سرشناسه : محمدي ري شهري، محمد، 1325-
عنوان و نام پديدآور : موسوعه العقائد الاسلاميه/محمد الريشهري ؛ بمساعده رضا برنجكار ؛ التحقيق مركز بحوث دار الحديث.
مشخصات نشر : قم: موسسه علمي فرهنگي دارالحديث، سازمان چاپ و نشر، 1384.
مشخصات ظاهري : 5 ج.
فروست : مركز بحوث دارالحديث؛ 85
شابك : (دوره):964-7489-99-4 ؛ (ج.1)964-7489-94-3 ؛ (ج.2)964-7489-95-1 ؛ (ج.3)964-7489-96-X ؛ (ج.4)964-7489-97-8 ؛ (ج.5)964-7489-98-6
يادداشت : چاپ دوم
يادداشت : چاپ اول: 1383.
يادداشت : جلد اول كتاب باهمكاري رضا برنجكار و عبدالهادي مسعودي ميباشد.
يادداشت : كتابنامه.
مندرجات : ج 1و 2. المعرفه .--ج 3 و 4 و 5. معرفة الله.
موضوع : اسلام -- عقايد -- احاديث.
موضوع : احاديث شيعه -- قرن 14.
شناسه افزوده : برنجكار، رضا، 1342-
شناسه افزوده : مسعودي، عبدالهادي، 1343-
شناسه افزوده : دارالحديث
شناسه افزوده : دارالحديث
رده بندي كنگره : BP211/5/م334م8
رده بندي ديويي : 297/4172
شماره كتابشناسي ملي : 1028220
ص: 1
ص: 2
ص: 3
ص: 4
ص: 5
ص: 6
ص: 7
ص: 8
ص: 9
القسم الرابع : التعرّف على الصفات الثبوتيّة
.
ص: 10
. .
ص: 11
المدخلإنّ القصد من الصفات الثبوتيّة هو الصفات التي يتّصف بها اللّه تعالى سواء ، كانت صفات الذات أَم صفات الفعل ، وقبل الحديث المفصّل عن هذه الصفات ، أَكّد الفصل الأَوّل عددا من النقاط المهمّة في معرفة صفات اللّه عز و جل : 1 . إنّما اللّه سبحانه وحدَه قادر على وصف نفسه فقط ؛ لأنّ غيره لا يعرفه حقّ معرفته ، فهو في الحقيقة يفوق وصف من سواه . 2 . ينبغي أَلّا يُفضي وصفه تعالى إِلى تشبيهه ولا يؤدّي إِلى تعطيله ، أَي : هو حقيقة ، هي مبدأَ الحقائق كلّها ولا يُشبه مخلوقا أَبدا . 3 . كلّ وصفٍ لخالق الكَون بمعنى الإحاطة بذاته لا نصيب له من الحقيقة والواقع . 4 . إِنّ ما يقبل الوصف أَفعال اللّه سبحانه ، لا ذاته . 5 . لصفات اللّه معناها الخاصّ وليست بالمعنى الذي يُطلَق على غيره . وتكفّل الفصل الثاني حتّى ختام هذا القسم بعرض أَبرز الصفات الثبوتيّة للّه عز و جل مقرونةً بالآيات والأَحاديث التي اشتملت على هذه الصفات وذلك بنظمٍ حديثٍ ومنالٍ
.
ص: 12
يسيرٍ ، وما يَلفت النظرَ في هذا المجال النقاط الآتية : أ _ من الواضح أنّ صفات اللّه عز و جل أَكثر من الصفات الواردة في هذه الفصول ، وملاكنا في الاختيار ، محوريّة الصفة وكثرة الآيات والأَحاديث التي تدور حولها. ب _ تمّ تنظيم الصفات الثبوتيّة حسب الحروف الهجائية إلّا الصفات المتقاربة أَو المتقابلة في المعنى ، فإنّها عُرضت في موضعٍ واحدٍ . ج _ في بداية كلّ صفة خلاصة لمعناها اللغويّ وكيفيّة عرضها في القرآن الكريم ، وبعض النقاط التي تُيسّر البحث في تلك الصفة ، وفهم الآيات والأَحاديث المتعلَّقة بها .
.
ص: 13
الفصل الأوّل : ما يجب في معرفة صفات اللّه1 / 1وَصفُهُ بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ الخالِقَ لا يوصَفُ إِلّا بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ ، وكَيفَ يوصَفُ الخالِقُ الَّذي تَعجِزُ الحَواسُّ أن تُدرِكَهُ ، وَالأَوهامُ أَن تَنالَهُ ، وَالخَطَراتُ أن تَحُدَّهُ ، وَالأَبصارُ الإحاطَةَ بِهِ ؟! جَلَّ عَمّا يَصِفُهُ الواصِفونَ ، نَأى (1) في قُربِهِ وقَرُبَ في نَأيِهِ، كَيَّفَ الكَيفِيَّةَ؛ فَلا يُقالُ لَهُ: كَيفَ، وأَيَّنَ الأَينَ ؛ فَلا يُقالُ لَهُ: أَينَ،وهُوَ مُنقَطِعُ الكَيفِيَّةِ فيهِ وَالأَينونِيَّةِ، فَهُوَالأَحَدُ الصَّمَدُ كَما وَصَفَ نَفسَهُ، وَالواصِفونَ لا يَبلُغونَ نَعتَهُ، لَم يَلِد ولَم يُولَد ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أَحَدٌ. (2)
الإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ في جَوابِ رَجُلٍ قالَ لَهُ : صِف لَنا رَبَّنا مِثلَما نَراهُ عِيانا _: فَانظُر أَيُّهَا السّائِلُ: فَما دَلَّكَ القُرآنُ عَلَيهِ مِن صِفَتِهِ فَائتَمَّ بِهِ وَاستَضِئ
.
ص: 14
بِنورِ هِدايَتِهِ ، وما كَلَّفَكَ الشَّيطانُ عِلمَهُ مِمّا لَيسَ فِي الكِتابِ عَلَيكَ فَرضُهُ ، ولا في سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وأَئِمَّةِ الهُدى أَثَرُهُ ، فَكِل عِلمَه إِلَى اللّهِ سُبحانَهُ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ مُنتَهى حَقِّ اللّهِ عَلَيكَ . وَاعلَم أَنَّ الرّاسِخينَ فِي العِلم هُمُ الَّذينَ أَغناهُم عَنِ اقتِحامِ السُّدَدِ المَضروبَةِ دونَ الغُيوبِ ، الإِقرارُ بِجُملَةِ ما جَهِلوا تَفسيرَهُ مِنَ الغَيبِ المَحجوبِ ، فَمَدَحَ اللّهُ _ تَعالَى _ اعترافَهُم بِالعَجزِ عَن تَناوُلِ ما لَم يُحيطوا بِه عِلما ، وسَمّى تَركَهُمُ التَّعَمُّقَ فيما لَم يُكَلِّفهُمُ البَحثَ عَن كُنهِهِ رُسوخا ، فَاقتَصِر عَلى ذلِكَ ، ولا تُقَدِّر عَظَمَةَ اللّهِ سُبحانَهُ عَلى قَدرِ عَقلِكَ فَتَكونَ مِنَ الهالِكينَ . هُوَ القادِرُ الَّذي إِذَا ارتَمَتِ الأَوهامُ لِتُدرِكَ مُنقَطَعَ قُدرَتِهِ ، وحاوَلَ الفِكرُ المُبَرَّأُ مِن خَطَراتِ الوَساوِسِ أن يَقَعَ عَلَيهِ في عَميقاتِ غُيوبِ مَلَكوتِهِ ، وتَوَلَّهَتِ القُلوبُ إِلَيهِ ، لِتَجرِيَ في كَيفِيَّة صِفاتِهِ ، وغَمَضَت مَداخِلُ العُقولِ في حَيثُ لا تَبلُغُهُ الصِّفاتُ لِتَناوُلِ عِلمِ ذاتِهِ ، رَدَعَها وهِيَ تَجوبُ مَهاوِيَ سُدَفِ الغُيوبِ ، مُتَخَلِّصَةً إِلَيهِ _ سُبحانَهُ _ فَرَجَعَت إِذ جُبِهَت مُعتَرِفَةً بِأَنَّهُ لا يُنالُ بِجَورِ الاِعتِسافِ كُنهُ مَعرِفَتِهِ ، ولا تَخطُرُ بِبالِ أُولِي الرَّوِيّاتِ (1) خاطِرَةٌ مِن تَقديرِ جَلالِ عِزَّتِهِ . (2)
.
ص: 15
الإمام عليّ عليه السلام :سُبحانَهُ! هُوَ كَما وَصَفَ نَفسَهُ، وَالواصِفونَ لا يَبلُغونَ نَعتَهُ. (1)
عنه عليه السلام :إِنَّ مَن يَعجِزُ عَن صِفاتِ ذِي الهَيئَةِ وَالأَدَواتِ فَهُوَ عَن صِفاتِ خالِقِهِ أَعجَزُ ، ومَن تَناوَلَهُ بِحُدودِ المَخلوقينَ أَبعَدُ . (2)
عنه عليه السلام :كَيفَ يَصِفُ إِلهَهُ منَ يَعجِزُ عَن صِفَةِ مَخلوقٍ مِثلِهِ! (3)
عنه عليه السلام :لَم يُطلِع العُقولَ عَلى تَحديدِ صِفَتِهِ ، ولَم يَحجُبها عَن وَاجِبِ مَعرِفَتِهِ . (4)
عنه عليه السلام :مَن وَصَفَ اللّهَ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، ومَن عَدَّهُ فَقَد أَبطَلَ أَزَلَهُ ، ومَن قالَ : أَينَ ؟ فَقَد غَيّاهُ ، ومَن قالَ : عَلامَ ؟ فَقَد أَخلى مِنهُ ، ومَن قالَ : فيمَ ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ . (5)
عنه عليه السلام :كَمالُ تَوحيدِهِ الإِخلاصُ لَهُ ، وكَمالُ الإِخلاصِ لَهُ نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ ؛ لِشَهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَيرُ المَوصوفِ ، وشَهادَةِ كُلِّ مَوصوفٍ أَنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ ؛ فَمَن وَصَفَ اللّهَ فَقَد قَرَنَهُ ... . (6)
عنه عليه السلام :قَد جَهِلَ اللّهَ مَنِ استَوصَفَهُ ، وتَعَدّاهُ مَن مَثَّلَهُ ، وأَخطَأَهُ مَنِ اكتَنَهَهُ (7) ، فَمَن قالَ : أَينَ ؟ فَقَد بَوَّأَهُ ، ومَن قالَ : فيمَ ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ : إِلامَ ؟ فَقَد نَهّاهُ ، ومَن قالَ : لِمَ؟
.
ص: 16
فَقَد عَلَّلَهُ ، ومَن قالَ : كَيفَ ؟ فَقَد شَبَّهَهُ ، ومَن قالَ : إِذ ؛ فَقَد وَقَّتَهُ ، ومَن قالَ : حَتّى ؛ فَقَد غَيّاهُ ، ومَن غَيّاهُ فَقَد جَزَّأَهُ ، ومَن جَزَّأَهُ فَقَد وَصَفَهُ ، ومَن وَصَفَهُ فَقَد أَلحَدَ فيهِ ، ومَن بَعَّضَهُ فَقَد عَدَلَ عَنهُ . (1)
عنه عليه السلام :لَم تَرَهُ سُبحانَهُ العُقولُ فَتُخبِرَ عَنهُ ، بَل كانَ تَعالى قَبلَ الواصِفينَ بِهِ لَهُ . (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي ... لا يَتَعاوَرُهُ زِيادَةٌ ولا نُقصانٌ ، ولا يوصَفُ بِأَينٍ ولا بِمَ ولا مَكانٍ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ . . . الَّذي سُئِلَتِ الأَنبياءُ عَنهُ فَلَم تَصِفهُ بِحَدٍّ ولا بِبَعضٍ ، بَل وَصَفَته بِفِعالِهِ ، ودَلَّت عَلَيهِ بِآياتِهِ . (4)
عنه عليه السلام :لا تَقَعُ الأَوهامُ لَهُ عَلى صِفَةٍ ، ولا تُعقَدُ القُلوبُ مِنهُ عَلى كَيفِيَّةٍ . (5)
عنه عليه السلام :لا يُوصَفُ بِالأَزواجِ ، ولا يُخلَقُ بِعِلاجٍ ، ولا يُدرَكُ بِالحَواسِّ . . . بَل إِن كُنتَ صادِقا أَيُّهَا المُتَكَلِّفُ لِوَصفِ رَبِّكَ ، فَصِف جِبريلَ وميكائيلَ وجُنودَ المَلائِكَةِ
.
ص: 17
المُقَرَّبينَ في حُجُراتِ القُدُسِ ، مُرجَحِنّينَ (1) مُتُوَلِّهَةً عُقولُهُم أَن يَحُدّوا أَحسَنَ الخالِقينَ ، فَإِنّما يُدرَكُ بِالصِّفاتِ ذَوو الهَيئاتِ وَالأَدَواتِ ، ومَن يَنقَضي إِذا بَلَغَ أَمَدَ حَدِّهِ بِالفَناءِ . (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... الَّذي لا يُدرِكُهُ بُعدُ الهِمَمِ ، ولا يَنالُهُ غَوصُ الفِطَنِ ، الَّذي لَيسَ لِصِفَتِهِ حَدٌّ مَحدودٌ . . . مَن جَهِلَهُ فَقَد أَشارَ إِلَيهِ ، ومَن أَشارَ إِلَيهِ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، ومَن قالَ : فيمَ ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ : عَلامَ ؟ فَقَد أَخلى مِنهُ . (3)
عنه عليه السلام :لَيسَت لَهُ صِفَةٌ تُنالُ ، ولا حَدٌّ تُضرَبُ لَهُ فيهِ الأَمثالُ ، كَلَّ دونَ صِفاتِهِ تَحبيرُ اللُّغاتِ ، وضَلَّ هُناكَ تَصاريفُ الصِّفاتِ ، وحارَ في مَلَكوتِهِ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفكيرِ، وَانقَطَعَ دونَ الرُّسوخِ في عِلمِهِ جَوامِعُ التَّفسيرِ ، وحالَ دونَ غيبِهِ المَكنونِ حُجُبٌ مِنَ الغُيوبِ ، تاهَت في أَدنى أَدانيها طامِحاتُ العُقولِ في لَطيفاتِ الأُمورِ . (4)
الإمام الحسين عليه السلام :أَصِفُ إِلهي بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ ، وأُعَرِّفُهُ بِما عَرَّفَ بِهِ نَفسَهُ ؛ لا يُدرَكُ بِالحَواسِّ ، ولا يُقاسُ بِالنّاسِ ، فَهُوَ قَريبٌ غَيرُ مُلتَصِقٍ وبَعيدٌ غَيرُ مُتَقَصٍّ ، يُوَحَّدُ ولا يُبَعَّضُ ، مَعروفٌ بِالآياتِ ، مَوصوفٌ بِالعَلاماتِ ، لا إِلهَ إِلّا هُوَ الكَبيرُ المُتَعالُ . (5)
عنه عليه السلام :لا يَقدِرُ الواصِفونَ كُنهَ عَظَمَتِهِ، ولا يَخطُرُ عَلَى القُلوبِ مَبلَغُ جَبَروتِهِ؛ لِأَنَّهُ
.
ص: 18
لَيسَ لَهُ فِي الأَشياءِ عَديلٌ ، ولا تُدرِكُهُ العُلَماءُ بِأَلبابِها ، ولا أَهلُ التَّفكيرِ بِتَفكيرِهِم إِلّا بِالتَّحقيقِ إِيقانا بِالغَيبِ ؛ لِأَنَّهُ لا يُوصَفُ بِشَيءٍ مِن صِفاتِ المَخلوقينَ ، وهُوَ الواحِدُ الصَّمَدُ ، ما تُصُوِّرَ في الأَوهامِ فَهُوَ خِلافُهُ . لَيسَ بِرَبٍّ مَن طُرِحَ تَحتَ البَلاغِ ، ومَعبودٍ مَن وُجِدَ في هَواءٍ أَو غَيرِ هَواءٍ . (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: ضَلَّت فيكَ الصِّفاتُ ، وتَفَسَّخَت دونَك النُّعوتُ ، وحارَت في كِبرِيائِكَ لَطائِفُ الأَوهامِ . (2)
عنه عليه السلام_ أَيضا _: اللّهُمَّ يا مَن لا يَصِفُهُ نَعتُ الواصِفينَ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ . . . الَّذي قَصُرَت عَن رُؤيَتِهِ أَبصارُ النَّاظِرينَ ، وعَجَزَت عَن نَعتِهِ أَوهامُ الواصِفينَ . (4)
عنه عليه السلام :لَوِ اجتَمَعَ أَهلُ السَّماءِ وَالأَرضِ أَن يَصِفُوا اللّهَ بِعَظَمَتِهِ لَم يَقدِروا. (5)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ لا يوصَفُ ، وكَيفَ يوصَفُ وقَد قالَ في كتابِهِ : «وَمَا قَدَرُواْ اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ» (6) !! فَلا يوصَفُ بِقَدرٍ إِلّا كانَ أَعظَمَ مِن ذلِكَ . (7)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ تَبارَكَ اسمُهُ . . . عَجَزَ الواصِفونَ عَن كُنهِ صِفَتِهِ ، ولا يُطيقونَ حَملَ مَعرِفَةِ إِلهِيَّتِهِ ، ولا يَحُدّونَ حُدودَهُ ؛ لِأَنَّهُ بِالكَيفِيَّةِ لا يُتَناهى إِلَيهِ . (8)
.
ص: 19
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ عَظيمٌ رَفيعٌ لا يَقدِرُ العِبادُ عَلى صِفَتِهِ ، ولا يَبلُغونَ كُنهَ عَظَمَتِهِ ، لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ ، ولا يُوصَفُ بِكَيفٍ ولا أَينٍ وحَيثٍ ، وكَيفَ أَصِفُهُ بِالكَيفِ ؟! وهُوَ الَّذي كَيَّفَ الكَيفَ حَتّى صارَ كَيفا ، فَعَرَفتُ الكَيفَ بِما كَيَّفَ لَنا مِنَ الكَيفِ ، أَم كَيفَ أَصِفُهُ بِأَينٍ ؟! وهُوَ الَّذي أَيَّنَ الأَينَ حَتّى صارَ أَينا ، فَعَرَفتُ الأَينَ بِما أَيَّنَ لَنا مِنَ الأَينِ ، أَم كَيفَ أَصِفُهُ بِحَيثٍ ؟! وهُوَ الَّذي حَيَّثَ الحَيثَ حَتّى صارَ حَيثا ، فَعَرَفتُ الحَيثَ بِما حَيَّثَ لَنا مِنَ الحَيثِ . فَاللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ داخِلٌ في كُلِّ مَكانٍ وخارِجٌ مِن كُلِّ شَيءٍ ، لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ ، لا إِلهَ إِلّا هُوَ العَلِيُّ العَظيمُ ، وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ . (1)
الكافي عن جميع بن عمير :قالَ أَبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام : أيُّ شَيءٍ «اللّهُ أكبر» ؟ فَقُلتُ : اللّهُ أَكبَرُ مِن كُلِّ شَيءٍ . فَقالَ : وكانَ ثَمَّ شَيءٌ فَيَكونُ أَكبَرَ مِنهُ ؟ فَقُلتُ : وما هُوَ ؟ قالَ : اللّهُ أَكبَرُ مِن أَن يوصَفَ . (2)
الإمام الكاظم عليه السلام :مَن ظَنَّ بِاللّهِ الظُّنونَ هَلَكَ ، فَاحذَروا في صِفاتِهِ مِن أَن تَقِفوا لَهُ عَلى حَدٍّ تَحُدّونَهُ بِنَقصٍ أَو زِيادَةٍ ، أَو تَحريكٍ أَو تَحَرُّكٍ ، أَو زَوالٍ أَوِ استِنزالٍ ،
.
ص: 20
أَو نُهوضٍ أَو قُعودٍ ؛ فَإِنَّ اللّهَ جَلَّ وعَزَّ عَن صِفَةِ الواصِفينَ ونَعتِ النّاعِتينَ وتَوَهُّمِ المُتَوَهِّمينَ . (1)
عنه عليه السلام :لا تَتَجاوَز فِي التَّوحيدِ ما ذَكَرَهُ اللّهُ تَعالى في كِتابِهِ فَتَهلِكَ . (2)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ أَعلى وأَجَلُّ وأَعظَمُ مِن أَن يُبلَغَ كُنهُ صِفَتِهِ ، فَصِفوهُ بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ ، وكُفّوا عَمّا سِوى ذلِكَ . (3)
عنه عليه السلام _ لَمّا سُئِلَ عَن شَيءٍ مِنَ التَّوحيدِ _ :أَوَّلُ الدِّيانَةِ بِهِ مَعرِفَتُهُ ، وكَمالُ مَعرِفَتِهِ تَوحيدُهُ ، وكَمالُ تَوحيدِهِ نَفيُ الصِّفاتِ عَنهُ ؛ بِشَهادَةِ كُلِّ صِفَةٍ أَنَّها غَيرُ المَوصوفِ ، وشَهادَةِ المَوصوفِ أَنَّهُ غَيرُ الصِّفَةِ ، وشَهادَتِهِما جَميعا بِالتَّثنِيَةِ المُمتَنِعِ مِنهُ الأَزَلُ . فَمَن وَصَفَ اللّهَ فَقَد حَدَّهُ ، ومَن حَدَّهُ فَقَد عَدَّهُ ، ومَن عَدَّهُ فَقَد أَبطَلَ أَزَلَهُ ، ومَن قالَ : كَيفَ ؟ فَقَدِ استَوصَفَهُ ، ومَن قالَ : فيمَ ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ ، ومَن قالَ : عَلامَ ؟ فَقَد جَهِلَهُ ، ومَن قالَ : أَينَ ؟ فَقَد أَخلى مِنهُ ، ومَن قالَ : ما هُوَ ؟ فَقَد نَعَتَهُ ، ومَن قالَ : إِلامَ ؟ فَقَد غاياهُ . عالِمٌ إِذ لا مَعلومَ ، وخالِقٌ إِذ لا مَخلوقَ ، ورَبٌّ إِذ لا مَربوبَ ، وكَذلِكَ يوصَفُ رَبُّنا ، وفَوقَ ما يَصِفُهُ الواصِفونَ . (4)
.
ص: 21
الإمام الرضا عليه السلام_ لَمّا سَمِعَ كَلاما فِي التَّشبيهِ ، خَرَّ ساجِدا وقالَ _: سُبحانَكَ ما عَرَفوكَ ولا وَحَّدوكَ ، فَمِن أَجلِ ذلِكَ وَصَفوك ، سُبحانَكَ لو عَرَفوكَ لَوَصفوكَ بِما وَصَفتَ بِهِ نَفسَكَ . (1)
تفسير العيّاشي عن ذي الرياستين :قُلتُ لِأَبِي الحَسَنِ الرِّضا عليه السلام : _ جُعِلتُ فِداكَ ! _ أَخبِرني عَمّا اختَلَفَ فيهِ النّاسُ مِنَ الرُّؤيَةِ ، فَقالَ بَعضُهُم : لا يُرى . فَقالَ : يا أَبَا العَبّاسِ ، مَن وَصَفَ اللّهَ بِخِلافِ ما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ فَقَد أَعظَمَ الفِريَةَ عَلَى اللّهِ ، قالَ اللّهُ : «لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَ_رُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَ_رَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ» (2) هذه الأَبصارُ لَيسَت هِيَ الأَعيُنَ ؛ إِنَّما هِيَ الأَبصارُ الَّتي فِي القَلبِ ، لا يَقَعُ عَلَيهِ الأَوهامُ ولا يُدرَكُ كَيفَ هُوَ . (3)
الإمام الجواد عليه السلام :قامَ رَجُلٌ إِلَى الرِّضا عليه السلام فَقالَ لَهُ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، صِف لَنا رَبَّكَ ؛ فَإِنَّ مَن قِبَلَنا قَدِ اختَلَفوا عَلَينا . فَقالَ الرِّضا عليه السلام : إِنَّهُ مَن يَصِفُ رَبَّهُ بِالقِياسِ لا يَزالُ الدَّهرُ فِي الاِلتِباسِ ، مائِلاً مِنَ المِنهاجِ ، ظاعِنا فِي الاعوِجاجِ ، ضالّاً عَنِ السَّبيلِ ، قائِلاً غَيرَ الجَميلِ ، أُعَرِّفُهُ بِما عَرَّفَ بِهِ نَفسَهُ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ ، وأَصِفُهُ بِما وَصَفَ بِهِ نَفسَهُ مِن غَيرِ صورَةٍ ؛ لا يُدرَكُ بِالحَواسِّ ، ولا يُقاسُ بِالنّاسِ ، مَعروفٌ بِغَيرِ تَشبيهٍ . (4)
.
ص: 22
الكافي عن إبراهيم بن محمّد الهمداني :كَتَبتُ إِلى الرَّجُلِ عليه السلام [يَعني الإِمامَ الهادِيَ عليه السلام ] . . . فَكَتَبَ بِخَطِّهِ : سُبحانَ مَن لا يُحَدُّ ولا يُوصَفُ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ العَليمُ _ أَو قالَ _ : البَصيرُ . (1)
راجع : ج 3 ص 301 (الفصل الثامن : آفاق معرفة اللّه ) .
1 / 2الخُروجُ مِن حَدِّ التَّشبيهِ وَالتَّعطيلِالإمام زين العابدين عليه السلام :قولوا : نورٌ لا ظَلامَ فيهِ ، وحَياةٌ لا مَوتَ فيهِ ، وصَمَدٌ لا مَدخَلَ فيهِ . ثُمَّ قالَ : مَن كانَ لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ ، وكانَ نَعتُهُ لا يُشبِهُ نَعتَ شَيءٍ فَهُوَ ذاكَ . (2)
الإمام الجواد عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ : يَجوزُ أَن يُقالَ للّهِِ : إِنَّهُ شَيءٌ ؟ قالَ _: نَعَم ، يُخرِجُهُ مِن الحَدَّينِ حَدِّ التَّعطيلِ وحَدِّ التَّشبيهِ . (3)
عوالي اللآلي عنهم عليهم السلام: التَّوحيدُ نَفيُ الحَدَّينِ: حَدِّ التَّشبيهِ وحَدِّ التَّعطيلِ . (4)
.
ص: 23
الإمام عليّ عليه السلام :لَيسَ بِإِلهٍ مَن عُرِفَ بِنَفسِهِ ، هُوَ الدَّالُّ بِالدَّليلِ عَلَيهِ ، وَالمُؤَدّي بِالمَعرِفَةِ إِلَيهِ . (1)
راجع : ج 3 ص 371 (المذهب الحقّ في التوحيد) ، ج 5 ص 331 (الفصل الأوّل : المِثل) .
1 / 3التَّعريفُ بِغَيرِ صورَةٍ وإحاطَةٍالإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ العَقلَ يَعرِفُ الخالِقَ مِن جِهَةٍ توجِبُ عَلَيهِ الإِقرارَ ، ولا يَعرِفُهُ بِما يوجِبُ لَهُ الإِحاطَةَ بِصِفَتِهِ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام :عُرِفَ بِغَيرِ رُؤيَةٍ ، ووُصِفَ بِغَيرِ صورَةٍ ، ونُعِتَ بِغَيرِ جَسمٍ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الكَبيرُ المُتَعالِ . (3)
1 / 4الوَصفُ بِالفِعالِالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي ... لا يُوصَفُ بِأَينٍ ولا بِمَ ولا مَكانٍ ، الَّذي بَطَنَ مِن خَفِيّاتِ الأُمورِ ، وظَهَرَ فِي العُقولِ بِما يُرى في خَلقِهِ مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ ، الَّذي سُئِلَتِ الأَنبِياءُ عَنهُ فَلَم تَصِفهُ بِحَدٍّ ولا بِبَعضٍ ، بَل وَصَفَتهُ بِفِعالِهِ . (4)
.
ص: 24
الإمام الرضا عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ» (1) وعَن قَولِهِ : «اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ» (2) وعَن قَولِهِ : «وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللَّهُ» (3) وعَن قَولِهِ : «يُخَ_دِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَ_دِعُهُمْ» (4) _: إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يَسخَرُ ولا يَستَهزِئُ ولا يَمكُرُ ولا يُخادِعُ ، ولكِنَّ اللّهَ عز و جل يُجازيهِم جَزاءَ السُّخرِيَةِ ، وجَزاءَ الاِستِهزاءِ ، وجَزاءَ المَكرِ ، وجَزاءَ الخَديعَةِ ، تَعالَى اللّهُ عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا . (5)
1 / 5وُجوهُ إطلاقِ الأَسماءِ وَالصِّفاتِالكافي عن أبي هاشم الجعفريّ :كُنتُ عِندَ أَبي جَعفَرٍ الثّاني عليه السلام ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ فَقالَ : أَخبِرني عَنِ الرَّبِّ _ تَبارَكَ وتَعالى _ ، لَهُ أَسماءٌ وصِفاتٌ في كِتابِهِ ؟ وأَسماؤُهُ وصِفاتُهُ هِيَ هُوَ ؟ فَقالَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام : إِنَّ لِهذَا الكَلامِ وَجهَينِ : إِن كُنتَ تَقولُ : هِيَ هُوَ ، أي أَنَّهُ ذو عَدَدٍ وكَثرَةٍ ؛ فَتَعالَى اللّهُ عَن ذلِكَ ، وإِن كُنتَ تَقولُ : هذِهِ الصِّفاتُ وَالأَسماءُ لَم تَزَل ؛ فَإِنَّ «لَم تَزَل» مُحتَمِلٌ مَعنَيَينِ : فَإِن قُلتَ : لَم تَزَل عِندَهُ في عِلمِهِ وهُوَ مُستَحِقُّها ، فَنَعَم ، وإِن كُنتَ تَقولُ : لَم يَزَل
.
ص: 25
تَصويرُها وهِجاؤُها وتَقطيعُ حُروفِها ؛ فَمَعاذَ اللّهِ أَن يَكونَ مَعَهُ شَيءٌ غَيرُهُ ، بَل كانَ اللّهُ ولا خَلقَ ، ثُمَّ خَلَقَها وَسيلَةً بَينَهُ وبَينَ خَلقِهِ ، يَتَضَرَّعونَ بِها إِلَيهِ ويَعبُدونَهُ ، وهِيَ ذِكرُهُ وكانَ اللّهُ ولا ذِكرَ ، وَالمَذكورُ بِالذِّكرِ هُوَ اللّهُ القَديمُ الَّذي لَم يَزَل ، وَالأَسماءُ وَالصِّفاتُ مَخلوقاتٌ ، وَالمَعاني (1) وَالمَعنِيُّ بِها هُوَ اللّهُ الَّذي لا يَليقُ بِهِ الاِختِلافُ ولا الاِئتِلافُ ، وإِنَّما يَختَلِفُ وتَأتَلِفُ (2) المُتَجَزِّئُ ، فَلا يُقالُ : اللّهُ مُؤتَلِفُ ولَا اللّهُ قَليلٌ ولا كَثيرٌ ، ولكِنَّهُ القَديمُ في ذاتِهِ ؛ لِأَنّ ما سِوَى الوَاحِدِ مُتَجَزِّئٌ ، وَاللّهُ واحِدٌ لا مُتَجَزِّئٌ ولا مُتَوَهَّمٌ بِالقِلَّةِ وَالكَثرَةِ ، وكُلُّ مُتَجَزِّىً أَو مُتَوَهَّمٍ بِالقِلَّةِ وَالكَثرَةِ فَهُوَ مَخلوقٌ دالٌّ عَلى خالِقٍ لَهُ . فَقَولُكَ : إِنَّ اللّهَ قَديرٌ ، خَبَّرتَ أَنَّهُ لا يُعجِزُه شَيءٌ ، فَنَفَيتَ بِالكَلِمَةِ العَجزَ وجَعَلتَ العَجزَ سِواهُ ، وكَذلِكَ قَولُكَ : عالِمٌ ، إِنَّما نَفَيتَ بِالكَلِمَةِ الجَهلَ وَجَعلتَ الجَهلَ سِواهُ ، وإِذا أَفنَى اللّهُ الأَشياءَ أَفنَى الصّورَةَ وَالهِجاءَ وَالتَّقطيعَ ، ولا يَزالُ مَن لَم يَزَل عالِما . فَقالَ الرَّجُلُ : فَكَيفَ سَمَّينا رَبَّنا سَميعا ؟ فَقالَ : لِأَنَّهُ لا يَخفى عَلَيهِ ما يُدرَكُ بِالأَسماعِ ، ولَم نَصِفهُ بِالسَّمعِ المَعقولِ فِي الرَّأسِ ، وكَذلِكَ سَمَّيناهُ بَصيرا ؛ لِأَنَّهُ لا يَخفى عَلَيهِ ما يُدرَكُ بِالأَبصارِ ، مِن لَونٍ أَو شَخصٍ أَو غَيرِ ذلِكَ ، ولَم نَصِفهُ بِبَصَرِ لَحظَةِ العَينِ ، وكَذلِكَ سَمّيناهُ لَطيفا لِعِلمِهِ بِالشَّيءِ اللَّطيفِ مِثلِ البَعوضَةِ وأَخفى مِن ذلِكَ ، ومَوضِعِ النُّشوءِ مِنها ، وَالعَقلِ وَالشَّهوَةِ لِلسِّفادِ وَالحَدَبِ عَلى نَسلِها ، وإِقامَ بَعضِها عَلى بَعضٍ ، ونَقلِهَا الطَّعامَ
.
ص: 26
وَالشَّرابَ إِلى أَولادِها فِي الجِبالِ وَالمَفاوِزِ (1) وَالأَودِيَةِ وَالقِفارِ (2) ، فَعَلِمنا أَنَّ خالِقَها لَطيفٌ بِلا كَيفٍ ، وإِنَّمَا الكَيفِيَّةُ لِلمَخلوقِ المُكَيَّفِ . وكذلِكَ سَمَّينا رَبَّنا قَوِيّا لا بِقُوَّةِ البَطشِ المَعروفِ مِنَ المَخلوقِ ، ولَو كانَت قُوَّتُهُ قُوَّةَ البَطشِ المَعروفِ مِنَ المَخلوقِ لَوَقَعَ التَّشبيهُ ، ولَاحتَمَلَ الزِّيادَةَ ، ومَا احتَمَلَ الزِّيادَةَ احتَمَلَ النُّقصانَ ، وما كانَ ناقِصا كانَ غَيرَ قَديمٍ ، وما كانَ غَيرَ قَديمٍ كانَ عاجِزا ، فَرَبُّنا _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا شِبهَ لَهُ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا كَيفَ ولا نِهايةَ ولا تَبصارَ بَصَرٍ ، ومُحَرَّمٌ عَلَى القُلوبِ أَن تُمَثِّلَهُ ، وعَلَى الأَوهامِ أَن تَحُدَّهُ ، وعَلَى الضَّمائِرِ أَن تُكَوِّنَهُ ، جَلَّ وعَزَّ عَن أَداةِ خَلقِهِ وسِماتِ بَرِيَّتِهِ ، وتَعالى عَن ذلِكَ عُلُوّا كَبيرا . (3)
.
ص: 27
الفصل الثاني : الأحد ، الواحدالأَحد والواحد لغةً«الأَحد» : صفة مشبهة ، و«الواحد» : اسم فاعل ، وكلاهما مشتقان من مادة «وحد» ، وهو يدلّ على الانفراد (1) ، وبما أنّ دلالة الصفة المشبهة على الجذر والمادة أَكثر وأَقوى من دلالة اسم الفاعل ، لذا فإنّ دلالة «الأَحد» على الانفراد أَكثر من دلالة «الواحد» ، ومن الطبيعي هناك تفاوت بين الصفتين في مقام الاستعمال ، بحيث لا يمكن استعمال إِلّا إِحدى الصفتين في بعض الموارد ، مثلاً لم تستعمل كلمة «أَحد» في مقام الوصف لغير اللّه تعالى ، بينما استعملت «أَحد عشر» ولم تستعمل «واحد عشر» ، وقال أبو إسحاق النحوي : «إنّ الأحد شيء بني لنفي ما يذكر معه من العدد والواحد اسم لمفتتح العدد وأحد يصلح في الكلام في موضع الجحود وواحد في موضع الإثبات» (2) ، وبغضّ النظر عن هذه النكات فإنّ الأَحد بمعنى الواحد ، لذا صرّح الجوهري بأنّ الأَحد بمعنى الواحد (3) ، ويقول الفيومي : الواحد هو الأَحد (4) .
.
ص: 28
الأَحد والواحد في القرآن والحديثلقد وُصِف تعالى في القرآن الكريم بصفة الأَحد مرة واحدة في سورة التَّوحيد ، ووُصِف «21» مرة بصفة الواحد في مواضع مختلفة من سور القرآن الكريم ، ولم يرد في الحديث ثمة تفاوت بين الأَحد والواحد ، وقد نُقل عن الإمام الباقر عليه السلام قوله : «الأَحَدُ والواحِدُ بِمَعنى واحِدٍ ، وهُوَ المُتَفَرِّدُ الَّذي لا نَظيرَ لَهُ» (1) . إِنّ صفة الأَحد والواحد تدلّ بلا ريب على توحيد الخالق ، وبما أَنّنا قد بينّا فيما تقدّم عدة مطالب حول هذا الموضوع في بحث التَّوحيد ومراتبه ، لذا نكتفي هنا بهذا القدر .
2 / 1إلهٌ واحِدٌ ، أَحَدٌالكتاب«وَ إِلَ_هُكُمْ إِلَ_هٌ وَ حِدٌ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الرَّحْمَ_نُ الرَّحِيمُ » . (2)
«أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ ءَالِهَةً أُخْرَى قُل لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَ_هٌ وَ حِدٌ وَإِنَّنِى بَرِى ءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ » . (3)
«قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَ_هُكُمْ إِلَ_هٌ وَ حِدٌ» . (4)
«وَ قالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُواْ إِلَ_هَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَ_هٌ وَ حِدٌ فَإِيَّ_ىَ فَارْهَبُونِ » . (5)
.
ص: 29
«قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَ مَا مِنْ إِلَ_هٍ إِلَا اللَّهُ الْوَ حِدُ الْقَهَّارُ » . (1)
«أَمْ جَعَلُواْ لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُواْ كَخَلْقِهِ فَتَشَ_بَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللَّهُ خَ__لِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ وَ هُوَ الْوَ حِدُ الْقَهَّ_رُ » . (2)
الحديثالإمام الباقر عليه السلام :الأَحَدُ: الفَردُ المُتَفَرِّدُ ، وَالأَحَدُ وَالواحِدُ بِمَعنىً واحِدٍ ؛ وهُوَ المُتَفَرِّدُ الَّذي لا نَظيرَ لَهُ . وَالتَّوحيدُ: الإِقرارُ بِالوَحدَةِ وهُوَ الاِنفِرادُ. وَالواحِدُ: المُتَبائِنُ الَّذي لا يَنبَعِثُ مِن شَيءٍ ولا يَتَّحِدُ بِشَيءٍ. ومِن ثَمَّ قالوا: إِنَّ بِناءَ العَدَدِ مِنَ الواحِدِ ولَيسَ الواحِدُ مِنَ العَدَدِ ؛ لِأَنَّ العَدَدَ لا يَقَعُ عَلَى الواحِدِ ، بَل يَقَعُ عَلَى الاِثنَينِ ، فَمَعنى قَولِهِ: «اللَّهُ أَحَدٌ» المَعبودُ الَّذي يَألَهُ (3) الخَلقُ عَن إِدراكِهِ وَالإِحاطَةِ بِكَيفِيَّتِهِ ، فَردٌ بِإِلهِيَّتِهِ ، مُتَعالٍ عَن صِفاتِ خَلقِهِ . (4)
2 / 2واحِدٌ فَلا وَلَدَ لَهُالكتاب«إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ فَ_ئامِنُواْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُواْ ثَلَ_ثَةٌ انتَهُواْ خَيْرًا لَّكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَ_هٌ وَ حِدٌ سُبْحَ_نَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَمَا فِى الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلاً » . (5)
.
ص: 30
«لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَ_ثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَ_هٍ إِلَا إِلَ_هٌ وَ حِدٌ» . (1)
«اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَ_نَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلَا لِيَعْبُدُواْ إِلَ_هًا وَ حِدًا لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ سُبْحَ_نَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ » . (2)
راجع : البقرة: 133 ، يوسف : 39 ، إبراهيم : 48 و52 ، النحل : 22 ، الأنبياء : 108 ، الحجّ : 34 ، العنكبوت : 46 ، الصافّات : 4 ، الزمر : 4 ، غافر : 16 ، فصّلت : 6 .
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ أَنتَ الواحِدُ فَلا وَلَدَ لَكَ . (3)
راجع : ج 5 ص 357 (الفصل السادس : الوالِدُ والوَلَدُ) .
2 / 3واحِدٌ لا بِعَدَدٍالإمام عليّ عليه السلام :واحِدٌ لا بِعَدَدٍ ، ودائِمٌ لا بِأَمَدٍ (4) ، وقائِمٌ لا بِعَمَدٍ . (5)
عنه عليه السلام :الأَحَدُ لا بِتَأويلِ عَدَدٍ . (6)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... الواحِدِ بِلا تَأويلِ عَدَدٍ . (7)
.
ص: 31
الإمام الرضا عليه السلام :أَحَدٌ لا بِتَأويلِ عَدَدٍ . (1)
الخصال عن شريح بن هانئ :إِنَّ أَعرابِيّا قامَ يَومَ الجَمَلِ إِلى أَميرِالمُؤمِنينَ عليه السلام ، فَقالَ : يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، أَتَقولُ: إِنَّ اللّهَ واحِدٌ؟ قالَ: فَحَمَلَ النّاسُ عَلَيهِ ، وقالوا : يا أَعرابِيُّ ، أَما تَرى ما فيهِ أَميرُ المُؤمِنينَ مِن تَقَسُّمِ القَلبِ؟! فَقالَ أَميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : دَعوهُ ؛ فَإِنَّ الَّذي يُريدُهُ الأَعرابِيُّ هُوَ الَّذي نُريدُهُ مِنَ القَومِ. ثُمَّ قالَ: يا أَعرابِيُّ ، إِنَّ القَولَ في أَنَّ اللّهَ واحِدٌ عَلى أَربَعَةِ أَقسامٍ: فَوَجهانِ مِنها لا يَجوزانِ عَلَى اللّهِ عز و جل ، ووَجهانِ يَثبُتانِ فيهِ . فَأَمَّا اللَّذانِ لا يَجوزانِ عَلَيهِ فَقَولُ القائِلِ : «واحِدٌ» يَقصُدُ بِهِ بابَ الأَعدادِ ، فَهذا ما لا يَجوزُ ؛ لِأَنَّ ما لا ثانِيَ لَهُ لا يَدخُلُ في بابِ الأَعدادِ ، أَما تَرى أَنَّهُ كَفَرَ مَن قالَ: إِنَّهُ ثالِثُ ثَلاثةٍ. وقَولُ القائِلِ «هُوَ واحِدٌ مِنَ النّاسِ» يُريدُ بِهِ النَّوعَ مِنَ الجِنسِ ، فَهذا ما لا يَجوزُ ؛ لِأَنَّهُ تَشبيهٌ ، وجَلَّ رَبُّنا وتَعالى عَن ذلِكَ . وأَمَّا الوَجهانِ اللَّذانِ يَثبُتانِ فيهِ فَقَولُ القائِلِ: «هُوَ واحِدٌ لَيسَ لَهُ فِي الأَشياءِ شِبهٌ» كَذلِكَ رَبُّنا ، وقَولُ القائِلِ: «إِنَّهُ عز و جل أَحَدِيُّ المَعنى» يَعني بِهِ أَنَّهُ لا يَنقَسِمُ في وُجودٍ ولا عَقلٍ ولا وَهمٍ ، كَذلِكَ رَبُّنا عز و جل . (2)
.
ص: 32
2 / 4لَهُ وَحدَانِيَّةُ العَدَدِالإمام زين العابدين عليه السلام :لَكَ يا إِلهي وَحدانِيَّةُ العَدَدِ ، ومَلَكَةُ القُدرَةِ الصَّمَدِ ، وفَضيلَةُ الحَولِ وَالقُوَّةِ ، وَدَرَجَةُ العُلُوِّ وَالرِّفعَةِ . (1)
تعليقإِنّ هذا الحديث لا يتعارض مع الأَحاديث التي تصف اللّه تعالى بأنّه «واحد بلا عدد» ، ووجه الجمع بينها يتبيّن من خلال الحديث اللاحق المنقول عن الإمام الباقر عليه السلام ، فقد جاء في هذا الحديث أنّ معنى الواحد «المتفرّد الذي لا نظير له» لذا لا يقبل التثنية والتعدّد . من هنا لا يعدّون الواحد من الأَعداد ، بينما يعدّون الاثنين وما بعدها من الأَعداد ، إِذ إِنّ في معنى العدد التثنية والتعدّد ، وعلى هذا الأَساس معنى «لك يا إِلهي وحدانية العدد» أَن ما يتعلق بالواحد الذي لا يقبل التعدّد وليس جزءا من الأَعداد ، ينطبق على الخالق أَيضا ، يعني أَنّ اللّه ليس قابلاً للتعدّد ، أَما في الأَحاديث التي تقول : «واحد لا بعدد» فالمراد المعنى اللغوي للعدد ، يعني أَنّه في وحدانيته تعالى غير قابل للتعدد ، وبناءً على ذلك فالعبارتان «وحدانية العدد» و«واحد لا بعدد» تبينان مطلبا واحدا ، وهو أَنّ اللّه تعالى واحد ومتفرد ، وبالنتيجة لا يقبل التعدد ، وهناك تفاسير أُخرى ذكرت في إِيضاح هذا المطلب (2) .
.
ص: 33
الفصل الثالث : الأوّل ، الآخرالأَوّل والآخر لغةًالأَوّل في اللغة بمعنى مبتَدأ الشيء والآخر منتهاه . وذكر ابن فارس معنيين أَصليين للهمزة والواو واللام : أَحدهما الابتداء ، والآخر الانتهاء ، والبناءُ الذي يدلّ على المعنى الأَوّل ، هو الأَوّل ، والذي يدلّ على المعنى الثاني ، هو الأَيّل (1) . وقال في المعنى الآخر : الهمزة والخاء والراء أَصل واحد وإِليه يرجع جميع فروعه وهو خلاف التقدّم (2) .
الأَوّل والآخر في القرآن والحديثجاء الأَوّل والآخر في القرآن والحديث ، بمعنيين هما:
.
ص: 34
1 . الأَوّل والآخر المطلقانوهذا المعنى للّه تعالى وحدَه لا يشاركه فيه غيره ، وما من أَوّل مطلق وآخر مطلق إِلّا هو . وورد هذان اللفظان بهذا المعنى مرّة واحدة في القرآن الكريم ، وذلك في الآية الثالثة من سورة الحديد . قال سبحانه: « هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْاخِرُ وَ الظَّ_هِرُ وَ الْبَاطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ » . وقال العلّامة الطباطبائيّ قدس سره : «المراد من أَوّليّته وآخريّته سبحانه إحاطته بجميع الأَشياء... فكلّ ما فُرض أَوّلاً فهو قبله ، فهو الأَوّل دون الشيء المفروض أَوّلاً ، وكلّ ما فرض آخرا فهو بعده لإحاطة قدرته به من فوقه ... فأَوّليّته وآخريّته تعالى فرعان من فروع اسمه «المحيط» ، والمحيط من فروع قدرته المطلقة ... ويمكن تفريع الأسماء الأَربعة على إحاطة وجوده بكلّ شيء ... فإنّ وجوده تعالى قبل وجود كلّ شيء وبعده ...» (1) . ومن الجدير ذكره أَنّ أَوّليّة اللّه و آخريّته في الروايات التي ستلاحظونها بمعنى أَوّليّته وآخريّته في الوجود ، من هنا تعود أَوّليّته وآخريّته إِلى تفرّده في الأَزليّة وَالأَبديّة .
2 . الأَوّل والآخر النسبيّانإِنّ إِطلاق الأَوّل والآخر على غير اللّه سبحانه في القرآن والحديث نسبيّ ، مثل: «أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ» (2) و «أَوَّلُ الْعَ_بِدِينَ» (3) وغيرهما .
.
ص: 35
من هنا نرى أَنّ ما ورد في زيارة أَهل البيت عليهم السلام تبيانا لخصائصهم عند مخاطبتهم: «أَنتم الأَوّل والآخر» (1) هو بمعنى الأَوّليّة والآخريّة النسبيّتين ولا غلوّ في حقّهم (2) .
3 / 1مَعنى أَوَّلِيَّةِ اللّهِ وآخِرِيَّتِهِالكتاب«هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْاخِرُ وَ الظَّ_هِرُ وَ الْبَاطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ أَنتَ الأَوَّلُ فَلَيسَ قَبلَكَ شَيءٌ ، وأَنتَ الآخِرُ فَلَيسَ بَعدَكَ شَيءٌ . (4)
عنه صلى الله عليه و آله :يوشِكُ قُلوبُ النّاسِ أَن تَمتَلِئَ شَرّا حَتّى يُجرِي النّاسُ فَضلاً بَينَ النّاسِ ما يَجِدُ قَلبا يَدخُلُهُ ، ولا يَزالُ النّاسُ يَسأَلونَ عَن كُلِّ شَيءٍ حَتّى يَقولوا : كانَ اللّهُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، فَما كانَ قَبلَ اللّهِ ؟ فَإِذا قالوا لَكُم فَقولوا : كانَ اللّهُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ،
.
ص: 36
ولَيسَ فَوقَهُ شَيءٌ ، وهُوَ الآخِرُ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ ؛ فَلَيسَ بَعدَهُ شَيءٌ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله :لا يَزالُ النّاسُ يَسأَلونَ عَن كُلِّ شَيءٍ حَتّى يَقولوا : هذا اللّهُ كانَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، فَماذا كانَ قَبلَ اللّهِ ؟ فَإِن قالوا لَكُم ذلِكَ ، فَقولوا : هُوَ الأَوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ؛ فَلَيسَ بَعدَهُ شَيءٌ ، وهُوَ الظّاهِرُ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ ، وهُوَ الباطِنُ دونَ كُلِّ شَيءٍ ، وهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي كانَ في أَوَّلِيَّتِهِ وَحدانِيّا . (3)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسَأَ لُكَ . . . بِوَجهِكَ الباقي بَعدَ فَناءِ كُلِّ شَيءٍ . (4)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الأَوَّلِ قَبلَ كُلِّ أَوَّلٍ ، وَالآخِرِ بَعدَ كُلِّ آخِرٍ ، وبِأَوَّلِيَّتِهِ وَجَبَ أَن لا أَوَّلَ لَهُ ، وبِآخِرِيَّتِهِ وَجَبَ أَن لا آخِرَ لَهُ . (5)
عنه عليه السلام :الأَوَّلُ الَّذي لَم يَكُن لَهُ قَبلٌ ؛ فَيَكونَ شَيءٌ قَبلَهُ ، وَالآخِرُ الَّذي لَيسَ لَهُ بَعدٌ ؛ فَيَكونَ شَيءٌ بَعدَهُ . (6)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الأَوَّلِ فَلا شَيءَ قَبلَهُ ، وَالآخِرِ فَلا شَيءَ بَعدَهُ . (7)
.
ص: 37
عنه عليه السلام :أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلَا اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، الأَوَّلُ لا شَيءَ قَبلَهُ ، والآخِرُ لا غايَةَ لَهُ . (1)
عنه عليه السلام :لا تَصحَبُهُ الأَوقاتُ، ولا تَرفِدُهُ الأَدَواتُ، سَبَقَ الأَوقاتَ كونُهُ، وَالعَدَمَ وُجودُه ، وَالاِبتِداءَ أَزَلُهُ . . . مَنَعَتها «مُنذُ» القِدمَةَ (2) ، وحَمَتها «قَد» الأَزَلِيَّةَ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم تَسبِق لَهُ حالٌ حالاً ، فَيَكونَ أَوَّلاً قَبلَ أَن يَكونَ آخِرا . (4)
عنه عليه السلام :تَعالَى الَّذي لَيسَ لَهُ وَقتٌ مَعدودٌ ، ولا أَجَلٌ مَمدودٌ ، ولا نَعتٌ مَحدودٌ . . . لَيسَ لَهُ أَوَّلٌ مُبتَدَأٌ ، ولا غايَةُ مُنتَهىً ، ولا آخِرٌ يفنى . (5)
عنه عليه السلام :لَم يَتَقَدَّمهُ وَقتٌ ولا زَمانٌ . (6)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... الَّذي لَيسَت في أَوَّلِيَّتِهِ نِهايَةٌ ، ولا لِاخِرِيَّتِهِ حَدٌّ ولا غايَةٌ ، الَّذي لَم يَسبِقهُ وَقتٌ ، ولَم يَتَقَدَّمهُ زَمانٌ . (7)
عنه عليه السلام :الَّذي لَم يَزَل ولا يَزالُ وَحدانِيّا أَزَلِيّا قَبلَ بَدءِ الدُّهورِ ، وبَعدَ صُروفِ الأُمورِ ،
.
ص: 38
الَّذي لا يَبيدُ ولا يَنفَدُ . (1)
عنه عليه السلام :لا يَزولُ أَبَدا ولَم يَزَل ، أَوَّلٌ قَبلَ الأَشياءِ بِلا أَوَّلِيَّةٍ ، وآخِرٌ بَعدَ الأَشياءِ بِلا نِهايَةٍ . (2)
عنه عليه السلام :لَيسَ لِأَوَّلِيَّتِهِ ابتِداءٌ ، ولا لاِ زَلِيَّتِهِ انقِضاءٌ ، هُوَ الأَوَّلُ ولَم يَزَل ، وَالباقي بِلا أَجَلٍ . . . لا يُقالُ لَهُ : «مَتى ؟» ولا يُضرَبُ لَهُ أَمَدٌ بِ_ «حَتّى» . . . قَبلَ كُلِّ غايَةٍ ومُدَّةٍ ، وكُلِّ إِحصاءٍ وعِدَّةٍ . (3)
عنه عليه السلام :قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ؛ لا يُقالُ شَيءٌ قَبلَهُ ، وبَعدَ كُلِّ شَيءٍ ؛ لا يُقالُ لَهُ بَعدٌ . . . مَوجودٌ لا بَعدَ عَدَمٍ . (4)
عنه عليه السلام :الأَوَّلُ الَّذي لا غايَةَ لَهُ فَيَنتَهِيَ ، ولا آخِرَ لَهُ فَيَنقَضِيَ . (5)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الكائِنِ قَبلَ أَن يَكونَ كُرسِيٌّ أَو عَرشٌ ، أَو سَماءٌ أَو أَرضٌ ، أَو جانٌّ أَو إِنسٌ . (6)
عنه عليه السلام :لا أَمَدَ لِكَونِهِ ، ولا غايَةَ لِبَقائِهِ . (7)
.
ص: 39
عنه عليه السلام_ في دُعائِهِ المَعروفِ بِدُعاءِ كُمَيلٍ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ . . . بِنورِ وَجهِكَ الَّذي أَضاءَ لَهُ كُلُّ شَيءٍ ، يا نورُ يا قُدّوسُ ، يا أَوَّلَ الأَوَّلينَ ، ويا آخِرَ الآخِرينَ . (1)
الإمام الحسن عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، صِف لي رَبَّكَ حَتّى كَأَنّي أَنظُرُ إِلَيهِ، فَأَطرَقَ مَلِيّا ، ثُمَّ رَفَعَ رَأَسَهُ وقالَ _: الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم يَكُن لَهُ أَوَّلٌ مَعلومٌ، ولا آخِرٌ مُتناهٍ، ولا قَبلٌ مدركٌ، ولا بَعدٌ مَحدودٌ، ولا أَمَدٌ بِحَتّى. (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: وأَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، الأَوَّلُ قَبلَ كُلِّ أَحَدٍ ، وَالآخِرُ بَعدَ كُلِّ عَدَدٍ . (3)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ فِي التَّحميدِ للّهِِ عز و جل _: الحَمدُ للّهِِ الأَوَّلِ بِلا أَوَّلٍ كانَ قَبلَهُ ، وَالآخِرِ بِلا آخِرٍ يَكونُ بَعدَهُ ، الَّذي قَصُرَت عَن رُؤيَتِهِ أَبصارُ النّاظِرينَ ، وعَجَزَت عَن نَعتِهِ أَوهامُ الواصِفينَ . (4)
الإمام الباقر عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ اللّهِ مَتى كانَ؟ _: مَتى لَم يَكُن حَتّى أُخبِرَكَ مَتى كانَ؟ سُبحانَ مَن لَم يَزَل ولايَزالُ، فَردا صَمَدا لَم يَتَّخِذ صاحِبَةً ولا وَلَدا . (5)
الكافي عن زرارة :قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍ عليه السلام : أَكانَ اللّهُ ولا شَيءَ ؟ قالَ : نَعَم ، كانَ ولا شَيءَ .
.
ص: 40
قُلتُ : فَأَينَ كانَ يَكونُ ؟ وكانَ مُتَّكِئا فَاستَوى جالِسا ، وقالَ : أَحَلتَ يا زُرارَةُ ، وسَأَلتَ عَنِ المَكانِ إِذ لا مَكانَ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ تَبارَكَ اسمُهُ ... لَم يَزَل ولا يَزالُ ، وهُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ ، وَالظّاهِرُ وَالباطِنُ ، فَلا أَوَّلَ لِأَوَّلِيَّتِهِ . (2)
عنه عليه السلام_ في سُجودِهِ _: لا إِلهَ إِلّا أَنتَ حَقّا حَقّا ، الأَوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، وَالآخِرُ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ . (3)
عنه عليه السلام :هُوَ الأَوَّلُ بِلا كَيفٍ ، وهُوَ الآخِرُ بِلا نِهايَةٍ ، لَيسَ لَهُ مِثلٌ ، خَلَقَ الخَلقَ وَالأَشياءَ لا مِن شَيءٍ ولا كَيفٍ ، بِلا عِلاجٍ ولا مُعاناةٍ ولا فِكرٍ ولا كَيفٍ ، كَما أَنَّهُ لا كَيفَ لَهُ ، وإِنَّما الكَيفَ بِكَيفِيَّةِ المَخلوقِ ؛ لِأَنَّهُ الأَوَّلُ لا بَدءَ لَهُ ولا شِبهَ ولا مِثلَ ولا ضِدَّ ولا نِدَّ (4) ، لا يُدرَكُ بِبَصَرٍ ، ولا يُحَسُّ بِلَمسٍ ، ولا يُعرَفُ إِلّا بِخَلقِهِ ، تَبارَكَ وتَعالى . (5)
عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ الأَوَّلِ وَالآخِرِ _: الأَوّلَُ لاعَن أَوَّلٍ قَبلَهُ ، ولاعَن بَدءٍ سَبَقَهُ ، وَالآخِرُ لاعَن نِهايَةٍ كما يُعقَلُ مِن صِفَةِ المَخلوقينَ ، ولكِن قَديمٌ أَوَّلٌ آخِرٌ ، لَم يَزَل ولا يَزولُ بِلا بَدءٍ ولا نِهايةٍ ، لا يَقَعُ عَلَيهِ الحُدوثُ ولا يَحولُ مِن حالٍ إِلى حالٍ ، خالِقُ كُلِّ شَيءٍ . (6)
.
ص: 41
الكافي عن ابن أبي يعفور :سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْاخِرُ» (1) وقُلتُ : أَمَّا الأَوَّلُ فَقَد عَرَفناهُ ، وأَمَّا الآخِرُ فَبَيِّن لَنا تَفسيرَهُ . فَقالَ : إِنَّهُ لَيسَ شَيءٌ إِلّا يَبيدُ أَو يَتَغَيَّرُ ، أَو يَدخُلُهُ التَّغَيَّرُ وَالزَّوالُ ، أَو يَنتَقِلُ مِن لَونٍ إِلى لَونٍ ، ومِن هَيئَةٍ إِلى هَيئَةٍ ، ومِن صِفَةٍ إِلى صِفَةٍ ، ومِن زِيادَةٍ إِلى نُقصانٍ ، ومِن نُقصانٍ إِلى زِيادَةٍ ، إِلّا رَبَّ العالَمينَ ؛ فَإِنَّهُ لَم يَزَل ولا يَزالُ بِحالَةٍ واحِدَةٍ ، هُوَ الأَوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، وهُوَ الآخِرُ عَلى ما لَم يَزَل ، ولا تَختَلِفُ عَلَيهِ الصِّفاتُ وَالأَسماءُ كَما تَختَلِفُ عَلى غَيرِهِ . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :جاءَ حِبرٌ مِنَ الأَحبارِ إِلى أَميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، مَتى كانَ رَبُّكَ ؟ فَقالَ لَهُ : ثَكَلَتكَ أُمُّكَ! ومَتى لَم يَكُن حَتّى يُقالَ : مَتى كانَ ؟ كانَ رَبّي قَبلَ القَبلِ بِلا قَبلٍ ، وبَعدَ البَعدِ بِلا بَعدٍ ، ولا غايَةَ ولا مُنتَهى لِغايَتِهِ ، انقَطَعَتِ الغاياتُ عِندَهُ فَهُوَ مُنتَهى كُلِّ غايَةٍ . (3)
التوحيد عن أَبي بصير :أَخرَجَ أَبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام حُقّا (4) ، فَأَخرَجَ مِنهُ وَرَقَةً ، فَإِذا فيها : سُبحانَ الواحِدِ الَّذي لا إِلهَ غَيرُهُ ، القَديمِ المُبدِىَ الَّذي لا بَدِيءَ لَهُ ، الدَّائِمِ الَّذي لا نَفادَ لَهُ . (5)
.
ص: 42
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ تَبارَكَ و تَعالى ... كانَ إِذ لَم يَكُن أَرضٌ ولا سَماءٌ ، ولا لَيلٌ ولا نَهارٌ ، ولا شَمسٌ ولا قَمَرٌ ولا نُجومٌ ، ولا سَحابٌ ولا مَطَرٌ ولا رِياحٌ . (1)
بحار الأنوار عن الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ أَنتَ كَما أَنتَ حَيثُ أَنتَ ، لا يَعلَمُ أَحَدٌ كَيفَ أَنتَ إِلّا أَنتَ ، لا تَحولُ عَمّا كُنتَ فِي الأَزَل حَيثُ كُنتَ ، ولا تَزولُ ولا تَوَلّى ، أَوَّلِيَّتُكَ مِثلُ آخِرِيَّتِكَ ، وآخِرِيَّتُكَ مِثلُ أَوَّلِيَّتِكَ إِذا أُفنِيَ الخَلائِقُ وأُظهِرَ الحَقائِقُ ، لا يَعرِفُ بِمَكانِكَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نَبِيٌّ مُكَرَّمٌ ، ولا أَحَدٌ يَعرِفُ أَينيَّتَكَ ولا كَيفِيَّتَكَ ولا كَينونِيَّتَكَ ، فَأَنتَ الأَحَدُ الأَبَدُ ، ومُلكُكَ سَرمَدٌ ، وسُلطانُكَ لا يَنقَضي ، لا لَكَ زَوالٌ ، ولا لِمُلكِكَ نَفادٌ ، ولا لِسُلطانِكَ تَغَيُّرٌ ، مُلكُكُ دائِمٌ ، وسُلطانُكَ قَديمٌ ، مِنكَ وبِكَ لا بِأَحَدٍ ولا مِن أَحَدٍ ؛ لِأَنَّكَ لَم تَزَل كُنتَ ، الأَزَلُ بِكَ لا أَنتَ بِهِ ، أَنتَ الدَّوامُ لَم تَزَل ، سُبحانَكَ وتَعالَيتَ عَمّا يَقولونَ عُلُوّا كَبيرا . (2)
الإمام الجواد عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في قُنوتِهِ _: اللّهُمَّ أَنتَ الأَوَّلُ بِلا أَوَّلِيَّةٍ مَعدودَةٍ ، والآخِرُ بِلا آخِرِيَّةٍ مَحدودَةٍ . (3)
التوحيد عن عليّ بن مهزيار :كَتَبَ أَبو جَعفَرٍ عليه السلام إِلى رجُلٍ بِخَطِّهِ وقَرَأتُهُ في دُعاءٍ كَتَبَ بِهِ أَن يَقولَ : يا ذَا الَّذي كانَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، ثُمَّ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ ، ثُمَّ يَبقى ويَفنى كُلُّ شَيءٍ . (4)
.
ص: 43
3 / 2الدَّليلُ عَلى أَوَّلِيَّةِ اللّهِ وآخِرِيَّتِهِالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... الدَّالِّ عَلى وُجودِهِ بِخَلقِهِ، وبِحُدوثِ خَلقِهِ عَلى أَزَلِهِ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام :خَلقُ اللّهِ الخَلقَ حِجابٌ بَينَهُ و بَينَهُم ... وَابتِداؤُهُ إِيّاهُم دَليلُهُم عَلى أَن لَا ابتِداءَ لَهُ ، لِعَجزِ كُلِّ مُبتَدَاً عَن ابتِداءِ غَيرِهِ . (2)
راجع : ج 5 ص 57 (الفصل الرابع والخمسون : القَديمُ ، الأَزَليّ) .
.
ص: 44
. .
ص: 45
الفصل الرابع : البارِئالبارِئ لغةًالبارئ في اللغة اسم فاعل من مادّة «برأَ» ، وهو أَصلان : أَحدهما «الخلق» ، والآخر «التباعد من الشيء ومزايلته». ومن الأَصل الأَوّل يقال: برأَ اللّه الخلق ، يبرؤهم ، بَرْءا: خلقهم ، وهو البارئ: الخالق (1) .
