمدانی فإنه وإن روی الکشی فی ترجمة أحمد بن إسحاق القمی، عن محمد بن مسعود، قال حدثنی علی بن محمد، قال حدثنی محمد بن أحمد، عن محمد بن عیسی، عن أبی محمد الرازی، قال: کنت أنا وأحمد بن أبی عبد اللّه البرقی بالعسکر فورد علینا رسول من الرجل فقال لنا: الغائب العلیل ثقة وأیوب بن نوح وإبراهیم بن محمد الهمدانی وأحمد بن حمزة وأحمد بن إسحاق ثقات جمیعاً(2). ولکن فی الطریق أیضاً أبو محمد الرازی _ لو لم نقل بعدم ثبوته فی حق إبراهیم بن محمد الهمدانی أیضاً.

نعم، ورد فی صحیحة محمد بن عبدالجبار قال: کتبت إلی أبی محمد علیه السلام أساله هل یصلّی فی قلنسوة علیها وبر ما لا یؤکل لحمه أو تکة حریر محض أو تکة من وبر الأرانب؟ فکتب: «لا تحل الصلاة فی الحریر المحض وإن کان الوبر ذکیاً حلت الصلاة

ص :88


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 346 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4.
2- (2) اختیار معرفة الرجال 2 : 831 ، الحدیث 1053.

إذا کان له عین، ولا فرق فی الحیوان بین کونه ذا نفس أو لا[1 [کالسمک الحرام أکله.

الشَرح:

فیه إن شاء اللّه»(1) ولکن السند وإن کان صحیحاً إلاّ أنّ مدلولها لا یمکن الأخذ به؛ وذلک فإنه لو کان المراد بالذکیالطاهر فلا بأس بنجاسة ما لا تتم الصلاة فیه وإن کان المراد المذکی فقد تقدم أنه لا یعتبر فیما لیس فیه روح فلابد من حملها علی التقیة؛ لأنّ جواز الصلاة فی أجزاء ما لایؤکل لحمه مع التذکیة مذهب جماعة من العلامة ولعل تعلیق الجواز علی مشیئة اللّه من هذه الجهة واحتمال أنّ الأرانب علی قسمین قسم مأکول اللحم وقسم لیس منه کما تری أضف إلی ذلک أنها معارضة کما یأتی.

[1] ذکر الماتن قدس سره أنّ عدم جواز الصلاة فیما لا یؤکل یعمّ ما إذا کان الحیوان من ذی النفس السائلة دمها أو لم یکن منه کالحیوان البحری کما علیه المشهور عند أصحابنا.

نعم، قد یناقش فی استفادة حکم غیر ذی النفس من موثقة ابن بکیر(2)؛ لأنّ ذکر التذکیة بالذبح فیها فی ناحیة المأکول لحمه والتسویة فی ناحیة غیر مأکول اللحم قرینة علی أنها ناظرة إلی حکم الصلاة فی ذی النفس.

ولکن لا یخفی مافیه فإنّ صدرها الذی هو الأصل وإملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله عام وما فی الذیل وظاهره أنه من الإمام علیه السلام کالتفریع لذلک الأصل، وعدم العموم فی ذلک التفریع لا یمنع عن الأخذ بعموم الأصل.

أضف إلی ذلک ما یأتی من العموم فی بعض الروایات التی یأتی نقلها فی الاستثناء ممّا لا یؤکل لحمه.

ص :89


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 377 ، الباب 14 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
2- (2) تقدمت فی الصفحة : 71 .

(مسألة 14) لا بأس بالشمع والعسل[1] والحریر الممتزج ودم البق والقمل والبرغوث ونحوها من فضلات أمثال هذه الحیوانات ممّا لا لحم لها، وکذا الصدف لعدم معلومیة کونه جزءاً من الحیوان، وعلی تقدیره لم یعلم کونه ذا لحم، وأم_ّا اللؤلؤ فلا إشکال فیه أصلاً لعدم کونه جزءاً من الحیوان.

الشَرح:

أمثلة ما تجوز الصلاة فیه

[1] ما ذکر وأمثالها وإن تکون من فضلات الحیوانات التی لا لحم لها ویحرم أکلها لدخولها فی عنوان الحشرات لدخولها فی عنوان الخبائث أو المسوخ ومع ذلک لا یمنع عن الصلاة لا بمیتتها ولا فضلاتها، والعمدة فی ذلک ثبوت السیرة القطعیة علی عدم الاجتناب من أمثالها فی الثیاب والبدن بل یصلی مع عدم رعایة إزالتها، ولم یرد فی شیء من الروایات الأمر بإزالتها عن الثوب والبدن عند الصلاة، بل ورد البأس عنها مطلقاً بل الصلاة فی الثوب الذی فیه دم البراغیث وغیرها بل لا یبعد ماورد فی موثقة عبد اللّه بن بکیر من قوله علیه السلام : «کل شیء حرام أکله فالصلاة فی وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وکل شیء منه»(1) منصرف إلی حیوان ذی لحم فإنّ الوبر والشعر لا یکون فی حیوان ذی لحم.

وأم_ّا الصدف فلم یعلم أنه جزء من حیوان ویحتمل أنه وعاء یوجد فی البحر ویتکون فیه فیکون وعاء لتکوّن حیوان فیه، وذلک الحیوان کسائر الحشرات التی لا یکون لها لحم، وفی صحیحة علی بن جعفر، عن أخیه علیه السلام سألته عن اللحم الذی یکون فی أصداف البحر والفرات أیؤکل؟ قال علیه السلام : «ذلک لحم الضفادع لا یحل أکله»(2)

ص :90


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 24 : 146 ، الباب 16 من أبواب الأطعمة المحرمة، الحدیث الأوّل.

(مسألة 15) لا بأس بفضلات الإنسان ولو لغیره کعرقه ووسخه وشعره وریقه ولبنه[1] فعلی هذا لا مانع فی الشعر الموصول بالشعر، سواء کان من الرجل أو المرأة.

نعم، لو اتخذ لباساً من شعر الإنسان فیه إشکال سواء کان ساتراً أو غیره بل المنع قوی خصوصاً الساتر.

الشَرح:

فإنّ ظاهرها أنّ ما یوجد من اللحم فی الصدف لیس منه بل من الضفدعة التی دخلت فیه ولا یحل الضفدعة، وقیل دخولها فیه لکون مافیه من الحشرة غذاء لها، وأم_ّا اللؤلؤ فالظاهر کما هو المعروف بین أهل الخبرة أنه لیس من الحیوان ولا جزء منه بل هو موجود متکوّن فی البحر بتبدّل الصدف أو بتبدل الماء النازل إلیه من المطر.

[1] وذلک أنّ ما دل علی مانعیة ما لایؤکل لحمه للصلاة والعمدة موثقة ابن بکیر(1) منصرف إلی غیر الإنسان وجریان السیرة علی الصلاة فی ثوب وقع فیه من شعر المصلی أو ظفره وصلاة النساء فی القرامل ونحوها، وفی صحیحة علی بن الریان قال: کتبت إلی أبی الحسن علیه السلام هل تجوز الصلاة فی ثوب یکون فیه شعر من شعر الإنسان وأظفاره من قبل أن ینفضه ویلقیه عنه فوقع یجوز(2). وما فی عبارة الماتن من الإشکال من اتخاذ اللباس من شعر الإنسان، بل تقویته المنع مبنی علی اختصاص الدلیل علی عدم المانعیة بالسیرة التی لا تجری فی اللباس المنسوج من شعر الانسان.

نعم، یمکن الإشکال فی الساتر المنسوج من شعر الإنسان بدعوی أنّ مادل علی إجزاء الصلاة فی المئزر والقمیص ونحوهما ینصرف عن المنسوج من شعر الإنسان.

ص :91


1- (1) المتقدمة فی الصفحة : 71 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 382 ، الباب 18 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.

(مسألة 16) لا فرق فی المنع بین أن یکون ملبوساً أو جزءاً منه أو واقعاً علیه أو کان فی جیبه بل ولو فی حقة هی فی جیبه[1].

(مسألة 17) یستثنی مما لا یؤکل الخز الخالص الغیر المغشوش[2] بوبر الأرانب والثعالب.

الشَرح:

[1] قد تقدم الکلام فی ذلک.

الکلام فی ما یستثنی مما لا یؤکل

[2] استثناء الأصحاب الخز مما لا یؤکل لحمه ظاهره التسالم علی کون الحیوان المعروف بکلب الماء قابلاً للذکاة، وأنّ إخراجه من الماء حیاً وموته خارجه ذکاته کما هو الحال فی ذکاة السمک ویمکن استظهار ذلک من صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج، قال: سأل أبا عبد اللّه علیه السلام رجل وأنا عنده عن جلود الخز؟ فقال: لیس بها بأس، فقال الرجل: جعلت فداک إنّها فی بلادی وإنّما هی کلاب تخرج من الماء، فقال أبو عبداللّه علیه السلام : إذا خرجت من الماء تعیش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا ، قال: فلا بأس(1). فإنّ وجه سؤال الإمام علیه السلام عن عیش الحیوان خارج الماء بعد خروجه منه هو أنه إذا لم یعش الحیوان بعد خروجه من الماء خارجه یکون موته خارج الماء بعد إخراجه منه ذکاته کما فی ذکاة السمک، بل لا یبعد عدم اختصاص ذلک بکلب الماء بل یجری فی سائر حیوان البحر.

وفی روایة ابن یعفور قال: کنت عند أبی عبداللّه علیه السلام إذ دخل علیه رجل من الخزازین فقال له: جعلت فداک ما تقول فی الصلاة فی الخز؟ قال: لا بأس بالصلاة فیه _ إلی أن قال علیه السلام : _ فإنّ اللّه أحلّه وجعل ذکاته موته کما أحلّ الحیتان وجعل ذکاتها

ص :92


1- (1) الکافی 6 : 451 ، الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

موتها(1).

ثمّ إنّ المعروف أنّ الخز ونحوه من الحیوان لا یموت بالخروج من الماء کالسمک؛ ولذا ناقش بعضهم کصاحب البحار فی کون المراد من الخز فی الروایات مانعرفه فی عصرنا حیث یبقی ما فی عصرنا خارج الماء ثم یرجع إلیه ولا یکون من مثل السمک حیث یموت بمجرد الخروج عن الماء(2). ولکن لا یخفی أنّ العیش خارج الماء الوارد فی صحیحة عبد الرحمن هو العیش کسائر الحیوانات البریة ومادام لم یثبت النقل یحمل اللفظ علی أنّ المراد منه فی زمان استعماله هو المعنی الظاهر منه عندنا.

وکیف ما کان، فلا خلاف فی أنّ الخز ممّا لا یؤکل لحمه؛ لأنه لا یؤکل من حیوان البحر إلاّ السمک الذی له فلس ومع ذلک یجوز الصلاة فی وبره إذا لم یکن مغشوشاً بوبر غیره ممّا لا یؤکل لحمه کالأرانب والثعالب وغیرها، وکذا الصلاة فی جلده علی المشهور عند أصحابنا.

ویدل علی جواز الصلاة فی وبرها غیر المغشوش بما ذکر الروایات الواردة ما ورد فی لبس الائمة علیهم السلام الخز وصلاتهم فیه کصحیحة علی بن مهزیار، قال: رأیت أبا جعفر الثانی یصلی الفریضة وغیرها فی جبة خز طاروی وکسانی جبّة خزّ وذکر أنه لبسها علی بدنه وصلی فیها(3). وفی صحیحة معمر بن خلاد، قال: سألت أبا الحسن

ص :93


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 359 _ 360 ، الباب 8 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
2- (2) بحارالأنوار 80 : 220 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 359 ، الباب 8 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.

.··· . ··· .

الشَرح:

الرضا علیه السلام عن الصلاة فی الخز؟ فقال: «صل فیه»(1) وفی صحیحة الحلبی، قال: سألته عن لبس الخز؟ فقال: «لا بأس به إنّ علی بن الحسین علیهماالسلام کان یلبس الکساء الخز فی الشتاء فإذا جاء الصیف باعه وتصدّق بثمنه، وکان یقول إنی لأستحیی من ربی من أن آکل ثمن ثوب قد عبدت اللّه فیه»(2) فإنّ من المتیقن من عبارته علیه السلام فی الخزّ صلاته فیه وفی صحیحة سعد بن سعد، عن الرضا علیه السلام قال: سألته عن جلود الخز؟ فقال: هو ذا نحن نلبس، فقلت ذاک الوبر جعلت فداک؟ قال: إذا حلّ وبره حلّ جلده(3). وهذه الصحیحة وإن لم یصرّح فیه بجواز الصلاة فی جلد الخز إلاّ أنّ مقتضی تسویة الوبر والجلد فی الحکم کما هو ظاهر قوله علیه السلام جریان ماللوبر من الحکم علی الجلد.

أضف إلی ذلک إطلاق مثل صحیحة معمر بن خلاد(4)، حیث إنّ اطلاق الأمر بالصلاة فیه یعمّ جلده.

وأم_ّا عدم جواز الصلاة فی الخز المغشوش بوبر الأرانب والثعالب وغیرهما ممّا لا یؤکل لحمه فیدل علیه ماورد فی المنع عن الصلاة فی وبر الأرانب والثعالب کصحیحة علی بن مهزیار، قال: کتب إلیه إبراهیم بن عقبة: عندنا جوارب وتکک تعمل من وبر الأرانب فهل تجوز الصلاة فی وبر الأرانب من غیر ضرورة وتقیة؟ فکتب: «لا تجوز الصلاة فیها»(5).

ص :94


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 360 ، الباب 8 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 5 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 366 ، الباب 10 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 13.
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 366 ، الباب 10 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 14 .
4- (4) تقدمت آنفاً .
5- (5) وسائل الشیعة 4 : 356 ، الباب 7 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

وصحیحة أبی علی بن راشد، قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام الثعالب یصلی فیها؟ قال: لا، ولکن تلبس بعد الصلاة، قلت: أُصلی فی الثوب الذی یلیه؟ قال: لا(1). والنهی عن الثوب الذی یلیه کعلة لسقوط شیء من وبره لذلک الثوب، ومع الغمض عن ذلک فلا یضر بالأخذ بظهور النهی عن الصلاة فی الثعالب من صدرها، کما أنّ مقتضی النهی عن الصلاة فی وبر الأرنب والثعلب مانعیتهما عن الصلاة بلا فرق فی کون وبرهما مخلوطاً بغیرهما من الوبر أم کان خالصاً، بخلاف الأمر بالصلاة فی الخز حیث إنّ الأمر بذلک إرشاد إلی عدم مانعیة وبر الخز وإذا کان الخز مخلوطاً بوبر الأرنب أو الثعلب وغیرهما من مأکول اللحم فیحکم ببطلان الصلاة؛ لأنّ عدم مانعیة الخز حال کونه مغشوشاً لا ینافی مانعیة وبر الأرنب والثعلب المخلوط به، وما ورد فی جواز الصلاة فی جلود الثعالب کصحیحة جمیل، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سألته عن الصلاة فی جلود الثعالب؟ فقال: «إن کانت ذکیة فلا بأس»(2). ومضمرة ابن عبدالرحمن بن الحجاج قال: سألته عن اللحاف (الخفاف) من الثعالب والجرز الخوارزمیة منه أیصلی فیها أم لا؟ قال: «إن کان ذکیاً فلا بأس»(3) فإنّ مثل هاتین تحمل علی التقیة لکونهما موافقین لمذهب العامة، بل مع الإغماض عن ذلک وفرض تعارض الروایات فی جواز الصلاة فی الثعالب یرجع إلی العموم الوارد فی موثقة عبد اللّه ابن بکیر وأنّ الصلاة فی کل شیء ممّا لا یؤکل لحمه فاسدة(4).

ص :95


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 356 ، الباب 7 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 357 _ 358 ، الباب 7 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 9 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 358 ، الباب 7 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 11.
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

وکذا السنجاب[1]

الشَرح:

ویؤید ما تقدم من بطلان الصلاة فی الخز المغشوش بوبر ما لا یؤکل لحمه مرفوعة ابن نوح(1) ولکن یعارضها روایة بشیر بشار (یسار)(2) فلا یمکن الاعتماد علیهما لضعفهما سنداً. نعم، إذا کان الخز مغشوشاً بوبر سنجاب فلا بأس لعدم مانعیة شیء منهما، واللّه العالم.

[1] المنسوب إلی أکثر اصحابنا بل إلی المشهور بین المتأخرین جواز الصلاة فی وبر السنجاب أو حتی فی جلده، وهذا الحیوان من حیوان البر، ولا یجوز أکل لحمه وتجویز الصلاة حتی فی جلده مقتضاه أنه یقبل التذکیة ولو بالصید وعن أمالی الصدوق أنّ من دین الإمامیة الرخصة فیه وفی الفنک والسمور والأولی الترک(3)، والمحکی عن المبسوط(4) لا خلاف فی جواز الصلاة فی السنجاب والحواصل الخوارزمیة إلی غیر ذلک.

ولا یخفی أن_ّه لم یثبت ماثبت فی الصلاة فی الخز من أنّ الائمة علیهم السلام کان منهم من یلبس الخز ویصلی فیه ویأمر بالصلاة فیه، والمستند فی جواز الصلاة فی السنجاب بعض ماورد فی نفی البأس عن الصلاة فیه ونفی البأس عن لبسه علی نحو الإطلاق حیث یقال إنّ نفی البأس یعمّ لبسه فی الصلاة أیضاً منها صحیحة الحلبی، عن أبی عبد اللّه علیه السلام أنه سأله عن أشیاء منها الغراء والسنجاب؟ فقال: «لا باس بالصلاة فیه»(5).

ص :96


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 361 ، الباب 9 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 362 ، الباب 9 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.
3- (3) الامالی : 742 ، المجلس 93 .
4- (4) المبسوط 1 : 82 _ 83.
5- (5) وسائل الشیعة 4 : 347 _ 348 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

وفی روایة مقاتل قال: سألت أبا الحسن علیه السلام عن الصلاة فی السمور والسنجاب والثعلب؟ قال: «لا خیر فی ذا کلّه ما خلا السنجاب فإنه دابة لا تأکل اللحم»(1).

وفی روایة علی بن أبی حمزة قال: سألت أبا عبداللّه وأبا الحسن علیهماالسلام عن لباس الفراء والصلاة فیها؟ فقال: «لا تصل فیها إلاّ فی ما کان منه ذکیاً، قال: قلت: أو لیس الذکی مما ذکی بالحدید؟ قال: بلی إذا کان ممّا یؤکل لحمه، قلت: وما لا یؤکل لحمه من غیر الغنم؟ قال: لابأس بالسنجاب فإنه دابة لا تأکل اللحم ولیس هو ممّا نهی عنه رسول اللّه صلی الله علیه و آله إذ نهی عن کل ذی ناب ومخلب(2).

وفی روایة بشیر بن بشار، قال: سألته عن الصلاة فی الفنک والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التی تصاد ببلاد الشرک أو بلاد الاسلام أن أُصلی فیه لغیر تقیة؟ قال: صل فی السنجاب والحواصل الخوارزمیة ولا تصل فی الثعالب ولا السمور (3).

وفی صحیحة علی بن مهزیار، عن أبی علی بن راشد، قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام : ما تقول فی الفراء أی شیء یصلی فیه؟ قال: أی الفراء؟ قلت: الفنک والسنجاب والسمور، قال: فصلّ فی الفنک والسنجاب فأمّا السمور فلا تصل فیه، قلت: فالثعالب یصلی فیها؟ قال: لا ولکن تلبس بعد الصلاة، قلت: أُصلی فی الثوب الذی یلیه؟ قال: لا(4).

وروایة یحیی بن أبی عمران، قال: کتبت إلی أبی جعفر الثانی علیه السلام فی السنجاب والفنک والخز وقلت: جعلت فداک أحب أن لا تجیبنی بالتقیة فی ذلک، فکتب بخطه

ص :97


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 348 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 348 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 348 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
4- (4) التهذیب 2 : 210 ، الحدیث 30.

.··· . ··· .

الشَرح:

إلیّ: صلّ فیها(1). إلی غیر ذلک.

وقد یورد علی الاستدلال بما ذکر أنّ ما دل علی جواز الصلاة فیه مقترن بجواز الصلاة مقترن بما لا یجوز الصلاة فیه؛ ولذا یتبادر إلی الذهن أنّ تجویز الصلاة فیه لرعایة التقیة، ولکن قد تقدّم ما فی صحیحة الحلبی من تجویز الصلاة فی الفراء والسنجاب(2)، والمراد بالفراء فیها الحمار الوحشی الذی لیس من المعدود من غیر ما لا یؤکل لحمه والوارد فی روایة یحیی بن عمران السنجاب والفنک والخز(3)، ولا یبعد أن یؤخذ بما ورد فیهما ویحکم بجواز الصلاة فی کل من السنجاب والفنک حیث لم یرد فیهما النهی عن مانعیتهما عن الصلاة فیرفع فیهما الید عن العموم الوارد فی موثقة عبد اللّه بن بکیر، یعنی قوله علیه السلام إنّ الصلاة فی وبر کل شیء حرام أکله إلی أن قال: فاسد(4).

وقد یقال فی المناقشة فی جواز الصلاة فی السنجاب وجهاً آخر وهو أنّ السؤال من زرارة فی موثقة عبداللّه بن بکیر قد وقع عن الصلاة فی الثعالب والفنک والسنجاب وغیره من الوبر فأخرج الإمام علیه السلام کتاباً زعم أنه إملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله أنّ الصلاة فی وبر کل شیء حرام أکله فالصلاة فی وبره وشعره إلی أن قال: کل شیء منه فاسد(5). فیکون الحکم بجواز الصلاة فی وبر السنجاب من تخصیص المورد فهو لاستهجانه غیر

ص :98


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 349 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 347 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 349 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
5- (5) المصدر السابق.

وأم_ّا السمور[1] والقاقم والفنک والحواصل فلا تجوز الصلاة فی أجزائها علی الأقوی.

الشَرح:

ممکن فالروایات الواردة فی جواز الصلاة فی الفنک والسنجاب لتعارضها بالموثقة التی لا یمکن رفع الید عنها لا یمکن الاعتماد علیها.

ولکن لا یخفی ما فیه فإنّه إذا وقع السؤال من أُمور متعددة وأعرض المجیب عن الجواب بخصوص تلک الأُمور وأجاب بالعام الذی یدخل فیه الأُمور المذکورة وغیرها فلا استهجان فی تخصیص ذلک العام فی بعض ماورد فی السؤال بدلیل قام علی خصوصه والمقام من هذا القبیل والمتحصل لا یبعد الالتزام بجواز الصلاة فی السنجاب.

لا تجوز الصلاة فی أجزاء السمور والقاقم والفنک والحواصل

[1] یظهر من الماتن وجود الخلاف فی جواز الصلاة فی کل من السمور والقاقم والفنک والحواصل کما هو مقتضی التعبیر بالأقوی، والخلاف فی السمور محقق حیث اختاره الصدوق قدس سره فی المقنع(1)، ویظهر ذلک من المحقق فی المعتبر حیث إنه استدل علی الجواز بصحیحة الحلبی، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: سألته عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه؟ قال: «لا بأس بالصلاة فیه»(2) وصحیحة علی بن یقطین قال: سألت ابا الحسن علیه السلام عن لباس الفراء والسمور والفنک والثعالب وجمیع الجلود؟ قال: لا بأس بذلک(3). وقال: طریق الخبرین أقوی من تلک الطریق

ص :99


1- (1) المقنع : 79 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 350 ، الباب 4 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 352 ، الباب 5 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

ولو عمل بهما عامل جاز(1). ولکن لا یخفی أنّ الصحیحة الثانیة ناظرة إلی جواز لبس ما ورد فیه فلا ینافی عدم جواز الصلاة فیها کما ورد فی موثقة عبد اللّه بن بکیر(2) وغیرهما مما تقدم.

نعم، صحیحة الحلبی، عن أبی عبد اللّه علیه السلام (3) ورد فیها جواز الصلاة ولکنها معارضة بما ورد فی صحیحة أبی علی بن راشد، قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام : ما تقول فی الفراء أی شیء یصلّی فیه؟ قال: أی الفراء؟ قلت: الفنک والسنجاب والسمور، قال: فصلّ فی الفنک والسنجاب فأمّا السمور فلا تصل فیه(4). وبصحیحة سعد بن سعد الأشعری، عن الرضا علیه السلام قال: سألته عن جلود السمور؟ فقال: أی شیء هو ذاک الأدبس؟ فقلت: هو الأسود، فقال: یصید؟ قلت: نعم، یأخذ الدجاج والحمام، فقال: لا(5). وبما أنّ ما دل علی الجواز موافق للعامة یؤخذ بما دل علی عدم الجواز، وعلی تقدیر الإغماض والتساقط یرجع إلی العموم فی موثقة عبد اللّه بن بکیر(6) والسمور کما هو المعروف حیوان یشبه السنور أکبر منه، ویؤید أنّ روایة الجواز للتقیة روایة قرب الاسناد حیث منع عن الصلاة إلاّ مع التذکیة، حیث إنّ الجواز فیما لا یؤکل مع التذکیة مذهب جماعة العامة.

ص :100


1- (1) المعتبر 2 : 86 _ 87.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
3- (3) تقدمت فی الصفحة السابقة .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 349 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 5 .
5- (5) وسائل الشیعة 4 : 350 ، الباب 4 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
6- (6) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

وأم_ّا القاقم فیقال إنّه أکبر من الفأرة والجرذ ویأکل الفأرة ومن الحشرات التی تعیش تحت الأرض فتکون کسائر الحشرات محرمة الأکل ولم یعرف حکایة القول بجواز الصلاة فی وبرها من أصحابنا، نعم روی فی المستدرک روایة عن علی بن جعفر فی کتاب المسائل عن أخیه موسی علیه السلام قال: سألته عن لبس السمور والسنجاب والفنک والقاقم؟ قال: «لا یلبس ولا یصلی فیه إلاّ أن یکون ذکیاً»(1).

وقد روی فی الوسائل عن عبد اللّه بن جعفر فی قرب الاسناد، عن عبد اللّه بن الحسن، عن جده علی بن جعفر، عن أخیه موسی بن جعفر علیه السلام قال: سألته عن لبس السمور والسنجاب والفنک؟ فقال: «لا یلبس ولا یصلی فیه إلاّ أن یکون ذکیاً»(2) ولیس فی هذا النقل ذکر القاقم.

وکیف ما کان، فمقتضی موثقة عبد اللّه بن بکیر(3) عدم جواز الصلاة فیما لا یؤکل.

وأم_ّا الفنک فقد یقال إنّه ثعلب رومی أو فرخ ابن آوی والمشهور عدم جواز الصلاة فیه ونسب الجواز إلی الصدوق قدس سره فی المقنع والأمالی(4) المعبّر عن الثانیة بکتاب المجالس، وقد نسب ذلک إلی العلامة فی المنتهی(5)، وقد ورد فی صحیحة أبی علی بن راشد، قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام ماتقول فی الفراء أی شیء یصلی فیه؟ قال:

ص :101


1- (1) مستدرک الوسائل 3 : 199 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 352 ، الباب 4 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
4- (4) المقنع : 79 ، والامالی : 742 ، المجلس 93 .
5- (5) منتهی المطلب 4 : 218 .

.··· . ··· .

الشَرح:

أی الفراء؟ قلت: الفنک والسنجاب والسمور. قال: فصلّ فی الفنک والسنجاب فأم_ّا السمور فلا تصلّ فیه(1).

وفی روایة یحیی بن أبی عمران أن_ّه قال: کتبت إلی أبی جعفر الثانی علیه السلام : فی السنجاب والفنک والخز، وقلت: جعلت فداک أُحب أن لا تجیبنی بالتقیة فی ذلک، فکتب بخطه إلیّ: «صلّ فیها»(2).

ولکن بما أنّ الفنک قسم من الثعلب وورد النهی عن الصلاة فی الثعالب ففی الحکم بجواز الصلاة لا یخلو عن إشکال: وفی روایة بشیر بن بشار، قال: سألته عن الصلاة فی الفنک والفراء والسنجاب والسمور والحواصل التی تصاد ببلاد الشرک أو بلاد الإسلام أن أُصلی فیه لغیر تقیة؟ فقال: «صلّ فی السنجاب والحواصل الخوارزمیة ولا تصل فی الثعالب والسمور»(3) وعدم ذکر الثعالب فی السؤال وذکر الفنک فیه وعدم ذکر الفنک فی الجواب وذکر الثعالب فیه یوجب قرب احتمال دخوله فی الثعالب.

وأم_ّا الحواصل وهی کما قیل من سباع الطیر لها حواصل کبیرة فقد یستظهر جواز الصلاة فی أجزائها من بعض الروایات منها صحیحة الریان بن الصلت، قال: سألت أبا الحسن الرضا علیه السلام عن لبس الفراء والسمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها والمناطق والکیمخت والمحشو بالقز والخفاف من أصناف الجلود؟ فقال: «لا بأس بهذا کله إلاّ بالثعالب»(4) بدعوی أنّ استثناء الثعالب قرینة علی أنّ المراد بنفی

ص :102


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 349 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 5 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 349 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 348 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 352 ، الباب 5 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.

.··· . ··· .

الشَرح:

البأس فیه لیس خصوص لبسها فی غیر حال الصلاة کما ذکرنا ذلک فی صحیحة علی بن یقطین، قال: سألت أبا الحسن علیه السلام عن لباس الفراء والسمور والفنک والثعالب وجمیع الجلود؟ قال: «لابأس بذلک»(1) ولو کان المراد من صحیحة الریان أیضاً ذلک لم یکن وجه لاستثناء الثعالب لجواز لبسها أیضاً فی غیر الصلاة.

أقول: لا یمکن الالتزام بجواز الصلاة فی الحواصل حیث ورد فی موثقة سماعة قال: سألته عن لحوم السباع وجلودها؟ فقال: «أم_ّا لحوم السباع فمن الطیر والدواب فإنا نکرهه وأم_ّا الجلود فارکبوا علیها ولا تلبسوا منها شیئاً تصلّون فیه»(2).

فإنّ مقتضی التصریح بالإطلاق فیها فمن الطیر والدواب عدم جواز الصلاة فی شیء من السباع طیراً کان أو من الدواب فیحمل لبسها علی غیر الصلاة غایة الأمر یلتزم بکراهة لباس الثعالب بمکان استثنائها فی صحیحة الریان بن الصلت(3) ولو کانت کراهته أشد.

وأم_ّا صحیحة عبد الرحمن بن الحجاج علی ما فی بعض الکلمات قال: سألته عن اللحاف (الخفاف) من الثعالب أو الجرز منه أیصلی فیها أم لا؟ قال: «إن کان ذکیاً فلا بأس به»(4) فإنه بناءً علی کون المراد من الجرز الخوارزمیة قسم من سباع الطیر فیحمل علی التقیة کالصلاة فی الثعالب، بل المحکی عن التهذیب عطف الجرز منه بالواو، وظاهره عود الضمیر فی (منه) إلی الثعالب والجرز من جلد الثعلب نوع من

ص :103


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 352 ، الباب 5 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 353 ، الباب 5 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3.
3- (3) المتقدمة فی الصفحة : 102 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 358 ، الباب 7 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 11.

(مسألة 18) الأقوی جواز الصلاة فی المشکوک کونه من المأکول أو من غیره فعلی هذا لا بأس بالصلاة فی الماهوت[1]

الشَرح:

لباس للنساء علی ماقیل فلا ترتبط الروایة بالصلاة فی الحواصل.

أضف إلی ذلک ضعف الروایة سنداً لعدم ثبوت توثیق لعلی بن السندی حیث وثقه نصر بن الصباح(1) الذی لم یثبت له توثیق وکونها مضمرة جهة أُخری فی ضعفها.

[1] المنسوب إلی المشهور عدم جواز الصلاة فی شیء من أجزاء الحیوان وتوابعه إلاّ إذا أُحرز أنه من مأکول اللحم.

نعم، عن جماعة الالتزام بجواز الصلاة فی المشکوک والجواز کذلک مشهور عند علمائنا المعروفین ممن قارب عصرنا ومنهم الماتن قدس سره حیث ذکر أنّ الأقوی جواز الصلاة فی المشکوک، وقد بنی الجواز وعدمه فی کلمات جماعة منهم علی أنّ کون ما هو جزء الحیوان وتوابعه من مأکول اللحم شرط فی جواز الصلاة أو أنّ کونه من غیر مأکول اللحم مانع، فبناءً علی شرطیة مأکول اللحم لا یجوز فی المشکوک بخلاف البناء علی المانعیة فإنه علیه یجوز الصلاة فیه.

الفرق بین الشرط الفلسفی والمانع وبین المراد منهما فی الاصطلاح الفقهی

وینبغی لتنقیح البحث فی هذه المسألة من ذکر أُمور:

الأول: أنّ مورد الکلام فی هذه المسألة ما إذا کانت الشبهة موضوعیة بأن یحرز الحیوان المحلل أکله وما لا یحل أکله، ولکن لا یدری أنّ الجلد أو غیره ممّا یراد الصلاة فیه أو یکون محمولاً حالها ممّا یحل أکله أو ممّا لا یحل أکله، والمفروض فی المسألة إحراز التذکیة إذا کان ما یرید الصلاة فیه أو یحمله من الأجزاء التی تحلّها الحیاة.

ص :104


1- (1) نقد الرجال 3 : 231 ، الرقم 38 ، وجامع الرواة 1 : 557.

.··· . ··· .

الشَرح:

نعم، بعد الفراغ عن حکم الشبهة الموضوعیة یتکلم فی المشتبه بالشبهة الحکمیة.

الثانی: ما تکرر فی کلمات جملة من الأصحاب أنّ الحکم فی المسألة مبنی علی أنّ ما یؤکل لحمه شرط أو ما لا یؤکل لحمه مانع، فلا یجوز الصلاة فی المشکوک علی الأول، ویجوز علی الثانی. لا یراد من الشرط والمانع ما هو بالاصطلاح الفلسفی من أنّ أجزاء العلة التامة ثلاثة السبب والشرط وعدم المانع، وأنّ السبب ما منه الأثر، والشرط ما به تأثیر السبب فی المحل القابل له، والمانع ما یمنع عن تأثیر السبب فی ذلک المحل، وقالوا: إنّه وإن یعتبر فی فعلیة الأثر اجتماع الأُمور الثلاثة إلاّ أنّ أجزاء العلة التامة مختلفة بحسب الرتبة بمعنی أنه إذا لم یحصل السبب یکون عدم الأثر مستنداً إلیه لا إلی عدم الشرط وإنّما یستند عدمه إلی عدم الشرط إذا فرض حصول السبب، کما أنّ عدمه یستند إلی وجود المانع إذا حصل السبب والشرط ومع عدمهما أو عدم أحدهما لا یستند عدمه إلی المانع، فالشرط رتبة بعد السبب، وربتة عدم المانع والمانع بعد رتبة الشرط.

وذکروا أیضاً أنه لا یمکن أن یکون أحد الضدین شرطاً والضد الآخر مانعاً؛ لأنّ الضدین فی مرتبة واحدة یلازم وجود کل منهما عدم الآخر، وإذا فرض کون أحد الضدین بعینه شرطاً فی تحقق المسبب فمع وجوده لا یمکن تحقق الضد الآخر لیکون مانعاً، ومع عدم وجود الضد الذی هو شرط یکون عدم المسبب مستنداً إلی عدم الشرط مع فرض حصول السبب ولا یستند إلی وجود الضد الآخر، وعلی ذلک یبتنی قول الأُصولیین فی مسألة أنّ الأمر بالشیء لا یقتضی النهی عن ضده فی وجه عدم الاقتضاء بأنّ الضدین لا مقدمیة بینهما، وأنّ ترک أحد الضدین لا یکون مقدمة لوجود

ص :105

.··· . ··· .

الشَرح:

الآخر، بل وجود أحدهما مع ترک الآخر فی مرتبة واحدة وأنّ وجود أحدهما یلازم ترک الآخر فقط، بل المراد من الشرط فی المقام مقام مقابل الجزء والمانع لمتعلّق الأمر وهو القید الوجودی الذی یکون قیداً لمتعلق الأمر بحیث یکون نفس القید خارجاً عن متعلق ذلک الأمر والتقیید به داخلاً فیه، وإلاّ فلو کان نفس القید داخلاً فی ذلک المتعلق لکان جزءاً ودخوله التقیید به فی متعلق الأمر یکون بتعلق ذلک الأمر بالحصة التی تنحل إلی الأجزاء وتقیدها بخصوصیة وجودیة، وبما أنّ حصول التقیّد یکون بإیجاد منشأ الانتزاع الذی هو الإتیان بنفس ما یطلق علیه الشرط کما إذا کان أمر وجودیاً داخلاً فی الاختیار وأم_ّا بالإتیان بالأجزاء عند وجود مایطلق علیه الشرط علی اختلاف الموارد، فالأول کاشتراط الصلاة بالطهارة أو استقبال القبلة، والثانی کاشتراطها بالوقت.

وعلی الجملة، التقیید الداخل فی متعلق الأمر لابد من کونه أمراً اختیاریاً لدخوله فی متعلق الأمر النفسی وإن کان نفس الأمر الوجودی خارجاً عنه، وربما یطلق علیه الشرط أیضاً کاشتراط الصلاة بالوقت وفی مقابل الشرط المانع، والمراد منه تقید متعلق الأمر بعدم ما یسمی بالمانع، فالأمر النفسی متعلقه لا یدخل فیه العدم إلاّ أنه مقیّد به فیکون التقیید بذلک العدم فقط داخلاً فی ذلک المتعلق ولو بتعلق الأمر بالحصة التی تنحلّ بالأجزاء وتقیدها بذلک العدم.

ثم إنّ ما تقدم فی الشرط الفلسفی من امتناع کون أحد الضدین شرطاً والضد الآخر مانعاً یجری فی الشرط والمانع الشرعیین حیث لا یمکن أن یکون شیء قیداً لمتعلق التکلیف ویکون ضده مانعاً عنه، ولکن لا بملاک الامتناع السابق بل بملاک لغویة اعتبار المانعیة للضد الآخر فإنه إذا وجد الضد الذی اعتبر شرطاً لمتعلق الأمر فالضد الآخر مفقود لا محالة وإن لم یوجد فالعمل المفروض باطل لفقد شرطه،

ص :106

.··· . ··· .

الشَرح:

فاعتبار المانعیة للضد الآخر لغو محض.

نعم، إذا کانا من قبیل ضدّین لهما ثالث وسقط الذی شرط عن الشرطیة للعجز فیمکن اعتبار خصوص أحد الضدین الثانی أو الثالث مانعاً لعدم لزوم اللغویة.

الأمر الثالث: لا فرق فی کون تقید متعلق التکلیف بأمر وجودی بحیث یطلق علی ذلک الأمر الوجودی الشرط بین تقیید ذلک الأمر الوجودی بأمر وجودی آخر أو بأمر عدمی آخر، کما أنّ تقید متعلق التکلیف بعدم شیء یوجب کون ذلک الشیء ما یطلق علیه المانع بلا فرق بین تقیّد ذلک الشیء بأمر عدمی أو وجودی. مثلاً: إذا قید الستر المعتبر فی الصلاة بکونه ممّا یؤکل لحمه أو أن لا یکون بما لا یؤکل لحمه یکون الستر المذکور شرطاً وإذا کانت الصلاة مقیدة بعدم البکاء فیها لأُمور الدنیا یکون ذلک البکاء مانعاً وإن یکون قید البکاء أمراً وجودیاً أیضاً بکونه لأُمور الدنیا فالعبرة فی شرطیة شیء لمتعلق التکلیف تقیده بأمر وجودی وفی مانعیة شیء تقیّده بعدمه.

الرابع: المعتبر فی الصلاة شرطاً هو الستر علی ماتقدم، وأم_ّا غیره من لبس الثوب سواء کان مما تتم فیه الصلاة أم لا فضلاً عن حمل شیء لا یکون شرطاً فی نفس الصلاة فإن اعتبر شیء فی الساتر یکون ذلک قیداً للستر المعتبر فی الصلاة، وأم_ّا إذا اعتبر شیء فی غیر الساتر من الثوب والمحمول یمکن ذلک قیداً للمانع لا أمراً معتبراً فی نفس الصلاة شرطاً فیصیر الفاقد لتلک الخصوصیة مانعاً فغیر الساتر من الثوب والمحمول باعتبار ذلک الأمر فیه لا یکون شرطاً فی الصلاة؛ لأنّ المفروض صحة الصلاة إذا لم یکن للمصلی غیر ساتره من ثوب آخر أو محمول.

وما قیل فی تصویر الاشتراط بأنه یمکن للشارع علی تقدیر لبس ثوب غیر ساتر أو حمل شیء من أجزاء الحیوان توابعه أن یعتبر وجدانها لوصف شرطاً فی الصلاة

ص :107

.··· . ··· .

الشَرح:

لا یمکن المساعدة علیه، فإنه إذا لبس ثوباً آخر أو حمل شیئاً من أجزاء الحیوان فإن کانا من مأکول اللحم فالاشتراط تحصیل للحاصل، وإذا کانا من غیر مأکول اللحم فالاشتراط فی تلک الصلاة غیر معقول لعدم إمکان انقلاب الشیء عما وقع فیه.

وعلی الجملة، فالاشتراط فی غیر الساتر من ثوب آخر أو محمول مرجعه أنّ الفاقد لذلک الشرط مانع عن الصلاة، ولعلّه لذلک فصّل بعض بین الساتر وغیره وقال: یعتبر فی الساتر اللازم فی الصلاة أن یکون ممّا یؤکل إذا کان من أجزاء الحیوان وتوابعه وفی غیر الساتر من الثوب المحمول ویعتبر أن لا یکون من أجزاء ما لا یؤکل أو من توابعه.

والمتحصل من الأُمور المتقدمة أن یلاحظ الفقیه الخطابات الشرعیة بأنه هل اعتبر وقوع الصلاة فیما لا یؤکل أو حمل شیء منه بنحو المانعیة مطلقاً بحیث یوجب هذا الاعتبار تقیید الستر اللازم فی الصلاة بأن لا یکون من أجزاء أو توابع ممّا لا یؤکل أو أنه اعتبر فی الستر اللازم فی الصلاة أن یکون من غیر ما لا یؤکل من مأکول اللحم أو من المنسوج من القطن ونحوه وفی غیر الساتر من الثوب أو الحمل أن لا یکون ممّا لا یؤکل بحیث یکون لبس غیر الساتر ممّا لا یؤکل أو حمله مانعاً عن الصلاة.

وعلی ذلک، فالصلاة الواقعة فی ساتر ممّا لا یؤکل فاسدة علی کلا التقدیرین لفقد الشرط فی الستر اللازم، وإنّما تظهر الثمرة بینهما إذا وقعت الصلاة فی ساتر لا یعلم أنه ممّا یؤکل أو ممّا لا یؤکل، فیحکم بالصحة والجواز علی التقدیر الأول للاستصحاب فی عدم کون الستر المفروض بما لا یؤکل بناءً علی جریان الاستصحاب فی العدم الأزلی، هذا مع قطع النظر عمّا یأتی من الأصل، وبناءً علی الثانی لا یحکم بالصحة والإجزاء لعدم إحراز أنّ الستر بغیر ما لا یؤکل، هذا فیما إذا أُحرز أنّ الساتر من أجزاء الحیوان

ص :108

.··· . ··· .

الشَرح:

وتوابعه وإلاّ جازت الصلاة فیه ویحکم بالإجزاء للاستصحاب فی عدم کونه من أجزاء الحیوان وتوابعه علی کلا التقدیرین السابقین.

الأمر الرابع: قد تقدم بیان الشرط والمانع والفرق بینهما ودعوی أن_ّهما من الشرط والمانع بالاصطلاح الفلسفی بالإضافة إلی الملاک الملحوظ فی الواجب الذی یکون داعیاً إلی الأمر به کما تری، فإنّ ما علی عهدة المکلف الإتیان بالواجب لا تحصیل الملاک الملحوظ؛ لاحتمال کون ذلک اعتباریاً أیضاً أو بنحو الحکمة علی ما تقدم الکلام فی ذلک فی بحث التوصلی والتعبدی، ثم إنه قد یکون مایطلق علیه الشرط أو المانع معتبر فی ناحیة نفس الواجب بأن یکون الشرط قیداً لنفس الواجب بنحو الشرطیة کتقید الصلاة بالستر اللازم أو تقیّدها بعدم لبس ما لا یؤکل وعدم حمله، وقد یؤخذ الفعل أو الترک فی ناحیة الفاعل کالمصلی بأن یکون الأمر متعلقاً بالصلاة مقیدة بحال ستر المصلی أو حال عدم لبسه أو حمله ما لا یؤکل، والنتیجة فی کلا الفرضین وإن کانت واحدة فلابد من الإتیان بالصلاة مع الستر اللازم وعدم لبس مالا یؤکل وعدم حمله، إلاّ أنّ الفرضین یختلفان فیما إذا شک فی ثوب أو محمول أنه ممّا لا یؤکل أو من غیر ما لا یؤکل، حیث إنه لو اعتبر نفس الفعل أو الترک قیداً للصلاة لا یجری الاستصحاب فی ناحیة عدم وقوع الصلاة فیما لا یؤکل إلاّ مع اعتبار الاستصحاب فی العدم الأزلی.

نعم، إذا شرع بالصلاة فی ثوب من قطن مثلاً ثم لبس المشکوک فی أثنائها أو حمله کذلک، فقد یقال بجریان الاستصحاب فی الصلاة علی ما کان من عدم وقوعها فیما لا یؤکل أو عدم حمله فیها ما لا یؤکل، بخلاف ما قلنا بالاعتبار فی ناحیة المصلی فإنه إذا لبسه المصلی حتی قبل دخوله فی الصلاة یجری الاستصحاب فی أنّ هذا

ص :109

.··· . ··· .

الشَرح:

المصلی لم یکن لابساً أو حاملاً ما لا یؤکل لحمه، وهو کذلک حتی بعد الفراغ عن صلاته فیحرز صحة الصلاة ووقوعها بالحالة المعتبرة فی ناحیة المصلی کسائر الموارد التی یؤتی بالصلاة ویحرز شرطها أو عدم مانعها عند الإتیان بها بالاستصحاب الجاری فی ناحیة الشرط وعدم المانع.

ولا مجال لتوهم أنّ الاستصحاب الجاری فی ناحیة مایطلق علیه الشرط کالاستصحاب فی ناحیة الوضوء مثلاً بالإضافة إلی ثبوت حصول تقید الصلاة به من الأصل المثبت، والوجه فی عدم المجال أنّ کلاً من الوضوء والصلاة من فعل المکلف، وکون الأول قیداً للثانی بأن تکون الصلاة مقیّدة بالوضوء لا واقع له فی الحقیقة، وکذا الصلاة مع عدم کون المصلی لابساً إلاّ بمفاد واو الجمع الذی هو مفاد الحرف، ومفادها متقوم بالطرفین خارجاً، فإذا حصل فعل الصلاة فی زمان کان فیه الوضوء یتحقق واقع مفاد واو الجمع ومع فرض خروج نفس الوضوء عن متعلق الأمر بالصلاة یتّصف بکونه شرطاً، وکذلک فی تقید المأمور به بالمانع الذی یکون عدم الفعل قیداً لمتعلق الأمر، بخلاف ما إذا کان الفعل الآخر بنفسه داخلاً فی متعلق الأمر المعلّق بالفعل الأول حیث یکون کل منهما جزءاً لذلک المتعلق.

وعلی الجملة، بعد إحراز الإتیان بمتعلق الأمر بضم الأصل إلی الوجدان یحکم العقل بالإجزاء فی مقام الامتثال کما یأتی من غیر أن یکون الأصل مثبتاً.

الأمر الخامس: یقع الکلام فی أنّ ما ورد فی الروایات من مانعیة أجزاء ما لا یؤکل لحمه أو شرطیة ما یؤکل لحمه یراد منهما عناوین الحیوانات التی لا یحل أکلها أو یحلّ أکلها کالأسد والذئب والأرنب أو الغنم والبقر والابل إلی غیر ذلک، بحیث یکون للأسد حکمان فی عرض واحد أحدهما لا یجوز أکل لحمه والثانی عدم جواز الصلاة

ص :110

.··· . ··· .

الشَرح:

فی أجزائه وتوابعه، وکذا فی ناحیة غیره من الحیوانات المحرم أکل لحمها ویکون لمثل الغنم حکمان جواز أکل لحمه وجواز الصلاة فی أجزائه وتوابعه أو أن نفس حرمة أکل لحم الحیوان موضوع لمانعیة جزئه وتابعه، وکذا فی ناحیة حلیة أکل لحم الحیوان الأظهر أنّ الحیوان موضوع لحرمة أکل لحمه، وحرمة أکل لحمه موضوع لمانعیة أجزائه وتوابعه لباساً أو حملاً، کما أنّ نفس الحیوان موضوع لحلیة أکل لحمه وحلیته موضوع لجواز الستر بأجزائه وتوابعه، وحیث إنّ ماورد فی الخطاب موضوعاً للحکم ظاهره أنه الموضوع لذلک الحکم ثبوتاً لا أنه أُخذ مشیراً إلی عنوان آخر هو الموضوع لذلک الحکم واقعاً، فیکون المتبع أنّ عنوان ما لا یؤکل لحمه أو ما یؤکل لحمه هو الموضوع للمنع أو الجواز، وبعد ذلک یبقی أنّ المراد بما لا یؤکل لحمه ما یحرم أکله ذاتاً لا بالعنوان الطارئ علیه، سواء لم یکن عنوان الطارئ موجباً للزوال ککونه موطوءاً أو قابلاً له ککونه جلالاً أو ما یحرم أکله ولو بالعنوان الطارئ قابلاً للزوال أو لم یکن، وحیث إنّ ذکر عنوان موضوعاً ظاهره أنّ العنوان بفعلیته موضوع للحکم فیکون ظاهر الخطابات ما یحرم أکله فعلاً لعامة المکلفین لیس أجزاءه وتوابعه أو حملهما مانع یوجب فساد الصلاة.

نعم، عدم حرمة أکل الحیوان للمضطر إلی أکله لخوف هلاکه من الجوع ونحو ذلک لا یوجب صحة الصلاة فی أجزائه وتوابعه، بخلاف العناوین الطارئة للحیوان الموجبة لحرمة أکل لحمه ککونه موطوءاً أو جلاّلاً، ولا مجال بما إذا کان الغنم مثلاً مغصوباً فإنّ هذا العنوان یوجب حرمة أکل لحمه علی الغاصب ومن لم یکن المالک راضیاً بأکله لا کون الحیوان من المحرم أکله، وإذا تبین ماتقدم فلابد من ملاحظة الروایات الواردة فی المقام من أنّ المستفاد منها مانعیة لبس شیء ممّا لا یؤکل لحمه أو

ص :111

.··· . ··· .

الشَرح:

حمله، بلا فرق بین الساتر وغیره أو التفصیل بین الساتر وغیره بأن یکون المعتبر فی ناحیة الستر الواجب إذا کان من أجزاء الحیوان وتوابعه هو کونه ممّا لا یؤکل لحمه وفی غیره مانعیة الثواب أو المحمول ممّا لا یؤکل لحمه، وکذا ملاحظتها فی أنّ الستر لبس مالا یؤکل لحمه أو حمله معتبر فی ناحیة المصلی بأن یعتبر فی الصلاة أن لا یکون المصلی لابساً أو حاملاً ما لا یؤکل لحمه أو أن_ّه معتبر فی ناحیة الصلاه بأن لا تقع الصلاة فی أجزاء وتوابع ما لا یؤکل لحمه.

فی مدلول موثقة عبداللّه بن بکیر

فنقول: یظهر من جملة من الروایات مانعیة لبس ما لا یؤکل لحمه عن الصلاة کالأخبار التی ورد النهی فیها عن الصلاة فی جلود السباع وأوبارها(1) وما ورد فیها النهی عن الصلاة فی السمور والأرانب والثعالب(2) ومقتضی إطلاقها تقیید الستر اللازم فی الصلاة أیضاً بعدم کونه بما لا یؤکل، والوجه فی ذلک أنّ النهی عن شیء فی العبادة أو المعاملة ظاهره المانعیة وفساد العبادة وعدم إمضاء المعاملة مع المنهی عنه وقد ورد فی موثقة عبد اللّه بن بکیر، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی الثعالب والفنک والسنجاب وغیره من الوبر؟ فأخرج کتاباً زعم أن_ّه إملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله : أنّ الصلاة فی وبر کل شیء حرام أکله فالصلاة فی وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وکل شیء منه فاسد لا تقبل تلک الصلاة حتی یصلی فی غیره مما أحل اللّه أکله(3). ویقال إنه

ص :112


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 354 ، الباب 6 من أبواب لباس المصلی.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 350 ، الباب 4 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 والباب 7، الحدیث 3 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

لو لم یکن قید «ممّا أحل اللّه أکله» وماذکر بعد ذلک فی الحدیث کان المستفاد من الصدر مانعیة ما لا یؤکل لحمه، ولکن قوله علیه السلام حاکیاً إملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله بعد ذلک «حتی یصلی فی غیره ممّا أحل اللّه أکله» یمنع عن استفادة المانعیة والعدول إلی الالتزام باشتراط حلیة الأکل إذا صُلّی فیما هو من جزء الحیوان أو تابعه.

ولکن لا یخفی مافیه فإنه قد تقدم أنه لا معنی لاشتراط الصلاة فی غیر الستر المعتبر فیه، وهذه الموثقة مقتضی صدرها فساد الصلاة فیما إذا صلی فی غیر المأکول، سواء کان ماصلی فیه جلده أو روثه، وبلا فرق بین کون ماصلی فیه ساتره اللازم فی الصلاة أو غیره، ومعنی الفساد عدم سقوط التکلیف بالصلاة بتلک الصلاة المأتی بها، بل یبقی التکلیف، ومن المعلوم إذا أراد المکلف أن یأتی الصلاة فی جزء الحیوان أو تابعه بحیث یسقط التکلیف فاللازم علیه أن یأتی فی أجزاء وتوابع ما یؤکل لحمه، فالإتیان بالصلاة فیما یؤکل لحمه لا لاشتراط مأکولیة اللحم، بل للفرار من المانع والقرینة علی ذلک الإتیان بلفظ الإشارة فی قوله: حتی یصلی تلک الصلاة، حیث یکون المراد بالمشار إلیه الصلاة الواقعة فی أجزاء ما لا یؤکل وتوابعه، وبما أنه لا یمکن إتیان تلک الصلاة بجمیع خصوصیاتها، ومنها وقوعها فیما لا یؤکل لحمه فالمقدار اللازم من حذف خصوصیة تلک الصلاة وقوعها فیما لا یؤکل لا وقوعها فی أجزاء الحیوان وتوابعه، فیکون معنی قوله علیه السلام : «لا تقبل تلک الصلاة حتی یصلی فی غیره مما أحل اللّه أکله» وأن الصلاة الواقعة لا تکون امتثالاً لیسقط التکلیف بها، بل تکون امتثالاً فیما إذا صلیت فیما أحل اللّه أکله.

وعلی الجملة، ظاهر صدر الروایة مانعیة ما یحرم أکله من لبسه أو حمله فی الصلاة، ولا ینافیه ما فی ذیلها ذلک الظهور، حیث إنّ ما فی ذیلها یشمل الساتر وغیره،

ص :113

.··· . ··· .

الشَرح:

وقد تقدم أنّ غیر الساتر لا یکون شرطاً فی الصلاة حتی مع تقییده بقید وجودی فمرجع الاعتبار فی غیر الساتر بتقیده بأمر وجودی إلی مانعیة فاقده عن الصلاة، ویکون الأمر بالإضافة إلی الساتر کذلک لإطلاق الصدر، وما ذکر فی الذیل ظاهره بیان عدم الابتلاء بالمانع الذی الأصل فیه إملاء رسول اللّه صلی الله علیه و آله الوارد فی صدر الموثقة.

ودعوی أنّ المراد باسم الإشارة نوع الصلاة المفروضة لا خصوص الصلاة التی فرض الإتیان بها لا یمکن المساعدة علیها؛ فإنه لو کان المراد ما ذکر لم یحتج إلی الإتیان باسم الإشارة لاتحاد جمیع أنواع الصلاة فی الثوب منعاً وجوازاً، بل لا موجب للحکم بعدم قبولها إلاّ الإتیان فی المأکول لحمه لجواز الإتیان بالطبیعی أو بالنوع فی الثوب من القطن فیکون ماذکر قرینة جلیة علی أنّ تلک الصلاة التی أتی بها فی أجزاء الحیوان لا تکون امتثالاً، بل الامتثال فی أجزاء الحیوان وتوابعه ما کان فی أجزاء وتوابع ما یؤکل.

ویدل أیضاً علی أنّ لبس ما لا یؤکل لحمه فی الستر اللازم أو فی غیره وکذا حمل ما لا یؤکل مانع لا أنّ لبس ما یؤکل ولو فی الستر اللازم شرط موثقة سماعة، قال: سألته عن لحوم السباع وجلودها؟ فقال: «أم_ّا لحوم السباع فمن الطیر والدواب فإنا نکرهه، وأم_ّا الجلود فارکبوا علیها ولا تلبسوا منها شیئاً تصلون فیه»(1) حیث إنّ ظاهر النهی عن شیء فی العبادة المانعیة.

نعم، قد یدعی أنّ ظاهر الموثقة هو اعتبار لبس ما لایؤکل فی ناحیة المصلی لا فی ناحیة نفس الصلاة ویکون ظهورها فی ذلک قرینة علی حمل موثقة ابن بکیر(2) أیضاً

ص :114


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 353 ، الباب 5 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

علی ذلک، بل القرینة ملاحظة کلمة «فی» حیث إنّ کلاًّ من الصلاة ولبس الثوب فعل للمکلف ولا یکون أحدهما ظرفاً للآخر، لا ظرف زمان ولا ظرف مکان، وجعل الثوب ظرفاً للصلاة لاشتمال الثوب لبدن المصلی کلاًّ أو بعضاً فکأنّ صلاته تقع فیه ولکن لا یخفی أنّ کلمة «فی» فی الموثقة لیست بمعنی الظرف، حیث إنها بملاحظة البول والروث ممّا لا یکون ظرفاً للصلاة ولا لغیرها یعلم أن_ّها بمعنی واقع الاجتماع والمصاحبة، ویمکن اعتبار واقعهما بل عنوانها بین العرضین والمعروض مع عرضه بالإضافة إلی عرض آخر علی ما تقدم، بل ملاحظة الموثقة یوجب حمل الموثقة علیها فإنّ النهی عن لبس مالا یؤکل فی الصلاة فی الحقیقة نهی عن الصلاة فیما لا یؤکل بأن یوتی بالصلاة بالجمع بینهما.

فی مدلول روایة علی بن حمزة

وقد یستظهر أنّ المعتبر فی الصلاة إذا کان فی جلد الحیوان هو کونه ممّا یؤکل لحمه ویذکر بعض الروایات منها روایة علی بن أبی حمزة، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام وأبا الحسن علیه السلام عن لباس الفراء والصلاة فیها؟ فقال: لا تصل فیها إلاّ فیما کان منه ذکیاً، قال: قلت: أولیس الذکی مما ذکی بالحدید؟ قال: بلی، إذا کان ممّا یؤکل(1). حیث إنّ ظاهرها أنّ الذکی ممّا یؤکل مستثنی عن المانع وأنه إذا وقعت الصلاة فی الجلود یکون وقوعها فی الجلود مانع عنها إلاّ إذا کان الجلد من المذکی مما یؤکل، ونتیجة ذلک أنّ الاستصحاب فی عدم وقوع الصلاة فیما لا یؤکل لا یثبت أنّها وقعت فیما یؤکل لیخرج

ص :115


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 348 ، الباب 3 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

عن الصلاة فی المانع، وفیه مضافاً إلی ضعف سندها بالعلوی والدیلمی وعلی بن أبی حمزة لا تکون دالة علی ما ذکر من مانعیة الجلود إلاّ ما کان من مأکول اللحم، فإنّ وقوع الصلاة فیما یؤکل لحمه لا یکون شرطاً فی الصلاة، بل وقوعها فیما لا یؤکل لحمه مانع علی ما تقدم فی الموثقتین فیکون ذکر وقوعها فی المذکی من مأکول اللحم فراراً عن الابتلاء بالمانع کما ذکرنا ذلک فی موثقة عبد اللّه بن بکیر(1) وذکر فی الأُمور المتقدمة أنه لا یکون شیء شرطاً وضده مانعاً.

وممّا ذکر یظهر الحال فی سائر مایستظهر منها بأنّ مدلولها کمدلول هذه الروایة، ودعوی أنّ المذکی علی ظاهرها یکون فی المأکول لحمه لا فی غیره یدفعها لثبوت التذکیة فی غیر مأکول اللحم أیضاً کما هو مستفاد من غیر واحد من الروایات، فیدور الأمر بین کون قوله: إذا کان ممّا یؤکل، مستثنی عن عنوان المانع أو کونه للفرار عن المانع فی مقام الامتثال بأن یکون المانع هو لبس أو حمل ما لا یؤکل، وقد تقدم أنّ المتعین هو الثانی لتقید المانع فی الموثقة بما لا یؤکل.

ثمّ إنه إذا فرض أنه لم یتمکن من استظهار أنّ المعتبر فی مقام الثبوت کون لبس ما لا یؤکل أو حمله مانعاً أو أن لبس ماهو جزء الحیوان أو تابعه مانعاً إلاّ مأکول اللحم أو المعتبر فی لبسه أو حمله أن یکون من غیر مالا یؤکل لحمه، سواء کان عدم الاستظهار لاختلاف الروایات وتعارضها فی هذه الجهة أو لإجمالها فلا ینبغی التأمل فی أنّ مقتضی العلم الإجمالی هو الاحتیاط وعدم جواز الاکتفاء بالصلاة فی المشکوک بأن یؤتی بها بما یحرز أنه من غیر مالا یؤکل لحمه من مأکول اللحم أو فی غیر أجزاء

ص :116


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

الحیوان وتوابعه؛ لأنّ العلم الإجمالی باعتبار أحد القیدین فی الصلاة محرز، فإنّها إما مقیدة بعدم وقوعها فیما لا یؤکل لحمه أو مقیدة بوقوعها فی غیر مأکول اللحم أو وقوعها فی مأکول اللحم، وأصالة البراءة بل الاستصحاب فی عدم تعلق الوجوب بالصلاة المقیدة بعدم لبس أو حمل مالا یؤکل له معارضتان بالاستصحاب وأصالة البراءة عن تعلق الوجوب بالصلاة المقیدة بلبس أو حمل ما لا یؤکل أو المقیدة بلبس أو حمل غیر ما لا یؤکل لحمه.

ودعوی أنّ تعلقه بالصلاة المقیدة بلبس أو حمل غیر مأکول اللحم أو المقیدة بمأکول اللحم موجب للضیق علی المکلف؛ لأنه یوجب أن لا یصلی فی اللباس المشکوک بخلاف تعلقه بالصلاة المقیدة بعدم لبس أو حمل ما لا یؤکل فإنه یقتضی جواز الصلاة فی اللباس المشکوک لا یمکن المساعدة علیه فإن مجرد تسهیل الإتیان للمکلف لا یوجب جریان البراءة فی الطرف الآخر وإلاّ جرت البراءة فی ناحیة وجوب التمام عند دوران الأمر بین القصر والتمام لسهولة الإتیان بالقصر، بل الموجب لجریان البراءة کون أحد طرفی العلم لا بشرط والآخر بشرط.

فی الأصل الموضوعی عند دوران الحیوان بین کونه مما یؤکل أو لا یؤکل

ثم إنه قد ظهر ممّا تقدم من کون المستفاد من الخطابات الشرعیة مانعیة لبس ما لا یؤکل لحمه وحمله بمعنی أنّ الصلاة مقیّدة بعدم لبسه أو حمله، وعلیه فإن شک فی شیء من جزء الحیوان أو تابعه من أن_ّه ممّا لا یؤکل لحمه بالشبهة الموضوعیة فیقع الکلام فی مقتضی الأصل الموضوعی والأصل الحکمی.

أم_ّا الأوّل فقد یقال حیث إنّ تحریم حیوان انحلالی بالإضافة إلی وجودات ذلک

ص :117

.··· . ··· .

الشَرح:

الحیوان کانحلاله بالإضافة إلی مصادیق أکل لحمه وکون هذا التحریم أمر حادث مسبوق بالعدم فیکون المرجع إلی عدم جعل الحرمة لذلک الشخص من الحیوان المأخوذ منه الجلد أو التابع المفروض لبسه أو حمله فی الصلاة، وقد سبق القول بأنّ عنوان ما لا یؤکل لحمه بنفسه قید للمانع لا أنه عنوان مشیر إلی نوع الحیوانات من الأسد والذئب والثعلب والأرنب وغیر ذلک فیحرز بالاستصحاب المذکور أنه لم یحصل لبس أو حمل ما لا یؤکل لحمه فی الصلاة باللبس أو الحمل المفروضین، ویجری هذا الکلام بالإضافة إلی نوع حیوان یشک فی کونه محکوماً بحرمة أکل لحمه أم لا فیؤخذ فیه أیضاً بالاستصحاب فی عدم جعل الحرمة لأکل لحمه، فیترتب علی ذلک أنّ لبس شیء من ذلک النوع أو حمله لا یکون مانعاً عن الصلاة، وقد یقال بأنّ الاستصحاب فی عدم جعل الحرمة لذلک الحیوان الذی أُخذ منه اللباس أو المحمول معارض بالاستصحاب بعدم جعل الحلیة له لا یمکن المساعدة علیه فإنّه یکفی فی جواز الصلاة عدم کون اللباس أو المحمول من حیوان نهی عن أکله وحلیة ذلک الحیوان غیر مأخوذ فی موضوع عدم المانع بل لا فی جواز أکل لحمه بعد إحراز کونه ممّا یقبل التذکیة.

نعم، الجواب عن المعارضة بأنّ جمیع الحیوان إلاّ ما ذکر فی آیة تحریم المیتة کان محکوماً بحلیة أکله، وإنّما وقع تشریع المحرم منها تدریجاً بعد ذلک فلا بأس بالأخذ باستصحاب الحلیة فی المشکوک لا یمکن المساعدة علیه، فإنّ تلک الحلیة علی تقدیرها کانت مؤقتة ثبوتاً فی کثیر من الحیوانات فلا یعلم جعل الحلیة فی صدر الإسلام للأفراد التی توجد فی الأزمنة المتأخرة ثبوتاً، علی ما ذکرنا فی بحث الاستصحاب فی بقاء الأحکام الثابتة فی الشرائع السابقة أو فی صدر الإسلام فی بحث الأُصول.

ص :118

.··· . ··· .

الشَرح:

نعم، قد یشکل فی الاستصحاب فی ناحیة عدم جعل الحرمة للمشکوک أنه لم یبقَ ذلک الحیوان ولا لحمه فی زمان لبس جزء من جلده وتابعه أو حملهما حتی یمکن التعبّد بحلیة أکل لحمه أو بعدم جعل الحرمة له، ولکن یدفع الإشکال مع اختصاص جریانه فی المشتبه بالشبهة الموضوعیة أنّ عدم جریان الاستصحاب فی ناحیة حرمة شیء خاص بعد انقضاء ذلک الشیء للغویة التعبد حیث لا یترتب علی التعبد بحرمته أی أثر. وأم_ّا إذا کان لعدم حرمته فی زمان وجوده موضوعاً لحکم شرعی آخر فلا یکون التعبد بعدم حرمته فی ذلک الزمان لغواً، حیث یترتب علی التعبد به أثره الشرعی نظیر استصحاب الطهارة فی ماء غسل به ثوب متنجس بذلک الثوب، فإنه إذا شک فی طهارته بعد انقضائه فی زمان الغسل به یجری الاستصحاب ویحرز به طهارة المغسول.

ویمکن تقریر الأصل الموضوعی بوجه آخر ویحرز به أنّ ما یلبسه أو یحمله لیس من أجزاء وتوابع مالا یؤکل لحمه فإنه عندما لم یکن الحیوان لم یکن الجزء والتابع ممّا لا یؤکل لحمه ولو بمفاد السالبة بانتفاء الموضوع فإنه یصدق عندما لم یکن هذا المشکوک لم یکن أیضاً کونه ممّا لا یؤکل، وبما أنّ الموضوع للمانعیة عن الصلاة بمفاد السالبة بانتفاء المحمول فبالاستصحاب فی عدم المحمول السابق وضم ما بالوجدان إلیه وهو تحقق الجزء أو التابع المشکوک یحرز مفاد القضیة السالبة بانتفاء المحمول، والوجه فی إحرازها أنّ انتساب الجلد أو التابع إلی ما لا یؤکل لحمه وان یکون بمعنی الوصف والإضافة فیحتاج إلی وجود الموضوع وطرفی الإضافة، إلاّ عدم الاتصاف وعدم الوصف لا یحتاج إلیهما حیث إنّ العرض فی وجوده یحتاج إلی وجود الموضوع والإضافة فی تحققها یکون بتحقق طرفی الإضافة، ولکن العرض فی عدمه

ص :119

.··· . ··· .

الشَرح:

أو الإضافة فی عدمها لا یحتاج إلی وجود شیء، وعلی ذلک عندما لم یکن المعروض لم یکن عرضه أیضاً وعندما لم یکن طرفا الإضافة لم تکن الإضافة أیضاً وبعد تحقق الشیء فإن احتمل بقاء عدم الوصف أو الإضافة فی عدمهما یستصحب عدمهما.

وعلی الجملة، مفاد القضیة السالبة بانتفاء المحمول یتم بأمرین بمعنی واو الجمع بینهما وهما وجود نفس الموضوع وعدم تحقق الوصف له، کما إذا کان مدلول الخطاب إذا لم تکن المرأة قرشیة تحیض إلی ستین سنة وإذا أحرزت المرأة وشک فی کونها منتسبة إلی قریش یستصحب عدم انتسابها إلی قریش حیث لم یکن الانتساب عند عدم تلک المرأة، ویحتمل بقاء عدم انتسابها بحاله بعد وجودها فیتم الموضوع للحیض إلی ستین سنة.

والحاصل فرق بین مفاد القضیة السالبة بانتفاء المحمول ومفاد القضیة معدولة المحمول، وإذا کانت الحالة السابقة المحرزة القضیة السالبة بانتفاء الموضوع فیمکن بالاستصحاب فی ناحیة بقاء عدم المحمول بحاله مع إحراز وجود الموضوع إحراز مفاد السالبة بانتفاء المحمول الموضوع مفاده لحکم شرعی، ولکن لا یمکن بالاستصحاب المذکور إحراز مفاد القضیة معدولة المحمول، حیث إنّ مفاد المعدولة اتصاف الموضوع المفروض وجوده بعدم المحمول، سواء کان عرضاً ذات إضافة أو بدونها أم لا بأن اعتبر فی ترتب الحکم اتصافه بکونه غیر شیء آخر، ومن التزم بعدم جریان الاستصحاب فی العدم الأزلی؛ لأن_ّه أصل مثبت بالإضافة إلی مفاد القضیة السالبة محمولها قد خلط بین القضیة السالبة المحمول المعبر عنه بالسالبة المحصلة وبین القضیة المعدولة محمولها، وحیث إنّ نفی المانعیة للصلاة موضوعها مفاد السالبة بانتفاء المحمول فبعد إحراز جزء الحیوان أو تابعه یحرز عدم انتسابهما إلی ما لا یؤکل

ص :120

.··· . ··· .

الشَرح:

لحمه بالاستصحاب فلا یکون لبس شیء منهما أو حمله فی الصلاة مانعاً.

نعم، هذا الاستصحاب لا یجری فی اللباس المشکوک بالشبهة الحکمیة بأن لا یعلم أنّ نوعاً من الحیوان حکم الشارع بکونه حراماً أٌکل لحمه أم لا، ویجری فیه الاستصحاب بالنحو الأول؛ وذلک فإنّ انتساب الجزء أو التابع إلی نوع الحیوان فی الشبهة الحکمیة محرز والشک فی أنّ الشارع جعل الحرمة لأکل لحمه أم لا، وقد یقرر الأصل الموضوعی بنحو آخر وهو أنّ مقتضی قوله علیه السلام : «کل شیء فیه حلال وحرام فهو لک حلال أبداً حتی تعرف الحرام منه بعینه فتدعه»(1) فإنّ الحیوان الذی أُخذ منه الجلد المفروض أو التابع یشک فی کونه حلالاً أو حراماً، وإذا حکم بحلّیته یجوز الصلاة فی جلده ووبره یعنی عدم کون لبسه وحمله مانعاً عن الصلاة؛ لأنّ کون ما ذکر مانعاً عن الصلاة مترتب علی حرمة أکل لحم الحیوان کما تقدم.

والحاصل أنّ هذه الروایة وإن لا تعمّ اللباس المشکوک إذا کان الحیوان حلیته وحرمته مشتبهة بالشبهة الحکمیة؛ لأنّ المنشأ فی الشک فی حلیة حیوان أو حرمته فقد الدلیل علی حلیته وحرمته لا وجود القسمین منه، بل لو کان غیره من الحیوان حلالاً لکانت حلیته وحرمته مشکوکة لعدم الدلیل علی شیء منهما، وهذا بخلاف الشبهة الموضوعیة فإنّ منشأ الشک فی المشکوک فیه عدم العلم بدخوله فی عنوان محکوم بحلیة أکل لحمه أو أنه داخل فی عنوان القسم الآخر الذی محکوم بحرمة أکل لحمه، وحیث إنّ عمدة الکلام فی هذه المسألة المشکوک بالشبهة الموضوعیة فیمکن الحکم بجواز الصلاة فیه أخذاً بالروایة المتقدمة التی یعبّر عنها بصحیحة عبد اللّه بن سنان،

ص :121


1- (1) وسائل الشیعة 17 : 87 _ 88 ، الباب 4 من أبواب ما یکتسب به، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

عن أبی عبد اللّه علیه السلام (1) ورواها فی الوسائل فی باب 4 من أبواب ما یکتسب به، ولکن لا یخفی أنّ الروایة لا تکون دالة علی جواز الصلاة فی اللباس المشکوک فإنّ مدلولها ثبوت الحلیة لما یحتمل دخوله فی القسم الحرام ما لم یعلم الواقع، وهذه الحلیة حکم ظاهری وترخیص فی الارتکاب ما لم یعلم الحال وإن کان المشکوک محکوماً بالحرام واقعاً لاحتمال دخوله فی عنوان الحرام الواقعی والموضوع لعدم المانعیة أن لا یکون الحیوان ممّا نهی عن أکله واقعاً، وهذا بخلاف ما تقدم من الاستصحاب فی عدم جعل الحرمة کما ذکرنا سابقاً فإنّ المتعبد به فی ذلک الاستصحاب عدم جعل الحرمة له وإحراز عدم النهی عنه واقعاً وإن کان هذا الإحراز تعبدیاً ولا یرتبط بمدلول قاعدة الحل التی مفادها الترخیص فی الارتکاب ما لم یعلم الحال، وظاهر موثقة ابن بکیر وغیرها أنّ ما نهی عن أکل لحمه من أنواع الحیوان موضوع لمانعیة لبس جلده وتوابعه وحملها فی الصلاة، وأم_ّا الروایات الواردة فی کل شیء حلال حتی یعرف الحرام، فهی أیضاً کما ذکرنا ولکنها ضعیفة سنداً أیضاً مضافاً إلی ما فی مدلولها؛ ولذا لا تکون قاعدة الحل من الأُصول المحرزة وإن ذکرها منها بعض الأصحاب ممّن قارب عصرنا.

وقد یعدّ المستفاد من الروایات المتقدمة ومنها صحیحة عبد اللّه بن سنان من الأُصول الحکمیة، وبیان ذلک أنّ الحرام کما یطلق علی فعل تعلّق به المنع تکلیفاً والحلال علی ما تعلّق به الترخیص، کذلک یطلق الحرام علی ماتعلق به المنع وضعاً والحلال علی ما تعلق به الترخیص وضعاً أو عدم تعلق المنع وضعاً، وإذا کانت الصلاة فیما لا یؤکل لحمه حراماً وضعاً وإذا کانت فی غیر مالا یؤکل لحمه حلالاً وضعاً تکون

ص :122


1- (1) المتقدمة فی الصفحة السابقة .

.··· . ··· .

الشَرح:

الصلاة الواقعة فی الصلاة فی اللباس المشکوک مردّدة بین دخولها فی الحلال والحرام فالحکم بحلیّتها وضعاً إلی أن تعرف حرمتها معناه إجزاء الصلاة الواقعة فیه، وقد أطلق الحلال والحرام علی الوضع فی غیر مورد من الروایات، بل لو أُرید من الحرمة والحلیة التکلیف والترخیص فی الارتکاب فقط فیمکن شمول الروایة للصلاة فی اللباس المشکوک أیضاً، فإنّه إذا قصد المصلی بصلاته فیما لا یؤکل أنها وظیفته شرعاً تکون الصلاة حراماً لکونها تشریعاً، وإذا قصد بصلاته فیما یؤکل أو فی غیر ما لا یؤکل أنها وظیفته شرعاً یکون حلالاً، وإذا شک أنّ صلاته فی اللباس المشکوک من الحرام أو من الحلال فالحکم بتلک الصلاة بالحلیة مقتضاه عدم مانعیة المشکوک.

ولکن لا یخفی أنّ الحلال والحرام وإن یطلقا علی الوضع کما یشهد بذلک موارد استعمالهما فیه فی بعض الروایات إلاّ أنه لا ینافی دعوی ظهور الحرام والحلال فی التکلیف ما لم یقم قرینة علی الخلاف، ککون متعلق الحرمة معاملة أو عبادة، وکذا الحلیة وهذه القرینة غیر موجودة فی صحیحة عبد اللّه بن سنان(1) لیرفع الید عن ما ذکرنا من الانصراف.

وأم_ّا مسألة حرمة التشریع فی صلاته أو فی غیرها والتقسیم إلی القسمین بلحاظ حرمته فلا یفید شیئاً فی اللباس المشکوک فإنّ الصلاة فیه برجاء أنه مضاف إلی المأکول لحمه حلال قطعاً ولکن لا یفید الاجزاء، ومع قصد الجزم بأنّ الصلاة فیه هی الوظیفة حرام قطعاً، حیث إنّ الشارع لم یأمر بالصلاة فی جلد الحیوان وتوابعه فضلاً عن جلد الحیوان المشکوک فی أنه من مأکول اللحم أو من غیره کما لا یخفی، والعمدة فی

ص :123


1- (1) المتقدمة فی الصفحة 121 .

.··· . ··· .

الشَرح:

الأصل الحکمی هو أنّ النهی عن الطبیعی تکلیفاً ظاهره الانحلال بحسب أفراد ذلک الطبیعی بأن یکون کل فرد من أفراده متعلّق للتکلیف مستقلاً لا أنّ المنهی عنه هو الإتیان بجمیع أفراده بأن یکون المبغوض مجموع جمیع الأفراد، حیث إن النهی عن الطبیعی بهذا النحو لغو محض؛ لأنّ کل الأفراد من الطبیعی ممّا لا یتمکن مکلف من الجمع بینها فی الارتکاب ولا أنّ المنهی عنه صرف وجوده بحیث إذا وجد واحد من أفراده سقط التکلیف رأساً ویکون المکلف مطلق العنان بالإضافة إلی سائر الأفراد، بل فی ثبوت هذا القسم من النهی عن الطبیعی وجوده فی المحرمات ولو فی مورد واحد مورد التامل؛ ولذا یکون النهی عن الطبیعی ظاهراً فی الانحلال بحسب وجوداته وتعلق النهی بکل منها وکذلک فی النهی الوضعی عن طبیعی شیء فی صلاته أو سائر عباداته؛ ولذا لو اضطر المکلف الی ارتکاب بعضها فی صلاته لم یجز له إلاّ ترک رعایة ذلک المقدار المضطر إلیه.

وعلی الجملة، فکل من أفراد المانع له مانعیة مستقلة فالفرد المشکوک من أنه من أفراد المانع أم لا مقتضاه الشک فی تقید الصلاة بعدم لبسه أو حمله فیها، وهذا التقیید غیر ثابت فیرجع إلی البراءة فی تعلق الأمر بطبیعی الصلاة المقیدة بترک ذلک المشکوک أیضاً علی ما ذکر فی بحث دوران أمر الواجب الارتباطی بین الأقل والأکثر والمطلق والمشروط.

وأم_ّا ما قیل من سائر الأُصول الموضوعیة أو الحکمیة فإنها إما غیر مطردة أو غیر صحیحة کما یقال بأنه یجری الاستصحاب بعد لبس المشکوک أو حمله فی صلاته فی عدم لبسه أو حمله ما لا یؤکل لحمه. ولکن قد تقدم أنه عدم لبسه معتبر فی الصلاة بمفاد واو الجمع، وبنحو الانحلال بمعنی أنّ الصلاة مقیّدة بعدم لبس کل فرد من أفراد

ص :124

وأم_ّا إذا شک فی کون شیء من أجزاء الحیوان أو من غیر الحیوان فلا إشکال فیه[1]

الشَرح:

أجزاء ما لا یؤکل وتوابعه، والاستصحاب المذکور لا یثبت عدم تقید الصلاة بعدم لبس ما لبسه فیها، ونظیر ذلک جریان الاستصحاب فی نفس الصلاة بأنها علی تقدیر الإتیان بها قبل لبسه لم تکن صلاة فی غیر ما یؤکل والآن کذلک فإنّ هذا من الاستصحاب التعلیقی فی الموضوع ولا اعتبار به.

نعم إذا لبسه أثناء صلاته فقیل بجریان الاستصحاب فی عدم وقوع الصلاة فیما لا یؤکل، ولکن هذا علی تقدیر تمامه لا یطرد ولا یصحح الصلاة التی لبسه قبل الدخول فیها. وأم_ّا الاستصحاب فی عدم وقوع الصلاة فیما لا یؤکل بنحو العدم الأزلی بتقریب أنّ الصلاة قبل أن یأتی بها لم یکن فیما لا یؤکل لحمه وإذا أحرز الإتیان بها وشک فی بقاء عدم وقوعها فیما لا یؤکل فلا مجال له بعد جریان الاستصحاب فی عدم جعل الحرمة للحیوان المشکوک أو جریان الاستصحاب فی عدم انتساب الجلد أو التابع المفروض لما لا یؤکل؛ لأنّ مع أحد الاستصحابین لا یبقی شک فی عدم وقوع الصلاة فی ما لا یؤکل کما لا یخفی.

تجوز الصلاة فیما شک فی کونه من أجزاء الحیوان

[1] والوجه فی عدم الإشکال هو أنّ القول بالمنع کان مبنیاً علی مانعیة أجزاء الحیوان وتوابعه فی الصلاة إلاّ ما یؤکل لحمه، وکان من الممکن إحراز المانع فیما إذا صلی فی أجزائه وتوابعه بضمیمة أنّ الحیوان المشکوک لم یکن من مأکول اللحم کالغنم مثلا بالاستصحاب، أو الالتزام بأنّ کون اللباس من مأکول اللحم شرط فی الصلاة المأتی بها فی أجزاء الحیوان ومع عدم إحراز کون اللباس من أجزاء الحیوان یحرز صحة الصلاة فیه بأصالة البراءة عن الشرطیة لو لم نقل بجریان الأصل فی عدم

ص :125

(مسألة 19) إذا صلّی فی غیر المأکول جاهلاً أو ناسیاً فالأقوی صحة صلاته[1]

الشَرح:

کونه من أجزاء الحیوان وتوابعه.

الصلاة فی غیر المأکول جاهلاً أو ناسیاً صحیحة

[1] اختار قدس سره صحة الصلاة فیما إذا صلّی فی غیر المأکول لحمه جهلاً أو نسیاناً، خلافاً لجملة من الأصحاب حیث التزموا بالتفصیل بین صورة الجهل وصورة النسیان وأنها محکومة بالصحة فی الأُولی وبالفساد فی الثانیة، واختار ذلک المحقق النائینی قدس سره (1) وذکر فی وجهه ما حاصله أنّ صحیحة عبدالرحمن بن أبی عبداللّه مقتضاها صحة الصلاة فیما لا یؤکل لحمه فی صورة الجهل، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الرجل یصلی وفی ثوبه عذرة من إنسان أو سنور أو کلب أیعید صلاته؟ قال: «إن کان لم یعلم فلا یعید»(2) حیث فرض عذرة الإنسان والسنور والکلب فی ثوبه تعم ما إذا کان وجودها بنحو تلوّث الثوب أو لصوقها بثوبه یابساً وإذا کان ذلک غیر موجب لبطلان الصلاة مع الجهل مع کون عذرة السنور أو الکلب مانع عن الصلاة من جهتین من کونها مما لا یؤکل وکونها نجسة فالأمر فی أجزاء وتوابع ما لا یؤکل مع طهارتها أولی بالحکم بصحة الصلاة معها فی فرض الجهل.

وفی مقابل ذلک موثقة عبد اللّه بن بکیر حیث ورد فیها: «لا تقبل تلک الصلاة حتی یصلی فی غیره ممّا أحل اللّه أکله»(3) والظاهر أنّ مفاده تأسیس لا أنه تأکید للحکم

ص :126


1- (1) کتاب الصلاة 1 : 259 _ 260 .
2- (2) وسائل الشیعة 3 : 475 ، الباب 40 من أبواب النجاسات، الحدیث 5.
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

السابق لیکون مجرّد بیان مانعیة لبس ما لا یؤکل أو لحمه، بل مقتضی الأصل التأسیس وبیان حکم الصلاة الواقعة فی المانع من حیث لزوم التدارک حتی ما صلی فیه جهلاً أو نسیاناً فیرفع عن إطلاقها فی صورة الجهل بالصحیحة المتقدمة فیبقی تحت الموثقة صورة النسیان، وحیث إنّ حدیث «لا تعاد»(1) مختص بالنسیان وعام بالإضافة إلی ما یعتبر فی الصلاة من عدم وقوعها فیما لا یؤکل أو غیره من الموانع وفقد الشرائط والأجزاء تکون موثقة عبداللّه بن بکیر بعد تخصیصها بالصحیحة أخصّ بالإضافة إلی المستثنی منه فی حدیث: «لا تعاد» ونتیجة ذلک التفصیل بین صورتی الجهل والنسیان بالحکم بالصحة فی الأُولی وبالبطلان فی الثانیة.

أقول: ما ورد فی موثقة عبد اللّه بن بکیر ظاهره بیان مانعیة لبس أو حمل شیء ممّا لا یؤکل لحمه فی الصلاة نظیر قوله علیه السلام : إذا تکلمت فی صلاتک أو صرفت وجهک عن القبلة فأعد صلاتک(2). وإذا صلیت فیما أصابه الخمر قبل غسله فأعد صلاتک(3). وغیر ذلک ممّا یکون الأمر بالإعادة فی مقام بیان مانعیة الشیء عن الصلاة أو غیرها من العبادة، وهذا الخطاب وإن کان مقتضی إطلاق الأمر بالإعادة ثبوت المانعیة فی صورة الجهل بذلک الشیء أو نسیانه إلاّ أنه لا یعارض النسبة بین هذا الخطاب وبین الخطاب الناظر إلی حکم الخلل الواقع فی الصلاة أو غیرها من العبادة بعد الفراغ عن ثبوت المانع والشرط والجزء فی العبادة مثل حدیث «لا تعاد»(4) حیث إنه لم یتعرض فیها لما

ص :127


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .
2- (2) انظر وسائل الشیعة 7 : 281 ، الباب 25 من أبواب قواطع الصلاة، الحدیث الأوّل.
3- (3) انظر وسائل الشیعة 3 : 468 _ 469، الباب 38 من أبواب النجاسات، الحدیث 2 .
4- (4) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

.··· . ··· .

الشَرح:

یعتبر فی الصلاة، بل حکم الخلل الواقع فیها بعد الفراغ عن أصل ثبوت الأجزاء والشرائط والموانع لها؛ ولذا یعدّ حدیث «لا تعاد» وما هو بمفاده من الخطاب الحاکم علی أدلة الاجزاء والشرائط والموانع.

وعلی ذلک فصحیحة عبد الرحمن بن أبی عبداللّه(1) وإن کانت دلیلاً علی عدم بطلان الصلاة فیما إذا لبس المصلی شیئاً ممّا لا یحله أکله أو حمله مع جهله بأنه ممّا لا یؤکل ولا تشمل صورة نسیانه بل الجهل بمانعیته وعلمه بالموضوع إلاّ أنه لا یمکن الأخذ بموثقة عبد اللّه بن بکیر(2) فی صورة اللبس أو الحمل نسیاناً بدعوی أنها أخص من حدیث «لا تعاد» حیث إنّ الحدیث وإن یختص بصورة النسیان إلاّ أنه یعم الخلل المنسی، سواء کان النسیان فی اللباس والحمل أو سائر الأُمور المعتبرة فی الصلاة شرطاً أو مانعاً أو جزءاً، بل یکون الحدیث علی فرض اختصاص مدلوله بالنسیان حاکماً علی تمام الأدلة الدالة علی اعتبار الأجزاء والشرائط والموانع ومنها موثقة عبد اللّه بن بکیر(3).

ویشهد لکون موثقة عبداللّه بن بکیر فی بیان أصل المانعیة أنّ صدرها یشمل صورة الصلاة فیما لا یؤکل مع العلم بالموضوع، واسم الإشارة فی قوله صلی الله علیه و آله : «لا یقبل اللّه تلک الصلاة» یشیر إلیها أیضاً، ولو کانت الموثقة یعنی الأمر بالإعادة فیها ناظرة إلی حکم صورة الصلاة فیه بعد الفراغ عن المانعیة لم یکن وجه لذکر اسم الإشارة.

وما ذکر علیه السلام من الأصل فی الکلام کونه تأسیساً لا تأکیداً إنّما مع عدم القرینة علی التأکید وذکر اسم الإشارة وشمول الصدر لصورة العلم بالموضوع، بل هی المتیقن من

ص :128


1- (1) تقدمت فی الصفحة : 126 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
3- (3) المصدر السابق.

(مسألة 20) الظاهر عدم الفرق بین ما یحرم أکله بالأصالة أو بالعرض[1] کالموطوء والجلاّل وإن کان لا یخلو عن إشکال.

الشَرح:

صدرها قرینة علی کونه أیضاً تأکیداً للصدر، هذا مع أنّ حدیث «لا تعاد» لا یختص بالناسی بل یعم جمیع موارد الخلل عن عذر کان نسیاناً أو جهلاً بالموضوع بل الحکم ولکن قصوراً لا تقصیراً.

وممّا ذکر یظهر أنّ النسبة بین الموثقة وحدیث: «لا تعاد» بناءً علی اختصاصه بالناسی هی العموم من وجه لشمول الموثقة موارد الجهل بالحکم والعمد والنسیان بالإضافة إلی لبس مالا یؤکل أو حمله، وشمول الناسی للناسی فی سائر ما یعتبر فی الصلاة فیجتمعان فی ناسی اللباس أو الحمل ممّا لا یؤکل لحمه، فیرجع بعد تساقطهما إلی الإطلاق فی خطابات المانع کالوارد فی موثقة سماعة من قوله علیه السلام : «ولا تلبسوا منها شیئاً تصلون فیه»(1).

نعم، دعوی تقدیم الموثقة علی حدیث: «لا تعاد» بناءً علی اختصاص الحدیث بالناسی بلا محذور، وأم_ّا لو عکس الأمر وقدم جانب حدیث: «لا تعاد» یبقی الموثقة بلا مورد ضعیفة؛ لأنّ حدیث: «لا تعاد» لا یشمل العالم بالحکم علی الفرض والجاهل به، ولکن الموثقة یشملها ولیس الجاهل بالحکم مورد نادر فالعمدة علی فرض التعارض فی الناسی وکون النسبة العموم من وجه الرجوع إلی موثقة سماعة ومقتضاهما البطلان فی صورة النسیان.

لا فرق بین فیما یحرم أکله سواء کان بالأصالة أو بالعرض

[1] والوجه فی ذلک أنّ الإطلاق فی مثل موثقة عبد اللّه بن بکیر یعنی قوله صلی الله علیه و آله :

ص :129


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 353 ، الباب 5 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3.

الخامس: أن لا یکون من الذهب للرجال ولا یجوز لبسه لهم فی غیر الصلاة أیضاً[1]

الشَرح:

«إنّ الصلاة فی وبر کل شیء حرام أکله فالصلاة فی وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وکل شیء منه فاسد»(1) یعمّ ما إذا کان حرمة أکله بالأصالة أو بالعرض، سواء قیل بأنّ حرمة أکله إشارة إلی عنوان الحیوان أو أنّ الموضوع للمانعیة من حیث اللبس والحمل نفس حرمة أکل لحم الحیوان.

ودعوی أنه بناءً علی أنّ حرمة أکل اللحم لیست بنفسها موضوعاً وأنها مشیرة إلی عنوان نفس الحیوان فیشکل شمول المانعیة لما کانت حرمة أکل لحمه بالعرض لا یمکن المساعدة علیها؛ وذلک فإنّ المشیریة لا تختص بما کان العنوان للحیوان بالأصالة، بل تکون مشیرة إلی الحیوان الجلاّل أیضاً، وما ذکر الماتن من الإشکال هو دعوی الانصراف إلی ما کان بالأصالة، سواء فی عنوان الحیوان أو الحکم بحرمة الأکل، ولکن قد تقدم ضعف دعوی الانصراف مطلقاً.