البارئ في القرآن والحديثلقد ورد اسم «البارئ» أربع مرّات في القرآن الكريم ، الأُولى بلفظ «البارئ» (2) ومرّتين بلفظ «بارئكم» (3) ، والرابعة بلفظ «نبرأَها» (4) كفعل نُسب إِلى اللّه تعالى . وبيّنت الأَحاديث خصائص هذه الصفة . فبعضها ذكر أَنّ اللّه سبحانه بارئ جميع
.
ص: 46
الأَشياء والخلائق : «يا بارئ كلّ شيء» (1) ، «بارئ الخلائق أجميعن» (2) . وبعضها ذكر بارئيّته _ جلّ شأنه _ بلا مثال احتذى به: «سُبحانَ البارِىَ لِكُلِّ شَيءٍ عَلى غَيرِ مِثالٍ خَلا مِن غَيرِهِ» (3) . من هنا ، لم يُوجِد اللّهُ الأَشياء في العالم على أَساس مُثُل أَزليّة غير مخلوقة ، وفعله غير محكوم بالمثُل والصور الأَزليّة الثابتة ، كما زعم افلاطون 4 ، وقد أَورد ابن الأَثير هذه الصفه فيتعريف البارئ، فقال: «البارئ: هو الذيخلق الخلق لا عن مثال» (4) . (5)
4 / 1بارِئُ كُلِّ شَيءٍ و صانِعُهُالكتاب«هُوَ اللَّهُ الْخَ__لِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى» . (6)
.
ص: 47
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا رَبَّ كُلِّ شَيءٍ وصانِعَهُ ، يا بارِئَ (1) كُلِّ شَيءٍ وخالِقَهُ. (2)
الإمام عليّ عليه السلام :سُبحانَ البارِىَ لِكُلِّ شَيءٍ عَلى غَيرِ مِثالٍ خَلا مِن غَيرِهِ. (3)
4 / 2بارِئُ الخَلائِقِ أجمَعينَالإمام زين العابدين عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، مالِكِ يَومِ الدِّينِ ، بارِىَ الخَلائِقِ أَجمَعينَ ... (4)
الإمام الصَّادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ بارِىَ خَلقِ المَخلوقينَ بِعِلمِهِ ، ومُصَوِّرِ أَجسادِ العِبادِ بِقُدرَتِهِ. (5)
الإمام الكاظم عليه السلام :يا كَهفي حينَ تُعيينِي المَذاهِبُ ، وتَضيقُ عَلَيَّ الأَرضُ بِما رَحُبَت ، ويا بارِئَ خَلقي رَحمَةً بي وقَد كانَ عَن خَلقي غَنِيّا. (6)
4 / 3بارِئُ السَّماواتِ وَالأَرضِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا بارِئَ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ. (7)
.
ص: 48
4 / 4صِفَةُ البارِىَرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا بارِئُ لا بَدءَ لَهُ ، يا دائِمُ لا نَفادَ لَهُ. (1)
عنه صلى الله عليه و آله :أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ يا لا إِلهَ إِلّا أَنتَ البارِئُ بِغَيرِ غايَةٍ يا أللّهُ ، وأَسأَ لُكَ بِاسمِكَ يا لا إِلهَ إِلّا أَنتَ الدَّائِمُ بِغَيرِ فَناءٍ يا أللّهُ. (2)
الإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ البارِئُ المُنشِئُ بِلا مِثالٍ خَلا مِن غَيرِهِ. (3)
عنه عليه السلام :يا بارِئُ لا نِدَّ لَكَ ، يا دائِمُ لا نَفادَ لَكَ. (4)
الإمام الرضا عليه السلام_ في تَنزيهِ الباري جَلَّ وعَلا _: لَيسَ مُنذُ خَلَقَ استَحَقَّ مَعنَى الخالِقِ ، ولا بِإِحداثِهِ البَرايَا استَفادَ مَعنَى البارِئِيَّةِ ، كَيفَ ولا تُغَيِّبُهُ مُذ ، ولا تُدنيهِ قَد ، ولا تَحجُبُهُ لَعَلَّ ، ولا تُوَقِّتُهُ مَتى ، ولا تَشمُلُهُ حين ، ولا تُقارِنُهُ مَعَ ، إِنَّما تَحُدُّ الأَدَواتُ أَنفُسَها ، وتُشيرُ الآلَةُ إِلى نَظائِرِها. (5)
.
ص: 49
الفصل الخامس : الباسط ، القابضالباسط و القابض لغةًإِنّ «الباسط» اسم فاعل من مادّة «بسط» وهو امتداد الشيء ، فالبساط : ما يُبسط والبسطة في كلّ شيء : السَعَة ، بسط اللّه الرزق : كثّره ووسّعه (1) . إِنَّ «القابض» اسم فاعل من مادّة «قبض» وهي تدلّ على شيء مأخوذ ، وتجمّع في شيء . وهو في قبضته ، أَي : في ملكه . وقبض اللّه الرزق ، خلاف بَسَطَه ووَسَعه (2) .
الباسط و القابض في القرآن والحديثلقد نُسبت مشتقّات مادّة «بسط» إِلى اللّه تعالى إِحدى عشرة مرّةً في القرآن الكريم (3) ، ومشتقّات مادّة «قبض» أَربع مرّات (4) ، بيد أَنّ صفتَي الباسط والقابض
.
ص: 50
لم تردا فيه . وقد استُعملت صفة البسط للّه في معظم مواضع القرآن في مجال الرزق ، ووردت في الرياح في موضع واحد (1) ، كما أَنّ صفة القبض وردت في موضعين ، أَحدهما بشأن الظّلّ (2) ، والآخر بشأن الأَرض (3) ، أَمّا البسط في الأَحاديث فيدور حول أُمور مختلفة كالخير والرحمة ، والسّحاب ، والرزق ، والعدل والحقّ . والقبض فيها يحوم حول أُمور كالظلّ ، والأَرواح ، والأَرزاق ، كما انحصرت هاتان الصفتان في اللّه عز و جل فهو الباسط والقابض لجميع الأَشياء والمخلوقات . لقد جاء البسط في الأَحاديث بمعنى الإعطاء والتوسيع ، وذكرت في تفسير القبض معاني هي المنع والضيق ، والأَخذ والقبول ، والملك ، وهذه المعاني هي المعاني اللغويّة نفسها ، غير أَنّ الحريّ بالتوضيح في معنى الملك هو أَنّ الملك يناسب الأَخذ والمنع ؛ لأَنّ مالك الشيء من حيث ملكيّته للشيء يأخذ ذلك الشيء ، ويمنع الآخرين من تملّكه .
5 / 1مَعنى بَسطِهِ وقَبضِهِالتوحيد عن سليمان بن مِهران:سَأَلتُ أَبا عَبدِاللّهِ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل: «وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ» . (4) فَقالَ : يَعني مِلكَهُ ، لا يَملِكُها مَعَهُ أَحَدٌ . وَالقَبضُ مِنَ اللّهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ في مَوضِعٍ آخَرَ : المَنعُ ، وَالبَسطُ مِنهُ : الإِعطاءُ
.
ص: 51
وَالتَّوسيعُ ، كَما قالَ عز و جل : «وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُ_طُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» (1) يَعني يُعطي ويُوَسِّعُ ويَمنَعُ ويُضَيِّقُ . وَالقَبضُ مِنهُ عز و جل في وَجهٍ آخَرَ : الأَخذُ ، وَالأَخذُ في وَجهٍ القَبولُ مِنهُ ، كَما قالَ : «وَ يأْخُذُ الصَّدَقَ_تِ» (2) أَي يَقبَلُها مِن أَهلِها ويُثِيبُ عَلَيها . (3)
5 / 2الباسِطُ القابِضُالكتاب«وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُ_طُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الحَقِّ المُبينِ ، ذِي القُوَّةِ المَتينِ ، وَالفَضلِ العَظيمِ ، الماجِدِ الكَريمِ ، المُنعِمِ المُتَكَرِّمِ ، الواسِعِ ... القابِضِ الباسِطِ المانِعِ ... باسِطِ اليَدَينِ بِالرَّحمَةِ ... مُنزِلِ الغَيثِ ، باسِطِ الرِّزقِ . (5)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: سُبحانَهُ مِن رازِقٍ ما أَقبَضَهُ ، وسُبحانَهُ مِن قابِضٍ ما أَبسَطَهُ . 6
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ الكَريمِ الأَكرَمِ، يا أَكرَمَ الأَكرَمينَ يا أللّهُ، وأَسأَ لُكَ بِاسمِكَ العَجيبِ القابِضِ الباسِطِ ، يَداكَ مَبسوطَتانِ بِالخَيرِ وَالجَبَروتِ
.
ص: 52
يا أللّهُ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ ... البَديعُ القابِضُ ، الباسِطُ الدَّاعي . (2)
عنه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ يا عاصِمُ يا قائِمُ، يا دائِمُ يا راحِمُ، يا سالِمُ يا حاكِمُ، يا عالِمُ يا قاسِمُ، يا قابِضُ يا باسِطُ . (3)
الإمام الصَّادق عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ ... يا باسِطُ يا قابِضُ، يا سَلامُ يا مُؤمِنُ. (4)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: سُبحانَ مَن هُوَ الحَقُّ ، سُبحانَ القابِضِ الباسِطِ . (5)
عنه عليه السلام :أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، القابِضُ الباسِطُ . (6)
عنه عليه السلام_ وسُئِلَ عَنِ الأَسماءِ التِّسعَةِ وَالتِّسعينَ الَّتي مَن أَحصاها دَخَلَ الجَنَّةَ _: هِيَ فِي القُرآنِ ، فَفِي ... البَقَرَةِ : ثَلاثَةٌ وثَلاثونَ اسما : ... يا سَميعُ ، يا قابِضُ ، يا باسِطُ . (7)
5 / 3قابِضُ كُلِّ شَيءٍ وباسِطُهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا قابِضَ كُلِّ شَيءٍ وباسِطَهُ. (8)
.
ص: 53
5 / 4لا قابِضَ ولا باسِطَ إلّا هُوَرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ لا قابِضَ لِما بَسَطتَ ، ولا باسِطَ لَما قَبَضتَ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام_ في تَفسيرِ الأَذانِ _: فِي المَرَّةِ الثّانِيَةِ «أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلَا اللّهُ» مَعناهُ : أَشهَدُ أَن لا هادِيَ إِلَا اللّهُ ... ولا ضارَّ ولا نافِعَ ، ولا قابِضَ ولا باسِطَ ، ولا مُعطِيَ ولا مانِعَ ، ولا دافِعَ ولا ناصِحَ ، ولا كافِيَ ولا شافِيَ ، ولا مُقَدِّمَ ولا مُوَخِّرَ إِلَا اللّهُ . (2)
5 / 5باسِطُ السَّماواتِ وَالأَرضِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن هُوَ باسِطُ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ . (3)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا عَظيمَ الأَسماءِ ، يا باسِطَ الأَرضِ ، ويا رافِعَ السَّماءِ . (4)
الإمام عليّ عليه السلام :سُبحانَ مَن أَمسَكَها [ أَيِ الأَرضَ ] بَعدَ مَوَجانِ مِياهِها ، وأَجمَدَها بَعدَ
.
ص: 54
رُطوبَةِ أَكنافِها (1) ، فَجَعَلَها لِخَلقِهِ مِهادا (2) ، وبَسَطَها لَهُم فِراشا ، فَوقَ بَحرٍ لُجِّيٍّ (3) راكِدٍ لا يَجري ، وقائِمٍ لا يَسري . (4)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي ... رَفَعَ السَّماءَ بِغَيرِ عَمَدٍ ، وبَسَطَ الأَرضَ عَلَى الهَواءِ بِغَيرِ أَركانٍ . (5)
5 / 6باسِطُ السَّحابِ فِي السَّماءِ«اللَّهُ الَّذِى يُرْسِلُ الرِّيَ_حَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِى السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَ يَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَ__لِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ» . (6)
5 / 7باسِطُ الخَيرِ وَالرَّحمَةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ فَاصرِف عَنّي مَقاديرَ كُلِّ بَلاءٍ ، ومَقضِيَّ كُلِّ لَأواءٍ (7) ، وَابسُط عَلَيَّ كَنَفا مِن رَحمَتِكَ ، ولُطفا مِن عَفوِكَ ، وحِرزا مِن حِفظِكَ ، ونَجاةً مِن نِقمَتِكَ ، وسَعَةً مِن
.
ص: 55
فَضلِكَ ، وتَماما مِن نِعمَتِكَ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعاءٍ عَلَّمَهُ إِيّاهُ جَبرَئيلُ عليه السلام _: ... يا باسِطَ اليَدَينِ بِالرَّحمَةِ ... . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الفاشي في خَلقِهِ حَمدُهُ ، الظّاهِرِ بِالكِبرِياءِ مَجدُهُ ، الباسِطِ بِالخَيرِ يَدَهُ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... باسِطِ اليَدَينِ بِالخَيرِ ، وَهّابِ الخَيرِ كَيفَ يَشاءُ . (4)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ النّاشِرِ فِي الخَلقِ فَضلَهُ ، وَالباسِطِ فيهِم بِالجودِ يَدَهُ . (5)
عنه عليه السلام_ في عَهدِهِ لِلأَشتَرِ النَّخَعِيِّ _: اِحتَمِلِ الخُرقَ (6) مِنهُم وَالعِيَّ (7) ، ونَحِّ عَنهُمُ الضِّيقَ وَالأَنَفَ (8) ؛ يَبسُطِ اللّهُ عَلَيكَ بِذلِكَ أَكنافَ رَحمَتِهِ . (9)
.
ص: 56
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: سُبحانَكَ بَسَطتَ بِالخَيراتِ يَدَكَ. (1)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ... وَابسُط عَلَيَّ طَولَكَ (2) . (3)
الإمام الكاظم عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الفاشي فِي الخَلقِ أَمرُهُ وحَمدُهُ ، الظّاهِرِ بِالكَرَمِ مَجدُهُ ، الباسِطِ بِالجودِ يَدَهُ . (4)
5 / 8باسِطُ الرِّزقِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن بِيَدِهِ مَقاليدُ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مَن يَبسُطُ الرِّزقَ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ . (5)
عنه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ عَقيبَ صَلاةِ الظُّهرِ _: اللّهُمَّ لا تَدَع لي ذَنبا إِلّا غَفَرتَهُ ، ولا هَمّا إِلّا فَرَّجتَهُ ، ولا سُقما إِلّا شَفَيتَهُ ، ولا عَيبا إِلّا سَتَرتَهُ ، ولا رِزقا إِلّا بَسَطتَهُ . (6)
الإمام عليّ عليه السلام_ مِن كَلامٍ لَهُ يُبَيِّنُ فيهِ مَعنى بِسمِ اللّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ _: الرَّحمنُ الَّذي
.
ص: 57
يَرحَمُ ، بِبَسطِ الرِّزقِ عَلَينا . (1)
الإمام الحسين عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عن أَرزاقِ العِبادِ _: أَرزاقُ العِبادِ فِي السَّماءِ الرّابِعَةِ ، يُنَزِّلُهَا اللّهُ بِقَدَرٍ ويَبسُطُها بِقَدَرٍ . (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: رِزقُكَ مَبسوطٌ لِمَن عَصاكَ ، وحِلمُكَ مُعتَرِضٌ لِمَن ناواكَ (3) . (4)
الإمام الصادق عليه السلام :سُبحانَ اللّهِ الَّذي ... يَبسُطُ الرِّزقَ بِعِلمِهِ . (5)
5 / 9باسِطُ العَدلِ وَالحَقِّالإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ ... وَابسُط عَدلَكَ ، وأَظهِر دينَكَ . (6)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: فَإِنَّكَ أَنتَ اللّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، الفاشي فِي الخَلقِ رَفدُكَ (7) ، الباسِط بِالجودِ يَدَكَ . (8)
.
ص: 58
5 / 10قابِضُ الظِّلِّ«أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّ_لَّ وَ لَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً * ثُمَّ قَبَضْنَ_هُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا» . (1)
5 / 11قابِضُ الأَرواحِ والأَرزاقِالإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: لا إِلهَ إِلّا أَنتَ الأَوَّلُ قَبلَ خَلقِكَ ، وَالآخِرُ بَعدَهُم ، وَالظَّاهِرُ فَوقَهُم ، وَالقاهِرُ لَهُم ، وَالقادِرُ مِن وَرائِهِم وَالقَريبُ مِنهُم ، ومالِكُهُم وخالِقُهُم ، وقابِضُ أَرواحِهِم ورازِقُهُم . (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاقبِض عَلَى الصِّدقِ نَفسي . (3)
5 / 12يَبسُطُ الرِّزقَ لِمنَ يَشاءُ ويَقدِرُ«اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَ يَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ» . (4)
.
ص: 59
«مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَ_عِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُ_طُ وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» . (1)
5 / 13حِكمَةُ بَسطِهِ وقَبضِهِالكتاب«وَ لَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِى الْأَرْضِ وَ لَ_كِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِير بَصِيرٌ» . (2)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ _: قَدَّرَ الأَرزاقَ فَكَثَّرَها وقَلَّلَها ، وقَسَّمَها عَلَى الضِّيقِ وَالسَّعَةِ ، فَعَدَلَ فيها لِيَبتَلِيَ مَن أَرادَ بِمَيسورِها ومَعسورِها ، ولِيَختَبِرَ بِذلِكَ الشُّكرَ وَالصَّبرَ مِن غَنِيِّها وفَقيرِها . (3)
عنه عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَ لُكُمْ وَأَوْلَ_دُكُمْ فِتْنَةٌ» (4) _: مَعنى ذلِكَ أَنَّهُ يَختَبِرُهُم بِالأَموالِ وَالأَولادِ لِيَتَبَيَّنَ السّاخِطَ لِرِزقِهِ وَالرّاضيَ بِقِسمِهِ ، وإِن كانَ سُبحانَهُ أَعلَمَ بِهِم مِن أَنفُسِهِم . (5)
.
ص: 60
. .
ص: 61
الفصل السادس: الباقيالباقي لغةًالباقي في اللغة اسم فاعل من مادّة «بقي» وهو الدوام. قال الخليل: يقال: بقي الشيء ، يبقى ، بقاءً ، وهو ضدّ الفناء (1) . قال ابن الأَثير: في أَسماء اللّه تعالى «الباقي» ، هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إِلى آخر ينتهي إِليه ، ويُعبّر عنه بأنّه أَبديّ الوجود (2) . فالباقيلغويّا هو الذيلايفنى ولا آخريّة له ولا انتهاء، وهو دائم في طرف الأَبد.
الباقي في القرآن والحديثاستُعملت مشتقّات مادّة «بقي» التي تتّصل باللّه سبحانه ستّ مرّات في القرآن الكريم: «وَ اللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى» (3) ؛ «وَ يَبْقَى وَجْهُ رَبِّ_كَ ذُو الْجَلَ_لِ وَ الْاءِكْرَامِ» (4) ؛ «وَ مَا
.
ص: 62
عِندَ اللَّهِ بَاقٍ» (1) ؛ «وَ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَ أَبْقَى» (2) ؛ «وَ رِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَ أَبْقَى» (3) . لقد وردت الخصائص الآتية لهذه الصفة في الأَحاديث ، كما يأتي : «الباقي بِلا أجَلٍ» (4) ، «الباقي بِغَيرِ مُدَّةٍ» (5) ، «الباقي الدّائِم بِغَيرِ غايَةٍ ولا فَناءٍ» (6) ، «الباقي بَعدَ فَناءِ الخَلقِ» (7) ، «الباقي بَعدَ كُلِّ شَيءٍ» (8) ؛ «الباقِي الَّذي لا يَزولُ» (9) . إِنّ هذه الخصائص في الحقيقة تعبّر عن المعنى اللغويّ للباقي ، وتؤكّد إِطلاق معناه على اللّه سبحانه وحدَه ، وهكذا فبقاء اللّه تعالى غير مشروط بأيّ شرط ، وسيبقى _ جلّ شأنه _ بعد فناء العالم كلّه .
6 / 1يَبقى ويَفنى كُلُّ شَيءٍالكتاب«كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَ يَبْقَى وَجْهُ رَبِّ_كَ ذُو الْجَلَ_لِ وَ الْاءِكْرَامِ» . (10)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ يَومَ الأَحزابِ _: يا صَريخَ المَكروبينَ ، يا مُجيبَ دَعوَةِ
.
ص: 63
المُضطَرّينَ .. . أَنتَ اللّهُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، وأَنتَ اللّهُ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ ، وأَنتَ اللّهُ تَبقى ويَفنى كُلُّ شَيءٍ .. . وأَنتَ الدَّائِمُ الَّذي لا يَفنى ، وأَنتَ الَّذي أَحَطتَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلما ، وأَحصَيتَ كُلَّ شَيءٍ عَدَدا ، أَنتَ البَديعُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، وَالباقي بَعدَ كُلِّ شَيءٍ. (1)
عنه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ في عَرَفاتٍ _: أَمسى ظُلمي مُستَجيرا بِعَفوِكَ .. . وأَمسى وَجهِيَ الفاني مُستَجيرا بِوَجهِكَ الباقي. (2)
عنه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ المَلِكُ المُبينُ .. . الباقي بَعدَ فَناءِ الخَلقِ ، العَظيمُ الرُّبوبِيَّةِ. (3)
الإمام عليّ عليه السلام :يا غايَةَ أَمَلِ الآمِلينَ ، وجَبّارَ السَّماواتِ وَالأَرَضينَ ، وَالباقيَ بَعدَ فَناءِ الخَلقِ أَجمَعينَ. (4)
الكافي عن عبد اللّه بن عبد الرحمن عن أَبي جعفر عليه السلام :قالَ لي : أَلا أُعَلِّمُكَ دُعاءً تَدعو بِهِ ، إِنّا أَهلَ البَيتِ إِذا كَرَبَنا أَمرٌ وتَخَوَّفنا مِنَ السُّلطانِ أَمرا لا قِبَلَ لَنا بِهِ نَدعو بِهِ. قُلتُ : بَلى ، بِأَبي أَنتَ وأُمّي يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ! قالَ : قُل : يا كائِنا قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، ويا مُكَوِّنَ كُلِّ شَيءٍ ، ويا باقي بَعدَ كُلِّ شَيءٍ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَافعَل بي كَذا وكَذا. (5)
.
ص: 64
الإمام الكاظم عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ .. . يا نُورُ يا قُدّوسُ ، يا أَوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ويا باقي بَعدَ كُلِّ شَيءٍ . (1)
6 / 2الباقي بِلا أَجلٍالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ خالِقِ العِبادِ ، وساطِحِ المِهادِ .. . هُوَ الأَوَّلُ ولَم يَزَل ، وَالباقي بِلا أَجَلٍ. (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ المُتَوَحِّدِ بِالقِدَمِ وَالأَزَلِيَّةِ ، الَّذي لَيسَ لَهُ غايَةٌ في دَوامِهِ ولا لَهُ أَوَّلِيَّةٌ ... هُوَ الباقي بِغَيرِ مُدَّةٍ ... (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَكونُ كائِنٌ غَيرُهُ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الأَوَّلُ لا شَيءَ قَبلَهُ ، وهُوَ الآخِرُ لا شَيءَ مِثلُهُ ، وهُوَ الباقِي الدّائِمُ بِغَيرِ غايَةٍ ولا فَناءٍ .. . العالِمُ بِغَيرِ تَكوينٍ ، الباقي بِغَيرِ كُلفَةٍ. (4)
عنه عليه السلام :اِعتَصَمتُ بِاللّهِ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ البَديعُ الرَّفيعُ ، الحَيُّ الدّائِمُ الباقِي الَّذي لا يَزولُ. (5)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَكونُ كائِنٌ غَيرُهُ ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الأَوَّلُ لا شَيءَ قَبلَهُ ، وهُوَ
.
ص: 65
الآخِرُ لا شَيءَ مِثلُهُ ، وهُوَ الباقِي الدّائِمُ بِغَيرِ غايَةٍ ولا فَناءٍ. (1)
الفصول المختارة عن جابر بن عبد اللّه الأنصاريّ :سَمِعتُ عَلِيّا عليه السلام يُنشِدُ ورَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَسمَعُ : أَنا أَخُو المُصطَفى لا شَكَّ في نَسَبي مَعَهُ رُبّيتُ وسِبطاهُ هُما وَلَدي جَدّي وجَدُّ رَسولِ اللّهِ مُنفَرِدٌ وفاطِمُ زَوجَتي لا قَولَ ذي فَنَدِ (2) فَالحَمدُ للّهِِ شُكرا لا شَريكَ لَهُ البَرِّ بِالعَبدِ وَالباقي بِلا أَمَدِ قالَ : فَابتَسَمَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وقالَ : صَدَقتَ يا عَلِيُّ. (3)
.
ص: 66
. .
ص: 67
الفصل السابع: البَديء ، البديعالبديءُ والبديعُ لغةًالبديء والبديع في اللغة كلاهما فعيل بمعنى فاعل من مادّة «بدأَ» و«بدع». وهما متقاربان في المعنى. قال ابن فارس: «بدأَ» من افتتاح الشيء ، يقال: بدأَت بالأَمر وابتدأَت ، من الابتداء (1) ، وقال أَيضا : «بدع» ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال (2) . قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «المبدئ» ، هو الذي أَنشأ الأَشياء واخترعها ابتداءً من غير سابق مثال (3) ، وقال أَيضا : في أَسماء اللّه تعالى «البديع» ، هو الخالق المخترع لا عن مثال سابق (4) . بناءً على ما تقدّم ، فالبديء والبديع في اللغة هو الذي أَحدث الأَشياء ابتداءً وبلا سابق مثالٍ .
.
ص: 68
البديء والبديع في القرآن والحديثوردت مشتقّات مادّة «بدأَ» اثنتي عشرة مرّةً في القرآن الكريم فيما يتعلّق باللّه سبحانه، وورد اسم «البديع» مرّتين بلفظ «بَدِيعُ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ» (1) ، ونسبت الأَحاديث مزيّتين أَساسيتين لهذين الاسمين من أَسماء الجلالة ، إِحداهما كونه «لا مِن شيءٍ» ، والأُخرى كونه «عَلى غَيرِ مِثالٍ» . على سبيل المثال : «اِبتَدَأَ الأَشياءَ لا مِن شَيءٍ» (2) ؛ «اِبتَدَأتَ الخَلقَ لا مِن شَيءٍ كانَ مِن أصلٍ يُضافُ إلَيهِ فِعلُكَ» (3) ؛ «المُبتَدِع لِلأَشياءِ مِن غَيرِ شَيءٍ» (4) ؛ «اِبتَدَعَ الخَلقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ امتَثَلَهُ» (5) . وحريّ بالقول في توضيح هاتين المزيّتين أنّ المعنى اللغوي للبديء والبديع افتتاح الشيء ، والإنشاء والإحداث الابتدائيّ بلا سابقة ، وسابقة الشيء وعدم ابتدائيّته إِمّا من جهة المادّة ، أَو من جهة الصورة . بعبارة أُخرى: وجود سابقة للشيء إِمّا يتمثّل في أَنّ المادّة الأَوّليّة لذلك الشيء كانت موجودة سابقا وأَنشأَ الصانع الشيء منها ، أَو يتمثّل في وجود صورة الشيء من قبل ، وهذان النوعان من السابقة يلاحظان بوضوح في عمل الخيّاط الذي يقصّ القماش على أَساس عيّنةٍ موجودة سابقا ويخيطه فيصير لباسا كان قد صُوِّر في تلك العيّنة (6) ، في حين نفت الأَحاديث كلا النوعين من السابقة للّه في إِحداث الأَشياء وإِنشائها .
راجع : ص 171 (الفصل الثاني والعشرون : الخالق) .
.
ص: 69
7 / 1بَديعُ السَّماواتِ وَالأَرضِ«بَدِيعُ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ وَ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ» . (1)
«بَدِيعُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَ_حِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَىْ ءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ» . (2)
7 / 2اِبتَدَأَ مَا ابتَدَعَرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي كانَ في أَزَلِيَّتِهِ (3) وَحدانِيّا . . . اِبتَدَأَ مَا ابتَدَعَ ، وأنشَأَ ما خَلَقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ كانَ سَبَقَ بِشَيءٍ مِمّا خَلَقَ . (4)
الإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَتِهِ يَومَ الجُمُعَةِ _: الحَمدُ للّهِِ أَهلِ الحَمدِ ووَلِيِّهِ ، ومُنتَهَى الحَمدِ ومَحَلِّهِ ، البَديءِ البَديعِ ، الأَجَلِّ الأَعظَمِ ، الأَعَزِّ الأَكرَمِ . (5)
الإمام الحسن عليه السلام_ مِمّا قالَهُ في صِفَةِ الرَّبِّ جَلَّ وعَلا _: خَلَقَ الخَلقَ فَكانَ بَديئا بَديعا ، اِبتَدَأَ مَا ابتَدَعَ ، وَابتَدَعَ مَا ابتَدَأَ . (6)
الإمام زين العابدين والإمام الباقر عليهماالسلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ ، البَديءُ
.
ص: 70
البَديعُ الَّذي لَيسَ كَمِثلِكَ شَيءٌ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ البَديءِ الرَّفيعِ . . . . (2)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في قُنوتِهِ _: يا مَن عَنَتِ الوُجوهُ لِهَيبَتِهِ ، وخَضَعَتِ الرِّقابُ لِجَلالَتِهِ ، ووَجِلَتِ القُلوبُ مِن خيفَتِهِ ، وَارتَعَدَتِ الفَرائِصُ (3) مِن فَرَقِهِ (4) ، يا بَديءُ يا بَديعُ يا قَويُّ . (5)
7 / 3يَبدَأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعيدُهُالكتاب«وَ هُوَ الَّذِى يَبْدَؤُاْ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِى السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ» . (6)
«يَوْمَ نَطْوِى السَّمَاءَ كَطَىِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَ_عِلِينَ» . (7)
«إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ * إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَ يُعِيدُ» . (8)
.
ص: 71
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا بَديعَ البَدائِعِ ومُعيدَها بَعدَ فَنائِها بِقُدرَتِهِ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :إِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ يَعودُ بَعدَ فَناءِ الدُّنيا وَحدَهُ لا شَيءَ مَعَهُ ، كَما كانَ قَبلَ ابتِدائِها كَذلِكَ يَكونُ بَعدَ فَنائِها . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ يُمَجِّدُ نَفسَهُ في كُلِّ يَومٍ ولَيلَةٍ ثَلاثَ مَرّاتٍ ، فَمَن مَجَّدَ اللّهَ بِما مَجَّدَ بِهِ نَفسَهُ ثُمَّ كانَ في حَالِ شَقوَةٍ حَوَّلَهُ اللّهُ عز و جل إِلى سَعادَةٍ . يَقولُ : . . . أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ مِنكَ بَدَأَ الخَلقُ وإِلَيكَ يَعودُ . (3)
7 / 4صِفَةُ ابتِدائِهِ وَابتِداعِهِالكافي عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه :أَتى جَبرَئيلُ عليه السلام إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَهُ : إِنَّ رَبَّكَ يَقولُ لَكَ : إِذا أَرَدتَ أَن تَعبُدَني يَوما ولَيلَةً حَقَّ عِبادَتي فَارفَع يَدَيكَ إِلَيَّ وقُل : . . . سُبحانَكَ رَبَّنا وتَعالَيتَ وتَبارَكتَ وتَقَدَّستَ . . . اِبتَدَعتَ كُلَّ شَيءٍ بِحِكمَتِكَ وعِلمِكَ . (4)
رسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا مُبدِئَ البَدائِعِ، لَم يَبتَغِ فيإِنشائِها عَونَ أَحَدٍ
.
ص: 72
مِن خَلقِهِ. (1)
عنه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ يَومَ الأَحزابِ _: أَنتَ البَديعُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، وَالباقي بَعدَ كُلِّ شَيءٍ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله_ مِن خُطبَتِهِ في غَديرِ خُمٍّ _: أَشهَدُ بِأَنَّهُ اللّهُ الَّذي مَلَأَ الدَّهرَ قُدسُهُ ، وَالَّذي يَغشَى الأَبَدَ نورُهُ ، وَالَّذي يُنفِدُ أَمرَهُ بِلا مُشاوَرَةِ مُشيرٍ ، ولا مَعَهُ شَريكٌ في تَقديرٍ ، ولا تَفاوُتٍ في تَدبيرٍ ، صَوَّرَ ما أَبدَعَ عَلى غَيرِ مِثالٍ ، وخَلَقَ ما خَلَقَ بِلا مَعونَةٍ مِن أَحَدٍ ولا تَكَلُّفٍ ولَا احتِيالٍ . (3)
الإمام عليّ عليه السلام_ في صِفاتِهِ تَعالى _: هُوَ القادِرُ . . . الَّذِي ابتَدَعَ الخَلقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ اِمتَثَلَهُ ، ولا مِقدارٍ اِحتَذى عَلَيهِ مِن خالِقٍ مَعبودٍ كانَ قَبلَهُ . (4)
عنه عليه السلام :اِبتَدَعَ ما خَلَقَ بِلا مِثالٍ سَبَقَ ، ولا تَعَبٍ ولا نَصَبٍ . (5)
عنه عليه السلام :تَبارَكَ اللّهُ المُحدِثُ لِكُلِّ مُحدَثٍ ، الصّانِعُ لِكُلِّ مَصنوعٍ ، المُبتَدِعُ لِلأَشياءِ مِن غَيرِ شَيءٍ . (6)
.
ص: 73
عنه عليه السلام_ في صِفَةِ الرَّبِّ جَلَّ وعَلا _: خارِجٌ مِنَ الأَشياءِ لا كَشَيءٍ خارِجٍ مِن شَيءٍ ، سُبحانَ مَن هُوَ هكَذا ولا هكَذا غَيرُهُ ، ولِكُلِّ شَيءٍ مُبتَدَأٌ . (1)
عنه عليه السلام :لا يُقالُ : كانَ بَعدَ أَن لَم يَكُن ، فَتَجرِيَ عَلَيهِ الصِّفاتُ المُحدَثاتُ، ولا يَكونُ بَينَها وبَينَهُ فَصلٌ ، ولا لَهُ عَلَيها فضَلٌ ؛ فَيَستَوِيَ الصّانِعُ وَالمَصنوعُ ، ويَتَكافَأَ المُبتَدَعُ وَالبَديعُ . (2)
عنه عليه السلام :فَسُبحانَ الَّذي لا يَؤودُهُ (3) خَلقُ مَا ابتَدَأَ ، ولا تَدبيرُ ما بَرَأَ . (4)
عنه عليه السلام :تَعاليتَ يا رَبِّ . . . أَشهَدُ أَنَّ الأَعيُنَ لا تُدرِكُكَ وَالأَوهامَ لا تَلحَقُكَ، وَالعُقولَ لا تَصِفُكَ ، وَالمَكانَ لا يَسَعُكَ ، وكَيفَ يَسَعُ المَكانُ مَن خَلَقَهُ وكانَ قَبلَهُ ، أَم كَيفَ تُدرِكُهُ الأَوهامُ ولا نِهايَةَ لَهُ ولا غايَةَ ، وكَيفَ تَكونُ لَهُ نِهايَةٌ وغايَةٌ وهُوَ الَّذِي ابتَدَأَ الغاياتِ وَالنَّهاياتِ ! (5)
عنه عليه السلام_ بَعدَ أَن بَيَّنَ جُملَةً مِن صِفاتِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: ذلِكَ مُبتَدِعُ الخَلقِ ووارِثُهُ . (6)
عنه عليه السلام :اِعتَصَمتُ بِاللّهِ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ البَديعُ الرَّفيعُ ، الحَيُّ الدّائِمُ الباقِي الَّذي لا يَزولُ . (7)
.
ص: 74
عنه عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ ذَكَرَ فيها إِحاطَةَ عِلمِهِ تَعالى بِكُلِّ شَيءٍ، ثُمَّ قالَ _: لَم يَلحَقهُ في ذلِكَ كُلفَةٌ ، ولَا اعتَرَضَتهُ في حِفظِ مَا ابتَدَعَ مِن خَلقِهِ عارِضَةٌ . (1)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ سُؤالَ مَن لَم يَجِد لِسُؤالِهِ مَسؤولاً سِواكَ . . . لِأَنَّكَ الأَوَّلُ الَّذِي ابتَدَأَتَ الاِبتِداءَ فَلَوَيتَهُ (2) بِأَيدي تَلَطُّفِكَ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ اللّابِسِ الكِبرِياءَ بِلا تَجسيدٍ ، وَالمُرتَدي بِالجَلالِ بِلا تَمثيلٍ . . . اِبتَدَأَ ما أَرادَ ابتِداءَهُ وأَنشَأَ ما أَرادَ إِنشاءَهُ عَلى ما أَرادَ مِنَ الثَّقَلَينِ الجِنِّ وَالإِنسِ ؛ لِيَعرِفوا بِذلِكَ رُبوبِيَّتَهُ وتَمَكَّنَ فيهِم طاعَتُهُ . (4)
عنه عليه السلام :أُوصيكُم عِبادَ اللّهِ وأُوصي نَفسي بِتَقوَى اللّهِ الَّذِي ابتَدَأَ الأُمورَ بِعِلمِهِ ، وإِلَيهِ يَصيرُ غَدا ميعادُها . (5)
عنه عليه السلام _ مِن خُطبَةٍ يَذكُرُ فيها خَلقَ العالَمِ _ :أَنشَأَ الخَلقَ إِنشاءً وابتَدَأَهُ ابتِداءً بِلا رَوِيَّةٍ (6) أَجالَها ، ولا تَجرِبَةٍ اِستَفادَها ، ولا حَرَكَةٍ أَحدَثَها ، ولا هَمامَةِ (7) نَفسٍ اِضطَرَبَ فيها . . . عالِما بِها قَبلَ ابتِدائِها . (8)
.
ص: 75
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ بَديعُ (1) البَرايا ، لَم يَبغِ في إِنشائِها عَونا مِن خَلقِه . (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي تَوَحَّدَ بِصُنعِ الأَشياءِ ، وفَطَرَ أَجناسَ البَرايا عَلى غَيرِ مِثالٍ سَبَقَهُ في إِنشائِها ، ولا إِعانَةِ مُعينٍ عَلَى ابتِداعِها ، بَلِ ابتَدَعَها بِلُطفِ قُدرَتِهِ ، فَامتَثَلَت لِمَشيئَتِهِ خاضِعَةً مُستَحدَثَةً لِأَمرِهِ الواحِدِ الأَحَدِ. (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَموتُ ولا تَنقَضي عَجائِبُهُ ؛ لِأَنَّهُ كُلَّ يَومٍ في شَأنٍ مِن إِحداثِ بَديعٍ لَم يَكُن . (4)
الإمام الحسين عليه السلام :هُوَ اللّهُ الصَّمَدُ الَّذي لا مِن شَيءٍ ، ولا في شَيءٍ ، ولا عَلى شَيءٍ ، مُبدِعُ الأَشياءِ وخالِقُها . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الأَوَّلِ بِلا أَوَّلٍ كانَ قَبلَهُ . . . اِبتَدَعَ بِقُدرَتِهِ الخَلقَ اِبتداعا ، وَاختَرَعَهُم عَلى مَشِيئَتِهِ اختِراعا . (6)
الإمام الباقر عليه السلام :إِنَّ اللّهَ تَعالى لَمّا كانَ مُتَفَرِّدا بِالوَحدانِيَّةِ ، ابتَدَأَ الأَشياءَ لا مِن شَيءٍ . (7)
عنه عليه السلام :تَفسيرُ الإِلهِ : هُوَ الَّذي أَلِهَ (8) الخَلقُ عَن دَرَكِ ماهِيَّتِهِ وكَيفِيَّتِهِ بِحِسٍّ أَو
.
ص: 76
بِوَهمٍ (1) ، لا بَل هُوَ مُبدِعُ الأَوهامِ وخالِقُ الحَواسِّ . (2)
عنه عليه السلام_ في صِفَةِ الباري جَلَّ وعَلا _: . . . ولا كانَ مُستَوحِشا (3) قَبلَ أَن يَبتَدِعَ شَيئا ، ولا يُشبِهُ شَيئا مَذكورا . (4)
عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «بَدِيعُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ» (5) _: إِنَّ اللّهَ عز و جلابتَدَعَ الأَشياءَ كُلَّها بِعِلمِهِ عَلى غَيرِ مِثالٍ كانَ قَبلَهُ ، فَابتَدَعَ السَّماواتِ وَالأَرَضينَ ولَم يَكُن قَبلَهُنَّ سَماواتٌ ولا أَرَضونَ ، أَما تَسمَعُ لِقَولِهِ تَعالى : «وَ كَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ» (6) . (7)
عنه عليه السلام_ في صِفَةِ الباري جَلَّ وعَلا _: . . . ولا كانَ خِلوا مِنَ المُلكِ قَبلَ إِنشائِهِ ولا يَكونُ مِنهُ خِلوا بَعدَ ذَهابِهِ ، لَم يَزَل حَيّا بِلا حَياةٍ ومَلِكا قادِرا قَبلَ أَن يُنشِئَ شَيئا ، ومَلِكا جَبّارا (8) بَعدَ إِنشائِهِ لِلكَونِ . (9)
الإمام الصادق عليه السلام :سُبحانَ اللّهِ العَظيمِ . . . أَبدَعَ ما بَرَأَ إِتقانا وصُنعا ، نَطَقَتِ الأَشياءُ المُبهَمَةُ عَن قُدرَتِهِ . (10)
.
ص: 77
عنه عليه السلام :إِنَّما خَلَقَ الأَشياءَ مِن غَيرِ حاجَةٍ ولا سَبَبٍ ، اِختِراعا وَابتِداعا . (1)
عنه عليه السلام :اللّهُ أَكبَرُ . . . مُدَبِّرُ الأُمورِ وباعِثُ مَن فِي القُبورِ ، قابِلُ الأَعمالِ ، مُبدِئُ الخَفِيّاتِ ، مُعلِنُ السَّرائِرِ . (2)
عنه عليه السلام :اللّهُ أَكبَرُ أَوَّلُ كُلِّ شَيءٍ وآخِرُهُ ، وبَديعُ كُلِّ شَيءٍ ومُنتَهاهُ . (3)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ اغفِر لي ما لا يَضُرُّكَ ، وأَعطِني ما لا يَنقُصُكَ ، فَإِنَّكَ الوَسيعُ رَحمَتُهُ ، البَديعُ حِكمَتُهُ . (4)
عنه عليه السلام :يا إِلهَ الأَنبِياءِ ووَلِيَّ الأَتقِياءِ وبَديعَ مَزيدِ الكَرامَةِ . (5)
الإمام الرضا عليه السلام :خَلقُهُ تَعالَى الخَلقَ حِجابٌ بَينَهُ وبَينَهُم . . . وَابتِداؤُهُ لَهُم دَليلٌ عَلى أَنَّ لَا ابتِداءَ لَهُ ، لِعَجزِ كُلِّ مُبتَدَئٍ مِنهُم عَنِ ابتِداءٍ مِثلِهِ . (6)
.
ص: 78
عنه عليه السلام :كَيَّفَ الكَيفَ فَلا يُقالُ لَهُ : كَيفَ ، وأَيَّنَ الأَينَ فَلا يُقالُ لَهُ : أَينَ ؛ إِذ هُوَ مُبدِعُ الكَيفوفِيَّةِ وَالأَينونِيَّةِ . (1)
عنه عليه السلام :اللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ سابِقٌ لِلإِبداعِ ؛ لِأَنَّهُ لَيسَ قَبلَهُ عز و جل شَيءٌ ولا كانَ مَعَهُ شَيءٌ ، وَالإِبداعُ سابِقٌ لِلحُروفِ . (2)
عنه عليه السلام :اِعلَم أَنَّ الإِبداعَ وَالمَشِيئَةَ وَالإِرادَةَ مَعناها واحِدٌ، وأَسماؤُها ثَلاثَةٌ. (3)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: إِنَّكَ وَلِيُّ المَزيدِ ، مُبتَدِئٌ بِالجودِ . (4)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ فاطِرِ الأَشياءِ إِنشاءً ، ومُبتَدِعِها ابتِداعا بِقُدرَتِهِ وحِكمَتِهِ ، لا مِن شَيءٍ فَيَبطُلَ الاِختِراعُ ، ولا لِعِلَّةٍ فَلا يَصِحَّ الاِبتِداعُ ، خَلَقَ ما شاءَ كَيفَ شاءَ مُتَوَحِّدا بِذلِكَ . (5)
.
ص: 79
الفصل الثامن: البرّ ، البارّالبَرُّ والبارُّ لغةً«البرّ» صفة مشبهة ، و«البارّ» اسم فاعل من مادّة «بَرَّ» . قال ابن فارس : «برّ» أَربعة أُصول : الصدق ، حكاية صوتٍ ، وخلاف البحر ، ونبت... [ ومن الأَصل الأَوّل ]قولهم : هو يبرّ ذا قرابته ، وأَصله الصدق في المحبّة ، يقال: رَجُلٌ بَرّ وبارّ (1) . قال الفيوميّ : بررتُ والدي: أَحسنتُ الطاعة إِليه ورفقتُ به وتحرّيتُ محابّه وتوقّيتُ مكارهه (2) . قال ابن الأَثير: في أَسماء اللّه تعالى «البرّ» هو العطوف على عبادهِ ببرّه ولطفه ... والبِرّ : الإحسان (3) .
البرّ والبارّ في القرآن والحديثورد اسم «البرّ» بشكل «البرّ الرحيم» مرّةً واحدةً في القرآن الكريم ، وجاء في
.
ص: 80
الأَحاديث أَنّه تعالى بارّ بعباده ، بل هو أَبرّ من جميع الخلائق : «يا بَرُّ يا رَحيمُ ، أنتَ أبَرُّ بي مِن أبي وأُمّي ومِن جَميعِ الخَلائِقِ» (1) . وجاء أَيضا أنّ برّه تعالى تتابع على عباده ، وبرّه لم يزل في أَيّام الحياة وهو مرجوّ في أَيّام الممات (2) . والدليل على ذلك هو أَنّ الإنسان يتنعّم ببرّ اللّه سبحانه وإِحسانه طوال حياته ، وكلّ نعمةٍ من النعم ، ومنها نعمة الوجود والحياة ليست من حقّه ، بل تعود إِلى إِحسان اللّه تعالى وبرّه .
8 / 1البَرُّ الرَّحيمُالكتاب«إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ » . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ .. . البَرُّ الرَّحيمُ بِمَن لَجَأَ إِلى ظِلِّهِ وَاعتَصَمَ بِحَبلِهِ. (4)
8 / 2بِرُّهُ قَديمٌالإمام عليّ عليه السلام :إِلهي ، لَم يَزَل بِرُّكَ عَلَيَّ أَيّامَ حَياتي ، فَلا تَقطَع بِرَّكَ عَنّي في مَماتي .
.
ص: 81
إِلهي ، كَيفَ آيَسُ مِن حُسنِ نَظَرِكَ لي بَعدَ مَماتي وأَنتَ لَم تُوَلِّني إِلَا الجَميلَ في حَياتي. (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي المُناجاةِ الإِنجيلِيَّةِ _: سَيِّدي عَوَّدتَني إِسعافي بِكُلِّ ما أَسأَ لُكَ ... وأَعلَمُ أَنَّكَ لا تَكِلُ اللّاجينَ إِلَيكَ إِلى غَيرِكَ ، ولا تُخلِي الرَّاجينَ لِحُسنِ تَطَوُّلِكَ مِن نَوافِلِ (2) بِرِّكَ. سَيِّدي تَتابَعَ مِنكَ البِرُّ وَالعَطاءُ ، فَلَزِمَنِي الشُّكرُ وَالثَّناءُ ، فَما مِن شَيءٍ أَنشُرُهُ وأَطويهِ مِن شُكرِكَ ، ولا قَولٍ أُعيدُهُ وأُبديهِ في ذِكرِكَ ، إِلّا كُنتَ لَهُ أَهلاً ومَحَلّاً ، وكانَ في جَنبِ مَعروفِكَ مُستَصغَرا مُستَقَلّاً. (3)
الإمام الكاظم عليه السلام :اللّهُمَّ بِبِرِّكَ القَديمِ ، ورَأفَتِكَ بِبَرِيَّتِكَ اللَّطيفَةِ ، وشَفَقَتِكَ بِصَنعَتِكَ المُحكَمَةِ ... . (4)
8 / 3أَبَرُّ مِن جَميعِ الخَلائِقِالإمام الصادق عليه السلام :كانَ أَميرُ المُؤمِنينَ _ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ _ يَقولُ إِذا فَرَغَ مِنَ الزَّوالِ: اللّهُمَّ إِنّي أَتَقَرَّبُ إِلَيكَ بِجودِكَ وكَرَمِكَ... يا أَهلَ التَّقوى وأَهلَ المَغفِرَةِ ، يا بَرُّ يا
.
ص: 82
رَحيمُ ، أَنتَ أَبَرُّ بي مِن أَبي وأُمّي ومِن جَميعِ الخَلائِقِ ... (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي المُناجاةِ الإِنجيلِيَّةِ _: يا مَن هُوَ أَبَرُّ بي مِنَ الوالِدِ الشَّفيقِ ، وأَقرَبُ إِليَّ مِنَ الصّاحِبِ اللَّزيقِ (الرَّفيقِ) ، أَنتَ مَوضِعُ أُنسي فِي الخَلوَةِ إِذا أَوحَشَنِي المَكانُ ، ولَفَظَتنِي الأَوطانُ ، وفارَقَتنِي الاُلّافُ وَالجيرانُ ، وَانفَرَدتُ في مَحَلٍّ ضَنكٍ ، قَصيرِ السَّمكِ ، ضَيِّقِ الضَّريحِ ، مُطَبَّقِ الصَّفيحِ ، مَهولٍ مَنظَرُهُ ، ثَقيلٍ مَدَرُهُ ، مُخَلّاةٍ (مُستَقِلَّةٍ) بِالوَحشَةِ عَرَصتُهُ ، مُغَشّاةٍ بِالظُّلمَةِ ساحَتُهُ ، عَلى غَيرِ مِهادٍ ولا وِسادٍ ، وَلا تَقدِمَةِ زادٍ وَلَا اعتِدادٍ ، فَتَدارَكني بِرَحمَتِكَ الَّتي وَسِعَتِ الأَشياءَ أَكنافُها ، وجَمَعَتِ الأَحياءَ أَطرافُها ، وَعَمَّتِ البَرايا أَلطافُها ، وعُد عَلَيَّ بِعَفوِكَ يا كَريمُ ، ولا تُؤاخِذني بِجَهلي يا رَحيمُ . (2)
8 / 4بارٌّ بِعبادِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ العَلِيِّ العالِي المُتَعالِي المُبارَكِ البارِّ ، يا بارُّ بِعِبادِهِ يا أللّهُ. (3)
.
ص: 83
الفصل التاسع: البصيرالبصير لغةً«بصير» فعيل بمعنى الفاعل مشتقّ من مادّة «بصر» وهو أَصلان أَحدهما العلم بالشيء ، والآخر الغلظة ، والبصير مشتقّ من الأَصل الأَوّل بمعنى العالم (1) . والبصر بمعنى النُّور ، ومبصرة يعني مضيئة مشتقّة من الأَصل الأَوّل ؛ لأَنّ النور مصدر العلم والعلم نوع من الإضاءة (2) . ويبدو أَنّ السبب في إِطلاق البصر على العين هو أَنّ العين من أَهمّ طرق العلم ، وعلى هذا الأَساس البصير يعني العالم ، ولا ضرورة في استعمال البصر والبصير _ بمعنى الرؤية بالعين _ والبصيرة هي من مشتقات مادّة «البصر» أَيضا ، وتستعمل بمعنى الحجّة ، والفطنة ، والعبرة ، والعقيدة الدينيّة الصحيحة ، ولا تلاحظ الرؤية بالعين في هذه المعاني (3) . يقول ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «البصير» ، هو الذي يشاهد الأَشياء كلّها
.
ص: 84
ظاهرها وخافيها بغير جارحة ، والبصر عبارة في حقّه عن الصفة التي ينكشف بها كمال نعوت المبصرات (1) .
البصير في القرآن والحديثورد مضمون «إنّ اللّه بما تعملون بصير» تسع عشرة مرّةً في القرآن الكريم ، (2) ومضمون «سميع بصير» أحد عشر مرّة (3) ، ومضمون «خبير بصير» خمس مرات (4) ، ومضمون «اللّه بصير بالعباد» أربع مرّات (5) ، ومضمون «كان ربّك بصيرا» مرة واحدة (6) ، ومضمون «كنت بنا بصيرا» مرة واحدة (7) ، و مضمون «إنّ ربّه كان به بصيرا» مرّة واحدة (8) ، ومضمون «إنّه بكلّ شيء بصير» مرّة واحدة (9) . إِنّ هذه الآيات تدلّ على ملاحظتين أَساسيتين: الأُولى : إِثبات صفة «البصير» للّه . والثانية : إِطلاق هذه الصفة وتعلّقها بكلّ شيء ومنها العباد وأَعمالهم . وبيّنت الأَحاديث نقاطا متعدّدة حول صفة «البصير» ، وينصّ بعضها على أَنّ كَون اللّه بصيرا لا يعني إِدراك الأَشياء بإحدى الحواسّ الخمس ، أَي : العين : «بَصيرٌ لا يوصَفُ بِالحاسَّةِ» (10) . وينفي بعض الأَحاديث كلّ آلةٍ لبصر اللّه سبحانه : «بَصيرٌ لا بِأَداةٍ» (11) .
.
ص: 85
وفسّر قسم من الأَحاديث بصره تعالى بعلمه المطلق بالمبصرات: «إنّما يُسمّى تَبارَكَ وتَعالى بِهذِهِ الأَسماءِ ؛ لِأَنَّهُ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ مِمّا لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ ، مِن شَخصٍ صَغيرٍ أو كَبيرٍ؛ أو دَقيقٍ أو جَليلٍ؛ ولا نَصِفُهُ بَصيرا بِمُلاحَظَةِ عَينٍ كَالمَخلوقِ» (1) . وذهبت طائفة من الأَحاديث إِلى أَنّ البصير صفة ذاتيّة: «لَم يَزَلِ اللّهُ عز و جل رَبَّنا وَالعِلمُ ذاتُهُ ولا مَعلومَ ، وَالسَّمعُ ذاتُهُ ولا مَسموعَ ، وَالبَصَرُ ذاتُهُ ولا مُبصَرَ» (2) . البصير من فروع علمه سبحانه والعليم صفة ذاتيّة له .
9 / 1صِفَةُ بَصَرِهِالكتاب«وَاللَّهُ يَقْضِى بِالْحَقِّ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَىْ ءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ». (3)
«وَ كَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا » . (4)
«إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِير بَصِيرٌ » . (5)
«وَ أَقِيمُواْ الصَّلَوةَ وَءَاتُواْ الزَّكَوةَ وَ مَا تُقَدِّمُواْ لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ» . (6)
«إِنَّ اللَّهَ بَصِير بِالْعِبَادِ » . (7)
«إِنَّهُ بِكُلِّ شَىْ ء بَصِيرٌ» . (8)
.
ص: 86
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن لا يَحجُبُهُ شَيءٌ عَن شَيءٍ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :كُلُّ بَصيرٍ غَيرَهُ يَعمى عَن خَفِيِّ الأَلوانِ ، ولَطيفِ الأَجسامِ . (2)
عنه عليه السلام :بَصيرٌ إِذ لا مَنظورَ إِلَيهِ مِن خَلقِهِ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا سَأَلَهُ الزِّنديقُ : أَفَرَأَيتَ قَولَهُ : سَميعٌ بَصيرٌ عالِمٌ؟ _: قالَ : إِنَّما يُسمّى _ تَبارَكَ وتَعالى _ بِهذِهِ الأَسماءِ ؛ لِأَنَّهُ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ مِمّا لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ ، مِن شَخصٍ صَغيرٍ أَو كَبيرٍ ، أَو دَقيقٍ أَو جَليلٍ ، ولا نَصِفُهُ بَصيرا بِلَحظ عَينٍ كَالمَخلوقِ . (4)
عنه عليه السلام :لَم يَزَلِ اللّهُ عز و جل ربَّنا . . . وَالبَصَرُ ذاتُهُ ولا مُبصَرَ . . . فَلَمّا أَحدَثَ الأَشياءَ وَقَعَ . . . البَصَرُ عَلَى المُبصَرِ . (5)
الإمام الكاظم عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ ... أَنتَ ... بَصيرٌ لا يَرتابُ . (6)
الإمام الرضا عليه السلام :قُلنا : إِنَّهُ بَصيرٌ لا بِبَصَرٍ ؛ لِأَنَّهُ يَرى أَثَرَ الذَّرَّةِ السَّحماءِ (7) في اللَّيلَةِ الظَّلماءِ عَلَى الصَّخرةِ السَّوداءِ ، ويَرى دَبيبَ النَّملِ فِي اللَّيلَةِ الدَّجِيَّةِ ، ويَرى مَضارَّها ومَنافِعَها وأَثَرَ سِفادِها وفِراخَها ونَسلَها ، فَقُلنا عِندَ ذلِكَ : إِنَّهُ بَصيرٌ لا كَبَصَرِ خَلقِهِ . (8)
.
ص: 87
عنه عليه السلام :... وهكَذَا البَصَرُ لا بِخَرتٍ مِنهُ أَبصَرَ ، كَما أَنّا نُبصِرُ بِخَرتٍ منّا لا نَنتَفِعُ بِهِ في غَيرِهِ ، ولكِنَّ اللّهَ بَصيرٌ لا يَحتَمِلُ شَخصا مَنظورا إِلَيهِ، فَقَد جَمَعَنَا الاِسمُ وَاختَلَفَ المَعنى . (1)
عنه عليه السلام :إِنَّهُ يَسمَعُ بِما يُبصِرُ ويَرى بِما يَسمَعُ ، بَصيرٌ لا بِعَينٍ مِثلِ عَينِ المَخلوقينَ ، وسَميعٌ لا بِمِثلِ سَمعِ السّامِعينَ ، لكِن لَمّا لَم يَخفَ عَلَيهِ خافِيَةٌ مِن أَثَرِ الذَّرَّةِ السَّوداءِ عَلَى الصَّخرَةِ الصَّمّاءِ فِي اللَّيلَةِ الظَّلماءِ تَحتَ الثَّرى وَالبِحارِ ، قُلنا : بَصيرٌ لا بِمِثلِ عَينِ المَخلوقينَ . (2)
الإمام الجواد عليه السلام :كَذلِكَ سَمَّيناه بَصيرا ؛ لِأَنَّهُ لا يَخفى عَلَيهِ ما يُدرَكُ بِالأَبصارِ ، مِن لَونٍ أَو شَخصٍ أَو غَيرِ ذلِكَ ، ولَم نَصِفهُ بِبَصَرِ لَحظَةِ العَينِ . (3)
9 / 2ما لا يُوصَفُ بَصَرُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :بَصيرٌ لا بِأَداةٍ . (4)
.
ص: 88
عنه عليه السلام :البَصيرُ لا بِتَفريقِ آلَةٍ . (1)
عنه عليه السلام :بَصيرٌ لا يُوصَفُ بِالحاسَّةِ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام :وهكَذَا البَصَرُ لا بِخَرتٍ مِنهُ أَبصَرَ ، كما أَنّا نُبصِرُ بِخَرتٍ مِنّا لا نَنتَفِعُ بِهِ في غَيرِهِ . (3)
.
ص: 89
الفصل العاشر: التّوّابالتَّوّاب لغةًالتوّاب في اللغة صيغة مبالغة من مادّة «توب» وهو يدلّ على الرجوع . يقال: تاب من ذنبه ، أَي : رجع عنه (1) . والتوبة : الرجوع من الذنب (2) . فالتوّاب بمعنى الراجع كثيرا .
التَّوّاب في القرآن والحديثنُسبت مشتقّات مادّة «توب» إِلى اللّه سبعا وثلاثين مرّةً في القرآن الكريم ، فقد جاء مضمون «التوّاب الرحيم» تسع مرّات ؛ و «إنّه كان توّابا» مرّةً واحدة؛ و«تواب حكيم» مرّة واحدة ومضمون «قابل التوب» ثلاث مرّات . وقد استعملت الأَحاديثُ التوبةَ للإنسان وللّه أَيضا ، وعدّ أَحدها توبةَ اللّه قبولَه توبةَ الإنسان: «التَوّاب القابِل لِلتَّوباتِ» (3) .
.
ص: 90
إجابة عن سؤال قد يثار سؤال حول توبة اللّه مفاده : إِذا نُسبت التوبة إِلى العبد المذنب جاءت بمعنى الرجوع من الذنب ، فما معناها إِذا نُسبت إِلى اللّه ، وقيل: «تاب اللّه عليه» و «هو التوّاب»؟ قيل في الجواب : تاب اللّه عليه : غفر له وأَنقذه من المعاصي (1) ، أَو وفّقه للتوبة (2) ، أَو عاد عليه بالمغفرة ، أَو يتوب على عبده بفضله إِذا تاب إِليه من ذنبه (3) . إِنّنا نعلم أَنّ المؤمنين والصالحين من عباد اللّه يحظون بعناية خاصّة من لدنه تعالى ، لكنّ العبد إِذا اجترح سيّئةً فإنّ هذه العناية تُسلَب منه ، في حين إِذا تاب ورجع عن ارتكاب الذنب فإنّ اللّه سبحانه يعوذ إِليه أَيضا، وعَودُاللّه إِلى التائب بمعنى قبوله توبته ، وعفوه عنه ، ومغفرته له ، وشموله بعناياته الخاصّة مرّةً أُخرى . قال العلّامة الطباطبائي قدس سره في تفسير قوله تعالى: «فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَ_تٍ فَتَابَ عَلَيْهِ» : التلقي هو التلقن ، وهو أَخذ الكلام مع فهم وفقه وهذا التلقي كان هو الطريق المسهل لآدم عليه السلام توبته . ومن ذلك يظهر أنَّ التوبة توبتان : توبه من اللّه تعالى وهي الرجوع إِلى العبد بالرَّحمة ، وتوبة من العبد وهي الرجوع إِلى اللّه بالاستغفار والانقلاع من المعصية . وتوبة العبد محفوفة بتوبتين : من اللّه تعالى ، فإنّ العبد لا يستغني عن ربِّه في حال من الأَحوال ، فرجوعه عن المعصية إِليه يحتاج إِلى توفيقه تعالى وإِعانته ورحمته حتّى يتحقق منه التوبة ، ثُم تمس الحاجة إِلى قبوله تعالى وعنايته ورحمته ، فتوبة العبد إِذا قبلت كانت بين توبتين من اللّه ، كما يدلّ عليه قوله
.
ص: 91
تعالى : «ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُواْ» (1) . (2)
10 / 1تَوّابٌ رَحيمٌالكتاب«وَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في قِصَّةِ آدَمَ عليه السلام _: فَلَمّا أَقَرّا لِرَبِّهِما بِذَنبِهِما وأَنَّ الحُجَّةَ مِنَ اللّهِ لَهُما ، تَدارَكَتهُما رَحمَةُ الرَّحمنِ الرَّحيمِ فَتابَ عَلَيهِما رَبُّهُما إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ . قالَ اللّهُ : يا آدَمُ اهبِط أَنتَ وزَوجُكَ إِلَى الأَرضِ ، فَإِذا أَصلَحتُما أَصلَحتُكُما ، وإِن عَمِلتُما لي قَوَّيتُكُما ، وإِن تَعَرَّضتُما لِرِضايَ تَسارَعتُ إِلى رِضاكُما ، وإِن خِفتُما مِنّي آمَنتُكُما مِن سَخَطي . قالَ : فَبَكَيا عِندَ ذلِكَ وقالا : رَبَّنا فَأَعِنّا عَلى صَلاحِ أَنفُسِنا وعَلَى العَمَلِ بِما يُرضيكَ عَنّا. قالَ اللّهُ لَهُما : إِذا عَمِلتُما سوءا فَتوبا إِلَيَّ مِنُه أَتُب عَلَيكُما ، وأَنَا اللّهُ التَّوّابُ الرَّحيمُ. (4)
.
ص: 92
عنه صلى الله عليه و آله_ لِعَلِيٍّ عليه السلام لَمّا سَأَلَهُ عَنِ الكَلِماتِ في قَولِهِ تَعالى : «فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَ_تٍ» (1) ما هِيَ ؟ _: سُبحانَكَ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، عَمِلتُ سوءا وظَلَمتُ نَفسي ، فَتُب عَلَيَّ إِنَّكَ أَنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ. (2)
الإمام الحسن عليه السلام :جاءَ نَفَرٌ مِنَ اليَهودِ إِلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقالوا : .. . لِأَيِّ شَيءٍ أَمَرَ اللّهُ بِالوُقوفِ بِعَرَفاتٍ بَعدَ العَصرِ؟ قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : إِنَّ العَصرَ هِيَ السَّاعَةُ الَّتي عَصى فيها آدَمُ رَبَّهُ ، فَفَرَضَ اللّهُ عز و جلعَلى أُمَّتِيَ الوُقوفَ وَالتَّضَرُّعَ وَالدُّعاءَ في أَحَبِّ المَواضِعِ إِلَيهِ، وتَكَفَّلَ لَهُم بِالجَنَّةِ ، وَالسَّاعَةُ الَّتي يَنصَرِفُ فيهَا النّاسُ هِيَ السّاعَةُ الَّتي تَلَقّى فيها آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِماتٍ ، فَتابَ عَلَيهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ. ثُمَّ قالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : وَالَّذي بَعَثَني بَالحَقِّ بَشيرا ونَذيرا ، إِنَّ للّهِِ بابا فِي السَّماءِ الدُّنيا يُقالُ لَهُ : بابُ الرَّحمَةِ ، وبابُ التَّوبَةِ ، وبابُ الحاجاتِ ، وبابُ التَّفَضُّلِ ، وبابُ الإِحسانِ ، وبابُ الجودِ ، وبابُ الكَرَمِ ، وبابُ العَفوِ ، ولا يَجتَمِعُ بِعَرَفاتٍ أَحَدٌ إِلَا اسَتأهَلَ مِنَ اللّهِ في ذلِكَ الوَقتِ هذِهِ الخِصالَ. (3)
الإمام عليّ عليه السلام :إِلهي، الطّاعَةُ تَسُرُّكَ وَالمَعصِيَةُ لا تَضُرُّكَ ، فَهَب لي ما يَسُرُّكَ وَاغفِر لي ما لا يَضُرُّكَ ، وتُب عَلَيَّ إِنَّكَ أَنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ. (4)
.