نعم، ذکرنا أنه لو کان الموضوع للمانعیة نفس حرمة الأکل فلا تشمل ما کان الحیوان محرماً فی أکل لحمه لا بعنوان یختص بالحیوان کحرمة أکله بعنوان الغصب أو بعنوان کونه مضراً أو مشکوکاً ونحو ذلک.

الخامس: أن لا یکون من الذهب للرجال

[1] لا خلاف بین أصحابنا فی حرمة لبس الذهب علی الرجال تکلیفاً وإن نسب الخلاف والالتزام بالجواز من بعض مخالفینا، وأم_ّا مانعیة لبسه فی الصلاة مضافاً إلی حرمته تکلیفاً هو المشهور بین الأصحاب، بل لم یحکَ الخلاف فیه إلاّ عن

ص :130


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

المحقق قدس سره (1) حیث تردد فیها أو التزم بعدمها.

ویستدل علی الحرمة بموثقة عمار بن موسی، عن أبی عبداللّه علیه السلام حیث ورد فیها قال: «لا یلبس الرجل الذهب ولا یصلّی فیه؛ لأنه من لباس أهل الجنة»(2) وصحیحة علی بن جعفر، عن أخیه موسی بن جعفر علیه السلام قال: سألته عن الرجل هل یصلح له الخاتم الذهب؟ قال: «لا»(3) ولکن قد یناقش فی کون الموثقة دلیلاً علی الحرمة والمانعیة بأنّ التعلیل الوارد فیها یناسب الکراهة تکلیفاً، وأنّ النهی فی الصلاة فیه یناسب الکراهة بمعنی قلة الثواب خصوصاً بملاحظة ما فی صدرها فی الرجل یصلی وعلیه خاتم حدید قال: «لا، ولا یتختم به الرجل فإنه من لباس أهل النار»(4).

ولکن لا یخفی أنّ حمل النهی عن خاتم الحدید فی الصدر علی الکراهة لقیام القرینة علیه لا یوجب حمل النهی عن لبس الرجل الذهب والصلاة فیه علی الکراهة. وأم_ّا التعلیل الوارد فهو أیضاً لا یمنع الأخذ بظهور النهی فی التحریم، حیث إنّ المراد بالتعلیل أنّ اختصاص لباس الذهب بأهل الجنة أوجب النهی عن لبسه للرجال فی دار الدنیا نظیر ماورد فی النهی عن الشرب فی آنیة الذهب والفضة بأنّ النهی عن الشرب فیهما لما یترتب علیه من المحرومیة عن الشرب فیهما فی الآخرة، کما یظهر ذلک من موثقة روح بن عبدالرحیم، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله

ص :131


1- (1) المعتبر 2 : 92 .
2- (2) التهذیب 2 : 372 ، الحدیث 80.
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 415 ، الباب 30 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 10.
4- (4) التهذیب السابق.

.··· . ··· .

الشَرح:

لأمیرالمؤمنین علیه السلام : «لا تختمّ بالذهب فإنه زینتک فی الآخرة»(1) ولو فرض الإجمال فیها فی جهة اللبس تکلیفاً فلا یمنع عن الأخذ بظهور النهی فی صحیحة علی بن جعفر المؤیدة لسائر الروایات التی فی أسنادها ضعف، غیر أنه لا یبعد اعتبار بعضها سنداً کموثقة روح بن عبدالرحیم.

وقد یناقش فی التحریم بأن_ّه ینافیه صحیحة عبیداللّه بن الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: قال علی علیه السلام : «نهانی رسول اللّه صلی الله علیه و آله ولا أقول نهاکم عن التختم بالذهب»(2) الحدیث بل فی روایة ابن القداح عن أبی عبداللّه علیه السلام : «أنّ النبی صلی الله علیه و آله تختّم فی یساره بخاتم من ذهب ثم خرج علی الناس فطفق الناس ینظرون إلیه فوضع یده الیمنی علی خنصره الیسری حتی رجع إلی البیت فرمی به فما لبسه»(3) ولکن هذه الأخیرة ضعیفة سنداً والصحیحة لا دلالة فیها علی الحلیة؛ لأنّ تشریع المحرمات بل بیانها للناس کان بنحو التدریج ولعل رسول اللّه صلی الله علیه و آله لم یبین حرمة لبس الذهب علی الرجال وأوکل بیانه لأوصیائه فیکون المراد من الصحیحة أنه صلی الله علیه و آله لم یبیّن حرمته لکم ولکن بیّن لی، وأم_ّا مانعیة لبس الذهب فقد ورد فی موثقة عمار بن موسی حیث إنّ ظاهر النهی عن الصلاة فیه المانعیة علی ما تقدم فی مسألة اللباس المشکوک، وغیرها وذکرنا أنّ التعلیل الوارد فیها لا یمنع عن ظهورها فی الحرمة والمانعیة.

ص :132


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 412 ، الباب 30 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 414 ، الباب 30 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 413 ، الباب 30 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

ولا فرق بین أن یکون خالصاً أو ممزوجاً[1] بل الأقوی اجتناب الملحّم به والمذهب بالتمویه والطلی إذا صدق علیه لبس الذهب ولا فرق بین ما تتم فیه الصلاة وما لا تتم کالخاتم والزر ونحوهما.

نعم، لا بأس بالمحمول منه مسکوکاً أو غیره کما لا بأس بشدّ الأسنان به.

الشَرح:

[1] قد تقدم أنّ الوارد فی موثقة عمّار(1) النهی عن لبس الذهب فیکون لبسه مانعاً عن الصلاة ومحرّماً تکلیفاً بالإضافة إلی صلاة الرجال ولبسهم، ومن الظاهر أنّ الذهب المصوغ الذی یلبس لا یخلو عن مزج بغیره، والملاک فی الحرمة صدق عنوان لبس الذهب سواء کان خالصاً أو ممزوجاً بغیره.

نعم إذا کان مزجه بغیره خارجاً عن المتعارف ففی صدق لبس الذهب علی لبسه تأمل خصوصاً إذا کان المزج بحیث لا یصدق علی الشیء عنوان الذهب أصلاً، ولیس الوارد فی الموثقة من الصلاة فی الذهب کالوارد فی الصلاة فی غیر ما لا یؤکل حیث یکفی فی بطلان الصلاة فی غیر ما لا یؤکل ولو کان خیط واحد من الثوب ممّا لا یؤکل؛ لأنّ کلمة (فی) بمعنی الظرفیة فی الصلاة فی الذهب، بخلاف الوارد فیما لا یؤکل فإنّها فیه بمعنی المصاحبة أی واقعها علی ما تقدم، وقد تقدم قیام القرینة علی ذلک فی موثقة عبداللّه بن بکیر(2) الواردة فی الصلاة فیما لا یؤکل، بخلاف موثقة عمّار(3) فإنّه لا موجب فیها لرفع الید عن ظاهرها ولو کان معنی الظرفیة بالعنایة فباعتبار اشتمال الذهب علی بدن المصلی جزءاً أو کلاً یحسب الصلاة فی الذهب.

وممّا ذکرنا یظهر الحال فی صدق لبس الذهب إذا کان الملبوس من الملحّم

ص :133


1- (1) تقدمت فی الصفحة 131 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
3- (3) المتقدمة فی الصفحة 131 .

بل الأقوی أنه لابأس بالصلاة فیما جاز فعله فیه من السلاح کالسیف والخنجر ونحوهما وإن أُطلق علیهما اسم اللبس[1] لکن الأحوط اجتنابه.

الشَرح:

بالذهب ولو کان من المذهب بالتمویه المعبر عنه بالطلی بالذهب فیه إشکال؛ ولذا علق الماتن عدم الجواز تکلیفاً ووضعاً فی المذهب علی صدق لبس الذهب علیه، ولکن لابد من ملاحظة الصدق فی الممتزج أیضاً، والظاهر صدقه علی الملحم به؛ لأنّ اللحمة هی الخیوط العرضیة التی یلتحم بها السدی وهی الخیوط الطولیة للثوب عند نسجه ویعبر عنهما بالفارسیة (تارپود) هذا کله بالإضافة إلی لبس الذهب ولو لم یکن مما تتم فیه الصلاة.

وأم_ّا مجرد التزین به من غیر صدق اللبس فالالتزام بحرمته مشکل جداً حیث لم یرد فی شیء من الأخبار المعتبرة النهی عن عنوان التزین بمعناه المصدری، وما ورد فی موثقة روح بن عبدالرحیم: «لا تختّم بالذهب فإنه زینتک فی الآخرة»(1) ظاهره رجوع الضمیر إلی الذهب وأن_ّه لا یجوز التختم بخاتم الذهب والتختم من قبیل لبس الخاتم، وأم_ّا ما لا یصدق علیه لبسه فلا دلالة لها علی حرمته کما لا یبعد عدم صدقه علی مجرد الزر وتلبیس السن بالذهب وکون المحمول ذهباً، سواء کان مسکوکاً أو غیره، مع أنّ حمل الدنانیر فی الجیب ونحوه ممّا کانت السیرة جاریة علیه خارج عن لبس الذهب بل عن عنوان التزین أیضاً.

[1] ما ورد فی الروایات هو جواز تحلیة السیف بالذهب وجعل نعله منه فلا تعم ما إذا کان نفس السیف أو غمده من الذهب وإذا لبسه وتحلیته أو جعل نعله منه لا یکون موجباً لصدق عنوان لبس الذهب، وصدق لبس السیف لا یلازم صدق لبس الذهب کما هو ظاهر.

ص :134


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 412 ، الباب 30 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.

وأم_ّا النساء فلا إشکال فی جواز لبسهن وصلاتهن فیه، وأم_ّا الصبی الممیز فلا یحرم علیه لبسه[1 [ولکن الأحوط له عدم الصلاة فیه.

الشَرح:

یجوز للنساء لبس الذهب

[1] جواز لبس النساء الذهب لعله یلحق بالضروریات ولا أقل من المسلمات وقد ورد فی ذلک الروایات المعتبرة فلا بأس بصلاتهن فی الذهب، وأم_ّا الصبی فلا ینبغی التأمل فی أنه لا یحرم علیه لبس الذهب ما لم یبلغ تکلیفاً؛ لخروجه ما لم یبلغ عن عنوان الرجل الوارد فی نهیه عن لبس الذهب، وورود الرخصة فی تحلیة الصبیان بالذهب(1)، مضافاً إلی رفع القلم عن الصبی ما لم یبلغ(2)، بل لا یبعد الالتزام بجواز صلاة الصبی الممیز فی الذهب؛ لأنّ العمدة فی دلیل المانعیة نهی الرجل عن لبس الذهب وصلاته فیه فلا دلیل علی المانعیة فی الصبی، ومع الشک فی اعتباره فیها یکون المرجع أصالة عدم الاشتراط کما هو المقرر فی بحث الأقل والأکثر الارتباطیین، ولا یقاس المقام بمثل صلاته فیما لا یؤکل أو بلا طهارة لإطلاق دلیل المانعیة والشرطیة فیهما.

وقد یتوهم أنّ ماورد فی جواز تحلیة الصبیان بالذهب معارض بما رواه ابن إدریس فی آخر السرائر نقلاً عن جعفر بن محمد بن قولویه، عن أبی بصیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سألته عن الرجل یحلّی أهله بالذهب؟ قال: «نعم، النساء والجواری وأم_ّا الغلمان فلا»(3). لا یمکن المساعدة علیه فإنّ الروایة مرفوعة، والغلمان مطلق یشمل البالغ من الذکر والصبی یرفع الید عن إطلاقه بما ورد فی جواز تحلیه الصبیان.

ص :135


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 103 ، الباب 63 من أبواب أحکام الملابس، الحدیث 1 و 2 .
2- (2) عوالی اللآلی 1 : 209 ، الحدیث 48.
3- (3) السرائر 3 : 636 .

(مسألة 21) لا بأس بالمشکوک کونه ذهباً فی الصلاة وغیرها[1]

(مسألة 22) إذا صلّی فی الذهب جاهلاً أو ناسیاً فالظاهر صحتها[2]

الشَرح:

لا بأس بالمشکوک کونه ذهباً فی الصلاة وغیرها

[1] قد ذکرنا أنّ المانعیة المعتبرة للبس الذهب کالمانعیة فی غیره انحلالیة ومع الشک فی کون شیء ذهباً فلا بأس بلبسه أخذاً بأصالة البراءة عن تقیید الصلاة بعدم لبسه، بل یمکن جریان الاستصحاب فی عدم کونه ذهباً بناءً علی ما تقدم من جریان الاستصحاب فی العدم الأزلی یعنی عدم کونه ذهباً، وبهذا یحرز مفاد السالبة بانتفاء المحمول، حیث إنّ المانعیة منتفیة عن مفادها.

ودعوی أنّ الاستصحاب فی العدم الأزلی علی تقدیر اعتباره یختص بلوازم الوجود ولا مجال له فی لوازم الماهیة، حیث إنّ ذلک ان النوع ولوازمها لا یکون منتفیة عن النوع والماهیة حتی فی مقام ملاحظة الذات لا یمکن المساعدة علیها؛ فإنّ النوع واللازم للماهیة غیر مسلوب عن الشیء بالسلب الأولی لا بالسلب الشائع؛ فإنّ کل موجود ولو من أفراد النوع قبل أن یوجد لم یکن ذلک النوع بالحمل الشائع، فزید قبل أن یوجد لم یکن إنساناً بهذا الحمل.

[2] وذلک فإنّ الصحة مقتضی حدیث «لا تعاد»(1) ودعوی اختصاص الحدیث بالناسی ولایعم غیره قد تقدم ما فیها، وأنّ مدلوله یجری فی الجاهل والناسی سواء کان جاهلاً أو ناسیاً بالموضوع أو الحکم.

وعلی الجملة، کل من صلّی وأنه یری أنّ ما صلاه وظیفته ولو بحسب نظره یعمه حدیث: «لا تعاد» وهذا لا یختلف بالإضافة إلی الجاهل بین أن یکون غافلاً أو جاهلاً

ص :136


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

(مسألة 23) لا بأس بکون قاب الساعة من الذهب إذ لا یصدق علیه الآنیة ولا بأس باستصحابها أیضاً فی الصلاة إذا کان فی جیبه حیث إنّه یعد من المحمول.

نعم، إذا کان زنجیر الساعة من الذهب وعلقه علی رقبته أو وضعه فی جیبه لکن علق رأس الزنجیر یحرم؛ لأنه تزیین بالذهب[1] ولا تصح الصلاة فیه أیضاً.

الشَرح:

معذوراً کما فی الجهل بالموضوع، بل وفی الجهل بالحکم بحیث یری بحسب اجتهاده أو تقلیده صحة صلاته. وأم_ّا الجاهل المقصر الذی یکون حال العمل شاکاً فی صحة عمله وکان مکلفاً بالتعلم أو الاحتیاط فهذا خارج عن مدلول الحدیث.

وقد یقال بأنّ الحدیث لا یعم الخلل فی الصلاة من ناحیة الموانع حیث إنّ المعتبر فی الصلاة فیها عدمها والمستثنی منه فی الحدیث قرینة علی کونه ناظراً إلی الخلل من الأُمور الوجودیة المعتبرة فیها کالأجزاء والشرائط ولکن لا یمکن المساعدة علیه؛ فإنّ عدم ذکر المانع فی المستثنی ولو بإطلاق کزیادة الرکوع والسجود أوّل الکلام، وإنّ الاقتصار علی الأُمور الوجودیة فی المستثنی لا یکون قرینة علی اختصاص المستثنی منه أیضاً بالاُمور الوجودیة.

لا بأس بکون قاب الساعة من الذهب

[1] إذا علّقه علی رقبته کتعلیق القلادة علیها یصدق علیه عنوان لبس الذهب نعم إذا علق رأس الزنجیر علی رقبته لا بنفس الزنجیر بل بقیطان مشدود علی رأس الزنجیر ففی صدق لبس الذهب تأمل، وأم_ّا التزین بالذهب من غیر صدق لبسه فقد تقدم أنه لا دلیل علی حرمته.

ثمّ إنه إذا فرض عدم جواز التزین بالذهب حتی فیما لم یصدق علیه لبس الذهب فلا ینبغی التأمل فی عدم بطلان الصلاة به؛ فإنّ المانعیة إنما استفیدت من موثقة عمّار

ص :137

(مسألة 24) لا فرق فی حرمة لبس الذهب بین أن یکون ظاهراً مرئیاً أو لم یکن ظاهراً[1]

(مسألة 25) لاباس بافتراش الذهب ویشکل التدثر به[2].

السادس: أن لا یکون حریراً محضاً للرجال، سواء کان ساتر العورة أو کان الساتر غیره، وسواء کان ممّا تتم فیه الصلاة أو لا علی الأقوی[3] کالتکة والقلنسوة ونحوهما.

الشَرح:

المتقدمة(1) وظاهر النهی فیها عن الصدق فی الذهب صورة صدق الظرفیة بالعنایة وهی مختصة بصورة اللبس، ولا یقاس بما تقدم فی مانعیة حمل ما لا یؤکل، حیث إنّ موثقة ابن بکیر المتقدمة الواردة فی الصلاة فی أجزاء وتوابع ما لا یؤکل قد دلت علی کلمة (فی) المراد بها مطلق المصاحبة، سواء کانت بنحو اللبس أو الحمل.

[1] وذلک فإنّ ظهور الملبوس ورؤیته أو کونه بحیث یری غیر دخیل فی صدق اللبس کما هو ظاهر.

[2] وذلک فإنّ افتراش الذهب والجلوس علیه أو النوم علیه لا یدخل فی عنوان لبس الذهب، وأم_ّا التدثر فإن کان ستر بدنه بالالتفاف والاشتمال به فلا ینبغی التأمل فی صدق لبسه کما فی لبس الإزار والمئزر، وأم_ّا إذا اُرید مجرد تغطی الجسد به وجعله کاللحاف عند النوم فلا ینبغی التأمل فی عدم صدق اللبس؛ ولذا یقال: إنّه نام عریاناً.

السادس: أن لا یکون حریراً محضاً للرجال

[3] من غیر خلاف فی الجملة کما عن غیر واحد، وتدل علیه صحیحة

ص :138


1- (1) فی الصفحة : 131 .

.··· . ··· .

الشَرح:

إسماعیل بن سعد الأحوص فإنه ورد فیها قال: سألت أباالحسن الرضا علیه السلام هل یصلی الرجل فی ثوب ابریسم؟ قال: «لا»(1) وفی صحیحة محمد بن عبدالجبار، قال: کتبت إلی أبی محمد علیه السلام أسأله هل یصلّی فی قلنسوة حریر محض أو قلنسوة دیباج؟ فکتب علیه السلام : «لا تحل الصلاة فی حریر محض»(2) وفی صحیحته الأُخری قال: کتبت إلی أبی محمد علیه السلام أسأله هل یصلّی فی قلنسوة علیها وبر مالا یؤکل لحمه أو تکّة حریر محض أو تکّة من وبر الأرانب؟ فکتب: «لا تحل الصلاة فی الحریر المحض، وإن کان الوبر ذکیاً حلت الصلاة فیه إن شاء اللّه»(3) وإطلاق الأُولی ومورد الثانیة هو ما لا تتم فیما لا تتم فیه الصلاة، ولکن المنسوب إلی الشیخ والحلی(4) وأکثر المتأخرین جواز الصلاة فیما لا تتم فیه الصلاة لخبر الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «کل ما لا تجوز الصلاة فیه وحده فلا بأس بالصلاة فیه مثل التکة الابریسم والقلنسوة والخف والزنار ویکون فی السراویل ویصلی فیه»(5).

وهذا الخبر لا یخلو عن المناقشة فی سنده؛ لأنّ أحمد بن هلال العبرتائی ضعیف فی دینه وعن سعد بن عبد اللّه أن_ّه لم یرجع من مذهب التشیع إلی النصب إلاّ أحمد بن هلال العبرتائی(6). وقد ورد فیه ذموم ولعن ولکن النجاشی ذکر أنه صالح

ص :139


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 367 _ 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 377 ، الباب 14 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4.
4- (4) نسبه فی جواهر الکلام 8 : 202 ، وانظر المبسوط 1 : 83 ، والتذکرة 2 : 473.
5- (5) وسائل الشیعة 4 : 376 ، الباب 14 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2.
6- (6) کمال الدین وتمام النعمة (للصدوق) : 76 .

.··· . ··· .

الشَرح:

الروایة یعرف منها وینکر(1)، واستظهر البعض من کلامه قدس سره التوثیق وقال: إنّ فساد المذهب لا ینافی اعتبار خبره لکفایة الوثاقة فیه، ومع ذلک روی الشیخ قدس سره الروایة باسناده إلی سعد بن عبداللّه عن موسی بن الحسن بن عامر الأشعری القمی عن ابن أبی عمیر(2). وقال فی الفهرست أنه لجمیع کتب ابن أبی عمیر وروایاته أسناداً منها روایة جماعة عن ابن بابویه عن أبیه ومحمد بن الحسن عن سعد والحمیری عن إبراهیم بن هاشم عن ابن أبی عمیر(3)، ولکن قد ذکر الشیخ قدس سره فی الاستبصار فی باب جواز شهادة النساء فیه مکاتبته لاحمد بن هلال إلی أبی الحسن علیه السلام وذکر فی ذیله أنّ أحمد بن هلال ضعیف فاسد المذهب(4). وظاهر قوله ضعیف نفی الوثاقة عنه فیکون معارضاً لکلام النجاشی علی تقدیر ظهوره فی توثیقه.

وکیف ما کان، فهذه الروایة تعارضها صحیحة محمد بن عبدالجبار الظاهرة فی مانعیة لبس الحریر المحض مع فرض السؤال فیها عن الصلاة فی قلنسوة حریر محض أو قلنسوة دیباج، وعلی فرض التعارض والتساقط یرجع إلی الإطلاق فی صحیحة إسماعیل بن سعد الأحوص ومقتضاه مانعیة الحریر المحض، سواء کان ممّا تتم أو ممّا لا تتم، ویمکن الرجوع إلی هذا الإطلاق بالإضافة إلی التکة من الحریر حیث ورد أیضاً فی روایة الحلبی جواز الصلاة فیه وورد فی صحیحة محمد بن عبد الجبار الثالثة عدم جوازها فیه، قال: کتبت إلی أبی محمد علیه السلام أسأله هل یصلّی فی قلنسوة علیها

ص :140


1- (1) رجال النجاشی : 83 ، الرقم 199 .
2- (2) التهذیب 2 : 357 ، الحدیث 10 .
3- (3) الفهرست : 218 ، الرقم 32 .
4- (4) الاستبصار 3 : 28 ، ذیل الحدیث 22 .

.··· . ··· .

الشَرح:

وبر ما لا یؤکل لحمه أو تکّة حریر محض أو تکّة من وبر الأرانب؟ فکتب: «لا تحل الصلاة فی الحریر المحض»(1) ورفع الید عن هذه الصحیحة بالإضافة إلی وبر الأرنب علی ما تقدم لا یوجب رفع الید عمّا ورد فیه من مانعیة لباس الحریر فی الصلاة ولو کان تکة.

ودعوی أنّ روایة الحلبی النسبة بینها وبین صحیحة محمد بن عبد الجبار العموم والخصوص المطلق فتلک الروایة أخص بالإضافة إلی ماورد فی الصحیحتین؛ لأنّ المذکور فی جواب الصحیحتین عدم جواز الصلاة فی الحریر المحض، وهذا إطلاق ولکن ماورد فی روایة الحلبی هو جواز الصلاة فی خصوص القلنسوة والتکّة من الحریر فیرفع الید بها عن هذا الإطلاق، والسؤال فی الصحیحتین عن خصوص القلنسوة والتکّة لا یوجب خروج الجواب عن الإطلاق.

ودعوی أنه لا یصح إخراج مورد السؤال عن الحکم لا یمکن المساعدة علیها مع قیام القرینة من الخارج علی خروجه عن عموم الجواب، کما تقدم نظیر ذلک فی موثقة عبداللّه بن بکیر(2) الوارد فیها السؤال عن الصلاة فی الثعالب والفنک والسنجاب مع أنّ السنجاب بل الفنک خارج عن العموم فی الجواب.

أقول: هذا من قبیل بعض ماذکر فی السؤال عن الحکم لا عدم شمول الجواب لأصل مورد السؤال رأساً مع أنّ الجواب فی صحیحة محمد بن عبدالجبار(3) ظاهرها أن_ّه جواب عن خصوص تکه حریر محض کما هو مقتضی دخول الألف واللام

ص :141


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 377 ، الباب 4 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 345 ، الباب 2 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
3- (3) المتقدمة فی الصفحة 139 .

.··· . ··· .

الشَرح:

علی الحریر المحض فی الجواب.

اللّهم إلاّ أن یقال إنّه مع تمامیة السند فی روایة الحلبی مدلولها عدم مانعیة الحریر الخالص إذا لم یکن ممّا تتم فیه الصلاة؛ لأنّ حملها علی المخلوط ینافی التفصیل بین ما تتم وما لا تتم فیه الصلاة ولم یثبت قبح إخراج مورد السؤال فی الصحاح عن الإطلاق الوارد فی الجواب فیها بعد قیام ورود البیان للإخراج فیما إذا لم یمکن حمل إطلاق المنع بالإضافة إلیه علی المرجوحیة کما فی قوله علیه السلام فی صحیحة محمد بن عبدالجبار الوارد فیها: «لا تحل الصلاة فی حریر محض»(1).

وقد یناقش فی أصل مانعیته فی الصلاة لما ورد فی صحیحة محمد بن إسماعیل بن بزیع، قال: سألت أباالحسن علیه السلام عن الصلاة فی ثوب دیباج؟ فقال: «ما لم یکن فیه التماثیل فلا بأس»(2) ولکن لابد من حملها علی غیر الحریر المحض فإنه لا بأس بالصلاة فیه لتقیید النهی عن الصلاة فی الحریر بکونه محضاً فی صحیحة محمد بن عبدالجبار(3) وغیرها والتقیید بما إذا لم یکن فیه التماثیل للنهی عن الصلاة فی ثوب فیه تماثیل، والدیباج قسم من الحریر حیث لا یمکن حمل «لا تحل» علی الکراهة بعد کون عدم الحل حکماً ضعیفاً، وقد ورد فی الجواب عن السؤال عنها بأنه «لا تحل الصلاة فی حریر محض»(4) وأنه لا بأس بلبسهما فی الحرب، وهذا یؤید ماذکروا من أنّ الدیباج هو الحریر الملون والمنقوش فیکون لبسه جائزاً فی الحرب

ص :142


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 370 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 10 .
3- (3) و (4) تقدمت آنفاً .

.··· . ··· .

الشَرح:

علی کراهة إذا کان فیه تماثیل، حیث إنه ورد فی معتبرة الحسین بن علوان، عن جعفر، عن أبیه علیهماالسلام : «أنّ علیاً علیه السلام کان لایری بلباس الحریر والدیباج فی الحرب إذا لم یکن فیه التماثیل بأساً»(1) ولکن قد ورد فی موثقة سماعة بن مهران، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن لباس الحریر والدیباج؟ فقال: «أم_ّا فی الحرب فلا بأس به وإن کان فیه تماثیل»(2) فیحمل التقید فی عدم الباس بما إذا لم یکن فیه التماثیل علی الکراهة ویدل علی عدم جواز لبسه تکلیفاً موثقة محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام قال: «لا یصلح لباس الحریر والدیباج فأما بیعهما فلا بأس»(3) ومعتبرة عبید بن زرارة عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا بأس بلباس القز إذا کان سداه أو لحمته من قطن أو کتان»(4) وموثقة إسماعیل بن الفضل، عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی الثوب یکون فیه الحریر، فقال: «إن کان فیه خلط فلا بأس»(5) فإنّ تقیید الجواز وتعلیقه علی الخلط مقتضاه عدم جوازه بدونهما إلی غیر ذلک، وکما أنّ لبس ما فیه الخلط جائز کذلک الصلاة فیه کما یشهد بذلک صحیحة البزنطی، قال: سأل الحسین بن قیاما أباالحسن علیه السلام عن الثوب الملحم بالقز والقطن، والقز أکثر من النصف أیصلّی فیه؟ قال: «لا بأس، قد کان لأبی الحسن علیه السلام منه جبات»(6).

ص :143


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 372 ، الباب 12 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 5 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 372 ، الباب 12 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 374 ، الباب 13 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
5- (5) وسائل الشیعة 4 : 374 ، الباب 13 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
6- (6) وسائل الشیعة 4 : 373 _ 374 ، الباب 13 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

بل یحرم لبسه فی غیر حال الصلاة أیضاً إلاّ مع الضرورة[1]

لبرد أو مرض وفی حال الحرب وحینئذ تجوز الصلاة فیه أیضاً[2 [وإن کان الأحوط أن یجعل ساتره من غیر الحریر.

الشَرح:

یجوز لبس الحریر مع الضرورة

[1] جواز لبسه مع الضرورة لسقوط الحرمة بالاضطرار إلی لبسه کالاضطرار إلی سائر المحرمات، سواء کان الاضطرار لبرد أو علاج المرض، کما یقال فی علاج الابتلاء بالقمّل بلبسه وأم_ّا جوازه فی حال الحرب لما تقدم من الروایات.

[2] لا یخفی أنّ مانعیة لبس الحریر شرعیة ولیس من باب عدم جواز اجتماع الأمر والنهی، فسقوط النهی فی مقام لا یوجب سقوط المانعیة فیلزم فی حال الحرب أن یصلی فی غیر الحریر، اللّهم إلاّ أن یقال هذه الجهة بأن یصلی فی غیر الحریر فی ذلک الحال ممّا یغفل عنه العامة فلو کان لبسه مانعاً فی ذلک أیضاً لوقع التعرض لذلک ولو فی بعض الروایات، وعدم التعرض کاشف عن سقوط المانعیة أیضاً، بل قد یقال ماورد فی عدم الباس بلباس الحریر فی الحرب یعم لبسه حال الصلاة فیه ومقتضی نفی البأس عن لباس الحریر فی الحرب حال الصلاة أیضاً عدم مانعیته ولکن المستفاد من تلک الروایات الترخیص فی اللبس حال الحرب، ولا نظر لها إلی الترخیص فی الصلاة بالحریر ولو فرض الإطلاق تکون النسبة بین ما دل علی أنه لا یحل الصلاة فی حریر محض وبین ما دل علی جواز لبس الحریر فی الحرب العموم من وجه، یفترقان فی اللبس حال الصلاة فی غیر حال الحرب وفی لبسه حال الحرب من غیر حال الصلاة، ویجتمعان فی المصلّی حال الحرب فیسقطان فی مورد الاجتماع ویرجع إلی أصالة البراءة عن المانعیة، ودعوی ترجیح إطلاق مادل علی الجواز لکونه مناسباً للتخفیف وقریباً لفهم الأصحاب کما تری.

ص :144

.··· . ··· .

الشَرح:

وأم_ّا ماذکر قدس سره من جواز الصلاة فی الحریر الخالص عند الاضطرار فلا ینبغی التأمل فیه إذا کان الاضطرار مستوعباً لجمیع الوقت فإنّ مانعیة لباس الحریر لا تزید علی مانعیة ما لا یؤکل والنجاسة فی البدن واللباس وغیر ذلک فی عدم سقوط التکلیف بالصلاة عند الاضطرار إلی ارتکاب الموانع، والظاهر أنّ مراد الماتن أنّ مع الاضطرار إلی لبس الحریر ولو فی بعض الوقت کلبسه حال الحرب یوجب سقوط مانعیته فتصح الصلاة فی الحریر فی ذلک الوقت، وعلیه یقع الإشکال فی أنّ الاضطرار فی بعض الوقت یوجب جواز اللبس تکلیفاً ولا موجب لسقوط مانعیته عن الصلاة لتمکنه منها فی غیر الحریر الخالص قبل خروج الوقت.

ودعوی أنّ مادل علی مانعیته عن الصلاة منصرف إلی صورة حرمة لبسه وإن کانت مانعیته مستقلة غیر ناشئة من عدم جواز اجتماع الأمر لا یمکن المساعدة علیها خصوصاً بالإضافة إلی ما یتکفل لبیان المانعیة کصحیحة اسماعیل بن سعد الأحوص، قال: سألت الرضا علیه السلام هل یصلی الرجل فی ثوب إبریسم؟ قال: «لا»(1) بل لا یبعد عدم سقوط الحرمة والمانعیة مع استیعاب الاضطرار إلاّ بالإضافة إلی لباس حریر یضطر إلی لبس خصوصه کالقمیص مثلاً کما هو مقتضی انحلال خطابی التحریم والمانعیة.

وأم_ّا ما ذکره الماتن قدس سره من أنّ الأحوط أن یجعل ساتره غیر الحریر فظاهره فرض عدم الاضطرار إلی جعل ساتره حریراً محضاً، فقد ذکرنا أن_ّه لا یسقط الحرمة ولا المانعیة وإن أراد حال الحرب فمنشأ الاحتیاط عدم إجراء شمول مادل علی جواز لباس الحریر فی الحرب ساتره أو التوقیع المروی فی الاحتجاج عن صاحب الزمان علیه السلام أنه

ص :145


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 367 _ 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

ولا بأس به للنساء[1] بل تجوز صلاتهن فیه أیضاً علی الأقوی.

الشَرح:

کتبت إلیه یتخذ باصبهان ثیاب عتابیة علی عمل الوشا من قز أو ابریشم هل تجوز الصلاة فیها أم لا؟ فأجاب علیه السلام : «لا تجوز الصلاة إلاّ فی ثوب سداه أو لحمته قطن أو کتان»(1) بدعوی أنّ ظاهره أنّ الثوب الذی یعتبر وقوع الصلاة فیها أن یکون مخلوطاً وهذا یعم صورة زمان الحرب وغیره، ولکن فی کلا الوجهین تأمل؛ لعدم مانع عن شمول إطلاق مادل علی جواز لبس الحریر فی الحرب الساتر أیضاً بناء علی دلالته علی الوضع أیضاً، وأم_ّا التوقیع فالسند فیه غیر تام، بل دلالته أیضاً لا تخلو عن المناقشة فی صورة جواز لبس الحریر فی الحرب لکون النسبة العموم من وجه ولعله لذلک جعل الماتن الاحتیاط استحبابیاً.

یجوز للنساء لبس الحریر

[1] جواز لباس الحریر المحض للمرأة أمر متسالم علیه بین الأصحاب بل جواز ذلک عند المتشرعة یقرب من جواز لبسهن الذهب، والروایات الواردة فی جوازه لها وإن کانت ضعیفة فی سندها نوعاً إلاّ أنه یمکن الاستدلال علی الجواز بالتسالم وموثقة سماعة، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا ینبغی للمرأة أن تلبس الحریر المحض وهی محرمة فأم_ّا فی الحر والبرد فلا بأس»(2) فإن تقیید المنع بحال إحرامها ظاهره أنه لا بأس لها أن تلبسه فی غیر ذلک الحال، وما ورد فی معتبرة زرارة قال: سمعت أباجعفر علیه السلام ینهی عن لباس الحریر للرجال والنساء إلاّ ما کان من حریر مخلوط بخز

ص :146


1- (1) الاحتجاج 2 : 492 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 380 ، الباب 16 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .

.··· . ··· .

الشَرح:

لحمته أو سداه خز أو کتان أو قطن وإنما یکره الحریر المحض للرجال والنساء(1) لا ینافی الجواز فإنّ النهی بالإضافة إلی النساء یکون بمعنی الکراهة المصطلحة وکیف ما کان فالجواز ممّا لا سبیل للمناقشة فیه.

نعم، قد یناقش فی جواز صلاتها فی ثوب حریر فإنّه وإن ورد فی صحیحة إسماعیل بن سعد(2) النهی عن صلاة الرجل فی ثوب إبریسم إلاّ أن_ّه یقال إنّ إطلاق المنع فی صحیحتی محمد بن عبدالجبار یعمّ الرجل والمرأة حیث ورد فیها: «لا تحل الصلاة فی حریر محض»(3). وقد یقال بأنه وقع السؤال فیهما عن قلنسوة حریر محض، والقلنسوة لبسها یختص بالرجل ولکن لا یخفی أنّ الجواب فیهما عام فلا یکون السؤال موجباً للتخصیص فی عموم الجواب کما تقدم مع أنّ السؤال فی الصحیحة الثانیة عن القلنسوة وعن تکة حریر محض والصلاة فی تکة حریر محض لا یختص بالرجال.

نعم، یمکن المناقشة بأنّ السؤال فی الصحیحتین وقع بعد الفراغ عن أصل مانعیة الحریر المحض عن کون المانعیة تختص بما تتم فیه الصلاة أو تعم ما تتم وما لا تتم فلا یمکن التمسک بهما فی غیر هذه الجهة، وعلی ذلک فأصالة البراءة جاریة فی مانعیة لباس الحریر بالإضافة إلی صلاة المرأة.

وأم_ّا ماورد فی روایة جابر الجعفی، قال: سمعت أبا جعفر علیه السلام یقول: لیس علی النساء أذان _ إلی أن قال: _ ویجوز للمرأة لبس الدیباج الحریر فی غیر صلاة وإحرام

ص :147


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 374 ، الباب 13 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 5 .
2- (2) تقدمت فی الصفحة 145 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .

بل وکذا الخنثی المشکل[1]

وکذا لا بأس بالممتزج بغیره من قطن أو غیره ممّا یخرجه عن صدق الخلوص والمحوضة[2] وکذا لا بأس بالکف به وإن زاد علی أربع أصابع وإن کان الأحوط ترک ما زاد علیها ولا بأس بالمحمول منه أیضاً وإن کان ممّا تتم فیه الصلاة.

الشَرح:

وحرم ذلک علی الرجال إلاّ فی الجهاد، ویجوز أن تتختم بالذهب وتصلی فیه، وحرم ذلک علی الرجال إلاّ فی الجهاد(1). لضعف سندها لا یمکن الاستدلال بها علی مانعیة الحریر الخالص لصلاة المرأة أیضاً وقاعدة اشتراک المرأة والرجل لا یجری فی مثل المقام ممّا یحتمل فیه الخصوصیة للرجل وللمرأة فالالتزام بجواز صلاتها فی الحریر المحض هو الصحیح أضف إلی ذلک جریان السیرة من نساء المتشرعة.

[1] هذا بناءً علی أنّ الخنثی المشکل طبیعة ثالثة غیر الذکر والاُنثی، وأم_ّا بناء علی أنه داخل فی الذکر والاُنثی واقعاً کما هو الصحیح، ویستفاد من الکتاب العزیز أنّ المولود إمّا ذکر أو اُنثی فلا یجوز له الصلاة فی الحریر لعلمه إجمالاً إمّا بوجوب ستر المرأة علیه فی الصلاة أو حرمة لبس الحریر المحض ومقتضی العلم الإجمالی مراعاة الاحتیاط فیهما.

فی لبس الحریر الممتزج بغیره والصلاة فیه وحمله

[2] قد تقدم تقیید المنع فی الروایات بحریر محض وصحیحة أحمد بن أبی نصر، قال: سأل الحسین بن قیاما أبا الحسن علیه السلام عن الثوب الملحم بالقز والقطن والقز أکثر من النصف أیصلّی فیه؟ قال: «لا بأس، قد کان لأبی الحسن علیه السلام منه جبات»(2) فإنّ

ص :148


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 380 ، الباب 16 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 373 _ 374 ، الباب 13 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

ظاهرهما الثوب الذی لحمته من الحریر والقطن مع فرض أنّ الحریر المعبر عنه بالقز أکثر من القطن محکوم بجواز الصلاة فیه، وفی معتبرة زرارة عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا بأس بلباس القز إذا کان سداه أو لحمته من قطن أو کتان»(1) حیث إنّ ظاهرها عدم اعتبار خصوص القطن أو الکتان وإن ذکرهما لاعتبار الغلبة فی الخلط وخروج الحریر عن الخلوص، وفی موثقة إسماعیل بن الفضل عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی الثوب یکون فیه الحریر، فقال: «إن کان فیه خلط فلا بأس»(2) إلی غیر ذلک.

وأم_ّا بالإضافة إلی الکف فلا یقال علی الثوب المکفوف بالحریر أنه لباس حریر بل لو قیل بجواز الصلاة فی حریر لا تتم فیه الصلاة کان الأمر أوضح فإنّ الکف ممّا لا تتم فیه الصلاة فی الغالب، بل یمکن دعوی أنّ المکفوف من الثوب بالحریر لا یصدق علیه أنه صلی فی حریر محض فإنه کما لا یکون الخلوص والمحوضة فی اختلاط نسیج الثوب کذلک لا یکون فی صورة الاختلاط فی خیاطته؛ ولذا لا یفرق بین أن یکون الکف بالحریر بمقدار أربع أصابع أو أزید.

نعم، لا یبعد عدم الجواز فی المخیط إذا کان مع الفصل بحیث یصدق علیه عنوان ثوب حریر محض کما إذا کان القمیص بحیث یکون نصفه صدراً أو ذیلاً حریراً محضاً.

وعلی الجملة، مادل علی عدم جواز الصلاة فی ثوب حریر محض أو لا تحل الصلاة فیه لا یعم المکفوف، وأم_ّا ما ورد فی موثقة عمار بن موسی، عن أبی عبد اللّه علیه السلام وعن الثوب یکون علمه دیباجاً؟ قال: «لا یصلّی فیه»(3) لا یدل علی

ص :149


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 374 ، الباب 13 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 374 ، الباب 13 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 369 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 8 .

.··· . ··· .

الشَرح:

المنع عن الصلاة فی مثل المکفوف فإنّها تعم الدیباج الممتزج بغیر الحریر فالنهی فیه باعتبار مافیه من التماثیل والنقوش، وکذا الحال فی خبر الجراح المدائنی، عن أبی عبد اللّه علیه السلام أنه کان یکره أن یلبس القمیص المکفوف بالدیباج(1) مع أنّ الکراهة لا تدل علی الحرمة فضلاً عن المانعیة عن الصلاة.

والمتحصل أنّ التحدید بأربع أصابع إن کان بلحاظ أنّ الکف إذا زاد علیه یصدق علیه الصلاة فی الحریر فیمکن الالتزام بذلک فی الحریر المحض مع لبسه استقلالاً، وأم_ّا إذا کان بعنوان الکف فلا یصدق أنه صلّی فی حریر محض، بل یصدق أنه صلی فی حریر غیر محض أو صلی فی ثوب قطن، وهذا خارج عن مدلول الأخبار المانعة، بل صدق الصلاة فی حریر محض لا یوجب البطلان مع استقلاله فی اللبس إذا بنی علی جواز الصلاة فیما لا تتم فیه الصلاة من حریر محض، بل لابد من کونه بحیث یمکن أن یکون ساتراً للمصلی، وما رواه العامة عن عمر عن رسول اللّه صلی الله علیه و آله من تحدید الکف بالإصبعین أو ثلاثة أو أربع(2). لا یمکن الاعتماد علیه، وعمل جماعة من الأصحاب لا یکون جابراً حیث یحتمل کون عملهم بالتحدید لرعایة الاحتیاط.

وأم_ّا عدم الباس بالمحمول من غیر لبس فلأنه لا موجب لرفع الید عن ظاهر کلمة (فی) فی قوله علیه السلام : «لا تحل الصلاة فی حریر محض»(3) ولا یقال بما ورد فی النهی عن الصلاة فیما لا یؤکل لحمه لقیام القرینةّ علی أن المراد بها فیه ما یعم اللبس والحمل علی ما تقدم.

ص :150


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 370 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 9 .
2- (2) صحیح مسلم 6 : 141 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .

(مسألة 26) لا بأس بغیر الملبوس من الحریر کالافتراش والرکوب علیه والتدثر به[1 [ونحو ذلک فی حال الصلاة وغیرها ولا بزر الثیاب وإعلامها والسفائف والقیاطین الموضوعة علیها وإن تعددت وکثرت.

(مسألة 27) لایجوز جعل البطانة من الحریر من القمیص وغیره[2] وإن کان

الشَرح:

لا بأس بغیر الملبوس من الحریر فی الصلاة وغیرها

[1] وذلک فإنّ الافتراش والرکوب علیه ونحوهما لخروجها عن عنوان المنهی عنه وهو لبس الحریر المحض، وأم_ّا التدثر فإن کان بمجرد التغطیة به کالتغطیة باللحاف حال الاضطجاع حال النوم وهو أیضاً خارج عن لبس الحریر وإن کان المراد جعله ثوبه بالالتفاف بالحریر نظیر بعض الأقوام فهو لبس الحریر فمع کونه محضاً لا یجوز للرجال، وفی صحیحة علی بن جعفر، قال: سألت أبا الحسن علیه السلام عن الفراش الحریر ومثله من الدیباج والمصلی الحریر هل یصلح للرجل النوم علیه والتکاءة والصلاة؟ قال: «یفترشه ویقوم علیه ولا یسجد علیه»(1) والنهی عن السجود علیه ظاهره لاعتبار کون المسجد من الأرض ونباتها الذی لا یکون من المأکول والملبوس وزرّ الثیاب بالحریر وجعل العلم علیها کالسفائف والقیطان من الحریر کلها خارج عن عنوان لبس الحریر المحض.

لا یجوز جعل البطانة من الحریر

[2] جعل الحریر المحض بطانة للقمیص أو غیر القمیص غیر جائز لکونه من لبس الحریر المحض فإنّ بطانة اللباس یلبس کما یلبس ظهارته ویصدق علی کل منهما أنه حریر محض فلا فرق بین أن یکون ظهارته حریراً أو بطانته حریراً أو کان

ص :151


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 378 ، الباب 15 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

إلی نصفه وکذا لا یجوز لبس الثوب الذی أحد نصفیه حریر وکذا إذا کان طرف العمامة منه إذا کان زائداً علی مقدار الکف بل علی أربعة أصابع علی الأحوط[1]

(مسألة 28) لا بأس بما یرقع به الثوب من الحریر إذا لم یزد علی مقدار الکف وکذا الثوب المنسوج طرائق بعضها حریر وبعضها غیر حریر إذا لم یزد عرض الطرائق من الحریر علی مقدار الکف، وکذا لا بأس بالثوب الملفق من قطع بعضها حریر وبعضها غیره بالشرط المذکور.

(مسألة 29) لا بأس بثوب جعل الابریسم بین ظهارته وبطانته[2] عوض القطن ونحوه، وأم_ّا إذا جعل وصلة من الحریر بینهما فلا یجوز لبسه ولا الصلاة فیه.

الشَرح:

کلاهما من الحریر، ودعوی صدق أنه حریر ممتزج أو مختلط مع کون أحدهما فقط حریراً لا یمکن المساعدة علیها فإنه کما إذا لبس کلاً منهما من غیر کون أحدهما ظهارة والآخر بطانة یصدق علی کل منهما اللبس کذلک فی صورة کون أحدهما بطانة للآخر.

[1] قد تقدم أنه لا اعتبار بأربعة أصابع أو علی مقدار الکف فی الثوب، بل المعیار صدق لبس الحریر المحض والخالص، وإذا کان طرفا العمامة منسوجین من الحریر والوسط من القطن مثلاً لا یصدق علیها الحریر الخالص فضلاً کونه أحد طرفیها منسوجاً کذلک.

وممّا ذکرنا یظهر الحال فی المسألة الآتیة فإنّ الثوب المرقع بالحریر لا یطلق علیه الحریر المحض حتی فیما إذا کان زائداً علی مقدار کف الثوب بل العبرة بصدق أنّ ما لبسه حریر محض.

یجوز جعل الابریسم بین الظهارة والبطانة

[2] کما اختار ذلک جمع وفصلوا بین جعل القز والابریسم عوض القطن ونحوه

ص :152

.··· . ··· .

الشَرح:

بین ظهارة الثوب وبطانته وبین جعل وصلة من الحریر بینهما فالتزموا بجواز لبس الأول علی الرجال دون الثانی، وأنه تکون صلاة الرجل صحیحة فی الأول دون الثانی. ویقع الکلام فی المقام فی وجه هذا التفصیل بالإضافة إلی الحکم التکلیفی وبالإضافة إلی الحکم الوضعی، ویستدل علی الحکم التکلیفی بصحیحة الریان بن الصلت، قال: سألت أباالحسن الرضا علیه السلام عن لبس فراء والسمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها والمناطق والکیمخت والمحشو بالقز والخفاف من أصناف الجلود؟ فقال: «لا بأس بهذا کله إلاّ بالثعالب»(1) وروی الشیخ باسناده عن الحسین بن سعید، قال: قرأت کتاب محمد بن إبراهیم إلی الرضا علیه السلام یسأله عن الصلاة فی ثوب حشوه قز فکتب إلیه: قرأته لا بأس بالصلاة فیه(2). وباسناده عن أحمد بن محمد، عن محمد بن زیاد یعنی ابن أبی عمیر، عن الریان بن الصلت أنه سأل الرضا علیه السلام عن أشیاء منها المحشو بالقز فقال: لا بأس بهذا کله(3). ولا یبعد أن تکون هذه الأخیرة هی بعینها الروایة الأُولی ویقال إنّ مدلولهما الحکم التکلیفی أی جواز لبس المحشو بالقز، ولا تدل علی جواز الصلاة فیه إلاّ بدعوی الملازمة بین جواز اللبس وجواز الصلاة فیه، وهی قابلة للتأمل بل المنع کما فی صورة الاضطرار إلی لبس الحریر فی بعض وقت الصلاة أو الاضطرار فی بعض وقتها إلی لبس اللباس المتنجس إلی غیر ذلک، وکذا دعوی الانصراف فی قوله علیه السلام : لا تحل الصلاة فی الثوب الحریر(4). إلی صورة حرمة لبسه.

ص :153


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 352 _ 353 ، الباب 5 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
2- (2) تهذیب الأحکام 2 : 364 ، الحدیث 1509.
3- (3) تهذیب الأحکام 2 : 369 ، الحدیث 1533 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلّی، الحدیث 2 .

.··· . ··· .

الشَرح:

نعم، ربما یتبادر إلی الذهن من استثناء الثعالب أنّ الترخیص فی غیرها ناظرة إلی جواز لبسها فی الصلاة حیث لا فرق فی جوازه فی غیر الصلاة بین الثعالب وغیرها، وحمل الاستثناء علی الکراهة بالإضافة إلی فراء الثعالب فی غیر حال الصلاة من غیر ثبوت قرینة علی ذلک بلا موجب، وما قیل إنّ السؤال عن الحکم التکلیفی بعید؛ لأنه لا یحتمل حرمة جعل القز وحشو الثوب به ولبسه لا یمکن المساعدة علیه؛ لأنه کالسؤال عن جلود السباع مع احتمال کون حشوه إسرافاً للمال.

وروایة الشیخ بإسناده عن الحسین بن سعید(1) وإن کانت ظاهرة فی جواز الصلاة فی ثوب محشو بالقز بین ظهارته وبطانته فإنّ حمل القز علی قز الماعز کما عن الفقیه(2) ضعیف جداً حیث لا یطلق القز إلاّ ما یخرج من دوده، وقیل إنّ الفرق بین القز والابریسم هو الفرق بین الحنطة والدقیق، والمعروف أنّ القز والابریسم أصل الحریر ویطلق علی الأصل قبل التصفیة القز وبعدها الابریسم، وإذا نسج یطلق علیه الحریر وثوب الابریسم والقز إلاّ أنه قد یناقش فی اعتبار الروایة سنداً لأن الحسین بن سعید یروی الحکم عن کتاب محمد بن إبراهیم بطریق الوجدان لا بطریق یحسب سماعاً عن المحدث کما عن المحقق فی المعتبر(3). ولکن لا یخفی ما فیه فإنّ شهادة الحسین بن سعید أنه کتاب محمد بن إبراهیم وکذا بعرفانه جواب الإمام علیه السلام کافیة فی جواز الاعتماد علیها مع أنّ الصدوق رواها بسنده الصحیح عن ابراهیم بن مهزیار انه کتب إلی أبی محمد علیه السلام فی الرجل یجعل فی جبّته بدل القطن قزاً هل یصلی فیه؟

ص :154


1- (1) تقدمت فی الصفحة السابقة .
2- (2) من لا یحضره الفقیه 1 : 263 ، ذیل الحدیث 811 .
3- (3) المعتبر 2 : 91 .

.··· . ··· .

الشَرح:

فکتب: «نعم، لا بأس به»(1).

نعم، یبقی فی البین أنّ الروایات واردة فی ثوب محشو بالقز والتعدی إلی المحشو بالابریسم یحتاج إلی عدم احتمال الخصوصیة للقز.

أضف إلی ذلک أنّ دود القز ممّا لا یؤکل فالصلاة فیه وتوابعه یعدّ من الصلاة فی المانع، وما قیل فی الجواب بعدم الفرق فی هذا الحکم بین القز والابریسم لما رواه الکلینی قدس سره بإسناده عن العباس بن موسی، عن أبیه، قال: سألته عن الابریسم والقز؟ قال: «هما سواء»(2) ویناقش فی السند بأنّ العباس بن موسی هو الوراق ثقة ولکن لا توثیق لأبیه وأنّ الروایة مرسلة ومع ذلک ففی الوسائل بعد قوله عن أبیه کتب علیه السلام وظاهره أنّ محمد بن علی الذی یروی عنه أحمد بن محمد بن خالد هو محمد بن علی بن إبراهیم بن موسی بن جعفر ویروی هو عن أخی الرضا علیه السلام یعنی العباس بن موسی بن جعفر عن أبیه موسی بن جعفر علیه السلام ولکن کون السند کذلک لم یثبت، ولکن الذی یوهن الأمر فی المقام أنّ دود القز لا لحم له فلا یدخل فی عنوان ما لا یؤکل لحمه کسائر الحشرات التی لا لحم لها، وأنّ المنهی عنه هو لبس ثوب الابریسم ولبس الحریر والدیباج إذا کانت محضة وخالصة، ونفس الابریسم کالقز غیر داخل فی عنوان الثوب ولا یصدق علی وضعهما بین ظهارة الثوب وبطانته عنوان اللبس کما تقدم ذلک فی ستر العورة بالقطن، وعلی ذلک فلا بأس بحشو الثوب بهما والصلاة فی ذلک الثوب، بخلاف وضع الحریر أی الابریسم المنسوج فإنه إذا کان بحیث یصدق علیه لبسه کما ذکرنا فی ثوب بعضه حریر وبعضه غیر حریر فلا یجوز لبسه ولا الصلاة فیه.

ص :155


1- (1) من لا یحضره الفقیه 1 : 263 ، الحدیث 811 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 4 .

(مسألة 30) لا بأس بعصابة الجروح والقروح وخرق الجبیرة وحفیظة المسلوس والمبطون إذا کانت من الحریر[1]

(مسألة 31) یجوز لبس الحریر لمن کان قَمِلاً علی خلاف العادة لدفعه والظاهر جواز الصلاة فیه حینئذ[2]

الشَرح:

یجوز استخدام الحریر فی عصابة الجروح والقروح

[1] هذا بناءً علی أنّ المحرم لبس ما تتم فیه الصلاة من الحریر المحض ظاهرة وأم_ّا بناءً علی أنّ ما لا تتم أیضاً لا یجوز لبسه والصلاة فیه فمبنی الجواز هو عدم صدق الثوب واللباس علی المذکورات، فإنّ الوارد فی صحیحة إسماعیل بن سعد الأحوص النهی عن صلاة الرجل فی ثوب ابریسم(1)، والوارد فی صحیحة أبی جعفر علیه السلام لا یصلح لباس الحریر والدیباج(2) أو عدم صدق لبس الحریر علی ماذکر وکل ماذکر لا یخلو عن تأمل.

نعم، لا یبعد دعوی انصراف أدلته الناهیة والمانعة عما ذکر، واللّه أعلم.

یجوز لبس الحریر لمن کان قَمِلاً

[2] إذا اضطر إلی لبسه أو کان الاجتناب عن لبسه حرجیاً فلا بأس بلبسه إلاّ أنّ الرفع عمّا دل علی مانعیته مع عدم الاضطرار إلی لبسه فی تمام وقت الصلاة مشکل، بل الرفع عن إطلاق دلیل مانعیة لبسه فی فرض کونه قملاً ببعض الروایات أیضاً کذلک لضعفها سنداً کمرسلة الصدوق قدس سره قال لم یطلق النبی صلی الله علیه و آله لبس الحریر لأحد من

ص :156


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 367 _ 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

(مسألة 32) إذا صلّی فی الحریر جهلاً أو نسیاناً فالأقوی عدم وجوب الإعادة[1 [وإن کان أحوط.

الشَرح:

الرجال إلاّ لعبد الرحمن بن عوف وذلک أنه کان رجلاً قَمِلاً(1). وروی العامة عن النبی صلی الله علیه و آله أنه رخّص لعبد الرحمن بن عوف والزبیر بن العوام فی لبس الحریر لما شکوا إلیه القمل(2).

وعلی الجملة، التمسک بمثل ذلک فی الالتزام بالجواز بمجرد کونه قَمِلاً مع عدم الاضطرار لإمکان الدفع بغیره، بل بعدم المانعیة لعدم تعرّضه صلی الله علیه و آله للنزع عند الإتیان بالصلاة لا یمکن المساعدة علیه، بل دلالة ما ذکر علی جواز اللبس مع إمکان الدفع بغیر لبسه أیضاً محل تأمل، فإنها حکایة عن النبی صلی الله علیه و آله فی واقعة خاصة ولعله لم یکن لهما تمکن علی الدفع بغیره.

لا تجب إعادة الصلاة علی من صلّی فی الحریر جهلاً أو نسیاناً

[1] لما تقدم من عموم حدیث: «لا تعاد»(3) بالإضافة إلی اعتبار عدم الموانع ولا تختص دلالة الحدیث علی الأجزاء والشرائط، کما أنّ الحدیث لا یختص بالناسی، بل یعم الجاهل إذا لم یکن مقصراً یحتمل بطلان عمله حال الصلاة ومن غیر فرق بین الجهل بالحکم وناسیه أو الجاهل وناسی الموضوع.

ص :157


1- (1) من لا یحضره الفقیه 1 : 253 ، الحدیث 775 .
2- (2) صحیح مسلم 6 : 143 .
3- (3) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

(مسألة 33) یشترط فی الخلیط أن یکون ممّا تصحّ فیه الصلاة کالقطن والصوف ممّا یؤکل لحمه، فلو کان من صوف أو وبر ما لایؤکل لحمه لم یکفِ فی صحة الصلاة[1] وإن کان کافیاً فی رفع الحرمة، ویشترط أن یکون بمقدار یخرجه عن صدق المحوضة فإذا کان یسیراً مستهلکاً بحیث یصدق علیه الحریر المحض لم یجز لبسه ولا الصلاة فیه ولا یبعد کفایة العشر فی الإخراج عن الصدق.

(مسألة 34) الثوب الممتزج إذا ذهب جمیع مافیه من غیر الابریسم من القطن أو الصوف لکثرة الاستعمال وبقی الابریسم محضاً لا یجوز لبسه بعد ذلک[2]

(مسألة 35) إذا شک فی ثوب أنّ خلیطه من صوف ما یؤکل لحمه أو ما لا یؤکل فالأقوی جواز الصلاة فیه[3 [وإن کان الأحوط الاجتناب عنه.

الشَرح:

[1] وذلک فإنّ الخلط بصوف أو وبر مالایؤکل وإن یوجب ارتفاع حرمة لبسه لفقد خلوصه ومحوضته، وکذلک ترتفع مانعیته من جهة الحریر إلاّ أنّ الصوف ووبر ما لایؤکل فی نفسه مانع عن الصلاة حتی لو کان وبر ما لایؤکل أو صوفه مستهلکاً فی ثوب قطن أو کتان بحیث یقال إنّه ثوب قطن أو کتان، فمع ذلک تکون الصلاة فیه محکومة بالبطلان؛ لأنّ الشعرة من غیر مأکول اللحم إذا وقعت علی الثوب تکون الصلاة فیه محکومة بالبطلان، والاستهلاک لا یوجب انعدام الشیء کما بیّنا ذلک فی بحث الاستهلاک من النجاسات.

[2] فإنه بعد ذهاب خلیطه من القطن ونحوه یکون داخلاً فی ثوب حریر محض ولبس الحریر المحض غیر جائز علی الرجل ومانع عن الصلاة.

[3] فإنه مع فرض کون الحریر خلیطاً لا مانع عن اللبس والصلاة فیه من جهة الحریر، وحیث إنه لم یحرز أنّ الخلیط ممّا لا یؤکل لحمه فالمانعیة من جهته أیضاً مدفوعة بالاستصحاب فی عدم جعل الحرمة لأکل لحم الحیوان الخلیط صوفه أو

ص :158

(مسألة 36) إذا شک فی ثوب أنه حریر محض أو مخلوط جاز لبسه والصلاة فیه علی الأقوی[1]

(مسألة 37) الثوب من الابریسم المفتول بالذهب لا یجوز لبسه ولا الصلاة فیه[2]

الشَرح:

الاستصحاب فی عدم انتسابه إلی الحیوان الذی لا یؤکل لحمه، ولا أقل من أصالة البراءة عن مانعیته للصلاة علی ما تقدم الکلام فی ذلک فی اللباس المشکوک.

تجوز الصلاة فیما شک أنه حریر محض أو مخلوط

[1] وذلک لجریان الاستصحاب فی عدم کونه حریراً محضاً والاستصحاب فی عدم خلط غیر حریر فیه لا یثبت أن_ّه حریر محض وخالص، ومع الغمض عن الاستصحاب تجری فی لبسه أصالة الحلیة وأصالة عدم مانعیة لبسه عن الصلاة بمعنی جریان أصالة البراءة عن وجوب الصلاة المقیدة بعدم لبسه علی ماتقدم بیانه فی مسألة اللباس المشکوک.

[2] لا یخفی أنّ الثوب المفتول بالذهب لا یجوز لبسه ولا الصلاة فیه للرجال لحرمة لبس الذهب ومانعیته للصلاة، بلا فرق بین الثوب من الحریر أو من القطن والکتان والصوف مما یؤکل.

وعلی الجملة، لا حرمة فی لبس الحریر المفروض وعدم مانعیته من ناحیة الحریر لکونه غیر محض، بل الحرمة والمانعیة من جهة لبس الذهب.

ص :159

(مسألة 38) إذا انحصر ثوبه فی الحریر فإن کان مضطراً إلی لبسه لبرد أو غیره فلا بأس بالصلاة فیه[1] وإلاّ لزم نزعه، وإن لم یکن له ساتر غیره فیصلی حینئذ عاریاً.

الشَرح:

إذا اضطر إلی لبس الحریر صلّی فیه

[1] هذا فیما إذا کان الاضطرار مستوعباً لتمام وقت الصلاة وإلاّ یؤخر صلاته إلی ما بعد رفع الاضطرار فإن وجد بعد رفعه ساتراً صلّی صلاة المختار، وإلاّ صلی عاریاً کما إذا لم یکن مضطراً فی شیء من الوقت إلی لبس الحریر ولم یکن له ساتر آخر حیث لم یجز لبسه لحرمته ویصلی عاریاً لعدم تمکنه من الستر المعتبر فی الصلاة، وبتعبیر آخر یقع فی الفرض التزاحم بین حرمة لبس الحریر وبین وجوب الصلاة مع الستر، حیث لا یتمکن المکلف من الجمع بینهما، وبما أنّ للصلاة المأمور بها مع الستر بدل الاضطراری وهو الصلاة عاریاً تنتقل الوظیفة إلی البدل الاضطراری، حیث إنّه نوع جمع بین التکلیفین فی الامتثال فی الامتثال علی ما هو المقرر فی بحث التزاحم بین التکلیفین، کما إذا انحصر ماؤه بالمغصوب فإنه یحرم التصرف فیه ویجب علیه الصلاة مع التیمم، وإن شئت قلت حرمة التصرف فی الماء أو حرمة لبس الحریر یرفع التمکن من الصلاة بالوضوء أو الصلاة بالساتر، بل یقال إنّ نفس دلیل مانعیة لبس الحریر فی الصلاة یوجب تقیید الساتر المعتبر فی الصلاة بغیر الحریر، وإذا لم یتمکن المکلف من ساتر غیر حریر یکون عاجزاً عن الصلاة فی الساتر، وإذا لبسه وصلی فیه لا مع الاضطرار تبطل صلاته لمانعیة الحریر بل یستحق العقاب علی لبسه من غیر اضطرار إلیه.

ص :160

وکذا إذا انحصر فی المیتة أو المغصوب أو الذهب، وکذا إذا انحصر فی غیر المأکول، وأما إذا انحصر فی النجس فالأقوی جواز الصلاة فیه وإن لم یکن مضطراً إلی لبسه والأحوط تکرار الصلاة، بل وکذا فی صورة الانحصار فی غیر المأکول فیصلی فیه ثمّ یصلی عاریاً[1]

الشَرح:

حکم الصلاة فی المیتة والمغصوب والذهب والنجس

[1] قد ظهر ممّا تقدم أنّ الحکم فی الذهب کالحکم فی الحریر وأنه لا تصح الصلاة فی الذهب إلاّ مع الاضطرار المستوعب لتمام الوقت، وأنه مع عدم الاضطرار إلی لبسه فی بعض الوقت أو عدم الاضطرار إلی لبسه أصلاً تتعیّن الصلاة عاریاً، وإذا صلی فیه لا مع الاضطرار إلی لبسه تکون صلاته محکومة بالبطلان ویستحق العقاب علی لبسه.

وأم_ّا المغصوب فمانعیته عن الصلاة منحصرة بصورة حرمة لبسه، حیث إنّ المانعیة ناشئة من عدم جواز اجتماع الأمر بالصلاة مع الستر مع حرمة لبس مال الغیر، وإذا سقطت حرمة لبس المغصوب للاضطرار إلیه سقطت المانعیة أیضاً، وحیث إنّ حرمة لبسه ساقطة ولو مع الاضطرار إلی لبسه فی بعض الوقت تصح الصلاة فیه فی ذلک الوقت.

وأم_ّا غیر المأکول فلا حرمة فی لبسه حتی فی حال الاختیار، بل له المانعیة عن الصلاة فقط، وعلی ذلک فإن لم یکن له ساتر آخر فی تمام وقت الصلاة صلی عاریاً کما هو مقتضی إطلاق دلیل المانعیة، حیث إنّ هذا الإطلاق یوجب تقیید الساتر المعتبر فی الصلاة بغیره فلا یکون المکلف واجداً للساتر الصلاتی فیکون مکلفاً بالصلاة عاریاً.

لا یقال: کما إنّ مقتضی إطلاق مادل علی مانعیة لبس أو حمل ما لا یؤکل ثبوتهما حتی فی الفرض کذلک مادل علی اشتراط الصلاة بالساتر إطلاقه یقتضی اعتبار الساتر

ص :161

.··· . ··· .

الشَرح:

فی الصلاة حتی فی هذا الفرض، فیقع التعارض بین الإطلاقین ولا موجب لتقدیم الإطلاق فی الأول علی الإطلاق فی الثانی.

فإنه یقال: لا معارضة بین الدلیلین فإنّ مقتضی مادل علی مانعیة لبس الحریر فی الصلاة أنّ الصلاة المأمور بها متقیدة بعدم لبس الحریر فیها کما أنّ مقتضی مادل علی اعتبار الساتر منها أنّ الصلاة المأمور بها ثبوتاً متقیدة بالستر، وبما أنّ النهی الإرشادی کالأمر الارشادی لا یتقید بصورة التمکن من ترک اللبس کما لا یتقید الأمر بصورة التمکن من الساتر یکون مقتضی الجمع بین الخطابین کون المعتبر فی الصلاة من الساتر مالا یکون حریراً محضاً أو ذهباً إلی غیر ذلک، ولازم ذلک سقوط الأمر بالصلاة فی الفرض، وحیث قام الدلیل علی من لا یجد ساتراً فی صلاته یصلی عریاناً یکون المکلف به فی الفرض الصلاة عریاناً، ولو نوقش فیما ذکرنا أو اُغمض عنه یکون مقتضی تحریم لبس الحریر أو الذهب أو تحریم الغصب کون المکلف غیر واجد للساتر فی صلاته؛ لأنّ المفروض حرمة لبسه مع عدم الاضطرار إلی لبسه؛ ولذا لا مورد للاحتیاط فیها بالصلاة فیها.

ویظهر من الماتن أنه قدس سره یلتزم بحرمة لبس المیتة أیضاً حیث ذکر أنّ الحکم فی لبس المیتة کالحکم فی لبس الحریر والذهب، ووجه الظهور أنه احتیاطاً استحبابیاً فیما إذا انحصر الساتر بغیر مأکول اللحم بأن یکرر الصلاة فیه بعد الصلاة عریاناً، ولم یذکر هذا الاحتیاط فی ناحیة الصلاة إذا انحصر ساتره بالمیتة وإن کان ماذکرنا من عدم حرمة لبس المیتة هو الأظهر.

وأم_ّا إذا انحصر الساتر فی النجس فقد تقدم عند الکلام فی حکم الصلاة فی النجس أنه مع انحصار ساتر المصلی بالنجس یجوز الصلاة فیه حتی فیما إذا لم یضطر

ص :162

(مسألة 39) اذا اضطر إلی لبس أحد الممنوعات من النجس وغیر المأکول والحریر والذهب والمیتة والمغصوب قدّم النجس علی الجمیع[1 [ثم غیر المأکول ثم الذهب والحریر ویتخیّر بینهما ثم المیتة فیتأخر المغصوب عن الجمیع.

الشَرح:

إلی لبس الثوب وتمکّنه من الصلاة عریاناً، بل قد یقال بعدم جواز الصلاة عریاناً وتعیّن الإتیان بها فی النجس.

إذا اضطر إلی الممنوعات قدّم النجس

[1] والوجه فی تقدیم النجس هو ماتقدم من جواز الصلاة فیه أی فی الساتر المتنجس حتی فیما إذا لم یکن اضطرار إلی لبسه لتمکّنه من الصلاة عریاناً.

وقد ظهر ممّا ذکرنا فی المسألة السابقة أنّ الصلاة فی ما لایؤکل لحمه والصلاة فی میتة مایؤکل لحمه فی مرتبة واحدة لکون کل منهما مانعیة من جهة واحدة من غیر أن یکون للبس أحدهما حرمة تکلیفیة، ولازم ذلک أنه إذا لم یکن للمصلی ثوب متنجس فیتخیّر مع اضطراره إلی لبس الساتر بین الأمرین.

نعم، إذا کان الأمر دائراً بین ما لایؤکل لحمه والمیتة ممّا لایؤکل یتقدم اختیار غیر المأکول لحمه؛ لأنّ له مانعیة من جهة واحدة بخلاف میتته حیث إنها مانعة من جهتین، وقد ظهر أیضاً أنه إذا دار الأمر بین لبس الذهب ولبس الحریر یتخیر بینهما؛ لأنّ کلاً منهما محرم من جهة اللبس ومانع من جهة واحدة، وأم_ّا تأخر المغصوب عن الجمیع فإنّ حرمة التصرف فیه من حقوق الناس حیث إنه تعدٍ علی الغیر فی ماله وظلم له فی ملکه، بخلاف حرمة لبس الحریر أو الذهب، والعجب من الماتن حیث أطلق تأخیر المیتة عن الذهب والفضة ولم یقیدها بمیتة مالایؤکل لحمه.

ص :163

(مسألة 40) لاباس بلبس الصبی الحریر[1] فلا یحرم علی الولی إلباسه إیاه وتصح صلاته فیه بناءً علی المختار من کون عباداته شرعیة.

(مسألة 41) یجب تحصیل الساتر للصلاة ولو بإجارة أو شراء ولو کان بأزید من عوض المثل مالم یجحف بماله ولم یضر بحاله، ویجب قبول الهبة أو العاریة مالم یکن فیه حرج، بل یجب الاستعارة والاستیهاب کذلک.

(مسألة 42) یحرم لبس لباس الشهرة[2] بأن یلبس خلاف زیّه من حیث الشَرح:

یجوز للصبی لبس الحریر

[1] لرفع قلم التکلیف عن الصبی وإذا لم یکن لبسه الحریر والذهب محرّماً فیجوز لولیه إلباسه إیاهما کما ورد ذلک فی لبسه الحریر، وأم_ّا بالإضافة إلی صلاته بناءً علی مشروعیتها فلا موجب لرفع الید عما دل علی أنه لا تحل الصلاة فی حریر محض(1)، وکما أنّ کون المصلی صبیاً لا یوجب رفع الید عن الشرطیة فی صلاته کذلک الأمر فی المانعیة.

ودعوی تبعیة المانعیة لحرمة اللبس علی ما علیه الماتن قدس سره لا یمکن المساعدة علیها فإنّ لکل خطاب من حرمة اللبس وخطاب المانعیة استقلال من غیر أن یثبت الملازمة بینهما ثبوتاً.

یحرم لباس الشهرة

[2] إذا کان اللباس بحیث یوجب شین لابسه وذلّه أمام الناس فلا ینبغی التأمل فی حرمة لبسه وعدم جوازه، فإنّ المؤمن لا یذل نفسه ولا یفعل ما یعدّ هتک نفسه

ص :164


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 368 ، الباب 11 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .

جنس اللباس أو من حیث لونه أو من حیث وضعه وتفصیله وخیاطته کأن یلبس العالم لباس الجندی أو بالعکس مثلاً، وکذا یحرم علی الأحوط لبس الرجال مایختص بالنساء وبالعکس، والأحوط ترک الصلاة فیهما وإن کان الأقوی عدم البطلان.

الشَرح:

ویجری فی غیر اللباس أیضاً، ومثله ما إذا کان لابساً لباس الجبابرة وأعوانها من غیر تقیّة واضطرار، وأم_ّا إذا کان اللباس بحیث یکون معرّفه بین الناس بحیث یعرّف به عند من لا یعرفه باسمه وعنوانه من غیر قدح فیه بلبسه فهذا لا دلیل علی حرمته، وغایة مایمکن أن یقال الأولی للمؤمن أن یلبس لباس أهل بلده المؤمنین من أمثاله.

نعم، قد ورد فی صحیحة أیوب الخزاز، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «إنّ اللّه یبغض لباس الشهرة»(1). وفی مرسلة ابن مسکان، عن رجل، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «کفی بالمرء خزیاً أن یلبس ثوباً یشهره أو یرکب دابة تشهره»(2) وفی روایة أبی سعید، عن الحسین علیه السلام قال: «من لبس ثوباً یشهره کساه اللّه یوم القیامة ثوباً من النار»(3) وظاهرها لبس مایوجب القدح فیه، ولکن ضعفها سنداً فی غیر الأُولی یمنع عن العمل بإطلاقها لو ثبت ظهور بعضها فی الإطلاق نظیر ماورد فی مرسلة عثمان بن عیسی، عمن ذکره، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «الشهرة خیرها وشرها فی النار»(4).

وممّا ذکرنا یظهر لبس الرجل مایختص لبسه بالنساء من الثوب ونحوه فإنه إذا کان الغرض الدخول فی زی النساء أو الطمع فی الحرام المعبر عنه بالتأنث فهو حرام

ص :165


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 24 ، الباب 12 من أبواب أحکام الملابس، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 24 ، الباب 12 من أبواب أحکام الملابس، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 24 ، الباب 12 من أبواب أحکام الملابس، الحدیث 4 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 24 ، الباب 12 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

لکونه هتکاً لنفسه وإسقاطاً لشرفه أو نشراً وترویجاً للفاحشة أو ترغیباً لها، وأم_ّا إذا کان لبسه فی بیته للمسامحة فی لبسه فیها فلا دلیل علی حرمته خصوصاً إذا کان الملبوس کنعال النساء، وکذا الحال فی لبس المرأة فی بیتها ثوب زوجها.

نعم، لا بأس بالالتزام بأنه یکره أن یکون ثوب الرجل شبیهاً بثوب المرأة ولو فی بعض الشیء وفی موثقة سماعة بن مهران المرویة فی الکافی عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی الرجل یجرّ ثوبه، قال: «إنی لأکره أن یتشبه بالنساء»(1) والکراهة وإن لم تکن ظاهرة فی معناها المصطلح إلاّ أنها لا تدل علی خصوص الحرمة أیضاً فلا تثبت بها إلاّ الکراهة المصطلحة.

وما ورد فی معتبرة عمرو بن خالد، عن زید بن علی، عن آبائه، عن علی علیه السلام أنه رأی رجلاً به تأنیث فی مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله فقال له: اخرج من مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله من لعنه رسول اللّه صلی الله علیه و آله ثم قال علی علیه السلام : سمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله یقول لعن اللّه المتشبهین من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال(2) ظاهره غیر ما هو مورد الکلام فی المقام، کما أنّ ماورد فی مرسلة مکارم الأخلاق أو مرفوعته، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «کان رسول اللّه صلی الله علیه و آله یزجر الرجل أن یتشبه بالنساء وینهی المرأة أن تتشبّه بالرجال فی لباسها»(3). تحسب مؤیدة لما ورد فی الموثقة.

وما ذکر الماتن قدس سره من أنّ الأحوط ترک الصلاة فیهما وإن کان الأقوی عدم البطلان

ص :166


1- (1) الکافی 6 : 458 ، الحدیث 12.
2- (2) وسائل الشیعة 17 : 284 ، الباب 87 من أبواب ما یکتسب به، الحدیث 2 .
3- (3) مکارم الأخلاق : 118 .

(مسألة 43) إذا لم یجد المصلی ساتراً حتی ورق الأشجار والحشیش فإن وجد الطین[1] أو الوحل أو الماء الکدر أو حفرة یلج فیها ویتستر بها أو نحو ذلک ممّا یحصل به ستر العورة صلی صلاة المختار قائماً مع الرکوع والسجود، وإن لم یجد ما یستر به العورة أصلاً فإن أمن من الناظر بأن لم یکن هناک ناظر أصلاً أو کان وکان أعمی أو فی ظلمة أو علم بعدم نظره أصلاً أو کان ممن لا یحرم نظره إلیه کزوجته أو أمته فالأحوط تکرار الصلاة بأن یصلی صلاة المختار تارة ومومیاً للرکوع والسجود أُخری قائماً، وإن لم یأمن من الناظر المحترم صلی جالساً وینحنی للرکوع والسجود بمقدار لا یبدو عورته، وإن لم یمکن فیومی برأسه، وإلاّ الشَرح:

فالوجه فیه أنّ مجرد حرمة لبس لباس الشهرة أو المرأة لا توجب مانعیته عن الصلاة، ولا یقاس بما إذا کان ثوب المصلی غصباً عند الماتن؛ لأنّ حرمة التصرف فی الثوب المغصوب کتحریکه بأفعال الصلاة لا تجتمع مع الأمر بالصلاة أو الترخیص فی تطبیقها علی الصلاة التی ثوبه مغصوب، بخلاف المفروض فی المسألة فإنّ تحریک لباس الشهرة أو لباس المرأة بأفعال الصلاة أمر جائز لکون الثوب مملوکاً للمصلی وإنّما الحرام مجرد لبسه.

نعم، عدم البطلان فیما إذا کان له ساتر آخر غیر ذلک الثوب المحرم لبسه، وأم_ّا إذا کان ساتره فلا یمکن أن یعم الترخیص فی التطبیق الصلاة فیه فإنّ الترخیص فیه ترخیص فی إبقاء الستر وهو لا یجتمع مع حرمة لبسه فی کل آن علی کلام قد تقدم فی بحث اشتراط إباحة الساتر.

فی صلاة العاری

[1] ظاهر کلامه قدس سره أنّ المصلی إذا وجد ما یستر به عورته بأن تکون عورته ساتراً

ص :167

فبعینیه، ویجعل الانحناء أو الإیماء للسجود أزید من الرکوع، ویرفع ما یسجد علیه ویضع جبهته علیه، وفی صورة القیام یجعل یده علی قُبله علی الأحوط.

الشَرح:

حتی کأوراق الأشجار والحشیش یصلی صلاة المختار، وإن لم یجد مایستر به عورته فإن أمکن حفظ عورته عن الرؤیة بالدخول فی حفرة أو فی الوحل والماء الکدر صلّی أیضاً صلاة المختار قائماً مع الرکوع والسجود، وجعل قدس سره ستر عورته بالطین عدلاً للدخول فی الوحل والماء الکدر، بخلاف جعل ساتره أوراق الأشجار والحشیش حیث جعلهما فی عرض الثوب الساتر علی ماتقدم، ولکن ذکرنا أنّ ظاهر ماورد فی الساتر المعتبر فی الصلاة عند التمکن کونه ثوباً ومع التمکن منه لا تصل النوبة إلی الستر بأوراق الأشجار والحشیش، بل الستر بنفس القطن والکتان غیر المنسوجین، وعلیه فالطین ملحق بالساتر عند عدم التمکن من الثوب الساتر، بخلاف الوحل والماء الکدر والدخول فی الحفرة حیث لا یعد ماذکر ساتر العورة وإن لم یتحقق معه رؤیة العورة فیدخل الفرض فیما ورد فی صحیحة علی بن جعفر، وإن لم یصب شیئاً یستر به عورته أومأ وهو قائم حیث سأل أخاه عن الرجل قطع علیه أو غرق متاعه فیبقی عریاناً وحضرت الصلاة کیف یصلی؟ قال: «إن أصاب حشیشاً یستر به عورته أتم صلاته بالرکوع والسجود وإن لم یصب شیئاً یستر به عورته أومأ وهو قائم»(1).

ودعوی أنّ الستر بالطین لا یلحق بالستر بالحشیش وورق الأشجار؛ لأنّ عدم تعرض الإمام علیه السلام وإن لم یجد شیئاً یستر به عورته فرضه مع فرض الغریق متاعه غیر ممکن عادة؛ لأنّ الغریق متاعه یجد الطین لا محالة لا یمکن المساعدة علیها؛ لأنّ الواقع فی السؤال لیس هو الغریق متاعه فقط، بل من سلب ثیابه وقطع الطریق علیه وهذا

ص :168


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 448 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

یمکن أن لا یجد الطین.

وعلی الجملة، مقتضی إطلاق صحیحة علی بن جعفر أنه إذا لم یجد العاری مایستر به عورته من الساتر یصلی قائماً مع الإیماء للرکوع والسجود، ولکن فی صحیحة زرارة، قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام رجل خرج من سفینة عریاناً أو سلب ثیابه ولم یجد شیئاً یصلّی فیه، فقال: «یصلی إیماءً وإن کانت امرأة جعلت یدها علی فرجها، وإن کان رجلاً وضع یده علی سوأته ثم یجلسان فیومیان إیماءً ولا یسجدان ولا یرکعان فیبدو ما خلفهما تکون صلاتهما إیماءً برؤوسهما»(1) الحدیث، وظاهرها أنّ مع عدم وجدان الساتر للعورة یتعین الصلاة جلوساً بالإیماء وقوله علیه السلام : «ثم یجلسان» غیر ظاهر فی اجتماع المرأة والرجل، بل ظاهرها بیان الوظیفة علی کل من الرجل والمرأة إذا لم یجد أحدهما الساتر عند الإتیان بالصلاة، وقد التزم بعض الأصحاب کالمحقق قدس سره بالتخییر بین الصلاة قائماً مومیاً وبین الصلاة جلوساً مومیاً، وبعض الأصحاب التزم بالصحیحة الأُولی وقدّمها علی الثانیة فی مقام المعارضة، کما عکس بعضهم فقدم الثانیة علی الأُولی وقد یجمع بینهما بأنّ الصلاة قائماً مومیاً فیما إذا لم یکن یره أحد بأن کان العاری علی أمن من الناظر إلیه فیصلی فیه قائماً، ومع عدم الأمن یصلی جالساً ویجعل صحیحة عبد اللّه بن مسکان شاهد الجمع بینهما حیث روی البرقی فی المحاسن عن أبیه، عن ابن أبی عمیر، عن محمد بن أبی حمزة، عن عبد اللّه بن مسکان، عن أبی جعفر علیه السلام فی رجل عریان لیس معه ثوب، قال: «إن کان حیث لا یراه أحد فلیصل قائماً»(2) وفی مرسلته عن بعض أصحابه، عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی الرجل

ص :169


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 449 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .
2- (2) المحاسن 2 : 273 ، الحدیث 135 .

.··· . ··· .

الشَرح:

یخرج عریاناً فتدرکه الصلاة، فقال: یصلی عریاناً قائماً إن لم یره أحد وإن رآه أحد صلّی جالساً(1).

ولکن قد یناقش فی الجمع بین الصحیحتین بأنّ هذه الروایة مرسلة؛ لأنّ عبد اللّه بن مسکان لا یروی عن أبی جعفر علیه السلام بلا واسطة، بل ذکر النجاشی أنه قیل بروایته عن أبی عبد اللّه علیه السلام ولیس بثبت(2). وفی الکشی عن محمد بن مسعود یعنی العیاشی عن محمد بن نصیر عن محمد بن عیسی عن یونس: لم یسمع حریز بن عبد اللّه من أبی عبد اللّه علیه السلام إلاّ حدیثاً أو حدیثین وکذلک عبد اللّه بن مسکان لم یسمع إلاّ حدیث: من أدرک المشعر فقد إدرک الحج(3). وإذا کان الأمر فی روایته عن أبی عبد اللّه علیه السلام کذلک فکیف بأبی جعفر علیه السلام .

ولکن لا یخفی أنّ روایاته عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی أبواب مختلفة متعددة علی ما لا یقبل التردد والتشکیک، وروایة العیاشی عن محمد بن نصیر لا یمکن الاعتماد علیها؛ لأنه لو لم یکن محمد بن نصیر ظاهراً فی النمیری الضعیف المطعون فلا أقل من عدم ثبوت کونه ظاهراً فی محمد بن نصیر الثقة، والنجاشی قدس سره أعرف بما قاله فی مقابل الروایات الکثیرة المشار إلیها.

ودعوی أنّ هذه الروایة التی جعلناها شاهد الجمع فی باب 46 من أبواب الطهارة بهذا السند عن البرقی عن ابن مسکان، عن أبی عبد اللّه علیه السلام بل روایة ابن مسکان، عن أبی جعفر علیه السلام أمر ممکن؛ لأنّ الفصل بین وفاة أبی جعفر علیه السلام وأبی الحسن موسی علیه السلام

ص :170


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 449 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 5 .
2- (2) رجال النجاشی : 214 ، الرقم 559 .
3- (3) اختیار معرفة الرجال 2 : 680 ، الحدیث 716 .

.··· . ··· .

الشَرح:

قرابة سبعین سنة فیمکن روایة ابن مسکان عن أبی جعفر علیه السلام فی شبابه ویروی بعد ذلک عن أبی عبد اللّه وموسی بن جعفر علیهماالسلام بل وجدت غیر هذه الروایة التی رواها عن أبی جعفر علیه السلام فلا موجب لرفع الید عن صحیحته التی رواها عن أبی جعفر أو أبی عبد اللّه علیهماالسلام .

وأم_ّا ما ذکر الماتن قدس سره من أنّ من لا یجد ساتراً لعورته فإن وجد حفرة أو الوحل أو الماء الکدر ممّا یحصل به ستر العورة صلی صلاة المختار، فالظاهر أنه استند إلی مرسلة أیوب بن نوح، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «العاری الذی لیس له ثوب إذا وجد حفیرة دخلها ویسجد فیها ویرکع»(1) وأسری الحکم فی الماء الکدر والوحل ونحوهما لعدم احتمال الفرق بین الحفیرة وغیرها فی الاستتار، ولکن لا یمکن الاستناد إلیها؛ لإرسالها فضلاً عن التعدی عنها.

نعم، ربما یقال إنّ ماورد فی صحیحة علی بن جعفر من قوله علیه السلام : «وإن لم یصب شیئاً یستر به عورته أومأ وهو قائم»(2) مفهومه أنه إن أصاب شیئاً یستر به عورته فلا إیماء قائماً أی یصلی صلاة المختار، وهذا المفهوم یصح الاستناد إلیه فی الحکم الذی ذکره، وفیه أیضاً أنّ ظاهر قوله علیه السلام : «إن لم یصب شیئاً یستر به عورته» ما یعد ساتراً للعورة عرفاً بأن یقع النظر والرؤیة إلی ساترها لا مجرد شیء لا یری معه العورة کالدخول فی الوحل والماء الکدر والمکان المظلم، والظاهر أنّ کلا من ذلک داخل فی المنطوق من قوله علیه السلام : «وإن لم یصب شیئاً یستر به عورته أومأ وهو قائم».

وممّا ذکر یظهر جواز الاکتفاء بالصلاة قائماً إیماءً فی صورة الأمن من الناظر أو

ص :171


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 448 _ 449 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 448 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

کان الناظر ممّا لا یحرم علیه النظر کزوجته وأمته، ولکن لا کلام فی حسن الاحتیاط فی الفرضین بالجمع بالصلاة إیماءً والصلاة مع الرکوع والسجود الاختیاریین.

وأم_ّا فی صورة عدم الأمن من الناظر بکونه فی مکان یکون معرضاً للنظر المتعین کما ذکرنا الصلاة جالساً، ویکون رکوعه وسجوده إیماءً برأسه کما ورد ذلک فی صحیحة زرارة المتقدمة.

وأم_ّا ما ذکر قدس سره من أنه ینحنی للرکوع والسجود بمقدار لا تبدو عورته فلا یمکن المساعدة علیه؛ فإنّ ظاهر صحیحة زرارة النهی عن الرکوع والسجود الاختیاریین والاکتفاء بالإیماء بالرأس، ودعوی أنه مع الأمن من الناظر الذی التزم فیه الماتن بالجمع بین الصلاة قائماً مع الرکوع والسجود وإعادتها مع الإیماء لهما یکتفی بالصلاة مع الرکوع والسجود الاختیاریین؛ لأنّ الستر الصلاتی ساقط لعدم التمکن منه والستر اللازم تکلیفاً لفرض الأمن من الناظر غیر لازم فیجب الصلاة مع الرکوع والسجود لا یمکن المساعدة علیه؛ لأنه بعد کون المراد من صحیحة جمیل صورة الأمن، والوارد فیها الصلاة قائماً مع الإیماء یکون الکلام المذکور من الاجتهاد فی مقابل النص، کما أنّ المناقشة فی صحیحة علی بن جعفر بأنّ مدلولها الاکتفاء بالقیام حتی حال التشهد والتسلیم وهذا یکون موهناً لها لا یمکن المساعدة علیه، فإنّ ظاهرها الإیماء إلی الرکوع والسجود حیث تقدّم فی صدرها: إن أصاب حشیشاً یستر به عورته أتم صلاته بالرکوع والسجود، فیکون مدلول ذیلها أنه أتمها مع عدم وجدان ساتر بالإیماء أی بالإیماء للرکوع والسجود.

أضف إلی ذلک أنّ اعتبار الجلوس عند التشهد والتسلیم مقتضی مادل علی اعتباره حالهما. ودعوی التفصیل مع الأمن من الناظر بین الرکوع والسجود فی أنه

ص :172

(مسألة 44) إذا وجد ساتراً لإحدی عورتیه ففی وجوب تقدیم القبل أو الدبر أو التخییر بینهما وجوه أوجهها الوسط[1]

الشَرح:

یومئ للرکوع قائماً، ولکن عند السجود یجلس ویومئ للسجود حال الجلوس کما تری تخف ظاهر الصحیحة بعید عن الأذهان وعدم التعرض فی الروایات المتقدمة یدفعه.

وأم_ّا ماذکره الماتن من أنه فی صورة القیام یجعل یده علی قبله علی الأحوط فلا ینبغی التأمل فی أنّ الاحتیاط حسن، ولکن الأظهر عدم لزومه لإطلاق صحیحة علی بن جعفر وصحیحة عبد اللّه بن مسکان(1) بمعنی عدم التعرض له فی مقام البیان وما ورد فی صحیحة زرارة من جعل المرأة یدها علی فرجها ووضع الرجل یده علی سوأته(2)، مفروض فی صورة وجود الناظر فهو للستر الواجب علیهما تکلیفاً، ولفظ (ثم) فی قوله علیه السلام : «ثم یجلسان» لکون وضع یدهما علی عورتهما یجب قبل الشروع فی الصلاة لکونهما فی معرض النظر فیکون جلوسهما للصلاة بعد فرض وضع یدهما.

إذا وجد ساتراً لإحدی عورتیه قدّم الدبر

[1] إن کان المراد الصورة التی لا یجب فیها الستر تکلیفاً بل لزوم الستر لرعایة شرط الصلاة فقط کما هو ظاهر المتن فلا ینبغی التأمل فی أنّ المقام لا یدخل فی المتزاحمین؛ لما ذکر من أنّ دوران الأمر بین أن یراعی المکلف فی الواجب الشرط الفلانی أو ذاک الشرط لا یکون من عدم القدرة علی الجمع بین التکلیفین، بل من عدم قدرته علی إتیان الواجب علیه، ومع عدم سقوط الواجب ان احتمل التخییر یکون أمر

ص :173


1- (1) المتقدمتین فی الصفحة 168 و 169 و 486 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 449 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .

(مسألة 45) یجوز للعراة الصلاة متفرقین ویجوز بل یستحب لهم الجماعة وإن استلزمت للصلاة جلوساً وأمکنهم الصلاة مع الانفراد قیاماً فیجلسون ویجلس الإمام وسط الصف، ویتقدمهم برکبتیه ویومئون للرکوع والسجود إلاّ إذا کانوا فی ظلمة آمنین من نظر بعضهم إلی بعض فیصلون قائمین صلاة المختار تارة ومع الإیماء اُخری علی الأحوط[1]

الشَرح:

الواجب النفسی مردّداً بین المطلق والمقید فالمرجع البراءة عن التعیین مع تساوی الدلیلین فی الشرطین کما هو المفروض فی المقام ونتیجتها التخییر، وإن لم یحتمل التخییر فلا بد من الجمع بین کلا النحوین فی الإتیان بالواجب ولو بتکراره، وما ورد فی صحیحة زرارة: ولا یسجدان ولا یرکعان فیبدو ماخلفهما»(1) لا یرتبط بهذا الفرض الذی لا یجب الستر فیه تکلیفاً وبناءً علی أنّ الستر بالیدین لا یحسب ستراً بالإضافة إلی الصلاة کما هو الصحیح.