ص: 93
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ فَكَما أَمَرتَ بِالتَّوبَةِ وضَمِنتَ القَبولَ ، وحَثَثتَ عَلَى الدُّعاءِ ووَعَدتَ الإِجابَةَ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاقبَل تَوبَتي ، ولا تُرجِعني مَرجِعَ الخَيبَةِ مِن رَحمَتِكَ ، إِنَّكَ أَنتَ التَّوّابُ عَلَى المُذنِبينَ ، وَالرَّحيمُ لِلخاطِئينَ المُنيبينَ (1) . (2)
الكافي عن كثير بن كلثمة عن أَحدهما عليهماالسلام_ في قَولِ اللّهِ عز و جل : «فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَ_تٍ» _: قالَ .. . لا إِلهَ إِلّا أَنتَ سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ ، عَمِلتُ سوءا وظَلَمتُ نَفسي فَتُب عَلَيَّ إِنَّكَ أَنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ. (3)
الإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «وَ إِذِ ابْتَلَى إِبْرَ هِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَ_تٍ فَأَتَمَّهُنَّ » (4) ما هذِهِ الكَلِماتُ _: هِيَ الكَلِماتُ الَّتي تَلقّاها آدَمُ مِن رَبِّهِ فَتابَ عَلَيهِ ، وهُوَ أَنَّهُ قالَ : «يا رَبِّ ، أَسأَ لُكَ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ وعَلِيٍّ وفاطِمَةَ وَالحَسَنِ وَالحُسَينِ إِلّا تُبتَ عَلَيَّ» ، فَتابَ اللّهُ عَلَيهِ ، إِنَّهُ هُوَ التَّوّابُ الرَّحيمُ. (5)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: لا إِلهَ إِلّا أَنتَ سُبحانَكَ إِنّي عَمِلتُ سوءا وظَلَمتُ نَفسي فَاغفِر لي وَارحَمني وتُب عَلَيَّ إِنَّكَ أَنتَ التَّوّابُ الرَّحيمُ. (6)
.
ص: 94
الإمام الكاظم عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِهشامٍ _: اِعلَم : أَنَّ اللّهَ .. . لَم يَفرِجِ المَحزونينَ (1) بِقَدرِ حُزنِهِم ، ولكِن بِقَدرِ رَأَفَتِهِ ورَحمَتِهِ ، فَما ظَنُّكَ بِالرَّؤوفِ الرَّحيمِ الَّذي يَتَوَدَّدُ إِلى مَن يُؤذيهِ بِأَولِيائِهِ ، فَكَيفَ بِمَن يُؤذى فيهِ! وما ظَنُّكَ بِالتَّوّابِ الرَّحيمِ الَّذي يَتوبُ عَلى مَن يُعاديهِ ، فَكَيفَ بِمَن يَتَرَضّاهُ ويَختارُ عَداوَةَ الخَلقِ فيهِ! (2)
الإمام العسكريّ عليه السلام_ فِي التَّفسيرِ المَنسوبِ إِلَيهِ _: قالَ اللّهُ تَعالى : «فَتَلَقَّى ءَادَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَ_تٍ» يَقولُها فَقالَها «فَتَابَ» اللّهُ «عَلَيْهِ» بِها «إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ » التَّوّابُ القابِلُ لِلتَّوباتِ ، الرَّحيمُ بِالتّائِبينَ. (3)
10 / 2تَوّابٌ حَكيمٌ«وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ » . (4)
10 / 3قابِلُ التَّوبِ«غَافِرِ الذَّنبِ وَ قَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِى الطَّوْلِ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ » . (5)
«وَ هُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَ يَعْفُواْ عَنِ السَّيِّ_ئاتِ وَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ » . (6)
.
ص: 95
10 / 4تَوّابٌ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن هُوَ غافِرٌ لِأَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مَن هُوَ تَوّابٌ عَلى أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ. (1)
10 / 5تَوّابٌ عَلى مَن تابَ إلَيهِالإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ المُقبِلُ عَلى مَن أَعرَضَ عَن ذِكرِهِ ، التَّوّابُ عَلى مَن تابَ إِلَيهِ مِن عَظيمِ ذَنبِهِ. (2)
.
ص: 96
. .
ص: 97
الفصل الحادي عَشَر: الجابر ، الجبّارالجابر والجبّار لغةً«الجابر» اسم فاعل من «جَبَرَ ، يَجْبُرُ» من مادّة «جبر» وهو جنس من العظمة والعلوّ والاستقامة (1) ، والجبر أَن تغني الرجل من فقر ، أَو تصلح عظمه من كسر (2) . يقال: جبرتُ العظم جبرا : أَصلحته ، وجبرتُ اليتيم: أَعطيتُه (3) . قال الراغب: أَصل الجبر: إِصلاح الشيء بضرب من القهر... وقد يقال الجبر تارةً في الإصلاح المجرّد... وتارةً في القهر المجرّد (4) . «الجبّار» صيغة مبالغة من «أَجبَرَ ، يُجبِرُ» من مادّة «جبر». يقال: أَجبرت فلانا على الأَمر ، ولا يكون ذلك إِلّا بالقهر وجنس من التعظّم عليه 5 .
.
ص: 98
قال ابن الأَثير: في أَسماء اللّه تعالى: «الجبّار» ومعناه الذي يقهر العباد على ما أَراد من أَمرٍ ونهي (1) .
الجابر والجبّار في القرآن والحديثورد اسم «الجبّار» في صدد اللّه مرّةً واحدةً في القرآن الكريم (2) ، ولم يرد فيه اسم «الجابر» ، وذكر القرآن الكريم صفة «الجبّاريّة» لغير اللّه تعالى تسع مرّات ، وذمّها في ثمان منها ، كقوله على سبيل المثال : «وَ خَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ» (3) ، وقوله: «كَذَ لِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ» (4) . وقد عدّت الأَحاديث هذه الصفة من صفات اللّه المختصّة به : «أنتَ جَبّارُ مَن فِي السَّماواتِ وجَبّارُ مَن فِي الأَرضِ ، لا جَبّارَ فيهِما غَيرُكَ» . (5) والدليل على حصر هذه الصفة به سبحانه هو أَنّ العظمة المطلقة والقهر والغلبة على العالم هي لخالق العالم ومالكه وحدَه ، وليس لمخلوق مثل هذه الصفة ، و من هنا لو جعل أَحد نفسه مكان اللّه ، وحكّم إِرادته ، لا إِرادة اللّه ، على الآخرين ، وتعامل معهم بمنطق القوّة والجور ، فعمله مصداق الظلم ، والذمّ يلحقه . قال الراغب في هذا المجال: الجبّار في صفة الإنسان يقال لمن يجبر نقيصته بادّعاء منزلةٍ من التعالي لا يستحقّها ، وهذا لا يقال إِلّا على طريق الذمّ 6 ، وذكرت
.
ص: 99
الأَحاديث المأَثورة معطيات ومزايا عديدة لصفة «الجبّار» و «الجابر» ، ومن معطيات صفة «الجبّار» ومزاياها: الغلبة ، ونفي الضدّ والندّ والوزير ، وممّا يتعلّق بجابريّة اللّه تعالى: الفقر ، والمسكنة ، والمرض .
11 / 1العَزيزُ الجَبّارُالكتاب«هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَ_مُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ» . (1)
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام :اِعتَصَمتُ بِاللّهِ الَّذي مَنِ اعتَصَمَ بِهِ نَجا مِن كُلِّ خَوفٍ ، وتَوَكَّلتُ عَلَى اللّهِ العَزيزِ الجَبّارِ. (2)
11 / 2جَبّارُ كُلِّ مَخلوقٍالإمام عليّ عليه السلام _ فِي الدُّعاءِ _ :أَنتَ إِلهُ كُلِّ شَيءٍ وخالِقُهُ ، وجَبّارُ كُلِّ مَخلوقٍ ورازِقُهُ. (3)
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ العَزيزُ المَنيعُ الغالِبُ في أَمرِهِ فَلا شَيءَ يُعادِلُهُ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الحَميدُ الفَعّالُ ذُو المَنِّ عَلى جَميعِ خَلقِهِ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ ذُو البَطشِ الشَّديدِ الَّذي لا يُطاقُ
.
ص: 100
انتِقامُهُ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ العالي فِي ارتِفاعِ مَكانِهِ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ قُوَّتُهُ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الجَبّارُ المُذِلُّ كُلَّ شَيءٍ بِقَهرِ عِزِّهِ وسُلطانِهِ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ نورُ كُلِّ شَيءٍ وهُداهُ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ القُدّوسُ الظّاهِرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ فَلا شَيءَ يُعادِلُهُ. (1)
11 / 3جَبّارُ السَّماواتِ وَالأَرَضينَرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا جَبّارَ السَّماواتِ وجَبّارَ الأَرَضينَ ، ويا مَن لَهُ مَلَكوتُ (2) السَّماواتِ ومَلَكوتُ الأَرَضينَ. (3)
عنه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعاءٍ عَلَّمَه إِيّاهُ جَبرَئيلُ عليه السلام _: أَنتَ جَبّارُ مَن فِي السَّماواتِ وجَبّارُ مَن فِي الأَرضِ ، لا جَبّارَ فيهِما غَيرُكَ. (4)
11 / 4جَبّارُ الدُّنيارسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ في شَهرِ رَمَضانَ _: يا رَحمانَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ورَحيمَهُما ، وجَبّارَ الدُّنيا ، ويا مَلِكَ المُلوكِ. (5)
.
ص: 101
11 / 5صِفَةُ جَبَروتِهِالكافي عن أحمد بن محمّد بن خالد رفعه قال :أَتى جَبَرئيلُ عليه السلام إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَقالَ لَهُ : إِنَّ رَبَّكَ يَقولُ لَكَ : إِذا أَرَدتَ أَن تَعبُدَني يَوما ولَيلَةً حَقَّ عِبادَتي فَارفَع يَدَيكَ إِلَيَّ وقُل : .. . اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ كُلُّهُ ، ولَكَ المَنُّ كُلُّهُ ، ولَكَ الفَخرُ كُلُّهُ ، ولَكَ البَهاءُ كُلُّهُ ، ولَكَ النّورُ كُلُّهُ ، ولَكَ العِزَّةُ كُلُّها ، ولَكَ الجَبَروتُ كُلُّها ، ولَكَ العَظَمَةُ كُلُّها. (1)
رسول اللّه صلى الله عليه و آله :تَوَكَّلتُ عَلَى الجَبّارِ الَّذي لا يَقهَرُهُ أَحَدٌ. (2)
عنه صلى الله عليه و آله :سُبحانَهُ مِن كَبيرٍ ما أَجبَرَهُ ، وسُبحانَهُ مِن جَبّارٍ ما أَديَنَهُ ، وسُبحانَهُ مِن دَيّانٍ ما أَقضاهُ . (3)
الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: هُوَ اللّهُ الجَبّارُ المُتَكَبِّرُ في دَيمومَتِهِ فَلا شَيءَ يُعادِلُهُ . (4)
عنه عليه السلام :اللّهُ أَكبَرُ ، المُحتَجِبُ بِالمَلَكوتِ وَالعِزَّةِ ، المُتَوَحِّدُ بِالجَبَروتِ وَالقُدَرةِ، المُتَرَدّي (5) بِالكِبرِياءِ وَالعَظَمَةِ ، وَاللّهُ أَكبَرُ ، المُتَقَدِّسُ بِدَوامِ السُّلطانِ. (6)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي تَرَدّى بِالحَمدِ ، وتَعَطَّفَ (7) بِالفَخرِ ، وتَكَبَّرَ بِالمَهابَةِ ، وَاستَشعَرَ
.
ص: 102
بِالجَبَروتِ ، وَاحتَجَبَ بِشُعاعِ نورِهِ عَن نَواظِرِ خَلقِهِ. (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ .. . المُهَيمِنِ بِقُدرَتِهِ ، وَالمُتَعالي فَوقَ كُلِّ شَيءٍ بِجَبَروتِهِ. (2)
عنه عليه السلام _ مِن خُطبَةٍ لَهُ في عَجيبِ صَنعَةِ الكَونِ _ :وكانَ مِنِ اقتِدارِ جَبَروتِهِ ، وبَديعِ لَطائِفِ صَنعَتِهِ ، أَن جَعَلَ مِن ماءِ البَحرِ الزّاخِرِ (3) المُتَراكِمِ المُتَقاصِفِ (4) ، يَبَسا جامِدا ، ثُمَّ فَطَرَ مِنهُ أَطباقا ، فَفَتَقَها سَبعَ سَماواتٍ بَعدَ ارتِتاقِها (5) . (6)
الإمام الحسين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عاشوراءَ _: اللّهُمَّ مُتَعالِيَ المَكانِ ، عَظيمَ الجَبَروتِ ... (7)
عنه عليه السلام_ مِن كَلامِهِ فِي التَّوحيدِ _: لا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ ، استَخلَصَ الوَحدانِيَّةَ وَالجَبَروتَ .. . لا يَخطُرُ عَلَى القُلوبِ مَبلَغُ جَبَروتِهِ ؛ لِأَنَّهُ لَيسَ لَهُ فِي الأَشياءِ عَديلٌ ، ولا تُدرِكُهُ العُلَماءُ بِأَلبابِها ، ولا أَهلُ التَّفكيرِ بِتَفكيرِهِم ، إِلّا بِالتَّحقيقِ ، إِيقانا بِالغَيبِ ؛ لِأَنَّهُ لا يُوصَفُ بِشَيءٍ مِن صِفاتِ المَخلوقينَ ، وهُوَ الواحِدُ الصَّمَدُ ، ما تُصُوِّرَ فِي الأَوهامِ فَهُوَ خِلافُهُ . لَيسَ بِرَبٍّ مَن
.
ص: 103
طُرِحَ تَحتَ البَلاغِ ، ومَعبودٍ مَن وُجِدَ في هَواءٍ أَو غَيرِ هَواءٍ. هُوَ فِي الأَشياءِ كائِنٌ لا كَينونَةَ مَحظورٍ بِها عَلَيهِ ، ومِنَ الأَشياءِ بائِنٌ لا بَينونَةَ غائِبٍ عَنها . لَيسَ بِقادِرٍ مَن قارَنَهُ ضِدٌّ ، أَو ساواهُ نِدٌّ . (1) لَيسَ عَنِ الدَّهرِ قِدَمُهُ ، ولا بِالنّاحِيَةِ أَمَمُهُ (2) ، احتَجَبَ عَنِ العُقولِ كَمَا احتَجَبَ عَنِ الأَبصارِ ، وعَمَّن فِي السَّماءِ احتِجابُهُ كَمَن فِي الأَرضِ ، قُربُهُ كَرامَتُهُ ، وبُعدُهُ إِهانَتُهُ ، لا تُحِلُّه في ، ولا تُوَقِّتُهُ إِذ ، ولا تُؤامِرُهُ إِن . عُلُوُّهُ مِن غَيرِ تَوَقُّلٍ (3) ، ومَجيئُهُ مِن غَيرِ تَنَقُّلٍ ، يوجِدُ المَفقودَ ، ويَفقِدُ المَوجودَ ، ولا تَجتَمِعُ لِغَيرِهِ الصِّفَتانِ في وَقتٍ. يُصيبُ الفِكرُ مِنهُ الإيمانَ بِهِ مَوجودا ووُجودُ الإيمانِ لا وُجودُ صِفَةٍ ، بِهِ توصَفُ الصِّفاتُ لا بِها يوصَفُ ، وبِهِ تُعرَفُ المَعارِفُ لا بِها يُعرَفُ . فَذلِكَ اللّهُ لا سَمِيَّ لَهُ سُبحانَهُ ، لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ. (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ يُمَجِّدُ اللّهُ جَلَّ وعَلا _: اِنهَدَّتِ المُلوكُ لِهَيبَتِهِ ، وعَلا أَهلَ السُّلطانِ بِسُلطانِهِ ورُبوبِيَّتِهِ ، وأَبادَ الجَبابِرَةَ بِقَهرِهِ ، وأَذَلَّ العُظَماءَ بِعِزِّهِ ، وأَسَّسَ الأُمورَ بِقُدرَتِهِ ، وبَنَى المَعالِيَ بِسُؤدَدِهِ (5) ، وتَمَجَّدَ بِفَخرِهِ ، وفَخَرَ بِعِزِّهِ ، وعَزَّ بِجَبَرُوتِهِ. (6)
عنه عليه السلام_ فِي الدٌّعاءِ _: يا مَن حازَ كُلَّ شَيءٍ مَلَكوتا ، وقَهَرَ كُلَّ شَيءٍ جَبَروتا ،
.
ص: 104
صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ. (1)
الإمام الصادق عليه السلام :يا مَن قامَت بِجَبَروتِهِ الأَرضُ وَالسَّماواتُ. (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ .. . مُعَلِّمِ مَن خَلَقَ مِن عِبادِهِ اسمَهُ ، ومُدَبِّرِ خَلقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ بَعَظَمَتِهِ ، الَّذي وَسِعَ كُلَّ شَيءٍ خَلقُ كُرسِيِّهِ ، وعَلا بِعَظَمَتِهِ فَوقَ الأَعلَينَ ، وقَهَرَ المُلوكَ بِجَبَروتِهِ ، الجَبّارِ الأَعلَى المَعبودِ في سُلطانِهِ. (3)
عنه عليه السلام :يا مَلِكاً في عَظَمَتِهِ ، يا جَبّاراً في قُوَّتِهِ ، يا لَطيفاً في قُدرَتِهِ. (4)
الإمام الكاظم عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ .. . بِجَبَروتِكَ الَّتي غَلَبَت كُلَّ شَيءٍ. (5)
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ؛ خَلَوتَ فِي المَلَكوتِ ، وَاستَتَرتَ بِالجَبَروتِ ، وحارَت أَبصارُ مَلائِكَتِكَ المُقَرَّبينَ، وذَهَلَت (6) عُقولُهُم في فِكرِ عَظَمَتِكَ. (7)
الإمام الرضا عليه السلام :يا مَن تَفَرَّدَ بِالمُلكِ فَلا نِدَّ لَهُ في مَلَكوتِ سُلطانِهِ ، وتَوَحَّدَ بِالكِبرِياءِ فَلا ضِدَّ لَهُ في جَبَروتِ شَأنِهِ. (8)
الإمام الهادي عليه السلام :إِلهي .. . شَمَختَ فِي العُلُوِّ بِعِزِّ الكِبرِ ، وَارتَفَعتَ مِن وَراءِ كُلِّ غَورَةٍ (9)
.
ص: 105
ونِهايَةٍ بِجَبَروتِ الفَخرِ. (1)
الإمام العسكريّ عليه السلام_ لِمَن تَوَهَّمَ أَنَّهُ عز و جل لا يَعلَمُ بِالشَّيءِ حَتّى يَكونَ _: تَعالَى الجَبّارُ العالِمُ بِالأَشياءِ قَبلَ كَونِها. (2)
بحار الأنوار عن صحف إدريس عليه السلام :عَجَبا لِمَن غَنِيَ عَنِ اللّهِ ، وفي مَوضِعِ كُلِّ قَدَمٍ ومَطرَفِ عَينٍ ومَلمَسِ يَدٍ دَلالَةٌ ساطِعَةٌ وحُجَّةٌ صادِعَةٌ عَلى أَنَّهُ تَبارَكَ واحِدٌ لا يُشارَكُ ، وجَبّارٌ لا يُقاوَمُ ، وعالِمٌ لا يَجهَلُ. (3)
إدريس عليه السلام :يا جَبّارُ المُذَلِّلُ كُلَّ شَيءٍ بِقَهرِ عَزيزِ سُلطانِهِ ، يا نُورَ كُلِّ شَيءٍ ، أَنتَ الَّذي فَلَقَ الظُّلُماتِ نورُهُ ، يا قُدّوسُ الطّاهِرُ مِن كُلِّ سوءٍ ولا شَيءَ يَعدِلُهُ. (4)
11 / 6صِفَةُ تَجَبُّرِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا أللّهُ يا أللّهُ يا أللّهُ ، أَنتَ اللّهُ الَّذي لا إِلهَ غَيرُكَ .. . تَكَرَّمتَ عَن أَن يَكونَ لَكَ شَبيهٌ ، وتَجَبَّرتَ عَن أَن يَكونَ لَكَ ضِدٌّ ، فَأَنتَ اللّهُ المَحمودُ بِكُلِّ لِسانٍ. (5)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ يا مَنِ احتَجَبَ بِشُعاعِ نورِهِ عَن نَواظِرِ خَلقِهِ، يا مَن تَسَربَلَ بِالجَلالِ وَالعَظَمَةِ، وَاشتَهَرَ بِالتَّجَبُّرِ في قُدسِهِ. (6)
.
ص: 106
عنه صلى الله عليه و آله_ أَيضا _: لا إِلهَ غَيرُكَ ، تَعالَيتَ أن يَكونَ لَكَ وَلَدٌ أو شَريكٌ ، وتَجَبَّرتَ أَن يَكونَ لَكَ نِدٌّ ، لا إِله إِلّا أَنتَ وَحدَكَ لا شَريكَ لَكَ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :تَعالَيتَ وتَجَبَّرتَ عَنِ اتِّخاذِ وَزيرٍ ، وتَعَزَّزتَ مِن مُؤامَرَةِ شَريكٍ. (2)
فاطمة عليهاالسلام :الحَمدُ للّهِِ المُتَكَبِّرِ في سُلطانِهِ ، العَزيزِ في مَكانِهِ ، المُتَجَبِّرِ في مُلكِهِ. (3)
الإمام الباقر عليه السلام :اللّهُمَّ رَبَّ الضِّياءِ وَالعَظَمَةِ ، وَالنَّورِ وَالكِبرِياءِ وَالسُّلطانِ، تَجَبَّرتَ بِعَظَمَةِ بَهائِكَ ... . (4)
الإمام الصادق عليه السلام_ مِن دُعائِهِ عِندَ حُضورِ شَهرِ رَمَضانَ _: أَيقَنتُ أَنَّكَ أَنتَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ في مَوضِعِ العَفوِ وَ الرَّحمَةِ ، وأَشَدُّ المُعاقِبينَ في مَوضِعِ النَّكالِ (5) وَالنَّقِمَةِ، وأَعظَمُ المُتَجَبِّرينَ فيمَوضِعِ الكِبرِياءِ وَالعَظَمَةِ. (6)
عنه عليه السلام_ في دُعاءِ السُّجودِ _: يا أللّهُ يا أللّهُ ، أَنتَ الَّذي لا إِلهَ غَيرُكَ ، تَعالَيتَ عَن أَن يَكونَ لَكَ وَلَدٌ ، وتَعَظَّمتَ أَن يَكونَ لَكَ نِدٌّ. يا نورَ النُّورِ ، تَكَرَّمتَ عَن أَن يَكونَ لَكَ شَبيهٌ ، وتَجَبَّرتَ أَن يَكونَ لَكَ ضِدٌّ أَو شَريكٌ . (7)
.
ص: 107
11 / 7جَبّارُ الجَبابِرَةِالإمام الهادي عليه السلام :تَبارَكَ إِلهُ إِبراهيمَ وإِسماعيلَ وإِسحاقَ ويَعقوبَ ، رَبُّ الأَربابِ ، ومالِكُ المُلوكِ ، وجَبّارُ الجَبابِرَةِ ، ومَلِكُ الدُّنيا وَالآخِرَةِ. (1)
11 / 8جَبّارٌ لا يُعانُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنَّكَ .. . جَبّارٌ لا تُعانُ. (2)
11 / 9جَبّارٌ لا يَظلِمُالإمام الكاظم عليه السلام :سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ... قَيّومٌ لا يَنامُ، وجَبّارٌ لا يَظلِمُ. (3)
11 / 10جَبّارٌ حَليمٌرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي احتِجاجِهِ عَلى أَبي جَهلٍ _: أما عَلِمتَ قِصَّةَ إِبراهيمَ الخَليلِ عليه السلام لَمّا رُفِعَ فِي المَلَكوتِ ، وذلِكَ قَولُ رَبّي «وَكَذَ لِكَ نُرِى إِبْرَ هِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ » (4) ، قَوَّى اللّهُ بَصَرَهُ لَمّا رَفَعَهُ دونَ السَّماءِ حَتّى
.
ص: 108
أَبصَرَ الأَرضَ ومَن عَلَيها ظاهِرينَ ومُستَتِرينَ ، فَرَأَى رَجُلاً وَامرَأَةً عَلى فاحِشَةٍ فَدَعا عَلَيهِما بِالهَلاكِ فَهَلَكا ، ثُمَّ رَأى آخَرَينِ فَدَعا عَلَيهِما بِالهَلاكِ فَهَلَكا ، ثُمَّ رَأَى آخَرَينِ فَهَمَّ بِالدُّعاءِ عَلَيهِما بِالهَلاكِ ، فَأَوحَى اللّهُ إِلَيهِ: يا إِبراهيمُ ، أُكفُف دَعوَتَكَ عَن عِبادي وإِمائي ؛ فَإِنّي أَنَا الغَفورُ الرَّحيمُ الجَبّارُ الحَليمُ ، لا تَضُرُّني ذُنوبُ عِبادي ، كَما لا تَنفَعُني طاعَتُهُم .. . يا إِبراهيمُ، فَخَلِّ بَيني وبَينَ عِبادي فَإِنّيأَرحَمُ بِهِم مِنكَ ، وخَلِّ بَيني وبَينَ عِبادي، فَإِنّي أَنَا الجَبّارُ الحَليمُ العَلّامُ الحَكيمُ ، أُدَبِّرُهُم بِعِلمي وأُنفِذُ فيهم قَضائي وقَدَري. (1)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ العَزيزِ الجَبّارِ ، الحَليمِ الغَفّارِ ، الواحِدِ القَهّارِ ، الكَبيرِ المُتَعالِي. (2)
11 / 11ذَلَّ مَن تَجَبَّرَ غَيرَهُالإمام عليّ عليه السلام_ في تَعظيمِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: ذَلَّ مَن تَجَبَّرَ غَيرَهُ ، وصَغُرَ مَن تَكَبَّرَ دونَهُ ، وتَواضَعَتِ الأَشياءُ لِعَظَمَتِهِ. (3)
عنه عليه السلام_ في ذَمِّ إِبليسَ _: فَعَدُوُّ اللّهِ إِمامُ المُتَعَصِّبينَ ، وسَلَفُ المُستَكبِرينَ ، الَّذي وَضَعَ أَساسَ العَصَبِيَّةِ، و نازَعَ اللّهَ رِداءَ الجَبَرِيَّةِ (4) ، وَادَّرَعَ لِباسَ التَّعَزُّزِ. (5)
.
ص: 109
عنه عليه السلام :إِيّاكَ ومُساماةَ (1) اللّهِ في عَظَمَتِهِ ، وَالتَّشَبُّهَ بِهِ في جَبَروتِهِ ، فَإِنَّ اللّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبّارٍ ، ويُهينُ كُلَّ مُختالٍ. (2)
11 / 12جابِرُ كُلِّ كَسيرٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا صانِعَ كُلِّ مَصنوعٌ ، ويا جابِرَ كُلِّ كَسيرٍ. (3)
عنه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ فِي الاِستِسقاءِ _: اللّهُمَّ اسقِنا غَيثا مُغيثا سَريعا مُمرِعا (4) عَريضا واسِعا غَزيرا ، تَرُدُّ بِهِ النَّهيضَ (5) ، وتَجبُرُ بِهِ المَريضَ. (6)
الإمام عليّ عليه السلام :أَسأَ لُكَ فَأَجِدُكَ فِي المَواطِنِ كُلِّها لي جابِرا، وفِي الأُمورِ ناظِرا. (7)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ .. . وبي فاقَةٌ إِلَيكَ لا يَجبُرُ مَسكَنَتَها إِلّا فَضلُكَ ، ولا يَنعَشُ مِن خَلَّتِها (8)
.
ص: 110
إِلّا مَنُّكَ وجودُكَ. (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام :يا غَنِيَّ الأَغنِياءِ ، ها نَحنُ عِبادُكَ بَينَ يَدَيكَ ، وأَنَا أَفقَرُ الفُقَراءِ إِلَيكَ ، فَاجبُر فاقَتَنا (2) بِوُسعِكَ. (3)
عنه عليه السلام_ في مُناجاةِ التّائِبينَ _: فَوَعِزَّتِكَ ما أَجِدُ لِذُنوبي سِواكَ غافِرا ، ولا أَرى لِكَسري غَيرَكَ جابِرا. (4)
عنه عليه السلام_ في مُناجاةِ المُعتَصِمينَ _: يا كَنزَ المُفتَقِرينَ، ويا جابِرَ المُنكَسِرينَ. (5)
عنه عليه السلام :كَم مِن ظَنٍّ حَسَنٍ حَقَّقتَ ، وعَدَمٍ جَبَرتَ. (6)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاجبُر بِالقُرآنِ خَلَّتَنا مِن عَدَمِ الإِملاقِ (7) . (8)
الإمام الصادق عليه السلام :يا حاضِرُ يا جابِرُ يا حافِظُ. (9)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ اغفِر لي وَارحَمني وَاجبُرني. (10)
.
ص: 111
ص: 112
. .
ص: 113
الفصل الثاني عَشَر: الجاعلالجاعل لغةًالجاعل في اللغة اسم فاعل من مادّة «جعل» ، وتستعمل هذه المادّة في مشتقّاتها الفعليّة ، مثل جَعَلَ : يَجْعَلُ لازما ، ومتعديّا إِلى مفعول به واحد ، ومتعديا إِلى مفعولين ، والأَوّل بمعنى : صار وطفق ، مثل: «جعل زيدٌ يقول كذا» . والثاني بمعنى : خَلَقَ ، وأَوجَدَ ، ووَضَعَ . والثالث بمعنى : صَنَعَ ، وصَيَّرَ ، وظنّ ، ونَسَبَ . (1)
الجاعل في القرآن والحديثاستعملت مشتقّات مادّة «جعل» في القرآن الكريم ثلاثمئة وست وأربعين مرّة ، واُسندت إلى اللّه في أكثر من مئتين وثمانين منها، ومتعلّق جعل اللّه في تلك الآيات والأَحاديث أَشياء متنوّعة، مثل: النُّور، والظلمة، والشمس ، والقمر ، والنهار ، واللَّيل، والأَنبياء إلخ ، ومعظم استعمالات جاعل أَو المشتقات الأُخرى لجعل في القرآن والأَحاديث التعدّيّ إِلى مفعولين ومعانيها: صَنَعَ وصيّر ، مثل قوله تعالى: «جَعَلَ لَكُمُ
.
ص: 114
الْأَرْضَ فِرَ شًا» (1) أَي : صنع وصيّر لكم الأَرض فراشا . ويستعمل أَيضا متعدّيا إِلى مفعول به واحد أَحيانا بمعنى خلق وأَوجد كقوله تعالى: «وَجَعَلَ الظُّ_لُمَ_تِ وَالنُّورَ» (2) .
12 / 1جاعِلٌ فِي الأَرضِ خَليفَةً«وَ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَ_ئِكَةِ إِنِّى جَاعِلٌ فِى الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ» . (3)
12 / 2جاعِلُ اللَّيلِ وَالنَّهارِالكتاب«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّ_لُمَ_تِ وَالنُّورَ» . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا بَديعَ السَّماواتِ، يا جاعِلَ الظُّلُماتِ، يا راحِمَ العَبَراتِ. (5)
الإمام الصادق عليه السلام_ مِن دُعائِهِ بَعدَ رَكعَتَيِ الفَجرِ _: سُبحانَ رَبِّ الصَّباحِ وفالِقِ الإِصباحِ، وجاعِلِ اللَّيلِ سَكَنا وَالشَّمسِ وَالقَمَرِ حُسبانا (6) . (7)
.
ص: 115
12 / 3جاعِلُ الظِّلِّ وَالحَرورِالكتاب«وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّمَّا خَلَقَ ظِ_لَ_لاً وَ جَعَلَ لَكُم مِّنَ الْجِبَالِ أَكْنَ_نًا وَ جَعَلَ لَكُمْ سَرَ بِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَ سَرَ بِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَ لِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ» . (1)
الحديثالإمام العسكري عليه السلام_ مِن دُعائِهِ فِي الصَّباحِ _: ... يا شافِيَ الصُّدورِ، يا جاعِلَ الظِّلِّ وَالحَرورِ (2) ، يا عالِما بِذاتِ الصُّدورِ. (3)
12 / 4جاعِلُ البَرَكاتِالإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا قاضِيَ الحاجاتِ، يا مُنجِحَ الطَّلِباتِ، يا جاعِلَ البَرَكاتِ. (4)
12 / 5جاعِلُ كُلِّ شَيءٍالإمام الصادق عليه السلام_ في أَدعِيَةِ العَشرِ الأَواخِرِ مِن شَهرِ رَمَضانَ _: يا رَبَّ لَيلَةِ القَدرِ
.
ص: 116
وجاعِلَها خَيرا مِن أَلفِ شَهرٍ... يا فالِقَ (1) الإِصباحِ ويا جاعِلَ اللَّيلِ سَكَنا وَالشَّمسِ وَالقَمَرِ حُسبانا... يا جاعِلَ اللَّيلِ لِباسا وَالنَّهارِ مَعاشا وَالأَرضِ مِهادا وَالجِبالِ أَوتادا... يا جاعِلَ اللَّيلِ وَالنَّهارِ آيَتَينِ، يا مَن مَحا آيَةَ اللَّيلِ وجَعَلَ آيَةَ النَّهارِ مُبصِرَةً لِنَبتَغِيَ فَضلاً مِن رَبِّنا ورِضوانا.... أَسأَ لُكَ أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأَن تَجعَلَ اسمي فِي السُّعَداءِ. (2)
كمال الدين عن عبد العظيم بن عبد اللّه الحسني :دَخَلتُ عَلى سَيِّدي عَلِيِّ بنِ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام ، فَلَمّا بَصُرَ بي ، قالَ لي: مَرحَبا بِكَ يا أَبَا القاسِمِ، أَنتَ وَلِيُّنا حَقّا. قالَ: فَقُلتُ لَهُ: يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ، إِنّي أُريدُ أَن أَعرِضَ عَلَيكَ دِيني، فَإِن كانَ مَرضِيّا ثَبَتُّ عَلَيهِ حَتّى أَلقَى اللّهَ عز و جل . فَقالَ: هاتِ يا أَبَا القاسِمِ . فَقُلتُ: إِنّي أَقولُ: إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ واحِدٌ لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ، خارِجٌ عَنِ الحَدَّينِ؛ حَدِّ الإِبطالِ وحَدِّ التَّشبيهِ، وإِنَّهُ لَيسَ بِجِسمٍ ولا صورَةٍ، ولا عَرَضٍ ولا جَوهَرٍ، بَل هُوَ مُجَسِّمُ الأَجسامِ، ومُصَوِّرُ الصُّوَرِ، وخالِقُ الأَعراضِ وَالجَواهِرِ، ورَبُّ كُلِّ شَيءٍ ومالِكُهُ وجاعِلُهُ ومُحدِثُهُ... . فَقالَ عَلِيُّ بنُ مُحَمَّدٍ عليهماالسلام : يا أَبَا القاسِمِ، هذا وَاللّهِ دينُ اللّهِ الَّذِي ارتَضاهُ لِعِبادِهِ، فَاثبُت عَلَيهِ، ثَبَّتَكَ اللّهُ بِالقَولِ الثَّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وفِي الآخِرَةِ. (3)
.
ص: 117
الفصل الثالث عَشَر: الحافظ ، الحفيظالحافظ والحفيظ لغةًالحافظ في اللغة اسم فاعل ، والحفيظ فعيل بمعنى فاعل ، كلاهما من مادّة «حفظ» ، وهو يدلّ على مراعاة الشيء ومنعه من الضياع والتلف (1) . قال ابن منظور: الحفيظ من صفات اللّه عز و جل: لا يعزب عن حفظه الأَشياء كلّها مثقال ذرّة في السَّماوات والأَرض ، وقد حفظ على خلقه وعباده ما يعملون من خيرٍ أَو شرّ ، وقد حفظ السَّماوات والأَرض بقدرته ولا يؤودُه حفظهما وهو العليّ العظيم. وقال : الحفظ نقيض النسيان (2) ، وهو أَيضا منع الشيء من الضياع في العلم والذكر .
.
ص: 118
الحافظ والحفيظ في القرآن والحديثورد اسم «الحافظ» و«الحفيظ» خمس مرّات في القرآن الكريم (1) ، وقد ذكرت الآيات والأَحاديث خصائص متنوّعة للحافظ والحفيظ كاسمين من أَسماء اللّه تعالى ، أَهمّها اثنتان هما: 1 . ذهبت بعض الأَحاديث إِلى أَنّ صفة الحافظ هي للّه وحدَه: «لا حافظ إِلّا أَنت» (2) . وفي تبرير هذا الأَمر نقطتان جديرتان بالاهتمام : الأُولى: إِنّ حدوث المخلوقات وبقاءها يتحقّقان باللّه سبحانه ، ولو لم يتعلّق فيضه وإِرادته بالكائنات لحظة واحدة ، لفنيت ، بناءً على ذلك فالحافظ الحقيقيّ والمطلق لجميع الموجودات هو اللّه وحده ، والثانية : إِذا وُجد كمال الحفظ في الموجودات فهو كغيره من الكمالات يترشّح من اللّه تعالى ويعود إِليه . 2 . إِنّ صفة الحافظ للّه تعالى في الآيات والأَحاديث تأَتي تارةً بمعنى الحفظ من الفناء في الخارج : «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَ_ئودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ» (3) . وتارةً أُخرى بمعنى حفظ الشيء في العلم: «سُبحانَ مَن هُوَ حافِظٌ لا يَنسى» (4) . وكما جاء في المعنى اللغويّ فإنّ الحفظ في الأَصل يعني «مراعاة الشيء ومنعه من الضياع والتلف» ، ويلاحظ هذا الحفظ أَحيانا وجوديّا وخارجيّا ، وأَحيانا معرفيّا وعلميّا ، وهما ملحوظان في اللغة ، وفي الآيات والأَحاديث على حدّ سواء .
.
ص: 119
13 / 1عَلى كُلِّ شَيءٍ حَفيظٌ«فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَ يَسْتَخْلِفُ رَبِّى قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَ لَا تَضُرُّونَهُ شَيْ_ئا إِنَّ رَبِّى عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ حَفِيظٌ » . (1)
13 / 2خَيرٌ حافِظا«قَالَ هَلْ ءَامَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَ_فِظًا وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّ حِمِينَ ». (2)
13 / 3لا حافِظَ إلّا هُوَرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في الدُّعاءِ _: اِرحَم ذُلّي وتَضَرُّعي ، وفَقري وفاقَتي ، فَما لي رَجاءٌ غَيرُك ، ولا أَمَلٌ سِواكَ ، ولا حافِظٌ إِلّا أَنتَ. (3)
13 / 4صِفَةُ حِفظِهِالكتاب«اللَّهُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَّهُ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَمَا فِى الْأَرْضِ مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَىْ ءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَا بِمَا
.
ص: 120
شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَ_ئودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِىُّ الْعَظِيمُ » . (1)
«وَ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ وَ مَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ » . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا حافِظَ مَنِ استَحفَظَهُ. (3)
عنه صلى الله عليه و آله :يا حافِظا لا يَغفُلُ. (4)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنَّكَ حَيٌّ لا تَموتُ ... وسَميعٌ لا تَذهَلُ ، وجَوادٌ لا تَبخَلُ ، وحافِظٌ لا تَغفُلُ ، وقائِمٌ لا تَسهو ، ودائِمٌ لا تَفنى ، ومُحتَجِبٌ لا تُرى ، وباقٍ لا تَبلى ، وواحِدٌ لا تُشَبَّهُ ، ومُقتَدِرٌ لا تُنازَعُ. (5)
عنه صلى الله عليه و آله :أَثبِت في قَضائِكَ وقَدَرِكَ البَرَكَةَ في نَفسي وأَهلي ومالي في لَوحِ الحِفظِ المَحفوظِ بِحِفظِكَ ، يا حَفيظُ الحافِظُ حِفظُهُ احفَظني بِالحِفظِ الَّذي جَعَلتَ مَن حَفِظتَهُ بِهِ مَحفوظا. (6)
الإمام الباقر عليه السلام :قالَ إِبراهيمُ عليه السلام [لِذِي القَرنَينِ] : بِمَ قَطَعتَ الدَّهرَ؟ قالَ : بِإِحدى عَشرَةَ كَلِمَةً (7) ، وهِيَ : سُبحانَ مَن هُوَ باقٍ لا يَفنى ، سُبحانَ مَن هُوَ عالِمٌ لا يَنسى ، سُبحانَ مَن هُوَ حافِظٌ لا يَسقُطُ ... . (8)
.
ص: 121
الإمام الصادق عليه السلام :سُبحانَ مَن هُوَ عَظيمٌ لا يُرامُ (1) ، سُبحانَ مَن هُوَ قائِمٌ لا يَلهو ، سُبحانَ مَن هُوَ حافِظٌ لا يَنسى. (2)
الإمام الرضا عليه السلام :اللّهُمَّ اضرِب عَلَيَّ سُرادِقاتِ (3) حِفظِكَ الَّذي لا يَهتِكُهُ الرِّياحُ ، ولا تَخرِقُهُ الرَّماحُ ، وَاكفِني شَرَّ ما أَخافُهُ بِروحِ قُدسِكَ الَّذي مَن أَلقَيتَهُ عَلَيهِ كانَ مَستورا عَن عُيونِ النّاظِرينَ ، وكَبيرا في صُدورِ الخَلائِقِ أَجمَعينَ. (4)
عنه عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «وَلَا يَ_ئودُهُ حِفْظُهُمَا» _: أَي لا يَثقُلُ عَلَيهِ حِفظُ ما فِي السَّماواتِ وما فِي الأَرضِ. (5)
.
ص: 122
. .
ص: 123
الفصل الرابع عَشَر: الحافي، الحفيّالحافي والحفي لغةً«الحافي» في اللغة اسم فاعل و«الحفيّ» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «حفي» وهو ثلاثة أُصول : المنع ، استقصاء السؤال ، والحفاء خلاف الانتعال. ومن الأَصل الثاني قولهم: حفيت إِليه في الوصيّة: بالغت وتحفّيت به: بالغت في إِكرامه . والحفي : المتقصي في السؤال . حفيت بفلان وتحفّيت ، إِذا عُنيتَ به . والحفي : العالم بالشيء (1) . حَفِيَ فلان بفلان : إِذا برّهُ وأَلطفهُ . الحفي : اللطيف. حفي فلان بفلان : إِذا قام في حاجته وأَحسن مثواه . التحفّي : الكلام واللقاء الحسن (2) .
الحافي والحفيّ في القرآن والحديثورد اسم «الحفيّ» للّه سبحانه مرّةً واحدةً في القرآن الكريم : «إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا» (3) . والحفيّ والحافي في هذه الآية والأَحاديث بمعنى المبالغ في البرّ والسؤال والمراقبة
.
ص: 124
والعناية بأَحوال عباده ، وهي مأخوذه من الأَصل الثاني لمادّة «حفي» .
الكتاب«إِنَّهُ كَانَ بِى حَفِيًّا» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :سَيِّدي أَنتَ بِحاجَتي عَليمٌ ، فَكُن بِها حَفِيّا فَإِنَّكَ بِها عالِمٌ غَيرُ مُعَلَّمٍ ، وأَنتَ بِها واسِعٌ غَيرُ مُتَكَلِّفٍ. (2)
الإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الخالِقُ الكافِي الباقِي الحافي . (3)
الإمام الحسين عليه السلام :إِلهي كَيفَ تَكِلُني وقَد تَوَكَّلتَ لي ، وكَيفَ أُضامُ وأَنتَ النّاصِرُ لي ، أَم كَيفَ أَخيبُ وأَنتَ الحَفِيُّ بي. (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ قَد تَعلَمُ ما يُصلِحُني مِن أَمرِ دُنيايَ وآخِرَتي ، فَكُن بِحَوائِجي حَفِيّا. (5)
.
ص: 125
الفصل الخامس عَشَر: الحاكمالحاكِم لغةً«الحاكم» في اللغة اسم فاعل من مادّة «حكم» وهو المنع (1) . ويُطلق على من يبتّ في نزاعات النّاس ، ويؤخذ بكلامه (2) ، وحكم الحاكم في الحقيقة مانع الظلم والنزاع .
الحاكم في القرآن والحديثلقد ورد تعبير «خير الحاكمين» في القرآن الكريم ثلاث مرّات ، وتعبير «أَحكم الحاكمين» مرّتين ، موصوفا بهما اللّه تعالى ، وقد نُسبت المشتقّات الأُخرى لمادّة «حكم» إِلى اللّه عَزَّ اسمه سبعا وثلاثين مرّةً . إِنّ حكم اللّه ينقسم في أَحد التقاسيم إِلى قسمين : تشريعيّ ، وتكوينيّ ، فالحكم التشريعيّ عبارة عن أَوامر اللّه سبحانه ونواهيه التي بلّغها الأَنبياء والأَئمّة المعصومون عليهم السلام للنَّاس في قالب الأَحكام التكليفيّة الخمسة . أَمّا حكمه التكوينيّ تعالى فهو عبارة عن الإرادة والقضاء والقدر الإلهيّ
.
ص: 126
الجاري في العالم . إِنّ حقّ التشريع والأَمر والنهي لخالق النَّاس ومالكهم ويجب أَن تعود أَحكام الآخرين إِلى الحكم الإلهيّ وتكون مطابقة لشريعة اللّه ، وقد نسبت الأَحاديث إِلى حكم اللّه خصائص ، مثل : العدالة ، والإنصاف ، والخير ، والحُسن .
15 / 1أحْكَمُ الحاكِمينَالكتاب«وَ نَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِى مِنْ أَهْلِى وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَ أَنتَ أَحْكَمُ الْحَ_كِمِينَ» . (1)
«أَفَحُكْمَ الْجَ_هِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ» . (2)
«وَ اتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَ اصْبِرْ حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ وَ هُوَ خَيْرُ الْحَ_كِمِينَ» . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ رَفيعِ الدَّرَجاتِ ، ذِي العَرشِ ... وهُوَ أَحكَمُ الحاكِمينَ ، وأَسرَعُ الحاسِبينَ ، وحُكمُهُ عَدلٌ وهُوَ لِلحَمدِ أَهلٌ . (4)
15 / 2عادِلٌ في حُكمِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُ عَظيمُ الآلاءِ ، دائِمُ النَّعماءِ ... عادِلٌ في حُكمِهِ ، عالِمٌ في مُلكِهِ . (5)
.
ص: 127
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... الَّذي صَدَقَ في ميعادِهِ ، وَارتَفَعَ عَن ظُلمِ عِبادِهِ ، وقامَ بِالقِسطِ في خَلقِهِ ، وعَدَلَ عَلَيهِم في حُكمِهِ . (1)
عنه عليه السلام :اِعلَموا أَنَّ لِكُلِّ حَقٍّ طالِبا ، ولِكُلِّ دَمٍ ثائِرا ، وَالطّالِبُ بِحَقِّنا كَقِيامِ الثّائِرِ بِدِمائِنا ، وَالحاكِمُ في حَقِّ نَفسِهِ هُوَ العادِلُ الَّذي لا يَحيفُ (2) ، وَالحاكِمُ الَّذي لا يَجورُ ، وهُوَ اللّهُ الواحِدُ القَهّارُ . (3)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في يَومِ الثُّلاثاءِ _: أَمرُكَ ماضٍ ، ووَعدُكَ حَتمٌ ، وحُكمُكَ عَدلٌ ، لا يَعزُبُ (4) عَنكَ شَيءٌ . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ فِي العيدَينِ وَالجُمُعَةِ _: عادَتُكَ الإِحسانُ إِلَى المُسيئينَ ، وسُنَّتُكَ الإِبقاءُ عَلَى المُعتَدينَ ، حَتّى لَقَد غَرَّتهُم أَناتُكَ عَنِ الرُّجوعِ ، وصَدَّهُم إِمهالُكَ عَنِ النُّزوعِ ، وإِنَّما تَأَنَّيتَ بِهِم لِيَفيؤوا إِلى أَمرِكَ ، وأَمهَلتَهُم ثِقَةً بِدَوامِ مُلكِكَ ، فَمَن كانَ مِن أَهلِ السَّعادَةِ خَتَمتَ لَهُ بِها ، ومَن كانَ مِن أَهلِ الشَّقاوَةِ خَذَلتَهُ لَها ، كُلُّهُم صائِرونَ إِلى حُكمِكَ ، وأُمورُهُم آئِلَةٌ إِلى أَمرِكَ ، لَم يَهِن عَلى طولِ مُدَّتِهِم سُلطانُكَ ، ولَم يَدحَض لِتَركِ مُعاجَلَتِهِم بُرهانُكَ ، حُجَّتُكَ قائِمَةٌ لا تُدحَضُ ، وسُلطانُكَ ثابِتٌ لا يَزولُ ، فَالوَيلُ الدَّائِمُ لِمَن جَنَحَ عَنكَ ، وَالخَيبَةُ الخاذِلَةُ لِمَن خابَ مِنكَ ، وَالشَّقاءُ الأَشقى لِمَن اغتَرَّ بِكَ ، ما أَكثَرَ تَصَرُّفَهُ في عَذابِكَ ، وما أَطوَلَ تَرَدُّدَهُ في عِقابِكَ ، وما أَبعَدَ غايَتَهُ مِنَ الفَرَجِ ، وما أَقنَطَهُ مِن سُهولَةِ المَخرَجِ ، عَدلاً مِن قَضائِكَ
.
ص: 128
لا تَجورُ فيهِ ، وإِنصافا مِن حُكمِكَ لا تَحيفُ عَلَيهِ ، فَقَد ظاهَرتَ الحُجَجَ ، وأَبلَيتَ الأَعذارَ ، وقَد تَقَدَّمتَ بِالوَعيدِ ، وتَلَطَّفتَ فِي التَّرغيبِ ، وضَرَبتَ الأَمثالَ ، وأَطَلتَ الإِمهالَ ، وأَخَّرتَ وأَنتَ مُستَطيعٌ لِلمُعاجَلَةِ ، وتَأَنَّيتَ وأَنتَ مَليءٌ بِالمُبادَرَةِ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :فَقَد عَلِمتُ يا إِلهي أَنَّهُ لَيسَ في حُكمِكَ ظُلمٌ ، ولا في نِقمَتِكَ عَجَلَةٌ ، وإِنَّما يَعجَلُ مَن يَخافُ الفَوتَ ، ويَحتاجُ إِلَى الظُّلمِ الضَّعيفُ ، وقَد تَعالَيتَ يا إِلهي عَن ذلِكَ . (2)
عنه عليه السلام :أَسأَ لُكَ بِالاِسمِ الَّذي جَعَلتَهُ عِندَ مُحَمَّدٍ وعِندَ عَلِيٍّ وعِندَ الحَسَنِ وَالحُسَينِ وعِندَ الأَئِمَّةِ كُلِّهِم _ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِم أَجمَعينَ _ ، أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ ، وأَن تَقضِيَ لي يا رَبِّ حاجَتي وتُيَسِّرَ لي عَسيرَها ، وتَكفِيَني مُهِمَّها ، وتَفتَحَ لي قُفلَها ، فَإِن فَعَلتَ فَلَكَ الحَمدُ ، وإِن لَم تَفعَل فَلَكَ الحَمدُ غَيرَ جائِرٍ في حُكمِكَ ، ولا مُتَّهَمٍ في قَضائِكَ ، ولا حائِفٍ في عَدلِكَ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ ، الحَيِّ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ ، الحَيِّ الَّذي لا يَموتُ ، وَالقائِمِ الَّذي لا يَتَغَيَّرُ ، وَالدَّائِمِ الَّذي لا يَفنى وَالقاسِطِ الَّذي لا يَزولُ ، وَالعَدلِ الَّذي لا يَجورُ ، وَالحاكِمِ الَّذي لا يَحيفُ ، وَاللَّطيفِ الَّذي لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ ، وَالواسِعِ الَّذي لا
.
ص: 129
يَبخَلُ ، وَالمُعطي مَن يَشاءُ ما يَشاءُ ، وَالأَوَّلِ الَّذي لا يُدرَكُ . (1)
الإمام العسكريّ عليه السلام_ فِي التَّفسيرِ المَنسوبِ إِلَيهِ _: قالَ اللّهُ عز و جللِبَني إِسرائيلَ : وَاذكُروا «إِذْ أَخَذْنَا مِيثَ_قَ بَنِى إِسْرَ ءِيلَ» عَهدَهُمُ المُؤَكَّدَ عَلَيهِم «لَا تَعْبُدُونَ إِلَا اللَّهَ» (2) أَي لا يُشَبِّهوهُ بِخَلقِهِ ، ولا يَجوروهُ في حُكمِهِ . (3)
راجع : ج 3 ص 409 (المرتبة الرابعة : التَّوحيدُ في الحُكم) .
15 / 3يَحكُمُ ما يُريدُ«يَ_أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَ_مِ إِلَا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّى الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ» . (4)
.
ص: 130
. .
ص: 131
الفصل السادس عَشَر: الحسيبالحسيب لغةًالحسيب في اللغة فعيل من مادّة «حسب» وله معنيان رئيسان: الأَوّل: العدّ ، تقول: حسبتُ الشيء أَحسبه حسبا وحُسبانا . والثاني: الكفاية؛ تقول: شيء حساب ، أَي: كافٍ. ويقال: أَحسبتُ فلانا: إِذا أَعطيته ما يُرضيه (1) . بناءً على هذا ، للحسيب في اللغة معنيان: الأَوّل: المحاسب؛ والثاني : الكافي .
الحسيب في القرآن والحديثورد اسم الحسيب في القرآن الكريم ثلاث مرّات (2) ، واسم «الحاسب» مرّتين (3) ، ولفظ «سريع الحساب» ثماني مرّات (4) ، ولفظ «بغير حساب» ستّ مرّات (5) .
.
ص: 132
ويبدو أَنّ تعبير «سريع الحساب» ، و«أَسرع الحاسبين» ، و «بغير حساب» في المعنى الأَوّل للحساب ، أَمّا استعمالات اسم «الحسيب» ، و«الحاسب» في القرآن والأَحاديث فهي صالحة للتفسير بكلا المعنيين المذكورين وإِن كان المعنى الأَوّل أَقرب ، كقوله تعالى: «وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ حَسِيبًا» (1) أَو الحديث المأَثور : «واللّهُ حَسيبٌ بَينَنا وبَينَكُم فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ» (2) .
16 / 1حَسيبٌ عَلى كُلِّ شَيءٍالكتاب« وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ حَسِيبًا » . (3)
الحديثمعاني الأخبار عن قيس بن عاصم :وَفَدتُ مَعَ جَماعَةٍ مِن بَني تَميمٍ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ، فَدَخَلتُ وعِندَهُ الصَّلصالُ بنُ الدَّلَهمَسِ فَقُلتُ : يا نَبِيَّ اللّهِ عِظنا مَوعِظَةً نَنتَفِعُ بِها ، فَإِنّا قَومٌ نَعيرُ (4) بِالبَرِيَّةِ . فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : يا قَيسُ ، إِنَّ مَعَ العِزِّ ذُلّاً ، وإِنَّ مَعَ الحَياةِ مَوتا ، وإِنَّ مَعَ الدُّنيا آخِرَةً ، وإِنَّ لِكُلِّ شَيءٍ حَسيبا ، وعَلى كُلِّ شَيءٍ رَقيبا. (5)
.
ص: 133
الإمام عليّ عليه السلام :حاسِب نَفسَكَ لِنَفسِكَ ، فَإِنَّ غَيرَها مِنَ الأَنفُسِ لَها حَسيبٌ غَيرُكَ. (1)
فاطمة عليهاالسلام_ مِن كَلامِها لِلقَومِ لَمّا هَجَموا عَلى دارِها _: لكِنَّكُم قَطَعتُمُ الأَسبابَ بَينَكُم وبَينَ نَبِيِّكُم ، وَاللّهُ حَسيبٌ بَينَنا وبَينَكُم فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ. (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام :دَخَلَ الحُسَينُ عليه السلام عَلى عَمِّي الحَسَنِ بنِ عَلِيٍّ عليهماالسلاملَمّا سُقِيَ السَّمَّ ، فَقامَ لِحاجَةِ الإِنسانِ ، ثُمَّ رَجَعَ ، فَقالَ : لَقَد سُقيتُ السَّمَّ عِدَّةَ مِرارٍ ، فَما سُقيتُ مِثلَ هذِهِ ... . فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : يا أَخي ، مَن سَقاكَ؟ قالَ : وما تُريدُ بِذلِكَ ؟ فَإِن كانَ الَّذي أَظُنُّهُ فَاللّهُ حَسيبُهُ ، وإِن كانَ غَيرَهُ فَما أُحِبُّ أَن يؤخَذَ بي بَريءٌ. (3)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ .. . يا مَن عَلى كُلِّ شَيءٍ رَقيبٌ ، وعَلى كُلِّ شَيءٍ حَسيبٌ ، ومِن كُلِّ عَبدٍ قَريبٌ. (4)
عيون أخبار الرضا عن أحمد بن الحسين كاتب أبي الفيّاض عن أبيه :حَضَرنا مَجلِسَ عَلِيِّ بنِ موسى عليه السلام ، فَشَكا رَجُلٌ أَخاهُ ، فَأَنشَأَ يَقولُ : أَعذِر أَخاكَ عَلى ذُنوبِهِ وَ استُر وغَطِّ عَلى عُيوبِهِ وَ اصبِر عَلى بَهتِ السَّفيهِ وَ لِلزَّمانِ عَلى خُطوبِهِ ودَعِ الجَوابَ تَفَضُّلا و كِلِ الظَّلومَ إِلى حَسيبِهِ (5)
.
ص: 134
16 / 2سَريعُ الحِسابِالكتاب«لِيَجْزِىَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ » . (1)
راجع : البقرة : 202 ، آل عمران : 19 و 199 ، المائدة : 4 ، الأنعام : 165 ، الرعد : 41 ،النور : 39 ، غافر : 17 .
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُ أَكبَرُ ، ذُو السُّلطانِ المَنيعِ ، وَالإِنشاءِ البَديعِ ، وَالشَّأنِ الرَّفيعِ ، وَالحِسابِ السَّريعِ. (2)
عنه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ رفيعِ الدَّرَجاتِ ... سَريعِ الحِسابِ ، شَديدِ العِقابِ. (3)
نهج البلاغة :سُئِلَ [عَلِيٌّ عليه السلام ] : كَيفَ يُحاسِبُ اللّهُ الخَلقَ عَلى كَثرَتِهِم ؟ فَقالَ عليه السلام : كَما يَرزُقُهُم عَلى كَثرَتِهِم . فَقيلَ : كَيفَ يُحاسِبُهُم ولا يَرَونَهُ ؟ فَقالَ عليه السلام : كَما يَرزُقُهم ولا يَرَونَهُ. (4)
.
ص: 135
16 / 3أَسرَعُ الحاسِبينَالكتاب«ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَ_سِبِينَ» . (1)
الحديثالإمام الباقر عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا أَبصَرَ النّاظِرينَ ، ويا أَسمَعَ السّامِعينَ ، ويا أَسرَعَ الحاسِبينَ ، ويا أَرحَمَ الرّاحِمينَ. (2)
16 / 4كَفى بِهِ حَسيباالكتاب«الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَ__لَ_تِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَ لَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَا اللَّهَ وَ كَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا » . (3)
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ فِي الرَّهبَةِ _: ولَو أَنَّ أَحَدا اِستَطاعَ الهَرَبَ مِن رَبِّهِ لَكُنتُ أَنَا أَحَقَّ بِالهَرَبِ مِنكَ ، وأَنتَ لا تَخفى عَلَيكَ خافِيَةٌ فِي الأَرضِ ولا فِي
.
ص: 136
السَّماءِ إِلّا أَتَيتَ بِها ، وكَفى بِكَ جازِيا ، وكَفى بِكَ حَسيبا. (1)
الإمام الصادق عليه السلام :كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام إِذا دَخَلَ شَهرُ رَمَضانَ لا يَضرِبُ عَبدا لَهُ ولا أَمَةً ، وكانَ إِذا أَذنَبَ العَبدُ وَالأَمَةُ يَكتُبُ عِندَهُ : أَذنَبَ فُلانٌ ، أَذنَبَت فُلانَةُ ، يَومَ كَذا وكَذا ، ولَم يُعاقِبهُ ، فَيَجتَمِعُ عَلَيهِمُ الأَدَبُ. حَتّى إِذا كانَ آخِرُ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ دَعاهُم وجَمَعَهُم حَولَهُ ، ثُمَّ أَظهَرَ الكِتابَ ، ثُمَّ قالَ : يا فُلانُ فَعَلتَ كَذا وكَذا ، ولَم أُؤَدِّبكَ ، أَتَذكُرُ ذلِكَ؟ فَيَقولُ : بَلى يَا ابنَ رَسولِ اللّهِ ، حَتّى يَأَتِيَ عَلى آخِرِهِم ، ويُقَرِّرُهُم جَميعا ، ثُمَّ يَقومُ وَسَطَهُم ، ويَقولُ لَهُم : اِرفَعوا أَصواتَكُم وقولوا : يا عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ ، إِنَّ رَبَّكَ قَد أَحصى عَلَيكَ كُلَّ ما عَمِلتَ كَما أَحصَيتَ عَلَينا كُلَّ ما عَمِلنا ، ولَدَيهِ كِتابٌ يَنطِقُ عَلَيكَ بِالحَقِّ ، لا يُغادِرُ صَغيرَةً ولا كَبيرَةً مِمّا أَتَيتَ إِلّا أَحصاها ، وتَجِدُ كُلَّ ما عَمِلتَ لَدَيهِ حاضِرا ، كَما وَجَدنا كُلَّ ما عَمِلنا لَدَيكَ حاضِرا ، فَاعفُ وَاصفَح كَما تَرجو مِنَ المَليكِ العَفوَ ، وكَما تُحِبُّ أَن يَعفُوَ المَليكُ عَنكَ ، فَاعفُ عَنّا تَجِدهُ عَفُوّا ، وبِكَ رَحيما ، ولَكَ غَفورا ، ولا يَظلِمُ رَبُّكَ أَحَدا ، كَما لَدَيكَ كِتابٌ يَنطِقُ عَلَينا بِالحَقِّ لا يُغادِرُ صَغيرَةً و لا كَبيرَةً مِمّا أَتَيناها إِلّا أَحصاها . فَاذكُر يا عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ ذُلَّ مَقامِك بَينَ يَدَي رَبِّكَ الحَكَمِ العَدلِ ، الَّذي لا يَظلِمُ
.
ص: 137
مِثقالَ حَبَّةٍ مِن خَردَلٍ ، ويَأتي بِها يَومَ القِيامَةِ ، وكَفى بِاللّهِ حَسيبا وشَهيدا ، فَاعفُ وَاصفَح يَعفو عَنكَ المَليكُ ويَصفَح ... (1)
.
ص: 138
. .
ص: 139
الفصل السابع عَشَر: الح_قّالحقّ لغةًالحقّ في أَصل اللغة يدلّ على إِحكام الشيء وصحّته ، فالحقّ نقيض الباطل (1) ، وهو حقّ الشيء ، إِذا وَجَبَ وثَبَتَ (2) . قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى: «الحقّ» هو الموجود حقيقةً ، المتحقّق وجوده وإِلهيّتهُ (3) .
الحقّ في القرآن والحديثنُسب اسم «الحق» للذات الإلهيّة إِحدى عشرة مرّةً في القرآن الكريم ، مثل: «رَبُّكُمُ الْحَقُّ» (4) ؛ و «الْمَلِكُ الْحَقُّ» (5) ؛ و «أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ» (6) .
.
ص: 140
وقد نُسب الحقّ أَيضا إِلى أَفعال اللّه تعالى وأَقواله في مواضع كثيرة كقوله: «خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ بِالْحَقِّ» (1) ؛ وقوله: «أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ» (2) ؛ وقوله: «وَ اللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ» (3) . وقد أُطلق الحقّ في الأَحاديث على ذات اللّه سبحانه وأَقواله وأَفعاله أَيضا . قال الإمام الباقر عليه السلام في الدعاء : «اللّهُمَّ أنتَ الحَقُّ ، وقَولُكَ الحَقُّ ، ووَعدُكَ الحَقُّ ، وأنتَ مَليكُ الحَقِّ» . والظاهر أَنّ إِطلاق الحقّ على ذات اللّه سبحانه من باب «زيدٌ عدلٌ» وهو يدلّ على المبالغة في حقّانيّته تعالى (4) .
17 / 1هُوَ الحَقُّالكتاب«ذَ لِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَ أَنَّهُ يُحْىِ الْمَوْتَى وَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ » . (5)
«فَذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَا الضَّلَ_لُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ * كَذَ لِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُواْ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ » . 6
الحديثالإمام الحسين عليه السلام :إِذا قَرقَرَتِ الدَّجاجَةُ تَقولُ : يا إِلهَ الحَقِّ ، أَنتَ الحَقُّ ، وقَولُكَ
.