ولو کان صورة وجود الناظر فلا یقع التزاحم أصلا؛ لأنه یستر دبره بالساتر الموجود وضع یدیه علی سوأته.

تستحب صلاة الجماعة للعراة

[1] ذکر قدس سره استحباب صلاة الجماعة للعراة کما هو مقتضی مشروعیة الجماعة لهم مع استلزامها أن یصلوا جلوساً مع الإیماء لرکوعهم وسجودهم حتی مع تمکنهم من الصلاة قیاماً متفرقین انفراداً، کما إذا کانت الأرض ذات حفر یمکن لکل منهم الدخول فی حفرة والصلاة فیها قیاماً، وإذا أرادوا الجماعة یجلس الإمام فی وسط صف المأمومین کما یجلس المأمومون ویتقدم الإمام برکبتیه فإن لم یکن فی البین

ص :174


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 449 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 6 .

.··· . ··· .

الشَرح:

مایمنع عن رؤیة بعضهم بعضاً یومئون للرکوع والسجود، وإن کان مانع بأن کانوا فی ظلمة یصلون صلاة المختار بأن یصلوا قیاماً مع الرکوع والسجود الاختیاریین تارة ویعیدونها قیاماً مع الإیماء أُخری علی ما تقدم من لزوم الاحتیاط فی الفرض، أم_ّا مشروعیة الجماعة لهم وکیفیة جلوسهم فیدل علیه صحیحة عبد اللّه بن سنان، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: سألته عن قوم صلوا جماعة وهم عراة؟ قال: «یتقدّمهم الإمام برکبتیه ویصلی بهم جلوساً وهو جالس»(1) وقد تقدم أنّ مع عدم الأمن من الرؤیة تنتقل الوظیفة إلی الإیماء للرکوع والسجود، ولکن ورد فی مصححة إسحاق بن عمار قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام : قوم قطع علیهم الطریق وأُخذت ثیابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة کیف یصنعون؟ فقال: «یتقدمهم إمامهم فیجلس ویجلسون خلفه فیومئ إیماءً بالرکوع والسجود وهم یرکعون ویسجدون خلفه علی وجوههم»(2).

وعلی الجملة، مشروعیة صلاة الجماعة للعراة ثابتة، وإنما الکلام فی جهتین:

الأُولی: هل الجلوس الوارد فی صلاتهم معتبر مطلقاً، سواء کان مع الأمن من الناظر وعدمه أو أنّ الجلوس مختص بحالة عدم الأمن فلو أرادوا الصلاة فی مورد الأمن کالظلمة یصلون عن قیام کما یصلی المنفرد حال الأمن من الناظر؟ قد یقال بأنّ مادل علی أنّ العاری مع أمن النظر یصلی قائماً کما فی صحیحة عبد اللّه بن مسکان المتقدمة(3)، مقتضاه اعتبار القیام حتی مع الصلاة جماعة ومقتضی صحیحة

ص :175


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 450 ، الباب 51 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 451 ، الباب 51 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
3- (3) فی الصفحة : 169 .

.··· . ··· .

الشَرح:

عبد اللّه بن سنان ومصححة اسحاق بن عمار(1) أنّ المصلین جماعة العارین یصلون عن جلوس، سواء کان مع عدم الأمن من الناظر أو معه فیقع التعارض بینهما بالعموم من وجه فی جماعة العراة مع الأمن فیتساقطان، ویرجع إلی إطلاق ما دل علی اعتبار القیام فی الصلاة أو تحمل ماورد فی صلاة الجماعة لهم علی صورة عدم الأمن؛ لأنّ الجماعة نوعاً توجب عدم الأمن من الناظر، وعلیه فمع الأمن کما إذا أرادوا الصلاة فی ظلمة اللیل یصلون عن قیام مع الإیماء علی ما تقدم، وهذه الصلاة مجزیة فی حق الإمام؛ لأنّ صلاته صلاة المنفرد.

نعم، الأحوط استحباباً علی المأمومین إعادتها جماعة بالجلوس بأن یتقدم أحدهم برکبتیه ویعیدون بالایماء جلوساً، وأولی من ذلک الجمع بین هذا النحو من الإعادة والإعادة بأن یتقدم أحدهم جلوساً ویومئ للرکوع والسجود والباقون مع کونهم فی صف واحد یرکعون ویسجدون علی الأرض بوضع وجوههم خاصة دون أیدیهم.

الجهة الثانیة: هل الوظیفة بالإضافة إلی الرکوع والسجود کما ذکر الماتن قدس سره والتزم به جماعة من أنهما یکونان بالإیماء من الإمام والمأمومین أو یختلفان فالإمام یومئ بالرکوع والسجود والمأمومون یرکعون ویسجدون کما هو ظاهر مصححة إسحاق بن عمار، ولکن الرکوع والسجود إنما إذا لم یکن من ورائهم ناظر وإلاّ تعین علیهم الإیماء کما ذکرنا استفادة ذلک من صحیحة زرارة المتقدمة؛ لأنّ التعلیل الوارد

ص :176


1- (1) المتقدمتان فی الصفحة السابقة .

(مسألة 46) الأحوط بل الأقوی تأخیر الصلاة[1] عن أول الوقت إذا لم یکن عنده ساتر واحتمل وجوده فی آخر الوقت.

الشَرح:

فیه مع عدم الأمن من الناظر یعم الفرض أیضاً فما هو المفروض فی مصححة إسحاق بن عمار انحصار الناظر بالمأمومین المصلین کلهم فی صف واحد خلف الإمام، واللّه العالم.

الأحوط تأخیر الصلاة إذا احتمل وجود الساتر آخر الوقت

[1] لا یخفی أن المکلف به بین دخول الوقت إلی خروجه صرف وجود طبیعی الصلاة الاختیاری، ومع تمکن المکلف من صرف وجودها بین الحدین تجب علیه الصلاة الاختیاریة ولا تنتقل الوظیفة إلی البدل ولو مع عدم تمکن المکلف منها فی بعض الوقت فإن یأتی بالبدل زمان عدم تمکنه من الاختیاری لا یسقط عنه التکلیف بالاختیاری مع قیام الدلیل علیه، وحیث إنه لم یقم فی المقام دلیل علی ذلک فإن تمکن من الاختیاری ولو فی آخر الوقت وجب علیه الاتیان بالاختیاری، هذا مع علمه بأنه یتمکن منها فی آخر الوقت، وأم_ّا إذا احتمل بقاء عدم تمکنه منها فیجوز له الإتیان بالصلاة فی أول وقتها عاریاً لاحتمال کونها هی الواجبة فی حقه لبقاء عدم تمکنه إلی خروج الوقت، فإن تمکن قبل خروجها یکشف عن عدم کون المأتی بها واجباً فی حقه فیأتی بالاختیاری، وإن لم یتمکن یعلم کونها کانت واجبة فی حقه، ولا یحتاج جواز الإتیان إلی استصحاب بقاء عجزه عن الاختیاری إلی آخر الوقت لیناقش فیه بأنه لا یثبت عدم تمکنه من صرف الوجود الاختیاری فی تمام الوقت، وعدم تمکنه من صرف الوجود فی تمامه غیر الحالة السابقة کما لا یخفی.

هذا، والاستدلال علی إجزاء الإتیان بصلاة العاری فی أول الوقت بمرسلة ابن

ص :177

(مسألة 47) إذا کان عنده ثوبان یعلم أنّ أحدهما حریر أو ذهب أو مغصوب والآخر ممّا تصح فیه الصلاة لا تجوز الصلاة فی واحد منهما، بل یصلی عاریاً، وإن علم أنّ أحدهما من غیر المأکول والآخر من المأکول أو أنّ أحدهما نجس والآخر طاهر صلی صلاتین، وإذا ضاق الوقت ولم یکن إلاّ مقدار صلاة واحدة یصلی عاریاً فی الصورة الأُولی ویتخیر بینهما فی الثانیة[1]

الشَرح:

مسکان، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد اللّه علیه السلام فی الرجل یخرج عریاناً فتدرکه الصلاة، قال: «یصلی عریاناً قائماً إن لم یره أحد فإن رآه أحد صلی جالساً»(1) مع ضعف سندها بالإرسال یعارضها روایة أبی البختری، عن جعفر بن محمد، عن أبیه علیهماالسلام أنه قال: «من غرقت ثیابه فلا ینبغی له أن یصلی حتی یخاف ذهاب الوقت یبتغی ثیاباً فإن لم یجد صلی عریاناً جالساً»(2) الحدیث.

فیما إذا کان عنده ثوبان ویعلم إجمالاً بأن أحدهما لا تجوز الصلاة فیه

[1] تعرض قدس سره فی هذه المسألة لصور ثلاث:

الأُولی: أن یکون ثوب المصلی منحصراً فی ثوبین أحدهما ممّا یحرم لبسه ککونه حریراً محضاً أو ذهباً أو مغصوباً، والآخر ممّا تصح فیه الصلاة واشتبه أحدهما بالآخر، فذکر فی هذه الصورة عدم جواز الصلاة فی شیء منهما، وأنه تنتقل وظیفته إلی الصلاة عاریاً علی التفصیل السابق، والوجه فیما ذکره أنّ العلم الإجمالی بحرمة لبس أحدهما یوجب تنجز الحرمة الواقعیة وسقوط الاُصول النافیة فی کلا الثوبین، ومقتضی تنجزها لزوم الاجتناب عن کل منهما، وبما أنّ المفروض أنّ المکلف لا یجد

ص :178


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 449 ، الباب 50 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 3 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 451 ، الباب 52 من أبواب لباس المصلی، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

ثوباً آخر والساتر المشروط به صلاته تنتقل وظیفته إلی الصلاة عاریاً.

ودعوی أنّ المکلف کما یعلم بحرمة لبس أحدهما المعین واقعاً کذلک یعلم بوجوب الصلاة علیه فی المعین الواقعی الآخر، وحیث إنّ الموافقة القطعیة لأحد التکلیفین تستلزم المخالفة القطعیة للتکلیف الآخر، ولا یحکم العقل فی صورة استلزام الموافقة القطعیة لأحد التکلیفین المخالفة القطعیة فی الآخر بتنجز التکلیف الواقعی بکلتا المرتبتین یکتفی فی امتثالهما بالموافقة الاحتمالیة لکل منهما؛ ولذا یلزم علیه الصلاة فی أحدهما وترک لبس الآخر رأساً لا یمکن المساعدة علیه؛ فإنّ العقل إنما یحکم بالاکتفاء بالموافقة الاحتمالیة لکل من التکلیفین إذا کانت القدرة المعتبرة فی کل من التکلیفین من ناحیة العقل.

وأم_ّا إذا کانت القدرة المعتبرة فی ناحیة أحدهما القدرة الشرعیة، وفی الآخر القدرة العقلیة یقدم فی الامتثال ما کان المعتبر فیه التمکن عقلاً، والمقام من قبیل الثانی؛ لأنّ ظاهر کل واجب جعل له بدل طولی فی الشرع أنه مع المحذور من موافقة التکلیف بالاختیاری تنتقل الوظیفة إلی البدل الاضطراری، وحیث إنّ القدرة المعتبرة فی ناحیة حرمة لبس الحریر أو الذهب وکذا فی حرمة المغصوب قدرة عقلیة فیکون العلم الإجمالی بحرمة لبس أحد الثوبین منجزاً لتلک الحرمة؛ لإمکان إحراز موافقتها فیتحقق بذلک الموضوع لوجوب الصلاة علی المکلف عاریاً؛ لأنّ فی الصلاة ولو فی أحد الثوبین احتمال ارتکاب الحرام المنجز، وهذا الاحتمال محذور فی التصدی للإتیان بصلاة اختیاریة محتملة کما فی صورة العلم بکون أحد الماءین مغصوباً حیث تنتقل وظیفته إلی التیمم.

الصورة الثانیة: ما إذا علم أنّ أحد الثوبین من غیر المأکول والثوب الآخر من

ص :179

.··· . ··· .

الشَرح:

المأکول أو أنّ أحدهما نجس والآخر طاهر، وکان الوقت وسیعاً لتکرار الصلاة فإنه فی هذه الصورة یأتی بالصلاة فی أحدهما ویعیدها فی الآخر فیحرز الإتیان بالصلاة الاختیاریة من غیر ارتکاب محذور، حیث إنّ لبس غیر المأکول أو النجس غیر محرّم تکلیفاً.

الصورة الثالثة: ما إذا کان الوقت غیر کافٍ إلاّ لصلاة واحدة فذکر قدس سره أنه یصلی عاریاً فی الفرض الأول، ویتخیّر فی الثانی، یعنی أن یصلی فی أحد ثوبین یعلم إجمالاً نجاسة أحدهما.

ولکن لا یخفی أنه کما یتعین فی الفرض الثانی الصلاة فی أحد الثوبین کذلک فی الفرض الأول؛ وذلک لما تقدم من أنّ المقام أی الأوامر الضمنیة والإرشادیة إلی الشرطیة والنواهی الإرشادیة إلی المانعیة للواجب النفسی لا تدخل فی باب التزاحم بین التکلیفین، والتکلیف فی المقام وجوب نفسی واحد متعلق بالصلاة مع الساتر وعدم لبس أو حمل ما لایؤکل، وهذا التکلیف لا محذور فیه فإنّ المکلف فی الفرض متمکن من الإتیان به غایة الأمر لاشتباه أحد الثوبین بالآخر لا یتمکن من إحراز الموافقة القطعیة لهذا التکلیف، وأم_ّا الموافقة الاحتمالیة بأن یصلی فی أحدهما مخیّراً بین لبس أی منهما ممکن؛ لاحتمال کون ماصلی فیه هو الساتر ممّا یؤکل، بخلاف ما إذا صلی عاریاً فإنه یعلم بمخالفة التکلیف الواقعی بالصلاة مع الساتر، ولا محذور فی الفرضین فی لبس ثوب مالایؤکل أو النجس، بخلاف الصورة الاُولی التی ذکرنا فیها انتقال الوظیفة إلی الصلاة عاریاً لتنجز الحرمة الواقعیة بکلتا مرتبتی التنجز الموجبة لثبوت المحذور حتی فی فرض الاکتفاء بالصلاة فی أحد ثوبین یعلم إجمالاً حرمة لبس أحدهما.

ص :180

(مسألة 48) المصلی مستلقیاً أو مضطجعاً لا بأس بکون فراشه أو لحافه نجساً أو حریراً أو من غیر المأکول إذا کان له ساتر غیرهما، وإن کان یتستر بهما أو باللحاف فقط فالأحوط کونهما ممّا تصح فیه الصلاة[1]

الشَرح:

فی ساتر المستلقی أو المضطجع للصلاة

[1] قد تقدم أنّ المانع عن الصلاة هو لبس الثوب النجس ممّا تتم الصلاة فیه وکذا لبس الحریر، وأم_ّا المحمول النجس أو الحریر فلا مانعیة له بخلاف ما لایؤکل فإنّ حمل ما لایؤکل أو توابعه کلبسه مانع عن الصلاة، وعلی ذلک فإن کان فراشه من الحریر أو نجساً أو ممّا لا یؤکل لا یوجد شیء مانع عن صلاته حیث لم یلبس حریراً أو نجساً ولم یحمل ما لا یؤکل.

وأم_ّا اللحاف فمع عدم الالتفاف به لا یصدق علیه عنوان اللبس فلا مانع من کونه حریراً أو نجساً کالفراش، وأم_ّا إذا کان مما لایؤکل فیصدق عنوان المصاحبة والحمل فتکون الصلاة محکومة بالبطلان مع عدم الاضطرار إلیه.

وممّا ذکرنا یظهر أنه إذا کان متستراً بالفراش واللحاف بحیث یصدق اللباس والثوب علی ذلک التستر أو الالتفاف یحکم ببطلان صلاته حتی ما إذا کان تستره بغیرهما مع عدم اضطراره إلی التفافه.

وعلی الجملة، العبرة بالتفافه باللحاف بنحو یصدق علیه أنه لبسه فإن کان نجساً أو حریراً لا یجوز الصلاة فیه اختیاراً وإن کان ساتره غیره، وأم_ّا إذا کان ممّا لا یؤکل فلا یجوز الصلاة فیه حتی فیما إذا لم یکن فی البین التفافه؛ لأنه من استصحاب مالایؤکل فی صلاته هذا مع عدم الاضطرار الی استصحاب اللحاف، وأم_ّا معه فلا بأس بصلاته معه لبسه، بل یقال لیس هذا الطرف منه کما إذا کان طوله عشرین ذراعاً ولیس بمقدار ذراعین منه أو ثلاثة وکان الطرف الآخر مما لا تجوز الصلاة فیه فلا بأس به.

ص :181

(مسألة 49) إذا لبس ثوباً طویلاً جداً وکان طرفه الواقع علی الأرض الغیر المتحرک بحرکات الصلاة نجساً أو حریراً أو مغصوباً أو ممّا لا یؤکل فالظاهر عدم صحة الصلاة مادام یصدق أنه لابس ثوباً کذائیاً.

نعم، لو کان بحیث لا یصدق لبسه بل یقال لبس هذا الطرف منه کما إذا کان طوله عشرین ذراعاً ولبس بمقدار ذراعین منه أو ثلاثة وکان الطرف الآخر ممّا لا تجوز الصلاة فیه فلا بأس به[1]

الشَرح:

حکم الصلاة فی الثوب الطویل

[1] إذا کان الثوب الطویل بحیث مع لبسه فی صلاته یصدق أنه یصلی فیه لا أنه لبس بعضه ویصلی فی بعضه فالأظهر اعتبار عدم نجاسته ولو فی الطرف الذی یقع علی الأرض ولا یتحرک بالحرکات الصلاتیة؛ لأنّ مادل علی أنه إن أصاب ثوبه بول أو خمر یغسله ویصلی فیه ظاهره الإرشاد إلی مانعیة نجاسة أی موضع من ثوبه لصلاته.

ودعوی انصرافه إلی الثوب المتعارف الذی یتحرک ذیله بحرکاته فی صلاته یدفعها التأمل فی صدق الثوب مع اختلاف الثیاب بحسب الأقوام، وعدم الفرق فی الحکم بین ثوب الرجل والمرأة، وکذا الأظهر بطلان الصلاة فی الفرض إذا کان ذیل الثوب المفروض مغصوباً ولم یکن للمصلی ساتر آخر عندما یصلی، بل مع ساتر آخر له إذا کان الثوب ذیله یتحرک بحرکات الصلاة بناءً علی بطلان الصلاة فی الثوب المغصوب ولو لم یکن ساتراً علی ماتقدم.

وأم_ّا إذا لم یتحرک ذیله بحرکاتها فلا موجب للبطلان والوجه فی البطلان فیما إذا کان ساتره الثوب المفروض مع تمکنه من ساتر مباح عدم إمکان ما یصدق علیه شرط الصلاة محرماً حدوثاً وبقاءً، ومع ذلک تکون الصلاة صحیحة؛ وذلک فإنّ الأمر أو الترخیص فی إیجاد مقیّد قیده محرم حدوثاً وبقاءً لا یجتمع مع النهی عن إیجاد نفس

ص :182

(مسألة 50) الأقوی جواز الصلاة فیما یستر ظهر القدم ولا یغطّی الساق کالجورب ونحوه[1]

الشَرح:

القید، ولا یقاس بالموارد التی یکون القید فی حدوثه محرماً فقط أو کان شرطاً فی نفس التکلیف، حیث إنّ الأمر بالطبیعی فی الفرضین علی تقدیر حدوث ذلک القید أمر ممکن، بخلاف ما إذا کان قیداً للواجب ومحرماً حدوثاً وبقاءً فإنه لا یمکن اجتماع الأمر والترخیص فی التطبیق فی نفس ذلک الواجب مع تحریم قیده حدوثاً وبقاءً.

ولکن إذا کان ذیل الثوب المفروض حریراً فلا بأس بالصلاة فیه، سواء ترک ذیله فی حرکات الصلاة أم لا، فإنّ الثوب المفروض یدخل فی عنوان حریر مختلط والصلاة فیه جائزة، بخلاف ما إذا کان ذیله من غیر المأکول أو من الذهب حیث لا یجوز الصلاة فی غیر المأکول من غیر فرق بین الساتر وغیره، وکذا الحال فی الذهب.

هذا کله مع فرض لبس ذلک الثوب والصلاة فیه، وأم_ّا إذا لم یصدق إلاّ بلبس بعضه کما فرض فی المتن، ولم یکن فی بعضه الملبوس نجاسة أو من غیر المأکول والذهب ولا تصرف فی ناحیة بعضه المغصوب فلا موجب لبطلان الصلاة.

تجوز الصلاة فیما یستر ظهر القدم

[1] اختلف أصحابنا فی الصلاة فیما یستر تمام ظهر القدم ولا یستر شیئاً من الساق ولو کان ذلک المقدار من الساق قلیلاً من فوق مفصل الساق، فالمنسوب إلی جماعة من المتقدمین عدم جواز الصلاة فیه وإلی أکثر المتأخرین، بل إلی المشهور منهم کراهتها فیه، وما فی المتن کالجورب ونحوه مثال لما یستر تمام ظهر القدم ولکن یستر شیئاً من السابق فلا یکون الصلاة فیه مکروهة أیضاً، وکذا إذا لم یستر شیئاً من الساق ولا یستر أیضاً تمام ظهر القدم فلا کراهة أیضاً فی الصلاة فیه.

ص :183

.··· . ··· .

الشَرح:

وقد یستدل علی عدم الجواز أو الکراهة بما ورد فی صلاة الجنازة من روایة سیف بن عمیرة، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «لا یصلّی علی جنازة بحذاء ولا بأس بالخف»(1) ویقال فی الفرق بین الحذاء والخف أنّ الحذاء یستر ظهر القدم ولا یستر شیئاً من الساق، بخلاف الخف فإنه یستر ظهر القدم ویستر شیئاً من الساق ولو مفصله، وإذا منع عن الصلاة علی المیت فی الحذاء مع أنّ صلاة المیت لیست بصلاة ذات رکوع وسجود، بل هو تکبیر وتوحید ودعاء یکون المنع فی الصلاة التی فیها رکوع وسجود وقراءة وذکر أولی.

لکن لا یخفی أنّ الروایة فی سندها ضعف لوقوع سهل بن زیاد فی سندها ومع الغمض عن ذلک لا یمکن التصدی عنها إلی سائر الصلوات؛ لاحتمال الخصوصیة فی صلاة المیت.

واستدل أیضاً بما ورد فی صلاة النبی صلی الله علیه و آله من أنه یصل فی ما یستر ظهر القدم ولا یستر شیئاً من الساق وأنه صلی فی نعل عربی وهو الذی لا یستر ظهر القدم وان لا یکون له ساق، ولکن لا یخفی ما فیه فإنّ عدم صلاة النبی صلی الله علیه و آله فیما یستر تمام ظهر القدم ولا یستر الساق علی تقدیر صحته یدل علی عدم الجواز، وأم_ّا ما نقل العلامة فی المختلف مرسلاً وقال: روی أنّ الصلاة محظورة فی النعل السندی والشمشک(2). فلا یزید عن روایة مرسلة ومضمرة، ومع الغمض عن ذلک لم یثبت أنّ النعل السندی أو الشمشک کان بحیث یستر تمام ظهر القدم ولا یستر الساق، بل من المحتمل أنهما

ص :184


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 118 ، الباب 26 من أبواب صلاة الجنازة، الحدیث الأوّل .
2- (2) المختلف 2 : 88 .

.··· . ··· .

الشَرح:

کانا بحیث لم یصل مع لبسهما فی الصلاة أطراف الأصابع إلی الأرض حیث السجود.

وعلی الجملة، مقتضی أصالة البراءة عن المانعیة جواز الصلاة فیما یستر تمام ظهر القدم ولا یستر شیئاً من الساق کما هو المقرر فی بحث الأقل والأکثر من الواجب الارتباطی، بل لا موجب للالتزام بالکراهة أیضاً وإن کان مقتضی أخبار من بلغ(1) رعایة ذلک فی نیل الثواب.

ص :185


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 80 ، الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات .

ص :186

فصل فیما یکره من اللباس

وهی أُمور:

أحدها: الثوب الأسود حتی للنساء عدا الخف والعمامة والکساء ومنه العباء والمشبع منه أشد کراهة وکذا المصبوغ بالزعفران والعصفر، بل الأولی اجتناب مطلق المصبوغ.

الثانی: الساتر الواحد الرقیق.

الثالث: الصلاة فی السروال وحده وإن لم یکن رقیقاً، کما أنه یکره للنساء الصلاة فی ثوب واحد وإن لم یکن رقیقاً.

الرابع: الاتزار فوق القمیص.

الخامس: التوشح وتتأکد کراهته للإمام وهو إدخال الثوب تحت الید الیمنی وإلقاؤه علی المنکب الأیسر بل أو الأیمن.

السادس: فی العمامة المجردة عن السدل وعن التحنک أی التلحی، ویکفی فی حصوله میل المسدول إلی جهة الذقن ولا یعتبر إدارته تحت الذقن وغرزه فی الطرف الآخر، وإن کان هذا أیضاً أحد الکیفیات له.

السابع: اشتمال الصماء بأن یجعل الرداء علی کتفه وإدارة طرفه تحت إبطه وإلقاؤه علی الکتف.

الثامن: التحزّم للرجل.

التاسع: النقاب للمرأة إذا لم یمنع من القراءة وإلاّ أبطل.

العاشر: اللثام للرجل إذا لم یمنع من القراءة.

الحادی عشر: الخاتم الذی علیه صورة.

ص :187

الثانی عشر: استصحاب الحدید البارز.

الثالث عشر: لبس النساء الخلخال الذی له صوت.

الرابع عشر: القباء المشدد بالزرور الکثیرة أو بالحزام.

الخامس عشر: الصلاة محلول الأزرار.

السادس عشر: لبس الشهرة إذا لم یصل إلی حدّ الحرمة أو قلنا بعدم حرمته.

السابع عشر: ثوب من لا یتوقی من النجاسة خصوصاً شارب الخمر، وکذا المتهم بالغصب.

الثامن عشر: ثوب ذو تماثیل.

التاسع عشر: الثوب الممتزج بالابریسم.

العشرون: ألبسة الکفار وأعداء الدین.

الحادی والعشرون: الثوب الوسخ.

الثانی والعشرون: السنجاب.

الثالث والعشرون: مایستر ظهر القدم من غیر أن یغطی الساق.

الرابع والعشرون: الثوب الذی یوجب التکبّر.

الخامس والعشرون: لبس الشائب مایلبسه الشبان.

السادس والعشرون: الجلد المأخوذ ممن یستحل المیتة بالدباغ.

السابع والعشرون: الصلاة فی النعل من جلد الحمار.

الثامن والعشرون: الثوب الضیق اللاصق بالجلد.

التاسع والعشرون: الصلاة مع الخضاب قبل أن یغسل.

الثلاثون: استصحاب الدرهم الذی علیه صورة.

الواحد والثلاثون: إدخال الید تحت الثوب إذا لاصقت البدن.

الثانی والثلاثون: الصلاة مع نجاسة مالا تتم فیه الصلاة کالخاتم والتکة

ص :188

والقلنسوة ونحوها.

الثالث والثلاثون: الصلاة فی ثوب لاصق وبر الأرانب أو جلده مع احتمال لصوق الوبر به[1]

الشَرح:

فصل فیما یکره من اللباس

[1] لم تثبت کراهة الصلاة فی تمام الموارد المذکورة بطریق معتبر والافتاء بها فیها جمیعاً یبتنی فی غیر ما صح طریقها علی أمرین:

الأول: أن یقال المستفاد من الأخبار المعروفة بأخبار التسامح فی أدلة السنن(1) أنّ تمامیة الطریق سنداً ودلالة غیر معتبر فی السنن أو أنّ قیام طریق غیر معتبر فی نفسه من العناوین المرجحة فی موارد السنن فیصیر الفعل بذلک مستحباً.

والثانی: أنّ تلک الأخبار کما یستفاد منها استحباب عمل ورد فیه ثواب ولو بطریق ضعیف کذلک یستفاد منها کراهته ولو بمعنی أقل الثواب فیما قام خبر بذلک، وشیء من الأمرین غیر تام علی ماتقرر فی البحث فی تلک الأخبار، حیث إنّ ظاهرها إعطاء الثواب علی العمل الذی بلغ فیه ذلک الثواب والإتیان بذلک العمل علی میزان الامتثال، حیث لو کان طریق البلوغ معتبراً یؤتی بالعمل بقصد الجزم وإن کان غیر تام یؤتی به بقصد الرجاء بحسب من الانقیاد وهو یوجب استحقاق الثواب، غایة الأمر لولا أخبار من بلغ لم یکن فی حکم العقل مستحقاً للثواب الموعود فی البلوغ، ومعها یثبت هذا الاستحقاق ثم مع ثبوت کراهة الصلاة فی مورد تکون الکراهة فیها الإرشاد إلی المنقصة فیکون المنهی عنه فرداً مفضولاً بالإضافة إلی ملاک الطبیعی یعنی بالإضافة إلی فرد لا توجب خصوصیة مزیة فی ملاک الطبیعی ولا نقصاً فیه.

ص :189


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 80 ، الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات .

.··· . ··· .

الشَرح:

وعلی ذلک فلو قلنا بأنّ قیام خبر ضعیف فی طریقه بکراهة عمل داخل فی أخبار من بلغ فإنّ لازم مدلول ذلک الخبر ترتب الثواب علی ذلک العمل لم یمکن الالتزام بأنّ قیام خبر ضعیف بکون فرد من الطبیعی مکروه أی أقل ثواباً أیضاً داخل فی مدلول تلک الأخبار؛ لأنّ الخبر المفروض لا یدل علی ترتب الثواب علی ترک ذلک الفرد، فإنّ الثواب فی الاتیان بالفرد الذی لا نهی عنه وثوابه ثابت بإطلاق الأمر بالطبیعی مع عدم ورود النهی عنه.

ولیعلم أیضاً أنه لا مورد لدعوی انجبار ضعف أسناد الأخبار التی وردت فی کراهة الصلاة فی الموارد المذکورة، حیث إنه من المحتمل جداً أن یکون حکمهم بالکراهة فیها ولو من بعضهم (قدس سرهم) للاعتماد بما استظهروه من أخبار من بلغ(1)، ومن جملة ذلک قولهم: إنّ الصلاة فی الثوب الأسود مکروه واقد استثنی العمامة والخف والکساء من الکراهة. وقد وردت طائفتان من الأخبار الاُولی منها مدلولها کراهة الصلاة فی الثوب الأسود کمرسلة الکلینی قال: وروی: «لا تصل فی ثوب أسود فأم_ّا الخف أو الکساء أو العمامة فلا بأس به»(2)، ومرسلة محسن بن أحمد المرویة فیه عن أبی عبداللّه علیه السلام قلت: أُصلی فی القلنسوة السوداء؟ قال: «لا تصل فیها فإنها من لباس أهل النار»(3) ومرسلة محمد بن سلیمان، عن رجل عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: قلت له: أُصلی فی القلنسوة السوداء؟ قال: «لا تصل فیها فإنها لباس أهل النار»

ص :190


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 80 ، الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات .
2- (2) الکافی 3 : 402 ، الحدیث 24 .
3- (3) الکافی 3 : 403 ، الحدیث 30 .

.··· . ··· .

الشَرح:

رواها فی العلل(1)، وهذه المرسلات کما ذکرنا لا تثبت الکراهة علی ما تقدم وذکرنا أنّ دعوی الانجبار لا تفید شیئاً، قال فی المدارک بعد نقلها: وهذه الروایات قاصرة من حیث السند إلاّ أنّ المقام مقام کراهة وتنزیه فلا یضر فیه ضعف السند(2).

والثانیة: الأخبار التی ورد فیها النهی عن لبس السواد مطلقا کمرسلة البرقی، عن بعض أصحابه رفعه، قال: کان رسول اللّه صلی الله علیه و آله یکره السواد إلاّ فی ثلاث: الخف والعمامة والکساء(3). وفی مرسلة الفقیه مقطوعاً قال أمیر المؤمنین علیه السلام فیما علّم أصحابه: «لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون»(4) رواها فی العلل مسنداً فیه القاسم بن یحیی، عن جده الحسن بن راشد عن أبی بصیر، عن أبی عبد اللّه علیه السلام عن آبائه، عن أمیر المؤمنین علیه السلام (5) ومن أمثال ذلک یظهر أنّ ما ذهب إلیه بعض من أنّ المرسلات التی یرویها الصدوق قدس سره عن الإمام علیه السلام جزماً معتبرات، حیث لو لم یکن صدور الحکم عن الإمام قطعیاً لم یکن ینقل عن الإمام جزماً ضعیف غایته؛ فإنّ سنده فی نقله عن الإمام مایرویه فی العلل مسنداً أو غیر ذلک.

وکیف کان، فلا دلیل أیضاً علی کراهة لبس السواد إلاّ إذا کان السواد أو ثوب أسود خاص لباساً لأعداء الدین وأهل الإیمان، وفی معتبرة السکونی، عن الصادق علیه السلام قال: إنّه أوحی اللّه إلی نبی من أنبیائه قل للمؤمنین: «لا تلبسوا لباس أعدائی، ولا تطعموا

ص :191


1- (1) علل الشرائع 2 : 346 ، الباب 56 ، الحدیث الأوّل .
2- (2) مدارک الأحکام 3 : 202 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 383 ، الباب 19 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
4- (4) من لا یحضره الفقیه 1 : 251 ، الحدیث 767 .
5- (5) علل الشرائع 2 : 346 ، الباب 56 ، الحدیث 2 .

.··· . ··· .

الشَرح:

مطاعم أعدائی ولا تسلکوا مسالک أعدائی فتکونوا أعدائی کما هم أعدائی»(1) بل لا یبعد الالتزام بالحرمة إذا کان لباس خاص أو کیفیة خاصة فیه مختصاً بأهل الکفر وأعداء الدین، وعلی ذلک فلبس المؤمنین والمؤمنات فی أیام وفیات الأئمة والمعصومین علیهم السلام وأیام عزائهم ثیاب السود إظهاراً للمودة لهم والتقرب إلی اللّه سبحانه بتولّیهم والتبرؤ من أعدائهم غیر داخل لا فی النهی کراهة ولا تحریماً، بل الأمر کذلک فی لبس السود عند موت شخص من أهلهم وعشیرتهم بمعنی أنّ ذلک غیر مکروه، حیث إنّ إظهار الحزن لموت مؤمن فضلاً عن موت علماء الدین والمذهب أمر جائز بل مندوب، وماورد فی النهی عن تکفین المیت بثوب الکعبة لم یثبت أنه لسواد کساء الکعبة، بل الظاهر کونه من الابریسم والحریر والکلام فیه فی محله.

ص :192


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 385 ، الباب 19 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 8 .

فصل فیما یستحب من اللباس

وهی أیضاً أُمور:

أحدها: العمامة مع التحنک.

الثانی: الرداء خصوصاً للإمام بل یکره له ترکه.

الثالث: تعدد الثیاب بل یکره فی الثوب الواحد للمرأة کما مر.

الرابع: لبس السراویل.

الخامس: أن یکون اللباس من القطن أو الکتان.

السادس: أن یکون أبیض.

السابع: لبس الخاتم من العقیق.

الثامن: لبس النعل العربیة.

التاسع: ستر القدمین للمرأة.

العاشر: ستر الرأس فی الأمة والصبیة، وأم_ّا غیرهما من الإناث فیجب کما مر.

الحادی عشر: لبس أنظف ثیابه.

الثانی عشر: استعمال الطیب ففی الخبر ما مضمونه الصلاة مع الطیب تعادل سبعین صلاة.

الثالث عشر: ستر مابین السرة والرکبة.

الرابع عشر: لبس المرأة قلادتها[1]

الشَرح:

فصل فیما یستحب من اللباس

[1] قد یظهر الحال فی ما یستحب من اللباس والصلاة فیه مما ذکرنا إلاّ أنّ

ص :193

.··· . ··· .

الشَرح:

هذا القسم بناءً علی ثبوت الأمر الأول من الأمرین داخل فی المستحبات، وعلی ماذکرنا یعطی الأجر الموعود مع ثبوت الاستحباب بطریق معتبر ومع عدم ثبوته به یعطی الثواب البالغ إذا أتی به رجاءً.

ص :194

فصل فی مکان المصلی

اشارة

والمراد به ما استقر علیه ولو بوسائط وما شغله من الفضاء فی قیامه وقعوده ورکوعه وسجوده ونحوها، ویشترط فیه أُمور:

أحدها: إباحته فالصلاة فی المکان المغصوب باطلة، سواء تعلّق الغصب بعینه أو بمنافعه، کما إذا کان مستأجراً وصلی فیه شخص من غیر إذن المستأجر وإن کان مأذوناً من قبل المالک[1]

الشَرح:

فصل فی مکان المصلی

یشترط فی مکان المصلی الإباحة

[1] شرطیة إباحة المکان فی الصلاة مبنی علی مسألة جواز اجتماع الأمر والنهی أو إمکان الترخیص والنهی، والامتناع فی تلک المسألة _ کما هو المقرر فی بحث الاُصول _ ینحصر بما إذا کان الترکیب بین متعلقی الأمر والنهی أو الترخیص والنهی اتحادیاً، وأم_ّا إذا کان الترکیب بینهما انضمامیاً فلا بأس باجتماعهما حیث یمکن الجمع بین الأمر والنهی والترخیص والنهی بالأمر والترخیص بنحو الترتب، ولو کان الماء مغصوباً فلا یمکن الأمر بالوضوء فی صورة انحصار الماء به، ولا یمکن الترخیص فی تطبیق الطبیعی علیه مع عدم الانحصار، وتوهم إمکان الأمر والترخیص بنحو الترتب بأن یأمر علی تقدیر التصرف فی الماء بغسل الأعضاء بقصد الوضوء بذلک الغسل فاسداً جداً، فإنّ قصد الوضوء لیس بوضوء بل هو غسل الأعضاء والمسح، وخطاب الأمر بالوضوء الأمر بالغسل والمسح بقصد الوضوء، ولا یمکن أن یعم هذا الخطاب الغسل بالماء المغصوب ولو بنحو الترتب.

ص :195

.··· . ··· .

الشَرح:

نعم، إذا کان المحرم أخذ الماء من الإناء کما إذا کان الإناء مغصوباً فإن انحصر الماء به یجب علیه التیمم إلاّ أنه یمکن للشارع الأمر بالوضوء فی الفرض علی نحو الترتب بأن یأمر به علی تقدیر أخذ الماء منه بالاغتراف بدفعات، کما یمکن الترخیص فی تطبیق الأمر بطبیعی الوضوء علی ذلک الوضوء بنحو الترتب وذلک التقدیر، کما أنّ دعوی أنّ العمل الواحد یمکن أن یکون حراماً من جهة ومأموراً به من جهة اُخری فیما إذا کان فی البین مندوحة توهم فاسد؛ فإنّ المندوحة ترفع محذور التکلیف بالمحال واجتماع الأمر والنهی فی موارد الترکیب الاتحادی من التکلیف المحال، فإنّ الأمر طلب الإیجاد والنهی منع عنه، وکل منهما یقتضی ملاکاً لا یجتمعان إلاّ بالکسر والانکسار.

وأم_ّا فی موارد الترکیب الانضمامی فإن کان الحرام مقدمة لعمل فیمکن للمولی الأمر بذلک العمل علی تقدیر الإتیان بتلک المقدمة المحرمة عصیاناً ولو بنحو الشرط المتأخر، بل لا یبعد الجواز فیما إذا کان الحرام لازم أعم للواجب فیمکن الأمر بذلک الواجب علی تقدیر العصیان بالإتیان بذلک اللازم الأعم، کما إذا کان مصب الماء مغصوباً فیمکن الأمر بالوضوء علی تقدیر صب الماء فی ذلک المحل بنحو الشرط المتأخر.

وعلی الجملة، العمل العبادی فی موارد الترکیب الاتحادی محکوم بالفساد لعدم الأمر والترخیص فیه ولو بنحو الترتب، ولا سبیل إلی کشف الملاک مع مبغوضیة العمل وعدم إمکان حصول التقرب به، بخلاف موارد الترکیب الانضمامی فإنه لا بأس بالالتزام فیها بالأمر الترتبی أو الترخیص فی التطبیق بذلک النحو.

وعلی ما تقدم فالبحث فی اشتراط إباحة المکان للمصلی راجع إلی أنّ الترکیب

ص :196

.··· . ··· .

الشَرح:

مع عدم إباحة المکان وکونه حراماً الترکیب بین الحرام والصلاة اتحادی أو انضمامی، ولا فرق فی الترکیب الاتحادی بین الحرام والصلاة أن یکون الاتحاد فی بعض أفعال الصلاة أو تمامها فإنّ مع الترکیب الاتحادی ولو فی بعض أفعالها لا یمکن الأمر أو الترخیص فی التطبیق بالإضافة إلی تلک الصلاة، وظاهر الماتن قدس سره أنّ ما یشغله المصلی من الفضاء فی قیامه وقعوده وسجوده وما یستقر علیه یعتبر أن یکون مباحاً، وإذا کان محرماً ولو فی بعض الحالات یحکم ببطلان صلاته؛ وعلّلوا ذلک بأنّ الحرکات والسکنات فی أفعال الصلاة إذا کانت فی مکان محرم تکون محرمة فلا یمکن أن یکون مأموراً بها أو مرخصاً فیها.

ویناقش فی هذا الاستدلال أنّ مجرد وقوع أفعال الصلاة فی مکان مغصوب لا یقتضی بطلانها، بل لابد من ثبوت الترکیب الاتحادی بین أفعالها ولو فی بعضها وبین التصرف فی ملک الغیر، وهذا غیر ثابت فإنّ القراءة والأذکار تحدث بحرکة اللسان فیکون المصلی متصرفاً فی لسانه والقیام والجلوس والرکوع کل منها من الهیئات القائمة بأعضاء المصلی فیکون المکلف متصرفاً فی أعضائه، والسجود یحصل بمماسة المساجد السبعة مواضعها فإذا کانت المماسة مع المباح فلا یکون سجوده أیضاً تصرفاً فی ملک الغیر.

نعم، یعتبر القیام المتصل بالرکوع بمعنی أن یکون المکلف قبل رکوعه قائماً، وکذا فی السجود الحدوثی أن یکون قبله قائماً فی الاُولی وجالساً فی السجدة الثانیة، وأم_ّا الهوی إلیهما فهو خارج عن أجزاء الصلاة بل مقدمة عادیة للرکوع والسجود فلا یضر کون الهوی إلیهما تصرفاً فی الفضاء المغصوب لعدم کونه من أجزاء الصلاة.

ص :197

.··· . ··· .

الشَرح:

لا یقال: یعتبر فی الصلاة القرار علی شیء حال الصلاة، ولو کان القرار علی المغصوب یحکم ببطلانها لکون القرار المعتبر فیها محرّماً ولا ینطبق الطبیعی المأمور به علی الفرد المحرم ولو فی شرطها، وما قیل من أنّ القرار لو کان شرطاً فی الصلاة فهو عمل توصلی، والتوصلی لا یمنع عن حصول الملاک بأی نحو حصل لا یمکن المساعدة علیه فإنّ طریق کشف الملاک الأمر به أو الترخیص فی التطبیق، وإذا لم یکن شیء منهما ولم یعلم التعرض فمن أین یعلم حصوله؟ ومجرد کون شیء توصلیاً لا یلازم وجود الملاک فیه حتی مع وقوعه علی وجه المحرم، بل التوصلی ما لا یکون قصد التقرب معتبراً فی حصول ملاکه وسقوط التکلیف به.

فإنه یقال: غایة مایمکن أن یقال هو اعتبار استقرار الأعضاء فی الصلاة بحیث ینافیه المشی ونحوه، وأم_ّا القرار فی مکان بأن یقف علی شیء فهذا غیر معتبر فی غیر سجوده بالإضافة إلی مواضع المساجد السبعة، ومع عدم کونها غصباً فیمکن الترخیص فی التطبیق ولو علی نحو الترتب، وعلی ذلک فلو صلی فی مکان مغصوب وسجد علی مکان غیر مغصوب صحّت صلاته.

لا یقال: ماذکر من الترکیب الانضمامی بین الصلاة والغصب فی غیر السجود إنما هو بالدقة العقلیة، حیث لا تکون الصلاة بلحاظها متّحدة مع الغصب، وأم_ّا بلحاظ النظر العرفی تکون الصلاة فی مکان مغصوب تصرّفاً فی ملک الغیر بلا رضاه حتی فیما کان سجودها فی ملک مباح، فالافعال الصلاتیة بهذا النظر متّحدة مع الغصب ومشمولة للنهی عنه فلا یحکم بصحتها؛ لأن النهی عن العبادة موجب لفسادها.

فإنه یقال: الحرام هو إشغال المصلی ملک الغیر بلا رضاه ولا دخل فی إشغال جسمه ملک الغیر بلا رضاه صلاته فإن من وقف أو جلس فی ملک الغیر من غیر أن

ص :198

أو تعلق به حق کحق الرهن[1]

الشَرح:

یصلی فیه، وشخص آخر وقف فیه ویصلی فلا تکون صلاته أی قیامه بمعنی استواء الأعضاء ورکوعه بمعنی انحنائه الخاص تصرفاً زائداً علی الکون فی الشخص الأول، والمفروض أنّ الکون غیر مأخوذ شرطاً للصلاة فلا یضر حرمته لصحة صلاته.

نعم، الکون والمکان معتبر فی السجود ومع حرمته کما إذا کان المکان أی مواضع سجوده غصباً یحکم ببطلان صلاته، ویشهد لما ذکرنا من أنّ الصلاة لیست عملاً حراماً آخر أن_ّه لا یری العرف أنّ الجالس فی ملک الغیر بلا رضا مالکه فعل حراماً واحداً والمصلی فیه فعل حرامین، وذکرنا أنّ الکون فی ملک الغیر لا یتحد مع الصلاة فی غیر سجودها، حیث إنّ الکون الخاص مقوم للسجود المعتبر فی الصلاة، بخلاف غیر السجود فإن الکون فی مکان لازم جسم المصلی من أن یؤخذ فی صلاته قیداً.

نعم، قد یستشکل مع کونه غاصباً تحقق قصد القربة فی صلاته وهذا أمر آخر، والجواب عنه ظاهر لمن تدبّر.

[1] لا یجوز للمرتهن التصرف فی العین المرهونة، سواء کان تصرفه من قبیل الانتفاع بها بانتفاع خارجی أو بتصرف اعتباری، وسواء کان الرهن ملکاً للمدیون ولشخص جعل ملکه رهناً لدین شخص آخر، حیث إنّ العین المرهونة ملک للغیر لا یجوز للمرتهن التصرف فیها إلاّ بإذن مالکها، وأم_ّا تصرف الراهن فیها وتصرف المأذون من الراهن فیها فالأظهر عدم البأس به إذا لم یکن تصرفاً منافیاً للرهن، کما إذا أراد الراهن أن یزرع أرضه المرهونة التی بید المرتهن أو یبیعها من الغیر، حیث إنّ البیع أیضاً لا ینافی الرهن، غایة الأمر أنّ المشتری إذا اشتراها مع علمه بأنها رهن یلزم بمقتضی الرهن ولو کان جاهلاً یترتب علیه بیعه مع جهله الخیار مع بقاء الرهن بحالها، وعلی ذلک فتعلق حق الرهانة لا یمنع الراهن أن یصلی فی داره المرهونة حتی مع عدم

ص :199

وحق غرماء المیت[1] وحق المیت إذا أوصی بثلثه ولم یفرز بعد ولم یخرج الشَرح:

إذن المرتهن ورضاه، بخلاف تصرف المرتهن فإنه لا یجوز إلاّ بإذن الراهن أو مالک العین المرهونة، وما یقال إنّ الراهن والمرتهن ممنوعان من التصرف فی الرهن لم یثبت.

[1] ثبوت حق لغرماء المیت فی ترکة المیت غیر ثابت، بل الثابت أنّ مقدار الدین من ترکة المیت بنحو الکلی فی المعین غیر باق علی ملک المیت، کما أنّ مقدار الوصیة من ترکة المیت إذا لم یکن زائداً علی مقدار ثلث ترکته بعد أداء دینه أو استثنائه باق علی ملکه بنحو الإشاعة، فإن کان وصی المیت ورثته جاز لهم التصرف فی الترکة تصرفاً لا ینافی أداء دین المیت والوفاء بوصیته فإن لم یکن الورثة أوصیاء بل کان الوصی واحداً منهم أو شخصاً آخر غیر الورثة فعلی الوارث الاستیذان من الوصی فی التصرفات الغیر المنافیة أو ضمانهم دیون المیت مع تحقق شرائط الضمان، والأحوط فیما إذا لم یکن للمیت وصی الرجوع فی الاستیذان إلی الحاکم الشرعی أو وکیله، وما ذکرنا من بقاء مقدار الدین من الترکة فی ملک المیت بنحو الکلی فی المعین هو ظاهر الآیة المبارکة(1) من أنّ الانتقال إلی الورثة من بعد أداء الدین؛ ولذا لو تلفت الترکة أو لم تکن إلاّ بمقدار دینه أو أقل یجب أداء دینه بها وظاهر الکسر کالثلث والربع هو الإشاعة، فمقتضی الروایات الدالة علی أنّ للمیت ثلث ترکته(2) وأنّ الشخص مادام حیاً فهو أحق بماله وإذا قال: بعد موتی فلیس له إلاّ الثلث وانتقال الثلثین إلی الورثة علی کل تقدیر، ویترتب علی الإشاعة إذا تلف بعض المشاع من غیر موجب للضمان من بعض الشرکاء أن یکون النقص وارداً علی جمیع السهام، وبما أنّ فی تعیین الکلی فی

ص :200


1- (1) سورة النساء : الآیة 12 .
2- (2) وسائل الشیعة 19 : 271 ، الباب 10 من أبواب الوصایا.

منه، وحق السبق کمن سبق إلی مکان من المسجد أو غیره فغصبه منه غاصب علی الأقوی ونحو ذلک[1]

الشَرح:

أداء الدین وإفراز السهام فی الإشاعة لزوم دخالة الوصی لأنه نائب عن المیت فلابد فی التصرف فی ترکة المیت قبل التعیین والإفراز من تحصیل إذنه کما هو مقتضی ولایة الوصی فی التعیین والإفراز ومع عدم تعیین الوصی وإن یمکن أن یقال إنّ أولیاء المیت ورثته خصوصاً فی الوصیة من غیر تعیین الوصی إلاّ أنّ الأحوط استیذانهم من الحاکم أو وکیله.

[1] إذا سبق أحد إلی موضع من المسجد أو من المشهد أو غیرهما من المشترکات لغرض الصلاة فیه أو الزیارة والإتیان بآدابها فلا یجوز لغیره مزاحمته ودفعه عن ذلک الموضع، وعند جماعة یکون للسابق حق فی ذلک الموضع کما اختاره الماتن أیضاً فی ظاهر قوله کمن سبق إلی مکان المسجد أو غیره فغصبه غاصب حیث لو کان أولویة السابق مجرّد عدم جواز دفعه عن ذلک الموضع لم یتحقق بعد الدفع الغصب، وتظهر الثمرة بین القولین فیمن دفع السابق ثم صلی فیه أو عند دفعه الغیر صلی فیه ثالث فلا تکون فی الصلاة محذور، بخلاف ما إذا بنی علی أنّ للسابق حق فیه فتکون بصلاته غاصباً حق الغیر نظیر ماتقدم فی الصلاة فی مکان تکون منفعته مغصوبة.

ویستدل علی أنّ للسابق حقاً بمعنی عدم جواز مزاحمته ودفعه عن ذلک الموضع بأنّ المسجد لا یختص بشیء وکذا المشهد وسائر المشترکات ولو کان له حق جاز بیعه من الغیر، ولکن لا یخفی ما فیهما، فإنّ عدم اختصاص شخص بموضع من المسجد والمشهد وسائر المشترکات لا ینافی تعلق حقه بموضع مادام سابقاً یصلی فیه أو یزور ویدعو، والحق لا یلازم جواز البیع فإنّ الحق یلازم جواز الإسقاط

ص :201

.··· . ··· .

الشَرح:

والإعراض مع أنّ الحق فی ذلک الموضع فیما کان غرضه من السبق إلیه عملاً یناسب ذلک المکان کالصلاة فی المسجد والزیارة فی المزار والبیع والشراء فی السوق والإحیاء فی التحجیر إلی غیر ذلک، ولو سبق إلی موضع من المسجد لیبیع حق سبقه فلا یکون له حق حتی یجوز بیعه ولو سبق إلی أرض موات لیبیع حق سبقه إلیها لا یکون له حق فی تلک الأرض.

نعم، قد یقال المقدار الثابت بسیرة العقلاء والمتشرعة عدم جواز مزاحمة السابق ودفعه، وأم_ّا تعلق حق به فلا دلیل علیه.

نعم، ورد فی مرسلة محمد بن إسماعیل، عن بعض أصحابه، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قلت: نکون بمکة أو بالمدینة أو الحیرة أو المواضع التی یرجی فیها الفضل فربما خرج الرجل یتوضأ فیجیء آخر فیصیر مکانه فقال: «من سبق إلی موضع فهو أحق به یومه ولیلته»(1) وبما رواه الکلینی قدس سره عن محمد بن یحیی، عن أحمد بن محمد بن عیسی، عن محمد بن یحیی عن طلحة بن زید، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: «قال أمیر المؤمنین علیه السلام : سوق المسلمین کمسجدهم فمن سبق إلی مکان فهو أحق به إلی اللیل، قال: وکان لا یأخذ علی بیوت السوق کراء»(2) وتضعّف الاُولی بالإرسال والثانیة بطلحة بن زید، وأم_ّا محمد بن یحیی الراوی عن طلحة فهو إمّا محمد بن یحیی الخزاز أو محمد بن یحیی الخثعمی بقرینة سائر الروایات فکل منهما ثقة.

أقول: الظاهر أنّ طلحة بن زید أیضاً ثقة لقول الشیخ قدس سره له کتاب معتمد(3)، فإنه

ص :202


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 278 ، الباب 56 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل .
2- (2) الکافی 2 : 662 ، الحدیث 7 .
3- (3) الفهرست : 149 ، 372 / 1.

وإنّما تبطل الصلاة إذا کان عالماً عامداً[1] وأما إذا کان غافلاً أو جاهلاً أو ناسیاً فلا تبطل نعم لا یعتبر العلم بالفساد فلو کان جاهلاً بالفساد مع علمه بالحرمة والغصبیة کفی فی البطلان.

الشَرح:

لا یکون کتابه معتمداً کلاً مع ضعفه کما لا یخفی، وظاهر الروایتین أنّ السابق أحق بالموضع لا بالصلاة أو الزیارة والدعاء.

ودعوی أنّ مقتضی أفعل التفضیل ثبوت الحق للسائرین أیضاً ولکنه أحق لا یمکن المساعدة علیه؛ فإن أفعل التفضیل فی مثل هذه المقالات اختصاص الحق کما فی قوله علیه السلام : الزوج أحق بزوجته(1). اطراد اختصاص حق التجهیز بالزوج والرجل أحق بماله مادام فیه الروح وإذا قال من بعدی فلیس له إلاّ الثلث.

یشترط العلم فی بطلان الصلاة فی المغصوب

[1] المعروف فی مسألة جواز اجتماع الأمر والنهی أنّ المسألة تدخل فی باب التزاحم حتی فی موارد الترکیب الاتحادی، غایة الأمر یکون التزاحم فی موارده بین ملاکی الوجوب والحرمة ویکون فی الجمع ملاکان، وعلیه بنوا أنه مع عدم تنجّز الحرمة فی حق مکلّف لا بأس بالإتیان بالمجمع فتصح عبادة، فإنّ اللازم فی صحة العبادة حسن الفعل أی کونه ذا ملاک، والحسن الفاعلی بأن أمکن للفاعل قصد التقرب به ومع عدم تنجز النهی للغفلة عن انطباق عنوان الحرام أو نسیانه أو الجهل بالموضوع، بل للجهل بالحکم قصوراً لا یقع الفعل مبغوضاً ومع حصول ملاک الواجب وتحقق قصد التقرب تحصل العبادة ویسقط التکلیف بها.

ص :203


1- (1) انظر وسائل الشیعة 2 : 531 ، الباب 24 من أبواب غسل المیت، الحدیث 9 .

.··· . ··· .

الشَرح:

ولکن لا یخفی فیما ذکروه فإنه إنّما یتم التزاحم فی موارد الترکیب الانضمامی ویحرز فیها حصول ملاکی الواجب فی متعلق الأمر وملاک الحرام فی متعلّق النهی، حیث یمکن فیها الأمر بالواجب ترتباً أو الترخیص فی التطبیق، کما إذا کان الماء المباح فی إناء مغصوب أو کان الوضوء بالماء المباح من إناء مباح مستلزماً لانصباب الماء فی مکان مغصوب لا یرضی به مالکه، ولازم ذلک أن یصح الوضوء بالاغتراف من إناء مغصوب أو فیما یستلزم صب الغسالة فی ملک الغیر حتی مع العلم والعمد؛ لأن الواجب وهو الوضوء غیر الحرام وإن توقف الوضوء أو استلزم حصول الحرام؛ وذلک فإنه فی مثل هذه الموارد وإن لا یمکن الأمر والترخیص فی الإتیان بالواجب أو فی تطبیقه مطلقاً إلاّ أنه یمکنان بنحو الترتب وبالأمر والترخیص الترتبیین کما هو مقتضی الإطلاق من خطاب الأمر یعلم الملاک.

وأم_ّا فی موارد الترکیب الاتحادی فلا یجتمع النهی عن المجمع بالأمر به أو الترخیص فی التطبیق حتی بنحو الترتب فیکون خطاب الأمر مع خطاب النهی، کما إذا کان الماء الذی یتوضأ به مغصوباً من المتعارضین، وإذا قدم خطاب النهی بجعله قرینة عرفیة علی التصرف فی خطاب الأمر کما قرر فی محلّه فلا کاشف عن تحقق ملاک الوضوء فی المجمع لیحکم بصحته فی مورد عدم تنجز الحرمة.

نعم، فی الموارد التی یسقط النهی فی المجمع واقعاً کما فی موارد نسیان الغصب من غیر الغاصب أو الغفلة عنه یحکم بصحة الوضوء بذلک الماء؛ لعدم المقید للإطلاق فی خطاب الأمر لسقوط النهی المقید له بالإضافة إلی الماء المفروض فیؤخذ بالإطلاق فی إثبات الأمر أو الترخیص فی التطبیق، وکذا یمکن الحکم بالصحة فی موارد الجهل بالحکم قصوراً بأن کان غافلاً عن حرمة التصرف حتی فی الماء الذی هو ملک الغیر أو

ص :204

.··· . ··· .

الشَرح:

موقوف علی طائفة خاصة لا یدخل المتوضئ فیهم؛ وذلک فإنّ الحرمة فی التصرف فی ملک الغیر بلا رضاه وإن لا یمکن تقییدها بصورة الالتفات إلی الحرمة، فالحرمة المجعولة لها إطلاق ذاتی إلاّ أنّ الغرض من التکلیف لا یحصل إلاّ بوصول الحرمة إلی المکلف ولو بنحو وصول ولو کان ذلک النحو احتمالها فلا تنافی بین الإطلاق الذاتی للحرمة والتحفظ بإطلاق متعلق الأمر بالعبادة فی صورة الغفلة عن الحرمة رأساً، بل مع عدم الغرض فی صورة الاطلاق الذاتی لا یعلم ثبوت ملاک الحرام أیضاً، ولا یقاس بالإطلاق الذاتی بالإضافة إلی العلم وإحراز الحرمة حیث تکون الحرمة واصلة معهما بل احتمال الحرمة أیضاً نحو وصول؛ ولذا یکون الاحتیاط مع احتمالها مستحباً فلا تجتمع تلک الحرمة مع الأمر أو الترخیص الواقعی فی التطبیق فتکون النتیجة صحة العبادة فی موارد الترکیب الانضمامی فی صورتی الغفلة والنسیان عن موضوع الحرمة أو عن نفس الحرمة، بخلاف صورة الجهل أی احتمال الحرمة موضوعاً أو حکماً فإنه یحکم بالبطلان إذا انکشف بعد العمل أنه کان حراماً، هذا کله بالإضافة إلی النهی التکلیفی حیث یکون الغرض منه المنع عن العمل والانتهاء عنه.

وأم_ّا إذا کان للإرشاد إلی الوضع والمانعیة فلا محالة یتقیّد متعلق الأمر بعدم المانع بلا فرق بین الصور من الذکر والغفلة والنسیان والجهل والعلم کما هو مقتضی إطلاق النهی عنه إرشاداً إلی مانعیته.

فتحصل ممّا ذکرنا الحکم بصحة الصلاة فی موارد الغفلة والنسیان، سواء کانتا بالإضافة إلی الموضوع أی مکان الصلاة غصباً أو بالإضافة إلی الحکم أی حرمة التصرف ولو بالصلاة فی المغصوب، ولا یحکم بالصحة مع الجهل بالموضوع بأن یکون المکلف محتملاً کون موضع صلاته غصباً أو محتملاً مع العلم بالموضوع عدم

ص :205

.··· . ··· .

الشَرح:

جواز التصرف فی المغصوب ولو بالصلاة فیه؛ لأنّ الحرمة الواقعیة لا تجتمع مع إطلاق طبیعی الصلاة بالإضافة إلی المکان المفروض، ودعوی أنّ المکلف مع جهله بالغصب کان علی ترخیص فی تطبیق الطبیعی علی الصلاة فیه لا یمکن المساعدة علیه؛ فإنّ ذلک الترخیص کان ظاهریاً بالإضافة إلی التصرف فیه ولو بالصلاة، والمصحح لإطلاق الطبیعی هو الترخیص الواقعی فی التطبیق فإنّ المأمور به الظاهری لا یجزی عن الواقعی مع کشف الخلاف، هذا بالإضافة إلی القاعدة الأولیة ومع قطع النظر عن حدیث: «لا تعاد»(1) الوارد فی الخلل الواقع فی الصلاة من حیث الأجزاء أو الشرائط والموانع. وأم_ّا بالنظر إلیه فلا بأس بالحکم بصحة الصلاة فی موارد الجهل بکون المکان مغصوباً وعذریة جهله، بخلاف الجهل بالحکم حال الصلاة بمعنی احتمال حرمة التصرف فی المغصوب حتی بصلاته؛ لأنّ وجوب تعلّم الأحکام ومنها حرمة التصرف فی المغصوب مقتضاه أن لا یأتی بتلک الصلاة لاحتماله عند العمل حرمتها وحدیث: «لا تعاد» ظاهره أنّ المکلف کان یأتی بالصلاة بحسب نظره مطابق وظیفته حالها والتفت إلی الخلل بعد العمل بالخلل الواقع فیه، والجاهل بحرمة التصرف ولو بالصلاة فی ملک الغیر کان یحتمل الخلل قبل العمل وکان علیه تعلم العمل.

وممّا ذکرنا یظهر أنّ ما ذکره الماتن من الحکم بالصحة حتی فی صورة الجهل بحرمة التصرف فی ملک الغیر کما یقتضیه من الحکم بالصحة فی صورة الجهل خصوص الجهل بفساد الصلاة فی المغصوب لا یمکن المساعدة علیه؛ بل فی ناسی الغصب أیضاً إذا کان الناسی هو الغاصب لا یمکن الحکم بصحة صلاته؛ لأنه لا ترفع

ص :206


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

.··· . ··· .

الشَرح:

مبغوضیة تصرفه فی ملک الغیر بنسیانه؛ لأن_ّه قبل ذلک مکلفاً بالتخلص عن الغصب وکان مکلفاً برفع الخلل عن صلاته قبل العمل، وکذلک فی العالم بالغصب وحرمة التصرف فیه ولکن مع جهله بفساد الصلاة فی المغصوب، حیث إنّ هذا الجاهل أیضاً مکلفاً حال العمل بترکه والتخلص عن الغصب فلا یدخل فی حدیث «لا تعاد»(1) کما لا تدخل صلاته فیه فی طبیعی الصلاة المأمور بها علی ما تقدم.

لا یقال: کیف یمکن الحکم بصحة الصلاة فی المغصوب مع احتمال کون مکانه مغصوباً وعلمه بحرمة التصرف فی المغصوب؛ لأن حرمة التصرف والصلاة فی ذلک المکان فی حقه فعلی ولو مع عدم تنجزه، والحرمة الفعلیة لا تجتمع مع الترخیص الواقعی فی التطبیق وإطلاق طبیعی الصلاة المأمور بها.

وبتعبیر آخر، الحرمة الواقعیة فی التصرف فی ذلک المکان لم تسقط لیکون الأمر بالصلاة مطلقاً بالإضافة إلی الصلاة فیه، ولا یقاس اشتراط إباحة المکان بسائر الشرائط المعتبرة فی الصلاة ممّا لا تکون شرطیّتها تابعة للنهی التکلیفی، بل کان اعتبارها شرطاً بمجرد أخذها فی متعلق الأمر النفسی قیداً حیث یدخل فی عموم المستثنی منه فی حدیث: «لا تعاد» فی صورة العذر فیحکم بعدم کونه دخیلاً فیه فی تلک الصورة.

فإنه یقال: ماذکرنا سابقاً من عدم ثبوت الملاک فی المجمع للمأمور به فی موارد الترکیب الاتحادی إنّما هو لعدم الدلیل علیه؛ لأنّ الکاشف عنه هو الأمر الترتبی أو الترخیص فی التطبیق کذلک، وشیء منهما لا یمکن فی موارد الترکیب الاتحادی، وأما

ص :207


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

ولا فرق بین النافلة والفریضة فی ذلک علی الأصحّ[1]

الشَرح:

إذا قام دلیل فی مورد علی أنّ انطباق عنوان الحرام علی عمل أو علی بعضه مع کونه موجباً لانکسار ملاک ذلک العمل ومغلوبیة ملاکه بانطباق الحرام جعله الشارع مع صدوره عن المکلف عن عذر فی إیجاد الحرام مسقطاً للتکلیف بالمأمور به فلا نمنع عن الالتزام به فیکون من قبیل جعل البدل، نظیر إجزاء المأمور به الظاهری عن الواقعی فی مورد قیام دلیل خاص علیه، وقد التزمنا بذلک یعنی بجعل البدل فی صلاة التمام فی موارد جهل المسافر بجعل وجوب القصر فی حق المسافر أو کون الصلاة جهراً مسقطاً لوجوب الصلاة إخفاتاً أو بالعکس فی حق الجاهل مع أنّ العلم بالحکم لا یمکن أخذه فی موضوع نفس ذلک الحکم، وکذا جعل البدل فی موارد نسیان جزئیة شیء أو شرطیته أو مانعیته فی غیر الأرکان من الصلاة وکما أنّ موارد الغفلة والنسیان عن الجزئیة والشرطیة والمانعیة مستفادة من حدیث: «لا تعاد» کذلک موارد الجهل بالغصب أو حرمة التصرف فیه بمعنی الغفلة عن الحرمة ولو نشأت من ترک التعلم.

لا فرق بین النافلة والفریضة فی بطلان الصلاة فی المغصوب

[1] عدم الفرق بینهما إذا کان الإتیان بالنافلة بالرکوع والسجود الاختیاریین کما إذا کان الإتیان بالاستقرار فی مکان ظاهر؛ لأنّ الترکیب الاتحادی الذی کان عند الاتیان بالفریضة فی المغصوب یجری فی النافلة أیضاً، وأم_ّا إذا کان الإتیان بها بالإیماء ولو بالرأس فلا اتحاد بین النافلة والغصب لا فی الرکوع ولا فی السجود بناءً علی ما هو الصحیح من عدم دخول الهوی إلیهما فی الرکوع والسجود، بل لا هوی إلیهما عند کون الإیماء بالعین لا بالانحناء بالرأس.

نعم، إذا بنی علی دخول الهوی فی معنی الرکوع والسجود أو کونه شرطاً فیهما

ص :208

.··· . ··· .

الشَرح:

لا مقدمة عقلیة أو عادیة یشکل الصلاة حال المشی فیما إذا کان رکوعه وسجوده بالإیماء بالرأس، حیث إنّ الهوی تصرف فی الفضاء المغصوب نظیر ماذکر فی الوضوء فی مکان مغصوب، حیث إنّ تحریک الید فی الفضاء المغصوب عند غسل الوجه والیدین وإن لا یتّحد مع الوضوء إلاّ أنّ تحریکه فی المغصوب عند مسح الرأس والرجلین تصرف فی الفضاء المملوک للغیر لدخول تحریک الید فی معنی المسح دون غسل الوجه والیدین، حیث إنّ تحریکهما مقدمة لوصول الماء إلی الوجه والیدین، فیکون الترکیب فی الأول اتحادیاً وفی الثانی انضمامیاً، بل قد یقال إنّ الرکوع والسجود فی الإتیان بالنافلة مشیاً إذا کان بالإیماء بالعین فالإیماء أیضاً بها تصرف فی الفضاء المغصوب فلا یجوز، ولا یقاس بالذکر والقراءة حیث إنه تصرف فی لسانه داخل فمه ولو بحسب العرف، ولکن التفرقة بینهما غیر صحیح فإن الإیماء بالعین أیضاً عرفاً تصرف فی عینه لا فی الفضاء المغصوب بمعنی أنّ التصرف فیه لا یدخل فی حقیقة الإیماء بالعین، بخلاف الإیماء الفاحش بالرأس أی بتحریکه والانحناء به فإنّ الکون المفروض یدخل فی نفس الإیماء ولیس المراد أنّ الإیماء بالرأس تصرف آخر فی ملک الغیر، فإنه لا یمکن الالتزام بأنّ من وقف فی ملک الغیر بلا تحریک رأسه فعل حراماً ومن حرکه ارتکب حرامین، ویجیء هذا الکلام فی الهوی إلی الرکوع أیضاً فإنّ الهوی أیضاً إلی الرکوع بنفسه تصرف فی ملک الغیر بکونه حصته من الکون، وأم_ّا نفس الرکوع فهو قائم بالأعضاء بخلاف السجود فإن نفس السجود تصرف فی ملک الغیر، حیث إنه نفس إشغال ملک الغیر بوضع مساجده علیه یعد وضعها علیها تصرفاً آخر غیر الکون الخاص فی مکان مغصوب، کما إذا صلی فی مکان مغصوب علی فراش مغصوب بحیث لو کان مضطراً إلی ذلک الکون من غیر اضطرار إلی إشغال ذلک

ص :209

.··· . ··· .

الشَرح:

الفراش لم یجز التصرف فیه، ولو کان نفس الکون فی مکان مغصوب مع اضطراره إلیه أمراً وسجوده علیه أمراً آخر لم یحل السجود بالاضطرار إلی الغصب، وکان المتعین علیه فی صلاته السجود إیماءً کما فی المحبوس فی مکان مغصوب، بل نفس الکون یتّحد مع السجود، بخلاف سائر الأفعال من الصلاة فإنه لا یتّحد معها بل فیها الکون فی المغصوب لازم جسم المصلی ولیس أفعالها إلاّ أفعالاً قائمة بجسمه فقط عرفاً.

وعلی ذلک فما عن المحقق من عدم اشتراط النافلة بإباحة المکان صحیح إذا صلاها ماشیاً بالإیماء بالعین ثم إنّ الماتن قدس سره لم یحکم بصحة الصلاة فی تلک الموارد أی موارد الغفلة والجهل والنسیان، سواء کانت متعلقة بالموضوع أو الحکم أخذاً بحدیث: «لا تعاد» بل حکمه بها مبنی علی ما التزم به المشهور ممّن تکلم فی مسألة جواز الاجتماع بین الأمر والنهی والتزم بامتناعه وتقدیم جانب النهی لوجود ملاکی الواجب والحرام فی المجمع، غایة الأمر حیث لا یمکن قصد التقرب مع صدور الفعل عن المکلف مع العلم والعمد بالحرام یحکم بالبطلان فی فرض هذا النحو من الصدور.

وأم_ّا فی موارد الغفلة والجهل والنسیان مطلقاً، سواء کان الجهل والغفلة والنسیان متعلقاً بالموضوع أو الحکم فیمکن صدور المجمع بقصد التقرب ولوجود الملاک یحکم بصحة العمل؛ ولذا ذکر نظیر ما ذکره فی المقام فی الوضوء بماء مغصوب أو مکان مغصوب أو ما کان الإناء أو المصب مغصوباً، وما ذکرنا من الحکم بصحة الصلاة فی مورد الجهل أی احتمال الغصب کان لحدیث: «لا تعاد» کما هو الحال فی مورد الغفلة عن حرمة التصرف فی المغصوب. وقد یقال إنّ حدیث: «لا تعاد» لا یقضی الحکم بالصحة عند الجهل بالغصب أو نسیانه لو کان موضع وضع الجبهة

ص :210

.··· . ··· .

الشَرح:

غصباً؛ لأن السجود مذکور فی الحدیث فی ناحیة المستثنی منه، وإذا کان المصلی ناسیاً للغصب فصحة صلاته وتمام سجوده لسقوط النهی بالنسیان. وأما إذا کان جاهلاً فمع کون موضع وضع جبهته غصباً یکون الإخلال بالسجود؛ لأنه لم یحصل منه السجود لکون وضع جبهته علیه کان حراماً وکان السجود الذی جزء للصلاة مقیداً بعدم کون الوضع فیه حراماً واقعاً فلم یحصل هذا السجود.

وبتعبیر آخر، وضع الجبهة علی الأرض عنوان مقوم للسجود وإذا کان موضع وضعها ممّا یحرم التصرف فیه واقعاً حتی فی حال الجهل فلا یتحقق السجود المعتبر فی الصلاة فیحکم ببطلان الصلاة أخذاً بالمستثنی الوارد فیه، ولکن یمکن الجواب عن ذلک بما ذکرنا فیما تقدم أنه لا یعتبر فی الحکم بکون الصلاة المأتی بها مسقطاً مع الخلل تعلق الأمر بها مع ذلک الخلل فإن حدیث «لا تعاد» مقتضاه الأعم من إمکان الأمر بذات الخلل وعدمه، فالصلاة التی محل سجودها غصب واقعاً وإن لا یمکن الأمر بها أو الترخیص الواقعی فی التطبیق الطبیعی علیها مع الجهل بمعنی التردد فی الغصب إلاّ أنه یمکن جعلها مسقطاً للطبیعی المأمور بها وما هو مقوم للسجود هو وضع الجبهة علی الأرض أو غیرها.

وکون موضع وضعها مباحاً أو طاهراً أو مع الاستقرار شرط خارجی عن حقیقة السجود فالإخلال فی الفرض من هذا الشرط الخارجی لا فی ماهو مقوم لمعنی السجود نظیر عدم وضع سائر المساجد کلها أو بعضها علی الأرض، وظاهر حدیث: «لا تعاد» الإعادة فی صورة عدم تحقق أصل السجود لا الإخلال بما یعتبر فی السجود ممّا لا یکون مقوماً فیه فإنّ الإخلال به یکون داخلاً فی المستثنی منه.

ثم إنه قد یقید الحکم بصحة الصلاة فی المغصوب من ناسی الغصب بما إذا لم

ص :211

(مسألة 1) إذا کان المکان مباحاً ولکن فرش علیه فرش مغصوب فصلّی علی ذلک الفرش بطلت صلاته وکذا العکس[1]

الشَرح:

یکن الناسی هو الغاصب وإلاّ یحکم ببطلانها عند غصبه لتنجّز التکلیف بحرمة التصرف فیه حدوثاً وبقاءً علی ما تقرر ذلک فی مسألة التوسط فی الدار المغصوبة، فإنه عند نسیانه الغصب یصدر الفعل عنه مبغوضاً فلا یمکن الحکم بصحته عبادة، ولو کان الناسی خارجاً من خطاب النهی عن الغصب فعلاً ولکن مبغوضیة عمله وتنجز ملاک مبغوضیته بالنهی السابق باقیة عند العمل، وحدیث رفع النسیان(1) لکونه وارداً فی مقام الامتنان لا یشمل هذا الناسی والنهی السابق قد منع عن الصلاة المأتی بها من قبل فلا یعمه حدیث «لا تعاد» أیضاً بل قصد التقرب مقوم محقق للعبادة ولا یتحقق بما یصدر عن المکلف مبغوضاً.

لو صلی علی مغصوب فُرش علی مباح بطلت صلاته

[1] قد ظهر وجه البطلان ممّا تقدم فإنّ السجود الصلاتی فی الفرض تصرف فی ملک الغیر فلا یمکن أن تکون تلک الصلاة متعلق الأمر ولا مورد الترخیص فی التطبیق، وأم_ّا العکس فهو مبنی علی کون المعتبر فی السجود هو الوضع بمعنی إلقاء ثقل أعضاء السجود علی مواضعه أو أنّ المعتبر هو مجرد مماسة الأعضاء بتلک المواضع، ولو کان المعتبر هو الثانی ففی کون السجود تصرفاً فی المکان المغصوب لا فی الفرش المباح خاصة تأمل بل یکون الترکیب بین السجود والتصرف فی ملک الغیر انضمامیاً؛ لأنّ المحرم هو فرش ذلک المکان بالفرش فقط.

ص :212


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 373 ، الباب 12 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 8 .

(مسألة 2) إذا صلی علی سقف مباح وکان ما تحته من الأرض مغصوباً فإن کان السقف معتمداً علی تلک الأرض تبطل الصلاة علیه[1] وإلاّ فلا لکن إذا کان الفضاء الواقع فیه السقف مغصوباً أو کان الفضاء الفوقانی الذی یقع فیه بدن المصلی مغصوباً بطلت الصورتین.

الشَرح:

لو صلّی علی سقف مباح مغصوب ما تحته بطلت صلاته

[1] إذا کان السقف مباحاً بأن کان ما بنی من السقف ملکه، ولکن وضع طرفاً من السقف علی جدار الغیر بأن کان ذلک السقف معتمداً علی ملک الغیر بحیث لو رفع الغیر جداره وقع السقف فحکم قدس سره فی هذا الفرض ببطلان صلاته علی ذلک السقف، وأم_ّا إذا لم یکن معتمداً علی ملک الغیر کما إذا وضع جمیع أطرافه علی ملکه ولکن وضع طرفاً من السقف علی جدار الغیر أیضاً فالتزم بالصحة فی هذا الفرض.

نعم، لو کان یصلی فی ناحیة من السقف الذی یقع بدنه فی فضاء الغیر یحکم أیضاً ببطلانها، بلا فرق بین کون الفضاء تحته غیر مغصوب کما إذا کان الجدار الذی وضع طرف سقفه علیه مع جدار الغیر متلاصقین، أو کان فضاؤه الذی تحته مغصوباً أیضاً إن کان الجدار الذی للغیر ووضع سقفه علیه أیضاً منفصلاً عن جداره بشیء من الفضاء، ومنشأ التزامه بالبطلان أنّ الصلاة علی السقف تصرف فی ملک الغیر وإن لم یکن الترکیب اتحادیاً، کما فی فرض عدم اعتماد السقف علی ملک الغیر ولکن کان الفضاء الذی یصلی فیه ملک الغیر وقد تقدم أنه لا یبعد الصحة مع عدم الترکیب الاتحادی وأنّ السجود فی فرض الاعتماد أیضاً مبنی علی اعتبار الوضع بمعنی إلقاء ثقل الأعضاء.

ص :213

(مسألة 3) إذا کان المکان مباحاً وکان علیه سقف مغصوب فإن کان التصرف فی ذلک المکان یعد تصرفاً فی السقف بطلت الصلاة فیه وإلاّ فلا، فلو صلی فی قبة سقفها أو جدرانها مغصوب وکان بحیث لا یمکنه الصلاة فیها إن لم یکن سقف أو جدار أو کان عسراً وحرجاً[1] کما فی شدة الحر أو شدة البرد بطلت الصلاة.

الشَرح:

الکلام فیما إذا صلی فی مکان مباح وسقفه مغصوب

[1] قد التزم قدس سره ببطلان الصلاة تحت سقف مغصوب أو بین جدرانها المغصوبة إذا عدّت الصلاة تصرفاً فی المغصوب، ویظهر من تفریقه قدس سره أنّ الصلاة فیه تعد تصرفاً فی المغصوب إذا لم یتمکن المصلی من الصلاة فی ذلک لو لم یکن سقف أو جدران مغصوبة کما فی شدة الحر والبرد أو المطر الشدید، وأم_ّا إذا لم تعد تصرفاً فی المغصوب کما یکن لوجود السقف أو الجدران فی الإتیان بالصلاة دخالة بحیث کان یمکنه الصلاة فیه بدونهما بلا عسر وحرج فلا تعد الصلاة تحت السقف تصرفاً فیه کما لا تعد تصرفاً فی الجدران فیحکم بصحة تلک الصلاة، وکذا الحال فی الصلاة تحت الخیمة.

وقد یورد علی ما التزم به بأنّ الصلاة تحت السقف أو الخیمة المغصوبة انتفاع بملک الغیر فمجرد الانتفاع بملک الغیر بلا رضا مالکه لا یکون محرماً فإنه لیس تصرفاً فی ملک الغیر ولا ظلماً وعدواناً علی مالکه وما فی قوله علیه السلام : «لا یحل مال امرئ مسلم إلاّ بطیب نفسه»(1) ظاهره استعماله والتصرف فیه لا مجرد الانتفاع به نظیر مطالعة الکتاب فی ضوء ملک الغیر والجلوس علی ظل جداره وعد ذلک من مجرد الانتفاعات.

ص :214


1- (1) عوالی اللآلی 1 : 222 ، الحدیث 98 .

وإن لم یعد تصرفاً فیه فلا وممّا ذکرنا ظهر حال الصلاة تحت الخیمة المغصوبة فإنها تبطل إذا عدت تصرّفاً فی الخیمة بل تبطل علی هذا إذا کانت أطنابها أو مسامیرها غصباً کما هو الغالب إذ فی الغالب یعدّ تصرفاً فیها وإلاّ فلا.

(مسألة 4) تبطل الصلاة علی الدابة المغصوبة[1] بل وکذا إذا کان رحلها أو سرجها أو وطاؤها غصباً بل ولو کان المغصوب نعلها.

الشَرح:

أقول: یمکن أن یقال إنّ فی الفرض غاصب وما لا دلیل علی حرمته هو مجرد الانتفاع بملک الغیر من غیر أن یکون متصرفاً فی ملک الغیر عدواناً، ولکن قد ذکرنا أنّ الحرام وهو التصرف فی ملک الغیر لا یتحد مع الصلاة فی الفرض؛ لأنّ التصرف فی ملک الغیر إبقاء سقفه علی ملک الغیر واستعمال خیمته للاستظلال، وأم_ّا الصلاة فلا یکون الترکیب بینها وبین التصرف فی ملک الغیر ولا الانتفاع به اتحادیاً؛ لأنّ نفس الکون تحت السقف المزبور انتفاع، وأم_ّا صلاة الکائن فهی استعمال لأعضائه وتصرف فی ملک نفسه کما هو فرض کون محل سجوده ملکه.

تبطل الصلاة علی الدابة المغصوبة

[1] ظاهر کلامه قدس سره الحکم بالبطلان بلا فرق بین کون رکوعه وسجود بالإیماء أو کونهما بغیر الإیماء بأن یکون سجوده علی الرحل والسرج، ولا یتم ذلک علی ماذکرنا فیما إذا کان رکوعه وسجوده بالإیماء، سواء کان الإیماء بالرأس أو بالعینین لعدم کون الإیماء تصرفاً فی المغصوب، وما ذکر قدس سره مبنی علی عدم جواز کون الاستقرار والوقوف غصباً، ولا فرق فی بطلان الصلاة بین کون فعل الصلاة بنفسه غصباً أو کان الغصب موقوفاً علیه لفعلها، وقد بینا الفرق بینهما مع کون مقدمة فعل الصلاة غصباً یکون الترکیب بین الصلاة والغصب ترکیباً انضمامیاً فیمکن الأمر بها أو الترخیص فی

ص :215

(مسألة 5) قد یقال ببطلان الصلاة علی الأرض التی تحتها تراب مغصوب ولو بفصل عشرین ذراعاً وعدم بطلانها إذا کان شیء آخر مدفوناً فیها، والفرق بین الصورتین مشکل[1] وکذا الحکم بالبطلان لعدم صدق التصرف فی ذلک التراب أو الشیء المدفون.

نعم، لو توقف الاستقرار والوقوف فی ذلک المکان علی ذلک التراب أو غیره یصدق التصرف ویوجب البطلان.

الشَرح:

التطبیق ترتباً بخلاف موارد الترکیب الاتحادی والاستقرار إن أُرید به عدم حرکة الأعضاء وسکونها فهو موقوف علی القرار علی السرج أو الرحل المغصوب أو علی وطاء الدابة فالترکیب انضمامی، وإن اُرید به نفس القعود أو القیام علی مکان فقد تقدم أنّ ذلک غیر داخل فی أفعال الصلاة وشرائطها وهو قدس سره أیضاً یعترف بذلک کما یأتی فی المسائل الآتیة ویجعل الملاک بعدّ الصلاة عرفاً تصرفاً فی المغصوب، وقد ذکرنا أنه لو کانت الصلاة تصرفاً فی المغصوب لکان المستقر علی السرج المغصوب من غیر أن یصلی فیه مع من یصلی فیه متفاوتین فی الغصب، فإنّ الأول تصرف فی الغصب بتصرف واحد والمصلی متصرف فیه بتصرفین والعرف لا یساعده.

نعم، إذا سجد المصلی علی السرج أو الرحل یری العرف السجود عین التصرف المحرم، حیث إنّ الکون الغصبی یتّحد مع السجود علی ما تقدم.

فی الصلاة علی الأرض التی تحتها تراب مغصوب

[1] التفرقة بین التراب المفروض أو الشیء المدفون وإن کان بلا وجه، حیث لا فرق بینهما فی صورة عدم توقف الاستقرار علیهما وفی صورة توقف الاستقرار إلاّ أنه لا یصدق التصرف فیهما حتی بالإضافة إلی مواضع أعضاء السجدة، حیث إن

ص :216

(مسألة 6) إذا صلی فی سفینة مغصوبة بطلت[1] وقد یقال بالبطلان إذا کان لوح منها غصباً وهو مشکل علی إطلاقه، بل یختص البطلان بما إذا توقف الانتفاع بالسفینة علی ذلک اللوح.

(مسألة 7) ربما یقال ببطلان الصلاة علی دابة خیط خرجها(1) بخیط مغصوب[2] وهذا أیضاً مشکل؛ لأنّ الخیط یعد تالفاً ویشتغل ذمة الغاصب بالعوض إلاّ إذا أمکن رد الخیط إلی مالکه مع بقاء مالیته.

الشَرح:

التوقف والاستقرار عقلاً علی ذلک التراب أو الشیء المغصوب لا یوجب التصرف والاعتماد علیها عرفاً لیکون موجباً لبطلان السجود.

تبطل الصلاة فی السفینة المغصوبة

[1] لما تقدم من بطلان الصلاة مع کون مواضع سجوده غصباً، وأم_ّا إذا کان لوح من غیر مسجده غصباً فالصلاة محکومة بالصحة، سواء توقف الانتفاع بالسفینة علی ذلک اللوح أم لا فإنه مع التوقف وعدم کون مسجده غصباً یکون الترکیب انضمامیاً، بل الصلاة فیها انتفاع لا تصرف فی الخشبة علی مامر.

الکلام فی الصلاة علی الدابة التی خیط خرجها بخیط مغصوب

[2] قد یقال فی وجه البطلان أنه إذا صلی علی الدابة تکون صلاته تصرفاً فی خرجها الذی یحرم التصرف فیه لکون خیوطه غصباً، وذکر الماتن أنه إذا عد الخیوط المغصوبة تالفة حیث لا یمکن ردّها علی مالکها مع بقاء مالیتها ینتقل ملک مالکها إلی

ص :217


1- (1) فی بعض التعلیقات: جرحها وکذا فی التنقیح والمستمسک .

(مسألة 8) المحبوس فی المکان المغصوب یصلی فیه قائماً مع الرکوع والسجود إذا لم یستلزم تصرفاً زائداً علی الکون فیه[1] علی الوجه المتعارف کما هو الغالب، وأم_ّا إذا استلزم تصرفاً زائداً فیترک ذلک الزائد ویصلّی بما أمکن من غیر استلزام، وأم_ّا المضطر إلی الصلاة فی المکان المغصوب فلا إشکال فی صحة صلاته.

الشَرح:

بدلها فلا یکون تصرف الراکب تصرفاً فی ملک الغیر.

نعم، إذا أمکن ردها علی مالکها مع بقاء مالیتها فالأمر کما ذکر، ولکن لا یخفی أنه مع عدم وضع الجبهة علی الخیط یکون الترکیب انضمامیاً فلا بأس بصلاته ولا تخرج الخیوط عن ملک مالکها إلاّ برد البدل، حیث إنّ رد البدل معاوضة قهریة، بخلاف قبل رد البدل فإنها تبقی علی ملکه وإن خرجت عن المالیة.

وعلی الجملة، عد الخیط تالفاً واشتغال ذمة الغاصب بالعوض لا یوجب صحة الصلاة، بل یحکم بصحتها مع عدم السجود علی الخیط وان أمکن ردّه علی مالکه مع بقاء مالیته مع الأرش أو بدونه.

حکم صلاة المحبوس فی المکان المغصوب

[1] قد تقدم أنّ الکون الغصبی لا یختلف بالزیادة والنقیصة باختلاف حالات الغاصب من القیام والقعود والجلوس والرکوع والسجود، غایة الأمر فی بعض الحالات یکون الإشغال بالإضافة إلی الفضاء أکثر وبالإضافة إلی نفس الأرض أقل واُخری بالعکس، وعلیه فإن اضطر إلی الکون فی مکان مغصوب جاز له الصلاة فیه وإن علم بأنه یتمکن من الصلاة قبل خروج وقتها فی مکان آخر مباح لعدم اضطراره إلی الصلاة فیه.

ص :218

(مسألة 9) إذا اعتقد الغصبیة وصلی فتبین الخلاف فإن لم یحصل منه قصد القربة بطلت[1] وإلاّ صحّت وأما إذا اعتقد الإباحة فتبین الغصبیة فهی صحیحة من غیر إشکال.

الشَرح:

نعم، إذا توقفت الصلاة الاختیاریة علی تصرف آخر فی ذلک غیر الکون فیه، فإن أمکن له تأخیر الصلاة بحیث یأتی بالصلاة الاختیاریة قبل خروج وقتها تعین تأخیرها، وإلاّ یکتفی بالصلاة الاضطراریة الذی لا تستلزم التصرف الآخر، ویمکن أن یکون من هذا القبیل فیما إذا کان المحبوس محدثاً والماء الموجود فیه أیضاً مغصوب فإنه إذا أمکن تأخیر الصلاة بحیث یرتفع اضطراره قبل خروج وقت الصلاة ویصلی مع الطهارة المائیة تعیّن التأخیر، وإلاّ فلا یبعد أن تکون وظیفته التیمم حیث إنّ التیمم لا یزید علی الکون فی المکان المغصوب، هذا إذا لم یکن مضطراً إلی استعمال ذلک الماء، وأم_ّا إذا کان معه ترک غسل جسده أمراً ضرریاً أو حرجیاً فلا یبعد وجوب الوضوء أو الغسل بغسله المضطر إلیه، وهذا مع عدم إباحة الماء أو ظرفه أو مصبه، وأم_ّا معها فالوظیفة الطهارة المائیة.

فی صلاة من اعتقد الغصبیة فصلّی

[1] فرض الإتیان بالصلاة امتثالاً لأمر الشارع بها مع الاعتقاد الجزمی بأنّ المکان مغصوب وأنّ الصلاة فیه تصرف فی ذلک المکان ولو فی سجودها وأنّ التصرف الحرام یوجب فساد إجارة فرض غیر واقع وإن تبین بعد الخلاف وخطأ جزمه وعلم بأنّ المکان کان مباحاً، بخلاف ما إذا لم یکن اعتقاده بالغصب جزمیاً أو لم یعلم بحرمة التصرف فی مکان مغصوب حتی بالصلاة فیه أو لم یعلم أنّ الحرمة لا تجتمع مع صحة العبادة، فإنه فی هذه الفروض یمکن تحقق قصد التقرب، وإذا تبین بعد ذلک إباحة

ص :219

(مسألة 10) الأقوی صحة صلاة الجاهل بالحکم الشرعی[1] وهی الحرمة وإن کان الأحوط البطلان خصوصاً فی الجاهل المقصّر.

الشَرح:

المکان المفروض وتحقق قصد التقرب یعلم بدخولها فی الطبیعی المأمور بها المستلزم للترخیص فی التطبیق.

وممّا ذکرنا یعلم أنه لو اعتقد جزمیاً کون مکان صلاته مباحاً وصلی فیه ثم انکشف أنه کان غصباً یحکم بصحة الصلاة لعدم الحرمة فی تصرف الغافل عن الغصب لیتقید الطبیعی بالصلاة فی غیر ذلک.

وأما إذا کان اعتقاده بالإباحة غیر جزمی بحیث احتمل الغصب فالنهی الواقعی الموجب لتقید المأمور به بغیره وإن کان موجوداً إلاّ أنّ مقتضی حدیث: «لا تعاد»(1) جعل المأتی به بدلاً فإنّ صلاته فیه کان عن عذر بقاعدة الید الجاریة بالإضافة إلی من کان المکان بیده أو بغیرها والبدل کما تقدم بدل فی مقام الامتثال وإسقاط التکلیف ولیس متعلقاً بتکلیف آخر.

الأقوی صحة صلاة الجاهل بالحکم الشرعی

[1] هذا بالإضافة إلی من یعلم غصب المکان ولکن کان غافلاً عن حرمة التصرف فی الغصب ولو بالصلاة فیه ولم یکن نفسه غاصباً علی ما مر، وأم_ّا بالإضافة إلی من یحتمل حرمة التصرف فیه ولو بالصلاة فیه کان النهی الواقعی فعلیاً فی حقه، ولکون جهله جهل تقصیری وکانت وظیفته السؤال عن حکم التصرف فی مال الغیر قبل الصلاة بل حالها فلا یعمه حدیث: «لا تعاد»(2) حیث إنّ ظاهره عدم لزوم الإعادة

ص :220


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .
2- (2) تقدم تخریجه آنفاً.

(مسألة 11) الأرض المغصوبة المجهول مالکها لا یجوز التصرف فیها ولو بالصلاة ویرجع أمرها إلی الحاکم الشرعی[1] وکذا إذا غصب آلات وأدوات من الآجر ونحوه وعمر بها داراً أو غیرها ثم جهل المالک فإنه لا یجوز التصرف ویجب الرجوع إلی الحاکم الشرعی.

الشَرح:

علی من کان یأتی بالصلاة بحسب وظیفته بنظره واعتقاده.

لا تجوز الصلاة فی الأرض المغصوبة المجهول مالکها

[1] هذا فیما إذا کانت الأرض معمورة فإنّ مع جهالة مالکها یکون أمر التصرف فیها بید الحاکم الشرعی لکونه ولیاً علی الغائب لکون التصرف فیها من الاُمور الحسبیة، وأم_ّا إذا کانت أرضاً مخروبة مغصوبة فکون جواز التصرف فیها منوطاً بإجازة الحاکم الشرعی ولو بمثل الصلاة فیها محلّ تأمل، بل لا یبعد جواز التصرف فیها خصوصاً بمثل الصلاة فیها، وأم_ّا إذا کانت الأرض مباحة وملکاً له ولکن غصب آلات وأدوات من الآجر ونحوه وعمّر بها داراً أو غیرها، فإن صرف من الآلات علی الأرض التی یصلی علیها فحکم الصلاة فیها حکم الصلاة فی المغصوب، وإن لم یصرف منها فی الأرض فالصلاة فیها حکم الصلاة فی الخیمة المغصوبة مالم یراجع الحاکم الشرعی فی أمر التصرف فیها.

وعلی الجملة، أمر الأرض المعمورة مع الجهل بمالکها أو غیاب مالکها وفقد الوکیل عنه داخل فی الاُمور الحسبیة التی یکون مقتضی الأدلة الأولیة عدم جواز التصرف فیها لکونها ملک الغیر، والتصرف فیها بدون طیب نفس مالکها عدوان وتصرف فی ماله بدون طیب نفسه ورضاه، فإنّ توقف المحافظة علیها لمالکها موقوفاً علی التصرف فیها بوجه، فالمتیقن من جواز التصرف ما کان بالاستیذان من الحاکم الشرعی أو المعاملة معه بوجه یراعی مصلحة المالک، وإذا کانت هذه الأرض

ص :221

(مسألة 12) الدار المشترکة لا یجوز لواحد من الشرکاء التصرف فیها[1] إلاّ بإذن الباقین.

الشَرح:

مغصوبة فرضاً الغاصب لا أثر له فعلی المتصرف حتی فی الصلاة فیها أن یراجع الحاکم الشرعی، وکذا إذا کانت الأرض معمورة بالمال المغصوب من الآلات والأدوات، وأم_ّا إذا کانت مخروبة فلا یبعد جواز التصرف فیها بالصلاة ونحوها من التصرفات من غیر الغاصب لجریان السیرة علی مثل هذه التصرفات إذا لم یکن مثل هذه التصرفات من استحکام ید الغاصب علیها، حیث إنّ الأرض المخروبة المتروکة من مالکها المجهول یلحق بالأراضی الوسیعة التی یأتی الکلام فی حکم الصلاة فیها.

فقد ظهر ممّا ذکرنا أنّ اعتبار المراجعة إلی الحاکم الشرعی أو وکیله فیما ذکرنا لا یحتاج إلی إثبات أن القضاة فی زمان الأئمة علیهم السلام کانوا یتصدون لأمر المال الغائب عنه مالکه، وجعل ولایة القضاء علی الراوی والناظر فی حلال الشریعة وحرامها مقتضاه جعل الولایة للتصرف فی ذلک المال ونحوه له أیضاً لیناقش فی الاقتضاء أو إلی التمسک بالتوقیع المروی: وأم_ّا الحوادث الواقعة فارجعوا فیها إلی رواة حدیثنا(1). لیناقش مضافاً إلی ما فی السند بأنّ مناسبة الحکم والموضوع ناظر إلی من یرجع إلیه فی تعلم الأحکام.

[1] وذلک فإن کل جزء من المال المشترک ملک للشرکاء فلا یجوز التصرف فیه إلاّ برضا الجمیع.

نعم، لو فرض أنّ بعض الورثة تصرفوا فی الدار تقاصّاً عن إمساک البعض الآخر بعض ترکة المیت وتصرفهم فیه من غیر المراضاة فیما بینهم جاز.

ص :222


1- (1) وسائل الشیعة 27 : 140 ، الباب 11 من أبواب صفات القاضی، الحدیث 9 .

(مسألة 13) إذا اشتری داراً من المال الغیر المزکی أو الغیر المخمس یکون بالنسبة إلی مقدار الزکاة أو الخمس فضولیاً[1] فإن أمضاه الحاکم ولایة علی الطائفتین من الفقراء والسادات یکون لهم فیجب علیه أن یشتری هذا المقدار من الحاکم وإذا لم یمض بطل وتکون باقیة علی ملک المالک الأول.

الشَرح:

الکلام فی شراء دار من مال غیر مخمس أو مزکی

[1] إذا اشتری الدار بعین المال المتعلق به الخمس بأن جری العقد بین الدار والمال غیر المخمس فإن کان بایعها مؤمناً ینتقل تمام الثمن إلی ملکه بمقتضی أخبار التحلیل، حیث إنّ المال تعلق به الخمس فی ید المشتری ولازم انتقال الثمن کذلک تعلق الخمس بنفس الدار، ونتیجة ذلک عدم جواز تصرف المشتری فیها إلاّ بعد أداء خمس الدار عیناً أو بدلاً أی بالقیمة فالشراء غیر فضولی، وأما إذا کان بایعها غیر المؤمن فالمعاملة وإن کانت فضولیة یحتاج إلی الإمضاء فإن أجازها الحاکم یأخذ خمس الدار، وتملک المشتری تمام الدار موقوف علی أن یشتری خمس الدار من الحاکم إلاّ أنّ المشتری إذا دفع خمس الثمن من مال آخر قبل الشراء صح الشراء بعین ذلک المال بلا حاجة إلی إجازة الحاکم، وإن أخرج الخمس من مال آخر بعد الشراء ففی کفایة هذا الإخراج عن إجازة الحاکم البیع إشکال؛ لأنه داخل فی مسألة من باع ثم ملک إلاّ انه یجزی إخراج الزکاة من مال آخر بعد بیع النصاب لما ورد فی صحیحة عبد الرحمن أبی عبد اللّه، قال: قلت لأبی عبد اللّه علیه السلام : رجل لم یزک إبله أو شاته عامین فباعهما علی من اشتراها أن یزکیها لما مضی؟ قال: «نعم، تؤخذ منه زکاتها ویتبع بها البائع أو یؤدی زکاتها البائع»(1) حیث إنّ ظاهرها أنّ إخراج بائعها زکاتها بعد بیعها وقهراً یکون الإخراج من مال آخر کافیاً فی نفوذ المعاملة من حیث الحکم الشرعی لا أنه علیه السلام یجیز

ص :223


1- (1) وسائل الشیعة 9 : 127 ، الباب 12 من أبواب زکاة الانعام، الحدیث الأوّل .

(مسألة 14) من مات وعلیه من حقوق الناس کالمظالم أو الزکاة أو الخمس لا یجوز لورثته التصرف فی ترکته[1 [ولو بالصلاة فی داره قبل أداء ما علیه من الحقوق.

الشَرح:

المعاملة علی أحد التقدیرین ولا یبعد عدم الفرق فی ذلک بین الزکاة والخمس.

لا یجوز للورثة التصرف فی ترکة من علیه زکاة أو خمس

[1] إن کان المفروض فی هذه المسألة اشتغال ذمة المیت بالدیون التی عبّر عنها بحقوق الناس ومثّل لها بالمظالم والزکاة والخمس، وذکر أنه لا یجوز لورثة المیت التصرف فی ترکته ولو بالصلاة فی داره قبل أداء ما علیه من الحقوق فقد نتعرض لها فی المسألة الآتیة، وإن کان المفروض تعلّق الحقوق بأموال المیت ووجود المظالم فیها فجواز التصرف فی ترکته وإن یکون بإخراجها إلاّ أنه لا ینحصر بالاخراج، بل إذا کان من تعلّق الزکاة أو وجود المظالم أو الخمس فیمکن التصرف فیها بالاستیذان من الحاکم الشرعی وتحصیل إذنه، حیث إنه ولی الزکاة والخمس والمظالم، فإذا رأی عدم منافاة تصرف الورثة لاستیفائها من الترکة فلا بأس بإذنه، وهذا فی غیر الخمس، وأما فی مورد تعلق الخمس بها فی حیاة المیت فلزوم الإخراج أو الاستیذان مبنی علی عدم دخول ما فی الترکة فی مدلول أخبار التحلیل ودخوله فیها غیر بعید، وفی معتبرة أبی خدیجة سالم بن مکرم، عن أبی عبد اللّه علیه السلام قال: قال رجل _ وأنا حاضر _ حلّل لی الفروج، ففزع أبو عبد اللّه علیه السلام فقال له رجل: لیس یسألک أن یعترض الطریق إنما یسألک خادماً یشتریها أو امرأة یتزوّجها أو میراثاً یصیبه أو تجارة أو شیئاً أعطیه، فقال: «هذا لشیعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والمیت منهم والحی وما یولد منهم إلی یوم القیامة فهو لهم حلال أما واللّه لا یحل إلاّ لمن أحللنا له»(1) حیث لا یبعد أن یکون

ص :224


1- (1) وسائل الشیعة 9 : 544 ، الباب 4 من أبواب الانفال، الحدیث 4 .

(مسألة 15) إذا مات وعلیه دین مستغرق للترکة لا یجوز للورثة ولا لغیرهم التصرف فی ترکته قبل أداء الدین، بل وکذا فی الدین غیر المستغرق إلاّ إذا علم رضا الدیان بأن کان الدین قلیلاً والترکة کثیرة والورثة بانین علی أداء الدین غیر متسامحین، وإلاّ فیشکل حتی الصلاة فی داره ولا فرق فی ذلک بین الورثة وغیرهم[1].

الشَرح:

میراثاً یصیبه مطلقاً غیر مختص بخصوص الجاریة ولو بقرینة تجارة أو شیئاً اُعطیه، وأوضح منها ما فی معتبرة یونس بن یعقوب علی روایة الفقیه حیث فی سندها الحکم بن مسکین وهو من المعاریف الذی لم یرد فیهم قدح، قال: کنت عند أبی عبد اللّه علیه السلام فدخل علیه رجل من القماطین فقال له: جعلت فداک تقع فی أیدینا الأرباح والأموال وتجارات نعرف أنّ حقک فیها ثابت وأن_ّا عن ذلک مقصّرون، فقال أبو عبد اللّه علیه السلام : «ما أنصفناکم إن کلّفناکم ذلک الیوم»(1) ودعوی إطلاقهما بالإضافة إلی مایربحه المکلف ویستفیده من الأموال التی یتعلّق بها فی یده وان لا تبعد إلاّ أنه لابد من رفع الید عن الإطلاق بدلالة صحیحة علی بن مهزیار الواردة فی تعلّق الخمس ووجوب أدائه علی من یقع فی یده من الفوائد والأرباح فی کل عام والضرورة ووجود الوکلاء عن الأئمة علیهم السلام بالإضافة إلی أخذ الخمس وإیصاله إلیهم علیهم السلام (2).

لا یجوز التصرف فی ترکة من علیه دین مستغرق لها

[1] قد فرض قدس سره فی هذه المسألة اشتغال ذمة المیت بالدیون للناس وذکر أنه لا یجوز للورثة التصرف فی الترکة قبل أداء دیون المیت، هذا فی صورة کون الدیون

ص :225


1- (1) من لا یحضره الفقیه 2 : 44 ، الحدیث 1659.
2- (2) وسائل الشیعة 9 : 501 ، الباب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، الحدیث 5 .

.··· . ··· .

الشَرح:

مستغرقة للترکة، وأم_ّا فی غیر المستغرق أیضا کذلک إلاّ أنه إذا أحرز رضا الدیان بتصرف الورثة جاز لهم التصرف، کما إذا کان دین المیت قلیلاً والترکة کثیرة والورثة بانین علی أدائه غیر متسامحین فیه، وإن لم یحرز رضاهم فلا یجوز لهم التصرف حتی فی الصلاة فی دار المیت بلا فرق فی عدم الجواز بین الورثة وسایر الناس.

أقول: لو بنی علی أنه مع اشتغال ذمة المیت بالدیون تنتقل الترکة إلی ملک الورثة؛ لأنّ المیت لا یملک بعد موته؛ لأنه ملحق بالجماد وأنّ الدیان إنما یملکون المال علی ذمة المیت لا الترکة فیلزم أن یکون جمیع الترکة منتقلاً إلی الورثة لعدم إمکان بقاء الملک بلا مالک، غایة الأمر یتعلق بها حق غرماء المیت فإنّ لهم أن یستوفوا دیونهم منها وتعلق هذا الحق یمنع عن تصرف الورثة فی الترکة؛ ولذا لو تبرع الغیر بأداء دین المیت تکون الترکة ملکا للورثة بحسب سهام میراثهم، وکذا فیما إذا أدّی الورثة دیون المیت من أموالهم الخاصة.

وعلی ذلک فإن رضی غرماء المیت بتصرفهم فی الترکة جاز لهم التصرف لرضا صاحب الحق، وما ذکر قدس سره یناسب هذا المسلک، وعلیه لا فرق بین استغراق دیون المیت ترکته وعدمه لکن هذا المسلک یعنی البناء علی انتقال الترکة إلی ملک الورثة فی صورة استغراق الدین وعدمه ضعیف وخلاف ظاهر الآیة المبارکة(1) الظاهرة فی أنّ ملک الورثة بعد استثناء الدین وحساب الوصیة فیکون مقدار الدین والوصیة باقیا علی ملک المیت.

ودعوی أنّ المیت ملحق بالجماد لا یملک شیئا بلا شاهد، بل مقتضی إطلاقات ما دلّ علی موجبات الملک من المعاملات وغیرها أنّ الشخص یتملک بملکیة مطلقة

ص :226


1- (1) سورة النساء : الآیة 11 .

.··· . ··· .

الشَرح:

الشیء ما لم یثبت ناقل عن ملکه، سواء کان الناقل اختیاریا کالمعاملات أو غیر اختیاری کالموت، فالموت ناقل غیر اختیاری بمقتضی ظاهر الآیة المبارکة بالإضافة إلی غیر مقدار الدین والوصیة النافذة، ویمکن أیضا أن یتملک الإنسان بعد موته بحدوثه بعد موته، کما إذا أوصی بستانا من ثلثه بصرف عوائده فی الخیرات، فالفوائد من ثمار الاشجار وغیرها ملک للمیت حین حدوثها فتصرف فی الخیرات ولو کان المیت ملحقا بالجماد لا یعقل أن یکون مالکا ولم یکن له ذمة أیضا بحیث یتملک غرماؤه المال علی ذمته أو کانت ذمته مشغولة بالحج والصلاة والصیام؛ ولذا التزم جماعة(1) بأنّ مقدار الدین وحساب الوصیة من الترکة یبقی علی ملک المیت، ولکن یتعلق به حق الدیان بحیث لا یجوز التصرف فیها بغیر أداء دیون المیت وتنفیذ وصایاه، وعلیه فرضا الفرقاء بتصرف الورثة لا یفید شیئا فی جواز تصرفهم؛ لأن الترکة ملک للمیت مع استیعاب الدیون، ولا تخرج برضاهم عن ملک المیت إلی ملک الورثة إلاّ إذا کان رضاهم بمعنی إسقاط الدیون عن ذمة المیت، فإن مع إسقاطها تصیر الترکة داخلة فی سهام الورثة.

نعم، لو رضی الدیان بضمان الورثة دیون میتهم بضمان شرعی بحیث تتنقل الدیون من ذمة المیت إلی ذممهم جاز أیضا لهم التصرف فی الترکة لدخولها فی سهامهم أیضا، کما أنه لو ضمن بعض الورثة بطلب سایر الورثة جمیع دیون المیت للغرماء ورضی الغرماء بضمانه أو کان ضمانه بالاستیذان من وصی المیت أو الحاکم الشرعی لئلا یکون ضمانه للغرماء تبرعیاً ویمکن أیضاً تصرف الورثة فی ترکة المیت

ص :227


1- (1) حکاه عنهم النراقی فی مستند الشیعة 19 : 112 .

.··· . ··· .

الشَرح:

بنحو الانتفاع منها مع استیعاب دیون المیت جمیعها بإذن وصی المیت مع وجوده أو الحاکم مع عدمه فیما إذا کان تصرفهم لا یمنع ولا یزاحم عن أداء دیون المیت منها کما إذا أذن لهم بالبقاء فی دار المیت إلی أن یوجد المشتری لها مع إحرازه بخروجهم منها بتحقق بیعها؛ لأن للوصی والحاکم ولایة علی ترکة المیت مع بقائها علی ملکه، هذا بالإضافة إلی الدیون المستغرقة جمیع الترکة.

وأم_ّا إذا کانت الترکة کثیرة فلا یبعد جواز تصرف الورثة فی بعضها ولو من غیر رضاء الدیان وعدم الاستیذان من الوصی أو الحاکم؛ لأنّ دین المیت فی الفرض لا یوجب بقاء جمیع الترکة فی ملک المیت، بل ملکه من الترکة مقدار دینه فللورثة التصرف فی غیر مقدار دینه.

وبتعبیر آخر، ملک المیت فی الفرض فی الترکة بنحو الکلی فی المعین وغیره ملکهم علی حسب سهام إرثهم، وکون ملک المیت بنحو الکلی فی المعین لازمه أنه مع تلف بعض الترکة لا ینقص شیئا من ملک المیت، بل لابد من أداء دینه من الباقی، وهذا بخلاف مقدار الوصیة فإنّ الوصیة لا تنفذ إلاّ إذا کان بمقدار الثلث بأن یکون الباقی للورثة مقدار الثلثین کما هو مفاد الأخبار الواردة(1) بأن المال للشخص مادام حیاته وإذا قال بعد موته فلیس له إلاّ الثلث، والثلث ظاهر فی الإشاعة ولو تلف بعض الترکة بآفة سماویة ونحوه یرد النقص علی الثلث والثلثین جمیعا فلا ینفذ وصیته إذا کانت زائدة علی الثلث إلاّ مع رضا الورثة.

وعلی الجملة، الموجب للتفرقة بین الدیون والوصیة بالالتزام بأنّ دین المیت مقداره بنحو الکلی فی المعین فی جمیع الترکة، وفی الوصیة مقداره بنحو الکلی فی

ص :228


1- (1) من لا یحضره الفقیه 4 : 186 ، باب ما یجب من رد الوصیة، 5426.

.··· . ··· .

الشَرح:

المعین فی ثلث الترکة، وإذا وقع تلف فی الترکة بنقص ثلث المیت وثلثا الورثة بحسب الشرکة والإشاعة.

وعلی ما ذکر فقد یقال لا مانع مع کثرة الترکة وقلة الدین من تصرف الورثة فی بعض الترکة مع کونهم بانین علی أداء دین المیت فی أول أزمنة إمکانه من غیر حاجة إلی الحاکم أو الوصی مع وجوده، نظیر جواز تصرف البایع فی بیعه الکلی المعین من جملة المال کالصبرة، حیث إنّ غیر المقدار الکلی المبیع ملکه فیجوز له التصرف فی غیر مقداره، ولا بأس بهذا التنظیر فیما إذا لم یجعل المیت الولایة فی إخراج دیونه من ترکته وإیصالها إلی أهلها لشخص آخر یجعله وصیه فی ذلک، فإن للورثة حینئذٍ الاستیذان من الوصی، وإذا رأی الوصی أنّ تصرفهم لا ینافی إخراج دیون المیت جاز له الإذن لهم فی التصرف، حیث إنّ إذنه تعیین لملک المیت فی غیر ذلک المال، بل الأحوط للورثة إذا لم یوص إلیهم فی إخراج الدیون من ترکته وإیصالها إلی أهلها ولم یجعل وصیا آخر الاستیذان من الحاکم فی تصرفهم فی ذلک المال، ولا یبعد أن یکون للوصی أو الحاکم الإذن للورثة فی التصرف فی جمیع الترکة بتصرف لا ینافی إخراج دین المیت کما إذن لهم فی سکنی الدار إلی زمان یوجد من یشتریها وکان ثمن الدار وافیا لدیون المیت أو أکثر منها.

وممّا ذکرنا یظهر الحال فیما إذا کان دین المیت من قبیل حقوق الناس کالزکاة والخمس والمظالم فإن قیل إفراغ ذمة المیت یتوقف تصرفهم علی الاستیذان من الوصی أو الحاکم الشرعی علی ما مرّ.

وعلی الجملة، الاستیذان من الغرماء لا أثر له إلاّ إذا کان رضاهم بمعنی إسقاط الدین عن ذمة المیت أو الرضا بضمان الورثة لدیونهم بضمان شرعی علی ما تقدم بخلاف إذن الوصی أو الحاکم الشرعی فإنّ لهما الولایة فی مال المیت.

ص :229

وکذا إذا لم یکن علیه دین ولکن کان بعض الورثة قاصرا أو غائبا أو نحو ذلک[1]

(مسألة 16) لا یجوز التصرف حتی الصلاة فی ملک الغیر إلاّ بإذنه الصریح أو الفحوی أو شاهد الحال، والأوّل کأن یقول: أذنت لک بالتصرف فی داری بالصلاة فقط أو بالصلاة وغیرها، والظاهر عدم اشتراط حصول العلم برضاه، بل یکفی الظن الحاصل بالقول المزبور؛ لأنّ ظواهر الألفاظ معتبرة عند العقلاء، والثانی کأن یأذن فی التصرف بالقیام والقعود والنوم والأکل من ماله ففی الصلاة بالأُولی یکون راضیا، وهذا أیضا یکفی فیه الظن علی الظاهر؛ لأنه مستند إلی ظاهر اللفظ إذا استفید منه عرفا، وإلاّ فلا بد من العلم بالرضا، بل الأحوط اعتبار العلم مطلقا. والثالث کأن یکون هناک قرائن وشواهد تدلّ علی رضاه کالمضایف المفتوحة الأبواب والحمامات والخانات ونحو ذلک، ولابد فی هذا القسم من حصول القطع بالرضا لعدم استناد الإذن فی هذا القسم إلی اللفظ ولا دلیل علی حجیة الظن الغیر الحاصل منه[2]

الشَرح:

لا یجوز التصرف فی الترکة إذا کان بعض الورثة قاصراً أو غائباً

[1] وعدم الجواز فی الفرض للشرکة فی الترکة وحیث إنه بعض الشرکاء قاصرا أو غائباً فاللازم فی تصرف باقی الورثة إما إخراج سهامهم من الترکة أو ضمان سهامهم بضمان الشرعی أو الاستیذان من الولی، فإن لم یکن للقاصر أب أو جدّ للأب فاللازم المراجعة إلی القیّم أو الحاکم الشرعی مع عدمه، والمراجعة إلی الحاکم فی صورة کون بعض الورثة غائبا مطلقا ولو کان له أب أو جدّ علی الأحوط لو لم یکن أقوی.

یعتبر فی التصرف فی ملک الغیر إحراز رضا المالک

[2] یعتبر فی التصرف فی ملک الغیر وماله فی التصرفات الخارجیة الانتفاعیة

ص :230

(مسألة 17) تجوز الصلاة فی الأراضی المتسعة اتساعا عظیما بحیث یتعذر أو یتعسر علی الناس اجتنابها وإن لم یکن إذن من مُلاّکها بل وإن کان فیهم الصغار والمجانین، بل لا یبعد ذلک وإن علم کراهة الملاّک وإن کان الأحوط التجنب حینئذ مع الامکان[1]

الشَرح:

طیب نفس مالکه بالتصرف لقوله علیه السلام : «لا یحل مال امرئ مسلم إلاّ بطیب من نفسه»(1) ولأنّ التصرف فی ملکه ظلم وعدوان علی المالک، وبما أنّ إذن المالک إظهار لطیب نفسه وربما یظهر الرضا وطیب نفسه خجلاً أو لغیر ذلک من الدواعی فلا یکون إنشاؤه رضاه ملازما لطیب النفس، فإن علم أنّ إظهاره لا لطیب نفسه بل لجهة اُخری فلا یجوز التصرف فی ماله وملکه ولو مع إنشائه رضاه المعبر عنه بالإذن.

نعم، ظاهر الإذن مع عدم وجود القرینة علی أنه لداع آخر هو ثبوت طیب نفسه، وظاهر کلام کل متکلم حجة یؤخذ به وإن لم یفد الظن الشخصی للسامع، ولعلّ الماتن قدس سره أراد بالظن الظن النوعی وإلاّ فلا اعتبار بالظن الشخصی فی حجیة الظواهر، سواء کان الظاهر مدلولاً مطابقیا أو تضمنیاً کما هو المراد بالإذن الصریح أو مدلولاً التزامیا ویعبر عنه بالفحوی فی بعض موارد اللزوم، وأم_ّا الموارد التی یکون التصرف بشاهد الحال فلا یکون المعتبر خصوص العلم الوجدانی، بل یکفی الاطمینان کما هو الحال فی ثبوت سایر الموضوعات التی لم یتعین لثبوتها طریق خاص عند عدم العلم الوجدانی.

تجوز الصلاة فی الأراضی المتسعة اتساعاً عظیماً

[1] لجریان السیرة القطعیة من المتشرعة علی التصرف فی الأراضی الوسیعة

ص :231


1- (1) عوالی اللآلی 1 : 222 ، الحدیث 98 .

.··· . ··· .

الشَرح:

بمثل الصلاة فیها ممّا لا یضر بملاکها ولا یتلف به شیء من ملکهم، سواء علم رضاهم بمثل هذه التصرف من الجلوس والصلاة من سایر الناس أم لا، بل لا فرق بین أن یکون بین المالکین وجود القاصر کالصغیر والمجنون أم لا، وکأن ما دلّ علی عدم جواز التصرف فی مال الغیر ینصرف عن هذه التصرفات فی مثل هذه الأموال أو أنّ السیرة القائمة علی التصرف بمثل ما ذکر فی الأراضی الوسیعة کاشفة عن تخصیص ما دلّ علی عدم حل مال المسلم إلاّ عن طیبة نفسه(1)، بحیث یجوز التصرف فی ملک الغیر بإذن الشارع نظیر ما قام الدلیل علی جواز أکل المارة من ثمرة ما فی طریقه فإنه بعد إذن الشارع لا مجال لرعایة إذن المالک فیجوز التصرفات المذکورة حتی فیما علم أنّ مالکه قاصر لصغره أو جنونه، ویساعد عبارة الماتن قدس سره مع أحد الوجهین حیث ذکر ولا یبعد ذلک وإن علم کراهة الملاک، بل وإن کان منهم الصغار والمجانین.

وعلی الجملة، بما أنّ المسألة غیر منصوصة والدلیل علی ما ذکر السیرة القطعیة أو دعوی الانصراف فی أدلة المنع عن التصرف فی ملک الغیر وماله إلی صورة العدوان علی المالک أو الإضرار بماله یؤخذ بمقتضاهما، فنقول: أم_ّا دعوی الانصراف فهی ممنوعة کما لا یخفی، والالتزام بالتخصیص وأنّ تجویز الشارع التصرف فی مثل ما ذکر من التصرفات کإذنه فی أکل المار من ثمرة طریقه اعتمادا علی السیرة التی لا یحتمل حدوثها فی الأزمنة المتأخرة، بل کانت ثابتة قطعا حتی فی زمان الشارع والأئمة علیهم السلام ، وعدم الردع کاشف عن إمضاء الشارع فیه أیضا ما لا یخفی؛ لاحتمال أنّ التصرف فی الأراضی الوسیعة والأنهار المملوکة بالتوضؤ واستعمال مائها لکونها من

ص :232


1- (1) تقدم تخریجه فی الصفحة السابقة .

.··· . ··· .

الشَرح:

موارد تحقق شاهد الحال علی أنّ ملاک تلک الأراضی والأنهار الکبیرة راضین بمثل التصرفات المذکورة التی لا تضرّ بأموالهم ولا یفسد ملکهم، ولم تحرز السیرة فی موارد إظهار مالک الأرض أو النهر عدم رضاه بالتصرف بأن نری أنّ المتشرعة یتصرفون مع إظهار الملاک کراهتهم.

والحاصل عموم السیرة وثبوتها فی الفرض غیر ظاهر، ودعوی عمومها؛ لأنّ الناس یتصرفون مع علمهم إجمالاً بوجود الصغار والأیتام من بین الملاک، وهذا یکشف عن التخصیص یمکن دفعها بأنّ إذن أولیائهم ورضاهم کاف فی جواز التصرف مع عدم المفسدة فی التصرف فیها کما هو الفرض.

واما اعتبار سعة الأراضی بحیث یتعذر أو یتعسر علی الناس اجتنابها فلا یمکن أن یکون المراد الاضطرار أو الحرج الشخصی فإنّ ذلک یوجب الجواز ویکون مضطرا إلی التصرف فیه أو یکون الاجتناب حرجیا علیه ولا یکون موجبا لسقوط ضمان العوض کالاضطرار إلی أکل طعام الغیر، بل رفع الحرمة فی التصرف فی مال الغیر فی صورة الحرج فی اجتنابه مشکل جدا فإنّ نفیه للامتنان، ولا یجری فی موارد کون الارتکاب خلاف الامتنان علی الغیر.

نعم، رفع الاضطرار لا یختص بحدیث الرفع بل مقتضی قوله علیه السلام : ما من محرم إلاّ وقد أحل اللّه لمن اضطر إلیه(1). ارتفاع الحرمة فی حق المضطر مطلقا، وأم_ّا الحرج النوعی فاعتبار تحققه فی موارد جواز التصرف غیر ظاهر، بل مقتضی السیرة المشار إلیها الجواز مطلقا.

ص :233


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 483 ، الباب الأوّل من أبواب القیام ، الحدیث 7 .

(مسألة 18) تجوز الصلاة فی بیوت من تضمنت الآیة جواز الأکل فیها بلا إذن[1] مع عدم العلم بالکراهة کالأب والاُم والأخ والعم والخال والعمة والخالة ومن ملک الشخص مفتاح بیته والصدیق، وأم_ّا مع العلم بالکراهة فلا یجوز بل یشکل مع ظنها أیضا.

الشَرح:

[1] قال اللّه تعالی «لَیْسَ عَلَی الاْءَعْمَی حَرَجٌ وَلاَ عَلَی الاْءَعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَی الْمَرِیضِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَی أَنفُسِکُمْ أَن تَأْکُلُوا مِنْ بُیُوتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ آبَائِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أُمَّهَاتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ إِخْوَانِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَخَوَاتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَعْمَامِکُمْ أَوْ بُیُوتِ عَمَّاتِکُمْ أَوْ بُیُوتِ أَخْوَالِکُمْ أَوْ بُیُوتِ خَالاَتِکُمْ أَوْ مَا مَلَکْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِیقِکُمْ لَیْسَ عَلَیْکُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْکُلُوا جَمِیعاً أَوْ أَشْتَاتاً»(1).

ووجه الاستدلال بالآیة أنّ المراد بالأکل فیها تناول الطعام من البیوت الواردة فی الآیة، ولا یقاس بالأکل المضاف إلی عنوان الماء نظیر قوله سبحانه «لاَ تَأْکُلُوا أَمْوَالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْبَاطِلِ»(2) لیکون ظاهرا فی تملک المال، وإذا جاز الأکل مما یکون من تلک البیوت من الطعام یکون ما هو أخف منها من التصرف ومنه الصلاة فیها جایزا بطریق الأولویة، ویقع الکلام فی أنّ هذا الجواز والترخیص حکم واقعی بحیث لو أحرز عدم رضا هؤلاء بأکله جاز أیضا، نظیر جواز أکل المار من الثمرة فی طریقه أو أنه حکم ظاهری واعتبار للرضا النوعی من مالک الطعام فی الغالب فیکون کون الطعام فی تلک البیوت أمارة لرضا صاحب البیوت لأکل الوارد منه، بحیث لو أحرز فی مورد کراهته وعدم رضاه لم یعتبر الرضا النوعی فیه؛ لأنّ اعتبار طریق لشیء یختص بصورة عدم إحراز الواقع، وقد یقال بالجواز الواقعی حیث خطاب الحکم الظاهری یقید بصورة الجهل بالواقع ولیس فی الآیة المبارکة تقیید بما یستفاد منه الجهل بالرضا الواقعی

ص :234


1- (1) سورة النور : الآیة 61 .
2- (2) سورة البقرة : الآیة 188.

(مسألة 19) یجب علی الغاصب الخروج من المکان المغصوب[1 ]وإن اشتغل بالصلاة فی سعة الوقت یجب قطعها، وإن کان فی ضیق الوقت یجب الاشتغال بها حال الخروج مع الإیماء للرکوع والسجود، ولکن یجب علیه قضاؤها أیضا إذا لم یکن الخروج عن توبة وندم، بل الأحوط القضاء وإن کان من ندم وبقصد التفریغ للمالک.

الشَرح:

ویؤیده ذکر «بُیُوتِکُمْ»(1) ولکن لا یخفی ما فیه فإنّ تعلیق الجواز بما فی تلک البیوت بمناسبة الحکم والموضوع مقتضاه کون الجواز بملاحظة الرضا الموجود فی المذکورات نوعا، فکون البیت بالإضافة إلی المتصرف داخلة فی تلک البیوت طریق شرعی لإحراز الرضا فمع العلم بعدم الرضا، سواء کان العلم وجدانیا أو اعتباریا لا یجوز الأکل ولا یبعد أن یکون مراد الماتن من قوله: بل یشکل مع الظن بالکراهة الظن المعتبر، وإلاّ فلا یطرح الطریق المعتبر بمجرد الظن الغیر المعتبر علی خلافه.

یجب علی الغاصب الخروج من المکان المغصوب

[1] ولیکن المراد بالوجوب حکم العقل باختیار أقل المحاذیر وإلاّ فالتصرف الخروجی من أقرب المسافة إلی الخارج کالتصرف فی المغصوب مکثا مبغوض فعلاً؛ لکونه منهیا عنه کالتصرف البقائی قبل أن یتوسط فی المغصوب لتمکنه من ترکهما بترک الدخول فیه، فصدور الحرکة الخروجیة مبغوضا علی الغاصب یمنع أن یأمر الشارع بها نفسیا أو غیریا فالعقل یرشده إلی اختیارها لکونها أقل محذورا علیه، وعلی ذلک بما أنّ فی سعة الوقت مکلف بالصلاة الاختیاریة لتمکنه من صرف وجودها قبل خروج الوقت یرشده العقل إلی الخروج وامتثال التکلیف بالصلاة الاختیاریة والإتیان

ص :235


1- (1) مر تخریجها فی الصفحة السابقة .

(مسألة 20) إذا دخل فی المکان المغصوب جهلاً أو نسیانا أو بتخیّل الإذن ثم التفت وبان الخلاف فإن کان فی سعة الوقت لا یجوز له التشاغل بالصلاة، وإن کان مشتغلاً بها وجب القطع والخروج[1] وإن کان فی ضیق الوقت اشتغل بها حال الشَرح:

بالصلاة الاختیاریة فی الغصب باطل لامتناع اجتماع الأمر والنهی، والنهی والترخیص فی التطبیق فی موارد الترکیب الانضمامی.

نعم، فی ضیق الوقت بحیث لا یمکنه الإتیان بصرف وجود الصلاة الاختیاری بعد خروجه یصلی حال الخروج إیماءً للرکوع والسجود؛ لعدم سقوط الصلاة عن المکلف بحال وعدم تمکنه من الرکوع الاختیاری؛ لکونه إبطاءً للمشی والتصرف الزائد فی الغصب والسجود لکونه تصرفا مبغوضا تنتقل الوظیفة إلی الإیماء فی الرکوع والسجود، بل لا یبعد أن یکون إدراک رکعة من الصلاة بالرکوع والسجود الاختیاری قبل خروج الوقت کافیا فی وجوب الصلاة الاختیاریة لحکومه قوله علیه السلام : من أدرک رکعة من الغداة فقد أدرکها(1). علی ما یقتضی مع عدم التمکن من الرکوع والسجود تعین الإیماء إلیهما، ألا تری أنه إذا دار أمر المکلف بین أن یصلی من صلاة الغداة مع الرکوع والسجود الاختیاریین فی داخل الوقت رکعة وبین أن یصلیها تماما فی داخل الوقت مع الإیماء لرکوعها وسجودها تعین الأول وتقدیم جانب الوقت علی الطهارة المائیة مع خوف وقت الصلاة تماما للدلیل الدال علیه کما تقدم فی بحث التیمم.

إذا دخل المکان المغصوب جهلاً أو نسیاناً وجب علیه الخروج

[1] إذا أمکن الخروج والإتیان بباقی الصلاة خارج الغصب من غیر فوت الموالاة

ص :236


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 217 ، الباب 30 من أبواب المواقیت، الحدیث 2 .

الخروج سالکا أقرب الطرق مراعیا للاستقبال بقدر الإمکان، ولا یجب قضاؤها وإن کان أحوط، لکن هذا إذا لم یعلم برضا المالک بالبقاء بمقدار الصلاة وإلاّ فیصلی ثم یخرج، وکذا الحال إذا کان مأذونا من المالک فی الدخول ثم ارتفع الإذن برجوعه عن إذنه أو بموته والانتقال إلی غیره.

الشَرح:

صحت الصلاة فی فرض النسیان بل فی صورتی الاعتقاد بالرضا والجهل أیضا، أم_ّا فی فرض النسیان لحدیث رفع النسیان(1)، حیث إنّ مقتضاه سقوط الحرمة فی التصرف فی المکان المفروض حال النسیان، وإحراز إباحته الواقعیة بالإضافة إلی باقی الصلاة بالوجدان بالإتیان به خارج الغصب بلا فوت الموالاة، وکذا بالإضافة إلی الغافل عن الحرمة بالاعتقاد برضا المالک، ولا یبعد أن یکون فی الجاهل بالغصب أیضا کذلک لحدیث: «لا تعاد»(2) بالإضافة إلی ما مضی وإحراز الإباحة الواقعیة بالإضافة إلی باقیها هذا فیما إذا لم یکن التذکر حال سجوده، وکذا ظهور الخلاف قبل تمام ذکر سجوده، وأما إذا حصل التذکر أو ظهور الخلاف أثناء سجوده لم یکن شمول الترخیص فی التطبیق علی تلک الصلاة لتنجز النهی عن التصرف المکثی ولو بمقدار ذکر السجود وإن لا یکون النهی بالإضافة إلی التصرف الخروجی؛ لأنّ الاضطرار إلیه لا بسوء الاختیار.

وممّا ذکرنا ظهر أنّ ما ذکره بعض الأعلام قدس سره (3) أنه یمکن الحکم فی الفرض بصحة الصلاة الاختیاریة فی سعة الوقت إذا کان مقدار الوقت الذی یصلی فیه مساویا لمقدار الوقت الذی لابد من صرفه للخروج أو أقل منه؛ لأنّ ذلک المقدار من

ص :237


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 373 ، الباب 12 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 8 .
2- (2) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .
3- (3) وهو السید الحکیم فی المستمسک 5 : 448 .

(مسألة 21) إذا أذن المالک بالصلاة خصوصا أو عموما ثمّ رجع عن إذنه قبل الشروع فیها وجب الخروج فی سعة الوقت[1] وفی الضیق یصلی حال الخروج علی ما مرّ وإن کان ذلک بعد الشروع فیها فقد یقال بوجوب إتمامها مستقرا الشَرح:

الوقت یضطر إلیه الشخص من التصرف فی الغصب لا بسوء اختیاره فلا یکون التصرف فی ذلک المقدار حراما، فلا مانع عن أن ینطبق الصلاة المأمور به الاختیاری علی صلاته فی ذلک المقدار من الزمان، غایة الأمر أنه لو صرف الوقت الجایز فی التصرف فیه علی الصلاة یکون عاصیا بالتصرف الخروجی بعد الصلاة، وکونه حراما لا یضر بصحة الصلاة وإن کانت الصلاة تلازم ارتکاب الحرام لما تقرر فی الاُصول عدم سرایة الحکم من أحد إلی الآخر، بل یمکن الأمر بأحدهما علی تقدیر ارتکاب الآخر علی نحو الترتب، وفیه أنّ ما دلّ علی رفع الاضطرار إلیه إنما یقتضی ارتفاع الحرمة عن التصرف الخروجی فإنه مضطر إلیه لا بسوء الاختیار.

وبتعبیر آخر، المکث فی الغصب من غیر تعنونه بعنوان الخروج عن الغصب لیس ممّا یضطر إلیه لیرتفع عند الحرمة، وإنّما یضطر إلی العنوان بعنوان الخروج والتخلص من الغصب فلا تصح الصلاة فی سعة الوقت، وقد تقدم المراد من السعة إلاّ بالنحو الذی ذکرناه.

وأم_ّا إذا صلی فی ضیق الوقت حال الخروج مومیا للرکوع والسجود فلا یجب علیه القضاء؛ لکونه مأمورا فی الوقت بالصلاة العذریة بلا کلام.

إذا أذن المالک بالصلاة ثم رجع عن إذنه وجب الخروج

[1] إذا کان الوقت وسیعا بحیث یتمکن المکلف من الإتیان بالصلاة الاختیاریة خارج الغصب مع ترک الغصب بعد رجوع المالک عن إذنه وکان رجوع المالک عن

ص :238

وعدم الالتفات إلی نهیه وإن کان فی سعة الوقت إلاّ إذا کان موجبا لضرر عظیم علی المالک لکنه مشکل، بل الأقوی وجوب القطع فی السعة والتشاغل بها خارجا فی الضیق خصوصا فی فرض الضرر علی المالک.

الشَرح:

إذنه قبل شروعه فی الصلاة فلا إشکال فی تعیّن الخروج ووجوب الصلاة الاختیاریة؛ لعدم التزاحم بین النهی عن التصرف فی الغصب والإتیان بالصلاة الاختیاریة.

نعم، إذا کان الرجوع فی الضیق ولم یشرع فی الصلاة فالمشهور أنه یخرج ویصلی حال الخروج مومیا للرکوع والسجود، وذکر صاحب الجواهر قدس سره (1) أنه یمکن الالتزام بعدم الاعتناء برجوعه بل یصلی صلاته الاختیاریة ثم یخرج وذلک للتزاحم الواقع بین حرمة التصرف فی ملک الغیر والتکلیف بالصلاة الاختیاریة الذی توجه إلیه بعد دخول الوقت وقبل رجوعه، وحیث إنّ زمان التکلیف بالصلاة الاختیاریة سابق علی توجه النهی عن التصرف فی المکان المفروض یراعی التکلیف السابق حدوثا، وفیه أنّ القدرة المأخوذة فی ناحیة وجوب الصلاة الاختیاریة هی القدرة الشرعیة بقرینة جعل البدل لها مع عدم التمکن منها، بخلاف حرمة التصرف فی مال الغیر فإن القدرة المعتبرة فی ناحیة التحریم القدرة العقلیة لعدم ثبوت البدل فیکون ما دلّ علی حرمة التصرف فی مال الغیر بشمولها للمورد لاحقا موجبا لارتفاع التکلیف بالصلاة الاختیاریة وثبوت التکلیف ببدلها، هذا کله إذا کان رجوع المالک قبل شروعه فی الصلاة. وأم_ّا إذا کان برجوعه بعد الدخول فیها فربما یقال مقتضی ما دلّ علی حرمة قطع الصلاة الفریضة إذا أتی بها صحیحا عدم الاعتناء برجوع المالک حتی مع سعة الوقت، نظیر ما إذا أذن شخص فی دفن المیت فی ملکه ثم رجع عن إذنه فإنه لا یسمع رجوعه عن إذنه، وکما إذا أذن للمدیون جعل ملکه رهنا علی دینه ثم رجع عن إذنه فی

ص :239


1- (1) الجواهر 8 : 491 .

(مسألة 22) إذا أذن المالک فی الصلاة ولکن هناک قرائن تدلّ علی عدم رضاه، وإنّ إذنه من باب الخوف أو غیره لا یجوز أن یصلی[1 ]کما أنّ العکس بالعکس.

الشَرح:

الرهن حیث لا یترتب علی رجوعه أثر ومن أنکر حرمة قطع صلاة الفریضة فی الفرض بدعوی أنّ مدرک حرمة القطع التسالم والإجماع ولا تسالم فی الفرض فإنّ فی المسألة أقوالاً ثلاثة بل لو قیل بحرمة قطع الصلاة الفریضة مطلقا فهو فیما إذا أمکن إتمامها صحیحا. وقد تقدم أنّ القدرة المعتبرة فی وجوب الصلاة الاختیاریة أو تطبیقها علی فرد هی القدرة الشرعیة، ومع عدم طیب نفس المالک علی التصرف فی ملکه بقاء یعمه النهی عن التصرف فیه فلا تکون المأتی بها قابلة لوقوعها صحیحة بالإتیان بسایر الأجزاء فی الغصب، ولا فرق فی الرجوع عن الإذن فی المقام أو مسألة الرهن إلاّ أن یأذن المالک أن یجعل ماله رهنا علی دینه عن المالک، ففی هذه الصورة یلزم الرهن علی المالک ولکن لا یجوز للمالک أن یرجع عن إذنه فی مسألة الدفن حیث یجب علیه أیضا الدفن کما یحرم أیضا النبش وکذا لا أثر لرجوعه، وهذا بخلاف الصلاة فإنّ حرمة قطع صلاته تکلیف بالإضافة إلی المصلی ولیس تکلیفا علی صاحب الملک أیضا فلا یقع لرجوعه عن اذنه وإرتفاع رضاه.

نعم، لا یجوز للغیر أن یوجب بطلان صلاة الغیر کما إذا جرّ المصلی فی مکان مباح أو فی ملک نفس المصلی إلی دبر القبلة ونحو ذلک.

لا تجوز الصلاة إذا کان الإذن عن خوف أو غیره

[1] قد تقدّم أنّ المعیار فی جواز التصرف الخارجی فی ملک الغیر وماله طیب نفس المالک ورضاه وظاهر الإذن وإظهار الرضا کونه بثبوت الرضا فی نفسه، وإذا علم

ص :240

(مسألة 23) إذا دار الأمر بین الصلاة حال الخروج من المکان الغصبی بتمامها فی الوقت أو الصلاة بعد الخروج وإدراک رکعة أو أزید فالظاهر وجوب الصلاة فی حال الخروج[1] لأنّ مراعاة الوقت أولی من مراعاة الاستقرار والاستقبال والرکوع والسجود الاختیاریین.

الشَرح:

عدمه وأنه لا یطیب نفسه بتصرف المأذون فلا اعتبار بذلک الإذن کما هو فی اعتبار کل طریق، کما أنه لو منع عن التصرف أو لم یأذن ولکن علم أنّ المنع بداع آخر وأنّ طیب نفسه بتصرفه محقق أو أن سکوته کذلک فلا بأس بالتصرف، ولکن مجرد الرضا الباطنی لا یفید فی نفوذ المعاملات وخروجها عن الفضولی کما هو مقرر فی محله.

الکلام فی دوران الصلاة کاملة حال الخروج أو ادراک رکعه بعده

[1] قد تقدّم أنه یتعین تأخیر الصلاة والإتیان بها مع الرکوع والسجود والاستقرار ولو بدرک رکعة منها فی الوقت؛ وذلک فإنّ المکلف فی الفرض متمکّن من إدراک الصلاة فی وقتها برکعة، ومقتضی حدیث: «من أدرک»(1) أنه متمکن من الرکوع والسجود الاختیاریین فلا تصل النوبة إلی الصلاة مع الإیماء للرکوع والسجود.

وقد یقال: إنّ الحدیث ناظر إلی من لا یتمکن من إدراک تمام الصلاة فی وقتها ولا یدلّ علی جواز تعجیز المکلف نفسه عن إدراک تمام الصلاة فی الوقت، وفی الفرض یتمکن المکلف من إدراک تمامها فی وقتها بالإتیان بالصلاة مومیا لرکوعها وسجودها فیکون تعجیز نفسه بالإضافة إلی إدراک تمام الوقت بالاختیار لا بالاضطرار.

فإنه یقال: إنما یکون التعجیز بالاختیار ومن التعجیز المکلف نفسه إذا لم یکن المکلف بالتأخیر محصّلاً للشرط المعتبر فیها أو آتیا بالجزء المأخوذ فیها، وأم_ّا مع

ص :241


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 218 ، الباب 30 من أبواب المواقیت، الحدیث 4 .

.··· . ··· .

الشَرح:

اشتغاله بأحدهما فلا یکون من التعجیز الاختیاری، وبتعبیر آخر عدم جواز تعجیز المکلف نفسه عن المأمور به الاختیاری کما هو مقتضی جعل البدل عند عدم التمکن منه لکون البدل فاقدا لبعض الملاک الاختیاری کما هو ظاهر دلیله، وإلاّ فلو کان ملاکه مساویا مع الاختیاری لکان عدلاً للاختیاری ولجاز للمکلف تعجیز نفسه، وعدم جواز التعجیز فیما إذا کان متمکنا من إدراک الصلاة فی وقتها بجمیع أجزائها وسایر شرایطها أیضا، وأم_ّا إذا لم یحصل الشرط لها أو کان الإتیان بجزئها المعتبر موقوفاً علی شیء فلا دلیل علی عدم جواز التأخیر إلی حصولهما، وإنما التزمنا بعدم الجواز بالإضافة إلی الطهارة المائیة لاستفادته من آیة الوضوء(1) وصحیحة زرارة، ویلحق بالطهارة من الحدث طهارة الثوب والبدن بالفحوی، وأم_ّا إلحاق الرکوع والسجود فلا دلیل علیه، بل ظاهر حدیث: «من أدرک»(2) أنّ من أدرک الصلاة الاختیاریة من غیر ناحیة وقتها رکعة فی وقتها فهو مکلف بالصلاة الاختیاریة وإن أمکن له درک من الصلاة الاضطراریة من غیر ناحیة ضیق الوقت فمع إدراک رکعة فی وقتها فهو مکلف بها، کما یدل علی ذلک أیضا ما ورد فیمن نسی الظهر والعصر ثم ذکر ذلک عند غروب الشمس فقال: «إن کان فی وقت لا یخاف فوت إحداهما فلیصلّ الظهر ثم لیصلّ العصر، وإن هو خاف أن تفوته فلیبدأ بالعصر»(3). فإنّ ظاهرها تقدیم صلاة العصر الاختیاریة عند خوف فوت وقتها مع أنّ وقت الصلاة الاختیاریة للعصر کافٍ لصلاتی الظهرین إیماءً ومثلهما ما ورد فیمن نسی صلاتی المغرب والعشاء وتذکر قبل طلوع الفجر أو نام

ص :242


1- (1) سورة المائدة : الآیة 6 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 218 ، الباب 30 من أبواب المواقیت، الحدیث 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 129 ، الباب 4 من أبواب المواقیت، الحدیث 18 .

الثانی من شروط المکان کونه قارا[1] فلا یجوز الصلاة علی الدابة أو الارجوحة او فی السفینة ونحوها مما یفوت معه استقرار المصلی نعم مع الاضطرار ولو لضیق الوقت عن الخروج من السفینة مثلاً لا مانع ویجب علیه حینئذ مراعاة الاستقبال والاستقرار بقدر الإمکان فیدور حیثما دارت الدابة أو السفینة.

الشَرح:

واستیقظ قبل طلوعه فإنه إن خاف فوتهما یصلی العشاء(1) مع أنّ الصلاة إیماءً کافیة للصلاتین معا.

یشترط فی المکان کونه قاراً

[1] المراد من کون المکان قارا عدم کون مکان المصلی متحرکا بحیث یکون المصلی متحرکا ولکن بالتبع لا حقیقة، بل یکون إسناد الحرکة إلیه بنحو من العنایة فی مقابل کون المصلی فی الحقیقة متحرکا کالمصلی حال المشی، وفی مقابل استقرار المصلی بأن لا یکون للمصلی طمأنینة بأن یکون فی أعضائه اضطراب، فإنّ المتکلم فی استقرار المصلی بمعنی عدم اضطراب أعضائه حال الصلاة أو عدم جواز صلاته حال المشی خارج عن المقام فعلاً، والکلام فعلاً فی اعتبار سکون مکان المصلی وعدم الحرکة فیه لا ینبغی التأمل فی أنّ الحرکة فی مکانه إذا أوجب فقد الطمأنینة المعتبرة حال الصلاة أو الاستقبال المعتبر فیهما أو غیر ذلک ممّا یعتبر فی الصلاة فالصلاة تکون باطلة لفقدها لا لاعتبار سکون مکان المصلی واعتبار عدم الحرکة فیه، ولکن المبحوث عنه فی المقام ما إذا لم توجب الحرکة فی المکان فقد شیء منها وأن نفس سکون مکانه معتبر فی الصلاة بنفسها أم لا.

ص :243


1- (1) انظر وسائل الشیعة 4 : 288 ، الباب 62 من أبواب المواقیت، الحدیث 3 و 4 .

.··· . ··· .

الشَرح:

وقد یستدل علی ذلک بوجوه:

منها: اعتبار وقوع الصلاة علی الأرض وکأن المصلی مع الحرکة المفروضة لا یکون مصلیا علی الأرض، ویستظهر ذلک من قوله صلی الله علیه و آله : «جعلت لی الأرض مسجدا وطهورا»(1) ولکن لا یخفی أن_ّه لا یعتبر فی الصلاة وقوعها علی الأرض مباشرة، بل لو قیل بالاعتبار فالمعتبر أن یکون المصلی معتمدا علی الأرض ولو بالواسطة کما إذا صلی علی السریر الموضوعة علی الأرض، ومقتضی ذلک أن لا یجوز الصلاة فی الطائرة حال سیرها فی الفضاء ولا السفینة حال سیرها فی الماء أو وقوفها علی الماء فإنّ ظاهر الأرض غیر الماء والفضاء کما هو الحال فی الطهور.

وقد یحتمل أنّ المراد من المسجد موضع السجود المعتبر فیه کونه من أجزاء الأرض فی خصوص الجبهة، وعدم ذکر النبات من الأرض لعدم کونه طهورا، ولکن الظاهر أنّ المراد عدم اختصاص موضع الصلاة بمکان خاص من الأرض، بل یجوز الصلاة فی أی موضع أو قطعة منها حیث قوله صلی الله علیه و آله : «جعلت لی الأرض مسجدا وطهورا» ظاهره أنّ المسجد فی الأُمم السابقة کان مختصا بمواضع خاصة ویؤیده ما ورد فی بعض الروایات من استثناء الحمام والمقبرة والکنیف(2). وقوله صلی الله علیه و آله عقیب ذلک: «أینما أدرکتنی الصلاة صلیت».(3)

وعلی الجملة قوله صلی الله علیه و آله : «جعلت لی الأرض مسجدا وطهورا» فی مقام نفی الاختصاص فی المسجدیة والطهوریة بموضع من مواضع خاصة من الأرض لا نفی

ص :244


1- (1) وسائل الشیعة 3: 350 ، الباب 7 من أبواب التیمم، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 118 ، الباب الأول من أبواب مکان المصلی، الحدیث 3 و 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 118 ، الباب الأول من أبواب مکان المصلی، الحدیث 5 .

.··· . ··· .

الشَرح:

المسجدیة أو الطهوریة من غیر الأرض فلا دلالة له حتی علی عدم جواز الصلاة فی السفینة المتحرکة أو الواقفة فی الماء أو علی عدم جواز الصلاة فی الطائرة السائرة فی الفضاء وکعدم دلالته علی حصر الطهور بالأرض.

ویستدل علی اعتبار کون مکان المصلی قارا وأنّ ذلک شرط فی المکان فی نفسه بصحیحة عبدالرحمن بن أبی عبداللّه، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا یصلّی علی الدابة الفریضة إلاّ مریض یستقبل به القبلة، وتجزیه فاتحة الکتاب ویضع بوجهه فی الفریضة علی ما أمکنه من شی ویومئ فی النافلة إیماءً»(1) فإنّ ظاهرها تخصیص تجویز الصلاة علی الدابة بصورة کون المصلی مریضا فلا یعمّ الجواز فی غیر صورة العذر، ولکن لا یخفی أنّ ظاهرها صورة فوت بعض ما یعتبر فی الفریضة من القیام والطمأنینة حیث إنه لا تکون الصلاة علی الدابة مع القیام والطمأنینة عادة، وبهذا یظهر الحال فی صحیحة عبداللّه بن سنان أو موثقته عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: لا تصل شیئا من المفروض راکبا قال النضر فی حدیثه: إلاّ أن یکون مریضا(2).

لا یقال: النهی عن الصلاة راکبا یعم ما إذا کان یصلی فی المحل علی الدابة بحیث یکون صلاته مع الطمأنینة واستقرار المصلی، بل قیامه فی صلاته.

فإنه یقال: النهی لیس متعلقا بالصلاة فی المحمل، بل یکون المصلی راکبا وظاهر رکوب الدابة التی لا یکون مع رکوبها طمأنینة واستقرار وقیام، بل لا یکون فی الصلاة فی المحمل أیضا استقبال القبلة نوعا؛ ولذا اقتصر فی الترخیص فی الصلاه فی المحمل بصلاة اللیل والوتر والرکعتین أی نافلة الصبح فی صحیحة محمد بن مسلم،

ص :245


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 325 ، الباب 14 من أبواب القبلة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 326 ، الباب 14 من أبواب القبلة، الحدیث 7 .

.··· . ··· .

الشَرح:

قال: قال لی أبو جعفر علیه السلام : «صل صلاة اللیل والوتر والرکعتین فی المحمل»(1).

وعلی الجملة، لا یستفاد من تلک الروایات عدم جواز الصلاة راکبا فیما إذا کان المصلی واجدا لتمام ما یعتبر فی الصلاة غیر کون مکانه قارا ومقتضی أصالة البراءة عدم اشتراط الصلاة الفریضة به، نعم لو قیل بعدم الجواز واستظهار ذلک ممّا تقدم من الروایات قد یقال بأنه لا مانع من الصلاة علی الأُرجوحة المتحرکة إذا کان المصلی علی جمیع شرایط الصلاة، والوجه فی عدم المنع عدم صدق أنّ صلاته علی الدابة أو أنه یصلی راکبا، بل مقتضی صحیحة علی بن جعفر التی رواها الشیخ بسند صحیح عنه عن أخیه علیه السلام قال: سألته عن الرجل هل یصلح له أن یصلی علی الرف المعلق بین نخلتین؟ فقال: «إن کان مستویا یقدر علی الصلاة فیه فلا بأس»(2).

حیث إنّ ظاهر تعلیق الرف المعلق شدّ طرفیه علی النخلة بالحبل ونحوه نظیر الأُرجوحة، وإذا جاز الصلاة فیه مع حرکته والتحفظ علی الشرایط المعتبرة فی الصلاة تکون الأُرجوحة أیضا کذلک هذا کله فی غیر السفینة. وأم_ّا الصلاة فیها فلا ینبغی التأمل فی جوازها فیها إذا أمکن للمکلف التحفظ علی سایر ما یعتبر فی الصلاة حتی فیما إذا أمکنه الخروج إلی الساحل والجزیرة والصلاة فیهما فی مکان قارّ، ویشهد لذلک صحیحه جمیل بن دراج أنه قال لأبی عبداللّه علیه السلام : تکون السفینة قریبة من الجد (الجدد) فأخرج وأُصلّی؟ فقال: «صل فیها أما ترضی بصلاة نوح علیه السلام »(3) ومعتبرة یونس بن یعقوب أنه سأ ل أباعبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی الفرات وما هو أصغر منه من

ص :246


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 329 ، الباب 15 من أبواب القبلة، الحدیث 5 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 178 ، الباب 35 من أبواب مکان المصلی، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 320 ، الباب 13 من أبواب القبلة، الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

الأنهار فی السفینة؟ قال: إن صلّیت فحسن وإن خرجت فحسن»(1) حیث إنّ الترغیب فی الصلاه فی السفینة مع فرض السائل إمکان الصلاة فی الساحل والأرض المستویة تجویز للصلاة فیها، وکذا الحال فی معتبرة یونس بن یعقوب، والتعبیر عن الثانی بالمعتبرة؛ لأنّ فی سندها الحکم بن مسکین وهو وإن لم یوثق إلاّ أنه من المعاریف الذین لم یرد فی حقهم قدح، وفی روایة المفضل بن صالح التی عبر عنها بالصحیحة تارة وبالموثقة اُخری قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی الفرات وما هو أضعف منه من الأنهار فی السفینة؟ قال: «إن صلیت فحسن وإن خرجت فحسن»(2) وقد ذهب بعض إلی جواز الصلاة فی السفینة مع إمکان الخروج حتی فیما إذا یمکن للمکلف التحفظ علی سائر ما یعتبر فی الصلاة فیصلی فیها الصلاة الاضطراریة.

ولکن لا یخفی ظاهر السؤال فیما تقدم استفسار الصلاة فی السفینة من حیث الحرکة التبعیة عند الصلاة فیها فیحتمل أنها تضرّ بصلاته لا من سائر الجهات، والجواب أیضا ناظر إلی جهة السؤال، ویکفی فی الالتزام بالجواز فی هذا الفرض مضافا إلی أنّ مقتضی الأصل عدم اشتراط الصلاة بکون المکان قارا الصحیحة والمعتبرة، وأم_ّا روایة المفضل بن صالح وهو أبی جمیلة ضعیفة حیث حکی تضعیفه النجاشی قدس سره فی ترجمة جابر بن یزید الجعفی قال: روی عنه أی عن جابر جماعة غمز فیهم وضعّفوا منهم عمر بن شمر ومفضل بن صالح...(3)

ولکن فی مقابل الصحیحة والمعتبرة صحیحة حماد بن عیسی، قال: سمعت

ص :247


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 321 ، الباب 13 من أبواب القبلة، الحدیث 5 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 322 ، الباب 13 من أبواب القبلة، الحدیث 11 .
3- (3) رجال النجاشی : 128 ، الرقم 332 .

.··· . ··· .

الشَرح:

أباعبداللّه علیه السلام یسأل عن الصلاه فی السفینة؟ فیقول: «إن استطعتم أن تخرجوا إلی الجدد فاخرجوا فإن لم تقدروا فصلّوا قیاما فإن لم تستطیعوا فصلوا قعودا وتحروا القبلة»(1) وربما یجمع بینها وبین ما تقدم مجمل الأخیرة علی الاستحباب فی الخروج أو علی صورة عدم التمکن من التحفظ علی سایر شروط الصلاة، والحمل علی الاستحباب لا یناسب الترغیب فی البقاء والصلاة فی السفینة فی صحیحة جمیل بن دراج والتسویة فی الحسن فی المعتبرة.

نعم، الحمل علی صورة الإخلال أو عدم إحراز إمکان التحفظ علی سائر شرایط الصلاة لا بأس به بشهادة ما ورد فی ذیل الأخیرة من أنه: إذا لم تقدروا علی الخروج فصلوا قیاما فإن لم تستطیعوا فصلوا قعودا وتحروا القبلة، فیعلم أنّ الأخیرة ناظرة إلی صورة احتمال الخلل فی صورة البقاء فی السفینة، وهذا الجمع لا بأس به لو بنی علی أنّ الصحیحة والمعتبرة تعمّان صورة الإخلال أو احتماله فی سائر ما یعتبر فی الصلاة.

وقد یقال بوجه آخر فی الجمع بین صحیحة جمیل بن دراج وصحیحة حماد بناءً علی أنّ الأُولی ظاهرة بإطلاقها فی جواز الصلاة فی السفینة مع یسر النزول إلی الساحل حتی فیما إذا کانت الصلاة فیها موجبة للخلل فی سائر الشرایط، والثانیة ظاهرة فی تعین النزول إلی الساحل حتی فیما لم تکن الصلاة فی السفینة موجبة لخلل آخر فی سائر الشروط فیکون مقتضاها اعتبار کون مکان المصلی قارا مطلقا، والوجه المذکور أنه لو سلم التعارض بین صحیحة جمیل وصحیحة حماد بالتباین، إلاّ أنه لابد من رفع الید عن إطلاق هذه الصحیحة بموثقة یونس بن یعقوب الوارد فیها أنه سأل

ص :248


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 323 ، الباب 13 من أبواب القبلة، الحدیث 14 .

.··· . ··· .

الشَرح:

أباعبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی الفرات وما هو أصغر منه من الأنهار فی السفینة، وهذا السؤال فرض من السائل التمکن من النزول إلی الساحل فیکون السؤال عن حکم الصلاة فی السفینة وأنّ السفینة یمکن أن تکون مکان الصلاة فی الفرض فأجاب علیه السلام : «إن صلیت فحسن وإن خرجت فحسن»(1) وظاهر هذا الجواب التسویة بین کون المکان سفینة أو ساحلاً، وأنّ الصلاة فیها متساویة مع الصلاة فی الساحل من حیث الذات ومن حیث المکان، فلابد من رفع الید عن إطلاق صحیحة حماد بن عیسی وأنه لا یجب النزول إلی الساحل إذا کانت الصلاة فی السفینة متساویة مع الصلاة فی الساحل من غیر ناحیة المکان، فیبقی تحت صحیحة حماد بن عیسی صورة اختلاف الصلاتین بأن یکون الإتیان بها فی السفینة موجبة لوقوع الخلل فیها فلا یجوز، وتستثنی هذه الصورة من صحیحة جمیل بن دراج، ویبقی تحتها صورة تساوی الصلاتین وعدم الاختلاف بینهما إلاّ من حیث کون أحدهما فی السفینة والآخر علی الأرض.

وعلی الجملة، یرتفع التباین والتعارض بانقلاب النسبة الذی حصل ببرکة موثقة یونس بن یعقوب.

أقول: استفادة تساوی الصلاتین من حیث الذات أی الأجزاء والشرایط لا تساویهما فی الإجزاء وسقوط التکلیف وإن کان بینهما اختلاف من حیث اعتبار الشرایط محل تأمل بناءً علی الإغماض عن الجمع السابق المستفاد من ذیل صحیحة حماد بن عیسی.

ویبقی فی المقام أُمور: الأول: ما ذکر الماتن قدس سره من أنه إذا کان اضطرار إلی الصلاة

ص :249


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 321 ، الباب 13 من أبواب القبلة، الحدیث 5 .

.··· . ··· .

الشَرح:

فی السفینة ولو بضیق الوقت یصلی فیها، فإن وجوب الصلاة فی السفینة فی ضیق الوقت بناءً علی مسلکه من أنّ رعایة الوقت أهم بالإضافة إلی سایر الشروط من القیام والاستقرار والاستقبال ظاهر. وأم_ّا بناءً علی ما ذکرنا من أنّ موارد عدم تمکن المکلف من رعایة جمیع ما یعتبر فی الصلاة مع العلم بعدم سقوط الصلاة عن المکلف لیس من موارد التزاحم، بل فی البین تکلیف واحد متعلق إمّا بصلاة یعتبر فیها بعض القیود معینا أو بالجامع بینها وبین البعض الآخر وأن_ّه إن کان فی البین معین لذلک البعض فهو، وإلاّ مقتضی أصالة البراءة نتیجة التنجیز فیقع الکلام فی أن_ّه هل تتقدم الصلاة برکعة أو أزید فی داخل الوقت مراعیا سائر الشروط أو تسقط سائر الشروط ولابد من الإتیان بتمامها فی الوقت بالصلاة فی السفینة.

فنقول: قد یقال إنّ الأمر بالنزول إلی الساحل المستفاد من صحیحة حماد(1) ناظرة إلی الأمر بالنزول إذا لم یکن فی الساحل للإتیان بصلاة الفریضة الاختیاریة من جمیع الجهات، وإلاّ فیجوز له الصلاة فی السفینة مراعیا حفظ الاستقرار والقیام والقبلة بقدر الإمکان، وإذا لم یمکن الاتیان بالصلاة الاختیاریة فی الساحل کما هو الفرض فلا أمر بالخروج، ومقتضی إطلاق صحیحة جمیل بن دراج(2) وإن لم یکن دالاً علی وجوب الإتیان بها فی السفینة إلاّ أنّ مقتضی ذیل صحیحة حماد تعین الإتیان بها فی السفینة لأنّ ظاهر ذیلها أنه إذا لم یقدر علی الخروج والإتیان بالصلاة الاختیاریة فیه یصلی فی السفینة بما أمکن.

ص :250


1- (1) تقدمت فی الصفحة 248 .
2- (2) تقدمت فی الصفحة 246 .

وإن أمکنه الاستقرار فی حال القراءة والأذکار والسکوت خلالها حین الاضطراب وجب ذلک مع عدم الفصل الطویل الماحی للصورة وإلاّ فهو مشکل[1]

(مسألة 24) یجوز فی حال الاختیار الصلاة فی السفینة أو علی الدابة الواقفتین مع إمکان مراعاة جمیع الشروط من الاستقرار والاستقبال ونحوهما، بل الأقوی جوازها مع کونهما سائرتین إذا أمکن مراعاة الشروط ولو بأن یسکت حین الاضطراب عن القراءة والذکر مع الشرط المتقدم ویدور إلی القبلة إذا انحرفتا عنها ولا تضر الحرکة التبعیة بتحرکهما وإن کان الأحوط القصر علی حال الضیق والاضطرار[2]

(مسألة 25) لا تجوز الصلاة علی صُبرة الحنطة وبیدر التبن وکومة الرمل مع عدم الاستقرار وکذا ما کان مثلها[3]

الشَرح:

[1] اذا کان الفصل طویل بحیث یکون ماحیا صورة الصلاة بحیث لا ینطبق علی المأتی عنوان الصلاة وکونه عملاً واحدا لا ینبغی التأمل فی لزوم الإتیان بها مع عدم الاستقرار لأنّ المفروض أنّ المأتی به مع محو صورة الصلاة عنه بالفصل الطویل لا یکون مصداقا لما تعلق به الأمر.

[2] قد تقدم أنّ مقتضی الجمع بین صحیحة جمیل بن دراج ومعتبرة یونس بن یعقوب وصحیحة حماد بن عیسی تعین الإتیان بالفریضة بلا حرکة تبعیة إذا أوجبت الإخلال فیما یعتبر فیها، ومع عدم الإخلال بها یجوز الصلاة معها وإن کان الأحوط الاقتصار علی صورة عدم التمکن عن النزول أو کونه حرجیا.

[3] قد ظهر ممّا تقدم عدم جواز الصلاة علی صبرة الحنطة وکومة الرمل وبیدر التبن ونحو ذلک ممّا یفوت معه استقرار المصلی فی أفعال الصلاة وواجباتها حیث

ص :251

الثالث: أن لا یکون معرضا[1] لعدم إمکان الاتمام .

والتزلزل فی البقاء إلی آخر الصلاة کالصلاة فی الزحام[2] المعرض لإبطال صلاته وکذا فی معرض الریح أو المطر الشدید أو نحوها فمع عدم الاطمینان بإمکان الإتمام لا یجوز الشروع فیها علی الأحوط نعم لا یضر مجرد احتمال عروض المبطل.

الشَرح:

تعتبر الطمأنینة فیها.

أن لا یکون المکان معرضاً لعدم إمکان الاتمام

[1] قد یقال باعتبار الجزم فی النیة فی تحقق العبادة بمعنی حیث إنّ العبادة التی تعلق بها وجوب واحد إنما یتحقق امتثاله عبادة إذا کان المکلف حین شروعها مریدا الإتیان بها بإرادة فعلیة، ومع عدم إحراز التمکن من إتمام ذلک العمل لا یتحقق ولا یحرز کون ما یأتی امتثال لذلک التکلیف، وفیه ما لا یخفی فإنه یعتبر فی وقوع عمل عبادة کونه واجدا لتمام ما یعتبر فیه مع تحقق قصد التقرب، وإذا احتمل المکلف أنه یتمکن من إتمام ما شرع فیه من الصلاة ونحوها من إتمامها بتمام شرایطها واتفق إتمامها یتحقق امتثال الأمر حیث أتی بمتعلق الأمر بتمامه، والعلم التفصیلی بأنّ الاتیان امتثال لذلک التکلیف غیر معتبر فی صحة العبادة؛ ولذا ذکرنا کجملة من الأصحاب من جواز الامتثال الإجمالی ولو مع التمکن من الامتثال التفصیلی.

ودعوی أنّ الامتثال الإجمالی متفرع علی ثبوت التکلیف ومرتبة ثانیة من الامتثال لا تصل النوبة إلیه مع التمکن من الامتثال التفصیلی لم تثبت بشیء یعتمد علیه.

[2] القول بعدم جواز الصلاة إن کان لانتفاء نیة الجزم حال العمل فقد تقدم عدم

ص :252

الرابع: أن لا یکون ممّا یحرم البقاء فیه کما بین الصفین من القتال أو تحت السقف أو الحائط المنهدم أو فی المسبعة أو نحو ذلک[1] ممّا هو محل للخطر علی النفس.

الخامس: أن لا یکون ممّا یحرم الوقوف والقیام والقعود علیه[2 ]کما إذا کتب

الشَرح:

اعتباره، وإن کان لکون الصلاة فیها من قطع الصلاة الفریضة لو تحقق المبطل فإنه لا فرق فی عدم جواز قطعها بارتکاب المبطل أو التسبیب إلی إبطالها ولو بالشروع فیها فی الأمکنة المذکورة فلا یخفی ما فیه فإنّ متعلق النهی قطع الصلاة التی شرع ودخل فیها صحیحا ویمکن إتمام شخص تلک الصلاة بحیث تصیر صحتها فعلیة، ومع اتفاق المبطل کاستدبار القبلة مثلاً بالزحام ونحوه لا یتمکن من إتمام شخص تلک الصلاة فلا بأس بالدخول فیها مع احتمال إتمامها صحیحا وإذا اتفق إتمامها بعدم وقوع المبطل صحت لکونها واجدة لتمام ما یعتبر فی الصلاة حتی قصد التقرب علی ما تقدم.

أن لا یکون المکان ممّا یحرم البقاء فیه

[1] البقاء فی تلک الامکنة ولو کان محرما؛ لأنه من إیقاع النفس فی الهلاکة إلاّ أنّ الصلاة ترکیبها مع المحرم انضمام لا یتحد فعل من أفعالها مع المحرم، حیث إنّ الحرام نفس المکث فیمکن أن یعمها الصلاة المأمور بها حتی وإن فرض أنّ الترخیص فی التطبیق علیها بنحو الترتب کما یصح الأمر بها علی نحوه، ولا یقاس بالصلاة فی الدار المغصوبة حیث کان السجود فیها تصرفا فی ملک الغیر بلا طیب نفس المالک وکان الاتحاد فیه موجبا لکون الترکیب اتحادیا.

أن لا یکون المکان ممّا یحرم الوقوف والقیام والقعود علیه

[2] قد بینا فی بحث إباحة المکان أنّ القیام المعتبر فی الصلاة هو استواء أعضاء

ص :253

علیه القرآن وکذا علی قبر المعصوم علیه السلام أو غیره ممّن یکون الوقوف علیه هتکا لحرمته.

السادس: أن یکون ممّا یمکن أداء الأفعال فیه بحسب حال المصلی[1[ فلا تجوز الصلاة فی بیت سقفه نازل بحیث لا یقدر فیه علی الانتصاب أو بیت یکون ضیقاً لا یمکن فیه الرکوع والسجود علی الوجه المعتبر، نعم فی الضیق والاضطرار یجوز ویجب مراعاتها بقدر الإمکان ولو دار الأمر بین مکانین فی احدهما قادر علی القیام لکن لا یقدر علی الرکوع والسجود إلاّ مومیا وفی الآخر لا یقدر علیه ویقدر علیهما جالسا فالأحوط الجمع بتکرار الصلاة وفی الضیق لا یبعد التخییر.

الشَرح:

البدن، والرکوع الانحناء إلی حد خاص، وکذا الجلوس کل ذلک من هیئات الأعضاء ولا یتحد شیء منها مع الکون علی الأرض ممّا هو لازم کون المصلی جسما.

نعم، السجود عبارة عن وضع الأعضاء السبعة واعتماد المصلی بها علی الأرض فإذا لم یکن سجود المصلی علی المحترمات لا تکون صلاته متحدة مع الحرام الذی هو وضع جسمه علی تلک المحترمات.

أن یکون المکان ممّا یمکن أداء الافعال فیه

[1] وما ذکر قدس سره لیس شرطا معتبرا فی ناحیة المکان بل هو ما یقتضی وجوب أفعال الصلاة بحسب وظیفته الصلاتیة فإذا کان مکلّفا بالصلاة قیاما مع الرکوع والسجود الاختیاریتین فعلیه أن یأتیها قیاما مع ذلک الرکوع والسجود وإلاّ فلا یکون آتیا بالمأمور به، نعم إذا لم یتمکن لا من القیام ولا من الرکوع والسجود الاختیاریتین فی شیء من الوقت جازت صلاته جلوسا مع الرکوع والسجود إیماءً علی ما تقدم،

ص :254

.··· . ··· .

الشَرح:

وأم_ّا إذا دار أمره بین أن یصلی قائما مع الإیماء للرکوع والسجود وبین الصلاة جالسا ولکن مع الرکوع والسجود فقد اختار قدس سره لزوم تکرار الصلاة فی سعة الوقت بالصلاة قیاما مع الإیماء لهما وتکرارها بالصلاة جالسا بالرکوع والسجود، وفی ضیق الوقت یتخیر فی الاتیان بأیهما وکأنه قدس سره لاحظ العلم الإجمالی بوجوب أحدهما وعدم إمکان تعیینه فیجب الاحتیاط بالتکرار، ومع ضیق الوقت وعدم إمکان الجمع یکتفی بالموافقة الاحتمالیة باختیار أحدهما وقد جعل المقام من التزاحم کما عن جملة من الأصحاب، حیث إنّ التکلیف الضمنی المتعلّق بکل من القیام والرکوع والسجود یزاحم التکلیف من الصلاة بالآخر منهما، وبما أنّ المکلف لا یتمکن من الجمع بینهما فی صلاته والأهمیة محتملة فی ناحیة کل منهما یتخیر بین نحوین من الصلاة بلا فرق بین سعة الوقت للتکرار أم ضیقه، وقد رجّح البعض القیام تارة والتکلیف فی جانب الرکوع والسجود أُخری وترجیح القیام نظرا لکون زمان امتثاله أسبق وترجیح الرکوع والسجود لکونهما أهم من القیام.

ولکن قد ذکرنا فی محله أنّ التزاحم فی مقام الامتثال یختص بما إذا کان فی البین تکلیفان مستقلان بحیث یتمکن المکلف من امتثال کل منهما ولکن لا یتمکن من الجمع بینهما فی بعض الموارد فیراعی فی تلک الموارد مرجحات باب التزاحم من تقدم زمان امتثال أحدهما أو أهمیة رعایة أحدهما أو احتمال الأهمیة فیه.

وأما طرو عدم التمکن من الجمع فی الواجبات الضمنیة من واجب واحد تعلق به وجوب واحد ارتباطی فلا یدخل فی باب التزاحم اصلاً، فإن مقتضی ما دلّ علی جزئیة کل منهما سقوط ذلک الواجب الارتباطی، حیث إنّ المفروض تعلق وجوب واحد للکل المشتمل لهما، ومع العجز عن الجمع بینهما یسقط ذلک الواجب؛ لأنّ

ص :255

السابع: أن لا یکون مقدما علی قبر معصوم ولا مساویا له مع عدم الحائل المانع الرافع لسوء الأدب علی الأحوط ولا یکفی فی الحائل الشبابیک والصندوق الشریف وثوبه[1]

الشَرح:

وجوبه علی المکلف المفروض من التکلیف بغیر المقدور ولو فرض أنّ الشارع أراد من المکلف العمل فاللازم أن یعتبر تکلیفا آخر لا یتعلق بنفس ما تعلق به التکلیف الأول، بل یتعلق إمّا بالخالی من أحدهما بخصوصه أو یتعلق ذلک التکلیف بما أُخذ فیه الجامع بین الجزأین، وإذا لم یکن فی البین معین کما هو المفروض فی المقام فإنّ العلم بعدم سقوط الصلاة عن المکلف المفروض وما دلّ علی أنّ غیر المتمکن من القیام فی صلاته یصلّی قاعدا، ومن لا یتمکن من الرکوع والسجود ولو جالسا یومئ إلیهما لا یقتضی إلاّ ما ذکر من عدم سقوط الصلاة فی الفرض، وحیث إنه یحتمل تعلّق الوجوب بالصلاة المعتبر فیها الجامع بین القیام والرکوع والسجود جالسا یکون المرجع أصالة البراءة عن أخذ خصوص کل منهما علی ما هو المقرر فی تردد الواجب بین کونه تعیینیا أو تخییریا من کون العلم الإجمالی منجزا بالإضافة إلی الجامع وتجری أصالة البراءة فی ناحیة تعیین أحدهما.

نعم، التزم بعض العلماء ولعله منهم صاحب العروة قدس سره بالاحتیاط فی ناحیة احتمال التعیین؛ ولذا أفتی بالاحتیاط بالتکرار لاحتمال أخذ الخصوصیة فی ناحیة کل منهما فی التکلیف الثانی أو تعلقه بالجامع بینهما ولکن الصحیح ما ذکرنا من جواز الاکتفاء بالجامع، وعلیه لا فرق فی التخییر بین سعة الوقت وضیقه.

سابعاً: أن لا یکون المکان مقدماً علی قبر المعصوم

[1] قد ذکر قدس سره من الأُمور المعتبرة فی مکان المصلی أن لا یکون المصلی فیه

ص :256

.··· . ··· .

الشَرح:

مقدما علی قبر معصوم أو مساویا لقبره علیه السلام مع عدم الحائل بینه وبین قبره الشریف، وأنه لا یکفی فی الحائل الشبابیک الموضوعة علی قبره الشریف ولا الصندوق الموضوع علیه ولا الثوب للصندوق وبنی هذا الاعتبار علی الأحوط.

نعم، مع الحائل الرافع لسوء الأدب فلا بأس بالصلاة مقدما علی قبره أو مساویا له ویستدل علی الاعتبار بما رواه الشیخ قدس سره باسناده عن محمد بن أحمد بن داود، عن أبیه، عن محمد بن عبداللّه الحمیری، قال: کتبت إلی الفقیه علیه السلام أساله عن الرجل یزور قبور الأئمة علیهم السلام هل یجوز له أن یسجد علی القبر أم لا؟ وهل یجوز لمن صلی عند قبورهم أن یقوم وراء القبر ویجعل القبر قبلة ویقوم عند رأسه ورجلیه؟ وهل یجوز أن یتقدم القبر ویصلی ویجعله خلفه أم لا؟ فأجاب علیه السلام وقرأت التوقیع ومنه نسخت: «أما السجود علی القبر فلا یجوز فی نافلة ولا فریضة ولا زیارة، بل یضع خدّه الأیمن علی القبر، وأما الصلاة فإنّها خلفه یجعله الأمام ولا یجوز أن یصلی بین یدیه؛ لأنّ الإمام لا یتقدم ویصلی عن یمینه وشماله»(1).

وسند الشیخ قدس سره إلی محمد بن أحمد بن داود القمی صحیح ومحمد بن أحمد بن داود من الثقات وجلالته کجلالة أبیه أوضح فالسند لا تأمل فیه إلاّ ما یقال: إنّ الفقیه یعبر به عن الکاظم علیه السلام فإن کان المراد الکاظم علیه السلام فلا یکون نقل محمد بن عبداللّه بن جعفر الحمیری الکتاب لبعد زمانه عن زمانه علیه السلام إلاّ بالواسطة لا محالة فیکون السند مقطوعا فیلحق روایته بالمرسلات وإن أُرید منه صاحب الزمان علیه السلام فلا یناسب أن یقول الحمیری وقرأت التوقیع ونسخت مع أنه لم یوجد مورد عبّر عن إمام العصر عجل اللّه تعالی فرجه الشریف بالفقیه، مع أنّ للحمیری مکاتبات معه علیه السلام ولعله لذلک المنسوب

ص :257


1- (1) تهذیب الأحکام 2 : 228 ، الحدیث 106 .

.··· . ··· .

الشَرح:

إلی المشهور الکراهة إلحاقاً ما ورد فی المقام مندرجا فی الأخبار الواردة المعروفة بأخبار التسامح فی أدلة السنن.

وبتعبیر آخر، لمحمد بن عبداللّه بن جعفر الحمیری مکاتبات إلی إمام العصر والزمان إلاّ أنّ المراد من الفقیه فی نقل بعض المکاتبات هو إمام العصر غیر ظاهر ولم یحک عدم الجواز عن غیر البهائی والمجلسی والکاشانی(1) وجماعة من المتأخرین عنهم، وما فی الوسائل فی ذیل الروایة ورواه الطبرسی فی الاحتجاج عن محمد بن عبداللّه الحمیری عن صاحب الزمان لا یثبت أنّ المراد من الفقیه إمام العصر علیه السلام لاحتمال تعدد الروایة وتعدد المروی عنه کما یشهد لذلک اختلاف المتن حیث ورد فیه: «ولا یجوز أن یصلی بین یدیه ولا عن یمینه ولا عن یساره لأن الإمام لا یُتقدم علیه ولا یساوی»(2).

أضف إلی ذلک عدم اعتبار روایة الاحتجاج لجهالة سنده إلی محمد بن عبداللّه الحمیری، وقد یقال ظاهر نقله کتبت إلی الفقیه أنّ المراد من الفقیه ما عبر عنه به بصاحب الناحیة بغیر إمام العصر عجل اللّه تعالی فرجه الشریف أو العسکری علیه السلام حیث یطلق الفقیه علی العسکری علیه السلام أیضاً فلا موجب لرفع الید عن الظهور المذکور.

وما فی متن الروایة: «وقرأت التوقیع ومنه نسخت» لا ینافی الأخذ بالظهور لاحتمال کونه قول أحمد بن محمد بن داود أو قول والده، وفیه ما لا یخفی فإنه لو کان «قرأت ومنه نسخت» قول محمد بن أحمد أو قول أبیه محمد کان نقل الروایة هکذا محمد بن أحمد عن أبیه قال: کتب محمد بن عبداللّه الحمیری إلی الفقیه علیه السلام سأله عن

ص :258


1- (1) الحبل المتین : 159 ، والبحار 80 : 315 و 316 ، مفاتیح الشرائع 1 : 102 ، المفتاح : 116.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 161 ، الباب 26 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 1 و 2 ، والاحتجاج 2 : 312 .

.··· . ··· .

الشَرح:

الرجل یزور قبور الأئمة إلی أن وقرأت التوقیع ومنه نسخت، لیکون هذا قول أحدهما لا قول محمد بن عبداللّه الحمیری.

والمتحصل، ما فی الروایة «وقرأت ونسخت» ظاهره لا یجتمع مع کون المراد من الفقیه صاحب الناحیة والعسکری علیهماالسلام .

وأم_ّا المناقشة فی سند التوقیع بأنّ الشیخ رواها باسناده عن محمد بن أحمد بن داود وسنده إلیه غیر معلوم فلا وجه لها کما أشرنا أولاً فإنّ الشیخ قدس سره وإن لم یذکر سنده إلیه فی المشیخة من التهذیب إلاّ أنه ذکر سنده إلیه فی الفهرست(1) والسند إلیه صحیح وقال الأردبیلی قدس سره وسند الشیخ إلی محمد بن أحمد بن داود صحیح فی المشیخة والفهرست(2) مع أن_ّه قدس سره لم یذکر فی المشیخة سنده إلیه، وقد یقال إنّ محمد بن أحمد بن داود راوی کتاب أبیه أحمد بن داود القمی وذکر الشیخ فی المشیخة أنّ ما یروی عن أحمد بن داود القمی فقد أخبرنی به الشیخ أبوعبداللّه محمد بن محمد بن النعمان والحسین بن عبیداللّه، عن أبی الحسن محمد بن أحمد بن داود، عن أبیه(3). فیعلم من ذکر هذا الطریق إلی کتب أحمد بن داود أن من یروی عن محمد بن أحمد بن داود هو المفید قدس سره ، والآخر الغضائری فیکون السند إلی محمد بن أحمد متحدا مع ما یروی هو عن أبیه.

وعلی الجملة، أنه لو لم یکن المذکور فی الفهرست لکان المحتمل أن من ذکر فی المشیخة وسائط الشیخ قدس سره عندما ینقله محمد بن أحمد عن کتب أبیه لا مطلقا

ص :259


1- (1) الفهرست : 211 ، الرقم 18.
2- (2) جامع الرواة 2 : 512 .
3- (3) تهذیب الأحکام 10 : المشیخة 78 .

.··· . ··· .

الشَرح:

والوسائط إلی کتاب نفس الابن غیر من ذکر لأنه لا بعد فی أن ینقل من کتاب أبیه روایة لم یذکرها فی کتبه، ویستدل أیضا علی عدم جواز التقدم علی قبر الإمام علیه السلام بروایة هشام بن سالم، عن أبی عبداللّه علیه السلام فی حدیث طویل قال: أتاه رجل فقال له: یابن رسول اللّه هل یزار والدک؟ قال: نعم، وتصلّی عنده، وقال: یصلی خلفه ولا یتقدم علیه(1). والروایة ضعیفة سندا هذا ولکن لا مجال للمناقشة فی سند ما یرویه الشیخ باسناده عن محمد بن أحمد؛ لأنّ ظاهر ما ورد فیها قال: کتبت إلی الفقیه وقرأت التوقیع ونسخت، أنّ فاعل کتبت هو القاری للتوقیع وهو الناسخ، فإن کان فاعل قرأت ونسخت شخص آخر یروی عنه محمد بن عبداللّه الحمیری یکون فاعل کتبت ذلک الشخص، وإن کان فاعلهما محمد بن عبداللّه الحمیری کان فاعل کتبت أیضا هو الحمیری ولا یعد فی شیء من الاتحاد فی الفاعل لکون التوقیع الذی فیه جواب الکتاب یمکن أن یبقی بید الوکیل لکونه مکلفا بإبلاغ الجواب إلی الحمیری لکون سؤاله فی ضمن أسئلة أشخاص آخرین ویقرأ السائل ذلک التوقیع وینسخه، وعلی ذلک فلا داعی فی رفع الید عن ظهور الروایة فی کون الضمیر فی کل ذلک یرجع إلی محمد بن عبداللّه الحمیری وبقاء بعض التوقیعات بید وکیل الناحیة والاستنساخ منها ظاهر بعض الروایات.

نعم، فی دلالة التوقیع علی عدم جواز الصلاة فی مکان القبر الشریف مقدما علی القبر بحیث یجعله خلفه إشکال حیث إنّ تعلیله بأنّ الإمام لا یتقدم علیه إن اُرید منه إمام الجماعة، وبأن یراد من الوارد فی الجواب وأم_ّا الصلاة فإنها خلفه ویجعله الأمام أی یجعل القبر أمام الجماعة فهذا غیر محتمل، بل الظاهر أنّ المراد جعل القبر أمامه بالفتح

ص :260


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 162 ، الباب 26 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 7 .

الثامن: أن لا یکون نجسا نجاسة متعدیة إلی الثوب أو البدن[1] وأم_ّا إذا لم تکن متعدیة فلا مانع إلاّ مکان الجبهة فإنه یجب طهارته وإن لم تکن نجاسته متعدیة لکن الأحوط طهارة ماعدا مکان الجبهة أیضا مطلقا خصوصاً إذا کانت علیه عین النجاسة.

الشَرح:

وهذا لا یناسب الوجوب فإنّ التقدم علی الإمام المعصوم لا حرمة فیه کما إذا کان تقدمه علیه للإرشاد إلی الطریق أو المحافظة علی وجوده الشریف وغیر ذلک.

والمتحصل الأحوط ترک الصلاة فی موارد سوء الأدب نعم لو فرض فی مورد کونه هتکا فلا إشکال فی عدم الجواز.