ص: 141
الحَقُّ ، يا أللّهُ يا حَقُّ. (1)
الإمام الباقر عليه السلام :بِكَ يا إِلهي ، أَنزَلتُ حَوائِجِي اللَّيلَةَ ، فَاقضِها يا قاضِيَ حَوائِجِ السّائِلينَ ، اللّهُمَّ أَنتَ الحَقُّ ، وقَولُكَ الحَقُّ ، ووَعدُكَ الحَقُّ ، وأَنتَ مَليكُ الحَقِّ ، أَشهَدُ أَنَّ لِقاءَكَ حَقٌّ ... . (2)
الإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : هَل يَكتَفِي العِبادُ بِالعَقلِ دونَ غَيرِهِ؟ _: إِنَّ العاقِلَ لِدَلالَةِ عَقلِهِ الَّذي جَعَلَهُ اللّهُ قِوامَهُ وزينَتَهُ وهِدايَتَهُ ، عَلِمَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الحَقُّ وأَنَّهُ هُوَ رَبُّهُ. (3)
17 / 2المَولَى الحَقُّ«ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَ_سِبِينَ » . (4)
«هُنَالِكَ تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا أَسْلَفَتْ وَ رُدُّواْ إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ وَ ضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ» . (5)
17 / 3المَلِكُ الحَقُّ«فَتَعَ__لَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ » . (6)
.
ص: 142
17 / 4الحَقُّ المُبينُالكتاب«يَوْمَ_ئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ » . (1)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام :كانَ فيما وَعَظَ اللّهُ عز و جل بِهِ عيسَى بنَ مَريَمَ عليه السلام : ... يا عيسى ، كُلُّ وَصِيَّتي نَصيحَةٌ لَكَ ، وكُلُّ قَولي حَقٌّ ، وأَنَا الحَقُّ المُبينُ ، وحَقّا أَقولُ : لَئِن أَنتَ عَصَيتَني بَعدَ أَن أَنبَأتُكَ ، ما لَكَ مِن دوني وَلِيٌّ ولا نَصيرٌ. (2)
عنه عليه السلام :أَشهَدُ أَنَّ اللّهَ هُوَ الحَقُّ المُبينُ. 3
الإمام الرضا عليه السلام :اللّهُمَّ إِنَّ كُلَّ مَعبودٍ مِن لَدُن عَرشِكَ إِلى قَرارِ أَرضِكَ فَهُوَ باطِلٌ سِواكَ ، فَإِنَّكَ أَنتَ اللّهُ الحَقُّ المُبينُ. (3)
.
ص: 143
17 / 5فِعلُهُ الحَقُّ«وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا إِلَا بِالْحَقِّ وَ إِنَّ السَّاعَةَ لَاتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ » . (1)
«وَ اللَّهُ يَقْضِى بِالْحَقِّ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَىْ ءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ » . (2)
«الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ » . (3)
«مَا نُنَزِّلُ الْمَلَ_ئِكَةَ إِلَا بِالْحَقِّ وَ مَا كَانُواْ إِذًا مُّنظَرِينَ » . (4)
«وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّ__لِحَ_تِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّ_تٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَ_رُ خَ__لِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً » . (5)
«ذَ لِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَ_بَ بِالْحَقِّ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِى الْكِتَ_بِ لَفِى شِقَاق بَعِيدٍ » . (6)
«يَ_أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ فَ_ئامِنُواْ خَيْرًا لَّكُمْ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا » . (7)
«لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَىْ ءٍ إِلَا كَبَ_سِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ
.
ص: 144
لِيَبْلُغَ فَاهُ وَ مَا هُوَ بِبَ__لِغِهِ وَ مَا دُعَاءُ الْكَ_فِرِينَ إِلَا فِى ضَلَ_لٍ » . (1)
«وَ يُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَ_تِهِ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ » . (2)
راجع : ص 140 ح 4418 و 141 ح 4419 .
.
ص: 145
الفصل الثامن عَشَر: الحكيمالحكيم لغةًتمّ اشتقاق «الحكيم» من مادّة «حكم» ، وذكرت كتب اللغة معنيين أَصليين للحكم ، أَحدهما «المنع» والآخر «الاستحكام» (1) . واستنادا إِلى هذين المعنيين الأَصليين يستعمل الحكيم في مفهومين هما «العالم وصاحب الحكمة» و «المتقن للأُمور» (2) . ويدلّ الحكيم في المعنى الأَوّل على صفة ذاتيّة ، أَمّا في المعنى الثاني فيدلّ على صفة فعليّة ، ومن الطبيعيّ أَنّنا يجب أَن نتنبّه إِلى أَنّ المعنيين مترابطان ؛ لأَنّ العمل المتقن لا يصدر إِلّا عن صاحب العلم والحكمة .
الحكيم في القرآن والحديثجاء ذكر صفة «الحكيم» إِلى جانب صفة «العزيز» سبعا وأَربعين مرّةً في القرآن الكريم ، وإِلى جانب صفة «العليم» ستّا وثلاثين مرّةً ، ومع صفة «الخبير» أَربع مرّات ، ومع كلِّ من صفة «العليّ» ، و «التوّاب» ، و«الحميد» ، و«الواسع» مرّةً
.
ص: 146
واحدةً . ووردت المشتقّات الأُخرى لمادّة «حكم» خمسا وثلاثين مرّةً في القرآن الكريم منسوبةً إِلى اللّه سبحانه . لقد ذهبت الأَحاديث إِلى أَنّ عجائب الخلقة ، آيات على الحكمة الإلهيّة ، وهذا المعنى قابل للتفسير مع كلا المعنيين اللغويين للحكيم ، وطبقا للمعنى الأَوّل فإنّ المخلوقات تدلّ على علم اللّه سبحانه وحكمته ، أَمّا المعنى الثاني فمفاده أَنّ المخلوقات تعكس الإتقان في أَفعال اللّه جلّ شأنه .
راجع : ج 2 ص 71 (تحقيق في معنى الحكمة وأقسامها).
18 / 1الحَكيمُ العَليمُ«وَ هُوَ الَّذِى فِى السَّمَاءِ إِلَ_هٌ وَ فِى الْأَرْضِ إِلَ_هٌ وَ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ» . (1)
18 / 2الحَكيمُ الخَبيرُ«وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ عَ__لِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَ_دَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ » . (2)
18 / 3الحَكيمُ الحَميدُ«لَا يَأْتِيهِ الْبَ_طِ_لُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ » . (3)
.
ص: 147
18 / 4العَزيزُ الحَكيمُ«إِنَّ هَ_ذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَ_هٍ إِلَا اللَّهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » . (1)
18 / 5العَليُّ الحَكيمُ«وَ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاىءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِىَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِىٌّ حَكِيمٌ » . (2)
18 / 6التَّوّابُ الحَكيمُ«وَ لَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ » . (3)
18 / 7الواسِعُ الحَكيمُ«وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَ سِعًا حَكِيمًا » . (4)
.
ص: 148
18 / 8صِفَةُ حِكمَتِهِالإمام عليّ عليه السلام :وأَرانا مِن مَلَكوتِ قُدرَتِهِ ، وعَجائِبِ ما نَطَقَت بِهِ آثارُ حِكمَتِهِ . . . ما دَلَّنا بِاضطِرارِ قِيامِ الحُجَّةِ لَهُ عَلى مَعرِفَتِهِ ، فَظَهَرَتِ البَدائِعُ الَّتي أَحدَثَتها آثارُ صَنعَتِهِ وأَعلامُ حِكمَتِهِ ، فَصارَ كُلُّ ما خَلَقَ حُجَّةً لَهُ ودَليلاً عَلَيهِ . (1)
عنه عليه السلام_ في خَلقِ اللّهِ الأَشياءَ _: وفَرَّقَها أَجناسا مُختَلِفاتٍ فِي الحُدودِ وَالأَقدارِ ، وَالغَرائِزِ وَالهَيئاتِ ، بَدايا خَلائِقَ أَحكَمَ صُنعَها ، وفَطَرَها عَلى ما أَرادَ وَابتَدَعَها . (2)
عنه عليه السلام_ في خَلقِ الخُفّاشِ _: ومِن لَطائِفِ صَنعَتِهِ ، وعَجائِبِ خِلقَتِهِ ، ما أَرانا مِن غَوامِضِ الحِكمَةِ في هذِهِ الخَفافيشِ الَّتي يَقبِضُهَا الضِّياءُ الباسِطُ لِكُلِّ شَيءٍ ، ويَبسُطُها الظَّلامُ القابِضُ لِكُلِّ حَيٍّ . (3)
عنه عليه السلام :أَمرُهُ قَضاءٌ وحِكمَةٌ ، ورِضاهُ أَمانٌ ورَحمَةٌ ، يَقضي بِعِلمٍ ويَعفو بِحِلمٍ . (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام :سُبحانَكَ مِن . . . حَكيمٍ ما أَعَرَفَكَ! (5)
الإمام الباقر عليه السلام لَمّا قيلَ لَهُ :كَيفَ لا يُسأَلُ عَمّا يَفعَلُ؟ قالَ : لِأنَّهُ لا يَفعَلُ إِلّا ما كانَ حِكمَةً وصَوابا . (6)
.
ص: 149
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يَفعَلُ لِعبِادِهِ إِلّا الأَصلَحَ لَهُم ، ولا يَظلِمُ النّاسَ شَيئا ، ولكِنَّ النّاسَ أَنفُسَهُم يَظلِمونَ . (1)
الإمام الرِّضا عليه السلام :سُبحانَ مَن خَلَقَ الخَلقَ بُقَدرَتِهِ ، وأَتقَنَ ما خَلَقَ بِحِكمَتِهِ ، ووَضَعَ كُلَّ شَيءٍ مِنهُ مَوضِعَهُ بِعِلمِهِ ، سُبحانَ مَن يَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ وما تُخفِي الصُّدورُ ، ولَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ . (2)
راجع : ج 3 ص 113 (الفصل الخامس : دَوْرُ مَعرِفَةِ الخَلقِ في معرفة الخالق) .
18 / 9الجَوابُ عَمّا يوهِمُ خِلافَ الحِكمَةِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :قالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : . . . وإِنَّ مِن عِبادِيَ المُؤمِنينَ لَمَن لا يَصلُحُ إِيمانُهُ إِلّا بِالفَقرِ ولَو أَغنَيتُهُ لَأَفسَدَهُ ذلِكَ، وإِنَ مِن عِباديَالمُؤمِنينَ لَمَن لا يَصلُحُ إِيمانُهُ إِلّا بِالغِناءِ ولَو أَفقَرتُهُ لَأَفسَدَهُ ذلِكَ ، وإِنّ مِن عِبادِيَ المُؤمِنينَ لَمَن لا يَصلُحُ إِيمانُهُ إِلّا بِالسُّقمِ ولَو صَحَّحتُ جِسمَهُ لَأَفسَدَهُ ذلِكَ ، وإِن مِن عِبادِيَ المُؤمِنينَ لَمَن لا يَصلُحُ إِيمانُهُ إِلّا بِالصِّحَّةِ ولَو أَسقَمتُهُ لَأَفسَدَهُ ذلِكَ ، إِنّي أُدَبِّرُ عِبادي لِعِلمي بِقُلوبِهِم ؛ فَإِنّي عَليمٌ خَبيرٌ . (3)
.
ص: 150
عنه صلى الله عليه و آله :يَقولُ اللّهُ تَعالى : تَفَضَّلتُ عَلى عَبدي بِأَربَعِ خِصالٍ : سَلَّطتُ الدّابَّةَ عَلَى الحَبَّةِ ، ولَولا ذلِكَ لَادَّخَرَها المُلوكُ كَما يَدَّخِرونَ الذَّهَبَ وَالفِضَّةَ ، وأَلقَيتُ النَّتنَ عَلَى الجَسَدِ ، ولَولا ذلِكَ ما دَفَنَ خَليلٌ خَليلَهُ أَبَدا ، وسَلَّطتُ السَّلوَ عَلَى الحُزنِ ، ولَولا ذلِكَ لَانقَطَعَ النَّسلُ ، وقَضَيتُ الأَجَلَ وأَطَلتُ الأَمَلَ ، ولَولا ذلِكَ لَخَرِبَتِ الدُّنيا ، ولَم يَتَهَنَّ ذو مَعيشَةٍ بِمَعيشَتِهِ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إِلَيهِ _: مِنَ الحِكمَةِ جَعلُ المالِ في أَيدِي الجُهّالِ ؛ فَإِنَّهُ لَو خُصَّ بِهِ العُقَلاءُ لَماتَ الجُهّالُ جوعا ، ولكِنَّهُ جُعِلَ في أَيدِي الجُهّالِ ، ثُمَّ استَنزَلَهُم عَنهُ العُقَلاءُ بِلُطفِهِم وفِطنَتهِم . (2)
الإمام الباقر عليه السلام :إِنَّ داوودَ النبيّ _ صلوات اللّه عَلَيهِ _ كانَ ذاتَ يَومٍ في مِحرابِهِ إِذ مَرَّت بِهِ دودَةٌ حَمراءُ صَغيرَةٌ تَدُبُّ حَتَّى انتَهَت إِلى مَوضِعِ سُجودِهِ ، فَنَظَرَ إِلَيها داوودُ وحَدَّثَ في نَفسِهِ : لِمَ خُلِقَت هذِهِ الدّودَةُ ؟ فَأَوحَى اللّهُ إِلَيها تَكَلَّمي ، فَقالَت لَهُ : يا داوودُ ، هَل سَمِعتَ حِسّي أَو استَبَنتَ عَلى صَفا أَثَري ؟ فَقالَ لَها داوودُ : لا . قالَت : فَإنَّ اللّهَ يَسمَعُ دَبيبي ونَفَسي وحِسّي ، ويَرى أَثَرَ مَشيي ، فَاخفِض مِن صَوتِكَ . (3)
الاحتجاج :مِن سُؤالِ الزِّنديقِ الَّذي سَأَلَ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن مَسائِلَ كَثيرَةٍ أَن قالَ : . . .
.
ص: 151
أَخبِرني عَنِ اللّهِ أَلَهُ شَريكٌ في مُلكِهِ ، أَو مُضادٌّ لَهُ في تَدبيرِهِ ؟ قالَ : لا . قالَ : فَما هذَا الفَسادُ الموَجودُ فِي العالَمِ ؛ مِن سِباعٍ ضارِيَةٍ ، وهَوامٍّ مُخَوِّفَةٍ ، وخَلقٍ كَثيرٍ مُشَوَّهَةٍ ، ودودٍ وبَعوضٍ وحَيّاتٍ وعَقارِبَ ، وزَعَمتَ أَنَّهُ لا يَخلُقُ شَيئا إِلّا لِعِلَّةٍ ، لِأَنَّهُ لا يَعبَثُ ؟ قالَ : أَلَستَ تَزعُمُ أَنَّ العَقارِبَ تَنفَعُ مِن وَجَعِ المَثانَةِ وَالحَصاةِ ، ولِمَن يَبولُ فِي الفِراشِ ، وأَنَّ أَفضَلَ التِّرياقِ ما عولِجَ مِن لُحومِ الأَفاعي ؛ فَإِنَّ لُحومَها إِذا أَكَلَهَا المَجذومُ بِشَبٍّ نَفَعَهُ ، وتَزعُمُ أَنَّ الدُّودَ الأَحمَرَ الَّذي يُصابُ تَحتَ الأَرضِ نافِعٌ لِلأكِلَةِ ؟ (1) قالَ : نَعَم . قالَ عليه السلام : فَأَمَّا البَعوضُ وَالبَقُّ فَبَعضُ سَبَبِهِ أَنَّهُ جُعِلَ أَرزاقَ بَعضِ الطَّيرِ ، وأَهانَ بِها جَبّارا تَمَرَّدَ عَلَى اللّهِ وتَجَبَّرَ ، وأَنكَرَ رُبوبِيَّتَهُ ، فَسَلَّطَ اللّهُ عَلَيهِ أَضعَفَ خَلقِهِ لِيُرِيَهُ قُدرَتَهُ وعَظَمَتَهُ ، وهِيَ البَعوضَةُ ، فَدَخَلَت في مِنخَرِهِ حَتّى وَصَلَت إِلى دِمِاغِهِ فَقَتَلَتهُ . وَاعلَم أَنّا لَو وَقَفنا عَلى كُلِّ شَيءٍ خَلَقَهُ اللّهُ تَعالى لِمَ خَلَقَهُ ؟ لِأَيِّ شَيءٍ أَنشَأَهُ ؟ لَكُنّا قدَ ساوَيناهُ في عِلمِهِ ، وعَلِمنا كُلَّ ما يَعلَمُ ، وَاستَغنَينا عَنهُ ، وكُنّا وهُوَ فِي العِلمِ سَواءً . قالَ : فَأَخبِرني هَل يُعابُ شَيءٌ مِن خَلقِ اللّهِ وتَدبيرِهِ ؟
.
ص: 152
قالَ : لا . قالَ : فَإِنَّ اللّهَ خَلَقَ خَلقَهُ غُرلاً (1) ، أَذلِكَ مِنهُ حِكمَةٌ أَم عَبَثٌ ؟ قالَ : بَل حِكمَةٌ مِنهُ . قالَ : [ فَلِمَ] (2) غَيَّرتُم خَلقَ اللّهِ ، وجَعَلتُم فِعلَكُم في قَطعِ الغُلفَةِ أَصوَبَ مِمّا خَلَقَ اللّهُ لَها ، وعِبتُمُ الأَغلَفَ ، وَاللّهُ خَلَقَهُ ، ومَدَحتُمُ الخِتانَ وهُوَ فِعلُكُم ، أَم تَقولون إِنَّ ذلِكَ مِنَ اللّهِ كانَ خَطَأً غَيرَ حِكمَةٍ ؟! قالَ عليه السلام : ذلِكَ مِنَ اللّهِ حِكمَةٌ وصَوابٌ ، غَيرَ أَنَّهُ سَنَّ ذلِكَ وأَوجَبَهُ عَلى خَلقِهِ ، كما أَنَّ المَولودَ إِذا خَرَجَ مِن بَطنِ أُمِّهِ وَجَدنا سُرَّتَهُ مُتَّصِلَةً بِسُرَّةِ أُمِّهِ كذلِكَ خَلَقَهَا الحَكيمُ فَأَمَرَ العِبادَ بِقَطعِها ، وفي تَركِها فَسادٌ بَيِّنٌ لِلمَولودِ وَالأُمِّ ، وكَذلِكَ أَظفارُ الإِنسانِ أَمَرَ إِذا طالَت أَن تُقَلَّمَ ، وكانَ قادِرا يَومَ دَبَّرَ خَلقَ الإِنسانِ أَن يَخلُقَها خِلقَةً لا تَطولُ ، وكذلِكَ الشَّعرُ مِنَ الشَّارِبِ وَالرَّأَسِ ، يَطولُ فَيُجَزُّ ، وكَذلِكَ الثِّيرانُ خَلَقَهَا اللّهُ فُحولَةً ، وإِخصاؤُها أَوفَقُ ، ولَيسَ في ذلِكَ عَيبٌ في تَقديرِ اللّهِ عز و جل . (3)
راجع : التوحيد للصَّدوق : ص 398 (باب إنّ اللّه تعالى لا يفعل بعباده إلّا الأصلح لهم) .
.
ص: 153
الفصل التاسع عَشَر: الحلي_مالحليم لغةً«الحليم» مشتقّ من مادّة «حلم» ، و«الحلم» في اللغة ذو معان مختلفة هي : «ترك العجلة» (1) ، و«الأَناة» (2) ، و «الصفح والستر» (3) .
الحليم في القرآن والحديثجاء ذكر صفة «الحليم» إِلى جانب صفة «الغفور» ستّ مرّات في القرآن الكريم ، وثلاث مرّات مع صفة «العليم» ، ومرّة واحدة مع صفة «الغنيّ» ، ومرّة واحدةً أَيضا مع صفة «الشكور» . إِنّ الآيات والأَحاديث تذهب إِلى أَنّ حلم اللّه سبحانه يتحقّق غالبا بالنسبة إِلى معاصي العباد ، من هنا نجد حلم اللّه على أَساس المعنى اللغويّ بمعنى الغضّ عن معاصي العباد ، وأَنّه لا يعجل في مجازات العاصين ، بل يصبر لهم ويمنحهم فرصة
.
ص: 154
فرصة التَّوبة والتدارك . استخدمت هذه الصفة في القرآن الكريم في الموارد التي تبين مواجهة الباري سبحانه للعاصين له بلحاظ المعنى اللغوي للحليم وهو «عدم إسراع اللّه سبحانه في عقوبة المذنبين وامهالهم للتوبة والرجوع عن المعصية» ولما كانت العجلة في عقوبة المذنب مع احتمال رجوعه وتوبته من صفات الجاهل، استخدم القرآن الكريم صفة الحلم قرينة لصفة العلم، كما فسّر الحلم الالهي في الأحاديث الشريفة بعدم صدور فعل الجهل عنه، وعدم العجلة في عقوبة المذنبين .
19 / 1الحَليمُ الّذي لا يَجهَلُالكتاب«إِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ » . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ يَومَ الأَحزابِ _: إِلهي أَنتَ الحَليمُ الَّذي لا يَجهَلُ . (2)
19 / 2الحَليمُ الّذي لا يَعجَلُالكتاب«وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ » . (3)
.
ص: 155
«وَاللَّهُ غَنِىٌّ حَلِيمٌ » . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :أَوحَى اللّهُ عز و جل إِلى أَخِي العُزَيرِ : ... لا تَأمَن مَكري حَتّى تَدخُلَ جَنَّتي ، فَاهَتزَّ عُزَيرٌ يَبكي ، فَأَوحَى اللّهُ إِلَيهِ : لا تَبكِ يا عُزَيرُ ؛ فَإِن عَصَيتَني بِجَهلِكَ غَفَرتُ لَكَ بِحِلمي ؛ لِأَنّي كَريمٌ لا أَعجَلُ بِالعُقوبَةِ عَلى عِبادي وأَنَا أَرحَمُ الرَّاحِمينَ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله :يا مَن هُوَ بِمَن عَصاهُ حَليمٌ . (3)
الإمام الكاظم عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ عز و جل _: الحَليمُ الَّذي لا يَعجَلُ . (4)
.
ص: 156
. .
ص: 157
الفصل العشرون: الحميد ، المحمود ، الحامدالحميد و المحمود والحامد لغةً«الحميد» و«المحمود» و«الحامد» مشتقّة من مادّة «حمد» وهو يدلّ على خلاف الذمّ . يقال: حمدت فلانا أَحمده ، ورجل محمود ومحمّد إِذا كثرت خصاله المحمودة غير المذمومة (1) . وحمدته على شجاعته وإِحسانه حمدا: أَثنيتُ عليه (2) . و «الحميد» فعيل بمعنى مفعول «المحمود» أَو فاعل «الحامد». قال ابن الأَثير: الحمد والشكر متقاربان ، والحمد أَعمّهما ، لأَنّك تحمد الإنسان على صفاته الذاتيّة وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته (3) . قال الفيوميّ : الحمد غير الشكر ؛ لأَنّه يستعمل لصفة في الشخص وفيه معنى التعجّب ، يكون فيه معنى التعظيم للممدوح وخضوع المادح ... وأَمّا الشكر فلا يكون إِلّا في مقابلة الصنيع ، فلا يقال: شكرته على شجاعته 4 .
.
ص: 158
الحميد والمحمود والحامد في القرآن والحديثمشتقّات مادّة «حمد» المنسوبة إِلى اللّه تعالى في القرآن الكريم ستّون ، وورد اسم «الحميد» مع اسم «الغنيّ» عشر مرّات (1) ، ومع اسم «العزيز» ثلاث مرّات (2) ، ومع اسم «المجيد» مرّة واحدة (3) ، ومع اسم «الحكيم» مرّة واحدةً أَيضا (4) ، ومع اسم «الولي» مرّة واحدة (5) ، وبلفظ «صراط الحميد» مرّة واحدة أَيضا (6) . والظاهر من استعمالات القرآن والحديث أَنّ الحمد والشكر ، كما قال ابن الأَثير : «متقاربان والحمد أَعمهما» لأَنّ اللّه سبحانه وتعالى يُحمد على صفاته الذاتية وعلى عطائه ، ولا يُشكر على صفاته . وفي الحديث: «يا مَن هُوَ مَحمودٌ في كُلِّ خِصالِهِ» (7) ، «يا أللّهُ المَحمودُ في كُلِّ فِعالِهِ» (8) ، «الحَمدُ للّهِِ المَحمودِ بِنِعَمِهِ» (9) . قال السيّد في رياض السالكين: «الحمد هو الثناء على ذي علم لكماله ذاتيّا كان كوجوب الوجود والاتّصاف بالكمالات والتنزّه عن النقائص ، أَو وصفيّا ككَون صفاته كاملة واجبة ، أَو فعليّا كَكون أَفعاله مشتملة على الحكمة» (10) .
.
ص: 159
وأَطلق اسم «الحامد» على اللّه في بعض الأَحاديث. ومتعلّق هذا الحمد إِمّا اللّه سبحانه أَو مخلوقاته ، وحمد اللّه في كلّ حال يعني الثناء الإلهيّ البحت ، وهو خارج عن معنى التعظيم والخضوع الذي يُبديه الحامد للمحمود .
20 / 1الحَميدُ المَجيدُالكتاب«قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكَ_تُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ » . (1)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام :و أَمّا «ح_م » فَمَعناهُ : الحَميدُ المَجيدُ. (2)
20 / 2الغَنِيُّ الحَميدُ«وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ غَنِىٌّ حَمِيدٌ » . (3)
راجع : النساء: 131 ، إبراهيم: 8 ، الحجّ: 64 ، لقمان: 12 و 26، فاطر: 15، الحديد: 24، الممتحنة: 6، التغابن: 6.
20 / 3الحَكيمُ الحَميدُ«لَا يَأْتِيهِ الْبَ_طِ_لُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ » . (4)
.
ص: 160
20 / 4الوَلِيُّ الحَميدُ«وَ هُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَ يَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَ هُوَ الْوَلِىُّ الْحَمِيدُ » . (1)
20 / 5العَزيزُ الحَميدُ«كِتَ_بٌ أَنزَلْنَ_هُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّ_لُمَ_تِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَ طِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ » . (2)
راجع : سبأ : 6 ، البروج : 8 .
20 / 6أوَّلُ مَحمودٍالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ أَوَّلِ مَحمودٍ ، وآخِرِ مَعبودٍ ، وأَقرَبِ مَوجودٍ ، البَديءِ بِلا مَعلومٍ لِأَزَلِيَّتِهِ ، ولا آخِرَ لِأَوَّليَّتِهِ. (3)
20 / 7أحَقُّ مَحمودٍالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ أَحَقِّ مَحمودٍ بِالحَمدِ ، وأَولاهُ بِالمَجدِ. (4)
.
ص: 161
20 / 8المَحمودُ الحَميدُرسول اللّه صلى الله عليه و آله _ في حَديثِ المِعراجِ _ :فَالتَفَتُّ عَن يَمينِ العَرشِ فَوَجَدتُ عَلى ساقِ العَرشِ الأَيمَنِ مَكتوبا : لا إِلهَ إِلّا أَنَا وَحدي لا شَريكَ لي ، مُحَمَّدٌ رَسولي ، أَيَّدتُهُ بِعَلِيٍّ . يا أَحمَدُ شَقَقتُ اسمَكَ مِنِ اسمي ، أَنَا اللّهُ المَحمودُ الحَميدُ. (1)
20 / 9خُيرُ حامِدٍ و مَحمودٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا خَيرَ ذاكِرٍ ومَذكورٍ ، يا خَيرَ شاكِرٍ ومَشكورٍ ، يا خَيرَ حامِدٍ ومَحمودٍ. (2)
عنه صلى الله عليه و آله_ أَيضا _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ يا أَحَدُ يا واحِدُ يا شاهِدُ يا ماجِدُ يا حامِدُ. (3)
20 / 10المَحمودُ لا يَزالُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي عَلا في تَوَحُّدِهِ ، ودَنا في تَفَرُّدِهِ .. . مَجيدا لَم يَزَل ، مَحمودا لا يَزالُ. (4)
.
ص: 162
20 / 11المَحمودُ غَيرُ المَحدودِالإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: بِاسمِ المَحمودِ غَيرِ المَحدودِ (1) ، المُستَحِقِّ لَهُ عَلَى السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ ، بِاسمِ المَذكورِ فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخاءِ. (2)
20 / 12المَحمودُ في كُلِّ خِصالِهِالإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ إِن أَدخَلتَنِي الجَنَّةَ فَأَنتَ مَحمودٌ ، وإِن عَذَّبتَني فَأَنتَ مَحمودٌ ، يا مَن هُوَ مَحمودٌ في كُلِّ خِصالِهِ ، صَلِّ عَلى مُحَمِّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وَافعَل بي ما تَشاءُ وأَنتَ مَحمودٌ. (3)
20 / 13المَحمودُ في كُلِّ فِعالِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ آدَمَ لَمّا رَأَى النُّورَ ساطِعا مِن صُلبِهِ ؛ إِذ كانَ اللّهُ قَد نَقَلَ أَشباحَنا مِن ذُروَةِ العَرشِ إِلى ظَهرِهِ ، رَأَى النُّورَ ولَم يَتَبَيَّنِ الأَشباحُ ... فَقالَ : ما هذِهِ الأَشباحُ؟ فَقالَ اللّهُ تَعالى : يا آدَمُ، هذِهِ أَشباحُ أَفضَلِ خَلائِقي وبَرِيّاتي : هذا مُحَمَّدٌ وأَنَا المَحمودُ الحَميدُ في أَفعالي ، شَقَقتُ لَهُ اسما مِنِ اسمي... . (4)
.
ص: 163
الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «ال_م » _: دَلَّ بِ_«اللامِ» عَلى قَولِكَ المَلِكِ العَظيمِ القاهِرِ لِلخَلقِ أَجمَعينَ ، ودَلَّ بِ_ «الميمِ» عَلى أَنَّهُ المَجيدُ المَحمودُ في كُلِّ أَفعالِهِ. (1)
إدريس عليه السلام :يا أللّهُ المَحمودُ في كُلِّ فِعالِهِ. (2)
20 / 14المَحمودُ في كُلِّ صُنعِهِالإمام عليّ عليه السلام :إِلهي ... أَنتَ الكَريمُ المَحمودُ في كُلِّ ما تَصنَعُهُ. (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الكَريمِ في مُلكِهِ ، القاهِرِ لِمَن فيهِ ، القادِرِ عَلى أَمرِهِ ، المَحمودِ في صُنعِهِ. (4)
20 / 15المَحمودُ بِكُلِّ لِسانٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ اللّهُ المَحمودُ بِكُلِّ لِسانٍ. (5)
.
ص: 164
20 / 16المَحمودُ بِنِعمَتِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ المَحمودِ بِنِعمَتِهِ ، المَعبودِ بِقُدرَتِهِ ، المُطاعِ بِسُلطانِهِ ... . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ أَهلِ الحَمدِ ووَلِيِّهِ ، ومُنتَهَى الحَمدِ ومَحَلِّهِ ... المَحمودِ بِامتِنانِهِ وبِإِحسانِهِ. (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الأَحَدِ المَحمودِ الَّذي تَوَحَّدَ بِمُلكِهِ ، وعَلا بِقُدرَتِهِ ، أَحمَدُهُ عَلى ما عَرَّفَ مِن سَبيلِهِ ، و ألهَمَ مِن طاعَتِهِ ، وعَلَّمَ مِن مَكنونِ حِكمَتِهِ ، فَإِنَّهُ مَحمودٌ بِكُلِّ ما يولي ، مَشكورٌ بِكُلِّ ما يُبلي. (3)
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي. .. هُوَ أَهلٌ لِكُلِّ حَمدٍ .. . المَحمودُ لِبَذلِ نَوائِلِهِ. (4)
الإمام الكاظم عليه السلام :أَنتَ الصَّمَدُ ... المَعبودُ بِالعُبودِيَّةِ ، وَالمَحمودُ بِالنِّعَمِ. (5)
.
ص: 165
الفصل الحادي والعشرون: الح_يّالحيّ لغةً واصطلاحاالحيّ صفة مشبهة من مادّة «حيي». وهو أَصلان: أَحدهما: خلاف الموت ، والآخر الاستحياء الذي [ هو] ضدّ الوقاحة (1) . و«الحي» مشتقّ من المعنى الأَوّل ، ويختلف الفلاسفة والمتكلّمون في تفسير الحياة الإلهيّة ، لكنّهم جميعا ذكروا العلم والقدرة في تفسير هذه الصفة ، وذهب البعض إِلى أَنّ معناه «الفعّال الدرّاك» (2) . ورأَى بعض آخر أَنّ الحياة هي مبدأ العلم والقدرة (3) . وبينهم من قال: «معناه هو أَنّه لا يستحيل أَن يكون عالما قادرا» (4) .
الحيّ في القرآن والحديثنسب القرآن الكريم صفة «الحيّ» مقرونةً بصفة «القيّوم» إِلى اللّه عز و جل في ثلاثة
.
ص: 166
مواضع (1) ، وبقوله : «لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ» في موضع واحد (2) ، وبقوله: «لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ» في ثلاثة مواضع (3) ، وبقوله: «الَّذِى لَا يَمُوتُ» في موضع واحد (4) ، وقد تكرّرت عبارة «يُحْىِ وَيُمِيتُ» تسع مرّات (5) وعبارة «نُحْيىِ وَنُمِيتُ» مرّتين (6) . وقد نُسب إحياء الموتى إلى اللّه سبع مرّات (7) ، ومعنى إِخراج الحيّ من الميّت وبالعكس في أَربع آيات (8) ، ومعنى إِحياء الأَرض بعد موتها تسع مرّات (9) ، ومعنى إِماتة النَّاس وإِحيائهم خمس مرّات (10) في القرآن الكريم. لقد عدّت الأَحاديث المأثورة الحياة الإلهيّة بلا كيفيّة ، وعلى هذا الأَساس لا يمكن وصف ذاتها وحقيقتها ، والتوضيحات المذكورة للحياة الإلهيّة في الأَحاديث إِمّا لها جانب سلبيّ ، وتبيّن التفاوت بين الحياة الإلهيّة وحياة المخلوقات ، وإِمّا تشير إِلى آثار الحياة الإلهيّة ولوازمها ، ومن هذه التوضيحات يمكن الإشارة إِلى الموارد الآتية: حياة اللّه ليست بمعنى أَنّها ذات مدّةٍ ولها أَجلٌ معيّن ، حياته غير حادثة بل أَزليّة أَبديّة؛ اللّه هو المصدر لحياة المخلوقات الحيّة .
.
ص: 167
21 / 1صِفَةُ حَياتِهالكتاب«اللَّهُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ» . (1)
«اللَّهُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ » . (2)
«وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَىِّ الْقَيُّومِ » . (3)
«وَ تَوَكَّلْ عَلَى الْحَىِّ الَّذِى لَا يَمُوتُ» . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا حَيّا قَبلَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيّا بَعدَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيُّ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ حَيٌّ ، يا حَيُّ الَّذي لا يُشارِكُهُ حَيٌّ ، يا حَيُّ الَّذي لا يَحتاجُ إِلى حَيٍّ ، يا حَيُّ الَّذي يُميتُ كُلَّ حَيٍّ ، يا حَيُّ الَّذي يَرزُقُ كُلَّ حَيٍّ ، يا حَيّا لَم يَرِثِ الحَياةَ مِن حَيٍّ ، يا حَيُّ الَّذي يُحيِي المَوتى ، يا حَيُّ يا قَيّومُ لا تَأخُذُهُ سِنَةٌ ولا نَومٌ . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا حَيُّ قَبلَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيُّ بَعدَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيُّ مَعَ كُلِّ حَيٍّ ، يا حَيُّ حينَ لا حَيّ ، يا حَيُّ يَبقى ويَفنى كُلُّ حَيٍّ ، يا حَيُّ لا
.
ص: 168
إِلهَ إِلّا أَنتَ ، يا حَيُّ يا كَريمُ ، يا مُحيِي المَوتى . (1)
الإمام الباقر عليه السلام_ إِذ قيلَ لَهُ : أَخبِرني عَن رَبِّكَ مَتى كانَ ؟ _: وَيلَكَ ، إِنَّما يُقالُ لِشَيءٍ لَم يَكُن : مَتى كانَ ؟ إِنَّ رَبّي _ تَبارَكَ وتَعالى _ كانَ ولَم يَزَل حَيّا بِلا كَيفٍ . . . كانَ حَيّا بِلا حَياةٍ حادِثَةٍ . (2)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ نُورٌ لا ظُلمَةَ فيهِ ، وعِلمٌ لا جَهلَ فيهِ ، وحَياةٌ لا موتَ فيهِ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُ نُورٌ لا ظَلامَ فيهِ ، وحَيٌّ لا مَوتَ لَهُ . . . حَيُّ الذّاتِ . (4)
الإمام الكاظم عليه السلام :كانَ عز و جل إِلها حَيّا بِلا حَياةٍ حادِثَةٍ . . . بَل حَيٌّ لِنَفسِهِ . (5)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ لا إِلهَ إِلّا هُوَ _ كانَ حَيّا بِلا كَيفٍ ولا أَينٍ . (6)
21 / 2هُوَ حَياةُ كُلِّ شَيءٍالإمام عليّ عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَنِ اللّهِ _: هُوَ حَياةُ كُلِّ شَيءٍ ، ونُورُ كُلِّ شَيءٍ ، سُبحانَهُ
.
ص: 169
وتَعالى عَمّا يَقولونَ عُلُوّا كَبيرا . . . وبِحَياتِهِ حَيِيَت قُلوبُهُم ، وبِنورِهِ اهتَدَوا إِلى مَعرِفَتِهِ . (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام _ في مُناجاتِهِ _ :وأَنَّكَ أَقَمتَ بِقُدسِكَ حَياةَ كُلِّ شَيءٍ ، وجَعَلتَهُ نَجاةً لِكُلِّ حَيٍّ . (2)
راجع : ج 5 ص 167 (الفصل التاسع والستون : المحيي ، المميت) .
.
ص: 170
. .
ص: 171
الفصل الثاني والعشرون: الخال_قالخالق لغةًإِنّ «الخالق» اسم فاعل من مادّة «خلق» ، والخلق في الأَصل بمعنى التقدير ، ويستعمل بمعنى إِيجاد الشيء على أَساس التقدير (1) .
الخالق في القرآن والحديثلقد جاء قوله تعالى : «خالق كلّ شيء» أَربع مرّات (2) في القرآن الكريم ، وقوله : «أحسن الخالقين» مرّتين (3) ، و«إنّي خالق بشرا» مرّتين أيضا (4) ، و«الخلّاق العليم» كذلك (5) ، و«هو اللّه الخالق البارئ المصوّر» مرّةً واحدةً (6) ، و «هل من خالق غير اللّه يرزقكم» كذلك (7) . وفي الأَحاديث مباحث كثيرة بشأن الخلقة ومبادئها وخصائصها الإيجابيّة
.
ص: 172
والسلبيّة وما جاء في هذه المجموعة قسم من مباحث الخلقة ، وستأَتي المباحث الباقية في موسوعة «ميزان الحكمة» تحت عنوان «الخلقة» . لقد ذهبت الأَحاديث إِلى أَنّ العلم والتقدير والمشيئة من مبادئ الخلقة الّتي تشير إِلى المعنى الأَصليِّ للخلقة لغويّا ، ومن أَهمّ خصائص الخلقة في الأَحاديث نفي المثال والأُصول الأَزليّة ، أَي: إِنّ اللّه سبحانه لم يوجد الأَشياءَ في العالم على أَساس أَمثلة أَزليّة ، والفعل الإلهي غير محكوم بالأَمثلة والصور الأَزليّة الثابتة ، من جهة أُخرى إِنّ اللّه تعالى لم يخلق العالم من مادّة وأَصل أَزليّ وغير مخلوق ، من هنا صورة العالم ومادّته كلتاهما حادثة وبديعة . لقد جاء في الآيات والأَحاديث الخلق من شيء أَحيانا بالنسبة إِلى اللّه سبحانه . كقوله مثلاً: «خَلَقَ الْاءِنسَ_نَ مِن صَلْصَ_لٍ كَالْفَخَّارِ» (1) .
راجع : ص 67 (الفصل السابع : البديءُ ، البديعُ) .
22 / 1مَبادِئُ الخِلقَةِ22 / 1 _ 1العِلمُالكتاب«أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » . (2)
.
ص: 173
«بَدِيعُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَ_حِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَىْ ءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ » . (1)
«إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّ_قُ الْعَلِيمُ » . (2)
راجع : البقرة : 29 ، المائدة : 97 ، الروم : 54 ، يس : 79 و81 ، الزخرف : 9 .
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :. . . مُبتَدعِ الخَلائِقِ بِعِلمِهِ ، ومُنشِئِهِم بِحُكمِهِ ، بِلَا اقتِداءٍ ولا تَعليمٍ ولَا احتِذاءٍ لِمِثالِ صانِعٍ حَكيمٍ ، ولا إِصابَةِ خَطَأٍ ولا حَضرَةِ مَلَأٍ . (3)
التوحيد عن مروان بن مسلم :دَخَلَ ابنُ أَبِي العَوجاءِ عَلى أَبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام فَقالَ : أَلَيسَ تَزعُمُ أَنَّ اللّهَ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ ؟ فَقالَ أَبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام : بَلى . فَقالَ : أنَا أَخلُقُ . فَقالَ عليه السلام لَهَ : كَيفَ تَخلُقُ ؟! فَقالَ : أُحدِثُ فِي المَوضِعِ ، ثُمَّ أَلبَثُ عَنهُ فَيَصيرُ دَوابَّ ، فَأَكونُ أَنَا الَّذي خَلَقتُها . فَقالَ أَبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام : ألَيسَ خالِقُ الشَّيءِ يَعرِفُ كَم خَلقُهُ ؟ قالَ : بَلى . قالَ : فَتَعرِفُ الذَّكَرَ مِنها مِنَ الأُنثى ، وتَعرِفُ كَم عُمُرُها ؟ فَسَكَتَ . (4)
.
ص: 174
الكافي عن محمّد بن مسلم :سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «أَعْطَى كُلَّ شَىْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى » . (1) قالَ : لَيسَ شَيءٌ مِن خَلقِ اللّهِ إِلّا وهُوَ يُعرَفُ مِن شَكلِهِ الذَّكَرُ مِنَ الأُنثى . قُلتُ : ما يَعني «ثُمَّ هَدَى » . قالَ : هَداهُ لِلنِّكاحِ وَالسِّفاحِ مِن شَكلِهِ . (2)
رجال الكشّي عن أَبي جعفر الأَحول :قالَ ابنُ أَبِي العَوجاءِ مَرَّةً : أَلَيسَ مَن صَنَعَ شَيئا وأَحدَثَهُ حَتّى يُعلَمَ أَنَّهُ مِن صَنعَتِهِ فَهُوَ خالِقُهُ ؟ قُلتُ (3) : بَلى . [قالَ :] (4) فَأَجِّلني شَهرا أَو شَهرَينِ ، ثُمَّ تَعالَ حَتّى أُرِيَكَ ، قالَ : فَحَجَجتُ فَدَخَلتُ عَلى أَبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام ، فَقالَ : أما إِنَّهُ قَد هَيَّأ لَكَ شَأنَينِ (5) وهُوَ جاءٍ بهِ مَعَهُ بِعِدَّةٍ مِن أَصحابِهِ ، ثُمَّ يُخرِجُ لَكَ الشَّأنَينِ قَدِ امتَلآ دودا ، ويَقولُ لَكَ : هذا الدّودُ يَحدُثُ مِن فِعلي ، فَقُل لَهُ : إِن كانَ مِن صُنعِكَ وأَنتَ أَحدَثتَهُ فَمَيِّز ذُكورَهُ مِنَ الإِناثِ . فَقالَ : هذِهِ وَاللّهِ لَيسَت مِن أَبزارِكَ (6) ، هذِهِ الَّتي حَمَلَتهَا الإِبِلُ مِنَ الحجِازِ . (7)
.
ص: 175
22 / 1 _ 2القُدرَةُالكتاب«وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ » . (1)
راجع : البقرة : 20 ، آل عمران : 29 و189 ، المائدة : 120 ، النور : 45 ، الروم : 54 ، فاطر : 1 و44 ، التغابن : 1 ، الملك : 1 .
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :فَطَرَ الخَلائِقَ بِقدُرَتِهِ . (2)
راجع : ج 5 ص 43 (الفصل الثاني والخمسون : القادِرُ ، القَديرُ) .
22 / 1 _ 3التَّقديرُالكتاب«إِنَّا كُلَّ شَىْ ءٍ خَلَقْنَ_هُ بِقَدَرٍ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :قَدَّرَ اللّهُ المَقاديرَ قَبلَ أَن يخَلُقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ بِخَمسينَ أَلفَ
.
ص: 176
سَنَةٍ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ عز و جل قَدَّرَ المَقاديرَ ، ودَبَّرَ التَّدابيرَ قَبلَ أَن يَخلُقَ آدَمَ بِأَلفَي عامٍ . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :قَدَّرَ ما خَلَقَ فَأَحكَمَ تَقديرَهُ . (3)
الإمام المهديّ عليه السلام_ فِي الدُّعاء _: إِنَّكَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظّاهِرُ وَالباطِنُ ، لَم تَكُن مِن شَيءٍ ولَم تَبِن عَن شَيءٍ ، كُنتَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ وأَنتَ الكائِنُ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ، وَالمُكَوِّنُ لِكُلِّ شَيءٍ، خَلَقتَ كُلَّ شَيءٍ بِتَقديرٍ وأَنتَ السَّميعُ البَصيرُ. (4)
راجع : ج 5 ص 215 (الفصل السابع والسبعون : المقدِّر) .
22 / 1 _ 4المَشيئَةُالكتاب«اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ » . (5)
«يَزِيدُ فِى الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ » . (6)
.
ص: 177
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :فَإِذا قالَ المُؤَذِّنُ «اللّهُ أَكبَرُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : اللّهُ الَّذي لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ ، وبِمَشيئَتِهِ كانَ الخَلقُ ، ومِنهُ كانَ كُلُّ شَيءٍ لِلخَلقِ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :خَلَقَ اللّهُ المَشيئَةَ بِنَفسِها ، ثُمَّ خَلَقَ الأَشياءَ بِالمَشيئَةِ . (2)
22 / 1 _ 5جَوامِعُ مَبادِئِ الخِلقَةِالإمام الصادق عليه السلام :لا يَكونُ شَيءٌ فِي الأَرضِ ولا فِي السَّماءِ إِلّا بِهذِهِ الخِصالِ السَّبعِ : بِمَشيئَةٍ وإِرادَةٍ وقَدَرٍ وقَضاءٍ وإِذنٍ وكتِابٍ وأَجَلٍ ؛ فَمَن زَعَمَ أَنَّهُ يَقدِرُ عَلى نَقضِ واحِدَةٍ فَقَد كَفَرَ . (3)
الإمام الكاظم عليه السلام :لا يَكونُ شَيءٌ فِي السَّماواتِ ولا فِي الأَرضِ إِلّا بِسَبعٍ : بِقَضاءٍ وقَدَرٍ وإِرادَةٍ ومَشيئَةٍ وكِتابٍ وأَجَلٍ وإِذنٍ ؛ فَمَن زَعَمَ غَيرَ هذا فَقَد كَذِبَ عَلَى اللّهِ أَو رَدَّ عَلَى اللّهِ عز و جل . (4)
الكافي عن عليّ بن إبراهيم الهاشمي :سَمِعتُ أَبَا الحَسَنِ موسَى بنَ جَعفَرٍ عليهماالسلاميَقولُ :
.
ص: 178
لا يَكونُ شَيءٌ إِلّا ما شاءَ اللّهُ وأَرادَ وقَدَّرَ وقَضى . قُلتُ : ما مَعنى شاءَ ؟ قالَ : اِبتِداءُ الفِعلِ . قلُتُ : ما مَعنى قَدَّرَ ؟ قالَ : تَقديرُ الشَّيءِ مِن طولِهِ وعَرضِهِ. قُلتُ: ما مَعنى قَضى؟ قالَ: إِذا قَضى أَمضاهُ، فَذلِكَ الَّذي لا مَرَدَّ لَهُ. (1)
22 / 2خَصائِصُ الخِلقَةِ22 / 2 _ 1الحَقُّالكتاب«وَهُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِى الصُّورِ عَ__لِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَ_دَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ » . (2)
.
ص: 179
22 / 2 _ 2الحُسنُالكتاب«الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْ ءٍ خَلَقَهُ» . (1)
«فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَ__لِقِينَ » . (2)
«أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَ__لِقِينَ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في قَولِهِ تَعالى : «أَحْسَنَ كُلَّ شَىْ ءٍ خَلَقَهُ» _: أَما إِنَّ اِستَ القِرَدَةِ لَيسَت بِحَسَنةٍ ولكِنَّهُ أَحكَمَ خَلقَها . (4)
مسند ابن حنبل عن الشريد :أَبصَرَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله رَجُلاً يَجُرُّ إِزارَهُ ، فَأَسرَعَ إِلَيهِ أَو هَروَلَ فَقالَ : اِرفَع إِزارَكَ وَاتَّقِ اللّهَ . قالَ : إِنّي أَحنَفُ تَصطَكُّ رُكبَتايَ . فَقالَ : اِرفَع إِزارَك ؛ فَإِنّ كُلَّ خَلقِ اللّهِ عز و جل حَسَنٌ . (5)
مسند ابن حنبل عن القاسم بن عبد الرحمن عن عمرو الأَنصاري ، قالَ :بَينا هُوَ يَمشي
.
ص: 180
قَد أَسبَلَ إِزارَهُ إِذ لَحِقَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله وقَد أَخَذَ بِناصِيَةِ نَفَسِهِ وهُوَ يَقولُ : اللّهُمَّ عَبدُكَ ابنُ عَبدِكَ ابنُ أُمَتِكَ . قالَ عَمرٌو : فَقُلتُ يا رَسولَ اللّهِ ، إِنّي رَجُلٌ حَمشُ السّاقَينِ . (1) فَقالَ : يا عَمرُو ، إِنَّ اللّهَ عز و جل قَد أَحسَنَ كُلَّ شَيءٍ خَلَقَهُ . (2)
جامع الأخبار :رُوِيَ أَنَّ نوحا عليه السلام مَرَّ عَلى كَلبٍ كَريهِ المَنظَرِ ، فَقالَ نوحٌ : ما أَقبَحَ هذَا الكَلبَ ! فَجَثَا الكَلبُ ، وقالَ بِلِسانٍ طَلقٍ ذَلقٍ (3) : إِن كُنتَ لا تَرضى بِخَلقِ اللّهِ فَحَوِّلني يا نَبِيَّ اللّهِ! فَتَحَيَّرَ نوحٌ عليه السلام وأَقبَلَ يَلومُ نَفسَهُ بِذلِكَ ، وناحَ عَلى نَفسِهِ أَربَعينَ سَنَةً ،حَتّى ناداهُ اللّه تَعالى : إِلى مَتى تَنوحُ يا نوحُ ، فَقَد تُبتُ عَلَيكَ . (4)
.
ص: 181
تحليل حول حُسن الخلقة«الحُسن» ضد «القبح» . يقول الراغب في معنى «الحُسن» : «الحسن عبارة عن كل مُبهجٍ مرغوبٍ فيه ، وذلك ثلاثة أَضرب : مستحسن من جهة العقل ، ومستحسن من جهة الهوى ، ومستحسن من جهة الحسّ» (1) . إِنّ هذا التقسيم للحُسن يقوم على أَساس الجهات المدركة التي تتلقى الحُسن في الإنسان . غير أَنَّ حقيقة الحُسن عبارة عن تناسق أَجزاء كلّ شيء مع بعضها ، وانسجام كلّ الأَجزاء مع ما هو خارج ذاته من هدف وغاية ، فجمالُ الوجه إذا على سبيل المثال يعني تناسب أَجزائه ، وحُسن العدالة يعني انسجامها مع هدف المجتمع المتمدّن ، حيث ينالُ كلّ ذي حقّ حقّه وقس على ذلك . إِمعان النظر في أَنواع المخلوقات من حيث تناسقها وتناسب أَجزائها وانطوائها على ما تحتاجه من تركيب وتجهيز بشكل كامل تام ، يجعل الباحث واثقا بأنّ كل واحد من هذه المخلوقات قد خُلق على أَفضل ما يمكن تصوره : «فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَ__لِقِينَ » (2) .
.
ص: 182
من الممكن أَن نجد شيئا من الأَشياء ، ليس جميلاً في نظرنا بمقارنته بغيره ، لكنّه في الواقع جميل لنفسه وفي إِطار نظام الخليقة ، فقد روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله في معرض حديثه عن قوله سبحانه : «الَّذِى أَحْسَنَ كُلَّ شَىْ ءٍ خَلَقَهُ » : أما إنَّ إستَ القِرَدَةِ لَيسَت بِحَسَنَةٍ ولكِنَّهُ أحكَمَ خَلقَها (1) . إِنّ هذا المعنى ينسجم أَيضا مع المفهوم اللغوي لكلمة «أحْسَنَ» يقول الفيومي : أحسنت الشيء : عرفته وأتقنته (2) . على هذا الأساس فسّرت الفقرة «ما يحسن» من قول أمير المؤمنين عليه السلام : «قيمَةُ كُلِّ امرِئٍ ما يُحسِنُ» ب_ «ما يَعلَمُ» . قال الخليل بن أحمد الفراهيدي : أحثّ جملة على طلب العلم، قول عليّ بن أبي طالب: «قيمَةُ كُلِّ أمرِئٍ ما يُحسِنُ».
.
ص: 183
22 / 2 _ 3التَّجَدُّدُالكتابالخال_ق«يَسْ_ئلُهُ مَن فِى السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ » . (1)
«وَ السَّمَاءَ بَنَيْنَ_هَا بِأَيْيْدٍ وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ » . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في قَولِهِ تِعالى : «كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ » _: مِن شَأنِهِ أَن يَغفِرَ ذَنبا ، ويُفَرِّجَ كَربا ، ويَرفَعَ قَوما ويَخفِضَ آخَرينَ . (3)
تفسير القمّي :قَوُلُهُ تَعالى : «يَسْ_ئلُهُ مَن فِى السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِى شَأْنٍ » قالَ : يُحيي ويُميتُ ، ويَرزُقُ ويَزيدُ ويَنقُصُ . (4)
22 / 2 _ 4الحُدوثُالكتاب«بَدِيعُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَ_حِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَىْ ءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ
.
ص: 184
عَلِيمٌ * ذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ خَ__لِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ» . (1)
«قُلِ اللَّهُ خَ__لِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ وَ هُوَ الْوَ حِدُ الْقَهَّ_رُ » . (2)
«ذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ خَ__لِقُ كُلِّ شَىْ ءٍ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الكائِنُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، وَالمُكَوِّنُ لِكُلِّ شَيءٍ ، وَالكائِنُ بَعدَ فَناءِ كُلِّ شَيءٍ . (4)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، كُنتَ إِذ لَم تَكُن سَماءٌ مَبنِيَّةٌ ، ولا أَرضٌ مَدحِيَّةٌ (5) ، ولا شَمسٌ مُضيئَةٌ ، ولا لَيلٌ مُظلِمٌ ، ولا نَهارٌ مُضيءٌ ، ولا بَحرٌ لُجّيٌّ (6) ، ولا جَبَلٌ راسٍ ، ولا نَجمٌ سارٍ ، ولا قَمَرٌ مُنيرٌ ، ولا ريحٌ تَهُبُّ ، ولا سَحابٌ يَسكُبُ ، ولا بَرقٌ يَلمَعُ ، ولا رَعدٌ يُسَبِّحُ ، ولا روحٌ تَنَفَّسُ ، ولا طائِرٌ يَطيرُ ، ولا نارٌ تَتَوَقَّدُ ، ولا ماءٌ يَطَّرِدُ (7) ، كُنتَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، وكَوَّنتَ كُلَّ شَيءٍ ، وقَدَرتَ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، وَابتَدَعتَ كُلَّ شَيءٍ . (8)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا يَموتُ ولا تَنَقضي عَجائِبُهُ ؛ لِأَ نَّهُ كُلَّ يَومٍ في
.
ص: 185
شَأنٍ منِ إِحداثِ بَديعٍ لَم يَكُن . (1)
الإمام الحسن عليه السلام :خَلَقَ الخَلقَ ، فَكانَ بَديئا بَديعاً اِبتَدَأَ مَا ابتَدَعَ . (2)
راجع : ج 4 ص 116 ح 4382.
الإمام الباقر عليه السلام :كانَ اللّهُ عز و جل ولا شَيءَ غَيرُهُ . (3)
عنه عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «بَدِيعُ السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ» _: أَي مُبدِعُهُما ومُنشِئُهُما بِعِلمِهِ ، ابتِداءً لا مِن شَيءٍ ولا عَلى مِثالٍ سَبَقَ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي كانَ إِذ لَم يَكُن شَيءٌ غَيرُهُ . (5)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ خِلوٌ مِن خَلقِهِ ، وخَلقُهُ خِلوٌ مِنهُ ، وكُلُّ ما وَقَعَ عَلَيهِ اسمُ شَيءٍ ما خَلا اللّهَ فَهُوَ مَخلوقٌ ، وَاللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ ، تَبارَكَ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ . (6)
.
ص: 186
الإمام الكاظم عليه السلام :خالِقٌ إِذ لا مَخلوقَ ، ورَبٌّ إِذ لا مَربوبَ . (1)
عنه عليه السلام :كُلُّ شَيءٍ سِواهُ مَخلوقٌ . (2)
عنه عليه السلام :هُوَ القَديمُ وما سِواهُ مَخلوقٌ مُحدَثٌ . (3)
الإمام الجواد عليه السلام :يا ذَا الَّذي كانَ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ ، ثُمَّ خَلَقَ كُلَّ شَيءٍ ، ثُمَّ يَبقى ويَفنى كُلُّ شَيءٍ . (4)
الإمام الهادي عليه السلام :إِنَّ الجِسمَ مُحدَثٌ وَاللّهُ مُحدِثُهُ ومُجَسِّمُهُ . (5)
راجع : ص 196 (اصول أزليّة) وج 5 ص 57 (الفصل الرابع والخمسون : القديم ، الأزليّ) و ص 65 (كان اللّه ولم يكن معه شيء) .
22 / 2 _ 5الخَلقُ الدَّفعِيُّالكتاب«وَ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ » . (6)
.
ص: 187
«إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْ_ئا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ » . (1)
«إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْ ءٍ إِذَا أَرَدْنَ_هُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ » . (2)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :فَأَمَّا القُدرَةُ فَقَولُهُ تَعالى : «إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَىْ ءٍ إِذَا أَرَدْنَ_هُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ » فَهذِهِ القُدرَةُ التّامَّةُ الَّتي لا يَحتاجُ صاحِبُها إِلى مُباشَرَةِ الأَشياءِ، بَل يَختَرِعُها كَما يَشاءُ سُبحانَهُ ، ولا يَحتاجُ إِلَى التَّرَوّي في خَلقِ الشَّيءِ ، بَل إِذا أَرادَهُ صارَ عَلى ما يُريدُهُ مِن تَمامِ الحِكمَةِ ، وَاستَقامَ التَّدبيرُ لَهُ بِكَلِمَةٍ واحِدَةٍ ، وقُدرَةٍ قاهِرَةٍ بانَ بِها مِن خَلقِهِ . (3)
الإمام الرضا عليه السلام :إِنَّما أَمُرهُ كَلَمحِ البَصَرِ أَو هُوَ أَقرَبُ ، إِذا شاءَ شَيئا فَإِنَّما يَقولُ لَهُ : «كُن» ، فَيَكونُ بِمَشيئَتِهِ وإِرادَتِهِ ، ولَيسَ شَيءٌ مِن خَلقِهِ أَقرَبَ إِلَيهِ مِن شَيءٍ ، ولا شَيءٌ مِنهُ هُوَ أَبعَدَ مِنهُ مِن شَيءٍ . (4)
راجع : ص 192 (الرّويّة) و193 (الإحتيال) و195 (النّصب) و 199 (جوامع ما لم يكن في مبادِئ الخلقة) .
22 / 2 _ 6الخَلقُ التَّدريجِيُّالكتاب«إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَالأَْرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِى الَّيْلَ النَّهَارَ يَطْ_لُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَ ت بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَْمْرُ تَبَارَكَ
.
ص: 188
اللَّهُ رَبُّ الْعَ__لَمِينَ » . (1)
راجع : يونس : 3 ، هود : 7 ، الفرقان : 59 ، السجدة : 4 ، ق : 38 ، الحديد : 4 .
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :ولَو شاءَ أَن يَخلُقَها في أَقَلَّ مِن لَمحِ البَصَرِ لَخَلَقَ ، ولكِنَّهُ جَعَلَ الأَناةَ وَالمُداراةَ مِثالاً لِأُمَنائِهِ ، وإِيجابا لِلحُجُّةِ عَلى خَلقِهِ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام :خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرضَ في سِتَّةِ أَيّامٍ ، وهُوَ مُستَولٍ عَلى عَرشِهِ ، وكانَ قادِرا عَلى أَن يَخلُقَها في طَرفَة عَينٍ ، ولكِنَّهُ عز و جل خَلَقَها في سِتَّةِ أَيّامٍ لِيُظهِرَ لِلمَلائِكَةِ ما يَخلُقُهُ مِنها شَيئا بَعدَ شَيءٍ ، وتَستَدِلَّ بِحُدوثِ ما يُحدَثُ عَلَى اللّهِ تَعالى ذِكرُهُ مَرَّةً بَعدَ مَرَّةٍ . (3)
22 / 3ما لا يُوصَفُ بِهِ خالِقِيَّتُهُ22 / 3 _ 1الحاجَةُالإمام عليّ عليه السلام_ في تَنزيهِ اللّهِ سُبحانَهُ _: لَم تَخلُقِ الخَلقَ لِوَحشَةٍ ، ولَا استَعمَلتَهُم لِمَنفَعَةٍ . (4)
.
ص: 189
عنه عليه السلام :لَم يُكَوِّنها لِتَشديدِ سُلطانٍ ، ولا خَوفٍ مِن زَوالٍ ولا نُقصانٍ ، ولَا استِعانَةٍ عَلى ضِدٍّ مُناوٍ ، ولا نِدٍّ مُكاثِرٍ ، ولا شَريكٍ مُكابِرٍ . (1)
فاطمة عليهاالسلام :كَوَّنَها [ أَي الأَشياءَ ] بِقُدرَتِهِ ، وذَرَأَها بِمَشِيئَتِهِ مِن غَيرِ حاجَةٍ منهُ إِلى تَكويِنها . (2)
عنها عليهاالسلام :اِبتَدَعَ الأَشياءَ لا مِن شَيءٍ كانَ قَبلَها . . . مِن غَير حاجَةٍ منهُ إِلى تَكوينِها ، ولا فائِدَةٍ لَهُ في تَصويرِها ، إِلّا تَثبيتا لِحِكمَتِهِ ، وتَنبيها عَلى طاعَتِهِ ، وإِظهارا لَقُدرَتِهِ ، تَعَبُّدا لِبَرِيَّتِهِ ، وإِعزازا لِدَعوَتِهِ . (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ في دُعائِهِ في طَلَبِ العَفوِ _: أَستَوهِبُكَ _ يا إِلهي _ نَفسِيَ الَّتي لَم تَخلُقها لِتَمتَنِعَ بِها مِن سُوءٍ ، أَو لتَطَرَّقَ بها إِلى نَفعٍ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام :هُوَ الخالِقُ لِلأَشياءِ لا لِحاجَةٍ . (5)
الإمام الرضا عليه السلام :فَلَو كانَ خَلَقَ ما خَلَقَ لِحاجَةٍ مِنهُ لجازَ لِقائلٍ أَن يَقولَ : يَتَحَوَّلُ إِلى ما خَلَقَ لِحاجَتِهِ إِلى ذلِكَ ، ولكِنَّهُ عز و جل لَم يَخلُق شَيئا لِحاجَتِهِ ، ولَم يَزَل ثابِتا لا في شَيءٍ ولا عَلى شَيءٍ ، إِلّا أَنَّ الخَلقَ يُمسِكُ بَعضُهُ بَعضا ويَدخُلُ بَعضُهُ في بَعض ويَخرجُ مِنهُ ، وَاللّهُ تَقَدَّسَ بِقدرَتِهِ يُمسِكُ ذلِكَ كُلَّهُ ، ولَيسَ يَدخُلُ في شَيءٍ ولا
.