أن لا یکون المکان نجساً نجاسة متعدیة

[1] هذا الاعتبار لا یزید علی اعتبار طهارة الثوب والبدن فی الصلاة حیث إنّ مع التعدی إلی أحدهما بفقد هذا الشرط ویأتی التکلم فی اعتبار طهارة موضع وضع الجبهة فی بحث السجود، ویمکن أن یستدل علی استحباب طهارة موضع الصلاة حتی من نجاسة غیر متعدیة بموثقة عمار الساباطی، عن أبی عبدالله علیه السلام حیث ورد فیها: سئل عن الموضع القذر یکون فی البیت أو غیره فلا تصیبه الشمس ولکنه قد یبس الموضع القذر؟ قال: «لا یصلّی علیه واعلم موضعه حتی تغسله»(1) وهذه وإن تحمل علی الاستحباب بقرینة صحیحة علی بن جعفر أنه سأل أخاه موسی بن جعفر علیه السلام عن البیت والدار لا تصیبهما الشمس ویصیبهما البول ویغتسل فیهما من الجنابة أیصلّی فیهما إذا جفّا؟ قال: «نعم»(2) وظاهر الأُولی کالثانیة عدم الفرق بین وجود العین أو

ص :261


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 452 ، الباب 29 من أبواب النجاسات، الحدیث 4 .
2- (2) وسائل الشیعة 3 : 453 ، الباب 30 من أبواب النجاسات، الحدیث الأوّل .

التاسع: أن لا یکون محل السجدة أعلی أو أسفل من موضع القدم بأزید من أربع أصابع مضمومات علی ما سیجیء فی باب السجدة.

العاشر: أن لا یصلی الرجل والمرأة فی مکان واحد بحیث تکون المرأة مقدمة علی الرجل أو مساویة له إلاّ مع الحائل أو البعد عشرة أذرع بذراع الید علی الأحوط وإن کان الأقوی کراهته إلاّ مع أحد الأمرین[1]

الشَرح:

مجرد التنجس فإنّ استعمال القذر فی کل من الموردین واقع فإنه فی مقابل النظیف.

وفی صحیحته الاُخری عنه علیه السلام قال: سألته عن البواری یبلّ قصبها بماء قذر أیصلّی علیه؟ قال: «إذا یبست فلا بأس»(1) ونحوها غیرها.

محاذاة الرجل للمرأة

[1] قد التزم قدس سره بجواز صلاة الرجل والمرأة فی مکان بحیث تکون المرأة مقدمة علی الرجل أو مساویة معه ولکن هذا النحو من الصلاة مکروه یکون أقل ثوابا إلاّ مع أحد الأمرین: أحدهما أن یکون بینهما حائل أو تکون الفاصلة بینهما بمقدار عشرة أذرع بذراع الید وهو أزید من مقدار الشبر شیئا والتزامه قدس سره کأنه جمع بین الروایات الواردة فی المقام، ومحل الکلام فی المقام ما إذا کان کل من الرجل والمرأة مصلیا، وأم_ّا إذا کانت المرأة قاعدة قدام الرجل أو من أحد جانبیه فلا بأس بصلاة الرجل، وظاهر بعض الروایات المنع من صلاة الرجل والمرأة فی مکان واحد کصحیحة إدریس بن عبداللّه القمی، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الرجل یصلی وبحیاله امرأة قائمة علی فراشها جنبه؟ فقال: «إن کانت قاعدة فلا یضرک وإن کانت تصلی فلا»(2).

ص :262


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 453 ، الباب 30 من أبواب النجاسات، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 121 ، الباب 4 من أبواب مکان المصلی، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

وموثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام حیث ورد فیها: أنه سئل عن الرجل یستقیم له أن یصلی وبین یدیه امرأة تصلی؟ فقال: «إن کانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة فی غیر صلاة فلا بأس حیث کانت»(1).

وصحیحة جمیل، عن أبی عبدااللّه علیه السلام أنه قال: «لا بأس أن تصلی المرأة بحذاء الرجل وهو یصلی فإنّ النبی صلی الله علیه و آله کان یصلی وعائشة مضطجعة بین یدیه وهی حائض وکان إذا أراد أن یسجد غمز رجلیها فرفعت رجلیها حتی یسجد»(2) بناءً علی کون الصحیح: أن لا تصلی، حتی یناسب الاستشهاد. وأم_ّا إذا کان: أن تصلی، فلا یرتبط بالاستشهاد. وصحیحة محمد یعنی محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهماالسلام قال: سألته عن المرأة تزامل الرجل فی المحمل یصلیان جمیعا؟ قال: «لا، ولکن یصلی الرجل فإذا فرغ صلّت المرأة»(3).

وفی مقابل ماذکرنا ونحوها روایات استظهر منها الجواز ولکن مع الکراهة کما هو المحکی عن السید وابن ادریس(4) وأکثر المتأخرین، بل لا یبعد شهرته بینهم منها صحیحة جمیل المتقدمة التی قلنا لو کان الوارد فیها لا بأس أن تصلی المرأة بحذاء الرجل وهو یصلی لکان دالاً علی الجواز ولکن لا یناسب التعلیل، والاستشهاد فیها بقضیة عائشة(5)، وروایة ابن فضال عمن أخبره عن جمیل عن أبی عبداللّه علیه السلام فی

ص :263


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 122 ، الباب 4 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 6 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 122 ، الباب 4 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 124 ، الباب 5 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 2 .
4- (4) السرائر 1 : 267 . وحکی فیه قوله السید فی المصباح.
5- (5) تقدمت آنفاً .

.··· . ··· .

الشَرح:

الرجل یصلی والمرأة تصلّی بحذاه، قال: «لا بأس»(1) ولکن فی روایة ابن فضال، عمن أخبره، عن جمیل بن دراج، عنه علیه السلام : «إذا کان سجودها مع رکوعه فلا بأس»(2) وظاهر هذه تقدم الرجل علی المرأة بمقدار ما بحیث یکون سجودها محاذیا مع رکوعه مع أنّ الروایتین ضعیفتان لإرسالهما، ومجرد وجود شخص من بنی فضال فی سند الروایة لا یوجب اعتبارها فإنّ ما ورد فی کتب بنی فضال علی تقدیر اعتباره لا یدل إلاّ علی جواز العمل بکتبهم فیما إذا تمت شرائط العمل بها من غیر ناحیتهم، بمعنی أنّ کونهم ثقات فلا یوجب مجرد فساد مذهبهم طرح روایاتهم.

وصحیحة الفضیل عن أبی جعفر علیه السلام قال: «إنما سمیت مکة بکة لأنه یبتکّ فیها الرجال والنساء والمرأة تصلّی بین یدیک وعن یمینک وعن یسارک ومعک ولا بأس بذلک وإنما یکره فی سائر البلدان»(3) ولکن هذه الصحیحة مدلولها جواز صلاة الرجل والمرأة فی مکان واحد بمکة من غیر اعتبار التقدم والفصل بین صلاتیهما فلا یمکن التعدی إلی غیر مکة، ودعوی أنّ الفصل فی الجواز وعدمه غیر محتمل بین مکة وسائر البلدان، وإنّما یحتمل اختصاص الکراهة بسائر البلدان لا یمکن المساعدة علیها، فإنّ الکراهة فی الروایة بمعناها اللغوی فلا تنافی المانعیة وعدم الجواز کما هو ظاهر ما تقدم من الروایات الناهیة وتعلیق نفی البأس فیها بما إذا لم تکن المرأة مصلیة.

وعلی الجملة، لم تثبت روایة معتبرة مرخصة فی جواز صلاة الرجل والمرأة فی مکان یتقدم فیه المرأة أو تکون مصلیة فی جنب الرجل بلا فصل.

ص :264


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 125 ، الباب 5 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 6 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 127 ، الباب 6 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 3 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 126 ، الباب 5 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 10 .

.··· . ··· .

الشَرح:

نعم، ورد فیها نفی البأس عن صلاة الرجل والمرأة فی مکان مع الفصل، والروایات فی مقدار الفصل مختلفة، وقد ورد الفصل بعشرة فی موثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام أنه سئل عن الرجل یستقیم له أن یصلی وبین یدیه امرأة تصلی؟ قال: «لا یصلی حتی یجعل بینه وبینها أکثر من عشرة أذرع، وإن کانت عن یمینه وعن یساره جعل بینه وبینها مثل ذلک، فإن کانت تصلی خلفه فلا بأس وإن کانت تصیب ثوبه، وإن کانت المرأة قاعدة أو نائمة أو قائمة فی غیر صلاة فلا بأس حیث کانت»(1).

وأم_ّا روایة علی بن جعفر عن أخیه(2) مضافا إلی ما فی سندها من الضعف فلا دلالة لها علی هذا التحدید، فإنّ فصل عشرة أذرع مفروض فی کلام السائل وفی بعض الروایات اعتبر فصل شبر بینه وبینها کصحیحة معاویة بن وهب، عن أبی عبداللّه علیه السلام أنه سأله عن الرجل والمرأة یصلّیان فی بیت واحد؟ قال: «إذا کان بینهما قدر شبر صلّت بحذاه وحدها وهو وحده فلا بأس»(3) وصحیحة محمد بن مسلم عن أحدهما علیهماالسلام قال: سألته عن الرجل یصلی فی زاویة الحجرة وامرأته أو ابنته تصلی بحذاه فی الزاویة الاُخری؟ قال: «لا ینبغی ذلک فإن کان بینهما شبرا أجزأه»(4) وحیث إنّ الفصل بین زاویة الحجرة مع زاویته الاُخری تکون بأکثر بکثیر من الشبر ورد فی ذیلها: یعنی إذا کان الرجل متقدما علی المرأة بشبر. ولا یبعد أن یکون التفسیر من

ص :265


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 128 ، الباب 7 من أبواب مکان المصلی، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 128 ، الباب 7 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 125 ، الباب 5 من أبواب لباس المصلی، الحدیث 7 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 123 ، الباب 5 من أبواب مکان المصلی، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

الشیخ قدس سره (1) بقرینة عدم وجود التفسیر فی نقل الکلینی قدس سره (2). وروایة أبی بصیر لیث المرادی بقرینة أنّ الراوی عنه عبداللّه بن مسکان، قال: سألته عن الرجل والمرأة یصلّیان فی بیت واحد، المرأة عن یمین الرجل بحذاه؟ قال: «لا إلاّ أن یکون بینهما شبر أو ذراع»(3) وفی روایته الاُخری عن أبی عبداللّه علیه السلام نحوه إلاّ أنّ فیها قال: «لا، حتی یکون بینهما شبر أو ذراع أو نحوه»(4).

وفی صحیحة زرارة المرویة فی الفقیه عن أبی جعفر علیه السلام : «إذا کان بینها وبینه قدر ما یتخطی أو قدر عظم ذراع فصاعدا فلا بأس»(5) وربما یجعل اختلاف الأخبار فی اعتبار الفصل بعشرة أذرع أو شبر أو ذراع أو موضع رحل قرینة علی عدم اعتبار الفصل واعتباره بما ورد فی الأخبار قرینة علی الکراهة، وفی صحیحة حزیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام فی المرأة تصلی إلی جنب الرجل قریبا منه، فقال: «إذا کان بینهما موضع رجل (رحل) فلا بأس»(6) وروی عن أبی جعفر علیه السلام : «نعم، إذا کان بینهما قدر موضع رحل»(7).

وعلی الجملة، تعدد الاعتبارات فی الفاصلة بین صلاة الرجل والمرأة قرینة علی کراهة عدم الفصل ومراتب الکراهة تزول بأحد أمرین، أحدهما: الفصل بعشرة أذرع

ص :266


1- (1) تهذیب الأحکام 2 : 230 ، الحدیث 113 .
2- (2) الکافی 3 : 298 ، الحدیث 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 124 ، الباب 5 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 3 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 124 ، الباب 5 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 4 .
5- (5) من لا یحضره الفقیه 1 : 247 ، الحدیث 747 .
6- (6) وسائل الشیعة 5 : 126 ، الباب 5 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 11 .
7- (7) وسائل الشیعة 5 : 126 ، الباب 5 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 12 .

والمدار علی الصلاة الصحیحة لولا المحاذاة أو التقدم دون الفاسدة لفقد شرط أو وجود مانع[1]

الشَرح:

بذراع الید، والثانی: وجود الحاجز بینهما فی صلاتهما، کما یدل علی زوالها بالحاجز صحیحة محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام فی المرأة تصلی عند الرجل، قال: «إذا کان بینهما حاجز فلا بأس»(1) وغیرها ممّا یأتی ولکن لا یخفی أنه لم یتم من الأخبار التی ذکروها لعدم اعتبار الفصل ما یعتبر سندا ودلالة فی مقابل الأخبار المانعة.

وأم_ّا اختلاف الأخبار فی الفصل اللازم مرعاته فیرفع الید عن اعتبار الفصل الزائد بما دلّ علی کفایة الأقل بحمل رعایة الفصل الزائد علی مراتب رفع الکراهة الأولویة وأقل الفصل الوارد فیها اعتبار الشبر فیؤخذ به، ویقید الأخبار المانعة بما إذا لم یکن فی البین الفصل بمقدار شبر حیث لم ترد روایة معتبرة علی عدم اعتباره أیضا کما تقید تلک الأخبار بما إذا لم یکن بین الرجل والمرأة حاجز عند صلاتهما.

[1] یقع الکلام فی أنّ المحاذاة الموجبة لبطلان الصلاة أو الکراهة ما إذا کانت صلاة المرأة صحیحة لولا المحاذاة وکذا فی تقدمها علی الرجل فی صلاته فی المکان أو أنّ صلاتها ولو کانت باطلة من سائر الجهات أیضا تکون موجبة للبطلان أو الکراهة، قد یقال ظاهر الخطابات کونها صحیحة مع قطع النظر عن المحاذاة لا لما قیل من أنّ الصلاة وغیرها من ألفاظ العبادات موضوعة للصحیح منها، غایة الأمر حیث لا یمکن أن یراد فی المقام بناءً علی کون المحاذاة أو تقدم المرأة موجبة للبطلان الصحیح التام فلا بد من أن یکون المراد الصحیح لولا المحاذاة والتقدم لیرد علی ذلک بأنها موضوعة للجامع بین الصحیح أی التام والفاسد أی الناقص، ولا لدعوی أنّ الصلاة أو غیرها تنصرف إلی صحیحة منها لیقال إنّ الموجب للانصراف غلبة الاستعمال بحیث توجب

ص :267


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 129 _ 130 ، الباب 8 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 2 .

والأولی فی الحائل کونه مانعا عن المشاهدة وإن کان لا یبعد کفایته مطلقا[1]

الشَرح:

أُنس الأذهان من نفس اللفظ إلی المعنی الغالب واستعمال الصلاة فی الناقص فی نفسها کثیر ومجرد أکثریة فی الاستعمال لا توجب الانصراف، بل الوجه أنّ المفروض فی الروایات أن یصلّی الرجل والمرأة الصلاة المأمور بها فی مقابل الامتثال وجوبا أو ندبا فلا تعمّ ما إذا لم تکن صلاتها محکومة بالفساد من غیر ناحیة المحاذاة.

وإن شئت قلت هذه الأخبار ناظرة إلی مانعیة المحاذاة والتقدم فی الصلاة، وإنما یکون فرض المانعیة ما إذا کانت الصلاة واجدة لتمام ما یعتبر فیها من غیر جهة هذا المانع، ولو ورد فی الخطاب نهی الحائض عن الصلاة فهذا النهی إرشاد إلی بطلان صلاتها الواجدة لتمام ما یعتبر فیها من جهة مانعیة الحیض، وکذا ورد النهی عن الصلاة فی ثوب نجس، بل الأمر فی صورة الإرشاد إلی الکراهة أیضا کذلک.

[1] الوارد فی صحیحة محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام : «إذا کان بینهما حاجز فلا بأس»(1) والحاجر یعم ما إذا منع عن المشاهدة وما لا یمنع، وما فی روایة محمد الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام : «لا ینبغی ذلک إلاّ أن یکون بینهما ستر»(2) مضافا إلی ضعف سنده لم یثبت کون الوارد فی متن الحدیث «ستر» بل فیما رواه الشیخ قدس سره : إلاّ أن یکون بینهما شبر(3). وکذا فیما رواه الکلینی قدس سره (4).

وأم_ّا الاستدلال علی عدم اعتبار المنع عن المشاهدة فی الحاجز بصحیحة علی بن جعفر فلا یخلو عن الإشکال؛ لأنّ المفروض فیها لا یخلو عن بعد الشبر لا محالة.

ص :268


1- (1) تقدم تخریجها فی الصفحة السابقة .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 130 ، الباب 8 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 3 .
3- (3) تهذیب الأحکام 2 : 230 و 231 ، الحدیث 113، 116.
4- (4) الکافی 3 : 298 ، الحدیث 4 .

کما أن الکراهة أو الحرمة مختصة بمن شرع فی الصلاة لاحقا[1] إذا کانا مختلفین فی الشروع ومع تقارنهما تعمهما، وترتفع أیضا بتأخر المرأة مکانا بمجرد الصدق وإن کان الأولی تأخرها عنه فی جمیع حالات الصلاة بأن یکون مسجدها وراء موقفه، کما أنّ الظاهر ارتفاعها أیضا بکون أحدهما فی موضع عال علی وجه لا یصدق معه التقدم أو المحاذاة وإن لم یبلغ عشرة أذرع.

الشَرح:

[1] والوجه فی ذلک أنّ المستفاد من الروایات المانعة هو مانعیة المحاذاة أو تقدم المرأة علی الرجل من غیر فصل بینهما عن الصلاة فإن شرع کل منهما بصلاتهما فی زمان واحد یحکم ببطلان صلاة کل منهما؛ لأنّ تخصیص البطلان بصلاة أحدهما مع کون المانع إلی صلاة کل منهما علی حد السواء تخصیص بلا معیّن.

نعم، إذا شرع أحدهما أولاً ثم دخل الثانی فی الصلاة یحکم ببطلان صلاة الثانی؛ لأنّ صلاته من حیث الشروع لا تتحقق لاقترانها بالمانع، والصلاة الفاسدة من الثانی لا تکون مانعة عن الصلاة من الأول، هذا نظیر ما یقال من أنّ من شروط صحة صلاة الجمعة أن یکون الفصل بینها وبین صلاة الجمعة الأُخری بفرسخ وإذا أُقیمت جمعتان فی مکانین الفصل بینهما أقل من فرسخ فإن أُقیمتا فی زمان واحد بطلت الجمعتان، وإن أُقیمت إحداهما قبل الاُخری بطلت الثانیة حیث إنّه إذا أُقیمت إحداهما أولاً تکون واجدة لمشروعیتها ولا تکون للثانیة مشروعیة وتبطل، بخلاف ما إذا أُقیمتا فی زمان واحد؛ لأنّ تخصیص عدم المشروعیة بأحداهما تخصیص بلا معیّن، بخلاف الفرض الذی أُقیمت إحداهما أی شروع أحد الإمامین صلاته قبل الآخر، وهذا لا ینافی ما تقدم من أنّ المانعیة لصلاة تکون صحیحة لولا المحاذاة والتقدم، فإنّ المراد ممّا تقدم أنه لو کانت صلاة واحد من الرجل أو المرأة باطلة مع قطع النظر عن المحاذاة والتقدم لا تکون المحاذاة أو التقدم موجبة لبطلان صلاة الآخر التی تکون صحیحة من غیر

ص :269

(مسألة 26) لا فرق فی الحکم المذکور کراهة أو حرمة[1] بین المحارم الشَرح:

جهة المحاذاة والتقدم.

نعم، بناءً علی عدم المانعیة والالتزام بالکراهة فتخصیص الکراهة بصلاة الثانی مع الدخول فیها متعاقبا وتساوی الکراهة فیما إذا دخلا فی صلاتهما فی زمان واحد بلا موجب، بل تعمّ الکراهة صلاة کل منهما لصدق أنّ الرجل یصلی وبحذائه امرأة تصلی أو بحیاله امرأة تصلی.

وتدلّ علی ما ذکرنا أیضا صحیحة علی بن جعفر، عن أخیه موسی علیه السلام قال: سألته عن إمام کان فی الظهر فقامت امرأته بحیاله تصلی وهی تحسب أنها العصر هل یفسد ذلک علی القوم؟ وما حال المرأة فی صلاتها معهم وقد کانت صلّت الظهر؟ قال: «لا یفسد ذلک علی القوم وتعید المرأة»(1) حیث دلّت علی اختصاص الفساد بصلاة المرأة، والوجه فی الدلالة أنّ موضع المرأة فی صلاة جماعة الرجال خلف الرجال وإذا تقدمت علی الرجال وقامت بحیال الإمام بطلت جماعته، بل صلاتها أیضا مع احتمالها عدم جواز هذا النحو من الاقتداء.

نعم، إذا کانت غافلة یحکم بصحتها بحدیث: «لا تعاد»(2) والمناقشة فی دلالتها لعلّ البطلان لأنها صلّت العصر بظهر الإمام ولعلّ البطلان من هذه الجهة لا یمکن المساعدة علیه؛ فإنّ هذا الأمر لا یوجب بطلان الاقتداء کما یأتی فی بحث صلاة الجماعة إن شاء اللّه تعالی.

[1] للإطلاق فی الروایات المانعة، بل المفروض فی بعضها أنّ الرجل یصلی فی زاویة وامرأته أو ابنته تصلی فی زاویة أُخری، وأم_ّا التسویة بین البالغین وغیر البالغین

ص :270


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 130 _ 131 ، الباب 9 من أبواب مکان المصلی، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

وغیرهم والزوج والزوجة وغیرهما وکونهما بالغین أو غیر بالغین أو مختلفین بناءً علی المختار من صحة عبادات الصبی والصبیة.

(مسألة 27) الظاهر عدم الفرق أیضا بین النافلة والفریضة[1]

(مسألة 28) الحکم المذکور مختص بحال الاختیار ففی الضیق والاضطرار لا مانع ولا کراهة[2] نعم إذا کان الوقت واسعاً یؤخر أحدهما صلاته والأولی تأخیر المرأة صلاتها.

الشَرح:

فلا یمکن المساعدة علیه فإنّ الوارد فی الروایات عنوان الرجل والمرأة وحملهما فی المقام علی أنّ المراد منهما الذکر والأُنثی کبعض المقامات تحتاج إلی قرینة، وما یقال ظاهر ما دلّ علی الأمر علی الصبی والصبیة بالصلاة أن متعلق الأمر الصلاة المشروعة للبالغ والبالغة، ولکن مقتضی ذلک أنّ الصبی فی صلاته لا یجوز أن یحاذی المرأة کالبالغ، وأنّ الصبیة فی صلاتها لا یجوز لها أن تحاذی الرجل، وأم_ّا محاذاة الصبیة الصبی أو بالعکس فلیس لعدم جوازها دلیل.

[1] هذا أیضا مقتضی الصلاة فی الروایات المانعة.

[2] قد یقال إنّ الوجه فی عدم الکراهة فی موارد ضیق الوقت أو الاضطرار بناءً علی القول بها لکون النهی التنزیهی فی العبادة إبلاغ للمنقصة فی المتعلق ونوع من الحزازة فیه فیکون إرشادا إلی اختیار الفرد الآخر من الطبیعی فی مقام الامتثال من الخالی عن المنقصة والحزازة أو الأفضل، ومع فرض عدم التمکن من اختیار الفرد الآخر لا یبقی مجال للإرشاد إلی اختیار الفرد الآخر فیتعین علی المکلف الإتیان بذلک الفرد فی مقام الامتثال.

وأم_ّا بناءً علی المانعیة فالمفروض أنّ المکلف لا یتمکن من الإتیان بغیره فالأمر یدور بین أن یسقط التکلیف بالصلاة فی حقه، وبین أن یأتی بها مقترنا بالمانع فیتعین

ص :271

.··· . ··· .

الشَرح:

الثانی للعلم بعدم سقوط التکلیف بالصلاة فی حقه.

أقول: إن أُرید من سقوط الکراهة عند ضیق الوقت أو الاضطرار أنّ الصلاة فی هذه الحالة خالیة عن المنقصة والحزازة، وأنّ الثواب الموعود للصلاة الخالیة عن هذه المنقصة یعطی لمن یأتی بها فی هذه الحالة، وأنّ الإرشاد إلی اختیار الفرد الخالی أو الأفضل هو الفرض الوحید من النهی التنزیهی فلا یمکن المساعدة علیه، فإن النهی التنزیهی یتوجه إلی المکلف لئلا یوقع نفسه إلی الاضطرار إلی الصلاة فی الأمکنة المکروهة والإتیان بها فی ضمن الفرد الذی فیه الحزازة قبل أن یقع فی ضیق الوقت أو الاضطرار نظیر النهی الالزامی.

نعم، لو لم یکن وقوع صلاته فی ضیق الوقت أو اضطراره باختیاره أمکن أن یقال إنّ الفرض من النهی التنزیهی الإرشادی لا یعمه.

وممّا ذکر یظهر الحال فی الإتیان بالصلاة فی تلک الحال بناءً علی المانعیة وأنّ المکلف یعاقب علی ترک الصلاة الاختیاریة الخالیة من المانع إذا کان الوقوع فی الاضطرار أو فی ضیق الوقت بالتعمد منه.

ثم إنه إذا بادر أحدهما إلی الدخول فی صلاته قبل الأُخری فإن أمکن للآخر الإتیان بصلاته بإدراک رکعة منها قبل خروج الوقت فمقتضی حدیث: «من أدرک»(1) کفایة تلک الصلاة ولا سبیل إلی الالتزام بسقوط المانعیة، وإنّما تسقط فی فرض عدم الإدراک أو ما إذا شرعا فی الصلاة فی زمان واحد، حیث إنّ الحکم ببطلان صلاتهما یلازم الحکم بفوت الفریضة فی وقتها.

ص :272


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 218 ، الباب 30 من أبواب المواقیت، الحدیث 4 .

(مسألة 29) إذا کان الرجل یصلی وبحذائه أو قدّامه امرأة من غیر أن تکون مشغولة بالصلاة لا کراهة ولا إشکال، وکذا العکس فالاحتیاط أو الکراهة مختص بصورة اشتغالهما بالصلاة[1]

(مسألة 30) الأحوط ترک الفریضة علی سطح الکعبة[2] وفی جوفها اختیارا ولا بأس بالنافلة، بل یستحب أن یصلی فیها قبال کل رکن رکعتین، وکذا لا بأس بالفریضة فی حال الضرورة وإذا صلّی علی سطحها فاللازم أن یکون قباله فی جمیع حالاته شیء من فضائها ویصلی قائما، والقول بأنه یصلّی مستقلیا متوجها إلی البیت المعمور أو یصلّی مضطجعاً ضعیف.

الشَرح:

[1] وقد تقدّم ما یدل علی ذلک عند التعرض للروایات المانعة عن صلاة الرجل والمرأة مع محاذاتهما أو تقدم المرأة علی الرجل.

الصلاة فی جوف الکعبة وعلی سطحها

[2] قد ورد النهی عن الصلاة علی سطح الکعبة فی بعض الروایات کروایة شعیب بن واقد، عن الحسین بن زید، عن الصادق، عن آبائه علیهم السلام فی حدیث المناهی، قال: «نهی رسول اللّه صلی الله علیه و آله عن الصلاة علی ظهر الکعبة»(1) وفی روایة عبدالسلام بن صالح، عن الرضا علیه السلام فی الذی تدرکه الصلاة وهو فوق الکعبة قال: «إن قام لم یکن له قبلة ولکن یستلقی علی قفاه ویفتح عینیه إلی السماء ویعقد بقلبه القبلة التی فی السماء البیت المعمور ویقرأ فإذا أراد أن یرکع غمض عینیه، وإذا أراد أن یرفع رأسه من الرکوع فتح عینیه والسجود علی نحو ذلک»(2).

ص :273


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 340 ، الباب 19 من أبواب القبلة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 340 ، الباب 19 من أبواب القبلة، الحدیث 2 .

.··· . ··· .

الشَرح:

ولکن الروایة الأُولی ضعیفة والثانیة کالأُولی سندا وغیر معمول بها عند المشهور، ولکن مع ذلک لا یبعد الالتزام بعدم جواز الإتیان بالفریضة علی سطح الکعبة حیث مقتضی الأمر بالتوجه إلی البیت أن یکون موقف المصلی خارجه، ولا یقال لمن یکون علی سطح بیت أنه یستقبل ذلک البیت.

نعم، عند الاضطرار وضیق الوقت مقتضی عدم سقوط الفریضة جواز الإتیان مع رعایة سایر الأُمور المعتبرة فیها، ومنها القیام والرکوع والسجود الاختیاریان، ودعوی أنّ القبلة لیست هی الکعبة بل من تخوم الأرض إلی عنان السماء وإذا توجه فی سطح البیت إلی الفضاء منها یکون مستقبلاً القبلة لا یمکن المساعدة علیها؛ فإنّ کون موقف المصلی أن یکون خارجا عمّا یتوجه إلیه لیصدق أنه یستقبله یجری فی ناحیة فضاء الکعبة أیضا مع أنّ کون القبلة ما ذکر لم یثبت کما تعرضنا لذلک فی بحث القبلة، هذا بالإضافة إلی الصلاة علی سطح الکعبة.

وأم_ّا بالإضافة إلی الصلاة فی جوفها فإنه یکون مقتضی ما ذکرنا فی الصلاة علی سطحها عدم الجواز فیها أیضا، وقد ورد النهی عن الصلاة فی جوفها فی بعض الروایات المعتبرة إلاّ أنه لابد من الالتزام فی الصلاة فی جوفها بالجواز وحمل النهی عنه إلی الإرشاد إلی الکراهة بقرینة موثقة یونس بن یعقوب قال: قلت لأبی عبداللّه علیه السلام : حضرت الصلاة المکتوبة وأنا فی الکعبة أفأُصلی فیها؟ قال: «صلّ»(1) وحملها علی حال الضرورة کما عن الشیخ قدس سره لا یمکن المساعدة علیه فإنه لا قرینة علی هذا الحمل، بل القرینة علی خلافها فإنّ ظاهرها أوّل وقت الصلاة فیمکن أن یصیر إلی ما بعد الخروج منها، وأم_ّا ما ورد النهی فیه من الصلاة فی جوف الکعبة کصحیحة

ص :274


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 337 ، الباب 17 من أبواب القبلة، الحدیث 6 .

.··· . ··· .

الشَرح:

معاویة بن عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام : «لا تصل المکتوبة فی الکعبة فإنّ النبی صلی الله علیه و آله لم یدخل الکعبة فی حج ولا عمرة ولکنه دخلها فی الفتح فتح مکة وصلّی رکعتین بین العمودین ومعه أُسامة بن زید»(1) وصحیحة محمد أی محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهماالسلام قال: «لا تصلح صلاة المکتوبة فی جوف الکعبة»(2) فیحمل ما ذکرنا علی الکراهة بالإضافة إلی الصلاة المکتوبة.

وأم_ّا الصلاة النافلة فلا بأس بها کما یظهر من صحیحة معاویة بن عمار(3)، والشیخ قدس سره قد أورد فی التهذیب صحیحة محمد بن مسلم المذکورة بإسناده عن الحسین بن سعید(4)، وروی باسناده عن علی بن الحسن الطاطری، عن ابن جبلة، عن علا، عن محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهماالسلام : «تصلح صلاة المکتوبة جوف الکعبة»(5) قال فی الوسائل: لفظة (لا) هنا غیر موجودة فی النسخة التی قوبلت بخط الشیخ، وهی موجودة فی بعض النسخ وعلی تقدیر عدم وجودها فهو محمول علی الجواز.

أقول: الروایة بعینها منقولة عن العلا عن محمد بن مسلم کما فی الروایة المتقدمة التی رواها باسناده إلی الحسین بن سعید ویبعد أن یروی محمد بن مسلم لعلاء تارة: «لا تصلح» واُخری «تصلح» ولا یبعد أن یقع السهو فی النسخة التی قوبلت، واللّه العالم.

ص :275


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 337 ، الباب 17 من أبواب القبلة، الحدیث 3 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 337 ، الباب 17 من أبواب القبلة، الحدیث 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 337 ، الباب 17 من أبواب القبلة، الحدیث 5 .
4- (4) تهذیب الأحکام 5 : 279 ، الحدیث 12 .
5- (5) تهذیب الأحکام 2 : 383 ، الحدیث 6 .

.··· . ··· .

الشَرح:

وأم_ّا ما رواه الشیخ قدس سره فی باب الزیادات فی فقه الحج باسناده عن أحمد بن الحسین، عن علی بن مهزیار، عن محمد بن عبداللّه بن مروان، قال: رأیت یونس بمنی یسأل أباالحسن علیه السلام عن الرجل إذا حضرته صلاة الفریضة وهو فی الکعبة فلم یمکنه الخروج من الکعبة؟ فقال: استلقی علی قفاه وصلی إیماءً وذکر قول اللّه عزّ وجلّ «فَأَیْنََما تُوَلُّوْا فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ»(1) فلضعف سنده وعدم العمل بمضمونها لا یمکن الاعتماد علیها.

ص :276


1- (1) تهذیب الأحکام 5 : 453 ، الحدیث 229 ، والآیة 115 من سورة البقرة .

فصل فی مسجد الجبهة من مکان المصلی

یشترط فیه مضافا إلی طهارته أن یکون من الأرض أو ما أنبتته غیر المأکول والملبوس[1]

الشَرح:

فصل فی مسجد الجبهة من مکان المصلی

فی اعتبار طهارة مسجد الجبهة وکونه من الأرض

[1] اما اعتبار الطهارة فی مسجد الجبهة فقد تقدم الکلام فیه فی بحث ما یعتبر فیه الطهارة ویأتی أیضا فی بحث السجود، وأم_ّا اعتبار کون مسجدها من الأرض فلا ینبغی التأمل فیه، وکذا کونه ما أنبتته الأرض من غیر المأکول والملبوس عدلاً للأرض نعم المحکی(1) عن المرتضی فی المسائل الموصلیة جواز السجود علی القطن والکتان(2). وحکی فی الحدائق(3) عن ظاهر المحقق فی المعتبر(4) المیل إلی جواز السجود علیهما علی کراهیة کما هو ظاهر المحدث الکاشانی(5).

ویدل علی الاعتبار صحیحة هشام بن الحکم أنه قال لأبی عبداللّه علیه السلام : أخبرنی عمّا یجوز السجود علیه وعمّا لا یجوز؟ قال: السجود لا یجوز إلاّ علی الأرض أو علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما أُکل أو لبس، فقال له: جعلت فداک ما العلة فی ذلک؟ قال: لأنّ السجود خضوع للّه عزّ وجلّ فلا ینبغی أن یکون علی ما یؤکل ویلبس؛ لأنّ أبناء الدنیا

ص :277


1- (1) حکاه العلامة فی منتهی المطلب 4 : 355 .
2- (2) رسائل الشریف المرتضی (المجموعة الاولی) : 174 .
3- (3) الحدائق الناضرة 7 : 250 .
4- (4) المعتبر 2 : 119 .
5- (5) الوافی 8 : 742 .

.··· . ··· .

الشَرح:

عبید ما یأکلون ویلبسون والساجد فی سجوده فی عبادة اللّه عزّوجلّ فلا ینبغی أن یضع جبهته فی سجوده علی معبود أبناء الدنیا الذین اغتروا بغرورها... الحدیث(1) ویظهر بوضوح من التعلیل أنّ ما ذکر من اعتبار کون السجود علی الأرض أو ما أنبتت من غیر المأکول والملبوس مختص بموضع الجبهة فی السجود لا فی سائر المواضع.

وصحیحة حماد بن عثمان، عن أبی عبداللّه علیه السلام أنه قال: «السجود علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما أُکل أو لبس»(2) وصحیحة الفضیل بن یسار، وبرید بن معاویة جمیعا عن أحدهما، قال: «وإن کان من نبات الأرض فلا بأس بالقیام علیه والسجود علیه»(3) وحیث إنّ الفراش من النبات لا یکون من المأکول والملبوس یکون مفادها عدم جواز السجود إلاّ علی الأرض أو من نبات الأرض ممّا لا یؤکل ولا یلبس، وعلی تقدیر إطلاق الأخیرة یقید بما ورد فیما تقدّم من اعتبار کون مسجد الجبهة ممّا لا یؤکل ولا یلبس من النبات.

ومثل ما تقدم معتبرة أبی العباس الفضل بن عبدالملک قال: قال أبوعبداللّه علیه السلام : «لا یسجد إلاّ علی الأرض أو ما أنبتت الأرض إلاّ القطن والکتان»(4) فقوله علیه السلام : «إلاّ القطن والکتان» استثناء من النبات المعطوف علی الأرض ب_ (أو) العاطفة، بل هذه المعتبرة أوضح ممّا تقدم بالإضافة إلی عدم جواز السجود علی ما یلبس، فإنّ الوهم فی کون المراد ممّا یلبس ما یکون صالحا للّبس فعلاً لا یجری فی المعتبرة ویرفع عن

ص :278


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 343 ، الباب الأول من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 344 ، الباب الأول من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 2.
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 344 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 5.
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 345 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 6.

.··· . ··· .

الشَرح:

إطلاق النبات فیها بالإضافة إلی ما یؤکل بالتقیید الوارد فی الروایات المتقدمة، ولو کان المراد «من لا یسجد» یعنی: لا یصلی، فلا حاجة إلی التقیید؛ لأنّ ما یؤکل لا یکون فراشا یصلی علیه حتی یسجد علیه فلا حاجة إلی ضمّ استثناء ما یؤکل إلی استثناء القطن والکتان.

ولکن مع ذلک فی البین روایات استظهر منها جواز السجود علی القطن والکتان، إحداها: رواها داود الصرمی، قال: سألت أباالحسن الثالث علیه السلام : هل یجوز السجود علی القطن والکتان من غیر تقیة؟ فقال: «جائز»(1) وثانیتها: مکاتبة الحسین بن کیسان الصنعانی، قال: کتبت إلی أبی الحسن الثالث علیه السلام أسأله عن السجود علی القطن والکتان من غیر تقیة ولا ضرورة؟ فکتب إلیّ: «ذلک جائز»(2) ثالثتها: روایة یاسر الخادم، قال: مر بی أبوالحسن علیه السلام وأنا اُصلی علی الطبری وقد ألقیت علیه شیئا أسجد علیه، فقال: «مالک لا تسجد علیه ألیس هو من نبات الأرض؟»(3) وقد حمل هذه الروایات مع الغمض عن اسنادها علی التقیة فی مقام المعارضة بین الروایات المتقدمة خصوصا معتبرة أبی العباس وبین هذه الروایات؛ لأنّ جواز السجود علی القطن والکتان وغیرهما مقتضی قول المخالفین.

وقد یقال: إنّ الحمل علی التقیة ولو فی مقام الإفتاء إذا لم یکن بین الطائفتین جمع عرفی کما هو المقرر فی بحث ترجیح أحد المتعارضین، ومع الجمع العرفی لا موضوع للتعارض، ویورد علی هذا القول بأنّ الجمع العرفی بالحمل علی الکراهة

ص :279


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 348 ، الباب 2 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 6.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 348 ، الباب 2 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 7.
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 348 ، الباب 2 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 5.

.··· . ··· .

الشَرح:

فیما إذا ورد فی أحد الخطابین أو فی إحدی الطائفتین من الروایات النهی عن شیء وفی الخطاب الآخر أو فی طائفة اُخری الترخیص فیه، وأم_ّا إذا کان مدلول أحد الخطابین جواز شیء ومدلول الآخر عدم جوازه وکذا فی الطائفتین یتحقق التعارض بینهما، والمقام من قبیل الثانی، فإنّ الوارد فی صحیحة هشام بن الحکم وکذا صحیحة حماد بن عثمان وغیرهما عدم جواز السجود علی ما أُکل ولبس، وقد تقدّم أنه لیس المراد ما یؤکل فعلاً أو یلبس کذلک، بل المراد ما فیه شأنیة الأکل بأن یؤکل بعد علاج کما هو الحال فی الحنطة ونحوها فیکون المراد ما یلبس ولو بعد العلاج، فیکون مدلولهما عدم جواز السجود علی القطن والکتان فإنّ نوع ما یلبس خصوصا فی ذلک کان من القطن والکتان فیکون ما دلّ علی جواز السجود علیهما معارضا مع ما دلّ علی عدم جواز السجود علیهما. ولکن قد ذکرنا معتبرة أبی العباس الفضل بن عبدالملک والوارد فیها: «لا یسجد إلاّ علی الأرض أو ما أنبتت الأرض إلاّ القطن والکتان»(1) ومدلولها النهی عن السجود علی القطن والکتان فیمکن حمل الترخیص فیه _ حیث إنّه وارد بعد فرض النهی _ علی الکراهة، ولکن الروایات المجوزة کلها ضعیفة سندا ولا مجال لدعوی انجبار ضعفها بعمل الأصحاب حیث ذکرنا أنّ المشهور علی عدم الجواز فتطرح، بل یمکن أن یقال بما أنّ هذه الروایات المجوزة مبتلی بالمعارض فلا تصلح أن تکون قرینة لحمل «لا یسجد» فی معتبرة الفضل بن عبدالملک علی الکراهة.

وأم_ّا ما ورد فی الصحیح عن منصور بن حازم، عن غیر واحد من أصحابنا قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام : إنا نکون بأرض باردة یکون فیها الثلج أفنسجد علیه؟ قال: «لا

ص :280


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 345 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 6 .

نعم، یجوز علی القرطاس أیضا[1]

الشَرح:

ولکن اجعل بینک وبینه شیئا قطنا أو کتانا»(1) فهی ناظرة إلی صورة الاضطرار کما یظهر من السؤال، وعلی تقدیر الإطلاق یرفع الید عن إطلاقها بحملها علی صورة الاضطرار لعدم احتمال الفرق بین صورتی التقیة والاضطرار الوارد فی صحیحة علی بن یقطین.

یجوز السجود علی القرطاس

[1] جواز السجود علی القرطاس وإن لم یکن مأخوذا من نبات الأرض مقتضی إطلاق فتاوی جملة من الأصحاب نعم فی المحکی(2) عن القواعد ونهایة الإحکام واللمعة وحاشیة النافع(3) التقیید بصورة الأخذ من نبات الأرض.

ویستدل علی الجواز مطلقا بصحیحة علی بن مهزیار، قال: سأل داود بن فرقد أباالحسن علیه السلام عن القراطیس والکواغد المکتوبة علیها هل یجوز السجود علیها أم لا؟ فکتب: «یجوز»(4) رواها الشیخ قدس سره فی التهذیب فی موضعین رواها فی أحدهما باسناده عن أحمد بن محمد، عن علی بن مهزیار قال: سأل داود بن یزید أباالحسن علیه السلام (5) وفی موضع آخر وسأل داود بن یزید أباالحسن الثالث علیه السلام (6) ولا یخفی أنّ داود بن فرقد هو

ص :281


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 351 ، الباب 4 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 7.
2- (2) حکاه النجفی فی جواهر الکلام 8 : 713 .
3- (3) قواعد الاحکام 1 : 263 ، ونهایة الأحکام 1 : 362 ، اللمعة الدمشقیة : 27 ، حاشیة النافع (مخطوط) الورقة 232 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 355 ، الباب 7 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 2.
5- (5) تهذیب الأحکام 2 : 309 ، الحدیث 106 .
6- (6) المصدر السابق : 235 ، الحدیث 137 .

.··· . ··· .

الشَرح:

داود بن أبی یزید لا داود بن یزید، وداود بن أبی یزید من الرواة عن أبی الحسن موسی علیه السلام وله روایات عن أبی عبداللّه علیه السلام فتوصیف أبی الحسن بالثالث عن الصدوق قدس سره (1) وعن الشیخ قدس سره فی أحد الموضعین لابد من الحمل علی الاشتباه إمّا منهما أو من النساخ، فإنّ أباالحسن الثالث هو الهادی علیه السلام .

وکیف ما کان، فالوجه فی الاستدلال بها علی الجواز هو ترک الاستفصال فی الجواب عن کون القرطاس أو الکاغذ مأخوذا من النبات الذی لا یؤکل ولا یلبس أو من النبات أو غیره، ومن ذلک یظهر وجه الاستدلال بصحیحة جمیل بن دراج، عن أبی عبداللّه علیه السلام : أن_ّه کره أن یسجد علی قرطاس علیه کتابة»(2) فإنّه بعد حمل الکراهة التی بالمعنی اللغوی علی المنع الذی فیه ترخیص فی الارتکاب بقرینة ما تقدّم یکون مقتضی لازم الإطلاق وعدم ترک الاستفصال فی الجواب ثبوت الترخیص فی جمیع ما یطلق علی القرطاس والکاغد، أضف إلیها صحیحة صفوان الجمال، قال: رأیت أباعبداللّه علیه السلام فی المحمل یسجد علی القرطاس وأکثر ذلک یومئ إیماءً(3).

ولکن قد یورد علی الاستدلال بأنّ الصحیحة الأخیرة حکایة فعل فلا إطلاق فیه ولعل الإمام علیه السلام کان یسجد علی القرطاس المصنوع ممّا لا یؤکل ولا یلبس، وأم_ّا الصحیحة الأُولی فلأنّ الظاهر أنّ السائل کان یعلم جواز السجود علی القرطاس وجهة سؤاله جواز السجود علی القرطاس والکواغید المکتوبة والإمام علیه السلام فی مقام الجواب یذکر أنّ الکتابة فیها لا یمنع عن جواز السجود علیها، وفی الصحیحة الثانیة فی مقام

ص :282


1- (1) من لا یحضره الفقیه 1 : 270 ، الحدیث 834 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 356 ، الباب 7 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 3 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 355 ، الباب 7 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

بیان کراهة السجود علی المکتوبة، وأم_ّا القرطاس المحکوم بجواز السجود علیه مع قطع النظر عن کونه مکتوبا علیه أی قرطاس فلعدم کونه علیه السلام فی مقام بیان هذه الجهة لا یکون لهما إطلاق، والحکم بجواز السجود علی القرطاس المصنوع من الحشیش ونحوه ممّا لا یؤکل ولا یلبس لا یحتاج إلی دلیل خاص فإنه مقتضی الأدلة الأولیة نظیر قوله علیه السلام : «السجود لا یجوز إلاّ علی الأرض أو علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما اُکل ولبس»(1) کما أنّ عدم جوازه فی القرطاس المصنوع من غیر ذلک مقتضاها، وقد یجاب بأنّ صیرورة النبات من الحشیش ونحوه أو غیر ذلک قرطاسا من قبیل الاستحالة کاستحالة الحشیش بالاحتراق إلی الرماد، وجواز السجود علی الحشیش ونحوه لا یقتضی جواز السجود علی القرطاس المصنوع منهما، وعلی ذلک فعدم جواز السجود علی القرطاس مقتضی ما دل علی عدم جواز السجود علی غیر الأرض وغیر النبات الذی لا یؤکل ولا یلبس، ویرفع الید عن مقتضاه فی القدر المتیقن وهو المأخوذ من النبات إلاّ أن یقال تشخیص أنّ القرطاس مأخوذ من هذا القسم من النبات وأنه لیس مأخوذا حتی من القطن أمر صعب، بل هذا القسم من القرطاس یحسب من النوع النادر من القرطاس.

أضف إلی ذلک أنه یمکن أن یکون وجه سؤال داود بن فرقد عن القراطیس والکواغد المکتوبة هو أنه إذا أجاز الإمام علیه السلام السجود علیها مع الکتابة جاز السجود علیها مع عدم الکتابة، وبما أنه علیه السلام أجازه فلم یبقَ له حاجة عن السؤال عن السجود علیها مع عدم الکتابة ففی النتیجة سؤاله عن المکتوبة علیها لا یدلّ علی أنّ جواز

ص :283


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 343 ، الباب الأول من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل .

فلا یصحّ علی ما خرج عن اسم الأرض[1] کالمعادن مثل الذهب والفضة والعقیق والفیروزج والقیر والزفت ونحوها، وکذا ما خرج عن اسم النبات کالرماد والفحم ونحوهما، ولا علی المأکول والملبوس کالخبز والقطن والکتان ونحوها، ویجوز السجود علی جمیع الأحجار إذا لم تکن من المعادن.

الشَرح:

السجود مع عدم الکتابة کان معلوما عنده قبل ذلک، بل الالتزام بأنّ القرطاس المأخوذ من النبات والقطن والکتان من قبیل الاستحالة غیر ظاهر لو لم یکن خلافها أظهر وحینئذ وإن یکون التعارض بین ما دلّ علی جواز السجود علی القراطیس والکواغد علی التقریب المتقدم وبین مثل صحیحة هشام بن الحکم العموم من وجه، یجتمعان فی القرطاس الذی اتخذ من غیر النبات أو من القطن والکتان فإنّ مقتضی صحیحة هشام بن الحکم عدم جواز السجود علیه، ومقتضی صحیحة داود بن فرقد جوازه ویفترقان فی غیر القرطاس ممّا لا یکون من النبات وفی القرطاس المأخوذ من النبات من غیر المأکول والملبوس، ولکن لابد من تقدیم ما دلّ علی إطلاق جواز السجود علی القرطاس متحفظا علی عنوانه، حیث إنّ ظاهر ما ورد فی القرطاس أنّ لعنوانه خصوصیة وظاهر عبارة المتن أیضا الأخذ بخصوصیته والالتزام بجواز السجود علیه مطلقا.

لا یصح السجود علی ما خرج عن اسم الأرض کالمعادن

[1] لا یخفی أنه إذا شک فی کون شیء من الأرض بالشبهة المفهومیة فلا ینبغی التأمل فی أنّ الأصل جواز السجود علیه، فإنّ السجود المأمور به فی الصلاة أمره دائر بین أن یتعلق بوضع الجبهة علی خصوص غیر المشکوک المفروض أو بما یعمّه فیکون ما نحن فیه من صغریات دوران أمر المأمور به بین الأقل والأکثر والمطلق

ص :284

.··· . ··· .

الشَرح:

والمقید ومقتضی الأصل العملی علی ما هو المقرر فی محله عدم وجوب خصوص المقید، وهذا بخلاف ما إذا کانت الشبهة موضوعیة فإنه لا یجوز الاقتصار والإتیان بالسجود علی المشکوک؛ لأنّ تعلق الأمر بما هو فی مقام المتعلق محرز خارجا ولا شک فیه فیکون الشک فی انطباق ما هو المحرز فی مقام متعلق الأمر بالخارج علی المأتی به فیکون من موارد قاعدة الاشتغال إلاّ إذا کان فی البین أصل موضوعی.

وعلی ذلک فنقول: لم یرد فی شیء من الروایات عدم جواز السجود علی المعدن، فإن کان المعدن بحیث لا یعدّ من أجزاء الأرض بأن کان مخلوقا فی الأرض ومتکونا فیه فلا ینبغی التأمل فی عدم جواز السجود علیه کالذهب والفضة، فإنّهما کالحدید من الفلزات، ولصوقهما بالأجزاء الأرضیة بحیث یحتاج إلی إعمال الفکّ والتصفیة لا ینافی کونهما خارجین عن الأجزاء الأرضیة وکونهما مخلوقین فی باطن الأرض کما هو الحال فی النفط.

وأم_ّا إذا کان المعدن بحیث یعدّ من الأجزاء الأرضیة وکونهما کسائر الأحجار إلاّ أنه لخصوصیة خاصة به یطلق علیه المعدن کحجر الجص والنورة ونحوهما فلا بأس بالسجود علیها لکونه سجودا علی الأرض، وعلی ذلک فما ذکره قدس سره من عدم جواز السجود علی الفیروزج والعقیق محلّ تأمل بل منع؛ لأنّ الأحجار الکریمة کسائر الأحجار من الأرض، ولکن لخصوصیة فیها الموجبة لرغبة الناس إلیها وکون وجودهما أمرا یوجد فی خصوص بعض الأمکنة قلیلاً صار ذا قیمة عالیة.

وعلی الجملة، ما ذکر الماتن قدس سره من جواز السجود علی جمیع الأحجار غیر المعادن لا یمکن المساعدة؛ علیه لما تقدم من عدم قیام دلیل علی استثناء المعادن.

نعم، یمکن دعوی انصراف الأرض عن الأحجار الکریمة المشار إلیها، ولکنها

ص :285

.··· . ··· .

الشَرح:

أیضا محل تأمل.

کدعوی أنّ الفیروزج والعقیق کسایرالمعادن التی استحالت من الأرض، والاستحالة من الأرض کالاستحالة من النبات کالرماد والفحم لایجوز السجود علیها.

وربما یقال صیرورة الشجر بعد یبسه خشباً وإحراق الخشب بحیث یصیر فحماً لا یوجب الاستحالة؛ ولذا لا یصیر الخشب أو الأغصان الیابسة من الشجر طاهراً مع تنجّسهما بصیرورتهما فحماً، وهذا لا ینافی عدم جواز السجود علی الفحم؛ لأنّ عنوان نبات الأرض ینتفی عن الفحم.

وبتعبیر آخر، کما أنّ انجماد الماء صیرورته ثلجاً لا یوجب الاستحالة، بل ینتفی الوصف المقوّم للماء؛ ولذا تنتفی أحکام الماء بصیرورته ثلجاً، کذلک صیرورة الأغصان الیابسة أو الخشب فحماً یوجب انتفاء وصف النبات.

نعم، لا یجوز السجود علی مثل القیر والزفت، ویقال: الزفت النوع الأدنی من القیر لعدم صدق الأرض علیه، بل یعدّ شیئاً مخلوقاً فی الأرض کالنفط ویدلّ علی ذلک أیضاً صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام قال: قلت له: أسجد علی الزفت یعنی القیر؟ فقال: «لا، ولا علی الثوب الکرسف ولاعلی الصوف ولاعلی شیء من الحیوان»(1) الحدیث. وروایة محمد بن عمرو بن سعید، عن أبی الحسن الرضا علیه السلام قال: «لا تسجد علی القیر ولاعلی القفر ولا علی الصاروج»(2) ورواها الکلینی قدس سره (3) إلاّ أن_ّه ترک ذکر القفر الذی یقال إنّه نوع ردی من القیر الذی یقال له الزفت أیضاً، والصاروج النورة

ص :286


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 346 ، الباب 2 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 353 ، الباب 6 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.
3- (3) الکافی 3 : 331 ، الحدیث 6 .

.··· . ··· .

الشَرح:

خالصة أو مختلطة، ولکن فی معتبرة معاویة بن عمار، قال سأل المعلی بن خنیس أباعبداللّه علیه السلام وأنا عنده عن السجود علی القفر وعلی القیر؟ فقال: «لابأس به»(1) وصحیحة معاویة بن عمار أنه سأل أباعبداللّه علیه السلام عن الصلاة علی القار؟ فقال: «لابأس به»(2) وصحیحته الأُخری قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی السفینة _ إلی أن قال: _ «یصلّی علی القیر والقفر ویسجد علیه»(3). وصحیحة منصور بن حازم، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «القیر من نبات الأرض»(4) ولکن لابد من حمل هذه الروایات مع اعتبار أسنادها علی حال التقیة والضرورة، خصوصاً بقرینة ما ورد فی الصحیحة الأخیره حیث إنّ القیر حال التقیة نبات الأرض فی جواز السجود علیه وفرض الصلاة فی السفینة التی معرض الضرورة وحال التقیة.

وعلی الجملة، هذه الروایات إطلاقها معرض عنها عند الأصحاب وتعارضها ما فی صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام (5) وکون جواز السجود علی ما ذکر من فتاوی العامة قرینة حالیة معروفة تمنع عن حمل النهی فی صحیحة زرارة علی الکراهة کما لم یحمل ما ورد فیها من غیره علی الکراهة مع أنّ مقتضی الروایات الواردة فی أنه لا یجوز السجود إلاّ علی الأرض أو علی ما أنبتت الأرض غیر ما أُکل ولبس هو المنع.

ص :287


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 354 ، الباب 6 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 4 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 354 ، الباب 6 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 5 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 354 ، الباب 6 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 6 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 355 ، الباب 6 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 8 .
5- (5) تقدمت فی الصفحة السابقة .

(مسألة 1) لا یجوز السجود فی حال الاختیار علی الخزف والآجر والنورة والجص المطبوخین، وقبل الطبخ لا بأس به[1].

(مسألة 2) لا یجوز السجود علی البلور والزجاجة[2].

الشَرح:

لا یجوز السجود علی الخزف والآجر والنورة والجص

[1] تقیید جواز السجود علی ما ذکر بما قبل الطبخ، والحکم بعدم جواز السجود علی الخزف والآجر حال الاختیار لا یمکن المساعدة علیه؛ فإن الشیء بطبخه لایخرج عن عنوان الأرض حتی فی الجص والنورة، وقد ورد جواز التیمم علی الجص والنورة من غیر تقیید بما قبل الطبخ، بل ورد فی صحیحة الحسن بن محبوب، قال: سألت أبا الحسن علیه السلام عن الجص یوقد علیه بالعذرة وعظام الموتی ثم یجصّص به المسجد أیسجد علیه؟ فکتب إلیه بخطّه: «أنّ الماء والنار قد طهراه»(1). وظاهرها فرض الطبخ فی الجص الذی یسجد علیه.

لا یجوز السجود علی البلور والزجاج

[2] وذلک فإنهما غیر داخلین فی عنوان الأرض ولا ممّا أنبتته الأرض وإن قیل إنّ أصلهما الرمل والملح حیث إنّ صیرورتهما زجاجة أو بلوراً من الاستحالة وفقدان الصورة النوعیة لهما ولو عرفاً، ویؤیّد ذلک روایة محمد بن الحسین أنّ بعض أصحابنا کتب إلی أبی الحسن الماضی علیه السلام یسأله عن الصلاة علی الزجاج، قال: فلمّا نفذ کتابی إلیه تفکّرت وقلت: هو ممّا أنبتت الأرض وما کان لی أن أسأل عنه، قال: فکتب إلیّ: «لا تصلِّ علی الزجاج وإن حدثتک نفسک أنه ممّا أنبتت الأرض ولکنه من الملح

ص :288


1- (1) وسائل الشیعة 3 : 527 ، الباب 81 من أبواب النجاسات، الحدیث الأوّل .

(مسألة 3) یجوز علی الطین الأرمنی والمختوم[1].

الشَرح:

والرمل وهما ممسوخان»(1) یعنی أنّ الملح والرمل بصیرورتهما زجاجاً مسخا وتبدّلا بموجود آخر لا أنّ کلاًّ منهما موجود ممسوخ فإنه لا ینبغی التأمل فی أنّ الرمل من الأجزاء الأرضیة یجوز السجود علیه، والروایة علی ما أوردها فی الوسائل مرسلة؛ لأنه لم یظهر مَن المراد من بعض أصحابنا، وظاهر أنّ محمد بن الحسین لم یر خطّ الإمام وکتابته علیه السلام وضمیر قال فی قوله: «قال: فکتب إلیّ» یعنی قال: بعض أصحابنا نقل أنّ الإمام کتب إلیّ لا تصلّ علی الزجاج، ولعل الراوی الذی تخیل أنّ الزجاج ممّا أنبتته الأرض بتخیّله أنّ الملح نبات الأرض، وفیما رواه علی بن عیسی فی کتاب کشف الغمة نقلاً عن کتاب الدلائل لعبداللّه بن جعفر الحمیری، فی دلائل علیّ بن محمد العسکری علیه السلام قال: وکتب إلیه محمد بن الحسین بن مصعب یسأله(2) الخ، ومسند علی بن عیسی إلی کتاب الدلائل غیر معلوم، ومحمد بن الحسن بن مصعب الظاهر أنه المراد من بعض أصحابنا فی مرسلة محمد بن الحسین لم یثبت له توثیق کما قیل، ولکن لا یخفی أنّ ظاهر أبی الحسن الماضی هو الکاظم علیه السلام وظاهر النقل فی کشف الغمة أنّ المکتوب إلیه أبی الحسن الثالث علیه السلام .

یجوز السجود علی الطین الأرمنی

[1] فإنّ کلاًّ من الطین الأرمنی والمختوم طین، والطین من أجزاء الأرض والخصوصیة فی کل منهما واختصاص کل منهما بلون، الأحمر فی الأوّل والأبیض فی الثانی مع اشتراکهما فی إزالة الوسخ بهما لا ینافی کونهما من الأرض.

ص :289


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 360 ، الباب 12 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.
2- (2) کشف الغمة 3 : 177 _ 178 .

(مسألة 4) فی جواز السجدة علی العقاقیر والأدویة مثل لسان الثور وعنب الثعلب والخبة وأصل السوس وأصل الهِندباء إشکال[1]، بل المنع لا یخلو عن قوة، نعم لا بأس بما لا یؤکل منها شائعاً ولو فی حال المرض وإن کان یؤکل نادراً عند المخمصة أو مثلها.

الشَرح:

الکلام فی حکم السجود علی العقاقیر والأدویة

[1] وجه الإشکال دعوی انصراف ما أُکل عمّا یؤکل فی فرض الحاجة إلی التداوی، ولکن لا یخفی أنه لیس شیء منها مأکولاً ولو حال المرض، بل استعمالها عند الحاجة إلی التداوی بشرب الماء الذی یطبخ بعضها فیه أو یغلی الماء بصبها فیه ولا یکون نفسها من المأکول.

وعلی الجملة، ما لا یجوز السجود علیه النبات وهو ممّا یؤکل، وأمّا ما یشرب ماؤه بعد الطبخ أو بعد الغلیان فیه فغیر داخل فی المنع ولو فرض أنّ بعض ماذکر أو غیره یؤکل عند التداوی من بعض الأمراض فی المتعارف فلا یبعد دخوله فی الاستثناء الوارد فی صحیحة هشام بن الحکم وحماد بن عثمان من قوله علیه السلام : «إلاّ ما أُکل أو لبس»(1) فإنّ ظاهر الأکل فیهما الأکل المتعارف للإنسان، بلا فرق بین کون الغرض التغدی أو غیره من برء المرض ونحوه.

نعم، التعلیل الوارد فی ذیل صحیحة هشام مقتضاه اختصاص المنع بغیر الأدویة ممّا یکون الغرض من أکله التغذی والتلذذ، إلاّ أنه قد تقدم أنّ ماذکر من قبیل الحکمة فلا ینافی الأخذ بالإطلاق الوارد فی صحیحة حماد بن عثمان.

نعم، ما یؤکل منها أو من غیرها فی النادر حتی فی حال المرض عند المخمصة ونحوها لا بأس بالسجود علیه لانصراف الاستثناء عنه.

ص :290


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 343 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 1 و 2 .

(مسألة 5) لا بأس بالسجود علی مأکولات الحیوانات کالتبن والعلف[1].

(مسألة 6) لا یجوز السجود علی ورق الشای[2] ولا علی القهوة وفی جوازها علی التریاک إشکال.

الشَرح:

یجوز السجود علی التبن والعلف

[1] وذلک لانصراف «ما أُکل» إلی ما یأکله الإنسان نظیر «ما لبس» ویؤیده التعلیل الوارد فی ذیل صحیحة هشام بن الحکم من قوله علیه السلام : «لأن أبناء الدنیا عبید ما یأکلون ویلبسون»(1).

لا یجوز السجود علی ورق الشای

[2] وهذا مبنی علی دعوی شمول الأکل الوارد فی الروایات للشرب فی مثل أوراق الشای ولو بملاحظة التعلیل الوارد فی ذیل صحیحة هشام، ولکن قد تقدّم أمر التعلیل الوارد فیها وعدم صدق الأکل علی الشرب عند التکلم فی العقاقیر التی تطبخ ویشرب ماؤها، وأم_ّا القهوة فأکلها بعد طبخ مسحوقها وتجفیفه أمر متعارف، بخلاف بلع بعض أجزاء أوراق الشای عند الشرب فإنه لعدم کون بلعه مقصوداً لا اعتبار به، والتریاک أکله من المعتادین متعارف، ومع الغض عن ذلک فلا یبعد کونه من قبیل الاستحالة ممّا یخرج من شبه العصیر الخارج من الخشخاش حیث یغلی شبه العصیر وتجری علیه العملیة الخاصة حتی یصیر تریاکاً.

وعلی کلّ، فلا یجوز السجود علیه لا أنّ فی جوازه علیه إشکال یوجب الاحتیاط بترک السجدة علیه.

ص :291


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 343 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل .

(مسألة 7) لا یجوز علی الجوز واللوز، نعم یجوز علی قشرهما بعد الانفصال وکذا نوی المشمش والبندق والفستق[1].

الشَرح:

لا یجوز السجود علی الجوز واللوز

[1] ذکر قدس سره عدم جواز السجود علی الجوز واللوز والتزم بجواز السجود علی قشرهما بعد الانفصال، واُلحِق بالجوز واللوز نوی المشمش وأنه لا یجوز السجود علیه وأنه لو انفصل قشره جاز السجود علی القشر، کما أنّ الأمر فی البندق والفستق کذلک یجوز السجود علی قشرهما بعد الانفصال فإنه بعد انفصال القشر لا یکون السجود علی ما أُکل، بخلاف السجود علیهما قبل الانفصال فإنه یعدّ عرفاً السجود علی المأکول ولا أقل من السجود علی الثمرة، وقد ورد فی صحیحة محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام : «لا بأس بالصلاة علی البوریا والخصفة وکل نبات إلاّ الثمرة»(1) وفی صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام قلت له: أسجد علی الزفت یعنی القیر؟ فقال: «لا، ولا علی الثوب الکرسف ولاعلی الصوف ولاعلی شیء من الحیوان ولا علی طعام ولاعلی شیء من ثمار الأرض ولا علی شیء من الریاش»(2) بل قد یقال عدم جواز السجود علی قشر اللوز والجوز بعد انفصاله أیضاً؛ لأنّ المراد ب_ «ما أُکل» فی الروایات المتقدمة تحقق قابلیة الأکل فیه لا تحقق خصوص الأکل الخارجی ولو فی بعض أفراده فقط بقرینة عطف «ما لبس» علیه واستثناء القطن والکتان، حیث إنّ الموجود فی القطن والکتان هو قابلیتهما للّبس بعد العلاج، فمثل قشر اللوز یؤکل زمان لطافته، وکذا ورق العنب فلا یجوز السجود علی الأول حتی بعد الانفصال، ولا علی الثانی بعد الیبس.

ص :292


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 345 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 9 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 346 ، الباب 2 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.

(مسألة 8) یجوز علی نخالة الحنطة والشعیر وقشرالأُرز[1].

الشَرح:

وعلی الجملة، استثناء «ما أُکل» نظیر استثناء «ما لبس» لیس إلاّ باعتبار تحقق المبدأ فیه وهو القابلیة للأکل ولو فی السابق فلا یجوز السجود علی طعام فاسد، ولا علی ثوب بعد اندراسه وخروجه عن قابلیة اللبس، فالمبدأ الموجب لعدم جواز السجود علی نبات کونه قابلاً للأکل ولو بعد العلاج وقابلاً للبس ولو بعده، سواء بقیت القابلیة فیه أو انقضت القابلیة عنه، ولو کان المراد ب_ «ما أُکل أو لبس» فی الروایات ما یکون قابلاً لهما فعلاً لجاز السجود علی الثوب المذکورة والفاکهة والطعام المفروضین.

ولکن یمکن الجواب فی مثل قشر اللوز بعد انفصاله و ورق العنب بعد یبسه یکون المنعدم الوصف المقوم لما لا یجوز السجود علیه، یعنی کونه ممّا یؤکل بخلاف الطعام الفاسد، فإنّ المنعدم فیه بنظر العرف الوصف غیر المقوم؛ ولذا یوصف بأنه طعام فاسد وکذا فی الثوب البالی حیث یوصف بأنه ثوب ولباس بال.

یجوز السجود علی نخالة الحنطة والشعیر وقشر الأُرز

[1] کأنّ الوجه فیما ذکره عدم کون شیء منها ممّا أُکل، وأکل شیء منها مخلوطة بالدقیق والأرُز المقشور لعدم کونه مقصوداً بالأکل، نظیر بعض أجزاء ورق الشای عند شربه حیث تقدم أنّ ذلک لا یصح فی کون أوراقه ممّا أُکل، وقد یقال لا یعتبر کون شیء ممّا أُکل أن یؤکل مستقلاً فإنّ غیر واحد من المأکولات یؤکل منضماً إلی غیره کالباذنجان والبطیخ ونحوهما؛ ولذا لایجوز السجود علی شیءٌ منها فإنه کان مدّة مدیدة من الزمان تؤکل هذه الحبوب مع القشور قبل أن یخترع المطاحن والمکائن الجدیدة، ولکن لو صحّ ذلک لما یفید فی زماننا هذا لخروج القشر المنفصل عن عنوان ما یؤکل وما کان مأکولاً هو القشر المتصل بها، واشتمالها فی زماننا هذا ببعض القشور

ص :293

(مسألة 9) لا بأس بالسجدة علی نوی التمر وکذا علی ورق الأشجار وقشورها وکذا سعف النخل[1].

(مسألة 10) لا بأس بالسجدة علی ورق العنب بعد الیبس وقبله مشکل[2].

(مسألة 11) الذی یؤکل فی بعض الأوقات دون بعض لایجوز السجود علیه مطلقاً[3]، وکذا إذا کان مأکولاً فی بعض البلدان دون بعض.

الشَرح:

المنفصلة نظیر بعض أجزاء ورق الشای لعدم القصد به فی شربه لا یعد من المأکول، ومع ذلک فالأحوط ترک السجود علی ما ذکر.

[1] لخروج کل ما ذکر عن عنوان النبات المأکول وصدق عنوان ما لا یؤکل علیها.

یجوز السجود علی ورق العنب بعد الیبس

[2] قد تقدم أنّ الیابس من ورق العنب یخرج عن عنوان ما یؤکل، وقبل الیبس وذهاب لطافته مشکل عند الماتن فلعلّه لصدق مایؤکل علی الورق غیر الیابس ولو فی حال لطافته، ولکن التفرقة بین حال یبسه وحال قبله مع انقضاء زمان لطافته وصیرورته من مأکولات الحیوانات مشکل.

فی حکم السجود علی ما یؤکل فی بعض الأوقات دون بعض

[3] قد ذکر قدس سره تبعاً للأکثر أنّ مایؤکل من النبات فی مکان ولا یؤکل عند مکان آخر لا یجوز السجود علیه واُلحِق به ما کان مأکولاً فی زمان ولا یؤکل فی زمان آخر.

أم_ّا الأوّل فلا ینبغی التأمل فیه فإنّ انتفاء وصف ما لایؤکل من نبات وصدق کونه مأکولاً یکفی فیه الأکل فی بعض الأمکنة کبعض النبات من الأرض حیث یأکله أهل بعض القری ولا یأکله أهل البلاد.

ص :294

.··· . ··· .

الشَرح:

نعم، قد تقدّم أنّ ما کان أکله أمر غیر عادی کالأکل فی المخمصة لا یعدّ ممّا یؤکل. وأم_ّا کون شیء بحسب فصل مأکولاً ولا یؤکل فی فصل آخر، فإن کان مع فرض عدم الاختلاف فی نفس ذلک الشیء أصلاً فلا ینبغی أیضاً التأمل فی صدق ما أُکل علیه حیث یکون ذلک الشیء ممّا أُکل، وإن کان مع التغییر فیه بحسب مرور الزمان لورق العنب وصیرورة الورد ثمرة فقد تقدّم أنّ مع خروج الشیء عن عنوان مایؤکل أو دخوله فی عنوانه هو المعیار فی جواز السجود علیه وعدم جوازه.

لا یقال: ما الفرق بین عنوان المأکول والمکیل، وقد ذکروا أن_ّه إذا کان شیء فی مکان مکیلاً أو موزوناً ومعدوداً أو غیره فی مکان آخر کما یباع بالمشاهدة فیه یجوز بیعه فی المکان الثانی بغیر کیل أو وزن وکیف لا یکون الأمر کذلک فیما لایؤکل ومایؤکل؟

فإنه یقال: المأخوذ فی مسألة بیع المکیل بالکیل والموزون بالوزن والمعدود بالعدد تعارف العادة فی البیع، والعادات تختلف بحسب البلاد والأمکنة کما هو ظاهر قوله علیه السلام : «ما کان من طعام سمیت فیه کیلاً فلا یصلح بیعه مجازفة»(1) یعنی ما کان فی العادة والمتعارف عندک کون شیء مکیلاً لا یجوز بیعه مجازفة، وهذا بخلاف وصف ما أُکل ولبس کما فی روایات المقام فإنّ ظاهرهما بقرینة ذکر اللبس والقطن والکتان ما کان الشیء بنفسه ولو بعد العلاج قابلاً لأن یؤکل ویلبس، فالمعتبر قابلیة الشیء فی نفسه لأحدهما ولو بعد العلاج، وإذا کان شیء قابلاً للأکل أو اللبس فی مکان یصدق أنه ما أُکل ولبس.

ص :295


1- (1) وسائل الشیعة 17 : 341 ، الباب 4 من أبواب عقد البیع، الحدیث الأوّل.

(مسألة 12) یجوز السجود علی الأوراد غیر المأکولة[1].

(مسألة 13) لا یجوز السجود علی الثمرة قبل أوان أکلها[2].

(مسألة 14) یجوز السجود علی الثمار غیر المأکولة أصلاً، کالحنظل ونحوه[3].

(مسألة 15) لا بأس بالسجود علی التنباک.

الشَرح:

[1] بأن کان نفس الورد غیر مأکول، وأم_ّا إذا کان نفسه مأکولاً فلا یجوز السجود علیه بلا فرق بین أکله قبل طبخه أو بعده.

حکم السجود علی الثمار

[2] والمراد ما لایؤکل قبل ذلک الأوان، والوجه فی عدم الجواز إمّا لحصول القابلیة فیه وأن یتوقف أکله علی بعض الأُمور حتی کمرور الزمان لتنضج الثمرة، فإنّ الطبخ بالشمس بمرور الزمان کالعلاج فی الطبخ بالنار فی بعض المأکولات، ولکن لا یخفی ما فی الفرق بین الأمرین فإنّ مرور الزمان والنضج بالشمس یوجد القابلیة بخلاف الطبخ بالنار ممّا یؤکل بعد الطبخ فإنه یوصف بقابلیته للأکل قبل أن یطبخ.

[3] قد یقال ماورد من النهی عن السجود علی الثمرة کما فی صحیحة زرارة(1) مقتضی إطلاقها عدم الفرق فی عدم الجواز بین حصول أوان أکله أو قبله، ولکن مقتضی إطلاق ماورد فی جواز السجود علی النبات من الأرض إلاّ ما أُکل(2) الجواز، والنسبة بین تلک الصحیحة وما ورد فیه جواز السجود علی نبات الأرض غیر ما أُکل العموم من وجه، وبعد تساقط الإطلاقین فی مورد الاجتماع یرجع إلی بعض الإطلاق

ص :296


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 346 ، الباب 2 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 343 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل .

(مسألة 16) لا یجوز علی النبات الذی ینبت علی وجه الماء[1].

الشَرح:

الدال علی جواز الصلاة علی نبات الأرض إلاّ القطن والکتان(1) ومع الغض عن ذلک فالمرجع أصالة البراءة علی ما تقدم وإن کان الأحوط الترک، وممّا ذکرنا یظهر الحال فی المسألة الآتیة.

لا یجوز السجود علی النبات الذی ینبت علی وجه الماء

[1] قد ورد فی بعض الروایات جواز السجود علی النبات ومقتضی إطلاقها عدم الفرق بین نبات الأرض ونبات الماء کصحیحة محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام قال: «لا بأس بالصلاة علی البوریا والخصفة وکل نبات إلاّ الثمرة» کما فی روایة الشیخ(2) وإلاّ الثمرة علی روایة الفقیه(3).

وعلی کلا التقدیرین فمدلولها جواز السجود علی نبات الأرض والماء، ومعتبرة الحسین بن أبی العلاء، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال ذکر أنّ رجلاً أتی أباجعفر علیه السلام وسأله عن السجود علی البوریا والخصفة والنبات؟ قال: «نعم»(4) وفی مقابلهما الروایات المتقدمة الدالة علی عدم جواز الصلاة علی غیر الأرض ونباتها والنسبة العموم من وجه، فإنّ هذه الروایات تدل علی عدم جواز السجود علی العظم و الصوف ونحوها والصحیحتان لا تنافیها کما أنّ الصحیحتین تدلان علی جواز السجود علی نبات الأرض وتلک الروایات لا تنافیهما، وتجتمعان فی نبات وجه الماء فمقتضی

ص :297


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 344 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 3 .
2- (2) تهذیب الأحکام 2 : 311 ، الحدیث 118 .
3- (3) من لا یحضره الفقیه 1 : 261 ، الحدیث 804 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 346 الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 10.

.··· . ··· .

الشَرح:

الصحیحتین جواز السجود علیه، ومقتضی تلک الروایات عدم جوازه، وبعد تساقط الإطلاق من الجانبین وعدم العام الفوق یرجع إلی أصالة البراءة عن اعتبار عدم کون النبات من خصوص الأرض.

وربّما یدعی أنّ النبات لا یصدق إلاّ إذا کان من الأرض وإطلاقه علی ما فی وجه الماء بالعنایة والمشاکلة کما یظهر من ملاحظة کلمات اللغویین، أو یدعی انصرافه إلی نبات الأرض وفیهما ما لایخفی کمایظهر وجه هذا بملاحظة بعض الحبوب فی الإناء وصب الماء فیه فیکون زرعاً بعد مدة من الزمان، ولافرق بین ذلک وبین النابت علی وجه الماء ولم یبقَ فی البین إلاّ دعوی أنّ للروایات المشار إلیها دلالة علی خصوصیة نبات الأرض، ولکن لایخفی أنّ الوارد فی صحیحة هشام بن الحکم: «السجود لا یجوز إلاّ علی الأرض أو علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما أُکل(1). و«ما أنبتت الأرض» معطوف علی «الأرض» ب_ «أو» والوارد فی صحیحة حماد بن عثمان: «السجود علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما أُکل ولبس»(2) فیکون مدلول المعطوف ب_ «أو»: لا یجوز السجود إلاّ علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما أُکل ولبس، ومدلول الثانیة یعیّن السجود علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما أُکل أو لبس، والمعارضة بین صحیحة محمد بن مسلم(3) الدالة علی تعین السجود علی کل النبات مما لایؤکل وبینهما العموم والخصوص المطلق لا من وجه حیث طرف النسبة فی الصحیحة الأُولی أیضاً هو المستثنی أی یجوز السجود علی ما أنبتت الأرض إلاّ ما أُکل ولبس فیکون اللازم رعایة الخاص والأخص وتقیید

ص :298


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 343 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 344 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 2 .
3- (3) تقدمت فی الصفحة السابقة .

(مسألة 17) یجوز السجود علی القبقاب والنعل المتّخذ من الخشب ممّا لیس من الملابس المتعارفة وإن کان لا یخلو عن إشکال، وکذا الثوب المتخذ من الخوص[1].

(مسألة 18) الأحوط ترک السجود علی القُنّب.

الشَرح:

الإطلاق فی صحیحة محمد بن مسلم، فتدبر.

فی السجود علی القبقاب والنعل المتّخذ من الخشب

[1] مراده قدس سره أنّ القبقاب والثوب من الخوص أی ورق النخل وإن یصدق علیهما الملبوس إلاّ أنهما لیسا من الملابس المتعارفة، بل هما نظیر النبات المأکول عند الضرورة حیث یصنع من الخوص نظیر القلنسوة یلبسها الزراع وقت الصیف تحفظاً علی جسدهم أو رؤوسهم من إصابة الشمس وتأثیر حرارتها وإلاّ لم یکن السجود جایزاً علی الخشبة وورق النخل وإن کانا بصورة اُخری کالسریر والحصیر، وقد ورد فی الروایات جواز الصلاة والسجود علی البوریا والخصفة وکلّ النبات إلاّ الثمرة(1). فورق النخل وإن یکون صنع القلنسوة منه مقصوداً کصنع الحصیر إلاّ أنّ القلنسوة المصنوعة منه لیس من القلنسوة المتعارفة، بل ممّا یلبسها الزراع عند الضرورة کما ذکرنا بخلاف القطن والکتان فإنّ الثیاب المصنوعة منهما ممّا یلبس ویعدّ من اللباس المتعارف.

وممّا ذکرنا یظهر الحال فی القنّب حیث لا یبعد کونه ممّا یصنع منه البطانة للثیاب وان یصنع منه الحبل والأکیسة للأمتعة، وقد تقدّم أنّ الملاک کون النبات ممّا یلبس.

ص :299


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 345 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 9 .

(مسألة 19) لا یجوز السجود علی القطن لکن یجوز علی خشبه وورقه[1]

(مسألة 20) لابأس بالسجود علی قِراب السیف والخنجر إذا کان من الخشب [2] وإن کانا ملبوسین لعدم کونهما من الملابس المتعارفة.

(مسألة 21) یجوز السجود علی قشر البطیخ والرقی والرمان بعد الانفصال[3 [علی إشکال ولا یجوز علی قشر الخیار والتفاح ونحوهما.

(مسألة 22) یجوز السجود علی القِرطاس وإن کان متّخذاً من القطن أو الصوف أو الابریسم والحریر وکان فیه شیء من النورة[4] سواء کان أبیض أو

الشَرح:

[1] فان خشب القطنة أو ورقه لیس ممّا یلبس فلابأس بالسجود علیهما.

[2] قد تقدّم الکلام فی نظیر ذلک فی جواز السجود علی القبقاب والنعل المتّخذ من الخشب مما لیس من الملابس المتعارفة، ویضاف إلی ما تقدّم من جواز الصلاة علی الخشب أنّ قراب السیف لایوصف بکونه لباساً، وظاهر ما لبس أن یصنع منه اللباس.

فی السجود علی القشور

[3] فإنّ القشور المفروضة بعد انفصالها غیر قابلة للأکل فلاوجه للإشکال فی جواز السجود علیها، وهذا بخلاف قشر الخیار والتفّاح ونحوها فإنّ أکلهما مع قشورهما أمر متعارف وقشورهما یعدّ ممّا یکون قابلاً للأکل.

یجوز السجود علی القرطاس

[4] قد تقدّم جواز السجود علی القرطاس وأنه عدل للأرض ونباتها ممّا لایؤکل ولایلبس وعلیه فلافرق بین کونه مصنوعاً من القطن أو من غیره، وتقدم أیضاً جواز

ص :300

مصبوغاً بلون أحمر أو أصفر أو أزرق أو مکتوباً علیه إن لم یکن ممّا له جرم حائل ممّا لا یجوز السجود علیه کالمداد المتّخذ من الدخان ونحوه، وکذا لا بأس بالسجود علی المراوح المصبوغة من غیر جرم حائل.

(مسألة 23) إذا لم یکن عنده مایصح السجود علیه من الأرض أو نباتها أو القرطاس أو کان ولم یتمکن من السجود علیه لحرّ أو برد أو تقیّة أو غیرها سجد علی ثوبه[1] القطن أو الکتان وإن لم یکن سجد علی المعادن أو ظهر کفّه، والأحوط تقدیم الأوّل.

الشَرح:

السجود علی النورة واشتمال القرطاس لها لایمنع عن السجود علیه واللون لا یمنع عن الأخذ بإطلاق مادل علی جواز السجود علیه علی التقریب المتقدم وکذا المداد إذا لم یکن لها جرم وکذا الحال فی المراوح المصبوغة.

الکلام فیما لو لم یکن عنده ما یصح السجود علیه

[1] بلا خلاف یعرف کما یدل علیه ما فی موثقة عمار، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الرجل یصلی علی الثلج؟ قال: «لا ، فإن لم یقدر علی الأرض بسط ثوبه وصلّی علیه»(1) وروایة عیینة بیاع القصب، قال: قلت لأبی عبداللّه علیه السلام : أدخل المسجد فی الیوم الشدید الحرّ فأکره أن اُصلی علی الحصی فأبسط ثوبی فأسجد علیه؟ قال: «نعم، لیس به بأس»(2) ولعلّ هذا الخبر یناسب الحمل علی التقیة، وصحیحة القاسم بن الفضیل، قال: قلت للرضا علیه السلام : جعلت فداک الرجل یسجد علی کمه من أذی الحرّ

ص :301


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 164 ، الباب 28 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 2.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 350 ، الباب 4 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

والبرد؟ قال: «لا بأس به»(1) وقد قید الماتن قدس سره الثوب بما إذا کان من القطن والکتان والتزم بأنه إذا لم یمکن ذلک سجد علی المعادن أو ظهر کفّه وجعل السجود علی المعادن بعد عدم إمکان السجود علی الثوب من القطن والکتان مقدماً علی السجود علی الکف بنحو الاحتیاط المستحب.

ویبقی الکلام فی وجه تقیید الثوب بالقطن والکتان والعدول إلی خصوص المعادن أو الکف مع عدم إمکان الثوب منهما ویتمسک فی التقیید بصحیحة منصور بن حازم، عن غیر واحد من أصحابنا، قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام : إنّا نکون بأرض باردة یکون فیها الثلج أفنسجد علیه؟ قال: «لا، ولکن اجعل بینک وبینه شیئاً قطناً أو کتاناً»(2) فإنّ ظاهرها عدم جواز السجود علی الثلج، وإنما تصل النوبة مع عدم إمکان السجود علی نفس الأرض مباشرة السجود علی القطن والکتان.

وربّما یلتزم بجواز السجود علی مطلق الثوب وإن کان من الصوف والشعر وغیرهما بدعوی أنّ صحیحة منصور بن حازم لادلالة لها علی تقیید الثوب بالقطن والکتان، وذلک فإنّ السائل لم یفرض عدم وجود أرض خالیة من الثلج فی ذلک المحل بل کان سؤاله راجعاً الی جواز السجود علی الثلج وأجاب الإمام علیه السلام لا یجوز ذلک بل علیه أن یجعل شیئاً من القطن والکتان فیسجد علیه، وهذه من الروایات الواردة فی جواز السجود علی القطن والکتان اختیاراً التی حملناها علی التقیة فی مقام المعارضة بینها وبین ما تقدم من الروایات الدالة علی عدم جوازه فتحمل هذه الصحیحة أیضاً

ص :302


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 350 ، الباب 4 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 2.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 351 ، الباب 4 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 7.

.··· . ··· .

الشَرح:

علی التقیة.

وفیه أنه لو کانت فی الأرض المفروضة فی السؤال موضعاً خالیاً من الثلج لم یکن للسائل داع إلی الصلاة علی نفس الثلج الذی یکون برده أشد بمراتب من برودة الأرض، وظاهر السؤال انحصار الصلاة فی تلک الأرض الصلاة علی الثلج؛ فلذا أجاب الإمام علیه السلام لا یجوز السجود علی الأرض ویجعل بینه وبین الثلج شیئاً من القطن والکتان، سواء کان القطن وکذا الکتان بصورة الثوب أو الفراش أو غیر ذلک، واحتمال أنّ القطن والکتان هوالبدل الأوّل بعد عدم وجود مایسجد علیه فی حال الاختیار وماتقدم من السجود علی الثوب هو البدل الثانی بلا وجه؛ فإنّ هذا یحتاج إلی تقیید الثوب من غیر القطن والکتان من غیر قرینة علیه، بل مقتضی الجمع بین هذه الصحیحة وماتقدم هو تقیید الثوب الوارد فیها بما إذا کان من القطن والکتان.

ودعوی أنّ قید القطن والکتان قید غالبی فلا یوجب تقیید إطلاق الثوب بهما کما تری فإنّ کون الثوب من الصوف والشعر أمر معروف، بل هو الغالب فی فرض فصل الشتاء والأمکنة الباردة کما هو مفروض مورد الصحیحة.

ونظیر ماتقدم دعوی أنّ المراد من «شیئاً» فی قوله علیه السلام (1) مطلق الشیء الصالح أن یکون حائلاً بین الثلج وبین مواضع السجود أو خصوص موضع الجبهة، و«قطناً وکتاناً»(2) مثال للشیء الحائل، وکان غرض الإمام علیه السلام لا تصل النوبة فی مفروض السؤال إلی الصلاة إیماءً للسجود، والوجه فی کونها ضعیفة ظهور «قطناً أو کتاناً» کونه تمییزاً للشیء وبیاناً له کما تقدم.

ص :303


1- (1) و (2) المتقدم فی الصفحة السابقة .

.··· . ··· .

الشَرح:

وعلی الجملة، فالأحوط لو لم یکن أظهر رعایة السجود علی الثوب من القطن والکتان مع التمکن، والأحوط لو لم یکن أظهر تقدیم مطلق الثوب علی غیره حیث لایبعد انصراف صحیحة منصور بن حازم علی صورة تمکنه من جعل القطن أو الکتان، ومع عدم التمکن یؤخذ بإطلاق ماورد فی صحیحة هشام بن الحکم المرویة فی آخر السرائر عن کتاب محمد بن علی بن محبوب، عن أبی عبداللّه علیه السلام وسألته عن الرجل یصلی علی الثلج؟ قال: «لا ، فإن لم یقدر علی الأرض بسط ثوبه وصلّی علیه»(1). وإلاّ یسقط اعتبار مسجد الجبهة فیصح السجود علی کل ما لایصح السجود علیه حال الاختیار؛ لعدم سقوط التکلیف بالصلاة فی هذا الحال وما هو معتبر فی موضع الجبهة لیس مقوماً لعنوان السجود فلا تنتقل الوظیفة إلی الإیماء الذی لا یکون داخلاً فی عنوان السجود إلاّ مع قیام الدلیل علیه، وأم_ّا ما ذکر الماتن من السجود علی المعادن أو ظهر الکف فقد تقدم أنّ المعدن المعدود من جزء الأرض مسجد اختیاری ولا دلیل علی تقدیم ما لایعد من الأرض علی سایر ما لایصح السجود علیه حال الاختیار وما دل علی السجود علی ظهر الکف ضعیف، لورود ذلک فی روایة أبی بصیر وفی سندها علی بن أبی حمزة البطائنی(2)، وفی روایته الاُخری التی فی سندها إبراهیم بن إسحاق الأنصاری(3)، وأم_ّا ما ورد فی صحیحة معاویة بن عمار من جواز السجود علی القفر والقیر(4) فقد تقدم أنها تحمل فی مقام المعارضة علی التقیة،

ص :304


1- (1) السرائر 3 : 603 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 351 ، الباب 4 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 5 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 351 ، الباب 4 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 6 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 354 ، الباب 6 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 4 .

(مسألة 24) یشترط أن یکون ما یسجد علیه ممّا یمکن تمکین الجبهة علیه[1] فلا یصحّ علی الوَحَل والطین والتراب الذی لا تتمکن الجبهة علیه.

الشَرح:

ولا یبعد جواز السجود حال التقیة علی کل شیء أخذاً بما ورد فی مشروعیة الصلاة تقیة وإجزائها حتی فیما إذا کانت التقیة بنحو المداراة، وکذا فی غیر موارد التقیة کما هو متقضی أصالة البراءة عن اعتبار شیء خاص بعد تعذّر السجود علی ما یصح السجود علیه اختیاراً.

یشترط فی محل السجود تمکین الجبهة علیه

[1] یدلّ علی اعتبار تمکین الجبهة ممّا یسجد علیه جملة من الروایات منها صحیحة علی بن یقطین، عن أبی الحسن الأوّل علیه السلام قال: سألته عن الرکوع والسجود کم یجزی فیه من التسبیح؟ فقال: «ثلاثة وتجزیک واحدة إذا أمکنت جبهتک من الأرض»(1) وموثقه عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سألته عن حدّ الطین الذی لایسجد علیه ما هو؟ فقال: «إذا غرقت الجبهة ولم تثبت علی الأرض»(2) الحدیث ونحوهما غیرهما فلا یصحّ السجود علی ما لایستقرّ علیه الجبهة کالتراب الذی لا تتمکّن الجبهة علیه.

نعم، إذا کان الطین کالتراب بحیث یستقرّ علیه الجبهة فلا مانع من جواز السجود علیه.

ص :305


1- (1) وسائل الشیعة 6 : 300 ، الباب 4 من أبواب الرکوع، الحدیث 3.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 143 ، الباب 15 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 9.

ومع إمکان التمکین لا بأس بالسجود علی الطین، ولکن إن لصق بجبهته یجب[1] إزالته للسجدة الثانیة، وکذا إذا سجد علی التراب ولصق بجبهته یجب إزالته لها ولو لم یجد إلاّ الطین الذی لا یمکن الاعتماد علیه سجد علیه بالوضع من غیر اعتماد.

(مسألة 25) إذا کان فی الأرض ذات الطین بحیث یتلطخ به بدنه وثیابه فی حال الجلوس للسجود والتشهد جاز له الصلاة مومیاً للسجود ولایجب الجلوس للتشهد[2] لکن الأحوط مع عدم الحرج الجلوس لهما، وإن تلطّخ بدنه وثیابه ومع الحرج أیضاً إذا تحمّله صحت صلاته.

الشَرح:

یجب إزالة الطین اللاصق للسجدة الثانیة

[1] وذکر قدس سره إذا لصق بجبهته طین أو تراب فی السجدة الأُولی یجب إزالته للسجدة الثانیة بأن یضع جبهته علی الطین أو التراب بعد إزالتهما عن جبهته لیصدق السجود بوضع جبهته علی الأرض، ولکن لا یخفی أنّ المعتبر فی السجدة الصلاتیة کونه حدوثیاً، وإذا رفع رأسه من السجدة الأُولی وعلی جبهته طین لاصق ینتفی السجود بعد رفع رأسه من الأرض، وإذا وضع جبهته ثانیاً ولو مع لصوق الطین أو التراب یصدق أنه وضع جبهته علی الأرض والطین، حیث إنّ ما علی جبهته جزء من الأجزاء الأرضیة من غیر حائل بینه وبین جبهته، وما ورد فی مسح الجبهة من التراب(1) أثناء الصلاة لا دلالة له علی حکم المقام فراجع.

الصلاة علی أرض ذات طین

[2] یستدل علی ذلک بموثقة عمّار، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سألته عن الرجل

ص :306


1- (1) وسائل الشیعة 6 : 373 ، الباب 18 من أبواب السجود .

.··· . ··· .

الشَرح:

یصیبه المطر وهو فی موضع لایقدر أن یسجد فیه من الطین ولایجد موضعاً جافاً؟ قال: «یفتتح الصلاة فإذا رکع فلیرکع کما یرکع إذا صلّی فإذا رفع رأسه من الرکوع فلیومِ بالسجود إیماءً وهو قائم یفعل ذلک حتی یفرغ من الصلاة ویتشهد هو قائم ویسلّم»(1) وروی عن ذلک ابن ادریس فی آخر السرائر نقلاً عن کتاب محمد بن علی بن محبوب عن أحمد، عن محمد بن أبی عمیر، عن هشام بن الحکم، عن أبی عبداللّه علیه السلام (2).

ویقال فی وجه الاستدلال أنّ المراد فی السؤال عمّن لایقدر علی موضع یسجد فیه هو الموضع الجاف بمعنی أنه لا یجد الموضع الجاف لاعدم وجود مکان صلب لایتمکن منه من الصلاة علیه مع تلطخ ثوبه وبدنه، فإنّ هذا أمر نادر لا یقع فی الأراضی التی یصیبها المطر.

وعلی الجملة، المراد من عدم قدرته علی السجود فیه تلطخ ثوبه وبدنه بالطین مع الصلاة فیها بالجلوس للسجود والتشهد، ولکن لا یخفی أنّ التعبیر بلا یقدر علی موضع یسجد فیه من الطین، عدم تحمّله السجود فیها ولو بتلطخ ثیابه التی لا یجد غیرها ویتعسر لبسها مع تلطّخها.

وبتعبیر آخر، لا ینحصر عدم القدرة المعبر عنه عرفاً فی صورة فرض عدم وجود شیء من موضع الصلب لیقال إنّ فرض ذلک بعید لکونه فرضاً لأمر نادر.

وأم_ّا إذا تحمّل الحرج وصلّی فیه مع تلطخ ثیابه وبدنه فقد التزم الماتن بصحة صلاته کما علیه الأکثر، بل المشهور من المعلقین علی کلام الماتن بدعوی أنّ نفی الحرج یرفع التکلیف امتناناً ولایوجب زوال الملاک الموجب لمحبوبیة العمل،

ص :307


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 142 ، الباب 15 من أبواب مکان المصلی، الحدیث 4.
2- (2) السرائر 3 : 603 .

(مسألة 26) السجود علی الأرض أفضل[1] من النبات والقرطاس، ولا یبعد کون التراب أفضل من الحجر، وأفضل من الجمیع التربة الحسینیة فإنها تخرق الحجب السبع وتستنیر إلی الأرضین السبع.

الشَرح:

و وجود الملاک فی السجود الاختیاری کافٍ فی الحکم بالصحة حیث یمکن للمکلف قصد التقرب بتحصیل الملاک الموجود فتصح عبادة، ولکن لا یخفی أنّ ما ذکر له وجه فیما إذا استفید انتفاء الإلزام من عموم قاعدة نفی الحرج، وأم_ّا إذا قام دلیل خاص علی انتفاء التکلیف عند طرّو عنوان الحرج علی متعلّق التکلیف فی مورد لا یحرز وجود ملاک الإلزام فیه حتی حال الحرج، فإنّ انتفاء الإلزام فی الفرض لم یحرز لکونه للامتنان مع وجود الملاک فیه لإمکان عدم الملاک فیه. نعم، لو قام دلیل علی استحباب ذلک العمل فی نفسه مع کونه، شرطاً للواجب فبعد ارتفاع التکلیف عن الواجب المقید حال الحرج یصح الالتزام بصحة ذلک العمل فی حال الحرج إذا تحمل الحرج وأتی به، بل التکلیف بذلک الواجب یعود لخروجه عن کون التکلیف به حرجیاً، کما إذا توضأ المحدث بالأصغر أو اغتسل المحدث بالأکبر مع تحمل الحرج فیثبت بعدهما التکلیف بالصلاة مع الطهارة المائیة فی حقّهما وذلک ببرکة مادل علی مطلوبیة الوضوء والغسل فی نفسهما، والمفروض أنه لا یرتفع عن العمل بقاعدة نفی العسر والحرج الاستحباب النفسی لیقال بعدم مطلوبیتهما حال الحرج.

السجود علی الأرض أفضل وأفضل منه التربة الحسینیة

[1] کما یشهد لذلک ما ورد فی ذیل صحیحة هشام بن الحکم، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «السجود علی الأرض أفضل لأنه أبلغ فی التواضع والخضوع للّه عز

ص :308

(مسألة 27) إذا اشتغل بالصلاة وفی أثنائها فقد ما یصح السجود علیه قطعها فی سعة الوقت، وفی الضیق[1] یسجد علی ثوبه القطن أو الکتان أو المعادن أو ظهر الکف علی الترتیب.

الشَرح:

وجل»(1) ولایبعد أن یکون مقتضی تعلیل أفضلیة الأرض کون التراب منه أولی بالإضافة إلی الحجر، ویدلّ أیضاً علی أفضلیة الأرض روایة إسحاق بن الفضل حیث سأل أباعبداللّه علیه السلام عن السجود علی الحصر والبواری؟ قال: «لا بأس به وأن یسجد علی الأرض إحبّ إلیّ»(2) الحدیث، ولکن لعدم ثبوت توثیق لإسحاق تصلح للتأیید.

وأم_ّا التربة الحسینیة فقد ورد فی استحباب جعلها مسجداً روایات عدیدة وجرت سیرة السلف الصالح علیها فقد ورد فی السجود علیها ماذکر فی المتن وغیره فراجع.

الکلام فی فقد ما یصح السجود علیه أثناء الصلاة

[1] ولیکن المراد بضیق الوقت عدم إمکان إدراک رکعة قبل خروج الوقت مراعیاً ما یعتبر فی مسجد الجبهة.

لایقال: مقتضی الإطلاق فیما ورد فی جواز السجود علی الثوب عدم الفرق بین سعة الوقت وضیقه وأنه مع عدم التمکن مما یعتبر فی المسجد عند إرادة الإتیان بالصلاة یسجد علی ثوبه مطلقاً أو ما إذا کان من القطن والکتان، أضف إلی ذلک عدم جواز قطع الصلاة المکتوبة.

فإنه یقال: أما عدم جواز قطع الصلاة ولو فی سعة الوقت فهو للإجماع والتسالم

ص :309


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 367 ، الباب 17 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 368 ، الباب 17 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 4.

.··· . ··· .

الشَرح:

ولکون القطع یعدّ استخفافاً بالصلاة، وشیء منها لایجری فی الفرض، حیث لا إجماع فی مورد الکلام، ولا استخفاف بل القطع والتدارک تعظیم واعتناء بشأن الصلاة الواجبة.

وأم_ّا بالإضافة إلی التمسک بالإطلاق فقد ذکرنا مراراً أنّ المطلوب بین دخول الوقت وخروجه صرف وجود الطبیعی ومع تمکن المکلف فیه من صرف وجود الطبیعی الاختیاری لا تصل النوبة إلی الأمر بالطبیعی الاضطراری إلا إذا قام دلیل خاص علی جواز البدار فی مورد.

وعلی ذلک فما ورد فی المقام من جواز السجود علی الثوب مطلقاً أو فیما إذا کان قطناً أو کتاناً ظاهرها بیان البدل للمسجد الاختیاری، ولا نظر لها إلی فرض سعة الوقت أو ضیقه.

نعم، بعض الروایات ظاهرها فرض سعة الوقت کروایة أبی بصیر، عن أبی جعفر علیه السلام قال: قلت له: أکون فی السفر فتحضر الصلاة وأخاف الرمضاء علی وجهی کیف أصنع؟ قال: تسجد علی بعض ثوبک، فقلت: لیس علیّ ثوب یمکننی أن أسجد علی طرفه ولا ذیله، قال: اسجد علی ظهر کفک فإنها إحدی المساجد(1).

وجه الظهور أنّ الرمضاء شدّة الحرّ لوقوع الشمس علی الحصی وهذا یکون بعد زوال الشمس إلی زمان، ولکن الروایة لضعفها سنداً ومعارضتها بروایة علی بن جعفر المرویة فی قرب الاسناد، عن أخیه علیه السلام قال: سألته عن الرجل یؤذیه حرّ الأرض فی الصلاة ولا یقدر علی السجود هل یصلح له أن یضع ثوبه إذا کان قطناً أو کتاناً؟ قال: «إذا

ص :310


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 351 ، الباب 4 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 5.

(مسألة 28) إذا سجد علی ما لا یجوز باعتقاد أنه ممّا یجوز، فإن کان بعد رفع الرأس مضی[1] ولاشیء علیه.

الشَرح:

کان مضطراً فلیفعل»(1) والاضطرار إمّا للتقیة أو عدم التمکن ولو من الطهارة المائیة بالتأخیر.

حکم السجود علی ما لا یجوز السجود علیه

[1] وذلک لتحقق السجود وکون المسجد الأرض أو النابت منها واجب عند السجود فیسقط اعتباره عند النسیان والغفلة کنسیان الذکر أو وضع بعض سایر الأعضاء.

وبتعبیر آخر، یفوت محلّ الاشتراط برفع الرأس ویکون إعادة السجود علی الأرض من الزیادة العمدیة الموجبة للبطلان کما إذا أعاد السجود بعد رفع رأسه منها بوضع بعض سایر المساجد فالأمر یدور بین المضی فی الصلاة وبین إعادتها رأساً، ومقتضی حدیث: «لا تعاد»(2) هو الأوّل وقد یقال السجود المعتبر فی الصلاة هو السجود الخاص وهو السجود علی الأرض أو ما أنبتته، وهذا المعتبر من السجود لم یحصل والحاصل لایحسب سجوداً فما دام لم یرکع فی الرکعة الآتیة فمحل تدارک السجود المعتبر باقٍ، وعلیه فإن تذکّر بعد رفع رأسه من السجود فعلیه الإعادة والمأتی به فعل آخر وقع غفلة أو نسیاناً فلا یوجب بطلان الصلاة، ولا یقاس ذلک بترک ذکر الرکوع والسجود نسیاناً أو غفلة فإنّ الذکر واجب آخر فی ظرف الرکوع والسجود وغیر دخیل فی تحققهما.

ص :311


1- (1) قرب الاسناد: 184 ، الحدیث 684 .
2- (2) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

وإن کان قبله جرّ جبهته إن أمکن[1] وإلاّ قطع الصلاة فی السعة.

الشَرح:

ولکن لا یخفی أنّ ظاهر الروایات کقوله علیه السلام : «السجود لا یجوز إلا علی الأرض أو علی ما أنبتت الأرض»(1) وقوله: «لا یسجد إلاّ علی الأرض أو ما أنبتت الأرض»(2) وقوله علیه السلام : لا یسجد علی الزفت ولا علی الثوب الکرسف(3). هو الاشتراط فی الصلاة وأنها لا تصحّ بسجدة لا تجزی لا أنه لا تکون سجدة إلاّ بوضع الجبهة علی الأرض أو ما أنبتت، بل لو کان التعبیر بهذا النحو أیضاً کما فی قوله علیه السلام فی وضع المساجد السبعة علی الأرض: السجود علی سبعة أعظم: الجبهة والیدین والرکبتین والإبهامین من الرجلین(4).

نعم، وضع الجبهة ولو مع الحائل علی الأرض مقوم للسجود لما یأتی.

[1] بعد ما ذکرنا أنه یتحقق السجود بوضع الجبهة علی الأرض ولو مع الواسطة فجرّه إلی موضع یصح السجود علیه محصل للشرط، واعتبار کون المسجد من حین حدوث السجدة أرضاً أو ما أنبتته غیر ظاهر، بل المقدار المحرز کونه کذلک حال الذکر الواجب نظیر اعتبار التمکین فی السجدة، حیث یعتبر التمکین حال الذکر الواجب، ویدل علی ذلک مع الغمض عمّا ذکرنا الروایات الواردة فی أنه إذا وضع جبهته علی نبکة جرّها علی الأرض کصحیحة معاویة بن عمار، قال: قال أبوعبداللّه علیه السلام : «إذا وضعت جبهتک علی نبکة فلا ترفعها ولکن جرّها علی الأرض»(5) بدعوی عدم الفرق بین الوضع علی موضع لا تستقر فیه الجبهة وبین ما لایصح الوضع علیه، بل إذا کان

ص :312


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 343 ، الباب الأول من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 344 ، الباب الأوّل من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث 3 .
3- (3) انظر وسائل الشیعة 5 : 346 ، الباب 2 من أبواب ما یسجد علیه، الحدیث الأوّل.
4- (4) وسائل الشیعة 6 : 343 ، الباب 4 من أبواب ما یسجد السجود، الحدیث 2 .
5- (5) وسائل الشیعة 6 : 353 ، الباب 8 من أبواب السجود، الحدیث الأوّل.

وفی الضیق أتم علی ماتقدم[1] إن أمکن وإلاّ اکتفی به.

الشَرح:

الموضع الذی وضعها علیه عالیاً بکثیر یکون وضعها علیه ممّا لا یسجد علیه فتدبر، ویأتی التفصیل فی بحث السجود.

[1] قد تقدّم المراد من الضیق فلا نعید.

ص :313

ص :314

فصل فی الأمکنة المکروهة

وهی مواضع:

أحدها: الحمام وإن کان نظیفاً، حتی المسلخ منه عند بعضهم ولابأس بالصلاة علی سطحه.

الثانی: المزبلة.

الثالث: المکان المتخذ للکنیف ولو سطحاً متخذاً لذلک.

الرابع: المکان الکثیف(1) الذی یتنفر منه الطبع.

الخامس: المکان الذی یذبح فیه الحیوانات أو ینحر.

السادس: بیت المسکر.

السابع: المطبخ وبیت النار.

الثامن: دور المجوس إلا إذا رشّها ثمّ صلّی فیها بعد الجفاف.

التاسع: الأرض السبخة.

العاشر: کل أرض نزل فیها عذاب أو خسف.

الحادی عشر: أعطان الإبل وإن کنست ورشت.

الثانی عشر: مرابط الخیل والبغال والحمیر والبقر ومرابض الغنم.

الثالث عشر: علی الثلج والجَمد.

الرابع عشر: قری النمل وأودیتها وإن لم یکن فیها نمل ظاهر حال الصلاة.

الخامس عشر: مجاری المیاه وإن لم یتوقع جریانها فیها فعلاً.

ص :315


1- (1) الکثیف = الکسیف (فارسیة)، تعنی الوسخ .

نعم، لا بأس بالصلاة علی ساباط تحته نهر أو ساقیة ولا فی محل الماء الواقف.

السادس عشر: الطرق وإن کانت فی البلاد ما لم تضر بالمارّة وإلاّ حرمت وبطلت.

السابع عشر: فی مکان یکون مقابلاً لنار مضرمة أو سراج.

الثامن عشر: فی مکان یکون مقابله تمثال ذی روح من غیر فرق بین المجسّم وغیره ولو کان ناقصاً نقصاً لا یخرجه عن صدق الصورة والتمثال، وتزول الکراهة بالتغطیة.

التاسع عشر: بیت فیه تمثال وإن لم یکن مقابلاً له.

العشرون: مکان قبلته حائط ینزّ من بالوعة یبال فیها أو کنیف، وترتفع بستره وکذا إذا کان قدّامه عذرة.

الحادی والعشرون: إذا کان قدّامه مصحف أو کتاب مفتوح أو نقش شاغل بل کل شیء شاغل.

الثانی والعشرون: إذا کان قدّامه إنسان مواجه له.

الثالث والعشرون: إذا کان مقابله باب مفتوح.

الرابع والعشرون: المقابر.

الخامس والعشرون: علی القبر.

السادس والعشرون: إذا کان القبر فی قبلته وترتفع بالحائل.

السابع والعشرون: بین القبرین من غیر حائل ویکفی حائل واحد من أحد الطرفین وإذا کان بین قبور أربعة یکفی حائلان أحدهما فی جهة الیمین أو الیسار والآخر فی جهة الخلف أو الأمام، وترتفع أیضاً ببعد عشرة أذرع من کل جهة فیها القبر.

ص :316

الثامن والعشرون: بیت فیه کلب غیر کلب الصید.

التاسع والعشرون: بیت فیه جنب.

الثلاثون: إذا کان قدّامه حدید من أسلحة أو غیرها.

الواحد والثلاثون: إذا کان قدامه ورد عند بعضهم.

الثانی والثلاثون: إذا کان قدامه بَیدَر حنطة أو شعیر.

(مسألة 1) لا بأس بالصلاة فی البِیَع والکنائس وإن لم ترش وإن کان من غیر إذن من أهلها کسائر مساجد المسلمین.

(مسألة 2) لا بأس بالصلاة خلف قبور الأئمة علیهم السلام ولا علی یمینها وشمالها وإن کان الأولی الصلاة عند جهة الرأس علی وجه لا یساوی الإمام علیه السلام .

(مسألة 3) یستحب أن یجعل المصلی بین یدیه سترة إذا لم یکن قدّامه حائط أو صف للحیولة بینه وبین من یمرّ بین یدیه إذا کان فی معرض المرور وإن علم بعدم المرور فعلاً، وکذا إذا کان هناک شخص حاضر ویکفی فیها عود أو حبل أو کُومة تراب، بل یکفی الخط ولا یشترط فیها الحلیّة والطهارة وهی نوع تعظیم وتوقیر للصلاة وفیها إشارة إلی الانقطاع عن الخلق والتوجه إلی الخالق.

(مسألة 4) یستحب الصلاة فی المساجد وأفضلها المسجد الحرام فالصلاة فیه تعدل ألف ألف صلاة ثم مسجد النبی صلی الله علیه و آله والصلاة فیه تعدل عشرة آلاف، ومسجد الکوفة وفیه تعدل ألف صلاة، والمسجد الأقصی وفیه تعدل ألف صلاة أیضاً، ثم مسجد الجامع وفیه تعدل مئة، ومسجد القبیلة وفیه تعدل خمساً وعشرین، ومسجد السوق وفیه تعدل اثنی عشر، ویستحب أن یجعل فی بیته مسجداً أی مکاناً معدّاً للصلاة فیه وإن کان لا یجری علیه أحکام المسجد، والأفضل للنساء الصلاة فی بیوتهن وأفضل البیوت بیت المِخدَع أی بیت الخِزانة فی البیت.

(مسألة 5) یستحب الصلاة فی مشاهد الأئمة علیهم السلام وهی البیوت التی أمر اللّه

ص :317

تعالی أن ترفع ویذکر فیها اسمه، بل هی أفضل من المساجد، بل قد ورد فی الخبر أنّ الصلاة عند علی علیه السلام بمئتی ألف صلاة، وکذا یستحب فی روضات الأنبیاء ومقام الأولیاء والصلحاء والعلماء والعُبّاد بل الأحیاء منهم أیضاً.

(مسألة 6) یستحب تفریق الصلاة فی أماکن متعدّدة لتشهد له یوم القیمة ففی الخبر سأل الراوی أباعبداللّه علیه السلام یصلّی الرجل نوافله فی موضع أو یفرّقها قال علیه السلام : «لا ، بل هاهنا وهاهنا فإنها تشهد له یوم القیامة» وعنه علیه السلام : «صلّوا من المساجد فی بقاع مختلفة فإنّ کل بقعة تشهد للمصلی علیها یوم القیامة»(1).

(مسألة 7) یکره لجار المسجد أن یصلی فی غیره لغیر علّة کالمطر، قال النبی صلی الله علیه و آله : «لا صلاة لجار المسجد إلاّ فی مسجده»(2) ویستحب ترک مؤاکلة من لا یحضر المسجد وترک مشاربته ومشاورته ومناکحته ومجاورته.

(مسألة 8) یستحبّ الصلاة فی المسجد الذی لا یصلّی فیه ویکره تعطیله فعن أبی عبداللّه علیه السلام : «ثلاثة یشکون إلی اللّه عزّ وجلّ مسجد خراب لا یصلی فیه أهله، وعالم بین جهّال، ومصحف معلّق قد وقع علیه الغبار لا یقرأ فیه»(3).

(مسألة 9) یستحب کثرة التردد إلی المساجد فعن النبی صلی الله علیه و آله : «من مشی إلی مسجد من مساجد اللّه فله بکل خطوة خطاها حتی یرجع إلی منزله عشر حسنات ومحی عنه عشر سیئات ورفع له عشر درجات»(4).

(مسألة 10) یستحب بناء المسجد وفیه أجر عظیم، قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله : «من بنی مسجداً فی الدنیا أعطاه اللّه بکل شِبر منه مسیرة أربعین ألف عام مدینة من ذهب

ص :318


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 188 ، الباب 42 من أبواب مکان المصلّی، الحدیث 7 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 194 ، الباب 2 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 201 ، الباب 5 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل.
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 201 ، الباب 4 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث 3.

وفضّة ولؤلؤ وزبرجد» وعن الصادق علیه السلام : «من بنی مسجداً بنی اللّه له بیتاً فی الجنة»(1).[1]

الشَرح:

فصل فی الأمکنة المکروهة

یعتبر الوقف فی صیرورة المکان مسجداً

[1] لا ینبغی التأمل فی اعتبار الوقف فی صیرورة المکان والبناء مسجداً حیث إنّ المسجد معبد للمسلمین فی صلواتهم وغیرها من بعض أعمالهم الدینیة فیکون وقفه تحریریاً لایصیر ذلک المکان والبناء ملکاً لأحد، بل یخرج عن ملک البانی والواقف فیکون من بیوت اللّه والمعبد للمسلمین، واحتاط قدس سره فی صیرورته مسجداً باحتیاط استحبابی إنشاء صیغة الوقف علیها وأن یکون وقفه بقصد القربة، ولیس المراد مایوهمه ظاهر عبارته بأن یقول وقفته قربة إلی اللّه من الاحتیاط فی التلفظ بقصد القربة أیضاً حیث لو کان وقف المسجد من قبیل العبادة کما التزم بذلک جملة من الأصحاب فی عتق العبد والأمة یکون کسایر العبادات ممّا یکفی فیها أن یکون العمل بقصد القربة لا أن یتلفظ بقصد التقرب، ولکن کما ذکره قدس سره یتحقق کون المکان مسجداً ببنائه بقصد أن یصیر مسجداً وأن یجعل فی اختیار الناس لأن یصلوا فیه وقصد التقرب معتبر فی استحقاق البانی الواقف الثواب علی عمله لافی تحقق أصل عنوان المسجدیة، بل تحقق العنوان یحصل بالبناء بقصد کونه مسجداً وجعله معبداً للمسلمین فی صلواتهم وغیرها ممّا یناسب المسجد من الأعمال واعتبار تحقق صلاة واحد أو أکثر أیضاً لزومه محلّ تأم_ّل ومنع، بل یکفی جعله فی اختیار الناس وربما یقال لا یکفی المعاطاة فی الوقف سواء کان وقف المسجد أو غیره من الأوقاف؛ لأنه یعتبر فی الوقف التأیید واللزوم، والمعاطاة لاتفید اللزوم وغایتها یکون التصرف بها جایزاً مباحاً، وفیه أنّ

ص :319


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 203 ، الباب 8 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل.

(مسألة 11) الأحوط إجراء صیغة الوقف بقصد القربة فی صیروته مسجداً[1] بأن یقول: وقفته قربة إلی اللّه تعالی، لکن الأقوی کفایة البناء بقصد کونه مسجداً مع صلاة شخص واحد فیه بإذن البانی فیجری حینئذ حکم المسجدیة وإن لم تجر الصیغة.

(مسألة 12) الظاهر أنه یجوز أن یجعل الأرض فقط مسجداً دون البناء والسطح[2 [وکذا یجوز أن یجعل السطح فقط مسجداً أو یجعل بعض الغرفات أو القباب أو نحو ذلک خارجاً فالحکم تابع لجعل الواقف والبانی فی التعمیم والتخصیص، کما أنه کذلک بالنسبة إلی عموم المسلمین أو طائفة دون أُخری علی الأقوی.

الشَرح:

المعاطاة حتی فی غیر الوقف أیضاً من العقود اللازمة تفید اللزوم کما قرر فی محلّه من بحث البیع بنحو المعاطاة، ومع الإغماض عنه تکفی المعاطاة فی وقف المساجد کما یستفاد ذلک من ذیل صحیحة أبی عبیدة الحذاء المتقدّمة(1).

[1] أقول: روی الخبر الأول فی عقاب الأعمال(2) بسند تقدم فی عیادة المریض والثانی رواه الکلینی بسند صحیح عن أبی عبیدة الحذاء، قال: سمعت أباعبداللّه علیه السلام یقول من بنی مسجداً بنی اللّه له بیتاً فی الجنة قال أبو عبیدة: فمرّ بی أبوعبداللّه علیه السلام فی طریق مکّة وقد سوّیت بأحجار مسجداً، فقلت له: جعلت فداک نرجو أن یکون هذا من ذلک، قال: نعم(3).

[2] الوقف داخل فی الإنشاء الذی یکون القصد مقوماً له فما دام لم یقصد واقف

ص :320


1- (1) تقدمت آنفاً .
2- (2) ثواب الأعمال : 290 .
3- (3) الکافی 3 : 368 ، الحدیث الأوّل .

(مسألة 13) یستحب تعمیر المسجد إذا أشرف علی الخراب وإذا لم ینفع یجوز تخریبه وتجدید بنائه[1] بل الأقوی جواز تخریبه مع استحکامه لإرادة توسیعه من جهة حاجة الناس.

الشَرح:

المسجد فی وقفه أمراً لا یجتمع مع کون المکان مسجداً فلا مانع منه، فقصد کون الأرض المملوکة له وقفاً ومسجداً لا ینافی عدم قصد ذلک فی بعض غرفه أو قبابه عن کونه مسجداً، ومثله عدم جعل ساحة المسجد مسجداً.

نعم، إذا کان مراده من جعله مسجداً لأهل السوق أو المحلّه أو غیرهما أن لیس لغیرهم الصلاة فیه فهذا ینافی کونه مسجداً، فإنّ عنوان المسجد یتحقق بالوقف التحریری وإخراج المکان عن أی علقة إلی علقة عنوان المعبدیة للمسلمین وتعنونه بعنوان بیت اللّه وإن کان بمعنی أنّ الغرض الداعی إلی بنائه مسجداً أن یکون لأهل السوق مکان حتی یجتمعون ویصلون فیه بحیث یکون مسجداً لهم لا ینافی صلاة کل مسلم فیه من أیّ طائفة وقبیلة، فهذا النحو من الداعی لا ینافی وقف المسجد، وأم_ّا فی الفرض فیکون المکان المفروض مصلّی لا یترتب علیه أحکام المسجد.

یستحب تعمیر المسجد

[1] إذا کان خرابه بحیث یکون حائطه أو سقفه فی معرض السقوط علی المارة أو الداخل فیه فلا یبعد وجوب نقضه وتخریبه بنحو الواجب الکفائی حفظاً للناس من ضرر تلف العضو أو النفس، وأم_ّا تخریب المسجد لأجل التوسعة مع إبقاء أرضه علی المسجدیة واستعمال آلاته وإنقاذه فیه فلا بأس؛ لأن المسجد لیس ملکاً لأحد لئلا یجوز التصرف فیه والتوسعة إحسان، ولا ینافیها الوقوف علی حسب ما یوقفها

ص :321

.··· . ··· .

الشَرح:

أهلها(1) فإنّ أهل الوقف فی وقف المسجد قد وقف لکونه معبداً للمسلمین وإخراجه عن ملکه إلی عنوان بیت اللّه، وفی صحیحة عبداللّه بن سنان، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سمعته یقول إنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله بنی مسجده بالسمیط ثم إنّ المسلمین کثروا فقالوا: یا رسول اللّه لو أمرت بالمسجد فزید فیه؟ فقال: نعم، فزید فیه وبناه بالسعیدة ثمّ إنّ المسلمین کثروا فقالو: یا رسول اللّه لو أمرت بالمسجد فزید فیه؟ فقال: نعم، فأمر به فزید فیه وبنی جدرانه بالأُنثی والذکر(2). الحدیث.

ص :322


1- (1) وسائل الشیعة 19 : 175 ، الباب 2 من أبواب کتاب الوقوف والصدقات، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 206 ، الباب 9 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل.

فصل فی بعض أحکام المسجد

اشارة

الأول: یحرم زخرفته أی تزیینه بالذهب بل الأحوط ترک نقشه بالصور[1].

الشَرح:

فصل فی بعض أحکام المسجد

تحرم زخرفة المساجد

[1] عدم جواز تزیین المسجد بالنقش بالذهب وبالصور منسوب إلی المشهور وإن ناقش فیه صاحب الجواهر(1) فی حصول الشهرة المعتدّ بها وأیّده بما فی الدروس من نسبة التحریم إلی قیل(2)، ویستدل علی ذلک بأن_ّه تضییع للمال فیدخل فی الإسراف وبأنّ هذا لم یکن فی زمان النبی صلی الله علیه و آله ویحسب بدعة وفیه ما لا یخفی؛ فإنّ البدعة إنّما تتحقق بإدخال شیء لم یکن من الدین فی الدین ومجرّد عدم وجود شیء فی المساجد زمان النبی صلی الله علیه و آله لا یوجب أن یکون وجوده فیها بدعة، وإذا کان الشیء فی المسجد بنظر المتشرعة من تعظیم شعائر اللّه فلا یکون فیه أی منع، وإسراف المال وتبذیره إتلافه من غیر غرض عقلائی .

وأم_ّا الصّور فإن کان المراد بها صور ذوی الأرواح فالمشهور عدم جوازها إذا کانت الصورة تامة، سواء کان النقش بها فی المسجد أو فی غیره، وأم_ّا إذا کانت الصورة ناقصة أو کان النقش نقش غیر صور ذات الأرواح فالکلام فیه کما فی زخرفته، وأم_ّا روایة عمرو بن جمیع، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی المساجد المصوّرة؟ فقال: «أکره ذلک ولکن لایضرّ کم ذلک الیوم ولو قد قام العدل لرأیتم کیف یصنع فی

ص :323


1- (1) جواهر الکلام 14 : 147 _ 150 .
2- (2) الدروس الشرعیة 1 : 156 .

الثانی: لا یجوز بیعه ولابیع آلاته وإن صار خراباً ولم یبقَ آثار مسجدیته، ولا إدخاله فی الملک ولا فی الطریق ولا یخرج عن المسجدیة أبداً، ویبقی الأحکام من حرمة تنجیسه ووجوب احترامه وتصرف آلاته فی تعمیره، وإن لم یکن معمّراً تصرف فی مسجد آخر، وإن لم یمکن الانتفاع بها أصلاً یجوز بیعها وصرف القیمة فی تعمیره أو تعمیر مسجد آخر[1].

الشَرح:

ذلک»(1) والروایة ضعیفة السند فإنّ فی سندها عدة من المجاهیل وتعارضها روایة علی بن جعفر، عن أخیه، قال: سألته عن المسجد یکتب فی القبلة القرآن أو الشیء من ذکر اللّه؟ قال: لا بأس، قال: وسألته عن المسجد ینقش فی قبلته بجصّ أو أصباغ؟ قال لا بأس به(2). نعم، یمکن أن یکون المراد من النقش غیر صورة ذوی الأرواح.

نعم، لابأس بالالتزام بعدم جواز صورة ذوی الأرواح فی جانب القبلة سواء کانت بنحو المجسمة أو بنحو النقش، وسواء کانت صورة تامة أو ناقصة لکراهة الصلاة معها کما یدل علیه کصحیحة محمد بن مسلم، قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام : أُصلّی والتماثیل قدّامی وأنا أنظر إلیها؟ قال: «لا اطرح علیها ثوباً»(3) فإنّ المسجد مکان یکون الصلاة فیه أفضل فلا یناسبه فعل شیء یوجب نقض الصلاة مع عدم تمکن کل داخل من ستر التمثال بثوب.

لا یجوز بیع المسجد ولا آلاته

[1] أم_ّا عدم جواز بیع المسجد فقد تقدّم أنّ وقفه تحریر من علقة الملکیة

ص :324


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 215 ، الباب 15 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 215 _ 216 ، الباب 15 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث 3.
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 170 ، الباب 32 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل.

الثالث: یحرم تنجیسه، وإذا تنجّس یجب إزالتها فوراً[1] وإن کان فی وقت الصلاة مع سعته. نعم، مع ضیقه تقدّم الصلاة ولو صلّی مع السعة أثم لکن الأقوی صحة صلاته ولو علم بالنجاسة أو تنجّس فی أثناء الصلاة لا یجب القطع للإزالة وإن کان فی سعة الوقت، بل یشکل جوازه، ولا بأس بإدخال النجاسة الغیر

الشَرح:

وجعلها معبداً فلا یدخل فی الملک ولا فی الطریق أو غیر ذلک، وأم_ّا عدم جواز بیع آلاته التی تعد جزءاً من بناء المسجد فالحال فیها کالحال فی نفس المسجد من کون وقفه تحریراً فی ضمن تحریر المسجد من علقة الملکیة فیصرف تلک الآلات فی ذلک المسجد إذا أمکن، وإلاّ یصرف فی مسجد آخر ومع عدم إمکان صرفه ولو فی مسجد آخر یصرف فی سایر بناء الخیر، وأم_ّا الآلات التی لاتعد جزءًا من البناء فلا یکون الوقف فیها تحریراً، بل هی إمّا وقف وتملیک للمسجد لینتفع بها فی المسجد أو تملیک للمصلین فیها أو باق علی ملک واقفها، وإنّما أعطی للمصلین فیه الانتفاع بها فیه.

وعلی کل، فإن لم یمکن الانتفاع بها فی ذلک المسجد أو مسجد آخر بعینها یباع ویصرف قیمتها فیه أو فی مسجد آخر تحصیلاً لغرض الواقف مهما أمکن، وأم_ّا حرمة تنجیس المسجد بعد خرابه فإن کان خرابه بحیث لم یبقَ معه عنوان المسجدیة فلا إشکال فیها إذا عدّ التنجیس هتکاً، وأم_ّا مع عدمه ففی الحرمة تأم_ّل علی ما تقدّم فی بحث الطهارة.

یحرم تنجیس المسجد

[1] هذا فیما إذا کان بقاؤه علی نجاسته ولو فی زمان قلیل هتکاً للمسجد أو موجباً لسرایته وتلوث سایر مواضعه وإلاّ ففی وجوب الفوریة تأم_ّل، وبهذا یظهر أنه

ص :325

المتعدّیة إلاّ إذا کان موجباً للهتک کالکثیرة من العذرة الیابسة مثلاً وإذا لم یتمکّن من الإزالة بأن احتاجت إلی معین ولم یکن سقط وجوبها، والأحوط إعلام الغیر إذا لم یتمکّن وإذا کان جنباً وتوقفت الإزالة علی المکث فیه فالظاهر عدم وجوب المبادرة إلیها، بل یؤخّرها إلی ما بعد الغسل ویحتمل وجوب التیمم والمبادرة إلی الإزالة.

(مسألة 1) یجوز أن یتّخذ الکنیف ونحوه من الأمکنة التی علیها البول والعذرة ونحوهما مسجداً بأن یطم ویلقی علیها التراب النظیف ولا تضر نجاسة الباطن[1] فی هذه الصورة وإن کان لا یجوز تنجیسه فی سایر المقامات لکن الاحوط إزالة النجاسة أولاً أو جعل المسجد خصوص المقدار الطاهر من الظاهر.

الشَرح:

لا یجب قطع الصلاة لإزالته بل یشکل جوازه إلاّ فی المورد الذی ذکرناه حیث یتعین فیه القطع للازالة إلاّ مع ضیق وقت الصلاة، وأم_ّا ما ذکره قدس سره من احتمال أن یتیمم الجنب للمبادرة إلی الإزالة مع تمکنه من الإزالة بالتأخیر إلی ما بعد الغسل لایمکن المساعدة علیه فإنّ التیمم ممّن یتمکّن من الغسل غیر صحیح ومجرّد الدخول إلی المسجد لا تکون من الغایات التی شرّع التیمم لأجلها کما تقدّم فی محلّه.

فی جواز جعل الکنیف مسجداً بعد الطم بالتراب

[1] ذکر قدس سره جواز جعل الکنیف مسجداً بأن یطم ویلقی علیه التراب الطاهر ولا تضر نجاسة الباطن فی الفرض وإن لا یجوز تنجیس الباطن فی سایر المقامات، ویدلّ علی جواز جعله مسجداً عدة من الروایات منها ما فی صحیحة عبیداللّه بن علی الحلبی أنه قال لأبی عبداللّه علیه السلام : فیصلح المکان الذی کان حشّاً زماناً أن ینظف ویتّخذ

ص :326

.··· . ··· .

الشَرح:

مسجداً؟ فقال: «نعم، إذا أُلقی علیه من التراب مایواریه فإنّ ذلک ینظفه ویطهّره»(1) وصحیحة عبداللّه بن سنان، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن المکان یکون حشّاً زماناً فینظّف ویتّخذ مسجداً؟ فقال: «ألق علیه من التراب حتی یتواری فإنّ ذلک یطهّره إن شاء اللّه»(2) ونحوهما(3) غیرهما.

وکیف ما کان، یستفاد منها أنّ نجاسة الباطن لا یضرّ بکونه مسجداً.

وبتعبیر آخر، النجاسة السابقة للأرض قبل کونها مسجداً لا یضرّ بجعلها مسجداً فلا دلالة علی جواز تنجیس باطن المسجد بعد صیرورته مسجداً.

نعم، لابأس بالالتزام بأنه إذا تنجّس باطن المسجد دون ظاهره کما إذا نزّت الرطوبه النجسة الی باطن المسجد من غیر أن یظهر فی ظاهره شیئاً منها فلا یجب تطهیر الباطن؛ لأنّ ما دلّ علی إزالة النجاسة عن المسجد لا یقتضی ذلک، بل مقتضاه إزالة النجاسة الظاهرة من ظواهر أرضه وجدرانه علی ما تقدم فی بحث وجوب تطهیر المسجد من بحث الطهارة، وما ذکره قدس سره من أنّ الأحوط إزالة النجاسة أوّلاً أو جعل المسجد خصوص المقدار الظاهر منه لم یعلم وجهه بعد ما ورد إذا أُلقی علیه من التراب ما یواریه فإنّ ذلک ینظفه ویطهره، أو ما ورد ألقِ علیه من التراب حتی یتواری فإنّ ذلک یطهره(4).

ص :327


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 209 ، الباب 11 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 210 ، الباب 11 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث 4.
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 210 _ 211 ، الباب 11 من أبواب أحکام المساجد .
4- (4) تقدم تخریجهما .

الرابع: لا یجوز إخراج الحَصَی منه وإن فعل ردّه إلی ذلک المسجد أو مسجد آخر[1] نعم، لا بأس بإخراج التراب الزائد المجتمع بالکنس أو نحوه.

الشَرح:

لا یجوز إخراج الحصی من المسجد

[1] قد قیّد فی المدارک وغیرها بما إذا کان الحصی جزءاً من المسجد أو آلاته، وأم_ّا لو کانت قمامة کان إخراجها مستحباً کالتراب(1) الحاصل من کنس المسجد؛ لأن_ّه تنظیف للمسجد وعن المحقق فی المعتبر کراهة إخراج الحصی منه(2)، ویستدل علی ذلک کما یظهر من صاحب الوسائل أیضاً بروایات بعضها واردة فی تراب حول الکعبة أو البیت أو من حصیاته کصحیحة محمد بن مسلم، قال: سمعت أبا عبداللّه یقول: «لا ینبغی لأحد أن یأخذ من تربة ما حول الکعبة وإن أخذ منه شیئاً ردّه»(3).

وصحیحة معاویة بن عمار، قال: قلت لأبی عبداللّه علیه السلام : «أخذت سکّاً من سکّ المقام وتراباً من تراب البیت وسبع حصیّات؟ فقال: «بئس ماصنعت، أم_ّا التراب والحصی فردّه»(4) ولعلّ فی الحصی والتراب خصوصیة؛ ولذا أمره بالردّ إلی مکانه والشک لفساده بالإخراج لا یقید؛ ولذا لم یأمره بالرد ولکن لایمکن أن یستفاد من هاتین غیر حکم حصی المسجد الحرام.

نعم، فی موثقة زید الشحام علی روایة الکلینی، قلت لأبی عبداللّه علیه السلام أُخرج من المسجد وفی ثوبی حصاة؟ قال: «فردّها أو اطرحها فی مسجد»(5) ومثلها روایة

ص :328


1- (1) مدارک الأحکام 4 : 399 .
2- (2) المعتبر 2 : 452 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 231 ، الباب 26 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث الأوّل .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 232 ، الباب 26 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث 2.
5- (5) الکافی 4 : 229 ، الحدیث 4 .

الخامس: لا یجوز دفن المیت فی المسجد إذا لم یکن مأموناً من التلویث[1 [بل مطلقاً علی الأحوط.

السادس: یستحب سبق الناس فی الدخول إلی المساجد، والتأخر عنهم فی الخروج منها.

السابع: یستحب الإسراج فیه، وکنسه، والابتداء فی دخوله بالرجل الیمنی، وفی الخروج بالیسری، وأن یتعاهد نعله تحفظاً عن تنجیسه، وأن یستقبل القبلة، ویدعو ویحمد اللّه ویصلی علی النبی صلی الله علیه و آله ، وأن یکون علی طهارة.

الثامن: یستحب صلاة التحیة بعد الدخول، وهی رکعتان، ویجزئ عنها الصلوات الواجبة أو المستحبة.

التاسع: یستحب التطیب ولبس الثیاب الفاخرة عند التوجه إلی المسجد.

العاشر: یستحب جعل المطهرة علی باب المسجد.

الحادی عشر: یکره تعلیة جُدران المساجد، ورفع المنارة عن السطح، ونقشها بالصور غیر ذوات الأرواح، وأن یجعل لجدرانها شرفاً، وأن یجعل لها محاریب داخلة.

الشَرح:

وهب بن وهب، عن جعفر، عن أبیه(1)، ولا یبطل الإطلاق فیهما وفی المدارک حکی عن المعتبر استدلاله علی الکراهة بروایة وهب بن وهب وقال: هذه الروایة ضعیفة جداً فإنّ راویها وهب بن وهب(2). ولم یذکر موثقة زید الشحام مع أنها مثل روایة وهب بن وهب.

لا یجوز دفن المیت فی المسجد

[1] یظهر من تقییده بما إذا لم یکن مأموناً من التلویث أنّ الموجب للمنع هو

ص :329


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 232 ، الباب 26 من أبواب أحکام المساجد، الحدیث 4 .
2- (2) مدارک الأحکام 4 : 399 . وانظر المعتبر 2 : 452 .

الثانی عشر: یکره استطراق المساجد إلاّ أن یصلی فیها رکعتین، وکذا إلقاء النُخامة والنُخاعة، والنوم إلاّ لضرورة، ورفع الصوت إلاّ فی الأذان ونحوه، وإنشاد الضالة، وحذف الحصی، وقراءة الأشعار غیر المواعظ ونحوها، والبیع، والشراء، والتکلّم فی أُمور الدنیا، وقتل القمل، وإقامة الحدود، واتخاذها محلاً للقضاء والمرافعة، وسلّ السیف، وتعلیقه فی القبلة، ودخول من أکل البصل والثوم ونحوهما ممّا له رائحة تؤذی الناس، وتمکین الأطفال والمجانین من الدخول فیها، وعمل الصنائع، وکشف العورة والسُرة والفخذ والرکبة، وإخراج الریح.

(مسألة 2) صلاة المرأة فی بیتها أفضل من صلاتها فی المسجد.

(مسألة 3) الأفضل للرجال إتیان النوافل فی المنازل والفرائض فی المساجد.

الشَرح:

تلویث باطن المسجد أو مطلقاً وإن احتاط بعدم الجواز فی صورة الأمن أیضاً، ولاینبغی التأمل فی أنه لایجوز جعل المسجد مقبرة للموتی، فإنّ هذا الجعل ینافی عنوان المسجدیة؛ لکراهة الصلاة علی القبر وبین القبور والإتیان بالصلاة فی المساجد مستحبة کما تقدم.

نعم، دفن میت أو میتین کبانی المسجد وواقفه فیه لا یسلب عنوان المسجدیة ولا ینافیه، ولکن الأحوط للبانی والواقف إذا أراد دفنه بعد موته فیه أن یعیّن لدفنه مکاناً ویجعل المسجد غیر ذلک المکان.

ص :330

فصل فی الأذان والإقامة

اشارة

لا إشکال فی تأکّد رجحانهما فی الفرائض الیومیة أداءً وقضاءً جماعة وفرادی حضراً وسفراً للرجال والنساء[1] وذهب بعض العلماء إلی وجوبهما وخصّه بعضهم بصلاة المغرب والصبح وبعضهم بصلاة الجماعة وجعلهما شرطاً فی صحّتها وبعضهم جعلهما شرطاً فی حصول ثواب الجماعة، والأقوی استحباب الأذان مطلقاً والأحوط عدم ترک الإقامة للرجال.

الشَرح:

فصل فی الأذان والإقامة

الاذان والاقامة مستحبان

[1] إن کان المراد من تأکّد رجحانهما التأکّد ثبوتاً مطلقاً بمعنی أنّ الطلب المتعلّق بهما بملاک لا یتخلّف عن الشدّة بحسب الصلوات والحالات والأشخاص فیأتی أنّ الأمر لیس کذلک، بل الطلب المتعلق بهما یختلف بحسب ما ذکر، وإن کان المراد أنّ الدلیل علی رجحانهما مؤکّد لتعدّد الدلیل علی رجحانهما وإن اختلف الملاک فیهما بحسب ما تقدم فلا یبعد ذلک کما نذکر، وما ذکر قدس سره من أنّ فی أصحابنا من یلتزم بوجوب الأذان والإقامة لعلّه یرید الالتزام بوجوبهما فی الجملة، وإلاّ فالقائل بوجوبهما مطلقاً من بین الأصحاب غیر ظاهر فإنّ المحکی عن المفید قدس سره (1) والمنسوب إلی الأکثر أن_ّهما واجبان علی الرجال، وعن بعض الأصحاب وجوبهما فی الجماعة وإن لم یقیدوا الجماعة بجماعة الرجال، والمحکی عن الشیخ قدس سره أنّ الأذان والاقامة شرط فی ثواب الجماعة حیث قال فی المحکی عنه: ومتی أصبت جماعة بغیر

ص :331


1- (1) المقنعة : 99 .

.··· . ··· .

الشَرح:

أذان وإقامة لم تحصل فضیلة الجماعة والصلاة ماضیة(1). والمحکی عن السید وبعض آخر وجوب الإقامة فی الصلوات الیومیة مطلقاً ولکن وجوب الأذان مختص بصلاتی المغرب والصبح(2).

وکیف کان یقع الکلام فی مقامین، الأوّل: فی الأذان، والثانی: فی الاقامة.

أمّا الأول فالمشهور بین الأصحاب أنّ الأذان للصلوات الیومیّة مستحب بلا فرق بین الصلوات إلاّ فی تأکّد الاستحباب فی بعضها وعدم تأکّده فی البعض الآخر، ویستدل علی ذلک بمثل صحیحة یحیی الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا أذّنت فی أرض فلاة وأقمت صلّی خلفک صفّان من الملائکة وإن أقمت ولم تؤذّن صلّی خلفک صفّ واحد»(3) وصحیحة محمّد بن مسلم، قال: قال لی أبوعبداللّه علیه السلام : «إنّک إذا أذّنت وأقمت صلّی خلفک صفّان من الملائکة، وإن أقمت إقامة بغیر أذان صلّی خلفک صفّ واحد»(4) وفی مثلهما تأمل فی الشمول لصلاة الجماعة وظاهرهما الصلاة الفرادی، وأوضح منهما صحیحة عبیداللّه بن علی الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام ، عن أبیه علیه السلام أن_ّه کان إذا صلّی وحده فی البیت أقام إقامة ولم یؤذن(5). وصحیحة عبداللّه بن سنان، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «یجزیک إذا خلوت فی بیتک إقامة واحدة بغیر أذان»(6).

ص :332


1- (1) حکاه عنه المحقق فی المعتبر 2 : 132 . وانظر المبسوط 1 : 95 .
2- (2) حکاه الحکیم فی المستمسک 5 : 526 . جمل العلم والعمل (رسائل المرتضی) 3 : 29 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 381 ، الباب 4 من أبواب الاذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 381 ، الباب 4 من أبواب الاذان والإقامة، الحدیث 2.
5- (5) وسائل الشیعة 5 : 385، الباب 5 من أبواب الاذان والإقامة، الحدیث 6.
6- (6) وسائل الشیعة 5 : 384 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4.

.··· . ··· .

الشَرح:

ولکن لابد من الالتزام بعدم وجوب الأذان حتی فی صلاة الجماعة لصحیحة علی بن رئاب، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام قلت: تحضر الصلاة ونحن مجتمعون مکان واحد أتجزینا إقامة بغیر أذان؟ قال: «نعم»(1) ومثلها روایة الحسن بن زیاد، قال: قال أبوعبداللّه علیه السلام : «إذا کان القوم لا ینتظرون أحداً اکتفوا بإقامة واحدة»(2) والمراد بإقامة واحدة الاقتصار بالإقامة من غیر الأذان لاعدم تکرار الإقامة، نظیر ما ورد فی روایة عبدالرحمان بن أبی عبداللّه، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سمعته یقول: «یقصّر الأذان فی السفر کما تقصر الصلاة تجزی إقامة واحدة»(3).

والحاصل أنّ روایة الحسن بن زیاد للمناقشة فی سندها لکونه مردداً بین الحسن بن زیاد الطائی الثقة وبین الحسن بن زیاد الصیقل الذی لم یثبت له توثیق صالحة للتأیید فقط، فتکون النتیجة عدم وجوب الأذان فی الصلاة بلا فرق بین صلاة الفرادی وصلاة الجماعة وتعلیق الاقتصار بالإقامة علی ما إذا خلوت فی صحیحة عبداللّه بن سنان، وعلی ما إذا صلّیت وحدک بالبیت فی صحیحة عبید اللّه بن علی الحلبی، یحمل علی تأکّد الاستحباب فی الأذان لصلاة الجماعة، وکذا فی روایة أبی بصیر، عن أحدهما علیهماالسلام قال: سألته أیجزی أذان واحد؟ قال: «إن صلیت جماعة لم یجز إلاّ أذان وإقامة وإن کنت وحدک تبادر أمراً تخاف أن یفوتک یجزیک إقامة إلاّ الفجر والمغرب»(4) والروایة ضعیفة سنداً لکون الراوی عن أبی بصیر البطائنی وعلی

ص :333


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 385 ، الباب 5 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث 10.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 385 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 8 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 385 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 9 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 388 ، الباب 7 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

تقدیر الإغماض یحمل علی تاکّد الاستحباب وعدم إجزاء الإقامة بوحدها عن ذلک الاستحباب.

وأم_ّا موثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سئل عن الرجل یؤذن ویقیم لیصلّی وحده فیجیء رجل آخر فیقول له نصلّی جماعة هل یجوز أن یصلّیا بذلک الأذان والإقامة؟ قال: «لا ، ولکن یؤذن ویقیم»(1) فلا دلالة لها علی وجوب الأذان والإقامة فإنّ حکم الأذان والإقامة کان مفروغاً عنه عند السائل، وسؤاله راجع إلی أنّ الطلب المتعلق بالأذان والإقامة فی الجماعة یمتثل بالأذان والإقامة الواقعتین عمّن کان یرید الصلاة الفرادی أم لا فمدلولها عدم الإجزاء.

وأم_ّا أنّ الحکم المتعلق بها فی صلاة الجماعة الوجوب أو الاستحباب المؤکد فلا یدخل فی مدلولها، وأم_ّا التفصیل بین صلاتی المغرب والصبح وبین غیرهما من الصلوات الیومیة فیستدل علی ذلک بصحیحة صفوان بن مهران، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «الأذان مثنی مثنی والإقامة مثنی مثنی ولابد فی الفجر والمغرب من أذان وإقامة فی الحضر والسفر لأنه لایقصّر فیهما فی حضر ولا سفر وتجزیک إقامة بغیر أذان فی الظهر والعصر والعشاء الآخرة، والأذان والإقامة فی جمیع الصلوات أفضل»(2) وصحیحة عبداللّه بن سنان عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «تجزیک فی الصلاة إقامه واحدة إلاّ الغداة والمغرب»(3) وموثقة سماعة، قال: قال أبوعبداللّه علیه السلام : «لاتصلّ الغداة والمغرب إلاّ بأذان وإقامة ورخّص فی سایر الصلوات بالإقامة والأذان

ص :334


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 432 ، الباب 27 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 386 ، الباب 6 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2.
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 387 ، الباب 6 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4.

.··· . ··· .

الشَرح:

أفضل»(1) ولکن ظاهر قوله علیه السلام : «والأذان والإقامة فی جمیع الصلاة أفضل» ظاهره الانحلال وأنّ الأذان حتی فی کل من صلاتی المغرب والصبح أیضاً أفضل وهذا مقتضاه الاستحباب وإن اختلف الفضل بالإضافة إلی الصلاتین وسایرها، ومع الإغماض عن ذلک فتحمل علی تأکّد الاستحباب فی الأذان للصلاتین بقرینة صحیحة عمر بن یزید، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الإقامة بغیر أذان فی المغرب؟ فقال: «لیس به بأس وما أُحبّ أن یعتاد»(2) ولاینافی الحمل علی تأکّده التعبیر بقوله علیه السلام فی صحیحة صفوان بن مهران: «ولابد فی الفجر والمغرب من أذان وإقامة فی الحضر والسفر»(3) نظیر الحمل علی الاستحباب فیما ورد فی استلام الحجر الأسود من أنه لابد للطائف من استلامه حیث یراد اللابدیة فی درک الفضل، هذا کلّه بالإضافة إلی الأذان.

وأم_ّا بالإضافة إلی الإقامة فلا ینبغی التأم_ّل فی أنّ الإقامة غیر واجبة بالإضافة إلی النساء وإن کانت مستحبة لها کاستحباب الأذان لصلاتها کما تشهد لذلک صحیحة عبداللّه بن سنان، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن المرأة تؤذّن للصلاة؟ فقال: «حسن إن فعلت وإن لم تفعل أجزأها أن تکبّر وأن تشهد أن لا اله إلاّ اللّه وأنّ محمداً رسول اللّه»(4) وصحیحة جمیل بن دراج، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن المرأة أعلیها أذان وإقامة؟ قال: «لا»(5) والمراد عدم ثبوتهما علی المرأة نظیر ثبوتهما علی الرجل

ص :335


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 387 ، الباب 6 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 5.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 387 ، الباب 6 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث 6 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 386 ، الباب 6 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث 2.
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 405 ، الباب 14 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث الأوّل.
5- (5) وسائل الشیعة 5 : 406 ، الباب 14 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث 3.

.··· . ··· .

الشَرح:

فلا ینافی أصل مشروعیتهما فی حقّها أیضاً کما هو ظاهر قوله علیه السلام فی الصحیحة الأُولی: «حسن إن فعلت» وإذا کان الأذان مشروعاً فی حقها کان الأمر فی الإقامة کذلک بالأولویة؛ لأنّ مشروعیة الأذان لصلاتها من غیر مشروعیة الإقامة غیر محتمل.

وأم_ّا الإقامة فوجوبها علی الرجال فی صلواته الیومیة یظهر من کلمات بعض الأصحاب کما حکی(1) ذلک عن الشیخین(2) والسید(3) وابن الجنید(4) وعن الوحید البهبهانی(5) المیل الیه واختاره صاحب الحدائق(6).

ویستدل علی ذلک بوجوه منها موثقة عمار، قال: سمعت أباعبداللّه علیه السلام یقول: لابد للمریض أن یؤذن ویقیم إذا أراد الصلاة ولو فی نفسه إن لم یقدر علی أن یتکلّم به. سئل فإن کان شدید الوجع؟ قال: لابد من أن یؤذّن ویقیم لأنه لا صلاة إلاّ بأذان وإقامة(7).

ووجه الاستدلال أنّ ظاهر الموثقة وجوب کل من الأذان والإقامة وقد رفعنا الید عن ظهورها بالإضافة إلی الأذان حیث بیّنا استحبابه، وأم_ّا بالإضافة إلی الإقامة فلا وجه لرفع الید عن ظهورها، بل لا یبعد أن یکون ظهورها اشتراط الصلاة بها

ص :336


1- (1) حکاه السید الخوئی فی المستند 13 : 232 .
2- (2) المفید فی المقنعة : 99 . والطوسی فی النهایة : 65 .
3- (3) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضی) 3 : 29 .
4- (4) حکاه عنه العلامة فی المختلف 2 : 119 .
5- (5) فی حاشیته علی المدارک : 174 .
6- (6) الحدائق الناضرة 7 : 363 .
7- (7) وسائل الشیعة 5 : 444 ، الباب 35 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2.

.··· . ··· .

الشَرح:

ولایلزم من التفکیک بین الأذان والإقامة استعمال (لا) النافیة الداخلة علی الصلاة فی معنیین من نفی الکمال ونفی الصحة وذلک لما تقرر فی محله أنّ مفادها نفی الطبیعی مطلقاً، لکن الداعی لنفیه یختلف فتارة یکون عدم الکمال واُخری نفی الصحة وکون الداعی بالإضافة إلی نفیه مع عدم الأذان الکمال وفی الاقامة عدم صحة الصلاة أو عدم جواز ترکها لا یکون من قبیل استعمال اللفظ فی معنیین.

ودعوی الملازمة بین الأذان والإقامة فی حکمهما للإجماع بأن کان أحدهما واجباً وجب الآخر وإن استحب استحب الآخر، والتفصیل خرق للإجماع کما نقل ذلک عن العلامة لایمکن المساعدة علیها أوّلاً لعدم الإجماع علی اتحاد حکمهما کما تقدم، وثانیاً أنّ الإجماع علی تقدیره مدرکی یستظهر من بعض الروایات الواردة فی المقام کموثقة عمار ونحوها.

ویستدل أیضاً علی وجوب الإقامة بصحیحة عبداللّه بن سنان، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «یجزیک إذا خلوت فی بیتک إقامة واحدة بغیر أذان»(1) فإنّ ظاهرها _ کما قیل _ أنّ الإقامة بوحدها أدنی ما تجری فی الصلاة، وفیه أنّ ظاهرها أنّ الإقامة بوحدها فی صلاة فرادی تجزی عن الأذان أیضاً وأنه یعطی لتلک الصلاة ثواب الصلاة الکاملة، بخلاف صلاة الجماعة فإنه لا یعطی بها ذلک الثواب إلاّ بالأذان والإقامة فمدلولها عدم تأکّد استحباب الأذان فی الصلاة الفرادی، بخلاف صلاة الجماعة فان استحبابه فیه مؤکّد، وأم_ّا أنّ الإقامة واجبة حتی فی صلاة المنفرد أو استحبابها مؤکّد فلا دلالة علی شیء من الأمرین.

ص :337


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 384 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4.

.··· . ··· .

الشَرح:

وممّا ذکرنا یظهر الحال فی موثقة سماعة حیث یستدل بها علی وجوب الإقامة فی جمیع الصلوات الیومیة، قال: قال أبوعبداللّه علیه السلام : «لا تصلّی الغداة والمغرب إلاّ بأذان وإقامة ورخص فی سایر الصلوات بالإقامة والأذان أفضل»(1) حیث إنّ مدلولها _ بعد أن قام الدلیل علی عدم وجوب الأذان حتی فی صلاة الغداة والمغرب وبعد بیان ما فی ذیل الموثقة أنّ الأذان فی غیرها من الصلوات أیضاً أفضل _ أنه لا تأکّد فی استحباب الأذان قبل الإقامة فی غیر صلاتی الغداة والمغرب، ویجوز الاکتفاء فیها بالإقامة حیث إنّ هذا ظاهر الترخیص فی غیرهما من الصلوات، وأم_ّا أنّ الإقامة واجبة أو انها مستحبة مؤکّده فهذا خارج عن مدلولها.

وکذا یظهر الحال ممّا ذکرنا من صحیحة محمد بن مسلم والفضیل بن یسار عن أحدهما علیهماالسلام قال: «تجزیک إقامة فی السفر»(2) فإنّ ظاهرها بقرینة ما تقدم عدم استحباب الأذان مؤکداً فی السفر، بل یجوز الاکتفاء بالإقامة، وأم_ّا أنّ الإقامة واجبة أو مستحبة مؤکدة فلا دلالة لها علی ذلک.

وعلی الجملة، مثل هذه الروایة ناظرة إلی مقام الامتثال فإن کان شیء معتبراً فی الصلاة بنحو الوجوب والاشتراط کان ما یدلّ علی الإجزاء عنه أقل الواجب والشرط وإن کان معتبراً فی کمالها مطلقاً أو مؤکداً کان ما یدل علی الاجزاء الفرد الأدنی من المستحب مطلقاً أو المستحب المؤکّد.

وقد یستدل علی وجوب الاقامة بما ورد فی بعض الروایات من أنّ: «الاقامة

ص :338


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 384 _ 385 ، الباب 5 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث 5.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 385 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .

.··· . ··· .

الشَرح:

من الصلاة»(1) أو أنّ الإقامة لا تکون بلا وضوء أو: لا تتکلّم فی الإقامة(2). ونحو ذلک، وماورد فی أنّ من نسی الأذان والإقامة حتی دخل فی الصلاة یقطعها لتدارکهما، کما فی صحیحة الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا افتتحت الصلاة فنسیت أن تؤذن وتقیم ثم ذکرت قبل أن ترکع فانصرف وأذّن وأقم واستفتح الصلاة، وإن کنت قد رکعت فأتمّ علی صلاتک»(3) وفی صحیحة محمد بن مسلم، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال فی الرجل ینسی الأذان والإقامة حتی یدخل فی الصلاة، قال: «إن کان ذکر قبل أن یقرأ فلیصلّ علی النبی صلی الله علیه و آله ولیقم، وإن کان قد قرأ فلیتمّ صلاته»(4).

ووجه الاستدلال أنه لو کانت الإقامة مستحبة لما جاز لترکها قطع الصلاة الواجبة، وفیه أنّ قطعها لا تحرم فی الفرض لدلالة النص علی جوازه ولو لتدارک المستحب، ولیس فی البین دلیل علی ثبوت حرمة قطع الصلاة مطلقاً، بل لو کان خطاب کان إطلاقها یقتضی حرمة قطعها تعیّن رفع الید عنها فی مورد قیام الدلیل علی جواز قطعها.

وأم_ّا ما ورد فی أنّ الإقامة من الصلاة فمع الإغماض عن ضعف سنده فالتنزیل راجع إلی أنّ التهیؤ للصلاة بالإقامة لا یناسب التکلم فیها بغیر ما یرجع إلی أمر الصلاة من تعدیل الصفوف والتکلم فی تقدیم الإمام ونحوه؛ ولذا ورد الترخیص فیه فی أثنائها وأنّ الإقامة حال الحدث یوجب فصل الوضوء أو الغسل بین الإقامة والدخول

ص :339


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 396 ، الباب 10 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث 12.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 393 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 434 ، الباب 29 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3.
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 434 ، الباب 29 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4.

.··· . ··· .

الشَرح:

فی الصلاة کیف فإنّ أول الصلاة وتحریمها التکبیر وتحلیلها التسلیم، والاستدلال بوجوب الإقامة للصلوات بما ورد فی قضائها من أنه یؤذن للأُولی منها ویقیم ویجزی لکل واحدة من البواقی إقامة(1). کما تری فإنّ القضاء تابع للأداء، وإذا لم تکن الإقامة واجبة فی الأداء فلا تجب فی القضاء فإجزاء الإقامة لکل من البواقی تابع لحکم الإقامة فی الأداء، فإن کانت الإقامة مستحبة مؤکدة یکفی فی القضاء الاکتفاء بها من غیر أذان إلاّ للأُولی منها، وإن کانت واجبة أجزأت فی القضاء أیضاً کذلک بلا حاجة إلی الأذان لکل من البواقی.

وقد تحصّل من جمیع ما ذکرنا أنه لیس فی البین ما یظهر منه وجوب الإقامة ولا شرطیتها للصلوات الیومیة إلاّ موثقة عمّار علی التقریب المتقدم، ولکن فی مقابلها صحیحة صفوان بن مهران، عن أبی عبداللّه علیه السلام حیث ورد فیها: «والأذان والإقامة فی جمیع الصلوات أفضل»(2) حیث ظاهرها الانحلال بالإضافة إلی کل من الصلوات بالإضافة إلی کل من الأذان والإقامة بمعنی أنّ کُلاًّ من الأذان قبل الإقامة والإقامة للصلوات أفضل، فإنه فرق بین أن یقال بأنّ الأذان قبل الإقامة لکل صلاة أفضل وبین أن یقال إنّ الأذان والإقامة لکل صلاة أفضل.

أضف إلی ذلک أنّ الصلوات الیومیة مبتلی بها فی کل یوم خمس مرّات ولو کان الأذان أو الإقامة فقط معتبرة فیها کاعتبار سایر الشرایط للصلاة لکان الاعتبار أمراً ظاهراً مرتکزاً فی أذهان المتشرعة جیلاً بعد جیل، ولیس الأمر کذلک، وقد تقدم أنّ الملتزم بوجوب الإقامة جمع قلیل من أصحابنا والمشهور بین نافٍ لاعتبارها أو متردد فی

ص :340


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 446 ، الباب 37 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 386 ، الباب 6 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2.

فی غیر موارد السقوط[1] وغیر حال الاستعجال والسفر وضیق الوقت.

الشَرح:

اعتبارها، بل یستفاد ممّا ورد کون الصلاة مع الإقامة صلاة جماعة یصلّی خلفه صف من الملائکة ونحوها ظاهرها استحباب الإقامة، حیث إنّ الجماعة فی الصلاة غیر واجبة، وهذا الارتکاز قرینة عرفیة علی کون الإقامة کالأذان أمر استحبابی، وفی صحیحة محمد بن مسلم وصحیحة یحیی الحلبی عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إن أقمت ولم تؤذن صلّی خلفک صف واحد»(1).

[1] قد احتاط قدس سره وجوباً فی الإقامة بالإضافة إلی الرجال فی جمیع الصلوات الیومیة واستثنی منه موارد سقوط الإقامة التی تعرض لتلک الموارد فیما بعد، وأضاف إلی تلک الموارد صور الاستعجال والسفر وضیق الوقت وکأنه لا یلزم الاحتیاط أو لا یجوز فی هذه الصور.

أقول: أم_ّا الفرق فی الاحتیاط بالإقامة للصلوات فی غیر السفر وجواز ترکه فی السفر فلا أعرف له وجهاً.

نعم، ورد فی بعض الروایات بالإضافة إلی ترک الأذان فی السفر وفی صحیحة محمد بن مسلم والفضیل بن یسار عن أحدهما علیهماالسلام قال: «یجزیک إقامة فی السفر»(2) وأم_ّا بالإضافة إلی الاستعجال فقد ورد فی الصحیح عن معاذ بن کثیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا دخل الرجل المسجد وهو لا یأتم بصاحبه وقد بقی علی الإمام آیة أو آیتان فخشی إن هو أذّن وأقام أن یرکع فلیقل: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة اللّه أکبر اللّه أکبر لا إله إلاّ اللّه ولیدخل فی الصلاة»(3) وورد سقوط اعتبار السورة بعد

ص :341


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 381 ، الباب 4 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 385 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 443 ، الباب 34 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.

وهما مختصان بالفرائض الیومیّة[1] وأم_ّا فی سایر الصلوات الواجبة فیقال: «الصلاة» ثلاث مرات[2].

الشَرح:

الفاتحة فی الرکعتین الأولتین فی صورة الاستعجال کما فی صحیحة عبیداللّه بن علی الحلبی، عن أبی عبداللّه قال: «لا بأس بأن یقرأ الرجل فی الفریضة بفاتحة الکتاب فی الرکعتین الأوّلتین إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوّف شیئاً»(1) ولکن استفادة حکم الإقامة من مثل الصحیحة مشکل جداً، والتعدی من الروایة الأُولی إلی مطلق صور الاستعجال مع المناقشة فی سنده أیضاً کذلک.

نعم، لا بأس بجواز ترک الإقامة فی صورة ضیق الوقت بحیث إذا أقام تقع بعض الصلاة خارج الوقت لدوران الشروع فی الصلاة بلا إقامة بین التعیین والتخییر ولا تکون الإقامة فی الفرض احتیاطاً.

[1] بلا فرق بین الأدائیة والقضائیة علی ما تقدم، وفی صحیحة زرارة، عن جعفر قال: «... وکان علیک قضاء صلوات فابدأ بأولهن فأذن لها واقم ثم صلّها ثم صلّ ما بعدها بإقامة إقامة لکل صلاة»(2) ونحوها غیرها، وموثقة عمار عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل یعید الأذان والإقامة؟ قال: «نعم»(3) وإطلاق الإعادة یعمّ القضاء أیضاً إلی غیر ذلک.

[2] بلا خلاف یعرف ویشهد لعدم مشروعیتها لسایر الصلوات الروایات المتعددة الواردة فی عدم الأذان والإقامة فی صلاة العیدین کصحیحة محمد بن مسلم، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الصلاة فی الفطر والأضحی؟ قال: «لیس فیهما

ص :342


1- (1) وسائل الشیعة 6 : 40 ، الباب 2 من أبواب القرآن، الحدیث 2.
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 290 ، الباب 63 من أبواب المواقیت، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 8 : 270 _ 271 ، الباب 8 من أبواب قضاء الصلوات، الحدیث 2 .

نعم، یستحب[1] الأذان فی الأُذن الیمنی من المولود والإقامة فی اُذنه

الشَرح:

أذان ولا إقامة ولیس بعد الرکعتین ولا قبلهما صلاة»(1) وصحیحة زرارة، قال: قال أبوجعفر علیه السلام : «لیس یوم الفطر ولایوم الأضحی أذان ولا إقامة، أذانهما طلوع الشمس، إذا طلعت خرجوا، ولیس قبلهما ولا بعدهما صلاة»(2) وصحیحة عبداللّه بن سنان عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «صلاة العید رکعتان بلا أذان ولا إقامة ولیس قبلهما ولا بعدهما شیء»(3) إلی غیر ذلک، وورد فی صحیحة إسماعیل بن جابر، والظاهر أنه الجعفی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: قلت له: أرأیت صلاة العیدین هل فیهما أذان وإقامة؟ قال: «لیس فیهما أذان ولا إقامة، ولکن ینادی: الصلاة، ثلاث مرّات»(4) الحدیث، وظاهر «ینادی» الدعوة إلی القیام للصلاة وهذا یناسب صورة إقامتها جماعة فلا یحتاج فی الفرادی إلی شیء وکذا الحال فی صلاة الآیات حیث ورد فی صحیحة عمر بن یزید عن رهط سمّی بعضهم عنهما علیهماالسلام وبعضهم عن أحدهما علیه السلام : تبدأ فتکبّر بافتتاح الصلاة ثم تقرأ أم الکتاب(5). الحدیث وظاهرها عدم اعتبار الأذان والإقامة فیها.

نعم، لایبعد أن یکون الدعوة إلی القیام بها فی صورة إیقاعها جماعة کالدعوة إلی القیام بصلاة العیدین؛ لأنّ الحاجة إلی الدعوة إلی القیام بهما یجری فیها أیضاً.

یستحب الأذان والإقامة فی أُمور

[1] قد ذکر قدس سره استحباب الأذان والإقامة فی مورد آخر واستحباب الاذان فقط فی

ص :343


1- (1) وسائل الشیعة 7 : 429 ، الباب 7 من أبواب صلاة العید، الحدیث 4.
2- (2) وسائل الشیعة 7 : 429 ، الباب 7 من أبواب صلاة العید، الحدیث 5.
3- (3) وسائل الشیعة 7 : 429 ، الباب 7 من أبواب صلاة العید، الحدیث 7 .
4- (4) وسائل الشیعة 7 : 428 ، الباب 7 من أبواب صلاة العید، الحدیث الأوّل.
5- (5) وسائل الشیعة 7 : 492 ، الباب 7 من أبواب صلاة الکسوف والآیات، الحدیث الأوّل .

الیسری یوم تولده أو قبل أن تسقط سُرّته، وکذا یستحب الأذان فی الفلوات عندالوحشة من الغول وسحرة الجنّ، وکذا یستحب الأذان فی أُذن من ترک اللحم أربعین یوماً وکذا کل من ساء خلقه. والأولی أن یکون فی اُذنه الیمنی، وکذا الدابة إذا ساء خلقها.

الشَرح:

موردین أم_ّا الأوّل فیستحب أن یؤذّن فی الأُذن الیمنی من المولود والإقامة فی أُذنه الیسری فی أوّل یوم ولادته أو قبل أن تسقط سرّته، ویستدل علی ذلک بروایات أحدها معتبرة السکونی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله : من ولد له مولود فلیؤذّن فی أُذنه الیمنی بأذان الصلاة، ولیقم فی أُذنه الیسری فإنّها عصمة من الشیطان الرجیم»(1) وفی مرسلة الصدوق فی الفقیه: وقال علیه السلام : «المولود إذا ولد یؤذّن فی أُذنه الیمنی ویقام فی الیسری»(2) ولایبعد أن یکون ظاهرها زمان ولادة الطفل فیعم الیوم الأوّل.

وفی روایة حفص الکناسی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «مروا القابلة أو بعض من یلیه أن یقیم الصلاة فی أُذنه الیمنی فلا یصیبه لمم ولا تابعة أبداً»(3) وظاهر هذه أیضاً أوّل زمان بعد الولادة عرفاً والوارد فی هذه الروایة الإقامة فی أُذنه الیمنی، ولعل المراد بها الأذان حیث قد یطلق الإقامة ویراد منها الأذان کما یطلق الأذان ویراد به الإقامة.

وقد تقدّم ذلک ما ورد فی بعض الروایات من الاکتفاء فی الصلاة بإقامة واحدة حیث ذکرنا من المراد من الواحدة أن لا یکون معه أذان وکأنّ الأذان أیضاً إقامة، وأم_ّا جواز ما ذکر قبل أن یسقط سرّته فهذا ورد فی روایة أبی یحیی الرازی، عن

ص :344


1- (1) وسائل الشیعة 21 : 405 ، الباب 35 من أبواب أحکام الأولاد، الحدیث الأوّل .
2- (2) من لا یحضره الفقیه 1 : 299 ، الحدیث 911 .
3- (3) وسائل الشیعة 21 : 406 ، الباب 35 من أبواب أحکام الأولاد، الحدیث 3.

.··· . ··· .

الشَرح:

أبی عبداللّه علیه السلام قال: إذا ولد لکم المولود أی شیء تصنعون به، إلی أن قال: وأذّن فی أُذنه الیمنی وأقم فی الیسری یفعل بذلک به قبل أن تقطع سرته(1). ولکن الروایة ضعیفة سنداً، بل وکذلک روایة حفص الکناسی(2) وکون حفص من رواة تفسیر القمی لا یفید التوثیق وإن التزم به بعض مشایخنا طاب ثراه؛ لأنّ الوجه الذی ذکرنا من أنّ مجرد کون شخص من رواة کامل الزیارات یجری فی رواة التفسیر أیضاً کما یظهر ذلک لمن تتبع جمیع رواتها وملاحظة الإرسال ووجود المجاهیل والنقل عن غیر المعصوم فی روایات الکتابین وقولهما أنّ ما یوردان من الروایات من الثقات مبنی علی الغالب فی غالب الأبواب والموارد.

والمورد الثانی الذی ذکر الماتن استحباب الأذان فیه عند الوحشة من الغول فی الفلوات وسحرة الجن، وقد ورد ذلک فی بعض الروایات منها روایة جابر الجعفی، عن محمد بن علی علیهماالسلام قال: «قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله إذا تغولت بکم الغیلان فأذّنوا بأذان الصلاة»(3) ومرسلة الصدوق، قال: قال الصادق علیه السلام : «إذا تغوّلت لکم الغول فأذنوا»(4) ولعل ذکر الفلوات فی کلام الماتن لکون توغّل الغول یتفق فیها ویدخل فی الغول ما یفعله سحرة الجن.

والمورد الثالث الذی ذکر الماتن فیه استحباب أن یؤذن فی أُذن من ترک اللحم وارد فی عدّة من الروایات التی بعضها معتبرة سنداً ومعلّلة بأنّ من ترک أکل اللحم ساء

ص :345


1- (1) وسائل الشیعة 21 : 406 ، الباب 35 من أبواب أحکام الأولاد، الحدیث 2.
2- (2) تقدمت فی الصفحة السابقة .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 456 ، الباب 46 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4 .
4- (4) من لا یحضره الفقیه 1 : 298 ، الحدیث 910 .

ثمّ إنّ الأذان قسمان: أذان الإعلام وأذان الصلاة[1]

الشَرح:

خلقه ومن ساء خلقه فأذنوا فی أُذنه، کما فی صحیحة هشام بن سالم، عن أبی عبداللّه علیه السلام (1)، وفی روایة أبی حفص الأبار، عن أبی عبداللّه علیه السلام عن آبائه، عن علی علیه السلام قال: «کلوا اللحم فإنّ اللحم من اللحم، واللحم ینبت اللحم، ومن لم یأکل اللحم أربعین یوماً ساء خلقه، وإذا ساء خلق أحدکم من إنسان أو دابة فأذّنوا فی أُذنه الأذان کلّه»(2) والروایة ضعیفة سنداً، وحیث إنّ الماتن لا یلاحظ أمر السند فی السنن یلتزم بالاستحباب فیما ذکره.

فی أقسام الأذان

[1] المراد أنّ الأذان للإعلام بدخول وقت الصلاة فی نفسه مستحب وأن لا یصلّی المؤذّن أو غیره بذلک الأذان عند دخول الوقت، ومشروعیّة الأذان لذلک مقتضی السیرة المستمرة بین المتشرعة من الأعصار السابقة کما یشهد بذلک أیضاً الروایات الواردة فی بیان الأجر والثواب له کصحیحة معاویة بن وهب، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «قال رسول اللّه صلی الله علیه و آله من أذّن فی مصر من أمصار المسلمین سنة وجبت له الجنة»(3). ونحوها غیرها، ومعتبرة زرارة، عن أبی عبداللّه علیه السلام أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله قال لابن مکتوم وهو یؤذن بلیل فإذا أذّن بلال فعند ذلک فامسک(4). بل ربما یقال إنّ أصل الأذان للإعلام بدخول الوقت والصلاة بالأذان تکون بالأذان الإعلامی ولکنه فاسد لما

ص :346


1- (1) وسائل الشیعة 25 : 40 ، الباب 12 من أبواب الأطمعة المباحة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 25 : 42 ، الباب 12 من أبواب کراهة ترک أکل اللحم، الحدیث 8 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 371 ، الباب 2 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 389 ، الباب 8 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4 .

ویشترط فی أذان الصلاة کالإقامة قصد القربة[1] بخلاف أذان الإعلام فإنه لا یعتبر فیه ویعتبر أن یکون أول الوقت، وأم_ّا أذان الصلاة فمتّصل بها وإن کان فی آخر الوقت.

الشَرح:

ورد فی مشروعیة الأذان فی قضاء الصلوات مع أنه لا إعلام فیه لدخول الوقت، وکذا ما ورد فی استحباب الصلاة بأذان وإقامة ولو فیما إذا صلّی وحده من غیر تفصیل فیها بین أن یصلی آخر الوقت أو وسطه أو عند دخول الوقت، وقد نقل عن ظاهر حواشی الشهید أنّ الأذان مشروع للصلاة خاصة والإعلام بدخول الوقت تابع لذلک الأذان(1)، ولکن قد تقدم أنّ ما ورد فی مشروعیة الأذان کصحیحة معاویة بن وهب(2) ظاهره أذان الإعلام، فإنّ کون شخص موذناً فی مصر من الأمصار ظاهره کون أذانه إعلامیاً وإن صلی بذلک الأذان بعض أهل ذلک المصر نعم إذا أذن المؤذن بداع إعلام دخول الوقت ولصلاته کفی فیکون أذانه ذا العنوانین.

یعتبر فی أذان الصلاة قصد القربة

[1] ذکر قدس سره فی التفرقة بین الأذان للإعلام والأذان للصلاة فی أمرین:

أحدهما: عدم اعتبار قصد التقرب فی الأذان للإعلام، بخلاف الأذان المعتبر للصلاة فإنه یعتبر فیه قصد التقرب کاعتبار قصد التقرب فی الإقامة.

وثانیهما: أنّ الأذان للصلاة یؤتی متصلاً بالصلاة ولو صلی المکلف فی آخر الوقت بخلاف الأذان الإعلامی فإنه یؤتی به عند دخول الوقت ولو انفصل عن الصلاة، والمراد بعدم اعتبار قصد القربة فی الأذان الإعلامی سقوط التکلیف به حتی فیما إذا

ص :347


1- (1) نقلها عنه فی جواهر الکلام 9 : 5 _ 6 .
2- (2) تقدمت فی الصفحة السابقة.

.··· . ··· .

الشَرح:

وقع بلا قصد التقرب، ویجوز الاعتماد علیه فی دخول الوقت فیما إذا کان المؤذن ثقة وعارفاً بدخول الوقت کما ورد فی الروایات جواز الاعتماد علی أذان المخالفین(1).

وأم_ّا الثواب المترتب علیه فلا یترتب إلاّ إذا وقع بنحو من قصد التقرب کما هو الحال فی جمیع التوصلیات کان من الواجب أو المستحب، وأم_ّا الأذان للصلاة کالإقامة لها فیعتبر فیه قصد التقرب لما تقدم من أنّ المستفاد من الروایات کون الأذان والإقامة موجبین لکمال الصلاة وقد ذکر سلام اللّه علیه فی موثقة عمار: «لاصلاة إلاّ بأذان وإقامة»(2) ویظهر ذلک من غیرها أیضاً والمرتکز فی أذهان المتشرعة بما أنهما فی نفسهما ذکر اللّه واعتراف باللّه ورسالة نبیة ودعوة إلی امتثال أمره بالصلاة فلا یوجبان الکمال فیها إلاّ وقعا بنحو یناسب العبادة والتهیؤ للصلاة.

وقد یقال باعتبار قصد التقرب فی الإقامة لما ورد من أنّ الإقامة من الصلاة(3)، وظاهر کونها من الصلاة اعتبارها أنه یعتبر فی الإتیان بها من قصد التقرب، وفیه ما تقدم من أنّ أول الصلاة التکبیر وآخرها التسلیم(4)، وتنزیل الإقامة منزلة الصلاة من جهة رعایة بعض الاُمور المعتبرة فی الصلاة فی الإقامة أیضاً التی منها قصد التقرب أمر ممکن، ولکن هذا التنزیل لم یرد فی روایة معتبرة والعمدة فی اعتبارهما بنحو یقعا قربیاً ارتکاز المتشرعة، وکونهما فی أنفسهما بحیث لو لا القرینة کما فی أذان الإعلام یقتضیان حصول التقرب بهما لو لا قصد ما ینافی التقرب، ومع الغمض عن ذلک

ص :348


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 378 ، الباب 3 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 444 ، الباب 35 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 396 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 12 .
4- (4) وسائل الشیعة 6 : 11 ، الباب الأوّل من أبواب تکبیرة الإحرام، الحدیث 10 .

وفصول الأذان ثمانیة عشر:

اللّه أکبر أربع مرّات[1] وأشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ محمّداً رسول اللّه وحیّ علی الصلاة وحیّ علی الفلاح وحیّ علی خیر العمل واللّه أکبر ولا إله إلاّ اللّه کل واحد مرتان.

الشَرح:

مقتضی الإطلاق فی بعض ما ورد فیهما عدم اعتبار قصد التقرب وکونهما توصلیین.

نعم، الرجوع إلی أصالة البراءة عن اعتبار قصد التقرب فیهما مشکل؛ لأنّ الثواب لا یترتب إذا لم یقعا بنحو قربی، سواء قلنا بکونهما من العبادة أو قلنا بأنهما من المستحب التوصلی والإتیان بهما بدون قصد التقرب غیر محرّم فیما لم یقصد تشریعهما مطلقاً، حیث إنّ الاستصحاب فی عدم اعتبارهما أذاناً أو إقامة مقیداً بقصد التقرب لا یثبت کونهما أذاناً وإقامة مطلقتین، وکذلک أصالة البراءة عن الاشتراط لا یثبت جعلهما مطلقتین أذاناً وإقامة.

والأمر الثانی فی التفرقة بین الأذان الإعلامی والأذان للصلاة ظاهر، بل ورد فی الروایات علی ما تقدم مشروعیة الأذان لقضاء الصلاة وهذا لا یناسب الالتزام بأنّ الأذان مشروع للإعلام فقط، بل مقتضی الروایات الأمر بها کالأمر بالإقامة لکل صلاة سواء أتی بالصلاة أوّل الوقت أو فی غیره.

فصول الأذان

[1] کون ماذکر أذاناً بلا فرق بین وقوعه إعلاماً لدخول الوقت أو کونه للصلاة مجمع علیه بین الأصحاب، ویدلّ علی ذلک جملة من الأخبار منها صحیحة المعلی بن خنیس، قال: سمعت أباعبداللّه علیه السلام یؤذّن فقال اللّه أکبر اللّه أکبر اللّه أکبر اللّه أکبر أشهد أن

ص :349

.··· . ··· .

الشَرح:

لا إله إلاّ اللّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه(1)، إلی آخر ما ذکر فی المتن.

و روی الکلینی قدس سره فی الصحیح عن إسماعیل الجعفی، قال: سمعت أباجعفر علیه السلام یقول: «الأذان والإقامة خمسة وثلاثون حرّفاً فعدّ ذلک بیده واحداً واحداً الأذان ثمانیة عشر حرفاً والإقامة سبعة عشر حرفاً»(2) والروایة معتبرة؛ لأنّ إسماعیل الجعفی هو إسماعیل بن جابر الجعفی الثقة، بل لو کان إسماعیل بن عبدالخالق الجعفی أو إسماعیل بن عبدالرحمان الجعفی أیضاً لا یضرّ باعتبارها لأنّ الأوّل ثقة والثانی لو لم یثبت وثاقته فهو ممدوح إلی غیر ذلک، وذکر النجاشی أنّ اسماعیل بن جابر راوی الأذان(3). ولکن فی مقابلها جملة من الروایات ظاهرها أنّ جمیع فصول الأذان مثنی مثنی کالإقامة کصحیحة صفوان الجمال، قال: سمعت أباعبداللّه یقول: «الأذان مثنی مثنی والإقامة مثنی مثنی»(4) ولکن لم یرد فی هذه الصحیحة تحدید حروف الأذان بستة عشر، غایة الأمر إطلاقها یقتضی کون اللّه أکبر فی أوّل الأذان أیضاً مثنی فیرفع الید عنه بدلالة التحدید الوارد فی صحیحة إسماعیل الجعفی، وبالأمر بأربع تکبیرات فی صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام قال: «یا زرارة تفتتح الأذان بأربع تکبیرات وتختمه بتکبیرتین وتهلیلتین»(5) حیث ظاهرها أیضاً اعتبار الأربع فی الأذان.

نعم، فی صحیحة عبداللّه بن سنان، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الأذان؟ قال:

ص :350


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 415 ، الباب 19 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 6 .
2- (2) الکافی 3 : 302 ، الحدیث 3 .
3- (3) رجال النجاشی : 32 ، الرقم 71 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 414 ، الباب 19 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4.
5- (5) وسائل الشیعة 5 : 413 ، الباب 19 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث 2.

.··· . ··· .

الشَرح:

«تقول اللّه أکبر اللّه أکبر، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، أشهد أنّ محمداً رسول اللّه أشهد أنّ محمداً رسول اللّه، حیّ علی الصلاة حی علی الصلاة، حیّ علی الفلاح حیّ علی الفلاح، حیّ علی خیر العمل حیّ علی خیر العمل، اللّه أکبر اللّه أکبر، لا إله إلاّ اللّه لا إله إلاّ اللّه»(1) واحتمال تقیید التکبیرة فی هذه الصحیحة بالأربع بعید جداً وإن قال الشیخ قدس سره أنها وردت فی مقام بیان کیفیة التکبیرة فی الأذان فلا ینافی تقییدها بکون مثنی ومثنی مرتین بقرینة صحیحة اسماعیل الجعفی وصحیحة زرارة(2) وما هو بمفادهما وقد ذکروا أنه یتعین هذا الحمل لجریان السیرة، وذکر بعضهم أنه یجوز الاقتصار علی التکبیرة مثنی مثنی کغیرها من فصول الأذان، وما ورد فی الروایات من أنها أربع تکبیرات یحمل علی الأفضلیة وجریان السیرة علی الأربع لکونها أفضل لا لعدم إجزاء غیرها.

وعلی الجملة، مقتضی الجمع العرفی فی المستحبات هو الالتزام بالأفضل والأفضل لا تقیید ما ورد فی الثانی بالأول خصوصاً مع بعده فی نفسه هذا کلّه بالاضافة إلی الأذان.

وأم_ّا بالإضافة إلی الإقامة فقد ورد فی صحیحة إسماعیل الجعفی(3) أنها سبعة عشر حرفاً حیث یحذف من أولها التکبیرة بتبدیلها بمرتین عوض أربع مرات ویضاف إلیها قد قامت الصلاة بمرتین فیما قبل التکبیرة من آخرها ویقتصر بالتهلیلة الواحدة فی آخرها وفیما رواه الشیخ باسناده عن محمد بن علی بن محبوب، عن علی بن

ص :351


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 414 ، الباب 19 من أبواب الاذان والاقامة، الحدیث 5.
2- (2) تهذیب الأحکام 2 : 61 ، ذیل الحدیث 5 .
3- (3) تقدمت فی الصفحة السابقة .

وفصول الإقامة سبعة عشر:

اللّه أکبر فی أولها مرتان، ویزید بعد حی علی خیر العمل «قد قامت الصلاة» مرتین، وینقص من لا إله إلاّ اللّه فی آخرها مرة.

الشَرح:

السندی، عن ابن أبی عمیر، عن ابن أُذنیة، عن زرارة والفضیل بن یسار، عن أبی جعفر علیه السلام فی حدیث المعراج بعد بیان الأذان بثمانیة عشر حرفاً قال: «والإقامة مثلها إلاّ أنّ فیها: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة بین حیّ علی خیر العمل حی علی خیر العمل وبین اللّه أکبر»(1).

ویدلّ علی اعتبار قد قامت الصلاة فی الإقامة أیضاً صحیحة عبداللّه بن مسکان عن ابن أبی عمیر، قال: سألت أباعبدالله علیه السلام عن الرجل یتکلّم فی الاقامة؟ قال: «نعم، فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة فقد حرم الکلام علی أهل المسجد»(2) الحدیث. وقد ورد فی بعض الروایات کون الإقامة مثل الأذان مثنی مثنی ولابد من رفع الید عن إطلاقها مع اعتبار قد قامت الصلاة فیها بحیث تصیر سبعة عشر حرفاً وقد ورد فی بعض الروایات کصحیحة معاویة بن وهب، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «الأذان مثنی مثنی والإقامة واحدة واحدة»(3) ولابد من الالتزام بجواز الاقتصار علی الإقامة مرة واحدة فی فصولها إذا أذن مثنی مثنی بثمانیة عشر حرفاً بالأولویة، ویشهد لذلک صحیحة أبی همام (إسماعیل بن همام) عن أبی الحسن علیه السلام قال: «الأذان والإقامة مثنی مثنی، وقال: إذا أقام مثنی ولم یؤذن أجزأه فی الصلاة المکتوبة، ومن أقام الصلاة واحدة واحدة ولم

ص :352


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 416 ، الباب 19 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 8.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 395، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 415 ، الباب 19 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .

ویستحب الصلاة علی محمد وآله عند ذکر اسمه[1]

الشَرح:

یؤذن لم یجزئه إلاّ بالأذان»(1) والمراد من النفی نفی مرتبة الأفضلیة، وإلاّ فقد تقدّم إجزاء إقامة واحدة بغیر أذان بناء علی أنّ المراد من الإقامة الواحدة الإقامة بمرة واحدة لا الإقامة بغیر أذان.

و علی الجملة، لا یبعد الالتزام باستحباب الإقامة واحدة واحدة فیما إذا أذن لصلاته ولو مثنی مثنی، وفیما لو لم یؤذّن فإنّه لا بد من کون الإقامة مثنی مثنی، بل یمکن أن یقال فی صورة ترک الأذان فیجزی الإقامة واحدة واحدة فی غیر التکبیرة، وأم_ّا التکبیرة فلابد من أن تکون مثنی ویستدل علی ذلک بصحیحة عبدالله بن سنان، عن أبی عبدالله علیه السلام قال: «الإقامة مرة مرّة إلاّ قول اللّه أکبر اللّه أکبر فإنه مرتان»(2) وبها یرفع الید عن إطلاق صحیحة معاویة بن وهب(3) بالإضافة إلی التکبیرة فی الإقامة حیث بإطلاقها تدل علی کفایة الواحدة فی التکبیرة أیضاً، ولکن الحمل علی اختلاف مراتب الاستحباب یمنع عن الالتزام بالتقیید.

یستحب الصلاة علی محمد وآله عند ذکر اسمه

[1] ظاهر بعض الأصحاب کصاحب الوسائل قدس سره وجوبها عند ذکره صلوات اللّه علیه وآله حیث عنون الباب بوجوب الصلاة علی النبی صلی الله علیه و آله کلّما ذکر فی أذان أو غیره وأورد فی الباب صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام المرویة فی الفقیه والکافی وأشار إلی ما یدل علی ذلک فی التشهد والذکر حیث ورد فیها قال: «وصلّ علی النبی صلی الله علیه و آله کلّما

ص :353


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 423 ، الباب 20 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 425 ، الباب 22 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3.
3- (3) المتقدمة فی الصفحة السابقة .