ص: 190
يَخرُجُ مِنهُ ولا يَؤودُهُ حِفظُهُ ولا يَعجِزُ عَن إِمساكِهِ ، ولا يَعرِفُ أَحَدٌ مِنَ الخَلقِ كَيفَ ذلِكَ إِلّا اللّهُ عز و جل ، ومَن أَطلَعَهُ عَلَيهِ مِن رُسُلِهِ وِأَهلِ سِرِّهِ وَالمُستَحفِظينَ لِأَمرِهِ وخُزّانِهِ القائِمينَ بِشَريعَتِهِ . (1)
التوحيد عن الحسن بن محمّد النوفلي_ في ذِكرِ مَجلِسِ الرِّضا عليه السلام مَعَ أَصحابِ المَقالاتِ _: فَقالَ عِمرانُ الصّابِئُ : أَخبِرني عَنِ الكائِنِ الأَوَّلِ وعَمّا خَلَقَ ؟ قالَ عليه السلام : سَأَلتَ فَافهَم ، أَمَّا الواحِدُ فَلَم يَزَل واحِدا كائِنا لا شَيءَ مَعَهُ ، بِلا حُدودٍ ولا أَعراضٍ ولا يَزالُ كذلِكَ ، ثُمَّ خَلَقَ خَلقا مُبتَدِعا مُختَلِفا بِأَعراضٍ وحُدودٍ مُختَلِفَةٍ ، لا في شَيءٍ أَقامَهُ ، ولا في شَيءٍ حَدَّهُ ، ولا عَلى شيءٍ حَذاهُ ، ولا مَثَّلَهُ لَهُ ، فَجَعَلَ مِن بَعدِ ذلِكَ الخَلقِ صَفوَةً وغَيرَ صَفوةٍ ، وَاختِلافا وَائتِلافا وأَلوانا وذَوقا وطَعما لا لِحاجَةٍ كانَت مِنُه إِلى ذلِكَ ، ولا لِفَضلِ مَنزِلَةٍ لَم يَبلُغها إِلّا بِهِ ، ولا رَأَى لِنَفسِهِ فيما خَلَقَ زِيادَةً ولا نُقصانا ، تَعقِلُ هذا يا عِمرانُ ؟ قالَ : نَعَم ، وَاللّهِ يا سَيِّدي . قالَ عليه السلام : وَاعلَم يا عِمرانُ ، أَنَّهُ لَو كانَ خَلَقَ ما خَلَقَ لِحاجَةٍ لَم يَخلُق إِلّا مَن يَستَعينُ بِه عَلى حاجَتِهِ ، ولَكانَ يَنبَغي أَن يَخلُقَ أَضعافَ ما خَلَقَ ؛ لِأنَّ الأَعوانَ كُلَّما كَثُروا كانَ صاحِبُهُم أَقوى ، وَالحاجَةُ يا عِمرانُ لا يَسَعُها ؛ لِأَنَّهُ لَم يُحدِث مِنَ الخَلقِ شَيئا إِلّا حَدَثَت فيهِ حاجَةٌ أُخرى . ولذلِكَ أَقولُ : لَم يَخلُقِ الخَلقَ لِحاجَةٍ ، ولكِن نَقَلَ بِالخَلقِ الحَوائِجَ بَعضِهِم إِلى بَعضٍ ، وفَضَّلَ بَعضَهُم عَلى بَعضٍ بِلا حاجَةٍ مِنهُ إِلى مَن فَضَّلَ ، ولا نِقمَةٍ مِنهُ
.
ص: 191
عَلى مَن أَذَلَّ ، فَلِهذا خَلَقَ . (1)
عنهم عليهم السلام :اللّهُمَّ يا ذَا القُدرَةِ الَّتي صَدَرَ عَنهَا العالَمُ مُكَوَّنا مَبروءا عَلَيها ، مَفطورا تَحتَ ظِلِّ العَظَمَةِ ، فَنَطَقَت شَواهِدُ صُنعِكَ فيهِ بِأَنَّكَ أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، مُكَوِّنُهُ وبارِئُهُ وفاطِرُهُ ، ابتَدَعتَهُ لا مِن شَيءٍ ، ولا عَلى شَيءٍ ، ولا في شَيءٍ ، ولا لِوَحشَةٍ دَخَلَت عَلَيكَ إِذ لا غَيرُكَ ، ولا حاجَةٍ بَدَت لَكَ في تَكوينِهِ ، ولَا استِعانَةٍ مِنكَ عَلَى الخَلقِ بَعدَهُ ، بَل أَنشَأتَهُ لِيَكونَ دَليلاً عَلَيكَ ، بِأَنَّكَ بائِنٌ مِنَ الصُّنعِ ، فَلا يُطيقُ المُنصِفُ لِعَقلِهِ إِنكارَكَ ، وَالمَوسومُ بِصِحَّةِ المَعرِفَةِ جُحُودَكَ . (2)
علل الشرائع عن عبد اللّه بن سلام :في صُحُفِ موسَى بنِ عِمرانَ عليه السلام : يا عِبادي ، إِنّي لَم أَخلُق لِأَستَكثِرَ بِهِم مِن قِلَّةٍ ، ولا لِانَسَ بِهِم من وَحشَةٍ ، ولا لِأَستَعينَ بِهِم عَلى شَيءٍ عَجَزتُ عَنهُ ، ولا لِجَرِّ مَنفَعَةٍ ولا لِدَفعِ مَضَرَّةٍ ، ولَو أَنَّ جَميعَ خَلقي مِن أَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ اجتَمَعوا عَلى طاعَتي وعِبادَتي لا يَفتُرونَ عَن ذلِكَ لَيلاً ولا نَهارا ما زادَ ذلِكَ في مُلكي شَيئا ، سُبحاني وتَعالَيتُ عَن ذلِكَ . (3)
22 / 3 _ 2العَبَثُالكتاب«أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَ_كُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ » . (4)
.
ص: 192
«مَا خَلَقْنَا السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا إِلَا بِالْحَقِّ وَ أَجَلٍ مُّسَمًّى وَ الَّذِينَ كَفَرُواْ عَمَّا أُنذِرُواْ مُعْرِضُونَ » . (1)
«وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا بَ_طِلاً ذَ لِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ النَّارِ » . (2)
«وَ مَا خَلَقْنَا السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا لَ_عِبِينَ » . (3)
راجع : آل عمران : 191 ، الأنعام : 73 ، الزمر : 5 ، الروم : 8 ، العنكبوت : 44 ، الحِجر : 85 ، الدخان : 39 ، الجاثية : 22 ، التغابن : 3 ، ص : 27 .
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :ما خَلَقَ اللّهُ سُبحانَهُ أَمرأً عَبَثا فَيَلهُوَ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ : لِمَ خَلَقَ اللّهُ الخَلقَ ؟ _: إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لَم يَخلُق خَلقَهُ عَبَثا ولَم يَترُكهُم سُدىً ، بَل خَلَقَهُم لِاءظهارِ قُدرَتِهِ ، ولِيُكَلِّفَهُم طاعَتَهُ ، فَيَستَوجِبوا بِذلِكَ رِضوانَهُ ، وما خَلَقَهُم لِيَجلِبَ مِنهُم مَنفَعَةً ، ولا لِيَدفَعَ بِهِم مَضَرَّةً ، بَل خَلَقَهُم لِيَنفَعَهُم ويوصِلَهُم إِلى نَعيمِ الأَبَدِ . (5)
22 / 3 _ 3الرَّوِيَّةُالإمام عليّ عليه السلام :خَلَقَ الخَلقَ مِن غَيرِ رَوِيَّةٍ ؛ إِذ كانَتِ الرَّوِيّاتُ لا تَليقُ إِلّا بِذَوِي
.
ص: 193
الضَّمائِرِ ، ولَيسَ بِذي ضَميرٍ في نَفسِهِ . (1)
عنه عليه السلام :أَنشَأَ الخَلقَ إِنشاءً ، وَابْتَدَأَهُ ابتِداءً ، بِلا رَوِيَّةٍ أَجالَها ، ولا تَجرِبَةٍ استَفادَها . (2)
22 / 3 _ 4الاِحتِيالُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :خَلَقَ ما خَلَقَ بِلا مَعونَةٍ مِن أَحَدٍ ، ولا تَكَلُّفٍ ولَا احتِيالٍ . (3)
الإمام عليّ عليه السلام :لَم يَذرَاَ الخَلقَ بِاحتِيالٍ . (4)
22 / 3 _ 5المِثالُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اِبتَدَأَ مَا ابتَدَعَ ، وأَنشَأَ ما خَلَقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ كانَ سَبَقَ . (5)
الإمام عليّ عليه السلام :اِبتَدَعَ ما خَلَقَ بِلا مِثالٍ سَبَقَ . (6)
عنه عليه السلام :خَلَقَ الخَلقَ عَلى غَيرِ تَمثيلٍ ، ولا مَشورَةِ مُشيرٍ ، ولا مَعونَةِ مُعينٍ ، فَتَمَّ خَلقُهُ
.
ص: 194
بِأَمرِهِ ، وأَذعَنَ لِطاعَتِهِ فَأَجابَ . (1)
عنه عليه السلام :الَّذِي ابتَدَعَ الخَلقَ عَلى غَيرِ مِثالٍ امتَثَلَهُ ، ولا مِقدارٍ احتَذى عَلَيهِ مِن خالِقٍ مَعبودٍ كانَ قَبلَهُ . (2)
فاطمة عليهاالسلام :وأَنشَأَها [ أَي الأَشياءَ ] بِلَا احتِذاءِ أَمثِلَةٍ اِمتَثَلَها . (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، الَّذي أَنشَأتَ الأَشياءَ مِن غَيرِ سِنخٍ ، وصَوَّرتَ ما صَوَّرتَ مِن غَيرِ مِثالٍ ، وَابتَدَعتَ المُبتَدَعاتِ بِلَا احتِذاءٍ . (4)
الإمام الباقر عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «بَدِيعُ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ» _: إِنَّ اللّهَ عز و جل ابتَدَعَ الأَشياءَ كُلَّها بِعِلمِهِ عَلى غَيرِ مِثالٍ كانَ قَبلَهُ ، فَابتَدَعَ السَّماواتِ وَالأَرَضينَ ولَم يَكُن قَبلَهُنَّ سَماواتٌ ولا أَرَضونَ . (5)
22 / 3 _ 6الجارِحَةُالإمام عليّ عليه السلام :صانِعٌ لا بِجارِحَةٍ . (6)
راجع : ج 5 ص 117 ح 5182 .
.
ص: 195
22 / 3 _ 7النَّصَبُالكتاب«وَ لَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَ مَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ » . (1)
«إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِى أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ» . (2)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ لِلّهِ المَعروفِ مِن غَيرِ رُؤيَةٍ ، وَالخالِقِ مِن غَيرِ مَنصَبةٍ ، خَلَقَ الخَلائِقَ بِقُدرَتِهِ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ لِلّهِ ... الخالِقِ لا بِمَعنى حَرَكَةٍ ونَصَبٍ . (4)
عنه عليه السلام :لا يَؤودُهُ خَلقُ ما ابتَدَأَ . (5)
عنه عليه السلام :اِبتَدَعَ ما خَلَقَ ، بِلا مِثالٍ سَبَقَ ولا تَعَبٍ ولا نَصَبٍ . (6)
.
ص: 196
22 / 3 _ 8التَّغييرُالإمام الرضا عليه السلام_ لِمَن قالَ لَهُ : يا سَيِّدي أَلا تُخبِرُني عَنِ الخالِقِ إِذا كانَ واحِدا لا شَيءَ غَيرُهُ ولا شَيءَ مَعَهُ ، أَلَيسَ قَد تَغَيَّرَ بِخَلقِهِ الخَلقَ ؟ قال _: لَم يَتَغَيَّر عز و جل بِخَلقِ الخَلقِ ، ولكِنَّ الخَلقَ يَتَغَيَّرُ بِتَغييرِهِ . (1)
22 / 3 _ 9أُصولٌ أَزَلِيَّةٌالإمام عليّ عليه السلام :لَم يَخلُقِ الأَشياءَ مِن أُصولٍ أَزَلِيَّةٍ ولا مِن أَوائِلَ أَبَدِيَّةٍ ، بَل خَلَقَ ما خَلَقَ ، فَأَقامَ حَدَّهُ ، وصَوَّرَ ما صَوَّرَ فَاَسَنَ صورَتَهُ . (2)
عنه عليه السلام :لَم يَزَل رَبُّنا مُقتَدِرا عَلى ما يَشاءُ ، مُحيطا بِكُلِّ الأَشياءِ، ثُمَّ كَوَّنَ ما أَرادَ بِلا فِكرَةٍ حادِثَةٍ أَصابَ ، ولا شُبهَةٍ دَخَلَت عَلَيهِ فيما أَرادَ ، وإِنَّهُ عز و جل خَلَقَ نورا اِبتَدَعَهُ مِن غَيرِ شَيءٍ ، ثُمَّ خَلَقَ مِنهُ ظُلمَةً ، وكانَ قَديرا أَن يَخلُقَ الظُّلمَةَ لا مِن شَيءٍ كَما خَلَقَ النُّورَ مِن غَيرِ شَيءٍ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ لِلّهِ الواحِدِ الأَحَدِ الصَّمَدِ المُتَفَرِّدِ ، الَّذي لا مِن شَيءٍ كانَ ، ولا مِن شَيءٍ
.
ص: 197
خَلَقَ ما كانَ . . . وكُلُّ صانِعِ شَيءٍ فَمِن شَيءٍ صَنَعَ ، وَاللّهُ لا مِن شَيءٍ صَنَعَ ما خَلَقَ . (1)
الإمام الباقر عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لَم يَزَل عالِما قَديما ، خَلَقَ الأَشياءَ لا مِن شَيءٍ ، ومَن زَعَمَ أَنَّ اللّهَ تَعالى خَلَقَ الأَشياءَ مِن شَيءٍ فَقَد كَفَرَ ؛ لِأَنَّهُ لَو كانَ ذلِكَ الشَّيءُ الَّذي خَلَقَ مِنهُ الأَشياءَ قَديما مَعَهُ في أَزَلِيَّتِهِ وهُوِيَّتِهِ كانَ ذلِكَ الشَّيءُ أَزَلِيّا ، بَل خَلَقَ اللّهُ تَعالى الأَشياءَ كُلَّها لا مِن شَيءٍ . (2)
عنه عليه السلام_ حينَ سُئِلَ عَنِ الشَّيءِ خَلَقَهُ مِن شَيءٍ أَو مِن لا شَيءٍ؟ _: خَلَقَ الشَّيءَ لا مِن شَيءٍ كانَ قَبلَهُ ، ولَو خَلَقَ الشَّيءَ مِن شَيءٍ إِذا لَم يَكُن لَهُ انقِطاعٌ أَبَدا ، ولَم يَزَلِ اللّهُ إِذا ومَعَهُ شَيءٌ ، ولكِن كانَ اللّهُ ولا شَيءَ مَعَهُ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :لا يُكَوِّنُ الشَّيءَ لا مِن شَيءٍ إِلَا اللّهُ ، ولا يَنقُلُ الشَّيءَ مِن جَوهَرِيَّتِهِ إِلى جَوهَرٍ آخَرَ إِلَا اللّهُ ، ولا يَنقُلُ الشَّيءَ مِنَ الوُجودِ إِلَى العَدَمِ إِلَا اللّهُ . (4)
فاطمة عليهاالسلام :اِبتَدَعَ الأَشياءَ لا مِن شَيءٍ كانَ قَبلَها . (5)
الاحتجاج_ في ذِكرِ حِوارِ الإمامِ الصّادِقِ عليه السلام مع زِنديقٍ _: قالَ الزِّنديقُ : مِن أَيِّ شَيءٍ خَلَقَ اللّهُ الأَشياءَ؟
.
ص: 198
قالَ عليه السلام : مِن لا شَيءٍ . فَقالَ : كَيفَ يَجيءُ مِن لا شَيءٍ شَيءٌ ؟ قالَ عليه السلام : إِنَّ الأَشياءَ لا تَخلو أَن تَكون خُلِقَت مِن شَيءٍ أَو مِن غَيرِ شَيءٍ ، فَإن كانَت خُلِقَت مِن شَيءٍ كانَ مَعَهُ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ الشَّيءَ قَديمٌ ، وَالقَديمُ لا يَكونُ حَديثا ولا يَفنى ولا يَتَغَيَّرُ ، ولا يَخلو ذلِكَ الشَّيءُ مِن أَن يَكونَ جَوهَرا واحِدا ولَونا واحِدا ؛ فَمِن أَينَ جاءَت هذِهِ الأَلوانُ المُختَلِفَةُ ، وَالجَواهِرُ الكَثيرَةُ الموَجودَةُ في هذَا العالَمِ مِن ضُروبٍ شَتّى ؟ ومِن أَينَ جاءَ المَوتُ إِن كانَ الشَّيءُ الَّذي أُنشِئَت مِنهُ الأَشياءُ حَيّا ؟ ومِن أَينَ جاءَت الحَياةُ إِن كانَ ذلِكَ الشَّيءُ مَيِّتا ؟ ولا يَجوزُ أَن يكَونَ مِن حَيٍّ ومَيِّتٍ قَديمَينِ لَم يَزالا ؛ لِأَنَّ الحَيَّ لا يَجيءُ مِنهُ مَيِّتٌ وهُوَ لَم يَزَل حَيّا ، ولا يجَوزُ أَيضا أن يَكونَ المَيِّتُ قَديما لَم يَزَل بِما هُوَ بِهِ مِنَ المَوتِ ؛ لِأَنَّ المَيِّتَ لا قُدرَةَ لَهُ ولا بقَاءَ . قالَ : فَمِن أَينَ قالوا : إِنَّ الأَشياءَ أَزَلِيَّةٌ ؟ قالَ : هذِهِ مَقالَةُ قوَمٍ جَحَدوا مُدَبِّرَ الأَشياءِ ، فَكَذَّبُوا الرُّسُلَ ومَقالَتَهُم ، وَالأَنبِياءَ وما أَنبَؤوا عَنهُ وسَمَّوا كُتُبَهُم أَساطيرَ ، ووَضَعُوا لِأَنفُسِهِم دينا بِآرائِهِم وَاستِحسانِهِم . (1)
الإمام الرضا عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ فاطِرِ الأَشياءِ إِنشاءً ، ومُبتَدِعِها ابتِداعا بِقُدرَتِهِ وحِكمَتِهِ ، لا مِن شَيءٍ فَيَبطُلَ الاِختِراعُ ، ولا لِعِلَّةٍ فَلا يَصِحَّ الاِبتِداعُ . (2)
.
ص: 199
أبو الحسن عليه السلام :إِنَّ كُلَّ صانِعِ شَيءٍ فَمِن شَيءٍ صَنَعَ ، وَاللّهُ الخالِقُ اللَّطيفُ الجَليلُ خَلَقَ وصَنَعَ لا مِن شَيءٍ . (1)
راجع : ص 183 (الحدوث) و35 (معنى أوّلية اللّه وآخِريّته) و ج 5 ص 65 (كان اللّه ولم يكن معه شيء) .
22 / 3 _ 10جَوامِعُ مالَم يَكُن في مَبادِئِ الخِلقَةِالإمام عليّ عليه السلام :سبُحانَ الَّذي لا يَؤُودُهُ خَلقُ مَا ابتَدَأَ ، ولا تَدبيرُ ما بَرَأَ ، ولا مِن عَجزٍ ولا مِن فَترَةٍ بِما خَلَقَ اكتَفى ، عَلِمَ ما خَلَقَ وخَلَقَ ما عَلِمَ ، لا بِالتَّفكيرِ في عِلمٍ حادِثٍ أَصابَ ما خَلَقَ ، ولا شُبهَةٍ دَخَلَت عَلَيهِ فيما لَم يَخلُق ، لكِن قَضاءٌ مُبرَمٌ وعِلمٌ مُحكَمٌ وأَمرٌ مُتقَن . (2)
عنه عليه السلام :إِنَّما صَدَرَتِ الأُمورُ عَن مَشيئَتِهِ ، المُنشِئُ أَصنافَ الأَشياءِ بِلا رَوِيَّةِ فِكرٍ آلَ إِلَيها ، ولا قَريحَةِ غَريزَةٍ أَضمَرَ عَلَيها ، ولا تَجرِبَةٍ أَفادَها مِن حَوادِثِ الدُّهورِ ، ولا شَريكٍ أَعانَهُ عَلَى ابتِداعِ عَجائِبِ الأُمورِ ، فَتَمَّ خَلقُهُ بِأَمرِهِ ، وأَذعَنَ لِطاعَتِهِ ، وأَجابَ إِلى دَعوَتِهِ ، لَم يَعتَرِض دونَهُ رَيثُ المُبطِىَ، ولا أَناةُ المُتَلَكِّىَ، فَأَقامَ مِنَ الأَشياءِ أَوَدَها ، ونَهَجَ حُدودَها ، ولاءَمَ بِقُدرَتِهِ بَينَ مُتضادِّها ، ووَصَلَ أَسبابَ قَرائِنِها ، وفَرَّقَها أَجناسا مُختَلِفاتٍ فِي الحُدودِ وَالأَقدارِ ، وَالغَرائِزِ وَالهَيئاتِ ، بَدايا خَلائِقَ أَحكَمَ
.
ص: 200
صُنعَها ، وفَطَرَها عَلى ما أَرادَ وَابتَدَعَها ! (1)
عنه عليه السلام :أَنشَأَ الخَلقَ إِنشاءً ، وَابتَدَأَهُ ابِتداءً ، بِلا رَوِيَّةٍ أَجالَها ، ولا تَجرِبَةٍ اِستَفادَها ، ولا حَرَكَةٍ أَحدَثَها ، ولا هَمامَةِ نَفسٍ اِضطَرَبَ فيها . (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، الَّذي أَنشَأتَ الأَشياءَ مِن غَيرِ سِنخٍ ، وصَوَّرتَ ما صَوَّرتَ مِن غَيرِ مِثالٍ ، وَابتَدَعتَ المُبتَدَعاتِ بِلَا احتِذاءٍ ، أَنتَ الَّذي قَدَّرتَ كُلَّ شَيءٍ تَقديرا ، ويَسَّرتَ كُلَّ شَيءٍ تَيسيرا ، ودَبَّرتَ ما دونَكَ تَدبيرا ، وأَنتَ الَّذي لَم يُعِنكَ عَلى خَلقِكَ شَريكٌ ، ولَم يُؤازِركَ في أَمرِكَ وَزيرٌ ، ولَم يَكُن لَكَ مُشاهِدٌ ولا نَظيرٌ . (3)
الإمام الرضا عليه السلام :لَهُ مَعنَى الرُّبوبِيَّةِ إِذ لا مَربوبَ ، وحَقيقَةُ الإِلهِيَّةِ إِذ لا مَألوهَ ، ومَعنَى العالِمِ ولا مَعلومَ ، ومَعنَى الخالِقِ ولا مَخلوقَ ، وتَأويلُ السَّمعِ ولا مَسموعَ ، لَيسَ مُنذُ خَلَقَ استَحَقَّ مَعنَى الخالِقِ ، ولا بِإِحداثِهِ البَرايا استَفادَ مَعنَى البارِئِيَّةِ ، كَيفَ ولا تُغَيِّبُهُ مُذ ، ولا تُدنيهِ قَد ، ولا تَحجُبُهُ لَعَلَّ ، ولا تُوَقِّتُهُ مَتى ، ولا تَشمُلُهُ حينَ ، ولا تُقارِنُهُ مَعَ ، إِنَّما تَحُدُّ الأَدَواتُ أَنفُسَها ، وتُشيرُ الآلَةُ إِلى نَظائِرِها . (4)
راجع : ج 5 ص 29 (الفصل التاسع والأربعون : الفاطر) و ص33 (الفصل الخمسون : الفاعل، الفعّال) ، ج 3 ص 397 (التوحيد في الخالقية) .
.
ص: 201
الفصل الثالث والعشرون: الخبي_رالخبير لغةًالخبير في اللغة فعيل بمعنى فاعل من مادّة «خبر» وهو يدلّ على علم ، فالخبير بمعنى «عليم» (1) ، وقد ذهب ابن الأَثير إِلى أَنّه العالم بما كان وبما يكون وعارف بحقيقة الشيء. (2) وفي ضوء ذلك يُلاحظ في اسم «الخبير» عناية مطلقة .
الخبير في القرآن والحديثلقد ذكر القرآن الكريم صفة «الخبير» إِلى جانب صفة «اللطيف» خمس مرّات ، وإِلى جانب صفة «الحكيم» أَربع مرّات ، ومع صفة «العليم» أَربع مرّات أَيضا ، وقد بيّن القرآن الكريم كون اللّه _ جلّ وعلا _ خبيرا بالإنسان وبأعماله وذنوبه في ثلاثين موضعا ، وأَمّا صفة «الخبير» من دون أَن تقرن بصفة أُخرى فقد جاءت في مورد واحد فقط في الآية الرابعة عشرة من سورة فاطر .
.
ص: 202
لقد وردت صفة «الخبير» في الأَحاديث بمعنى «الَّذي لا يَعزُبُ عَنهُ شَيءٌ ولا يَفوتُهُ» ، و «الَّذي يَعلَمُ السِّرَّ وأَخفى» ممّا يدلّ على العلم المطلق العميق .
23 / 1الخَبيرُ البَصيرُ«إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرَا بَصِيرًا» . (1)
23 / 2الحَكيمُ الخَبيرُ«عَ__لِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَ_دَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ» . (2)
23 / 3اللَّطيفُ الخَبيرُ«لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَ_رُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَ_رَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » . (3)
23 / 4العُليمُ الخَبيرُ«إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير » . (4)
.
ص: 203
23 / 5الخَبيرُ الّذي لا يَعزُبُ عَنهُ شَيءٌالإمام الرضا عليه السلام :أَمَّا الخَبيرُ فَالَّذي لا يَعزُبُ عَنهُ شَيءٌ ولا يَفوتُهُ ، لَيسَ لِلتَّجرِبَةِ ولا لِلاِعتِبارِ بِالأَشياءِ ، فَعِندَ التَّجرِبَةِ وَالاِعتِبارِ عِلمانِ ولَولاهُما ما عُلِمَ ؛ لِأَنَّ مَن كانَ كَذلِكَ كانَ جاهِلاً ، وَاللّهُ تَعالى لَم يَزَل خَبيرا بِما يَخلُقُ ، وَالخَبيرُ مِنَ النّاسِ المُستَخبِرُ عَن جَهلِ المُتَعَلِّمِ ، فَقَد جَمَعَنَا الاِسمُ وَاختَلَفَ المَعنى . (1)
عنه عليه السلام :لَم يَكُن قِوامُ الخَلقِ وصَلاحُهُم إِلّا بِالإِقرارِ مِنهُم بِعَليمٍ خَبيرٍ ، يَعلَمُ السِّرَّ وأَخفى ، آمِرٌ بِالصَّلاحِ ، ناهٍ عَنِ الفَسادِ . (2)
الإمام الكاظم عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: سُبحانَكَ اللّهُمَّ وبِحَمدِكَ ... أَنتَ ... خَبيرٌ لا يَذهَلُ . (3)
راجع : ص 325 (الفصل الحادي والأربعون : العالم ، العليم) .
.
ص: 204
. .
ص: 205
الفصل الرابع والعشرون: الرّازق، الرّزّاقالرزّاق والرازق لغةً«الرزّاق» فعّال من أَبنية المبالغة ، وهو مبالغة في «الرازق» . ويستعمل «الرزق» في اللغة بالمعنى العام «للعطاء» و «ما يُنتفَع به» حينا (1) ، وبالمعنى الخاصّ «ما به قوام الجسم و نماؤه» حينا آخر (2) .
الرزّاق والرازق في القرآن والحديثلقد جاءت مشتقّات مادّة «رزق» في القرآن الكريم قُرابة سبعين مرّةً ، ووُصف تعالى بأنّه «هُوَ الرَّزَّاقُ» (3) أَو «خَيْرُ الرَّ زِقِينَ» (4) أَو «يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ» (5) . وبيّنت الأَحاديث رازقيّة اللّه بشكل مطلق عام : «رازق كلّ مرزوق» ، «رازق العاصي والمطيع» .
.
ص: 206
إِنّ أَلفاظ القرآن والأَحاديث بشأن رزّاقيّة اللّه سبحانه و رازقيّته تُحمَل على المعنى العام لهاتين الصفتين ، أَي: «معطي العطاء وما يُنتفَع به» ، كما يُحمل على معناهما الخاصّ ، أَي: «مُعطي ما به قوام الشيء ونماؤه» وإِن كان المعنى الخاصّ أَقرب .
24 / 1هُوَ الرَّزّاقُ«مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَ مَا أُرِيدُ أَن يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ » . (1)
24 / 2خَيرُ الرَّازِقينَ«وَ إِذَا رَأَوْاْ تِجَ_رَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّواْ إِلَيْهَا وَ تَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَ مِنَ التِّجَ_رَةِ وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّ زِقِينَ » . (2)
24 / 3يَرزُقُكُم مِنَ السَّماءِ وَ الأَرضِ«يَ_أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَ__لِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَ الْأَرْضِ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ » . (3)
«قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَ إِنَّ_ا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِى ضَلَ_لٍ مُّبِينٍ ». (4)
.
ص: 207
«هُوَ الَّذِى يُرِيكُمْ ءَايَ_تِهِ وَ يُنَزِّلُ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَ مَا يَتَذَكَّرُ إِلَا مَن يُنِيبُ » . (1)
«وَ اخْتِلَ_فِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن رِّزْقٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَ تَصْرِيفِ الرِّيَ_حِ ءَايَ_تٌ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ » . (2)
«وَ نَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَ_رَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّ_تٍ وَ حَبَّ الْحَصِيدِ * وَ النَّخْلَ بَاسِقَ_تٍ لَّهَا طَ_لْعٌ نَّضِيدٌ * رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ وَ أَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا كَذَ لِكَ الْخُرُوجُ » . (3)
«قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَ الأَْبْصَ_رَ وَ مَن يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَ يُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَىِّ وَ مَن يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ » . (4)
24 / 4رازِقُ كُلِّ مَرزوقٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ .. . يا رازِقَ كُلِّ مَرزوقٍ ، يا مَلِكَ كُلِّ مَملوكٍ. (5)
عنه صلى الله عليه و آله :سُبحانَ اللّهِ المَلِكِ الواحِدِ الحَميدِ .. . رازِقِ الأَرزاقِ ، وخالِقِ الأَخلاقِ. (6)
24 / 5رازِقُ البَشَرِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجوشَنِ الكَبيرِ _: يا مَن لا يَخفى عَلَيهِ أثَرٌ ، يا رازِقَ
.
ص: 208
البَشَرِ ، يا مُقَدِّرَ كُلِّ قَدَرٍ. (1)
عنه صلى الله عليه و آله_ أَيضا _: اللّهُمَّ إِنّي أسأَ لُكَ بِاسمِكَ .. . يا عالِمَ السِّرِّ ، يا فالِقَ الحَبِّ ، يا رازِقَ الأَنامِ (2) . (3)
المصباح للكفعمي_ فِي الدُّعاءِ عِندَ اصفِرارِ الشَّمسِ إِلى غُروبِها _: اللّهُمَّ يا خالِقَ السَّقفِ المَرفوعِ ، وَالمِهادِ المَوضوعِ ، ورازِقَ العاصي وَالمُطيعِ ، الَّذي لَيسَ مِن دونِهِ وَلِيٌّ ولا شَفيعٌ. (4)
24 / 6رازِقُ المُقِلّينَرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا رازِقَ المُقِلّينَ ، يا راحِمَ المَساكينِ. (5)
الإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا أَوَّلَ الأَوَّلينَ ، يا آخِرَ الآخِرينَ ، يا ذَا القُوَّةِ المَتينِ ، يا رازِقَ المَساكينِ. (6)
.
ص: 209
الفصل الخامس والعشرون: الرّؤوفالرَّؤوف لغةً«الرَّؤوف» فعول بمعنى فاعل من «رأَف». قال الصاحب بن عبّاد: الرأَفة : الرحمة (1) ، وقال الجوهريّ : الرأَفة : أَشدّ الرحمة (2) . وقال ابن الأَثير: في أَسماء اللّه تعالى «الرَّؤوف» هو الرَّحيم بعباده العطوف عليهم بأَلطافه ، والرأَفة أَرقّ من الرَّحمة ، ولا تكاد تقع في الكراهة ، والرَّحمة قد تقع في الكراهة للمصلحة (3) .
الرَّؤوف في القرآن والحديثورد اسم «الرَّؤوف» في القرآن الكريم إِحدى عشرة مرّةً ، فورد مضمون «بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ» مرّتين (4) ، ومضمون «رَءُوفُ بِالْعِبَادِ» مرّتين أيضا (5) ، ومضمون «بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ» مرّة واحدة (6) ، ومضمون «بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ» مرّة واحدة
.
ص: 210
أيضا (1) ، كما وردت مطلقة في أربع مواضع (2) . وبيّنت الأَحاديث خصائص عديدة لاسم الرَّؤوف ، بيد أَنّ النقطة المهمّة هي علاقة الرأَفة بالرَّحمة في الأَحاديث . فقد جاء في الأَدعية المأثورة : «يا رَؤوفا في رَحمَتِهِ» (3) ، «بِرَأَفَتِكَ أَرجو رَحمَتَكَ» (4) ، «أَسأَلُكَ بِرَحمَتِكَ الَّتي اشتَقَقتَها مِن رَأَفَتِكَ» (5) ، والظاهر من هذه الأَدعية أَنّ الرأَفة سبب للرحمة؛ فكلّ رأَفة معها رحمة وليس العكس ؛ لأَنّ الرأَفة أَشدّ وأَرقّ من الرَّحمة ، وينسجم هذا الموضوع مع ما قاله الجوهريّ ، وابن الأَثير أَيضا ، وقد نقلنا قوليهما سلفا .
25 / 1الرَّؤوفُ الرَّحيمُالكتاب«وأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ » . (6)
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى الْأَرْضِ وَ الْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ » . (7)
«هُوَ الَّذِى يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ ءَايَ_ت بَيِّنَ_تٍ لِّيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّ_لُمَ_تِ إِلَى النُّورِ وَ إِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ » . (8)
.
ص: 211
«وَكَذَ لِكَ جَعَلْنَ_كُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَ يَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَ مَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنتَ عَلَيْهَا إِلَا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَ إِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَ مَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَ_نَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ » . (1)
«لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِىِّ وَ الْمُهَ_جِرِينَ وَ الْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِى سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ » . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنَّكَ قَد خَلَقتَ بِرَأَفَتِكَ أَقواما أَطاعوكَ فيما أَمَرتَهُم ، وعَمِلوا لَكَ فيما خَلَقتَهُم لَهُ ، فَإِنَّهُم لَم يَبلُغوا ذلِكَ إِلّا بِكَ ، ولَم يُوَفِّقهُم لَهُ غَيرُكَ ، يا كَريمُ كانَت رَحمَتُكَ لَهُم قَبلَ طاعَتِهِم لَكَ. (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ رَبّي ومَولايَ وسَيِّدي وأَمَلي وإِلهي .. . لَكَ القُدرَةُ في أَمري ، وناصِيَتي بِيَدِكَ ، لا يَحولُ أَحَدٌ دونَ رِضاكَ ، بِرَأَفَتِكَ أَرجو رَحمَتَكَ ، وبِرَحمَتِكَ أَرجو رِضوانَكَ ، لا أَرجو ذلِكَ بِعَمَلي. (4)
الإمام الكاظم عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِهِشامٍ _: اِعلَم أَنَّ اللّهَ .. . لَم يَفرِجِ المَحزونينَ (5) بِقَدرِ حُزنِهِم ، ولكِن بِقَدرِ رَأَفَتِهِ ورَحمَتِهِ ، فَما ظَنُّكَ بِالرَّؤوفِ الرَّحيمِ الَّذي يَتَوَدَّدُ إِلى مَن يُؤذيهِ بِأَوليائِهِ ، فَكَيفَ بِمَن يُؤذى فيهِ! (6)
.
ص: 212
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ بَعدَ صَلاةِ جَعفَرٍ _: أَسأَ لُكَ بِرَحمَتِكَ الَّتِي اشتَقَقتَها مِن رَأَفَتِكَ ، وأَسأَ لُكَ بِرَأَفَتِكَ الَّتي اشتَقَقتَها مِن حِلمِكَ. (1)
الخضر عليه السلام_ في دُعائِهِ _: يا شامِخا مِن عُلُوِّهِ (2) ... ، يا رَؤوفا في رَحمَتِهِ. (3)
25 / 2رَؤوفٌ بِالعِبادِالكتاب«يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوف بِالْعِبَادِ » . (4)
«وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوف بِالْعِبَادِ » . (5)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الكَريمِ في مُلكِهِ ، القاهِرِ لِمَن فيهِ القادِرِ عَلى أَمرِهِ ، المَحمودِ في صُنعِهِ ، اللَّطيفِ بِعِلمِهِ الرَّؤوفِ بِعِبادِهِ ، المُستَأثِرِ في جَبَروتِهِ في عِزِّ جَلالِهِ وهَيبَتِهِ. (6)
.
ص: 213
عنه عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ .. . الرَّؤوفُ بِمَن رَجاهُ لِتَفريجِ هَمِّهِ. (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أُشهِدُكَ .. . أَنّي أَشهَدُ أَنَّكَ أَنتَ اللّهُ الَّذي لا إِلهَ إِلّا أَنتَ ، قائِمٌ بِالقِسطِ ، عَدلٌ فِي الحُكمِ ، رَؤوفٌ بِالعِبادِ. (2)
الإمام الصادق عليه السلام_ لِلمُفَضَّلِ بنِ عُمَرَ _: تَأَمَّل مِشفَرَ (3) الفيلِ وما فيهِ مِن لَطيفِ التَّدبيرِ ، فَإِنَّه يَقومُ مَقامَ اليَدِ في تَناوُلِ العَلَفِ وَالماءِ وَازدِرادِهِما (4) إِلى جَوفِهِ ، ولَولا ذلِكَ مَا استَطاعَ أَن يَتَناوَلَ شَيئا مِنَ الأَرضِ ؛ لِأَنَّهُ لَيسَت لَهُ رَقَبَةٌ يَمُدُّها كَسائِرِ الأَنعامِ ، فَلَمّا عَدِمَ العُنُقَ أُعِينَ مَكانَ ذلِكَ بِالخُرطومِ الطَّويلِ لِيُسدِلَهُ (5) فَيَتَناوَلَ بِهِ حاجَتَهُ ، فَمَن ذَا الَّذي عَوَّضَهُ مَكانَ العُضوِ الَّذي عَدِمَهُ ما يَقومُ مَقامَهُ إِلَا الرَّؤوفَ بِخَلقِهِ ، وكَيفَ يَكونُ هذا بِالإِهمالِ كَما قالَتِ الظَّلَمَةُ؟! (6)
25 / 3أَرأَفُ الأَرأَفينَرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ مِن دُعائِهِ بَعدَ الصَّلاةِ المَعروفَةِ بِالكامِلَةِ _: يا أَكرَمَ مِن كُلِّ كَريمٍ ، وأَرأَفَ مِن كُلِّ رَؤوفٍ ، وأعطَفَ مِن كُلِّ عَطوفٍ. (7)
.
ص: 214
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ. .. يا أَرأَفَ مَنِ استُغيثَ ، ويا أَكرَمَ مَن سُئِلَ. (1)
الإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ. .. أَنتَ مَلجَأُ الخائِفِ الغَريقِ ، وأَرأَفُ مِن كُلِّ شَفيقٍ. (2)
الإمام الحسن عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَدعو بِهذَا الدُّعاءِ بَينَ كُلِّ رَكعَتَينِ مِن صَلاةِ الزَّوالِ : اللّهُمَّ أَنتَ أَكرَمُ مَأتِيٍّ وأَكرَمُ مَزورٍ ، وخَيرُ مَن طُلِبَ إِلَيهِ الحاجاتُ ، وأَجوَدُ مَن أَعطى ، وأَرحَمُ مَنِ استُرحِمَ ، وأَرأَفُ مَن عَفا. (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ يَومَ عَرَفَةَ _: سُبحانَكَ مِن لَطيفٍ ما أَلطَفَكَ ، ورَؤوفٍ ما أَرأَفَكَ ، وحَكيمٍ ما أَعرَفَكَ! (4)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ. .. يا أَوسَعَ مَن جادَ وأَعطى ، ويا أَرأَفَ مَن مَلَكَ ، ويا أَقرَبَ مَن دُعِيَ. (5)
عنه عليه السلام :أَنتَ يا رَبِّ أَرحَمُ ، وبِعِبادِكَ أَعلَمُ ، وبِسُلطانِكَ أَرأَفُ ، وبِمُلكِكَ أَقدَمُ. (6)
الإمام العسكريّ عليه السلام :إِلهي مَسَّني وأَهلِيَ الضُّرُّ ، وأَنتَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ ، وأَرأَفُ الأَرأَفينَ. (7)
.
ص: 215
25 / 4رَؤُوفٌ بأَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا رَؤوفا بِأَهلِ السَّماواتِ وَالأَرضِ ، يا أللّهُ. (1)
25 / 5رَأفَتُهُ لا تَنفَدُالإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في وَداعِ شَهرِ رَمَضانَ _: اللّهُمَّ وما أَلمَمنا (2) بِهِ في شَهرِنا هذا مِن لَمَمٍ أَو إِثمٍ. .. فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ ، وَاستُرنا بِسِترِكَ ، وَاعفُ عَنّا بِعَفوِكَ ، ولا تَنصِبنا فيهِ لِأَعيُنِ الشّامِتينَ ، ولا تَبسُط عَلَينا فيهِ أَلسُنَ الطّاغينَ ، وَاستَعمِلنا بِما يَكونُ حِطَّةً وكَفّارَةً لِما أَنكَرتَ مِنّا فيهِ ، بِرَأَفَتِكَ الَّتي لا تَنفَدُ ، وفَضلِكَ الَّذي لا يَنقُصُ. (3)
25 / 6رَأَفَتُهُ صَلاحُ أَمرِ المُذنِبينَالإمام الحسين عليه السلام :اللّهُمَّ .. . يا مَن أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلما ، ووَسِعَ المُستَقبِلينَ (4) رَأَفَةً وحِلما. (5)
.
ص: 216
الإمام زين العابدين عليه السلام :أَنا يا إِلهي ، أَكثَرُ ذُنوبا ، وأَقبَحُ آثارا ، وأَشنَعُ أَفعالاً ، وأَشَدُّ فِي الباطِلِ تَهَوُّرا ، وأَضعَفُ عِندَ طاعَتِكَ تَيَقُّظا ، وأَقَلُّ لِوَعيدِكَ انتِباها وَارتِقابا مِن أَن أُحصِيَ لَكَ عُيوبي ، أَو أَقدِرَ عَلى ذِكرِ ذُنوبي ، وإِنَّما أُوَبِّخُ (1) بِهذا نَفسي طَمَعا في رَأَفَتِكَ الَّتي بِها صَلاحُ أَمرِ المُذنِبينَ. (2)
الإمام الصادق عليه السلام :سُبحانَ مَنِ اعتَزَّ بِالعَظَمَةِ ، وَاحتَجَبَ بِالقُدرَةِ ، وَامتَنَّ بِالرَّحمَةِ .. . أَحاطَ بِكُلِّ الكُلِّ عِلما ، ووَسِعَ المُذنِبينَ رَأَفَةً وحِلما ، وأَبدَعَ ما بَرَأَ إِتقانا وصُنعا. (3)
25 / 7ما لا يُوصَفُ رَأَفَتُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :إِنَّ رَبّي ... جَليلُ الجَلالَةِ لا يُوصَفُ بِالغِلَظِ ، رَؤوفُ الرَّحمَةِ لا يُوصَفُ بِالرِّقَّةِ . (4)
.
ص: 217
الفصل السادس والعشرون: الرّبّالربُّ لغةًالربُّ صفة مشبهة من مادّة «ربب» والربّ في اللغة يطلق على المالك والسيّد والخالق والمصلح للشيء (1) . وقيل: اشتقّ «ربّ» من التربية ، يقال: رببته وربّيته بمعنى واحد (2) ، وعندما يطلق الربّ على غير اللّه في اللغة ، فإنّما يراد به بعض المعاني المذكورة . مثلاً: «ربّ القوم» بمعنى : سيّد القوم ، و«ربّ المال» بمعنى : مالك المال ، لكن علينا أَن نلاحظ المقصود منه بالنسبة إِلى اللّه تعالى .
الربُّ في القرآن والحديثالربُّ من الأَسماء الكثيرة التكرار في القرآن والأَحاديث ، فهو أَكثر استعمالاً في اللّه تعالى بعد اسم «اللّه » في القرآن الكريم ، وذُكر فيه ما يربو على تسعمئة مرّةٍ . وإِذا أَمعنّا النظر في استعمالات «الربّ» في القرآن والأَحاديث ، استبان لنا
.
ص: 218
أَنّ جميع المعاني الموجودة للربّ في اللغة يُقصَد منها ربوبيّة اللّه سبحانه ، وهكذا يتّضح أَنّ ربوبيّة اللّه بالنسبة إِلى الموجودات في العالم تعني أَنّه هو الذي خلَقَ العالم ، وهو مالكه وسيّده ومولاه الحقيقيّ ، وأَنّ إِصلاحه التكوينيّ والتشريعيّ له وحدَه _ جلّ شأنه _ ، وهذا المعنى للربّ يختصّ باللّه دون غيره ولا ينطبق على الموجودات الأُخرى .
26 / 1دَليلُ رُبوبِيَّتِهِالإمام عليّ عليه السلام :أَتقَنَ ما أَرادَ مِن خَلقِهِ مِنَ الأَشباحِ كُلِّها لا بِمِثالٍ سَبَقَ إِلَيهِ، ولا لُغوبٍ (1) دَخَلَ عَلَيهِ في خَلقِ ما خَلَقَ لَدَيهِ ، ابتَدَأَ ما أرادَ ابتِداءَهُ وأنشَأَ ما أَرادَ إِنشاءَهُ عَلى ما أَرادَ مِنَ الثَّقَلَينِ الجِنِّ وَالإِنسِ لِيَعرِفوا بِذلِكَ رُبوبِيَّتَهُ . (2)
الإمام الباقر عليه السلام :كَفى لِأُولِي الأَلبابِ بِخَلقِ الرَّبِّ المُسَخِّرِ ، ومُلكِ الرَّبِّ القاهِرِ ، وجَلالِ الرَّبِّ الظّاهِرِ ، ونُورِ الرَّبِّ الباهِرِ ، وبُرهانِ الرَّبِّ الصّادِقِ ، وما أَنطَقَ بِهِ أَلسُنَ العِبادِ ، وما أَرسَلَ بِهِ الرُّسُلَ ، وما أَنَزلَ عَلَى العِبادِ دَليلاً عَلَى الرَّبِّ . (3)
الإمام الصَّادق عليه السلام :العاقِلُ لِدَلالَةِ عَقلِهِ الَّذي جَعَلَهُ اللّهُ قِوامَهُ وزينَتَهُ وهِدايَتَهُ عَلِمَ أَنَّ اللّهَ هُوَ الحَقُّ وأَنَّهُ هُوَ رَبُّهُ ، وعَلِمَ أَنَّ لِخالِقِهِ مَحَبَّةً وأَنَّ لَهُ كَراهِيَةً ، وأَنَّ لَهُ طاعَةً وأَنَّ لَهُ مَعصِيَةً . (4)
.
ص: 219
عنه عليه السلام :نَصَبَ لَهُم عُقوباتٍ فِي العاجِلِ وعُقوباتٍ فِي الآجِلِ ، ومَثوباتٍ فِي العاجِلِ ومَثوباتٍ فِي الآجِلِ ، لِيُرَغِّبَهُم بِذلِكَ فِي الخَيرِ ويُزَهِّدَهُم فِي الشَّرِّ ، ولِيُذِلَّهُم بِطَلَبِ المَعاشِ وَالمَكاسِبِ ، فَيَعلَموا بِذلِكَ أَنَّهُم مَربوبونَ وعِبادٌ مَخلوقونَ ، ويُقبِلوا عَلى عِبادَتِهِ فَيَستَحِقّوا بِذلِكَ نَعيمَ الأَبَدِ وجَنَّةَ الخُلدِ . (1)
الكافي عن محمّد بن زيد :جِئتُ إِلَى الرِّضا عليه السلام أَسأَلُهُ عَنِ التَّوحيدِ ، فَأَملى عَلَيَّ: الحَمدُ للّهِِ فاطِرِ الأَشياءِ إِنشاءً ومُبتَدِعِهَا ابتِداعا بِقُدرَتِهِ وحِكمَتِهِ ، لا مِن شَيءٍ فَيَبطُلَ الاِختِراعُ ولا لِعِلَّةٍ فَلا يَصِحَّ الاِبتِداعُ ، خَلَقَ ما شاءَ كَيفَ شاءَ مُتَوَحِّدا بِذلِكَ لِاءِظهارِ حِكمَتِهِ وحَقيقَةِ رُبوبِيَّتِهِ . (2)
26 / 2رَبُّ كُلِّ شَيءٍالكتاب«قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِى رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَىْ ءٍ» . (3)
«سُبْحَ_نَ رَبِّ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ» . (4)
«اللَّهُ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ» . (5)
.
ص: 220
«إِنَّ إِلَ_هَكُمْ لَوَ حِدٌ * رَّبُّ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ وَ مَا بَيْنَهُمَا وَ رَبُّ الْمَشَ_رِقِ» . (1)
«فَبِأَىِّ ءَالَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَ رَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ * فَبِأَىِّ ءَالَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ» . (2)
«فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَ_رِقِ وَ الْمَغَ_رِبِ إِنَّا لَقَ_دِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ وَ مَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ» . (3)
«وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً * رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً» . (4)
«الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَ__لَمِينَ» . (5)
راجع : الأنعام: 71 ، يونس: 37 ، الشعراء: 164 و 180 و 192 ، النمل: 8 و 44 ، القصص: 30 ، السجدة:2، الصافّات:87 و182، الزمر: 75، الزخرف: 46، الجاثية: 36، الواقعة:80 ، الحشر: 16 ، الحاقّة: 43 ، التكوير: 29 ، المطفّفين: 6 .
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ لِرَجُلٍ سَأَلَهُ أَن يُعَلِّمَهُ دُعاءً يُوَسِّعُ اللّهُ بِهِ رِزقَهُ _: قُل: يا ماجِدُ يا واحِدُ ، يا كَريمُ يا دائِمُ ، أَتَوَجَّهُ إِلَيكَ بِمُحَمَّدٍ نَبِيِّكَ نَبِيِّ الرَّحمَةِ صلى الله عليه و آله ، يا مُحَمَّدُ يا رَسولَ اللّهِ إِنّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى اللّهِ رَبِّكَ ورَبّي ورَبِّ كُلِّ شَيءٍ ... . (6)
عنه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا رَبَّ النَّبِيِّينَ وَالأَبرارِ ، يا رَبَّ الصِّدّيقينَ وَالأَخيارِ ، يا رَبَّ الجَنَّةِ وَالنّارِ ، يا رَبَّ الصِّغارِ وَالكِبارِ ، يا رَبَّ الحُبوبِ وَالثِّمارِ ، يا رَبَّ الأَنهارِ وَالأَشجارِ ، يا رَبَّ الصَّحاري وَالقِفارِ ، يا رَبَّ البَراري وَالبِحارِ ، يا رَبَّ
.
ص: 221
اللَّيلِ وَالنَّهارِ ، يا رَبَّ الإِعلانِ وَالإِسرارِ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله دَخَلَ عَلى رَجُلٍ مِن بَني هاشِمٍ وهُوَ يَقضي (2) ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : قُل: لا إِلهَ إِلَا اللّهُ العَلِيُّ العَظيمُ ، لا إِلهَ إِلَا اللّهُ العَليمُ الكَريمُ ، سُبحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ السَّبعِ ورَبِّ الأَرَضينَ السَّبعِ وما بَينَهُنَّ ورَبِّ العَرشِ العَظيمِ ، وَالحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ. (3)
عنه عليه السلام :كانَ أَبي عليه السلام يَقولُ إِذا أَصبَحَ ... اللّهُمَّ رَبَّ المَشعَرِ الحَرامِ ، ورَبَّ البَلَدِ الحَرامِ ، ورَبَّ الحِلِّ وَالحَرامِ ، أَبلِغ مُحَمَّدا وآلَ مُحَمَّدٍ عَنِّي السَّلامَ ... سُبحانَ اللّهِ رَبِّ السَّماواتِ وَالأَرَضينَ وما بَينَهُما ورَبِّ العَرشِ العَظيمِ . (4)
عنه عليه السلام :مَن دَعا إِلَى اللّهِ أَربَعينَ صَباحا بِهذَا العَهدِ كانَ مِن أَنصارِ قائِمِنا عَلَيهِ السَّلامُ ، فَإِن ماتَ قَبلَهُ أَخرَجَهُ اللّهُ تَعالى مِن قَبرِهِ وأَعطاهُ اللّهُ بِكُلِّ كَلِمَةٍ أَلفَ حَسَنَةٍ ومَحا عَنهُ أَلفَ سَيِّئَةٍ ، وهُوَ: اللّهُمَّ رَبَّ النُّورِ العَظيمِ، ورَبَّ الكُرسِيِّالرَّفيعِ، ورَبَّ البَحرِ المَسجورِ (5) ، ومُنزِلَ التَّوراةِ والإِنجيلِ وَالزَّبورِ ، ورَبَّ الظِّلِّ وَالحَرورِ ، ومُنزِلَ الفُرقانِ العَظيمِ ، ورَبَّ
.
ص: 222
المَلائِكَةِ المُقَرَّبينَ ، وَالأَنبِياءِ وَالمُرسَلينَ ، اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِوَجهِكَ الكَريمِ ، وبِنُورِ وَجهِكَ المُنيرِ ، وبِمُلكِكَ القَديمِ... . (1)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في وَداعِ شَهرِ رَمَضانَ _: يا رَبَّ لَيلَةِ القَدرِ وجاعِلَها خَيرا مِن أَلفِ شَهرٍ ، رَبَّ اللَّيّلِ وَالنَّهارِ ، وَالجِبالِ وَالبِحارِ ، وَالظُّلَمِ وَالأَنوارِ ، وَالأَرضِ وَالسَّماءِ . (2)
الإمام الكاظم عليه السلام :اللّهُمَّ رَبَّ السَّماواتِ السَّبعِ وَالأَرَضينَ السَّبعِ وما فيهِنَّ وما بَينَهُنَّ ورَبَّ العَرشِ العَظيمِ ، ورَبَّ السَّبعِ المَثاني (3) وَالقُرآنِ العَظيمِ ، ورَبَّ إِسرافيلَ وميكائيلَ وجَبرَئيلَ ، ورَبَّ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله وأَهلِ بَيتِهِ... . (4)
26 / 3رَبٌّ إذ لا مَربوبَالإمام عليّ عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: كانَ رَبّا إِذ لا مَربوبَ ، وإِلها إِذ لا مَألوهَ وعالِما إِذ لا مَعلومَ ، وسَميعا إِذ لا مَسموعَ . (5)
.
ص: 223
عنه عليه السلام_ أَيضا _: عالِمٌ إِذ لا مَعلومَ ، ورَبٌّ إِذ لا مَربوبَ ، وقادِرٌ إِذ لا مَقدورَ . (1)
الإمام الكاظم عليه السلام_ أَيضا _: عالِمٌ إِذ لا مَعلومَ ، وخالِقٌ إِذ لا مَخلوقَ ، ورَبٌّ إِذ لا مَربوبَ ، وكَذلِكَ يوصَفُ رَبُّنا وفَوقَ ما يَصِفُهُ الواصِفونَ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام_ مِن كَلامِهِ فِي التَّوحيدِ _: لَهُ مَعنَى الرُّبوبِيَّةِ إِذ لا مَربوبَ ، وحَقيقَةُ الإِلهِيَّةِ إِذ لا مَألوهَ ، ومَعنَى العالِمِ ولا مَعلومَ ، ومَعنَى الخالِقِ ولا مَخلوقَ ، وتَأويلُ السَّمعِ ولا مَسموعَ . (3)
26 / 4رَبُّ الأَربابِالإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ بَديعَ السَّماواتِ وَالأَرضِ ، ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ ، رَبَّ الأَربابِ ، وإِلهَ كُلِّ مَألوهٍ ، وخالِقَ كُلِّ مَخلوقٍ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي أَصبَحنا وَالمُلكُ لَهُ ... يا مالِكَ المُلكِ ورَبَّ الأَربابِ وسَيِّدَ السّاداتِ . (5)
.
ص: 224
26 / 5صِفَةُ رُبوبِيَّتِهِالكتاب«سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى * الَّذِى خَلَقَ فَسَوَّى * وَ الَّذِى قَدَّرَ فَهَدَى» . (1)
«يَ_أَيُّهَا الْاءِنسَ_نُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ» . (2)
«قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِى خَلَقَ الْأَرْضَ فِى يَوْمَيْنِ وَ تَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَ لِكَ رَبُّ الْعَ__لَمِينَ» . (3)
«اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا وَ السَّمَاءَ بِنَاءً وَ صَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَ رَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَ_تِ ذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَ__لَمِينَ * هُوَ الْحَىُّ لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ فَ_ادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَ__لَمِينَ * قُلْ إِنِّى نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِىَ الْبَيِّنَ_تُ مِن رَّبِّى وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَ__لَمِينَ» . (4)
«قَالَ أَفَرَءَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ * أَنتُمْ وَءَابَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ * فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّى إِلَا رَبَّ الْعَ__لَمِينَ * الَّذِى خَلَقَنِى فَهُوَ يَهْدِينِ * وَ الَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ * وَ إِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَ الَّذِى يُمِيتُنِى ثُمَّ يُحْيِينِ * وَ الَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِي_ئتِى يَوْمَ الدِّينِ * رَبِّ هَبْ لِى حُكْمًا وَ أَلْحِقْنِى بِالصَّ__لِحِينَ» . (5)
«قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَ_مُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِى أَعْطَى كُلَّ شَىْ ءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى * قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى * قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّى فِى كِتَ_بٍ لَا يَضِلُّ رَبِّى وَ لَا يَنسَى» . (6)
.
ص: 225
«يَ_أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ وَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَ شًا وَالسَّمَاءَ بِنَ_اءً وَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَ تِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلَا تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا وَ أَنتُمْ تَعْلَمُونَ» . (1)
«سُبْحَ_نَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ» . (2)
«تَبَ_رَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِى الْجَلَ_لِ وَ الْاءِكْرَامِ» . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لا إِلهَ إِلّا هُوَ المَلِكُ المُبينُ ... الأَوَّلُ غَيرُ مَصروفٍ (4) ، وَالباقي بَعدَ فَناءِ الخَلقِ ، العَظيمُ الرُّبوبِيَّةِ ، نُورُ السَّماواتِ وَالأَرَضينَ . (5)
الإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ الَّذي لا يَتَعاظَمُكَ غُفرانُ الذُّنوبِ وكَشفُ الكُروبِ ، وأَنتَ عَلّامُ الغُيوبِ وساتِرُ العُيوبِ ؛ لِأَنَّكَ الباقِي الرَّحيمُ الَّذي تَسَربَلتَ (6) بِالرُّبوبِيَّةِ وتَوَحَّدتَ بِالإلهِيَّةِ . (7)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: فَأَحَقُّ ما أُقَدِّمُ إِلَيكَ قَبلَ ذِكرِ حاجَتي وَالتَّفَوُّهِ بِطَلِبَتي ، شَهادَتي بِوَحدانِيَّتِكَ ، وإِقراري بِرُبوبِيَّتِكَ ، الَّتي ضَلَّت عَنهَا الآراءُ وتاهَت فيهَا العُقولُ ، وقَصُرَت دونَهَا الأَوهامُ وكَلَّت عَنهَا الأَحلامُ ، وَانقَطَعَ دونَ كُنهِ مَعرِفَتِها
.
ص: 226
مَنطِقُ الخَلائِقِ ، وكَلَّتِ الأَلسُنُ عَن غايَةِ وَصفِها . (1)
الإمام الرضا عليه السلام_ لِرَجُلٍ مِنَ الزَّنادِقَةِ _: وَيلَكَ لَمّا عَجَزَت حَواسُّكَ عَن إِدراكِهِ أَنكَرتَ رُبوبِيَّتَهُ ، ونَحنُ إِذا عَجَزَت حَواسُّنا عَن إِدراكِهِ أَيقَنّا أَنَّهُ رَبُّنا بِخِلافِ شَيءٍ مِنَ الأَشياءِ . (2)
راجع : ج 3 ص 399 (التوحيد في الربوبية) .
.
ص: 227
الفصل السابع والعشرون: الرَّحمن ، الرَّحيمالرحمن ، الرحيم لغةً«الرحمن» في اللغة فعلان ، و«الرحيم» فعيل ، كلاهما صيغتان للمبالغة من مادّة «رحم» هو يدلّ على الرقّة والعطف والرأَفة (1) ، وعلى الرغم من أَنّ صيغتَي فعلان وفعيل من صيغ المبالغة إِلّا أَنّ فعلان أَبلغ من فعيل ، ومن ثمّ فدلالة الرحمن على الرحمة أَقوى من دلالة الرحيم (2) .
الرحمن والرحيم في القرآن والحديثذكر القرآن الكريم صفة «الرحيم» إِلى جانب صفة «الغفور» أحد وسبعين مرّةً ، ومع «العزيز» ثلاث عشرة مرّةً (3) ، ومع «التوّاب» تسع مرّات (4) ، ومع «الرؤوف»
.
ص: 228
كذلك (1) ، ومع «الرحمن» خمس مرّات (2) _ بالإضافة إِلى ورودهما معا في البسملة مئة وثلاثة عشر موضعا _ ومع كلّ من «الودود (3) » ، و «الربّ (4) » و«البرّ (5) » مرّةً واحدةً ، وذكر لفظ «كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا » مرّتين (6) ، و «كَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا» مرّة واحدةً (7) ، وقد نُسبت الرحمة إِلى اللّه عز و جل في مواضع كثيرة من القرآن الكريم. إِنّ صفة «الرحمن» في بعض الأَحاديث تدلّ على رحمته العامّة لجميع مخلوقاته ، أَمّا صفة «الرحيم» فهي تدلّ على رحمته الخاصّة التي تشمل المؤمنين: «الرَّحمنُ بِجَميعِ خَلقِهِ ، وَالرَّحيمُ بِالمُؤمِنينَ خاصَّةً» (8) ، وقد وردت تفاسير أُخرى لاسم «الرحمن» و«الرحيم» في الأَحاديث أيضا ، والملاحظة المهمّة في رحمة اللّه هي أَنّ الرحمة تُستعمل في الرقّة والتعطّف تارةً ، وفي أَثر الرقّة كالمغفرة تارةً أُخرى (9) ، بيد أنّ الرقّة لمّا كانت تدلّ على التغيّر والانفعال ، وذلك من أَوصاف المخلوقات الناقصة ، ولا ينطبق على الذات الالهيّة ، فالرحمة عندما تستعمل للّه فهي تعني أَفعالاً كالمغفرة وإِثابة العباد ، ورزقهم ، وهي من آثار الرقّة والرأَفة (10) .
.
ص: 229
27 / 1مَعنَى الرَّحمنِ وَالرَّحيمِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ عيسَى بنَ مَريَمَ قالَ : الرَّحمنُ رَحمانُ الدُّنيا ، وَالرَّحيمُ رَحيمُ الآخِرَةِ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءٍ عَلَّمَهُ اللّهُ إِيّاهُ _: يا رَحمانَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ورَحيمَهُما . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :الرَّحمنُ الَّذي يَرحَمُ بِبَسطِ الرِّزقِ عَلَينا ، الرَّحيمُ بِنا في أَديانِنا ودُنيانا وآخِرَتِنا . (3)
عنه عليه السلام_ في كِتابِه إِلى قَيصَرَ _: وأَمّا سُؤالُكَ عَنِ الرَّحمنِ ، فَهُوَ عَونٌ لِكُلِّ مَن آمَنَ بِهِ ، وهُو اسمٌ لَم يَتَسمَّ بِهِ غَيرُ الرَّحمنِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ ، وأَمَّا الرَّحيمُ ، فَرَحيمُ مَن عَصى وتابَ وآمَنَ وعَمِلَ صالِحا . (4)
الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَ_نِ الرَّحِيمِ» _: . . . الرَّحمنُ
.
ص: 230
بِجمَيعِ خَلقِهِ ، وَالرَّحيمُ بِالمُؤمِنينَ خاصَّةً . (1)
الإمام العسكري عليه السلام_ فِي التَّفَسيرِ المَنسوبِ إِلَيهِ _: الرَّحمنُ العاطِفُ عَلى خَلقِهِ بِالرِّزقِ ، لا يَقطَعُ عَنُهم مَوادَّ رِزقِهِ وإِنِ انقَطَعوا عَن طاعَتِهِ . الرَّحيمُ بِعِبادِهِ المُؤمِنينَ في تخَفيفِهِ عَلَيهِم طاعاتِهِ ، وبِعِبادِهِ الكافِرينَ فِي الرِّفقِ بِهِم في دُعائِهِم إِلى موافَقَتِهِ . قالَ: وإِنَّ أَميرَالمُؤمِنينَ عليه السلام قالَ: الرَّحمنُ هُوَ العاطِفُ عَلى خَلقِهِ بِالرِّزقِ . (2)
27 / 2خَصائِصُ رَحمَتِهِ27 / 2 _ 1كَتَبَ عَلى نَفَسِهِ الرَّحمَةَالكتاب«وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِ_ئايَ_تِنَا فَقُلْ سَلَ_مٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنكُمْ سُوءَا بِجَهَ__لَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ » . (3)
«قُل لِّمَن مَّا فِى السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ قُل لِّلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَ_مَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ » . (4)
.