وأم_ّا الشهادة لعلی علیه السلام بالولایة وإمرة المؤمنین فلیست جزءاً منهما[1] ولابأس بالتکریر فی حیّ علی الصلاة أو حی علی الفلاح للمبالغة فی اجتماع الناس ولکن الزاید لیس جزءاً من الأذان ویجوز للمرأة الاجتزاء عن الأذان بالتکبیر والشهادتین بل بالشهادتین وعن الإقامة بالتکبیر وشهادة أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّداً عبده ورسوله.

الشَرح:

ذکرته أو ذکره ذاکر عندک فی أذان أو غیره»(1) وظاهر الأمر وإن کان هو الوجوب إلاّ أنّ المراد الاستحباب؛ لأنّ المرتکز فی أذهان المتشرعة أنّ ترکها عند ذکره صلوات اللّه علیه لا یترتب علیه إثم بل لو کان هذا واجباً مطلقاً لکان فی زمانه علیه السلام من المسلمات ولم تکن حاجة إلی الأمر بها، واستمرار المتشرعة علی الإتیان بها عند ذکر اسمه المبارک لا ینافی کون استحبابها مرتکزاً فی أذهانهم نظیر القنوت فی الرکعة الثانیة فی الصلوات.

فی الشهادة الثالثة

[1] قد تقدّم ما ورد فی الروایات من فصول الأذان والإقامة ولیست الشهادة الثالثة من أجزائهما وفصولهما.

نعم، لابأس بذکرها بعد الشهادة بالرسالة مرّة أو مرتین إعلاناً للولایة والوصایة من بعد الرسول الأکرم صلی الله علیه و آله من غیر قصد الجزئیة من الأذان والإقامة فإنّ الأذان والإقامة لیستا کالصلاة فی بطلانها بکلام آدمی، وإذا جاز التکلم فی أثنائهما بکلام آدمی من العادیات، فالتکلم بما هو ترویج وتذکیر لأمر الولایة التی أهم عماد للدین أولی خصوصاً بعد انقضاء زمان التقیة وصیرورة الولایة لأهل البیت شعاراً یعرف الشیعة بها

ص :354


1- (1) من لا یحضره الفقیه 1 : 284 ، الحدیث 875 ، والکافی 3 : 303 ، الحدیث 7 .

.··· . ··· .

الشَرح:

وما قال الصدوق قدس سره ناظر إلی صورة تشریعها فی الأذان والإقامة بعنوان الجزء وجعلها من فصولهما، وکذا صورة ذکرهما فی الأذان والإقامة ممّن یدخل فی الغلاة ویرید أن ینسبه إلی مذهب الحق والإمامیة تلک الطائفة الباطلة.

ودعوی أنّ الشهادة الثالثة قد وردت فی شواذ الأخبار کما یظهر ذلک ممّا ذکره الشیخ فی النهایة من قوله فأم_ّا ما روی فی شواذ الأخبار من قول أنّ علیّاً ولی اللّه وآل محمد خیر البریة فممّا لا یعمل به فی الأذان والإقامة(1)، وفی خبر الاحتجاج عن القاسم بن معاویة، عن الصادق علیه السلام أنه إذا قال أحدکم لا إله إلاّ الله محمداً رسول اللّه فلیقل علی ولی اللّه(2). وعموم هذا الخبر یعمّ الأذان والإقامة فرجحان ذکر ولایته علیه السلام وأولاده مستفاد من أخبار التسامح فی السنن لبلوغ الثواب فیه لا یمکن المساعدة علیها فإنه إن أُرید الذکر بعنوان الجزئیة وکون ذکر الولایة من فصول الأذان فهذا مقطوع خلافه؛ لما تقدم من الروایات التی ذکرت فیها وفصولها، وأم_ّا مجرد ذکرها علی نحو ما تقدم فلا یحتاج إلی التمسک بأخبار التسامح فإنّ ذکرها عند کل مناسبة ترویج وإبلاغ لما هو أهم عماد للدین.

وممّا ذکرنا یظهر الحال فی تکرار حیّ علی الصلاة وحیّ علی الفلاح بأزید من مرتین لغرض ترغیب الناس للاجتماع إلی الصلاة فانه إذا لم یکن التکرار کذلک بقصد الجزئیة من الأذان فلا بأس به وقد روی الکلینی باسناده عن أبی بصیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لو أنّ مؤذّناً أعاد فی الشهادة وفی حیّ علی الصلاة أو حی علی الفلاح المرتین والثلاث وأکثر من ذلک إذا کان إماماً یرید به جماعة القوم لیجمعهم لم یکن به

ص :355


1- (1) النهایة : 69 .
2- (2) الاحتجاج 1 : 231 .

.··· . ··· .

الشَرح:

بأس»(1) وفی السند علی بن أبی حمزة ولا یضرّ ضعفها؛ لأنّ الحکم الذی ذکرنا علی القاعدة وفی صحیحة زرارة قال: قال لی أبو جعفر علیه السلام : «إن شئت زدت علی التثویب حیّ علی الفلاح مکان الصلاة خیر من النوم»(2) وما یظهر منها جواز أصل التثویب فی الأذان کبعض الروایات محمول علی رعایة التقیة وقد ورد فی صحیحة معاویة بن وهب قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن التثویب الذی یکون بین الأذان والإقامة؟ فقال: «ما نعرفه»(3).

وأم_ّا استحباب الأذان والإقامة للمرأة فقد تقدّم استحبابها علیها أیضاً ولکن لیست کالرجل فی مرتبه استحبابهما للرجال کما یشهد بذلک صحیحة عبداللّه بن سنان، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن المرأة تؤذن للصلاة؟ فقال: «حسن إن فعلت وإن لم تفعل أجزأها أن تکبّر وأن تشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه»(4) ومعتبرة أبی مریم الأنصاری، قال: سمعت أبا عبداللّه علیه السلام یقول: «إقامة المرأة أن تکبّر وتشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمداً عبده ورسوله»(5) بل لا یبعد أن یقال یجوز للمرأة أن تکتفی فی أذانها بالشهادتین ولو من غیر تکبیرة لما فی صحیحة زرارة قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام النساء علیهن أذان؟ فقال: «إذا شهدت الشهادتین فحسبها»(6) وحیث إنّ الأذان من المستحبات والتقیید فیها غیر ظاهر.

ص :356


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 428 ، الباب 23 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 426 ، الباب 22 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2.
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 425 ، الباب 22 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 405 ، الباب 14 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
5- (5) وسائل الشیعة 5 : 406 ، الباب 14 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4.
6- (6) وسائل الشیعة 5 : 405 ، الباب 14 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2.

ویجوز للمسافر والمستعجل الإتیان بواحد[1] من کل فصل منهما کما یجوز ترک الأذان والاکتفاء بالإقامة بل الاکتفاء بالأذان فقط.

الشَرح:

حکم المسافر والمستعجل بالنسبة إلی الأذان والإقامة

[1] جواز الاکتفاء بالإقامة من غیر أذان فی السفر وارد فی صحیحة عبد الرحمان بن أبی عبداللّه، عن الصادق علیه السلام أنه قال: «یجزی فی السفر إقامة بغیر أذان»(1) وکذا فی صحیحة محمد بن مسلم والفضیل بن یسار، عن أحدهما علیهماالسلام قال: «تجزیک إقامة فی السفر»(2) وأم_ّا کفایة الأذان والإقامة کلّ منهما بالاکتفاء بواحد من کل فصل منهما فی السفر وصورة الاستعجال فربما یستظهر من معتبرة برید بن معاویة، عن جعفر علیه السلام قال: «الأذان یقصّر فی السفر کما تقصّر الصلاة، الأذان واحداً واحداً والإقامة واحدة»(3) بدعوی أنّ المراد من واحدة فی ناحیة الإقامة هو واحدة واحدة فصولها، بل فی الحدائق نقلها واحدة واحدة(4). ولکن الموجود فی الروایة علی ما فی الوسائل والوافی واحدة من غیر تکرار، ومعنی الحدیث أنّ التقصیر فی الأذان فی السفر الإتیان من کل فصل منها بواحد وإتیان إقامة واحدة أی من غیر أذان، وقد ورد فی روایة عبدالرحمان بن أبی عبداللّه، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سمعته یقول: «یقصّر الأذان فی السفر کما تقصر الصلاة تجزی إقامة واحدة»(5) وصحیحته المتقدمة قال: «یجزی فی السفر إقامة واحدة».

ص :357


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 384 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 385 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 424 ، الباب 21 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2.
4- (4) الحدائق الناضرة 7 : 405 .
5- (5) وسائل الشیعة 5 : 385 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 9 .

.··· . ··· .

الشَرح:

نعم، یمکن أن یقال إذا جاز فی السفر الإتیان بکل فصل من الأذان مرّة واحدة جاز الاکتفاء فی فصول الإقامة بمرّة واحدة لما ورد فی جواز الإتیان بالإقامة واحدة واحدة ولو فی الحضر.

وبتعبیر آخر، یختلف الأذان بحسب الحضر والسفر والإقامة لا یختلف بحسبهما، ویجوز الاکتفاء فی فصولها واحداً واحداً کما فی صحیحة معاویة بن وهب، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «الأذان مثنی مثنی والإقامة واحدة واحدة»(1) ولا ینافی ذلک صحیحة أبی همام المتقدمة، عن أبی الحسن علیه السلام قال: «الأذان والإقامة مثنی مثنی، وقال: إذا أقام مثنی مثنی ولم یؤذّن أجزأه فی الصلاة المکتوبة، ومن أقام الصلاة واحدة واحدة ولم یؤذن لم یجزئه إلاّ بأذان»(2) فإنّ الوجه فی عدم المنافاة کون الإقامة فی الفرض مسبوقة بالأذان المشروع فی السفر ولیس إقامة بلا أذان، وممّا ذکر یظهر الحال فی الاستعجال فإنه أیضاً یکفی الأذان بالاکتفاء واحداً واحداً وکذا الإقامة، فإنّ الاکتفاء فی الأذان بذلک فی الاستعجال مشروع کما یدلّ علی ذلک صحیحة أبی عبیدة الحذاء، قال: رأیت أباجعفر علیه السلام یکبر واحدة واحدة فی الأذان فقلت له: لم تکبّر واحدة واحدة؟ فقال: «لابأس به إذا کنت مستعجلاً»(3) بناءً علی أنّ المراد من التکبیرة فصول الأذان کما لیس ببعید وإلاّ قال لِمَ تکبر فی الأذان واحدة من غیر تکرار واحدة.

وأم_ّا ما ذکر قدس سره : بل الاکتفاء بالأذان فقط، فلم یظهر وجهه فإنّ ما ورد فی الروایات الاکتفاء بالإقامة واحدة وظاهراً کما تقدم الاکتفاء بالإقامة من غیر أذان.

ص :358


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 415 ، الباب 19 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 423 ، الباب 20 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 425 ، الباب 21 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4.

ویکره الترجیع[1] علی نحو لا یکون غناءً وإلاّ فیحرم وتکرار الشهادتین جهراً بعد قولهما سرّاً أو جهراً، بل لایبعد کراهة مطلق تکرار واحد من الفصول إلاّ للإعلام.

الشَرح:

وعلی الجملة، مشروعیة الأذان للصلاة بلا إقامه لم تثبت والثابت مشروعیة الإقامة للصلاة بلا أذان لها.

نعم، الاتیان بالأذان فقط لاحتمال مشروعیتها بلا إقامة لایضرّ واللّه العالم.

یکره الترجیع فی الأذان

[1] یحتمل أن یکون المراد من الترجیع فی الأذان بمعنی الترجیع فی قراءة القرآن بمعنی تحسین الصوت کما احتمله فی محکی البحار(1) ویکون بمدّه وتردّده وقد فسّر فی بعض الکلمات بتکرار فصوله مطلقاً أو تکرار التکبیرة والشهادتین أو خصوص تکرار الشهادتین أو تکرارهما جهراً بعد قولهما سرّاً أو جهراً، وظاهر الماتن کراهة کل من ذلک إلاّ التکرار بغرض الإعلام وقیّد الترجیع والتردید بما لا یبلغ حدّ الغناء وإلاّ فیحرم، ویقع الکلام فی الدلیل علی الکراهة فإنّه لو بنی علی قاعدة التسامح فی السنن وعمومها بالإضافة إلی ماورد فی شیء النهی أیضاً وأنه لایختص بما ورد فیه الأمر والثواب، وأنه یصدق البلوغ حتی فیما کان البلوغ بضمیمة تفسیر من فقیه لتم ما ذکر فانه قد ورد فی الفقه الرضوی بعد ذکر فصول الأذان وعددها لیس فیها ترجیع ولا تردید(2). ولکن الفقه الرضوی لم یحرز کونه روایة فضلاً عن الاعتبار، وقاعدة التسامح علی تقدیر الالتزام بها تجری فی موارد ورود الروایة _ وإن لم تکن معتبرة _

ص :359


1- (1) بحارالانوار 81 : 150 ، الحدیث 44 .
2- (2) فقه الرضا علیه السلام : 96 .

(مسألة 1) یسقط الأذان فی موارد:

أحدها: أذان عصر یوم الجمعة إذا جمعت[1] مع الجمعة أو الظهر وأما مع التفریق فلا یسقط.

الشَرح:

فی ثواب لعمل، وقد یقال إنّ کراهة التکرار فی فصول الأذان إلاّ فی صورة الإعلام مستفادة من روایه أبی بصیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لو أنّ مؤذّناً أعاد فی الشهادة وفی حیّ علی الصلاة أو حیّ علی الفلاح المرّتین والثلاث وأکثر من ذلک إذا کان إماماً یرید به جماعة القوم لیجمعهم لم یکن به بأس»(1) فإنّ مفهوم الشرطیة ثبوت البأس فی غیر ذلک، وأقل البأس الکراهة وهذا أیضاً مبنی علی قاعدة التسامح لضعف الروایة بعلی بن أبی حمزة.

فی موارد سقوط الأذان

أولاً: أذان عصر یوم الجمعة إذا جمعت مع الجمعة

[1] اختلف الأصحاب فی سقوط الأذان لصلاة العصر یوم الجمعة إذا جمعت مع الجمعة أو الظهر فالمحکی عن الشیخ قدس سره فی المبسوط(2) سقوطه وهو المنقول عن ظاهر المفید فی المقنعة(3) وقال فی النهایة أنه غیر جایز(4)، وفصّل ابن ادریس بین جمع العصر مع صلاة الجمعة فیسقط وأم_ّا مع صلاة العصر فلا(5)، وعن الأردبیلی(6)

ص :360


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 428 ، الباب 23 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) المبسوط 1 : 150 .
3- (3) انظر المقنعة : 162 .
4- (4) النهایة : 107 .
5- (5) السرائر 1 : 304 .
6- (6) مجمع الفائدة والبرهان 2 : 164 _ 165 .

.··· . ··· .

الشَرح:

وتلمیذه صاحب المدارک عدم سقوطه وانه کالجمع بین العصر والظهر فی سایر الایّام، ونقل فی المدارک عدم سقوطه عن المقنعة وأنه وجده فی عبارتها(1).

وکیف کان فیستدل علی السقوط تارة بما ورد فی الجمع بینهما؛ لصحیحة عبداللّه بن سنان، عن الصادق علیه السلام : «أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله جمع بین الظهر والعصر بأذان وإقامتین وجمع بین المغرب والعشاء فی الحضر من غیر علّة بأذان واحد وإقامتین»(2) وصحیحة عمر بن أُذینة، عن رهط منهم الفضیل وزرارة، عن أبی جعفر علیه السلام : «أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله جمع بین الظهر والعصر بأذان وإقامتین وجمع بین المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتین»(3).

ولکن لا یخفی أنّ مدلولها کون الجمع بین الصلاتین فی أی یوم ولیلة یکون بأذان وإقامتین، وأم_ّا سقوط الأذان من الصلاة الثانیة بنحو الترخیص فلا ینافی أصل استحبابه لها أو أنه بنحو العزیمة فلا دلالة لها علی ذلک.

وبتعبیر آخر، کما أنّ الجمع بین الصلاتین بنحو الرخصة لا التعین وکذلک ترک الأذان للثانیة، ولذا لم یذکر جملة من الأصحاب سقوط الأذان فی موارد الجمع بین الصلاتین حتی الماتن قدس سره فی کلامه.

وأُخری یستدل علی السقوط فی یوم الجمعة فی خصوص أذان صلاة العصر بموثقة حفص بن غیاث التی رواها الشیخ والکلینی عن جعفر، عن أبیه علیهماالسلام قال:

ص :361


1- (1) مدارک الاحکام 3 : 264 .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 220 ، الباب 32 من أبواب المواقیت، الحدیث الأوّل.
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 223 ، الباب 32 من أبواب المواقیت، الحدیث 11.

.··· . ··· .

الشَرح:

«الأذان الثالث یوم الجمعة بدعة»(1) بدعوی أنّ المراد بالأذان الثالث الأذان لصلاة العصر فإنّ أذان صلاة العصر وإن کان أذاناً ثانیاً إلاّ أن_ّه إذا أُطلق الأذان علی کل من أذان الظهر وإقامته یکون أذان صلاة العصر ثالثاً؛ ولذا عبّر بالثالث أو أنّ إطلاق الأذان الثالث بلحاظ أذان صلاة الفجر والظهر، ونوقش فی الموثقة بضعف سندها بحفص بن غیاث، ولکن المناقشة مبنیة علی عدم اعتبار روایة العامی وإن کان ثقة، ولکن الصحیح أنّ حفص بن غیاث وإن کان عامیاً بتریاً إلاّ أنّ له کتاب معتمد(2) علیه أو أنّ الأصحاب عملوا بروایاته کما عن الشیخ قدس سره (3) ولکن دلالتها علی عدم مشروعیة الأذان لصلاة العصر یوم الجمعة قاصرة فإنّ من المحتمل جدّاً أن یکون المراد بالأذان الثالث تکرار الأذان لصلاة الجمعة کما یقال إنه ابتدعه عثمان(4) ویؤیده التعبیر بالبدعة.

وعلی الجملة، ما دلّ علی مشروعیة الأذان لکل من الصلوات الخمسة أو لصلاة العصر کالظهر والعشاء مقتضی إطلاقه مشروعیته لصلاة العصر فی یوم الجمعة حتی مع الجمع بین الظهرین أو العشاءین أو بین الجمعة والعصر، وفی موثقة سماعة: «لاتصلّ الغداة والمغرب إلاّ بأذان وإقامة ورخّص فی سایر الصلوات بالإقامة، والأذان أفضل»(5) وما ورد فی أنّ وقت صلاة العصر یوم الجمعة وقت صلاة الظهر فی سایر الأی_ّام قد تقدّم أنّ وقت وجوب الظهرین یدخل فی جمیع الأی_ّام بزوال الشمس،

ص :362


1- (1) تهذیب الأحکام 3 : 19 ، الحدیث 67 ، والکافی 3 : 421 ، الحدیث 5 .
2- (2) الفهرست : 116 ، الرقم 242 .
3- (3) العدة 1 : 149 .
4- (4) کتاب الأُم 1 : 224 ، وقت الأذان للجمعة .
5- (5) وسائل الشیعة 5 : 385 ، الباب 5 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 5.

.··· . ··· .

الشَرح:

وغایة ما تدل هذه الروایات أنّ الأذان للإعلام بدخول وقت العصر فی سایر الأی_ّام فی صورة التفریق لایکون مشروعاً فی یوم الجمعة فی صورة الجمع بین الجمعة والعصر أو حتی فی صورة الجمع بین الظهر والعصر، وأم_ّا سقوط الأذان لصلاة العصر فلا یدلّ شیء منها علی ذلک.

نعم، فی صورة الجمع بین الصلاتین کما أنّ الجمع لیس بمعنی عدم جواز التفریق کذلک ترک الأذان للصلاة الثانیة.

وقد یدّعی استقرار سیرة النبی صلی الله علیه و آله والمعصومین علیهم السلام علی ترک الأذان للعصر یوم الجمعة عند الجمع بین الصلاتین، ولو لم یکن الأذان لصلاة العصر ساقطاً وکان مشروعاً لنقل عنهم صدوره منهم فمن التزامهم بالترک یستکشف عدم المشروعیة، وقد اعتمده صاحب الجواهر(1) فی عدم المشروعیة، ولکن فی خصوص الجمع بین صلاة الجمعة والعصر لاختصاص السیرة الجاریة علی ذلک، ویقال إنّ السیرة وإن کانت مستقرة علی ذلک ولکن هذا لایکشف عن عدم المشروعیة، ولعلها کانت للتخفیف والتسهیل للناس والإسراع فی تفریغ ذمّتهم عن صلاة العصر رعایة لحال الضعفاء من المأمومین حیث لا تکون نافلة.

أقول: المحرز من السقوط أذان الإعلام لدخول وقت العصر الذی کان عند التفریق، وأم_ّا الأذان للصلاة فلم یحرز جریان السیرة علی ترکها فی مقام الجمع بین الصلاتین حتی بالإضافة إلی صلاة العصر یوم الجمعة فلاحظ ذیل روایة زریق، عن أبی عبدالله علیه السلام (2).

ص :363


1- (1) جواهر الکلام 9 : 56 .
2- (2) وسائل الشیعة 7 : 328 ، الباب 13 من أبواب صلاة الجمعة، الحدیث 4 .

الثانی: أذان عصر یوم عرفة إذا جمعت مع الظهر لا مع التفریق[1].

الشَرح:

وعلی الجملة سقوط أذان الإعلام عند الجمع فی یوم الجمعة بل مطلقاً لعدم الموضوع لها.

ثانیاً: أذان عصر یوم عرفة اذا جمعت مع الظهر

[1] یصلی الظهر بأذان وإقامة یوم عرفة ثم یصلی صلاة العصر من غیر أذان بلا خلاف یعرف. ویبقی الکلام فی جهات أم_ّا أصل السقوط فیدل علیه جملة من الروایات منها صحیحة عبدالله بن سنان، عن أبی عبدالله علیه السلام قال: «السنّة فی الأذان یوم عرفة أن یؤذن ویقیم للظهر ثم یصلی ثم یقوم فیقیم للعصر بغیر أذان وکذلک فی المغرب والعشاء بمزدلفة»(1) وصحیحة معاویة بن عمار، عن أبی عبدالله علیه السلام حیث ورد فیها: «فإذا انتهیت إلی عرفات فاضرب خباک بنمرة _ ونمرة بطن عرنة _ دون الموقف ودون عرفة فإذا زالت الشمس یوم عرفة فاغتسل وصل الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتین فإنّما تعجّل العصر وتجمع بینهما لتفرغ نفسک للدعاء فإنه یوم دعاء ومسألة»(2) وصحیحة الحلبی، قال: قال أبوعبدالله علیه السلام : «الغسل یوم عرفة إذا زالت الشمس وتجمع بین الظهر العصر بأذان وإقامتین»(3) وصحیحته الأُخری عن أبی عبدالله علیه السلام قال: «لا تصلّ المغرب حتی تأتی جمعاً فصل بها المغرب والعشاء بأذان وإقامتین»(4) وصحیحة منصور بن حازم، عن أبی عبدالله علیه السلام قال: «صلاة المغرب

ص :364


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 445 ، الباب 36 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 13 : 529 ، الباب 9 من أبواب إحرام الحج، الحدیث الأول.
3- (3) وسائل الشیعة 13 : 530 ، الباب 9 من أبواب إحرام الحج، الحدیث 2.
4- (4) وسائل الشیعة 14 : 14 ، الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامتین ولاتصلّ بینهما شیئاً، قال: هکذا صلی رسول اللّه صلی الله علیه و آله »(1) وهل السقوط فی کل من الموردین من یوم عرفة والجمع فی المزدلفة بنحو العزیمة حتی لا یشرع الأذان للصلاة الثانیة من صلاتی العصر والعشاء أو أنه بنحو الرخصة فقد یقال مقتضی صحیحة عبدالله بن سنان أنّ الجمع بین الصلاتین بلا أذان للثانیة بأن یصلی بالإقامة من غیر أذان سنّة فیکون خلافها بدعة فلا یجوز الأذان حینئذ للصلاة الثانیة بلا فرق بین عرفة والمزدلفة، وقد ورد فی الصحیح عن الصادق علیه السلام : «کل بدعة ضلالة وکل ضلالة سبیلها إلی النار»(2).

وعلی الجملة ظاهر الصحیحة بیان السنة فی نفس الأذان یوم عرفة لا السنة فی صلاة العصر لیقال إنّ السنة فی تقدیمها وجمعها مع صلاة الظهر ترخیص ولا یکون التفریق بدعة، بل یکون خلاف الترخیص نظیر ما ذکرنا فی صحیحة عمر بن أُذینة، عن رهط، عن أبی جعفر علیه السلام فی الجمع بین الصلاتین بأذان وإقامتین(3). ومن الجهات المشار إلیها هی أنّ سقوط مشروعیة الأذان لصلاة العصر یختص بمن کان فی عرفة یوم التاسع من ذی الحجة أو یعم جمیع الأمکنه یوم عرفة، الوارد فی الصحیحة یوم عرفة ومقتضی إطلاقه عدم الفرق فی صورة الجمع بین الظهرین بین مکان ومکان ولکن مقابلته بصلاتی المغرب والعشاء بمزدلفة یوجب عدم ظهورها فی صلاتی الظهر والعصر فی سایر الأمکنة، أضف إلی ذلک أنّ المتیقن من مرجع الضمیر الغائب هو الحاج.

ص :365


1- (1) وسائل الشیعة 14 : 15 ، الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحدیث 3 .
2- (2) وسائل الشیعة 8 : 45 ، الباب 10 من أبواب نافلة شهر رمضان، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 223 ، الباب 32 من أبواب المواقیت، الحدیث 11 .

الثالث: أذان العشاء فی لیلة المزدلفة مع الجمع أیضاً لا مع التفریق[1].

الشَرح:

ثالثاً: أذان العشاء فی لیلة المزدلفة

[1] ومن الجهات المشار إلیها أنّ حکم سقوط الأذان للعصر رخصة أو عزیمة یختص بصورة الجمع بین الظهرین وکذا فی المغرب والعشاء بمزدلفة فإنّ قوله علیه السلام فی صحیحة عبداللّه بن سنان ثم یقوم فیقیم للعصر بغیر أذان(1). نظیر ثمّ یقیم للظهر ثم یصلی فی أنّ المراد الترتب فی الوجود لا أن یوجد الفعل بعد ذلک ولو بفصل طویل من التأخیر، ومن تلک الجهات ما یظهر من بعض الروایات أنّ مقتضی الجمع بین الصلاتین أی المغرب والعشاء بمزدلفة عدم الإتیان بنافلة المغرب بینهما، بل یأتی بها بعد صلاة العشاء کصحیحة منصور بن حازم، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: صلاة المغرب والعشاء بجمع بأذان وإقامتین، لاتصلّ بینهما شیئاً هکذا صلّی رسول اللّه صلی الله علیه و آله (2). وروایة عنبسة بن مصعب، قال: قلت لأبی عبداللّه علیه السلام : إذا صلیت المغرب بجمع أُصلّی الرکعات بعد المغرب؟ قال: «لا، صلّ المغرب والعشاء ثم صلّ الرکعات بعد»(3).

ولکن فی صحیحة أبان بن تغلب، قال: صلّیت خلف أبی عبداللّه علیه السلام المغرب بالمزدلفة، فلما انصرف أقام الصلاة فصلی العشاء الآخرة لم یرکع بینهما، ثم صلّیت معه بعد ذلک بسنة فصلّی المغرب ثم قام فتنفل بأربع رکعات(4). ومقتضی الجمع بین ذیلها وما تقدم حمل الإتیان بالنافلة بعد صلاة العشاء علی الأفضلیة أو علی جواز کلا الأمرین بناءً علی المناقشة فی سند روایة عنبسة بن مصعب(5)؛ وذلک لعدم تمام

ص :366


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 445 ، الباب 36 من أبواب المواقیت، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 225 ، الباب 34 من أبواب المواقیت، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 14 : 15 ، الباب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر، الحدیث 4 .
4- (4) وسائل الشیعة 4 : 224 ، الباب 33 من أبواب المواقیت، الحدیث الأوّل .
5- (5) تقدمت قبل قلیل .

الرابع: العصر والعشاء للمستحاضة التی تجمعهما مع الظهر والمغرب[1].

الشَرح:

الدلیل علی النهی لیحمل علی الکراهة فی العبادة بمعنی المفضولیة والنهی فی صحیحة ابن حازم من النهی فی مقام توهم الوجوب الشرطی.

رابعاً: أذان العصر والعشاء للمستحاضة

[1] وقد یقال إنّ مقتضی الجمع بین الصلاتین سقوط الأذان للصلاة الثانیة وبما أنّ المستحاضة الکثیرة وظیفتها الجمع بین صلاة الظهر بغسل واحد، وکذا العشاءین فیسقط الأذان لصلاتها الثانیة، سواء جمع بین الصلاتین فی أوّل وقتهما أو فی آخر وقتهما ولکن لم یظهر دلیل علی هذا السقوط، وقد یقال إنّ الاستحاضة حدث ویغتفر هذا الحدث بمقدار الجمع بین الصلاتین من غیر أذان لصلاتها الثانیة، وأم_ّا الزیادة علی ذلک بأن تؤذّن لصلاتها الثانیة أو تفرّق بین الصلاتین فلا دلیل علی الاغتفار، وفیه أنّ الأذان للصلاة الثانیة لا یزید علی إتیان المستحاضة بمستحبات فی الصلاة کالإتیان بالزاید علی الذکر الواجب فی الرکوع والسجود، وتکرار التسبیحات فی الرکعتین الأخیرتین والقنوت فی الصلاة، والصلوات علی النبی الأکرم وآله والإتیان بثلاث تسلیمات وکما أنّ التاخیر فی الصلاة بذلک لا بأس به وکذا الأذان والإقامة لها، بل لایضرها الإتیان ببعض تعقیبات الصلاة الأُولی قبل الشروع فی الثانیة.

نعم، یمکن أن یقال إذا جاز الاکتفاء فی الجمع بین الصلاتین من غیر أذان للثانیة جاز للمستحاضة أیضاً هذا النحو من الجمع، وهذا لایوجب سقوط الأذان للثانیة عن الاستحباب وکون الأذان لها أفضل، ولعل الماتن قدس سره یری سقوط الأفضلیة فی موارد مطلق الجمع وأدرج الجمع من المستحاضة فی تلک الکبری، ولکن لم یذکر هذه الکبری وظاهر عدم ذکره عدم التزامه بها، وعلیه یکون التزامه بسقوط

ص :367

الخامس: المسلوس ونحوه فی بعض الأحوال التی یجمع بین الصلاتین[1]

الشَرح:

الأفضلیة فی المستحاضة بلا وجه حیث لم یرد فی شیء من الروایات الواردة فی جمع المستحاضة بین الصلاتین بغسل واحد أنها تترک الأذان للصلاة الثانیة، بل الوارد فی الروایات جواز اکتفاء النساء بدل الأذان والإقامة بما تقدم من التکبیرة والشهادتین ونحوها.

خامساً: المسلوس إذا جمع بین الصلاتین

[1] قد تقدّم فی من له سلس البول والغائط والریح أن_ّه لو کان له فترة تسع تلک الفترة للصلاتین مع الاکتفاء بأجزائها الواجبة فقط یتعین علیه الإتیان بها فی تلک الفترة مقتصراً علی الواجبات، وفی هذا الفرض کما یسقط الأذان للصلاتین تسقط الإقامة وسایر ما یستحب فی الصلاة تحفظاً علی الطهور المعتبر فیها.

وأم_ّا إذا کانت الفترة کافیة لها ولو مع الإتیان بالمستحبات جاز لکل من الصلاتین الأذان والإقامة وتقدّم أنه وإن یجوز الاکتفاء عند الجمع بین الصلاتین بل بدونه بالإقامة من غیر أذان إلاّ أنّ الأذان للصلاة الثانیة لا یسقط عن الاستحباب بلا فرق بین الإتیان بها فی أوّل الوقت أو وسطه وآخره، وقد تقدم أیضاً أنّ الصلاة مع خروج البول أثناءها صلاة اضطراریة علی ما یستفاد من صحیحة منصور بن حازم(1) وغیرها فلا تصل النوبة إلیها ولو مع التمکن من الصلاة الاختیاریة فی آخر الوقت.

نعم، إذا کان من به سلس ممّن لیست فترة له بل یخرج منه قطرات البول أثناء الصلاة فلایبعد الالتزام بسقوط الأذان عن الصلاة الثانیة عند الجمع بینها لصحیحة حریز، عن أبی عبداللّه علیه السلام أنه قال: «إذا کان الرجل یقطر منه البول والدم إذا کان حین

ص :368


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 297 ، الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء، الحدیث 2 .

کما إذا أراد أن یجمع بین الصلاتین بوضوء واحد.

الشَرح:

الصلاة اتّخذ کیساً وجعل فیه قطناً ثم علّقه علیه وأدخل ذکره فیه ثم صلی، یجمع بین الصلاتین الظهر والعصر، یؤخّر الظهر ویعجّل العصر بأذان وإقامتین، ویؤخر المغرب ویعجّل العشاء بأذان وإقامتین»(1) ثم یقع الکلام فی أنّ السقوط بنحو الرخصة أو بنحو العزیمة، وقد یقال هذه الصحیحة تقیّد إطلاق مادل علی ثبوت الأذان لکل صلاة(2) ومع التقیید یکون الأذان للصلاة الثانیة بدعة وکل بدعة ضلالة(3).

ولکن لا یخفی أنّ الأمر بالجمع بین الصلاتین بوضوء واحد أمر جایز، وأنّ الأمر بالجمع کذلک للتوسعة علیه، فغایة دلالتها علی أنّ التوسعة بوضوء واحد عند الجمع فی صورة الاکتفاء بأذان واحد وإقامتین فلا یکون مع الأذانین توسعة، بل یکون علیه تجدید الوضوء للصلاة الثانیة لا أنّ الأذان لها غیر مشروع.

ثمّ إنّ الصحیحة واردة فیمن یقطر منه البول والدم وبالإضافة إلی المبطون والمسلوس بسلس الریح یمکن الالتزام بماذکره إذا بنی علی أنّ مقتضی الجمع بین الصلاتین من دائم الحدث ذلک، ویلحق بذلک المستحاضة أیضاً، ولکن الکبری غیر ثابتة، والتعدی من سلس البول إلیها بدعوی عدم الفرق بین سلس البول وبینها مشکلة، کما تقدم فی بحث المسلوس والمبطون من مباحث الوضوء.

نعم، ترک الأذان للصلاة الثانیة فی مفروض الکلام أحوط مورد تأمل؛ لأنّ اغتفار الحدث فی صورة الجمع بین الصلاتین بالإضافة إلی الصلاة الثانیة غیر ظاهر، بل الأحوط تجدید الوضوء للصلاة الثانیة إذا لم یخرج شیء من الحدث عند الوضوء لها.

ص :369


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 297 ، الباب 19 من أبواب نواقض الوضوء، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 444 ، الباب 35 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 8 : 45 ، الباب 10 من أبواب نافلة شهر رمضان، الحدیث الأوّل .

ویتحقق التفریق بطول الزمان بین الصلاتین[1] لا بمجرد قراءة تسبیح الزهراء أو التعقیب والفصل القلیل، بل لایحصل بمجرد فعل النافلة مع عدم طول الفصل

الشَرح:

فی المراد من الجمع بین الصلاتین

[1] قد یقال إنّ المراد من الجمع بین الصلاتین الإتیان بهما فی وقت إحداهما بأن یصلی العصر فی وقت الظهر، کما إذا صلی العصر قبل أن یصیر الفیء بمقدار المثل أو صلّی الظهر بعد ما صار مقداره، ویکون المراد من التفریق الإتیان بکل منهما فی وقته الخاص من وقت الاستحباب، ولکن لا یخفی بُعد هذا القول فإنه إذا أتی بالعصر فی أول آن صیرورة الظل مثله وأتی بصلاة الظهر قبله بحیث إذا فرغ من الظهر صار الظل مثله فیصدق أنه جمع بین الصلاتین، بل یمکن استفادة کون ذلک ممّا ورد فی جمع المستحاضة بین الصلاتین بغسل من قوله علیه السلام : «تؤخّر هذه وتعجّل هذه»(1).

وقد یقال إنّ المراد من الجمع أن لا یتوسط بین الصلاتین نافلة کما یستظهر ذلک من روایة محمد بن حکیم، عن أبی الحسن علیه السلام قال: «إذا جمعت بین صلاتین فلا تطوع بینهما»(2) وفی روایته الأُخری قال: سمعت أبا الحسن علیه السلام یقول: «الجمع بین الصلاتین إذا لم یکن بینهما تطوّع، فإذا کان بینهما تطوع فلا جمع»(3) وفی سند الأُولی سلمة بن الخطاب ولم یوثّق وفی سند الثانیة محمد بن موسی عن محمد بن عیسی أو محمد بن عیسی فالواسطة مردّد بین الضعیف والثقة، بل فی محمد بن موسی أیضاً کذلک وقد عبّر المحقق الهمدانی(4) عن کل منهما بالموثقة ولا یدری وجهه.

ص :370


1- (1) وسائل الشیعة 2 : 371 ، الباب الأوّل من أبواب الاستحاضة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 4 : 224 ، الباب 33 من أبواب الاستحاضة، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 4 : 224 ، الباب 33 من أبواب الاستحاضة، الحدیث 3 .
4- (4) مصباح الفقیه 11 : 243 .

والأقوی أنّ السقوط فی الموارد المذکورة رخصة[1] لا عزیمة وإن کان الاحوط الترک خصوصاً فی الثلاثة الأُولی.

الشَرح:

نعم، فی معتبرة الحسین بن علوان، عن جعفر بن محمد علیهماالسلام قال: «رأیت أبی وجدی القاسم بن محمد یجمعان مع الأئمة المغرب والعشاء فی اللیلة المطیرة ولایصلّیان بینهما شیئاً»(1).

ولکن هذه حکایة فعل فلا یدلّ علی عدم تحقق الجمع بین الصلاتین بالنافلة بینهما، وعلی ذلک فالمرجع الصدق العرفی بأن لا یکون بین الصلاتین فصل طویل بحیث یقال إنه فرق بین الصلاتین، خصوصاً مع الاشتغال بینهما بأمر لا یرتبط بالصلاة، وأم_ّا مجرد النافلة من غیر تطویل والاشتغال بالتعقیب کذلک أو بما یرتبط بالصلاة کصلاة الاحتیاط وسجدتی السهو ونحو ذلک فلا یوجب عدم تحقق الجمع بلا تأم_ّل.

سقوط الأذان رخصة لا عزیمة

[1] قد تقدم بیان الوجه فی السقوط فی کل مورد من الموارد المذکورة وذکرنا أنّ المراد بالسقوط بنحو الرخصة معناه عدم سقوط أصل استحباب الأذان، والمراد بالعزیمة عدم جواز الإتیان به بقصد المشروعیة وأصل الاستحباب.

نعم، فی مورد صاحب السلس الذی له فترة تسع واجبات الصلاة فقط أو لا تکفی للأذان والإقامة أو بالاقامة فقط لا یجوز الإتیان بالأذان؛ لأنّ المکلف فی تلک الفترة متمکن من حبس بوله والصلاة مع الطهارة فلا یجوز له تفویت تلک الفترة کلاً أو بعضاً.

ص :371


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 225 ، الباب 33 من أبواب المواقیت، الحدیث 4 .

(مسألة 2) لا یتأکد الأذان لمن أراد إتیان فوائت فی دور واحد لما عدا الصلاة الأُولی فله أن یؤذّن للأُولی منها ویأتی بالبواقی بالإقامة وحدها لکل صلاة[1].

الشَرح:

فی أذان وإقامة الفوائت

[1] ویدلّ علی ذلک صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام فی حدیث قال: إذا کان علیک قضاء صلوات فابدأ بأولهنّ فأذّن لها وأقم ثمّ صلّها وصلّ ما بعدها بإقامة إقامة لکلّ صلاة(1). وصحیحة محمد بن مسلم، قال: سألت أبا عبداللّه علیه السلام عن رجل صلّی الصلوات وهو جنب الیوم والیومین والثلاثة ثم ذکر بعد ذلک؟ قال: «یتطهّر ویؤذن ویقیم فی أولهن ثمّ یصلّی ویقیم بعد ذلک فی کل صلاة فیصلی بغیر أذان حتی یقضی صلاته»(2) ومقتضی ظاهرهما أنّ الحکم جارٍ فی کل وقت یقضی الملکف فیه الصلوات المتعددة التی قضاؤها علی عهدته، فلو قضی عدة منها فی وقت وعدة منها فی وقت آخر یکون له فی الوقت الآخر أیضاً الأذان والإقامة لأولهن ثمّ یأتی بالباقی بالإقامة.

ویقع الکلام فی جهتین:

الأُولی: مع قطع النظر عن الروایتین ونحوهما هل کان مقتضی مادل علی مشروعیة الأذان لکل صلاة مشروعیته لکل صلاة یقضیها أم لیس فی البین مایدل علی مشروعیة الأذان لکل صلاة قضائیة؟ الظاهر أنّ بعض مادل علی مشروعیة الأذان والإقامة لکل صلاة یعمّ الأدائیة والقضائیة کقوله علیه السلام فی صحیحة صفوان بن مهران، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «الأذان مثنی مثنی، والإقامة مثنی مثنی، ولابدّ فی الفجر

ص :372


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 290 ، الباب 63 من أبواب المواقیت، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 8 : 254 ، الباب الأوّل من أبواب قضاء الصلوات، الحدیث 3 .

.··· . ··· .

الشَرح:

والمغرب من أذان وإقامة فی الحضر والسفر؛ لأنه لایقصّر فیهما فی حضر ولا سفر وتجزیک إقامة بغیر أذان فی الظهر والعصر والعشاء الآخرة»(1) فإنه مقتضی التعلیل فی صلاة المغرب والغداة، عدم الفرق بین الأدائیة والقضائیة، وکذا الحال فی الترخیص فی البواقی ولموثقة عمار، عن أبی عبدالله علیه السلام قال: سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل یعید الأذان والإقامة؟ قال: «نعم»(2) فإنّ الإعادة بمعناها اللغوی یشمل القضاء بالمعنی المصطلح وإذا کان إعادة الأذان والإقامة مشروعة فی الإعادة ولو فی خارج الوقت یکون الأذان والإقامة فیمن ترک الصلاة فی وقتها ولو نسیاناً مشروعتین؛ لعدم احتمال الفرق بین الأمرین، ویمکن أن یستظهر ذلک بما ورد فی موثقة عمار الأُخری من أمر المریض بالأذان والإقامة لصلاته معللاً بأنه لا صلاة إلاّ بأذان وإقامة(3). فالمقضیة من الصلوات الیومیة أیضاً صلوات یومیة قد تبدل وقت أدائها، وقد تقدّم أنّ الخارج منها سایر الصلاة کالعیدین والآیات، وظاهر الماتن قدس سره أیضاً استحباب الأذان لکل صلاة مقضیة والمستفاد من صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم(4) أنه لا تأکد فی استحبابه لغیر الصلاة الأُولی عند قضاء الصلوات، بل الاکتفاء فی قضاء غیر الأُولی بالإقامة من غیر أذان ویفهم منهما بملاحظة ما تقدّم أنّ ما ورد فیهما نوع تسهیل لأمر القضاء فی مقام الإتیان بالصلوات مع التحفظ علی المستحب فیها.

ثمّ إنّ المراد من أولهن فی قوله علیه السلام : «فابدأ باوّلهن فأذّن لها واقم» هل هو الفائتة

ص :373


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 386 ، الباب 6 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
2- (2) وسائل الشیعة 8 : 270 _ 271 ، الباب 8 من أبواب قضاء الصلوات، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 444 ، الباب 35 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
4- (4) تقدمتا فی الصفحة السابقة .

(مسألة 3) یسقط الأذان والإقامة فی موارد: أحدها: الداخل فی الجماعة التی أذّنوا لها وأقاموا وإن لم یسمعهما[1] ولم یکن حاضراً حینهما وکان مسبوقاً، بل مشروعیة الإتیان بهما فی هذه الصورة لا تخلو عن إشکال.

الشَرح:

أوّلاً حتی یکون ظاهرها اعتبار الترتیب فی قضاء الفوائت بترتیب فوتها کما یشیر إلی ذلک عبارة الماتن قدس سره لمن أراد الإتیان بها فی دور واحد، أو أنّ المراد من «أولهن» أوّل ما یرید قضائها من تلک الصلوات حین القضاء المعبر عنه مجلس القضاء؟ الظاهر هو الثانی حیث ظاهر الصحیحة عدم الحاجة إلی تکرار الأذان فی البقیة بعد الاتیان بالأُولی بالأذان والإقامة عند قضاء الصلوات المتعددة، وأنه لو کان قضاؤها فی أوقات مختلفة وتعدد مجلس القضاء یفعل ذلک فی قضاء الصلاة الأُولی لا أنّ الأذان یختص فقط بالفائتة أوّلاً بحیث لا یتکرّر الأذان وإن تکرّر مجلس قضائها.

وعلی الجملة، فالظاهر من الصحیحة هو البدء بالأذان والإقامة لأوّلهن فی القضاء لا لأولهن عند الفوت.

موارد سقوط الأذان والإقامة

الأوّل: عمّن دخل فی الجماعة التی أُذن لها وأُقیم

[1] سقوط الأذان والإقامة عمّن یدخل فی صلاة الجماعة التی أُذّن لها وأُقیم ولکن لم یکن حاضراً عندهما ولم یسمع شیئاً منهما حین الأذان والإقامة أمر متسالم علیه بین الأصحاب؛ ولذا لم یتعرض لهذا السقوط جمع منهم لوضوحه، ویستفاد ذلک من الروایات کالروایات الدالة علی إدراک الشخص الإمام فی التشهد أو السجدة الأخیرة من صلاته کموثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سألته عن الرجل یدرک الإمام وهو قاعد یتشهد ولیس خلفه إلاّ رجل واحد عن یمینه؟ قال: «لا یتقدم الإمام

ص :374

.··· . ··· .

الشَرح:

ولا یتأخّر الرجل ولکن یقعد الذی یدخل معه خلف الإمام فإذا سلّم الإمام قام الرجل فأتمّ صلاته»(1) فإذا سقط الأذان والإقامة عن هذا الشخص الذی لم یدرک مع الجماعة شیئاً من صلاته فسقوطهما عمّن أدرک صلاته معه یکون بالأولویة.

ومعتبرة معاذ بن کثیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا دخل الرجل المسجد وهو لا یأتم بصاحبه وقد بقی علی الإمام آیة أو آیتان فخشی إن هو أذّن وأقام أن یرکع فلیقل: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة اللّه أکبر اللّه أکبر لا إله إلاّ اللّه ولیدخل فی الصلاة»(2) حیث تدل بمفهوم قید «لا یأتم» أنه إذا کان الإمام ممّن یؤتم به فلا مورد للأذان والإقامة، وموثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام حیث سئل عن الرجل یؤذّن ویقیم لیصلّی وحده فیجیء رجل آخر فیقول له نصلّی جماعة هل یجوز أن یصلیا بذلک الأذان والإقامة؟ قال: «لا، ولکن یؤذن ویقیم»(3) حیث یظهر منها أنّ سقوط الأذان والإقامة فیما إذا وقعا لصلاة الجماعة کان إجزاؤهما مفروغاً عنه عند السائل، وإنما سأل عن صورة الأذان والإقامة للصلاة الفرادی، ویظهر منها أیضاً أنه إذا لم یؤذن ولم یُقم لصلاة الجماعة لا یسقط الأذان والإقامة فی الداخل فیها؛ ولذا قیّد الماتن بما إذا أذّنوا لها وأقاموا.

والکلام فی سقوط الأذان والإقامة عن المأموم المسبوق لا یختص بصورة انعقاد الجماعة فی المسجد کما هو ظاهر إطلاق الموثقة.

ثمّ إنّ الظاهر عدم اختصاص سقوط الأذان والإقامة بالمأموم المسبوق، بل تسقطان عن الإمام أیضاً إذا حضر بعد الأذان والإقامة لصلاة الجماعة کما یشهد لذلک

ص :375


1- (1) وسائل الشیعة 8 : 392 ، الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة، الحدیث 3 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 443 ، الباب 34 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 432 ، الباب 27 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

صحیحة حفص بن سالم، أنه سأل أبا عبداللّه علیه السلام إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة أیقوم الناس علی أرجلهم أو یجلسون حتی یجیء إمامهم؟ قال: «لا، بل یقومون علی أرجلهم فإن جاء إمامهم وإلاّ فلیؤخذ بید رجل من القوم فیقدّم»(1) ورواها الصدوق باسناده عن حفص بن سالم یعنی أبی الولاد الحناط(2). کما رواها الشیخ باسناده عن أحمد بن محمد، عن علی بن الحکم عن أبی الولید حفص بن سالم(3) والظاهر أنّ أبا الولید من سهو القلم أو من غلط النسخة والصحیح ابو الولاّد حفص بن سالم وظاهر جواز إمامة الإمام من غیر أن یسمع أذان الجماعة وإقامتها، ومعتبرة السکونی، عن جعفر، عن أبیه، عن آبائه، عن علی علیهم السلام : «أنّ النبی صلی الله علیه و آله کان إذا دخل المسجد وبلال یقیم الصلاة جلس»(4) وظاهرها أنه إذا دخل المسجد بعد فراغه من الإقامة لم یجلس، بل یشرع فی الصلاة.

بل لا یبعد الالتزام بأنّ الإمام إذا سمع الأذان والإقامة واستمع إلیهما یجوز له الدخول فی الصلاة بدون أذان وإقامة لصلاة الجماعة ولو کان استماعه إلیهما من شخص یصلّی منفرداً، ویستظهر ذلک من موثقة عمرو بن خالد، عن أبی جعفر علیه السلام قال: کنّا معه فسمع إقامة جار له بالصلاة فقال: قوموا فقمنا فصلّینا معه بغیر أذان ولا إقامة، وقال: «یجزیکم أذان جارکم»(5) ویویّده بل یدلّ علیه روایة أبی مریم الأنصاری، قال:

ص :376


1- (1) وسائل الشیعة 8 : 379 ، الباب 42 من أبواب صلاة الجماعة، الحدیث الأوّل .
2- (2) من لا یحضره الفقیه 1 : 385 ، الحدیث 1136 .
3- (3) تهذیب الأحکام 2 : 285 ، الحدیث 45 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 438 ، الباب 31 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
5- (5) وسائل الشیعة 5 : 437 ، الباب 30 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3 .

الثانی: الداخل فی المسجد للصلاة منفرداً أو جماعة وقد اُقیمت[1] الجماعة

الشَرح:

صلّی بنا أبو جعفر علیه السلام فی قمیص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة إلی أن قال: فقال: وإنّی مررت بجعفر وهو یؤذن ویقیم فلم أتکلّم فأجزأنی ذلک(1).

بقی الکلام فیما ذکره الماتن قدس سره من أنّ مشروعیة الأذان والإقامة فیما ذکره أی فی المأموم المسبوق محل إشکال، والوجه فی ذلک هو استقرار السیرة المتشرعة علی ترک الأذان والإقامة من المأموم إذا أراد الدخول فی جماعة أذّنوا لها وأقاموا حفظاً علی حرمة الجماعة المنعقدة حیث یکفی فی إقامتها الأذان والإقامة لها من واحد، وکأنّ هذا أیضاً أمراً مرتکزاً فی أذهان المتشرعة من زمان الأئمة علیهم السلام حیث فرض معاذ بن کثیر(2) فی ترک أذانه وإقامته کون الداخل الجماعة لا یأتم بصاحبه.

وأم_ّا الاستدلال علی ذلک بما ورد فی روایة معاویة بن شریح عن أبی عبداللّه من قوله: «ومن أدرک الإمام وهو فی الرکعة الأخیرة فقد أدرک فضل الجماعة، ومن أدرکه وقد رفع رأسه من السجدة الأخیرة وهو فی التشهد فقد أدرک الجماعة ولیس علیه أذان ولا إقامة، ومن أدرکه وقد سلم فعلیه الأذان والإقامة»(3) فلا دلالة لها علی عدم المشروعیة فإنه فرق بین قوله: «لیس له أذان وإقامة» وبین «لیس علیه» فلا یدل الثانی علی عدم المشروعیة.

الثانی: عمّن دخل المسجد للصلاة منفرداً أو جماعة

[1] لم یقید جماعة قید المسجد بل ذکروا أنه إذا دخل شخص للصلاة منفرداً أو

ص :377


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 437 ، الباب 30 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
2- (2) تقدمت فی الصفحة : 375 .
3- (3) وسائل الشیعة 8 : 393 ، الباب 49 من أبواب صلاة الجماعة، الحدیث 6.

حال اشتغالهم ولم یدخل معهم أو بعد فراغهم مع عدم تفرّق الصفوف فإنهما یسقطان لکن علی وجه الرخصة لا العزیمة علی الأقوی، سواء صلی جماعة إماماً أو مأموماً أو منفرداً[1].

الشَرح:

جماعة أُخری لیصلوا أیضاً جماعة لم یؤذّنوا ولم یقیموا، سواء کانت الجماعة الأُولی لم تتم أو تمت، ولکن لم یتفرقوا، نعم لو تفرقت صفوفهم أذّنوا وأقاموا وکذلک یؤذن المنفرد ویقیم بعد التفرق.

ویستدل علی ذلک بموثقة أبی بصیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: قلت له: الرجل یدخل المسجد وقد صلّی القوم أیؤذّن ویقیم؟ قال: «إذا کان دخل ولم یتفرّق الصف صلی بأذانهم وإقامتهم وإن کان تفرّق الصّف أذن وأقام»(1) وموثقة زید بن علی، عن آبائه، عن علی علیه السلام قال: دخل رجلان المسجد وقد صلّی علی علیه السلام بالناس فقال لهما علی علیه السلام : «إن شئتما فلیؤم أحدکما صاحبه ولا یؤذن ولایقیم»(2).

والتعبیر عن هذه الروایة بالموثقة؛ لأنّ عمرو بن خالد الراوی عن زید أیضاً ثقة وثقه ابن فضّال(3)، والمفروض فی الموثقتین الداخل فی المسجد ولا تعمّان الداخل فی غیره ولو کان فی البین إطلاق بحیث یعم الداخل فی غیره لما توجب الموثقتان التقیید فیه؛ لأنّ فرض الدخول فی المسجد قید غالبی وإلاّ ففی التعدی عن الداخل فی المسجد إلی غیره إشکال، بل مقتضی استحباب الأذان والإقامة لکل صلاة وأنهما أفضل هو ذکر الأذان والإقامة بعد فراغ الجماعة الأُولی عن صلاتهم، سواء تفرق

ص :378


1- (1) وسائل الشیعة 8 : 414 ، الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 8 : 415 ، الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة، الحدیث 3.
3- (3) اختیار معرفة الرجال 2 : 498 ، الحدیث 419 .

.··· . ··· .

الشَرح:

الصفوف أم لا وسواء أراد الداخل الصلاة منفرداً أو جماعة.

نعم، من أراد الدخول جماعة وأدرکها أو أدرک من ثوابها بما تقدّم فی الأمر الأول یسقط عنه الأذان والإقامة، بل مشروعیتهما بالإضافة الی الداخل فیه محل تأمل علی ما تقدم.

نعم، یحتمل استظهار الإطلاق من روایة معاویة بن شریح، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا جاء الرجل مبادراً والإمام راکع أجزأته تکبیرة واحدة _ إلی أن قال _ ومن أدرکه وقد رفع رأسه من السجدة الأخیرة وهو فی التشهد فقد أدرک الجماعة ولیس علیه أذان ولا إقامة، ومن أدرکه وقد سلم فعلیه الأذان والإقامة»(1) فیقال قوله علیه السلام الإتیان بالمبادرة إلی الجماعة یتحقق فی الإتیان بالمساجد نوعاً ومقتضاه جواز الإتیان بالأذان والإقامة إذا دخل بعد تسلیمة الإمام، ولکن لا یخفی ما فی الاستظهار وعلی تقدیره فالروایة ضعیفة لا یمکن أن یرفع الید بها عن ظاهر الموثقتین.

لا یقال: موثقة زید لم یفرض فیها تفرق الصفوف وعدمه.

فإنه یقال: فإنّها حکایة فعل ولعله کان قبل تفرق الصفوف کماهو ظاهر موثقة أبی بصیر وقد ناقش فی موثقة أبی بصیر صاحب المدارک قدس سره (2) بأنّ أبا بصیر مشترک ولایعلم أنّ المراد منه، وفیه أنّ أبابصیر الوارد فی الروایات مع عدم القرینة یراد منه لیث المرادی ویحیی بن أبی القاسم وکلاهما ثقة فلا مورد للإشکال فی سندها.

وممّا ذکرنا یظهر الحال فی موثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام فی رجل أدرک الإمام

ص :379


1- (1) وسائل الشیعة 8 : 415 _ 416 ، الباب 65 من أبواب صلاة الجماعة، الحدیث 4 .
2- (2) مدارک الأحکام 3 : 266 _ 267 .

.··· . ··· .

الشَرح:

حین سلّم، قال: «علیه أن یؤذن ویقیم ویفتتح الصلاة»(1) فإنه لم یفرض فیها الدخول فی المسجد فیحمل علی الداخل فی غیره.

وعلی الجملة، فلا ینبغی التأمل فی الحکم ویؤیده ما رواه الشیخ باسناده عن أحمد بن محمد بن عیسی، عن الحسین بن سعید، عن أبی علی، قال: کنّا عند أبی عبداللّه علیه السلام فأتاه رجل فقال: جعلت فداک صلّینا فی المسجد الفجر وانصرف بعضنا وجلس بعض فی التسبیح فدخل علینا رجل المسجد فأذّن فمنعناه ودفعناه عن ذلک، فقال أبوعبداللّه علیه السلام أحسنت ادفعه عن ذلک وامنعه أشد المنع، فقلت: فإن دخلوا فأرادوا أن یصلّوا فیه جماعة؟ قال: یقومون فی ناحیة المسجد ویبدو بهم إمام(2). ورواها الصدوق قدس سره فی الفقیه باسناده إلی محمد بن أبی عمیر، عن أبی علی الحرّانی(3). وظاهر هذه وإن کان السقوط بنحو العزیمة إلاّ أنّ سندها ضعیف بجهالة أبی علی الحرانی.

وقد یقال بأنه یظهر السقوط بنحو العزیمة من موثقة زید(4) أیضاً، حیث إنّ ظاهر النهی عن الأذان والإقامة عدم مشروعیتهما فی الفرض، ولکن یجری فی هذا النهی ما تقدم من أنه فی مقام توهّم المشروعیة فی غیر هذا الحال فیکون مفادها ثبوت الترخیص فی الترک بمعنی سقوط الاستحباب المؤکد فی الفرض.

وبتعبیر آخر، لا یستفاد من موثقة أبی بصیر إلاّ سقوط الاستحباب المؤکد الثابت

ص :380


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 431 ، الباب 25 من أبواب صلاة الجماعة، الحدیث 5 .
2- (2) تهذیب الأحکام 3 : 55 ، الحدیث 102 .
3- (3) من لا یحضره الفقیه 1 : 408 ، الحدیث 1217 .
4- (4) تقدمت فی الصفحة 378 .

.··· . ··· .

الشَرح:

لهما فی غیر هذا الحال، ونحوها روایته الأُخری المرویة فی الکافی والتهذیب قال: سألته عن الرجل ینتهی إلی الإمام حین یسلّم، قال: لیس علیه أن یعید الأذان فلیدخل معهم فی أذانهم فإن وجدهم قد تفرّقوا أعاد الأذان(1). حیث ذکرنا فرق بین قوله: لیس علیه أذان، وبین قوله: لیس له أذان، وظاهر الأوّل سقوط الحکم السابق لاسقوط أصل الترخیص والمشروعیة.

أضف إلی ذلک أن_ّه لو قلنا بعدم القدح فی کونها مضمرة فإنّ أبابصیر الذی یروی عنه ابن مسکان هو لیث المرادی، ولکن سندها ضعیف حیث لم یعلم أنّ ما فی سندها صالح بن سعید الذی لم یوثق أو خالد بن سعید الذی وثقه النجاشی ووصفه بأبا سعید القماط(2).

وعلی الجملة، لیس فی هذا الفرض ما تمت دلالته علی سقوط أصل الاستحباب.

وممّا ذکر یظهر الحال فی روایة معاویة بن شریح(3) بناءً علی ظهورها فی الداخل فی المسجد حیث تکون تأییداً بأن السقوط بنحو الترخیص لا نفی المشروعیة، وکذا الحال فی روایة زید النرسی التی رواها فی المستدرک(4) عن کتابه، والروایة التی رواها وإن کانت مخدوشة من حیث المتن والسند فإنّ النسخة التی رویت هذه الروایة منها کانت بنحو الوجادة لا الروایة، ولکن مع ذلک ظاهر صدرها هو أنّ السقوط بنحو الرخصة لا العزیمة.

ص :381


1- (1) الکافی 3 : 304 ، الحدیث 12 ، تهذیب الأحکام 2 : 277 ، الحدیث 2 .
2- (2) رجال النجاشی : 149 ، الرقم 387 .
3- (3) تقدمت فی الصفحة : 379 .
4- (4) مستدرک الوسائل 4 : 46 ، الباب 22 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

ثمّ إنّ الظاهر عدم الفرق فی سقوط الأذان والإقامة عن الداخل فی المسجد بین ما إذا أراد حین الدخول الصلاة جماعة بالجماعة القائمة فیه أو أن یصلی فرادی فإنّه مقتضی ترک الاستفصال فی الجواب الوارد فی موثقة أبی بصیر، قال: قلت له: الرجل یدخل المسجد وقد صلّی القوم أیؤذن ویقیم؟ قال: «إن کان دخل ولم یتفرق الصف صلّی بأذانهم وإقامتهم وإن کان تفرق الصف أذن وأقام»(1) فإنه علیه السلام لم یستفصل فی الجواب أن_ّه کان عالماً بتأخیره فی الدخول وأنه لم یدرک الجماعة أم لا ، ففی الأول کان قاصداً للصلاة فرادی أو فی جماعة أُخری غیر تلک الجماعة لا محالة.

ودعوی اختصاصه أیضاً بمن یرید الدخول فی تلک الجماعة کما تری.

وعلی الجملة، ففی الموثقة کفایة فی سند الإطلاق ولاحاجة إلی روایة أبی علی الحرانی التی تقدم ضعف سندها(2).

لا یقال: المفروض فی الروایات دخول الرجل بعد تمام الصلاة وما ذکر الماتن قدس سره من عدم الفرق فی السقوط بین ما یدخل والجماعة المقامة باقیة ولکنه لا یقصد الدخول بل یقصد أن یصلی فرادی أو جماعة بجماعة أُخری لا یستفاد من الروایات.

فإنه یقال: إذا بنینا شمول موثقة سماعة لمن دخل المسجد قبل تفرق الصفوف وأنه یسقط الأذان والإقامة ولو کان من قصده أن یصلی منفرداً یکون سقوطهما عمّن یدخل أثناءها ولا یرید إلاّ الصلاة منفرداً أو بجماعة أُخری بطریق أولی، فإنه إذا کان احترام الجماعة السابقة موجب لأن یصلی الداخل بأذانهم وإقامتهم فالداخل أثناء

ص :382


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 430 ، الباب 25 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
2- (2) فی الصفحة : 380 .

ویشترط فی السقوط اُمور:

أحدها: کون صلاته وصلاة الجماعة کلاهما[1] أدائیة فمع کون إحداهما أو کلتیهما قضائیة عن النفس أو عن الغیر علی وجه التبرع أو الإجارة لا یجری الحکم.

الشَرح:

الجماعة أولی بذلک.

وأم_ّا ما روی فی المستدرک من کتاب زید النرسی، عن عبید بن زرارة، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا أدرکت الجماعة وقد انصرف القوم ووجدت الإمام مکانه وأهل المسجد قبل أن ینصرفوا أجزأ أذانهم وإقامتهم فاستفتح الصلاة لنفسک، وإذا وافیتهم وقد انصرفوا عن صلاتهم وهم جلوس أجزأ إقامة بغیر أذان، وإن وجدتهم وقد تفرقوا وخرج بعضهم عن المسجد فأذّن وأقم لنفسک»(1) فقد تقدّم عدم إمکان الاعتماد علیه؛ لأنه لم یثبت النسخة المحکیة هی بتمامها أصل زید النرسی الذی ذکر النجاشی طریقه إلیه وطریق الشیخ حیث رواه عن ابن أبی عمیر عن زید هو طریقه إلی محمد بن أبی عمیر حیث ذکر فی الفهرست طریقه إلی جمیع کتب محمد بن أبی عمیر وروایاته ولکن زید النرسی لم یثبت له توثیق ولا أنّ النسخة التی وقعت بیدی النوری قدس سره بطریق الوجادة هو أصل زید النرسی، وعلیه فلا یمکن الاستدلال بها علی أنّ السقوط بنحو الرخصة وأنّ الملاک فی التفرق خروج بعض القوم.

شروط سقوط الأذان والإقامة

[1] لأنّ ماورد فی المقام من الروایات التی اعتمدنا علیها ظاهرها إقامة صلاة الوقت وکون الداخل إلی المسجد یرید فریضة الوقت منفرداً أو جماعة، وظاهر موثقة

ص :383


1- (1) مستدرک الوسائل 4 : 46 ، الباب 22 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .

الثانی: اشتراکهما فی الوقت فلو کانت السابقة عصراً وهو یرید أن یصلی المغرب لایسقطان[1]

الثالث: اتحادهما فی المکان عرفاً فمع کون إحداهما داخل المسجد والاُخری علی سطحه یشکل السقوط وکذا مع البعد کثیراً.

الرابع: أن تکون صلاة الجماعة السابقة مع الأذان والإقامة فلو کانوا تارکین لا یسقطان عن الداخلین وإن کان ترکهم من جهة اکتفائهم بالسماع من الغیر[2]

الشَرح:

أبی بصیر(1) أنّ الداخل یصلی صلاته بذلک الأذان والإقامة حیث صلی القوم صلاتهم قبله بهما وبذلک یظهر اعتبار الأمر الثانی فإنّ القوم إذا صلوا العصر فی آخر الوقت وبقوا إلی صلاة المغرب فدخل داخل لیصلی صلاة المغرب فلا یجزی أذانهم وإقامتهم لصلاة عصرهم عن صلاة مغرب هذا الداخل؛ لما تقدم من أنّ ظاهر الموثقة هو أن یصلی الداخل صلاته بذلک الأذان والإقامة التی أتی بهما قبل ذلک لتلک الصلاة.

[1] إذا لم یکن المکان متحداً بحیث کان الداخل فی مسجد والتی أقام القوم صلاتهم فی مسجد آخر کسطح المسجد الذی هو أیضاً وقف مسجداً فلا یشمل الحکم، وأم_ّا إذا کان بحیث یُعَد ما دخل فیه الداخل من المسجد هو الذی صلی القوم فیه قبله تلک الصلاة بأذان وإقامة فالظاهر دخول الفرض فی مدلول الموثقة.

[2] ظاهر الموثقة الاکتفاء بأذان الجماعة السابقة وإقامتها فلا یعم الحکم ما إذا لم یؤذنوا ولم یقیموا لجماعتهم کما إذا اکتفوا بسماع الأذان والإقامة من الغیر، وممّا ذکر أنه إذا جاء قوم بعد صلاة الجماعة الأُولی وترکوا الأذان والإقامة لعدم تفرق الصفوف فی الجماعة التی أذّنوا وأقاموا وقبل تفرق صفوف الجماعة الثانیة جاء قوم آخرین

ص :384


1- (1) المتقدمة فی الصفحة 382 .

الخامس: أن تکون صلاتهم صحیحة[1].

فلو کان الإمام فاسقاً مع علم المأمومین لا یجری الحکم، وکذا لو کان البطلان من جهة اُخری.

الشَرح:

وأرادوا أن یقیموا جماعة أو أرادوا الصلاة فرادی لایسقطان؛ لأنّ ظاهر الموثقة بل وغیرها فرض الأذان والإقامة للجماعة التی لم تتفرق صفوفهم.

[1] ذکر قدس سره أنّ سقوط الأذان عمّن یصلی قبل تفرق الصفوف أو أثناء الجماعة الأُولی منفرداً أو بجماعة أُخری أن تکون صلاة الجماعة التی أقاموها وأذنوا وأقاموا لها صحیحة لم تکن صلاتهم باطلة کما إذا کان إمامهم فاسقاً ولکن المأمومین جاهلون بفسقه فإنّ صلاة کل من الإمام إذا لم یقصد الإمامة وکذا صلاة المأمومین محکومة بالصحة باعتقادهم وکذا کان بطلان الجماعة من جهة أُخری کعلوّ مکان الإمام عن المأمومین ونحو ذلک مع غفلة المأمومین عن ذلک.

أقول: ظاهر هذا الکلام سقوط الأذان والإقامة فی فرض صحة صلاة القوم لا اعتبار صحة صلاتهم جماعة کما یظهر من مثال فسق الإمام مع جهل المأمومین، فإنّ الظاهر ممّا ورد أنّ کون الإمام ثقة فی دینه شرط فی انعقاد الجماعة، وکذا عدم علوّ مکان صلاة الإمام شرط فی انعقادها.

نعم، یحکم مع جهل المأمومین بفسق الإمام وکذا غفلتهم عن علوّ مصلاه بصحة صلاتهم؛ لأنّ ترکهم القراءة فی الأُولیین للعذر فیعم صلاتهم حدیث «لا تعاد»(1) کما أنّ الإمام صلاته صحیحة لعدم ترکه ممّا یعتبر فی الصلاة الفرادی إذا لم یقصد الإمامة، ولابد من الالتزام أنّ الموجب لسقوط الأذان والإقامة عن الداخل فی المسجد هو کون

ص :385


1- (1) وسائل الشیعة 1 : 371 _ 372 ، الباب 3 من أبواب الوضوء، الحدیث 8 .

.··· . ··· .

الشَرح:

صلاة جماعة أهل المسجد صحیحة عندهم وإن کانت باطلة واقعاً عند الداخل واستفادة ذلک من الروایات مشکل.

نعم، فی موارد اقتضاء التقیة یحکم بترک الأذان والإقامة ولو کانت التقیة بنحو المداراة فهذا شیء آخر، ولعلّ الإطلاق فی الروایات بلحاظ هذه الحالة وإلاّ فالوارد فی موثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سئل عن الاذان هل یجوز أن یکون من غیر عارف، قال: «لا یستقیم الأذان ولا یجوز أن یؤذن به إلاّ رجل مسلم عارف، فإن علم الأذان وأذّن به ولم یکن عارفاً لم یجز أذانه ولا إقامته ولا یقتدی به»(1) ومعتبرة معاذ بن کثیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا دخل الرجل المسجد وهو لا یأتم بصاحبه وقد بقی علی الإمام آیة أو آیتان فخشی إن هو أذّن وأقام أن یرکع فلیقل: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة اللّه أکبر اللّه أکبر لا إله إلاّ اللّه ولیدخل فی الصلاة»(2).

وما قال بعض الأکابر قدس سره لایبعد الاکتفاء فیما إذا استند البطلان إلی فقد شرط الإیمان بل هو الأظهر نظراً إلی ما هو المعلوم خارجاً من عدم انعقاد الجماعة للشیعة فی الجوامع العامة فی عصر صدور هذه النصوص، وإنما کان المتصدی لها غیرهم فیظهر من ذلک أنّ العبرة بجماعة المسلمین من غیر اختصاص بطائفة خاصة کما تری.

نعم، لا بأس بالالتزام بأنه لایعتبر صحة صلاة المأمومین فی إحراز اتصال الصفوف والاتصال المعتبر فی انعقاد الجماعة کما ربّما یستظهر ذلک من صلاة الجماعة التی یقیمها علی علیه السلام فی مسجد الکوفة وهذا أمر آخر.

ص :386


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 431 _ 432 ، الباب 26 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 443 ، الباب 34 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .

السادس: أن یکون فی المسجد فجریان الحکم فی الأمکنة الاُخری محل إشکال وحیث إنّ الأقوی کون السقوط علی وجه الرخصة[1] فکل مورد شک فی شمول الحکم له الأحوط أن یأتی بهما کما لو شک فی صدق التفرق وعدمه أو صدق اتحاد المکان وعدمه أو کون صلاة الجماعة أدائیة أو لا أو أنهم أذّنوا وأقاموا لصلاتهم أم لا نعم لو شک فی صحة صلاتهم حمل علی الصحة.

الثالث: من موارد سقوطهما إذا سمع الشخص أذان غیره أو إقامته فإنه یسقط عنه سقوطاً علی وجه الرخصة، بمعنی أنه یجوز له أن یکتفی بما سمع إماماً کان الآتی بهما أو مأموماً أو منفرداً وکذا فی السامع لکن بشرط أن لا یکون ناقصاً وأن الشَرح:

[1] لا فرق فی جواز الأذان الإقامة لصلاته فی الموارد المفروضة حتی بناءً علی کون السقوط بنحو العزیمة؛ لأنّ مقتضی الأصل کون صلاة الجماعة أدائیة وأنهم لم یأذنوا ولم یقیموا للجماعة.

نعم، الأصل عدم تحقق التفرق إذا کان الشک فیه بنحو الشبهة الموضوعیة، وکذا فیما ذکر الماتن من حمل صلاة جماعتهم علی الصحة کما هو الحال فی حمل فعل الغیر علیها عند الشک فی صحته وفساده، وأم_ّا إذا کان الشک فی التفرق بنحو الشبهة الحکمیة فمضافاً الی جواز الأذان والإقامة بنحو الاحتیاط فیمکن الإتیان بنیة الاستحباب أخذاً بإطلاق ما دل علی مشروعیتهما لکل صلاة، وخروج الفرض عن الإطلاق لإجمال دلیل الخروج غیر محرز.

نعم، لا یبعد أن یکون من تفرق الصف الوارد فی موثقة أبی بصیر تفرق الصفوف فلا یصدق عدم تفرق الصف مع بقاء صف إلاّ إذا کان المأمومین بصف واحد فقط عند صلاة الجماعة.

ص :387

یسمع تمام الفصول، ومع فرض النقصان یجوز له أن یتمّ ما نقصه القائل ویکتفی به وکذا إذا لم یسمع التمام یجوز له أن یأتی بالبقیة ویکتفی به لکن بشرط مراعاة الترتیب[1].

الشَرح:

یسقط الأذان والإقامة إذا سمع أذان وإقامة غیره

[1] یستدل علی ذلک بروایات منها صحیحة عبداللّه بن سنان، عن أبی عبدلله علیه السلام قال: «إذا أذّن مؤذّن فنقص الأذان وأنت ترید أن تصلّی بأذانه فأتم ما نقص هو من أذانه»(1).

ولکن فی الاستدلال بها علی ما ذکر تأمّل بل منع فإنّ مفادها أنّ کل مورد جاز للإنسان أن یصلی صلاته منفرداً أو جماعة بأذان الغیر ونقص ذلک الغیر من الأذان فأتم الناقص من أذانه، بمعنی أنه یجوز له الاکتفاء بأذانه مع إکمال نقصه، وأم_ّا أی مورد یجوز للمکلف أن یصلی صلاته بأذان الغیر فلا دلالة لها علی تعیین ذلک المورد، وقد تقدم أنّ الإمام یجوز له الدخول فی صلاته بأذان المؤذن وإقامته، سواء کان المؤذن هو المقیم أو أنّ المقیم غیره.

وأم_ّا أنّ سماع شخص أذان الغیر أو إقامته یوجب أن یکتفی بذلک السماع فی صلاته کما هو المراد ممّا ذکر فی المقام فلا بد من إقامة دلیل آخر علیه، ویقال یستفاد ذلک من روایة أبی مریم الأنصاری، قال: صلی بنا أبو جعفر علیه السلام فی قمیص بلا إزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة، إلی أن قال _ فقال: وإنی مررت بجعفر وهو یؤذن ویقیم فلم أتکلم فأجزأنی ذلک(2). وموثقة عمرو بن خالد، عن أبی جعفر علیه السلام : کنّا معه فسمع إقامة جار له بالصلاة فقال: قوموا فقمنا فصلینا معه بغیر أذان ولا إقامة، قال: «یجزیکم أذان

ص :388


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 437 ، الباب 30 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 437 ، الباب 30 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .

ولو سمع أحدهما لم یجزئ للآخر، والظاهر أنه لو سمع الإقامة فقط فأتی بالأذان لا یکتفی بسماع الإقامة لفوات الترتیب[1] حینئذٍ بین الأذان والإقامة.

الشَرح:

جارکم» والظاهر سماع أبی جعفر علیه السلام أذان الجار أیضاً وإلاّ فسماع الإقامة لا یدلّ علی أن_ّه أذّن لصلاته أیضاً کما لا بد من فرض الجار عارفاً لما یأتی من عدم العبرة بأذان غیر العارف، وإذا جاز الدخول فی الصلاة بسماع أذان الغیر وإقامته فبضمیمة صحیحة عبداللّه بن سنان المتقدمة تکون النتیجة أنه إذا نقص الغیر الأذان وأکمله السامع جاز له الاکتفاء بذلک الأذان، بل قد یقال إنّه لا حاجة إلی الإتمام بل له الاکتفاء بسماع البعض واستظهر القائل من روایة أبی مریم الأنصاری التی لا یبعد اعتبارها حیث إنّ قوله علیه السلام فیها: «وإنی مررت بجعفر وهو یؤذن ویقیم فلم أتکلم فأجزانی ذلک» ظاهر فی فرض سماع البعض کما یقال: مررت بفلان یصلی، فإنه لیس المراد رؤیة تمام صلاته، ویقال: مررت بفلان وهو یقرأ القرآن مع أنه لیس المراد سماع تمام قراءته مع أنّ الوارد فی صحیحة عبداللّه بن سنان إکمال نقص المؤذن لا إکمال ما لا یسمع من المؤذن.

وعلی ذلک فالاکتفاء بسماع البعض إما کافٍ أو لایفید فی الاکتفاء به إتمامه، وأیضاً مدلول الروایتین جواز الاجتزاء بسماع أذان الغیر وإقامته لا سقوط أصل استحبابهما ومشروعیتهما حیث یکفی فی صدق الاجتزاء سقوط مرتبة التأکد فی الاستحباب فی فرض السماع.

[1] قد تقدم أنه لا دلیل علی مشروعیة الأذان للصلاة من غیر ذکر الإقامة لها فإن سمع الإقامة یجوز له الدخول فی الصلاة من غیر أذان کما هو ظاهر موثقة عمرو بن خالد، عن أبی جعفر علیه السلام (1) وأم_ّا إذا أذّن بعد سماعهما فهذا الأذان لا یکفی فی الدخول

ص :389


1- (1) المتقدمة فی الصفحة السابقة .

الرابع: إذا حکی أذان الغیر أو إقامته فإن له أن یکتفی بحکایتهما[1]

(مسألة 4) یستحب حکایة الأذان عند سماعه، سواء کان أذان الإعلام أو أذان الإعظام أی أذان الصلاة جماعة أو فرادی مکروهاً کان أو مستحباً، نعم لا یستحب حکایة الأذان المحرم.

الشَرح:

فی الصلاة؛ لأنه من الدخول فی الصلاة بالأذان من غیر إقامة، وشیء من روایة أبی مریم الأنصاری(1) أو موثقة ابن خالد لا یدل علی إجزائه، بل لو لم یکن ظاهر الأُولی کفایة سماع تمام الأذان والإقامة فلا ینبغی التأمل فی أنها تعم سماع بعض الأذان وبعض الإقامة، ومدلول الثانیة کفایة سماع الإقامة فی الدخول فی الصلاة من غیر حاجة إلی الأذان وذکر الإقامة کما هو مفاد قوله: «فقمنا فصلّینا معه بغیر أذان ولا إقامة»(2).

الکلام فی حکایة الأذان

[1] ینبغی التکلّم فی مقامین، الأول: استحباب حکایة الأذان والإقامة، والثانی: فی جواز الاکتفاء بالحکایة للدخول فی صلاته.

أم_ّا المقام الأوّل فلا ینبغی التأمل فی استحباب حکایة الأذان عند سماع فصولها کما یشهد لذلک صحیحة محمد بن مسلم، عن جعفر علیه السلام قال: کان رسول اللّه صلی الله علیه و آله إذا سمع المؤذن یؤذن قال مثل ما یقوله فی کل شیء(3) وصحیحة زرارة قال: قلت لأبی جعفر علیه السلام : ما أقول إذا سمعت الأذان؟ قال: «اذکر اللّه مع کل ذاکر»(4).

ص :390


1- (1) المتقدمة فی الصفحة 388 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 437 ، الباب 30 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 454 ، الباب 45 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 455 ، الباب 45 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 5 .

والمراد بالحکایة أن یقول مثل ما قال المؤذن عند السماع من غیر فصل معتد به[1] وکذا یستحب حکایة الإقامة أیضاً لکن ینبغی إذا قال المقیم قد قامت

الشَرح:

والحکایة تارة تکون بإعادة الألفاظ الصادرة عن المؤذن ولو من غیر توجه إلی معانیها أو مع التوجه إلی مفادها، والقصد فی کلتا الصورتین حکایة ما تلفظ به المؤذن، وبما أنّ هذه الحکایة مسبوقة بسماع الفصول فإن کان قصد المؤذن الأذان لصلاته فلا ینبغی التأم_ّل فی إجزائه، وأم_ّا إذا کان بقصد الإعلام أو بغیر ذلک فلا دلیل علی الاجتزاء به لصلاته فإنّ الدلیل علی الاجتزاء بالسماع عمدته روایة أبی مریم الأنصاری، وموثقة عمرو بن خالد، عن أبی جعفر علیه السلام (1) وهما لاتشملان غیر المورد الذی ذکرناه، کما أنه لا دلیل علی الاکتفاء فی صلاته بمجرّد الحکایة، ثمّ إذا قصد مع حکایة الفصول عنوان الأذان لصلاته، وکذا مع حکایة الإقامة عنوان الإقامة لها کفی وإن لم یکن أذان المؤذن، للصلاة بل للإعلام أو لغیره من الأذان المشروع.

وأم_ّا إذا کان الأذان غیر مشروع فلا یجوز حکایته بعنوان حکایة الأذان.

وقیل إذا کان قصد الحاکی ذکر اللّه فلا بأس فإنّ ذکر اللّه حسن علی کل حال، ولکن لایخفی أنّ حسن ذکر اللّه فیما إذا لم ینطبق علیه عنوان التأیید والتشویق إلی الباطل، وفی الحکایة فی بعض موارد الأذان غیر المشروع لو لم یکن فی جلّها عنوان تأیید وتشویق للمؤذن المفروض وهذا العمل غیر جایز.

[1] قد تقدّم أنّ روایات الحکایة واردة فی الأذان ومنها صحیحة محمد بن مسلم التی رواها الصدوق فی کتاب العلل بسند صحیح عن محمد بن مسلم، عن أبی جعفر علیه السلام أنه قال له: یا محمد بن مسلم لا تدعنّ ذکر اللّه عزّ وجلّ علی کل حال ولو

ص :391


1- (1) المتقدمتین فی الصفحة : 388 .

الصلاة أن یقول هو اللهم أقمها وأدمها واجعلنی من خیر صالحی أهلها، والأولی تبدیل الحیعلات بالحولقة بأن یقول: لاحول ولاقوة إلاّ باللّه.

الشَرح:

سمعت المنادی ینادی بالأذان وأنت علی الخلاء فاذکر اللّه عزّوجلّ وقل کما یقول المؤذن» ومثل هذه دالة علی مشروعیة حکایة الأذان علی کل حال، والمراد بالحکایة أن یقول عقیب ما یقول المؤذن مثل مایقول بقصد حکایة أذانه الذی هو ذکر اللّه فی نوع فصوله وأم_ّا حکایة الإقامة کذلک فلم یظهر من الروایات.

نعم، حکایة فصولها التی من ذکر اللّه سبحانه یحسب من ذکر اللّه وهو حسن، وأم_ّا فصولها التی لا تدخل فی عنوان ذکر اللّه فاستحباب حکایتها محل تأمل إلاّ أن یدخل إطلاق فتاوی جملة من الأصحاب بالاستحباب فی أخبار من بلغ مع الالتزام باستفادة استحباب العمل من تلک الأخبار.

والمدرک فی ذلک ما روی فی دعائم الإسلام عن أبی عبداللّه جعفر بن محمد علیهماالسلام حیث ورد فیها فإذا قال: قد قامت الصلاة، فقل: اللّهم أقمها وأدمها واجعلنا من خیر صالحی أهلها عملاً(1). وأیضاً قال فی دعائم الاسلام وروینا عن علی بن الحسین علیهماالسلام أنّ رسول اللّه صلی الله علیه و آله کان إذا سمع المؤذن قال کما یقول حیّ علی الصلاة حی علی الفلاح حیّ علی خیر العمل، قال: لا حول ولا قوة إلاّ باللّه(2). والروایة فی کلا الموردین مرفوعة والالتزام بثبوت الاستحباب بهما مبنی علی قاعدة التسامح فی السنن وقد تقدم أنها غیر تامّة ولایثبت الاستحباب الشرعی بها.

ص :392


1- (1) و (2) دعائم الاسلام 1 : 145 .

(مسألة 5) یجوز حکایة الأذان وهو فی الصلاة[1] لکن الأقوی حینئذ تبدیل الحیعلات بالحولقة.

(مسألة 6) یعتبر فی السقوط بالسماع عدم الفصل الطویل بینه وبین الصلاة[2].

الشَرح:

تجوز حکایة الأذان وهو فی الصلاة

[1] فإنّ شمول ما دل علی حکایة الأذان لمن کان حال الصلاة لا یخلو عن تأمل فإنّ الأذان فی نفسه نداء للصلاة وحکایته أیضاً نداء لها وذکر لله ورسوله فلا یعمّ من کان مشغولاً وداخلاً فی الصلاة.

نعم، حکایة بعض فصولها التی من ذکر اللّه لا بأس بها وکذا ذکر الرسالة والشهادة بها، وأم_ّا غیرهما ممّا یدخل فی کلام الآدمی فلا یجوز حال الصلاة.

ودعوی أنّ إطلاق ما دلّ علی استحباب الحکایة حال الصلاة مقتضاه سقوط مانعیة الحیعلات عن المانعیة والقاطعیة فی الفرض لا یمکن المساعدة علیها؛ فإنّ إطلاق أدلّة الاستحباب بل عمومها لا یصلح لتقیید أدلة الموانع، فإنّ استحباب الجهر بالأذان والإفصاح لا یعمّ صورة کونه موجباً لخروج صلاة المصلّی عن صورة الصلاة مع أنّ فی إطلاق ما دلّ علی استحباب حکایة الأذان وشموله لحال الصلاة تأم_ّلاً کما تقدّم.

[2] فإنّ سماع الأذان والإقامه لا یزید فی الحکم عن نفس الأذان والإقامة کما لا یجوز الاکتفاء بین الأذان والإقامة لصلاته مع الإتیان بالصلاة مع فصل طویل بینهما وبین الصلاة بحیث لا یعدّ ذلک الأذان والإقامة أذاناً وإقامة لها فکذا الحال فی سماعهما من الغیر.

ص :393

(مسألة 7) الظاهر عدم الفرق بین السماع والاستماع[1].

(مسألة 8) القدر المتیقن من الأذان الأذان المتعلّق بالصلاة[2] فلو سمع الأذان الذی یقال فی أُذن المولود أو وراء المسافر عند خروجه إلی السفر لا یجزیه؟

(مسألة 9) الظاهر عدم الفرق بین أذان الرجل والمرأة[3] إلاّ إذا کان سماعه علی الوجه المحرم أو کان أذان المرأة علی الوجه المحرم.

الشَرح:

عدم الفرق فی السقوط بین السماع والاستماع

[1] حیث إنّ الوارد فی موثقة عمرو بن خالد، عن أبی جعفر علیه السلام عنوان السماع فیکون ثبوت الحکم فی الاستماع بالأولویة.

فإنّ الروایات الواردة فی المقام لا یستفاد منها إلاّ سماع الأذان للصلاة بقرینة ذکر الاقامة معه فیها فراجع، بل فی الاکتفاء بسماع صلاة الإعلام أیضاً لا یخلو عن الإشکال؛ لما ذکرنا من أنّ العمدة فی المقام ما لا یشمل الوارد فیه غیر أذان الصلاة وإقامتها.

[2] قیل باستحباب الأذان وراء المسافر عند خروجه فی السفر، ولکن ورود ذلک غیر ظاهر؛ لعدم وجدان روایة تدل علی ذلک، وظاهر الماتن أیضاً مشروعیته ولعلّه أیضاً مبنی علی التسامح فی أدلة السنن بحیث یعمّ الفتوی من جملة من الأصحاب بالاستحباب فیما إذا احتمل أنّ بعضهم وجدوا روایة دالة علی ذلک مطلقاً.

المعتبر سماع أذان الرجل لا المرأة

[3] ظاهر ما تقدم من روایة أبی مریم الأنصاری وموثقة عمرو بن خالد(1)

ص :394


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 437 ، الباب 30 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 و 3 .

(مسألة 10) قد یقال یشترط فی السقوط بالسماع أن یکون السامع من الأول قاصداً الصلاة فلو لم یکن قاصداً وبعد السماع بنی علی الصلاة لم یکفِ فی السقوط وله وجه[1].

الشَرح:

ظاهرهما سماع أذان الرجل وإقامته فإلحاق سماع أذان المرأة بسماع اذان الرجل لا یخلو عن إشکال؛ لاحتمال الخصوصیة فی الرجل، وما ورد فی ذیل موثقة عمرو بن خالد من قول أبی جعفر علیه السلام : «ویجزیکم أذان جارکم» لا إطلاق فیه لانصرافه إلی أذان الرجل فإنه لم یکن متعارفاً من النساء الأذان والإقامة جهراً بحیث یسمع جیرانهن.

[1] لعل الوجه فی ذلک أنّ السامع فی روایة أبی مریم الأنصاری هو الإمام علیه السلام وکذا فی موثقة عمرو بن خالد ولا یحتمل أنه انقدح له علیه السلام الصلاة بذلک السماع بعد تمام السماع، ولکن لا یبعد التمسک بما ورد فی ذیل الموثقة من قوله علیه السلام : «یجزیکم اذان جارکم» فإنّ الظاهر أنّ مفاده قضیة کلیّة وهی جواز الاکتفاء فی الأذان والإقامة للصلاة سماعها عن الجار، سواء کان قصد السامع الصلاة من حین السماع أو بعد تمام السماع.

ص :395

ص :396

فصل [فی شروط الأذان والإقامة]

اشارة

یشترط فی الأذان والإقامة اُمور:

الأول: النیة ابتداءً واستدامة علی نحو سائر العبادات فلو أذّن أو أقام لا بقصد القربة لم یصحّ[1 [وکذا لو ترکها فی الأثناء نعم لو رجع إلیها وأعاد ما أتی به من الفصول لا مع القربة معها صحّ ولایجب الاستیناف هذا فی أذان الصلاة، وأم_ّا أذان الإعلام فلا یعتبر فیه القربة کما مرّ، ویعتبر أیضاً تعیین الصلاة التی یأتی بهما لها مع الاشتراک فلو لم یعیّن لم یکفِ کما أنه لو قصد بهما صلاة لا یکفی لأُخری بل یعتبر الإعادة والاستیناف.

الشَرح:

فصل فی شروط الأذان والإقامة

الأوّل: النیة

[1] عنوان الأذان للصلاة والإقامة لها عنوان قصدی ولابد فی الإتیان بکل منهما قصد عنوانهما ولو بنحو الإجمال کما فی سایر الأفعال التی تکون عناوینها قصدیة.

وبتعبیر آخر، اتصاف الأذان بکونه أذاناً إعلامیاً أو للصلاة فی أول وقتها یحتاج إلی القصد، ویدل علی ذلک أیضاً ما ورد من اعتبار الأذان قبل الإقامة مع أنه قد یکون صورتهما واحدة کما فی ما یجزی عن المرأة فی أذانها وإقامتها فیکون تقدیم الأذان علی إقامتها بالقصد لامحالة نظیر تقدیم نافلة الفجر علی صلاة الفجر بعد طلوعه، وحیث تقدم فی تقسیم الأذان إلی أذان الصلاة وأذان الإعلام کون الأول عبادة فلا بد من وقوعه بقصد التقرب ولو فقد قصد التقرب فی الأثناء بطل ذلک الواقع بلا قصد

ص :397

الثانی: العقل والإیمان[1]، وأم_ّا البلوغ فالأقوی عدم اعتباره خصوصاً فی الأذان وخصوصاً فی الإعلامی فیجزی أذان الممیز وإقامته إذا سمعه أو حکاه أو فیما لو أتی بهما للجماعة وأما إجزاؤهما لصلاة نفسه فلا إشکال فیه.

الشَرح:

التقرب، ولو تدارکه ثانیاً بقصد التقرب صح ولا یحتاج إلی الاستیناف لعدم بطلان الأذان بالزیادة کذلک والتشریع بالمقدار الذی وقع بلاقصد التقرب غایته تحسب زیادة، والزیادة فی الأذان والإقامة غیر مبطلة إذا وقعا بتمام فصولهما.

الثانی: العقل والإیمان

[1] لا اعتبار بأذان المجنون إعلاماً فلا یجوز الاعتماد علی أذانه فی إحراز دخول الوقت کما لا یتحقق منه الأذان لصلاته لعدم کون الصلاة مشروعة فی حقّه کی یشرع أذانه وإقامته لها.

أضف إلی ذلک ارتکاز المتشرعة فی أنهم لا یعتمدون علی أذان المجنون لا فی الإعلام ولا فی أذانه لصلاة الجماعة.

ویعتبر الإیمان فی صحة الأذان والإقامة عند المشهور، ویستدل علی ذلک بموثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سئل عن الأذان هل یجوز أن یکون من غیر عارف؟ قال: «لایستقیم الأذان ولایجوز أن یؤذن به إلاّ رجل مسلم عارف فإن علم الأذان وأذّن به ولم یکن عارفاً لم یجز أذانه ولا إقامته ولا یقتدی به»(1) فإنّ ظاهرها عدم ترتیب أثر الأذان من الاکتفاء بأذان واحد فی صلاة الجماعة ونحوها علی أذان غیر العارف وذکر قید العارف بعد فرض المسلم کالصریح فی أنّ المراد منه الاعتقاد بولایة الأئمة علیهم السلام .

ص :398


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 431 ، الباب 26 من أبواب الأذان والاقامة، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

وأم_ّا الاستدلال علی اعتبار الإیمان بروایة معاذ بن کثیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا دخل الرجل المسجد وهو لایأتم بصاحبه وقد بقی علی الإمام آیة أو آیتان فخشی إن هو أذّن وأقام أن یرکع فلیقل: قد قامت الصلاه قد قامت الصلاة اللّه أکبر اللّه أکبر»(1) الخ، فالاستدلال بهما علی اشتراط الإیمان فی المؤذن والمقیم لا یخلو عن تأم_ل فإنّ مدلولها عدم الاکتفاء بذلک الأذان والإقامة فیما إذا کان الإمام لا یؤتم به ولو کان ذلک الأذان والإقامة لذلک الإمام من مؤذن عارف، وهذا غیر اشتراط الإیمان فی المؤذن والمقیم، ومثلها روایة محمد بن عذا فر، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «أذّن خلف من قرأت خلفه»(2) حیث إنّ إطلاق الأمر بالأذان خلفه یعمّ ما إذا أذّن وأقام له مؤمن أم غیره.

وربما یستدل علی عدم اعتبار الإیمان بصحیحة عبداللّه بن سنان، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا أذّن مؤذّن فنقص الأذان وأنت ترید أن تصلی بأذانه فأتم ما نقص هو من أذانه»(3) حیث إنّ نقصان المؤذن الأذان ترکه حی علی خیر العمل، وإذا جاز الاکتفاء بأذانه عند السماع مع إکمال نقصه جاز الاکتفاء به إذا لم یکن فی أذانه نقص.

ولکن لا یخفی أنه لم یظهر وجه تعین النقص فی حیّ علی خیر العمل لیکشف فرض المؤذن غیر عارف، وعلی تقدیر الإغماض فغایتها کفایة أذانه عند السماع منه، وأم_ّا الاکتفاء بأذانه ولو لم یسمعه فلا دلالة لها علی ذلک.

وأم_ّا أذان الصبی وعدم اعتبار البلوغ فیقع الکلام فی جهتین الأُولی: صحة أذان الصبی الممیز وإقامته بالإضافة إلی الصلاة التی یصلی وهذا ممّا لا ینبغی التأم_ّل فی

ص :399


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 443، الباب 34 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 443 ، الباب 34 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 437 ، الباب 30 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .

.··· . ··· .

الشَرح:

جوازه؛ لما تقدم من مشروعیة الصلوات الیومیة وغیرها فی حقه، ولازم ذلک مشروعیة وضوئه وغسله وسایر ما یعتبر فی الصلاة، سواء کان من شرط صحتها أو شرط کمالها کما هو الحال فی الأذان والإقامة ویکفی فی ذلک ما ورد فی الروایات مثل صحیحة محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهماالسلام فی الصبی متی یصلّی؟ قال: «إذا عقل الصلاة، قلت: متی یعقل الصلاة وتجب علیه؟ قال: لستّ سنین(1).

الجهة الثانیة: إجزاء أذانه وإقامته للغیر أو لصلاة الجماعة، فظاهر جملة من الروایات هو الاجزاء ففی صحیحة عبداللّه بن سنان، قال: «لا بأس أن یؤذن الغلام الذی لم یحتلم»(2) ونحوها موثقة طلحة بن زید، عن جعفر، عن أبیه عن علی علیه السلام (3)، وموثقة غیاث بن إبراهیم، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «لا بأس بالغلام الذی لم یبلغ الحلم أن یؤم القوم وأن یؤذن»(4) ولکن یعارضها فی إمامته روایة إسحاق بن عمار، عن جعفر، عن أبیه أنّ علیّاً علیه السلام کان یقول: «لا بأس أن یؤذن الغلام قبل أن یحتلم ولا یؤم حتی یحتلم، فإن أمَّ جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه»(5) وحیث إنّ عدم جواز إمامته فی صلاة الجماعة متسالم علیه عند المشهور فلا بأس بالأخذ بما دلّ علی إجزاء أذانه وإقامته وإن لم نقل بجواز إمامته.

ص :400


1- (1) وسائل الشیعة 4 : 18 ، الباب 3 من أبواب أعداد الفرائض، الحدیث 2.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 440 ، الباب 32 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2.
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 440 ، الباب 32 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3.
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 441 ، الباب 32 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4.
5- (5) وسائل الشیعة 8 : 322 ، الباب 14 من أبواب صلاة الجماعة، الحدیث 7 .

وأم_ّا الذکوریة فتعتبر فی أذان الإعلام[1] والأذان والإقامة لجماعة الرجال غیر المحارم ویجزیان لجماعة النساء والمحارم علی إشکال فی الأخیر والأحوط عدم الاعتداد.

نعم، الظاهر إجزاء سماع أذانهن بشرط عدم الحرمة کما مرّ وکذا إقامتهن.

الشَرح:

تعتبر الذکوریة فی أذان الإعلام

[1] لا ینبغی التأمّل فی عدم مشروعیة أذان الإعلام للنساء فإنّ المطلوب فی أذان الإعلام بدخول الوقت إعلام الناس به وهذا یحصل برفع الصوت فی ذلک الأذان فقوله علیه السلام فی صحیحة معاویة بن وهب: «من أذّن فی مصر من أمصار المسلمین سنة وجبت له الجنة»(1) منصرف إلی أذان الرجل، وفی معتبرة محمد بن مروان، قال: سمعت أباعبداللّه علیه السلام یقول: «المؤذن یغفر له مدّ صوته ویشهد له کل شیء سمعه»(2).

وأم_ّا الاستدلال علی ذلک بقوله علیه السلام فی صحیحة زرارة: «کلّما اشتد صوتک من غیر أن تجهد نفسک کان من یسمع أکثر وکان أجرک فی ذلک أعظم»(3) مقتضاه یعمّ أذان الإعلام وأذان الصلاة، وغایته أنّ رفع الصوت فی الأذان ینصرف عن المرأة التی رفع الجهر عنها فی الصلوات الجهریة فضلاً عن الأذان المستحب، والعمدة فی عدم مشروعیة أذان الإعلام عن المرأة؛ لأنّ الغرض منه إعلام الناس المتوقف علی رفع الصوت ومطلوبیة العفاف الکامل عن المرأة الموقوف علی تسترها فضلاً عن أن تصعد جداراً وتؤذن للناس بمدّ صوتها ویجری ذلک فی أذانها لجماعة الرجال حتی فیما کانت النساء مع الرجال فی الایتمام بالإمام من غیر فرق بین کون الرجال أجانب أو محارم.

ص :401


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 371 ، الباب 2 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 374 ، الباب 2 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 11 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 410 ، الباب 16 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .

الثالث: الترتیب بینهما بتقدیم الأذان علی الإقامة[1] وکذا بین فصول کل، منهما فلو قدّم الإقامة عمداً أو جهلاً أو سهواً أعادها بعد الأذان، وکذا لو خالف الترتیب فیما بین فصولهما فإنه یرجع إلی موضع المخالفة ویأتی علی الترتیب إلی الآخر، وإذا حصل الفصل الطویل المخل بالموالاة یعید من الأول من غیر فرق أیضاً بین العمد وغیره.

الشَرح:

نعم، لا بأس بأذانها فی جماعة النساء التی تتقدمهن المرأة فإنّ ما ورد فی جماعة النساء ظاهره عدم الفرق فی إقامتهن الجماعة بینهن وبین الرجال إلاّ ما ورد فی تلک الروایات من وقوف إمامهن فی وسط صفّهن، وإذا کان یجزی فی جماعة الرجال أذان الإمام وإقامته أو أذان بعض المأمومین وإقامته کان الأمر فی جماعة النساء أیضاً کذلک.

وأم_ّا ما ذکر الماتن قدس سره من الأقوی الحکم بإجزاء سماع أذان المرأة وإقامتها للرجل عن أذان نفسه وإقامته فلا دلیل علیه حتی فیما إذا کان السامع امرأة قد سمعت أذان المرأة فلا دلیل علی إجزائه علی ما تقدّم من أنّ الدلیل علی إجزاء السماع لا یشمل أذان المرأة وإقامتها.

الثالث: الترتیب بینهما بتقدیم الأذان علی الإقامة

[1] اعتبار تقدیم الأذان علی الإقامة بمعنی أنه إذا عکس الأمر بأن أقام ثم أذن بطل فلا بد من إعادة الإقامة إذا أراد أن یصلی صلاته بأذان وإقامة أو بإقامة، ویدلّ علی اعتبار تقدیم الأذان بهذا المعنی الروایات الواردة فی استحباب الفصل بین الأذان والإقامة بجلوس وذکروا منها صحیحة البزنطی، قال: قال: القعود بین الأذان والإقامة فی الصلوات کلّها إذا لم یکن قبل الإقامة صلاة یصلّیها»(1) حیث إنّها واضحة الدلالة علی

ص :402


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 397 ، الباب 11 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3.

.··· . ··· .

الشَرح:

أنّ الإقامة تعتبر قبل البدء بالصلاة فریضة الوقت بعد الأذان حتی لو کانت لها نافلة یصلّیها بعد الأذان وقبل الإقامة للصلاة، ومنها الروایات الناهیة عن التکلم إذا قال المؤذن قد قامت الصلاة إلاّ فی التکلم فی تقدیم الإمام کموثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: سألته عن الرجل ینسی أن یفصل بین الأذان والإقامة حتی أخذ فی الصلاة أو أقام للصلاة؟ قال: «لیس علیه شیء»(1) فإنّ عدم تذکر الفصل بین الأذان والإقامة حتی یدخل فی الصلاة أو فی الإقامة مقتضاه اعتبار وقوع الإقامة بعد الأذان کاعتبار وقوع الصلاة بعده، وصحیحة ابن أبی عمیر، قال: سألت أباعبدالله علیه السلام عن الرجل یتکلّم فی الإقامة؟ قال: نعم، فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة فقد حرم الکلام علی أهل المسجد، إلاّ أن یکونوا قد اجتمعوا من شتی ولیس لهم إمام فلا بأس أن یقول بعضهم لبعض تقدّم یا فلان(2). والحرمة بمعنی الکراهة لأنّ أول الصلاة هی تکبیرة الإحرام وما ورد فی الجواز کصحیحة حماد بن عثمان(3). ویستحب إعادة الإقامة إذا تکلم فی أثنائها لصحیحة ابن أبی عمیر، عن أبی عبداللّه علیه السلام وأوضح ما فی الباب فی الدلالة علی أنّ محل أذان الصلاة قبل إقامتها صحیحة زرارة، قال: قلت لأبی عبداللّه علیه السلام : رجل شک فی الأذان وقد دخل فی الإقامة؟ قال: یمضی _ إلی أن قال: _ یا زرارة إذا خرجت من شیء ثم دخلت فی غیره فشکک لیس بشیء(4).

وأم_ّا اعتبار الترتیب بین فصولها فیدل علیه ما ورد فی الروایات البیانیة لفصول

ص :403


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 398 ، الباب 11 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 5.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 395 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 395 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 9 .
4- (4) وسائل الشیعة 8 : 237 ، الباب 23 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.

.··· . ··· .

الشَرح:

الأذان والإقامة وما ورد فی ترک بعض فصولهما من تدارک المنسی وإعادة ما یترتب علیه من فصولهما کصحیحة زرارة، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «من سها فی الأذان فقدّم أو أخّر أعاد علی الأوّل الذی أخّره حتی یمضی علی آخره»(1) وموثقة عمار الساباطی، قال: سألت أباعبدالله علیه السلام أو سمعته یقول: «إن نسی الرجل حرفاً من الأذان حتی یأخذ فی الإقامة فلیمضِ فی الإقامة فلیس علیه شیء، فإن نسی حرفاً من الإقامة عاد إلی الحرف الذی نسیه، ثم یقول من ذلک الموضع إلی آخر الإقامة»(2) وما ورد فی هذه الموثقة من عدم الاعتناء بالخلل فی الأذان وأنه یعتنی بالخلل فی الإقامة لیس من جهة اعتبار الترتیب فی الإقامة دون الأذان بل باعتبار الاکتفاء بالصلاة بالإقامة من غیر أذان.

وبتعبیر آخر، المستفاد من صحیحة زرارة وموثقة عمار اعتبار الترتیب بین فصول الأذان والإقامة من غیر فرق بین صورة العلم والجهل والسهو، وموثقته الأُخری المرویة فی الفقیه قال: سئل أبوعبدالله علیه السلام عن رجل نسی من الأذان حرفاً فذکره حین فرغ من الأذان والاقامة؟ قال: «یرجع إلی الحرف الذی نسیه فلیقله ولیقل من ذلک الحرف إلی آخره ولایعید الأذان کلّه ولا الإقامة»(3) ولعلّ المراد بعدم لزوم الإعادة فی ناحیة الإقامة أنه لو نسی منها حرفاً لا یعیدها من الأصل بل یرجع إلی الحرف المنسی ویتم ما بعدها؛ لما تقدم من اعتبار کون الأذان قبل الإقامة، وقد ذکر المحقق الهمدانی أنّ الوجه فیما ورد فی موثقة عمار الأُولی بعدم تدارک الخلل فی الأذان بعد الدخول فی الإقامة هو عدم بقاء المحل لتدارک النقص فی الأذان بعد

ص :404


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 441 ، الباب 33 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 442 ، الباب 33 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
3- (3) من لا یحضره الفقیه 1 : 289 ، الحدیث 894 .

الرابع: الموالاة بین الفصول من کل منهما علی وجه تکون صورتهما محفوظة بحسب عرف المتشرعة، وکذا بین الأذان والإقامة وبینهما وبین الصلاة، فالفصل الطویل المخل بحسب عرف المتشرعة بینهما، أو بینهما وبین الصلاة مبطل[1].

الشَرح:

الدخول فی الإقامة(1) لاعتبار وقوع الأذان قبل الإقامة، ولکن لایخفی أنه إنّما یمکن الالتزام بما ذکره لو کان التذکر بالخلل فی الأذان بعد الفراغ من الإقامة وسقوط التکلیف بها، وحیث إنّ الأذان محلّه قبل الإقامة الصحیحة لا یکون التکلیف بالأذان قابلاً للتدارک والمفروض فی الموثقة التذکر بالخلل فی الأذان بعد الشروع فی الإقامة لا بعد الفراغ منها.

أضف إلی ذلک أنّ الأذان والإقامة أو الإقامة من غیر أذان شرط فی کمال الصلاة أو جزءان مستحبان للصلاة فما دام لم یدخل فی الصلاة یکون تدارکهما أمراً ممکناً ولو بتدارک نقص الأذان وإتمامه وإعادة الإقامة کما لو أذّن وأقام لصلاته وتأخّر فی الدّخول فی الصلاة إلی أن فاتت الموالاة بینهما وبین الصلاة، وإنما یتصور سقوط التکلیف ما إذا کان التکلیف بالشیء نفسیاً عبادیاً أو توصلیاً وأتی به ولم یأتِ بالواجب المستقل أو المستحب المستقل المعتبر وقوعه قبل ذلک الواجب الذی فرغ عنه کما هو الحال فی نافلة الظهر قبل فریضة الظهر.

الرابع: الموالاة بین فصولهما

[1] وأم_ّا اعتبار الموالاة بین أجزاء وفصول الأذان والإقامة فلأنّ کلاًّ منهما عمل واحد ولکل منهما عنوان، والمرتکز فی أذهان المتشرعة أنّ المعتبر فی العمل الواحد

ص :405


1- (1) مصباح الفقیه 11 : 317 _ 318 .

الخامس: الإتیان بهما علی الوجه الصحیح بالعربیة[1] فلا یجزئ ترجمتهما ولا مع تبدیل حرف بحرف.

الشَرح:

بنحو الواجب الارتباطی أو المستحب الارتباطی أن لا یفصل بین أجزاء ذلک العمل بحیث ینسی الأول عند الإتیان بالجزء اللاحق، ولا یعدّ الآتی مشتغلاً بذلک العمل إلاّ مع قیام قرینة عامّة أو دلیل خاص علی عدم اعتبار الموالاة، کما هو الحال بالاضافة إلی أعمال العمرة والحج وغسل الجنابة وغیرها، وبذلک یظهر أنّ اتصاف الأذان والإقامة بأنهما للصلاة یکون بتحقق الموالاة بینهما وبین الصلاة، حیث إنّهما من الأجزاء المستحبة لها أو من المقدمات التی یحصل بها التهیّؤ للصلاة والقیام إلیها کما هو مفاد بعض فصولهما خصوصاً فصول الاقامة لها.

الخامس: الاتیان بهما علی الوجه الصحیح بالعربیة

[1] کما هو مقتضی الروایات الواردة فی بیان کیفیة الأذان والإقامة حتی فی الأذان للإعلام حیث إنّ ظاهر ما ورد فی أذان الإعلام أنّ فصوله وکیفیته هی الکیفیة والفصول فی الأذان للصلاة یؤتی به إعلاماً لدخول الوقت، ولا یصدق ما ورد فی بیانها لا علی الترجمة ولا صورة تبدیل حرف إلی آخر فضلاً عن تغییر الکلمة.

وبتعبیر آخر کما أنّ القرآن لا یصدق علی ترجمته ولا الصلاة علی ما یأتی الشخص بصورة أفعاله مع ترجمة القراءة والأذکار کذلک لا یصدق الأذان والإقامة علی ترجمتها، وإنما یصدق أنه ترجمة القرآن أو ترجمة قراءة الصلاة وأذکارها، ومقتضی توقیفیة العبادة أن یؤتی بأصلها لا بترجمتها وما یشابهها فی الشکل والصورة.

ص :406

السادس: دخول الوقت فلو أتی بهما قبله[1] ولو لا عن عمد لم یجتزئ بهما وإن دخل الوقت فی الأثناء، نعم لا یبعد جواز تقدیم الأذان قبل الفجر للإعلام وإن کان الأحوط إعادته بعده.

الشَرح:

السادس: دخول الوقت

[1] کما هو مقتضی قوله علیه السلام فی صحیحة معاویة بن وهب: «لا تنتظر بأذانک وإقامتک إلاّ دخول وقت الصلاة»(1) ومقتضاها بطلانهما إذا أتی بهما أو ببعض منهما قبل الوقت.

نعم، قد یقال بمشروعیة الأذان للإعلام قبل طلوع الفجر، ویستدل علی ذلک بصحیحة عبداللّه بن سنان، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: قلت له: إنّ لنا مؤذناً یؤذن بلیل، فقال: «أما إنّ ذلک ینفع الجیران لقیامهم إلی الصلاة»(2) وفی صحیحته الأُخری قال: سألته عن النداء قبل طلوع الفجر؟ قال: «لا بأس وأم_ّا السنة مع الفجر»(3) ولا یبعد أن یقال إذا أتی المؤذن بالأذان إعلاماً لدخول الوقت فهذا غیر جایز فإنه مع العلم والعمد یدخل فی عنوان الکذب، وأم_ّا إذا أذّن لیقوم النساء إلی الإتیان بالصلاة فی أوّل الوقت من غیر قصد استحباب هذا الأذان بنفسه فلا بأس بذلک، بل یمکن أن یقال باستحبابه بعنوان إیقاظ الناس إلی الصلاة فی أول وقتها، بل یمکن تسریة الاستحباب بهذا العنوان إلی ما یتعارف فی أکثر البلاد للمؤمنین بقراءة المناجات قبل الفجر وکیف کان فالأحوط لو لم یکن أقوی عدم جواز الصلاة بهذا الأذان، سواء دخل الوقت فی أثنائه بعد الفراغ منه، فإنّ ظاهر الأذان المشروع للصلاة کالإقامة أن یکون الإتیان به بعد

ص :407


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 388 _ 389 ، الباب 8 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 390 _ 391 ، الباب 8 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 391 ، الباب 8 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 8 .

.··· . ··· .

الشَرح:

دخول وقت الصلاة کما هو ظاهر الروایات الواردة فی استحباب الأذان والإقامة للصلاة.

ثمّ إنّه قد روی الشیخ فی المجالس والأخبار باسناده إلی زریق عن أبی علیه السلام قال: کان ربما یقدم عشرین رکعة یوم الجمعة فی صدر النهار فإذا کان عند زوال الشمس أذّن وجلس جلسة ثمّ أقام وصلّی الظهر، وکان لایری صلاة عند الزوال یوم الجمعة إلاّ الفریضة، ولا یقدم صلاة بین یدی الفریضة إذا زالت الشمس وکان یقول: هی أوّل صلاة فرضها اللّه علی العباد صلاة الظهر یوم الجمعة مع الزوال، وقال رسول اللّه صلی الله علیه و آله : لکل صلاة أول وآخر لعلة یشغل سوی صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة الفجر وصلاة العیدین، فإنه لا یقدّم بین یدی ذلک نافلة، قال: وربما کان یصلّی یوم الجمعة ست رکعات إذا ارتفع النهار وبعد ذلک ست رکعات أُخر، وکان إذا رکدت الشمس فی السماء قبل الزوال أذّن وصلّی رکعتین فما یفرغ إلاّ مع الزوال ثمّ یقیم للصلاة فیصلی الظهر ویصلی بعد الظهر أربع رکعات ثمّ یؤذن ویصلّی رکعتین ثمّ یقیم فیصلّی العصر(1). وظاهرها جواز أذان الظهر یوم الجمعه قبل الزوال.

ولو کان أمر سندها تاماً أمکن الالتزام بجواز أذان الظهر یوم الجمعة قبیل الزوال، ولکن سندها غیر تام فإنّ نفس زریق الخلقانی لم یثبت وثاقته والروای عنه محمد بن خالد الطیالسی علی ما ذکر فی الوسائل(2) فی طریق الشیخ إلی روایات زریق وهو أیضاً لم یثبت وثاقته.

ص :408


1- (1) الأمالی : 695 ، المجلس 39 ، الحدیث 25 .
2- (2) وسائل الشیعة 30 : 144 ، الفائدة الثانیة، الرقم 51 .

السابع: الطهارة من الحدث فی الإقامة علی الأحوط، بل لایخلو عن قوة[1] بخلاف الأذان.

الشَرح:

السابع: الطهارة من الحدث

[1] المحکی عن جماعة اشتراط الطهارة فی الإقامة دون الأذان، ولکن المشهور التزموا بالاستحباب فلو أذّن وأقام بلا وضوء ثم دخل فی الصلاة من غیر فصل طویل بین الأذان والإقامة وبین الصلاة فقد صلاها بأذان وإقامة، والأمر بالوضوء فی الإقامة بل النهی عن الاکتفاء بالإقامة حال الحدث وإن ورد فی عدة من الروایات إلاّ أنها تحمل علی الأفضلیة أو کراهة الإقامة حال الحدث بمعنی کونها أقل ثواباً، بخلاف الأذان فإنّ الحدث لا یوجب نقص ثوابه کصحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام أنه قال: «تؤذن وأنت علی غیر وضوء وأنت فی ثوب واحد قائماً أو قاعداً وأینما توجهت ولکن إذا أقمت فعلی وضوء متهیئاً للصلاة»(1) وصحیحة الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام : «لا بأس أن یؤذن الرجل من غیر وضوء ولا یقیم إلاّ وهو علی وضوء»(2) ونحوها صحیحة عبداللّه بن سنان(3)، وصحیحة علی بن جعفر فی کتابه عن أخیه موسی بن جعفر علیه السلام قال: سألته عن الرجل یؤذن أو یقیم وهو علی غیر وضوء أیجزیه ذلک؟ قال: أمّا الأذان فلا بأس، وأم_ّا الإقامة فلا یقیم إلاّ علی وضوء، قلت: فإن أقام وهو علی غیر وضوء أیصلّیّ بإقامته؟ قال: لا(4).

وقد یستظهر من صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام (5) من أنّ التهیّؤ إلی الصلاة

ص :409


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 391 ، الباب 9 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل.
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 391 ، الباب 9 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 392 ، الباب 9 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 393 ، الباب 9 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 8 .
5- (5) المتقدمة آنفاً.

.··· . ··· .

الشَرح:

حال الإقامة بالاستقبال والطهارة والقیام استحباب آخر غیر استحباب الإقامة، فإنّ ظاهر الأمر بفعل عند الإتیان بالمستحب غیر ظاهر فی وحدة المطلوب وشرطیة ذلک الفعل للمستحب، بخلاف الواجبات فإنّ ظاهر الأمر بفعل عند الإتیان بالواجب هو الاشتراط إلاّ أن یقوم قرینة علی الخلاف، ولکن النهی عن الإقامة حال الحدث وبیان عدم الاکتفاء بها للصلاة إذا أتی بها حال الحدث ظاهره الاشتراط کما هو ظاهر صحیحة علی بن جعفر المتقدمة(1).

نعم، یمکن حمل هذا النهی أیضاً علی استحباب الإعادة بمعنی کون إعادتها أفضل، کما یحمل النهی عن التکلم أثناء الإقامة والأمر بإعادتها علی ذلک فإنه ورد فی صحیحة محمد بن مسلم، قال: قال أبوعبداللّه علیه السلام : «لا تتکلّم إذا أقمت الصلاة فإنک إذا تکلّمت أعدت الإقامة»(2) إلاّ أنّ الحمل علی استحباب الإعادة کذلک لقیام القرینة علی تمامیة الإقامة ولو مع التکلم وهی صحیحة حماد بن عثمان، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الرجل یتکلّم بعد ما یقیم الصلاة؟ قال: «نعم»(3) ومثل هذه القرینة لم تعمّ ناحیة النهی عن الصلاة بالإقامة حال الحدث.

والمتحصّل ممّا دلّ علی استحباب الإقامة للصلوات الیومیة مقتضی إطلاقها عدم اعتبار شیء فیها إلاّ ماورد فی بیان فصول الإقامة، و ورود الأمر بفعل عند الإتیان بالأذان والإقامة غیر ظاهر فی شرطیته لهما، بل القرینة العامة علی تعدد الملاک فی نوع المستحبات مقتضاها الحمل علی استحباب ذلک الفعل عند الإتیان بها إلاّ إذا کان فی

ص :410


1- (1) فی الصفحة السابقة .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 394 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 395 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 9 .

.··· . ··· .

الشَرح:

البین أمر بإعادتهما إذا أتی بهما بدون ذلک الفعل.

نعم النهی عن الإتیان بهما عند فعل أو حال ظاهره المانعیة أو شرطیة ضدّه وکذا الأمر بالإعادة فإنّ الأمر بالإعادة کالنهی لا یرفع الید عن ظهوره فی الشرطیة أو المانعیة إلاّ بالقرینة علی أفضلیة الإعادة لإدراک المستحب المؤکّد.

وممّا ذکرنا یظهر الحال فیما ذکره الماتن المستحبات فی الأذان والإقامة من استحباب القیام فإنّ الوارد فی عدة من الروایات من النهی عن الإقامة إلاّ وهو قائم، ومقتضاها أیضاً کما ذکرنا اشتراط القیام فیها.

نعم، لم یرد فیه الأمر بالإعادة إذا أتی بالإقامة جالساً، ولکن ورد فی الإقامة بلا وضوء أن_ّها لا تکفی فی الدخول فی الصلاة.

اللّهم إلاّ أن یقال إذا کان الأمر بفعل عند الإتیان بالمستحب غیر ظاهر فی الاشتراط فی ناحیة صحته، بل المتبادر منه الاشتراط فی کمالها لایکون النهی عنه أیضاً عند فعل أو حال ظاهراً فی مانعیته عن صحته مع وجود الدال علی صحته من إطلاق الأمر به، بل تکون النهی عنه عند ذلک الفعل أو الحال ظاهراً فی کراهته بمعنی حصول المنقصة فی ملاکها؛ لأنّ الغالب لاستحباب الفعل مراتب.

نعم، لا یبعد أن یکون ظاهر النهی عن الاکتفاء بذلک المنهی عنه فساده وبهذا یمتاز الطهارة فی حال الإقامة عن القیام حالها حیث لم یرد الأمر بإعادة الإقامة إذا أقام جالساً وورد النهی عن الاکتفاء بها إذا أقام حال الحدث عن الدخول فی الصلاة بها کما فی صحیحة علی بن جعفر(1) المرویة کما قبلها فی باب 9 من أبواب الأذان والإقامة.

ص :411


1- (1) تقدمت فی الصفحة: 409 .

(مسألة) إذا شک فی الإتیان بالأذان بعد الدخول فی الإقامة لم یعتنِ به[1] وکذا لو شک فی فصل من أحدهما بعد الدخول فی الفصل اللاحق، ولوشک قبل التجاوز أتی بما شک فیه.

الشَرح:

الحکم فی الشک بالإتیان بالأذان

[1] قد تقدم أنّ عدم الاعتناء بالشک فی الإتیان بالأذان بعد الدخول فی الإقامة وارد فی صحیحة زرارة الواردة فی قاعدة التجاوز، وأم_ّا عدم الاعتناء بالشک فی بعض فصولهما بعد الدخول فی الفصل اللاحق داخل فی الکبری الواردة فیها: «إذا خرجت من شیء ثم دخلت فی غیره فشکک لیس بشیء»(1) حیث إنّ المراد بقرینة ورودها فی الشک فی أجزاء الصلاة أنّ المراد بالشیء أعم من الجزء والکل، وقد تقدّم اعتبار الترتیب فی فصول الأذان والإقامة کالترتیب المعتبر فی أجزاء الصلاة فیکون الشک فی الفصل السابق منهما بعد الدخول فی الفصل اللاحق من الشک فی شیء بعد تجاوز محلّه.

وأم_ّا الاعتناء بالشک فی فصل قبل الدخول فی اللاحق من الشک فی المحل ومقتضی القاعدة بل وبعض ما ورد من روایات القاعدة، ودعوی أنّ ظاهر قوله علیه السلام : «إذا خرجت من شیء ودخلت فی غیره»(2) ظاهر الشیء المعنون بعنوان فلا یعمّ تجاوز بعض أجزاء الشیء والشک فیه بعد مضی محلّه غایة تطبیق الکبری علی أجزاء الصلاة تعبد وحسبان کل من أجزائها شیئاً کما تری.

نعم، الشک فی مثل حرف من کلمة بعد الشروع فی حرفها الآخر لا یدخل فی القاعدة لانصراف قوله علیه السلام : «إذا خرجت من شیء ودخلت فی غیره» عن مثلها.

ص :412


1- (1) وسائل الشیعة 8 : 237 ، الباب 23 من أبواب الخلل الواقع فی الصلاة، الحدیث الأوّل .
2- (2) تقدمت آنفاً .

فصل [فی مستحبات الاذان والإقامة]

فصل [فی مستحبات الاذان والإقامة]

یستحب فیهما أُمور:

الأول: الاستقبال[1]. الثانی: القیام. الثالث: الطهارة فی الأذان، وأما الإقامة

الشَرح:

فصل فی مستحبات الأذان والإقامة

فصل [فی مستحبات الاذان والإقامة]

اشارة

[1] یستدل علی استحاب الاستقبال فی الأذان بالإجماع مؤیداً بخبر دعائم الإسلام عن علی علیه السلام : «یستقبل المؤذن القبلة فی الأذان والإقامة فإذا قال: حیّ علی الصلاة حیّ علی الفلاح حوّل وجهه یمیناً وشمالاً»(1) ویؤید أیضاً بإطلاق قوله علیه السلام : «خیر المجالس ما استقبل به القبلة»(2).

أقول: قد تقدّم أنّ مجرّد دعوی الإجماع بل مع ثبوت الاتفاق لا یمکن الاعتماد علیه فی مثل المسألة؛ لاحتمال کون اعتماد الجلّ أو البعض وإن لم یکن الکلّ علی خبر دعائم الإسلام بضمیمة ما یقال من التسامح فی أدلة السنن، أو بإطلاق ما ورد المرسلة(3) المرویة فی مفتاح الفلاح(4) والشرایع(5)، ولعدم تمام ما بنوا علیه من التسامح فی أدلة

ص :413


1- (1) دعائم الاسلام 1 : 144 .
2- (2) وسائل الشیعة 12 : 109 ، الباب 76 من أبواب أحکام العشرة، الحدیث 3 .
3- (3) وهی الحدیث الثانی المذکور قبل قلیل .
4- (4) مفتاح الفلاح : 13 .
5- (5) شرائع الاسلام 4 : 864 .

فقد عرفت أنّ الأحوط بل لا یخلو عن قوة اعتبارها فیها، بل الأحوط اعتبار

الشَرح:

السنن بالمعنی الذی ذکروه، وضعف خبر دعائم الإسلام سنداً، وعدم دلالة المرسلة علی استحباب الأذان مستقبلاً، فإن غایة مدلولها استحباب الجلوس فی کل مجلس إلی القبلة، وهذا بیان للاستحباب النفسی للجلوس المذکور لابیان للاستحباب المؤکّد للأذان مستقبلاً کما هو المهم فی المقام یشکل الحکم باستحبابه فی ناحیة الأذان مع قوله علیه السلام فی صحیحة زراره، عن أبی جعفر علیه السلام : «تؤذّن وأنت علی غیر وضوء فی ثوب واحد، قائماً أو قاعداً وأینما توجهت، ولکن إذا أقمت فعلی وضوء متهیئاً للصلاة»(1) اللّهم إلاّ أن یقال التسالم علی استحباب الاذان مستقبلاً إلی القبلة لا یمکن أن یستند إلی ما ذکر فإنّ الالتفات یمیناً وشمالاً غیر مذکور فی کلمات الأصحاب، ولو کان المستند للاستحباب روایة الدعائم(2) لکان الالتفات مذکوراً ولو فی کلمات جماعة.

وقد یقال یستفاد استحباب الاستقبال حال الأذان من صحیحة محمد بن مسلم، عن أحدهما علیهماالسلام قال: سألته عن الرجل یؤذن وهو یمشی أو علی ظهر دابته وعلی غیر طهور؟ فقال: «نعم، إذا کان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس»(3) فإنّ المتفاهم من الجواب أنّ أقل ما یدرک من الاستحباب أن یکون تشهد المؤذن مستقبل القبلة ونحوها صحیحة الحلبی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: قلت له: یؤذن الرجل وهو علی غیر القبلة؟ قال: «إذا کان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس»(4) وما فی صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام (5) کما نقلناها من التفصیل بین الأذان والإقامة یحمل التهیّؤ للصلاة حال

ص :414


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 391 ، الباب 9 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) تقدمت فی الصفحة السابقة .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 403 ، الباب 13 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 456 ، الباب 47 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
5- (5) تقدمت فی الصفحة السابقة .

الاستقبال والقیام أیضاً فیها، وإن کان الأقوی الاستحباب[1].

الشَرح:

الإقامة ومن التهیّؤ الاستقبال فی تمام الإقامة علی الاستحباب المؤکد وفی الأذان علی غیر المؤکد، وإجزاء الاستقبال فی التشهد فی الأذان فی درک الاستحباب من الاستقبال فی الأذان بمعنی أنّ الاستقبال فی خصوص تشهد الأذان مؤکد لا فی تمامه.

وأم_ّا الاستحباب فی الإقامة فیمکن أن یستند إلی ما ورد فی صحیحة زرارة عن أبی جعفر علیه السلام من الأمر بالإقامة متهیّأ للصلاة بعد الأمر بالأذان من غیر وضوء قیاماً وقعوداً وأینما توجه فإنّ التهیأ للصلاة یدخل فیه القیام والاستقبال والطهارة.

الثانی والثالث: القیام والطهارة

[1] أمّا اعتبار القیام فی الإقامة کاعتبار الطهارة حالها فقد تقدم الکلام فیه، وأما استحبابهما فی الأذان فیمکن استظهار ندبهما فیه ممّاورد فی استحباب الفصل بین الأذان والإقامة بالجلوس بینهما، والترخیص فی الأذان مطلقاً أو مع الحدث لا ینافی ندبهما وذکر قدس سره أنّ الأحوط رعایة الاستقبال والقیام أیضاً فی الإقامه لقوله علیه السلام صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام أنه قال: «تؤذن وأنت علی غیر وضوء فی ثوب واحد قائماً أو قاعداً وأینما توجّهت، ولکن إذا أقمت فعلی وضوء متهیّئاً للصلاة»(1) فإنّ التهیّؤ للصلاة یعمّ الاستقبال والقیام بل تقدم الإشارة إلی الروایات التی ورد فیها ولاتقیم إلاّ أنت علی الأرض، وفی موثقة أبی بصیر: «ولا تقیم وأنت راکب أو جالس إلاّ من علّة أو تکون فی أرض ملصّة»(2) وفی صحیحة البزنطی: «ولا یقیم إلاّ وهو قائم»(3) إلی غیر

ص :415


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 391 ، الباب 9 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 403 ، الباب 13 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 8 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 402 ، الباب 13 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 6 .

الرابع: عدم التکلم فی أثنائهما بل یکره بعد «قد قامت الصلاة» للمقیم، بل لغیره أیضاً فی صلاة الجماعة إلاّ فی تقدیم إمام، بل مطلق ما یتعلق بالصلاة کتسویة صف ونحوه، بل یستحب له إعادتها حینئذ[1].

الشَرح:

ذلک، وقد تقدّم أنه لایستفاد من هذه الروایات فساد الإقامة فی غیر حال القیام، بل غایة مدلولها عدم الکمال فی الإقامة بلا قیام.

الرابع: عدم التکلم فی أثنائهما

[1] وفی صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام : «إذا اُقیمت الصلاة حرم الکلام علی الإمام وأهل المسجد إلاّ فی تقدیم إمام»(1) وموثقة ابن أبی عمیر، قال: سألت أباعبداللّه علیه السلام عن الرجل یتکلّم فی الإقامة؟ قال: «نعم، فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة فقد حرم الکلام علی أهل المسجد إلاّ أن یکونوا قد اجتمعوا من شتّی ولیس لهم إمام فلا بأس أن یقول بعضهم لبعض تقدّم یافلان»(2) والمتفاهم العرفی عدم الخصوصیة لأمر الإمام، بل نظیره ما یتکلم فی أمر یرجع إلی صلاة الجماعة کتسویة الصفوف والالتزام بکراهة التکلم لما ورد فی صحیحة حماد بن عثمان(3) بعدم البأس فی التکلم بعد الدخول أو تمام الإقامة.

نعم، یستحب الإعادة بعد التکلم لما ورد فی صحیحة محمد بن مسلم، قال أبوعبداللّه علیه السلام : «لا تتکلم إذا أقمت الصلاة فإنک إذا تکلّمت أعدت الإقامة»(4).

ص :416


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 393، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 395 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 395 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 9 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 394 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3 .

الخامس: الاستقرار فی الإقامة[1] السادس: الجزم فی أواخر فصولهما مع التأنی فی الأذان والحَدر فی الإقامة علی وجه لا ینافی قاعدة الوقف[2].

الشَرح:

الخامس: الاستقرار فی الإقامة

[1] یستظهر ذلک من بعض الروایات کالنهی عن الإقامة راکباً ورجله فی الرکاب(1) والأمر بها علی الأرض قائماً(2) وإنّ الإقامة من الصلاة(3)، ولکن الاستظهار من بعض ما ذکر لایخلو عن التأمل، بل المنع.

نعم، فی روایة سلیمان بن صالح، عن أبی عبداللّه علیه السلام : «ولیتمکن فی الإقامة کما یتمکن فی الصلاة فإنه إذا أخذ فی الإقامة فهو فی صلاة»(4).

السابع: الجزم فی أواخر فصولهما

[2] کما یشهد لذلک صحیحة زرارة، قال: قال أبو جعفر علیه السلام : «الأذان جزم بافصاح الألف والهاء والإقامة حدراً»(5) وفی روایة خالد بن نجیح، عن الصادق علیه السلام الأذان والإقامة مجزومان»(6) وفی صحیحة زرارة، عن أبی جعفر علیه السلام قال: «لایجزیک من الأذان إلاّ ما أسمعت نفسک أو فهمته وأفصح بالألف والهاء»(7).

ص :417


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 403 ، الباب 13 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 9 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 402 ، الباب 13 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 6 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 396 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 404 ، الباب 13 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 12.
5- (5) وسائل الشیعة 5 : 408 ، الباب 15 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
6- (6) وسائل الشیعة 5 : 409 ، الباب 15 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4 .
7- (7) وسائل الشیعة 5 : 409 ، الباب 15 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 6 .

السابع: الإفصاح بالألف والهاء من لفظ الجلالة فی آخر کل فصل هو فیه.

الثامن: وضع الإصبعین فی الأُذنین فی الأذان[1].

التاسع: مدّ الصوت فی الأذان ورفعه ویستحب الرّفع فی الإقامة أیضاً إلاّ أن_ّه دون الأذان[2].

الشَرح:

وما ذکره قدس سره کغیره من أنّ الحدر فی الإقامة یکون علی وجه لا ینافی قاعدة الوقف علی السکون والوصل بالحرکة مبنی علی لزوم رعایة تلک القاعدة، وإلاّ فالإطلاق فی صحیحة زرارة وغیرها یدفع لزوم رعایتها، ولم یثبت توقف صحة القراءة علی لزوم رعایتها وعدم کون رعایتها نظیر سایر محسنات القراءة ممّا ذکرها أهل التجوید.

الثامن: وضع الإصبعین بالأُذنین فی الأذان

[1] کما یدّل علی ذلک صحیحة الحسن بن السری، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «من السنّة إذا أذّن الرجل أن یضع إصبعیه فی أُذنیة»(1) و«السنة أن تضع إصبعیک فی أُذنیک فی الأذان»(2).

التاسع: مدّ الصوت فی الأذان

[2] کما فی صحیحة معاویة بن وهب أنه سأل أبا عبداللّه علیه السلام عن الأذان؟ فقال: «اجهر به وارفع به صوتک وإذا أقمت فدون ذلک»(3) وفی صحیحة عبداللّه بن سنان،

ص :418


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 411 ، الباب 17 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 412 ، الباب 17 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 409 ، الباب 16 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .

العاشر: الفصل بین الأذان والإقامة بصلاة رکعتین أو خطوة أو قعدة أو سجدة أو ذکر أو دعاء أو سکوت بل أو تکلّم[1] لکن فی غیر الغداة بل لایبعد کراهته فیها.

الشَرح:

عن عبداللّه علیه السلام قال: «کان طول حائط مسجد رسول اللّه صلی الله علیه و آله قامة فکان علیه السلام یقول لبلال إذا أذّن: «أعلُ فوق الجدار وارفع صوتک بالأذان»(1) الحدیث.

العاشر: الفصل بین الأذان والإقامة برکعتین أو غیرها

[1] کما یستظهر ذلک من موثقة عمار الساباطی، عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا قمت إلی صلاة فریضة فأذّن وأقم وافصل بین الأذان والإقامة بقعود أو بکلام أو بتسبیح»(2) وفی موثقته الأُخری عن أبی عبداللّه علیه السلام فی حدیث قال: «سألته عن الرجل ینسی أن یفصل بین الأذان والإقامة بشیء حتی أخذ فی الصلاة أو أقام للصلاة قال: «لیس علیه شیء ولیس له أن یدع ذلک عمداً»(3) ولکن ورد فی روایة حماد بن عمرو وأنس بن محمد، عن أبیه جمیعاً، عن جعفر بن محمد، عن آبائه فی وصیة النبی صلی الله علیه و آله لعلی علیه السلام أنه قال: «وکره الکلام بین الأذان والإقامة فی صلاة الغداة»(4) ولکن السند ضعیف جدّاً ودلالتها أیضاً لاتخلو عن تأم_ّل؛ لاحتمال أن یکون المراد التکلم بین فصول الأذان وبین فصول الإقامة لا بینهما، وعلی تقدیر الإغماض أو دعوی الإطلاق فالکراهة ثبوتها مبنیة علی مایقال من أنها مقتضی أخبار التسامح فی السنن.

ص :419


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 411 ، الباب 16 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 397 ، الباب 11 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 398 ، الباب 11 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 5 .
4- (4) وسائل الشیعة 5 : 394 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .

(مسألة 1) لو اختار السجدة یستحب أن یقول فی سجوده: ربّ سجدت لک خاضعاً خاشعاً[1] أو یقول: لا إله إلاّ أنت سجدت لک خاضعاً خاشعاً، ولو اختار القعدة یستحب أن یقول: اللّهم اجعل قلبی بارّاً ورزقی دارّاً وعملی سارّاً واجعل لی عند قبر نبیک قراراً ومستقرّاً، ولو اختار الخطوة أن یقول: باللّه أستفتح وبمحمّد صلی الله علیه و آله أستنجح وأتوجه اللّهم صلّ علی محمد وآل محمد واجعلنی بهم وجیهاً فی الدنیا والآخرة ومن المقربین.

(مسألة 2) یستحب لمن سمع المؤذن یقول: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأشهد أنّ محمّداً رسول اللّه أن یقول: وأنا أشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّداً رسول اللّه صلی الله علیه و آله أکتفی بها عن کل من أبی وجحد وأُعین بها من أقر وشهد.

(مسألة 3) یستحب فی المنصوب للأذان أن یکون عدلاً رفیع الصوت مبصراً بصیراً بمعرفة الأوقات، وأن یکون علی مرتفع منارة أو غیرها.

الشَرح:

[1] وفی روایة ابن أبی عمیر، عن أبیه، عن أبی عبداللّه، قال: «من أذّن ثمّ سجد فقال: لا إله إلاّ أنت ربی سجدت لک خاضعاً خاشعاً غفر اللّه له ذنوبه»(1) ومرفوعة جعفر بن محمد بن یقطان (یقطین) إلیهم علیهم السلام قال: یقول الرجل إذا فرغ من الأذان وجلس: اللّهم اجعل قلبی بارّاً ورزقی دارّاً واجعل لی عند قبر نبیک صلی الله علیه و آله قراراً ومستقراً(2). وعن فقه الرضا کما فی مستدرک الوسائل: وأمّا المنفرد فیخطو تجاه القبلة خطوة برجله الیمنی ثم یقول: باللّه أستفتح وبمحمّد صلی الله علیه و آله أستنجح وأتوجه، اللّهم صلی علی محمد وآل محمد واجعلنی بهم وجیهاً(3) الخ.

ص :420


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 400 ، الباب 11 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 15 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 401 ، الباب 12 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
3- (3) فقه الرضا علیه السلام : 98 ، مستدرک الوسائل 4 : 30 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .

(مسألة 4) من ترک الأذان أو الإقامة أو کلیهما عمداً حتی أحرم للصلاة لم یجز له قطعها لتدارکهما [1] نعم إذا کان عن نسیان جاز له القطع ما لم یرکع منفرداً کان أو غیره حال الذکر لا ما إذا عزم علی الترک زماناً معتداً به ثم أراد الرجوع بل وکذا لو بقی علی التردد کذلک، وکذا لا یرجع لو نسی أحدهما أو نسی بعض فصولهما بل أو شرایطهما علی الأحوط.

الشَرح:

الکلام فیمن ترک الأذان أو الإقامة

[1] لا یقال: قول الماتن قدس سره لم یجز قطعها لتدارکهما، لایجتمع مع قوله سابقاً حیث احتاط فی الإقامة وجوباً علی الرجال.

فإنه یقال: لم یلتزم قدس سره فی شرطیة الإقامة لصلاة الرجل وإنّما التزم بوجوبها النفسی قبل صلاته نفسیاً، وعلیه فإذا ترکها ودخل فی الفریضة یکون دخولها فیها صحیحاً فلا یجوز قطعها لعدم جواز قطع الفریضة بلزوم إتمامها کوجوب إتمام العمرة والحج، وبهذا یظهر أنه إنّما یرفع الید عن قاعدة عدم جواز قطع الفریضة بقیام النص علی الجواز ولا ینبغی التأمّل فی قیامه مورد نسیان الأذان والإقامة والشروع فی الصلاة، فمقتضی بعض الروایات جواز قطعها والعود إلی الأذان والإقامة ما لم یرکع کما فی صحیحة الحلبی عن أبی عبداللّه علیه السلام قال: «إذا افتتحت الصلاة فنسیت أن تؤذن وتقیم ثمّ ذکرت قبل أن ترکع فانصرف وأذّن وأقم واستفتح الصلاة، وإن کنت قد رکعت فأتم علی صلاتک»(1) وما فی صحیحة داود بن سرحان، عن أبی عبداللّه علیه السلام فی رجل نسی الأذان والإقامة حتی دخل فی الصلاة، قال: «لیس علیه شیء»(2) لا یعارضها؛

ص :421


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 434 ، الباب 29 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 434 ، الباب 29 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 .

.··· . ··· .

الشَرح:

لأنّ ترک الأذان والإقامة حتی بناءً علی وجوب الإقامة احتیاطاً أو فتوی لا یوجب بطلان الصلاة علی ماتقدم ولوکان الترک عمدیاً فضلاً عن النسیان.

وبتعبیر آخر، مفاد صحیحة الحلبی الترخیص فی قطع الصلاة فی صورة النسیان والإتیان بالصلاة الأفضل وصحیحة محمد بن مسلم، عن أبی عبداللّه علیه السلام أنه قال: «الرجل ینسی الأذان والإقامة حتی یدخل فی الصلاة، قال: «إن کان ذکر قبل أن یقرأ فلیصلّ علی النبی صلی الله علیه و آله ولیقم وإن کان قد قرأ فلیتم صلاته»(1) والاختلاف بینهما بالتحدید بما قبل الرکوع وبما لم یقرأ محمول علی مراتب استحباب الأذان والإقامة فی الفرض، وأنّ استحبابهما فی الفرض قبل أن یرکع وإن کان ثابتاً ولکنه قبل أن یقرأ آکد، وأم_ّا تقیید ما لم یقرأ بما إذا لم یرکع کما فعله لا یعدّ جمعاً عرفیاً بینهما؛ لأن_ّه من إلغاء قید ما لم یقرأ والإطلاق فی الصحیحتین مقتضاهما عدم الفرق بین من صلّی منفرداً أو کان إماماً فی صلاة الجماعة، وظاهر الصحیحتین جواز الرجوع عند التذکر لا ما إذا عزم الترک عند التذکر زماناً معتداً ثم انقدح فی نفسه إرادة الرجوع أو بقی متردداً فی الرجوع وعدمه ثمّ أراد الرجوع فإن الرجوع کذلک خارج عن مدلولهما هذا فیما إذا نسی الأذان والإقامة، وأم_ّا إذا نسی أحدهما فإن کان المنسی هو الأذان فقط فلا دلیل فی البین علی جواز الرجوع، بل لم یرد فی شیء من الروایات جوازه حتی فی روایة ضعیفة، وأما إذا کان المنسی الإقامة فقط فمقتضی حسنة الحسین بن أبی العلاء، عن أبی عبداللّه علیه السلام جوازه ما لم یقرأ، قال: سألته عن الرجل یستفتح صلاته المکتوبة ثم یذکر أن_ّه لم یقم؟ قال: «فإن ذکر أن_ّه لم یقم قبل أن یقرأ فلیسلّم علی النبی صلی الله علیه و آله ثم یقیم

ص :422


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 434 ، الباب 29 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 4 .

.··· . ··· .

الشَرح:

ویصلّی، وإن ذکر بعد ما قرأ بعض السورة فلیتم علی صلاته»(1) وهذه الحسنة وإن کانت مطلقة من حیث الإتیان بالأذان وعدمه إلاّ أنه فی صورة نسیان الأذان مع الإقامة یرفع الید عن التحدید الوارد فیها بقرینة صحیحة الحلبی المتقدّمة(2) بالالتزام بجواز الرجوع حتی بعد القراءة وقبل الرکوع، وأم_ّا بالإضافة إلی صورة نسیان الإقامة فقط فیلتزم بالتحدید بما لم یقرأ.

ودعوی عدم احتمال الفرق بین الصورتین کماتری هذا مع قطع النظر عن صحیحة علی بن یقطین، قال: سألت أباالحسن علیه السلام عن الرجل ینسی أن یقیم الصلاة وقد افتتح الصلاة؟ قال: «إن کان قد فرغ من صلاته فقد تمّت صلاته وإن لم یکن فرغ من صلاته فلیعد»(3) وإلاّ فمقتضاها جواز الرجوع مادام لم یفرغ من صلاته، ویمکن دعوی أنه إذا جاز الرجوع إلی الإقامة قبل الفراغ من الصلاة جاز الرجوع إلی الأذان والإقامة أیضاً، وتحمل اختلاف الروایات علی اختلاف تأکّد الاستحباب فی الرجوع وعدمه باختلاف التذکر قبل القراءة وقبل الرکوع وقبل الفراغ من الصلاة، ولکن قد ادعی أنّ صحیحة علی بن یقطین معرض عنها عند الأصحاب، وعلیه یکون الاحتیاط فی عدم الرجوع إلی التفصیل السابق بین الأذان والإقامة؛ لاحتمال أنّ الرجوع فی غیر ما تقدم من قطع الصلاة الفریضة.

وممّا ذکرنا یظهر أنّ الأحوط لو لم یکن أقوی عدم جواز الرجوع إذا کان المنسی بعض فصول الأذان أو الإقامة بعدالدخول فی الصلاة؛ لأنه مع عدم قیام الدلیل علی

ص :423


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 435 ، الباب 29 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 5 .
2- (2) فی الصفحة 421 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 433 ، الباب 28 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 3 .

(مسألة 5) یجوز للمصلی فیما إذا جاز له ترک الإقامة تعمّد الاکتفاء بأحدهما[1 [لکن لو بنی علی ترک الأذان فأقام ثم بدا له فعله أعادها بعده.

(مسألة 6) لو نام فی خلال أحدهما أو جُنّ أو أُغمی علیه أو سکر ثم أفاق جاز له البناء ما لم تفت الموالاة مراعیاً لشرطیة الطهارة فی الإقامة لکن الأحوط الإعادة فیها مطلقاً[2].

الشَرح:

جوازه یکون الرجوع من قطع الصلاة الفریضة ولا أقل من احتمال حرمته فی الفرض.

[1] قد یقال إنّ المستفاد من الروایات استحباب کل من الأذان والإقامة للصلاة استقلالاً، غایة الأمر اشتراط الترتیب بین الأذان والإقامة فیما إذا أراد المکلف الإتیان بهما معاً لصلاته، ویترتب علی ذلک أنه یجوز له الاکتفاء بواحد من الأذان والإقامة فیما إذا تعمّد الاکتفاء بأحدهما، ولکن لو بدا له بعد الإقامة أن یأتی صلاته بأذان أیضاً فله إعادة الإقامة لحصول الترتیب المعتبر بینهما، ولکن لایخفی أنه لیس فی البین ما یدل علی استحباب الأذان للصلاة بلا إقامة، والمراد من قوله علیه السلام : والأذان والإقامة فی جمیع الصلوات أفضل، یعنی اقتران الأذان بالإقامة فی جمیع الصلوات أفضل من الإتیان بها بإقامة من غیر أذان کما هو ظاهر صحیحة ابن مهران الجمال وموثقة سماعة(1) وغیرهما.

الکلام فیما إذا نام فی أحدهما أو ارتد

[2] قد ذکر قدس سره فی بحث نواقض الوضوء أنّ کل ما أزال العقل من موجبات الوضوء ونواقضه، وعلیه فإن اتفق النوم ولو حال المشی بحیث غلب علی القلب

ص :424


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 386 و 387 ، الباب 6 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 2 و 5 .

خصوصاً فی النوم وکذا لو ارتد عن ملّة ثم تاب[1].

الشَرح:

والسمع والبصر أو الإغماء أو الجنون أو السکر ولو کان بزمان قلیل بحیث لم تفت الموالاة فإن کان فی الأذان أتمّه، وإن کان فی الإقامة أتمّها بعد تحصیل الطهارة، ولکن احتاط فی الإقامة بالإعادة فبعد تحصیل الطهارة خصوصاً فی النوم، حیث إنّ النوم کما وصفناه ناقض للوضوء بلاخلاف بیننا بخلاف الجنون والإغماء والسکر فإنّ کونها من النواقض محل کلام کما تقدم فی بحث النواقض، وهذا بناءً علی أنّ غایة ما یستفاد من الروایات اعتبار الطهارة حال الاشتغال بفصول الإقامة لا اعتبارها حتی فی الآنات المتخللة بینها کاعتبارها فی الصلاة.

وقد یستظهر من بعض الروایات أنّ اعتبار الطهارة فی الإقامة نظیر اعتبارها فی الصلاة، حیث ورد فی روایة سلیمان بن صالح، عن أبی عبداللّه علیه السلام : «فإنّه إذا أخذ فی الإقامة فهو فی صلاة»(1) وروایة أبی هارون المکفوف، قال: قال أبو عبداللّه علیه السلام : «یا أبا هارون الاقامة من الصلاة»(2) وروی عبداللّه بن جعفر، عن عبداللّه الحسن، عن علی بن جعفر، عن أخیه قال: سألته عن المؤذن یحدث فی أذانه وإقامته؟ قال: «إن کان الحدث فی الأذان فلابأس وإن کان فی الإقامة فلیتوضّأ ولیقم إقامة»(3) ولکن لضعف الروایات لایکون الإعادة إلاّ بنحو الاحتیاط لا الحکم بالفساد مضافاً إلی ضعف دلالة الروایتین الأوّلتین لانصراف التنزیل فیهما إلی الترغیب إلی ترک التکلم ورعایة الاستقرار.

[1] وقد ورد فی موثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام : «لا یستقیم الأذان ولا یجوز أن

ص :425


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 404 ، الباب 13 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 12 .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 396 ، الباب 10 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 12 .
3- (3) وسائل الشیعة 5 : 393 ، الباب 9 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 7 .

(مسألة 7) لو أذّن منفرداً وأقام ثم بدا له الإمامة یستحب له إعادتهما[1].

(مسألة 8) لو أحدث فی أثناء الإقامة اعادها بعدالطهارة بخلاف الأذان، نعم یستحب فیه أیضاً الإعادة بعد الطهارة[2].

الشَرح:

یؤذن به إلاّ رجل مسلم عارف»(1) فالارتداد فی زمان قصیر کالآنات لا یمنع عن إتمام ما أتی به من الأذان والإقامة بعد توبته ورجوعه إلی الإسلام ولافرق بین المرتد الملی والفطری إذا بنی علی قبول توبة المرتد الفطری وصیرورته مسلماً بعد توبته، ولو بنی علی حبط الأعمال السابقة وإلغائها فأیضاً لا فرق بینهما.

یستحب إعادتها لمن أذن منفرداً ثم بدا له الإمامة

[1] کما یدل علی ذلک موثقة عمار، عن أبی عبداللّه علیه السلام _ فی حدیث _ قال: سئل عن الرجل یؤذّن ویقیم لیصلّی وحده فیجیء رجل آخر فیقول له نصلی جماعة هل یجوز أن یصلّیا بذلک الأذان والإقامة؟ قال: «لا ، ولکن یؤذن ویقیم»(2) والالتزام بإعادتهما من الإمام فقط وکون الإعادة استحباباً وشرطاً فی کمال الجماعة لا احتیاطاً وجوبیاً حتی بالإضافة إلی إعادة الإقامة وحتی بناءً علی ماذکره الماتن بالإضافة إلی اعتبار الإقامة فی الصلوات محل تأم_ّل.

یعید المصلی الإقامة لو أحدث أثناءها دون الأذان

[2] قد تقدّم الکلام فی ذلک فی ذیل المسألة السادسة فراجع، ولکن الجمع بین

ص :426


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 431 ، الباب 26 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .
2- (2) وسائل الشیعة 5 : 432 ، الباب 27 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث الأوّل .

(مسألة 9) لا یجوز أخذ الأُجرة علی أذان الصلاة ولو أتی به بقصدها بطل[1] وأم_ّا أذان الإعلام فقد یقال بجواز أخذها علیه لکنه مشکل، نعم لابأس بالارتزاق من بیت المال.

الشَرح:

الاحتیاط فی تلک المسألة والإفتاء فی هذه المسألة لایخلو عن تهافت إلاّ أن یحمل ماذکره فی هذه المسألة علی صورة فوت الموالاة.

الکلام فی أخذ الأُجرة علی الأذان

[1] وکأنّ المراد أنه لایجوز أخذ الأُجرة علی الأذان وإذا لم یجز أخذها علیه لایتحقق قصد التقرب حتی بنحو الداعی إلی الداعی؛ لأنّ المبعد لا یکون مقرباً حتی بنحو الداعی إلی الداعی، وإنّما لا ینافی قصد التقرب أخذها إذا کان أخذها جایزاً فلا منافاة بین کون الأمر الجایز هو الداعی إلی قصد التقرب أو یکون الأمر الراجح داعیاً إلیه.

وقد ورد فی معتبرة السکونی، عن جعفر، عن أبیه، عن علی علیه السلام قال: آخر ما فارقت علیه حبیب قلبی أن قال: یا علی إذا صلّیت فصلّ صلاة أضعف من خلفک ولاتتّخذنّ مؤذّناً یأخذ علی أذانه أجراً، وقال: أتی رجل أمیرالمؤمنین علیه السلام قال: یا أمیرالمؤمنین إنّی لأُحبّک، فقال له: ولکنّی أُبغضک، قال: ولم؟ قال: لأنک تبغی فی الأذان کسباً وتأخذ علی تعلیم القرآن أجراً(1). وهذه الأخیرة رواها الشیخ فی الموثق باسناده إلی محمد بن الحسن الصفار(2). وربما یناقش فی دلالتها فی حرمة أخذ الأُجرة فإنه یکفی فی البعض الاستمرار علی الکراهة کما هو الحال فی أخذ الأُجرة علی تعلیم

ص :427


1- (1) وسائل الشیعة 5 : 447 ، الباب 38 من أبواب الأذان والإقامة، الحدیث 1 و 2 .
2- (2) تهذیب الأحکام 6 : 376 ، الحدیث 220 .

.··· . ··· .

الشَرح:

القرآن فإنّ تعلیمه له مالیة شرعاً؛ ولذا یجوز جعله مهراً فی النکاح کما یشهد لذلک الموثقة بنفسها حیث ورد فی ذیلها من قول علی علیه السلام : وسمعت رسول اللّه صلی الله علیه و آله یقول: من أخذ علی تعلیم القرآن أجراً کان حظّه یوم القیامة(1). حیث إنّه لو لم یجز أخذ الأُجرة لکان حظه یوم القیامة العقاب وماعلیه من المظالم.

وأم_ّا معتبرة السکونی فقد یناقش فیها بأنّ قرینة السیاق تقتضی أن یکون أخذ المؤذن الذی یأخذ الأُجرة علی أذانه مکروهاً، حیث إنّ رعایة الإمام صلاة الأضعف من المأمومین غیر لازم، اللّهم إلاّ أن یقال قرینة السیاق غیر تامة؛ لأنه لامنافاة بین کون النهی بالإضافة إلی أخذ الأجیر المفروض غیر جایز ولکن یجوز للإمام ترک رعایة الأضعف من المأمومین.

وممّا ذکر یظهر حال التفکیک بین أخذ الأُجرة علی تعلیم القرآن وعدم جواز أخذ الأُجرة علی الأذان، ومقتقضی الإطلاق فی المعتبرة والموثقة عدم الفرق بین الأذان لصلاة الجماعة أو للاعلام، وإن کان الأذان للإعلام توصلیاً لا یعتبر فیه قصد التقرب، فإنّ النهی عن أخذ الأُجرة إرشاد إلی إلغاء الأذان عن المالیة فیکون أخذ الأُجرة علیه أکلاً لها بالباطل.

نعم، لا بأس بالارتزاق من بیت المال فإن مصرفها مصلحة المسلمین وقضاء مؤنة المتصدی للأذان ولو للإعلام من مصالحهم.

ثمّ إنّ الکلام فی الجواز وعدمه فیما إذا کان فی الأذان المؤذن انتفاعاً للغیر کما فی الأذان لصلاة الجماعة أو الإعلام أو الأجیر لقضاء الصلاة علی المیت، وأم_ّا أخذ الأُجرة

ص :428


1- (1) تهذیب الأحکام 6 : 376 ، الحدیث 220 .

(مسألة 10) قد یقال إنّ اللحن فی أذان الإعلام لا یضرّ وهو ممنوع[1].

الشَرح:

علی أذان صلاة نفسه فهو غیر جایز لایحتاج فی عدم جوازه إلی الروایة لکون أخذ الأُجرة علیه من أکل المال بالباطل کما إذا أخذ الأُجرة عن الغیر لیغسل الأجیر ثوب نفسه إلی غیر ذلک ممّا یکون أخذ المال بإزائه من أکله بالباطل عرفاً والنهی عن أکل المالک بالباطل فی قوله سبحانه «وَلاَ تَأْکُلُوا أَمْوَالَکُمْ بَیْنَکُمْ بِالْبَاطِلِ»(1) إرشاد إلی عدم صیرورة المال ملکاً للآخذ علی ماهو المقرر فی محلّه.

الکلام فی اللحن بالأذان

[1] وذلک فإنّ المستحب والمتعلق به الأمر الاستحبابی هو الأذان إعلاماً لدخول الوقت، وقد ورد بیان کیفیّة الأذان للصلاة والإعلام فی الروایات والملحون لا یکون داخلاً فی متعلّق الأمر وکون الغرض منه الإعلام ویحصل بالملحون لا یقتضی استحباب الملحون.

ص :429


1- (1) سورة البقرة : الآیة 188 .

ص :430

فصل [فی شروط قبول الصلاة وزیادة ثوابها]

ینبغی للمصلی بعد إحراز شرائط صحة الصلاة ورفع موانعها السعی فی تحصیل شرائط قبولها ورفع موانعه، فإنّ الصحة والإجزاء غیر القبول، فقد یکون العمل صحیحاً ولا یعدّ فاعله تارکاً بحیث یستحق العقاب علی الترک لکن لا یکون مقبولاً للمولی، وعمدة شرائط القبول إقبال القلب علی العمل فإنه روحه وهو بمنزلة الجسد، فإن کان حاصلاً فی جمیعه فتمامه مقبول، وإلا فبمقداره فقد یکون نصفه مقبولاً وقد یکون ثلثه مقبولاً وقد یکون ربعه وهکذا، ومعنی الإقبال أن یحضر قلبه ویتفهم ما یقول ویتذکر عظمة اللّه تعالی وأنه لیس کسائر من یخاطب ویتکلم معه بحیث یحصل فی قلبه هیبته منه، وبملاحظة أنه مقصر فی أداء حقه یحصل له حالة حیاء وحالة بین الخوف والرجاء بملاحظة تقصیره مع ملاحظة سعة رحمته تعالی، وللإقبال وحضور القلب مراتب ودرجات، وأعلاها ما کان لأمیرالمؤمنین (صلوات اللّه علیه) حیث کان یخرج السهم من بدنه حین الصلاة ولا یحسّ به، وینبغی له أن یکون مع الخضوع والخشوع والوقار والسکینة، وأن یصلی صلاة مودّع، وأن یجدد التوبة والإنابة والاستغفار، وأن یکون صادقاً فی أقواله کقوله: «إِیِّاکَ نَعْبُدُ وَإِیَّاکَ نَسْتَعِینُ»(1) وفی سائر مقالاته، وأن یلتفت أنه لمن یناجی وممن یسأل ولمن یسأل.

وینبغی أیضاً أن یبذل جهده فی الحذر عن مکائد الشیطان وحبائله ومصائده

ص :431


1- (1) سورة الفاتحة : الآیة 5 .

التی منها إدخال العجب فی نفس العابد، وهو من موانع قبول العمل، ومن موانع القبول أیضاً حبس الزکاة وسائر الحقوق الواجبة، ومنها الحسد والکبر والغیبة، ومنها أکل الحرام وشرب المسکر، ومنها النشوز والإباق، بل مقتضی قوله تعالی: «إِنَّمَا یَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِینَ»(1) عدم قبول الصلاة وغیرها من کل عاص وفاسق.

وینبغی أیضاً أن یجتنب ما یوجب قلة الثواب والأجر علی الصلاة کأن یقوم إلیها کسلاً ثقیلاً فی سکرة النوم أو الغفلة أو کان لاهیاً فیها أو مستعجلاً أو مدافعاً للبول أو الغائط أو الریح أو طامحاً ببصره إلی السماء، بل ینبغی أن یخشع ببصره شبه المغمض للعین، بل ینبغی أن یجتنب کل ما ینافی الخشوع وکل ما ینافی الصلاة فی العرف والعادة وکل ما یشعر بالتکبر أو الغفلة.

وینبغی أیضاً أن یستعمل ما یوجب زیادة الأجر وارتفاع الدرجة کاستعمال الطیب ولبس أنظف الثیاب والخاتم من عقیق والتمشط والاستیاک ونحو ذلک.

ص :432


1- (1) سورة المائدة: الآیة 27 .

فصل [فی واجبات الصلاة وأرکانها]

واجبات الصلاة أحد عشر: النیة والقیام وتکبیرة الإحرام والرکوع والسجود والقراءة والذکر والتشهد والسلام والترتیب والموالاة[1]

والخمسة الأُولی أرکان بمعنی أنّ زیادتها ونقیصتها عمداً وسهواً موجبة للبطلان، لکن لایتصور الزیادة فی النیة بناءً علی الداعی وبناءً علی الإخطار غیر قادحة، والبقیة واجبات غیر رکنیة فزیادتها ونقصها عمداً موجب للبطلان لا سهواً.

الشَرح:

فصل فی واجبات الصلاة وأرکانها

[1] إن کان المراد من واجبات الصلاة تعداد أجزائها فاللازم ذکر الجلوس بین السجدتین من أجزائها فإنّ الجلوس بینهما غیر دخیل فی تحقق السجدة، بل هو واجب فی ضمن سائر أجزاء الصلاة، غایة الأمر وجوبه غیر رکن فلایوجب ترکه سهواً موجباً لبطلان الصلاة، وإن کان المراد بیان الأجزاء وشرایط نفس الأجزاء فی مقابل سایر الشرایط التی تعتبر فی الصلاة حتی فی الآنات المتخلّلة بین الأجزاء ممّا تقدّم ذکرها نظیر الطهارة الستر کما یؤید ذکر الموالاة والترتیب فلا موجب لترک ذکر الطمأنینة والاستقرار.

وکیف کان، فذکر النیة من واجبات الصلاة مورد الخلاف فإنّه قد یقال إنها لیست بجزء الصلاة ولا من شرط أجزائها.

وبتعبیر آخر، أن_ّها لیست داخلة فی المسمّی ولا فی المأمور به أی فی متعلّق الأمر، بل هی شرط لتأثیر أجزاء الصلاة فی المصلحة الملحوظة فی الصلاة حیث

ص :433

.··· . ··· .

الشَرح:

لاتصیر تلک المصلحة فعلیه إلاّ بالقصد إلیها بنحو التقرب والإخلاص، ویتمکن من الإتیان کذلک بعد تعلّق الأمر بنفس الصلاة ویستدلّ علی ذلک بصحة قول القائل: أردت الصلاة فصلّیت، فإن هذا القول صحیح بلا عنایة وتجوّز فتکون النیّة خارجة عن المسمّی، حیث لو کانت داخلة فیه جزءاً من الصلاة لزم اتّحاد العرض والمعروض، حیث تکون النیة مع کونه عرضاً معروضاً، وإن کانت شرطاً لزم تقدّمها علی نفسها؛ لأنّ قید المعروض، کذات المعروض مقدّم علی عارضه، وکذا أنها غیر داخلة فی متعلّق الأمر؛ لعدم کونها بنفسها غیر اختیاریة ولا یکون الخارج عن الاختیار من أجزاء متعلّق الأمر أو شرطه، وعلی ذلک لو فرض قیام دلیل علی کونها جزءاً أو شرطاً فاللازم التصرف فیه وتأویله.

نعم، لا مانع من کون الإرادة شرطاً فی فعلیة صلاح متعلق الأمر بأن تکون الصلاة المرادة علّة تامّة للمصلحة فلا تکون الإرادة من المقتضی، بل شرطاً فی تأثیر المقتضی الّذی یعبّر عنه بالأجزاء مع شرایطها، وإن کان مراد القائل بشرطیة النیة ذلک فنعم الوفاق وإلاّ فلا یمکن المساعدة علیه.

أقول: لا یخفی مافیه فإنّ الإرادة عرض قائم بالنفس حیث أراد الفاعل فعلاً، غایة الأمر للإرادة إضافة إلی الفعل لکن لامطلقاً حتی بالإضافة إلی المراد بالذات الذی هو نفس الإرادة، نظیر العلم فإنه عرض قائم بالنفس وله إضافة إلی المعلوم بالعرض لابالإضافة إلی المعلوم بالذات الذی هو نفس العلم، وعلی ماذکر لا یلزم اتحاد العارض والمعروض ولا تقدّم الشیء علی نفسه أصلاً حیث إنّ المعروض للإرادة نفس الفاعل ولیست للإرادة إضافة إلی نفسها.

وأم_ّا ما ذکر من أنها لیست أمراً اختیاریاً لیؤخذ جزءاً أو شرطاً لمتعلق الأمر فقد تقدم فی بحث التعبدی والتوصّلی فی بحث الأُصول أنّ نفس صرف القدرة فی أحد

ص :434

.··· . ··· .

الشَرح:

طرفی الفعل بنفسه أمر اختیاری، وإنّما یخرج الفعل عن الاختیار إلی الاضطرار إذا لم یکن فی البین للفاعل قدرة علی الصرف فی أیّ من الطرفین، والإرادة بمعنی الاختیار مفروض فی موارد التکلیف فالاختیار الفعلی والبناء القلبی علیه فعلاً أو مستقبلاً من الشخص القادر الملتفت أمر یمکن تعلّق التکلیف به کیف فالأفعال التی عناوینها قصدیه ولا تحصل خارجاً إلاّ فیما إذا قصد بالفعل تحقق العنوان یتعلّق بها الأمر فیکون قصد حصول العنوان داخلاً فی متعلق الأمر لامحالة، وإذا کان الفعل من هذا القبیل عبادة یکون القصد إلیه بنحو الإخلاص والقرب مأخوذاً فی متعلّق الطلب أیضاً ثبوتاً، وکذا الحال فی الفعل الذی عنوانه ذاتی ولکنه من قبیل العبادة.

وأم_ّا إذا لم یکن من قبیل العبادة فلا یکون القصد إلیه مأخوذاً فی متعلق الطلب؛ لأنّ الإتیان بالفعل الذی تعلّق به التکلیف لا ینفک عن قصده مع الالتفات، سواء کان مع إحراز التکلیف به أو احتماله أو حتی مع الغفلة عنه، وإذا أمکن أخذ قصد التقرب والإخلاص فی متعلّق الأمر یکون أخذه بنحو الجزء من متعلّق الأمر علی ما بیّناه فی بحث الواجب التعبدی والتوصّلی لا بنحو الاشتراط؛ لأنّ التقرب یحصل بالإتیان بنفس الفعل بداع الأمر المتعلّق به ولو کان قصد الإخلاص والتقرب مأخوذاً فی المتعلق جزءاً أمکن الإتیان بداعی الأمر الضمنی المتعلق بذات الفعل، بخلاف ما أُخذ قصد التقرب والإخلاص شرطاً فإنّ الأمر حینئذ لا یتعلق بذات الفعل حتی ضمناً؛ لعدم انحلال الأمر بالحصة أی المقیّدة إلی أمرین ضمنیین، بخلاف الأمر بالمرکب علی مابیّن ذلک فی البحث المشار إلیه.

ولا یمکن لمن التزم بأنّ قصد التقرب یکون مأخوذاً فی متعلّق الأمر ثبوتاً بنحو الجزء فی ذلک البحث والتزم فی المقام بأنّ قصد التقرب یکون مأخوذاً فی الصلاة وغیرها من العبادات شرطاً.

ص :435

.··· . ··· .

الشَرح:

ثمّ إن کان قصد التقرب الإتیان بأجزاء العمل بداعی الأمر بها فاللازم أن یستمر هذا الداعی من أوّل أجزاء العمل إلی آخرها، حیث إنّ تمام تلک الأجزاء یعتبر أن یقع بداع ذلک الأمر فلا یعقل الزیادة فی النیة وإن کانت بمعنی الإخطار وهو غیر لازم فی وقوع العمل عبادة فالزیادة فی الإخطار بمرات فی العمل لا یوجب بطلانها، بل یجوز ذلک عمداً، ویمکن القول بکون الزیادة فیه أفضل لکونها أنسب بحضور القلب.

وأم_ّا تکبیرة الإحرام فلا ینبغی التأم_ّل فی أنها جزء من الصلاة فیکون نقصها ولو سهواً موجباً لبطلان الصلاة والمشهور أنّ زیادتها کنقیصتها موجبة لبطلانها؛ ولذا جعلوها من الأرکان للصلاة وعرفوا الرکن ما یبطل الصلاة بزیادتها ونقصها ولو سهواً، ولکن سیأتی المناقشة فی بطلان الصلاة بزیادتها سهواً، وأم_ّا القیام فهو معتبر فی الصلاة حال التکبیرة والقراءة وعند الهوی إلی الرکوع وبعد الرکوع، وبما أنّ القیام شرط للتکبیرة مطلقاً یکون ترکه حال التکبیرة ترکاً للتکبیرة الواجبة بخلاف، وکذا القیام عند الهوی إلی الرکوع فإنّ الهوی منه إلیه مقوم لعنوان الرکوع فیکون ترکه موجباً لترک الرکوع، وأم_ّا القیام حال القراءة والذکر کنفس القراءة والذکر لایکون ترکه سهواً موجباً لبطلان الصلاة، وهکذا الحال فی القیام بعد الرکوع فإنه لا یوجب ترکه سهواً موجباً لبطلان الصلاة.

ففی النتیجة إذا کان معنی الرکن ما یوجب نقصه بطلان الصلاة حتی فیما إذا کان سهواً فالأرکان أربعة: النیة وتکبیرة الإحرام والرکوع والسجود یعنی السجدتین من الرکعة الواحدة، وأم_ّا إذا کان ما یوجب زیادتها أیضاً ولو سهواً موجبة للبطلان فالارکان من أجزاء الصلاة: الرکوع والسجدتین، ولکن لفظ الرکن لم یرد فی خطاب شرعی موضوعاً للحکم، بل هو تعبیر من العلماء والمناسبة للمعنی اللغوی ما یکون نقصه موجباً لفقد الشیء لا زیادتها، وعلیه فأرکان الصلاة أربعة کما ذکرنا.

ص :436

الفهرس

فصل فی الستر والساتر··· 7

الستر فی غیر الصلاة··· 7

یجب علی المرأة ستر تمام بدنها عمّن عدا الزوج والمحارم··· 12

یجب ستر الشعر الموصول بالشعر··· 16

یحرم النظر إلی ما یحرم النظر إلیه فی المرآة··· 17

لا یعتبر فی الستر الواجب ساتر مخصوص أو کیفیة خاصة··· 19

الستر فی حال الصلاة··· 19

الواجب ستر البشرة والأحوط ستر الشبح المرئی خلف الثوب··· 23

یجب علی المرأة ستر جمیع بدنها حتی الرأس والشعر··· 23

یجب علی المرأة ستر المستثنیات إذا کان من ینظر بریبة··· 28

یجب علی المرأة ستر رقبتها حال الصلاة··· 29

ص :437

الأمة کالحرة فی جمیع ما ذکر من المستثنی والمستثنی منه··· 30

المبعضة کالحرّة فی الستر··· 32

الصبیة غیر البالغة حکمها حکم الأمة فی عدم وجوب ستر رأسها ورقبتها··· 35

اذا بلغت الصبیة أثناء الصلاة··· 37

الستر شرط فی الصلاة الواجبة والمستحبة··· 37

یشترط الستر فی سجدتی السهو··· 37

یشترط فی الطواف الستر··· 38

إذا بدت العورة فی أثناء الصلاة لم تبطل··· 40

یجب الستر من جمیع الجوانب··· 41

یجب الستر عن نفسه··· 43

الستر الواجب بنفسه یحصل بکل ما یمنع النظر وهو لایکفی فی الستر الصلاتی··· 45

فصل فی شرایط لباس المصلی··· 51

الأوّل: الطهارة··· 51

الثانی: الإباحة··· 51

لو صلی بالمغصوب عالماً عامداً بطلت صلاته··· 56

حکم الصلاة فی المغصوب وما بحکمه··· 59

إذا استقرض ثوباً ونوی عدم أداء عوضه فهو من المغصوب··· 66

الثوب الذی تعلق به الخمس أو الزکاة مع عدم الأداء بحکم المغصوب··· 68

ص :438

الثالث: أن لا یکون من أجزاء المیتة··· 69

أمارات تذکیة الحیوان··· 77

فی حکم اللحم أو الشحم أو الجلد المأخوذ من ید الکافر··· 84

حمل أجزاء المیتة مبطل للصلاة··· 85

الصلاة فی المیتة جهلاً لا یوجب الإعادة··· 86

تجوز الصلاة فی المشکوک کونه جلد الحیوان أو غیره··· 87

الرابع: أن لا یکون من أجزاء ما لا یؤکل لحمه··· 87

أمثلة ما تجوز الصلاة فیه··· 90

الکلام فی ما یستثنی مما لا یؤکل··· 92

لا تجوز الصلاة فی أجزاء السمور والقاقم والفنک والحواصل··· 99

الفرق بین الشرط الفلسفی والمانع وبین المراد منهما فی الاصطلاح الفقهی··· 104

فی مدلول موثقة عبداللّه بن بکیر··· 112

فی مدلول روایة علی بن حمزة··· 115

فی الأصل الموضوعی عند دوران الحیوان بین کونه مما یؤکل أو لا یؤکل··· 117

تجوز الصلاة فیما شک فی کونه من أجزاء الحیوان··· 125

الصلاة فی غیر المأکول جاهلاً أو ناسیاً صحیحة··· 126

لا فرق بین فیما یحرم أکله سواء کان بالأصالة أو بالعرض··· 129

الخامس: أن لا یکون من الذهب للرجال··· 130

ص :439

یجوز للنساء لبس الذهب··· 135

لا بأس بالمشکوک کونه ذهباً فی الصلاة وغیرها··· 136

لا بأس بکون قاب الساعة من الذهب··· 137

السادس: أن لا یکون حریراً محضاً للرجال··· 138

یجوز لبس الحریر مع الضرورة··· 144

یجوز للنساء لبس الحریر··· 146

فی لبس الحریر الممتزج بغیره والصلاة فیه وحمله··· 148

لا بأس بغیر الملبوس من الحریر فی الصلاة وغیرها··· 151

لا یجوز جعل البطانة من الحریر··· 151

یجوز جعل الابریسم بین الظهارة والبطانة··· 152

یجوز استخدام الحریر فی عصابة الجروح والقروح··· 156

یجوز لبس الحریر لمن کان قَمِلاً··· 156

لا تجب إعادة الصلاة علی من صلّی فی الحریر جهلاً أو نسیاناً··· 157

تجوز الصلاة فیما شک أنه حریر محض أو مخلوط··· 159

إذا اضطر إلی لبس الحریر صلّی فیه··· 160

حکم الصلاة فی المیتة والمغصوب والذهب والنجس··· 161

إذا اضطر إلی الممنوعات قدّم النجس··· 163

یجوز للصبی لبس الحریر··· 164

ص :440

یحرم لباس الشهرة··· 164

فی صلاة العاری··· 167

إذا وجد ساتراً لإحدی عورتیه قدّم الدبر··· 173

تستحب صلاة الجماعة للعراة··· 174

الأحوط تأخیر الصلاة إذا احتمل وجود الساتر آخر الوقت··· 177

فیما إذا کان عنده ثوبان ویعلم إجمالاً بأن أحدهما لا تجوز الصلاة فیه··· 178

فی ساتر المستلقی أو المضطجع للصلاة··· 181

حکم الصلاة فی الثوب الطویل··· 182

تجوز الصلاة فیما یستر ظهر القدم··· 183

فصل فیما یکره من اللباس··· 189

فصل فیما یستحب من اللباس··· 193

فصل فی مکان المصلی··· 195

یشترط فی مکان المصلی الإباحة··· 195

یشترط العلم فی بطلان الصلاة فی المغصوب··· 203

لا فرق بین النافلة والفریضة فی بطلان الصلاة فی المغصوب··· 208

لو صلی علی مغصوب فُرش علی مباح بطلت صلاته··· 212

لو صلّی علی سقف مباح مغصوب ما تحته بطلت صلاته··· 213

الکلام فیما إذا صلی فی مکان مباح وسقفه مغصوب··· 214

ص :441

تبطل الصلاة علی الدابة المغصوبة··· 215

فی الصلاة علی الأرض التی تحتها تراب مغصوب··· 216

تبطل الصلاة فی السفینة المغصوبة··· 217

الکلام فی الصلاة علی الدابة التی خیط خرجها بخیط مغصوب··· 217

حکم صلاة المحبوس فی المکان المغصوب··· 218

فی صلاة من اعتقد الغصبیة فصلّی··· 219

الأقوی صحة صلاة الجاهل بالحکم الشرعی··· 220

لا تجوز الصلاة فی الأرض المغصوبة المجهول مالکها··· 221

الکلام فی شراء دار من مال غیر مخمس أو مزکی··· 223

لا یجوز للورثة التصرف فی ترکة من علیه زکاة أو خمس··· 224

لا یجوز التصرف فی ترکة من علیه دین مستغرق لها··· 225

لا یجوز التصرف فی الترکة إذا کان بعض الورثة قاصراً أو غائباً··· 230

یعتبر فی التصرف فی ملک الغیر إحراز رضا المالک··· 230

تجوز الصلاة فی الأراضی المتسعة اتساعاً عظیماً··· 231

یجب علی الغاصب الخروج من المکان المغصوب··· 235

إذا دخل المکان المغصوب جهلاً أو نسیاناً وجب علیه الخروج··· 236

إذا أذن المالک بالصلاة ثم رجع عن إذنه وجب الخروج··· 238

لا تجوز الصلاة إذا کان الإذن عن خوف أو غیره··· 240

ص :442

الکلام فی دوران الصلاة کاملة حال الخروج أو ادراک رکعه بعده··· 241

یشترط فی المکان کونه قاراً··· 243

أن لا یکون المکان معرضاً لعدم إمکان الاتمام··· 252

أن لا یکون المکان ممّا یحرم البقاء فیه··· 253

أن لا یکون المکان ممّا یحرم الوقوف والقیام والقعود علیه··· 253

أن یکون المکان ممّا یمکن أداء الافعال فیه··· 254

سابعاً: أن لا یکون المکان مقدماً علی قبر المعصوم··· 256

أن لا یکون المکان نجساً نجاسة متعدیة··· 261

محاذاة الرجل للمرأة··· 262

الصلاة فی جوف الکعبة وعلی سطحها··· 273

فصل فی مسجد الجبهة من مکان المصلی··· 277

فی اعتبار طهارة مسجد الجبهة وکونه من الأرض··· 277

یجوز السجود علی القرطاس··· 281

لا یصح السجود علی ما خرج عن اسم الأرض کالمعادن··· 284

لا یجوز السجود علی الخزف والآجر والنورة والجص··· 288

لا یجوز السجود علی البلور والزجاج··· 288

یجوز السجود علی الطین الأرمنی··· 289

الکلام فی حکم السجود علی العقاقیر والأدویة··· 290

ص :443

یجوز السجود علی التبن والعلف··· 291

لا یجوز السجود علی ورق الشای··· 291

لا یجوز السجود علی الجوز واللوز··· 292

یجوز السجود علی نخالة الحنطة والشعیر وقشر الأُرز··· 293

یجوز السجود علی ورق العنب بعد الیبس··· 294

فی حکم السجود علی ما یؤکل فی بعض الأوقات دون بعض··· 294

حکم السجود علی الثمار··· 296

لا یجوز السجود علی النبات الذی ینبت علی وجه الماء··· 297

فی السجود علی القبقاب والنعل المتّخذ من الخشب··· 299

فی السجود علی القشور··· 300

یجوز السجود علی القرطاس··· 300

الکلام فیما لو لم یکن عنده ما یصح السجود علیه··· 301

یشترط فی محل السجود تمکین الجبهة علیه··· 305

یجب إزالة الطین اللاصق للسجدة الثانیة··· 306

الصلاة علی أرض ذات طین··· 306

السجود علی الأرض أفضل وأفضل منه التربة الحسینیة··· 308

الکلام فی فقد ما یصح السجود علیه أثناء الصلاة··· 309

حکم السجود علی ما لا یجوز السجود علیه··· 311

ص :444

فصل فی الأمکنة المکروهة··· 319

یعتبر الوقف فی صیرورة المکان مسجداً··· 319

یستحب تعمیر المسجد··· 321

فصل فی بعض أحکام المسجد··· 323

تحرم زخرفة المساجد··· 323

لا یجوز بیع المسجد ولا آلاته··· 324

یحرم تنجیس المسجد··· 325

فی جواز جعل الکنیف مسجداً بعد الطم بالتراب··· 326

لا یجوز إخراج الحصی من المسجد··· 328

لا یجوز دفن المیت فی المسجد··· 329

فصل فی الأذان والإقامة··· 331

الاذان والاقامة مستحبان··· 331

یستحب الأذان والإقامة فی أُمور··· 343

فی أقسام الأذان··· 346

یعتبر فی أذان الصلاة قصد القربة··· 347

فصول الأذان··· 349

یستحب الصلاة علی محمد وآله عند ذکر اسمه··· 353

فی الشهادة الثالثة··· 354

ص :445

حکم المسافر والمستعجل بالنسبة إلی الأذان والإقامة··· 357

یکره الترجیع فی الأذان··· 359

فی موارد سقوط الأذان··· 360

أولاً: أذان عصر یوم الجمعة إذا جمعت مع الجمعة··· 360

ثانیاً: أذان عصر یوم عرفة اذا جمعت مع الظهر··· 364

ثالثاً: أذان العشاء فی لیلة المزدلفة··· 366

رابعاً: أذان العصر والعشاء للمستحاضة··· 367

خامساً: المسلوس إذا جمع بین الصلاتین··· 368

فی المراد من الجمع بین الصلاتین··· 370

سقوط الأذان رخصة لا عزیمة··· 371

فی أذان وإقامة الفوائت··· 372

موارد سقوط الأذان والإقامة··· 374

الأوّل: عمّن دخل فی الجماعة التی أُذن لها وأُقیم··· 374

الثانی: عمّن دخل المسجد للصلاة منفرداً أو جماعة··· 377

شروط سقوط الأذان والإقامة··· 383

یسقط الأذان والإقامة إذا سمع أذان وإقامة غیره··· 388

الکلام فی حکایة الأذان··· 390

تجوز حکایة الأذان وهو فی الصلاة··· 393

ص :446

عدم الفرق فی السقوط بین السماع والاستماع··· 394

المعتبر سماع أذان الرجل لا المرأة··· 394

فصل فی شروط الأذان والإقامة··· 397

الأوّل: النیة··· 397

الثانی: العقل والإیمان··· 398

تعتبر الذکوریة فی أذان الإعلام··· 401

الثالث: الترتیب بینهما بتقدیم الأذان علی الإقامة··· 402

الرابع: الموالاة بین فصولهما··· 405

الخامس: الاتیان بهما علی الوجه الصحیح بالعربیة··· 406

السادس: دخول الوقت··· 407

السابع: الطهارة من الحدث··· 409

الحکم فی الشک بالإتیان بالأذان··· 412

فصل فی مستحبات الأذان والإقامة··· 413

الأول: الاستقبال··· 413

الثانی والثالث: القیام والطهارة··· 415

الرابع: عدم التکلم فی أثنائهما··· 416

الخامس: الاستقرار فی الإقامة··· 417

السابع: الجزم فی أواخر فصولهما··· 417

ص :447

الثامن: وضع الإصبعین بالأُذنین فی الأذان··· 418

التاسع: مدّ الصوت فی الأذان··· 418

العاشر: الفصل بین الأذان والإقامة برکعتین أو غیرها··· 419

الکلام فیمن ترک الأذان أو الإقامة··· 421

الکلام فیما إذا نام فی أحدهما أو ارتد··· 424

یستحب إعادتها لمن أذن منفرداً ثم بدا له الإمامة··· 426

یعید المصلی الإقامة لو أحدث أثناءها دون الأذان··· 426

الکلام فی أخذ الأُجرة علی الأذان··· 427

الکلام فی اللحن بالأذان··· 429

فصل فی شروط قبول الصلاة وزیادة ثوابها··· 431

فصل فی واجبات الصلاة وأرکانها··· 433

الفهرس··· 437

(448)

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.