ص: 231
الحديثمصباح المتهجّد_ في تَسبيحِ يَومِ الاِثنَينِ _: سُبحانَ الَّذي كَتَبَ عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ . (1)
بحار الأنوار_ في دُعاءِ الاستِئذانِ عَلَى السِّردابِ المُقَدَّسِ وَالأَئمَّةِ عليهم السلام _: سُبحانَ مَن كَتَبَ عَلى نَفسِهِ الرَّحمَةَ قَبلَ ابتِداءِ خَلقِهِ . (2)
27 / 2 _ 2ذو رَحمَةٍ واسِعَةٍالكتاب«فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ وَ سِعَةٍ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ تَعالى لَيَعجَبُ مِن يَأسِ العَبدِ مِن رَحمَتِهِ ، وقُنوطِهِ مِن عَفوِهِ مَعَ عَظيمِ سَعَةِ رَحمَتِهِ . (4)
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: إِنَّكَ تَسَمَّيتَ لِسَعَةِ رَحمَتِكَ الرَّحمنَ الرَّحيمَ . (5)
عنه صلى الله عليه و آله :لَو تَعلَمونَ قَدرَ رَحمَةِ اللّهِ تَعالى لَاتَّكَلتُم عَلَيها . (6)
.
ص: 232
الإمام عليّ عليه السلام :كانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله إِذا نَزَلَ بِهِ كَربٌ أَو هَمٌّ دَعا : يا . . . رَحمانَ الدُّنيا وَالآخِرَةِ ورَحيمَهُمَا ، ارحَمني رَحمَةً تُغنيني بِها عَن رَحمَةِ مَن سِواكَ يا أَرحَمَ الرّاحِمينَ . (1)
رسول اللّه صلى الله عليه و آله :أَوحَى اللّهُ عز و جل إِلى داوودَ عليه السلام : يا داوودُ ، كَما لا تَضيقُ الشَّمسُ عَلى مَن جَلَسَ فيها ، كَذلِكَ لا تَضيقُ رَحمَتي عَلى مَن دَخَلَ فيها . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :هُوَ الَّذِي اشتَدَّت نِقمَتُهُ عَلى أَعدائِهِ في سَعَةِ رَحمَتِهِ ، وَاتَّسَعَت رَحمَتُهُ لِأَولِيائِهِ في شِدَّةِ نِقمَتِهِ . (3)
عنه عليه السلام :الحَمدُ لِلّهِ . . . الَّذي لا تَبرَحُ 4 مِنهُ رَحمَةٌ ، ولا تُفقَدُ لَهُ نِعمَةٌ . (4)
عنه عليه السلام :مُتَقَدِّسٌ بِعُلُوِّهِ ، مُتَكَبِّرٌ بِسُمُوِّهِ ، لَيسَ يُدرِكُهُ بَصَرٌ ، ولَم يُحِط بِهِ نَظَرٌ ، قَوِيٌّ مَنيعٌ ، بَصيرٌ سَميعٌ ، عَلِيٌّ حَكيمٌ ، رَؤُوفٌ رَحيمٌ ، عَزيزٌ عَليمٌ ، عَجَزَ في وَصفِهِ مَن يَصِفُهُ ، وضَلَّ في نَعتِهِ مَن يَعرِفُهُ ، قَرُبَ فَبَعُدَ وبَعُدَ فَقَرُبَ ، يُجيبُ دَعوَةَ مَن يَدعوهُ ، ويَرزُقُ عَبدَهُ ويَحبوهُ ، ذو لُطفٍ خَفِيٍّ ، وبَطشٍ قَوِيٍّ ، ورَحمَةٍ موسِعَةٍ ، وعُقوبَةٍ موجِعَةٍ ، رَحمَتُهُ جَنَّةٌ عَريضَةٌ مُؤنِقَةٌ ، وعُقوبَتُهُ جَحيمٌ مُؤصَدَةٌ موبِقَةٌ . (5)
.
ص: 233
الإمام زين العابدين عليه السلام :لا يَهلِكُ مُؤمِنٌ بَينَ ثَلاثِ خِصالٍ : شَهادَةِ أَن لا إِلهَ إِلّا اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وشَفاعَةِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وَسَعَةِ رَحمَةِ اللّهِ . (1)
عنه عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ يَوما : إِنّ الحَسَنَ البَصرِيَّ قالَ : لَيسَ العَجَبُ مِمَّن هَلَكَ كَيفَ هَلَكَ ، وإِنَّمَا العَجَبُ مِمَّن نَجا كَيفَ نَجا ، قالَ _: أَنَا أَقولُ : لَيسَ العَجَبُ مِمّن نَجا كَيفَ نَجا ، وإِنَّمَا العَجَبُ مِمّن هَلَكَ كَيفَ هَلَكَ مَعَ سَعَةِ رحمَةِ اللّهِ تَعالى! (2)
الإمام الصادق عليه السلام_ في دُعاءِ شَهرِ رَجَبٍ _: يا مَن يُعطي مَن سَأَلَهُ ، يا مَن يُعطي مَن لَم يَسأَلهُ ومَن لَم يَعرِفهُ تَحَنُّنا مِنهُ ورَحمَةً . (3)
الإمام الكاظم عليه السلام_ لِهِشامٍ _: اِعلَم أَنَّ اللّهَ لَم يَفرِجِ المَحزونينَ بِقَدرِ حُزنِهِم ، ولكِن بِقَدرِ رَأَفَتهِ ورَحمَتِهِ ، فَما ظَنُّكَ بِالرَّؤُوفِ الرَّحيمِ الَّذي يَتَودَّدُ إِلى مَن يُؤذيه بِأَوليائِهِ ، فَكَيفَ بِمَن يُؤذى فيهِ ، وما ظَنُّك بِالتَّوّابِ الرَّحيمِ الَّذي يَتوبُ عَلى مَن يُعاديهِ ، فَكَيفَ بِمَن يَتَرَضّاهُ ويَختارُ عَداوَةَ الخَلقِ فيهِ . (4)
27 / 2 _ 3وَسِعَت رَحمَتُهُ كُلَّ شَيءٍالكتاب«الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَىْ ءٍ رَّحْمَةً وَ عِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَ اتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ
.
ص: 234
الْجَحِيمِ » . (1)
«وَاكْتُبْ لَنَا فِى هَ_ذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الْاخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قالَ عَذَابِى أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْ ءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَالَّذِينَ هُم بِ_ئايَ_تِنَا يُؤْمِنُونَ » . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اِفتَخَرتِ الجَنَّةُ وَالنّارُ ، فَقالَتِ النّارُ : يا رَبِّ ، يَدخُلُنِي الجَبابِرَةُ وَالمُتَكَبِّرونَ وَالمُلوكُ وَالأَشرافُ . وقالَتِ الجَنَّةُ : أَي رَبِّ ، يَدخُلُنِي الضُّعفَاءُ وَالفُقَراءُ وَالمَساكينُ ، فَيَقولُ اللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لِلنّارِ : أَنتِ عَذابي أُصيبُ بِكِ مَن أَشاءُ ، وقالَ لِلجَنَّةِ : أَنتِ رَحمَتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ ، ولِكُلِّ واحِدَةٍ مِنكُما مِلؤُها . (3)
الإمام عليّ عليه السلام_ فِي الحِكَمِ المَنسوبَةِ إِلَيهِ _: يَسُرُّني مِنَ القُرآنِ كَلِمَةٌ أَرجوها لِمنَ أَسرَفَ عَلى نفَسِهِ «قالَ عَذَابِى أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْ ءٍ» فَجَعَلَ الرَّحمَةَ عُموما وَالعذابَ خُصوصا . (4)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِرَحمَتِكَ الَّتي وَسِعَت كُلَّ شَيءٍ . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ فِي الاِستِقالَةِ _: . . . أَنتَ الَّذي وَسِعتَ كُلَّ شَيءٍ رَحمَةً وعِلما ، وأَنتَ الَّذي جَعَلتَ لِكُلِّ مَخلوقٍ في نِعَمِكَ سَهما ، وأَنتَ
.
ص: 235
الَّذي عَفوُهُ أَعلى مِن عِقابِهِ ، وأَنتَ الَّذي تَسعى رَحمَتُهُ أَمامَ غَضَبِهِ ، وأَنتَ الَّذي عَطاؤُهُ أَكثَرُ مِن مَنعِهِ ، وأَنتَ الَّذِي اتَّسَعَ الخَلائِقُ كُلُّهُم في وُسعِهِ ، وأَنتَ الَّذي لا يَرغَبُ في جَزاءِ مَن أَعطاهُ ، وأَنتَ الَّذي لا يُفرِطُ في عِقابِ من عَصاهُ . (1)
27 / 2 _ 4سَبَقَت رَحمَتُهُ غَضَبَهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :قالَ اللّهُ : يا آدَمُ . . . خَلَقتُ رَحمَتي قَبلَ غَضَبي . (2)
عنه صلى الله عليه و آله :قالَ اللّهُ : سَبَقَت رَحمَتي غَضَبي . (3)
عنه صلى الله عليه و آله :إِنَّ اللّهَ لَمّا قَضَى الخَلقَ كَتَبَ عِندَهُ فَوقَ عَرشِهِ : إِنَّ رَحمَتي سَبَقَت غَضَبي . (4)
الإمام عليّ عليه السلام :وَاللّهُ تَعالى يَقولُ : وعِزَّتي وجَلالي وَارتِفاعِ مَكاني، إِنّي لا أُعَذِّبُ أَحَدا مِن خَلقي إِلّا بِحُجَّةٍ وبُرهانٍ وعِلمٍ وبَيانٍ ؛ لِأَنَّ رَحمَتي سَبَقَت غَضَبي ، وكَتَبتُ الرَّحمَةَ عَلَيَّ ؛ فَأَنَا الرّاحِمُ الرَّحيمُ ، وأَنَا الوَدودُ العَلِيُّ . (5)
المحجّة البيضاء :رُوِيَ أَنَّهُ إِذا كانَ يَومُ القِيامَةِ أَخرَجَ اللّهُ تعالى كِتابا مِن تَحتِ العَرشِ فيهِ : إِنَّ رَحمَتي سَبَقَت غَضَبي ، وأَنَا أَرحَمُ الرّاحِمينَ ، فَيَخرُجُ مِن النّارِ
.
ص: 236
مِثلا أَهلِ الجَنَّةِ . (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ الَّذي تَسعى رَحمَتُهُ أَمامَ غَضَبِهِ. (2)
الإمام الباقر عليه السلام :إِنَّ اللّهَ عز و جل . . . خَلَقَ الرَّحمَةَ قَبلَ الغَضَبِ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَسأَ لُكَ . . . بِاسمِكَ الَّذي بِهِ سَبَقَت رحَمَتُكَ غَضَبَكَ . (4)
27 / 2 _ 5رَحمَتُهُ بابُ كُلِّ حَقٍّعيسى عليه السلام_ في مَواعِظِهِ _: رَحمَةُ اللّهِ بابُ كُلِّ حَقٍّ . (5)
27 / 2 _ 6كُلُّ رَحمَةٍ مِن فَضلِ رحمَتِهِبحار الأنوار عن صُحف إدريس عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي . . . بِرَحمَتِهِ وَصَلَ المُسلِمونَ إِلى رَحمَتِهِ . (6)
حلية الأولياء عن محمّد بن كعب القرظي :قَرَأتُ فِي التَّوراةِ أَو في صُحُفِ إِبراهيمَ الخَليلِ فَوَجَدتُ فيها : يَقولُ اللّهُ : يَا ابنَ آدَمَ ، ما أَنصَفتَني خَلَقتُكَ ولَم تَكُ شَيئا ، وجَعَلتُكَ بَشَرا سَوِيّا ، وخَلَقتُكَ مِن سُلالَةٍ مِن طينٍ ، فَجَعَلتُكَ نُطفَةً في قَرارٍ مَكينٍ . . .
.
ص: 237
ثُمَّ قَذَفتُ لَكَ في قَلبِ والِدِكَ الرَّحمَةَ . (1)
الإمام العسكري عليه السلام_ فِي التَّفسيرِ المَنسوبِ إِلَيهِ _: قالَ اللّهُ تَعالى : يا موسى ، أَتَدري ما بَلَغَت رَحمَتي (2) إِيّاكَ؟ فَقالَ موسى : أَنتَ أَرحَمُ بي مِن أَبي وأُمّي . قالَ اللّهُ تَعالى : يا موسى ، وإِنَّما رَحِمَتكَ أُمُّكَ لِفَضلِ رَحمَتي ؛ فَأَنَا الَّذي رَقَّقتُها عَلَيكَ ، وَطَيَّبتُ قَلبَها لِتَترُكَ طَيِّبَ وَسَنِها (3) لِتَربِيَتِكَ ، ولَو لَم أَفعَل ذلِكَ بِها لَكانَت هِيَ وسائِرُ النِّساءِ سَواءً . (4)
27 / 2 _ 7راحِمُ كُلِّ مَرحومٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا راحِمَ كُلِّ مَرحومٍ . (5)
27 / 2 _ 8راحِمُ مَنِ استَرحَمَهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا راحِمَ مَنِ استَرحَمَهُ . (6)
.
ص: 238
عنه صلى الله عليه و آله :يَقولُ اللّهُ تَعالى : أُنظُروا في ديوانِ عَبدي ، فَمَن رَأَيتُموهُ سَأَلَنِي الجَنَّةَ أَعطَيتُهُ ، ومَنِ استَعاذَني مِنَ النّارِ أَعَذتُهُ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :لا يُبعِدُ اللّهُ إِلّا مَن أَبَى الرَّحمَةَ ، وفارَقَ العِصمَةَ . (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَولَى الأُمورِ بِكَ في عَظَمَتِكَ رَحمَةُ مَنِ استَرحَمَكَ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :إِذا طَلَبتُمُ الحاجَةَ فَمَجِّدُوا اللّهَ العَزيزَ الجَبّارَ وَامدَحوهُ وَأَثنوا عَلَيهِ . تَقولُ : يا أَجوَدَ مَن أَعطى ، ويا خَيرَ من سُئِلَ ، يا أَرحَمَ مَنِ استُرحِمَ. (4)
27 / 2 _ 9راحِمُ مَن لا راحِمَ لَهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا راحِمَ مَن لا راحِمَ لَهُ . (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام :يا مَن يَرحَمُ من لا يَرحَمُهُ العِبادُ . (6)
.
ص: 239
27 / 2 _ 10راحِمُ كُلِّ حَزينٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا أللّهُ يا رَحيمَ كُلِّ مُستَرحِمٍ ومَفزَعَ كُلِّ مَلهوفٍ (1) ، يا أللّهُ يا راحِمَ كُلِّ حَزينٍ يَشكو بَثَّهُ (2) وحُزنَهُ إِلَيهِ. (3)
المصباح في الأدعية :اللّهُمَّ أَنتَ الكاشِفُ لِلمُلِمّاتِ (4) ، وَالكافي لِلمُهِمّاتِ، وَالمُفَرِّجُ لِلكُرُباتِ ، وَالسّامِعُ لِلأَصواتِ ، وَالمُخرِجُ مِنَ الظُّلُماتِ ، وَالمُجيبُ لِلدَّعَواتِ ، الرَّاحِمُ لِلعَبَراتِ ، جَبّارُ السَّماواتِ وَالأَرضِ. (5)
27 / 2 _ 11راحِمُ المَساكينِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا رازِقَ المُقِلّينَ (6) ، يا راحِمَ المَساكينِ ، يا وَلِيَّ المُؤمِنينَ ، يا ذَا القُوَّةِ المَتينِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأَهلِ بَيتِهِ. (7)
.
ص: 240
27 / 2 _ 12راحِمُ رَنَّةِ العَليلِالإمام الحسين عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَيسَ لِقَضائِهِ دافِعٌ .. . راحِمِ كُلِّ ضارِعٍ (1) ، ومُنزِلِ المَنافِعِ وَالكِتابِ الجامِعِ بِالنّورِ السَّاطِعِ ، وهُوَ لِلدَّعَواتِ سامِعٌ ولِلدَّرَجاتِ رافِعٌ ، ولِلكُرُباتِ دافِعٌ ولِلجَبابِرَةِ قامِعٌ ، وَراحِمُ عَبرَةِ كُلِّ ضارِعٍ ودافِعُ ضَرعَةِ كُلِّ ضارِعٍ ، فَلا إِلهَ غَيرُهُ. (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام :يا راحِمَ رَنَّةِ (3) العَليلِ ، ويا عالِمَ ما تَحتَ خَفِيِّ الأَنينِ ، اجعَلني مِنَ السالِمينَ في حِصنِكَ الَّذي لا تَرومُهُ الأَعداءُ ، ولا يَصِلُ إِلَيَّ فيهِ مَكروهُ الأَذى ، فَأَنتَ مُجيبُ مَن دَعا ، وراحِمُ مَن لاذَ بِكَ وشَكا ، أَستَعطِفُكَ عَلَيَّ ، وأَطلُبُ رَحمَتَكَ لِفاقَتي. (4)
27 / 2 _ 13الرّاحِمُ الغَفورُالإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ الوَلِيُّ المُرشِدُ ، وَالغَنِيُّ المُرفِدُ (5) ، وَالعَونُ المُؤَيِّدُ ، الرّاحِمُ الغَفورُ. (6)
.
ص: 241
27 / 2 _ 14أَرحَمُ الرّاحِمينَالكتاب«قَالَ هَلْ ءَامَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَا كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَ_فِظًا وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّ حِمِينَ» . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا أللّهُ يا أَرحَمَ الرّاحِمينَ ، يا سامِعَ كُلِّ صَوتٍ ، يا أَبصَرَ النّاظِرينَ ، يا أَسرَعَ الحاسِبينَ ، يا أَحكَمَ الحاكِمينَ ، يا خَيرَ الغافِرينَ ، يا خَيرَ الشّاكِرينَ ، يا خَيرَ الفاصِلينَ ، يا خَيرَ الرّازِقينَ ، يا رازِقَ المُقِلّينَ ، يا راحِمَ المُذنِبينَ ، يا مُقيلَ عَثرَةِ العاثِرينَ .. . أَنتَ المُستَعانُ. (2)
الأدب المفرد عن أبي هريرة :أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله رَجُلٌ ومَعَهُ صَبِيٌّ ، فَجَعَلَ يَضُمُّهُ إِلَيهِ ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : أَتَرحَمُهُ ؟ قالَ : نَعَم . قالَ : فَاللّهُ أَرحَمُ بِكَ مِنكَ بِهِ ، وهُوَ أَرحَمُ الرَّاحِمينَ . (3)
الإمام عليّ عليه السلام_ في خُطبَتِهِ الَّتي يَذكُرُ فيهَا الإيمانَ _: . . . اللّهَ اللّهَ ما أَوسَعَ ما لَدَيهِ مِنَ التَّوبَةِ وَالرَّحمَةِ وَالبُشرى وَالحِلمِ العَظيمِ ، وما أَنكَرَ ما لَدَيهِ مِنَ الأَنكالِ وَالجَحيمِ وَالعِزَّةِ وَالقُدرَةِ وَالبَطشِ الشَّديدِ ، فَمَن ظَفِرَ بِطاعَةِ اللّهِ اختارَ كَرامَتَهُ ،
.
ص: 242
ومَن لَم يَزَل في مَعصِيَةِ اللّهِ ذاقَ وَبيلَ نِقمَتِهِ . هُنالِكَ عُقبَى الدّارِ . (1)
عنه عليه السلام :البَرُّ الرَّحيمُ بِمنَ لَجأَ إِلى ظِلِّهِ وَاعتَصَمَ بِحَبلِهِ . (2)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ عِندَ الصَّباحِ وَالمَساءِ _: إِنَّكَ أَنتَ المَنّانُ (3) بِالجَسيمِ ، الغافِرُ لِلعَظيمِ ، وأَنتَ أَرحَمُ مِن كُلِّ رَحيمٍ ، فَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِهِ الطَّيِّبينَ الطّاهِرينَ الأَخيارِ الأَنجَبينَ... . (4)
الإمام الباقر عليه السلام :اللّهُمَّ ما قَدَّمتُ وما أَخَّرتُ ، وما أَغفَلتُ وما تَعَمَّدتُ وما تَوانَيتُ (5) ، وما أَعلَنتُ وما أَسرَرتُ ، فَاغفِرهُ لي يا أَرحَمَ الرّاحِمينَ. (6)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُ أَعظَمُ مِن كُلِّ شَيءٍ ، وأَرحَمُ مِن كُلِّ شَيءٍ ، وأَعلى مِن كُلِّ شَيءٍ ، وأَملَكُ مِن كُلِّ شَيءٍ ، و أَقدَرُ مِن كُلِّ شَيءٍ. (7)
الإقبال عن أبي عمرو محمّد بن محمّد بن نصر السكوني :سَألتُ أبابَكرٍ أحمَدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ عُثمانَ البَغداديَّ أن يُخرِجَ إلَيَّ أدعِيَةَ شَهرِ رَمَضانَ الَّتي كانَ عَمُّهُ أبو جَعفَرٍ مُحَمَّدُ بنُ عُثمانَ بنِ السَّعيدِ العَمرِيُّ ، فَأَخرَجَ إلَيَّ دَفتَرا مُجلَّدا بِأَحمَرَ ، فَنَسَختُ مِنهُ أدعِيَةً كَثيرَةً وكانَ مِن جُملَتِها : وتَدعو بِهذا الدُّعاءِ ... وأَيقَنتُ أَنَّكَ أَرحَمُ الرّاحِمينَ في مَوضِعِ العَفوِ وَالرّحمَةِ ، وأَشَدُّ المُعاقِبينَ في مَوضِعِ النَّكالِ وَالنَّقِمَةِ ، وأَعظَمُ
.
ص: 243
المُتَجَبِّرينَ في مَوضِعِ الكِبرياءِ وَالعَظَمَةِ (1) . (2)
27 / 2 _ 15خَيرُ الرّاحِمينَالكتاب«وَ قُل رَّبِّ اغْفِرْ وَ ارْحَمْ وَ أَنتَ خَيْرُ الرَّ حِمِينَ » . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أُشهِدُك أَنَّكَ لا إِلهَ إِلَا أَنتَ ، وأَنَّكَ الواحِدُ الصَّمَدُ .. . فَاغفِر لي وَارحَمني وأَنتَ خَيرُ الرّاحِمينَ. (4)
27 / 2 _ 16لا تولِهُهُ رَحمَةٌ عَن عِقابٍالإمام عليّ عليه السلام :لا تَحجُزُهُ هِبَةٌ عَن سَلبٍ ، ولا يَشغَلُهُ غَضَبٌ عَن رَحمَةٍ ، ولا تولِهُهُ (5) رَحمَةٌ عَن عِقابٍ . (6)
.
ص: 244
27 / 3ما لا يُوصَفُ رَحمَتُهُ بِهِالإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ الرَّحمَةَ وما يَحدُثُ لَنا مِنها شَفَقَةٌ ومِنها جودٌ ، وإِنَّ رَحمَةَ اللّهِ ثَوابُهُ لِخَلقِهِ ، وَالرَّحمَةُ مِنَ العِبادِ شَيئانِ : أَحَدُهُما يُحدِثُ فِي القَلبِ الرَّأفَةَ وَاللُّطفَ وَالرِّقَّةَ لِما يُرى بِالمَرحومِ مِنَ الضُّرِّ وَالحاجَةِ وضُروب البَلاءِ ، وَالآخَرُ ما يَحدُثُ مِنّا من بَعدِ الرَّأفَةِ عَلَى المَرحومِ وَالرَّحمَةُ مِنّا ما نَزَلَ بِهِ . وقَد يَقولُ القائِلُ : أُنظُر إِلى رَحمَةِ فُلانٍ ، وإِنَّما يُريدُ الفِعلَ الَّذي حَدَثَ عَنِ الرِّقَّةِ الَّتي في قَلبِ فُلانٍ ، وإِنَّما يُضافُ إِلَى اللّهِ عز و جل مِن فِعلِ ما حَدَثَ عَنّا مِن هذِهِ الأَشياءِ، وأَمَّا المَعنَى الَّذي هُوَ فِي القَلبِ فَهُوَ مَنفِيٌّ عَنِ اللّهِ ، كَما وَصَفَ عَن نَفسِهِ ، فَهُوَ رَحيمٌ لا رَحمَةُ رِقَّةٍ . (1)
.
ص: 245
الفصل الثامن والعشرون: الرّفيع ، الرّافعالرَّفيع والرَّافع لغةً«الرفيع» فعيل من أَبنية المبالغة ، وهو مبالغة في «الرافع» ، وقد ورد «الرفع» في اللغة بمعنى «خلاف الوضع والخفض» (1) ، و«تقريب الشيء» ، و«إِذاعة الشيء وإِظهاره» (2) ، ويُستعمَل الرفيع بمعنى الشريف (3) . قال ابن الأَثير: في أَسماء اللّه تعالى «الرافع» هو الذي يرفع المؤمنين بالإسعاد وأَولياءه بالتقريب وهو ضدّ الخفض (4)
الرَّفيع والرَّافع في القرآن والحديثوردت مشتقّات مادّة «رفع» في القرآن الكريم منسوبةً إِلى اللّه تعالى ثماني عشرة
.
ص: 246
مرّةً ، واستعمل اسم «الرَّفيع» (1) مرّة واحدة فيه ، كما استعمل اسم «الرَّافع» (2) مرّةً واحدة أَيضا ، وقد عرض القرآن الكريم والأَحاديث المأثورة صفة الرافعيّة للّه تارةً بالنسبة إِلى الأُمور التكوينيّة كالسَّماء أَو السَّماوات ، وأُخرى بالنسبة إِلى الأُمور القِيَميّة والتشريعيّة كالدرجات أَو الأَعمال .
28 / 1رَفيعُ الدَّرَجاتِ«رَفِيعُ الدَّرَجَ_تِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِى الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ ». (3)
28 / 2رافِعُ الدَّرَجاتِالكتاب«يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمْ وَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَ_تٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ » . (4)
«وَتِلْكَ حُجَّتُنَا ءَاتَيْنَ_هَا إِبْرَ هِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَ_تٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ » . (5)
«وَهُوَ الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلَ_ئِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَ_تٍ لِّيَبْلُوَكُمْ فِى مَا ءَاتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيم » . (6)
.
ص: 247
«وَ رَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ » . (1)
«إِذْ قَالَ اللَّهُ يَ_عِيسَى إِنِّى مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَىَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَ_مَةِ ثُمَّ إِلَىَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ » . (2)
«وَ اذْكُرْ فِى الْكِتَ_بِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا * وَ رَفَعْنَ_هُ مَكَانًا عَلِيًّا » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلَا اللّهُ .. . وأَشهَدُ أَنَّهُ الفَعّالُ لِما يُريدُ ، وَالقادِرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، وَالصّانِعُ لِما يُريدُ ، وَالقاهِرُ مَن يَشاءُ ، وَالرّافِعُ مَن يَشاءُ ، مالِكُ المُلكِ. (4)
عنه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ ولا أَسأَلُ غَيرَكَ ، وأَرغَبُ إِليكَ ولا أَرغَبُ إِلى غَيرِكَ ، أَسأَ لُكَ يا أَمانَ الخائِفينَ ، وجارَ المُستَجيرينَ ، أَنتَ الفَتّاحُ ذُو الخَيراتِ ، مُقيلُ العَثَراتِ ، ماحِي السَّيِّئاتِ ، وكاتِبُ الحَسَناتِ ، ورافِعُ الدَّرَجاتِ. (5)
الإمام عليّ عليه السلام :اللّهُ الدّافِعُ النّافِعُ ، اللّهُ الرّافِعُ الواضِعُ ... اللّهُ القائِمُ الدّائِمُ ، اللّهُ الرَّفيعُ الرّافِعُ. (6)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الخافِضِ الرّافِعِ ، الضّارِّ النّافِعِ ، الجَوادِ الواسِعِ. (7)
الإمام الكاظم عليه السلام_ في وَصِيَّتِهِ لِهِشامٍ _: اِعلَم أَنَّ اللّهَ لَم يَرفَعِ المُتَواضِعينَ بِقَدرِ
.
ص: 248
تَواضُعِهِم ، ولكِن رَفَعَهُم بِقَدرِ عَظَمَتِهِ ومَجدِهِ. (1)
28 / 3رافِعُ السَّماواتِالكتاب«اللَّهُ الَّذِى رَفَعَ السَّمَ_وَ تِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَ سَخَّرَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِى لِأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْأَيَ_تِ لَعَلَّكُم بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ » . (2)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ رَبِّ العالَمينَ .. . رافِعِ السَّماءِ بِغَيرِ عَمَدٍ ، ومُجرِي السَّحابِ بِغَيرِ صَفَدٍ (3) ، قاهِرِ الخَلقِ بِغَيرِ عَدَدٍ. (4)
.
ص: 249
الفصل التاسع والعشرون: الرّقيبالرَّقيب لغةً«الرَّقيب» فعيل بمعنى فاعل من «رقب» وهو يدلّ على انتصاب لمراعاة شيء ، من ذلك «الرَّقيب» وهو الحافظ (1) . قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «الرَّقيب» وهو الحافظ الذي لا يغيب عنه شيء (2) .
الرَّقيب في القرآن والحديثلقد ورد اسم «الرَّقيب» في القرآن الكريم منسوبا إِلى اللّه تعالى ثلاث مرّات (3) ، ووصفت بعض الآيات والأَحاديث اللّه تعالى بأنّه رقيب على جميع الموجودات ومنها الإنسان ، كقوله سبحانه: «وَ كَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ رَّقِيبًا» (4) ، لكنّ بعض
.
ص: 250
الأَحاديث يذهب إِلى أَنّ رقابة اللّه تجري على من يطلب الحفظ من اللّه سبحانه ، مثل: «يا مَن هُوَ بِمَنِ استَحفَظَهُ رَقيبٌ» (1) ، وعلى هذا، فالرقابة على قسمين : الأوّل : العام الشامل لجميع الموجودات والثاني: محافظة خاصة .
29 / 1الرَّقيبُ عَلى كُلِّ شَيءٍالكتاب«وَ كَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ رَّقِيبًا » . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ اللّهُ وأَنتَ الرَّحمنُ .. . ذُو القُوَّةِ المَتينُ ، الرَّقيبُ الحَفيظُ ذُو الجَلالِ وَالإِكرامِ العَظيمُ العَليمُ. (3)
الإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ. .. لا يَعزُبُ عَنكَ شَيءٌ ، ولا يَفوتُكُ شَيءٌ ، وإِلَيكَ مَرَدُّ كُلِّ شَيءٍ ، وأَنتَ الرَّقيبُ عَلى كُلِّ شَيءٍ. (4)
29 / 2الرَّقيبُ عَلَى الإِنسانِالكتاب«يَ_أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَ حِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا
.
ص: 251
كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِى تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا » . (1)
«مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَا مَا أَمَرْتَنِى بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللَّهَ رَبِّى وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّادُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِى كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ شَهِيدٌ » . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا مَن هُوَ بِمَنِ استَحفَظَهُ رَقيبٌ ، يا مَن هُوَ بِمَن رَجاهُ كَريمٌ. (3)
الإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الوارِثِ الوَكيلِ ، الشَّهيدِ الرَّقيبِ المُجيبِ ، المُحيطِ الحَفيظِ الرَّقيبِ. (4)
عنه عليه السلام_ في الدُّعاءِ _: فَأَسأَ لُكَ بِالقُدرَةِ الَّتي قَدَّرتَها ... أَن تَهَبَ لي في هذِهِ اللَّيلَةِ ... كُلَّ سَيِّئَةٍ أَمَرتَ بِإِثباتِهَا الكِرامَ الكاتِبينَ الَّذينَ وَكَّلتَهُم بِحِفظِ ما يَكُونُ مِنّي وجَعَلتَهُم شُهودا عَلَيَّ مَعَ جَوارِحي ، وكُنتَ أَنتَ الرَّقيبَ عَلَيَّ مِن وَرائِهِم. (5)
.
ص: 252
. .
ص: 253
الفصل الثلاثون: السّبّوح ، القدّوسالسُّبّوحُ وَالقُدّوسُ لغةً«السُّبّوح» صيغة المبالغة من مادة «سبح» وهو جنس من العبادة ، والتَّسبيح : التنزيه ، والتنزيه : التبعيد ، والعرب تقول : سبحان من كذا ، أَي ما أَبعده . سبحانَ اللّه : التنزيه للّه ، نُصب على المصدر كأنّه قال : أُبرِّئُ اللّه من السوء براءةً (1) . «القُدّوس» صيغة المبالغة من مادة «قدس» وهو يدلّ على الطُّهر (2) ، والقدّوس هو الطاهر المنزّه عن العيوب والنقائص .
السُّبّوح والقُدّوس في القرآن والحديثلم ترد صفة «السُّبوح» في القرآن الكريم ، أَما مشتقات مادة «سبح» فقد وردت أَكثر من تسعين مرة ، وكان من بينها (15) مرّة بلفظ «سبحان» ، و جاءت صفة «القُدوس» في القرآن الكريم مرتين وفي كلتيهما اقترنت بصفة «الملك». (3)
.
ص: 254
ووردت صفة «السُّبوح» مقترنة بِ_ «القُدوس» في أَحاديث متعددة ، وعلى سبيل المثال روي عن الرسول الأَكرم صلى الله عليه و آله أَنّه كان يقول في سجوده وفي ركوعه: «سُبّوحا قُدّوسا رَبَّ المَلائِكَةِ وَالرّوحِ». (1) وروي عن أَمير المؤمنين علي عليه السلام أَنه كان يقول: «سُبّوحا قُدّوسا تَعالى أَن يَجرِيَ مِنهُ ما يَجري مِنَ المَخلوقينَ». (2) وورد عن الأَئمّة الأَطهار عليهم السلام أنَّهم كانوا يقولون: «يا قُدّوسُ يا نورَ القُدسِ ، يا سُبّوحُ يا مُنتَهَى التَّسبيحِ» (3) . وقد رأَينا في البحث اللغوي أَن هاتين الصفتين «السُّبوح والقُدوس» متقاربتان من حيث المعنى ، فكلاهما يدلان على تنزيه الخالق _ جلّ و علا _ من النقائص والعيوب ، وقد جاء في الآيات والأَحاديث الكثير من الموارد المهمّة التي يجب تنزيه الخالق منها ، ومن جملتها: الشريك ، والولد ، والتجسيم ، وفعل العبث ، ومن الطبيعي أَن التنزيه لا ينحصر بهذه الموارد ، فيجب تنزيه الخالق من كل النواقص والعيوب ، وكما جاء في الحديث: «يا أللّهُ ، القُدّوس الطّاهِر مِن كُلِّ شَيءٍ» (4) . أَما سبب تأَكيد الآيات القرآنية والأَحاديث الشريفة على موارد التنزيه المذكورة أَعلاه ، فهو لكون تلك الموارد موضع ابتلاء أَكثر من غيرها ، فكثير من الأَفراد ينسبون الشريك أَو الولد للّه سبحانه ، وآخرون ينسبونه تعالى إِلى التجسيم وفعل العبث ، تعالى اللّه عن ذلك علوّا كبيرا .
.
ص: 255
30 / 1المَلِكُ القُدّوسُالكتاب«هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ» . (1)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ عَلِيّا _ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ وآلِهِ _ كانَ يَقولُ إِذا أَصبَحَ : سُبحانَ اللّهِ المَلِكِ القُدّوسِ _ ثَلاثا _ . (2)
عنه عليه السلام :إِنَّ للّهِِ عز و جل ثَلاثَ ساعاتٍ فِي اللَّيلِ وثَلاثَ ساعاتٍ فِي النَّهارِ يُمَجِّدُ فيهنَّ نَفسَهُ ... إِنّي أَنَا اللّهُ المَلِكُ القُدّوسُ السَّلامُ . (3)
الإمام الباقر عليه السلام :سُبحانَ رَبِّيَ المَلِكِ القُدّوسِ . (4)
رسول اللّه صلى الله عليه و آله :ما مِن صَباحٍ يُصبِحُ العِبادُ فيهِ إِلّا ومُنادٍ يُنادي : سُبحانَ المَلِكِ القُدّوسِ . (5)
.
ص: 256
عنه صلى الله عليه و آله :أَكثِر مِن أَن تَقولَ هذا ... : سُبحانَ اللّهِ رَبّي المَلِكِ القُدّوسِ ، رَبِّ المَلائِكَهِ وَالرّوحِ، خالِقِ السَّماواتِ وَالأَرضِ، ذِي العِزَّةِ وَالجَبَروتِ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله :قُل سُبحانَ اللّهِ المَلِكِ القُدّوسِ ، رَبِّ المَلائِكَةِ وَالرّوحِ ، جَلَّلتَ السَّماواتِ وَالأَرضَ بِالعِزَّةِ وَالجَبَروتِ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله_ إِذا سَلَّمَ فِي الوَترِ قالَ _: سُبحانَ المَلِكِ القُدّوسِ . (3)
30 / 2مَعنَى التَّسبيحِالكتاب«سُبْحَ_نَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ * إِلَا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ» . (4)
«سُبْحَ_نَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ» . (5)
الحديثالمستدرك عن طلحة بن عبيداللّه :سَأَلتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله عَن تَفسيرِ سُبحانَ اللّهِ . قالَ : هُوَ تَنزيهُ اللّهِ عَن كُلِّ سوءٍ . (6)
.
ص: 257
رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِذا قالَ العَبدُ سُبحانَ اللّهِ ، فَقَد أَنِفَ 1 للّهِِ ، وحَقٌ عَلَى اللّهِ أَن يَنصُرَهُ . (1)
التوحيد عن يزيد بن الأَصمّ :سَأَلَ رَجُلٌ عُمَرَ بنَ الخَطّابِ ، فَقالَ : يا أَميرَ المُؤمِنينَ ما تَفسيرُ : سُبحانَ اللّهِ؟ قالَ : إِنَّ في هذَا الحائِطِ رَجُلاً كانَ إِذا سُئِلَ أَنبَأَ ، وإِذا سُكِتَ ابتَدَأَ . فَدَخَلَ الرَّجُلُ فَإِذا هُوَ عَلِيُّ بنُ أَبي طالِبٍ عليه السلام ، فَقَالَ : يا أَبَا الحَسَنِ ما تَفسيرُ سُبحانَ اللّهِ؟ قالَ هُوَ تَعظيمُ جَلالِ اللّهِ عز و جل ، وتَنزيهُهُ عَمّا قالَ فيهِ كُلُّ مُشرِكٍ ، فَإِذا قالَهَا العَبدُ صَلّى عَلَيهِ كُلُّ مَلَكٍ . (2)
الإمام الصادق عليه السلام_ لِهِشامِ بنِ الحَكَمِ وقَد سَأَلَهُ عَن تَفسيرِ سُبحانَ اللّهِ _: أَنَفَةٌ للّهِِ ، أَما تَرَى الرَّجُلَ إِذا عَجِبَ مِنَ الشَّيءِ ، قالَ : سُبحانَ اللّهِ . (3)
الكافي عن هِشام الجواليقيّ :سَأَلتُ أَبا عَبدِاللّهِ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «سُبحانَ اللّهِ» ما يَعني بِهِ؟ قالَ : تَنزيهُهُ . (4)
.
ص: 258
30 / 3مَعنَى التَّقديسِالكتاب«هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَ_مُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَ_نَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ» . (1)
«يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا قُدّوسُ ، الطّاهِرُ فَلا شَيءَ كَمِثلِهِ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :يا أللّهُ ، القُدّوسُ الطّاهِرُ مِن كُلِّ شَيءٍ فَلا شَيءَ يُعادِلُهُ . (4)
الإمام الكاظم عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: تَقَدَّستَ يا قُدُّوسُ عَنِ الظُّنونِ وَالحُدوسِ (5) ، وأَنتَ المَلِكُ القُدُّوسُ بارِئُ الأَجسامِ . (6)
إدريس عليه السلام :يا قُدّوسُ ، الطّاهِرُ مِن كُلِّ سوءٍ ولا شَيءَ يَعدِلُهُ . (7)
.
ص: 259
30 / 4قُدّوسُ السَّماواتِ وَالأَرضِرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا قاضِيَ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا قَيّومَ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا قُدّوسَّ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ ، يا مُؤمِنَ السَّماواتِ وَالأَرضِ يا أللّهُ . (1)
.
ص: 260
. .
ص: 261
الفصل الحادي والثلاثون: السّلامالسَّلام لغةًالسَّلام مشتقّ من «سلم». وهو يدلّ على السِّلم والصحّة والعافية والبراءة من العيب والنقص والمرض (1) ، و«السَّلام» إِمّا مصدر ثلاثيّ مجرّد ، قال ابن منظور: «السَّلام» في الأَصل : «السلامة» (2) ، يقال: سَلِمَ يسلم سلاما وسلامةً ، ومن هنا قال أَهل العلم: اللّه _ جلّ ثناؤه _ هو السَّلام ، لسلامته ممّا يلحق المخلوقين من العيب والنقص والفناء، (3) وإِمّا مصدر باب تفعيل: سلّم ، يسلّم تسليما وسلاما ، وتأَويل «السَّلام» بهذا المعنى في حقّ اللّه تعالى أَنّه ذو السَّلام الذي يملك السَّلام، أَي: يخلص من المكروه. 4
السَّلام في القرآن والحديثوردت مشتقّات مادّة «سلم» منسوبةً إِلى اللّه سبحانه أَربع مرّات في القرآن الكريم ،
.
ص: 262
ويمكن أَن يراد من السَّلام في الآية الشريفة : «هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَ_مُ» (1) كلا المعنيين الواردين للسَّلام اللذين مرّا في معناه اللغويّ . أَمّا في الآيات الكريمة: «سَلَ_مٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ» (2) و «قِيلَ يَ_نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَ_مٍ مِّنَّا» (3) و «لَ_كِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ» (4) فالمعنى الثاني للسَّلام هو المقصود ، والمراد من هذه الآيات مصدريّة اللّه للسَّلام لا وصف الذات الإلهيّة بالسَّلام وخلوّها من العيب والنقص . وقد أَشارت الأَحاديث إِلى كلا المعنيين الواردين للسَّلام ، على سبيل المثال: «اللَّهمّ أَنتَ السَّلامُ ومِنكَ السَّلامُ» (5) .
31 / 1القُدّوسُ السَّلامُ«هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَ_مُ» . (6)
31 / 2مَعنَى السَّلامِتفسير القمّي_ في قَولِهِ عز و جل : «سَلَ_مٌ قَوْلًا مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ» (7) _: السَّلامُ مِنهُ تَعالى هُوَ الأَمانُ. (8)
.
ص: 263
رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ السَّلامَ اسمٌ مِن أَسماءِ اللّهِ تَعالى ، وَضَعَهُ اللّهُ فِي الأَرضِ. (1)
الإمام الباقر عليه السلام :إِنَّ السَّلامَ اسمٌ مِن أَسماءِ اللّهِ عز و جل . (2)
31 / 3هُوَ السَّلامُ ومِنهُ السَّلامُ وإلَيهِ السَّلامُرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في ذِكرِ أَحوالِ أَهلِ الجَنَّةِ _: قالوا : رَبَّنا أَنتَ السَّلامُ ومِنكَ السَّلامُ، ولَكَ يَحِقُّ الجَلالُ وَالإِكرامُ. فَقالَ: أَنَا السَّلامُ ومَعَي السَّلامُ، ولي يَحِقُّ الجَلالُ وَالإِكرامُ. فَمَرحَباً بِعِبادي... . (3)
فاطمة عليهاالسلام :إِنَّ اللّهَ هُوَ السَّلامُ، ومِنهُ السَّلامُ، وإِلَيهِ السَّلامُ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ السَّلامُ ومِنكَ السَّلامُ. (5)
.
ص: 264
. .
ص: 265
الفصل الثاني والثلاثون: السّميعالسَّميع لغةً«السَّميع» فعيل بمعنى فاعل من أَبنية المبالغة ، مشتقّ من مادّة «سمع» وهو في الأَصل إِيناس الشيء بالأُذن (1) ، والسَّمع مصدر سمع يسمع ، ويستعمل في معنى أُذن. قال ابن الأَثير: في أَسماء اللّه تعالى «السَّميع» وهو الذي لا يعزب عن إِدراكه مسموع وإِن خفي ، فهو يسمع بغير جارحة (2) .
السَّميع في القرآن والحديثلقد ذكر القرآن الكريم صفة «السميع» مقرونةً بصفة «العليم» اثنين وثلاثين مرّةً (3) ، وبصفة «البصير» عشر مرّات (4) ، وبصفة «القريب» مرّةً واحدةً (5) ، وذكر «سميع الدّعاء»
.
ص: 266
مرّتين (1) ، وكَون اللّه سميعا في الآيات والأَحاديث شعبة من كَونه عليما وبمعنى كونه عليما بالمسموعات والأَصوات ، ولا يخفى على اللّه كلام وصوت حتّى لو كان خفيةً ، وكَون اللّه سميعا ليس كالمخلوقات المسبوقة بالجهل ، والمتحقّق سمعها بواسطة الأَداة والآلة .
32 / 1مَن تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطقَهُالكتاب«إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ » . (2)
«هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِى مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ » . (3)
«إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ » . (4)
«أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَ نَجْوَاهُم بَلَى وَ رُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ» . (5)
الحديثمسند ابن حنبل عن عبد اللّه بن مسعود :كُنتُ مُستَتِرا بِأَستارِ الكَعبَةِ ، فَجاءَ ثَلاثَةُ نَفَرٍ ،
.
ص: 267
كَثيرٌ شَحمُ بُطونِهِم ، قَليلٌ فِقهُ قُلوبِهِم ، قُرَشِيٌّ وخَتَناهُ (1) ثَقَفِيّانِ ، أَو ثَقَفِيٌّ وخَتَناهُ قُرَشِيّانِ ، فَتَكَلَّموا بِكَلامٍ لَم أَفهَمهُ ، فَقالَ بَعضُهُم : أَتَرونَ أَنَّ اللّهَ عز و جليَسمَعُ كَلامَنا هذا ؟ فَقالَ الآخَرانِ : إِنّا إِذا رَفَعنا أَصواتَنا سَمِعَهُ ، وإِذا لَم نَرفَع أَصواتَنا لَم يَسمَعهُ ! وقالَ الآخَرُ : إِن سَمِعَ مِنهُ شَيئا سَمِعَهُ كُلَّهُ ، قالَ : فَذَكَرتُ ذلِكَ لِلنَّبِيَّ صلى الله عليه و آله ، فَأَنزَلَ اللّهُ عز و جل : «وَ مَا كُنتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَن يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَ لَا أَبْصَ_رُكُمْ وَ لَا جُلُودُكُمْ وَ لَ_كِن ظَنَنتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِّمَّا تَعْمَلُونَ * وَ ذَ لِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِى ظَنَنتُم بِرَبِّكُمْ أَرْدَل_كُمْ فَأَصْبَحْتُم مِّنَ الْخَ_سِرِينَ » (2) . (3)
الإمام عليّ عليه السلام :مَن تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطقَهُ ، ومَن سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ . (4)
راجع : ص 331 ح 4847 .
32 / 2صِفَةُ سَمعِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا سامِعَ الأَصواتِ ، يا عالِمَ الخَفِيّاتِ، يا دافِعَ البَلِيّاتِ. (5)
عنه صلى الله عليه و آله :يا مَن يَعلَمُ مُرادَ المُريدينَ ، يا مَن يَعلَمُ ضَميرَ الصَّامِتينَ ، يا مَن يَسمَعُ أَنينَ الواهِنينَ (6) ، يا مَن يَرى بُكاءَ الخائِفينَ... يا دائِمَ البَقاءِ ، يا سامِعَ الدُّعاءِ ،
.
ص: 268
يا واسِعَ العَطاءِ. (1)
الإمام عليّ عليه السلام :كانَ . . . سَميعا إِذ لا مَسموعَ . (2)
عنه عليه السلام :كُلُّ سَميعٍ غَيرُهُ يَصَمُّ عَن لَطيفِ الأَصواتِ ، ويُصِمُّهُ كَبيرُها ، ويَذهَبُ عَنهُ ما بَعُد مِنها . (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ أَنتَ المَلِكُ الَّذي لا يُملَكُ، وَالواحِدُ الَّذي لا شَريكَ لَكَ ، يا سامِعَ السِّرِّ وَالنَّجوى . (4)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَوضِعَ كُلِّ شَكوى ، ويا سامِعَ كُلِّ نَجوى ، وشاهِدَ كُلِّ مَلَاً، وعالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ. (5)
الإمام الباقر عليه السلام :إِنَّهُ سَميعٌ بَصيرٌ ، يَسمَعُ بِما يُبصِرُ ويُبصِرُ بِما يَسمَعُ . (6)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّما سُمِّيَ سَميعا ؛ لِأَنَّهُ «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَ_ثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ وَ لَا أَدْنَى مِن ذَ لِكَ وَ لَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ» (7) ، يَسمَعُ النَّجوى ، ودَبيبَ النَّملِ عَلَى الصَّفا ، وخَفَقانَ الطَّيرِ فِي الهَواءِ ، لا تَخفى عَلَيهِ
.
ص: 269
خافِيَةٌ ولا شَيءٌ مِمّا أَدرَكَتهُ الأَسماعُ وَالأَبصارُ ، وما لا تُدرِكُهُ الأَسماعُ وَالأَبصارُ ، ما جَلَّ مِن ذلِكَ وما دَقَّ ، وما صَغُرَ وما كَبُرَ ، ولم نَقُل سَميعا بَصيرا كَالسَّمعِ المَعقولِ مِنَ الخَلقِ . (1)
عنه عليه السلام :لَم يَزَلِ اللّهُ عز و جل رَبَّنا . . . وَالسَّمعُ ذاتُهُ ولا مَسموعَ وَفَلَمّا أَحدَثَ الأَشياءَ وكانَ المَعلومُ وَقَعَ العِلمُ مِنهُ على المَعلومِ وَالسَّمعُ عَلَى المَسموعِ . (2)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا عَلِيُّ يا عَظيمُ ، يا رَحمانُ يا رَحيمُ ، يا سامِعَ الدَّعَواتِ ، يا مُعطِيَ الخَيراتِ ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأَهلِ بَيتِ مُحَمَّدٍ. (3)
الإمام الكاظم عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ ... أَنتَ ... سَميعٌ لا يَشُكُّ . (4)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا سابِقَ كُلِّ فَوتٍ ، يا سامِعا لِكُلِّ صَوتٍ قَوِيٍّ أَو خَفِيٍّ، يا مُحيِيَ النُّفوسِ بَعدَ المَوتِ ، لا تَغشاكَ الظُّلُماتُ الحِندِسِيَّةُ (5) ، ولا تَشابَهُ عَلَيكَ اللُّغاتُ المُختَلِفَةُ، ولا يَشغَلُكَ شَيءٌ عَن شَيءٍ، يا مَن لا تَشغَلُهُ دَعوَةُ داعٍ دَعاهُ مِنَ الأَرضِ عَن دَعوَةِ داعٍ دَعاهُ مِنَ السَّماءِ ، يا مَن لَهُ عِندَ كُلِّ شَيءٍ مِن خَلقِهِ سَمعٌ سامِعٌ وَبَصرٌ نافِذٌ. (6)
الإمام الرضا عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ ، يا سامِعَ كُلِّ صَوتٍ ، ويا بارِئَ (7) النُّفوسِ بَعدَ
.
ص: 270
المَوتِ ، ويا مَن لا تَغشاهُ الظُّلُماتُ ، ولا تَتَشابَهُ عَلَيهِ الأَصواتُ ، ولا تُغَلِّطُهُ الحاجاتُ. (1)
عنه عليه السلام :سُمِّيَ رَبُّنا سَميعا لا بِخَرتٍ (2) فيهِ يَسمَعُ بِهِ الصَّوتَ ولا يُبصِرُ بِهِ ، كَما إِنَّ خَرْتَنَا الَّذي بِهِ نَسمَعُ لا نَقوى بِهِ عَلَى البَصَرِ ، ولكِنَّهُ أَخبَرَ أَنَّهُ لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ مِنَ الأَصواتِ ، لَيسَ عَلى حَدِّ ما سُمّينا نَحنُ ، فَقَد جَمَعَنا الاِسمُ بِالسَّمعِ وَاختَلَفَ المَعنى . (3)
عنه عليه السلام_ لَمّا سَأَلَهُ رَجُلٌ : أَخبِرني عَن قَولِكُم : إِنَّهُ لَطيفٌ وسَميعٌ ... _: قُلنا : إِنَّهُ سَميعٌ لا يَخفى عَلَيهِ أَصواتُ خَلقِهِ ما بَينَ العَرشِ إِلَى الثَّرى مِنَ الذَّرَّةِ إِلى أَكبَرَ مِنها في بَرِّها وبَحرِها ، ولا يَشتَبِهُ عَلَيهِ لُغاتُها ، فَقُلنا عِندَ ذلِكَ : إِنَّهُ سَميعٌ لا بِأُذُنٍ . (4)
عنه عليه السلام :إِنَّهُ يَسمَعُ بِما يُبصِرُ ويَرى بِما يَسمَعُ ، بَصيرٌ لا بِعَينٍ مِثلِ عَينِ المَخلوقينَ ، وسَميعٌ لا بِمثلِ سَمعِ السّامِعينَ . . . ولَمّا لَم يَشتَبِه عَلَيهِ ضُروبُ اللُّغاتِ ، ولَم يَشغَلهُ سَمعٌ عَن سَمعٍ ، قُلنا : سَميعٌ لا مِثلُ سَمعِ السّامِعينَ . (5)
الإمام الجواد عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ : كَيفَ سُمِّيَ رَبُّنا سَميعا ؟ _: لِأَنَّهُ لا يَخفى عَلَيهِ
.
ص: 271
ما يُدرَكُ بِالأَسماعِ ، ولَم نَصِفهُ بِالسَّمعِ المَعقولِ فِي الرَّأَسِ . (1)
32 / 3ما لا يُوصَفُ سَمعُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :السَّميعُ لا بِأَداةٍ . (2)
عنه عليه السلام :سَميعٌ لا بِآلَةٍ . (3)
عنه عليه السلام :السَّميعُ لا بِتَفريقِ آلَةٍ . (4)
عنه عليه السلام :سَميعٌ لِلأَصواتِ المُختَلِفَةِ ، بِلا جَوارِحَ لَه مُؤتَلِفَةٍ . (5)
الإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : أَتَقولُ إِنَّهُ سَميعٌ بَصيرٌ ؟ _: هُوَ سَميعٌ بَصيرٌ ، سَميعٌ بِغَيرِ جارِحَةٍ ، وبَصيرٌ بِغَيرِ آلَةٍ ، بَل يَسمَعُ بِنَفسِهِ ويُبصِرُ بِنَفسِهِ ، ولَيسَ قَولي : إِنَّهُ سَميعٌ بِنَفسِهِ أَنَّهُ شَيءٌ وَالنَّفسُ شَيءٌ آخَرُ ، ولكِنّي أَرَدتُ عِبارَةً عَن نَفسي إِذ كُنتُ
.
ص: 272
مَسؤولاً ، وإِفهاما لَكَ إِذ كُنتَ سائِلاً . فَأَقولُ : يَسمَعُ بِكُلِّهِ لا أَنَّ كُلَّهُ لَهُ بَعضٌ ؛ لِأَنَّ الكُلَّ لَنا (لَهُ) بَعضٌ ، ولكِن أَرَدتُ إِفهامَكَ ، وَالتَّعبيرَ عَن نَفسي ولَيسَ مَرجِعي في ذلِكَ كُلِّهِ إِلّا أَنَّهُ السَّميعُ البَصيرُ العالِمُ الخبَيرُ ، بِلَا اختِلافِ الذّاتِ ولا اختِلافِ مَعنىً . (1)
.
ص: 273
الفصل الثالث والثلاثون: الشّافع ، الشّفيعالشَّافع والشَّفيع لغةً«الشَّفيع» مبالغة في «الشَّافع» ، مشتقّ من «شفع» وهو يدلّ على مقارنة الشيئين ، ومن ذلك الشَّفع خلاف الوتر ، وهو الزوج (1) ، والشَّفاعة تستعمل في مورد السؤال في التجاوز عن الذنوب والجرائم (2) ، والشَّافع : الطالب لغيره يتشفّع به إِلى المطلوب ، يقال : تشفّعتُ بفلان إِلى فلان فشفّعني فيه ، واسم الطالب : شفيع (3) . إِنّ وجه إِطلاق الشَّفيع للطالب أَنّ الطالب ينضمّ إِلى الشخص لوصوله إِلى المطلوب ، واللّه تعالى شفيع للإنسان ، بل لا شفيع في الحقيقة غيره تعالى ؛ لإنّ الإنسان لايصل إِلى مطلوبه إِلّا بتوفيق اللّه وتقديره وقضائه (4) ، وهناك وجه آخر لإطلاق الشفيع على اللّه تعالى انّ اسم اللّه تعالى شفيع ؛ لأَنّ الأَسماء وسائط بين اللّه
.
ص: 274
وبين خلقه في إِيصال الفيض إِليهم (1) .
الشَّافع والشَّفيع في القرآن والحديثلقد استُعملت المشتقّات المختلفة لمادّة «شفع» في القرآن الكريم إِحدى وثلاثين مرّةً ، واستُعمل اسم «الشَّفيع» ثلاث مرّات (2) ، وقد انحصرت الشَّفاعة بالأَصالة في اللّه وحده ، كما نطق القرآن والأَحاديث ، أَمّا شفاعة الآخرين فهي ممكنة بإذن اللّه سبحانه .
33 / 1لَهُ الشَّفاعَةُ جَميعا«أَمِ اتَّخَذُواْ مِن دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَ لَوْ كَانُواْ لَا يَمْلِكُونَ شَيْ_ئا وَ لَا يَعْقِلُونَ* قُلْ لِّلَّهِ الشَّفَ_عَةُ جَمِيعًا لَّهُ مُلْكُ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ» . (3)
33 / 2لا شَفيعَ غَيرُهُالكتاب«اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ وَ مَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ مَا لَكُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِىٍّ وَ لَا شَفِيعٍ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ» . (4)
«وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْس بِمَا
.
ص: 275
كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِىٌّ وَلَا شَفِيعٌ» . (1)
«وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُم مِّن دُونِهِ وَلِىٌّ وَلَا شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ» . (2)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام :يا مَن لا يَعلَمُ كَيفَ هُوَ وحَيثُ هُوَ وقُدرَتَهُ إِلّا هُوَ ، يا مَن سَدَّ الهَواءَ بِالسَّماءِ ، وكَبَسَ الأَرضَ عَلَى الماءِ ، وَاختارَ لِنَفسِهِ أَحسَنَ الأَسماءِ، يا مَن سَمّى نَفسَهُ بِالاِسمِ الَّذي بِهِ تُقضى حاجَةُ كُلِّ طالِبٍ يَدعوهُ بِهِ، وأَسأَ لُكَ بِذلِكَ الاِسمِ فَلا شَفيعَ أَقوى لي مِنهُ، وبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ أَن تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ وأَن تَقضِيَ لي حَوائِجي. (3)
33 / 3خَيرُ شَفيعٍالإمام العسكري عليه السلام :اللّهُمَّ وقَد قَصَدتُ إِلَيكَ بِرَغبَتي، وقَرَعَت بابَ فَضلِكَ يَدُ مَسأَلَتي، وناجاكَ بِخُشوعِ الاِستِكانَةِ (4) قَلبي، ووَجَدَكَ خَيرَ شَفيعٍ لي إِلَيكَ. (5)
.
ص: 276
33 / 4لا شَفيعَ إِلّا بِإِذنِهِالكتاب«مَا مِن شَفِيعٍ إِلَا مِن بَعْدِ إِذْنِهِ ذَ لِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ» . (1)
«مَن ذَا الَّذِى يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَا بِإِذْنِهِ» . (2)
«يَوْمَ_ئِذٍ لَا تَنفَعُ الشَّفَ_عَةُ إِلَا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَ_نُ وَ رَضِىَ لَهُ قَوْلًا» . (3)
«وَ كَم مِّن مَّلَكٍ فِى السَّمَ_وَ تِ لَا تُغْنِى شَفَ_عَتُهُمْ شَيْ_ئا إِلَا مِن بَعْدِ أَن يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَن يَشَاءُ وَ يَرْضَى» . (4)
«وَ لَا تَنفَعُ الشَّفَ_عَةُ عِندَهُ إِلَا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ» . (5)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى: «وَ لَا تَنفَعُ الشَّفَ_عَةُ عِندَهُ إِلَا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ» _: لا يَشفَعُ أَحَدٌ مِن أَنبِياءِ اللّهِ ورُسُلِهِ يَومَ القِيامَةِ حَتّى يَأَذَنَ اللّهُ لَهُ ، إِلّا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَإِنَّ اللّهَ قَد أَذِنَ لَهُ فِي الشَّفاعَةِ مِن قَبلِ يَومِ القِيامَةِ ، وَالشَّفاعَةُ لَهُ ولِلأَئِمَّةِ مِن وُلدِهِ ، ثُمَّ بَعدَ ذلِكَ لِلأَنبِياءِ عليهم السلام . (6)
.
ص: 277
الفصل الرابع والثلاثون: الشافيالشَّافي لغةًالشَّافي : اسم فاعل من مادة «شفى» وهو يدلّ على الإشراف على الشيء؛ يقال : أَشفى على الشيء ، إِذا أَشرف عليه ، وسُمّي الشَّفاء شفاءً لغلبته للمرض وإِشفائه عليه (1) ... شفى اللّه المريض ، يشفيه ، شفاءً : عافاه (2) .
الشَّافي في القرآن والحديثتستعمل كلمة الشفاء في القرآن والحديث بمعنى علاج الأَمراض الجسمية تارةً ، مثل : «وَ إِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ» (3) وتارة بمعنى علاج الأَمراض الروحية والعقلية ، مثل : «وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ» (4) ويراد باللّه تعالى «الشَّافي» كلا المعنيين ، بل كما ورد في الحديث : «لا شافي إِلّا اللّه » .
.
ص: 278
من البديهي أَن الشَّافي هو اللّه سبحانه ، وانحصار هذه الصفة به تعالى لا يعني نفي الأَسباب في نظام الخلق ، بل القرآن الكريم وسيلة لعلاج الأَمراض الروحية والعقلية ، أَمّا الدعاء والدواء فوسيلة لعلاج الأَمراض الجسمية ، وفي كلا الأَمرين مسبب الأَسباب هو اللّه تعالى .
34 / 1شافِي الصُّدورِالكتاب«يَ_أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِى الصُّدُورِ وَ هُدًى وَ رَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ» . (1)
«وَ نُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَ رَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَ لَا يَزِيدُ الظَّ__لِمِينَ إِلَا خَسَارًا» . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَسأ لُكَ يا قاضِيَ الأُمورِ ، ويا شافِيَ الصُّدورِ .. . . (3)
الإمام العسكريّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا باعِثَ مَن فِي القُبورِ ، يا شافِيَ الصُّدورِ . (4)
.
ص: 279
34 / 2شافِي السُّقمِالكتاب«وَ إِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ» . (1)
«يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَ نُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ» . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الفَرَجِ _: يا سابِغَ النِّعَمِ ، يا كاشِفَ الأَلَمِ ، يا شافِيَ السُّقمِ . (3)
34 / 3شافي كُلِّ بَلوىالفصول المهمّة عن أَبي حمزة الثُّماليّ :كانَ عَلِيُّ بنُ الحُسَينِ عليه السلام يَقولُ لِأَولادِهِ : يا بَنِيَّ ، إِذا أَصابَتكُم مُصيبَةٌ مِن مَصائِبِ الدُّنيا ، أَو نَزَلَ بِكُم فاقَةٌ أَو أَمرٌ فادِحٌ ... فَليَقُل : يا مَوضِعَ كُلِّ شَكوى ، يا سامِعَ كُلِّ نَجوى ، يا شافِيَ كُلِّ بَلوى .. . . (4)
34 / 4لا شافِيَ إلّا هُوَالإمام عليّ عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إِذا دَخَلَ عَلى مَريضٍ قال : أَذهِبِ البَأسَ رَبَّ
.
ص: 280
البَأَسِ (1) ، وَاشفِ أَنتَ الشّافي لا شافِيَ إِلّا أَنتَ . (2)
عنه عليه السلام_ في تَفسيرِ الأَذانِ _: فِي المَرَّةِ الثّانِيَةِ : «أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلَا اللّهُ» مَعناهُ : أَشهَدُ أَن لا هادِيَ إِلَا اللّهُ ... ولا كافِيَ ولا شافِيَ ، ولا مُقَدِّمَ ولا مُؤَخِّرَ إِلَا اللّهُ . (3)
34 / 5شافِي مَنِ استَشفاهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في دُعاءِ الجَوشَنِ الكَبيرِ _: يا شافِيَ مَنِ استَشفاهُ . (4)
.
ص: 281
الفصل الخامس والثلاثون: الشّاكر ، الشّكورالشَّاكر والشَّكور لغةً«الشَّكور» مبالغة في «الشَّاكر» والشُّكر : الثناء على المحسن بما أَولاكَه من المعروف (1) ، ويكون الشكر بالقول والعمل (2) ، والشُّكر مثل الحمد إِلّا أَنّ الحمد أَعمّ منه ، فإنّك تحمد الإنسان على صفاته الجميلة ، وعلى معروفه ، ولا تشكره إِلّا على معروفه دون صفاته . (3)
الشَّاكر والشَّكور في القرآن والحديثلقد وردت هاتان الصفتان منسوبتين إِلى اللّه ستّ مرّات في القرآن الكريم ، ثلاثا مع صفة «الغفور» (4) ، واثنتان مع صفة «العليم» (5) ، ومرّة واحدة مع صفة «الحليم» (6) .
.
ص: 282
لقد ورد في الأَحاديث أَنّ اللّه تعالى هو الشَّاكر لمن شكره وللمطيع له ، وشكر اللّه سبحانه قبول طاعة العبد وازدياد النعم .
35 / 1شاكِرٌ عَليمٌالكتاب«وكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا» . (1)
الحديثعيسى عليه السلام_ في مَواعِظِهِ _: لا يَنقُصُ اللّهَ كَثرَةُ ما يُعطيكُم ويَرزُقُكُم، بَل بِرِزقِهِ تَعيشونَ وبِهِ تَحيَونَ، يَزيدُ مَن شَكَرَهُ، إِنَّهُ شاكِرٌ عَليمٌ. (2)
35 / 2غَفورٌ شَكورٌالكتاب«إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ» . (3)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام_ مِن دُعائِهِ فِي اليَومِ الثّالِثِ عَشَرَ مِن كُلِّ شَهرٍ _: اللّهُمَّ وعافِني في دِيني ودُنيايَ وآخِرَتي فَإِنَّكَ عَلى ذلِكَ قَديرٌ، اللّهُمَّ وأَسأَ لُكَ أَن تَتَقَبَّلَ مِنّي فَإِنَّكَ شَكورٌ. (4)
.
ص: 283
الإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ الغَفورُ الشَّكورُ. (1)
35 / 3صِفَةُ شُكرِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ أَنتَ الذّاكِرُ لِمَن ذَكَرَكَ، الشّاكِرُ لِمَن شَكَرَكَ، المُجيبُ لِمَن دَعاكَ، المُغيثُ لِمَن ناداكَ، وَالمُرجي لِمَن رَجاكَ، المُقبِلُ عَلى مَن ناجاكَ، المُعطي لِمَن سَأَلَكَ. (2)
الإمام عليّ عليه السلام :لا إِلهَ إِلَا اللّهُ الشّاكِرُ لِلمُطيعِ لَهُ، المُملي (3) لِلمُشرِكِ بِهِ، القَريبُ مِمَّن دَعاهُ عَلى حالِ بُعدِهِ، وَالبَرُّ الرَّحيمُ بِمَن لَجَأَ إِلى ظِلِّهِ وَاعتَصَمَ بِحَبلِهِ. (4)
الإمام الحسين عليه السلام :اللّهُمَّ مُتَعالِيَ المَكانِ، عَظيمَ الجَبَروتِ... شَكورٌ إِذا شُكِرتَ، وذَكورٌ إِذا ذُكِرتَ. (5)
الإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ... فَلَكَ الحَمدُ عَلى ما وَقَيتَنا مِنَ البَلاءِ، ولَكَ الشُّكرُ عَلى ما خَوَّلتَنا مِنَ النَّعماءِ... حَمدا يُخَلِّفُ حَمدَ الحامِدينَ وَراءَهُ، حَمدا يَملَأُ أَرضَهُ وسَماءَهُ، إِنَّكَ المَنّانُ بِجَسيمِ المِنَنِ، الوَهّابُ لِعَظيمِ النِّعَمِ، القابِلُ يَسيرَ الحَمدِ، الشّاكِرُ قَليلَ الشُّكرِ. (6)
.
ص: 284
. .
ص: 285
الفصل السادس والثلاثون: الشّهيد، الشّاهدالشَّهيد و الشَّاهد لغةًإِنّ «الشَّهيد» مبالغة في «الشَّاهد» مشتقّ من «شهد» ، وهو يدلّ على علم وحضور وإِعلام (1) ، قال ابن الأَثير : في أَسماء اللّه تعالى «الشَّهيد» هو الذي لا يغيب عنه شيء . والشَّاهد : الحاضر ، وفعيل من أَبنية المبالغة في فاعل ، فإذا اعتبر العلم مطلقا فهو العليم ، وإِذا أُضيف إِلى الأُمور الباطنة فهو الخبير ، وإِذا أُضيف إِلى الأُمور الظاهرة فهو الشَّهيد ، (2) إنّ اللّهَ على كلّ شيءٍ شهيدٌوقد يعتبر مع هذا أَن يشهد على الخلق يوم القيامة بما علم (3) .
الشَّهيد والشَّاهد في القرآن والحديثلقد ورد اسم «الشَّهيد» من أَسماء اللّه تعالى في القرآن الكريم تسع عشرة مرّة ،
.
ص: 286
وتكرّر مضمون قوله : «إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ شَهِيدٌ » ثماني مرّات (1) ، وقوله : «كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا » ثماني مرّات أَيضا (2) . وقد جاء اسم «الشهيد» في الآيات والأَحاديث بمعنى الحضور العلميّ للّه في العالم وموجوداته ، وهكذا يتبيّن أَنّ للّه سبحانه حضورا في جميع الموجودات ، بيد أَنّ هذا لا يعني الحلول والاتّحاد الوجودي ، بل يعني الحضور والإحاطة العلميّين .
36 / 1صِفَةُ شُهودِهِ36 / 1 _ 1عَلى كُلِّ شَيءٍ شَهيدٌالكتاب«إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ شَهِيدٌ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا خَيرَ شاهِدٍ ومَشهودٍ . (4)
.
ص: 287
عنه صلى الله عليه و آله :يا شاهِدا غَيرَ غائِبٍ، يا قَريبا غَيرَ بَعيدٍ. (1)
الإمام عليّ عليه السلام :شاهِدُ كُلِّ نَجوى ، لا كَمُشاهَدَةِ شَيءٍ مِنَ الأَشياءِ، عَلَا السَّماواتِ العُلى إِلَى الأَرَضِينَ السُّفلى ، وأَحاطَ بِجَميعِ الأَشياءِ عِلما ، فَعَلَا الَّذي دَنا ، ودَنَا الَّذي عَلا ، لَهُ المَثَلُ الأَعلى ، وَالأَسماءُ الحُسنى ، تَبارَكَ وتَعالى . (2)
عنه عليه السلام :حَدَّ الأَشياءَ كُلَّها عِندَ خَلقِهِ إِبانَةً لَها مِن شِبهِهِ ، وإِبانَةً لَهُ مِن شِبهِها ، لَم يَحلُل فيها فَيُقالَ : هُوَ فيها كائِنٌ ، ولَم يَن ءَ عَنها فَيُقالَ : هُوَ مِنها بائِنٌ ، ولَم يَخلُ مِنها فَيُقالَ لَهُ : أَينَ ، لكِنَّهُ سُبحانَهُ أَحاطَ بِها عِلمُهُ ، وأَتقَنَها صُنعُهُ ، وأَحصاها حِفظُهُ . لَم يَعزُب عَنهُ خَفِيّاتُ غُيوبِ الهَواءِ ، ولا غَوامِضُ مَكنونِ ظُلَمِ الدُّجى ، ولا ما فِي السَّماواتِ العُلى إِلَى الأَرضِينَ السُّفلى ، لِكُلِّ شَيءٍ مِنها حافِظٌ ورَقيبٌ ، وكُلُّ شَيءٍ مِنها بِشَيءٍ مُحيطٌ ، وَالمُحيطُ بِما أَحاطَ مِنهَا الواحِد الأَحَد الصَّمَد . (3)
عنه عليه السلام :سُبحانَ اللّهِ شاهِدِ كُلِّ نَجوى بِعِلمِهِ، ومُبايِنِ كُلِّ جِسمٍ بِنَفسِهِ. (4)
الإمام الحسن عليه السلام _ مِن دُعائِهِ في لَيلَةِ القَدرِ _ :يا غائِبا غَيرَ مَفقودٍ، ويا شاهِدا غَيرَ مَشهودٍ، يُطلَبُ فَيُصابُ ولَم يَخلُ مِنهُ السَّماواتُ وَالأَرضُ وما بَينَهُما طَرفَةَ عَينٍ، لا يُدرَكُ بِكَيفٍ، ولا يُؤَيَّنُ بِأَينٍ ولا بِحَيثٍ. (5)
.
ص: 288
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ... أَنتَ اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنتَ، الغائِبُ الشّاهِدُ. (1)
الإمام الكاظم عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في شَهرِ رَمَضانَ _: يا شاهِدَ كُلِّ نَجوى، ويا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ، ويا دافِعَ كُلِّ ما تَشاءُ مِن بَلِيَّةٍ. (2)
الإمام الرضا عليه السلام :يا عالِمَ خَطَراتِ قُلوبِ العارِفينَ، وشاهِدَ لَحَظاتِ أَبصارِ النّاظِرينَ. (3)
الإمام الهادي عليه السلام :يا بارُّ (4) يا وَصولُ ، يا شاهِدَ كُلِّ غائِبٍ ، ويا قَريبُ غَيرَ بَعيدٍ ، ويا غالبُ غَيرَ مَغلوبٍ . (5)
الإمام المهدي عليه السلام_ في دُعاءِ أَيّامِ رَجَبٍ _: يا مَوصوفا بِغَيرِ كُنهٍ (6) ، ومَعروفا بِغَيرِ شِبهٍ ، حادَّ كُلِّ مَحدودٍ ، وشاهِدَ كُلِّ مَشهودٍ. (7)
.
ص: 289
36 / 1 _ 2هُوَ مَعَكُم أَينَما كُنتُمالكتاب«هُوَ الَّذِى خَلَقَ السَّمَ_وَ تِ وَ الْأَرْضَ فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِى الْأَرْضِ وَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَ مَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَ مَا يَعْرُجُ فِيهَا وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ » . (1)
«وَ مَا تَكُونُ فِى شَأْنٍ وَ مَا تَتْلُواْ مِنْهُ مِن قُرْءَانٍ وَ لَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَ مَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِى الْأَرْضِ وَ لَا فِى السَّمَاءِ وَ لَا أَصْغَرَ مِن ذَ لِكَ وَ لَا أَكْبَرَ إِلَا فِى كِتَ_بٍ مُّبِينٍ» . (2)
«وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » . (3)
«وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَ لَ_كِن لَا تُبْصِرُونَ » . (4)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يا ناصِرا غَيرَ مَنصورٍ ، يا شاهِدا غَيرَ غائِبٍ ، يا قَريبا غَيرَ بَعيدٍ . (5)
الإمام عليّ عليه السلام :إِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ عِندَ إِضمارِ كُلِّ مُضمِرٍ ، وقَولِ كُلِّ قائِلٍ ، وعَمَلِ كُلِّ عامِلٍ . (6)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ... يا شاهِدا لا يَغيبُ، يا غالِبا غَيرَ مَغلوبٍ. (7)
.
ص: 290
عنه عليه السلام_ لَمّا قالَ لَهُ ابنُ أَبِي العَوجاءِ : ذَكَرتَ يا أَبا عَبدِ اللّهِ فَأَحَلتَ عَلى غائِبٍ _: وَيلَكَ! كَيفَ يَكونُ غائِبا مَن هُوَ مَعَ خَلقِهِ شاهِدٌ ، وإِلَيهِم أَقرَبُ مِن حَبلِ الوَريدِ ، يَسمَعُ كَلامَهُم ويَرى أَشخاصَهُم ويَعلَمُ أَسرارَهُم . (1)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا شاهِدَ كُلِّ نَجوى ، ويا عالِمَ كُلِّ خَفِيَّةٍ ، ويا شاهِدُ غَيرَ غائِبٍ . (2)
36 / 1 _ 3هُوَ بِكُلِّ مَكانٍالكتاب«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَ مَا فِى الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَ_ثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ وَ لَا أَدْنَى مِن ذَ لِكَ وَ لَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُواْ يَوْمَ الْقِيَ_مَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ » . (3)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :إِنَّ موسى لَمّا نودِيَ مِنَ الشَّجَرَةِ «اخْلَعْ نَعْلَيْكَ» (4) أَسرَعَ الإِجابَةَ ، وتابَعَ التَّلبِيَةَ ، وقالَ : إِنّي أَسمَعُ صَوتَكَ ، وأُحِسُّ وَجسَكَ ، ولا أَرى مَكانَكَ ،
.
ص: 291
فَأَينَ أَنتَ ؟ فَقالَ : أَنا فَوقَكَ وتَحتَكَ ، وأَمامَكَ وخَلفَكَ ، ومُحيطٌ بِكَ ، وأَقرَبُ إِلَيكَ مِن نَفسِكَ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام :إِنَّهُ لَبِكُلِّ مَكانٍ ، وفي كُلِّ حينٍ وأَوانٍ ، ومَعَ كُلِّ إِنسٍ وجانٍّ . (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... المُشاهِدِ لِجَميعِ الأَماكِنِ بِلَا انتِقالٍ إِلَيها . (3)
عنه عليه السلام :مَن زَعَمَ أَنّ إِلهَنا مَحدودٌ فَقَد جَهِلَ الخالِقَ المَعبودَ ، ومَن ذَكَرَ أَنَّ الأَماكِنَ بِهِ تُحيطُ لَزِمَتهُ الحَيرَةُ وَالتَّخليطُ ، بل هُوَ المُحيطُ بِكُلِّ مَكانٍ ، فَإن كُنتَ صادِقا أَيُّهَا المُتَكَلِّفُ لِوَصفِ الرَّحمنِ بِخِلافِ التَّنزيلِ وَالبُرهانِ فَصِف لي جَبرَئيلَ وميكائيلَ وإِسرافيلَ ، هَيهاتَ ، أَتَعجِزُ عَن صفة مَخلوقٍ مِثلِكَ وتَصِفُ الخالِقَ المَعبودَ ! وأنتَ تُدرِكُ صِفَةَ رَبِّ الهَيئَةِ وَالأدَواتِ ، فَكَيفَ مَن لَم تَأَخُذهُ سِنَةٌ ولا نَومٌ لَهُ ما فِي الأَرَضينَ وَالسَّماواتِ وما بَينَهُما وهُوَ رَبُّ العَرشِ العَظيمِ؟! (4)
الإرشاد_ في ذِكرِ خَبرِ يَهودِيٍّ سَأَلَ أَبا بَكرٍ عَنِ اللّهِ تَعالى أَينَ هُوَ؟ فَقالَ لَهُ : فِي السَّماءِ عَلَى العَرشِ _: فَولَّى الحَبرُ مُتَعَجِّبا يَستَهزِئُ بِالإِسلامِ ، فَاستَقبَلَهُ أَميرُ المُؤمَنينَ عليه السلام فَقالَ لَهُ : يا يَهودِيُّ ، قَد عَرَفتُ ما سَأَلتَ عَنهُ وما أُجِبتَ بِهِ ، وإِنّا نَقولُ : إِنَّ اللّهَ _ جَلَّ وعَزَّ _ أَيَّنَ الأَينَ فَلا أَينَ لَهُ ، وجَلَّ عَن أَن يَحوِيَهُ مَكانٌ ، وهو في كُلِّ مَكانٍ بِغَيرِ مُماسَّةٍ ولا مُجاوَرَةٍ ، يُحيطُ عِلما بِما فيها ولا يَخلو شَيءٌ
.
ص: 292
مِنها مِن تَدبيرِهِ ، وإِنّي مُخبِرُكَ بِما جاءَ في كِتابٍ مِن كُتُبِكُم يُصَدِّقُ ما ذَكَرتُهُ لَكَ ، فَإن عَرَفتَهُ أَتُؤمِنُ بِهِ ؟ قالَ اليَهودِيُّ : نَعَم . قالَ : أَلَستُم تَجِدونَ في بَعضِ كُتُبِكُم أَنَّ موسَى بنَ عِمرانَ عليه السلام كانَ ذاتَ يَومٍ جالِسا إِذ جاءَهُ مَلَكٌ مِنَ المَشرِقِ ، فَقالَ لَهُ موسى : مِن أَينَ أَقبَلتَ ؟ قالَ : مِن عِندِ اللّهِ عز و جل، ثُمَّ جاءَهُ مَلَكٌ مِنَ المَغرِبِ فَقالَ لَهُ : مِن أَينَ جِئتَ ؟ قالَ : مِن عِندِ اللّهِ ، وجاءَهُ مَلَكٌ آخَرُ ، فَقالَ : قَد جَئتُكَ مِنَ السَّماءِ السّابِعَةِ مِن عِندِ اللّهِ تَعالى ، وجاءَهُ مَلَكٌ آخَرُ ، فَقالَ : قَد جِئتُكَ مِنَ الأَرضِ السّابِعَةِ السُّفلى مِن عِندِ اللّهِ عَزَّ اسمُهُ . فَقالَ موسى عليه السلام : سُبحانَ مَن لا يَخلو مِنهُ مَكانٌ ، ولا يَكونُ إِلى مَكانٍ أَقرَبَ مِن مَكانٍ . فَقالَ اليَهودِيُّ : أَشهَدُ أَنَّ هذا هُوَ الحَقُّ ، وأَنَّكَ أَحَقُّ بِمَقامِ نَبِيِّكَ مِمَّنِ استَولى عَلَيهِ . (1)
الإمام الحسين عليه السلام :قالَ أَميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أَبي طالبٍ عليه السلام في بَعضِ خُطَبِهِ : مَنِ الَّذي حَضَرَ سِبَختَ الفارِسِيَّ وهُوَ يُكَلِّمُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؟ فَقالَ القَومُ : ما حَضَرَهُ مِنّا أَحَدٌ . فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : لكِنّي كُنتُ مَعَهُ عليه السلام وقَد جاءَهُ سِبَختُ ، وكانَ رَجُلاً مِن مُلوكِ فارِسَ وكانَ ذَرِبا (2) ، فَقالَ : يا مُحَمَّدُ إِلى ما تَدعو ؟
.
ص: 293
قالَ : أَدعو إِلى شَهادَةِ أَن لا إِلهَ إِلَا اللّهُ وَحدَهُ لا شَريكَ لَهُ وأَنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ . فَقالَ سِبَختُ : وأَينَ اللّهُ يا مُحَمَّدُ؟ قالَ : هُوَ في كُلِّ مَكانٍ مَوجودٌ بِآياتِهِ . قالَ : فَكَيفَ هُوَ ؟ فَقالَ : لا كَيفَ لَهُ ولا أَينَ ؛ لِأَنَّهُ عز و جل كَيَّفَ الكَيفَ وأَيَّنَ الأَينَ . قالَ : فَمِن أَينَ جاءَ ؟ قالَ : لا يُقالُ لَهُ : جاءَ ، وإِنَّما يُقالُ : جاءَ لِلزّائِلِ مِن مَكانٍ إِلى مَكانٍ ، ورَبُّنا لا يوصَفُ بِمَكانٍ ولا بِزَوالٍ ، بَل لَم يَزَل بِلا مَكانٍ ولا يَزالُ . فَقالَ : يا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ لَتَصِفُ رَبّا عَظيما بِلا كَيفٍ ، فَكَيفَ لي أَن أَعلَمَ أَنَّهُ أَرسَلَكَ ؟ فَلَم يَبقَ بِحَضرَتِنا ذلِكَ اليَومَ حَجَرٌ ولا مَدَرٌ ولا جَبَلٌ ولا شَجَرٌ ولا حَيَوانٌ إِلّا قالَ مَكانَهُ : أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلّا اللّهُ وأَنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ ، وقُلتُ أَنَا أَيضا : أَشهَدُ أَن لا إِلهَ إِلّا اللّهُ وأَنَّ مُحَمَّدا عَبدُهُ ورَسولُهُ . فَقالَ : يا مُحَمَّدُ مَن هذا ؟ فَقالَ : هذا خَيرُ أَهلي وأَقرَبُ الخَلقِ مِنّي ، لَحمُهُ مِن لَحمي ، ودَمُهُ مِن دَمي ، وروحُهُ مِن روحي ، وهُوَ الوَزيرُ مِنّي في حَياتي ، وَالخَليفَةُ بَعدَ وَفاتي ، كَما كانَ هارونُ مِن موسى إِلّا أَنَّهُ لا نَبيَّ بَعدي ، فَاسمَع لَهُ وأَطِع فَإِنَّهُ عَلَى الحَقِّ ،
.
ص: 294
ثُمَّ سَمّاهُ عَبدَ اللّهِ . (1)
الإمام الباقر عليه السلام :قَدِمَ أُسقُفُ نَجرانَ عَلى عُمَرَ بنِ الخَطّابِ فَقالَ : ... أَخبِرني أَنتَ يا عُمَرُ أَينَ اللّهُ تَعالى ؟ فَغَضِبَ عُمَرُ ، فَقالَ أَميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أنا أُجيبُكَ وسَل عَمّا شِئتَ ، كُنّا عِندَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ذاتَ يَومٍ أَتاهُ مَلَكٌ فَسَلَّمَ ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مِن أَينَ أُرسِلتَ ؟ قالَ : مِن سَبعِ سَماواتٍ مِن عِندِ رَبّي ، ثُمَّ أَتاهُ مَلَكٌ آخَرُ فَسَلَّمَ ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مِن أَينَ أُرسِلتَ ؟ فَقالَ : مِن سَبعِ أَرَضينَ مِن عِندِ رَبّي ، ثُمَّ أَتاهُ مَلَكٌ آخَرُ فَسَلَّمَ ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مِن أَينَ أُرسِلتَ ؟ قالَ : مِن مَشرِقِ الشَّمسِ مِن عِندِ رَبّي ، ثُمَّ أَتاهُ مَلَكٌ آخَرُ ، فَقالَ لَهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مِن أَينَ أُرسِلتَ . فَقالَ : مِن مَغرِبِ الشَّمسِ مِن عِندِ رَبّي ، فَاللّهُ هاهُنا وهاهُنا وهاهُنا فِي السَّماءِ إِلهٌ وفِي الأَرضِ إِلهٌ وهُوَ الحَكيمُ العَليمُ . (2)
عنه عليه السلام :كانَ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله صَديقانِ يَهودِيّانِ ، قَد آمَنا بِموسى رَسولِ اللّهِ ، وأَتَيا مُحَمَّدا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله وَسمِعا مِنهُ ، وقَد كانا قَرَآ التَّوراةَ وصُحُفَ إِبراهيمَ وموسى عليهماالسلام ، وعَلِما عِلمَ الكُتُبِ الأُولى ، فَلَمّا قَبَضَ اللّهُ _ تَبارَكَ وتَعالى _ رَسولَهُ صلى الله عليه و آله أَقبَلا يَسأَلانِ عَن صاحِبِ الأَمرِ بَعدَهُ . . . فَأَرشَدَهُما إِلى عَلِيٍّ _ صَلَواتُ اللّهِ عَلَيهِ _ ، فَلَمّا جاءاهُ فَنَظَرا إِلَيهِ قالَ أَحَدُهُما
.
ص: 295
لِصاحِبِهِ : إِنَّهُ الرَّجُلُ الَّذي نَجِدُ صِفَتَهُ فِي التَّوراةِ أَنَّهُ وَصِيُّ هذَا النَّبِيِّ وخَليفَتُهُ وزَوجُ ابنَتِهِ وأَبُو السِّبطَينِ وَالقائِمُ بِالحَقِّ مِن بَعدِهِ . . . ثُمَّ قالا لَهُ : فَأَينَ رَبُّكَ عز و جل ؟ قالَ لَهُما عَليٌّ _ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ _ : إِن شِئتُما أَنبَأتُكُما بِالَّذي كانَ عَلى عَهدِ نَبِيِّكُما موسى عليه السلام ، وإِن شِئتُما أَنبَأتُكُما بِالَّذي كانَ عَلى عَهدِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله . قالا : أَنبِئنا بِالَّذي كانَ عَلى عَهدِ نَبِيِّنا موسى عليه السلام . قالَ عَلِيٌّ عليه السلام : أَقبَلَ أَربَعَةُ أَملاكٍ : مَلَكٌ مِنَ المَشرِقِ ، ومَلَكٌ مِنَ المَغرِبِ ، ومَلَكٌ مِنَ السَّماءِ ، ومَلَكٌ مِنَ الأَرضِ، فَقالَ صاحِبُ المَشرِقِ لِصاحِبِ المَغرِبِ : مِن أَينَ أَقبَلتَ ؟ قالَ أَقبَلتُ مِن عِندِ رَبّي ، وقالَ صاحِبُ المَغرِبِ لِصاحِبِ المَشرِقِ : مِن أَينَ أَقبَلتَ ؟ قالَ : أَقبَلتُ مِن عِندِ رَبّي ، وقالَ النّازِلُ مِنَ السَّماءِ لِلخارِجِ مِنَ الأَرضِ : مِن أَينَ أَقبَلتَ ؟ قالَ : أَقبَلتُ مِن عِندِ رَبِّي ، وقالَ الخارِجُ مِنَ الأَرضِ لِلنَّازِلِ مِنَ السَّماءِ : مِن أَينَ أَقبَلتَ ؟ قالَ : أَقبَلتُ مِن عِندِ رَبِّي ، فَهذا ما كانَ عَلى عَهدِ نَبِيِّكُما موسى عليه السلام ، وأَمّا ما كانَ عَلى عَهدِ نَبِيِّنا مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله فَذلِكَ قَولُهُ في مُحكَمِ كِتابِهِ : «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَ_ثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ وَ لَا أَدْنَى مِن ذَ لِكَ وَ لَا أَكْثَرَ إِلَا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُواْ» الآية . (1)
.
ص: 296
الإمام الصادق عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَ_ثَةٍ إِلَا هُوَ رَابِعُهُمْ وَ لَا خَمْسَةٍ إِلَا هُوَ سَادِسُهُمْ» قَالَ: هُوَ واحِدٌ وأَحَدِيُّ الذَّاتِ ، بائِنٌ مِن خَلقِهِ ، وبِذاكَ وَصَفَ نَفسَهُ ، وهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ مُحيطٌ بِالإِشرافِ وَالإِحاطَةِ وَالقُدرَةِ «لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِى السَّمَ_وَ تِ وَ لَا فِى الْأَرْضِ وَ لَا أَصْغَرُ مِن ذَ لِكَ وَ لَا أَكْبَرُ» بِالإِحاطَةِ وَالعِلمِ لا بِالذَّاتِ ؛ لِأَنَّ الأَماكِنَ مَحدودَةٌ ، تَحويها حُدودٌ أَربَعَةٌ ، فَإِذا كانَ بِالذَّاتِ لَزِمَهَا الحَوايَةُ (1) . (2)
التوحيد عن أَبي جعفر(3) : سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل «وَ هُوَ اللَّهُ فِى السَّمَ_وَ تِ وَالْأَرْضِ» . قالَ : كَذلِكَ هُوَ فِي كُلِّ مَكانٍ . قُلتُ : بِذاتِهِ . قالَ : وَيحَكَ ، إِنَّ الأَماكِنَ أَقدارٌ ، فَإِذا قُلتَ : في مَكانٍ بِذاتِهِ ، لَزِمَكَ أَن تَقولَ : في أَقدارٍ وغَير ذلِكَ ، ولكِن هُوَ بائِنٌ مِن خَلقِهِ ، مُحيطٌ بِما خَلَقَ عِلما وقُدرَةً وإِحاطَةً وسُلطانا ومُلكا . (4)
الكافي عن هشام بن الحكم :قالَ أَبو شاكِرٍ الدَّيصانِيُّ : إِنَّ فِي القُرآنِ آيَةً هِيَ قَولُنا ، قُلتُ : ما هِيَ ؟ قالَ : «وَ هُوَ الَّذِى فِى السَّمَاءِ إِلَ_هٌ وَ فِى الْأَرْضِ إِلَ_هٌ» ، فَلَم أَدرِ بِما أُجيبُهُ ، فَحَجَجتُ فَخَبَّرتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام ، فَقالَ : هذا كَلامُ زِنديقٍ خَبيثٍ ، إِذا
.
ص: 297
رَجَعتَ إِلَيهِ فَقُل لَهُ : ما اسمُكَ بِالكوفَةِ ؟ فَإِنَّهُ يَقولُ : فُلانٌ ، فَقُل لَهُ : مَا اسمُكَ بِالبَصرَةِ ؟ فَإِنَّهُ يَقولُ : فُلانٌ ، فَقُل : كَذلِكَ اللّهُ رَبُّنا فِي السَّماءِ إِلهٌ ، وفِي الأَرضِ إِلهٌ ، وفِي البِحارِ إِلهٌ ، وفِي القِفارِ إِلهٌ ، وفي كُلِّ مَكانٍ إِلهٌ . قالَ : فَقَدِمتُ فَأَتَيتُ أَبا شاكِرٍ ، فَأَخبَرتُهُ ، فَقالَ : هذِهِ نُقِلَت مِنَ الحِجازِ . (1)
راجع : ج 5 ص 77 (الفصل الخامس والخمسون : القريب) .
36 / 2ما لا يُوصَفُ شُهودُهُ بِهِ36 / 2 _ 1حَوايَةُ الأَماكِنِالإمام عليّ عليه السلام :لا تَحويهِ الأَماكِنُ ، ولا تَضمَنُهُ الأَوقاتُ ، ولا تَحُدُّهُ الصِّفاتُ ، ولا تَأخُذُهُ السِّناتُ . (2)
عنه عليه السلام :لا كانَ في مَكانٍ فَيَجوزَ عَلَيهِ الاِنتِقالُ . (3)
عنه عليه السلام_ لَمّا قالَ لَهُ رَجُلٌ : أَينَ المَعبودُ ؟ _: لا يُقالُ لَهُ : أَينَ ؛ لِأَنَّهُ أَيَّنَ الأَينِيَّةَ ، ولا يُقالُ لَهُ : كَيفَ ؛ لِأَنَّهُ كَيَّفَ الكَيفيَّةَ ، ولا يُقالُ لَهُ : ما هُوَ ؛ لِأَنَّهُ خَلَقَ الماهِيَّةَ . سُبحانَهُ مِن عَظيمٍ تاهَتِ الفِطَنُ في تَيّارِ أَمواجِ عَظَمَتِهِ ، وحَصَرَتِ الأَلبابُ عَن ذِكرِ أَزلِيَّتِهِ ،
.
ص: 298
وتحَيََّرَتِ العُقولُ في أَفلاكِ مَلَكوتِهِ . (1)
عنه عليه السلام :من قالَ : أَينَ ، فَقَد غَيّاهُ . (2)
عنه عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : أَينَ كانَ رَبُّنا قَبلَ أَن يَخلُقَ سَماءً وأَرضا ؟ _: «أَينَ» سُؤالٌ عَن مَكانٍ، وكانَ اللّهُ ولا مَكانَ . (3)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ الَّذي لا يَحويكَ مَكانٌ . (4)
علل الشرائع عن ثابت بن دينار :سَأَلتُ زَينَ العابِدينَ عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ بنِ أَبي طالِبٍ عليه السلام عَنِ اللّهِ _ جَلَّ جَلالُهُ _ هَل يُوصَفُ بِمَكانٍ ؟ فَقالَ : تَعالى عَن ذلِكَ . قُلتُ : فَلِمَ أَسرى بِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله إِلَى السَّماءِ ؟ قالَ : لِيُرِيَهُ مَلَكوتَ السَّماواتِ وما فيها مِن عَجائِبِ صُنعِهِ وبَدائِعِ خَلقِهِ . قُلتُ : فَقَولُ اللّهِ عز و جل : «ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى » (5) قالَ : ذاكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ؛ دَنا مِن حُجُبِ النّورِ فَرَأَى مَلَكوتَ السَّماواتِ ، ثُمَّ تَدَلّى صلى الله عليه و آله فَنَظَرَ مِن تَحتِهِ إِلى مَلَكوتِ الأَرضِ حَتّى ظَنَّ أَنَّهُ فِي القُربِ مِنَ الأَرضِ
.
ص: 299
كَقابِ قَوسَينِ أَو أَدنى . (1)
من لا يحضره الفقيه عن زيد بن عليّ :سَأَلتُ أَبي سَيِّدَ العابِدينَ عليه السلام فَقُلتُ لَهُ ... : يا أَبَه ، أَلَيسَ اللّهُ _ جَلَّ ذِكرُهُ _ لا يوصَفُ بِمَكانٍ ؟ فَقالَ : بَلى ، تَعالَى اللّهُ عَن ذلِكَ عُلُوّا كَبيرا . قُلتُ : فَما مَعنى قَولِ موسى عليه السلام لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : اِرجِع إِلى رَبِّكَ ؟ فَقالَ : مَعناهُ مَعنى قَولِ إِبراهيمَ عليه السلام : «إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّى سَيَهْدِينِ » (2) ومَعنى قَولِ موسى عليه السلام : «وَ عَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى » (3) ومَعنى قَولِهِ عز و جل : «فَفِرُّواْ إِلَى اللَّهِ» (4) ، يَعني : حُجّوا إِلى بَيتِ اللّهِ . يا بُنَيَّ إِنَّ الكَعبَةَ بَيتُ اللّهِ فَمَن حَجَّ بَيتَ اللّهِ فَقَد قَصَدَ إِلَى اللّهِ ، وَالمَساجِدَ بُيوتُ اللّهِ ، فَمَن سَعى إِلَيها فَقَد سَعى إِلَى اللّهِ وقَصَدَ إِلَيهِ ، وَالمُصَلّي ما دامَ في صَلاتِهِ فَهُوَ واقِفٌ بَينَ يَدَيِ اللّهِ عز و جل ؛ فَإِنَّ للّهِِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ بِقاعا في سَماواتِهِ ، فَمَن عُرِجَ بِهِ إِلى بُقعَةٍ مِنها فَقَد عُرِجَ بِهِ إِلَيهِ أَلا تَسمَعُ اللّهَ عز و جل يَقولُ : «تَعْرُجُ الْمَلَ_ئِكَةُ وَ الرُّوحُ إِلَيْهِ» (5) ويَقولُ عز و جل : «إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّ__لِحُ يَرْفَعُهُ» (6) . (7)
.
ص: 300
الكافي عن زرارة :قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍ عليه السلام : أَكانَ اللّهُ ولا شَيءَ ؟ قالَ : نَعَم ، كانَ ولا شَيءَ . قُلتُ : فَأَينَ كانَ يَكونُ ؟ وكانَ مُتَّكِئَا فَاستَوى جالِسا ، وقالَ : أَحَلتَ يا زُرارَةُ ، وسَأَلتَ عَنِ المَكانِ إِذ لا مَكانَ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ يَهودِيّا يُقالُ لَهُ : سِبَختُ ، جاءَ إِلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَقالَ : يا رَسولَ اللّهِ ، جِئتُ أَسأَ لُكَ عَن رَبِّكَ ، فَإِن أَنتَ أَجَبتَني عَمّا أَسأَ لُكَ عَنهُ وإِلّا رَجَعتُ . قالَ : سَل عَمّا شِئتَ . قالَ : أَينَ رَبُّكَ ؟ قالَ : هُوَ في كُلِّ مَكانٍ ولَيسَ في شَيءٍ مِنَ المَكانِ المَحدودِ . قالَ : وكَيفَ هُوَ ؟ قالَ : وكَيفَ أَصِفُ رَبّي بِالكَيفِ وَالكَيفُ مَخلوقٌ ، وَاللّهُ لا يوصَفُ بِخَلقِهِ . (2)
عنه عليه السلام_ لَمّا سَأَلَهُ ابنُ أَبِي العَوجاءِ : أَهُوَ في كُلِّ مَكانٍ ؟ أَلَيسَ إِذا كانَ في السَّماءِ كَيفَ يَكونُ فِي الأَرضِ ، وإِذا كانَ فِي الأَرضِ كَيفَ يَكونُ فِي السَّماءِ ؟! _: إِنَّما
.
ص: 301
وَصَفتَ المَخلوقَ الَّذي إِذَا انتَقَلَ عَن مَكانٍ اِشتَغَلَ بِهِ مَكانٌ وخَلا مِنهُ مَكانٌ ؛ فَلا يَدري فِي المَكانٍ الَّذي صارَ إِلَيهِ ما يَحدُثُ في المَكانِ الَّذي كانَ فيهِ ، فَأَمَّا اللّهُ العَظيمُ الشَّأنُ المَلِكُ الدَّيّانُ فَلا يَخلو مِنهُ مَكانٌ ، ولا يَشتَغِلُ بِهِ مَكانٌ ، ولا يَكونُ إِلى مَكانٍ أَقرَبَ مِنهُ إِلى مَكانٍ . (1)
الإمام الكاظم عليه السلام :لا تُحيطُ بِهِ الأَقطارُ ، ولا يَحويهِ مَكانٌ ، ولا تُدرِكُهُ الأَبصارُ وهُوَ يُدرِكُ الأَبصارَ ، وهُوَ اللَّطيفُ الخَبيرُ . (2)
عنه عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : لِأَيِّ عِلَّةٍ عَرَجَ اللّهُ بِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله إِلَى السَّماءِ ، ومِنها إِلى سِدرَةِ المُنتَهى ، ومِنهُما إِلى حُجُبِ النّورِ ، وخاطَبَهُ وناجاهُ هُناكَ وَاللّهُ لا يُوصَفُ بِمَكانٍ ؟ قال _ : إِنَّ اللّهَ _تَبارَكَ وتَعالى _ لا يوصَفُ بِمَكانٍ ولا يَجري عَلَيهِ زَمانٌ ، ولكِنَّهُ عز و جل أَرادَ أَن يُشَرِّفَ بِهِ مَلائِكَتَهُ وسُكّانَ سَماواتِهِ ويُكرِمَهُم بِمُشاهَدَتِهِ ، ويُرِيَهُ مِن عَجائِبِ عَظَمَتِهِ ما يُخبِرُ بِهِ بَعدَ هُبوطِهِ ، ولَيسَ ذلِكَ عَلى ما يَقولُ المُشَبِّهونَ ، سُبحانَ اللّهِ وتَعالى عَمّا يُشرِكونَ . (3)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ كانَ لَم يَزَل بِلا زَمانٍ ولا مَكانٍ ، وهُوَ الآنَ
.
ص: 302
كَما كانَ لا يَخلو مِنهُ مَكانٌ ، ولا يَشغَلُ بِهِ مَكانٌ ، ولا يَحُلُّ في مَكانٍ . (1)
الإمام الرضا عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يوصَفُ بِمَكانٍ ، ولا يُدرَكُ بِالأَبصارِ وَالأَوهامِ . (2)
معاني الأخبار عن الحسن بن فضّال :سَأَلتُ الرِّضا عَلِيَّ بنَ موسى عليهماالسلامعَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «كَلَا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَ_ئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ » (3) فَقالَ : إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يوصَفُ بِمَكانٍ يَحُلُّ فيهِ فَيُحجَبَ عَنهُ فيهِ عِبادُهُ ، ولكِنَّهُ عز و جليَعني أَنَّهُم عَن ثَواب رَبِّهِم مَحجوبونَ . وسَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «وَ جَاءَ رَبُّكَ وَ الْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا » (4) ، فَقالَ : إِنَّ اللّهَ عز و جل لا يوصَفُ بِالمَجيءِ وَالذَّهابِ ، تَعالى عَنِ الاِنتِقالِ ، إِنَّما يَعني بِذلِكَ : وجاءَ أَمرُ رَبِّكَ وَالمَلَك صَفّا صَفّا . وسَأَلتُهُ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «هَلْ يَنظُرُونَ إِلَا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِى ظُ_لَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَ_ئِكَةُ» (5) قالَ : يَقولُ : هَل يَنظُرونَ إِلّا أَن يَأتِيَهُمُ اللّهُ بِالمَلائِكَةِ في ظُلَلٍ مِنَ الغَمامِ وهكَذا نَزَلَت . (6)
.
ص: 303
36 / 2 _ 2الوُلوجُ فِي الأَشياءِالإمام عليّ عليه السلام_ مِن خُطبَةٍ لَهُ فِي التَّوحيدِ _: لا أَنَّ الأَشياءَ تَحويهِ فَتُقِلَّهُ أَو تُهوِيَهُ ، أَو أَنَّ شَيئا يَحمِلُهُ فَيُميلَهُ أَو يُعَدِّلَهُ ، لَيسَ فِي الأَشياءِ بِوالِجٍ ، ولا عَنها بِخارِجٍ . (1)
عنه عليه السلام :لَم يَحلُل فيهَا [الأَشياء] فَيُقالَ : هُوَ فيها كائِنٌ ، ولَم يَن ءَ عَنها فَيُقالَ : هُوَ مِنها بائِنٌ . (2)
عنه عليه السلام :فِي الأَشياءِ كُلِّها غَيرُ مُتَمازِجٍ بِها ، ولا بائِنٌ مِنها . (3)
عنه عليه السلام :فارَقَ الأَشياءَ لا عَلَى اختِلافِ الأَماكِنِ ، ويَكونُ فيها لا عَلى وَجهِ المُمازَجَةِ . (4)
عنه عليه السلام :مَن قالَ : عَلامَ ؟ فَقَد أَخلى مِنهُ ، ومَن قالَ : فيمَ ؟ فَقَد ضَمَّنَهُ . (5)
.
ص: 304
عنه عليه السلام :البائِنُ لا بِتَراخي مَسافَةٍ . (1)
عنه عليه السلام :بانَ مِنَ الأَشياءِ بِالقَهرِ لَها وَالقُدرَةِ عَلَيها ، وبانَتِ الأَشياءُ مِنهُ بِالخُضوعِ لَهُ وَالرُّجوعِ إِلَيهِ . (2)
الإمام الحسين عليه السلام_ في صِفَةِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: هُوَ فِي الأَشياءِ كائِنٌ لا كَينونَةَ مَحظورٍ بِها عَلَيهِ ، ومِنَ الأَشياءِ بائِنٌ لا بَينونَةَ غائِبٍ عَنها ، لَيسَ بِقادِرٍ مَن قارَنَهُ ضِدٌّ ، أَو ساواهُ نِدٌّ ، لَيسَ عَنِ الدَّهرِ قِدَمُهُ ، ولا بِالنّاحِيَةِ أَمَمُهُ ، احتَجَبَ عَنِ العُقولِ ، كَمَا احتَجَبَ عَنِ الأَبصارِ ، وعَمَّن فِي السَّماءِ احتِجابُهُ كَمَن فِي الأَرضِ ، قُربُهُ كَرامَتُهُ ، وبُعدُهُ إِهانَتُهُ . (3)
الإمام الصادق عليه السلام :لا خَلقُهُ فيهِ ، ولا هُوَ فِي خَلقِهِ . (4)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ خِلوٌ مِن خَلقِهِ وخَلقُهُ خِلوٌ مِنهُ ، وكُلُّ ما وَقَعَ عَلَيهِ اِسمُ شَيءٍ ما خَلا اللّهَ فَهُوَ مَخلوقٌ وَاللّهُ خالِقُ كُلِّ شَيءٍ ، تَبارَكَ الَّذي لَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ . (5)
عنه عليه السلام :هُوَ . . . بائِنٌ مِن خَلقِهِ . (6)
.
ص: 305
تعليق :يثبت أَميرالمؤمنين علي عليه السلام في بعض المواضع البينونة بين الخالق والمخلوق ، وينفيها في مواضع أُخرى ، والمراد من البينونة إِثبات التباين الذاتي والوصفيّ ، يعني أَنّه ليس هناك أَي صفة من صفات الذات الإلهية تشبه صفة المخلوقات ، فاللّه سبحانه قاهر قادر ذاتا ، والمخلوقات خاضعة فقيرة عاجزة ذاتا ، والمراد غير الصحيح من البينونة هو البينونة المكانية ؛ لأَنّ اللّه تعالى ليس له مكان ، حتّى يصبح بائنا عن مخلوقاته من حيث المكان ؛ لأَنّ المكان من صفات المخلوقات ، وما جاء في بعض العبارات من صفة المكان ؛ فإنّه يعني إِحاطة علمه بالمكان ولا يعني حلوله فيه ، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا .
36 / 3حِكمَةُ رَفعِ اليَدَينِ فِي الدُّعاءِالإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام: إِنَّ أَميرَ المُؤمِنينَ عليه السلام قالَ : إِذا فَرَغَ أَحَدُكُم مِنَ الصَّلاةِ فَليَرفَع يَدَيهِ إِلَى السَّماءِ وليَنصَب فِي الدُّعاءِ ، فَقالَ عَبدُ اللّهِ بنُ سَبَأ : يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، ألَيسَ اللّهُ في كُلِّ مَكانٍ ؟ فَقالَ : بَلى . قالَ : فَلِمَ يَرفَعُ يَدَيهِ إِلَى السَّماءِ ؟ قالَ : أَما تَقَرَأُ فِي القُرآنِ «وَ فِى السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَ مَا تُوعَدُونَ» (1) فَمِن أَينَ يُطلَبُ الرِّزقُ إِلّا مِن مَوضِعِهِ ، ومَوضِعُ الرِّزقِ وما وَعَدَ اللّهُ السَّماءُ . (2)
.
ص: 306
الإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ : مَا الفَرقُ بَينَ أَن تَرفَعوا أَيدِيَكُم إِلَى السَّماءِ وبَينَ أَن تَخفِضوها نَحوَ الأَرضِ ؟ قال _: ذلِكَ في عِلمِهِ وإِحاطَتِهِ وقُدرَتِهِ سَواءٌ ، ولكِنَّهُ عز و جلأَمرَ أَولِيائَهُ وعِبادَهُ بِرَفعِ أَيديهِم إِلَى السَّماءِ نَحوَ العَرشِ ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَعدِنَ الرِّزقِ ، فَثَبَّتنا ما ثَبَّتَهُ القُرآنُ وَالأَخبارُ عَنِ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله حينَ قالَ : اِرفَعوا أَيدِيَكُم إِلَى اللّهِ عز و جل . وهذا يُجمِعُ عَلَيهِ فِرَقُ الأُمَّةِ كُلُّها . (1)
.
ص: 307
الفصل السابع والثلاثون: الصّادقالصَّادق لغةً«الصَّادق» اسم فاعل من مادّة «صدق» وهو يدلّ على قوّة في الشيء قولاً وغيره ، من ذلك الصدق: خلاف الكذب ، سمّي لقوّته في نفسه ؛ ولأَنّ الكذب لا قوّة له ، وهو باطل ، وأَصل هذا من قولهم شيء صدق ، أَي: صُلب (1) .
الصَّادق في القرآن والحديثوردت مشتقّات مادّة «صدق» منسوبة إِلى اللّه تعالى في القرآن الكريم اثنتي عشرة مرّة (2) ، ووُصف اللّه سبحانه في هذه الآيات بالصدق في القول والحديث حينا ، وبالصدق في الوعد حينا آخر ، وبالصدق مطلقا حينا ثالثا. وينبغي أَن نقول في وجه المناسبة بين صدق اللّه في الكلام والوعد وبين المعنى اللغويّ للصدق ، أَي : القوّة : واللّه تعالى لقوّة كلامه ووعده صادق الكلام وصادق
.
ص: 308
الوعد ، أَي : إِنّ كلامه مطابق للواقع ، لا كذب فيه وهو لا يخلف الميعاد ، بل هو أَصدق الصادقين ؛ لأَنّه أَقوى الأَقوياء وكلّ قوّة منه تعالى .
37 / 1أصدَقُ الصَّادِقينَالكتاب«وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً» . (1)
«وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا» . (2)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ بِاسمِكَ... يا أَحكَمَ الحاكِمينَ، يا أَعدَلَ العادِلينَ، يا أَصدَقَ الصّادِقينَ. (3)
الإمام الصادق عليه السلام :يا مَن يَحكُمُ ما يَشاءُ ويَفعَلُ ما يُريدُ... يا أَصدَقَ الصّادِقينَ، ويا أَرحَمَ الرّاحِمينَ. (4)
الإمام عليّ عليه السلام_ في أَبياتٍ نُسِبَت إِلَيهِ _: ولا تَبخَسَنَّهُ (5) حَقَّهُ وَاردُدِ الوَرى إِلَيهِ فَإِنَّ اللّهَ أَصدَقُ قائِلِ (6)
.
ص: 309
37 / 2صادِقُ الوَعدِالكتاب«وَ قَالُواْ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِى صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَ_مِلِينَ» . (1)
«ثُمَّ صَدَقْنَ_هُمُ الْوَعْدَ فَأَنجَيْنَ_هُمْ وَ مَن نَّشَاءُ وَ أَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ» . (2)
«وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَ_زَعْتُمْ فِى الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْاخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ». (3)
«لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَ لِكَ فَتْحًا قَرِيبًا» . (4)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ باعِثَ الحَمدِ، ووارِثَ الحَمدِ، وبَديعَ الحَمدِ، ومُبتَدِعَ الحَمدِ، ووافِيَ العَهدِ، وصادِقَ الوَعدِ، وعَزيزَ الجُندِ، قَديمَ المَجدِ. (5)
بحار الأنوار_ فِي الدُّعاءِ عِندَ قَبرِ الحُسَينِ عليه السلام _: الحَمدُ للّهِِ النّافِذِ أَمرُهُ، الصّادِقِ وَعدُهُ، لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ، وهُوَ السَّميعُ العَليمُ. (6)
.
ص: 310
37 / 3صادِقُ الكَلامِالكتاب«وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَ_تِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ» . (1)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :اللّهُمَّ لَكَ الحَمدُ مُقسِطَ (2) المِيزانِ، رَفيعَ المَكانِ، قاضِيَ البُرهانِ، صادِقَ الكَلامِ، ذَا الجَلالِ وَالإِكرامِ. (3)
.
ص: 311
الفصل الثامن والثلاثون: الصّمدالصَّمد لغةً«الصَّمد» صفة مشبهة من مادّة «صمد» . وله معنيان : أَحدهما: القصد ، والآخر : الصلابة في الشيء (1) . إِنّ إِطلاق اسم «الصَّمد» على اللّه سبحانه في ضوء المعنى الأَوّل يعود إِلى أَنّ اللّه هو السيّد المصمود إِليه في الحوائج ، وفي ضوء المعنى الثاني يعود إِلى أَنّ اللّه هو الذي لا جوف له ، والقصد من «لا جوف له» خلوّه من النقص ، ومن هنا فصمديّته تعالى تعني أَنّه الوجود المطلق ، ولا سبيل للنقص إِلى ذاته المقدّسة ، وعلى هذا الأَساس ، لا يصحّ إِشكال المرحوم الكلينيّ الذي يستلزم تفسيره الثاني ، أَي فيه تشبيه الخالق بالمخلوق (2) .
الصَّمد في القرآن والحديثلقد وردت صفة «الصَّمد» مرّةً واحدةً في القرآن الكريم (3) ، وقد فَسّرت الأَحاديث
.
ص: 312
صفة «الصَّمد» بكلا المعنيين المذكورين في البحث اللغويّ. وتشير بعض التعابير مثل «السَّيِّدُ المَصمودُ إِلَيهِ فِي القَليلِ وَالكَثيرِ» (1) إِلى المعنى الأَوّل ، وبعضها يشير إِلى المعنى الثاني نحو: «الصَّمَدُ الَّذي لا جَوفَ لُهُ» (2) ، والملاحظة اللافتة للنظر في الأَحاديث هي أَنّ صفات سلبيّة عديدة قد تُطرح في تفسير الصَّمد أَحيانا ، وهذا اللون من التفسير هو من لوازم المعنى الثاني للصَّمد ؛ ذلك أَنّ الكمال المطلق للّه يقتضي أَن نسلب منه جميع النقائص .
38 / 1الصَّمَدُ الّذي لا جَوفَ لَهُرسول اللّه صلى الله عليه و آله :الصَّمَدُ الَّذي لا جَوفَ لَهُ . (3)
الإمام الحسين عليه السلام :الصَّمَدُ : الَّذي لا جَوفَ لَهُ، وَالصَّمَدُ: الَّذي بِهِ اِنتَهى سُؤدَدُهُ، وَالصَّمَدُ: الَّذي لا يَأكُلُ ولا يَشرَبُ ، وَالصَّمَدُ : الَّذي لا يَنامُ ، وَالصَّمَدُ الَّذي لَم يَزَل ولا يَزالُ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : مَا الصَّمَدُ؟ قالَ _: الَّذي لَيسَ بِمُجَوَّفٍ . (5)
راجع : ص 343 ح 4902 .
.
ص: 313
38 / 2الصَّمَدُ القائِمُ بِنَفسِهِالإمام الباقر عليه السلام :كانَ مُحَمَّدُ بنُ الحَنَفِيَّةِ رضى الله عنه يَقولُ : الصَّمَدُ القائِمُ بِنَفسِهِ الغَنِيُّ عَن غَيرِهِ ، وقالَ غَيرُهُ : الصَّمَدُ المُتَعالي عَنِ الكَونِ وَالفَسادِ ، وَالصَّمَدُ الَّذي لا يُوصَفُ بِالتَّغايُرِ . (1)
38 / 3الصَّمَدُ الّذي يَصمدُ إلَيهِ كُلُّ شَيءٍالإمام الباقر عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن شَيءٍ مِنَ التَّوحيدِ _: إِنَّ اللّهَ تَبارَكَت أَسماؤُهُ الَّتي يُدعى بِها ، وتَعالى في عُلُوِّ كُنهِهِ ، واحِدٌ تَوَحَّدَ بِالتَّوحيدِ في تَوَحُّدِهِ ، ثُمَّ أَجراهُ عَلى خَلقِهِ ، فَهُوَ واحِدٌ صَمَدٌ قُدّوسٌ ، يَعبُدُهُ كُلُّ شَيءٍ ، ويَصمُدُ إِلَيهِ كُلُّ شَيءٍ ، ووَسِعَ كُلَّ شَيءٍ عِلما . (2)
الإمام الجواد عليه السلام_ لَمّا قيلَ لَهُ : مَا الصَّمَدُ ؟ قالَ _: السَّيِّدُ المَصمودُ إِلَيهِ فِي القَليلِ وَالكَثيرِ . (3)
.
ص: 314
38 / 4الصَّمَدُ السَّيِّدُ المُطاعُالإمام الباقر عليه السلام :الصَّمَدُ : السَّيِّدُ المُطاعُ ، الَّذي لَيسَ فَوقَهُ آمِرٌ وناهٍ . (1)
38 / 5الصَّمَدُ مَن اجتَمَعَ فيهِ الصِفاتُ السَّلبِيَّةُسنن الترمذي عن اُبيّ بن كعب :إِنَّ المُشرِكينَ قالوا لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : اِنسِب لَنا رَبَّكَ ، فَأَنزَلَ اللّهُ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ » (2) فَالصَّمَدُ : الَّذي لَم يَلِد ولَم يُولَد ؛ لِأَنَّهُ لَيسَ شَيءٌ يُولَدُ إِلّا سَيَموتُ ، ولا شَيءٌ يَموتُ إِلّا سَيورَثُ ، وإِنَّ اللّهَ عز و جللا يَموتُ ولا يورَثُ «وَ لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد » . (3) قالَ : لَم يَكُن لَهُ شَبيهٌ ولا عَدلٌ ولَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ . (4)
الإمام عليّ عليه السلام :تَأويلُ الصَّمَدِ لا اسمٌ ولا جِسمٌ ، ولا مِثلٌ ولا شِبهٌ ، ولا صورَةٌ ولا تِمثالٌ ، ولا حَدٌّ ولا مَحدودٌ ، ولا مَوضِعٌ ولا مَكانٌ ، ولا كَيفٌ ولا أَينٌ ، ولا هُنا ولا ثَمَّة ، ولا عَلى ولا خَلاءٌ ولا مَلاءٌ ، ولا قِيامٌ ولا قُعودٌ ، ولا سُكونٌ ولا حَرَكاتٌ ، ولا ظُلمانِيٌّ ولا نورانِيٌّ ، ولا روحانِيٌّ ولا نَفسانِيٌّ ، ولا يَخلو مِنهُ مَوضِعٌ ولا يَسَعُهُ مَوضِعٌ ، ولا عَلى لَونٍ ، ولا عَلى خَطَرِ قَلبٍ ، ولا عَلى شَمِّ رائِحَةٍ ، مَنفِيٌّ مِن
.
ص: 315
هذِهِ الأَشياءِ . (1)
عنه عليه السلام :صَمَدٌ لا بِتَبعيضِ بَددٍ (2) . (3)
الإمام الحسين عليه السلام :إِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ قَد فَسَّرَ الصَّمَدَ ، فَقالَ : «اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ » . ثُمَّ فَسَّرَهُ ، فَقالَ : «لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَد * وَ لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَد » . (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام :الصَّمَدُ : الَّذي لا شَريكَ لَهُ ، ولا يَؤودُهُ حِفظُ شَيءٍ ، ولا يَعزُبُ عَنهُ شَيءٌ . (5)
الإمام الباقر عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي مَنَّ عَلَينا ووَفَّقَنا لِعِبادَتِهِ ، الأَحَدِ الصَّمَدِ الَّذي لَم يَلِد ولَم يُولَد ولَم يَكُن لَهُ كُفُوا أَحَدٌ ، وجَنَّبَنا عِبادَةَ الأَوثانِ ، حَمدا سَرمَدا وشُكرا واصِبا . (6)
الإمام الكاظم عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ الصَّمَدُ الَّذي لا يَطعَمُ . (7)
الإمام الرضا عليه السلام :ولا صَمَدَ صَمدَهُ مَن أَشارَ إِلَيهِ . (8)
.
ص: 316
تحف العقول عن داوود بن القاسم :سَأَلتُهُ [الجوادَ عليه السلام ] عَنِ الصَّمَدِ ؟ فَقالَ عليه السلام : الَّذي لا سُرَّةَ (1) لَهُ . قُلتُ : فَإِنَّهُم يَقولونَ : إِنَّهُ الَّذي لا جَوفَ لَهُ ؟ فَقالَ عليه السلام : كُلُّ ذي جَوفٍ لَهُ سُرَّةٌ . (2)
.
ص: 317
الفصل التاسع والثلاثون: الظّاهر ، الباطنالظَّاهر والباطن لغةً«الظَّاهر» اسم فاعل من مادّة «ظهر» وهو يدلّ على قوّة وبروز ، ومن ذلك ظهر الشيء ، يظهر ظهورا ، فهو ظاهر ، إِذا انكشف وبرز ؛ ولذلك سمّي وقت الظهر والظهيرة، وهو أَظهر أَوقات النهار وأَضوؤها ، والأَصل فيه ظهر الإنسان وهو خلاف بطنه ، وهو يجمع البُروز والقوّة (1) . و«الباطن» اسم فاعل من مادّة «بطن» وهو خلاف الظهر والانكشاف . باطن الأَمر: دَخْلَتُه ، خلاف ظاهره (2) .
الظَّاهر والباطن في القرآن والحديثلقد ورد كلّ من الظَّاهر والباطن في القرآن الكريم مرة واحدة: «هُوَ الْأَوَّلُ وَ الْاخِرُ وَ الظَّ_هِرُ وَ الْبَاطِنُ وَ هُوَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيمٌ» (3) ، وقد استُنبط في الأَحاديث من ظهور اللّه
.
ص: 318
تعالى معنى سلطانه وقهره وغلبته على المخلوقات تارة ، ومعنى ظهوره على القوى المدركه للإنسان عن طريق الآثار وعلامات التدبير تارة أُخرى ، حيث ينطبق هذان المعنيان على مفهوم القوّة والبروز المذكورين في اللّغة لكلمة «ظهر» . أَمّا صفة البطون للّه ، فقسم من الأَحاديث ، يقول إِنّها تعني علم اللّه ببواطن الأُمور ، وقسم منها فسّرها بعجز الفكر البشريّ عن الإحاطة بالذات الإلهيّة . إنّ السؤال الذي يمكن أَن يُثار حول هاتين الصفتين وكيف تُطلَق هاتان الصفتان المتضادتان على اللّه في آنٍ واحدٍ؟ يقول أَمير المؤمنين عليّ عليه السلام في الجواب عن هذا السؤال ما مضمونه أَنّ حيثيّة الظهور هي غير حيثيّة البطون ، وأَنّ اللّه سبحانه ظاهر على العقول من حيث أَفعاله ، لكنّه باطن عنها من حيث ذاته ، ولا يتيسّر للإنسان بقواه المدركة أَن يُحيط بالذات الإلهيّة . لقد أَشار بعض الأَحاديث إِلى المعاني الخاطئة لصفتي الظهور والبطون أَيضا ، فمثلاً ظهور اللّه ليس بمعنى إِمكان رؤيته الحسّيّة ، كما إِنّه لا يحاذي شيئا ، وبطون اللّه ليس بمعنى اللطافة والدخول في شيء والاختفاء فيه .
39 / 1صِفَةُ ظُهورِهِ وبُطونِهِرسول اللّه صلى الله عليه و آله :هُوَ الظّاهِرُ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ ، وهُوَ الباطِنُ دونَ كُلِّ شَيءٍ ، وهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ . (1)
.
ص: 319
عنه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: أَنتَ الظّاهِرُ فَلَيسَ فَوقَكَ شَيءٌ ، وأَنتَ الباطِنُ فَلَيسَ دونَكَ شَيءٌ . (1)
عنه صلى الله عليه و آله :هُوَ الظّاهِرُ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ ولَيسَ فَوقَهُ شَيءٌ ، وهُوَ الباطِنُ دونَ كُلِّ شَيءٍ ولَيسَ دونَهُ شَيءٌ ، وهُوَ بِكُلِّ شَيءٍ عَليمٌ . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :الظّاهِرُ فَلا شَيءَ فَوقَهُ ، وَالباطِنُ فَلا شَيءَ دونَهُ . (3)
عنه عليه السلام :هُوَ الظّاهِرُ عَلَيها بِسُلطانِهِ وعَظَمَتِهِ، وهُوَ الباطِنُ لَها بِعِلمِهِ ومَعرِفَتِهِ. (4)
عنه عليه السلام :الظّاهِرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ بِالقَهرِ لَهُ . (5)
عنه عليه السلام :الَّذي بَطَنَ مِن خَفِيّاتِ الأُمورِ ، وظَهَرَ فِي العُقول بِما يُرى في خَلقِهِ مِن عَلاماتِ التَّدبيرِ . (6)
عنه عليه السلام :الظّاهِرُ لِقُلوبِهِم بِحُجَّتِهِ . (7)
عنه عليه السلام :الظّاهِرُ بِعَجائِبِ تَدبيرِهِ لِلنّاظِرينَ ، وَالباطِنُ بِجَلالِ عِزَّتِهِ عَن فِكرِ المُتَوَهِّمينَ . (8)
.
ص: 320
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَم تَسبِق لَهُ حالٌ حالاً ، فَيَكونَ أَوَّلاً قَبلَ أَن يَكونَ آخِرا ، ويَكونَ ظاهِرا قَبلَ أَن يَكونَ باطِنا . . . كُلُّ ظاهِرٍ غَيرُهُ باطِنٌ ، وكُلُّ باطِنٍ غَيرُهُ غَيرُ ظاهِرٍ . (1)
عنه عليه السلام :لا يُجِنُّهُ (2) البُطونُ عَنِ الظُّهورِ ، ولا يَقطَعُهُ الظُّهورُ عَنِ البُطونِ ، قَرُبَ فَنَأى ، وعَلا فَدَنا ، وظَهَرَ فَبَطَنَ ، وبَطَنَ فَعَلَنَ . (3)
الإمام الرضا عليه السلام :وأَمَّا الظّاهِرُ فَلَيسَ مِن أَجلِ أَنَّهُ عَلَا الأَشياءَ بِرُكوبٍ فَوقَها وقُعودٍ عَلَيها وتَسَنُّمٍ لِذُراها ، ولكِن ذلِكَ لِقَهرِهِ ولِغَلَبَتِهِ الأَشياءَ وقُدرَتِهِ عَلَيها ، كَقَولِ الرَّجُلِ : ظَهَرتُ عَلى أَعدائي وأَظهَرَنِي اللّهُ عَلى خَصمي ، يُخبِرُ عَنِ الفَلجِ وَالغَلَبَةِ ، فَهكَذا ظُهورُ اللّهِ عَلَى الأَشياءِ . ووَجهٌ آخَرُ أَنَّهُ الظّاهِرُ لِمَن أَرادَهُ ، ولا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ ، وأَنَّهُ مُدَبِّرٌ لِكُلِّ ما بَرَأَ ، فَأَيُّ ظاهِرٍ أظهَرُ وأَوضَحُ مِنَ اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى؟ لِأَنَّكَ لا تَعدَمُ صَنعَتَهُ حَيثُما تَوَجَّهَت ، وفيكَ مِن آثارِهِ ما يُغنيكَ ، وَالظّاهِرُ مِنّا البارِزُ بِنَفسِهِ وَالمَعلومُ بِحَدِّهِ ، فَقَد جَمَعَنَا الاِسمُ ولَم يَجمَعنَا المَعنى . وأَمَّا الباطِنُ فَلَيسَ عَلى مَعنَى الاِستِبطانِ لِلأَشياءِ ؛ بِأَن يَغورَ فيها ، ولكِن ذلِكَ مِنهُ عَلى استِبطانِهِ لِلأَشياءِ عِلما وحِفظا وتَدبيرا ، كَقولِ القائِلِ : أَبطَنتُهُ ، يَعني خَبَرتُهُ وعَلِمتُ مَكتومَ سِرِّهِ ، وَالباطِنُ مِنَّا الغائِبُ فِي الشَّيءِ المُستَتِرُ ، وقَد جَمَعَنَا الاِسمُ وَاختَلَفَ المَعنى . (4)
.
ص: 321
39 / 2ما لا يُوصَفُ ظُهورُهُ وبُطونُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :الظّاهِرُ لا بِرُؤيَةٍ ، وَالباطِنُ لا بِلَطافَةٍ . (1)
عنه عليه السلام :الظّاهِرُ لا يُقالُ «مِمَّ» ، وَالباطِنُ لا يُقالُ «فيمَ» . (2)
عنه عليه السلام :الباطِنُ لا بِاجتِنانٍ (3) ، وَالظَّاهِرُ البائِنُ لا بِتَراخي مَسافَةٍ . (4)
عنه عليه السلام :باطِنٌ لا بِمُداخَلَةٍ ، ظاهِرٌ لا بِمُزايَلَةٍ . (5)
عنه عليه السلام :الباطِنُ لا بِاجتِنانٍ ، الظّاهِرُ لا بِمُحاذٍ . (6)
الإمام الرضا عليه السلام :ظاهِرٌ لا بِتَأويلِ المُباشَرَةِ ، مُتَجَلٍّ لا بِاستِهلالِ رُؤيَةٍ ، باطِنٌ لا بِمُزايَلَةٍ . (7)
راجع : ج 5 ص 15 (الفصل السادس والأربعون : الغائب) .
.
ص: 322
. .
ص: 323
الفصل الأربعون: العادلالعادل لغةً واصطلاحا«العادل» اسم فاعل من مادّة «عدل» وله معنيان متضادّان: أَحدهما الاستواء ، والآخر الاعوجاج (1) ، واسم «العادل» مشتقّ من المعنى الأَوّل ، والعدل: الحكم بالحقّ (2) . فالعدل يعني إذا رعاية الحقّ وإِعطاء الحقّ صاحبَه ، وفي مقابله الظلم والجور وهو تضييع الحقوق وانتهاك حقوق الآخرين (3) ، ويستعمل العدل الإلهيّ في اصطلاح متكلّمي الإماميّة بمعنىً أَعمّ ، وهو تنزيه الباري عن فعل القبيح والإخلال بالواجب (4) ، وانطلاقا من هذا تدلّ صفة العدل على أَنّ أَفعال اللّه سبحانه حسنة ، وأَنّه لا يرتكب القبيح .
.
ص: 324
العادل في القرآن والحديثلقد ورد تنزيه اللّه عز و جل عن الظلم في خمسة وثلاثين موضعا من القرآن الكريم ، بيد أَنّه _ تبارك وتعالى _ لم يوصف باسم العادل فيه ، وإِنّما جاء في إِحدى الآيات قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْاءِحْسَ_نِ» (1) ، وفي آية أُخرى: «وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا» (2) . ومع أَنّه سبحانه وُصِف في الأَحاديث باسم العادل أَحيانا ، لكنّ معظم الأَحاديث وصفته باسم «العدل» للدلالة على المبالغة في العدل . وقد جاء العدل الإلهيّ في الأَحاديث إِلى جانب التَّوحيد كأَساس للدِّين: «إِنَّ أَساسَ الدّينِ التَّوحيدُ وَالعَدلُ» (3) ، وبسبب أَهميّة العدل الإلهيّ عَدَّ متكلّمو الإماميّة العدل من أُصول الدين . لقد ورد في الأَحاديث ، أَنّ اتهام اللّه بالمسؤولية عن الأَعمال الّتي نرتكبها فنلامُ عليها حسب نظرية الجبر يتعارض مع عدله الإلهيّ ، إِذ في الحقيقة بمعنى إِجبار الإنسان على الذنب ومعاقبته بسبب ارتكابه المعاصي وانتهاكه لحقّه ؛ لأَنّ الفاعل الحقيقيّ في هذه الفرضيّة هو اللّه _ جلّ وعلا _ لا الإنسان ، كذلك أنّ من حقّ الإنسان أَلّا يُعاقَب على عملٍ لم يرتكبه . جدير بالذكر أنّ النصوص الّتي تدلّ على العدل الإلهي والمباحث المتعلّقة بها تأَتي في المجلّد السادس من الموسوعة وقد أغمضنا عن ذكرها هنا حذرا من التكرار .
.
ص: 325
الفصل الحادي والأربعون: العالم، العَليمالعالم والعليم لغةً«العليم» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «علم» وهو في الأَصل يدلّ على أَثَرٍ بالشيء يتميّز به عن غيره . (1) والعلم : نقيض الجهل ، وهو المعرفة ، والعلم : اليقين ، والعليم مثل العالم ، هو الذي اتّصف بالعلم . (2)
العالم والعليم في القرآن والحديثلقد ورد ذكر علم اللّه عز و جل ما يقرب من مئتين وخمسين مرّةً في القرآن الكريم ، وقيل الكثير عن علم اللّه في الأَحاديث أَيضا ، وقد جاء في القرآن والأَحاديث أَنّ خلق الموجودات في العالم ونظمها وتماسكها ، وكذلك قدرة اللّه المطلقة من علامات علم اللّه المطلق ودلالاته . لمّا كانت صفة العلم موجودة في المخلوقات أَيضا ، فقد تكفّلت الأَحاديث عند توضيح العلم الإلهيّ بتبيان الفوارق بين علم اللّه وعلم المخلوقات ، ونفى وجود
.
ص: 326
الشبه بينهما . وعلم اللّه سبحانه من صفاته الذاتيّة ، ومِن ثَمَّ فهو غير حادث ولا مكتسَب ، ولا يتحقّق بالآلات والأَدوات . إِنّ علم اللّه مطلق لا يتناهى ، وللّه تعالى إِحاطة علميّة بكلّ شيء ومنها الكلّيّات والجزئيّات ، وهو يعلم بالأَشياء قبل وجودها ولا تفاوت بين علمه بها قبل وجودها وعلمه بها بعد وجودها . إِنّ للّه جلّ شأنه _ غير العلم الذاتيّ _ علم آخر أَيضا يُدعى العلم الفعليّ ، والمقصود من العلم الفعليّ العلوم المثبّتة في اللوح ، يعطي الملائكة والأَنبياء شيئا من هذا العلم ، ويدلّهم على اللوح الذي سُجّلت فيه بعض العلوم والحوادث التي تقع في المستقبل ، وهذا العلم _ على عكس العلم الذاتيّ _ حادث ومحدود ويقبل البداء ، سنتحدّث عن هذا الموضوع أَكثر في بحث البداء في العدل الإلهيّ .
41 / 1صِفَةُ عِلمِهِ41 / 1 _ 1عالِمٌ بِكُلِّ شَيءٍالكتاب«إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عَلِيم » . 1
.
ص: 327
«إِنَّمَا إِلَ_هُكُمُ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَىْ ءٍ عِلْمًا » . (1)
«قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِى صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِى السَّمَ_وَ تِ وَمَا فِى الْأَرْضِ» . (2)
«وَ إِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى » . (3)
«عَ__لِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَ_دَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ» . (4)
«إِنَّ اللَّهَ عَلِيم بِمَا يَفْعَلُونَ » . (5)
«اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنثَى وَ مَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَ مَا تَزْدَادُ وَ كُلُّ شَىْ ءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ * عَ__لِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهَ_دَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ * سَوَاءٌ مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَ مَن جَهَرَ بِهِ وَ مَنْ هُوَ مُسْتَخْف بِالَّيْلِ وَ سَارِب بِالنَّهَارِ » . (6)
.
ص: 328
«وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِى الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِى ظُ_لُمَ_تِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَا فِى كِتَ_بٍ مُّبِينٍ » . (1)
«قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَ إِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ» . (2)
«اللَّهُ الَّذِى خَلَقَ سَبْعَ سَمَ_وَ تٍ وَ مِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَىْ ءٍ قَدِيرٌ وَ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَىْ ءٍ عِلْمَا» . (3)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى» _: «السِّرَّ» ما كَتَمتَهُ في نَفسِكَ ، «وَ أَخْفَى» ما خَطَرَ بِبالِكَ ثُمَّ أُنسيتَهُ . (4)
عنه عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ» (5) _: أَلَم تَرَ إِلى الرَّجُلِ يَنظُرُ إِلَى الشَّيءِ وكَأَنَّهُ لا يَنظُرُ إِلَيهِ؟ فَذلِكَ خائِنَةُ الأَعيُنِ . (6)
.
ص: 329
جامع الأحاديث عن عبد اللّه بن منصور عن أبيه :سَأَلتُ مَولانا أَبَا الحَسَنِ موسَى بنَ جَعفَرٍ عليه السلام عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى » قالَ : فَقالَ لي : سَأَلتُ أَبي ، قالَ : سَأَلتُ جَدّي عليه السلام ، قالَ : سَأَلتُ أَبي عَلِيَّ بنَ الحُسَينِ عليهماالسلام ، قالَ : سَأَلتُ أَبي الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام ، قالَ : سَأَلتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه و آله عَن قَولِ اللّهِ عز و جل : «يَعْلَمُ السِّرَّ وَ أَخْفَى » قالَ : سَأَلتُ اللّهَ عز و جل فَأَوحى إِلَيَّ : إِنّي خَلَقتُ في قَلبِ آدَمَ عِرقَينِ يَتَحَرَّكانِ بِشَيءٍ مِنَ الهَواءِ ، فَإن يَكُن في طاعَتي كَتَبتُ لَهُ حَسناتٍ ، وإِن يَكُن في مَعصِيَتي لَم أَكتُب عَلَيهِ شَيئا حَتّى يُواقِعَ الخَطيئَةَ ، فَاذكُرُوا اللّهَ عَلى ما أَعطاكُم أَيُّهَا المُؤمِنونَ . (1)
الإمام عليّ عليه السلام_ في دُعائِهِ المَعروفِ بِدُعاءِ كُمَيلٍ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ . . . بِعِلمِكَ الَّذي أَحاطَ بِكُلِّ شَيءٍ . (2)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: كُلُّ سِرٍّ عِندَكَ عَلانِيةٌ . (3)
عنه عليه السلام_ أَيضا _: كُلُّ غَيبٍ عِندَكَ شَهادَةٌ . (4)
عنه عليه السلام :العالِمُ بِما تُكِنُّ الصُّدورُ وما تَخونُ العُيونُ . (5)
عنه عليه السلام :خَرَقَ عِلمُهُ باطِنَ غَيبِ السُّتُراتِ ، وأَحاطَ بِغُموضِ عَقائِدِ السَّريراتِ . (6)
.
ص: 330
عنه عليه السلام :عالِمُ السِّرِّ مِن ضَمائِرِ المُضمِرينَ، ونَجوَى المُتَخافِتينَ، وخَواطِرِ رَجمِ الظُّنونِ، وعُقَدِ عَزيماتِ اليَقينِ، ومَسارِقِ إِيماضِ (1) الجُفونِ، وما ضَمِنَتهُ أَكنانُ (2) القُلوبِ، وغَياباتُ الغُيوبِ، وما أَصغَت لِاستِراقِهِ مَصائِخُ الأَسماعِ، ومَصائِفُ الذَّرِّ (3) ، ومَشاتِي الهَوامِّ، ورَجعِ الحَنينِ مِنَ المولَهاتِ (4) ، وهَمسِ الأَقدامِ، ومُنفَسَحِ الثَّمَرَةِ مِن وَلائجِ (5) غُلُفِ الأَكمامِ، ومُنقَمَعِ الوُحوشِ مِن غيرانِ (6) الجِبالِ وأَودِيَتِها، ومُختَبَاَ البَعوضِ بَينَ سوقِ الأَشجارِ وأَلحِيَتِها (7) ، ومَغرِزِ الأَوراقِ مِنَ الأَفنانِ، ومَحَطِّ الأَمشاجِ (8) مِن مَسارِبِ الأَصلابِ، وناشِئَةِ الغُيومِ ومُتَلاحِمِها، ودُرورِ قَطرِ السَّحابِ ومُتَراكِمِها، وما تَسفِي (9) الأَعاصيرُ بِذُيولِها، وتَعفُو الأَمطارُ بِسُيولِها، وعَومِ بَناتِ (10) الأَرضِ في كُثبانِ الرِّمالِ، ومُسَتَقَرِّ ذَواتِ الأَجنِحَةِ بَذُرى شَناخيبِ (11) الجِبالِ، وتَغريدِ ذَواتِ المَنطِقِ في دَياجيرِ الأَوكارِ، وما أَوعَبَتهُ الأَصدافُ وحَضَنَت عَلَيهِ أَمواجُ البِحارِ، وما غَشِيَتهُ سُدفَةُ (12) لَيلٍ أَو ذَرَّ عَلَيهِ شارِقُ نَهارٍ، ومَا اعتَقَبَت عَلَيهِ أَطباقُ الدَّياجيرِ وسُبُحاتُ
.
ص: 331
النّورِ، وأَثَرِ كُلِّ خَطوَةٍ، وحِسِّ كُلِّ حَرَكَةٍ، ورَجعِ كُلِّ كَلِمَةٍ، وتَحريكِ كُلِّ شَفَةٍ، ومُستَقَرِّ كُلِّ نَسَمَةٍ، ومِثقالِ كُلِّ ذَرَّةٍ، وهَماهِمِ (1) كُلِّ نَفسٍ هامَّةٍ، وما عَلَيها مِن ثَمَرِ شَجَرَةٍ، أَو ساقِطِ وَرَقَةٍ، أَو قَرارَةِ نُطفَةٍ، أَو نَقاعَةِ دَمٍ ومُضغَةٍ (2) ، أَو ناشِئَةِ خَلقٍ وسُلالَةٍ، لَم يَلحَقهُ في ذلِكَ كُلفَةٌ، ولَا اعتَرَضَتهُ في حِفظِ مَا ابتَدَعَ مِن خَلقِهِ عارِضَةٌ، ولَا اعتَوَرَتهُ في تَنفيذِ الأُمورِ وتَدابيرِ المَخلوقينَ مَلالَةٌ ولا فَترَةٌ، بل نَفَذَهُم عِلمُهُ وأَحصاهُم عَدَدُهُ، ووَسِعَهُم عَدلُهُ، وغَمَرَهُم فَضلُهُ، مَعَ تَقصيرِهِم عَن كُنهِ ما هُوَ أَهلُهُ. (3)
عنه عليه السلام :أَيُّهَا النّاسُ ، اتَّقُوا اللّهَ الَّذي إِن قُلتُم سَمِعَ ، وإِن أَضمَرتُم عَلِمَ . (4)
عنه عليه السلام :يَعلَمُ اللّهُ سُبحانَهُ ما فِي الأَرحامِ مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى ، وقَبيحٍ أَو جَميلٍ ، وسَخِيٍّ أَو بَخيلٍ ، وشَقِيٍّ أَو سَعيدٍ ، ومَن يَكونُ فِي النّارِ حَطَبا أَو فِي الجِنانِ لِلنَّبِيِّينَ مُرافِقا . (5)
عنه عليه السلام :يَعلَمُ عَجيجَ الوُحوشِ فِي الفَلَواتِ ، ومَعاصِيَ العِبادِ فِي الخَلَواتِ ، وَاختِلافَ النِّينانِ (6) فِي البِحارِ الغامِراتِ ، وتَلاطُمَ الماءِ بِالرِّياحِ العاصِفاتِ . (7)
عنه عليه السلام :قَد عَلِمَ السَّرائِرَ ، وخَبَرَ الضَّمائِرَ ، لَهُ الإِحاطَةُ بِكُلِّ شَيءٍ . (8)
عنه عليه السلام :قَد أَحاطَ عِلمُ اللّهِ سُبحانَهُ بِالبَواطِنِ ، وأَحصَى الظَّواهِرَ . (9)
.
ص: 332
عنه عليه السلام :كُلُّ باطِنٍ عِندَ اللّهِ جَلَّت آلاؤُهُ ظاهِرٌ . (1)
عنه عليه السلام :إِنَّ اللّهَ سُبحانَهُ عِندَ إِضمارِ كُلِّ مُضمِرٍ ، وقَولِ كُلِّ قائِلٍ ، وعَمَلِ كُلِّ عامِلٍ . (2)
عنه عليه السلام :قَسَمَ أَرزاقَهُم ، وأَحصى آثارَهُم وأَعمالَهُم ، وعَدَدَ أَنفُسِهِم ، وخائِنَةَ أَعيُنِهِم ، وما تُخفي صُدورُهُم مِنَ الضَّميرِ . (3)
عنه عليه السلام :عِلمُهُ بِما فِي السَّماواتِ العُلى كَعِلمِهِ بِما فِي الأَرَضِ السُّفلى وعِلمُهُ بِكُلِّ شَيءٍ ، لا تُحَيِّرُهُ الأَصواتُ ، ولا تَشغَلُهُ اللُّغاتُ . (4)
عنه عليه السلام :فَسُبحانَ مَن لا يَخفى عَلَيهِ سَوادُ غَسَقٍ داجٍ ، ولا لَيلٍ ساجٍ ، في بِقاعِ الأَرضِينَ المُتَطَأطِئاتِ ، ولا في يَفاعِ (5) السُّفعِ (6) المُتَجاوِراتِ ، وما يَتَجَلجَلُ بِهِ الرَّعدُ في أُفُقِ السَّماء ، وما تَلاشَت عَنهُ بُروقُ الغَمامِ ، وما تَسقُطُ منِ وَرَقَةٍ تُزيلُها عَن مَسقَطِها عَواصِفُ الأَنواءِ وَانهِطالُ السَّماءِ! ويَعلَمُ مَسقَطَ القَطرَةِ ومَقَرَّها ، ومَسحَبَ الذَّرَّةِ ومَجَرَّها ، وما يَكفِي البَعوضَةَ مِن قوتِها ، وما تَحمِلُ الأُنثى في بَطنِها . (7)
عنه عليه السلام :لا يَعزُبُ عَنهُ عَدَدُ قَطرِ الماءِ ، ولا نُجومِ السَّماءِ ، ولا سَوافِي الرِّيحِ فِي الهَواءِ ، ولا دَبيبُ النَّملِ عَلَى الصَّفا ، ولا مَقيلُ الذَّرِّ فِي اللَّيلَةِ الظَّلماءِ ، يَعلَمُ
.
ص: 333
مَساقِطَ الأَوراقِ وخَفِيَّ طَرفِ الأَحداقِ . (1)
عنه عليه السلام :لا يَخفى عَلَيهِ مِن عِبادِهِ شُخوصُ لَحظَةٍ ، ولا كُرورُ لَفظَةٍ ، ولَا ازدِلافُ رَبوَةٍ (2) ، ولا انبِساطُ خُطوَةٍ في لَيلٍ داجٍ ولا غَسَقٍ ساجٍ . (3)
عنه عليه السلام :لَم يَعزُب عَنهُ خَفِيّاتُ غُيوبِ الهَواءِ ، ولا غَوامِضُ مَكنونِ ظُلَمِ الدُّجى ، ولا ما فِي السَّماواتِ العُلى إِلى الأَرَضينَ السُّفلى . (4)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاء _: يا أللّهُ الَّذي لا يَخفى عَلَيهِ شَيءٌ فِي الأَرضِ ولا فِي السَّماءِ ، وكَيفَ يَخفى عَلَيكَ يا إِلهي ما أَنتَ خَلَقتَهُ ؟ وكَيفَ لا تُحصي ما أَنتَ صَنَعتَهُ ؟ أَو كَيفَ يَغيبُ عَنكَ ما أَنتَ تُدَبِّرُهُ ؟ أَو كَيفَ يَستَطيعُ أَن يَهرَبَ مِنكَ مَن لا حَياةَ لَهُ إِلّا بِرِزقِكَ ؟ أَو كَيفَ يَنجو مِنكَ مَن لا مَذهَبَ لَهُ في غَيرِ مُلكِكَ . (5)
عنه عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في صَلاةِ اللَّيلِ _: اللّهُمَّ وقَد أَشرَفَ عَلى خَفايا الأَعمالِ عِلمُكَ ، وَانكَشَفَ كُلُّ مَستورٍ دُونَ خُبرِكَ ، ولا تَنطَوي عَنكَ دَقائِقُ الأُمورِ ، ولا تَعزُبُ عَنكَ غَيِّباتُ السَّرائِرِ . (6)
الإمام الباقر عليه السلام_ في حَديثٍ طَويلٍ _: فَإِذا عُرِضَت هذِهِ الأَعمالُ كُلُّها عَلَى اللّهِ تَعالى
.
ص: 334
قالَ: أَنَا عَدلٌ لا أَجورُ... إِنّي أَنَا اللّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنَا، عالِمُ السِّرِّ وأَخفى، وأَنَا المُطَّلِعُ عَلى قُلُوبِ عِبادي، لا أَحيفُ (1) ولا أَظلِمُ، ولا أُلزِمُ أَحَدا إِلّا ما عَرَفتُهُ مِنهُ قَبلَ أَن أَخلُقَهُ. (2)
الإمام الصادق عليه السلام_ فيما يُقالُ في صَلاةِ العيدَينِ _: اللّهُ أَكبَرُ أَوَّلُ كُلِّ شَيءٍ وآخِرُهُ، وبَديعُ (3) كُلِّ شَيءٍ ومُنتَهاهُ، وعالِمُ كُلِّ شَيءٍ ومَعادُهُ (4) . (5)
عنه عليه السلام_ في بَيانِ مَعنى تَسمِيَةِ اللّهِ بِالعَليمِ _: إِنَّما سُمِّيَ عَليما ؛ لِأَنَّهُ لا يَجهَلُ شَيئا مِنَ الأَشياءِ، لا تَخفى عَلَيهِ خافِيَةٌ في الأَرضِ ولا فِي السَّماءِ ، عَلِمَ ما يَكونُ وما لا يَكونُ، وما لَو كانَ كَيفَ يَكونُ، ولَم نَصِف عَليما بِمَعنى غَريزَةٍ يَعلَمُ بِها ، كَما أَنَّ لِلخَلقِ غَريزَةً يَعلَمونَ بِها ، فَهذا ما أَرادَ مِن قَولِهِ : عَليمٌ ، فَعَزَّ مَن جَلَّ عَنِ الصِّفاتِ ، ومَن نَزَّهَ نَفسَهُ عَن أَفعالِ خَلقِهِ فَهذا هُوَ المَعنى ، ولَولا ذلِكَ ما فَصَلَ بَينَهُ وبَينَ خَلقِهِ فَسُبحانَهُ وتَقَدَّسَت أَسماؤُهُ . (6)
عنه عليه السلام :اللّهُمَّ إِنَّكَ تَعلَمُ ولا أَعلَمُ، وتَقدِرُ ولا أَقدِرُ، وتَقضي ولا أَقضي، وأَنتَ عَلّامُ الغُيوبِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وآلِ مُحَمَّدٍ... . (7)
الإمام الكاظم عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: اللّهُمَّ ... أَنتَ ... عالِمٌ لا يَجهَلُ . (8)
.
ص: 335
الإمام الرضا عليه السلام_ فِي الدُّعاء _: سُبحانَ مَن خَلَقَ الخَلقَ بِقُدرَتِهِ ، وأَتقَنَ ما خَلَقَ بِحِكمَتِهِ ، ووَضَعَ كُلَّ شَيءٍ مِنهُ مَوضِعَهُ بِعِلمِهِ ، سُبحانَ مَن يَعلَمُ خائِنَةَ الأَعيُنِ وما تُخفِي الصُّدورُ ، ولَيسَ كَمِثلِهِ شَيءٌ وهُوَ السَّميعُ البَصيرُ . (1)
الإمام الهادي عليه السلام :الأَشياءُ كُلُّها لَهُ سَواءٌ عِلما وقُدرَةً ومُلكا وإِحاطَةً . (2)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: ومَعرِفَتُكَ بِما نُبطِنُهُ كَمَعرِفَتِكَ بِما نُظهِرُهُ ، ولا يَنطَوي عَنكَ شَيءٌ مِن أُمورِنا . (3)
راجع : ص 343 ح 4905 .
41 / 1 _ 2عالِمٌ إذ لا مَعلومَالإمام عليّ عليه السلام :عالِمٌ إِذ لا مَعلومَ . (4)
عنه عليه السلام :كانَ رَبّا إِذ لا مَربوبَ ، وإِلها إِذ لا مَألوهَ ، وعالِما إِذ لا مَعلومَ . (5)
عنه عليه السلام :أَحالَ الأَشياءَ لِأَوقاتِها . . . عالِما بِها قَبلَ ابتِدائِها . (6)
.
ص: 336
عنه عليه السلام :أَحاطَ بِالأَشياءِ عِلما قَبلَ كَونِها ، فَلَم يَزدَد بِكَونِها عِلما ، عِلمُهُ بِها قَبلَ أَن يُكَوِّنَها كَعِلمِهِ بَعدَ تَكوينِها . (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الواحِدِ بِغَيرِ تَشبيهٍ، العالِمِ بِغَيرِ تَكوينٍ، الباقي بِغَيرِ كُلفَةٍ، الخالِقِ بِغَيرِ مَنصَبَةٍ (2) . (3)
جامع بيان العلم عن النزّال بن سبرة :قيلَ لِعَلِيٍّ عليه السلام : يا أَميرَ المُؤمِنينَ ، إِنَّ هاهُنا قَوما يَقولونَ : إِنَّ اللّهَ لا يَعلَمُ ما يكُونُ حَتّى يَكونَ . فَقالَ : ثَكَلَتهُم أُمَّهاتُهُم ! مِن أَينَ قالوا ذلِكَ ؟ قيلَ : يَتَأَوَّلونَ القُرآنَ في قَولِهِ عز و جل : «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَ_هِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّ_بِرِينَ وَ نَبْلُوَاْ أَخْبَارَكُمْ » (4) . فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : مَن لَم يَعلَم هَلَكَ ، ثُمَّ صَعِدَ المِنبَرَ فَحَمِدَ اللّهَ وأَثنى عَلَيهِ . ثُمَّ قالَ : أَيُّهَا النّاسُ ! تَعَلَّمُوا العِلمَ وَاعمَلوا بِهِ ، ومَن أَشكَلَ عَلَيهِ شَيءٌ مِن كِتابِ اللّهِ فَليَسأَلني عَنهُ . إِنَّهُ بَلَغَني أَنَّ قَوما يَقولونَ : إِنَّ اللّهَ لا يَعلمُ ما يَكونُ حَتّى يَكونَ لِقَولِهِ عز و جل : «وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَ_هِدِينَ مِنكُمْ» الآيَة ، وإِنَّما قَولُهُ عز و جل : «حَتَّى نَعْلَمَ» يَقولُ : حَتّى نَرى مَن كُتِبَ عَلَيهِ الجِهادُ وَالصَّبرُ إِن جاهَدَ وصَبَرَ عَلى ما نابَهُ وأَتاهُ مِمّا قَضَيتُ عَلَيهِ . (5)
.
ص: 337
الإمام الباقر عليه السلام :ما زالَ اللّهُ عالِما تَبارَكَ وتَعالى ذِكرُهُ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :لَم يَزَلِ اللّهُ عز و جل رَبَّنا وَالعِلمُ ذاتُهُ ولا مَعلومَ . . . فَلَمّا أَحدَثَ الأَشياءَ وكانَ المَعلومُ وَقَعَ العِلمُ مِنهُ عَلَى المَعلومِ . (2)
الكافي عن منصور بن حازم :سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام : أَرَأَيتَ ما كانَ وما هُوَ كائِنٌ إِلى يَومِ القِيامَةِ ، أَلَيسَ في عِلمِ اللّهِ ؟ قالَ : بَلى ، قَبلَ أَن يَخلُقَ الخَلقَ . (3)
التوحيد عن عبد اللّه بن مسكان :سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَنِ اللّهِ تَبارَكَ وتَعالى : أَكانَ يَعلَمُ المَكانَ قَبلَ أَن يَخلُقَ المَكانَ ، أَم عَلِمَهُ عِندَما خَلَقَهُ وبَعدَما خَلَقَهُ ؟ فَقالَ : تَعالَى اللّهُ ، بَل لَم يَزَل عالِما بِالمَكانِ قَبلَ تَكوينِهِ كَعِلمِهِ بِهِ بَعدَ ما كَوَّنَهُ ، وكَذلِكَ عِلمُهُ بِجَميعِ الأَشياءِ كَعِلمِهِ بِالمَكانِ . (4)
الإمام الصادق عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ عَن قَولِ اللّهِ : «أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَ_هَدُواْ مِنكُمْ» (5) _: إِنَّ اللّهَ هُوَ أَعلَمُ بِما هُوَ مُكَوِّنُهُ قَبلَ أَن يُكَوِّنَهُ وَهُم ذَرٌّ ، وعَلِمَ مَن يُجاهِدُ مِمَّن لا يُجاهِدُ ، كَما عَلِمَ أَنَّهُ يُميتُ خَلقَهُ قَبلَ أَن يُميتَهُم ، ولَم يُرِهِم مَوتَهُم
.
ص: 338
وهُم أَحياءٌ . (1)
عنه عليه السلام_ في قَولِ اللّهِ عز و جل : «عَ__لِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَ_دَةِ» _: الغَيبُ ما لَم يَكُن ، وَالشَّهادَةُ ما قَد كانَ . (2)
الإمام الرضا عليه السلام_ لَمّا سُئِلَ : أَيَعلَمُ اللّهُ الشَّيءَ الَّذي لَم يَكُن أَن لَو كانَ كَيفَ كانَ يَكونُ ؟ _: إِنَّ اللّهَ تَعالى هُوَ العالِمُ بِالأَشياءِ قَبلَ كَونِ الأَشياءِ ، قالَ عز و جل : «إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ » (3) وقالَ لِأَهلِ النّارِ : «وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَ_ذِبُونَ » (4) فَقَد عَلِمَ عز و جل أَنَّهُ لَو رَدّوهُم لَعادوا لِما نُهوا عَنهُ ، وقالَ لِلمَلائِكَةِ لَمّا قالَت : «أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إِنِّى أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ » (5) فَلَم يَزَلِ اللّهُ عز و جل عِلمُهُ سابِقا لِلأَشياءِ قَديما قَبلَ أَن يَخلُقَها، فَتَبارَكَ اللّهُ رَبُّنا وتَعالى عُلُوّا كَبيرا، خَلَقَ الأَشياءَ وعِلمُهُ بِها سابِقٌ لَها كَما شاءَ، كَذلِكَ رَبُّنا لَم يَزَل عالِما سَميعا بَصيرا. (6)
41 / 1 _ 3لا فَرقَ في عِلمِهِ بَينَ الماضي والمُستَقبَلِالإمام عليّ عليه السلام :عِلمُهُ بِالأَمواتِ الماضينَ كَعِلمِهِ بِالأَحياءِ الباقينَ ، وعِلمُهُ بِما فِي
.
ص: 339
السَّماواتِ العُلى كَعِلمِهِ بِما فِي الأَرَضينَ السُّفلى . (1)
الإمام الباقر عليه السلام :كانَ اللّهُ عز و جل ولا شَيءَ غَيرُهُ ، ولَم يَزَل عالِما بِما يَكونُ ، فَعِلمُهُ بِهِ قَبلَ كَونِهِ كَعِلمِهِ بِهِ بَعدَ كَونِهِ . (2)
التوحيد عن ابن مسكان:سَأَلتُ أَبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام عَنِ اللّهِ _ تَبارَكَ وتَعالى _ ، أَكانَ يَعلَمُ المَكانَ قَبلَ أَن يَخلُقَ المَكانَ، أَم عَلِمَهُ عِندَما خَلَقَهُ وبَعدَما خَلَقَهُ؟ فَقالَ: تَعالَى اللّهُ ، بَل لَم يَزَل عالِما بِالمَكانِ قَبلَ تَكوينِهِ كَعِلمِهِ بِهِ بَعدَما كَوَّنَهُ، وكَذلِكَ عِلمُهُ بِجَميعِ الأَشياءِ كَعِلمِهِ بِالمَكانِ. (3)
الإمام الرضا عليه السلام :لَم يَزَلِ اللّهُ عالِما بِالأَشياءِ قَبلَ أَن يَخلُقَ الأَشياءَ كَعِلمِهِ بِالأَشياءِ بَعدَما خَلَقَ الأَشياءَ . (4)
41 / 1 _ 4عِلمُهُ بِلا تَعليمٍرسول اللّه صلى الله عليه و آله_ في تَمجيدِ اللّهِ جَلَّ وعَلا _: سُبحانَكَ الَّذي لا إِلهَ غَيرُهُ . . . عالِمُ كُلِّ شَيءٍ بِغَيرِ مُعَلِّمٍ . (5)
الإمام عليّ عليه السلام :العالِمُ بِلَا اكتِسابٍ ولَا ازدِيادٍ ولا عِلمٍ مُستَفادٍ . . . لَيسَ إِدراكُهُ بِالإِبصارِ ، ولا عِلمُهُ بِالإِخبارِ . (6)
.
ص: 340
عنه عليه السلام :كُلُّ عالِمٍ غَيرُهُ مُتَعَلِّمٌ . (1)
عنه عليه السلام :كُلُّ عالِمٍ فَمِن بَعدِ جَهلٍ تَعَلَّمَ ، وَاللّهُ لَم يَجهَل ولَم يَتَعَلَّم . (2)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ العَلِيِّ عَن شَبَهِ المَخلوقينَ، الغالِبِ لِمَقالِ الواصِفينَ... لَيسَ إِدراكُهُ بِالإِبصارِ، ولا عِلمُهُ بِالإِخبارِ. (3)
الإمام الصادق عليه السلام :العالِمُ كُلَّ شَيءٍ بِغَيرِ تَعليمٍ . (4)
الإمام العسكري عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: لا إِلهَ إِلّا أَنتَ خالِقُ ما يُرى وما لا يُرى، العالِمُ بِكُلِّ شَيءٍ بِغَيرِ تَعليمٍ، أَسأَ لُكَ بِآلائِكَ ونَعمائِكَ (5) ، بِأَنَّكَ اللّهُ الرَّبُّ الواحِدُ. (6)
41 / 1 _ 5عِلمُهُ لَيسَ بِأَداةٍالإمام عليّ عليه السلام :عَلِمَها [أَيِ الأَشياءَ] لا بِأَداةٍ لا يَكونُ العِلمُ إِلّا بِها ، ولَيسَ بَينَهُ وبَينَ مَعلومِهِ عِلمُ غَيرِهِ بِهِ كانَ عالِما بِمَعلومِهِ . (7)
.
ص: 341
الإمام الرضا عليه السلام :إِنَّما سُمِّيَ اللّهُ تَعالى بِالعِلمِ (1) بِغَيرِ عِلمٍ حادِثٍ عَلِمَ بِهِ الأَشياءَ ، استَعان بِهِ عَلى حِفظِ ما يَستَقبِلُ مِن أَمرِهِ ، وَالرَّوِيَّةِ فيما يَخلُقُ مِن خَلقِهِ ، ويُفسِدُ ما مَضى مِمّا أَفنى مِن خَلقِهِ مِمّا لَو لَم يَحضُرهُ ذلِكَ العِلمُ ويَغيبُهُ كانَ جاهِلاً ضَعيفا ، كَما أَنّا لَو رَأَينا عُلَماءَ الخَلقِ إِنَّما سُمّوا بِالعِلمِ لِعِلمٍ حادِثٍ إِذ كانوا فيهِ جَهَلَةً ، ورُبَّما فارَقَهُمُ العِلمُ بِالأَشياءِ فَعادوا إِلَى الجَهلِ . (2)
41 / 1 _ 6لَهُ عِلمٌ عامٌّ وعِلمٌ خاصٌّالإمام الباقر عليه السلام_ لِحُمرانَ بنِ أَعيَنَ في قَولِهِ تَعالى : «عَ__لِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ» (3) _: أَمّا قَولُهُ : «عَ__لِمُ الْغَيْبِ» فَإِنَّ اللّهَ عز و جلعالِمٌ بِما غابَ عَن خَلقِهِ فيما يُقَدِّرُ مِن شَيءٍ، ويَقضيهِ في عِلمِهِ قَبلَ أَن يَخلُقَهُ وقَبلَ أَن يُفضِيَهُ إِلَى المَلائِكَةِ، فَذلِكَ يا حُمرانُ ، عِلمٌ مَوقوفٌ عِندَهُ إِلَيهِ فيهِ المَشيئَةُ فَيَقضيهِ إِذا أَرادَ، ويَبدو لَهُ فيهِ فَلا يُمضيهِ؛ فَأَمَّا العِلمُ الَّذي يُقَدِّرُهُ اللّهُ عز و جلفَيَقضيهِ ويُمضيهِ، فَهُوَ العِلمُ الَّذِي انتَهى إِلى رَسولِ اللّهِ ثُمَّ إِلَينا. (4)
عنه عليه السلام :العِلمُ عِلمانِ : فَعِلمٌ عِندَ اللّهِ مَخزونٌ لَم يُطلِع عَلَيهِ أَحَدا مِن خَلقِهِ ، وعِلمٌ عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ ، فَما عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ فَإنَّهُ سَيَكونُ ، لا يُكَذِّبُ نَفسَهُ
.
ص: 342
ولا مَلائِكَتَهُ ولا رُسُلَهُ ، وعِلمٌ عِندَهُ مَخزونٌ يُقَدِّمُ مِنهُ ما يَشاءُ ، ويُؤَخِّرُ مِنهُ ما يَشاءُ ، ويُثبِتُ ما يَشاءُ . (1)
عنه عليه السلام :إِنَّ للّهِِ تَعالى عِلما خاصّا وعِلما عامّا ؛ فَأَمَّا العِلمُ الخاصُّ فَالعِلمُ الَّذي لَم يُطلِع عَلَيهِ مَلائِكَتَهُ المُقَرَّبينَ وأَنبِياءَهُ المُرسَلينَ ، وأَمّا عِلمُهُ العامُّ فَإِنَّهُ عِلمُهُ الَّذي أَطلَعَ عَلَيهِ مَلائِكَتَهُ المُقَرَّبينَ وأَنبِياءَهُ المُرسَلينَ ، وقَد وَقَعَ إِلَينا مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ للّهِِ عِلمَينِ : عِلما أَظهَرَ عَلَيهِ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ وأَنبِياءَهُ فَذلِكَ قَد عَلِمناهُ ، وعِلما اِستَأثَرَ بِهِ ، فَإذا بَدا لَهُ في شَيءٍ مِنهُ أَعلَمَنا ذلِكَ ، وعَرَضَ عَلَى الأَئِمَّةِ الَّذينَ كانوا قَبلَنا . (3)
عنه عليه السلام :إِنَّ للّهِِ عِلمَينِ : عِلمٌ مَكنونٌ مَخزونٌ لا يَعلَمُهُ إِلّا هُوَ ؛ مِن ذلِكَ يَكونُ البَداءُ ، وعِلمٌ عَلَّمَهُ مَلائِكَتَهُ ورُسُلَهُ وأَنبِياءَهُ ؛ فَنَحنُ نَعلَمُهُ . (4)
41 / 2ما لا يُوصَفُ عِلمُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :وحارَ في مَلَكوتِهِ عَميقاتُ مَذاهِبِ التَّفكيرِ ، وَانقَطَعَ دونَ الرُّسوخِ في
.
ص: 343
عِلمِهِ جَوامِعُ التَّفسيرِ ، وحالَ دونَ غَيبِهِ المَكنونِ حُجُبٌ مِنَ الغُيوبِ ، تاهَت في أَدنى أَدانيها طامِحاتُ العُقولِ في لَطيفاتِ الأُمورِ . (1)
الإمام الصادق عليه السلام :اللّهُ نورٌ لا ظَلامَ فيهِ، وحَيٌّ لا مَوتَ لَهُ، وعالِمٌ لا جَهلَ فيهِ، وصَمَدٌ لا مَدخلَ فيهِ، رَبُّنا نورِيُّ الذّاتِ، حَيُّ الذّاتِ، عالِمُ الذّاتِ، صَمَدِيُّ الذّاتِ. (2)
الإمام الكاظم عليه السلام :عِلمُ اللّهِ لا يوصَفُ مِنهُ بِأَينٍ ، ولا يوصَفُ العِلمُ مِنَ اللّهِ بِكَيفٍ، ولايَفرُدُ العِلمُ مِنَ اللّهِ، ولا يُبانُ اللّهُ مِنهُ، ولَيسَ بَينَ اللّهِ وبَينَ عِلمِهِ حَدٌّ. (3)
الإمام الرضا عليه السلام :إِنَّما سُمِّيَ اللّهُ تَعالى بِالعِلمِ بِغَيرِ عِلمٍ حادِثٍ عَلِمَ بِهِ الأَشياءَ، استَعانَ بِهِ عَلى حِفظِ ما يَستَقبِلُ مِن أَمرِهِ، وَالرَّوِيَّةِ فيما يَخلُقُ مِن خَلقِهِ، ويُفسِدُ ما مَضى مِمّا أَفنى مِن خَلقِهِ، مِمّا لَو لَم يَحضُرهُ ذلِكَ العِلمُ ويَغيبُهُ كانَ جاهِلاً ضَعيفا ، كَما إِنّا لَو رَأَينا عُلَماءَ الخَلقِ إِنَّما سُمّوا بِالعِلمِ لِعِلمٍ حادِثٍ، إِذ كانوا فيهِ جَهَلَةً ورُبَّما فارَقَهُمُ العِلمُ بِالأَشياءِ فَعادوا إِلَى الجَهلِ، وإِنَّما سُمِّيَ اللّهُ عالِما ؛ لِأَنَّهُ لا يَجهَلُ شَيئا، فَقَد جَمَعَ الخالِقَ وَالمَخلوقَ اسمُ العالِمِ وَاختَلَفَ المَعنى عَلى ما رَأَيتَ. (4)
الكافي عن الكاهلي :كَتَبتُ إِلى أَبِي الحَسَنِ عليه السلام في دُعاءٍ : الحَمدُ للّهِِ مُنتَهى عِلمِهِ ، فَكَتَبَ إِلَيَّ : لا تَقولَنَّ مُنتَهى عِلمِهِ ، فَلَيسَ لِعِلمِهِ مُنتَهى ، ولكِن قُل : مُنتَهى رِضاهُ . (5)
.
ص: 344
41 / 3دَليلُ عِلمِهِالكتاب«أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ » . (1)
«وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْاءِنسَ_نَ وَ نَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَ نَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ » . (2)
الحديثالإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدَّليلِ عَلى حِكمَةِ اللّهِ وعِلمِهِ وقُدرَتِهِ _: اِتِّصالُ الخَلقِ بِعضِهِ بِبَعضِ ، وإِنَّ ذلِكَ مِن مُدَبِّرٍ حَكيمٍ عالِمٍ قَديرٍ . (3)
راجع : ص 201 (الفصل الثالث والعشرون : الخبير) و 172 (العلم) ، ج 3 ص 117 (الباب الأوّل : جوامع آيات معرفة اللّه في الخلقة) .
.
ص: 345
الفصل الثاني والأربعون: العزيزالعزيز لغةً«العزيز» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «عَزَّ» وهو يدلّ على شدّة وقوّة وما ضاهاهما من غلبة وقهر (1) ، وفي أَسماء اللّه تعالى «العزيز» هو الغالب القويّ الذي لا يُغلَب (2) .
العزيز في القرآن والحديثلقد وردت صفة «العزيز» إِلى جانب صفة «الحكيم» سبع وأَربعين مرّةً في القرآن الكريم (3) ، وإِلى جانب صفة «الرَّحيم» ثلاث عشرة مرّةً (4) ، ومع صفة «العليم» ستّ مرّات (5) ، ومع صفة «القويّ» سبع مرّات (6) ، ومع صفة «ذو انتقام» أَربع مرّات (7) ، ومع
.
ص: 346
صفة «الغفّار» ثلاث مرّات (1) ، ومع صفة «الحميد» كذلك (2) ، ومع صفة «الغفور» مرّتين (3) ، ومع كلّ من «الوهّاب» (4) ، و«المقتدر» (5) مرّة واحدةً ، ووردت مرّةً واحدةً بهذه الصورة: «الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَ_مُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ» (6) . وقد ذهبت الآيات والأَحاديث إِلى أَنّ العزّة للّه جميعا ، والعزّة المطلقة منحصرة فيه وحدَه ؛ لأَنّ كلّ عزيز غيره ذليل .
42 / 1للّهِ العِزَّةُ جَميعاالكتاب«مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّ__لِحُ يَرْفَعُهُ وَ الَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّ_ئاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَ مَكْرُ أُوْلَ_ئِكَ هُوَ يَبُورُ » . (7)
«يَقُولُونَ لَ_ئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لَ_كِنَّ الْمُنَ_فِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ » . (8)
.
ص: 347
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :لَم يُولَد سُبحانَهُ فَيَكونَ فِي العِزِّ مُشارَكا . (1)
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذي لَبِسَ العِزَّ وَالكِبرِياءَ ، وَاختارَهُما لِنَفسِهِ دونَ خَلقِهِ . (2)
عنه عليه السلام :كُلُّ عَزيزٍ غَيرُهُ ذَليلٌ . (3)
42 / 2خَصائِصُ عِزَّتِهِالكتاب«تَنزِيلُ الْكِتَ_بِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ » . (4)
«يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ » . (5)
«إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَ_ؤُاْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ » . (6)
«كُلٌّ يَجْرِى لِأَجَلٍ مُّسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّ_رُ » . (7)
«وَ مَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلَا أَن يُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ » . (8)
.
ص: 348
«إِنَّ اللَّهَ لَقَوِىٌّ عَزِيزٌ » . (1)
«كَذَّبُواْ بِ_ئايَ_تِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَ_هُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُّقْتَدِرٍ » . (2)
«أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ » . (3)
«فَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ » . (4)
«هُوَ اللَّهُ الَّذِى لَا إِلَ_هَ إِلَا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَ_مُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَ_نَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ » . (5)
«إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ » . (6)
الحديثالإمام عليّ عليه السلام :عِزُّ كُلِّ ذَليلٍ . (7)
.
ص: 349
عنه عليه السلام :تَواضَعَتِ الأَشياءُ لِعَظَمَتِهِ ، وَانقادَت لِسُلطانِهِ وعِزَّتِهِ . (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ مِن دُعائِهِ في صَلاةِ اللَّيلِ _: اللّهُمَّ يا ذَا المُلكِ المُتَأَبِّدِ بِالخُلودِ ، وَالسُّلطانِ المُمتَنِعِ بِغَيرِ جُنودٍ ولا أَعوانٍ ، وَالعِزِّ الباقي عَلى مَرِّ الدُّهورِ وخَوالِي الأَعوامِ ومَواضِي الأَزمانِ وَالأَيّامِ ، عَزَّ سُلطانُكَ عِزّا لا حَدَّ لَهُ بِأَوَّلِيَّةٍ ، ولا مُنتَهى لَهُ بِآخِرِيَّةٍ ، وَاستَعلى مُلكُكَ عُلُوّا ، سَقَطَتِ الأَشياءُ دونَ بلوغِ أَمَدِهِ ، ولا يَبلُغُ أَدنى مَا استَأثَرتَ بِهِ مِن ذلِكَ أَقصى نَعتِ النّاعِتينَ . (2)
الإمام الكاظم عليه السلام :العَزيزُ الَّذي لا يُذَلُّ . (3)
.
ص: 350
. .
ص: 351
الفصل الثالث والأربعون: العظيمالعظيم لغةً«العظيم» فعيل بمعنى فاعل من مادّة «عظم» وهو يدلّ على كِبَر وقوّة (1) ، والعظمة: الكبرياء (2) .
العظيم في القرآن والحديثلقد ورد اسم «العظيم» مقرونا باسم «العليّ» مرّتين في القرآن الكريم (3) ، وورد ثلاث مرّات مع اسم «الربّ» (4) ، ومرّة مع اسم «اللّه » (5) ، وإِنّ إِطلاق اسم «العظيم» على اللّه في الآيات والأَحاديث قابل للتفسير بوجهين :
.
ص: 352
أ _ الصفة الذاتيّةإِنّ القصد من عظمة اللّه في هذا الوجه العظمة التي تليق بشأنه لا العظمة في الطول والعرض والعمق ، التي هي من شأن الأَجسام ، وتعني عظمة اللّه سبحانه أَنّ له الكمالات المطلقة غير المحدودة بنحو تعجز فيه القوى الذهنيّة للإنسان عن الإحاطة بكنهها وحقيقتها ، وقد قال الإمام عليّ عليه السلام : «لا تُقَدِّر عَظَمَةَ اللّهِ سُبحانَهُ عَلى قَدرِ عَقلِكَ فَتَكونَ مِنَ الهالِكينَ» (1) . قال ابن الأَثير: في أَسماء اللّه «العظيم» هو الذي جاوز قدره وجلّ عن حدود العقول ، حتّى لا تتصوّر الإحاطة بكنهه و حقيقته ، والعظم من صفات الأَجسام: كِبَر الطول والعرض والعمق ، واللّه تعالى جلّ قدره عن ذلك (2) .
ب _ الصفة الفعليّةالقصد من عظمة اللّه في هذا الوجه أَنّ اللّه تعالى خالق العالم العظيم ، وقد نُقل عن الإمام الصَّادق عليه السلام قوله: «إِنَّما قُلنا إِنَّهُ قَوِيٌّ لِلخَلقِ القَوِيّ ، وكَذلِكَ قَولُنا: العَظيم والكَبير» (3) .
43 / 1للّهِ العَظَمَةُ وَالكِبرِياءُالكتاب«فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ » . (4)
.
ص: 353
«إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ » . (1)
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :يَقولُ اللّهُ عز و جل : لِيَ العَظَمَةُ وَالكِبرِياءُ وَالفَخرُ ، وَالقَدرُ سِرّي ، فَمَن نازَعَني في واحِدَةٍ مِنهُنَّ كَبَبتُهُ فِي النّارِ . (2)
عنه صلى الله عليه و آله_ في حَديثِ المِعراجِ وقَد قالَ لَهُ سُبحانَهُ : أُنظُر إِلى عَرشي _: فَنَظَرتُ إِلى عَظَمَةٍ ذَهَبَت لَها نَفسي وغُشِيَ عَلَيَّ ، فَاُلهِمتُ أَن قُلتُ : سُبحانَ رَبِّيَ العَظيمِ وبِحَمدِهِ لِعِظَمِ ما رَأَيتُ ، فَلَمّا قُلتُ ذلِكَ تَجَلَّى الغَشيُ عَنّي حَتّى قُلتُها سَبعا . (3)
الإمام عليّ عليه السلام_ لِليَهودِيِّ الَّذي سَأَلَ عَن مُعجِزاتِ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله _: إِنَّهُ أُسرِيَ بِهِ مِن المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصى مَسيرَةَ شَهرٍ ، وعُرِجَ بِهِ في مَلَكوتِ السَّماواتِ مَسيرَةَ خَمسينَ أَلفَ عامٍ في أَقَلَّ مِن ثُلثِ لَيلَةٍ ، حَتّى انتَهى إِلى ساقِ العَرشِ فَدَنا بِالعِلمِ فَتَدَلّى ، فَدُلِّيَ لَهُ مِنَ الجَنَّةِ رَفرَفٌ أَخضَرُ ، وغَشِيَ النّورُ بَصَرَهُ ، فَرَأَى عَظَمَةَ رَبِّهِ عز و جل بِفُؤادِهِ ولَم يَرَها بِعَينِهِ . (4)
التوحيد عن يونس بن عبد الرحمن :قُلتُ لِأَبِي الحَسَنِ موسَى بنِ جَعفَرٍ عليه السلام : لِأَيِّ عِلَّةٍ عَرَجَ اللّهُ بِنَبِيِّهِ صلى الله عليه و آله إِلَى السَّماءِ ، ومِنها إِلى سِدرَةِ المُنتَهى ، ومِنها إِلى حُجُبِ النُّورِ ، وخاطَبَهُ وناجاهُ هُناكَ وَاللّهُ لا يوصَفُ بِمَكانٍ ؟ فَقالَ عليه السلام : إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ لا يُوصَفُ بِمَكانٍ ، ولا يَجري عَلَيهِ زَمانٌ ،
.
ص: 354
ولكِنَّهُ عز و جل أَرادَ أَن يُشَرِّفَ بِهِ مَلائِكَتَهُ وسُكّانَ سَماواتِهِ ، ويُكرِمَهُم بِمُشاهَدِتِهِ ، ويُرِيَهُ مِن عَجائِبِ عَظَمَتِهِ ما يُخبِرُ بِهِ بَعدَ هُبوطِهِ ، ولَيسَ ذلِكَ عَلى ما يَقولُ المُشَبِّهونَ ، سُبحانَ اللّهِ وتَعالى عَمّا يُشرِكونَ . (1)
رسول اللّه صلى الله عليه و آله_ فِي الدُّعاءِ _: يا أَعظَمَ مِن كُلِّ عَظيمٍ . (2)
الإمام عليّ عليه السلام :فَلا إِلهَ إِلَا اللّهُ مِن عَظيمٍ ما أَعظَمَهُ ، وجَليلٍ ما أَجَلَّهُ ، وعَزيزٍ ما أَعَزَّهُ ، وتَعالى عَمّا يَقولُ الظّالِمونَ عُلُوّا كَبيرا . (3)
الإمام الباقر عليه السلام_ في قَولِهِ تَعالى : «لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا » (4) _: لا تَخافونَ للّهِِ عَظَمَةً . (5)
الإمام الكاظم عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ العَلِيِّ العَظيمِ ، الَّذي بِعَظَمَتِهِ ونورِهِ أَبصَرَ قُلوبَ المُؤمِنينَ ، وبِعَظَمَتِهِ ونورِهِ عاداهُ الجاهِلونَ ، وبِعَظَمَتِهِ ونورِهِ ابتَغى مَن فِي السَّماواتِ ومَن فِي الأَرضِ إِلَيهِ الوَسيلةَ بِالأَعمالِ المُختَلِفَةِ ، وَالأَديانِ المُتَضادَّةِ . (6)
.
ص: 355
43 / 2عَظَمَتُهُ مَلَأت كُلَّ شَيءٍالإمام عليّ عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ الَّذي عَلَّمَهُ كُمَيلَ _: اللّهُمَّ إِنّي أَسأَ لُكَ ... بِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلَأَت كُلَّ شَيءٍ ، وبِسُلطانِكَ الَّذي عَلا كُلَّ شَيءٍ . (1)
عنه عليه السلام :تواضَعَتِ الأَشياءُ لِعَظَمَتِهِ ، وَانقادَت لِسُلطانِهِ وعِزَّتِهِ . (2)
43 / 3صَغُرَ كُلُّ عَظيمٍ عِندَ عَظَمَتِهِالإمام عليّ عليه السلام :صَغُرَ كُلُّ جَبّارٍ في عَظَمَةِ اللّهِ . (3)
عنه عليه السلام :فَاستَجيبوا للّهِِ وآمِنوا بِهِ ، وعَظِّمُوا اللّهَ الَّذي لا يَنبَغي لِمَن عَرَفَ عَظَمَةَ اللّهِ أَن يَتَعَظَّمَ ؛ فَإِنَّ رِفعَةَ الَّذينَ يَعلَمونَ ما عَظَمَةُ اللّهِ أَن يَتَواضَعوا لَهُ . (4)
الإمام الباقر عليه السلام :قالَ جَبرَئيلُ لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله : . . . لَيسَ شَيءٌ يَدنو مِنَ الرَّبِّ إِلّا صَغُرَ لِعَظَمَتِهِ . (5)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ _ تَبارَكَ وتَعالى _ أَوحى إِلى داوودَ عليه السلام : . . . ما لي أَراكَ مُتَذَلِّلاً ؟
.
ص: 356
قالَ : عَظيمُ جَلالِكَ الَّذي لا يُوصَفُ ذَلَّلَني . (1)
الإمام الكاظم عليه السلام :صَغُرَ كُلُّ عَظيمٍ عِندَ عَظَمَةِ اللّهِ . (2)
الأمالي عن ابن عبّاس :لَمّا مَضى لِعيسى عليه السلام ثَلاثونَ سَنَةً بَعَثَهُ اللّهُ عز و جل إِلى بَني إِسرائِيلَ ، فَلَقِيَهُ إِبليسُ _ لَعَنَهُ اللّهُ _ عَلى عَقَبَةِ بَيتِ المَقدِسِ وهِيَ عَقَبَةُ أَفيقٍ . فَقالَ لَهُ : يا عيسى ، أَنتَ الَّذي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبوبِيَّتِكَ أَن تَكَوَّنتَ مِن غَيرِ أَبٍ ؟ قالَ عيسى عليه السلام : بَلِ العَظَمَةُ لِلَّذي كَوَّنَني ، وكَذلِكَ كَوَّنَ آدَمَ وحَوّاءَ . قالَ إِبليسُ : يا عيسى ، فَأَنتَ الَّذي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبوبِيَّتِكَ أَنَّكَ تَكَلَّمتَ فِي المَهدِ صَبِيّا ؟ قالَ عيسى عليه السلام : يا إِبليسُ ، بَلِ العَظَمَةُ لِلَّذي أَنطَقَني في صِغَري ولو شاءَ لَأَبكَمَني . قالَ إِبليسُ : فَأَنتَ الَّذي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبوبِيَّتِكَ أَنَّكَ تَخلُقُ مِنَ الطّينِ كَهَيئَةِ الطَّيرِ فَتَنفُخُ فيهِ فَيَصيرُ طَيرا ؟ قالَ عيسى عليه السلام : بَلِ العَظَمَةُ لِلَّذي خَلَقَني وخَلَقَ ما سَخَّرَ لي . قالَ إِبليسُ : فَأَنتَ الَّذي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبوبِيَّتِكَ أَنَّكَ تَشفي المَرضى ؟ قالَ عيسى عليه السلام : بَلِ العَظَمَةُ لِلَّذي بِإِذنِهِ أشفيهِم ، وإِذا شاءَ أَمرَضَني . قالَ إِبليسُ : فَأَنتَ الَّذي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبوبِيَّتِكَ أَنَّكَ تُحيِي المَوتى ؟
.
ص: 357
قالَ عيسى عليه السلام : بَلِ العَظَمَةُ لِلَّذي بِإِذنِهِ أُحييهِم ، ولا بُدَّ مِن أَن يُميتَ ما أَحيَيتُ ويُميتَني . قالَ إِبليسُ : يا عيسى ، فَأَنتَ الَّذي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبوبِيَّتِكَ أَنَّك تَعبُرُ البَحرَ فَلا تَبتَلُّ قَدَماكَ ولا تَرسُخُ فيهِ ؟ قالَ عيسى عليه السلام : بَلِ العَظَمَةُ لِلَّذي ذَلَّلَهُ لي ، ولَو شاءَ أَغرَقَني . قالَ إِبليسُ : يا عيسى ، فَأَنتَ الَّذي بَلَغَ مِن عِظَمِ رُبوبِيَّتِكَ أَنَّهُ سَيَأتي عَلَيكَ يَومٌ تَكونُ السَّماواتُ وَالأَرضُ ومَن فيهِنّ دونَكَ ، وأَنتَ فَوقَ ذلِكَ كُلِّهِ تُدَبِّرُ الأَمرَ ، وتُقَسِّمُ الأَرزاقَ ؟ فَأَعظَمَ عيسى عليه السلام ذلِكَ مِن قَولِ إِبليسَ الكافِرِ اللَّعينِ ، فَقالَ عيسى عليه السلام : سُبحانَ اللّهِ مِل ءَ سَماواتِهِ وأَرَضيهِ ، ومِدادَ كَلِماتِهِ ، وزِنَةَ عَرشِهِ ، ورِضا نَفسِهِ! (1)
راجع : ص 349 ح 4911 .
43 / 4ما لا يُوصَفُ عَظَمَتُهُ بِهِالإمام عليّ عليه السلام :عَظيمُ العَظَمَةِ لا يوصَفُ بِالعِظَمِ ، كَبيرُ الكِبرِياءِ لا يوصَفُ بِالكِبَرِ ، جَليلُ الجَلالَةِ لا يوصَفُ بِالغِلَظِ . (2)
.
ص: 358
عنه عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ الَّذِي انحَسَرَتِ الأَوصافُ عَن كُنهِ مَعرِفَتِهِ ، ورَدَعَت عَظَمَتُهُ العُقولَ ، فَلَم تَجِد مَساغا إِلى بُلوغِ غايَةِ مَلَكوتِهِ . (1)
عنه عليه السلام :لا تُقَدِّر عَظَمَةَ اللّهِ سُبحانَهُ عَلى قَدرِ عَقلِكَ فَتَكونَ مِنَ الهالِكينَ . (2)
الإمام الصادق عليه السلام :إِنَّ اللّهَ عَظيمٌ رَفيعٌ لا يَقدِرُ العِبادُ عَلى صِفَتِهِ ، ولا يَبلُغونَ كُنهَ عَظَمَتِهِ . (3)
.
ص: 359
الفصل الرابع والأربعون: العفوّالعفوّ لغةً«العفوّ» فعول من مادّة «عفو» وهو أَصلان يدلّ أَحدهما على ترك الشيء والآخر على طلبه ، فالأَوّل: العفو: عفو اللّه تعالى عن خلقه ، وذلك تركه إِيّاهم فلا يعاقبهم فضلاً منه . قال الخليل: «وكلّ من استحقّ عقوبةً فتركته فقد عفوت عنه ، والأَصل الآخر الذي معناه الطلب قول الخليل: إِنّ العُفاةَ طلّاب المعروف (1) .
العفوّ في القرآن والحديثلقد وردت مشتقّات مادّة «عفو» ثماني عشرة مرّةً في القرآن الكريم موصوفا بها اللّه سبحانه (2) . وذُكر اسم «العفوّ مع اسم «الغفور» أَربع مرّات (3) ، ومع اسم «القدير» مرّةً
.
ص: 360
واحدةً (1) ، وكما قيل في البحث اللغويّ فإنّ «عفو» بمعنى ترك ، والعفوّ بمعنى التارك ، ومن جهة أُخرى فإنّ الترك يحتاج إِلى متعلّق ، ومتعلّق ترك اللّه في الآيات والأَحاديث معاصي العباد ، والمقصود من ترك اللّهِ المعاصيَ هو أَنّه تعالى يترك العقاب عليها . قال الراغب : «العفو : القصد لتناول الشيء ، وعفوت عنه قصدت إزالة ذنبه صارفا عنه فالعفو هو التجافي عن الذنب ، وقولهم في الدعاء «أَسألك العفو والعافية» أَي ترك العقوبة والسلامة». (2)
44 / 1عَفُوٌّ قَديرٌ«إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا » . (3)
44 / 2عَفُوٌّ غَفورٌالكتاب«وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا » . (4)
راجع : النساء : 43 ، المجادلة : 2 .
.
ص: 361
الحديثالإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: إِنَّ عَظيمَ عَفوِكَ يَسَعُ المُعتَرِفينَ ، وجَسيمَ غُفرانِكَ يَعُمُّ التَّوّابينَ . (1)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: هذا مَقامُ مَنِ ... استَغاثَ بِكَ مِن عَظيمِ ما وَقَعَ بِهِ في عِلمِكَ ، وقَبيحِ ما فَضَحَهُ في حُكمِكَ ، مِن ذُنوبٍ أَدبَرَت لَذّاتُها فَذَهَبَت ، وأَقامَت تَبِعاتُها فَلَزِمَت ، لا يُنكِرُ يا إِلهي عَدلَكَ إِن عاقَبتَهُ ، ولا يَستَعظِمُ عَفوَكَ إِن عَفَوتَ عَنهُ ورَحمِتَهُ ؛ لِأَنَّكَ الرَّبُّ الكَريمُ الَّذي لا يَتَعاظَمُهُ غُفرانُ الذَّنبِ العَظيمِ . (2)
44 / 3صِفَةُ عَفوِهِالكتاب«وَ هُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَ يَعْفُواْ عَنِ السَّيِّ_ئاتِ وَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ » . (3)
«وَ مَا أَصَ_بَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ » . (4)
راجع : الشورى : 34 ، البقرة : 52 و 286 ، آل عمران : 152 و 155 ، النساء : 153 ، المائدة : 95 و 101 ، التوبة: 43 و 66.
الحديثرسول اللّه صلى الله عليه و آله :اللّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَريمٌ تُحِبُّ العَفوَ ، فَاعفُ عَنّي. (5)
.
ص: 362
الإمام زين العابدين عليه السلام :إِلهي ، الذُّنوبُ صِفاتُنا ، وَالعَفوُ صِفاتُكَ. (1)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن عَفوُهُ أَكثَرُ مِن نِقمَتِهِ . (2)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا مَن رَحمَتُهُ واسِعَةٌ ، وعَفوُهُ عَظيمٌ . (3)
عنه عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: سَيِّدي عَفوُك أَعظَمُ مِن كُلِّ جُرمٍ . (4)
الزهد عن أبي عُبَيدَةَ الحَذّاء :قُلتُ لِأَبي جَعفَرٍ عليه السلام : _ جُعِلتُ فِداكَ ! _ ، ادعُ اللّهَ لي فَإِنَّ لي ذُنوبا كَثيرَةً . فَقالَ : مَه يا أَبا عُبَيدَةَ ، لا يَكونُ الشَّيطانُ عَونا عَلى نَفسِكَ ، إِنَّ عَفوَ اللّهِ لا يُشبِهُهُ شَيءٌ . (5)
الإمام الصادق عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: يا حَسَنَ البَلاءِ عِندي ، يا كَريمَ العَفوِ عَنّي ، يا مَن لا غِنى لِشَيءٍ عَنهُ ، يا مَن لابُدَّ لِشَيءٍ مِنهُ ، يا مَن مَصيرُ كُلِّ شَيءٍ إِلَيهِ، يا مَن رِزقُ كُلِّ شَيءٍ عَلَيهِ ، تَوَلَّني ولا تُوَلِّني أَحَدا مِن شِرارِ خَلقِكَ ، وكَما خَلَقتَني فَلا تُضَيِّعني. (6)
.
ص: 363
44 / 4العَفوُ أَحَبُّ إلَيهِ مِنَ العُقوبَةِالإمام عليّ عليه السلام :الحَمدُ للّهِِ ... الَّذي عَظُمَ حِلمُهُ فَعَفا . (1)
الإمام زين العابدين عليه السلام_ فِي الدُّعاءِ _: إلهي! ... إِنَّ عَفوَكَ عَنّي أَحَبُّ إِلَيكَ مِن عُقوبَتي . (2)
44 / 5عَفوُهُ تَفَضُّلٌالإمام زين العابدين عليه السلام :اللّهُمَّ يا مَن لا يَرغَبُ فِي الجَزاءِ ، ويا مَن لا يَندَمُ عَلَى العَطاءِ ، ويا مَن لا يُكافِئُ عَبدَهُ عَلَى السَّواءِ ، مِنَّتُكَ ابتِداءٌ ، وعَفوُكَ تَفَضُّلٌ ، وعُقوبَتُكَ عَدلٌ . (3)
.
ص: 364
. .
ص: 365
الفهرس التفصيلي .
ص: 366
. .
ص: 367
. .
ص: 368
. .
ص: 369
. .
ص: 370
. .
ص: 371
. .
ص: 372
. .
ص: 373
. .
ص: 374
. .
ص: 375
. .
ص: 376
. .
ص: 377
. .
ص: 378
. .
ص: 379
. .